جريدة كلنا سوريون العدد 18

Page 1

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 18 -‬السنة األوىل‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني‪2014 /‬‬

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬ ‫‪ 12‬صفحة‬

‫السوريّون ورايات املوت امللوّنة باألصفر واألسود؟‪.‬‬

‫يف ظ ّل االنهيار السور ّي الشامل هل ستسقط حلب؟؟‬ ‫العـرب يف فرنســا‪ ..‬اإلســــالموفوبيا من جديــد‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫الشرق الجديد‪...‬‬ ‫استبدال الصراعات‬ ‫ال يجد راسمو السياسة الدوليّة وذوو المصالح االستراتيجيّة‬ ‫في منطقة الشرق األوسط صعوبة كبيرة في تقليب هذه المنطقة‬ ‫على نار الصراعات التي تحفر عميقا ً في بنيتها االجتماعيّة‬ ‫والدينيّة واالقتصاديّة‪ ،‬إذ تحفل هذه المنطقة بالعديد من صواعق‬ ‫التفجير المتموضعة في صدوع بنيتها وما إن يوشك فتيل أحد هذه‬ ‫الصواعق على االنطفاء ح ّتى يت ّم اشعال فتيل آخر‪.‬‬ ‫لعلّه من المحظور االقتراب من الخطوط الحُمر في هذه‬ ‫المنطقة ولعلّه أيضا ً من المحظور أن يعمل أبناؤها ومث ّقفوها‬ ‫وسياسيّوها على نزع هذه المفجّ رات من بنية مجتمعاتهم‪ ،‬ولع ّل‬ ‫أكثر هذه الخطوط الحُمر خطورة هو العمل على انجاز الدولة‬ ‫الوطنيّة العلمانيّة القادرة على إعادة صياغة الهويّة الجديدة لهذه‬ ‫المجتمعات إذ أنّ من شأن أيّة هويّة كبرى أن تذيب الهويّات‬ ‫الصُغرى وهذا من شأنه أن يُبطل عمل الكثير من هذه المفجّ رات‪.‬‬ ‫قبل أيّام وألوّ ل مرّ ة في تاريخ سوريّة الحديث ت ّم إحياء ذكرى‬ ‫عاشوراء في قلب دمشق بمباركة من «النظام «الذي اختصر‬ ‫الوطن بكرسيّ السلطة وترك ما تبقى منه لإليرانيين‪ ،‬ال يمكن‬ ‫تفسير هذا االحتفال بأ ّنه طقس دينيّ عابر ال بل من السذاجة‬ ‫اعتقاد ذلك‪ ،‬إ ّنه باختصار تأكيد على أنّ الفتيل الذي يت ّم اشعاله في‬ ‫المنطقة اآلن هو فتيل الصراع «الس ّنيّ الشيعيّ «وما هذا االحتفال‬ ‫إلاّ رفع راية هذا الصراع عالياً‪.‬‬ ‫ما بين «داعش» والنصرة وأخواتهما وحزب هللا والحوثيّين‬ ‫وغيرهما يط ّل «علي» و»معاوية» من جديد ليبعثا الروح في‬ ‫صراع يزيد عمره على أربعة عشر قرنا ً وتط ّل إيران والسعوديّة‬ ‫ومثيالتهما كعوائق أساسيّة في وجه قيام الدولة الوطنيّة الحديثة‪.‬‬

‫كلّنا سوريون ‪ -‬عدسة عبد إدلب‬

‫تحقيقات العدد‬

‫السوري‬ ‫الوطني‬ ‫االئتالف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدور والوظيفة‬

‫‪ -‬عند احلروب ال تقام احلدود‬

‫ص‪6‬‬

‫‪ -‬اإلسالموفوبيا ‪..‬إىل الواجهة جم ّدداً‬

‫ص‪6‬‬

‫‪ -‬اهلروب من اجملازر سرياً على األقدام‬

‫ص‪7‬‬

‫‪ -‬الجئون سوريّون يف بيوت ال تصلح للسكن‬

‫ص‪7‬‬

‫وجهان لجريمة‬ ‫واحدة‬

‫ص‪4‬‬

‫ومنذ قيام ال��ث��ورة التي ُخطفت بالمال‬ ‫السياسي‪ ،‬وال��ذي ساندته ال��دول اإلسالم ّية‬ ‫ّ‬ ‫خوفا ً من تمدّده إليها‪ ،‬أو تصفية لحسابات‬ ‫بين القوى المحل ّية واإلقليم ّية والدول ّية المتصارعة لذلك ساهمت‬ ‫اإلسالمي)‪.‬‬ ‫بتحويله إلى (الربيع‬ ‫ّ‬ ‫باسل العبد اهلل‬

‫التوريث‬ ‫العقائدي‬ ‫ّ‬

‫ص‪9‬‬

‫ي���ورث���ون أب��ن��اءه��م‬ ‫إ ّن���ه���م‬ ‫ّ‬ ‫شخص ّياتهم وأذواقهم وأساليب‬ ‫وطرق حياتهم‪ ،‬وللوهلة األولى‪،‬‬ ‫يبدو هذا التوريث وكأ ّنه مقتصر على العائالت المحافظة والمحكومة‬ ‫والمتمسكة بها‪ ،‬أي ضمن نطاق‬ ‫بالعادات والتقاليد االجتماع ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العائالت الرافضة لالختالف في التفاصيل الصغيرة والكبيرةريم احلاج‬

‫التفكير في زمن التكفير‬ ‫لنقد ذهنّية التحريم‬

‫ص ‪10‬‬

‫ري��ن��ي��ه دي���ك���ارت‪ ،‬الفيلسوف‬ ‫الفرنسي عندما انطلق من (أنا أف ّكر‬ ‫ّ‬ ‫القروسطي‬ ‫الكنسي‬ ‫إذن أنا موجود) كان يعلن القطيعة مع الموروث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متحرراً‬ ‫ومحرراً العقل األور ّب ّي‬ ‫وبداية مغامرة جديدة للعقل األور ّب ّي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطور‬ ‫من أه ّم عقبة كانت تمنع عنه‬ ‫ّ‬ ‫عبدو نيب‬

‫رايتان مع ّتقتان بالدم‪ ،‬مغلّفتان بالمق ّدس‪ ،‬مدعومتان بالتعصّب‬ ‫األعمى‪ ،‬ترتفعان اآلن في سماء هذا الشرق المق ّدس وربّما‬ ‫الملعون‪ ،‬رايتان تنغمسان عميقا ً في بنية هذا المجتمع وترتفعان‬ ‫عاليا ً وتحت ظلّهما الكثيف والمع ّتم تختفي ك ّل الرايات الصغيرة‬ ‫الباحثة عن صيغة أخرى للعيش وبناء الدولة الحديثة‪ ،‬باختصار‬ ‫هناك مق ّدس يحجب عن شعوب هذه المنطقة صيغة الدولة العصريّة‬ ‫دولة القانون والمواطنة والحقوق‪.‬‬

‫لم يمت هذا الصراع منذ نشوبه‪ ،‬ضعُف في فترات ما‪ ،‬لك ّنه بقي‬ ‫ص‪2‬‬ ‫ح ّياً‪ ،‬وفي هذه المرحلة يصل الى أوجه‪ ،‬ففي ك ّل المراحل السابقة‬ ‫إنّ االئتالف يشعر بالخذالن من مواقف‬ ‫لم يستنفذ هذا الصراع إمكانات االنتقال إلى الصيغ األخرى‪ ،‬لك ّنه‬ ‫وحضت على إنشائه‪،‬‬ ‫الدول التي ساعدت‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫اآلن يُغلق الباب أمام هذا الحلم لفترة طويلة أل ّنه سيطال هذه‬ ‫والسياسي واالعتراف‬ ‫المادي‬ ‫فكل ّ وعود الدعم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫معززة بفائض من‬ ‫المرّ ة الخريطة الجغرافيّة للمنطقة‪ ،‬خريطة‬ ‫السوري قد ّ‬ ‫تبخرت‬ ‫القانوني به ك ّممثل للشعب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحقد والدم والثارات‪ ،‬ستدخل المنطقة قرنا ً قادما ً في صراع جديد‬ ‫تغول النظام والقوى الداعمة له‪ .‬إنّ المعارضة السور ّية‬ ‫وترك ظهره مكشوفا ً أمام ّ‬ ‫وسنرمي وراء ظهورنا صراعنا مع إسرائيل الذي استنفذ عبر‬ ‫قدّ مت أداء هزيالً وكشفت عورات الكثير من رموزها عبر التخ ّبط في المواقف‬ ‫قرن كامل قدرته على تحفيز مكامن العنف والحروب‪.‬‬ ‫ووسائل التعبير عنها باإلضافة لصراعاتها الشخص ّية الصبيان ّية‪.‬‬ ‫غزوان قرنفل‬ ‫في هذا الصراع الجديد لن ُتنزع الفتائل األخ��رى ستظ ّل‬ ‫حاضرة في اللوحة إلى أن يحين وقت استعمالها‪ ،‬لن يُح ّل مصير‬ ‫مسيحّيو سورية وسؤال‬ ‫الشعب الكرديّ وستدخل قضيّة الشعب الفلسطينيّ حيّز اإلهمال‬ ‫المستقبلي ‪2/1‬‬ ‫الدور‬ ‫ّ‬ ‫قرنا ً جديداً‪ ،‬لكنّ هذين الفتيلين سيبقيان جاهزين لالستعمال عندما‬ ‫‪5‬‬ ‫ص‬ ‫تت ّم الحاجة لهما‪ ،‬وستجد األقلّيّات – ربما أكثر من األكثرية ‪ -‬في‬ ‫إ ّنني مقتنع أنّ الشـروع بتقصي مالمح الدور‬ ‫هذه المنطقة نفسها أمام أسئلة ت ّم تناسيها لزمن طويل عندما حاولت‬ ‫المســتقبلي يجب أن يبدأ من تفكيك المخيال‬ ‫ّ‬ ‫أن تذوب في هويّة كبرى‪ ،‬لك ّنها تجد نفسها اآلن أمام سؤال صادم‬ ‫الفكري للمســيح ّيين الســور ّيين عن حياتهم‬ ‫ّ‬ ‫عن هويّتها وصيغة وجودها‪.‬‬ ‫البعثي والحكم‬ ‫ووضعهم العا ّم في ظل ّ النظام‬ ‫ّ‬ ‫ثمّة وجه آخر لهذا الصراع الجديد‪ ،‬وهو أنّ دول متع ّددة تساهم‬ ‫األســدي خالل األربعين ســنة الماضيـة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكونات ما يجب في اشعاله وهي تظنّ أنها قد تكون في منأى عن تداعيات تفجيره‪،‬‬ ‫تفكيك هذا المخيال شرط‬ ‫ضروري‪ ،‬بل والزم‪ ،‬كي ندرك بعض ّ‬ ‫ّ‬ ‫السوري من الوقوع فيه حين سيبدأ بلعب دور في لك ّنها ستكون في قلبه‪ ،‬وما ّ‬ ‫يؤخر وصوله إلى هذه الدولة أو تلك‬ ‫أن ُن ِّ‬ ‫المسيحي‬ ‫حذر الشارع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جنيب جورج عوض هو معيار وحيد يمكن تلخيصه بمدى نسيان مجتمعاتها لهاتين‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الرايتين‪ ،‬وفي هذا المعيار تبدو تركيا في وضع أفضل قليال فقد‬ ‫أكسبتها علمانيّتها قدرة أكثر على الصمود لك ّنها تفقدها شيئا ً فشيئا ً‬ ‫عــود على‬ ‫منذ أن استلم حزب العدالة والتنمية وراح يتطلّع إلى رفع إحدى‬ ‫بــدء‬ ‫الرايتين‪.‬‬ ‫ص‪3‬‬ ‫ينطلق الباحثون عن بديل من‬ ‫واقع العجز الذي يتح ّكم في أكبر‬ ‫هيئة سور ّية معارضة‪ ،‬ناسين –‬ ‫أو متناسين‪ -‬أنّ تكرار التجارب‬ ‫نفسها‪ ،‬باآلل ّيات نفسها‪ ،‬سيؤدّي‬ ‫إلى النتائج الفاشلة ذاتها‪ ،‬ولعل ّ‬ ‫هذه الحقيقة‪ ،‬هي الوحيدة الثابتة طوال السنوات األربع الماضية من عمر سورية‪.‬‬ ‫طائفي‪،‬‬ ‫إثني‪-‬‬ ‫مناطقي‪-‬‬ ‫بالتوازي‪ ،‬يت ّم على التوالي‪ ،‬عقد مؤتمرات ذات طابع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السورية‪ .‬وهذه المؤتمرات إضافة إلى عدم جدّ يتها‬ ‫المكونات والمجموعات ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكل ّ‬ ‫أو فاعليتها‪ ،‬فإ ّنها تعمل وفق نموذج المحاصصة‪ ،‬وبحضور أسماء وشخص ّيات ال‬ ‫الحقيقي لهذه المناطق أو اإلثن ّيات أو الطوائف‪.‬‬ ‫تعكس التمثيل‬ ‫ّ‬ ‫حممّد اجلرف‬

‫إذا لم ن ّتجه إلى الدولة العلمانيّة الصريحة‪ ،‬وإذا لم تخرج الدولة‬ ‫نر في اآلخرين إلاّ‬ ‫من عباءة المق ّدس واإليديولوجيا‪ ،‬وإذا لم َ‬ ‫اصطفافا ً تحت إحدى الرايتين‪ ،‬فلن يكون لنا دولة ولن يكون لنا إلاّ‬ ‫عقوداً أخرى من الحروب والدم‪ ،‬باختصار نحن مطالبون بإنجاز‬ ‫الدولة القابلة للحياة‪ ،‬الدولة التي يعيش أبناؤها كلّهم دون استثناء‬ ‫بال أيّ تمييز مهما يكن‪.‬‬

‫هل سي ّتحد السوريّون تحت راية سوريّة‪ ،‬أم سينقسمون تحت‬ ‫رايات الموت الملوّ نة باألصفر واألسود؟؟‪ .‬يُجبر السوريّون بك ّل‬ ‫أساليب الترهيب والترغيب على االنضواء تحت إحدى الرايتين‪،‬‬ ‫لك ّنه ما من خيار أمامهم إلاّ أن يديروا ظهرهم إلى األسود واألصفر‬ ‫مرّ ة واحدة وإلى األبد‪.‬‬ ‫ب ّسام يوسف‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪18‬‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫سقوط حلب في ّ‬ ‫ظل االنهيار‬ ‫السوري الشامل‬ ‫ّ‬

‫مع التصريحات األخ��ي��رة للعديد من الجهات‬ ‫الدوليّة‪ ،‬عن سقوط مدينة حلب‪ ،‬بدءاً من تصريحات‬ ‫الوزير الفرنسيّ ‪ ،‬وصوالً إلى تصريحات المسؤولين‬ ‫األتراك والمبعوث الدوليّ ‪ ،‬تت ّم اإلشارة إلى توجّ ه مسار‬ ‫الكوارث السوريّة‪ ،‬نحو أكبر التجمّعات الس ّكانيّة‪ ،‬حامالً‬ ‫معه الخوف من كارثة‪ ،‬قد تكون األفظع واألبشع‪ ،‬في‬ ‫مسلسل الدمار المتواصل؛ فما هي المؤ ّ‬ ‫شرات ال ّدالة‬ ‫على اقتراب وقوع هذه الكارثة؟ وماهي األسباب‬ ‫الدافعة للتركيز على حلب دون سواها؟‬ ‫إنّ ما تتعرّ ض له معظم المناطق السوريّة‪ ،‬ومن‬ ‫ضمنها الواقعة في محافظة حلب من عمليّات قتل‬ ‫وتدمير وتشريد‪ ،‬دون أيّ تمييز بين منطقة وأخرى‪،‬‬ ‫يدفع لالعتقاد‪ ،‬بأنّ تلك التحذيرات ليست أكثر من حملة‬ ‫سياسيّة وإعالميّة‪ ،‬مرافقة للتطوّ رات الجارية على‬ ‫األرض‪ ،‬في عين العرب (كوباني)‪ ،‬وفي حندرات‪،‬‬ ‫وح ّتى في إدلب‪ .‬لكنّ وبغضّ النظر عن ذلك‪ ،‬فإنّ‬ ‫الوقائع ربّما تشير إلى المزيد من التعقيدات‪ ،‬فمحافظة‬ ‫حلب التي تستمرّ معارك السيطرة عليها من الجميع‪،‬‬ ‫لما يقرب من عامين‪ ،‬تظهر وكأ ّنها أرض المعركة‬ ‫الرئيسيّة‪ ،‬التي قد تح ّدد الجهة األقوى في المعادلة‬

‫السوريّة‪ ،‬فيما ُتنذر نتائج تلك المعركة‪ ،‬بكوارث‬ ‫أوسع‪ ،‬فالمحافظة التي ش ّكلت التجمّع الس ّكاني األكبر‪،‬‬ ‫دون وجود أيّة تمايزات تذكر بين مكوّ ناتها االجتماعيّة‬ ‫المتع ّددة‪ ،‬والتي تعرّ ضت ألكبر عمليّات تهجير طالت‬ ‫العديد من األُسر‪ ،‬باتجاه تركيا‪ ،‬أو الالذقيّة‪ ،‬هربا ً من‬ ‫المالحقات‪ ،‬أو خوفا ً من الموت‪ ،‬تعرّ ضت الصطفافات‬ ‫جديدة بين أبنائها القابعين تحت سطوة السالح‪ ،‬وفقا ً‬ ‫ّ‬ ‫لتوزع القوى العسكريّة على أرضها‪ ،‬كمناطق نظام أو‬ ‫معارضة مسلّحة أو تنظيم «داعش» أو لجان الحماية‬ ‫الكرديّة‪ .‬ممّا دفع إلى إطالق تحذيرات دوليّة‪ ،‬من‬ ‫قيام عمليات تدمير وتهجير‪ ،‬يمكن أن تكون شاملة‪،‬‬ ‫تطال معظم القاطنين في مناطق سيطرة المعارضة‬ ‫والنظام واألكراد معاً‪ ،‬وألكثر من مليون شخص‪ ،‬في‬ ‫غضون أيّام قليلة‪ ،‬مع احتماالت توجّ ه تنظيم «داعش»‬ ‫للسيطرة على كامل المحافظة بعد معارك عين العرب‬ ‫(كوباني)‪ ،‬أو لتطال القسم األكبر منهم‪ ،‬مع محاوالت‬ ‫النظام إحكام حصاره على المدينة‪ ،‬معتمداً وبشكل‬ ‫رئيسيّ ‪ ،‬على الميليشيات الشيعيّة القادمة من خارج‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫تلك التحذيرات‪ ،‬قد ال ّ‬ ‫تمثل سوى صيحات في‬

‫السوري‬ ‫الوطني‬ ‫االئتالف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدور والوظيفة‬

‫التحذيرات‪ ،‬قد ال متثّل سوى صيحات يف اهلواء‪،‬‬ ‫يف ظ ّل االنهيار السور ّي الشامل‪ ،‬ويف ظ ّل ما تتع ّرض له‬ ‫البالد ألكرب عمليّة إرهابيّة‪.‬‬

‫الهواء‪ ،‬في ظ ّل االنهيار السوريّ الشامل‪ ،‬وفي ظ ّل‬ ‫ما تتعرّ ض له البالد ألكبر عمليّة إرهابيّة‪ ،‬عرفتها‬ ‫التجمّعات البشريّة في العصر الحديث‪ ،‬فالنظام الذي ال‬ ‫يتو ّقف عن إلقاء براميل التدمير والموت‪ ،‬فوق رؤوس‬ ‫المدنيّين بشكل عشوائيّ ‪ ،‬وغرباء الجهاد اإلسالميّ‬ ‫المستمرّ ين بتد ّفقهم نحو الداخل‪ ،‬والمعتمدين على ّ‬ ‫بث‬ ‫الرعب في نفوس السوريّين‪ ،‬عبر قطع الرؤوس والرجم‬ ‫والسحل‪ ،‬لنشر سيطرتهم على أوسع بقعة جغرافيّة‬ ‫ممكنة‪ ،‬والميلشيات الشيعيّة التي يجري استقدامها من‬ ‫ك ّل بقاع األرض‪ ،‬بحجّ ة الدفاع عن المق ّدسات و(الثأر‬ ‫لدم الحسين)‪ ،‬والذين ال يتورّ عون عن االنتقام من‬ ‫أتباع الس ّنة السوريّين ح ّتى بتقطيع أطفالهم‪ ،‬ال يجعل‬ ‫من سورية إلاّ ساحة مفتوحة لإلرهاب المستمرّ ‪ ،‬وال‬ ‫يجعل من شعبها سوى لقمة سائغة أمام تلك القوى‬ ‫اإلرهابيّة‪ ،‬األمر الذي يتطلّب توجّ ها دول ّيا ً حازما ً في‬ ‫ّ‬ ‫المتمثلة في صورة‬ ‫التص ّدي لتلك الكوارث المتالحقة‪،‬‬ ‫الدم المستباح‪ ،‬واألسقف المدمّرة فوق رؤوس البشر‪،‬‬ ‫وفي مشهد جموع السوريّين الهاربين نحو العراء‬ ‫والمخيّمات‪ ،‬والمشرّ دين في مدن الجوار‪ ،‬والمغامرين‬ ‫بالموت غرقا ً على متن قوارب التهريب‪.‬‬ ‫م��ن ه��ذه ال��م��ؤ ّ‬ ‫ش��رات‪ ،‬ل��م يعد كما ي��ب��دو‪ ،‬أم��ام‬ ‫السوريّين بقواهم الحيّة‪ ،‬كجيش حرّ وكسياسيّين‬ ‫وكتجمّعات مدنيّة‪ ،‬اإلمكانيّة للتق ّدم في طريق الخروج‬ ‫من الحالة المستعصية‪ ،‬أو المقدرة على تقديم أيّة‬ ‫حلول مناسبة‪ ،‬مهما كان حجم الدعم المق ّدم لهم‪،‬‬ ‫ومهما كانت الوعود المتعلّقة بإنشاء قوّ ة معارضة‬ ‫مسلّحة معتدلة بديلة‪ ،‬ومهما قُ ّدم من مبادرات من قبل‬ ‫الجهات المحلّيّة واإلقليميّة والدوليّة‪ ،‬نتيجة لك ّل ذلك‬ ‫االنتشار العسكريّ الهائل‪ ،‬من قوى النظام بقوّ اته‬ ‫المسلّحة ومخابراته ولجانه الشعبيّة المدافعة عنه‪ ،‬ومن‬ ‫التشكيالت المعارضة المسلّحة المتباينة وفقا ً لمصادر‬ ‫تمويلها‪ ،‬ومن عشرات األلوف من الوافدين المتزايدين‬ ‫بش ّقيهم لتنفيذ مشاريع الطائفيّة الس ّنيّة والشيعيّة‪،‬‬ ‫ونتيجة لك ّل تلك التجاذبات اإلقليميّة والدوليّة الهادفة‬

‫لقد كان الملتقى حقيقة فرصة جيّدة للمكاشفة‬ ‫مع المشاركين فيه من الداخل والخارج‪ ،‬سعى من‬ ‫خالله االئتالف للقول صراحة أ ّنه مأزوم وهو يضع‬ ‫المشاركين أمام استحقاقاتهم الوطنيّة الجتراح سُبل‬ ‫وحلول‪ ،‬ربّما تساعد على تفكيك عناصر األزمة‬ ‫البنيويّة الداخليّة له من جهة‪ ،‬ومحاولة لخلق فضاء‬ ‫تواصل ج ّديّ مع القوى الفاعلة على األرض توكيداً‬ ‫أو تعزيزاً لشرعيّته لديها من خالل إشراكه لها في‬ ‫ّ‬ ‫التأزم من جهة أخرى‪.‬‬ ‫صياغة رؤى وحلول لهذا‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫لتحقيق مصالحها المتضاربة‪ ،‬في تلك المنطقة التي‬ ‫فقدت سيادتها الوطنيّة‪ ،‬األمر الذي يتطلّب التحذير من‬ ‫الكارثة المحدقة بك ّل السوريّين‪ ،‬من عمليّات اإلرهاب‬ ‫المتنوّ عة التي تطال تجمّعاتهم السكنيّة‪ ،‬بالبراميل‬ ‫ّ‬ ‫والمفخخات‪ ،‬وبالقنص والذبح والتعذيب ح ّتى‬ ‫والقذائف‬ ‫الموت‪ ،‬واألمر الذي يوجب البحث عن مخارج مختلفة‬ ‫عن الحلول المطروحة‪ ،‬وربّما باالستفادة من التجارب‬ ‫العالميّة في القضاء على اإلرهاب‪ ،‬الذي يمسّ المجتمع‬ ‫كحالة أساسيّة‪ ،‬بغضّ النظر عن كونه خطراً دول ّيا ً‬ ‫كحالة ثانويّة‪ ،‬فالمجتمع األفغانيّ الذي وقع يوما ً تحت‬ ‫سيطرة اإلسالم المتطرّ ف‪ ،‬والذي يمكن اعتباره مولّداً‬ ‫أساس ّيا ً له‪ ،‬لم يتعرّ ض لذلك الحجم من اإلرهاب الذي‬ ‫يتعرّ ض له المجتمع السوريّ ‪ ،‬ولم يبدأ بالخروج من‬ ‫تلك السيطرة إلاّ بدخول قوّ ة دوليّة‪ ،‬ح ّققت له نتائج‬ ‫ملموسة على طريق بناء الدولة المدنيّة‪ ،‬بنا ًء ال يمكن‬ ‫ّ‬ ‫التدخل إلى‬ ‫أن يكون مستقرّ اً‪ ،‬بدون استمراريّة ذلك‬ ‫الح ّد الذي يفترض ذلك‪ ،‬ال كما جرى في العراق‪ ،‬من‬ ‫انسحاب مب ّكر‪ ،‬قبل الوصول إلى تلك الدولة‪.‬‬ ‫ما يجري في سورية اليوم‪ ،‬من ّ‬ ‫تدخل دوليّ مباشر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ممثالً بالضربات الجوّ يّة للتحالف األمميّ ‪ ،‬على مواقع‬ ‫تنظيم «داعش» اإلرهابيّ ‪ ،‬لم ولن يح ّقق أيّ قضاء‬ ‫على سيطرة ذلك التنظيم‪ ،‬مالم يترافق ‪ -‬كما تدلّل‬ ‫الوقائع ‪ -‬بدخول قوّ ة دوليّة‪ ،‬قادرة على إخراج ك ّل‬ ‫الغرباء‪ ،‬وعلى سحب األسلحة‪ ،‬من ك ّل السوريّين‪،‬‬ ‫نظاما ً وتنظيمات مختلفة‪ ،‬وبناء قوّ ات محلّيّة محايدة‪،‬‬ ‫لحماية ك ّل أبناء الوطن‪ ،‬كشرط أساسيّ إلنجاح قيام‬ ‫إدارة محلّيّة مدنيّة‪ ،‬مهما امت ّد الزمن‪ ،‬ق��وّ ة دوليّة‬ ‫بعيدة عن ك ّل مجريات الصراع القائم على األرض‬ ‫السوريّة‪ ،‬قادرة على إعادة السوريّين إلى بيوتهم‪،‬‬ ‫وعلى إيقاف االقتتال القائم لفرض مشاريع طائفيّة‪،‬‬ ‫بدالً من أن تبقى سورية ساحة معارك لآلخرين‪ ،‬ومن‬ ‫أن يتحوّ ل السوريّون إلى الجئين ومشرّ دين وطعاما ً‬ ‫ألسماك البحار‪ ،‬أو أن يتحوّ ل من بقيّ منهم في بالده‬ ‫لؤي حاج بكري‬ ‫إلى رهائن ودروع بشريّة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫الشك أ ّن التعاجز الدول ّي يف هذا السياق أسهم كثرياً يف خلق‬ ‫التص ّدعات وأجواء الريبة والصراعات‬

‫ّ‬ ‫متأخراً ج ّداً الحديث‬ ‫الب ّد أن يكون‬ ‫ع��ن االئ��ت�لاف ال��وط��ن��يّ ال��س��وريّ‬ ‫المعارض من زاوية توصيف الدور‬ ‫والوظيفة بعد سنتين من تأسيسه‪ ،‬ذلك‬ ‫أ ّننا نفترض بداهة‪ ،‬أنّ ه��ذا الكيان‬ ‫الفضفاض للمعارضة السوريّة قد ح ّدد‬ ‫بالضرورة قبيل إنشائه مالمح الدور‬ ‫المنوط به وح��دود الوظيفة السياسيّة‬ ‫التي يتعيّن عليه أن يمارسها للتعبير‪،‬‬ ‫عن تطلّعات الشعب السوريّ الباحث‬ ‫عن االنعتاق من سلطة االستبداد وبناء‬ ‫دولته الوطنيّة الديمقراطيّة‪.‬‬ ‫لكن ورغ��م سنتين على ال��والدة‬ ‫م��ازال يشعر بالدوار والتخبّط أمام‬ ‫ك � ّل ح��ال يطرأ على مسار الثورة‪،‬‬ ‫فهذا يعني أ ّنه حقيقة ال يملك خريطة‬ ‫طريق لعمله‪ ،‬أو أ ّنه يملكها لك ّنه يعجز‬ ‫عن توفير أدوات الفعل التي تم ّكنه من‬ ‫العمل بهديها وإنفاذها‪ .‬وهذا تحديداً ما‬ ‫التمسته شخص ّيا ً خالل مشاركتي في ملتقى الداخل‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً في غازي عنتاب في‬ ‫السوريّ الثاني الذي عُقد‬ ‫محاولة لتلمّس مواطن الفشل في بناء جسور تواصل‬ ‫حقيقيّة وفاعلة مع الداخل الثائر من جهة‪ ،‬وفي إدارة‬ ‫الكيان نفسه ومفرزاته وأدواته التنفيذيّة من جهة أخر‬ ‫ى‪.‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫ما دفع الكثير ممّن حملوا السالح دفاعا ً‬ ‫عن كراماتهم المنتهكة‬ ‫لالنضواء تحت هذه الراية أو تلك بحثا ً‬ ‫عن حماية أو دور أو ح ّتى لقمة عيش‪.‬‬

