27 كلنا سوريون العدد

Page 1

‫حوار‬ ‫العدد‬ ‫بسام‬ ‫مع ّ‬ ‫الق ّوتلي‬

‫شعلة‬ ‫«نيروز»‬ ‫تقاوم‬ ‫العتمة‬

‫تأ ّمالت في الثورة السورّية‬ ‫ص‪6‬‬

‫ص‪11‬‬

‫‫ ‪#‬‏ارفع _ علم _ثورتك‬

‫س ْي ُل «بيان الحليب»‬ ‫َ‬

‫ص‪12‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ /20‬آذار ‪2015 /‬‬

‫ص‪5‬‬

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني‬ ‫حياتهم يف بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة‪،‬‬ ‫حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم بدوره‬ ‫يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين سور ّي جامع‪ ،‬يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫العدد ‪- 27 -‬‬

‫سياسة‬ ‫الموت‬ ‫جوعاً‬ ‫ص‪2‬‬

‫سيادة فوق الخراب‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫سورّيون وأطفالهم‪ ..‬على قارعة الطريق‬

‫ص‪4‬‬

‫المد ّون حسين غرير‬ ‫تأجيل الحكم للمرّة السادسة‬ ‫ص‪9‬‬

‫لم َ‬ ‫يبق في سورية ما يمكن أن نطلق عليه‬ ‫فعالً صفة «السيادة»‪ ،‬فلكي تكون سيّداً ال ب ّد‬ ‫لك من أن تملك حيّزاً تكون فيه ق��ادراً على‬ ‫ممارسة هذه السيادة‪.‬‬ ‫ما تب ّقى من ه��ذه السيادة السوريّة هو‬ ‫فقط واجهات ه ّ‬ ‫شة ال أه ّميّة لها يقف خلفها‬ ‫متصارعون من ك ّل أصقاع األرض‪ ،‬والشعب‬ ‫السوريّ يُحشر في مضائق الحياة ويز ّج بكامله‬ ‫في معركة البقاء على قيد الحياة‪.‬‬ ‫لم يبق في سورية إلاّ الخراب‪ ،‬خراب‬ ‫يعصف ببشرها بعد م��ا عصف بحجرها‬ ‫‪ ...‬خ��راب يرفع راياته السوداء من قصر‬ ‫المهاجرين وح ّتى آخر خيمة لالجئ سوريّ ‪...‬‬ ‫وح ّتى آخر زاوية ضيّقة يحشر نفسه فيها شابّ‬ ‫سوريّ في مركب متهالك يعبر البحار ويتوسّل‬ ‫لك ّل اآللهة كي ال يموت‪.‬‬ ‫لاّ‬ ‫لم يعد السوريّون يصرخون إ (ال نريد أن‬ ‫نموت) ويذرف العالم كلّه دموع التماسيح على‬ ‫مأساة السوريّين التي لم تعرف البشريّة مثيالً‬ ‫لها وربّما لن تعرف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يصرّ ح «كيري»‪ :‬أنّ بشار األسد قد يكون‬ ‫شريكا ً بمرحلة التفاوض القادمة‪ ،‬فيستجيب‬ ‫ب ّ‬ ‫شار األسد بقصف سرمين بالكيماويّ ‪ ،‬يذ ّل‬ ‫مرتزقة حزب هللا السوريّين في مخيماتهم‬ ‫البائسة فوق االرض اللبنانيّة ‪ ،‬وينتصب مخيّم‬ ‫الزعتري كأسوأ مكان لحياة البشر ‪ ،‬ويغلق‬ ‫األتراك معابر حدودهم أمام السوريّين‪ ،‬وتبحث‬ ‫أوربّا عن الوسائل التي ست ّتخذها إليقاف تد ّفق‬ ‫ّ‬ ‫تبتز اليونان‬ ‫السوريّين الهاربين من الموت‪،‬‬ ‫اال ّتحاد األور ّب��يّ بالالجئين السوريّين‪ ،‬ته ّدد‬ ‫قطر بجبهة النصرة‪ ،‬وتستبيح إيران بميليشيات‬ ‫«أبو العبّاس» والحرس الثوريّ ومرتزقتها‬

‫األفغان ‪...‬ويغازل النظام السوريّ «داعش»‬ ‫‪ ...‬وكأنّ السوريّين عندما حلموا أن يكونوا‬ ‫شعبا ً ال رعايا زلزلت معادلة الكون واختلّت‬ ‫قوانينه‪ ،‬فسارع الجميع بالوقوف في وجه هذه‬ ‫البدعة الضالّة‪ ،‬بدعة التحوّ ل إلى شعب‪.‬‬ ‫من أجل ألاّ تتحوّ ل هذه البدعة إلى مرض‬ ‫مع ٍد يفتك بشعوب المنطقة‪ ،‬من أجل أن نبقى‬ ‫نمارس بقائنا على هامش الحياة‪ ،‬ومن أجل‬ ‫أن نقتتل ألف سنة أخرى على أحقيّة الخالفة‬ ‫ول��ون العمامة ومقامات اآلذان‪ ،‬استحضر‬ ‫العالم ك ّل األسلحة الممكنة‪ ،‬من موسى الطفل‬ ‫الهارب بصندوقه الخشبيّ فوق مياه النيل إلى‬ ‫سقيفة بني ساعدة وكربالء الحسين وصوالً إلى‬ ‫األسلحة النوويّة‪.‬‬ ‫لم يعد لنا نحن السوريّين إلاّ دمنا وبقايا‬ ‫صرخة حرّ يّة أطلقناها في فضاء هذا العهر‬ ‫الذي يستبيح بالدنا منذ قرون طويلة‪.‬‬ ‫فوق هذا الركام من السوريّين وأشالئهم‬ ‫وأشالء أحالمهم يواصل ب ّ‬ ‫شار األسد وزبانيته‬ ‫عرض مسرحيّة سيادتهم الزائفة‪ ،‬وفوق الركام‬ ‫نفسه تواصل المعارضة عرض المسرحيّة‬ ‫إيّاها‪ ،‬لكن بإخراج أش ّد تفاهة وأسوأ أداء‪.‬‬ ‫لم يبق إلاّ الخراب ‪ ...‬ابسطوا سيادتكم ‪-‬‬ ‫المداسة بأحذية المرتزقة من ك ّل العالم ‪ -‬عليه‪،‬‬ ‫أمّا نحن ‪ ...‬فليس لنا إلاّ سيادتنا فوق خراب‬ ‫أرواحنا‪ ،‬لم يبق لنا إلاّ سيادتنا على دمنا الذي‬ ‫ندفعه عند ك ّل بوابة عبور‪ ،‬وعلى األسالك‬ ‫الشائكة لحدودكم ‪ ...‬وعلى ساللم المراكب‬ ‫الهاربة م ّنا وبنا‪ ،‬ندفعه ونحمله كجواز سفر‬ ‫يجيز لنا العبور من شكل إلى شكل آخر للموت‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫النوروز‪ ..‬عيد البدء والحياة‬

‫ص‪11‬‬


‫‪2‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫السوري‬ ‫مرابي وقت الد ّم‬ ‫ّ‬

‫من الطريقين يتو ّقف على اعتبارات عديدة‬ ‫ومختلّفة لك ّل نظام قمعيّ شبيه‪ ،‬مع التأكيد‬ ‫على أنّ جوهر األمر ينطلق من اإلمساك‬ ‫بالسلطة دون منازع‪ ،‬ودون شريك حقيقيّ ‪،‬‬ ‫وهذا ما ينطبق تماما ً على نظام المافيا في‬ ‫روسيا‪ ،‬والعصابة في سورية (دون إغفال‬ ‫بقيّة األنظمة القمعيّة المشابهة‪ ،‬لك ّنه ليس‬ ‫مجالنا اآلن)‪.‬‬

‫يشغلنا حقيقة ال��دور الخطر والقذر‬ ‫للنظام الروسيّ على أكثر من صعيد‪،‬‬ ‫وعلى مدى أربع سنوات من ثورة الشعب‬ ‫السوريّ ‪ ،‬لكنّ أخطرها من وجهة نظري‪،‬‬ ‫كان ‪ -‬وال ي��زال ‪ -‬هو دوره في شراء‬ ‫الوقت تلو الوقت لنظام الطاغية في دمشق‪،‬‬ ‫ودور المماطلة والتسويف في وجه أيّ‬ ‫مخرج لألزمة السوريّة‪ ،‬يحفظ تضحيات‬ ‫الشعب السوريّ وتطلّعاته نحو الكرامة‬ ‫والحرّ يّة والعدالة‪.‬‬

‫أشير هنا كخلفيّة للموضوع‪ ،‬إلى الداللة‬ ‫السياسيّة للطريقة التي وصل بها «بوتين»‪،‬‬ ‫رجل الكي بي جي‪ ،‬إلى السلطة في روسيا‬ ‫هي أقرب لالنقالب ضمن إطار ديماغوجي يرى‬ ‫بإمكانيّة عودة «االتحاد السوفيتيّ » (المقبور‬ ‫بمراسم علنيّة عالميّة) وإع���ادة «أم��ج��اده»‬ ‫الزائفة والدمويّة‪ ،‬داخل ّيا ً وعلى الصعيد العالميّ‬ ‫ّ‬ ‫ومؤثر في السياسة العالميّة‬ ‫كـ «قطب» فاعل‬ ‫(هذا يؤ ّ‬ ‫شر ليس على عدم فهم متغيّرات الواقع‬ ‫فحسب‪ ،‬وإ ّنما على عدم تقبّله أيضاً‪ ،‬وهنا يكمن‬ ‫عقل المؤامرة وخطر المغامرة لهذا الرئيس)‪ .‬ما‬ ‫يهمّنا هنا هو دوره الخطير ومسؤوليّته المباشرة‬ ‫في إطالة أمد األزمة السوريّة ومعاناة الشعب‬ ‫السوريّ أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫بالتأكيد إنّ ثالوث اإلجرام واألذى المباشر‬ ‫ّ‬ ‫بحق الشعب السوريّ معروف للجميع‪ ،‬مع ذلك‬ ‫يبقى إجرام النظام السوريّ وعصابته في ك ّفة‬ ‫وإج��رام النظام اإليرانيّ وعصاباته الطائفيّة‬ ‫(العابرة للحدود والقوميّات) في ك ّفة ثانية‪ ،‬أمّا‬ ‫إجرام نظام المافيا في موسكو فهو في ك ّفة أخرى‬ ‫مختلفة عن قرينيه القميئين‪ .‬لنرى المقارنة في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫الحيثيّة األولى‪ :‬إنّ النظام الروسيّ مساهم‬ ‫فعّال في قتل الشعب السوريّ (وقد مارس هذا‬ ‫القتل بمنتهى الوحشيّة في األمس القريب في‬ ‫الشيشان‪ ،‬واليوم هو في أوكرانيا إلى جانب‬ ‫سورية) بسالحه الثقيل والف ّتاك‪ ،‬عبر الدعم‬ ‫العسكريّ المباشر للنظام المجرم والمئات من‬ ‫الخبراء على اختالف تخصّصاتهم‪ ،‬أتبعها الحقا ً‬ ‫بإرسال قتلة روس وشيشانيّين ليضافوا إلى جانب‬ ‫القتلة الذين يشاركون في قتل الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫وقد باتوا ال يُع ّدون وال يُحصون‪ ،‬جنسا ً وعدداً‬ ‫(يجب االعتراف هنا بأنّ جبهة اإلج��رام أكثر‬ ‫تماسكا ً وصالبة)‪.‬‬

‫كما أنّ الحيثيّة الثانية ّ‬ ‫تتمثل في التشابه البنيويّ‬ ‫العصابويّ بين النظامين الروسيّ والسوريّ (مع‬ ‫ّ‬ ‫بحق التباين المحدود للـ «ماسخ»‬ ‫االحتفاظ‬ ‫عن «الممسوخ») حيث ال تسمح هذه البنية‬ ‫العصبويّة العصابيّة‪ ،‬بأيّ انتقاد أليّ أداء‪ ،‬سواء‬ ‫ت ّم ذلك بالقول أم بالفعل تحت طائلة القمع العاري‬ ‫والمعلن‪ ،‬أو بالقمع « المستتر المفضوح « وهو‬ ‫جانب نراه يؤخذ باالعتبار في نظام المافيا‪ ،‬حيث‬ ‫لألخ الكبير‪ -‬لـ «العرّ اب» إن شئتم ‪ -‬دائما ً سلطة‬ ‫معنويّة وماديّة متفوّ قة على العصابات الحليفة‪،‬‬ ‫ُترهب بها العصابات الخصمة المنافسة‪.‬‬ ‫األم��ر اآلخ��ر في مجال التشابه يظهر في‬ ‫التركيبة البنيويّة لهذين النظامين القمعيّين (من‬ ‫يتوهّم بوجود ديمقراطيّة في نظام حكم بوتين عليه‬ ‫عمل جردة بسيطة لالنتهاكات المتواصلة ما ينوف‬ ‫عن العقد ونصف العقد‪ ،‬ولتقارير ّ‬ ‫منظمات حقوق‬ ‫اإلنسان الدوليّة‪ ،‬ث ّم أليس زمن الحكم وطريقته‬ ‫«حكم المداورة» مع ميدفيديف ‪ -‬كائن بال سلطة‬ ‫وبال طعم ‪ -‬ذو داللة في هذا الشأن على تح ّكمه‬ ‫بالسلطة وتفرّ ده بها؟ كذلك طريقته في تصفية‬ ‫الخصوم السياسيّين إلخ) ولألنظمة المشابهة‪،‬‬ ‫والذي يتمحور حول أه ّميّة دور الوقت والمراهنة‬ ‫على شرائه في األزمات المصيريّة‪ ،‬فنحن نجد‬ ‫عند أيّ ّ‬ ‫هزة داخليّة‪ ،‬أو عند أيّ تغيير سياسيّ ذي‬ ‫شأن في المحيط اإلقليميّ ‪ ،‬أو العالميّ ‪ ،‬تلجأ هكذا‬ ‫أنظمة إمّا للقوّ ة المفرطة ‪ -‬وقد تتخلّلها مغامرات‬ ‫مجنونة سيّئة العواقب‪ ،‬بل قد تتطوّ ر إلى حالة‬ ‫كارثيّة داخل ّيا ً وإقليم ّيا ً ‪ -‬أو هي تلجأ إلى الكمون‬ ‫واالنكماش خافضة رأسها إلى حين انقضاء‬ ‫العاصفة المه ّددة‪ ،‬وهي بهذا السلوك المعارض‬ ‫لتطوّ ر سير األحداث تشتري الوقت لبقائها أطول‬ ‫فترة ممكنة‪ ،‬ح ّتى وإن كانت من نتائجه «إحراق‬ ‫روما» أو «خراب البصرة» يبقى أنّ سلوك أيّ‬

‫نعم‪ ،‬هو وجه الشمع «بوتين»‪ ،‬مرابي‬ ‫وقت الدم السوريّ ‪ ،‬فليس أنسب من نظام‬ ‫المافيا في موسكو من يشتري الوقت تلو‬ ‫الوقت‪ ،‬والفرصة تلو الفرصة لقرينه‬ ‫في دمشق (في الواقع‪ ،‬لقد باشر سلوكه‬ ‫الخبيث هذا منذ األيّام األولى للحراك السلميّ ‪،‬‬ ‫ي��داً بي ّد مع نظام الطاغية‪ ،‬تسويف من خالل‬ ‫المؤتمرات‪ ،‬ومماطلة في التفسيرات للقرارات‬ ‫والمصطلحات‪ ،‬وفيتو في المواقف الج ّديّة) فيما‬ ‫هذا األخير يستغ ّل الوقت الممنوح له بمزيد من‬ ‫ّ‬ ‫بحق السوريّين جميعاً‪،‬‬ ‫القتل والتدمير والتهجير‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬ولألسف‪ ،‬نجد من ال يزال يثق بدور‬ ‫هذا المرابي في ح ّل األزمة السوريّة‪ ،‬رغم مرور‬ ‫أربع سنوات من البرهان الدمويّ اليوميّ ألحد‬ ‫ّ‬ ‫بحق الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫أعمدة مثلث اإلج��رام‬ ‫أعتقد أنّ الفرق كبير بين االع��ت��راف بدور‬ ‫للخصم (حقيقة هو عدوّ أصيل‪ ،‬كنظام) في ح ّل‬ ‫«الخصام» وبين االعتماد عليه (الخصم\العدوّ )‬ ‫في الح ّل المعنيّ ‪ ،‬فاألوّ ل مسألة واجبة وضروريّة‬ ‫وال يمكن من دونها أن يجد الح ّل طريقه للتنفيذ‬ ‫(نتكلّم عن الحالة السوريّة العيانيّة‪ ،‬مع ميزان‬ ‫مخت ّل لقوى الثورة‪ ،‬كما أنّ هذا ما تتطلّبه السياسة‬ ‫في أحد جوانبها) بينما في الحالة الثانية‪ ،‬سيوصف‬ ‫السلوك بـ»السذاجة القاتلة» للذات وللثورة على‬ ‫ح ّد سواء‪ ،‬وش ّتان بين من «يدفع» السوريّين إلى‬ ‫جه ّنم‪ ،‬وإنْ بنيّة طيّبة ليكونوا وقوداً‪ ،‬وبين من‬ ‫يساهم معهم بأيّ وسيلة عقالنيّة وواقعيّة‪ ،‬في‬ ‫إطفاء اللهيب الذي يحرق الجميع‪.‬‬ ‫فاألمر ال يحتاج لرؤية األشياء كما هي‬ ‫فحسب‪ ،‬وإ ّنما لتسميتها بأسمائها الحقيقيّة كذلك‪،‬‬ ‫تمهيداً للتعامل معها بج ّديّة صادقة وفاعلة‪،‬‬ ‫وقضيّة الشعب السوريّ العادلة تستحق ذلك بك ّل‬ ‫ج ّديّة وإخالص لمن ال يزال يحمل اله ّم العا ّم‬ ‫ويؤمن بالمشروع الوطنيّ السوريّ ‪ ،‬من سياسيّين‬ ‫وعسكريّين وجميع ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ على‬ ‫اختالفهم‪.‬‬

‫مروان حممّد‬

‫سياسة الموت جوعاً‪ ..‬جنوب دمشق ينهار‬

‫منذ أكثر من عامين حاولت الكثير من األصوات‬ ‫وتحديداً أصوات من يقع تحت الحصار‪ ،‬أن ّ‬ ‫تحذر‬ ‫من أنّ استمرار حصار نظام األسد للمدن والبلدات‬ ‫السوريّة المختلفة ستكون خاتمته تآكل تدريجيّ‬ ‫للحاضنة الشعبيّة للثورة من جهة‪ ،‬وإنهاك لقوى‬ ‫الثورة المسلّحة من جهة ثانية‪.‬‬ ‫ورغم ذلك لم يتغيّر شيء على صعيد ردود أفعال‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة للشعب السوريّ ‪ ،‬كما‬ ‫المعارضة الرسميّة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫أ ّنه لم نلحظ أيّ ردود أفعال من قبل‬ ‫الدوليّة التي تهتم بالشؤون اإلنسانيّة‪.‬‬ ‫يرزح مخيّم اليرموك جنوب العاصمة دمشق‬ ‫وباقي البلدات المحيطة به كـ «يلدا وببيال» وأحياء‬ ‫الحجر األسود والقدم والعسّالي وغيرها‪ ،‬تحت‬ ‫دام مستمرّ ألكثر من ‪ 600‬يوم‪ ،‬أجبر‬ ‫حصار ٍ‬ ‫فيه األهالي على أكل لحم الكالب الشاردة وقطط‬ ‫الشوارع‪ ،‬ومات نتيجة نقص التغذية العشرات‬ ‫من األطفال والنساء وح ّتى من الشبّان اليافعين‪،‬‬ ‫منذ عامين على وجه التقريب‪ ،‬وجنوب العاصمة‬ ‫يقبع في ظالم دامس حيث قطع نظام األسد التيّار‬ ‫الكهربائيّ عن أحياء تع ّد امتداداً ألحياء دمشق‬ ‫الكالسيكيّة كحيّ الميدان الذي ينعم بك ّل متطلّبات‬ ‫الحياة‪ ،‬ومنذ عامين ال ماء في هذه البقعة من‬ ‫العالم‪ ،‬والحواجز المنتشرة على جميع المداخل‬ ‫تمنع ح ّتى رغيف الخبز من الدخول إلى المنطقة‪.‬‬ ‫صمد األهالي‪ ،‬وصمد الناشطون ومازالوا‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ك الحصار‬ ‫صامدين‪ ،‬وسعوا في سبيل ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى عقد هدنة مع نظام األسد‪ ،‬تركز‬ ‫مضمونها على شيء واح��د أساسيّ ‪:‬‬ ‫السماح بدخول س�ّل�اّ ت اإلغ��اث��ة إلى‬ ‫ال��م��ح��اص��ري��ن‪ ،‬وفشلت أغ��ل��ب هذه‬ ‫المحاوالت‪ ،‬واستمرّ ت ق��وّ ات األسد‬ ‫بحصار المنطقة‪ ،‬م��ع االس��ت��م��رار‬ ‫بإمطارها بالقذائف ليل نهار‪.‬‬ ‫موضوع ّياً‪ ،‬بدأت تتضاءل قدرة األهالي‬ ‫على االستمرار‪ ،‬وبدأت المؤ ّ‬ ‫شرات تبرز‬ ‫إلى العلن‪ ،‬حيث قامت مجموعات مختلفة تنتمي‬ ‫إلى مقاتلي المعارضة بتسليم أنفسهم إلى قوّ ات‬ ‫النظام تحت مصطلح «تسوية األوضاع» وهو‬ ‫المرادف اللبق لمصطلح االستسالم‪ ،‬ولم يكونوا‬ ‫ّ‬ ‫توخي الموضوعيّة‪،‬‬ ‫بهذا مخيّرين إذا ما أردنا‬ ‫فالشرط العا ّم الذي يرزح تحته هؤالء المقاتلون‬ ‫كان أقوى من مصطلحات الصمود الفارغة‪،‬‬ ‫يقول أحد المقاتلين المرابطين على إحدى جبهات‬ ‫الجنوب‪ :‬منذ أشهر ال يوجد في بندقيّتي سوى‬ ‫أربع وعشرون طلقة‪ ،‬وواح��دة أخيرة أتركها‬ ‫في جيب سترتي‪ ،‬ونأكل وجبة واحدة في اليوم‪،‬‬ ‫وننتظر الفرج‪ ،‬وال فرج يأتي‪.‬‬ ‫شهدت بلدات جنوب دمشق خالل األيّام القليلة‬ ‫الماضية اشتباكات عنيفة بين فصائل تابعة‬ ‫للمعارضة سقط على إثرها العديد من الضحايا‪،‬‬ ‫وكان الخالف الناشب يدور حول رغبة مقاتلي‬ ‫بلدتي «ببيال‪ ،‬يلدا‪ ،‬وبيت سحم» بعقد اتفاقيّة ما‬ ‫مع قوّ ات األسد‪ ،‬وهو ما اعترضت عليه جبهة‬ ‫النصرة المتواجدة في المنطقة‪ ،‬فنشبت معارك‬ ‫بين الطرفين اضطرّ ت الجبهة على إثرها إلى‬ ‫سحب مقاتليها من المنطقة‪ ،‬بيد أنّ ذلك لم يضع‬ ‫ح ّداً لألمر‪ ،‬حيث فاقم من األجواء المتش ّنجة أصالً‬ ‫«تسليم» مجموعة عسكريّة مؤلّفة من حوالي ‪60‬‬ ‫مقاتالً من المعارضة التابعين لـ «لواء األنفال»‬

‫المتواجدين في المنطقة أنفسهم إلى قوّ ات النظام‪،‬‬ ‫وهو ما أثار موجة كبيرة من النقاشات الحامية‬ ‫بين الناشطين حول تسمية ما حدث‪ ،‬خيانة أم‬ ‫خيار كان ال ب ّد منه؟‬ ‫ولم يتو ّقف األمر عند هذا الح ّد‪ ،‬حيث وردت‬ ‫أنباء جديدة حول قيام مجموعات أخرى بتسليم‬ ‫أنفسها لقوّ ات النظام‪ ،‬بينما يسعى الناشطون إلى‬ ‫ك الحصار‬ ‫عقد صفقة ما مع نظام األسد تسمح بف ّ‬ ‫ولو جزئ ّيا ً عن هذه المناطق‪.‬‬ ‫ال يش ّكل جنوب العاصمة دمشق حالة استثنائيّة‬ ‫على هذا الصعيد‪ ،‬فقد سبقته مدينة حمص بذلك‪،‬‬ ‫فالمدينة التي شهدت أعنف المعارك في سورية‬ ‫عبر األع��وام الماضية‪ ،‬تم ّكن نظام األسد من‬ ‫حصار المقاتلين وعائالتهم فيها‪ ،‬واشت ّد الحصار‬ ‫مع الوقت‪ ،‬وعانت أحياء حمص ما عانته أحياء‬ ‫جنوب العاصمة دمشق‪ ،‬وفي نهاية المطاف‬ ‫اضطرّ المقاتلون إلى القبول بصفقة مريرة‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬أتاحت لهم االنسحاب بسالحهم‬ ‫من المدينة‪.‬‬ ‫هل نجح نظام األسد في قهر المقهورين أصالً؟‬ ‫وهل نجحت سياسة الحصار التي اعتمدها نظام‬ ‫األسد في كسر شوكة المحاصرين؟ المعطيات على‬ ‫األرض تشير إلى أنّ األهالي ما زالوا صامدين‬ ‫ّ‬ ‫بشق األنفس‪ ،‬إلاّ أنّ ذلك من الصعب أن‬ ‫ولو‬ ‫يستمرّ ‪ ،‬وتحديداً مع استمرار هذا الحصار الذي‬ ‫يضع فلسفة حقوق اإلنسان وخطابها المنافق حول‬ ‫الديمقراطيّة في سلّة المهمالت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتحمّل المعارضة‬ ‫الممثلة باالئتالف الوطنيّ‬ ‫لقوى الثورة مسؤوليّة كبيرة حول ما يجري‬ ‫في مدن وأحياء سورية المحاصرة‪ ،‬كما يتحمّل‬ ‫المجتمع الدوليّ المسؤوليّة األكبر‪ ،‬حيث سمح‬ ‫ّ‬ ‫بحق‬ ‫لنظام األسد بتنفيذ حكم باإلعدام الجماعيّ‬ ‫اآلالف من المدنيّين على مرأى ومسمع العالم‬ ‫المتم ّدن‪.‬‬

‫صرب درويش‬

‫قراءة سياسية‬

‫ثورة يتيمة‬ ‫وحرب إقليمّية‬ ‫أربع سنوات كاملة من الثورة‪ ،‬التي يعر ّفها التاريخ كلحظات‬ ‫من الغضب الشعبيّ ‪ ،‬لالنقالب على نظام حكم‪ ،‬لم تكن كذلك في‬ ‫الحالة السوريّة‪ ،‬بل أضحت وكما يقال اليوم ثورة يتيمة‪ ،‬فكيف‬ ‫ّ‬ ‫تحط رحالها بعد؟ ومتى يأتي‬ ‫يمكن النظر إلى هذه الثورة التي لم‬ ‫ذلك اليوم الذي تتو ّقف فيه تلك اللحظات الدامية‪ ،‬لتبدأ مرحلة ما بعد‬ ‫الثورة؟! سواء أنجحت تلك الثورة أم فشلت‪.‬‬ ‫بالنظر إلى تلك المتغيّرات التي عصفت بثورات الربيع العربيّ ‪،‬‬ ‫الطامحة للخالص من األنظمة الدكتاتوريّة التاريخيّة‪ ،‬قد يجد المرء‬ ‫بعضا ً من جواب‪ ،‬لك ّنه وبالنظر لما يجري في العراق وسورية‬ ‫ولبنان واليمن‪ ،‬قد يجد ما هو أعمق من ذلك الجواب‪ ،‬فمن النتائج‬ ‫التي ّ‬ ‫تمخضت عن سقوط نظام ص ّدام بعد اجتياحه للكويت‪ ،‬عبر‬ ‫ّ‬ ‫التدخل المباشر للواليات الم ّتحدة‪ ،‬كحماية لمصالحها الحيويّة في‬ ‫منطقة الخليج‪ ،‬الب ّد وأن يكون بروز المكوّ ن الشيعيّ العراقيّ ‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫التدخل اإليرانيّ ‪،‬‬ ‫الكرديّ ‪ ،‬شكالً طبيع ّيا ً في الحياة السياسيّة‪ ،‬لكن‬ ‫وبهدف فرض سيطرة شيعيّة على العراق‪ ،‬قد أوقع العمليّة السياسيّة‬ ‫الناشئة‪ ،‬في دائرة جديدة من المظلوميّة‪ ،‬مساهما ً في انتقالها‪ ،‬من‬ ‫الجانب الشيعيّ إلى الجانب الس ّنيّ ‪ ،‬وممّا أ ّدى النتشار التطرّ ف‬ ‫الس ّنيّ ‪ ،‬واستقطابه للمجموعات التكفيريّة الس ّنيّة العالميّة‪ ،‬هذا‬ ‫التطرّ ف الذي وجد في ما فعله ويفعله النظام السوريّ ذو الصبغة‬ ‫ّ‬ ‫بحق المناطق الس ّنيّة‪ ،‬المناخ المناسب لتعزيز انتشاره‬ ‫العلويّة‬ ‫في ذلك القسم المتاخم للعراق‪ ،‬معلنا ً عن قيام «داعش»‪ ،‬وفاتحا ً‬ ‫ّ‬ ‫التدخل اإليرانيّ والميليشيات الشيعيّة بشكل مباشر‪.‬‬ ‫الطريق أمام‬ ‫ك بأنّ ما يقوم به التنظيم «الداعشيّ » من عمليّات ذبح‬ ‫الش ّ‬ ‫وتصفية وتهجير للجماعات الدينيّة واألثنيّة المختلفة‪ ،‬لألكراد‬ ‫واإليزيديّين واألشورّ يين‪ ،‬وكذلك ألبناء العشائر الس ّنيّة العربيّة‬ ‫الذين لم يبايعوه‪ ،‬ال ّ‬ ‫يمثل سوى سلوكا ً تكفير ّيا ً واضحاً‪ ،‬بغضّ النظر‬ ‫عن ك ّل االفتراضات واال ّتهامات المتبادلة بين ك ّل أقطاب التطرّ ف‬ ‫والغلوّ ‪ ،‬في التبعيّة إلسرائيل أو األمريكان أو الغرب‪ ،‬بالمقابل‪،‬‬ ‫فإنّ ممارسات الميليشيات الشيعيّة غير التكفيريّة‪ ،‬ربّما لم تختلف‬ ‫كثيراً‪ ،‬سوى في عمليّات التصوير واإلخراج‪ ،‬كما تدلّل النتائج‬ ‫التي ّ‬ ‫تمخضت عنها حروب حزب هللا في القصير والقلمون‪ ،‬بإقامة‬ ‫ما يشبه الوالية الخاصّة بالحزب‪ ،‬على مساحة تعادل نصف مساحة‬ ‫لبنان‪ ،‬لمناطق أفرغت من س ّكانها بالكامل‪ ،‬وكما يجري من قبل‬ ‫الميليشيات الشيعيّة المختلفة في معارك درعا والقنيطرة ودمشق‬ ‫وريف حلب‪.‬‬ ‫قد يكون لالختالف في المرجعيّات الفقهية‪ ،‬المعلن عنها في‬ ‫خطابات المجموعات اإلسالميّة المتباينة‪ ،‬سببا ً في نظرة الكثيرين‬ ‫إلى أولويّة التص ّدي للتنظيمات التكفيريّة الس ّنيّة‪ ،‬لك ّنه وعلى الرغم‬ ‫من ذلك التمايز‪ ،‬فإنّ اإلعالن الواضح إلقامة دولة إسالم من نوع‬ ‫خاصّ ‪ ،‬ال تقبل أن تض ّم فوق ترابها سوى مسلمين مح ّددين‪ ،‬ووفقا ً‬ ‫لقواعد صارمة‪ ،‬مقابل تبعيّة الميليشيات الشيعيّة المختلفة للوليّ‬ ‫الفقيه بشكل مطلق‪ ،‬وسعيها إلقامة إمبراطوريّة إيرانيّة‪ ،‬كما يعبّر‬ ‫العديد من القادة اإليرانيّين بالفعل وبالقول‪ ،‬قد يتماثل من حيث‬ ‫النتيجة‪ ،‬في مواجهة الس ّكان المحلّيّين للمناطق التي يدخلها الطرفان‪،‬‬ ‫بقطع الرؤوس وحرق المنازل والترويع والتهجير‪ ،‬أو بطردهم عن‬ ‫بكرة أبيهم‪ ،‬إذا كانوا مختلفين عنهم في الطائفة والدين‪.‬‬ ‫إنّ ما يجري من تلك الحروب المتالحقة في فصولها‪ ،‬من سورية‬ ‫إلى العراق إلى اليمن‪ ،‬والتي ته ّدد لبنان بحرب كامنة‪ ،‬تكشف عن‬ ‫حالة حرب إقليميّة شاملة‪ ،‬بك ّل ما في الكلمة من معنى‪ ،‬وإنّ الحديث‬ ‫ّ‬ ‫عن االستعصاء الحاصل في الثورة السوريّة‪ ،‬كنتيجة‬ ‫للتدخل التركيّ‬ ‫المبعثر لجهود السوريّين في إنجاز‬ ‫والسعوديّ والقطريّ ‪ ،‬بالشكل‬ ‫ِ‬ ‫ثورتهم‪ ،‬أو كنتيجة لغياب أو ضعف الداعم الحقيقيّ لها‪ ،‬كثورة‬ ‫يتيمة‪ ،‬في ظ ّل الدعم الروسيّ واإليرانيّ المطلقين لنظام األسد‪،‬‬ ‫لم يعد باأله ّميّة التي كان عليها‪ ،‬قبل توضّح معالم هذه الحرب‪،‬‬ ‫ويبدو أ ّنه من غير المتو ّقع‪ ،‬ح ّتى بعد ا ّتفاقات باريس والقاهرة‪،‬‬ ‫ومهما بلغت ح ّداً عاليا ً من التفاهم والتنسيق‪ ،‬أن تتم ّكن قوى الثورة‬ ‫من فرض أيّ ح ّل مناسب‪ ،‬كذلك فإ ّنه وبعد توضّح معالم هذه‬ ‫الحرب‪ ،‬لم يعد ح ّتى للحديث عن المفاوضات مع نظام األسد تلك‬ ‫األه ّميّة‪ ،‬مهما كان الح ّل الذي ستخرج به تلك المفاوضات‪ ،‬فعن‬ ‫أيّ ح ّل يمكن الحديث‪ ،‬في ظ ّل االحتالالت المتالحقة للتنظيمات‬ ‫الجهاديّة‪ ،‬بشقيها الس ّنيّ والشيعيّ ‪ ،‬لمناطق أوسع من سورية‪ ،‬وفي‬ ‫ظ ّل الحرب اإلقليميّة التي تخوضها‪ ،‬قوّ ات حرس الثوريّ اإليرانيّ‬ ‫والميليشيات التابعة له؟!‬ ‫بهذه المؤ ّ‬ ‫المدركة من الجميع‪ ،‬قد ال يش ّكل الرضوخ لها‬ ‫شرات‬ ‫َ‬ ‫سوى مزيداً من القهر‪ ،‬فوق ذلك القهر‪ ،‬الذي حو ّل ما يقرب من‬ ‫عشرة ماليين سوريّ إلى نازح ومشرّ د قهراً‪ ،‬قد يكون الطريق‬ ‫للخروج منه طويالً‪ ،‬والب ّد من متابعة السير فيه‪ ،‬بدءاً من ضرورة‬ ‫دعم الصامدين على أرض الوطن‪ ،‬كثوّ ار لتخليص الوطن من‬ ‫ك ّل محتلّيه‪ ،‬من الطغاة‪ ،‬ومن التنظيمات المتطرّ فة والميليشيات‬ ‫الطائفيّة‪ ،‬وكمدنيّين متشبّثين بالبقاء في الحارات والقرى‪ ،‬غير‬ ‫عابثين بالخوف‪ ،‬من موت‪ ،‬أومن انقطاع مسبّبات العيش‪ ،‬من طعام‬ ‫وماء وكهرباء‪ ،‬وصوالً إلى االستمرار في الضغط السياسيّ على‬ ‫المجتمع الدوليّ ‪ ،‬إلخراج ك ّل المحتلّين‪ ،‬وإعادة الوطن ألصحابه‬ ‫الحقيقيّين‪.‬‬

