القطاع التطوعي في الحرب والسلم: مؤسسة عامل قراءة في التجربة"

Page 1


‫القطاع التطوعي في الحرب والسلم‬ ‫"مؤسسة عامل"‬ ‫"قراءة في التجربة"‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪1‬‬


‫القطاع التطوعي في الحرب والسلم‬ ‫"مؤسسة عامل"‪ :‬قراءة في التجربة‬ ‫لقد فرضت ظروف الحرب في لبنان منذ العام ‪ 1975‬على المجتمع والدولة ضرورة التكيف مع‬ ‫الحالة الطارئة ح يث أ صبح للحرب آليات ها المتكي فة مع الحتياجات المتنام ية‪ ،‬فشار كت منظمات‬ ‫المجتمع المدني في عبء مواجهة آثار الحرب على الصعيدين الجتماعي والصحي‪.‬‬ ‫ل قد ج سدت مع ظم الهيئات الهل ية خلل فترات الحرب ال صورة النق يض لوا قع الق تل والتدم ير‬ ‫والتهج ير‪ ،‬فكا نت تبل سم الجراح‪ ،‬تقدم الم ساعدة‪ ،‬تتعاون في ما بين ها‪ ،‬ته تم بالخر ين )بع كس ذهن ية‬ ‫اللغاء التي سادت بين المتحاربين( فكانت قريبة من الناس تعايش همومهم )باستثناء قلة تدثرت‬ ‫بالعمل النساني من تعظيم ذاتها(‪.‬‬ ‫لقد قبلت الهيئات الهلية خلل سنوات المحنة التحدي من أجل تلبية حاجات الناس‪ ،‬بمرونة وتكيف‬ ‫مع المعطيات المتغيرة‪ ،‬وتفاعل مع المجتمع المحلي وتعاون مع القطاع العام والمنظمات الدولية‪.‬‬ ‫إن تجربة القطاع التطوعي خلل سنوات الحرب‪ ،‬تعتبر دليل" على أهمية دور المجتمع المدني في‬ ‫لبنان‪ ،‬سواء عبر التقديمات التي قامت بها هذه المؤسسات على مستوى الغاثة والطوارئ أو عبر‬ ‫بقاء بعض ها كر مز لل سلم الهلي أو ح تى محاولة صيانة هذه المؤ سسات لدى الدولة ) ما يح صل‬ ‫عادة هو ع كس ذلك(‪ .‬ل قد ساهمت هذه الهيئات في م نع تف كك المجت مع اللبنا ني‪ ،‬فلم تتمو قف عن‬ ‫العطاء في ظل الق تل والدمار و في مناخ الوا قع التق سيمي‪ .‬و قد كان هناك دائ ما" من يه تم ب ما‬ ‫ي ستوجب الترم يم كالم ستشفيات والمدارس ومؤ سسات الرعا ية والم ساكن ‪ ...‬الخ‪ ،‬أو البقاء كر مز‬ ‫للسلم الهلي‪.‬‬ ‫و في هذا ال سياق‪ ،‬إن تجر بة مؤ سسة عا مل‪ ،‬هي واحدة من هذه النماذج الحيو ية في مرحل تي‬ ‫الحرب والسلم‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪2‬‬


‫تجربة "عامل"‪ :‬مؤسسة مدنية اجتماعية تنموية وطنية‬ ‫مؤ سسة ع مل هي جمع ية مدن ية‪ ،‬ذات منف عة عا مة‪ ،‬وذات صفة ا ستشارية خا صة لدى المجلس‬ ‫القت صادي الجتما عي التا بع لل مم المتحدة ‪ ECOSOC‬وتح مل شعار "م عا" من أ جل تنم ية‬ ‫م ستدامة" وأ هم أهداف ها‪ ،‬الع مل على توف ير ال حق للجم يع في الت عبير‪ ،‬ال صحة‪ ،‬التعل يم‪ ،‬ال سكن‪،‬‬ ‫العمل‪ ،‬الغذاء‪ ،‬البيئة السليمة‪ ،‬بمعزل عن الخيارات السياسية أو الثقافية‪.‬‬ ‫ل قد حر صت "عا مل" على ر بط ولدت ها )‪ (1979‬بأحداث وطن ية كبيرة انطل قا" من دور ها‬ ‫الجتماعي والنساني والوطني‪ ،‬معتبرة أن عملية التغيير هي مسؤولية الحزاب السياسية بالدرجة‬ ‫الولى‪.‬‬ ‫في العام ‪ 1982‬كا نت النطل قة الفعل ية للمؤ سسة‪ ،‬إبان الغزو ال سرائيلي للبنان الذي أدى إلى‬ ‫حصار بيروت لمدة ‪ 88‬يوما" تعرضت خللها العاصمة اللبنانية للقصف بكل أنواع السلحة التي‬ ‫في حوزة الجيش السرائيلي برا" وبحرا" وجوا"‪.‬‬ ‫في مواج هة هذا الوا قع المأ ساوي‪ ،‬تم التفاق على تجه يز مجمو عة من الم ستشفيات الميدان ية في‬ ‫مل جئ عدد من البن ية بالتعاون ب ين وزارة ال صحة والهيئات الهل ية‪ ،‬فكان من ن صيب "عا مل"‬ ‫منها ثلثة من أصل ستة مستشفيات دارتها الهيئات الهلية‪ .‬وإن دور هذه المستشفيات كان كبيرا"‪،‬‬ ‫ففي مستشفى المصيطبة الميداني تم علج عشرات الجرحى‪ ،‬منهم من أصيب في مجازر صبرا‬ ‫وشاتيل التي أشرف عليها وزير الدفاع السرائيلي آنذاك آرييل شارون‪.‬‬ ‫و مع تفا قم الوضاع الحيات ية للناس أثناء جولت الحرب و في أوقات الهد نة‪ ،‬ا ستمرت "عا مل" مع‬ ‫أصدقائها من الهيئات الهلية في تطوير وتعزيز دورها‪ ،‬فتمكنت من إنشاء مراكز صحية ودور‬ ‫للتول يد وم ستوصفات ورياض للطفال ووحدات تنمو ية في كل من بيروت وج بل لبنان والشوف‬ ‫والبقاع والجنوب والضاح ية الجنوب ية‪ ،‬ح يث بات لدي ها ‪ 27‬مركزا" أنشئت وف قا" للحا جة والو ضع‬ ‫ال صحي والجتما عي في المنا طق الشعب ية بالضا فة إلى جهاز دفاع مد ني مزود ب ـ ‪ 30‬سيارة‬ ‫إ سعاف وثلث م ستشفيات ميدان ية وإيفاد ‪ 1.012‬جري حا" إلى الخارج وترك يب ‪ 400‬طرف‬ ‫اصطناعي للمعوقين ويعمل فيها ‪250‬متفرغا" وعشرات المتطوعين‪.‬‬ ‫نجحت "عامل" بالتمتع بحرية الحركة بين مختلف المناطق والحياء دون العتراض عليها من قبل‬ ‫المتحاربين وراء المتاريس‪ ،‬فشكلت خرقا" نوعيا" للوضع السائد آنذاك والذي من سماته النقسام‬ ‫والفرز والتط يف بالنحياز لهذا الطرف أو ذاك دا خل ال صف الوا حد‪ .‬و قد ل عب شباب الدفاع‬ ‫المدني دورا" هاما" في هذه المرحلة الصعبة‪.‬‬ ‫ا ستطاعت "عا مل" أن تطلق برا مج تنمو ية إلى جا نب برا مج الطوارئ‪ ،‬فالحرب لم ت كن على كل‬ ‫الرا ضي اللبنان ية بالضا فة إلى فترات هد نة متقط عة في المنا طق ال ساخنة‪ ،‬و هي حاضرة في‬ ‫مختلف محطات الحرب‪ :‬إبان الغزو ال سرائيلي وحرب الج بل والضاح ية الجنوب ية وحرب‬ ‫"التحر ير واللغاء" و في المنط قة المحتلة في الجنوب من أ جل د عم الهالي وتعز يز صمودهم‪،‬‬ ‫مختر قة مرة جديدة وا قع الحتلل وانتز عت مو طئ قدم ي سمح بالتوا صل مع أهل نا في المنط قة‬ ‫المحتلة بالر غم من الضغوط والمضايقات ال تي تعرض ل ها العاملون في ها‪ ،‬ك ما أن ها أر سلت عدة‬ ‫بعثات جر حى للعلج في الخارج )فرن سا‪ ،‬الوليات المتحدة الميرك ية‪ ،‬بلجي كا‪ ،‬إيطال يا‪ ،‬دولة‬ ‫الكويت( بلغ عددهم ‪ 1.012‬جريحا" وتركيب ‪ 400‬طرف اصطناعي لمعاقي الحرب بالتعاون مع‬ ‫الحكومة الهولندية كما ذكر سابقا"‪ .‬ولقد تمكنا من خلل العمل النساني تصويب قرارات سياسية‬ ‫في أكثر من موقع‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪3‬‬


