جريدة كلنا سوريون العدد24

Page 1

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 24 -‬السنة األوىل‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015 /‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫إيران تستبيح األرض وإسرائيل تستبيح السماء‬ ‫عرض هزيل وأداء باهت يف مسرح موسكو‬ ‫العمل اإلغاث ّي بني املأسسة واالرجتال‬

‫السوري‬ ‫النظام‬ ‫ّ‬ ‫ما بين «القنيطرة»‬ ‫و «موسكو»‬ ‫أخيراً ر َّد حزب هللا على إسرائيل باستهداف دور ّي��ة‬ ‫عسكريّة لها في مزارع «شبعا» المحتلّة‪ ،‬نتج عنها مقتل‬ ‫جنديّين وجرح عدد منهم‪ ،‬ورغم أنّ وزير الدفاع اإلسرائيليّ‬ ‫«موشي يعلون» أعلن عن رسالة أرسلها «حزب هللا» عبر‬ ‫قوّ ات األمم الم ّتحدة إلى الحكومة اإلسرائيليّة عقب العمليّة‬ ‫مباشرة‪ ،‬ويعلن فيها الحزب أ ّنه حريص ك ّل الحرص على عدم‬ ‫التصعيد‪ ،‬وكأ ّنه يقول لإلسرائيليّين‪:‬‬ ‫(مرقولنا ياها هالمرّ ة بس يا شباب) محاوالً بذلك استعادة‬ ‫القليل من ماء الوجه الذي سُفح مراراً منذ «عماد مغنيّة»‬ ‫وح ّتى حادثة «القنيطرة» التي قتل فيها سبعة من قياديّي‬ ‫الحزب وعناصره بينهم ضابط إيرانيّ برتبة عالية‪.‬‬ ‫ماذا كان يفعل عناصر من حزب هللا وإيران في القنيطرة؟؟؟‬ ‫ولماذا قبلت إسرائيل رسالة حزب هللا وأنهت الموضوع؟؟؟‬ ‫ولماذا ظهر النظام السوريّ وكأ ّنه آخر من يهت ّم اآلخرون‬ ‫ألمره؟؟؟‬ ‫على الرغم من أنّ األرض التي يتحارب فوقها اآلخرون‬ ‫هي أرض سوريّة؟؟؟‪.‬‬ ‫يبدو أنّ النظام السوريّ سلّم اإليرانيّين ك ّل شيء لدرجة‬ ‫أ ّنهم لم يعودوا مهتمّين ح ّتى بإخراج هذه التبعيّة بشكل الئق‬ ‫إعالم ّياً‪ ،‬لم يعد هناك اعتبار للسيادة السوريّة على األق ّل أمام‬ ‫السوريّين ولم يعد مه ّما ً «ح ّتى كذباً» إيهامنا أنّ هناك بقيّة من‬ ‫سيادة سوريّة على أرض سورية‪.‬‬

‫تحقيقات العدد‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ السكن حتت أشجار الزيتون‬‫ خميّمات املوت تنادي األحياء‪ ،‬فهل من منقذ هلا؟ ص‪6‬‬‫ص‪7‬‬ ‫ احللم األوّل للصانع األوّل‬‫ص‪7‬‬ ‫ جمزرة النّهر‬‫ص‪7‬‬ ‫‪ -‬بسمة على اجلدران‬

‫أزمة األحزاب السياسّية في سورّية‬

‫ص‪8‬‬

‫وأ ّما في لبنان فالسوق ازدهر بعشرة أضعافه‪ ،‬كذلك ازداد بشكل‬ ‫ملحوظ عدد العاملين بمهنة تجارة السالح وتهريبه لما تؤ ّمنه‬ ‫من أرباح ومردود مادّ ي لفئة المغامرين العاملين في هذه المهنة‬ ‫قوات النظام على‬ ‫المع ّقدة‪ ،‬ناهيك عن حقول األلغام التي زرعتها ّ‬ ‫طول الحدود البر ّية الشرق ّية والشمال ّية مع لبنان‪ ...‬أمري جنم الدين‬

‫ص‪9‬‬

‫ر ّبما سيبقى هذا األمر مقبوالً‬ ‫ نوعا ً ما ‪ -‬ح ّتى السنة القادمة‪،‬‬‫ل��ك� ّن��ه ل��ن ي��ك��ون ك��ذل��ك أك��ث��ر‪،‬‬ ‫نواح مختلفة‪ ،‬ولر ّبما بدأت تلك‬ ‫وسيترك آثاراً سلب ّية ج ّمة على‬ ‫ٍ‬ ‫اآلثار في الظهور على السطح منذ اآلن‪ ،‬ولك ّنها التزال غير متفاقمة‬ ‫للحدّ األسوأ‪.‬‬ ‫ريم احلاج‬

‫النقطة كنبراس‬ ‫ص ‪11‬‬

‫«أردت الوصول إلى النقطة‬ ‫ّ‬ ‫العربي قد سبقني‬ ‫الخط‬ ‫فرأيت‬ ‫ّ‬ ‫بيكاسو قال ذلك‪،‬‬ ‫إليها» بابلو‬ ‫ّ‬ ‫ألنّ «النقطة» عند أكثر العرفاء‬ ‫وحسب لغتهم الرمز ّية كاصطالح‬ ‫«الخال» الذي هو الوحدة على وجه المعشوق‪..‬‬

‫تنص‬ ‫األممي والتي‬ ‫مبادرة المبعوث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحجة‬ ‫على تجميد القتال في حلب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تسهيل مرور المساعدات اإلنسان ّية‬ ‫لحلب – التي وصفها «دي ميستورا»‬ ‫بمدينة العالم ‪ -‬حجر المبادرة هو تجميد القتال‪ ،‬أي بقاء المناطق المسيطر عليها من‬ ‫قبل المعارضة بيد المعارضة‪ ،‬وبقاء المناطق المسيطر عليها من قبل النظام بيده‪،‬‬ ‫والضمانات كما قال المبعوث هو إيمان جميع األطراف باهلل!‬ ‫حممد احلاج‬ ‫ّ‬

‫الثورة السورّية بين حرب‬ ‫االستنزاف وتجارة األسلحة‪...‬‬

‫حلب مدينة‬ ‫النساء والعجائز‬

‫هل حقق الغرب أهدافه‬ ‫في سورّية‬ ‫ص‪2‬‬

‫حسيب م‪ .‬عدي‬

‫ص‪3‬‬

‫جاءت بعض الردود على موضوع <<نحو بناء جسور بين القوى السياس ّية‬ ‫في سورية>> الذي طرحناه في العدد السابق من صحيفة «ك ّلنا سور ّيون» طويلة‬ ‫نسب ّياً‪ ،‬أي بما يعادل مقالة‪ ،‬ورأينا أن نستكمل الحوار ‪ -‬كما وعدناكم ‪ -‬عبر نشرها‪،‬‬ ‫مع كل ّ الشكر واالحترام‪.‬‬ ‫الوطني للعدالة والدستور (وعد)‪ :‬يكتنف مفهوم (الحزب)‬ ‫حسن النيفي‪ /‬الحزب‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي‬ ‫في الوسط‬ ‫السوري المزيد من الضباب ّية والريبة في الفهم‪ ،‬ولعل ّ مردّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصحر‬ ‫ذلك إلى انعدام الثقافة الحزب ّية لدى السور ّيين طيلة نصف قرن‪ ،‬وذلك نتيجة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحق السور ّيين‪.‬‬ ‫االستبدادي الذي مورس‬ ‫جراء الحكم‬ ‫ّ‬ ‫الحياة السياس ّية ّ‬

‫السوري‬ ‫حوار العدد مع المعارض‬ ‫ّ‬ ‫ُعقاب يحيى‬ ‫ص‪5‬‬

‫إي��ران وح��زب هللا وإسرائيل يتصرّ فون على األرض‬ ‫السوريّة كما يرغبون‪ ،‬والنظام السوريّ لم يعد أكثر من واجهة‬ ‫ه ّ‬ ‫شة‪ ،‬فقدت ح ّتى الح ّد األدنى من االعتبار‪ ،‬وما جرى ويجري‬ ‫من قصف إسرائيليّ للمواقع السوريّة في دمشق‪ ،‬وعلى امتداد‬ ‫المساحة السوريّة وصوالً إلى حادثة القنيطرة األخيرة‪ ،‬ك ّل هذا‬ ‫أصبح مرهونا ً بصراع االستراتيجيّات اإليرانيّة اإلسرائيليّة‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫لكنّ المفارقة الغريبة ج ّداً‪ ،‬أنّ هذا النظام الذي يتعامل معه‬ ‫اآلخرون بك ّل استهتار واستصغار يتصرّ ف بعنجهيّة صفيقة‬ ‫حيال السوريّين‪ ،‬ح ّتى حيال أولئك السوريّون الذين يمكن أن‬ ‫يتصاغروا أمامه‪ ،‬وأن يقبلوا منه فتات الفتات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫مؤخراً لقا ًء تشاور ّيا ً بين‬ ‫استضافت‬ ‫في موسكو التي‬ ‫الحكومة السوريّة ووفد أُطلق عليه (وفد المعارضة السوريّة)‬ ‫كان المشهد مذلاّ ً‪ ،‬احتشد السوريّون «بصفتهم طرفين» على‬ ‫طاولة اللعبة الروسيّة التي ر ّتبها وحشد لها الروس طويالً‪،‬‬ ‫بمشهد ال يليق بسورية‪ ،‬وال بتاريخها وال بشعبها وال بثورتها‪،‬‬ ‫بدا األمر كما لو أنّ تالميذ مدرسة يقفون بانتظار تعليمات‬ ‫ّ‬ ‫المتغطرس‪.‬‬ ‫مدير مدرستهم‬ ‫إذا كان النظام السوريّ قد أتقن طوال عقود حكمه إذالل‬ ‫السوريّين‪ ،‬وسحق كرامتهم‪ ،‬فالسؤال ال��ذي يحرق الدم‪،‬‬ ‫قبل هؤالء الذاهبون بصفتهم «معارضون» بك ّل هذا‬ ‫لماذا ِ‬ ‫اإلذالل؟؟؟‬ ‫لماذا قبلوا أيضا ً بإذالل الروس لهم؟؟‬ ‫ولماذا صمتوا على استقواء وفد الحكومة السوريّة بالروس‬ ‫إلذاللهم أيضاً؟‬

‫س��وري‪ ،‬عضو الهيئة‬ ‫ُعقاب يحيى‪ ،‬معارض‬ ‫ّ‬ ‫السوري لقوى الثورة‬ ‫الوطني‬ ‫السياس ّية لالئتالف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمعارضة‪.‬‬ ‫السوري‪ ،‬التقت‬ ‫في سعيها لفتح فضاءات الحوار‬ ‫ّ‬ ‫السوري‬ ‫صحيفة «ك ّلنا سور ّيون» مع المعارض‬ ‫ّ‬ ‫ُعقاب يحيى‪ ،‬وكان الحوار التالي‪:‬‬ ‫السوري‪ ،‬عبر النظام ومعه تنظيمات أخرى مثل‬ ‫اإلرهاب يفتك بالشعب‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫«داعش»‪ ،‬األطراف اإلقليم ّية والدول ّية تدّ عي محاربة اإلرهاب‪ ،‬كيف تق ّيمون الواقع‬ ‫السوري اليوم؟ وما هو دوركم في مواجهة اإلرهاب فعل ّياً؟‬ ‫ّ‬ ‫ذاتي‬ ‫ُعقاب يحيى‪ :‬اإلرهاب نتاج مجموعة عوامل موضوع ّية‪ ،‬وأخرى بفعل‬ ‫ّ‬ ‫يقترب من االختراق والتصنيع‪ .‬عقود فوات وفشل‪ ،‬وخيانة المشروع‪...‬‬ ‫حاوره ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫لم يقبل وفد النظام السوريّ ح ّتى نقاش الح ّد األدنى من‬ ‫األفكار التي ق ّدمها (المعارضون) السوريّون‪ ،‬وح ّتى ملفّ‬ ‫إغاثة السوريّين المنكوبين رفضوا نقاشه‪ ،‬وطلبوا من وفد‬ ‫المعارضة تسليم ما لديهم إلى الجهة الروسيّة؛ كم كان المشهد‬ ‫هزيالً؟! وكم كانت مأساة السوريّين وثورتهم وكرامتهم مُهانة‬ ‫على طاولة موسكو‪.‬‬ ‫نظام ال يتجرّ أ أن يعترض على استباحة اآلخرين ألرضه‪،‬‬ ‫اآلخرون الذين يحتلّون ح ّتى غرف نوم قيادات هذا النظام‪،‬‬ ‫بينما يدعس بك ّل صفاقة على وجع السوريّين ومصيرهم‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫هل ح ّقق الغرب أهدافه في سورية‬

‫انتهى عام ‪ 2014‬بزخم المبادرات الدوليّة‬ ‫والتي تهدف – إلنهاء األزمة السوريّة ‪ -‬كما يحلو‬ ‫لهم تسميتها‪ ،‬واستمرّ النقاش بتلك المبادرات‬ ‫التي لم ّ‬ ‫يبت بأمرها بعد في عام ‪ ،2015‬مبادرة‬ ‫المبعوث األمميّ «ستافان دي ميستورا» ومبادرة‬ ‫«موسكو ‪ »1‬ومبادرة مصر لردم هوّ ة الخالف‬ ‫بين أطياف المعارضة‪.‬‬ ‫ولكن هل من الممكن أن تكون إحدى تلك‬ ‫المبادرات هي الح ّل السحريّ لسورية؟ وهل أيّة‬ ‫مبادرة منها يمكن أن تح ّقق جزءاً من طموحات‬ ‫الشعب السوريّ ؟‬ ‫مبادرة المبعوث األمميّ والتي تنصّ على‬ ‫تجميد القتال في حلب‪ ،‬بحجّ ة تسهيل مرور‬ ‫المساعدات اإلنسانيّة لحلب – التي وصفها «دي‬ ‫ميستورا» بمدينة العالم ‪ -‬حجر المبادرة هو‬ ‫تجميد القتال‪ ،‬أي بقاء المناطق المسيطر عليها‬ ‫من قبل المعارضة بيد المعارضة‪ ،‬وبقاء المناطق‬ ‫المسيطر عليها من قبل النظام بيده‪ ،‬والضمانات‬ ‫كما قال المبعوث هو إيمان جميع األطراف باهلل!‬ ‫ما يعني تقديم طبق من ذهب للنظام لتحويل‬ ‫جميع ميليشياته التي تقاتل على جبهات حلب‬ ‫إلى دمشق بشكل مح ّدد‪ ،‬وتضييق الحصار على‬ ‫الغوطتين هناك وإعادة السيطرة عليها‪ ،‬وبعدها‬ ‫اال ّتجاه نحو درعا التي تتسارع فيها األحداث‬ ‫لصالح المعارضة والتي تتق ّدم بها بشكل سريع‬ ‫ّ‬ ‫ومنظم‪ ،‬وبعد ذلك انتهاء م ّدة تجميد حلب ووضع‬

‫ثقل النظام على المناطق‬ ‫ال��م��ح��رّ رة م��ن المدينة‬ ‫والسيطرة عليها مج ّدداً‪.‬‬ ‫الدردشة السياسيّة في‬ ‫موسكو كما أطلق عليها‬ ‫االئتالف‪ ،‬مبدؤها الذهاب‬ ‫لموسكو واجتماع وف��ديّ‬ ‫النظام والمعارضة (وفد‬ ‫المعارضة يت ّم تحديده من‬ ‫قبل موسكو) ل��ردم الهوّ ة‬ ‫بين الطرفين‪ ،‬وبعد ردمها‪،‬‬ ‫يبدأ الحديث عن مؤتمر‬ ‫شبيه بمؤتمر جنيف‪2‬‬ ‫للسالم الذي فشل في العام الفائت‪ ،‬الملفت بهذه‬ ‫«الدردشة» هو إصرار موسكو على «حوار‬ ‫غير مشروط» وع��دم مناقشة مستقبل األسد‪،‬‬ ‫وع��دم التطرّ ق لتشكيل حكومة انتقاليّة ذات‬ ‫صالحيّات واسعة‪.‬‬ ‫أي‪ ،‬الحديث سيكون ح��ول «كيفيّة عودة‬ ‫المعارضين لحضن الوطن أو النظام» وهو‬ ‫بشكل مؤ ّكد ال يرقى لطموحات السوريّين‪.‬‬ ‫مصر اآلن تسعى إلعادة دورها المحوريّ‬ ‫في الشرق األوسط وذلك بعد أن بدأ االستقرار‬ ‫السياسيّ ‪ -‬ولو كان بشكل غير نهائيّ ‪ -‬ولذلك‬ ‫وجّ هت ع ّدة دعوات لجميع أطياف المعارضة‬ ‫السياسيّة الموجودة في سورية منها هيئة التنسيق‬ ‫واالئ��ت�لاف‪ ،‬وذل��ك لعقد اجتماعات للخروج‬ ‫بمسوّ دة نهائيّة تجمعهم بأيّ مؤتمر قادم‪ .‬انتهت‬ ‫تلك االجتماعات ولم يصدر إلى اآلن أيّ تصريح‬ ‫واض��ح ح��ول اال ّت��ف��اق ال��ذي ت� ّم خ�لال اجتماع‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫إشاعات تكاد تكون مؤ ّكدة‪ ،‬قالت‪ :‬إنّ عمل‬ ‫وحدة تنسيق الدعم تو ّقف بشكل نهائيّ ‪ ،‬وعمل‬ ‫الحكومة المؤ ّقتة ببداية هذا العام سيكون بشكل‬ ‫تطوّ عيّ ‪ ،‬وتهديدات لالئتالف بقطع الدعم‬ ‫عنه بشكل كامل‪ ،‬ما هي إلاّ ضغوطات على‬ ‫المعارضة التي ‪ -‬ال حول وال قوّ ة لها ‪ -‬للقبول‬ ‫بإمالءات السعوديّة أوّ الً وآخراً‪.‬‬

‫ممّا يعني القبول بأيّة مبادرة يت ّم اال ّتفاق عليها‬ ‫من تحت الطاولة بين الدول العظمى‪.‬‬ ‫موسكو تريد بقاء مصالحها في سورية‪،‬‬ ‫وإي��ران – التي بدأت بالتخصيب بشكل سرّ يّ‬ ‫ كذلك األمر‪ ،‬أمّا الدول األور ّبيّة واإلقليميّة‬‫فجميعها بانتظار أوامر واشنطن‪ ،‬إلاّ أنّ األخيرة‬ ‫ال مصالح لها في سورية‪ ،‬ولذلك هي غير مهتمّة‬ ‫بالشأن السوريّ حال ّياً‪.‬‬ ‫هذا الكالم يعني استمرار الوضع السوريّ‬ ‫إلى وقت ليس بالقصير‪ ،‬فسورية حال ّيا ً باتت‬ ‫منطقة تصا ٍ‬ ‫ف وتح ٍّد بين الدول الكبرى‪ ،‬روسيا‬ ‫تريد استعادة ثقلها الدوليّ ‪ ،‬وأميركا تحاربها في‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫لبنان والجزائر واألردنّ ‪ ،‬فرضوا تأشيرة‬ ‫دخول على السوريّين‪ ،‬أمّا تركيا فألغت استثناء‬ ‫دخول السوريّين إليها في حال انتهاء م ّدة جواز‬ ‫السفر‪ ،‬بل أيضا ً عملت على رفض استقبال أيّ‬ ‫سوريّ عبر مطاراتها إن لم يكن جواز سفره‬ ‫ساري المفعول لم ّدة ‪ 3‬أشهر على األقل‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬هي خطوات من قِبل الدول التي يلجأ إليها‬ ‫السوريّ للتضييق عليه‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬الضغط‬ ‫على الشعب السوريّ أيضا ً للقبول بأيّ ح ّل وإن‬ ‫لم يح ّقق طموحاته‪.‬‬ ‫على ما يبدو أنّ المجتمع الدوليّ قرّ ر أن ينهي‬ ‫الوضع السوريّ ‪ ،‬بأيّ شكل‪ .‬ربّما‪ ،‬تخفيض سعر‬ ‫النفط سيضغط على روسيا وإيران للقبول بح ّل‬ ‫يُفرض عليهم من قبل الدول الغربيّة وأميركا‪.‬‬ ‫ربّما‪ ،‬لن يُؤخذ بأيّ من المبادرات التي ُذكرت‬ ‫آنفا ً في هذا المقال‪ ،‬ولكن التو ّقعات تجري بأنّ‬ ‫يعقد مؤتمر شامل لجميع األطراف عبر موسكو‬ ‫لوضع حجر األساس إلنهاء المأساة السوريّة‪،‬‬ ‫والذي ستكون نتائجه ليست لصالح النظام وال‬ ‫المعارضة وال ح ّتى الشعب السوريّ ‪ ،‬بل ستكون‬ ‫نتائجه لصالح أحد األط��راف المشاركة في ‪-‬‬ ‫حرب الوكالة ‪ -‬في سورية‪ ،‬هذا الكالم ال يعني‬ ‫انتهاء الوضع السوريّ خالل العام الحاليّ ‪ ،‬بل‬ ‫من الممكن والمتو ّقع أن يمت ّد للعام القادم‪.‬‬

‫فتنة تحت الرماد‬

‫أحيانا ً نسمع من البعض أنّ المجتمع السوريّ‬ ‫قبل الثورة كان يعيش حياة هانئة نوعا ً ما‪ ،‬وأنّ‬ ‫البنية االجتماعيّة السوريّة رغم تنوّ عها وتع ّدد‬ ‫ثقافاتها وطوائفها كانت تتعايش مع بعضها‬ ‫البعض بصورة متناغمة‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ الحقيقة كانت خالف ذلك تماماً‪ ،‬فالسلم‬ ‫األهليّ المزعوم الذي تغ ّنى به البعض من ذوي‬ ‫التفكير السطحيّ ‪ ،‬كان مجرّ د سلم وهميّ سكونيّ‬ ‫ت ّم ضبطه وفق إرادة السلطة التي حكمت سوريّة‬ ‫لعقود من الزمن‪.‬‬ ‫ألنّ السلم األهليّ الحقيقيّ المنشود‬ ‫لو تح ّقق فعالً لزرع األمن والطمأنينة‬ ‫ّ‬ ‫وع��زز التواصل‬ ‫في نفس المواطن‬ ‫االجتماعيّ بين م��ك��وّ ن��ات المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫وعزز التع ّدديّة السلميّة وجعل‬ ‫المتع ّددة‪،‬‬ ‫من هذه التع ّدديّة مصدراً لغنى المجتمع‬ ‫الثقافيّ ‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ واقع المجتمع السوريّ كان‬ ‫عكس ما ُذكر‪ ،‬فعلى المستوى الفرديّ‬ ‫كان الخوف هو الهاجس المسيطر على‬ ‫المواطن السوريّ ‪ ،‬وكانت فروع األمن‬ ‫مصدراً ّ‬ ‫لبث الرعب في نفسه‪ ،‬إذ لم يكن‬ ‫بمقدور المواطن أ ّيا ً كان مستواه الثقافيّ‬ ‫أو درجته الوظيفيّة التعبير عن رأيه‬ ‫بحريّة وكان مكرها ً على التملّق للسلطة‬ ‫الحاكمة ألغراض ش ّتى‪ ،‬فكثيراً ما كنت‬ ‫ترى مسؤوالً رفيع المستوى ّ‬ ‫يهز بمسبحته على‬ ‫رأس الدبكة المعقودة بمناسبة مبايعة الحاكم‪،‬‬ ‫وذلك طمعا ً بأن يتبوّ أ موقعا ً أه ّم من الموقع الذي‬ ‫يشغله أو على األق ّل كي يحافظ على ذاك الموقع‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫زد على ذلك أنّ ك ّل مواطن س��وريّ كان‬ ‫يخاف من نظيره السوريّ عندما يتعلّق النقاش‬ ‫بسياسة الدولة أو بالسلطة الحاكمة‪ ،‬فقد ج ّندت‬ ‫السلطات األمنيّة مئات اآلالف من السوريّين‬ ‫لكتابة التقارير ح ّتى وإن كانت مل ّفقة مقابل‬ ‫مبالغ ماليّة أو مقابل تم ّتع هذا المخبر بالحظوة‬ ‫ّ‬ ‫بحق‬ ‫لدى مراكز القوّ ة والنفوذ‪ ،‬إذ كانت سوريّة‬ ‫جمهوريّة الرعب‪ ،‬الرعب ح ّتى من الجدران‪،‬‬ ‫آذان صاغية في عهد الطغمة‬ ‫والتي أصبحت ذات ٍ‬ ‫الحاكمة‪ ،‬فلم يكن يجرؤ أحد أن يصف االنقالب‬ ‫العسكريّ الذي قام به األسد األب عام ‪1970‬‬ ‫بوصفه الحقيقيّ ‪ ،‬بل كان ملزما ً بأن يسميه بـ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫(الحركة التصحيحيّة المجيدة) لتجميل صورة‬ ‫الطاغية لدى الشعب‪ ،‬وكان هذا الرعب أحد أه ّم‬ ‫عوامل زعزعة السلم األهليّ ألنّ حرّ يّة التعبير‬ ‫ُتعتبر من أه ّم مستلزمات هذا السلم‪.‬‬ ‫كما أنّ السلم الوهميّ الذي رسمه االستبداد‬ ‫األسديّ كان سببا ً في تفكيك المجتمع السوريّ‬ ‫وتشرذمه‪ ،‬ألنّ التضييق على حرّ يّة مكوّ نات‬ ‫معيّنة من مكوّ نات المجتمع السوريّ في التعبير‬ ‫عن هويّتها وخصوصيّتها وتغيّبها عن المشاركة‬

‫ّ‬ ‫الحق لمكوّ نات أخرى بالتح ّكم‬ ‫السياسيّة‪ ،‬مقابل منح‬ ‫بالجزء األكبر من مق ّدرات البلد ضمن صفقة‬ ‫شراء الوالءات وتجنيد التابعين لخدمة المصالح‬ ‫الضيّقة‪ ،‬كان سببا ً في خلق الفجوة الحقيقيّة بين‬ ‫المكوّ نات االجتماعيّة وزرع بذور الفتنة األهليّة‬ ‫بينها وعامالً يزيد االحتقان والحساسيّات والرغبة‬ ‫في االنتقام‪ ،‬إذ لم تكن المكوّ نات تتم ّتع بمساحات‬ ‫متساوية في التعبير‪ ،‬وكان هامش الحريّة ي ّتسع‬ ‫أو يضيق حسب درجة الوالء للفكر االستبداديّ ‪،‬‬ ‫دون أن ننسى الخطوط الحمراء التي ال يجوز‬ ‫ّ‬ ‫تخطيها من أيّ مكوّ ن كان‪.‬‬ ‫وقد لجأ االستبداد إلى سياسة يمكن أن‬ ‫نسمّيها بسياسة التقمّص‪ ،‬إذ كان يتقمّص شخصيّة‬ ‫مكوّ ن ما من خالل بعض المرتزقة من أبنائه‬ ‫ّ‬ ‫لبث مظاهر الحقد والكراهيّة تجاه مكوّ ن أو‬ ‫مكوّ نات أخرى‪ ،‬ومن خالل زرع الفكرة الفوقيّة‬

‫حممّد احلاج‬

‫واالستعالء لدى بعض المكوّ نات تجاه غيرها‪،‬‬ ‫ناهيك عن أ ّنه قد لجأ ‪ -‬في سبيل ترسيخ ذلك‬ ‫التشرذم ‪ -‬إلى سياسات فاضحة كشفت الوجه‬ ‫الحقيقيّ لهذا النظام‪ ،‬فمثالً جلب العرب الذين‬ ‫ُغمرت أراضيهم بمياه نهر الفرات في السبعينيّات‬ ‫من القرن الماضي إلى المناطق الكرديّة‪ ،‬وت ّم‬ ‫انتزاع أراضي األكراد التي ورثوها «أبا ً عن‬ ‫ج� ّد» منهم‪ ،‬ومنحها للعرب المذكورين دون‬ ‫وجه ّ‬ ‫حق ودون أيّ تعويض‪ ،‬لألسف كان وال‬ ‫يزال جمراً تحت الرماد‪ ،‬وخلق لدى‬ ‫الكرد أحقاداً تجاه المكوّ ن العربيّ قد ال‬ ‫ُتنسى‪ ،‬إلاّ إذا تم ّك ّنا من ترسيخ مفهوم‬ ‫العدالة االنتقاليّة الذي يقتضي اللجوء‬ ‫إلى مجموعة من اإلجراءات القضائيّة‬ ‫وغير القضائيّة لمعالجة ما خلّفه‬ ‫االستبداد من انتهاكات جسيمة لحقوق‬ ‫اإلن��س��ان وض���رورة كبح النزعات‬ ‫االنتقاميّة وز ّج مؤسّسات المجتمع‬ ‫المدنيّ في عمليّة المعالجة هذه‪ ،‬وال ب ّد‬ ‫من ترسيخ مفهوم العدالة االجتماعيّة‬ ‫الذي يستلزم أن يحصل ك ّل شخص‬ ‫على فرص حياتيّة متوازية مع غيره‬ ‫استناداً إلى الكفاءة والمهارة‪ ،‬وليس‬ ‫إلى المحسوبيّة ودرجة الوالء للحاكم‪.‬‬ ‫فوق هذا وذاك‪ ،‬ال ب ّد من وجود‬ ‫إعالم حرّ يتحسّس أمراض المجتمع‬ ‫ويُظهرها للعلن بهدف معالجتها واالرت��ق��اء‬ ‫بالمجتمع إلى المستوى المرغوب‪ ،‬إذ كان اإلعالم‬ ‫طوال فترة الحكم االستبداديّ إعالما ً رخيصا ً‬ ‫مبتذالً بعيداً عن هموم الشارع‪ ،‬ومهمّته تجميل‬ ‫قبائح الحاكم ال أكثر‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فإنّ الثورة السوريّة كانت أمراً‬ ‫ال ب َّد منه‪ ،‬كي ُتبيّن حقيقة مفادها‪ :‬أنّ السلم الذي‬ ‫تبجّ ح به النظام كثيراً‪ ،‬كان سلما ً وهم ّيا ً يُخفي بين‬ ‫طيّاته الفتنة الطائفيّة والعرقيّة والمذهبيّة والقوميّة‬ ‫والمناطقيّة‪ ،‬بل وكانت تلك الفتنة المخفيّة تحت‬ ‫الرماد سببا ً لبقاء الحكم الدكتاتوريّ طوال العقود‬ ‫الماضية‪ ،‬أل ّن��ه زرع في ذهن ك ّل مكوّ ن من‬ ‫مكوّ نات المجتمع السوريّ ‪ ،‬فكرة مفادها‪ :‬أ ّنه‬ ‫(الدكتاتور) هو المالذ اآلمن ألبنائه إن تعرّ ضوا‬ ‫للظلم على يد أيّ مكوّ ن آخر‪.‬‬

‫رياض علي‬

‫قراءة سياسية‬

‫داعش‪ ..‬بين‬ ‫التم ّدد والتقلّص‬

‫«دولة اإلسالم باقية وتتم ّدد» بهذا اإلعالن عن قيام المتطرّ فين‬ ‫اإلسالميّين في سورية والعراق لتثبيت دولتهم‪ ،‬كان التحوّ ل األكبر‬ ‫في الوضع السوريّ ‪ ،‬رغم ك ّل المتغيّرات التي سبقته‪ ،‬لكن وبصرف‬ ‫النظر عن طبيعة القوى المناهضة لهذه الدولة‪ ،‬محلّيّة وإقليميّة‬ ‫ودوليّة‪ ،‬عبر ضربات التحالف الدوليّ ‪ -‬العربيّ ‪ ،‬وعبر جيش‬ ‫النظام والحشد الشيعيّ والبيشمركة الكردستانيّة في العراق‪ ،‬وعبر‬ ‫معظم تشكيالت المعارضة السوريّة‪ ،‬إضافة لقوّ ات حزب اال ّتحاد‬ ‫الديمقراطيّ الكرديّ ‪ ،‬فإنّ سيطرة تنظيم تلك الدولة المعروف بـ‬ ‫«داعش» على المنطقة الممت ّدة من الموصل ح ّتى حلب‪ ،‬قد خضع‬ ‫ويخضع للتم ّدد حينا ً وللتقلّص حينا ً آخر‪ ،‬ممّا يدفع للبحث في طبيعة‬ ‫تلك السيطرة وإمكانات بقائها أو زوالها‪ ،‬إضافة للنظر في المسبّبات‬ ‫والنتائج المتعلّقة بهذه الظاهرة ومدى تعلّقها بتغيير مسار الثورة‬ ‫السوريّة‪ ،‬وك ّل ثورات الربيع العربيّ ‪ ،‬دون الخوض في االفتراضات‬ ‫الذهنيّة التي رافقتها وترافقها‪ ،‬كحرب إعالميّة مساندة للحروب التي‬ ‫يخوضها الجميع فوق تلك األرض المستباحة‪.‬‬ ‫شك فيه أنّ القوّ ة النوعيّة التي م ّكنت «الدواعش» من‬ ‫ممّا ال َ‬ ‫الوصول إلى ما وصلوا إليه‪ ،‬قد جاءت على نحو مفاجئ‪ ،‬يمكن‬ ‫وصفه باللغز المحيّر‪ ،‬وح ّتى بالفعل التآمريّ ‪ ،‬حين قامت قوّ ات جيش‬ ‫حكومة المالكيّ المتمركز في الموصل‪ ،‬باالستسالم لبضعة مئات‬ ‫من «الداعشيّين» وتسليمهم ك ّل تلك الترسانة من األسلحة الثقيلة‬ ‫والذخائر‪ ،‬إضافة لألموال الطائلة المتو ّفرة في البنوك‪ ،‬فيما يمكن‬ ‫إرجاع ظهورهم في شمال شرق سورية‪ ،‬بعد انطالق الثورة بأكثر‬ ‫من عام ونصف‪ ،‬إلى تو ّفر المناخ المناسب لنشاط اإلسالم المتطرّ ف‪،‬‬ ‫نتيجة لعنف النظام وصبغته الطائفيّة‪ ،‬على يد بقايا تنظيم القاعدة‬ ‫في بالد الرافدين‪ ،‬ذلك التنظيم الذي اعتمد ‪ -‬ومنذ نشوئه ‪ -‬على‬ ‫حمالت استقدام الجهاديّين من المجتمعات اإلسالميّة المختلفة‪ ،‬والتي‬ ‫نشطت في سورية بالتنسيق مع أجهزة النظام األمنيّة‪ ،‬كما في حملة‬ ‫الشيخ محمود قول آغاسي المعروف بأبي القعقاع‪ ،‬في حيّ الصاخور‬ ‫بمدينة حلب‪ ،‬األمر الذي يشير بشكل أو بآخر إلى اختراقات معيّنة‬ ‫للنظام في صفوف التنظيم‪ ،‬وربّما يفسّر طبيعة المعارك الجارية‬ ‫بينهما‪ ،‬والتي تنشب بين الحين واألخر‪ ،‬دون أن تصل إلى شكل‬ ‫لصراع كامل يستهدف إزالة طرف لآلخر ح ّتى اآلن‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬فإنّ الهيكليّة الحاليّة للتنظيم‪ ،‬المعتمدة بشكل أساسيّ‬ ‫على األشخاص المتطرّ فين‪ ،‬وأصحاب السوابق اإلرهابيّة‪ ،‬القادمين‬ ‫من ك ّل أصقاع األرض‪ ،‬من الشيشان وأوروبا الغربيّة‪ ،‬كما من‬ ‫الخليج العربيّ وشمال أفريقيا‪ُ ،‬تبقي الباب مفتوحا ً أمام احتماالت‬ ‫اختراق ك ّل القوى الدوليّة واإلقليميّة‪ ،‬ممّا يدفع لالعتقاد بأنّ ذلك‬ ‫التنظيم ‪ -‬مع مالحظة ك ّل ذلك الغموض في التمويل والدعم ‪ -‬ليس‬ ‫سوى أداة أكثر منه ظاهرة‪ ،‬أداة ال يمكن أن تش ّكل ورقة ضغط بيد‬ ‫أيّ من الالعبين المختلفين‪ ،‬وغير القادرين على التوصّل إلى أيّ ح ّل‬ ‫توافقيّ ‪ ،‬بين األمريكان والروس‪ ،‬كما بين اإليرانيّين وبين األتراك‬ ‫والقطريّين والسعوديّين‪ ،‬أداة كثيراً ما يكون اللجوء إليها في بعض‬ ‫المعارك والوقائع التي يخوضها ذلك التنظيم‪ ،‬لمصلحة أحد الالعبين‬ ‫ومعاكسة لمصالح الالعبين اآلخرين‪.‬‬ ‫إنّ ما حصل من تم ّدد على مساحة واسعة في العراق وسورية‪،‬‬ ‫بعد االستحواذ على كميّات كبيرة ونوعيّات مختلفة من األسلحة‬ ‫والذخائر‪ ،‬من أسلحة الجيش العراقيّ ‪ ،‬وح ّتى السوريّ ‪ ،‬يش َكل كما‬ ‫هو ظاهر على األرض‪ ،‬المصادر األساسيّة لتسليح هذا التنظيم‪ ،‬في‬ ‫حين ال يشير السالح المتد ّفق عبر األراضي التركيّة إلى الداخل‬ ‫السوريّ ‪ ،‬إلاّ إلى كونه تسليحا ً لتشكيالت المعارضة المسلّحة‪ ،‬الذي‬ ‫يش َكل مصدراً أساس ّيا ً لها‪ ،‬إلى جانب ما تستطيع السيطرة عليه من‬ ‫قوّ ات النظام‪ ،‬والذي ال يش ّكل انتقال جزء منه إلى تنظيم «داعش»‬ ‫بمختلف األشكال‪ ،‬أيّ مصدر مه ّم لتسليحهم؛ كذلك فإنّ ما يجري‬ ‫ومنذ ع ّدة أشهر من توجّ هات دوليّة وإقليميّة‪ ،‬أمريكيّة وسعوديّة‬ ‫بشكل خاصّ ‪ ،‬للتضييق على الدعم العسكريّ والماليّ المق ّدمين‬ ‫لمعظم فصائل المعارضة المسلّحة‪ ،‬بهدف التهيئة لخلق قوّ ة عسكريّة‬ ‫للمعارضة المعتدلة‪ ،‬يش ّكل عامالً آخر من عوامل غياب اعتماد‬ ‫التنظيم على هذا المصدر‪ .‬كذلك فإنّ تلك السيطرة الممت ّدة من مدينة‬ ‫الموصل إلى مناطق حلب‪ ،‬لم يكن لها أن تت ّم لوال اعتمادها ‪ -‬ولو‬ ‫ّ‬ ‫جزئ ّيا ً ‪ -‬على الحالة االجتماعيّة‬ ‫المتمثلة بالشكل العشائريّ الس ّنيّ‬ ‫المتطلّع للخالص من الطغيان السلطويّ ‪ ،‬لحكومة بغداد ذات النزعة‬ ‫الشيعيّة التسلطيّة‪ ،‬ولنظام األسد ذو الصبغة العلويّة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يفسّر التقلّصات الالحقة لتلك السيطرة في المناطق الكرديّة‪ ،‬بدءاً من‬ ‫سنجار‪ ،‬وصوالً إلى عين العرب (كوباني) وكركوك؛ لكنّ ضربات‬ ‫التحالف الدوليّ الشديدة التركيز‪ ،‬والتي أ ّدت لوقف التم ّدد‪ ،‬كما‬ ‫أشار الرئيس األمريكيّ ‪ ،‬قد خلّفت فقدان التنظيم للعديد من كوادره‬ ‫للسعي نحو الهروب‪ ،‬ح ّتى‬ ‫وعناصره‪ ،‬بل دفعت وتدفع العديد منهم‬ ‫َ‬ ‫بات الحديث عن قيام التنظيم بإعدام بعض عناصره أمراً شبه يوميّ ؛‬ ‫فيما تش ّكل اإلجراءات الجديدة بعد اعتداءات باريس اإلرهابيّة‪ ،‬على‬ ‫الح ّد من التحاق المزيد من العناصر الجديدة بالتنظيم‪ ،‬بعداً آخر من‬ ‫أبعاد التقلّص الجديد‪.‬‬ ‫إنّ تلك العوامل‪ ،‬إضافة إلى غياب المصدر المستمرّ لتد ّفق األسلحة‬ ‫والذخائر‪ ،‬قد تضع عمليّة التم ّدد في الماضي‪ ،‬فيما تبقى عمليّة التقلّص‬ ‫المتواصل والزوال مرهونة‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬بالمتغيّرات السياسيّة‬ ‫ح ّتى خارج حدود المنطقة‪ ،‬التي تدفع بالالعبين األساسيّين على‬ ‫الساحة الدوليّة واإلقليميّة‪ ،‬إلى االستغناء عن خدمات ذلك التنظيم‬ ‫وغيره من التنظيمات المشابهة‪ ،‬دون الحاجة إلى القيام بمواجهات‬ ‫مباشرة فيما بينهم‪ ،‬يمكن أن تش ّكل عبئا ً ثقيالً عليهم‪ ،‬طالما أ ّنه يمكن‬ ‫تحميل األعباء للجانب السوريّ بمفرده ‪ ،‬الذي تحّ ول إلى فريسة‬ ‫حقيقيّة لصراع األقوياء‪.‬‬