‫لؤي حاج بكري‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءات‬

‫العدد ‪27‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫األخالق بين الحرّ​ّية المطلقة والمنع‬

‫المرأة‬ ‫نفسها ُتالم‬ ‫تغييب المرأة عن العمل في المشهد السياسيّ والمدنيّ عائد‬ ‫لعوامل كثيرة‪ ،‬فالمرأة في سورية جزء من مجتمع متخلّف‬ ‫تحكمه سلطة ديكتاتوريّة‪ ،‬وتتح ّكم بإرادته فئة قليلة منه تربط‬ ‫فعّاليّة ودور أفراده بمصلحتها المحض شخصيّة‪.‬‬ ‫يمكننا القول‪ ،‬إنّ الفرد في مجتمعنا رجالً كان أم امرأة‬ ‫مسلوب اإلرادة‪ ،‬لكنّ الرجل فيه يمتلك مساحة أكبر للتمرّ د‪،‬‬ ‫هذه المساحة منحته إيّاها طبيعته األميل إلى العقالنيّة في‬ ‫التفكير‪ ،‬وإدراكه األعمق لدوره في المجتمع‪ ،‬وفارق بين‬ ‫الرجل والمرأة خلقته العادات والتقاليد التي حصرت دور‬ ‫المرأة في التبعيّة له والوقوف خلفه ال بجانبه‪ ،‬ودور الدين هنا‬ ‫أساسيّ بما أرساه من مفاهيم أجبر فيها المرأة على االكتفاء‬ ‫بأدوار مح ّددة ال يمكنها لعب غيرها‪ ،‬و قد ولّى الدين الرجل‬ ‫عليها إللزامها بالتقيّد بتلك المفاهيم المعيقة أليّ دور فعّال‬ ‫يم ّكنها من ممارسة حقوقها كإنسان بغضّ النظر عن جنسها‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬لو اكتفينا بهذه األسباب الخارجيّة وألقينا باللوم كلّه‬ ‫ّ‬ ‫عليها‪ ،‬فسنكون مجحفين‬ ‫بحق نساء لم يرضين ألنفسهنّ‬ ‫التهميش واإلقصاء‪ ،‬فالمرأة نفسها تالم أيضاً‪ ،‬إذ نجد‬ ‫الكثيرات مكتفيات ‪ -‬بل ومستمتعات ‪ -‬بالعيش كالفطور تحت‬ ‫ظ ّل الرجل‪ ،‬متماهيات في شخصيّته‪ ،‬تاركات له القرارت‬ ‫حسب مزاجه وعقليّته ودرجة وعيه‪ ،‬متخلّيات عن أدوارهنّ‬ ‫الحقيقيّة‪ ،‬راضيات بما يلقى إليهنّ من حقوق‪ .‬فمستوى‬ ‫وعي المرأة لحجمها الحقيقيّ ‪ ،‬وأثرها في المشاركة ببناء‬ ‫المجتمع وإدراكها إلمكانيّاتها المساوية إلمكانيّات الرجل‬ ‫يجعل منها عضواً أساس ّيا ً في أيّ حراك سياسيّ أو مدنيّ‬ ‫يقوم به مجتمعها‪ ،‬والكثيرات في سورية دفعن أثمانا ً باهظة‬ ‫(شخصيّة‪ ،‬اجتماعيّة) ليثبتن أحقيّتهنّ بالحضور‪ ،‬بل والتميّز‬ ‫في العمل ضمن المجالين السياسيّ والمدنيّ ؛ إذاً يقع على‬ ‫المرأة جانب كبير من المسؤوليّة في هذا التغييب‪.‬‬

‫لورنس‬

‫منذ أن يولد الطفل تت ّم تربيته‬ ‫وف��ق قوانين األخ�لاق وقوانين‬ ‫الدين‪ ،‬وعادة ما تتداخل األخالق‬ ‫مع الدين بحيث يت ّم منع الطفل عن‬ ‫القيام ببعض السلوكيّات من باب‬ ‫الدين واألخالق معاً‪ ،‬أو يت ّم إلزامه‬ ‫بالقيام بسلوكيّات أخ��رى‪ ،‬حيث‬ ‫يربّى الطفل ويكبر على كلمتي‬ ‫«عيب» و «ح��رام»‪ ،‬ولكن في‬ ‫كثير من األحيان‪ ،‬وفي النواحي‬ ‫ص��ة‪ ،‬يمكن أن‬ ‫االجتماعيّة خ��ا ّ‬ ‫نرى أنّ قوانين األخالق أقوى من‬ ‫قوانين الدين‪ ،‬بحيث تتكرّ ر على‬ ‫مسامع الطفل المنع بكلمة العيب‬ ‫أكثر من تكرار كلمة حرام‪ ،‬وفي أحيان كثيرة يت ّم‬ ‫المنع بكلمة حرام لسلوكيّات ممنوعة «أخالق ّياً» من‬ ‫قبل العائلة‪ ،‬وذلك كي يكون التخويف أكبر‪ ،‬فالحرام‬ ‫نتيجته الدخول إلى جه ّنم في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫ولكن هل بوسعنا طرح س��ؤال‪ ،‬يتساءل عن‬ ‫أصل األخالق؟ أيّ َمن وضع هذه األخالق وحوّ لها‬ ‫إلى قوانين؟ وكي يكون الحديث أكثر د ّقة يمكننا‬ ‫أن نفصل بين األخالق العامّة واألخالق الخاصّة‪،‬‬ ‫فاألخالق العامّة كالسرقة والكذب شبه مرفوضة‬ ‫في كا ّفة المجتمعات مع اختالفات ال ب ّد منها‪ ،‬ولكنّ‬ ‫األخالق الخاصّة تكون خاصّة بمجتمع معيّن أو‬ ‫بعائلة معيّنة في ح ّد ذاتها‪.‬‬ ‫وأو ّد التركيز هنا على األخالق الخاصّة‪ ،‬فمن‬ ‫وضع تلك األخالق بهذا النحو‪ ،‬لتتحوّ ل إلى قوانين‬ ‫حازمة وشديدة ومرفوض كسرها أو عدم االلتزام‬ ‫بها؟ يمكن مالحظة أنّ هذه القوانين نابعة من‬ ‫العادات والتقاليد‪ ،‬فمثالً على األنثى أن تكون خجولة‬ ‫وهادئة ويجب أن تجلس بطريقة معيّنة «أنثويّة»‬ ‫وأن تضحك بصوت خافت وأن تتكلّم بهدوء وألاّ‬ ‫تتل ّفظ بكلمات بذيئة‪ ،‬فأيّ كسر لهذه القوانين السابقة‬ ‫سينعكس سلبا ً على نظرة اآلخرين لها‪ ،‬فهي إمّا‬ ‫فاجرة أو مسترجلة أو غيرها من الصفات‪ ،‬وفي‬

‫المقابل‪ ،‬على الذكر أن يكون قو ّياً‪ ،‬وال بأس بأن‬ ‫يكون عنيفاً‪ ،‬ويجب ألاّ يكون خجوالً‪ ،‬كما يمنع عليه‬ ‫الجلوس بطرق معيّنة ويجب أن تكون طريقة حديثه‬ ‫مختلفة تماما ً عن طريقة حديث الفتاة‪ ،‬وأيّ كسر‬ ‫للقوانين السابقة يلحقه بتغيّر النظرة تجاهه‪ ،‬وتلصق‬ ‫به صفات كمخ ّنث أو قليل الرجولة وغيرها‪ ،‬وهكذا‬ ‫يت ّم تقييد الطفل منذ والدته وفق نموذجات معيّنة‬ ‫تابعة لجنسه ولمكانة عائلته االجتماعيّة والمهنيّة‪،‬‬ ‫فيجب أن يتصرّ ف ويسلك سلوكيّات مناسبة للعائلة‬ ‫من كا ّفة النواحي‪ ،‬وحين يت ّم رفض الطفل لهذه‬ ‫النماذج يت ّم رفضه من العائلة أوّ الً ومن الطبقة التي‬ ‫ينتمي إليها ثانيا ً ومن المجتمع ثالثاً‪.‬‬ ‫فما نتيجة هذا التقييد على الطفل؟ ما الذي ينتج‬ ‫عنه نفس ّياً؟ في أحيان كثيرة ت ّم تناول المنع الدينيّ‬ ‫بحيث تنتج عنه ظواهر نفسيّة معيّنة كالكبت أو ر ّد‬ ‫الفعل المعاكس أو غيرها‪ ،‬وهذا األمر ينتج ليس‬ ‫بسبب أنّ نوع المنع دينيّ وحسب‪ ،‬بل بسبب المنع‬ ‫بح ّد ذاته وتقييد الحريّة‪ ،‬واألمر هنا مماثل للمنع‬ ‫الدينيّ ‪ ،‬فالمنع االجتماعيّ الحازم والقاسي باسم‬ ‫األخالق الخاصّة سوف ينتج عنها ظواهر نفسيّة‬ ‫مماثلة‪ ،‬كالكبت ور ّد الفعل المعاكس‪ ،‬كما قد ينتج عنه‬ ‫اضطرابات كاملة‪ ،‬سواء كانت هذه االضطرابات‬ ‫مؤ ّقتة كاالكتئاب واضطرابات المزاج أو اضطرابات‬

‫والديمقراطي‬ ‫المرأة والمه ّمشون والدستور العادل‬ ‫ّ‬

‫ترافقت نضاالت مجتمعاتنا من أجل الديمقراطيّة‬ ‫مع محاوالت النساء فيها للمشاركة في هذه النضاالت‬ ‫وفي صياغة هذه التحوّ الت التي كانت مرتجاة في‬ ‫أكثر من بلد‪ ،‬ولكنّ ذلك لم يستمرّ ولم يحصد نتائجه‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ّ 2005‬‬ ‫كثفت الناشطات العراقيّات‬ ‫حركاتها ّ‬ ‫ونظمت ع ّدة نشاطات واعتصامات للضغط‬ ‫من أجل مشاركة النساء في صياغة الدستور الجديد‬ ‫ولم يُج ِد ذلك شيئاً‪.‬‬ ‫ومنذ بداية ربيع دمشق حاولت النساء السوريّات‬ ‫المشاركة في الحركة الديموقراطيّة الناشئة‪،‬‬ ‫فاصطدمت من جهة بالعرف الذكوريّ السائد ح ّتى‬ ‫في أوساط المعارضة ومن جهة أخرى بقمع النظام‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ 2006‬مثالً ت ّم منع إحدى عشر امرأة‬ ‫سوريّة من السفر لمجرّ د اصدارهنّ بيانا ً تأسيس ّيا ً‬ ‫لجمعيّة حملت اسم «نساء من أجل الديمقراطيّة» ت ّم‬ ‫قمع هذه الجمعيّة منذ البداية مع أنّ مهمّتها األساسيّة‬ ‫كانت العمل على زيادة مشاركة المرأة في الحياة‬ ‫السياسيّة وفي مراكز صياغة القرار‪ .‬عندما انطلقت‬ ‫الثورة السوريّة شاركت المرأة فيها على نحو واسع‪،‬‬ ‫إلاّ أ ّنها انكفأت في السنتين األخيرتين‪ .‬وفي مصر ما‬ ‫بعد الثورة استثنيت المرأة من عضويّة لجنة صياغة‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪3‬‬

‫إنّ عشرات األمثلة المشابهة األخرى في هذه‬ ‫البلدان‪ ،‬تحكي عن إعاقة مشاركة المرأة في صياغة‬ ‫تحوّ الت تلك المجتمعات؛ ورغم أنّ الوضع الراهن‬ ‫في هذه البلدان الثالثة مازال في حالة صيرورة‬ ‫مفتوحة‪ ،‬إلاّ أنّ المؤ ّ‬ ‫شرات الحاليّة تفصح عن فشل‬ ‫واضح في بناء مجتمع ديمقراطيّ وعادل فيها‪.‬‬ ‫ال أعتقد أ ّننا يمكن أن نعزو فشل بناء الديمقراطيّة‬ ‫في العراق وسورية ومصر لعدم مشاركة المرأة‬ ‫السياسيّة فقط‪ ،‬وخاصّة في صياغة دساتيرها‪ ،‬إذ أنّ‬ ‫لهذا الفشل أسبابه الكثيرة والمتشعّبة‪ .‬ولك ّني أعتقد أ ّنه‬ ‫أحد األسباب األساسيّة لهذا الفشل‪ .‬سأر ّكز هنا على‬ ‫عالقة الديمقراطيّة بالدستور ولماذا تحتاج صياغته‬ ‫ليس لمشاركة النساء فحسب‪ ،‬وإ ّنما إلى مشاركة ك ّل‬ ‫الفئات الضعيفة والهامشيّة في أيّ مجتمع‪.‬‬ ‫في البدء كانت الغابة‪ ،‬ولم يكن هناك أيّ قانون‬ ‫سوى قانون القوّ ة‪ .‬والقويّ يفرض إرادته بقوّ ته وال‬ ‫يحتاج لقانون آخر‪ ،‬ولكن مع تطوّ ر الجماعات‬ ‫البشريّة وتزايد أنسنتها وصلنا إلى الصيغة الحديثة‬ ‫في تنظيم المجتمعات على أساس الحقوق المتساوية‬ ‫والتي يضمنها العقد االجتماعيّ ‪ ،‬ذلك العقد الذي‬ ‫يتفاوض حوله ويصيغه الفاعلون االجتماعيّون في‬ ‫ك ّل بلد كأسس متوافق عليها ّ‬ ‫تنظم العيش المشترك‬

‫فيما بينهم‪ .‬والمرأة ينبغي أن تكون حاضرة في‬ ‫الصياغة أل ّنها تحتاج إلى هذا العقد االجتماعيّ‬ ‫أي الدستور لضمان حقوقها‪ .‬ففي الحضارة‬ ‫الذكوريّة السائدة في العالم كلّه تحتاج المرأة‬ ‫إلى قوّ ة القانون إلى جانبها بمواجهة عالقات‬ ‫القوّ ة المصاغة تاريخ ّيا ً لصالح الرجل‪ ،‬وسوف‬ ‫يحتاج لضمانات الدستور أيضا ً ك� ّل من ال‬ ‫تكون شبكات القوّ ة السائدة في صالحه‪ ،‬سوف‬ ‫يحتاجه لضمان حقوقه ك ّل من الضعفاء والفقراء‬ ‫واألقلّيّات الدينيّة والطائفيّة واإلثنيّة‪ ،‬ومشاركة‬ ‫هؤالء المهمّشون‪/‬ات في صياغة الدستور هو‬ ‫ما يجعله دستوراً عادالً‪ ،‬وأيّ صياغة للدستور‬ ‫ال تضمن مشاركة وحماية الضعفاء‪ ،‬ال يح ّقق‬ ‫الجوهر الذي وجد من أجله‪ ،‬ويصبح بال مغزى‬ ‫وبال وظيفة وينشأ عن ذلك أمراض اجتماعيّة‬ ‫وسياسيّة مزمنة‪.‬‬ ‫تتشارك المرأة مع ك ّل الفئات المهمّشة في‬ ‫المجتمع في أه ّميّة مشاركتها الفعّالة في صياغة‬ ‫الدستور‪ ،‬ولك ّنها تمتلك سببا ً جوهر ّيا ً آخر وأه ّم من‬ ‫السبب السابق ذكره يؤ ّكد على أه ّميّة مشاركتها‪،‬‬ ‫فالمرأة «ليست جنسا ً آخ��راً» حسب سيمون دو‬ ‫بوفوار‪ ،‬بل هي اإلنسان ذاته‪ .‬ومفرد اإلنسان ليس‬ ‫رجالً وال امرأة‪ ،‬بل مفرد اإلنسان هو رجل وامرأة‬ ‫معاً‪ .‬ولن تكون أي صياغة للدستور عادلة إلاّ إذا‬ ‫تمّت بالتشارك بين مكوّ نيّ اإلنسان بالتعريف‪.‬‬ ‫إن التصورات عن الوطن والثقافة والتاريخ‬ ‫هي تصورات مصاغة تاريخيا من قبل المنتصرين‬ ‫والذين يتربعون في المتن‪ ،‬لذلك يمكن اع��ادة‬ ‫صياغتها بالتشارك الفعليّ مع الفئات المختلفة‬ ‫المهمّشة التي ترى لها المصلحة في ذلك ومنها‬ ‫النساء‪ .‬وعمليّة التغيير الحاليّة الكبرى التي ينبغي أن‬ ‫تساهم بها النساء وكذلك الهوامش العرقيّة والطبقيّة‬ ‫والجغرافيّة سوف تؤ ّدي إلى كتابة التاريخ على نحو‬ ‫جديد‪ ،‬وسوف تؤ ّدي كذلك إلى إعادة صياغة ك ّل‬ ‫وطن ودستور وثقافة محلّيّة وتاريخ على نحو عادل‬ ‫وديمقراطيّ ‪.‬‬

‫ناهد بدويّة‬

‫مزمنة وقويّة كاضطرابات الشخصيّة‬ ‫المضا ّدة للمجتمع أو القلقة أو التجنبيّة‬ ‫أو االعتماديّة وغيرها‪.‬‬ ‫ور ّب��م��ا أنّ المشكلة هنا تنبع‬ ‫من الرفض الكامل أليّ كسر في‬ ‫القوانين األخالقيّة تلك‪ ،‬وتكرار النقد‬ ‫والتوجيه‪ ،‬واشتراط االلتزام بهذه‬ ‫القوانين بالقبول للطفل‪.‬‬ ‫هل ما يسبق يعني أنّ ترك الحريّة‬ ‫المطلقة للطفل بك ّل التصرّ فات دون‬ ‫مساعدة من األسرة سوف ينتج عنه‬ ‫شخصيّات سويّة نفس ّيا ً خالية من‬ ‫االضطرابات؟‬ ‫قد يختلف الكثيرون في اإلجابة‬ ‫على هذا السؤال‪ ،‬فبين مؤيّد لفكرة الحريّة المطلقة‬ ‫وبين معارض لها‪ ،‬ولكن وفقا ً للرأي الشخصيّ‬ ‫هنا‪ ،‬المشكلة ال تكمن بالمنع بح ّد ذاته‪ ،‬بل تكمن بما‬ ‫ينتج من ر ّدات فعل من قبل األسرة خاصّة في حال‬ ‫رفض الطفل االلتزام بهذه القوانين‪ ،‬فالنقد المتكرّ ر‬ ‫وعدم تقبّل األسرة للطفل والعقاب الشديد والقاسي‬ ‫والعنف سواء كان لفظيّ أو جسديّ هي المشكلة في‬ ‫ح ّد ذاتها‪ ،‬من الطبيعيّ أن يقوم األهل بتربية الطفل‬ ‫وفقا ً ألخالقيّات معيّنة يرونها صحيحة ج ّداً‪ ،‬ولكن‬ ‫طريقة هذه التربية هي المهمّة هنا‪ ،‬وهي الحاسمة‬ ‫ح ّقا ً في مستقبل الطفل النفسيّ ‪ ،‬وإذا أردت أن يكون‬ ‫طفلك سو ّيا ً نفس ّيا ً في حياته عليك أن تدرك أن تقبّلك‬ ‫غير المشروط هو األساس لهذه الصحّ ة‪ ،‬وهذا ال‬ ‫يعني الدالل الزائد له‪ ،‬بل إدراك طفلك لفكرة أ ّنك‬ ‫تحبّه سواء أكان ملتزما ً بقوانينك األخالقيّة الخاصّة‪،‬‬ ‫أو كانت له قوانين أخالقيّة خاصّة به متميّزة عن‬ ‫تلك التي لديك‪ ،‬فتقليل النقد الدائم وتحويله إلى نقاش‬ ‫وإلغاء العقاب وتحويله إلى القبول بقيام تجارب‬ ‫وخبرات خاصّة به وتقبّله وحبّه كيفما كان‪ ،‬هي‬ ‫األمور التي تزيد من احتماليّة الصحّ ة النفسيّة عنده‪.‬‬

‫ريم احلاج‬

‫فاعالت في‬ ‫صياغة العقد‬ ‫ال نستطيع القول إنّ الحركة النسويّة ما صاغت خطابا ً‬ ‫ديمقراط ّياً‪ ،‬ففي الواقع ك��ان هناك ع��دد من الحركات‬ ‫والمبادرات والتجمّعات النسويّة‪ ،‬ح ّتى قبل الثورة‪ ،‬عملت‬ ‫جاهدة على صياغة ووضع أسس نظريّة متكاملة حول كيفيّة‬ ‫جندرة القوانين وطرق مشاركة المرأة في كا ّفة محاور العمل‬ ‫السياسيّ والمدنيّ ‪ .‬العديد من هذه الحركات عملت على‬ ‫وضع برامج عمل لتطبيق رؤيتهنّ وآرائهنّ في المجتمع‬ ‫وعملت جاهدة ‪ -‬وال تزال ‪ -‬على المحافظة على مواقعها‬ ‫ودورها الفاعل؛ أمّا هل استطاعت‪ ،‬ح ّتى اآلن‪ ،‬أخذ دورها‬ ‫بشكل كامل ودون معوقات؟‬ ‫الجواب‪ ،‬بالطبع ال‪ .‬وذلك ليس بسبب عدم ج ّديتها أو كفاءتها‪،‬‬ ‫بل ألسباب تتعلّق باالستبداد السياسيّ واالجتماعيّ والدينيّ ‪.‬‬ ‫وإلزالة هذا االستبداد الب ّد من العمل المتواصل والغير ملول‬ ‫جنبا ً إلى جنب بين النساء المؤمنات بطاقاتهنّ وقدراتهنّ‬ ‫وبين الذكور المؤمنين والداعمين لفكرة المشاركة والمقتنعين‬ ‫بأه ّميّة دور المرأة وضرورته إلنجاح أيّ عمل سياسيّ‬ ‫ومدنيّ ‪ .‬وأعتقد أنّ ما وصلت إليه الحال في سورية ‪ -‬ليس‬ ‫بما يخصّ المرأة فقط بل بما يخصّ جميع مكوّ نات المجتمع‬ ‫ يجب أن يكون عابراً وأش ّدد على كلمة (يجب) إذ أرى أ ّنه‬‫علينا أن نكون مقتنعين بضرورة العمل والوعي الشديد تجاه‬ ‫ما يحدث ويكون هدفنا جعله عابراً‪ .‬فما يحدث اليوم وما‬ ‫وصلت سورية إليه ال يشبه وال ينسجم مع المجتمع السوريّ‬ ‫المتنوّ ع الخلفيّات الثقافيّة والدينيّة والقوميّة التي كانت على‬ ‫تعايش مع بعضها خالل عقود من الزمن‪ ،‬أمّا إمكانيّة تجاوزه‬ ‫فيجب أن تكون من خالل العمل الدؤوب والجا ّد والصادق‪.‬‬ ‫وأرى أنّ صـياغة فعل جماعيّ إلقامة «دولــة ديمقراطيّة»‬ ‫يت ّم الوصول عبرها إلى عقد اجتماعيّ وسياسيّ جديد دون‬ ‫أن تكون المرأة العبا ً رئيس ّيا ً فيه أمر غير ممكن؛ فال يمكن‬ ‫صياغة عقد اجتماعيّ وسياسيّ دون أن يكون ناقصا ً إن‬ ‫لم تكن النساء من مكوّ ناته األساسيّة‪ ،‬ولتكون النساء مكوّ نا ً‬ ‫أساس ّيا ً ال ب ّد من التشاركيّة في ك ّل خطوة با ّتجاه صياغة هذا‬ ‫العقد من البداية وح ّتى إقراره‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات النسويّة في اإلستمرار‬ ‫هنا‪ ،‬يكمن دور النساء‬ ‫بالنضال من أجل إيصال أصواتهنّ وآرائهنّ لك ّل محفل أو‬ ‫جهة معنيّة بالتخطيط والعمل لوضع هذا العقد‪ ،‬والعمل ليكنّ‬ ‫أساسا ً في مكوّ ناته واالستمرار باالحتجاج واالعتراض على‬ ‫أيّة خطوة ال يكنّ فاعالت أو مأخوذة بعين االعتبار آرائهنّ‬ ‫ومطالبهنّ فيها‪.‬‬

‫كفاح علي ديب‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫تحقيقات‬

‫طلاّ ب سورّيون فرحون في «قزلتبّه»!‬

‫قلّما رأينا طلاّ با ً سوريّين فرحين في المدارس‬ ‫السوريّة في تركيا لكثرة ما يعانونه من نقص في‬ ‫الكتب‪ ،‬وقلّة في عدد وا ّتساع الصفوف‪ ،‬وكلفة كبيرة‬ ‫في المواصالت‪ ،‬أمّا هنا في «قزلتبّه» وهي مدينة‬ ‫تابعة لمحافظة «ماردين» التركيّة‪ ،‬وتبعد ع ّنها خمسة‬ ‫وعشرين كيلو متراً وتقع مقابل مدينة الدرباسيّة‬ ‫السوريّة‪ ،‬فقد شاهدنا عكس ذلك تماماً‪ .‬فعندما وصلنا‬ ‫إلى المدرسة رأينا الطلاّ ب فرحين بمجيء مجموعة‬ ‫من المعلّمين من تركيا وقد أتوا بألبسة شتويّة متنوّ عة‬ ‫للطلاّ ب!‬ ‫آراء اّ‬ ‫الطلب وأوليائهم‬ ‫قبل ك ّل شيء التقينا بوالدة أحد الطلاّ ب وثالثة من‬ ‫الطالبات حيث أفادونا باآلتي‪:‬‬ ‫والدة أحد الطلاّ ب وهي السيّدة بيمان محمّد علي‬ ‫من رأس العين (سري كانيه) قالت‪ :‬ابني في الصفّ‬ ‫الثالث‪ ،‬وال توجد مشاكل ال في المواصالت وال بالنسبة‬ ‫للكتب‪.‬‬ ‫الطالبة جيالن شيخ موس من عامودا قالت كذلك‪ :‬أنا‬ ‫في الصفّ الرابع ال توجد مشاكل واألمور تسير بشكل‬ ‫جيّد حيث المواصالت مؤمّنة‪ ،‬وكذلك الكتب وأريد‬ ‫العودة للوطن أل ّني ال أحبّ الغربة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المزة‪ ،‬أيضا ً قالت‪:‬‬ ‫نور الهدى محمّد من دمشق –‬

‫أنا في الصفّ السابع ال توجد مشاكل‬ ‫والكتب مؤمّنة ونحن مرتاحون والحمد هلل‬ ‫ال أريد العودة على الوطن حيث ال يوجد‬ ‫عمل وعائلتنا كبيرة‪.‬‬ ‫فاطمة طاهر من رأس العين (سري‬ ‫كانيه) لم يختلف رأيها عن زميالتها فقد‬ ‫قالت‪ :‬أنا في الصفّ السادس وال أعاني‬ ‫من مشاكل في المدرسة‪ ،‬آتي للمدرسة‬ ‫مشيا ً ألنّ المدرسة قريبة‪ ،‬ومدرستي جميلة‬ ‫وأحبّها‪ ،‬لك ّني أريد العودة إلى الوطن وال‬ ‫أحبّ الغربة‪.‬‬ ‫ماذا تقول اإلدارة؟‬ ‫توجّ هنا لإلدارة لنستطلع رأي األستاذ‬ ‫محيي الدين أوغلو‪ ،‬وهو تركيّ الجنسيّة‪ ،‬مدير مدرسة‬ ‫البنيان‪ ،‬وقد ت ّم تعيينه من قبل جمعيّة شفق التركيّة‪،‬‬ ‫فأفادنا بما يلي ‪ :‬لقد ت ّم افتتاح المدرسة في ‪2013/10/1‬‬ ‫وعدد الطلاّ ب يتجاوز السبعمائة طالب وعدد المعلّمين‬

‫ّ‬ ‫موظفين وهم‬ ‫لدينا تسعة عشر معلّما ً وثالثة‬ ‫المدير ومعاونه وأمين السرّ ‪ ،‬كان هنالك‬ ‫مشكلة تأمين روات��ب المعلّمين‪ ،‬واآلن‬ ‫قائمقام «قزلتبه» ومديرية التربية تك ّفال‬ ‫بذلك‪ ،‬أمّا الكتب فهي متو ّفرة وال يوجد‬ ‫مشكلة بخصوص تأمين الكتب وبالنسبة‬ ‫للمراحل الدراسيّة الموجودة في المدرسة‬ ‫فهي من الصفّ األوّ ل إلى الصفّ العاشر‬ ‫بإستثناء الصف الثامن ألنّ المدرسة صغيرة‬ ‫وال تحتمل أعداداً أكبر من الطلاّ ب‪ ،‬ولكن‬ ‫في الفصل الثاني سوف يكون هناك صفّ‬ ‫ثامن بعد دمج شعبتين من الصفّ السابع مع‬ ‫بعضهما البعض‪ ،‬أمّا المواصالت فقد تك ّفل‬ ‫القائمقام هنا بتأمينها‪ ،‬حيث يدفع أجور باصات نقل‬ ‫الطلاّ ب من وإلى المدرسة لبيوتهم بأمان‪ ،‬و تحتوي‬ ‫المدرسة على دوامين صباحيّ ومسائيّ ‪.‬‬ ‫ألبسة لدفء الطلاّ ب‬

‫بعد ذلك التقينا بأحد المعلّمين األتراك الذين جلبوا‬ ‫األلبسة وأدخلوا الفرحة إلى قلوب الطلاّ ب فح ّدثنا قائالً‪:‬‬ ‫اسمي عمر علي أتايسش وأنا معلّم في مدرسة بريف‬ ‫«قزلتبه» تواصلت مع أصحاب الخير في إسطنبول‬ ‫ألجل مساعدة الطلاّ ب السوريّين فوصلني ‪ 880‬قطعة‬ ‫من ألبسة وأحذية وقبّعات ول ّفاحات‪ ،‬فأتيت مع سبعة‬ ‫معلّمين آخرين وقمنا بتوزيعها على الطلاّ ب؛ السوريّون‬ ‫إخوتنا وحدث لهم ما حدث لسيّدنا محمّد (ص) عندما‬ ‫هاجر وساعده األنصار‪ ،‬والشيء الذي قمنا به قليل‬ ‫قياسا ً لما يعانيه طلاّ بنا السوريّون‪ ،‬وك ّل هذا امتحان لنا‬ ‫الختبار إنسانيّتنا وديننا‪ ،‬وما نقوم به أق ّل شيء يجب‬ ‫تقديمه لهؤالء الصغار الذين يستح ّقون أكثر‪ ،‬وإن شاء‬ ‫هللا ستكون األيّام القادمة أفضل ونستطيع خدمة إخوتنا‬ ‫السوريّين ومساعدتهم أكثر ونشكر من أدخل الفرحة‬ ‫إلى قلوب هؤالء الطلاّ ب‪.‬‬ ‫بقليل من اإلنسان ّية نحصد الفرحة‬ ‫ما قام به هؤالء المعلّمون من جلب األلبسة وإدخال‬ ‫الفرحة لقلوب الطلاّ ب أمر جميل‪ ،‬فلو قامت الجمعيّات‬ ‫السوريّة التي تش ّكلت في تركيا بما قام به هؤالء ما ك ّنا‬ ‫رأينا طالبا ً واحداً يرتجف في هذا الشتاء الذي أضاف‬ ‫إلى معاناة السوريّين معانا ًة أخرى‪.‬‬

