مقال بعنوان فكر خارج الصندوق بقلم مؤمن المكي

Page 1

‫بسم ا الرحمن الرحيم‬

‫صحيفة ترهاقا اللإكترونية‬ ‫وجهة نظر‬ ‫مؤمن الإمكي‬ ‫فكر خارج الإصندوق‬ ‫في كل يوم نفج بخبر محزن في بلد المائة مليون مصيبة ولكن لم أتوقع يوما ا أن أستيقظ على‬ ‫خبر نسف ‪ 14‬مليار دولر من ميزانية الدولة‪ .‬ل تستغرب معي عزيزي القارئ فهذا عين ما‬ ‫فعلته الحكومة السودانية بسياستها الرعناء القاضية بتعويم الجنيه وبورقة ل تتعدى إل أن تكون‬ ‫) ‪ ( A4‬هدمت أو نسفت ‪ ١٤‬مليار دولر من موازنة ‪٢٠٢١‬م فأي سياسة هذه؟ فاذا حسبت معي‬ ‫ميزانية السودان للعام ‪٢٠٢١‬م فستجدها ‪ ٨٩٩‬مليار جنيه أي ما يعادل ‪ ١٦‬مليار دولر بسعر‬ ‫البنك الرسمي ‪ ٥٥‬للدولر والن الحكومة بورقة ‪ A4‬نسفت هذا المبلغ وجعلته ‪ ٢‬مليار دولر‪.‬‬ ‫فالتعليم الذي كان سيخصص له ‪ ١٤٧‬مليار جنيه أي مايعادل ‪ ٢.٦‬مليار دولر سيصبح أكبر‬ ‫من ميزانية ‪٢٠٢١‬م‪.‬‬ ‫إضافة إلى أن الوضع المزري في السودان ل يحتمل إجراءات كهذه فأكثر من ‪ %٧٠‬من‬ ‫السودانيين تحت خط الفقر ورصيد البلد من العملت الجنبية ل يتعدى أن يكون مئات المليين‬ ‫من الدولرات علما ا بأن الجارة مصر عندما أقدمت على التعويم كان لديها أكثر من ‪ ٤٠‬مليار‬ ‫دولر في البنك المركزي ورغم ذلك تحرك سعر الجنيه المصري من ‪ ٥‬جنيهات إلى ‪ ١٧‬أو‬ ‫‪ ١٨‬جنيه وقتها ثم انخفض إلى ‪ ١٦‬أو ‪ ١٥‬الن‪ .‬أما في السودان فنحن نحرر سعر الجنيه في‬ ‫حالة أقل ما يقال عنها أنها )أم فكو( من غير أن يكون لنا رصيد من العملت الجنبية أو من‬ ‫الذهب‪.‬‬ ‫إن الحكومة بهذا القرار الغير موفق بالمرة تجاهلت إصلحات إقتصادية يمكن أن تعبر بالبلد‬ ‫إلى بر المان واختارت الحل السهل الذي يتمثل في رفع الدعم عن المحروقات والبنزين وسعر‬ ‫صرف الجنيه والذي سيورث المواطن السوداني المغلوب على أمره مزيداا من الغلء والشقاء‪.‬‬ ‫فالحكومة كان ينبغي لها أن تبدأ في وضع يدها على شركات الجيش التي ل تتسم بالطابع‬ ‫العسكري وتقلل الصرف الحكومي إلى أبعد مدى و تنشيء شركات مساهمة عامة في قطاع‬ ‫الذهب والتعدين والزراعة و تمنع إستيراد السلع الكمالية وتدفع بحزم تحفيزية للقطاع الخاص‬ ‫لتمسك بتلبيب القتصاد السوداني ويعود للدولة السودانية قوتها القتصادية‪ .‬وحتى البنك الدولي‬


‫قام بإقتراح أن تودع الحكومة فاتورة استيرادها لمدة ستة أشهر والتي تعادل حوالي ‪ ٤‬مليار‬ ‫دولر كوديعة في بنك السودان وقال إنها ستنسف السوق السود للدولر ولكن بدلا عن ذلك‬ ‫حررت الحكومة الجنيه السودانيه كحل سهل‪.‬‬ ‫الناظر للتاريخ يجد أن سياسات البنك الدولي المتمثلة في سياسات رفع الدعم وتعويم الجنيه‬ ‫وخصخصت المنشاءات الحكومية لم تنجح تاريخيا ا إل في دول قليلة جداا‪ .‬فقد نجحت كل من‬ ‫كوريا الجنوبية في ‪٢٠٠١‬م و البرازيل في ‪٢٠٠٥‬م وروسيا والورغواي في ‪٢٠٠٦‬م وتركيا‬ ‫ولتفيا وهنغاري في ‪٢٠١٣‬م ومقدونيا ورومانيا وآيسلندا في ‪٢٠١٥‬م في تسديد ديونها لدى‬ ‫البنك الدولي‪ .‬ولكن على الجانب الخر وفقا ا لحصائيات ودراسات هناك أكثر من ‪ ٧٠‬دولة من‬ ‫أصل ‪ ١٨٠‬دول مدينة للصندوق والدهى والمر أن ‪ ٢٨‬دولة من تلك الدول قد عجزت كليا ا‬ ‫عن سداد ديونها‪ .‬ودعنا نأخذ على سبيل المثال قصة ملوي فقد فشلت سياسات رفع الدعم فشلا‬ ‫ذريعا‪ ،‬فقد تم رفع الدعم عن السمدة فلم يزرع المواطن وباعت الحكومة المخزون من الحبوب‬ ‫وضربتها محاعة قاتلة في عام ‪٢٠٠٢‬م ثم دنت مجاعة أخرى في عام ‪٢٠٠٥‬م ‪ ،‬فقام الرئيس‬ ‫الجديد بينجوا موسريكا برمي برنامج الصندوق خلف ظهره وأعاد الدعم إلى السمدة وتخلصت‬ ‫ملوي من مجاعتها‪ .‬وكانت الرجنتين تمثل سياسة ناجحة في التسعينيات ولكن الصندوق تدخل‬ ‫ليدعم تسديد قروضه وفرض قيودا على الحكومة الرجنتينية وطلبها بالتركيز على الصادرات‬ ‫ودخول السواق العالمية وكانت النتيجة سحق الشركات الوطنية ومعدل نمو بلغ سالب ‪.١١‬‬ ‫ليعلن الرئيس رودريغرس عجز الرجنتين في ‪ ٢٠٠١‬م عن سداد ديونها البالغة ‪ ١٣٢‬مليار‬ ‫دولر ولم تنجح في سداد ديونها إل في عام ‪٢٠٠٥‬م وحينها أعلن الرئيس نسترو كنشنر أن‬ ‫صندوق النقد أضاف لبلده ‪ 15‬مليون فقير‪.‬‬ ‫فبعد كل هذا التاريخ الحافل بالفشل أتمنى أن تقتدي الحكومة بالنموذج الصيني والماليزي‪ .‬فإن‬ ‫هذين الدولتين قد أستندتا في نهضتهما على الموارد الذاتية من غير اللجوء للمنح والهبات‬ ‫والمزيد من سياسات رفع الدعم‪.‬‬ ‫ختاما أختم بمقولة عالم القتصاد الكندي ميشيل شندوفيسكي "صندوق النقد الدولي قد يترك‬ ‫البلد أكثر فقراا مما كانت عليه مع مديونية أكبر وصفوة حاكمة أكثر ثراء " وأدعوا الحكومة إلى‬ ‫مزيد من التعقل والتروي في اتخاذ القرارات‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.