‫لؤي حاج بكري‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫أزمة األحزاب السياسّية في سورّية‬

‫السياسيّ ‪ ،‬أي أضعف االنتقال للنظام السياسيّ الجديد‬ ‫جاءت بعض الردود على موضوع <<حنو بناء جسور بني القوى السياسيّة يف سورية>> الذي نريده‪ ،‬وهو عامل الضعف الذاتيّ داخل القوى‬ ‫الذي طرحناه يف العدد السابق من صحيفة «كلّنا سوريّون» طويلة نسبيّاً‪ ،‬ورأينا أن نستكمل السياسيّة السوريّة‪ ،‬باإلضافة لعقليّة الهيمنة وإلغاء‬ ‫اآلخر وقصر النظر السائدة عند بعضها؛ وقد تصوّ رت‬ ‫نشر احلوار ‪ -‬كما وعدناكم ‪ -‬مع ك ّل الشكر واالحرتام‪.‬‬ ‫بعض القوى السياسيّة أنّ النظام سيسقط خالل أشهر‬ ‫هيئة التحرير على أبعد تقدير‪ ،‬لذلك كانت تر ّتب أمور استالمها‬ ‫وتفرّ دها بالسلطة‪ ،‬و أيضا ً هناك قوى لم تستطع أن‬ ‫حسن النيفي‪ /‬احلزب الوط ّ‬ ‫ين للعدالة والدستور (وعد)‬ ‫لنظام األسد‪ ،‬بل ما ق ّدمته المعارضة السوريّة من يقود الحركة الوطنيّة غيرها‪ ،‬أو يشاركها في قيادة‬ ‫يكتنف مفهوم (الحزب) في الوسط االجتماعيّ تضحيات – وخاصّة المعارضة اإلسالميّة – (شهداء الحركة الوطنيّة‪ ،‬ففجّ رت التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ‬ ‫السوريّ المزيد من الضبابيّة والريبة في الفهم‪ ،‬ولع ّل – معتقلون – مهجّ رون) نكاد ال نجد لها مثيالً في أيّ في انتخابات عجيبة‪ ،‬ث ّم دفعت األم��ور لصراعات‬ ‫مر ّد ذلك إلى انعدام الثقافة الحزبيّة لدى السوريّين طيلة بلد عربيّ في تلك الفترة الزمنيّة‪ ،‬ولكن على الرغم منهكة داخل المجلس الوطنيّ ‪ ،‬ث ّم دفعت األمور نحو‬ ‫نصف قرن‪ ،‬وذلك نتيجة تصحّ ر الحياة السياسيّة جرّ اء من ك ّل ذلك فإنّ المعارضة السوريّة وأعني (األحزاب أشكال من الصراع أكثر خطورة داخل االئتالف‬ ‫الحكم االستبداديّ الذي مورس ّ‬ ‫بحق السوريّين‪.‬‬ ‫السياسيّة بك ّل توجّ هاتها) لم تستطع تجاوز النظام الحاكم الوطنيّ ‪ ،‬ممّا أنهكه و أخرجه من معادلة الصراع‪.‬‬ ‫ولم تستطع األحزاب السياسيّة السوريّة التقليديّة – أو نظام البعث من حيث آليّات التفكير والمنهج في‬ ‫والغريب‪ ،‬أنّ األحزاب والتجمّعات التي حافظت‬ ‫بحكم واقعها المأزوم – أن تسهم في تجسيد قناعة لدى العمل الذي ينعكس على الممارسات والسلوك انعكاسا ً على تماسكها وتجمّعها في عهد األسد‪ ،‬سرعان ما‬ ‫الناس مغايرة للقناعة المستقرّ ة في أذهانهم‪ ،‬ذلك أنّ مباشراً‪ ،‬ودليل ذلك أنّ ك ّل األحزاب في سوريّة هي‬ ‫ّ‬ ‫تمزقت وانقسمت عند انطالق الثورة‪ ،‬أي عندما‬ ‫قط ثمرات نشاط حزبيّ ملموس عاجزة اآلن عن إنتاج مشروع سياسيّ ّ‬ ‫السوريّين لم يحصدوا ّ‬ ‫يمثل مصالح كانت سورية بحاجة إليها‪ ،‬منها ‪ -‬على سبيل المثال‬ ‫في سوريّة ال قبل الثورة وال بعد انطالقتها‪ ،‬ويعود السوريّين‪ ،‬كما هي عاجزة من إحراز حضور فعّال في ال الحصر ‪ -‬حزب اال ّتحاد االشتراكيّ الديمقراطيّ‬ ‫ذلك إلى النهج الذي مارسته األحزاب في تواصلها مع الثورة السوريّة‪.‬‬ ‫وحزب العمل الشيوعيّ وحزب الشعب الديمقراطيّ ؛‬ ‫الناس والتعامل مع قضاياهم‪ ،‬وال نستغرب اإلفالس‬ ‫وأ ّيا ً كان الشأن فإنّ إعادة االعتبار للحياة الحزبيّة رغم أنّ انقسام بعضها كان موضوع ّياً‪ ،‬فقد التزمت‬ ‫الذي مُنيت به اإليديولوجيّات التقليديّة بك ّل أصنافها‪ ،‬في سوريّة‪ ،‬والشروع في تشكيل األحزاب السياسيّة‪ ،‬أقسام منها بالثورة‪ ،‬بينما رأت أقسام أخرى أ ّنها ثورة‬ ‫وذلك إبّان انفجار ثورات الربيع العربيّ الذي أثبتت هو أمر ال ب ّد منه لتدشين حياة سياسيّة في سوريّة دينيّة سلفيّة‪ ،‬يجب الوقوف مع النظام لضرب اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫كشوفاته الثقافيّة أنّ هواجس المواطن السوريّ وهمومه المستقبل‪ ،‬إلاّ أنه من جهة أخرى أرى أ ّنه الب ّد أليّ والتطرّ ف‪ ،‬فتحوّ ل بعض هذه األحزاب إلى أحزاب‬ ‫ومعاناته لم تكن بمنأى عن اهتمام السلطة الحاكمة مشروع حزبيّ مستقبليّ من أن يكون موسوما ً بما يلي‪ :‬مجرمة قاتلة مثل القسم المتعاون مع السلطة بحزب‬ ‫فحسب‪ ،‬بل بمنأى عن األحزاب التي كانت تص ّنف في‬ ‫‪ – 1‬القدرة على تحويل المضامين اإليديولوجيّة القوميّين السوريّين االجتماعيّين‪.‬‬ ‫إلى مشاريع تخدم الواقع االجتماعيّ ‪ ،‬وتلبّي حاجات‬ ‫صفوف المعارضة أيضاً‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬نستطيع أن نقول‪ :‬إنّ الثورة هي فرن صهر‬ ‫ولم تتم ّكن أحزاب المعارضة السوريّة من جعل الناس المعيشيّة‪.‬‬ ‫هذه األح��زاب‪ ،‬ويعيد إنتاجها بشكل أفضل لتصبح‬ ‫برامجها وشعاراتها السياسيّة برامج حياتيّة تستم ّد‬ ‫‪ – 2‬مرونة الذات الحزبيّة وقابليّتها للعمل واالندماج قادرة على تغيير مساراتها ورؤيتها للمجتمع‪ ،‬لتكون‬ ‫ّ‬ ‫مضمونها من حياة الناس ونشاطهم االجتماعيّ ‪ ،‬بل في التكوينات السياسيّة الكبرى (تيّار – تكتل – تجمّع)‪ .‬جزءاً منه وليست مهيمنة على أحد؛ ورغم أنّ مرحلة‬ ‫‪ – 3‬القناعة الفعليّة بأن يكون الشعب مصدر إعادة بناء هذه األحزاب مكلفة سياس ّيا ً وبشر ّيا ً ووطن ّيا ً‬ ‫ظلّت في أغلب األحيان تدفع ثمن معارضتها للسلطة‬ ‫دون أن تتم ّكن من تقديم البدائل األفضل‪.‬‬ ‫السلطة‪ ،‬األمر الذي يعني القناعة بمفهوم الدولة المدنيّة وإنسان ّياً‪ ،‬إلاّ أ ّنها الطريق الذي سارت عليه األمور‪.‬‬ ‫وممّا زاد األمر تعقيداً وخطورة ظهور التيّارات الديمقراطيّة‪.‬‬ ‫إنّ المؤ ّ‬ ‫شرات الحاليّة تؤ ّكد على وجود بداية ظواهر‬ ‫ما يمكن قوله في األزمة الحزبيّة في سوريّة مه ّم تب ّ‬ ‫الراديكاليّة في اإلسالم السياسيّ التي ساهمت باستنزاف‬ ‫شر بعودة عالقات تعاون حزبيّة على أُسس تعاون‬ ‫ً‬ ‫الثورة السوريّة وانحراف مسارها‪ ،‬وكان من مفرزات ج ّدا‪ ،‬ومن غير اإلنصاف اختزاله بمقالة ال تتجاوز ن ّديّة‪ ،‬وتهيئ إلعادة اللحمة بين التيّارات الحزبيّة التي‬ ‫هذه التيّارات ظهور المجموعات المسلّحة المتطرّ فة (‪ )300‬كلمة‪ ،‬ولكن نأمل أن يكون ذلك حافزاً لدراسات تنطلق من فكر واحد‪ ،‬ونرجو ونعمل ألاّ تطول هذه‬ ‫التي أعادت إنتاج االستبداد والقمع وممارسة الظلم أكثر شموليّة وتفصيالً‪.‬‬ ‫المرحلة‪.‬‬ ‫األحزاب وإعادة البناء‬ ‫بأسوأ تجلّياته‪.‬‬ ‫اخلروج من الفوضى والعدميّة‬ ‫منصور األتاسي‪ /‬مبادرة الشيوعيّني السوريّني‬ ‫ثمّة اعتقاد على نطاق واسع بأنّ أزمة األحزاب‬ ‫هيثم خوري‪ /‬حزب اجلمهوريّة‬ ‫ومنع‬ ‫حظر‬ ‫على‬ ‫ّون‬ ‫ي‬ ‫االنقالب‬ ‫عمل‬ ‫طويلة‬ ‫عقود‬ ‫منذ‬ ‫السياسيّة في سوريّة إ ّنما تكمن في ماهيّتها اإليديولوجيّة‬ ‫لكي نجيب عن آليّات تعاطينا مع الواقع السوريّ ‪،‬‬ ‫أو السياسيّة‪ ،‬فضالً عن قدرتها على التم ّدد واالنتشار العمل السياسيّ في الوطن العربيّ بشكل عام‪ ،‬وفي علينا أوّ الً توصيفه‪ .‬الواقع السوريّ مؤلم ج ّداً بسبب‬ ‫وإقناع الناس بمشروعيّة وجودها‪ ،‬ولكن – فيما أعتقد بالدنا سورية بشكل خاصّ ؛ وهكذا استقرّ ت األنظمة الدمار والقتل الناجم عن آالت القتل الهمجّ ية‪ .‬األمم‬ ‫– أنّ المشكلة الحزبيّة هي من اإلشكاليّات المزمنة في السياسيّة منذ سبعينيّات القرن الماضي‪ ،‬واستقرّ شكل الم ّتحدة تصف األزمة اإلنسانيّة السوريّة بأ ّنها أكبر‬ ‫الواقع السوريّ ‪ ،‬كما أنّ هذه المشكلة تشمل األحزاب من العالقة بين الغرب وشركاته من جهة‪ ،‬وبين الح ّكام أزمة إنسانيّة منذ الحرب العالميّة الثانية‪ .‬المشكلة‬ ‫جميعها منذ عهد االستقالل وح ّتى اللحظة الراهنة‪ ،‬العرب من جهة أخ��رى‪ ،‬فقد سمح الح ّكام العرب األساسيّة هي غياب الحلّ‪ ،‬فال الحسم العسكريّ ممكن‬ ‫وتتجلّى من خالل السمات التالية‪:‬‬ ‫للشركات الغربيّة بسرقة الثروات العربيّة وخصوصا ً في المدى القصير‪ ،‬في ظ ّل معطيات توازن القوى‬ ‫‪ –1‬االنشغال باإليديولوجيا‪ ،‬والسعي الحثيث إلى النفط والسيطرة على األس��واق النشطة‪ ،‬أيّ أسواق الحاليّ ‪ ،‬وال الح ّل السياسيّ واقع ّيا ً يبدو قريباً‪ ،‬فالنظام‬ ‫إيجاد مبرّ ر إيديولوجيّ لوجود الحزب‪ ،‬وذلك بدالً الخليج بصورة خاصّة مقابل السماح للح ّكام العرب مازال يعيش في أوهام الح ّل العسكريّ ‪ ،‬والمعارضة‬ ‫من االهتمام بالبرنامج الحزبيّ الذي ينبغي أن يتجسّد بنهب الشعب‪ ،‬وشيئا ً فشيئا ً أصبح الح ّكام العرب من متشرذمة تائهة في خالفاتها الصغيرة‪.‬‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬وهذا يعني أنّ العقيدة الحزبيّة هي أثرياء العالم‪ ،‬مثالً عندما مات باسل األسد ابن حافظ‪،‬‬ ‫لألسف‪ ،‬المعارضة اليوم هي جزء من المشكلة‬ ‫مصدر شرعيّة الحزب وليست الوظيفة االجتماعيّة تبيّن أنّ ثروته ‪ 12‬مليار دوالر وراتبه ال يتجاوز ‪ 500‬وليست جزءاً من الحلّ‪ .‬كان أمامها في شهر تمّوز‬ ‫دوالر شهر ّياً!‬ ‫التي يقتضيها الواقع االجتماعيّ لحياة الناس‪.‬‬ ‫‪2012‬فرصة جي ّدة لتكون جزءاً من الحلّ‪ ،‬ولتضع‬ ‫ُ‬ ‫قلت‬ ‫ت‬ ‫اع‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫العرب‬ ‫البلدان‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫كما‬ ‫سورية‪،‬‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫‪-2‬االستغراق الكامل في الشأن السياسيّ لألمّة‪،‬‬ ‫اللبنات األولى أمام رسم صورة سورية المستقبل‪،‬‬ ‫واالهتمام البالغ بتصدير الخطابات والبيانات التي تلبّي السياسة ودخل عشرات األلوف السجون منذ سبعينيّات ولك ّنها لألسف فرّ طت بها في مؤتمر المعارضة الذي‬ ‫– في معظم األحيان – حاجة نفسيّة لألنا المهزومة القرن الماضي خصوصاً‪ ،‬ورغ��م أنّ «اإلخ��وان عُقد في ذلك الحين‪ ،‬عُرض عليها تبّني بيان جنيف‪،1‬‬ ‫بالدرجة األول��ى‪ ،‬وخاصّة لدى األح��زاب القوميّة‪ ،‬المسلمون» هم من قادوا التحرّ كات المسلّحة‪ ،‬إلاّ أنّ ولكنّ المؤتمرين رفضوا في النهاية‪ ،‬بالرغم من أنّ‬ ‫وذلك أكثر من االهتمام بحاجات الناس االجتماعيّة حافظ األسد استغ ّل الوضع ليز ّج بكا ّفة المعارضين النظام كان في أضعف حاالته في ذلك الحين‪ ،‬وكان‬ ‫واالقتصاديّة وغيرها‪.‬‬ ‫السياسيّين في السجون‪ .‬وهكذا فقد انتهى الصراع مستع ّداً للتفاوض‪ ،‬ولم يكن قد أسلم أمره كلّيّة إليران‪،‬‬ ‫‪-3‬اال ّدعاء بتمثيل جميع الجماهير‪ ،‬دون االلتفات واالصطفاف على أساس سياسيّ ‪ ،‬وألنّ اإلنسان كائن ك ّل هذا أظهر للمجتمع الدوليّ أنّ المعارضة السوريّة‬ ‫إلى التباين االجتماعيّ والفكريّ بين شرائح المجتمع‪ .‬اجتماعيّ أي يعيش ضمن جماعات فقد تق ّدمت – غير ناضجة‪ ،‬وال تدرك الداخليّة واإلقليميّة والتوازنات‬ ‫‪-4‬ع��دم ق��درة ه��ذه األح���زاب على إع��ادة إنتاج وبتشجيع من النظام‪ ،‬وبسبب شكل تركيبة النظام – الدوليّة‪ ،‬باإلضافة لهذا‪ ،‬خرج ذلك المؤتمر بوثيقتين‪،‬‬ ‫مضامينها اإليديولوجيّة وذلك وفقا ً لتغيّر الظروف ذهنيّة الصراع الما قبل سياسيّ ‪ ،‬أي صراعات طائفيّة وثيقة «العهد الوطنيّ » ووثيقة «الرؤية السياسيّة‬ ‫واألحوال‪ ،‬األمر الذي جعل األفكار الحزبيّة أقرب إلى ومذهبيّة ودينيّة وقوميّة وقبائليّة ومناطقيّة‪ ،‬إل ّخ‪ .‬هذه لمالمح المرحلة االنتقاليّة» ولكن لألسف فرّ طت قوى‬ ‫أيقونات ذات وظيفة تزينيّة غير قادرة على مقاربة الصراعات لن تنتج سوى حروب قاسية ج ّداً تف ّكك المعارضة بهما‪ ،‬ممّا ساهم في ضياع بوصلة الثورة‪،‬‬ ‫الواقع االجتماعيّ ‪.‬‬ ‫الوطن وتلغي االنتماء الوطنيّ لصالح االنتماء الما وفتح الباب أمام ظهور تنظيمات عسكريّة ذات توجّ هات‬ ‫‪-5‬نموّ لوثة االستبداد في الممارسة السياسيّة بسبب قبل وطنيّ ‪ ،‬وهذا ما نالحظه في سورية‪ ،‬لذلك فإنّ دينيّة‪ ،‬ال تضع الهويّة الوطنيّة السوريّة الجامعة أساسا ً‬ ‫االعتقاد باحتكار الحقيقة‪ ،‬ونفي أيّ شرعيّة لوجود مهمّة بناء الديمقراطيّة تت ّم عن طريق تقوية الوحدة لمشروعها‪.‬‬ ‫الوطنيّة بين س ّكان سورية‪ ،‬وهذا يتطلّب إعادة صياغة‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫زد على ذلك‪ ،‬أنّ عدم التزام بعض األطراف بلجنة‬ ‫قاتلة‬ ‫صراعات‬ ‫من‬ ‫تحويلها‬ ‫أي‬ ‫سورية‪،‬‬ ‫في‬ ‫الصراعات‬ ‫‪-6‬الضحالة الفكريّة والثقافيّة في معظم المكوّ نات‬ ‫المتابعة التي انبثقت عن ذلك المؤتمر‪ ،‬وتمييعها عمداً‪،‬‬ ‫ك بين أطراف المعارضة‪ ،‬واألنكى من‬ ‫الحزبيّة‪ ،‬واعتماد األحزاب السياسيّة على البرامج مدمّرة مجرمة‪ ،‬إلى صراعات سياسيّة تخدم تطوّ ر عمّق حالة الش ّ‬ ‫الثقافيّة التي ّ‬ ‫تعزز قناعاتها بسالمة وصحّ ة ما تعتقده بالدنا وتنتقل إلى حالة جديدة هي الصراعات السياسيّة هذا كلّه أنّ بعض أطراف المعارضة ارتهنت قراراتها‬ ‫فقط‪ ،‬األمر الذي يؤ ّدي إلى تكلّس وتنميط العقل الحزبيّ التي تتصارع فيها القوى السياسيّة على برامج تهدف وتوجّ هاتها لدول عربيّة أو إقليميّة‪ ،‬ممّا أفقد المعارضة‬ ‫إلى تطوير سورية‪.‬‬ ‫وجعله ال يرى إلاّ من ثقب مح ّدد‪.‬‬ ‫استقالليّة القرار الوطنيّ ‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬ن��رى أنّ الصراعات واالصطفافات‬ ‫‪-7‬افتقار معظم األحزاب إلى رصيد نظريّ فكريّ ‪،‬‬ ‫إذاً كيف نخرج من هذه الفوضى والعدميّة؟ للخروج‬ ‫حيث ال تحفل أدبيّات األحزاب على بحوث ودراسات السياسيّة المدنيّة السوريّة هي لصالح سورية الجديدة من حالة التوهان هذه ال ب ّد من‪:‬‬ ‫تتجاوز فترة كتابتها‪ ،‬واالكتفاء بالمنتج الصحفيّ التي نسعى إليها ‪ -‬كما ذكرت ‪ -‬وهذه مهمّة سياسيّة‬ ‫‪ .1‬إعادة بناء الثقة بين أطراف المعارضة‪ ،‬عبر‬ ‫االستهالكيّ ‪.‬‬ ‫وتثقيفيّة وتوعويّة تهدف إلى إعادة صياغة الصراعات تشجيع االتصاالت واللقاءات الثنائيّة فيما بينها‪.‬‬ ‫ولع ّل هذه العوامل مجتمعة‪ ،‬يضاف إليها ما كانت التي قتلها نظام األسد بهدف استقرار حكمه ونهبه‪،‬‬ ‫‪ .2‬إقامة ح��وار مستمرّ وتدريجيّ بين القوى‬ ‫تمارسه السلطات االستبداديّة‪ ،‬وخاصّة نظام األسد أقول ذلك ألستنتج أنّ النظام هو المسؤول أوّ الً عن المعارضة بعيداً عن المحاور اإلقليمّية والدوليّة‪ ،‬بهدف‬ ‫على امتداد أربعة عقود من الزمن‪ ،‬قد أ ّدت كلّها إلى إضعاف القوى السياسيّة وتمزيقها وتدميرها‪.‬‬ ‫بناء رؤية سياسيّة متكاملة لحاضر ومستقبل سورية‪.‬‬ ‫وعندما انفجرت الثورة السورية‪ ،‬فجّ رها وأطلقها‬ ‫حالة من التصحّ ر السياسيّ ‪ ،‬وانعدام إرث سياسيّ يمكن‬ ‫‪ .3‬عقد مؤتمر وطنيّ جامع بعد إنضاج جهود‬ ‫ّ‬ ‫أن يكون صالحا ً للتأسيس عليه‪.‬‬ ‫الشباب بغياب الحركة الوطنيّة الممزقة‪ ،‬لذلك استقرّ ت إعادة الثقة وبناء الرؤية السياسيّة للخروج بـ‪:‬‬ ‫ولع ّل ما هو مؤلم ح ّقاً‪ ،‬أنّ األحزاب المعارضة الصراعات التي أنتجها النظام‪.‬‬ ‫أ‌‪ .‬وثيقة رؤية سياسيّة مرحليّة تتضمّن تصوّ راً‬ ‫في سوريّة والتي ق ّدمت تضحيات هائلة في مواجهتها‬ ‫وهناك سبب آخر أضعف التحوّ ل إلى النشاط دقيقا ً حول المرحلة االنتقاليّة‪ ،‬ومن بينها ثوابت أليّ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫عمليّة تفاوضيّة مع النظام‪.‬‬ ‫ب‪ .‬ميثاق وطنيّ يرسم صورة لسورية المستقبل‪،‬‬ ‫‌‬ ‫ً‬ ‫وماهيّة بنية نظام الحكم فيها‪ ،‬يكون أساسا للدستور‬ ‫السوريّ اآلتي‪.‬‬ ‫ت‪ .‬تأليف هيئة مهمّتها التنسيق بين أطراف‬ ‫‌‬ ‫المعارضة وتدير عملها السياسيّ المشترك‪.‬‬ ‫املهمّة الصعبة‬ ‫حممّد قنطار‪ /‬ائتالف شباب الثورة يف سورية‬ ‫إنّ ظهور التشكيالت السياسيّة في أيّ مجتمع‪ ،‬هي‬ ‫حالة صحّ يّة‪ ،‬وهي تنبثق من حاجة هذا المجتمع للبحث‬ ‫عن آليّات لتطويره بمختلف جوانب حياته االجتماعيّة‬ ‫والمعيشيّة والفكريّة من خالل طرح رؤى وتصوّ رات‬ ‫سياسيّة نابعة من احتياجات ذلك المجتمع وتطلّعاته‬ ‫نحو حياة أكثر نموّ اً‪.‬‬ ‫ولكن ما شهدته الثورة من ظهور (تفريخ) للمئات‬ ‫من البُنى الهالميّة مدن ّيا ً وسياس ّيا ً وعسكر ّياً‪ ،‬والتي‬ ‫تشهد هشاشة في بنيتها الداخليّة وصراعات مستمرّ ة‬ ‫فيما بينها‪ ،‬وتحوّ الت كبيرة وجذريّة في المواقف‬ ‫والتوجّ هات واالصطفاف كان حصيلة ألسباب كثيرة‬ ‫غاية في التعقيد وأهمّها‪:‬‬ ‫ بُعد الشعب السوريّ ألكثر من أربعين عاما ً‬‫عن ممارسة العمل السياسيّ ‪ ،‬أو ح ّتى العمل المدنيّ‬ ‫في ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ وحياته في مجتمع ما قبل‬ ‫أهليّ ‪ ،‬خاضع لحزب واحد‪ ،‬وحاكم واحد‪ ،‬وقلّة قليلة‬ ‫ج ّداً متح ّكمة بك ّل مفاصل القرار في البلد‪.‬‬ ‫ الشرخ االجتماعيّ الهائل الذي خلّفه النظام‬‫ّ‬ ‫والمتمثل في‬ ‫في سورية بين مختلف أطياف المجتمع‪،‬‬ ‫حالة عدم ثقة عمياء بين أفراد هذا المجتمع‪ ،‬نتيجة‬ ‫لقبضة أمنيّة واستخباراتيّة تغلغلت في ّ‬ ‫أدق تفاصيل‬ ‫حياة المواطن السوريّ ‪ ،‬وال��ذي لم يعد ق��ادراً على‬ ‫التفاعل مع محيطه بشكل إيجابيّ وبسهولة‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫خالل الثورة السوريّة‪.‬‬ ‫ باإلضافة للموقع «الجيوسياسيّ » الغاية في‬‫ّ‬ ‫محط‬ ‫التعقيد‪ ،‬والتي تتم ّتع به سورية‪ ،‬والذي يش ّكل‬ ‫أنظار الدول العظمى‪ ،‬نتيجة لتشابك مصالحها في‬ ‫منطقة الشرق األوسط عموماً‪ ،‬األمر الذي يجعل من‬ ‫الصعوبة بمكان‪ ،‬االستقالل بالقرار السياسيّ أليّ كيان‬ ‫سياسيّ ناشئ‪ ،‬وخصوصا ً في ظ ّل ضعف شديد في‬ ‫اإلمكانيّات والخبرات السابقة لنشوء هكذا كيانات‪،‬‬ ‫باإلضافة لظروف غاية في الصعوبة‪ ،‬من قصف‬ ‫ودمار هائل‪ ،‬وانعدام أبسط سُبل التواصل‪.‬‬ ‫ الصراعات المستمرّ ة بين هذه الكانتونات‪،‬‬‫والقائمة على أسس سياسيّة ومصلحيّة ماديّة ومكتسبات‬ ‫ضيّقة أخرى‪.‬‬ ‫ه��ذه العوامل ساهمت وبشكل فعّال في ت��ذرّ ر‬ ‫قوى الثورة السوريّة بك ّل أشكالها المدنيّة والسياسيّة‬ ‫والعسكريّة‪ ،‬وجعلتها تدور في فضاءات مفرغة خالية‬ ‫من أيّ هدف واضح‪ ،‬أو رؤية سياسيّة وطنيّة جامعة‪.‬‬ ‫كما أنّ ظهور القاعدة والقوى التي تتشارك معها‬ ‫في نفس النهج والتطرّ ف في سورية‪ ،‬وتعاظم نموّ ها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وعطل‬ ‫أعاق وبشكل فائق تطوّ ر تلك البُنى السياسيّة‪،‬‬ ‫أدواتها على األرض بشكل كبير لدرجة االستحالة‪،‬‬ ‫نتيجة لتمترسها خلف خطاب دينيّ متزمّت ومقيت‬ ‫ّ‬ ‫يمت لإلسالم أو ألّي دين آخر بأيّة صلة‬ ‫ومتخلّف‪ ،‬ال‬ ‫مطلقاً‪ ،‬ولجوئها لالختطاف أو االغتيال لعدد كبير من‬ ‫قادة الثورة ورموزها ونشطائها وعلى نطاق واسع‪،‬‬ ‫ما دفع بقسم كبير من هؤالء إلى طلب الهجرة في‬ ‫مختلف دول اللجوء‪ ،‬األمر الذي أ ّدى لتفريغ الساحة‬ ‫السوريّة بصورة كبيرة من تلك الشخصيّات‪ ،‬والتي‬ ‫كان من الممكن أن تطرح رؤى ومشاريع وطنيّة يمكن‬ ‫البناء عليها وتطويرها لترقى ألهداف الثورة السوريّة‬ ‫وتطلّعاتها‪.‬‬ ‫هذه العوامل مجتمعة هيّأت المناخ المالئم لتنامي‬ ‫قوى الظالم وأمراء الحرب‪ ،‬الذين ليس لديهم أيّة خلفيّة‬ ‫ثقافيّة أو دينيّة أو أخالقيّة‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬فإنّ عمليّة تجميع القوى الوطنيّة المؤمنة‬ ‫بأهداف الثورة السوريّة في الحرّ يّة والكرامة والعيش‬ ‫المشترك‪ ،‬أصبح مهمّة صعبة للغاية‪ ،‬وهو بحاجة‬ ‫إلرادة حقيقيّة وخصوصا ً من القوى السياسيّة والمدنيّة‬ ‫والعسكريّة الكبرى التي أفرزتها الثورة السوريّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومكثف بين تلك‬ ‫ويبدأ بم ّد جسور التواصل بشكل فعّال‬ ‫القوى من خالل طرح مشروع وطنيّ جامع‪ ،‬يبتعد عن‬ ‫الدخول في حالة االنتماءات المذهبيّة الضيّقة‪ ،‬ويالمس‬ ‫واقع وهموم الشعب السورّ ي وتطلّعاته بالخالص من‬ ‫النظام‪ ،‬ومن ك ّل قوى الظالم التي تحاول استعباده‪،‬‬ ‫وخصوصا ً بعد االنهيار شبه الكامل للبُنى التحتيّة‬ ‫للدولة وعلى رأسها الجيش‪ ،‬وبعد سيطرة أمراء‬ ‫الحرب والعصابات بمختلف توجّ هاتهم الدينيّة والفكريّة‬ ‫على مساحات واسعة على األرض‪ ،‬وامتالكهم لقوّ ة‬ ‫عسكريّة ال يُستهان بها‪ ،‬وبظ ّل وجود ذلك الخطاب‬ ‫الدينيّ الذي يسعى إلعادة سورية عشرات السنين إلى‬ ‫الخلف‪ ،‬خدمة لمصالح دوليّة وإقليميّة‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫أحوال‬

‫ّ‬ ‫المنظمات اإلغاثّية السورّية‬ ‫وسُبل المأسسة ‪2/1‬‬ ‫بين الواقع ُ‬

‫صحيفة «كلّنا سوريّون» وضمن خ ّطتها بطرح قضايا الشأن العامّ اليت ته ّم الشعب السور ّي‪ ،‬عقدت بتاريخ ‪ 27‬كانون‬ ‫الثاني‪ ،‬طاولة مستديرة‪ ،‬ناقشت فيه موضوع «واقع العمل اإلغاث ّي يف سورية»‪.‬‬ ‫اعتمدت هيئة التحرير على نقطتني أساسيّتني لتطرح سؤاهلا‪:‬‬ ‫حمور‪ :1‬تظهر فجأة بعض املن ّظمات اإلغاثيّة وتبدأ حبمالت دعائيّة‪ ،‬جتمع من خالهلا مواداً وأمواالً يف ظرف معينّ‬ ‫(العاصفة الثلجيّة)‪ ،‬ث ّم ختتفي املن ّظمة مبا أخذت كما ظهرت‪.‬‬ ‫حمور‪ :2‬تستخدم بعض القوى السياسيّة اإلغاثة ألغراض انتخابيّة‪ ،‬أو شراء والءات أو غري ذلك‪ ،‬وتستغ ّل احملتاجني‬ ‫لصاحل أجنداتها اخلا ّصة‪.‬‬ ‫السؤال‪ :‬ما هي األليّات اليت ميكن من خالهلا ضبط العمل اإلغاث ّي ومنع االحتيال أو االستغالل؟؟‬ ‫الصحيفة تشكر مجيع املن ّظمات واألفراد الذين جتاوبوا مع الدعوة‪ ،‬وحضروا ملناقشة املوضوع والبحث يف تفاصيله‪،‬‬ ‫بقلوب مفتوحة ونيّة صادقة باحلوار اجلادّ والفعّال‪ ،‬وألهمّيّة املوضوع املطروح والنقاشات اليت دارت حوله ننشر يف‬ ‫هذا العدد القسم األوّل منه‪ ،‬على أن نستكمل نشر املوضوع يف العدد القادم؛ وتذكّر هيئة التحرير بأ ّن صفحات‬ ‫الصحيفة مفتوحة لك ّل من يريد أن يستكمل النقاش يف هذه القضيّة اهلامّة أو غريها‪.‬‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫ّ‬ ‫منظمة مرام – يقظان الشيشكلي‪:‬‬ ‫رغم أه ّميّة الورقة المق ّدمة‪ ،‬أرجو أن تتقبّلوا انتقاداً‬ ‫ّ‬ ‫بمنظمات‬ ‫أوّ ليا ً حول صياغة السؤال‪ ،‬فنحن لم نسمع‬ ‫اختفت‪ ،‬وبرأيي الطرح هنا غير عادل‪ ،‬أل ّنه مسيء‬ ‫نوعا ً ما‪ ،‬ولذلك يجب أن نكون واثقين بالجماعات التي‬ ‫يت ّم التبرّ ع لها‪ ،‬لذا أتم ّنى تغيير صيغة السؤال بحيث‬ ‫تنتفي منها صيغة اال ّتهام‪.‬‬ ‫عبدهللا حكواتي قاطعه باقتراح بالورقة‪ :‬ألنّ من‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪.‬‬ ‫يظهر ويختفي هي الحمالت وليست‬ ‫السوري العا ّم ‪ -‬مح ّمد عيدو‪:‬‬ ‫اال ّتحاد‬ ‫ّ‬ ‫أ ّتفق مع طرح األستاذ يقظان‪ ،‬ويوجد نوع من عدم‬ ‫العدل‪ ،‬أمّا التساؤل فهو األه ّم‪ ،‬وخاصّة بش ّقه األوّ ل‪،‬‬ ‫ما هي اآلليّات التي يمكن من خاللها ضبط العمل‬ ‫اإلغاثيّ ‪ ،‬وأنا أ ّتفق معها مائة بالمائة‪ ،‬وأقف عند‬ ‫هذه النقطة أل ّنها أه ّم من منع االحتيال واالستغالل‪،‬‬ ‫وبها ح ّل للمشاكل ومن ضمنها االزدواجيّة‪ ،‬وهناك‬ ‫مخيّمات أو مناطق تصل إليها اإلغاثة بشكل كبير‬ ‫ومناطق أخرى ال تأخذ شيء‪ ،‬وقد يكون ذلك له عالقة‬ ‫بالحالة السياسيّة والوالءات‪ ،‬وأنّ ضبط العمل اإلغاثيّ‬ ‫وتطويره هو األه ّم‪ .‬طبعاً‪ ،‬يوجد هناك آليّات للعمل‬ ‫ولكن نحن ال نأخذ بها‪ .‬وأعيد ألش ّدد على ما قاله السيّد‬ ‫ّ‬ ‫منظمات ظهرت‬ ‫يقظان‪ ،‬وأنا ال أعرف أمثلة عن‬ ‫واختفت في الفترة الزمنيّة للعاصفة الثلجيّة رغم أ ّننا‬ ‫نبحث عن الحاالت الصفراء‪ ،‬ولدينا كا ّتحاد‪ ،‬أو كلّنا‬ ‫ّ‬ ‫التحزبيّة وخاصّة في مدينة حلب‪ ،‬أمّا‬ ‫يعرف عن الحالة‬ ‫الجنوب فال علم لي بذلك‪ ،‬ورغم علمنا أيضا ً بها‪ ،‬نحن‬ ‫كا ّتحاد ال يمكننا التكلّم بها ونحبّ تجاوزها‪ ،‬ولذلك أنا‬ ‫أؤ ّكد على التساؤل عن تطوير آليّات العمل اإلغاثيّ ‪،‬‬ ‫أمّا عبارة «لمنع النصب واالحتيال» فنحن باإلغاثة‬ ‫نقلّل من كلمة فساد ونتب ّنى كلمة هدر‪ ،‬أل ّننا كجمعيّة أو‬ ‫ّ‬ ‫منظمة أو‪ ،..‬ال نقول إنّ الجميع فاسدون‪ ،‬أي نحن فقط‪،‬‬ ‫جيّدون رغم أنّ ك ّل الجمعيّات تقول ذلك‪ ،‬وبما أ ّننا‬ ‫نعمل باإلغاثة‪ ،‬محكوم علينا مسبقا ً أ ّننا نعمل باألصفر‪.‬‬ ‫مدني مستقلّ‪:‬‬ ‫وائل أبو كويت ‪ -‬ناشط مجتمع‬ ‫ّ‬ ‫أريد أن أوضّح نقطة مهمّة‪ ،‬إنّ عبارة ظهور بعض‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات واختفائها هي عبارة خاطئة‪ ،‬وليس لها عالقة‬ ‫بموضوع العاصفة الثلجيّة‪ ،‬ويجب أن نفرّ ق بين عمل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات وعمل الحمالت التي يقوم بها الناشطون في‬ ‫حاالت العواصف والكوارث‪ ،‬وهذه الحمالت أغلب‬ ‫الداعين لها هم ناشطون مستقلّون‪ ،‬وأنا أسمّيها شخص ّيا ً‬ ‫«حمالت إرضاء الضمير» وهنا تصبح اإلشكاليّات‬ ‫أل ّننا ال نعلم أين تذهب‪ ،‬وما هي آليّة التوزيع؟ وهذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فالمنظمة تقوم‬ ‫المنظمات‪،‬‬ ‫األمر يختلف كل ّيا ً عن عمل‬ ‫بحمالت دوريّة ليس فقط في حالة األزمات‪ ،‬ولكن في‬ ‫حالة العاصفة الثلجيّة فهي تأخذ صدى أكبر بسبب‬ ‫تعاطف الناس معها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة فجأة‪ ،‬فهذا خطأ ألنّ من‬ ‫أمّا موضوع اختفاء‬ ‫يختفي هي الحمالت‪ ،‬ألنّ من يقوم بها بحالة عشوائيّة‬ ‫فوضويّة إلرضاء الضمير وال نعلم آليّات العمل بها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمة ال تختفي إلاّ ألسباب معيّنة‪ ،‬فإنْ أعدنا ترتيب‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪ ،‬فهي باألساس كانت عبارة عن أفراد‬ ‫ظهور‬ ‫في الداخل قاموا بتوزيع «ربطة خبز» أعجبهم األمر‪،‬‬ ‫ث ّم كبرت هذه الظاهرة وأصبحت جمعيّة‪ ،‬ث ّم ذهبت‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪،‬‬ ‫هذه «الموضة» وحلّت مكانها «موضة»‬ ‫ولم تستطع العمل في المجال المؤسّساتيّ فتو ّقف الدعم‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫عنها فانهارت‪ ،‬وهناك فرق بين االنهيار واالختفاء‪،‬‬ ‫ونحن اآلن وصلنا إلى مرحلة‪ ،‬أنّ الجهات الداعمة‬ ‫بشكل عا ّم‪ ،‬والمتبرعين‪ ،‬لم تعد تعطي أليّة جهة إلاّ‬ ‫إن كان لديها حساب بنكيّ وهيكليّة ونظام داخليّ ليت ّم‬ ‫التبرّ ع لها‪ ،‬وأيضا ً السمعة الجيّدة‪ .‬والجمعيّات السابقة‬ ‫انهارت‪ ،‬أي ال يوجد هنا سرقة‪ ،‬بل‪ ،‬هي عبارة عن‬ ‫سوء تنسيق وحالة فوضويّة‪ ،‬وفي الفترة األخيرة‬ ‫قامت حملة هنا في غازي عنتاب من قبل مجموعة‬ ‫من الشباب‪ ،‬وهي حملة كبيرة ورغم ذلك ال نعلم أين‬ ‫ذهبت المواد‪ ،‬فهم ّ‬ ‫وزعوا وصوّ روا وانتهى األمر هذا‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات ولكن‬ ‫هو الفرق‪ ،‬وأقول هناك أخطاء من‬ ‫ليست بموضوع السرقة واالختفاء‪.‬‬ ‫عبد الرحمن كحيل ‪ -‬مجلس محافظة حلب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمات في الوضع الراهن يختلف عمّا‬ ‫بالنسبة‬ ‫كان في السابق‪ ،‬فكانت أيّة جهة أو أيّ شخص يضع‬ ‫إعالن على موقع التواصل االجتماعيّ «فيسبوك»‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‪ ،‬نجد أنّ الناس تبدأ بالتعامل معه‪،‬‬ ‫ويعلن أ ّنه‬ ‫أمّا في الوقت الراهن فأصبح األمر يحتاج إلى هيكليّة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪،‬‬ ‫المنظمات الدوليّة تتعامل مع هذه‬ ‫وأصبحت‬ ‫وأصبح من الصعب ظهور ّ‬ ‫منظمات واختفاؤها‪ ،‬لذلك‬ ‫أ ّتفق مع ما قاله البعض‪ :‬بأنّ هذه الحاالت تحتاج إلى‬ ‫مثال عنها‪ ،‬وما هي األمثلة التي تمّت في ظ ّل األزمة‬ ‫(أوضح منسق الجلسة أنّ عبارة العاصفة‬ ‫الثلجيّة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الثلج ّية هي مثال ال ُيقصد بذاته‪ ،‬بل هي تع ّبر عن‬ ‫األزمات) تابع «كحيل» إنّ أغلبيّة األعمال التي تظهر‬ ‫ّ‬ ‫منظمات وحسب علمي ال أذكر‬ ‫هي حمالت وليست‬ ‫ّ‬ ‫منظمات ظهرت واختفت‪ ،‬والتي ظهرت واختفت‪.‬‬ ‫أشخاص انتقلوا إلى ّ‬ ‫منظمات أخرى‪.‬‬ ‫«ربيع السبكي» أحد الناشطين الفوضو ّيين الذين‬ ‫شاركوا في الحملة األخيرة‪:‬‬ ‫الحملة التي عملنا بها نتيجة األخبار التي وردتنا‬ ‫من المخيّمات واألستاذ وائل أبو كويت كان في نفس‬ ‫المجموعة التي أرسلت لنا النداءات‪ ،‬والحملة ليس لها‬ ‫اسم وهذا هو سبب نجاحها‪ ،‬وإضافة لذلك أيضا ً كان‬ ‫بها شفافيّة كاملة فك ّل شخص دفع مبلغ ولو كان بسيطا ً‬ ‫كان يذكر اسمه كي ال يقول أحدهم‪ :‬أين ذهبت المبالغ؟‬ ‫وا ُّتهمنا أ ّننا نقوم بالدعاية لمن تبرّ عوا‪ .‬نحن خرجنا‬ ‫نخوة كما قال البعض‪ ،‬ولكن منذ ثالث سنوات ونحن‬ ‫نتكلّم عن المخيّمات من أجل فرش األرضيّة‪ ،‬إلى اآلن‬ ‫لم يسأل أحد عن هذا األمر‪ ،‬وقد ذهبنا إلى الحكومة‬ ‫أكثر من مرّ تين لطرح موضوع المخيّمات‪ ،‬ولم يت ّم أيّ‬ ‫ر ّد أو تفاعل‪ ،‬لماذا اآلن؟ من أجل الدعاية والظهور؟‬ ‫يجب االهتمام بالمخيّمات التي ليست عبارة عن توزيع‬ ‫سلّة إغاثيّة لقد علّمناهم الكسل‪ ،‬وهناك أكثر من ثالثة‬ ‫آالف رجل فاغر الف ّم ينتظرون اإلغاثة‪ّ ،‬‬ ‫فالطين في تلك‬ ‫المخيّمات يصل إلى الساق‪ ،‬لماذا هذا التقصير؟ وهناك‬ ‫ّ‬ ‫منظمات ال عمل لها إلاّ التصوير مع األطفال من أجل‬ ‫ّ‬ ‫الموزع‪ ،‬أو من أجل جلب الدعم‪ .‬نحن‬ ‫إظهار منتجها‬ ‫كناشطين ُ‬ ‫طلب م ّنا التوثيق وأعطينا التوثيق للجهة التي‬ ‫طلبته‪ ،‬ولكن ليس للنشر‪ ،‬فقط للتوثيق‪.‬‬ ‫مدني‪ ،‬مشارك في الحملة‪:‬‬ ‫فؤاد حلاّ ق ‪ -‬ناشط‬ ‫ّ‬ ‫كما ذكر ربيع‪ ،‬ت ّم توثيق الحملة‪ ،‬ولكن فقط للمانح‬ ‫وبالنسبة لنا كناشطين نحن ض ّد توزيع األموال والسّلل‬ ‫فقط من أجل الدعاية والتشهير بالناس عبر الصور‪.‬‬ ‫والحملة التي قمنا بها ّ‬ ‫غطت ما يقارب‪ %70‬من مدينة‬

‫حلب (بالنسبة ألدوات التدفئة) وهذا األمر لم يقم به ال‬ ‫مجلس مدينة أو محافظة وال ّ‬ ‫منظمة وال ح ّتى الحكومة‪،‬‬ ‫وهي كحركة ا ّتهمت بالفوضويّة‪ ،‬رغم أ ّنها نسّقت مع‬ ‫المجالس المحلّيّة في المناطق المنسيّة مثل الميسر‬ ‫والجزماتي‪ ،‬وعندما وصلنا إلى هناك فوجئنا بحجم‬ ‫الكارثة‪ ،‬وهم أيضا ً تفاجؤوا بنا‪ ،‬ألنّ هذه المناطق ال‬ ‫ّ‬ ‫منظمات أو مجلس‬ ‫تصل إليها موا ّد إغاثيّة من أيّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫المدينة أو المحافظة‪ .‬وما قمنا به لم تقم به‬ ‫التي تصل فقط إلى المعابر الحدوديّة والمخيّمات القريبة‬ ‫للقيام بالتصوير الفوتوغرافيّ والنشر عبر صفحاتهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات هو أن تتواصل مع المجالس‬ ‫وما أعرفه عن‬ ‫وكذلك الحكومة من أجل قيام مشاريع تنمويّة وليس‬ ‫سلّة إغاثيّة‪ .‬نحن كنشطاء استطعنا أن نؤمّن لهم «مدفأة‬ ‫وثياب شتويّة» وكذلك سلل غذائيّة في بعض المناطق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات يجب أن تعمل للمستقبل‪.‬‬ ‫أمّا‬ ‫وأؤك��د أنّ الحملة توجّ هت إلى المخيّمات‪ ،‬وعند‬ ‫التوزيع كان هناك أشخاص من المخيّم‪ ،‬فإن ضحكت‬ ‫لهم المرأة فيعطيها ثالث أغطية أو ما يزيد عن حاجتها‪،‬‬ ‫وإن لم تفعل ذلك فحصّتها غطاء واحد‪ ،‬يجب أن نتكلّم‬ ‫عن هذه األمور‪ ،‬هناك عصابات‪ ،‬يقرّ رون التوزيع من‬ ‫عدمه‪ .‬وعندما سألتهم لماذا ال تعملون؟ رغم وجود‬ ‫ما يقارب ثالثة آالف رجل‪ ،‬ال أطالبهم بالعمل في‬ ‫الثورة‪ ،‬بل العمل في المدن التركيّة‪ ،‬كان جوابهم‪ :‬نحن‬ ‫رشاوى‬ ‫نجاهد مع نسائنا‪ .‬علّق «ربيع»‪ :‬لقد دفعنا‬ ‫َ‬ ‫من أجل إدخال الموا ّد التي ت ّم تأمينها إلى الداخل وإلى‬ ‫المخيّمات‪ ،‬وهناك جمعيّات حاولت أن تفرض علينا‬ ‫وضع اسمها مقابل إدخال المساعدات عبر الحدود‪.‬‬ ‫وأ ّكد فؤاد بأنّ شرط مساعدتنا هو وضع اسم الجمعيّة‬ ‫«يريدون الظهور على أكتافنا» قاطع األستاذ وائل‬ ‫ُ‬ ‫اقترحت على األصدقاء المساعدة‪ ،‬وموضوع‬ ‫بقوله‪:‬‬ ‫المخيّمات نقاش طويل‪ ،‬وهناك قصص يشيب لها‬ ‫الرأس‪ ،‬أمّا موضوع إدخال المساعدات عبر المعبر ال‬ ‫يمكن أن يت ّم إلاّ عبر الهالل التركيّ أو ّ‬ ‫منظمة معترف‬ ‫بها في تركيّا ومسجّ لة‪ ،‬ولكن التوزيع سيكون باسمك‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمة بذلك‪.‬‬ ‫وال عالقة‬ ‫مأمون عثمان ‪ّ -‬‬ ‫مسرات‪:‬‬ ‫منظمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحق للجميع النشاط باسم‬ ‫بما يخصّ المحور األوّ ل‬ ‫النخوة والغيرة على الوطن‪ ،‬وبدل أن أطرح موضوع‬ ‫خرجت‪ ،‬أو ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫انتهت‪ ،‬أبحث عن حرصهم‬ ‫منظمة‬ ‫حملة‬ ‫على أبناء البلد‪ ،‬وأتم ّنى أن تكبر وأن تر ّتب بطريقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كمنظمة‬ ‫المنظمات‪ ،‬ونحن‬ ‫منظمة أو تنض ّم إلحدى‬ ‫تعبنا مع المانحين‪ ،‬فهم ال يتعاملون مع األمور بشكل‬ ‫ف��وريّ إلاّ عند األزم��ة‪ ،‬وحاولنا قبل الشتاء تأمين‬ ‫االحتياجات‪ ،‬ولكنّ المانحين لم يتجاوبوا‪ ،‬وهذا ليس‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات بقدر ما هو تقصير من المانحين‪،‬‬ ‫تقصير من‬ ‫وأريد أن أتكلّم بموضوع التوثيق والصور‪ ،‬أنا مع ألاّ‬ ‫يصوّ ر أحد وينشر‪ ،‬ونحن كمؤسّسة نعمل منذ سنتين‬ ‫ونصف في الداخل‪ ،‬وحال ّيا ً في الريف‪ ،‬أي بدأنا بتوسيع‬ ‫عملنا‪ ،‬ونرى أ ّنه ال أخالق ّيا ً وال دين ّيا ً إن أراد أحدهم‬ ‫التبرّ ع بمبلغ ما ّدي‪ ،‬أن يصوّ ر الطرف المستفيد ألنّ به‬ ‫امتهان ورياء‪ ،‬ولكن عندما ترى أنّ من يعمل بصمت‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات ال يصلهم شيء‪ ،‬فواجب علينا إظهار‬ ‫من‬ ‫الصور‪( ،‬قاطعه نبيه‪ :‬التصوير وليس اإلذالل) وافقه‬ ‫األستاذ مأمون بأنّ الصور للتوثيق وليس ألمر آخر‪،‬‬ ‫ونحن ال ننشر هكذا صور على صفحتنا‪.‬‬ ‫أمّا المشاريع التنمويّة‪ ،‬نحن ندعم حال ّيا ً هذه المشاريع‬ ‫مع ع ّدة ّ‬ ‫منظمات أخرى‪.‬‬ ‫سياسي‪:‬‬ ‫د‪ .‬نمير الناصر ‪ -‬ا ّتحاد الديمقراط ّيين مكتب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(موظف في الحكومة المؤ ّقتة سابقاً) أ ّتفق مع ما قاله‬ ‫ُ‬ ‫ساهمت مع‬ ‫البعض‪ ،‬إنّ الحمالت نوع من النخوة‪ ،‬وأنا‬ ‫أصدقاء من الخارج بحملة في الشتاء الماضي‪ ،‬ولم‬ ‫نصوّ ر ولم نقم بحملة دعائيّة‪ ،‬ونعمل على حملة في‬ ‫األيّام القادمة مع الجاليات السوريّة في الخارج باسم‬ ‫الحكومة‪ .‬وأ ّتفق مع األستاذ فؤاد بوجود «مافيات»‬ ‫ُ‬ ‫قطنت بإحدى المخيّمات لم ّدة سنة ونصف‪ ،‬كنت‬ ‫فأنا‬ ‫ّ‬ ‫مدير نقطة ط ّبيّة لم يكن هناك تنظيم إداريّ ‪ ،‬فقد علمناهم‬ ‫الكسل‪ ،‬ولم نساهم بمشروع بسيط كاأللبان الذي ال‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫يحتاج للمع ّدات‪ ،‬ونحن رغم أنّ بعض‬ ‫تعمل‪ ،‬إلاّ أ ّننا ال نرى أبعد من أنفنا‪ ،‬ففي الصيف‬

‫نتذ ّكر ما نحتاجه بالصيف‪ ،‬والشتاء كذلك‪ ،‬لذلك يجب‬ ‫التجهيز قبل وقوع الحوادث‪ .‬ونحن كحكومة‪ ،‬كانت‬ ‫لدينا مستودعات صغيرة‪ ،‬وك ّنا نساهم‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫فصائل سياسيّة وعسكريّة في الداخل ال تستطيع السمع‬ ‫باسم الحكومة‪ ،‬فالتهمة جاهزة «مرت ّد» أتكلّم باسمي‬ ‫الشخصيّ ‪ ،‬لذلك أدعو للتجهيز المسبق لك ّل المواد‬ ‫التي نحتاجها‪ ،‬رغم مرور أربع سنوات ومع ذلك لم‬ ‫نتعلّم ونقع بنفس األزمة‪ .‬وبالنسبة لموضوع فرش‬ ‫المخيّمات‪ ،‬قُ ّدم المشروع لوزارة المواصالت وقامت‬ ‫بفرش ع ّدة مخيّمات‪ ،‬ولكن هناك مخيّمات مثل ّ‬ ‫مخيم‬ ‫«أطمة» الذي ال يمكن التعامل معه بسبب موقعه‬ ‫الجيولوجيّ ‪.‬‬ ‫شخيط ـ ّ‬ ‫رند ّ‬ ‫منظمة بسمة وزيتونة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪،‬‬ ‫أرى أنّ الحمالت الشبابيّة تبخس دور‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات عندما تقوم بحملة فالمتبرّ ع واألف��راد‬ ‫يعرفون إلى أين ا ّتجهت أموالهم نتيجة الثقة والعمل‬ ‫المستمرّ ‪ ،‬وأنتم عندما قامت حملتكم‪ ،‬كان هناك أشخاص‬ ‫موثوق بهم‪ ،‬لذلك ساهمنا وساهمت الناس بالتبرّ ع‪ ،‬ال‬ ‫يوجد عمل دون ثقة‪ ،‬ال يمكن ظهور واختفاء عمل من‬ ‫ال شيء‪ ،‬ربّما حدث في البداية‪ ،‬ولكن بعد أربع سنوات‬ ‫ال أتو ّقع أنّ هذا األمر قد يحدث‪ .‬وأنّ الحاجة واألزمة‬ ‫ّ‬ ‫يغطيها ناشطون لك‪ ،‬إن لم تساهم‬ ‫هي أكبر من أن‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات مع جهود األفراد فلن يستطيع الناشطون‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمات‬ ‫االستمرار ر ّداً على فؤاد ويجب أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫شق إغاثيّ وآخر تنمويّ كي يتكامل العمل‪.‬‬ ‫إعالمي‪:‬‬ ‫عبدهللا حكواتي –‬ ‫ّ‬ ‫إنّ الحمالت ضروريّة بسبب النداءات التي خرجت‬ ‫من المخيّمات وجعلت الكثير من الشباب يساهم بإزاحة‬ ‫عبء كبير‪ ،‬ولكن هناك ن��داءات كاذبة تخرج من‬ ‫المخيّمات‪ ،‬كالنداء األخير عن اإلضراب وغيره‪ ،‬فقط‬ ‫للضغط على الحكومة واالئتالف‪ .‬وأنا أ ّتفق أنّ هناك‬ ‫ّ‬ ‫منظمة أن تقوم‬ ‫مخيّمات وضعها سيّ ء وال تستطيع‬ ‫بهذا العمل‪ ،‬وبرأيي ال توجد ّ‬ ‫منظمات نشأت واختفت‬ ‫إلاّ إنْ كان األمر حالة نصب‪ ،‬ولكنّ الحمالت تظهر‬ ‫وتختفي‪.‬‬ ‫مدني‪:‬‬ ‫نبيه مستريح ‪ -‬ناشط مجتمع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ساهمت به‪ ،‬هو مع منظمة «بسمة‬ ‫آخر مشروع‬ ‫وزيتونة» ورغم ذلك أشبّه هذه المرحلة بالمراحل‬ ‫األولى من الثورة‪ ،‬وكان هذا األمر في تلك الفترة‬ ‫ض��روريّ لعدم وجود خبرة أو هيكليّة‪ ،‬ث ّم تأسّست‬ ‫وحدة تنسيق الدعم وهي سبب البالء‪ ،‬وبدأت تطلب‬ ‫ّ‬ ‫منظمات‬ ‫من األفراد المحتاجين للدعم بالقيام بتشكيل‬ ‫عن طريق صفحة «فيسبوك» مع بعض الصور‪،‬‬ ‫هكذا بدأ األمر‪ .‬وهناك ّ‬ ‫منظمات استمرّ ت بالعمل إلى‬ ‫اآلن وأخرى اختفت‪ ،‬وإنّ من يتحمّل هذه المسؤوليّة‬ ‫هي وحدة التنسيق والدعم‪ .‬وأيضا ً الحالة السياسيّة أي‬ ‫االئتالف ‪ -‬أيضا ً فشل ‪ -‬ممّا ح ّفز الناشطين لتحمّل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‬ ‫مسؤوليّاتهم‪ ،‬أمّا موضوع المانحين أو عمل‬ ‫فيبدأ باستبيان ينتهي بعد شهر بالح ّد الطبيعيّ ‪ ،‬لتعرف‬ ‫ما هي احتياجاتك‪ ،‬وبعدها ترسل إلى المموّ ل وإلى‬ ‫أن يت ّم الموافقة عليها قد يستغرق األمر أكثر من‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات تحاول‬ ‫شهرين ليت ّم العمل بالمشروع‪ ،‬وإنّ‬ ‫أن تحصر عملها فقط في المناطق اآلمنة‪ ،‬ألنّ المموّ ل‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمة ال تريد إلاّ االستمرار عن طريق عمل آمن‬ ‫ّ‬ ‫موثق‪ ،‬ورغم ذلك قد يغيّر المموّ ل رأيه بحجج انتهاء‬ ‫السنة الماليّة‪.‬‬ ‫وائل أبو كويت‪ :‬أعترض على كلمة احتيال واستغالل‪.‬‬ ‫وأنا عندما طرحت موضوع الفوضى بالحمالت‪ ،‬لم‬ ‫أقصد الفوضى التنظيميّة‪ ،‬بل الفوضى بالطلب‪ ،‬أي‬ ‫بعد مقتل ‪ 6‬أطفال‪ ،‬بعدها قمنا بالحملة وت ّم التعاطف‬ ‫معها بدون أيّ تنسيق أو تنظيم للحاالت قبل أن تقع‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة والحملة‪ ،‬وقاطعه‬ ‫األزمة‪ ،‬ويجب أن نفرّ ق بين‬ ‫«هناك ّ‬ ‫منظمات انتهت أل ّنها غير منتظمة وال يوجد لها‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات تنتهي‬ ‫هيكليّة»‪ .‬أكمل أبو كويت قوله‪ :‬بأنّ‬ ‫في حاالت هي‪ :‬عدم التنظيم وعدم القدرة على ترتيب‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫أعمالهم‪ ،‬وعدم استمرار الدعم‪ ،‬ألنّ بعض‬ ‫كان دعمها ذاتيّ ‪ ،‬لذلك يجب أن نفرّ ق بين الفوضى‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمة‪ ،‬أمّا موضوع االحتيال‬ ‫والتنظيم‪ ،‬وبين الحملة‬ ‫ّ‬ ‫ال يمكن أن يكون‪ ،‬ومن ّ‬ ‫حق ك ّل منظمة مصاريف‬

‫التتمّة ص ‪5‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ملف العدد‬

‫العدد ‪24‬‬

‫حوار العدد مع‬ ‫السوري ُعقاب يحيى‬ ‫المعارض‬ ‫ّ‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫ُعقاب حييى‪ ،‬معارض سور ّي‪ ،‬عضو‬ ‫اهليئة السياسيّة لالئتالف الوط ّ‬ ‫ين‬ ‫السور ّي لقوى الثورة واملعارضة‪.‬‬

‫السوري‪ ،‬التقت‬ ‫في سعيها لفتح فضاءات الحوار‬ ‫ّ‬ ‫السوري‬ ‫صحيفة «ك ّلنا سور ّيون» مع المعارض‬ ‫ّ‬ ‫ُعقاب يحيى‪ ،‬وكان الحوار التالي‪:‬‬ ‫السوري‪ ،‬عبر النظام‬ ‫اإلرهاب يفتك بالشعب‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫ومعه تنظيمات أخ��رى مثل «داع���ش»‪ ،‬األط��راف‬ ‫اإلقليم ّية والدول ّية تدّ عي محاربة اإلره��اب‪ ،‬كيف‬ ‫السوري اليوم؟ وما هو دوركم في‬ ‫تق ّيمون الواقع‬ ‫ّ‬ ‫مواجهة اإلرهاب فعل ّياً؟‬ ‫ُعقاب يحيى‪ :‬اإلره���اب نتاج مجموعة عوامل‬ ‫موضوعيّة‪ ،‬وأخرى بفعل ذاتيّ يقترب من االختراق‬ ‫والتصنيع‪ .‬عقود ف��وات وفشل‪ ،‬وخيانة المشروع‬ ‫النهضويّ من قبل حملته‪ ،‬وم ّدعي رفع رايته‪ ،‬وتحوّ لهم‬ ‫إلى نظم نهبيّة‪ ،‬وفئويّة‪ ،‬واستبداديّة من طراز خاصّ ‪،‬‬ ‫وسياسة التهميش والتغييب‪ ،‬واغتيال الحرّ يّات الفرديّة‬ ‫والجماعيّة‪ ،‬وإقامة ممالك للرعب والنهب والرهاب‬ ‫متع ّدد الوجوه‪ ،‬ترك فراغا ً كبيراً في الفئات الشعبيّة‪،‬‬ ‫مح ّمالً باليأس ور ّدات الفعل‪ ،‬فعمل كثير على ملئه‬ ‫فيما يعرف بـ «الصحوة اإلسالميّة» التي يمكن تناول‬ ‫حيثيّاتها السلبيّة واإليجابيّة‪ ،‬فتقوية ردود الفعل العنيفة‬ ‫تجاه الظلم والفقر والتهميش واغتصاب البشر والحقوق‪،‬‬ ‫بما يخلق بيئات مناسبة للتطرّ ف‪ :‬بيت توليد اإلرهاب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الخط‬ ‫وكانت أمريكا‪ ،‬وغيرها من الدول الغربيّة على‬ ‫الستثمار ذلك وتوظيفه في حربها االستراتيجيّة ض ّد‬ ‫ّ‬ ‫التدخل في‬ ‫اال ّتحاد السوفي ّتيّ من خاصرة‪ ،‬وخطيئة‬ ‫أفغانستان‪ ،‬ومشاركة أنظمة عربيّة مختلفة في دعم‬ ‫تلك الظاهرة وم ّدها بك ّل وسائل التقوية والتحشيد‪ ،‬ح ّتى‬ ‫إذا ما انقلبت عليهم‪ ،‬واألسباب متراكبة‪ .‬وح ّتى إذا ما‬ ‫انتهت الحرب الباردة بسقوط اال ّتحاد السوفي ّتيّ وبقيّة‬ ‫الدول التابعة له‪ ،‬جرى تصنيع‪ ،‬وتضخيم‪ ،‬وتصدير‬ ‫يافطة جديدة‪ ،‬كالبعبع ليكون جسراً‪ ،‬ودريئة‪ ،‬وواجهة‬ ‫لتحقيق مجموعة أهداف يطول الحديث فيها‪.‬‬ ‫لقد دعّموا اإلرهاب بشكل مباشر‪ ،‬أو عبر االختراق‬ ‫والتصنيع‪ ،‬وحين نجيء عليه في بلدنا العزيز‪ ،‬والذي‬ ‫يعتبر ظاهرة ّ‬ ‫شاذة‪ ،‬ومفاجئة‪ ،‬فقد بات واضحا ً الدور‬ ‫الخبيث‪ ،‬والمر ّتب من قبل مجموعة أط��راف يقع‬ ‫النظام السوريّ في مق ّدمها‪ ،‬ونظام العراق وإيران‬ ‫وسوق الثورة نحو التشويه‪،‬‬ ‫لتحقيق مجموعة أهداف‪َ ،‬‬ ‫والحرف‪ ،‬في حين أسهمت األفعال الطائفيّة الفاقعة‪،‬‬ ‫خاصّة بعد الدخول العلنيّ لحزب هللا وغيره من‬ ‫المليشيات الطائفيّة‪ ،‬وما يشبه احتالل إيران لبلدنا‬ ‫بمشروعها المذهبيّ ـ القوميّ في عمليّات التصعيد‬ ‫والتوتير وتقوية الحاضنة الشعبيّة للتطرّ ف والتش ّدد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دون نسيان أنّ النظام بك ّل فعله‬ ‫المنظم هو اإلرهابيّ‬ ‫األوّ ل‪ ،‬واألخطر‪ ،‬وهو الذي قاد ويقود فعل اإلبادة‬ ‫الجماعيّة والتدمير المعمّم‪ ،‬وح ّتى التطهير المذهبيّ ‪.‬‬

