25_كلنا سوريون العدد

Page 1

‫العدد ‪ - 25 -‬السنة الثانية‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015 /‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫األسد‪ :‬نقتل بالصواريخ والقنابل ال بالرباميل!‬ ‫الثورة عندما تغيب القيادة‬

‫األسد‪....‬‬ ‫سبل‬ ‫يستمرّ في‬ ‫من ُ‬ ‫المساندة‪،‬‬ ‫تلوين‬ ‫السيكودراما الكلمات‬ ‫ص‪5‬‬ ‫ص ‪ 9‬بالكذب‬

‫ص‪2‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬

‫راديو روزنة ‪ -‬موفق قات‬

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن‬ ‫السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح‪،‬‬ ‫ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة‪،‬‬ ‫حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد‬ ‫وج ّدي‪ ،‬يساهم بدوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين سور ّي‬ ‫جامع‪ ،‬يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫ال بـ ّد من مشــروع وط ّ‬ ‫ين إلنقـاذ ســورية‬ ‫مخّيم الرحمن‪ ،‬ال أفق للنجاة‬

‫ص‪7‬‬

‫وريث‬ ‫ّ‬ ‫الظل‬

‫سورية من دولة فاشلة‬ ‫إلى دولة تحت االحتالل‬ ‫استطاع النظام الشموليّ الذي رسّخه حافظ األسد أن ينقل‬ ‫سورية من دولة تمتلك الكثير من مقوّ مات قيام دولة عصريّة إلى‬ ‫دولة فاشلة‪ ،‬تنتفي فيها ك ّل المعايير الحديثة لشكل الدولة‪ ،‬دولة‬ ‫تغيب فيها المؤسّسات واألحزاب واإلعالم والقانون‪ ،‬وتحضر فيها‬ ‫هيمنة االستبداد بك ّل أشكاله وأجهزته على ك ّل مفاصلها‪ ،‬وجاء‬ ‫ب ّ‬ ‫شار األسد إلى السلطة كامتداد لهذا النظام الشموليّ واستمرّ ت‬ ‫آليّات إدارة الدولة والمجتمع بنفس العقليّة السابقة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫كرّ س صيغة الدولة الفاشلة أكثر‪.‬‬ ‫وبغياب المشروع الوطنيّ وحوامله ومرتكزات إقامته‪ ،‬ت ّم‬ ‫بسهولة نقل سورية إلى مرحلة أخرى تجلّت برهنها ورهن إدارتها‬ ‫إلى جهة خارجيّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإذا كانت مرحلة ماقبل الثورة السوريّة تتصف برهن القرار‬ ‫السياسيّ لهذا البلد لجهة خارجيّة‪ ،‬إلاّ أنّ مرحلة الثورة شهدت‬ ‫نقل هذا االرتهان من صيغة احتالل القرار السياسيّ إلى صيغة‬ ‫االحتالل الماديّ للدولة ومن ث ّم األرض‪ ،‬وأصبح حضور هذا‬ ‫االحتالل عسكر ّيا ً وسياس ّيا ً واقتصاد ّيا ً واجتماع ّيا ً وثقاف ّيا ً وطائف ّيا ً‬ ‫واضحا ً وصادماً‪.‬‬ ‫على مدى التاريخ تواجه الشعوب محتليها‪ ،‬لكنّ االحتالل الذي‬ ‫تشهده سورية اليوم هو األخطر من نوعه‪ ،‬فقد وضع ب ّ‬ ‫شار األسد‬ ‫إمكانيّات سورية وجيشها تحت إدارة هذا االحتالل‪ ،‬وف ّتت الشعب‬ ‫السوريّ ووضعه في مواجهة بعضه البعض‪ ،‬األمر الذي أضعف‬ ‫إمكانيّة نشوء الجبهة الوطنيّة المتص ّدية لهذا االحتالل‪ ،‬بالمقابل‬ ‫قامت الدول األخرى ‪ -‬والتي لها مصالحها االستراتيجيّة في سورية‬ ‫ بالوقوف ض ّد هذا االحتالل‪ ،‬لكن خدمة لمصالحها وعبر أدوات‬‫سورية أيضاً‪ ،‬وهكذا استحالت الثورة التي قام بها السوريّون من‬ ‫أجل إنهاء االستبداد وبناء الدولة على أسس جديدة‪ ،‬إلى حرب‬ ‫مفتوحة بين أطراف كثيرة على األرض السوريّة وبأدوات سورية‪،‬‬ ‫ووجد السوريّون أنفسهم يقتتلون من أجل مصالح اآلخرين وبإقصاء‬ ‫تا ّم للمصلحة الحقيقيّة للشعب السوريّ وألهداف الثورة التي قامت‬ ‫من أجلها‪.‬‬ ‫الخطورة اليوم تكمن ليس فقط في أ ّننا نتحارب من أجل مصالح‬ ‫اآلخرين وليس فقط في أ ّننا أصبحنا أدوات لهم‪ ،‬إنّ الخطر األكبر‬