‫وعلى مدى يومين من العمل تب ّدت للمشاركين بعض‬ ‫ّ‬ ‫التأزم والتي يمكن تلخيصها بالتالي‪:‬‬ ‫مالمح ذلك‬ ‫‪ -1‬إنّ االئتالف يشعر بالخذالن من مواقف الدول‬ ‫التي ساعدت‪ ،‬بل وحضّت على إنشائه‪ ،‬فك ّل وعود‬ ‫الدعم الماديّ والسياسيّ واالعتراف القانونيّ به كمّمثل‬ ‫للشعب السوريّ قد ّ‬ ‫تبخرت وترك ظهره مكشوفا ً أمام‬ ‫تغوّ ل النظام والقوى الداعمة له‪.‬‬ ‫‪ -2‬إنّ المعارضة السوريّة ق ّدمت أداء هزيالً‬ ‫وكشفت عورات الكثير من رموزها عبر التخبّط في‬ ‫المواقف ووسائل التعبير عنها باإلضافة لصراعاتها‬ ‫الشخصيّة الصبيانيّة‬ ‫ترتق ق� ّ‬ ‫�ط لمستوى دم��اء السوريّين‬ ‫وه��ي لم‬ ‫ِ‬ ‫وتضحياتهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬تص ّدي االئتالف للكثير من القضايا الداخليّة‬

‫التفصيليّة التي لم يكن أصلاً قادراً على التص ّدي لها‬ ‫وتحمّل مسؤوليّاتها وأعبائها ونسي أ ّنه محض عنوان‬ ‫سياسيّ للسوريّين يتعيّن عليه تقديم أداء سياسيّ محض‬ ‫يق ّدم من خالله للعالم رؤيته ومشروعه لبناء وطن‬ ‫لك ّل السوريّين دون االنجرار وراء الخطاب الشعبويّ‬ ‫الذي ال يستقرّ على مستقر‪ ،‬ودون تحمّل أعباء تنوء‬ ‫عن حملها دول لها مواردها ومؤسّساتها في أوضاع‬ ‫مماثلة‪ ،‬فاإلغاثة والخدمات ورعاية االحتياجات الماديّة‬ ‫المختلفة للسوريّين ليست من صميم دوره ومهامه‪ ،‬ما‬ ‫أظهره عاريا ً وعاجزاً وفاشالً على هذا الصعيد‪.‬‬ ‫‪ -4‬الفشل في بناء نواة جيش وطنيّ سوريّ يكون‬ ‫حامالً للمشروع الوطنيّ في الداخل بعيداً عن تجاذبات‬ ‫الساسة والداعمين‪.‬‬ ‫ك أنّ التعاجز الدوليّ في هذا السياق أسهم‬ ‫والش ّ‬ ‫كثيراً في خلق التص ّدعات وأجواء الريبة والصراعات‪،‬‬

‫إنّ الفشل في بناء آليات عمل حقيقيّة‬ ‫وواضحة مع الحكومة المؤ ّقتة والتي‬ ‫يُفترض أ ّنها األداة التنفيذيّة للسياسات‬ ‫العامّة لالئتالف وصراع القوى واألدوار‬ ‫ف��ي ه��ذه ال��ع�لاق��ة جعل م��ن االئ��ت�لاف‬ ‫والحكومة قوتين متناطحتين على األدوار‬ ‫وحدود المسؤوليّات‪ ،‬يستأسد ك ّل طرف‬ ‫فيها مع األسف بقوى إقليميّة ودوليّة تدعم‬ ‫مواقفه وسياساته متشاغلين فيها عن ساحة‬ ‫الصراع الحقيقيّ وعن الخصم فيها‪ ،‬فيما‬ ‫مواز يستق ّل‬ ‫تقف وحدة تنسيق الدعم ككيان‬ ‫ٍ‬ ‫بفعله وسياساته وتمويله عنهما وينأى‬ ‫بنفسه عن صراعاتهما توكيداً الستقالليّة‬ ‫اجترّ تها من قوى دوليّة فرضتها ربّما‬ ‫لتؤ ّدي ذات الوظيفة التي كانت تؤ ّديها‬ ‫الشركة العالميّة لقناة السويس في مصر قبيل تأميمها‬ ‫عام ‪.1956‬‬ ‫في ظ ّل حقل األلغام هذا خلص المؤتمرون إلى‬ ‫جملة من التوصيات والمقترحات حاولوا من خاللها‬ ‫تفكيك عناصر التشابك وصياغة آليّات عمل ربّما يكون‬ ‫ّ‬ ‫التأزم‪ ،‬لك ّنها‬ ‫لها دور في ح ّل بعض صور وأشكال‬ ‫بالقطع لم تجد حلاّ لمشكلة ارتهان القرار‪ ،‬فالمسألة‬ ‫السوريّة لم تعد أصالً بيد السوريّين وحدهم بل صارت‬ ‫رهينة صراع القوى والمصالح اإلقليميّة والدوليّة على‬ ‫األرض السوريّة‪ ،‬وصارت القوى واألدوات السوريّة‬ ‫السياسيّة منها والعسكريّة محض أدوات إلنفاذ‬ ‫ّ‬ ‫ويمثل القتال واالقتتال فيها فقط‬ ‫سياسات غير سوريّة‪،‬‬ ‫شكالً داميا ً لهذا الصراع‪ ،‬وتلك على ما يبدو هي حدود‬ ‫الدور والوظيفة المناطة باالئتالف‪.‬‬

‫غزوان قرنفل‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪18‬‬

‫عود على بدء‬

‫بعد انتهاء احلرب العامليّة األوىل‪ ،‬ق ّرر احللفاء‬ ‫عقد مؤمتر للصلح يف قصر فرساي يف ضواحي باريس‬

‫ُ‬ ‫تكثر في هذه اآلونة ال ّدعوات التي يقوم بها‬ ‫سياسيّون سوريّون كبار (ولكن ثبت فشلهم)‬ ‫إلنشاء كيان سياسيّ معارض بديل عن‬ ‫االئتالف الوطنيّ لقوى ّ‬ ‫الثورة والمعارضة‬ ‫السّورية‪ ،‬والذي فشل أيضا ً أمام االستحقاقات‬ ‫الكبرى التي مرّ ت بها البالد‪.‬‬ ‫ينطلق الباحثون عن بديل من واقع العجز‬ ‫الذي يتح ّكم في أكبر هيئة سوريّة معارضة‪،‬‬ ‫ناسين – أو متناسين‪ -‬أنّ تكرار التجارب‬ ‫نفسها‪ ،‬باآلليّات نفسها‪ ،‬سيؤ ّدي إلى النتائج‬ ‫الفاشلة ذاتها‪ ،‬ولع ّل هذه الحقيقة‪ ،‬هي الوحيدة‬ ‫الثابتة طوال السنوات األربع الماضية من‬ ‫عمر سورية‪.‬‬ ‫ب��ال��ت��وازي‪ ،‬يت ّم على التوالي‪ ،‬عقد مؤتمرات‬ ‫ذات طابع مناطقيّ ‪ -‬إثنيّ ‪ -‬طائفيّ ‪ ،‬لك ّل المكوّ نات‬ ‫والمجموعات السّورية‪ .‬وه��ذه المؤتمرات إضافة‬ ‫إلى عدم ج ّديتها أو فاعليتها‪ ،‬فإ ّنها تعمل وفق نموذج‬ ‫المحاصصة‪ ،‬وبحضور أسماء وشخصيّات ال تعكس‬ ‫التمثيل الحقيقيّ لهذه المناطق أو اإلثنيّات أو الطوائف‪.‬‬ ‫ما الحل إذن؟‬ ‫دعونا نعود قليالً إلى ال��وراء‪ ،‬لبدايات القرن‬ ‫الماضي‪ ،‬وبالتحديد إلى عام ‪ 1918‬الذي شهد انفصال‬ ‫سورية الطبيعيّة عن ال ُّترك‪ ،‬وشهد في الوقت نفسه‬ ‫أزمة سياسيّة كبيرة بسبب الفراغ الذي خلّفه غياب‬ ‫السّلطة‪.‬‬ ‫بعد انتهاء الحرب العالميّة األولى‪ ،‬قرّ ر الحلفاء‬ ‫عقد مؤتمر للصلح في قصر فرساي في ضواحي‬ ‫باريس‪ ،‬وقد كلّف ال ّ‬ ‫شريف حسين ابنه فيص َل بال ّتوجه‬ ‫إلى باريس بال ّنيابة عنه لحضور جلسات مؤتمر الصّلح‬ ‫العام باعتباره (أي ال ّ‬ ‫شريف حسين) أحد الحلفاء‪ ،‬فغادر‬ ‫فيصل دمشق في ‪ 22‬تشرين الثاني ‪ ،1918‬وأناب‬ ‫عنه في سورية أخاه األمير زيد‪.‬‬ ‫بعد أخذ ور ّد‪ ،‬وبعد توسّطٍ من لورنس العرب‪،‬‬ ‫سُمح لفيصل بحضور مؤتمر الصلح في باريس‪،‬‬ ‫وألقى كلمة – ترجمها لورنس ‪ -‬أ ّكد فيها على ّ‬ ‫حق‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫عن سورية‪.‬‬

‫الشعوب العربيّة باالستقالل‪ ،‬مُذ ّكراً ب ُنقط ويلسن األربع‬ ‫عشر‪ ،‬ومُقترحا ً على مؤتمر الصلح تعيين لجنة تحقيق‬ ‫تزور سورية وفلسطين للتأ ّكد من رغبة س ّكان البالد‬ ‫في تقرير مصيرهم‪ .‬وفعالً‪ ،‬عيّن المؤتمر لجنة كينغ ‪-‬‬ ‫كرين األمريكيّة‪.‬‬ ‫عند عودته إلى سورية‪ ،‬أطلع فيصل وزرائ��ه‬ ‫ومستشاريه على ق��رارات مؤتمر الصلح‪ ،‬فاقترح‬ ‫«حزب االستقالل العربيّ » دعوة مؤتمر عا ّم ُتدعى‬ ‫إليه البالد كلّها (سورية‪ ،‬ولبنان‪ ،‬وفلسطين) تكون‬ ‫مهمّته تهيئة البالد الستقبال لجنة كينغ ‪ -‬غرين‪ ،‬وتقديم‬ ‫رؤية سوريّة واضحة لها‪ .‬وفعالً‪ ،‬أرسلت المناطق‬ ‫واألقضية ّ‬ ‫ممثليها الذين حضر منهم ‪ 69‬مندوبا ً من‬ ‫أصل ‪ 85‬الجلسة االفتتاحيّة في دمشق أواخر حزيران‬ ‫‪ .1919‬وانتهت الجلسة االفتتاحيّة (الدورة األولى)‬ ‫بع ّدة مطالب أبرزها االعتراف باستقالل سورية‬ ‫(وفلسطين ضمنها)‪ ،‬وباستقالل لبنان بحكم ذاتيّ تابع‬ ‫لسورية‪ ،‬وتنصيب فيصل ملكا ً على سورية‪ ،‬ورفض‬ ‫االنتداب السياسيّ ‪.‬‬ ‫عادت لجنة كينغ ‪ -‬كرين بتقريرها الذي أشار‬ ‫إلى موافقة ‪ %75‬من الشعب السوريّ على توصيات‬ ‫المؤتمر العا ّم‪ .‬طبعا ً بقيّة األحداث معروفة بالنسبة‬ ‫ألغلب السوريّين‪ ،‬إذ نقضت فرنسا وبريطانيا تقرير‬ ‫اللجنة األمريكيّة‪ ،‬وانتهى األمر بإنذار غورو ث ّم ُ‬ ‫طرد‬ ‫فيصل وفُرض االنتداب الفرنسيّ بعد فصل فلسطين‬

‫ما يهمّنا هو أنّ المؤتمر السوريّ ‪ ،‬على‬ ‫مدى دوراته ّ‬ ‫الثالث ‪ ،1920 - 1919‬كان‬ ‫ّ‬ ‫«ممثالً سياس ّيا ً ودستور ّيا ً للسوريّين في‬ ‫سورية الطبيعيّة‪ .‬وعبّر في إطار هذا التمثيل‬ ‫عن ال ّتغيرات االجتماعيّة‪-‬السّياسيّة الجارية‪،‬‬ ‫فتش ّكلت في إطاره كتل أو أحزاب برلمانيّة‬ ‫ُتص ّنف مدرس ّيا ً بأ ّنها «داخليّة المنشأ»‪،‬‬ ‫أي أ ّنها نشأت في إطار ديناميّات البرلمان‬ ‫الداخليّة‪ ،‬لك ّنها كانت مرتبطة أش ّد االرتباط‬ ‫بالحركات االجتماعيّة‪-‬السياسيّة الفاعلة‪،‬‬ ‫التي هي بال ّتعريف «خارجيّة المنشأ»‪ .‬وقد‬ ‫استوعب الدستور السوريّ األوّ ل‪ ،‬كما صمّمه‬ ‫اآلباء الدستوريّون السوريّون الكبار للحركة العربيّة‬ ‫الحديثة‪ ،‬هذه ال ّتغيرات‪ ،‬وعبّر بشكل نموذجيّ عن‬ ‫المفاهيم واألفكار القانونيّة الدستوريّة للحركة العربيّة‪،‬‬ ‫وش ّكلت م��داوالت المؤتمر حول م��وا ّده اإلشكاليّة‪،‬‬ ‫مثل العالقة بين ال ّدين وال � ّدول��ة‪ ،‬وقضية المرأة‪،‬‬ ‫والمواطنة والهُويّة‪ ،‬والعالقة بين النمط القوميّ للدولة‬ ‫ً‬ ‫وثيقة مُب ّكرة واستباقيّة‪،‬‬ ‫والالمركزيّة اإلداريّة‪ ..‬إلخ‪،‬‬ ‫عن بنية قضايا الخالف الالحقة التي ستظهر في الحياة‬ ‫الدستوريّة للدول العربيّة عموماً‪ ،‬والحياة الدستوريّة‬ ‫السورية الالحقة للجمعيّات التأسيسيّة السوريّة‪ ،‬وتفكير‬ ‫النخب السياسيّة واالجتماعيّة فيها‪ .‬وفي ذلك قد تتجاوز‬ ‫أه ّميّته حدود األه ّميّة ال ّتاريخيّة الصِّرفة» ‪.‬‬ ‫هذه باختصار حكاية المؤتمر السوريّ العا ّم األوّ ل‪،‬‬ ‫والسّؤال‪ :‬ل َم ال تت ّم دعوة ج ّديّة إلى مؤتمر عا ّم سوريّ‬ ‫ثان‪ ،‬يضمن تمثيالً شبه عادل للشعب السوريّ ‪ ،‬لمناقشة‬ ‫ٍ‬ ‫المسألة السوريّة‪ ،‬ووضع رؤية سياسيّة سوريّة يت ّم‬ ‫على أساسها مقاربة المواقف اإلقليميّة والدوليّة؟‪.‬‬ ‫دون ذل��ك مصاعب جمّة بالطبع‪ :‬من سيدعو‬ ‫للمؤتمر؟ وأين سيعقد؟ وكيف ستت ّم عملية التمثيل كي‬ ‫يكون المؤتمر شرع ّياً؟‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫د‪ .‬محّ مد جمال باروت‪ :‬المؤتمر السوريّ العا ّم ( ‪ :) 1920 - 1919‬الدستور‬ ‫األول السياق‪ ،‬الطبيعة والوظائف‪ ،‬المراحل والقضايا – مج ّلة تبين‪ -‬العدد‬ ‫السوريّ ّ‬ ‫األول‪ -‬شتاء ‪2012‬‬ ‫‪ -2‬المج ّلد ّ‬

‫حممّد‪ .‬ف‪ .‬اجلرف‬

‫الفكرة الوطنّية الجامعة!؟‬

‫والعمل على نشرها وترسيخها وصوالً‬ ‫للقبول بها من ك ّل السوريّين‪.‬‬

‫تشغلني مسألة التعايش‪ ،‬صيغة‬ ‫التعايش المناسبة ال��ت��ي نحتاجها‬ ‫كسوريّين أوّ الً وثانياً‪ ،‬ومن ث ّم كأعراق‬ ‫وأديان وطوائف ومذاهب‪ ،‬وال دينيّين‪،‬‬ ‫وح ّتى ال منتمين‪ ،‬وه��ذا يعني حكما ً‬ ‫ّ‬ ‫بحق االنتماء أليّة‬ ‫االعتراف لآلخر‬ ‫جهة أو مجموعة فطر ّيا ً أو اختيار ّياً‪،‬‬ ‫مع التركيز على ع��دم تق ّدمها على‬ ‫االنتماء الوطنيّ ‪.‬‬

‫من هنا‪ ،‬وجب البحث عن الفكرة‬ ‫الوطنيّة الجامعة للسوريّين‪ ،‬بعد ضرب‬ ‫العديد من صيغ التعايش بينهم‪ ،‬حيث أ ّنها لم تكن مبنيّة‬ ‫على أساس «المواطنة»‪ ،‬وال على أساس االنتماء‬ ‫الوطنيّ ‪ ،‬فالعمل كان قد تر ّكز وبشكل ممنهج‪ ،‬من قبل‬ ‫«حافظ األسد» بشكل رئيس على إرساء قواعد لنظام‬ ‫«أق�لّ��ويّ »‪»،‬والئ��يّ »‪ ،‬بالمطلق تكون نواته صلبة‪،‬‬ ‫بحيث يضمن من خاللها الحكم في سوريّة إلى األبد‪.‬‬ ‫إذ يُعتبر «حافظ األسد» األبّ المؤسّس لفكرة «األبد»‬ ‫في سوريّة كنظام حكم جمهوريّ وراثيّ ‪ ،‬المنسوخة‬ ‫من جمهوريّة كوريا الشماليّة الشموليّة الوراثيّة‪ .‬ونعلم‬ ‫جميعاً‪ ،‬أنّ صفات الحاكم المستب ّد عديدة منها على‬ ‫سبيل المثال‪« ،‬جنون العظمة»‪ ،‬وكذلك التنزيه عن‬ ‫التناول‪ ،‬بحيث تقترب من صفات «األلوهيّة» بدرجة‬ ‫خطيرة‪ ،‬ال ُتقبل معها مسّ «الذات» الحاكمة بأيّ نقد‪،‬‬ ‫والتي ترتقي انسياب ّيا ً مع الزمن واإليحاء المستمرّ ‪-‬‬ ‫األمنيّ والدينيّ ‪ -‬إلى مصافّ التقديس‪ ،‬تحت طائلة‬ ‫ّ‬ ‫البطش بك ّل أشكاله‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬لبّ المشكلة السوريّة في‪ :‬غياب مفهوم الدولة‪،‬‬ ‫وفشل بنائها باعتبارها كيانا ً سياس ّيا ً عا ّما ً حياد ّياً‪،‬‬ ‫يضبط إيقاع الصراع في المجتمع ويديره تحت سقف‬ ‫دستوريّ وقانونيّ ‪ ،‬م ّتفق عليه ضمن عقد اجتماعيّ‬ ‫معاصر‪.‬‬ ‫عندنا – ولسنا وحدنا ‪ -‬ت ّم قلب المعادلة رأسا ً على‬ ‫عقب‪ ،‬لقد ت ّم العمل على بناء شكل «نظام» ي ّ‬ ‫ُسخر‬ ‫الدولة والمجتمع في خدمته‪ ،‬في الحقيقة ليس خدمته‬ ‫فحسب‪ ،‬بل تأبيد تسلّطه عليه من خالل الرضوخ الكامل‬ ‫والقبول بدور الرعيّة‪ ،‬أو ح ّتى النزول إلى مرتبة أدنى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ لنعترف ب��أنّ الفكرة القوميّة‬‫العربيّة ساقطة منذ زم��ن طويل‪،‬‬ ‫وبالتالي ليست بقادرة على أن تكون‬ ‫فكرة جامعة للسوريّين!‬

‫من ذلك‪ ،‬مرتبة العبيد وإلاّ تحت طائلة العقاب األقصى‬ ‫دون وجود حماية للناس‪ ،‬أو رادع للحاكم‪ .‬إنّ ما يحدث‬ ‫في سوريّة اليوم هو التجلّي األبشع على اإلطالق لفكرة‬ ‫األبد هذه‪.‬‬ ‫ما ُتظهره األحداث الخطيرة والجسيمة المستمرّ ة‬ ‫منذ بدء ثورات الربيع العربيّ أنّ جميع دول الثورات‬ ‫العربيّة قد فشلت فشالً ذريعا ً في بناء «الدولة» لذا نجد‬ ‫أفعال الح ّكام‪ ،‬وردود فعلهم على أيّ تحرّ ك شعبيّ ‪،‬‬ ‫ليست عنيفة فحسب‪ ،‬بل وغير متناسبة مع الفعل‪ ،‬وهي‬ ‫أقرب لفعل عصابات إجراميّة بالمعنى الحرفيّ للكلمة‬ ‫بال أدنى قيم إنسانيّة‪ ،‬ناهيكم عن الوطنيّة‪.‬‬ ‫بوجود نظم حاكمة كهذه تتر ّكز بيدها السلطة‬ ‫ّ‬ ‫وتوزعها بشكل غير عادل على باقي أفراد‬ ‫والثروة‬ ‫المجتمع‪ ،‬بل هي ّ‬ ‫توزعها بطريقة فاسدة‪ ،‬لتفسد الجميع‬ ‫ّ‬ ‫منظم ذو‬ ‫على أمل فساد األرضيّة أليّ عمل جماعيّ‬ ‫شأن يه ّدد جد ّيا ً نظام الحكم القائم‪ ،‬من هنا يتنامى‬ ‫لديك الشعور بالغبن والقهر‪ ،‬لك ّنه مكبوت بفعل القمع‬ ‫الشديد‪ ،‬فأمام استمرار هكذا وضع ستأتي اللحظة التي‬ ‫تشعر معها بأ ّنك مه ّدد بكيانك‪ ،‬مه ّدد بهويّتك‪ ،‬بانتمائك‪،‬‬ ‫وأمام هذا التهديد الوجوديّ ‪ ،‬ستجد نفسك أمام ر ّد فعل‬ ‫هجوميّ ‪ ،‬عنيف على األغلب‪ ،‬إذن‪ ،‬حيّا على التطرّ ف‪،‬‬ ‫حيّا على الجهاد‪ ،‬السترداد «الوجود»‪ ،‬هنا‪ ،‬الهويّة‬ ‫الذات‪ ،‬أوّ الً‪ ،‬ومن ث ّم يأتي‪ ،‬الكيان االنتماء‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬تتر ّكز المسألة في كيف يمكن لنا استرداد ما‬ ‫تب ّقى من جامعة وطنيّة‪ ،‬تسمح للسوريّين جميعا ً بالعيش‬ ‫سو ّياً‪ ،‬المشكل هو في إيجاد هذه «الصيغة الجامعة»‬

‫ كما أنّ استبعاد فكرة الدين بالمرّ ة‪،‬‬‫في وضعنا الراهن‪ ،‬حيث االختالف بين‬ ‫األديان‪ ،‬وكذلك التع ّدد الطائفيّ سيع ّقد‬ ‫من إمكانيّة الح ّل الوطنيّ مستقبالً‪.‬‬ ‫ طبعا ً فكرة العلمانيّة أيضا ً ‪ -‬على أه ّميّتها الشديدة‬‫ ال تحظى باإلجماع المطلوب‪ ،‬وال ح ّتى باألغلبيّة‬‫لغياب األرضيّة الصالحة لتعميمها وسيادتها داخل‬ ‫المجتمع السوريّ ‪ ،‬ولهذا أسباب عديدة‪.‬‬ ‫يجب االعتراف مبدئ ّيا ً بأنّ هنالك عقدة عصيّة في‬ ‫المسألة السوريّة تفرض على الجميع‪ ،‬البحث واالجتهاد‬ ‫على إيجاد صيغة مبدعة‪ ،‬فكرة وطنيّة جامعة‪ ،‬تجعل‬ ‫الجميع يقبل بها‪ ،‬ويعمل على تح ّققها‪ .‬هذا يعني‪ ،‬فيما‬ ‫يعنيه‪ ،‬أن تجعل الناس ترى فيها منفعة بيّنة عامّة‪،‬‬ ‫يستطيعون لمسها‪ ،‬بشكل مباشر‪ ،‬وغير مباشر‪ ،‬وهي‬ ‫بالتأكيد مهمّة في غاية الصعوبة‪ ،‬قريبة‪ ،‬أو تماثل‬ ‫صعوبة العمل على صياغة «عقد اجتماعيّ جديد»‪،‬‬ ‫للسوريّين جميعاً‪.‬‬ ‫مبدئ ّياً‪ ،‬أعتقد بأنّ الح ّل هو في الدولة الحديثة بك ّل‬ ‫أركانها العصريّة المتعارف عليها‪ ،‬لكن كيف يمكن‬ ‫الوصول إليها‪ ،‬وجعل المجتمع السوريّ ‪ -‬المنقسم على‬ ‫نفسه‪ ،‬عمود ّيا ً وأفق ّيا ً ‪ -‬يرضى بها‪ ،‬ناهيكم عن الدفاع‬ ‫عنها؟!‬ ‫والسؤال‪ :‬هل يمكن لنا فرض الدولة الحديثة على‬ ‫المجتمع السوريّ في شرطنا الراهن‪ ،‬بما تتضمّنه‬ ‫من إبعاد للدين عن السياسة كحالة إنقاذيّة لسورية‬ ‫وللسوريّين؟ رغم أنّ الفرض في أيّ مستوى كان‬ ‫مكروهاً‪ ،‬بل ومرفوضا ً من حيث المبدأ‪ ،‬ناهيكم عن‬ ‫الصراع الذي سيفتحه هذا الفرض مع شريحة واسعة‬ ‫ومتن ّفذة من رجاالت الدين المتن ّفعين من السلطة على‬ ‫مروان حممّد‬ ‫أنواعها؟!‬

‫‪3‬‬

‫العالم يقتل‬ ‫الثورة‬ ‫في زمن الحرب تتو ّقف عجلة االقتصاد وتصاب‬ ‫دورات اإلنتاج بالشلّل التا ّم يتهاوى مفهوم «العيش‬ ‫الكريم» ح ّتى أدنى مستوى قد تتحمّله هذه الكلمة من‬ ‫أعباء ح ّتى يسقط بالكامل ويختفي عن مجتمع بكامله‪.‬‬ ‫في زمن الحرب تضغط األط��راف على لقمة‬ ‫العيش‪ ،‬ألنّ الشعب ليس سوى مصدراً للتمويل عند‬ ‫ك ّل طرف وفق آليّات الحرب ومفاهيمه‪.‬‬ ‫حينها يسقط الفرد ومعه المجتمع من أحالمه‬ ‫القوميّة الوطنيّة‪ ،‬وح ّتى خطوطه الطائفيّة وأكثر‬ ‫مبادئه التصاقا ً بعيشته وتربيته لتصبح في الدرجة‬ ‫الثانية بعد لقمة العيش ألطفال جياع يعدون خلفه في‬ ‫ك ّل خطوة يُقدم عليها‪ ،‬ألنّ غريزة البقاء هي التي‬ ‫تعمل وقتها وال شيء غيرها‪.‬‬ ‫في بداية الثورة كان حلم الشعب السوريّ بالحريّة‬ ‫والكرامة‪ ،‬وكان حلف النظام ومن وااله يحلمون‬ ‫بالتمسّك بدولة الممانعة مهما كان شكلها‪ ،‬ح ّتى‬ ‫األقليّات تحالفت مع نظام األسد حفاظا ً على بقائها‪.‬‬ ‫يبق من الممانعة شيء ولم َ‬ ‫واآلن لم َ‬ ‫يبق من هيبة‬ ‫األسد سوى كالبه التي تعوي هنا وهناك‪ ،‬أولئك هم‬ ‫القوّ ة الوحيدة التي ُتبقي عليه في القصر الجمهوريّ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مهزلة‬ ‫ومع تق ّدم الوقت تنهار وعوده وممانعته لتصبح‬ ‫موال وك ّل من ص ّدق الدجل الذي‬ ‫في ذهن في ك ّل‬ ‫ٍ‬ ‫عصف بالمجتمع السوريّ مع بداية الثورة السوريّة‪.‬‬ ‫إذاً لم يستمرّ القتال‪ ،‬وه��ؤالء المقاتلون الذين‬ ‫ينعتون رئيسهم صبحا ً ومسا ًء مازالوا يرابطون في‬ ‫قطعاتهم ويعودون من إجازاتهم ويعلمون جيّداً أنّ‬ ‫علبة الطعام ستطعمهم أليّام‪.‬‬ ‫بنظر ٍة شاملة على عموم بيئات مقاتلي النظام نجد‬ ‫أنّ القتال حرفتهم الوحيدة اآلن وأ ّنه مصدر الدخل‬ ‫الوحيد وما عروض حزب هللا (سواء السوريّ أو‬ ‫اللبنانيّ ) سوى محاولة منه لتغيير هويّة الحرب إلى‬ ‫طائفيّة بحتة‪ ،‬حرب دينيّة ال تنتج حراكا ً سياس ّيا ً بل‬ ‫الثأر وال شيء سواه‪ ،‬وما يجعل من حزب هللا مواتيا ً‬ ‫هو تطرّ ف الطرف اآلخ��ر‪ ،‬فـهو كـ «ح��زب» ال‬ ‫يش ّكل الموت عائقا ً عنده‪ ،‬وال الخسارة على األرض‬ ‫سيقاتل ح ّتى آخر مقاتل لديه‪ ،‬هناك من يستفيد من‬ ‫تغيير هويّة الحرب وتغيير طرفي الصراع من نظام‬ ‫وشعب ثائر إلى حرب بين ُس ّنة وشيعة‪ ،‬إ ّنه العالم‬ ‫أجمع وعلى رأسه الواليات الم ّتحدة وحلفائها‪.‬‬ ‫وعلى األرض السوريّة نرى أيضا ً «داعش»‬ ‫وأخواتها والتي تحارب أيضا ً تحت لواء الدين‪،‬‬ ‫يعتبرون ما يقومون به فتوحات القرن الحادي‬ ‫والعشرين‪ ،‬وأيضا ً هم غير قلقين على مصيرهم بعد‬ ‫موتهم ويحاربون «الكفار» أينما وُ جدوا وعقيدتهم‬ ‫ك‬ ‫هذه تدفعهم للقتال ح ّتى آخر قاتل منهم‪ ،‬وممّا الش ّ‬ ‫فيه أنّ النظام هو المسؤول عن وجودهم على األرض‬ ‫السوريّة‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬وبالمقابل‬ ‫هذا ال يعني أنّ الغرب لم يساهم بوجودهم أيضاً‪،‬‬ ‫إن لم يكن تغاضيهم عمّا يفعله النظام كافياً‪ ،‬فتركهم‬ ‫للشعب السوريّ يُقتل بالبراميل والسماح لحلفائهم‬ ‫الخليجيّين بض ّخ األموال للمتطرّ فين كان كافيا ً لخلق‬ ‫بيئة أصوليّة تقاتل بأجندتها ال ألجل مطلب الحريّة‬ ‫والكرامة الغاليين‪.‬‬ ‫هكذا يخلق ك ّل طرف أسباب وجود الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتضخمان ليبتلعا‬ ‫وكطرفين متناحرين ال يتقلّصان بل‬ ‫ما تب ّقى من ثورة الشعب السوريّ ‪ ،‬هذه الثورة التي‬ ‫لوّ حت بتغيير العالم فتكاتفت قوى األرض ض ّدها‪،‬‬ ‫وكأيّ حرب طائفيّة ال ينتهي الصراع وال يتبلور‬ ‫بل تتو ّقف الحرب «ويبقى الثأر» ال تنتهي األسباب‬ ‫التي ساقت الرقاب إلى الموت بل تنكفئ الذئاب لحين‬ ‫يه ّددها خطر من جوفها‪.‬‬ ‫مع ذلك يبقى الجيش الحرّ موجوداً على الساحة‬ ‫كأمل لك ّل سوري بوطن يعيش فيه يحفظ له حياته‬ ‫ٍ‬ ‫وماله وعرضه وكرامته‪ ،‬يخلق له مكانا ً آمنا ً للعيش‬ ‫مازالوا يدعون قوّ ات األسد لالنشقاق وقوّ ات الشيعة‬ ‫للعودة لديارهم‪ ،‬مازالوا يحلمون بتطبيق القانون‬ ‫ك‬ ‫وبعدالته‪ ،‬ووعود الغرب بدعمهم ليست سوى ص ّ‬ ‫براءته من دماء السوريّين‪ ،‬وما ضربات التحالف‬ ‫اآلن سوى محاولة لضبط الحرب على األرض‬ ‫السوريّة لكيال تتفرّ ع لخارج الحدود وتزعج الحلفاء‬ ‫أو إسرائيل‪.‬‬

