ال�سبت 25جمادي االول 1434هـ املوافق 6ابريل 2013م Issue 1171 -6 April 2013
الثقافي الروائي احل�سن بكري لـ(الأهرام الثقايف))2-1(:
7
ال أكتب لنيل رضا أحد ..إنني أكتب أعمالي بالطريقة التي تروقني وباألدوات التي أمتلكها حاوره:
عبدالرحيم ح�سن حمدالنيل
روائي ميلك م�شروعاً كبرياً يتد ّبره بر�ؤية عميقة وثقافة مو�سوعية؛ ملع ا�سمه عقب ح�صول روايته (�أحوال املحارب القدمي) على جائزة الطيب �صالح يف دورتها الأوىل؛ والتي �سبقتها يف امليالد بالن�سبة للكاتب روايتا (البالد ال�شاهقة) 1997م و�سمر الفتنة 2002؛ (الأهرام الثقايف) حاورت الروائي احل�سن البكري من مقر اقامته يف قطر والتي يعمل بها �أ�ستاذاً للأدب االجنليزي بجامعة الدوحة؛ عن الرواية والكتابة ال�سردية وامل�شهد الثقايف ال�سوداين والرتجمة وحماور متعددة جتدونها يف منت احلوار: كانت املدر�سة الأولية �أيامها تقدم تعليم ًا ممتاز ًا ي�ضع التثقيف والت�أديب على �س ُّلم �أولوياته
هو زمن ال�سرد ..لكن ال يجب �أن يكون هذا مدعاة لالحتفاء
} حدثنا في البدء عن النشأة.. ال��ت��ك��وي��ن..وم��ا س��اه��م ف��ي تشكيل وعيك الكتابي؟؟ ٌ ٌ ونشأت في ودسلفاب ولدت ب���وس���ط اجل�����زي�����رة؛ وه�����ي القرية نفسها ال��ت��ي ت��رع��رع ب��ه��ا صديقي املوسيقار واملغني الشهير الراحل مصطفى سيد أحمد؛ كانت املدرسة األولية أيامها تقدم تعليم ًا ممتاز ًا يضع التثقيف والتأديب على سلم أولوياته فاملدرسة كانت قد ورثت أصول التعليم املتطورة التي جلبها اإلجن��ل��ي��ز م��ع��ه��م ف��ي��م��ا ج��ل��ب��وا من وسائل ومؤسسات التحديث ،إذ هم من أنشأوا مشروع اجلزيرة والسكة احلديد واخل��دم��ة املدنية واجليش وغيرها؛ أضف إلى ذلك فقد أقيمت < احلسن بكري وهاشم صديق في احدى الفعاليات بقريتنا واحدة من أوائل اجلمعيات التعاونية ف��ي ال��س��ودان وحظينا لألبعاد اجلمالية للرواية .من جانبي ،ال أزال على ظني بأن مبدرسة منذ األربعينيات كما ساهمت أجيال من سكان البلدة منذ وقت مبكر في تكريس مبادرات ه��ذه ال��رواي��ة هي من أفضل رواي��ات��ي وأتطلع ألن ال تفوت جادة لتكوين خاليا للعمل السياسي واالجتماعي التقدمي ،قراءتها على أحد في خضم هذا السيل من الكتب الذي غدت فشهدنا ليالي للسمر واألدب والسياسة منذ نعومة أظفارنا املطابع تضخه دون توقف. } هل هو زمن السرد؟؟ وتداولنا أعماال أدبية ومجالت وصحف بشكل منتظم ما هو زم��ن السرد بالفعل .لكن ال يجب أن يكون هذا أن أصبح بإمكاننا فك اخلط .وقد ارتدت املدرسة مع زمرة من الصحاب األذكياء ،القراء ،الفنانني فكان من بيننا من مدعاة لالحتفاء .يتراجع الشعر ألن العالم يفقد شاعريته تأهل فأصبح موسيقي ًا مبدع ًا أو شاعر ًا رقيق ًا أو طبيب ًا ورومانسيته اخل��ال��دة التي شيدتهما عصور متصلة من العالقات االنسانية التي تقوم على الرهافة والصدق .أظن م��اه��ر ًا وس��واه��ا م��ن ال��وظ��ائ��ف والفنون .وكنا ونحن أطفال أح��داث نتحصل على املعارف في أمهات الكتب .