16ج ريدة كلنا سوريون العدد

Page 1

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 16 -‬السنة األوىل‬

‫األربعاء ‪ /15‬تشرين األول‪2014 /‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫كيف ميكن للسوريّني استعادة هويّتهم الوطنيّة؟‬ ‫هـل يدفـع األكـراد مثـن األجنـدات اإلقليميّـة؟‬

‫التزوير خطر يته ّدد الوثائق الرســميّة الســـوريّة‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫النكوص إلى الهوّيات‬ ‫القاتلة‬ ‫وموت الهوّيات الكبرى‬ ‫هل ي ّتجه الشرق األوسط الكبير‪ ،‬ليصبح الشرق األوسط الجديد‪،‬‬ ‫كما أسمته يومها وزيرة خارجيّة أمريـكا «كوندا ليزا رايس»؟؟؟؟‬ ‫وهل سنو ّدع الخريطة الجيوسياسيّة الحاليّة للمنطقة‪ ،‬لنستقبل‬ ‫خريطة أخرى‪ ،‬تخلِف الخريطة التي صاغها «سايكس وبيكو»‬ ‫في بدايات القرن الماضي؟‬ ‫إذا كانت الخريطـة الجيوســياســيّة الحـاليّـة للمنطقـة قـد‬ ‫صـاغتها الدول االســتعماريـّة حينها‪ ،‬ولم تعلم بها الشــعوب‬ ‫إلاّ بعـد وضعهـا حيّز التنفـيذ‪ ،‬إلاّ أنّ الصيغة الجـديـدة ســتكون‬ ‫الشــعوب هذه المرّ ة‪ ،‬هي التي ســتن ّفذها بيدهـا‪ ،‬لتخدم ما يـريـده‬ ‫اآلخرون منهـا‪.‬‬ ‫في الحرب التي يشـت ّد ســعيرها في ســـوريّة والعراق واليمن‬ ‫‪ ....‬ويلفح وهجها الشــديد كامل المنطقة ـ عرب وغير عرب ـ‬ ‫ثمّة ما هو أكبر من بقاء النظام الســوريّ ‪ ،‬أو رحيله وما هو أكبر‬ ‫من تم ّدد (داعـش)‪ ،‬أو زواله‪ ،‬ثمّة ما هو قادم ليُحيل هذه المنطقة‬ ‫إلى خراب معمّم‪ ،‬ليعـاد صيـاغتها بعده من منظور جديد‪ ،‬ووفق‬ ‫مصالح الدول الكبرى‪.‬‬ ‫ك ّل مــا من شـــأنه أن يزيد من خطوط االنقســام ســيت ّم‬ ‫إشــعاله‪ ،‬سننقسم ونتحارب طائف ّياً‪ ،‬ومذهب ّيا ً وقوم ّيا ً وعشــائر ّيا ً‬ ‫وعائل ّيا ً ومناطق ّيا ً و ‪ ...‬وعندما ال نجد ما يمكننا أن نتقاتل به‪ ،‬أو‬ ‫من أجله‪ ،‬وأنّ ك ّل ما حولنا قد أصبح خراباً‪ ،‬ســيهرع من تب ّقى‬ ‫م ّنا بعد ك ّل هذا الموت‪ ،‬ألن يرهن ك ّل شيء لآلخر‪ ،‬الذي ســيأتي‬ ‫ليكســب ك ّل شيء‪.‬‬

‫كلّنا سوريون ‪ -‬سراقب ‪ -‬عدسة ليث العبداهلل‬

‫تحقيقات العدد‬

‫ّ‬ ‫تشكل المنطقة العازلة مخرجاً‬ ‫هل‬ ‫الكردي‬ ‫تركّياً من الغضب‬ ‫ّ‬

‫‪ -‬وقائع عشرة أيّام سراقب‬

‫ص‪6‬‬

‫‪ -‬أرض امليليشيا‬

‫ص‪6‬‬

‫‪ -‬خميّم األمل ‪ -‬درعا‬

‫ص‪7‬‬

‫‪ -‬البقاء أو السفر‪ ،‬املطرقة والسندان‬

‫ص‪7‬‬

‫الشهادات المز ّورة في سورّية‬ ‫أكاديمي وبيع لألوهام‬ ‫فساد‬ ‫ّ‬

‫ص‪8‬‬

‫المزورة‪ :‬وهي شهادات‬ ‫بيع الشهادات‬ ‫ّ‬ ‫مســجالً في الجامعة التي‬ ‫ال أصل لها‪ ،‬و ُتمنح للزبون دون أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫يرغب بشراء شهادتها‪ ،‬وكثيراً ما يلجأ هؤالء إلى الحصول على‬ ‫تلك الشهادات لتحسين واجهتهم االجتماع ّية‪ ،‬أو للعمل في جنبات‬ ‫الخاص‬ ‫القطاع‬ ‫ّ‬ ‫احملامي أمحد صوّان‬

‫الشعوب السورّية‬ ‫ص‪3‬‬ ‫هناك مجموعة من األف���راد‪ُ ،‬تش ّكل‬ ‫جماعة‪ ،‬تعيش في إطار واحد من الثقافة‬ ‫وال��ع��ادات‪ ،‬ضمن مجتمع واح��د وعلى‬ ‫حسها المشترك بهو ّيتها‪ ،‬وفي نظرتها‬ ‫أرض واحدة‪ ،‬وتتشابه في ّ‬ ‫لألخر – أي آخر – مختلف عنها‪ ،‬وفي التفاصيل الصغيرة والكثيرة‬ ‫حممّد اجلرف‬ ‫لشكل العالقات االجتماع ّية‪.‬‬

‫إشكالّية الدولة بين‬ ‫ّ‬ ‫الحق والعنف‬ ‫انطالقا ً من نظرة مكيافللي المتشائمة‬ ‫األمني‬ ‫للطبيعة البشر ّية اعتبر العامل‬ ‫ّ‬ ‫ص ‪10‬‬ ‫هو العامل األساس لتكوين الدول فهو‬ ‫األساسي لنشوء الدول والمجتمعات البشر ّية هو‬ ‫يرى بأنّ الدافع‬ ‫ّ‬ ‫رغبة الجماعات في التخ ّلص من األخطار وأهوال الحروب‬ ‫عبدو نيب‬

‫ص‪2‬‬

‫إنّ موقف الحكومة الترك ّية بعدم التدخل‬ ‫لؤي حاج بكري‬ ‫البري في األراض��ي السور ّية بشكل منفرد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الدولي بإقامة منطقة عازلة على حدودها وضمن‬ ‫ومطالبتها الجديدة للتحالف‬ ‫ّ‬ ‫األراضي السور ّية‪ ،‬في ظل ّ ما يجري على حدودها من معارك بين «داعش» واألكراد‬ ‫شعبي غاضب‪ ،‬في معظم مناطق‬ ‫السور ّيين ‪ ،‬وفيما تعكسه تلك المعارك من ردّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اّ‬ ‫التركي المتقاعس‪ ،‬ال يمثل إل محاولة‬ ‫الكردي من تركيا‪ ،‬رفضا ً للموقف‬ ‫التواجد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السوري المتفاقم بالنسبة إليهم‬ ‫ترك ّية للتخ ّلص من األزمة التي يش ّكلها الوضع‬ ‫ّ‬

‫الالجئون السورّيون‬ ‫في غزّة‬ ‫ص‪5‬‬ ‫يجب أن ال ننسى أنّ الفلسطيني ّين‬ ‫السور ّيين والذين كانوا في سور ّية هم‬ ‫السوري‬ ‫ّأول من وقف إلى جانب الشعب‬ ‫ّ‬ ‫في طلبه للحر ّية والديمقراط ّية والحياة المدن ّية جنبا ً إلى جنب إلسقاط النظام‪،‬‬ ‫وكالمعتاد‪ ،‬الدكتاتور ّيات ّأول ش ّماعة ألخطائها هي القض ّية الفلسطين ّية والته ّكم‬ ‫الفلسطيني‬ ‫والتف ّنن بتهجير وتشريد واعتقال وتعذيب الشعب‬ ‫ّ‬ ‫سوسن يوسف‬

‫أرض الميليشيا‬ ‫ص‪6‬‬

‫ص‪5‬‬

‫ّأول الميلشيات في الظهور هي كتائب‬ ‫البعث‪ ،‬وهو جناح مس ّلح تابع لحزب البعث‪،‬‬ ‫ظهر منذ اندالع الثورة حيث قامت الفرق‬ ‫الحزب ّية في الساحل بتسليم السالح للشباب‬ ‫(نيسـان ‪ )2011‬وتنظيم حراســتهم‬ ‫للمباني التابعة للنظام‪ ،‬بغرض ترهيب‬ ‫سوسن يوسف‬ ‫األهالي وتخويفهم م ّما يحصل‪ ،‬وجعلهم‬ ‫يعتقدون بأنّ ما يحدث هو مؤامرة مسـ ّلحة‪،‬‬ ‫يتاقض هؤالء أج��راً‪ ،‬والتحق معظمهم‬ ‫لم‬ ‫َ‬ ‫الوطني الحقاً‪ ،‬عادت‬ ‫بميليـشيا الدفــاع‬ ‫ّ‬ ‫هذه الميليشـيا للظهور حال ّيا ً ولكن بـشـكل قليل ومن الجدير بالذكر أنّ خدمات‬ ‫المتطوعين فيها تبدأ بحواجز على الطرق اآلمنة وتنتهي على الجبهات الســاخنة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫موظفي الدولة‪.‬‬ ‫ومعظمهم من‬ ‫أليمار الذقاني‬

‫منذ سنوات وربّما عقود يت ّم العمل بحماس وتصميم على سحق‬ ‫ك ّل مقوّ مات التالقي والتعايش واالندماج بين مكوّ نات هذه المنطقة‪،‬‬ ‫سحق يجبله الدم وترتفع فوقه رايات التاريخ السوداء‪ ،‬سحق بالغ‬ ‫العنف والقسوة‪ ،‬ك ّل هذا لكي تصل هذه المكوّ نات إلى االقتناع‬ ‫أنّ تعايشها مع بعضها قد أصبح مستحيالً‪ ،‬عندها ستعمل الدول‬ ‫األخرى على تكريس هذا التناحر الشديد بصيغة جديدة‪ ،‬خريطة‬ ‫جديدة‪ ،‬تؤسّس لقرن آخر من التخلّف والتبعيّة‪.‬‬ ‫لعلّـه من أهـ ّم ســمات الخريطـة الجديـدة لهـذه المنطقـة‪ ،‬هي‬ ‫أ ّنها ســتكون مفصّـلة لضمان تبعيـّة مكوّ ناتهـا إلى أعـلى حـ ّد‬ ‫ممـكن‪ ،‬وســتنشـأ كيـانـات متنـاحرة‪ ،‬وشــديدة العـداء‪ ،‬وســتكون‬ ‫المنطقـة مبنيّـة على صيغـة تؤسّــس لحـروب طويلـة‪ ،‬وربّمـا‬ ‫ســتلعب بعـض هـذه المكوّ نات دوراً وظيفيـّا ً يشــبه إلى حـ ّد‬ ‫كـبير الدور الذي لعبتـه إســرائيل طـوال القـرن المـاضي‪ ،‬ولـن‬ ‫يـكون أمـام مكـوّ نات ـ تفصـل بينهـا أنهـار من الـدم والويـالت‬ ‫والثـارات‪ ،‬ومنفصلة قوميّـا ً أو طائفيـّا ً أو مذهبيـّا ً أو‪ ...‬أو ـ إال‬ ‫أن تتنـازل وتتنـازل‪ ،‬و ُترتـهن للقـوى الكبـرى‪ ،‬لكي تبقى على‬ ‫قيد الحياة‪.‬‬ ‫لع ّل طمس الهويّات الكبرى الجامعة‪ ،‬والتي كان يمكن لها‬ ‫ْ‬ ‫اشتغلت عليه األنظمة‬ ‫أن تبعد بالدنا عن شبح التفتيت‪ ،‬هو ما‬ ‫العربيّة خالل القرن الماضي‪ ،‬فاستحالت هويّاتنا الفرعيّة إلى‬ ‫هويّات كبرى‪ ،‬ولم تستطع القوى السياسيّة والثقافيّة واالجتماعيّة‬ ‫أن تتص ّدى لهذا الطمس المتعمّد‪ ،‬وبالتالي لم نستطع أن ننجز‬ ‫أوطانا ً ً‬ ‫قابلة للتطوّ ر والحياة‪.‬‬ ‫في لقاء للعالمة السيّد «هاني فحص» والذي رحل قبل أيّام‪،‬‬ ‫مع مُع ّد ومق ّدم برنامج (في العمق) ب ّ‬ ‫ُث على قناة الجزيرة‪ ،‬قال‬ ‫الشيخ «هاني» بالحرف الواحد ما يلي‪:‬‬ ‫«يجب أن نتجـاوز االنتمـاء للهويّـات الفرعيـّة‪ ،‬ويجب أن‬ ‫يكون الربيـع العربيّ مدخلنـا لتجـاوزه‪ ،‬أن يبدأ هذا التجاوز من‬ ‫ســوريّة‪ ،‬وفي حال بدأ من ســورية‪ ،‬فإ ّنه ســيترك أثره على ك ّل‬ ‫البالد العربيّة‪.‬‬ ‫أنا أتم ّنى على الثوار الســوريّين الحقيقيّيـن أن يكونوا‬ ‫بمســتوى المــستقبل الذي سـيحملونه عبر حماية التع ّدد‪ ،‬ومنع‬ ‫القوى المضا ّدة للثورة من أن تلبس لبوس الثورة‪ ،‬فتف ّكك المجتمع‬ ‫السوريّ ‪ ،‬إذا استطعنا أن نكون في سوريّة ديمقراطيّين‪ ،‬تعدديّين‪،‬‬ ‫فإنّ ذلك سوف ّ‬ ‫يؤثر على وضع ك ّل الفئات والطوائف في البالد‬ ‫العربيّة»‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫ّ‬ ‫تشكل المنطقة العازلة‬ ‫هل‬ ‫الكردي‬ ‫مخرجاً تركّياً من الغضب‬ ‫ّ‬

‫مع التق ّدم الملحوظ لإلسالم التكفيريّ في األراضي‬ ‫السوريّة‪ ،‬ومع ازدياد سيطرتهم على مناطق جديدة‪،‬‬ ‫رغم ضربات التحالف الدوليّ الجوّ يّة المر ّكزة‪ ،‬ورغم‬ ‫المقاومة المحلّيّة التي تعاظمت بالمكوّ ن الكرديّ ‪،‬‬ ‫الذي ال يمكن معه‪ ،‬الحديث عن أيّ رضوخ شعبيّ‬ ‫للتنظيم‪ ،‬تعود التحليالت المتعلّقة بوجود تنظيم‬ ‫«داعش» والتسهيالت التي مُنحت له إلى االرتفاع‬ ‫من جديد‪ ،‬مضافا ً إليها في هذه المرّ ة‪ ،‬الدور التركيّ‬ ‫وسعيه في تحقيق المصالح األساسيّة لحزب العدالة‬ ‫والتنمية‪ ،‬في تقوية النفوذ اإلسالميّ ب��إدارة شؤون‬ ‫المنطقة‪ ،‬وفي ضرب السعي الكرديّ إلقامة مناطق‬ ‫حكم ذات��يّ مرتبطة بحزب العمّال الكردستانيّ في‬

‫األراضي السوريّة‪ ،‬مترافقا ً مع التصريحات األمريكيّة‬ ‫المطالبة بموقف تركيّ أكثر حزما ً تجاه التنظيمات‬ ‫اإلسالميّة والتكفيريّة بخاصّة‪ ،‬وبتوجيه الدعم‬ ‫العسكريّ واإلنسانيّ نحو االعتدال السوريّ ‪ ،‬فيما‬ ‫تعود للوراء‪ ،‬تلك التحليالت السابقة حول دور نظام‬ ‫األسد في تنمية الوجود التكفيريّ في سورية‪ ،‬بدءاً من‬ ‫خلق المناخات المناسبة الستجالب الوافدين‪ ،‬وصوالً‬ ‫إلى عدم استهداف المناطق المختلفة لتمركز وانتشار‬

‫تنظيم «داعش»‪ ،‬فيما يقوم التنظيم بالتم ّدد في المناطق‬ ‫الخارجة عن سلطة النظام دون اقترابه من المناطق‬ ‫التي يسيطر عليها النظام‪ ،‬مكتف ّيا ً بخوض المعارك مع‬ ‫النظام‪ ،‬حول مواقع النظام العسكريّة الواقعة ضمن‬ ‫منطقة انتشاره العريضة في الشمال السوريّ ‪ .‬فهل‬ ‫يمكن القول بأنّ ح ّل المعضلة السوريّة أصبح م ّتجها ً‬ ‫نحو تكريس ما هو قائم على األرض‪ ،‬في ظ ّل غياب‬ ‫أيّ توافق دوليّ أو إقليميّ على إيجاد ح ّل سياسيّ ؟ أم‬ ‫أنّ المتغيّرات القادمة ستحمل ما هو مختلف وربّما‬ ‫أكثر تعقيداً‪ ،‬في ظ ّل غياب أيّة مؤ ّ‬ ‫شرات على وجود‬ ‫ح ّل سوريّ عسكريّ أو سياسيّ ؟‬

‫أيّ��ا ً كانت تلك التحليالت المترافقة مع األحداث‬ ‫الجارية في ذلك‬ ‫القسم ال��واس��ع‬ ‫م����ن ال���ب�ل�اد‪،‬‬ ‫وما ينتج عنها‬ ‫م���ن ع��م��ل��يّ��ات‬ ‫تهجير وتشريد‪،‬‬ ‫مسبوقة بالقتل‬ ‫والذبح‪ ،‬إلقامة‬ ‫دول���ة الخالفة‬ ‫ال��ط��ال��ب��ان��يّ��ة‪،‬‬ ‫ف����إنّ ال��ح��دي��ث‬ ‫ع��ن األس��ب��اب‬ ‫دون الخوض‬ ‫ف���ي ال��ن��ت��ائ��ج‬ ‫وال����ح����ل����ول‪،‬‬ ‫ال ي���ب���دو إلاّ‬ ‫ضربا ً من ضروب الكالم المشابه لكالم نائب الرئيس‬ ‫األمريكيّ في التنصّل من مسؤوليّة ما يحصل‪ ،‬فالدولة‬ ‫التي يسعى إليها أولئك القادمون من ك ّل بقاع األرض‪،‬‬ ‫كمشروع لإلسالم التكفيريّ في العالم‪ ،‬لن يح ّقق التوجّ ه‬ ‫ض ّدها بالضربات الجوّ يّة وحدها‪ ،‬سوى في تزايد أعداد‬ ‫القادمين لتحقيقها‪ ،‬كما في اإلعالن األخير لحملة التطوّ ع‬ ‫من قبل تنظيم طالبان الباكستانيّ ‪ ،‬كذلك فإنّ موضوعة‬

‫تلك الدولة‪ ،‬سواء أكانت باقية أم كانت ورقة بيد قوى‬ ‫أخرى‪ ،‬وسواء تم ّكنت من التم ّدد أم بقيت في حدودها‬ ‫الحاليّة‪ ،‬وسواء نجحت في استقطاب بعض الس ّكان‬ ‫المحلّيّين أم لم تنجح‪ ،‬فإ ّنها لن تكون سوى وجها ً آخر‬ ‫للمعاناة األكثر قساوة في حياة السورييّن‪ ،‬فالسوريّون‬ ‫الذين يتعرّ ضون ومنذ المطالبة الشعبيّة برحيل األسد‪،‬‬ ‫ألبشع عدوان يش ّنه حاكم على شعب‪ ،‬مخلّفا ً ح ّتى اآلن‬ ‫مئات اآلالف من الضحايا‪ ،‬وك ّل ذلك الدمار الواسع‬ ‫في معظم المدن والبلدات‪ ،‬وك ّل تلك األرقام الكبيرة من‬ ‫النازحين والالجئين‪ ،‬ها هم يتعرّ ضون لعدوان آخر‬ ‫يتمثل في التكفيريّين الوافدين‪ ،‬لتتزايد أعداد الضحايا‬ ‫والمعتقلين‪ ،‬ولتتضاعف أعداد المهجّ رين‪ ،‬وصوالً‬ ‫إلى حدود النزوح الجماعيّ كما حصل في مدينة عين‬ ‫العرب (كوباني) والقرى المحيطة بها‪.‬‬ ‫إنّ موقف الحكومة التركيّة بعدم التدخل البرّ ي في‬ ‫األراضي السوريّة بشكل منفرد‪ ،‬ومطالبتها الجديدة‬ ‫للتحالف الدوليّ بإقامة منطقة عازلة على حدودها‬ ‫وضمن األراضي السوريّة‪ ،‬في ظ ّل ما يجري على‬ ‫حدودها من معارك بين «داعش» واألكراد السوريّين‬ ‫‪ ،‬وفيما تعكسه تلك المعارك من ر ّد شعبيّ غاضب‪،‬‬ ‫في معظم مناطق التواجد الكرديّ من تركيا‪ ،‬رفضا ً‬ ‫للموقف التركيّ المتقاعس‪ ،‬ال ّ‬ ‫يمثل إلاّ محاولة تركيّة‬ ‫للتخلّص من األزم��ة التي يش ّكلها الوضع السوريّ‬ ‫المتفاقم بالنسبة إليهم‪ ،‬في حين ال تلقى تلك المطالبة‪،‬‬ ‫سوى المزيد من المواقف المتر ّددة للدول المشاركة‬ ‫في التحالف‪ ،‬إضافة للتصريحات الروسيّة حول عدم‬ ‫شرعيّة تلك المنطقة دون قرار من مجلس األمن‪ ،‬مع‬

‫موقف أمريكيّ أكثر عجزاً‪ ،‬في االعتماد على حرب‬ ‫طويلة بال مقاتلين‪ ،‬تظهر رغبة في إضعاف قوّ ة التنظيم‬ ‫دون القضاء عليه‪ ،‬ح ّتى يتم ّكن السوريّون من القضاء‬ ‫عليه بأنفسهم‪ ،‬في الوقت الذي تتوسّع فيه سيطرة ذلك‬ ‫التنظيم بدالً من أن تتقلّص‪.‬‬ ‫تلك المواقف التي ال يمكن النظر إليها‪ ،‬إلاّ‬ ‫كاستمرار‬ ‫ٍ‬ ‫للشلل الدوليّ حيال الوضع السوريّ ح ّتى في تشعّباته‬ ‫الجديدة‪ ،‬رغم تو ّفر ك ّل األسباب إلنهاء ذلك التنظيم‪،‬‬ ‫وبالسرعة التي تمنع المزيد من المآسي‪ ،‬التي وصلت‬ ‫ّ‬ ‫فالخطة الدوليّة‬ ‫إلى حدود الكوارث اإلنسانيّة الكبرى‪،‬‬ ‫القائمة على دعم قوى االعتدال السوريّ ‪ ،‬والموقف‬ ‫األمريكيّ الضاغط على تركيا لالنفتاح أمام دعم هذه‬ ‫القوى دون سواها‪ ،‬يش ّكل بال شك مخرجا ً مناسبا ً لعدم‬ ‫ّ‬ ‫التدخل البرّ يّ الدوليّ في األراضي السوريّة‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫المخرج‪ ،‬ال يحتاج على ما يبدو‪ ،‬إلاّ إلى اإلسراع في‬ ‫توجيه ك ّل الجهود اإلقليميّة والدوليّة‪ ،‬وليس التركيّة‬ ‫وحدها‪ ،‬ليس في تحقيق منطقة عازلة على الحدود‬ ‫السوريّة التركيّة‪ ،‬إلقامة المخيّمات عليها‪ ،‬هربا ً من‬ ‫الموت ال��ذي يالحق السوريّون من قبل األط��راف‬ ‫المعتدية‪ ،‬والتي قامت بتهجيرهم‪ ،‬بل في دعم السوريّين‬ ‫لتحقيق األمن واالستقرار في مناطقهم التي خرجوا‬ ‫منها‪ ،‬بدءاً من المناطق التي ال تقع تحت سيطرة النظام‬ ‫والتنظيم‪ ،‬وصوالً إلى تمكينهم في التحرّ ر الكامل‪ ،‬من‬ ‫ك ّل أشكال االعتداء القائمة في طول البالد وعرضها‪،‬‬ ‫من قبل (الدواعش والحوالش)‪ ،‬كما من قبل ميلشيات‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة بالنظام القابع في دمشق‪.‬‬ ‫اإلجرام‬

‫لؤي حاج بكري‬

‫الدولي‬ ‫واقع التحالف‬ ‫ّ‬

‫«معارضة سياسّية تؤّيد وشعب مقهور يرفض»‬ ‫شهد العالم عبر تاريخه الطويل نماذج وأمثلة‬ ‫التع ّد وال تحصى من الثورات والتغيّرات االجتماعيّة‬ ‫وجميعها شهدت فترة إرهاص وإعداد أوصلتها في‬ ‫نهاية المطاف إلى أهدافها المنشودة ‪ ،‬بحيث نرى‬ ‫دائما ً في تلك الثورات أن المسار السياسيّ والعسكريّ‬ ‫يسيران جنب إلى جنب‪ ،‬وعند تق ّدم أحد تلك المسارات‬ ‫يتق ّدم اآلخر حتما ً ‪،‬لكنّ المهت ّم والمتابع للشأن السوريّ‬ ‫يجد أنّ الثورة على األرض تبعد مسافات طويلة عن‬ ‫ِّ‬ ‫الممثلة لها‪ ،‬أمام الرأي العا ّم‬ ‫المعارضة السياسيّة‬ ‫الدوليّ ‪ ،‬وال يوجد أيّ نوع من االرتباط بين المجالين‪،‬‬ ‫ويمكننا القول في التجربة السوريّة إنّ تلك القاعدة‬ ‫ التوازي بين المجالين العسكريّ والسياسيّ ‪ -‬غير‬‫موجودة أساساً‪ .‬والسبب بسيط وواضح للجميع‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫ويتمثل في كون معظم‬ ‫يمكن إنكاره من قبل عاقل‪،‬‬ ‫المعارضة السياسيّة لم تكن وليدة الداخل السوريّ‬ ‫والمقصود من ذلك أنّ ه��ؤالء قضوا معظم سنين‬ ‫حياتهم مشرّ دين من قبل نظام األسد والجئين في‬ ‫بلدان العالم المختلفة في الفكر والتوجّ ه‪ ،‬ولذلك راهنت‬ ‫غالبيّة أعضائها على الدول العالميّة وابتعدت عن‬

‫الداخل متناسية أنّ الشعب السوريّ هو من فجّ ر هذه‬ ‫الثورة وال أحد يستطيع حسمها غيره‪.‬‬ ‫إنّ هذا الشرخ الكبير بين الشعب والمعارضة‬ ‫السياسيّة سبّب نكسات هائلة في تاريخ الثورة على‬ ‫مدى ما يقارب األربع سنوات‪ ،‬وح ّتى اليوم لم يدرك‬ ‫ّ‬ ‫كممثلين للثورة‬ ‫ه��ؤالء المعارضون أنّ وجودهم‬ ‫السوريّة يح ّتم عليهم قيادة مرحلة تاريخيّة كبرى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫وبالغة الخطورة بالنسبة للسوريّين‪ .‬إنّ الشعب احترم‬ ‫ينسها‪ ،‬أل ّنه شعب كبير‬ ‫تضحياتهم في الماضي ولم َ‬ ‫يق ّدس ك ّل مناضل ض ّد الظلم‪ ،‬ولكن بالمقابل ال يغفر‬ ‫الخطيئة التي تست ّغل وتستثمر تطلّعاته المح ّقة في‬ ‫الحياة والحرّ يّة المنشودة‪.‬‬ ‫عند اإلعالن عن تشكيل االئتالف كجسم سياسيّ‬ ‫ّ‬ ‫يمثل غالبيّة الطيف السوريّ ‪ ،‬لم يستقبل بأيّة فرحة أو‬ ‫تفاؤل من قبل الداخل‪ ،‬ليس لشيء وإ ّنما أل ّنه تش ّكل‬ ‫وفق سياسة المحاصصات والمحسوبيّات التي فرضتها‬ ‫الدول الداعمة كشرط لالعتراف به ّ‬ ‫ممثالً للسوريّين‪،‬‬ ‫وهذا ما رفضه الشعب السوريّ وسيظ ّل يرفضه‬ ‫طالما ال يح ّقق أهداف الثورة‪ .‬لذلك ومنذ تشكيله زادت‬ ‫الفُرقة السياسيّة بين أبناء الوطن الواحد‪ ،‬وح ّل المال‬ ‫السياسيّ مح ّل الهدف السامي‪ ،‬ولم يعد هناك شخصيّة‬ ‫ّ‬ ‫الممزق‬ ‫وطنيّة يمكن االعتماد عليها في قيادة الوطن‬ ‫إلى برّ األمان على الرغم من كثرتهم في صفوف‬ ‫المعارضة‪ ،‬وك ّل ذلك سبّبه الفرقة الحمقاء الناتجة‬ ‫عن التخوين المتبادل والض ّخ غير المحدود لألموال‬ ‫من قبل الداعمين المتنافسين‬ ‫فيما بينهم لتحقيق أجندات‬ ‫ومصالح دولهم المستقبليّة‬ ‫ف��ي المنطقة ‪.‬وف���ي ظ�� ّل‬ ‫ذلك أصبحت ثورة الشعب‬ ‫السوريّ آخر ه ّم الداعمين‬ ‫الدوليّين الذين يصطادون‬ ‫في الماء العكر‪ ،‬ولألسف‬ ‫وق��ع رج���االت س��وري��ة في‬ ‫هذا الشبك عن قصد أو غير‬ ‫قصد ولم يعودوا يستطيعون‬ ‫التخلّص منه‪.‬‬ ‫إنّ الحديث في مجال المعارضة السياسيّة السوريّة‬ ‫واسع وكبير ال يمكن لهذه الكلمات البسيطة أن ّ‬ ‫تغطيه‪،‬‬ ‫لكنّ التقصير والخطأ الواضحين في العمل يح ّتم علينا‬ ‫النقد الب ّناء لتصحيح المسار ولفت النظر إلى مكامن‬ ‫الخطأ وأسبابه‪ ،‬والتي جعلت الكثير من السوريّين‬ ‫ّ‬ ‫بممثليهم في الخارج ويصلون في هذا‬ ‫يفقدون الثقة‬ ‫المجال إلى مرحلة اليأس من أيّة نتيجة يمكن استجداؤها‬

‫منهم‪ ،‬وخاصّة بعد موافقتهم الصريحة على ضربات‬ ‫التحالف (العربيّ – الغربيّ )‪ .‬هذا التحالف الذي وقف‬ ‫صامتا ً أمام قتل النظام المجرم للشعب السوريّ على‬ ‫مدى أربع سنوات بكا ّفة أنواع األسلحة المحرّ مة دول ّياً‪،‬‬ ‫ولم يحرّ ك ساكنا ً رغم ك ّل نداءات االستغاثة إلنقاذه من‬ ‫براثن نظام مارس بح ّقه ك ّل أنواع اإلرهاب الممنهج‬ ‫وأعمال التطهير العرقيّ مدعوما ً بميليشيا طائفيّة من‬ ‫ك ّل بقاع العالم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تدخل ال��دول الغربيّة والعربيّة في سورية‬ ‫إنّ‬ ‫بحجّ ة القضاء على اإلرهاب لم َ‬ ‫تلق قبوالً لدى الشارع‬ ‫السوريّ وما هي بنظرهم إلاّ سيناريو جديد لدعم نظام‬ ‫األسد وتثبيته في الحكم ووأداً للثورة‪ ،‬مع قتل المزيد‬ ‫من الشعب السوريّ ‪ ،‬فال يوجد إرهاب في سورية إلاّ‬ ‫إرهاب األسد وال مجازر غير مجازره التي ارتكبت‬ ‫ّ‬ ‫بحق شعب أعزل وأمام نظر‬ ‫على مدى أربع سنوات‬ ‫العالم وسمعه‪.‬‬ ‫من هذا المنطلق وجب على السياسيّين السوريّين‬ ‫ّ‬ ‫ممثلين للشعب وثورته المجيدة ان يتب ّنوا‬ ‫باعتبارهم‬ ‫فكر الشارع السوريّ وأن ال يخرجوا عن مساره ألنّ‬ ‫هذا األمر يُنظر إليه من قبل الداخل على أ ّنه تآمر على‬ ‫ثورتهم ومشاركة في سفك دمائهم‪ ،‬وما المظاهرات‬ ‫التي خرجت في أنحاء سورية من ّددة بهذا التحالف‬ ‫إلاّ رسالة واضحة عن رفضهم المطلق له ولموقف‬ ‫االئتالف منه‪ ،‬فالشعب السوريّ بدأ ثورته على الظلم‬ ‫وهو من ينهيها وأيّ ّ‬ ‫تدخل خارجي ليس ض ّد األسد‬ ‫ومجموعاته الطائفيّة البغيضة لن يُقبل داخل سورية‬