‫ال يمكن مقاومة اإلره��اب دون ع�لاج مقوّ ماته‬ ‫وأسبابه‪ ،‬ودون التوازن في تناوله‪ ،‬وأقصد بذلك أن‬ ‫توجّ ه الحرب ض ّد جميع أطرافه‪ ،‬وألاّ يقتصر األمر‬ ‫ويحصر بـ «داعش» وأبناء عمومتها‪ ،‬ذلك أنّ اقتصار‬ ‫«الحرب الدوليّة» على اإلره��اب بتلك الطريقة‬ ‫العرجاء‪ ،‬االنتقائيّة وسّع الحاضنة الشعبيّة لـ «داعش»‬ ‫والتفّ حولها قطاع ها ّم ومتزايد من «الس ّنة العرب»‬ ‫في حين أنّ ترك النظام دون عقاب ومحاسبة‪ ،‬يترك‬ ‫أبلغ األثر الضارّ على الثورة‪ ،‬ومصير تلك الظاهرة‪.‬‬ ‫نحن ض ّد اإلرهاب بالقطع‪ ،‬وال نحتاج إثبات ذلك ك ّل‬ ‫يوم‪ ،‬أل ّنه باختصار يتناقض وألف باءات الحرّ يّة التي‬ ‫نؤمن بها‪ ،‬لك ّننا نرى أنّ النظام أسّ اإلرهاب ومن أه ّم‬ ‫ص ّناعه‪ ،‬وال ب ّد من توجيه الحرب ض ّده‪ ،‬وض ّد بقيّة‬ ‫األطراف بوقت واحد‪.‬‬ ‫مبادرة «دي ميستورا» ث ّم «لقاء القاهرة»‬ ‫• ‬ ‫األخير‪ ،‬وبعده «ندوة موسكو» وما هي نواتج هكذا‬ ‫تحركات؟ وإل��ى متى يمكن أن ننتظر والمعارضة‬ ‫ّ‬ ‫منفعلة – وليست فاعلة – بكل ّ أشكالها؟‬ ‫ُعقاب يحيى‪ :‬تكثر المبادرات والحكايا عن نوايا‬ ‫لحلول سياسيّة‪ ،‬لك ّني أؤمن بأ ّنه في غياب القرار‬ ‫األمريكيّ الفاعل‪ ،‬ومعه بقيّة هيئات المجتمع الدوليّ‬ ‫فليس هناك ما يمكن اعتباره حلاّ ً سياس ّياً‪ ،‬بقدر ما هو‬ ‫محاوالت لملء فراغ‪ ،‬أو ربّما التحضير لإلمساك‬ ‫بأوراق ما يجري المقايضة فيها مع األمريكان‪.‬‬ ‫الواليات الم ّتحدة منشغلة بمل ّفات أخرى‪ :‬محاربة‬ ‫اإلرهاب وملفّ إيران النوويّ ؛ وقد وضعت الملفّ‬ ‫السوريّ جانباً‪ ،‬بك ّل ما يتركه ذلك من أثر على المسألة‬ ‫السوريّة‪ .‬إن كان لجهة الحسم العسكريّ الذي لم يعد‬ ‫يلوح في األفق القريب‪ ،‬أو بفرْ ض ح ّل سياسيّ يلبّي‬ ‫الح ّد األدنى من مطالب الشعب السوريّ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫أعلنت ج ّل القوى المعارضة قبولها بالح ّل‬ ‫لقد‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬واعتماد بيان جنيف وبنوده الس ّتة مرجعيّة‪،‬‬ ‫وظهر جل ّيا ً أنّ النظام هو من أفشله ورفسه دون أن‬ ‫يقابل ذلك موقف قويّ من الدول الراعية‪ ،‬ث ّم بدأت عديد‬ ‫التحرّ كات التراجعيّة‪ ،‬واالستبداليّة‪ ،‬وعديدها يريد أن‬ ‫يضع يافطة ميزان القوى ممرّ اً للنزول بسقف المطالب‬ ‫السوريّة إلى مستوى مفتوح على مسلسل ال يدري أحد‬ ‫نهاياته‪ ،‬ومآله‪« .‬دي ميستورا» يريد إيجاد حالة تجميد‬ ‫ّ‬ ‫متقطعة‪ ،‬ولم يربط أطروحاته بجنيف‪ 1‬و‪ 2‬أو بح ّل‬ ‫شامل‪ ،‬والروس يفعلون ما هو قريب من ذلك تحت‬ ‫عنوان‪ :‬الحوار المباشر مع النظام‪ ،‬وترك أمر مصير‬ ‫رأس النظام وكبار رموزه من القتلة لقادم الحوارات‪،‬‬ ‫أو لصيغ يسرّ بونها عن ترك األمر للشعب في انتخابات‬ ‫ّ‬ ‫الخط بإرباك‬ ‫قادمة؛ بينما يدخل النظام المصريّ على‬ ‫وغموض‪ ،‬وبين هدف توحيد عمل المعارضة‪ ،‬الذي‬

‫هو هدف حيويّ للجميع‪ ،‬ويجب العمل ألجله‪،‬‬ ‫وبين تشكيل محاور ما‪ ،‬أو اإلبعاد للبعض‪ ،‬تجيء‬ ‫اللقاءات بما يتجاوز المأمول والمقرّ ر منها‪ ،‬مع‬ ‫األمل أن يكون جهد توحيد عمل المعارضة مخلصا ً‬ ‫وبعيداً عن العقل الكيديّ ‪ ،‬االستئثاريّ ‪ ،‬أو الخضوع‬ ‫لهذا المحور أو ذاك‪.‬‬ ‫المحررة ال يعرف أغلب‬ ‫في المناطق‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫السور ّيين االئتالف أو الحكومة المؤ ّقتة‪ ،‬أو ر ّبما‬ ‫ال يأبهون لألمر‪ ،‬كيف تنظرون إلى هذه العالقة؟‬ ‫خاصة وأ ّنه (ما‬ ‫مبرر وجود االئتالف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وما هو ّ‬ ‫بيطلع بإيدو شي)؟‬ ‫ُعقاب يحيى‪ :‬قصّة االئتالف طويلة‪ ،‬لك ّنها ال تنفصل‬ ‫عن عاملين متراكبين‪ :‬العامل الذاتيّ الذي يخصّ حال‬ ‫المعارضة وأزمتها «التاريخيّة» وضعفها‪ ،‬وأبواب‬ ‫دخولها إلى الثورة في ظ ّل غياب قيادة من صُلبها‪ ،‬وبين‬ ‫مجموع التداخالت واألوض��اع اإلقليميّة والخارجيّة‬ ‫وفعلها ـ السلبيّ ـ في النتيجة‪.‬‬ ‫لقد كتبنا مراراً في أزمة المعارضة‪ ،‬وفعل عقود‬ ‫التصحّ ر‪ ،‬والمالحقة‪ ،‬والحروب فيها‪ ،‬وأنّ الثورة لم‬ ‫تكن من نتاجها‪ ،‬وبعضها كان بعيداً وراح يتراكض‬ ‫للحاق والركوب‪ ،‬ث ّم جاء المجلس الوطنيّ محاولة لس ّد‬ ‫فراغ‪ ،‬في ظروف غير طبيعيّة أيضاً‪ ،‬فعانى إشكاالت‬ ‫مختلفة‪ ،‬وولّد االئتالف بهدف أن يكون البديل المستفيد‬ ‫من التجربة واألخطاء‪ ،‬لك ّنه وقع بذات األمراض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التدخالت الخارجيّة أقوى ـ نتيجة المتغيّرات‬ ‫وبرز ثقل‬ ‫والتطوّ رات ـ حيث حُقن االئتالف عند التأسيس بأكوام‬ ‫من الوعود الداعمة‪ ،‬ثم تنصّل منها الجميع تقريباً‪،‬‬ ‫وراحوا يتملّصون بذرائع مختلفة‪ .‬وبالوقت نفسه طغت‬ ‫والعسكرة‪ ،‬مفسحة في‬ ‫في تلك المرحلة ظاهرة التسليح َ‬ ‫المجال ّ‬ ‫لتدخل عديد القوى اإلقليميّة التي راحت تخترق‬ ‫وضع الفوضى والتش ّتت إلقامة حاالت تابعة إليها‪،‬‬ ‫وبما جعل من شبه المستحيل توحيدها‪ ،‬أو إخضاعها‬ ‫لقيادة سياسيّة واحدة‪ ،‬وكان ذلك األساس األوّ ل لتر ّنح‬ ‫االئتالف‪ ،‬وخلخلته داخل ّيا ً وبروز عديد الصراعات‬ ‫فيه‪ ،‬ث ّم بروز المال السياسيّ والمحاور لدى البعض‬ ‫وتوظيفهما خدمة ألغراض تخصّهم‪ ،‬وإقحام االئتالف‬ ‫للدخول في مغطس يبدو شديد الذاتيّة‪ ،‬واالبتعاد عن‬ ‫المأسسة وعن المها ّم التي وجد ألجلها‪.‬‬ ‫يجب التأكيد ـ للحقيقة فقط ـ أنّ االئتالف وعلى صعيد‬ ‫ممكناته ق ّدم ما يمكنه للداخل السوريّ ‪ ،‬لكنّ العجز‬ ‫الشديد كان أقوى وأكبر من أن يُظهر ما يقوم به‪ .‬فمثالً‪:‬‬ ‫كان التقدير قبل عام للحاجات األوّ ليّة يتجاوز الـ ‪500‬‬ ‫مليون دوالر شهر ّيا ً كي يستطيع النهوض باألعباء‪،‬‬ ‫وحين ال يصل عشرها‪ ،‬بل وأقلّ‪ ،‬كيف سيتصرّ ف؟‬ ‫ناهيك عن أنّ صراعات االستنزاف فيه أبعدته عن‬

‫داخليّة وتحسمها من أيّ‬ ‫تتمّة‬ ‫ظمات اإلغاثيّة السوريّة شيء يدخل إليها‪ ،‬لذلك‬ ‫املن ّ‬ ‫يجب االبتعاد عن االتهام‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪،‬‬ ‫رغم أ ّنها قد تحدث من قبل أشخاص ضمن‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة هي التي تحتال‪ ،‬لماذا تو ّقف‬ ‫ولكن ال يعني أنّ‬ ‫الدعم الخليجيّ وش ّح أورب ّياً‪ ،‬السبب هو التعامل مع‬ ‫األفراد وانتهاء الثقة‪ ،‬فيما بعد؛ وأيضا ً عبارات التخوين‬ ‫التي أطلقها السوريّون على بعض‪ ،‬ونحن أيضا ً «كبلبل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪ ،‬ولكنّ أغلبهم‬ ‫زادة» نتعامل مع الكثير من‬ ‫ي ّتهمون بعضهم بعدم المصداقيّة‪ ،‬أي أنّ المشكلة فينا‪.‬‬ ‫يقظان الشيشكلي ـ منظمة مرام ‪:‬‬ ‫هناك َمن قال‪ :‬إنّ على الحمالت أن تنتهي‪ ،‬ولكنّ‬ ‫الحملة األخيرة كانت أفضل الحمالت‪ ،‬من حيث‬ ‫التضامن بين الجاليات السوريّة‪ ،‬وقد ساهمت هذه‬ ‫الحملة بتوازن جديد ضمن الثورة من إعادة التواصل‪،‬‬ ‫وأنا باسم ّ‬ ‫منظمة مرام‪ ،‬نشكر الشباب الذين ساهوا بها‪،‬‬ ‫أمّا موضوع وحدة تنسيق الدعم فهناك لغط كبير‪ ،‬فهم‬ ‫انتقلوا من تنسيق إلى وحدة تل ّقي وتنفيذ الدعم‪ ،‬وهذا من‬ ‫المشاكل بين الوحدة واالئتالف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪ ،‬فهناك منظمات‬ ‫أ ّم��ا موضوع اختفاء‬ ‫ظهرت واختفت وال يمكن إنكار هذا األمر ألسباب‬ ‫ذكرها وائل‪ ،‬أو ألسباب أخرى‪ ،‬ألنّ الوضع التنظيميّ‬ ‫اآلن اختلف عن السنتين الماضيتين‪ ،‬فكان الدعم موجّ ه‬

‫من قبل فرد يدعم هذه المجموعة‪ ،‬أمّا اليوم أصبح‬ ‫هناك تسجيل وضرائب‪ ،‬والحكومة التركيّة أيضا ً‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪ ،‬أمّا موضوع اإلعالم‪،‬‬ ‫تسجّ ل ما ت ّم إدخاله إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الموجودة‪ ،‬ومجبرين‬ ‫كمنظمة من أوائل‬ ‫نحن‬ ‫على الكثير من التصوير بهذه الطريقة رغم أ ّننا ض ّدها‪،‬‬ ‫واستمرّ ينا لم ّدة سنة ونصف‪ ،‬دون أن نصوّ ر‪ ،‬ولكن‬ ‫أُرغمنا‪ ،‬ألنّ المتبرّ عين هم من أرادوا ذلك‪ ،‬باإلضافة‬ ‫لعدم وج��ود شخص محترف بموضوع التصوير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات التي تبحث عن محترف‬ ‫واليوم نحن من‬ ‫يستلم موضوع الدعاية رغم أ ّنه ليس عذر‪ ،‬ولكن‬ ‫للتوضيح‪ ،‬أمّا موضوع المخيّمات فإنّ أغلب المخيّمات‬ ‫القريبة تحصل على أغلب الموا ّد‪ ،‬أمّا المخيّمات الباقية‬ ‫ أي في الداخل ‪ -‬قد ال يصلها ش��يء‪ ،‬وه��ذا خطأ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الدوليّة‬ ‫تنظيميّ من قبلنا‬ ‫كمنظمات‪ .‬هذا ألنّ‬ ‫تفضّل العمل في المناطق اآلمنة‪ ،‬ولكن يوجد الكثير‬ ‫من اإلدارات الجيّدة في المخيّمات التي تعْ لمنا أ ّنها ال‬ ‫تحتاج إلى موا ّد معيّنة‪ ،‬أل ّنها متو ّفرة‪.‬‬ ‫مأمون عثمان ـ ّ‬ ‫مسرات‪:‬‬ ‫منظمة‬ ‫ّ‬ ‫أريد التح ّدث عن الموضوع الذي طرحه األستاذ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‬ ‫نبيه‪ ،‬فليس خطأ أن يُقال لك أن تقوم بإنشاء‬ ‫كي يصلك الدعم‪ ،‬أل ّنه سيطلب منك فيما بعد أن ّ‬ ‫تنظم‬ ‫نفسك بهيكليّة‪ ،‬ومن ث ّم مجلس إدارة‪ ،‬ويجب أن ندعم‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات كي تأخذ المنحى المهنيّ لتستطيع‬ ‫ك ّل‬

‫االستمرار‪ ،‬ولدينا مثال واضح هو‪ّ :‬‬ ‫منظمة «األوتشه»‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات لذلك يجب أن يكون‬ ‫التي تض ّم الكثير من‬ ‫هناك مهنيّة‪ ،‬وك ّل الموجدين يعلمون أنّ المجتمع‬ ‫الدوليّ وصل لمرحلة الش ّح بال ّدعم والتبرّ عات لألفراد‬ ‫والمؤسّسات غير المهنيّة‪ ،‬وأنا ال أرى خطأ بالحمالت‪،‬‬ ‫ولكن يجب التنظيم والعمل بمهنيّة أكثر‪.‬‬ ‫شخيط ّ‬ ‫رند ّ‬ ‫منظمة بسمة وزيتونة‪:‬‬ ‫أريد أن أتكلّم عن موضوع الصورة‪ ،‬هناك الكثير‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات أطلقت حمالت لجمع التبرّ عات منذ‬ ‫من‬ ‫�اس‪ ،‬ولكن لم يكن‬ ‫بداية الصيف للتحضير لشتاء ق� ٍ‬ ‫هناك استجابة‪ ،‬وهذا ما حدث معنا في لبنان‪ ،‬لم يساهم‬ ‫أحد‪ ،‬وبالصدفة نتيجة صورة «بجوّ ال» للخيم التي‬ ‫يعلوها الثلج تحرّ ك المجتمع العالميّ ‪ ،‬فالصورة لها‬ ‫تأثير لتحريك الضمير‪ ،‬ولألسف لم نستطع التأثير قبل‬ ‫األزمة‪.‬‬ ‫السوري العا ّم‪:‬‬ ‫مح ّمد عيدو اال ّتحاد‬ ‫ّ‬ ‫نحن نعرف اإلغاثة‪ ،‬وهناك اجتماع للمنسّقين من‬ ‫ا ّتحادات وشبكات‪ ،‬وقد عملنا على توحيد المفاهيم‬ ‫اإلغاثيّة‪ ،‬أمّا الصورة قد تختلف من شخص آلخر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمات لم ّدة سنة ونصف لم تصوّ ر‪ ،‬ولك ّنها‬ ‫وهناك‬ ‫ّ‬ ‫تعمل‪ ،‬وهناك أيضا ً‬ ‫منظمة ال تملك صفحة على‬ ‫«الفيس بوك» وهي ناجحة إلى اآلن‪ ،‬رغم أنّ هناك‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات التي لم تعمل بالصورة والتنسيق‬ ‫الكثير من‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪5‬‬

‫معالجة المشاكل الكثيرة‪.‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬هناك اليوم جوّ إيجابيّ يع ّم األغلبيّة في أه ّميّة‬ ‫وضرورة إصالح أوضاع االئتالف ومأسسته‪ ،‬ووضع‬ ‫برامج عمليّة لمهامّه‪ ،‬واالنفتاح الحقيقيّ على القوى‬ ‫المعارضة والحراك الثوريّ والعسكريّ والمدنيّ ودعم‬ ‫الحكومة بأقصى الممكن للنهوض بأعبائها الكثيرة‪،‬‬ ‫ومعالجة الوضع العسكريّ باتجاه التوحيد‪ ،‬والضبط‪،‬‬ ‫وتكريس المهنيّة‪ ،‬والعالقة الناظمة مع القيادة السياسيّة‪.‬‬ ‫هو امتحان كبير مطروح بقوّ ة على المخلصين في‬ ‫االئتالف والمعارضة لبناء معادلة متوازنة يكون لها‬ ‫شأنها في تعديل ميزان القوى سياس ّياً‪ ،‬وعلى األرض‪،‬‬ ‫واالستناد إليها في أيّ ح ّل سياسيّ من شأنه أن ينجز‬ ‫تحوّ ل بالدنا إلى نظام ديمقراطيّ يُنهي نظام اإلجرام‬ ‫والفئويّة واالستبداد‪.‬‬ ‫يقال إ ّن��ه ال يوجد تناقض بين اإلس�لام‬ ‫• ‬ ‫«النص»‬ ‫والعلمان ّية‪ ،‬كيف يمكن فهم ذلك بوجود‬ ‫ّ‬ ‫كمقدّ س؟‬ ‫ُعقاب يحيى‪ :‬ليست العلمانيّة واحدة في مضمونها‬ ‫وتطبيقها‪ ،‬فبين المطبّق في فرنسا والواليات الم ّتحدة ـ‬ ‫مثالً ـ بون شاسع‪ .‬لقد فهم ج ّل اإلسالميّين والمؤمنين‬ ‫في عموم األديان أ ّنها معادية للدين‪ ،‬وتدعو للتكفير‬ ‫واإللحاد‪ ،‬في حين أ ّنها في جوهرها‪ :‬استخدام العلم في‬ ‫التحليل والتركيب والنظام الديمقراطيّ ‪ ،‬وإبعاد الدين‬ ‫عن السياسة كي ينمو بطريقة حرّ ة‪ ،‬مع ّ‬ ‫حق الجميع‬ ‫في العبادة والعقيدة واعتناق وممارسة ما يؤمنون به‪،‬‬ ‫ونالحظ أنّ الدول التي اعتمدت العلمانيّة لم تعش ذلك‬ ‫الصراع الحا ّد بين الدين والدولة‪ ،‬رغم أنّ البعض يعود‬ ‫باألمر إلى الثورة الفرنسيّة وما طرحته من فصل الدين‬ ‫عن الدولة‪.‬‬ ‫األمر عندنا‪ ،‬سيكون مرتبطا ً بفهم القوى العلمانيّة‬ ‫الواقعيّ لمجتمعاتنا‪ ،‬وموقع الدين واإليمان فيها‪ ،‬وكذا‬ ‫موقف األحزاب والقوى اإلسالميّة المعتدلة من العمل‬ ‫في ظ ّل قوانين عامّة ليست دينيّة وإ ّنما وضعيّة‪.‬‬ ‫األستاذ ُعقاب يحيى‪ ،‬شكراً جزيالً لكم‪.‬‬ ‫• ‬

‫حاوره ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫ْ‬ ‫ضعفت وقلّت مواردها‪ ،‬ولكنّ توحيد المفاهيم هو‬ ‫قد‬ ‫شيء ضروريّ في عالم اإلغاثة والتنمية‪ .‬ور ّداً على‬ ‫كالم «ربيع» ال أستطيع اآلن أن أقوم بعمل تنمويّ‬ ‫لتشغيل مخيّم‪ ،‬ث ّم يأتي القصّ ‪ ،‬فال أستطيع عمل شيء‬ ‫عند ذلك‪ ،‬أي هناك أصول للعمل‪ ،‬ألنّ الداعم يبحث‬ ‫عن األمان في دعمه‪ ،‬أل ّنه ال يوجد لدينا مناطق آمنة‪،‬‬ ‫بل هي كذلك نسب ّياً‪.‬‬ ‫أريد أن أر ّكز على موضوع اإلعالم‪ ،‬فنحن نستطيع‬ ‫التح ّدث عن وحدة التنسيق‪ ،‬ولكن يجب أيضا ً أن نقول‪:‬‬ ‫ماذا ق ّدمت وحدة التنسيق؟‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫وعن عملها من استبيانات دون مقارنة مع‬ ‫الدوليّة‪ ،‬فالوحدة ساهمت على األرض وتح ّدت في فترة‬ ‫ما ّ‬ ‫منظمات قويّة فاعلة‪ ،‬فاإلعالم الثوريّ أو السوريّ‬ ‫يلعب دوراً مه ّما ً في ترسيخ العبارتين المذكورتين‬ ‫«احتيال واستغالل»‪ ،‬أمّا موضوع «المافيات» الذي‬ ‫ذكره البعض هو أمر عاديّ ‪ ،‬فالسلّة تصل إلى شخص‬ ‫بقيمة عشرة آالف ويقوم هو ببيعها ب‪ 2000‬فهي لم‬ ‫تذهب إلاّ لمحتاج (قاطعه األستاذ يقظان وقال‪:‬‬ ‫األمر ليس كذلك‪ ،‬بالصورة العامّة فهي تباع للتجّ ار‬ ‫ليبيعونها للمحتاجين)‪ ،‬أ ّكد األستاذ عيدو بأنّ كالمه‬ ‫ليس بشكل دائم‪ ،‬ولكن بعض األحيان تباع للتجّ ار‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬باسل العبداهلل‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫تحقيقات‬

‫مخّيمات الموت تنادي األحياء‪ ،‬فهل من منقذ لها؟‬

‫مخيّمات الموت في الداخل‪ ،‬هذا ما أصبح يطلق‬ ‫عليها بعد موجة البرد القارس التي اجتاحت المنطقة‬ ‫خالل األيّام القليلة الماضية‪ ،‬والتي كشفت المستور‬ ‫ّ‬ ‫بحق أناس هجّ رهم جور النظام المجرم من بيوتهم‬ ‫عنوة‪ ،‬إلى أماكن لم يكن يتخيّلها أيّ مواطن سوريّ ‪،‬‬ ‫ليقطنوا في أكثر من سبعة مخيّمات على الحدود‬ ‫التركيّة‪ ،‬باإلضافة لمئات آالف الخيم المتناثرة في‬ ‫مزر‪ ،‬ال‬ ‫قرى محافظة حلب‪ ،‬وهم يعيشون في وضع‬ ‫ٍ‬ ‫يحسدون عليه‪ ،‬من نقص في التدفئة واأللبسة والمأكل‬ ‫والمشرب‪ ،‬وح ّتى المسكن‪.‬‬ ‫هذا كلّه‪ ،‬يجري أمام سمع ونظر العالم‪ ،‬الذي لم‬ ‫يحرّ ك ساكنا ً‬ ‫ّ‬ ‫بحق شعب يُقهر ويقتل ويهجّ ر؛ أمّا ما‬ ‫ّ‬ ‫واهتزت له‬ ‫حدث في باريس فقد حرّ ك العالم بأسره‬ ‫أوربّا وأمريكا‪ ،‬فإلى متى أيّها العالم ستظ ّل صامتا ً‬ ‫ّ‬ ‫بحق شعب سورية؟‬ ‫جريدة «كلّنا سوريّون» التقت مع عدد من ساكني‬

‫هذه المخيّمات‪ ،‬فكان‬ ‫ج��واب��ه��م ومطلبهم‬ ‫واح��د ألنّ البرد واحد‬ ‫والمسكن واحد وإلههم‬ ‫واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أنقذونا نحن‬ ‫وأطفالنا ونساؤنا من‬ ‫البرد القارس أطعمونا‬ ‫من الجوع القاتل نريد‬ ‫دواء ل��ل��م��رّ ض ال��ذي‬ ‫ح ّل بنا ألبسونا في ظ ّل‬ ‫هذا الظرف الصعب‪.‬‬ ‫وأض���اف ال��ن��ازح��ون‪:‬‬ ‫نحن نعيش ف��ي أس��وأ‬ ‫ال���ظ���روف م���ن خيم‬ ‫مهترئة وأرض موحلة‬ ‫من السماء ماء ومن األرض ماء وبرد لم نره في‬ ‫حياتنا‪.‬‬ ‫فهل من مجيب لهؤالء القوم البائسين المشرّ دين‬ ‫الجائعين؟‬ ‫إحصاءات وأرقام‪ ،‬هل مِن مجُ يب؟‬ ‫ومتابعة لهذا الموضوع‪ ،‬التقت جريدة « كلناّ‬ ‫سوريّون» مع «عارف شريفة» رئيس مكتب الشؤون‬ ‫االجتماعيّة واإلغاثيّة في مجلس محافظة حلب الحرّ ة‬ ‫ال��ذي ح ّدثنا قائالً‪ :‬بعد موجة البرد التي اجتاحت‬ ‫المنطقة وما وصل إليه وضع النازحين من سوء‪،‬‬ ‫قمنا بإعالن حالة الطوارئ في مناطق المخيّمات في‬ ‫الريف الشماليّ وفي مناطق تناثر الخيم في المناطق‬ ‫المتفرّ قة في قرى محافظة حلب المحرّ رة‪ ،‬كما قمنا‬ ‫بإطالق حملة «زمّلوني» بهدف تقديم ما نستطيع‬ ‫من احتياجات للنازحين‪ ،‬وقمنا أيضا ً بالتواصل مع‬

‫ّ‬ ‫المنظمات والجهات الداعمة لدفعهم لتقديم الدعم لهم‪،‬‬ ‫وأضاف «شريفة « لقد قام مكتب الشؤون االجتماعيّة‬ ‫واإلغاثيّة بمسح كامل للمخيّمات من أعداد الخيم واألسر‬ ‫وتحديد كا ّفة االحتياجات التي يتطلّبها النازحون في‬ ‫المخيّمات السبعة‪ ،‬باإلضافة إلى المخيّمات المتناثرة‪،‬‬ ‫وهي مخيّم باب السالمة ومخيّم سجّ و ومخيّمات‬ ‫شمارين (ضاحية الشهداء واإليمان والنور) ومخيّم‬ ‫إكدة باإلضافة إلى المخيّمات المتناثرة مثل عبطين‬ ‫والصعيبيّة والعامريّة في الريف الجنوبيّ ومخيّمات‬ ‫صغيرة في قرى مارع من الجهة الجنوبيّة الشرقيّة‬ ‫في قرية الورديّة وما حولها؛ وعن عدد الخيم التي ت ّم‬ ‫إحصاؤها من قبل المكتب قال «شريفة « لقد بلغ عدد‬ ‫الخيم ‪/4175/‬خيمة في المناطق‬ ‫التي ذكرناها سابقا ً باإلضافة‬ ‫إلى‪ /1392/‬كارفاناً‪ ،‬كما بلغ عدد‬ ‫العائالت ‪/5315/‬عائلة حيث بلغ‬ ‫عدد س ّكان المخيّمات ‪/30785/‬‬ ‫نسمة‪ .‬وأوضح «شريفة» قائالً‪:‬‬ ‫يوجد في المخيّمات ‪/8150/‬‬ ‫طفالً‪ ،‬وقد بلغ عدد األيتام ‪/762/‬‬ ‫يتيماً‪ ،‬كما يوجد ‪/727/‬شهيداً‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ‪ /481/‬من ذوي‬ ‫االحتياجات الخاصّة‪ .‬وعن أه ّم‬ ‫االحتياجات التي يتطلّبها النازحون‬ ‫قال «شريفة « يحتاج النازحون‬ ‫وبشكل سريع إلى لوازم تدفئة من مدافئ ومحروقات‬ ‫وبيرين ولباس شتوي وحرامات واسفنجات وإلى سلل‬ ‫غذائيّة وخيم وأرضية خيم‪ ،‬كما يحتاجون إلى دور‬ ‫لرعاية المس ّنين ونقاط ط ّبيّة وإنارة للخيم‪ ،‬وأضاف‬ ‫«شريفة» هناك مخيّمات تحتاج إلى تعبيدها بالبحص‬

‫وصرف صحيّ وخيم جديدة بدل المتضرّ رة‪ ،‬وخاصة‬ ‫في مخيّم النور في شمارين‪ ،‬وبالنسبة للجهات الداعمة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات مثل أي هاي‬ ‫لهذه المخيّمات هناك عدد من‬ ‫هاي (‪ )ihh‬ومرسي كوربس وميركل وسيما والهالل‬ ‫األزرق و‪ ،nrc‬وأوضح «شريفة» مع وجود ك ّل هذه‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات فإنّ هذا الدعم ال يكفي والوضع سيّ ء ج ّداً‪،‬‬ ‫فنحن نطالب باستبدال الخيم بكارفانات فهي تح ّقق‬ ‫وضع أفضل للنازحين‪ ،‬وأش��ار «شريفة» بالنسبة‬ ‫للمخيّمات المتناثرة في الريف الجنوبيّ وقرى مارع‬ ‫وغيرها‪ ،‬ال يوجد جهات داعمة لها‪ ،‬وهي أيضا ً تحتاج‬ ‫إلى دعم لكا ّفة االحتياجات التي ذكرناها سابقاً‪.‬‬ ‫في النهاية‪ ،‬هذه قصّة ساكني خيم الموت التي ال‬

‫تقيهم برد الشتاء وال حرّ الصيف؛ هل من سيسمع‬ ‫صوتهم ويلبّي احتياجاتهم؟ واأله�� ّم من ذل��ك‪ ،‬هل‬ ‫يستطيع العالم أن يُعيدهم إلى منازلهم ويوقف عنهم‬ ‫ظلم جبّار متكبّر شرّ دهم وأوصلهم إلى هذا الوضع؟؟‬

‫بدر حسني‬

‫السكن تحت أشجار الزيتون‬

‫على مدى أربع سنوات والوضع السوريّ يزداد‬ ‫ك بأنّ المواطن السوريّ هو الذي‬ ‫سوءاً‪ ،‬وما من ش ّ‬ ‫يدفع فاتورة ما يحصل‪ ،‬فالقصف المستمرّ على المناطق‬ ‫المحرّ رة بكل أنواع األسلحة وما يخلّفه من دمار على‬ ‫نطاق واسع ّأثر بشكل كبير على وضع السوريين في‬ ‫هذه المناطق‪ ،‬فهناك العديد من العائالت السوريّة في‬ ‫الداخل فقدت بيوتها وأصبحت بدون مأوى وعدد ليس‬ ‫قليالً‪ ،‬ماذا بإمكانها أن تفعل لتؤمّن مكانا ً بديالً لها يقيها‬ ‫حرّ الصيف وبرد الشتاء‪،‬‬ ‫بيوت سوّيت باألرض‬ ‫ّ‬ ‫أبو أكرم وعائلته المؤلفة من زوجته وخمسة أوالد‬ ‫أكبرهم أكرم‪ ،‬هي إحدى العائالت الكثر في سراقب‬ ‫ممن هُدمت بيوتهم وأصبحوا بدون مأوى‪ ،‬توجّ هنا إلى‬ ‫المكان الذي بنت به عائلة «أبو أكرم» خيمتها التي‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫أصبحت بديالً عن بيتهم‪ ،‬يقول «أبو أكرم»‪ :‬سقطت‬ ‫بالقرب من البيت ع ّدة قذائف وفي ك ّل مرّ ة نقوم بإصالحه‬ ‫وترميمه ونعود للعيش فيه‪ ،‬لكن المرّ ة األخيرة عندما‬ ‫عدنا إليه بعد استهداف المدينة بالبراميل المتفجّ رة في‬ ‫شهر آب من العام الماضي وكانت الصدمة كبيرة‬ ‫ي باألرض‪ ،‬لم نخسر البيت‬ ‫عندما وجدنا أن بيتنا قد سوّ َ‬ ‫فقط لقد خسرنا ك ّل األشياء التي يحتاج إليها الناس من‬ ‫(معدات البيت وأثاثه وك ّل ما يحتاجه المنزل) لقد بتنا‬ ‫ال نملك إلاّ ثيابنا وبعض األشياء التي ك ّنا نأخذها أثناء‬ ‫نزوحنا المؤ ّقت أي أثناء الهجوم على المدينة وقصفها‪،‬‬ ‫فنحن نخرج من الساعة السادسة صباحا ً وال نعود ح ّتى‬ ‫يتو ّقف الطيران بالهجوم على المدينة‪ ،‬وأحيانا ً كثيرة‬ ‫نبقى ساعات طويلة قد تمت ّد طوال النهار‪ ،‬لم يبق لنا‬ ‫سوى هذه «الطريزينة» (وهي عبارة عن درّ اجة ناريّة‬ ‫لها ثالث عجالت)‪.‬‬ ‫أبو أك��رم كان عامل‬ ‫طِ �لاء (د ّه���ان) يساعده‬ ‫ابنه األكبر «أكرم» في‬ ‫عمله‪ .‬تح ّدثنا «أ ّم أكرم»‬ ‫ع��ن وضعهم منذ بدء‬ ‫الثورة وتقول‪ :‬كان أكرم‬ ‫وأب��وه يعمالن لساعات‬ ‫طويلة لتأمين ما نحتاجه‬ ‫م��ن مستلزمات الحياة‬ ‫وب��ع��د ق��ي��ام ال��ث��ورة بدأ‬ ‫العمل يق ّل شيئا ً فشيئاً‪،‬‬ ‫وتستمرّ في الحديث عن‬ ‫ابنها أك��رم‪ ،‬كان – هللا‬

‫يحميه ‪ -‬يطلع بالمظاهرات السلميّة مع انو صغير‬ ‫وبقي هيك متل رفقاتو وعند اللي تسلّحو ما رضي‬ ‫إال يكون متلن‪ ،‬وهللا كبر بالثورة» أكرم من مواليد‬ ‫‪ ،1996‬التحق بصفوف الثوّ ار وتكاد ال تخلو معركة‬ ‫إلاّ وأكرم ضمنها‪ ،‬يقول األب‪.‬‬ ‫أطفال وأمّهات يعملون لتأمني لقمة العيش‬ ‫وعند سؤالنا لهم عن كيفيّة تدبير أمورهم اليوميّة‬ ‫ومتطلّبات الحياة؟ قالت أ ّم أكرم‪ :‬نعمل أنا وابنتيّ‬ ‫أعماالً يدويّة مثل النسيج على «ال ّنول» وفي الخياطة‬ ‫– الحمد هلل مستورة ‪ -‬فهناك الكثير من معارفنا‬ ‫وأقاربنا يأتون لعندنا لشراء ما نشتغله‪ ،‬لكنّ اإلنتاج‬ ‫قليل ج ّداً وذلك أل ّننا نعتمد كل ّيا ً على العمل اليدويّ ‪،‬‬ ‫فمثالً مكنة الخياطة ك ّنا قد حوّ لناها إلى مكنة يدويّة لعدم‬ ‫تو ّفر الكهرباء‪ ،‬وتضيف «بس نحنا في الليل منشغل‬ ‫ضو‪ ،‬هللا يطول عمرو ألبو أكرم وصل ّنا من بطارية‬ ‫الطريزينة كهربا»‪.‬‬ ‫ونتوجّ ه إلى الفتاتين «لمى وصفا» تقول لمى‪ :‬كان‬ ‫عمري ‪ 13‬عاما ً عندما بدأت الثورة كنت في المدرسة‬ ‫أنا وأختي وك ّنا من المتفوّ قات‪ ،‬وبالرغم من استمرار‬ ‫القصف تابعنا الذهاب إلى مدارسنا‪ ،‬ولكن عندما هُدم‬ ‫بيتنا واضطررنا إلى العيش في هذه الخيمة لم نعد‬ ‫نذهب للمدرسة وح ّتى مدرستنا قُصفت هي األخرى‪،‬‬ ‫وأصبحت أنا وإخوتي بدون مدرسة‪ ،‬فنحن نساعد‬ ‫ّ‬ ‫يتدخل األخ األصغر‬ ‫أهلنا في جميع األعمال‪ ،‬وهنا‬ ‫«ح � ّم��ودي» ق��ائ�لاً‪ :‬في األم��س عندما ك��ان موسم‬ ‫الزيتون عملنا في حواش الزيتون جميعنا لنساعد أبي‪،‬‬ ‫وأيضا ً عند حصاد الكمّون عملنا معه في الحصاد‪.‬‬ ‫وبدأ يعرض علينا صوره التي كان قد‬ ‫التقطها له والده أثناء الحصاد ويردف‬ ‫قائالً‪« :‬رح نبقى نضحك ونشتغل ح ّتى‬ ‫لو هدم بيوتنا وما رح نسكت ح ّتى ناخد‬ ‫حريّتنا وأنا بس اكبر شوي رح انضم‬ ‫ألخي أكرم ورفقاتو»‪.‬‬ ‫مأساة يتشارك بها اجلميع‬ ‫تقول أم أكرم‪ :‬لسنا الوحيدين في هذا‬ ‫الوضع هناك الكثير من العائالت فقدت‬ ‫منازلها وسكنت في خيم مثلنا‪ ،‬وبدأت‬ ‫تع ّدد لنا أسماء العائالت التي تسكن‬ ‫الخيم مثلهم تحت أشجار الزيتون‪،‬‬ ‫وتحمد ربّها أ ّنهم لم يكونوا في المنزل‬ ‫أثناء سقوط البرميل عليه‪ ،‬وتح ّدثنا عن‬ ‫أحد معارفهم وكيف سقط البرميل على منزلهم وكانوا‬ ‫بداخله ولم يسلم منهم أحد‪.‬‬ ‫ويخبرنا «أب��و أك��رم» ب��أنّ جارهم «أب��و ماجد»‬ ‫وزوجته وأوالده السبعة‪ ،‬الذي بنى خيمته بالقرب‬ ‫منهم وهو مريض ال يستطيع العمل‪ ،‬كل يوم تطبخ‬ ‫«أم ماجد» شوربة العدس وفقط‪ ،‬فهم ال يستطيعون‬

