د. كامل مهنا أو عامل في "عامل": سيرة ناقصة لمؤسسة كاملة

Page 1

‫د‪ .‬كامل مهنا ‪ /‬أو عامل في "عامل"‪:‬‬ ‫سيرة ناقصة لمؤسسة كاملة‬

‫__________________________‬ ‫عبي‬ ‫بــــاشـــــا‬

‫ـــــــدو‬


‫ل يتبع د‪ .‬كامل مهنا قواعد التحليل النفسي الفرويدي في علقته بالخرين‪ .‬انه يستقبل ‪ .‬ولكنه‬ ‫ل يس اوم‪ .‬ل مبرر لد يه لتعذ يب الخر ين‪ .‬لطل ما ا ستقبل ملئ كة وشياط ين‪ .‬ملئ كة ملئ كة‬ ‫وشياط ين شياط ين‪ .‬لم يس تطع هؤلء ان يتغلبوا على ملئك ته ول شياطي نه‪ .‬ا نه من انص ار‬ ‫الحرية غير المؤذية والورع المحافظ في آن‪ .‬هذه اسبابه لكي يعين في حياته‪ ،‬هذه اسبابه لكي‬ ‫يبني حياة تستحق الحياة‪ .‬انه يستقبل‪ .‬بيد انه ل يساوم‪.‬رفع سلحه منذ سنوات بعيدة‪ .‬سلح‬ ‫اب يض بل سلح اب يض‪ .‬سلح بل قوة‪ .‬سوى قو ته على القتراب – خطوة خطوة – من‬ ‫المس تسلمين المنبطح ين على بطون هم ‪ ،‬الواضع ين ايدي هم على نقرات هم‪ ،‬ل كي يرفع هم عن‬ ‫الرض الى زوارق هجومهم الجديدة‪ .‬ل يتصور هرب أحد‪ .‬لنه ل يهرب‪ .‬واذا روى‪ ،‬يروي‬ ‫لكي ل يخرج من عقله‪ .‬لن الرجل البارد بأقصى البرودة‪ ،‬لن الرجل الحار باقصى الحرارة‬ ‫ بحسب الوضع والوضعية‪ -‬ل تنقصه الحنكة‪ .‬ولو نقصه الحظ‪ .‬يروي ما ل يبارز به‪ .‬هكذا‬‫يب قى حيا‪ L‬ويب قي الخرين أحياء‪ .‬انه قبطان سفينة لم تغرق‪ .‬لنه دفع دائما‪ L‬بما يمليه الشرف‪،‬‬ ‫ل كي يس تمر ابحار الس فينة‪ .‬لن يحت قر احدا‪ :L‬ح تى من ي ظن أ نه عدوه ‪ .‬نظ يف وبس يط‪.‬هكذا‬ ‫رأي ته‪ .‬هكذا أراه‪ .‬هكذا سأراه دائما‪ .L‬لذا‪ :‬لن يس لم مس افريه فوق سفينته‪ ،‬ولن يس لم المبحر ين‬ ‫اليها بقوارب النجاة‪ ،‬لن يسلمهم رواية – فدية‪ .‬طالما أنه رفض ان تضحي الفدية مفردة لغوية‬ ‫في معجمه‪ .‬لن يروي ال باصرار الخرين عليه‪ .‬أنا ‪ :‬أصريت‪ .‬لم يرو اول‪ .L‬رفض ثانيا‪ .L‬ثم‬ ‫روى‪ ،‬ثالثا‪ .‬ر مى نثارا‪ ، L‬لم ال بث أن ط فت وراءه‪ ،‬ح تى هدا ني الى روا ية العشر ين مليون‬ ‫دولر أمير كي‪ .‬لن يروي للخر ين قص ة العشر ين مليون دولر‪ .‬عشرون مليونا‪ L‬على ط بق‬ ‫من فضة‪ .‬مدعاة سيلن لعاب الملئكة والشياطين‪ .‬وخصوصا‪ P‬الملئكة والشياطين على كتفيه‪.‬‬ ‫لم يس ل لعا به‪ .‬ولم يتردد‪ .‬ولو ا نه يع تبر‪ ،‬ولو ا نه اع تبر اليوم‪ ،‬ان الحكا ية هذه من ذكريا ته‬ ‫السيئة‪.‬‬

‫‪ / 2‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫جاءه احدهم‪ ،‬كما تجيء الشخصيات المقصوصة من الورق‪ .‬فتح يديه وكأنه يريد ان يستقبل‬ ‫بحرا‪ .‬اقترب و هو يردد اما مه‪ :‬يا حك يم هناك ‪ 20‬مليون دولر تنتظرك‪ :‬د هش د‪ .‬مه نا امام‬ ‫الهجوم المفاجىء‪ .‬د هش بله جة الر جل‪ ،‬د هش باندفا عه‪ ،‬د هش بحضوره الشيطا ني‪ .‬لم يطرق‬ ‫بابه‪ .‬اقتحم مكتبه بمحبته الطائرة على بساط العشرين مليون دولر‪ .‬ردد الرقم طويل‪ ،L‬قبل أن‬ ‫يفصح اكثر‪ :‬انه معجب بك‪ .‬رآك على شاشة التلفزيون‪ .‬طلب مني رئيسي ان ابلغك محبته‪ .‬ثم‬ ‫ان ابلغك دعوة خاصة لكي تسافر اليه وتلتقيه شخصيا‪ .‬جاءه احدهم‪ .‬لن يفصح د‪ .‬كامل مهنا‬ ‫عن هوي ته‪ .‬ول هو ية من ارد ا ستدعائه ل كي يمن حه‪ :‬عشرون مليون دولر امير كي بالتمام‬ ‫والكمال‪ .‬رئ يس دولة عرب ية‪ .‬لن يقول اك ثر‪ .‬لن يتفوه باك ثر من ذلك ولو ا ستعملت الشياط ين‬ ‫والملئ كة على حد سواء‪ .‬ا نه كتوم ب ما يتعلق بمهن ته كتمان المس دس الكا تم للص وت‪ .‬اشبع ته‬ ‫معرف ته باجواء الخر ين‪ .‬لن يضطرب من جراء ذلك‪ .‬لن تأخذه المس افات الى بلد وهم ية‪.‬‬ ‫ولن تأخذه الرقام الى مبالغ وهم ية‪ .‬ابل غه المتكلم ان رئ يس التحر ير في الص حيفة ال تي يع مل‬ ‫بها ابلغه بضرورة التصال‪ .‬اتصل به‪ ،‬قال‪ .‬وابلغه دعوة الرئيس العربي‪ .‬فهم رئيس التحرير‬ ‫ان اللقاء يتض من تس لم مبلغ العشر ين مليون دولر امير كي‪ .‬و هو رئ يس تحر ير من رؤو ساء‬ ‫تحرير بصلة استثنائية بالقيم القائم على النظام في بلد النظام‪.‬‬ ‫تابع رئيس الدولة د‪ .‬كامل مهنا على شاشة تلفزيون "المستقبل" في واحدة من مقابلته‪ .‬اعجب‬ ‫الرئ يس بتحليل ته وآرائه‪ .‬قرر ا ستضافته في بلده فوق سجادة العشر ين مليون دولر‪ .‬لم يبدر‬ ‫من ال طبيب المتمرس بال طب في سلطنة عمان وجمهور ية الي من الديمقراط ية والمخيمات‬ ‫الفلس طسنية واحزمة البؤس اللبنانية حول العاصمة‪ ،‬لم يبدر اي رد فعل‪ .‬انت ظر حا مل الدعوة‬ ‫رد ف عل ب قي حبيس صاحبه‪ .‬ش عر بأ نه خذل‪ .‬اذ انت ظر ردا‪ L‬حاميا‪ L‬او ردا‪ L‬عاطفيا‪ L‬او اعلن‬ ‫ش كر وامتنان‪ .‬ول ما لم يتل قف اي ش يء من الشياء هذه‪ :‬خذل‪ .‬خذله طبيب حركات التحرر‬ ‫العرب ية‪ ،‬طبيب المقاو مة الفلس طينية‪ ،‬طبيب الفقراء اللبناني ين‪ .‬ض حك الخ ير ضح كة ظن ها‬ ‫الول بيان قبول‪ .‬ذلك أن د‪ .‬مهنا – في الكثير من الحيان – يسلك سلوك اولد العائلت التي‬ ‫تربي اولدها على ايدي مربيات انكليزيات‪.‬‬ ‫ر غب سيء ال حظ بتأك يد نهائي‪ ،‬لم يطله‪ .‬اذ اجله د‪ .‬كا مل مه نا الى يوم آ خر بح جة ا ستشارة‬ ‫الزملء في عا مل‪ .‬ثم‪ :‬انت هت الزيارة بتبادل ارقام الهوا تف الخليو ية‪ .‬عر بة فاخرة محملة‬ ‫بالمؤن‪ .‬سوف يبدو المر هكذا للكثير ين بما ي خص الهبة المقتر حة‪ .‬ع ند د‪ .‬كامل مه نا‪ :‬ان ها‬ ‫لعبة من العاب الخيال‪ .‬غادر الرجل مكتبه في حين استلقى –هو‪ -‬على كنبة المكتب العريضة‬

‫‪ / 3‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫و قد اقتح مه شعور بالز هو المحمول بص رامة القوا عد‪ .‬لن يس لسل الخيرة ل كي ل يو قع‬ ‫السامعين في الروتين‪ .‬غير انه حسم المسألة منذ اللحظة الولى‪ :‬صحيح انه لن يجد كل يوم‬ ‫رئيس ا‪ L‬يدعوه الى زيار ته ل كي يمن حه عشر ين مليون دولر امير كي‪ .‬الص حيح ايضا‪ :L‬ان د‪.‬‬ ‫مهنا ليس جاهل‪ .L‬ليس رجل‪ L‬منهكا‪ L‬من رتابة الدوام‪ .‬ليس رجل‪ L‬مهول النضباط وليس رجل‬ ‫خوف مر ضي‪ .‬ا نه ر جل جلء‪ .‬ل طف مزا جه بل تب جح‪ .‬اذ لم يتل قف قط اطراء الر جل ول‬ ‫رئ يس تحريره ول رئ يس الدولة بحرفي ته‪ .‬و جد ان رؤو ساء الدول ا صحاب "اي غو" مرت فع‪.‬‬ ‫وجدهم نرسيسيين‪ .‬وجد انهم لن يتابعوا مقابلة بالكامل‪ .‬اخذ كامل بما اخذه‪ ،‬ليخلص الى جملة‬ ‫من النتائج‪ .‬تا بع الرئ يس بالص دفة المحض ة جزءا‪ L‬من الحوار‪ .‬لف تت الرئ يس اشياء في الجزء‬ ‫من الحوار هذا‪ .‬قلب‪Y‬ها على جوانبها‪ ،‬كما تقلب اسياخ الشواء‪ .‬عندها‪ :‬ضجت السئلة والجوبة‬ ‫في رأ سه‪ .‬ا حب الرئ يس شعارا‪ L‬في الحوار‪ .‬لن الرؤو ساء يميلون الى الشعارات‪ .‬ثم بح ثت‬ ‫عن شعار طرحته في حواري‪ .‬اخذني هذا الى الستحمام مرة ثانية في الحوار‪ .‬البرز‪ :‬اول‪:L‬‬ ‫ل ديمقراط ية من دون مشار كة المرأة ‪ .‬ثان يا‪ :‬العول مة القتص ادية معنا ها اتس اع الهوة ب ين‬ ‫الغنياء والفقراء‪ :‬الغنياء يزدادون غ نى والفقراء يزدادون فقرا‪ .L‬ثال ثا‪ :‬التنم ية تحتاج الى‬ ‫اعادة ن ظر في توز يع الثروات بتأم ين شرا كة حقيق ية ب ين الدولة والقطاع ين الخاص والهلي‪.‬‬ ‫رابعا‪ :L‬المجت مع المد ني هو الرائد في بناء و عي المجت مع‪ .‬ولك نه ل يس بديل‪ L‬عن الدولة‬ ‫الحاضنة‪ .‬خامس ا‪ :L‬اغناء المجتمع المدني بتقويته وبناء الدولة العادلة وردم الهوة بينهما‪ .‬بحيث‬ ‫تضحي الدولة في خدمة المجتمع حين تسمح الدولة بحضور المجتمع فيها‪.‬‬ ‫لم يستطع ان يقطع بالجابة ‪ .‬ولم تلمع كراهية حية في عينيه‪ .‬جل‪ Z‬ما حدث ان مظاهر المذلة‬ ‫لمعت على جبينه‪ .‬لمعت مظاهر المذلة وهو يسوح في خياله الى جبال رئيس الدولة الوعرة‪،‬‬ ‫قبل ان يدلف الى المنخفضات القصوى‪ ،‬اثر تسلمه ماله‪ .‬ما وجد الجو رقيقا‪ L‬ول العزلة هائلة‪.‬‬ ‫غير انه مال الى صوته الداخلي الحميم‪ ،‬صوت نسر عتيق‪ :‬ل لمبلغ الـ ‪ 20‬مليون دولر‪.‬‬ ‫لن ل قتال شجاع بعد ها‪ .‬ولن ل ف جر بعد ها‪ .‬ولن الرماة سيتكاثرون عل يه وعلى مؤ سسته‪.‬‬ ‫لن يس تسلم‪ .‬سيتابع القتال‪ .‬لن يأ كل احد هم احشاءه مشو ية‪ ،‬لن يأ كل ا حد قل به مشويا‪ .L‬لن من‬ ‫يمول هو من يقرر‪ .‬وداعا‪ L‬حينئذ لحرية العمل في المؤسسة‪ .‬وداعا‪ L‬للمؤسسة‪ .‬شجاعة عنيدة‬ ‫ا ستلهمها من تربي ته و من سنوات طويلة من التعا مل مع حروب العص ابات الدام ية والكمائن‬ ‫والمناوشات‪ .‬نمت بذرة شجاعة فيه‪ ،‬كبرت بذرة عنيدة فيه‪ ،‬لنه مدرب على ذلك ومسلح من‬ ‫أ جل ذلك وإن بل تمو ين كاف‪ .‬المبلغ عنده‪ :‬ق مة مثل جة‪ .‬سيدخل – ا ثر قبض ه‪ -‬في مرحلة‬ ‫نقص الوكسيجين‪ .‬عندها‪ :‬لن يكفيه قلبه ول رئتيه لبذل جهد يسمح له بالستمرار‪ .‬لن يأكل‬

‫‪ / 4‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الر جل لحما‪ L‬مرا‪ .‬لن يأ كل لحما‪ .L‬لم يأ كل ل حم أ حد بالحرب الهل ية‪ .‬ول بمواق عه الكثيرة‪ .‬لن‬ ‫يأكله الن‪.‬‬ ‫قاد د‪ .‬كا مل مه نا نفس ه الى فجره ا ثر رفض ه الس فر والمن حة المهولة‪ .‬تعزز الف جر وبا نت‬ ‫الوا نه اك ثر‪ ،‬اذ سمح جواب ا حد ا صدقائه ‪ ،‬ا ثر ا ستشارته له ‪ -‬ح يث دأب على ا ستشارة‬ ‫الخرين في القرارات المهمة‪-‬سمح له بالرتقاء اكثر‪ .‬وصفه صديقه بالحنبلي‪ .‬ثم ذكره بانه‬ ‫طالب مال‪ .‬اراد صديقه تسهيل المر عليه‪ :‬خذ المال وحافظ على استقللك واستقرار قرارك‪.‬‬ ‫غ ير أ نه صع‪Y‬بها عل يه‪ .‬روى له حكا ية تلك المرأة مع الر سول‪ .‬قالوا له‪ :‬ز نت وتص دقت‪.‬‬ ‫اجاب هم‪ :‬ليت ها ل ز نت ول تص دقت‪ .‬لطال ما اختار مياد ين معار كه بنفس ه‪ .‬لن يذ هب الى ميدان‬ ‫اختاره له الخرون‪ .‬وان اضطره المر‪ :‬سيحارب ببنادقه القديمة‪ .‬اخذ المال من رئيس دولة‬ ‫او نظام فعل زنى عندي‪ .‬المسألة محسومة‪ .‬هذا ما آمنت به دائما‪ .L‬لن اصبح من الزناة‪.‬‬ ‫سقطت – اثر ذلك – كل المحاولت‪ .‬اثر ذلك ‪ :‬حاول رئيس التحرير – بل واسطة ‪ -‬حاول‬ ‫ان يس تدرجه مرة ثان ية‪ .‬هات فه‪ .‬ا كد له أن جنا حه محجوز في الفندق كذا‪ .‬شكره‪ .‬ثم تملص‪.‬‬ ‫التقاه في مكت به ع ند عود ته الى بيروت‪ .‬ا ستعمل كل مس كناته ق بل ان يض عه في سياسة‬ ‫المؤسسة‪ .‬وهي مؤسسة مبنية على قواعد ديمقراطية‪ ،‬مبنية على قواعد الطاعة‪ .‬منشأة حيوية‬ ‫تر يد المس اهمة باخراج المواطن ين من ع نق الزجا جة الجتماع ية‪ .‬ر فض عر ضه‪ .‬تر جم ما‬ ‫انطوت عل يه بن ية المؤ سسة ثم و ضع نق طة على الس طر‪ .‬واذ ظن د‪ .‬كا مل مه نا ان القض ية‬ ‫انت هت ه نا‪ ،‬خاب ظ نه‪ ،‬ح ين اتص ل به رئ يس التحر ير من جد يد‪ :‬الرئ يس في دمش ق‪ .‬ا نه‬ ‫ينتظرك‪ .‬اعتذر الطبيب بحجة المشاركة في مؤتمر فرنكوفوني في مونتريال‪.‬أجل سفرك قليل‪.L‬‬ ‫دمش ق قري بة‪ .‬أجاب بمهارة ا حد افراد البعثات التبشير ية اجا بة طويلة‪ .‬غ ير ان ها سرية‪ .‬غ ير‬ ‫انها غامضة‪ .‬هكذا طارت العشرين مليون دولر‪ .‬وهكذا حميت المؤسسة من مطب عميق من‬ ‫مطبات الجغراف يا الس ياسية والجتماع ية والقتص ادية العرب ية‪ .‬روا ية ا ستعملت تقنيات ها‬ ‫الحميمة‪ ،‬المذهلة‪ ،‬غير المضطربة في الرد على ممثل "وكالة المساعدات الميركية للتنمية" ‪،‬‬ ‫ح ين عرض على المؤ سسة مبلغ نص ف مليون دولر اميركيا‪ ،L‬بح جة ان المؤ سسة الميرك ية‬ ‫مؤ سسة حكوم ية‪ .‬رد المير كي على اللبنا ني‪ :‬غ ير ان كم تقبلون هبات ومس اعدات وزارة‬ ‫الصحة الهولندية والفرنسية وسواها‪ .‬هذا صحيح‪ ،‬قال د‪ .‬مهنا‪ .‬بيد انني استطيع ان ارافع في‬ ‫جدوى المس اعدات هذه‪ .‬و في تقنيات وآليات ا ستلمها‪ .‬ل ا ستطيع ذلك مع كم‪ ،‬امام جمهور ل‬

‫‪ / 5‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫يزال يتضرر ‪،‬يستشهد ابناؤه من قنابلكم العنقودية بالجنوب اللبناني‪ " .‬اننا نشتغل في الجنوب‬ ‫وبيروت والبقاع وج بل لبنان و بيروت وضواحي بيروت‪ .‬ل ا ستطيع ان ام نح طفل‪ L‬او رجل‬ ‫او سيدة بترت ساقها او يد ها بقنبلة عنقود ية اميرك ية‪ ،‬ا ستعملتها ا سرائيل ضد هم‪ ،‬ل ا ستطيع‬ ‫منح هم مبلغا‪ L‬مخص صا‪ L‬من مؤ سسة اميرك ية رسمية‪ ،‬ل تزال حكومت ها تس لح اسرائيل بالقنابل‬ ‫هذه‪" .‬عا مل" مؤ سسة غ ير حياد ية ه نا ‪ .‬ل تشرب من ن بع ال اذا صفا ماء الن بع‪ .‬وشعار‬ ‫الميمات الثل ثة الخا صة ب ها ) مبدأ‪ ،‬مو قف‪ ،‬ممار سة( ليس ت شعارا‪ L‬ف قط‪ .‬بل هو سلوكها‬ ‫اليومي"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬‫بيروت مدي نة معرو فة‪ .‬لن يفوت زائر ها مو قع شارع ا ساسي من شوارع ها‪ .‬شارع ي مر في‬ ‫العاصمة عبر شارع المتحف الوطني – العدلية ‪ ،‬مرورا‪ L‬بالونيسكو‪ ،‬وصول‪ L‬الى الروشة او‬ ‫الرملة البيضاء بحس ب بوز الس يارة‪ .‬ا نه شارع المزر عة‪ .‬شارع عر يق ازد هر كثيرا‪ ،L‬ا ثر‬ ‫الحرب الهل ية اللبنان ية‪ .‬ب عد ان ت مت تص فية و سط البلد الجا مع‪ .‬ب عد ان ت مت تص فية شارع‬ ‫الحمراء‪ ،‬ابرز الشوارع اللبنان ية في العقود الزمن ية الخيرة‪ .‬ازدهرت في شارع المزر عة‪،‬‬ ‫ازدهرت ع ند جا نبيه ا صول حر كة تجار ية نا صعة‪ ،‬ازدهرت فروع حر كة تجار ية ناش طة‪،‬‬ ‫بروح تمازج بين الرفعة والشعبية‪ .‬الى شماله بالمنطقة الممتدة بين جسري الكول وسليم سلم‪،‬‬ ‫يقع مبنى مؤلف من ست طبقات‪ .‬سوف يلحظه الجميع عند يمين الطريق هذه‪ .‬طريق يتجه‬ ‫من قلب العاصمة الى مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري‪ .‬مبنى ينس جم ومحيطه العمراني‬ ‫برو حه الهند سية‪ .‬ال ا نه يختلف عن البن ية هذه في احتشاد سيارت ال سعاف والدفاع المد ني‬ ‫ع ند قاعد ته ومدخله ال ساسي‪ .‬و هي سيارات تنافس ها ‪ -‬في الكث ير من الحيان – سيارات‬ ‫عادية او معقولة او حديثة او فخمة بلوحات دبلوماسية او حكومية‪ .‬خليط متناقض ايديولوجيا‪،L‬‬ ‫ك ما يحلو للدكتور كا مل مه نا ان يص فه‪ .‬مب نى جا مع اضداد‪ .‬مب نى با سم يتردد على الس نة‬ ‫الجميع‪" :‬مؤسسة عامل"‪ .‬هنا تعقد الجتماعات الباحثة في شؤون القطاع الهلي والمدني ببلد‬ ‫عصفت بها حروب اهلية واقليمية ودولية‪ .‬بلد يراوح امام التواريخ‪ .‬تواريخ حروب ل تنتهي‪.‬‬ ‫ل تبدأ بحرب العام ‪ 1860‬الهلية‪ .‬ول تنتهي بحرب العام ‪ 1975‬الهلية بدورها‪ .‬حرب بين‬ ‫تاريخ ين‪ . 1990 – 1975 :‬تاريخان بارزان مو صومان بوقائع ومشا هد حياة يوم ية دام ية‪.‬‬ ‫حياة المدي نة‪ ،‬الحياء‪ ،‬الس احات ‪ ،‬الشوارع‪ ،‬الزوار يب‪ .‬حياة الحدائق القليلة الجديدة والبس اتين‬ ‫القديمة‪ .‬حياة عقدين من عقود ناس وبلد نذرت للحروب الهلية والحروب الخرى‪ .‬بمستواها‬

‫‪ / 6‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫او اك ثر‪ .‬حرب مرت على ش يع وفئات غلب على حيات ها و سلوكها قا سم مشترك عام‪ .‬مثاله‪:‬‬ ‫ن مط الحياة المدن ية المس تقلة لل سر والجمعيات والمؤ سسات‪ .‬ا حد ابرز المؤ سسات‪ :‬مؤ سسة‬ ‫عا مل‪ .‬ح يث تحتش د سيارات ناس الفئات الو سطى والفئات العل يا‪ ،‬طال ما ان الفئات الدن يا بل‬ ‫سيارات‪.‬‬ ‫ليست عامل بناية بشقق‪ .‬او شقق في بنايات‪ .‬انها ارفع‪،‬اوسع ‪ ،‬انها ابعد‪ .‬ل يملؤها ساكنوها‬ ‫بروايات الحروب المتعاقبة فقط‪ ،‬بل بكل ما يدفع ألفية متخلفة الى ألفية افضل‪ .‬ذاكرة الحرب‬ ‫ه نا‪ .‬وه نا‪ :‬احلم الس لم‪ .‬وه نا‪ :‬رجال نذروا انفس هم في خد مة الناس بالحرب وبخد مة الناس‬ ‫بالس لم‪ .‬نظام حياة ل سكنية‪ .‬نظام حياة تدا فع عن حياة مقو ضة او مهددة بالتقو يض‪ .‬سوف‬ ‫يستلزم ذلك الكثير الكثير‪ .‬الكثير من التفكير‪ .‬الكثير من التطوير‪ .‬كل ر جل او سيدة او فتاة‬ ‫هنا عامل في "عامل"‪ .‬كلهم عمال في "عامل"‪ .‬ل مفارقة ول لهو في ذلك‪ .‬لن تنظيف الحياة‬ ‫من سمومها و سموم من يس عى الى نش ر الس موم في الحياة‪ ،‬بحا جة الى النأي عن الهرجات‪.‬‬ ‫بحاجة الى النأي عن العراضات‪ .‬الطوابق متشابهة هنا‪ .‬الغرف متشابهة هنا‪ .‬غرفة د‪ .‬كامل‬ ‫مهنا في واحدة من غرف الطابق الخامس‪ .‬ما يميزها عاصفة مستمرة منذ عقود‪ .‬عاصفة بل‬ ‫أذ ية‪ .‬عا صفة ر جل ك تب بترويس ة اولى صفحات اجند ته‪ :‬ل لبرا مج مذلة تشتري غض ب‬ ‫المنكوبين وخوفهم والمهم وتشردهم وضياعهم وقنوطهم‪ .‬ليس في البرنامج‪ :‬اثاث لئق‪ .‬لن‬ ‫الثاث ل يبني مكتبا‪ .‬لن الثاث لن يؤدي الى شغل نظيف‪ .‬او هيبة مستقرة‪.‬‬ ‫ل تزال العا صفة غ ير المؤذ ية تهدر في مكا تب "عا مل"‪ .‬ل تزال العا صفة هادرة في ح يز د‪.‬‬ ‫كا مل مهنا ‪ .‬ول كن في اجواء الس لم الهلي‪ .‬اجواء تعكر ها احداث طارئة او محسوبة‪ .‬احداث‬ ‫لم يسلم لبنان منها منذ مئات السنين‪.‬‬ ‫لن تخفي الجتماعات التنسيقية بين المنظمات الهلية‪ ،‬ذاكرة ناس المبنى‪ .‬ذاكرة حية‪ ،‬حيوية‪.‬‬ ‫ذاكرة ارشيفية بآن‪ .‬لن تخفي اجتماعات وضع الخطط والدراسات الذاكرة البصرية المحصلة‬ ‫من مئات الموا قع المنتص رة او الس اقطة ت حت ضربات القوى اللبنان ية والعرب ية والدول ية‬ ‫المتص ارعة على ارض لبنان‪ .‬بطولت ومآ سي وتضحيات‪ .‬عناو ين بارزة في حياة اللبنانيين‪،‬‬ ‫عناو ين بارزة في حياة اللبناني ين المشتغل ين في عا مل‪ .‬هؤلء‪ :‬النظام الل نظام‪ .‬هؤلء‪:‬‬ ‫الكتلة ‪ .‬هؤلء‪ :‬ال يد الواحدة‪ ،‬القبض ة‪ ،‬الروح المقاو مة‪ ،‬الس دود الطال عة بو جه الرياح العات ية‬ ‫المصفرة بالوقات السعيدة وغير السعيدة على حد سواء‪ .‬لن تخفي الجتماعات المبادرات ول‬

‫‪ / 7‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الورش بالمجالت كا فة‪ .‬لبنانيون من كل الطياف‪ ،‬اجا نب بجنس يات متعددة‪ ،‬تج مع هؤلء‪،‬‬ ‫هؤلء كلهم‪ :‬خطط ومشاريع لن تلبث ان تضحي وقائع ضرورية في صناعة‬ ‫و تر سيم مل مح المجت مع المد ني المأمول‪ .‬هذا م قر ادارة مرا كز المؤ سسة الكثيرة المنتشرة‬ ‫فوق مساحة الراضي اللبنانية‪ .‬مراكز متحولة بحسب اليام‪ .‬مراكز طوارىء واسعاف ودفاع‬ ‫مد ني واغا ثة في الحرب‪ .‬بالس لم‪ :‬مرا كز تأه يل وتدر يب وتنم ية مس تدامة واعلم المواطن ين‬ ‫بحقوق هم المدن ية‪ .‬ق بل كل ش يء‪ :‬المشار كة في بناء لبنان – الو طن والموا طن النس ان‪ .‬ل‬ ‫كلمات هاذ ية ه نا‪ ،‬ح تى في ظل مأ ساة او مآ سي كثيرة‪ .‬لذا‪ :‬قاو مت "عا مل" بتحدي ظروف‬ ‫الحرب اول‪ .‬ثانيا‪ :L‬بالنتقال‬

‫من حال الى حال مغايرة تماما‪ L‬بالظرف والهداف والليات‬

‫المتا حة في النش طة بل ا ستثناء‪ .‬اضطرت المؤ سسة الى مركزة نفس ها بنفس ها في مو قع‬ ‫معروف عن ها‪ :‬اعادة تمر كز‪ .‬قرأت المؤ سسة تجربت ها نقديا‪ .L‬راج عت حضور ها بالتنظ يم‬ ‫واللوجيستية‪ .‬وضعت خططا‪ L‬ورسمت برامج بطرائق تفكير مبتكرة‪ .‬ان اهم ما وضعته القيادة‬ ‫امامها في المرحلة الجديدة‪ ،‬بحسب د‪ .‬كامل مهنا‪ :‬انها سوف تتعامل مع مجتمع مدمر‪ ،‬خرج‬ ‫توا‪ L‬من حرب اهل ية مدمرة ومريرة‪ ،‬لم يس لم من ها ا حد‪ ،‬ح تى الكادر في المؤ سسة‪ ،‬بور شة‬ ‫مزدوجة‪ .‬اولها داخلها‪ .‬او داخل المؤسسة‪ .‬ثانيها‪ :‬الشغل بالميدان‪ ،‬بالشغل المباشر‪ ،‬بالعلقة‬ ‫المباشرة بالناس‪ ،‬بالعلقة المباشرة بالقطاعات الهلية‪.‬‬ ‫لن يقول د‪ .‬كا مل مه نا ان "عا مل" حق قت نقلة نوع ية واض حة وا سعة في ز من قص ير‪ .‬لن‬ ‫يمارس سياسة الر شى ه نا‪ .‬لن ير شو نفس ه بالكلم على تجرب ته او تجر بة الخر ين في‬ ‫المؤ سسة‪ .‬ب يد ان ذلك صار واضحا‪ L‬للكثير ين‪ :‬ارتف عت النفقات المطلو بة امام ال مد الهائل في‬ ‫الحاجة الجتماعية والقتصادية‪ .‬ارخى الدين العام بثقله على اللبنانيين‪ .‬بحيث صارت خدمة‬ ‫الد ين تس تأثر باربع ين الى اثن ين واربع ين بالما ية من المواز نة‪ .‬هذه هي خد مة الد ين العام‪،‬‬ ‫بحسب الخصائيين‪ .‬ل تقوم خدمة بل استدانة‪ .‬النتيجة‪ :‬تراكم بدون نهاية‪.‬‬ ‫يمتلك العاملون في المنشأة الحيوية هذه وعي عظيم بتاثير ذلك على الناس‪ ،‬بانعكاس ذلك على‬ ‫الناس‪ .‬ثمة عجز في الكهرباء والماء‪ .‬ثمة عجز في مستلزمات الحياة الساسية‪ .‬ثمة عجز في‬ ‫المقومات غ ير المتوافرة با ستمرار لدى اللبناني ين‪ .‬انخ فض متو سط د خل الفرد اللبنا ني في‬ ‫الس نوات الخيرة انخفاضا‪ L‬خطيرا‪ .‬بدأ ع مل د‪ .‬كا مل مه نا في هذه الزاو ية‪ ،‬في هذا المجال‪:‬‬ ‫معال جة انخفاض معدل الد خل الفردي الس نوي‪ ،‬الذي ل يتحس ن ما لم تس بق معدلت الن مو‬ ‫معدلت الولدة‪ ،‬بلغة القتصاديين الكاديميين‪ .‬لم يحقق لبنان نموا‪ L‬في خلل السنوات الطويلة‬ ‫الغابرة‪ .‬واك ثر‪ :‬م نذ اغتيال الرئ يس الشه يد رف يق الحريري‪ .‬تولت عا مل الزمام امام الواق عة‬

‫‪ / 8‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫هذه في حيزها‪ ،‬وبالتعاضد والتكافل مع المؤسسات الخرى‪ .‬عندي‪ :‬انها أوضح‪ ،‬انها اسرع‪،‬‬ ‫انها ل تمارس طفرة وسط اضطراد الفوارق الجتماعية الهائلة في لبنان‪ .‬لدى د‪ .‬كامل مهنا‬ ‫ما يعاضده على ذلك‪ .‬و ما هو جوهري ل يتبدل لد يه ‪ :‬ضرورة تغذ ية الناس في محص لة ل‬ ‫تقلب الع مل الجتما عي الى اشغال الناس بفقر هم وتخدير هم بالعطا يا‪ .‬ل كي ل تنتش ر الشحاذة‪.‬‬ ‫ح يث ان م نع انتشار الف قر‪ ،‬بحا جة الى ثقا فة أخرى‪ .‬ثقا فة كرا مة‪ ،‬ثقا فة آداء رف يع‪ .‬و هو ما‬ ‫سعت ال يه "عا مل" و ما سعى ال يه رئيس ها بمفهوم‪ :‬ان الع جز ل يس تنفذ ف قط حيو ية الموا طن‬ ‫وطاقا ته الفرد ية ‪ ،‬بل الرؤى الجيدة لمس تقبل وا عد ل يقوم على بازارات الحا جة والطلب‪ .‬او‬ ‫بازارات الستعطاء‪.‬‬ ‫تنشر المؤسسة بـ "حكمها الرشيد" ثقافة المواطنة في مقابل المآزق الراهنة في لبنان‪ ،‬الطالعة‬ ‫من عصبيات وكلء زعماء الطوائف وزعماء الطوائف انفسهم‪ .‬تندفع الى تفعيل التنوع‪ .‬ليس‬ ‫هذا جديدا‪ L‬علي ها‪ .‬بالع كس‪ .‬لن ها لم تر جح حضور ها ابدا‪ L‬ب ين التكاذب المتبادل والتنا فس‬ ‫والص راع‪ .‬ل عل هذا ما يفس ر حضور ها الثيري‪ .‬اذ اض حت حكو مة ظل ية بل ظل حكو مة‬ ‫قائ مة‪ .‬حص يلة تجر بة ميدان‪ ،‬تجر بة ميدان ية‪ .‬حص يلة تجر بة تضا فر علي ها مئات الشخاص‪،‬‬ ‫منهم من ل يزال حيا‪ L‬ومنهم من قضى وهو يسعى في مساهمته‪ .‬ساهم الجميع‪ ،‬كل من موقعه‪،‬‬ ‫في تحقيق اهداف المؤسسة‪ ،‬في تحقيق المؤسسة اهدافها‪ ،‬ابان سنوات الحرب الهلية‪ .‬او في‬ ‫مرحلة السلم الهلي الواضحة والمزغولة في آن‪ .‬تجربة ببصيرة‪ .‬تجربة "ليست على عماها"‪.‬‬ ‫تجربة حكمتها الظروف القاهرة قبل ان تحكم الظروف القاهرة بذاتها بسياسة خضوع النظرية‬ ‫الى الت طبيق وخضوع الت طبيق الى النظر ية‪ .‬ل كلم مس تعجل ه نا‪ .‬لن الخضوع الى الرؤ ية‬ ‫في النظرية والتطبيق هو ما قاد المؤسسة عبر ناسها – وناس المؤسسة‪ -‬عبر المؤسسة الى‬ ‫تحقيق ما انجز‪.‬‬ ‫ ‪-3‬‬‫مرت المؤ سسة ب ما مرت به البلد‪ .‬تمز قت ساحة الشهداء‪ ،‬تمزق قلب المدي نة‪ ،‬تمزق‬ ‫"البلد" ) يس مي الناس الس احة في و سط بيروت "البلد"‪ ،‬لن ها تختص ر البلد في و جه من‬ ‫وجوه ها(‪ .‬مرت المؤ سسة ب ما مرت به البلد‪ .‬سقطت البلد – في بر هة طويلة – فوق‬ ‫الناس‪ ،‬فوق اللبناني ين‪ .‬هرب الب عض‪ .‬ن ظم الب عض ال خر نفس ه ل كي يل حق بالهارب ين‪ .‬ب قي‬

‫‪ / 9‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الباقون‪ .‬عند ها ‪ ،‬سقطت البلد على رؤوس المحا صرين بالدا خل‪ :‬الج ند والجمهور على حد‬ ‫سواء‪ .‬سقطت المس احة الجام عة على الرؤوس‪ .‬ولكن ها لم تتب خر‪ .‬بق يت الجوا مع والكنائس‬ ‫والمؤسسات والبيوت هنا‪ .‬نخرها الرصاص‪ .‬كما نخرها اللؤم والذية‪ .‬اضحت فارغة ال من‬ ‫المقاتلين‪ .‬سادت الساحة عتمة باهظة‪ .‬لم يعد ثمة من يبدل الزهور في ساحة الزهور‪ .‬او من‬ ‫ين ظف تماث يل القديس ين في الكنائس‪ .‬او من ينش ر رائ حة البخور‪ .‬سادت عت مة‪ .‬ساد سكون‬ ‫بارد‪ .‬سادت عت مة و سكون بارد ين‪ .‬غاب نور الش مس المعد ني‪ .‬غا بت ض جة الشارع ال من‬ ‫ا صوات الترا شق بالر صاص والشتائم‪ .‬انعكس ت عبر الزجاج الملون انعكا سات اللوان‬ ‫الخجلى‪ .‬ساد القلق‪ .‬ساد الغليان‪ .‬سادت الثمان الغالية‪.‬‬ ‫بحث من في الرض عن السماء‪ .‬وبحث من تعلق بحبال الهواء بالسماء عن الرض في تلك‬ ‫المرحلة‪ .‬الته مت الرض الحقاد والنيران‪.‬اض حى لبنان كوبوليا‪ .L‬اض حى انتاجا‪ L‬كوبوليا‪.L‬‬ ‫اضحى بلدا‪ L‬ابو كاليبسيا‪ .L‬عندها ‪ :‬رفعته الرعاية العربية الدولية من حفرته الجهنمية‪ .‬رفع‬ ‫بقدرة قادر ‪ .‬و قع اتفاق الطائف عام ‪ .1989‬ن ظم التفاق شؤون اللبناني ين ب عد فوضا هم‬ ‫الخيرة‪ .‬ان نا امام منع طف أش به بالمنعطفات اللبنان ية الكثيرة والثيرة‪ .‬ث مة حروب‪ .‬ث مة نتائج‬ ‫اذن ‪.‬نتائج مؤل مة‪ .‬و سط البلد يش به البلد‪ .‬الص ورة عني فة في الو سط‪ :‬سقط المع نى الرمزي‬ ‫للس احة الجام عة‪ .‬ل غرو في ذلك‪ .‬ساحة كئي بة بكآبات اللبناني ين‪ .‬ساحة مهجورة ‪ ،‬اكتس حتها‬ ‫الشجار والعشاب البر ية ودرزت ها اللغام الرض ية ضد الفراد والليات‪ .‬ل مل مح ول‬ ‫تفا صيل‪ .‬بنا ية مثقو بة او مبقورة او بل شرفات ونوا فذ او اطارات‪ .‬عل قت اجزاء من بنايات‬ ‫الو سط في هواء الو سط‪ ،‬بلقطات اش به باللقطات الس ينمائية العظ مى‪ .‬فنادق ومس ارح ودور‬ ‫سينما ومطا عم ومكا تب ومحال تجار ية‪ :‬هذا صرح من خيال وهوى‪ .‬حرب في سلسلة‬ ‫متس لسلة‪ .‬حرب الس نتين ‪ .1976 – 1975‬حرب الجتياح ال سرائيلي وحص ار مدي نة بيروت‬ ‫واقتحامها بجحافل قوات الغزو العنصري السرائيلي بالعام ‪ .1982‬حرب الجبل والضاحية )‬ ‫‪ .(1984 – 1983‬انتفا ضة ‪ 6‬شباط )‪ .(1984‬اعلن المقاو مة‪ .‬ثم مقاو مة قوات الحتلل‬ ‫ودحره من بيروت والج بل و صيدا و صور والنبط ية )‪ .(1985‬حرب المخيمات وحروب‬ ‫الميليشيات في بيروت ) ‪ .(1987 – 1985‬حرب الضاحية الجنوبية وحروب الجنوب الداخلية‬ ‫)‪ .(1988‬حرب التحر ير وحرب اللغاء في بيروت الشرق ية‪ .‬انت هت حروب بعودة القوات‬ ‫الس ورية الى بيروت‪ .‬انت هت حروب اخرى باتفاق الطائف‪ .‬ق مع تمرد العماد ميشال عون في‬ ‫قص ر بعبدا بالعام ‪ .1990‬عند ها و جد اللبنانيون انفس هم في ز من اضاء ته فوانيس ه بش كل‬

‫‪ / 10‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫سيء‪ .‬شربوا نبيذا‪ L‬لم يعصروه‪ .‬قبلها‪ :‬رفعوا انخابا‪ L‬لم يستحقوها‪ .‬سحب الناس براميل نبيذهم‬ ‫مرتبكين وهم يخرجون من ثكنة غفت على شوارع خالية وافاقت على مرحلة ثانية من خطة‬ ‫غ ير مفهو مة‪ .‬وذلك و سط مئات الف القتلى والجر حى والمعوق ين‪ .‬احص تهم المؤ سسة بهدف‬ ‫حماية المواطنين من النسيان‪ .‬وبهدف مدهم بما يساعدهم على المستقبل‪.‬‬

‫عدد القتلى‬ ‫اصابات حرب‬

‫صفوف النس بة المئو ية النس بة المئو ية‬

‫المجموع العام‬

‫ب ين‬

‫‪ 150‬الف‬ ‫‪ 200‬الف‬

‫المهجرين‬ ‫‪ 100‬الف‬ ‫‪ 133‬الف‬

‫بين المهجرين‬ ‫‪3.3%‬‬ ‫‪4.6%‬‬

‫الجمالية‬ ‫‪5%‬‬ ‫‪7%‬‬

‫) ان نسبة الثلثين من القتلى والجرحى والعاقات وقعت بين صفوف المهجرين‪(.‬‬

‫انزل قت الحرب بص خب كبير في لبنان‪ .‬ان ها تش به أي ش يء‪ .‬ب يد ان ها ل تش به جر سا‪ L‬فضيا‬ ‫صغيرا‪ .‬با تت الث قة بالع قل جرما‪ L‬مشهودا‪ .L‬ل ش يء ال الث قة بالحس اس‪ .‬ل ش يء ال الث قة‬ ‫بالغريزة‪ .‬ل ش يء ال ذلك‪ ،‬امام المش هد الذي ينت هي ب كل ش يء ال بالحك مة‪ :‬مجت مع مف كك‪،‬‬ ‫مشوي‪ ،‬ممزق‪ .‬مجتمع اهتزت علقاته او اضحت ارواحا‪ L‬رقيقة‪ .‬صار الناس قديسي معجزات‬ ‫وشياط ين في غياب الروح الجماع ية‪ ،‬الو سيلة الجماع ية‪ ،‬الحلم الجما عي‪ .‬قديس ون وشياط ين‬ ‫بل عل قة بقديس ي وشياط ين العشر ين مليون دولر ‪ ،‬من حة الحا كم العر بي أو عطي ته ‪ .‬بدت‬ ‫الجغراف يا جغراف يا مس كينة‪ .‬وبال خص‪ :‬الجغراف يا الجتماع ية‪ .‬سقطت دعامات واقواس‬ ‫المس توى المعيش ي‪ .‬تقلص ت الموارد ودمرت الب نى التحت ية‪ .‬وع طف ذلك على انفجار الدولة‬ ‫وانفخات دف الندماء في المجت مع اللبنا ني الص غير‪ .‬و صلت احوال النس يج الجتما عي الى‬ ‫الهتراء‪ " .‬ازدهرت ميول النكفاء" بحس ب د‪ .‬كا مل مه نا الى النتماءات الول ية ‪ -‬دون‬ ‫الدولتية‪.‬‬ ‫اصابت الحرب الهلية اللبنانية جملة عناصر التركيبة الجتماعية في البلد‪ .‬اوائل المصابين؛‬ ‫ا صحاب الد خل المحدود‪ .‬أجراء وافراد طب قة و سطى شكلت المكون الرئيس ي للمجت مع في‬ ‫مرحلة ما ق بل الحرب‪ .‬ولد‪ Y‬ال مر اختللت اجتماع ية كبرى‪ .‬ترا كم المعضلت المزم نة ولد‬ ‫اختللت اجتماع ية كبرى‪ .‬ابرز ظواهر ها احز مة البؤس ع ند تخوم العا صمة‪ :‬و هي احز مة‬ ‫حذرت من قيامها وعواقب قيامها دراسة بعثة "ايرفد" ‪ IRFED‬الفرنسية بالعام ‪ .1959‬أشارت‬ ‫الدرا سة الى ع مق التفاوت ب ين قطاعات النتاج وفئات المجت مع اللبنا ني‪ .‬ابرز ما جاء في‬

‫‪ / 11‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الدرا سة‪ :‬ان خمس ين بالمائة من اللبناني ين ) و صفتهم الدرا سة بالفقراء المعوز ين( لم يحص لوا‬ ‫ال على ما يقارب ‪ %18‬من الد خل الوط ني‪ .‬في ح ين ان ‪ %4‬من اللبناني ين ا ستأثروا بن حو‬ ‫ثلث الد خل الوط ني‪ .‬طب قة ال ـ ‪ %4‬ك ما ا سماها اليس اريون‪ .‬اكدوا ذلك دوما‪ L‬على جدران‬ ‫المدي نة المنخورة بالرصاص والنقسامات الجتماع ية والس ياسية الحادة‪ .‬العج يب‪ :‬انه لم تمنع‬ ‫الحتفالت والمو سيقى والزهار والحلوى‪ .‬بق يت هذه تدور على اللبناني ين دورات وا سعة في‬ ‫نهاراتهم ولياليهم‪ .‬ولو ان كعبة البلد العربية دخلت في مصيرها المأساوي‪ .‬بقيت اطباق النور‬ ‫تطفو فوق الجميع في لحظات شفاء ملحوظة من السباب المؤدية الى الحرب الهلية‪ :‬الزمة‬ ‫الجتماع ية زائد از مة النظام الس ياسي الداخلي زائد تدا خل الص راعات القليم ية والدول ية في‬ ‫البنية الداخلية‪ .‬افضى ذلك الى حشد الحروب على لبنان‪ .‬هكذا راحت الحروب تتوالى كحبات‬ ‫مسبحة في يد مؤمن راعش‪ .‬وهكذا راحت موجات الهجرة ‪-‬الى الخارج‪ -‬تتوالى كرشق من‬ ‫المعجزات‪ .‬وهكذا حدث تغيير بنيوي جذري في التركيبة الجتماعية والقتصادية في المناطق‬ ‫اللبنان ية ب ين ساحل وج بل ‪" .‬انش طر المجال القتص ادي بف عل تدم ير و سط العا صمة"‪ .‬سقط‬ ‫المجال المديني بمؤسساته سقوطا‪ L‬مدويا‪ .‬نجحت الحرب في تحقيق ذلك‪ .‬نجحت في تحقيق قيام‬ ‫هجرات‪ ،‬نج حت في بناء مقاطعات ذات روح اقتص ادية فاق عة‪ .‬على الر غم من جهود مختلف‬ ‫الحكومات – في خلل نص ف قرن‪ -‬لم تس تطع ان تم نح مقاط عة او سلطة على مقاط عة او‬ ‫سلطة لمقاط عة‪ .‬ح يث الحياة ال طف واهدأ الف مرة من حياة في حرب اهل ية هجرت قس ريا‬ ‫مئات اللف الى الحياء بالطراف والضوا حي‪ .‬د فع البؤس الر ضي الفراد والجماعات الى‬ ‫النفص ال‪ :‬وجدوا ا نه رائع‪ .‬لن هم بحثوا عن الوديان الو سطى‪ ،‬ب عد اقامت هم على الضفاف‬ ‫المتقاتلة المتناحرة‪ .‬نصبوا راياتهم حيثما حلوا‪ .‬وجدوا في المناطق الجديدة مناطق ساحرة‪ ،‬قبل‬ ‫ان يكتشفوا ديمغرافيتها المدمرة‪ .‬غذى هؤلء نباتات المناطق بدل ان يتغذوا بالنباتات‪ .‬ساطتهم‬ ‫الرياح القاسية في كل الفصول‪ .‬ولكن بما ان المقاتلين اصحاب عزيمة‪ ،‬امست الهجرة تقاس‬ ‫بنس ب ديمومت ها المرتف عة‪ .‬ل يزال الغاء هذا شرطا‪ L‬مس تحيل‪ L‬او متعذرا‪ L‬بحدود أد نى " على‬ ‫الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في اعادة المهجرين اثر اعادة بناء الوسط التجاري والمدن‬ ‫والقرى المنكوبة او المنهوبة بآن‪ .‬ازداد التجانس الطائفي في الشارع هذا‪ ،‬بالحي‪ ،‬بالمنطقة‪،‬‬ ‫بالبناية‪ .‬بخطوط عريضة‪ :‬اصبح البلد مقسما‪ L‬الى اقاليم متباينة من زاوية ‪ .‬من زاوية اخرى‪:‬‬ ‫اصبح البلد مقسما‪ L‬الى مقاطعات جميلة‪ ،‬بوجهة نظر المقاتلين وانصارهم من الناس العاديين او‬ ‫هؤلء من اضطروا الى التعا يش مع الطروحات الطائف ية الكا سرة‪ .‬ش كل المدقعون ذخيرة ل‬ ‫تنضب هنا‪ .‬فاحت منهم رائحة اليود في تجمعاتهم القريبة من البحر‪ .‬كما فاحت منهم روائح‬

‫‪ / 12‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الص خور في تجمعات هم في قلب الج بل‪ .‬انبث قت مد ن‪ f‬اخرى على حس اب المدن القدي مة "لن‬ ‫بيروت بقيت مزروعة بالشباح"‪.‬‬