‫لقد وضعت "عامل" خلل سنوات الحرب خطة استراتيجية لنشاء مشاريع كبرى في أماكن مختلفة‬ ‫من لبنان من ضمن ها مشروع م ستشفى في حارة حر يك وأ خر في صور ومشروع مج مع تأه يل‬ ‫المعوقين في منطقة المصيطبة في بيروت‪.‬‬ ‫لقد استطعنا أن نقرن البرامج التنموية مع أعمال الطوارئ في المناطق الشعبية‪ ،‬وإنشاء المزيد من‬ ‫الوحدات التنموية خاصة تلك المتعلقة بالنوع الجتماعي والشباب والقيام بنشاطات من شأنها زيادة‬ ‫الوعي التي تتمحور حول ثقافة الحقوق وبناء المواطن – النسان‪.‬‬ ‫"عامل" في مرحلة السلم الهلي‪ :‬من الطوارئ والغاثة إلى الخدمات والتنمية‬ ‫إن مؤسسة عامل التي خرجت من الحرب كان همها الول تنظيم الصفوف بما يتلءم مع الحقبة‬ ‫الجديدة‪ ،‬فتم إجراء دراسة تقويم للوضاع والمكانيات في المؤسسة‪ ،‬ثم صياغة خطة استراتيجية‬ ‫للسنوات القادمة‪.‬‬ ‫هذا النتقال‪ ،‬شأنه شأن كل المرا حل النتقال ية‪ ،‬شكل مخا ضا" صعبا" اجتازته المؤ سسة بأقل قدر‬ ‫من الخسائر وأكبر قدر من التكيف مع متطلبات المرحلة القادمة‪.‬‬ ‫وفي ظل استيعاب هذا التوجه‪ ،‬انطلقت "عامل" في برامج استراتيجية للسنوات القادمة مع برامج‬ ‫متخصصة تعتمد على التوجه التالي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬مشاريع الخدمات ‪ :‬صحية اجتماعية تأهيلية تربوية ‪ ،‬تستوجب تأمين اكتفاء ذاتي من خلل‬ ‫مساهمات رمزية للفراد والعائلت والمجتمع تحت شعار "خدمة أفضل ولكن بكلفة أقل" بالمقارنة‬ ‫مع القطاع الخاص‪.‬‬ ‫‪ :‬التم كن من النتقال من ذهن ية الطوارئ والغا ثة والخدمات إلى رحاب‬ ‫‪ - 2‬برامج تنموية‬ ‫التنمية‪ ،‬والشراكة مع الناس‪ ،‬وعبرهم وليس الحل محلهم‪.‬‬ ‫‪ – 3‬الضلع الثالث في هذا التوجه الذي تعتمده "عامل" هو العمل على تعزيز ثقافة الحقوق المدنية‬ ‫في التعبير والصحة والتعليم والسكن والبيئة والغذاء والعمل ونطوير مفهوم التنمية التشاركية بدءا"‬ ‫بالمرأة والشباب والفئات المعرضة‪ ،‬باتجاه بناء المواطن – النسان بمعزل عن الخيارات السياسية‬ ‫والثقافية‪.‬‬ ‫و من خلل ن فس المفهوم الجا مع الذي على أ ساسه تم انتخاب الهيئة الدار ية والمك تب التنفيذي‬ ‫والذي ي ضم قياد\ت وطن ية ومهن ية تش مل مختلف شرائح المجت مع اللبنا ني‪ ،‬ن فس التو جه وع كس‬ ‫السياسة الفئوية السائدة تم تشكيل هيئة رعاية وطنية لمشروعي المستشفى في حارة حريك وصور‬ ‫ت ضم قيادات لبنان ية ممثلة لمع ظم أطياف المجت مع اللبنا ني‪ .‬رافض ين ذهن ية الف كر النق سامي‬ ‫والفئوي‪.‬‬ ‫لقد برزت بعد الحرب الحاجة إلى إعادة تنظيم المؤسسة بما يتلءم مع متطلبات المرحلة القادمة‪.‬‬ ‫فجرى تنظ يم انتخابات لهيئة إدار ية جديدة في عام ‪ 1991‬في جو من المناف سة الحرة ب ين‬ ‫لئحتين‪.‬‬ ‫ل قد تراف قت عمل ية التنظ يم الداري والمالي )تكل يف شر كة تدق يق ومحا سبة لعادة تنظ يم‬ ‫الجهاز الداري والمالي واعتماد مستشار قانوني ينظم ممتلكات المؤسسة ويصوب قراراتها( بعد‬ ‫النتخابات مع أز مة داخل ية في "عا مل"‪،‬ح يث اعتبر ها الب عض خروجا^ من الز مة في ما اعتبر ها‬ ‫البعض الخر دخول^ في أزمة أكبر‪ .‬هذا الرتباك الداري توقف بعد إجراء النتخابات في العام‬ ‫‪ ،1993‬ح ين عال جت الهيئة الدار ية الجديدة الكث ير من الشوائب‪ ،‬بالضا فة إلى إقرار نظام مالي‬ ‫ونظام عمل في المؤسسة أقرته وزارة العمل وإعداد مشروع نظام داخلي معدل أقرته الهيئة العامة‬ ‫و هو يرا عي وا قع المؤ سسة وتطور ها‪ ،‬إل أن وزارة الداخل ية لم توا فق عل يه ح تى الن‪ .‬أ ما في ما‬ ‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪4‬‬


‫يتعلق بالموارد المال ية ل ـ "عا مل" فإن ها تودع في الم صرف الذي هو بمثا بة المرا قب‪ .‬ك ما أن‬ ‫التنظيم الداري والمالي تشرف عليه "شركة تدقيق ومحاسبة )‪ (Audit‬محلفة‪.‬‬ ‫إن "عا مل" في تلك الفترة كا نت ت ضم ‪ 27‬مركزا" ت ستحوذ على ‪ 85‬نشا طا" صحيا"‪،‬‬ ‫اجتماعيا^ وتربويا^‪ ،‬منتشرة من أقا صي البقاع ) في الهر مل( إلى أقا صي الجنوب الشر قي ) في‬ ‫الخيام(‪ ،‬أي ينتشر القسم الكبر منها في أطراف البلد والمناطق الريفية التي عانت تاريخيا" من‬ ‫سياسات الهمال من قبل الحكومات المتعاقبة‪.‬‬ ‫ل قد أشار تقر ير الهيئة الدار ية عام ‪ 1993‬إلى صعوبة ت طبيق نظام الع مل وعدم تم كن‬ ‫الدارة من القيام بممار سة رقا بة فعل ية منظ مة ودائ مة على سير الع مل الداري في مختلف‬ ‫المرا كز‪ .‬يضاف إلى ذلك صعوبات على م ستوى النشاطات ال صحية والتربو ية والتأه يل المه ني‬ ‫والعل مي‪ ،‬في الو قت الذي ين مو ف يه خطاب الرئا سة والهيئة الدار ية إلى التوجهات التنمو ية‬ ‫والتنسيق بين المنظمات الهلية والوزارات من أجل الهداف العامة ومن أجل تطوير مناهج العمل‬ ‫في التنمية المحلية والوطنية‪.‬‬ ‫إن موارنة التطور الفقي والعمودي تعتبر من أهم التحديات التي واجهتها المؤسسة‪ .‬لقد‬ ‫لقت "عامل" خلل فترة الحرب شهرة واسعة على امتداد ‪ 15‬عاما^‪ ،‬عبر برامجها المختلفة‪ ،‬إل أن‬ ‫هذه البرامج‪ ،‬على أهميتها‪ ،‬لم تنل الهتمام الكافي من المتابعة والرشفة والترقي التراكمي‪ ،‬في‬ ‫ظل ظروف الحرب ال صعبة ووجود مرا كز "عا مل" في المنا طق ال ساخنة ح يث ت سود حالة‬ ‫الطوارئ بشكل عام‪.‬‬ ‫في مرحلة النتقال من الطوارئ والغا ثة إلى البرا مج التنمو ية‪ ،‬واج هت "عا مل" تحديات‬ ‫مرحلة ال سلم الهلي‪ ،‬فوض عت خ طة وقائ ية من عا" للنهيار‪ ،‬ف مع ت ثبيت ال سلم وال ستقرار وجدت‬ ‫"عا مل" نف سها أمام خيار ين‪ :‬إ ما النهيار الفعلي وإ ما ابتكار حلول بديلة من أ جل تأم ين تمو يل‬ ‫يجنب ها الم صير القا تم‪ .‬ف تم اعتماد خ طة وقائ ية مؤل فة من شق ين‪ :‬الول عنوا نه اعتماد سياسة‬ ‫الكتفاء الذا تي‪ ،‬والثا ني عنوا نه التعاون مع القطاع الخاص ت حت شعار "أن سنة القطاع الخاص‬ ‫واحتراف القطاع النساني"‪ .‬كما تم اعتماد خطة وقائية لدارة الكوارث بمحاولة النتقال من ذهنية‬ ‫ردة الفعل السائدة في مجتمعاتنا إلى ذهنية الفعل والتخطيط‪ ،‬وعدم الكتفاء بروح النخوة والعفوية‬ ‫لدى الناس في الوقات ال صعبة‪ .‬و قد ح فز على ذلك إدراك أن المعر كة م ستمرة مع العدو‬ ‫السرائيلي طالما بقي محتل" لرضنا ومهددا" لمننا الوطني‪.‬‬ ‫ل قد اعتمدت "عامل" خطة استرتيجية للتدخل من أجل التغيير على الصعيد القطا عي ) المرأة‪،‬‬ ‫الطفل‪ ،‬الشباب‪ ،‬الصحة‪ ،‬المعوقين ‪ ...‬الخ( معتبرة أن المدخل البديهي للصلح على كل صعيد‬ ‫هو ال صلح ال سياسي والجتما عي‪ ،‬ك ما أن ال من ال سياسي يب قى ه شا" إذا لم يترا فق مع ال من‬ ‫الجتما عي‪ ،‬وبالتنم ية الريف ية بش كل خاص‪ ،‬وإن لمؤ سسات المجت مع المد ني و من ضمن ها "عا مل"‬ ‫دورا" أ ساسيا" في بناء الموا طن ‪ -‬الن سان‪ ،‬وإن التنم ية هي الطر يق ال ساسي لعادة العتبار‬ ‫للمجت مع والناس‪ .‬لذلك يتو جب علي نا إعادة الن ظر في أولويات خيار الن مو المعت مد بح يث تع طى‬ ‫الولو ية ل حل المشكلت الجتماع ية ال كبيرة‪ ،‬ول سيما التفاوتات ال ساسية ب ين الفقراء والغنياء‪،‬‬ ‫بين المدينة والريف‪ ،‬بين الرجل والمرأة‪ ،‬وأن تعالج مشكلت الشباب‪ .‬وأن يتم العمل على تحسين‬ ‫نوع ية الخدمات المقد مة للمواطن ين ض من خ طة متكاملة يشارك في ها القطاع المد ني مع القطاع‬ ‫الخاص والحكومة وعلى قاعدة مشاركة الجميع في إدارة العملية التنموية‪ ،‬عبر عقد اجتماعي جديد‬ ‫بين الدولة والمجتمع‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪5‬‬