‫ولن تكون له قاعدة شعبيّة ونتيجته ستكون الفشل‬ ‫الحتميّ ‪.‬‬ ‫إنّ مبدأ الوصاية الذي ينتهجه الغرب والعرب‬ ‫على الثورة السوريّة سيفشل فشالً ذريعا ً ألنّ العالم لم‬ ‫يدرك بعد أنّ الشعب الحرّ ال يمكن أن يقبل العبوديّة‬ ‫أبداً ولم يتعلّموا من دروس الماضي التي تقول‪ :‬إن‬ ‫الشعوب إذا انتفضت ض ّد جلاّ ديها لن تعود أو تستكين‬ ‫حتى تتح ّقق أهدافها‪ .‬فكان األولى بطائرات التحالف‬ ‫ّ‬ ‫تتدخل للدفاع عن‬ ‫وأخص بالذكر العربيّة منها أن‬ ‫الشعب السوريّ الذي قتل على مدار الساعة خالل‬ ‫أربع سنوات وارتكب بح ّقه المجازر التي لم يسبق لها‬ ‫مثيل في التاريخ الحديث والمعاصر‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫تدمير المدن وتشريد وتهجير الماليين من العائالت‪.‬‬ ‫إنّ تم ّنيات السوريّين بنيل المساعدة من إخوتهم‬ ‫العرب بعد ط��ول انتظار سقطت مع سقوط أوّ ل‬ ‫صاروخ من طائراتهم على منازل المدنيّين‪ ،‬ولذلك‬ ‫لم تختلف نظرة السوريّ إلى الجيوش العربيّة فمثلها‬ ‫مثل الجيش األسديّ الطاغي الذي ت ّم تأسيسه وتنظيمه‬ ‫وتسليحه من أموال الشعب ليستخدم في أوّ ل اختبار‬ ‫له في ضرب شعبه‪ ،‬فكم كان األم��ل كبيراً لو أنّ‬ ‫الطائرات العربيّة المشتراة بالمال العربيّ ويقودها‬ ‫طيارون عرب ّ‬ ‫تدخلت إلنقاذ شعب أعزل ار ُت ْ‬ ‫كبت‬ ‫بح ّقه ك ّل أنواع القتل والتشريد من قِبل نظام ال يعرف‬ ‫الرحمة وال اإلنسانيّة‪ ،‬لكنّ األمر مختلف تماماً‪ ،‬فتبيّن‬ ‫أنّ األخوّ ة واإلنسانيّة ال يمكن أن تتح ّققا أو ُتطلبا من‬ ‫األعداء أو من أصحاب الثورات المضا ّدة‪.‬‬

‫حممّد القاسم‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫يُخطئ الكثيرون عندما‬ ‫ير ّدون ظواهر كـ «التع ّددية‬ ‫ال��ث��ق��اف��يّ��ة» و»االن��ب��ع��اث‬ ‫ال��ه��ويّ��ات��يّ » إل���ى الفكر‬ ‫الليبراليّ ‪ ،‬ذل��ك أنّ الفكر‬ ‫الليبراليّ ير ّكز على اإلنسان‬ ‫الفرد كمرجعيّة‪ ،‬وعلى حرّ يّة‬ ‫الفرد وكرامته‪ ،‬وفردانيّة‬ ‫األنا‪ ،‬لذا توصف الليبراليّة‬ ‫بـ «الفرديّة»‪ .‬أمّا االتجاهات‬ ‫الفكريّة التي ظهرت في‬ ‫م��رح��ل��ة م��ا ب��ع��د ال��ح��رب‬ ‫العالمية الثانيّة‪ ،‬كالنسبيّة‬ ‫والمجتمعاتيّة‪،‬‬ ‫الثقافيّة‪،‬‬ ‫والتع ّددية الثقافيّة‪ ،‬والتي‬ ‫أُدرجت ضمن أُطر مفاهيميّة‬ ‫حديثة‪ ،‬أطلق عليها اسم «ما‬ ‫بعد الحداثة»‪ ،‬فهي تتميّز‬ ‫ب��إع�لاء أه ّميّة الجماعات‬ ‫وال��والءات الجماعيّة‪ ،‬وهي‬ ‫م��ن ه��ذه ال��زاوي��ة‪ ،‬ش ّكلت‬ ‫تعارضا ً كبيراً مع األسس‬ ‫الفكريّة لليبراليّة الفردانيّة‪.‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫الشـــعوب الســـورّية‬

‫هذه اإلشكاليّات أثارها الواقع السوريّ‬ ‫الجديد‪ :‬هل يُش ّكل ك ّل مكوّ ن من المكوّ نات‬ ‫السوريّة شعباً؟‬ ‫هل الشعب السوريّ عبارة عن شعوب‬ ‫سوريّة متع ّددة؟‬ ‫يعود ج��ذر اإلشكاليّة إل��ى تع ّدد معاني‬ ‫المفهوم‪ .‬فالشعب يرمز عند البعض إلى «األمّة‬ ‫« بكاملها‪ ،‬فيُقال إنّ الشعب السوريّ هو جز ٌء‬ ‫من ك ّل الشعب العربيّ ‪ ،‬أو على األق��لّ‪ ،‬فإنّ‬ ‫العرب السوريّون – ما يُش ّكل حوالي ‪ %90‬من‬ ‫الشعب السوريّ ‪ -‬هم كذلك‪ .‬فهناك الكثير من‬ ‫التصوُّ رات التي تجمع السوريّين مع العرب‬ ‫بتراث تاريخيّ مشترك‪ .‬لكنّ مفهوم الشعب قد‬ ‫ال يتطلّب بُعداً زمنياً‪ ،‬لذا فقد يحمل الشعب داللة‬ ‫ً‬ ‫جماعة سياسيّة‪ ،‬ذات إطار‬ ‫أُخرى باعتباره‬ ‫سياسيّ ‪ -‬جغرافيّ مشترك‪ .‬أو قد يشير مفهوم‬ ‫الشعب إلى وحدة إثنيّة – ثقافيّة واحدة‪.‬‬ ‫في المعنيّين األخيرين‪ ،‬هل نستطيع أن‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫عين العرب(كوباني) ولحظة تفكير‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فإنّ النزعة القوميّة‬ ‫لألقلّيّة الناجمة بفعل العامل‬ ‫اللغويّ ‪ ،‬هي نزعة تعمل‬ ‫على دفع األقلّيّة إلى مقاومة‬ ‫سياسة بناء الدولة ‪ -‬األمّة‪.‬‬ ‫ه��ذا بالنسبة لألقلّيّات‬ ‫اللغويّة التي باتت تنظر إلى‬ ‫ذاتها من كونها أمما ً داخل‬ ‫الدولة ‪ -‬األمّة الواحدة‪ .‬ولكن‬ ‫ماذا عن األقلّيّات األخرى‪،‬‬ ‫األقلّيّات الدينيّة والطائفيّةـ‬ ‫واألقلّيّات اإلثنيّة المهاجرة‬ ‫) ك��األرم��ن‪ ،‬وال��ش��رك��س‪،‬‬ ‫والتركمان‪ ،‬واآلثوريّين)‪،‬‬ ‫هل يمكن اعتبارهم‪ :‬شعبا ً‬ ‫داخل الشعب؟‬

‫نقول أنّ الكرد في الشمال السوريّ – على‬ ‫سبيل المثال ‪-‬يُش ّكلون شعباً‪ .‬أو أنّ الدروز في‬ ‫جنوب سورية يُش ّكلون شعبا ً آخر‪ .‬ففي مثالي‬ ‫الكرد وال��دروز‪ ،‬هناك مجموعة من األفراد‪،‬‬ ‫ُتش ّكل جماعة‪ ،‬تعيش في إطار واحد من الثقافة‬ ‫والعادات‪ ،‬ضمن مجتمع واحد وعلى أرض‬ ‫واحدة‪ ،‬وتتشابه في حسّها المشترك بهويّتها‪،‬‬ ‫وفي نظرتها لألخر – أي آخر – مختلف عنها‪،‬‬ ‫وفي التفاصيل الصغيرة والكثيرة لشكل العالقات‬ ‫االجتماعيّة‪ .‬هذه الخصائص والمشتركات هي‬ ‫ما يُشكل معنى «الشعب»‪ ،‬وإالّ فما معناه؟‬ ‫يعتقد الكثير أنّ اللغة هي العامل األه ّم‬ ‫من عوامل «انبعاث الهويّة» في مجتمع ما‪،‬‬ ‫العامل الذي ال يفتأ يُل ّح على بقاء النزعة القوميّة‬ ‫لألقلّية‪ ،‬في مواجهة النزعة القوميّة للدولة‪ ،‬وفي‬ ‫إصراره على جعل اللغة – وتاليا ً الثقافة القوميّة‬ ‫ هي األس��اس المهيمن داخل نطاق اإلقليم‪،‬‬‫وعلى هذا األساس‪ُ ،‬تطالب الجماعة اللغويّة‬ ‫بنيل االعتراف السياسيّ من خالل دفع النظام‬ ‫السياسيّ باتجاه الفيدراليّة‪ ،‬فاللغة «أصبحت‬ ‫عامالً فاعالً بصورة متزايدة في رسم حدود‬ ‫المجتمعات السياسيّة في البلدان متع ّددة اللغة» ‪،‬‬

‫‪3‬‬

‫ما عدا اللغة المشتركة‬ ‫مع العموم‪ ،‬فإنّ ك ّل مكوّ نات‬ ‫الشعب تنطبق على أيّ‬ ‫جماعة ثقافيّة موجودة داخل‬ ‫سورية تقريباً‪ ،‬وهذا ما يدعو‬ ‫إلى خشية الكثير من السوريّين من طرح هكذا‬ ‫أسئلة جهاراً نهاراً‪ ،‬وقد يكون خوفهم مبرّ راً‪،‬‬ ‫فباعتبار أنّ الشعب أحد ثالثة أركان للدولة )‬ ‫مع اإلقليم‪ ،‬والسلطة السياسيّة)‪ ،‬وعلى اعتبار‬ ‫أنّ الشعب هو صناعة سياسيّة تتطلّب إدراة‬ ‫سياسيّة لها‪ ،‬فهم يخشون أن يؤ ّدي االعتراف‬ ‫بتع ّدد الشعوب‪ ،‬إلى تع ّدد الدول السوريّة‪ ،‬وتاليا ً‬ ‫إلى تفتيت هذا الكيان غير المنجز أصالً!‬ ‫برأيي‪ ،‬يجب أن نخطو هذه الخطوة في‬ ‫طريق بحثنا عن هويّتنا‪ ،‬عن سؤالنا الرئيس‪:‬‬ ‫من هم السوريّون؟ دون خو ٍ‬ ‫ف أو وجل‪ ،‬ولكن‬ ‫مع الحذر من عواقب قد تصل ح ّد الكارثة‪،‬‬ ‫وذلك من خالل وعي فكرة أنّ وحدة الدولة ال‬ ‫تقتضي أحاديّة الثقافة في المجتمع‪ ،‬وفي أنّ‬ ‫التنوع ال يُفضي بالضرورة إلى تف ّكك الدولة‪،‬‬ ‫ذلك أنّ المشكلة ال تكمن في وج��ود فوارق‬ ‫واختالفات‪ ،‬بل تكمن طريقة إدراة هذه الفوارق‬ ‫واالختالفات‪ ،‬وبشكل ع��ا ّم‪ ،‬ف��إنّ السوريّين‬ ‫فاشلون إدار ّياً!‪.‬‬

‫حممّد اجلرف‬

‫نجد في الثورة السوريّة ع ّدة نظريّات وأغلبها يندرج تحت قائمة تخوين‬ ‫اآلخر من خالل تب ّني نظريّة والسير ورائها‪ ،‬ولكن هناك ما يستدعي وقفة‬ ‫لدى البعض الشامتين من النشطاء في حالة «كوباني» وبالرغم من انتقادهم‬ ‫«لداعش»‪ .‬السؤال‪ :‬إلى م ّتى سنرى المتلوّ نين وبائعي عقولهم‪.‬‬ ‫وفي الطرف المقابل نرى أنّ البعض يتهم «البي كي كي» ببيع الشيخ‬ ‫مقصود سابقا ً ذلك الحزب الذي يعتمد بالدرجة األولى على قوميّة األكراد‬ ‫وحلمهم لجذب أكبر عدد ممكن من األنصار في المناطق ذات األغلبيّة‬ ‫الكرديّة‪ ،‬وهذه المرّ ة تحت مسمّى وحدة حماية الشعب والقضيّة هي قضيّة‬ ‫بيع وشراء بالنسبة لهم‪ ،‬وهل سيتكرّ ر نفس سيناريو الشيخ مقصود اآلن‬ ‫في «كوباني»؟ وبحسب وجهة نظري هذا ممكن ولكن ال أعتقد أنّ الصفقة‬ ‫تشمل مدينة «كوباني» بح ّد ذاتها‪.‬‬ ‫وأمّا بالنسبة لـ «داعش» ذلك الفكر المتطرّ ف ليس على اإلسالم والثورة‬ ‫فقط‪ ،‬وإ ّنما على اإلنسانيّة كلّها ويبدو أنّ النظام العالميّ يحقق ما يريد‬ ‫من خالل هذا التطرّ ف والفكر األحاديّ ‪ ،‬هذا من وجهة نظر البعض ومن‬ ‫لننس قليالً‬ ‫جداالت ونقاشات قد تطول وتقصر بحسب هذه النظريّات‪ ،‬ولكن‬ ‫َ‬ ‫ك ّل ما يجري من أفكار في أذهاننا وك ّل األيدولوجيّات المتوارثة‪ ،‬ونترك‬ ‫قليالً صراعنا مع أنفسنا واآلخرين والخروج من طوباويّة األصنام الجاهزة‬ ‫ولنف ّكر قليالً بتجرّ د وكحالة إنسانيّة عن الحالة الدائرة اآلن‪ ،‬والسؤال المه ّم‬ ‫«أين هي إرادة الشعوب؟» يبدو أنّ التفاهمات السياسيّة أقوى من إرادة‬ ‫الشعوب المقهورة على مرّ التاريخ وخاصّة األكراد كجزء من التغريبة‬ ‫السوريّة‪.‬‬ ‫والكالم هنا ليس دفاعا ً عن أيّة جهة كانت في سورية‪ ،‬األكراد لهم هللا‬ ‫مثلهم مثل باقي الشعب السوريّ الذي ُكتبت عليه المعاناة‪ ،‬وعندما ك ّنا‬ ‫نقرأ عن السياسة نجد أخالق السياسة‪ ،‬ولكن اآلن نرى أسوأ نتاج سياسيّ‬ ‫تاريخيّ على اإلطالق البعيد عن القيم واإلنسانيّة‪ ،‬وما يدعو للقلق هو التعميم‬ ‫الحاصل ‪ -‬وعن كره البعض لألكراد نتيجة الحزب المذكور ‪ -‬يُنذر بنتائج‬ ‫وخيمة و يُع ّد منعطفا ً خطيراً للمعاناة الكرديّة ويُولّد الكره المتبادل‪ ،‬والسؤال‬ ‫األه ّم نطرحه على الفكر البشريّ ‪ :‬إلى متى سنبقى ندافع عن أنفسنا من خالل‬ ‫ا ّتهام اآلخر وإلغائه؟ لألسف‪ ،‬كلّنا متطرّ فون ألفكارنا‪.‬‬

‫نزهت شاهني‬

‫المعارضة المعتدلة بيضة القبّان‬ ‫الدفاع الوطنيّ لضمان االستقرار األمنيّ في المناطق‬ ‫المسيطر عليها النظام مقابل محاربة المعارضة‬ ‫(لداعش) ضمن األرضي السوريّة‪ ،‬بعد أن ت ّم االتفاق‬ ‫في العراق مع الشريك الكوردي لمحاربة (داعش)‬ ‫في األراضي العراقيّة‪ ،‬وبذلك تكون قد حرمت النظام‬ ‫السوريّ من تقديم نفسه كشريك في محاربة اإلرهاب‪.‬‬

‫بدأ مصطلح المعارضة المعتدلة بالترويج له بعد‬ ‫ْ‬ ‫قامت به الواليات الم ّتحدة األمريكيّة‬ ‫التسويق‪ ،‬الذي‬ ‫المحارب األكبر لتنظيم القاعدة في العالم‪ ،‬وبعد أن‬ ‫ْ‬ ‫أصبحت سوريّة هي أكبر تجمّع للتنظيم في العالم‪،‬‬ ‫حيث اعتبرت اإلدارة األمريكيّة أن (داع��ش) هي‬ ‫كاألفعى‪ ،‬ويجب القضاء عليها وأنّ تلك األفعى رأسها‬ ‫ْ‬ ‫اعتبرت‬ ‫في سوريّة‪ ،‬وليس في العراق وبعد أن‬ ‫السوريّين شركاء لها في مكافحة اإلرهاب في الشرق‬ ‫األوس��ط‪ ،‬وليس كما فعلت في التجربة السابقة في‬ ‫العراق مع جيش الصحوات الذي تدرّ ب على أيدي‬ ‫ْ‬ ‫قامت بح ّل الجيش العراقيّ ‪،‬‬ ‫القوّ ات األمريكيّة بعد أن‬ ‫ولم تستطع خلق قوّ ة عسكريّة وأمنيّة تضمن سالمة‬ ‫وأمن العراق‪ ،‬حيث اعتمدت في سوريّة مبدأ الشراكة‬ ‫مع المعارضة السوريّة بش ّقيها السياسيّ والعسكريّ ‪،‬‬ ‫وكانت قد ق ّد ْ‬ ‫مت دعما ً ملحوظا ً في المجال الثوريّ ‪،‬‬ ‫وفي مجاالت ع ّدة منها‪:‬‬ ‫المجالس المحليّة وغيرها من التجمّعات المدنيّة في‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الداخل السوريّ ‪ ،‬وساهمت بتدريب قيادات سياسيّة‪،‬‬ ‫وبعض من الدعم العسكريّ للمجلس العسكريّ سابقاً‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وانتقلت لتمويل الفصائل بشكل مباشر متجاوزة‬ ‫المجلس العسكريّ ‪ ،‬بعد أن فقدَ مصداقيّته بسبب‬ ‫وصول الدعم المق ّدم إلى المجلس العسكريّ ‪ ،‬وإلى‬ ‫بعض الجهات التكفيريّة منها‪( :‬جبهة النصرة وداعش‬ ‫وأحرار الشام)‪ ،‬ليت ّم تبرير تو ّقف الدعم عن المجلس‬ ‫العسكريّ و أنّ المجلس العسكريّ غير أهل للثقة‪،‬‬ ‫وبذلك كانت قد حضّرت للمرحلة الحاليّة‪ ،‬التي نمرّ‬ ‫بها اآلن‪ ،‬وهي محاربة اإلرهاب‪ ،‬وذلك بعد أن أع ّدت‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة‬ ‫المعارضة السياسيّة والعسكريّة والمدنيّة‬ ‫بمؤسّسات مجتمع مدنيّ مختصّة بع ّدة مجاالت‪ ،‬أصبح‬ ‫لديها معارضة شبه متكاملة على األرض لتكون‬ ‫شريكة لها في محاربة اإلرهاب‪ ،‬ضمن الحملة التي‬ ‫ح ّددها «أوباما» بثالث سنوات‪ ،‬وسيت ّم التشارك مع‬ ‫هذه المعارضة على التالي‪ :‬نقوم بخلع ب ّ‬ ‫شار األسد‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة‬ ‫وفق ضمانات لعدم انهيار المؤسّسة العسكريّة‬ ‫بالجيش‪ ،‬و بعض الفصائل المساندة له مثل‪ :‬جيش‬

‫وحرمت اإليرانيّين من المشاركة أيضا ً عن طريق‬ ‫القوّ ات الشيعيّة الموالية لها في العراق وتحجيم‬ ‫دورها في العراق والمنطقة بالعموم‪ ،‬وهنا يأتي الدور‬ ‫السعوديّ بتدريب المعارضة المعتدلة‪ ،‬التي سيت ّم‬ ‫انتقاؤها‪ ،‬لتكون مؤهّلة لمحاربة (داعش)‪ ،‬وسيكون‬ ‫مقاتل في آن‬ ‫التدريب بمعسكر ي ّتسع لـ ‪ 15‬ألف‬ ‫ٍ‬ ‫واحد‪ ،‬أي أنّ السعوديّة ستقوم بتدريب جيش كامل‬ ‫يكون له قوّ ة فعّالة على األرض‪ ،‬ألنّ الفصائل التي‬ ‫سيت ّم تدريبها لها خبرة سابقة في محاربة (داعش) بعد‬ ‫الحرب التي ش ّنتها عدد من الفصائل في حلب وريف‬ ‫إدلب على تنظيم (داعش) أ ّدى إلعادة إحياء العمل‬ ‫الثوريّ بعد حاالت النزوح والهرب والتصفية التي‬ ‫تعرّ ض لها ناشطون ثوريّون من قبل (داعش)‪ ،‬وخلق‬ ‫مساحة للعمل في تلك المناطق إلعادة الحراك المدنيّ‬ ‫وااللتفات إلى النظام‪ ،‬العدوّ األساسيّ للثورة السوريّة‪،‬‬ ‫وهنا بدأ ظهور تيّار معتدل خارج األيديولوجيّات‬ ‫التي كانت مطروحة في أيّام تواجد (داعش) بغالبيّة‬ ‫المناطق المحرّ رة‪ ،‬وهي ذات طابع معتدل‪ ،‬ح ّتى‬ ‫وإن كانت إسالميّة حيث بدأ الحديث عن إعادة العمل‬ ‫العســكريّ إلى ارتباطه بالعمل المدنيّ ‪ ،‬وبأهداف‬ ‫الثورة الســوريّة األســاســيّة (عدالـة‪ ،‬حرّ يـّة‪،‬‬ ‫كرامـة)‪ ،‬فكانت الواليات الم ّتحدة بشكل دائم تسعى‬ ‫لمعرفة كيفيّة إعادة الناشطين إلى الداخل السوريّ ‪،‬‬ ‫بعد أن فرّ القــسم األكبر منه إلى تركيّا‪ ،‬فكان الحديث‬ ‫الدائم كيف ســنعيد الناشــطين إلى الصدارة‪ ،‬وقيادة‬ ‫الشــارع الســوريّ ‪ ،‬ليكون العمل العســكريّ رديفا ً‬ ‫للعمل المدنيّ ‪.‬‬

‫كما كان بسابق عهده ببداية انتشار العسكرة في‬ ‫الكثير من المناطق‪ ،‬وكانت هذه الرسائل هي بمثابة‬ ‫تنبيه للفصائل التي أصبحت تتلوّ ن بتلوّ ن التمويل‪ ،‬و‬ ‫نزعت الصفة الثوريّة عنها‪ ،‬كما كان واضحا ً بإنزال‬ ‫علم االستقالل‪ ،‬ورفع رايات إسالميّة‪ ،‬وظهور مشاريع‬ ‫منها قيام دولة إسالميّة‪ ،‬أو ما شبهها من مشاريع‬ ‫انفصاليّة أو دولة دينيّة‪ ،‬وهنا بدأ الضغط على تلك‬ ‫الفصائل بقطع الدعم المق ّدم لها في حال كان للناشطين‬ ‫مأخذ عليها من أيّ ناحية‪ ،‬وخصوصا ً الفصائل التي‬ ‫لها مشاريعها الخاصّة غير مشروع سوريّة الموحّ دة ‪.‬‬

‫وبالعودة إلى بيضة القبّان التي هي اآلن المعارضة‬ ‫المعتدلة العسكريّة‪ ،‬التي ستتحالف معها القيادة‬ ‫األمريكيّة‪ ،‬فإ ّنه لن نستطيع الوصول لمعايير معيّنة‬ ‫عن تلك المعارضة‪ ،‬ولكن لسهولة االختيار‪ ،‬فإنّ‬ ‫الطريقة األسهل ستكون عن طريق المدنيّين‪ ،‬وذلك‬ ‫بطرق سهلة وسلسة‪ ،‬والتي هي قياس نسبة تفاعل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الموجودة في‬ ‫الفصيل المراد تدريبه مع‬ ‫أماكن سيطرته‪ ،‬ما مدى تفاعله مع المجالس المحليّة‬ ‫التي أسّستها الواليات الم ّتحدة‪ ،‬أيّ مع شركائها من‬ ‫ّ‬ ‫الشق المدنيّ ‪ ،‬وليس العسكريّ ‪،‬‬ ‫وهكذا سيكون ل��دى ال��والي��ات الم ّتحدة شريك‬ ‫معارض متكامل مستع ّد أن يقوم بحرب طويلة األمد‪،‬‬ ‫ح ّتى ولو اضطرّ القتسام جزء من سوريّة للمحافظة‬ ‫على الشريك السوريّ لها مع حظر جويّ لهذا الجزء‬ ‫وحماية من الباتريوت التركيّ ‪.‬‬ ‫ولكنّ السؤال األصعب هل هذه المعارضة المعتدلة‬ ‫عسكريّة كانت أم مدنيّة ستستطيع أن تكون هي بيضة‬ ‫القبّان للتوازن الدوليّ الذي سيتكوّ ن في الم ّدة القريبة‪،‬‬ ‫وتخرج من قوقعة ر ّد الفعل‪ ،‬لتكون هي الفاعلة؟ أم‬ ‫سنبقى نقوم بردود أفعال على ما يحصل في سوريّة‪،‬‬ ‫منتظر ًة التغيّرات الدوليّة للتلوّ ن معها‪ ،‬فقط‪ ،‬بقا ًء على‬ ‫قيد الحياة‪.‬‬

‫زياد عيسى‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫أحوال‬

‫عين العرب (كوباني) والتاريخ‬ ‫دعيت كوباني بهذا االسم بسبب الشركة األلمانيّة‬ ‫التي ن ّفذت س ّكة الحديد الواصلة بين اسطنبول وبغداد‪،‬‬ ‫أي أنّ تسمية كوباني ال أصل لها في اللغة الكرديّة‪.‬‬ ‫هذا ما أ ّكده الكاتب «جان دوست» عندما قال‪ :‬كوباني‬ ‫كلمة ليست كرديّة‪ ،‬ربّما جاءت من «‪»Company‬‬ ‫بمعنى شركة‪ ،‬حيث كان لأللمان فرع من شركة الس ّكة‬ ‫الحديديّة هناك قبيل الحرب العالميّة الثانية وكان العمّال‬ ‫يأخذون الحجارة السوداء من مقلع في «مشتنور» إلى‬ ‫حيث يم ّدون س ّكة الحديد وما تزال آثار ذلك المقلع‬ ‫موجودة في الجهة الشرقيّة من «مشتنور»‪.‬‬ ‫وعرب بينار‪ ،‬كما كان يُطلق عليها أيّام العثمانيّين‪،‬‬ ‫أمّا عين العرب فهي تسمية حديثة‪ ،‬نشأت وتطوّ رت‬ ‫أثناء االنتداب الفرنسيّ ‪ ،‬حيث كانت قبل ذلك قرية‬ ‫صغيرة‪.‬‬ ‫فعين العرب هي تعريب لكلمة عرب بينار والتي‬ ‫تعني «نبع العرب» كما يؤ ّكد «دوس��ت»‪ ،‬والذي‬ ‫يضيف بأنّ الكرد أنفسهم يدعونها كانيا عربان أي نبع‬ ‫أو عين العرب وإلى اآلن تسمّى الحارة الشرقيّة باّسم‬ ‫كانيا عربان‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك فقد أقرّ ت الحكومات السوريّة في‬ ‫عهد االنتداب الفرنسيّ اسم «عين العرب» واستخدمته‪،‬‬ ‫وقد قام المجلس النيابي بإقرار قانون نشره الرئيس‬ ‫هاشم األتاسي في ‪ 4‬كانون الثاني سنة ‪ ،1937‬جاء في‬ ‫ما ّدته األولى «يؤسّس في محافظة حلب قضاء يطلق‬ ‫عليه قضاء عين العرب وتجعل قصبة عرب بينار‬ ‫مركزاً له‪ ».‬إذن أُطلقت كلمة عين العرب أوّ ل مرّ ة‬ ‫على تلك المنطقة سنة ‪ ،1937‬واحتفظت البلدة آنذاك‬ ‫باسمها التاريخيّ عرب بينار‪.‬‬ ‫اإلعالم وعني العرب‬ ‫منذ ثالثة أسابيع تقريباً‪ ،‬أعلن «داعش» نيّته في‬ ‫الهجوم على عين العرب محاوالً السيطرة عليها‬

‫ألسباب استراتيجيّة‪ ،‬فموقع المدينة على الحدود‬ ‫السوريّة التركيّة‪ ،‬وكذلك وقوفها في طريق داعش بين‬ ‫مواقع سيطرتها في الشمال الشرقيّ والشمال؛ ولكن ما‬ ‫هو سبب التكثيف اإلعالميّ عليها؟‬

‫ال���س���وريّ���ة ال��ت��رك��ي��ة بـ‬ ‫«المرعبة»‪ ،‬واعتبرت أنّ‬ ‫هذه المدينة يجب ألاّ تسقط‬ ‫بأيدي داعش‪.‬‬

‫في أوّ ل أيّام عيد األضحى ت ّم استهداف مدينة سراقب‬ ‫أر تركيز‬ ‫بأكثر من ثالثين برميالً متفجّ راً‪ ،‬ومع ذلك لم َ‬ ‫الوكاالت اإلخباريّة على تلك المجزرة‪ ،‬ح ّتى أ ّنني لم‬ ‫ّ‬ ‫متأخر من الليل‪.‬‬ ‫أدر بما حصل هناك إلاّ لوقت‬ ‫ِ‬

‫ليسارع الموفد الخاصّ‬ ‫لألمم الم ّتحدة إلى سورية‬ ‫ستيفان دي ميستورا إلى‬ ‫ّ‬ ‫حث المجتمع الدوليّ على‬ ‫التحرّ ك ال��ف��وريّ للدفاع‬ ‫عن المدينة ويقول «العالم‪ ،‬وجميعنا‪ ،‬سنشعر بأسف‬ ‫شديد إذا تم ّكنت داعش من السيطرة على مدينة تدافع‬ ‫عن نفسها بشجاعة لك ّنها باتت أقرب إلى العجز عن‬ ‫مواصلة القيام بذلك‪ ،‬يجب التحرّ ك اآلن»‪.‬‬

‫لماذا يت ّم تجاهل مجازر‪ ،‬وتسليط الضوء على‬ ‫مجازر أخرى؟ هل ألنّ عين العرب تقطنها أغلبيّة‬ ‫كرديّة؟ وهل ت ّم فعالً اعتبار األكراد في سورية أقلّيّة‪،‬‬ ‫أم ألنّ الوكاالت تتبع لسياسات دولها في التركيز‬ ‫والتجاهل؟‬ ‫من وجهة نظري‪ ،‬أرى أنّ التركيز اإلعالميّ عليها‬ ‫يأتي لتعظيم دور داعش في نظر الشعوب‪ ،‬كما فعل‬ ‫النظام حين سيطر على القصير والتي ال تتميّز بموقع‬ ‫استراتيجيّ حسّاس كما روّ ج إليه النظام‪ ،‬بل كانت‬ ‫ّ‬ ‫خطته تعظيم القصير وتعظيم الجيش الحرّ هناك‪،‬‬ ‫ليحشد قوّ اته بعد ذلك وتت ّم السيطرة عليها‪ ،‬ويُنظر‬ ‫إليه بأ ّنه هو الجبّار الذي استطاع إعادة أه ّم قرية في‬ ‫المنطقة الوسطى والجنوبيّة‪ ،‬وهنا أيضا ً نرى الشيء‬ ‫ذاته ‪ ،‬تركيز إعالميّ هائل على عين العرب وتجاهل‬ ‫مدن أخرى على حسابها‪ ،‬بعد ذلك تمكين داعش من‬ ‫السيطرة عليها‪ ،‬وإظهار داعش أ ّنها بعبع العالم الذي‬ ‫ال يقهر‪ ،‬ليح ّقق مديرو الحرب في سورية مآربهم‬ ‫الخاصّة في هذه المنطقة‪.‬‬ ‫القلق الدولي على عني العرب‬ ‫كما أسلفت‪ ،‬كان هناك تركيز إعالميّ هائل على‬ ‫عين العرب‪ ،‬رافق هذا التركيز تصريحات رفيعة‬ ‫المستوى من مسؤولين غربيّين حول المدنية‪.‬‬ ‫الخارجيّة األميركيّة وصفت المعركة على الحدود‬

‫ويأتي بعد ذلك إردوغان لمطالبة التحالف الدوليّ‬ ‫بشنّ ضربات تستهدف داعش في مدنية عين العرب‬ ‫والتي لم تستهدفها من قبل‪ ،‬ويؤ ّكد على ضرورة‬ ‫ّ‬ ‫التدخل البرّ يّ هناك لمنع سقوط المدينة في أيدي تنظيم‬ ‫داعش اإلرهابيّ ‪.‬‬ ‫أمّا البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق فصرّ ح‬ ‫بأ ّنه مستع ّد إلرسال قوّ ات من البشمركة لعين العرب‬ ‫إن وافقت على ذلك تركيا‪.‬‬ ‫ويضيف فابيوس وزير خارجيّة فرنسا بأنّ هناك‬ ‫ك في عين العرب‪ ،‬يجب إيقاف‬ ‫أشياء كثيرة على المح ّ‬ ‫داعش‪.‬‬ ‫مآرب الغرب يف عني العرب‬ ‫بعد ك ّل هذه البعبعة اإلعالميّة والتصريحات الناريّة‬ ‫نندفع للتفكير بأهداف مديري حرب سورية في هذه‬ ‫المدنية بالذات‪.‬‬ ‫تتع ّدد اآلراء‪ ،‬فمنهم من يرى كما أسلفت بأنّ النيّة‬ ‫هي تعظيم وتأليه داعش‪ ،‬لحشد دوليّ أكبر‪ ،‬وذلك‬