‫أليمار الذقاني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪18‬‬

‫وجهان لجريمة واحدة‬ ‫بين اإلنسان ور ّب��ه‪ ،‬وبين اإلسالم‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬باعتباره إيديولوجيّة‬ ‫سياسيّة شموليّة متطرّ فة ال تقبل‬ ‫التعايش مع اآلخ��ر‪ ،‬فعملت هذه‬ ‫القوى الظالميّة على خداع البسطاء‬ ‫وإيهامهم بأنّ هذه الدعوة مخالفة‬ ‫للرسول‪ ،‬وأن الديمقراطية رجس‬ ‫من عمل الشيطان‪ .‬ونادوا بالرجوع‬ ‫للخلف أل ّن���ه ي��خ��دم توجهاتهم‬ ‫ال�لاأخ�لاق � ّي��ة وآخ��ره��ا م��ا حدث‬ ‫في المنطقة الشرقيّة من تحريم‬ ‫المدارس بحجة أ ّنها مخالفة لشرع‬ ‫هللا‪ ،‬ليكرّ سوا القيم البالية المتخلّفة‬ ‫التي عفا عليها الزمن‪.‬‬

‫باتت األحداث المتسارعة في المنطقة منذ أكثر من‬ ‫أربعة أعوام وما تالها من سقوط لطواغيت المنطقة‪،‬‬ ‫وإجرام أنظمة بقيت لعقود طويلة تتف ّنن بقتل شعوبها‪،‬‬ ‫وظهور جماعات إسالميّة تدعو إلحياء الخالفة‪،‬‬ ‫وتنظيمات انتقلت من الحالة الثوريّة لتنظيمات تب ّنت‬ ‫العمل الجهاديّ ‪ ،‬ألزمت الكثير من ال ّناس في العالم‬ ‫اإلسالميّ وسواه إلى الدمج بين اإلسالم كدين وبين‬ ‫السياسة‪ ،‬ث ّم ربطه باإلرهاب‪ ،‬و ُر ّف��د هذا االعتقاد‬ ‫باألحداث الدامية التي تب ّنتها جماعات ترفع راية النبيّ‬ ‫وتقتل وتكبّر تحت اسمه‪ ،‬وما زالت حمامات الدم في‬ ‫سوريّة والعراق وغيرهما تدعم هذا التصوّ ر‪ ،‬وترسّخ‬ ‫الخلط بين اإلسالم واإلرهاب‪.‬‬ ‫لذلك فإنّ ما أقصده يبتعد ك ّل البعد عن الخلط بين‬ ‫اإلس�لام كدين وتاريخ‪ ،‬باعتباره الرابطة الخاصّة‬

‫لقد سلك اإلسالميون لتحقيق‬ ‫مآربهم وسائل متع ّددة‪ ،‬فلجؤوا‬ ‫للعنف كتنظيم القاعدة وداع��ش‬ ‫وح��زب هللا وحماس وغيرها من‬ ‫الكتائب اإلس�لام � ّي��ة‪ ،‬أو لجؤوا‬ ‫لوسائل المهادنة بادعاء االعتدال‬ ‫(ح����زب اإلخ������وان المسلمين‬ ‫وال��ن��ور‪ ،)...‬بعد أن استفاد قادته‬ ‫الفارين في بدايات القرن الماضي‬ ‫من الديمقراطيّة الغربيّة وحقوق‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان رغم أنّ الكثير من أعمالهم‬ ‫مبطنة وتصبّ‬ ‫ّ‬ ‫تمت للحالة التي اح ُتضنوا‬ ‫في خانة دعم مجموعات ال‬ ‫بها‪ ،‬فيجاهرون بتكفير الدول التي أم ْ‬ ‫ّنت الحماية لهم‪،‬‬ ‫رغم أنّ سبب هجرتهم هو استبداد الحكام وتسلّطهم‬ ‫على الحياة السياسيّة واالقتصاديّة وهذه المنظومة‬ ‫الطغيانيّة التي تأصلت في الثقافة والتقاليد االجتماعيّة‬ ‫الموروثة‪ ،‬التي نفروا وفرّ وا منها طلبا ً للجوء‪ ،‬وهناك‬ ‫مقولة تحاكي هذه الحالة «الدول العلمانيّة‪ :‬هي الدول‬ ‫التي نسعى للحصول على تأشيرتها‪ ،‬و ُنضطهد فنلجأ‬ ‫إليها‪ ،‬ونتظاهر على أبواب سفاراتها‪ ،‬ث ّم نتهمها بالكفر‬ ‫ّ‬ ‫فالطاقة التي استمالتهم إلى الدول‬ ‫وندعو لمحاربتها»‪.‬‬ ‫الغربيّة هي الثقافة الغربيّة وقيمها الحضاريّة اإلنسانيّة‬ ‫(الديمقراطيّة‪ ،‬والحريّة‪ ،‬وحكم القانون‪ .)...،‬فوسائل‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫أحوال‬

‫لقد سلك اإلسالميون لتحقيق مآربهم وسائل متع ّددة‪ ،‬فلجؤوا للعنف كتنظيم‬ ‫القاعدة وداعش وحزب اهلل ومحاس وغريها من الكتائب اإلسالميّة‬ ‫(اإلرهاب واالعتدال)‪ ،‬هما طريقتان تختلفان بالصورة‬ ‫وتتفقان على أسلمة العالم‪ ،‬وتكفير اآلخر المختلف‪ ،‬فما‬ ‫زالت تلك الجماعات ترفض ثقافة التعايش وتفرض‬ ‫شرائعها على المنطق والعقل باسم (حكم الشريعة)‪،‬‬ ‫وتساعدهم في ذلك مجموعة عوامل رسّختها األنظمة‬ ‫العربيّة الغاصبة للسلطة والمتخلّفة عن روح العصر‪،‬‬ ‫كتح ّكم عائالت أو فئات معيّنة بمق ّدرات المجتمع‪،‬‬ ‫بإشراف أجهزة قمعيّة ترسيخ التقاليد الباليّة والفساد‬ ‫العقليّ والماليّ ‪ ،‬وتدعم بالمقابل قوى أصوليّة تعمل‬ ‫تحت ستار الدين‪( ،‬ترفض المعاصرة والحداثة‪،‬‬ ‫وتتمسك بالغابر المق ّنع بالدين)‪ ،‬وتغرس النعرات‬ ‫الالوطنيّة في المجتمعات التي تمتاز بتع ّددها قوم ّيا ً‬ ‫ودين ّيا ً ومذهب ّياً‪.‬‬ ‫ومنذ قيام الثورة التي ُخطفت بالمال‬ ‫ال��س��ي��اس��يّ ‪ ،‬وال���ذي ساندته‬ ‫الدول اإلسالميّة خوفا ً‬ ‫من تم ّدده إليها‪،‬‬ ‫تصفية‬ ‫أو‬ ‫ل��ح��س��اب��ات‬ ‫بين القوى‬ ‫ا لمحليّة‬ ‫واإلقليميّة‬ ‫و ا لد و ليّة‬ ‫ا لمتصا ر عة‬ ‫ل��ذل��ك ساهمت‬ ‫بتحويله إلى (الربيع‬ ‫اإلسالميّ )‪ ،‬وبذلك اختطف‬ ‫اإلسالميون الثورة في مصر وتونس‬ ‫وليبيا واليمن وأرهقوا لبنان (س ّنة وشيعة)‪ ،‬وتآلفوا في‬ ‫ت و ُدف َِعت لتثبيت أقدامهم ماد ّيا ً‬ ‫أغلب الدول التي دَ َف َع ْ‬ ‫وتنظيم ّيا ً أكثر من القوى (العلمانيّة والديمقراطيّة)‬ ‫التي اكتفت بطواحين الهواء أو التي وضعت رأسها‬ ‫ك»نعامة» في رمل اإلسالميّين أو ّ‬ ‫تنطعت للدفاع‬ ‫عن إجرام األنظمة خوفا ً من األسلمة‪ ،‬التي تفاقمت‬ ‫جرائمهم (الجزية – قتل – سبي ‪ ،) ...‬وح ّتى المذاهب‬ ‫األربعة لم تن ُج من هذه الجرائم كفرض الحجاب‪،‬‬

‫والزيّ اإلسالميّ حسب أهوائهم‪ ،‬وإقامة الحدود‪ ،‬وقطع‬ ‫للرؤوس‪ ،‬وجلد للمخطئين‪ ،‬وحرّ موا بزوغ األحزاب‬ ‫السياسيّة أل ّنها تخالف الس ّنة و(القرآن)‪ ،‬هذا يعيد إلى‬ ‫األذهان ما قامت به حركة اإلخوان المسلمين الذين‬ ‫تالعبوا على مسمّيات عديدة منها اعترافهم بدولة مدنيّة‬ ‫تحكم باسم الشرع للتالعب على مفهوم الديمقراطيّة‬ ‫أمام الغرب الذي استقبل أغلب قياداتهم‪ ،‬فالتكتالت‬ ‫اإلسالمويّة بوجهيها العنفيّ أو الصوريّ حالها كحال‬ ‫التكتالت األخرى اليساريّة والقوميّة‪ ،‬تسعى للسلطة‪،‬‬ ‫وك ّل منها ي ّدعي امتالكه الح ّل لك ّل القضايا‪ ،‬وكثيراً‬ ‫ما ا ّدعت الحركات اإلسالميّة أ ّنها تملك الحلّ‪ ،‬وأ ّنها‬ ‫تسعى إلقامة مجتمع إسالميّ جديد‪ ،‬يحافظ على الدين‬ ‫ويرعى شؤون األمة‪ ،‬التي تكاثرت عليها مؤامرات‬ ‫الغرب عبر ك ّل الوسائل‪ ،‬فالدولة اإلسالميّة لم تكن‬ ‫في سُبات ولم يُعلن وفاتها حسب رأي‬ ‫بعض رجال الدين‪ ،‬فاإلسالم‬ ‫لم يُغيّب ليعود‪ ،‬ولكن‬ ‫ال��ع��ودة واإلي��ق��اظ‬ ‫ه��ي للمسلمين‬ ‫ال��ذي��ن ذاب���وا‬ ‫ف��ي ع���ادات‬ ‫وت���ق���ال���ي���د‬ ‫ّ‬ ‫ت���م���ت‬ ‫ال‬ ‫ل��ه��م بصلة‪،‬‬ ‫وي��رى آخ��رون‬ ‫أنّ ه��ذا اإلي��ق��اظ‬ ‫حالة شكليّة‪ ،‬تر ّكزت‬ ‫على الخمار والجالبيب‬ ‫والدشاديش القصيرة واللحى الطويلة‪.‬‬ ‫لذلك لم تكن مشكلتنا مع اإلسالم‪ ،‬بل مع من ّ‬ ‫يوظفون‬ ‫الدين لمقاصدهم السياسيّة ومصالحهم لفرض نفوذهم‬ ‫الطغيانيّ باسم هللا‪ ،‬لذلك فالضامن لهذا األمر هو النظام‬ ‫الديمقراطيّ الذي يحترم األديان والمذاهب‪ ،‬ويأخذ‬ ‫بعين االعتبار تع ّددها ويكفل للمواطنين حريّة ممارسة‬ ‫شعائرهم الدينيّة‪ ،‬بينما تسقط الحكومات الدينيّة هذه‬ ‫الحقوق‪ ،‬وال تقبل بغير دينها ومذهبها حاكما ً عا ّماً‪.‬‬

‫باسل العبد اهلل‬

‫السياسي قراءة في المرجعّيات واستنساب المق ّدس‬ ‫اإلسالم‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫تمثل كتابات اإلمام الشافعيّ مرجعا ً أساس ّيا ً‬ ‫في المنظومة اإليديولجيّة لإلسالم السياسيّ ‪،‬‬ ‫وهو الذي جعل األحكام الفقهيّة تعلو أحيانا ً‬ ‫كثيرة النصّ المق ّدس‪ ،‬بحيث بات االستشهاد‬ ‫بكتاباته المصدر األوّ ل للتشريع؛ فمقولة «أنّ‬ ‫ك ّل ما نزل بمسلم ففيه حكم الزم» قطرت‬ ‫آراء الفقهاء فاستخدموها في ك ّل صغيرة‬ ‫وكبيرة‪ ،‬خصوصا ً أنّ هؤالء الفقهاء كانوا‬ ‫يعتبرون أنفسهم مستبطنين لحكم إلهي دينيّ‬ ‫وليس كمجتهدين في تعيين دالالت النصوص‪،‬‬ ‫واستندت السلطات إل��ى اجتهادات هؤالء‬ ‫الفقهاء لنيل المشروعيّة والتثبيت‪ .‬فك ّل فعل من‬ ‫أفعال المسلمين‪ ،‬في أيّ مجال‪ ،‬سواء الدينيّة أو‬ ‫السلوك العام أو الفرديّ ‪ ،‬ال ب ّد أن يخضع لحكم‬ ‫من األحكام الفقهيّة‪.‬‬

‫إنّ أحكام الشريعة‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬هي‬ ‫الخضوع لحكم من األحكام الفقهيّة‪ ،‬أي رفض‬ ‫أن يكون اإلن��س��ان م��س��ؤوالً عن التشريع‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من أنّ اإلسالم السياسيّ يعتبر‬ ‫أنّ مرجعيّته تستند إلى القرآن والحديث‪ ،‬إالّ‬ ‫أنّ الغالبيّة العظمى من أحكام الفقهاء تتجاهل النصّ‬ ‫القرآنيّ ‪ ،‬وتبني أحكامها على األحاديث النبويّة التي‬ ‫سبق للشافعيّ أن وضعها في مصافّ النصّ القرآنيّ ‪.‬‬ ‫تطرح مسألة اعتماد الحديث مرجعيّة رئيسيّة في إصدار‬ ‫االجتهادات واألحكام مشكالت كثيرة‪ ،‬فباإلضافة إلى‬ ‫أنّ األحاديث م ّتصلة بظروف إطالقها والحاجات التي‬ ‫كانت تجيب عنها‪ ،‬وهي أمور مرتبطة بمكان وزمان‬ ‫مح ّددين‪ ،‬فإنّ األحاديث تطرح أكثر من عالمة استفهام‬ ‫حول صحّ تها وموثوقيتها‪.‬‬ ‫لم يُكتب الحديث زمن الرسول‪ ،‬بل ُكتب بعد أكثر‬ ‫من مائة وخمسين عاماً‪ ،‬ونقالً عن قيل وقال‪ ،‬وتجاوز‬ ‫عددها أحيانا ً مئات اآلالف لدى بعض الفقهاء والرواة‪،‬‬ ‫وش ّكك كثير من الفقهاء أنفسهم في صحّ ة أحاديث‬ ‫مرويّة ومكتوبة‪ ،‬ممّا يطعن في مصداقيّتها كمرجع‬ ‫للتشريع؛ يضاف إلى ك ّل ذلك ما هو معلوم في التاريخ‬ ‫اإلسالميّ من أنّ األحاديث كانت تتواتر وتزدهر‬ ‫في سياق الصراع السياسيّ واالجتماعيّ بين الفِرق‬ ‫والقبائل على السلطة‪ ،‬بحيث تستحضر ك ّل قوّ ة وطرف‬ ‫جملة أحاديث تدعم عبرها موقفها في وجه الخصم‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫مرحلة من التاريخ القديم حيث لم تكن الحداثة‬ ‫ومقوالتها قد بزغت بعد‪ ،‬ممّا يجعله في‬ ‫صعوبة كبيرة للتأقلم مع األوضاع التي فرضها‬ ‫التطوّ ر البشريّ على جميع المستويات‪ ،‬والتي‬ ‫جعلت العولمة من العالم كلّه «قرية صغيرة»‬ ‫فاجتاحت قيمها ومنظوماتها المجتمعات من‬ ‫دون استئذان‪ ،‬ودخلت إلى «البيت اإلسالميّ‬ ‫مزعزعة أركانه التقليديّة الموروثة‪ .‬دخلت‬ ‫المنظومة الفكريّة للحداثة التي ُتعلي من شأن‬ ‫الفرد بوصفه شخصا ً قائما ً بذاته في تناقض مع‬ ‫منظومة المجتمعات التقليديّة المستندة الى بُنى‬ ‫القبيلة والعشيرة‪ ،‬حيث تنعدم قيمة الفرد الحرّ‬ ‫بحكم االلتزام بالجماعة وقوانينها‪.‬‬

‫كما أنّ المذاهب األساسيّة التي انبثقت عن الصراعات‬ ‫واالنشقاقات ترفض االعتراف بأحاديث المذهب اآلخر‬ ‫وتراها منحولة أو مزوّ رة‪.‬‬ ‫في ممارسة اإلسالم السياسيّ على صعيد الحياة‬ ‫اليوميّة والقواعد الفقهيّة التي التزمها‪ ،‬يمكن مشاهدة‬ ‫اختالف االجتهادات بين مكان وآخر أو بين فقيه وآخر‪.‬‬ ‫وفي التدقيق بالكثير من األحكام التي يفرض الفقهاء‬ ‫قدسيّتها وينسبونها إلى جوهر اإلسالم‪ ،‬يمكن مالحظة‬ ‫ابتعاد عدد واسع منها عمّا يقول به النصّ القرآنيّ ‪،‬‬ ‫بل أنّ كثيراً منها ينتسب إلى عادات وتقاليد وثقافات‬ ‫بعضها موروث من العصور المسمّاة جاهليّة‪ ،‬وهي‬ ‫مستمرّ ة في وصفها قواعد إسالميّة‪.‬‬ ‫تطرح المنظومة الفكريّة لإلسالم السياسيّ جملة‬ ‫إشكاليّات‪ ،‬تفترض إعادة النظر في قيمها وأهدافها‪،‬‬ ‫ويصرّ اإلس�لام السياسيّ على اإلقامة في الماضي‬ ‫واعتبار ما أتى به هذا الماضي هو الصحيح الواجب‬ ‫التزامه راهناً‪ .‬قد تكون أحكام السابقين مناسبة لظروف‬ ‫المجتمع وعاداته وتقاليده ودرجة تطوّ ره‪ ،‬لكنّ اإلسالم‬ ‫السياسيّ يقف على درجة من المعاداة الواسعة للتاريخ‬

‫وللتطوّ ر البشريّ ‪ ،‬ممّا يجعله رافضا ً لقيم الحداثة‬ ‫ولمنطق التق ّدم الذي تعرفه المجتمعات البشريّة‪ .‬قد‬ ‫يكون تقديس هذا الماضي وموروثاته من أكبر العقبات‬ ‫في وجه التغيير‪ ،‬فإلباس تقاليد معيّنة ثوب الدين يجعل‬ ‫منها استعصاء على التغيّير‪ ،‬خصوصا ً إذا ما كانت‬ ‫النظرة إلى الدين مشوّ هة بحيث ال ُتميّز بين جوهر‬ ‫الدين الم ّتصل باألخالق والروح األخويّة والتسامح‬ ‫ومحبّة اآلخر‪ ،‬وهي أمور يمكن القول إ ّنها تتجاوز‬ ‫الزمان والمكان‪ ،‬وبين ما هو م ّتصل بالحياة اليوميّة‬ ‫وحاجات المجتمعات إلى قوانين وأحكام‪ ،‬وهي من‬ ‫القضايا التي تتغيّر بتغيّر الظروف وزمانها ومكانها‪.‬‬ ‫إنّ عدم الوعي بالتغير الجذريّ الذي طرأ على‬ ‫مختلف نواحي الحياة‪ ،‬وبضرورة مواجهة الصعوبات‬ ‫الناشئة عنها‪ ،‬هو تعبير عن صعوبة حقيقيّة يجدها‬ ‫اإلسالم السياسيّ ‪ ،‬ومن ورائه الضمير الجمعيّ ‪ ،‬في‬ ‫قبول ما لم تتعوّ د عليه المجتمعات اإلسالميّة في‬ ‫تاريخها‪.‬‬ ‫لع ّل األم��ر يعود‪ ،‬في حيّز كبير منه‪ ،‬كما شأن‬ ‫الفكر الدينيّ عموماً‪ ،‬هو كون هذا الفكر قد ظهر في‬

‫تقف حركات اإلسالم السياسيّ اليوم على‬ ‫طرفيّ نقيض مع المعطيات الجديدة للمجتمعات‬ ‫التي تقيم فيها‪ .‬يغلب عليها معاداتها لالجتهاد‬ ‫وللتحرّ ر من المقوالت الموروثة من عصور‬ ‫االنحطاط‪ .‬يرمز موقفها من اإلرهاب‪ ،‬فكراً‬ ‫وممارسة‪ ،‬إلى إحدى المعضالت المستعصيّة‪،‬‬ ‫فهي تقرأ نصوص العنف والجهاد الواردة في‬ ‫النصّ الدينيّ بمنطق الماضي الثابت غير الخاضع‬ ‫لرؤية اآليات في زمن نزولها ومكان استخدامها‪ ،‬هذا‬ ‫اإلسقاط الحرفيّ للقراءة يجعلها ترى نفسها المدافع عن‬ ‫اإلسالم والساعي إلى تطبيق نصوصه وفق ما أتت به‬ ‫الرسالة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتدخل الفقهاء‬ ‫عندما يسود مثل هذا المنطق‪ ،‬وال‬ ‫والمؤسّسات الدينيّة للجهر بتقادم هذه النصوص وعدم‬ ‫صالحيّتها للزمن الراهن‪ ،‬لكونهم يعتبرون القرآن‬ ‫صا ً محكما ً صالحا ً بمجمله لك ّل زمان ومكان‪ ،‬عندها‬ ‫ن ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ليس مستغربا وبعيدا عن الواقع اتهام اإلسالم بتشجيع‬ ‫اإلرهاب واحتضانه‪ .‬وهل من مجال إلصالح اإلسالم‬ ‫السياسيّ ودخوله في العصر وابتعاده عن العنف إلاّ‬ ‫بإنتاج ثقافة جديدة ت ّتسم بصفات متع ّددة أبرزها‪ :‬أن‬ ‫تكون ثقافة تاريخيّة؟! أي ال يت ّم فيها اإلدالء بمعلومات‬ ‫مفصولة عن الظروف التي أنتجتها والرهانات التي‬ ‫كانت موجودة والمعاني المخصوصة لها‪ ،‬وأن تكون‬ ‫ثقافة علميّة تتقبّل المعرفة الحديثة‪ ،‬وأن تكون ثقافة‬ ‫ديمقراطيّة‪.‬‬

‫صالح الدين داوود‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ملف العدد‬

‫العدد ‪18‬‬

‫‪5‬‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫حــوار مــع الدكتور راتـب شـــعبو‬ ‫(تتابع «كلّنا سوريّون» نشر الجزء الثالث من‬ ‫الحوار الذي أجراه المعارض الصحفيّ غسّان المفلح‬ ‫مع المعارض الكاتب والمترجم والطبيب راتب شعبو)‬ ‫ال��س��ؤال ال��ث��ال��ث‪ :‬هنالك ق��ول ل��ك ف��ي إح��دى‬ ‫مقابالتك‪ ،‬استوقفني في الواقع‪ ،‬حيث تقول‪ « :‬في‬ ‫‪ ،2011/3/7‬أي قبل اندالع الثورة بنحو عشرة أ ّيام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ظهرت على قناة «األورينت» بمقابلة هاتف ّية دامت‬ ‫ً‬ ‫مدورة‬ ‫حوالي عشرين‬ ‫دقيقة‪ ،‬ورغم أنّ إجاباتي كانت ّ‬ ‫الزوايا و«عقالن ّية» إلى أقصى حدّ ممكن‪ ،‬فوجئت‬ ‫أنّ ارتكاس الناس كان أشدّ عدائ ّية تجاهي وتجاه‬ ‫أسرتي من أجهزة األمن نفسها‪ ،‬قاطع الناس عيادتي‪،‬‬ ‫أكثر من مريضة اتصلت وألغت موعد عمل ّية كانت‬ ‫وتهجم بعض النسوة على زوجتي‬ ‫قد حدّ دته مسبقاً)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحي الذي نسكن فيه‪،‬‬ ‫في صالون حالقة نسائ ّية في‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫فأصبحت شاهد عيان‪،‬‬ ‫وصار للخبر مفعول كرة الثلج‪،‬‬ ‫وأتن ّقل ُ من محطة «مغرضة» إلى أخ��رى‪.. ،‬الخ‪،‬‬ ‫هستير ّيا ً رفض جماعية تحتاج إلى تأمل»‪ .‬أال يشير‬ ‫المجتمعي له عالقة بالمسألة‬ ‫هذا القول أنّ هذا الرفض‬ ‫ّ‬ ‫الطائف ّية ر ّبما نستطيع إضاءة بعض الجوانب عنها‬ ‫في هذا الحوار؟ أل ّنك ال يمكن أن ترى هذا الرفض‬ ‫المجتمعي في أوساط سور ّية أخرى‪ ،‬ر ّبما يتحاشوك‬ ‫ّ‬ ‫وخاصة‬ ‫الناس لخوفهم‪ ،‬أ ّما هذا الرفض بهذه الطريقة‬ ‫ّ‬ ‫بعد الربيع‬ ‫العربي وثوراته‪ ،‬يشير من زاوية ما أنّ‬ ‫ّ‬ ‫السوري!!‬ ‫الكتلة الطائف ّية» العلو ّية» ضدّ المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫بما تعنيه هذه التسمية حاضرة بقوة ح ّتى قبل الثورة‪،‬‬ ‫ما رأيك؟‬ ‫الجواب الثالث‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫كتبت في مقالة لي بعنوان «العلويّون بين‬ ‫سبق أن‬ ‫االنغالق واالنفتاح» إنّ العلويّ يمكن أن يكون أمم ّيا ً‬ ‫أو قوم ّيا ً أو وطن ّياً‪ ،‬لك ّنه أمام هجوم اإلسالم السياسيّ‬ ‫السنيّ فإ ّنه يرت ّد إلى طائفته‪ ،‬ذلك ألنّ اإلسالم السياسيّ‬ ‫السنيّ ينسب الناس إلى مذاهبهم أساسا ً وعليه فإ ّنه يرسم‬ ‫للعلويّين ولغيرهم من أبناء المذاهب األخرى غير‬ ‫السنيّة حدوداً سياسيّة واجتماعيّة متدنية من خارجهم‬ ‫ودون إرادة أو رضا منهم‪ ،‬لذلك أقول إنّ بروز النزعة‬ ‫الطائفيّة العلويّة في سوريّة هي بنسبة كبيرة صناعة‬

‫طائفيّين س ّنيين‪ ،‬بديهيّ أنّ كال النزعتين مدان ومؤذ‬ ‫اجتماع ّيا ً ووطن ّياً‪.‬‬ ‫العلويّون أقليّة عدد ّياً‪ ،‬فهم‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬ال‬ ‫يميلون إلى االصطدام بالمحيط الس ّني الواسع‪ ،‬مثلهم‬ ‫في ذلك مثل أي أقليّة مذهبيّة‪ ،‬والعلويّون باطنيّون في‬ ‫ديانتهم فهم ال يدخلون في منافسة مع الديانة الس ّنية وال‬ ‫مع أي ديانة أخرى‪ ،‬ال يحت ّج العلويّون مثالً على أنّ‬ ‫أبناءهم يدرسون مقرّ ر الديانة اإلسالميّة في المدارس‬ ‫السوريّة من منظور إسالميّ س ّني‪ ،‬ال يمكنك أن‬ ‫تتوقع رؤية شيخ علويّ يحاجج شيخا ً س ّن ّيا ً في أمر‬ ‫دينيّ ‪ ،‬فهم غير توسعيّين الب ّتة من الناحية المذهبيّة‪،‬‬ ‫وال دافع لديهم «لهداية» الغير إلى مذهبهم‪ ،‬الواقع‬ ‫إ ّنهم يخسرون األتباع اليوم لصالح المذهب الشيعيّ‬ ‫التوسعي‪ ،‬من الناحية الدينيّة يتعامل العلويّون مع المبدأ‬ ‫المؤ ّقت الذي وضعه الرسول محمّد في المرحلة المكيّة‬ ‫من دعوته‪« :‬لكم دينكم ولي ديني»‪ ،‬على أ ّنه مبدأ دائم‪،‬‬ ‫ما أريد قوله إنّ األقلية المذهبيّة ال تتخذ وضعية طائفيّة‬ ‫هجوميّة عموما ً إلاّ أمام تهديد طائ ّفي‪ ،‬وحين يكون‬ ‫االنعزال أو االنسحاب غير كا ٍ‬ ‫ف لدرء ذلك التهديد‪،‬‬ ‫هذا من حيث المبدأ والمنطق‪.‬‬ ‫في سوريّة تراكب الطائفيّ على السياسيّ بطريقة‬ ‫شديدة التعقيد نظراً إلى االنتماء العلويّ للديكتاتور‬ ‫«حافظ األسد» وصياغته أجهزة العنف في الدولة‬ ‫(الجيش واألمن) بطريقة طائفيّة‪ ،‬يش ّكل هذا نصف‬ ‫الحلقة المفرغة التي تعيشها سوريّة منذ نهاية السبعينات‬ ‫ّ‬ ‫يتمثل‬ ‫إلى اليوم‪ ،‬النصف الثاني من الحلقة المفرغة‬ ‫في أنّ الخروج على المستبد في سوريّة اتخذ دائما ً‬ ‫صبغة إسالميّة سنيّة غالبة‪ ،‬ممّا دفع العلويّون وأبناء‬ ‫األقليات المذهبيّة والدينيّة األخرى لالنكفاء‪ ،‬فضالً عن‬ ‫انكفاء نسبة كبيرة من الس ّنة اليساريّين والليبرالييّن‬ ‫والمتنوّ رين‪ ،‬وك ّل ذلك انتهى إلى تشكيل سند اجتماعيّ‬ ‫للنظام‪ ،‬هذه حلقة مفرغة تطحن سوريّة اليوم أكثر من‬ ‫أيّ وقت سابق‪ ،‬وال يبدو أن لنا مخرجا ً منها سوى‬ ‫بكسرها‪ ،‬وهذا ما يبدو أ ّنه مستحيل من الداخل‪.‬‬ ‫ال يمكن القول إنّ العلويّين‪ ،‬أو أيّة طائفة أخرى‪،‬‬ ‫ض ّد المجتمع السوريّ ‪ ،‬هذا كالم ال رصيد علميّ أو‬