‫يكمن في أ ّننا نغلق الباب أمام قيام مشروعنا الوطنيّ ‪ ،‬وأ ّننا نغلق‬ ‫الباب أيضا ً على إمكانيّة إيقاف هذه الحرب وإنقاذ بلدنا‪ ،‬وأصبحنا‬ ‫كلّنا اآلن في انتظار ما يقرّ ره اآلخرون لنا‪.‬‬ ‫إذا كانت األطراف الدوليّة تتح ّكم اآلن بك ّل مفاصل هذا الصراع‪،‬‬ ‫وإذا كانت األدوات التي يتصارع بها اآلخرون هي أدوات سورية‬ ‫وإذا كان الغائب األوّ ل في هذا الصراع هو مستقبل الشعب‬ ‫السوريّ وسيادته‪ ،‬فهل يمكن القول إ ّننا مضطرّ ون وبأقصى ما‬ ‫نستطيع إليجاد حضور سوريّ في هذا الصراع‪ ،‬حضور لمشروع‬ ‫وطنيّ سوريّ واضح‪ ،‬يدافع عن مصالح السوريّين ويعمل من أجل‬ ‫سورية القادمة؟؟‪.‬‬ ‫هل يمكن إيجاد الالعب السوريّ الذي يدخل هذه اللعبة مدافعا ً‬ ‫عن مصالح السوريّين؟‪ ،‬قد يكون األمر بالغ الصعوبة‪ ،‬لك ّنه بالغ‬ ‫الضرورة واأله ّميّة وقد يكون خلق هذا الالعب في الخارج ‪ -‬أقصد‬ ‫سوريّي الخارج – هو أكثر إمكانيّة منه في سوريّي الداخل‪ ،‬على‬ ‫اعتبار أنّ أكثر من نصف السوريّين قد أصبحوا خارج سورية‪،‬‬ ‫وأنّ االنقسام بين السوريّين في الداخل يتكرّ س يوما ً فيوماً‪ ،‬يُضاف‬ ‫إلى ذلك أنّ الظرف الموضوعيّ لسوريّي الداخل والبالغ القسوة‬ ‫يدفعنا إلى القول‪ :‬إنّ َمن هم في الخارج هم األكثر قدرة اآلن على‬ ‫المبادرة والعمل لتشكيل جسد سياسيّ يحمل مشروعا ً وطن ّيا ً تكون‬ ‫مهمّته العاجلة إنقاذ سورية وحماية مصالحها االستراتيجيّة في هذه‬ ‫الفترة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إنّ المهمّة األساسيّة لهذا الجسد السياسيّ إذا هي إنقاذ سورية‪،‬‬ ‫وبالتالي فإ ّنه ليس مكانا ً لحسابات خاصّة‪ ،‬إنّ المشروع الوطنيّ‬ ‫السوريّ يجب أن يغيب عنه الوجه الدينيّ (أسلمة الثورة)‪ ،‬والوجه‬ ‫الطائفيّ (تطييف الثورة)‪ ،‬ويجب أن يغيب عنه أيضا ً اعتبار الثورة‬ ‫هدفا ً للوصول إلى السلطة‪ ،‬فالمطلوب اآلن فقط هو إنقاذ سورية‪.‬‬ ‫إنّ انتقال صيغة الهيمنة على سورية إلى شكل االحتالل‬ ‫العسكريّ وإدارة هذا االحتالل لموارد الدولة وجيشها هو خطر‬ ‫يته ّدد الوجود السوريّ بك ّل صيغه‪ ،‬وعليه فإنّ إنقاذ سورية يتطلّب‬ ‫من السوريّين جميعا ً اعتبار مقاومة هذا االحتالل وإفشاله هو‬ ‫األولويّة األولى واأله ّم في تاريخ سورية‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫ص‪8‬‬

‫أي مستقبل‬ ‫أطفال سورية‪ّ ..‬‬ ‫ص‪6‬‬

‫ينتظرهم؟‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫الثورة عندما تغيب القيادة‬