‫علمي‪ ،‬أم؟!‬ ‫إعجاز ّ‬

‫عندما تسمع أو تقرأ عن َمجْ مع لهيئة‬ ‫اإلعجاز العلميّ في القرآن والس ّنة‪ ،‬يتبادر إلى‬ ‫ذهنك أنّ هنالك علماء اختصاصيّون يُجرون‬ ‫تجاربهم في مختبراتهم ليستخلصوا ما هو مفيد‬ ‫لنا وللبشريّة في العلوم واختصاصاتها‪ ،‬وعلى‬ ‫كا ّفة الصعد‪ ،‬ولك ّنك ُتصاب باإلحباط ويأخذ‬ ‫منك اليأس ك ّل مأخذ‪ ،‬عندما تتب ّدى لك الحقيقة‪،‬‬ ‫وتعرف أنّ هذا االسم الكبير والر ّنان ما هو إلاّ‬ ‫طبل أجوف تصدر عنه أصوات قويّة‪ ،‬ولك ّنه‬ ‫نشاز بالنسبة لك ّل ما هو منطقيّ وعلميّ ‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك تقع على كثير من اآلذان موقعا ً محبّباً‪ ،‬ألنّ‬ ‫الضارب عليه يضرب بعصى من بين آالف‬ ‫العصيّ ‪ ،‬التي يضرب بها المق ّدس‬ ‫على مسامع شباب ه��ذه األمّ��ة‪،‬‬ ‫ليحوّ لهم بهلواني سيرك‪ ،‬تضحك‬ ‫من تخلّفهم وتص ّفق لجهلهم األمم‪.‬‬

‫اإلجابة على سؤال شنين المنطقيّ وهو‪ :‬لماذا‬ ‫لم نكتشف ما اكتشفه شنين؟‪ ،‬ونعلم به طالما هو‬ ‫مكتوب عندنا قبل أن يكتشفه‪ ،‬لكنّ األه ّم بالنسبة‬ ‫للدكتور‪ ،‬أ ّننا تركنا عالم التشريح األلمانيّ شنين‬ ‫تب‬ ‫وقومه ‪ 20‬عاما ً في ضالل‪ ،‬ليكتشف ما ُك َ‬ ‫عندنا منذ مئات السنين‪ ،‬وبدهيّ أنّ الصورة‬ ‫معكوسة تماماً‪ ،‬ويتابع الدكتور عبد الباسط‬ ‫[أنّ أغنياء العرب وح ّكامهم الجالسين على‬ ‫الكراسيّ ‪ ،‬كلّهم مقصّرون في نشر اإلسالم‪،‬‬ ‫موضّحا ً أنّ إثبات ليلة القدر ومعجزاتها‪ ،‬يمكن‬ ‫نشره على العالم‪ ،‬حيث ورد حديث لرسول‬ ‫هللا عن ليلة القدر (ليلة بلجاء ‪ -‬ال حرّ وال برد‬

‫هذا بعض ما قاله رئيس المجمع‬ ‫العلميّ لهيئة اإلعجاز العلميّ في‬ ‫القرآن وال ّس ّنة بمصر‪ ،‬الدكتور عبد‬ ‫الباسط السيّد‪ ،‬الذي ح ّل ضيفا ً على‬ ‫منتدى الشروق في الجزائر م ّدعيا ً‬ ‫أ ّنه إعجاز علميّ ‪ ،‬وعلينا أنْ نقنع‬ ‫الغرب به‪:‬‬ ‫«تقول عائشة‪( :‬إنّ رسول هللا‬ ‫صلى هللا عليه وسلّم قال‪ :‬إ ّنه خلق‬ ‫ك ّل إنسان من بني آدم على ستين وثالثمائة‬ ‫مفصل)‪ ،‬ويتابع أ ّن��ه علم ّيا ً كان المعروف‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 340‬مفصالً إلى غاية سنة ‪ ،2006‬حينما‬ ‫توصّل العالم األلماني شنين الكتشاف مفصل‬ ‫مفاصل بسيطة داخل األذن‬ ‫مر ّكب من عشرة‬ ‫ٍ‬ ‫على يسار الدماغ‪ ،‬ممّا يعني أنّ نفس العدد‬ ‫على الجهة اليمنى‪( ،‬ليصبح المجموع ‪360‬‬ ‫مفصالً)‪ ،‬والموضوع من الناحية العلميّة‬ ‫فيه الكثير من األخ��ذ وال��رّ د‪ ،‬فمثالً‪ ،‬ما هو‬ ‫تعريف المفصل؟ هل هو التقاء عظمين بينهما‬ ‫غضروف‪ ،‬أم ليس من الشرط أن يكون هنالك‬ ‫غضروف‪ ،‬ث ّم إنّ عدد المفاصل يختلف بين‬ ‫إنسان وآخر‪ ،‬واأله ّم أنّ عدد المفاصل يختلف‬ ‫حسب تق ّدم السنّ ‪ ،‬فهو في الطفولة غيره في‬ ‫الشباب والكهولة ويتابع الدكتور‪:‬‬ ‫«أ ّنه بمجرد عرض الحديث النبويّ على‬ ‫جمل‬ ‫عالم التشريح األلمانيّ ‪ ،‬شنين قال ثالث‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ً 20‬‬ ‫سنة وأنا أشرح المفصل وهو مكتوب في‬ ‫كتبكم‪ ،‬لماذا لم يكتشفه أحد؟‪ ،‬منكم هلل‪ ،‬إ ّنكم‬ ‫ْ‬ ‫ترك ُتمُونا في ضالل)‪ ،‬وليس ه ّم الدكتور هنا‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ ال تضرب فيها األرض بنجم) وأنّ «ناسا»‬‫تعرف هذه الحقيقة منذ عشر سنوات‪ ،‬وتخفيها‬ ‫خوفا ً من أنْ يُسلم العالم كلّه]‪.‬‬ ‫بهذه السطحيّة‪ ،‬يتناول دكتورنا األمور؛‬ ‫أمّا ما يقوله العلم‪ ،‬فهو قرار لجنة المواقيت‬ ‫واألهلـّـة في دائرة قاضي القضاة األردنيّة‪،‬‬ ‫حيث ي��وضّ��ح الفلكيّ عماد مجاهد «أنّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‬ ‫اإلحصائيّات الرسميّة المسجّ لة في‬ ‫الشهب العالميّة‪ ،‬تثبت أنّ الشهب الداخلة‬ ‫للغالف الغازيّ لألرض لم تتو ّقف في أيّ يوم‬ ‫كان ومنها أيام الشهر الفضيل»‪ .‬مضيفا ً أ ّنه‬ ‫ال يوجد «أيّ دليل علميّ » على تو ّقف نزول‬ ‫الشهب‪ ،‬وتحديداً في ليلة القدر‪.‬‬ ‫بالمقابل‪ ،‬هناك ع��دد من العلماء الذين‬ ‫يُعارضون أصالً فكرة وجود إعجاز علميّ‬ ‫في القرآن‪ ،‬قائلين إ ّن��ه ليس بكتاب علوم‪،‬‬ ‫ومن أبرز الذين قالوا بذلك الفيلسوف والفلكيّ‬ ‫(أبو الريحان البيرونيّ ‪ ،‬الذي وضع القرآن‬ ‫في تصنيف خاصّ به وحده‪ ،‬وقال‪« :‬إ ّنه ال‬

‫ّ‬ ‫يتدخل في شأن العلم وال يُخالطه»)‪ ،‬ومن‬ ‫األسباب التي جعلت البيرونيّ وغيره من‬ ‫علماء عصره‪ ،‬ومن تالهم‪ ،‬يقولون بعدم وجود‬ ‫إعجاز علميّ في القرآن‪ ،‬وجود ع ّدة تفسيرات‬ ‫علميّة لظاهرة طبيعيّة وحيدة‪ ،‬فالعلم دائما ً ما‬ ‫يتغيّر والنظريّات دائما ً ما تتب ّدل و ُتدحض‪ ،‬فال‬ ‫يمكن القول بصحّ ة إحداها طيلة الزمن‪ ،‬واعتبر‬ ‫العديد من الباحثين والعلماء أنّ اإلعجاز العلميّ‬ ‫ما هو إالّ إعجاز لغويّ ال صلة له بالعلوم‪،‬‬ ‫ويص ّنف ضمن العلوم الزائفة‪ ،‬واألسئلة التي‬ ‫تطرح نفسها وبإلحاح‪:‬‬ ‫ل��م��اذا ال يُعت ّد ب��رأي مراكز‬ ‫البحوث والمجامع العلميّة في بالد‬ ‫الكفرة‪ ،‬إلاّ عندما نريد أن ن ّتكئ‬ ‫على اكتشافاتهم وعلومهم لنحاول‬ ‫إثبات ما ن ّدعيه‪ ،‬بأ ّنه موجود في‬ ‫كتبنا؟‬

‫ث ّم لماذا ال يكون لنا قصب السبق‬ ‫في اكتشاف ما ن ّدعي أ ّنه عندنا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫اكتشفت تلك‬ ‫وهل يا ترى فيما إذا‬ ‫المعاهد أو العلماء اكتشافا ً يناقض‬ ‫ما هو مكتوب عندنا سنأخذ به أو‬ ‫نتبناه؟ أم سنصفه بأ ّنه كفر وزندقة‪،‬‬ ‫وأنّ القائل به ملعون‪ ،‬والمخزي‬ ‫والمؤسف أ ّنه غالبا ً ما يت ّم وضع‬ ‫العربة أمام الحصان‪ ،‬أيّ توضع النتيجة‪ ،‬ومن‬ ‫ث ّم يت ّم التالعب والتحايل وأحيانا ً ال ّدجل وتشويه‬ ‫الحقائق العلميّة‪ ،‬والتي هي حصيلة قرون من‬ ‫البحث والتجريب في مختبرات مجهّزة بأحدث‬ ‫التقنيّات العلميّة‪ ،‬التي دفع العالم الكثير من‬ ‫مق ّدراته ليصل إليها‪ ،‬يت ّم تشويهها ونسفها من‬ ‫أجل أن نثبت به ما نص ْ‬ ‫ّت عليه نصوص أمّتنا‪،‬‬ ‫وليس أيّة أمّة أخرى‪ ،‬باعتبار أ ّننا خير أمّة‬ ‫ْ‬ ‫أخرجت للناس‪.‬‬ ‫ختاماً‪ ،‬ما فائدتنا من ك ّل ما ن ّدعي أ ّنه‬ ‫مكتوب عندنا‪ ،‬إذا لم نستطع االعتماد عليه في‬ ‫صناعة إبرة خياطة أو كبسولة نستفيد منها في‬ ‫تسكين ألم رأسنا؟ من ك ّل ما يدور حولنا وما‬ ‫ْ‬ ‫ألقت به‬ ‫نسمع ونقرأ‪ ،‬أليس حالنا حال عاجز‬ ‫الحياة على قارعة الطريق وأخرجته عن دائرة‬ ‫الفعل‪ ،‬ليعيش حالة انفصال عن الواقع؟‬ ‫فإلى متى سنظ ّل نلوك الصوف؟‬

‫أسعد شالش‬

‫لجعل الحرب في سورية تطول أكثر‪ ،‬حيث صرح‬ ‫أوباما بأنّ الحرب على داعش قد تستغرق ثالث سنين‪،‬‬ ‫ليأتي بعده وزير الدفاع األسبق ليتنبأ بأنّ الحرب على‬ ‫داعش قد تمت ّد إلى ‪ 30‬سنة‪.‬‬ ‫ومنهم من يرى أنّ الورقة الكرديّة هي بيد تركيا‬ ‫بشكل خاصّ وهي تحاول أن تلعب وتتفاوض بها‬ ‫مع أميركا‪ ،‬وآخر يرى أنّ الهدف هو التقسيم وهذه‬ ‫الحرب تساعد على تسريع خطط التقسيم أو بما تسمّى‬ ‫بـ»سايكس بيكو الجديد»‪ ،‬وثالث يرى أ ّنها حجّ ة‬ ‫ّ‬ ‫للتدخل البريّ في سورية‪ ،‬إمّا لض ّم مناطق من‬ ‫لتركيا‬ ‫سورية كحلب وإدلب‪ ،‬أو للضغط على حزب العمال‬ ‫الكردستانيّ وإيصال رسالة له بأنّ إردوغان مازال‬ ‫باستطاعته أن يضيّق الخناق على الحزب أكثر‪ ،‬ورابع‬ ‫ساذج يرى أنّ العالم المتسامح واإلنسانيّ ير ّكز إعالم ّيا ً‬ ‫على عين العرب إلقناع شعوبهم بالتوجّ ه والدفاع عن‬ ‫األقلّيّة الكرديّة‪.‬‬ ‫أخيراً يجب أن أذ ّكر بأنّ عين العرب هي مثلها‬ ‫مثل أيّ مدينة في سورية‪ ،‬جميع س ّكانها سوريّين‬ ‫وإ ّنني أحزن على عين العرب كحزني على حلب‬ ‫أو دمشق أو غيرهما‪ ،‬فقط اردت أن أسلّط الضوء‬ ‫على سبب التركيز اإلعالميّ على المدنية ونسيان أو‬ ‫تناسي نازحيها الذين يفترشون األراضي في مدنية‬ ‫«سوروج» التركيّة‪.‬‬

‫حممّد احلاج‬

‫«داعش»‬ ‫خزان متطرّف‬ ‫بغضّ النظر عن أصل تكوين «داعش»‪ ،‬وكيف توسّع جغراف ّياً‪ ،‬وكيف‬ ‫أصبح له هذا الوهج الكبير‪ ،‬حدود البالد كانت مفتوحة لجلب المقاتلين‬ ‫المتطرّ فين األجانب‪ ،‬وصفقات بيع النفط والمواد التي حصل عليها كانت‬ ‫ممكنة‪ ،‬استطاع التنظيم بفعل فاعل أن يحصل على دعم عسكريّ وقوّ ة‬ ‫بشريّة ال يستهان بها‪.‬‬ ‫من كان وراء هذا الدعم؟ ولماذا سُمح للتنظيم أن يستمرّ وأن يكبر؟ ليس‬ ‫هو مغزى القضيّة‪ ،‬ولكنَّ المغزى األه ّم‪ .ّ.‬ما الفائدة؟‬ ‫في المرحلة األولى‪ ،‬استطاع التنظيم أن يجذب مقاتلين متطرّ فين من‬ ‫أصقاع األرض‪ ،‬فتحوّ ل إلى ّ‬ ‫خزان كبير استطاع أن يحوي الكثير من‬ ‫األشخاص الذين قد يش ّكلون عبئا ً كبيراً على دولهم‪ ،‬تحوّ ل هذا التجمّع إلى‬ ‫بؤرة عاثت فساداً في ك ّل مكوّ نات البيئة التي تواجد فيها‪ ،‬البيئة التي ُهيّئت‬ ‫لتكون مسرحا ً كبيراً لتصفيات الدول التي أرادت أن تنهي خالفات وقصصا ً‬ ‫عالقة‪ ،‬فساهم الجميع بتكوين هذا التنظيم الذي لم ولن يُترك ليصبح خطراً‬ ‫خارج الجغرافيا التي ُخلقت لهذا الغرض‪.‬‬ ‫بعد أن ت ّم اكتمال المرحلة األولى‪ ،‬تحوّ لت أعين التنظيم‪ ،‬وبشكل طبيعيّ‬ ‫كأيّ تجربة متطرّ فة حدثت‪ ،‬إلى خارج الحدود المرسومة له‪ ،‬فأصبح من‬ ‫الضروريّ التخلّص منه قبل أن تتحوّ ل تهديداته إلى واقع حقيقيّ ‪ ،‬فسارع‬ ‫المجتمع الدوليّ لعقد االجتماعات السرّ يّة والعلنيّة‪ ،‬وبدأ ُي ِع ّد الخطط ويجمع‬ ‫الحلفاء لمحاربته‪.‬‬ ‫في خض ّم التجهيزات لمحاربة التنظيم‪ ،‬ظهرت الكثير من الطروحات‬ ‫الدوليّة لبدء المرحلة الجديدة‪ ،‬حاول األسد من خالل خطوط اتصاله أن يقنع‬ ‫الغرب بأنّ يكون الشريك األوّ ل في محاربتهم للتنظيم‪ ،‬وفي المقابل تق ّدمت‬ ‫ّ‬ ‫بخطة عربيّة لمواجهة خطر التنظيم‪،‬‬ ‫جامعة الدول العربيّة بقيادة مصر‬ ‫وذلك على ثالث مراحل‪ ،‬عزل األسد‪ ،‬وتشكيل حلف عسكريّ يحارب‬ ‫التنظيم‪ ،‬ويليها تشكيل حكومة توافقيّة ترتضيها جميع األطراف السوريّة‪.‬‬ ‫بعد الحديث الطويل عن عدم رغبة الدول الغربيّة بإشراك األسد في‬ ‫محاربة التنظيم‪ ،‬خرج الرئيس األمريكيّ باراك أوباما ليعلن الحرب على‬ ‫التنظيم في ك ّل األماكن التي يتواجد فيها‪ ،‬ورفضه القاطع لمشاركة األسد في‬ ‫هذه الحرب‪ ،‬ورغبته بتسليح المعارضة السوريّة لمحاربة الدولة‪ ،‬وأ ّكد على‬ ‫الح ّل السياسيّ في سورية‪ ،‬ابتدأت ضربات التحالف الدوليّ بمشاركة عربيّة‬ ‫كبيرة في تاريخ ‪ 2014/09/23‬مخلّفة قتلى من المدنيّين يكاد يبلغ عددهم‬ ‫قتلى التنظيمات المستهدفة‪ ،‬خرجت على إثرها بيانات وتصريحات من‬ ‫مختلف فصائل المعارضة تن ّدد بهذا التحالف وتعارضه‪ ،‬وبالمقابل أعربت‬ ‫حكومة دمشق عن علمها المسبق بموعد وأهداف الضربة‪ ،‬األمر الذي نفاه‬ ‫البيت األبيض ‪.‬‬ ‫ملء الخزان‪ ،‬إغالقه‪ ،‬إجبار األسد على التنحّ ي‪ ،‬توزيع الغنائم السياسيّة‬ ‫على جميع األطراف الدوليّة واإلقليميّة في الصراع السوريّ ‪ ،‬ثقب الخزان‬ ‫وحرقه‪ ،‬إعادة اإلعمار‪ ،‬هي رؤوس األقالم في المرحلة األخيرة من الصراع‬ ‫السوريّ الذي أزهق مئات اآلالف من األرواح السوريّة البريئة‪ ،‬ووضع‬ ‫البلد في حالة يرثى لها‪ ،‬وخنق البلد في ديون كبيرة‪ ،‬وقتل الثورة السلميّة‬ ‫التي أشعلها أطفال درعا‪.‬‬ ‫مضر عدس‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪16‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪5‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫السوري في لبنان‪ ...‬وأحابيل المناورات السياسّية‬ ‫أزمة اللجوء‬ ‫ّ‬ ‫يح ّفزه االنهيار االقتصاديّ الذي يمكن أن تتسبّب‬ ‫به زيادة أعداد الس ّكان بنسبة تفوق الـ ‪ 25‬في‬ ‫المئة في غضون ثالث سنوات‪ .‬وقد لفت وزير‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً إلى أنّ الكلفة‬ ‫الشؤون االجتماعيّة درباس‬ ‫المباشرة التي يتحمّلها لبنان جرّ اء أزمة الالجئين‬ ‫تبلغ ‪ 7.5‬مليارات دوالر أميركيّ ‪ ،‬أو ‪ 17‬في‬ ‫المئة من إجمالي الناتج المحلّيّ ‪ .‬وقد تضاعفت‬ ‫البطالة في بعض المناطق‪ ،‬بسبب تأثير المنافسة‬ ‫من العمال السوريّين على اليد العاملة اللبنانيّة‪.‬‬ ‫فضالً عن اإلنهاك الذي تتعرّ ض له الموارد‬ ‫الكهربائيّة والمائيّة التي ال تكفي أصالً لتلبية‬ ‫الطلب اللبنانيّ ‪.‬‬

‫يفوق عدد الالجئين السوريّين والفلسطينيّين‪-‬‬ ‫السوريّين في لبنان المليون نسمة‪ ،‬ويُتو َّقع أن‬ ‫يش ّكلوا ثلث عدد س ّكان لبنان بحلول نهاية العام‬ ‫ّ‬ ‫يتوزع الالجئون في مختلف أنحاء‬ ‫الجاري‪.‬‬ ‫البالد‪ ،‬ويعيشون في أيّ مكان يتوافر لهم‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك في أكثر من ‪ 1200‬خيمة أقاموها بأنفسهم‪.‬‬ ‫من المقترحات التي ع ُِرضت منذ بدء األزمة‬ ‫في سورية إنشاء مخيّمات رسميّة إليواء الالجئين‬ ‫على طول الحدود اللبنانيّة‪-‬السوريّة‪ .‬لكنّ هذا‬ ‫الح ّل مستبعد حال ّيا ً العتبارات متع ّددة‪ ،‬لكن قد‬ ‫يت ّم تب ّنيه الحقا ً بصورة مختلفة‪ .‬وقد أحدث إحياء‬ ‫االقتراح من جديد انقساما ً في صفوف المسؤولين‬ ‫اللبنانيّين‪ ،‬إذ اعتبره وزير الصحّ ة الح ّل الوحيد‪،‬‬ ‫في حين تعهّد وزير الخارجيّة بـ»معارضته مهما‬ ‫اشت ّدت الضغوط»‪ .‬وقد عارضته المفوضيّة‬ ‫العليا لالجئين التابعة لألمم الم ّتحدة‪ ،‬من منطلق‬ ‫أنّ الدولة عاجزة عن تأمين البنى التحتيّة الالزمة‬ ‫واألمن الضروري لنجاح االقتراح‪.‬‬ ‫تختلف التفاصيل الدقيقة لألحكام الجديدة التي‬ ‫أقرّ تها الحكومة اللبنانيّة في حزيران الماضي‪،‬‬ ‫بين السوريّين والفلسطينيّين‪-‬السوريّين (أي الالجئين‬ ‫الفلسطينيّين القادمين من سورية)‪ .‬فمن اآلن وصاعداً‬ ‫سوف يُق َبل النازحون فقط من «المناطق المحاذية‬ ‫للحدود اللبنانيّة التي تشهد معارك»‪ ،‬بحسب ما جاء‬ ‫على لسان وزير الشؤون االجتماعيّة رشيد درباس‪،‬‬ ‫مع استثناءات «إنسانيّة وضروريّة»‪ .‬فضالً عن ذلك‪،‬‬ ‫يُجرَّ د جميع الالجئين الذين يتوجّ هون إلى سورية‪ ،‬أليّ‬ ‫سبب كان وبغضّ النظر عن م ّدة إقامتهم هناك‪ ،‬من‬ ‫صفة اللجوء لدى عودتهم إلى لبنان‪ .‬إلى جانب هذه‬ ‫القيود‪ ،‬يواجه الفلسطينيّون‪-‬السوريّون أيضا ً مزيداً من‬ ‫األعباء النقديّة اإلداريّ��ة المرهقة التي توازي عمل ّيا ً‬ ‫حظراً شبه كامل على القدوم إلى لبنان‪.‬‬

‫أعالم حزب هللا وصور ب ّ‬ ‫شار األس��د‪ ،‬إلى السفارة‬ ‫السوريّة ش��رق بيروت للتصويت في االنتخابات‬ ‫الرئاسيّة السوريّة التي اع ُت ِبرت على نطاق واسع بأ ّنها‬ ‫غير شرعيّة‪ .‬وقد تسبّب اإلقبال الكثيف غير المتو ّقع‬ ‫بتعطيل حركة السير في العاصمة بيروت لساعات‬ ‫طويلة‪ ،‬ووقعت صدامات طفيفة مع عناصر األمن‬ ‫اللبنانيّين المسؤولين عن حراسة السفارة السوريّة‪.‬‬ ‫لم تكد تمضي بضع ساعات ح ّتى أصدر تحالف ‪14‬‬ ‫آذار المناهض لألسد في لبنان‪ ،‬والذي يشغل ثلث المقاعد‬ ‫في الحكومة اللبنانيّة‪ ،‬بيانات إدانة شديدة اللهجة معتبراً‬ ‫أنّ مشهد االقتراع في السفارة السوريّة هو «استفزاز»‬ ‫من تدبير االستخبارات السوريّة وحزب هللا‪ .‬وطالب‬ ‫فريق ‪ 14‬آذار بطرد جميع السوريّين المؤيّدين لألسد‬ ‫من لبنان‪ .‬وبعد أق ّل من أسبوع‪ ،‬في الثاني من حزيران‬ ‫الماضي‪ ،‬أص��درت الحكومة قرارها بفرض قيود‬ ‫جديدة على دخول السوريّين‪ ،‬في حين علّلت المصادر‬ ‫الرسميّة األمر بـ»الهواجس األمنيّة»‪ ،‬اعتبر مصدر‬ ‫دبلوماسيّ غربي أنّ واقعة االنتخابات في السفارة‬ ‫السوريّة هي على األرجح الحافز وراء القرار‪ .‬وكذلك‬ ‫أعلنت المفوضيّة العليا لالجئين أنّ الحكومة تصرّ فت‬ ‫أمالً في «ضمان عدم تسبُّب تصرّ فات الالجئين (بما‬ ‫في ذلك ممارسة ح ّقهم في التصويت داخل سورية)‬ ‫بردود فعل مناوئة في لبنان أو بتأجيج العداء بينهم‬ ‫وبين المجتمعات المحلّيّة التي يقيمون فيها»‪.‬‬

‫مزاج جديد يتبلور حال ّيا ً لدى صانعي القرار في‬ ‫لبنان للتعاطي مع مسألة الالجئين؛ فعلى الرغم من أنّ‬ ‫العناصر الكامنة خلف هذا االنقسام تتراكم منذ بداية‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬إلاّ أنّ حدثا ً واحداً يقف إلى ح ّد كبير‬ ‫خلف ترجمة هذا المزاج تحرّ كا ً على مستوى السلطة‬ ‫التنفيذيّة‪ .‬فعلى الرغم من أنّ العناصر الكامنة خلف‬ ‫هذا االنقسام تتراكم منذ بداية األزمة السوريّة‪ ،‬إلاّ أنّ‬ ‫حدثا ً واحداً يقف إلى ح ّد كبير خلف ترجمة هذا المزاج‬ ‫تحرّ كا ً على مستوى السلطة التنفيذيّة‪ .‬ففي ‪ 28‬أيّار‬ ‫الماضي‪ ،‬تد ّفق عشرات آالف السوريّين الذين رفعوا‬

‫ّ‬ ‫يتمثل التأثير ال��ع��ام للحرب السورية‬ ‫و»امتداداتها» الدمويّة التي تطال لبنان من حين‬ ‫آلخر‪ ،‬في تراجع النمو في إجمالي الناتج المحلّيّ‬ ‫من سبعة في المئة في العام ‪ 2010‬إلى واحد في‬ ‫المئة في العام ‪ ،2014‬بحسب آخر التقديرات‬ ‫الصادرة عن صندوق النقد الدوليّ ‪ .‬والمعاناة‬ ‫األكبر في هذا اإلطار يتكبّدها القطاع السياحيّ‬ ‫ال��ذي يؤمّن في األزم��ن��ة الجيدة رب��ع الدخل‬ ‫الوطنيّ ‪ .‬بالطبع ال يتحمّل الالجئون أيّ ذنب في هذا‬ ‫كلّه‪ ،‬لكن‪ ،‬وكما هو متو ّقع‪ ،‬يثير وجودهم االستياء‪ ،‬كما‬ ‫أ ّنه أشعل من جديد مشاعر معاداة اآلخر التي سادت‬ ‫خالل ‪ 29‬عاما ً من وجود الجيش السوريّ ‪ .‬باختصار‪،‬‬ ‫ضاق اللبنانيّون على اختالف انتماءاتهم السياسيّة‪،‬‬ ‫ذرعا ً بما يحدث‪.‬‬

‫واقعة السفارة لم تكن على قدر كبير من األه ّميّة‬ ‫بح ّد ذاتها‪ ،‬فقبل ذلك‪ ،‬اع ُت ِبر وجود الالجئين مفيداً لفريق‬ ‫‪ 14‬آذار على الصعيد السياسيّ ‪ .‬فقد كان وجود أكثر‬ ‫من مليون الجئ معدم بمثابة تذكير يوميّ بالمأساة التي‬ ‫خلّفتها حرب النظام على شعبه‪ ،‬وكان بإمكان فريق‬ ‫‪ 14‬آذار أن يلقي باللوم فيها على األسد وحزب هللا‪،‬‬ ‫خصمهم األساسيّ في الداخل‪ .‬لكنّ جمهور هذا الفريق‬ ‫وسياسيّيه كانوا على موعد مع مفاجأة غير سارّ ة عندما‬ ‫رأوا أ ّنه يمكن تعبئة عشرات آالف الالجئين ض ّدهم‪،‬‬ ‫سواء من تلقاء أنفسهم أو بإجبار من جماعات سياسيّة‬ ‫ما‪.‬‬

‫أمّا فيما يتعلّق بالالجئين‪ ،‬فإنّ سياسة الحكومة‬ ‫الجديدة تزيد من حجم المعاناة والمش ّقات التي يتكبّدونها؛‬ ‫وليس واضحا ً ما هو عدد السوريّين الذين ُمنِعوا من‬ ‫دخول لبنان منذ صدور القرار في الثاني من حزيران‬ ‫ّ‬ ‫منظمة العفو‬ ‫الماضي‪ ،‬لكنّ تقريراً جديداً وضعته‬ ‫الدوليّة ّ‬ ‫يوثق بعض الحاالت «المثيرة للصدمة»‪ ،‬كما‬ ‫يُسمّيها‪ ،‬التي تعرّ ض لها فلسطينيّون سوريّون‪ ،‬ومنها‬ ‫حالة امرأة حامل هربت من مخيّم اليرموك في دمشق‬ ‫لك ّنها ُمنِعت عند الحدود من اللجوء إلى لبنان‪ ،‬وكذلك‬ ‫فصل األوالد في لبنان عن ذويهم الذين يتوجّ هون لفترة‬ ‫قصيرة إلى سورية من أجل تجديد وثائقهم الثبوتيّة‪.‬‬ ‫يش ّكل الفلسطينيّون السوريّون أق ّل من خمسة في المئة‬ ‫من الالجئين القادمين من سورية‪ .‬ومع توسّع القيود‬ ‫لتشمل الالجئين السوريّين في شكل عام‪ ،‬غالب الظنّ‬ ‫أ ّنه ستكون للسياسة الجديدة تداعيات إنسانيّة واسعة‬ ‫النطاق‪.‬‬

‫تغيرت نظرة فريق ‪ 14‬آذار إلى نظرة قريبة من‬ ‫نظرة ‪ 8‬آذار الموالي لألسد الذي لم يكن مرتاحا ً يوما ً‬ ‫لوجود الالجئين السوريّين‪ .‬وعلى وجه الخصوص‪،‬‬ ‫ولطالما ا ُّتهم المسيحيّون في فريق ‪ 8‬آذار (التيّار‬ ‫الوطنيّ ال��ح��رّ ) باعتماد خطاب ي��ح��رّ ك مشاعر‬ ‫(البارانويا) ومعاداة اآلخرين انطالقا ً من الحديث عن‬ ‫«مؤامرات» لتوطين الالجئين بصورة دائمة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تغيير الديمغرافيّة الطائفيّة اللبنانيّة‪ .‬وهكذا نتج عن ذلك‬ ‫نوع من االلتقاء في اآلراء والمصالح بين الفريقين‪،‬‬ ‫وذه��ب البعض إلى ح ّد المطالبة في العام ‪2013‬‬ ‫بترحيل جميع الالجئين‪.‬‬ ‫هذا التالقي حول رفض وجود الالجئين السوريّين‬

‫هشام منوّر‬

‫الالجئون السورّيون في غزّة‬

‫بين سندان الحلم بالعودة ومطرقة الواقع المرير‬ ‫بلغ عدد الالجئين خارج سوريّة نحو ‪ 4‬ماليين‬ ‫الجئ‪ ،‬حسب آخر إحصائيّة للمفوضيّة العليا لشؤون‬ ‫الالجئين التابعة لألمم الم ّتحدة‪ ،‬كما تق ّدر المفوضيّة‬ ‫عدد النازحين داخل سوريّة بـ ‪ 4‬ماليين نازح‪ ،‬كما أنّ‬ ‫هناك تو ّقعات بانضمام مليون سوريّ آخر إلى قائمة‬ ‫اللجوء بنهاية عام ‪ ،2015‬وخلصت المفوضيّة العليا‬ ‫لشؤون الالجئين إلى أنّ أكثر من ‪ 9‬ماليين سوريّ‬ ‫بحاجة للمساعدات‪ ،‬وهذه اإلحصائيّات غير دقيقة كما‬ ‫هي على أرض الواقع فالعدد أكثر بكثير ممّا ذكرته‬ ‫المفوضيّة‪.‬‬ ‫لم تتطرّ ق أيّة جهة إعالميّة أو جهة مسؤولة إلاّ‬

‫للعودة إلى سوريّة بالرغم من مرارة الواقع ومعوقات‬ ‫تحول دون حلمهم في العودة‪.‬‬ ‫سأحاول في هذه الما ّدة تسليط الضوء على من ت ّم‬ ‫تجاهلهم وت ّم نسيانهم في زحمة المآسي التي يعيشها‬ ‫السوريّون في األماكن األخ��رى‪ ،‬وهم وإن كانوا‬ ‫يتقاطعون مع ك ّل الالجئين السوريّين في األسباب التي‬ ‫دفعتهم إلى الخروج من سوريّة إلاّ أنّ ثمّة تفارق وحيد‬ ‫لعله يختصر بالقول إنّ أغلبهم فلسطينيّون سوريّون‬ ‫أو نصف فلسطينيّون‪ ،‬ومعاناتهم ال تختلف عن معاناة‬ ‫باقي السوريّين في أصقاع بالد اللجوء العربيّة إلاّ أ ّنها‬ ‫أكبر وأش ّد قسوة‪.‬‬

