القطاع التطوعي في الحرب والسلم "مؤسسة عامل" "قراءة في التجربة"
/قراءة في التجربة 1
القطاع التطوعي في الحرب والسلم "مؤسسة عامل" :قراءة في التجربة لقد فرضت ظروف الحرب في لبنان منذ العام 1975على المجتمع والدولة ضرورة التكيف مع الحالة الطارئة ح يث أ صبح للحرب آليات ها المتكي فة مع الحتياجات المتنام ية ،فشار كت منظمات المجتمع المدني في عبء مواجهة آثار الحرب على الصعيدين الجتماعي والصحي. ل قد ج سدت مع ظم الهيئات الهل ية خلل فترات الحرب ال صورة النق يض لوا قع الق تل والتدم ير والتهج ير ،فكا نت تبل سم الجراح ،تقدم الم ساعدة ،تتعاون في ما بين ها ،ته تم بالخر ين )بع كس ذهن ية اللغاء التي سادت بين المتحاربين( فكانت قريبة من الناس تعايش همومهم )باستثناء قلة تدثرت بالعمل النساني من تعظيم ذاتها(. لقد قبلت الهيئات الهلية خلل سنوات المحنة التحدي من أجل تلبية حاجات الناس ،بمرونة وتكيف مع المعطيات المتغيرة ،وتفاعل مع المجتمع المحلي وتعاون مع القطاع العام والمنظمات الدولية. إن تجربة القطاع التطوعي خلل سنوات الحرب ،تعتبر دليل" على أهمية دور المجتمع المدني في لبنان ،سواء عبر التقديمات التي قامت بها هذه المؤسسات على مستوى الغاثة والطوارئ أو عبر بقاء بعض ها كر مز لل سلم الهلي أو ح تى محاولة صيانة هذه المؤ سسات لدى الدولة ) ما يح صل عادة هو ع كس ذلك( .ل قد ساهمت هذه الهيئات في م نع تف كك المجت مع اللبنا ني ،فلم تتمو قف عن العطاء في ظل الق تل والدمار و في مناخ الوا قع التق سيمي .و قد كان هناك دائ ما" من يه تم ب ما ي ستوجب الترم يم كالم ستشفيات والمدارس ومؤ سسات الرعا ية والم ساكن ...الخ ،أو البقاء كر مز للسلم الهلي. و في هذا ال سياق ،إن تجر بة مؤ سسة عا مل ،هي واحدة من هذه النماذج الحيو ية في مرحل تي الحرب والسلم.
/قراءة في التجربة 2
تجربة "عامل" :مؤسسة مدنية اجتماعية تنموية وطنية مؤ سسة ع مل هي جمع ية مدن ية ،ذات منف عة عا مة ،وذات صفة ا ستشارية خا صة لدى المجلس القت صادي الجتما عي التا بع لل مم المتحدة ECOSOCوتح مل شعار "م عا" من أ جل تنم ية م ستدامة" وأ هم أهداف ها ،الع مل على توف ير ال حق للجم يع في الت عبير ،ال صحة ،التعل يم ،ال سكن، العمل ،الغذاء ،البيئة السليمة ،بمعزل عن الخيارات السياسية أو الثقافية. ل قد حر صت "عا مل" على ر بط ولدت ها ) (1979بأحداث وطن ية كبيرة انطل قا" من دور ها الجتماعي والنساني والوطني ،معتبرة أن عملية التغيير هي مسؤولية الحزاب السياسية بالدرجة الولى. في العام 1982كا نت النطل قة الفعل ية للمؤ سسة ،إبان الغزو ال سرائيلي للبنان الذي أدى إلى حصار بيروت لمدة 88يوما" تعرضت خللها العاصمة اللبنانية للقصف بكل أنواع السلحة التي في حوزة الجيش السرائيلي برا" وبحرا" وجوا". في مواج هة هذا الوا قع المأ ساوي ،تم التفاق على تجه يز مجمو عة من الم ستشفيات الميدان ية في مل جئ عدد من البن ية بالتعاون ب ين وزارة ال صحة والهيئات الهل ية ،فكان من ن صيب "عا مل" منها ثلثة من أصل ستة مستشفيات دارتها الهيئات الهلية .وإن دور هذه المستشفيات كان كبيرا"، ففي مستشفى المصيطبة الميداني تم علج عشرات الجرحى ،منهم من أصيب في مجازر صبرا وشاتيل التي أشرف عليها وزير الدفاع السرائيلي آنذاك آرييل شارون. و مع تفا قم الوضاع الحيات ية للناس أثناء جولت الحرب و في أوقات الهد نة ،ا ستمرت "عا مل" مع أصدقائها من الهيئات الهلية في تطوير وتعزيز دورها ،فتمكنت من إنشاء مراكز صحية ودور للتول يد وم ستوصفات ورياض للطفال ووحدات تنمو ية في كل من بيروت وج بل لبنان والشوف والبقاع والجنوب والضاح ية الجنوب ية ،ح يث بات لدي ها 27مركزا" أنشئت وف قا" للحا جة والو ضع ال صحي والجتما عي في المنا طق الشعب ية بالضا فة إلى جهاز دفاع مد ني مزود ب ـ 30سيارة إ سعاف وثلث م ستشفيات ميدان ية وإيفاد 1.012جري حا" إلى الخارج وترك يب 400طرف اصطناعي للمعوقين ويعمل فيها 250متفرغا" وعشرات المتطوعين. نجحت "عامل" بالتمتع بحرية الحركة بين مختلف المناطق والحياء دون العتراض عليها من قبل المتحاربين وراء المتاريس ،فشكلت خرقا" نوعيا" للوضع السائد آنذاك والذي من سماته النقسام والفرز والتط يف بالنحياز لهذا الطرف أو ذاك دا خل ال صف الوا حد .و قد ل عب شباب الدفاع المدني دورا" هاما" في هذه المرحلة الصعبة. ا ستطاعت "عا مل" أن تطلق برا مج تنمو ية إلى جا نب برا مج الطوارئ ،فالحرب لم ت كن على كل الرا ضي اللبنان ية بالضا فة إلى فترات هد نة متقط عة في المنا طق ال ساخنة ،و هي حاضرة في مختلف محطات الحرب :إبان الغزو ال سرائيلي وحرب الج بل والضاح ية الجنوب ية وحرب "التحر ير واللغاء" و في المنط قة المحتلة في الجنوب من أ جل د عم الهالي وتعز يز صمودهم، مختر قة مرة جديدة وا قع الحتلل وانتز عت مو طئ قدم ي سمح بالتوا صل مع أهل نا في المنط قة المحتلة بالر غم من الضغوط والمضايقات ال تي تعرض ل ها العاملون في ها ،ك ما أن ها أر سلت عدة بعثات جر حى للعلج في الخارج )فرن سا ،الوليات المتحدة الميرك ية ،بلجي كا ،إيطال يا ،دولة الكويت( بلغ عددهم 1.012جريحا" وتركيب 400طرف اصطناعي لمعاقي الحرب بالتعاون مع الحكومة الهولندية كما ذكر سابقا" .ولقد تمكنا من خلل العمل النساني تصويب قرارات سياسية في أكثر من موقع.