‫إن الخطة الستراتيجية تهدف إلى العمل على تعزيز ثقافة الحقوق‪ ،‬عن طريق تنفيذ برامج‬ ‫ومشار يع تتمحور حول قضا يا رئي سية ها مة كحقوق المرأة وحقوق الط فل والهتمام بأوضاع‬ ‫الشباب وبالفئات المهمشة ‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫أي أن هدف "عا مل" ير مي إلى الم ساهمة في ر فع م ستوى الو عي لدى أعضاء في المجت مع‬ ‫المحلي )خا صة من فئة الشباب والن ساء( ل كي يتمكنوا من أن ي صبحوا مخطط ين فعلي ين لعمل ية‬ ‫التغيير وليس فقط مجرد منفذين أو مراقبين‪.‬‬ ‫ونظرا" للنقلة النوعية التي شهدتها المؤسسة من مرحلة الطوارئ والغاثة إلى مرحلة التنمية‪،‬‬ ‫أصبح التدريب للعاملين )تنمية الموارد البشرية( ضرورة‪ .‬وتضمن التدريب موضوعات تحتاجها‬ ‫المؤ سسة‪ ،‬م ثل الكفاءات الدار ية‪ ،‬المحا سبة والتنظ يم المالي‪ ،‬و سائل تنم ية العائدات المال ية‪،‬‬ ‫التخطيط للمشاريع‪ ،‬كيفية تنفيذها وكتابة التقارير‪ .‬هذا بالضافة إلى المحاسبة والتقويم حسب ما‬ ‫تقتض يه الحا جة‪ .‬وأطل قت عدة برا مج‪" :‬مبادرة للحوار ب ين الشباب"‪" ،‬الجمع ية التعاون ية للتنم ية‬ ‫الريفية"‪" ،‬توفير مشغل لنتاج الصابون"‪" ،‬إطلق برنامج تنمية ريفية متكاملة"‪ ،‬إنشاء "هيئة التنمية‬ ‫المناطقية" ومناطق العناية البيئية‪" ،‬برنامج التربية على حقوق النسان والمواطنة"‪ ،‬برنامج الرشاد‬ ‫النفسي للسرى المحررين"‪ ،‬وضع "استراتيجية عامة للتنمية بالتعاون مع الوزارات المعنية وبنى‬ ‫المجتمع المدني"‪ .‬ولقد بلغ عدد المستفيدين من خدمات المؤسسة منذ تأسيسها العام ‪ 1979‬ولغاية‬ ‫نهاية عام ‪ 3.509.581) 2008‬مستفيدا"(‪.‬‬ ‫ومن بين أسباب استمرار وتطور تجربة "عامل" العتماد في مسيرتها على التوجهات التالية‪:‬‬ ‫"إن العالم ليفسح الطريق لي امرئ يعرف طريقه جيدا" "‬ ‫)قواعد للسلوك(‪:‬‬ ‫ديفيد ستار جورون‬

‫‪.1‬اللتزام بخيارات وطن ية وقوم ية وإن سانية وعدم الضياع في التفا صيل ك ما يح صل‬ ‫غالبا" في مجتمعاتنا‪..‬‬ ‫‪.2‬إن عمل ية التغي ير تحتاج إلى ا ستراتيجية واض حة تن فذ على مرا حل مع إقران القول‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫‪.3‬إن الصلح الجتماعي بحاجة إلى مصلحين يلعبون دور النموذج‪.‬‬ ‫‪.4‬إن الممارسة الصحيحة لها مكان في كل الظروف وتوفر الحماية الذاتية‪.‬‬ ‫‪.5‬اعتماد شعار‪" :‬التفكير اليجابي والتفاؤل المستمر"‪" – .‬إذا كان الكل ينتقد فمن يبني؟"‬ ‫‪.6‬التعا طي بطري قة مهن ية وإبراز الجوا نب اليجاب ية لدى العامل ين والع مل على‬ ‫تطويرها‪.‬‬ ‫‪.7‬لعب دور قيادي في صفوف منظمات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫‪.8‬رفض ذهنية الشللية والعصبيات وخلق جو من التواصل المستمر‪.‬‬ ‫‪.9‬اعتبار النسان الهدف والمحرك في كل أمر‪.‬‬ ‫‪.10‬من ينتسب لـ "عامل" يستمر معها‪ ،‬وإن وجود كوادر نوعية يؤمن برامج جيدة‪..‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪6‬‬


‫* خلصة وتحليل للتجربة‪" :‬نجاح الثورة بتراكم الشرارات"‪.‬‬ ‫الملحظ أن مجتمعاتنا لم تتعود حتى الن على العمل الجماعي‪ ،‬إنما يبقى دور الشخص هو‬ ‫المهيمن‪ .‬وعندما نتحدث عن السلطة‪ ،‬أي سلطة‪ ،‬يتبادر إلى الذهن البطش والتكسير‪ ،‬القمع‬ ‫والتسلط‪ .‬فالعقلية التي تغلف البيئة الجتماعية هي عقلية زجرية‪ ،‬والعلقات الزجرية في المجتمع‬ ‫موجودة في العائلة وفي المدرسة حيث تشكل السرة والمدرسة نظام السلطة الخفي وتنقل‬ ‫اليديولوجية السائدة‪ ،‬حيث يطغى على السلوك العام‪ ،‬طابع المصلحة الفردية أو العائلية أو‬ ‫المناطقية أو الحزبية أو الطائفية ‪ ...‬إننا نتحرك كجماعات‪ ،‬ونتهيب مخالفة ما هو سائد‪ ،‬ول‬ ‫يتجرأ الكثيرون منا على إبداء رأي مخالف عن المجموعة "القطيع"‪ ،‬في الوقت الذي نمارس فيه‬ ‫عملية تعظيم الذات وادعاء العفة والطهارة وتصوير الخر باعتباره المشكلة‪ ،‬وتحميل أوزار سوء‬ ‫الداء للخرين‪ ،‬حيث تلقى المسؤولية في الفشل عليهم ويعزى النجاح إلى الذات وحدها‪ .‬فيما كل‬ ‫مشكلة سببها الخارج‪ .‬هذه الثقافة المأزومة أذكاها المناخ العالمي السائد الذي حول كل شيء إلى‬ ‫سلعة‪ ،‬مولدا" حالة من اليأس والنانية المفرطة اللذين عززا مشاعر التحلل من القيم الخلقية‬ ‫والسلوكية والنسانية‪ ،‬وأضعفا الهمية العتبارية لمفهوم الوطن والجماعة الكبيرة‪ ،‬التي هي أبعد‬ ‫من الطائفة والعائلة والمنطقة‪.1‬‬ ‫ف في ضوء معرفت نا للذهن ية ال سائدة في مجتمع نا‪ ،‬و من خلل الدراك الفعلي للمعطيات‬ ‫الميدان ية‪ ،‬كا نت ولدة مؤ سسة عا مل ودوام ا ستمرارها وتطور ها وف قا" لنبضات هذا الوا قع‬ ‫وتحدياته‪ ،‬مما جعل "عامل"‪ ،‬وعبر المحن والصعوبات تلعب دورا" أساسيا" في المجال النساني‬ ‫والوطني‪.‬‬ ‫ولن "عا مل" هي "اب نة" مجتمع ها وتع تبر أن المآل الذي و صلت إل يه أحوال نا‪ ،‬له أ ساس ثقا في‬ ‫تنويري وليس فقط سياسي أيديولوجي‪ ،‬فزاوجت بين خطها الستراتيجي الطامح إلى قيام مجتمع‬ ‫حديث متطور‪ ،‬وبين الواقع الفعلي على الرض المليء بعناصر التأزم والتخلف والرتجال‪.‬‬ ‫إن بناء ج سر صالح للعبور فوق هذه الهوة الشا سعة‪ ،‬الفا صلة ب ين الوا قع والحلم‪ ،‬هو من‬ ‫أصعب المهمات‪ .‬فكيف إذا كان المطلوب إقامة جسر ل ينكسر عند أول هبة ريح عاتية تأتي من‬ ‫هنا أو من هناك؟‬ ‫إن ال سؤال ال صعب لماذا ق ي‪h‬ض ل ـ "عا مل" أن تتم تع بحر ية الحر كة على جبهات متحار بة‪،‬‬ ‫يك من في تمو ضع قيادت ها فوق الج سر الذي رآه الجم يع من أ سفل الهوة‪ .‬لذا ف تح الجم يع نوافذ هم‬ ‫وأبواب هم لمجمو عة لبنان ية لم تع طب الحرب روح ها‪ ،‬والعاملة على بل سمة الجراح والبقاء على‬ ‫خيط المل بإعادة التواصل بين أجزاء الوطن المبعثرة‪.‬‬ ‫هذه هي في الع مق فل سفة النجاز الذي حقق ته "عا مل" في أك ثر ال ساحات ا ستعصاء على‬ ‫النجاز‪ :‬ساحة المواطنة‪ ،‬أي ساحة الحلم اللبناني الذي لم يتحقق بعد‪.‬‬ ‫إن تجربة مؤسسة عامل استطاعت بالضافة إلى أدائها في دائرة اختصاصها‪ ،‬وتعاون جميع‬ ‫الطراف معها‪ ،‬كانت تشهد نشاطات وإرهاصات داخلية على الصعيد التنظيمي ل تقل أهمية من‬ ‫ح يث دللت ها‪ .‬فح ين اقت ضت الضرورة ب عد الحرب‪ ،‬أي ب عد زوال الظروف ال ستثنائية‪ ،‬إعادة‬ ‫النظر في تركيبة المؤسسة التنظيمية‪ ،‬انطلقت ورشة التحضير لنتخابات الهيئة الدارية والمكتب‬ ‫التنفيذي عبر ور شة تجري في بلد خارج من حرب أهل ية‪ .‬ل قد تم خوض سلسلة من النقاشات‬ ‫والجدالت والتجاذبات بقيت كلها تحت سقف الممارسة الديمقراطية‪ .‬وحين أجريت النتخابات كان‬ ‫هناك لئ حة ب ين أعضاء يملكون حيثيات مختل فة على صعيد النتماء والرؤ ية ال سياسية‬ ‫والصلحية‪ ،‬تقابلها لئحة منافسة من أعضاء آخرين في المؤسسة‪ .‬وإن الهيئة الدارية المنتخبة‬ ‫‪ 1‬أنظر كتاب الدكتور مصطفى حجازي‪" :‬التخلف الجتماعي"‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪7‬‬