‫واقعيّ له‪ ،‬ربّما كان الكالم ّ‬ ‫أدق لو قلنا أنّ أعداء المجتمع‬ ‫السوريّ هم أوالً السلطويّون المتطرّ فون الذين يبدون‬ ‫االستعداد لحرق البالد قبل التخلّي ولو عن جزء من‬ ‫سلطتهم‪ ،‬وهؤالء في الحقيقة خليط من ك ّل الطوائف‬ ‫ح ّتى لو كان اللون العلويّ يغلب على الذراع الضارب‬ ‫للسلطة‪ ،‬وثانيا ً اإلسالميّون المتطرّ فون الذين يعاملون‬ ‫الناس وفق مذاهبهم وأديانهم ويحكمون عليهم وفق ذلك‬ ‫بالقتل والتهجير والسبي ‪..‬الخ‪ ،‬هؤالء هم بالفعل ض ّد‬ ‫المجتمع السوريّ وض ّد االجتماع الحديث عامّة‪.‬‬ ‫حين تتوحّ د الكتلة الكبرى من طائفة على موقف‬ ‫سياسيّ ما‪ ،‬يغدو على الباحث أن يفسّر هذه الظاهرة‪،‬‬ ‫ال يجب أن يشعر الباحث بالرضا حين يقول مثالً‪:‬‬ ‫«العلويّون لم يلتحقوا بالثورة أل ّنهم طائفيّون»‪ ،‬هذا‬ ‫القول هو نوع من الشتم أو «ف ّ‬ ‫شة الخلق»‪ ،‬لك ّنه غير‬ ‫مفيد وال يفسّر شيئاً‪ ،‬ال يوجد برأيي طائفة أكثر أو أق ّل‬ ‫طائفيّة من طائفة أخرى‪ ،‬التفسير السياسيّ الواقعيّ هو‬ ‫المطلوب إنْ شئنا أن ندرك واقعنا إدراكا ً سليماً‪ ،‬وقد‬ ‫تبيّن أنّ إدراكنا لواقعنا مشوّ ه ولم يش ّكل دليالً موثوقا ً‬ ‫وال معيّنا ً في أش ّد اللحظات حلكة وحاجة‪ ،‬ال بل كان‬ ‫دليالً مضلّالً ال هادياً‪.‬‬ ‫تعليق من قبلي وأسئلة اعتراضيّة على هذا القسم‬ ‫من المحور الثاني‪:‬‬ ‫دكتور رات��ب‪ ،‬أظ��نّ أنّ هنالك مستوييّن لنقاش‬ ‫المسألة الطائفيّة‪ ،‬األوّ ل نظريّ ايديولوجيّ معرفيّ‬ ‫سمِّه ما شئت‪ ،‬لكن هنالك مستوى يتعلّق بميزان القوى‬ ‫السياسيّ والعسكريّ على األرض في لحظة الدم‪ ،‬هنا‬ ‫ال يفيد كثيراً المستوى األوّ ل‪ ،‬نحن هنا واآلن بالذات‪،‬‬ ‫أمام شعب تحرّ ك من أجل نيل حريّته‪ ،‬ليست مشكلته‬ ‫إذا كانت أكثريّته الموضوعيّة من الس ّنة‪ ،‬عرب وأكراد‬ ‫وتركمان وشركس‪ ،‬في تلك اللحظة انقسم الجميع‬ ‫عمود ّيا ً الدروز والمسيحيّة والس ّنة والكرد واالسماعيليّة‬ ‫بغضّ النظر عن نسبة هذا االنقسام‪ ،‬خروج تظاهرات‬ ‫في ك ّل تلك المناطق والمكوّ نات‪ ،‬إلاّ الطائفة العلويّة لم‬ ‫يحدث فيها أيّ انقسام عموديّ مهما كانت نسبته‪ ،‬ولم‬ ‫تخرج فيها تظاهرة واحدة‪ ،‬لماذا؟ بحيث تحوّ ل القاتل‬ ‫‪ -‬ح ّتى عند من هم ض ّد الثورة من المكوّ نات األخرى‬

‫ إلى هويّة قارّ ة كتلة علويّة صلدة من القادة والجند‪،‬‬‫تقود القتل اليوميّ للمدنيين‪ ،‬وأنت تعرف جيّداً تأثير‬ ‫الملفوظات المنطوقة مثل «بدكن حريّة» في مخيال‬ ‫البشر‪ ،‬على فرض ك ّل ما قلته أنت في تفسير الظاهرة‬ ‫صحيح‪ ،‬لكنّ الصحيح أيضا ً أنّ مخزون العداء لدى‬ ‫هؤالء القادة وكتلتهم الصلدة‪ ،‬كان غير مسبوق وغير‬ ‫معترف به‪ ،‬ح ّتى اللحظة من قبل الجميع‪ ،‬وكأ ّننا أمام‬ ‫حالة تواطؤ جمعيّ التقتيل و»التعفيش» والهدم‪ ،‬ولغة‬ ‫وشبكة الملفوظات المستخدمة في صفحات «األسد أو‬ ‫نحرق البلد»‪ ،‬كلّها تشير بغضّ النظر عن هذا المستوى‬ ‫النظريّ ‪ ،‬وكأنّ األمر مبيّت سلفاً‪ ،‬والدليل وضعك‬ ‫ووضع عائلتك التمييزيّ ح ّتى قبل انطالق الثورة‪ ،‬ما‬ ‫ُ‬ ‫أردت سؤاله هنا عن هذا المبيّت سلفاً‪ ،‬رغم مرور‬ ‫‪ 31‬عاما ً على نهاية الصراع مع اإلخ��وان؟ إضافة‬ ‫لذلك‪ ،‬علينا االعتراف أنّ آل األسد تحوّ لوا بنظر هذه‬ ‫الكتلة االجتماعيّة إلى ربّ سياسيّ ودينيّ وربّ عمل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وممثل للطائفة في ك ّل المستويات وليس نتاج خوف من‬ ‫األكثريّة الموضوعيّة؟‬ ‫غ ّسان املفلح‬

‫المستقبلي ‪2/1‬‬ ‫مسيحّيو سورية وسؤال الدور‬ ‫ّ‬ ‫لم نتعرّ ض أليّ اضطهاد دينيّ ‪ ،‬بل مارسنا شعائرنا‬ ‫الدينيّة دون ّ‬ ‫تدخل من أحد ودون أن نتعرّ ض أليّ قمع‬ ‫أو تهديد وجوديّ من المسلمين‪ .‬ك ّل هذا بفضل نظام‬ ‫األسد العلمانيّ ‪ ،‬حامي األقلّيّات‪َ ».‬من م ّنا ال يعلم أنّ‬ ‫هذا اال ّدعاء لطالما ترّ دد على ألسنة غالبيّة القيادات‬ ‫الدينيّة والمدنيّة المسيحيّة؟! ناهيك عن الكثير من‬ ‫األفراد‪َ .‬من مِن المغتربين السوريّين لم يسمع (إن لم‬ ‫ير ّدد هو أوهي بنفسيهما) الكثير من الغربيّين يكرّ رون‬ ‫نفس األسطورة نقالً عن سوريّ مسيحيّ ما قابلوه أو‬ ‫يعرفونه؟ ولكن‪ ،‬برأيي أنّ هذه األسطورة المذكورة‬ ‫ومثمر‬ ‫فاعل‬ ‫دور‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لم تمنع فقط المسيحيّين من لعب أيّ ٍ‬ ‫وب ّنا ٍء في المجتمع والدولة السوريّة في العقود الماضية‬ ‫لوحدها‪ ،‬بل إنَّ نفس األسطورة ستتحوّ ل‪ ،‬إذا ما واظب‬ ‫المسيحيّون على تب ّنيها دون تحليل وتمحيص علميّين‬ ‫وعقالنيّين‪ ،‬إلى أحد أه ّم المعوّ قات أمام لعبهم لدور‪،‬‬ ‫أيّ دور كان‪ ،‬ب ّناء وفاعل وملموس في مستقبل سورية‬ ‫القادم‪ .‬السبب في قولي هذا هو أنَّ ما يـُبنى على‬ ‫افتراض خاطئ ومخيال غير حقيقيّ ال يـُنجب سوى‬ ‫خالصات خاطئة وال يفرز سوى مواقف عقيمة‪ ،‬ال بل‬ ‫ويعيق عمليّة القيام بأيّ موقف في المبدأ‪.‬‬

‫الربوفسور جنيب جورج عوض‪ ،‬شاعر وباحث الهوت ّي أكادمي ّي من مواليد الالذقيّة‪ ،‬يعيش‬ ‫ويعمل حالياً يف أمريكا‪ ،‬له العديد من املؤلّفات العلميّة والشعريّة واملقاالت‪ ،‬يف ع ّدة لغات‪.‬‬ ‫بعدما انهمك المسيحيّون السوريّون في الوقوف‬ ‫مع أحد أطراف النزاع السوريّ ‪ ،‬قبل أن يغرقوا الحقا ً‬ ‫في مستنقع االنهماك بالتعامل مع التداعيات والنتائج‬ ‫الكارثيّة لتحوّ ل الثورة إلى حرب شوارع ومدن مدمّرة‬ ‫ودمويّة‪ ،‬مر ّكزين ك ّل تفكيرهم على النجاة من المأساة‬ ‫بك ّل الوسائل والسبل‪ ،‬المسيحيّة منها وغير المسيحيّة‬ ‫واألخالقيّة منها أو غير األخالقيّة‪ ،‬هاهم اليوم يجدون‬ ‫أنفسهم‪ ،‬في توقي ٍ‬ ‫ت لم يختاروه أصالً وفي ظروف لم‬ ‫يتم ّنوا أن يختبروا وال ح ّتى عُشرها في حياتهم‪ ،‬أمام‬ ‫واقع أنّ سورية ت ّتجه‪ ،‬آجالً أم عاجالً‪ ،‬نحو تب ّدالت‬ ‫بنيويّة وراديكاليّة دولتيّة ومجتمعيّة ومدنيّة وسياسيّة‬ ‫وح ّتى تشريعيّة‪ ،‬وأنَّ عليهم أن يف ّكروا بالدور الذي‬ ‫عليهم لعبه في الساحة السوريّة‪ ،‬سواء أرادت باقي‬ ‫أطياف المجتمع السوريّ لهم لعب أيّ دور أو لم ترد‬ ‫ذلك‪ ،‬وسواء تصوروا هم أنفسهم أنَّ لهم دوراً أم‬ ‫دور للمسيحيّين السوريّين في المستقبل وما‬ ‫ال‪ .‬أيّ‬ ‫ٍ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫طبيعة هذا الدور؟ بات مسألة «وجود أو ال وجود»‬ ‫للمسيحيّين في سورية ال محالة‪.‬‬ ‫إ ّنني مقتنع أنّ الشروع بتقصي مالمح الدور‬ ‫المستقبليّ يجب أن يبدأ من تفكيك المخيال الفكريّ‬ ‫للمسيحيّين السوريّين عن حياتهم ووضعهم العا ّم في‬ ‫ظ ّل النظام البعثيّ والحكم األسديّ خالل األربعين‬ ‫سنة الماضية‪ .‬تفكيك هذا المخيال شرط ضروريّ ‪،‬‬ ‫بل والزم‪ ،‬كي ندرك بعض مكوّ نات ما يجب أن ُن ِّ‬ ‫حذر‬ ‫الشارع المسيحيّ السوريّ من الوقوع فيه حين سيبدأ‬ ‫بلعب دور في المستقبل‪ .‬من هنا فإنَّ نقطة انطالق‬ ‫تحليليّ لمسألة الدور ستعود بنا قليالً وباختصار شديد‬ ‫إلى افتراض مسيحيّ شعبيّ شائع وروتينيّ لطالما‬ ‫ر ّدده العديد من المسيحيّين السوريّين أمام أهل البالد‬ ‫العربيّة المجاورة وأهل البالد الغربيّة واألجنبيّة حول‬ ‫العالم‪ .‬هذا االفتراض يقول‪« :‬في عهد حكم البعث‬ ‫‪ -‬األسد‪ ،‬تم ّتعنا نحن المسيحيّين بالحرّ يّة الدينيّة‪ ،‬إذ‬

‫دعوني اآلن أفصِّل قليالً في أسباب اعتباري‬ ‫لال ّدعاء السابق بأ ّنه وهميّ وغير حقيقيّ ‪ .‬أوّ الً‪،‬‬ ‫من المخطئ أن نقول أنَّ النظام األس��ديّ ‪ -‬البعثيّ‬ ‫كان نظاما ً «علمان ّياً» لمجرد أ ّنه نظام ينطلق من‬ ‫إيديولوجيّة قوميّة (العروبويّة) ومن براغما جمعيّة‬ ‫شمولّية تتقصّى تهميش الدين (مع أ ّنها تشجّ ع على‪،‬‬ ‫بل وال تسمح للمواطنين بممارسة أيّ شيء آخر في‬ ‫الساحة العامّة سوى‪ ،‬التديُّن وتعمل على توظيف الدين‬ ‫دون سواه في الفوز بطاعة ووالء الشعب) والتشديد‬ ‫على وحدة الناس كأمّة (أمّة عربيّة واحدة)‪ .‬ال تسمح‬ ‫المساحة الصغيرة لهذه المقالة باالستطراد حول هذه‬ ‫َّ‬ ‫المطلع على البحوث العلميّة والتاريخيّة‬ ‫النقطة‪ .‬إلاّ أنَّ‬ ‫والتحليليّة المعرفيّة لمفهوم «العلمنة ‪-‬العلمانية»‬ ‫سيدرك بسهولة أنّ العلمانيّة لم ُتطبَّق أبداً في سورية‬ ‫ولم ُتمارس فعل ّيا ً على األرض ح ّتى هذه اللحظة (لهذا‪،‬‬ ‫من الغباء بمكان نبذ العلمانيّة ورفضها في العالم‬ ‫العربيّ الجديد دون معرفتها أوّ الً‪ .‬نحن اليوم نخاف‬ ‫ونرفض ما ال نعرفه في الواقع)‪ .‬من هنا فإنَّ القول بأنَّ‬ ‫نظام األسد‪ ،‬الطائفيّ واإلقصائيّ واألحاديّ والتدجينيّ‬

‫(الصفات المناقضة لمبادئ العلمنة‪ :‬المدنيّة‪ ،‬التع ّدديّة‪،‬‬ ‫التشاركيّة‪ ،‬والحرّ يّة) نظام «علمانيّ » كالم غير دقيق‬ ‫علم ّيا ً وال هو بالحقيقيّ تاريخ ّيا ً وممارسة في سورية‪.‬‬

‫ثانياً‪ ،‬وهو األه ّم‪ ،‬القول بأنَّ المسيحيّين لم يتعرّ ضوا‬ ‫لالضطهاد الدينيّ في عهد نظام األسد ال يعني مباشر ًة‬ ‫أو أتوماتيك ّيا ً أ ّنهم تم ّتعوا بالحرّ يّة الدينيّة‪ ،‬فغياب‬ ‫االضطهاد ال يفيد بالضرورة وجود الحرّ يّة وتو ّفرها‪،‬‬ ‫ال بل قد يكون انعدام الحرّ يّة الدينيّة هو الثمن الذي‬ ‫على الجماعة الدينيّة أن تدفعه في مقابل حماية‬ ‫الطرف الحاكم لها من االضطهاد الدينيّ ‪ ،‬والحماية‬ ‫من االضطهاد أداة للتدجين والتطويع‪ ،‬وفي النهاية‬ ‫القصوى وسيلة للتهميش والتحييد‪ .‬هذا ما عاشه‬ ‫المسيحيّون في الحقيقة خالل الحكم األسديّ ‪ -‬البعثيّ ‪.‬‬ ‫نعم لم يكن المسيحيّون مضطهدون دين ّياً‪ ،‬إلاّ‬ ‫أ ّنهم لم ينالوا أيّ حرّ يّة دينيّة‪ ،‬أو أيّ حرّ يّة أخرى‪،‬‬ ‫في الحقيقة‪ .‬ك ّل مسيحيّ ملتزم بالكنيسة وبالممارسة‬ ‫الدينيّة يعلم تماما ً أنّ الغالبيّة الساحقة من رجال الدين‬ ‫المسيحيّين‪ ،‬خاصّة القيادات الكنسيّة العليا‪ ،‬لطالما‬ ‫وجدت نفسها مجبرة على عقد شبكة عالقات واسعة‬ ‫ومتشعّبة‪ ،‬قوامها التبعيّة والطاعة وتنفيذ األوامر‬ ‫واألجندات‪ ،‬مع أجهزة مخابرات النظام وقوى األمن‬ ‫وأصحاب القرار في عهد األسد األب واالبن على ح ّد‬ ‫سواء‪ .‬ك ّل المسيحيّين يعلمون بهذه العالقات (والتي‬ ‫وصل بعضها لدرجة التحالف المصالحي في بعض‬ ‫األحيان) ويعلمون أنّ رجال الدين المسيحيّين كانوا‬ ‫مجبرين على االلتزام بها والخضوع لمشروطاتها‬ ‫ومتطلّباتها في نوع من التبعيّة وإثبات الطاعة المنافية‬ ‫أليّة حرّ يّة (ولهذا‪ ،‬فقد درج المسيحيّون على عدم‬ ‫الثقة بكهنتهم بل وبانتقادهم ووصفهم بأقذع الصفات‬ ‫م��راراً)‪ .‬أضف لهذا‪ ،‬ك ّل عابد مسيحيّ اعتاد على‬ ‫الذهاب إلى الكنيسة للصالة خالل عهد الحكم األسديّ‬ ‫يعلم أ ّن��ه على ك ّل كاهن أو واع��ظ أو معلّم دينيّ‬ ‫(ينسحب األمر على المؤسّسة الدينيّة اإلسالميّة أيضاً)‬ ‫أن يق ّدم نسخة أو تقرير عن تعليمه أو عظته أو دروسه‬ ‫الدينيّة لرجاالت األمن ولعناصر المخابرات‪ ،‬الذين‬ ‫لطالما ك ّنا نراهم يجلسون على أحد مقاعد دار العبادة‬ ‫يلتقطون ك ّل كلمة يقولها أيّ شخص داخل الكنيسة‬ ‫ويُحصون على العابدين أنفاسهم وكلماتهم‪.‬‬

‫جنيب جورج عوض‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪18‬‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫تحقيقات‬

‫عند الحروب ال تقام الحدود‬

‫وفي الحروب ال مكان للطفولة أيضاً‪ ،‬عندما يصبح‬ ‫الطفل جزءاً من الصراع المسلّح ويعتلي جبينه شعارات‬ ‫بعض الجهات المسلّحة بدالً من الرسوم الكاريكاتيريّة‬ ‫التي من المفروض أن توضع على جبينه تكريما ً له‬ ‫في حال تفوّ قه في دروس��ه‪ ،‬فمصير الطفولة على‬ ‫ك ومه ّدد باالنقراض في حال لم يت ّم استدراك تلك‬ ‫المح ّ‬ ‫الحاالت ومعالجتها وإرجاع الطفل إلى مكانه الطبيعيّ‬ ‫على مقاعد الدراسة‪ ،‬وألنّ من أه ّم حقوق الطفل هو‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الدوليّة‬ ‫ح ّقه في التعليم‪ ،‬تسعى اليوم أغلب‬ ‫ّ‬ ‫الحق بعد ما شهدته سوريّة من أحداث‬ ‫على تفعيل هذا‬ ‫ّ‬ ‫عنف وصراع مسلح‪ ،‬كان المتضرّ ر األكبر منها هم‬ ‫األطفال‪ ،‬حيث أنّ أغلب المدارس تعرّ ضت للقصف‬ ‫والتدمير‪ ،‬ممّا أبعدهم عن مقاعد الدراسة وأتاح لهم‬ ‫االن��خ��راط في س��وق العمل أو في بعض الحاالت‬ ‫التحاقهم بالعمل المسلّح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الداعمة لمسألة التعليم‬ ‫وتقوم بعض‬

‫مشاريع إعادة ترميم‬ ‫وت��أه��ي��ل ع����دد من‬ ‫ال��م��دارس ف��ي ع�� ّدة‬ ‫محافظات سوريّة‪ ،‬فقد‬ ‫ت ّم فعالً تنفيذ مشروع‬ ‫ف��ي محافظة حلب‬ ‫وري��ف حماة‪ ،‬بينما‬ ‫تو ّقفت في الر ّقة وذلك‬ ‫بسبب سيطرة تنظيم‬ ‫«داعش» ومن ضمن‬ ‫المشاريع التي ن ّفذت‬ ‫ك��ان مشروع ترميم‬ ‫وتأهيل ‪25‬م��درس��ة‬ ‫في ريف حماة بقيمة‬ ‫‪345‬ألف دوالر‪ ،‬وقد‬ ‫ت�� ّم تنفيذ المشروع‬ ‫على ‪ 4‬مراحل‪:‬‬ ‫ن ّفذ المشروع مجلس محافظة حماة – مكتب‬ ‫التربية ‪ -‬وقد أوضح مدير مشروع التعليم في ريف‬ ‫حماة‪ ،‬ورئيس مكتب التعليم في المجالس المحليّة‬ ‫ّ‬ ‫غطى غالبيّة‬ ‫«عبدالرحمن حمادة» أنّ المشروع‬ ‫ري��ف حماه‪ ،‬ففي منطقة الغاب ت� ّم ترميم وتأهيل‬ ‫‪ 15‬مدرسة‪ ،‬كما ت ّم ترميم ‪ 4‬م��دارس في الريف‬ ‫الشماليّ ‪ ،‬وم��درس��ة واح���دة ف��ي ال��ري��ف الشرقيّ ‪،‬‬ ‫وفي منطقة جبل «شحشبو» ت ّم ترميم ‪ 5‬مدارس‪،‬‬ ‫وتعتبر هذه المناطق محرّ رة وخارج سيطرة النظام‪.‬‬ ‫كما ت ّم إضافة ‪ 5‬مدارس إلى المشروع إلعادة ترميمها‬ ‫وذلك من خالل توفير مبلغ مالي بقيمة ‪ 50‬ألف دوالر‬ ‫عن طريق فرق األسعار واختالف سعر الصرف‬ ‫وقدرة العاملين على المشروع بإصالح بعض األعطال‬ ‫بدالً من شراء مواد جديدة ليرتفع عدد المدارس المعاد‬ ‫تأهيلها وترميمها إلى ‪ 30‬مدرسة‪.‬‬

‫كما ق ّدم المشروع مكافآت للمدرّ سين المفصولين عن‬ ‫عملهم والمتطوّ عين في المدارس الخاضعة ّ‬ ‫لخطة عمل‬ ‫الترميم‪ ،‬حيث بلغ عدد المستفيدين ‪ 139‬مدرّ سا ً من‬ ‫خالل منحهم مكافآت على شكل رواتب شهريّة لم ّدة ‪6‬‬ ‫أشهر بقيمة ‪ 150‬دوالراً شهر ّيا ً‬ ‫بينما تح ّدث منسّق المشروع السيّد «خالد الطعيمة»‬ ‫عن بعض الصعوبات التي واجهتهم أثناء تنفيذ‬ ‫المشروع‪ ،‬ومن أهمّها القطاع الجغرافيّ الواسع وغالبيّة‬ ‫المناطق تعتبر نقاط احتكاك مع النظام‪ ،‬ممّا يعرّ ض‬ ‫هذه المناطق للقصف المستمرّ وبشكل يوميّ ‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى صعوبة تأمين‬ ‫المواد واالحتكار‪،‬‬ ‫ح��ي��ث أنّ أغلب‬ ‫المواد ت ّم تأمينها من‬ ‫مصدر واحد‪ ،‬كما‬ ‫أنّ السوق المحليّة‬ ‫ش��ب��ه م��ع��دوم��ة‪،‬‬ ‫وال��غ�لاء الفاحش‬ ‫بأجور النقل واليد‬ ‫ال��ع��ام��ل��ة‪ ،‬ولكن‬ ‫ع��ل��ى ال��رغ��م من‬ ‫ك ّل هذه الصعوبات‬ ‫وال��ت��ح��د ّي��ات التي‬ ‫واجهتهم ت ّم تنفيذ‬ ‫ال��م��ش��روع بشكل‬ ‫ناجح‪.‬‬ ‫وت�������ح������� ّدث‬ ‫المسؤول الماليّ «السيّد «عبدالف ّتاح الش ّدة» عن‬ ‫التعاون الحاصل بين منفذي المشروع والداعمين له‪،‬‬ ‫حيث ت ّم تسليم المبلغ المطلوب على ‪ 4‬دفعات وفي‬ ‫األوقات المح ّددة‪ ،‬ممّا ساهم في إنجاح تنفيذ المشروع‬ ‫في الوقت المح ّدد‪ ،‬كما ذكر أ ّنه ت ّم تأمين مولّدات‬

‫كهربائيّة للمدارس ومدافئ كخطوة أخيرة من خطوات‬ ‫العمل في المشروع‪ ،‬وقد أوضح السيّد «عبدالف ّتاح‬ ‫الش ّدة» بأنّ مجلس محافظة حماة استطاع الحصول‬ ‫على دعم لتأمين كا ّفة مستلزمات الطالب المدرسيّة‪،‬‬ ‫من خالل التعاون مع وحدة التنسيق والدعم‪ ،‬فقد ت ّم‬ ‫إنجاز مشروع مدرسيّ لدعم ‪ 50‬ألف طالب بالحقائب‬ ‫والقرطاسيّة واللباس الكامل والمقاعد ودع��م هذه‬ ‫المدارس بكاميرات تصوير وأجهزة حاسوب‪.‬‬ ‫إنّ إنجاز هذه المشاريع يتطلّب جهد ووقت ودعم‬ ‫من الجهات المهتمّة بالطفل وحقوقه‪ ،‬ووعي والتزام‬

‫من قبل األهل أوّ الً والمسؤولين ثانيا ً لضمان بقاء‬ ‫األطفال على مقاعد الدراسة وعدم جرّ هم إلى الصراع‬ ‫وجعلهم فتيالً لحرب هوجاء سيكون الخاسر األكبر بها‬ ‫هو الطفل‪.‬‬

‫دمية أمحد‬

‫اإلسالموفوبيا ‪..‬إىل الواجهة جم ّدداً‬ ‫دائماً‪ ،‬واليوم بات «الجهاد» قاب قوسين من التش ّكل‬ ‫بوضوح‪.‬‬ ‫واختاروا أوربّا كملجأ سياسيّ ومورد اقتصاديّ ‪،‬‬ ‫لك ّنهم لم يتعاملوا معه على أ ّنه بلدهم وهويّتهم‪ ،‬رفضوا‬ ‫في داخلهم ك ّل أشكال االندماج‪ ،‬وكانت بزرة التطرّ ف‬ ‫حاضرة في ك ّل وقت وتحتاج إلى شرارة لتطلقها‪.‬‬