/قراءة في التجربة 3
لقد وضعت "عامل" خلل سنوات الحرب خطة استراتيجية لنشاء مشاريع كبرى في أماكن مختلفة من لبنان من ضمن ها مشروع م ستشفى في حارة حر يك وأ خر في صور ومشروع مج مع تأه يل المعوقين في منطقة المصيطبة في بيروت. لقد استطعنا أن نقرن البرامج التنموية مع أعمال الطوارئ في المناطق الشعبية ،وإنشاء المزيد من الوحدات التنموية خاصة تلك المتعلقة بالنوع الجتماعي والشباب والقيام بنشاطات من شأنها زيادة الوعي التي تتمحور حول ثقافة الحقوق وبناء المواطن – النسان. "عامل" في مرحلة السلم الهلي :من الطوارئ والغاثة إلى الخدمات والتنمية إن مؤسسة عامل التي خرجت من الحرب كان همها الول تنظيم الصفوف بما يتلءم مع الحقبة الجديدة ،فتم إجراء دراسة تقويم للوضاع والمكانيات في المؤسسة ،ثم صياغة خطة استراتيجية للسنوات القادمة. هذا النتقال ،شأنه شأن كل المرا حل النتقال ية ،شكل مخا ضا" صعبا" اجتازته المؤ سسة بأقل قدر من الخسائر وأكبر قدر من التكيف مع متطلبات المرحلة القادمة. وفي ظل استيعاب هذا التوجه ،انطلقت "عامل" في برامج استراتيجية للسنوات القادمة مع برامج متخصصة تعتمد على التوجه التالي: - 1مشاريع الخدمات :صحية اجتماعية تأهيلية تربوية ،تستوجب تأمين اكتفاء ذاتي من خلل مساهمات رمزية للفراد والعائلت والمجتمع تحت شعار "خدمة أفضل ولكن بكلفة أقل" بالمقارنة مع القطاع الخاص. :التم كن من النتقال من ذهن ية الطوارئ والغا ثة والخدمات إلى رحاب - 2برامج تنموية التنمية ،والشراكة مع الناس ،وعبرهم وليس الحل محلهم. – 3الضلع الثالث في هذا التوجه الذي تعتمده "عامل" هو العمل على تعزيز ثقافة الحقوق المدنية في التعبير والصحة والتعليم والسكن والبيئة والغذاء والعمل ونطوير مفهوم التنمية التشاركية بدءا" بالمرأة والشباب والفئات المعرضة ،باتجاه بناء المواطن – النسان بمعزل عن الخيارات السياسية والثقافية. و من خلل ن فس المفهوم الجا مع الذي على أ ساسه تم انتخاب الهيئة الدار ية والمك تب التنفيذي والذي ي ضم قياد\ت وطن ية ومهن ية تش مل مختلف شرائح المجت مع اللبنا ني ،ن فس التو جه وع كس السياسة الفئوية السائدة تم تشكيل هيئة رعاية وطنية لمشروعي المستشفى في حارة حريك وصور ت ضم قيادات لبنان ية ممثلة لمع ظم أطياف المجت مع اللبنا ني .رافض ين ذهن ية الف كر النق سامي والفئوي. لقد برزت بعد الحرب الحاجة إلى إعادة تنظيم المؤسسة بما يتلءم مع متطلبات المرحلة القادمة. فجرى تنظ يم انتخابات لهيئة إدار ية جديدة في عام 1991في جو من المناف سة الحرة ب ين لئحتين. ل قد تراف قت عمل ية التنظ يم الداري والمالي )تكل يف شر كة تدق يق ومحا سبة لعادة تنظ يم الجهاز الداري والمالي واعتماد مستشار قانوني ينظم ممتلكات المؤسسة ويصوب قراراتها( بعد النتخابات مع أز مة داخل ية في "عا مل"،ح يث اعتبر ها الب عض خروجا^ من الز مة في ما اعتبر ها البعض الخر دخول^ في أزمة أكبر .هذا الرتباك الداري توقف بعد إجراء النتخابات في العام ،1993ح ين عال جت الهيئة الدار ية الجديدة الكث ير من الشوائب ،بالضا فة إلى إقرار نظام مالي ونظام عمل في المؤسسة أقرته وزارة العمل وإعداد مشروع نظام داخلي معدل أقرته الهيئة العامة و هو يرا عي وا قع المؤ سسة وتطور ها ،إل أن وزارة الداخل ية لم توا فق عل يه ح تى الن .أ ما في ما /قراءة في التجربة 4
يتعلق بالموارد المال ية ل ـ "عا مل" فإن ها تودع في الم صرف الذي هو بمثا بة المرا قب .ك ما أن التنظيم الداري والمالي تشرف عليه "شركة تدقيق ومحاسبة ) (Auditمحلفة. إن "عا مل" في تلك الفترة كا نت ت ضم 27مركزا" ت ستحوذ على 85نشا طا" صحيا"، اجتماعيا^ وتربويا^ ،منتشرة من أقا صي البقاع ) في الهر مل( إلى أقا صي الجنوب الشر قي ) في الخيام( ،أي ينتشر القسم الكبر منها في أطراف البلد والمناطق الريفية التي عانت تاريخيا" من سياسات الهمال من قبل الحكومات المتعاقبة. ل قد أشار تقر ير الهيئة الدار ية عام 1993إلى صعوبة ت طبيق نظام الع مل وعدم تم كن الدارة من القيام بممار سة رقا بة فعل ية منظ مة ودائ مة على سير الع مل الداري في مختلف المرا كز .يضاف إلى ذلك صعوبات على م ستوى النشاطات ال صحية والتربو ية والتأه يل المه ني والعل مي ،في الو قت الذي ين مو ف يه خطاب الرئا سة والهيئة الدار ية إلى التوجهات التنمو ية والتنسيق بين المنظمات الهلية والوزارات من أجل الهداف العامة ومن أجل تطوير مناهج العمل في التنمية المحلية والوطنية. إن موارنة التطور الفقي والعمودي تعتبر من أهم التحديات التي واجهتها المؤسسة .لقد لقت "عامل" خلل فترة الحرب شهرة واسعة على امتداد 15عاما^ ،عبر برامجها المختلفة ،إل أن هذه البرامج ،على أهميتها ،لم تنل الهتمام الكافي من المتابعة والرشفة والترقي التراكمي ،في ظل ظروف الحرب ال صعبة ووجود مرا كز "عا مل" في المنا طق ال ساخنة ح يث ت سود حالة الطوارئ بشكل عام. في مرحلة النتقال من الطوارئ والغا ثة إلى البرا مج التنمو ية ،واج هت "عا مل" تحديات مرحلة ال سلم الهلي ،فوض عت خ طة وقائ ية من عا" للنهيار ،ف مع ت ثبيت ال سلم وال ستقرار وجدت "عا مل" نف سها أمام خيار ين :إ ما النهيار الفعلي وإ ما ابتكار حلول بديلة من أ جل تأم ين تمو يل يجنب ها الم صير القا تم .ف تم اعتماد خ طة وقائ ية مؤل فة من شق ين :الول عنوا نه اعتماد سياسة الكتفاء الذا تي ،والثا ني عنوا نه التعاون مع القطاع الخاص ت حت شعار "أن سنة القطاع الخاص واحتراف القطاع النساني" .كما تم اعتماد خطة وقائية لدارة الكوارث بمحاولة النتقال من ذهنية ردة الفعل السائدة في مجتمعاتنا إلى ذهنية الفعل والتخطيط ،وعدم الكتفاء بروح النخوة والعفوية لدى الناس في الوقات ال صعبة .و قد ح فز على ذلك إدراك أن المعر كة م ستمرة مع العدو السرائيلي طالما بقي محتل" لرضنا ومهددا" لمننا الوطني. ل قد اعتمدت "عامل" خطة استرتيجية للتدخل من أجل التغيير على الصعيد القطا عي ) المرأة، الطفل ،الشباب ،الصحة ،المعوقين ...الخ( معتبرة أن المدخل البديهي للصلح على كل صعيد هو ال صلح ال سياسي والجتما عي ،ك ما أن ال من ال سياسي يب قى ه شا" إذا لم يترا فق مع ال من الجتما عي ،وبالتنم ية الريف ية بش كل خاص ،وإن لمؤ سسات المجت مع المد ني و من ضمن ها "عا مل" دورا" أ ساسيا" في بناء الموا طن -الن سان ،وإن التنم ية هي الطر يق ال ساسي لعادة العتبار للمجت مع والناس .لذلك يتو جب علي نا إعادة الن ظر في أولويات خيار الن مو المعت مد بح يث تع طى الولو ية ل حل المشكلت الجتماع ية ال كبيرة ،ول سيما التفاوتات ال ساسية ب ين الفقراء والغنياء، بين المدينة والريف ،بين الرجل والمرأة ،وأن تعالج مشكلت الشباب .وأن يتم العمل على تحسين نوع ية الخدمات المقد مة للمواطن ين ض من خ طة متكاملة يشارك في ها القطاع المد ني مع القطاع الخاص والحكومة وعلى قاعدة مشاركة الجميع في إدارة العملية التنموية ،عبر عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع.