‫حر صت على ا ستمرارية الع مل مع كل الكوادر‪ ،‬مع مراعاة شروط المرحلة النتقال ية‪ .‬هكذا‬ ‫ا ستطاعت المؤ سسة أن تخلع رداء الطوارئ والدفاع المد ني لتل بس رداء الع مل التنموي بأ قل قدر‬ ‫من الخسائر وبأكبر قدر من المحافظة على الكادر البشري‪ .‬أما الذين اضطرتهم ظروف المرحلة‬ ‫الجديدة إلى النقطاع عن الع مل المبا شر دا خل المؤ سسة‪ ،‬ف قد ظلت الهيئة الدار ية على توا صل‬ ‫دائم معهم تنفيذا" لشعار "إن من يدخل إلى المؤسسة يستمر معها"‪.‬‬ ‫بهذه "الذهن ية الهجوم ية" دخلت المؤ سسة إلى مرحلة ما ب عد الحرب‪ .‬و قد فر ضت المرحلة‬ ‫النتقال ية القيام بب عض الخطوات ذات الطا بع التنظي مي‪ .‬فبالضا فة إلى ور شة النتخابات‪ ،‬أقي مت‬ ‫ورشة تقويم تجربة عامل عبر خبراء مشهود لهم بالكفاءة من خارج المؤسسة ومن ثم إعداد خطة‬ ‫إ ستراتيجية لل سنوات القاد مة بالتعاون مع مؤ سسة البحوث والدرا سات ال ستشارية‪ ،‬ك ما أقي مت‬ ‫ورشة لتنظيم حسابات وميزانيات المؤسسة‪ ،‬أسند الشراف عليها إلى مؤسسة متخصصة في هذا‬ ‫الشأن )مؤ سسة ع بد البا قي(‪ .‬و قد قا مت هذه الخيرة بدرا سة شاملة لوضاع المؤ سسة المال ية‬ ‫واقتر حت على أ ساسها نظا ما" متطورا" على هذا ال صعيد‪ .‬ك ما ع هد إلى الم ستشار القانو ني‬ ‫للمؤسسة الشراف على تنظيم موجوداتها‪.‬‬ ‫لقد استطاعت "عامل" أن تستمر وأن تتطور‪ ،‬مع العلم أنها ليست كمعظم الهيئات الهلية التي‬ ‫عادة ما تكون على علقة مع جهة دولية أو حزب في السلطة أو طائفة أو زعيم كبير ‪ ...‬الخ‪ .‬إل‬ ‫أن مؤ سسة عا مل‪ ،‬وال تي تأ سست في أعقاب الغزو ال سرائيلي عام ‪ ،1978‬في إطار أحزاب‬ ‫الحر كة الوطن ية اللبنان ية وتحديدا" ض من أكثر ها راديكال ية‪ ،‬كان من المنت ظر أن ينت هي دور ها‬ ‫مباشرة ب عد الغزو ال سرائيلي في العام ‪ 1982‬ح ين غادرت قيادة منظ مة التحر ير الفل سطينية إلى‬ ‫تونس وانكفأت الحزاب الوطنية‪ .‬لكن الذي حصل كان عكس ذلك‪ ،‬فقد استمرت "عامل" فاعلة في‬ ‫المياد ين ال صحية والجتماع ية والتربو ية والتنمو ية والمدن ية عبر مراكز ها المنتشرة في المنا طق‬ ‫الشعب ية‪ .‬وكان دور ها أ ساسيا" في التن سيق ب ين الجمعيات في لبنان عبر "تج مع الهيئات الهل ية‬ ‫التطوع ية" و"ملت قى الهيئات الن سانية" وشبكات ب نى المجت مع المد ني وأ طر التعاون مع القطاع ين‬ ‫العام والخاص والمنظمات الدولية‪.‬‬ ‫إن التحدي الكبر أمام الهيئات غير الحكومية ومختلف بنى المجتمع المدني‪ ،‬من وجهة نظر‬ ‫مؤسسة عامل‪ ،‬هو في كيفية انتظام عملها على أساس مفاهيم معاصرة وعلقات تنتمي إلى عصر‬ ‫الدولة الحديثة‪ ،‬وتستند إلى معايير المواطنة والمشاركة الطوعية والنتظام على أساس الخيارات‬ ‫الفكرية والجماعية والمهنية ‪ ...‬الخ‪ ،‬أي كشف التباسات العلقة بين المجتمع التقليدي والمجتمع‬ ‫المدني الحديث‪ .‬فتكوينات المجتمع المدني الحديث تعبر عن مصالح جماعات وفئات قد تتنافى أو‬ ‫تتعارض‪ ،‬غير أن الذي يجمع بينها هو اعتمادها معايير "إنجازية"‪ ،‬ل معايير "ارثية" تقليدية‪ ،‬وهي‬ ‫مبدئيا" مستقلة عن السيطرة المباشرة لجهاز الدولة‪ .‬وبتكاثر منظمات المجتمع المدني وفعاليتها‬ ‫يتوفر بديل" وظيفيا" مقبول" من الناس يحل محل التكوينات الرثية التقليدية )المذهبية والطائفية‬ ‫والعشائرية‪ (..‬ويؤدي ذلك إلى تقوية الولء لهذا البديل وإضعاف الولء للثانية‪ .‬إنها خطوات‬ ‫ضرورية على طريق بناء الدولة المدنية والمواطن النسان بمعزل عن النتماء السياسي أو‬ ‫الثقافي‪.‬‬ ‫و في هذا ال سياق اعتمدت مؤ سسة عا مل‪ ،‬و في إطار الع مل على انتشال نا من الوا قع ال صعب‬ ‫الذي نعيشه وكردة فعل غاضبة على واقعنا المأزوم‪ ،‬و في ضوء التجربة الطويلة عبر المؤسسة‬ ‫والشبكات المحلية والعربية والدولية‪ ،‬التوجهات التالية‪:‬‬ ‫‪ – 1‬ر فع شعار "التفك ير اليجا بي والتفاؤل الم ستمر" في مواج هة شعار "الهدم على يدي ول‬ ‫البناء على يد الغير"‪.‬‬ ‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪8‬‬