‫ال��س��وريّ��ة التي‬ ‫ن�����زح�����ت م��ن‬ ‫سوريّة إلى قطاع‬ ‫ّ‬ ‫غ����زة اإله��م��ال‬ ‫والتهميش‪ ،‬وعدم‬ ‫ال��ح��ص��ول على‬ ‫حقوقهم كغيرهم‬ ‫من الفلسطينيّين‬ ‫ال��م��واط��ن��ي��ن‪،‬‬ ‫ت�������ده�������ورت‬ ‫أوض����اع����ه����م‬ ‫المعيشيّة أكثر في‬ ‫أع��ق��اب ال��ح��رب‬ ‫اإلس���رائ���ي���ل���يّ���ة‬ ‫األخيرة على القطاع‪.‬‬ ‫أمّ��ا بالنسبة لمعوقات العودة بالنسبة لالجئين‬ ‫السوريّي األصل وحاملي الوثائق في قطاع ّ‬ ‫غزة فهي‬ ‫ال تختلف كثيراً عن المعوقات في باقي البلدان العربيّة‬ ‫المستقبلة لهم‪ ،‬أمّا المعضلة الكبيرة فهي الفلسطينيّون‬ ‫السوريّون الذين يحملون ج��وازات سفر السلطة‬ ‫الفلسطينيّة والتي ال يُعترف بها ح ّتى من حكومة‬ ‫ّ‬ ‫غزة‪ ،‬واألدهى من ذلك أ ّنه عند خروجهم من سوريّة‬ ‫اعتبرهم النظام السوريّ عائدين ألرضهم األصليّة‪،‬‬ ‫وفي داخل القطاع يعاملون معاملة الالجئ وكما يقول‬ ‫المثل (ضيّعنا المشيتان)‪.‬‬

‫ما ندر لذكر الجئي قطاع ّ‬ ‫غزة ويبلغ عددهم ألفي‬ ‫شخص‪ ،‬نصفهم سوريّو األصل معظمهم من األطفال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عائلة والبقية فلسطينيّون‬ ‫يتوزعون على ‪246‬‬ ‫والنساء‬ ‫سوريّون‪ ،‬ناهيك عمّا سلف ذكره هنالك أسباب تدفعهم‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫فتحت ّ‬ ‫غزة أذرعها لالجئين السوريّين بوعود كانت‬ ‫وال تزال حبراً على ورق لم يصل منها إلاّ الفتات‪،‬‬ ‫ممّا دفع الجميع لتفضيل العودة إلى سوريّة على البقاء‪،‬‬ ‫في ذ ّل اللجوء تعاني العائالت السوريّة والفلسطينيّة‬

‫يجب أن ال ننسى أنّ الفلسطينييّن السوريّين والذين‬ ‫كانوا في سوريّة هم أوّ ل من وقف إلى جانب الشعب‬ ‫السوريّ في طلبه للحريّة والديمقراطيّة والحياة المدنيّة‬ ‫جنبا ً إلى جنب إلسقاط النظام‪ ،‬وكالمعتاد‪ ،‬الدكتاتوريّات‬ ‫أوّ ل شمّاعة ألخطائها هي القضيّة الفلسطينيّة والته ّكم‬ ‫والتف ّنن بتهجير وتشريد واعتقال وتعذيب الشعب‬

‫الفلسطينيّ ‪ ،‬فاعتقل الكثير من الشباب الفلسطينيّين‬ ‫في أح��داث الثورة السوريّة‪ ،‬واس ُتشهد ما يقارب‬ ‫العشرة منهم تحت التعذيب في سجون النظام السوريّ‬ ‫وقُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُوصرت بهدف التهجير لم‬ ‫صفت المخيّمات وح‬ ‫يكتفِ النظام بذلك بل قام بإصدار قرار رسميّ من‬ ‫وزارة الداخليّة السوريّة بدمشق لعام‪2013‬والذي‬ ‫كان يطبّق قبل صدوره أصالً بعدم عودة الفلسطينيّين‬ ‫من حملة الجنسيّات األخرى أو جوازات السلطة إلى‬ ‫سوريّة والذين تركوها أثناء األزمة وح ّتى من يحمل‬ ‫وثائق السفر السوريّة والذين من المفترض أن يعامل‬ ‫يتوان عن تهجيرهم ومنعهم من‬ ‫معاملة السوريّ لم‬ ‫َ‬ ‫العودة بتاتا ً بش ّتى وسائل التعذيب والقتل واالعتقال‬ ‫والتجويع لدرجة أ ّنه في حاالت خلوّ المناطق التي‬ ‫كانت مأهولة بس ّكانها الفلسطينيّين السوريّين كان يلقي‬ ‫على المخيّمات البراميل المتفجّ رة ليمحو أيّ أمل لهم‬ ‫بالعودة إلى بيوتهم أو آثار بيوتهم ومدارج طفولتهم‬ ‫وأصدقائهم وأهلهم وربّما أزواجهم وأطفالهم ورائحة‬ ‫أزقتهم المفعمة بالمحبّة والسمر والتآخي التي ال‬ ‫يشبهها أيّ نسيج آخر على وجه البسيطة‪.‬‬

‫سوسن يوسف‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫تحقيقات‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫أرض الميليشيا‬ ‫قبل الحديث عن الميليشيات التي نشأت في الساحل‬ ‫السوريّ ومن المناطق (الموالية عموماً) علينا إلقاء‬ ‫نظرة قريبة وحيّة على األعراف والقوانين التي كانت‬ ‫تحكم الجيش وقوّ ات األفرع األمنيّة قبل اندالع الثورة‪،‬‬ ‫ذلك أ ّنها كانت أقرب إلى العمل الميلشياويّ منه إلى‬ ‫العمل المؤسّساتي‪.‬‬ ‫حيث أنّ قوانين الجيش السوريّ قاسية للغاية‪ ،‬ذلك‬ ‫بشكل رئيسيّ لحالة الطوارئ الممت ّدة طيلة‬ ‫أ ّنها تخضع‬ ‫ٍ‬ ‫الخمسين سنة الفائتة‪ ،‬ولم يكن ألحد أن يستطيع التقيّد‬ ‫بها ابتدا ًء من الضبّاط الكبار وصوالً إلى أدنى الرتب‪،‬‬ ‫والتي لم تكن تشعر بوجود أيّ قانون يحكم خدمتهم في‬ ‫الجيش‪ ،‬فهذه القوانين تعتبر أنّ أيّ شخص موجود في‬ ‫ّ‬ ‫يحق له أن يفعل‬ ‫الجيش هو عبارة عن (روبوت) ال‬ ‫شيئا ً إلاّ بأمر عسكريّ ‪ ،‬ح ّتى طعامه وشرابه يجب أن‬ ‫يكون بأمر عسكريّ ‪ ،‬كما أنّ اتصاله بالعالم الخارج‬ ‫أمر مستبعد للغاية وغير مقونن‪ ،‬إلاّ في ظروف صعبة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ساعة مقابل‬ ‫مثالً‪ :‬المتطوّ ع المتزوّ ج يعمل س ّتا ً وثالثين‬ ‫ً‬ ‫ساعة يغادر بها قطعته‪ ،‬من ضمنها‬ ‫اثنتي عشرة‬ ‫وقت الذهاب واإليّاب‪ ،‬وهذا أمر في غاية الصعوبة‬ ‫لعنصر قد يقضي ثالثين ً‬ ‫سنة في الخدمة التطوعيّة‪،‬‬ ‫هذا باإلضافة إلى الفساد الكبير الذي انخرط فيه معظم‬ ‫ضبّاط الجيش الذي أ ّدى إلى سرقة مستح ّقات الجنود‬ ‫من الطعام والشراب والملبس‪ ،‬ولم يقف أمر فسادهم‬ ‫لهذا الح ّد‪ ،‬بل تعمّدوا الضغط في كثير من األحيان‬ ‫على مرؤوسيهم في تدريباتهم وحياتهم اليوميّة لنيل‬ ‫المزيد من الرشاوى‪ ،‬هذا يحيلنا إلى حال الجيش قبل‬ ‫اندالع الثورة‪ ،‬فقد كان من المستحيل التأقلم مع هذه‬ ‫الحال إلاّ بالرشاوى وطبعا ً مخالفة القوانين‪ ،‬الجميع‬ ‫يخالف القانون بما (سُمح له) أو بعبار ٍة أخرى حسب‬ ‫العُرف‪ ،‬وهذا يجعل الجميع مدانا ً وضعيفا ً في قطعته‬ ‫العسكريّة وتحت التهديد‪ ،‬ممّا يؤسّس لثقافة اإلذعان‬ ‫والتملّق‪ ،‬ومن هنا نجد أنّ أكثر الخطوط خطور ًة على‬ ‫خدمة المتطوّ ع ‪ -‬ال بل على حياته ‪ -‬هي التعرّ ض‬ ‫لقيادته العليا أو رئاسة الجمهوريّة التي تحوّ لت إلى‬ ‫منصب إلهيّ في الجيش‪ ،‬هذا األمر كان مضاعفا ً في‬ ‫أفرع األمن (األمن العسكريّ ‪ ،‬المخابرات الجويّة‪،‬‬ ‫أمن الدولة‪ ،‬األمن السياسيّ ) حيث أ ّنهم انغمسوا من‬ ‫أعلى رتبهم إلى أدناها في الفساد‪ ،‬فقد كانوا عبارة‬ ‫عن متنمّرين يبحثون عن الثراء‪ ،‬وتنوّ عت مصادر‬ ‫ابتزازهم وفسادهم من تهديد أصحاب المحا ّل التجاريّة‬ ‫وابتزازهم بشكل مستمرّ من المسؤولين ‪ -‬الذين كان‬ ‫معظمهم فاسداً‪ ،‬وبالتالي يرضخون لتهديداتهم ‪ -‬وصوالً‬ ‫إلى التحالف مع المهرّ بين والعمل معهم أيضاً‪( ،‬كان‬ ‫معظم عناصر األمن العسكريّ يعملون كمهرّ بين)‪،‬‬

‫ح ّتى وصلنا إلى درجة‪ ،‬أنّ ك ّل عنصر‬ ‫أم��ن هو مشروع رج��ل أعمال أو‬ ‫جامع للمال‪ .‬ك ّل هذا كان مسموحا ً في‬ ‫درجات متفاوتة؛ هناك قصّة مشهورة‬ ‫عن وزير الداخليّة «سعيد سمّورة»‬ ‫يوم كان رئيسا ً لفرع األمن العسكريّ‬ ‫في حمص‪ :‬حيث أ ّنه جلب مهرّ با ً إلى‬ ‫االجتماع الصباحيّ للعناصر‪ ،‬وقال‬ ‫لهم‪« :‬ال تكتفوا من ه��ذا الشخص‬ ‫بخمسين ليرة وإذا ماطل في أفعاله‬ ‫خذوا المبلغ واعتقلوه بعدها»‪ .‬نعم‬ ‫هكذا كانت تسير األمور‪ ،‬لكنّ شيئا ً‬ ‫لم يكن مسموحا ً به وال بأيّ شكل من‬ ‫األشكال‪ ،‬وهو تناول هيئة الرئاسة أو‬ ‫التقليل من ألوهيّتها‪ ،‬أو ح ّتى معارضة‬ ‫النظام بأيّ شكل‪ ،‬ممّا يعني أنّ جميع المتطوّ عين في‬ ‫الجيش‪ ،‬وباألخصّ قوى األم��ن‪ ،‬كانوا عبارة عن‬ ‫ميليشيات ذات رداء رسميّ ‪ ،‬وهذا هو الشيء الوحيد‬ ‫الذي كان يميّزهم عنها‪ .‬ومن أبرز مفرزات هذه الحالة‬ ‫هي المحسوبيّات الطائفيّة والعشائريّة في الجيش‪،‬‬ ‫والتي عملت القيادة على دعمها والعمل عليها‪ ،‬بدأ بها‬ ‫رئيس المخابرات السابق «علي دوبا» حيث أ ّنه كان‬ ‫يقوم بترفيع الضبّاط العلويّين والذين ينتمون لعشيرته‬ ‫إلى رتب العميد واللواء والعماد‪ ،‬وعوملت العشائر‬ ‫بتمييز واضح ك ّل واحدة عن األخرى‪ ،‬إذ أنّ المتطوّ ع‬ ‫العلويّ يشعر جيّداً بهويّته العشائريّة‪ ،‬وعلى هذا النحو‬ ‫باقي الطوائف التي كانت ُتعامل بشكل أسوأ بكثير‪.‬‬ ‫ح ّتى اندلعت ثورة الشعب السوريّ ‪ ،‬فما كان هناك‬ ‫من فرق بين ميليشيا الدفاع الوطنيّ وعناصر األمن‬ ‫الجوّ يّ مثالً في ش��يء‪ ،‬إلاّ فيما يتعلّق بالرواتب‪،‬‬ ‫وبالنسبة ألهل الساحل فإنّ الجميع على السواء (جيش‪،‬‬ ‫أمن‪ ،‬ميلشيات) والفرق الوحيد واألوحد‪ ،‬والذي يميّز‬ ‫به الناس هذه التنظيمات هو المدخول الما ّديّ وخطورة‬ ‫الخدمة‪ ،‬لذا كان من السهل ج ّداً اندفاع الناس إلى هذه‬ ‫الميليشيات واالنخراط بأعمال السرقة والنهب‪ ،‬إذ‬ ‫أ ّنها ثقافة قديمة تربّى عليها (ابن النظام) منذ زمن‪،‬‬ ‫لكنّ مسألة القتل كانت مثير ًة لقلق عناصر الميليشيات‬ ‫وتخوّ فهم وأحيانا ً نفورهم‪ ،‬ولألمانة فإنّ من قام بفظاعات‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ارتكبت ّ‬ ‫قامت بها‬ ‫بحق النساء واألطفال‪،‬‬ ‫المجازر التي‬ ‫فرق خاصّة ج ّداً من مجرمين‪ ،‬وهناك شكوك باشتراك‬ ‫إيرانيّين متش ّددين فيها‪ ،‬بعد مجزرة «البيضا» راح‬ ‫الكثير من عناصر الدفاع الوطنيّ يستهجنون ما حصل‬ ‫ويستنكرون هذه األفعال ويُنكرونها عنهم‪ ،‬وسادت حالة‬ ‫من االستهجان الشعبيّ الواضح لهذه األعمال‪ ،‬ومن‬

‫وقائع عشرة أيّام‬ ‫سراقب يف مرمى جنون النظام‬

‫كلّنا سوريون ‪ -‬ليث العبداهلل‬

‫بدأت حملة التدمير والقتل الهمجيّة على سراقب‬ ‫في ‪ 2014/9/ 24‬واستمرّ ت لعشرة أيّام اِس ُتخدم فيها‬ ‫الطيران الحربيّ والبراميل المتفجّ رة والحاويات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المكثف‪.‬‬ ‫والقصف المدفعيّ‬ ‫حول العيد‬ ‫في منتصف ليلة ‪ 2014/9/24‬بدأت حملة القصف‬ ‫على المدينة فتعرّ ضت إللقاء البراميل المتفجّ رة‪،‬‬ ‫وهي المرّ ة األولى التي تتعرّ ض فيها المدينة للقصف‬ ‫بالبراميل ليالً‪ ،‬وفي يوم الجمعة ‪ 2014/10/3‬صباحا ً‬ ‫تعرّ ضت المدينة للقصف من المروحيّات بأربعة‬ ‫براميل متفجّ رة نتج عنها استشهاد شابّ ودمار هائل‬ ‫في المنازل‪ ،‬وفي الساعة الثامنة مسا ًء شهدت المدينة‬ ‫إلقاء برميلين متفجّ رين ممّا أ ّدى الستشهاد س ّتة مدنيّين‪:‬‬ ‫«أحمد أنور المحمّد‪ ،‬سامر اإلبراهيم‪ ،‬مصطفى العمر‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫مؤيّد النمّار‪ ،‬وزوجة‬ ‫شاهر المنيرة (حامل)‪،‬‬ ‫وطفلها بليغ شاهر‬ ‫المنيرة» باإلضافة‬ ‫لعدد م��ن اإلص��اب��ات‬ ‫ودم��ار في المنازل‪،‬‬ ‫أمّ��ا في اليوم األوّ ل‬ ‫من أيّام عيد األضحى‬ ‫‪ 2014/10/4‬فشهدت‬ ‫المدينة نفس السيناريو‬ ‫بمجموع س ّتة براميل‪،‬‬ ‫أربعة صباحا ً واثنان‬ ‫م����س����اءً‪ ،‬م���ا أ ّدى‬ ‫الس��ت��ش��ه��اد خمسة‬ ‫مدنيّين اثنان لم يت ّم‬ ‫التعرّ ف عليهما إلاّ في‬ ‫اليوم الثاني وهما الشهيدان «يحيى الشيخ أحمد‪ ،‬وبكر‬ ‫عباس» باستهداف أحد المشافي في المدينة‪.‬‬ ‫في ‪ 2014/10/5‬يوم األحد اس ُتهدفت المدينة من‬ ‫الصباح الباكر بالبراميل المتفجّ رة ما أ ّدى الستشهاد‬ ‫ثالثة مدنيّين «إبراهيم الشيخ علي‪ ،‬ومه ّند مرسل‬ ‫بريك‪ ،‬ومحمّد مرسل بريك»‪.‬‬ ‫أطفال‪ ....‬نساء‪ ...‬وحتّى املقابر‬ ‫بلغ إجمالي عدد الغارات من الطيران المروحيّ‬ ‫والحربيّ ‪ 38‬غارة ‪6 ،‬غارات منها ليالً تسبّبت بقتل‬ ‫ً‬ ‫‪ 54‬شهيداً بينهم ‪ 23‬طفالً‬ ‫وطفلة و‪ 11‬امرأ ًة‪ ،‬كما بلغ‬ ‫عدد الشهداء من الرجال ‪20‬رجالً ليكون مجموع عدد‬ ‫الشهداء ‪ 54‬شهيداً‪ ،‬ونتج عن القصف إصابة ‪ 42‬طفالً‬ ‫و‪ 19‬امرأة و‪ 82‬رجالً‪ ،‬ليكون مجموع اإلصابات‬

‫الواضح يومها أنّ‬ ‫من قام باألمر لم‬ ‫يتع ّدوا الخمسين‬ ‫ع�����ن�����ص�����راً‪،‬‬ ‫لك ّنهم ارت��ك��ب��وا‬ ‫المجازر أمام ك ّل‬ ‫المشتركين ‪ -‬أكثر‬ ‫من ألفي عنصر‬ ‫ بالهجوم رغبة‬‫منهم في توريطهم‪ ،‬لكنّ معظمهم رفض بما فيهم‬ ‫عناصر حزب هللا اللبنانيّ ‪ ،‬إذ أ ّنهم صرّ حوا بالحرف‬ ‫الواحد‪« :‬إ ّننا نقتل الرجال فقط ال نساء وال أطفال‪»....‬‬ ‫‪1‬ــ أوّ ل الميلشيات في الظهور هي كتائب البعث‪،‬‬ ‫وهو جناح مسلّح تابع لحزب البعث‪ ،‬ظهر منذ اندالع‬ ‫الثورة حيث قامت الفرق الحزبيّة في الساحل بتسليم‬ ‫السالح للشباب (نيسان ‪ )2011‬وتنظيم حراستهم‬ ‫للمباني التابعة للنظام‪ ،‬بغرض ترهيب األهالي‬ ‫وتخويفهم ممّا يحصل‪ ،‬وجعلهم يعتقدون بأنّ ما يحدث‬ ‫يتاقض هؤالء أجراً‪ ،‬والتحق‬ ‫هو مؤامرة مسلّحة‪ ،‬لم‬ ‫َ‬ ‫معظمهم بميليشيا الدفاع الوطنيّ الحقاً‪ ،‬عادت هذه‬ ‫الميليشيا للظهور حال ّيا ً ولكن بشكل قليل ومن الجدير‬ ‫بالذكر أنّ خدمات المتطوّ عين فيها تبدأ بحواجز على‬ ‫الطرق اآلمنة وتنتهي على الجبهات الساخنة ومعظمهم‬ ‫ّ‬ ‫موظفي الدولة‪.‬‬ ‫من‬ ‫‪2‬ــ ميليشيا الدفاع الوطنيّ ‪ :‬ظهرت بعد مرور قرابة‬ ‫العام على اندالع الثورة وكانت وعود القائمين عليها‬ ‫بأنّ الخدمات لن تتع ّدى منطقة الساحل السوريّ ‪ ،‬لك ّنها‬ ‫اشتركت في ك ّل الجبهات الساخنة‪ ،‬وكانت في بداية‬ ‫األمر سخيّة في دفع األموال لعناصرها على جميع‬ ‫مهمّاتهم على الجبهات الساخنة وفي تعويضاتهم عند‬ ‫الوفاة واإلصابة والعالج‪ ،‬وجميع عناصرها التحقوا‬ ‫بدورات تدريبيّة في إيران‪ .‬كان الهدف الرئيس منها‬ ‫جعل مرجعيتهم موحّ دة مع كتائب الشيعة األخرى‪،‬‬ ‫لكن سرعان ما نخرها الفساد وبدأ بعض عناصرها‬ ‫ك عنها الكثير من العناصر‬ ‫يشتكون سرقة رواتبهم وانف ّ‬ ‫ ال يرتبطون ب��أيّ عقد أو إج��راء إجباريّ ‪ -‬كما‬‫أ ّنها معروفة بفوضويّتها وعدم التزام مقاتليها بالقتال‬ ‫وجبنهم‪ ،‬ممّا جعل النظام يف ّكر مل ّيا ً اآلن في حّ ل هذه‬

‫مقاتل من محافظة‬ ‫الميليشيا‪( ،‬ت ّم تسريح ثالثة آالف‬ ‫ٍ‬ ‫الالذقيّة)‪.‬‬ ‫‪3‬ـــ جمعيّة البستان‪ :‬تر ّكزت في ّ‬ ‫(مزة‪ )86‬وكانت‬ ‫تجمع الشبّان وتج ّندهم لمواجهة المظاهرات والقيام‬ ‫بأعمال السرقة والنهب‪ ،‬وسرعان ما تحوّ لت لميليشيا‬ ‫تشترك في أعمال القتال في دمشق وريفها‪ ،‬تحوّ ل‬ ‫معظم عناصرها اآلن للعمل تحت لواء الميليشيات‬ ‫الشيعيّة في دمشق‪ ،‬لها فرع في مدينة جبلة وهو‬ ‫المركز الرئيسيّ لمليشيا الدفاع الوطنيّ أيضاً‪.‬‬ ‫‪4‬ـ��ـ ح��زب هللا ال��س��وريّ ‪ :‬مركزه بانياس يقبل‬ ‫المتطوّ عين العلويّين فقط‪ ،‬ويخدمون تحت إمرة حزب‬ ‫هللا اللبنانيّ ‪ ،‬يخدمون بنظام «الشهر زائد أسبوع» أي‪:‬‬ ‫«شهر قتال مقابل أسبوع راحة» ويتقاضون ثالثين‬ ‫ألفا ً مقابل شهر الخدمة وخمسة آالف مقابل األسبوع‪،‬‬ ‫وهم غير مرتبطين بعقود دائمة أو ما شابه ذلك‪ ،‬إلاّ أنّ‬ ‫خدمتهم محصورة فقط في الجبهات الساخنة‪.‬‬ ‫‪5‬ـ ميليشيا «أحمد جابر» أو صقور الصحراء‪ ،‬وهم‬ ‫عناصر قليلة العدد لك ّنهم منتقون بعناية شديدة‪ ،‬مهمّتها‬ ‫حماية المراكز النفطيّة وخطوط النقل والتي يتعهّدها‬ ‫«أحمد جابر»‪.‬‬ ‫ـــ أخيراً ال ب ّد من اإلشارة إلى أنّ العديد من رجال‬ ‫األعمال قاموا في بداية الثورة بتجنيد الشباب في‬ ‫صفوفهم وتسليمهم األسلحة لحماية مصالحهم وتع ّدى‬ ‫األمر إلرسالهم إلى القتال على الجبهات الساخنة‪،‬‬ ‫وقد بارك النظام هذه الخطوات ودفع باتجاهها‪ ،‬لكنّ‬ ‫معظمهم اآلن منخرط في ميليشيا الدفاع الوطنيّ وهي‬ ‫الحاوية الرئيسيّة للميليشيات في الساحل السوريّ ‪.‬‬ ‫بهذا نجد أنّ القتال مع أيّ ميليشيا بالنسبة البن‬ ‫الساحل السوريّ ‪ ،‬أسهل عليه بكثير من التطوّ ع أو‬ ‫الرضوخ لطلب االحتياط‪ ،‬وبالرغم من ضغط المعيشة‬ ‫المتزايد على أهالي الساحل إلاّ أ ّننا نجد نسبة غير‬ ‫قليلة من الشبان الذين رفضوا القتال مع أيّ من هذه‬ ‫الميليشيات‪ ،‬وح ّتى االستجابة لطلبات الجيش بالسوق‬ ‫اإلجباريّ ‪ ،‬أل ّنهم يعرفون دجل النظام وكذبه ولم يقعوا‬ ‫فريسة الكذب والغشّ الذي نشأ عليه نظام األسد البائد‪.‬‬

‫أليمار الذقاني‬

‫كلّنا سوريون ‪ -‬ليث العبداهلل‬

‫‪ ،143‬أمّ��ا‬ ‫ب��ال��ن��س��ب��ة‬ ‫ل����ل����دم����ار‬ ‫ال���ذي خلّفه‬ ‫القصف الذي‬ ‫تعرّ ضت له‬ ‫المدينة فكان‬ ‫عدد المنازل‬ ‫التي ُدمّ��رت‬ ‫دم���اراً كل ّيا ً‬ ‫ب��ال��ب��رام��ي��ل‬ ‫المتفجّ رة ‪36‬‬ ‫منزالً وبالطيران الحربيّ ‪ 9‬منازل‪ ،‬ليكون مجموع‬ ‫المنازل المدمّرة دماراً كل ّيا ً ‪ 45‬منزالً‪ ،‬أمّا المنازل‬ ‫التي ُدمرت دم��اراً جزئ ّيا ً فقد بلغ عددها ‪72‬منزالً‬ ‫بالبراميل المتفجّ رة و‪ 17‬منزالً بالطيران الحربيّ‬ ‫ليكون المجموع ‪ 89‬منزالً‪.‬‬ ‫هذا باإلضافة إلى المحلاّ ت التجاريّة فقد بلغ عدد‬ ‫المحا ّل التجاريّة التي ُدم ْ‬ ‫ّرت بالطيران المروحيّ ‪98‬‬ ‫محلاّ ً تجار ّيا ً وبالطيران الحربيّ ‪ 50‬محلاّ ً ليكون‬ ‫مجموع المحلاّ ت المدمّرة ‪ 148‬محالً تجار ّياً‪ ،‬هذا‬ ‫ْ‬ ‫تسببت في تدميره‬ ‫وتعرّ ض أحد مشافي المدينة لغارة‬ ‫دم��اراً كل ّياً‪ ،‬أمّ��ا المدارس التي ُدم��رت بالبراميل‬ ‫المتفجّ رة دماراً كل ّيا ً فهي أربع مدارس ومدرسة واحدة‬ ‫بصاروخ من الطيران الحربيّ ليكون المجموع خمس‬ ‫م��دارس‪ ،‬كما تعرّ ضت حديقتان للقصف بالبراميل‬ ‫المتفجّ رة‪.‬‬ ‫ح ّتى المقابر لم تسلم‪ ،‬فقد طالها القصف‪ ،‬حيث‬ ‫تعرّ ضت مقبرة للقصف بالبراميل المتفجّ رة وأخرى‬

‫بصواريخ الطيران الحربيّ ‪ ،‬ويكون عدد المقابر‬ ‫المدمّرة مقبرتين‪ ،‬وتعرّ ضت أيضا ً غرفة توليد‬ ‫الكهرباء المحلّيّة للقصف بالبراميل المتفجّ رة‪.‬‬ ‫الكهرباء واملاء‬ ‫أمّا عن اآلليّات التي ُدمّرت‪ ،‬فقد كان حصيلة عدد‬ ‫السيارات المدمّرة ‪ 52‬سيار ًة بالبراميل وبصواريخ‬ ‫الطيران الحربيّ ‪ ،‬وقد طال القصف أيضا ً عدد من‬ ‫الدراجات الناريّة ليحولها إلى (خردة) فكان مجموعها‬ ‫ً‬ ‫دراجة ناري ًّة‪ ،‬وح ّتى المياه كان لها نصيبها في‬ ‫‪35‬‬ ‫القصف من قبل الطيران المروحيّ والحربيّ ف ُدم ْ‬ ‫ِّرت‬ ‫‪ّ 4‬‬ ‫خزانات رئيسيّة للمياه‪ ،‬وتعرّ ضت أعمدة الكهرباء‬ ‫للدمار أيضا ً فبلغ عددها ‪ 23‬عموداً كهربائ ّياً‪.‬‬ ‫واليزال النظام يواصل تدمير ك ّل شيء في سورية‬ ‫‪ ....‬والي��زال يواصل قتله المجنون للسوريّين ‪...‬‬ ‫سراقب اآلن في مرمى هذا الجنون‪ ...‬لكن من القادم؟؟‬ ‫وإلى متى سيستمرّ السوريّون في دفع فاتورة جنون‬ ‫هذا النظام‪.‬‬

‫فلك اخلالد‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪16‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫والسندان‬ ‫البقاء أو السفر‪ ،‬المطرقة ّ‬ ‫يطرح بشكل مختلف‪.‬‬ ‫وم��ا ك��ان يبعث على‬ ‫الحياء والخجل‪ ،‬بات اليوم‬ ‫ّ‬ ‫محط إعجاب حينا ً وحسد‬ ‫أح��ي��ان أخ����رى‪ ،‬وحيث‬ ‫أصبح ه��ذا المسافر هو‬ ‫«ال��ع��اق��ل» هنا‪ ،‬أمّ��ا من‬ ‫يرفض السفر فهو المثير‬ ‫للضحك والسخرية‪ .‬وغالبا ً‬ ‫ما نجد صفة «الرومانسيّ‬ ‫الوطنيّ » تلتصق به‪.‬‬ ‫في السنوات األربع الماضية‪ ،‬تغيّرت الكثير من‬ ‫األمور‪ ،‬وبوسعنا القول أنّ السنتين األخيرتين تختلفان‬ ‫بشكل أكبر من حيث األوضاع المعيشيّة أو االجتماعيّة‬ ‫أو السياسيّة وح ّتى النفسيّة‪ .‬ولع ّل من أقوى األحاديث‬ ‫المتطرّ ق إليها هو حديث السفر‪ ،‬فقد أصبح موضوع‬ ‫البقاء في البلد أو الهجرة منه من أكثر األحاديث إثارة‬ ‫للجدل وللصراع‪.‬‬ ‫في بداية األمر كان موضوع السفر يطرح بحياء‬ ‫وخجل كبيرين‪ ،‬وع��ادة ما ك��ان يناله االستهجان‬ ‫والرفض‪ ،‬سواء من الفرد ذاته أو من قبل اآلخرين‪،‬‬ ‫وفي المجمل كان أغلب الذين يف ّكرون في الهجرة هم‬ ‫أفراد متضرّ رون بشكل مباشر أو مضطرّ ون له هربا ً‬ ‫من االعتقال‪ ،‬أو من االنضمام إلى الخدمة اإللزاميّة‬ ‫أو غير ذلك من األسباب‪.‬‬ ‫أمّا ّ‬ ‫مؤخراً‪ ،‬أي حين بدأ اليأس يتسرّ ب إلى النفوس‪،‬‬ ‫وبدأ إدراك أنّ الح ّل المنشود لن يكون قريبا ً بحال من‬ ‫األحوال ينتشر بشكل واسع بين الجميع‪ ،‬وأ ّنه ال ب ّد من‬ ‫قضاء الكثير من الوقت الذي قد يتجاوز العشرات من‬ ‫السنين قبل أن يلوح أفق هذا الحلّ‪ ،‬وحين بدأ الشعور‬ ‫بأنّ ما وُ لِد كثورة غدا حربا ً في أحسن أحوالها‪ ،‬وحربا ً‬ ‫أهليّة في أسوئها‪ .‬فقد تغيّرت األم��ور بما يقارب‬ ‫االنقالب رأسا ً على عقب‪ ،‬وبغضّ النظر عن أنّ هذا‬ ‫التغيّر شمل ك ّل النواحي بال استثناء‪ ،‬فإنّ هذا األمر‬ ‫ظهر بأكثر ما يكون في موضوع السفر‪ ،‬حيث بدأ‬ ‫يُطرح هذا الموضوع كح ّل وحيد للحياة غداً‪ ،‬وحيث‬ ‫أنّ أيّة فرصة لبناء مستقبل ما هنا‪ ،‬وخاصّة لفئة‬ ‫الشباب‪ ،‬باتت شبه مستحيلة‪ ،‬وأصبح موضوع السفر‬