/قراءة في التجربة 5
إن الخطة الستراتيجية تهدف إلى العمل على تعزيز ثقافة الحقوق ،عن طريق تنفيذ برامج ومشار يع تتمحور حول قضا يا رئي سية ها مة كحقوق المرأة وحقوق الط فل والهتمام بأوضاع الشباب وبالفئات المهمشة ...الخ. أي أن هدف "عا مل" ير مي إلى الم ساهمة في ر فع م ستوى الو عي لدى أعضاء في المجت مع المحلي )خا صة من فئة الشباب والن ساء( ل كي يتمكنوا من أن ي صبحوا مخطط ين فعلي ين لعمل ية التغيير وليس فقط مجرد منفذين أو مراقبين. ونظرا" للنقلة النوعية التي شهدتها المؤسسة من مرحلة الطوارئ والغاثة إلى مرحلة التنمية، أصبح التدريب للعاملين )تنمية الموارد البشرية( ضرورة .وتضمن التدريب موضوعات تحتاجها المؤ سسة ،م ثل الكفاءات الدار ية ،المحا سبة والتنظ يم المالي ،و سائل تنم ية العائدات المال ية، التخطيط للمشاريع ،كيفية تنفيذها وكتابة التقارير .هذا بالضافة إلى المحاسبة والتقويم حسب ما تقتض يه الحا جة .وأطل قت عدة برا مج" :مبادرة للحوار ب ين الشباب"" ،الجمع ية التعاون ية للتنم ية الريفية"" ،توفير مشغل لنتاج الصابون"" ،إطلق برنامج تنمية ريفية متكاملة" ،إنشاء "هيئة التنمية المناطقية" ومناطق العناية البيئية" ،برنامج التربية على حقوق النسان والمواطنة" ،برنامج الرشاد النفسي للسرى المحررين" ،وضع "استراتيجية عامة للتنمية بالتعاون مع الوزارات المعنية وبنى المجتمع المدني" .ولقد بلغ عدد المستفيدين من خدمات المؤسسة منذ تأسيسها العام 1979ولغاية نهاية عام 3.509.581) 2008مستفيدا"(. ومن بين أسباب استمرار وتطور تجربة "عامل" العتماد في مسيرتها على التوجهات التالية: "إن العالم ليفسح الطريق لي امرئ يعرف طريقه جيدا" " )قواعد للسلوك(: ديفيد ستار جورون
.1اللتزام بخيارات وطن ية وقوم ية وإن سانية وعدم الضياع في التفا صيل ك ما يح صل غالبا" في مجتمعاتنا.. .2إن عمل ية التغي ير تحتاج إلى ا ستراتيجية واض حة تن فذ على مرا حل مع إقران القول بالفعل. .3إن الصلح الجتماعي بحاجة إلى مصلحين يلعبون دور النموذج. .4إن الممارسة الصحيحة لها مكان في كل الظروف وتوفر الحماية الذاتية. .5اعتماد شعار" :التفكير اليجابي والتفاؤل المستمر"" – .إذا كان الكل ينتقد فمن يبني؟" .6التعا طي بطري قة مهن ية وإبراز الجوا نب اليجاب ية لدى العامل ين والع مل على تطويرها. .7لعب دور قيادي في صفوف منظمات المجتمع المدني. .8رفض ذهنية الشللية والعصبيات وخلق جو من التواصل المستمر. .9اعتبار النسان الهدف والمحرك في كل أمر. .10من ينتسب لـ "عامل" يستمر معها ،وإن وجود كوادر نوعية يؤمن برامج جيدة..
/قراءة في التجربة 6
* خلصة وتحليل للتجربة" :نجاح الثورة بتراكم الشرارات". الملحظ أن مجتمعاتنا لم تتعود حتى الن على العمل الجماعي ،إنما يبقى دور الشخص هو المهيمن .وعندما نتحدث عن السلطة ،أي سلطة ،يتبادر إلى الذهن البطش والتكسير ،القمع والتسلط .فالعقلية التي تغلف البيئة الجتماعية هي عقلية زجرية ،والعلقات الزجرية في المجتمع موجودة في العائلة وفي المدرسة حيث تشكل السرة والمدرسة نظام السلطة الخفي وتنقل اليديولوجية السائدة ،حيث يطغى على السلوك العام ،طابع المصلحة الفردية أو العائلية أو المناطقية أو الحزبية أو الطائفية ...إننا نتحرك كجماعات ،ونتهيب مخالفة ما هو سائد ،ول يتجرأ الكثيرون منا على إبداء رأي مخالف عن المجموعة "القطيع" ،في الوقت الذي نمارس فيه عملية تعظيم الذات وادعاء العفة والطهارة وتصوير الخر باعتباره المشكلة ،وتحميل أوزار سوء الداء للخرين ،حيث تلقى المسؤولية في الفشل عليهم ويعزى النجاح إلى الذات وحدها .فيما كل مشكلة سببها الخارج .هذه الثقافة المأزومة أذكاها المناخ العالمي السائد الذي حول كل شيء إلى سلعة ،مولدا" حالة من اليأس والنانية المفرطة اللذين عززا مشاعر التحلل من القيم الخلقية والسلوكية والنسانية ،وأضعفا الهمية العتبارية لمفهوم الوطن والجماعة الكبيرة ،التي هي أبعد من الطائفة والعائلة والمنطقة.1 ف في ضوء معرفت نا للذهن ية ال سائدة في مجتمع نا ،و من خلل الدراك الفعلي للمعطيات الميدان ية ،كا نت ولدة مؤ سسة عا مل ودوام ا ستمرارها وتطور ها وف قا" لنبضات هذا الوا قع وتحدياته ،مما جعل "عامل" ،وعبر المحن والصعوبات تلعب دورا" أساسيا" في المجال النساني والوطني. ولن "عا مل" هي "اب نة" مجتمع ها وتع تبر أن المآل الذي و صلت إل يه أحوال نا ،له أ ساس ثقا في تنويري وليس فقط سياسي أيديولوجي ،فزاوجت بين خطها الستراتيجي الطامح إلى قيام مجتمع حديث متطور ،وبين الواقع الفعلي على الرض المليء بعناصر التأزم والتخلف والرتجال. إن بناء ج سر صالح للعبور فوق هذه الهوة الشا سعة ،الفا صلة ب ين الوا قع والحلم ،هو من أصعب المهمات .فكيف إذا كان المطلوب إقامة جسر ل ينكسر عند أول هبة ريح عاتية تأتي من هنا أو من هناك؟ إن ال سؤال ال صعب لماذا ق يhض ل ـ "عا مل" أن تتم تع بحر ية الحر كة على جبهات متحار بة، يك من في تمو ضع قيادت ها فوق الج سر الذي رآه الجم يع من أ سفل الهوة .لذا ف تح الجم يع نوافذ هم وأبواب هم لمجمو عة لبنان ية لم تع طب الحرب روح ها ،والعاملة على بل سمة الجراح والبقاء على خيط المل بإعادة التواصل بين أجزاء الوطن المبعثرة. هذه هي في الع مق فل سفة النجاز الذي حقق ته "عا مل" في أك ثر ال ساحات ا ستعصاء على النجاز :ساحة المواطنة ،أي ساحة الحلم اللبناني الذي لم يتحقق بعد. إن تجربة مؤسسة عامل استطاعت بالضافة إلى أدائها في دائرة اختصاصها ،وتعاون جميع الطراف معها ،كانت تشهد نشاطات وإرهاصات داخلية على الصعيد التنظيمي ل تقل أهمية من ح يث دللت ها .فح ين اقت ضت الضرورة ب عد الحرب ،أي ب عد زوال الظروف ال ستثنائية ،إعادة النظر في تركيبة المؤسسة التنظيمية ،انطلقت ورشة التحضير لنتخابات الهيئة الدارية والمكتب التنفيذي عبر ور شة تجري في بلد خارج من حرب أهل ية .ل قد تم خوض سلسلة من النقاشات والجدالت والتجاذبات بقيت كلها تحت سقف الممارسة الديمقراطية .وحين أجريت النتخابات كان هناك لئ حة ب ين أعضاء يملكون حيثيات مختل فة على صعيد النتماء والرؤ ية ال سياسية والصلحية ،تقابلها لئحة منافسة من أعضاء آخرين في المؤسسة .وإن الهيئة الدارية المنتخبة 1أنظر كتاب الدكتور مصطفى حجازي" :التخلف الجتماعي".