‫‪ – 2‬اعتماد خطة الثلث ميمات‪ :‬مبدأ‪ ،‬موقف‪ ،‬ممارسة‪ ،‬أي "فكر وقول وعمل"‪ .‬فالبعض منا‬ ‫لديه مبدأ‪ ،‬ولكن ل ينسجم مع الموقف أو الممارسة‪ ،‬والبعض الخر لديه ممارسة جيدة‪ ،‬ولكن‬ ‫غ ير ملتزم جد يا" بمبدأ‪ .‬بين ما المطلوب أن ين سجم المبدأ مع المو قف و مع الممار سة‪ .‬أي ك ما‬ ‫يقول نيلسون مانديل "إذا ما توفرت الرؤية مع التطبيق العملي‪ ،‬فباستطاعتنا أن نغير العالم"‪.‬‬ ‫‪ – 3‬ك ما أن طري قة الع مل مع ال صدقاء والمحايد ين والخ صوم الموجودون في المجت مع‪،‬‬ ‫اعتمدنا الخطة التالية‪ :‬توثيق العلقة مع الصدقاء والعمل على تحويل المحايدين إلى أصدقاء‬ ‫وال سعي إلى تحي يد الخ صام‪ .‬أي الع مل ع كس الثقا فة ال سائدة في مجتمعات نا‪ ،‬إذ أن نا نختلف‬ ‫حول القليل الذي يفرقنا ونهمل الكثير الذي يجمعنا‪.‬‬ ‫إن بناء ج سر صالح للعبور فوق هذه الهوة الشا سعة‪ ،‬الفا صلة ب ين الوا قع والحلم‪ ،‬هو من‬ ‫أصعب المهمات‪ .‬فكيف إذا كان المطلوب إقامة جسر ل ينكسر عند أول هبة ريح عاتية تأتي من‬ ‫هنا أو من هناك؟‬ ‫هذه ب عض نماذج من م سيرة طويلة قطعت ها مؤ سسة عا مل‪ .‬ل كن ال صورة تب قى ناق صة إن لم‬ ‫تتضمن بعض المعايير التي حكمت سلوك القيادة في تعاملها مع الوقائع والحداث‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫أول" ‪ -‬الن ظر دائ ما" إلى المور من عدة زوا يا في و قت وا حد‪ .‬أي رؤ ية الشياء في الفضاء‬ ‫كما هي في الواقع‪ ،‬وليس على سطح متخي‪h‬ل‪ ،‬ورفض ثقافة السود أو البيض‪ ،‬أي قياس الشياء‬ ‫ببعد واحد‪ ،‬فيما الحقيقة ليست كذلك‪.‬‬ ‫ثانيا" ‪ -‬سلكت القيادة طريق التعاطي المباشر‪ ،‬المبس‪h‬ط‪ ،‬والمكشوف مع المهمات اليومية‪ ،‬بحيث‬ ‫لم يشعر أحد من العاملين في المؤسسة بوجود أسرار أو قطب مخفية في أعمالها ونشاطاتها‪ .‬هذا‬ ‫ال سلوك ع كس در جة عال ية من العلن ية والشفاف ية و هو مقياس هام يع تد به في تقو يم ع مل‬ ‫المؤسسات‪.‬‬ ‫ثالثا" ‪ -‬لعبت القيادة دور المحرك "‪ ،"Catalyseur‬الذي أدار محركات الخرين ثم تركها تعمل‬ ‫من تلقاء نف سها بالطا قة المتوفرة لدي ها‪ .‬إن اكتشاف الطاقات الكام نة لدى الناس هي عمل ية‬ ‫جوهر ية‪ ،‬ل كن توجيه ها والتم كن من توظيف ها في أعمال منا سبة هي فن يتطلب كفاءات عال ية‪.‬‬ ‫فعندما يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب تظهر النجازات في كل مكان‪.‬‬ ‫رابعا" ‪ -‬مارست القيادة أسلوب العمل الجماعي معتمدة على ثقافة الحوار بدل" من ثقافة الملء‬ ‫معتمدة شعار‪" :‬السلطة حيث تؤثر ل حيث تأمر"‪ .‬وكانت "درجة التعاون" و "مستوى النشاط" هما‬ ‫المعياران الموضوعيان لنجاح القيادة في ل عب دور "الماي سترو" أمام مجمو عة العازف ين في‬ ‫المؤسسة‪ .‬هكذا أسمعت "عامل" الجميع لحنا" واحدا" عالي التنسيق واليقاع‪.‬‬ ‫خامسا" ‪ -‬وض عت "عا مل" سقفا" عال يا" لتوقعات الناس حيال الخلف ية المبدئ ية والفكر ية لكوادر ها‬ ‫وقيادات ها‪ .‬هذا ال مر أدى إلى ر فع در جة التطلب من ها‪ ،‬وإلى مزاو جة ناج حة ب ين نخبو ية قياد ية‬ ‫والواقع الشعبي الذي تتحرك وتعمل في وسطه‪ .‬كما أدى إلى خلق ثقة متبادلة بينها وبين جمهورها‬ ‫المتنوع‪ ،‬مبنية على الصدق والستقامة والتفاني من أجل المثل النسانية العليا‪.‬‬ ‫هكذا جم عت "عا مل" ب ين ق ساوة الوا قع ورومن سية الحلم‪ ،‬محولة "كثيرا" من الق بح إلى ب عض‬ ‫من الجمال في لوحة طبيعية لم تكتمل ألوانها بعد‪.‬‬ ‫ل كن بر يق النجاز ل يع ني عدم وجود إخفاقات‪ .‬ومؤ سسة عا مل شأن ها شأن المؤ سسات‬ ‫الخرى عا شت تجر بة غن ية ب كل أنواع الدروس‪ .‬وبدل^ من أن ت سقط بف عل الثقال والحمال‬ ‫ا ستطاعت أن تب قى وت ستمر‪ .‬ل كن هذا ل يع ني أن الو ضع كان دائما^ مثاليا^‪ .‬فالمؤ سسة تعر ضت‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪9‬‬


‫لزمات عديدة‪ ،‬من ها‪ :‬ما كان ل سباب داخل ية تتعلق بالكادر البشري والتنظ يم‪ ،‬ومن ها ما كان‬ ‫لسباب خارجية تتعلق بالوضاع المنية والسياسية‪ ،‬وبالطراف التي تعاملت معها المؤسسة‪.‬‬ ‫فم نذ مرحلة التأ سيس خا ضت قيادة المؤ سسة معر كة ثقا فة الحوار البناء وتوز يع الدوار‬ ‫ل ثقا فة الملء‪ .‬ول قد أثب تت الحداث صحة هذه النظرة م ما أدى ذلك إلى انفتاح آفاق وا سعة أمام‬ ‫عمل ها كإحدى مؤ سسات القطاع المد ني‪ .‬ل كن "عا مل" لم تنفلت يو ما" من التزام ها الوط ني‬ ‫والن ساني‪ ،‬و ما كان لتولي فة من هذا النوع أن تن جح‪ ،‬لو لم ت كن لدى القيادة الرؤ ية ال تي فر ضت‬ ‫حضورا" مقنعا" على الجميع‪.‬‬ ‫هذا ال مر يع يد تذكير نا بأن فن القيادة ل يمارس "بو صفة إدار ية" بإمكان أي كان أن يت بع‬ ‫تعليماتها‪ .‬إن أمرا^ كهذا قد ينجح في الدارات الموضعية‪ ،‬لكنه ل ين جح في المؤسسات المفتو حة‬ ‫على شتى أنواع العلقات المركبة‪ ،‬من حيث المستويات )المحلي والقليمي والدولي(‪ ،‬ومن حيث‬ ‫المجالت )الصحي والجتماعي والنمائي‪...‬إلخ(‪ .‬هنا يحتاج المر إلى أكثر من وصفة )وهو ما‬ ‫سارت عل يه "عا مل" من خلل شعار الميمات الثلث‪ :‬مبدأ‪ -‬مو قف‪ -‬ممار سة(‪ .‬وبالمقار نة فإن‬ ‫القيادة تبنى في معظم الحيان على عنصري الهيبة والقوة )بالعامية "الوهرة"(‪ ،‬في حين تبنى في‬ ‫مجال الع مل المد ني والن ساني على الع كس تماما‪ :‬التعا طف الممزوج بد فء العلقات والمهن ية‬ ‫العالية‪ .‬ويكون الهدف الرتقاء بالمجتمع إلى العلى‪.‬‬ ‫إن كل الخطاء والزمات التي رافقت مؤسسة عامل طوال مسيرتها‪ ،‬أمكن تخطيها بفضل‬ ‫صمامات المان التي ذكرناها‪ .‬لكن أهم صمام أمان حافظت عليه قيادة "عامل" كان‪ :‬النقد الذاتي‬ ‫غ ير الموارب‪ .‬أي الن قد الذي ل ي ستبطن ال تبرير‪ ،‬ول يطلق الدخان من أ جل ح جب الرؤ ية‪ .‬بل‬ ‫ذاك الذي ي ستوجب إعادة الن ظر في المور‪ ،‬والترا جع ح ين تد عو الحا جة‪ ،‬والتعلم دائما^ من‬ ‫الخطاء‪ .‬فحين فشل مشروع المستشفى في حارة حريك تم التراجع عنه لمصلحة مشروع آخر‪.‬‬ ‫وح ين وق عت الز مة التنظيم ية في بدا ية مرحلة ال سلم شهدت المؤ سسة نقاشات حام ية وتعر ضت‬ ‫لعملية نقد ومساءلة مفتوحة شارك فيها الجميع بمن فيهم أعضاء القيادة‪ .‬نتج عن ذلك مد المؤسسة‬ ‫بدم جديد لمرحلة جديدة‪.‬‬ ‫إن الث قة ال تي أبدت ها قيادة المؤ سسة بتجربت ها و صواب رؤيت ها‪ ،‬وفرت ل ها ال سس‬ ‫الموضوعية للتعامل مع مؤسسات عريقة تمثل الغرب المتطور‪ .‬هذه "العلقة الندية" قلما نجد لها‬ ‫مثيل^ بين مؤسسات تنتمي إلى العالم الثالث‪ .‬فموازين القوى ل تسمح ببناء علقات من هذا النوع‪.‬‬ ‫لذا فإن التعاطي الواقعي الممكن مع مؤسسات الغرب كان يراوح دائما^ ما بين المقاطعة والنبذ‪ ،‬أو‬ ‫التلقي السلبي‪.‬‬ ‫إن مكا نة "عا مل" الحال ية ب ين مختلف المؤ سسات ‪ -‬المحل ية والقليم ية والدول ية ‪ -‬مبن ية‬ ‫على العامل الثقافي الذي يصحح إلى حد كبير موازين القوى‪ .‬وليس أدل على ذلك من توجه أهم‬ ‫منظمات المجت مع المد ني الغر بي إلى التعاون مع مؤ سسة عا مل بالر غم من أن ها ل تم ثل حيث ية‬ ‫سياسية أو طائف ية يم كن ال ستفادة من ها في المشار يع المطرو حة‪ .‬هذه الحقائق هي مدعاة ف خر‬ ‫للعاملين في المؤسسة‪ ،‬لكنها ليست مدعاة زهو‪ .‬فالواقع اللبناني )والعربي استطرادا^( مازال بعيدا‬ ‫عن ال حد الد نى المقبول من الن ضج والتطور على جم يع ال صعد‪ .‬ك ما أن كل نشاطات المجت مع‬ ‫الهلي )أو المد ني( لن تك في لزحز حة قطار التطور هذا إن لم تتو فر الرادة ال سياسية ال تي هي‬ ‫مفتاح التغيير في المنطقة‪ ،‬علما^ أن شعوبنا ممنوعة من إقامة ولو "سوق عربية مشتركة" كنوع من‬ ‫أنواع التعاون في ع صر العول مة‪ ،‬ك ما تف عل با قي شعوب الرض‪ .‬إن صورة كهذه حر ية بأن‬ ‫تستولد الحباط واليأس‪ .‬فجهود عشرات العاملين في القطاعات الهلية والمدنية‪ ،‬يتم تبديدها عبر‬ ‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪10‬‬