‫شراء الح ّد األدنى من حاجيّاتهم‪ ،‬وهذا حال جميع‬ ‫من سقطت على بيوتهم البراميل وأصبحوا من س ّكان‬ ‫الخيم‪ ،‬فمنهم من بنى خيمته بالقرب من أرض زراعيّة‬ ‫ليست له‪ ،‬وذلك بغية تأمين الماء من بئر «ارتوازيّة»‪،‬‬ ‫معظم النازحين من س ّكان الخيم يعانون من قلّة الماء‬ ‫وأغلبهم يقوم بشرائها من صهاريج الماء وبأسعار‬ ‫مرتفعة‪ ،‬تصل إلى ‪ 3000‬ليرة سوريّة‪ ،‬وقد يزداد‬ ‫سعره حسب الحاجة للماء ففي الصيف يزداد سعره‬ ‫أضعافا ً مضاعفة‪ ،‬وفي أحيان كثيرة يكاد يكون تأمين‬ ‫الماء من األمور الصعبة وهي من أه ّم المشاكل التي‬ ‫تواجه سكان هذه الخيم‪ ،‬ويضاف إلى ذلك أ ّنهم ّ‬ ‫يطرون‬ ‫إلى دفع سعر كامل الصهريج وال يأخذون إلاّ جزءاً‬ ‫منه بسبب عدم وجود ّ‬ ‫خزانات تتسع لكامل الصهريج‪،‬‬

‫أمّا طهو الطعام فيت ّم على الحطب وبذلك يكون جمع‬ ‫األخشاب مهمّة يقوم بها أطفالهم ويستخدمونها ّ‬ ‫للطهو‬ ‫وللتدفئة في الشتاء‪ ،‬هذا ويكون العبء األكبر على‬ ‫كاهل أ ّم أكرم التي تقوم بجميع األعمال لتأمين الح ّد‬ ‫األدنى من العيش لها ولعائلتها‪.‬‬

‫فلك اخلالد‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫الحلم األ ّول للصانع األ ّول‬ ‫اإللكتروني رسالة‬ ‫وصلت إلى بريد الصحيفة‬ ‫ّ‬ ‫�رف مرسلها عن نفسه بقوله‪:‬‬ ‫من إسبانيا‪ ،‬ع� ّ‬ ‫اسمي أيمن بيطار من مواليد دمشق ‪1981‬‬ ‫وم��ن خ�لال حديثنا معه اكتشفنا العديد من‬ ‫السوري‪ ،‬وال��ذي لم تتح له‬ ‫المواهب لدى هذا‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫يحب وينجح‪ ،‬إ في بيئة‬ ‫الفرصة لكي يقوم بما‬ ‫ّ‬ ‫مر به ح ّتى اليوم‬ ‫أخرى؛ وقد تسلسل سرده لما ّ‬ ‫ّ‬ ‫نتدخل السياق إلاّ لنستوضح منه بعض‬ ‫برهافة‪ ،‬لم‬ ‫النقاط؛ وهكذا جاء ما رواه لنا وما تابعناه من‬ ‫حكاية عمله‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫عندما كان عمري ‪ 7‬سنوات صنعت آلة موسيقيّة‪،‬‬ ‫هي عبارة عن صندوق ماكينة خياطة أمّي وعصا‬ ‫لتكون الزند‪ ،‬كانت األوتار عبارة عن خيطان من‬ ‫النوع الذي ك ّنا نض ّم فيه حبّات السبحة‪.‬‬ ‫في سن الـ ‪ 11‬اشتريت أوّ ل غيتار ألتعلّم العزف‪.‬‬ ‫بدأت بالعزف مح ّبا ً للموسيقى العربية واإلسبانيّة‪،‬‬ ‫وكان التلفزيون ‪ -‬في ذاك الوقت ‪ -‬يعرض برنامج‬ ‫اسمه «القيثارة الطليقة»‪.‬‬ ‫عشقت الموسيقى اإلسبانيّة وقررت االحتراف‪،‬‬ ‫درس��ت عند أفضل مدرّ سي الغيتار السوريّين‬ ‫للموسيقى اإلسبانيّة الكالسيكيّة‪ .‬كنت أري��د أن‬ ‫أدرس موسيقى الفالمنكو‪ ،‬ولكن ال يوجد مدرّ سين‬ ‫محترفين لهذا النوع في سورية‪.‬‬ ‫درست موسيقى الفالمنكو عن طريق الكتب‬ ‫والفيدوهات‪ ،‬والسماع ساعات وساعات‪ .‬ق ّدمت‬ ‫أوّ ل أمسية موسيقيّة في المركز الثقافي العربيّ ‪،‬‬ ‫وملكني ذلك الشعور عند العزف على المسرح‪.‬‬ ‫بعدها ق ّدمت الكثير من األمسيات الموسيقيّة في دار‬ ‫األوبرا بدمشق‪ ،‬وفي ع ّدة محافظات أخرى‪ ،‬وفي‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عملت ك��م��درّ س غيتار في المركز الثقافي‬ ‫اإلسبانيّ بدمشق (‪ )Cervantes‬أخيراً‪ ،‬وبعد ك ّل‬ ‫هذا قرّ رت االحتراف بشكل أكثر أكاديميّة‪.‬‬

‫قرار الرحيل‬ ‫وفعالً‪ ،‬في عام ‪ 2011‬ذهبت إلى إسبانيا للدراسة‬ ‫بشكل أكاديميّ ‪ ،‬فدرست في كونسرفاتوار برشلونة‪،‬‬ ‫وعلى يد أساتذة بشكل خاصّ ‪ ،‬وق ّدمت العديد من‬ ‫األمسيات لموسيقى الفالمنكو في إسبانيا‪.‬‬ ‫في السنة الماضية‪ ،‬شعرت برغبة بأن أعيش‬ ‫الفالمنكو األندلسيّ القديم في األن��دل��س‪ ،‬أل ّنه‬ ‫الفالمنكو التقليديّ الحقيقيّ ‪ ،‬فانطلقت أنا زوجتي من‬ ‫برشلونة إلى غرناطة‪.‬‬ ‫وفي ليلة صيف‪ ،‬بعد نهار طويل سرنا فيه‬ ‫للتعرّ ف على أحياء المدينة الجميلة‪ ،‬بعد أن تعرّ فت‬ ‫على أه ّم مص ّنعي الغيتار اإلسبانيّ اليدويّ ‪ ،‬جلسنا‬ ‫– أنا وزوجتي ‪ -‬على سطح بيتنا الجديد المط ّل على‬ ‫قصر الحمراء‪ ،‬وفي القصر مهرجان (فيستيفال)‬ ‫فالمنكو‪ ،‬و كان الهواء ينشر الصوت‪.‬‬ ‫قلت لزوجتي‪ :‬كم أتم ّنى أن يكون لديّ غيتار‬ ‫حقيقيّ من خشب حقيقي وفيه رائحة خشب السرو‪.‬‬ ‫قالت زوجتي‪ :‬لماذا ال تصنع أنت الغيتار الذي‬ ‫تحلم به‪ .‬وهنا اكتملت الفكرة التي كانت شبه نائمة‬ ‫في طفولتي‪ ،‬قرّ ْ‬ ‫رت أن تصبح كبيرة وواقعيّة‪.‬‬ ‫في اليوم التالي‪ ،‬ذهبت إلى عدد من مص ّنعي‬ ‫الغيتار‪ ،‬أسأل أن أتعلّم منهم‪ .‬األكثريّة رفضوا‪،‬‬ ‫ومن لم يرفض قال‪ :‬إنّ لهذه المهنة أسراراً‪ ،‬وهي‬ ‫ُتنقل من األب إلى االبن‪ .‬قالوا وقالوا‪ ..‬ولم أسمع‪.‬‬ ‫عدت حزينا ً إلى البيت وأخبرت زوجتي بما حصل‪.‬‬ ‫اإلصرار رغم الرفض‬ ‫لكنّ ما حصل جعل عندي إصراراً أكبر ألصنع‬ ‫غيتاري بيديّ ‪ .‬اشتريت بعض الكتب وشاهدت‬ ‫مئات الفيديوهات على يوتيوب‪ ،‬اشتريت الخشب‬ ‫وبعض أدوات العمل وبدأت بصناعة أوّ ل غيتار‪.‬‬ ‫بعد شهرين ونصف انتهيت من صناعة أوّ ل‬ ‫غيتار‬ ‫وذهبت إلى صانع غيتارات مشهور بغرناطة‪،‬‬ ‫يقال إ ّن��ه شخص جيّد‪ ،‬ذهبت إل��ى ه��ذا الصانع‬ ‫اسمه خ��وان ميغيل كارمونا ‪Juan Miguel‬‬ ‫‪ ) )Carmona‬وسألته النصح‪،‬‬ ‫فسألني‪ :‬أنت الذي صنعت هذا الغيتار؟ من أين‬ ‫أنت؟ وماذا تعمل؟‬ ‫قلت له‪ :‬أنا صنعته نعم‪ ،‬وأنا سوريّ ‪ ،‬عازف‬ ‫ورسام وأحب الفنّ ‪ ،‬رأيت العديد من الفيديوهات‬

‫بسمة على الجدران‬

‫ﻷ ّنهم أطفال سورية فابتسامتهم تعني الكثير‪،‬‬ ‫ابتسامتهم لها إيحاء كبير ومميّز أل ّنهم أطفال‬ ‫سورية‪ ،‬ويستح ّقون م ّنا الكثير‪ ،‬ويحتاجون البتسامة‬ ‫تمسح عن جبينهم آثار الحرب التي آن لها أن تنتهي‪.‬‬ ‫وم��ن أج��ل رس��م ه��ذه البسمة ‪ ...‬ونقش تلك‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات فرقة‬ ‫الفرحة في قلوبهم‪ ،‬استقدمت إحدى‬ ‫المهرّ جين اﻷلمان لألطفال في يوم عيد اﻷضحى من‬ ‫العام الماضي‪ ،‬وقامت بتوزيع حقائب وقرطاسيّة‬ ‫ومالبس صوفيّة عليهم في مدارسهم‪.‬‬ ‫ث ّم جاءت خطوتها اﻷخيرة‪ ،‬إلعادة االبتسامة‬ ‫والفرحة‪ ،‬وذلك باستقدامها للرسّام اﻷمريكيّ آموس‬ ‫غريغوري‪.‬‬ ‫رسالة وفرحة‬ ‫لدى سؤالنا السيّد «محمّد كنداوي‪ :‬مدير الوكالة‬ ‫السوريّة الحرّ ة لإلنقاذ عن الهدف من الحفلة؟ أجابنا‬ ‫بأنّ هناك هدفان‪ :‬أوّ لهما‪ ،‬إيصال رسالة األطفال‬ ‫للعالم من خالل الرسومات بأ ّنه حان الوقت لوقف‬ ‫الحرب في سورية وعودة السالم واﻷمان إليها‪،‬‬ ‫وثانيهما‪ ،‬وهو اﻷه ّم‪ ،‬بسمة اﻷطفال وفرحتهم والتي‬ ‫ال تق ّدر بثمن‪ .‬وعند سؤاله عن المعوقات التي‬ ‫تواجه الوكالة في عملها؟ كان جوابه‪ :‬أكبر عائق‬ ‫يواجهنا هو ضعف الدعم واإلمكانيّات‪ ..‬ونحن‬ ‫في الوكالة رغم بساطة االمكانيّات نطمح ونجهد‬ ‫لرسم االبتسامة على وجه أطفالنا وزرع الفرحة في‬ ‫قلوبهم‪ ،‬لك ّننا دائما ً ما نصطدم بعائق اإلمكانيّات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالمنظمة قائالً‪:‬‬ ‫وعرّ ف المدير «كنداوي»‬ ‫هي وكالة سوريّة غير حكوميّة غير ربحيّة‪،‬‬ ‫تأسّست في الشهر األوّ ل من عام ‪ 2013‬مقرّ ها‬ ‫تركيا وسورية‪ ،‬وهي تعنى بالمصابين والجرحى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫السوريّين نتيجة أعمال القتل‬ ‫وال��ع��ن��ف ال��ت��ي ي��ت��ع��رّ ض لها‬ ‫ال��س��ور ّي��ون م��ن ك��ا ّف��ة أط��راف‬ ‫النزاع وعلى كامل مساحة البلد‪،‬‬ ‫كما وتعمل على تقديم مختلف‬ ‫أنواع المساعدة اإلنسانيّة‪ ،‬الط ّبيّة‬ ‫منها واإلغاثيّة لك ّل السورييّن‬ ‫على ح ّد سواء‪ ،‬و تؤ ّكد الوكالة‬ ‫أ ّنها غير مرتبطة بأيّ حزب أو‬ ‫تيّار سياسيّ أو عرق أو دين أو‬ ‫طائفة‪ ،‬كما وتعمل الوكالة على‬ ‫لفت انتباه العالم للوقوف إلى جانب مأساة الشعب‬ ‫السوريّ ومساعدته لتجاوز هذه األزمة‪.‬‬ ‫أنا رمست لوحة جداريّة‬ ‫وعندما التقينا ب��ال��رس��ام الضيف «آم��وس‬ ‫غريغوري» الذي جسّد برسوماته رسالة أطفالنا‬ ‫بشكل رائع ومميّز‪ ،‬فقد أوصل رسالتهم وأبهج‬ ‫قلوبهم‪ ،‬قال‪ :‬أنا أعمل مع قدامى المحاربين في‬ ‫الجيش األمريكيّ ‪ ،‬وإنّ رسم الجداريّات عن الحرب‬ ‫والصدمات النفسيّة في الشارع‪ ،‬هو صلب عملي‪،‬‬ ‫وقد بدأت بذلك في سان فرانسيسكو‪ ،‬وما ترونه‬ ‫اليوم هو نوع منه‪ .‬وأوضح «آموس غريغوري»‬

‫الفكرة الرئيسيّة والهدف من عمله هنا بالقول‪ :‬الفكرة‬ ‫التي أعمل عليها عبارة عن الصدمة‪ ،‬الصدمة التي‬ ‫يعيشها األطفال السوريّون هي نفسها الذي يعيشها‬ ‫المحاربون القدامى‪.‬‬ ‫وفسّر الف ّنان لنا مراحل التعليم التي ي ّتبعها في‬ ‫التعامل مع األطفال والمجتمع‪:‬‬ ‫ح ّتى تعطيهم خبرة في الحياة ولكي نستطيع‬ ‫مسايرة الواقع‪ ،‬ولكي نبيّن لهم أيضا ً كيفيّتة‪ ،‬ننطلق‬

‫وقرأت الكثير عن صناعة الغيتار‪ ،‬وصنعت هذا‬ ‫الغيتار في بيتي‪.‬‬ ‫أعطاني بعض النصائح المفيدة وقال لي إ ّنه يريد‬ ‫أن يرى غيتاراً آخر من صناعتي‪ .‬بعد شهرين‪،‬‬ ‫ذهبت إلى خوان ميغيل مع غيتاري الثاني ألسأله‬ ‫عن عملي وآلخذ بعض النصائح‪ ،‬فقال لي‪ :‬لقد‬ ‫تحسّنت بشكل كبير وسريع‪ ،‬أنت موهوب وتحبّ‬ ‫الغيتار يمكنك أن تأتي ك ّل يوم إلى ورشتي وأنا‬ ‫سوف أعلّمك أسرار الصناعة لتصبح صناعتك‬ ‫احترافيّة‪ ..‬سعادة ما بعدها سعادة أصبح لي معلّم‬ ‫وأستاذ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫كنت أذهب ك ّل يوم ألتعلم في ورشته وأستفيد من‬ ‫خبرته وخبرة أصدقائه الصانعين الشكر له ولهم‪.‬‬ ‫أعطاني وعلّمني أس��رار الغيتار وأس��رار أنواع‬ ‫الخشب وسماكته ووزنه والكثير من المعلومات‬ ‫القيّمة‪.‬‬ ‫غيتار مصنوع من القلب‬ ‫أخذت محلاّ ً ألجعل منه ورشة صغيرة لصناعة‬ ‫الغيتار‪ ،‬وبدأت العمل باحترافيّة أكثر وجماليّة‪.‬‬ ‫ِبعت العديد من الغيتارات إلى ع ّدة عازفين‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬استمتع بصناعة الغيتار والرسم والعزف‪،‬‬ ‫ألنّ الفنّ ليس له حدود‪.‬‬ ‫الغيتار الذي يصنع في المعمل على الماكينات‬ ‫التي ليس فيها روح‪ ،‬من المؤ ّكد أ ّنه سيخرج غيتاراً‬

‫بال روح) من أجل إيجاد الروح داخل الغيتار يجب‬ ‫أن يكون مصنوعا ً من القلب)‪.‬‬ ‫أشعر بالسعادة الحقيقيّة والفخر أل ّنني السوريّ‬ ‫األوّ ل الذي يصنع الغيتار اإلسبانيّ ‪.‬‬

‫أمين بيطار‬

‫إلى العالم من الصدمة‪ ،‬ولكن في كلمات خاصّة‪ ،‬أنا‬ ‫هنا كبداية أعمل وفي المرحلة األولى على القيام‬ ‫بأعمال ف ّنية للناس‪ .‬كم نعلّمهم األدوات الالزمة‬ ‫إلنشاء الصور الخاصّة بهم من قصصهم‪.‬‬ ‫ويشرح الف ّنان نشأة القضيّة المجتمعيّة لديه‪:‬‬ ‫تظهر ق��وّ ة في المجتمع عندما يتعلّق األمر‬ ‫باإلنسانيّة‪ ،‬فاأله ّم هو التعرّ ف على المجتمع المحيط‬ ‫بالمدرسة‪ ،‬أو رؤية األطفال وأهاليهم وتعلّم قصص‬ ‫من معاناتهم وحياتهم ليس فقط من إرهاب األسد‪.‬‬ ‫لدي القضايا نفسها من آمال وأحالم شعبي‪ ،‬وهم من‬ ‫المهاجرين الذين قدموا ألمريكا كعبيد‪ ،‬فأنا أسعى‬ ‫لخلق التضامن بين قضايا الناس‪ ،‬لذلك ن ّفذت هذه‬ ‫اللوحة الجداريّة‪.‬‬

‫وعندما طلبنا من الرسّام «آموس غريغوري»‬ ‫أن يوجه كلمة إلى السوريّين عموما ً قال‪:‬‬ ‫ك ّل من يقرأ هذه الكلمات في سورية أرجو‬ ‫أن يفهم أ ّننا مع اآلخرين الذين يحاربون إلنهاء‬ ‫معاناتهم‪ ،‬رغم أنّ حكومتنا (الواليات الم ّتحدة) تفعل‬ ‫العكس‪ ،‬والذي يفعل ما بوسعه إلنهاء معاناتهم يقوم‬ ‫بهذا الشيء بدافع الحبّ ‪ .‬أمّا كلماتي األخيرة‪ ،‬فأريد‬ ‫أن أؤ ّكد‪(( :‬أنا خادم للمجتمع‪ ،‬ولك ّني لست عبداً‪،‬‬ ‫تألّق عندما تتألّق)) آموس غريفوري‪.‬‬ ‫يف احلفلة‬ ‫كانت الحفلة في معهد اإليمان في منطقة نارلجة‬ ‫في مدينة أنطاكية التركيّة‪ ،‬حيث حضرها أطفال‬ ‫المعهد مع أطفال مدرسة الهدى والذين فاق عددهم‬ ‫الـ ‪ 250‬طفالً‪ ،‬تخلّل الحفلة توزيع الوكالة المالبس‬ ‫الصوفيّة والحلوى والشوكوال على اﻷطفال‪ ،‬ممّا‬ ‫ترك عظيم األثر في نفوسهم‪.‬‬

‫أنطاكية ‪ -‬كلّنا سوريّون‬

‫‪7‬‬

‫مجزرة النّهر‬

‫يوم ليس كباقي األيّام‪ ،‬حين استفاق أهالي حلب على هول‬ ‫واقعة لم يشهد تاريخ البشريّة لها من مثيل‪ ،‬فالنهر الذي‬ ‫كان منبع الحياة لحلب وكان أهالي حلب يذكرونه بين الج ّد‬ ‫والهزل تحوّ ل على يد النظام المجرم إلى نهر الموت الذي‬ ‫يحكي عن مجزرة راح ضحيّتها حوالي ‪240‬مدن ّيا ً بريئا ً بينهم‬ ‫نساء وأطفال‪.‬‬ ‫وكعادته حاول المجرم (النظام األسديّ ) ا ّتهام المعارضة‬ ‫بقتلهم مدعّما ً روايته بحجج ال تنطلي على الطفل الصغير‪.‬‬ ‫وبما أنّ المعهد السوريّ هو من قام بتوثيق هذه المجزرة‬ ‫من خالل كوادره‪ ،‬توجّ هنا إلى إدارة المعهد‪ ،‬حيث قابلنا مدير‬ ‫المعهد المحامي عبد القادر مندو‪ ،‬وح ّدثنا عن المجزرة قائالً‪:‬‬ ‫ظهرت الجثث صبيحة يوم الثالثاء تاريخ ‪2013\1\29‬‬ ‫نتيجة انحسار تدريجيّ لمياه نهر «قويق» حيث كانت الجثث‬ ‫على طرفي سرير النهر في حيّ بستان القصر‪ ،‬وت ّم انتشالها‪،‬‬ ‫وكان عددها ‪ّ 90‬‬ ‫جثة‪ ،‬ظهر عليها جميعها آثار التعذيب‬ ‫وكانت بغالبيّتها مكمّمة األفواه ومكبّلة األيدي‪.‬‬ ‫توالى وصول الجثث على مدى ‪ 45‬يوماً‪ ،‬وكانت تصل‬ ‫الجثث بمع ّدل ‪ّ 15‬‬ ‫جثة ك ّل أسبوع‪ ،‬وكان آخر وصول للجثث‬ ‫يوم ‪ 2013\3\13‬وذلك بعد أن رأينا إغالق العنفات التي‬ ‫ّ‬ ‫تغذي النهر من س ّد تشرين في الريف الشماليّ ‪ ،‬وأخذنا قراراً‬ ‫بذلك من مجلس القضاء الموحّ د‪ ،‬وذلك لقطع الطريق على‬ ‫النظام في االستمرار في مجزرته التي جمعنا الكثير من‬ ‫األدلّة على أ ّنه هو من قام بالمجزرة‪.‬‬ ‫بلغ العدد النهائيّ للجثث ‪ّ 240‬‬ ‫جثة بينها شيوخ وخمس نساء‬ ‫وطفل عمره ال يتجاوز ‪ 15‬عاما ً وك ّل الشهداء مدنيّون‪ ،‬وهنا‪:‬‬ ‫عدد من الجثث دفعته مياه النهر لمسافة ‪ 25‬كم جنوب حلب‪،‬‬ ‫ت ّم التعرّ ف على ‪ّ 60‬‬ ‫جثة من قبل ذويهم وسلّمت إليهم أصوالً‪،‬‬ ‫وت ّم فيما بعد أخذ شهاداتهم‪ ،‬أمّا الجثث التي لم يت ّم التعرّ ف‬ ‫عليها ت ّم تسجيل مواصفاتها وأخذ صورة عنها وأعطيت رقم‬ ‫في السجلاّ ت‪ ،‬مطابق لرقم القبر الذي وضِ ْ‬ ‫عت فيه‪.‬‬ ‫قام المعهد من خالل مجموعة من المحامين وأخصائيّين‬ ‫باألدلّة الجنائيّة وأطبّاء شرعيّين بإعداد ملفّ دعوى جنائيّة‪،‬‬ ‫ورفعت للمحكمة الجنائيّة الدوليّة وقي ْ‬ ‫ّدت في سجلاّ تها‪ ،‬وإلى‬ ‫اليوم لم تحرّ ك المحكمة ساكنا ً في هذه الدعوى‪ ،‬وال زلنا نتابع‬ ‫الملفّ إلى اليوم‪.‬‬ ‫وللوقوف على حالة الجثث وتشخيصها قمنا بزيارة رئيس‬ ‫الطبابة الشرعيّة المل ّقب «أبو جعفر» أخصائيّ باألدلّة‬ ‫الجنائيّة والذي أدلى بشهادته قائالً‪ :‬أنا من قمت بتشخيص ك ّل‬ ‫الجثث‪ ،‬ورأيت أنّ ك ّل الجثث قد قتلت من مسافة قريبة وبطلق‬ ‫بالرّ أس من سالح حربيّ أ ّدى إلى انفجار الجمجمة وخروج‬ ‫الما ّدة الدماغيّة من مكانها كلّها أو قسم كبير منها كما أنّ آثار‬ ‫التعذيب ظاهرة على معظم الجثث‪ ،‬وبعض الجثث شوّ هت‬ ‫باألسيد‪ ،‬كما أنّ بعض الجثث‪ ،‬ونتيجة مكوثها بالماء ألكثر‬ ‫من أسبوع‪ ،‬ضاعت معالمها وأصبح من الصعب التعرّ ف‬ ‫عليها‪ ،‬وقبل دفن الجثث قمنا بأخذ عيّنات من الشعر لتحليلها‬ ‫فيما بعد للتعرّ ف على أصحابها‪.‬‬

‫الشهادات كثيرة حول المجزرة سواء من قبل الناشطين‬ ‫الذين انتشلوا الجثث من النهر أو من قبل أهالي الشهداء الذين‬ ‫تعرّ فوا على أبنائهم‪ ،‬حيث أ ّكدوا أنّ أبناءهم فُقدوا في المناطق‬ ‫التي يسيطر عليها النظام‪ ،‬وأ ّنهم إمّا ذهبوا للعمل أو شراء‬ ‫حاجياتهم‪ ،‬أو من قبل بعض من قام بهذه المجزرة بعد أن ت ّم‬ ‫أسرهم من قبل الجيش الحرّ وسماع شهاداتهم‪.‬‬ ‫ها هي سنتان مرّ ت على المجزرة وهي ليست الوحيدة‬ ‫ّ‬ ‫بحق الشعب السوريّ وال زالت المجازر مستمرّ ة تحت نظر‬ ‫وسمع العالم أجمع دون أن يتحرّ ك المجتمع الدوليّ ال ّتخاذ‬ ‫ّ‬ ‫الجزار الذي ما فتئ يفتك بشعبنا‪.‬‬ ‫موقف يُدين‬

‫احملامي عبّاس املوسى‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪24‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫الثورة السورّية بين حرب االستنزاف وتجارة األسلحة‪...‬‬ ‫من األجانب يتح ّدثون العربيّة وبينهم «مصريّون‬ ‫وعراقيّون وأردنيّون وليبيّون وسودانيّون»‪ ،‬وذلك كلّه‬ ‫ّ‬ ‫يؤثر سلبا ً على الالجئين المقيمين في تركيّا‪ ،‬أل ّنه يتهمها‬ ‫بأ ّنها الداعم الرئيسيّ لتلك التجارة بسبب فتحها للحدود‬ ‫مع سورية‪ ،‬إلاّ أنّ قوّ ات األمن التركيّة تحاول جاهدة‬ ‫أن توقف تلك التجارة‪ ،‬ولكنّ كبر الشريط الحدوديّ‬ ‫يسبب عجزاً في توقيف تلك التجارة‪.‬‬ ‫ليبيا السوق األكرب عربيّاً يف السالح‬

‫منذ بدء ثورتنا‪ ،‬أو كما يسمّيها البعض األحداث‬ ‫في سورية‪ ،‬عمل نظام األسد جاهداً على قتل األمن‬ ‫واألمان وخلق حالة من الرعب والحياة في ظ ّل غابة‪،‬‬ ‫مستخدما ً ك ّل وسائله في ز ّج اإلرهابيّين الذين تكلّم‬ ‫عنهم منذ بداية ثورتنا‪ ،‬ولِ َم ال؟ وهي المسّبب الرئيسيّ‬ ‫والمبرّ ر الوحيد في قصف المدنيّين ّ‬ ‫العزل‪ ،‬األمر الذي‬ ‫جعل من تجارة السالح تزدهر‪ ،‬وبشكل كبير فأصبحت‬ ‫تلك المهنة مثل الكنز يجهد أصحاب الحاجة والباحثون‬ ‫عن المجد‪ ،‬هواة ومحترفون‪ ،‬والك ّل ممّن يكونون‬ ‫ذات أنفس ضعيفة ورخيصة‪ ،‬هنا يلهث خلف زغردة‬ ‫السالح األقوى‪ ،‬اإلقبال الكثيف خلق منافسة شديدة‬ ‫بين أصحاب المهنة الواحدة‪ ،‬هكذا يحتدم الصراع‬ ‫على مختلف المستويات‪ ،‬ك ّل األسلحة في ساحة القتال‬ ‫مباحة‪ ،‬سواء الدينيّة أو العسكريّة‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬

‫المال الوفير الذي يعرض لتأمين السالح‪ ،‬اإلغراء هنا‬ ‫ال يُقاوم‪ ،‬ماليين الدوالرات ُتصرف يُمنة ويُسرة في‬ ‫هذه اللعبة‪ ،‬والك ّل يتم ّنى ويرغب في الّلعب في تلك‬ ‫الّلعبة‪ ،‬بل أصبح نوعا ً من المدح (ماذا تعمل؟ تاجر‬ ‫سالح‪ ،‬والحمد هلل) هذه العبارة سمعتها من أكثر من‬ ‫شخص سوريّ يقيم بين تركيّا واألراضي السوريّة‪،‬‬ ‫وقد برز اسم تركيّا كأحد األماكن التي تزدهر فيها تلك‬ ‫التجارة‪ ،‬وهناك مدن تركيّة صغيرة على الحدود مع‬ ‫سورية تع ّد نموذجا ً النتعاش تجارة الحرب‪ ،‬حيث أخذها‬ ‫التجّ ار كمنافذ لبيع ك ّل أنواع السالح‪ ،‬وكان واضحا ً أنّ‬ ‫المشترين في هذه المتاجر أشخاص يتد ّفقون عليها من‬ ‫مختلف أنحاء الشرق األوسط‪ ،‬ح ّتى أصبحت هذه المدن‬ ‫ُتعرف بالقاعدة الجديدة للبيع والشراء لمع ّدات الحرب‪،‬‬ ‫ويقول األتراك أصحاب هذه المتاجر‪ :‬إنّ عمالءهم‬

‫اعتقاالت تطال ّ‬ ‫كل‬ ‫المك ّونات السورّية‬

‫كبرئيل موشي كورية مواليد القامشلي ‪1962‬م��ن القادة‬ ‫السياسيّين القوميّين السلميّين لشعبنا في سورية‪.‬‬ ‫يشغل المهندس كبرئيل منصب مسؤول المكتب السياسيّ‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمة اآلثوريّة الديمقراطيّة السوريّة المعارضة التي تع ّد من‬ ‫أقدم األحزاب اآلشوريّة‪ ،‬تأسّست عام ‪. 1957‬‬ ‫تعرّ ض لالعتقال التعسّفيّ بعد قيام جهاز المخابرات العامّة‬ ‫(أمن الدولة) – فرع القامشلي – بمحافظة الحسكة باستدعائه‬ ‫بتاريخ ‪ 19‬كانون األوّ ل ‪ ،2013‬ث ّم تمّت إحالته إلى دمشق‪،‬‬ ‫وجرى نقله إلى سجن عدرا في شباط ‪ ،2014‬ومازال محتجزاً‬ ‫ح ّتى هذه اللحظة‪ ،‬وتت ّم محاكمة كبرئيل أمام محكمة قضايا‬ ‫اإلره��اب على خلفيّة ا ّتهامات منها‪ :‬االنتماء لتنظيم سياسيّ‬ ‫ّ‬ ‫مرخص‪ ،‬والتحريض على العنف لإلطاحة بالحكومة‬ ‫سرّ ي غير‬ ‫السوريّة بموجب المادة ‪ 8‬من قانون مكافحة اإلرهاب السوريّ‬ ‫الصادر عام ‪ ،2012‬وتأتي هذه االتهامات على خلفيّة نشاطاته‬ ‫السلميّة التي تتضمّن العمل على نشر ثقافة التآخي والحوار بين‬ ‫المكوّ نات السوريّة‪ ،‬والنضال في سبيل تحصيل حقوق الشعب‬ ‫اآلشوريّ في سوريّة ضمن إطار وحدة البالد أرضا ً وشعباً‪،‬‬ ‫والسعيّ في سبيل تحقيق التغيير الديمقراطيّ في سوريّة‪.‬‬ ‫ويثير استمرار اعتقال كورية العديد من التساؤالت حول‬ ‫وجود رغبة أو نيّة صادقة لدى الحكومة السوريّة في ح ّل سياسيّ‬ ‫من أيّ نوع كان‪ ،‬وتقديم ولو القليل من التنازالت إليقاف الصراع‬ ‫السوريّ ‪ ،‬وقد أصدر المرصد اآلشوريّ لحقوق اإلنسان بيانا ً‬ ‫يطالب فيه السلطات السوريّة باإلفراج الفوري عن القياديّ‬ ‫اآلشوريّ السوريّ كبرئيل دون قيد أو شرط‪ ،‬كما ويرون في‬ ‫استمرار احتجازه مخالفة صريحة لقرار مجلس األمن الدوليّ‬ ‫رقم (‪ )2139‬الصادر في شباط ‪ 2014‬الذي يطالب باإلفراج‬ ‫عن جميع المحتجزين تعسف ّيا ً في سوريّة نتيجة نشاطهم السلميّ‬ ‫أو الصحفيّ أو اإلنسانيّ ‪.‬‬ ‫وكان اتحاد شبيبة اآلشوريّة في السويد قد منح كبرئيل جائزة‬ ‫الرجل اآلشوريّ لعام ‪ 2013‬وذلك من خالل اجتماعه السنويّ‬ ‫في مدينة غوتنبرغ السويديّة‪ ،‬وقد جاء هذا التكريم تقديراً لجهوده‪.‬‬ ‫الحريّة لعشاق الحريّة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ال يختلف اثنان في أنّ ليبيا أصبحت أكبر سوق‬ ‫سوداء للسالح‪ ،‬وذلك جعل منها مقصداً لتجّ ار األسلحة‬ ‫والمافيات الدوليّة‪ ،‬هناك تنخفض أسعار قطع السالح‬ ‫كثيراً كأ ّنك تشتريها من بلد المنشأ‪ ،‬حيث هناك خدمة‬ ‫التوضيب والتوصيل تحصل عليها مجّ انا ً بمجرّ د‬ ‫شراء بضاعتك‪ ،‬إنّ السالح هناك متو ّفر بسهولة‪ ،‬وفي‬ ‫متناول الجميع‪ ،‬ويشير إلى أنّ سهولة توضيب شحنات‬ ‫السالح وإرسالها إلى أيّ بلد كان تكاد تشعرك بأ ّنها‬ ‫كالمساعدات الغذائيّة‪.‬‬ ‫لبنان تزدهر يف جتارة السالح‪...‬‬

‫وأ ّم��ا في لبنان فالسوق ازده��ر بعشرة أضعافه‪،‬‬ ‫كذلك ازداد بشكل ملحوظ عدد العاملين بمهنة تجارة‬ ‫السالح وتهريبه لما تؤمّنه من أرباح ومردود ما ّدي‬ ‫لفئة المغامرين العاملين في هذه المهنة المع ّقدة‪ ،‬ناهيك‬