أضف إلى ذلك فقد أقام بالبلدة، مثلها مثل سائر مناطق اجلزيرة ،مزيج مدهش من أق��وام ال��س��ودان ،أت��وا بأحاجيهم وغنائهم ورقصهم مما ألهب خيالنا وأخصب وجداننا .ثم كان التحاقي بجامعة اخلرطوم وتخصصي في األدب اإلجنليزي تتويجا لنضجي اإلبداعي . } أحوال احملارب القدمي) الرواية التي فازت بجائزة الطيب صالح األولى وهي الرواية الثالثة في ترتيب كتبك؛ أثارت جد ًال كثير ًا رغم أنني لم أعثر على أوراق نقدية ت��وازي هذا اجل��دل؛ وقد قرأت لك مداخلة أسفيرية تقول فيها بأن الكتابات التي تعرضت لها كانت متعجلة ومبتسرة؛ كيف يرى احلسن البكري الى حركة النقد في السودان على ضوء ما سبق ؟؟ كتب نقاد عديدون عن أحوال احملارب القدمي واستطاع بعضهم النفاذ إل��ى جوهر الثيمات توسلتها الرواية ،لكن ما تزال والتقنيات التي ّ بعض موضوعاتها األساسية مغفلة ،مغلقة . وبينما أش���ار األس��ت��اذ الناقد امللهم واملترجم البارع مصطفى آدم إلى تفاصيل أساسية تخص ث��ي��م��ات وتقنية ال���رواي���ة ،ظ��ل��ت إش���ارات���ه عامة ومختصرة ومجهولة .كما أن املقدمة املوجزة ال� ّق��ي��م��ة ال��ت��ي ب��ذل��ه��ا ال��ن��اق��د امل��ص��ري املعروف دكتور صبري حافظ أوان نشر الرواية في املجلة اإللكترونية الرصينة التي يرأس حتريرها ،مجلة الكلمة ،ما تزال رهينة عموميتها التي تقتضب وتختصر العبء االبداعي الضخم لهذه الرواية في بضعة سطور .طبعا هناك االسهامات الفطنة لكبار نقادنا ،هاشم ميرغني وعز الدين ميرغني ومجذوب عيدروس ومحمد الربيع محمد صالح ومقالة أحمد مكنات الرائدة التي انتبهت مبكرا
ُ النمل واخلريطة محمد عثمان عبد النبي أبي مات. م��������������ن أج������ل������ك������م أق������������وم ب����ح����ف����ر ّي����ات����ي ف�����ي ع���ت���م���ور ال���� ّرغ����ب����ة.
شوقها ..استغرقتني اللعبة ..نصنع قنابل وطائرات وصواريخ من ورق ،من الطني غواصات ودبابات وأقمار صناعية ونرتق ح��ذاء (أحمد ال� ّرب��ع��ي) .من مركز إعصار الرغبة تقاطروا مندفع َ ��ي .تسربوا ني إل� َّ ف��ي حل��م ض��ج��ة األس�����واق م��ن��ق��ذف� َ إلي ين َّ والسهو متشردين دروب احليرةش عبر ّ ِ ف��ي مدينتي الداخلية ي��ع��دون ويلحفون ف��ي ال��س��ؤال ع��ن��ي ف��ي مدينتهم ودمي يرشح من حيطانها يقطر من رموش الطحلب وأنياب الزهور .عندما تركت (ع��ف��اف) عابدها (ح��س��ن) ك��ان البكاء رحلة الرجوع إلى الداخل .كذلك كان ال���دم ال���ن���ازف م��ن أش�ل�اء (تاكشيل). حت��� ّرك���ت اجل���ن���ازة إل���ى م��ث��واه��ا األخير فتنافزت خاليا جسمي تعثرت األشياء ب���أوت���ار أع��ص��اب��ي ف��ص��در حل���نٌ نشاز ان��غ��ل��ق��ت رم�����وز ال���ع���ال���م ف���ي داخلي ُ ُ دفنت أذني وعيني. فأجهشت بالبكاء لغط النجوم حتت ف��روة رأس املدينة صرير الضحك والثعابني املتساقطة من األيدي املمدودة تتناول (املاه ّية) وصوت النادل يزاحم هواجس املتعطلني .أمطار الرصاص املنهمرة من سكينة الطفل ّ مكتظ ًا أم����هِ .ك��ان امل��ن��زل �ان ّ ف��ي أح��ض� ِ ّ الليل ه� ّي� ُ �أت لي فراش َا باملعزين؛ في ِ ُ استلقيت على ظهري األرض ثم على ِ ُ أطعم القضبان وأخرجت يدي من بني ِ ُ واملرق يسير على اخلبز فتات عصفور ًا َ ِ ِ أطراف أصابعهِ ِ بجبني أجنيال ديفيز.. ِ