‫سياسات قاصرة أو مرتهنة لمصالح دول كبرى‪ .‬و"البحصات القليلة" التي تضعها المؤسسات غير‬ ‫الحكومية تحت خابية التنمية لكي تسندها‪ ،‬تسحق عند أول رصاصة تطلق في حرب أهلية يشعلها‬ ‫فرقاء محليون ودوليون‪.‬‬ ‫إن مؤ سسة عا مل إذ ت ضع تجربت ها ب ين أيدي الرأي العام‪ ،‬فإن ما تف عل ذلك من أ جل أن‬ ‫يستفاد منها إلى أقصى الحدود‪ .‬وهي تكشف بذلك آليات استمراريتها‪ ،‬وتحلل أسبابها‪ ،‬مجازفة في‬ ‫ال سير فوق الخ يط الرف يع‪ ،‬الفا صل ما ب ين النطباع الشخ صي والتحل يل الموضو عي‪ ،‬ل كن ال مر‬ ‫يستحق المجازفة‪ .‬إنها لحظة من لحظات التأمل في صفحات من تاريخ مكتوب بالعرق والدموع‬ ‫واللم‪ .‬وإن "عا مل" لي ست سوى واحدة من جمعيات نذر العاملون في ها أنف سهم للع مل الوط ني‬ ‫والنساني تحقيقا^ لمبادئ وأفكار يؤمنون بها‪ ،‬على طريق بناء الدولة المدنية والمواطن – النسان‬ ‫بمعزل عن النتماء السياسي أو الثقافي‪.‬‬ ‫ دروس وعبر من وحي التجربة‪:‬‬‫"لقد التزمت "عامل" منذ تأسيسها مقولة جبران خليل جبران ول تزال تسير على هديها حتى الن‬ ‫و هي القائلة‪" :‬إن الحياة ظل مة ح قا" إل ح يث يكون الحا فز‪ ،‬و كل حا فز أع مى إل إذا اقترن‬ ‫بالمعرفة‪ ،‬وكل معرفة هباء إل إذا تحولت عمل" ‪"...‬‬ ‫إن كتابة تجربة مؤسسة عامل مفيد بحد ذاته‪ ،‬إذ يؤرخ لمرحلة شارك فيها عشرات بل مئات من‬ ‫الكوادر والناشطين والناشطات في عمل وطني وإنساني وإحاطة دافئة من الصدقاء والمشجعين‪.‬‬ ‫لقد قدمت "عامل" خلل هذه المسيرة عددا" من الشهداء والجرحى والمعاقين سقطوا وهم يقومون‬ ‫بواجبهم النساني قرب خطوط التماس وفي أماكن القصف المختلفة فجسدوا أسمى آيات الخلص‬ ‫والتفاني والتضحية في سبيل النسان والوطن‪.‬‬ ‫وإن ذلك ينطبق على معظم الجمعيات الهلية خلل سنوات الحرب والسلم والتي تعتبر دليل" على‬ ‫أهم ية دور المجت مع المد ني في لبنان سواء عبر التقديمات ال تي قا مت ب ها هذه المؤ سسات على‬ ‫مستوى الغاثة والطوارئ أو الخدمات والبرامج التنموية أو عبر بقاء بعضها كرمز للسلم الهلي‬ ‫أو حتى عبر محاولة صيانة هذه المؤسسات لدور الدولة )ما يحصل عادة هو عكس ذلك(‪.‬‬ ‫إل أن ما يجدر اللتفات إل يه في ح قل ال ستفادة من تجارب نا في نجاحات ها وإخفاقات ها‪ ،‬قد تش كل‬ ‫مؤ سسة عا مل نموذ جا" معي نا" يح سن التفك ير ف يه ب سبب ال صعوبات ال تي اعترضن ها والظروف‬ ‫القاسية التي واكبتها وتمكنت من تجاوزها‪ ،‬فاستمر حضورها وتعزز دورها بالرغم من الصعاب‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪11‬‬


‫رسـالة مؤسـسـة عــامل‬ ‫"إن ع ـامل" جمع ية مدن ية‪ ،‬و هي مؤ سـسـة ذات منف عة عا مة بمو جب مر سـوم‬ ‫جمهوري ر قم ‪ 5832‬صـادر بت ـاريخ ‪ . 1994/08/10‬تأ سست في العام ‪ 1979‬ح ين كا نت‬ ‫الحرب تعصف بلبنان قتل" ودمارا" وتهجيرا"‪.‬‬ ‫و قد جاء تأ سيس عا مل في أعقاب الغزو ال سرائيلي لجنوب لبنان )‪ ،(1978‬و ما أ صاب‬ ‫مدنه وقراه من تهجير ودمار‪ ،‬وفي ظل تفاقم الوضاع القتصادية والجتماعية في لبنان‪ ،‬والحاجة‬ ‫الملحة للمزيد من الطاقات البشرية‪ ،‬لكي تعمل في خدمة الوطن والنسان‪ ،‬فتوافقت مجموعة من‬ ‫الطباء والساتذة الجامعيين والصحافيين والخصائيين الجتماعيين‪ ،‬على إنشائها مؤسسة شعارها‬ ‫"معا" من أجل الوطن والمواطن"‪ ،‬ولقد تمكنت "مؤسسة عامل" خلل العشرين سنة الماضية من‬ ‫إقامة مشاريع في العديد من المناطق اللبنانية‪ ،‬من أقاصي الشمال الشرقي في الهرمل إلى أقاصي‬ ‫الجنوب الشر قي في الخيام‪ ،‬منجزة حوالي خم سة وثمان ين نشا طا" في مختلف المجالت‪) ،‬هذا‬ ‫فضل" عن معهد مهني تقني بإدارة معهد بيبلوس في الضاحية الجنوبية من بيروت‪ ،‬ومشروع بيت‬ ‫حقوق الن سان في مب نى عا مل الرئي سي في الم صيطبة‪ ،‬أ حد أحياء العا صمة بيروت ومشروع‬ ‫تعاون ية زراع ية في إطار برنا مج التنم ية الريف ية وإنشاء دار للم سنين ومر كز لعلج المراض‬ ‫العصبية والنفسية في منطقة صور(‬ ‫والمؤ سسة ع ضو في المجلس القت صادي الجتما عي لل مم المتحدة ‪ Ecosoc‬بال صفة‬ ‫الخاصة الستشارية منذ عام ‪.2001‬‬ ‫و هي أي ضا" ع ضو مؤ سـس في "تج مع الهيئات الهل ية التطوع ية في لبنان"‪ ،‬في "المجلس‬ ‫الدولي للجمعيات التطوع ية"‪ ،‬ول ها علقات شرا كة مع عدة جمعيات وشبكات ومنظمات‪ ،‬م ـنها‪:‬‬ ‫منظ مة ال صحة العالم ية‪ ،‬برنا مج ال مم المتحدة النمائي‪ ،‬المفوض ية العل يا للجئ ين والتحاد‬ ‫الورو بي ‪ ...‬الخ‪ .‬و قد حاز رئي سها على أو سمة عدة من ها‪ :‬و سام الرز الوط ني من رئ يس‬ ‫الجمهور ية اللبنان ية‪ ،‬و سام جو قة الشرف الفرن سي من رئ يس الجمهور ية الفرن سية جاك شيراك‪،‬‬ ‫ودرع نقابة الطباء في لبنان ‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫* الهداف‬ ‫تعمل مؤسسة عامل على ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬توف ير ال حق للجم يع في الت عبير‪ ،‬ال صحة‪ ،‬التعل يم‪ ،‬ال سكن‪ ،‬الع مل‪ ،‬الغذاء‪ ،‬البيئة ال سليمة‪،‬‬ ‫بمعزل عن الجنس والعقيدة والدين‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تمك ين الفئات المهم شة للمشار كة في العمل ية التنمو ية وتشج يع المبادرات المحل ية والتقو يم‬ ‫المستمر للبرامج وتصويبها بما يتلءم مع حاجات الناس وتطلعاتهم‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إشراك النساء في الستراتيجية التنموية للمؤسسة وتعزيز دورهن الريادي في المجتمع‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إشراك الشباب في البرا مج التنمو ية‪ ،‬خا صة التعليم ية والتدريب ية من ها‪ ،‬وتأهيل هم لتح مل‬ ‫المسؤوليات القيادية مستقبل"‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تعز يز التن سيق مع الهيئات الهلية‪ ،‬محل يا"‪ ،‬إقليميا" وعالميا"‪ ،‬والشرا كة مع القطاع ين العام‬ ‫والخاص في البرمجة والتخطيط والتنفيذ‪ ،‬من أجل تنمية مستدامة‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪12‬‬