‫عن حقول األلغام التي زرعتها قوّ ات النظام على طول‬ ‫الحدود البريّة الشرقيّة والشماليّة مع لبنان‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫مضحك‪ ،‬فهم زرعوا في أماكن وتركوا أخرى‪ ،‬أل ّنهم‬ ‫الرؤساء لتلك المافيات‪ ،‬إلاّ أنّ السواتر الترابيّة التي‬ ‫وضعتها قوّ ات الجيش اللبنانيّ جعلت تلك العصابات‬ ‫تلجأ إلى البغال في نقل أسلحتهم وبضائعهم‪ ،‬ومن أكثر‬ ‫المعابر شهرة في لبنان لتهريب السالح والممنوعات‬ ‫تنتشر في ك � ّل من مناطق وادي خالد وعرسال‬ ‫وجرودها‪.‬‬ ‫حرب استنزاف الدم السور ّي بأيدي ّ‬ ‫جتار السالح‪..‬‬ ‫أمّا اآلن‪ ،‬وبعد استنزاف للدم السوريّ لم ّدة أربع‬ ‫سنوات لم يعد السالح الخفيف مطلوبا ً هذه األ ّي��ام‪،‬‬ ‫يبحث تجّ ار السالح عن سالح متوسّط أو ثقيل‪ ،‬مثل‬ ‫(قذائف المدفعيّات والهاون والصواريخ) إن و ِجدت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫متعطش لسالح يحدث فرقاً‪،‬‬ ‫فمسرح المعارك السوريّ‬ ‫في البدء كان شراء رشاش روسيّ وتهريبه إلى سورية‬ ‫إنجازاً كبيراً‪ ،‬ولكن لم يعد الحال كذلك‪ ،‬بل اختلف‬ ‫كثيراً ح ّتى تكاد تنعدم أه ّميّة الر ّ‬ ‫شاش الروسيّ بالنسبة‬ ‫للثوّ ار‪ ،‬ح ّتى تحوّ ل األمر إلى تجارة أسلحة وتهريب‬ ‫عكسيّ ‪ ،‬وتحديداً للر ّ‬ ‫شاشات الروسيّة التي فاضت بها‬ ‫سوق السالح السوريّة ح ّد التخمة‪ ،‬فاألسلحة الثقيلة هي‬ ‫التي تميل كفّ الميزان‪ ،‬إذ ترى مصادر في المعارضة‬ ‫السوريّة المسلّحة أنّ استمرار الحال على ما هي عليه‪،‬‬ ‫تعني استنزاف دماء الشعب السوريّ ‪ ،‬ويقول أحدهم )‬ ‫لن يُسقط الكالشنيكوف النظام‪ ،‬نريد صاروخاً) انطالقا ً‬ ‫من هذه النقطة يظهر أنّ ك ّل هذا من أجل تدمير الشعب‬ ‫السوريّ ‪ ،‬وسرقة ثورته وتدمير أرض��ه وتحويلها‬ ‫لمختبر إلف��راغ وتجريب ك ّل شحنات السالح على‬ ‫األراضي السوريّة وتجريبها على الدم السوريّ ‪.‬‬

‫أمري جنم الدين‬

‫نْ‬ ‫َفطنا‪ ،‬بيد أكثر من «مافيا»‬

‫وفي مسألة الكهرباء‪ ،‬قام المواطنون بتدبّر‬ ‫أمورهم عبر ما أسموه «األمبيرات»‬

‫وه��ي عمليّة توليد الطاقة الكهربائيّة عبر‬ ‫المولّدات التي تعمل بالمازوت أو البنزين‪ ،‬وتم ّد‬ ‫المنازل بالح ّد األدنى من الكهرباء مقابل مبالغ‬ ‫أسبوعيّة تصل إلى آالف الليرات السوريّة؛ ألنّ‬ ‫التيّار النظاميّ قد يأتي لبضع ساعات في األسبوع‪،‬‬ ‫أو ال يأتي!‬ ‫ويتباهى النظام السوريّ بأ ّنه يؤمّن الخبز بأسعار‬ ‫مخ ّفضة في المناطق التي يسيطر عليها‪ ،‬ويم ّدها‬ ‫بالمساعدات الدوليّة‪ ،‬ألنّ المسلّحين يمنعونه من‬ ‫إدخالها إلى المناطق األخرى‪ ،‬كما ي ّدعي‪.‬‬ ‫الصفقات احلقيقيّة‪ ،‬مَن وكيف وكم؟‬ ‫لماذا يرتفع سعر المازوت في سورية؟ بينما‬ ‫تنخفض أسعاره في العالم إلى النصف؟ فقد ارتفع‬ ‫منذ أيّام سعر المازوت من ‪ 80‬إلى ‪ 125‬ليرة‬ ‫سوريّة‪ ،‬أي بزيادة أكبر من ‪ ،%56‬وهذه الزيادة‬ ‫سبقتها خالل السنوات األربع الفائتة قفزات متعاقبة‪،‬‬ ‫ففي عام ‪ 2011‬كان سعر ليتر المازوت ‪ 7‬ليرات‬ ‫سوريّة؛ وحجّ ة النظام في رفع السعر ‪ -‬حسب ما‬ ‫أورد مسؤولوه على شاشة التلفزيون ‪ -‬القضاء‬ ‫على السوق السوداء‪.‬‬ ‫م���ن ال���م���ع���ل���وم‪ ،‬أنّ‬ ‫ال��ت��ه��ري��ب واألس�����واق‬ ‫السوداء في سورية منذ‬ ‫عشرات السنين – وما‬ ‫زالت – بيد رجال النظام‬ ‫م��ن العائلة ومحيطها‪،‬‬ ‫وه��م أنفسهم م��ن ينجز‬ ‫اليوم صفقات شراء النفط‬ ‫الخام مع «داعش» حيث‬ ‫يشترونه من التنظيم‪ ،‬ثم‬ ‫يبيعونه لشركات أجنبيّة‪،‬‬ ‫أو يبيعونه للمصفاتين‬ ‫الرئيسيّتين الباقيتين وهما في حمص وبانياس‪،‬‬ ‫واللتان تعمالن بـ ‪ % 10‬من طاقتهما فقط‪ ،‬حسب‬ ‫تصريحات سليمان حيّان نائب وزير اقتصاد األسد‪.‬‬ ‫وتوصف السوق السوداء للنفط في سورية بـ‬ ‫«المزدهرة» وأ ّنها السبب في اندالع «احتجاجات‬ ‫ض ّد الفساد في المناطق التي يتم ّتع فيها نظام األسد‬ ‫بتأييد قويّ »‪.‬‬

‫وقد حدث في الفترة األخيرة أن قام مواطنون في‬ ‫الالذقيّة باحتجاجات بعد الش ّح الكبير في الوقود‪،‬‬ ‫وارت��ف��اع أس��ع��اره‪ ،‬مثل مختلف أشكال الطاقة‬ ‫عموماً‪ ،‬وقال بعض المواطنين‪ :‬إنّ رجال مافيا‬ ‫النظام يسيطرون على استالم الوقود من النظام‪،‬‬ ‫ويبيعونه مرّ ة أخرى باألسعار التي يفرضونها‪.‬‬ ‫مع العلم‪ ،‬أنّ العقوبات المطبّقة على سورية من‬

‫لكنّ ما يجري من صفقات في الواقع ُتظهر‬ ‫أنّ الموضوع أكبر من ذلك بكثير؛ فهنالك أسواق‬ ‫نشطت محلّ ّيا ّ وتقدر بماليين ال��دوالرات‪ ،‬وهي‬ ‫الصفقات التي تت ّم بين «داعش» ورجال «أعمال»‬ ‫من مافيا النظام‪ ،‬تؤمّن دخالً لتنظيم «داعش» يزيد‬ ‫عن مليون دوالر يوم ّياً؛ باعتبار أنّ إنتاج آبار‬ ‫محافظة دير الزور وحدها‪ ،‬والتي تق ّدر بالمئات‪،‬‬ ‫تنتج ‪ 130‬ألف برميل يوم ّياً‪ .‬بحساب بسيط على‬ ‫أساس أق ّل من ‪ 10‬دوالر‬ ‫للبرميل ال��واح��د‪ ،‬يمكن‬ ‫تصوّ ر تمويل «داعش»‬ ‫ك ّماً‪ ،‬وبالطبع كيفاً!‬ ‫وفي الواقع أيضاً‪ ،‬تجري‬ ‫عمليّات تكرير بواسطة‬ ‫م��ص��اف ت��ق��وم بعضها‬ ‫بمعالجة ما يصل إلى ألف‬ ‫برميل يوم ّياً‪ ،‬وبسعر يزيد‬ ‫بثالثة أضعاف عن الخام‪.‬‬

‫الدول الغربيّة أو األمم الم ّتحدة‪ ،‬ال تشمل منع بيع‬ ‫الوقود من وإلى سورية‪ ،‬باإلضافة إلى «الهدايا»‬ ‫اإليرانيّة من وقود الديزل إلى النظام‪.‬‬ ‫كما يربط مسؤولون رسميّون‪ ،‬ن��درة الوقود‬ ‫وارتفاع أسعاره بعمليّات التهريب إلى لبنان‪،‬‬ ‫ويبرّ رون قيام النظام برفع األسعار على أساس أن‬ ‫يح ّد ذلك من التهريب‪ ،‬وما يقال عن المازوت يقال‬ ‫عن البنزين‪ ،‬وكذلك الغاز‪.‬‬

‫هنا‪ ،‬يمكن أن نضيف‬ ‫كم هي أرباح مافيا النظام‬ ‫في حال باع النفط خاما ً أم‬ ‫كرّ ره؟ فهل تصل األرقام إلى ما يزيد عن ‪ 3‬مليون‬ ‫دوالر يوم ّيا ً أم ال؟‬ ‫مع هذا‪ ،‬يرفع النظام السعر على (المواطن)‬ ‫الذي ظ ّل لعشرات السنين‪ ،‬ال يجرؤ ح ّتى على ذكر‬ ‫كلمة النفط السوريّ ‪ ،‬أو إلى أين تذهب عائداته؟!‬

‫عبد اهلل منديل‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫حلب مدينة النساء والعجائز‬

‫منذ أن بدأت الثورة‪ ،‬بدأت المدينة تخلو تدريج ّيا ً‬ ‫من شبابها‪ ،‬فنسبة كبيرة من الشباب إمّا اعتقل أو‬ ‫استشهد‪ ،‬ومنذ أن انقسمت حلب إلى قسمين زادت‬ ‫ح ّدة “الهجرة الذكوريّة” من قسم إلى آخر‪ ،‬ما لبث‬ ‫ذاك القسم أن أصيب بعدوى تلك “الهجرة” بعد تر ّكز‬ ‫وانتشار تنظيم “داعش” بشكل واسع فيه‪ ،‬ومع مرور‬ ‫الزمن‪ ،‬وما بين هروب الشباب من األوضاع المعيشيّة‬ ‫الخانقة من جهة والبطالة القاتلة من جهة أخرى‪،‬‬ ‫وبين هروبهم من أداء الخدمة اإللزاميّة‪ ،‬تحوّ ل‬ ‫بقاء الشباب هنا في هذه المدينة إلى مدعاة للتعجّ ب‪.‬‬ ‫واليوم زاد األمر سوءاً بعد أن‬ ‫أعلن جيش النظام عن حاجته‬ ‫لالحتياط؛ وهكذا تحوّ لت حلب‬ ‫إلى مدينة للنساء والعجائز‬ ‫واألطفال‪.‬‬

‫والنظاميّ ك ّل على حدة‪ ،‬إضافة إلى انتشار السالح‬ ‫بشكل مخيف بين أبنائه‪ ،‬عداك عن تو ّقف المؤسّسات‬ ‫التعليميّة عن أداء عملها واستمرارها شكل ّيا ً وظاهر ّيا ً‬ ‫ال غير‪ ،‬وغيرها من المشكالت االجتماعيّة المختلفة‬ ‫التي تتركها الحرب‪.‬‬ ‫ولربّما األمر لن يتو ّقف هنا‪ ،‬فنتيجة لهذه “الهجرة‬ ‫الذكوريّة” نالحظ بدء هجرة اإلناث الشابّات منها‬ ‫أيضاً‪ ،‬ففعل ّيا ً ما من شيء بقي هنا في هذه المدينة‪،‬‬ ‫ح ّتى ال��زواج بات شيئا ً بعيد المنال‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫البطالة وع��دم توافر فرص العمل‪ ،‬وإن وجدت‬

‫ر ّب��م��ا سيبقى ه��ذا األم��ر‬ ‫مقبوالً ‪ -‬ن��وع�ا ً م��ا ‪ -‬ح ّتى‬ ‫السنة القادمة‪ ،‬لك ّنه لن يكون‬ ‫كذلك أكثر‪ ،‬وسيترك آث��اراً‬ ‫نواح مختلفة‪،‬‬ ‫سلبيّة جمّة على‬ ‫ٍ‬ ‫ولربّما بدأت تلك اآلثار في‬ ‫الظهور على السطح منذ‬ ‫اآلن‪ ،‬ولك ّنها الت��زال غير‬ ‫متفاقمة للح ّد األسوأ‪.‬‬ ‫ف��ه��ذا ال��خ��ل��ل ال��ح��ا ّد في‬ ‫المجتمع لن يكون بال آثار‬ ‫حا ّدة أيضاً‪ ،‬حتماً‪ ،‬بدءاً من‬ ‫الناحية االجتماعيّة‪ ،‬وانتها ًء‬ ‫باالقتصاديّة مروراً بالنفسيّة‪ ،‬فمدينة كاملة من النساء‬ ‫لن تكون خالية من المشكالت حتماً!‬ ‫ولربّما أش ّد النواحي ّ‬ ‫تأثراً بهذا الخلل هو الناحية‬ ‫االجتماعيّة بال شكّ‪ ،‬طالما أنّ التغيير الذي حدث‬ ‫ويحدث هو تغيير طال المجتمع بح ّد ذاته‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى أنّ هذا التغيير لم يحدث بشكل تدريجيّ أو أخذ‬ ‫الوقت الكامل له‪ ،‬بل حدث بشكل سريع ومفاجئ‬ ‫دون أيّة تدرّ جات‪ ،‬عوضا ً عن أنّ حدوث هذا التغيير‬ ‫كان في وقت شديد الحرج‪ ،‬فالمجتمع الحلبيّ كان‬ ‫يمرّ بأزمات ح��ا ّدة أخطرها‪ :‬تقسيم هذا المجتمع‬ ‫إلى مجتمعين واجتياح اإلرهاب بشكليه “الداعشيّ ”‬

‫فهي بأجور أدنى من المطلوب والمناسب لظروف‬ ‫المعيشة المرتفعة ج ّداً‪ ،‬وهكذا يمكننا أن نتنبّأ بأنّ‬ ‫حلب ستتحوّ ل إلى مدينة للعجائز‪ ،‬فقط‪ ،‬في غضون‬ ‫سنوات قليلة إن بقي الحال على ما هو عليه اآلن‪ ،‬أو‬ ‫إن أصبح أسوأ‪.‬‬ ‫ويمكننا أن نتنبّأ بمشاكل اجتماعيّة أخرى قد تلوح‬ ‫في األفق‪ ،‬كتو ّقع انتشار تع ّدد الزوجات بشكل كبير‪،‬‬ ‫إضافة إلى انتشار ال��زواج العرفيّ أو المتعة أو‬ ‫غيرها‪ ،‬عدا عن زواج القاصرات وتباعد فرق العمر‬ ‫بين الزوجين وغيرها من المشكالت االجتماعيّة‬

‫التي من شأنها أن تجرّ المجتمع إلى مزيد ومزيد من‬ ‫الجهل والتخلّف والظالم‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنّ الناحية االجتماعيّة هي أش ّد ما‬ ‫ّ‬ ‫سيتأثر بهذا التغيير‪ ،‬وبوسعنا القول إنّ حاالت النفي‬ ‫غير المباشرة هذه التي تطال الذكور من المجتمع‪،‬‬ ‫ال ب ّد أن ت ّترك آثارها السلبيّة على نفسيّة الشباب‬ ‫المهاجرين وأهاليهم المتروكين هنا؛ فاإلحباط‬ ‫واليأس واالكتئاب أش ّد اآلثار النفسيّة وضوحا ً على‬ ‫كال الجانبين‪ ،‬فالشابّ المهاجر سيضطرّ إلى العمل‬ ‫خارجا ً بأجور منخفضة وساعات كثيرة‪ ،‬وقد يرضى‬ ‫أن يكون موضعا ً لالستغالل‪،‬‬ ‫أو العمل ضمن شروط عمل‬ ‫غير أخالقيّة وغير مناسبة‬ ‫مقابل القليل ممّا يس ّد حاجته‪،‬‬ ‫وه���و مجبر ع��ل��ى ال��خ��روج‬ ‫من هذه المدينة وإلاّ سيكون‬ ‫مشروع قتيل أو مشروع معتقل‬ ‫في غضون أشهر قليلة‪ ،‬وهل‬ ‫بوسعنا أن نتخيّل األ ّم واألبّ‬ ‫واألخوة والحبيبة وغيرهم من‬ ‫المتروكين هنا؟ فهذه “الهجرة”‬ ‫ُتشيع جوّ اً من مشاعر الخوف‬ ‫والحزن والخوف من الفقد‪،‬‬ ‫فتتحوّ ل تلك المشاعر من‬ ‫مشاعر نفسيّة فرديّة إلى ظاهرة‬ ‫نفسيّة اجتماعيّة‪.‬‬ ‫ورغ���م أنّ ه��ذا األم���ر له‬ ‫آث���اره الكبيرة على الناحية‬ ‫االقتصاديّة‪ ،‬إالّ أ ّننا لن نوردها هنا‪ ،‬وذلك بسبب‬ ‫انهيار االقتصاد شبه الكامل في سورية‪ ،‬وربّما تكون‬ ‫هذه الظاهرة أكثر بروزاً في مدينة حلب إلاّ أنّ ذلك‬ ‫ال يعني أنّ المدن األخرى ال تعاني منها‪ ،‬ولك ّنها فقط‬ ‫أكثر ح ّدة هنا‪.‬‬ ‫ويمكننا اآلن أن نتخيّل سورية بعد م ّدة من الزمن‬ ‫ إن استمرّ الحال على ما هو عليه اآلن ‪ -‬على‬‫أ ّنها بلد العجائز‪ ،‬ولك ّنها لن تقتصر على ذلك‪ ،‬بل‬ ‫ستتحوّ ل إلى بلد للقتلة والمجرمين‪.‬‬

‫ريم احلاج‬

‫شيماء الصبّاغ السورّية ‪..‬‬

‫مهما حاولت أن تتجاهل مالمحها في تلك اللحظات‬ ‫األخيرة من حياتها‪ ،‬كما فعل المارّ ون من قربها حين‬ ‫سقطت‪ ،‬لن تتم ّكن من ذلك‪ ،‬فذاك الوجه النازف حين‬ ‫تهاوى جسدها‪ ،‬واليدان اللتان تحاول حضنها في‬ ‫محاولة لمنعها من السقوط‪ ،‬ك ّل ذلك سيحاصرك في‬ ‫مشهد خالد حول استشهاد الفكر الحرّ األعزل أمام‬ ‫عنف العسكر وسالحه‪.‬‬ ‫شيماء الصبّاغ التي سقطت ج��رّ اء إصابتها‬ ‫برصاص ّ‬ ‫مطاطي في الرأس من قبل رجال الداخليّة‬ ‫في يوم االعتصام بالورود لتكريم شهداء ثورة مصر‪،‬‬ ‫قد يقول القارئ «ما عاد يستوقفني مثل هذا السقوط‪،‬‬ ‫إنّ السقوط المدنيّ الجماعيّ في سورية تحت وطأة‬ ‫القصف الممنهج فاق المعقول ولبّد اإلحساس في‬ ‫قلوبنا‪ ،‬كيف تريدين أن أتعاطف مع هذا الحدث‬ ‫الفرديّ ؟»‬ ‫غير أ ّنك يا صديقي حين تمعن النظر في سقوط‬ ‫شيماء السلميّ الشامخ‪ ،‬ذاك التهاوي دون االنحناء‪،‬‬ ‫ستعود أيّها السوريّ الغارق بالدماء ح ّتى أذنيك إلى‬ ‫لحظات مشابهة‪ ،‬الب ّد أ ّنك خضّت مثلها‪ ،‬أو أ ّنك‬ ‫تابعتها بشغف حين كانت الكلمة تجابه السالح‪،‬‬ ‫قبل أن يت ّم االلتفاف على صدقها من قبل السلطة‪،‬‬ ‫والمتاجرة بأحالمها من قبل الساسة‪ ،‬وشرذمتها‬ ‫بالعنف المضا ّد‪ ،‬ولست هنا في معرض الحديث عن‬ ‫تحوّ الت الثورة السوريّة‪ ،‬فسقوط شيماء التراجيديّ‬ ‫أعادني بالذاكرة إلى إحدى المظاهرات الجامعيّة في‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تالشت من روحه‪.‬‬

‫حلب‪ ،‬بل إلى مشهد من‬ ‫تلك المظاهرة‪ ،‬حيث‬ ‫أُصيبت فتاة جامعيّة‬ ‫بطلق ن���اريّ وكانت‬ ‫تسير في الشارع حاملة‬ ‫عينها المصابة بيدها‪،‬‬ ‫ن��ع��م ص � ّدق��ن��ي كانت‬ ‫ْ‬ ‫وحاولت‬ ‫تحمل عينها‪،‬‬ ‫أن تستنجد بصاحب‬ ‫إح��دى المحلاّ ت غير‬ ‫أّن��ه أغلق باب المح ّل‬ ‫بوجهها وكأنّ اإلنسانيّة‬

‫المج ّندون يكتسحون الشارع باعتقاالت عشوائيّة‪،‬‬ ‫الرصاص ال يهدأ‪ ،‬والمارّ ون يتجاهلون ما يحدث‬ ‫وكأ ّنهم من كوكب آخر ‪ ..‬تماما ً كما حدث في األمس‬ ‫مع شيماء المصريّة كانت دماؤنا رخيصة وأحالمنا‬ ‫الكبرى في العدالة والحريّة والكرامة لم تصل إلى‬ ‫قلوبهم‪ ،‬فكيف بعقولهم؟‬ ‫لم تصل إليهم ح ّتى وصلنا إلى أيّامنا الدمويّة‬ ‫هذه‪ ،‬حيث غدت األرواح تزهق بالك ّم ال الكيف‪،‬‬ ‫وما سقوط شيماء إلاّ دليل على أنّ الكلمة خالدة في‬ ‫نضالها‪ ،‬وال يجب أن ننسى شهداءنا‪ ،‬أولئك الذين‬ ‫ماتوا بشرف أعزل أمام وحشيّة السلطة وسالحها‬ ‫الغادر‪ ،‬إنّ من يقصف اليوم ربّما يجد لنفسه تبريراً‬ ‫بأ ّنه يحارب أوكار اإلرهاب‪ ،‬بحسب البرمجة العقليّة‬ ‫التي مورست لتعديل مبادئه وتخدير ضميره‪ ،‬لكن‬ ‫ما هو التبرير الذي يدفع ذاك المج ّند بدم بارد إلى‬ ‫ضغط الزناد ليوجّ ه رصاصة في قلب ثائر يجابهه‬ ‫بالصوت والكلمة؟ هي أسئلة لطالما أرّ قتنا‪ ،‬حول‬ ‫المارّ ة العابثين بقيمة أرواحنا‪ ،‬نحن من نحلم بأن‬ ‫نشاركهم بوطن أفضل‪ ،‬وذاك المج ّند الذي يقتلنا بدم‬ ‫بارد في الوقت الذي نأمل أن ينتمي إلينا ويكون‬ ‫حمايتنا‪ ،‬هل يكفي أن يكون القانون المحميّ بسلطة‬ ‫السالح هو الجامع بين الشعب؟‬ ‫يح ّدد لهم حقوقهم‪ ،‬وما لهم وما عليهم لنعيش‬

‫بعزلة‪ ،‬ال يهمّنا ما يصيب غيرنا‪ ،‬لك ّننا تحت مسمّى‬ ‫الوطن الواحد‪ ،‬أم أنّ اإلنسانيّة يجب أن تتفوّ ق على‬ ‫القانون في معيار المواطنة واالنتماء؟‬ ‫وبمعنى آخر‪ ،‬هل تنتمي ‪ -‬يا شريكي في الوطن‬ ‫ إلى دمّي‪ ،‬أم تنتمي إلى أرضي؟ تأ ّكد حين تنتمي‬‫إلى أرضي‪ ،‬فإ ّننا سنكون في حالة نزاع دائم‪ ،‬وإن‬ ‫مرّ ذاك النزاع بسبات طويل سوف يصحو على‬ ‫أوّ ل خالف دينيّ أو قوميّ لتنشب الحرب بيننا تماماً‪،‬‬ ‫كالحرب التي نحيا في دائرتها اليوم‪ ،‬ندفع الثمن‬ ‫باهظا ً لتحقيق مطامع من يشتهي السلطة ومن تاجر‬ ‫بثورتنا‪ ،‬غير أ ّنك إذا انتميت إلى دمي فسنكون سويّة‬ ‫ّ‬ ‫الحق وأصحاب العيش‬ ‫أصحاب الثورة وأصحاب‬ ‫المشترك في وطننا المشتهى‪ ،‬ولن يفرّ قنا شيء‪.‬‬

‫فلنُبحر‪..‬‬ ‫هل تملّكتك الرغبة يوما ً ما في زيارة بل ٍد ما والتعرّ ف‬ ‫على حضارات مختلفة ووجهات نظر مغايرة لما تعرفه؟‬ ‫ربّما يصعب علينا أن نجوب العالم‪ ،‬ونذهب هنا وهناك‬ ‫لنستكشف ما ُتخفيه هذه األرض‪ ،‬ولكن هناك طريقة تم ّكننا‬ ‫من هذا التجوال‪ ،‬إ ّنها القراءة؛ فأن تفتح كتاباً‪ ،‬هذا يعني أ ّنك‬ ‫مُقبل على عالم كامل بال شكّ‪ ،‬عالم جديد كنت تجهل الكثير‬ ‫والكثير ع ّنه‪ ،‬فمن يقرأ يكون قادراً على أن يزور بقاع‬ ‫األرض جميعها‪ .‬ال بل‪ ،‬يستطيع أيضا ً أن يخترق الزمن‬ ‫فيعود للتاريخ ويُمحّ صه‪ ،‬أو يذهب للمستقبل ويرى ما يُمكن‬ ‫أن تؤول إليه حياته‪.‬‬ ‫القراءة ُتغني أرواحنا‪ ،‬فمن يقرأ يجد نفسه قادراً على‬ ‫بشكل أفضل وفهم احتياجاته ورغباته‪ ،‬فكثيراً‬ ‫فهم ذاته‬ ‫ٍ‬ ‫ما نظنُّ أنّ الكاتب يتح ّدث ع ّنا ونقول‪ :‬يا له من عبقريّ‬ ‫كيف استطاع أن يعرف ما بي ويصف حالتي في الوقت‬ ‫الذي عجزت أنا عن وصفها؟ وستجعلك تفهم َمن حولك‬ ‫بشكل أكبر وبوعيٍ أكبر‪ ،‬فهنالك الروايات التي تحلّل لك‬ ‫الشخصيّات وتعطيك التصرّ فات والدوافع التي أ ّدت إليها‬ ‫وتصف لك العالقات بين البشر على حقيقتها‪ ،‬و ُكتب الرأي‬ ‫التي تستعرض لك اآلراء المختلفة‪ ،‬فتجد كم كنت صغيراً‬ ‫وجاهالً قبلها! وكم امتلكت من علم بعدها‪ ،‬فترى نفسك‬ ‫عالما ً بما َ‬ ‫كنت به جاهالً‪.‬‬ ‫ككتاب “حيونة اإلنسان” للكاتب “ممدوح عدوان” الذي‬ ‫يتكلّم فيه عن تلك العالقة الوحشيّة التي تنشأ بين البشر‬ ‫وتحيلهم لوحوش حيوانيّة‪ ،‬فيستعرض األسباب والمسوّ غات‬ ‫التي تدفع وتسمح لنفس المجرم التصرّ ف بشكل حيوانيّ ‪،‬‬ ‫وكما يتكلّم عن طبيعة الضحيّة وتأثير هذه العالقة الحيوانيّة‬ ‫لشخص آخر مع مرور الزمن‪،‬‬ ‫عليه أيضاً‪ ،‬وكيف تحيله‬ ‫ٍ‬ ‫وغالبا ً ما يكون الجلاّ د هو ابن النظام المستب ّد الذي يسعى‬ ‫ّ‬ ‫ويخطط لهذه العالقة الحيوانيّة الشبه مدروسة‪ ،‬والضحيّة‬ ‫هو ابن عامّة الشعب‪ِّ ،‬‬ ‫ممثالً بدوره السوّ اد األعظم من‬ ‫الشعب‪.‬‬ ‫وكتاب “التخلّف االجتماعيّ ‪ ،‬سيكلوجيّة اإلنسان‬ ‫المقهور” للكاتب والباحث مصطفى حجازي‪ ،‬الذي يتكلّم‬ ‫به عن البنيّة النفسيّة لإلنسان في بلدان العالم الثالث عموما ً‬ ‫(وبلدان المنطقة ولبنان على وجه الخصوص) ذات البيئة‬ ‫المتخلّفة اجتماع ّياً‪ ،‬فيشرح العديد من التصرّ فات التي قد‬ ‫تبدو غير مقبولة منطق ّيا ً ولكن تركيبة اإلنسان المتخلّف‬ ‫تدفعه للقيام بها‪ ،‬فيشرح مدى تأثير االضطهاد النفسيّ‬ ‫واالجتماعيّ الذي تمارسه األنظمة وك ّم الخوف والرعب‬ ‫الذي تزرعه في نفوس مواطنيها‪ ،‬التي سيكون لها الدور‬ ‫األكبر في آليّة تحوّ ل اإلنسان لكائن غير طبيعيّ وباألخصّ‬ ‫في حال وجوده في بيئة اجتماعيّة متخلّفة ذات‬ ‫مستو ثقافيّ‬ ‫ٍ‬ ‫متدنٍّ ‪ ،‬فمن يقرأ هذا الكتاب يستطيع اإلجابة على الكثير من‬ ‫األسئلة التي تراودنا عن تصرّ فات وأفعال ال نفهم لها سببا ً‬ ‫ظاهراً وواضحا ً ونراها منتشرة بكثرة في أيّامنا هذه‪.‬‬ ‫أردت استعراض بعض األمثلة عن الكتب إلظهار‬ ‫مكانتها في هذا الوقت الذي نمرّ فيه‪،‬‬ ‫فلطالما ارتبط تطوّ ر البلدان وازدهارها بمع ّدالت القراءة‬ ‫فيها‪ ،‬فنجد بلدان العالم األوّ ل تحظى بأعلى نسب من القراءة‪،‬‬ ‫وبلدان العالم الثالث تكاد تكون النسب فيها معدومة‪.‬‬ ‫أحيانا ً تعاني القراءة من مشكلة ما‪ ،‬كأن يكون من يقرأ‬ ‫جاهالً بوجود كتاب وفكر غير الذي يقرؤه‪ ،‬فنجد هكذا‬ ‫أشخاص يتب ّنون أيّة فكرة يقرؤونها ويص ّدقونها تصديقا ً‬ ‫أعمى‪ ،‬دون أن يضعوا بين أعينهم احتمال أن تكون الفكرة‬ ‫غير صحيحة‪ ،‬أو أنّ هناك ما يناقضها وأحيانا ً يدحضها‪،‬‬ ‫لذا علينا أيضا ً عندما نقرأ ألاّ ُنسلّم تسليم األعمى لك ّل ما‬ ‫تقع أبصارنا عليه‪.‬‬ ‫فالقراءة ُت ّ‬ ‫شذب الشخصيّات وتعطيها بعداً حقيق ّياً‪ ،‬فنجد‬ ‫الشخص المث ّقف أكثر رحابة صدر في تقبّل اآلخرين وأكثر‬ ‫منطقيّة في التعامل مع الحياة عامّة‪ ،‬وليس كالق ّ‬ ‫شة داخل‬ ‫البحر تأخذه األمواج المتالطمة وتعيده‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬هناك من مُدعيّ الثقافة الكثير‪ ،‬أولئك الذين‬ ‫يقرؤون ولك ّنهم كاألجهزة اإللكترونيّة يحفظون ما يقرؤون‪،‬‬ ‫دون أن تنصهر الثقافة فيهم وفي يوميّاتهم‪ ،‬يسعون فقط‬ ‫للمكانة االجتماعيّة‪ ،‬ولقب المث ّقف ولك ّنهم فارغو المضمون‪.‬‬

‫ربّما يكون األوان قد فات‪ ،‬لك ّني ح ّتى آخر رمق‬ ‫سأطلب منك أن تف ّكر بما فعلناه سويّة‪ ،‬ف ّكر بدمي‬ ‫ودمك‪ ،‬بدماء من سقطوا بشرف‪ ،‬وبدماء من سقطوا‬ ‫ظلماً‪ ،‬لنبني مج ّدداً من أشالء حلمنا الذي ّ‬ ‫مزقته‬ ‫الحرب‪ ،‬وتع ّنت الكثيرين وتلبّدهم بلداً يجمعنا برابط‬ ‫اإلنسانيّة‪.‬‬ ‫مي الفارس‬

‫ّ‬

‫نعم‪ ،‬لقد عملوا على تجهيلنا كثيراً‪ ،‬ولكن نحن أيضا ً‬ ‫من ساعدناهم على ذلك‪ ،‬فال أحد يمنعك من أن تقرأ كتاباً‪،‬‬ ‫أكان في األدب أم التاريخ أم كتابا ً علم ّياً‪ ،‬فلتتخيّل فقط عالما ً‬ ‫وعلوما ً كثيرة في متناول يديك‪.‬‬ ‫ما أبخلنا! حين ُنضيّع هكذا فرصة من المعرفة على‬ ‫أنفسنا‪.‬‬

‫سارة ع ّز‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪24‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫«داعش وأخواتها» وأصول االقتباس‬

‫ّ‬ ‫مؤخراً عن دار الريّس للكتب والنشر‬ ‫صدر‬ ‫ك��ت��اب «داع���ش وأخ��وات��ه��ا»‪ ،‬تأليف الكاتب‬ ‫والصحفيّ محمّد علّوش‪ ،‬وهو كتاب من القطع‬ ‫المتوسّط والذي يمت ّد على حوالي ‪ 400‬صفحة‪.‬‬ ‫العنوان الفرعيّ للكتاب «من القاعدة إلى الدولة‬ ‫اإلسالميّة»‪ ،‬وهو يشير بطبيعة الحال إلى الما ّدة‬ ‫التي يسعى الكاتب إلى تقديمها لقرّ ائه‪ ،‬وهي محاولة‬ ‫منه في مقاربة تنظيم الدولة اإلسالميّة المعروف‬ ‫بـ «داعش» وتوضيح سياقات تكوّ نه والخلفيّات‬ ‫التاريخيّة لبروز هذا التنظيم‪ ،‬الذي تم ّكن وخالل‬ ‫فترة زمنيّة قياسيّة نسب ّيا ً من فرض نفسه العبا ً‬ ‫مه ّما ً في المشهد السوريّ وقبله العراقيّ ‪.‬‬ ‫يتألّف الكتاب من س ّتة أب��واب والعديد من‬ ‫الفصول‪ ،‬يق ّدم من خاللها علّوش ك ّما ً كبيراً من‬ ‫المعلومات حول نشأة تنظيم «داعش»‪ ،‬وخلفيّته‬ ‫الفكريّة‪ ،‬أه ّم ّ‬ ‫منظري التيّارات الجهاديّة في العالم‪،‬‬ ‫وأه ّم النقاط المركزيّة التي تجمع فيما بينها‪ ،‬ويسعى‬ ‫فيما بعد إلى تسليط الضوء على الح ّد الفاصل بين‬ ‫تنظيم القاعدة العالميّ ‪ ،‬وبين تنظيم «داعش» الذي‬ ‫خرج من عباءته‪.‬‬ ‫يسعى علّوش إلى مقاربة تنظيم «داع��ش»‬ ‫متمسّكا ً بقدر من الموضوعيّة‪ ،‬إلاّ أ ّنه ما إن يباشر‬ ‫في تحليل هذا التنظيم ح ّتى تسقط حياديّته‪ ،‬وينكشف‬ ‫موقفه السياسيّ عبر تحديده للعوامل واألسباب‬ ‫التي أ ّدت إلى بروز التيّارات الجهاديّة على سطح‬ ‫المشهد السوريّ ‪.‬‬ ‫يقول علّوش «كان فكر القاعدة ينتشر في بيئات‬ ‫اجتماعيّة مح ّددة‪ ،‬ويعاني عزلة تامّة‪ ..‬إلى أن‬ ‫جاء الربيع العربيّ ‪ ،‬فأحدث تحوّ الً لمصلحة تنظيم‬ ‫القاعدة وأفكاره لم يكن في الحسبان» ص ‪،99‬‬ ‫ويشرح األسباب التي تقف خلف هذا التحوّ ل فيقول‬ ‫«إنّ تنظيم القاعدة استغ ّل حالة اإلرباك وموجة‬ ‫االحتجاجات التي ّ‬ ‫هزت العالم العربيّ للتغلغل في‬ ‫النسيج المجتمعيّ لهذه الدول‪ ،‬فالفراغ الذي خلّفته‬ ‫األنظمة السابقة إلى جانب تف ّكك أجهزة األمن‪،‬‬ ‫وفشل معظم االنتفاضات العربيّة في وضع خريطة‬ ‫طريق لمستقبلها السياسيّ » ك ّل هذا أ ّدى إلى تم ّدد‬ ‫الفكر القاعديّ وانتشاره في أغلب دول العالم‬