‫حدث في فرنسا أ ّنه هُدمت كنيسة قديمة بسبب أ ّنها‬ ‫تحتاج إلى ‪ 3‬مليون دوﻻر إلصالحها‪ ،‬وحدث أيضا ً‬ ‫أ ّنه تمّت الموافقة على بناء ‪ 200‬مسجد جديد‪ ،‬في‬ ‫حين أنّ هناك سبعة كنائس مسيحيّة في الجزائر مه ّددة‬ ‫بالتدمير‪ ،‬فهل كانت فرنسا غير متسامحة مع العرب؟‬ ‫قبل بضعة سنوات‪ ،‬قُتل كاهن مسيحيّ فرنسيّ‬ ‫في الجزائر مارس طقوس العبادة في خارج إطار‬ ‫الكنيسة‪ ،‬ومنذ فترة قصيرة قُتل مواطن فرنسيّ في‬ ‫جبال الجزائر بسبب أ ّنه غير مسلم‪ ،‬فهل مصطلح‬ ‫«اإلسالموفوبيا» جاء من الفراغ؟‬ ‫فتاة جزائريّة بقيت ترتدي الحجاب سنة كاملة‪ ،‬منذ‬ ‫وصولها فرنسا‪ ،‬وتمارس طقوس العبادة ك ّل يوم‪،‬‬ ‫تح ّدثت بشجاعة كيف أ ّنها رفضت العمل في إحدى‬ ‫المتاجر الفرنسيّة بسبب شرط خلع الحجاب‪ .‬كانت‬ ‫تقول بوضوح تا ّم إنّ القوانين ال تعنيها في شيء‪،‬‬ ‫وتنظر إلى الفرنسيّات بريبة‪ ،‬كمخلوقات غريبة ال‬ ‫ترغب أن تكون مثلهنّ ‪.‬‬ ‫سيّدة أخرى أتت إلى فرنسا منذ أشهر مع ولدين‬ ‫اثنين وفتاة شابّة‪ ،‬استوقفتها عبارة قالها السيّد‬ ‫الفرنسيّ ‪ ،‬الذي راح يشرح مجمل التفاصيل للحياة‬ ‫الفرنسيّة «فرنسا دولة علمانيّة ديمقراطيّة تحترم‬ ‫األديان والحرّ يّات الشخصيّة»‪.‬‬ ‫طلبت السيّدة الجزائريّة حينها شرحاً‪« :‬لماذا ال‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫يو ّفر القانون ح ّقا ً للوالد والوالدة بحماية ابنتهم من‬ ‫االنحراف؟!» لقد اعتاد ذاك الفرنسي مقابلة الكثير من‬ ‫العرب وقال إ ّنه حاول مساعدة الكثيرين عبر إجراء‬ ‫وخبر‬ ‫دورات االندماج‬ ‫ِ‬ ‫أسئلتهم وح��ف��ظ أنماط‬ ‫تفكيرهم‪ ،‬ك��ان يذ ّكر‬ ‫العرب بضرورة احترام‬ ‫قانون البالد وض��رورة‬ ‫االن��دم��اج ف��ي تفاصيل‬ ‫الحياة اليوميّة‪ ،‬وشرح‬ ‫بالتفصيل ك��ي��ف ك��ان‬ ‫العرب يزوّ رون األوراق‬ ‫ال��رس��م � ّي��ة وي��ج��ت��ازون‬ ‫ال��ح��دود ع��ن��وة‪ ،‬وكيف‬ ‫يبيعون بطاقات التأمين‬ ‫الصحّ يّ ويتصرّ فون بها‬ ‫على نحو غير قانونيّ ‪.‬‬ ‫أق��ام ال��ع��رب عموما ً‬ ‫(كانتونات)‪،‬‬ ‫ألنفسهم‬ ‫وكأ ّنهم نقلوا تجربتهم في‬ ‫العادات والتقاليد‪ ،‬ويبدو أ ّنهم لم يق ّدموا ضمن وجودهم‬ ‫األوروبّ��يّ نموذجا ً جيّداً للشعوب األورمتوسّطيّة‪،‬‬ ‫كانوا مثاالً صارخا ً للفوضى واخ��ت��راق القانون‬ ‫وعدم احترامه‪ ،‬كانوا مع اإلقصاء واإللغاء السياسيّ‬

‫كان لدى العرب بعض المشكالت ‪ -‬لم تعالجها‬ ‫فرنسا ‪ -‬ربّما أ ّدت إلى نوع من الحقد وفي نهاية األمر‬ ‫إلى نوع من التطرّ ف‪ ،‬الذي خلق إيديولوجيا باتت‬ ‫توصف اليوم بالراديكاليّة‪ ،‬لكن في النهاية هي بذرة‬ ‫التطرّ ف‪ ،‬التي‪ ،‬ربّما كانت النظرة الدونيّة للعربيّ قد‬ ‫ساهمت في خلقها‪ :‬من اخترق القانون كان متخلّفاً‪ ،‬من‬ ‫رفض الطالق والزواج في محاكم أور ّبيّة أل ّنه يريد‬ ‫قبل بأن يعيش على‬ ‫محكمة إسالميّة كان متخلّفاً‪ ،‬من ِ‬ ‫راتب البطالة الذي تمنحه فرنسا للعاطلين عن العمل‪،‬‬ ‫من بقي هنا طيلة حياته يبحث عن طريقة لاللتفاف‬ ‫عن القانون‪ ،‬من أتى الستخدام بطاقة شقيقه الصحّ يّة‬ ‫للعالج في فرنسا وهو يسكن في المغرب أو غيرها‬ ‫كان متخلّفاً‪ ،‬ومن أتى من إيطاليا عبر وسائل النقل‬ ‫البرّ يّة ليعيش هنا دون أيّة أوراق رسميّة‪ .‬كما يوجد‬ ‫من لديه القناعة أنّ دولة الك ّفار يجب أن ُتنهب‪ ،‬أن‬ ‫ُتسرق أن ُتباد عن بكرة أبيها‪.‬‬

‫شابّ جزائري ضُبط بسرقة متجر فرنسيّ ‪ ،‬وأثناء‬ ‫التحقيقات تبيّن أ ّنه لم يكن يحتاج إلى ما سرقه‪ ،‬وأنّ‬ ‫هدفه التعبير عن رفض ما لدولة الك ّفار‪.‬‬ ‫لهم مبرّ راتهم‪ ،‬ويرون أنّ الفرنسيّين غير جا ّديين‬

‫في عمليّات دمجهم كثيراً‪ .‬خصّصوا لهم مناطق باتت‬ ‫تسمّى «مناطق العرب» ولها أسواقها ولها طبيعتها‬ ‫وعاداتها‪ .‬بينما تكثر فيها نسبة الفوضى والجرائم‬ ‫والسرقات‪ ،‬واألرقام الرسميّة تقو ل إنّ هناك (‪)70‬‬ ‫‪ %‬منهم في السجون!! ويرفض القادمون الجدد السكن‬ ‫في تلك المناطق‪ ،‬وبعض المناطق الفرنسيّة ترفض‬ ‫تأجيرهم‪ ،‬ما السبب؟ السبب يبدو واضحا ً «هم مصدر‬ ‫الفوضى والتطرّ ف»‪ .‬هكذا قالت تلك السيّدة التي‬ ‫وضعت إعالنا ً لمنزلها على األنترنت‪.‬‬ ‫تاريخ ّياً‪ ،‬كانت معظم النشاطات للعرب والمسلمين‬ ‫هنا‪ :‬طلب رخصة لبناء جامع‪ ،‬أو اعتصام ض ّد قانون‬ ‫إدراج «وجبة لحم الخنزير» في المدارس‪ ،‬تظاهرات‬ ‫ض ّد قانون «منع الحجاب» ولم يحاول أيّ تجمّع لهم‪،‬‬ ‫أن يضع بصمة حضاريّة‪ .‬عصفت الخالفات بما يسمّى‬ ‫في فرنسا «المجلس الفرنسيّ اإلسالميّ » عام ‪2003‬‬ ‫إلعطاء المسلمين الذين يعيشون في فرنسا‪ ،‬والبالغ‬ ‫عددهم ثالثة ماليين ونصف المليون‪ ،‬هيئة ّ‬ ‫تمثلهم‪ .‬إلاّ‬ ‫أنّ نشاط هذا المجلس ّ‬ ‫تعثر بسبب خالفاته الداخليّة‪.‬‬ ‫هل سيبقى العامل الدينيّ هو محرّ ك ك ّل عقليّتهم؟‬ ‫هل يبقى الحجاب والنقاب وتطبيق حدود هللا وشريعته‬ ‫هي الشغل الشاغل لك ّل ه��ؤﻻء؟ س��ؤال مشروع‬ ‫برسم الجالية التي طالما رفعت أصواتها في وجه‬ ‫الفرنسيّين بأ ّنهم عنصريّون‬ ‫ويكرهوننا‪.‬‬ ‫هل كانت فرنسا غير‬ ‫متسامحة فعالً؟‪ ،‬لقد فعلت‬ ‫ك ّل شيء من أجل الجميع‪،‬‬ ‫الجميع دون استثناء‪،‬‬ ‫هي غيّرت أسماء العطل‬ ‫الرسميّة‪ ،‬من عطلة عيد‬ ‫الميالد وعيد المسيح إلى‬ ‫عطلة ال��ص��ي��ف وعطلة‬ ‫ال��ش��ت��اء‪ ،‬و(‪ )%70‬من‬ ‫ال��م��ح��ا ّل ال��ت��ج��ار ّي��ة تبيع‬ ‫اللحوم «حالل» من أجل‬ ‫المسلمين‪ ،‬هناك أكثر من‬ ‫‪200‬مسجد في طور البناء‬ ‫وأكثر من (‪ )2270‬جامع‬ ‫ق��ائ��م‪ .‬ح��س��ب معلومات‬ ‫المجلس اإلسالميّ الكبير في فرنسا‪ ،‬وبإمكان أيّ‬ ‫شخص الصالة وسط الشوارع العامّة وفعلها المسلمون‬ ‫مرّ ة‪.‬‬

‫شذا امل ّداد‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪18‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫الجئون سورّيون في بيوت ال تصلح للسكن‬ ‫وح ّتى اآلن ساعدت خمسة عشر عائلة في إيجاد بيوت‬ ‫لآلجار ومنذ ع ّدة أيّام جاءت عائلة نازحة من عين‬ ‫العرب (كوباني) واضطرّ رت للسكن في بيت يرثى له‬ ‫وبأجرة ‪ 200‬ليرة تركيّة ولكي تشاهدوا الوضع عن‬ ‫كثب دعونا نذهب لنشاهد البيت ‪.‬‬ ‫توجّ هنا لذلك البيت‪ ،‬كان عبارة عن بيت قديم‬ ‫متداعي مؤلّف من ثالث غرف صغيرة مع صالون‬ ‫ومطبخ‪ ،‬سقف الصالون كان من الخشب كونه بيت قديم‬ ‫قال لنا ربّ العائلة النازحة من عين العرب (كوباني)‪:‬‬ ‫اضطرّ رنا لترك بيتنا بعد الهجمات اإلرهابيّة على‬ ‫المدينة أنا وزوجتي وأطفالي الخمسة والبيت قد ينهار‪،‬‬ ‫كما ترون‪ ،‬لكن لم يكن لدينا خيار آخر‪.‬‬ ‫األضرار الناجمة عن هكذا بيوت‬ ‫بدأت المأساة من تلك الطائرة التي قصفت‪ .‬ولم تميّز‬ ‫بين األبنية والبشر وتسبّبت بشقاء عائالت كثيرة من‬ ‫حيّ المرجة في حلب بتاريخ ‪ 2014/12/23‬فته ّدمت‬ ‫البيوت فوق رؤوس أصحابها ليستشهد البعض وينجو‬ ‫البعض اآلخر وهم بنجاتهم من الموت ال ينسون ولو‬ ‫للحظة موت األهل‪ ،‬هكذا تخبرنا (أ ّم محمّد‪ 50 ،‬عاماً)‬ ‫والدموع تمأل عي ّنها حيث التقينا بها في البيت الذي‬ ‫أستأجرته في مدينة باتمان التركيّة‪.‬‬ ‫ذكريات مؤلمة‪ ،‬وبيوت مالصقة لحظيرة حيوانات‬ ‫تخبرنا (أ ّم محمّد) أ ّنه‪ :‬بتاريخ ‪ 2013/12/23‬فجأة‬ ‫سمعنا صوت الطائرة ث ّم صوت انفجار صرخ ابني‬ ‫قائالً‪ :‬بأنّ أخويه االثنين قضوا‪ ،‬وهما محمّد (عمره‬ ‫‪ 20‬عاماً) وحمزة (عمره ‪ 14‬عاماً) وأشارت أ ّم محمّد‬ ‫بيدها إلى الجدار‪ ،‬صورتيهما معلّقتان على الجدر‪،‬‬ ‫طلبت م ّنا أن نشاهد الصور‪.‬‬ ‫وعند سؤالنا لها عن الرائحة الكريهة الموجودة في‬ ‫البيت وكيف تسيّر أمورها؟ أجابت‪:‬‬ ‫أبحث عن بيت أجرة‪ ،‬لكن ال أجده ومضطرّ ة للبقاء‬ ‫هنا والعيش بجوار البقر حيث يربّون هنا البقر بجوارنا‪،‬‬ ‫وك ّل هذه الرائحة من الحظيرة‪ ،‬أنا وطفلتاي االثنتان‬ ‫نعيش في هذا البيت‪ ،‬ابني ذو التسعة عشر عاما ً يعمل‬ ‫راعيا ً للغنم في قرية من قرى باتمان‪ ،‬وأتم ّنى أن يجد‬

‫عمالً هنا في المدينة‪ ،‬كي يسكن معنا‪ ،‬كوننا نخاف‬ ‫ليالً‪ ،‬وهو مضطرّ ألن ينام في القرية‪.‬‬

‫ولمعرفة األضرار الناجمة عن السكن في بيوت‬ ‫قديمة أو المالصقة لحظيرة حيوانات توجّ هنا إلى‬

‫تواجد الحيوانات فمن الواجب على اإلنسان بناء‬ ‫حظائر الحيوانات بعيداً عن مسكنه‪ ،‬وبحسب تقارير‬ ‫ّ‬ ‫منظمة الصحّ ة العالميّة أنّ المسافة اآلمنة لبناء حظائر‬ ‫الحيوانات يجب ألاّ تق ّل عن ‪ 10‬كم عن المدن وبحسب‬ ‫دراسة أمريكيّة أنّ غاز الميتان الذي يتحلّل عن روث‬ ‫الحيوانات يكون أخطر من غاز (‪ )CO2‬بأكثر من‬ ‫‪ 20‬مرّ ة‪ ،‬فضالً عن ذلك فإنّ المكروبات الموجودة‬ ‫بالمخلّفات الحيوانيّة والحشرات الناقلة للمرض تسبّب‬ ‫أمراض بكتيريّة وطفيليّة مثل (النزالت المعويّة‪،‬‬ ‫التسمّم الغذائيّ ‪ ،‬التيفوئيد‪ ،‬السلّ‪ ،‬الدفتيريا‪ ،‬الرمد)‬ ‫وأمراض فيروسيّة مثل (شلل األطفال‪ ،‬الرمد الحبيبي‪،‬‬ ‫إلتهاب الكبد) حيث تنقل هذه المكروبات بطريقة‬ ‫مباشرة‪.‬‬ ‫المكاتب العقاريّة‬ ‫الالجئ السوريّ نادراً ما يلجأ إلى المكاتب العقاريّة‬

‫بيت (أ ّم محمّد) مكوّ ن من ثالث غرف‪ ،‬وعند‬ ‫سؤالنا عن باب مقفل وهل هو باب لغرفة؟ قالت‪ :‬كلاّ‬ ‫هذا الباب يؤ ّدي إلى حظيرة البقر‪ ،‬ال يفصلنا عنها‬ ‫سوى هذا الباب‪.‬‬ ‫مساعدة الالجئين في إيجاد بيوت‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬توجّ هنا إلى أحد الالجئين السوريّين وهو‬ ‫صاحب مح ّل يبيع اآلالت الموسيقيّة‪ ،‬ويقوم بمساعدة‬ ‫السوريّين في إيجاد بيوت أجرة‪ ،‬لنستفسر منه إنْ كانت‬ ‫هنالك حاالت أخرى يضطرّ فيها الالجئ السوريّ‬ ‫للسكن في بيوت ال تصلح للسكن فقال‪:‬‬ ‫اسمي «مروان شيخو» ف ّنان من عامودا أحاول‬ ‫مساعدة السوريّين في إيجاد بيوت لألجرة وهنالك‬ ‫بيوت كثيرة ال تصلح للسكن ولك ّننا مضطرّ ون أن‬ ‫ُنسكن فيها عائالت الجئة كيال تنام في الحدائق العامّة‬ ‫ومن البيوت التي ال تصلح وسكنت فيها عائلة مؤلّفة‬ ‫من س ّتة أشخاص بيت عبارة عن غرفة واحدة وهي‬ ‫شبه صالون وفيها المطبخ والح َمام أيضا ً وبأجرة ‪125‬‬ ‫ليرة تركيّة‪ ،‬لكنّ العائلة كانت مضطرّ ة للسكن فيها‬ ‫والبيت الذي كانت أجرته ‪ 150‬ليرة تركيّة أصبح‬ ‫أضعاف ذلك بعد كثرة مجيء الالجئين السوريّين‪،‬‬

‫الطبيب عدنان حسين فقال لنا‪ :‬بالنسبة لهذه البيوت غالبا ً‬ ‫ما تكون الرطوبة عالية فيها‪ ،‬وهذه الرطوبة تكوّ ن بيئة‬ ‫مناسبة للكثير من المكروبات والجراثيم والحشرات‬ ‫المنزليّة‪ ،‬التي تسبّب أمراضا ً للرئتين تتمظهر بضيق‬ ‫التنفس وخاصّة للمصابين بالربو أو التهاب القصبات‪،‬‬ ‫أمّا بالنسبة للبيوت المالصقة أو القريبة من مكان‬

‫من أجل إيجاد بيت لآلجار‪ ،‬كون المكاتب تأخذ أجرة‬ ‫بيت لشهر كامل ح ّتى تدلّه على بيت‪ ،‬لذلك يتساعد‬ ‫الالجئون السوريّون فيما بينهم إليجاد بيوت‪ ،‬قدر‬ ‫المستطاع‪ ،‬إلاّ أنّ أزمة السكن تجبر الكثيرين على‬ ‫السكن في بيوت ال تصلح أصالً للسكن‪.‬‬

‫بامتان – احملامي علي كولو‬

‫الهروب من المجازر سيراً على األقدام‬ ‫نهاراً أسفر عن دم��ار كبير في المدينة وخاصّة‬ ‫الحيّ الشماليّ القريب وتدمير شبكة الكهرباء‪ ،‬أجبر‬ ‫األهالي إلى الهرب نحو داعل القريبة من المدينة‬ ‫والتي استقبلت أكثر من ‪ 70‬ألف نازح خالل األيام‬ ‫الماضية‪ ،‬وت ّم تأمينهم في المنازل والمساجد مع‬ ‫صعوبة في توفير االحتياجات الغذائيّة في ظ ّل انقطاع‬ ‫التيار الكهربائيّ ‪ ،‬وارتفاع في أسعار الوقود حيث‬ ‫وصل سعر لتر ما ّدة البنزين إلى ‪ 300‬ليرة سوريّة‬ ‫في حين ارتفع المازوت إلى ‪ 500‬ليرة‪ ،‬وطنّ ما ّدة‬ ‫الحطب إلى ‪ 35‬ألف ليرة فيما بقيت ما ّدة الغاز شبه‬ ‫مفقودة في المدينة‪.‬‬

‫ظروف بالغة الصعوبة يعيشها األهالي في مدن‬ ‫وبلدات «الشيخ مسكين وإبطع وداعل» في ريف‬ ‫درعا ج��رّ اء العمليّة العسكريّة على مدينة الشيخ‬ ‫مسكين والهزائم المتوالية التي تعرّ ضت لها قوّ ات‬ ‫النظام في المدينة منذ أكثر من أسبوع‪.‬‬ ‫وتكبّدت قوّ ات النظام هزائم كبيرة أجبرتها على‬ ‫االنسحاب من المناطق التي تسيطر عليها في مدينة‬ ‫نوى القريبة من الشيخ مسكين بعد قطع طريق اإلمداد‬ ‫لقواتها في نوى ومحيطها‪ ،‬وخسارتها لمعظم النقاط‬ ‫والحواجز العسكريّة في مدينة الشيخ مسكين باستثناء‬ ‫مساكن الضبّاط المتاخمة للواء ‪ 82‬شمالي مدينة‬ ‫الشيخ مسكين‪ ،‬حيث ما تزال قوّ ات النظام متواجدة‬ ‫فيها واتخاذها لألهالي دروع �ا ً بشريّة لمنع قوات‬ ‫الجيش الحرّ من التق ّدم‪.‬‬ ‫تدمير كا ّفة مظاهر الحياة بالقصف العنيف‬ ‫تعرّ ضت مدينة الشيخ مسكين لقصف عنيف‬ ‫بك ّل األسلحة وخاصّة سالح الطيران‪ ،‬ووصلت‬ ‫نسبة الدمار إلى ما يقارب ‪ %70‬وفقدان مستلزمات‬ ‫الحياة من كهرباء وماء وغذاء وتدمير النقطة الطبيّة‬ ‫الوحيدة وشبكة الكهرباء‪ ،‬فيما ارتكبت قوات النظام‬ ‫ع ّدة مجازر أثناء احتاللها لبعض المنازل وا ّتخاذ‬ ‫أصحابها دروعا ً بشريّة أعدمتهم قبل انسحابها من‬ ‫األحياء‪ ،‬وعُثر على أسرة كاملة تفسّخت جثثهم في‬ ‫أحد المنازل التي احتلتها قوّ ات النظام‪ ،‬ووصل عدد‬ ‫الشهداء الذين ت ّم إعدامهم ميدان ّيا ً إلى أكثر من ‪10‬‬ ‫شهداء‪ ،‬وم��ازال العديد من األهالي مفقودين بعد‬ ‫اعتقالهم‪.‬‬

‫ّ‬ ‫والمنظمات غائبة عن المشهد‬ ‫النزوح‪ ،‬في حين ت ّم قصف الطريق الواصل بين‬ ‫مدينة الشيخ مسكين وإبطع بالدبّابات والمدفعيّة حيث‬ ‫حاول األهالي الهرب سيراً على األقدام في ظروف‬ ‫جوّ يّة سيّئة و استشهد أفراد عائلة مكوّ نة من ‪ 5‬أفراد‬ ‫بينهم طفلين وامرأتين جرّ اء سقوط قذيفة من قبل‬ ‫قوّ ات النظام‪.‬‬ ‫بقي العديد من األهالي‪ ،‬وح ّتى اللحظة‪ ،‬محاصرين‬

‫نقلهم إلى النقاط الطبيّة في مدينة إبطع ومن ث ّم إلى‬ ‫المشفى الميدانيّ في داعل الذي كان يعاني من نقص‬ ‫في المستلزمات الطبيّة والكوادر العاملة ت ّم تالفيها‬ ‫في وقت الحق بعد مناشدات قام بها كادر المشفى‬ ‫بضرورة اإلسراع بتأمين احتياجاته لتقديم المساعدة‬ ‫لألعداد الكبيرة من األهالي المصابين‪.‬‬ ‫إبطع وداعل قصف عنيف ونازحون باآلالف‬

‫مطاردة الهاربين وقتلهم من قبل قوّ ات النظام‬ ‫عند بدء العمليّة العسكريّة لقوّ ات النظام في مدينة‬ ‫الشيخ مسكين احتلّت العديد من المنازل والمساجد‬ ‫التي ا ُتخذت مآذنها مقرّ ات لقناصته‪ ،‬وت ّم ّ‬ ‫بث نداءات‬ ‫من قبل قوّ ات النظام بضرورة تسليم مقاتلي الجيش‬ ‫الحرّ أنفسهم‪ ،‬وعلى األهالي ترك منازلهم والهرب‬ ‫من المدينة‪ ،‬حاول األهالي الهروب عبر طريق إبطع‬ ‫التي تبعد عن مدينة الشيخ مسكين حوالي ‪ 3‬كم‪ ،‬لكنّ‬ ‫ق ّناصة النظام مارسوا هوايتهم في صيد األرواح‪ ،‬وت ّم‬ ‫قتل العديد من األهالي مع أطفالهم أثناء محاولتهم‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫في مدينة الشيخ مسكين وخاصّة في الحيّ الشماليّ مع‬ ‫فقدان لكا ّفة االحتياجات من طعام وماء واتصاالت‬ ‫ووقود وكهرباء‪ ،‬في حين تتعرّ ض المدينة لقصف‬ ‫جنونيّ ‪ ،‬وتعرّ ض العديد من األهالي إلصابات ت ّم‬

‫نزحت أعداد كبيرة من األهالي من مدينة الشيخ‬ ‫مسكين إلى مدينة إبطع والتي بدورها كانت تحتضن‬ ‫نازحين من مدينة نوى‪ ،‬حيث تعرّ ضت هي األخرى‬ ‫لقصف عنيف بالطيران الحربيّ والمروحيّ ليالً‬

‫ناشد العديد من الناشطين واألهالي الهيئات‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات اإلغاثيّة والثوريّة وعلى رأسها الحكومة‬ ‫المؤ ّقتة واالئتالف بضرورة تأمين المواد اإلغاثيّة‬ ‫من طعام وعالج ومأوى‪ ،‬لكن دون جدوى حيث ت ّم‬ ‫إخبارهم بخلوّ الصناديق من أيّ مبالغ ماليّة في الوقت‬ ‫الراهن ليُترك األهالي لمواجهة مصيرهم‪ ،‬مع موجة‬ ‫برد قارص تتعرّ ض لها المنطقة وقصف عنيف بش ّتى‬ ‫ّ‬ ‫المكثف في‬ ‫أنواع األسلحة وخاصّة سالح الطيران‬ ‫الليل والنهار وصواريخ أرض ‪ -‬أرض التي تستهدف‬ ‫مدن الشيخ مسكين وإبطع وداعل محدثة دماراً هائالً‬ ‫وسقوط العديد من الشهداء والجرحى‪.‬‬ ‫مدينة الشيخ مسكين المنكوبة تتوسّط سهل حوران‬ ‫في جنوبي سوريّة وبارتفاع ‪800‬م عن سطح البحر‪،‬‬ ‫و تتبع إدار ّي���ا ً لمحافظة درع��ا وتبعد عن مركز‬ ‫المحافظة حوالي ‪ 22‬كم‪ ،‬بينما تبعد عن دمشق حوالي‬ ‫‪77‬كم و‪ 65‬كم عن السويداء و‪ 8‬كم عن إزرع و‪4‬كم‬ ‫عن نوى وهي رابعة أكبر مدن محافظة درعا وتش ّكل‬ ‫عقدة مواصالت هامّة تربط المحافظات الجنوبية‬ ‫«درعا –دمشق – السويداء‪ -‬القنيطرة « ونتيجة‬ ‫لموقعها االستراتيجيّ الهام جعل منها مركزاً للحشود‬ ‫العسكريّة واألمنيّة والشبّيحة واللجان الشعبيّة التابعة‬ ‫لقوّ ات النظام‪ ،‬حيث تعرّ ضت نتيجة ذلك لحصار‬ ‫شديد منذ حوالي ثالث سنوات وتهجير لألهالي هربا ً‬ ‫من التنكيل والمجازر التي ارتكبت بح ّقهم واعتقال‬ ‫الكثير من أبنائها‪.‬‬

‫درعا ‪ -‬سارة احلوراني‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪18‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫جثث تصرخ‬ ‫شخص يمضغ قلب خصمه ‪ّ ....‬‬ ‫جثة طفل قُطِ عت‬ ‫أعضاؤه التناسليّة بعد موته تحت التعذيب وآخر قُلعت‬ ‫حنجرته وجثة ت ّم تقطيعها‪ ،‬مشاهد اقتحمت حياتنا‬ ‫وتحوّ لت إلى جزء من ذاكرتنا البصريّة وبالرغم من‬ ‫بالجثة من امتهان ّ‬ ‫ّ‬ ‫لجثة‬ ‫ك ّل ما تتضمنه جريمة التمثيل‬ ‫الميّت وإث��ارة لآلخر وإسهامها في أم��راض نفسيّة‬ ‫وقلق وهيجان إلاّ أ ّنها بدأت تكتسب طابعا ً أخالق ّيا ً‬ ‫وقبوالً عند بعض السوريّين الذي بدأ يدافع عن فاعليها‬ ‫تحت مبرّ رات عديدة منها االنتقام أو المعاملة بالمثل‬ ‫ طالما أنّ الطرف اآلخر ّ‬‫يمثل بالجثث فمن ح ّقنا أن‬ ‫ّ‬ ‫نمثل بالجثث ‪ -‬متناسين أ ّننا ننتمي إلى ثقافة اجتماعيّة‬ ‫وموروث يحضّنا على احترام الموتى «إكرام الميّت‬ ‫دفنه»‪.‬‬ ‫الشريعة اإلسالميّة‬ ‫كانت حادثة مضغ «هند بنت عتبه» لقلب «حمزة‬ ‫بن عبد المطلب» ع ّم الرسول أوّ ل حادثة تمثيل بالجثث‬ ‫تواجه اإلسالم‪ ،‬وتوعّد الرسول حينها باالقتصاص من‬ ‫سبعين رجل من المشركين انتقاما ً منهم‪ ،‬فجاءت اآلية‬ ‫((وإِنْ َعا َق ْب ُت ْم َف َعا ِقبُو ْا ِبم ِْث ِل َما عُو ِق ْب ُتم ِب ِه َو َلئِن‬ ‫القرآنيّة َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّابرين)) ليمنع الرسول من تنفيذ‬ ‫َ‬ ‫ص َبرْ ُت ْم َله َُو َخ ْي ٌر للص ِ‬ ‫وعده ولتقونن الواقعة بشكل مفصّل ويمكن أن نستنتج‬ ‫ثالثة أحكام من هذه اآلية وهي‪:‬‬ ‫الحكم األوّ ل‪ :‬ال يجوز للمسلمين التمثيل بالجثث‬ ‫ابتداءً‪.‬‬ ‫الحكم الثاني‪ :‬في حال قيام األعداء بالتمثيل بجثث‬ ‫المسلمين فيكون الر ّد بشكل محدود وضيّق‪.‬‬ ‫الحكم الثالث‪ :‬الصبر والتر ّفع عن الر ّد بالمثل وعدم‬

‫التمثيل بالجثث هو األفضل عند هللا‪.‬‬ ‫بالمحصلة نجد أنّ الشريعة اإلسالميّة تشجّ ع التوجّ ه‬ ‫بعدم التمثيل بالجثث ولو كان ر ّداً بالمثل‪.‬‬ ‫القانون السور ّي‬ ‫لم يعالج قانون العقوبات السوريّ موضوع التمثيل‬ ‫بالجثث السوريّ بشكل مفصّل‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أنّ‬ ‫مثل هذه الجرائم كانت غريبة عن المجتمع وهي‬ ‫نادرة الوقوع‪ ،‬ومع بداية األزمة األخيرة صدر قانون‬ ‫اإلرهاب لعام ‪ 2012‬ونصّ في الما ّدة األولى «العمل‬ ‫اإلرهابيّ ‪ :‬ك ّل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر‬ ‫بين الناس أو اإلخالل باألمن العام أو اإلضرار بالبُنى‬ ‫التحتيّة أو األساسيّة للدولة ويرتكب باستخدام األسلحة‬ ‫أو الذخائر أو المتفجّ رات ‪ .»...........‬وفي المادة‬ ‫السابعة «يُعاقب باألشغال الشاقة المؤبّدة والغرامة‬ ‫ضعفي قيمة الضرر من ارتكب عمالً إرهاب ّيا ً نجم عنه‬ ‫عجز إنسان أو انهدام بناء جزئ ّيا ً أو كل ّيا ً أو‪ .»....‬ومن‬ ‫قراءة نصوص القانون نجد أنّ ‪:‬‬ ‫‪- 1‬‬ ‫واضح‪.‬‬