‫* النجازات‬ ‫واج هت "عا مل" ال صعاب بمختلف الو سائل ل كي ت صمد وت ستمر ول كي يب قى نهج ـها‬ ‫كمؤسسة‪ .‬فقد تمكنت منذ العام ‪ 1979‬بفضل جهود كوادرها وأصدقائها من إقامة برامج صحية‬ ‫واجتماعية وتربوية عبر ‪ 27‬مركزا" بالضافة إلى جهاز دفاع مدني مزود بـ ‪ 30‬سيارة إسعاف‬ ‫وإيفاد ‪ 1.012‬جريحا" للعلج في الخارج )فرنسا ‪ -‬الوليات المتحدة الميركية ‪ -‬إيطاليا ‪ -‬بلجيكا‬ ‫ الكو يت(‪ ،‬وترك يب ‪ 400‬طر فا" ا صطناعيا" لمبتوري العضاء )بالتعاون مع الحكو مة‬‫الهولند ية(‪ ،‬فضل" عن مشار يع أخرى تطم ـح المؤ سسة إلى تنفيذ ها في المرحلة المقبلة‪ ،‬من‬ ‫ضمنها مشروع زراعي تعاوني في منطقة معروب )الجنوب( وإنشاء دار للمسنين ومركز لعلج‬ ‫المراض العصبية والنفسية ومشروع بيت حقوق النسان في مبنى "عامل" الرئيسي في المصيطبة‬ ‫)بيروت(‪ ،‬ومدرسة تمريض في مبنى "عامل" في حارة حريك في الضاحية الجنوبية من بيروت‪.‬‬ ‫* الوسائل‬ ‫الع مل بفعال ية أ كبر وبمواز نة أ قل وبمشار كة أو سع‪ ،‬بالتعاون مع القطاع العام والقطاع‬ ‫الخاص عبر عقد اجتماعي يهدف إلى تحقيق شراكة ثلثية من أجل تعزيز إنسانية النسان‪ ،‬وإلى‬ ‫تعبئة أفضل لقدرات المجتمع وإدارة أكثر رشادة لشؤون الحكم‪.‬‬ ‫* منهجية العمل‬ ‫‪ :‬طابعها صحي اجتماعي تربوي تأهيلي‪ ،‬مع تأمين اكتفاء ذاتي‪،‬‬ ‫‪ - 1‬مشاريع خدماتية‬ ‫عبر مساهمات تضامنية رمزية من الفئات المستفيدة‪ ،‬تحت شعار "خدمة أفضل بكلفة أقل"‪.‬‬ ‫‪ :‬تر مي إلى النتقال من الغا ثة والخد مة إلى التنم ية وإشراك‬ ‫‪ - 2‬برامج تنموية‬ ‫الناس‪ ،‬أ صحاب العل قة في تحد يد حاجات هم‪ ،‬واختيار الخطوات المنا سبة من أ جل توف ير حلول‬ ‫ل هم‪ .‬من خلل مشار كة في دينام ية التنم ية عبر تضا فر جهود القطاع العام والمجت مع لم ساعدة‬ ‫النسان‪ ،‬كل إنسان‪ ،‬على تحسين أوضاعه الحياتية من خلل خطة إنمائية متكاملة ومتناسقة‪.‬‬ ‫‪ – 3‬تعز يز ثقا فة الحقوق المدن ية‪ :‬في الت عبير وال صحة والتعل يم ‪ ...‬ومشار كة المرأة في الحياة‬ ‫العا مة والهتمام بالشباب والفئات المهم شة باتجاه بناء الموا طن – الن سان بمعزل عن الخيارات‬ ‫السياسية والثقافية‪.‬‬ ‫* التحديات‬ ‫إن المشكلة ال ساسية ال تي ت سهم في تفك يك الن سيج الجتما عي اللبنا ني وإضعاف قدرات‬ ‫المجتمع على التأثير في القرار‪ ،‬تكمن في مناخ التصادم بين مكوناته‪ ،‬في غياب الليات الحوارية‬ ‫التي تتيح إيجاد مخارج سليمة ومقبولة للمصالح المتعارضة‪ ،‬دون تغليب كامل لطرف على آخر‪،‬‬ ‫فالتحدي يكمن في كيفية‪:‬‬ ‫‪.1‬النتقال من م ستوى الع مل في معال جة النتائج‪ ،‬إلى م ستوى الع مل لمعال جة ال سباب‬ ‫ووضع الرؤى والتصورات‪ ،‬إلى التخطيط والبرمجة للسياسة الجتماعية‪.‬‬ ‫‪.2‬تحديد الهدف من أي فعل اجتماعي‪.‬‬ ‫‪.3‬تطوير مفاهيم الديمقراطية في مؤسسات القطاع التطوعي‪ ،‬فتكون هي القدوة والمحرك‬ ‫في المجت مع‪ ،‬إر ساء‪ i‬لمبادئ المشار كة والعتراف بال خر ولمفاه يم المواطن ية في‬ ‫الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪13‬‬


‫‪.4‬بلورة آل ية شاملة تعالج الخلل النو عي القائم في المجت مع على م ستوى العلقات الكل ية‬ ‫بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومن ضمنه الهيئات الهلية‪.‬‬ ‫* الرؤية‬ ‫اعتماد أسلوب يقوم على أساس أن الحقوق الساسية للمواطن هي حقوق نابعة من إنسانية‬ ‫الن سان‪ ،‬من ح يث تمك ين الناس من التم تع بحقوق هم‪ ،‬بمعزل عن خيارات هم ال سياسية والثقاف ية ‪،‬‬ ‫والتعاون مع مختلف الهيئات المعنية في العمل على‪:‬‬ ‫‪.1‬تأمين شراكة حقيقية بين "الدولة والقطاعين الخاص والهلي"‪ ،‬في مرحلة يعاني لبنان‬ ‫فيها تفاقم الزمة المعيشية وإفقار الكثرية السـاحقة من أبنائه‪ ،‬أي أن نقوم بخطوات‬ ‫ن حو ب ـناء إجماع وط ني حول فل سفة التنم ية الشاملة في لب ـنان و صياغة ع قد‬ ‫اجتما عي جد يد ب ين الدول ــة والمجت مع‪ .‬و هو مفهوم الح كم ال صالح ‪Good‬‬ ‫‪ ،Governance‬شريطة صياغة سياسات تمك‪j‬ن من الربط بين النمو القتصادي وبين‬ ‫التنمية الجتماعية في ظل إدارة ذكية لهذه السياسات‪.‬‬ ‫‪.2‬تقوية المجتمع المدني وتنميته وإغناء مؤسساته وتعبئة طاقاته‪.‬‬ ‫‪.3‬تقوية الدولة‪ ،‬لكن الدولة العادلة الناظمة لعلقات المجتمع والوازنة لقواه‪.‬‬ ‫‪.4‬ردم الهوة ب ين المجت مع والدولة وم صالحتهما‪ ،‬بح يث تكون الدولة في خد مة المجت مع‬ ‫ويتمثل المجتمع في الدولة‪.‬‬ ‫– توجهات عامة‬ ‫‪ – 1‬على صعيد القطاع التطوعي في لبنان‪:‬‬ ‫لكي يستطيع القطاع التطوعي لعب دور الشريك في التنمية ومطالبته لحكومة بالعتراف بهذا‬ ‫الدور يتطلب منه القيام بمراجعة نقدية لدائه وبرامجه‪ ،‬والعمل على تعزيز الليات والممارسات‬ ‫الديمقراطية داخل المنظمات نفسها‪ ،‬وبلورة رؤية استراتيجية عامة لدوره وليس حملت ظرفية‬ ‫ومؤقتة وغير مكتملة‪ ،‬وإعطاء الولوية في عملها للتوجه للفئات الجتماعية الكثر عرضة‬ ‫والستجابة لمعطيات العمل القاعدي بدل الجنوح نحو إعطاء الولوية للتوجه نحو الجهات‬ ‫المانحة‪ ،‬وعدم اقتصار عملها على التعامل مع نتائج المشكلت الصحية والجتماعية بل بذل‬ ‫الجهود الكافية للتعامل مع السباب‪.‬‬ ‫‪ – 2‬على الصعيد اللبناني‪:‬‬ ‫لقد قادت السياسة المتبعة المجتمع اللبناني إلى مأزق اقتصادي ومأزق أخلقي‪ ،‬وجعلت‬ ‫الديمقراطية التي يتم التغني بها هدفا" بعيد المنال‪ ،‬وإن لبنان انسجاما" مع التجاهات المسيطرة في‬ ‫نسق العولمة القتصادية يعتمد سياسات تستجيب لمتطلبات العولمة والندماج في السوق دون‬ ‫الستناد إلى الولويات المتناسبة مع خصائص القتصاد اللبناني‪ ،‬ومع المشكلت والزمات‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وهو بذلك يعتمد لمعالجة الزمة القتصادية‪ ،‬نوع السياسات نفسها التي تسببت بالزمة‪،‬‬ ‫في حين أن متطلبات التنمية تتطلب مشاركة وتفاعل العناصر الفاعلة من خلل بلورة عقد‬ ‫اجتماعي من أجل التنمية يتيح مشاركة قوى المجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومة لوضع‬ ‫مشروع مستقبلي توافقي يحترم مصالح البلد الراهنة والمستقبلية‪.‬‬ ‫‪ – 3‬على الصعيد العالمي‪:‬‬ ‫ل قد حدد برنا مج ال مم المتحدة النمائي مكونات للتنم ية البشر ية الم ستدامة ب ـ‪ :‬الن صاف‪،‬‬ ‫النتاجية‪ ،‬الستدامة والكونية‪ ،‬إل أننا نشهد أكثر فأكثر اتساع صفوف المهمشين اجتماعيا"‪ ،‬وتفاقم‬ ‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪14‬‬