‫العربيّ وال سيّما في تلك التي ضربتها الثورات‪.‬‬ ‫ال إش��ارة ل��دى علّوش إل��ى طبيعة «النظم‬ ‫السابقة» التي حكمت بلدان الربيع العربيّ ‪ ،‬وال‬ ‫إلى الدور الذي لعبته في إنهاك ثورات الربيع‬ ‫العربيّ ‪ ،‬واستهداف قواه المدنيّة‪ ،‬وال مقاربة ولو‬ ‫ح ّتى خجولة إلى دور «األجهزة األمنيّة» التي‬ ‫أحصت على الناس أنفاسها وفتكت بأغلب القوى‬ ‫السياسيّة التي ش ّكلت خطراً على أمن «أنظمتها‬ ‫السابقة» ال إشارة لدى علّوش سوى إلى ما فتحته‬ ‫الثورات العربيّة من أبواب على الجحيم كانت‬ ‫لربّما بقيت مغلقة ببقاء األنظمة العربيّة «السابقة»‬ ‫حارسة األمن واألمان في مجتمعاتها وفق منطوق‬ ‫ّ‬ ‫علّوش‬ ‫المبطن في نصّه السابق؛ فالربيع العربيّ‬ ‫لم يفعل وفق علّوش سوى أ ّنه ق ّدم فرصة جديدة‬ ‫إلعادة إحياء تنظيم القاعدة‪ ،‬وهو كتحصيل حاصل‬ ‫يجعل من الربيع العربيّ علّة تم ّدد فكر القاعدة‬ ‫وأخواتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال أسباب أخرى يراها علوش تكمن خلف تم ّدد‬ ‫الجهاديّات بك ّل األصناف واأللوان سوى ثورات‬ ‫الشعوب المقهورة‪ ،‬وال يرى الدور المحوريّ الذي‬ ‫لعبه على وجه التحديد نظام األسد في إنعاش هذه‬ ‫التيّارات تحديداً فيما يخصّ الوضع السوريّ ‪ ،‬إذ‬ ‫ال يرى علّوش أنّ القمع المنفلت من أيّ عقال‬ ‫مارسته قوّ ات األسد على القوى السوريّة المنتفضة‬ ‫كان عامالً حاسما ً في توفير مناخ من الغضب‬ ‫والكراهيّة والرغبة بالثأر كانت في مجملها تش ّكل‬ ‫مناخا ً غن ّيا ً ال إلنعاش فقط التيارات الجهاديّة‪ ،‬بل‬ ‫إلنعاش التطرّ ف من ك ّل حدب وصوب‪.‬‬ ‫كما يعجز علّوش عن تحديد الديناميّات المختلفة‬ ‫التي ساهمت في تفكيك بنية المجتمع السوريّ‬ ‫وأع���ادت بنائه وف��ق منظور م��ا قبل وطنيّ ‪،‬‬ ‫جعلته غير محصّن حيال االنخراط في أشكال‬ ‫من الصراعات االجتماعيّة القذرة كالصراعات‬ ‫الطائفيّة وما يشبهها‪.‬‬ ‫ويتجاهل علّوش عن قصد ممارسات نظام األسد‬ ‫في العقود السابقة ويتناسى أ ّنه هو وال أحد سواه‬ ‫َمن بنى آالف المساجد منذ مطلع السبعينيّات وح ّتى‬ ‫اليوم وأغلق في المقابل آالف المنابر الديموقراطيّة‬

‫ال���ح���رّ ة‪ ،‬ون��ظ��ام‬ ‫األسد هو الذي موّ ل‬ ‫ودعم افتتاح المئات‬ ‫من معاهد تحفيظ‬ ‫القرآن‪ ،‬ومنع في‬ ‫ال��م��ق��اب��ل ت���داول‬ ‫كتاب معرفيّ واحد‬ ‫ي��س��ت��ح� ّ‬ ‫�ق اس��م��ه‪،‬‬ ‫ونظام األسد هو الذي استقطب آالف الجهاديّين‬ ‫وأرسلهم في طول البالد وعرضها‪ ،‬وفي المقابل‬ ‫اعتقل خيرة رج��االت س��ور ّي��ة من التقدميّين‬ ‫والديمقراطيّين‪ ،‬وهو بك ّل ذلك كان يساهم ‪ -‬عن‬ ‫سابق تصميم وإص��رار ‪ -‬في خلق خصم يسهل‬ ‫عليه التعامل معه‪ ،‬فخصم نظام األسد الحقيقيّ لم‬ ‫يكن بحال من األحوال تنظيم «داعش» بقدر ما‬ ‫كان خصمه هو القوى حاملة المشروع الديمقراطيّ‬ ‫نقيض نظام األسد االستبداديّ ‪.‬‬ ‫يفتقر كتاب علّوش إلى التحليل المنهجيّ ‪،‬‬ ‫ويكتفي الباحث في إيراد العشرات والعشرات من‬ ‫المعلومات والتفاصيل‪ ،‬وهو شيء جيّد ومطلوب‬ ‫لوال أنّ فصوالً بكاملها من الكتاب يوردها الباحث‬ ‫وهي مأخوذة من مصادر مختلفة‪ ،‬منها ما هو‬ ‫جدير بالثقة ومنها ما ال يقترب من المرجع العلميّ ‪،‬‬ ‫كاالعتماد على تصريحات المدعو «أبو أحمد»‬ ‫ونقل كالمه حرف ّيا ً باعتباره مصدراً للثقة‪ ،‬وليست‬ ‫المشكلة هنا فقط في شرعيّة المراجع المعتمدة‪،‬‬ ‫بل في عدم اعتماد الباحث لألسلوب العلميّ في‬ ‫االقتباس‪ ،‬فيواجه القارئ فصوالً بأكملها ال توجد‬ ‫إشارة فيها سوى أ ّنها من كتابة الباحث‪ ،‬ليتفاجأ‬ ‫القارئ فيما بعد بأنّ هذه الفصول والتي تمت ّد‬ ‫على صفحات وصفحات هي مجرّ د اقتباسات‬ ‫من مراجع مختلفة‪ ،‬من دون العثور على أهلّة أو‬ ‫إشارات تفصل المقتبس عن ما ّدة الباحث‪ ،‬وهو‬ ‫أمر معيب على صعيد العمل العلميّ ‪ ،‬فهو شيء‬ ‫يقترب من السرقة إذا لم نقل أ ّنه سرقة‪ ،‬بيد أ ّنها‬ ‫سرقة معرفيّة‪.‬‬

‫صرب درويش‬

‫إلاّ الجهل والتكفير والنفاق‬

‫ّ‬ ‫نظمت تجمّعات جماهيريّة‪ ،‬مظاهرات غضب‪،‬‬ ‫ض ّد ما سمّي ب(االستهزاء) بالرسول عليه الصالة‬ ‫والسالم‪ ،‬وكان العنوان األساس لها «إلاّ رسول‬ ‫هللا» ويقصد بذلك الرسول محمّد صلى هللا عليه‬ ‫وسلم‪ّ .‬‬ ‫نظمت هذه المظاهرات في العديد من الدول‬ ‫العربيّة واإلسالميّة‪ ،‬بعد إصرار من الصحافة‬ ‫الغربيّة على إعادة نشر كاريكاتيرات‪ ،‬اعتبرها‬ ‫ّ‬ ‫بحق الرسول محمّد‪ ،‬في حين‬ ‫كثيرون مسيئة‬ ‫اعتبر صحافيّو الغرب هذا التكرار بالنشر ح ّقهم‬ ‫بحرّ يّة التعبير التي تكفلها لهم قوانين بالدهم‪،‬‬ ‫والتي تحمل قدسيّة اجتماعيّة‪ ،‬في البيئة الفكريّة‬ ‫التي يعيشون فيها‪ ،‬عقب جريمة اغتيال رسّامي‬ ‫كاريكاتير في مقرّ جريدتهم بالعاصمة الفرنسيّة‬ ‫باريس في بدايات العام الجاري‪ ،‬واعتبر هذا الرّ د‬ ‫تعاضداً مع الرسّامين المجني عليهم في «شارل‬ ‫إيبدو»‪.‬‬ ‫إنّ المتابع لشؤون الدول العربيّة واإلسالميّة‪،‬‬ ‫ودول الجوار السوريّ على وجه الخصوص‪ ،‬حيث‬ ‫تقع أكبر كارثة في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬جرّ اء‬ ‫تشريد ما يزيد عن سبعة ماليين مواطن سوريّ ‪،‬‬ ‫من مناطق النزاع في األراض��ي السوريّة‪ ،‬بعد‬ ‫دخول الثورة السوريّة مرحلة الصراع العسكريّ ‪،‬‬ ‫يجد أنّ التعاطف الجماهيريّ ‪ ،‬مع الكارثة اإلنسانيّة‬ ‫السوريّة ال يذكر على اإلطالق‪ ،‬بل وعلى العكس‪،‬‬ ‫نجد الكارثة وتبعاتها تأخذ تصوّ رات وممارسات‬ ‫يبغضها هللا‪ ،‬ويبغضها رسوله‪ ،‬بل ويالحظ تنامي‬ ‫عنصريّة بغيضة ُتمارس ّ‬ ‫بحق النازحين والهاربين‬ ‫من لظى الحرب‪ ،‬ونجد االستعالء ورفع األسعار‪،‬‬ ‫بل وح ّتى االستعباد‪ ،‬وارتفاع وتيرة اال ّدعاءات‬ ‫بخصوص رفع المعاناة عن الشعوب المستضيفة‪،‬‬ ‫التي تنهكها أصالً أنظمة فاسدة وجائرة‪ ،‬وك ّل ما‬ ‫ّ‬ ‫بحق من انقطعت بهم السُبل وتركوا‬ ‫سبق يمارس‬ ‫ّ‬ ‫وراءهم ك ّل ما يملكون‪ ،‬من األشقاء السابقين‪.‬‬ ‫لسنا هنا بصدد الدفاع عن حرّ يّة تعبير نجدها‬ ‫م��ق� ّ‬ ‫�ززة‪ ،‬وال ح ّتى أن نعرّ ف ال��ق��رّ اء بأسلوب‬ ‫الرّ د على تلك الحرّ يّة المفرطة واالنتقائيّة‪ .‬فمن‬ ‫وجهة نظر إسالميّة بحتة‪ ،‬مثل هذه االعتداءات‬ ‫مدانة صراحة‪ ،‬في الفكر اإلسالميّ السليم‪ ،‬ومن‬ ‫السهولة بمكان الر ّد على مثيالتها من الس ّنة النبويّة‬ ‫في التاريخ المكتوب للرسول محمّد عليه الصالة‬ ‫وال��س�لام‪ ،‬حيث م��ورس ض� ّد الرسول األك��رم‪،‬‬ ‫ش ّتى أنواع االفتراء واال ّتهامات الباطلة والكاذبة‪،‬‬ ‫وهذا له أهل اختصاص‪ ،‬ينبغي عليهم‪ ،‬وحسب‬ ‫اختصاصاتهم أن ال يتركوا الجماهير في هذه‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الحالة من الهيجان غير المجدي‪ ،‬والذي يشوبه‬ ‫الكثير من المقارنات التي ت��د ّل على أولويّات‬ ‫خاطئة‪ ،‬إن لم نقل إ ّنها تد ّل على نفاق‪ ،‬والعياذ باهلل‪.‬‬ ‫ولك ّننا هنا نجد أ ّنه ّ‬ ‫حق علينا أن ند ّل القرّ اء على‬ ‫كيف أ ّنه يمكن استثارة كثير من الغاضبين عاطف ّياً‪،‬‬ ‫ورفع انفعاالتهم لتق ّدم صورة خاطئة عن اإلسالم‬ ‫كمنهجيّة‪ ،‬وعن المأزق الذي تضعنا فيه األنظمة‬ ‫الحاكمة الفاسدة بتبرير أدائها الجرميّ والعنيف‬ ‫ّ‬ ‫بحق شعوبها (البدائيّة والبربريّة) اتجاه أيّة حالة‬ ‫انفالت‪ ،‬من الممكن أن ته ّدد أمن اآلخرين‪ ،‬وأ ّنه‬ ‫ينبغي لآلخرين (الذين يؤيّدون حصول هؤالء‬ ‫المتوحّ شين على الحرّ يّة) تفهّم تلك الوحشيّة التي‬ ‫ّ‬ ‫بحق المندفعين المنفعلين لو وصلوا لد ّفة‬ ‫تمارس‬ ‫السلطة‪ ،‬ولو بطريقة ديموقراطيّة‪ ،‬كما هي حالة‬ ‫الثورة السوريّة التائقة لالنعتاق من عصابة األسد‬ ‫اإلجراميّة‪.‬‬ ‫بداية وبشكل عام‪ ،‬نحبّ الرسول عليه الصالة‬ ‫والسالم‪ ،‬وهذا ال يحتاج ألن يظهر على شكل‬ ‫ّ‬ ‫ينظمها أن��اس ال يهمهم ما‬ ‫مظاهرات احتجاج‬ ‫يحدث لشؤون المسلمين والمظلومين خصوصا ً‬ ‫لدى ال��دول الجيران‪ ،‬بل‪ ،‬ونجد العديدين ممن‬ ‫خرجوا‪ ،‬لو سألتهم عن الشأن السوريّ وأردت‬ ‫انتقاد طاغية دمشق‪ ،‬ولو تلميحا ً في حوار معهم‪،‬‬ ‫لوجدتهم من السبّاقين بتحييد أبناء جلدتهم عن أن‬ ‫يهتموا بشؤون إخوانهم من المقهورين‪ ،‬ألنّ ما‬ ‫يحدث ببالد الشام هو مجرّ د فتنة‪ ،‬بعد أن اختلطت‬ ‫األوراق‪ ،‬كما سي ّدعون‪ ،‬مع غياب شبه كامل عن‬ ‫مناصرة الثورة السوريّة منذ بدايتها‪.‬‬ ‫إلى الذين خرجوا بمسيرات من الدول العربيّة‬ ‫واإلسالميّة على وجه الخصوص‪ ،‬نصرة للرسول‬ ‫األكرم‪ ،‬هل تعلمون أ ّنه من لم يهت ّم ألمر من أمور‬ ‫المسلمين فهو ليس منهم! كم مرّ ة خرجتم نصرة‬ ‫لمجازر األطفال؟! كم مرّ ة خرجتم استنكاراً لما‬ ‫يحدث من فظائع مع إخوتنا األحرار في سجون‬ ‫عصابة األسد المجرم؟ كم مرّ ة عبّرتم عن غيرتكم‬ ‫على إخوانكم في سورية والعراق وفلسطين؟!‬ ‫وح ّتى في بورما وأندونيسيا والصين؟‬ ‫هل حبّ الرسول عليه الصالة والسالم هذا‬ ‫ظهر بأسلوبكم بالتعامل مع الضعفاء؟ هل هذا‬ ‫ظهر باالبتعاد عن النفاق لألقوياء‪ ،‬والمستحكمين‬ ‫برقاب العباد والقتلة والطغاة؟ هل تعتقدون ح ّقا ً‬ ‫أنّ الرسول األكرم سيرضى عنكم أل ّنكم غضبتم‬ ‫الستفزاز رسّامين‪ ،‬أعتبرهم شخص ّيا ً من السفهاء!‬ ‫ولك ّنكم لم تغضبوا ولم تتصرّ فوا ولم تنزلوا للميدان‬

‫ثقافة‬

‫كي تعبّروا عن مقتل األطفال والنساء والشيوخ‬ ‫بالكيمياويّ وبالصواريخ البالستيّة؟ هل تعتقدون‬ ‫أ ّنه سيرضى عنكم أل ّنكم تصلّون عليه فقط لفظا ً‬ ‫باألوراد‪ ،‬وتنسون فعالً ك ّل سُننه بالتعاض ّد ض ّد‬ ‫القتلة والمجرمين واألوغاد‪ ،‬ولو ببعض الصدقة‬ ‫وبعض الدعاء؟ وتكتفون بأ ّنكم لم تفهموا بعد‪،‬‬ ‫لماذا يعتبر اآلخرين ضحايانا مجرّ د رقم بارد‬ ‫من األعداد؟ إن كان حبّ الرسول عليه الصالة‬ ‫والسالم لديك مجرّ د فزعة ونخوة تقوم بها ض ّد‬ ‫المستهزئين به‪ ،‬فال تفعل‪ ،‬فقد كفاه هللا أحقاد‬ ‫واستهزاء المستهزئين‪ ،‬في محكم التنزيل‪ .‬وبقيت‬ ‫أنت‪ ،‬ومن هم سواك مجرّ د كتلة من األرقام‪ ،‬ال تق ّدم‬ ‫وال ّ‬ ‫تؤخر في متوالية الصياح بال طائل‪ ،‬فدع عنك‬ ‫هذا التص ّنع والعناء‪ ،‬لو كنت ح ّيا ً لحرّ كتك اآلالم‬ ‫والدماء‪ ،‬وك ّل هذا المستنقع من الظلم والطغاة‪.‬‬ ‫ال ينبغي أن نفوّ ت الجموع الغاضبة عن سؤال‬ ‫لماذا كان الشعار فقط «إلاّ رسول هللا»؟ وكأنّ‬ ‫المسلمين ال يعنيهم من الرسل إلاّ نبيّ اإلسالم‬ ‫عليه أفضل الصالة والسالم! أوليس الرسل لدينا‬ ‫كلّهم خرجوا من مشكاة واحدة‪ ،‬وكلّهم لدينا سواء؟‬ ‫لماذا هذا التفريق الذي يُظهر عجزاً ح ّتى عن ا ّتخاذ‬ ‫شعار عميق يرسل رسالة لآلخرين‪ ،‬مفادها أ ّننا‬ ‫كلّنا سواء من حيث أنّ التعبير وحرّ يّته ينبغي أن‬ ‫يكون لها توصيف‪ ،‬والقفز فوقها له محاذير‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ث ّم لماذا لم نسمع لهؤالء الغاضبين صوتا ض ّد‬ ‫إجرام طغاة حاقدين‪ ،‬خرجوا باسم الدين اإلسالميّ ‪،‬‬ ‫يُعرفون اليوم باسم «داعش»؟ هل السكوت عن‬ ‫الجرائم التي يرتكبونها هو رضى وتسليم ألفعالهم؟‬ ‫هل ال زلنا انتقائيّين من حيث توجيه د ّفة الغضب‬ ‫والبحث عن الجُناة الذين ينبغي أن نغضب ح ّقا ً من‬ ‫حجم ا ّدعاءاتهم وكذبهم وقتلهم باسم هللا والدين‪.‬‬ ‫يطول الشرح من حيث الفائدة التي كسبها طغاة‬ ‫العرب وح ّكامهم‪ ،‬بخصوص مثل هذه المظاهرات‬ ‫التي كان األول��ى أن توجّ ه ّ‬ ‫لهز عروش هؤالء‬ ‫المنتفعين والفاسدين الذين أرهقوا المواطنين‬ ‫ومق ّدرات األوط��ان بك ّل ذاك السيل من القيود‬ ‫والسجون والمعتقالت والزنازين‪.‬‬ ‫أت��وق لليوم ال��ذي الب� ّد فيه لألمّة أن تستيقظ‬ ‫من هول الجرائم التي ُترتكب باسمها‪ ،‬وأن تعبّر‬ ‫عن شديد وعي لمثل هذه المصائد‪ ،‬وأن يغرس‬ ‫الناصحون ذوو الوعي واإليمان بذور ثورة حقيقيّة‬ ‫على المجرمين والطغاة والفاسدين في قلوب‬ ‫المواطنين فتسمو هذه األوطان وتعلو فوق كيد‬ ‫عبد الكريم أنيس‬ ‫الكائدين‪.‬‬

‫في اإلعادة إفادة‬

‫*النقد التارخي ّي‬

‫عميد األدب العرب ّي طه حسني‬ ‫(‪)1973 – 1889‬‬ ‫‪..‬فأمّا النظر إلى الناس من حيث هم ناس‪ ،‬ووصفهم بما يمكن‬ ‫أن يوصف به الناس‪ ،‬وتحليل أخالقهم وعاداتهم كما تحلّل أخالق‬ ‫الناس وعاداتهم‪ ،‬والمالءمة بين هذه األخالق والعادات‪ ،‬وما‬ ‫اكتنفها من الظروف واألحوال‪ ،‬فذلك شيء قلّما يف ّكر فيه هؤالء‬ ‫العلماء أو يلتفتون إليه‪.‬‬ ‫ولست أغضّ من هؤالء العلماء‪ ،‬وإ ّنما أجلّهم وأكرمهم‪،‬‬ ‫وحسبك أن إمامهم في المذهب هو ابن خلدون‪ .‬ولعلّك تعلم أ ّني‬ ‫أج ّل ابن خلدون وأكبره‪ ،‬ولك ّني أخالفهم في الرأي‪ ،‬وأرى أنّ‬ ‫مذهبهم في التاريخ غير مستقيم‪ ،‬وأ ّنه خليق بأن يتغيّر‪ ،‬وأ ّنه‬ ‫سيتغيّر بدون شك‪ ،‬بل أنا أرى أكثر من هذا‪ ،‬أرى أنّ هذا‬ ‫المذهب ـــ مذهب تقديس السلف وتنزيهه عن الصغائر‪ ،‬مذهب‬ ‫إسباغ الدين على التاريخ ــــ طور من أطوار التاريخ ال ب ّد من‬ ‫أن يمرّ به‪ ،‬بل طور من أطوار الحياة العقليّة والسياسة للناس‪،‬‬ ‫الب ّد من أن يمرّ وا به‪ ،‬وقد خضعت لهذا الطور أمم أخرى غير‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫ذلك أنّ هذه األمم إذا اضطرّ تها ظروف الحياة إلى أن تنزل‬ ‫ّ‬ ‫وتنحط عن مكانتها العالية‪ ،‬فتخضع لخطوب‬ ‫عن مجدها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العزة والسلطان‪ ،‬ث ّم استفاقت من هذا‬ ‫الدهر حيناً‪ ،‬وتنام عن‬ ‫النوم‪ ،‬وتنبّهت بعد الغفلة‪ ،‬وطمحت إلى أن تستر ّد المجد القديم‪،‬‬ ‫وتستأنف سيرها إلى سبيل العلياء‪ ،‬فأوّ ل شعور تجده في نفسها‬ ‫إ ّنما هو الشعور بهذا المجد القديم‪ ،‬والحاجة إلى إجالل أصحابه‬ ‫وإكبارهم واتخاذهم مُثالً عليا‪.‬‬ ‫فأنت ال تنظر إلى هؤالء الناس نظراً علم ّيا ً مجرّ داً بريئاً‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫تنظر إليهم نظراً مه ّماً‪ ،‬ملؤه اإلعجاب واإلكبار؛ أل ّنك ّ‬ ‫تتأثر بهم‪،‬‬ ‫وتحتذى على مثالهم‪ .‬وإذن فرأيك فيهم غير صحيح‪ ،‬وحكمك‬ ‫لهم أو عليهم مه ّم‪ ،‬وكيف تستطيع أن تجمع بين اإلعجاب الذي‬ ‫ال ح ّد له‪ ،‬وبين النقد العلميّ الذي ال يعرف الهوى‪ ،‬وال ّ‬ ‫يتأثر‬ ‫بالميول والعواطف! ومن هنا ّ‬ ‫يتأثر بحثك ونقدك بهذا اإلعجاب‪،‬‬ ‫وهذا الميل إلى االحتذاء والتقليد‪ ،‬فتصرف همّتك إلى أن تبرّ ئ‬ ‫موضع إعجابك من ك ّل عيب‪ ،‬وتدفع عنه ك ّل مكروه‪ ،‬وتبذل ما‬ ‫تستطيع من قوّ ة وجهد‪ ،‬لتوجد ف ّنا ً من النقد التاريخيّ له قيمته‬ ‫وخطره‪.‬‬ ‫ولكنّ الغاية التي يسمو إليها ليست علميّة بالمعنى الصحيح‪،‬‬ ‫أل ّنه يسمو إلى التنزيه والتمجيد‪ ،‬ال إلى التحقيق الذي ال يسمو‬ ‫إلى مدح وال إلى ذ ّم‪ ،‬والذي ال يحفل بحمد أو هجاء‪.‬‬ ‫انظر إلى مق ّدمة ابن خلدون‪ ،‬وإلى القسم األوّ ل من هذه‬ ‫المق ّدمة‪ ،‬انظر بنوع خاصّ إلى منهجه التاريخيّ ‪ ،‬وإلى هذا النقد‬ ‫الذي بسّطه ليبيّن أغالط المؤرّ خين وتورّ طهم في ضروب من‬ ‫الخطأ في الحكم‪ ،‬تجده قد تصوّ ر قواعد علميّة ال بأس بها‪ ،‬فهو‬ ‫ّ‬ ‫ويحذر من أخطار كثيرة تحيط بكاتب‬ ‫يكره الغرض والهوى‪،‬‬ ‫التاريخ‪ ،‬ويحبّب إليك‪ ،‬أو يح ّتم عليك‪ ،‬تحكيم العقل فيما يروى لك‬ ‫من الحوادث‪ ،‬وهو يصل إلى هذا كلّه إلى استكشاف قوانين قيّمة‬ ‫في النقد التاريخيّ ‪ ،‬ولك ّنه ال يكاد يعرض لتطبيق هذه القوانين‬ ‫كما يقولون‪ ،‬ح ّتى يتورّ ط في مثل ما تورّ ط فيه المؤرّ خون من‬ ‫قبل‪ ،‬أل ّنه ّ‬ ‫متأثر بمجد القدماء‪ ،‬وانحطاط المعاصرين‪ ،‬وفساد‬ ‫أخالقهم وأحوالهم‪.‬‬ ‫فهو إذا أراد مثالً أن يصحّ ح نسب الدولة اإلدريسيّة في‬ ‫المغرب األقصى لم يعمد إلى بحث تاريخيّ ‪ ،‬وإ ّنما استد ّل على‬ ‫صحّ ة هذا النسب بحديث شريف‪ ،‬فيه أنّ الولد للفراش وللعاهر‬ ‫الحجر‪ ،‬وهو إذا أراد أن يدفع عن الرشيد ما ا ّتهم به من العبث‬ ‫والمجون‪ ،‬لم يذهب مذهب المؤرّ خين في ذلك‪ ،‬وإ ّنما تح ّدث‬ ‫إليك بأنّ الرشيد كان يصلّي مائة ركعة في اليوم‪ ،‬وكان يح ّج‬ ‫سنة ويغزو سنة أخرى‪ ،‬وإذا كان هذا شأنه فليس من الممكن أن‬ ‫يعبث وال أن يلهو‪.‬‬ ‫ولم يف ّكر ابن خلدون في أنّ من ّ‬ ‫حق مؤرّ خ آخر‪ ،‬أن ينكر‬ ‫عليه أنّ الرشيد كان يصلي مائة ركعة في اليوم‪ ،‬أو أن يزعم له‬ ‫أنّ الرشيد كان يجمع بين الصالة وبين العبث‪ ،‬ولم يخطر ذلك‬ ‫البن خلدون‪ ،‬ألنّ ابن خلدون كان يعجب بالرشيد ويُكبره‪ ،‬ويريد‬ ‫أن يضعه هو وأمثاله من الخلفاء موضع القدوة الصالحة والمثل‬ ‫األعلى‪...‬‬ ‫*من كتاب «حديث األربعاء» لطه حسين‪ ،‬الجزء الثاني صفحات (‪ )66 – 64‬طبعة‬ ‫‪ – 14‬دار المعارف‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪24‬‬

‫ثقافة‬

‫أغاني الطغاة‬ ‫في هدفه األوّ ل واألخير لتثبيت سلطته وطغيانه يُفسد‬ ‫الطاغية جميع مناحي الحياة وذلك بتسخيرها لما يخدم‬ ‫سلطته ويرسّخها‪ ،‬فبعد أن يُجيّر الدين والثقافة والسياسة‬ ‫لما يخدم مصالحه يعمل على ترويض الفنّ والف ّنانين‬ ‫باعتبارهما الوجه األب��رز للحركة الثقافيّة واألكثر‬ ‫جماهيريّة أثراً وتأثيراً في السواد األعظم من الناس‪،‬‬ ‫في أيّ مجتمع كان؛ فيت ّم وبدراية‪ ،‬ربط ك ّل الهيئات‬ ‫التمثيليّة أليّ فنّ من الفنون إن كان كتابة أو تمثيالً‬ ‫أو غ��ن��اء ب��األج��ه��زة‬ ‫األمنيّة التابعة للسلطات‬ ‫ويصبح المعيار الوحيد‬ ‫لمرور أيّة قيمة جماليّة‬ ‫إلى الجمهور على أيّ‬ ‫صعيد ك��ان‪ ،‬ليس ما‬ ‫تتضمّنه م��ن معاني‬ ‫جماليّة ورقيّ ف ّني‪ ،‬بل ما تح ّققه‬ ‫من خدمة أهداف الطاغية وتوجّ هاته‪.‬‬ ‫على سبيل المثال ال الحصر ‪ ،‬بعد أن ت ّم بثّ‬ ‫مسلسل «خالد بن الوليد» من اإلذاعة السوريّة‬ ‫وحينها كانت كلمات أغنية الشارة هي (خال ٌد‬ ‫أح��بّ هللا والحريّة واألح��رار فصاح إ ّني‬ ‫حارث أحرث فجراً عرب ّيا ً وأحمي نهار)‬ ‫وبعد انتهاء المسلسل مباشرة استبدلت‬ ‫كلمة خالد لتصبح (حافظ) دون أيّ تغيير‬ ‫في اللحن‪ ،‬وقد رُصدت مبالغ ماليّة طائلة‬ ‫في حينها لمثل هذه األعمال‪ ،‬وعلى سبيل المثال‬ ‫رُصدت الماليين في حينها لمِا عُرف بسمفونيّة (الربّان‬ ‫والعاصفة) التي كتبها «صفوان بهلوان» وعزفتها‬ ‫الفرقة «الفلهارمونيّة» لجمهوريّة ألمانيا الشرقيّة وقتها‬ ‫بقيادة الموسيقار «نوري الرحيباني» وبعدها عُرضت‬ ‫لمرّ ة واحدة على شاشة التلفزيون لتختفي بعدها وإلى‬ ‫األبد!‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تستحق‬ ‫بالمقابل‪ ،‬فإنّ هنالك أعماال موسيقيّة رائدة‬ ‫ك ّل االهتمام لما تحمله من قيم فنيّة مستوحاة من روح‬ ‫المنطقة‪ ،‬لم يُصرف ما يكفي لتسجيلها وإخراجها بما‬ ‫يليق بها لتصل إلى الجمهور‪ ،‬وح ّتى إن سجّ لت بشكل‬ ‫متواضع فال يمكن أن تصل إلى الجمهور وتأخذ من‬ ‫الدعاية ما تستحق وذلك ألسباب سياسيّة‪ ،‬ففي ك ّل‬ ‫مناسبة سياسيّة أو حزبيّة كانت نقابة الف ّنانين تفرض‬ ‫أغان تمجّ د القائد وبطولته‪ ،‬عمالً‬ ‫على أغلب المطربين‬ ‫ٍ‬ ‫بأعراف قديمة ّ‬ ‫سخر من خاللها الف ّنان ف ّنه لمدح شيخ‬ ‫القبيلة أو العشيرة من مثل (و ّدي المراكب على المينا‬ ‫وقود السفينة يا معلّم) و(زادك هللا‪ّ ..‬‬ ‫عز وقوّ ة قائدنا‪..‬‬

‫زادك هللا) ومن ال ين ّفذ ويمتثل لألوامر يُهمّش مهما‬ ‫كانت إمكانيّاته الف ّنية‪.‬‬ ‫هذا الوضع وما ّ‬ ‫تمخض عنه من تكوين ما يشبه‬ ‫العصابات الف ّنيّة‪ ،‬فلك ّل منها مرجعيّته السياسيّة أو‬ ‫األمنيّة‪ ،‬فتح المجال لظهور مطربين ومطربات ليس‬ ‫لهم أيّة دراية بعلم الموسيقى وال يملكون أيّة موهبة‬ ‫على صعيد الصوت واألداء‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة‬ ‫لبقيّة أركان األغنية من كلمة ولحن‪ ،‬وهكذا أصبح‬ ‫الفنّ خادما ً لإليديولوجيا ودخلت األغنية في سراديب‬ ‫ّ‬ ‫الغث من الغناء شكالً ومضمونا ً‬ ‫السياسة‪ ،‬وانتشر‬ ‫أل ّن��ه فقط يمجّ د قائد المسيرة ويتح ّدث عن‬ ‫إنجازاته وعطاءاته‪ ،‬وراح‬ ‫المرتزقة على حساب‬ ‫الفنّ يكتبون ويغ ّنون‬ ‫للمنظمة التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أطرت‬ ‫األط��ف��ال (ط�لائ��ع‬ ‫البعث) ليت ّم تشويه عقول‬ ‫األجيال وذائقتهم الف ّنية وتسلّل‬ ‫إلى وسائل اإلعالم المسموعة‬ ‫والمرئيّة مطربون ليس لهم أيّة‬ ‫درج��ة وال تصنيف من الناحية‬ ‫الف ّنية‪ ،‬ليت ّم تسويقهم وفرضهم‬ ‫ع�����ل�����ى الجمهور ولتواصل األغنية انحدارها لحنا ً‬ ‫وكلمة وتفقد هويّتها المحلّيّة لحساب األغنية المصريّة‬ ‫والعراقيّة واللبنانيّة‪ ،‬بعد المحاوالت الجا ّدة لتأسيس‬ ‫أغنية سوريّة الطابع والهويّة كلمة ولحنا ً على يد الف ّنان‬ ‫«رفيق شكري» في مجموعة من أغانيه (حوّ ل يا غنام‬ ‫حوّ ل) و(بالفال جمّال سارح) وقصيدة دمشق من شعر‬ ‫«سليم الزركلي» وكذلك الف ّنان «فهد بالن» صاحب‬ ‫الصوت القويّ (جسّ الطبيب لي نبضي) والف ّنانة «مها‬ ‫الجابري» والمطربتين «كروان» و»دالل الشمالي»‬ ‫وغيرهنّ كثيرات‪ ،‬وأصبح الغناء المحلّيّ عبارة عن‬ ‫منوّ عات من األغاني الشعبيّة تخصّ المنطقة التي ينتمي‬ ‫إليها هذا الف ّنان أو ذاك‪ ،‬وغابت األغنية كقيمة جماليّة‬ ‫شكالً ومضموناً‪.‬‬ ‫ك فيه‪ ،‬أنّ ذلك كان له أثر بالغ في تكوين‬ ‫وممّا ال ش ّ‬ ‫ذائقة المتل ّقي‪ ،‬وإذا ما تمعّنا بنوعيّة األغاني التي كانت‬ ‫منتشرة قبل الثورة نستطيع أن نحكم على ماهيّة التحديث‬ ‫والتطوير الذي كانت السلطة ت ّدعيه‪ ،‬باعتبار أنّ األغنية‬ ‫والموسيقى هي الحسّاسة لمقياس مدى تطوّ ر الشعوب‬ ‫وتق ّدمها‪ ،‬استناداً إلى مقولة الحكيم كونفوسيوش (إذا‬ ‫أردت أن تعرف حضارة بلد فاسمع موسيقاه)‪.‬‬

‫أسعد شالش‬

‫‪11‬‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫«تاريخ الجمجمة»‬

‫ولد الشاعر الراحل «عبد اللطيف ّ‬ ‫خطاب» عام‬ ‫‪ 1959‬على ضفاف «البليخ» شمال مدينة الر ّقة‪،‬‬ ‫درس في كل ّية االقتصاد ‪ -‬جامعة حلب‪ ،‬و ُعرف في‬ ‫ملتقى شعراء جامعة حلب الشباب أوائل الثمانينات‪.‬‬ ‫وتو ّفي عام ‪ ،2006‬وت��رك وراءه مجموعة‬ ‫شرقي» عن‬ ‫شعر ّية مطبوعة بعنوان «زول أمير‬ ‫ّ‬ ‫دار الريس‪ ،‬ومخطوطات منها «الغرنوق الدنف»‪،‬‬ ‫و»سفر الرمل»‪ ،‬و»ترجمان النوم»‬ ‫«تاريخ الجمجمة»‬