‫وف��ي واق��ع األم��ر‪ ،‬إنّ‬ ‫ا ّتخاذ هذا القرار‪ ،‬سواء أكان بالبقاء أو بالهجرة هو‬ ‫أمر ال يخلو من الصراع النفسيّ الداخلي الكبير‪ ،‬وفي‬ ‫النهاية يبدو الفرد‪ ،‬أيّا كان القرار الذي يختاره‪ ،‬غير‬ ‫مناسب له‪ ،‬ويتحوّ ل اإلنسان هنا إلى مطحون بين‬ ‫رحى البقاء أو السفر‪ ،‬ويشت ّد الصراع على أش ّده حين‬ ‫يتساوى طرفا الميزان دون أيّ شيء يرجّ ح الك ّفة إلى‬ ‫طرف ما‪.‬‬

‫أو السفر‪ .‬وهذا طبعا ً ال يعتبر السبب الوحيد‪ ،‬ولكن‬ ‫لنقل إ ّنه األكبر أو األش ّد‪ ،‬عدا عن أمور أخرى ترتبط‬ ‫بالنواحي الشخصيّة لك ّل فرد‪ ،‬كالخوف من المجهول‬ ‫أو من الوحدة‪ ،‬أو الخوف من عدم الرجوع ثانية‪ ،‬أو‬ ‫غيرها‪.‬‬ ‫أمّا القرار بالبقاء فهو ليس أق ّل صعوبة‪ ،‬وأسهل‬ ‫ا ّتخاذاً‪ ،‬فاألمر ال ب ّد واضح لدى الجميع‪ ،‬واليأس‬ ‫استولى على ذواتنا‪ ،‬فالبقاء هنا لم يعد يعني إلاّ شيئا ً‬ ‫واحداً ال غير في أعين الكثيرين «إ ّنه ليس أكثر من‬ ‫قضاء الوقت بانتظار الموت» ليس إلاّ الفراغ واجترار‬ ‫الذات دون أيّ أمل بالغد‪ ،‬ورغم ذلك فإنّ ترك هذا الـ‬ ‫«الماضي» ليس باألمر السهل القيام به‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإنّ كلاّ ً م ّنا نال ما ناله منه هذا الصراع‪،‬‬ ‫البقاء أم السفر؟؟؟ ويبدو أنّ األمر لن يتو ّقف هنا‪..‬‬

‫عليها أو ُهيّئ لنا أ ّننا اعتدنا عليها‪ .‬أمّا القرار اآلخر‪،‬‬ ‫فإ ّنه سيح ّل هذا الصراع بشكل ظاهريّ ‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يعني أ ّنه قد ُح ّل فعالً بشكل جذريّ ‪ ،‬فإنّ ما يحدث فعالً‬ ‫هو تحوّ له إلى صراع من نوع آخر‪ ،‬فربّما يغدو «هل‬ ‫أعود؟؟» أو يتحوّ ل إلى «هل أنا خائن؟؟» وربّما إلى‬ ‫شكل آخر غير ذلك‪.‬‬ ‫حينها‪ ،‬وفي الحالتين‪ ،‬سنجد أنّ أقسى المشاعر التي‬ ‫ستنال اإلنسان إنْ لم يستطع ح ّل هذا الصراع‪ ،‬بشكل‬ ‫سويّ وليس تخديريّ ‪ ،‬هو تأنيب الضمير والشعور‬ ‫بالذنب‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬إنْ حاولنا النظر بشكل أعمق‬ ‫إلى هذا السؤال سنجده يعني «هل أهرب أم أواجه؟»‬ ‫لهذا فإنّ ح ّل هذا الصراع لن يكون سهالً بشكل من‬ ‫األشكال‪ ،‬إنْ لم يكن بشكل واع وسويّ ‪.‬‬ ‫إنّ األمر يرتبط بأمور أش ّد عمقا ً ممّا يبدو‪ ،‬وفي‬

‫وبغضّ النظر عن الوجهة المسافر إليها‪ ،‬فإنّ األمر‬ ‫ال يرتبط بـ «إلى أين؟» بقدر ما يرتبط بـ «هل أسافر‬ ‫أم ال؟» فالفرد م ّنا عليه أن يختار‪ ،‬هل يختار اليوم‬ ‫أم الغد؟ هل يختار لنقل «العقل» أم «العاطفة»؟ هل‬ ‫يختار «الوطن» أم «الحياة»؟‬ ‫ودعونا نتح ّدث عن أنّ تلك النزعة إلى التخوين ال‬ ‫تزال موجودة ح ّتى اليوم بشكل واضح‪ ،‬ودعونا نذ ّكر‬ ‫أنّ نسبة ال بأس بها من أولئك الذين يطلقون أحكام‬ ‫التخوين ذات اليمين وذات الشمال هم من األشخاص‬ ‫الغير قادرين على الهروب لسبب أو آلخر‪ ،‬وعادة‬ ‫ما نجدهم ينسبون البطوالت إلى أنفسهم لمجرّ د البقاء‬ ‫ال غير‪ ،‬وعادة ما ينفون رغبتهم بالهجرة أو السفر‪،‬‬ ‫بل نجدهم يؤ ّكدون على بقائهم ألجل البقاء أو ألجل‬ ‫«الوطن»‪ ،‬وفي تلك اللحظة التي يتحوّ ل السفر فيها‬ ‫إلى متاح عندهم‪ ،‬تتحوّ ل األحكام وتتغيّر‪..‬‬ ‫ما أريد أن أذكره هنا‪ ،‬أنّ أ ّيا ً م ّنا سيف ّكر مئة مرّ ة‬ ‫قبل أن يقدم على خطوة السفر‪ ،‬ح ّتى لو كان يعلم أنّ‬ ‫هذا التخوين غير منطقيّ ‪ ،‬فإ ّنه ال ب ّد أن يترك أثره في‬ ‫داخله‪ ،‬وال ب ّد أن يتركه معلّقا ً في الهواء‪ ،‬بين البقاء‬

‫فإنّ أيّ قرار س ُي ّتخذ لن يوقف هذا الصراع‪ ،‬فلو‬ ‫أ ّتخذ قرار البقاء لن ينهي هذا الصراع أبداً وسيظ ّل‬ ‫هاجسا ً يصعد ك ّل حين وآخر إلى السطح‪ ،‬وخاصّة‬ ‫كلّما ازدادت األمور سوءاً‪ ،‬أو عند ظهور مشكلة ما‬ ‫أو عند انخفاض القدرة على تحمّل أمور ك ّنا قد اعتدنا‬

‫أحيان يبتعد عن الشكل السطحيّ لهذه المشكلة‪ ،‬وقد‬ ‫يصل في بعض األحيان إلى أعمق مشكلة قد تواجه‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وهي مشكلة الوجود‪.‬‬

‫ريم احلاج‬

‫مخّيم األمل في المنطقة الجنوبّية‪..‬أمان منشود وخدمات محدودة‬ ‫ً‬ ‫وخاصة أنّ المنطقة تكثر فيها الحيوانات‬ ‫للنازحين‪،‬‬ ‫البريّة السامّة كالعقارب واألفاعي‪ ،‬في حين يفتقر‬ ‫األطفال في المخيّم إلى كافة الخدمات المخصّصة بهم‬ ‫من تعليم وترفيه‪ ،‬مطالبا ً بضرورة إشراف الهيئات‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات الدوليّة المعنية بشؤون الالجئين واألطفال‬ ‫على المخيم‪ ،‬وبأسرع وقت قبل حلول فصل الشتاء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وخاصة بأنّ المنطقة تشهد تساقطا ً للثلوج قد يصل‬ ‫أحيانا ً إلى ‪ 50‬سم»‪.‬‬ ‫أمام إغالق باب اللجوء إلى األردن وجد المواطن‬ ‫السوريّ نفسه مشرّ داً بين المدن والقرى والبلدات التي‬ ‫تفتقد لألمن تدريج ّيا ً أمام آلة حرب النظام السوريّ ‪،‬‬ ‫وتعالت في اآلونة األخيرة نداءات إلنشاء معسكرات‬ ‫أو مخيّمات للنازحين في الداخل‪.‬‬ ‫كلّنا سوريون ‪ -‬سالي املساملة‬

‫رحلة اهلروب من املوت إىل التش ّرد‬ ‫وجد أبو عليّ نفسه نازحا ً في خيمة شيّدت على عجل‬ ‫إثر هروبه من البراميل المتفجّ رة والقصف العنيف من‬ ‫قبل قوات النظام السوريّ على مدينته «نوى» الذي‬ ‫أسفر عن سقوط العديد من أقاربه وجيرانه بين شهيد‬ ‫وجريح‪.‬‬ ‫تن ّقل أبو عليّ بين ع ّدة قرى بريف درعا والقنيطرة‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن أُغلِ َق ْ‬ ‫ليحط رحاله‬ ‫ت أبواب اللجوء في وجهه‪،‬‬

‫مع أسرته وبعض جيرانه في قرية «العشة» السوريّة‬ ‫التابعة لمنطقة «الرفيد» في محافظة القنيطرة حيث‬ ‫ُتعتبر منطقة الشيك الحدوديّ العازل بين سوريّة‬ ‫واألراضي السوريّة المحتلة من قِبل إسرائيل‪ ،‬والتي‬ ‫ُتعتبر أكثر المناطق أمنا ً في سوريّة في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ويعود ذلك لوقوع تلك المناطق خلف ّ‬ ‫خط إطالق‬ ‫النار المح ّدد بموجب اتفاقيّة وقف إطالق النار الموقع‬ ‫بين نظام األسد األب وإسرائيل منذ عام ‪ ،1974‬ممّا‬ ‫يمنح النازحين بعضا ً من األمان المفقود منذ ما يقارب‬ ‫الثالث سنوات من عمر الثورة السوريّة‪.‬‬ ‫أبو عليّ حصل على األمان لعائلته ولنفسه‪ ،‬لكنّ‬ ‫الظروف المعيشيّة والحياتيّة في المخيّم بالغة الصعوبة‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ويفتقد لكافة الخدمات واالحتياجات المعيشيّة‪ ،‬وتشهد‬ ‫خيمته ازدحاما ً شديداً يُفقده بعض الشعور بالهدوء‬ ‫والوحدة اللذين باتا مفقودين لديه‪.‬‬ ‫معاناة ونقص حادّ يف كافة متطلبات املخيّمات اإلنسانيّة‬ ‫يقول أمين أبو حالوة مسؤول االرتباط الخارجي‬ ‫ّ‬ ‫«المنظمة السوريّة‬ ‫بين لجنة إغاثة درعا ومنظمة‬ ‫للدعم اإلنسانيّ » الذي أنشأت المخيّم‪« :‬يستقبل مخيّم‬ ‫األمل الهاربين من كافة المناطق الساخنة من حوران‬ ‫وال��ج��والن وري��ف دمشق‪ ،‬حيث وص��ل ع��دد الخيم‬ ‫ً‬ ‫خيمة وما يزال تدفق النازحين إلى‬ ‫المأهولة إلى ‪250‬‬ ‫المخيّم متسمرّ اً بشكل يوميّ وبأعداد كبيرة تفوق أعداد‬ ‫الخيم المتوفرة‪ ،‬ولذلك يت ّم جمع أكثر من عائلة في‬ ‫الخيمة الواحدة‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬يفتقر المخيّم لك ّل متطلبات وخدمات‬ ‫ً‬ ‫وخاصة من حيث تخديمه‬ ‫مخيمات اللجوء الدوليّة‪،‬‬ ‫باالحتياجات الضروريّة للحياة‪ ،‬حيث يعاني من انعدام‬ ‫الكهرباء وش ٍّح بمياه الشرب والمرافق الصحيّة التي‬ ‫أُنشِ ئ بعضها بطرق بدائيّة‪ ،‬وتفتقر إلى معايير النظافة‬ ‫ً‬ ‫إضافة إلى ع��دم وج��ود نقطة‬ ‫والخدمة الصحيّة‪،‬‬ ‫طبيّة لتوفير اإلسعافات األوّ ليّة واإلشراف الصحيّ‬

‫تقول الناشطة «سالي المسالمة» المتطوعة في‬ ‫فريق أورينتس اليف الين بالداخل‪« :‬يُعتبر وجود‬ ‫معسكرات للنازحين‬ ‫في المناطق اآلمنة‬ ‫في الداخل – كما‬ ‫هو حال مخيّم األمل‬ ‫– ح�ّل�اّ ً ج��يّ��داً فيما‬ ‫لو توفرت له كافة‬ ‫االحتياجات أس��و ًة‬ ‫بالمخيّمات الدوليّة‪،‬‬ ‫ممّا يُغني السوريّين‬ ‫الهاربين من الموت‬ ‫عن اللجوء خارج‬ ‫أس������وار ال��وط��ن‬ ‫بعد أن أ ُ ْ‬ ‫غلقت في‬ ‫وجهه جميع الطرق‬ ‫المؤديّة إلى اللجوء في المنطقة الجنوبيّة»‪.‬‬ ‫وتشير إلى أنّ مخيّم األمل ت ّم اختيار موقعه بشكل‬ ‫جيّد‪ ،‬فأسلحة النظام السوريّ لن تطوله حسب اتفاقيّة‬ ‫الفصل الموقعة مع الكيان اإلسرائيليّ وبالتالي سيش ّكل‬ ‫لألسف مكانا ً آمنا ً بجوار العدوّ األزليّ والذي نفتقده في‬ ‫ً‬ ‫ونتيجة لذلك يُعتبر من أه ّم‬ ‫أيّ مكان آخر في سوريّة‪،‬‬

‫المخيّمات في المنطقة الجنوبيّة‪ ،‬لك ّنه يفتقد للح ّد األدنى‬ ‫من الخدمات الضروريّة كالمياه والكهرباء والصحة‬ ‫والتعليم‪ ،‬في حين ال تكفي أعداد الخيم المتوفرة فيه إلى‬ ‫ربع األسر المتواجدة في المخيّم‪ ،‬لذلك وجب تأمين تلك‬ ‫الخدمات بأسرع وقت ممكن‪ ،‬وخاصّة بأ ّننا على أبواب‬ ‫فصل الشتاء»‪.‬‬ ‫وتضيف المسالمة‪« :‬قمنا كفريق من المتطوعين‬ ‫لدى منظمة أوريانتس (اليف الين) بتوزيع الحقائب‬ ‫المدرسيّة واالط�لاع على المخيّم وخاصّة وضع‬ ‫األطفال الذين يعانون من نقص كامل باالحتياجات‬ ‫الضروريّة وتحديداً التعليم مع انطالق العام الدراسيّ‬ ‫الجديد فالعديد من األطفال يعانون من انقطاعهم عن‬ ‫الدراسة‪ ،‬األمر الذي يسهم في انتشار األميّة بينهم‬ ‫بشكل مخيف»‪.‬‬ ‫تشكل مخيّمات النزوح في الداخل حلاّ ً ناجحا ً فيما‬

‫كلّنا سوريون ‪ -‬سالي املساملة‬

‫لو توفرت لها كافة المستلزمات والخدمات الحياتيّة‬ ‫واإلنسانيّة‪ ،‬لتغني عن اللجوء الذي ُغلقت أبوابه أمام‬ ‫الهاربين‪ ،‬لكنّ طرق التهريب ما تزال تش ّكل الح ّل‬ ‫األنجع حال ّيا ً وتجارة بشريّة خطرة‪ ،‬حيث فقد العديد‬ ‫من الهاربين حياتهم في رحلة اللجوء إلى األردن عبر‬ ‫طريق «رويشد» خالل الفترة الماضية‪.‬‬

‫درعا ‪ -‬سارة احلوراني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫أكاديمي وبيع لألوهام‬ ‫فساد‬ ‫ّ‬ ‫«شهادات مز ّورة في سورّية»‬

‫تتجلّى مظاهر الفساد األكادمي ّي يف العامل بصور ثالث‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الجامعات الوهميّة‪:‬‬ ‫وهي جامعات ال يوجد لها مقرّ ات وال هيئة تدريس‪،‬‬ ‫هدفها األوّ ل واألخير هو الكسب الماديّ وحسب‪ ،‬هذه‬ ‫الجامعات تدار من ق َبل أشخاص مزيّفين ومزوّ رين‪،‬‬ ‫و يت ّم الحصول على الشهادة من خالل هذه الجامعات‬ ‫الوهميّة بمجرّ د مراسلتهم‪ ،‬ودفع رسوم مح ّددة‪ ،‬ومن ث ّم‬ ‫تصل الشهادة إلى صندوق بريد الشخص الذي طلبها‬ ‫خالل أسابيع‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الفساد اإلداريّ و العلميّ ‪ ،‬والغشّ في االمتحانات‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتمثل هذا الفساد بالتحايل على شروط القبول الجامعيّ‬ ‫من خالل الغش و التزوير‪ ،‬ممّا يُطيح بتكافؤ الفرص‬ ‫بين الطلاّ ب‪ ،‬كما أنّ الغشّ في االمتحانات‪ ،‬و تحوير‬ ‫النتائج بتدوين درجات مغايرة للحقيقة في سجلاّ ت‬ ‫الكلّيّة‪ ،‬ممّا ينتج عنه إصدار كشوف عالمات ال تعكس‬ ‫الحقيقة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬بيع الشهادات المزوّ رة‪ :‬وهي شهادات ال أصل‬ ‫لها‪ ،‬و ُتمنح للزبون دون أن يكون مســجّ الً في الجامعة‬ ‫التي يرغب بشراء شهادتها‪ ،‬وكثيراً ما يلجأ هؤالء‬ ‫إلى الحصول على تلك الشهادات لتحسين واجهتهم‬ ‫االجتماعيّة‪ ،‬أو للعمل في جنبات القطاع الخاصّ ‪ .‬في‬ ‫السابق كان الحصول على الشهادات المزوّ رة يت ّم عبر‬ ‫دول عديدة‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ :‬أوكرانيا وروسيا‬ ‫ومولدافيا والعراق‪ ،‬ومصر وباكستان والسودان‪ ،‬أمّا‬ ‫اليوم فقد تفاقمت هذه الظاهرة في الجامعات السوريّة‪،‬‬ ‫بدءاً من بؤرة الفساد األكاديميّ المتف ّ‬ ‫شي في جامعة‬ ‫تشرين‪ ،‬ومنه إلى بقيّة الجامعات السوريّة‪.‬‬

‫اجلامعات السوريّة‪ :‬رواج التزوير و املتاجرة‬ ‫كما يعرف ك ّل السوريّين‪ ،‬فقد اعتاد عتاة الشــــبّيحة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والموظفون الفاسدون أن يستوطنوا في ك ّل المفاصل‬ ‫الحيويّة في أيّة دائرة حكوميّة‪ ،‬وعليه‪ ،‬فقد باتت دوائر‬ ‫االمتحانات‪ ،‬في كا ّفة الكليّات الجامعيّة في سوريّة تحت‬ ‫سيطرتهم‪ ،‬ليمارسوا فسادهم للتكسّب الماديّ من أشكال‬ ‫الفساد المتنوّ عة‪ ،‬ففي ظ ّل انشغال السلطة بقصف‬ ‫المدنيّين وإفناء الشعب‪ ،‬ومع اهتمام األجهزة األمنيّة‬ ‫باالعتقاالت و التنكيل‪ ،‬وجد العديد من المنتفعين في‬ ‫النظام السوريّ الفرصة مواتية لمزيد من السرقة‪،‬‬ ‫وجمع األموال‪ ،‬ح ّتى غرست براثن الفساد في الجسد‬ ‫التعليميّ السوريّ ‪ ،‬وهكذا ظهر في اآلونة األخيرة‬ ‫سوق للشهادات الجامعيّة المزوّ رة في العاصمة دمشق‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫بازار الشهادات السوريّة املزوّرة‪:‬‬ ‫امتألت صفحات الفيسبوك بالترويج لهذه التجارة‪:‬‬ ‫فالشهادة الجامعيّة ُتباع بـ ‪ 250‬ألف لير ٍة سوريّة‪،‬‬ ‫باستثناء شهادات الطبّ والهندسة المعلوماتيّة‪ ،‬حيث‬ ‫يصل سعرها إلى ‪ 300‬ألف ليرة سوريّة‪ ،‬وهي تحمل‬ ‫جميع األختام والتواقيع النظاميّة‪ ،‬كما أ ّنها ممّهورة‬ ‫عال‬ ‫بأختام وزارة الخارجيّة للمصادقة عليها‪ ،‬وبمعدل ٍ‬ ‫ال يق ّل عن ‪ .%80‬يؤ ّكد بائعو هذه الشهادات لزبائنهم‪،‬‬ ‫أ ّنها غير صالحة لالستخدام داخل سوريّة‪ ،‬وإ ّنما هي‬ ‫مخصّصة لالستخدام في بلدان غير سوريّة‪ ،‬فهي تفيد‬ ‫السوريّين في بالد االغتراب فحسب‪ ،‬إذ ال يوجد لها‬ ‫أساس في سجلاّ ت الجامعة‪ ،‬وبالتالي فهي ال تساوي‬ ‫قيمة الورق والحبر داخل سوريّة‪ ،‬وإ ّنما تبدو قيمتها‬ ‫في الخارج‪ ،‬حيث ال يمكن التأ ّكد من صحّ تها‪ ،‬ال سيّما‬

‫«يعيش الزيتون ويسقط‬ ‫الرصاص»‬ ‫أوّ ل من رفع صوته‬ ‫مطالبا ً‬ ‫بالحريّة‪،‬‬ ‫ال��م��ظ��اه��رات في‬ ‫ه��ات��ف��ا ً ل��ح��رّ يّ��ة‬ ‫يوم جمعة يجتمع‬ ‫ف��ي م��ك��ان عمله‬ ‫سراقب ويخططون‬ ‫ال����م����ن����ش����ورات‬ ‫«م��ه��ي��ار‬ ‫م��وال��ي��د‬ ‫د ر س‬

‫ع��ال��ي��ا ً ف��ي س��راق��ب‬ ‫وراح يتق ّدم بعدها‬ ‫مراحلها األولى‬ ‫سوريّة‪ .‬في ك ّل‬ ‫ال��م��ت��ظ��اه��رون‬ ‫الكائن في سوق‬ ‫للتظاهر وتوزيع‬ ‫إ ّن��������ه ال����ش����ابّ‬ ‫س���مّ���اق»‬ ‫‪1987‬‬ ‫ا لتجا ر ة‬

‫واالقتصاد في جامعة حلب‪.‬‬ ‫آمن مهيار بالحراك السلميّ واستغالل ك ّل شيء لخدمة هذا‬ ‫الحراك‪ ،‬فهو أوّ ل َمن لوّ ن الجدران ورسم عليها وكتب عبارا ٍ‬ ‫ت‬ ‫تمجّ د الثورة وقيمها وتلعن االستبداد وظلمه‪ .‬كان يحرص دائما ً‬ ‫أن يكون ضمن المجموعات التي تخطط وتن ّفذ وتقطع الطرقات‬ ‫ً‬ ‫متوجهة إلى حلب وقد نجح‬ ‫عندما تعبر األرتال العسكريّة سراقب‬ ‫أكثر من مرّ ة هو ورفاقه في إعاقتها وتغيير طريقها‪ .‬انخرط في‬ ‫العمل االغاثيّ منذ بدايته وقد تجاوز همّه سراقب‪ ،‬فمّما عُرف‬ ‫عنه إلحاحه في دعواته لإلضراب تضامنا ً مع بقية المدن السوريّة‬ ‫المنكوبة‪.‬‬ ‫ت ّم اعتقاله من متجره في سوق سراقب في ‪2011/9/24‬‬ ‫حيث داهم أحد عمالء النظام ومجموعة من الشبّيحة واختطفوه‬ ‫من مكان عمله ليالً مع العلم أنّ هذا العميل كان قد وقع في قبضة‬ ‫مهيار ورفاقه لكنّ إيمانهم بالحراك السلميّ ورفضهم للقتل جعلهم‬ ‫يطلقون سراحه‪.‬‬ ‫أمضى مهيار ما يزيد عن السنة في سجن حلب المركزيّ ‪ ،‬ث ّم‬ ‫رُحّ ل إلى سجن إدلب وبعدها إلى دمشق وانقطعت أخباره منذ‬ ‫أكثر من سنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نظمت تنسيقيّة شباب الثورة في سراقب أكثر من مسائيّة‬ ‫طالبوا فيها بإطالق سراح الناشط السلميّ مهيار تخلّلها بعض‬ ‫الهتافات واألغاني والقصائد منها‪:‬‬ ‫أتوك يشهرون ألف بندقيّة‬ ‫ولمّا استحوذوك أعلنوا انتصارهم‬ ‫وأطلقوا الرصاص يحتفون بالقضيّة‬ ‫وأيّما قضيّة!!‬ ‫َ‬ ‫هتفت للحريّة؟؟‬ ‫الحريّة تليق بك أيها «الجميل» وبك ّل المعتقلين السوريّين‪،‬‬ ‫الحرّ يّة لك ولهم ولسوريّة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫وأ ّن��ه��ا م��مّ��ه��ورة‬ ‫ب��أخ��ت��ام وزارة‬ ‫الخارجيّة‪ ،‬ومرفقة‬ ‫بكشوف العالمات‬ ‫التفصيليّة مع نسخة مص ّدقة و باللغة االنكليزيّة‪.‬‬ ‫معظم الزبائن هم طالبو اللجوء‪:‬‬ ‫في لقاء أحد الشباب الذين اشتروا إجازة مزوّ رة‬ ‫في الهندسة يقول‪« :‬تركت الدراسة قبل الحصول‬ ‫على الشهادة الثانويّة‪ ،‬وأرغب بالسفر إلحدى الدول‬ ‫األوروبيّة‪ ،‬هربا ً من الواقع في سوريّة‪ ،‬وبواسطة هذه‬ ‫الشهادة حصلت على قبول من إحدى الجامعات‪ ،‬إلتمام‬ ‫الدراسات العليا‪ ،‬ث ّم أخذت الفيزا‪ ،‬وبمجرّ د وصولي‬ ‫إلى أوربّا‪ ،‬سأطلب اللجوء دون التفكير بالعودة»‪.‬‬ ‫بعض الشباب المقيمين في أوربّ��ا يشترون مثل‬ ‫ه��ذه ال��ش��ه��ادات‪ ،‬لتسريع الحصول على اللجوء‪،‬‬ ‫ألنّ األفضليّة بذلك تكون لحملة المؤهّل الجامعيّ ‪.‬‬ ‫وهكذا نرى هذا الفلتان اإلداريّ ‪ ،‬واالنعدام األخالقيّ‬ ‫ّ‬ ‫وموظفيه‪ ،‬والذين يعملون تحت‬ ‫لمسؤولي النظام‬

‫غطاء من قادة الشبّيحة ورؤساء األجهزة األمنيّة‪ ،‬هذه‬ ‫الممارسات ُتنذر بكارثة حقيقيّة‪ ،‬يستشعر بها حملة‬ ‫الشهادات الحقيقيّة‪ ،‬حين يرون أشباه األميّين ينافسونهم‬ ‫في الحصول على اللجوء بحجّ ة الدراسات العليا‪،‬‬ ‫ويأخذون أماكنهم‪ ،‬كما أنّ هذه األفعال تجعل الشهادة‬ ‫السوريّة مثار شكّ‪ ،‬وتالحقها شبهة التزوير‪ ،‬ممّا يُنذر‬ ‫بكارثة احتمال صدور قرارات دوليّة تسحب بموجبها‬ ‫بعض الدول االعتراف بالشهادة السوريّة‪ .‬ومن بوادر‬ ‫ذلك ما أفاد به التصنيف العالميّ للجامعات‪ ،‬الذي يع ّده‬ ‫موقع “ويب ماتريكس” اإلسبانيّ “‪،”webometrics‬‬

‫بتراجع ترتيب جامعة دمشق عالم ّيا ً من ‪ 3400‬في‬ ‫منتصف العام ‪ 2012‬إلى ‪ 5070‬في عام ‪ 2014‬لمّا‬ ‫كانت الثورة قد قامت لتصحح الخطأ‪ ،‬ال لتكراره و‬ ‫تكريسه‪ ،‬و التشجيع عليه‪ ،‬وبما أنّ هذه الممارسات‬ ‫الخطرة ترقى إلى درجة الجريمة‪ ،‬فإنّ الواجب يفرض‬ ‫علينا تسمية األمور بمسمّياتها‪ ،‬حيث ال يمكن تسمية‬ ‫هذا العمل إلاّ ‪ :‬احتياالً وغ ّ‬ ‫شا ً وتزويراً‪ ،‬وتدميراً لسمعة‬ ‫الجامعات السوريّة ومصداقيتها‪ ،‬إ ّنه استهزا ٌء بك ّل‬ ‫الخرّ يجين‪ ،‬الذين تعبوا وذاقوا األمرّ ين‪ ،‬ليحصلوا على‬ ‫شهادتهم بجهدهم وتحصيلهم‪ ،‬إنّ الشهادات المزوّ رة‬ ‫تورّ ث آثاراً سلبي ًّة‪ ،‬تدمّر مستقبل الطالب الذي يعتمد‬ ‫عليها‪ ،‬لكونها س ُت ْك َتشف عاجالً أو آجالً‪.‬‬ ‫من الوجهة احلقوقيّة و املسؤوليّة القانونيّة‪:‬‬ ‫إنّ هذا الفعل يُعتبر اقترافا ً لجريمة التزوير بالنسبة‬ ‫لمن يبيعها‪ ،‬كما يُعتبر اقترافا ً لجريمة استعمال المزوّ ر‬ ‫لمن يشتريها‪.‬‬ ‫ممّا يُوجب التحذير لمن يبيع الشهادات المزوّ رة‪،‬‬ ‫ومن يشتريها و يحاول استخدامها بعواقب قانونيّة‪،‬‬ ‫ومؤيّدات جزائيّة ستطال ك ّل من يقترف ذلك‪.‬‬ ‫خالصة األمر أنّ الشهادات المزوّ رة ُت ّ‬ ‫مثل وهما ً‬ ‫معرف ّياً‪ ،‬باإلضافة إلى ما تق ّدمه من نشر المزيد من‬ ‫الجهل في المجتمع السوريّ مستقبالً‪ ،‬وإنّ من واجب‬ ‫ك ّل المنابر اإلعالميّة والصحفيّة‪ ،‬تسليط الضوء على‬ ‫هذه المسألة‪ ،‬والتوعية بأخطارها المستقبليّة‪.‬‬

‫احملامي أمحد صوّان‬

‫معالمنا األثرّية‬

‫بين النهب وعقود السرقة‪(...‬جامع يلُبغا)‬ ‫في ك ّل مكان من العالم هنالك معالم سياحيّة‬ ‫يُشتهرون بها مثل برج إي ّفل في فرنسا وتمثال‬ ‫الحرّ يّة في الواليات الم ّتحدة واألهرام في مصر‪،‬‬ ‫يفتخرون بها ويقومون بتجميلها وترميمها‬ ‫ويستغلّونها كمعالم أثريّة لجلب السيّاح‪ ،‬لكن في‬ ‫زمن البعث األمر مختلف‪ ،‬فال يه ّم التاريخ وال‬ ‫يه ّم الماضي وال المعالم األثريّة في بلدي‪ ،‬ال شيء‬ ‫له قيمة إلاّ المال‪ .‬وهاك ضحيّة الطمع والسرقة‪:‬‬ ‫جميل فيه‪ ،‬ليبقى‬ ‫جامع (يلبُغا) الذي بيع وهُدم ك ّل‬ ‫ٍ‬ ‫بنا ًء مهجوراً تمّت من خالله صفقات سرقة فاقت‬ ‫‪ 500‬مليون ليرة سورية‪،‬‬ ‫تحت مسمّى رامي مخلوف‬ ‫المالك الحصريّ لهذا المعلم‬ ‫الجميل‪.‬‬

‫التاريخيّة‪ ،‬ليشيّد عوضا ً عنه مجمّع كبير وبجواره‬ ‫جامع حديث؛ فبدأ األمر بفتح باب للمناقصة وت ّم‬ ‫تقديم ثالثة عروض ‪ -‬لكي ال يت ّم حصرها في‬ ‫عرض وحيد ‪ -‬مق ّدمة من شركة ميسكا السعوديّة‬ ‫وشركة قصر الملكة اإلماراتيّة وشركة أخرى‪،‬‬ ‫حيث تبيّن أنّ الشركات الثالث هي شركات‬ ‫سوريّة وهميّة من أجل التالعب في هذا العقد‪،‬‬ ‫إلاّ أنّ شركة ميسكا المسجّ ل فيها شركاء سوريّون‬ ‫مغتربون‪ ،‬وهم أصحاب التمويل‪ ،‬وكان لرامي‬ ‫ّ‬ ‫منظمة وشرعيّة‪.‬‬ ‫مخلوف حصّة فيها كرشوة‬