‫مشاكل الفقر والتمييز الجتماعي والبطالة التي تمس المن الشخصي والمن القومي للمواطنين‪،‬‬ ‫وازدياد الهوة ب ين بلدان الشمال والجنوب ال تي تطرح ت ساؤلت كبيرة حول الجدوى القت صادية‬ ‫والجتماعية لمفاهيم التنمية وللنظام العالمي الجديد‪ ،‬ولهداف اللفية الثالثة‪.‬‬ ‫إن سياسة اقت صاد ال سوق المعتمدة حال يا"‪ ،‬وال تي تق ضي إضعاف الدور الجتما عي للدولة وإلى‬ ‫تعزيز الخصخصة‪ ،‬تنسجم مع الخطط المحددة من قبل المؤسسات المالية العالمية‪ ،‬والتي يعترف‬ ‫القيمون عليها بأنهم أخطأوا‪ ،‬إل أنهم يواصلون القول بأن اقتصاد السوق غير المنظم يبقى الوحيد‬ ‫المم كن‪ .‬في ضوء هذا الوا قع ي ستخلص تقر ير التنم ية البشر ية لعام ‪ 1994‬ال صادر عن برنا مج‬ ‫ال مم المتحدة النمائي‪" :‬ل يم كن لعالم نا أن يع يش ورب عه غ ني وثل ثة أربا عه فقراء‪ ،‬ون صفه‬ ‫ديمقراطي والنصف الخر استبدادي‪ ،‬وبه مساحة من التنمية البشرية تحيط بها صحارى شاسعة‬ ‫من الحرمان" فتحت عنوان العولمة قد مضى الوقت الذي كان يمكن فيه لي دولة أن تقبع داخل‬ ‫حدود ها‪ ،‬وأن تن عم وحد ها بالرفاه‪ ،‬وأن تترك غير ها لمواج هة المجا عة والف قر‪ ،‬أو الرهاب‪ ،‬أو‬ ‫التخلف‪ ،‬وذلك لن واقع الثورة العلمية والتصالت‪ ،‬قد تخطى واجتاح حواجز الزمان والمكان‪.‬‬ ‫ففي مواجهة "العولمة القتصادية" ونتائجها المدمرة على مستوى الكوكب‪ ،‬يتوجب على دول العالم‬ ‫الثالث وب نى المجت مع المد ني‪ ،‬الشمال ية والجنوب ية‪ ،‬بناء التحالف العال مي من أ جل عول مة بديلة‪،‬‬ ‫"عولمة إنسانية" أو "عولمة التضامن"‪ ،‬أي "مستقبل واحد لعالم واحد"‪.‬‬ ‫رؤية للمستقبل في لبنان والعالم العربي‬ ‫التنمية تمر عبر بناء الدولة المدنية وبناء المواطن – النسان‬ ‫ل يزال العالم العر بي ي صنف في الع قد الول من القرن الحادي والعشر ين في خا نة الدول‬ ‫النامية‪ ،‬وهو التعبير الملطف للدول المتخلفة‪ ،‬كما ل تزال التقارير الدولية تشدد على إدراجه في‬ ‫خا نة المنا طق المنكو بة‪ ،‬لم تش فع سياسات التحد يث والتنم ية ح تى الن في إدخاله في الع صر‬ ‫الحديث‪ ،‬كما لم تتمكن تطورات العولمة والتقدم والتكنولوجيا من انتشاله من بؤرة التخلف المتعدد‬ ‫الجوانب‪ .‬يطرح كثيرون في العالم العربي وخارجه أسئلة عن السباب التي حالت ول تزال دون‬ ‫انتقال العرب إلى الحدا ثة والتحد يث ومواك بة تطورات الز من المتقدم‪ ،‬قيا سا" بأ مم ل تملك ال حد‬ ‫الدنى مما يملكه العرب من إمكانات وطاقات مادية‪ .‬ولكنها أسئلة ليست لها إجابات‪.‬‬ ‫لقد وقعت الدول العربية على إعلن اللفية مع تحديد أهداف واضحة للحد من الفقر‪ ،‬الجوع‪،‬‬ ‫المرض‪ ،‬الم ية‪ ،‬تلوث البيئة والتمي يز ضد المرأة وذلك بحلول العام ‪ .2015‬م ما يتر تب علي ها‬ ‫مجمو عة من اللتزامات تتر جم في أ طر ع مل أكدت على دور المجت مع المد ني و من ضم نه‬ ‫المنظمات الهل ية كقوة داف عة تل عب دورا" مه ما" في التحول ال سياسي والجتما عي وتعز يز ثقا فة‬ ‫المواطنة‪.‬‬ ‫إن الخروج من الواقع الحالي يقتضي اعتماد ركنين أساسيين هما‪:‬‬ ‫‪ – 1‬الركن الول‪ :‬دمقرطة التنمية‪:‬‬ ‫إن تحقيق التنمية الديمقراطية يتم من خلل‪ :‬اقتصاد منتج‪ ،‬وحفز الستثمارات‪ ،‬والخروج من‬ ‫الفقر‪ ،‬والقضاء على المية والبطالة‪ ،‬والحد من الهجرة وتقليص الهوة بين المناطق أو بين الفئات‬ ‫الجتماعية واللحاق بالتطور الثقافي العالمي‪ ،‬وهي جميعها تمثل تحديات أساسية لمستقبل المنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬ل يمكن تحقيقها إل من خلل دمقرطة التنمية التي تقوم على إشراك مختلف القوى‬ ‫والفئات الجتماعية ومن ضمنها بنى المجتمع المدني في تحديد السياسات والخيارات القتصادية‬ ‫والجتماعية والبشرية في العالم العربي‪ ،‬المصنوعة محليا" والمقررة من الداخل‪ ،‬ويحول دون‬ ‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪15‬‬


‫اتخاذ التنمية منحى" عموديا" سواء اجتماعيا" أم قطاعيا" أم مناطقيا"‪ ،‬ولتحقيق ذلك علينا التعاون‬ ‫مع العالم الخارجي وفيما بيننا في العالم العربي والخروج من عقدة الخوف من الفرض والملء‬ ‫والدخول في علئق تشاركية وتفاعلية متكافئة‪.‬‬ ‫‪ – 2‬الركن الثاني‪ :‬تمكين المؤسسات الديمقراطية في العالم العربي‪:‬‬ ‫إن الركن الثاني في عملية تحقيق التنمية الديمقراطية الذي يمثل تحقيقه شرطا" الركن السابق‪،‬‬ ‫هو تمكين المؤسسات الديمقراطية في الدول العربية بتعزيز المشاركة السياسية وبناء دولة‬ ‫القانون والمؤسسات وتفعيل دور المواطن وإعادة تحديد علقته بالدولة وتقوية دور السلطة‬ ‫القضائية واستقلليتها‪ ،‬والقضاء على الفساد‪ ،‬وخلق آليات للشفافية والمساءلة واحترام دور السلطة‬ ‫التشريعية وعقلنة الثقافة السياسية وصون التعددية السياسية وضمان تداول السلطة وتوسيع مساحة‬ ‫الحرية ورقعة العمل للمجتمع المدني‪ .‬كلها شروط أساسية لندفاع الدولة في طريق التنمية‬ ‫الديمقراطية نفسها‪.‬‬ ‫إن العالم العربي في أشد الحاجة اليوم إلى تثبيت هذين الركنين للنطلق في عملية تحقيق‬ ‫أهداف اللفية والنهوض المستقبلي حيث العالم يغدو أكثر تقاربا" وتداخل" وترابطا" وحيث ظاهرة‬ ‫التكتلت القليمية أو المقاربة باتت تمثل سمة القرن الجديد‪.،‬إن نظاما" عربيا" جديدا" يمثل ركنا‬ ‫"التنمية الديمقراطية"‪ ،‬و"تمكين المؤسسات الديمقراطية" أبرز مقوماته‪ ،‬هو القادر على تحقيق‬ ‫أهداف اللفية وعلى احتلل موقع في النظام العالمي الجديد الخذ في التكون‪.‬‬ ‫إن النطلق بر فع هذ ين الركن ين في العالم العر بي يتطلب إنجا حه أي ضا" إخراج هذه المنط قة‬ ‫من دوا مة الع نف والحروب والحتللت ال تي ا ستنزفت المنط قة ماد يا" وبشر يا" وحضار يا" على‬ ‫مدى عقود‪ .‬إن الخروج من هذا الواقع الستنزافي يمثل مدخل" أساسيا" لتحقيق نهوضه‪.‬‬

‫‪ /‬قراءة في التجربة ‪16‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.