‫ ‪- 4‬‬‫الملك صعلوك والص علوك ملك‪ ،‬هذه معادلة البلد الجديدة‪ .‬لم ت عد العنا صر الكيميائ ية المحل ية‬ ‫تصوغ تلك النواع الفريدة من عبقرية النصات‪ .‬سادت المونولوغات‪ .‬عبر اللبنانيون ضفاف‬ ‫القرون الحدي ثة الى ضفاف القرون الو سطى‪ .‬جس دوا احلم هم و هم يرون البحارة النبلء‬ ‫يأخذ هم الب حر في لج ته من عالم الرؤى الى عالم الوا قع المتكس ر‪ .‬صارت المدي نة‪ :‬معابر‬ ‫وبوابات‪ .‬تلك قناة لبنان الجديدة‪ .‬قناة بل مياه‪ ،‬بل طبي عة تل تف علي ها‪ ،‬بل نباتات ترت فع ع ند‬ ‫حدود ها‪ .‬راو حت الحواس في ممار سة الخ طأ الجل يل‪ :‬ل انص ات الى مو سيقى عال ية او‬ ‫خفيض ة‪ .‬ل رحلة الى جمال‪ .‬لن البش ر شابهوا البضائع‪ .‬ولن البضائع بزت البش ر في‬ ‫قيمتهم‪ .‬انها اغلى ثمنا‪ L‬في تلك الماكينة الحربية المشرقة بالحتمالت الطائشة‪.‬‬ ‫سحر اللبنانيون وافتخروا بانتاج هم حرب هم وبانتاج هم عجلت تلك الحرب على سكك التجارة‬ ‫والقتص اد وعلوم الجتماع ودروب النس نة‪ .‬ل ش يء سوى حر كة بل بر كة‪ .‬او هجرة و‬ ‫تهج ير‪ .‬نزوح ود فق وتدهور‪ .‬تلك مص طلحات ا ستعملت في كل ش يء وخص وصا‪ L‬في ر صد‬ ‫نتائج الحرب في الص عيد الجتما عي بظواهره الكثيرة‪ .‬نزح ر بع الس كان‪ .‬قس روا على ذلك‪.‬‬ ‫قدر عدد النازحين بنحو ‪ 800‬الف نسمة ) من نحو ‪ 949‬مدينة وقرية بينها ‪ 82‬دمرت كليا‪ L‬و‬ ‫‪ 91‬جزئيا‪ L‬بحس ب احص اءات "عا مل"( ب ين العام ‪ 1975‬والعام ‪ .1991‬هجرة كثي فة الى‬ ‫المغتربات‪ .‬ها جر ‪ 517‬الف لبنا ني الى أورو با ودول العالم العر بي والخل يج والميركيت ين‪.‬‬ ‫حسبت هجرة اللبنانيين بنسبة ‪ 16.2‬بين العام ‪ 1975‬والعام ‪ ) 1991‬بحسب "عامل" ايضا‪.(L‬‬ ‫تدهورت الخدمات الجتماع ية والعا مة بال كم والنوع‪ .‬اول‪ :L‬الخدمات التعليم ية والص حية‬ ‫والكهرباء والنقل‪ .‬ثانيا‪ :L‬رصدت عشرات الف الحالت من العاقة واليتم والترمل‪.‬‬ ‫تفرض الحروب التك يف‬

‫مع الحروب‪ .‬الحرب حال طارئة‪ .‬تتك يف المجتمعات والحالت‬

‫الطارئة في ظروف الحرب الص غرى وال كبرى‪ .‬تكي فت الدولة ك ما تك يف المجت مع‪ .‬مجت مع‬ ‫حرب ودولة بقطاع حكو مي مترا جع‪ .‬ن مت ‪-‬بالمقا بل‪ -‬ادوار القطاعات الهل ية‪ ،‬ن مت في‬

‫‪ / 13‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫مجالي الغا ثة والطوارىء و تقد يم الخدمات الص حية والمس اعدات المباشرة‪ ،‬العين ية والنقد ية‪.‬‬ ‫مواق يت مختل فة في مجت مع مختلف‪ .‬لطرق حر ير ب عد‪ ،‬تقود الى شواطىء نا صعة وطي بة‪.‬‬ ‫انقلب كل ش يء على كل ش يء‪ .‬انقط عت العائلت والب نى الطائف ية بأطر ها‪ ،‬ح ين لع بت الدور‬ ‫المكمل في مجال التكافل الجتماعي‪ :‬ل سيما بالتعليم واستقبال واحتواء النازحين والمهجرين‬ ‫بعشرات اللف وبمئات اللف‪ .‬زد‪ :‬ما بنته القوى السياسية والعسكرية المحلية من مؤسسات‬ ‫وقنوات لتكرير وتمرير المساعدات باشكالها المختلفة‪ :‬تحويلت نقدية‪ ،‬مساعدة اسر الشهداء‪،‬‬ ‫م نح تعليم ية‪ ،‬مس اعدة المتضرر ين من القص ف والشتباكات والجتياحات العس كرية على‬ ‫الرض‪ .‬ارض معقدة بحبال بل سللم‪ .‬قراءة اد يب نع مة في " الوضاع المعيش ية في لبنان"‬ ‫مفيدة‪.‬‬ ‫حرب واحتياجات‪ .‬خل قت الحرب آليات ها‪ .‬خل قت الخيرة عنا صر تكيف ها مع الحتياجات‬ ‫المتنام ية‪ .‬ترا جع دور الس لطة‪ .‬هذا صحيح‪ .‬خس رت الجهزة ومفهوم المركزة‪ .‬غ ير ان ها‬ ‫ا ستمرت ‪ -‬بقدرة مدهش ة – بتمو يل الف العائلت‪ .‬لم تتو قف روا تب الموظف ين ول‬ ‫تعويضات هم‪ .‬تآكلت قي مة الخيرة بس بب التض خم المضطرد بل حد‪ ،‬م ما ساهم في تقل يص‬ ‫النفاق الحكومي‪ ،‬بسبب موت المردودية‪ .‬توقفت جباية الضرائب والرسوم‪ .‬ولم يعد احد يسدد‬ ‫فوات ير الكهرباء والها تف والمياه ‪ .‬ب ما تب قى من كهرباء وها تف ومياه‪ .‬يروي د‪ .‬كا مل مه نا‬ ‫بلغة جسد‪ ،‬رغبت دائما‪ L‬في تجسير الهوة بين تلك المرحلة وبين الراهن المرحلي‪ .‬اقام الرجل‬ ‫يراقب وهو يعمل ويعمل وهو يراقب‪ .‬لم ينقل مراكبه من بحر الى آخر‪ .‬عاش مشهده بكفاح‬ ‫فت ية تملكت ها – بس بب التك يف‪ -‬انواع من بل غة الجس د‪ .‬تجاورت لد يه الحياة والرقام والل غة‬ ‫وال ستعمال المبا شر ل كل الدوات المتا حة‪ .‬سعى بذكريا ته القدي مة الى طمأ نة خياله الحد يث‪.‬‬ ‫ولو ان الوقائع دف عت ب كل طمأنين ته الى الوراء‪ .‬لم يهدأ بص ره ل كي يص ف‪ .‬ح ين هدأ بص ر‬ ‫ال طبيب العا مل في المجال ين الص حي والجتما عي‪ ،‬لملم بقا يا المشاهدات القدي مة والمتابعات‬ ‫القدي مة‪ ،‬ل كي يبين ج بل المخلفات في ارض الل غز ال كبير لدى اللبناني ين‪ .‬لم يت خل عن صبره‬ ‫لجل مستقبل الخرين‪ .‬اراد ان يساهم في المستقبل هذا‪ ،‬بل هناءة ول ترف ول هدوء‪ .‬وهب‬ ‫نفسه‪ ،‬ما سمح له بالنتظار القليل بالطريق الى اكتشاف كل شيء‪.‬‬ ‫تم تنصيب سلطة شرعية جديدة على البلد مع تلزيمها مشروع بناء الدولة‪ .‬شاركت في الوقت‬ ‫نفسه منظمات المجتمع المدني في عبء ازالة أثار الحرب على الصعيد الجتماعي والصحي‬

‫‪ / 14‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫والتنموي‪ .‬هذا الع بء فرض على هذه المنظمات اعادة التمو ضع والنتشار ‪ -‬في فترة زمن ية‬ ‫قصيرة‪ -‬وفقا‪ L‬لجدول اعمال مختلف جذريا‪ L‬عن ذلك السائد أثناء الحرب‪ .‬إل أن اثار الحرب لم‬ ‫تقتصر على المشكلت النفة الذكر‪ .‬تعدتها الى مشكلت من نوع آخر‪ .‬ذلك ان الثار النفسية‬ ‫ال تي ولدت ها الحرب في ج يل كا مل او جيل ين من الجتماع اللبنا ني‪ ،‬فا قت الدمار المادي‬ ‫المحدث في العمران والقتص اد‪ .‬ظ هر ذلك على ش كل امراض نفس ية وعص ابات ومظا هر‬ ‫تك يف إلتوائ ية وانحرافات وإعاقات نفس ية وجس دية ودمار معنوي وانحطاط سلوكي وحالت‬ ‫نكوص وحصر وخور وفقدان للذاكرة ورهاب وشذوذ واستحواذ واكتئاب ‪،‬وصول‪ L‬الى الفصام‬ ‫والذهان والختللت العقلية‪ .‬أي‪ :‬كل ما حواه علم الضطرابات السلوكية من اعراض‪ .‬يذكر‬ ‫ه نا‪ :‬انتشار الدمان على الكحول والمخدرات وارتفاع نس بة حالت النتحار‪ .‬فت كت الحرب‬ ‫بالفئات الض عف وال قل احتمال‪ L‬للمعاناة واللم‪ :‬الطفال والنس اء والشيوخ والمر ضى‪ .‬غ ير‬ ‫ان ها خر‪ Y‬جت في الو قت نفس ه ألفا‪ L‬من الشبان المراهق ين الذ ين اعتادوا الدمار والق تل والقتال‬ ‫كأنماط اعتيادية في الحياة اليومية‪ .‬ما اعتبروها شذوذا‪ .‬اذ اضحت في قلب مألوفه م‪ ) f‬هذا ما‬ ‫أشارت اليه دراسة د‪ .‬هالة سلم مقصود حول النعكاسات التي تركتها الحرب على الطفال‪،‬‬ ‫والذ ين تعرضوا الى ما ب ين ‪ 6- 5‬انواع مختل فة من الضرار خلل طفولت هم(‪ .‬ث مة مشكلت‬ ‫من نوع خاص‪ .‬مشكلة المفقود ين وال سرى‪ ،‬مشكلة تحد يد أما كن د فن ضحا يا المجازر‬ ‫الجماع ية‪ .‬مشكلة عودة المهجر ين الى منا طق الج بل وبيروت ومشكلة بقاء المهجر ين من‬ ‫المناطق المحتلة بالجنوب‪ ،‬ومشكلة اتساع رقعة أحزمة البؤس حول العاصمة‪.‬‬ ‫ ‪- 5‬‬‫لم تنته الحرب تماما‪ L‬عام ‪ .1990‬اذ ان بقاء جيش الحتلل السرائيلي في قسم من الراضي‬ ‫اللبنان ية أدى الى ا ستمرار عمليات المقاو مة وتص اعدها‪ ،‬ما د فع با سرائيل الى شن اعتداءات‬ ‫متوا صلة على لبنان‪ ،‬اشر سها عدوان ‪ 1993‬با سم " عمل ية تص فية الحس اب"‪ .‬ثم عدوان عام‬ ‫‪ 1996‬باسم " عناقيد الغضب" حين ارتكبت مجزرة بحق السكان المدنيين ذهب ضحيتها أكثر‬ ‫من مئة موا طن لبنا ني ‪ :‬اكثر هم اطفال ونس اء لجأوا الى مو قع القوات الدول ية التا بع لل مم‬ ‫المتحدة‪.‬‬ ‫قام العدو ال سرائيلي بقص ف – بالعدوان ين – بقص ف الب نى التحت ية والجس ور ومحطات‬ ‫الكهرباء والطا قة‪ .‬ال حق ذلك خس ائر فاد حة بالقتص اد اللبنا ني‪ .‬واذ انت هت الحرب عام ‪2000‬‬

‫‪ / 15‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫بانتص ار المقاو مة‪ ،‬قاد النتص ار هذا ا سرائيل الى ان تحلم با ستعادة ابهت ها العس كرية صيف‬ ‫العام ‪ ،2006‬غير انها لم تستيقظ بعد من حلمها بخروج الحلم هذا على جناحي طائره الخيالي‬ ‫الى متره الخ ير‪ .‬عا نى الش عب اللبنا ني ‪-‬ت حت سقف عال مه الجد يد‪ -‬انفجار روح العمار‬ ‫الغض ة بكلف ها الثقيلة‪ .‬تراف قت باجراءات تقشف ية شديدة ‪ ،‬حفرت آثار اجتماع ية سلبية على‬ ‫الس كان‪ .‬لن الخيار القتص ادي المعت مد ادى الى تفاوت كبير في توز يع الثروة‪ .‬ع مق هذا‬ ‫الهوة ب ين الفئات الجتماع ية‪ ،‬معيدا‪ L‬انتاج التفاوت ب ين المنا طق ‪ .‬تؤ كد ال خبرة العالم ية‬ ‫المتراك مة‪ :‬ان البلدان الخار جة من حروب ونزاعات داخل ية‪ ،‬ينب غي أل تع يد العمار وفقا‬ ‫لل سس – نفس ها‪ -‬القائ مة ق بل اندلع الحرب‪ .‬لن الحرب مخبؤة بال سس هذه بالذات‪ .‬م ما‬ ‫يع طي الولو ية للهداف الجتماع ية‪ .‬يؤ كد الكثيرون بمقلب آ خر‪ :‬ان الثار الناج مة عن‬ ‫الحرب الهلية في لبنان‪ ،‬ل تقل عن تلك التي نجمت عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا –‬ ‫اذا ما قيست بشكل نسبي‪ ،‬وفقا‪ L‬الى حجم الدولة وعدد السكان‪ .‬غير ان أوروبا رفعت انقاضها‬ ‫وأعادت بناء اقتص ادها وعمران ها بشروط مجتمعات ها بمشروع "مارشال" الشه ير‪ .‬في ح ين لم‬ ‫ي جر ا ستثمار الفر صة ال تي توفرت للبنان ب عد الحرب‪ .‬لم ي جر ا ستثمارها على ن حو صحيح‬ ‫بالمستوى القتصادي والعمراني و بالمستوى السياسي‪ .‬بغياب مفهوم الصلح والتنمية‪ .‬لفت‬ ‫الحرب اللبنانيين بدوامتها‪ .‬لفت العالم بدوامتها‪ .‬ساد الكذب في البلد‪ .‬بيد ان الحداث الشنيعة‬ ‫لم تنطلي على اقوياء القلوب‪ .‬تابعوها وهي تسحق البرياء بإفلت الوحش على الجميع‪ .‬لم يله‬ ‫اللهب‪ ،‬لم يله الذعر من ارادوا ان يربحوا بلدا‪ L‬بعد ان خسروه‪ ،‬لم يلههم عن عن ما يدبر وسط‬ ‫الشتعالت الخانقة والدخان والمشاهد المشؤومة الفاطرة الوجدان الجمعي في لحظات حاسمة‪.‬‬ ‫لن يعود شيء كما هو في سابق عهده‪ .‬سوف يكتفون بعودته اذن‪ .‬د‪ .‬كامل مهنا واحد منهم‪.‬‬ ‫اخذه ال مر الى تأ مل جغراف يا لبنان الخف ية وتأثير ها في الناس‪ .‬ه يأ رحاله‪ .‬مض ى برحل ته‬ ‫الثيرة‪ .‬رحلة الش غف المو حش والو عر‪ .‬لم تن ته الحرب تماما‪ L‬عام ‪ .1990‬تم د مج الوا ضح‬ ‫بالملت بس‪ ،‬تم د مج الملت بس بالوا ضح‪ .‬ثم‪ :‬سفلتت الرض فوق الشهداء‪ ،‬شهداء "المنا طق‬ ‫الشرقية" وشهداء "المناطق الغربية"‪ .‬تم الدمج‪ ،‬لكي تنتهي الحرب‪.‬بيد ان الحرب هي الحرب‪.‬‬ ‫سادت اثناء الحرب مص طلحات تعب‪Y‬ر عن جغراف ية ال مر الوا قع العس كري على الرض‪.‬‬ ‫أشهر ها مص طلحا "بيروت الغرب ية" و "بيروت الشرق ية"‪ .‬فص ل ب ين البيروت ين خط تماس‪:‬‬ ‫طر يق صيدا القدي مة في الضاح ية الجنوب ية‪ ،‬الطيو نة تقا طع المت حف – العدل ية‪ .‬بالمقا بل‪:‬‬ ‫السوديكو وصول‪ L‬الى ساحة الشهداء ومنطقة الفنادق والمرفأ‪.‬‬

‫‪ / 16‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫"أحترمت" الجمعيات الهلية ومؤسسات الدفاع المدني الحدود العسكرية بين الجبهات المتقابلة‬ ‫في جبهت ين‪ .‬وكل ما قرب مو قع الع مل من خطوط التماس تعرض العاملون الى الخطار‬ ‫المباشرة‪ :‬الق نص‪ ،‬الس يارات المفخ خة‪ ،‬اللغام‪ ،‬العبوات النا سفة‪ ،‬القص ف العشوائي‪ ،‬الخ طف‬ ‫والق تل على الهو ية‪ .‬الق نص ا سوأ انواع الموت‪ .‬ا نه الر عب الحقي قي‪ .‬تولت فرق ال سعاف‬ ‫والدفاع المد ني التاب عة للهيئات الشعب ية في شطري العا صمة سحب الج ثث "المقنو صة" ا ثر‬ ‫اعلن هدنات قصيرة بين المتحاربين‪ .‬لع بت الهيئات الهل ية دور الموانىء بكثافة الم وبو عي‬ ‫بل خ فة‪ .‬ل ط يش ب ين حافت ين متقاتلت ين بانا قة متوحش ة‪ .‬لم ت جد هيئات لبنان اعذارا‪ L‬للختباء‬ ‫بعيدا‪ L‬من العيون المبص رة بالقوة والخيال المس افة الفا صلة بين ها وب ين ال خر‪ .‬بدت الهيئات‬ ‫كالرؤى المتس للة في الممرات والقنوات والمس الك ‪ .‬لم يخ فض متطوع او محترف سرعة‬ ‫سيارته و هو يد خل في تفا صيل الجهات ال تي يص نعها التار يخ متذرعا‪ L‬بالجغراف يا‪ .‬اختر قت‬ ‫الهيئات الهل ية شوارع البلدات الص غرى وال كبرى على عبارات وهم ية‪ .‬و صلت الى شوارع‬ ‫رئيس ية‪ .‬غ ير ان ها ضي قة‪ :‬شوارع مقطو عة باشارات النذار وبطلقات الق نص الزة بالعقوبات‬ ‫البطيئة غ ير الفات نة‪ .‬توا ضع مترف بل احتمال تفاد‪ .‬ل و قت للح ظة تأ مل مجان ية‪ .‬ان هم زوار‬ ‫مؤقتون انجزوا عمليات تبادل لل سرى والمخطوف ين والج ثث بس يارات ا سعاف باعلم ها‬ ‫واشاراتها‪ .‬عند خطوط التماس‪ :‬مراكز طوارىء ومستوصفات ميدانية ثابتة ‪ .‬انها تشتعل ليل‬ ‫نهارا‪ .‬اضطل عت المرا كز هذه بدور فا عل وا ساسي برعا ية واحتضان ومس اعدة الس كان‬ ‫المقيم ين في المنا طق المعر ضة الى الخطار‪ .‬واولئك النازح ين بف عل القتال والفرز الطائ في‪.‬‬ ‫ان وجود مرا كز منتشرة ب ين الحياء الهلة بالس كان ‪-‬التاب عة لمنظمات وجمعيات اهل ية‬ ‫وانس انية‪ -‬شك ـ‪Z‬ل عا مل را حة واطمئنان للمواطن ين المدني ين‪ .‬قد مت تلك المرا كز مس اعدات‬ ‫مختل فة‪ ،‬بدءا‪ L‬با سعاف الجر حى وعلج المر ضى والمص ابين وتوف ير الدواء وتأم ين الحاجات‬ ‫والمستلزمات الولية التي تساعد الهالي على الصمود في مناطقهم‪ .‬وقد اولى د‪ .‬كامل مهنا‬ ‫عنا ية خا صة بالمهجر ين‪ .‬هؤلء‪ ،‬من اضطروا الى احتلل ش قق سكنية بالقرب من خطوط‬ ‫التماس‪ ،‬افتقرت الى ال حد الد نى من شروط المان والحفاظ على الص حة العا مة‪ .‬لم تنق طع‬ ‫المؤ سسات الهل ية والمدن ية‪ ،‬عن القيام بحملت توع ية وتلق يح واطلق برا مج صحة مدر سية‬ ‫وانشطة اخرى‪ ،‬عبرت باستمرار عن ارادة الحياة بالرغم من سطوة مناخات الموت‪.‬‬ ‫تميز دور المنظمات الهلية خلل سنوات المحنة بـ‪" :‬قبول التحدي"‪ .‬اعتمدت غالبا‪ :L‬التفكير‬ ‫الخلق‪ .‬مرو نة وتك يف مع المعطيات المتغيرة وتفا عل مع المجت مع المحلي ب ـ‪" :‬تح مل‬

‫‪ / 17‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫المس ؤولية بمشار كة ابناء الحياء"‪ .‬ب ـ ‪":‬التعاون مع القطاع العام والمنظمات الدول ية"‪ ،‬بس يادة‬ ‫"روح الفريق والعمل الجماعي" في جو من "التضحية والعطاء"‪.‬‬ ‫تجربة المؤسسات الهلية خلل سنوات الحرب دليل على " اهمية المجتمع المدني في لبنان"‪.‬‬ ‫تجربة ترمز للسلم الهلي بمحاولة صيانتها دور الدولة‪ ،‬بالرغم من ضآلة القدرات ‪" .‬عامل" ‪:‬‬ ‫حكو مة اهل ية‪ .‬بحكماء و خبراء وناشط ين في حقول التنم ية وحقوق النس ان‪ .‬وتمك ين المرأة‬ ‫وقضا يا البيئة وشؤون ال من النس اني‪ .‬متدر بو ادارة الزمات اضحوا حللو ها‪ .‬ان ها اقتراح‬ ‫البدائل عن عصبيات الطوائف‪.‬‬ ‫الرقام مذهلة‪ .‬ل تكاذب متبادل و سط التنا فس والص راع‪ .‬ل عل هذا ما يفس ر مهمات الهيئات‬ ‫الهل ية المتكاثرة بنزا هة وبص لحيات بل ارتهانات‪ .‬الرقام مذهلة‪ :‬ازداد عدد المس توصفات‬ ‫والمرا كز الص حية من ‪ 250‬الى ‪ .761‬يت بع اكثر ها الى الهيئات الهل ية‪ .‬الرقام مذهلة ‪ :‬بلغ‬ ‫عدد الجمعيات المعن ية بذوي الحاجات الخا صة عشر ين جمع ية ق بل الحرب‪ .‬اثناء الحرب‪.‬‬ ‫ارتفع العدد الى ثمانين‪ .‬الرقام مذهلة‪ :‬وصل عدد الجمعيات بالسلم الى مئتين وخمسين‪ .‬ارتفع‬ ‫عدد ها ستة اضعاف تقريبا‪ .‬بدأت باربع ين جمع ية‪ .‬ثم و صلت الى ما و صلت ال يه‪ .‬الرقام‬ ‫مذهلة‪ :‬تجاوزت اعداد الشهداء والجر حى والمعوق ين في الهيئات الهل ية المئات‪ .‬لن تذ كر‬ ‫ا سماؤهم‪ .‬لن اخفاء السماء في تقنيات سلمة الداء‪ .‬اننا امام ثقا فة اخرى‪ ،‬ل تزال " عا مل‬ ‫تل عب في بنائ ها ادوارا‪ L‬بال غة الجودة والحيو ية في سبيل النس ان ورفع ته‪ .‬لم يتج نب الشهداء‬ ‫الحوادث ول طوارىء يوميات الحرب‪ .‬لم ينتظروا ان يرفعوا ل هم نص با‪ L‬تذكار ية او لوحات‬ ‫تخل يد‪ .‬حملوا اجس ادهم في اكف هم‪ .‬نص بوها بح كم الضرورة والقنا عة‪ .‬لم يرهقوا ك ما يف عل‬ ‫مواطنون عاديون في بازار فلتان نس بي او كل ـ‪Z‬ي‪ .‬قد مت "عا مل" تميز ها بشهدائ ها و في‬ ‫سياستها المبنية على الل سياسة بالطريق القانو ني للس ياسة‪ .‬مؤ سسة تر شح بالنتماء الى البلد‪.‬‬ ‫كل البلد‪ .‬ذلك انها طالما استجابت الى مستلزمات الرشد والمسالك الرشيدة‪ ،‬بمساهمة نافخة‬ ‫على الغبار الملتف حول جوهر لبنان ودوره في محيطه‪" .‬عامل" بل منة‪ .‬نموذج ‪ -‬ل مؤقت‪-‬‬ ‫في بلد مهدد دوما‪ L‬بالشائبة والبلية‪.‬‬ ‫شكلت مؤ سسة "عا مل" بوادر انفراج في و عي الموا طن و سلوكه في التركي بة الجتماع ية‬ ‫اللبنانية‪ .‬مؤسسة ضد المسكنات‪ .‬مؤسسة ضد تعجيز المواطن‪ .‬مؤسسة ضد الترجمة الحرفية‬ ‫للمواث يق المخطو طة باللغات الجنب ية‪ .‬ميزت نفس ها بالس ياسة هذه‪ ،‬ك ما ميزت ها بالموا قف في‬ ‫اصعب المراحل بتاريخ لبنان‪ .‬ثم انها ميزت نفسها بفريق عمل‪ ،‬على رأسه ابرز رجال لبنان‬

‫‪ / 18‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫بالمجالت‪ :‬الجتماع ية والس ياسية والتنمو ية‪ .‬ميزه دأ به‪ ،‬ميز ته اعماله و هو ل يزال طالبا‪ L‬في‬ ‫باريس‪ .‬ثم مسيرة تجرده ول طائفيته وتنمويته واستيعابه للتحديات الداخلية والقليمية والدولية‬ ‫بلبنان‪ .‬ماهر ل مهارة افراد الطاقم السياسي بلبنان‪ .‬لذا‪ :‬لم يمارس الساءة على احد‪ .‬لم يبتز‬ ‫احدا‪ .‬لنه‪ :‬حاكم بصلحيات ذاتية غير مستوردة وغير ممنوحة من الخرين‪ .‬متحكم بقراره‬ ‫حين يشاء‪ .‬متحكم بالمبادرة‪ .‬انه صاحب مبادرة دائمة‪ .‬ولمن ل يعرفه‪ :‬هذا رجل حكيم‪ ،‬هذا‬ ‫رجل متساهل‪ .‬ولكنه رجل يذبح بخيط الحرير‪ .‬بيد انه ل يتربص‪ .‬وان لم يدع صورة حديثة‪،‬‬ ‫ف هو صاحب طروحات حدي ثة بمجاله في ح يز من الحر ية وضمان الملك ية الشخص ية وال حق‬ ‫الشخص ي الم حض بل ا ستثناء‪ .‬لذا‪ :‬حاز اجماع الكثير ين حول شخص ه في احواله‪ .‬ر جل‬ ‫بحقوق مواطن عادي‪ ،‬يبلور رؤاه ويجددها كلما وجدها متبلورة‪ .‬خطابه خطاب المؤسسة‪ .‬لذا‬ ‫لن يز يل ا حد ع يب الروا ية اله‪ .‬لن ها رواي ته‪ .‬لن ها حيا ته المتداخلة في رواي ته‪ .‬ورواي ته‬ ‫المتداخلة بحياته‪ .‬افضل الرواة راوي سيرته‪ .‬عامل‪ :‬جزء من سيرته‪.‬‬ ‫يروي د‪ .‬مه نا‪ " :‬عا مل جمع ية مدن ية ذات منف عة عا مة‪ ،‬بمو جب مر سوم جمهوري ر قم‬ ‫‪ . 5832/1994‬هيئة ذات صفة ا ستشارية خا صة لدى المجلس القتص ادي الجتما عي لل مم‬ ‫المتحدى ‪ ECOSOC‬م نذ عام ‪ .2001‬تح مل شعار‪" :‬معا‪ L‬من ا جل التنم ية المس تدامة"‪ .‬هي‬ ‫ايضا‪ L‬عضو مؤسس في " تجمع الهيئات التطوعية في لبنان"‪ .‬و " شبكة المنظمات العربية غير‬ ‫الحكوم ية للتنم ية" و" الشب كة العرب ية للمنظمات الهل ية" و في " المجلس الدولي للجمعيات‬ ‫التطوع ية" و منظم تي " سيفيكوس والتالر"‪ .‬ل ها علقات شرا كة مع عدة جمعيات وشبكات‬ ‫ومنظمات‪ .‬ابرز ها‪ :‬منظ مة الص حة العالم ية‪ ،‬برنا مج ال مم المتحدة النمائي‪ ،‬المفوض ية العل يا‬ ‫للجئ ين والتحاد الورو بي‪ .‬يروي د‪ .‬مه نا بدون ان يش ير الى ا نه حاز أو سمة عدة‪ :‬و سام‬ ‫الرز الوط ني من رئ يس الجمهور ية اللبنان ية الس ابق الياس الهراوي‪ .‬و سام جو قة الشرف‬ ‫الفرنس ي من رئ يس الجمهور ية الفرنس ية جاك شيراك‪ .‬درع نقا بة الطباء في لبنان‪ .‬لن يش ير‬ ‫الى سلة اوسمة اخرى‪ ،‬لم يجد ارتفاع منسوبها حجة لدى صاحبها‪ ،‬لكي يجد لها مساحة بارزة‬ ‫في منزله او مكتبه‪.‬‬ ‫يروي ‪ ،‬لكي يحدد اهدافها‪:‬‬ ‫‪-1‬ان تو فر للجم يع ‪:‬ال حق في الت عبير‪ ،‬الص حة‪ ،‬التعل يم‪ ،‬الس كن‪ ،‬الع مل‪ ،‬الغذاء‪ ،‬البيئة‬ ‫السليمة‪ ،‬بمعزل عن الجنس والعقيدة والدين‪.‬‬

‫‪ / 19‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫‪ -2‬تمك ين الفئات المهمش ة من المشار كة في العمل ية التنمو ية وتشج يع المبادرات المحل ية‬ ‫والتقويم المستمر للبرامج وتصويبها بما يتلءم مع حاجات الناس وتطلعاتهم‪.‬‬ ‫‪-3‬اشراك النساء في الستراتيجية التنموية للمؤسسة وتعزيز دورهن الريادي في المجتمع‪.‬‬ ‫‪-4‬اشراك الشباب في البرا مج التنمو ية‪ ،‬ل سيما التعليم ية والتدرب ية من ها وتأهيل هم لتح مل‬ ‫المسؤوليات القيادية مستقبل‪.‬‬ ‫‪-5‬تعز يز التنس يق مع الهيئات الهل ية‪ ،‬محليا‪ L‬اقليميا‪ L‬وعالميا‪ L‬من أ جل قيام مجت مع مد ني‪،‬‬ ‫بشراكة دائمة مع القطاعين العام والخاص في البرمجة والتخطيط والتنفيذ‪ :‬من اجل تنمية‬ ‫مستدامة‪.‬‬ ‫برامجها الرئيسة‪:‬‬ ‫‪-1‬برنامج تنمية القدرات البشرية‪ .‬هدفه‪ :‬توفير المعرفة والمهارات كأدوات اساسية للتنمية‬ ‫المستدامة‪.‬‬ ‫‪-2‬برنامج الرعاية الصحية‪ .‬هدفه‪ :‬التثقيف والوقاية والعناية الصحية من اجل توفير الصحة‬ ‫للجميع‪.‬‬ ‫‪-3‬برنامج التربية القائم على مبادىء حقوق النسان والمواطنة والحوار‪ .‬هدفه‪ :‬تقبل الخر‬ ‫وصول‪ L‬الى التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫‪-4‬برنا مج الص حة النفس ية والمواط نة‪ .‬هد فه‪ :‬تشج يع الت عبير ال حر والبداع كأدوات علج‬ ‫ووسائل فاعلة في المشاركة‪.‬‬ ‫ل يزال الرجل يحلم‪ .‬حلمه خطابه الخفي‪ .‬حلمه استنارة شخصية واستجابة الى الخرين في‬ ‫ساحة مفتوحة على الرحابة وضد تصفية الحسابات او سربلة الطاقات او قمعها‪ .‬ل يزال يحلم‬ ‫بـ‪:‬‬ ‫انشاء " بيت حقوق النسان" في مبنى عامل الرئيسي في بيروت‪.‬‬‫تعاونية زراعية في اطار برنامج التنمية الريفية‪.‬‬‫انشاء دار للمس نين ومر كز لعلج المراض العص بية والنفس ية في منط قة‬‫صور‪.‬‬ ‫يروي د‪ .‬كا مل مه نا بلس ان محارب للتفك يك والتقس يم والتفت يت‪ ،‬المبادىء ال تي تس ترشد ب ها‬ ‫مؤ سسة "عا مل" في نشاط ها العام ‪ :‬النس انية‪ ،‬عدم التمي يز‪ ،‬التطوع ية‪ ،‬ال ستقللية‪ ،‬الوحدة‪،‬‬

‫‪ / 20‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫العالمية‪ ،‬التوجه بشكل خاص الى اضعف الفئات من خلل برامج تساهم في تخفيف آلم الفرد‬ ‫وتوعيته‪ ،‬دون النظر الى دينه أو جنسه أو لونه أو عقيدته السياسية‪ .‬باختصار‪ :‬سعي دؤوب‬ ‫لبث المبادىء والقيم النسانية وصون الكرامة البشرية‪.‬‬ ‫عملت المؤ سسة م نذ تأ سيسها على ن بذ ثقا فة النقس ام والفرز الطائ في والعص بية والقبل ية‬ ‫والعشائر ية‪ .‬نادت بالخروج من سجن ال قبيلة الى فضاء الو طن الوا سع‪ .‬تجن بت حروب‬ ‫المص طلحات وحروب الشعارات‪ ،‬بأن دخلت صلب المواض يع عن طر يق الع مل المبا شر‪.‬‬ ‫حيث وظفت الطاقات في مجالتها وأماكنها المناسبة‪.‬‬ ‫عنده‪ :‬ا نه في ظل الوا قع المكر‪Y‬س م نذ عقود في لبنان والمنط قة العرب ية‪ ،‬ح يث تس ود ثقا فة‬ ‫التنظ ير الس لبي‪ .‬و في ضوء التجر بة الطويلة في "مؤ سسة عا مل" المدن ية والشبكات المحل ية‬ ‫والعربية والدولية‪ .‬رفعت المؤسسة رؤيتها المجددة الطامحة الى مستقبل واعد بازالة المعوقات‬ ‫وبر فع الحوا فز ال تي ينطوي علي ها خطاب المؤ سسة المم يز بل اوهام معال جة او لقاءات دون‬ ‫جدوى‪ .‬باختص ار‪ :‬شعار المؤ سسة‪ :‬التفك ير اليجا بي والتفاؤل المس تمر‪ ،‬بروح ية تنأى تماما‬ ‫عن الشعاراتية الفارغة والبي ملحميات‬ ‫) ابومل حم‪ /‬ب طل حلقات "يس عد مس اكم" على تلفزيون لبنان(‪ .‬شعار ممس وك به مة اجتراح‬ ‫العجائب‪ .‬وبرغ بة تد و ير الخ طى بعيدا‪ L‬من الس لطة الس ياسية المهيم نة على طائ فة او مذ هب‪،‬‬ ‫باعوجاجات السلطة‪ .‬شعار في مقابل شعار " الهدم على يدي ول البناء على يد الغير"‪ .‬ارتفع‬ ‫منس وب الشعار هذا بارتفاع منس وب النجاحات المحق قة ف يه و عبره‪ .‬ل ل غو و ل اشتقاق اول‪.L‬‬ ‫بل حاجة الى محاربة ازدياد الفقر وتعطيل قدرات الطبقة الوسطى على التمتع بمستوى حياة‬ ‫مقبول‪ .‬ثانيا‪ :L‬اعتماد خ طة الثلث ميمات‪ :‬مبدأ‪ ،‬مو قف‪ ،‬ممار سة ) ف كر ولس ان وع مل(‪ .‬ا نه‬ ‫ماندلي الهوى هنا‪ :‬وسط عمق الفوارق الجتماعية بين اللبنانيين واستقواء العصبيات الطائفية‬ ‫علي هم‪ .‬ماندلي الهوى باعجا به بطرو حه الملئ مة‪ :‬تو فر الرؤ ية يح فز على تطبيق ها بمس احتها‬ ‫العملية‪ .‬بمقدورنا ان نغير العالم بتوفر الثنتين‪ .‬ثالثا‪ :L‬اختصار اسلوب العمل مع الصدقاء‬ ‫والمحايد ين والخص وم في المجت مع بالتالي‪ :‬توث يق العل قة بال صدقاء‪ .‬الع مل على تحو يل‬ ‫المحايدين الى اصدقاء‪ .‬السعي الى تحييد الخصوم‪ ،‬بعكس الثقافة السائدة في مجتمعاتنا‪" ،‬حيث‬ ‫نختلف حول القليل الذي يفرقنا ونهمل الكثير الجامع" ‪.‬‬ ‫رابعا‪ :L‬الترك يز على قي مة " نظام القدوة" كقوة داف عة ومحر كة للخر ين للقتداء بالنماذج‬ ‫والرموز الكبيرة‪ .‬ذلك ان الطبقة السياسية في لبنان لم توفق في اعطاء أفضل ما عندها‪ .‬لذا‪:‬‬ ‫حاولت منظمات المجت مع المد ني – ول تزال –اعطاء الفض ل من ا جل النتقال من ثنائ ية‬

‫‪ / 21‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الس لطة والرعا يا الى ثنائ ية الدولة والموا طن‪ .‬ل يس لتغط ية ع جز حا صل‪ .‬بل لزيادة الموارد‬ ‫وتحصين الحتياط المحلي البالغ الهمية في بلد انبنت على الستيراد في واقعة مخيفة‪.‬‬ ‫انطل قت مؤ سسة "عا مل من مبدأ‪ .‬ان ل سبيل الى الخروج من ازمات محتمع نا ال بالع مل‬ ‫مصحوبا‪ L‬بالمثابرة والتضحية‪ .‬تم اختيار اسمها في ضوء المبدأ هذا بالنسجام مع ذهنية العمل‬ ‫المشترك‪ .‬انها مؤسسة مدنية اجتماعية تنموية وطنية‪ ،‬تحمل من وجع الحرب وآلمها بقدر ما‬ ‫تحمله من الرادة والطموح الى مجتمع تسوده الحرية والعدالة الجتماعية‪ .‬يرمز‬ ‫ا سمها ايضا‪ L‬الى " ج بل عا مل"‪ :‬عنوان الحرمان والبؤس بالطموح الدائم بالتغي ير‪ .‬ير مز‬ ‫ا سمها الى " العا مل"‪ .‬ل ما يمثله العا مل من معاناة و من قدرة على العطاء والمثابرة‪ .‬و هي‬ ‫حر صت على ر بط ولدت ها بأحداث وطن ية كبرى ت حت قوس دور ها الجتما عي والنس اني‬ ‫والوط ني‪ ،‬مع تبرة ان عمل ية التغي ير في المجت مع هي مس ؤولية الحزاب الس ياسية بالدر جة‬ ‫الولى‪.‬‬ ‫لم تمتلك " عا مل" امكانات مال ية ول مقرا‪ L‬م نذ تأ سست‪ .‬عند ها‪ :‬اعتمدت عيادة رئيس ها ) في‬ ‫منط قة البرب ير – بنا ية عمودي سنتر مقرا‪ L‬مؤقتا‪ .(L‬ثم‪ :‬بادرت الى القيام بحملت تلق يح في‬ ‫مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية من بيروت‪ ،‬حيث شارك في كل حملة حوالي مائة‬ ‫متطوع‪ ،‬بين طبيب وممرض وممرضة واداري‪.‬‬ ‫جرت الحملة الولى في منط قة البقاع با سم " اللج نة الوطن ية لمهجري ابناء الخيام‪ .‬بانتظار‬ ‫الحصول على العلم والخبر من وزارة الداخلية‪ .‬تميزت المرحلة هذه بروح عالية من الندفاع‬ ‫والعطاء‪ .‬اذ قدم بطاقات التلق يح والمطبوعات ا حد اعضاء "عا مل"‪ .‬تك فل المتطوعون انفس هم‬ ‫كلف انتقال هم من منط قة الى اخرى‪ .‬بدور ها تكفلت "المجالس الس ياسية" التاب عة ل ـ "الحر كة‬ ‫الوطنية" في مختلف المناطق اللبنانية باطعامهم‪ .‬اما اللقاحات‪ :‬جرى تأمينها من وزارة الصحة‬ ‫العامة ومنظمة اليونيسف‪ .‬شملت الحملت اثنين وعشرين الف طفل )‪ 22‬الفا‪ (L‬تم تلقيحهم ضد‬ ‫الشلل والثلثي ) شاهوق – خانوق – كزاز( والحصبة‪ .‬الهم انه خلل الحملت هذه‪ :‬انجزت‬ ‫ابحاث ودراسات اجتماعية اولية تناولت ‪ 75‬قرية وبلدة ومنطقة‪ .‬رافق الحملت هذه‪ :‬مندبون‬ ‫من جمعيات اجنبية مانحة ساهموا في نشاطات " جمعية النجدة الجتماعية"‪ .‬كما ساهموا في‬ ‫فتح عدد من المراكز لـ "عامل" ‪ .‬اولها في منطقة " وادي ابو جميل" التي لجأ اليها قسم من‬ ‫مهجري النبعة وسن الفيل وبرج حمود ما بين عامي ‪ 1975‬و ‪ 1976‬في "حرب السنتين"‪ .‬قدم‬ ‫المطبوعات مجانا‪ L‬عض و الهيئة العا مة في المؤ سسة الدكتور ابراه يم قبيس ي ) رئ يس الجام عة‬

‫‪ / 22‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫اللبنان ية سابقا( الذي كان يملك مطب عة ودار نش ر مع شري كه صديق المؤ سسة د‪ .‬رياض‬ ‫الصمد‪.‬‬ ‫ب قي لل خت أد يل منزي‪ ،‬اليطال ية‪ ،‬الفض ل في بناء علقات بهيئات اجنب ية مان حة‪ .‬عملت‬ ‫حوالي ‪ 13‬سنة مع " مجلس كنائس الشرق الوسط"‪ .‬ثم في " النجدة الجتماعية"‪" .‬حيث عملنا‬ ‫معا"‪ .‬اعتبرها مرشدة لي في العمل النساني‪ .‬وقفت الى جانبي في مرحلة التأسيس عبر قيامها‬ ‫بتوج يه ر سائل شخص ية الى ا صدقائها في الخارج‪ ،‬خا صة جمع ية ‪ EPER‬الس ويسرية ال تي‬ ‫ساعدتنا خلل الحرب‪ .‬ثم ان ها او صلتنا الى بعثات الجر حى الى ايطال يا وامير كا بالتص ال‬ ‫بدبلوماسية صديقة لها في سفارة ايطاليا في لبنان والس يد عابدين حيارة امين اللجنة العربية‬ ‫الميرك ية لمحار بة التمي يز في الوليات المتحدة الميرك ية والذي كان يزور لبنان في تلك‬ ‫الفترة وترب طه صداقة ب ها‪ .‬اخبر ها عن رغ بة اللج نة )‪ (ADC‬با ستقبال جر حى لبناني ين‬ ‫وفلسطينيين في المستشفيات الميركية ‪".‬عندما‪ ،‬التقيته في مركز "عامل" تم التفاق فيما بيننا‬ ‫على نقل الجرحى الى واشنطن"‪.‬‬ ‫انطل قت "عا مل" فعليا‪ L‬عام ‪ .1982‬حدث هذا ابان الغزو ال سرائيلي للبنان‪ .‬غزو او صل‬ ‫السرائيلي الى حصار بيروت لمدة ‪ 88‬يوما‪ ،L‬تعرضت خللها العاصمة اللبنانية الى القصف‬ ‫بكل انواع السلحة في حوزة الجيش السرائيلي‪ ،‬برا‪ L‬وبحرا‪ L‬وجوا‪ .‬بمواجهة الوضع المأساوي‬ ‫هذا ‪ -‬بعد اضطرار العديد من المستشفيات الى التوقف عن العمل بشكل قسري نتيجة العمال‬ ‫الحربية في مناطق تعج بالسكان المدنيين‪ -‬تم التفاق مع وزير الصحة اللبناني آنذاك د‪ .‬نزيه‬ ‫البزري )في مكتبه الواقع في منطقة المتحف( على تجهيز مجموعة من المستشفيات الميدانية‪،‬‬ ‫في ملجىء عدد من البنية‪ ،‬بالتعاون بين الوزارة والهيئات الهلية‪.‬‬ ‫بادر الوزير البزري الى ترجمة التفاق هذا بناء على اقتراح " عامل" وممثلي الهيئات الهلية‪،‬‬ ‫بأن كلف الص يدلي حس ني شبارو تأم ين الدو ية والمعدات الطب ية الضرور ية لتجه يز‬ ‫المستشفيات الميدانية‪ .‬حازت "عامل" ثلثة من أصل ستة مستشفيات ادارتها الهيئات الهلية‪.‬‬ ‫الولى في مدرسة راهبات البيزونسون في وادي ابو جميل )الحي اليهودي سابقا‪ .(L‬الثانية‪ :‬في‬ ‫منطقة المصيطبة بالتعاون مع " مفوضية الصحة في الحزب التقدمي الشتراكي"‪ .‬اما الثالثة‪:‬‬ ‫في مبنى بلدية حارة حريك في الضاحية الجنوبية‪.‬‬ ‫واذ تدهور الو ضع الم ني باضطراد في تلك المرحلة ‪ -‬خا صة في منط قة المت حف المحاذ ية‬ ‫لمقر وزارة الصحة حيث تمركزت الدبابات السرائيلية‪ -‬تعذر على وزير الصحة العمل في‬

‫‪ / 23‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫مكت به‪ .‬إذاك‪ :‬اعت مد المس تشفى الميدا ني التا بع لمؤ سسة "عا مل" في مدر سة راهبات‬ ‫البيزونسون مقرا‪ L‬مؤقتا‪ L‬للعمل والتنسيق مع مختلف الطراف‪.‬‬ ‫تزايد سريع في تحسن مستويات المقاومة الطبية في مقابل قوة‪ ،‬ليس من السهل التصدي لها‪،‬‬ ‫بارهاب ها المكتوب بالف الوقائع المخي فة بل بر يق‪ .‬لك مت المؤ سسات الهل ية اع تى جيوش‬ ‫المنط قة بتجر بة تجه يز المس تشفيات الميدان ية‪ .‬ثلة قليلة‪ .‬ب يد ان ها ناش طة ومؤم نة و قو ية ‪" :‬‬ ‫النجدة الشعب ية" و "مفوض ية الص حة في الحزب التقد مي الشترا كي" و "جمع ية ال سعاف‬ ‫الش عبي" و "مؤ سسة عا مل" الى مس توصف لبنان الوا حد‪ .‬بالتعاون مع اجهزة الدفاع المد ني‬ ‫والمتطوعين‪ .‬لم يمارس احد الفرقاء حق الفيتو على احد‪ .‬لن احدا‪ L‬لم يملك مخططا‪ L‬للسيطرة‬ ‫المطل قة على ذلك‪ .‬ا ستنكروا همج ية العدوان ال سرائيلي‪ .‬وبادروه بمبادرات من اعيرة ثقيلة‪.‬‬ ‫شكلوا طاقما‪ L‬واحدا‪ L‬في مس يرة علج القضا يا الراه نة بطموح و ضع مس ودات جديدة لمنا هج‬ ‫الن مو وال ستقرار المجتمعي‪ .‬عبروا من اجل ذلك شؤونا‪ L‬يومية ويوميات ذات شأن في خطة‬ ‫محك مة‪ ،‬متأملة‪ ،‬لنقاذ البلد من الطغيان والهرط قة والكذب والموت ال مبرمج‪ .‬اشرف على‬ ‫المس تشفى الميدا ني في مدر سة راهبات البيزونس ون في وادي ابوجم يل عضوا المك تب‬ ‫التنفيذي ل ـ "عا مل" د‪ .‬غس ان عيس ى ود‪ .‬قا سم علوش بالتعاون مع د‪ .‬مح مد برجاوي‬ ‫والمرحوم ابو منيب بيضون مسؤول اللجنة الشعبية في وادي ابو جميل‪ .‬والخت ماري من‬ ‫راهبات مدر سة البيزونس ون‪ .‬تعاون هؤلء مع اللج نة المشر فة على المس تشفى المؤل فة من‪:‬‬ ‫فا يز طه وا بو سليم مغن ية وفيص ل ايوب وحس يب غندور وناي فة كر كي ومح مد صولي ود‪.‬‬ ‫احمد عبيد ود‪.‬فؤاد مرعي وعشرات المتطوعين والمتطوعات‪.‬‬ ‫تطوع في مس تشفى الثلث ين سريرا‪ ،L‬طبيب في الجرا حة والمراض النس ائية ‪:‬د‪ .‬فاليري‪،‬‬ ‫الروسي الجنسية )جاء من مركز عمله في دار التوليد بالبازورية(‪ .‬كما تطو عت‪ :‬راهبات‬ ‫المدر سة ومجمو عة من الناس العادي ين كوداد المل‪ ،‬سميرة جابر‪ ،‬ميس م حيدر‪ .‬وتردد عل يه‪:‬‬ ‫اطباء من المؤ سسة واطباء من جمعيات اخرى‪ .‬ا م‪Y‬ن المس تشفى خدمات صحية متنو عة‪.‬‬ ‫ولدات وا سعاف وعلج مر ضى‪ .‬ساهم بش كل فعال في ا سعاف وانقاذ جر حى الشاح نة‬ ‫المفخ خة ال تي انفجرت قرب فندق الهوليداي إن‪ .‬ا ستقبل اربع ين جريحا‪ .L‬عول جت ف يه‬ ‫الصابات الخفيفة والمتوسطة‪ .‬تم نقل الصابات الخطيرة بواسطة سيارات السعاف والدفاع‬ ‫المد ني الى المستشفيات المتخصصة‪ .‬ثم انها اقا مت حملت وا سعة للتبرع بالدم‪ .‬ولم يقتص ر‬ ‫ال مر ع ند ال حد هذا‪ ،‬اذ قام المتطوعون في مر كز البيزونس ون ‪ ،‬بتوز يع مياه الش فة على‬