‫اس��ت��ط��اع اإلن��س��ان ال��س��وريّ‬ ‫االنقالب على عقليّة المؤسّسات‬ ‫يبلور قيادة‬ ‫األمنيّة‪ ،‬ولم يستطع أن ِ‬ ‫فاعلة على األرض‪ ،‬أين المشكلة؟‬ ‫التجربة على األرض تقول بأنّ‬ ‫الثورة أف��رزت قياداتها المنسجمة‬ ‫تماما ً مع الحراك الثوريّ وأهدافه‪،‬‬ ‫لكنّ هذه القيادات الشابّة الجديدة‬ ‫جوبهت بمصاعب كبيرة‪ ،‬أوّ لها‬ ‫االس��ت��ه��داف ال��م��ب��اش��ر م��ن قبل‬ ‫النظام باالعتقال وال��ق��ت��ل‪ ،‬فهي‬ ‫واقعة تحت ضرباته مباشرة‪ ،‬وأب��دى النظام‬ ‫وعيا ً مب ّكراً لخطورة هؤالء الشباب‪ ،‬وثانيا ً قلّة‬ ‫تجربتها‪ ،‬فالمجتمع السوريّ المشلول سياس ّيا ً‬ ‫منذ أكثر من أربعين عاما ً ال يمتلك أيّة تجربة‬ ‫في العمل السياسيّ واالجتماعيّ ‪ ،‬فماذا إذاً عن‬ ‫العمل الثوريّ ؟ وثالثا ً وهو األه ّم واألكثر إيالما ً‬ ‫تعرّ ض القيادات الشابّة التي أفرزها الحراك‬ ‫على األرض لمواجهة غير معلنة مع المعارضة‬ ‫التقليديّة المنهكة والممسوخة عن النظام في‬ ‫عقليّتها اإلقصائيّة وتعاليها‪ ،‬فاألخيرة وجدت أنّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق في‬ ‫تاريخها الطويل في المعارضة يعطيها‬ ‫قيادة الثورة‪ ،‬وعلى اعتبار أنّ معظم رموزها في‬ ‫الخارج‪ ،‬أو أصبحت بعد الثورة في الخارج‪ ،‬فهي‬ ‫تمتلك حريّة الحركة والكالم والظهور‪ ،‬فبرزت‬ ‫إلى الواجهة على حساب القيادات الشابّة في‬ ‫الداخل وأخذت دورها مع ما تحمله من تشوّ هات‬ ‫وعقليّة إقصائيّة ونظرة ضيّقة تبلورت بشكل‬ ‫نزعات على الزعامة والقيادة وتخلّفت في طريقة‬ ‫معالجتها لألمور ورؤيتها عن الثورة وشبابها‪،‬‬ ‫كما لو أنّ ما يحكم تفكيرها هو المنطق القبليّ ‪،‬‬ ‫وفي هذه األثناء عمل النظام على تقسيم المناطق‬ ‫وفصلها عن بعض‪ ،‬فمنع الحراك الثوريّ في‬ ‫الداخل من توحيد جهوده لتكوين حالة سياسيّة‬ ‫واح��دة على مستوى البلد ككلّ‪ ،‬وض��رب ك ّل‬ ‫مقوّ مات إمكانيّة نشوء حالة أو ظاهرة قياديّة‬ ‫محلّيّة منبثقة من الحراك نفسه‪ ،‬ساعده على‬ ‫ذلك سلوك المعارضة التقليديّة ومشاكل التجربة‬ ‫الشبابيّة في الداخل نفسها‪.‬‬ ‫فالتجربة القياديّة الشابّة في الداخل رغم أ ّنها‬ ‫أكثر نضجا ً من القيادات التي تش ّكلت بالخارج‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومثلت أو ا ّدعت تمثيل الثورة إلاّ أ ّنها لم تخ ُل‬ ‫هي نفسها من عيوب بنيويّة سببها ما ذكرناه من‬