‫ج��ول��ة سريعة يف كتب‬ ‫التاريخ تقول‪:‬‬ ‫إنّ جامع (يلبُغا) الذي‬ ‫بناه أمير دمشق في عهد‬ ‫المماليك سيف الدين يلبُغا‬ ‫وال���ذي سُ��مّ��ي على اسمه‬ ‫وشيّد عام ‪ 1347‬للميالد‪،‬‬ ‫ويع ّد هذا الجامع من أشهر‬ ‫جوامع دمشق‪ ،‬وهو أحد‬ ‫الجوامع الكبرى التي بُنيت‬ ‫على نسق الجامع األمويّ ‪،‬‬ ‫وك��ان يحتوي على مكتبة‬ ‫كبيرة ج ّداً‪ ،‬وُ ّثق جز ٌء منها‬ ‫وسُ���رق اآلخ���ر‪ ،‬كما أنّ‬ ‫حجره المنقوش عليه كالم هللا وأسماء األمراء‬ ‫والملوك هُ��دم ما هُ��دم منه‪ ،‬وسُ��رق ما سُرق‪،‬‬ ‫وقد بُني على تلّه كان يُشنق عليها المجرمون‬ ‫والخارجون عن القانون (لعلّه من أسباب الحقد‬ ‫لهدمه) وهو ثاني أكبر مساجد المماليك‪ ،‬هذا المع َلم‬ ‫التاريخيّ كان ‪ -‬يوما ً ما ‪ -‬مركزاً لشيخ اإلسالم‬ ‫ابن تيميّة‪ ،‬وبعدها حُوِّ ل إلى المدرسة السلطانيّة‬ ‫في زمن الشريف فيصل‪ ،‬وفي زمن األسد األب‬ ‫هُدم ليصبح تحت مسمّى مجمّع دينيّ وجامع يلبُغا‪،‬‬ ‫ومن ث ّم إلى مجمّع تجاريّ ‪ ،‬ومن ث ّم إلى جامع‬ ‫باسل األسد ومجمّع يلبُغا‪ ،‬ومن ث ّم أصبح هيكل‬ ‫عظم تعلّق عليه اللوحات الدعائيّة الخاصّة بشركة‬ ‫سرياتيل لمالكها رامي مخلوف! كيف ال وهو‬ ‫المالك بعقد غريب وشركات وهميّة؟!‬ ‫بدأت المناقصة على إكساء المجمّع‪ ،‬الذي بُني‬ ‫بعد هدم جزء من الجامع ومسحت ك ّل معالمه‬

‫بعدها ت ّم إعطاء وزير األوقاف األوامر بالتعاقد‬ ‫ت ر ّد إلاّ‬ ‫بالتراضي مع الشركات الثالث‪ ،‬فلم يأ ِ‬ ‫من شركة ميسكا‪ ،‬فاس ُتبعدت الشركتان األخريتان‬ ‫بسبب «عدم جدية عروضهما»! وت ّم التعاقد مع‬ ‫األول��ى‪ ،‬وهي التي أ ُ‬ ‫ْ‬ ‫نشئت من أجل هذا العقد‪،‬‬ ‫وقامت بالدراسات االقتصاديّة التي كلّفتها أمواالً‬ ‫طائلة على حساب الشركاء بمبلغ فاق ‪ 50‬مليون‬ ‫ليرة سوريّة‪.‬‬ ‫هنا حاول رجال رامي مخلوف تبييض وجه هذه‬ ‫الشركة عبر وسائل اإلعالم والترويج لها على أ ّنها‬ ‫شركة سعوديّة‪ ،‬بمعنى أنّ أصحابها من أهل الس ّنة‬ ‫ويحترمون المق ّدسات والمعالم التاريخيّة‪ ،‬لكنّ هذا‬ ‫كلّه لم يُسكت الجدل الدائر حول قيمة التعاقد إذ‬ ‫كانت قيمته ‪ 240‬مليون ليرة سورية في السنة‪،‬‬ ‫وحسب االقتصاديّين فإ ّنه يجب ألاّ يق ّل عن مليار‬ ‫ليرة سوريّة في السنة‪.‬‬

‫هنا بدأ الحديث يدور بين مكتب الرئيس وفروع‬ ‫األمن‪ ،‬فقرّ روا االبتعاد عن القمع كونه موضوعا ً‬ ‫حسّاسا ً متعلّقا ً بمُلكيّة وقف دينيّ تاريخيّ ‪ ،‬وألغي‬ ‫التعاقد مع شركة ميسكا‪ ،‬التي تحتوي على شركاء‬ ‫أجانب وسوريّين مغتربين دفعوا أم��واالً طائلة‬ ‫لتكاليف الدراسة االقتصاديّة من أجل اإلكساء‬ ‫والرشوة لبعض ضعفاء األنفس في وزارة األوقاف‪،‬‬ ‫والتعاقد مع الشركة الثانية قصر الملكة الوهميّة‬ ‫والتابعة أيضا ً لرامي مخلوف بعقد قيمته ‪470‬‬ ‫مليون ليرة سورية‪ ،‬والذي ت ّم الطلب على دراسته‬ ‫م��ن قبل مجلس الفتوى‬ ‫والتشريع‪ ،‬فاخترعوا بعض‬ ‫االع��ت��راض��ات الشكليّة؛‬ ‫وبهذه الطريقة تكون مافيا‬ ‫آل األس��د ق��د ضمنت أن‬ ‫يكون العقد قد أُب��رم مع‬ ‫رام��ي مخلوف بحساسيّة‬ ‫أق ّل من رجال الدين ومن‬ ‫الشارع‪ ،‬وبعدم دفع تكاليف‬ ‫ال��دراس��ات ال��ت��ي دفعتها‬ ‫شركة ميسكا وت ّم سرقتها‬ ‫والتعاقد من خاللها لصالح‬ ‫شركة قصر الملكة‪ ،‬ومن‬ ‫ث ّم بدأت سرقات هذا المعلم‬ ‫التاريخيّ وبيع مخطوطاته‬ ‫وك ّل شيء أثريّ فيه‪ ،‬وتمّت‬ ‫س��رق��ة م��ا ي��ق��ارب ‪400‬‬ ‫مليون ليرة سوريّة‪ ،‬كسعر‬ ‫للحجر الجديد واإلسمنت‬ ‫والحديد‪ ،‬الذي ت ّم بيعهم بسعر زهيد من قبل الدولة‬ ‫لشركة قصر الملكة من أجل إكساء المجمّع‪ ،‬إذ‬ ‫أنّ رجال مخلوف كانوا يقومون ببيعه في السوق‬ ‫السوداء وال يت ّم استخدامه‪.‬‬ ‫بقي المجمّع على هذه الحال منذ الثمانينات وح ّتى‬ ‫اآلن؛ ذكاء عجيب! كيف ال وهم المافيا الوحيدة‬ ‫ّ‬ ‫ويحق لهم البيع والشراء في‬ ‫الشرعيّة والرسميّة‪،‬‬ ‫المعالم التاريخيّة واالقتصاديّة دون أيّ سؤال‪،‬‬ ‫ومن يتجرّ أ على مسائلة‪َ :‬من حوّ ل جامع يلبُغا‬ ‫التاريخيّ إلى مجمّع مهجور ت ّم من خالله سرقة ما‬ ‫يتجاوز ‪500‬مليون ليرة سوريّة؟!‬ ‫لكنّ الحال تغيّرت اآلن‪ ،‬وقد خرجت ثورتنا‬ ‫الكريمة لتستر ّد ما تمّت سرقته وتقتصّ من الحاكم‬ ‫ومن معه‪ ،‬ولنعيد بناء سوريانا سورية الشعب‪...‬‬

‫أمري جنم الدين‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪16‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫أمريكا ترفض استقبال (نساء طروادة)‬ ‫بأنّ المخابرات أخذوهم إلى مستودع‪،‬‬ ‫غرفة داخل غرفة‪ ،‬مكان ال يعرفه‬ ‫أحد‪ ،‬أطلقوا عليهم النار وقتلوهم بدم‬ ‫بارد”‪.‬‬ ‫مزاوجة بين األصل والتحديث‬

‫“كان ذلك يوم سبت‪ ،‬قيل لنا بأنّ المخابرات كانت‬ ‫تداهم المنازل عشوائ ّيا ً في حمص ووقعت حاالت‬ ‫اغتصاب وخطف‪ ،‬لذا َ‬ ‫أخذنا أخي إلى البيّاضة‪ .‬ك ّنا سبع‬ ‫نساء و‪ 25‬طفالً‪ .‬أخذونا في شاحنة (بيك آب) وكانت‬ ‫السماء تمطر علينا بغزارة وأخذ األطفال يصرخون‬ ‫ويبكون”‪ .‬مقطع من مسرحيّة (سوريا‪ :‬نساء طروادة)‬ ‫ّ‬ ‫منظمة بريطانيّة غير حكوميّة لالجئين‬ ‫أقامت‬ ‫ورشة للعالج بالدراما في العاصمة األردنيّة عمّان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‬ ‫حيث لبّت الدعوة ‪ 60‬امرأة نازحة‪ ،‬وصفتهنّ‬ ‫بالشخصيّات المتفرّ دة‪ .‬إحدى المشاركات فاتن‪ ،‬التي‬ ‫وجدت نفسها على خشبة المسرح بعد شهرين‪ ،‬تحكي‬ ‫حكاية هربها من حمص‪ ،‬كجزء من إع��ادة تمثيل‬ ‫مسرحيّة يوروبيدس “نساء ط��روادة” والتي دمجت‬ ‫قصصا ً حديثة للسوريّين في النصّ القديم‪ .‬وكجميع‬ ‫أفراد فريق المسرحيّة‪ ،‬لم تكن لفاتن تجربة سابقة مع‬ ‫التمثيل ولم تدرس اليونانيّة القديمة‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬ ‫وجدت أنّ نصّ يوروبيدس يخاطبها مباشرة‪.‬‬ ‫وقد التقت سينثيا بي شنايدر‪ ،‬الصحفيّة في مجلة‬ ‫“فورين بوليسي” النساء المشاركات في مسرحيّة‬ ‫“سوريا‪ :‬نساء طروادة” وتح ّدثت إليهنّ عن معاناتهن‬ ‫ابتداء من خروجهنّ من سورية وانتهاء بمشاركتهنّ‬ ‫بهذه المسرحيّة والصعوبات التي ال تزال تواجههنّ‬ ‫في محاوالت عرضها في دول مثل الواليات الم ّتحدة‬ ‫األمريكيّة التي رفضت استقبالهنّ ألسباب غير منطقيّة‪.‬‬ ‫في نصّ “سوريا‪ :‬نساء طروادة” تستمرّ فاتن (والتي‬ ‫ت ّم التح ّفظ على ذكر اسم عائلتها أو أيّة معلومة تعريفيّة‬ ‫عنها ألسباب أمنيّة) في سرد كيف عرفت بمقتل والدها‬ ‫وإخوتها على يد مخابرات ب ّ‬ ‫شار األسد “قال قريبي‬

‫تنتقل المسرحيّة بسالسة بين‬ ‫ط��روادة الحديثة والقديمة‪ ،‬معطية‬ ‫معنى ج��دي��داً للمجاز ال��ذي يقول‬ ‫إنّ ال��ح��رب أزل��يّ��ة‪ .‬ل��م يكن لدى‬ ‫“شارلوت إيغر” و “ويلي ستيرلينغ”‬ ‫و “جورجينا باغيت”‪ ،‬القائمين على‬ ‫مشروع العالج بالدراما لالجئين‬ ‫السوريّين المقيمين في األردنّ ‪ ،‬أدنى‬ ‫فكرة عن مدى قوّ ة األثر الذي من‬ ‫الممكن أن تحدثه مسرحيّة درسوها‬ ‫على أ ّنها اختصاص كالسيكيّ ‪ .‬ب��دأت الورشة في‬ ‫الخريف الماضي حيث توافدت النساء السوريّات ببطء‬ ‫في البداية عندما ُدعين ليخرجن من منازلهنّ المعزولة‬ ‫والمتفرّ قة حول عمّان‪ ،‬ولكن عندما انتشر الخبر‬ ‫ازدادت أعدادهن إلى حوالي الس ّتين‪ ،‬وفي النهاية وقع‬ ‫ّ‬ ‫الممثلين‪.‬‬ ‫االختيار على ‪ 12‬منهنّ ليش ّكلن فريق‬ ‫عندما ظهرت حماسة النساء لهذه المسرحيّة‬ ‫ومعانيها العميقة بوضوح‪ ،‬تحوّ لت الورشة من العالج‬ ‫نحو الدراما‪ ،‬ومن طروادة إلى سورية‪ .‬كان المخرج‬ ‫الرئيسيّ ال��س��وريّ عمر أب��و سعدة مكلّفا ً بإخراج‬ ‫المسرحيّة المعاد كتابتها‪ ،‬بحيث يت ّم دمج قصص‬ ‫هروب واغتراب وموت النساء الحقيقيّة‪ ،‬مع نصّ‬ ‫يوروبيديس القديم‪.‬‬ ‫خالل فترة الورشة والتدريبات‪ ،‬تح ّدثت النساء‬ ‫السوريّات إلى مخرجين من أجل الوثائقيّ القادم “ملكة‬ ‫سوريا”‪ ،‬والذي يؤرّ خ للمرحلة‪.‬‬ ‫تصف سعاد (ف��رد آخر من الفريق المكوّ ن من‬ ‫الجئين) للمخرجين كيف أنّ كلمات يوروبيديس‪،‬‬ ‫والتي كتبها منذ ‪ 2500‬عاماً‪ ،‬خاطبتها وكأ ّنها ُكتبت‬ ‫اليوم‪ ،‬تقول “عندما تستدير هيكوبا لتلقي نظرة أخيرة‬ ‫على طروادة‪ ،‬تلقي كلمة عن كونها لن ترى وطنها‬ ‫مرّ ة أخرى‪ ،‬أبكي عندما أقرأها‪ ،‬فحين عبورنا الحدود‬ ‫إلى األردن قال لي زوجي استرقي نظرة أخيرة إلى‬ ‫سورية‪ ،‬فمن الممكن ألاّ نراها مرّ ة أخرى أبداً”‪.‬‬ ‫سعاد هي صوت واحد لحوالي ثالثة ماليين الجئ‬ ‫خارج سورية‪ ،‬ناهيك عن ‪ 6.4‬مليون مهجّ ر داخل‬ ‫ّ‬ ‫سورية‪ ،‬ووفقا ً‬ ‫لمنظمة األمم الم ّتحدة العليا لشؤون‬

‫الالجئين فإنّ خمسة آالف سوريّ يهربون من سورية‬ ‫يوم ّياً‪ .‬وفي األيّام األخيرة ازداد هذا العدد إلى ‪200‬‬ ‫ألف تقريباً‪ ،‬هربوا بسبب العنف الممارس من قبل‬ ‫“داعش” في المناطق الكرديّة من سورية‪ .‬ومع تركيز‬ ‫اهتمام العالم على الحرب في العراق وسورية من‬ ‫الممكن أن تتفاقم أزمة الالجئين أكثر فأكثر‪ ،‬حيث‬ ‫سيزداد العنف على النساء والفتيات‪ .‬ولكن كما تساءل‬ ‫ديفيد ميليباند‪ ،‬مدير اللجنة الدوليّة لإلنقاذ في نيويورك‬ ‫“هل نستمع؟”‪.‬‬ ‫روابط الوطن‬ ‫وقد اعتزم مختبر األداء العالميّ والسياسات في‬ ‫جامعة جورج تاون رفع هذه األصوات الكثيرة غير‬ ‫المسموعة في واشنطن بواسطة العرض المسرحيّ‬ ‫“س��وري��ا‪ :‬نساء ط���روادة”‪ .‬لذلك ت�� ّم توجيه دعوة‬ ‫للمشاركات في المسرحيّة لعرضها‬ ‫في “مهرجان آالف األصوات”‪ ،‬ومن‬ ‫ث ّم نقلها إلى جامعة كولومبيا‪ ،‬وذلك‬ ‫بعد االستحسان الكبير الذي القته‬ ‫بعد عرضها في عمّان وبيروت‪.‬‬ ‫لكنّ خيبة األمل كانت كبيرة عندما‬ ‫رفضت الخارجيّة األمريكيّة منح‬ ‫النساء تأشيرات دخول من نموذج‬ ‫“بي‪ ”-3‬على أ ّنهم “ف ّنانون قادمون‬ ‫لتقديم برنامج عرض مميّز حضار ّياً”‬ ‫وذل��ك تحت البند “‪ 214‬ب��ي” من‬ ‫قانون الهجرة‪ ،‬والذي يتطلّب إثباتا ً‬ ‫على “ع��دم وج��ود نوايا للهجرة”‪.‬‬ ‫لدحض العكس‪ ،‬فإنّ على المتق ّدمين شرح “الروابط‬ ‫التي تربطهم ببلدهم األ ّم” وهو طلب مؤلم ألولئك‬ ‫الذين أُجبروا على الهرب رغما ً عنهم من منازلهم‬ ‫العزيزة عليهم في سورية‪ .‬كيف يمكن لالجئين أن‬ ‫يلبّوا متطلّبات شروط منح التأشيرة دون أن يكون لديهم‬ ‫أيّ ّ‬ ‫حق بالعمل أو القدرة على امتالك عقار في دول‬ ‫اللجوء؟ (ولسخرية القدر فإنّ أطفالهنّ ال يعتبرون دليالً‬ ‫كافيا ً على “الروابط التي تربط”)‪ .‬كما أضافت الحكومة‬ ‫األردنيّة عقبة جديدة‪ ،‬طالبة من الالجئين المغادرين‬ ‫للدولة الحصول على موافقة رسميّة من وزارة الداخليّة‬ ‫للدخول مرّ ة أخرى‪.‬‬ ‫لكنّ القائمين على العرض لم ييأسوا‪ ،‬فقد قرّ روا‬ ‫إيصال رسالتهم ولو عبر اإلنترنت‪ ،‬حيث قاموا بتنفيذ‬ ‫ّ‬ ‫المخطط له في ‪ 19‬أيلول ال يردعهم شيء‪.‬‬ ‫العرض‬ ‫ومع أ ّنه كان حديثا ً افتراض ّيا ً أكثر منه عرضاً‪ ،‬إلاّ‬ ‫أنّ نساء الفريق سهرن طوال الليل في عمان وهنّ‬

‫يتح ّدثن مباشرة إلى جمهور يفوق الـ ‪ 300‬شخصا ً في‬ ‫جورجتاون‪.‬‬ ‫وهكذا ازداد إصرار النساء على تقديم العرض في‬ ‫الواليات الم ّتحدة األمريكيّة‪ ،‬لذا تق ّدمن ثانية بطلب‬ ‫تأشيرات‪ .‬لكن هل من الممكن أن يحدث العرض‬ ‫الحقيقيّ ؟ وهل سيت ّم منحهنّ التأشيرات في المحاولة‬ ‫الثانية؟ كان ديفيد دوناهو‪ ،‬النائب األوّ ل لمساعد وزيرة‬ ‫ّ‬ ‫البث من‬ ‫الخارجيّة للشؤون القنصليّة‪ ،‬حاضراً في ليلة‬ ‫عمان‪ ،‬لك ّنه لم يفصح عن شيء عندما أجاب بشجاعة‬ ‫لكن بخشونة على س��ؤال النسوة‪“ :‬لماذا رفضت‬ ‫تأشيراتنا؟”‪ ،‬قائالً‪”:‬أحيانا ً بسبب القانون وبسبب نقص‬ ‫التمويل أو أل ّنك من بلد يعيش فوضى‪ ،‬ال يمكنك أن‬ ‫تفعل األشياء التي تريدها‪ .‬في هذا اليوم بالتحديد لم‬ ‫يوافقن متطلّبات القانون”‪.‬‬

‫“داعش” سرّ ها باتع‬ ‫وبعد ع ّدة أيّام فقط‪ ،‬تجد الواليات الم ّتحدة نفسها‬ ‫في حرب ضمن سورية‪ .‬والمثير للسخريّة أنّ وحشيّة‬ ‫“داعش” فعلت ما لم تفعله الكارثة اإلنسانيّة لالجئين‬ ‫السوريّين‪ :‬دفعت الشعب والحكومة األمريكيّين للقيام‬ ‫بر ّدة فعل‪ .‬لكن بعد أن تت ّم هزيمة “داعش”‪ ،‬سيبقى‬ ‫األثر اإلنسانيّ المدمّر الناتج عن الصراع السوريّ ‪،‬‬ ‫وسيش ّكل الماليين الذين هربوا من الحرب تهديداً‬ ‫طويل األمد لالستقرار في المنطقة‪ .‬لن يت ّم إسكاتهم‪،‬‬ ‫لكن هل سيسمع العالم صوتهم حينها؟‬ ‫يُذكر أنّ النصّ األصليّ لمسرحيّة “نساء طروادة”‬ ‫كتبه المسرحي اليوناني يوريبيدس في العام ‪415‬‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬وي��دور حول معاناة أربع نساء جرّ اء‬ ‫احتالل أثينا الدمويّ لجزيرة ميلوس خالل الحرب‬ ‫البولوبونيسيّة‪ ،‬والتي نتج عنه حرب مدمّرة وأسى‬ ‫شديد لدى النساء األربع‪ .‬إعداد‪ :‬رهف موسى‬

‫المرأة السورّية في الثورة‬

‫مشاركة فاعلة وحاضر أسود ومستقبل غامض‬ ‫كان للمرأة السوريّة دور فاعل مع بداية الحراك‬ ‫الثوريّ ‪ ،‬لقد شاركت باالعتصامات أمام السفارة‬ ‫التونسيّة والمصريّة والليبيّة ببداية عام ‪ ،2011‬كما‬ ‫شاركت بمظاهرة الحريقة بتاريخ ‪2011-3-15‬؛ أوّ ل‬ ‫من أطلق شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» كانت‬ ‫السيّدة نائلة األطرش بتاريخ ‪.2011-4-12‬‬ ‫عملت المرأة في المجال اإلغاثيّ والطبّيّ وبجمع‬ ‫التبرّ عات وإيصالها لعائالت المعتقلين‪ ،‬كما شاركت‬ ‫بكتابة الالفتات وتنظيم المظاهرات‪ ،‬ونقل المواد‬ ‫الط ّبيّة لمناطق التو ّتر‪ ،‬كما ساهمت بتهريب الناشطين‬ ‫الشباب حيث كان الوضع األمنيّ للنساء أفضل نسب ّيا ً‬ ‫من وضع الشباب ويتم ّتعن بقدر أوسع من حرّ يّة‬ ‫التن ّقل‪ ،‬كذلك ال يمكن إغفال دورهنّ بمجال حقوق‬ ‫اإلنسان من خالل الدفاع عن المعتقلين وتوثيق حاالت‬ ‫االختفاء القسريّ والتعذيب‪.‬‬ ‫إنّ النظام السوريّ القائم على تغوّ ل األجهزة‬ ‫األمنيّة‪ ،‬والبطش وتكميم األفواه ومصادرة الحرّ يّات‬ ‫جعل المواطن السوريّ الذكر قبل األنثى ال يجرؤ‬ ‫على مجرّ د التفكير بالحرّ يّة؛ إلاّ أنّ الثورة و ّفرت‬ ‫مساحة من الحرّ يّة م ّكنت المرأة من إطالق صوتها‬ ‫الرافض للنظام وللقيم الدونيّة التي كرّ سها خالل أكثر‬ ‫من أربعين عاماً‪ ،‬استطاعت التعبير عن مطالبها‬ ‫بالحرّ يّة والكرامة والمواطنة‪ ،‬كما شاركت النساء من‬ ‫مختلف المرجعيّات الفكريّة والدينيّة واإلثنيّة‪ ،‬وعانت‬ ‫كالرجل من االعتقال والتعذيب واإلهانة واالغتصاب‪،‬‬ ‫وإنّ كانت الثورة قد أعطت المرأة مساحة من الحرّ يّة‪،‬‬ ‫فإنّ المرأة أعطت الثورة وجها ً مشرقا ً مدن ّياً‪.‬‬ ‫تن ّقلت النساء بين مختلف المناطق لتقديم مساعدات‬ ‫ط ّبيّة تارة وإغاثيّة تارة أخرى وللتنسيق للمظاهرات‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ثالثة‪ ،‬وأعمال ومبادرات كثيرة ال يمكن حصرها‪،‬‬ ‫عملت في المناطق الريفيّة والمناطق األكثر فقراً‬ ‫والمحافِظة‪ ،‬مح ِّققة حضوراً طيّبا ً وقبوالً اجتماع ّياً‪،‬‬ ‫دون النظر النتمائها أو الزيّ الذي تلبس أو عمرها‪،‬‬ ‫كانت في أوج نشاطها‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ مساحة الحرّ يّة التي تو ّفرت خالل عاميّ‬ ‫‪ 1011‬و‪ 2012‬ما لبثت أن تضاءلت مع ازدي��اد‬ ‫وحشية النظام وازدياد العمليّات العسكريّة‪ ،‬ومشاركة‬ ‫تنظيمات متش ّددة بتلك العمليّات وما رافقه من فرض‬ ‫توجّ هاتهم بمنطق القوّ ة ومنطق صاحب الفضل بالنصر‬ ‫ّ‬ ‫الحق بفرض سلطته على المناطق المحرّ رة‪،‬‬ ‫وصاحب‬ ‫فت ّم تحجيم دور المرأة وممارسة التضيق عليها‬ ‫ّ‬ ‫والتدخل بشكل مالبسها‪ ،‬كان ذلك‬ ‫بالحركة والتن ّقل‬ ‫بالتوازي مع تهميشها من قبل الناشطين واستبعادها‬ ‫من ك ّل الفعّاليّات المدنيّة بحجّ ة «الظرف الخاصّ ‪،‬‬ ‫والخطر المحدق»‪ .‬لم تستسلم‪ ،‬ح ّتى لضغوط الدولة‬ ‫اإلسالميّة‪ ،‬لقد قاومت النساء في مدينة الر ّقة سلطة‬ ‫الدولة ّ‬ ‫ونظمن العديد من الحمالت‪ ،‬إلاّ أ ّنهن تعرّ ضن‬ ‫لضغوط من ع ّدة جوانب منها‪ :‬الحاجة االقتصاديّة‬ ‫وسلبيّة الناشطين الذكور تجاه مبادرات الناشطات‪،‬‬ ‫واألكثر إيالما ً كان تعرّ ضهنّ للخطف والضرب من‬ ‫مجموعات نسائيّة بايعن (الدولة) ورضين بممارسة‬ ‫ّ‬ ‫بحق الناشطات‪ ،‬ممّا أ ّدى إلى نزوح‬ ‫دور الجالد‬ ‫هؤالء النساء والتخلّي عن دورهن‪.‬‬ ‫إنّ صمت الناشطين والكتائب المعتدلة وقوى‬ ‫ّ‬ ‫بحق النساء وتهميشهنّ ‪ ،‬بل‬ ‫المعارضة عن التضييق‬ ‫تب ّنى ذات مواقف الجهات المتش ّددة بحجّ ة «الظرف‬ ‫الموضوعيّ » وحالة الحرب‪ ،‬سمح لتلك الفئات‬ ‫بالتمادي تجاه النساء‪ ،‬إلى أن تالشى دورهنّ ‪ ،‬وباتت‬

‫ال��م��رأة ف��ي المناطق‬ ‫ال��خ��ارج��ة ع��ن سلطة‬ ‫ال��ن��ظ��ام بين مطرقة‬ ‫ال��ت��ط��رّ ف وس��ن��دان‬ ‫عقليّة ذكوريّة وجدت‬ ‫ظرفا ً مواتيا ً لممارسة‬ ‫تسلّطها‪ ،‬وبين االثنين‬ ‫حاجة اقتصاديّة وفاقة‬ ‫بسبب ظرف النزوح‬ ‫وفقدان العمل‪.‬‬ ‫لقد تضرّ رت المرأة أش ّد الضرر‪ ،‬اضطرت بداية‬ ‫إلى النزوح من بيتها وفقدت عملها بااللتجاء للمناطق‬ ‫المحرّ رة هربا ً من بطش النظام لتجد مصيراً ال يق ّل‬ ‫قسوة عن وضعها السابق لتتابع رحلة النزوح بحثا ً‬ ‫عن مالذ آمن ومورد يج ّنبها الفاقة‪.‬‬ ‫لقد ساهم الناشطون بتر ّدي وضع المرأة عندما‬ ‫تب ّنوا آراء دخيلة على مجتمعنا وساهموا بتسويقها‬ ‫متجاوزين أهداف الثورة األولى ومتجاهلين شريكتهم‬ ‫بالوطن تحت حجج وذرائع واهية ترضي المموّ لين‬ ‫ومراكز القوّ ة وذكوريّتهم التي وجدت مساحة للتعبير‬ ‫عن التفوّ ق‪.‬‬ ‫إنّ الثورة السوريّة التي قامت ض ّد الظلم والقمع‪،‬‬ ‫ض ّد نظام فاسد‪ ،‬لم تصل إلى مستوى ثورة ألجل‬ ‫حقوق اإلنسان والمواطن وألجل حقوق المرأة التي‬ ‫ّ‬ ‫يتجزأ من حقوق اإلنسان ومن عمليّة بناء‬ ‫هي جزء ال‬ ‫الوطن؛ لم تتبنّ صوت السالح الذي أصبح األعلى‬ ‫والوحيد في سورية‪ ،‬باإلضافة إلى تشرذم المعارضة‬ ‫السوريّة وضعف ك ّل منها‪ .‬هذا يعني أ ّنه حين تبدأ‬ ‫المرحلة االنتقاليّة سيحكم البلد من يح ّقق النصر‪،‬‬

‫ويبدو أنّ الجناح المسلّح من المعارضة من سيح ّققه‪.‬‬ ‫هنا ستخسر المرأة‪ ،‬ألنّ المعارضة السياسيّة ستكون‬ ‫غير قادرة على فرض وجودها‪ ،‬باعتبارها لم تح ّقق‬ ‫ذلك النصر‪ ،‬وبالتالي فإنّ المرأة ستأتي بالدرجة الثانية‪.‬‬ ‫ولك ّني في الوقت نفسه أعلق آماالً كبيرة على وعي‬ ‫المرأة الجديد‪ ،‬الذي تش ّكل خالل الحراك الثوري‪،‬‬ ‫واكتشافها لقدراتها‪ ،‬وستستفيد المرأة من هذا الوعي‬ ‫ّ‬ ‫المنظم «التشكيالت المدنيّة‬ ‫الحقا ً من خالل العمل‬ ‫والسياسيّة بمختلف توجّ هاتها موضوع حقوق المرأة‬ ‫كشرط أساسيّ للتغيير»‪ .‬لقد اعتبروا الحديث عن هذا‬ ‫الموضوع ضربا ً من الترف بوقت ال ي ّتسع للترف‪،‬‬ ‫وما يقال عن حقوق المرأة يقال عن القيم والشعارات‬ ‫التي تب ّنتها الثورة السوريّة منذ انطالقتها «الحرّ يّة‪،‬‬ ‫الكرامة‪ ،‬العدالة‪ ،‬المساواة‪ ،‬المواطنة‪ ،‬دولة القانون»‪.‬‬ ‫الخطر اآلخر المتو ّقع حين تبدأ المرحلة االنتقاليّة‪،‬‬ ‫حيث يحكم البلد من يح ّقق النصر‪ ،‬فإنّ كان النصر‬ ‫على يد الجماعات المسلّحة‪ ،‬ستكون الخسارة الثالثة‬ ‫ّ‬ ‫متأخرة بقائمة األولويّات‪،‬‬ ‫للمرأة حيث ستكون بمرتبة‬ ‫والمؤ ّ‬ ‫شرات تنبئ بذلك‪.‬‬

‫كفاح زعرتي‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫إشكالّية الدولة بين ّ‬ ‫الحق والعنف‬

‫تشتغل الدولة عبر ع ّدة مؤسّسات وأجهزة‬ ‫لفرض السلطة والنظام العا ّم بهدف الحفاظ على‬ ‫األم��ن والسلم والتعايش داخ��ل المجتمع‪ .‬لكن‬ ‫كيف تمارس الدولة سلطتها؟ هل انطالقا ً من‬ ‫الترهيب والتخويف‪ .‬أم انطالقا ً من العنف الالزم‬ ‫والضروريّ لبسط سيادة الدولة؟ وهو ما يسمّى‬ ‫العنف المشروع؟‬ ‫فمكيافيللي آمن بأنّ الناس أشرار بطبيعتهم‬ ‫وأ ّنهم ال يفعلون الخير إلاّ للضرورة ويقرّ بأنّ‬ ‫الخطيئة أصيلة في اإلنسان وسهولة إفساد الناس‪،‬‬ ‫وانطالقا ً من نظرة مكيافللي المتشائمة للطبيعة‬ ‫البشريّة اعتبر العامل األمنيّ هو العامل األساس‬ ‫لتكوين الدول فهو يرى بأنّ الدافع األساسيّ لنشوء‬ ‫الدول والمجتمعات البشريّة هو رغبة الجماعات‬ ‫في التخلّص من األخطار وأهوال الحروب وقد‬ ‫نظر مكيافيللي للدولة كغاية في ذاتها‬ ‫وح ّتى تحقيق هذه الغاية ال ب ّد من اتباع‬ ‫المبدأ المعروف الغاية تبرر الوسيلة‪،‬‬ ‫باعتباره واحداً من أه ّم مرتكزات الحاكم‬ ‫القويّ في سبيل تحقيق الدولة‪.‬‬ ‫أمّا عند هوبز فالدولة تنشأ عن تعاقد‬ ‫يتخلّى بموجبه ك ّل فرد عن ح ّقه على ك ّل‬ ‫األشياء لصالح المجموعة في يد رئيس‬ ‫يجمع بهذه الكيفيّة القوّ ة المطلقة‪ .‬لذلك فإنّ‬ ‫صاحب السيادة ال يرسي النظام إلاّ باسم‬ ‫مصلحته الخاّصة‪ ،‬ليحافظ على سلطانه‪،‬‬ ‫الذي يمكن أن ينافسه عليه فرد آخر‪،‬‬ ‫يعتبر مجرما ً عندما يفشل‪ ،‬أمّا في حالة‬ ‫النجاح يصبح ذلك الفرد صاحب السيادة‪ .‬هذا‬ ‫يعني أنّ السلطة السياسيّة تتأسّس على الخوف‬ ‫وأنّ اإلنسان له ميل للطاعة من أجل إقامة السلم‬ ‫المدنيّ ‪.‬‬