/قراءة في التجربة 7
حر صت على ا ستمرارية الع مل مع كل الكوادر ،مع مراعاة شروط المرحلة النتقال ية .هكذا ا ستطاعت المؤ سسة أن تخلع رداء الطوارئ والدفاع المد ني لتل بس رداء الع مل التنموي بأ قل قدر من الخسائر وبأكبر قدر من المحافظة على الكادر البشري .أما الذين اضطرتهم ظروف المرحلة الجديدة إلى النقطاع عن الع مل المبا شر دا خل المؤ سسة ،ف قد ظلت الهيئة الدار ية على توا صل دائم معهم تنفيذا" لشعار "إن من يدخل إلى المؤسسة يستمر معها". بهذه "الذهن ية الهجوم ية" دخلت المؤ سسة إلى مرحلة ما ب عد الحرب .و قد فر ضت المرحلة النتقال ية القيام بب عض الخطوات ذات الطا بع التنظي مي .فبالضا فة إلى ور شة النتخابات ،أقي مت ورشة تقويم تجربة عامل عبر خبراء مشهود لهم بالكفاءة من خارج المؤسسة ومن ثم إعداد خطة إ ستراتيجية لل سنوات القاد مة بالتعاون مع مؤ سسة البحوث والدرا سات ال ستشارية ،ك ما أقي مت ورشة لتنظيم حسابات وميزانيات المؤسسة ،أسند الشراف عليها إلى مؤسسة متخصصة في هذا الشأن )مؤ سسة ع بد البا قي( .و قد قا مت هذه الخيرة بدرا سة شاملة لوضاع المؤ سسة المال ية واقتر حت على أ ساسها نظا ما" متطورا" على هذا ال صعيد .ك ما ع هد إلى الم ستشار القانو ني للمؤسسة الشراف على تنظيم موجوداتها. لقد استطاعت "عامل" أن تستمر وأن تتطور ،مع العلم أنها ليست كمعظم الهيئات الهلية التي عادة ما تكون على علقة مع جهة دولية أو حزب في السلطة أو طائفة أو زعيم كبير ...الخ .إل أن مؤ سسة عا مل ،وال تي تأ سست في أعقاب الغزو ال سرائيلي عام ،1978في إطار أحزاب الحر كة الوطن ية اللبنان ية وتحديدا" ض من أكثر ها راديكال ية ،كان من المنت ظر أن ينت هي دور ها مباشرة ب عد الغزو ال سرائيلي في العام 1982ح ين غادرت قيادة منظ مة التحر ير الفل سطينية إلى تونس وانكفأت الحزاب الوطنية .لكن الذي حصل كان عكس ذلك ،فقد استمرت "عامل" فاعلة في المياد ين ال صحية والجتماع ية والتربو ية والتنمو ية والمدن ية عبر مراكز ها المنتشرة في المنا طق الشعب ية .وكان دور ها أ ساسيا" في التن سيق ب ين الجمعيات في لبنان عبر "تج مع الهيئات الهل ية التطوع ية" و"ملت قى الهيئات الن سانية" وشبكات ب نى المجت مع المد ني وأ طر التعاون مع القطاع ين العام والخاص والمنظمات الدولية. إن التحدي الكبر أمام الهيئات غير الحكومية ومختلف بنى المجتمع المدني ،من وجهة نظر مؤسسة عامل ،هو في كيفية انتظام عملها على أساس مفاهيم معاصرة وعلقات تنتمي إلى عصر الدولة الحديثة ،وتستند إلى معايير المواطنة والمشاركة الطوعية والنتظام على أساس الخيارات الفكرية والجماعية والمهنية ...الخ ،أي كشف التباسات العلقة بين المجتمع التقليدي والمجتمع المدني الحديث .فتكوينات المجتمع المدني الحديث تعبر عن مصالح جماعات وفئات قد تتنافى أو تتعارض ،غير أن الذي يجمع بينها هو اعتمادها معايير "إنجازية" ،ل معايير "ارثية" تقليدية ،وهي مبدئيا" مستقلة عن السيطرة المباشرة لجهاز الدولة .وبتكاثر منظمات المجتمع المدني وفعاليتها يتوفر بديل" وظيفيا" مقبول" من الناس يحل محل التكوينات الرثية التقليدية )المذهبية والطائفية والعشائرية (..ويؤدي ذلك إلى تقوية الولء لهذا البديل وإضعاف الولء للثانية .إنها خطوات ضرورية على طريق بناء الدولة المدنية والمواطن النسان بمعزل عن النتماء السياسي أو الثقافي. و في هذا ال سياق اعتمدت مؤ سسة عا مل ،و في إطار الع مل على انتشال نا من الوا قع ال صعب الذي نعيشه وكردة فعل غاضبة على واقعنا المأزوم ،و في ضوء التجربة الطويلة عبر المؤسسة والشبكات المحلية والعربية والدولية ،التوجهات التالية: – 1ر فع شعار "التفك ير اليجا بي والتفاؤل الم ستمر" في مواج هة شعار "الهدم على يدي ول البناء على يد الغير". /قراءة في التجربة 8
– 2اعتماد خطة الثلث ميمات :مبدأ ،موقف ،ممارسة ،أي "فكر وقول وعمل" .فالبعض منا لديه مبدأ ،ولكن ل ينسجم مع الموقف أو الممارسة ،والبعض الخر لديه ممارسة جيدة ،ولكن غ ير ملتزم جد يا" بمبدأ .بين ما المطلوب أن ين سجم المبدأ مع المو قف و مع الممار سة .أي ك ما يقول نيلسون مانديل "إذا ما توفرت الرؤية مع التطبيق العملي ،فباستطاعتنا أن نغير العالم". – 3ك ما أن طري قة الع مل مع ال صدقاء والمحايد ين والخ صوم الموجودون في المجت مع، اعتمدنا الخطة التالية :توثيق العلقة مع الصدقاء والعمل على تحويل المحايدين إلى أصدقاء وال سعي إلى تحي يد الخ صام .أي الع مل ع كس الثقا فة ال سائدة في مجتمعات نا ،إذ أن نا نختلف حول القليل الذي يفرقنا ونهمل الكثير الذي يجمعنا. إن بناء ج سر صالح للعبور فوق هذه الهوة الشا سعة ،الفا صلة ب ين الوا قع والحلم ،هو من أصعب المهمات .فكيف إذا كان المطلوب إقامة جسر ل ينكسر عند أول هبة ريح عاتية تأتي من هنا أو من هناك؟ هذه ب عض نماذج من م سيرة طويلة قطعت ها مؤ سسة عا مل .ل كن ال صورة تب قى ناق صة إن لم تتضمن بعض المعايير التي حكمت سلوك القيادة في تعاملها مع الوقائع والحداث ،منها: أول" -الن ظر دائ ما" إلى المور من عدة زوا يا في و قت وا حد .أي رؤ ية الشياء في الفضاء كما هي في الواقع ،وليس على سطح متخيhل ،ورفض ثقافة السود أو البيض ،أي قياس الشياء ببعد واحد ،فيما الحقيقة ليست كذلك. ثانيا" -سلكت القيادة طريق التعاطي المباشر ،المبسhط ،والمكشوف مع المهمات اليومية ،بحيث لم يشعر أحد من العاملين في المؤسسة بوجود أسرار أو قطب مخفية في أعمالها ونشاطاتها .