َّ الباقِ ي اجل َناح َ
ًُ كنت أط��ار ُد فراش ًة وكان يقف ،أمام الديوان ،طوي ً ال ك����ق����وس ق�������زح ،ضخم ًا ك��اجل��ب��ل ،مهيب ًا كالليل، ٌ منهمك في أنظر إليه وأنا أحب م��ط��اردة ال��ف��راش��ة. ُّ الصليب ألنّ شلوخ أبي ُ وددت ت��ش��ب��ه ال��ص��ل��ي��ب. ل��و أع��ان��ق حبيبتي حتى أبد ُأ السكينة .كالهجليجة ����ب عالمة أب����ي وأن�����ا أح� ُّ زائ�����د ش���ارب���اه كأحداق يلوح ال��ب��ح��ي��رة .رأي���ت���ه ّ بيده في الهواء ثم يدسها خ��ل��ف��ه��ا .وق����ف� ُ ���ت أمامه < لوحة عبدالقادر حسن املبارك متام ًا أنظر إليه متسائ ً ال ك��ان��ق��ش��اع ال��غ��م��ام��ا عن انهمكت معها في نشوة ذاهلة .قال“ :خ ّلي القمر املشاغب ضحكة أبي اقتربت من ُه اخلرم واسع عشان العجلة تدور كو ّيس”. ُ ُ فقفزت (مسكتها بابا) .عندما رفع يده فوق مستوى رأسي .الفراشة تطل ثم جلس يثقب معي علب الصلصة .تد ّلى من بني أصابعه ،حت ّدق إلى أعلى ،متعن ش��ع��ره ال��ن��اري ع��ل��ى جبينه .م��ط لسانه هي التحديق ،تخترق احلجب ،تستشرف يداعب به شاربه .قطر ٌة من اللعاب تعلقت شعرة ذهبية .مددت يدي رألزيلها ،ثم رفعت يدي برأس ٍ ُ عامل ًا ساحر ًا غامض ًا مستحيال. ُ تباعدت جاذب ًا يدي .كان يتنفس كما تتنفس وأخذت ّ ُ أمط جسمي إلى أعلى وقد نحوها جتعد جبيني وت��ه��دل��ت شفتي السفلي .أختي الرضيعة (زينب) وهي نائمة .كان كل ّ علي ابن منظم ًا إال أن صورة اإلمام �ت منها يبعدها أب���ي عني ،شيء ّ كلما اق��ت��رب� ُ يرفعها إل��ى أعلى أكثر وأك��ث��ر .لم أقتنع أبي طالب كان يعلوها الغبار فنفضه عنها. بالهزمية .ب���دأت اتسلق جسمه فأمسك دس��ن��ي ف��ي حل��م صدره .كانت احل��ج��رة نظيفة إال أن ح���ذاءه كان ب��ي بكلتي ي��دي��هّ . ألف عام مقلوب ًا فأصلح وضعه .كان املقهى هادئ ًا ُ َ املدينةِ ُ في أبحث (ظللت تعانقنا ٍ به .إال أنّ البوليس جاء واقتاد صديقه الشاعر عن املدينة) .تش ّبث بي كاطفل وتش ّب ُ ثت أريد امتالكه .أريد أن اغرسه في مناطق الذي كان يجلس معه حلظتها فاندفع يهتف الوعي والال وعي ،الشعور والال شعور“ ،تسقط بريطانيا” .قال لي“ -:اركب عربيتك دفنت أمشي جيب البرسيم للغنم” .أفف سقت ُ أن��ت��م��ي ل��ل��ش��يء ال���ذي أح � ّب��ه ف��ي��ه. الس َّحارة وعيني في ضخامة ص��دره؛ تسللت العربة .أفف يزحم الصراع أذنيَّ . �ي ّ أذن� ّ ِّ الشعبة احليطان عمود الشعاع املخترق ال��ف��راش� ُة م��ن إصبعه وط���ارت .م��ات أبي. عتمة احلجرة واجل ّث ُة املُسجا ُة انهمكوا لعبة ش ّيقة .