‫والعالقة داخل الدولة هي عالقة الك ّل بالالشيء‬ ‫لكن اإلكراه فيها يؤ ّدي إلى السلم وهكذا يتجسّد‬ ‫نموذج ميكانيكيّ عقالني في العالقة بين السلطة‬ ‫والمواطنين وجوهر المسألة بالنسبة إلى هوبز‬ ‫ّ‬ ‫يتلخص في أحد أمرين‪ :‬خشية الموت العنيف‬ ‫في حالة الطبيعة أو إكراه القانون‪ ،‬إمّا أن يفنى‬ ‫اإلنسان في حالة الطبيعة وإمّا الخضوع لسلطة‬ ‫مطلقة وال يوجد ح ّل ثالث‪ .‬لكنّ الح ّل الذي ّ‬ ‫يتمثل‬ ‫في الطاعة المطلقة لسلطة مطلقة ليس حالًّ معقوالً‬ ‫إ ّنما هو ح ّل عقالنيّ يوصي به قانون الطبيعة‬ ‫ويحسب العقل الفوائد التي تحصل لإلنسان من‬ ‫خالله‪.‬‬

‫بالمقابل يندرج «ماكس فيبر» ضمن تصور‬ ‫السوسيولوجيا السياسيّة وهو تصوّ ر يسعى إلى‬ ‫ّ‬ ‫الحق والعنف‪ .‬حيث‬ ‫مقاربة إشكاليّة الدولة بين‬ ‫ينطلق «فيبر» من مقولة ماركسيّة مفادها «ك ّل‬ ‫دولة تنبني على القوّ ة» فتبعا لهذا نجد الدولة‬ ‫تستم ّد سلطتها من القوّ ة التي تمارسها بهدف بسط‬ ‫هيبتها وسيطرتها ألجل الحفاظ على النظام العام‬ ‫واالستقرار االجتماعي‪ ،‬وهذه القوّ ة هي حكر‬ ‫على الدولة وهذا ما دفع «فيبر» إلى أن ينعتها‬ ‫بـ «العنف المشروع» فهو عنف تمارسه الدولة‬ ‫باسم القانون‪.‬‬ ‫الباحثة الفرنسيّة «جاكلين روس» نجدها‬ ‫تميّز بين نوعين من الدول‪ :‬فهناك الدولة التقليديّة‬ ‫وهناك الدولة العصريّة‪.‬‬

‫تتميّز الدولة التقليديّة بطبيعتها االستبداديّة‪،‬‬ ‫فهي دولة مطلقة وشموليّة تختزل ك ّل السلطات‬ ‫في يد واحدة وهذا ما يجعل منها دولة مستب ّدة‬ ‫تمارس العنف والقهر على مواطنيها الذين‬ ‫يتحوّ لون إلى مجرّ د رعايا ووسائل في خدمة‬ ‫الدولة‪ .‬بخالف هذا تتح ّدد الدولة العصريّة‬ ‫ّ‬ ‫الحق والقانون‪،‬‬ ‫بطبيعتها الديموقراطيّة فهي دولة‬ ‫ّ‬ ‫الحق والقانون وذلك‬ ‫إ ّنها تستم ّد مشروعيتها من‬ ‫من خالل الفصل بين السلطات وعبر احترام‬ ‫مواطنيها باعتبارهم ذوات عاقلة وأخالقيّة‪ .‬إنّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق والقانون تنظر للمواطن كغاية في ذاته‬ ‫دولة‬ ‫وبهذا تتحوّ ل الدولة إلى وسيلة لخدمة المواطنين‪.‬‬ ‫العنف يعبّر في كثير من األحيان عن مشاعر‬ ‫ال ترتبط بالضرورة بالسياسة‪ ،‬كالخوف من‬ ‫الموت والفناء‪ ،‬والبحث عن الخلود عن طريق‬ ‫استمراريّة الجماعة‪ .‬ويظهر العنف المضا ّد‬

‫للسلطة عند غياب الحرّ يّة؛ فالحرّ يّة تعني‬ ‫«القدرة على الفعل» أو «القدرة على التأثير»‪.‬‬ ‫إنّ الديمقراطيّات الحديّثة لها طابع بيروقراطيّ‬ ‫بشكل رئيسيّ وبالتالي فهي تجنح إلى التقليص من‬ ‫فضاء الحرّ يّة‪ ،‬بل تسعى إلى جعلها دون جدوى‬ ‫وفعّاليّة وبدون معنى‪ ،‬سيّما وأنّ البيروقراطيّة‬ ‫تبدو وكأ ّنها «سلطة بدون هويّة سياسيّة»‪ .‬إنّ‬ ‫المث ّقفين في الشرق ينشدون الحرّ يّة ويطالبون‬ ‫بها‪ ،‬أمّا المثقفون في الغرب فيرون أنّ حرّ يّتهم‬ ‫ليس لها معنى‪ ،‬وهذا ما أفضى في النهاية إلى‬ ‫أعمال العنف‪ .‬إنّ المف ّكرين المحدثين الذين مجّ دوا‬ ‫العنف إ ّنما انطلقوا من أساطير وأوهام سياسيّة‪،‬‬ ‫فاعتبروا أنّ العنف قد يكون خلاّ قا ً ومنقذاً للجماعة‬ ‫كما هو الشأن عند جورج سوريل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظرين في فلسفة القانون‬ ‫يذهب كثير من‬ ‫الذين ينتمون إلى المدرسة الوضعيّة إلى‬ ‫أنّ العنف ال يرتبط بالضرورة بالعمل‬ ‫السياسيّ بل يخضع لضوابط قانونيّة في‬ ‫غاية من التحديد والد ّقة‪ ،‬فهانس كلسن‬ ‫ي��رى أنّ الدولة تتماهى مع نظامها‬ ‫القانونيّ ‪ .‬وأنّ النظام القانونيّ يح ّدد‬ ‫طبيعة السلطة وهويّة الشعب ويح ّدد القيم‬ ‫السياسيّة كما يح ّدد العنف الشرعيّ الذي‬ ‫يجوز للدولة أن تلجأ إليه إذا اقتضت‬ ‫ّ‬ ‫ينظم مجال‬ ‫الضرورة ذلك‪ .‬فالقانون‬ ‫الحرّ يّة ويقيّد اللجوء إلى العنف بشروط‬ ‫متع ّددة‪ ،‬وبالتالي فالعنف ال ّ‬ ‫يمثل ظاهرة‬ ‫يستحيل التح ّكم فيها وضبطها‬

‫ينتهي الفيلسوف الفرنسي «بول ريكور»‬ ‫ّ‬ ‫الحق والعنف إلى‬ ‫في تصوّ ره إلشكاليّة الدولة بين‬ ‫اعتبار أنّ الدولة هي تركيب تاريخيّ وعقالنيّ ‪،‬‬ ‫إ ّنها تنطوي في ذاتها على مفاهيم العنف والقوّ ة‬ ‫ّ‬ ‫الحق والحرّ يّة والقانون فالدولة‬ ‫والسلطة ومفاهيم‬ ‫كمعطى تاريخيّ جسّدت أشكال القهر والعنف‬ ‫واالستبداد وعبر هذه الوسائل أرست هياكلها‪،‬‬ ‫غير أنّ الدولة ال تش ّكل فقط معطى تاريخيّ للقهر‬ ‫والعنف إ ّنها كذلك معطى عقالني تقوم بتربية‬ ‫ّ‬ ‫والحق والقانون‪،‬‬ ‫المواطن تربية أساسها الحرّ يّة‬ ‫فالدولة في هذا المستوى تنظر إلى المواطن ككائن‬ ‫ّ‬ ‫المتمثلة في‬ ‫عاقل قادر على استيعاب مبادئها‬ ‫ّ‬ ‫الحق والحرّ يّة القانون وعليه فالدولة حسب بول‬ ‫ريكور هي تركيب تاريخيّ وعقالنيّ ينطوي في‬ ‫ّ‬ ‫والحق والقوّ ة والقانون المتسلّط‬ ‫ذاته على العنف‬ ‫والحرّ يّة‪.‬‬

‫عبدو نيب‬

‫إشكالّية العالقة بين اإلسالم والدولة والسياسة‬

‫إنّ الفصل بين اإلسالم والدولة ضروريّ ‪ ،‬إذا العامّة‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫أردنا أن نضمن للمجتمعات اإلسالميّة أن تصبح‬ ‫بالمقابل‪ ،‬ففصل الدولة عن السياسة‪ ،‬يمنح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مسلِمة انطالقا من قناعتها الذاتيّة‪ ،‬وليس انسياقا اإلمكانيّة للضعفاء للجوء إلى أجهزة الدولة‬ ‫وراء إرادة الدولة القهريّة‪ .‬وهذا الفصل ال وجه ومؤسّساتها‪ ،‬سعيا ً نحو حمايتها ض ّد تع ّديات‬ ‫ّ‬ ‫للتشكيك في صحّ ته وشرعيّته‪ ،‬ألننا لو نظرنا إلى رجال الدولة ذاتها‪ ،‬وإساءة استخدامهم لسلطتهم‪.‬‬ ‫المطلب المضا ّد أو النقيض له‪ ،‬أي هدف تحقيق والمثال على ذل��ك‪ ،‬حالة ال��دول ذات الحزب‬ ‫دولة إسالميّة تقوم بتطبيق الشريعة اإلسالميّة الواحد‪ ،‬حيث تمتزج الدولة بالحزب‪ ،‬وال يجد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بوصفها قانونا وضع ّيا‪ ،‬سنجده ال يتمتع بالتماسك المواطنون مستويات للتوسّط والتظلّم‪ .‬وهذا يدفع‬ ‫المنطقيّ من جهة أولى‪ ،‬وليست له سابقة تاريخيّة المواطنين للسلبيّة واالنسحاب من التعاون مع‬ ‫ً‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬وغير عمليّ واقع ّيا من جهة ثالثة الدولة‪ ،‬لفائدة ممارسة المقاومة العنيفة‪ ،‬كما حال‬ ‫وأخيرة‪ .‬بالتالي‪ ،‬فتطبيق الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬الجماعات السياسيّة التي يطلق عليها باإلسالميّة‪.‬‬ ‫من خالل سلطة الدولة القهريّة‪ ،‬غير مرغوب هذه الجماعة يجب أن يسمح لها بالعمل السياسيّ‬ ‫إنّ الجهود الرامية إلى تحقيق الدولة اإلسالميّة‬ ‫فيه‪ ،‬كما ال يمكن تحقيقه‪ .‬من هنا‪ ،‬فإنّ الدولة الحزبيّ العلنيّ والقانونيّ ‪ ،‬وإلاّ فإ ّنها سوف تلجأ ليس فقط محكوم عليها بالفشل‪ ،‬المصحوب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫العلمانيّة‪ ،‬إنما تمثل هدفا جديرا بالسعي إليه‪ ،‬إلى ممارسة العنف السياسيّ ‪ ،‬في سعيها للسيطرة بتكاليف إنسانيّة وما ّديّة رهيبة‪ ،‬ولك ّنها أيضا ً تقود‬ ‫وقابالً للتحقيق أيضاً‪.‬‬ ‫على الدولة أو االنقالب العسكريّ ‪ ،‬أو أيّة وسائل إلى عكس ما تسعى إليه‪ ،‬أو ما هو مفترض فيها‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ الفصل بين اإلسالم والدولة ال يعني أخرى غير دستوريّة‪.‬‬ ‫إ ّن��ه ال مانع‪ ،‬بل من المطلوب أن يستلهم‬ ‫إطالقا ً الفصل بين اإلس�لام والسياسة‪ ،‬إذ ال‬ ‫ث ّم إ ّنه من الضروري بالنسبة للمتديّنين‪ ،‬أن المسلمون المبادئ اإلسالميّة‪ ،‬ويقترحوا سياسات‬ ‫يمكنهما أن يُفصال‪ ،‬كما ال يتعيّن أن ينفصال‪ ،‬يجدوا للحكم الدستوريّ التبرير الدينيّ وحقوق وتشريعات تعبر عن عقائدهم الدينيّة‪ ،‬لكن ال يجب‬ ‫والمطلوب هو تسهيل عمليّة تنظيم العالقة بين اإلنسان‪ ،‬بوصفهما اإلطار الضروريّ لتنظيم أن يت ّم االكتفاء بالتأكيد على أنّ تلك المقترحات‬ ‫اإلسالم والدولة من خالل السياسة‪ ،‬عبر إخضاع الدور العا ّم للدين‪.‬‬ ‫تتطلّبها أو تفرضها الشريعة‪ .‬إنّ معايير‬ ‫تلك العالقة للضمانات الدستوريّة والقانونيّة‪،‬‬ ‫إنّ ال��ت��ح�� ّدي ال���ذي تواجهه المجتمعات الشرعيّة‪ ،‬بنظره‪ ،‬ال يمكن استمدادها من القرآن‬ ‫واعتبار أن مبادئ الشريعة تفقد سلطتها الدينيّة اإلسالميّة‪ ،‬إ ّنما هو تحدي الفصل بين اإلسالم والس ّنة إلاّ من خالل الفهم اإلنسانيّ ‪ ،‬والذي يعني‬ ‫وقيمتها الدينيّة‪ ،‬عندما يجري فرضها من قبل والدولة‪ ،‬رغم االرتباط الموجود بين اإلسالم بالضرورة حتميّة االختالف في اآلراء واحتمال‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫والسياسة‪ ،‬أل ّنه من شأن ذلك توفير دور إيجابي الخطأ‪ ،‬سواء جرى تقرير األمر فيما بين جماعة‬ ‫من هنا‪ ،‬ضرورة رفض تولّي الدولة ممارسة مالئم ومستنير للشريعة في حياة المسلمين العلماء والفقهاء‪ ،‬محدودة النطاق‪ ،‬أو في إطار‬ ‫السلطة باسم اإلسالم‪ ،‬أو بكلمات أخرى أن تزعم والمجتمعات اإلسالميّة‪ .‬وهذا ال��رأي يمكنني الجماعة اإلسالميّة األوسع‪.‬‬ ‫لنفسها سلطة إسالميّة‪ ،‬ألنّ الشريعة عندما تسقط أيضا ً أن أسميه الحياد الدينيّ للدولة‪ ،‬حيث ال‬ ‫إنّ الشريعة‪ ،‬كانت وستظ ّل فهما ً إنسان ّياً‪،‬‬ ‫بيد البشر تصبح إنسانيّة‪ ،‬ومن هنا فهي معرّ ضة تقوم الدولة ومؤسّساتها بمحاباة ومعاداة عقيدة‪ ،‬ذا طبيعة تاريخيّة للقرآن والس ّنة‪ .‬أمّا تفسير‬ ‫للتقدير والحكم اإلنسانييّن‪ ،‬والخطأ بالمحصلة‪.‬‬ ‫أو مبادئ دينيّة ما‪ ،‬وهذا من شأنه تحقيق غاية تلك المصادر والتعبير عنها بوصفها معايير‬ ‫إنّ التمييز بين الدولة والسياسة‪ ،‬يفترض الشريعة في حياة المسلمين‪ ،‬وليس نفي دورها للشريعة‪ ،‬فقد كان دائما ً وسوف يظ ّل باستمرار‬ ‫وج��ود تفاعل مستمرّ بين أجهزة ومؤسّسات المركزيّ في حياتهم‪.‬‬ ‫جهداً إنسان ّياً‪ ،‬قابالً للتح ّدي وإعادة التشكيل‪ ،‬من‬ ‫الدولة من جهة‪ ،‬والقوى السياسيّة واالجتماعيّة‬ ‫إنّ الجمع بين الفصل بين اإلسالم والدولة‪ ،‬خالل بدائل إنسانيّة أخرى‪ ،‬لفهم ذات المصادر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫صالح الدين داود‬ ‫والمؤثرة ورؤاها المتنافسة للمصلحة‬ ‫النشطة‬

‫والوصل بين اإلسالم والسياسة سوف يسمح لنا‬ ‫بتطبيق المبادئ اإلسالميّة في السياسة الرسميّة‬ ‫والتشريع‪ ،‬ولكن من خالل إخضاع هذا التطبيق‬ ‫لضمانات الدستور وحقوق اإلنسان‪ ،‬وهو ما‬ ‫ال يرضي بعض األطراف‪ ،‬إذ اإلدراك السلبيّ‬ ‫العا ّم للعلمانيّة بين المسلمين‪ ،‬ال يميّز بين فصل‬ ‫اإلسالم عن الدولة‪ ،‬وارتباط اإلسالم بالسياسة‪.‬‬ ‫الفشل في إدراك هذا التمييز يدفع للتعامل مع‬ ‫فكرة الفصل بين اإلسالم والدولة‪ ،‬بوصفها فكرة‬ ‫تعني اإلبعاد الكامل لإلسالم من المجال السياسيّ‬ ‫العا ّم‪ ،‬إلى المجال اإلنسانيّ الخاصّ ‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ثقافة‬

‫الدين‬ ‫واإلرهاب‬ ‫منذ أواخر القرن العشرين‪ ،‬بات ينظر إلى الدين اإلسالميّ على أ ّنه‬ ‫دين اإلرهاب‪ ،‬يسعى للقتل والتدمير وفرض الدين ونشره بقوّ ة السالح‬ ‫وقتل المدنيّين الذين ال يندرجون تحت معاييرهم الدينيّة وإن كانوا‬ ‫يدينون بدين اإلسالم‪ ،‬والذي يطلق عليه اليوم «اإلسالم المعتدل»‪.‬‬ ‫ولكن بالعودة إلى الماضي سنجد تقاطعات أقرب للتشابه واالستنساخ‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات‬ ‫لمسارات نشر األديان التوحيديّة الثالثة‪ ،‬إضافة للحركات‬ ‫التي ظهرت خالل التاريخ المعاصر أو القديم‪.‬‬ ‫فتحت ذريعة محو الخطيئة واآلثام التي غرق فيها بنو كنعان‪،‬‬ ‫وأنّ هللا قد أطال آناته عليهم كثيراً ولمئات السنين‪ ،‬وكان قد أخبر هللا‬ ‫إبراهيم بأنّ نسله سيتغرّ ب لم ّدة أربعمائة عام‪ « ،‬ألنّ ذنب األموريّين‬ ‫ليس إلى اآلن كامالً « (سفر التكوين ‪ ،)16 :15‬ومرّ ت أربعمائة سنة‬ ‫وشرّ بني كنعان في تصاعد مستمرّ ال يقف عند ح ّد‪ ،‬فقدموا أطفالهم‬ ‫ذبائح بشريّة لإلله «مُولك» واإللهة «عشتاروت»‪ ،‬ومارست كاهنات‬ ‫المعابد الزنا كطقس من طقوس العبادة‪ ،‬وتو َّغلوا في السحر والعرافة‬ ‫واالتصال باألرواح‪ ،‬فكان الب ّد أن يسري عليهم الحكم اإللهيّ « ال‬ ‫تدَع ساحرة تعيش « (سفر الخروج ‪.)18 :22‬‬ ‫فقام اليهود بعد وفاة النبيّ موسى قبل عبور نهر األردن‪ ،‬واستالم‬ ‫يشوع بن نون القيادة‪ ،‬بعبور النهر وقاموا بشنّ حروب أحرقوا بها‬ ‫مدنا ً كاملة برجالها ونسائها وأطفالها وح ّتى حيواناتها‪ ،‬على أنّ هللا قد‬ ‫ّ‬ ‫سخرهم لتطهير األرض المق ّدسة التي وعدهم بها هللا‪ ،‬فقاموا باقتحام‬ ‫المدن والقيام بمجازر في مدن ع ّدة منها‪( :‬أريحا‪ ،‬وحاصور‪ ،‬وعاي)‬ ‫الذي بلغ عدد قتالها اثنا عشر ألفاً‪ ،‬وقد ورد عن اقتحام «حاصور في‬ ‫سفر يشوع اإلصحاح الحادي عشر» ضربوا ك ّل نفس بح ّد السيف‪.‬‬ ‫حرَّ مُوهم ولم َ‬ ‫تبق نسمة‪ ،‬وأُحرق «حاصور» بالنار‪ ،‬فأخذ يشوع ك ّل‬ ‫مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بح ّد السيف‪ ،‬حرَّ مهم كما‬ ‫أمر موسى عبد الرّ ب» (‪.)12-11‬‬ ‫أمّا الدين المسيحيّ فلم يكن براء كذلك‪ ،‬فمن القصص التي ُتروى‬ ‫عن اإلرهاب الذي كان يُمارس باسم الدين المسيحيّ وحماية وتطهير‬ ‫األرض‪ ،‬قصّة الفيلسوفة «هيباتيا» في اإلسكندرية‪ -‬مصر عام ‪415‬‬ ‫م‪ ،‬التي لم تكن تدين بالمسيحيّة وتنشر العلوم المعاصرة حينذاك وتقيم‬ ‫ُحلت وقُ ْ‬ ‫ندوات ومحاضرات فكريّة‪ ،‬حيث س ْ‬ ‫تلت وسُلخ جلدها‪ ،‬ث ّم‬ ‫أشعلت بها النيران وسط جموع من المسيحيّين الذين يهتفون بتطهير‬ ‫األرض والمجد للرّ ب‪ ،‬ولكن بقيت هذه المواقف كحاالت تظهر بين‬ ‫الفينة واألخرى‪ ،‬حيث أنّ مسير انتشار المسيحيّة غلب عليه الدعوة‬ ‫بالهداية والنشر السلميّ للعقيدة‪ ،‬فقد حافظ المسيحيّون على سلميّة‬ ‫المسيح «سمعتم أ ّنه قيل عين بعين وسن بسن‪ ،‬وأمّا أنا‪ ،‬فأقول لكم‪ :‬ال‬ ‫تقاوموا الشرّ بل َمن لطمك على خ ّدك األيمن فحوّ ل له اآلخر أيضاً‪،‬‬ ‫و َمن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً‪ ،‬و َمن‬ ‫ّ‬ ‫سخرك ميالً واحداً فاذهب معه اثنين» (متى‪.)41-38 :‬‬ ‫واستمرّ الوضع كذلك نسب ّيا ً ح ّتى عام ‪ 1095‬م‪ ،‬عندما توجّ هت أوّ ل‬ ‫حملة صليبيّة أطلقها البابا أوربان الثاني لتخليص القدس واألراضي‬ ‫المق ّدسة من المسلمين وإعادتهم إلى الدين المسيحيّ ‪ ،‬تالها سلسلة من‬ ‫الحمالت كانت بغاية نشر الدين المسيحيّ بقوّ ة السالح‪ ،‬ث ّم الحملة‬ ‫الصليبيّة الثانية عام ‪1145‬م‪ ،‬ح ّتى الحملة الصليبيّة التاسعة عام‬ ‫‪1271‬م‪.‬‬ ‫وليس من الغريب أن نجد أنّ الدين اإلسالميّ كان قد ت ّم نشره كذلك‬ ‫بقوّ ة السالح‪ ،‬حيث كانت الفتوحات اإلسالميّة بعد وفاة النبيّ محمّد‬ ‫(ص) ض ّد بيزنطة والفرس والقوط في السنوات ما بين (‪732–632‬‬ ‫م) في العهدين الراشديّ و األمويّ واستكمل العباسيّون الفتوحات‪ ،‬كان‬ ‫من نتائج الفتوحات سقوط مملكة الفرس وفقدان البيزنطيّين ألقاليمهم‬ ‫في مصر والشام وشمال أفريقيا ونشر اإلسالم ونشر اللغة العربيّة معه‪،‬‬ ‫ومن ث ّم ظهور الحضارة العربيّة اإلسالميّة‪ ،‬فبعد وفاة محمّد (ص)‬ ‫في المدينة المنوّ رة بويع أبو بكر بالخالفة وحارب قبائل العرب في‬ ‫حروب الر ّدة وبعدها فتح المسلمون بالد الروم البيزنطيّين والفرس‪،‬‬ ‫ففتحوا الشام ومصر والعراق وفارس‪ .‬وك ّل ذلك تحت ذريعة إعالء‬ ‫ّ‬ ‫الحق القويم الذي نزل رحمة للعالمين ولتقويم‬ ‫كلمة هللا ونشر الدين‬ ‫االعوجاج والتحريف الذي لحق باألديان التي سبقته‪.‬‬ ‫حيث قاد الرسول وأصحابه ‪ 82‬غزوة‪ ،‬قُتل فيها الكثير من األسرى‪،‬‬ ‫فمثلاً عندما حاصر الرسول بني قريظة‪ ،‬وأبدوا استعدادهم لالستسالم‬ ‫على أن يحكمهم أسعد بن معاذ «فحكم أسعد بن معاذ فيهم بحكم رسول‬ ‫هللا‪ ،‬وهو أن ُتقتل الرجال‪ ،‬و ُتقسَّم األموال‪ ،‬و ُتسبى الذراري والنساء‪،‬‬ ‫فأمر بهم الرسول فسيقوا جماعات إلى موضع سوق المدينة حيث‬ ‫حُفرت لهم خنادق‪ ،‬ث ّم أمر الرسول فضُربت أعناقهم في تلك الخنادق‪،‬‬ ‫وبلغ عدد القتلى منهم ما بين ‪ 600‬و‪ 700‬يهوديّ »‪ ،‬أمّا في حروب‬ ‫الر ّدة‪ ،‬فقد قتل خالد بن الوليد من بني حنيفة المرت ّدين‪ ،‬فقط واحداً‬ ‫رجل‪.‬‬ ‫وعشرين ألف‬ ‫ٍ‬ ‫وكذلك لم تكن الفتوحات اإلسالميّة من باب نشر الدين اإلسالميّ‬ ‫بالسالح بحسب المسلمين حيث «ال إك��راه في الدين» (س��ورة‬ ‫البقرة‪ ،)256:‬إ ّنما اتخذت تحت ذريعة مشابهة «وقاتلوهم ح ّتى ال‬ ‫تكون فتنة ويكن الدين كلّه هلل» (األنفال‪.)39:‬‬ ‫ومن هنا نجد تشابه المسارات التي ت ّم من خاللها انتشار األديان‬ ‫التي غلب عليها طابع الحروب والقتل والتدمير والذي يسمّى اليوم‬ ‫باإلرهاب‪ ،‬فليس اإلرهاب سمة ي ّتسم بها فقط الدين اإلسالميّ ‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫هو صيرورة تاريخيّة مرّ ت بها األديان التوحيديّة الثالث‪.‬‬

‫لينا احلكيم‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪16‬‬

‫ثقافة‬

‫من ذاكرة‬ ‫الصحافة‬ ‫نشأت الصحافة السوريّة في العصر العثمانيّ‬ ‫المب ّكر بعناية الوالة وتحت رعايتهم‪ ،‬فكانت صحف‬ ‫رسميّة تكتب أخبار الوالية‪ ،‬وما يقع فيها من حوادث‬ ‫رسميّة كالعزل والنقل والترفيع‪ ،‬وكانت أوّ ل هذه‬ ‫الصحف هي صحيفة «سوريّة» التي صدرت‬ ‫في دمشق في عام ‪1865‬م بعناية «راشد باشا»‬ ‫والي سوريّة‪ ،‬ومثلها صحيفة «الفرات» في حلب‬ ‫التي صدرت عام ‪1867‬م بإشراف «حالت بك»‬ ‫وعنايته‪ .‬وكانت صحف تلك الفترة يُكتب نصفها‬ ‫باللغة التركيّة والنصف اآلخر بالعربيّة‪.‬‬ ‫ث ّم صدرت بعد عشر سنوات جريدة «الشهباء»‪،‬‬ ‫فكانت أوّ ل صحيفة أهليّة في سوريّة أصدرها الحاج‬ ‫«هاشم العطار»‪ ،‬وتولّى تحريرها «عبد الرحمن‬ ‫الكواكبي»‪ ،‬لك ّنها كانت في البداية لتمجيد الحاكم‬ ‫وتعظيمه‪.‬‬ ‫وقد رحّ ب بصدور جريدة «الشهباء» عدد كبير‬ ‫من الصحف والمجلاّ ت في والية سوريّة‪ ،‬لكنّ هذا‬ ‫التهليل والتعظيم للحاكم العثمانيّ لم يشفع للجريدة‪،‬‬ ‫فما أن بدأ الكواكبي يتكلّم عن الوطن والوطنيّة‪،‬‬ ‫ويطالب باإلصالحات ح ّتى أطبقوا على الصحيفة‪،‬‬ ‫وت َّم إغالقها نهائ ّيا ً بعد صدور أحد عشر عدداً منها‪.‬‬ ‫لكنّ الكواكبي لم يستسلم فأعاد بعد جهد كبير‬ ‫إصدار الجريدة من جديد باسم «اعتدال»‪ ،‬وقد‬ ‫سارت على سيرة جريدة «الشهباء» نفسها في‬ ‫الدفاع عن اإلصالحات‪ ،‬فانتهى األمر بإغالقها بعد‬ ‫صدور عشر أعداد منها‪.‬‬ ‫في العام نفسه الذي صدرت فيه «اعتدال»‬ ‫ظهرت صحيفتان‪ :‬إحداهما باسم صحيفة «دمشق»‬ ‫لصاحبها أحمد ّ‬ ‫عزت باشا العابد‪ ،‬والثانية في حلب‬ ‫باسم صحيفة «السالم» أصدرها الصدر األعظم‬ ‫«خير الدين باشا»‪ ،‬وانتدب لرئاسة تحريرها‬ ‫«جبرائيل الدلاّ ل»‬ ‫وقد أرَّ خ صدورها الشاعر إبراهيم كرمة قائالً‪:‬‬ ‫قد طاب يا أهل الوفاء لديك ُم ‬ ‫«السالم» عليك ُم‬

‫يتلو حوادثه‬

‫بعد ذلك صدرت جريدة أسبوعيّة إخباريّة أدبيّة‬ ‫علميّة في دمشق باسم «الشام» ك ّل يوم ثالثاء‬ ‫صاحب امتيازها «مصطفى أفندي واصف»‬ ‫ّ‬ ‫تمثل هذه الصحف المرحلة األول��ى لبدايات‬ ‫(والدة) الصحافة في سوريّة‪ ،‬وكانت تصدر كلّها‬ ‫ّ‬ ‫المرخصة‬ ‫أسبوع ّياً‪ ،‬لكن إلى جانب هذه الصحف‬ ‫كانت هناك صحف ُتطبع و ُت ّ‬ ‫وزع بالسرّ مثل جريدة‬ ‫«المنبر» التي أصدرها في حمص القلب الجريء‬ ‫الشيخ «عبد الحميد ال��زه��راوي»‪ ،‬وهاجم فيها‬ ‫االستبداد في عهد السلطان «عبد الحميد»‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫ليس أكثر‬ ‫مجازٌ َ‬ ‫أقولُ‪:‬‬

‫أقولُ‪:‬‬

‫ليس ضرور ّيا ً أن نطير‪ ،‬وأفر ُد جناحي للغياب‬

‫أشياء كثيرة‬

‫وأطير‪ ...‬أطير للعدم وال أعود‬

‫وكأ ّنني شارعا ً أو رصيفا ً‬

‫أقول‪:‬‬

‫أو بالداً أحفظها عن ظهر قلب‬

‫الشعر وحده‪ ،‬يصطاد الريح من خيمة السماء‬

‫ُ‬ ‫تصادق الريح‬ ‫كأ ّنني شجرة‬ ‫حُزنا ً يشاكسُ األرصفة الباردة‬

‫فأخطف الريح بمكنسة الرواية وأمضي‬ ‫لمجاز لغويّ‬ ‫ٍ‬ ‫أش ّكل به منفى ل ُه صورة األرض األولى‬

‫ً‬ ‫لغة جميلة لقارّ ة مجهولة‬

‫أقولُ‪:‬‬

‫ت الحياة‬ ‫كأ ّنني انتحار لمفقودا ِ‬

‫الحبُّ ‪ ،‬يم ّكننا من تجنب االنتحار‬

‫رغم أ ّنني حينما أتأمّل وجهي بفجر األمس‬

‫وأبتل ُع علبة دواء كاملة من باراسيتامول‬

‫ُ‬ ‫أدر ُ‬ ‫لست سوى صورة المجاز بمرايا الشعر‬ ‫ك أنني‬ ‫المنكسرة‪.‬‬

‫وأوصي األطباء‬ ‫بقلبي ورئتي للغرباء‬ ‫أقولُ‪:‬‬ ‫الضباب صوت القتيل‬ ‫وأصر ُخ بالمقصلة عن حلم كان يلوك ُه قات ٌل‬ ‫ويلعن ُه مرّ تين في اليوم‬

‫لذا منذ وقت طويل‬ ‫ُ‬ ‫تركت الكالم للغائبين‬ ‫وصفقت باب الماء‬ ‫ورائي‬ ‫فما كان لي‬ ‫صار عليّ‬