هذا ال سلوك ع كس در جة عال ية من العلن ية والشفاف ية و هو مقياس هام يع تد به في تقو يم ع مل المؤسسات. ثالثا" -لعبت القيادة دور المحرك " ،"Catalyseurالذي أدار محركات الخرين ثم تركها تعمل من تلقاء نف سها بالطا قة المتوفرة لدي ها .إن اكتشاف الطاقات الكام نة لدى الناس هي عمل ية جوهر ية ،ل كن توجيه ها والتم كن من توظيف ها في أعمال منا سبة هي فن يتطلب كفاءات عال ية. فعندما يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب تظهر النجازات في كل مكان. رابعا" -مارست القيادة أسلوب العمل الجماعي معتمدة على ثقافة الحوار بدل" من ثقافة الملء معتمدة شعار" :السلطة حيث تؤثر ل حيث تأمر" .وكانت "درجة التعاون" و "مستوى النشاط" هما المعياران الموضوعيان لنجاح القيادة في ل عب دور "الماي سترو" أمام مجمو عة العازف ين في المؤسسة .هكذا أسمعت "عامل" الجميع لحنا" واحدا" عالي التنسيق واليقاع. خامسا" -وض عت "عا مل" سقفا" عال يا" لتوقعات الناس حيال الخلف ية المبدئ ية والفكر ية لكوادر ها وقيادات ها .هذا ال مر أدى إلى ر فع در جة التطلب من ها ،وإلى مزاو جة ناج حة ب ين نخبو ية قياد ية والواقع الشعبي الذي تتحرك وتعمل في وسطه .كما أدى إلى خلق ثقة متبادلة بينها وبين جمهورها المتنوع ،مبنية على الصدق والستقامة والتفاني من أجل المثل النسانية العليا. هكذا جم عت "عا مل" ب ين ق ساوة الوا قع ورومن سية الحلم ،محولة "كثيرا" من الق بح إلى ب عض من الجمال في لوحة طبيعية لم تكتمل ألوانها بعد. ل كن بر يق النجاز ل يع ني عدم وجود إخفاقات .ومؤ سسة عا مل شأن ها شأن المؤ سسات الخرى عا شت تجر بة غن ية ب كل أنواع الدروس .وبدل^ من أن ت سقط بف عل الثقال والحمال ا ستطاعت أن تب قى وت ستمر .ل كن هذا ل يع ني أن الو ضع كان دائما^ مثاليا^ .فالمؤ سسة تعر ضت
/قراءة في التجربة 9
لزمات عديدة ،من ها :ما كان ل سباب داخل ية تتعلق بالكادر البشري والتنظ يم ،ومن ها ما كان لسباب خارجية تتعلق بالوضاع المنية والسياسية ،وبالطراف التي تعاملت معها المؤسسة. فم نذ مرحلة التأ سيس خا ضت قيادة المؤ سسة معر كة ثقا فة الحوار البناء وتوز يع الدوار ل ثقا فة الملء .ول قد أثب تت الحداث صحة هذه النظرة م ما أدى ذلك إلى انفتاح آفاق وا سعة أمام عمل ها كإحدى مؤ سسات القطاع المد ني .ل كن "عا مل" لم تنفلت يو ما" من التزام ها الوط ني والن ساني ،و ما كان لتولي فة من هذا النوع أن تن جح ،لو لم ت كن لدى القيادة الرؤ ية ال تي فر ضت حضورا" مقنعا" على الجميع. هذا ال مر يع يد تذكير نا بأن فن القيادة ل يمارس "بو صفة إدار ية" بإمكان أي كان أن يت بع تعليماتها .إن أمرا^ كهذا قد ينجح في الدارات الموضعية ،لكنه ل ين جح في المؤسسات المفتو حة على شتى أنواع العلقات المركبة ،من حيث المستويات )المحلي والقليمي والدولي( ،ومن حيث المجالت )الصحي والجتماعي والنمائي...إلخ( .هنا يحتاج المر إلى أكثر من وصفة )وهو ما سارت عل يه "عا مل" من خلل شعار الميمات الثلث :مبدأ -مو قف -ممار سة( .وبالمقار نة فإن القيادة تبنى في معظم الحيان على عنصري الهيبة والقوة )بالعامية "الوهرة"( ،في حين تبنى في مجال الع مل المد ني والن ساني على الع كس تماما :التعا طف الممزوج بد فء العلقات والمهن ية العالية .ويكون الهدف الرتقاء بالمجتمع إلى العلى. إن كل الخطاء والزمات التي رافقت مؤسسة عامل طوال مسيرتها ،أمكن تخطيها بفضل صمامات المان التي ذكرناها .لكن أهم صمام أمان حافظت عليه قيادة "عامل" كان :النقد الذاتي غ ير الموارب .أي الن قد الذي ل ي ستبطن ال تبرير ،ول يطلق الدخان من أ جل ح جب الرؤ ية .بل ذاك الذي ي ستوجب إعادة الن ظر في المور ،والترا جع ح ين تد عو الحا جة ،والتعلم دائما^ من الخطاء .فحين فشل مشروع المستشفى في حارة حريك تم التراجع عنه لمصلحة مشروع آخر. وح ين وق عت الز مة التنظيم ية في بدا ية مرحلة ال سلم شهدت المؤ سسة نقاشات حام ية وتعر ضت لعملية نقد ومساءلة مفتوحة شارك فيها الجميع بمن فيهم أعضاء القيادة .نتج عن ذلك مد المؤسسة بدم جديد لمرحلة جديدة. إن الث قة ال تي أبدت ها قيادة المؤ سسة بتجربت ها و صواب رؤيت ها ،وفرت ل ها ال سس الموضوعية للتعامل مع مؤسسات عريقة تمثل الغرب المتطور .هذه "العلقة الندية" قلما نجد لها مثيل^ بين مؤسسات تنتمي إلى العالم الثالث .فموازين القوى ل تسمح ببناء علقات من هذا النوع. لذا فإن التعاطي الواقعي الممكن مع مؤسسات الغرب كان يراوح دائما^ ما بين المقاطعة والنبذ ،أو التلقي السلبي. إن مكا نة "عا مل" الحال ية ب ين مختلف المؤ سسات -المحل ية والقليم ية والدول ية -مبن ية على العامل الثقافي الذي يصحح إلى حد كبير موازين القوى .وليس أدل على ذلك من توجه أهم منظمات المجت مع المد ني الغر بي إلى التعاون مع مؤ سسة عا مل بالر غم من أن ها ل تم ثل حيث ية سياسية أو طائف ية يم كن ال ستفادة من ها في المشار يع المطرو حة .هذه الحقائق هي مدعاة ف خر للعاملين في المؤسسة ،لكنها ليست مدعاة زهو .فالواقع اللبناني )والعربي استطرادا^( مازال بعيدا عن ال حد الد نى المقبول من الن ضج والتطور على جم يع ال صعد .ك ما أن كل نشاطات المجت مع الهلي )أو المد ني( لن تك في لزحز حة قطار التطور هذا إن لم تتو فر الرادة ال سياسية ال تي هي مفتاح التغيير في المنطقة ،علما^ أن شعوبنا ممنوعة من إقامة ولو "سوق عربية مشتركة" كنوع من أنواع التعاون في ع صر العول مة ،ك ما تف عل با قي شعوب الرض .إن صورة كهذه حر ية بأن تستولد الحباط واليأس .فجهود عشرات العاملين في القطاعات الهلية والمدنية ،يتم تبديدها عبر /قراءة في التجربة 10