‫الذي قال لي‪:‬‬ ‫كيف‬ ‫َ‬ ‫هي الدولة المقبلة؟ كيف حال الضحايا األنيقين‬ ‫مثل الجاللةِ؟ أما زالوا‬ ‫حزانى علينا كالميّتين القدامى؟ أفي الوجو ِه‬ ‫الحديث ِة آثارنا؟ والرما ُل‬ ‫كالرياح الخفيفةِ‪َ ،‬و ْق ُع أيدينا عليها؟‬ ‫األنيقة تسفونا‬ ‫ِ‬ ‫َو ْق ُع أسماعنا‬ ‫المذأ َبهْ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بغتة‪:‬‬

‫استقبلتنا‬ ‫الجماج ُم‪ ،‬احتفتنا الجحافل مثل السيول التي تذبح‬ ‫األرض‪ ،‬وأنا الذي‬ ‫األميرات المس ّن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ات‪ ،‬وأنا الذي رافقتني‬ ‫رافقتني‬ ‫ُ‬ ‫الجماجم‪ ،‬وأنا‬ ‫أميرات‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫العرش‪،‬‬ ‫أصلحت وضع األمير ِة على س ّدة‬ ‫الذي‬ ‫ِ‬ ‫وأنا الذي باغ ّتها ضاحكا ً‬ ‫بالعبارات الرسوليّهْ ‪:‬‬ ‫ت‬ ‫أن ِ‬ ‫التي ال تنحنين إلاّ للفحولةِ‪ ،‬أنت جمجمة ُنحْ تُ‬ ‫عليها مثل نوحي عليَّ ‪،‬‬ ‫أنت التي سـاقوك قربانا ً على مذبحي‪ ،‬أنت التي‬ ‫ناوشـ ْتني عذاباتي بيدين من‬ ‫ت خصب العفونة‪ ،‬أنت‬ ‫الزورد‪ ،‬أنت التي بارك ِ‬ ‫ت سيفي‪ ،‬أنت التي‬ ‫التي بارك ِ‬ ‫بالدمع‪،‬‬ ‫بلل ِت ِه‬ ‫ِ‬ ‫سوس‪.‬‬ ‫وأنا الذي حربا ً على حرب ال َب‬ ‫ِ‬ ‫«طغيان رمل الموت»‬ ‫العالمات الخبيئة‪ ،‬دوّ نتها لتمجيد الرمل‪ ،‬لتمجيد‬ ‫ما لم تمجّ ده النفس‪،‬‬ ‫وأقبعتها الكمائن الكثبانيّة‪ ،‬لش ّل قدرة حبائل‬ ‫الطغيان‪ ،‬لكنّ أحداً م ّنا ما‬ ‫ك��ان يعاتب أشباحه‪ ،‬أو يرائي سيادة اآللهة‬

‫االصطناعيّة‪ ،‬وما أحد م ّنا كان‬ ‫يلوّ ث الرمل بيديه المائديّتين‪ ،‬غير أنّ التباشير‬ ‫جاءتنا باإلنذارات‬ ‫التابوتيّة‪ ،‬لحمل األج ّنة على كفّ المواسم‪.‬‬ ‫«اإلمبراطور»‬ ‫سليلو أفا ّقين نحن‪ ،‬و ّنباشوا موتى‪.‬‬ ‫سليلو أباطرة نحن‪ ،‬وقياّفوا جنون‪،‬‬ ‫أسالف البربر نحن‪،‬‬ ‫وأخالف اإلسالم‪،‬‬ ‫بدو نحن‪،‬‬ ‫نعاقر شذاذ الموتى‪ ،‬وصحارى الجنّ ‪،‬‬ ‫والعرب‪ ،‬الجند ونحن‪ :‬في ذاكرة اآلشور الحبلى‬ ‫بال ّدم‪.‬‬ ‫بدو نحن نتباهل والخالق‪ ،‬كي يرسم بالخزف‬ ‫الصينيّ ‪.‬‬ ‫وج��وه ضحايانا‪ ،‬ويودعها س��رّ اً ـ في «اللوح‬ ‫المحفوظ»‪،‬‬ ‫بدو نحن‪ ،‬نرسم في سفو الرمل عمر الليل المكتوم‬ ‫الغيظ‪،‬‬ ‫المذبوح األنفاس‪.‬‬ ‫ونفاخر‪:‬‬ ‫ها نحن الغرثى في ب ّح «الهيكل»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«‪ ...‬وشال اإلرواح��يّ عصاه‪ ،‬يتلقنها السحّ ار‬ ‫األبديّ ‪،‬‬ ‫يجمجم مذهوالً‪:‬‬ ‫ينمّم شطرنا صوب الوجوه المستفيضة للجاللة‪،‬‬ ‫لوجوهنا تستعمر الصور الرهيفة‪،‬‬ ‫لحاشية األمير‪ ،‬مقلّداً صوت الحواة‪،‬‬ ‫يداعب السعدان كي يلهي به الساحر‪،‬‬ ‫«وال ّ‬ ‫شعر مثل السّحر يا جمل المحامل‪،‬‬ ‫يهمزه الجيل‪ ،‬ويلفظه الجليل‪،‬‬ ‫وترتوي مثل المنايا قربان قافية‪،‬‬ ‫يرغي بها الجمل الحرون‪،‬‬ ‫وتغور في األرضين ما ًء سلسبيل»‪،‬‬ ‫ينمّم شرطنا صوب العذارى‪،‬‬ ‫صوب نخل الروح‪،‬‬ ‫بنهج األطياف أطوراً‪،‬‬ ‫فتبتهج الصحابة‪،‬‬ ‫نسيل عنهم أيامنا‪ ،‬أيامهم‪ ،‬صوب حرّ الروح‬ ‫والسّغب المقيت‪،‬‬ ‫ونخلع النعل العتيق‪ ،‬ونمرّ في الوادي المق ّدس‪،‬‬ ‫«غير ذي شجن»‪،‬‬ ‫ونباهل السجّ يل في أطوار سينا»‪...‬‬

‫النقطة كنبراس‬ ‫يسطرون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الخط العربيّ األوّ ل‪ ،‬قيل بأ ّنه‬ ‫وفي أصل‬ ‫ّ‬ ‫الخط المُسند وسمّي كذلك بالجزم أو القطع‪،‬‬ ‫على أ ّن��ه قُطع من المسند الحِميريّ ‪ ،‬وال‬ ‫يُختلف على ّ‬ ‫تأثر أصله باآلراميّ ‪ ،‬فكان من‬ ‫ّ‬ ‫الخط النبطيّ نحو ‪250‬‬ ‫نتاج المزج أن ظهر‬ ‫للميالد‪ ،‬حين استخدمته ملوك العرب‪.‬‬

‫ذلك التكثيف واالنتقاء من شكل الحرف اللغويّ‬ ‫في سبيل خلق رسم بلون روحيّ يسمو على الصوت‬ ‫اللسانيّ ‪ ،‬بما هو ليس كالما ً ْلغو ّيا ً وال لكنة‪ ،‬لك ّنه لُغات‬ ‫لها إيقاعاتها ودوزاناتها كأيّة موسيقى‪ ،‬وكأيّ مشهد‬ ‫بصريّ يمكن أن يستدرج به اإلنسانُ‬ ‫اإلنسان كي يتأوّ ه‬ ‫َ‬ ‫حزناً‪ ،‬فرحاً‪ّ ،‬لذة‪ ،‬أو ألماً‪ ،‬ال نفهمه قبل أن نحسّ به‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخط العربيّ ‪.‬‬ ‫هو فنّ‬ ‫ّ‬ ‫الخط العربيّ قد‬ ‫«أردت الوصول إلى النقطة فرأيت‬ ‫سبقني إليها» بابلو بيكاسّو قال ذلك‪ ،‬ألنّ «النقطة»‬ ‫عند أكثر العرفاء وحسب لغتهم الرمزيّة كاصطالح‬ ‫«الخال» الذي هو الوحدة على وجه المعشوق‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫الحق مرتبطة‪ ،‬وغير قابلة للتجزئة؛ من هنا‪،‬‬ ‫ذات‬ ‫صارت كمركز وأصل دائرة الوجود لعالمين هما‪ :‬نفس‬ ‫اإلنسان الناطقة وقلبه‪ .‬لذا قال العارف‪ :‬إنّ سويداء قلب‬ ‫اإلنسان‪ ،‬تجسّد النقطة المركزيّة في وجوده وتصوِّ ر‬ ‫مرآة الوحدة الحقيقيّة هلل‪.‬‬ ‫النقطة‪ ،‬هي البداية والنهاية‪ ،‬المقياس والنسبة‪« ،‬أنا‬ ‫النقطة تحت الباء» وقال «ما من حرف إلاّ وهو اسم‬ ‫من أسماء هللا» وهذا ال يتناقض مع شخصيّة ك ّل حرف‬ ‫على حدة‪ ،‬فكم من ألف واقفة أو ياء تسبح في مياه‪،‬‬ ‫أمّا النون فلها حكاية طويلة وأسرارها تتعلّق بالقلم وما‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫وي ّتفق كثير من الباحثين على أنّ من‬ ‫الخطوط الدارجة قبيل اإلسالم‪ :‬البصْ ريّ ‪ ،‬الحيري‪،‬‬ ‫األنباريّ الملكيّ ‪ ،‬المدنيّ ‪ ،‬الكوفيّ ؛ وهذا األخير بقي‬ ‫ّ‬ ‫الخط‬ ‫– بعدما تطوّ ر كثيراً – إلى يومنا هذا‪ .‬يُوصف‬ ‫الكوفيّ باليابس‪ ،‬ربّما أل ّنه هندسيّ ‪ ،‬ولك ّنه مطواع‬ ‫للزخرفة إذا لقي من يداريه‪ .‬ولقد صار له في ك ّل‬ ‫حقبة ومصر فرع فمنه‪ :‬الكوفي المملوكيّ واأليّوبيّ‬ ‫والفاطميّ ‪ ،‬وكذلك األندلسيّ ‪ ،‬والنيسابوريّ والقيرواني‪،‬‬ ‫وكذلك تنوّ ع فسمّي بحسب شكله المحض كالمورّ ق‬ ‫النباتيّ والشطرنجيّ والمضفور‪.‬‬

‫أمّا ّ‬ ‫خط الثلث فهو األجمل واألصعب بين إخوته‬ ‫– برأيّ الكثيرين ‪ -‬إنْ من حيث شكل الحرف أو من‬ ‫ّ‬ ‫الخطاط ابن‬ ‫حيث التراكيب؛ ونعود هنا إلى الوزير‬ ‫مُقلة الذي وضع قواعد الثلث أيضاً‪ ،‬ث ّم جاء ابن البوّ اب‬ ‫ّ‬ ‫ويهذب‪ ،‬ولكنّ القواعد بقيت كما أرساها ابن‬ ‫ليجمّل‬ ‫مُقلة‪ ،‬ح ّتى بعد أن ّ‬ ‫خط العبقريّ العربيّ حامد اآلمديّ‬ ‫(‪ 1982 – 1891‬للميالد) أي في قلب القرن العشرين‬ ‫عبر الثلث وأب��دع؛ وقد ظهر ّ‬ ‫خط َ‬ ‫مزج بين الثلث‬ ‫ّ‬ ‫بخط اإلجازة أو التوقيع‪ ،‬وهو لمن‬ ‫والنسخيّ ‪ ،‬وسمّي‬ ‫ّ‬ ‫ك أسرارهما‪.‬‬ ‫يتقن كال‬ ‫الخطين‪ ،‬ويف ّ‬

‫ّ‬ ‫الخط النسخيّ في العراق‪ ،‬فيما يقارب‬ ‫ظهر أسّ‬ ‫المائة الثامنة للميالد‪ ،‬وتطوّ ر كما الخطوط األساسيّة‬ ‫ّ‬ ‫الخطاط الوزير‬ ‫أو ما يسمّى باألقالم الس ّتة على يد‬ ‫ابن مُقلة الذي ولد في ‪ 886‬للميالد وعاش حياة حافلة‬ ‫بالتقلّبات السياسيّة و ّقطعت يده لكيال يكتب‪ ،‬فش ّد‬ ‫عليها القصب وكتب‪ ،‬ح ّتى قُتل في ‪ 940‬للميالد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن وضع قواعداً‬ ‫للخط العربيّ مازال منها ما هو‬ ‫ّ‬ ‫معتمد إلى اليوم‪ ،‬وهذه القواعد جعلت‬ ‫الخط النسخيّ‬ ‫األوضح بين إخوته‪ ،‬والمكتمل بالشكل‪ ،‬ليصبح األكثر‬ ‫استخداما ً في كتابة المصاحف واألوردة وغيرها في‬ ‫ّ‬ ‫الخطاطين العثمانيّين‪ ،‬كالحافظ عثمان (‪-1642‬‬ ‫عهد‬ ‫‪1698‬ميالديّ ) الذي ج ّدد في النسخيّ ‪ ،‬ح ّتى ظهور‬ ‫ّ‬ ‫الخطاط ّ‬ ‫عزت (‪1876 -1801‬ميالديّ )‬ ‫مدرستين باسم‬ ‫ّ‬ ‫والخطاط شوقي (‪1887 -1829‬ميالديّ ) ليصل هذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخطاط عبدالعزيز الرفاعيّ (‪-1871‬‬ ‫الخط على يد‬

‫في فارس‪ ،‬ظهر ّ‬ ‫خط التعليق في القرن الثالث عشر‬ ‫ّ‬ ‫الخط بجماليّة خاصّة لما فيه من‬ ‫الميالديّ ‪ ،‬ويمتاز هذا‬ ‫رشاقة ولين وامتداد‪ ،‬وهو بال شكل على حروفه‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫للخطاط طواعية‬ ‫تمنح إمكانيّة االستدارة والمرونة فيه‬ ‫ّ‬ ‫الخط التعليق (الفارسيّ )‬ ‫أكبر في الرسم‪ ،‬ويقبل‬ ‫الزخرف الحتوائه على الدائرة وأقواسها‪ ،‬ما يفتح ذلك‬ ‫بابا ً للخيال‪ .‬و ُتنسب قواعده األساسيّة من أصول وأبعاد‬ ‫ّ‬ ‫الخطاطين الفرس المعروف بالتبريزيّ ‪.‬‬ ‫إلى أحد‬

‫‪1934‬ميالديّ ) إلى قمّة من قممه‪.‬‬

‫ّ‬ ‫الخط الديوانيّ ؛ الذي يقال له‬ ‫وأحد أجمل الخطوط‪،‬‬ ‫أيضاً‪ :‬السلطانيّ والغزالنيّ ‪ ،‬ولك ّل اسم سبب؛ فبعد أن‬ ‫فتح السلطان محمّد القسطنطينيّة عام ‪ 1453‬للميالد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخط في دواوين الحكومة‪ ،‬لكتابة أوامره‬ ‫استعمل هذا‬ ‫من منح لألوسمة وتوظيف وغيرها‪ ،‬فقيل السلطانيّ‬ ‫والديوانيّ ؛ وكان من أشهر ّ‬ ‫خطاطيه مصطفى غزالن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخط بالغزالنيّ ‪ .‬كان الديوانيّ سرّ اً من أسرار‬ ‫فسمى‬ ‫القصر‪ ،‬وكان على صورة مع ّقدة تتقارب الكلمات فيه‬

‫ج ّداً وال مكان فارغ يمكن إضافة كلمة أو حرف بين‬ ‫أسطره حرصا ً على عدم تبديل الكلمات أو اإلضافة‬ ‫إليها في النصوص واألوراق الرسميّة‪ .‬تشبّه حروفه‬ ‫وتشكيالته‪ ،‬بحركات الرقص لما تملك من مطواعيّة‬ ‫وحيويّة‪ ،‬وقد تنوّ عت المدارس في تطويره وتفريعه‬ ‫فكان منه‪ :‬الديوانيّ المرسل بمدارسه‪ :‬البغداديّة‬ ‫والمصريّة والتركيّة؛ والديوانيّ الجليّ الذي يتميّز‬ ‫بالليونة وقابليّة االمتداد واالستطالة‪ ،‬وإلدخال عنصر‬ ‫الزخرف فيه‪ ،‬لذلك يمكن تشكيله بما يريد الخطاط عند‬ ‫صيّات‬ ‫وضع رسم‬ ‫بشكل مح ّدد مسبقاً‪ ،‬فك ّل تلك الخا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تم ّكن من تشكيل الرسم‪ ،‬ويؤ ّدي الزخرف مهمّة تعبئة‬ ‫باقي الفراغ بك ّل د ّقة‪.‬‬ ‫خط الكتابة اليوميّة هو ّ‬ ‫خط الرقعة‪ ،‬ويقال بأنّ سبب‬ ‫التسمية هي الرقعة من الجلد‪ ،‬واألخصّ جلود الغزالن‬ ‫التي كانت تستخدم في الكتابة ويقال أيضا ً الرقاع؛ وقد‬ ‫اس ُتخدم لتوحيد خطوط الكتابة في معامالت الدولة‬ ‫العثمانيّة‪ ،‬فوضع الخطاط ّ‬ ‫عزت (سبق ذكره) أُسس‬ ‫ّ‬ ‫الخط‪ ،‬الذي وُ جدت له أساليب وعُرف بأسماء‬ ‫كتابة هذا‬ ‫بلدانها كاألسلوب التركيّ أو المصريّ ‪ ،‬أو بحسب‬ ‫ّ‬ ‫خط الرقعة‬ ‫االستخدام كالرقعة التجاريّ ؛ ويُعتمد‬ ‫عموما ً لدى األساتذة كالخطوة األوّ لى للمبتدئين في تعلّم‬ ‫ّ‬ ‫الخط العربيّ ‪.‬‬ ‫وهنالك من الخطوط الكثير‪ ،‬بأسماء وأنواع وأفرع‪،‬‬ ‫كالطغراء‪ ،‬والريحانيّ ‪ ،‬و‪ ،..‬وهي على جمالها وغناها‪،‬‬ ‫تعتمد النقطة كمقياس وأسّ وأساس‪.‬‬ ‫محوك‬ ‫*اللوحات للفنان محمد عماد ّ‬

‫حسيب م‪ .‬عدي‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪24‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /4‬شباط ‪2015/‬‬

‫سفيرنا‬ ‫إلى العالمّية‬

‫بدنا حنكي‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫في السنوّية الثالثة‬

‫بعد مرور ثالث سنوات‪ ،‬للمرّ ة‬ ‫األولى أتجرّ أ أن أتكلّم علنا ً عنه‪ ،‬ابن‬ ‫عمّتي الذي ال أحمل معه إلاّ ذكريات‬ ‫قليلة م��ن الطفولة‪ ،‬فبسبب البعد‬ ‫الجغرا ّفي لم تسنح الفرصة لتكوين‬ ‫الكثير‪ ،‬وابتعادنا حين كبرنا‪ ،‬ففي‬ ‫عائلتي ال يجتمع الشباب والصبايا‬ ‫حين يكبرون‪ ،‬وال يلعبون سويّة كما في الطفولة‪ ،‬ث ّم جاءت وفاة‬ ‫عمّتي‪ ،‬ليقطع زوجها ك ّل عالقة بأقاربها‪.‬‬ ‫كان يجب أن يكون اليوم مثلي‪ ،‬في عمر السادسة والعشرين‪،‬‬ ‫لك ّنه تو ّقف عند عمر الثالثة والعشرين‪ ،‬كان الهاتف األخير‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫انشق عن قطعته العسكريّة‬ ‫أخبرنا خالله أ ّنه في حمص‪ ،‬فكان قد‬ ‫من خدمة الجيش اإللزاميّ ‪ ،‬لينض ّم لصفوف الثوّ ار في حمص‬ ‫(بدن يانا نقوّ ص عالعالم) كان قد حسم خياره وانض ّم إلى جهة‬ ‫الشعب‪ ،‬تلك كانت كلماته األخيرة لنا‪ .‬بعد أسبوع وصلنا نبأ‬ ‫استشهاده‪.‬‬ ‫كان خبر انضمامه لصفوف الجيش الحرّ حينها صدمة لي‪،‬‬ ‫فأنا التي كنت ملتزمة بمبادئ السلميّة ورفض السالح الذي لن‬ ‫يجرّ نا سوى إلى الدمار‪ ،‬متمسّكة بها ومجادلة في جدواها وضرر‬ ‫السالح‪ ،‬متمسّكة ومقاتلة لهذه المبادئ بأظفاري وأسناني أمام‬ ‫الطوفان الكاسح للسالح وأنصاره‪ ،‬فكان وجود ابن عمّتي بينهم‬ ‫سببا ً ألعيش بعض األفكار المزدوجة‪ ،‬فبين خوفي عليه ودعائي‬ ‫بأن يحميه هللا ويثبّت خطاه‪ ،‬وبين رفضي لفعله لتنافيه مع موقفي‪.‬‬ ‫حين أخبرني والدي باستشهاد حسين‪ ،‬ك ّنا حينها في المطبخ‬ ‫مساءً‪ ،‬أع� ّد لي كأسا ً من «النسكافيه» ألحضّر المتحاناتي‬ ‫الجامعيّة التي كانت قد بدأت‪ ،‬لم أجد ألبي ر ّداً سوى «هذا خياره»‬ ‫وعدت لغرفتي‪ ،‬ألبدأ تنظيم محاضراتي‪ ،‬ث ّم ينكبّ عليّ البكاء‪ .‬لم‬ ‫أستوعب فكرة استشهاده في البداية‪ ،‬فلم يكن بكائي حزنا ً عليه‪،‬‬ ‫إ ّنما على نفسي وعلى ر ّدي البارد على أبي‪ ،‬كيف استقبل خبر‬ ‫استشهاد ابن عمّتي بهذا البرود والقسوة‪ ،‬كيف أحمّله سبب موته‬ ‫وأبرّ ئ قاتله‪ ،‬ألّنه ا ّتبع موقفه وإيمانه وانض ّم إلى ما أرفضه؟‬ ‫كيف تم ّكنت من تجاهل ذلك الحزن في عينيّ أبي‪ ،‬والقهر الذي‬ ‫كان في صوته وهو يحاول أن يتماسك ويبتلع دمعة ال يريد لها‬ ‫أن ُتزرف‪ ،‬وأقول له تلك العبارة الجوفاء وأمضي دون أن ألتفت‬ ‫إليه‪ ،‬أو ح ّتى ّ‬ ‫أعزيه؟‬ ‫مضى العام وأنا أتجاهل الحدث‪ ،‬أتجاهل الحديث عنه‪ ،‬أو‬ ‫ح ّتى التفكير فيه بيني وبين نفسي‪ ،‬لتكون السنويّة األولى‪ ،‬اليوم‬ ‫الذي جلست فيه مع نفسي ألنعي شهيد العائلة األوّ ل‪ ،‬وأؤ ّنب‬ ‫نفسي على ظلمه‪ ،‬فلم أبكه وأحزن كما بكيت من تتالى بعده‪ ،‬فقد‬ ‫«كرّ ت السبحة» من بعده‪ ،‬وتوافد أقربائي لالنضمام للجيش الحرّ‬ ‫واالستشهاد الواحد تلو اآلخر‪ ،‬لكن يبقى لحسين مكانة خاصّة‪،‬‬ ‫ألخ ّفف من ح ّدة تأنيب ضميري‪ ،‬الذي ال يكفّ عن تذكيري‬ ‫بقسوتي وبرودي اتجاه خبر الرحيل‪.‬‬ ‫في السنويّة الثانية‪ ،‬كنت غارقة بانتقال المعركة إلى حلب‪،‬‬ ‫واعتقال العديد من أصدقائي‪ ،‬لم أنتبه لليوم‪ ،‬فقد كانت األيّام‬ ‫ّ‬ ‫مكثفة‪ ،‬فضاع م ّني التقويم واأليّام‪ ،‬مضت سنويّة استشهاده الثانية‬ ‫دون أن أبكي‪ ،‬أو أن أقرأ الفاتحة على روحه‪.‬‬ ‫اليوم وفي السنويّة الثالثة‪ ،‬أفرح أ ّنه رحل مب ّكراً‪ ،‬رحل قبل أن‬ ‫يتلوّ ث‪ ،‬لقد رحل حسين نق ّيا ً كما كان‪ ،‬كما عرفته دائماً‪.‬‬ ‫لم يعد بمقدوري البكاء‪ ،‬فعائلتي تقلّصت إلى النصف بين شهيد‬ ‫ُ‬ ‫اعتدت الغياب والرحيل يا‬ ‫ومفقود‪ ،‬أصدقائي بين معتقل والجئ‪.‬‬ ‫حسين‪ ،‬لم أعد أستطيع البكاء‪ ،‬فقط أبتسم في وجه غيابك الثالث‬ ‫سنويّتك الثالثة‪ ،‬محاولة استرجاع بعض من مالمحك‪ ،‬وأغفر لك‬ ‫َ‬ ‫ملكت الشجاعة لتحيّ خيارك‪ ،‬وتموت‬ ‫تعارضك مع سلميّتي‪ ،‬فقد‬ ‫ألجل ما آمنت به‪ ،‬ألجل حرّ يّتي وحرّ يّتك وحرّ يّة بلدنا وتطهيرها‬ ‫من عقود االستبداد والخضوع‪ .‬ابتسم أل ّنك ال تدري أ ّنك أخذت‬ ‫الموت‪ ،‬وبقيت لنا المذلّة‪.‬‬ ‫لينا احلكيم‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ح َّل السيّد نزار الحراكي سفير االئتالف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة في‬ ‫قطر‪ ،‬وبتصريح صحفيّ ‪ ،‬المشكلة األعقد التي يعاني منها السوريّون الممنوعون من السفر‬ ‫بسبب انتهاء الم ّدة الزمنيّة المسموح بها في جوازات سفرهم‪ .‬والسيّد الحراكي يعلن وبالفم‬ ‫المآلن أنّ التجديد سيكون بشكل دائم ح ّتى سقوط نظام ب ّ‬ ‫شار األسد‪.‬‬ ‫ويستتبع تصريحه األوّ ليّ بشروحات إضافيّة يوضّح فيها‪:‬‬ ‫«أ ّنه سيجري تجديد جوازات سفر السوريّين بداية في قطر‪ ،‬ث ّم في دول مجلس التعاون‬ ‫الخليجيّ ‪ ،‬ث ّم في جميع أنحاء العالم التي يوجد فيها سوريّون» وال أعرف لماذا ذ ّكرتني هذه‬ ‫الثقة الزائدة بالنفس بهتاف سمعناه في جامعة دمشق وكأ ّنني أسمعه من جديد هنا أنت يا‬ ‫سيّد حراكي قليل عليك أن تكون سفيراً لالئتالف في قطر فقط عليك أن تكون سفيراً عالم ّيا ً‬ ‫فوق األوطان‪ .‬فالسيّد الحراكي يعلن بداية فتوحاته الدبلوماسيّة من قطر ولك ّنه يعد بالتم ّدد‬ ‫نحو العالم بأسره‪.‬‬ ‫وتأكيداً على صدقيّته‪ ،‬يشرح لنا السيّد الحراكي أنّ الدول التي راسلتها السفارة وعددها‬ ‫‪ 52‬بخصوص تجديد جوازات سفر السوريّين‪ ،‬ولم تعترض على هذا األمر إلاّ دولة وحيدة‬ ‫وهي كندا‪ ،‬لك ّنه لم يبيّن لنا أنّ باقي الدول لم تر ّد عليه باألساس‪ ،‬فقط الكنديّون تعاملوا معه‬ ‫جد ّيا ً وأجابوه بالرفض مع تساؤل ور ّد في كتابهم حول تحديد الصفة التي تمّت بها المراسلة‪،‬‬ ‫وأنّ باقي الدول لم تر ّد باألساس‪ ،‬لم ترفض ولم تقبل‪ ،‬ولم تتعامل مع الكتاب المرسل من‬ ‫قبل السيّد الحراكي بأ ّنه ذا صفة‪ ،‬ولكن وحسب تربيتنا في مجتمعاتنا الشرقيّة اعتبر السيّد‬ ‫أكبر أرباح لشركة في التاريخ‬ ‫السفير أن السكوت عالمة الرضا‪.‬‬ ‫كثيرون ّ‬ ‫حذروا من مغبّة هذا التصرّ ف‪ ،‬وبأ ّنه غير قانونيّ ‪ ،‬وأ ّنه قد يوقع الســوريّين في‬ ‫مطبّات جديدة ليـس أوّ لها تهمة التزوير العلنيّ ‪ ،‬وكان آخرهم الســيد خالد خوجا رئيــس‬ ‫االئتالف الذي ّ‬ ‫حذر وبتصريح علنيّ من عواقب مثل هذا التصرّ ف‪ ،‬وبال شــرعيّته وال‬ ‫قانونيّته‪ ،‬لكنّ الســيّد الحراكي يعيد في اليوم التالي وبتصريح جديد شــرعيّة ما يقوم به‬ ‫وكأنّ الذي صرّ ح قبل ســاعات ليس رئيســه المباــشر وليـس رئيـس االئتالف‪ ،‬وكأ ّننا به‬ ‫يقول لنا جميعاً‪:‬‬ ‫«بتقلو تيس بقلك احلبوا»‪.‬‬ ‫ولألسف ح ّتى اللحظة‪ ،‬لم يتم إصدار أيّ قرار رسميّ من االئتالف يمنع سفيره من‬ ‫التجاوز‪ ،‬ولم يصدر عنه أيّة وثيقة رسميّة ّ‬ ‫تحذر من أخطار هذا اإلجراء ما عدا التصريح‬ ‫أعلنت عمالق التكنولوجيا األمريكيّة آبّل عن أكبر أرباح في الشفهيّ لرئيسه‪ ،‬وما يؤسف أكثر أن يت ّم التعامل مع قضيّة في هذا الحجم ومن أشخاص‬ ‫التاريخ تح ّققها شركة عامّة في ربع عام‪.‬‬ ‫مسؤولين على أساس فقط صفحات الفيسبوك‪ ،‬ح ّتى الوزارة العتيدة حين تذ ّكرت الموضوع‬ ‫فقد أعلنت آبّل عن أرباح قيمتها ‪ 18‬مليار دوالر في ربعها تذ ّكرته بتصريح لفخامة رئيسها نشرته على صفحتها الزرقاء‪.‬‬ ‫الماليّ األوّ ل‪ ،‬متفوّ قة على أرباح عمالق النفط إيكسون موبيل في‬ ‫الحراكي يتجاوز الجميع ويزيد من مآسي السوريّين والك ّل صامت!!‬ ‫الربع الثاني من ‪ 2012‬والتي بلغت ‪ 15.9‬مليار دوالر‪.‬‬

‫حسني برو‬

‫الحرّ​ّية الحرّ​ّية الحرّ​ّية‬ ‫في صباح ‪ 9‬كانون األوّ ل ‪،2013‬‬ ‫اخ ُتطف أربعة ناشطين حقوقيّين‬ ‫سوريّين بمدينة دوما في ريف دمشق‪،‬‬ ‫تبيِّن عمليّة االختطاف ه��ذه مدى‬ ‫خطورة التطوّ ر الذي تشهده الثورة‬ ‫السوريّة‪.‬‬ ‫فقد قامت مجموعة مجهولة بمداهمة‬ ‫مكتب مركز توثيق االنتهاكات في‬ ‫سورية‪ ،‬واختطاف الناشطة رزان‬ ‫زيتونة وفريق عملها المكوّ ن من‪ :‬وائل حمّادة‪ ،‬سميرة خليل‪ ،‬وناظم حمّادي‪،‬‬ ‫واقتادتهم إلى جهة غير معروفة‪.‬‬ ‫وبحسب المعلومات فإنّ عمليّة االختطاف قد تمّت في منطقة ال يتواجد فيها‬ ‫النظام السوريّ ‪ ،‬إ ّنما تؤ ّدي في نهاية المطاف إلى تقديم خدمة للنظام الذي‬ ‫حارب بك ّل جهده الناشطين السوريّين بك ّل ألوانهم وأطيافهم‪ ،‬من خالل القتل‬

‫واالعتقال والتعذيب والتشريد‪ ،‬ليس خالل الثورة السوريّة فحسب وإ ّنما على‬ ‫امتداد عقود حكمه الطويلة التي خيّمت على سورية بمظلّة سوداء داكنة من‬ ‫الظلم والقهر‪.‬‬ ‫الحرّ يّة لـ ‪ :‬رزان زيتونة‪ ،‬وائل حمّادة‪ ،‬سميرة خليل‪ ،‬وناظم حمّادي‪ ،‬وجميع‬ ‫المعتقلين في سجون االستبداد على اختالف أنواعه‪.‬‬

‫دماغان بشرّيان يّتصالن ببعضهما إلكترونّياً!‬ ‫استطاع فريق بحثيّ‬ ‫في جامعة «هارفارد» من‬ ‫الربط ما بين دم��اغ رجل‬ ‫ب��ذي��ل ج���رذ‪ ،‬بحيث ك��ان‬ ‫بوسع الرجل تحريك الذيل‬ ‫بمجرّ د التفكير‪ .‬وتم ّكنت‬ ‫مجموعة بحثيّة في جامعة‬ ‫«واش��ن��ط��ن» م��ن إق��ام��ة‬ ‫اتصال بين عقلين عبر وسيط إلكترونيّ ‪ ،‬بحيث جعل اليد ّ‬ ‫تدق على لوحة‬ ‫مفاتيح (كيبورد) بشكل ال شعوريّ ‪.‬‬

‫مارقة إلى فاشلة‬ ‫صدر كتاب «كيف تحوّ لت سورية‬ ‫م��ن دول��ة م��ارق��ة ال��ى دول��ة فاشلة»‬ ‫ل��روب��رت آي روت��ن��ب��رغ وس��ي��ث د‪.‬‬ ‫كابالن‪ .‬يتناول فيه المؤلّف بلغة علميّة‪،‬‬ ‫إحصائيّة‪ ،‬وأرق��ام وخرائط‪ ،‬مختلف‬ ‫األشكال التي جعلت سورية تنتقل من‬ ‫دولة مارقة إلى فاشلة‪.‬‬ ‫الكتاب صدر عن (رياض الريّس‬ ‫للكتب والنشر‪ -‬ب��ي��روت) في ‪400‬‬ ‫صفحة من القطع المتوسّط‪.‬‬

‫(ف��ي��دي��و) وص��ي��ف��ة ملكة‬ ‫االئتالف يشبه لوحة‬ ‫ي��ه��دف ل��ق��اء القاهرة‬ ‫الجمال تش ّدها من شعرها‬ ‫ف ّنيّة لك ّنها ليست حقيقيّة‬ ‫إل��ى تشكيل ك��ي��ان جديد‬ ‫وتنتزع منها التاج‪.‬‬ ‫إ ّن��م��ا ه��ي لوحة (ب��زل)‬ ‫للمعارضة من شخصيّات‬ ‫حين أعلن ف��وز إحداهن‬ ‫قطعها مح ّددة ومحسوبة‪،‬‬ ‫ال وزن لها‪ ،‬بإيعاز خليجيّ‬ ‫بلقب ملكة جمال شمال‬ ‫ويت ّم تركيبها بين فترة‬ ‫ورعاية مصريّة‪ ،‬ترحّ ب‬ ‫األمازون هجمت الوصيفة‬ ‫وأخ��رى على ه��وى من‬ ‫بجميع الحلول وأهمّها بقاء‬ ‫األولى بغضب واضح على ملكة الجمال المنتخبة‬ ‫يقوم بتركيبها‪.‬‬ ‫األسد في السلطة‪.‬‬ ‫وقد ثارت أعصابها من الغيرة‪ ،‬فشدتها من شعرها‬ ‫على الشعب السوريّ أن ينتظر ف ّنانه الذي ‪RajwaAlMallouhi‬‬ ‫ً‬ ‫من بنود لقاء موسكو «عدم قبول أيّ وجود أجنبيّ وانتزعت عن رأسها التاج‪ ،‬وطرحته أرضا على‬ ‫يستطيع أن يرسم لوحة حقيقيّة وبألوان زيتيّة‬ ‫حقيقيّة تعبر عنه‪ ...‬لوحة ّ‬ ‫على أراضي سورية دون موافقة حكومتها «! أعطوا مرأى من الحضور والكاميرات‪ .‬شاهد!‬ ‫تمثل سورية وشعبها‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫‪Fouad Eliaa‬‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫ضوءاً أخضر للميليشيات الشيعيّة‪.‬‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫‪tojjarthawratsy‬‬

‫‪https://www.youtube.com/watch?v=OBLbqZZjek4‬‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.