‫‪ -2‬نستطيع أن نشمل جرم التمثيل بالجثث بفقرة‬ ‫(يحدث ذعراً بين الناس) وذلك ألنّ التمثيل يخلق حالة‬ ‫من الخوف والذعر واالشمئزاز بين الناس‪.‬‬ ‫‪ -3‬غلّظ القانون عقوبة مرتكب الجريمة وهي‬ ‫األشغال الشاقة المؤبّدة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬فرض القانون عقوبة ماليّة وهي الغرامة‬ ‫ضعفيّ قيمة الضرر‪.‬‬

‫مساومة على‬ ‫األ ّم‬

‫قمر عوض‪ ،‬ربّة منزل تبلغ من العمر ‪ 55‬عاماً‪.‬‬ ‫خـالل زيارتهـا ألختهـا في مدينـة قدســيّا بريف دمــشق‪،‬‬ ‫اعتقلهـا أفراد من المخـابرات الجوّ يّـة‪ ،‬وأخذوهـا إلى مكان‬ ‫مجهول‪.‬‬ ‫وعُرف فيمـا بعد ‪ -‬حــسب شــهادات بعض المـفرج عـنهم‬ ‫ّ‬ ‫المـزة‬ ‫ أ ّنهـا ُنقـلت إلى مركز المخابرات الجوّ يّـة بمطار‬‫العــسكريّ ‪.‬‬ ‫وتعتقد مصادر مقرّ بة من العائلة أنّ اعتقال السيدة «عوض»‬ ‫جاء على خلفيّة تهرّ ب اثنين من أبنائها من الخدمة العسكريّة‪،‬‬ ‫وأنّ السلطات األمنيّة وضعتهما على قوائم المطلوبين منذ ذلك‬ ‫الحين‪.‬‬ ‫وذكر أفراد من العائلة أ ّنهم يتعرّ ضون للمســاومة من قبل‬ ‫الــسلطات األمنيّة التي ا ّتصـلت بهم هاتف ّيا ً ع ّدة مرّ ات لمطالبتهم‬ ‫بدعوة أبنـائهم المختفين إلى تسـليم أنفسهم مقابل اإلفراج عن‬ ‫أمّهم‪.‬‬ ‫وتؤ ّكد األسرة أنّ أحد األبناء المطلوبين لقي مصرعه في‬ ‫قصف لحيّ القابون الدمشقي في ‪ 13‬حزيران ‪.2014‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر‪ ،‬أنّ النظام ومنذ عشرات السنين يمارس‬ ‫اعتقال األب أو األ ّم ليُجبر األبناء على تسليم أنفسهم‪ ،‬ويمارس‬ ‫العكس أيضاً‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫لم يذكر القانون جريمة التمثيل بالجثث بشكل‬

‫كان من المفترض أن تنال جريمة التمثيل بالجثث‬ ‫اهتماما ً أكثر من المشرّ عين وخاصّة في ظ ّل األحداث‬ ‫الحاليّة وما نشاهده من ازدياد لهذه الجريمة من حيث‬ ‫العدد أو ح ّتى استحواذها قبوالً اجتماع ّيا ً وإعطائها‬ ‫شرعيّة أخالقيّة‪.‬‬

‫إنّ من يقوم بجريمة التمثيل بالجثث هو شخص غير‬ ‫عاديّ ‪ ،‬ولذلك الب ّد أن تكون العقوبة بح ّقه غير عاديّة‪،‬‬ ‫شديدة ومغلّظة‪ ،‬ولكن قبل ذلك علينا العمل إلزالة ك ّل‬ ‫األسباب التي دفعت المجرم الرتكاب جريمته‪.‬‬

‫حممّد محو‬

‫المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية‪...‬‬ ‫السوري‬ ‫آل األسد والثروة التي تقتل الشعب‬ ‫ّ‬

‫لع ّل من أسباب بقاء نظام األسد إلى اآلن هو‬ ‫الثروة التي جناها خالل ‪ 40‬عاماً‪ ،‬تلك األموال‬ ‫المنهوبة من لقمة الشعب السوريّ باتت ُتدفع‬ ‫للمرتزقة والشبّيحة لقتل المواطنين وقمعهم‪ ،‬كيف‬ ‫ال؟ وثروة تلك المافيا تجاوزت ‪250‬مليار دوالر‬ ‫وهي كافية لتدمير بلد كامل وتهجير أهله وكافية‬ ‫لشراء سالح ومع ّدات تكفي لجيش كبير قادر على‬ ‫تحرير الجوالن والقدس‪.‬‬ ‫تلك الثروة‪ ،‬مقسّمة‬ ‫على النحو التالي‪:‬‬ ‫ثروة «ب ّ‬ ‫شار األسد»‬ ‫ُت��ق�� ّدر ث��روت��ه وفقا ً‬ ‫للتقارير اإلعالميّةبـ‬ ‫‪ 70‬م��ل��ي��ار دوالر‬ ‫وك��ذل��ك ث��روة عمّه‬ ‫«رفعت األسد» ‪42‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬وهذا‬ ‫المبلغ حسب صحيفة‬ ‫«اللوموند» الفرنسيّة‬ ‫ف��ي ع���ام ‪،2012‬‬ ‫«ج��م��ي��ل األس����د»‬ ‫حوالي ‪ 7‬مليارات‬ ‫دوالر وهو ع ّم ب ّ‬ ‫شار‬ ‫وص��اح��ب جمعيّة‬ ‫ال��م��رت��ض��ى وال��ت��ي‬ ‫كانت مهمّتها أن تقوم‬ ‫بتشيّع الناس وإدخال‬ ‫م��ع��ن��ى ال��ط��ائ��ف � ّي��ة‬ ‫ف��ي س��وريّ��ة‪ ،‬وه��ذا‬ ‫المبلغ المعترف فيه‬ ‫بالمحاكم الفرنسيّة‬ ‫عند إق���رار ميراثه‬ ‫بعد وفاته‪ ،‬وأمّا ثروة‬ ‫«ماهر األسد» األخ‬ ‫األصغر لبشار األسد‬ ‫ُتق ّدر حوالي ‪ 32‬مليار دوالر‪ ،‬وأمّا بالنسبة ل‬ ‫«باسل األسد» األخ األكبر والذي تو ّفي بحادث‬ ‫سير‪ ،‬فثروته ُتق ّدر بحوالي ‪ 20‬مليار دوالر‬ ‫موضوعة في البنوك األورب � ّي��ة‪ ،‬وت � ّم تحصيل‬ ‫‪ 16‬مليار دوالر منها عن طريق «نادر قلعي»‬ ‫والذي قام بعمليّة نهب قويّة ج ّداً حيث زوّ ج باسل‬ ‫األسد إلحدى قريباته بعد وفاته وت ّم نقل جزء من‬ ‫تلك األموال والتنازل عن الباقي للبنك كنوع من‬ ‫الرشوة‪ ،‬وأمّا بالنسبة «آلصف شوكت» المتو ّفى‬ ‫بطريقة غريبة إ ّدعى النظام أنّ قوى المعارضة َمن‬

‫قتله في تفجير لغرفة عمليّات إدارة األزمة‪ ،‬ولكنّ‬ ‫األبحاث تبيّن أنّ المخابرات الروسيّة هي وراء‬ ‫عمليّة قتلة وبالحديث عن ثروته‪ ،‬فهي ُتق ّدر تقريبا ً‬ ‫‪ 5‬مليارات دوالر‪ ،‬وبالنسبة لعائلة األخرس وهي‬ ‫عائلة زوجة بشار األسد أسماء األخرس ف ُتق ّدر‬ ‫ثروتهم حوالي ‪ 5‬مليارات دوالر مو ّدعة مابين‬ ‫أسهم في بنوك أوروبيّة واستثمارات في بلدان‬ ‫أوربيّة مستغلين الجنسيّة البريطانيّة‪ ،‬وأمّا أقرباء‬

‫العقيلة للتأمين والشركة اإلسالميّة للخدمات الماليّة‬ ‫وغلف ساندز للبترول وشركة شام كابيتال وشركة‬ ‫الكورنيش السياحيّة‪ ،‬وهي مملوكة له بالكامل‪،‬‬ ‫والكثير من الشركات والتي يتجاوز عددها ‪30‬‬ ‫شركة بين مالك وشريك والتي قُ ّدر دخلها خالل‬ ‫‪ 14‬عاما ً حوالي ‪ 40‬مليار دوالر وقيمتها حوالي‬ ‫‪ 5‬مليار ات دوالر‪ ،‬وله استثمارات في دول‬ ‫خليجيّة وأجنبيّة حوالي ‪ 5‬مليارات دوالر أي أنّ‬ ‫ثروة رامي مخلوف ُتق ّدر‬ ‫‪ 50‬مليار دوالر‪ ،‬هذا‬ ‫م��ا تملكه تلك المافيا‪،‬‬ ‫وه��ن��اك ك � ّل سنة ‪%60‬‬ ‫من ميزانيّة الدولة تذهب‬ ‫إلى المؤسّسة العسكريّة‬ ‫وهي التي ُتق ّدر بماليين‬ ‫الدوالرات‪ ،‬تلك المؤسّسة‬ ‫التي كانت تدعم خالل‬ ‫‪ 40‬عاما ً من لقمة عيش‬ ‫الشعب السوريّ ‪ ،‬واآلن‬ ‫يت ّم استخدامها في قمع‬ ‫وقتل الشعب وتخريب‬ ‫المساجد واألبنية وك ّل‬ ‫البُنى التحتيّة لسوريّة‪،‬‬ ‫فنظام األسد مع تلك الماليّة‬ ‫قادر على االستمرار في‬ ‫حرب االستنزاف لم ّدة ‪4‬‬ ‫سنوات من خالل جلب‬ ‫المرتزقة للمحاربة في‬ ‫ص ّفه من دول أسيويّة‬ ‫عدا الدعم الماليّ التي‬ ‫ت��ق� ّدم��ه إي���ران وال��دع��م‬ ‫اللوجستيّ و االستراتيجيّ‬ ‫والعسكريّ التي تق ّدمه‬ ‫روسيا له‪.‬‬

‫ب ّ‬ ‫شار األسد فكان كامل األسد له ثروة ُتق ّدر حوالي‬ ‫‪ 2‬مليار دوالر ورياض شاليش ثروته ُتق ّدر حوالي‬ ‫‪ 3‬مليارات دوالر‪ ،‬وبالعودة آلل مخلوف فهم لهم‬ ‫الك ّم األكبر فقُ ّدرت ثروة محمّد مخلوف االبن‬ ‫حوالي ‪ 20‬مليار دوالر وبالنسبة لشقيقة األكبر‬ ‫رامي مخلوف رجل األعمال األوّ ل في سوريّة‬ ‫وصاحب أكبر عدد من الشركات في سوريّة فهو‬ ‫يستولي على ك ّل شيء تقريباً‪ ،‬إ ّنه صاحب شركة‬ ‫«سيرياتيل» لالتصاالت وشركة شام القابضة‬ ‫وبنك سوريّة اإلسالميّ وبنك «بيبلوس» وشركة‬

‫ك ّل هذا يقف في وجه‬ ‫شعب سوريّة‪ ،‬شعب الياسمين الذي خرج من أجل‬ ‫الحريّة والكرامة من أجل أن يكون شريك في‬ ‫األرض وخيرات األرض‪ ،‬من أجل العيش الكريم‪،‬‬ ‫شعب سوريّة صاحب أنقى وأطهر ثورة في العالم‪.‬‬ ‫أيّ ثورة تستطيع لم ّدة أربع سنوات أن تقف في‬ ‫وجه هذا الجحيم وتتح ّدى ك ّل العقبات والتخاذل من‬ ‫جميع دول العالم؟ وأيّ ثورة تقف في وجه هذا الك ّم‬ ‫الكبير من المال هي أقوى ثورة في العالم وهذا ما‬ ‫أثبتته ثورتنا ثورة الياسمين‪.‬‬

‫أمري جنم ال ّدين‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪18‬‬

‫العقائدي‬ ‫التوريث‬ ‫ّ‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫إ ّن هذا التوريث ال يقتصر على األديان‪ ،‬بل يشمل كافّة االجتاهات‬ ‫الفكريّة والعقائديّة‬

‫كثير من التساؤالت ُتطرح حين ينتج عن عائلة‬ ‫متديّنة ومحافظة أبناء ملحدون أو علمانيّون أو ال‬ ‫دينيّون‪ ،‬أو في أق ّل الدرجات ح ّدة غير متديّنين‪ ،‬والعكس‬ ‫صحيح‪ ،‬أي حين ينتج عن عائلة ملحدة أو علمانيّة أبناء‬ ‫متديّنون وأحيانا ً أبناء متطرّ فون‪ ،‬وكثيراً ما يبدو هذا‬ ‫األمر وكأ ّنه خيبة أمل بالنسبة لآلباء بأبنائهم‪ُ ،‬‬ ‫وكثر من‬ ‫تناولوا موضوع توريث األديان بالمناقشة والعرض‪،‬‬ ‫واآلثار السلبيّة لهذا التوريث‪ ،‬وعدم منح األبناء حريّة‬ ‫اختيار أديانهم‪ ،‬حيث يدين األبناء على دين آبائهم‪،‬‬ ‫ولكن‪ ،‬هل يدينون ح ّقاً؟‬ ‫في واقع األمر‪ ،‬إنّ هذا التوريث ال يقتصر على‬ ‫األديان‪ ،‬بل يشمل كا ّفة االتجاهات الفكريّة والعقائديّة‪،‬‬ ‫ويبدو األمر كما لو أ ّنهم يورّ ثون أبناءهم شخصيّاتهم‬ ‫وأذواقهم وأساليب وطرق حياتهم‪ ،‬وللوهلة األولى‪،‬‬ ‫يبدو ه��ذا التوريث وكأ ّنه مقتصر على العائالت‬ ‫المحافظة والمحكومة بالعادات والتقاليد االجتماعيّة‪،‬‬ ‫والمتمسّكة بها‪ ،‬أي ضمن نطاق العائالت الرافضة‬ ‫لالختالف في التفاصيل الصغيرة والكبيرة‪ ،‬ولكن بعد‬ ‫تمعّن ليس بالعميق الشديد في معظم العائالت وعلى‬ ‫اختالف تصنيفاتها نجد أنّ هذا األمر ليس حكراً على‬ ‫تلك العائالت وإ ّنما يشمل عدداً كبيراً من العائالت‬ ‫المنفتحة في تفكيرها‪ ،‬بغضّ النظر عن اتجاهها الدينيّ‬ ‫أو العقائديّ أو الفكريّ ‪.‬‬ ‫ومن الواضح ج ّداً أنّ األمر ال يرتبط بالدين‪ ،‬أ ّيا ً كان‪،‬‬ ‫وإ ّنما يرتبط بنمط التفكير المتواجد عند اآلباء‪ ،‬والذين‬ ‫هم عناصر المجتمع الكبير‪ ،‬فالرغبة في استنساخ أبناء‬ ‫مطابقين تماما ً لهم‪ ،‬والرغبة في حماية األبناء بالشكل‬ ‫األكثر إي��ذاء‪ ،‬واالعتقاد الراسخ بصواب وصحّ ة‬ ‫أفكارهم الشخصيّة وصواب معتقداتهم الدينيّة والعقائديّة‬ ‫بل وح ّتى السياسيّة والتي هي بشكل من األشكال رفضا ً‬ ‫لآلخر‪ ،‬بغضّ النظر عن ح ّدة هذا الرفض‪ ،‬تع ّد من‬ ‫األسباب البارزة في هذا التوريث‪ ،‬فاآلباء يتطلّعون إلى‬ ‫خلق نسخ عديدة منهم‪ ،‬وليس في خلق شخصيّات فريدة‬ ‫ومتميّزة‪ ،‬سواء عنهم أو عن اآلخرين وخيبة األمل‬ ‫األخيرة التي تبدو في نفوسهم تظهر نتيجة خلق هذا‬

‫تعتقد الواليات الم ّتحدة أ ّنها قد‬ ‫قتلت بعد أسابيع من المطاردة‬ ‫الفرنسيّ «ديفيد داود دروغون»‬ ‫خبير متفجّ رات في «خراسان»‬ ‫في سوريّة‪ ،‬وهي جماعة جهاديّة‬ ‫ّ‬ ‫تخطط لشنّ هجمات في الدول‬

‫‪9‬‬

‫تكون متماسـكة غير هشــّة وغير قابلة لالنهيار عند‬ ‫أوّ ل نسـمة ريح‪ ،‬وهنا تكمن المصيبة األكبر‪ ،‬حيث‬ ‫قد ينتج كنتيجة للرفض الشـديد والتطرّ ف الحا ّد من‬ ‫قبل األهل على أفكارهم وإصرارهم على غرســها في‬ ‫أبنائهم إلى تطرّ ف مقابل لألبناء على أفكارهم المخالفة‬ ‫لهم‪ ،‬ويزداد التطرّ ف ح ّدة كلّما ازدادت ح ّدة الرفض‬ ‫المتبادل‪.‬‬

‫التميّز‪ ،‬والذي يُنظر إليه على أ ّنه حياد عن الصواب‪،‬‬ ‫يمثلونه هم‪ ،‬فالصواب وفقا ً لهم ّ‬ ‫الصواب الذي ّ‬ ‫خط‬ ‫ّ‬ ‫واح��د‪ ،‬والحياد عن هذا‬ ‫الخط له أفرع عديدة‪ ،‬إنّ‬ ‫ع��دم القدرة‬ ‫على التفهّم‬ ‫والثقة والنظرة‬ ‫ال��واس��ع��ة غير‬ ‫المحدودة للحياة‬ ‫ت��خ��ل��ق ت��وري��ث �ا ً‬ ‫كهذا‪ ،‬فك ّل اآلباء‬ ‫يتم ّنون الخير‬ ‫ألبنائهم‪ ،‬وليست‬ ‫ه��ن��ا المشكلة‪،‬‬ ‫إ ّن��م��ا تكمن في‬ ‫عدم القدرة على‬ ‫ال��ث��ق��ة ب���أنّ‬ ‫هناك طرق عديدة‬ ‫للصواب وللخير وللنجاح وليس طريقا ً واحداً‪ ،‬وعدم‬ ‫الثقة بأنّ هؤالء األبناء قادرون على إيجاد طريق واحد‬

‫على األق ّل من هذه الطرق والتي قد ال تكون طريقهم‬ ‫هم‪.‬‬ ‫إ ّنهم ي��ورّ ث��ون خبراتهم‬ ‫و حيا تهم‬ ‫وأف��ك��اره��م‬ ‫ودي���ن���ه���م‬ ‫و معتقد اتهم‬ ‫كما لو أ ّنهم‬ ‫يو رّ ثو نهم‬ ‫م��ه��ن��ه��م‪،‬‬ ‫ح���ارم���ي���ن‬ ‫ب������ذل������ك‬ ‫أبناءهم من‬ ‫خ����ل����ق‬ ‫تجا ر بهم‬ ‫الخاصّة وخ��وض حياتهم‬ ‫وإبداع أذواقهم وتشكيل معتقداتهم وتكوين صيرورتهم‬ ‫الخاصّة بهم وبناء أفكار مالئمة لشخصيّاتهم‪ ،‬بحيث‬

‫أذك��ر أنّ أحدهم أخبرني قصّة طريفة ج � ّداً عن‬ ‫هذا الموضوع وكانت تلك القصّة تدور حول عائلة‬ ‫كانت شيوعيّة في مرحلة من مراحلها‪ ،‬ث ّم تحوّ لت إلى‬ ‫متديّنة‪ ،‬األمر المضحك هو أنّ لهذه العائلة ابنتين‪،‬‬ ‫أرادت األولى أن تضع الحجاب فرفض األبّ ذلك‬ ‫رفضا ً شديداً‪ ،‬وكان ذلك في الفترة الشيوعيّة‪ ،‬بينما‬ ‫فرض الحجاب على ابنته الصغرى التي لم تكن ترغب‬ ‫به عندما تحوّ لت العائلة إلى متديّنة‪ ،‬والمالحظ هنا‬ ‫هو ارتباط التوجّ ه الكامل للعائلة بتوجّ ه األب‪ ،‬وهناك‬ ‫قصّص كثيرة مشابهة لهذه القصّة‪ ،‬ففي قصّة أخرى‬ ‫أخبرتني إحداهنّ أنّ أختها الصغرى حاربت العائلة‬ ‫غير المحجّ بة من أجل حجابها‪ ،‬المضحك أيضا ً أنّ‬ ‫وضعن الحجاب لفترة في حياتهن ث ّم خلع َنه‪،‬‬ ‫أختيها‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫رفضن حجابها بشكل ساخر وجارح‪ ،‬وطبعا القصّص‬ ‫َ‬ ‫المعاكسة لهذا الوضع كثيرة ج ّداً‪ ،‬فالفتيات اللواتي‬ ‫يرغبن في خلعه وهنّ من عائالت‬ ‫يخلعن حجابهنّ أو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لسن نادرات على اإلطالق‪.‬‬ ‫محافظة َ‬ ‫وأعود للسؤال الذي طرحته في البداية‪ ،‬هل يدينون‬ ‫ح ّقا؟‬ ‫من الواضح أنّ هذه الطريقة غير ناجحة‪ ،‬فكثيرات‬ ‫يستطعن االبتعاد عن أهاليهنّ يخلعن الحجاب أو‬ ‫عندما‬ ‫َ‬ ‫يضعنه‪ ،‬وكثيرون يُظهرون أفكارهم الحقيقيّة ورغباتهم‬ ‫الح ّقة عندما يستقلّون عن آبائهم أو يبتعدون عنهم‪ ،‬وإنّ‬ ‫حديثا ً كهذا يدفعنا ج ّديا ً إلى إعادة النظر في أفكارنا‬ ‫أوّ الً‪ ،‬وفي رؤيتنا للكثير من األمور وإلى الحياة خاصّة‬ ‫وعامّة ثانياً‪ ،‬وفي طريقة تربيتنا ألبنائنا ثالثاً‪.‬‬

‫ريم احلاج‬

‫فرنسي ُقتل على األرجح بطلقة‬ ‫جهادي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمريكّية في سورّية‬

‫الغربيّة‪.‬‬

‫«إنّ سائق السيّارة كان قد فقدَ‬ ‫إحدى ساقيّه‪ ،‬ويُتو ّقع أن يموت»‪،‬‬ ‫ووفقا ً لمصادر لديها علم بالعمليّة‪،‬‬ ‫فإنّ الشخص الثاني‪ ،‬الذي قُتل هو‬ ‫«دروغون» حسب قناة «فوكس‬ ‫نيوز» التلفزيونيّة‪ ،‬التي كانت‬ ‫األولى في إصدار المعلومات‪.‬‬

‫«أعتقد أ ّننا حصلنا عليه»‪،‬‬ ‫إ ّن��ه مجرّ د تأكيد من مسؤول‬ ‫في البنتاغون لوكالة «فرانس‬ ‫برس» ‪ AFP‬مشيراً إلى أنّ‬ ‫تأكيد وف��اة ال ّ‬ ‫شاب سيستغرق‬ ‫بعض الوقت‪.‬‬

‫من جانبها‪ ،‬أظهرت القيادة‬ ‫المركزيّة فقط في بيان لها أنّ‬ ‫الجيش األم��ري��ك��يّ ق��اد الليلة‬ ‫الماضية خمس ضربا ٍ‬ ‫ت ض ّد‬ ‫أه��داف لخراسان بالقرب من‬ ‫سرمدا في محافظة إدلب‪.‬‬

‫«كان واح��داً من أهدافنا»‪،‬‬ ‫أض��اف المصدر‪ ،‬ال��ذي طلب‬ ‫عدم الكشف عن هويّته‪ ،‬مؤ ّكداً‬ ‫بصورة مطلقة أنّ البنتاغون كان‬ ‫على إثر «ديفيد داود دروغون»‬ ‫منذ وقت طويل‪ ،‬أمّا الجنرال‬ ‫«لويد أوستن» رئيس القيادة‬ ‫العسكريّة األمريكيّة في المنطقة‬ ‫)القيادة المركزيّة( التي تشرف على حملة الضربات‬ ‫الجويّة في العراق وسوريّة‪ ،‬فقد كان أكثر حذراً‪.‬‬

‫وق����د ُذك����ر اس����م «دي��ف��ي��د‬ ‫دروغ������ون» ع��ن��دم��ا أ ّك���دت‬ ‫مجموعة الصحافة األميركيّة‬ ‫«ماكالتشي» ‪McClatchy‬‬ ‫قبل شهر أنّ ضابط االستخبارات‬ ‫الفرنسيّ السابق قد انض ّم إلى‬ ‫صفوف الجهاد في سوريّة وكان‬ ‫هدفا ً لضربة أمريكيّة في نهاية‬

‫«نحن ال نزال نقوم بتقييم نتائج هذه الضربات»‪،‬‬ ‫قال ذلك «أوستن» في واشنطن‪.‬‬ ‫وأضاف أنّ ديفيد دروغن «هو عنصر خطير في‬ ‫هذه المجموعة « وفي ك ّل مرّ ة نقضي فيها على أحد‬ ‫قادتها‪ ،‬فإ ّننا نقوم بعمل جيّد ‪.‬‬ ‫إنّ وفاته ستكون بمثابة ضربة قاسيّة لخراسان‪ ،‬بما‬ ‫أنّ «داوود» ‪-‬االسم الذي أعطاه لنفسه بعد اعتناقه‬ ‫اإلسالم‪ -‬لمع من خالل خبرته في المواد المتفجّ رة‪،‬‬ ‫وفقا ً لمصدر أمنيّ فرنسيّ في وكالة فرانس برس‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪. AFP‬‬ ‫على ق��دم المساواة مع جبهة النصرة‪ ،‬الفرع‬ ‫السوريّ لتنظيم القاعدة‪ ،‬وحركة ال ّدولة اإلسالميّة‪،‬‬ ‫استطاعت خراسان اجتذاب العديد من الجهاديّين‬ ‫األجانب في سوريّة وكانت مستهدفة بشكل منتظم‬ ‫من قبل الغارات األمريكيّة‪.‬‬

‫الخوف الكبير من ال ّدول الغربيّة هو أنّ خراسان‬ ‫ّ‬ ‫تخطط لهجمات على أراضيها‪.‬‬ ‫وهكذا اعتبر «جيمس كالبر» مدير المخابرات‬ ‫الوطنيّة األمريكيّة‪ ،‬في أيلول أنّ المجموعة كانت‬ ‫ّ‬ ‫تمثل بالنسبة للواليات الم ّتحدة « ال ّنوع ذاته من‬

‫ال ّتهديد» الذي ّ‬ ‫يمثله تنظيم ال ّدولة اإلسالميّة‪.‬‬ ‫قُتل بواسطة طائرة بدون طيّار‬ ‫كان «ديفيد دروغون» البالغ من العمر ‪ 24‬عاما ً‬ ‫مواطن من «بريتاني»‪ ،‬غرب فرنسا‪ .‬بعد اعتناقه‬ ‫اإلسالم‪ ،‬غادر في عام ‪ 2010‬لالنضمام إلى طريق‬ ‫الجهاد‪ ،‬في المناطق القبليّة في باكستان‪ ،‬حيث تدرّ ب‬ ‫على ال ّتعامل مع المتفجّ رات وعلى صنع القنابل‪ ،‬ث ّم‬ ‫انتقل إلى سوريّة‪ ،‬حيث أصبحت بدورها «أرضا ً‬ ‫للجهاد»‪.‬‬ ‫وفقا ً لوسائل اإلعالم األمريكيّة‪ ،‬أ ّنه قُتل خالل‬ ‫هجوم ش ّنته طائرة بدون طيّار في منطقة إدلب في‬ ‫شمال غرب سوريّة‪.‬‬

‫شهر أيلول‪.‬‬

‫لكنّ وزارة ال ّدفاع الفرنسيّة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬قد نفت أيّ‬ ‫تورّ ط لعميل فرنسيّ سابق‪ .‬المديريّة العامّة لألمن‬ ‫الخارجيّ (االستخبارات الخارجيّة (‪DGS‬كانت‬ ‫قد رفضت من جهتها تقديم أيّ تعليق‪ ،‬كذلك األمر‬ ‫بالنسبة لوزارة الخارجيّة الفرنسيّة‪.‬‬ ‫في ‪ 22‬أيلول‪ ،‬أعلنت وزارة الدفاع األمريكيّة‬ ‫أ ّنها قامت بإزالة عناصر من مجموعة خراسان في‬ ‫سورية‪ ،‬التي تتألّف من مقاتلين سابقين في تنظيم‬ ‫القاعدة الذي كان يه ّدد مصالحهم‪ ،‬أُجريت الضربات‬ ‫في منطقة حلب شمال سوريّة‪.‬‬

‫ترمجة‪ :‬ليلى كريم‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪18‬‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫التفكير في زمن التكفير لنقد‬ ‫ذهنّية التحريم‬ ‫ال��ع��ن��وان مقصود‬ ‫وم����ع����روف ل��ك��ات��ب��ي��ن‬ ‫معروفين (نصر حامد‬ ‫أب��و زي��د وص��ادق جالل‬ ‫العظم) يطرح إشكاليّة‬ ‫بحثيّة ضاربة في عمق‬ ‫الجذر الثقافيّ للمجتمعات‬ ‫ال��ش��رق � ّي��ة المحكومة‬ ‫إي��دي��ول��وج� ّي�ا ً ب��م��وروث‬ ‫ثقافيّ اجتماعيّ عبر‬ ‫آالف ال��س��ن��ي��ن‪ ،‬بحيث‬ ‫يبدو الخوض فيه مغامرة‬ ‫شائقة محفوفة بالمخاطر‪،‬‬ ‫وم��ج��ه��ول��ة بنتائجها‬ ‫الخطيرة على ذاك العقل‬ ‫الذي أعلن استقالته عن‬ ‫التفكير منذ ما يزيد عن‬ ‫ألف عام‪.‬‬ ‫ري��ن��ي��ه دي���ك���ارت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفيلسوف الفرنسيّ عندما انطلق من (أنا أفكر إذن‬ ‫أنا موجود) كان يعلن القطيعة مع الموروث الكنسيّ‬ ‫القروسطيّ وبداية مغامرة جديدة للعقل األوربّيّ متحرّ راً‬ ‫ومحرّ راً العقل األوربّيّ من أه ّم عقبة كانت تمنع عنه‬ ‫التطوّ ر وتعيق التق ّدم العقليّ والعلميّ والفكريّ ‪ ،‬معلنا ً‬ ‫عن بداية ثورة إلذابة الجمود الذي فرضته ثقافة القرون‬ ‫الوسطى الالهوتيّة طويالً في نفسيّة اإلنسان األوربّيّ‬ ‫وذهنيّته وسلوكه‪ ،‬انطالقا ً من عمليّة التشكيك الذاتيّ‬ ‫التي تبدأ باألنا وك ّل معارفها السابقة المتوارثة‪ ،‬مُعيداً‬ ‫للعقل اعتباره و قيمته كمبدأ أوّ ل في عمليّة المعرفة‪،‬‬ ‫صرخته تلك اع ُتبرت إيذانا ً بنهاية القرون الوسطى‬ ‫الظالميّة وبداية للعقالنيّة والعصور الحديثة‪.‬‬ ‫في الوقت ال��ذي كانت فيه المجتمعات العربيّة‬ ‫واإلسالميّة قد غرقت تماما ً واستسلمت للدعوات التي‬ ‫أطلقها اإلمام الغزاليّ وابن تيميّة وابن الصالح وابن‬ ‫ك في قدرته على‬ ‫حنبل‪ ،‬في إعالن استقالة العقل‪ ،‬والش ّ‬ ‫المعرفة واعتبار الوحي الطريق الوحيدة للمعرفة‪،‬‬ ‫وتكفير الفلسفة ومنهج الفالسفة وإغالق المجال أمام‬ ‫أيّ شكل من أشكال التفكير المنطقيّ عبر عبارة (من‬ ‫تمنطق فقد تزندق)‪.‬‬ ‫بحيث باءت محاوالت ابن رشد فيلسوف العقل‬