سياسات قاصرة أو مرتهنة لمصالح دول كبرى .و"البحصات القليلة" التي تضعها المؤسسات غير الحكومية تحت خابية التنمية لكي تسندها ،تسحق عند أول رصاصة تطلق في حرب أهلية يشعلها فرقاء محليون ودوليون. إن مؤ سسة عا مل إذ ت ضع تجربت ها ب ين أيدي الرأي العام ،فإن ما تف عل ذلك من أ جل أن يستفاد منها إلى أقصى الحدود .وهي تكشف بذلك آليات استمراريتها ،وتحلل أسبابها ،مجازفة في ال سير فوق الخ يط الرف يع ،الفا صل ما ب ين النطباع الشخ صي والتحل يل الموضو عي ،ل كن ال مر يستحق المجازفة .إنها لحظة من لحظات التأمل في صفحات من تاريخ مكتوب بالعرق والدموع واللم .وإن "عا مل" لي ست سوى واحدة من جمعيات نذر العاملون في ها أنف سهم للع مل الوط ني والنساني تحقيقا^ لمبادئ وأفكار يؤمنون بها ،على طريق بناء الدولة المدنية والمواطن – النسان بمعزل عن النتماء السياسي أو الثقافي. دروس وعبر من وحي التجربة:"لقد التزمت "عامل" منذ تأسيسها مقولة جبران خليل جبران ول تزال تسير على هديها حتى الن و هي القائلة" :إن الحياة ظل مة ح قا" إل ح يث يكون الحا فز ،و كل حا فز أع مى إل إذا اقترن بالمعرفة ،وكل معرفة هباء إل إذا تحولت عمل" "... إن كتابة تجربة مؤسسة عامل مفيد بحد ذاته ،إذ يؤرخ لمرحلة شارك فيها عشرات بل مئات من الكوادر والناشطين والناشطات في عمل وطني وإنساني وإحاطة دافئة من الصدقاء والمشجعين. لقد قدمت "عامل" خلل هذه المسيرة عددا" من الشهداء والجرحى والمعاقين سقطوا وهم يقومون بواجبهم النساني قرب خطوط التماس وفي أماكن القصف المختلفة فجسدوا أسمى آيات الخلص والتفاني والتضحية في سبيل النسان والوطن. وإن ذلك ينطبق على معظم الجمعيات الهلية خلل سنوات الحرب والسلم والتي تعتبر دليل" على أهم ية دور المجت مع المد ني في لبنان سواء عبر التقديمات ال تي قا مت ب ها هذه المؤ سسات على مستوى الغاثة والطوارئ أو الخدمات والبرامج التنموية أو عبر بقاء بعضها كرمز للسلم الهلي أو حتى عبر محاولة صيانة هذه المؤسسات لدور الدولة )ما يحصل عادة هو عكس ذلك(. إل أن ما يجدر اللتفات إل يه في ح قل ال ستفادة من تجارب نا في نجاحات ها وإخفاقات ها ،قد تش كل مؤ سسة عا مل نموذ جا" معي نا" يح سن التفك ير ف يه ب سبب ال صعوبات ال تي اعترضن ها والظروف القاسية التي واكبتها وتمكنت من تجاوزها ،فاستمر حضورها وتعزز دورها بالرغم من الصعاب.
/قراءة في التجربة 11
رسـالة مؤسـسـة عــامل "إن ع ـامل" جمع ية مدن ية ،و هي مؤ سـسـة ذات منف عة عا مة بمو جب مر سـوم جمهوري ر قم 5832صـادر بت ـاريخ . 1994/08/10تأ سست في العام 1979ح ين كا نت الحرب تعصف بلبنان قتل" ودمارا" وتهجيرا". و قد جاء تأ سيس عا مل في أعقاب الغزو ال سرائيلي لجنوب لبنان ) ،(1978و ما أ صاب مدنه وقراه من تهجير ودمار ،وفي ظل تفاقم الوضاع القتصادية والجتماعية في لبنان ،والحاجة الملحة للمزيد من الطاقات البشرية ،لكي تعمل في خدمة الوطن والنسان ،فتوافقت مجموعة من الطباء والساتذة الجامعيين والصحافيين والخصائيين الجتماعيين ،على إنشائها مؤسسة شعارها "معا" من أجل الوطن والمواطن" ،ولقد تمكنت "مؤسسة عامل" خلل العشرين سنة الماضية من إقامة مشاريع في العديد من المناطق اللبنانية ،من أقاصي الشمال الشرقي في الهرمل إلى أقاصي الجنوب الشر قي في الخيام ،منجزة حوالي خم سة وثمان ين نشا طا" في مختلف المجالت) ،هذا فضل" عن معهد مهني تقني بإدارة معهد بيبلوس في الضاحية الجنوبية من بيروت ،ومشروع بيت حقوق الن سان في مب نى عا مل الرئي سي في الم صيطبة ،أ حد أحياء العا صمة بيروت ومشروع تعاون ية زراع ية في إطار برنا مج التنم ية الريف ية وإنشاء دار للم سنين ومر كز لعلج المراض العصبية والنفسية في منطقة صور( والمؤ سسة ع ضو في المجلس القت صادي الجتما عي لل مم المتحدة Ecosocبال صفة الخاصة الستشارية منذ عام .2001 و هي أي ضا" ع ضو مؤ سـس في "تج مع الهيئات الهل ية التطوع ية في لبنان" ،في "المجلس الدولي للجمعيات التطوع ية" ،ول ها علقات شرا كة مع عدة جمعيات وشبكات ومنظمات ،م ـنها: منظ مة ال صحة العالم ية ،برنا مج ال مم المتحدة النمائي ،المفوض ية العل يا للجئ ين والتحاد الورو بي ...الخ .و قد حاز رئي سها على أو سمة عدة من ها :و سام الرز الوط ني من رئ يس الجمهور ية اللبنان ية ،و سام جو قة الشرف الفرن سي من رئ يس الجمهور ية الفرن سية جاك شيراك، ودرع نقابة الطباء في لبنان ...الخ. * الهداف تعمل مؤسسة عامل على : - 1توف ير ال حق للجم يع في الت عبير ،ال صحة ،التعل يم ،ال سكن ،الع مل ،الغذاء ،البيئة ال سليمة، بمعزل عن الجنس والعقيدة والدين. - 2تمك ين الفئات المهم شة للمشار كة في العمل ية التنمو ية وتشج يع المبادرات المحل ية والتقو يم المستمر للبرامج وتصويبها بما يتلءم مع حاجات الناس وتطلعاتهم. - 3إشراك النساء في الستراتيجية التنموية للمؤسسة وتعزيز دورهن الريادي في المجتمع. - 4إشراك الشباب في البرا مج التنمو ية ،خا صة التعليم ية والتدريب ية من ها ،وتأهيل هم لتح مل المسؤوليات القيادية مستقبل". - 5تعز يز التن سيق مع الهيئات الهلية ،محل يا" ،إقليميا" وعالميا" ،والشرا كة مع القطاع ين العام والخاص في البرمجة والتخطيط والتنفيذ ،من أجل تنمية مستدامة.