امتأل داخلي كان الصراخ كالدوائر املائية حينما يسقط في اخلفاء في ٍ في احمليط جن ٌم ملتهب رويد ًا رويد ًا تبوخ باللعبة وعلى السطح طفت الهواجس. النار في األع��م��اق وعلى السطح تتباعد الفقاقيع مزمجر ًة ك��ن� ُ �دة على �ت أرس��� ُم خ��ري��ط� ًة مل��دي��ن� ٍ�ة ج��دي� ٍ ال��دوائ��ر املائية تخرج ُ السمك ذو األجنحةِ النارية .اجل�����دار ف��ج��رح��ن��ي ح��ج � ٌر ص��غ��ي � ٌر مدبب ُ يتقافز منها �ت َ ف��ن��ادي� ُ س ع���اوز م��ل��ح) ثم س َ (ح���� َر ْ احل���� َر ْ ُ شرعت في الغناء .كان النمل ،في املقطع ج� ّث��ة أب��ي م��س��ج��ا ٌة على العنقريب ،وقد استغرقت ك� ّ�ل األش��ي��اء في تفكير عميق .األخ����ي����ر ،ي��س��ي��ر ع��ل��ى اخل���ري���ط���ة حسب ٍ ال��س��ق��ف امل���ل���ط���وع ب��ب��ي��وت العنكبوت ق��وان�ين احل��رك��ة ف��ي م��دي��ن��ت��ي اجلديدة. ُ ُ وجمحت في انطويت في ذاك��رة األشياء ِّ والشعبة الع ِرش الفاقح السوداء حطب َ
أن ال��وق��ائ��ع ف��ي روايتي األخ���ي���رة “طقس حار” متنازعة بشكل مستمر ب�ين احل��ن�ين إل��ي الشعر ف���ي ج��م��ال��ه األب�����دي من ج��ه��ة وراه��ن��ي��ة الواقع وصفاقته التي ال تتيح أي ام��ك��ان��ي��ة للرمسنة والشعرية .لكن ال يظنن أحد أن األنواع األدبية ال مت��وت ،لقد شهد العالم منذ ق��رون سحيقة موت املالحم واملغازي مثال. } في ط��ق��س حار” ن��ل��م��ح ش��ي��ئ� ًا ع��ن احللم باخللود ومحاربة الفناء وال��������زوال ..ه�����ل تقاوم “املوت” بالسرد ؟؟ على م���دى سنوات ك���ت���اب���ت���ي ل���ط���ق���س ح����ار ك���ان امل���وت ي��ت��رص��دن��ا م��ن كل االجت����اه����ات ،وه����ذه الرواية هي قطعا محاولة لصد املوت . لألسف ظل الفناء س��ادر ًا في غ��ي��ه الفظ .ب��ال��ط��ب��ع تتعدد الثيمات فيتم التكريس ألحالم ال تنفد تتعلق باحلب والنضال والشجاعة بل وحتى باخلوف والهزمية والذكريات. } أس�����ط�����رة م�����ف�����ردات ال���ي���وم���ي ،واإلس����ت����ف����ادة من امل�����وروث واحمل��ك��ي الشعبي وتوظيفهما في عاملك الروائي وكتابتك “احلداثوية”؛ هل يعيد احل��س��ن البكري قراءة وكتابة التاريخ بطريقته ؟ تستلهم كتاباتي السردية ال��ت��اري��خ واحل��ك��ي الشعبي ع��ل��ى م��س��ت��وى ب��ن��ي��وي فقط . فالتاريخ لدي ليس تاريخا إال مبقدار ما تتيحه النصوص التاريخية من معمار انشائي وما توفره من بيانات (داتا) تتصل بتسجيل األحداث وأرشفتها .يصح هذا أيضا على استلهامي للتراث احلكائي الشعبي .بل أن جغرافيا املكان لدي هي في كثير من األحيان مجرد خرائط تخص النص ّ السردي أكثر مما تتعلق باملكان في طوبغرافيته املعروفة . إن��ه س��رد يحتفي بنفسه ويتناول الواقع باعتباره متاهة ترفده باملفردات التي حتقق امكانية وقوعه كمتخيل ابداعي صرف . أنت تصدم أحيان ًا بتناولك مواضيع مح ّرمة غالب ًا، } َ هي على عالقة باجلسد واجلنس ووضع املرأة ،مما يستفز قراءك التقليديني؛ فكيف يتلقى القارىء السوداني كتاباتك هذه؟ التحرمي ف��ك��رة ملتبسة وي��ت��ف��اوت تصنيفها بتفاوت األزمنة واملجتمعات؛ فبينما كان عاديا قبل سنوات قالئل أن ترتدي كثير من الفتيات تنانير من موديالت امليني جيب بالغة القصر ،أمسى صعبا اآلن على كثير منهن مغادرة دورهن دون احكام لف حجبهن؛ لكن فيما يتصل باجلنس فقد كان على الدوام موضوع ًا ابداعي ًا مهم ًا؛ وميتد تاريخ استلهامه على مدى ق��رون متصلة ،بل ميكن الزعم أنه قد كان على الدوام ومنذ األزل الثيمة األكثر حضور ًا عبر كافة أن��واع االب��داع ،حتى أن فقيه ًا كبير ًا كابن حزم األندلسي