‫احملامي علي كولو‬

‫سورّيون وأطفالهم ‪ ...‬على قارعة الطريق‬

‫«هللا ال يو ّفق اللي كان السبب» بهذه الجملة بدأت‬ ‫«فريدة» حديثها ونحن نقترب منها‪« ،‬فريدة» قادمة‬ ‫من حيّ الصاخور بحلب‪ ،‬أ ّم لخمسة أطفال أكبرهم ال‬ ‫يتجاوز ‪ 15‬عاماً‪ ،‬فقدت زوجها وال يوجد لديها أيّة‬ ‫معلومات عنه‪ ،‬تقول‪ :‬خرج لعمله كالعادة ولم يرجع‪،‬‬ ‫بحثت عنه كثيراً بدون فائدة‪ ،‬لقد مضى على اختفائه‬ ‫أكثر من سنة‪ ،‬لك ّنني لم أفقد األمل وأنتظر عودته‪.‬‬ ‫سنوات األلم‬ ‫ُتح ّدثنا فريدة قائلة‪ :‬بعد القصف المستمرّ لم نجد طريقا ً‬ ‫إلاّ الهروب‪ ،‬عانينا الكثير من المصاعب ح ّتى وصولنا‬ ‫إلى تركيا‪ ،‬وبعد أن وصلنا إلى «غ��ازي عنتاب»‬ ‫وجدنا أنفسنا مرميّين على الطريق بدون مأوى وهذا‬ ‫حالنا منذ ‪ 20‬يوماً‪ ،‬نجلس من الصباح هنا أمام هذا‬ ‫المنزل أنا واألطفال وعند المساء ندخل إلى ذلك المكان‬ ‫الخرب لننام فيه‪ ،‬وتضيف اضطررت إلرسال األوالد‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫األربعة للبحث عن أيّ عمل مهما كان شا ّقاً‪ ،‬ح ّدثتنا‬ ‫األ ّم عن صعوبة ما تعرّ ضت له مع أطفالها خالل‬ ‫األربع سنوات الماضية‪ ،‬عن ألم التشرّ د والنزوح من‬ ‫مكان آلخر وعن صعوبة تأمين مكان يقيها وأطفالها‬ ‫برد الشتاء وحرّ الصيف‪ ،‬وعن األمراض المزمنة التي‬ ‫أصيبت بها من روماتيزم وتسرّ ع في القلب‪.‬‬ ‫مرام‪ ،‬الطفلة الصغرى التي ال يتجاوز عمرها ‪5‬‬ ‫سنوات تختبئ خلف أمّها وتنظر إلينا بنظرات كلّها‬ ‫استغراب‪ ،‬مرام الطفلة السوريّة التي شوّ ه التشرّ د‬ ‫مالمح طفولتها البريئة الغضّة‪.‬‬ ‫وخ ّيم الصمت‬ ‫بعد وصول األطفال األربعة الواحد تلو اآلخر‪،‬‬ ‫واجتماع األسرة‪ ،‬أتيح‬ ‫لنا الحديث معهم واالستماع لرغباتهم وأمانيهم‪.‬‬ ‫رامي ذو ‪ 15‬عاماً‪ ،‬يح ّدثنا قائالً‪ :‬اليوم استطعت‬ ‫أنا وأخوتي جمع الكثير من العبوّ ات‬ ‫البالستيكيّة الفارغة‪ ،‬وسنشتري بثمنها‬ ‫خبزاً والقليل من الخضر‪ ،‬ويضيف إ ّنني‬ ‫حزين ج� ّداً أل ّنني ال أستطيع الحصول‬ ‫على عمل أساعد به والدتي وأشتري لها‬ ‫الدواء‪ ،‬ما نريده أنا وأخوتي هو أن نجد‬ ‫عمالً ونسكن بيتا ً ح ّتى لو كان «خرابة‬ ‫مهجورة»‪ ،‬وعند سؤالنا له عمّا كان‬ ‫يعمل في سورية قبل نزوحهم‪ ،‬وهل‬ ‫ارتاد المدرسة أم ال؟ أجاب‪ :‬أ ّنه لم يتابع‬ ‫دراسته بسبب ما يتعرّ ض له الحيّ من‬ ‫قصف‪ ،‬وأنه فضّل العمل على الدراسة‬ ‫لكسب لقمة العيش‪ ،‬وأضاف‪ :‬كنت أعمل‬

‫أنا وأخي األصغر في ورشة تصليح للسيّارات وك ّنا‬ ‫نتقاضى أجرنا ك ّل أسبوع‪ ،‬هنا يتجرّ أ بشير األخ‬ ‫األصغر ذو ‪ 11‬عاما ً ليكمل الحديث الذي تو ّقف عنده‬ ‫رامي فيقول‪« :‬كان ع ّنا بيت وفرش ننام عليها ‪ ..‬بس‬ ‫القصف ما خالنا نضل ببيتنا ‪ ..‬أنا كنت بحبّ مدرستي‬ ‫كتير»‪ ،‬وهنا نتوجّ ه له بالسؤال‪ ،‬ولماذا تركت الدراسة؟‬ ‫يجيب بشير‪:‬‬ ‫«أل ّنو ما خلّو مدرسة وما قصفوها»‪ ،‬أمّا الطفلة‬ ‫مها التي تبلغ من العمر ‪ 13‬عاما ً فكانت خجولة ولم‬ ‫تتكلّم أيّة كلمة ح ّتى عندما حاولنا سؤالها عمّا إذا كانت‬ ‫ترغب بالعودة إلى مقاعد الدراسة‪ ،‬فاقتصرت إجابتها‬ ‫بأن أومأت برأسها بنعم‪ ،‬في هذه اللحظات خيّم صمت‬ ‫في المكان كسرته تنهدات األم فريدة «إيه هللا يفرجها‬ ‫علينا يا بنيّتي»‪ ،‬هنا توجّ هنا للطفلة منال ‪ 9‬أعوام‬ ‫بسؤالنا فيما إذا كانت ترغب بالدراسة‪ ،‬فأجابت‪« :‬أنا‬

‫ما سجّ لت بالمدرسة وما تعلّمت القراءة وما بعرف شو‬ ‫يعني اتعلّم»‪.‬‬ ‫إلى من يه ّمه األمر‬ ‫ث ّم توجّ هنا لأل ّم بسؤالنا لها عمّا إذا كانت سمعت‬ ‫بالحكومة المؤ ّقتة؟ وهل تحصل على مساعدات من‬ ‫ّ‬ ‫منظمات اإلغاثة؟ كانت إجابتها‪ :‬أنا ال أعرف عن أيّة‬ ‫حكومة تتح ّدثون فلم أسمع أبداً عنها وإ ّنما هناك مكان‬ ‫ذهبنا إليه وأعطونا سلّة غذائيّة فقط‪ ،‬ح ّتى أ ّنني أريد أن‬ ‫أذهب إلى الطبيب ولك ّني أستطيع‪ ،‬آمل الحصول على‬ ‫أيّ عمل نستطيع به أن نأخذ بيتا ً ونرتاح من الجلوس‬ ‫على الرصيف فالحال التي نحن عليها ال يمكن لمخلوق‬ ‫أن يحتملها‪.‬‬ ‫فريدة وأطفالها الخمسة ليست الوحيدة التي تعاني‪،‬‬ ‫وليست المشرّ دة الوحيدة أيضا ً فمثلها كثر من األمّهات‬ ‫السوريّات اللواتي فقدن ك ّل ما يحتاجه اإلنسان من‬ ‫حاجات أساسيّة من مسكن وملبس‪ ،‬فريدة‬ ‫تحلم كما جميع األمّهات بإرسال أطفالها‬ ‫إلى المدرسة‪ ،‬تحلم بعمل تستطيع به‬ ‫تأمين لقمة أطفالها لتحميهم من التشرّ د‬ ‫والتسوّ ل‪.‬‬ ‫وهنا نتوجّ ه إلى من يهمّه األمر بأ ّننا‬ ‫نحن السوريّين إذا لم نم ّد يد العون‬ ‫ونتساعد في إيجاد الح ّل وتأمين فرص‬ ‫العمل لهكذا حاالت فلن نستطيع أن نجد‬ ‫الحلول لقضايا كثيرة‪ ،‬علينا البدء من‬ ‫األساس والعمل على جميع الصعد من‬ ‫أد ّقها إلى أعقدها‪.‬‬

‫فلك اخلالد‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ملف العدد‬

‫حوار العدد مع‬ ‫ب ّسام القوّتلي‪ ،‬مواطن سور ّي عاش يف كندا إىل حني إندالع‬ ‫الثورة السوريّة يف ‪ ،٢٠١١‬اختصاص ّي قانون هجرة‪ ،‬درس‬ ‫املاجستري يف حقل حتليل وإدارة النزاعات‪ .‬مل يرتدّد يف خّ‬ ‫اتاذ‬ ‫موقف صريح وواضح إىل جانب الثورة السوريّة‪ .‬انض ّم إىل‬ ‫ين السور ّي يف مؤمتره األوّل وانسحب منه الحقاً‬ ‫اجمللس الوط ّ‬ ‫يف ‪ .٢٠١٣‬عمل لفرتة قصرية كمدير ملشاريع السلم األهل ّي‬ ‫والقضاء والشرطة يف وحدة تنسيق الدعم ومن ث ّم آثر العمل‬ ‫مع اجملتمع املدن ّي بعيداً عن مؤ ّسسات املعارضة‪.‬‬ ‫في سعيها لفتح فضاءات الحوار السوريّ التقت صحيفة‬ ‫«كلّنا سوريّون» مع األستاذ بسّام القوّ تلي وكان هذا‬ ‫الحوار‪:‬‬ ‫األول للمجلس‬ ‫كنتم عضواً في المؤتمر‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‬ ‫السوري نهاية ‪ ،2011‬أين المجلس‬ ‫الوطني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليوم؟ ومن يمثل الثورة بعد مرور أربع سنوات؟‬ ‫انضممت إلى المجلس الوطنيّ السوريّ في أوّ ل توسعة‬ ‫له قبل المؤتمر األوّ ل‪ .‬كانت تجربة جديدة للكثيرين من‬ ‫ّ‬ ‫المنظم‪،‬‬ ‫جيلي الذين إنخرطوا حديثا ً في العمل السياسيّ‬ ‫لألسف لم يستغرقنا الكثير من الوقت لنكتشف تخندق‬ ‫بعض القوى السياسية وشيوخ المعارضة في مناصبهم‬ ‫الجديدة وكيف أ ّنهم ينظرون إلينا كـ (ديكور) إلضفاء‬ ‫الشرعيّة عليهم‪.‬‬ ‫قمنا بالكثير من المحاوالت للتواصل وترسيخ أسس‬ ‫العمل الجماعيّ ‪ ،‬ولألسف كلّها باءت بالفشل‪.‬‬ ‫بالنسبة لوضع المجلس الوطنيّ اليوم‪ ،‬فلك ّل شيء في‬ ‫التاريخ مرحلته‪ ،‬ومرحلة المجلس الوطنيّ قد إنتهت‪،‬‬ ‫أي أنّ التاريخ قد تجاوزه أل ّنه لم يتم ّكن من ترسيخ‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫السنة الثانية‬

‫بسام الق ّوتلي‬ ‫ّ‬

‫موقعه والقيام بالدور المطلوب منه‪ .‬وحتى نكون‬ ‫عادلين‪ ،‬فهنالك عوامل خارجيّة نضيفها إلى مشاكل‬ ‫المجلس الداخليّة قد تسبّبت بانتهاء دور المجلس‪.‬‬ ‫بالنسبة للشعب ال��س��وريّ فهو ال يشكي م��ن قلّة‬ ‫ّ‬ ‫الممثلين وإ ّنما من كثرتهم‪ ،‬وقلّة منهم تحمل هموم‬ ‫الشعب السوريّ ‪ .‬ما نعاني منه حال ّيا ً هو صراع بين‬ ‫إيديولوجيّات ومصالح مختلفة ت ّدعي كلّها تمثيل الشعب‬ ‫السوريّ ‪ .‬لك ّنني واثق من أنّ هنالك جيالً جديداً يبدو‬ ‫أكثر إستعداداً لتق ّدم الصفوف والعمل بطرق أكثر‬ ‫عصريّة وواقعيّة مع هموم هذا الشعب‪.‬‬

‫ّ‬ ‫مدني ث ّم تضمحلّ‪،‬‬ ‫منظمات مجتمع‬ ‫تنشط‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫بسام؟ وكيف تنظرون إلى أه ّم ّية دورها؟‬ ‫لماذا أستاذ ّ‬ ‫المجتمع المدنيّ السوريّ حُرم من أداء دوره وخنق‬ ‫صوته ألكثر من خمسين سنة‪ ،‬ولذلك فمن الطبيعيّ بعد‬ ‫رفع الكمامة عنه أن يبدأ بصرخة كبيرة وأن تتحوّ ل‬ ‫هذه الصرخة تدريج ّيا ً إلى كلمات مفهومة‪ .‬هذا ما‬ ‫يحصل حال ّياً‪ ،‬فقد بدأت الصرخة بتش ّكل مئات ّ‬ ‫منظمات‬ ‫المجتمع المدنيّ ‪ ،‬وتدريج ّيا ً إختفى بعضها أل ّنه لم يش ّكل‬ ‫أكثر من ضجيج وبدأ بعضها اآلخر بالتعاون والعمل‬ ‫المشترك لتشكيل كلمات مفهومة يمكن اإلستفادة منها‬ ‫في حوار جديد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ليست بديالً عن الدولة‬ ‫واألح��زاب والعسكر ولك ّنها جزء مه ّم وضروري‬ ‫لتحقيق التوازن في أيّ مجتمع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ مضطرّ ة حال ّيا ً‬ ‫لألسف‪ ،‬فإنّ‬ ‫ألنّ تعمل في توفير الغذاء والدواء والماء والكهرباء‬

‫وكلّها وظائف يجب أن تقوم بها الحكومات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ فعل ّيا ً‬ ‫لكنّ دور‬ ‫هو الرقابة على الحكومات وحماية حقوق‬ ‫المواطن والتأثير في السياسات‪ .‬تدريج ّيا ً نرى‬ ‫أ ّنها قد بدأت بلعب دورها الطبيعيّ رغم ك ّل‬ ‫الصعوبات التي تواجهها‪.‬‬ ‫ي��رى البعض أنّ الحكومة‬ ‫• ‬ ‫السور ّية المؤ ّقتة لم تقدّ م‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫أخرت‪ ،‬ما هو تقييمكم ألدائها؟‬ ‫ل�لأس��ف‪ ،‬غلبت ص��راع��ات‬ ‫ال��س��ل��ط��ة ع��ل��ى ن��ش��اط��ات‬ ‫ال��ح��ك��وم��ة ال��س��ور ّي��ة‬ ‫المؤقتة وتدريج ّيا ً‬ ‫ّ‬ ‫تمثل‬ ‫أص��ب��ح��ت‬ ‫ل���ون���ا ً واح�����داً‬ ‫عاجزاً عن تقديم‬ ‫أيّ ش��يء مفيد‬ ‫للشعب السوريّ ‪.‬‬ ‫إلى اآلن نرى أنّ الحكومة المؤ ّقتة قد استنسخت شكل‬ ‫النظام السوريّ في التوظيف والعمل واألداء‪ .‬المجتمع‬ ‫الدوليّ أيضا ً لم يلعب دوراً إيجاب ّيا ً في دعم الحكومة‬ ‫للقيام بعملها‪ ،‬أو في الضغط عليها لتوضيف الكفاءات‬ ‫التي يحتاجها العمل‪ .‬فشل الحكومة كان مناسبا ً للمجتمع‬ ‫الدوليّ الذي ال يريد مواجهة مسؤوليّاته في سورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتدخل بشكل إيجابيّ ‪.‬‬ ‫ولذلك فهو لم‬ ‫هنالك اقتراحات عديدة لتشكيل «أجسام‬ ‫• ‬ ‫انتقال ّية» باالشتراك بين «معارضة ومواالة» وهنالك‬

‫‪5‬‬

‫م��ب��ادرات ول��ق��اءات مختلفة‪ ،‬هل‬ ‫توجد إمكان ّية إلج��راء ح��وار مع‬ ‫النظام؟‬ ‫الحوار مع النظام هو كحوار فتاة‬ ‫مغتصبة مع من قام بإغتصابها‪.‬‬ ‫أيّ ح��وار حال ّيا ً هو حوار‬ ‫يهدف للحفاظ على النظام‬ ‫وبشكله الحاليّ مع‬ ‫بعض التعديالت‬ ‫ال��ش��ك��ل��يّ��ة‪.‬‬ ‫ال�����ن�����ظ�����ام‬ ‫مستع ّد لتسليم‬ ‫ال���ح���ك���وم���ة‬ ‫لجسم انتقاليّ‬ ‫على أن يحافظ‬ ‫على األجهزة‬ ‫األمنيّة والجيش‬ ‫ف��ي ي���ده‪ ،‬ممّا‬ ‫يعني أ ّنه يستطيع أن يحمي نفسه ويحمي مصالحه‬ ‫السياسيّة واالقتصاديّة بينما تلعب الحكومة االنتقاليّة‬ ‫دور الواجهة للنظام ح ّتى ّ‬ ‫تغطي على سرقاته وفساده‪.‬‬ ‫هذا شبيه بما يحصل في بعض األنظمة الملكيّة التي‬ ‫تحافظ على السلطات الرئيسيّة في القصر الملكيّ ‪،‬‬ ‫بينما تسمح بتشكيل برلمانات يستطيع الملك حلّها في‬ ‫أيّة لحظة عندما ال تقوم بالمطلوب منها‪.‬‬ ‫القوتلي‪ ،‬شكراً جزيالً‪.‬‬ ‫• ‬ ‫بسام ّ‬ ‫أستاذ ّ‬

‫حاوره ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫س ْي ُل «بيان الحليب»‬ ‫َ‬

‫مع األيّام األولى للثورة السوريّة‪ ،‬وتحديداً في ‪ 28‬آذار‬ ‫‪ 2011‬و ّقعت مجموعة من الك ّتاب والصحفيّين بيانا ً‬ ‫أطلق عليه اسم «بيان الحليب» أو تحت سقف الوطن‪،‬‬ ‫جاء فيه‪:‬‬ ‫ث التي نعي ُ‬ ‫شها في بلدنا سورية‬ ‫«بنا ًء على األح��دا ِ‬ ‫ّ‬ ‫بإيصال صوتِنا إلى أهلنا‬ ‫مؤخراً وانطالقا ً من رغبتنا‬ ‫ِ‬ ‫داخل الوطن وخارجه‪ ،‬وحرصا ً م ّنا على وحد ِة البال ِد‬ ‫دور‬ ‫منطق الحكم ِة‬ ‫ب‬ ‫وسالم ِة مواطنيها‪ ،‬وتغلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتفعيل ِ‬ ‫ب باتجا ِه حال ِة ردو ِد األفعال‪ ،‬نعلنُ‬ ‫العقل‬ ‫وعدم الذها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحنُ كمجموع ٍة من الفنانين موقفنا مما يجري من‬ ‫أحداث‪.‬‬ ‫ً‬ ‫األسر‬ ‫ببالغ العزا ِء ألنفسنا كسوريّين ولك ِّل‬ ‫بداية نتقد ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التي فقدت أحداً من أبنائها ممّن سقطوا شهداء في هذه‬ ‫ث المؤسفةِ‪ ،‬وعليه فإ ّننا ندعو إلعالن حدا ٍد‬ ‫األح��دا ِ‬ ‫أرواح‬ ‫أيام في عموم سوريا على‬ ‫وطنيّ لم ّدة ثالث ِة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫شهدائنا في محافظة درع��ا وباقي محافظات بلدنا‬ ‫الحبيب‪ ،‬كما ونطالب بمحاسبة ك ّل من تسبّب في إراق ِة‬ ‫تلك الدماء الغالية وكشف المالبسات التي أ ّدت إلى هذه‬ ‫االضطرابات بشفافيّة تامّة‪.‬‬ ‫كما ونعلنُ عن تأييدنا ألي حراكٍ سلميٍّ يح ّق ُق كرام َة‬ ‫وح��رّ ّي��ة ورف��ع مستوى معيشة المواطن السوريّ‬ ‫التحريض‬ ‫أشكال‬ ‫شكل من‬ ‫أي‬ ‫ونعارضُ وبش ّد ٍة َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫والتجييش الذي من شأنه أن يأخذ البالدَ إلى حال ٍة َ‬ ‫الفوضى والخراب والدمار مؤ ّكدين أنّ تقديرنا بالغ‬ ‫لمستوى الوعي‬ ‫الكبير الذي أظهره الشار ُع السوريّ‬ ‫ِ‬ ‫بك ّل فئاته وأطيافه‪.‬‬ ‫ت اإلصالح ّي َة التي اُعلن عنها‬ ‫إ ّننا نشي ُد ونثمّنُ الخطوا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِبل القياد ِة السياس ّي ِة ونؤ ّك ُد على ضرور ِة‬ ‫مؤخراً من ق ِ‬ ‫وإتمام ما بُدء من إصالحات سواء‬ ‫اإلسراع في تنفيذها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتعلّقة باإلصالح السياسيّ واالقتصاديّ واالجتماعيّ ‪،‬‬ ‫كإيقاف العمل بقانون الطوارئ ورفع مستوى معيشة‬ ‫المواطن ومحاربة الفساد وإط�لاق سراح السجناء‬ ‫ب‬ ‫السياسيّين ومعتقلي الرأي وإصدار قانون األحزا ِ‬ ‫الحوار الوطنيّ الحرِّ‬ ‫وفتح باب‬ ‫ِتفعيل التواصل‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جسور الثق ِة بين المواطن‬ ‫والش ّفاف إلع��اد ِة بنا ِء‬ ‫ِ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ومؤسساته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بما أنَّ الفنَّ هو المحصلة الحضاريّة لألمّة فإننا كفنانين‬ ‫سوريّين ندر ُ‬ ‫ك أنَّ ك ّل ما ح ّققناه ما هو إلاّ انعكاس‬ ‫صادق لحال ِة مجتمعنا الذي ننتمي إليه ونحن ملتزمون‬ ‫ومعنيّون بك ّل ما يح ّقق آماله وتطلّعاته وأحالمه‬ ‫َ‬ ‫تحت سقفِ الوطن‪.‬‬ ‫وطموحاتِه المشروع ِة‬ ‫الموقعون‪:‬‬ ‫النوري‪ ،‬باسم‬ ‫بسام كوسا‪ ،‬عباس‬ ‫ّ‬ ‫ريما فليحان‪ّ ،‬‬ ‫عساف‪،‬‬ ‫ياخور‪ ،‬فؤاد حميرة‪ ،‬نضال سيجري‪ ،‬رشيد ّ‬ ‫لحام‪ ،‬رافي وهبي‪ ،‬عابد فهد‪،‬‬ ‫باسل خ ّياط‪ ،‬دريد ّ‬ ‫حجو‪ ،‬سيف الدين‬ ‫طاهر ماملي‪ ،‬جمال سليمان‪ ،‬الليث ّ‬ ‫سبيعي‪ ،‬أيمن زيدان‪ ،‬فادي صبيح‪ ،‬صفوان داحول‪،‬‬ ‫حكمت داوود‪ ،‬شكران مرتجى‪ ،‬مح ّمد حداقي‪ ،‬أمل‬ ‫عرفة‪ ،‬مح ّمد الشيخ نجيب‪ ،‬عبد المنعم عمايري‪،‬‬ ‫سمير كويفاتي‪ ،‬ميادة بسيليس‪ ،‬قيس الشيخ نجيب‪،‬‬ ‫حجو‪ ،‬نجيب نصير‪ ،‬أحمد‬ ‫عبد الحكيم قطيفان‪ ،‬عمر ّ‬ ‫اّ‬ ‫معل‪ ،‬سالفة معمار‪ ،‬يارا صبري‪ ،‬منى واصف‪ ،‬رامي‬ ‫ح ّنا‪ّ ،‬‬ ‫عزة البحرة‪ ،‬ثائر موسى‪...‬‬ ‫وعلى الفور بدأت حملة ض ّد من و ّقعوا‪ ،‬جعلت بعضهم‬ ‫يُصدر بيانا ً معاكسا ً لبيان الحليب؛ ولكنّ البعض اآلخر‬ ‫آثر أن يكون سور ّيا ً حقيق ّياً‪ ،‬فكتب المخرج السوريّ‬ ‫ثائر موسى‪:‬‬

‫بلغ السيل الزبى‬

‫«…‪..‬القصّة بدأت بعد أن نشرت مقالتي بعنوان (ماذا‬ ‫ستقولون ألوالدك��م يا أيّها األب��واق الصدئة) والتي‬ ‫تح ّدثت فيها عن التضليل اإلعالميّ الذي مارسته‬ ‫بعض الشخصيّات اإلعالميّة السوريّة‪ ،‬وكذلك قنوات‬ ‫اإلعالم الرسميّ فيما يخصّ حادثة قرية البيضا… منذ‬ ‫ّ‬ ‫عزة البحرة‪،‬‬ ‫ذلك الوقت انهالت علي وعلى زوجتي‬ ‫التي نشرت مقالتي أيضا على صفحتها‪ ،‬مجموعة من‬ ‫الرسائل والتهديدات‪ ..‬رسائل تحتوي من الكالم البذيء‬ ‫و قلّة األدب ما يندى له الجبين‪ ..‬وتهديدات «ألطفها»‬ ‫يبدأ برفع دعوى قضائيّة عليّ بتهمة إثارة الفتنة؟؟؟!!!‬ ‫ويصل البعض منها إلى التهديد باألذى والوعيد بالثأر‬ ‫الدموي‪..‬‬

‫قرّ رت أن ال أر ّد بعد ذلك على أحد‪ ،‬ولكن ما حدث‬ ‫بعد «بيان الحليب» عن أطفال درعا‪ ،‬والذي و ّقعت‬ ‫عليه ضمن مجموعة من المث ّقفين السوريّين من كتاب‬ ‫وف ّنانين وصحفيّين وآخرين‪ ..‬حملة مسعورة ت ّم ش ّنها‬ ‫ليس فقط من بعض وسائل اإلعالم‪ ،‬وإ ّنما أيضا ً من‬ ‫ف ّنانين وف ّنانات‪ ،‬وصلت لهجة البعض منهم في كيل‬ ‫اال ّتهامات إلى درجة من االبتذال المخزي‪ ،‬ودرجة من‬ ‫العدائيّة غير المسبوقة‪ ،‬ما يجعلك مذهوال لك ّم الشرّ‬ ‫الموجود في قلوبهم‪ ،‬وأؤ ّكد هنا على الشرّ ‪ ،‬فالموضوع‬ ‫يتع ّدى االختالف بالرأي‪ ،‬ليصل إلى شرّ متأصّل في‬ ‫نفوس البعض من هذه األصوات‪ ،‬التي تكاد تقترب من‬ ‫المطالبة بمحاكمة « الخونة»؟؟!!!‬ ‫أصوات تمضي في غيّها‪ ،‬فال تكتفي بمصادرة الوطن‬ ‫لنفسها‪ ،‬بل تنتقل للحديث عن العيب‪ ،‬متجاهلة أنّ ذلك‬ ‫مردود عليهم‪ ،‬فالعيب هو تخوين اآلخر أل ّنك مختلف‬ ‫معه بالرأي‪ ..‬والعيب هو استعداء الحكومة والشعب‬ ‫واألرض والسماء على أناس و ّقعوا على بيان أنت غير‬ ‫موافق عليه‪ ..‬والعيب أن تطلب من اآلخر أن يقول ما‬ ‫تراه أنت صحيحاً‪ ،‬أو فليخرس؟؟؟!!!‬ ‫ما هذه األلفاظ‪ ،‬وما هذا المنطق في إقصاء اآلخر؟؟؟!!!‬ ‫هل يصدر مثل ه��ذا الكالم المنكر عن ف ّنان أم‬ ‫جلاّ د؟؟؟!!!‬ ‫هل أنتم الحاكمون بأمر هللا في هذا البلد ح ّتى تكمون‬ ‫األفواه؟؟!!!‬ ‫هل هذه هي القاعدة التي سينطلق منها الحوار في بلد‬ ‫يعيش أزمة تتطلّب الحوار بين أبنائه؟؟؟!!!…‪.‬‬ ‫في ك ّل األحوال‪ ،‬أنا لن أنصّب نفسي متكلّما ً باسم أحد‬ ‫من المو ّقعين‪ ،‬وسأكتب ّ‬ ‫ممثالً لشخصي فقط‪ ،‬وذلك كي‬ ‫ال يُخلق انطباع الحرب بين جهتين‪ ،‬وعليه فإ ّني أقول‬ ‫التالي‪ :‬نعم‪ ،‬تعاطفت مع أطفال درعا‪ ،‬الذين وعلى‬ ‫مدى س ّتة أيّام‪ ،‬لم يتفضّل أيّ مسؤول في الحكومة‪ ،‬وال‬ ‫أيّة وسيلة إعالميّة سوريّة‪ ،‬بإعطائنا أيّ خبر عنهم‪ ،‬بل‬ ‫كانت ك ّل األخبار تتح ّدث عن «إحكام الجيش لقبضته‬ ‫في تطويق مدينة درعا» وعن مالحقته «لعصابات‬ ‫منتشرة في مختلف أنحاء المدينة»‪ ،‬وكانت تلك‬

‫األخبار تتح ّدث إمّا عن «اعتقاالت لمخربين»‪ ،‬أو‬ ‫«شهداء للجيش»‪ ..‬وهكذا في ذلك الجوّ الحربيّ ‪ ،‬الذي‬ ‫لم تتح ّدث عن غيره وسائل إعالمنا السوريّة‪ ،‬فإ ّني‬ ‫كمواطن سوريّ شعرت بالقلق والتعاطف مع أولئك‬ ‫األطفال من بلدي‪ ،‬ومن درعا بالتحديد‪ ،‬تلك المدينة‬ ‫التي ‪ -‬كما أقول دائما ً ‪ -‬ندين لها بك ّل ما وصلنا اليوم‬ ‫إليه من حراك سياسيّ واجتماعيّ ‪ ..‬نعم‪ ،‬تعاطفت معهم‬ ‫ولست نادما ً على ذلك‪ ..‬تعاطفت مع أطفال درعا كما‬ ‫تعاطفت من قبلهم مع أهالي شهداء الجيش في نوى‪،‬‬ ‫وكما تعاطفت مع أهالي ك ّل سوريّ سالت دماؤه على‬ ‫أرض هذا الوطن الحبيب… فهل في هذا التعاطف مع‬ ‫األطفال ما يعيبني؟؟؟‬ ‫أال تخجلون من نفوسكم أنتم الذين تخونونني أل ّني‬ ‫وقفت في لحظة منادياً‪ ،‬مع الذين و ّقعوا‪ ،‬لالنتباه‬ ‫إلى ذلك الطرف الضعيف في ساحة من الرصاص‬ ‫المتبادل‪ ،‬واألجواء المليئة بالتو ّتر والمجهول؟؟؟!!!‬ ‫أترك الجواب لكم‪ ،‬مع نفوسكم‪ ،‬ومع ضميركم …‬ ‫أمّا عن ضميري‪ ،‬فإ ّني مرتاح لما فعلت‪ ،‬ومتأ ّكد أ ّننا‬ ‫بتعاطفنا مع أطفال درعا‪ ،‬لم نقترف ذنباً‪ ،‬ولم نرتكب‬ ‫جريمة‪ ،‬وبالتأكيد فإ ّننا لم نخن وطننا… في الختام‬ ‫أقول لكم‪ ،‬أرى – ويا لشديد أسفي – أنّ الحوار لغة‬ ‫مفقودة في بلدي‪ ،‬وأن تخوين اآلخر أسهل عليكم من‬ ‫شربة ماء… أنتم جعلتموني أتي ّقن بأنّ ما كنت أعوّ ل‬ ‫عليه من خطاب حضاريّ بين أهل بلدي‪ ،‬ما هو إلاّ‬ ‫وهم خدعني‪… ،‬‬ ‫ال سامحكم هللا على ما تقترفون من تجييش للسوريّ‬ ‫ض ّد أخيه السوريّ … ملعون ك ّل من يروّ ج للكراهية‬ ‫بين أبناء بلدي‪..‬‬ ‫ومادام الحديث عن األطفال‪ ،‬فالب ّد لي من القول‪ :‬إ ّني‬ ‫أرثي لحال أوالدك��م الذين سيربون مع تلك القلوب‬ ‫الكالحة‪ ،‬وتلك النفوس المنخورة بالكره… وأرثي‬ ‫ألرواحكم التي تتآكل بحقدها‪ ،‬وتعيش عمرها رفيقة‬ ‫الضغينة‪ ،‬وتموت وهي ال تعرف للحبّ مطرحاً‪ ،‬فالحبّ‬ ‫والشيطان ال يلتقيان‪ ،‬وأنتم قد بعتم روحكم للشيطان‪..‬‬ ‫‪ 5‬أيّار ‪»2011‬‬ ‫هيئة التحرير‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫ملف العدد‬

‫تأ ّمالت في الثورة السورّية‬

‫في لحظة تأمّل لما وصلت إليه سورية من خراب‬ ‫وقتل وتشريد واعتقال بيد العصابة األسديّة وبأسلحة دفع‬ ‫ثمنها من عرق السوريّين‪ ،‬وعلى حساب جوعهم ومن‬ ‫قوت أبنائهم بذريعة المقاومة والممانعة الكاذبة للعدوّ‬ ‫الصهيونيّ الذي لم تطلق ولو طلقة واحدة منذ اتفاقيّة‬ ‫فضّ االشتباك عام ‪ ،1974‬رغم أنّ سورية أرضا ً‬ ‫وجوّ اً كانت مستباحة من إسرائيل ولمرّ ات عديدة‪ ،‬وال‬ ‫ت أبداً‪ ،‬وإذ بهذه‬ ‫من ر ّد سوى االحتفاظ به لوقت لم يأ ِ‬ ‫األسلحة المك ّدسة مهمّتها الدفاع عن العائلة األسديّة‪،‬‬ ‫ووجهتها صدور السوريّين‪ ،‬ويطول بنا التأمّل لنقف‬ ‫على ما آلت إليه األمور من دخول «حالش» وبقيّة‬ ‫األذرع اإليرانيّة‪ ،‬و»داعش» والجماعات المتطرّ فة‬ ‫األخ��رى‪ ،‬وتحوّ ل سورية إلى ساحة صراع يتقاتل‬ ‫داخلها العالم بالوكالة وبالدم السوريّ ‪ ،‬سورية التي‬ ‫كان العالم يتصارع عليها‪ ،‬مسلسل التأمّل فرض علينا‬ ‫القهقرى والعودة إلى الماضي الذي أوصل الطاغية‬ ‫األبّ إلى السلطة في سورية‪.‬‬ ‫إنّ نكسة حزيران عام ‪ 1967‬والتي هُزم فيها الجيش‬ ‫السوريّ ‪ ،‬ويتحمّل المسؤوليّة آنذاك حافظ األسد كونه‬ ‫وزير الدفاع حينها‪ ،‬فبدالً من أن يستقيل أو يُقال حوفظ‬ ‫عليه بدواعي الرفاقيّة‪ ،‬رغم المطالبات الكثيرة من‬ ‫داخل الحزب التي كانت تطلب ذلك‪ ،‬ما ش ّكل حافزاً‬ ‫عند األسد للتفكير بالسلطة والتخلّص من رفاقه وحرق‬ ‫ورقة اإلدانة التي يمتلكونها ض ّده‪.‬‬ ‫ودخل البعث بصراعات داخليّة بين الجناح المدنيّ‬ ‫بقيادة(جديد) وبين الجناح العسكريّ بقيادة (األسد)‬ ‫وراح نتيجة الصراع اللواء عبد الكريم الجنديّ ‪ ،‬وقد‬ ‫استغ ّل األسد أخطاء القيادة السابقة الكثيرة‪ ،‬والتي لم‬ ‫يكن أقلّها نرجسيّتهم وتعاليهم على الشعب والقوى‬ ‫السياسيّة‪ ،‬والتي م ّنوا عليها بشعار لقاء القوى التقدميّة‬ ‫والذي لم يترجم على أرض الواقع بشيء يُذكر‪.‬‬ ‫تم ّكن األسد من التواصل مع األح��زاب السياسيّة‬ ‫ومع رموز البرجوازيّة التقليديّة ورجال الدين وضمن‬ ‫تأييد المجتمع‪ ،‬كما تواصل مع مجموعة محمّد عمران‬ ‫ومسؤول التنظيم العسكريّ التابع للقيادة اليمنيّة القابعة‬ ‫في العراق‪ ،‬وتم ّكن من إيداع رفاق األمس في السجن‬ ‫وإعالن سيطرته على السلطة بانقالب عسكريّ أسمّاه‬ ‫«الحركة التصحيحيّة»‪.‬‬ ‫وبدأ منذ تولّيه السلطة العمل على إرساء قواعد‬ ‫سلطته‪ ،‬فأصدر دستوراً جديداً‪ ،‬وش ّكل ما تسمّى‬ ‫الجبهة الوطنيّة التقدميّة إلعطاء بريق ديمقراطيّ‬ ‫ينس العمل على فرط مراكز القوى‬ ‫كاذب لسلطته‪ ،‬ولم َ‬ ‫داخل الجيش ومركزتها بيده‪ ،‬لذلك قام باغتيال اللواء‬ ‫محمّد عمران عام ‪ 1971‬لتبقى مجموعته بدون رأس‪،‬‬ ‫ويتم ّكن األسد من الهيمنة عليها وفرطها‪ ،‬وقد تم ّكن‬ ‫من ذلك عن طريق اإلفساد للبعض واإلبعاد للبعض‬ ‫اآلخر كسفراء في الخارج وتسريح اآلخرين ووضعهم‬ ‫مواز‬ ‫في البيوت بما يشبه اإلقامة الجبريّة‪ ،‬في سياق‬ ‫ٍ‬ ‫عمل على تفكيك األحزاب‪ ،‬عبر تفخيخها بعمالء له‪،‬‬ ‫كما لم يسمح بظهور أيّة نبتة سياسيّة جديدة وانتشارها‪،‬‬ ‫وذل��ك عبر المالحقة األمنيّة وز ّج عناصرها في‬ ‫السجون‪ ،‬ويبدو أ ّنه أخلى الساحة من القوى الوطنيّة‬ ‫والديمقراطيّة واليساريّة‪ ،‬وضمن ربط البورجوازيّة‬ ‫بسلطته وإلحاق المؤسّسة الدينيّة به‪ ،‬استجرّ الطليعة‬ ‫المسلّحة‪ ،‬الذراع العسكريّ لإلخوان المسلمين إلى‬ ‫معركة غير متكافئة تم ّكن من القضاء عليهم‪ ،‬بعد أن‬ ‫هدم قسما ً كبيراً من حماة التي وصل عدد ضحاياها إلى‬ ‫ما يقارب ال ‪ 40000‬قتيل أغلبهم من المدنيّين والذين‬ ‫ال ناقة لهم وال جمل وكذا فعل في المشارقة بحلب‬

‫وجسر الشغور في إدلب‪ ،‬ليُطبق على سورية برمّتها‬ ‫من خالل ما جرى ويدخل الشعب السوريّ في نفق‬ ‫الخوف المظلم لهول ما رأى‪ ،‬فلم يعد أحد يجرؤ على‬ ‫الكالم‪ ،‬واألمن في الشوارع خوفا ً من تهمة االنتماء‬ ‫لإلخوان وبالتالي اإلعدام وإن كان غير مسلم‪ ،‬ولتأييد‬ ‫سلطته أطلق العنان لقيادات األمن والجيش والحزب‬ ‫ومديري المؤسّسات وشركات قطاع الدولة الستباحة‬ ‫هذا القطاع وسرقته وتجيره لمصالحهم‪ ،‬وظهرت طبقة‬ ‫جديدة سمّاها البعض البرجوازيّة البيروقراطيّة‪ ،‬تم ّكنت‬ ‫من فرض شراكات على التقليديّة ولصالح األولى‪،‬‬ ‫وأمسكت بالمفاتيح االقتصاديّة الداخليّة والخارجيّة‬ ‫وخاصّة االستيراد والتصدير‪ ،‬وبذلك أصبحت تملك‬ ‫السلطة والمال والفساد ضرب أطنابه في ك ّل مفاصل‬ ‫الدولة والمجتمع‪ ،‬وكأنّ النظام يريد من الجميع أن‬ ‫يتلوّ ث في الفساد لكي يصبحوا مدانين تحت الطلب‪،‬‬ ‫وال يتم ّكنوا من الحديث في الشأن العا ّم والوقوف في‬ ‫وجه األخطاء واإلفقار الممنهج على قدم وساق بهدف‬ ‫إلهاء الناس بتدبير لقمة العيش‪ ،‬دون أن يخاف من‬ ‫تمرّ د أو هبة جماهيريّة ألنّ الساحة السياسيّة مصحّ رة‬ ‫والثقافيّة منهارة ممّا نتج عنه تجهيل الناس‪ ،‬وال ه ّم‬ ‫لجبهة النظام سوى التطبيل والتزمير والتنادي لدراسة‬ ‫واستلهام خطبة األسد وأخذ العبر والدروس منها‪.‬‬

‫ف��س��وري��ة دول��ة‬ ‫أم��ن � ّي��ة بامتياز‪،‬‬ ‫وانهيار اقتصاديّ‬ ‫معبّراً عنه بالبطالة‬ ‫المتفاقمة وبتراجع‬ ‫م��ع�� ّدالت النموّ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التضخم‬ ‫وزي���ادة‬ ‫وم��ا ي��راف��ق ذلك‬ ‫من غالء األسعار‪،‬‬ ‫أيّ ال��ب�لاد دخلت‬ ‫في ركود تا ّم على‬ ‫المستوى السياسيّ‬ ‫والثقافيّ واالقتصاديّ ‪ ،‬لذلك عندما توفي األسد‪ ،‬لم‬ ‫يتم ّكن أحد من قول ال للوارث الجديد‪ ،‬و ُع ّدل الدستور‬ ‫ليتناسب مع س ّنه‪ ،‬وقد كان ب ّ‬ ‫شار األسد أمينا ً على‬ ‫السير على ُخطى والده‪ ،‬وحريصا ً على عدم خسارة‬ ‫المزرعة التي ورثها‪ ،‬ولم يغيّر‪ ،‬إلاّ قليالً في الحرس‬ ‫ك في عدم والئهم له وبقيت البالد تعيش‬ ‫القديم ممّن ش ّ‬ ‫بقبضة أمنيّة شديدة وركود اقتصاديّ لمستوى الركود‬ ‫العا ّم‪ ،‬الذي أصبح عائقاً‪ ،‬بل خانقا ً أليّ نقاش جديد‬ ‫ّ‬ ‫يؤ ّدي إلى تحريك عجلة التق ّدم‬ ‫المعطلة‪ ،‬ممّا يعني أنّ‬ ‫الظروف الموضوعيّة النتفاضة تكسر حائط الجمود‬ ‫وتدير العجلة المتو ّقفة جاهزة إلاّ أّن فقدان العنصر‬ ‫ّ‬ ‫والمتمثل بعدم وجود معارضة سياسيّة ذات ثقل‬ ‫الذاتيّ‬ ‫جماهيريّ هو الذي ّ‬ ‫أخر الثورة‪.‬‬ ‫أتى الربيع العربيّ ليش ّكل تعويضا ً عن فقدان العنصر‬ ‫الذاتيّ وليش ّكل تماهي الشعب السوريّ مع هذا الربيع‬ ‫وانتصاره ألطفال درعا «بو عزيزي» سورية المن ّكل‬ ‫بهم لخربشات كتبوها على الجدران‪ ،‬ولم يتم ّكن النظام‬ ‫من استيعابها لش ّدة غطرسته وقناعته بقوّ ته األمنيّة‪،‬‬ ‫وبدأت المظاهرات تنتشر كبقعة الزيت لتع ّم أرجاء‬ ‫سورية‪ ،‬ولم يكن من خيار أمام النظام الفاشيّ سوى الر ّد‬ ‫بالرصاص الحيّ ‪ ،‬لمعرفته أنّ طبيعته البنيويّة ال تسمح‬ ‫له بتقديم أيّ إصالح ألنّ تلبية رغبات المتظاهرين‬ ‫ستكون على حساب سلطته‪ ،‬وقد كان الر ّد قاسيا ً بقدر‬ ‫ما كان مفاجئاً‪ ،‬حيث النظام اليائس وقياداته األمنيّة‬ ‫كانوا يظ ّنون أ ّنه لن يجرؤ أحد للقيام بوجه النظام بعد‬ ‫الذي فعلوه بهذا الشعب من إفقار وفساد وقبضة أمنيّة‬

‫فوضى الحرّ​ّية!‬

‫أن ي ّتسع به الجميع‪،‬‬ ‫وإل���ى ج��ان��ب ذل��ك‬ ‫هناك الرأي الواحد‬ ‫واإلع��ل��ام ال��واح��د‬ ‫والموقف الواحد‪ ،‬إلى آخر هذه الواحديّة التي يسعى‬ ‫من خاللها ك ّل حاكم مستب ّد‪ ،‬ليتبوّ أ مكانة إلهيّة ترفعه‬ ‫عن مستوى البشر‪ ،‬الذي لم يعد يُرضي كبريائه‪.‬‬

‫فما أن خرج السوريّون إلى الشوارع‪ ،‬وملؤوا‬ ‫الميادين‪ ،‬معبّرين عن تمرّ دهم على مالءة األسد‪ ،‬ح ّتى‬ ‫بدأت الساحات المختلفة تشهد والدة التع ّدديّة السوريّة‪،‬‬ ‫كأه ّم معطى من معطيات ثورة مدنيّة تتوق لحياة‬ ‫تعاش بألوان الطيف كلّها‪.‬‬ ‫خمسون عاما ً حكمها األسد (األب واالبن) بالحديد‬ ‫والنار‪ ،‬انهارت لحظة ما قرّ ر السوريّون أن يك ّفوا عن‬ ‫«الطاعة» وأن يتركوا دورهم كأتباع‪ ،‬معلنين التمرّ د‪،‬‬ ‫ومنتقلين إلى دور الفاعل‪ ،‬الذي يحلم ويطمح‪ ،‬ويسعى‬ ‫ألن يرى الواقع الذي يريد‪.‬‬ ‫خمسون عاما ً عجافا ً حكمها آل األسد وفق منطق‬ ‫شموليّ ‪ ،‬يفرض حزبا ً واحداً‪ ،‬قائداً للدولة‪ ،‬وأبا ً للمجتمع‪،‬‬ ‫ولونا ً واحداً يتلوّ ن به ك ّل سوريّ ‪ ،‬وقالبا ً أوحداً يجب‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫فكانت الساحة الميدانيّة أوّ ل من شهد ذلك التع ّدد‪ ،‬من‬ ‫خالل ظهور عشرات‪ ،‬بل مئات التنسيقيّات التي كانت‬ ‫ّ‬ ‫للتوزع الجغرافيّ ‪ ،‬والتي عبرّ ت كذلك عن‬ ‫تتبع بداية‬ ‫ّ‬ ‫تنوّ ع المنسّقين والمنظمين للحراك السلميّ ‪ ،‬إذ لم تشهد‬ ‫حراكات الثورة ّ‬ ‫منظما ً رئيسا ً أو قائداً واحداً‪ ،‬بل عجّ ت‬ ‫الساحات بألوف النشطاء من الشباب الدؤوبين الذين‬ ‫ق ّدم ك ّل واحد منهم منحىً تنظيم ّياً‪ ،‬ال ي ّتفق بالضرورة‬ ‫يعن ذلك اختالفا ً معيقا ً لصيرورة الحراك‬ ‫مع غيره‪ ،‬ولم ِ‬ ‫وتطوّ ره‪ ،‬بل أفرز حالة تنوّ عيّة عجائبيّة‪ ،‬دفعت بعض‬

‫شديدة‪.‬‬

‫إلاّ أنّ الشعب الذي خرج إلى الشوارع صمّم على‬ ‫عدم الرجوع إلى أن يت ّم تلبية مطالبه اإلصالحيّة‪،‬‬ ‫والنظام يتصاعد بالقمع والمظاهرات تتوسّع وتنتشر‬ ‫بالتوازي‪ ،‬وحاول النظام جاهداً للضغط على الناس‬ ‫عبر مزيد من القتل‪ ،‬ألن يحملوا السالح لقتله أمام‬ ‫العالم والذي مارسه منذ الوهلة األولى‪ ،‬وبعد بروز‬ ‫ظاهرة االنشقاق في الجيش من قبل عناصر لم يقبلوا‬ ‫إطالق النار على شعبهم‪ ،‬ووصول الناس إلى قناعة‬ ‫من أنّ النظام السوريّ عصيّ على اإلصالح‪ ،‬كان ال‬ ‫ب ّد من رفع شعار إسقاط النظام وحمل السالح فقط من‬ ‫المنش ّقين دفاعا ً عن المتظاهرين السلميّين‪ ،‬تزامن ذلك‬ ‫مع إخراج النظام لجماعات دينيّة من السجون‪ ،‬خبر‬ ‫عقولهم بأ ّنها مسكونة بهوس السالح‪ ،‬وأ ّنها من حيث ال‬ ‫تدري ستساعده إلى مبتغاه وتسليح الثورة‪ ،‬وكان له ما‬ ‫أراد‪ ،‬وانتقلت الثورة إلى طورها المسلّح‪ ،‬ليزيد النظام‬ ‫من عمليّات القتل والتدمير واالعتقال بحجّ ة أ ّنه يقاتل‬ ‫مجموعات إرهابيّة متطرّ فة‪ ،‬وخصوصا ً من اعتبر نفسه‬ ‫صديقا ً للشعب السوري وعلى رأسهم أمريكا ال يفعلون‬ ‫شيئا ً يذكر سوى التصريح والتنديد وإعطاء فرصة‬ ‫للطاغية الصغير لمزيد من القتل والتدمير وتخريب‬ ‫ال��ب��ن��ى التحتيّة‬ ‫لسورية وإعادتها‬ ‫ل��ل��وراء عشرات‬ ‫السنين تعويضا ً‬ ‫ع���ن خ��س��ارت��ه��ا‬ ‫النظام الذي حمى‬ ‫ح���دوده���ا ألك��ث��ر‬ ‫من أربعة عقود‪،‬‬ ‫ول��ي��س أد ّل على‬ ‫ذل��ك م��ن نقطتين‬ ‫أوّ ل��ه��م��ا زي���ارة‬ ‫السفير األمريكيّ‬ ‫ال��س��اب��ق لسورية‬ ‫إلى حماه في إحدى جمعها ورؤية الشعب الحمويّ وقد‬ ‫استقبله بالزهور وقد خرج عن بكرة أبيه إلى الشوارع‬ ‫وشعاراته تطفح بالوطنيّة والحرّ يّة والكرامة والعدالة‬ ‫االجتماعيّة ووحدة الشعب السوريّ والالءات الثالثة‬ ‫ّ‬ ‫للتدخل األجنبيّ »‪ ،‬ممّا‬ ‫«ال للطائفيّة‪ ،‬ال للعنف‪ ،‬ال‬ ‫يرض السيّد فورد وإدارته‪ ،‬وتركوا األسد ليعيث‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫فساداً في سورية ويعبث بمكوّ ناتها االجتماعيّة ويوسّع‬ ‫الشروخ الطائفيّة‪ ،‬ويستغ ّل الطائفة العلويّة بإخافتها من‬ ‫المكوّ ن الكبير‪ ،‬ممّا لم يتم ّكن والده من فعله ويستجلب‬ ‫ّ‬ ‫شذاذ اآلفاق والطائفيّين من ك ّل بقاع األرض ليدافعوا‬ ‫عنه ويزيدوا توسيع الهوّ ة ويخلقوا المناخ لظهور‬ ‫طائفيّين بالجهة المقابلة‪ ،‬بما يحرف الثورة عن أهدافها‬ ‫وهذا ما حصل‪ ،‬وثانيهما الطريقة التي تعامل بها‬ ‫األمريكان مع مجزرة الكيماويّ في الغوطتين والتي‬ ‫راح ضحيّتها أكثر من ‪1500‬شهيد أكثرهم من األطفال‬ ‫والنساء‪ ،‬فقد أسبلوا العصا التي رفعوها لمجرّ د تسليم‬ ‫النظام سالحه الكيماويّ مغضّين الطرف عن ضرورة‬ ‫معاقبته‪ ،‬ما يعني من األولى أنّ األمريكان ال يريدون‬ ‫إسقاط النظام وأن يستلم الشعب السوريّ مق ّدراته بيده‪،‬‬ ‫بل يريدون تهديم سورية وحرف الثورة عن مسارها‬ ‫وزرع الطائفيّة بعدها يمكن التفكير في مصير األسد‪،‬‬ ‫وفي الثانية يتضح نفس السياق في تخليص سورية من‬ ‫ترسانة يمكن أن تكون قوّ ة بيد الشعب بعد األسد لقد بقي‬ ‫ّ‬ ‫ومتلطين خلف الموقف الروسيّ ‪،‬‬ ‫األمريكان متر ّددين‬ ‫ّ‬ ‫التدخل اإليرانيّ من خالل حزب هللا‬ ‫ويصمتون على‬ ‫وغيره تعميقا ً للشرخ الطائفيّ ‪ ،‬واستنزافا ً إليران وحزب‬ ‫هللا وربطا ً محكما ً لألزمة السوريّة بالملفّ اإليرانيّ ‪،‬‬ ‫المف ّكرين للتعبير عن مظاهرات الثورة السوريّة بأ ّنها‬ ‫«أجمل ثورة راقصة في التاريخ»‪.‬‬ ‫ث ّم ما لبثت الساحة اإلعالميّة أن شهدت والدة‬ ‫صفحات متع ّددة على شبكات التواصل االجتماعيّ ‪،‬‬ ‫تهت ّم بنقل الخبر ورصد الحدث أوّ الً بأوّ ل‪ ،‬ك ّل وفق‬ ‫سياسته ومحرّ ريه‪ ،‬لتتبعها بعد ذلك ظاهرة أه ّم‪ ،‬وهي‬ ‫انطالق الصحف والمجلاّ ت السوريّة المعارضة‬ ‫لنظام الحكم‪ ،‬والتي تجاوز عددها المائة مطبوعة‪،‬‬ ‫تزخر بش ّتى اآلراء والتوجّ هات‪ ،‬الدينيّة والسياسيّة‬ ‫واالجتماعيّة والفكريّة‪ ،‬ومن أقصى اليمين إلى أقصى‬ ‫اليسار‪ ،‬محاولة التعبير عن تع ّدد آراء السوريّين‬ ‫واختالف قراءاتهم‪ ،‬وتحاول إيصال مختلف أصواتهم‬ ‫تجاه ما يجري‪.‬‬ ‫ويمكن للمراقب أن يالحظ الفرق بين قراءة الصحف‬ ‫والجرائد السوريّة الرسميّة والتي لن يتجاوز عددها‬ ‫عدد أصابع اليد الواحدة‪ ،‬وال تض ّم في نهاية المطاف‬ ‫سوى الرأي عينه‪ ،‬والموقف ذاته‪ ،‬بصياغات مختلفة‪،‬‬ ‫وبين تص ّفح الجرائد والصحف المعارضة‪ ،‬ليجدها‬ ‫غنيّة باآلراء المختلفة‪ ،‬حول ش ّتى المواضيع‪ ،‬والتي‬ ‫يساهم ك ّل منها بإكمال جزء من «الصورة السوريّة»‬ ‫التي باتت اليوم أشبه بلوحة «بزل»‪ ،‬ال يمكن إكمالها‬

‫ممّا يعني أ ّنهم يرغبون بصفقة إقليميّة ير ّتبون فيها‬ ‫وضع اإلقليم بعد االتفاق مع إيران‪ ،‬بعد إجبار الجميع‬ ‫على التوحّ د في محاربة اإلرهاب وخاصّة بعد ظهور‬ ‫«داعش» والتي تقتضي باعتقادي إلى ضرورة التخلّي‬ ‫عن األسد لصالح توليفة طائفيّة عرقيّة في سورية‬ ‫والعراق‪ ،‬وتفرّ غ الجميع لمحاربة «داعش» وأخواتها‬ ‫وبغضّ النظر إن كانت «داعش» مخترقة من قبل‬ ‫النظام أم ال‪ ،‬إلاّ أّنها في السياق العا ّم تعمل لصالح نظام‬ ‫األسد والمالكي وإن كانت تقاتل‪ ،‬حيث المسألة ال تكمن‬ ‫بقتالها واالنبهار بعمليّاتها الذي يوقع البعض في خطأ‬ ‫التقدير‪ ،‬ويغضّ النظر إلى مشروعها الهادم لألوطان‬ ‫والمحرّ ف لألديان وإن ك ّنا سنخصّ «داعش» بمقالة‬ ‫إلاّ أّننا ال ب ّد أن نشير إلى مسؤوليّة قيادة المعارضة‬ ‫السوريّة لما وصلت إليه األمور «االئتالف والمجلس‬ ‫ّ‬ ‫ومتوزعين إلى‬ ‫الوطنيّ » من قبله كانوا متشرذمين‬ ‫شلل‪ ،‬وك ّل شلّة مرتبطة بإحدى الدول اإلقليميّة أو‬ ‫العالميّة لتدعمها ممّا ّ‬ ‫يعزز االنقسام والصمت على‬ ‫ما تقوم به هذه الدول خدمة ألهدافها‪ ،‬لذلك صمت‬ ‫االئتالف عن التفرّ خ السرطانيّ للمجموعات الدينيّة‬ ‫المسلّحة‪ ،‬وتأسيس لهيئاتها ومحاكمها الشرعيّة تأسيسا ً‬ ‫لدولة دينيّة لم تكن موجودة بمخيّلة السوريّين عند بدء‬ ‫انتفاضتهم وصمتوا طويالً على «داعش» وأخواتها‪،‬‬ ‫ممّا ساهم في حرف الثورة وظهور أمراء حرب وفساد‬ ‫في المجموعات المسلّحة ولم يتم ّكنوا من توحيد الجهد‬ ‫السياسيّ والعسكريّ وفقدوا قرارهم الوطنيّ ممّا قلّل‬ ‫من هيبتهم واحترام العالم لهم‪ ،‬وجعلهم رهينة الدول‬ ‫تؤثر فيهم دون أن ّ‬ ‫اإلقليميّة والعالميّة ّ‬ ‫يؤثروا بها‪،‬‬ ‫ويجبروها على تقديم الدعم الالزم‪ ،‬ما يتطلّب على‬ ‫المستوى الرسميّ الضغط على االئتالف‪ ،‬ألنّ تجمّع‬ ‫ك ّل الشلل بيوضها وتضعها في سلّة الثورة السوريّة‪،‬‬ ‫ليتم ّكنوا من تحرير قرارهم الوطنيّ والعمل على‬ ‫هيكلة الجيش الحرّ وتحويله إلى جيش وطنيّ حرّ‬ ‫ينضوي تحت لوائه ك ّل المقاتلين بعيداً عن األولى‬ ‫وبعقيدة مثاليّة أساسها إسقاط النظام والمحافظة على‬ ‫وحدة التراب والشعب السوريّ وعدم االلتزام بأيّ‬ ‫سلطة كانت مستقبالً تطلب منه توجيه سالحه إلى‬ ‫الشعب‪ ،‬ما يتطلّب اآلن إصدار ميثاق شرف يحرّ م‬ ‫الد ّم السوريّ على السوريّ بعد سقوط النظام‪ ،‬ويُلزم‬ ‫الجميع بقبول الدولة المدنيّة التع ّدديّة الديمقراطيّة‪،‬‬ ‫وابتعاد الجيش على السياسة وإقرار الجميع بتسليم‬ ‫السالح لمن ال يريدون البقاء في صفوف الجيش‪،‬‬ ‫وقطع الطريق على بقاء ظاهرة أمراء الحرب وشيوع‬ ‫السالح ممّا ينذر بمخاطر نحن بغنى عنها مع ضرورة‬ ‫االنتباه إلى الجانب اإلعالميّ وتقويته بهدف نشر‬ ‫الوعي الديمقراطيّ في صفوف المواطنين السلميّين‬ ‫والمسلّحين لنردم الشروخ الطائفيّة التي حفرها النظام‬ ‫وساعده من هم في ص ّفه‪ ،‬وقد يحتاج ذلك إصدار‬ ‫منشورات وكراريس وقضائيّة تعمل بهذا االتجاه‪،‬‬ ‫بغية رفع سويّة وعي شعبنا الذي مورس عليه سياسة‬ ‫تجهيل استفادت منه بعض الجماعات المتخلّفة داخل‬ ‫الثورة‪ ،‬ولتم ّكن من تشكيل ضفيرة قزحيّة اجتماعيّة من‬ ‫الشعب السوريّ ومن ك ّل المكوّ نات واألعراق يصعب‬ ‫اختراقها ويعمل فيها المواطنون كتفا ً بكتف لبناء‬ ‫سورية‪ ،‬ونحمي السلم األهليّ ونترك العدالة االنتقاليّة‬ ‫لتأخذ مجراها في محاسبة ك ّل المسيئين لهذا الشعب‬ ‫ومن ك ّل الجهات مبعدين شبح االنزالق إلى أعمال‬ ‫ثأريّة أو انتقاميّة بعيداً عن القانون‪ .‬ونحن بدورنا علينا‬ ‫أن ندعو ألوسع تجمّع سوريّ ديمقراطيّ رجاالً ونساء‬ ‫كي نساهم في تحقيق ك ّل ما سبق‪ ،‬هذه هي التح ّديات‪،‬‬ ‫فهل يفعل االئتالف ما عليه؟ وهل نفعل ما علينا؟ ‪..‬‬ ‫حسني أمارة‬ ‫هذا هو السؤال‪.‬‬

‫دون الحرص على وجود جميع األجزاء األخرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التشظي في الحالة العسكريّة وامتالء الساحة‬ ‫وح ّتى‬ ‫بعشرات األلوية والتشكيالت المقاتلة‪ ،‬وهو ما يثير‬ ‫نوعا ً من الشكاوى واألحاديث التي باتت متكرّ رة عن‬ ‫ّ‬ ‫وشق الصفّ ‪ ،‬يعبّر في مستوى من مستوياته‬ ‫االنقسام‬ ‫عن تنوّ ع اآلراء والتوجّ هات‪ ،‬في أساليب القتال‬ ‫وأولويّاته‪ ،‬طالما بقي هذا االختالف والتنوّ ع في المدى‬ ‫المقبول والذي تسمح به الحالة الميدانيّة‪.‬‬ ‫لقد دفنت سياسة اللون الواحد التي انتهجها نظام‬ ‫األسد‪ ،‬مئات األل��وان السوريّة التي كان يمكن لها‬ ‫أن تظهر‪ ،‬وأن تتف ّتق عن حياة أكثر تع ّددية وأكثر‬ ‫خصوبة‪ ،‬ح ّتى اعتاد العقل السوريّ على ذلك‪ ،‬وبات‬ ‫يعتبر التع ّدديّة‪ ،‬اإلعالميّة واالجتماعيّة والسياسيّة‪،‬‬ ‫نوعا ً من الفوضى‪ ،‬التي تضرّ بسير العمل وتقلّل من‬ ‫جدواه على أرض الواقع‪ ،‬ويذكر البعض لذلك أحداثا ً‬ ‫ودالالت تؤيّد نظرته تلك‪ ،‬لكن ما يجب العمل عليه‬ ‫هنا‪ ،‬هو دعم روح وثقافة التعاون‪ ،‬في العمل على‬ ‫الخطوط العريضة التي ت ّتفق حولها معظم التيارات‪،‬‬ ‫كح ّل لما ينتج عن التع ّددية في الرؤى والمناهج من‬ ‫مشكالت‪ ،‬ال أن يكون الح ّل إعادة دفن الحالة التع ّددية‬ ‫إلنجاز المطلوب‪.‬‬ ‫طريف العتيق‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ملف العدد‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫‪7‬‬

‫السنة الثانية‬

‫بياناتهم من أجل عامها الخامس‬

‫في الذكرى الرابعة النطالق الثورة‪ ،‬أصدرت العديد‬ ‫من القوى السياس ّية السور ّية بيانات ح ّللت ‪ -‬من‬ ‫وجهة نظرها ‪ -‬أسباب ما آلت إليه أحوال الثورة‪،‬‬ ‫وقرأت ما يجري على الساحة المح ّل ّية واإلقليم ّية‬ ‫والدول ّية‪ ،‬وطرح البعض رؤيته للحل ّ والخروج من‬ ‫السوري يرزح تحتها‪،‬‬ ‫المأساة التي ما زال الشعب‬ ‫ّ‬ ‫وهو يلج عامه الخامس في خض ّمها‪.‬‬

‫االئتالف الوط ّ‬ ‫ين لقوى الثورة‬ ‫واملعارضة السوريّة‬ ‫أصدر االئتالف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة‬ ‫السوريّة بيانا ً صحف ّيا ً أ ّكد فيه على أنّ عزيمة الشعب‬ ‫السوريّ بقيت كما هي بعد انقضاء أربعة أعوام من‬ ‫عمر ثورته لتحقيق حلمه في نيل الحرّ يّة والكرامة‪ ،‬كما‬ ‫لم تتغيّر لغة النظام بالقتل والتدمير وارتكاب المزيد‬ ‫من الجرائم‪ .‬وأشار االئتالف في بيانه إلى أنّ الثورة‬ ‫تدخل عامها الخامس بما يزيد عن ‪ 220‬ألف شهيد‪،‬‬ ‫ومثلهم من المعتقلين الرازحين في األقبية المظلمة‪،‬‬ ‫وماليين المشرّ دين في المخيّمات ودول اللجوء‪ .‬وقال‬ ‫البيان إنّ تحوّ الت كثيرة حصلت أهمّها أنّ الثورة باتت‬ ‫«معركة تحرير ض ّد محت ّل أجنبيّ بعد سقوط النظام‬ ‫فعل ّياً» وأنّ النظام عجز عن كبح إرادة الشعب بكا ّفة‬ ‫أدوات الترسانة العسكريّة التي دفع ضريبتها الشعب‬ ‫السوريّ بعرق جبينه للدفاع عن وحدة البالد‪.‬‬ ‫ورأى االئتالف في بيانه أنّ األجدر بالسوريّين‬ ‫أن يوحدوا جهودهم ويتعاونوا مع قيادتهم ليصوبوا‬ ‫مسيرتهم ويعملوا معها على تأسيس سورية الجديدة‪،‬‬ ‫كدولة للعدل والحرّ يّات‪ ،‬وأن يشاركوا جميع المكوّ نات‬ ‫في بناء نهضتها وتفعيل مؤسّساتها في إطار «مجتمع‬ ‫تع ّددي ال تجاوز لسلطة فيها على أخرى وجيش حياديّ‬ ‫تجاه جميع التيّارات والمكوّ نات يؤمّن حماية البالد‬ ‫واستقرارها»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولخص البيان مطالب وأهداف الثورة إليجاد الح ّل‬ ‫وضمانه بقوله « إنّ إسقاط رأس النظام وجهازه األمنيّ‬ ‫من أيّ ح ّل سياسيّ مستقبليّ هو مطلب رئيسيّ للثورة‬ ‫كما هو هدف أساسيّ في أيّ عمليّة تفاوضيّة‪ ،‬والعمل‬ ‫من أجل تقوية الجيش الحرّ ومأسسته ليحمي المواطنين‬ ‫ويكون نواة لجيش سورية الحرّ ة هو الضامن لنجاح‬ ‫الح ّل الذي يقود البالد إلى المرحلة االنتقاليّة‪ ».‬ونبّه‬ ‫أيضا ً إلى أنّ محاوالت تعديل مطلب الثورة عن هدف‬ ‫إسقاط النظام الحاليّ وزجّ ها في مسار الحوار معه‬ ‫أثبتت فشلها برفض الشعب السوريّ لها وإصراره‬ ‫على تحقيق هدفه المعلن في إسقاط النظام‪ ،‬كما أشار‬ ‫إلى أنّ باب الحوار مفتوح مع ك ّل من يريد أن يض ّم‬ ‫جهوده إلى االئتالف لتحقيق أه��داف الثورة‪ .‬وفيما‬ ‫يخصّ المبادرات أ ّكد على أنّ «أيّ مبادرة إقليميّة أو‬ ‫ّ‬ ‫الست للمبعوث‬ ‫دوليّة يجب أن تهدف إلى تطبيق النقاط‬ ‫الدوليّ كوفي أنان والقرارات الدوليّة الصادرة في هذا‬ ‫اإلطار‪».‬‬