/قراءة في التجربة 12
* النجازات واج هت "عا مل" ال صعاب بمختلف الو سائل ل كي ت صمد وت ستمر ول كي يب قى نهج ـها كمؤسسة .فقد تمكنت منذ العام 1979بفضل جهود كوادرها وأصدقائها من إقامة برامج صحية واجتماعية وتربوية عبر 27مركزا" بالضافة إلى جهاز دفاع مدني مزود بـ 30سيارة إسعاف وإيفاد 1.012جريحا" للعلج في الخارج )فرنسا -الوليات المتحدة الميركية -إيطاليا -بلجيكا الكو يت( ،وترك يب 400طر فا" ا صطناعيا" لمبتوري العضاء )بالتعاون مع الحكو مةالهولند ية( ،فضل" عن مشار يع أخرى تطم ـح المؤ سسة إلى تنفيذ ها في المرحلة المقبلة ،من ضمنها مشروع زراعي تعاوني في منطقة معروب )الجنوب( وإنشاء دار للمسنين ومركز لعلج المراض العصبية والنفسية ومشروع بيت حقوق النسان في مبنى "عامل" الرئيسي في المصيطبة )بيروت( ،ومدرسة تمريض في مبنى "عامل" في حارة حريك في الضاحية الجنوبية من بيروت. * الوسائل الع مل بفعال ية أ كبر وبمواز نة أ قل وبمشار كة أو سع ،بالتعاون مع القطاع العام والقطاع الخاص عبر عقد اجتماعي يهدف إلى تحقيق شراكة ثلثية من أجل تعزيز إنسانية النسان ،وإلى تعبئة أفضل لقدرات المجتمع وإدارة أكثر رشادة لشؤون الحكم. * منهجية العمل :طابعها صحي اجتماعي تربوي تأهيلي ،مع تأمين اكتفاء ذاتي، - 1مشاريع خدماتية عبر مساهمات تضامنية رمزية من الفئات المستفيدة ،تحت شعار "خدمة أفضل بكلفة أقل". :تر مي إلى النتقال من الغا ثة والخد مة إلى التنم ية وإشراك - 2برامج تنموية الناس ،أ صحاب العل قة في تحد يد حاجات هم ،واختيار الخطوات المنا سبة من أ جل توف ير حلول ل هم .من خلل مشار كة في دينام ية التنم ية عبر تضا فر جهود القطاع العام والمجت مع لم ساعدة النسان ،كل إنسان ،على تحسين أوضاعه الحياتية من خلل خطة إنمائية متكاملة ومتناسقة. – 3تعز يز ثقا فة الحقوق المدن ية :في الت عبير وال صحة والتعل يم ...ومشار كة المرأة في الحياة العا مة والهتمام بالشباب والفئات المهم شة باتجاه بناء الموا طن – الن سان بمعزل عن الخيارات السياسية والثقافية. * التحديات إن المشكلة ال ساسية ال تي ت سهم في تفك يك الن سيج الجتما عي اللبنا ني وإضعاف قدرات المجتمع على التأثير في القرار ،تكمن في مناخ التصادم بين مكوناته ،في غياب الليات الحوارية التي تتيح إيجاد مخارج سليمة ومقبولة للمصالح المتعارضة ،دون تغليب كامل لطرف على آخر، فالتحدي يكمن في كيفية: .1النتقال من م ستوى الع مل في معال جة النتائج ،إلى م ستوى الع مل لمعال جة ال سباب ووضع الرؤى والتصورات ،إلى التخطيط والبرمجة للسياسة الجتماعية. .2تحديد الهدف من أي فعل اجتماعي. .3تطوير مفاهيم الديمقراطية في مؤسسات القطاع التطوعي ،فتكون هي القدوة والمحرك في المجت مع ،إر ساء iلمبادئ المشار كة والعتراف بال خر ولمفاه يم المواطن ية في الحقوق والواجبات. /قراءة في التجربة 13
.4بلورة آل ية شاملة تعالج الخلل النو عي القائم في المجت مع على م ستوى العلقات الكل ية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومن ضمنه الهيئات الهلية. * الرؤية اعتماد أسلوب يقوم على أساس أن الحقوق الساسية للمواطن هي حقوق نابعة من إنسانية الن سان ،من ح يث تمك ين الناس من التم تع بحقوق هم ،بمعزل عن خيارات هم ال سياسية والثقاف ية ، والتعاون مع مختلف الهيئات المعنية في العمل على: .1تأمين شراكة حقيقية بين "الدولة والقطاعين الخاص والهلي" ،في مرحلة يعاني لبنان فيها تفاقم الزمة المعيشية وإفقار الكثرية السـاحقة من أبنائه ،أي أن نقوم بخطوات ن حو ب ـناء إجماع وط ني حول فل سفة التنم ية الشاملة في لب ـنان و صياغة ع قد اجتما عي جد يد ب ين الدول ــة والمجت مع .و هو مفهوم الح كم ال صالح Good ،Governanceشريطة صياغة سياسات تمكjن من الربط بين النمو القتصادي وبين التنمية الجتماعية في ظل إدارة ذكية لهذه السياسات. .2تقوية المجتمع المدني وتنميته وإغناء مؤسساته وتعبئة طاقاته. .3تقوية الدولة ،لكن الدولة العادلة الناظمة لعلقات المجتمع والوازنة لقواه. .4ردم الهوة ب ين المجت مع والدولة وم صالحتهما ،بح يث تكون الدولة في خد مة المجت مع ويتمثل المجتمع في الدولة. – توجهات عامة – 1على صعيد القطاع التطوعي في لبنان: لكي يستطيع القطاع التطوعي لعب دور الشريك في التنمية ومطالبته لحكومة بالعتراف بهذا الدور يتطلب منه القيام بمراجعة نقدية لدائه وبرامجه ،والعمل على تعزيز الليات والممارسات الديمقراطية داخل المنظمات نفسها ،وبلورة رؤية استراتيجية عامة لدوره وليس حملت ظرفية ومؤقتة وغير مكتملة ،وإعطاء الولوية في عملها للتوجه للفئات الجتماعية الكثر عرضة والستجابة لمعطيات العمل القاعدي بدل الجنوح نحو إعطاء الولوية للتوجه نحو الجهات المانحة ،وعدم اقتصار عملها على التعامل مع نتائج المشكلت الصحية والجتماعية بل بذل الجهود الكافية للتعامل مع السباب. – 2على الصعيد اللبناني: لقد قادت السياسة المتبعة المجتمع اللبناني إلى مأزق اقتصادي ومأزق أخلقي ،وجعلت الديمقراطية التي يتم التغني بها هدفا" بعيد المنال ،وإن لبنان انسجاما" مع التجاهات المسيطرة في نسق العولمة القتصادية يعتمد سياسات تستجيب لمتطلبات العولمة والندماج في السوق دون الستناد إلى الولويات المتناسبة مع خصائص القتصاد اللبناني ،ومع المشكلت والزمات اللبنانية ،وهو بذلك يعتمد لمعالجة الزمة القتصادية ،نوع السياسات نفسها التي تسببت بالزمة، في حين أن متطلبات التنمية تتطلب مشاركة وتفاعل العناصر الفاعلة من خلل بلورة عقد اجتماعي من أجل التنمية يتيح مشاركة قوى المجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومة لوضع مشروع مستقبلي توافقي يحترم مصالح البلد الراهنة والمستقبلية. – 3على الصعيد العالمي: ل قد حدد برنا مج ال مم المتحدة النمائي مكونات للتنم ية البشر ية الم ستدامة ب ـ :الن صاف، النتاجية ،الستدامة والكونية ،إل أننا نشهد أكثر فأكثر اتساع صفوف المهمشين اجتماعيا" ،وتفاقم /قراءة في التجربة 14