‫العنف ما بين‬ ‫الغرائز والعقل‬ ‫والثقافيّة واألخالقيّة)‪.‬‬ ‫ليبقى ال��س��ؤال المركزيّ‬ ‫وال��رئ��ي��س��يّ ‪ :‬ل��م��اذا استطاع‬ ‫الغرب أن يح ّقق تلك القفزة‬ ‫ال��ج � ّب��ارة ف��ي ت��اري��خ��ه‪ ،‬بينما‬ ‫استمرّ ال��ع��رب والمسلمون‬ ‫بتلك الغفوة ولم يستيقظوا منها‬ ‫إل��ى يومنا ه��ذا؟ هل نستطيع‬ ‫أن نتم ّتع بالشجاعة الكافية‬ ‫ك ديكارتيّة على‬ ‫إلعالن ثورة ش ّ‬ ‫موروثنا ومعتقداتنا (باعتبارها‬ ‫واحدة من أه ّم أسباب استمرار‬ ‫التخلّف الذي نعانيه)‪ ،‬كما فعل‬ ‫األورو ّبيّون سابقاً؟ متى يمكن‬ ‫اعتماد المنهج العلميّ كحقيقة‬ ‫وبرهان وحيدين في الوصول‬ ‫الى المعرفة والتق ّدم؟‬

‫العربيّ بالخذالن أمام طغيان العقل الدينيّ السلفيّ‬ ‫ّ‬ ‫بحق فيلسوف‬ ‫وانتهت بإحراق كتبه‪ ،‬في مفارقة قاتمة‬ ‫ساهمت فلسفته وشروحه ألرسطو في إع��ادة نظر‬ ‫األور ّبيّين إلى التراث الفكريّ القروسطيّ الكنسيّ ‪،‬‬ ‫واالنطالق منها في عمليّة النهوض الحضاريّ الجديد‪.‬‬ ‫كما لم تنفع المحاوالت التي قام بها مف ّكرو عصر‬ ‫النهضة‪ ،‬في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن‬ ‫العشرين في الدفع إليجاد آليّة تم ّكن مجتمعاتهم من‬ ‫النهوض من جديد‪ ،‬وذلك النسياقها بشكل عا ّم ضمن ما‬ ‫يسمّى إشكاليّة التراث والمعاصرة‪ ،‬وعدم قدرتها على‬ ‫الطرح الخلاّ ق‪ ،‬المنطلق من مق ّدمات ت ّم الكتم عليها‪،‬‬ ‫ووضعت ضمن إطار التابوهات الكثيرة في صميم‬ ‫العقل العربيّ ‪ ،‬باإلضافة إلى كون أغلبها قد انطلقت‬ ‫من زاوية المشروع الدينيّ ‪ ،‬ومحاوالت التوفيق الفاشلة‬ ‫بين الدين والعلم‪ ،‬على غ��رار المحاوالت الفاشلة‬ ‫للتوفيق بين الفلسفة والدين عند الفالسفة المسلمين‪،‬‬ ‫كونهما مجاالن متضا ّدان متنافران‪.‬‬ ‫كما أنّ مف ّكري ال��م��ش��روع ال��ق��وم��يّ العربيّ‬ ‫كاألرسوزي وميشيل عفلق‪ ،‬وإنْ احتوى مشروعهم‬ ‫على مقاربة للواقع القائم‪ ،‬إلاّ أ ّنهم انصرفوا عنه إلى‬ ‫محاوالت الترويج للفكر القوميّ وتأسيسه سلطو ّياً‪،‬‬ ‫دون االهتمام بجذر المشكلة األساس (البنية المجتمعيّة‬

‫وبالتالي‪ ،‬ما مصير أولئك‬ ‫الفالسفة والعلماء والك ّتاب الذين‬ ‫ك تلك؟ وما مدى تأثيرهم وتأثير‬ ‫قاموا وقادوا عملية الش ّ‬ ‫نتاجهم في عملية التغيير والنقد المنشود‪ ،‬كالمعتزلة‪،‬‬ ‫ابن رشد‪ ،‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬محمّد مندور‪ ،‬يوسف‬ ‫زي��دان‪ ،‬سيّد القمنيّ ‪ ،‬سلمان رشدي‪ ،‬حسين مروّ ة‪،‬‬ ‫ص��ادق جالل العظم وغيرهم‪ ،‬ممن امتلك الجرأة‬ ‫للخوض في مجال الطوطم المق ّدس‪ ،‬ونفض الغبار عن‬ ‫المسكوت عنه في التراث العربي واإلسالميّ ؟‬ ‫هي تساؤالت الب ّد منها‪ ،‬وضروريّة للبدء بعمليّة‬ ‫البحث واالنطالق من مق ّدمات منطقيّة عقليّة تؤ ّدي‬ ‫الحقا ً إلى نتائج صحيحة م ّتسقة مع تلك المق ّدمات‪،‬‬ ‫ك‬ ‫عبر استخدام المنهج العقليّ والعلميّ ومنهج الش ّ‬ ‫الديكارتيّ ‪ ،‬للوصول إلى الصيغة األه ّم أال وهي فصل‬ ‫الدين عن السياسة‪ ،‬وحصره في مجاله الالهوتيّ ‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ضرورة إحداث قطيعة ابستيمولوجيّة‬ ‫مع الماضي‪ ،‬وزرع ثقافة المستقبل‪.‬‬ ‫بهذا‪ ،‬وبهذا فقط‪ ،‬يمكن الحديث عن مستقبل‬ ‫لشعوب تقارب في سلوكها وتفكيرها‪ ،‬سلوك وتفكير‬ ‫المجتمعات الراقية بك ّل أبعادها اإلنسانيّة واألخالقيّة‬ ‫والعقليّة والعلميّة والعمليّة‪.‬‬

‫عبدو نيب‬

‫ب‬ ‫الحروب اليهودّية باسم الرّ ّ‬

‫وضربهم يشوع بعد ذلك وقتلهم وعلّقهم على‬ ‫خمس خشبات وبقوا معلّقين على الخشب‬ ‫ح ّتى المساء» (سفر يشوع)‪.‬‬

‫ألخذ فكرة واضحة غير مسيّسة عن نشأة‬ ‫الدولة اإلسرائيليّة الحاليّة‪ ،‬الب ّد من االطالع‬ ‫على الماضي البعيد‪ ،‬ما قبل الميالد‪ ،‬بدايات‬ ‫نشأة اليهوديّة واألفكار التي يؤمنون بها‪،‬‬ ‫وإيمانهم العميق بأ ّنهم شعب هللا المختار‪،‬‬ ‫وأ ّنهم ين ّفذون مشيئة الربّ باالستيطان في‬ ‫أرض فلسطين‪.‬‬

‫بعد وف��اة النبيّ موسى‪ ،‬استلم يشوع‬ ‫بن نون القيادة لعبور نهر األردن ودخول‬ ‫فلسطين‪ ،‬تلبية لمشيئة ال��ربّ ‪« ،‬وكان بعد‬ ‫موت موسى عبد الربّ ‪ ،‬أنّ الربّ كلّم يشوع‬ ‫بن نون خادم موسى قائالً‪ ،‬موسى عبدي قد مات فاآلن‬ ‫ق ْم اِعبر هذا األردن أنت وك ّل هذا الشعب إلى األرض‬ ‫التي أنا معطيها لهم ‪ -‬أي لبنيّ إسرائيل ‪ -‬ك ّل موضع‬ ‫تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلّمت موسى»‬ ‫(سفر يشوع)‪ ،‬كان األمر وابتدأ المسير باقتحام أريحا‪،‬‬ ‫بعد إرسال جاسوسين الستبيان األوضاع‪ ،‬اختبأا عند‬ ‫امرأة تدعى «راحاب»‪ ،‬ث ّم جاء األمر والتعليمات على‬ ‫لسان يهوه «فتكون المدينة وك ّل ما فيها محرّ ما ً للربّ ‪،‬‬ ‫«راحاب» فقط تحيا هي وك ّل من معها في البيت أل ّنها‬ ‫قد خبّأت المرسلين اللذين أرسلناهما‪ ،‬وك ّل الفضّة و‬ ‫الذهب وآنية النحاس والحديد تكون قدسا ً للرّ بّ وتدخل‬ ‫في خزانة الربّ ‪ ،‬وحرّ موا ك ّل ما في المدينة من رجل‬ ‫و امرأة‪ ،‬من طفل وشيخ ح ّتى البقر والغنم والحمير بح ّد‬ ‫السيف» (سفر يشوع)‪.‬‬ ‫هذه كانت مذبحة أريحا‪ ،‬حرق المدينة وقتل ك ّل‬ ‫من فيها‪ ،‬لتبدأ مذبحة جديدة في مدينة عاي «فتفعل‬ ‫بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها غير أنّ غنيمتها‬ ‫وبهائمها تنهبونها لنفوسكم‪ ،‬اجعل كمينا ً للمدينة من‬ ‫ورائها» (سفر يشوع)‪.‬‬ ‫اختلف األمر قليالً‪ ،‬فالغنائم ال تدخل إلى خزانة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الربّ ‪ ،‬إ ّنما يحتفظون بها ألنفسهم‪ ،‬وحسب السِ فر فقد‬ ‫بلغ عدد قتلى مدينة «عاي» اثني عشر ألفاً‪.‬‬ ‫بعد أن وصل خبر المذابح التي قام بها يشوع بن‬ ‫نون ورجالها إلى س ّكان القرى المجاورة ل «عاي‬ ‫وأريحا»‪ ،‬ذهبوا إليه مستسلمين طالبين الصلح على‬ ‫أ ّنهم من قرى بعيدة‪ ،‬فكافة القرى القريبة جاء أمر الرّ بّ‬ ‫بحرقها بمن فيها‪ ،‬فت ّم الصلح وأعطاهم األمان‪ ،‬تبيّن‬ ‫سخرهم عبيداً‬ ‫له أ ّنهم من قرى مجاورة‪ ،‬فعقابا ً لهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحطابين وس ّقائين مياه ليشوع ولقومه‪.‬‬ ‫ث ّم بدأت معركة يشوع مع ملوك األموريّين‪ ،‬التي‬ ‫لم تختلف عن سابقاتها‪ ،‬كذلك باسم الرّ بّ وبمشيئته‬ ‫«حينئذ كلّم يشوع الرّ بّ يوم أسلم الربّ األموريّين‬ ‫أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل‪ :‬يا شمس‬ ‫دومي على جبعون و يا قمر على وادي ايلون» (سفر‬ ‫يشوع)‪ ،‬وبعد أن استولى على المدن قام بقتل ملوكها‬ ‫«وكان لما أخرجوا أولئك الملوك إلى يشوع‪ ،‬أنّ يشوع‬ ‫دعا ك ّل رجال إسرائيل‪ ،‬وقال لقوّ اد رجال الحرب الذين‬ ‫ساروا معه‪ :‬تق ّدموا وضعوا أرجلكم على أعناق هؤالء‬ ‫الملوك‪ ،‬فتق ّدموا ووضعوا أرجلهم على أعناقهم‪ ،‬فقال‬ ‫لهم يشوع‪ :‬ال تخافوا وال ترتعبوا تش ّددوا و تشجّ عوا‬ ‫أل ّنه هكذا يفعل الرّ بّ بجميع أعدائكم الذين تحاربونهم‬

‫ثقافة‬

‫امت ّدت المذابح التي قام بها يشوع ورجاله‬ ‫إلى مدن أخرى مثل «لبنة‪ ،‬لخيش‪ ،‬جازر‪،‬‬ ‫عجلون‪ ،‬وحبرون‪ ،‬ودبير» فكانت المحصّلة‬ ‫النهائيّة كما ذكره سفر يشوع «فضرب يشوع‬ ‫ك ّل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح‬ ‫وك ّل ملوكها لم َ‬ ‫يبق شارداً بل حرّ م ك ّل نسمة‬ ‫كما أمر الرّ بّ إله إسرائيل» (سفر يشوع)‪.‬‬ ‫ال��ح��رق وال��ق��ت��ل ك��ان نصيب القرى‬ ‫المجاورة‪ ،‬فلما سمع ملوك القرى البعيدة أمر المذابح‬ ‫قرّ روا المقاومة‪ ،‬لكن قوانين الربّ يهوه كانت مختلفة‬ ‫قليالً حيث ورد في سِ فر التثنية حين تقرب من مدينة‬ ‫لكي تحاربها استدعها إلى الصلح‪ ،‬فإن أجابتك إلى‬ ‫الصلح وفتحت لك‪ ،‬فك ّل الشعب الموجود فيها يكون‬ ‫لك للتسخير ويستعبد لك‪ ،‬وإن لم تسالمك‪ ،‬بل عملت‬ ‫معك حربا ً فحاصرها‪ ،‬وإذا دفعها ال��رّ بّ إلهك إلى‬ ‫يدك فاضرب جميع ذكورها بح ّد السيف‪ ،‬وأمّا النساء‬ ‫واألطفال والبهائم وك ّل ما في المدينة ك ّل غنيمتها‬ ‫فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الربّ‬ ‫إلهك‪ ،‬هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك ج ّداً التي‬ ‫ليست من مدن هؤالء األمم هنا»‪ ،‬وحين رفض ملوك‬ ‫المدن عرض صلح التسخير‪ ،‬قام بضرب المدن بح ّد‬ ‫السيف‪ ،‬وحرق «حاصور» التي كانت رأس جميع تلك‬ ‫الممالك‪.‬‬ ‫وهذا غيض من فيض‪ ،‬عن الحروب التي قام بها‬ ‫اليهود بحجة أ ّنها مشيئة الرّ بّ يهوه‪ ،‬لتطهير األرض‬ ‫من الشعوب التي تمارس الخطايا‪ ،‬وتعبد األصنام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحق‪ ،‬والتي كلّفهم هم الشعب الطاهر‬ ‫ونشر دين الربّ‬ ‫بنشره وتطهير أرضه وامتالكها‪ .‬لينا احلكيم‬

‫راكم العقل‬ ‫البشريّ خال ل‬ ‫رحلة أنسنته‬ ‫الطويلة كثيراً‬ ‫من الخبرات‬ ‫وال��م��ع��ارف‬ ‫وس���نّ نظما ً‬ ‫وق����وان����ي����ن‬ ‫ل��ت��ح��س��ي��ن‬ ‫شروط وجوده‬ ‫بهدف االرتقاء بنوعه ككائن عاقل ضابطا ً إليقاع‬ ‫غرائزه بنزوعها العشوائيّ لتلبية احتياجاتها بما‬ ‫يتوافق مع شرطه اإلنسانيّ وأه ّم هذه الغرائز‬ ‫غريزة المحافظة على حياة الفرد واستمرار نوعه‬ ‫«الطعام والتكاثر» وبالرغم من أنّ الغرائز هي‬ ‫المكوّ ن األساس والصخرة األكثر عمقا ً وصالدة في‬ ‫بيولوجيا التكوين البشريّ مقارنة مع العقل باعتباره‬ ‫البنية الفوقيّة والقشرة األحدث واألكثر هشاشة في‬ ‫التكوين ذاته فإنّ العالقة بينهما «تكامليّة ارتقائيّة»‬ ‫فتوافر شرط االرتقاء أليّ منهما «غرائز – عقل»‬ ‫ال ب ّد وأن ي��ؤ ّدي بالضرورة إلى ارتقاء اآلخر‬ ‫في التجمّعات البشريّة التي قطعت شوطا ً البأس‬ ‫به في أنسنتها وأنجزت مشروعها الحضاريّ‬ ‫والديمقراطيّ من خالل إشباع هذه الغرائز وتلبية‬ ‫احتياجاتها إلى ح ّد كبير وهذا بدوره أفسح مجاالً‬ ‫لبنية عقليّة متق ّدمة أفق ّيا ً بانفتاحها على تجارب‬ ‫وثقافات الشعوب األخرى وإفساح مجال للعقل‬ ‫ليعبّر عن ذاته ويرتقي بشروط أنسنته وغيريّته‬ ‫ويرتحل إلى عوالم وكواكب أخ��رى وعمود ّيا ً‬ ‫بتعزيز دوره القياديّ ليسبر أغوار وخفايا حامله‬ ‫البيولوجيّة والنفسانيّة واالرتقاء بذاته بحيث يتم ّكن‬ ‫من اإلمساك بد ّفة القيادة ليكون قادراً على ضبط‬ ‫غوغائيّة الغرائز وغلوّ ها ويفتتح آفاقا ً جديدة يبدع‬ ‫من خاللها في كا ّفة المجاالت العمليّة والنظريّة‪،‬‬ ‫ويرتقي بشروط وجوده ككائن عاقل‪ ،‬بالمقابل‬ ‫وعلى الشاطئ اآلخ��ر هنالك في المجتمعات‬ ‫التي مازالت تابوات االستبداد وطواطمه تنخر‬ ‫في مفاصله فإنّ الغرائز والعقل مازالت ترزح‬ ‫تحت نير القمع واإلفقار واإلقصاء والحرمان بك ّل‬ ‫أشكاله االقتصاديّة واالجتماعيّة والسياسيّة‪ ،‬هذا‬ ‫الحرمان أوصل رعايا هذه المجتمعات بثنائي‬ ‫تكوينهم «غرائز ‪ -‬عقل» إلى الطريق المسدود‬ ‫في تلبية احتياجات الغرائز وإشباعها وكان من‬ ‫الطبيعيّ أن تمارس ضغطا ً على العقل يتناسب‬ ‫مع ش ّدة احتياجاتها‪ ،‬وعندما يعتريه العجز بسبب‬ ‫االستبداد وقمعه وتخلّفه إضافة إلى تسفيه العقل‬ ‫في هذه المجتمعات وامتحان تراكماته المعرفيّة‬ ‫والثقافيّة‪ ،‬وعجزه عن تحقيق ش��روط تعايش‬ ‫إنسانيّ تليق بكرامة حامله‪ ،‬فمن الطبيعيّ والمسلّم‬ ‫به أن يسعى لتغيير هذه الشروط لصالحه‪ ،‬ولكون‬ ‫هذا التغيير ممنوعاً‪ ،‬وغير متاح بالطرق السلميّة‬ ‫والمدنيّة فإمّا أن يرضخ اإلنسان بكليّته «غرائز‬ ‫ عقل» فيستكين ويتعايش وفق شروط مجتمع‬‫االستبداد وتخلّفه أو سيتمرّ د ويعارض‪ ،‬وحسب‬ ‫مكوّ نات البنية الذهنيّة لهذا العقل وما تختزنه من‬ ‫تراكمات معرفيّة‪ ،‬ومن ث ّم شروطه الموضوعيّة‬ ‫تتجلّى شكل معارضته‪ ،‬وعليه فقد تأخذ أحيانا‬ ‫طابعا ً عنيفا ً وفي هذه الحالة تجد الغرائز باعتبارها‬ ‫المكوّ ن األساس فرصتها للتآمر على العقل والعمل‬ ‫على تسخير تراكماته المعرفيّة والثقافيّة والدينيّة‬ ‫لخدمتها وتبرير سلوك عنفها في سعيها لتلبية‬ ‫احتياجاتها‪ ،‬وعليه فإنّ أغلب هذه الجماعات تلهث‬ ‫وراء احتياجات غريزيّة «غنائم – نساء» إنْ في‬ ‫األرض أو في السماء‪ ،‬ويغدو العقل في مجتمع‬ ‫االستبداد والتخلّف بخبراته وتجاربه خادم للغرائز‬ ‫ومستسلما ً لنزعاتها وهذا ما يجعل العنف أكثر‬ ‫وحشيّة وفظاعة‪ ،‬كالرغبة في قتل الضحيّة أكثر‬ ‫من مرّ ة وذلك بحرق ّ‬ ‫جثة الضحيّة بعد القتل أو‬ ‫ضربها بع ّدة أعيرة ناريّة مع علم الجاني أنّ حادث‬ ‫القتل تح ّقق‪ ،‬أو تعذيب الضحيّة قبل اإلجهاز عليها‬ ‫إليقاع أكبر قدر ممكن من األلم‪ ،‬وأحيانا ً أخرى يت ّم‬ ‫التمثيل ّ‬ ‫بجثة الضحيّة بعد اإلجهاز عليها‪ ،‬وغالبا ً‬ ‫ما يكون الهدف من ك ّل ما تق ّدم هو تش ّفي عقل‬ ‫استبدت به الغرائز وأحيانا ً تكون الغاية إرهاب‬ ‫العدوّ لتخويفه وردعه وإجباره على االستسالم‪،‬‬ ‫يقول اإلم��ام عليّ بن أبي طالب‪« :‬من غلبت‬ ‫غرائزه على عقله كان أسوأ من الحيوانات‪ ،‬ومن‬ ‫غلب عقله على غرائزه كان أحسن من المالئكة»‪.‬‬

‫مسري العل ّي‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪18‬‬

‫ثقافة‬

‫‪11‬‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫في رواية الحرب‬

‫«إذا حمل الناس شجاعة كبيرة إلى الدنيا‪ ،‬على الدنيا‬ ‫أن تكسرهم والسبيل الوحيد لذلك هو قتلهم‪ ،‬فتقتلهم‬ ‫بالطبع‪ ،‬الدنيا تكسر ك َّل أحد‪ ،‬ث ّم بعده يصير العديد‬ ‫أقوياء في ذات األماكن المكسورة‪ ،‬ولكن أولئك الذين‬ ‫لن ينكسروا تقتلهم الدنيا تقتل الطيّبين ج ّداً‪ ،‬واللطفاء‬ ‫ج ّداً‪ ،‬والشجعان ج ّداً بال تمييز‪ ،‬تقتلهم بإنصاف‪ ،‬إذا‬ ‫كنت ال أحد من هؤالء‪ ،‬فتي ّقن أ ّنها ستقتلك أيضاً‪ ،‬ولكن‬ ‫داع لالستعجال‪ ،‬لم أعد شجاعا ً يا‬ ‫لن يكون هناك ٍ‬ ‫عزيزتي‪ ،‬أنا مكسور بالكامل‪ ..‬لقد كسروني»‪.‬‬

‫حين نقرأ اليوم هذا المقطع المقتبس من رواية «وداعا ً‬ ‫أيّها السالح» للروائي األمريكيّ «إرنست همنغواي»‪،‬‬ ‫ال ب ّد أنّ معظمنا سينتابه شعور بأنّ الكاتب يتح ّدث عن‬ ‫تجربتنا السوريّة في الحرب التي تحصد األرواح بال‬ ‫هوادة والدمويّة التي ما عاد المنطق يبرّ رها‪ ،‬فعلى مدى‬ ‫ثالث سنوات ونيّف في وسط هذا الموت الطاغي‪َ ،‬من‬ ‫م ّنا لم يخسر حبيبا ً أو زوجا ً أو ابنا ً أو صديقا ً أو قريبا ً‬ ‫ع ُِرف بالدماثة والشجاعة واللطف؟ وبمعنى آخر هل‬ ‫يعود شعور األلفة الذي ينتابنا أمام هذا المقطع‪ ،‬إلاّ‬ ‫أنّ القارئ ح ّتى يح ّقق تفاعله مع النصّ الب ّد له أن‬ ‫يربط بينه وبين خبراته االجتماعيّة والتاريخيّة‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أنّ الكثيرين قد اطلعوا على هذه الرواية‪،‬‬ ‫أو ح ّتى سمعوا عنها بوصفها رواية عالميّة حازت‬ ‫على الكثير من الشهرة في حيّز الروايات التي تتح ّدث‬ ‫عن الحروب ومآل من خاضها سواء أكان مدن ّيا ً أم‬ ‫عسكر ّياً‪ ،‬غير أ ّننا اليوم في البلدان العربيّة عامّة‪ ،‬وفي‬ ‫سوريّة خاصّة‪ ،‬حين نعود إلى قراءة مثل هذا الرواية‪،‬‬ ‫فإنّ قراءتنا لها وجدان ّيا ً وفكر ّيا ً ستكون مغايرة عمّا كان‬ ‫عليه الوضع االجتماعيّ والسياسيّ القائم قبل الربيع‬ ‫العربيّ ‪ ،‬وقبل الثورة السوريّة التي انتهت إلى حرب‬

‫تكاد تكون عالميّة‪ ،‬ولع ّل هذا ما يجعل األعمال األدبيّة‬ ‫التي تتمحور حول معاناة الشعوب في خض ّم الحروب‪،‬‬ ‫نوعا ً أدب ّيا ً موجّ ها ً لفئة معيّنة لن يدرك غيرها مغزى‬ ‫كينونة المالحم اإلنسانيّة‪ ،‬أي أنّ التفاعل معها سيكون‬ ‫مختلفا ً بين شعب وآخر تبعا ً لتجربة الشعب المتل ّقي مع‬ ‫الحرب‪ ،‬وقد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ بأ ّننا‬ ‫نتح ّدث هنا عن الرواية السياسيّة‪ ،‬لذا الب ّد أن نميّز‬ ‫بين الرواية التي تتح ّدث عن ثقافة الحرب القائمة‬ ‫على تع ّدد األصوات والمعتقدات في الرواية‪ ،‬وبين‬ ‫الرواية السياسيّة التي تنهض على األدلجة السياسيّة‬ ‫التي يتب ّناها الكاتب في نصّه‪ ،‬والب ّد أيضا ً أن نشير‬ ‫إلى أنّ اإليديولوجيا كمصطلح في األعمال األدبيّة ال‬ ‫يعني الخطاب السياسيّ في النصّ وحسب‪ ،‬إذ ثمّة فرق‬ ‫بين اإليديولوجيا ذات البعد السياسيّ ‪ ،‬واإليديولوجيا‬ ‫بوصفها رؤية للعالم‪ ،‬حيث أنّ هذه األخيرة تحت ّل‬ ‫موقعها بين اإليديولوجيات المتنوّ عة ال في واحدة‬ ‫منها‪ ،‬فهي تؤسّس معاييرها على نسبيّة النظرة إلى‬ ‫نفسها وإلى سواها وعلى العالقة الجدليّة القائمة بينها‬ ‫وبين اإليديولوجيّات األخرى والسيّما في الثورات‬ ‫والحروب‪ ،‬أمّا اإليديولوجيا ذات البعد السياسيّ فنجد‬ ‫أنّ أصحابها ينظرون إليها بوصفها حقائق دائمة‪ ،‬تش ّكل‬ ‫في ذاتها مقياسا ً مرجع ّيا ً للصواب والخطأ‪ ،‬فهي تعبير‬ ‫عن مصالح معيّنة لجماعة ما‪ ،‬ولألسف قد نزعم هنا‬ ‫أنّ معظم الروايات السوريّة ما قبل الثورة كانت تعبّر‬ ‫عن طابع إيديولوجيّ ذي بُعد سياسيّ أحاديّ الرؤية‬ ‫يطغى على شخصيّات الرواية‪ ،‬فتغدو نمطيّة تنحصر‬ ‫ما بين العدوّ المطلق بقبحه وبين البطل المطلق‬ ‫بروعته‪ ،‬متغاضية عن الحاالت اإلنسانيّة العامّة في‬ ‫الحروب‪ ،‬وعن نتائج الحروب على الشعوب من دمار‬ ‫نفسيّ وعاطفيّ ‪ ،‬وعن نسبيّة الشعور اإلنسانيّ ما بين‬

‫الطرفين المتنازعين في الحرب‪ ،‬ولع ّل‬ ‫م��ر ّد ذلك إلى أنّ الروايات السوريّة‬ ‫السياسيّة عانت من االستبداد الذي كان‬ ‫يمنع حريّة التعبير‪ ،‬والسيّما بعد أحداث‬ ‫الثمانينيّات‪ ،‬ممّا جعل بعضها ممنوعا ً‬ ‫من النشر مثل رواية «مديح الكراهيّة»‬ ‫لخالد خليفة‪ ،‬ورواي���ة «القوقعة»‬ ‫لمصطفى خليفة‪ ،‬لذا كانت معظمها تدور‬ ‫في أفق الصراع مع العدوّ الصهيونيّ‬ ‫واالحتالل الفرنسيّ ‪ ،‬ولم تختبر مضامين‬ ‫الثورات ض ّد استبداد سلطويّ محليّ وما‬ ‫يجرّ ه من حروب أهليّة كما نشهده اليوم‪،‬‬ ‫ممّا يجعل العودة إليها وشعور األلفة‬ ‫مع نصّها اليوم أمراً مستعصيا ً والسيّما‬ ‫أنّ فهم العمل األدبيّ ال يستقيم إلاّ إذا‬ ‫شارك القارئ في بناء المعنى وإنجازه‬ ‫مشاركة فعّالة تجعله طرفا ً في تأويله‬ ‫وتفسيره‪ ،‬مستخدما ً في ذل��ك خبرته‬ ‫الثقافيّة ومرجعيّاته االجتماعيّة‪ ،‬فالنصّ‬ ‫ال يأخذ تح ّققه الجماليّ إلاّ حين يتواصل‬ ‫مع المتل ّقي ويلتحم به من خالل القراءة‪.‬‬ ‫لذا لعلّنا ال نجافي الصواب هنا إذا قلنا‬ ‫إنّ السوريّ اليوم قد يحتاج إلى قراءة‬ ‫نصّ يمتاز بتع ّددية األصوات واآلراء‬ ‫بعيداً عن مفهوم النصر والهزيمة في‬ ‫الرواية السياسيّة وأقرب إلى تجسيد مفهوم «الفجائعيّ »‬ ‫في ثقافة الحرب‪ ،‬يحتاج أن يقرأ نفسه بين السطور‪،‬‬ ‫أن يدرك جوهر معاناته في خض ّم الحرب الدمويّة‪،‬‬ ‫أن يالمس إنسانيّته المنتهكة من االستبداد والتطرّ ف‬ ‫وقوى العالم الطاغية التي تكالبت عليه بعيداً عن رسم‬