‫‪ / 24‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الهالي‪ .‬باشروا بحملت رش مبيدات وتنظيف شوارع وغيرها من العمال التي توقفت بلدية‬ ‫بيروت عن القيام بها بسبب ظروف الحرب‪ .‬غير انه في الخامس من آب عام ‪ :1982‬اصيب‬ ‫المستشفى بقذيفة اسرائيلية‪ .‬سقطت القذيفة على الطابق السفلي حيث تقطن الراهبات‪ .‬اصيب‬ ‫د‪ .‬فاليري بجروح وا صيبت الراه بة ماري بكس ر في فخذ ها‪ .‬ك نا نقل نا الجر حى والمر ضى‪،‬‬ ‫اللت والتجهيزات من الطا بق الر ضي الى ملجىء المدر سة‪ ،‬جراء قص ف البوارج‬ ‫ال سرائيلية في الول من آب العام ‪ .1982‬سقطت قذي فة على سطح مب نى المدر سة ‪-‬‬ ‫المستشفى الميداني ‪ -‬دب الذعر في صفوف الجرحى والمرضى‪ .‬اخذ جاد يبكي ويصرخ‪.‬‬ ‫جاد ابن تسع سنوات‪ .‬بتر القصف السرائيلي ساقه اليسرى‪ .‬عالجناه في المستشفى‪ .‬حاولنا‬ ‫تهدئة روعه‪ ،‬اذ ظننا انه خائف من القصف‪ .‬غير انه أجاب بانفعال‪ :‬انا ل ابكي‪ ،‬لنني خائف‬ ‫من القصف‪ .‬بل لنني قلق على والدتي الموجودة في منطقة الروشة‪ .‬أخشى ان تصاب بأذى‪.‬‬ ‫"نض ج اطفال نا ق بل الوان‪ .‬لن جاد هو وا حد من نماذج أطفال عانوا وتحدوا في آن‪ ،‬ب ظل‬ ‫ظروف خطرة"‪ .‬ل حلوى بالحليب‪ .‬ول مساحة تحت الشمس‪ ،‬لكي يلعب الطفال فيها‪ .‬ط فل‬ ‫في ساحات الس لح‪ .‬ل يتل هف الى ع يش الفض ل في مدي نة بل نظا فة وبل حدائق‪ .‬مدي نة‬ ‫تعلوها قبة من السموم واللوان السامة والطائرات السرائيلية الجاعرة في الفضاء‪ ،‬اثر قتلها‬ ‫اطفال‪ L‬في مهودهم وشيوخا‪ L‬في مهاجعهم وعصافير طائرة بين صفاء سماء وبورصة قتل بل‬ ‫سندات‪ .‬ارت فع مؤ شر د‪ .‬كا مل مه نا في تلك اليام بتحد يد انشاءات المس تقبل‪ :‬ل مس تقبل بل‬ ‫اطفال‪ .‬ل حياة بل كرا مة في بيروت‪.‬اقا مت بيروت معادلة أخرى ايام ها‪ :‬كرا مة العالم امام‬ ‫شجاعة الطفال‪.‬‬ ‫كل ما تول ـ‪Z‬د التهاب في المدي نة‪ ،‬ادرك ال كل أن البؤر الجرثوم ية بؤر خارج‪ .‬ر مت البؤر هذه‬ ‫جراثيم ها باليدي وعلى الرض والدوات و في الب حر وال جو‪ .‬أض حت المدي نة ب جو غر فة‬ ‫عمليات‪ .‬ول كي ل يموت اللبنانيون ا ثر ا ستنشاقهم مواد الحتلل الس امة‪ .‬ول كي ل تتقرح‬ ‫جلود هم وت بظ عيون هم أو يص ابوا بالتهابات كلو ية أو صدرية‪ .‬ل كي ل يص ابوا بآلة الفتراء‪،‬‬ ‫حللت البلد ا ساليب طي بة‪ ،‬ح تى تق يم حياة اللبناني ين ضد الطيور الجار حة الخف ية والظاهرة‪.‬‬ ‫طيور جاهزة للنقضاض الخ في‪ .‬ل كي ل تع مم سياسة الس طوح الو سخة‪ ،‬ارتف عت المنتجات‬ ‫الدقي قة المص نوعة محليا‪ .‬ارتف عت ثم كثرت‪ .‬ارتفعت كالش ك‪ .‬احد ها‪ :‬المستشفى الميداني في‬ ‫المص يطبة‪ .‬ا نه ز من المس تشفيات الميدان ية‪ .‬ح يث ل ش يء ال الميدان‪ .‬ع مل المس تشفى هذا‪،‬‬ ‫مس تشفى وا قع في شارع العنتبلي بمنط قة المص يطبة‪ ،‬ت حت اشراف مجمو عة من الطباء‪.‬‬ ‫بين هم‪ :‬عض و الهيئة الدار ية في "عا مل" ومفوض الص حة في الحزب التقد مي الشترا كي د‪.‬‬

‫‪ / 25‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫بهيج عربيد و د‪ .‬غسان عيسى ود‪ .‬حسين شحرور ود‪.‬منيب حلواني و د‪.‬عبداللطيف قرانوح‬ ‫ود‪ .‬هي ثم العارف‪ ،‬بمس اعدة مجمو عة من ‪ 40‬متطوعا‪ L‬ما ب ين طبيب وممرض واداري من‬ ‫لبنان والخارج‪ .‬جاء مع ظم المتطوع ين الوروبي ين والميركي ين هم من‪" :‬جمع ية اطباء بل‬ ‫حدود" و "جمعية اطباء العالم" )‪.(Medcins du monde) – (Medcins sans frontiére‬‬ ‫دعم الجهاز التمريضي في المستشفى باسماء كثيرة ‪ ،‬يذكر د‪ .‬مهنا منها‪ :‬زهرة قبلن‪ ،‬نايفة‬ ‫كركي‪ ،‬محمد صولي‪ .‬تميز المستشفى هذا بقدرته الستيعابية‪ .‬سبعون سرير‪ .‬تميز المستشفى‬ ‫هذا بقدر ته ال ستيعابية‪ :‬مئة مر يض باليوم الوا حد‪ .‬حالت ولدة‪ ،‬عمليات جراح ية باشراف‬ ‫جراح – من ا صل هندي – يح مل الجنس ية الس ويدية‪ .‬وآ خر الما ني من جمع ية "يوهان تر‬ ‫الطب ية"‪.‬و قع‪ ،‬خيار نا على مب نى شا هق ‪ ،‬انشأ نا مس تشفى المص يطبة الميدا ني في طبقا ته‬ ‫الرض ية ل كي نحم يه من غارات الطيران الحر بي ال سرائيلي‪ .‬شغلت الطابق ين الرضي ين‬ ‫مجموعات مس لحة من "الحزب التقد مي الشترا كي"‪ ،‬بق يت هناك الى ان قام د‪ .‬مه نا برف قة‬ ‫رئيس الحزب وليد جنبلط بزيارة الى الملجىء برفقة د‪ .‬بهيج عربيد‪ .‬تم اخلء الطابقين من‬ ‫العنا صر المس لحة‪ .‬اثر ها‪ :‬بدأت عمل ية تجه يز غرف العمليات وتأم ين التهوئة والمياه‬ ‫والكهرباء‪ .‬تأم ين كل ما يلزم الع مل الص حي الميدا ني في ظروف شديدة الص عوبة والتعق يد‬ ‫بامكانيات محدودة وبسرعة قصوى ‪ .‬زارهم خلل عملية العداد‪ :‬المرحوم د‪ .‬فت حي عرفات‬ ‫رئيس جمعية الهلل الحمر الفلسطيني ‪ .‬انشأ الرجل مستشفيات ميدانية اهمها مستشفى كلية‬ ‫اللهوت للشرق الدنى في منطقة رأس بيروت – شارع الصوراتي‪ .‬ثبتت عند واجهته يافطة‬ ‫" اللج نة الطب ية المشتر كة اللبنان ية الفلس طينية"‪ .‬رف عت الياف طة ذات ها على مد خل كل مس تشفى‬ ‫ميداني انشأته اللجنة‪ .‬طلب د‪.‬عرفات من رئيس المؤسسة النضمام الى اللجنة هذه‪ .‬غير انه‬ ‫ر فض‪ ،‬ل كي ل تدبر الس ماء فاج عة اكيدة‪ .‬لم يح تج د‪ .‬مه نا الى اشياء كثيرة كي يس عد ‪ .‬لن‬ ‫يأتي سعده من شراكة‪ ،‬لن تغني الطرفين‪ ،‬لن شراكتهما سوف تعني انتصار احد على الخر‪،‬‬ ‫بدون ان يخو ضا معر كة او حربا‪ .‬أجا به‪ :‬انشأ نا المس تشفيات الميدان ية‪ ،‬بالتعاون مع وزارة‬ ‫الص حة العا مة‪ .‬ان ها بتص رف الجم يع‪ .‬و سواء تشارك نا او اشتغل نا فرادى‪ :‬تب قى القض ية‬ ‫الفلس طينية قضيت نا‪ .‬الحل قة المركز ية في الص راع العر بي – ال سرائيلي‪ .‬ال ا نه ب قي مص را‬ ‫على طل به‪ .‬وت حت عدم ا ستجابة د‪ .‬مه نا الى رغب ته‪ ،‬ال تف الى د‪ .‬به يج عرب يد‪ .‬كرر الخ ير‬ ‫امامه الموقف ذاته بتوضيح‪ :‬ان ما نقوم به معا‪ L‬يتم في اطار لن يبرز احد فوق الخرين‪ ،‬بظل‬ ‫العلقة اللبنانية‪ -‬الفلسطينية الواضحة والشائكة والملتبسة بآن‪ .‬المستشفيات والملجىء ليست‬ ‫ادوات شيطانية‪ .‬قد تضحي كذلك بتلبية الطلب‪.‬‬

‫‪ / 26‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫التنسيق والتعاون المشترك‪ .‬وهذا يكفي‪ .‬اتمام اتفاق ضمني بين د‪ .‬كامل مهنا وذاته ‪ ،‬لكي ل‬ ‫يو سم منتص ر محلي بو سم‪ .‬اتفاق حرص على ال ستقللية ا ثر تكا ثر الشكاوى من سياسة‬ ‫الحتواء التي مارستها بعض الطراف ضمن التحالف اللبناني – الفلسطسني‪.‬‬

‫‪-6‬‬‫جاءت "عامل" الى العالم ذات يوم تحت سقف سياسي وأمني متف جر‪ .‬لذا ي قص د‪ .‬كامل مهنا‬ ‫على رواية تلك الحقبة‪ ،‬حقبة السيل المدو‪Y‬ي في تاريخ لبنان‪ .‬حقبة اللهجات السابقة في مطبخ‬ ‫لبنان الغريب‪ ،‬بمطبخ العالم الغرب‪ .‬ولدت المؤسسة بدون خضوعها الى قواعد‪ ،‬لنها ولدت‬ ‫بقواعدها‪ .‬لن تقع طي النسيان ابدا‪ .L‬لن الولدة في حرب‪ .‬تمنح حياة ثانية وثالثة ورابعة‪ .‬هذه‬ ‫المؤ سسة لن تموت ‪ :‬لن ها ولدت بالحرب ‪.‬ولن ها ولدت بقواعد ها‪ .‬ولن ها ولدت با سماء ذات‬ ‫وزن في المجال السياسي والجتماعي‪.‬‬ ‫قراءة تار يخ "عا مل" تس توجب تف حص الحرب‪ .‬ح يث ان الحرب مس احة "عا مل"‪ .‬وطأت‬ ‫المؤ سسة حجارت ها وتراب ها في تلك المرحلة‪ .‬نقلت المتا عب الى ابطال ها ونقلت حس ن ال حظ‪:‬‬ ‫الى اللبنانيين‪ .‬نفخت في وجوههم نفسها‪ ،‬لكي تنقل اليهم حسن الحظ‪ .‬وهين فعلت‪ .‬وخصوصا‬ ‫في الثلث ين سنة الولى من حيات ها‪ .‬سنوات موت وحذر ودمار وحياة وحياة وحياة‪ .‬الحياة‬ ‫قص ة طويلة في حياة "عا مل" ‪ .‬لذا تتطلب روايت ها صبرا‪ L‬و سماعها صبرا‪ .L‬لم يض ع خيط ها‬ ‫على طرقات الموت والدمار‪ ،‬في بحث ها عن الحياة‪ .‬لذا لم ت قع في اليأس‪ .‬لذا‪ ،‬لم ي قع ابطال ها‬ ‫في اليأس‪ .‬لذا لم ي قع اللبنانيون الذ ين عاضدو ها وعاضدت هم في اليأس‪ .‬لن يس تعاد ذلك‬ ‫بص فحات عديدة‪ .‬صفحات "عامل" كثيرة‪ .‬ال ان الرواية على الورق‪ ،‬عليها ان تتفادى الطول‬ ‫والتطويل‪ .‬الرواية على التخوم‪ ،‬هذا صحيح‪ .‬الرواية تستطلع القلب‪ ،‬هذا صحيح ايضا‪ .m‬لنها‬ ‫رواية نقوش ومنحوتات‪ .‬رواية اجزاء‪ .‬غير انها ليست احجية‪.‬‬ ‫اثر مجازر صبرا وشاتيل الشهيرة‪ :‬سرت شائعات عن اقتراب قوات سعد حداد المتعاملة مع‬ ‫اسرائيل من حدود المناطق الشعبية اللبنانية بالمنطقة الغربية‪ :‬طريق الجديدة‪ ،‬منطقة ابوسهل ‪،‬‬

‫‪ / 27‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫كورن يش المزر عة‪ ،‬بربور‪ .‬وغير ها‪ .‬ي قع تار يخ الشا عة ب ين ‪ 16‬و ‪ 18‬ايلول من العام‬ ‫‪ .1982‬يومان على مجازر صبرا وشاتيل‪ .‬حيث استشهد مئات الفلسطينيين واللبنانيين الفقراء‬ ‫بر صاص ورؤوس حراب القوات ال سرائيلية و"القوات اللبنان ية"‪ .‬اغت يل بش ير الجم يل‪.‬‬ ‫اثرها‪:‬نفذت واحدة من اشرس وابشع المجازر بالقرن العشرين‪ .‬حملت الشاعة صور الشهداء‬ ‫والتمثيل بهم الى سكان وقاطني تلك المناطق‪ .‬هالهم ما حدث في صبرا وشاتيل‪ .‬لذا‪ :‬اندفعوا‬ ‫هاربين من مناطقهم واحيائهم السكنية وزواريبهم الى المناطق الخرى‪ ،‬حيث الجيش اللبناني‪.‬‬ ‫وخص وصا‪ L‬ع ند كورن يش المزر عة‪ .‬ل جأ قس م من الهارب ين الجزع ين الى المس تشفى الميدا ني‬ ‫الخاص بـ "عامل" في المصيطبة‪ .‬نخرتهم صور الليالي الماضية المضاءة بالقنابل المضيئة‪.‬‬ ‫اطل قت الف القنا بل المضيئة‪ ،‬ل كي ي جد القتلة ضحايا هم بيس ر و سهولة‪ .‬النتي جة‪ :‬اكوام من‬ ‫القتلى والجرحى والمعوقين‪ .‬هرب جزء من الفزعين الى المستشفى الميداني في المصيطبة‪.‬‬ ‫عش ر طبقات غ ير منجزة ‪ .‬عش ر طبقات ق يد النجاز‪" .‬مش هد ره يب‪ .‬عشرات العائلت‬ ‫المتدافعة الى المبنى‪ ،‬يرتدي افرادها ثياب النوم‪ .‬اخذوا على حين غرة"‪.‬‬ ‫سمع الناس صياحا‪ L‬تب عه صياح‪ .‬هكذا بدأت الشا عة‪ .‬را حت الناس تردد ما سمعته بدون ان‬ ‫تتأ كد‪ .‬ح تى غدت الشا عة حقي قة لدى اهالي المنط قة‪ .‬ح مل بعض هم الولد‪ .‬ح مل بعض هم‬ ‫العجائز‪ .‬و جد اللف فجأة في الشوارع‪ .‬ب يد ان شبابا‪ L‬جاءوا بع كس التيار‪ ،‬حملوا ا سلحتهم‬ ‫الفرد ية دفاعا‪ L‬عن المنط قة والناس‪ .‬شبان ملتحون وشباب بل ل حى‪ .‬قاوموا امواج الناس‬ ‫الهار بة بامواج هم الص غيرة‪ .‬بار قة مقاو مة‪ ،‬بار قة أ مل‪ .‬بار قة أ مل ضد الخوف والحص ار‬ ‫وهجمات الفدراليين والكونفدراليين‪.‬‬ ‫يروي د‪ .‬كا مل مه نا ان المشا هد هذه ا صعب من مشا هد حرب مباشرة‪ .‬مش هد ثا بت‪ ،‬مش هد‬ ‫غ ير مف كك و سط خراب عام‪ .‬يروي د‪ .‬كا مل مه نا ان المش هد ا صعب من مشا هد حرب تل‬ ‫الزع تر وبرج حمود والنب عة و سن الف يل‪ ،‬ح يث ط بب‪ .‬وا صعب من غارات طائرات الفانتوم‬ ‫المتتال ية على الدامور‪ ،‬ح يث ق بع مهجرو تلك المنا طق‪ .‬بدا الناس دائما‪ L‬كق طع آثاث منشورة‬ ‫على الطرقات‪ .‬ق طع ناط قة‪ ،‬خائ فة‪ ،‬مذعورة‪ ،‬م كبرة‪ ،‬مر سلة بب طء من جراء الحتشاد‪ ،‬الى‬ ‫مر كز المدي نة‪ .‬و صل صبر الناس الى القص ى‪ .‬عادوا ‪ -‬مع ذلك ‪-‬الى بيوت هم بالليلة ذات ها‪،‬‬ ‫و هم يجرون جل جل الحاد ثة ال كبرى‪ .‬بالمقا بل ‪ :‬يروي د‪ .‬كا مل مه نا عن روا ية ب عض‬ ‫المتطوع ين ا ثر دخول القوات الغاز ية بيروت ‪ -‬ب عد مجزرة صبرا وشاتيل‪ -‬ان القوات هذه‬

‫‪ / 28‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫قامت بعمليات تفتيش واسعة عن مسلحين لبنانيين وفلسطينيين‪ .‬ارادت اعتقالهم‪ .‬دهمت البيوت‬ ‫والمرا كز العا مة‪ .‬ده مت مرا كز المؤ سسات الص حية وغ ير الص حية‪ .‬داه مت مس تشفى‬ ‫المصيطبة الميداني‪ .‬طوقته اول‪ :L‬ثم داهمته بحثا‪ L‬عن مقاومين مسلحين‪ .‬لم يعثر السرائيليون‬ ‫سوى على مرضى وجرحى مدنيين‪ .‬عندها‪ :‬استولوا على غالون مياه خاص بالشرب‪ .‬اجبروا‬ ‫ا حد عنا صر الدفاع المد ني – المتطوع ر ضى زعرور – على الشرب م نه ‪ .‬هددوه بال سحلة‬ ‫ح تى يتأكدوا من خلو الماء من الس م‪ .‬او اية مواد سامة‪ .‬ا ساء ال سرائيليون الح كم على كلف‬ ‫الجتياح‪ .‬ظنوا ان الجتياح نز هة بحر ية ب ين الدلف ين وعرائس الب حر‪ .‬خاب ظن هم‪ .‬عند ها‪:‬‬ ‫شكوا في كل ش يء‪ .‬عند ها‪ :‬خافوا من اي ش يء‪ .‬مار سوا ما مار سه ملوك القرون الو سطى‬ ‫وعص ر النهض ة‪ ،‬بتبد يل الق طط بالناس‪ .‬يقدم الملك صحنه الى قط ته‪ .‬اذا اكلت يأ كل‪.‬اذا ان فت‬ ‫يأنف‪ .‬قدم ملوك اسرائيل الماء للناس لكي يشربوا‪ .‬اذا شربوا شربوا‪.‬‬ ‫جرى الش غل في المس تشفيات الميدان ية‪ ،‬لن يقاس دور ها ‪ -‬ب ظل صعوبات هائلة‪ -‬بح جم‬ ‫الخدمات ونوعيت ها‪ .‬بل بأهم ية وجود ها في ظل عدم تو فر خيارات بديلة‪ ) .‬تم علج عشرات‬ ‫الجرحى في مستشفى المصيطبة‪ :‬منهم من أصيب اثناء قصف بيروت ‪ .‬ومنهم من أصيب في‬ ‫مجازر صبرا وشاتيل‪ .‬تآ كل الو ضع باختلل مواز ين القوى الس ياسية بس بب الحتلل‬ ‫ال سرائيلي‪ .‬اهدي المش هد هذاالى الجدد‪ .‬هكذا ‪ :‬قا مت الج هة المؤجرة الملجىء‪ -‬المحولة‬ ‫الى مستشفيات ميدانية‪ -‬باقامة دعوى لدى القضاء اللبناني ضد رئيس المؤسسة وضد د‪ .‬بهيج‬ ‫عربيد بحجة‪ :‬وضع اليد على الملجىء هذه واحتللها بصورة غير شرعية‪ .‬تبين ان المدعي‬ ‫شخصية عامة معروفة ويتبوأ مراكز هامة‪ .‬ال ان المدعي العام طربيه رحمه رفض اصدار‬ ‫مذكرة توق يف ب حق المد عى عليه ما‪ ،‬اذ علم بوجود جر حى ومص ابين في الملجىء‪ .‬اكت فى‬ ‫باصدار قرار بأخلء الملجىء ) من اجل وضع دواليب سيارات(‪ .‬غير ان مدعيا‪ L‬عاما‪ L‬آخر‬ ‫) لن يذكر د‪ .‬مهنا اسمه( اصدر مذكرة توقيف بحق رئيس المؤسسة ود‪ .‬عربيد‪ .‬ان الموقف‬ ‫المشرف لمسؤول المنط قة في قوى المن الداخلي العميد فض ل ضا هر – الذي تربطه علقة‬ ‫مودة واحترام بالمؤ سسة ورئيس ها والذي يعرف جيدا‪ L‬انجازات "عا مل" ‪ -‬اقام مس اهمته ضد‬ ‫الموقف الباهت الطالع من صندوق جليدي متآكل حين لم يستجب الى التبليغ من قبل المخفر‪.‬‬ ‫بالمقا بل‪ :‬اتص ل د‪.‬عرب يد بال ستاذ ول يد جنبلط – و هو الموا كب لنجازات المس تشفى وجهاز‬ ‫الدفاع المدني‪ .‬اتصل الخير بدوره برئيس الحكومة وزير الداخلية شفيق الوزان طالبا‪ L‬تدخله ‪.‬‬ ‫تلك مرحلة لم تتغ نى بالس معة لدى ب عض الناس بل بالخس ة بال ستقواء بالقوات ال سرائيلية‪.‬‬

‫‪ / 29‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫علق رئيس المؤسسة على ما حدث‪" :‬افتح مستشفى تدخل سجنا‪ ،L‬ارتكب مجزرة تصبح وزيرا‬ ‫" ‪ .‬ا نه بحر نا الجد يد‪ .‬سوف يقود الناس سفنهم في الب حر هذا وكأن هم بطريق هم الى ارض‬ ‫الذهب‪.‬‬ ‫اشرف على المس تشفى الميدا ني في حارة حر يك د‪ .‬سهيل صب‪Y‬اح – عض و مك تب التنفيذي‪.‬‬ ‫عاو نه د‪ .‬فؤاد فرحات و د‪.‬علو ية فرحات ‪ :‬عضوا الهيئة الدار ية في "عا مل"‪ .‬ك ما عاون هم‬ ‫فر يق من الطباء الخص ائيين بين هم جراح عرا قي )يد عى طارق( ومتطو عو الدفاع المد ني‪.‬‬ ‫تعرض المس تشفى للقص ف من ق بل الج يش ال سرائيلي‪ ،‬على الر غم من وجود شارة صليب‬ ‫احمر كبيرة على سطح المبنى‪ ،‬تدل على انه مستشفى ) كما حدث تماما‪ L‬في مدرسة راهبات‬ ‫البيزونس ون(‪ .‬هذه ليس ت بقا يا حياة‪ .‬هذه ليس ت متشابهات ‪ .‬المس توصفات مس توصفات‪.‬‬ ‫القص ف قصف‪ .‬انهما يلعبان دورين متناقضين‪ .‬يشعر ناس المستوصف بالمس ؤولية‪ .‬ويحرر‬ ‫القصف قواه من أية مسؤولية‪ .‬يحررهم من أية وثيقة‪ .‬يحررهم من كل الوثائق‪ .‬يحررهم من‬ ‫كل مدخرات البشر ية على الص عيد النس اني‪ .‬أض حى المس توصف قل عة حرب ية ع ند‬ ‫السرائيليين‪ .‬لن يشفع به صليب احمر او ابيض او ازرق‪ .‬الشفاعة شفاعة ال‪ .‬امام جبروت‬ ‫العائلة العس كرية ال سرائيلية‪ ،‬المتلق ية فوائد القص ف مباشرة بعشرات القتلى والجر حى والف‬ ‫الخائف ين‪ .‬ا ستقبل المس تشفى جر حى ومص ابين بالقص ف على الضاح ية الجنوب ية‪ .‬لم يش فع له‬ ‫ذلك‪ .‬استمر السرائيليون يقصفون عشوائيا‪ ،L‬كما لو انهم آلهة بحار احاطتهم المواج المرغية‬ ‫والمخلوقات البحر ية الس فلية الطال عة من ك عب الب حر المحفور حفرا‪ L‬غائرا‪ L‬في الرض‪.‬قد مت‬ ‫المس تشفيات الميدان ية خلل ‪ 88‬يوما‪ L‬من الحص ار ال سرائيلي لمدي نة بيروت والضاح ية‬ ‫الجنوب ية خدمات علج‪ 2459 :‬جريحا‪ .L‬تاب عت ‪ 23095‬مريضا‪ .L‬أجرت ‪ 649‬عمل ية جراح ية‬ ‫كبرى و ‪ 200‬عملية ولدة‪ .‬بالضافة الى‪ :‬توزيع ‪ 37770‬وحدة دواء‪.‬‬ ‫انشطة المستشفيات الميدانية لمؤسسة عامل اثناء الحصار السرائيلي لبيروت عام ‪1982‬‬ ‫نوع الحالة‬ ‫معالجة جريح‬ ‫معالجة مريض‬ ‫عملية جراحية كبيرة‬ ‫ولدة‬ ‫توزيع دواء‬

‫العدد‬ ‫‪2.459‬‬ ‫‪23.095‬‬ ‫‪649‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪37.770‬‬

‫‪ / 30‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫لم تدم الص ورة طويل‪ .L‬لم تب قى على حال ها‪ .‬لم يس هر علي ها ا حد ح تى ما تت‪ .‬ذه بت اليام‬ ‫الص عبة الى ال قبر بزي كرمليات حزينات‪ .‬غرق الناس في حزن اليام الخيرة‪ ،‬بعد ها اق يم‬ ‫قداس مغ نى من ا جل را حة من ماتوا‪ ،‬بانتظار من سيموت‪ .‬بدت البلد قري بة من النها ية‪.‬‬ ‫خافوا‪ .‬وخص وصا‪ L‬وان موتات هم هي موتات بل اي عنص ر ترف ‪ .‬وجدوا ان حص ارا‪ L‬جديدا‬ ‫سوف يف تح في كتاب خطا يا البلد‪ .‬ان هم على حق في ذلك‪ :‬و هم يس تشعرون د نو الخ طر‬ ‫ال كبر في تار يخ لبنان الحد يث‪ :‬حرب الج بل والضاح ية الجنوب ية‪ .‬بدت الحروب الخرى‬ ‫حروبا‪ L‬محدودة في مقابل الحربين الجديدتين‪ .‬لم يبق من قوة الناس ال القليل‪ .‬سقطت لحظات‬ ‫المجد القديمة والجديدة والمحتملة بالمستقبل‪ .‬أمر مؤسف‪ .‬ذلك ان اللبنانيين بدوا وكأنهم شيدوا‬ ‫بيتا‪ L‬غ ير معقول‪ .‬لذا‪ :‬تعرض دائما‪ L‬الى قص ف المهند سين والعس كريين سواء بس واء‪ .‬تنا فس‬ ‫ال كل على هذا‪ .‬غ ير ان "عا مل" القائ مة على صفيح ساخن‪ ،‬صخب حضور ها وتعزز دور ها‬ ‫انذاك‪ .‬ا ستحدثت برا مج طوارىء‪ ،‬معززة علقت ها بالهيئات الهل ية الخرى بع مل مشترك‬ ‫مجيد‪ :‬ليست هذه استفادة من ظرف طارىء أو ظروف جديدة‪ .‬بالعكس‪ .‬اخذ البلد حدسها الى‬ ‫فص ول مأ ساة جديدة‪ .‬ق فز الربان من سفينته ل كي يقود ها بيد يه الى مرا سيها‪ ،‬ح يث طح ين‬ ‫المرحلة الجديدة‪ .‬خس ر الكثيرون سفنهم وارواح هم عام ‪ .1983‬ح نق الكثيرون‪ .‬ترك الف‬ ‫الناس البلد‪ ،‬ترك الف الناس منطقهم وقراهم‪ ،‬لهثين خلف نجاة قابعة خلف نجاة خلف نجاة‬ ‫خلف نجاة‪ .‬لم يس لم الر جل بهزي مة مجتم عه‪ ،‬لم تس لم المؤ سسة بهزي مة مجتمع ها‪ .‬تر كا‬ ‫الحسابات الماتيماتيكية والحسابات المصرفية الى القاب نبالة جديدة‪.‬‬ ‫شهدت الفترة هذه تطورات سياسية وامن ية شبي هة بتلك ال تي حص لت غداة الغزو ال سرائيلي‬ ‫للبنان وحصار بيروت ) انتخابات رئاسة الحمهورية – نشوء شرعية جديدة في قمة السلطة(‪.‬‬ ‫جاء الرد سريعا‪ L‬في انتفا ضة ‪ 6‬شباط عام ‪ 1984‬في بيروت الغرب ية والضاح ية الجنوب ية‪.‬‬ ‫انقلب الشارع على الس لطة المركز ية‪ .‬انقل بت قواه الس ياسية والجتماع ية والقتص ادية على‬ ‫السلطة‪ .‬انقلبت الحزاب الطائفية والعلمانية بآن على السلطة الجائرة‪ ،‬المفتونة بتلميحات السلم‬ ‫الواهن بالتفاق الضاغط‪) .‬ابرزها الرئيس نبيه بري وحركة أمل( بالتحالف مع اللواء السادس‬ ‫في الجيش اللبناني‪ .‬عندها‪ :‬استنفرت الهيئات الهلية امكاناتها‪ .‬فتحت مراكزها امام الحالت‬ ‫الطارئة وا ستقبال ال صابات‪ .‬وتقد يم المس اعدات الميدان ية للناس‪ .‬سهرت المؤ سسات على‬ ‫الناس ح تى صمدت او ما تت‪ .‬سهرت علي هم بدون طأطأة راس ح تى آ خر ن فس‪ ،‬ممس كة ب ين‬ ‫يديها بالزمام بصلف شديد‪ .‬ولو بقدرات ل تفي قوة الحدث‪.‬‬

‫‪ / 31‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫أنشأت " عا مل مجددا‪ L‬مس تشفى ميدانيا‪ L‬في مدر سة الشياح ) بالتعاون مع الدائرة الص حية في‬ ‫حركة امل( ومراكز طوارىء في حي السلم‪ ،‬برج البراجنة )بعجور( ‪ ،‬وادي ابو جميل‪ ،‬حي‬ ‫المعلم‪ ،‬منط قة صفير والطيو نة‪ .‬ار سلت الى منط قة الج بل والشوف عددا‪ L‬من اطبائ ها وب عض‬ ‫الفرق الطب ية الجنب ية والمحل ية الص ديقة ومعدات جراح ية و سيارات ا سعاف‪ .‬ار سلت الدفاع‬ ‫المد ني ‪ :‬وزع الخ ير انشط ته وعمله على مختلف مرا كز المؤ سسة‪ ،‬بالتنس يق مع الهيئات‬ ‫الهلية ووزارة الصحة العامة وهيئة انماء الضاحية الجنوبية‪ .‬ل تبجح هنا‪ .‬ول كلم بالمجان‪.‬‬ ‫بل اشراف من المؤ سسات على مرا كز الطوارىء والمس توصفات ال تي أنشئت في الضاح ية‬ ‫الجنوب ية‪ .‬اشراف مؤنس ن وفا عل ومس ؤو ل وبمبادىء و كتا بة واض حة‪ .‬اشراف من الدائرة‬ ‫الص حية في حر كة أ مل‪ ،‬اللج نة الص حية التاب عة للمجلس ال سلمي الشي عي العلى‪ ،‬مؤ سسة‬ ‫الشه يد كمال جنبلط‪ ،‬النجدة الشعب ية اللبنان ية‪ ،‬هيئة ال سعاف الش عبي‪ ،‬مرا كز الشؤون‬ ‫الجتماع ية ووزارة الص حة‪ ،‬الص ليب الح مر اللبنا ني‪ ،‬اتحاد غوث الولد‪ ،‬مس توصف‬ ‫الضاح ية‪ ،‬بالضا فة الى مؤ سسة "عا مل"‪ .‬جم ع‪ o‬ب ين المؤ سسات هذه برا بط ب ين شرق ها‬ ‫وغرب ها‪ ،‬اش به بخطوط الس كك الحد يد‪ .‬راه نت الخيرة على قطارات ها فوق خط التوا صل‬ ‫السريع‪ ،‬في سباق محموم فوق خريطة متفجرة‪.‬‬ ‫يروي د‪ .‬كامل مهنا ‪ :‬ان هيئة انماء الضاحية تاسست بقرار من الحكومة اللبنانية بعد توقف‬ ‫الحرب في المنطقة هذه‪ .‬هدفها‪ :‬اعادة تأهيل واعمار ما دمرته الحرب باشراف وزارة الصحة‬ ‫العا مة والشؤون الجتماع ية والشغال العا مة والموارد المائ ية والكهربائ ية‪.‬اقرت الهيئة خ طة‬ ‫على الص عيد الص حي شملت مس توصفات وزارة الص حة والشؤون الجتماع ية بالضا فة الى‬ ‫الجمعيات الهل ية‪ :‬مس توصف وزارة الص حة في برج البراج نة‪ ،‬مرا كز مص لحة النعاش‬ ‫الجتما عي في ال غبيري وحارة حر يك وبرج البراج نة‪ ،‬المرا كز الص حية التاب عة للمجلس‬ ‫السلمي الشيعي العلى في مستشفى الزهراء والمستشفى اليطالي بالوزاعي وجهاز الدفاع‬ ‫المدني‪ ،‬مراكز الدائرة الصحية التابعة لحركة "أمل" في الشياح وحارة حريك وبرج البراجنة‬ ‫و حي الس لم والوزا عي‪ ،‬مس توصفات البلد ية في الشياح ومارون مس ك وكنيس ة مار مخا يل‪،‬‬ ‫مس توصفات الضاح ية الجنوب ية‪ ،‬مس توصف الشه يد كمال جنبلط في الشياح‪ ،‬مرا كز "النجدة‬ ‫الشعبية" في الغبيري وبرج البراجنة‪ ،‬مراكز الصليب الحمر اللبناني في المريجة ومستوصف‬ ‫نق‪m‬ال في بئر حسن‪ ،‬مركز السعاف الشعبي في بئر حسن‪ ،‬مستوصف اتحاد غوث الولد في‬ ‫حي الس لم‪ ،‬مس توصف الضاح ية في ال غبيري‪ ،‬مرا كز مؤ سسة عا مل في برج البراج نة‬ ‫والمشرف ية و حي الس لم و صفير والمس تشفى الميدا ني في المدر سة الر سمية ل ـ "عا مل" في‬

‫‪ / 32‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الشياح‪ .‬اشرف على المس تشفى الميدا ني في الشياح الطباء‪ :‬د‪ .‬سهيل الص باح‪ ،‬د‪ .‬مح مد‬ ‫برجاوي‪ ،‬د‪.‬حسين طهماز‪ ،‬د‪ .‬محمد الخليل والممرضتان سميرة جابر وميسم حيدر ابو عباس‬ ‫وعدد كبير من المتطوعين‪ .‬اشتغلت "عامل" بأناة الطوبوغرافي خط علقتها بالناس ‪ .‬انبجس‬ ‫الماء حيث وضعت يدها‪ .‬دقت كل مساميرها بأيدي اعضائها‪ ،‬لكي تعبر القاطرة البلد بأقل‬ ‫الخسائر المحتملة‪ .‬أنشأت مراكز صحية ودورا‪ L‬للتوليد ومستصوفات في كل من البقاع وجبل‬ ‫لبنان والشوف والجنوب وبيروت‪ .‬جازفت‪ ،‬اقترضت‪ ،‬صرفت‪ ،‬تباحثت‪ ،‬تشاركت‪ ،‬اكدت لكل‬ ‫الذ ين شاركو ها‪ ،‬ان ها تر قص وتغ ني‪ ،‬ان ها تؤدي به مة وبش كل ممتاز‪ .‬خف فت من قوة حضور‬ ‫المشهد المروع الجديد‪ .‬لم يبد ابطالها اي مزاج سيء وهم يمضون في ليالي لبنان المشؤومة‬ ‫ليلة اثر ليلة‪ .‬لم تصل الى ما وصلت اليه بالمال او المادة فقط‪ .‬بل بالخلق الحسنة والسحر‬ ‫والتودد‪ .‬عاشت بكرمها الذاتي‪.‬عاشت من كرمها‪ .‬عاشت ضد الشرذمة ومفهومها‪ .‬انفقت بل‬ ‫حس اب ‪ .‬ك تب علي ها ان تمض ي فقيرة‪ ،‬لن ها انف قت على بلد با سرها‪ .‬لم تكت في بذلك‪ .‬اهدت‬ ‫الفائض دائما‪ L‬في نوبات كبر عظيمة‪.‬‬ ‫أطلقت "عامل" حملت تلقيح ضد المراض المعدية وبرنامج للصحة المدرسيةومشروع لتأمين‬ ‫الدواء )الدواء المدعوم( بالتعاون مع "تجمع الهيئات الهلية التطوعية" ووزراتي الصحة العامة‬ ‫والتربية واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية‪ .‬تعزز دور المؤسسة في التجربة كباقي الهيئات‬ ‫الهل ية‪ .‬اطل قت – ا ثر ذلك‪ -‬مبادرات عديدة كر ست دور ها في اللتزام بقضا يا المواطن ين‪.‬‬ ‫تمثل ذلك بشراء مبنى من سبع طبقات ) بعد خروج المحتل السرائيلي من بيروت( في منطقة‬ ‫حارة حريك وقطعة الرض عند مدخل مدينة صور لغاية انشاء مستشفيين مركزيين‪ .‬شكلت‬ ‫هيئة رعا ية وطن ية للمشروع ين برئا سة د‪ .‬سليم ال حص والرئ يس نبيه بري ) كان وزيرا‪ L‬في‬ ‫تلك الفترة(‪ ،‬الرئيس فؤاد السنيورة ) اقترحه الرئيس الحص وكان من المقربين منه(‪ ،‬النائب‬ ‫ول يد جنبلط‪ .‬ثم الوزراء‪ :‬د‪ .‬عبدالرح من اللبان‪ ،‬د‪ .‬صلح سلمان‪ ،‬د‪.‬علي الخل يل‪ ،‬د‪ .‬ر ضا‬ ‫وح يد‪ ،‬ال ستاذ طلل سلمان‪ ،‬المطران جورج حداد‪ ،‬د‪.‬حس ن عوا ضة‪ ،‬الس ناتور جي مس ا بو‬ ‫رزق رئيس الـ ‪) ADC‬الجمعية العربية الميركية لمحاربة التمييز(‪ ،‬د‪.‬جيمس زغبي رئيس‬ ‫جمعية " ‪ ) "Save Lebanon‬أوفدت "عامل" بالتعاون مع هاتين الجمعيتين حوالي مئة جريح‬ ‫للعلج في المس تشفيات المريك ية(‪ ،‬د‪ .‬صباح الحاج‪ ،‬د‪.‬حيان حيدر‪ ،‬د‪.‬أمال شماع‪ ،‬د‪.‬كا مل‬ ‫مهنا )امين السر(‪ ،‬د‪.‬درويش شغري‪.‬‬ ‫بالمقابل‪ ،‬تألفت الهيئة الدارية لمؤسسة "عامل" من‪:‬‬

‫‪ / 33‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫د‪.‬كا مل مه نا رئيس ا‪ ،L‬محمود سويد نائبا‪ L‬للرئ يس‪ ،‬يا سر نع مة أمينا‪ L‬للس ر‪ ،‬د‪.‬فؤاد فرحات أمينا‬ ‫للصحة‪ ،‬جورج ناصيف أمينا‪ L‬للثقافة‪ ،‬طارق متري أمينا‪ L‬للعلقات العامة‪ ،‬د‪ .‬عباس مكي امينا‬ ‫للترب ية‪ ،‬د‪.‬زياد ن جا أمينا‪ L‬للمال ية‪ ،‬د‪.‬علو ية فرحات أمي نة شؤون الط فل والم‪ ،‬الس يدة انجيلي نا‬ ‫الباشا أمينة للشؤون الجتماعية‪ .،‬مستشارون‪ :‬د‪.‬بهيج عربيد‪ ،‬د‪.‬مازن طه‪ ،‬جوزف سماحة‪.‬‬

‫‪ / 34‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫تألف المجلس التنفيذي من‪:‬‬ ‫د‪.‬كا مل مه نا‪ ،‬د‪.‬درو يش شغري‪ ،‬د‪.‬غس ان عيس ى‪ ،‬د‪.‬قا سم علوش‪ ،‬د‪.‬فا يز هادي‪ ،‬د‪ .‬سهيل‬ ‫صباح ود‪.‬سامي الطفيلي‪ .‬والستاذ أحمد عبود أسماء ترفع اسرا‪ .L‬اسماء مجازفة اغوتها فكرة‬ ‫"الجبلة المختل فة"‪ .‬واغوت ها فكرة توا فر الماء في بلد قص ه الع طش‪ .‬ا سماء بل ا سهم‪ .‬ول كن‬ ‫بحضور اكيد‪ .‬وبخطة عامة هدفت الى انشاء مراكز صحية في مختلف المناطق‪ .‬اعتمدت من‬ ‫أجل الغاية هذه الخارطة الهرمية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية‪.‬‬ ‫‪ -1‬مستوصف لكل ‪ 5000‬نسمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬مركز صحي اجتماعي لكل ‪ 50 – 30‬الف نسمة‪.‬‬ ‫‪ -3‬مستشفى من مائة سرير لكل ‪ 200‬الف نسمة‪.‬‬ ‫قا مت "عا مل" بشراء مر كز في منط قة المشرف ية )الشياح( وا ستئجار مرا كز في حي الس لم‪،‬‬ ‫برج البراجنة‪ ،‬حي صفير ومنطقة بئر حسن‪ .‬اطلقت المزيد من المشاريع الصحية والنمائية‬ ‫ح يث بات لدي ها ‪ 27‬مركزا‪ L‬أنشئت وفقا‪ L‬للحا جة والو ضع الص حي والجتما عي في المنا طق‬ ‫الشعبية‪ .‬جهزت المراكز والمستشفيات الميدانية بما هو متوفر لدى الهيئات الهلية‪ .‬تم شراء‬ ‫المعدات من موازنة وزارة الصحة العامة‪ .‬ساهمت منظمة "اليونيسف" بتقديم مولدات كهربائية‬ ‫وكميات من الدو ية جاءت من مص ادر متعددة‪ .‬ام نت الدو ية من اله بة المقد مة من الممل كة‬ ‫العربية السعودية الى وزارة الصحة‪ .‬أمن جزء من المازوت المستخدم لتشغيل المولدات من‬ ‫قبل الهالي كهبة‪ .‬قدمت الناس المازوت من الخزانات الموجودة على اسطح البنايات‪ :‬تضامنا‬ ‫مع الهيئات الهلية في دورها النساني والوطني من جهة‪ ،‬وخوفا‪ L‬من تركها عرضة للقصف‬ ‫ال سرائيلي من ج هة ثان ية‪ .‬ك ما تم تأم ين المياه من البار الرتواز ية الموجودة في المنط قة‪.‬‬ ‫مجازفات بمجازفات ‪ .‬مجاز‬

‫فة اخرى خا‬

‫صة بالكادر البشري – ال‬

‫طبي والداري‬

‫والتمريض ي‪ -‬تأم ين الكادر العام من كوادر الهيئات الهل ية‪ .‬لحق هم‪ :‬عشرات المتطوع ين من‬ ‫أطباء وممرضات من جمعيات ودول اجنب ية صديقة تدف قت للع مل في لبنان مع الجمعيات‬ ‫الهل ية‪ ،‬ب جو تضام ني قل نظيره في ظروف خطيرة ومعقدة‪" ،‬تجلت خلل ها ا سمى الق يم‬ ‫النسانية وسادت روح التضحية والعطاء لدى كل متطوع وكادر في سبيل النسان وحقه في‬ ‫البقاء"‪.‬‬ ‫صار للمؤ سسة مؤ سسات معل مة على خري طة لبنان‪ .‬هوا ية ج مع أثيرة بل ط مع شخص ي او‬ ‫جما عي‪ .‬ان نا امام ما يفوق التص ور في حالت‪ .‬ان نا امام ما يفوق الو صف بحالت أخرى‪.‬‬ ‫انتماء الى التراب والدم والوظي فة العضو ية‪ .‬ان نا امام أناس منذور ين ‪.‬او نذروا انفس هم ل ـ‪:‬‬

‫‪ / 35‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫"البطولة" و "القد سية" بدون احتفاليات خطاب ية او اخلق ية بائ خة‪ .‬لن يص دوا احدا‪ ،L‬لن يعللوا‬ ‫الص د ل نه لم يحدث‪ .‬جموع برغبات هائلة‪ :‬لن يعترف د‪.‬كا مل مه نا بذلك تماما‪ ،P‬ب عد مرور‬ ‫اربعين عاما‪ L‬على ذلك‪.‬‬ ‫انسحبت قوات الحتلل السرائيلي‪ -‬عام ‪ - 1985‬من مناطق الجبل وجنوبي بيروت والقسم‬ ‫الشمالي من جنوب لبنان ) صيدا – النبطية – صور تحت ضغط المقاومة اللبنانية المتصاعدة‪.‬‬ ‫بق يت ا سرائيل محتف ظة ب ما عرف لحقا‪ " L‬بالشر يط الحدودي المح تل" ‪ :‬اقض ية ب نت جب يل –‬ ‫مرجعيون – حا صبيا‪ -‬جز ين – البقاع الغر بي – وأجزاء من قضاءي النبط ية و صور(‪.‬‬ ‫المشاهد الكبرى تتلوها مشاهد عجيبة‪ .‬لن يرتدي وقت ملبسه حتى يخلع وقت آخر ثيابه‪ .‬في‬ ‫تلك الثناء‪ :‬اندلعت في بيروت الغربية اشتباكات بين المجموعات المسلحة بغية السيطرة على‬ ‫الحياء والشوارع الداخلية في العاصمة‪ .‬وازاها اندلع اشتباكات بين الفصائل الفلسطينية في‬ ‫مخيمات بيروت وبين حركة أمل واللواء السادس في الجيش اللبناني‪ .‬سميت المرحلة مرحلة‬ ‫"حرب المخيمات"‪ .‬شد الكل ابازيم احذيتهم‪ .‬لكي يتقاتلوا بل رأفة ‪ .‬انشغلوا بأكل اللحم الحي‪.‬‬ ‫انشغلوا بأكل القصبات الهوائية والرئات والقلوب‪ .‬قضى اللبنانيون اشهرا‪ L‬طافية فوق احواض‬ ‫الدم المس تحدثة وا صوات الموت المعدن ية‪ .‬قدموا شبابا‪ L‬و شبات بل حس اب‪ .‬قدموا المدي نة‪،‬‬ ‫قدموا البلد‪ .‬ودع‪Y‬وا روائح الغاردينيا وهو يستقبلون روائح غير طيبة البتة‪ .‬تمزقت آخر الثياب‬ ‫الحرير ية المخبأة بالمس تودعات‪ .‬ل مجوهرات زائ فة ول ذ هب براق ول فض ة فقيرة ول ت نك‬ ‫خفيف‪ .‬خفة ما بعدها خفة‪ .‬مضى الجميع معلقين بديك مخصي‪ ،‬ديك ملعون‪ ،‬ديك مناسابات‬ ‫مقتلة ومقتلت‪ .‬ب ظل الظروف المأ ساوية هذه ‪ -‬و هي ظروف أ شد خطرا‪ L‬وتعقيدا‪ L‬من‬ ‫الخطرالس ائد اثناء الغزو ال سرائيلي‪ -‬جرت الشتباكات في الشوارع الداخل ية والزوار يب‬ ‫الضي قة‪ .‬ل خطوط تماس ب ين المتحارب ين‪ .‬ل فس ح ‪ .‬بل ض يق مس احة جرت فوق ها اشرس‬ ‫المعارك واصعبها ‪ .‬اختلط الحابل بالنابل‪ .‬قاتل الكل الكل‪ ،‬بحيث لم يعرف في بعض الحيان‬ ‫من يقا تل من‪ .‬كأن ها حرب اشباح‪ .‬ب ظل الظروف هذه‪ :‬بق يت مرا كز "عا مل" شغالة في وادي‬ ‫ابو جميل والشياح وبرج البراجنة )حي بعجور( والمشرفية وحي السلم ومنطقة الصفير‪ .‬قامت‬ ‫بواجبات ها الميدان ية با ستقبال الجر حى والمر ضى والمص ابين من كل الفئات‪ .‬وفرة بل ش حم‪،‬‬ ‫ربطا‪ L‬بالكلم على اكل اللحم‪ .‬كاد النزعاج يقتل الصابرين والطيبين والعائشين بمناطق القتال‬ ‫المتداخلة‪ .‬انحسرت مساحة الرض‪ .‬ضاقت‪ .‬بقيت "عامل" تتمتع بحرية الحركة بين مختلف‬ ‫المن طق والحياء‪ .‬لم يعترض المتقاتلون على حريت ها‪ ،‬على حق ها‪ ،‬و سط الهيجانات الشهوان ية‬ ‫الجمو حة لديهم‪ .‬وقائع تقود الى استنتاجات بسيطة‪ ،‬يقدمها د‪ .‬كامل مه نا ‪.‬دل ال مر هذا على‬

‫‪ / 36‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الثقة الكبيرة التي منحتها الطراف للمؤسسة بدورها الوطني والنساني‪.‬ل يعود ذلك الى مكر‬ ‫رخيص أو خبث مبرمج‪ ،‬بل الى عمليات تهدئة اللم‪ .‬لم تسرق المؤسسة ثروة أحد ول هيبة‬ ‫أ حد‪ .‬لم تس رق حقا‪ L‬أو مص لحة‪ .‬بق يت تل عب على حبال الهواء العا صف‪ .‬غذت حضور ها‬ ‫بالتوازن‪ .‬لم تشح بوجهها عن أحد‪ .‬مدت يدا‪ .L‬وكلما أخذ الخرون يدها بحب ساد وجهها ملمح‬ ‫سلم كبير‪ .‬مدت الجس ور مع الجم يع على قاعدة احترام المهام النس انية بتقد يم المس اعدة‬ ‫الطب ية وال سعافات الول ية للمحتاج ين ل ها دون الن ظر الى انتماءات هم الحزب ية او الطائف ية او‬ ‫المذهب ية‪.‬لم تس ىء التص رف‪ .‬تقد مت بقوة مثيرة للعص اب‪ .‬فاق هذا حاجت ها ل كي تس تقبل‬ ‫المخرم ين بالر صاص أو المقتول ين بالشجا عة أو بضراوة عداء ال خر‪ .‬تعو يم ميدا ني ش كل‬ ‫خرقا‪ L‬نوعيا‪ L‬للو ضع الس ائد انذاك‪ .‬و ضع بس مات ح مى غ ير مكتش فة ‪ .‬انقس ام وفرز‪ .‬ثانيا‪:L‬‬ ‫تص نيفات بالنحياز الى هذا الطرف او ذاك دا خل الص ف الوا حد‪ .‬قد مت "عا مل" المس اعدة‬ ‫الطب ية والغا ثة الى الجم يع بدون تمي يز ‪ .‬ل عب شباب الدفاع المد ني دورا‪ L‬هاما‪ L‬في المرحلة‬ ‫هذه‪ .‬أشا عت انشغالت المؤ سسة اجواء صمود ايجا بي عبر البرا مج والمشار يع ذات الطا بع‬ ‫الس لمي والتنموي )كحملت التلق يح ودورات تعل يم الخيا طة وغير ها(‪ .‬ع نت تلك‪ :‬أن هناك‬ ‫مجتمعا‪ L‬حيا‪ L‬في لبنان‪ ،‬بالرغم من آلة الدمار الوحشية الفتاكة بكل شيء‪ .‬لم يقتصر المر على‬ ‫استقبال الجرحى والمصابين وتقديم السعافات الضرورية لهم‪ :‬تقطيب وتضميد الجروح‪،‬نزع‬ ‫الشظا يا والر صاص من الجس اد‪ ،‬التعا مل مع ال صابات الخطيرة بن قل ا صحابها الى‬ ‫المس تشفيات المتخص صة عبر محاور القتال‪ ،‬مع ما يعن يه ذلك من مجازافات قام ب ها افراد‬ ‫الدفاع المد ني و سائقو سيارات ال سعاف‪ .‬لم يقتص ر ال مر على ذلك‪ .‬بل تعداه الى ا ستقبال‬ ‫حالت طارئة من نوع آخر‪ .‬كما حصل في مستشفى الشياح الميداني‪ .‬حين نقل اليه عشرات‬ ‫المص ابين ) حوالي مئة ا صابة( بالتس مم من جراء تناول ل حم الدجاج والمايون يز من مط عم‬ ‫محلي‪ .‬وجد العاملون انفسهم بين مئة مصاب وسط احوال امنية شبه مستحيلة‪ .‬طرقات غير‬ ‫سالكة‪ .‬طرقات غ ير آم نة‪ .‬تعذر ن قل هؤلء الى المس تشفيات‪ .‬اذاك‪ :‬صار مر كز الشياح‬ ‫مركزا‪ L‬يض ج بأن ين المص ابين المتألم ين و صراخ ذوي هم‪ .‬أم كن ا سعاف الجم يع ب عد أن تم‬ ‫إحضار كم ية كبيرة من المص ال لهذه الغا ية‪" .‬هذه الحاد ثة وغير ها عززت علقات الث قة‬ ‫بالمؤ سسة من جا نب اهالي المنط قة‪ ،‬ما دفع هم الى اتباع سلوكيات تكيف ية ايجاب ية مع ظروف‬ ‫الحرب"‪.‬‬ ‫اض حت المؤ سسة و سيمة وطمو حة ومال كة‪ ،‬ت حت غض ب الفرقاء اللبناني ين والقليمي ين‬ ‫والدوليين‪ .‬مؤسسة ضخمة حية ومرحة‪ ،‬ممولة جيدا‪ L‬وغير طائشة البتة‪ .‬مؤسسة جسورة‪ ،‬لم‬