‫هيئة التنسيق الوطنيّة لقوى‬ ‫التغيّري الدميقراط ّي‬

‫أمّا المكتب اإلعالميّ في هيئة التنسيق الوطنيّة لقوى‬ ‫التغيّير الديمقراطيّ فأصدر بيانا ً بهذه المناسبة‪ ،‬تميّز‬ ‫عمّا ورد في بيان االئتالف رغم اللقاءات والحوارات‬ ‫بين الطرفين‪ ،‬فقد عنونت الهيئة بيانها بالجملة التالية‪:‬‬ ‫بمناسبة الذكرى الرابعة النطالق «االنتفاضة الكبرى»‬ ‫للشعب السوريّ ‪ .‬ولم تذكر مفردة «ثورة» خالل البيان‪.‬‬ ‫وقد توجّ ه البيان إلى «جماهير شعبنا السوريّ‬ ‫وقواه الوطنيّة» ورأت الهيئة أنّ مسعى النظام إلى‬ ‫الر ّد العنيف التقى مع «أطراف من المعارضة تؤمن‬ ‫باستخدام العنف ومستع ّدة له‪ ،‬معتقدة أ ّنه سيوصلها‬ ‫إلى السلطة بأسرع وقت» وأضاف البيان مساويا ً بين‬ ‫السلطة وقسم من المعارضة‪ ،‬أنّ إصرار السلطة‪ ،‬وقسم‬ ‫من المعارضة‪ ،‬على العنف المسلّح حوّ ل الشوارع‬ ‫واألحياء الشعبيّة إلى ساحات مواجهة واقتتال ودمار‬ ‫رهيب‪ ،‬ممّا أوقع مئات اآلالف من الضحايا األبرياء‪،‬‬ ‫وشرد الماليين من أبناء شعبنا‪.‬‬ ‫وذ ّكرت الهيئة بأ ّنها كانت ض ّد العنف وض ّد عسكرة‬ ‫ّ‬ ‫وحذرت من نتائج ذلك‪ .‬ونادت الهيئة‬ ‫«االنتفاضة»‪،‬‬ ‫السوريّين والسوريّات لكي يعملوا على إيقاف «الحرب‬ ‫المجنونة» وأنّ الوضع المأساوي الذي يمرّ فيه شعبنا‬ ‫وبلدنا يتطلّب م ّنا جميعا ً العمل بك ّل الجهد الممكن‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫إليقافها‪ ،‬أل ّنها – أي هذه الحرب ‪-‬تتف ّكك فيها «الروابط‬ ‫الوطنيّة» واالجتماعيّة‪ ،‬وأّنه ال يوجد طريق للخروج‬ ‫من هذه األزمة الكارثيّة سوى‬ ‫«حل سياسي»‪ ،‬وأنّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫«أوهام االنتصار» في الصراع المسلح لن تؤ ّدي مهما‬ ‫طال الصراع إلاّ لمزيد من الضحايا والدمار‪.‬‬ ‫ونوّ ه البيان إلى أه ّميّة «المؤتمر الوطنيّ للمعارضة‬ ‫السوريّة الذي يجري االستعداد والتحضير لعقده في‬ ‫نيسان القادم في العاصمة المصريّة القاهرة‪».‬‬

‫األمانة العامّة إلعالن دمشق‬ ‫للتغيري الوط ّ‬ ‫ين الدميقراط ّي‬

‫كما أصدرت األمانة العامّة إلعالن دمشق بيانا ً في‬ ‫هذه الذكرى رأت فيه أنّ الوقوف عند ذكرى الثورة هو‬ ‫« الستخالص الدروس ومراجعة األخطاء والمطبّات‪،‬‬ ‫واستشراف سبل النجاح وتحقيق أهداف الثورة في‬ ‫الحرّ يّة والكرامة‪ ».‬وأنّ «استمرارية الثورة» تد ّل‬ ‫على صحّ ة انطالقتها العفويّة‪ ،‬وصحّ ة الشعارات التي‬ ‫رفعتها‪ .‬وكشف البيان ما فعله النظام لتفرقة المجتمع‬ ‫السوريّ وتشتيت قواه بالعنف واإلرهاب والتهجير‪.‬‬ ‫وقال البيان‪ :‬لم يعد هذا النظام قابالً إلعادة التأهيل بعد‬ ‫أن «فقد قراره لصالح داعميه اإليرانيّين»‬ ‫ّ‬ ‫وحذر بيان إعالن دمشق من أنّ « الغرب يتجاهل‬ ‫حقيقة أنّ هذا الصراع الدمويّ الدائر إذا لم يتو ّقف‪ ،‬فإنّ‬ ‫تداعياته ستطيح باستقرار المنطقة برمتها‪».‬‬ ‫وق��ال‪ :‬إنّ سورية أصبحت محتلّة فعل ّيا ً من قبل‬ ‫إيران وتوابعها‪ ،‬وأصبح الحرس الثوريّ اإليرانيّ‬ ‫قائداً للمعارك التي تدور على مختلف الجبهات‪ ،‬في‬ ‫الشمال والجنوب بشكل ّ‬ ‫مكثف‪ ،‬كما بات يفاوض ويقرّ‬ ‫الهدن المحلّيّة في أكثر من منطقة‪ ،‬ويفاوض على تبادل‬ ‫األسرى‪ .‬لقد فقد النظام قراره السياسيّ والعسكري‬ ‫بشكل كامل‪ ،‬وغابت عن خطابه اإلعالميّ معزوفات‬ ‫السيادة وسلّم قياده لإليرانيّين بعد أن أنهكت قواه‪ ،‬بعدما‬ ‫زج الجيش السوري في مواجهة دمويّة مع شعبه‪.‬‬ ‫وأورد بيان إعالن دمشق أنّ الح ّل السياسيّ «وفقا ً‬ ‫للصيغة التي اعتمدها المجتمع الدولي في جنيف ‪1‬‬ ‫وجنيف ‪ ».2‬وأنّ ّ‬ ‫خطة «دي ميستورا» «ولدت ميتة‬ ‫الفتقارها إلى اآلليّات والشموليّة والمنطقيّة»‪.‬‬ ‫وفي ختام بيان األمانة العامّة إلعالن دمشق للتغيير‬ ‫الوطنيّ الديمقراطيّ ‪ ،‬طالب قوى الثورة والمعارضة‬ ‫«أن تتجاوز خالفاتها وتش ّتتها وأن توحّ د مواقفها‪».‬‬

‫اتحّ اد الدميقراطيّني السوريّني‬

‫في بيان صدر عن ا ّتحاد الديمقراطيّين السوريّين‬ ‫في الذكرى الرابعة النطالق الثورة السورية‪ ،‬الحظ‬ ‫البيان «فتوراً واضحا ً في نشاطات الجاليات المؤيّدة‬ ‫للثورة في بلدان االغتراب مقارنة بالسنين الماضية»‬ ‫وأعاد ذلك إلى ع ّدة أسباب ذكر أهمّها برأيه‪ :‬تخاذل‬ ‫العالم الغربيّ والعربيّ في نصرة الثورة السوريّة‪ ،‬ممّا‬ ‫خلق نوع من اإلحباط لدى العديد من الشباب الثائر في‬ ‫المهجر وأصبح يرى أن جهده يذهب سدى‪.‬‬ ‫وكذلك ساهم فتور وسائل اإلعالم العربيّة والغربيّة‬ ‫من ناحية الثورة‪ ،‬وعدم إعطاء الحراك الثوريّ في‬ ‫الداخل والخارج ح ّقه على وسائل اإلعالم خفف حجم‬ ‫التضامن الشعبيّ الغربيّ والعربيّ والتعاطف معها‪.‬‬ ‫والح��ظ إلغاء مصطلح الثورة من أغلب وسائل‬ ‫اإلع�لام العربيّة والغربيّة‪ ،‬واستبداله بمصطلح‬ ‫المعارضة المسلّحة والمعارضة الخارجيّة ممّا غير‬ ‫نظرة الكثيرين لما يحدث في سورية‪.‬‬ ‫كما ذكر أنّ من هذه األسباب‪ :‬غياب التمويل الدوليّ‬ ‫للجاليات في المهجر ويقتصر التمويل على الجاليات‬ ‫نفسها بما يجود به أبناؤها‪ ،‬بينما يتم ّتع مناصرو النظام‬ ‫ّ‬ ‫ويضخون أم��واالً ضخمة من األموال‬ ‫بتمويل كبير‬ ‫المسروقة من الشعب السوري نفسه‪.‬‬ ‫وذ ّك��ر أيضا ً ب��أنّ نجاح النظام في زرع الفتنة‬ ‫والخالفات بين أبناء الجاليات في العديد من دول‬ ‫االغتراب‪ ،‬جعل بعض الجاليات تنقسم على نفسها‬ ‫وت ّتهم بعضها تارة بالعمالة للنظام وتارة بأوصاف‬ ‫أخرى ممّا أ ّدى إلى نفور الكثيرين من مؤيّدي الثورة‬ ‫وتفضيلهم البقاء بعيدين عن تلك الجاليات وخاصّة فئة‬ ‫الشباب‬ ‫أخيراً‪ ،‬واأله ّم – برأيه ‪ -‬أنّ «النظام على مدى‬ ‫عقود خلق في داخل ك ّل مواطن دكتاتوراً»‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫جعل ك ّل مواطن يعتقد أ ّنه أفضل من اآلخر وهو أجدر‬

‫بالقيادة وا ّتخاذ القرارات وهو ذو خبرة أكثر ‪ ،‬لذلك‬ ‫نرى الصراعات المستمرّ ة على قيادة الحراك‪.‬‬ ‫وبنى على ذلك نداء قال فيه‪ :‬كونوا يداً واحدة كما‬ ‫كنتم في بداية الثورة ح ّتى تعيدوا للثورة صوتها وليصل‬ ‫صوتكم إلى ك ّل بقعة على هذا الكوكب وال تفسحوا‬ ‫المجال ألزالم العصابة بأن يفرّ قوا بينكم فتذهب ريحكم‬ ‫وتندموا في يوم لن ينفعكم فيه الندم‪.‬‬

‫الكتلة الوطنيّة الدميقراطيّة‬ ‫السوريّة‬ ‫وفي بيان صادر عن الهيئة التنفيذيّة للكتلة الوطنيّة‬ ‫الديمقراطيّة السوريّة في ذات المناسبة‪ ،‬ذكر أسباب‬ ‫حرف «الثورة المغدورة» عن مسارها من خالل‪:‬‬ ‫تصحّ ر الحياة السياسيّة طوال أكثر من أربعة عقود‬ ‫مضت‪ ،‬وتغييب وقتل القيادات الميدانيّة الواعية‪،‬‬ ‫وقصر نظر المعارضة التقليديّة التي تص ّدرت المشهد‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬ودخول القوى اإلقليميّة المختلفة بمصالحها‬ ‫وأجنداتها‪.‬‬ ‫وشبّه البيان قوى أسماها «داع��ش المافياويّة‬ ‫وأخواتها» بحصان «طروادة»‬ ‫ّ‬ ‫ال��ذي أسهم النظام في إطالقه‪ ،‬وذك��ر أنّ الكتلة‬ ‫الوطنيّة الديمقراطيّة ّ‬ ‫حذرت في وقت مب ّكر من هذا‬ ‫النهج اإلجراميّ الذي اعتمده النظام‪ ،‬ومن الظواهر‬ ‫الخطيرة التي ته ّدد مصير الثورة والوطن‪ ،‬وأ ّنها –‬ ‫أي الكتلة ‪ -‬دعت القوى الوطنيّة إلى تجاوز خالفاتها‬ ‫الثانويّة‪.‬‬ ‫وأضاف البيان أنّ الكتلة كانت أوّ ل من دعا إلى‬ ‫«مؤتمر وطنيّ شامل جامع يضع استراتيجيّة واضحة‬ ‫المعالم للتعامل مع قضايا الثورة والوطن»‪ .‬كما رأى‬ ‫البيان أيضا ً أنّ الح ّل السياسيّ الوطنيّ الذي يضمن‬ ‫تحقيق مصالح الشعب وآماله هو رحيل هذا النظام‬ ‫وإقامة النظام الديمقراطيّ البديل الذي يجسّد إرادة‬ ‫الشعب ويحافظ على وحدة سورية دولة ومجتمعا ً‬ ‫وكياناً‪ .‬وأضاف أنّ هذا الح ّل يتطلّب «بناء إجماع‬ ‫وطنيّ شامل‪ ،‬ووح��دة القوى الثوريّة على األرض‬ ‫خلف القيادة الوطنيّة التي يفرزها المؤتمر الوطنيّ‬ ‫العا ّم» ومطالبة «مجلس األمن بتنفيذ قرارات جنيف‬ ‫‪ »1‬وتحمّل مسؤولياته القانونيّة واإلنسانيّة تجاه مطالب‬ ‫الشعب السوريّ المشروعة‪.‬‬ ‫وفي ختامه أ ّك��د البيان على أنّ القوى الوطنيّة‬ ‫الديمقراطيّة أحوج ما تكون إلى «مراجعة شاملة‬ ‫وموضوعيّة ألدائها السياسيّ ‪ ،‬واإلصرار على تحقيق‬ ‫هذه الوحدة الوطنيّة العريضة حول األهداف العامّة‬ ‫للثورة‪».‬‬

‫حزب اجلمهوريّة‬ ‫وجاء في كلمة رئيس حزب الجمهوريّة «محمّد‬ ‫صبرا» في ذك��رى الثورة أ ّن��ه في سياق ثورتنا‪،‬‬ ‫«حصلت أخطاء عديدة»‪ ،‬لكنّ هذه األخطاء ال تهين‬ ‫الثورة أو تقلّل من شأنها‪ ،‬بل هي إدانة لطغمة الحكم‬ ‫ذاتها أساساً‪ ،‬وهذا ليس تبريراً لتلك األخطاء‪ ،‬بل‬ ‫محاولة لرؤية الصورة بجذورها األساسيّة‪ ،‬وهذا ال‬ ‫يعني‪ ،‬بالطبع‪ ،‬السكوت عنها‪ ،‬فالثورة تق ّدم فرصة‬ ‫للتطهّر من أخطاء وموروثات الماضي البغيض‪ ،‬وهذا‬ ‫ممكن عبر فضحها ونشرها على المأل‪ ،‬وصوالً إلى‬ ‫التخلّص منها‪ ،‬وهذا هو الفعل الثوريّ الحقيقيّ ‪ -‬حسب‬ ‫الكلمة ‪ -‬الذي يقودنا إلى بناء المواطن الجديد والحياة‬ ‫الجديدة‪ ،‬لذا من المه ّم أن تكون نظرتنا ألنفسنا وتاريخنا‬ ‫وتجاربنا وممارساتنا موضع نق ٍد وتصوي ٍ‬ ‫بشكل دائم‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫وأوضحت الكلمة أنّ معركتنا لم تعد اليوم معركة‬ ‫من أجل الحقوق والحرّ يّات فحسب‪ ،‬بل هي معركة‬ ‫إنجاز االستقالل وتحرير الوطن من براثن المحتلّين‪،‬‬ ‫لنبني «دولتنا الجديدة وجمهوريتنا الثالثة» التي تقوم‬ ‫أساسا ً على مرتكزا ٍ‬ ‫ت ثالثة هي «الدولة الوطنيّة‬ ‫السوريّة‪ ،‬دولة جميع السوريّين‪ ،‬والشعب السوريّ‬ ‫السيّد على نفسه ووطنه وأرضه‪ ،‬والمواطن السوريّ‬ ‫الحرّ الكريم»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وطالبت الكلمة بأن «نرفع صوتنا معا ض ّد أيّ محت ٍّل‬ ‫ألرضنا‪ ،‬أ ّيا ً كانت راي ُته وشعارُه‪ ،‬إن كان من أصحاب‬ ‫الحقد الطائفيّ القادم من إيران والعراق ولبنان‪ ،‬أو‬ ‫من جماعات التطرّ ف والظالميّة القادمة من أصقاع‬ ‫األرض كا ّفة» وأشار على أ ّنه ال ب ّد للقوى السياسيّة‬ ‫الوطنيّة أن تتجاوز خالفاتها األيديولوجيّة والسياسيّة‪،‬‬

‫وأن ت ّتحد تحت سقف هد ٍ‬ ‫ف واحدٍ‪ ،‬هو «تحرير وطننا‬ ‫من المحت ّل األجنبيّ ‪ ،‬وبناء دولتنا الوطنيّة التي تحمي‬ ‫الجميع‪ ،‬وتصون كرامات الجميع‪ ،‬وتحفظ حرّ يّات‬ ‫الجميع»‪.‬‬

‫حزب الشعب الدميقراط ّي السور ّي‬

‫كما أص��درت اللجنة المركزيّة لحزب الشعب‬ ‫الديمقراطيّ ال��س��وريّ بيانا ً بعنوان «تأكيد على‬ ‫االستمرار ‪ . .‬واالنتصار» جاء فيه‪ :‬إنّ الدعم غير‬ ‫المحدود الذي يتل ّقاه النظام من طهران وموسكو في‬ ‫جميع الميادين‪ ،‬لم يستطع‪ ،‬ولن يستطيع‪ ،‬أن ينقذه أو‬ ‫يعيد تأهيله‪ .‬فتهتكه وتفسخ مؤسّساته السياسيّة وماكينته‬ ‫العسكريّة والقمعيّة وانهيار أوضاعه االقتصاديّة بلغ‬ ‫ح ّداً جعله أسيراً للقرار الخارجيّ وإرادة الغزاة من‬ ‫المليشيات اإليرانيّة والعراقيّة واللبنانيّة‪ ،‬التي اس ُتقدمت‬ ‫لحمايته»‬ ‫واستذكر البيان مح ّددات العمل الوطنيّ والثوريّ في‬ ‫هذه المرحلة وموجباته حسب رأيه بأ ّنها‪:‬‬ ‫ تحقيق أعلى درجة من التوافق والتنسيق والوحدة‬‫بين قوى الثورة والمعارضة في جميع الحقول السياسيّة‬ ‫والعسكريّة واإلغاثيّة‪ ،‬فليس للسوريّين غير أنفسهم‪.‬‬ ‫ تنمية الوجه المدنيّ للثورة وإبرازه إلى واجهة‬‫األحداث باستعادة االحتشاد والمشاركة‪ ،‬وتحفيز روح‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع‬ ‫التمرّ د والنقد واإلب��داع‪ ،‬وتعزيز‬ ‫المدنيّ واألهليّ في سياق أهداف الثورة وتحت علمها‬ ‫الوطنيّ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ إنّ معالجة الشأن السوريّ تجزيئ ّيا وبالقطعة أمر‬‫غير مقبول من السوريّين‪ ،‬وال يصل إلى نتائج‪ .‬فما‬ ‫ورد في بيان جنيف ‪« 1‬تشكيل جسم حكم انتقالي‬ ‫كامل الصالحيّات» يبدأ بتنحّ ي رأس النظام‪ ،‬وهو الح ّد‬ ‫األدنى المقبول كمدخل أليّ ح ّل سياسيّ ‪ ،‬كما رأى‬ ‫البيان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫محذراً‪ :‬أنّ استقرار سورية‬ ‫وخاطب البيان العالم‬ ‫وتحقيق طموحات شعبها شرط الستقرار المنطقة‪ .‬وما‬ ‫لم يُفتحْ الباب أمام تغيير حقيقيّ فيها «سيبقى األمن‬ ‫والسالم في المنطقة والعالم في خطر» ورهين أوهام‬ ‫إمبراطوريّة وأطماع توسعيّة‪ ،‬تريد إعادة التاريخ إلى‬ ‫الوراء‪ ،‬وتفتح المنطقة على بوّ ابة صراعات وحروب‬ ‫ال تنتهي‪ ،‬وال تقود إلاّ إلى الهالك‪.‬‬

‫هيئة الشيوعيّني السوريّني‬ ‫بدأ بيان هيئة الشيوعيّين السوريّين في ذكرى الثورة‬ ‫بالسلبيات التي واجهت الثورة السوريّة‪ ،‬حسب رأيه‪:‬‬ ‫ عدم توافق القيادات الوطنيّة السياسيّة والعسكريّة‬‫على رؤية واحدة‪ ،‬وميثاق وطنيّ وبرنامج عمل‪.‬‬ ‫ تسليح الثورة‪ ،‬يعني إطالة المعارك لسنوات‬‫طويلة‪.‬‬ ‫ هيمنة اإلخوان المسلمين على المجلس الوطنيّ ‪،‬‬‫وبالتالي على االئتالف الوطنيّ ‪.‬‬ ‫ إعطاء ضوء أخضر من قبل المجلس الوطنيّ‬‫والجيش الحرّ ‪ ،‬لدخول المجاهدين من مختلف الدول‬ ‫العربيّة والعالم‪.‬‬ ‫ فقدان قيادة سياسيّة فاعلة للثورة على األرض‪.‬‬‫ عدم توحّ د فصائل الحركة السوريّة الكرديّة‬‫السياسيّة والعسكريّة‪ ،‬أ ّدى إلى صعوبات كبيرة في‬ ‫عمليات التنسيق السياسيّة والعسكريّة ‪...‬‬ ‫وذكر البيان غيرها من األسباب ث ّم أورد البيان‬ ‫النواحي اإليجابيّة من وجهة نظره‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫يتأخر الشعب السوريّ في مواكبة ثورات‬ ‫ لم‬‫الربيع العربيّ منذ بداياتها‪.‬‬ ‫ حافظت الثورة ألشهر عديدة على سلميّتها‪.‬‬‫ استطاعت الثورة كسب التأييد الواسع‪.‬‬‫ استمرار مسيرة الثورة رغم استخدام النظام لكا ّفة‬‫األسلحة‪ ،‬أجبر العالم للبحث عن ح ّل سياسيّ ‪ ،‬فت ّم‬ ‫عقد جنيف ‪ ١‬بهدف إدارة األزمة السوريّة‪ ،‬ومن ث ّم‬ ‫جنيف‪.٢‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬ ‫وقد أصدرت بعض المراكز والمؤسّسات والجهات‬ ‫أبحاثا ً ودراسات تخصّ موضوع الثورة السوريّة في‬ ‫ختام عامها الرابع‪ .‬ولم تصدر بعض القوى السياسيّة‬ ‫مثل «تيّار الوعد السوريّ » و»الحزب الوطنيّ للعدالة‬ ‫والدستور» وقوى وأحزاب أخرى أيّة بيانات في هذه‬ ‫المناسبة‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫قبل الثورة السورّية وبعدها‬

‫الحالة السياس ّية‪:‬‬ ‫كانت التكتالت السياسيّة الموجودة في الشارع‬ ‫السوريّ ال تخرج من عباءة النظام بحربه الكونيّة‬ ‫ض ّد االستعمار واإلمبرياليّة العالميّة‪ ،‬فأسّس‬ ‫النظام حفرة وضع فيها أغلب التك ّتالت المعاصرة‬ ‫له أو التي سبقته في هذه الحفرة وربطها بميثاق‬ ‫يحرّ م عليها النشاط والتفاعل إلاّ بإرادته (الجبهة‬ ‫ّ‬ ‫المغذي الرئيسيّ لهذه‬ ‫الوطنيّة التق ّدميّة) وكان‬ ‫(الجبهة) هي القضيّة الرئيسيّة فلسطين ومقاومة‬ ‫الصهيونيّة وتحرير الجوالن‪.‬‬ ‫تو ّقفت الحياة السياسيّة والثقافيّة والفكريّة باسم‬ ‫القضيّة المركزيّة (فلسطين) وكانت عبارة عن‬ ‫مشجب لفرض القبضة األمنيّة على ك ّل التحرّ كات‬ ‫والتجمّعات باإلضافة إل��ى قانون الطوارئ‬ ‫والمحاكم االستثنائيّة التي ش ّكلها النظام لمن‬ ‫يعتبرهم (خونة)‪.‬‬ ‫أمّا في عهد االب��ن‪ ،‬الذي فصّل الدستور على‬ ‫مقاسه‪ ،‬فقد تفاءلت تلك القوى المتشرذمة وبدأت‬ ‫ّ‬ ‫تخط بيانات وتك ّتالت باسم المجتمع المدنيّ أو‬ ‫إعالن دمشق‪ ،‬وانطلقت حركة سوريّة أخذت ترسم‬ ‫معالم أخرى لسورية بسبب تداخل السياسة مع‬ ‫الثقافة‪ ،‬التي لم تر النور منذ عهد الوحدة ‪،1958‬‬ ‫ورفدت المجالس أو المنتديات برجاالت الفكر‬ ‫والثقافة‪ ،‬وهذا ما جعل النظام يعلن حربه الجديدة‬ ‫بنفس آليّاته القديمة ض ّد الحراك السوريّ بفرض‬ ‫هيمنته األمنيّة واعتقال المشاركين والمحاضرين‬ ‫في هذه المنتديات والصالونات‪ ،‬وأعاد آليّات األب‬ ‫إلى الواجهة من قضيّة األ ّم إلى قضيّة التواجد‬ ‫األمريكيّ في المنطقة بعد العراق إلى الخوف من‬ ‫التش ّدد والقاعدة إلى ك ّل تلك الترّ هات التي قوننها‬ ‫للقضاء على الحراك أو ما ل ّقب بربيع دمشق‪.‬‬ ‫الحالة الدين ّية‪:‬‬ ‫كانت الحالة الدينيّة أشبه بطبل له‬ ‫هيكل دون أيّ صوت حيث فُرّ غ‬ ‫من محتواه الرئيسيّ بسبب الحالة‬ ‫السياسيّة والعسكريّة التي فرضتها‬ ‫جماعة اإلخوان أو فصيل انبثق‬ ‫منها وأخذ يدعو لمواجهة السلطة‬ ‫القائمة آنذاك بالسالح‪ ،‬فجرّ البلد‬ ‫إلى حالة من الفوضى والخراب‬ ‫الساسيّ والعسكريّ (فهم يتحمّلون‬ ‫جزءاً من خراب البلد)‪.‬‬ ‫على صعيد آخر بدء النظام بترتيب‬ ‫دور لمتديّني البالط لفرض آرائهم‬ ‫على ال��ش��ارع وإن��ش��اء جمعيّات‬ ‫دينيّة ترتبط باألمن والمخابرات‬ ‫(القبيسيّات‪ ،‬مراكز لحفظ القرآن باسم حافظ‬ ‫األسد)‪.‬‬ ‫أمّا في عهد االبن فاستمرّ الوضع كما هو عليه‪،‬‬ ‫ولكن أخذ منحى آخر جرّ اء دفع بعض رجاالت‬ ‫بالطه الدينيّين لفرض الحالة المتش ّددة أثناء حرب‬ ‫العراق لتجنيد الشباب وإرسالهم إلى الحرب‬ ‫المق ّدسة ض ّد أمريكا ليكونوا ورقة ضغط يلعب‬ ‫بهم أم��ام العالم الغربيّ ‪ ،‬ال��ذي كان لديه عقدة‬ ‫اإلرهاب ولضمان استمراره في السلطة‪.‬‬ ‫الحالة األمن ّية والعسكر ّية‪:‬‬ ‫بدأت مرحلة الثمانينات‪ ،‬التي فرضت جوّ اً أمن ّيا ً‬ ‫كئيبا ً خلف الدمار والموت وركيزة حقد‪ ،‬وال أستطيع‬ ‫أن أقول إنّ هذا الحقد طائفيّ فقط‪ ،‬ألنّ المشاركين‬ ‫في أحداث الثمانينات كانوا من ك ّل أطياف الشارع‬ ‫السوريّ ومكوّ ناته ولكن لعبت األجندة الساسيّة‬ ‫نتيجة وجود رأس الهرم وتابعه رفعت في صدارة‬ ‫األحداث‪ ،‬جعل أصحاب العقليّات المنغلقة توجّ ه‬ ‫اال ّتهام إلى طائفة معيّنة‪ ،‬وساهمت بذلك سياسة‬ ‫النظام الذي حاول أن يوصل للشارع السوريّ أنّ‬ ‫هذه الطائفة هي الداعمة لحكمه‪ ،‬ولك ّنها لم تظهر‬ ‫إلاّ بعد ثالثين عاما ً من تاريخ سورية‪.‬‬ ‫في ظل ّ الثورة‬ ‫تحرّ كت جموع الشباب لرفض واقع الذ ّل الذي‬ ‫فرضته األجهزة األمنيّة وتحرّ ك الشارع السوريّ‬ ‫لدعم ه��ذا التحرّ ك بسبب األزم��ة االقتصاديّة‬ ‫والسياسيّة التي أحالت البالد إلى مزرعة خاصّة‬ ‫باألسد والمقرّ بين منه‪ ،‬وكسر ال��ش��ارع ك ّل‬ ‫المق ّدسات التي فرضها النظام منذ أربعين عاماً‪،‬‬ ‫ولكن لم يستطع النظام أن يوقف امتداد الحراك‬ ‫الشعبيّ ‪ ،‬الذي ابتدأ بتظاهرة أمام وزارة الداخليّة‬ ‫في ‪ 2011/3/16‬ومن بعدها كانت الشعرة التي‬ ‫ّ‬ ‫خطها األطفال‬ ‫قصمت ظهر البعير؛ كتابات‬ ‫على جدار مدرستهم في جنوب سورية (درعا)‬ ‫ومنها انطلقت ال��ش��رارة الكبرى حيث سارع‬ ‫النظام إلى توجيه أصابع اال ّتهام إلى الحراك‬ ‫الشعبيّ بالطائفيّة والتمويل الخارجيّ وفرض‬ ‫أجندات غربيّة صهيونيّة أمريكيّة‪ ،‬ووجّ ه فوّ هة‬ ‫بنادقه وقطعان أمنه إلى اعتقال وقمع أيّة تظاهرة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫شعبيّة بحجّ ة أجنداتها الخارجيّة‪ ،‬لم يقتنع الشارع‬ ‫السوريّ أو الحراك الشبابيّ بهذه الترّ هات فأكمل‬ ‫مشواره رغم القمع الممنهج الذي فرضه النظام‬ ‫والذي تطوّ ر إلى استخدام أشخاص من المناطق‬ ‫المستفيدة والموالية له بحجّ ة الهجمة األمريكيّة أو‬ ‫بسبب المصالح والوعود التي قطعها لهم‪.‬‬ ‫ازداد القتل وأصبح السالح في الشارع السوريّ‬ ‫من قبل النظام وكأ ّنه احتالل أو انقالب عسكريّ‬ ‫ف��رض نفسه‪ .‬أصبح ص��وت الرصاص أبسط‬ ‫ما تسمعه في أيّ حيّ أو شارع‪ ،‬وفي ظ ّل هذا‬ ‫التسارع ال��ذي فرضه النظام ب��دأت عمليّات‬ ‫االنشقاق من صفوف الجيش السوريّ عندما‬ ‫أعلن المق ّدم حسين الهرموش خروجه من صفوفه‬ ‫وااللتحاق بصفوف الشباب الثائر‪ ،‬وذلك بسبب‬ ‫القتل الجماعيّ الذي كان يُمارس على الشباب‬ ‫الثائر حيث تغيّرت عقيدة الجيش وهي «حماية‬ ‫وتحرير األرض من الصهاينة» علما ً بأ ّنه‪ :‬لم‬ ‫يتحرّ ك هذا الجيش عندما دخلت طائرات إسرائيل‬ ‫وضربت منطقة عين الصاحب وقصفت دير‬ ‫الزور وبقاء الطيران اإلسرائيليّ ‪ ،‬فوق القصرفي‬ ‫الالذقية لم ّدة ربع ساعة‪ ،‬غير الهجمات الجديدة‪،‬‬ ‫وك ّل ذلك تحت مسمّى ضبط النفس‪ ،‬إلى دخول‬ ‫القرى والمدن المنتفضة ض ّد حكم األس��د ممّا‬ ‫شجّ ع الجيش ‪ -‬ضبّاطا ً ومج ّندين ‪ -‬لترك صفوفه‬ ‫والنأي عن ك ّل ما يحدث‪ ،‬أو االشتراك بحماية‬ ‫المتظاهرين‪ ،‬ممّا دفع النظام إلى الحالة الهمجيّة‬ ‫األكبر واال ّدع��اء بوجود متطرّ فين في صفوف‬ ‫الحراك الشعبيّ ‪ ،‬ف��ازداد القمع وأُدخ��ل السالج‬ ‫الثقيل إلى المدن واألرياف (بابا عمر) ممّا دفع‬ ‫بالمدنيّين لحمل السالح لسببين‪:‬‬ ‫االنتقام من األم��ن والشبّيحة (الذين‬ ‫‪ -1‬‬ ‫تكاثرت قطعانهم بعد أن أصبح لهم رواتب من‬

‫النظام وبعد أن أعطيت لهم صالحيّات واسعة)‬ ‫بعد ما قاموا بهتك األع��راض وقتل المحتجّ ين‬ ‫والمتظاهرين‬ ‫الرغبة في مساعدة العناصر المنش ّقة‬ ‫‪ -2‬‬ ‫للدفاع عن التظاهرات‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬ب��دء التحوّ ل الكبير في قمع النظام‬ ‫واستخدام الطائرات وقصف المناطق السكنيّة‪،‬‬ ‫وفي الطرف اآلخر بدأت تك ّتالت الشباب تر ّد‬ ‫على النظام بعمليّات عسكريّة على مفارزه‬ ‫ّ‬ ‫الموزعة بك ّل المدن أو على‬ ‫أو على حواجزه‬ ‫شخصيّات عسكريّة‪ ،‬وتوسّعت الحالة العنفيّة‬ ‫من قبل النظام وب��دأت تظهر أولى التشكيالت‬ ‫العسكريّة بعد أن ازدادت االنشقاقات في صفوف‬ ‫الجيش وانضمامها للحراك الشعبيّ ث ّم للحراك‬ ‫المسلّح‪ ،‬وبدأت بعض األجندات تفرض وجودها‬ ‫باسم تسليح المعارضة‪ ،‬وبدأت المناطق تخرج‬ ‫عن سيطرة النظام والحراك المسلّح يأخذ أشكاالً‬ ‫أخرى تتلّون حسب األجندة الداعمة وخرجت‬ ‫القيادات العسكريّة من اللعبة‪ ،‬وانبثقت قيادات‬ ‫ثوريّة متط ّفلة أحيانا ً على الحراك أو تدرّ جت من‬ ‫الحراك السلميّ إلى المسلّح إلى القيادة‪ ،‬وقد ص ّفوا‬ ‫من قبل النظام فيما بعد أو من قبل بعض الكتائب‬ ‫التي تريد فرض أجندة إسالميّة‪ ،‬أو نتيجة فرضهم‬ ‫من قبل المموّ لين بالمال السياسيّ ‪.‬‬ ‫الحالة السياس ّية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫بقي النظام محافظا على آليّاته السياسيّة رغم‬ ‫االنشقاقات المتوالية لرجاالته ورغم العمليّات‬ ‫العسكريّة من قبل المعارضة ض ّدهم‪ ،‬ولكن بقي‬ ‫محافظا ً بالشكل العام على طروحاته وآليّات‬ ‫تعاطيه مع الخارج وم��ع االنتفاضة الشعبيّة‬ ‫والمسلّحة‪.‬‬ ‫نتيجة الضغط الخارجيّ للدول التي تعاطفت‪،‬‬ ‫أو أنّ لها مصالح‪ ،‬أو شاركت في دعم الثورة‬ ‫السوريّة‪ ،‬تمّت محاولة لتوحيد المعارضة في جسم‬ ‫سياسيّ باسم «المجلس الوطنيّ » ولكن ما أن رفع‬ ‫السوريّون الفتاتهم البسيطة لتأييد هذا التك ّتل ح ّتى‬ ‫أعادوا إعالن موات هذا التك ّتل بالنسبة لهم‪ ،‬فقد‬ ‫كان يفتقد أبسط اآلليّات السياسيّة للتعاطي مع‬

