4
تداعيات
العدد السادس ( ) 6السبت 14شوال 1433هـ املوافق 1أيلول 2012م
ُ حلف ّ الشيطان
بفعل ما اعتُربَ أنّه ثور ٌة بع َد سقو ِط ال ّشاه ِ شعبيّة شاركت فيها كافّة القِوى ال ّسياسيّة والدّينيّة (حزب توده ال ّشيوعي – جماهدي خلق – األحزاب الدّينيّة الّيت كان يرتأ ّسها ا ُ خلميين) ،مت ّكنت هذه األخرية من حتيي ِد كافّة ّ ّ نظام القوى اليت شاركتّ بالثورة ّوأعادت إنتاج ٍ نظام الشاه ،إنه نظا ٌم أوتوقراطي أقسىُ من ِ ّين ونفي اآلخر يرتكز على سيطرةِ رجا ِل الد ِ كامل ،هذا النّظام مل يقف عند حدود بشكل ٍ ٍ ّ ّ ترتيب التّحالفات اليت بناها الشاه بل أعاد َ املشه ِد الدّاخلي واخلارجي مبا خيد ُم الدّور الّذي سوف يقو ُم به ُمستقبالً . مجّدت الواليات املُتحدة األمريكيّة األموال مما دفع الثّوار اإليرانيني مصارفها ّ ، اإليرانيّة يف ِ إىل احتال ِل ال ّسفارةِ األمريكيّ ِة واملُطالب ِة بإنها ِء جتمي ِد األموال اإليرانية ،كما قام اإليرانيون وحتويل ال ّسفارة فري اإلسرائيلي ِ بطر ِد ال ّس ِ اإلسرائيليّ ِة إىل سفارةٍ لدول ِة فلسطني . ما فعلته الثّورة حتّى هذه اللّحظة هو شيء خيد ُم تطلّعات ال ّشعوب العربيّة ويُهيئ لظهور ق ّوةٍ إقليميّ ٍة تدع ُم املُقاومة الفلسطينيّة وحت ّد من نفو ِذ القوى الكربى يف العامل فإيران تق ُع ضمن اهلارتالند وال ّرميالند وهي تط ّل على مضيق هرمز وهو مضيق حيوي مت ّر عربه إمدادات النّفط لدول العامل الغربي والواليات املُتّحدة ،كما أنّها مينحها متيّزاً عن دولة برتوليّة زراعيّة وهذا ما ُ غريها من الدّول . بع َد الثّورة ُمباشرةً بدأت احلرب العراقيّة اإليرانيّة الّيت امتدّت من عام 1979حتّى 1988 وبدعم غربي للح ّد بدأت برؤيٍّة عراقيّ ٍة خليجيّ ٍة ٍ ومنع تصديرها إىل دول من نفوذ الثورة اإليرانيّة ِ وخاصة العراق واملنطقة ال ّشرقيّة يف اململكة اجلوار ّ العربيّة ال ّسعودية ودولة البحرين نتيجة احلرب كانت خسارةً لل ّطرفني وإنهاكاً القتصا ِدهم وللق ّوة بشكل البشريّة والعسكريّة ،هذه احلرب أث ّرت ٍ كبري على إيران حيث عانى االقتصاد اإليراني ٍ ومنصات تصدير ج ّراء تدمري البُنى التّحتية ّ البرتول وموانئ التّصدير الّيت كان يُعتم ُد عليها كبري . ٍ بشكل ٍ بعد احلرب متّ إعادة البناء وتشغيل املوانئ ومصايف البرتول ،استغر َق ذلك فرتةً طويل ًة ولكن بدأت خالله مالمح ال ّسياسة اإليرانيّة داخليّاً وخارجيّاً تتض ُح أكثر . جيش ّ أمن قوي وجهاز ٍ ففي الدّاخل متّ بناء ٍ ّ ومتّ إنشاء ق ّوات احلرس الثّوري اإليراني اليت تُعت ُرب رديفاً للجيش الوطين . على املستوى اخلارجي :أنشأت إيران حتالفات خارجيّة مع النّظام ال ّسوري ذي
الصبغة ال ّطائفيّة ومع شيعة العراق من خالل ّ اجمللس األعلى ال ّشيعي الّذي دعمته وفتحت له مكاتب يف إيران باعتباره العد ّو األ ّول لصدّام حسني كما أ ّمنت دعماً لشيع ِة لبنان وعلى رأ ْسهم حزب اهلل اللّبناني . إذا أخذنا من هذه التّحالفات الدّور اإليراني يف سوريا لوجدنا أ ّن هذا الدّور َ قوي عندما قدّمت سوريا إليران أثناء حربِها مع العراق صواري َخ وبالفعل قامت لضرب بغداد بها سكود وذلك ِ ِ بضرب بغداد بصواريخ مصدرها النّظام إيران ِ ال ّسوري . نظام األسد بدعم عرفاناً باجلميل قامت إيران ِ ِ اقتصاديّاً ومعنويّاً ُ حيث أبرمت جمموع ًة من االتفاقيّات يف اجملال االقتصادي واألمين من ضمنِها اتفاقيّة الدّفاع املُشرتك (ض ّد من ؟ ال نعرف ) ،كذلك دعمت حليفَها وحليف النّظام ال ّسوري يف لبنان حزب اهلل بال ّسالح والتّدريب األرض إجناز وجو ِده على ِ واملال حيث مت ّكن من ِ ّ وحتيي ِد ك ّل القوى ال ّسياسيّة اللبنانيّة وأثبت هلم الصهيونيّة أنّه الوحيد املُقاوم واملُمانع للمشاريع ّ وأنّه مت ّكن من هزمي ِة إسرائيل وإرغا ِمها على االنسحاب من جنوب لبنان يف العام .2000 يف العام 2006ش ّن حزب اهلل هجوماً على إسرائيل مبعرف ٍة سوريّ ٍة إيرانيّ ٍة ،مت ّك َن حينها إحلاق هزمي ٍة بالق ّوة العسكريّة اإلسرائيليّة , من ِ ً ً ّ ظام ال ّسوري أفرزت هذه اهلزمية مناعة وق ّوة للن ِ ً ّ رئيس الوزراء اللبناني الّذي كان ُمتّهما باغتيا ِل ِ " رفيق احلريري " والكثري من ال ّسياسيني اللّبنانيني . ّعم ال ّسوري اإليراني ُ حزب اهلل ومن خال ِل َالد ِ وهذه املعركة أعاد بسط نفوذه ال ّسياسي على ال ّساحة اللّبنانيّة ومن خالل حكوم ٍة يُسيط ُر على عظم أعضائها ( أعضائها غالبيّتهم من حزب ُم ِ اهلل ) . ُ َ هذا املعطى دعمَ نفوذ إيران وسوريا ( النّظام الغرب وعلى ال ّسوري ) يف لبنان ،كذلك قامَ ُ رأ ِسهم فرنسا بدعم النّ احملافل ظام ال ّسوري يف ِ ِ ِ مما أدّى إىل شرعنة هذا النّظام ومن الدّوليّ ِة ّ ُ يقف وراءه ..إيران . وهكذا تُ ِر َك النّظامان يعمالن بدون قيود يف مناطق العامل وأشدّها تعقيداً منطق ٍة من أه ّم ِ من ناحي ِة اجلغرافيا ومن ناحي ِة االصطفافات الدّينيّة وال ّسياسيّة .
تُ ِر َكت إيران تُن ِش ُئ برناجمها النّووي وتص ُل به إىل مرحلة إمكانيّة إنتاج القنبلة النّووية بعد أن لألغراض ال ّسلميّ ِة وج ٌه ادّعت أ ّن برناجمَها ُم ّ ِ ومبساعدةٍ فنيّة روسيّة وسبب هذا التحالف قد نتحدّث عنه يف دراس ٍة قادم ٍة . ولك ّن ُ ً ً ارس سياسة مفتوحة غري ترك إيران مُت ُ سالحها النّووي كان غباءً سياسيّاً ُمقيّدةً وتبنيّ َ لدو ِل أوروبّا الغربيّة وأمريكا فإذا افرتضنا أ ّن هذه الدّول تركت إيران ف ّزاع ًة تدف ُعها يف وج ِه دول اخلليج وتبت ّز هذه الدّول من خالهلا فقد انقلب ال ّسح ُر على ال ّساحر أل ّن التّ َ حالف اإليراني ال ّروسي الغري ُمعلن له أبعا ٌد أكرب من بكثري . ذلك ٍ اخلاصة إ ّن إيران بدأت بإنشاءِ إمرباطوريتها ّ الّيت تتّكئ على ال ّطائفيّة الدّينيّة وجمالهِ ا احليوي مفتو ٌح على املنطق ِة ال ّشرقيّ ِة من حتريض ال ّشيعة ال ّسعودية والبحرين من خالل ِ يف هذه املناطق ودفعهم إىل الثورة . كما عملت على إنشاء هالل شيعي ميتّد من إيران إىل العراق وسوريا ولبنان . سوريا كانت مشكلة النّظام اإليراني ،دول ٌة نظا ُمها يرتب ُط بالنّظام اإليراني بك ّل عالقات القُربى والدّين بينما األغلبيّة سنيّة ،لذلك الفكر ال ّشيعي وبناءِ ا ُ حلسينيات نشر ِ عم َل على ِ أثري على شرحي ٍة كبريةٍ من ال ّشعب وحماولة التّ ِ ال ّسوري من أجل هذا اهلدف . الثّورةُ ال ّسوريّة قلبت ال ّسحر على ال ّساحر .. غيرّ ت معادالت وموازين املنطقة ..غيرّ ت نظرة العامل قاطب ًة إىل إيران فضحت دو َرها ومشروعَها ال ّطائفي ..أنهت هذا املشروع أل ّن نهاية هذا املشروع يف سوريا هي نهايته يف لبنان والعراق وهنا تكم ُن ُمشكلة النّظام اإليراني الّذي بدأ يُشاه ُد أحالمه تنهار لذلك قدّم الدّعم العسكري نظام أجل احلفا ِظ والبشري واملادّي من ِ على ِ ً حف َظ مصا َ حل ُه ملدّة مخس وثالثني عاما ،هذا هو حلف ال ّشيطان الّذي ال ينت ُج اخلريَ لشعوبه برقاب شعوبِها بل ينتجه لقلّة ساديّة تتح ّك ُم ِ وتعت ُرب نفسها فوق ال ّشعوب وفوق التّاريخ وأنّها من يصن ُع احلضارة لكن على طريقتِها .... هوامش اهلارتالند :نظريّة لل ّسيد هالغورد ماكيندر وهو بريطاني يحُ ّد ُد مناطق ُمعيّنة من العامل يعتربُها قلب العامل ومن ِضمنها اهلضبة اإليرانيّة وله مقوله شهرية تقول " :إ ّن من يستولي على قلب العامل ،ومن جزيرةِ العامل ،يستوي على ِ يستولي على قلب العامل يستولي على العامل " . الرميالند :نظرية لعاملٍ أمريكي يُدعى سبيكمان وهو يحُ دّد مناطق ُمعيّنة من العامل،يُس ّميها اإلطار ويعت ُرب أ ّن من يستولي على هذا اإلطار دون جوان فإنّه يستولي على العامل " .