‫‪ / 37‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫تتخلى قط عن حب الناس ومس اعدة الناس‪ ،‬في بلد حروب تو جت بهدنات ‪ ،‬طويلة ال مد او‬ ‫قص يرته‪ .‬هدنات شهدت انتقامات ل تنس ى واهانات هد مت علقات قوى وا سقطت عشرات‬ ‫الف القتلى والجر حى بتواطىء قوى متحدة‪ ،‬وغدة‪ ،‬ل تحس د على عزم ها في المجال هذا‪:‬‬ ‫عزم المؤسسة خفف قليل‪ L‬او كثيرا‪ L‬من عزمها‪ .‬خففت من المراض والعراض‪ .‬غزت بذلك‬ ‫ارواح الناس‪ .‬لن يشعر رجل بالشيء ذاته حين يرى شيئا‪ L‬لم يساهم في بنائه‪ .‬عنـ‪Z‬فت الحرب‬ ‫البلد‪ .‬ولكن ها لم تش عر الخر ين بالجهوز ية‪ ،‬قدر ما ش عر ب ها ابطال منذورون‪ ،‬حاولوا أن‬ ‫يدافعوا عن لبنان واللبنانيين قدر مستطاعهم ‪ .‬لم تشغل د‪ .‬كامل مهنا رغبة ‪ .‬اخذه حياء دائم‬ ‫و هو ي عبر ازم نة الظل مة باتجاه الضوء‪ .‬ليس ت هذه تجر بة عدم‪ .‬ول سيرة اشمئزاز‪ .‬ا خذ‬ ‫الشياء بالمزاج الحس ن والرغبة بشم نسمات عطر بعيد‪ .‬اطل قت "عامل" برنامجا‪ L‬وقائيا‪ L‬هدفه‬ ‫رعا ية الم والط فل باشراف د‪ .‬فؤاد مر عي بالتعاون مع جمع ية "أطباء بل حدود" البلجيك ية‪.‬‬ ‫ش مل البرنا مج مرا كز المؤ سسة في بيروت وج بل لبنان والبقاع والجنوب‪ :‬مس توصفات‬ ‫عرسال‪ ،‬بعلبك )الشروانة(‪ ،‬شمسطار‪ ،‬حي السلم‪ ،‬بعجور )برج البراجنة(‪ ،‬الشياح‪ ،‬وادي ابو‬ ‫جم يل‪ ،‬البازور ية‪ ،‬يانوح‪ ،‬الشعيت ية‪ ،‬صور‪ .‬تض من اقا مة ندوات توع ية صحية للمهات‬ ‫الحوامل اول‪ . L‬ثانيا‪ :L‬مراقبة طبية مجانية‪ .‬ثالثا‪ :L‬حملت تلقيح ضد المراض المعدية للطفال‬ ‫عطفت على تأمين منشورات وملصقات توعوية خاصة بالموضوع‪.‬‬ ‫تم اعتماد مرا كز انطلق في كل قضاء من أ حد مرا كز "عا مل" باشراف أخص ائية حضرت‬ ‫خصيصا‪ L‬من بلجيكا‪ .‬تضمن البرنامج تدريب ثلثين فتاة على برامج الرعاية الصحية الولية‪.‬‬ ‫ثم توظيفهم‪ ،‬في نهاية فترة التدريب لكي يشتغلوا في البرنامج‪ .‬ولكي يقوموا بزيارات ميدانية‬ ‫الى المنازل ح تى يتاب عن المهات الحوا مل ويس اعدهن على اجراء الفحو صات الدور ية خلل‬ ‫فترة الحمل‪ .‬وكذلك‪ :‬حثهن على الولدة في المستشفى‪ .‬ل في المنزل‪ .‬بغاية متابعة المولودين‬ ‫الجدد صحيا‪ L‬ووقائيا‪.‬‬ ‫نفذ البرنامج هذا بين عامي ‪ 1987‬و ‪ .1989‬استكمل لحقا‪ P‬بالتعاون مع جمعية ‪Santé sud‬‬ ‫الفرنس ية ب ين عا مي ‪ 1992‬و ‪ 1994‬بأشراف د‪ .‬وفاء القنطار‪ .‬يؤ كد د‪ .‬كا مل مه نا‪ :‬ل عب‬ ‫المركز الصحي في بعجور )برج البراجنة(‪ ،‬بدار توليده‪ ،‬دورا‪ L‬هاما‪ L‬بمتابعة البرنامج وتنفيذه‪.‬‬ ‫اشرف على المر كز د‪ .‬فا يز هادي بالتعاون مع د‪ .‬غازي بيضون‪ .‬داو مت ف يه مجمو عة من‬ ‫الطباء الخص ائيين‪ ،‬بمس اعدة قابلت قانونيات وممرضات من هن‪ :‬سميرة كر كي‪ ،‬نجلء ا بو‬ ‫مر عي‪ ،‬ايمان الحس ن‪ .‬هذا طرف المؤ سسة‪ .‬غ ير ان الطرف ال خر ب قي ع ند ض فة القتال‬ ‫بذرائع عديدة‪ .‬ا ستفحلت الوضاع المن ية في بيروت الغرب ية عام ‪ .1987‬ما عادت الحياة‬

‫‪ / 38‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫حياة‪ .‬ول عاد الموت هو الموت‪ .‬هذا ما كرره المواطنون يوميا‪ L‬و هم يتابعون النحللت‬ ‫الغريبة الضاربة في لبنان‪ .‬النتيجة‪ :‬دخول قوات الردع العربية بيروت بشبه اجماع‪.‬بطلب من‬ ‫الهيئات الس ياسية الر سمية والدين ية‪ .‬وض عت حدا‪ L‬للقتتال الدائر ‪ .‬ب يد ان حرب المخيمات‬ ‫استمرت‪ .‬ثم لم تلبث ان اندلعت حرب الضاحية الجنوبية والجنوب بين مقاتلي "حركة أمل" و‬ ‫"حزب ال" في العام ‪ .1988‬سقطت غريزة الخوة‪ .‬تدحر جت الدموع خر ساء على خدود‬ ‫المهات والخوات بل صوت ت حت ا صوات المعارك‪.‬ا صوات بدوي‪ .‬ا صوات آكلة‪ .‬يك في‬ ‫سماع الصوات هذه ‪ ،‬حتى يشيخ سامعها ويصبح هشا‪ .‬لن يربت احد على ظهر أحد مواسيا‪.L‬‬ ‫اهتز الجميع بالحنق أمام القتال الفضائحي‪ .‬لن تدرك عاطفة ابنا‪ L‬محتضرا‪ .L‬وصية جديدة ‪.‬غير‬ ‫ان ها‪ :‬اذ خلت خر بت‪ .‬ر قص المحاربون كالوز‪ .‬عذب رقص هم مدن يي البلد الحزي نة‪ .‬و جد‬ ‫سيئو ال حظ حظ هم القل يل با ستمرار الص راع ب ين المؤ سسة والص لف‪ .‬ب ين المؤ سسة والحلف‪.‬‬ ‫"عا مل" ليس ت م جبرة على ش يء‪ .‬غ ير ان ضغوط راحات ال كف الخف ية والواض حة‪ ،‬حولت‬ ‫يديها المقفرتين الى يدين خضراوين‪.‬‬ ‫لن يردد الر جل تو سلت ولن يغض ب‪ .‬ولن يلت قي احدا‪ L‬ت حت كو مة ملءات في عت مة غر فة‪.‬‬ ‫أمس ك بيديه‪ ،‬فركهما‪ .‬ثم رفعهما‪ .‬وجدهما دافئتين‪ .‬بل انهاك ولو بشدة تعب‪ .‬ب قي خفيفا‪ L‬كما‬ ‫في شبابه في تجربة شكلت انشغاله العظم‪ :‬تجربة من ذهب مطلية بالمينا‪ .‬لم تقف سياسته‬ ‫عند البتهالت‪ .‬راح يقلب اوراق اجندته‪ ،‬لكي يصل الى كتابة بكل شيء ال بالصابون‪.‬‬ ‫لذا‪ :‬سمح لس يارات ا سعاف "عا مل" ف قط بس حب قتلى وجر حى الطرف ين‪ .‬ش عر د‪ .‬كا مل مه نا‬ ‫بوخزة حزن اليمة‪ ،‬شعر بوخزة الم حزينة وهو يتابع وقائع القتتال الدامي‪ .‬كأنهم مسوخ بحر‬ ‫وقراصنة وهم ليسوا كذلك‪ .‬تابع ذلك بعينين حفريتين‪ ،‬حادتين‪ :‬ولكنهما صافيتان‪ .‬تابع الرجل‬ ‫النحيف البنية‪ ،‬غير انه لم ينحن‪ .‬بقي حزينا‪ L‬في غرفة المعاينة‪ .‬وفخورا‪ L‬في غرفته الخاصة‪.‬‬ ‫فخور بدور المؤ سسة وث قة الناس ب ها‪ :‬ناس يتس لقون على سرائر اللحظات العابرة ب ين الحياة‬ ‫والموت‪ .‬ا ستعاد شر يط الذكريات في النب عة و تل الزع تر وكا مب شرشبوك‪ .‬ح يث سرائر‬ ‫المعاينة القليلة والعمليات الجراحية الكثيرة‪ .‬عري يثير الشفقة‪ .‬تخطاها وهو يفرك جلد الوضع‬ ‫الس ميك والجاف برو حه التوا قة الى ما أ مر به بالمرة الولى‪ .‬و هو ليزال طالبا‪ L‬جامعيا‬ ‫مشاكسا‪ ،L‬مناضل‪ ،L‬بفرنسا‪.‬‬ ‫عيون محتق نة بالدماء وبطون منتف خة أومبقورة‪ .‬اجس اد بل دقات قلب فوق سرائر المعاي نة‪.‬‬ ‫لطال ما را قب‪ :‬ال طبيب يس تقتل بمحاولة ال ستماع الى دقات المص اب المجروح او المقتول‪.‬‬

‫‪ / 39‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫يستقتل باخذ نبض الداخل من رسغيه وكتفيه وكعبيه كي يتأكد من وجود حياة ولو بسيطة فيه‪.‬‬ ‫اكباد ممزقة ورئات منتهكة‪ .‬كل ما يثير الغض ب والشفقة هنا‪ .‬كل ما يثير الروايات هنا‪ .‬ل‬ ‫يس تطيع ا حد ان يتح مل مه نة المقا تل بدون حس ابات الحياة والموت‪ .‬الحياة ه نا‪ .‬والموت ه نا‪.‬‬ ‫بينه ما‪ :‬احزان الناس وافراح هم‪ .‬كأن رائ حة ت بغ قوي ‪ -‬رد يء‪ -‬احتلت المدي نة والضاح ية‬ ‫والجنوب و ثياب المقاتل ين الجر حى والمو تى‪ .‬لم يأ خذ الر جل ا ستراحة م نذ عشرات الس نين‪.‬‬ ‫تبعته المؤسسة دائما‪ .L‬عافيته من عافية المؤسسة ‪ .‬مرضه من مرض المؤسسة‪ .‬انها مؤسسة‬ ‫معافاة‪ .‬غ ير ا نه اراد ل ها العاف ية بظروف اخرى وشروط اخرى‪ .‬غ ير ا نه صارع الحس اس‬ ‫بالغضب‪ ،‬الحساس بالعجز المريع‪ ،‬الذي يحاصره في العادة‪ ،‬حين يتأكد كم هي قليلة امكانات‬ ‫عمله‪ ،‬وكم هي هائلة معاناة الخرين‪ .‬وهي معاناة مهنة ومعاناة عيش ومعيش‪ .‬وجد الطبيب‬ ‫نفس ه في سلسلة متعاقبة من الحروب الداخلية المدمرة‪ .‬ضمرت الحياة‪ .‬ولم تضمر الحروب‪.‬‬ ‫ا ستمرت بله فة من تأ كد بأن احدا‪ L‬لن يض ع نها ية ل ها‪ :‬ا ستمرت بله فة من ح كم على الخر ين‬ ‫بعدم القدرة على المتناع عن ادمان ها‪ .‬كل ما ق طع الناس طريقا‪ ،L‬كل ما و صلوا الى منط قة‪:‬‬ ‫وجدوا حربا‪.L‬‬ ‫حرب هم الجديدة " حرب التحر ير واللغاء" ‪ ،‬آ خر الحروب الداخل ية ق بل اتفاق الطائف‪.‬وق فت‬ ‫"عا مل" في تلك المرحلة في فو هة بركان‪ .‬اعلن الجنرال ميشال عون عام ‪ - 1989‬رئ يس‬ ‫احدى الحكومت ين حينذاك‪ -‬بدء "حرب التحر ير" بهدف اخراج القوات الس ورية من لبنان‪.‬‬ ‫ا ستمرت الحرب هذه شهورا‪L‬عدة‪ .‬تبعت ها حرب اخرى ب ين "القوات اللبنان ية" والج يش اللبنا ني‬ ‫التا بع للجنرال عون‪ .‬مس رح الحرب الولى شطرا العا صمة بيروت‪ :‬الغرب ية والشرق ية‬ ‫وب عض اطراف الج بل‪ .‬وكذلك زحلة والبقاع‪ .‬مس رح الثان ية‪ :‬المنط قة الشرق ية ومحيط ها‪-.‬‬ ‫اقسى الحروب – عند د‪ .‬كامل مهنا‪" -‬حرب التحرير" ‪ .‬حيث اضطر سكان "بيروت الغربية و‬ ‫"بيروت الشرقية" الى النزوح الكثيف عن العاصمة‪ .‬لم يترك البيارتة بيروتهم طوعا‪ L‬ول قسرا‬ ‫ال في "حرب التحرير" ‪.‬حرب مجنونة بل ضوابط ول معايير‪ .‬يروي‪ :‬تدمرت البنى التحتية‬ ‫اللبنانية في "حرب التحرير" يروي‪ :‬كثرت القمصان الملطخة بالدم في "حرب التحرير"‪ .‬نظر‬ ‫الكثيرون في لبنان الى سماء مخمل ية سوداء في "حرب التحر ير"‪ .‬سماء ل تش ي ال بالموت‪.‬‬ ‫موت باشكال جديدة‪" .‬حرب التحرير" حرب انتحار‪ .‬فتح اللبنانيون سيقانهم – فيها‪ -‬فوق حافة‬ ‫سفينتهم المجنو نة‪ .،‬ق بل ان يتركوا اجس ادهم تس قط في ب حر الموت بضج يج و بل ضج يج‪.‬‬ ‫حرب بهدنات متقطعة تبدأ عند صباحات الصباح الولى‪ .‬وتستمر حتى الثانية عشرة ظهرا‪ .L‬ثم‬

‫‪ / 40‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫ل تل بث ان تندلع‪ .‬تندلع في فترة ما ب عد الظ هر وطوال الل يل‪ .‬بيروت في حرب التحر ير‪:‬‬ ‫جحيم‪ .‬بيروت في حرب التحرير‪ :‬مدينة اشباح خائفة‪.‬‬ ‫بق يت مرا كز "عا مل" في العا صمة والضاح ية الجنوب ية مفتو حة‪ .‬لم يس لم من القص ف مر كز‬ ‫وا حد‪ .‬هطلت القذائف والص واريخ بغزارة في الشوارع‪ .‬اذ تبارت المدفع ية الثقيلة التاب عة الى‬ ‫جيشين نظاميين باستعراض قوة‪ ،‬هتك ودمر وقتل وهج‪f‬ر سكان بيروت‪ .‬سابق رجال الدفاع‬ ‫المد ني الموت‪ ،‬و هم يقومون بن قل الجر حى والمص ابين والج ثث الى المس تشفيات والمرا كز‬ ‫الطبية‪ .‬لول مرة‪ :‬تعطلت بعض المراكز التابعة للمؤسسة جزئيا‪ L‬عن التحرك ) حدث هذا في‬ ‫الجولت الخيرة من الحرب( من شدة القص ف وبس بب نزوح قس م كبير من الس كان عن‬ ‫العا صمة وضواحي ها‪ .‬لم ي بق من ته تم ب هم مرا كز المؤ سسة‪ .‬طفشوا بمئات اللف‪ ،‬ح يث ل‬ ‫قياس ول معيار‪ .‬وح يث البؤس هو الس يد الو حد‪ .‬هو و الموت‪ .‬وض عت المؤ سسة نفس ها‬ ‫طوعا‪ L‬في منا طق النزوح الجديدة‪ .‬اذ تد فق النازحون الى دار التول يد والمر كز ال طبي‬

‫في‬

‫البازورية‪ .‬اذ تدفق النازحون وجدوا في مراكزها لكي يتلقوا العلج والمساعدة الطبية‪.‬عندها‪:‬‬ ‫دع مت بكادرات جديدة في حياة ا ستثنائية‪ ) :‬صور‪ ،‬يانوح‪ ،‬الشعيت ية‪ (..‬اشرف على اعمال‬ ‫المرا كز هذه د‪ .‬درويش شغري – عض و الهيئة الدار ية في المؤ سسة‪ .‬يروي د‪ .‬كامل مه نا‪:‬‬ ‫من مأ ساوية الوضاع الس ائدة في العا صمة والمنا طق في تلك الفترة‪ ،‬اض حى ال هم ال ساسي‬ ‫للناس ولرجال الدفاع المدني‪ ،‬تأمين البنزين والغاز والخبز‪ .‬بدونها تتوقف سيارات السعاف‬ ‫والن قل عن الحر كة وي عم الجوع‪ .‬لن ينس ى‪ :‬ادت عمليات القص ف المتبادل الى ق طع الطرقات‬ ‫)طريق بيروت – دمشق(‪ .‬عطلت حركة المرفأ والمطار‪ .‬ثم جاء اشتعال خزانات الن فط في‬ ‫المنطقة الشرقية وإهراءات القمح في المرفأ ليقضي على آخر أمل بالحصول على تلك السلع‬ ‫الول ية ال ساسية‪ .‬و هو في سرده ذكريا ته ا ستعاد ما قاله ا حد أطباء المؤ سسة‪ .‬ا ستعاده ل نه‬ ‫تبناه‪ .‬وجد فيه صوته‪ .‬وجد فيه لغته‪ .‬وجد فيه صورته المكسورة‪" .‬جسدت الحرب هذه الذروة‬ ‫ال تي و صلت الي ها الحروب الهل ية‪ .‬عبرت بع مق عن جنون اللة الحرب ية ال تي فت كت بالبلد‪.‬‬ ‫انها المرحلة النهائية للنهيار النفسي والمعنوي لدى اللبنانيين‪ .‬دفعهم ذلك‪ ،‬الى قمة اليأس‪ ،‬قبل‬ ‫ان ينقذهم "اتفاق الطائف"‪ .‬ولو انه ل يعوض عن واحد بالمئة من الثمن الذي دفعوه"‪ .‬هذا بلد‬ ‫الحروب الهلية والقليمية والدول ية‪ .‬لبنان بلد متو سطي‪ ،‬بحري‪ ،‬يوناني‪ ،‬بلد محكوم بالموت‪.‬‬ ‫ثم بالقيا مة‪ .‬بلد محكوم بالحياة ب عد الموت‪ .‬محكوم بس فر أهله‪ .‬محكوم بعودت هم ا ثر سفرهم‪.‬‬ ‫محكوم بروح ومناخات مس رح سوفوكل ومس رح يوروبيدس وغيره ما من كتاب الدرامات‬ ‫والمل حم الغريق ية‪ .‬بلد ي قع ب ين الحس اد والتقياء‪ .‬ب ين الجيرة والغيرة‪ .‬ب ين القوة والثروة‬

‫‪ / 41‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫والفقر والفاقة والضعف‪ .‬بين حربين من حروبه‪ :‬حرب ‪ .‬عند حربين‪ :‬حرب‪ .‬بعد كل حرب‬ ‫حرب‪ .‬حرب وراء حرب ‪ .‬حروب ا سرائيل على لبنان ‪ :‬حروب أقاو يل وح قد وغرور‪.‬‬ ‫وحروب خطط استراتيجية حربية وجودية وتجارية‪.‬‬ ‫‪-7‬‬‫‪ 16‬آذار ‪ 1978‬قامت اسرائيل بعدوان واسع على جنوب لبنان‪ .‬نتج عن ذلك احتلل المنطقة‬ ‫الواقعة جنوب نهر الليطاني‪ .‬جرت ادارتها من قبل جيش الحتلل وعملئه بقيادة الضابط في‬ ‫الج يش اللبنا ني سعد حداد‪ .‬ابرز ما قام به المح تل ال سرائيلي اثناء عدوا نه على الجنوب‬ ‫‪:‬ارتكاب مجزرة شنيعة في بلدة الخيام‪ .‬قرية الثلثين الف نسمة‪ .‬سبق وان تعرضت البلدة هذه‬ ‫ ذات المو قع ال ستراتيجي الم طل على سهل الحولة وهض بة الجولن جنوبا‪ L‬والموا جه لج بل‬‫الش يخ ومزارع شب عا شرقا‪ .- p‬تعر ضت الى القص ف مرارا‪ .L‬م ما ادى الى تهج ير سكانها‬ ‫وتحولها الى خط تماس بين العامين ‪ 1976‬و ‪ 1978‬بالقتتالت بين القوات المشتركة التابعة‬ ‫للحر كة الوطن ية اللبنان ية والفص ائل الفلس طينية من ج هة وا سرائيل وعملئ ها من ج هة ثان ية‪.‬‬ ‫حص ل اقتحام البلدة – عام ‪ -1977‬من ق بل عملء ا سرائيل‪ .‬ن تج عن القتحام ا ستشهاد عدد‬ ‫من ابنائ ها‪ .‬بين هم الدكتور شكرال كرم طبيب البلدة‪ .‬ر فض مغادرت ها‪ .‬اختار البقاء للقيام‬ ‫بواجبه الوطني والنساني بداخلها‪.‬‬ ‫اثر استرداد البلدة من قبل القوات المشتركة ‪ ،‬صارت خط نار‪.‬عندها‪ :‬لم يبق سوى عدد قليل‬ ‫من الرجال والنس اء المس نين‪ .‬لم يغادروا البلدة‪.‬بعض هم لم يغادر ل نه لم يقدر‪ .‬بعض هم لم‬ ‫يغادر‪ ،‬ل نه قرر البقاء‪ .‬قام ال سرائيليون وعملئ هم بجمع هم في حي البر كة و سط البلدة‪.‬‬ ‫أجهزوا عليهم في مجزرة جماعية‪ .‬بلغ عددهم ‪ 55‬شهيدا‪ .L‬بعد ذلك‪ :‬حول الجيش السرائيلي‬ ‫"الخيام" الى مر كز للتدر يب واجراء المناورات الحرب ية بالذخيرة الح ية‪ ،‬ما ادى الى تدمير ها‬ ‫بش كل ش به كلي‪ .‬لم يكتفوا بذلك‪ .‬بل نهبو ها‪ .‬سرقوها بمافي ها من اثاث وأغراض‪ .‬نقلوا‬ ‫الجدران وال سطح وحشوات ها الحديد ية‪ .‬حملوا البواب والشباب يك‪.‬أخذوا كل ش يء ‪ .‬شار كت‬ ‫عص ابات في عملية النهب هذه‪ .‬جاءت العصابات من مدن وقرى بعيدة ‪ .‬بدوا وكأن هم جاءوا‬ ‫من حكايات الجدات‪ .‬لم يف هم الكثيرون زفرات اللتس امح المبثو ثة في تلك المنط قة البعيدة‪.‬‬ ‫و هي زفرات ل دين ية ول محاف ظة‪ .‬امام مفهوم الب نك ون قل الب نك‪ :‬قام اهالي البلدة المهجر ين‬ ‫في العا صمة بيروت والبقاع و صيدا وغير ها من المنا طق بإنشاء "اللج نة الوطن ية لبناء‬

‫‪ / 42‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الخيام" ‪ .‬تداعوا الى تأليفها بدون كثير اهتمام بالرذائل المزروعة في بلدتهم حديثا‪ .L‬تألفت من‬ ‫فاعليات البلدة الجتماع ية‪ ،‬باهداف‪ :‬القيام باتص الت ولقاءات بالمس ؤولين لشرح قض ية الخيام‬ ‫وأبعاد ها الوطن ية والنس انية والع مل على تأم ين شروط العودة الي ها مع المطال بة بتعويضات‬ ‫عن الخسائر في الرواح والممتلكات‪.‬‬ ‫شار كت "عا مل" و هي ق يد التأ سيس – في د عم ومس اندة هذا الحراك الوط ني والمطل بي هذا‬ ‫لهالي الخيام‪ .‬بحيث ارتبط قرار التاسيس الفعلي لـ "عامل" بتلك الحداث الكبيرة ) الجتياح‬ ‫وما نتج عنه(‪.‬‬ ‫دمرت المدي نة المشر قة القائ مة في مش هد اخض ر من هضاب مزرو عة بالشجار ال تي ته بط‬ ‫بتماوج ا نى وجدت بش يء من الس حر غ ير المتو قع‪ .‬نش طت اللج نة الوطن ية‪ :‬نظ مت تظاهرة‬ ‫حاشدة الى القصر الجمهوري حيث قابل وفد منها‪ ،‬برئاسة أمينها العام د‪ .‬محمد مهنا رئيس‬ ‫الجمهورية الياس سركيس‪ .‬طالبه الوفد بدعم قضية أهالي الخيام باعتبارها قضية وطنية تدخل‬ ‫في نطاق مسؤولية الدولة اللبنانية‪ .‬قامت اللجنة الصحية بافتتاح مستوصف في قرية الصويري‬ ‫باشراف د‪ .‬حليم القسيس‪ .‬وآخر في الضاحية الجنوبية في حي صفير بادارة سهيلة عواضة‬ ‫ورياض قانص وه‪ .‬ي قع المس توصفان ح يث التجمعات الخيام ية ال كبرى هناك‪ .‬د عم صمود‬ ‫الهالي‪ ،‬شق طريقه تماما‪ ،L‬بل دفتر تعليمات وفي غياب اية موضة نضالية في تلك اليام ‪،‬‬ ‫لن ا سرائيل هي المس تفيد الول من افراغ المنط قة المحتلة من سكانها‪ .‬ما يس هل تنف يذ‬ ‫مخطط ها الرا مي الى ال ستيلء علي ها وضم ها على المدى البع يد ) أنشأت ادارة محل ية أوكلت‬ ‫أمور ها الى العملء(‪ .‬المطلوب‪ :‬د عم صمود الهالي للبقاء في ارض هم‪ ،‬عبر تأم ين ال حد‬ ‫الد نى من مس تلزمات الع يش ل هم في منط قة عر فت لحقا‪ L‬بدويلة سعد حداد )الشر يط‬ ‫الحدودي(‪ .‬حص ل الجتياح في حزيران عام ‪ 1982‬للبنان‪ .‬عند ها‪ :‬اتص لت المنا طق المحتلة‬ ‫القديمة بالمناطق المحتلة حديثا‪ .‬بيروت ايضا‪ .L‬اتصلت كما لو انها تخاطرت‪ .‬اتصلت بحركة‬ ‫اشبه بالتخاطر‪ .‬غزت اسرائيل لبنان‪ .‬ابتلعت كامل هواءه‪ .‬اض حى لبنان غير متماسك البتة‪،‬‬ ‫ككر سي قد يم من خيزران‪ .‬غ ير ان البلد لم تس مح قط بأن يفلت من ها لهاث او سعال او‬ ‫طقطقة او زفرات تعب‪ .‬تمضمض ت يوميا‪ L‬بفهم ما حدث‪ ،‬لكي ترمي بفهمها بصوتها وعقلها‬ ‫وجهاز ها العص بي‪ .‬لم تق بل بطوق زمردي ع ند الع نق ول بأ ساور ذهب ية ع ند الر سغين‪ .‬قفزة‬ ‫من لغة الى لغة‪ .‬قفزت من لغة الهزيمة الى لغة فهم الهزيمة بالطريق الى لغة المقاومة‪ .‬عاد‬ ‫الناس الى الو سط الذي ترعرعوا ف يه‪ ،‬ا ثر خروج المقاو مة الفلس طينية من بيروت‪ .‬حولت‬ ‫المدينة طيشها الماحق الى شيء مباشر‪ :‬عمليات عسكرية‪.‬‬

‫‪ / 43‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫عاد أهالي الخيام الى بلدتهم في شتاء ‪ 1983‬تحت المطر والثلج والبرد القارس‪ .‬وجدوا بلدتهم‬ ‫مدمرة‪ .‬نصبوا خياما‪ L‬أقاموا فيها‪ .‬بدأوا باعادة بناء بيوتهم بسواعدهم وأموالهم القليلة‪ .‬لم يتلقوا‬ ‫سوى النذر اليس ير من المس اعدات في تلك الظروف الص عبة‪ ،‬يحدو هم ال مل بعودة بلدت هم‬ ‫رشي قة طاف ية كالجمال‪ .‬ل حداد ول الم حداد صعبة‪ .‬بل ع يش وا ستمرار‪ .‬ل اذعان الى‬ ‫نظرات الحتلل الوق حة‪ ،‬بل عودة الى القلوب‪ .‬عودة ثاب تة‪ .‬عودة بثبات‪ .‬لم تراوح المؤ سسة‬ ‫عند صورة قط مسترخ‪ .‬بل استمرت في دأبها‪ .‬أوفدت مسؤولة العلقات الخارجية السيدة أنا‬ ‫ماريكا بورسمان الى بلدة الخيام للطلع على اوضاعها وحاجاتها الملحة‪ .‬رافقتها في الزيارة‬ ‫هذه ممثلة " جمعية أطباء العالم" "‪ :"Medecins du monde‬المناضلة فرانس اريستا‪ .‬التقت‬ ‫بور سمان بالعد يد من الهالي بح يث وق فت على المعاناة ال كبيرة ال تي قا ساها اهالي الخيام‬ ‫العائدون الى بلدتهم المدمرة‪ .‬نصبوا الخيم‪ .‬شدوا الشراشف والحرامات بدل السقوف المهدمة‬ ‫بانتظار اعادة بناء بيوت هم‪ .‬تأثرت كثيرا‪ . L‬وازداد اعجاب ها بالناس‪ ،‬اذ رأت هم مص ممين على‬ ‫اعادة العمار وهم يمضون في جلدهم بقليل من الراحة وكثير من الصرار‪ .‬بقليل من القوة‬ ‫الماد ية والكث ير الكث ير من القوى المعنو ية‪ .‬ل حيرة‪ .‬بل تص ميم‪ .‬وح ين عادت الى بيروت‪:‬‬ ‫اقترحت تأمين وسائل تدفئة لرسالها الى الخيام بشكل عاجل‪ .‬قررت المؤسسة توزيع كميات‬ ‫من المازوت على الهالي‪ .‬ثم‪ :‬جرت التص الت بالجمعيات المحل ية والدول ية والوزارات‬ ‫المعن ية من أ جل تأم ين مس اعدات عاجلة أخرى‪ .‬أول المتجاوب ين‪ " :‬مجلس كنائس الشرق‬ ‫الو سط"‪ .‬قرر المجلس ايفاد مندوب أقام في الخيام ح يث قدم الر جل الى الهالي المس اعدة‬ ‫لتأه يل عدد من المنازل‪.‬قدم مس اعدات غذائ ية خا صة بالعائد ين‪ .‬لم ي قف مس ؤولو المؤ سسة‬ ‫فاغري ال فم‪ .‬تحملوا صرامة الو قت وتفا هة المرحلة ال سرائيلية‪ .‬اجتمعوا في مجالس بل‬ ‫طاولت بطرك ية‪ ،‬متحد ين الوقائع الص عبة والبراه ين الص عبة على الوقائع الص عبة‪ .‬طرحوا‬ ‫ا سئلة صعبة على مؤ سستهم‪ ،‬هي ا سئلة الش غل في منط قة تخض ع للحتلل هذا أول"‪ .‬ثانيا‪:L‬‬ ‫سؤال الشغل في منطقة خاضعة للحتلل باعتبار المؤسسة ذات طابع وطني وتنشط في اطار‬ ‫الحر كة الوطن ية اللبنان ية‪ .‬جاء الجواب مباشرة‪ :‬لن نق بل بالضغوطات‪ .‬زائد ان هم لن يقبلوا‬ ‫بتد خل الحتلل ول عملئه في ع مل المؤ سسة ذي الطا بع النس اني‪ .‬جاء الجواب مباشرا‪" :L‬‬ ‫ان واجب نا الوط ني يقتض ي مد يد المس اعدة الى اهل نا في المنط قة المحتلة‪ .‬وعدم ترك هم‬ ‫يواجهون وحد هم ظروف الحتلل‪ :‬بال ستناد الى اتفاق ية جن يف الراب عة‪ .‬و هي ت نص على‬ ‫حما ية المدني ين في ظروف الحرب والحتلل‪ .‬ما يس مح للمؤ سسات الص حية والجتماع ية‬

‫‪ / 44‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫بالع مل مع الس كان المدني ين‪ .‬و ضع أش به بو ضع الفلس طينيين في المنا طق المحتلة في الض فة‬ ‫الغربية وقطاع غزة‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :L‬ابتكرت المؤ سسة صيغة لختراق وا قع الحتلل وانتزاع موطىء قدم يس مح بالتوا صل‬ ‫مع اللبناني ين بالمنط قة المحتلة‪ ،‬لتقد يم العون والد عم الممكن ين ل هم على الص عيدين الص حي‬ ‫والجتماعي‪ .‬استعمل المركز الصحي الجتماعي التابع الى مصلحة النعاش الجتماعي في‬ ‫الخيام‪ ،‬و هو ش به مد مر‪ .‬تقرر الدخول الى المنط قة عبر المؤ سسة الر سمية هذه‪ .‬قام رئ يس‬ ‫المؤ سسة بزيارة مد ير عام وزارة الشؤون الجتماع ية الش يخ مهدي صادق‪ .‬صادق من ابناء‬ ‫المنطقة‪ .‬شرح الول الفكرة‪ .‬رحب بها الثاني‪ .‬ابدى استعداده لتوقيع عقد مشترك مع مؤسسة‬ ‫"عامل" يخولها تأهيل المركز وتجهيزه وادارته‪ .‬تم تشكيل لجنة مؤلفة من المهندس عبدالعزيز‬ ‫مهنا‪ ،‬الدكتور حليم القسيس‪ ،‬السيدة شما ابو عباس‪ ،‬السيدة سهيلة عواضة‪ ،‬السيدة صباح هيثم‪،‬‬ ‫السيدة فاطمة ابو عباس والدكتور طانيوس الحاج لكي تشرف على ادارة المركز‪.‬‬ ‫رحلة تتطا بق والمخططات‪ .‬لن ينأ سر ا حد ب عد اليوم‪ ،‬او لن يتورط بعقائد وافكار مس بقة‪.‬‬ ‫الحتكاك هو ال ساس‪ .‬المخيلة جوهر ية الحضور‪ .‬ايقاظ الشعور بالنتماء بباب الضرورة‬ ‫القص وى‪ .‬لذا‪ :‬أع يد تاه يل المر كز في الخيام‪ .‬زود بالمعدات والدو ية‪ .‬جهزت دار التول يد‬ ‫التابعة له‪ .‬زار مركز المؤسسة في بيروت رئيس البعثة الطبية الميركية الدكتور بيار سابا‪،‬‬ ‫وهو من اصل لبناني‪ .‬يرأس جمعية تهتم بالطفال‪ .‬اقترح رئيس المؤسسة على الفريق الطبي‬ ‫المير كي الع مل في الخيام‪ ،‬شارحا‪ L‬له الوا قع الص عب‪ .‬اشار الى ان ع مل أشخاص حامل ين‬ ‫الجنسية الميركية في مركز المؤسسة في الخيام‪ ،‬يمنع الى حد كبير تدخل المحتلين والعملء‬ ‫في نشاط "عامل" النساني هناك‪.‬‬ ‫يتذكر د‪ .‬مهنا بكلمات مختصرة تلك المرحلة بصراعاتها الوطنية واليديولوجية‪ .‬ل مصالحة‬ ‫مع العملء‪ ،‬ل صلح مع ال سرائيليين‪ .‬ل ش يء سوى حماس الخلص‪ .‬وا فق د‪ .‬سابا على‬ ‫الطلب هذا‪ .‬ذ هب الى الخيام مع ممر ضة اميرك ية وممرض من المؤ سسة هو فادي‬ ‫كلكش) من بلدة بلط القريبة من الخيام‪ ،‬تطوع للعمل في مستشفى المصيطبة الميداني خلل‬ ‫فترة الحص ار ال سرائيلي لبيروت‪ ،‬و هو يتكلم النكليز ية‪ .‬أث بت كفاءة مهن ية عال ية( ‪ .‬ا صبح‬ ‫للمر كز دور صحي واجتما عي هام‪ ،‬ل يس على صعيد الخيام وحد ها‪ ،‬بل على صعيد منط قة‬ ‫مرجعيون – حا صبيا كل ها‪ .‬وح ين شار فت اقا مة البع ثة الميرك ية على نهايت ها‪ .‬تولى د‪ .‬حل يم‬ ‫القس يس ) من الخيام( ادارة المر كز‪ .‬ب قي الممرض فادي كل كش عامل‪ L‬ف يه‪ .‬لك نه تعرض الى‬ ‫العتقال‪ .‬زج في معتقل الخيام الذي يدديره العملء باشراف الجيش السرائيلي‪ .‬عندها‪ :‬دعت‬

‫‪ / 45‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫المؤسسة الى حملة تضامن شاركت فيها الهيئات الهلية والدولية من اجل الفراج عنه ووقف‬ ‫الممار سات التعس فية بح قه والتند يد بخرق المعاهدات الدول ية خص وصا‪ L‬اتفاق ية جن يف الراب عة‬ ‫التي تحمي المدنيين والمؤسسات الصحية والنسانية‪ .‬ال ان المر تكرر ثانية حين تم اعتقال‬ ‫طبيب ال سنان د‪.‬علي ض يا‪ .‬ا ستمر المر كز ب ـ "إثارة الش غب" وبالر غم من الضغوط‬ ‫والمضايقات التي تعرض لها العاملون فيه‪ ،‬استمر بالعمل على أفضل وجه لمدة ‪ 12‬سنة حتى‬ ‫تسليمه الى وزارة الشؤون الجتماعية‪ .‬انتقل بعدها نشاط "عامل" الى وسط البلدة حيث استمر‬ ‫الع مل ح تى العام ‪ .1998‬تو قف – لمدة سنتين – بس بب الضائ قة المال ية في " عا مل" وبوجود‬ ‫بدائل عن المؤسسة في الخيام وجوارها‪.‬‬ ‫ال ان " عامل" سرعان ما افتتحت مركزا‪ L‬كبيرا‪ L‬عام ‪ 2000‬بعد التحرير مباشرة‪ ،‬بالتعاون مع‬ ‫جمعية " اطباء العالم" الفرنسية‪ ،‬و عبر السيدة فرانس اريستا‪ .‬سيدة زارت الخيام عام ‪.1983‬‬ ‫ازداد اهتمام المؤ سسات والهيئات المحل ية والدول ية بالمنط قة‪ .‬عند ها‪ :‬قا مت بمشار يع خدمات ية‬ ‫ا ستمرت اثناء الحتلل وبعده‪ ،‬ساهمت في صمود الهالي وبقائ هم ب عد ان صوبت القوى‬ ‫السياسية الوطنية موقفها السابق الخاطىء ازاء الصابرين والصامدين‪ .‬اذ خلط بعضها بصورة‬ ‫ما‪ :‬بينهم وبين المتعاملين مع العدو‪ .‬لم تلق المؤسسة باللوم على احد‪ .‬قلبت النزوات كلها في‬ ‫صالح الناس‪ .‬نزوات خال ية من الب نى الخلق ية‪ ،‬نزوات جاهزة للغواء‪ .‬وجدت ان ها انت مت‬ ‫الى التراب وانتمت الى الناس‪ .‬لم تتعلل بشيء لكي توقف مسيرة او تصد شخص ا‪ L‬او اسما‪ .L‬لم‬ ‫تس تنفذ اعص ابها ول اعص اب الهالي و هي ترا قب تلك النتقالت الشديدة الوطأة من مرحلة‬ ‫الى مرحلة و من ب يت الى ب يت‪ .‬حر صت ان ل يقود الش د وال سترخاء الى النهاء‪ .‬عبرت‬ ‫بالس ياسة هذه المرا حل‪ ،‬عبرت بالس ياسة هذه النواء والجواء ‪ .‬ل مشا هد عجي بة في ثنيات‬ ‫ل حم الوقات الص عبة او الطي بة‪ .‬الو قت و قت‪ .‬الو قت للش غل‪ .‬الو قع الشائع ل ما ل يس شائعا‪:L‬‬ ‫الطموح بل ملكية‪ .‬الحب بل غصب‪ .‬الحب بل دهاء‪ .‬مؤسسة ضخمة مولهة بـ " الجماهير‬ ‫"‪ .‬تخرج من عا صفة ك ما تد خل الي ها‪ .‬وتد خل الى اخرى بالطر يق الى الخروج من ها‪ ،‬ب كل‬ ‫الدوات‪ .‬الدفاع المد ني أداة من الدوات هذه‪ .‬أداة من ل حم حي‪ .‬حاولت الهيئات الهل ية –‬ ‫و من ضمن ها مؤ سسة "عا مل" ‪ -‬من خلل ها‪ -‬ان تض ع خططا‪ L‬للطوارىء والغا ثة والحضور‬ ‫الميداني المباشر‪ .‬بالخص‪ :‬في مناطق التوتر المني‪ .‬تميز خلل الفترة الس اخنة هذه عطاء‬ ‫وتفا ني عنا صر الدفاع المد ني في مختلف القطاعات الهل ية والر سمية‪ .‬هؤلء من قدم شهداء‬ ‫وجر حى اثناء القيام بالوا جب الميدا ني‪ .‬ما ان تأ كد قبطان المؤ سسة من ان الداة ال سطورية‬

‫‪ / 46‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫هذه صارت في القلب‪ ،‬حتى رصدهم‪ :‬انتشروا في العديد من المناطق اللبنانية‪ ،‬ل سيما في‬ ‫بيروت والضاحية الجنوبية‪ .‬أشرف على هذا الجهاز المزود بـ ‪ 17‬سيارة اسعاف عدد كبير‬ ‫من من القادة‪ ،‬في مقدمهم‪ :‬صولي صولي‪ -‬سلم ضاهر‪ -‬علي اسماعيل‪ -‬غسان ابو عباس‬ ‫– محمد صولي – المرحوم عبدالكريم خشاب – حسين الشيخ – علي الحمر – احمد مهنا –‬ ‫صبحية الش يخ علي – فاط مة عوا ضة – غس ان عياش – ها شم صولي – نز يه ا بو عجرم –‬ ‫مح مد العلي – رضوان العلي – حس ين مه نا ‪ -‬حس ن فرحات – مح مد سرور – ر ضا‬ ‫زعرور – هادي شلق – المرحوم فؤاد الكركي ) الذي توفي بعد معاناة من مرض عضال( –‬ ‫رضوان اسماعيل – وآخرون‪.‬‬ ‫قام هؤلء القادة الشجعان بدور كبير اثاء الحرب الهل ية‪ .‬قاموا بادوار كبيرة خلل الحروب‬ ‫ال تي شنت ها ا سرائيل ‪ .‬دأبوا على ن قل الجر حى من مياد ين القتال و ساحات المعارك‪ .‬قاموا‬ ‫باعمال ال سعاف الولي‪ .‬انقذوا المص ابين واخلو هم الى منا طق أم نة‪ .‬أخمدوا الحرائق وأمنوا‬ ‫وحدات الدم ل كل من احتاج الى الدم‪ .‬شاركوا في تأه يل الملجىء‪ .‬أمنوا المواد الضرور ية‬ ‫للحتياجات الطبية كالبنج والوكسيجين والمصال‪ .‬امنوا الماء والمازوت للمستشفيات‪ .‬قاموا‬ ‫بر فع النفايات ورش ال مبيدات دا خل الحياء الشعب ية وتوز يع المواد الغذائ ية‪ .‬فعلوا‪ ،‬ما‬ ‫صارعوا لجله بل هوادة اغواءات ال ستسلم للمبالة الهفها فة ال تي را حت تغزوا ارواح‬ ‫الكثيرين‪.‬‬ ‫مهمات في ظروف شديدة الخطورة‪ .‬مهمات بتضحيات عرضت هم الى ال صابة المباشرة‪.‬‬ ‫ا ستشهد الب عض اثناء القيام بالوا جب‪ .‬قد مت مؤ سسة "عا مل" القائدة م نى علي د يب عوا ضة‪.‬‬ ‫ا ستشهدت في منط قة صفير في الضاح ية الجنوب ية خلل حرب الج بل والضاح ية )‪– 1983‬‬ ‫‪ .(1984‬ثم أصيب القائد صولي صولي إصابة بالغة في بطنه‪ .‬ل يزال يعاني – حتى اليوم –‬ ‫من مضاعفات ها‪ .‬كذلك ا صيب سلم ضا هر وغس ان ا بو عباس و صبحية الش يخ علي وعلي‬ ‫ا سماعيل وحس ن الش يخ وعلي الح مر ا صابات مختل فة اثناء القيام بواجب هم النس اني‪ .‬حضور‬ ‫دائم في قلب الحداث‪ .‬أطلق جهاز الدفاع المدني – وفيه قسم منبثق عن مديرية الدفاع المدني‬ ‫– وجهاز المتطوع ين دورا‪ L‬كبيرا‪ L‬في انقاذ عشرات الناس‪ .‬وخففوا – الى اب عد حد – من‬ ‫خسائر الحرب وأثارها المدمرة على المجتمع اللبناني‪ .‬جازفوا في كثير من الحيان بحيواتهم‬ ‫الشخص ية‪ .‬حاولت قيادة المؤ سسة حمايت هم بأن منعت هم من التحرك أثناء القص ف الشد يد‪ ،‬ال‬ ‫انهم جازفوا دائما‪ L‬بانقاذ غيرهم‪ .‬كما حصل أكثر من مرة مع صولي صولي وصبحية الشيخ‬ ‫علي خلل اجتياح بيروت عام ‪ ،1982‬او مع سلم ضا هر وغير هم‪ .‬لذا‪ :‬أطلق علي هم د‪.‬‬

‫‪ / 47‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫كامل مهنا تحببا‪ L‬تسمية "الفلسفة" او "المجازفين" ‪ .‬فلسفة‪ :‬لن لديهم نظرتهم الخاصة بالحياة‪.‬‬ ‫انهم دائما‪ L‬في أخطر المواقع من اجل القيام بالواجب النساني‪ .‬ومجازفون ‪ :‬بسبب اعتبارهم‬ ‫الخ طر والقص ف هوى لذيذا‪ L‬و سعادة بل تجاع يد‪ .‬ثروة كبيرة من القص ص المشر فة‪ .‬قص ص‬ ‫بطول ية‪ ،‬مس حت رومنس يات غ ير مخجلة ب ظل ايقاعات خان قة وبنجاح غ ير مقهور‪ .‬مواطنون‬ ‫درجة اولى في جمهورية مفجوعة بويلت الحرب وبل اخلقية بعض مراحلها‪ .‬ذكريات تثير‬ ‫الشجون‪ .‬ذكريات له فة‪ ،‬ذكريات المتلهف ين الدائم ين غ ير الهياب ين من حدث الر عد القوي‬ ‫بانتظار البرق الخاذ‪ .‬لن ت قف الروا ية ه نا‪ .‬لن "عا مل" ما تعودت النحناء امام الص عاب ال‬ ‫على الطري قة الص ينية‪ .‬مؤ سسة شا بة‪ ،‬شر سة امام نذائر الموت واحتمالت ها المكل فة‪ .‬ل ش يء‬ ‫يث ير الشف قة امام حم ية عار مة‪ ،‬مدهش ة ‪ .‬لذلك بادرت الى توظ يف علقات ها الخارج ية‬ ‫بالجمعيات والحكومات العرب ية والجنب ية‪ .‬ل كي تؤ من المس اعدة الضرور ية للجر حى‬ ‫والمص ابين‪.‬اثمرت تلك الجهود سلسلة من بعثات من الجر حى الى بلدان عديدة من ها‪ :‬ايطال يا‬ ‫والوليات المتحدة الميركية وفرنسا وبلجيكا ودولة الكويت‪.‬‬ ‫واف قت بلد ية مدي نة بولون يا اليطال ية ال تي ‪ -‬يرأ سها الس يد زنغاري ‪ - (Zanghari)-‬على‬ ‫ا ستقبال حوالي مئة جر يح لبنا ني من ا جل علج هم على نفقت ها‪ .‬اوفدت خلل فترة الحص ار‬ ‫)آب ‪ (1982‬بع ثة طب ية ض مت ‪ 15‬شخص ا‪ L‬بين هم جراحون واخص ائيو تخد ير وممرضون‬ ‫وممرضات ) حث هذا ب عد انس حاب ا سرائيل من بيروت وق بل عودت ها الي ها ثان ية في ش هر‬ ‫ايلول‪ ،‬حيث تم ن قل المس تشفى الميدا ني في مدرسة راهبات البيزونس ون الى مر كز المؤ سسة‬ ‫الرئيسي في مبنى " لسان الحال" مقابل الستاركو‪ :‬قسم طبي ودار توليد وجهاز دفاع مدني(‪.‬‬ ‫توزع الفر يق اليطالي الع مل في المر كز هذا و في "مس تشفى ع كا" التا بع للهلل الح مر‬ ‫الفلسطيني ‪ .‬يروي د‪ .‬كامل مهنا‪ ،‬بعينين متقدتين‪ ،‬بريئتين اذا ما قيست العينين بحجم الهوال‬ ‫ال تي تابعت ها‪ .‬يروي اليوم‪ ،‬وكأن اليوم هو ال مس‪ ،‬وال مس هو الس نوات الماضيات كل ها‪.‬‬ ‫يروي ‪ :‬قررت بلد ية بولون يا ا ستقبال الجر حى‪ .‬لذا‪ :‬اجرت اتص ال‪ L‬بالس فارة اليطال ية في‬ ‫بيروت‪ .‬ل يزال يذ كر ان الس يدة صوفي ديلكور تو ‪-Sophie Delcourtoux-‬‬