‫حراك الشارع المتسارع‪ ،‬وأصبح عبارة عن بوق‬ ‫إعالميّ ومحل ّل سياسيّ ‪ ،‬غير التناحرات السياسيّة‬ ‫بين أعضائه واألجندات السياسيّة للدول الداعمة‬ ‫ألعضائه من محظورات سياسيّة وعسكريّة‬ ‫ومنها‪ :‬عدم تواجد للجيش الحرّ ‪ ،‬عدم رفد المجلس‬ ‫بالشباب الفاعلين على األرض‪ ،‬الثقة بالدول‬ ‫الصديقة كما عبّر عنها د‪ .‬برهان غليون‪ ،‬عدم‬ ‫وجود جسم سياسيّ يتابع األحداث السياسيّة على‬ ‫الساحة السوريّة وتحليلها‪ ،‬رفضه أليّ حوار أو‬ ‫مفاوضات وكأنّ فيالقه تنتظر إشارة البدء‪....‬‬ ‫بعد األخطاء الجسيمة للمجلس الوطنيّ تحرّ كت‬ ‫الجموع السياسيّة والبعض من القوى الشعبيّة‬ ‫والعسكريّة إلى الدعوة لتشكيل تيّار سياسيّ يتدارك‬ ‫أخطاء الجسم السابق‪ ،‬ولكن لم يقف الشارع‬ ‫السوريّ المنتفض بشكل كامل مع الجسم الجديد‬ ‫لع ّدة أسباب منها‪ :‬خوفه من تمييع قضيّته كما فعل‬ ‫سابقه وزيادة في تش ّتت القوى السياسيّة وأيضا ً‬ ‫بسبب عدم ثقته بالرعيل السياسيّ األوّ ل ‪....‬‬ ‫ونتيجة لهذه األخطاء والمخاوف السياسيّة بدأت‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الشبابيّة والدوليّة وغيرها‪ ،‬تعمل‬ ‫بعض‬ ‫على دعم حراك المجتمع المدنيّ الضعيف نتيجة‬ ‫الحالة اإلسالميّة المتزايدة وظهرت جماعات‬ ‫تكفيريّة متع ّددة االنتماءات من القاعدة الجهاديّة‬ ‫شيعيّة وسنيّة‪ ،‬غير التي فرضها النظام أو ساهم‬ ‫بوجودها من إطالق سراح السجناء المطلوبين‬ ‫دول ّيا ً إلى المحاربين بالعراق مع جماعات جهاديّة‬ ‫إلى األجانب الذين استقدمهم بفكر طائفيّ لخدمة‬ ‫وتكريس أجنداته اإلعالميّة والسياسيّة أمام العالم‬ ‫المتم ّدن‪ .‬ونتيجة االنقسام الحا ّد دين ّيا ً ومناطق ّيا ً بين‬ ‫مؤيّدين ومعارضين وبين علويّين وس ّنة ممّا زاد‬ ‫الخوف لدى الفئة لدى بعض التجمّعات الشبابيّة‬ ‫من االنقسامات الحا ّدة ومحاولة لوضع آليّات‬ ‫مستقبليّة لترميم هذا الصدع الكبير بين‬ ‫مكوّ نات الشارع السوريّ ورغم ذلك‬ ‫مازالت مبتدئة‪.‬‬ ‫الحالة الدين ّية‬ ‫«في المعارك يعلو صوت التطرّ ف»‬ ‫نتيجة القمع المتزايد من قبل النظام‬ ‫واستفاقة بعض التيّارات السياسيّة‬ ‫التي كانت ممنوعة من العمل داخل‬ ‫سورية على مظلوميّة دينيّة ممّا جعل‬ ‫نشاطها يتزايد في الريف السوريّ‬ ‫والمناطق التي اقتحمها جيش النظام‬ ‫وب��دأت التيّارات السلفيّة والجهاديّة‬ ‫ترى مجاالً خصبا ً لفكرها المتطرّ ف‬ ‫فتزايدت الجماعات المتأسلمة وضعف‬ ‫اإلسالم الشعبيّ الذي ك ّفر من قبل هذه التيّارات‬ ‫التي لعبت أيضا ً على المجال االقتصاديّ من إغاثة‬ ‫ومر ّتبات لك ّل المنضوين تحت سقفها ممّا جعل‬ ‫أغلب الشباب الذين ال يملكون عمالً أو بسبب‬ ‫األزمة والحرب التي ش ّنها النظام ينطون تحت‬ ‫راية هذه الفئات المتشددة أو الصمت عن أعمالها‬ ‫الغوغائيّة‪ ،‬وارتفعت رايات القصاص من األقلّيّات‬ ‫وخرجت العبارات واألفعال الطائفيّة تأخذ الطابع‬ ‫الرئيسيّ من قِبل هذه التجمّعات وسيطرت هذه‬ ‫السمة على األحداث في سورية‪ ،‬وقمع اإلسالم‬ ‫المعتدل والحالة الوطنيّة وتكفيرهما‪ ،‬وسيطرت‬ ‫هذه القوى على أموال الدولة السوريّة بحجة أ ّنها‬ ‫تابعة للنظام‪ ،‬وبدأت الفتاوى واألحكام الشرعيّة‬ ‫تلعب الدور الرئيسيّ في المناطق الخارجة عن‬ ‫سيطرة النظام وانكمشت التك ّتالت الشبابيّة الوطنيّة‬ ‫وخاصّة المنتمية إلى األقلّيّات الدينيّة بسبب خوفها‬ ‫من العناوين الثأريّة والطائفيّة التي ر ّكبت طابع‬ ‫الثورة والتي عرف النظام آليّة توظيفها لصالحه‬ ‫أمام الفئة الصامتة من الشارع السوريّ وأمام‬ ‫العالم المتم ّدن‪.‬‬ ‫الحالة العسكر ّية‪:‬‬ ‫بعد أن ز ّج النظام بالجيش لقمع المناطق‬ ‫التي خرجت عن سيطرته وتزايد االنشقاقات‬ ‫والعمليّات العسكريّة ض ّده ونجاح أغلبها عمل‬ ‫على ز ّج حزب هللا في العمليّات العسكريّة باسم‬ ‫الممانعة والمؤامرة الكونيّة لتحييد سورية عن‬ ‫الهدف الرئيسيّ وهو تحرير األراضي المغتصبة‬ ‫واستعماله األسلحة الكيماويّة والبراميل الموت‬ ‫وقصف مناطق كاملة بها وبصواريخ السكود‬ ‫ومن ث ّم استقدم اإليرانيّين ليشرفوا على تدريب‬ ‫عناصره الذين ش ّكلهم من المدنيّين تحت مسمّيات‬ ‫عديدة منها كتائب البعث أو كتائب القوميّين‬ ‫السوريّين أو جيش الدفاع الوطنيّ ولعب أيضا ً‬ ‫على وتر المرأة حيث ج ّند العديد من النسوة لتكنّ‬ ‫دافعا ً للشباب لاللتحاق بصفوفه وبعدها استقدم‬ ‫مرتزقة طائفيّين من العراق تحت مسمّى الجهاد‬ ‫األكبر ض ّد القاعدة وحماية المق ّدسات الشيعيّة‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫في اإلعادة إفادة‬

‫*احل ّريّة‬ ‫أدي�����ب إس��ح��ق‬ ‫(‪)1885 – 1856‬‬ ‫أدي����ب وش��اع��ر‬ ‫وصحف ّي سور ّي‬

‫‪ ...‬م ْ‬ ‫ُدحت بما لم ُتمدح بمثله فضيلة وذمّت بما لم تذ ّم بمثله‬ ‫رذيلة والتي هي عند بعض الناس هناء وعند بعضهم شقاء وفي‬ ‫أعين فريق راحة وفي أعين فريق عناء ولدى قوم حياة ولدى‬ ‫قوم فناء‪ ،‬وما برحت موضع اختالف بين الباحثين والمعرّ فين‪...‬‬ ‫ولم َ‬ ‫يبق إلاّ أن أع ّد النفس وأهيئ الخاطر وأخفض من جناح‬ ‫الخضوع وأرتدي لباس الرهبة والخشوع ألدخل مق ّدس هذا‬ ‫الموضوع‪ ،‬الحرّ يّة‪.‬‬ ‫فالحرّ يّة ثالوث موحّ د الذات متالزم الصفات يكون بمظهر‬ ‫الوجود فيقال له الحرّ يّة الطبيعيّة وبمظهر االجتماع فيُعرف‬ ‫بالحرّ يّة المدنيّة وبمظهر العالئق الجامعة فيعرف بالحرّ يّة‬ ‫السياسيّة‪.‬‬ ‫عرّ ف (مونتسكيو) الحرّ يّة المدنيّة بأن ال يُجبر المرء على ما‬ ‫ال تجبه القوانين وعرّ ف السياسة بأن يفعل ك ّل ما ُتجيزه القوانين‪،‬‬ ‫ومرج ُع هذين الح ّدين إلى وهم واحد وهو الذهول عن ماهيّة‬ ‫القوانين فإنّ الظاهر من قول هذا الحكيم الفرنسويّ إنّ الحرّ يّة‬ ‫موجودة في واشنطن وجودها في طهران‪ ،‬وليس األمر كذلك بل‬ ‫الحرّ يّة الحقيقيّة غريبة عن ك ّل مكان لسوء ّ‬ ‫حظ اإلنسان‪.‬‬ ‫وقد ا ّتفق كثير من الناقدين على تعريف الحرّ يّة بكونها مقدرة‬ ‫المرء على فعل ما ال يضرّ بغيره من الناس وهو عين الح ّد‬ ‫المنصوص عليه في القانون الرومانيّ وفيه نقص من وجهين‪،‬‬ ‫األوّ ل أنّ ح ّد اإلضرار بالغير يخرج عنه اإلضرار بالذات وهو‬ ‫مخالف لمقتضى الناموس الطبيعيّ الحقيق بال ّتباع‪.‬‬ ‫أمّا تعاريف المنافقين الحرّ يّة فال مح ّل إليرادها وال موضع‬ ‫النتقادها في مثل هذا المقام فغاية القول فيها أنّ أهل السلطة‬ ‫االستبداديّة حيث كانوا ومن حيث كانوا يفترون على الحرّ يّة‬ ‫كذبا ً في تعريفها بالطاعة العمياء والتسليم المطلق لمقال زيد‬ ‫مرو ّيا ً عن حكاية عمرو مسنداً إلى رواية بكر مؤيّداً بمنام خالد‬ ‫فهي بموجب هذا الح ّد فناء الذهن وموت القوّ ة الحاكمة وخروج‬ ‫اإلنسان عن مقام اإلنسان‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ اختالف المعرّ فين وخطأ كثير من الناقدين وأباطيل‬ ‫ذوي األغراض الذاتيّة ومفاسد الهيئة االجتماعيّة‪ ،‬ك ّل ذلك لم‬ ‫يمنع من ظهور نور الحرّ يّة من خالل ألفاف األقوال فهي ترشد‬ ‫البداهة خاصّة طبيعيّة وجدت لينمّي بها اإلنسان قواه البدنيّة‬ ‫والعقليّة متدرّ جا ً في مراتب كماالت الوجود ث ّم كان من سوء‬ ‫بخته أنّ مظاهر السلطة أتت على ض ّدها من ك ّل وجه وفي ك ّل‬ ‫زمان ح ّتى كأ ّنما أوّ ل ما سعت فيه الجمعيّة البشريّة ألاّ يكون‬ ‫اإلنسان إنساناً‪ ،‬فقد ألمّت هاته الجمعيّة بالحرّ يّة الطبيعيّة في ك ّل‬ ‫الولد على شاكلة‬ ‫مكان‪ ،‬أو ما ترى ك ّل أناس يرومون أن يكون ِ‬ ‫آبائهم فالصينيّ يخنق ِرجل الطفلة بالنعل الحديد لتشبّ على‬ ‫خلق ج ّدتها واألوروبّيّ يُضعف يسار الطفل لتكون يمينه أقوى‬ ‫والشرقيّ يخنق الطفل بجملته في اللفافة والقماط‪ ،‬فهذه العادات‬ ‫القاضية على الموجود اإلنسانيّ بأن ال يكون كما وجد ولكن‬ ‫كما يريد الناس أن يكون ذاهبا ً بحرّ يّته الطبيعيّة رأساً‪ ،‬فلقد رأينا‬ ‫األقوام يربّون الولد كما يضربون الدراهم فهم يرومون أن تكون‬ ‫جميع القطع متماثلة متشاكلة وال يقبلون منها ما كان مختلف‬ ‫النقش عن الجملة وكذلك اإلنسان الذي يخالف سائر قومه في‬ ‫َ‬ ‫والخلق يفقد فيهم نصف قيمته ال أق ّل ومن ذلك ينشأ‬ ‫ال ُخلق‬ ‫فينا خ ّفة اإلعجاب وبله االستغراب وجنون الدهشة من رؤية‬ ‫ك ّل شيء غريب‪ ،‬ألنّ هيئة االجتماع التي تقتل حرّ يّتنا بإحكام‬ ‫التربية ال تغني بفضائل النفوس عنايتها بالصور الخارجيّة‪.‬‬ ‫وأمّا الحرّ يّة المعنويّة فقد كان إلمام الهيئة االجتماعيّة بها‬ ‫أش ّد وأنكى فإ ّنه ال يكاد الطفل يخرج إلى عالم الوجود ح ّتى‬ ‫يُغمس أو يُرسم بما ال يعلم ث ّم يوجّ ه فكره إلى من يجهل من‬ ‫المعبودات التي ال حقيقة لها وال إله إلاّ هللا‪ ،‬ث ّم تأخذ الوالدة في‬ ‫تعليمه ألفاظا ً ال يفقه لها معنى وتخيّالت ال يدرك لها سرّ اً ث ّم‬ ‫يُلقى بأيدي المربّين‪ ،‬فيتولّون ذهنه الطاهر البسيط ويعركونه‬ ‫كالشمع ليرسموا عليه طوابع تعليمهم ث ّم يبعثونه عنوة ال على‬ ‫الخير ولكن على ما يظ ّنونه خيراً ويمنعونه ال من الشرّ ولكن‬ ‫ممّا يحسبونه شرّ اً‪ ،‬ح ّتى ترسخ في ذهنه آراؤهم وتستحكم في‬ ‫نفسه صبغتهم فيعيش من القماط إلى الكفن كما أرادوا‪...‬‬ ‫*صفحات (‪ )137 – 134‬من كتاب «الدرر» طبع ‪ – 1905‬مكتبة جامعة تورنتو ‪.‬‬

‫نبيه مسرتيح‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫اقتصاد و قانون‬

‫العدد ‪27‬‬

‫‪9‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫فنّانو سورية تحت مقصلة التشبيح‬

‫جوعان‪ ،‬كلمة ُكتبت على جبين طفل من درعا‬ ‫ّ‬ ‫استفزت‬ ‫المحاصرة وفي يده زجاجة حليب فارغة‬ ‫الكاتبة ريما فليحان لصياغة ما ع��رف بـ «بيان‬ ‫الحليب» وو ّق��ع عليه مجموعة من الف ّنانين وكان‬ ‫بمثابة إعالن ساعة الصفر لبداية الحرب على الف ّنانين‬ ‫السوريّين الذين انحازوا للناس ض ّد القمع‪ ،‬لتبدأ حملة‬ ‫ّ‬ ‫منظمة ض ّد ك ّل من و ّقع على‬ ‫تشهير وشتم وتخوين‬ ‫البيان من الف ّنانين‪ ،‬لتتطوّ ر بعدها الحملة إلى اعتقال‬ ‫ك ّل ف ّنان تظاهر ض ّد النظام ومحاكمة بعضهم بتهمة‬ ‫اإلرهاب مثل الف ّنانة سمر كوكش وبعضهم قبع في‬ ‫أقبية النظام دون أيّة محاكمة و تعرّ ض بعضهم لبلطجة‬ ‫رجال النظام‪ ،‬وأخيراً ظهر رئيس (كركون) باب‬ ‫الحارة زهير رمضان في نقابة الف ّنانين ليه ّدد بتطبيق‬ ‫فرمانات قاسية ّ‬ ‫بحق ك ّل ف ّنان أساء للسلطان أو حاشيته‪.‬‬ ‫جرم التشهير‬ ‫يعتبر التشهير من األفعال التي تجرّ مها معظم‬ ‫التشريعات‪ ،‬باإلضافة إلى الذ ّم والقدح وهي جرائم تقع‬ ‫على السمعة والشرف وتمسّ بكرامة الشخص وتزداد‬ ‫آثارها السلبيّة طرداً كلّما كان المجني عليه شخصيّة‬

‫عامّة ومعروفة‪ .‬ونحن ال نبالغ إذا قلنا إنّ الف ّنانين‬ ‫الذين انحازوا لوجع الناس كان لهم النصيب األوفر‬ ‫من الذ ّم والقدح والتشهير‪ ،‬ودون أيّة محاسبة من قبل‬ ‫الجهات المعنيّة لمن ارتكب هذه الجرائم‪ ،‬ومنذ اللحظة‬ ‫األولى التي عبّر الف ّنانون فيها عن آرائهم المستنكرة‬ ‫لما يتعرّ ض له الناس من مظالم انهالت عليهم ك ّل‬ ‫ألفاظ التحقير والتشهير والقدح والذ ّم‪ ،‬وفي ك ّل وسائل‬ ‫اإلعالم المقروءة والمسموعة المحسوبة على النظام؛‬ ‫هذا إذا استثنينا ما تعرّ ضوا له من مضايقات من مؤيّدي‬ ‫النظام المدفوعين من قبل رجال األمن‪ ،‬ولكنّ المفاجئة‬ ‫كانت عندما بدأ رفاق الدرب من الزمالء والف ّنانين‬ ‫بحملة مجنونة ض ّد زمالئهم المعارضين‪ ،‬فقام المخرج‬ ‫هشام شربتجي بتخوين ك ّل من و ّقع على البيان‪ ،‬بمن‬ ‫فيهم ابنته المخرجة رشا التي كانت من بين المو ّقعين‬ ‫على بيان الحليب‪.‬‬ ‫لم يقم أيّ ف ّنان تعرّ ض للذ ّم والقدح برفع دعوى‬ ‫أمام القضاء‪ ،‬وذلك لقناعة مسبقة بعدم الجدوى‪ ،‬وألنّ‬ ‫المحاكمات ستكون صوريّة في ظ ّل الحرب اإلعالميّة‬

‫المد ّون حسين غرير‬

‫ّ‬ ‫المنظمة ض ّدهم والتي تقودها فروع األمن‪.‬‬ ‫في‬ ‫االعتقال‬ ‫التعس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال يجوز اعتقال أيّ شخص إلاّ وفق القانون‪ ،‬هذا‬ ‫ما نصّت عليه المواثيق والمعاهدات الدوليّة والقانون‬ ‫السوريّ أيضاً؛ مع ذلك‪ ،‬وخالفا ً لك ّل ما سبق يت ّم‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة مي سكاف ونضال حسن ويم‬ ‫اعتقال ك ّل من‬ ‫مشهدي وريما فليحان ودانا بقدونس واألخوان محمّد‬ ‫وأحمد ملص وإياد شربجي وغيرهم بعد مشاركتهم‬ ‫في اعتصام معارض‪ ،‬لتنتقل الحرب ض ّد الف ّنانين‬ ‫المعارضين من مرحلة السبّ والشتم والتشهير إلى‬ ‫مرحلة االعتقال التعسّفيّ ‪ ،‬ومع اعتقال محمّد أوسو‬ ‫(كسمو) ومحمّد آل رشي وغيرهم تستمرّ االنتهاكات‬ ‫الصارخة لنجوم الدراما السوريّة‪.‬‬ ‫وفي ظ ّل قانون اإلره��اب الذي صيغ على عجل‬ ‫ليكون سيفا ً مسلّطا ً على رقاب ك ّل من أراد أن يقول‬ ‫ال للسلطان‪ ،‬يُحكم على سمر كوكش ‪ -‬التي لم تحمل‬ ‫يوما ً سالحا ً ‪ -‬بالسجن لم ّدة خمس سنوات بدون أيّة‬ ‫محاكمة قانونيّة حقيقة‪ ،‬في استعادة واضحة لحالة‬ ‫األحكام العرفيّة‪.‬‬

‫فصل من النقابة‬ ‫مع وجود رئيس (كركون) باب الحارة زهير رمضان‬ ‫كنقيب للف ّنانين‪ ،‬بدأت حملة الوعيد والتهديد بالفصل من‬ ‫النقابة للف ّنانين المعارضين ومنهم الف ّنان جمال سليمان‬ ‫ومكسيم خليل‪ ،‬باإلضافة للعديد من الف ّنانين تحت‬ ‫ذريعة (اإلسهام في سفك الدم السوريّ ) ويبدو أنّ السيّد‬ ‫زهير رمضان لم يستطع التخلّص من شخصيّة رئيس‬ ‫(الكركون) وبقيت هذه الشخصيّة تالحقه في أز ّقة‬ ‫نقابة الف ّنانين‪ ،‬متناسيا ً أنّ النقابة تنطلق في عالقتها مع‬ ‫أعضائها على أساس النظام الداخليّ الذي يح ّدد واجبات‬ ‫وحقوق األعضاء‪ ،‬وأنّ العالقة بين أعضاء النقابة ُتبنى‬ ‫على أرضيّة العمل الجماعيّ للدفاع عن حقوق الف ّنانين‬ ‫ّ‬ ‫التدخل في انتماءاتهم السياسيّة‬ ‫الماديّة والمعنويّة دون‬ ‫أو مواقفهم وبعيداً عن التهديد والوعيد‪.‬‬ ‫وبحسب نظام النقابة الداخليّ ‪ ،‬ال يجوز فصل أيّ‬ ‫ف ّنان إلاّ في حاالت محّ ددة‪ ،‬مثل‪ :‬امتناع الف ّنان عن دفع‬ ‫التزاماته الماليّة أو اإلخالل بقواعد العمل النقابيّ أو‬ ‫ألسباب خارجيّة كالحكم على الف ّنان من قبل القضاء‬ ‫القترافه جرما ً شائناً‪ .‬أمّا مجرّ د اال ّتهامات الغوغائيّة‬ ‫التي ال تستند إلى أيّ دليل قانونيّ فهي جرم بح ّد ذاتها‬ ‫يتر ّتب عليها ز ّج زهير رمضان خلف قضبان في‬ ‫(الكركون) بعد محاكمة عادلة‪.‬‬ ‫الفنّ ‪ ،‬هو الشكل األرق��ى واألعمق للتعبير عن‬ ‫أوجاعنا وأحالمنا‪ ،‬فكم هو مستهجن ومرفوض أن‬ ‫تصل سياسة التشبيح لتطبّق على ف ّناني سورية أ ّيا ً كان‬ ‫موقعهم السياسيّ وأ ّيا ً كانت آرائهم‪ ،‬وأن يت ّم تخوينهم‬ ‫دون أيّ دليل أو احترام للحقيقة؟!‬

‫احملامي حممّد محو‬

‫المواطن وتحريم كا ّفة وسائل الحياة‬

‫تأجيل الحكم للمرّة السادسة‬

‫ثالثة أعوام على االعتقال‪ ،‬حسين غرير متزوّ ج وله طفلين‪،‬‬ ‫ورد وزين‪ ،‬وهو خريج كليّة الهندسة المعلوماتيّة‪ ،‬شارك في‬ ‫الحمالت التضامنيّة مع الجوالن وفلسطين المحتلّين‪.‬‬ ‫حسين المدوّ ن السوريّ البارز‪ ،‬له نشاط تدوينيّ ملفت في‬ ‫النقاشات الدائرة في فضاء التدوين السوريّ حول قضايا الشأن‬ ‫العا ّم‪.‬‬ ‫اعتقل حسين مع مجموعة من زمالئه عقب اقتحام دوريّة‬ ‫بلباس مدنيّ تابعة لجهاز األمن الجويّ مقرّ المركز السوريّ‬ ‫لإلعالم وحرّ يّة التعبير في دمشق بتاريخ ‪ ،2012/2/16‬وبينما‬ ‫أُفرج عن باقي المعتقلين بقي ك ّل من حسين غرير وهاني الزيتاني‬ ‫ورئيس المركز مازن درويش معتقلين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المزة‬ ‫بعد أشهر من االعتقال في فرع المخابرات الجوّ يّة في‬ ‫ت ّم تحويل غرير إلى مقرّ المخابرات الجوّ يّة في ساحة التحرير‬ ‫بدمشق‪ ،‬ودخل في إضراب عن الطعام احتجاجا ً على اعتقاله‪،‬‬ ‫ومنذ فترة ليست بالوجيزة ت ّم تحويل حسين غرير إلى سجن عدرا‬ ‫المركزيّ الواقع على أطراف دمشق وهو ينتظر الحكم عليه بتهم‬ ‫تتعلّق باإلرهاب حسب الما ّدة ‪ 8‬من قانون اإلرهاب لعام ‪.2012‬‬ ‫وفي حزيران من عام ‪ 2014‬أصدرت الحكومة السوريّة عفواً‬ ‫عا ّما ً يشمل جميع التهم الموجّ هة إلى غرير وزمالئه ورغم ذلك لم‬ ‫يت ّم اإلفراج عنهم‪ ،‬حيث أجّ لت هيئة محكمة اإلرهاب في دمشق‬ ‫في ‪ 20‬كانون الثاني محاكمة حسين ودرويش والزيتاني للمرّ ة‬ ‫السادسة على التوالي‪ ،‬وفي هذه المرّ ة لتاريخ وأسباب لم يت ّم‬ ‫اإلعالن عنها‪.‬‬ ‫يُذكر أ ّنه في نهاية الشهر األوّ ل ‪ 2015‬ت ّم تحويل مازن‬ ‫درويش من سجن عدرا إلى سجن حماة المركزيّ وال أخبار عمّا‬ ‫إذا كانت الحكومة تنوي نقل حسين غرير وهاني الزيتاني إلى‬ ‫سجون محافظات أخرى الحقاً‪ ،‬إنّ اعتقال حسين غرير وظروفه‬ ‫يش ّكالن تهديداً وخطراً على حياته كونه يعاني من انسداد الصمّام‬ ‫التاجيّ في القلب وارتفاع الضغط الشريانيّ ‪ ،‬يُذكر أيضا ً أنّ هذه‬ ‫ليست المرّ ة األولى التي يت ّم فيها اعتقال حسين غرير‪ ،‬حيث كان‬ ‫قد اعتقل بتاريخ ‪2011/10/24‬‬ ‫الحريّة لحسين غرير ولجميع معتقلي الرأي والضمير‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫يعاني أهالي حلب في سورية من انقطاع‬ ‫للكهرباء منذ أكثر من سنتين في مناطق سيطرة‬ ‫الثوّ ار‪ ،‬وفي أحياء سيطرة النظام معاً‪ ،‬حيث تأتي‬ ‫الكهرباء ساعتين أو ثالثة أحيانا ً وتعود لالنقطاع‬ ‫أسابيع‪ ،‬لتعيش المدينة في ظالم‪ ،‬وانعدام كا ّفة‬ ‫وسائل الحياة لكي ُتحرّ م عليهم مثلما حرّ مت عليهم‬ ‫بناتهم وأخوتهم‪ ،‬ومنها خرج ما يسمّى األمبير وبدأ‬ ‫الناس بالتهافت عليه منذ حوالي السنة وكان مثل‬ ‫الح ّل الجيّد ليكون بديالً عن المولّدات الصغيرة‬ ‫والتخلّص من صوت ضجيجها‪ ،‬عقب فشل نظام‬ ‫ّ‬ ‫المحطات الحراريّة‪ ،‬مقابل‬ ‫األسد في تأمين حماية‬ ‫سعيه لتأمين السالح الجوّ ي واألرض��يّ لقصف‬ ‫المدن‪.‬‬ ‫عقالن ّية أم تالعب‬ ‫ولكن سرعان ما بدأ الجشع والطمع لدى تجّ ار‬ ‫األزمات وباتت األسعار غير مستقرّ ة في حالة‬ ‫ارتفاع متزايد‪ ،‬األمر الذي جعل محافظ حلب‬ ‫إصدار قانون تسعير األمبير‪ ،‬فكان القرار رقم‬ ‫‪ /203/‬تاريخ ‪ 2014/10 /30‬والذي تضمّن تحديد‬ ‫سعر األمبير الواحد‪ ،‬للمولّدات في مدينة حلب‪،‬‬ ‫بمبلغ ‪ 75‬ليرة سورية لك ّل ساعة تشغيل أسبوع ّيا ً‬ ‫دون أيّ زيادة‪ ،‬وعلى أن يستمرّ عمل المولّدات‬ ‫يوم ّياً‪ ،‬ح ّتى الساعة الثانية عشرة ليالً كح ّد أقصى‪،‬‬ ‫إلى أن جاء القرار‪ ،‬مثل ترخيص لشبّيحة النظام‪،‬‬ ‫فرصة في االستغالل والتح ّكم بالمواطن حيث جاء‬ ‫القرار بصيغته غير مفهوم‪ ،‬وخالقا ً الكثير من‬

‫البلبلة‪ ،‬حول آليّة تنفيذه وفهمه على أق ّل تقدير‪،‬‬ ‫حيث فتح هامش التفسيرات والتالعب‪ ،‬وهو ما‬ ‫يتميّز به أفراد نظام األسد‪ ،‬حيث جاء سعر الساعة‬ ‫‪ 10.7‬ليرة أسبوع ّيا ً سعرها ‪ ،75‬إذاً المولّدة تعمل‬ ‫لم ّدة أسبوع‪ ،‬ساعة واحدة فقط ك ّل يوم‪ ،‬تكون تكلفة‬ ‫الساعة الواحدة في اليوم ‪( 7 * 10.7‬عدد أيّام‬ ‫األسبوع) = ‪ 75‬ليرة سورية وفي حال المولّدة‬ ‫تعمل ‪ 7‬ساعات باليوم تكون ‪ 525‬ل‪.‬س‪.‬‬ ‫هذا أحد التفسيرات األقرب للعقالنيّة‪ ،‬والتي‬ ‫رفضها ملاّ كو ال��م��ولّ��دات قائلين‪( :‬ال��م��ازوت‬ ‫‪155‬ل‪.‬س‪ ،‬ونأخذ نصف الكميّة من المحافظة‪،‬‬ ‫والنصف الثاني من السوق السوداء بسعر ‪200‬‬ ‫ل‪.‬س‪ .‬إذا كانت المخصّصات ‪ 1000‬ليتر فأوّ ل‬ ‫‪ 500‬ليتر ثمنها ‪ 77500‬ل‪.‬س وثاني ‪ 500‬ثمنها‬ ‫‪100‬أل��ف ل‪.‬س فالمجموع يساوي ‪177500‬‬ ‫ل‪.‬س)‪ ،‬وفي محاولة ألخذ نماذج عن معظم أحياء‬ ‫المدينة‪ ،‬يتبيّن لنا ما يلي حيّ الجميليّة تبدأ ساعات‬ ‫التشغيل في الـ ‪ 5‬مسا ًء وح ّتى الـ ‪ 12‬ليالً مقابل‬ ‫‪ 1200‬ل‪.‬س لألمبير الواحد‪ ،‬وفي حيّ الحمدانيّة‬ ‫تبدأ ساعات التشغيل من الساعة الـ ‪ 5‬مقابل ‪1500‬‬ ‫ل‪.‬س‪ ،‬وفي حيّ الزهراء يصل األمبير لـ ‪1700‬‬ ‫ل‪.‬س مقابل ‪ 8‬ساعات تشغيل‪.‬‬ ‫شبكة عنكبوت وش ّبيحة‬ ‫إلاّ أنّ هذه الحالة خلقت استياء لدى الحلبيّين‪،‬‬ ‫ألنّ األمر تحوّ ل إلى استغالل «تأتينا الكهرباء عن‬