‫وداد نيب‬

‫جائزة نوبل ‪2014‬‬ ‫غصّت صفحات السوريّين الزرقاء بخبر فوز‬ ‫الكاتب الفرنسيّ باتريك موديانو بجائزة نوبل لآلداب‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من أنّ معظم المتح ّدثين عن هذا األمر لم‬ ‫يسبق لهم االطالع على أعمال الروائيّ الذي حصل‬ ‫على الجائزة‪ ،‬إلاّ أنّ متعة تضمين هذا الخبر بشيء‬ ‫من التش ّفي السياسيّ بخسارة أدونيس هو أم ٌر تاق‬ ‫إليه الكثيرون‪ ،‬ولو كان ذلك في مضمار األدب والفنّ‬ ‫العالميّ ‪ .‬ولسنا هنا بصدد الحديث عن أدونيس ومواقفه‬ ‫تجاه الثورة السوريّة‪ ،‬وال الحديث أيضاً‪ ،‬كما يحلو‬ ‫لبعضهم‪ ،‬عن ترف السوريّين في الخارج واهتمامهم‬ ‫ف��ي األدب متناسين واق��ع شعبهم تحت القصف‬ ‫والنزوح والموت المجانيّ ‪ ،‬ما يشغل هذا الحيّز هو‬ ‫آليّة تفكير المث ّقفين األدباء والك ّتاب السوريّين الذين‪،‬‬ ‫على مدار أربع سنوات‪ ،‬غمرونا بعناوين إبداعاتهم‬ ‫الحديثة سواء أكانت روائيّة أم شعريّة‪ ،‬وزخرت‬ ‫صفحاتهم بالعديد من المقاالت التي تناولت تلك‬ ‫األعمال بالنقد والقراءة األدبيّة‪ .‬ولعلّها أعمال قيّمة‬ ‫فكر ّيا ً وإبداع ّيا ً غير أنّ مبدعيها تناسوا بشكل أو بآخر‬ ‫أنّ أرضيّة شعبيّتهم هي أرضيّة سوريّة بامتياز‪ ،‬وأنّ‬ ‫هذه األعمال المستوحاة من المعاناة السوريّة تفتقر إلى‬ ‫المتل ّقي األوّ ل الذي لن يصله هذا اإلبداع‪ ،‬تبعا ً لظروف‬ ‫الحرب والحصار المطبق‪ ،‬فالمكتبات العامّة هُدمت‪،‬‬ ‫والمكتبات الخاصّة تعاني من صعوبة تحصيل جديد‬ ‫اإلصدارات‪ ،‬فلم َّ‬ ‫يتبق لهذا المتل ّقي سوى نافذة االنترنت‬ ‫والكتب اإللكترونيّة‪ .‬ويمكن السؤال هنا إذ طلب أحد‬ ‫السوريّين في الداخل نسخة إلكترونيّة‬ ‫لعمل إبداعيّ‬ ‫ٍ‬ ‫ما من كاتب سوريّ في الخارج‪ ،‬فهل سوف يستجيب‬ ‫األخير إلى هذا الطلب؟‬ ‫هنا ال نعني بكالمنا التطرّ ق إلى طلب متابع‬

‫ما تربطه عالقة سطحيّة مع الكاتب‪ ،‬بل عن دائرة‬ ‫األصدقاء المقرّ بة للمبدع في الداخل السوريّ ‪ .‬قد‬ ‫يقول أحدهم إنّ هذا ينافي حقوق النشر وقد يعرّ ض‬ ‫العمل اإلبداعيّ إلى خسارة كبيرة ُتمنى بها دار النشر‪،‬‬ ‫وسوف تنعكس هذه الخسارة بالمحصّلة على الكاتب‪.‬‬ ‫صواب هذا التعليل‬ ‫ل���ذا سن ّتفق على‬ ‫سنقر نه‬ ‫غير أ ّننا‬

‫م�������ن‬ ‫بطلب‬ ‫ال�����ك�����ات�����ب‬ ‫ال�����س�����وريّ‬ ‫ك يتساءل دائما ً وأبداً عن سبب التدهور‬ ‫الذي ما انف ّ‬ ‫الثقافيّ الذي يعاني منه الشعب السوريّ ‪ ،‬وعن عدم‬ ‫اهتمامه ب��األدب والثقافة‪ ،‬األم��ر ال��ذي يقابله ولعا ً‬ ‫بالكرة والمباريات‪ .‬سنقول له كيف لنا أن نهت ّم إن‬ ‫كنت‪ ،‬أنت السوريّ المث ّقف‪ ،‬تحجب أفق إبداعك عن‬ ‫شع ٍ‬ ‫ب يعاني أربع سنوات من حروب طاحنة‪ ،‬تزعم‬ ‫أ ّنك صوتهم‪ ،‬فيغدون كاألطفال الذين يحملون الفتات‬ ‫ال يفقهون مضمونها‪ ،‬الذي يختاره المصوّ ر ويقرنها‬

‫بصورهم للتأثير في العالم الذي يراقب عن بعد‪ .‬إنّ‬ ‫اإلبداع عمليّة تنهض على أرضيّة تجمع ما بين المبدع‬ ‫والمتل ّقي وتعبّر عن رؤيا مجتمعهما للعالم‪ ،‬والسيّما‬ ‫األعمال التي تعتمد على تأريخ األحداث الحاليّة التي‬ ‫مازالت تتفاوت في مصداقيّة مضمونها لدى شعبنا وفقا ً‬ ‫لتنوّ ع أيديولوجيّات الحرب وتع ّددها‪ ،‬حيث تغدو فسحة‬ ‫خيال الكاتب محدودة في واقعيّة الحدث‪ .‬وجدير بالذكر‬ ‫هنا أنّ رواية خالد خليفة «ال سكاكين في مطابخ هذه‬ ‫المدينة» قد راجت بشكل كبير بين أوساط السوريّين‬ ‫بنسختها اإللكترونيّة‪ ،‬واختلفوا حول رؤية الكاتب لمدينة‬ ‫حلب وتركيبة س ّكانها وتاريخها الحافل بالمتناقضات‪،‬‬ ‫وتع ّد من أه ّم الروايات التي ير ّ‬ ‫شحها لك ك ّل سوريّ‬ ‫لالطالع عليها‪ ،‬ربّما أل ّنها الوحيدة التي وصلت‬ ‫بنسخة الكترونيّة‪ ،‬وهذا دليل على ّ‬ ‫تعطش السوريّين‬ ‫إلى أعمال مبدعيهم في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ما ذكرناه آنفا ً ال ينتمي إلى حيّز النميمة والتشهير‪،‬‬ ‫بل هو دعوة لك ّل الك ّتاب الروائيّين والشعراء إلى النزول‬ ‫من أبراجهم العالية في هذه الحرب اللعينة واالقتراب‬ ‫من الشعب الذي بات ما ّدة إبداعهم الحاليّ ‪ ،‬ونحن هنا ال‬ ‫نطالبهم بتخصيص جزء من أرباح إبداعهم المستوحى‬ ‫ّ‬ ‫ليعززوا‬ ‫من المعانة السوريّة‪ ،‬إلغاثة هذا الشعب‪ ،‬بل‬ ‫مفهوم الثقافة ولينشروا إبداعهم متناسين حقوق النشر‬ ‫ألجل ظروف الحرب‪ ،‬وليقولوا للسوريّين حاولنا أن‬ ‫نكون صوتكم في الخارج‪ ،‬ح ّتى إذا جاء يوم وتر ّ‬ ‫شح‬ ‫أحدهم لجائزة نوبل وفاز بها‪ ،‬فإ ّننا سنتح ّدث في هذا‬ ‫األمر مطوّ الً وننشر في ك ّل مكان اهتمامنا بهذا الحدث‬ ‫القائم على ّ‬ ‫اطالعنا على نتاج الكاتب اإلبداعيّ ‪ ،‬سنقول‬ ‫حينها هو جزء من األدب السوريّ في زمن الثورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكاتبنا السوريّ‬ ‫يستحق الجائزة‪ .‬م ّي الفارس‬

‫النضال من أجل حقوق المرأة في الثورة السورّية‬ ‫ليلة الثالثاء ‪ -‬الخامس عشر من شهر نيسان‪،‬‬ ‫اقترح معهد الثقافات اإلسالميّة عرض فيلم وثائقيّ‬ ‫عن أوضاع المرأة في سوريّة‪ ،‬تليه مناقشة مع مخرج‬ ‫الفيلم الذي ألقى الضوء على نضال المرأة الذي اشتعل‬ ‫بسرعة من خالل الثورة‪.‬‬ ‫«قصص حقيقيّة عن الحبّ ‪ ،‬والحياة‪ ،‬والموت‪،‬‬ ‫وأحيانا ً الثورة»‪ ،‬فيلم وثائقيّ ت ّم إنجازه من قبل‬ ‫«ليليبيث راسموسن» و»نضال حسن»‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ ،2010‬وك��ج��زء م��ن المهرجان في‬ ‫«كوبنهاغن»‪ ،‬شاركت المخرجة‪ ،‬والف ّنانة التشكيليّة‬ ‫الدانماركيّة «ليليبيث راسموسين» في إخراج فيلم مع‬ ‫مخرج «قادم من هناك»‪ ،‬كـ «نوع من أنواع اللقاء»‬ ‫ْ‬ ‫وجدت نفسها‬ ‫حسب هذه األخيرة‪ .‬وهكذا فإنّ المخرجة‬ ‫ّ‬ ‫يتجزأ من سوريّة للعمل مع «نضال حسن»‪،‬‬ ‫جزءاً ال‬ ‫إذ أنّ موضوع الفيلم الوثائقيّ كان أصالً «حقوق‬ ‫المرأة»‪ ،‬كان على الفريق التعامل مع بداية الثورة‬ ‫في سوريّة‪ ،‬ممّا يجعل من التوثيق «قصّة حقيقيّة عن‬ ‫الحبّ ‪ ،‬والحياة‪ ،‬والموت‪ ،‬وأحيانا ً الثورة»‪ ،‬إنجازاً في‬ ‫ح ّد ذاته‪.‬‬ ‫العنف ض ّد المرأة‬ ‫في بداية التصوير‪ ،‬في ‪16‬من نيسان ‪ ،2011‬قامت‬ ‫«ليليبيث راسموسن» و»نضال حسن» بالتركيز على‬ ‫العنف ض ّد المرأة‪ ،‬فيما تضاربت آراء ُ‬ ‫ص ّناع السينما‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫على معالجة اثنتين من القصص التي صدمت الجمهور‪،‬‬ ‫«هدى أبو عسلي» التي كانت قد تعرّ ضت للضرب من‬ ‫قبل زوجها‪ ،‬عادت إلى عائلتها‬ ‫التي قامت بقتلها‪ ،‬تحت ذريعة‬ ‫جريمة ال��ش��رف‪ ،‬و»جيهان‬ ‫ري��ك��و» ك��ان��ت ق��د تعرّ ضت‬ ‫للضرب من قبل زوجها‪ ،‬ومقيّدة‬ ‫بالضغوط االجتماعيّة‪ ،‬انتحرت‬ ‫مع أطفالها الثالثة‪« ،‬هذا العنف‬ ‫ض ّد المرأة‪ ،‬نشارك به جميعا ً‬ ‫إذا لم نتكلّم‪ ،‬و سوريّة تتساءل‬ ‫ساخطة حول هذا الموضوع من‬ ‫خالل ُ‬ ‫ص ّناع السينما‪ ،‬بالنسبة‬ ‫«لنضال حسن» فإنّ «المنتحرة‬ ‫_ جيهان ريكو _ كانت بالتأكيد‬ ‫الشرارة التي أشعلت الثورة‪،‬‬ ‫مثل البوعزيزي في تونس‪».‬‬ ‫وبينما ك��ان على «ليليبيث‬ ‫راسموسن» العودة من جديد إلى‬ ‫الدنمارك‪ ،‬كان المخرج السوريّ‬ ‫يواصل تصوير التح ّديات النسائيّة‪ ،‬على مدى أشهر‪.‬‬ ‫تجمّعات مكوّ نة من خمسين شخصا ً من أجل‬ ‫حقوق المرأة‪ ،‬تتحوّ ل إلى مظاهرات مكوّ نة من آالف‬ ‫السوريّين من أجل الحريّة في البالد‪ ،‬النساء الالتي ت ّم‬

‫أصبحن في ذهاب وإياب‬ ‫سؤالهنّ في الفيلم الوثائقيّ‬ ‫َ‬ ‫إلى السجن‪« .‬نضال حسن» أيضا ً ت ّم إلقاؤه في السجن‪،‬‬ ‫وهناك سيكتب الجدول‬ ‫الزمنيّ لفيلمه الوثائقيّ ‪.‬‬ ‫من‬ ‫إ ّنهنّ ال يتكلّ َ‬ ‫«ال يستطيع نضال‬ ‫السفر إلى الخارج‪ ،‬لذلك‬ ‫أنا من يجب عليه الحديث‬ ‫عن الفيلم الوثائقيّ »‪ ،‬تقول‬ ‫«ليلييث راسموسن» في‬ ‫غ��رف��ة اإلس��ق��اط‪ ،‬يشير‬ ‫أحد الحضور إلى غياب‬ ‫النساء المحجّ بات في‬ ‫الفيلم‪ ،‬ي��ق��ول المخرج‬ ‫م��وضّ��ح��اً‪« :‬لقد التقينا‬ ‫من‪،‬‬ ‫بهنّ ‪ ،‬لك ّنهنّ ال يتكلّ َ‬ ‫يخفن أمام الكاميرا‪،‬‬ ‫إ ّنهنّ‬ ‫َ‬ ‫امرأة شابّة دعتنا‪ ،‬بينما لم‬ ‫يكن زوجها في المنزل‪،‬‬ ‫تح ّدثنا إليها‪ ،‬وتناقشنا‪ ،‬ولكنّ المعدات لم تكن معنا‪ ،‬كان‬ ‫علينا العودة لتسجيل ك ّل شيء‪ ،‬وفي اليوم الذي عدنا‬ ‫فيه كان الزوج هناك‪ ،‬لم يكن يريد أن يت ّم تصويرهما‪،‬‬ ‫بالنسبة «للدنماركيّة» هذا الفيلم الوثائقيّ مه ّم‪« :‬من‬ ‫المه ّم إظهار هذا الذي ال يريد التح ّدث‪ ،‬وخصوصا ً‬

‫النساء المع َّنفات‪ ،‬قد يكون هذا سلب ّيا ً لصورة البالد‪،‬‬ ‫ولك ّنه موجود‪ ،‬والجرائم ذاتها كانت ُترتكب في‬ ‫الدنمارك!»‪.‬‬ ‫اإليمان والسياسة‬ ‫شادي‪ ،‬منتج الفيلم الوثائقيّ كان موجوداً في باريس‪.‬‬ ‫يفسّر هذا األخير التغيير في توجّ ه الفيلم الوثائقيّ ‪،‬‬ ‫شاءت الظروف أن تجعلنا نتم ّكن من التعليق على‬ ‫قصّة «جيهان» بداية ال��ث��ورة‪ ،‬ودخ��ول قسم من‬ ‫المشاركين معنا إلى السجن أجبرنا على تغيير االتجاه‪،‬‬ ‫وباعتباره هو نفسه كان قد سُجن في سوريّة‪ ،‬يعتقد‬ ‫المنتج أنّ لديه رؤية واضحة لجميع هذه األحداث‪:‬‬ ‫«اندلعت الثورة في سوريّة من خالل عنصرين‪ :‬ثورة‬ ‫النساء ض ّد النظام األبويّ ‪ ،‬وثورة الشعب ض ّد سياسة‬ ‫النظام»‪.‬‬ ‫بقيت «ليليبيث راسموسن» على اتصال مع معظم‬ ‫شاركن في الفيلم الوثائقيّ ‪« :‬معظمهنّ ال‬ ‫النساء الالئي‬ ‫َ‬ ‫يعشن اآلن «في تركيا‪ ،‬في‬ ‫يعشن في سوريّة‪ ،‬إ ّنهنّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ألمانيا‪ ،‬في النرويج‪ ،‬في لبنان» ‪...‬أن تكوني امرأة‬ ‫غ��ال‪ ،‬وكنّ يُدركنّ ذلك‬ ‫متحرّ رة في سوريّة‪ ،‬ثمنه‬ ‫ٍ‬ ‫تماماً»‬ ‫ت ّم عرض الفيلم الوثائقيّ في ع ّدة مهرجانات منها‪:‬‬ ‫«مهرجان كان السينمائيّ » في عام ‪.2013‬‬

‫ترمجة‪ :‬مها قطريب‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪16‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /15‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب‬

‫يا لونا ً ممزوجا ً باألعين واألنفاس العاشقة‬ ‫ْ‬ ‫األشواق‬ ‫ويا قبر‬

‫يا حبراً‬ ‫علي اجلندي‬ ‫‪ ..‬انهضْ من قاع الهاوية الوهميّة يا راوية‬ ‫األحزانْ‬

‫ح ِّدثنا عن تلك المدن الشائك ِة المائيّة‬

‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الكلمات الهمجيّة واستشرى‬ ‫أكلت شفتيك‬ ‫في جلدك وخز األحرف‪ْ ،‬لذع األوزانْ‬

‫عن عاشق ٍة ‪ -‬قالوا ‪ -‬طفلة‬

‫لوِّ نْ أفقك بالبحر القزحيّ وبالشفق الزاهي‬

‫ْ‬ ‫عن سرِّ‬ ‫األعماق‬

‫أقلِعْ عن تسويد رؤاك‪ ،‬وهادنْ نفسك‬

‫كانت تولم في عينيها الضاحكتينْ‬

‫روّ ح عن دفترك المفتوح على الليل‬

‫للفجر الخمريِّ المحزونْ‬

‫وشرِّ عْ صدرك لإليمانْ‬

‫كانت تزرع في ليل غدائرها فلَّة‬

‫األحداث ح ّدثني يا ليل الريح المهووسة‬ ‫ْ‬ ‫ح ِّدثنا كيف تنام اآلن قريبا ً من نبع‬ ‫متجلّد ًة تنبت بين أصابعها األعشاب بال صِ فْ لي أعماق الغابة‪ ،‬أغوار البحر‬ ‫ْ‬ ‫أوراق‬

‫ارسم لي لوحة َمن غابوا تحت الماء المالح‬

‫تمرق من عينيها األسماك الذهبيّة‬

‫قل لي ما شأن اللحظة في دنياهم‪،‬‬

‫ْ‬ ‫العشاق؟‬ ‫هل مازالت تنتظر هناك مواعيد‬

‫أخبرني كيف اقتتلوا‬

‫وتحملق في‬ ‫ذعر بالعينين الفارغتين إلى كي يصلوا لكنوز القرصانْ ؟!‬ ‫ٍ‬ ‫النار الوحشيّة؟؟‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫اإلعالم بين الحقيقة‬ ‫وتسويق األجندات‬

‫جائزة «بين بينتر»‬

‫لماذا هذا الض ّخ اإلعالميّ حول‬ ‫كوباني؟ وما هو الهدف من ورائه؟‬ ‫وم��ن ص��اح��ب المصلحة ف��ي هذا‬ ‫التجييش اإلع�لام��يّ ؟ ه��ذه وأسئلة‬ ‫كثيرة أرهقت صفحات الـ «فيسبوك»‬ ‫وهي تتناول ما يجري هناك‪ ،‬وما أستغربه هنا بدالً من أن‬ ‫نبحث في أسّ المشكلة‪ ،‬وب��دالً من أن نرى ما يجري هناك‬ ‫وكأ ّنه مشكلة تمسّ الحالة السوريّة بك ّل تفاصيلها‪ ،‬انقسمنا بين‬ ‫مستغرب لهذه التغطية اإلعالميّة‪ ،‬وبين مستميت للتأكيد عليها‪،‬‬ ‫وتف ّتقت الصفحات الشخصيّة عن عبقريّات في التحليل السياسيّ‬ ‫والعسكريّ والتاريخيّ ‪.‬‬ ‫ولألسف أن من يقرأ ويحلّل ويستنتج استناداً إلى صفحات‬ ‫«الفيسبوك» وما يجري فيها من ض ّخ إعالميّ ‪ ،‬يكون كالذي‬ ‫يناقش قضايا الحياة على سطح القمر خالل سهرة حشيش‪ ،‬حين‬ ‫نقول ض ّخ إعالميّ علينا أن نستند إلى القنوات الفضائيّة الفاعلة‬ ‫والتي تمتلك أجندات مختلفة حول الحالة السوريّة‪ ،‬والتي تحاول‬ ‫ك ّل منهنّ أن تسوّ ق لخطابها وأهدافها‪ ،‬أمّا أن نبني تحليلنا على‬ ‫ر ّدة فعل شعبيّة عبر صفحات التواصل االجتماعيّ االفتراضيّة‪،‬‬ ‫فهذه مشكلة‪ ،‬كما أ ّنها ال يُبنى عليها‪ ،‬وهي في حالة عين العرب‬ ‫(كوباني) كانت نجاح ملفت للنظر لألكراد في تسويق قضيّتهم‬ ‫وش ّد العصب حولها‪ ،‬وقد نجحوا في ذلك‪.‬‬ ‫وال ننكر أنّ قضية عين العرب (كوباني) القت ذات الض ّخ‬ ‫ّ‬ ‫المحطات الفضائيّة ذات التأثير (الجزيرة والعربيّة‬ ‫اإلعالميّ في‬ ‫و ‪ bbc‬والفرنسيّة ووو) ولكن المتابع للحالة السوريّة منذ بداياتها‬ ‫يجد أ ّنه وفي ك ّل مفصل تأخذ أمور الصراع فيه منحىً طائف ّيا ً أو‬ ‫إثن ّيا ً في سورية‪ ،‬تبدأ هذه القنوات تض ّخ حجما ً غير مسبوق من‬ ‫التغطية اإلعالميّة وتجعل من القضيّة وكأ ّنها مكسر عصا‪ ،‬أو أن‬ ‫ما قبل لن يكون كما بعد‪.‬‬ ‫َمن م ّنا ينسى كيف ت ّم التعامل مع معركة الخالديّة وبابا عمرو‬ ‫وكيف أنّ هذه القنوات وغيرها تعاملت وكأنّ سقوط هذه األحياء‬ ‫يعني سقوط الثورة‪ ،‬وكلّنا يعرف ما للوضع الطائفيّ في حمص‬ ‫من خصوصيّة ال ينكرها أحد‪.‬‬ ‫َمن منا ينسى كيف ت ّم التعامل مع معركة القصير وكأ ّنها من‬ ‫ستح ّدد مصير العالم كلّه وكيف ض ّخ اإلعالم حولها ما ض ّخ‪،‬‬ ‫وأيضا ً كان واضحا ً أنّ السبب الحقيقيّ لهذا الض ّخ هو إظهار‬ ‫البعد الطائفيّ والتركيز على دخول ميليشيا حزب هللا طرفا ً‬ ‫صريحا ً وواضحاً‪ .‬وكذلك كان التعامل مع معركة يبرود في‬ ‫منطقة القلمون‪ ،‬التي وصل األمر فيها إلى حدود تأليف األغاني‬ ‫واألناشيد المتبادلة‪.‬‬ ‫َمن منا ينسى كيف ت ّم التعامل مع معركة كسب‪ ،‬وكيف ت ّم‬ ‫تضخيمها إعالم ّياً‪ ،‬وأيضا ً السبب كان ألنّ كسب ذات غالبيّة‬ ‫أرمنيّة‪ ،‬بمعنى أنّ بُعد المعارك هناك كان يجب أن يلبس لبوسا ً‬ ‫إثن ّيا ً قوم ّياً‪ ،‬إلى الح ّد الذي جعل الجالية األرمنيّة في العالم كلّه‬ ‫تجتمع وتش ّد عصبها لنصرة كسب وما فعلته كيم كارديشيان من‬ ‫شحن عاطفيّ قوميّ كلّنا سمعنا به‪.‬‬ ‫هل علينا أن نذكر حوادث أخرى أم نكتفي بما ذكرنا‪...‬‬ ‫من هنا نقول‪ ،‬ربّما من ّ‬ ‫حق األكراد أن يتداعوا ويسلّطوا‬ ‫الضوء على قضيّة ما تمسّ وجودهم‪ ،‬ولكن كان من األحرى بنا‬ ‫أن نقرأ الموضوع من زاوية أخرى‪ ،‬وكيف أنّ المجتمع الدوليّ‬ ‫واإلقليميّ وعبر أدواته اإلعالميّة يسوّ ق لفكرة تفرضها األجندات‬ ‫السياسيّة‪ ،‬وأن نتعامل كسوريّين وليس كمكوّ نات سوريّة‬ ‫متصارعة ومتناحرة داخل الوطن الذي حلمنا به ذات يوم‪.‬‬

‫نور‪.‬ح عبداهلل‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ص����در ح��دي��ث��ا ً ك��ت��اب‬ ‫«جهات الضغط والتأثير‬ ‫على دوائ��ر القرار في‬ ‫إسرائيل»‬

‫سلمان رشدي يشارك مازن درويش اجلائزة‬

‫م���ن ت��أل��ي��ف‪ :‬ب��ره��وم‬ ‫جرايسي‬

‫شارك الكاتب سلمان رشدي الحائز على جائزة «بين‬ ‫بينتر» جائزته مع الكاتب والصحافي السوريّ مازن‬ ‫درويش المدافع عن حرّ يّة التعبير والمعتقل منذ عامين‪.‬‬ ‫وقال رشدي في بيان له قبل تسلّم الجائزة في‬ ‫المكتبة البريطانيّة‪« :‬مازن درويش حارب‬ ‫بشجاعة عن القيم المدنيّة وحرّ يّة التعبير وحقوق اإلنسان‪ ..‬في واحد من‬ ‫أخطر األماكن في العالم‪ ،‬إنّ استمرار احتجازه تعسفيّ وجائر‪ ،‬وينبغي اإلفراج عنه فوراً»‪.‬‬ ‫وجائزة «بين بينتر» تمنح سنو ّيا ً لكاتب بريطانيّ يدعم حرّ يّة التعبير أو يدافع عنها‪ ،‬في تقليد خاصّ‬ ‫بالجائزة يتشاركها الفائز مع «كاتب دوليّ شجاع»‪.‬‬

‫عدد ضحايا (إيبوال) تجاوز األربعة آالف شخص‬

‫يبحث الكتاب مواضيعه‬ ‫م��ن خ�ل�ال م��ح��وري��ن‪،‬‬ ‫ت��ت��ف��رّ ع ع��ن��ه��م��ا ع��� ّدة‬ ‫عناوين‪ ،‬إضافة إلى المق ّدمة واالستنتاجات‪.‬‬ ‫المحور األوّ ل منه عنون بـ»دوائر الضغط والتأثير»‪،‬‬ ‫ويذكر فيها المؤلّف بروز عاملين لهما تأثير على‬ ‫ا ّتخاذ القرار‪ ،‬هما‪ :‬األوليغاركيّة االقتصاديّة و‬ ‫جمعيّات المجتمع المدنيّ والتي بدأت تظهر بكثافة‬ ‫في إسرائيل‪ ،‬خاصّة في ظ ّل العولمة‪.‬‬

‫والمحور الثاني بعنوان «دوائر التأثير ‪ -‬مراكز‬ ‫أنّ ع��دد الوفيّات وجمعيّات اليمين‪».‬‬ ‫ارتفع إل��ى ‪ 4033‬يقع الكتاب في صفحة ‪ 68‬وهي الطبعة األولى‬ ‫ً‬ ‫ش��خ��ص��ا‪ .‬وي���ؤ ّدي الصادرة عن الناشر‪ :‬المركز الفلسطينيّ للدراسات‬ ‫الفيروس إلى وفاة اإلسرائيليّة «مدار» رام هللا لعام ‪2014‬‬ ‫سبعة من ك ّل عشرة‬ ‫مصابين بالمرض‪.‬‬

‫ّ‬ ‫م��ن��ظ��م��ة‬ ‫أع��ل��ن��ت‬ ‫ال��ص��حّ ��ة العالميّة‬ ‫أن أكثر من أربعة‬ ‫آالف شخص تو ّفوا‬ ‫النزفيّة‬ ‫بالحمى‬ ‫التي يسببها فيروس‬ ‫(إيبوال) ح ّتى الثامن‬ ‫من تشرين األوّ ل‪،‬‬ ‫وسط مخاوف كبيرة‬ ‫من تف ّ‬ ‫شي المرض‬ ‫ف��ي ال��ع��ال��م دفعت‬ ‫دوالً ع ّدة إلى ا ّتخاذ اجراءات لمنع ذلك‪.‬‬

‫ه���ذا‪ ،‬وق��د قسّمت‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة الدول السبع‬ ‫إل���ى مجموعتين‬ ‫تض ّم األولى األكثر‬ ‫إصابة وهي غينيا‬ ‫وليبيريا وسيراليون‪ ،‬والثانية نيجيريا والسنغال‬ ‫وفي حصيلتها الجديدة للوباء‪ ،‬أعلنت ّ‬ ‫منظمة الصحّ ة وإسبانيا والواليات الم ّتحدة‪ .‬وقد سُجّ ل في ليبيريا‬ ‫العالميّة أنّ ‪ 8399‬إصابة بالمرض سُجّ لت ح ّتى العدد األكبر من اإلصابات مع ‪ 4076‬إصابة بينها‬ ‫الثامن من تشرين األوّ ل في سبعة بلدان‪ ،‬موضحة ‪ 2316‬وفاة‪.‬‬

‫نكـزة‬

‫السؤال هنا ترى هل سيعي‬ ‫من يطلقون على أنفسهم اسم‬ ‫(الحكومة المؤقتة) ‪...‬‬

‫حكومة بال أرض وبال شعب وبال سلطة ‪...‬أهمية‬ ‫الخروج من خدماتهم المجانية لنظام والي إيران في‬ ‫دمشق ‪ ...‬واساءاتهم المتكررة لمجمل الثورة السورية‬ ‫‪ .‬والعودة إلى جوهر الفعل السياسي القائم على إعادة‬ ‫بناء الكيان السياسي السوري وذلك لتحقيق أهداف‬ ‫الثورة أو ما تبقى منها‬ ‫‪Humam Nasrini‬‬

‫مسعنا‪ ،‬شفنا‪ ..‬وبدنا حنكي‬ ‫حسني برو‬

‫مسعنا‪..‬‬

‫شفنا‪..‬‬

‫بدأت مرحلة (الجوجلة) الختيار رئيس جديد‬ ‫للحكومة السوريّة المؤ ّقتة‪ ،‬وما زال االجتماع‬ ‫مستمرّ اً في استانبول ولم يخرج الدخان األبيض‬ ‫بعد‪ ...‬المنافسة وكما تبدو الصورة‪ ،‬باتت محصورة‬ ‫بين الرئيس السابق المُقال «أحمد طعمة» المدعوم‬ ‫من كتلة اإلخوان المسلمين في االئتالف والمتو ّقع‬ ‫أن تتحالف مع كتلة المجالس المحلّيّة (مصطفى‬ ‫الصبّاغ) أو ربّما يت ّم استبداله بالرئيس األسبق‬ ‫المُقال أيضا ً قبل إعالنه تشكيل حكومته «غسان‬ ‫هيتو» لو توافقت هاتان الكتلتان؛ وفي المقلب‬ ‫اآلخر أي كتلة «أحمد الجربا» مع ما تب ّقى من كتلة‬ ‫الديمقراطيّين يبرز اسم السيّد «إياد القدسي» والسيّد‬ ‫«وليد الزعبي» أمّا باقي األسماء فليست أكثر من‬ ‫ذرّ للرماد في العيون‪ ،‬ونتائج الجولة األولى من‬ ‫االنتخابات ستوضح االسم القادم لفخامة رئيس‬ ‫مجلس الوزراء «المؤ ّقت» القادم‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫وعلى مدى ساعة من الزمن ق ّدم المر ّ‬ ‫شحون‬ ‫لرئاسة الحكومة السوريّة المؤ ّقتة برامجهم االنتخابيّة‬ ‫ك أ ّنها خطوة جيّدة‬ ‫عبر شاشة قناة الجزيرة‪ ،‬ال ش ّ‬ ‫حكومة مؤ ّقتة تستأجر مقرّ اً من ثالثة طوابق في‬ ‫ومهمّة شكالن ّياً‪ ،‬ولكن لمن ُتق ّدم هذه البرامج؟ وما غازي عينتاب‪ ،‬رصيدها الماليّ معونات وهبات‪،‬‬ ‫هو دورها وتأثيرها في الرأي العام؟‬ ‫ورصيدها السياسيّ كتل متصارعة ومحسوبيّات‪،‬‬ ‫ورصيدها الشعبيّ تراوح ما بين عدم االعتراف‬ ‫وهل للرأي العام دور ما في اختيار هذا الشخص‬ ‫من أغلب الفئات الشعبيّة‪ ،‬وبين الدعم المطلق من‬ ‫أو ذاك بناء على برنامجه المق ّدم والمعلن؟‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين الذين ساقتهم الصدفة ووالءاتهم‬ ‫جيش‬ ‫كلّنا نعرف أنّ من سيختار معالي السيد رئيس الحزبيّة والشخصيّة ليكونوا من جيش العطالة‬ ‫الوزراء هم معالي السادة أعضاء االئتالف الوطني المق ّنعة التي أنتجتها الحكومة المو ّقرة‪ ..‬حكومة‬ ‫لقوى المعارضة السوريّة المجتمع في استانبول منذ كهذه‪ ،‬ومنذ حوالي أشهر ثالثة‪ ،‬تتص ّدر المشهد ولم‬ ‫يومين بعد أن عاد جهابذته من أداء فريضة الحج‪ ،‬تتو ّقف الحسابات من وقتها‪ ،‬كتلة كذا مع كتلة كذا‬ ‫يعني وكما يقول المثل الشعبيّ ‪:‬‬ ‫تساوي ‪ 52‬بينما كتلة سين مع كتلة عين تملك ‪،52‬‬ ‫وهنالك كتلة كاملة هي كتلة ألركان ليست موجودة‬ ‫«زيتهم بدقيقهم» والزيت والدقيق هما لعبة‬ ‫باألصل‪ ....‬يعني قتال عنيف وحسابات متداخلة‬ ‫التوازنات والكتل داخل هذا االئتالف‪.‬‬ ‫وتصارع على ميراث‪ ،‬ولكن لألسف الميت ثور‬ ‫منهك القوى ال حول له وال قوّ ة‪.‬‬ ‫بدنا حنكي‪..‬‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.