‫هي‬

‫مسؤولة قسم الشؤون النسانية في السفارة‪ .‬سيدة صديقة للراهبة اديل منزي )يذكر بها دائما‪:L‬‬ ‫ايطالية الجنسية‪ ،‬شاركت في تأسيس "جمعية النجدة الجتماعية " بعد سقوط مخيم تل الزعتر‬ ‫ومنط قة النب عة في آب ‪ .(1976‬اتص لت أد يل ب ـ د‪ .‬كا مل مه نا سائلة اياه عن مدى ا ستعداد‬ ‫"عا مل" للقيام بالمه مة هذه‪ .‬ا ستجاب فورا‪ .L‬ل سيما " وان كثيرا‪ L‬من الجر حى الذ ين كانوا‬

‫‪ / 48‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫يعالجون في مستشفيات "عامل" الميدانية كانوا بحاجة لستكمال علجهم في مراكز متخصصة‬ ‫ومجهزة بأحدث التقنيات الطبية"‪.‬‬ ‫تولى الفر يق ال طبي اليطالي معاي نة الجر حى بمر كز " عا مل" في منط قة وادي ا بو جم يل‪.‬‬ ‫اتف قت المؤ سسة مع الدكتور كيدو برتولوزا – مس ؤول قس م الص حة في وزارة الخارج ية‬ ‫اليطال ية‪ -‬على توج يه دعوة عبر و سائل العلم الى جم يع الجر حى الذ ين هم بحا جة الى‬ ‫استكمال علجهم لكي يقصدوا المركز للمعاينة‪ .‬اثر اتمام المعاينات جرى اختيار ‪ 75‬جريحا‬ ‫من اللبنانيين والفلسطينيين سفروا الى ايطاليا )يرافقهم د‪.‬مهنا( على متن طائرة خاصة بمعية‬ ‫مس ؤول من بلد ية بولون يا حض ر الى لبنان خص يصا‪ .‬م عه الطباء في "عا مل"‪ :‬به يج عرب يد‪،‬‬ ‫قا سم علوش وحس ين شحرور‪ .‬جرت ا ستضافة الو فد في فندق ف خم في و سط بولون يا بغرف‬ ‫مزودة ب خط ها تف دولي وتلفاز‪ .‬تخيلوا دهش ة الجر حى؛ خا صة اليافع ين من هم‪ .‬صغار لم‬ ‫يعرفوا من الدن يا سوى القص ف والمل جأ والدمار والر عب‪ .‬وجدوا انفس هم في تلك المدي نة‬ ‫اليطالية الجميلة‪ .‬شوارع مخططة ونظيفة واشارات سير عند التقاطعات‪ .‬امن وهدوء ونظام‪.‬‬ ‫بقي ان يؤمن الفريق الطبي اليطالي غرفا‪ L‬في المستشفيات لجرحى اصابات العظم والحروق‬ ‫في الجلد والع ين‪ .‬طال انتظار الو فد في الفندق‪ .‬اذ ابلغ رئ يس المؤ سسة من ق بل د‪ .‬بزا ني‬ ‫)اوفد ته وزارة الص حة اليطال ية مع د‪ .‬الدو لندي للع مل في لبنان خلل فترة الحداث( ‪.‬‬ ‫صعب تح قق ذلك َ ح تى لليطالي ين‪ .‬لن ل ا سرة شاغرة في المس تشفيات‪ .‬خص وصا‬ ‫المتخصصة بجراحة العظم‪ .‬يتذكر د‪ .‬كامل مهنا‪ :‬االمراويل البيضاء واغطية الراس المنشاة‪.‬‬ ‫يتذ كر الحس اس بوجود الخر ين‪ .‬يتذ كر النهماك بتأم ين حاجيات هم وا سرتهم وازمنت هم‬ ‫الشخص ية‪ ،‬ل كي يضحوا في غرف عمليات هم ‪.‬ش يء كحلوى اللوز والس كر‪ .‬ش يء ك ما الحلم‪.‬‬ ‫حبكت النكتة عندها‪ .‬قلت لصدقائنا اليطاليين‪ :‬اذ كنتم بحاجة الى المساعدة‪ :‬نحن مستعدون‬ ‫ان نقدم ها ل كم عند نا في لبنان‪ .‬ل فت نظره خلل القا مة في بولون يا ان الجر حى وزملءه‬ ‫الطباء‪ ،‬يغادرون قا عة العشاء فورا‪ L‬ب عد تناول طعام هم ‪ .‬في الص باح‪ :‬يأتون متأخر ين‪.‬‬ ‫يتناولون الفطور و هم محمرو العيون من الس هر‪ .‬اكتش فت ما يحص ل لحقا‪ :L‬ادرت مفتاح‬ ‫التلفاز ذات ليلة‪ ،‬لقع على مشاهد من افلم اباحية ترسل ابتداء من الساعة الثانية عشرة ليل‪.‬‬ ‫عندها‪ :‬ادركت ما يحصل‪ .‬عرفت سبب الرهاق من ما عانيت منه في الليلة الخيرة‪ .‬كثرة‬ ‫البص يرة والوقار لم تم نع د‪ .‬مهنا ود‪ .‬به يج عرب يد من تمضية ليلة في ميلنو بمنزل مشترك‬ ‫ب ين د‪ .‬علي نحلة وشقي قه د‪ .‬مالك ود‪ .‬ف هد ريا شي‪ .‬يذ كر ان ها ليلة ضاح كة‪ .‬ليلة مشحو نة‬ ‫بالضحك‪ .‬سقط كل الرفقاء من الضحك في تلك الليلة ‪ .‬لم يكد الطبيب يضع قدمه في البيت‬

‫‪ / 49‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫هذا‪ ،‬ح تى عاد الى صداقاته القدي مة والى نزوة ا ستعداده التص علكي ‪ .‬ضحكوا ح تى بدوا‬ ‫برؤوس حلي قة‪ .‬لن يقدم ا حد البراه ين على ش يء ه نا‪ .‬فا ضت الروح بالمس ؤولية‪ .‬و ها هي‬ ‫تفيض بالحياة‪ .‬حياة ل تنتمي الى اللوائح السوداء‪ .‬ل ايديولوجيا ول مسؤولية ‪ .‬ل حماس‪ .‬ل‬ ‫خلص‪ .‬بل قضاء ليلة واحدة‪ ،‬في منأى عن الرصاص والقذائف والحرمان‪ .‬بيد انها ل تكمل‬ ‫مع أحد‪ .‬قدر موصوف‪ .‬تلقى د‪ .‬مهنا اتصال‪ L‬من رئيس بلدية بولونيا )تبعد حوالي ‪ 200‬كلم‬ ‫عن ميل نو( طلب ف يه حضوره‪ .‬ع ند الثان ية عشرة ظهرا‪ L‬ح تى يشارك في مؤت مر صحفي ‪:‬‬ ‫يع قد في دار البلد ية بحضور وز ير الص حة اليطالي و سفير لبنان في ايطال يا مح مد ابراه يم‪.‬‬ ‫عاد في اليوم التالي الى بولون يا‪ .‬ثم سافر الى بيروت برف قة د‪ .‬عرب يد‪ .‬في ما ب قي د‪ .‬قا سم‬ ‫علوش و د‪ .‬حسين شحرور و افراد البعثة في ايطاليا‪.‬‬ ‫لم يتعامل د‪ .‬كامل مهنا مع البعثات بالقطعة‪ .‬طبق التفاقات بدون اشكالت تذكر‪ .‬وان استلزم‬ ‫ال مر مجهودات بح جم الد عم الورو بي والمير كي المبذول‪ .‬سوف يرد التح ية باحس ن من ها‪:‬‬ ‫لن يحجم عن ترتيب الوضاع ولن يمتلك تصورات وهمية‪ ،‬نتيجة اندفاع بعض الدول واحجام‬ ‫بعضها الخر عن المساهمة المؤثرة في نقل الرعايا اللنانيين الى ضفاف المان‪ ،‬بظلل محلية‬ ‫لفتة‪ .‬تخطى الر جل كل التعقيدات السياسية والظروف المنية بمعايير طبيعية وبتقيمات اداء‬ ‫عالية في مؤسسات دولية معنية بالمور هذه ً‪.‬استقرار وثبات بل تسويات‪ .‬انتج هذا بعثة اثر‬ ‫بعثة‪ .‬احداها بعثة الجرحى الى الوليات المتحدة الميركية‪" :‬زار لبنان د‪ .‬عابدين جبارة‪ .‬هو‬ ‫من الوجوه العرب ية البارزة في الوليات المتحدة الميرك ية وا حد مس ؤولي " اللج نة الميرك ية‬ ‫العرب ية لمحار بة التمي يز )‪ – (A.D.C‬رئيس ها الس يناتور جي مس بو رزق )ا صوله لبنان ية‪.‬ا نه‬ ‫من بلدة الكف ير في الجنوب اللبنا ني(‪ .‬مثله ف عل الس يد جي مس ز غبي رئ يس لج نة " سيف‬ ‫ليبانون))‪ .Save lebaon‬كلف د‪ .‬جبارة ‪ -‬من قبل "اللجنة العربية الميركية"‪ -‬بتسفير ‪78‬‬ ‫جريحا" من لبنان لكي يعالجوا في المستشفيات الميركية‪ .‬بعد ان التقى بالخت الراهبة اديل‬ ‫منزي‪ :‬اتصلت الخيرة برئيس المؤسسة‪ .‬طلبت منه ‪ :‬التحضير لعملية مشابهة لعملية ارسال‬ ‫بع ثة الجر حى الى ايطال يا‪ .‬بعد ها‪ :‬قام د‪ .‬جبارة بزيارة مر كز "عا مل" في بيروت‪ ،‬ح يث تم‬ ‫التفاق على ان تقوم المؤ سسة بتجم يع الجر حى على دفعت ين‪ ،‬على ان تتولى اللج نة أ مر‬ ‫التكال يف‪ .‬ل سيما وأ نه يو جد في الوليات المتحدة الميرك ية ‪ 15‬مس تشفى يملك ها أطباء‬ ‫وأشخاص من أ صول عرب ية‪ .‬سفرت الدف عة الولى‪ - .‬ض مت ‪ 40‬جريحا‪ L‬من اللبناني ين‬ ‫والفلسطينيين – رافقها من "عامل" د‪ .‬غسان عيسى و د‪ .‬قاسم علوش‪ .‬سفرت دفعة ثانية ‪ .‬بلغ‬ ‫المجموع ‪ 78‬جريحا‪ ،L‬تم توزيعهم على مستشفيات مختلفة‪ .‬قام السيد جيمس زغبي بتبني احدى‬

‫‪ / 50‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الجريحات الفلسطينيات ) يعتقد انها ل تزال تقيم معه( ‪ .‬هكذا‪ :‬فض ل عدد كبير من الجرحى‬ ‫البقاء في الوليات المتحدة‪ .‬تابعوا درا ستهم هناك و سعوا الى الحص ول على الجنس ية‬ ‫الميرك ية‪ .‬يقول د‪ .‬مه نا‪ " :‬خلل زيارة ق مت ب ها الى نيويورك عام ‪ 1995‬للمشار كة في‬ ‫الجتماعات التحضير ية لق مة كوبنها غن الجتماع ية في مر كز ال مم المتحدة ) عقدت في ‪25‬‬ ‫آذار ‪ ، (1995‬رافقني الصديق العلمي خليل مطر‪ .‬ذكرني هناك بأن شقيقه سافر في عداد‬ ‫بعثة الجرحى تلك‪ .‬وبأنه – اي شقيقه – بقي في الوليات المتحدة الى ان حصل على الجنسية‬ ‫الميرك ية‪ .‬ثم قام بافتتاح م حل تجاري في شارع "‪ ."Fifth avenue‬و هو من ا هم شوارع‬ ‫نيويورك التجارية‪ .‬قمنا بزيارته في محله‪ ،‬حيث وجدناه رجل‪ L‬جديدا‪ L‬بتقاسيم اسلفه‪ ،‬يمض ي‬ ‫مرتاحا‪ L‬في حياته وعمله‪ .‬لم تنتهي الحكاية هنا‪ .‬ذلك انه وبعد انتهاء المؤتمر‪ ،‬وقبل عودته الى‬ ‫لبنان‪ ،‬ذ هب برف قة صديقه هذا الى نيوجر سي – ح يث تق يم اب نة ب نت شقي قه ران يا شمعون‬ ‫المقتر نة بالمهندس مح مد عوا ضة‪ -‬و جد نفس ه هناك امام مفاجأة ل تص دق‪ .‬اذ الت قى في‬ ‫منزله ما بارب عة اشخاص من جر حى البع ثة سابقا‪ .‬بين هم‪ :‬الس يد علي غص ن من بلدة جون‪.‬‬ ‫اك مل درا سته الجامع ية بامير كا وانض م الى لج نة ‪ . ADC‬وش خص آ خر – معوق – اك مل‬ ‫درا سته‪ .‬ا نه يدر‪Y‬س اليوم في احدى ا هم جامعات نيويورك‪ .‬ش عر بس عادة ل تو صف اثناء‬ ‫الزيارة‪ " .‬انه شعور باهمية النجاز‪ ،‬اذ ساهمنا مع اصدقائنا في الـ ‪ ADC‬بتأسيس المستقبل‬ ‫البا هر لمجمو عة من الشبان الذ ين أعطبت هم الحرب وكادت تن هي حيات هم‪ .‬ا تت البع ثة مان حة‬ ‫اياهم حياة جديدة‪ .‬زمن ميسور‪ .‬زمن مطبوع بروح الحرب وقدر الفقراء المفلسين والنبياء‬ ‫غير المطوبين‪ .‬حياة جديدة‪.‬‬ ‫انضم جيمس ابو رزق وجيمس زغبي – اثر العملية ‪ . -‬الى هيئة الرعاية في "عامل" بهدف‬ ‫تحقيق مشروعي المستشفيين في صور وحارة حريك برئاسة د‪ .‬سليم الحص"‪.‬‬ ‫فتحت التجربة المخيلت‪ .‬اخرجتها من اسر التورط في العقائد والفكار الجاهزة او المسبقة‪.‬‬ ‫ايقظت حماسا‪ L‬وطنيا‪ L‬عارما‪ L‬لدى العاملين فيها وغير العاملين بها‪ .‬لم يعتقد العاملون بالمؤسسة‬ ‫انه ل يوجد في البلد ال طبقتين اجتماعيتين‪ .‬طبقة العاملين وطبقة افقر الفقراء‪ ،‬تفصل بينهما‬ ‫منط قة رمادية مبهمة من الناس‪ .‬لحظوا واكدوا انهم ابناء طب قة واحدة‪ .‬ولو ان د‪.‬كامل مهنا‬ ‫ا بن طب قة و سطى مقتدرة‪ .‬ا نه خطاب اعمال في الشأن الجتما عي ال كبير‪ .‬ول يس خطاب‬ ‫ا صدقاء الى ا صدقاء‪ .‬لذا‪ :‬شكلت "عا مل" العمود الفقري بالع مل الجتما عي بالبلد – هي‬ ‫وهيئات اهل ية أخرى ‪ .‬بدا ناس المؤ سسة بذلك وكأن هم عشاق بعش ق اول‪ .‬بدا د‪ .‬كا مل مه نا‬ ‫كملك جهز او ساهم في تجهيز سرايا شياطين ارادت ان توفر نسمات منعشة او هواء منعشا‬

‫‪ / 51‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫للناس‪ ،‬في ح ين اطاح الخرون – سياسيون وغ ير سياسين – بالملكيات والرزاق والرواح‪.‬‬ ‫لم تراوح عل قة ناس المؤ سسة امام الراشد ين‪ .‬بل تعدت هم الى الطفال‪ .‬اذ ان طبيبا‪ L‬بلجيكيا‬ ‫ جراح مناضل صلب‪ -‬زار لبنان مرات عديدة ‪ ،‬ضمن بعثات طبية‪:‬أمن علج سبعة اولد‪.‬‬‫قاده نضاله الى عدد من بلدان العالم الثالث‪ .‬آخرها‪ :‬جنوب افريقيا‪ .‬ذهب اليها بمهمة انسانية‪.‬‬ ‫لك نه ل قى حت فه هناك على أيدي متطرف ين عنص ريين‪ .‬يا تي كل من ينت مي الى دم الخر ين‬ ‫بارجله اليهم‪ .‬لم يثر الطبيب الشغب‪ .‬استشهد مع ذلك‪ .‬وظفت "عامل" شغبها في صالح الناس‪.‬‬ ‫ثمرت علقت ها ب ـ "جمع ية ‪ " Novib‬الهولند ية‪ .‬انوجدت هولند ية كمس ؤولة للعلقات‬ ‫الخارج ية في "عا مل"‪ :‬الس يدة ا نا ماري كا ‪ .‬ل عب ذلك دورا‪ .L‬ش جع سفير لبنان في هولندا‬ ‫انذاك‪ -‬الشا عر صلح ستيتية‪ ،‬الحكو مة الهولند ية على ار سال مندوب من وزارة الخاج ية‬‫تف قد – برف قة سفير هولندا في لبنان‪ -‬مر كز "عا مل" في المشرف ية‪ .‬تم اختيار الخ ير للقيام‬ ‫بعمليات ترك يب الطراف ال صطناعية للمعوق ين المحتاج ين من ق بل اخص ائيين ار سلتهم‬ ‫الحكو مة الهولند ية‪ .‬ا ثر ذلك‪ :‬قا مت مؤ سسة "عا مل" بتس طير دعوة عا مة الى المعوق ين عبر‬ ‫وسائل العلم‪ ،‬حثتهم فيها على التصال بمركزها في المشرفية لدراج اسمائهم على لئحة‬ ‫المحتاج ين الى الطراف ال صطناعية‪ .‬ا ستغرقت عمليات ترك يب الطراف ال صطناعية هذه‬ ‫شهورا‪ ً.‬استفاد منها ‪ 400‬معوق من مختلف المناطق اللبنانية ومن معظم التيارات السياسية‪.‬لم‬ ‫تهز المؤسسة احدا‪ L‬بتنكيل من أي صنف‪ .‬لم تضع احدا‪ L‬على كرسي واضعة يديها على أذنيه‬ ‫مبرط مة بكلم مفهوم أو غ ير مفهوم‪ .‬أخذت الجم يع بذراع ين مفتوح ين‪ .‬لن يكلف هذا أحدا‬ ‫فروة رأ سه‪ .‬لن تر كب المؤ سسة اطرافا‪ L‬ا صطناعية مقا بل رؤوس مقطو فة من حقول الحا جة‬ ‫والحرمان‪.‬لذا‪ :‬اتصلت رئاسة الجمهورية اللبنانية بـ "عامل" ‪ .‬ارسلت الرئاسة تسعة معوقين‪.‬‬ ‫اجرت المؤ سسة ل هم عمليات ترك يب اطراف ا صطناعية‪ .‬ب عد انجاز عمليات الترك يب‪ ،‬تم‬ ‫التفاق مع مم ثل وزارة الخارج ية‪ ،‬على الخطوة التال ية‪ :‬انشاء مش غل للطراف ال صطناعية‬ ‫ومركز علج فيزيائي في مبنى "عامل" في حارة حريك المعد اساسا‪ L‬كمستشفى‪ .‬يشاء القدر ان‬ ‫تدا هم المن ية‪ ،‬مم ثل وزارة الخارج ية‪ ،‬ب عد اجراء جرا حة له‪ .‬ح يث تم خلل ها ا ستئصال جزء‬ ‫من دما غه‪ .‬اذاك‪ :‬تم تحو يل المشروع من وزارة الخارج ية الى الص ليب الح مر الهولندي‪.‬‬ ‫اتص ل الخ ير بالص ليب الح مر اللبنا ني طالبا‪ L‬من رئيس ته تنف يذ المشروع‪ .‬كل فت الخيرة لي نا‬ ‫طبارة ) من الص ليب الح مر( بمتاب عة الموضوع‪ .‬بعد ها‪ :‬ع قد لقاء في منزل سفير هولندا في‬ ‫بيروت بمنطقة عين التينة‪ ،‬بحضور ممثلين عن الصليب الحمر اللبناني والهولندي ومؤسسة‬ ‫"عامل" ‪ .‬تم خلله‪ :‬التفاق على استكمال المشروع مع الصليب الحمر اللبناني في مستشفى‬

‫‪ / 52‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫همل ين في حما نا بدل‪ L‬من "عا مل"‪ .‬سلمت المؤ سسة كل ما لدي ها من معدات الى الص ليب‬ ‫الح مر‪ .‬ح يث افت تح مش غل اطراف ا صطناعية هناك‪ .‬يتذ كر رئ يس "عا مل" ان المحتاج ين لم‬ ‫يتصرفوا بخبث بل بخطأ‪ .‬اذ لفته كلما التقى باشخاص‪ ،‬في الشارع‪ ،‬فقدوا ساقا‪ L‬او ساقين‪ .‬كلما‬ ‫التقاهم طلب منهم الحضور الى مركز "عامل" في الوقات المحددة‪ .‬ال انهم لم يحضروا‪ .‬وان‬ ‫فعلوا ل يتابعون الجلسات المطلوبة‪ .‬فوجىء بتصرفهم‪ .‬لن الهولنديين كفؤون‪ .‬ولن العمليات‬ ‫مجان ية‪ .‬واذ ح كى احدى الراهبات ) و هي فرنس ية ار سلتها الراه بة اد يل منزي ل كي تع مل‬ ‫معهم‪ .‬حول الموضوع ‪ ،‬اجابت‪ :‬انه "ما ندعوه "‪" ."La misère morale‬اي الفقر الخلقي"‬ ‫او "الف قر الذه ني"‪ .‬غ ير ان د‪ .‬مه نا فس ر ما جرى بقلة العادة في بلد نا على تل قي خدمات‬ ‫نوع ية ومجان ية بدون العودة الى المرجعيات او اللجوء الى الوا سطة للحص ول على الخدمات‬ ‫مقابل الولء‪ .‬انها ثقافة مبنية على التبعية وليس على الحقوق‪.‬‬ ‫‪-8‬‬‫توق فت حرب الج بل والضاح ية عام ‪ ،1984‬باعداد قتلى وجر حى عال ية‪ ،‬خا صة في صفوف‬ ‫الطفال‪ .‬كثرت المبادرات لحتواء ذلك‪ .‬اتص ل رئ يس جمع ية "اطباء العالم" د‪ .‬جاك لي با "‬ ‫‪ "Jacque Leba‬برئيس المؤسسة‪ .‬ربطته به علقة صداقة قديمة‪ .‬طلب منه ارسال ‪ 22‬طفل‬ ‫جريحا‪ L‬لعلجهم في المستشفيات الفرنسية بالتعاون مع جمعية "أس أو أس اطفال بل حدود" ‪".‬‬ ‫‪ "S.O.S Enfant sans frontiers‬بادر رئ يس "عا مل" الى التص ال بالس يدة رنده بري‪.‬‬ ‫اقترح عليها تأمين نصف العدد‪ ،‬على ان تقوم "عامل" بتأمين الباقين‪ .‬وافقت السيدة بري على‬ ‫القتراح‪ ،‬خصوصا‪ L‬وانها لم تكن أسست جمعيتها حديثا‪ ) L‬زارت مركز المؤسسة في المشرفية‬ ‫عند ما جرى ترك يب الطراف ال صطناعية للمعوق ين بالتعاون مع الحكو مة الهولند ية‪ .‬هي –‬ ‫دائما‪ -L‬من مشجعي "عامل" ومؤيدي دورها النساني والوطني(‪.‬‬ ‫تجر بة في حلقات ثورة المعر فة النس انية‪ .‬حولت المعجزات غ ير المحتملة الى معجزات‬ ‫‪.‬اختر قت هذه بالحاح ود الخر ين المخ تبىء في اعماق ارواح هم‪ .‬زاو ية دف عت الرئ يس نبيه‬ ‫بري الى المشار كة في " الهيئة الوطن ية لرعا ية مشرو عي مس تشفى عا مل في حارة حر يك‬ ‫وصور"‪ ،‬بمساعدة مستشاره السياسي السابق د‪ .‬حسين يتيم"‪ .‬كلف كل من د‪ .‬غسان عيسى‪،‬‬ ‫والسيدة انا ماريكا متابعة تنفيذ عملية جمع الطفال في مكتب السيدة بري بمساعدة د‪ .‬زهير‬ ‫برو‪ .‬بعدها تم نقل الطفال – جميعهم – الى "الحمام العسكري" نظرا‪ L‬الى اقفال مطار بيروت‬

‫‪ / 53‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الدولي حينذاك‪ .‬انتظرت هم طائرة هيليكوبتر‪ ،‬نقلتهم الى مدي نة لرن كا‪ .‬و من هناك الى باريس‪.‬‬ ‫وجد في وداعهم‪ :‬القائم باعمال السفارة الفرنسية في بيروت السيد مارسيل لوجيل )انه اليوم‬ ‫سفير متقا عد مق يم في لبنان‪ .‬هو على اتص ال برئ يس المؤ سسة عبر مجلس امناء جمع ية‬ ‫التعا ضد لحاملي جو قة الشرف الفرنس ية(‪ .‬غ ير ان من يملك علمات جديرة بالذ كر‪ ،‬لن يملك‬ ‫ما ليملك‪ .‬لن يملك ال اشرا قه و‬

‫نض جه وح به الفائض‪ .‬اذ اثناء تنف يذ عمل ية مغادرة‬

‫الطفال الى بار يس حص ل اشكال في الحمام العس كري ادى الى سوء تفا هم مع الس يدة رنده‬ ‫بري‪ " .‬م نذ وقوع الحاد ثة ا صاب علقت نا خلل لم يص لح لحقا‪ . "L‬مرت به فروقات‬ ‫وا ستقصاءات وا صغاءات فرد ية لم تؤد با حد الى الجح يم‪ .‬ب قي كل في قار ته ح تى حرب‬ ‫المخيمات‪ .‬اذ استلمت "عامل" كمية كبيرة من الدوية بواسطة المم المتحدة )حمولة مستوعبين‬ ‫من الحجم الكبير ومن نوعية جيدة – صناعة ايطالية(‪ ،‬تم وضعها في مستودع مبنى "عامل"‬ ‫في المص يطبة‪ .‬ا ثر ذلك‪ :‬اتص ل مس تشار مم ثل الم ين العام لل مم المتحدة في بيروت الس يد‬ ‫كريس تيان دي كل ير‪ ،‬طالبا‪ L‬ا سترجاع الدو ية‪ .‬عند ها‪ :‬قرر نا اعادة كميات الدو ية‪ .‬سلمتها‬ ‫الخيرة الى "الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين" ‪ ،‬المنشأة من قبل السيدة بري‪ .‬دواء لحياء‬ ‫الناس‪ .‬ل بأس بوجوده هنا أو هناك أو هنالك‪.‬‬ ‫بعثات جر حى الى فرنس ا اثناء حر بي " التحر ير" و"اللغاء"‪ :‬الع مل النس اني يص و‪Y‬ب القرار‬ ‫السياسي‪ .‬تدهورت الوضاع بآذار ‪ .1989‬حرب التحرير "بين المنطقتين "الشرقية "والغربية"‬ ‫من بيروت‪ .‬امتدت الى منا طق اخرى‪ .‬تلت ها مرحلة ثان ية عر فت "بحرب اللغاء"‪ ،‬دارت‬ ‫رحا ها بالمنط قة الشرق ية وحد ها‪ .‬قا مت حكومتان‪ :‬واحدة برئا سة د‪ .‬سليم ال حص‪ .‬الخرى‬ ‫برئا سة العماد ميشال عون‪ .‬ادت المعارك الى سقوط ضحا يا ك ثر‪ ،‬ب ين قتلى وجر حى‪ .‬نزح‬ ‫عشرات اللف من المواطن ين من العا صمة‪ .‬ر كض العاملون‪ ،‬يتملك هم الحس اس بالذ عر‬ ‫والخ جل بل ذ نب‪ .‬ركضوا في العاب ابناء العمو مة الجديدة الباه ظة الكلف‪ .‬انفت حت ابواب‬ ‫الجح يم في وجوه هم‪ .‬تحس سوا انفس هم‪ ،‬ل كي يشهدوا مبادرات جديدة غ ير له ية في الو سط‬ ‫الجتما عي المدكوك بمختلف العيارات العس كرية الثقيلة‪ .‬وجدو ها‪ .‬ليس ت ك ما وجد ها نيو تن‪.‬‬ ‫وجدوها مقبلة من الطرف الخر‪ .‬حين قامت الحكومة الفرنسية بمبادرة انس انية‪ .‬اعلنت انها‬ ‫على استعداد لستقبال جرحى لبنانيين للعلج في المستشفيات الفرنسية‪ .‬تم تكليف وزير الدولة‬ ‫للشؤون النس انية د‪ .‬برنارد كوشن ير بتنف يذ المه مة هذه‪ .‬بلغ مجموع الجر حى المنقول ين الى‬ ‫فرنس ا حوالي ‪ 570‬جريحا‪ .L‬بل غت كلف علجات هم حوالي ‪ 20‬مليون دولر‪ ،‬وفقا‪ L‬ل ما اكد ته‬

‫‪ / 54‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫مديرة وزارة التعاون الفرنسية السيدة سيسيل سبورتيس )‪ (cecille Sportisse‬المشرفة على‬ ‫خلية الطوارىء )‪ .(Cellule d'urgence‬بقي عدد من هؤلء حتى اليوم بفرنسا حيث تابعوا‬ ‫علجهم في بعض المراكز المتخصصة ) خاصة المصابين بالشلل النصفي(‪ .‬مرآة دقيقة لواقع‬ ‫الساحة الدولية‪ .‬وهو ما اظهر ان ثمة فرقا‪ ،L‬تتمع بقدرات كبيرة على الحسم‪ .‬انعكاس للميزان‬ ‫المس تجد المدار بذهنيات عال ية وبتقنيات اعلى‪ ،‬بو سط ا ستمرار ارتفاع وتيرة الل ستقرار‬ ‫واللمن‪ .‬لن تقف الروادع بوجه النوايا والقوى الحية والقدرات‪ .‬عند د‪ .‬كامل مهنا‪ :‬ان العملية‬ ‫النس انية ال كبيرة هذه ل ها دور‬

‫سياسي ايضا‪ .‬ذلك ان و سائل العلم الجنب ية – ومن ها‬

‫الفرنس ية‪ -‬تعاملت بانحياز مع الو ضع الناشىء‪ .‬غ ير ا نه وب عد و صول اعداد كبيرة من‬ ‫الجرحى اللبنانيين من "المنطقة الغربية"‪ .‬لحظت وسائل العلم المر‪ .‬عندها‪ :‬بدأت تتعامل‬ ‫بموضوعية اكثر مع اخبار لبنان‪ .‬شكل اللبنانيون المقيمون في فرنس ا لجان د عم‪ .‬حيث قاموا‬ ‫بزيارة الجرحى في المستشفيات بشكل منظم‪ .‬وقدموا مس اعدات عينية ودعمهم المعنوي‪ .‬لم‬ ‫يبحث اللبنانيون – في تلك المرحلة – عن زوجات ول عشيقات‪ .‬بحثوا عن ممرضات‪ .‬بحثوا‬ ‫عن طرقهم وسط الموت‪ .‬تكسرت اصواتهم أو سمعت‪ .‬استمروا يبحثون عن ناس بل عجرفة‪.‬‬ ‫بحثوا عن زوا يا أرواح هم‪ .‬وجدو ها ولم يجدو ها‪ .‬النطباعات هي المعضلة‪ .‬المعضلة هي‬ ‫النطباعات‪ .‬قس م الغرب المو تى الى فئت ين‪ ،‬قس م الجر حى والمعوق ين‪ .‬وضعوا قس ما‪ L‬فوق‬ ‫كر سي مذ هب‪ .‬و ضع القس م ال خر في هواء خش بي‪ .‬ل ملوك على عروش ه نا‪ .‬لن ال كل‬ ‫ضحايا‪.‬‬ ‫يتذ كر د‪ .‬كا مل مه نا‪ " :‬خلل الفترة الص عبة هذه‪ ،‬كل فت الحكو مة الفرنس ية الدكتور برنارد‬ ‫كوشن ير‪ ،‬الشراف على معال جة الجر حى ‪ .‬اتص ل بي من بار يس‪ .‬ا خبرني بطبي عة مهم ته‪.‬‬ ‫طلب ان اقوم بتجم يع الجر حى تمهيدا‪ L‬لنقل هم الى فرنس ا‪ .‬معرف تي به سابقة على التص ال‪ .‬اذ‬ ‫عند ما كان رئيس ا‪ L‬لجمع ية "اطباء بل حدود" الفرنس ية عام ‪ ،1976‬قدم الى لبنان مع فر يق‬ ‫جراحين‪ .‬حيث عملنا سويا‪ L‬في منطقة برج حمود – النبعة – سن الفيل – تل الزعتر‪ .‬توليت‬ ‫حين ها مس ؤولية اللج نة الص حية‪ ،‬ق بل تولي الشراف على مس تشفى المام الص در‪ .‬صداقتنا‬ ‫بدأت هناك‪ .‬و ما لب ثت ان تعززت ً‪ .‬و هي عل قة ا سهمت بايفاد الجر حى اللبناني ين للعلج‬ ‫بفرنس ا‪ ،‬ب عد تس لم د‪ .‬كوشن ير وزارة بالحكو مة الفرنس ية"‪ .‬تحدى الثنان ظروفه ما بعقلن ية‬ ‫متوقعة‪ .‬وهي لم تلبث ان تفجرت حيوية وصحة داخل لبوسهما الواحد‪.‬اثمر ذلك‪ :‬حين طلب‬ ‫د‪.‬مهنا من الوزير كوشنير ان ينسق مع الرئيس سليم الحص )رئيس الحكومة المدنية(‪ ،‬بعد ان‬

‫‪ / 55‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫ابل غه الوز ير الفرنس ي بأن التنس يق قائم مع الرئ يس العماد ميشال عون بشأن جر حى المنط قة‬ ‫الشرق ية )رئ يس الحكو مة العس كرية(‪ .‬اراد ان يق يم توازنا‪ L‬ب ين الرئيس ين في حكوم تي ال مر‬ ‫الوا قع‪ .‬اراد ان يز يح عن كاهله دورا‪ L‬سياسيا‪ L‬وجده منوطا‪ L‬برئ يس حكو مة مشهود له بادواره‬ ‫السياسية والنسانية‪ .‬ل سيما وان حكومة فرنسا اتهمت بالنحياز اثر تصريح الرئيس فرنسوا‬ ‫ميتران اعترف ف يه "بانحيازه الغريزي" الى فئة من اللبناني ين‪ .‬بذل الر جل جهدا‪ L‬خارقا‪ L‬بذلك‪،‬‬ ‫بهدف محدد هو‪ :‬ارتفاع سقف الوداعة او انخفاضه‪ ،‬ارتفاع سقف الشراسة او انخفاضه بنسبة‬ ‫واحدة لدى الطرفين‪.‬‬ ‫تحدث العلم الفرنس ي عن قص ف "بيروت الغرب ية" "بيروت الشرق ية"‪ .‬لم يش ر الى القتلى‬ ‫والجر حى والدمار في "بيروت الغرب ية" و "الضاح ية الجنوب ية" والبقاع وج بل لبنان‪ .‬ك نت‬ ‫عان يت شخص يا‪ L‬مع عائل تي القص ف هذا اثناء وجود نا في منزل نا المؤ قت بس اقية الجنز ير في‬ ‫الطابق السابع ) في اليوم التالي لمجزرة الونيسكو(‪.‬اخذت القذائف تتساقط على الحي‪ .‬سقطت‬ ‫القذائف على مبنا نا‪ .‬تطا ير زجاج النوا فذ‪ .‬م ما اضطر ني الى ح مل ولدي بشار‪ ،‬في ح ين‬ ‫حملت زوجتي ابنت نا زي نة‪ .‬ركضنا ن حو درج المبنى للحتماء‪ .‬ال ان المبنى اصيب بص ورة‬ ‫مباشرة‪ .‬شعرت في اللحظة التي كنت احمل فيها ابني البكر بأن الحياة تتلشى واننا هالكون‬ ‫ل محالة‪ .‬تلك التجر بة من اقس ى تجارب سنوات الحرب‪ .‬لن ما ا سهل ان تص نع المعجزات‬ ‫بنجدة الناس واسعافهم‪ ،‬فيما تقف عاجزا‪ L‬عن حماية اسرتك واطفالك من جحيم الموت‪ .‬موقف‬ ‫انس اني تع جز الفلس فة ذات ها عن الحا طة به‪ .‬لهذه ال سباب‪ ،‬ول سباب اخرى مبدئ ية‪ ،‬عارض‬ ‫المو قف المنحاز للحكو مة الفرنس ية آنذاك ‪ .‬ابلغ موق فه للوز ير كوشن ير‪ .‬اتف قا على اللقاء في‬ ‫منزل الرئيس سليم الحص في اليوم التالي‪ .‬لقاء ودي )تحدث الرئيس الحص في أحد كتبه عن‬ ‫اللقاء هذا(‪ ،‬طلب ف يه ال حص )راف قه سفير فرنس ا في لبنان لو يس بلن وممثلون عن وزارة‬ ‫الخارجية الفرنسية‪ :‬السيد جان كلود كوسران اصبح لحقا‪ L‬سفير فرنس ا في سوريا‪ .‬ثم سفير‬ ‫فرنسا في مصر‪ .‬انه – حاليا‪ -L‬مسؤول كبير في وزارة الخارجية التي يترأسها الوزير برنارد‬ ‫كوشن ير في حكو مة الرئ يس ساركوزي( والس يد سيرج تل ) ا صبح لحقا‪ :L‬المس تشار الدولي‬ ‫لرئ يس الحكو مة ليون يل جو سبان و سفير فرنس ا في امارة مونا كو‪ .‬وحاليا‪ :L‬مس تشار الوز ير‬ ‫برنارد كوشن ير(‪ ،‬طلب ال حص من كوشن ير اقناع حكوم ته بتعد يل موقف ها‪ .‬شكره‪ ،‬في الو قت‬ ‫عينه‪ ،‬على تضامن فرنسا مع لبنان واستعدادها لستقبال جرحى الحرب في مستشفياتها‪ .‬كما‬ ‫ابل غه مواف قة الحكو مة اللبنانية على المبادرة هذه‪ ،‬شرط تعديل الحكو مة الفرنسية موقف ها بعدم‬ ‫النحياز الى طرف دون آخر‪.‬‬

‫‪ / 56‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫جرى اللقاء هذا بتار يخ ‪ 11‬نيس ان ‪ ) 1989‬في ش هر رمضان المبارك(‪ ،‬صادف يوم اربعاء‪:‬‬ ‫وهو موعد الجتماع السبوعي للحكومة الفرنسية‪ .‬ابلغ الوزير كوشنير حكومته بالوضع طالبا‬ ‫ردا‪ L‬سريعا‪ L‬منها‪ .‬بانتظار الجواب‪ ،‬دعا مهنا الوزير كوشنير ومرافقيه الى تناول طعام الغداء‬ ‫في فندق البريستول‪ .‬ثم زاروا مكاتب جريدة "السفير"‪ .‬التقوا هناك طلل سلمان‪ .‬وهو صديق‬ ‫ بدوره ‪ -‬للوز ير كوشن ير‪ .‬اقاموا احاديث هم على الوضاع الس ائدة في لبنان والعلقات‬‫اللبنانية – الفرنسية‪.‬‬ ‫يتذ كر د‪ .‬مه نا‪ :‬ب عد انتهاء اجتماع الحكو مة الفرنس ية صرح المتحدث الر سمي با سمها‪ ،‬بان‬ ‫فرنس ا مع لبنان ب كل فئا ته‪ .‬و هي تد عم وحد ته وا ستقلله‪ .‬ابلغ المو قف الى الرئ يس ال حص‪.‬‬ ‫وافق على قبول المساعدة‪ ،‬شاكرا‪ L‬المعنيين‪ ،‬قبل ان يطلب التحضير للقيام بعملية نقل الجرحى‬ ‫والشراف عليها‪ .‬في صباح اليوم التالي‪ :‬قمت برفقة الوزير كوشنير‪ ،‬بزيارة المستشفيات في‬ ‫"بيروت الغرب ية" والضاح ية‪ .‬مس تشفيات غا صة بالجر حى والمر ضى ب ظل ن قص كبير في‬ ‫الدو ية والمص ال والوكس جين‪ .‬وبال خص ب عد اقفال المعابر ب ين المنطقت ين ) المواد هذه‪،‬‬ ‫تأتي من المنطقة الشرقية الى الغربية(‪ .‬حاول الوزير كوشنير ان ينقل الجرحى من المنطقتين‬ ‫بش كل متواز‪ .‬ال ان القص ف المس تمر على كل الجبهات ج عل العمل ية صعبة‪ .‬واذ اتص ل بي‬ ‫من فندق الكس ندر في الشرف ية‪ ،‬شارحا‪ L‬الص عوبات ال تي تواج هه‪ ،‬نص حته بمغادرة لبنان‬ ‫وانتظار عمل ية تجم يع الجر حى‪ .‬ولك نه لم يأ خذ بنص يحتي‪ .‬لم اتفا جأ بذلك‪ .‬لن ني اعرف ا نه‬ ‫عنيد‪ .‬عندما يصمم على أمر‪ ،‬ل يتراجع عنه بسهولة‪ .‬في اليوم الثالث‪ :‬اتصل بي مساء‪ .f‬قال‬ ‫بلهجة المنتصر‪ ،‬انه قام بإجلء ‪ 14‬جريحا‪ L‬عبر مرفأ جونية‪ ،‬طالبا‪ L‬مني المباشرة بتأمين عدد‬ ‫مما ثل من جر حى "الغرب ية"‪ .‬ا كد لي بأن "الباخرة – المس تشفى لر نس" – ال تي ار سلتها‬ ‫الحكومة الفرنسية‪ -‬والراسية قبالة مرفأ صيدا تتسع لمئة جريح‪ .‬وهو رقم لم يفتن حفره في‬ ‫ذاكر تي‪ .‬لن ني وجد ته قابل‪ L‬لل ستفادة م نه بالو قت الملئم‪ .‬باشرت على الفور التص ال‬ ‫بمسؤولي المستشفيات في بيروت الغربية والضاحية الجنوبية وصيدا‪ .‬طلبت منهم اعداد لوائح‬ ‫با سماء الجر حى‪ .‬ثم زرت مس تشفى الجام عة الميرك ية ومس تشفى الس احل‪ .‬اتب عت الزيارة‬ ‫باجتماع ع قد في منزل الرئ يس ال حص حضره ممثلو الهيئات الهل ية والدفاع المد ني‪ .‬أ خذ‬ ‫القرار بالتحرك من امام منزله بخلل ساعات باتجاه مر فأ صيدا مع الجر حى في الس يارات‬ ‫برف قة كوشن ير والس فير الفرنس ي‪ .‬بلغ مجموع الجر حى في مر فأ صيدا ‪ 78‬جريحا‪ L‬بين هم ‪8‬‬ ‫يتنفس ون بالهواء ال صطناعي‪ .‬هؤلء في خ طر شد يد‪ .‬مش هد الشاطىء اش به بتظاهرة‪ .‬ح يث‬ ‫احتشد اهالي الجرحى ومندوبو وسائل العلم‪ .‬غصت المساحة بحشد كبير‪ .‬يتذكر د‪ .‬كامل‬

‫‪ / 57‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫مه نا‪ :‬ان اشكال‪ - L‬يتح مل مس ؤوليته شخص يا‪ -L‬و قع بع يد و صول مو كب الوز ير كوشن ير الى‬ ‫المر فأ‪" .‬اذ فات ني ان ا ضع الص ديق المرحوم مص طفى سعد في اجواء المه مة المنو طة ب نا‪.‬‬ ‫خضع مرفأ صيدا‪ ،‬في تلك الفترة‪ ،‬لسلطة "التنظيم الشعبي الناصري"‪ .‬وبسبب عدم معرفة "ابو‬ ‫معروف" بمهمت نا الطام حة الى تس فير الجر حى‪ ،‬ل كي يعودوا سالمين معاف ين‪ ،‬اعترض‬ ‫المس لحون مو كب الوز ير الفرنس ي وم عه الس فير‪ .‬وقت ها‪ :‬تبين ان الس فارة الفرنس ية ايضا‪ L‬لم‬ ‫تتص ل به‪ .‬تف هم كوشن ير الو ضع‪ .‬قص د برف قة الس فير مك تب "القائد الص يداوي" ح يث تم حل‬ ‫الشكال‪ .‬ب عد عودته ما‪ :‬طلب الوز ير من مس اعده د‪ .‬جاك بو نو اختيار الجر حى الذ ين سيتم‬ ‫نقلهم الى فرنسا‪ .‬بدأ الخير يضع رقما‪ ،L‬بقلم ‪ ،‬على زند كل جريح تتم الموافقة على سفره‪ .‬لم‬ ‫يرق المرلي‪ .‬وجدت ان ذلك أش به ب ما يقوم به رعاة الب قر الميركي ين‪ .‬ثم ان ني رغ بت بن قل‬ ‫جم يع الجر حى الموجود ين في المر فأ الى فرنس ا لس ببين‪ :‬الول‪ ،‬ان حالت هم تس تدعي متاب عة‬ ‫العلج في مستشفيات متخصصة تملك تجهيزات حديثة‪ .‬والثاني‪ ،‬لنني كنت اعلم ان الباخرة‬ ‫تتسع لمائة جريح‪ .‬وان عدد الجرحى الجمالي في المرفأ هو ‪ 78‬جريحا‪ .L‬اي اقل من القدرة‬ ‫ال ستيعابية للباخرة‪ .‬ل حظ برنارد عدم مشارك تي بمعاي نة الجر حى‪ .‬ك ما ان و ضع شارات‪،‬‬ ‫على زنود الجر حى‪ ،‬اثار حفيظ تي‪ .‬اع تبرت ذلك غ ير لئق بالر سالة النس انية الخا صة ب نا‬ ‫كأطباء وكمسؤولين‪.‬‬ ‫وق فت والص ديق كوشن ير مقا بل بعض نا الب عض على سطح المر كب الذي ا ستقر ف يه ثلثون‬ ‫جريحا‪ .‬تلخص ت المشكلة بوجود ‪ 14‬جريحا‪ L‬من "المنط قة الشرق ية" يقابل هم ‪ 78‬جريحا‪ L‬من "‬ ‫المنط قة الغرب ية"‪ .‬خلل الرقام له حس اباته الس ياسية بالمو قف الفرنس ي المتعا طف مع فر يق‬ ‫لبنا ني أك ثر من الفر يق ال خر ) بش كل ضم ني‪ ،‬قد يؤدي الفص اح ع نه الى احراج الحكو مة‬ ‫الفرنس ية(‪ .‬غلب موق في الحازم ‪ ،‬البعاد النس انية على البعاد الس ياسية‪ .‬حاول الوز ير‬ ‫كوشنير ايجاد حل وسط باقتراح نقل نصف الجرحى الموجودين في المرفأ‪ .‬سألته عندها‪ :‬تريد‬ ‫م ني ان اشرح للهالي الذ ين حضروا الى ه نا‪ ،‬وكل هم ث قة بمبادرة حكومت كم‪ ،‬أ سباب المتناع‬ ‫عن قبول جرحاهم ضمن البعثة؟ كيف نبرر لهم ذلك؟ وضعته امام خيارين ‪ :‬اما ان يتم نقل‬ ‫جم يع الجر حى الموجود ين في المر فأ الى الباخرة‪ .‬او ل نن قل اي جر يح‪ .‬عر فت دائما‪ L‬ا نه‬ ‫انس ان م حب للمغامرة والتحديات‪ .‬عر فت ا نه يحترم صداقاته‪ .‬وخص وصا‪ L‬ح ين تقوم على‬ ‫التزام انساني ل تحد‪Y‬ه أعراق او اجناس او قوميات‪ . .‬أجابني ‪-‬عندما ذكرته بأن الباخرة تتسع‬ ‫لمائة سرير‪ -‬هذه هي رغبتك؟ اجبته بنعم‪ .‬قال مبتسما‪ :L‬حسنا‪ .L‬لك ما تريد‪ .‬تعانقنا‪ .‬ثم بدأت‬ ‫عملية نقل الجرحى الى الباخرة‪ .‬ثم صعدنا معا‪ L‬الى الباخرة – المستشفى‪ .‬ثم سألتني مراسلة‬

‫‪ / 58‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫التلفزيون الفرنسي عن عدد الجرحى المسلمين على متن الباخرة‪ .‬اجبتها‪ :‬انهم موجودون بل‬ ‫طوائفهم ول مذاهبهم ومناطقهم‪ .‬اجبتها‪ :‬انني ل اعرف معظمهم‪ .‬اشرت الى ان هناك جرحى‬ ‫مسيحيون جاؤوا من "المنطقة الغربية" ‪ .‬المر يتعلق بمصائر بشر‪ .‬لن يمد احد يده الى مال‬ ‫ي خص غيره‪ .‬هذه رحلة بحا جة الى الكث ير من الشجا عة‪ .‬ول يس كثيرا‪ L‬ان نطلب من العنا ية‬ ‫الله ية ان تس اعدنا قليل‪ ،L‬في الطر يق المزرو عة بالخطار واللغام‪ .‬النس ان وا حد‪ .‬ل فرق‬ ‫بين واحد وآخر‪ .‬قال‪ .‬ثم صمت‪.‬‬ ‫ابحرت الباخرة الى مرفأ لرنكا في قبرص‪ .‬منها‪ :‬تم نقل الجرحى بواسطة طائرة خاصة الى‬ ‫فرنس ا‪ .‬ا ستقبلهم هناك وز ير الصحة الفرنس ي كلود ايفان‪ .‬هناك‪ :‬سأله صحافيون‪ :‬ك يف تقبل‬ ‫معالجة جرحى اتين من بيروت الغربية؟ اجابهم‪ :‬انهم جرحى في حالة الخطر الشديد‪ .‬وليس‬ ‫مهما‪ L‬من ا ين أتوا‪" .‬هكذا تمك نا من خلل عمل ية انس انية تص ويب المو قف الس ياسي للحكو مة‬ ‫الفرنس ية‪ ،‬اقا مة توازن مع و سائل العلم الغرب ية مع الو ضع الميدا ني‪ .‬تل مس د‪ .‬مه نا ذلك‬ ‫دائما‪ :‬تص ويب الشياء‪ ،‬تص ويب العلقات‪ ،‬التوازنات‪ .‬ا نه صاحب صوت معا كس للر يح‪.‬‬ ‫اته مت فر نس ا بالحرب الخيرة "حزب ال" بالرهاب‪ .‬انتص ر عناده وقل به على نزوات‬ ‫الخر ين‪ .‬اق نع الفرنس يين بان هم ا سر تدا فع عن منازل ها‪ .‬وبأن هم لبنانيون احتلوا اجزاء هم في‬ ‫الحياة المدنية اللبنانية‪ .‬وبانهم مدافعون اول‪ L‬واخيرا‪ L‬ضد عدوان استهدف بلدهم‪ .‬تلمست مرارة‬ ‫اعلن الموقف الخر‪ ،‬قبل ان يصوبه‪ .‬نجح‪ .‬لم يرو‪،‬كما تفعل شهرزاد ‪ .‬صمت فورا‪ L‬عن‬ ‫الكلم المباح‪.‬‬ ‫توالت المبادرات النس انية ن حو لبنان من جا نب البلدان الشقي قة والص ديقة‪ .‬طل بت الحكو مة‬ ‫الكويت ية‪ ،‬عبر سفيرها في لبنان و سوريا الس يد الجا سم من حكوم تي د‪ .‬سليم ال حص والعماد‬ ‫ميشال عون اعداد بع ثة من ‪ 50‬جريحا‪ L‬لر سالهم الى الكو يت‪ .‬توزع العدد منا صفة ب ين‬ ‫المنطقت ين "الشرق ية" و "الغرب ية" ‪ .‬ا ستطاعت مؤ سسة "عا مل" ان تج مع من المس تشفيات ‪73‬‬ ‫جريحا‪ .L‬قدم من المنط قة الشرق ية تس عة جر حى‪ .‬و صل العدد الى ‪ 82‬جريحا‪ .L‬اي‪ :‬بزيادة ‪32‬‬ ‫جريحا‪ L‬عن المطلوب‪ .‬ال ان الس فير الجا سم وا فق على الزيادة هذه ب عد الحاح من رئ يس‬ ‫المؤسسة ومن المهندس محمد قباني مستشار الرئيس الحص‪ .‬تم نقلهم الى مطار دمشق‪ ،‬حيث‬ ‫انتظرهم فريق طبي كويتي حضر بطائرة خاصة‪ .‬حاول الخير اعادة عدد من الجرحى الى‬ ‫بيروت‪ .‬اوحى د‪ .‬مهنا بانهم مرضى‪ .‬وبانهم ليسوا من جيش الخيالة السابع‪ .‬وان عودتهم الى‬ ‫بيروت اشبه بانتزاع قلوبهم‪ .‬هكذا طار الجميع في ريح الرافة والنسانية العاليين‪ ،‬بل اشارات‬ ‫مريعة‪ .‬لم ينتظر الطبيب أوشحة متطايرة في الريح‪ .‬او اوسمة ثقيلة‪ .‬كفاه ما انجزه‪.‬‬