‫طريق مولّدات‪ ،‬التي تختلف أسعارها بين منطقة‬ ‫وأخرى‪ ،‬والذين يبيعونها‪ ،‬هم التجّ ار أو أصحاب‬ ‫رؤوس األموال‪ ،‬وأغلبهم من المتعاملين مع األفرع‬ ‫األمنيّة أو ذوو خلفيّة تشبيحيّة أو أصحاب نفوذ‪،‬‬ ‫أمّا األسعار فتتراوح بين ‪1000‬و ‪ 1800‬ليرة‬ ‫أسبوع ّيا ً لألمبير‪ ،‬وتغذية المولّدات تكون يوم ّيا ً‬ ‫بين الـ ‪ 6‬ساعات و‪ 10‬ساعات» كما يتح ّدث أحد‬ ‫مواطني محافظة حلب‪ ،‬والذي أشار أيضا ً إلى أنّ‬ ‫شوارع حلب أصبحت «مثل شبكة العنكبوت من‬ ‫كثرة األسالك المتشابكة بين المولّدات والمنازل»‬ ‫ويسأل‪« :‬بماذا تختلف حلب عن مدن الساحل‬ ‫والعاصمة دمشق التي تبذل فيها ك ّل الجهود لتوفير‬ ‫الكهرباء»‪ ،‬وأيضا ً ظهر في األمس أحد مواطني‬ ‫حلب في برنامج مع إحدى قنوات اإلعالم لدى‬ ‫نظام األس��د قائالً‪( :‬أي��ن المحافظ؟؟!! هل لدينا‬ ‫محافظ؟؟!! لدينا ك ّل شيء‪ ،‬ولكن بسعره الخاصّ )‬ ‫المواطن الحلبيّ كيف له أن يقاوم في مواجهة‬ ‫احتكار الشبّيحة وعناصر األمن لك ّل موا ّد الحياة؟‬ ‫ّ‬ ‫موظف أو بائع متجوّ ل أو عاطل‬ ‫فالمواطن مابين‬ ‫عن العمل‪ ،‬من أين له هذه الطاقة الماديّة لتأمين‬ ‫الكهرباء والماء والغذاء؟ ناهيك عن وسائل الدفء‬ ‫في ظ ّل ارتفاع سعر ما ّدة المازوت واحتكارها‬ ‫من قبل شبّيحة نظام األسد‪ ،‬هذا العقاب ال يختلف‬ ‫كثيراً عن القصف بالبراميل‪ ،‬فقد حرّ مت عليهم ك ّل‬ ‫وسائل الحياة من ماء وغذاء ونور ودفء‪ ،‬مثلّما‬ ‫حرّ مت عليهم بناتهم وأخواتهم وأمّهاتهم‪.‬‬

‫أمري جنم الدين‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪27‬‬

‫القصة الوجيزة‬ ‫بارع ّ‬

‫خطاب «أمير المؤمنين»‬

‫محاولة لوصف أحدهم‬ ‫ك��ان جند ّيا ً في جيوش هوالكو‪،‬‬ ‫ودعا زمالءه الجنود إلى إحراق ك ّل‬ ‫كتاب يعثرون عليه قائالً لهم إنّ قتل‬ ‫الرجال والنساء واألطفال هو جزء‬ ‫من مهنة الجنديّ وواجب ال مهرب‬ ‫من تنفيذه‪ ،‬أمّا قتل الكتب‪ ،‬فهو هواية‬ ‫تجلب الدفء والمتعة‪ ،‬وصاح بصوت‬ ‫متهدج‪ :‬وهل هناك أجمل من التفرّ ج‬ ‫على أفكار ُتشوى وتتلّوى متوجّ عة؟‬ ‫سحاب طائش‬

‫جاء في مسوّ غات منح مؤسّسة «محمود دوري��ش»‬ ‫الفلسطينيّة جائزتها السنويّة إلى القاصّ السوريّ زكريّا تامر‪:‬‬ ‫رائ ٌد مزج السرد القصصيّ الحديث العالي والحكي التراثيّ‬ ‫فاتن التخييل‪ ،‬فق ّدم نماذج عالميّة في قصص رائعة الجماليّات‪،‬‬ ‫واالقتصاد األدبيّ ‪ ،‬والهجائيّة الساخرة‪ ...‬وقصصا ً لألطفال‬ ‫تشفّ عن عذوبة حانية ومنيرة‪ ،‬ومقاالت وخواطر ال تخفى‬ ‫فيها سمات المصوِّ ر‪ ،‬كاتب القصّة الوجيزة العربيّ البارع‪.‬‬ ‫فكتب زكريّا تامر على صفحته في فيسبوك‪:‬‬ ‫لماذا رحّ ُ‬ ‫بت بحماسة بجائزة محمود درويش لإلبداع؟‬ ‫لقد رحّ بت بفوزي بجائزة محمود درويش لإلبداع لع ّدة‬ ‫أسباب‪ ،‬أهمّها‪ :‬أ ّنها مختلفة عن غيرها من الجوائز العربيّة‪،‬‬ ‫واختالفها يكمن في انحيازها للحرّ يّة والحداثة‪ ،‬وأعتقد أ ّنها‬ ‫لم تمنح يوما ً لكاتب تقليديّ معاد للحرّ يّة‪.‬‬ ‫لقد رحّ بت بجائزة محمود درويش لكونها جائزة فلسطينيّة‬ ‫آتية من شعب مناضل مضطهد مظلوم مسلوب الوطن‪ ،‬وتمنح‬ ‫هذه السنة لكاتب ينتمي إلى شعب يقتل طوال أربع سنوات‬ ‫أل ّنه هجر خوفه وتجرّ أ على المطالبة بحرّ يّته واستقالله‪.‬‬ ‫ولقد رحّ بت بتلك الجائزة بوصفها تكريما ً للقصّة العربيّة‬ ‫القصيرة واعترافا ً بما ح ّققته من منجزات ف ّنيّة وفكريّة‬ ‫خاصّة‪ ،‬وأن القصّة القصيرة هي جنس أدبيّ مظلوم مهمل‬ ‫على الرغم من أه ّميّته‪.‬‬ ‫ولقد رحّ بت بتلك الجائزة لكونها تحمل اسم مبدع كبير‬ ‫فلسطينيّ شارك في تطوير األدب العربيّ الحديث المشاركة‬ ‫الباهرة‪.‬‬ ‫ولقد رحّ بت بتلك الجائزة بوصفها اإلسهام الفلسطينيّ في‬ ‫تنشيط الحركة الثقافيّة العربيّة‪.‬‬ ‫ولقد رحّ بت بتلك الجائزة أل ّنها ق ّدمت المزيد من األدلّة‬ ‫التي تثبت أنّ محمود درويش ال يزال ح ّيا ً في قلوب قرائه‪،‬‬ ‫وك ّل ما استطاع الموت فعله مع محمود درويش هو أ ّنه منعه‬ ‫من كتابة المزيد من القصائد الجديدة‪.‬‬ ‫من نصوص زكريّا تامر‪ ،‬ما ورد في «المهماز»‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫ثقافة‬

‫عطش الناس‪ ،‬وعاتبوا السحاب‬ ‫َ‬ ‫ألنّ أمطاره ال تهطل إلاّ فوق قصور‬ ‫المهيمن على األرض وس ّكانها‪ ،‬فقال‬ ‫السحاب لهم‪ :‬ماذا أفعل؟ هل تريدون‬ ‫أن أنتهي سجينا ً في زنزانة أو متدلّيا ً من حبل مشنقة؟‬ ‫فتناسى الناس عطشهم‪ ،‬وضحكوا طويالً مؤ ّكدين للسحاب‬ ‫أ ّنه ال توجد على سطح األرض قوّ ة قادرة على معاقبته‪،‬‬ ‫ورأى السحاب بعد تفكير قصير أنّ الناس ربّما كانوا غير‬ ‫مخطئين‪ ،‬وانهمرت أمطاره سخيّة فوق الناس أجمعين‪ ،‬ولم‬ ‫يطوّ قه حبل مشنقة ولم يتم ّكن أحد من اعتقاله‪.‬‬ ‫نهايات مختلفة‬ ‫يحترق الحطب‪ ،‬فال يترك وراءه غير الرماد البارد‪.‬‬ ‫يحترق الثائر‪ ،‬فيوقد ناراً تمحو األسالك الشائكة المزروعة‬ ‫بين مواطن ومواطن وتخلق القبضة المؤهّلة لدحر الوحوش‬ ‫المهيمنة وحفر اللحود المالئمة لها‪.‬‬ ‫يحترق الطاغية‪ ،‬فيستعيد ك ّل مواطن وجهه اإلنسانيّ‬ ‫المفقود منذ عقود‪ ،‬وينبت الياسمين في دماء الشرايين‪.‬‬ ‫العائدون الى وسائدهم‬ ‫اشتاق األطفال الصغار إلى أبيهم الذي طال غيابه‪ ،‬وسألوا‬ ‫أمّهم عنه‪ ،‬فأجابت األ ّم‪ :‬سيعود أبوكم إليكم وسترونه ك ّل ليلة‬ ‫ّ‬ ‫تنشق األرض وتبتلع الرئيس الذي أمر بقتله‪.‬‬ ‫في نومكم حين‬ ‫ّ‬ ‫تنشق األرض؟‬ ‫فتساءل أكبر األطفال س ّناً‪ :‬وهل‬ ‫فأجابت األ ّم‪ :‬هناك رجال يشبهون أباكم سيجعلون األرض‬ ‫ّ‬ ‫تنشق‪.‬‬ ‫رئيسنا المقبل‬ ‫الشعب السوريّ غاضب يطالب رئيسه بالتنحّ ي والرحيل‪،‬‬ ‫والسيّد الرئيس راغب في تقديم استقالته واالختفاء‪ ،‬لكنّ‬ ‫تأخرّ ه يرجع إلى أسباب إنسانيّة‪ ،‬فابنه البالغ من العمر تسع‬ ‫سنوات عومل منذ أن كان يحبو على أ ّنه سيصبح رئيساً‪،‬‬ ‫وسيع ّدل الدستور ح ّتى يتاح له أن يتسلّم الرئاسة في سنّ‬ ‫العاشرة‪ ،‬ولو قيل للطفل اليوم إ ّنه لن يصبح رئيسا ً لبكى‬ ‫وصاح‪ :‬ج ّدي كان رئيسا ً وأبي كان رئيساً‪ .‬ومن المؤ ّكد‬ ‫أ ّنه سيصاب بعقد نفسيّة ال عالج لها‪ ،‬وهذا أمر ال يقبله أيّ‬ ‫إنسان شريف‪.‬‬

‫مصطفى األمحد‬

‫ولد الشاعر نزار الق ّباني في ‪ 21‬آذار ‪1923‬‬ ‫في دمشق‪ ،‬درس الحقوق في الجامعة السور ّية‬ ‫الدبلوماسي‬ ‫وعمل منذ عام ‪ 1945‬في السلك‬ ‫ّ‬ ‫ح ّتى قدّ م استقالته عام ‪1966‬؛ أصدر ّأول ديوان‬ ‫له في عام ‪ 1944‬بعنوان «قالت لي السمراء»‬ ‫بلغت أعماله خالل نصف قرن ‪ 35‬ديوانا ً أبرزها‬ ‫«طفولة نهد» و»الرسم بالكلمات»‪ ،‬أثارت‬ ‫قصيدته «هوامش على دفتر النكسة» عاصفة‬ ‫العربي وصلت إلى حدّ منع أشعاره‬ ‫في الوطن‬ ‫ّ‬ ‫في وسائل اإلع�لام‪ .‬عاش السنوات األخيرة‬ ‫السياسي ومن‬ ‫من حياته في لندن يكتب الشعر‬ ‫ّ‬ ‫قصائده األخيرة «متى يعلنون وفاة العرب؟»‪،‬‬ ‫وقد وافته المن ّية في ‪ 30‬نيسان ‪ 1998‬ودفن‬ ‫في مسقط رأسه‪ ،‬دمشق‪.‬‬ ‫ومن قصيدته «الخطاب» نقتطف‪:‬‬ ‫أوقفوني‬ ‫وأنا أضحك كالمجنون وحدي‬ ‫من خطاب كان يلقيه أمير المؤمنين‬ ‫عشر سنينْ‬ ‫كلّفتني ضحكتي‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫التحقيق‪ ،‬عمّن حرّ ضوني‬ ‫سألوني‪ ،‬وأنا في غرف ِة‬ ‫فضحكت ‪..‬‬ ‫وعن المال‪ ،‬وعمّن موّ لوني‬ ‫فضحكت ‪..‬‬ ‫كتبوا ك َّل إجاباتي ‪ ..‬ولم يستجوبوني‬ ‫ق��ال ع ّني الم ّدعي ال��ع��ام‪ ،‬وق��ال الجند حين‬ ‫اعتقلوني‪:‬‬ ‫إ ّنني ض ّد الحكومة‬ ‫لم أكن أع��رف أنّ الضحك يحتاج لترخيص‬ ‫الحكومة‬ ‫ورسوماً‪ ،‬وطوابع‪..‬‬ ‫لم أكن أعرف شيئا ً ‪ ..‬عن غسيل الم ِّخ ‪..‬‬ ‫أو فرم األصابع‬ ‫فاعذروني‪ ،‬أيّها السّادة‪ ،‬إن كنت ضحكت‬ ‫كان في و ّدي أن أبكي ‪ ..‬ولك ّني ضحكت‬ ‫كنت بعد الظهر في المقهى ‪ ..‬وكان البهلوان‬ ‫يلبس الطرطور بالرأس ‪ ..‬ويلقي ك ّل ما يطلب ُه‬ ‫المستمعون‬ ‫عن حزيران الذي صار مع األيّام ‪ ..‬ما يطلب ُه‬ ‫المستمعون‬ ‫الفطر واألضحى‬ ‫واحتفاالً مثل عيد‬ ‫ِ‬ ‫أراجيح‪ ،‬وكعكاً‪ ،‬وفطائر‪.‬‬ ‫وزيارات مقابر‬ ‫كنت أسترجع أفكاري‪ ،‬وكان المخبرون‬ ‫كالجراثيم ‪ ..‬على ك � ِّل الفناجين‪ ،‬وف��ي ك ِّل‬ ‫الصحون‬ ‫كنت أصغي ‪ ..‬كألوف البسطاء الطيّبين‬ ‫لكالم البهلوان‬ ‫وهو يحكي ‪ ..‬ث ّم يحكي ‪ ..‬ث ّم يحكي‬ ‫مثل صندوق العجائب‬ ‫وتذ ّكرت ليالي رمضان‬ ‫وأرجوز الذي كان له ألف لسان ولسان‬ ‫وتذ ّكرت فلسطين التي صارت حقيبة‬

‫ما لها في األرض صاحب‬ ‫كان في حنجرتي ملح‪ ،‬وحزني كان في حجم‬ ‫الكواكب‬ ‫ّ‬ ‫فاعذروني‪ ،‬أيّها السّادة‪ ،‬إن حطمت صندوق‬ ‫العجائب‬ ‫وتقيّأت على وجه أمير المؤمنين‬ ‫واسترحت ‪..‬‬ ‫كان في و ّدي أن أبكي ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫ضحكت ‪..‬‬ ‫ولك ّني‬ ‫نشروا في صحف اليوم تصاويري ‪ ..‬على أوّ ل‬ ‫صفحة‬ ‫واعترافاتي على أوّ ل صفحة‬ ‫فضحكت ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ق ّدموني لإلذاعات طعاما‪ ،‬وألسنان الصحافة‬ ‫جعلوني دون أن أدري خرافة‬ ‫ربطوني بالسّفارات ‪ ..‬وأحالف األجانب‬ ‫فضحكت ‪..‬‬ ‫النحو ‪ ..‬وفي الصرف ‪ ..‬وفي‬ ‫في‬ ‫أنا ال أفهم‬ ‫ِ‬ ‫علم الكالم‬ ‫غير أ ّني لم ْ‬ ‫أعد أفهم من بعد حزيران الكالم‬ ‫لم ْ‬ ‫أعد أهضم حرفا ً ‪ ..‬من أكاذيب أمير المؤمنين‬ ‫ّ‬ ‫صارت األلفاظ مطاطا ً ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫وصارت لغة الح ّك ِام صمغا وعجين‬ ‫خ ّدروني بماليين الشعارات ‪ ..‬فنمت‬ ‫وأروني القدس في الحلم‬ ‫حين استفقت‬ ‫ولم أجد القدس‪ ،‬وال أحجارها‪َ ،‬‬ ‫فاعذروني‪ ،‬أيّها السّادة‪ ،‬إن كنت ضحكت‬ ‫ي أن أبكي ‪ ..‬ولك ّني ضحكت‬ ‫كان في و ّد َ‬ ‫أيّها السّادة‪:‬‬ ‫إ ّني وارث األرض الخراب‬ ‫كلّما جئت إلى باب الخليفة‬ ‫الشيخ وعن حيفا ‪..‬‬ ‫شرم‬ ‫سائال عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورام هللا والجوالن أهداني خطاب‬ ‫كلّما كلّمته ج ّل جالله‬ ‫عن حزيران ال��ذي صار حشيشا ً ‪ ..‬نتعاطاه‬ ‫صباحا ً ومساء‬ ‫ّ‬ ‫وغطى صدره‬ ‫ركب السيّارة المكشوفة السقف ‪..‬‬ ‫باألوسمة‬ ‫ورشاني بخطاب‬ ‫كلّما ناديته‪ :‬يا أمير البر ‪ ..‬والبحر ‪ ..‬ويا عالي‬ ‫الجناب‬ ‫ركب السيّارة المكشوفة السقف ‪ ..‬إلى دار‬ ‫اإلذاعة‬ ‫ورشاني بخطاب‬ ‫ورماني بين أسنان الجواسيس‪ ،‬وأنياب الكالب‬ ‫فاعذروني‪ ،‬أيّها السّادة‪ ،‬إن كنت كفرت‬ ‫وصفوا لي صبر أيّوب دواء ‪ ..‬فشربت‬ ‫أطعموني ورق الن ّ‬ ‫شاف ‪ ..‬ليالً ونهاراً ‪ ..‬فأكلت‬ ‫أدخلوني في دهاليز الجنون‬ ‫فاعذروني أيّها السّادة إن كنت ضحكت‬ ‫كان في و ّدي أن أبكي ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫ضحكت‬ ‫ولك ّني‬

‫إبراهيم (أبو األصوات)‬ ‫مازالت أذكر ذلك الصوت الجبّار الواسع المساحة‬ ‫في الجواب والقرار المحمّل والمحمول عراقة على‬ ‫أساطير الشمال السوريّ ‪ ،‬قو ّيا ً كما جلجامش ورقيقا ً‬ ‫كلحظة بداية أنسنة أنكيدو وأذك��ر (الملفونو) شيخ‬ ‫المعلّمين باللغة السريانيّة الف ّنان نوري إسكندر وهو‬ ‫يصرخ به بما يشبه الغناء «كيفو مارح يتعلّم نوطة‬ ‫كيفو بدو يبقى يغ ّني على كيفو»‬ ‫وفعالً‪ ،‬ظ ّل سفير األغنية الجزراويّة أقرب إلى‬ ‫فطرته‪ ،‬فما يميّز كيفو أ ّنه يستطيع وبسالسة أن يغني‬ ‫ح ّتى الكالم المحكي‪ ،‬وبراعته تكمن في كونه يستطيع‬ ‫أن يسلطن على جملة موسيقيّة قصيرة فيأخذها بعُربه‬ ‫الصوتيّة يمينا ً ويساراً ويهبط ويصعد بها يغ ّنيها وتغ ّنيه‬ ‫يراقصها وتراقصه وأحيانا ً يبكيان ويضحكان؛ وعن‬ ‫اللغات التي يغ ّني بها الف ّنان إبراهيم يقول‪ :‬أغ ّني‬ ‫باألرمنيّة والتركيّة لغة أمّي وأخوالي وبالكرديّة لغة‬ ‫شارعي وغ ّنيت األغاني الملحميّة اإليزيديّة عرفانا ً‬ ‫م ّني لمن احتضن ج ّدي المهاجر‪ ،‬وهذه األغاني تعكس‬ ‫إلى ح ّد كبير حال اإليزيدين اليوم (هنا لم يستطع‬ ‫إبراهيم أن يداري دموعه على ما يحدث لإليزيدين‬ ‫حال ّياً) وأغ ّني بالعربيّة لغة مدرستي المدنيّة منها‬ ‫والبدويّة‪ ،‬كما أ ّنني تعلّمت أصول الغناء باللغتين‬ ‫السريانيّة واآلشوريّة القديمة والتي يعتبر التغ ّني بها‬ ‫من أصعب أنواع الغناء‪.‬‬ ‫أخذ إبراهيم عن أ ّم��ه صاحبة الصوت الجميل‬ ‫الغناء (المارديني) نسبة إلى ماردين على الحدود‬ ‫السوريّة التركيّة أوّ ل ظهور له على المسرح ‪1979‬‬ ‫بمحافظة الحسكة بإشراف المدرّ س «جميل برّ و» غ ّنى‬ ‫المو ّ‬ ‫شحات والقدود في المعهد الموسيقيّ في مدينة حلب‬ ‫وتخرّ ج منه ‪1987‬عمل مدرّ سا ً في المعهد الموسيقيّ‬ ‫في الحسكة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تل ّح على إبراهيم‪ ،‬بعد أن سافر إلى ألمانية‪ ،‬فكرة‬ ‫أن يكمل فصالً آخر من فصول هجرة الج ّد من أرمينيا‪،‬‬ ‫وهو ال يريد أن يستسلم لفكرة الهجرة‪ ،‬ويعبّر عن‬ ‫ذلك قائالً‪ :‬أخاف كثيراً من عبارة خرج أو هاجر من‬ ‫سورية‪ ،‬إذا قلتها أشعر أ ّنني لن أعود إليها ثانية‪ ،‬خاصّة‬ ‫أ ّنني أحمل في ذاكرتي تاريخا ً من الالعودة» ويضيف‪:‬‬ ‫عشقت الفنّ وعشقني منذ طفولتي ففي قريتي البعيدة‬ ‫نمت محبّتي للفنّ والموسيقى وغناء وبين جوانح قريتي‬ ‫(دوكر) التابعة لمدينة عامودا من محافظة الحسكة‬ ‫اكتملت شخصيّتي الف ّنية‪ .‬ويوضح الف ّنان‪ :‬تربّيت بشكل‬ ‫فطريّ فأخذت من صوت المياه القدرة على تحفيز‬ ‫العطش لدى الجمهور‪ ،‬ومن مطحنة والدي في القرية‬ ‫قوّ ة األداء ومن رعاة األغنام النفس الطويل‪ ،‬د ّققت في‬ ‫ك ّل ما حولي من جماليّات بيئتي وطبعته في روحي‪.‬‬ ‫أمّا عن أعماله ومشاركته والجوائز التي حصدها‬ ‫فهي أكثر من أن يحيط بها مقال واحد وسنكتفي بالمه ّم‬ ‫منها‪ ،‬شارك كيفو في الكثير من المحافل والمهرجانات‬ ‫الف ّنية ضمن محافظته وخارجها وفي عدد من البالد‬ ‫العربيّة والعالميّة‪ ،‬انض ّم إلى جوقة الف ّنان األستاذ نوري‬ ‫إسكندر بعد تخرّ جه من المعهد الموسيقيّ مباشرة‪ ،‬وق ّدم‬ ‫معه العديد من األعمال المهمّة‪.‬‬ ‫أوّ ل جائزة نالها كانت جائزة أحسن عازف على آلة‬ ‫البزق في مهرجان الالذقيّة‪ ،‬ومن ث ّم‬ ‫جائزة األورنينا ألفضل أداء تراثيّ في المهرجان‬ ‫الثالث عام ‪ 1987‬المقام في حلب وشارك في مهرجان‬ ‫الغناء الدينيّ في مدريد مع ك��ورال الباحث نوري‬ ‫إسكندر‪.‬‬ ‫وبمهرجانات تابعة لبيت الثقافة العالميّ في باريس‬ ‫ومدن فرنسيّة أخرى‪ ،‬ونال جائزة تقدير من إدارة‬

‫المهرجان‪ ،‬له ثالثة أقراص وكاسيت‬ ‫تتضمّن أغانيه الخاصّة‪ ،‬وأغاني‬ ‫فلكلوريّة ول��ه العديد من األعمال‬ ‫المؤرشفة باإلذاعة والتلفزيون السوريّ‬ ‫وإذاعة «بي بي سي البريطانيّة» القسم‬ ‫العربيّ ‪.‬‬ ‫اختاره الف ّنان نوري إسكندر لدور‬ ‫البطولة في مسرحيّته الغنائيّة «عابدات‬ ‫باخوس» التي ق ّدمت في عدد من الدول‬ ‫العربيّة واألوربيّة‪ ،‬وعن هذا االختيار‬ ‫يقول الف ّنان إبراهيم‪ :‬لهذا العمل أثر‬ ‫كبير في حياتي‪ ،‬أوّ الً‪ :‬أل ّنه دور بطولة‬ ‫غنائيّة في عمل أعتبره كبيراً ومه ّماً‪ .‬ثانياً‪ :‬أل ّنها كانت‬ ‫فرصة ألعمل مع المؤلّف الموسيقيّ نوري إسكندر‪.‬‬ ‫يؤ ّكد إبراهيم أ ّنه قادر على إيصال رسالته الف ّنية إلى‬ ‫الجمهور مهما كانت لغته فيقول‪ :‬بغضّ النظر عن كون‬ ‫الموسيقى لغة عالميّة‪ ،‬فإنّ رسالتي تصل إلى الناس‬ ‫كما أشاء تماما ً من خالل أمرين متالزمين‪ ،‬هويّتي‬ ‫السوريّة القادرة على احتواء التنوّ ع الدينيّ والقوميّ‬ ‫بمرونة عالية‪ ،‬ودرجة الصدق واإلحساس بما أق ّدمه‬ ‫للناس‪ ،‬وفي كثير من األحيان أسأل الجمهور األجنبيّ ‪،‬‬ ‫هل تفهمون عليّ ؟ فيقولون‪ :‬نفهم ك ّل شيء من خالل‬ ‫شعورك وإحساسك‪ ،‬وهذا ال يتو ّقف عليّ وحدي‪ ،‬بل‬ ‫على ك ّل من يشاركني العزف والغناء‪.‬‬ ‫وبدعوة من إدارة مهرجان «مورغن الند» في‬ ‫مدينة أوسنابروك األلمانيّة‪ ،‬ق ّدم كيفو أربع مشاركات‬ ‫ف ّنية‪ ،‬األولى مع فرقة «شامبر» بأغنية كرديّة عبر لحن‬ ‫مشترك بينه وبين الموسيقار الكرديّ السوريّ المتألّق‬ ‫غني ميرزو‪ ،‬والثانية مع مجموعة من المشاركين في‬

‫المهرجان‪ ،‬والثالثة كانت مع فرقة الجاز التابعة لراديو‬ ‫‪ NDR‬مع المغ ّنية الكرديّة التركيّة أينور دوغان‪ ،‬أمّا‬ ‫الرابعة‪ ،‬فشهدتها مدينة ديفنتر الهولنديّة ضمن برنامج‬ ‫المهرجان نفسه‪ ،‬وق ّدم فيها باقة تنتمي إلى مختلف‬ ‫ألوان الفولكلور السوريّ ‪ .‬في لبنان‪ ،‬شارك كيفو في‬ ‫مهرجانات بيت الدين برفقة عازف الكالرينيت كنان‬ ‫العظمة والمغ ّنية السوريّة رشا رزق‪.‬‬ ‫إبراهيم كيفو الف ّنان المتفائل دائماً‪ ،‬فهو إن لم يكن‬ ‫يغ ّني فال ب ّد أ ّنه يضحك بعينيه بمالمح وجهه وح ّتى‬ ‫بحركاته في ك ّل ما يغ ّنيه على المسرح يأخذ جمهوره‬ ‫بحضوره المميّز والقويّ ؛ ما فاتني أن أكتبه هو ما‬ ‫قاله إبراهيم عندما سألته عن انتمائه ليجيب‪ :‬أنا قبليّ‬ ‫إذا كانت القبيلة تخدم الوطن واإلنسان‪ ،‬وعشائر ّيا ً إذا‬ ‫كانت العشيرة كذلك‪ ،‬اكتبْ أنا أرمنيّ ‪ ،‬كرديّ ‪ ،‬آشوريّ‬ ‫عربيّ ‪ ،‬سريانيّ مسلم‪ ،‬مسيحيّ إيزيديّ ‪ ،‬كالشنكوفي‬ ‫بزقي‪ ،‬ورصاصة نوتاتي وغنائي وألحاني‪ ،‬وسأظ ّل‬ ‫أغ ّني وأغ ّني فعسى أن يوقظ الغناء قلّة حياء هذا العالم‬ ‫ليشعر بآالم وأوجاع ك ّل السوريّين‪.‬‬

‫أسعد شالش‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪27‬‬

‫ثقافة‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫‪11‬‬

‫السنة الثانية‬

‫شعلة «نيروز» تقاوم العتمة‬

‫في (نو ‪ ..‬روز) يوم جديد لربيع آخر تعلنه والدة‬ ‫األرض التي تستدعي ك ّل أنواع الفرح والمتربّع منه‬ ‫على القمّة الموسيقى والغناء‪.‬‬

‫بالرقص والغناء أن تتلوّ ن أيّامه بك ّل أل��وان الفرح‬ ‫وتضاء سماء بلده بالشعلة التي ستنير دروب مستقبل‬ ‫مزركش بأصوات الموسيقى والغناء والفرح الممزوج‬ ‫بقهر عتيق‪ ،‬فرح يحاول دحض الظلم واستبداله‬ ‫بالعزف والرقص والغناء‪.‬‬

‫تبدأ احتفاالت «ن��ي��روز» حيث يخرج الكورد‬ ‫وهم يرتدون الزيّ الشعبيّ التقليديّ المشهور بألوانه‬ ‫المختلفة البهيّة والزاهية المتناغمة مع ألوان الطبيعة‬ ‫المو ّ‬ ‫شاة بجمل موسيقيّة تطلقها حناجر الحسناوات‬ ‫يتجمهرن مع الرجال‬ ‫وهي تتغ ّنى بالحرّ يّة والطبيعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بمختلف األعمار معهم آالتهم الموسيقيّة الضاربة في‬ ‫عمق تاريخ المنطقة وحضارتها‪ ،‬تتكاتف الفاتنات وهنّ‬ ‫يؤدين الرقصات الكورديّة التقليديّة على أنغام الطبل‬ ‫َ‬ ‫والمزمار‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬تخرج األسر إلى البريّة الساحرة حيث تتمازج‬ ‫ألوان الطبيعة مع ألوان ثياب الحسناوات لتش ّكل مع‬ ‫رقصاتهنّ لوحة فنيّة تبعث الحياة من جديد‪ ،‬فهنا حلقة‬ ‫للدبكة التقليديّة على أنغام الطبل والمزمار علّها ُتخرج‬ ‫مفاتن الطبيعة بعد أن ُت ّ‬ ‫دق األرض بأرجلهنّ لتوقظها‬ ‫من ثباتها الشتويّ تهيؤاً لدورة موسميّة جديدة‪ ،‬في‬ ‫الحلقة الثانية والمجاورة رقصة جماعيّة ّ‬ ‫تلخص العناء‬ ‫والفرح التاريخيّ لهذه الشعوب ابتدا ًء من نثر البذار‬ ‫وص��والً لحصاد ما أنجبته األرض منه ليعقد شابّ‬ ‫زفافه على فاتنته تأسيسا ً لبداية حياة جديدة يتوالد منها‬ ‫أنسابهما كما الربيع من هذه األرض‪.‬‬ ‫في ركن آخر كه ٌل يغ ّني على بزق لعو ٍ‬ ‫أغان‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫ملحميّة يستعيد من خالل كلماتها أساطير عشق وحبّ‬ ‫وحرب لمن كانوا هنا وأصبحوا هناك‪ ،‬ألبطال شعبيّين‬ ‫ما زالت الذاكرة تحفظ لهم تضحياتهم في هذه المنطقة‪.‬‬

‫ثالثون نوعا ً من الدبكات الكورديّة أسهلها وأشهرها‬ ‫«اليساريّة» التي تتمايل هذه الجوقة الراقصة على‬ ‫أنغامها نحو اليسار بإيقاعات سهلة‪ ،‬ولم يسأل أحدهم‬ ‫ما سرّ هذا التمايل على اليسار فقط‪ ،‬وهنا دبكة وهناك‬ ‫أخرى تختصّ بالفتيات الباكرات‪ ،‬أمّا هذا الذي ينفخ في‬ ‫مزماره مرافقا ً هذا الصوت القويّ اآلتي من السهول‬ ‫الفسيحة فيصدح بأغاني الرعاة والتي هي األقدم‬

‫واألع��رق من قبل أن يستوطن اإلنسان في القرى‬ ‫ويباشر الزراعة‪ ،‬وال يخلو األمر من بعض التراتيل‬ ‫ّ‬ ‫ويكثف وجدان من‬ ‫الدينيّة فالغناء هنا اليوم يؤرّ خ‬ ‫عاشوا هنا ومشاعرهم اتجاه الحياة والطبيعة وعطائها‬ ‫قهر الكورديّ العتيد (كاوى الحداد)‬ ‫وعطائهم‪ ،‬فاليوم َ‬ ‫المستب ّد الظالم (الضحاك)‪ ،‬فهذا اليوم هو انتصار لحياة‬ ‫جديدة يتأمّل فيها هذا الكورديّ الذي قاوم التعسّف‬

‫يتميّز الشعب الكورديّ بتراثه الذي اكتسبه عبر‬ ‫الزمن وعبر حكاياته وأشعاره وأساطيره وأسلوب‬ ‫حياته‪ ،‬ولع ّل الدبكات الكورديّة والرقص الشعبيّ‬ ‫ما يميّزه عن سواه من شعوب المنطقة فلك ّل قبيلة‬ ‫أو عشيرة ما يخصّها من الرقصات‪ ،‬وبالرغم من‬ ‫التشابه في بعض الحركات إلاّ أنّ لك ّل رقصة أسلوبها‬ ‫الخاصّ وكذلك اسمها الخاصّ ‪ ،‬والموسيقى بإيقاعاتها‬ ‫الراقصة المتحرّ كة تجعلها أكثر تألّقا ً وإثارة‪ ،‬لكنّ جميع‬ ‫الرقصات الفلكلوريّة الكورديّة تتطلّب أدواتا ً موسيقيّة‬ ‫شعبيّة تجعلها أكثر أصالة من األدوات الموسيقيّة‬ ‫المعاصرة‪ ،‬يصطفّ الراقصون والراقصات في‬ ‫صفّ طويل مختلط من الذكور واإلناث وفي كثير من‬ ‫ّ‬ ‫ويهزه مع‬ ‫الحاالت يمسك قائد الجوقة منديالً زاهيا ً بيده‬ ‫نغمات األغنية الراقصة كأ ّنما يو ّدع زمنا ً غابراً حينا ً‬ ‫وملوّ حا ً لمستقبل زا ٍه كألوان منديله‪ ،‬فالشعب الكورديّ‬ ‫يع ّج باألمل والفرح كألوان الربيع وألوان «نيروز»‪،‬‬ ‫ويصرّ على خلق الحياة واالستمرار في إبقاء شعلة‬ ‫النار مضيئة تلوّ ن العتمة وتقاوم الظلم واألوج��اع‬ ‫بالغناء والرقص والموسيقى‪ ،‬فشعب مكلوم في هويّته‬ ‫من أغلب َمن في المنطقة ويملك هذه الذخيرة الف ّنية ال‬ ‫ب ّد أ ّنه شعب ّ‬ ‫يحق له أن يحيا بحرّ يّة وكرامة‪.‬‬