< احلسن بكري الظاهري لم يجد ب��د ًا من تناوله دون أي إحساس بالذنب في كتابه البديع “طوق احلمامة” .ك ّرس األدب العربي على مدى العصور تاريخ ًا من املقاربة احلسية للنصوص ال ميكن ألي كاتب ينتمي بأي قدر لذلك التراث األدبي تفادي االنطالق من “منصاتها” أو تناصاتها .على كل حال ،لم يجابهني أي قراء تقليديني باحتجاجات تختص مبواضيع كتابتي ،وعلى نحو ع��ام أن��ا ال أكتب لنيل رض��ا أح��د ،إنني أكتب أعمالي بالطريقة التي تروقني وباألدوات التي امتلكها وأدرك كيفية استخدامها .فلتحفظنا املالئكة ،على قول محمد عبد احلي. } من أين يلتقط احلسن البكري شخوصه؛ كيف تعايشها وهل تستمر عالقتك معها عقب االنتهاء من الكتابة؟؟؟ في روايتي األول��ى “أهل البالد الشاهقة” كانت واقعة املتمة التاريخية التي أفضت إلى اغتيال إسماعيل باشا حرقا هي ما أوحى باختالق الشخوص ،وفي سمر الفتنة حاولت حتقيق “قيامة” من نوع ما لشخصية عجوبا األسطورية . من ناحية أخرى ،تتسرب أحداث وشخصيات تقترب من أن تكون حقيقية في “أحوال احمل��ارب القدمي” وف��ي روايتي األخيرة “طقس حار” .في الغالب أترك للنص نفسه مجابهة الشخوص مبصائرها ،لكنني اهتم كثيرا باتساق الوقائع وإل��ى ح� ٍ�د ما ببناء الشخوص .يظل النص ال��س��ردي بكل مكوناته لصيق ًا بوجداني طاملا كنت أكتبه ،إال أنني سرعان ما أتخلى عنه حال اكتماله ويأتي ذلك ضمن مساعي واعية وغير واعية لالنهماك في ابتداع أعمال أخرى.
و ِك ْت ٌ مان َك َو ْتهُم احليا ُة و�صعلك ٌة بلفظ جمر ِة احليا ِة الفاتن ْة. ِ َ ْ ون�سيان. ع ّذ َب ْتهُم َ م ْن ُيغم ُِ�ضو َن العيون مالب�س نومِ ها اخلفيف ْة. ُ ك�أ َّنهُم َيع ِز ُفون ال َك َمان ل َّو َع ْتهُم التي اْ ْبت�س َمتْ َف َغ َو ْت َيف َتحون العيون و َب َكتْ ك�أ َّنهُم ال َك َمان مِ ْنهُم. َف َ�ضاعُوا. الوح�ش ُّيون هكذا تعرفهم: �إىل ح ِّد ين�صبون �أمام الزهرة كال ُمهم حلوى ال�ص ُ العمياء مر�آ ًة مت لأط َفالهِ. ُ يريدُها َّ ُّ ف َ رتى كل َم ْن مل تر ُه �أبداً مِ ْنهُم. َمن تذ ُكر ُه عبثاً زهر ًة عمياء مِ ْنهُم. منهم. الن َّقـا ُد ال َق َر ِو ُّيون َمن لمَ ْ يجر ْح قل َبك لل َّنبَاتِ المْ ُعا�ص ْر. لمَ َي ِعد َْك ب�شي ْء يقتلون ما ال يقولونه. منهم. من لو �صادفوا �إخوتهم يف امل�صيبة يبنون املعابد ال يدخلونها �أبداً. ال يقولون عاب الف�ضول �إىل �أحدٍ ..مِ ْنهُم. ال ُي ْه ِر ُقون ُل َ ْ العيون. وال ترم�ش من َي ْل َز ُمهُم للح ِّب َج ٌ هل و َغ ْطر�س ٌة ُ ولل َم َحب ِة َم ْع ِرف ٌة و� ٌ إمالق رب ولل�ضغين ِة �ص ٌ خالد ح�سن عثمان