‫األساطير التي تنافي واقعيّة عجز اإلنسان أمام وحشيّة‬ ‫السالح وتوقه إلى الحريّة والسالم‪ ،‬والسؤال اآلن هل‬ ‫سيتم ّكن الروائيّون السوريّون من تقديم أعمال أدبيّة‬ ‫تعبّر عن اإلنسان في الثورة السوريّة؟ وكيف أصبح‬ ‫حاله في الحرب الدمويّة؟ هذا ما سيخبرنا به المستقبل‬ ‫مي الفارس‬ ‫الذي نتم ّنى أن يكون قريباً‪.‬‬

‫سقط‬ ‫لم يكن بدائّيا كان يعي ما يفعل‬ ‫الكالم‬ ‫ ‬ ‫أحمد دراق السباعي عندما تكون البراءة هدفاً‬

‫هل ح ّقا ً كان ف ّنانا ً فطر ّياً؟ ال أعتقد‪ ،‬لوحته‬ ‫تشي بغير ذلك تماماً‪ ،‬إ ّنه ذهب إلى العفويّة‬ ‫بإرادة ودراية فكانت حصنه وزاويته التي يدفن‬ ‫بها أسراراً ال ُتباح‪.‬‬ ‫أحمد دراق السباعي من مواليد مدينة حمص‬ ‫عام ‪ ،1935‬درس الفنّ دراسة خاصّة‪ ،‬مرّ ت‬ ‫ّ‬ ‫بمحطات هامّة كان آخر ما‬ ‫تجربته الف ّنيّة‬ ‫وصلت إليه هي تلك اللوحات المنسوجة بخطوط‬ ‫طفوليّة وتلك‬ ‫ال��م��س��اح��ات‬ ‫ال��م��ف��روش��ة‬ ‫ب��أل��وان أز ّق��ة‬ ‫ال���ذاك���رة من‬ ‫ل����وح����ات����ه‪:‬‬ ‫ال�����ه�����ودج‪،‬‬ ‫د و ال ب‬ ‫الهواء‪ ،‬طائرة‬ ‫ال��ورق‪ .‬سُجّ ل‬ ‫اس���م ال��ف � ّن��ان‬ ‫ف����ي م��ع��ج��م‬ ‫( ال ر و س )‬ ‫الجامع ألسماء‬ ‫الف ّنانين في العالم ووصف بأ ّنه ف ّنان (ناييف)‬ ‫ب��دائ��يّ ‪ ،‬وستكون بعض لوحاته محور هذه‬ ‫القراءة‪.‬‬ ‫في الشكل الف ّني‬ ‫يبدأ الفنان لوحته بخطوط سوداء يرسم من‬ ‫خاللها أشكاله بمنهج تحليليّ هو أقرب إلى‬ ‫التكعيبيّة فالخطوط بمقدار عفويتها إلاّ أ ّنها تأخذ‬ ‫طابعا ً هندس ّيا ً بسيطاً‪ ،‬وربّما لجأ إليها الف ّنان‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫متعمّداً بغية الحصول‬ ‫على تكوينات متينة‬ ‫ق����ادرة ع��ل��ى حمل‬ ‫ال��ت��ب��س��ي��ط الشكليّ‬ ‫والتق ّ‬ ‫شف الذي تذهب‬ ‫إل��ي��ه اللوحة م��ا أن‬ ‫ّ‬ ‫الخط‬ ‫يُنهي وض��ع‬ ‫وبناء اللوحة ح ّتى يبدأ‬ ‫بفرش اللون وصناعة‬ ‫السطح عبر حركة‬ ‫فرشاة تمتاز بخبرة‬ ‫ص��ة ف��ي صناعة‬ ‫خ��ا ّ‬ ‫سطح متحرّ ك غير‬ ‫سكونيّ تجول ضمنه‬ ‫العين دون أن تشعر‬ ‫بالملل‪ ،‬إذ تتنوّ ع حركة الفرشاة لترسم مسارات‬ ‫عديدة وتحكم عبر صناعتها للسطح والمساحة‬ ‫على الناظر فال تترك مجاالً لخروج العين خارج‬ ‫محيط العمل ويساعده في ذلك البناء الهندسيّ‬ ‫المحكم بطبيعته‪ ،‬مجموعته اللونيّة تنحصر في‬ ‫األلوان الترابيّة مع ظهور لتدرّ جات الرماديّ‬ ‫في بعض األعمال ممّا يش ّكل تضا ّداً بين البنية‬ ‫ال��خ� ّ‬ ‫�ط � ّي��ة‬ ‫ل��ل��ع��م��ل‬ ‫وال��ب��ن��ي��ة‬ ‫ال��ل��ون � ّي��ة‪،‬‬ ‫ف��ال��ب��ن��ي��ة‬ ‫ال��خ� ّ‬ ‫�ط � ّي��ة‬ ‫التي تعتمد‬ ‫ع�����ل�����ى‬ ‫األش���ك���ال‬ ‫ال��ف��ط��ر ّي��ة‬ ‫ال��ق��ري��ب��ة‬ ‫ل����رس����وم‬ ‫األط���ف���ال‬ ‫لهي أكثر‬ ‫ان��س��ج��ام �ا ً‬ ‫مع مجموعة األلوان الحارّ ة والصريحة‪ ،‬إلاّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤثرات البيئيّة أفضت إلى استخدامه‬ ‫أنّ‬ ‫هذه المجموعة اللونيّة لتخرج اللوحة من خانة‬ ‫الفطريّة إلى العمل الهادف ولتغدو لوحته‬ ‫مشروعا ً بصر ّيا ً كامل المقوّ مات‪.‬‬ ‫بالرغم من البناء الهندسيّ الذي يُفضي غالبا ً‬ ‫إلى رتابة في اإليقاع‪ ،‬إلاّ أنّ الف ّنان استطاع‬ ‫الخروج من هذا المأزق‪ ،‬فتتنوّ ع إيقاعات لوحته‬

‫ال تطــلبوا مني رثــاء شـــــهي ٍد‬

‫ ‬

‫فمتى استقام مع الشهيد رثا ُء‬

‫ودعوا الحديث عن الرثاء فإنني‬ ‫ ‬

‫جبــنٌ يُنـاغمــه لنــا الجبنــا ُء‬

‫ال الشعر يُنسينا مســاحة حزننا‬ ‫ ‬

‫وعلــى جبين الثائــرين دما ُء‬

‫سقط الكالم قصــائداً ومشـاعراً‬ ‫ ‬

‫فالحرف دا ٌء والرصاص دوا ُء‬

‫ياطــالبا ً منــــي رثـــاء أحبتــــي‬ ‫أرثيـــك وحــدك إ ّنهــم أحيــا ُء‬

‫ ‬ ‫وتختلف وحداتها وفتراتها فال وحدات متساوية‬ ‫وال فترات م��ك��رورة‪ ،‬وف��ي بعض اللوحات‬ ‫نلحظ مأزق المنتصف حيث ير ّتب عناصر‬ ‫اللوحة مستخدما ً المنتصف كح ّل بصري سهل‬ ‫لصناعة البؤرة والتوازن‪ ،‬كما أ ّنه لم يتخلّص‬ ‫من هاجس البعد الثالث ففي اللوحة هناك خلفيّة‬ ‫دائما ً وعناصر تتق ّدمها‪ ،‬وال نستطيع تعميم‬ ‫هذه القراءة على ك ّل لوحاته‪ ،‬ولك ّنها تظهر في‬ ‫غالبها‪.‬‬ ‫أمّا على صعيد الخطاب البصريّ للوحة‬ ‫فالمثنويّات وبراءة الشكل وعفوية المعالجة‪،‬‬ ‫ق ّدمت خطابا ً بصر ّيا ً يُعنى بالعالقات الهامسة‬ ‫وال��ح��وار العاطفيّ المركون إل��ى رومنسيّة‬ ‫وبراءة‪ ،‬إ ّنه خطاب يجنح إلى المثاليّة ويغرق‬ ‫فيما يجب أن يكون‪ ،‬فهذا العالم من الحلم‬ ‫والبراءة المشغول باإلنسانيّ والعاطفيّ ينكر‬ ‫الخارج ويُصرّ على العميق والفطريّ باعتباره‬ ‫أصيالً وجميالً‪.‬‬ ‫امتازت لوحة الف ّنان بجدليّة عالية بين ما أراد‬ ‫إيصاله وبين البنية الشكليّة لخطابه البصريّ ‪،‬‬ ‫ح ّتى نكاد ال نستطيع فصل الشكل عن الخطاب‪،‬‬ ‫ويُرى بوضوح تق ّدم الشكل ليغدو منتِجا ً لخطاب‬ ‫اللوحة البصريّ والجماليّ ‪.‬‬ ‫تركت تجربته أث��راً واضحا ً في المشهد‬ ‫ُ‬ ‫وقفت أمام لوحاته‬ ‫التشكيليّ السوريّ ‪ ،‬كلّما‬ ‫يحضرني الشاعر رياض صالح الحسين‪ ،‬نعم‬ ‫أحمد دراق السباعي بسيط كالماء واضح كطلقة‬ ‫مسدس عميق كحزن الثكالى‪.‬‬

‫سهف عبد الرمحن‬

‫لمــلم جراحــك ياشــــهي ُد فإننـــي‬ ‫ ‬

‫ُ‬ ‫مـانمت عن ثــأر وفـــيّ حيـا ُء‬

‫إن كان يومــك قبل يومـي زائــالً‬ ‫ ‬

‫فاظـفر بمــج ٍد يعـتليــه لـــوا ُء‬

‫ً‬ ‫وســامة‬ ‫يا أيــها الحــرُّ الكــريـــم‬ ‫ ‬

‫يبكيـــك ليـــل ٌ فــارقته سـما ُء‬

‫حتـــى الثـــريّا مــذ رحلت رحابها‬ ‫ ‬

‫أضحت سرابا ً واســتقال فضاء ُ‬

‫وتنهــّد الصـــــب ُح النقــيُّ مـُــودعا ً‬ ‫ ‬

‫أين ال ّ‬ ‫شروق وشــمــسه والمـاءُ؟؟‬

‫طلبــوا اإلباء منـــازالً بفضـيحـــة ٍ‬ ‫ ‬

‫وتورطوا في االعتقال وجاءوا‬

‫قتلـــوا الكـــــريم فأكرمـوه برميهم‬ ‫ ‬

‫وتكاثرت عند اللـيوث جــِــرا ُء‬

‫أمـــــا بــالدي بالشـــموخ تـــكللـت‬ ‫ ‬

‫وبقطــرة الحـّر الكــريم ُتضا ُء‬

‫تـــــاجر‬ ‫مـــا كانــت الــعليا ُء لــعب َة‬ ‫ٍ‬ ‫ ‬

‫أو كـــأس خـمر تحتــسيه نسـا ُء‬

‫شــــامخ‬ ‫بل إنــما العــليا ُء وقفـــــة‬ ‫ٍ‬ ‫ ‬

‫عيــنُ الثريّــــا صُبــحـها ومسـا ُء‬

‫الشاعر مازن إمساعيل‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪18‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /12‬تشرين الثاني ‪2014/‬‬

‫‪/1‬‬

‫م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب‬

‫العوام هم قوّ ة المستب ِّد وقُ ْو ُتهُ‪ .‬بهم عليهم‬ ‫يصول ويطول؛ يأسرهم فيتهلّلون لشوكته؛‬ ‫ويغصِ ب أموالهم فيحمدونه على إبقائه‬ ‫حياتهم؛ ويُهينهم فيُثنون على ِرفعته؛‬ ‫ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون‬ ‫بسياسته؛ وإذا أسرف في أموالهم يقولون‬ ‫كريماً؛ وإذا َقتل منهم لم ِّ‬ ‫يمثل يعتبرونه‬ ‫رحيماً؛ ويسوقهم إل��ى خطر الموت‪،‬‬ ‫فيطيعونه حذر التوبيخ؛ وإن َنق َم عليه منهم‬ ‫بعض األباة قاتلهم كأ ّنهم بُغاة‪.‬‬ ‫‪/2‬‬ ‫لو اهتديتم إلى السبيل لعلمتم أنّ الهرب من‬ ‫ٌ‬ ‫موت‪ ،‬وطلب الموت حياة‪ ،‬ولعرفتم‬ ‫الموت‬ ‫أنّ الخوف من التعب تعبٌ ‪ ،‬واإلقدام على‬ ‫ٌ‬ ‫راحة‪ ،‬ولفطنتم إلى أنّ الحرّ يّة هي‬ ‫التعب‬ ‫شجرة الخلد‪ ،‬وسُقياها قطرات من الدم‬ ‫األحمر المسفوح‪.‬‬ ‫‪/3‬‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫وفي‬ ‫الحب‪..‬‬ ‫ّ‬

‫يتغيّر ك ّل شيء‪ ،‬ويصبح العالم‬ ‫مكانا ً مزدحما ً بالموسيقا كما لو أنّ‬ ‫األرض خلعت ثوب حدادها للتوّ‬ ‫وأخفت مقابرها بيديها لكيال يراها العشاق‪ .‬في الحبّ ننسى‬ ‫أسماءنا‪ ،‬وتصبح ألقاب القلب حصنا ً يحمينا من حسد الغياب‬ ‫وشرّ الفراق ولعنته‪ .‬في الحبّ يكبر العاشق جنبا ً إلى جنب مع‬ ‫الخوف؛ لك ّنه حالما يبدأ بتبديد مخاوفه يبدأ بالخسارة‪ .‬في الحبّ‬ ‫ال يمكن أن نكون ما نبدو عليه‪ ،‬وما إنْ يختفي الغرباء ح ّتى‬ ‫نشرع بخلع أقنعة الالمباالة؛ فنبدأ بقضم أظافرنا غضبا ً من‬ ‫شجار‪ ،‬أو ندما ً على كالم قيل أو لم يقل‪.‬‬ ‫في الحبّ تخضّر أصابعنا وتزهر إذا ما لمسنا من نحبّ ‪،‬‬ ‫وتصبح الجدران شفافة وك��أنّ البيوت محمولة على غيوم‬ ‫بيضاء؛ فيصغر ك ّل ما في األرض كلّما ابتعدنا‪ ،‬ويكبر اآلخر‬ ‫الذي نحمله في داخلنا فقط‪ .‬في الحبّ وحدنا أنا وأنت نصبح‬ ‫متعادلين؛ ال ثأر بيننا وال حرب‪ ،‬وما يحرسه هللا ال تحرقه نار‬ ‫بشر‪.‬‬ ‫وفي الحبّ ‪ ،‬يخلد الكبار داخلنا إلى النوم‪ ،‬ويبقى الصغار‬ ‫يلعبون مع الليل ويف ّتشون عن نجمات خبّأتها السماء في جيوب‬ ‫بنطالها‪ .‬وفي الحبّ ‪ ،‬تتباهى النساء بأثوابهنّ المطرّ زة بقصائد‬ ‫رجالهنّ ‪ ،‬وتنبت لهنّ أجنحة تحملهنّ إلى بالد ال يعرفنها‪ .‬في‬ ‫الحبّ يعود الرجال أطفاالً؛ يبنون بيوتا ً من الرمل لفتياتهم‬ ‫ويعدونهنّ بزوارق ملوّ نة ليذهبوا بهنّ إلى أعمار أخرى‪.‬‬ ‫في الحبّ نصبح غيرنا؛ ّ‬ ‫نهذب أنفسنا دون عناء‪ ،‬نعتاد‬ ‫الفرح‪ ،‬ونسلّم ك ّل صباح على الجيران الذين ال نعرفهم‪،‬‬ ‫مبتسمين وناصعين كالشبابيك عشيّة يوم ماطر‪ .‬في الحبّ‬ ‫نتحرّ ك وكأنّ األرض تدور في االتجاه الصحيح‪ ،‬نعود ك ّل يوم‬ ‫إلى ذواتنا سالمين معافين من قهر العالم وأذاه‪ ،‬ونادمين على ما‬ ‫أنفقنا من أرواحنا في حبّ عابر أو مهزوم‪.‬‬ ‫وفي الحبّ نتذ ّكر أكثر ممّا ننسى‪ ،‬ويحمل ك ّل يوم لونا ً‬ ‫يتناسب مع اسمه ومكانه في مخيّلتنا؛ فالسبت أبيض‪ ،‬واألحد‬ ‫بنفسجيّ ‪ ،‬واإلثنين أرجوانيّ ‪ ،‬والثالثاء أصفر‪ ،‬واألربعاء‬ ‫رماديّ ‪ ،‬والخميس أخضر‪ ،‬والجمعة أزرق‪ .‬في الحبّ نصبح أنا‬ ‫وأنت عاديّين؛ دون تعقيدات أو شروحات‪ ،‬واضحين‪ ،‬ظالمين‬ ‫ومظلومين‪ ،‬ماضينا ال يشبهنا‪ ،‬وغدنا ال يعنينا‪ ،‬وحده الحاضر‬ ‫يجلس بيننا ويبتسم‪.‬‬ ‫في الحبّ نصبح نحن علّة المعنى وشكوكه المتضمّنة في‬ ‫قلب ك ّل عاشق‪ .‬نخاف الوحدة‪ ،‬وتؤلمنا أق ّل الهواجس والخياالت‬ ‫ح ّتى نصبح مجانين بشركائنا وعا ّقين للحياة‪ .‬في الحبّ نتدلّى‬ ‫من السماء غيوما ً مربوطة بحبال وثيقة ال تتأرجح وال تفقد‬ ‫بوصلتها‪ ،‬بل تمطر في مكانها عشبا ً أخضر ومعجزات؛ وكلّما‬ ‫اقتربنا من األرض أكثر وضعنا ح ّداً النتظارات طويلة ذهبت‬ ‫بأعمار من ضلّوا طرقهم‪ ،‬وقضوا وحيدين دون أن يطرق‬ ‫ُ‬ ‫الشوق بثوبه وهام بحثا ً عمّن يدلّه عليهم‪.‬‬ ‫أبوابهم من علق‬ ‫في الحبّ تضيع ال ُخطا بين غريبين‪ ،‬فيستحيالن امرأة‬ ‫ورجلها دون أن يعيرا باالً لقوانين الخطأ والصواب‪ ،‬أو لحكمة‬ ‫التاريخ ووجع العصور التي مرّ ت قبلهما؛ فيصبح للعالم فلسفة‬ ‫واحدة‪ ،‬ونولد أنا وأنت‪.‬‬ ‫في الحبّ ‪ ،‬م ّتفقين ومنتصرين؛ ننظر إلى الخلف بابتسامة‬ ‫وداع‪ ،‬وإلى الغد بضحكة سنمنحها لهزيمة قادمة أمام هذا‬ ‫الحبّ ‪..‬‬ ‫في الحبّ ‪...‬‬

‫ُسرى أمحد علّوش‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫يف االستبداد واملستب ّد‬

‫يب‬ ‫عبد الرمحن الكواك ّ‬

‫ُقاوم بالعنف‪ ،‬كي‬ ‫االستبداد ال ينبغي أن ي َ‬ ‫ً‬ ‫ال تكون فتنة تحصد الناس حصدا‪ .‬نعم؛‬ ‫االستبداد قد يبلغ من الش ّدة درجة تنفجر‬ ‫عندها الفتنة انفجاراً طبيع ّياً‪ ،‬فإذا كان في‬ ‫األمّة عقالء يتباعدون عنها ابتداءً‪ ،‬ح ّتى إذا‬ ‫سكنت ثورتها نوعا ً وقضت وظيفتها في‬ ‫حصد المنافقين‪ ،‬حينئ ٍذ يستعملون الحكمة‬ ‫في توجيه األفكار نحو تأسيس العدالة‪،‬‬ ‫وخير ما تؤسّس يكون بإقامة حكومة ال‬ ‫عهد لرجالها باالستبداد‪ ،‬وال عالقة لهم‬ ‫بالفتنة‪.‬‬ ‫‪/4‬‬ ‫الحرّ يّة التي تنفع األمّة هي التي تحصُل‬ ‫عليها بعد االستعداد لقبولها‪ ،‬وأ ّم��ا التي‬ ‫تحصل على إثر ثورة حمقاء فقلّما تفيد‬ ‫شيئاً‪ ،‬ألنّ الثورة ـ غالبا ً ـ تكتفي بقطع‬ ‫شجرة االستبداد وال تقتلع جذورها‪ ،‬فال‬ ‫تلبث أن تنبت وتنمو وتعود أقوى ممّا كانت‬ ‫أوّ الً‪.‬‬

‫«مارك» يضع «‪»Like‬‬

‫ص������درت‬ ‫ح���دي���ث���اً‪،‬‬ ‫رواي���������ة‬ ‫‪1919‬م���ن‬ ‫ت���أل���ي���ف‬ ‫ال���ك���ات���ب‬ ‫«أح����م����د‬ ‫م��������راد»‬ ‫ص�������ادرة‬ ‫ع��ن «دار‬ ‫ال��ش��روق»‬ ‫ل������ع������ام‬ ‫‪.2 0 1 4‬‬ ‫وال��ك��ات��ب‬ ‫مصوّ ر ومصمّم جرافيك‪ .‬من مواليد القاهرة عام‬ ‫‪ُ ،1978‬ترجمت أعماله إلى ع ّدة لغات ونالت العديد‬ ‫من الجوائز‪.‬‬

‫عدوى «إيبوال» غير معروفة‬

‫تنقلك رواي��ة ‪1919‬إل��ى عالم القاهرة‪ ،‬بين سعد‬ ‫زغلول و تع ّنت البريطانيّين‪ ،‬وقصّة الوفد ومقهى‬ ‫متاتيا‪ ،‬و جماعة سرّ يّة تعمل تحت مقهى ريش‪،‬‬ ‫وعوالم البغاء المق ّنن‪..‬‬

‫سيُعرض في صاالت السينما العالميّة في األسابيع القليلة المقبلة‪،‬‬ ‫فيلم «نظريّة ك ّل شيء» عن السيرة الذاتيّة أله ّم عالم فيزياء‬ ‫نظريّة حيّ وهو «ستيفن هوكينغ»‪ .‬والفيلم يستند إلى كتاب من‬ ‫تأليف زوجته األولى «جين» بعنوان «السفر إلى الالنهاية‪..‬‬ ‫حياتي مع ستيفن»‪.‬‬ ‫وقد بدأ العالم المقعد «هوكينغ» المولود في أكسفورد عام‬ ‫‪ ،1942‬منذ أق ّل من شهر أوّ ل مشاركة له على موقع الفيسبوك‪،‬‬ ‫قائالً‪« :‬لقد تطوّ رت اال ّتصاالت بين بعضنا البعض بال حدود‪،‬‬ ‫واآلن لديّ فرصة أنا حريص على مشاركتها معكم‪ ،‬ابقوا‬ ‫فضوليّين للمعرفة‪ ،‬أنا أعلم أ ّنني سوف أظ ّل كذلك إلى األبد»‪.‬‬ ‫وحصلت صفحة «هوكينغ» على أكثر من ‪ 1.9‬مليون «إعجاب‬ ‫ح ّتى اآلن‪ ،‬ونالت مشاركته األولى «‪ »Like‬من مالك الفيسبوك‬ ‫«مارك زوكربيرغ» نفسه‪.‬‬

‫ط��رح علماء اجتمعوا في معهد الطبّ التابع‬ ‫لألكاديميّة الوطنيّة األمريكيّة تساؤالتهم حول كيفيّة‬ ‫منع تف ّ‬ ‫شي فيروس مرض اإليبوال‪.‬‬ ‫وأ ّكد المشاركون أ ّنهم سيواجهون عواقب عمليّة‬ ‫بسبب المعلومات العلميّة الضعيفة المتو ّفرة لديهم‬ ‫حال ّياً‪.‬‬ ‫فقد كان علماء الفيروسات يعتقدون أنّ مرض‬ ‫اإليبوال ينتشر بالعدوى عبر األغشية المخاطيّة إلى‬ ‫الدم‪.‬‬ ‫لكنّ خبيراً من الشعبة الطبيّة لجامعة تكساس قال‪:‬‬ ‫إنّ انتقال الفيروس من خالل جلد ليس به أّيّة جروح‬ ‫لم يستبعد بشكل قاطع‪.‬‬

‫نكـزة‬

‫المشكلة هالكالم‬ ‫المضحك عن‬ ‫تسجيل السيّئات‬ ‫باألدلة الفقهية‪،‬‬ ‫بيوصل بعدين‬ ‫وكذلك‪ ،‬فإنّ الفيروس يمكن أن ينقله أناس لم تظهر‬ ‫لفتاوى الرجم والقتل والدبح وبيع الجواري‪ ،‬واللي‬ ‫ّ‬ ‫يتعذر اكتشافه‬ ‫عليهم أيّة أعراض‪ ،‬وهذا االنتقال‬ ‫عم يغرق بلدنا بالدم وبياخد أحلى شبابنا ‪ ...‬وبكل‬ ‫بالفحوص السريريّة‪.‬‬ ‫بساطة في ح��دا بيعدم شب متل ال��وردة بفتاوي‬ ‫ومن األشياء غير المعروفة أيضاً‪ ،‬الم ّدة بين «هالراسخين بالعلم» ‪...‬‬ ‫هيثم حقّي‬ ‫التعرّ ض للفيروس وظهور أعراض المرض‪.‬‬

‫مسعنا‪ ،‬شفنا‪ ..‬وبدنا حنكي‬ ‫حسني برو‬

‫مسعنا‪..‬‬

‫شفنا‪..‬‬

‫أنّ االئتالف الوطنيّ لقوى المعارضة السوريّة‬ ‫يعقد المؤتمر الثاني لناشطي الداخل والعاملين في‬ ‫مجال العمل المدنيّ ‪.‬‬ ‫وســمعنا أنّ مكان المؤتمر كان في واحــد من‬ ‫فنــادق عينتاب التركيّة‪ ،‬وكان العدد بحدود مائـة‬ ‫وخمـسين ناشــطاً‪ ،‬وأنّ االجتمـاع امتـ ّد ليوميـن‪،‬‬ ‫ك أنّ مثل هذه اللقـاءات أمر ضـروريّ ‪،‬‬ ‫طبعـا ً ال شــ ّ‬ ‫وكـان يجـب القيـام بها بشــكل مبـ ّكر لردم الهـوّ ة‬ ‫بيـن تمثيالت المعارضة الســياســيّة وبين القوى‬ ‫العاملة على األرض الســوريّة‪ ،‬مع تقديرنا لهذه‬ ‫األه ّميّة‪ ،‬ولكن أن نســمع نحن وكثيرون غيرنا بهذا‬ ‫المؤتمر عبر وســائل التواصل االجتماعيّ فهذا يد ّل‬ ‫بشــكل أو بآخر أنّ في شــكل اللقاء وفي طريقة‬ ‫الدعوات وتحديد الناشــطين‪ ،‬خطأ ما‪ ،‬وتعامل‬ ‫فوقيّ انتقائيّ ‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫لقاء تشاوريّ مع رئيس االئتالف يرافقه رئيس‬ ‫الوزراء المكلّف وبعض قادة االئتالف وبحضور‬ ‫مجموعة من ناشطي الداخل السوريّ ‪ ،‬أمر مه ّم‪،‬‬ ‫ولكن أن يتحوّ ل هذا اللقاء بقدرة ق��ادر‪ ،‬ـ وهذا‬ ‫(القادر) هنا هو جيش اإلعالميّين في االئتالف‬ ‫العتيدـ إلى مؤتمر حول أمور الداخل فهذه شطحة‬ ‫ال يمكن تقبّلها بهدوء وال استساغتها‪ ،‬كلّنا يعلم‬ ‫ّ‬ ‫أنّ المؤتمر يعني فعالً‬ ‫منظما ً يتضمّن تحضيرات‬ ‫مسبقة وبرنامج واضح ومح ّدد ودراسة جيّدة حول‬ ‫ّ‬ ‫منظمة لتوجيه الدعوات وتحديد‬ ‫المدعوّ ين وآليّة‬ ‫الجهات المدعوّ ة‪ ،‬بمعنى أنّ المؤتمر ـ أيّ مؤتمر‬ ‫ّ‬ ‫منظم وال ُتقبل فيه العشوائيّة‪،‬‬ ‫ـ هو فعل إداريّ‬ ‫والهدف منه الوصول إلى قرارات واضحة ومح ّددة‪.‬‬

‫ت ّم عقده على عجالة دون أيّة تحضيرات مسبقة‪،‬‬ ‫ربّما أراد السيّد رئيس االئتالف استغالل وجوده‬ ‫في عينتاب لمتابعة قضايا تشكيل الحكومة‪ ،‬وترتيب‬ ‫قضايا هيئة األرك��ان‪ ،‬وأراد أن يصيد أكثر من‬ ‫عصفور بزيارة واحدة فقرّ ر عقد هذا اللقاء الذي‬ ‫صار اسمه مؤتمراً‪ ،‬وكان المدعوون حسب معارف‬ ‫الدائرة الضيقة من السيّد رئيس االئتالف والذين‬ ‫بدورهم اختاروا من دوائرهم األضيق‪ ،‬وكأ ّنهم‬ ‫ّ‬ ‫متأثرون بالمثل الذي يقول بأنّ «بيت الضيق ي ّتسع‬ ‫ألف صديق» وبتصوّ ري ال ينتج عن مؤتمرات‬ ‫الدوائر الضيّقة إلاّ بيانات صحفيّة وكثير من‬ ‫الصور والقليل القليل من العمل الج ّديّ ‪ .‬وبسؤال‬ ‫أخير‪ :‬لو كان هذا هو المؤتمر الثاني فمتى كان‬ ‫األوّ ل يا ترى؟ ماذا أنجز من مهام؟‪...‬‬

‫بدنا حنكي‪..‬‬ ‫ال تستغربوا لو قرأتم ما يشبه هذا الكالم ونحن‬ ‫ما نعرفه أنّ هذا اللقاء الذي تمّت تسميته مؤتمراً‪ ،‬نحكي عن المؤتمر الثالث!!‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.