‫ف‪ .‬اخلالد‬

‫الكردي‬ ‫القومي للشعب‬ ‫عيد النوروز‪ ..‬العيد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫يحتفل الكرد بعيد نوروز منذ أزمنة غابرة ويعتبرونه‬ ‫عيداً قوم ّيا ً وتقويم جمهورية مهاباد الكرديّة‪ ،‬واعتبر‬ ‫يوم نوروز عيداً للشعب الكرديّ لكنّ شعوبا ً أخرى‬ ‫أيضا ً مثل الفرس واألفغان والطاجيك والبلوش التي‬ ‫تنحدر أصولها من هضبة إي��ران وح ّتى األوزب��ك‬ ‫والقرغيز الذين ينحدرون من قبائل الهون تحتفل‬ ‫بنوروز؛ وهؤالء جميعا ً ال يختلفون في تسمية وأه ّميّة‬ ‫هذه الذكرى وال يختلفون كذلك في توقيتها المصادف‬ ‫في الحادي والعشرين من شهر آذار من ك ّل عام‪ ،‬كما‬ ‫ال يختلفون كثيراً في طريقة وطقوس االحتفال وإنْ‬ ‫كان إشعال النيران لدى الكرد بشكل خاصّ يعتبر‬ ‫ركنا ً أساس ّيا ً يسبق االحتفال بالعيد (ليلة العيد) وتروى‬ ‫قصّة نوروز لدى ك ّل قوم بحيث تخدم تاريخها وثقافتها‬ ‫ونهضتها على وجه التحديد ولكن ال أحد يق ّدم وثائق‬ ‫تاريخيّة تبيّن واقعة اسمها نوروز مح ّددة بالزمان‬ ‫والمكان مثل سقوط روما مثالً‪ ،‬فك ّل ما يروى عن‬ ‫ن��وروز هزيل بعض الشيء وال يرقى إلى مستوى‬ ‫حدث تاريخيّ موثق بالزمان‪.‬‬ ‫قصّة كاوا حداد‪ ،‬البطل الكرديّ ‪:‬‬ ‫إنّ النسخ َة الكردي َة للنيروز هي أسطورةُ (كاوا)‬ ‫الحداد التي تقُو ُل بأ ّنه في قديم الزمان كان هناك مل ُ‬ ‫ك‬ ‫شر ّي ُر َسمّى (الضحّ اك)‪ .‬كان هذا الملك ومملكته قد‬ ‫ْ‬ ‫فضت ال ْشروق وكان من‬ ‫لُعِنا بسبب شرِّ ه‪ .‬الشمس َر‬ ‫ان عِ ْندَ هُ‬ ‫المستحي َل َنمُو أيّ غذاء‪ .‬الملك (الضحّ اك) َك َ‬ ‫لعن ُة إضاف ّي ُة وهي امتالك أفعيين ربطتا بأكتافِه‪ .‬عندما‬ ‫عظيم‪ ،‬والشيء‬ ‫بألم‬ ‫تكون األفاعي جائعة َك َ‬ ‫ِ‬ ‫ان يشعر ِ‬ ‫�وع األفاعي َك ْ‬ ‫انت أدمغ َة‬ ‫الوحيد ال��ذي َيرضي ج� َ‬ ‫أطفال القُرى‬ ‫األطفال‪ .‬لذا كان ُك ّل يوم يُقتل اثنان من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المحلّ ّي ِة وتق ّدم أدمغتهم إلى األفاعي‪.‬‬

‫الملك مثل‪ 16‬مِنْ‬ ‫ان الحدادَ المحليَّ قد ُك ِر َه‬ ‫َ‬ ‫(كاوا) َك َ‬ ‫الملك‪.‬‬ ‫أطفالِه الـ ‪ 17‬الذين َكانوا َق ْد ضُحّ ي بهم ألفاعي‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫األخير وهي بنت‪ ،‬سوف‬ ‫كلمة أنّ طف َله‬ ‫عندما وصلته‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بخطة إلنقاذها‪ .‬بدالً مِنْ أنْ َيضحّ ي ببنتِه‪،‬‬ ‫تقتل جا َء‬ ‫َ‬ ‫ِروف إلى‬ ‫دماغ الخ‬ ‫وأعطى‬ ‫ضحّ ى (كاوا) بخروفِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الملكِ ‪ .‬االختالف َل ْم يُالحظ‪ .‬عندما سمع اآلخرون عن‬ ‫ُرسلون‬ ‫خدعة (كاوا) َعمِلوا جميعا ً نفس الشيء‪ ،‬في الليل ي‬ ‫َ‬ ‫أط��ف��ا َل��ه��م‬ ‫الجبال‬ ‫إل��ى‬ ‫ِ‬ ‫َم��ع (ك��اوا)‬ ‫و َس َي ُكو نو َن‬ ‫ب�����أم�����ان‪.‬‬ ‫األط����ف����ال‬ ‫ازده������روا‬ ‫الجبال‬ ‫ف��ي‬ ‫ِ‬ ‫و(ك�������اوا)‬ ‫َخلق جيشا ً‬ ‫مِنْ‬ ‫األطفال‬ ‫ِ‬ ‫إل ْن�����ه�����اء‬ ‫عه ِد الملكِ‬ ‫��ر‪.‬‬ ‫ال���ش���ر ّي� ِ‬ ‫ع����ن����دم����ا‬ ‫أصبحت أعدادهم عظيمة بما فيه الكفاية‪َ ،‬نزلوا مِنْ‬ ‫اختار‬ ‫الجبال واقتحموا القلع َة‪( .‬كاوا) بنفسه كان قد‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الضرب َة القاتل َة إلى الملكِ الشريّر(ِالضحّ اك)‪ .‬إليصال‬ ‫النهرين َبنى مشعالً كبيراً‬ ‫أناس بالد ما بين‬ ‫األخبار إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أضا َء السما َء وطه َّر الهوا َء من شرّ عه ِد (الضحاك)‪.‬‬ ‫ثانية والزرع َبدأَ‬ ‫ً‬ ‫ذلك الصباح َبدأَت الشمسُ بالشروق‬ ‫البداية «ليوم جديد» أَو‬ ‫بال َنمُو مرّ ًة أخرى‪ .‬هذه هي ِ‬

‫نيروز (نه وروز) كما يتهجّ ى في اللغ ِة الكرد ّيةِ‪.‬‬ ‫طقوس نوروز عند الكرد ‪:‬‬ ‫نوروز‪ ..‬في ثقافة الكرد هي مأثرة قوميّة ومعلم‬ ‫إنسانيّ يجسّد شموخهم في وجه الظلم الذي لم يبرح‬ ‫حياتهم بعد وتحديا ً متج ّدداً في وجه الظالمين‪ ،‬نوروز هي‬ ‫ّ‬ ‫الحق على الباطل‪،‬‬ ‫دعوة لاللتقاء واللقاء ورمز النتصار‬ ‫وبداية لعهد الخير والحرّ يّة واالزدهار في ربوع المنطقة‬ ‫وع������ب������ر‬ ‫ال�����ق�����رون‬ ‫واألج���ي���ال‬ ‫ت������ر ّس������خ‬ ‫ن���وروز في‬ ‫عرف وثقافة‬ ‫ال����ش����ع����ب‬ ‫ال����ك����رديّ‬ ‫وت�����ح�����وّ ل‬ ‫إل��ى كرنفال‬ ‫سنويّ يجسّد‬ ‫عيداً قوم ّيا ً‬ ‫لجميع الكرد‬ ‫في العالم‪.‬‬ ‫ي��س��ت��ع�� ّد‬ ‫الكرديّ للقاء نوروز منذ مطلع آذار‪ ،‬ينشغل األطفال‬ ‫والشباب بتحضير مالبس العيد والكبار يدعون السماء‬ ‫أن تمطر خيراً ك ّل يوم وتنقشع الغيوم يوم نوروز‬ ‫لتشرق الشمس ويطيب العيد ‪..‬‬ ‫يوم العشرين من آذار وبعد مغيب الشمس تجري‬ ‫العادة أن يتسلّق الشبّان والشابّات الجبال والوهاد‬ ‫والروابي في القرى واألرياف الكردستانيّة ويشعلون‬

‫النيران في األمكنة المرتفعة والمرئيّة للناس الذين‬ ‫يخرجون بدورهم إلى الشرفات والمصاطب والساحات‬ ‫لمشاهدتها إيذانا ً بقدوم نوروز‪ ،‬ومن أراد لفت االنتباه‬ ‫أكثر ابتعد وتسلّق إلى القمم أو كتب بالنيران كلمة‬ ‫يعشقها الكرد مثل‪ :‬آزادي = الحرّ يّة‪ ،‬كردستان نوروز‪.‬‬ ‫أمّا في المدن الكبيرة أو تلك التي يقطنها الكرد إلى‬ ‫جوار شعوب أخرى فقد ارتأت المراجع الكرديّة وخالل‬ ‫السنوات األخيرة أن يت ّم إشعال المشاعل أو الشموع في‬ ‫األماكن المرئيّة أو الخروج بها إلى الشارع أو السير‬ ‫بها أرتاالً متناسقة لتبشير الناس بقدوم نوروز وذلك‬ ‫اتقاء لما قد تسبّبه النيران وعبث األطفال من حرائق‬ ‫أو آثار تسيء إلى نوروز و المحتفلين به ‪.‬‬ ‫ي��وم الحادي والعشرين‪ ،‬ومنذ الصباح ينطلق‬ ‫القرويّون إلى أماكن التجمّع واالحتفال بجانب األنهار‬ ‫والسواقي وعلى سفوح التالل حاملين زاد النهار‬ ‫وما طاب من أكل وشراب وك�لام‪ ...‬أمّا في المدن‬ ‫الكبيرة فقد ا ّتخذ الناس أمكنة مح ّددة يجتمعون فيها‬ ‫بعشرات بل بمئات األلوف حيث العروض الممتعة‬ ‫من الرقص واألغاني واألناشيد الكرديّة الشجيّة‬ ‫والدبكة ذات الحركات المتناسقة التي تلتف حول الطبل‬ ‫والزرنة حلقات وحلقات والتي تحكي قصّة نوروز‬ ‫والكرد‪ ،‬وي��دوم ذلك ح ّتى مغيب شمس العيد يوم‬ ‫الحادي والعشرين من آذار وتكون الناس قد تصافحت‬ ‫وتبادلت التهاني بالعيد وشاهدت العروض الفنيّة‪ ،‬ث ّم‬ ‫تعود الجموع إلى مآويها لتتح ّدث عن يوم جميل آخر‬ ‫قد مضى حافل بلقاءات األحبّة مفعم باألمل‪ ،‬ويظ ّل‬ ‫األطفال من بعده أيّاما ً ينشدون أغاني العشق والحرّ يّة‬ ‫التي سمعوها يوم العيد‪ ،‬ويظ ّل الكرد ينتظرون من‬ ‫جديد كاوا‪ ،‬نوروز‪ ،‬وشعلة الحرّ يّة ‪.‬هيئة التحرير‬

‫تحتفل العديد من دول العالم بعيد النوروز وهو أوّ ل‬ ‫أيّام الربيع وتختلف األسباب التاريخيّة في هذا العيد‬ ‫لكن تتوحّ د المعاني وهي البدء والحياة‪.‬‬ ‫ويعود تاريخ االحتفال بهذا العيد (عيد النوروز) إلى‬ ‫الحضارة البابليّة والسومريّة حيث ظ ّل س ّكان الرافدين‬ ‫يحتفلون بهذا العيد لحوالي ثالثة آالف عام ح ّتى انتشار‬ ‫المسيحيّة‪ .‬فقد سمّاه السومريون (زكموك) وفي بابل‬ ‫ونينوى (اجيتو ‪ -‬الحج) أي عيد رأس السنة‪ ،‬ويبدأ في‬ ‫أوّ ل يوم من السنة حسب التقويم السومريّ الذي يعتبر‬ ‫يوم المنقلب الربيعيّ ويصادف اآلن (‪ 21‬آذار) حيث‬ ‫تنبثق الحياة ويظهر الربيع‪ ،‬وقد انتقلت تقاليد االحتفال‬ ‫بهذا العيد إلى الشام مع انتقال الميراث السومريّ ‪.‬‬ ‫وتبدأ احتفاالت النوروز في أوّ ل يوم من أيام الربيع‬ ‫الذي يصادف الحادي عشر من آذار‪ ،‬وهو بداية تقويم‬ ‫السنة الجديدة في إيران وأفغانستان ومناطق كردستان‬ ‫وفي بعض بلدان آسيا الوسطى‪ .‬وبالرغم من أنّ أصل‬ ‫االحتفال يع ّد لغزاً‪ ،‬لكن هناك من يقول إ ّنه بدأ قبل آالف‬ ‫السنوات في مناطق فارس القديمة كاحتفال بقدوم الربيع‬ ‫لالحتفال بتج ّدد الطبيعة بعد فصل البرد‪ .‬وبعد ذلك‬

‫تب ّنت القوميّات والديانات المختلفة في المنطقة االحتفال‬ ‫بعيد النوروز‪ .‬وترافق االحتفاالت بالعيد طقوس معيّنة‬ ‫منها إشعال النار والقفز فوق المشاعل للتخلّص من‬ ‫ّ‬ ‫الحظ حسب بعض االعتقادات‪ ..‬وفي‬ ‫األمراض وسوء‬ ‫أذربيجان يستع ّد الس ّكان قبل أسابيع لالحتفال بالعيد‬ ‫حيث تنتشر مشاعل النار ويجوب األطفال األحياء من‬ ‫بيت لبيت طلبا للحلوى‪.‬‬ ‫النوروز في مصر هو عيد رأس السنة المصريّة‬ ‫وهو أوّ ل يوم في السنة الزراعيّة الجديدة‪ ..‬وقد أتت‬ ‫لفظة نيروز من الكلمة القبطيّة (ني ـ يارؤو) وهي‬ ‫تعني األنهار‪ ،‬وذلك ألنّ ذاك الوقت من العام هو‬ ‫ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل‪ ..‬ولما دخل اليونانيّين‬ ‫مصر أضافوا حرف السي لإلعراب (مثل أنطوني‬ ‫وأنطونيوس) فأصبحت “نيروس” فظ ّنها العرب نيروز‬ ‫الفارسيّة‪ ..‬والرتباط النوروز بالنيل أبدلوا الراء بالالم‬ ‫ّ‬ ‫أشتق العرب لفظة النيل العربيّة‪.‬‬ ‫فصارت نيلوس ومنها‬ ‫يقول األنبا لوكاس المتنيح أسقف منفلوط‪ ..‬إنّ‬ ‫النوروز اختصار (نيارو أزمو رووؤو) وهو قرار‬ ‫شعريّ ابتهالي للخالق لمباركة األنهار‪ ..‬وعوضا ً عن‬

‫كتابة القرار كامل بنصّه اختصروه إلى كلمة واحدة‪،‬‬ ‫وأصبحت نياروس ومعناها الكامل عيد مباركة‬ ‫األنهار‪ .‬وقد اختيرت بداية السنة المصريّة مع موسم‬ ‫الفيضان‪ ،‬أل ّنه وجد نجمة الشعري اليمينيّة تبرق في‬ ‫السماء بوضوح في هذا الوقت من العام‪ ..‬ممّا يعني‬ ‫أنّ السنة القبطيّة سنة نجميّة وليست شمسيّة‪ ..‬ذلك‬ ‫ألنّ الشمس تكبر األرض بمليون وثلث مليون مرّ ة‬ ‫والشعري اليمينيّة تكبر الشمس بـ ‪ 200‬مرّ ة ممّا يعني‬ ‫أ ّنها أكبر من األرض بـ ‪ 260‬مليون مرّ ة ممّا يجعل‬ ‫السنة النجميّة ّ‬ ‫أدق عند المقارنة بالشمسيّة‪ .‬ومع عصر‬ ‫دقلديانوس احتفظ المصريّون بمواقيت وشهور السنة‬ ‫التي يعتمد الفالح عليها في الزراعة مع تغيير عداد‬ ‫السنين وتصفيره لجعله السنة األولى لحكم دقلديانوس‬ ‫ـ والتي تقابل سنة ‪ 282‬ميالديّة هي أوّ ل سنة قبطيّة‪..‬‬ ‫وهي تعادل سنة‪ 4525‬توتية (فرعونيّة)‪ .‬ومن هنا‬ ‫ارتبط النوروز بعيد الشهداء‪ ..‬حيث كان المسيحيّون‬ ‫يخرجون في هذا التوقيت إلى األماكن التي دفنوا فيها‬ ‫أجساد الشهداء مخبّئة ليذكروهم‪ ،‬وقد أحتفظ األقباط‬ ‫بهذه العادة ح ّتى أيامنا فيما يسمّونه بالطلعة‪.‬‬

‫و يحتفل‬ ‫ا لبها ئيّيو ن‬ ‫ف��ي ال��ع��ال��م‬ ‫ب�����ع�����ي�����د‬ ‫ال����ن����وروز‬ ‫وال��ذي يأتي‬ ‫ب��ع��د صيام‬ ‫شهر العالء‬ ‫ويعتبر النوروز أوّ ل السنة البهائيّة الجديدة‪ .‬ويعتبر‬ ‫هذا اليوم عند البهائيّين مباركا ً ج ّداً أل ّنه بداية االعتدال‬ ‫الربيعيّ وأوّ ل الربيع في النصف الشمالي من الكرة‬ ‫األرضيّة وتجد جميع الكائنات األرضيّة أشجاراً‬ ‫وحيوانات وإنسانا ً روحا ً جديدة فيه‪ ،‬وتجد نشاطا ً جديداً‬ ‫من النسيم المحيي لألرواح فتنال روحا ً جديدة وحشراً‬ ‫ونشراً بديعين ألنّ الفصل فصل الربيع‪ ،‬وتظهر في‬ ‫الكائنات حركة عموميّة بديعة‪..‬‬ ‫وعيد النوروز في رومانيا له في ك ّل عام نكهة‬ ‫خاصّة‪ ،‬وخصوصيته تأتي من خالل تميّز االحتفال‬ ‫وغناه الثقافي والف ّنيّ ‪.‬‬

‫النوروز‪ ..‬عيد البدء والحياة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫إعداد‪ :‬فاضل سعيد‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪27‬‬

‫السنة الثانية‬

‫مقامات‬

‫‪ / 20‬آذار ‪2015/‬‬

‫بدنا حنكي‬

‫فيما يستعصي‬ ‫على الشرح‬

‫في الـ ‪ 27‬من آذار‪ ،‬وفي ك ّل عام يُحتفل باليوم العالميّ للمسرح‪ ،‬وقد أُعطيت كلمة هذا‬ ‫العام ‪ 2015‬للمخرج البولنديّ كريستوف ورليكوفسكي*‬ ‫فكتب‪:‬‬ ‫«إنّ العثور على األساتذة الحقيقيّين لفنّ المسرح أمر سهل للغاية بشرط أن نبحث عنهم‬ ‫بعيداً عن خشبته‪ ،‬فهم غير معنيّين بالمسرح كآلة الستنساخ التقاليد أو إعادة إنتاج القوالب‬ ‫أو الصيغ الجامدة المبتذلة‪ ،‬بل يبحثون عن منابعه النابضة وتياراته الحيّة التي غالبا ً ما‬ ‫تتجاوز قاعات التمثيل‪ ،‬وحشود البشر المنكبّين على استنساخ واحدة أو أخرى من صور‬ ‫العالم‪ ،‬فنحن نستنسخ صوراً للعالم بدالً من إبداع عوالم ترتكز على الجدل مع المتفرّ جين أو‬ ‫ّ‬ ‫والحق أ ّنه ال شيء يضاهى‬ ‫تستند إليه‪ ،‬كما تركز على االنفعاالت التي تموج تحت السطح‪،‬‬ ‫المسرح في قدرته على الكشف عن العواطف الخفيّة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫ليس في عيدها فقط‬ ‫جبران خليل جبران‬ ‫«وجه أمّي وجه أمّتي»‬ ‫أبو حنيفة النعمـان‬ ‫«المرأة الصالحة تشبه األ ّم واألخت‬ ‫والصديق»‬ ‫ماري هوبكنز‬ ‫«األمومة أعظم هبة خصّ هللا بها‬

‫النساء»‬ ‫مثل روسيّ‬ ‫«األ ّم تصنع األمّة»‬ ‫شكسبير‬ ‫«ليس في العالم وسادة أنعم من حضن األ ّم»‬ ‫مارسيل بروست‬ ‫«كنزي الحقيقيّ هو أمّي»‬ ‫سقراط‬ ‫«لم أطمئنّ ّ‬ ‫قط إلاّ وأنا في حجر أمّي»‬ ‫شافر‬ ‫«في العالم شيء واحد خير من الزوجة‪ ..‬هو‪ :‬األ ّم»‬ ‫فرجيل‬ ‫«يعرف الطفل أمّه من ابتسامتها»‬ ‫مارتن لوثر‬ ‫«ال يوجد شيء في الدنيا أحلى من قلب أ ّم تقيّة»‬ ‫دوريون‬ ‫«حبّ األ ّم ال يشيخ أبداً»‬ ‫بيتهوفن‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫أرق األلحان وأعذب األنغام ال يعزفها إ قلب األ ّم»‬ ‫«إنّ‬ ‫فيكتور هوجو‬ ‫«إذا صغر العالم كلّه فاأل ّم تبقى كبيرة»‬ ‫محمود درويش‬ ‫«لن أسمّيكِ امرأة‪ ،‬سأسمّيك ك ّل شيء»‬ ‫بيتشر‬ ‫«قلب األم مدرسة الطفل»‬ ‫لورد بيرون‬ ‫«عينا األ ّم سرّ إلهام ولدها»‬ ‫مدام دي بوارن‬ ‫«األ ّم تحبّ من ك ّل قلبها واألب يحبّ بك ّل قوته»‬ ‫مثل هنديّ‬ ‫ّ‬ ‫«قلب األ ّم كعود المسك كلما احترق فاح شذاه»‬ ‫عبّاس محمود الع ّقاد‬ ‫«أسعد ساعات المرأة‪ ..‬هي الساعة التي تتح ّقق فيها أنوثتها‬ ‫الخالدة‪..‬وأمومتها المشتهاة‪ ..‬وتلك ساعة الوالدة»‬ ‫كورناي‬ ‫«مدرستي األولى على صدر أمّي»‬ ‫مسعود سماحة‬ ‫وما صِ ٌّل ُترافقُه المنايا … ويجري الس ُّم ق ّتاالً بفي ِه‬ ‫ُقوق ال يراعي … كرام َة أ ّم ِه ورضى أبي ِه‬ ‫َ‬ ‫بأقبح من ع ٍ‬ ‫أبراهام لنكولن‬ ‫«إ ّني مدين لكِ بك ّل ما وصلت إليه وما أرجو أن أصل إليه‬ ‫من الرفعة‪ ،‬إلى أمّي المالك»‬ ‫شوبير‬ ‫«األ ّم تظلم نفسها لتنصف أوالدها»‬ ‫أندريه غريتري‬ ‫«من روائع خلق هللا قلب األ ّم»‬ ‫نابليون بونابرت‬ ‫تهز السرير بيمينها ّ‬ ‫«األ ّم التي ّ‬ ‫تهز العالم بيسارها»‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪ 17‬مليون جنيهاً خسائر ّ‬ ‫تعطل خوادم “آبّل”‬

‫كثيراً ما ألجأ إلى النثر علّه يرشدني إلى الحقيقة‪ ،‬ففي ك ّل يوم أجدني أف ّكر في هؤالء‬ ‫الك ّتاب الذين تنبّؤوا على استحياء منذ نحو مائة عام باضمحالل اآللهة األورو ّبيّة‪ ،‬وبذلك‬ ‫األفول الذي غيّب حضارتنا في ظالم لم نب ّدده بعد‪ ،‬وأنا أعنى ك ّتابا ً مثل فرانز كافكا وتوماس‬ ‫مان ومارسل بروست‪ .‬ويمكنني اليوم أن أضيف إلى قائمة هؤالء المتنبّئين جون ماكسويل‬ ‫كوتزي‪.‬‬ ‫لقد أدركوا جميعا بفطرتهم السليمة أنّ نهاية العالم قادمة ال محالة‪ ،‬وال أقصد هنا نهاية‬ ‫كوكب األرض‪ ،‬بل نهاية النموذج السائد في العالقات بين البشر‪ ،‬ونهاية النظام االجتماعيّ‬ ‫واالنتفاضات الثوريّة ض ّده‪ ،‬وما أدركوه بحسهم المشترك هو ما نعانيه اآلن بصورة شديدة‬ ‫الح ّدة‪ ،‬فنحن َمن عاصرنا نهاية العالم ومازلنا على قيد الحياة‪.‬‬

‫«تسعى األسطورة إلى شرح ما ال يمكن شرحه‪ ،‬ولما كانت األسطورة قائمة على الحقيقة‪،‬‬ ‫فالب ّد أن تنتهي إلى ما يستعصي على التفسير‪ ”.‬هكذا وصف كافكا تحوّ ل بروميثيوس في‬ ‫األسطورة المعروفة‪ ،‬ولديّ إحساس قوّ ي بأنّ المسرح يجب أن يوصف بنفس هذه الكلمات‪،‬‬ ‫فهذا النوع من المسرح القائم على الحقيقة‪ ،‬والذي يجد غايته فيما يستعصي على الشرح‬ ‫الحظ مستخدمو أجهزة شركة آبّل المختلفة‪ ،‬في ‪ 11‬آذار‪ ،‬والتفسير‪ ،‬هو ما أصبو إليه وأتم ّناه لك ّل العاملين بالمسرح… سواء أكانوا على خشبته أو‬ ‫تو ّقف خدمات مثل «آب ستور» و»آي تيونز» و»آي كالود» بين جمهوره … أتمّناه من ك ّل قلبي»‪.‬‬ ‫لساعات طويلة‪.‬‬ ‫* كريستوف ورليكوفسكي‬ ‫ّ‬ ‫تعطل بعض خدمات الشركة‪،‬‬ ‫وأشارت تقارير صحفيّة إلى أنّ‬ ‫مواليد بولندا عام ‪ ،1962‬أحد أبرز المخرجين األوروب ّيين في جيله‪ ،‬وهو المدير الف ّني‬ ‫لم ّدة ‪ 11‬ساعة‪ ،‬بسبب خطأ داخليّ بنظام ‪ ،DNS‬كلّفها خسائر‬ ‫بمقدار ‪ 17.6‬مليون جنيه إسترلينيّ ‪ ،‬أي بواقع ‪ 1.6‬مليون في للمسرح الجديد بمدينة وارسو منذ عام ‪2008‬‬ ‫الساعة‪.‬‬

‫‫ ‪#‬‏ارفع _ علم _ثورتك‬

‫أطلق مجلس ثوّ ار مدينة حلب في الذكرى الرابعة النطالق الثورة السوريّة‬ ‫حملة ضخمة بعنوان‫‪#‬‏ارفع_علم_ثورتك‬ مرفقة بإيفنت وهاشتاغ على مواقع‬ ‫التواصل االجتماعيّ ‪ ،‬دعا المجلس عبرها إلى رفع علم الثورة في جميع‬ ‫أحياء حلب بعد أن غابت عن المشهد بسبب تع ّدد الرايات واألعالم‪ ،‬وتوجّ هت‬ ‫الحملة من حلب إلى ك ّل مكان داخل سورية وإلى جميع السوريّين في ش ّتى‬ ‫أنحاء العالم‪ ،‬فرفعوا علم الثورة السوريّة في مختلف المناطق داخل البالد‪،‬‬ ‫وفي العديد من المدن والعواصم ومنها لندن وباريس واستوكهولم وإستانبول‬ ‫وبيروت وغيرها‪‬.‬‬ ‫تنبع أه ّميّة علم االستقالل الرمزيّة والتاريخيّة من أ ّنه الراية التي رُفعت‬ ‫أوّ ل مرّ ة في حزيران ‪ 1932‬يوم تنصيب «محمّد علي العابد» أوّ ل رئيس‬ ‫يت ّم انتخابه لسورية وليس تعيينه‪ ،‬ث ّم اعتمادها علما ً رسم ّيا ً للبالد عند استقاللها‬ ‫عن فرنسا ‪.1946‬‬ ‫يذكر أنّ هاشتاغ الحملة وصل إلى التاسع عالم ّيا ً على موقع «تويتر»‪ ،‬وأنّ‬ ‫التفاعل مع الحملة كان كبيراً على موقع «فيسبوك» إذ أنشئت صفحة رُفع فيها‬

‫اختبار أسرع لكشف اإليبوال‬

‫ّ‬ ‫منظمة الصحّ ة العالميّة‬ ‫قالت‬ ‫إنّ وباء اإليبوال أودى بحياة أكثر‬ ‫من عشرة آالف شخص في دول‬ ‫غرب أفريقيا التي تعتبر األكثر‬ ‫تضرّ راً من الفيروس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة أوّ ل اختبار‬ ‫وقد أقرّ ت‬

‫للدم يستغرق دقائق للكشف عن‬ ‫ال��م��رض‪ ،‬ليسمح بالكشف عن‬ ‫المصابين وعزلهم وعالجهم بسرعة‪ ،‬ويت ّم إجراء االختبار دون الحاجة إلى‬ ‫وجود كهرباء‪.‬‬ ‫آالف األط����ف����ال‬ ‫السوريّين عم يموتوا من‬ ‫أربع سنين بكل ما يخطر‬ ‫بالبال من وسائل الموت‬ ‫واإلج������رام‪ ،‬ك��ي��م��اوي‪،‬‬ ‫ب��رام��ي��ل‪ ،‬ج���وع‪ ،‬ب��رد‪،‬‬ ‫غرق بالبحر‪ ..‬الفرق إ ّنو هدول األطفال ما وراهن‬ ‫مؤسّسات دولية تفوكس على موتهن بصفته قتل‬ ‫بفعل الكراهية‪ ،‬أل ّنو قاتلهن غالبا ً لباسه مو أفغاني‪،‬‬ ‫والراية اللي حاملها مو سودا‪ ،‬مشان هيك أصدقائي‬ ‫المث ّقفين مو مهتمّين وال بيشوفوهن‪ ..‬رشا عمران‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ّ‬ ‫بشار فستق ‪ -‬غزوان قرنفل‬ ‫ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫علم الثورة و ُنشرت صور الشهداء‪ ،‬وتمّت طباعة صور لُصقت على جدران‬ ‫مدينة حلب ورفع أكثر من ‪ 3000‬علم في حلب المحرّ رة وحدها‪ ،‬وكان في‬ ‫الحملة باقة غرافيتي ّ‬ ‫توزعت على المناطق المحرّ رة من المدينة‪.‬‬ ‫ك‬ ‫وكانت حملة ‫‪#‬‏ارفع_علم_ثورت ‬‬ ‫قد بدأت في ‪3 - 15‬‬ ‫ح ّتى ‪18‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪3‬‬‫بمنا سبة‬ ‫ال��ذك��رى‬ ‫ال��راب��ع��ة‬ ‫الن��ط�لاق‬ ‫ال���ث���ورة‬ ‫السوريّة‪‬.‬‬

‫بسمة وشهقة ضوء‬

‫ص��درت حديثا ً عن مركز التفكير‬ ‫الحرّ مجموعة شعريّة للشاعرة السوريّة‬ ‫بسمة شيخو بعنوان «شهقة ضوء»‪ ،‬ق ّدم‬ ‫لها الشاعر شوقي بغدادي‪.‬‬ ‫تحتوي المجموعة ‪ 46‬قصيدة‬ ‫نثر وتقع في ‪ 140‬صفحة من القطع‬ ‫المتوسّط‪ ،‬من عناوينها‪ :‬سنكون بخير‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لست واح��دة‪ ،‬بشر ال يشبهوننا‪ ،‬تحت‬ ‫وسادتي‪ ،‬حُلم ‪ّ -‬‬ ‫فزاعة‪ ،‬طريق للمقبرة‪،‬‬ ‫يوسف من جديد‪.‬‬

‫شريط(فيديو) يحكي في ‪7‬‬ ‫م���رّ ت أرب���ع س��ن��وات‬ ‫دقائق وبتكامل ف ّنيّ ‪ ،‬كيف‬ ‫على الثورة السوريّة وما‬ ‫أنهضت الثورة السوريّة‬ ‫زلنا نتذ ّكر مجازر الحولة‬ ‫روح الف ّنان‪ ،‬وكيف قام‬ ‫وغ��وط��ة دم��ش��ق وداريّ���ا‬ ‫النظام بالقتل وال��ح��رق‪.‬‬ ‫والقصير ومخيم اليرموك‪،‬‬ ‫«ال��ح��رّ ّي��ة» أو سمفونيّة‬ ‫نتذ ّكر ك ّل المدن والقرى‬ ‫القاشوش‪ ،‬عمل موسيقيّ‬ ‫والبلدات المدمّرة بالبراميل المتفجّ رة ونحزن على للمؤلّف وعازف البيانو السوريّ مالك الجندليّ ‪،‬‬ ‫صمت العالم على مأساتها وتجاهله حصارها وموتها ويعتبر هذا العمل من أه ّم األعمال الف ّنيّة التي ق ّدمت‬ ‫واختزاله حكايتها الطويلة والمفجعة من أجل الحرّ يّة عن الثورة السوريّة‪ ،‬بهذا التصوير واإلخراج من‬ ‫إلى قصّة إرهاب‪.‬‬ ‫فوجو استوديو‪.‬‬ ‫سعاد رغاي‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫‪youtube.com/watch?v=ax5ck0fzyaU‬‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.