‫‪ / 59‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫تا بع د‪ .‬مه نا عن ك ثب‪ ،‬بالشهور اللح قة و عبر تس لسل صداقاته‪ ،‬جملة من الخطوات‬ ‫الضرور ية‪ .‬ن ظم شب كة مراق بة بذه نه‪ .‬قام بمها مه م ثل ش بح صامت‪ .‬حو‪Y‬ل ارض بور الى‬ ‫حدي قة في ب يت جر يح او معوق‪ .‬تعذب ولم ي بح و هو يمض ي في خيارا ته‪ .‬لن يعا مل احدا‬ ‫بقسوة‪ .‬ال نفسه‪ .‬قسا عليها كثيرا‪ .L‬قسا عليها دائما‪ L‬في صالح الخرين‪ .‬سلوك رهباني بحياة‬ ‫مدن ية‪ .‬ساهم بو ضع لوائح بالمحتويات‪ .‬و ضع لوائح بالضرورات‪ .‬لوائح بالنا قص والزائد‪.‬‬ ‫تعلق بكنزه الوحيد‪ :‬مساعدة الناس او المساهمة بمساعدتهم‪ .‬ثعلب مك ـ‪Z‬ار ‪ .‬انه كذلك لمن ل‬ ‫يعر فه‪ .‬قلب على قدم ين‪ .‬ا نه كذلك ل من ل يعر فه‪ .‬او صى على حيا ته في حيا ته و هو ي خط‬ ‫حضوره بالمهمات الصعبة‪ ،‬القاتلة‪ ،‬المميتة‪ .‬نجا باستثماره شجاعته و حكمته في آن‪ .‬النتيجة‪:‬‬ ‫بل نتي جة محددة‪ .‬بل سلسلة ل تنت هي‪ .‬اول‪ :L‬توق يع البروتوكول ال طبي ب ين وزارة الص حة‬ ‫الفرنس ية ووزارة الص حة اللبنان ية‪ .‬وق عه الوز ير مروان حمادة في المخ تبر المركزي في‬ ‫بيروت‪ .‬حض ر التوق يع‪ .‬ثم كلف بالشراف على التنف يذ‪ .‬ال هم ان صديقه كوشن ير سأله في‬ ‫آ خر زيارة له الى فرنس ا – ق بل توق يع البروتوكول هذا – عن ما يس تطيع ان يقد مه كوز ير‬ ‫للصحة‪ .‬أشار د‪.‬مهنا الى وجود ‪ 1200‬طبيب لبناني‪ ،‬ل يزالون يقيمون بفرنسا بعد ان حازوا‬ ‫شهادات اختص اصهم من جامعات ها‪ .‬ان هم مضطرون الى مغادرت ها‪ ،‬بس بب القوان ين الفرنس ية‪.‬‬ ‫قوان ين فرنس ا ت جبرهم على ذلك‪ .‬دعو هم بفرنس ا‪ ،‬ا سمحوا ل هم ان يبقوا او ان يعملوا بش كل‬ ‫شر عي لدي كم‪ .‬ا خذ كوشن ير بذلك‪ .‬لم يدر ا حد من الطباء اللف وزيادة بذلك‪ .‬لن ال طبيب‬ ‫اللبنا ني لم ينت ظر _ في طل به – ان تص له اوع ية مليئة بالزهور والفوا كه‪ .‬ول أن تص دح‬ ‫الموسيقى حوله‪ .‬سوى موسيقى قلبه المحب‪.‬‬

‫‪ / 60‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫جدول التعاون بين مؤسسة عامل والحكومات والهيئات الدولية عق الجتياح السرائيلي للبنان‬ ‫بين عامي ‪ 1982‬و ‪1990‬‬ ‫قنوات التعاون واطره‬ ‫الحكومات او الهيئات الدولية‬ ‫عبر وزارة الصحة‬ ‫الحكومة اللبنانية‬ ‫ من خلل مم ثل الرئ يس‬‫الحكومة الفرنسية‬ ‫ميتران الكس ندر منس وفسكي‬ ‫الذي اطلع على معاناة‬ ‫الضاح ية الجنوب ية وحذ‪m‬ر من‬ ‫ارتكاب ا سرائيل المجازر في‬ ‫لبنان‬ ‫ار سال ‪ 22‬طفل‪ L‬الى فرنس ا‬‫‪78‬‬ ‫للعلج عام ‪، 1984‬‬ ‫جريحا‪ L‬اثناء "حرب‬ ‫التحر ير" ‪ 570 ،‬آخر ين‬ ‫خلل عامي ‪ 1989‬و ‪1990‬‬ ‫معال جة ‪ 100‬جر يح في‬‫مس تشفى "أوت يل د يو" عام‬ ‫‪ 1989‬على نف قة الحكو مة‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫الحكومة اليطالية‬ ‫ ا ستقبال ‪ 75‬جريحا‪ L‬في المس تشفيات‬‫اليطالية‪ ،‬وارسال فرق طبي الى لبنان للعمل‬ ‫مع المؤسسة‪.‬‬ ‫الحكومة البلجيكية‬ ‫معالجة ‪ 7‬اطفال‬ ‫ايفاد بع ثة أخص ائيين في ترك يب الطراف‬ ‫الحكومة الهولندية‬ ‫ال صطناعية الى مر كز المشرف ية التا بع‬ ‫للمؤ سسة وترك يب ‪ 400‬طرف ا صطناعي‬ ‫لمعاقي الحرب‪.‬‬ ‫عبر سفيرها وبعثات طبية عملت مع المؤسسة‬ ‫الحكومة السويدي‪Y‬ة‬ ‫في المستشفى الميداني في المصيطبة ‪.‬‬ ‫عبر سفيرها وبعثات طبية عملت مع المؤسسة‬ ‫الحكومة اللمانية‬ ‫مس اعدة المؤ سسة عبر نواب أو ستراليين‬ ‫الحكومة الوسترالية‬ ‫زاروا مكاتب المؤسسة‪.‬‬ ‫اللج نة العرب ية الميرك ية لمحار بة التمي يز ) ار سال ‪ 78‬من جر حى الجتياح ال سرائيلي‬ ‫الى مس تشفيات الوليات المتحدة الميرك ية‬ ‫‪(ADC‬‬ ‫عبر الـ )‪(ADC‬‬ ‫الحكومة الكويتية‬ ‫استقبال ‪ 82‬جريحا‪ L‬عام ‪1989.‬‬ ‫مس اعدات مباشرة الى المس تشفيات الميدان ية‬ ‫اللجنة الدولية للصليب الحمر‬ ‫التابعة للمؤسسة‪.‬‬ ‫مس اعدات مباشرة الى المس تشفيات الميدان ية‬ ‫منظمة اليونيسف‬ ‫التابعة للمؤسسة‪.‬‬

‫‪ / 61‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫ولجت مؤسسة عامل من الثقوب السوداء للحرب الهلية اللبنانية الى المغامرة‪ .‬اخذها شغف‬ ‫العاملين فيها الى ذلك‪ .‬قفزت المؤسسة‪ ،‬قفز رئيسها فوق ظروف الحروب المتتالية وتسمياتها‪.‬‬ ‫لم ي قف ا حد ه نا امام‪ :‬الحرب الهل ية اللبنان ية‪ .‬او حروب الخر ين على ارض لبنان‪ .‬او‬ ‫المؤامرة الدولية‪ .‬قفز الشهود العيان الستثنائيون فوق كل شيء‪ ،‬لكي يؤكدوا التراكيب الممكنة‬ ‫في النظام المهدد بالس قوط‪ ،‬بالكيان القائم على الفذل كة ومشا هد الحروب المشهودة‪ .‬د خل البلد‬ ‫الص غير في هاوي ته‪ ،‬انزلق الى مط به ال كبر م نذ قيا مه‪ .‬شد اعضاء "عا مل" ايدي هم على‬ ‫ا سلحتهم‪ .‬و هي غ ير ا سلحة الز يت والمازوت‪ .‬تحص نوا بالمؤ سسة وبامكانات ها المحدودة‬ ‫بالطر يق الى الجبهات المدورة حضور ها ب ين خمود واشتعال‪ .‬ل بد من مشار يع مركز ية‪ .‬ل‬ ‫بد من تقدير القوى الذاتية بظروف الحرب‪ .‬وقد بدت هذه غير قليلة‪ .‬لذا‪ :‬وضعت المؤسسة ‪-‬‬ ‫خلل سنوات القتتال اللبنا ني والحرب بالتس ميات الكثيرة الخا صة ب ها‪ -‬خ طة ا ستراتيجية‬ ‫انب تت على انشاء المشار يع كبرى في منا طق عديدة ومختل فة بلبنان‪.‬اول ها‪ :‬مس تشفى حارة‬ ‫حر يك‪ .‬مب نى مؤلف من تس ع طبقات بمئة سرير‪ .‬تم شراء المب نى‪ ،‬ل كي يتس ع لمئة سرير‬ ‫معطو فة على مدر سة تمر يض زائد قس م لبرا مج رعا ية الص حة الول ية‪ .‬اشر فت عل يه هيئة‬ ‫الرعا ية الوطن ية برئا سة د‪ .‬سليم ال حص‪ .‬حالت الظروف الماد ية دون ا ستكمال ارتفا عه‬ ‫وارتفاع الغاية منه‪ .‬ثانيها‪ :‬مشروع مستشفى صور‪ .‬اذ اشترت المؤسسة ارضا‪ L‬بلغت مساحتها‬ ‫اربعة الف متر مربع‪ .‬انجزت الدراسات الخاصة به‪ .‬وتوقف هنا‪ :‬بسبب عدم توافر الموال‬ ‫اللز مة‪ .‬ثالث ها‪ :‬مشروع مجت مع تأه يل المعوق ين‪ .‬ح يث تم شراء مب نى من سبع طبقات في‬ ‫منط قة المص يطبة ببيروت‪ .‬بخ طة‪ :‬تأه يل المعوق في بيئ ته وتأمي نه بع مل‪ ،‬عوض ايوائه في‬ ‫مؤ سسات كبرى‪ ،‬تعزله عن محي طه وتض عف ثق ته بنفس ه‪ .‬تم اعتماد منهج ية التحاد الدولي‬ ‫ه نا‪ ،‬بخطت ها الهرم ية‪ .‬تم الترك يز – في ج هة ثان ية – على برا مج الرعا ية الص حية الول ية‬ ‫والوقائية‪.‬‬ ‫غا بت جملة من المشار يع الخا صة بالمؤ سسة بس بب فقدان المال‪ .‬اذ ساعدت هيئات اجنب ية )‬ ‫‪ 33‬هيئة تقريبا‪ (L‬بين العام ‪ 1982‬والعام ‪ 1989‬بنص ف مليون دولر سنويا‪ . L‬انفقت المؤسسة‬ ‫‪ %65‬من القي مة الجمال ية على البرا مج التنمو ية‪ .‬بال خص‪ :‬دورات التأه يل المه ني‪ .‬دورات‬ ‫تمريض واسعاف اولي ودفاع مدني و محو أمية وتعليم لغات اجنبية وطباعة وخياطة‪ .‬انفقت‬ ‫المؤسسة ما تبقى على برامج الطوارىء‪ .‬بقيت جهود المتطوعين بل حساب‪ .‬وهذا عادي‪ .‬ال‬ ‫ان اللعادي هو انحس ار المس اعدات مع تو قف الحرب‪ .‬تكي فت المؤ سسة مع ذلك مشرع نة‬ ‫حضور مراكزها بوضع انظمة شغل مالية وادارية‪ .‬بقيت المؤسسة ناشطة بالطار القتصادي‬

‫‪ / 62‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫والجتما عي البنيوي ببرنامج طوارىء قوي وبرنا مج تنموي وا سع يقوم على تقد يم خدمات‬ ‫خاصة بالهالي بالمنطاق الشعبية‪ :‬تعزيز الخدمات المخصصة بالنساء‪ .‬لحظ حاجات الشباب‪.‬‬ ‫انشاء المز يد من الوحدات التنمو ية‪ .‬القيام بانش طة من شأن ها زيادة الو عي حول ثقا فة الحقوق‬ ‫وبناء الوطن – النسان بالطريق الى ارساء قواعد الدولة المدنية المنشودة‪.‬‬ ‫ساهمت الهيئات غير الحكومية – خلل الحرب الهلية اللبنانية‪ -‬بالحفاظ على بنى المجتمع‪.‬‬ ‫هيئات ضد التقس يم ‪ .‬ب نت المؤ سسات هذه ورم مت‪ .‬النتي جة‪ :‬ازدهار حضور ها من فاعليات ها‬ ‫على الرض‪ .‬تبين درا سة اجرت ها "دار التنم ية" عام ‪ : 1995‬ا نه من ا صل تس ع منظمات‬ ‫شملت ها الدرا سة – الب حث ه نا‪ :‬اثنتان تابعتان للكنيس ة‪ .‬اثنتان على صلة وثي قة بالمؤ سسات‬ ‫ال سلمية الدين ية‪ .‬واحدة‪ :‬فرع من منظ مة اهل ية دول ية ‪ .‬ار بع منظمات مدن ية‪ .‬قد مت هذه‬ ‫خدماتها لكل الناس بعيدا‪ L‬من النتماءات الدينية والعرقية والسياسية‪.‬‬ ‫يحدد قياديون بالع مل الهلي في لبنان‪ ،‬المس اهمة الس نوية للجمعيات الهل ية في القتص اد‬ ‫الوط ني بحوالي ‪ 300 :‬مليون دولر امير كي‪ .‬بدون احتس اب ج هد المتطوع ين‪ .‬يحدد قياديون‬ ‫ان عدد العاملين في القطاع الهلي يقارب الستة آلف شخص‪ .‬كما ان منظمة الصحة العالمية‬ ‫في تقريرها عن الوضع الصحي في لبنان‪ ،‬حددت مساهمة القطاع الهلي في كلفة الصحة في‬ ‫لبنان بعشرة في المائة )‪ (%10‬من الجمالي العام‪ .‬يؤ كد وز ير الص حة العا مة في مشرو عه‬ ‫حول ا صلح النظام الص حي ‪ :‬ان القطاع الهلي يملك سبعمائة مر كز صحي من ا صل‬ ‫ثمانمائة موجودة على الرا ضي اللبنان ية‪ .‬اع تبر ‪ :‬ان التعاون مع القطاع الهلي في تنف يذ‬ ‫البرامج الوقائية اثبت فاعليته‪ .‬ما معناه‪ :‬اهمية تعزيز هذا التعاون واعتبار العلقة المتجسدة‬ ‫بعقود مع مراكز المؤسسات الهلية بادرة مهمة تستحق الدعم ) النهار ‪.(19/8/1997‬‬ ‫برزت ب عد الحرب الحا جة الى اعادة تنظ يم المؤ سسة ب ما يتلءم ومتطلبات المرحلة المقبلة‪.‬‬ ‫نظمت انتخابات هيئة ادارية جديدة عام ‪" 1991‬في جو من المنافسة الحرة"‪ .‬بحيث شهدت هذه‬ ‫العملية اتصالت ناشطة ومفاوضات حثيثة وتشكيل اكثر من لئحة‪ .‬اكدت التجربة هذه داخل‬ ‫مؤ سسة خار جة لل تو من حرب مديدة‪ ،‬ان "عا مل" قائ مة على أ سس ع مل بآفاق‪ ،‬ك ما يؤ كد د‪.‬‬ ‫كامل مهنا‪ .‬اثرها‪ :‬تم تحديد الصلحيات الدارية والمالية وطرق تحضير الموازنة وصرف‬ ‫الموال وتنظ يم العل قة المحا سبية والدار ية وتحد يد المس ؤوليات في كل مر كز‪ ،‬عبر شر كة‬ ‫متخصصة‪ .‬طلبت "عامل" من شركة "احمد عبد الباقي للمحاسبة والتدقيق" وضع دراسة‪ .‬وهي‬

‫‪ / 63‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫تضمنت نظاما‪ L‬خاصا‪ L‬بالمحاسبة والتدقيق وطرق التصنيف والبنية التنظيمية والدارية وطرقا‬ ‫مفص لة لزيادة المداخ يل‪ .‬و ضع التنظ يم المقترح مو ضع التنف يذ وفقا‪ L‬للخ طة المقتر حة‪ ،‬ح ين‬ ‫حددت الهيكلية الجديدة حدود المسؤوليات لكل موقع ولطرق المساءلة واتجاهاتها‪ .‬نظمت البنية‬ ‫الدار ية من جد يد و صنفت الموجودات وو ضع النظام المالي في الولويات‪.‬‬

‫تم اعتماد‬

‫مستشار قانوني بهدف تنظيم ممتلكات المؤسسة وتصويب قراراتها‪ :‬المحامي نبيل مشموشي‪.‬‬ ‫اشرف الر جل – متطو عا‪ ً-‬على قضا يا "عا مل" القانون ية م نذ تأ سيسها‪ .‬ال هم‪ :‬اقرار نظام‬ ‫الع مل في المؤ سسة من ق بل وزارة الع مل‪ .‬اقرار نظام مالي أعد ته شر كة المحا سبة والتدق يق‬ ‫بالتعاون مع الدارة المال ية‪ .‬جرى الع مل به عام ‪ .1993‬راف قت عمل ية التنظ يم الداري‬ ‫والمالي عام ‪ 1991‬ازمة داخلية في ازمة أكبر‪ .‬وجد فيها – البعض‪ -‬فرجا‪ .L‬ووجد البعض‬ ‫ال خر ‪ :‬ان ها أز مة في أز مة‪ .‬تبا ين بالتقد ير‪ .‬ح يث اع تبر جزء ‪ :‬ان التنظ يم هذا ينت قص من‬ ‫صلحياتهم‪ .‬انت هى الرتباك الداري عام ‪ 1994‬ب عد الولوج في خطوط سرد طول ية‬ ‫وعرض ية‪ .‬خطوط سرد تباي نت ب ين الكوادر العامل ية‪ .‬ل هروب من الحقي قة‪ .‬ول هروب من‬ ‫نش يد المؤ سسة الجد يد‪ .‬ب نت الخيرة ل غة جار فة كر ست نزوعا‪ L‬جارفا‪ L‬الى و عي ل يو قع‬ ‫اصحابه في هذيانات او مناخات هاذية‪ .‬بل في مناخ حرية ل تقارب الهاوية ول تقع فيها‪ .‬لم‬ ‫ت عد المؤ سسة ‪/‬مذاك ‪ /‬احياء متفار قة مقص وفة بالش ك او مذبو حة بالهشا شة والزئ ير الفارغ‬ ‫والزمجرة والقرقعة‪.‬‬ ‫ارتض ى مقاتلو المؤسسة‪ ،‬وهم ليسوا مقاتلين مليشويين‪ ،‬بناء دولتهم في دولة لبنان – الساحة‬ ‫الشيطان ية – بانس انية غ ير مزعو مة‪ .‬شاهدوا بأم الع ين ق عر العالم‪ .‬وجدوا انا سا‪ L‬كثير ين في‬ ‫الق عر هذا‪ .‬دلقوا مياه هم الغزيرة‪ ،‬ل ل كي يغرقوا الناس‪ ،‬بل ل كي يطوفو هم‪ ،‬ب عد ان قذفوا‬ ‫بس احات البداءة المتوه جة بالت الق تل والدمار وتوابع ها‪ .‬ارادت المؤ سسة ان تض يق حدود‬ ‫المدى ال ستباحي للناس‪ .‬حص نت ذلك بقرار الجمع ية العموم ية عام ‪ ،1993‬وبتل مس‬ ‫المعطيات ال ستراتيجية للمرحلة المقبلة‪ ،‬بالتفاق والهيئة الهولند ية للتعاون من أ جل التنم ية )‬ ‫‪ .(NOVIB‬تجلى ذلك بدرا سة تقو يم للوضاع والمكانيات في المؤ سسة )‪(Evaluation‬‬ ‫باشراف فريق من خبراء لبنانيين ‪ :‬د‪ .‬احمد البعلبكي‪ .‬باحث اجتماعي في التنمية واستاذ في‬ ‫الجام عة اللبنان ية )رئ يس الفر يق(‪ .‬د‪ .‬انطوان حداد خبير ا ستشاري في التنم ية وا ستاذ في‬ ‫الجامعة اللبنانية )عضو(‪ .‬د‪ .‬آمال منصور رئيسة برنامج الرعاية الصحية الولية في وزارة‬ ‫الصحة العامة )عضو( ‪ .‬تم انجاز التقرير في الفترة الواقعة بين نيسان وأيار من العام ‪.1994‬‬

‫‪ / 64‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫ذه بت المؤ سسة الى ساحة غادر ها الناس والعالم والحياة‪ .‬لم ي بق في ها ال الضحا يا والعجزة‬ ‫والقتلة والمجانين‪ .‬خرجت من لوثة الحرب الى دمغة العقل‪ .‬ارادت ان تمحو كل ما يقف في‬ ‫وجه المدينة السوية‪ .‬بل ما يقف في وجه الدولة السوية‪ .‬بل نوستالجيا مرضية‪ .‬توافق اعضاء‬ ‫الفريق على فهم للتقييم يندرج على اربع مراحل‪ :‬تقييم تحليلي نقدي لمؤسسة "عامل" يراعي‬ ‫المنهجيات الستقصائية والنظرية في دراسة تجربتها الغنية بعلقاتها وطموحاتها ومعضلتها‬ ‫الناجمة –في قسم اساسي منها – عن التدني في مستوى المشاركة في المؤسسة وفي مستوى‬ ‫المس اءلة لدى الطراف الشعب ية المس تفيدة من ها او لدى المؤ سسات الداخل ية والخارج ية ال تي‬ ‫ساندتها بشروط قليلة في زمن الحرب والغاثة‪ .‬جاء في التقرير‪ ،‬وهو تقرير امساك بالحبائل‬ ‫وامساك الحبائل بماسكها الخارج من جلجلة الحرب‪ :‬اختار فريق الخبراء منهجية خاصة بهم‬ ‫) مع مراعاة مفاهيمية "‪ "Novib‬و "عامل" ( عبر معاي نة المراكز والفئات بالعي نة‪ .‬تم اختيار‬ ‫حوالي ثلث المراكز الناشطة لزيارتها‪ ،‬علما‪ L‬أن "عامل" في تلك الفترة كانت تضم ‪ 27‬مركزا‬ ‫تس تحوذ على ‪ 85‬نشاطا‪ L‬صحيا‪ ،L‬اجتماعيا‪ L‬وتربويا‪ ،L‬منتشرة من أقا صي البقاع ) في الهر مل(‬ ‫الى أقا صي الجنوب الشر قي ) في الخيام(‪ .‬أي ينتش ر القس م ال كبر من ها في اطراف البلد‬ ‫والمناطق الريفية‪ .‬أمكن في تلك الزيارات‪ :‬اجراء المقابلت وتعبئة الستمارات التفصيلية عن‬ ‫أوضاع المرا كز وانشطت ها‪ .‬ح يث تم توز يع ‪ 109‬ا ستمارات مغل قة‪ .‬أع يد من ها – خلل‬ ‫ا سبوعين – ما يراوح نس بة الثلث ين والنص ف‪ .‬برز‪ -‬ه نا ‪ -‬تد ني الهتمام بال ستمارات في‬ ‫أوساط الداعمين )‪ .(2/10‬وصلت نسبة الناث في الستمارات المعبأة الى ما يقارب الربعين‬ ‫بالمئة‪.‬‬ ‫عبرت إجابات العامل ين في المؤ سسة من خلل التقي يم ) في ظل تحديات البطالة والتهج ير‬ ‫والغلء وأز مة الس كن والحتلل وبا قي القضا يا الجتماع ية( عن القلق حيال كيف ية المواج هة‬ ‫في المس تقبل في ظل المنافس ة الشديدة‪ ،‬و عن الخوف على ماض ف يه التزام واندفاع وتطوع‬ ‫مختلف عما هو "انساني" ‪/‬مدني‪ /‬آت‪ .v‬حدث هذا دون الدراك الفعلي لهمية التشاركية‪ ،‬كونها‬ ‫كل مة الس ر في التنم ية الذات ية‪ " ،‬وال تي تميز ها عن المؤ سسات الطائف ية القائ مة على التمي يز‬ ‫الفئوي بين الجماعات"‪.‬‬ ‫اعتبر اجمالي إجابات العاملين في المؤسسة من خلل التقييم الذي أجراه الخبراء ‪:‬ان التأهيل‬ ‫المهني والتشغيل يأتي في المرتبة الثالثة‪ ،‬بعد الرعاية الصحية الولية وإعادة هيكلة مؤسسة‬ ‫عامل‪ .‬ثم ان تدني الجابات حول التثقيف الجتماعي‪ -‬خاصة في فترة انتهاء الحرب الهلية‬ ‫وبدء مس يرة الس لم الهلي في البلد‪ -‬دل على ترا جع الو عي النقدي الس ياسي لعضاء‬

‫‪ / 65‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫المؤ سسة‪ .‬ش كل هذا ا سهاما‪ L‬في اضعاف عمليات تأه يل الناس‪ ،‬ل كي يعوا اوضاع هم‪ .‬ل كي‬ ‫يس ائلوا حول ها‪ ،‬سواء امام الهيئات المحل ية او امام الس لطة العا مة في البلد‪ .‬غ ير ان التقر ير‬ ‫اشار في خط ته الثان ية الى ا نه يو جد دا خل مؤ سسة " عا مل" تفاوت ب ين الفئات في مس توى‬ ‫الهتمام وأولو ية الهداف‪ .‬ظ هر ذلك في ترت يب الهتمامات بالدرا سة‪ .‬اذ جاءت الرعا ية‬ ‫الص حية الول ية في المرت بة الولى‪ .‬تلت ها تنم ية المجت مع المحلي‪ .‬ثم الخدمات والتثق يف‬ ‫والتوعية‪.‬‬ ‫ارتفاع اهم ية حقوق النس ان لدى القيادة‪ ،‬قابله انخفاض الهم ية هذه لدى العامل ين في‬ ‫المؤ سسة‪ .‬فس رت الفجوة ) في تلك الفترة ال تي أجري في ها التقو يم بعام ‪ (1994‬بانكفاء العد يد‬ ‫من الكوادر الناشطة والمتلزمة بالعمل الجتماعي عن اداء دورها‪ .‬ل سيما بعد تفاقم الزمة‬ ‫السياسية والمالية في المؤسسة الناتجة عن مركزة التنظيم وانعدام المبادرة لدى كوادر المراكز‬ ‫واتباعهم طرائق التكيف السلبي في معالجة المور والمشاكل ‪ .‬لوحظت فجوات عديدة أخرى‬ ‫في عمل المراكز‪ .‬كغياب توثيق النشطة والمدفوعات ولمقبوضات ‪.‬استعيض عن ذلك بملء‬ ‫نماذج طبعت منذ سنوات بروتين رهيب‪.‬‬ ‫اشار تقر ير الهيئة الدار ية عام ‪ 1993‬الى صعوبة ت طبيق نظام الع مل‪ .‬وعدم تم كن الدارة‬ ‫من القيام بممار سة رقا بة فاعلة منظ مة ودائ مة على الع مل الداري في مختلف المرا كز‪.‬‬ ‫يضاف الى ذلك‪ :‬صعوبات على مس توى النشاطات الص حية والتربو ية والتأه يل المه ني‬ ‫والعلمي‪.‬‬ ‫ل تزال الل غة الص اخبة سيدة اللع بة‪ ،‬بل انفعالت مؤذ ية‪ .‬ل مدعاة للر عب اذن‪ .‬بل ادراك‬ ‫التحولت الس ياسية والقتص ادية والجتماع ية ب عد انتهاء الحرب‪ .‬ما أدى الى ترا جع الخطاب‬ ‫الراديكالي في لبنان‪ .‬تو قف برنا مج الطوارىء‪ .‬تراج عت المس اعدات الخارج ية‪ ،‬ما اض طر‬ ‫المؤ سسة الى تس ريح قس م كبير من العامل ين المتفرغ ين البالغ عدد هم ‪ 250‬عامل‪ .L‬تم د مج‬ ‫بعض المراكز ‪ .‬الغي بعضها‪ .‬عدلت انشطة في ضوء التقييم والخطة الستراتيجية‪.‬‬ ‫ تروي الحياة ما ترو يه‪ .‬ويروي الناس ما يرو نه‪ .‬حياة لم يس تطع ناس الحرب بعموم هم‬‫ادراك ها امام سكرات الموت‪ .‬جاءت اشغال المؤ سسات الهل ية كالن ثر الرش يق الفضاح‪ .‬لن‬ ‫يستسلم الكثيرون الى عويل مفجوع كامن في العماق ول الى الجنون‪".‬عامل" بناسها بالمقدم‪.‬‬ ‫اما في مرحلة السلم ‪ :‬بقيت العباء كبيرة بسبب عدم تطبيق مقررات "الطائف" بخاصة حول‬ ‫اللمركزية الدارية والنماء المتوازن باستمرار نظام المحاصصة‪.‬‬

‫‪ / 66‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫تراج عت الطموحات والمشار يع التنمو ية وال صلحية‪ .‬ب قي المجت مع المد ني دون القدرة على‬ ‫بلورة دوره الخاص‪ .‬هكذا غا بت الروح الفرد ية الخل قة والروح الجماع ية دا خل المنظمات‬ ‫هذه‪.‬‬ ‫يربط د‪ .‬كامل مهنا ذلك بالعائق التشريعي‪ :‬ان التشريعات الناظمة للعلقة بالحكومة والتطبيق‬ ‫الخاطىء يلغي استقللية المؤسسات الهلية وبنى المجتمع المدني‪ .‬يؤكد‪ :‬ان احد أهم العقبات‬ ‫الساسية امام الفاعلية التنموية لبنى المجتمع المدني هو في طبيعة برامج المنظمات نفسها ‪،‬‬ ‫المعت مد ا سلوبا‪ L‬مؤقتا‪ ،L‬ل ينس جم مع المفاه يم الجديدة في اعطاء الولو ية للعا مل البشري و‬ ‫توسيع قاعدة المشاركة في عملية التنمية وصدور المبادرة عن الجماعات المتضررة‪ .‬واقتران‬ ‫الخد مة بتحف يز المشار كة والع مل النش يط من الجماعات المس تهدفة في تحق يق اهداف ها‪ .‬يؤ كد‬ ‫بعدها ‪ :‬ان ثمة عقبات من جملة العقبات المذكورة من عدم توفر أهلية داخلية لدى المؤسسات‬ ‫هذه )التزام العضاء في الهيئات بمبادىء التنم ية( الى تمل يك العضاء العامل ين الرؤ ية‬ ‫التنمو ية باشراك هم بالميدانيات وتمكين هم من ال ستفادة من الطاقات المتوفرة محليا‪ L‬ود عم‬ ‫المبادرات الفردية والعامة وتنميتها في الطريق الى بناء وتكوين قيادات محلية‪ .‬يركز الرجل‬ ‫ال خبير على معوقات ل ها عل قة بطبي عة الع مل الجتما عي‪ .‬اذ يبرز ف يه‪ ،‬ك ما هو الحال في‬ ‫الوا قع الس ياسي‪ ،‬نوع من الص ر اع على مناطق النفوذ‪ .‬يتم الت عبير عن الص راع هذا باشكال‬ ‫مختل فة‪ :‬مناطق ية‪ ،‬حزب ية طائف ية‪ ...‬الى آخره‪ .‬ي تم التفاق على اقتس ام منا طق النفوذ‪ ،‬بتحالف‬ ‫هيئات تش كل اطارا‪ L‬تنس يقيا‪ L‬في ما بين ها‪ .‬عند ها تنش أ اطارات أخرى في المقا بل‪ .‬ثم ان طبي عة‬ ‫الجمعيات لن تل بث ان تنع كس على الع مل المشترك‪ .‬ذلك ا نه تو جد مجمعات كبرى‬ ‫)ا مبراطوريات( تملك شعارات وادبيات واعلم تم يز بروح نرجس ية‪ .‬هذا غالبا‪ - L‬لدى‬ ‫الجمعيات الص غرى‪ -‬من احس اسها بعدم القدرة على تقد يم انجازات ا ساسية‪ ،‬قيا سا‪ L‬على ما‬ ‫تستطيعه الجمعيات الكبرى‪ .‬تولد عندها عقدة نقص‪ .‬يولد شعور بالضطهاد‪.‬‬ ‫رجل ضليع باليقاع‪ .‬رجل ل يخور خوفا‪ L‬امام حالت انسانية مزعومة او في دياجير الخوف‪.‬‬ ‫ترك الر جل الدر جة صفر خل فه م نذ ازمان بعيدة‪ .‬ا نه يم حو التوقعات الخر بة في صالح‬ ‫التوقعات الخرى‪ .‬نحن – هنا ‪ -‬في ازاء تجربة مستدامة‪ ،‬ازاء تجربة حياة ذات بنية روائية‬ ‫متماسكة‪ .‬ل علقة لها بأطلل النصوص‪ .‬بنية صادقة مفعمة بالصدق وادانه الشر الذي حكم‬ ‫المدينة كإله‪ .‬بقي الرجل ورفاقه في مؤسستهم‪ .‬وهي لم ترتمي مفككة المعالم‪ ،‬جاحظة العينين‪،‬‬ ‫بشعر منفوش‪ .‬ابطال المحنة‪ ،‬كرموا تجربتهم بقراءة التجربة بعين النقد المحركة‪ .‬قرأوا اول‪:L‬‬

‫‪ / 67‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫ع مق الفجوة ب ين النظر ية والت طبيق‪ .‬ثانيا‪ :L‬تخلف بر ا مج ع مل وهيا كل المنظمات‪ .‬ض عف‬ ‫الممار سة الديمقراط ية الداخل ية‪ .‬التنا فس ‪،‬التكرار ‪،‬النقس ام ب ين المنظمات غ ير الحكوم ية‪.‬‬ ‫قص ور البناء الداري والمؤ سسي ‪،‬ض عف العا مل الذا تي لعضاء الشبكات الذ ين يقبلون بأن‬ ‫تنحص ر مس ؤولية الع مل المشترك في عدد محدود من الشخاص‪ ،‬غياب الب عد العل مي‬ ‫للتوعية وتهيئة المناخ‪ ،‬قصور نظام المعلومات‪ .‬ثالثا‪ :L‬وجود بعض شبكات وهمية بقرار افراد‬ ‫او هيئات بطموح التمث يل والس ياحة في المؤتمرات والس فر الدائم‪ ،‬باعتماد خطاب حقوق‬ ‫النسان والتنمية بشراكة وكلء محليين مارسوا الـ ‪ ،Charity business‬بحسب د‪ .‬مهنا‪.‬‬ ‫لن تقتص ر ال صداء الموحش ة في الخراب النا جز‪ ،‬لن تقتص ر ال صداء الموحش ة بالمؤ سسات‬ ‫الهلية‪ .‬سوف يصيب الخراب الناجز الحكومة‪ ،‬السلطة‪ ،‬الدولة‪ ،‬بغياب النظام السياسي العادل‬ ‫والمنصف وبغياب فهم الجمهور‪ .‬حكومات تؤبن‪ .‬ل تفعل سوى ان تؤبن وتمنح اوسمة ترشق‬ ‫فوق النعوش و سط عراضات صوتية ومهرجانات شوفن ية تقيم ها في از قة الحرب او في‬ ‫شوارع السلم‪ .‬ل مخاتلة في كلم د‪ .‬مهنا وهو يعدد اللعاب المجنحة الخطرة التي تمارسها‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪-1‬غياب الديمقراطية السياسية والمجتمعية‪.‬‬ ‫‪-2‬تقليص المشاركة الهلية والشعبية في ادارة المجتمع وصنع القرار السياسي‪.‬‬ ‫‪-3‬بيروقراطية الدولة وعدم قيامها بمسؤولياتها ازاء متطلبات واحتياجات المواطنين‪.‬‬ ‫‪-4‬المركز ية و سيادة من طق ال ستبداد البوي والس ياسي وال تي تؤدي الى مص ادرة الع مل‬ ‫المدني وتقليصه‪.‬‬ ‫‪-5‬التشريعات المعي قة لدور الفرد والمجت مع المتعار ضة مع الديمقراط ية وحقوق النس ان‬ ‫وخصوصا‪ L‬تشريعات الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫‪ -6‬محاولت النظام لللتفاف حول دور المنظمات غ ير الحكوم ية‪ ،‬بخلق منظمات تاب عة‬ ‫للجهزة التنفيذية للدولة والدعاء بأنها منظمات غير حكومية‪ ،‬ذلك لستقطاب التمويلت‬ ‫الدولية‪ ،‬واجهاض الدور الفعلي لهذه المنظمات‪.‬‬ ‫‪ -7‬ان سياسة التمييز من قبل القطاع العام بين جمعية وأخرى‪ ،‬ينعكس على العلقة الداخلية‬ ‫ب ين الهيئات الهل ية‪ ،‬خص وصا‪ L‬في ما يتعلق بتوز يع المس اعدات والدوار واتخاذ الموا قف‬ ‫من السياسة الجتماعية والنمائية للحكومة‪.‬‬ ‫‪-8‬ان الخطط القتصادية المعتمدة ل تقوم على ترابط البعدين القتصادي والجتماعي ضمن‬ ‫ا ستراتيجية تنمو ية واحدة تو فر الحما ية الجتماع ية‪ .‬ما ساهم – ويس اهم – في افقار‬

‫‪ / 68‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الكثر ية الس احقة من المواطن ين ويز يد باضطراد الفئات المهمش ة‪ .‬يؤدي هذا الى زيادة‬ ‫العباء على منظمات المجتمع المدني‪ .‬كما يؤدي الى توتر العلقة بينها وبين جمهورها‪.‬‬ ‫جمهور يئن امام هيئات غير قادرة على التجاوب مع طلباته‪.‬‬ ‫‪-9‬ان عدم تو فر الحص اءات والمعلومات الدقي قة يغ يب القدرة على و ضع سياسة وطن ية‬ ‫انمائ ية شاملة‪ ،‬تحدد من خلل ها ادوار الجهات الحكوم ية ومنظمات المجت مع المد ني‬ ‫والخاصة والدولية‪ .‬النتيجة‪ :‬ازدواجية في المشاريع وهدر الطاقات وبعثرة الجهود‪.‬‬ ‫‪ -10‬تفاوت العلقة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫عنده‪ :‬ان ما يعوق الشراكة مع الهيئات المانحة هو استمرار العديد منها في التعاطي بذهنية‬ ‫"المشروع" "والمس اعدة" المورو ثة عن ال ستعمار‪ ،‬بدل التعا طي بروح الشرا كة الجتماع ية‪.‬‬ ‫ذلك ان الجزء الكبر من المساعدات يصرف على انجاز الدراسات واقامة المؤتمرات وبرامج‬ ‫التدريب والتأهيل‪ ،‬وليس بالشغل على تقوية القدرات الذاتية لكل جمعية وللشبكات التي تعمل‬ ‫على تعز يز برا مج التنم ية الذات ية‪ .‬هذا الى ترا جع ح جم المس اعدات‪ .‬يع طف هذا على تعا ظم‬ ‫النظرة الفوق ية في ظل سياسة اقتص اد الس وق وطغيان الماد ية على ما عدا ها‪ ،‬بالر غم من‬ ‫خطابات التنمية المستدامة وحقوق النسان‪.‬‬ ‫بت ثبيت الس لم وال ستقرار‪ ،‬ب عد مرحلة الحرب الطويلة‪ ،‬وجدت مؤ سسة "عا مل" نفس ها أمام‬ ‫خيار ين‪ :‬ا ما النهيار الفعلي‪ .‬او ابتكار حلول بديلة من أ جل تأم ين تمو يل يجنب ها المص ير‬ ‫القا تم‪ .‬تم اعتماد خ طة وقائ ية مؤل فة من شق ين‪ :‬الول عنوا نه اعتماد سياسة الكتفاء الذا تي‪.‬‬ ‫والثا ني عنوا نه التعاون مع القطاع الخاص‪ .‬تمك نت المؤ سسة بذلك من تأم ين ‪ % 53‬من‬ ‫المصاريف‪ .‬حذت حذو "عامل" العديد من الجمعيات‪.‬‬ ‫اشعرت المس اهمات الرمز ية المواطن ين بمس ؤولياتهم وبمشاركت هم في تس يير ع مل المرا كز‬ ‫التابعة للمؤسسة‪ .‬ساهم انجاح بعض تجارب اللجان المحلية بالشراف على نشاطات المراكز‪.‬‬ ‫ذلك ان في خ طة "عا مل" ال ستراتيجية‪ :‬ان المؤ سسات النس انية هي مؤ سسات "شأن عام" ‪.‬‬ ‫تقرر تنفيذ الخطة هذه بتكليف فروع "عامل" القيام بنشاط اجتماعي سنوي يتم عبره تأمين دعم‬ ‫للفرع ما يس اهم في سد الع جز المالي‪ .‬دأ بت فروع صور‪ ،‬البازور ية‪ ،‬الخيام ) مرجعيون –‬ ‫حا صبيا(‪ ،‬الضاح ية الجنوب ية وبيروت على القيام بنشاطات دور ية أم نت موارد منتظ مة‬ ‫للمؤسسة‪ .‬بات للمؤسسة – بالمقابل‪ -‬اصدقاء قدموا مساهمات دعم سنوية‪ .‬تبرعوا عبر قسائم‬ ‫ار سالتها المؤ سسة‪ .‬تفع يل نشاط ها وبرامج ها‪ .‬ث مة مس الك اخرى داع مة‪ :‬حفلت تقيم ها‬

‫‪ / 69‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫المؤ سسة في بيروت والمنا طق‪ ،‬ي تبرع الي هم خلل ها مدعوون من فئات المجت مع اللبنا ني بل‬ ‫استثناء ‪ .‬تقليد سنوي يؤمن لـ "عامل" الدعم المادي والدعم المعنوي‪.‬‬ ‫أن فت الروح المكشو فة باحيان ان تترك قدر ها يجتاح ها‪ .‬لذا‪ :‬ب ظل الن قص الحاد في الموارد‬ ‫البشر ية المهن ية ) الخص ائي التق ني ‪ (Technicien /‬في لبنان‪ ،‬تعاقدت "عا مل" مع " مع هد‬ ‫بيبلوس" من أجل انشاء "معهد مهني وتقني" ‪ .‬بدأ العمل فيه عام ‪ .1998‬سمح ذلك للمؤسسة‬ ‫بتأمين جزء من مصاريفها وبالتالي تجنب النهيار‪ .‬الهم انها تجربة مبتكرة بـ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ن قل تجر بة ناج حة في المجال المه ني والتق ني ) مع هد بيبلوس( من منطق تي الدورة وفرن‬ ‫الشباك الى الضاح ية الجنوب ية‪ .‬تزو يد المئات من الشباب اللبنا ني سنويا‪ ) L‬خص وصا‪ L‬من‬ ‫المناطق الشعبية( باختصاصات مهنية متطورة‪.‬‬ ‫ب ‪-‬تأم ين موارد مال ية للمؤ سسة ) الحص ول على ‪ % 15‬من المدخول على ان ل ت قل ك حد‬ ‫أدنى عن ‪ 75‬الف دولر اميريكي سنويا‪.(L‬‬ ‫ج‪ -‬تعزيز العلقة بين القطاع الهلي والقطاع الخاص‪ ،‬اي استفادة القطاع الهلي من الكفاءة‬ ‫المهن ية والتنظ يم الموجود لدى القطاع الخاص وزيادة اهتمام الخ ير بتوف ير ال من الجتما عي‬ ‫أي انسنة القطاع الخاص واحتراف القطاع النساني‪ .‬دور اضافي في مقابل تراجع دور الدولة‬ ‫الرعائي‪ ،‬بالتجاه اك ثر واك ثر ن حو الخص خصة‪ .‬دور اضا في في تعز يز دور ب نى المجت مع‬ ‫المدني‪ .‬أثمر المر بملحظة ان القيميين على معهد "بيبلوس" ‪ ،‬باشروا بتقديم منح للسرى‬ ‫المحررين من السجون السرائيلية‪ .‬باشروا بتقديم منح اخرى الى حالت اجتماعية اخرى‪.‬‬ ‫د ‪-‬التعاون مع القيم ين على مع هد "بيلوس المه ني" من أ جل تطو ير مس توى دورات التدر يب‬ ‫المهني وتنمية الموارد البشرية في مراكز " عامل" الموجودة في باقي المناطق الشعبية‪ .‬زائد‬ ‫التنسيق في الشراف على مشروع مدرسة التمريض والمعهد المهني‪ .‬مدرسة ومعهد خاصان‬ ‫بالمؤ سسة في مبنا ها "عا مل" بمنط قة المص يطبة – بيروت‪ .‬هذا هو اتجاه ها العام بخطط ها‬ ‫ال ستراتيجية الرام ية الى تحو يل "عا مل" من مؤ سسة خدمات الى مؤ سسة "تنم ية القدرات‬ ‫البشرية" وبناء المواطن – النسان‪ ،‬ومقاومة عملية التمييز السائدة بين اللبنانيين التي تختزل‬ ‫المواطن الى فرد متوتر‬ ‫ بالتميز او متوتر بالحرمان‪ -‬ضد المواطن الخر‪ .‬استقطاب يجعل مؤسسات كـ "عامل"‪،‬‬‫وبالر غم من التبدلت واشكال العفو ية والرتجال في ادارات ها أحيانا‪ ،L‬يجعل ها قادرة ‪ -‬اذا ما‬ ‫تو فر ل ها الطار التنظي مي الديمقرا طي والمس اندة المال ية والفن ية – على اشراك الناس اك ثر‬

‫‪ / 70‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫وعلى بلورة مشاريع التنمية والصحة والتعليم والسكن والبيئة والغذاء بمشاركة الشباب والنساء‬ ‫والفئات المهمشة‪.‬‬ ‫هي حقبات ل تنس ى‪ .‬ح يث ان تورط الفراد في ها هو تع مد بنار مخض بة بموت كث يف وبحياة‬ ‫اكثف‪ .‬عدوان نيسان ‪ ،1996‬حرب بشاعات خالدة‪ .‬شد الناس فيها ايديهم على بعضها وماتوا‪.‬‬ ‫لن يدلق الراوي ذاكر ته المختز نة صور الحروب ال تي عرف ها ول انطباعا ته حول غيبو بة‬ ‫الكثيرين تجاهها‪ .‬لن يدلق الراوي انذهاله ول دهشة من ممارسات جمعيات وجماعات وهيئات‬ ‫وفئات وافراد‪ .‬لن حياة الخرين‪ ،‬ليست حياة بخسة لديه‪ .‬ولن الذكريات ليست نثار طبشور‬ ‫قد يم ت حت لوح طلب صغار‪ .‬لن يدلق الراوي ذاكرة حروب ‪ ،‬ح يث ان حروب لبنان هي‬ ‫غيرها بعد ان استشهد ‪ 109‬مدني اعزل في موقع لقوات المم المتحدة في بلدة قانا الجنوبية )‬ ‫مجزرة قا نا( ‪ .‬عند ها‪ :‬قا مت "عا مل" بمحاولة انتقال من ذهن ية رد الف عل الس ائدة الى ذهن ية‬ ‫الفعل والتخطيط‪ .‬وعدم الكتفاء بروح النخوة والعفوية لدى الناس في الوقات الصعبة‪ .‬بخطة‬ ‫اعتمدت‪ ،‬من قبل مؤسسات القطاع العام والهيئات الهلية والقطاع الخاص‪ ،‬حددت من خللها‬ ‫المكانيات المتاحة في المجال هذا على المستوى الصحي والجتماعي‪.‬‬ ‫انجزت "عا مل" خ طة طوارىء قدم ها رئيس ها خلل زيارة ع مل الى فرنس ا الى د‪ .‬برنارد‬ ‫كوشن ير ) وكان حين ها وزيرا‪ L‬للص حة( بمنزله في بار يس‪ .‬ناقش ا " مشروع ادارة الكوارث"‪.‬‬ ‫اه تم كوشن ير بمشروع د‪ .‬مه نا‪ .‬سارع الى اجراء اتص الت ع ند منتص ف الليلة ذات ها‪ .‬تحدث‬ ‫الى مستشاره في وزارة الصحة د‪ .‬جاك بونو‪ .‬صباحا‪ :L‬شارك الطبيب اللبناني في اجتماعات‬ ‫عقدت في وزارتي الصحة والخارجية في خلية الطوارىء برئاسة السيد برنارد ساكس قبل ان‬ ‫يلتقي في قصر "ماتينيون" ) حيث توجد رئاسة الحكومة( المستشار الدولي لرئيس الحكومة في‬ ‫حينه سيرج تل )‪ . (Serge Tell‬تمت الموافقة على تمويل المشروع‪ ،‬على ان يحصل التوقيع‬ ‫على التفاق ية خلل زيارة مندوب لوزارة الخارج ية الفرنس ية‪ ،‬المس ؤول ال طبي د‪ .‬جاك‬ ‫أمبلر‪ ،‬الى بيروت‪ .‬قام المس ؤول الفرنس ي بزيارة مدي نة صور – برف قة مس ؤول الشؤون‬ ‫النس انية في الس فارة الفرنس ية انطوان سيفان – ) انت قل لحقا‪ L‬الى العراق كقائم بالعمال في‬ ‫سفارة فرنس ا‪ .‬ثم ش غل منص ب نائب ام ين عام وزارة الخارج ية للشرق الو سط وايران في‬ ‫بار يس‪ .‬حاليا‪ :L‬سفير فرنس ا في ق طر(‪ .‬يو ضح د‪ .‬مه نا‪ :‬بدأ الزائر وكأ نه " يتأ ستذ" علي نا في‬ ‫كيفية تنفيذ الخطة‪ ،‬خلل تجواله في مراكز "عامل" والمستشفى الحكومي في المدينة‪ .‬ذكرني‬ ‫هذا "بالذهنية الستعمارية" التي طالما لحظناها لدى بعض الزوار الغربيين من خلل نظرتهم‬ ‫الفوقية في التعامل مع تجارب عالمثاليثة‪.‬‬