‫تشوّ هات أصابت بنية المجتمع واإلنسان‪ ،‬ولقلّة‬ ‫التجربة وحداثة العمل السياسيّ والصعوبات‬ ‫األمنيّة الكبيرة التي واجهتها فكان بينها تناحر‬ ‫وصراعات خفيّة‪ ،‬وبرز من بينها أعداد ليست‬ ‫بالقليلة عملت على تحقيق أه��داف شخصيّة‪،‬‬ ‫وهناك الكثير من الشهادات التي تتح ّدث عن‬ ‫حاالت استغالل للثورة‪ ،‬ولذلك فشلت تجربة‬ ‫القيادة بش ّقيها الخارجيّ والداخليّ ‪ ،‬ما سمح لجميع‬ ‫ّ‬ ‫بالتدخل في الثورة والثوّ ار على‬ ‫األطراف الدوليّة‬ ‫األرض وأصبح لدينا مجموعات ثوريّة وقياديّين‬ ‫كثر يتبع ك ّل منها للجهة التي تموّ له وتدعمه‪.‬‬ ‫وال يخفى على أح��د ب��أنّ أجندات الدولة‬ ‫الداعمة ال ت ّتفق مع طموح الشعب السوريّ‬ ‫ّ‬ ‫فتشظت الثورة وكثر المتح ّكمين فيها‬ ‫وثورته‪،‬‬ ‫وبمسار أمورها وحراكها وتحرّ كها‪ ،‬وفقدت مع‬ ‫األيّام الكثير من شعاراتها التي لم يبق منها كشعار‬ ‫واضح ومعلن غير (الشعب يريد إسقاط النظام)‪.‬‬ ‫هذا الواقع عمل على ترسيخه واستثماره بحنكة‬ ‫النظام السوريّ ‪ ،‬وهذا الواقع سمح للجماعات‬ ‫والتنظيمات التكفيريّة والجهاديّة بالدخول إلى‬ ‫األراض��ي السوريّة والسطو على مناطق في‬ ‫األراض��ي السوريّة وفي بعض األحيان وجود‬ ‫بيئات حاضنة لهذه التنظيمات بسبب فقدان القيادة‬ ‫الثوريّة البديلة عن النظام‪ ،‬وبالطبع نحن ال نخلي‬ ‫مسؤوليّة النظام فهو المسؤول األوّ ل واألخير عن‬ ‫ك ّل ما حصل ويحصل في سورية‪ ،‬لكنّ حديثنا‬ ‫ير ّكز أو يحاول أن يفهم الخلل البنيويّ في الثورة‬ ‫والمجموعات الثوريّة السوريّة وأسباب إخفاقها‬ ‫في تشكيل قيادة ثوريّة ناضجة واعية وكارزميّة‬ ‫موحّ دة ومعبّرة عن الحراك الثوريّ كامالً‪،‬‬ ‫والتي من أه ّم أسباب غيابها ما قام به النظام‬ ‫عبر سنوات طويلة من تدمير وتسطيح للمجتمع‬ ‫ومؤسّساته المدنيّة‪.‬‬

‫يمكننا تلخيص نتائج مخاطر‬ ‫غياب قيادة ثوريّة واح��دة واعية‬ ‫وناضجة بالنقاط التالية‪:‬‬ ‫تش ّتت جهود الثوّ ار‬ ‫‪ -1‬‬ ‫على األرض‪.‬‬ ‫السماح لجهات دوليّة‬ ‫‪ -2‬‬ ‫كثيرة بالنفاذ إلى الثورة والثوّ ار‪.‬‬ ‫ت��ش�� ّت��ت األه�����داف‬ ‫‪ -3‬‬ ‫نتيجة تع ّدد الجهات القياديّة وتع ّدد‬ ‫ارتباطاتها‪.‬‬ ‫ت���زاي���د اح��ت��م��االت‬ ‫‪ -4‬‬ ‫التناحر والتقاتل بين أجنحة الثورة المختلفة ما‬ ‫أ ّدى إلى إضعافها‪.‬‬ ‫‪ -5‬سهولة تحقيق اختراقات بينها من خالل‬ ‫استثمار الخالفات والتناحر القائم‪.‬‬ ‫‪ -6‬تش ّتت الجهود يؤ ّدي إلى تش ّتت النتائج‬ ‫وعدم النجاح باستثمارها ما يعني استهالك للطاقة‬ ‫والوقت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -7‬غياب ممثل حقيقيّ واض��ح وفاعل‬ ‫يستطيع تمثيل الثورة أمام المجتمع الدوليّ ‪.‬‬ ‫‪ -8‬إظهار ال��ث��ورة والجماعات الثوريّة‬ ‫كفئات ومجموعات غير منضبطة وتح ّكمها‬ ‫مصالح ضيّقة وذاتيّة ما يضعف من بريقها ومن‬ ‫التعاطف معها‪.‬‬ ‫‪ -9‬تشتيت ال��م��وارد وس��ه��ول��ة سرقتها‬ ‫وضياعها وبال ّتالي تشتيت فاعليّتها‪.‬‬ ‫إنّ ك ّل ما سبق‪ ،‬ال يعني وال يقلّل من أه ّميّة‬ ‫الثورة السوريّة كحدث تاريخيّ يعتبر من أبرز‬ ‫األح��داث التاريخيّة المعاصرة التي شهدتها‬ ‫المنطقة وربّما العالم‪ ،‬لك ّنه يضعنا أمام مسؤوليّات‬ ‫ال تق ّل تاريخيّة عن الثورة نفسها‪ ،‬وهي اإلسراع‬ ‫في ت��دارك َمواطن الخلل قدر اإلمكان فاللعبة‬ ‫الدوليّة أخطر من التعاطي معها بهذه الطريقة‪،‬‬ ‫والثورة في سورية ليست بحاجة ألكثر من توحيد‬ ‫جهود وطاقات أبنائها توحيداً ج ّد ّيا ً وعمل ّيا ً لتحقيق‬ ‫أهدافها وتخليصها من نقاط ضعفها وتش ّتتها والتي‬ ‫استثمرها النظام ح ّتى اآلن لدرجة كبيرة وناجحة‬ ‫وأضعفت قدرة أصدقاء الثورة على ا ّتخاذ قرارات‬ ‫حاسمة يمكنها أن تغيّر من المعادلة على األرض‬ ‫بشكل كبير لمصلحة الثورة واإلسراع في تحقيق‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بإسقاط النظام وبناء دولة العدالة‬ ‫هدفها‬ ‫االجتماعيّة والديمقراطيّة المدنيّة‪.‬‬