مشاكل الفقر والتمييز الجتماعي والبطالة التي تمس المن الشخصي والمن القومي للمواطنين، وازدياد الهوة ب ين بلدان الشمال والجنوب ال تي تطرح ت ساؤلت كبيرة حول الجدوى القت صادية والجتماعية لمفاهيم التنمية وللنظام العالمي الجديد ،ولهداف اللفية الثالثة. إن سياسة اقت صاد ال سوق المعتمدة حال يا" ،وال تي تق ضي إضعاف الدور الجتما عي للدولة وإلى تعزيز الخصخصة ،تنسجم مع الخطط المحددة من قبل المؤسسات المالية العالمية ،والتي يعترف القيمون عليها بأنهم أخطأوا ،إل أنهم يواصلون القول بأن اقتصاد السوق غير المنظم يبقى الوحيد المم كن .في ضوء هذا الوا قع ي ستخلص تقر ير التنم ية البشر ية لعام 1994ال صادر عن برنا مج ال مم المتحدة النمائي" :ل يم كن لعالم نا أن يع يش ورب عه غ ني وثل ثة أربا عه فقراء ،ون صفه ديمقراطي والنصف الخر استبدادي ،وبه مساحة من التنمية البشرية تحيط بها صحارى شاسعة من الحرمان" فتحت عنوان العولمة قد مضى الوقت الذي كان يمكن فيه لي دولة أن تقبع داخل حدود ها ،وأن تن عم وحد ها بالرفاه ،وأن تترك غير ها لمواج هة المجا عة والف قر ،أو الرهاب ،أو التخلف ،وذلك لن واقع الثورة العلمية والتصالت ،قد تخطى واجتاح حواجز الزمان والمكان. ففي مواجهة "العولمة القتصادية" ونتائجها المدمرة على مستوى الكوكب ،يتوجب على دول العالم الثالث وب نى المجت مع المد ني ،الشمال ية والجنوب ية ،بناء التحالف العال مي من أ جل عول مة بديلة، "عولمة إنسانية" أو "عولمة التضامن" ،أي "مستقبل واحد لعالم واحد". رؤية للمستقبل في لبنان والعالم العربي التنمية تمر عبر بناء الدولة المدنية وبناء المواطن – النسان ل يزال العالم العر بي ي صنف في الع قد الول من القرن الحادي والعشر ين في خا نة الدول النامية ،وهو التعبير الملطف للدول المتخلفة ،كما ل تزال التقارير الدولية تشدد على إدراجه في خا نة المنا طق المنكو بة ،لم تش فع سياسات التحد يث والتنم ية ح تى الن في إدخاله في الع صر الحديث ،كما لم تتمكن تطورات العولمة والتقدم والتكنولوجيا من انتشاله من بؤرة التخلف المتعدد الجوانب .يطرح كثيرون في العالم العربي وخارجه أسئلة عن السباب التي حالت ول تزال دون انتقال العرب إلى الحدا ثة والتحد يث ومواك بة تطورات الز من المتقدم ،قيا سا" بأ مم ل تملك ال حد الدنى مما يملكه العرب من إمكانات وطاقات مادية .ولكنها أسئلة ليست لها إجابات. لقد وقعت الدول العربية على إعلن اللفية مع تحديد أهداف واضحة للحد من الفقر ،الجوع، المرض ،الم ية ،تلوث البيئة والتمي يز ضد المرأة وذلك بحلول العام .2015م ما يتر تب علي ها مجمو عة من اللتزامات تتر جم في أ طر ع مل أكدت على دور المجت مع المد ني و من ضم نه المنظمات الهل ية كقوة داف عة تل عب دورا" مه ما" في التحول ال سياسي والجتما عي وتعز يز ثقا فة المواطنة. إن الخروج من الواقع الحالي يقتضي اعتماد ركنين أساسيين هما: – 1الركن الول :دمقرطة التنمية: إن تحقيق التنمية الديمقراطية يتم من خلل :اقتصاد منتج ،وحفز الستثمارات ،والخروج من الفقر ،والقضاء على المية والبطالة ،والحد من الهجرة وتقليص الهوة بين المناطق أو بين الفئات الجتماعية واللحاق بالتطور الثقافي العالمي ،وهي جميعها تمثل تحديات أساسية لمستقبل المنطقة العربية ،ل يمكن تحقيقها إل من خلل دمقرطة التنمية التي تقوم على إشراك مختلف القوى والفئات الجتماعية ومن ضمنها بنى المجتمع المدني في تحديد السياسات والخيارات القتصادية والجتماعية والبشرية في العالم العربي ،المصنوعة محليا" والمقررة من الداخل ،ويحول دون /قراءة في التجربة 15
اتخاذ التنمية منحى" عموديا" سواء اجتماعيا" أم قطاعيا" أم مناطقيا" ،ولتحقيق ذلك علينا التعاون مع العالم الخارجي وفيما بيننا في العالم العربي والخروج من عقدة الخوف من الفرض والملء والدخول في علئق تشاركية وتفاعلية متكافئة. – 2الركن الثاني :تمكين المؤسسات الديمقراطية في العالم العربي: إن الركن الثاني في عملية تحقيق التنمية الديمقراطية الذي يمثل تحقيقه شرطا" الركن السابق، هو تمكين المؤسسات الديمقراطية في الدول العربية بتعزيز المشاركة السياسية وبناء دولة القانون والمؤسسات وتفعيل دور المواطن وإعادة تحديد علقته بالدولة وتقوية دور السلطة القضائية واستقلليتها ،والقضاء على الفساد ،وخلق آليات للشفافية والمساءلة واحترام دور السلطة التشريعية وعقلنة الثقافة السياسية وصون التعددية السياسية وضمان تداول السلطة وتوسيع مساحة الحرية ورقعة العمل للمجتمع المدني .كلها شروط أساسية لندفاع الدولة في طريق التنمية الديمقراطية نفسها. إن العالم العربي في أشد الحاجة اليوم إلى تثبيت هذين الركنين للنطلق في عملية تحقيق أهداف اللفية والنهوض المستقبلي حيث العالم يغدو أكثر تقاربا" وتداخل" وترابطا" وحيث ظاهرة التكتلت القليمية أو المقاربة باتت تمثل سمة القرن الجديد.،إن نظاما" عربيا" جديدا" يمثل ركنا "التنمية الديمقراطية" ،و"تمكين المؤسسات الديمقراطية" أبرز مقوماته ،هو القادر على تحقيق أهداف اللفية وعلى احتلل موقع في النظام العالمي الجديد الخذ في التكون. إن النطلق بر فع هذ ين الركن ين في العالم العر بي يتطلب إنجا حه أي ضا" إخراج هذه المنط قة من دوا مة الع نف والحروب والحتللت ال تي ا ستنزفت المنط قة ماد يا" وبشر يا" وحضار يا" على مدى عقود .إن الخروج من هذا الواقع الستنزافي يمثل مدخل" أساسيا" لتحقيق نهوضه.
/قراءة في التجربة 16