‫‪ / 71‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫) تجربة اللبنانيين الغنية في مجالي الطوارىء والغاثة تؤهلهم لن يكونوا أساتذة محنكين في‬ ‫المجال هذا‪ .‬عندما جرى تفجير قاعدة للجنود الفرنسيين في بيروت عام ‪ 1983‬وصل عناصر‬ ‫الدفاع المدني لمؤسسة عامل بسرعة فائقة‪ ،‬نقلوا الجنود الجرحى الى المستشفيات‪ ،‬قبل وصول‬ ‫رجال السعاف الفرنسيين(‪ .‬واذ لحظت سلوكه هذا‪ ،‬أدركت ان المهمة انتهت‪ .‬وان التفاقية‬ ‫لن تو قع‪ .‬هذا ما حص ل بالف عل‪ .‬جرى لحقا‪ L‬تحو يل المبلغ المر صود )‪ 200‬الف دولر( الى‬ ‫مشروع آخر‪ .‬يعود السبب – بنظري – الى ان "عامل" مؤسسة مدنية ل تخدم مصالح سياسة‬ ‫الطراف الجانب‪.‬‬ ‫‪-9‬‬‫وجدت "عا مل" ان المرأة تعا ني من تمي يز في ش تى الفضاءات الخا صة ب ها‪ .‬تمي يز بالقانون‪،‬‬ ‫تمييز بشروط العمل‪ ،‬تمييز بالجر‪ .‬وهي القر ب الى القصاء الدائم من مراكز القرار‪ .‬ثم‬ ‫ان ها ضعي فة الحضور في النقابات المهن ية‪ .‬و هي غ ير موجودة تماما‪ L‬في نقابات أخرى‪ .‬و هي‬ ‫غائبة او شبه غائبة في الحزاب السياسية وفي مراكز الدولة العليا‪ .‬لكل هذا‪ :‬اهتمت "عامل"‬ ‫بالمرأة‪ .‬ذلك انها وجدت حقوق المرأة ليست شيئا‪ L‬عابرا‪ .L‬وجدت انها قضية وطنية‪ ،‬تستأهل ان‬ ‫يخوض غمارها الرجال والنساء على حد سواء وبجميع المستويات‪ .‬نضال الثنين‪ :‬مدخل الى‬ ‫تراكم‪ ،‬مدخل الى ثقافة أخرى‪ ،‬الى مفاهيم أخرى‪ .‬مدخل الى عالم جديد‪ .‬المرأة زهرة معنفة‬ ‫في حقل زهور بارد‪.‬‬ ‫لن تب قى " عا مل" شا هد عيان على النظام الس ائد‪ .‬نظام قا مع ل كل ان ثى ول كل ما هو انثوي‪.‬‬ ‫اقا مت المؤ سسة متنا‪ L‬مشتركا‪ L‬بين ها وب ين المرأة بالغريزة ول يس بال صطناع او التص نع‪ .‬ل‬ ‫انسانية مزعومة هنا‪،‬في تنفيذ برامج هدفها توعية المرأة ‪ .‬تلك المحتاجة الى توعية‪ .‬ل انسانية‬ ‫مزعومة في تنفيذ برامج هدفها تحفيز النساء الجاهزات للتطور في ممالك الذكر والذكورة‪.‬‬ ‫ال ساس‪ :‬تنم ية وعي هن بالحقوق الس ياسية والحقوق المدن ية وطرق اتخاذ القرار‪ .‬سلكت‬ ‫المؤ سسة الى المرأة مباشرة‪ .‬سلكت الي ها ببرامج تأه يل مه ني وبرا مج رعا ية صحية نهار ية‬ ‫وانش طة خا صة بالمشار يع النتاج ية‪ .‬هدف ذلك ‪ :‬اشراك النس اء بالتخط يط والتنف يذ‪ .‬ثم تقو يم‬ ‫تجاربهن في التجربة العامة‪ .‬سوف يؤدي ذلك الى‪ :‬المساهمة والمشاركة بصنع القرار على‬ ‫صعيد السرة والبيئة المحلية‪ .‬فتحت صفوف لمحو المية ارتادتها نس اء تراو حت اعمار هن‬ ‫بين الرابعة عشرة والربعين سنة في مناطق تواجد المؤسسة‪ .‬اقيمت برامج تطويرية‪ .‬امانة‬

‫‪ / 72‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫سر‪ ،‬دورات تمريض‪ ،‬تزيين نسائي‪ ،‬كومبيوتر‪ ،‬لغات اجنبية‪ ،‬خياطة‪ ،‬حياكة‪ ،‬مشاريع انتاجية‬ ‫بمروحة عريض ة من الهتمامات‪ .‬قوات الصدم في المجال هذا‪ :‬وحدات تنموية‪ .‬لسيما في‬ ‫ما يتعلق بالرملة‪ .‬سجلت هذه نجاحات‪ ،‬بح يث مو‪Y‬لت نفس ها بنفس ها بنس بة ‪ 47‬بالمئة‪ .‬انشأت‬ ‫المؤسسة ست وحدات تنموية غير مكتملة في بعلبك والهرمل وشمسطار وعرسال وكامد اللوز‬ ‫وضاحية بيروت الجنوبية والعاصمة بذاتها‪ :‬بوادي ابو جميل مثل‪ .L‬وبالجنوب‪ :‬بصيدا وصور‬ ‫والبازورية والخيام‪.‬‬ ‫ش كل ادراج المنظور الخاص بالنوع الجتما عي‪ ،‬في الطار الشا مل للنشاطات الطارئة‬ ‫والنمائ ية في لبنان وتعز يز عمليات تمك ين المرأة على الص عيد القتص ادي والجتما عي‬ ‫والسياسي‪ ،‬شكل ركيزتين اساسيتين هنا‪.‬‬ ‫اقرار اعلن اللف ية الص ارم‪ :‬ترا بط العل قة ب ين الحاكم ية الجيدة والتنم ية‬‫المستدامة ومكافحة الفقر‪.‬‬ ‫الرؤ ية ال ستراتيجية ال تي نص علي ها التقر ير العر بي حول التنم ية النس انية‬‫للعام ‪ ،2005‬حيث اعتبرت نهضة المرأة شرطا‪ L‬اساسيا‪ ،L‬ولو غير كاف لرفع‬ ‫منسوب العدالة والمساواة بين النساء والرجال العرب‪.‬‬ ‫القرار بأهمية مشاركة المرأة وتمثيلها‪ .‬ذلك انه يمنع ويتفادى الخلفات بحفظ‬‫السلم ويبنيه ويدفع الى الستجابة النسانية واعادة العمار والتأهل في فترة‬ ‫ما بعد الحرب‪ .‬وازالة العوائق امام مشاركة المرأة بشكل كامل في مستويات‬ ‫الع مل الجتما عي باعتماد الجراءات التص حيحية بإعادة توز يع الدوار‪.‬‬ ‫ادوار قد تتضارب والعمليات المنتجة ديناميات تولد التمييز على صعيد النوع‬ ‫الجتماعي‪.‬‬ ‫تم احراز تقدم ملحوظ ب ما يتعلق بالتحص يل العل مي الخاص بالمرأة‪ .‬أزيلت مع ظم العوائق‬ ‫القانونية امام مشاركتها بالحياة القتصادية‪ .‬بيد انه – على الر غم من ذلك‪ -‬ل تزال مشاركة‬ ‫المرأة اللبنان ية بالقوة العاملة قليلة‪ .‬سبب ذلك‪ :‬عوا مل مختل فة متراب طة في ما بين ها‪ .‬ومن ها‪:‬‬ ‫توز يع الدوار النتاج ية والنجاب ية والحقوق والمس ؤوليات ب ين الر جل والمرأة بش كل غ ير‬ ‫متوازن‪ .‬ثم التمي يز العنص ري على صعيد النوع الجتما عي في سوق الع مل‪ .‬ثم المقولبات‬ ‫الخا صة بالنوع الجتما عي في التعل يم‪ .‬تلك المؤثرة في خيارات المرأة المهن ية‪ .‬ثم هشا شة‬ ‫النشاطات القتصادية الخاصة بالمرأة‪.‬‬

‫‪ / 73‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫تعطي المرأة كما يجب‪ .‬كما يجب‪ :‬عليها ان تعطي ذاتها‪ .‬اذا اعطت‪ :‬تشتعل‪ .‬واذا اشتعلت‪:‬‬ ‫تنفس ت كص اعقة‪ .‬واذا فعلت‪ :‬لن تقص د منحدرا‪ L‬ب عد‪ .‬هكذا يرا ها د‪ .‬كا مل مه نا‪ ،‬هكذا يرا ها‬ ‫رئيس المؤسسة بل اوهام‪ .‬لن ثمة ما يدور في رأسه دائما‪ :L‬اعادة تشكيل العالم عبر منظور‬ ‫فردي يتم تع بروح جماع ية مضمو نة‪ .‬ا نه دائما‪ :L‬على اه بة اجتياح الحس اس المشترك‪ .‬ا نه‬ ‫دائما‪ :‬ضد الهشاشة‪ .‬لذا‪ :‬تقترح المؤسسة معايير جديدة‪ ،‬لكي تصعد المرأة من درجة الصفر‬ ‫او الدرجات الدن يا‪ ،‬الى الدرجات المس تحقة‪ .‬أولى المعاي ير‪ ،‬تقص ير المس افة ب ين المرأة‬ ‫والخدمات الر سمية والقروض الص غرى وانش طة التمو يل ال صغر‪ .‬ثاني ها؛ تحف يز المرأة‬ ‫بالخدمات غ ير المال ية‪ .‬تلك‪ ،‬ال تي تس اعدها في اطلق النش طة القتص ادية وتطوير ها‪ .‬لن‬ ‫يحدث ذلك ال بتزويد ها بفرص‪ .‬فرص تدر يب‪ ،‬وفرص تعل يم‪ ،‬فرص ارشاد واشراف‪.‬‬ ‫والمس اهمة بتمليك ها ال خبرات التقن ية الخا صة اللز مة‪ .‬ضروري‪ :‬ان تل بى بخدمات الد عم‬ ‫ال ساسية المخف فة ع بء الولدة‪ .‬كدور الحضا نة و صفوف الرو ضة وتعز يز الن قل العام‪ .‬ل كي‬ ‫يلبي ناسه المحتاجين‪ .‬ان تشجع‪ .‬ان تدعم النشطة القتصادية التقليدية الخاصة بها‪ .‬ان تدفع؛‬ ‫ل كي تص ل الى تدريب ها المه ني‪ .‬تزويد ها بفرص تس مح بتنم ية وعي ها ب ما يتعلق بحقوق ها‬ ‫وقدرات ها وبناء ثقت ها بنفس ها‪ .‬سوف يس اهم هذا في تغي ير خيارات ها المهن ية المقول بة – او‬ ‫المنمطة – المرتبطة اساسا‪ L‬بـ "النوع الجتماعي" ‪ .‬سوف يدفع المر الى قيام مبادرات هدفها‬ ‫تعديل قانون العمل بما يخص اجازة المومة كمثال‪.‬‬ ‫ب يت المرأة ب يت مفتوح‪ .‬غ ير ا نه صعب المنال‪ .‬لن النار تشيده‪ .‬ولن النار تص ونه بآن‪.‬‬ ‫هكذا‪ :‬ان الدللة الشرعية لحضور المرأة في المجتع تقيم اعتبارها على تعزيز مفهوم الشبكات‬ ‫ب ين المشار يع الص غيرة الخا صة بالمرأة وب ين المنظمات غ ير الحكوم ية والتعاونيات النس ائية‪.‬‬ ‫واشراك المرأة في عمليات التخط يط الخا صة بالتنم ية‪ .‬ل كي تض حي شريكا‪ L‬فاعل‪ L‬بعمليات‬ ‫صنع القرار‪ .‬البرز‪ :‬دعم المبادرات الخاصة بـ " جندرة الموازنة" ‪ .‬اننا امام اقتراح يفضي‬ ‫الى تحص ين حضور المرأة بو صولها الى الخدمات الص حية والجتماع ية العا مة المتوفرة‪.‬‬ ‫وال حد من الع نف الممارس علي ها بتقد يم خدمات خطوط ساخنة وا ستشارات قانون ية و بيوت‬ ‫استقبال مؤقتة‪ ،‬لهؤلء المتعرضات الى العنف المنزلي‪.‬‬ ‫لن تلد المهات اولدا‪ L‬بتجاع يد عمي قة ول بشوارب ذابلة ورماد ية‪ .‬تلد المهات اطفال‪ L‬بأ يد‬ ‫قص يرة وجفون ناش طة‪ .‬الولدة م مر ب ين الم وال بن‪ .‬ث مة أ مر آ خر اش به بزناد الس لح‪ .‬ا نه‬

‫‪ / 74‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫م مر الهتمام بالط فل‪ ،‬بالطفال‪ .‬ث مة غرف خان قة في الممرات‪ ،‬ث مة غرف مضيئة بهواء‬ ‫نظ يف في الممرات‪ .‬يتن فس الطفال بنقاء منق طع النظ ير‪ .‬او يتنفس ون مص عوقين في غرف‬ ‫المهات الخان قة‪ ،‬واحدة واحدة‪ .‬تنقاد المهات الى اطفال هن بغرائز الجياد‪ .‬ينقاد الخرون‪،‬‬ ‫القرباء وغ ير القرباء‪ ،‬بكو مة من النطباعات والرغبات بمص ابيح ته تز بس وط الر يح‪.‬وا حد‬ ‫من هؤلء‪ :‬د‪.‬كا مل مه نا‪ .‬لم يتردد و هو يس بر في الشوارع المظل مة والمقفرة‪ .‬لم يتردد و هو‬ ‫يسير في طريقه الى مستقبله‪ .‬لم يصل الى المستقبل هذا دفعة واحدة‪ .‬اخذه على دفعات ‪ .‬كل‬ ‫دف عة ر شق‪ .‬و كل ر شق بذكريات‪ .‬لم يم تط عر بة‪ .‬ذ هب الى ذا ته على قدم يه‪ .‬ب قي مس تنفرا‬ ‫و سط الحروب والزمات والهزات‪ .‬ب قي مس تنفرا‪ L‬في حيا ته الشخص ية والجتماع ية وحيا ته‬ ‫المهن ية‪ ،‬ل نه لم يفص ل ب ين الحيوات هذه‪ .‬سادت في حيا ته روائح حلوة‪ ،‬سادت في حيا ته‬ ‫روائح مزع جة‪ .‬روائح حلوة وروائح طي بة وروائح منفرة ومزع جة‪ ،‬شكلت رائ حة عريض ة‬ ‫غري بة‪ ،‬و قف علي ها الكثيرون‪ ،‬طل عت علي ها اشياء كثيرة‪ .‬صار الر جل في الثمان ين و هو ل‬ ‫يزال في الثلثين‪ .‬نط بحلمه فوق السنوات‪ .‬نط شغله فوق السنوات في بلد تشكك بكل شيء‬ ‫حتى بذاتها‪ .‬فوق بلد مشكوك بسمعتها‪ .‬نط من سنة الى سنة‪ ،‬كما ينط من جو الى آخر‪ .‬بيد‬ ‫انه لم ينط من عنوان الى عنوان‪ .‬لن العناوين عنوان واحد لديه‪ .‬لم يخف اسرارا‪ L‬هنا‪ .‬ولن‬ ‫يخ في‪ .‬حاول ال طبيب الهادىء ان يج نب الخر ين المنغص ات‪ .‬ادرك ا نه ان ج نب لن يتج نب‪.‬‬ ‫قنع بحياة اشبه بالمقصورات الصغيرة‪ ،‬مقصورة على مقصورة‪ ،‬مقصورة فوق مقصورة‪ .‬قنع‬ ‫بحياة اش به بالتراب‪ ،‬ح بة ت حت ح بة ت حت ح بة ت حت ح بة‪ .‬لن ينت ظر ان يطلب الخرون‬ ‫المس اعدة م نه على ضوء الشموع با سطر قليلة او كثيرة‪ .‬بكلمات قليلة او كثيرة‪ .‬الص مت ل غة‬ ‫عنده‪ :‬ان الصامت هو اكثر المتكلمين بلغة‪ .‬لذا جاء اليهم بالساعات المتأخرة او في ساعات‬ ‫الصباح الولى‪ .‬ولكي ل يبقى في سياسة العلجات الباردة والنقاذ البارد اختط استراتيجية‬ ‫واض حة‪ ،‬وضو حه هو نفس ه‪ .‬لم يتحول الى كحولي و هو يشا هد مئات القتلى والف الجر حى‬ ‫والمعوقين‪ .‬لم يتحول الى كحولي وهو يراقب سقوط المناطق والمنطق‪ .‬لم يضح مسلول‪ L‬وهو‬ ‫في قلب العوا صف الثلج ية اللبنان ية‪ .‬عبر فوق قنا عة ان ل جري مة ادب ية‪ .‬الجري مة عنده‪:‬‬ ‫جري مة واقع ية‪ .‬قادت الحرب الهل ية الكثير ين الى حيوات هم الفاجرة‪ .‬قاد ته الحرب الهل ية‬ ‫اللبنانية الى الصبر والبوهيمية‪ .‬نازل الغرائب بهواية النقاذ‪ .‬نازل الغرائب باحترافه النقاذ‪.‬‬ ‫بقي قلقا‪ L‬قليل‪ L‬كسيد طيب ونبيل ونقي‪ .‬ل تزال صفاته الثلث يافطته الثيرة‪ .‬ل تزال صفاته‬ ‫الثلث ت في الخر ين حقوق هم‪ .‬عالج الفظاظ‪ ،‬ك ما عالج النس ات الرقيقات والشبان الطائش ين‬ ‫والطفال ا صحاب الحضور الخاص وال ساليب الخا صة بل تأ نق المتأنق ين‪ .‬ولن الش يء‬

‫‪ / 75‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الوحيد المشترك بين النساء هو النجاب‪ .‬وطالما ان مؤسسة "عامل" ارادت ان تدفع بهن الى‬ ‫الطوابق الفاخرة‪ ،‬أخذت المؤسسة الطفال في اهتماماتها‪ ،‬حتى ل يعيش احد على القتراض‪.‬‬ ‫ل أمرأة تقترض‪ .‬ول طفل يدفع الى الشحادة‪.‬‬ ‫تبنت المؤسسة حقوق الطفل‪ ،‬كما جاءت في مواثيق المنظمات الدولية‪ .‬المنظمات التابعة للمم‬ ‫المتحدة بخا صة‪ :‬الهيئات النس انية العالم ية بخا صة‪ .‬اع تبرت المؤ سسة‪ ،‬اع تبر العاملون‬ ‫بالمؤ سسة ان الطفال ا صحاب حقوق ا ساسية‪ .‬حقوق يتمتعون ب ها‪ .‬وان ل‪ ،‬سوف يتمتعون‬ ‫ب ها‪ .‬ولو اض طر ال مر الى المص ارعة والص راع بل ا سلحة حرب ية بطبي عة الحال‪ .‬افترض‬ ‫هذا‪ :‬نهجا‪ .L‬أن يرا قب الط فل اول‪ :L‬ان تؤ من لقاحا ته‪ .‬أن تر عى الم الحا مل ق بل الولدة‪ ،‬أن‬ ‫تر عى أثناء الولدة‪ .‬لن ينقصه بعد‪ :‬ل غذاء ول تعليم ول رعاية صحية او رعاية اجتماعية‬ ‫او رعاية نفسية‪ .‬لن تنقصه البيئة الصالحة ول العداد الصالح‪ .‬يساهم الشرطان الخيران في‬ ‫بناء الط فل بشروط لز مة‪ ،‬ل كي يص بح "الموا طن"‪ .‬يتم تع الخ ير بكفاءات ومؤهلت‪ ،‬ان تم‬ ‫تدخل الخرين المبكر في سبيل تأمين ما هو حق له‪.‬‬ ‫بادرت المؤسسة الى اعتماد برامج تساعد الطفال بين السنتين ونصف السنة والربع سنوات‪.‬‬ ‫مس اهمة تت يح ل هم التك يف بمرحلة ما ق بل الذهاب الى المدر سة‪ .‬وفرت ل هم محيط هم التربوي‬ ‫الص حي بدور حضا نة متخص صة‪ .‬وفرت ل هم و سائل تربيت هم وترفيه هم بآن‪ .‬ش جع ذلك‬ ‫المهات على تركهن‪ ،‬ما دامت حياتهم مؤمنة عبر مؤسسات وكفاءات مختصة‪ .‬عزز التأمين‬ ‫فرص ان يعملن بعيدا‪ L‬من ضغوط الهتمام بحاجات الولد‪ .‬التحقن بالمؤسسات اكثر واكثر‪.‬‬ ‫لحقت المؤسسة بكل شيء‪ .‬وجدت في المدارس باعتمادها برامج صحية مدرسية قامت على‬ ‫تعاون وث يق مثلث ب ين المدر سة ولجان ال هل والمس توصف او المر كز الص حي والعيادة‬ ‫الخاصة بالنطاق الجغرافي للمدرسة‪ .‬وع‪Y‬ت المؤسسة الهل‪ .‬وعتهم باساليب التربية السليمة‬ ‫وتقنيات التنمية بالمراحل السابقة على التحاق الطفال بالمدارس‪ .‬أقامت مراكز رعاية نهارية‪:‬‬ ‫رياض اطفال الس نتين والثلث والر بع والخ مس سنوات بغياب الروضات الر سمية‪ .‬اعط يت‬ ‫الولو ية الى اطفال النس اء العاملت‪ .‬غ طت اقس اط هؤلء ‪ %61‬من المواز نة الخا صة‬ ‫بالمشروع هذا‪ .‬ثم أمنت "عامل" منح دراسة ثلثين فتاة‪ ،‬تخصصن في " مدام فلنغا" )رياض‬ ‫المدرسة العلمانية الفرنسية ‪ -‬الليسيه الفرنسية(‪ .‬ابرز المؤسسات في تأهيل حادقات الطفال‪.‬‬

‫‪ / 76‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫عملت ب عض الحادقات المتخرجات في روضات المؤ سسة‪ :‬رو ضة الهر مل‪ ،‬رو ضة بعل بك‪،‬‬ ‫روضة الشياح‪ ،‬روضة مدرسة حوض الولية باشراف اخصائية‪ :‬ديما حيدر‪.‬‬ ‫ان تسعة اشهر من الحمل وسنتين من الرضاعة ‪،‬بما تختزنه وترسمه من علقات تلصقية‬ ‫بين الجنين المولود وامه بحاجة الى قراءة حساسة وشفافة‪ ،‬الى متابعة حساسة وشفافة‪ .‬حيث‬ ‫ان مؤشرات التنمية البشرية‪ ،‬بقيت معقودة على الدخل والمستوى التعليمي والصحة‪ .‬لن يسقط‬ ‫الطفال –ت حت الو عي الجد يد – ضحا يا توا طؤ الحم قى او ضحا يا عبقريات العالم الس فلي‪.‬‬ ‫انبنى وعي جديد ) المسؤوليات والعداد بآن‪ % 6.6 :‬من الطفال يشتغلون برات البيت بأجر‬ ‫قل يل او بش به أ جر‪ .‬تس رب ‪ %45‬من الطفال ‪ ،‬ق بل أوا خر الحل قة الدرا سية الثال ثة بالتعل يم‬ ‫ال ساسي بل انخراط في التعل يم المه ني‪ .‬لو حظ‪ :‬وجود فروقات بارزة ب ين المنا طق‪ .‬ذلك ان‬ ‫بيروت وج بل لبنان يحظيان بالفض ل‪ ،‬بالمقار نة ببا قي المحافظات اللبنان ية‪ .‬لو حظ ‪ :‬ان نس بة‬ ‫‪ % 50‬من اللبنانيين غير مشمولين بالتأمينات الصحية ) باستثناء ما تقدمه وزارة الصحة في‬ ‫لبنان(‪ .‬الرقام مفاجئة في أحيان‪ ،‬الرقام مهولة في احيان‪ ،‬بالمؤشرات الص حية الوطن ية في‬ ‫لبنان‪ :‬بلغ معدل وفيات الطفال الر ضع ب ين العام ين ‪ 1995 - 1986‬نس بة ‪ 33.5‬باللف ‪.‬‬ ‫ل عب تعلم الم دورا‪ L‬بارزا‪ L‬في توز يع الوفيات‪ .‬أم متعل مة‪ :‬هذا معناه نقص ان نس بة وفيات‬ ‫الطفال‪ .‬أم امية‪ :‬هذا معناه زيادة نسبة الوفيات‪.‬‬ ‫العلقة بين مستوى التعلم عند المهات ومعدل الوفيات عند الطفال‬ ‫) لكل الف مولود حي( خلل السنوات العشر السابقة على المسح‬ ‫)‪(1986-1995‬‬ ‫مستوى تعليم الم‬

‫معد وفيات الرضع‬

‫معدل وفيات حديثي الولدة‬

‫أمية‬ ‫تقرأ وتكتب‬ ‫انهت البتدائي‬ ‫متوسط‬ ‫ثانوي وما فوق‬ ‫المعدل الوطني‬

‫) دون السنة(‬ ‫‪54.5‬‬ ‫‪51.1‬‬ ‫‪29.6‬‬ ‫‪30.5‬‬ ‫‪14.8‬‬ ‫‪33.5‬‬

‫)دون ‪ 28‬يوما‪(L‬‬ ‫‪38.2‬‬ ‫‪33.3‬‬ ‫‪23.4‬‬ ‫‪23.6‬‬ ‫‪12.8‬‬ ‫‪24.9‬‬

‫المصدر ‪ :‬المسح اللبناني لصحة الطفل والم )‪(1996‬‬

‫‪ / 77‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫احاطة جوهرية‪ ،‬ثورية الى حد كبير‪ .‬وبالخص‪ :‬اذا ما قورنت بمستويات الهتمام بالطفال‬ ‫بين القرنين التاسع عشر والعشرين‪ .‬لنه من الخطأ الخالص تخيل الناس‪ :‬ان عاطفة المومة‬ ‫شأن انس اني تلقائي وابدي‪ .‬ذلك ا نه ح تى نها ية القرن التا سع عش ر‪ ،‬وض عت اغلب ية نس اء‬ ‫البرجوازيات في الغرب مواليد هن لدى المرضعات‪ .‬لم ينشغلن ب هم ابدا‪ .L‬ل يس هذا شانا‪ L‬طبقيا‪.L‬‬ ‫حيث ان الفلحات بدورهن‪ ،‬لم يبدين انشغال‪ L‬ملحوظا‪ L‬بمواليدهن‪ .‬لفوا مواليدهن باقمشة ضيقة‬ ‫جدا‪ .‬علقو هن على الحيطان‪ ،‬علقو هن على مس افة غ ير بعيدة عن المدافىء‪ ،‬ل كي ل يص يبهم‬ ‫البرد‪ .‬ارتفعت نسبة الوفيات بتلك المرحلة‪ .‬واحد يحيا وواحد يموت‪ .‬واحد من اثنين‪ .‬استسلم‬ ‫الهل أمام اقدارهن وهن ينتظرن ان يبلغ اولدهن سن المراه قة‪ .‬عند بداية القرن العشرين‪:‬‬ ‫ادر كت الحكومات الجدوى القتص ادية والجتماع ية والعس كرية اهم ية غريزة الم‪ .‬أدر كت‬ ‫الحكومات ذلك‪ ،‬حين لحظت تناقص عدد السكان‪ ،‬نتيجة ارتفاع نسبة الوفيات لدى الطفال ‪.‬‬ ‫قادت ها ا ستنتاجاتها الى الخ طر الدا هم بذلك‪ .‬اقا مت حملت اعلم ية كثي فة‪ .‬عم مت ارشادات‬ ‫الوقا ية‪ .‬شيئا‪ L‬فشيئا‪ :L‬تقدم طب الطفال‪ .‬شيئا‪ L‬فشيئا‪ : L‬قا مت سوق اقتص ادية جديدة على الو عي‬ ‫الجتماعي الجديد‪ .‬لم تعد النساء يخفن على اولدهن من موتهم المبكر‪ .‬اذاك ‪ :‬اضحت الم‬ ‫رمزا‪ L‬للمس ؤولية‪ .‬اض حت الم رمزا‪ L‬في الحياة والدب واللو حة على حد سواء‪ .‬اخ طر‬ ‫المفا صل التس رب المدر سي في سن المراه قة‪ .‬ا ستعملت المؤ سسات مجس اتها في وظائف ها‬ ‫القصوى لكي تداري اسباب التسرب ووقائعه ونتائجها على الرض‪ .‬عامل مؤسسة قلقة هنا‪.‬‬ ‫اقلقها ما لم تستطع انتظاره حتى النهاية‪ .‬ل شيء يفلت من مراقبتها‪ .‬ل فروقات املئية بينها‬ ‫وبين المؤسسات الخرى‪ .‬ل فروقات وراثة‪ .‬بل فروقات فهم ووعي وتدرب‪ .‬استعملت ما بين‬ ‫يديها من علوم‪ ،‬استعملت حاصل ضرب الخبرة بالتقدم العلمي‪ .‬لم ينحصر عملها في منطقة‪.‬‬ ‫اخذت على عاتق ها انقاذ كل من تس تطيع انقاذه‪ .‬راق بت وتحك مت‪ .‬غ ير ان ها لم ت بع خدمات ها‪.‬‬ ‫بالخص‪ :‬خدمة الحماية المستمرة‪ .‬قرأت في مزامير الشباب على الواحها الناصعة‪ :‬ان عدم‬ ‫الثقة بتوفر فرص عمل والهجرة الى خارج البلد بحثا‪ L‬عن حياة كريمة ومستوى معيشي لئق ‪،‬‬ ‫هما اهم مشاكل الشباب‪ .‬سوف يؤدي تعميم ذلك الى التسرب المدرسي‪ .‬عممت‪ :‬ان دواء ذلك‬ ‫بتعل يم اولد ال سر المحدودة الد خل وخص وصا"‪ :‬التعل يم المه ني‪ .‬ان دواء ذلك بانخراط هم‬ ‫بالحياة العا مة عبر الهتمام بحاجات هم النفس ية والمعنو ية‪ .‬وتحديدا‪ :L‬ا ثر نها ية الحرب الهل ية‬ ‫بلبنان‪ .‬أولت الشباب باهتمامها‪ ،‬لنهم يمثلون الطاقة البشرية الساسية في تحقيق تنمية بشرية‬ ‫مستدامة‪ .‬يؤكد د‪.‬مهنا ان عشرين بالمئة من سكان لبنان باعمار بين ‪ 15‬و ‪ 25‬سنة‪ .‬مجتمع‬ ‫ف تي‪ .‬يذ كر ان ‪ %49‬هم دون ال ـ ‪ 25‬سنة‪ .‬لدي هم ادوار هم البال غة الهم ية‪ :‬من المشار كة‬

‫‪ / 78‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫باصلح النظام السياسي الطائفي الى المشاركة في دفع الحياة العامة الى المام‪ .‬بداية ذلك في‬ ‫اقتراح‪ :‬ان يس مح للشباب بالنتخاب و هم في الثام نة عشرة‪ .‬مه مة الس ياسة رفعت ها "عا مل"‬ ‫كص داقة ناع مة بمهارة و سط ك يل من العوائق‪ .‬وخص وصا‪ :L‬الق فز فوق الوهام الطائف ية‬ ‫والمذهبية والثقافية‪.‬‬ ‫اختراق الحدود الخف ية ب ين المؤ سسة والشباب‪ :‬رحلة الف الميال‪ .‬بدأت الرحلة ولم تن ته‪ .‬لم‬ ‫تنه ها المؤ سسة ول الشباب‪ .‬لن هم ما ارادوا ان يبدوا احباء يفلتون ب ين ا صابع بعض هم‬ ‫كالشباح‪ .‬ل أشباح في هذه الحلقة اللمفرغة‪ .‬انه عناد الوعي الناضج الصامت والبائح بكل‬ ‫ما ي هم الحياة بالحياة‪ .‬عل قة متأج جة ا ستعملت لجل ها اد نى المكانيات واقص اها‪ .‬ا ستعمل‬ ‫لجلها الطرح والتحدي والغراء بعبق ملح ماء بحري‪ .‬لن يسقط من الحسابات احد‪ .‬لن يسقط‬ ‫ا صحاب الحاجات الخا صة‪ .‬لن يس قط المعوقون ول الجمعيات الراع ية ل هم‪ .‬ل حظ حضور هم‬ ‫ببناء مرا كز علج فيزيائي في صور والخيام‪ .‬ل حظ حضور هم ببناء مرا كز تأه يل مه ني‬ ‫ومشا غل ح فر على الخش ب باشراف الرا هب الفرنس ي ج يل فيلتمان وبتوج يه من الراه بة‬ ‫المدن ية اد يل منزي‪ .‬ل يس هذا ج هد نهار‪ .‬ول تفك ير يوم وا حد‪ .‬ول سلسلة لمحات متتاليات‪.‬‬ ‫بالعكس‪ .‬انه وقع اصوات اللغة الجديدة‪ .‬اهتداء بل طلب‪ .‬لن يرتاح احد في بناء فاخر‪ .‬اتخيل‬ ‫ان الراحة في بناء فاخر سيوقع القاطنين به بالنعاس لم ينعس الطبيب المجرب منذ خمسين‬ ‫عاما‪ .‬لم يص رخ مذعورا‪ .L‬ولن يس مح ل حد ان يملص من شرو طه ونشا طه‪ .‬لم ي خط برجل يه‬ ‫بالهواء و هو يقود سفينته بقواه الذات ية وقوى شركائه‪ .‬حق المعوق ان يح يا حياة كري مة‪ .‬حياة‬ ‫بمس تقبل‪ .‬ل للغرف الحقيرة‪ .‬ل للغرف النت نة‪ .‬ل للخوف‪ .‬ل للحا جة‪ .‬ل للغثيان‪ .‬ل للتعر ية‪.‬‬ ‫ل للعراء‪ .‬ل تنا قص ضوء ب عد في فجوات التهوئة القليلة‪ .‬ل للحزن‪ .‬ول للدون ية‪ " .‬المعوق‬ ‫انس ان كا مل الحقوق بالمجت مع‪ .‬ق بل ذلك‪ :‬ضرورة اعتماد برا مج وقائ ية ت حد من ا صابات‬ ‫العاقة"‪.‬‬ ‫تقديرات اعداد المعوق ين كثيرة‪ .‬آخر ها من وزارة الشؤون الجتماع ية بالعام ‪ .1999‬بلغ‬ ‫عددهم ‪ .23693‬انهم موزعون في جميع المناطق اللبنانية‪ .‬بلغ عدد حاملي البطاقة الخاصة‬ ‫بأك ثر من نوع من انواع العا قة‪ : 2132 :‬اي ان نس بتهم هي ‪ %9‬معوق ب ين الناث‬ ‫والذكور‪ %36 .‬من الناث ‪ %61.‬من الذكور‪ .‬يع نى بهؤلء ‪ 221‬جمع ية‪ ،‬بحس ب دل يل‬ ‫خدمات وزع ته الوزارة نفس ها‪ .‬اعداد كبيرة في مجتمعات صغيرة‪ .‬البرز‪ :‬تم الق فز فوق‬

‫‪ / 79‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫مرا حل الضطرابات الخا صة بالتعا مل مع المعوق ين‪ .‬ل تناقضات كثيرة ه نا‪ .‬بل تبدلت‪ .‬ثم‬ ‫ان المؤ سسات العاملة في المجال هذا‪ ،‬لم ت قع في ما ت قع الخويات المغل قة به‪ .‬ل اخويات‬ ‫مغل قة‪ .‬ول جمعيات غيورة‪ ،‬تطالب بالولء والعمولة مقا بل الحما ية والتوا صل وا ستمرار‬ ‫الع مل‪ .‬ل و عد باعادة الجزاء المعطو بة الى سابق عهد ها‪ .‬ل و عد ال با ستمرار المبادىء‬ ‫الجديدة‪ .‬و هي مبادىء تشريعات هدف ها النهوض بالمعوق وتلزي مه حقو قه‪ .‬أقرت تلك بقانون‬ ‫صدر بالجريدة الر سمية بتار يخ ‪ .29/5/2000‬ان ها الفض ل بالعالم الغر بي‪ ،‬بحس ب د‪.‬كا مل‬ ‫مهنا‪ .‬انها الكثر طموحا‪ ،L‬بحسب د‪ .‬كامل مهنا‪ .‬ثروة في بلد خزائن المصالح والمحسوبيات‬ ‫وتقاسم الرباح واعادة انتاج كل ما هو رجعي‪ ،‬لكي ل نقول كل ما هو سيء‪:‬‬ ‫‪-1‬العتراف بمواطنية النسان المعوق في لبنان‪.‬‬ ‫‪ -2‬ي قر القانون هذا بان مشكلة العا قة ل تك من في الو ضع الجس دي او العقلي للنس ان‬ ‫المعوق‪ ،‬ول كن بتقص ير المجت مع بالقيام بواج به من ح يث توف ير الب نى والبرا مج الحكوم ية‬ ‫الملئمة لخصوصية النسان المعوق‪.‬‬ ‫‪ -3‬يعترف القانون‪ ،‬بأن تمث يل النس ان المعوق محص ور بالشخاص المعوق ين انفس هم‬ ‫وبالجمعيات الممثلة لهم دون غيرها‪.‬‬ ‫‪ -4‬يلزم القانون‪ ،‬مع ظم الوزارات بو ضع آل ية لتف يذ بنوده‪ ،‬على ان تل عب "وزارة الشؤون‬ ‫الجتماعية" والهيئة الوطنية لشؤون المعوقين التي تضم ممثلين عن القطاع الهلي‪ ،‬دور‬ ‫المحرك للوزارات الخرى ولدارات الدولة لتنفيذ القانون‪.‬‬ ‫‪ -5‬يض من القانون ‪ ،‬حقوق النس ان المعوق في الص حة والتعل يم والع مل والن قل والس كن‬ ‫والترفيه والتأهيل‪ ،‬الى جانب حقه في الحصول على التعويضات والتخفيضات الجمركية‬ ‫في ما يخص حاجاته الساسية من معينات ووسائل نقل وغيرها‪.‬‬ ‫‪ -6‬يض من القانون التزام الدولة بتوف ير تس هيلت للجمعيات المعن ية بقض ية العا قة بتقد يم‬ ‫حسومات على فاتورة الكهرباء والتصالت‪.‬‬ ‫‪ -7‬يفرض القانون على البلديات والدارات ضرورة ادخال موضوع العا قة في برامج ها‬ ‫ونشاطاتها‪.‬‬ ‫‪-8‬يك فل القانون حق النس ان المعوق في المشار كة بالعمل ية النتخاب ية‪ ،‬عن طر يق تأه يل‬ ‫مراكز القتراع لضمان وصول النسان المعوق اليه‪.‬‬

‫‪ / 80‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫غ ير ا نه وب عد مرور ثما ني سنوات على صدور القانون في الجريدة الر سمية‪ ،‬لم تص در‬ ‫المراسيم التطبيقية حتى الن‪ .‬وعد وزير الشؤون الجتماعية بتشكيل لجنة متابعة متعلقة بهذا‪.‬‬ ‫ب يد ان اتحاد الص ناعيين اللبناني ين واتحاد المص ارف‪ ،‬ابد يا اهتماما‪ L‬بت طبيق بنود القانون نظرا‬ ‫الى ان ادارة الضمان الجتما عي تشترط توظ يف المعوق ين في مختلف القطاعات الخا صة‬ ‫والعامة وترفض تسليم اوراق براءة ذمة من الضمان ال في حال توفر الشروط هذه‪.‬‬ ‫ثم ان ادارة الجمارك اع فت سيارة النس ان المعوق من الر سوم الجمرك ية‪ .‬ك ما ان الجمعيات‬ ‫ال تي تع نى بالمعوق ين ا ستفادت من التخفيضات ال تي لحظ ها ل ها القانون في ر سوم الكهرباء‬ ‫والضمان والهاتف‪.‬‬ ‫الحترام‪ ،‬الحترام‪ ،‬الحترام‪ .‬هذا ما دأبت عليه المؤسسة بكادرها‪.‬‬ ‫هذه ثروت ها العظي مة‪ .‬هذه ر سالتها القص يرة والمطولة ومتو سطة الطول‪ .‬هذه ر سالتها الى‬ ‫ابنائها واقربائها ولغتها وأرضها‪ .‬ل حيرة هنا‪ .‬ول حفلت تبذير‪ .‬ل حفلت تبذير فاخرة في‬ ‫مسلك اجتماعي غريب‪ .‬كل ما لديها‪ ،‬بل ما تبقى لديها هدفه‪ :‬ان يص ل قطار ها بركابه الى‬ ‫غرف هم‪ .‬ل اختباء ول طيران‪ .‬معادلة دقي قة‪ ،‬معادلة مكل فة‪ .‬معادلة ز من الحرب وأوقات‬ ‫الس لم‪ .‬سوف تر سم المؤ سسة الخ طط المثمرة بالغاء ولئم العام الجد يد والعوام المقبلة‪.‬‬ ‫انجاز ها طعام ها‪ ،‬ثياب ها الجديدة‪ ،‬خزانت ها‪ ،‬اقامت ها بالو ضع الس ياسي غ ير المس تقر وبالو ضع‬ ‫المني القل استقرارا‪ .‬انها حية بذلك‪ ،‬انها حية بذلك‪ .‬الصيت صيت‪ .‬ولكن ل معروف‪ .‬ليس‬ ‫هذا غريبا‪ ،L‬لن الناس لن يعودوا ل مرئي ين‪ .‬لن يولدوا ل كي يولدوا‪ .‬لن يعيشوا ح تى يموتوا‬ ‫على ها مش الحداث‪ ،‬على ها مش الحياة‪ .‬لن تق بل المؤ سسة باخبار الوفاة المعطو فة على‬ ‫مديح الميت‪ .‬لن تشارك المؤسسة الطبية بمراسيم العزاء قبل ان يضع الشاهدة على قبر الفقيد‪.‬‬ ‫انصب اهتمامها على الصحة‪ .‬الصحة سلوك‪ ،‬الصحة طريق‪ ،‬الصحة مجال‪ ،‬الصحة برنامج‪،‬‬ ‫الص حة برا مج‪ .‬برنا مج اول يحص ن الناس ضد المراض المعد ية‪ ،‬برنا مج صحة مدر سية‪،‬‬ ‫برا مج محار بة ا سهال ورضا عة من الثدي‪ .‬ان جز برنا مج طلي عي خاص برعا ية الم والط فل‬ ‫بالتعاون مع جمع ية اطباء بل حدود البلجيك ية خلل اعوام الحرب‪ .‬ا ستكمل بالتعاون مع‬ ‫جمع ية ‪ Santé Sud‬ب ين العام ‪ 1991‬والعام ‪ : 1994‬توا صلت عمليات تدر يب الممرضات‬ ‫والمس اعدات‪ .‬ا ستمر التوا صل بالمجت مع الهلي بالتعاون مع المهات وباشراف اطباء عا مل‪.‬‬ ‫ا ستكمل البرنا مج بمس اعدة جمع ية انكليز ية‪ .‬سمي‪ :‬برنا مج العائلة التنموي‪ .‬اشر فت عل يه من‬ ‫الجمع ية النكليز ية ساندرا ك ير‪ .‬اشر فت عل يه من جمع ية "عا مل" ‪ :‬سعاد شواف مس ؤولة‬

‫‪ / 81‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫البرامج التنموية‪ .‬اعتبر البرنامج نموذجيا‪ .L‬هكذا وجده متدربو التحاد الوروبي‪ .‬اثرها‪ :‬اعتمد‬ ‫بالردن‪ .‬و هو ش مل ‪ 32 :‬مرشدة صحية‪ ،‬عملن ناشطات في المجت مع المحلي‪ .‬عط فت على‬ ‫‪ 304‬ندوات بحضور ‪ 6566‬سيدة في عشرة مراكز من مراكز "عامل"‪ .‬عط فت على ‪3122‬‬ ‫زيارة منزل ية بمشار كة ‪ 15757‬ا سرة‪ .‬عط فت على تق يم خدمات صحية انجاب ية الى ‪7319‬‬ ‫حالة‪ .‬وتنظ يم ندوات تثقيف ية في ‪ 100‬مدر سة خص صت بارب عة الف وثمانما ية ووا حد‬ ‫وعشرين تلميذ وتلميذة‪ .‬عطفت على اقامة ‪ 152‬دورة تأهيل مهني وبناء قدرات بشرية للفين‬ ‫و ستماية مس تفيد ومستفيدة‪ .‬معطوفة على تصميم وانجاز ‪ 37‬دورة م حو امية خا صة بالكبار‪.‬‬ ‫غير ان الحظ لم يسمح بتحقيق الطموحات بالمشاريع ‪ .‬ذلك انه‪ :‬اقفلت ثلثة مستوصفات عام‬ ‫‪ 1992‬في جنوب لبنان )الشعيت ية – يانوح – سلعا ( بس بب التنا قص المس تمر باعداد‬ ‫المستفدين من خدماتها وتناقص الموال‪ .‬ارتفع هنا صوت استراتيجية الكتفاء الذاتي‪ .‬قررت‬ ‫هيئة ادارة "عامل" بضوء تقويم لجنة الخبراء والخطة الستراتيجية – عقد اتفاق مع الطباء‪.‬‬ ‫تو قف الخيرون – بموج به‪ -‬عن تقا ضي مخص صات شهر ية مقا بل الخدمات الص حية ال تي‬ ‫يقدمونها‪ .‬عوضوا عن ذلك باقتطاع نسبة من عائدات المعاينات ) حوالي ‪ . (%70‬ساعد ذلك‬ ‫على تخف يض اللتزامات المال ية للمؤ سسة‪ .‬ح يث لم ت عد ملز مة ال بتغط ية اجور العامل ين‬ ‫المتفرغين ودفع اليجارات ومصاريف البرامج التنموية‪ .‬غيض من فيض‪ .‬ذلك ان المؤسسة‬ ‫فردت قراءاتها على كل شيء‪ .‬لم تستخدم المطهرات ولم تقع في الرومانسية‪ .‬خم‪Y‬رت التجربة‬ ‫الرؤ ية‪ .‬ك ما يخ م‪Y‬ر الهواء الجبان اللذيذة‪ .‬لن تق بل ب عد ‪ :‬ان تتدهور صحة الناس بالمجان‬ ‫طال ما انكش فت ال سباب اول‪ L‬بأول‪ .‬غياب النص اف‪ ،‬الكل فة المرتف عة للخدمات الص حية ح تى‬ ‫للنوعيات المتدنية‪ .‬غياب التخطيط وعدم العتماد على التكنولوجيا الصحية الحديثة المكلفة‪ .‬ل‬ ‫انتشار ب عد ل ـ ‪ :‬الشلل والحص بة والشاهوق والخانوق والكزاز‪ .‬الص حة المدر سية باشراف‬ ‫الطب المدرسي‪ .‬ثنائية هامة‪ .‬تم توسيع شبكة الرعاية الصحية الولية‪ .‬أضحت بحدود المئة‬ ‫وخمس ين مركزا‪ L‬بمختلف المنا طق اللبنان ية‪ .‬المطلوب – من ثم – تخف يض فاتورة ال ستشفاء‬ ‫بالتزام التس عيرة المقطو عة ) ‪ (Flat rate‬بالتدخلت الجراح ية‪ ،‬ك ما اقرت ها وزارة الص حة ‪.‬‬ ‫زائد ايجاد بدائل عن الستشفاء كـ‪. (one Day clinic) :‬وسيلة وتقنية اعتمدت في اميركا‬ ‫والدول الوروبية‪ .‬اضحت هذه سياسة بما ادى الى خفض الكلفة حوالي ‪ %3‬في حوالي ‪%5‬‬ ‫من الخدمات ال ستشفائية ‪ .‬زائد ا ستعمال التشخ يص المحدد لحالت ال ستشفاء باعتماد‬ ‫‪ DIAGNOSIS RETATED GROUPS‬بس قف مالي محدد‪ .‬زائد ال حد من اشغال‬

‫‪ / 82‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫السرة‪ ،‬ال بالحالت القصوى‪ .‬زائد‪ :‬اعتماد الرعاية الصحية المنزلية‪ .‬كما في فرنسا‪ .‬خفض‬ ‫ذلك فاتورة الستشفاء بنسب كبيرة‪ .‬زائد‪ :‬اعتماد طبيب العائلة كوسيط بين المريض والطبيب‬ ‫المخ تص والمس تشفى‪ .‬زائد‪ :‬اقرار التأم ين الص حي اللزا مي‪ .‬ك ما في الوليات المتحدة‬ ‫الميرك ية‪ .‬سوف يؤدي ذلك‪ :‬الى نظام صحي يعالج الكث ير من المشا كل والمطبات‬ ‫والمعوقات‪ .‬وسوف يدفع شركات التأمين الى التنافس فيما بينها‪ ،‬بتقديم أفضل الخدمات وأقل‬ ‫ال سعار‪ .‬زائد‪ :‬و ضع نظام وط ني لل ستشفاء وبركائز ‪ :‬وحدة صناديق ال ستشفاء‪ ،‬د عم‬ ‫وتفع يل القطاع ال ستشفائي العام‪ ،‬تفع يل المؤ سسة العام‪ ،‬ل كي تض حي قادرة على ادارة‬ ‫المستشفيات الحكومية بالمحافظات‪ .‬وضع خطة ببرنامج واضح هدفه تعمييم التأمينات الصحية‬ ‫باقرار المشار كة في كل فة الخدمات الص حية من ق بل المواطن ين‪ .‬ا نه ود مجرب‪ .‬ود تق ني‪.‬‬ ‫خ بب على وقائع مشهودة‪ .‬شراء أراض بد فع أموال قليلة‪ .‬ل براءة ب عد اليوم‪ .‬ل ط مع ‪ .‬ل‬ ‫بر يق ط مع‪ .‬ول افكار مدج جة بالر بح على حس اب الص حة العا مة‪ .‬ان ها خل صة الخ بب‬ ‫بالراضي الخاصة‪ ،‬بالمجالت الخاصة‪ ،‬بالفضاءات الخاصة‪ .‬خبب بل اسطرة‪ .‬خبب بمنكبين‬ ‫عريض ين‪ .‬خ بب نب يل‪ ،‬را سخ‪ ،‬ان يق‪ ،‬ف خم‪ ،‬لو تح قق‪ .‬خ بب يض ع الناس بأمان‪ .‬سيجعلهم ا قل‬ ‫بؤسا‪ ،‬سيجعلهم اكثر سعادة ويوفر لهم الحماية‪ .‬ل مستقبل من قطن مندوف‪ .‬ول سكر يطفو‬ ‫به المواطنون متعانقين كالعقد الى البد‪ .‬النتيجة‪ :‬انتفاعات عامة للعموم‪ .‬اكثر‪ :‬للموجودين في‬ ‫الدرك الخ ير بالفا قة‪ .‬خ طة تقوم على دفوعات بس يطة ودقي قة باقس اط شهر ية‪ ،‬ساند الناس‬ ‫بعض هم من خلل ها‪ .‬وهكذا‪ :‬ح ين ل يو جد من ل يس تطيع ان يس دد‪ ،‬تس دد البق ية ع نه‪ .‬مثال‬ ‫أولي‪ .‬تب عه ثان وثالث ورا بع وخا مس والى ما نها ية‪ .‬خروج على مفهوم البر والحس ان الى‬ ‫مفهوم الشراكة المنتجة الحامية‪ .‬لن يموت احد بعد على الطرف الخر بصمت‪ .‬سوف يسمع‬ ‫صوته في ا صوات الخر ين‪ .‬ل كل ش يء حد‪ .‬هذا صحيح‪ .‬ال ان ال حد هذا هو حد ال حد من‬ ‫الخس‬

‫ائر البشر‬

‫ية والهانات والرتهانات او التكوم‬

‫في افران العذاب بانتظار النجدات‬

‫المس تحيلة‪ .‬صورة من صور طي بة في تدرج ها‪ .‬اروع الص ور هذه ‪ ،‬ح ين تنب ثق في صالح‬ ‫الناس‪ .‬صورة ذات ية معطو فة على صور عا مة‪ .‬عند ها‪ :‬سوف تزد هي البلد بحلل جديدة‬ ‫وبجيوش حاشدة من خدم ل يخدمون اسيادهم بل يخدمون انفسهم بانفسهم كالسياد‪.‬‬ ‫تخلق الخطة هذه مستخدمين يستخدمون انفسهم في صالح انفسهم‪ .‬سوف يمشون بل تعثر‪ .‬بل‬ ‫سفالت الحياة الحدي ثة الراه نة‪ .‬وبل قال وق يل‪ .‬د قة طال عة من تجر بة‪ .‬د قة تف يد تجر بة‪.‬‬ ‫وتجربة في تجربة تفيد تجربة‪ .‬وهكذا‪ .‬انها حياة الرجل الطويلة‪ .‬جاءت من يومياته العادية‪.‬‬

‫‪ / 83‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫لم تطلع من سللة ول من نخب ول من ولدة منحطة‪ .‬طاف الرجل في المدن‪ ،‬طاف الرجل‬ ‫في القرى‪ ،‬طاف في ذه نه‪ ،‬طاف في خياله‪ ،‬طاف في الوا قع‪ ،‬ح تى اضاءت تجر بة حيا ته‬ ‫بوضوح وع مق كبيرين‪ .‬ا نه صاحب صورته المطبو عة بثبات ل يتبدل‪ .‬ل بلت ين في‬ ‫الصورة‪ .‬ول ذهب‪ :‬ذلك ان الذهب والبلتين موجودين في القلب والرغبة والعينين والطموح‪.‬‬ ‫ذلك ان المعدن الط يب الثم ين‪ :‬و جد المعدن الط يب الثم ين ب طبيعته‪ ،‬بس لوكه‪ ،‬بحيا ته‪ .‬اخذ ته‬ ‫خيبات ال مل الى افس اح المجال امام الخر ين‪ ،‬ل كي ل يقعوا في ما و قع ف يه‪ .‬طب عت الذاكرة‬ ‫المور هذه‪ .‬عند ها‪ :‬ضاع الرمادي بالطر يق‪ .‬و جد الر جل نفس ه ب ين ابيض ه وا سوده‪ .‬اقت حم‬ ‫ال سود‪ ،‬حامل‪ L‬الب يض ال يه‪ ،‬على صهوة خد مة المجموع‪ .‬لزم هذا قطاع اغا ثة بديل‪ L‬من‬ ‫سحر النفعالت والتقال يد غ ير المرئ ية المؤثرة في الحياة اليوم ية لي م نا‪ .‬لزم هذا‪ :‬توط يد‬ ‫علقات المؤسسة بالمؤسسات النسانية الدولية‪ .‬لزم هذا‪ :‬بناء المؤسسة على القدرة والبرنامج‪.‬‬ ‫لزم هذا‪ :‬الشتغال على تنم ية الموارد البشر ية ب عد بناء نظام المؤ سسة‪ .‬بناء النظام‪ ،‬ا ثر‬ ‫ا ستكمال تص نيف الموجود وتحد يد المس ؤوليات القانون ية وتأ سيس نظام مالي محدد ‪ ،‬مو حد‪،‬‬ ‫يسير الجميع تحت سقفه او تحت قبته‪ .‬ل فرق‪ .‬تضحي التفاصيل غير ذات اهمية هنا‪ .‬ولو ان‬ ‫المؤ سسة وفرت ما وفر ته في تس لسل زم ني غ ير مر يب‪ .‬ك ـ ‪ :‬الجمع ية التعاون ية للتنم ية‬ ‫الريف ية ومش غل انتاج الص ابون والمر كز الص حي الجتما عي التنموي بالخيام‪ .‬وبرنا مج "‬ ‫مبادرة الحوار ب ين الشباب" في مرجعيون‪ .‬وبرنا مج الترب ية على حقوق النس ان والمواط نة‪.‬‬ ‫وبرنامج الرشاد النفسي للسرى المحررين من سجون العدو السرائيلي‪.‬‬ ‫عدد المستفدين من خدمات المؤسسة منذ تأسيسها ولغاية عام ‪2007‬‬ ‫برنا‬ ‫الرعا‬ ‫الص‬

‫مج برنا‬

‫مج برنا‬

‫مج خدمات‬

‫ية التدر يب تأهيل‬

‫الدفاع‬

‫حية والتأه يل ا صحاب المدني‬

‫الولية‬

‫المهني‬

‫القدرات‬

‫والغاثة‬

‫‪2,434,019‬‬

‫‪10,624‬‬

‫الخاصة‬ ‫‪538‬‬

‫‪824,037‬‬

‫برنامج‬ ‫د‬

‫برنا‬ ‫عم رعا‬

‫مج المجموع‬ ‫ية‬

‫قدرات‬

‫المقعد ين‬

‫الشباب‬

‫والمسنين‬

‫‪460‬‬

‫‪570‬‬

‫‪3.270.248‬‬

‫لم يو قع ا حد في مؤ سسة "عا مل" اتفاقيات لتر سيم العلقات ب ين العامل ين في ها‪ ،‬بل غة اليوم‬ ‫الدار جة‪ .‬ات فق ال كل بدون ان يتفقوا‪ .‬شكلوا لجانا‪ L‬طورت في مفاه يم التعاون والتبادل وتنس يق‬ ‫الموا قف‪ .‬اتفاق بالغ الهم ية بمدلولت كبرى اول ها‪ :‬ل انتس اب بالد ين ول بالس ياسة‪ .‬انته جت‬

‫‪ / 84‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫"عا مل"‬

‫سياسة مختل فة في الممار سة‪ .‬لذا‪ :‬احتلت موقعا‪ L‬في الهتمام الداخلي والقلي مي‬

‫والدولي‪ .‬لذا‪ :‬اض حت مبادرات النفتاح هذه روتين ية ‪ .‬لذا‪ :‬آ من الخرون ب ها‪ .‬لن هم آمنوا‬ ‫با ستقامتها‪ .‬ذلك ان ها أض حت مرجعا‪ L‬في طبي عة العلقات المس تقبلية على صعيد الع مل‬ ‫الجتما عي‪ .‬أزالت الشكوك اول‪ .L‬اول‪ :L‬شكوك العامل ين في ها‪ .‬ثم شكوك الخر ين تجاه ها‪.‬‬ ‫ازالت التوترات‪ .‬ازالت العطاب المس يئة‪ .‬قبل‪ :L‬رم مت العل قة ب ين بنود الولويات بمجال ها‪.‬‬ ‫ا ستوجب ال مر‪ ،‬وضوحا‪ L‬وحس ما‪ . L‬بح يث غط يا الفجوات العاد ية والفجوات المرجع ية بحياة‬ ‫اللبناني ين‪ .‬ل حكو مة بيروقراط ية بعا مل‪ .‬ول حكو مة ظل‪ .‬ث مة جهاز يمارس سلطته الطي بة‪.‬‬ ‫التح كم بالقرارات المص يرية جوهري ه نا‪ .‬التح كم بالتغييرات ضروري ه نا‪ .‬الحس م جوهري‬ ‫ه نا‪ .‬التعا مل‪ ،‬الشفاف ية‪ ،‬الل ازدواج ية‪ .‬لن الخيرة تؤول الى عرقلة هند سة ال ستراتجيات‬ ‫المصيرية في المراحل بكلها‪ .‬المراحل السابقة والمرحلة الراهنة‪.‬‬ ‫تس ارعت التطورات في لبنان‪ .‬تس ارعت التطورات في عا مل بالمقا بل‪ :‬حس مت الولويات‪،‬‬ ‫وفرت المناخات منا عة‪ ،‬اجازت للمؤ سسة تجاوز جم يع عوا مل تهم يش الحضور‪ ،‬حضور‬ ‫المؤسسة وحضور الناس بآن‪ .‬وهي قسمت في آلية مدهشة طاقة اللتحام والنطلق‪ ،‬قبل ان‬ ‫تدمجه ما ببعضه ما‪ .‬ال ستراتيجية مطلو بة‪ ،‬ممك نة‪ ،‬صعبة‪ .‬خل قت ال ستراتيجية هذه ‪ -‬على‬ ‫الرغم من الصعوبات الهائلة‪ -‬بواقعية الستشعار بوحدة المصير‪ ،‬طالما ان الواقع‪ ،‬هو واقع‬ ‫تفك يك وفلتان النظام القائم‪ .‬م هد النظام هذا – غالبا‪ – L‬للتفت يت‪ .‬و هي كل مة كفيلة بان تقش عر‬ ‫البدان‪ .‬وبان تخرج ا صحاب الطاقات الخل قة من مفاه يم الجترار القدي مة في صالح علج‬ ‫ا سباب الش طط الص انعة ل ها‪ .‬ا سباب فاق عة‪ .‬ل تعود ف قط الى القرن الما ضي‪ .‬بل تعود الى‬ ‫عداوة العربي لكل ما هو مؤسساتي‪ .‬عدواته‪ :‬لكل مفاهيم المؤسسة وضروبها‪ .‬ب قي المفهوم‬ ‫هذا أولوية لدى د‪ .‬مهنا و لدى كل العاملين بالمؤسسة‪ ،‬بوعي عوامل غيابها‪ .‬الغيابات القديمة‬ ‫هي الحضورات الجديدة‪ .‬تفع يل الحضور الجد يد بمس ح الغيابات القدي مة‪ ،‬بف هم شروط مثول ها‬ ‫في ازم نة وا ستمرارها في ازم نة أخرى‪.‬حدث ذلك تماما‪ .L‬ول نه حدث‪ :‬ا صبحت مس يرة‬ ‫ال ستقامة لدى د‪ .‬كا مل مه نا ولدى "عا مل" بجم يع افراد ها ‪ ،‬مس يرة متوا صلة وبدون تق طع‪.‬‬ ‫هكذا‪ :‬اضحت الستراتيجيا مضمونة‪ ،‬بصعوبات وعراقيل جرى التعامل معها بما تستأهله‪ .‬لم‬ ‫يس تقو ا حد على آ خر ‪ ،‬لن التجر بة تجر بة الفرد في المؤ سسة وتجر بة المؤ سسة بالفراد‬ ‫اعتمدت قوا عد سلوك واض حة‪ .‬ولن من ينتس ب الى "عا مل" يس تمر مع ها‪ ،‬ت حت ب ند‪ :‬ان ل‬ ‫استثناء في اي موقعة‪ ،‬في اي مجال‪ ،‬في اي تلخيص او اسهاب‪ ،‬في اي شخص او شخصية‪.‬‬ ‫ازيلت المخاوف‪ .‬عند ها‪ :‬و قع تطا بق في العلمات ب ين الشخاص العامل ين و المحيط ين او‬

‫‪ / 85‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫المريدين او المساهمين او المنتسبين‪ .‬رفع منسوب الصراحة‪ .‬كما ركز الجميع على اليجابي‪.‬‬ ‫ل عل قة لحكا ية الكوب النص ف الملن بذلك‪ .‬لن التجر بة تجر بة مضادة ل ـ "ال بي‬ ‫ملحميات"‪ .‬انها سياسة تفاؤل معطوفة على رسالة واضحة وسليمة‪.‬‬ ‫ل يزال د‪ .‬كا مل مه نا يبش ر باليجاب ية ح تى باحلك الظروف‪ .‬عنده‪ :‬ان الممار سة الص حيحة‬ ‫تو فر الحما ية بدون حما ية الخر ين ‪ .‬الممار سة الص حيحة هي المص داقية‪ .‬تو فر الخيرة‬ ‫رأ سمال‪ L‬حارقا‪ L‬خارقا‪ L‬ل كل العوائق والحوا جز ‪ .‬المص داقية معنا ها‪ :‬ر فض للذهن ية الشلل ية‬ ‫والعصبيات في صالح رعاية الظروف الشخصية للخرين والتراحم والتواصل‪.‬‬ ‫لن يعوز د‪ .‬كا مل مه نا‪ ،‬ل كي يس تظهر ما ا ستمرت المؤ سسة على ضوئه‪ .‬و ما ا ستقطب‬ ‫الخرين اليها بنظام ل علقة له بالتفاقات الموقعة‪ .‬انها المنهجية البرز في المنهجية هذه‪:‬‬ ‫بناء ثقافة الشأن العام‪ .‬زائد التزام بالخيارات الوطنية والقومية والنسانية‪ .‬زائد عدم الغرق في‬ ‫التفا صيل‪ .‬منهج ية متحد ية‪ .‬ل يس أدرى من ال طبيب ذي الرؤ ية الطائرة فوق بلدان الفقراء‬ ‫وعوا صمها بالتحديات ‪ .‬ل يس اجدر م نه بقراءت ها نقديا‪ L‬ثم تلوة خل صات الن قد‪ :‬ان التحدي‬ ‫الكبر أمام الهيئات الغير الحكومية – ومختلف بنى المجتمع المدني – هو كيفية انتظام عملها‬ ‫على أ ساس مفاه يم معا صرة وعلقات تنت مي الى عص ر الدولة الحدي ثة‪ ،‬وتس تند الى معاي ير‬ ‫المواطنة والمشاركة الطوعية والنتظام على أساس الخيارات الفكرية والجماعية والمهنية‪ .‬أي‬ ‫كش ف التبا سات العل قة ب ين المجت مع التقليدي والمجت مع المد ني الحد يث‪ .‬ذلك ان تكوينات‬ ‫المجت مع المد ني الحد يث ت عبر عن مص الح جماعات وفئات قد تتنا فى او تتعارض‪ ،‬غ ير ان‬ ‫الجامع بينها هو اعتمادها انجازية معايير ل معايير " ارثية تقليدية" و هي – بالمبدأ‪ -‬مستقلة‬ ‫عن الس يطرة المباشرة لجهاز الدولة‪ .‬بتكا ثر منظمات المجت مع المد ني ‪ ،‬يتو فر بد يل وظي في‬ ‫مقبول من الناس‪ ،‬بدل التكوينات الرث ية التقليد ية ) المذهب ية والطائف ية والعشائر ية‪ (..‬سوف‬ ‫يؤدي ذلك الى تع مق الولء للبد يل هذا‪.‬كذلك‪ :‬توث يق العل قة بال صدقاء‪ .‬كذلك‪ :‬تحو يل‬ ‫المحايدين الى اصدقاء والسعي الى تحديد الخصام‪.‬‬ ‫ان تجر بة مؤ سسة عا مل ا ستطاعت – بالضا فة الى أدائ ها في دائرة اختص اصها – شهدت‬ ‫نشاطات وارها صات داخل ية على الص عيد التنظي مي ل ت قل اهم ية من ح يث دللت ها‪ :‬شروط‬ ‫المرحلة النتقال ية‪ .‬هكذا ا ستطاعت المؤ سسة أن تخلع رداء الطوارىء والدفاع المد ني لتل بس‬ ‫رداء العمل التنموي ‪ .‬ذهنية هجومية‪ .‬هجومية دوما‪ .L‬ذهنية هجومية‪ ،‬بيد انها ليست الغائية‪.‬‬

‫‪ / 86‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫بذلك‪ :‬تم النظر دائما‪ L‬الى المور من زوايا عديدة في وقت واحد‪ .‬برؤية الشياء في الفضاء )‬ ‫‪ (Dans l'espace‬ك ما هي في الوا قع‪ ،‬ول يس على سطح متخ ي‪Y‬ل )‪Dans un plan):‬‬ ‫‪ imaginé‬ذلك ان ثقا فة "الس طح الفترا ضي" أي " المخي‪Y‬لة المحدودة" هي ثقا فة ال سود‬ ‫والبيض‪ ،‬أي تلك التي ل تقيس الشياء ال ببعد واحد‪ .‬غير ان الحقيقة هي غير ذلك‪ .‬الحقيقة‬ ‫ترج ع قل الب ني آدم وقل به‪ .‬تح فر ف يه وتهدىء رو عه‪ .‬ق فز في المغامرة‪،‬ال تي تخلص الحياة‬ ‫المنتحرة‪ ،‬بتفك يك الموت بمراود ته وخرمش ته والتنك يل به‪ .‬يبتس م الموت‪ ،‬بحس ب الشاعرة‬ ‫جمانة حداد‪ ،‬بما يقوض نهاياته القسرية ويفتح الفق‪ .‬افق العالم‪ ،‬على ما يشكل حياة في حياة‪.‬‬ ‫حياة تسخر من الموت وتنتص ر عليه‪ .‬لن ينس ى د‪.‬مه نا دفء العلقات والمهن ية العالية‪.‬لنه‬ ‫ضد المقاط عة والن بذ‪ .‬ول نه الدرى بالفرق ب ين تلوت ين‪ :‬التلوات في المزدات العلن ية‪.‬‬ ‫والتلوات في تجربة " الرب" الموسيقية‬ ‫عا مل ليس ت جمع ية مدن ية ف قط‪" .‬عا مل" مؤ سسة طموح‪ .‬شرف هائل‪ ،‬ان تمتلك مؤ سسة‬ ‫طموح ها م نذ بدايت ها‪ ،‬وح تى اللح ظة الراه نة‪ .‬ال هم ان ها لم تطرح نفس ها موديل‪ L‬للخر ين‪.‬‬ ‫ارتفعت المؤسسة وسط ساحة الوحدة‪ .‬لم تجمع ارصدة في خلل حملت‪ .‬ولم ترفع مبالغ من‬ ‫أ سر المدي نة‪ .‬أض حت رمزا‪ L‬بخلل فترة قص يرة‪ .‬اض حت كذلك في أر بع جهات الرض‪.‬‬ ‫مؤ سسة من اعراق مختل فة‪ .‬ان ها ل تبدو كذلك‪ .‬لن يذ عر ممول امام ها ول امام مشاريع ها‪.‬‬ ‫لنها لم تطلب ممولين بالصل‪ .‬بشرها بشر يتعاطون مع البشر كبشر كاملين‪ .‬هذا ما دفعها‬ ‫الى احتلل الطليعة بين المؤسسات الخرى‪ .‬هذا ما دفعها الى احتلل المكانة الخاصة بها‪ .‬لم‬ ‫تضحي المؤسسة بصورتها هذه بالصدفة او المصادفة‪ .‬واست الخرين بدون ان يواسيها احد‪.‬‬ ‫لم تطلب ذلك‪ .‬ولن تطل به‪ .‬غر يب ‪ :‬أن تولد مؤ سسة كاملة العظام‪ .‬ل يس غريبا‪ :L‬أن تمتلك‬ ‫المؤ سسة كبرياء خا صة‪ .‬غر يب‪ :‬أن ل تر فع على خواء الخر ين‪ .‬ل يس غريبا‪ :L‬أن تتأ سس‬ ‫على ش يء فر يد‪ ،‬مز يج من الشرق والغرب‪ ،‬من القوة والر قة‪ ،‬من الس حر والتبل يغ‪ ،‬من‬ ‫التواضع والختيار‪.‬‬ ‫لم تض ع المؤ سسة وقتا‪ L‬قص يرا‪ L‬او طويل‪ L‬ال وا ستغلته للقيام ب ما نذرت نفس ها ال يه‪ .‬لم تنش غل‬ ‫بالعنا ية ال بالفضيلة المطل قة والنس بية في حال تعذر الو صول بالفضيلة الى المطلق‪ .‬ال هم‪:‬‬ ‫أنها لم تضع في خيالت رومانسية ول في واقعية متكسرة ول في تجريد حال من الحالت‪.‬‬ ‫ولم تراوح بين العادي والعاد ية‪ .‬ال هم انها مؤ سسة طبيعية بأناس طبيعين‪ .‬انها منظ مة بغير‬

‫‪ / 87‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫دفا تر ورد ية الص فحات‪ .‬وأن ها منظ مة ناض جة نضوج و جه ملك غر يب‪ :‬تر تب على ذلك‬ ‫تضحيات كثيرة افض ت الى نتائج كبيرة ‪ :‬قادت قوة رهي بة مس يرة ملح فة بقوا عد التوا ضع‬ ‫والد قة‪ .‬لم ت عد احدا بالخيول البيضاء وبامراء يمتطون الخيول البيضاء هذه‪ .‬وعدت بالتس امح‬ ‫أمام ال ساءة‪ .‬وعدت بالرتقاء امام الض عة‪ .‬وعدت بالطفولة الدائ مة امام خيالت وتخيلت‬ ‫العجائز‪ .‬ولم تقع في مكائد الجمال ول الحذر الرتجالي‪.‬‬ ‫جاء تأسيسها بالتالي ‪ :‬ان عامل جمعية مدنية‪ .‬وهي مؤسسة‪ .‬ذات منفعة عامة بموجب مرسوم‬ ‫جمهوري ر قم ‪ 5832‬بتار يخ ‪ . 10/8/1994‬تأ سست بالعام ‪ ، 1979‬ح ين عص فت الحرب‬ ‫بلبنان من اقصاه الى اقصاه‪ .‬حين دمرت الحرب لبنان من اقصاه الى اقصاه الى اقصاه‪ .‬حين‬ ‫هجرت الحرب اللبناني ين الى العالم من اقص اه الى اقص اه‪ .‬مؤ سسة حرة‪ .‬يؤ كد رأ سها ان ها‬ ‫حرة‪ .‬يؤ كد كوادر ها ان ها حرة‪ .‬تؤ كد سياستها‪ ،‬سلوكها‪ ،‬هويت ها‪ ،‬رحمت ها‪ ،‬هواؤ ها‪ ،‬سلمها‬ ‫الدائم‪ .‬لن يخون ها حماس العامل ين في ها م نذ لح ظة بنائ ها‪ ،‬م نذ لح ظة تأ سيسها‪ .‬م نذ ان قا مت‬ ‫المؤسسة كمؤسسة‪ .‬لن تخونها شجاعتهم وهم يواجهون كل ما هو مشؤوم‪ .‬ل سلم في البلد‪،‬‬ ‫ل سلم في لبنان‪ .‬اذن‪ :‬ان نا في رحلة ب حث عن هواء من عش في المرا حل الجديدة ‪ :‬مرحلة‬ ‫مرحلة‪ .‬مرحلة تش به الخرى‪ .‬مرحلة ل تش به الخرى‪ :‬مرحلة سرية‪ ،‬مرحلة مس تعجلة‪،‬‬ ‫مرحلة علن ية‪ .‬ب يد ان ل سلم‪ .‬هذه حروب متتال ية‪ ،‬متتاليات‪.‬هذه بلد بق ية حياة‪ .‬ول حياة‪.‬‬ ‫غ ير ان ابطال المرا حل هذه ‪ ،‬هم ابطال مفاجآت‪ .‬ذلك ان هم حولوا بقا يا الحياة الى حياة‪ .‬و ثم‬ ‫حولوا الحياة الى حيوات‪ ،‬ح ين ضربوا الحياة بعشرة‪ .‬ما تركوا ارواح هم امام الذكريات غ ير‬ ‫المجد ية‪ ،‬ما تركوا ارواح هم امام الوقائع غيرالمجد ية‪ .‬اخذت هم ارتعاشات اللحظات الخيرة‪،‬‬ ‫اخذت هم ارتعاشات البراك ين الى الخضرة الكاملة‪ ،‬الى الخضرة الد سمة‪ .‬ف تح الجم يع عيون هم‬ ‫على الحروب‪ .‬حرب ت جر حربا‪ L‬ت جر حربا‪ P‬ت جر حربا‪ .x‬وهكذا‪ :‬حرب غزو العام ‪. 1982‬‬ ‫حرب حديد ونار وجوع وعطش ‪ .‬وحرب مقاومة‪ .‬حرب لبنانية – اسرائيلية‪ ،‬حرب فلسطينية‬ ‫ا سرائيلية‪ ،‬حرب فس لطيلبنانية – ا سرائيلية‪ .‬جوهرت المؤ سسة في الحرب‪ .‬ثم ‪ :‬وجدت‬ ‫مس تقبلها برات الحرب‪ ،‬لن ها خاضت ها‪ .‬لم تهب ها و هي ت عد قتل ها وجرحا ها وتر صد الدمار‬ ‫الكبير في المدن والقرى والحياء والزواريب‪ .‬ارتفعت المتاريس في مقابل العدوان‪ .‬ارتفعت‬ ‫"عا مل" بعالم ها لح ظة العدوان‪ .‬هذا شأن ها‪ ،‬هذا قدر ها‪ .‬قدر " اون تي يونا ني"‪ .‬قدر غ ير‬ ‫مستسلم‪ .‬ولنه غير مستسلم‪ ،‬ل يهاجر ابطاله على أمل العودة‪ .‬بقيت "عامل" صلبة ومتجذرة‪.‬‬ ‫تقا سمت الود والناس‪ .‬تقا سمت ال حب مع الناس‪ .‬ا ستكشفت انفاس الناس‪ ،‬حل مت حلم هم بحياة‬ ‫ليست سهلة‪ .‬حياة في ثلثين عاما‪ ،L‬حياة اتسعت لكأس من الشاي الصفر‪ ،‬كما اتسعت للف‬

‫‪ / 88‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫القتلى وعشرات الف من الجر حى والمعوق ين‪ .‬ليا قة المؤ سسة من قتال ها الدائم ل كل ما أعاق‬ ‫سلوكها طرق ها الم نة وغ ير الم نة‪ .‬اتس عت الحرب لتلك المؤ سسة ال كبرى‪ ،.‬بدءا‪ L‬من لح ظة‬ ‫التأ جج الولى‪ .‬ل ترا جع في فضاء مع تم يتل مس الناس بحضور هم ف يه بالل مس والتحس س‬ ‫واغماض العيون بالظلم‪ .‬ثم فتح ها بالظلم ل كي توآ خي الظلم‪ .‬مؤاخاة الظلم‪ :‬نور على‬ ‫نور‪ .‬نور في السماء‪ ،‬نور على الرض‪ ،‬نور في المنحنيات والمرتفعات والسهول والسهوب‬ ‫‪ ،‬نور في الوفرة‪ .‬ونور في شح النور‬ ‫ل ين فك د‪ .‬مه نا يذ كر بتلك اليام البعيدة‪ .‬كأن ها أيام على طرف العالم‪ ،‬كأن ها على طرف‬ ‫الو قت‪ .‬هي س‪z‬فر في س‪y‬فر‪ ،‬لم ينكس ر ف يه صوت المؤ سسة‪ .‬ولم ي هج‪ .‬أك ثر من ثل ثة عقود‪.‬‬ ‫ثل ثة عقود كاملة تبدو وكأن ها " على الفور"‪ .‬لن الغريزة ه نا‪ ،‬لم تب قى غريزة ف قط‪ .‬احاطت ها‬ ‫لك نة علم ية‪ ،‬بنك هة علم ية‪ .‬مدعاة ف هم ل كل ش يء‪ :‬الدمار وتفا قم الوضاع القتص ادية‬ ‫والجتماعية في لبنان‪ .‬الحاجة الملحة الى المزيد من الطاقات البشرية‪ .‬اطباء واساتذة جامعة‬ ‫و صحفيون واخص ائيون اجتماعيون‪ ،‬بنوا مؤ سسة بشعار "معا‪ :"L‬معا‪ L‬من ا جل الو طن‬ ‫والموا طن‪ .‬تدحرج حضور المؤ سسة اذاك من الجنوب الى الشمال‪ ،‬ق بل ان يمتد فوق هشا شة‬ ‫الو ضع وشيخو خة الناس الى لبنان بكله ‪ .‬انش طة في المجالت كل ها‪ .‬معا هد تدر يب‪ ،‬معا هد‬ ‫تعل يم‪ ،‬تعاونيات زراع ية‪ ،‬تعاونيات ذات اهداف تنمو ية بأرياف قص ية‪ .‬دار مس نين‪ ،‬مر كز‬ ‫لعلج المراض العصبية والنفسية في صور‪ .‬اجندة واسعة‪ ،‬اجندة بنوافذ بل جدران‪ .‬زرعت‬ ‫المؤسسة بالمناطق محولة اللشيء الى شيء‪ .‬مؤسسة قوية‪ ،‬بخروجها من المتاهات اللبنانية‬ ‫القاض ية‪ ،‬بخروج ها من ساحات مص ارعةالثيران بالس يوف وال سلحة الوتوماتيك ية والمدفع ية‬ ‫المرتدة وغ ير المرتدة‪ ،‬المتو سطة والثقيلة‪.‬هيئة‪ ،‬لم تر فض شيئا‪ ،L‬ل بالتعالي ول بالكس ل‪ .‬لذا‪:‬‬ ‫اضحت عضوا‪ L‬في المجلس القتصادي الجتماعي للمم المتحدة )‪ (Ecosoc‬بالصفة الخاصة‬ ‫ال ستشارية م نذ العام ‪ .2000‬عض و مؤ سس في "تج مع الهيئات الهل ية التطوع ية في لبنان"‬ ‫و في المجلس الدولي للجمعيات التطوع ية‪ .‬شراكت ها امتدت من منظ مة الص حة العالم ية الى‬ ‫برنا مج ال مم المتحدة النمائي‪ ،‬من المفوض ية العل يا لشؤون اللجئ ين الى التحاد الورو بي ‪.‬‬ ‫ل ملل ول تعقيد‪ .‬ل تملك ول تعقيد ‪ .‬بل سرعة عمليات بأيدي جراحين مهرة وناشطين مهرة‬ ‫ولعبين مهرة‪ .‬قلص هذا من قوة الصدمات‪ .‬مؤسسة ترمح في ساحات الرمل والنشارة و في‬ ‫الس احات الص لعاء‪ .‬ل ع بث في الوضاع العبث ية‪ .‬كأن المؤ سسة طبيب عا شق‪ .‬كأن الناس‬ ‫معشوق المؤسسة‪ .‬جاء في رواية ان طبيبا‪ L‬عشق ممرضة‪ .‬اراد الرجل ان يحمي حبيبته من‬

‫‪ / 89‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫الكزيما الناتجة عن استخدام المطهرات‪ .‬أمر بصناعة قفازات مطاطية تبناها الجراحون في‬ ‫ب عد‪ .‬طبيب عا شق باهداف جل ية ‪ ،‬لن يترك ها ح تى ل يموت الحماس ول تموت الحم ية‪ .‬ان ها‬ ‫تحضر في ذهن وقلب الطبيب بسرعة اشبه بالدهشة‪ .‬لنها ارادت أن توفر دائما‪:P‬‬ ‫‪-1‬الحق للجميع في التعبير‪ ،‬الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬السكن‪ ،‬العمل‪ ،‬الغذاء‪ ،‬البيئة السليمة‪ ،‬بمعزل‬ ‫عن الجنس والعقيدة والدين‪.‬‬ ‫‪-2‬تمك ين الفئات المهمش ة من المشار كة في العمل ية التنمو ية وتشج يع المبادرات المحل ية‬ ‫والتقويم المستمر للبرامج وتصويبها بما يتلءم مع حاجات الناس وتطلعاتهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬اشراك النساء في الستراتيجية التنموية للمؤسسة وتعزيز دورهن الريادي في المجتمع‪.‬‬ ‫‪-4‬اشراك الشباب في البرا مج التنمو ية‪ ،‬خا صة التعليم ية والتدرب ية من ها‪ ،‬وتأهيل هم لتح مل‬ ‫المسؤوليات القيادية مستقبل‪.‬‬ ‫‪-5‬تعز يز التنس يق مع الهيئات الهل ية‪ ،‬محليا‪ ،L‬اقليميا‪ L‬وعالميا‪ ،L‬والشرا كة مع القطاع ين العام‬ ‫والخاص في البرمجة والتخطيط والتنفيذ‪ ،‬من أجل تنمية مستدامة‪.‬‬ ‫كل ذلك على متن علقات شراكة على ضفة وعلقات ندية على ضفة أخرى‪.‬‬ ‫هذا صوت الر جل يرت فع بفقره‪ .‬هذا صوت الر جل يرت فع بقواه الطي بة‪ ،‬الخي‪Y‬رة‪ .‬صوت‪/‬‬ ‫مو قف‪ ،‬ل قى الحترام الدائم‪ .‬يروي ‪ :‬ا نه – ذات يوم‬

‫من تموز ‪ 2006‬عام العدوان‬

‫ال سرائيلي على لبنان‪ -‬د فع ا حد ممثلي الجمعيات غ ير الحكوم ية بامير كا ‪ -‬بحضور وز ير‬ ‫مالي سابق )اميركي( ورئيس تحرير جريدة النيويوك تايمز‪ -‬الى العتراف بأن ثلثة ارباع‬ ‫الشعب الميركي ضد سياسة الرئيس الميركي جورج بوش‪ .‬رد ذلك على ما قاله له اول‪ :L‬ان‬ ‫الرئيس بوش يخيرنا بين المن والرهاب‪ .‬احتمالن ل ثالث لهما‪ .‬احتمالن بل مفاهيم تنموية‬ ‫ول تنم ية وبل توز يع ثروات ب ين الشعوب‪ .‬الفقراء يزدادون فقرا‪ L‬والغنياء يزدادون غ نى‪.‬‬ ‫يروي‪ :‬ان جمع ية المقا صد‪ ،‬رفض ت ت حت هذا الشرح‪ ،‬مبلغ تس عة ملي ين دولر امير كي‪.‬‬ ‫موا قف مشفو عة بالحقي قة‪ ،‬بالحقائق الدام غة‪ .‬وموا قف محص نة بالترت يب والمتاب عة والتوث يق‬ ‫والعلم والتفكير واعادة التفكير والتقييم والتقدير والعتراف بجهود الخرين‪ .‬بإدراك اهمية‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫ختامها ختام بل احتفاليات‪ .‬ختام بل نزهات‪ .‬ختام شغل اشبه بشغل عمال الطبقات السفلى في‬ ‫الس فن‪ .‬ل خلط ول ممالة ‪ .‬ح مل الر جل صناديق امتع ته‪ ،‬حملت المؤ سسة صناديق امتعت ها‬

‫‪ / 90‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫على ظهر ها‪ ،‬صناديق ثر ية بالل ماديات‪ .‬ل العاب ورق ول العاب دومي نو‪ .‬ول تص نيفات‪.‬‬ ‫ان هم رجال مشغولون بانقاذ الناس‪ ،‬مؤ سسة بل أجن حة‪ .‬مؤ سسة شرفات بل نها ية‪ .‬شرفات‬ ‫مخيلة أو هي مصنوعة من رقاقات الكد والحلم بآن‪ .‬مؤسسة ضد القبية والزنازين والكلم‬ ‫الجا مد والولدات المضيئة‪ .‬لن يتحول الليل مع "عا مل" الى ابدية‪ .‬ان ها جزء في لو حة هائلة‪،‬‬ ‫تخطت اجزاء واسعة منها لكي تعزز جوهر الشياء‪ .‬او ان ترسمها في غيابها او حضورها‬ ‫البطيء أوالباهت‪.‬‬ ‫ل يزال العالم العر بي يص نف في الع قد الول من القرن الحادي والعشر ين في خا نة الدول‬ ‫النامية‪ ،‬وهو التعبير الملطف للدول المتخلفة‪ .‬كما ل تزال التقارير الدولية تشدد على ادراجه‬ ‫في خا نة المنا طق المنكو بة‪ .‬لم تش فع سياسات التحد يث والتنم ية ح تى الن في إدخاله في‬ ‫العص ر الحد يث‪ .‬ك ما لم تتم كن تطورات العول مة والتقدم والتكنولوج يا من انتشاله من بؤرة‬ ‫التخلف المتعدد الجوا نب‪ .‬يطرح كثيرون في العالم العر بي وخار جه ا سئلة عن ال سباب ال تي‬ ‫حالت ول تزال دون انتقال العرب الى الحدا ثة والتحد يث ومواك بة تطورات الز من المتقدم‪،‬‬ ‫قيا سا‪ L‬بأ مم ل تملك ال حد الد نى م ما يمل كه العرب من إمكانات وطاقات ماد ية‪ .‬ولكن ها أ سئلة‬ ‫ليست لها إجابات‪.‬‬ ‫لقد وقعت الدول العربية على اعلن اللفية‪ ،‬مع تحديد أهداف واضحة للحد من الفقر‪ ،‬الجوع‪،‬‬ ‫المرض‪ ،‬الم ية‪ ،‬تلوث البيئة والتمي يز ضد المرأة بحلول العام ‪ .2015‬م ما ير تب علي ها‬ ‫مجمو عة من اللتزمات تتر جم في أ طر ع مل تؤ كد دور المجت مع المد ني‪ -‬و من ضم نه‬ ‫المنظمات الهل ية‪ -‬كقوة داف عة تل عب دورا‪ L‬مهما‪ L‬في التحول الس ياسي والجتما عي وتعز يز‬ ‫ثقافة المواطنة‪.‬‬ ‫‪-1‬إن الخروج من الوا قع الحالي يقتض ي اعتماد ركن ين ا ساسين‪ :‬الر كن الول ‪ :‬دمقر طة‬ ‫التنمية‪:‬‬ ‫ان تحقيق التنمية الديمقراطية يتم من خلل‪ :‬اقتصاد منتج‪ ،‬وحفز الستثمارات‪ ،‬والخروج من‬ ‫الف قر‪ ،‬والقضاء على الم ية والبطالة‪ ،‬وال حد من الهجرة وتقل يص الهوة ب ين المنا طق أو ب ين‬ ‫الفئات الجتماع ية واللحاق بالتطور الثقا في العال مي‪ .‬و هي جميع ها تم ثل‪ :‬تحديات أ ساسية‬ ‫لمستقبل المنطقة العربية‪ ،‬ل يمكن تحقيقها ال من خلل دمقرطة التنمية التي تقوم على اشراك‬ ‫مختلف القوى والفئات الجتماع ية و من ضمن ها ب نى المجت مع المد ني في تحد يد الس ياسات‬

‫‪ / 91‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫والخيارات القتص ادية والجتماع ية والبشر ية في العالم العر بي‪ ،‬المص نوعة محليا‪ L‬والمقررة‬ ‫من الدا خل‪ .‬ول كي نحول دون اتخاذ التنم ية من حى عموديا‪- L‬اجتماعيا‪ L‬ام قطاعيا‪ L‬ام مناطقيا‪-L‬‬ ‫لتحقيق ذلك علينا التعاون مع العالم الخارجي وفيما بيننا في العالم العربي والخروج من عقدة‬ ‫الخوف من الفرض والملء والدخول في علئق تشاركية وتفاعلية متكافئة‪.‬‬ ‫‪-2‬الركن الثاني‪ :‬تمكين المؤسسات الديمقراطية في العالم العربي‪:‬‬ ‫ان الر كن الثاني في عملية تحقيق التنمية الديمقراطية الذي يمثل تحقيقه شرطا‪ ، L‬هو تمكين‬ ‫المؤ سسات الديمقراط ية في الدول العرب ية من تعز يز المشار كة الس ياسية وبناء دولة القانون‬ ‫والمؤسسات وتفعيل دور المواطن واعادة تحديد علقته بالدولة وتقوية دور السلطة القضائية‬ ‫وا ستقللها‪ ،‬والقضاء على الفس اد‪ ،‬وخلق آليات للشفاف ية والمس اءلة واحترام دور الس لطة‬ ‫التشريع ية وعقل نة الثقا فة الس ياسية و صون التعدد ية الس ياسية وضمان تداول الس لطة وتو سيع‬ ‫مس احة الحر ية ورق عة الع مل للمجت مع المد ني‪ .‬كل ها شروط أ ساسية لندفاع الدولة في طر يق‬ ‫التنمية الديمقراطية نفسها‪.‬‬ ‫إن العالم العر بي في أ شد الحا جة اليوم الى ت ثبيت هذ ين الركن ين للنطلق في عمل ية تحق يق‬ ‫أهداف اللف ية والنهوض المس تقبلي ح يث العالم يغدو أك ثر تقاربا‪ L‬وتداخل‪ L‬وترابطا‪ .‬وح يث‬ ‫ظاهرة التكتلت القليم ية أو المقار بة با تت تم ثل سمة القرن الجد يد‪ .‬إن نظاما‪ L‬عربيا‪ L‬جديدا‬ ‫تمثل " التنمية الديمقراطية" و " تمكين المؤسسات الديمقراطية" أبرز مقوماته‪ ،‬هو القادر على‬ ‫تحقيق أهداف اللفية وعلى احتلل موقع في النظام العالمي الجديد الخذ في التبلور‪.‬‬ ‫إن النطلق برفع هذين الركنين في العالم العربي‪ ،‬يتطلب إنجاحه أيضا‪ ، L‬إخراج المنطقة هذه‬ ‫من دوامة العنف والحروب والحتللت التي استنزفت المنط قة ماديا‪ L‬وبشريا‪ L‬وحضاريا‪ L‬على‬ ‫مدى عقود‪ .‬إن الخروج من هذا الواقع الستنزافي يمثل مدخل‪ L‬أساسيا‪ L‬لتحقيق نهوضه‪.‬‬ ‫صور عتيقة تستقرىء الصور الجديدة‪ .‬صور جديدة تقرأ في الصور العتيقة بولدات متكررة‬ ‫بقوى مادية شحيحة وبقوى معنوية هائلة‪ .‬ل تزال "عامل" ‪،‬ل يزال د‪ .‬مهنا يقيم معاركه على‬ ‫م تن وم يض صغير من النور محكوم بالتوار يخ المتحولة من ج يل الى ج يل‪ .‬تف يض معار كه‬ ‫بالعوا طف والعلقات المعل نة والخف ية‪ .‬ا نه يؤ كد اجزاء من تقال يد الش غل الجتما عي في بلد‬ ‫يؤرخ ول يحترم التقال يد كثيرا‪ ،L‬بخلف التقال يد البال ية المحس وبة على النفعالت الرخيص ة‪.‬‬ ‫يكتب الرجل تاريخه وتاريخ المؤسسة حلقة حلقة بروح قرن مضى وقرن بدأ‪ .‬هذا سحر حياته‬ ‫اليومية‪ .‬لن يترك الحقل على عاتق أحد‪ .‬لن يقبل باستعمال المخدر‪ .‬ولو انتبه الى ضرورات‬

‫‪ / 92‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫استعمال تقنيات التعقيم‪ .‬لنه الدرى بوجبات الغثيان الثقيلة المقدمة دوما‪ L‬الى المواطنين‪ .‬تقدم‬ ‫الوجبات هذه بل رحمة‪ .‬لنه الدرى بطول اغراسه وعرضها‪ .‬غروس احتا جت الى سنوات‬ ‫وسنوات‪ .‬غير انها أدت الى انتاج نبيذ فاخر‪ .‬بل اجود انواع النبيذ‪ .‬أفضل العنب لفضل نبيذ‪.‬‬ ‫"عا مل" ع نب المدي نة ‪ ".‬عا مل" ع نب القر ية‪ .‬لن يجعله ال نبيذ ثريا‪ .L‬لن يج عل ال نبيذ المؤ سسة‬ ‫ثرية‪.‬ال أنه سوف يسمح برفع انخاب الجميع‪ .‬الفقراء في مقدمهم ‪ .‬هللويا‪.‬‬

‫‪ / 93‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫‪ - 1‬هيئة الرعاية الوطنية ‪ :‬الرئيس سليم الحص رئيسا"‪ ،‬الرئيس نبيه بري )كان وزيرا" في‬ ‫حينه(‪ ،‬الرئيس فؤاد السنيورة )كان مديرا" لبنك البحر المتوسط في حينه(‪ ،‬النائب وليد جنبلط‪،‬‬ ‫الوزراء السابقون‪ :‬د‪ .‬عبد الرحمن اللبان‪ ،‬د‪ .‬صلح سلمان‪ ،‬د‪ .‬علي الخليل‪ ،‬د‪ .‬رضا وحيد‪ ،‬الستاذ‬ ‫طلل سلمان‪ ،‬المطرا جورج حداد‪ ،‬د‪ .‬حسن عواضة‪ ،‬السناتور جيمس أبو رزق‪ ،‬د‪ .‬جيمس زغبي‪،‬‬ ‫د‪ .‬صباح الحاج‪ ،‬د‪ .‬حيان حيدر‪ ،‬دة‪ .‬أمال شماع‪ ،‬د‪ .‬كامل مهنا )أمين السر(‪ ،‬د‪ .‬درويش شغري‪.‬‬ ‫‪ – 2‬من تعاقب على الهيئة الدارية ‪ :‬د‪ .‬كامل مهنا‪ ،‬محمود سويد‪ ،‬ياسر نعمة‪ ،‬فؤاد فرحات‪ ،‬د‪.‬‬ ‫ابراهيم بيضون‪ ،‬جورج ناصيف‪ ،‬د‪ .‬طارق متري‪ ،‬د‪ .‬عباس مكي‪ ،‬د‪ .‬زياد نجا‪ ،‬دة‪ .‬علوية فرحات‪،‬‬ ‫أنجلينا الباشا‪ ،‬د‪ .‬بهيج عربيد‪ ،‬د‪ .‬مازن طه‪ ،‬جوزف سماحة‪ ،‬د‪ .‬فاروق بزي‪ ،‬د‪ .‬حسن منيمنة‪،‬‬ ‫المحامي نبيل مشموشي‪ ،‬سايد فرنجية‪ ،‬زكي طه‪ ،‬سعيد بزي‪ ،‬محسن زين الدين‪.‬‬ ‫‪ – 3‬اعضاء المكتب التنفيذي‪ :‬د‪ .‬كامل مهنا‪ ،‬د‪ .‬درويش شغري‪ ،‬أحمد عبود‪ ،‬د‪ .‬غسان عيسى‪ ،‬د‪.‬‬ ‫قاسم علوش‪ ،‬د‪ .‬سهيل صباح‪ ،‬د‪ .‬فايز هادي‪ ،‬د‪ .‬سامي الطفيلي‪ ،‬جمال غبريل‪ ،‬د‪ .‬حوزف كيكر‪ ،‬د‪.‬‬ ‫ألبير جو خدار‪ ،‬أحمد ديراني‪.‬‬ ‫‪ – 4‬العلقات الخارجية ‪ :‬آنا ماريكا بورسمان‪ ،‬ناديا مساهل‪ ،‬نهى اسماعيل‪ ،‬رامونا القارح‪ ،‬رويدا‬ ‫بسمة‪ ،‬فاطمة شرف الدين‪ ،‬لمى بزي‪ ،‬هبة حيدر‪ ،‬سعاد شواف‪ ،‬دة‪ .‬لبنى حيدر‪ ،‬ديللي شيرازي‪،‬‬ ‫كلير بوتي‪ ،‬كارولين دوكو‪ ،‬شانتال هيري‪ ،‬شادن الجباعي‪.‬‬ ‫‪ – 5‬الدارة المركزية ‪ :‬أحمد عبود‪ ،‬أحمد الطحيلي‪ ،‬ثريا حيدر‪ ،‬وفاء الطحيلي‪ ،‬غسان أبو عباس‪،‬‬ ‫غسان عياش‪.‬‬

‫‪ / 94‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


‫السنة‬ ‫‪1981‬‬ ‫‪1982‬‬ ‫‪1983‬‬ ‫‪1984‬‬ ‫‪1985‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1988‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫المجموع‬ ‫العام‬

‫المسوصفات رعاية‬ ‫وطفولة‬ ‫‪3.486‬‬ ‫‪855‬‬ ‫‪9.935‬‬ ‫‪1.282 109.285‬‬ ‫‪2.832 132.450‬‬ ‫‪4.900 132.756‬‬ ‫‪10.143 180.828‬‬ ‫‪10.278 151.662‬‬ ‫‪22.821 161.964‬‬ ‫‪17.310 128.586‬‬ ‫‪14.588 125.004‬‬ ‫‪85.009 1.135.956‬‬

‫الدواء‬ ‫‪138.850‬‬ ‫‪4.860‬‬ ‫‪8.124‬‬ ‫‪18.888‬‬ ‫‪84.030‬‬ ‫‪26.908‬‬ ‫‪136.548‬‬ ‫‪113.222‬‬ ‫‪108.996‬‬ ‫‪640.419‬‬

‫مختبرات‬ ‫الدم‬

‫عيادات‬ ‫السنان‬

‫الشعة‬

‫العلج‬ ‫الفيزيائي‬

‫التلقيح‬

‫الطب‬ ‫المدرسي‬

‫‪22.000‬‬ ‫‪5.865‬‬ ‫‪122.880‬‬ ‫‪5.538‬‬ ‫‪2.876‬‬ ‫‪6.873‬‬ ‫‪14.670‬‬ ‫‪21.744‬‬ ‫‪19.946‬‬ ‫‪20.148‬‬ ‫‪214.675‬‬

‫‪16.176‬‬ ‫‪12.340‬‬ ‫‪4.980‬‬ ‫‪2.136‬‬ ‫‪11.160‬‬ ‫‪9.282‬‬ ‫‪9.884‬‬ ‫‪65.958‬‬

‫‪14.464‬‬ ‫‪858‬‬ ‫‪708‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪432‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪16.738‬‬

‫‪620‬‬ ‫‪1.350‬‬ ‫‪5.661‬‬ ‫‪6.012‬‬ ‫‪2.866‬‬ ‫‪6.064‬‬ ‫‪22.573‬‬

‫‪2.937‬‬ ‫‪3.568‬‬ ‫‪24.735‬‬ ‫‪73.083‬‬ ‫‪20.436‬‬ ‫‪18.924‬‬ ‫‪25.838‬‬ ‫‪197.386‬‬

‫تحديد فئة‬ ‫الدم‬ ‫‪1.500‬‬

‫‪2.424‬‬ ‫‪621‬‬ ‫‪14.775‬‬ ‫‪9.462‬‬ ‫‪10.010‬‬ ‫‪34.247‬‬

‫‪1.608‬‬ ‫‪6.153‬‬

‫المجموع‬ ‫العام‬ ‫‪25.486‬‬ ‫‪157.005‬‬ ‫‪252.771‬‬ ‫‪168.915‬‬ ‫‪176.656‬‬ ‫‪315.453‬‬ ‫‪285.444‬‬ ‫‪395.640‬‬ ‫‪321.212‬‬ ‫‪320.532‬‬ ‫‪2.419.114‬‬


‫السنة‬ ‫‪1982‬‬ ‫‪1983‬‬ ‫‪1984‬‬ ‫‪1985‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1988‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫المجموع‬ ‫العام‬

‫نقل جثث‬

‫نقل جرحى نقل‬ ‫مرضى‬ ‫‪6.795‬‬

‫‪772‬‬ ‫‪444‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪1.542‬‬

‫‪822‬‬ ‫‪1.544‬‬ ‫‪915‬‬ ‫‪315‬‬ ‫‪504‬‬ ‫‪986‬‬ ‫‪430‬‬ ‫‪12.311‬‬

‫حالت‬ ‫تأمين‬ ‫وحدات دم إنقاذ‬

‫‪78.430‬‬ ‫‪260‬‬ ‫‪126‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪446‬‬ ‫‪786‬‬ ‫‪80.057‬‬

‫إخماد‬ ‫حرائق‬

‫حالت‬ ‫إغاثة‬

‫إخلء أسر دورية‬ ‫محاصرة طوارىء‬

‫جهات‬ ‫خاصة‬

‫‪120‬‬ ‫‪460‬‬ ‫‪678‬‬ ‫‪675‬‬ ‫‪1.380‬‬ ‫‪3.524‬‬ ‫‪3.656‬‬ ‫‪10.373‬‬

‫‪1.755‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪1.981‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪148‬‬

‫‪258‬‬ ‫‪258‬‬

‫‪60‬‬

‫‪736‬‬ ‫‪240‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪926‬‬ ‫‪656‬‬ ‫‪2.708‬‬

‫المجموع‬ ‫تأمين‬ ‫أدوية ومواد العام‬ ‫تموين‬ ‫‪85.445‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪1.044‬‬ ‫‪136‬‬ ‫‪1.219‬‬

‫‪100‬‬

‫‪822‬‬ ‫‪3.772‬‬ ‫‪4.257‬‬ ‫‪1.140‬‬ ‫‪1.911‬‬ ‫‪7.556‬‬ ‫‪5.854‬‬ ‫‪110.775‬‬

‫‪ / 96‬د كامل مهنا أو عامل في "عامل" ‪ /‬عبيدو باشا‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.