‫حكم احلكم‬

‫ما زالت الديكتاتورّية أش ّد إرهاباً‪...‬‬

‫صيحاته التي أطلقها من قلب القفص الحديديّ‬ ‫تم ّكنت من أن تخترقه وتتحوّ ل إلى صيحات‬ ‫عارمة في الشوارع والميديا وح ّتى المنازل‪،‬‬ ‫معاذ الكساسبة الذي قضى حرقا ً على ي ّد تنظيم‬ ‫الدولة مبرّ رين فعلتهم بفتوى البن تيميّة وصل‬ ‫ألم حرقه لك ّل من رآه‪ ،‬فعل تم ّكن منه تنظيم‬ ‫«داعش» من أن يثبت أ ّنه قادر على أن يكون‬ ‫إرهاب ّيا ً أكثر من أيّ تصوّ ر يمكن أن تذهب‬ ‫بمخيّلتك إليه‪ ،‬وال ندري علّهم في المرّ ة القادمة‬ ‫يعيدون ألم الخازوق إلى الواقع من جديد‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي كان يحترق به معاذ‪ ،‬قطع الملك‬ ‫األردنيّ عبد هللا الثاني زيارته إلى أه ّم عواصم‬ ‫العالم‪ ،‬وعاد متوعّداً بحرب ال هوادة فيها ض ّد‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وكان ملك األردنّ قد أعلن أنّ دخوله‬ ‫في الحرب ض ّد تنظيم «داعش» يصبّ في خانة‬ ‫الدفاع عن العقيدة والمبادئ‪ ،‬ولن نتح ّدث عن‬ ‫عقيدة جاللته‪ ،‬ألنّ عقائد الح ّكام العرب تتغيّر‬ ‫حسب الحاجة‪ ،‬فتارة دينيّة وتارة مذهبيّة وتارة‬ ‫قوميّة حسب ما يدفع إليه الحدث الراهن‪ ،‬ولندخل‬ ‫ذلك في خانة السياسة افتراء‪ ،‬ولكن ما يثير‬ ‫التساؤل أنّ مبادئ جاللته لم ُت َمسّ عبر المجازر‬ ‫التي ارتكبتها إسرائيل حيال الفلسطينيّين والتي‬ ‫ارتكبها نظام األسد تجاه الشعب السوريّ ‪ ،‬وال‬ ‫نظام ص ّدام تجاه العراقيّين‪ ،‬وال النظام السعوديّ‬ ‫تجاه أبناء المناطق الشرقيّة في الممّلكة‪ ،‬ك ّل ما‬ ‫حدث على تخوم ممّلكته خالل سنين حكمه لم‬ ‫يشعر أ ّنه كان ما ّسا ً بمبادئه‪ ،‬طيران التحالف الذي‬ ‫هو عضوّ بات مركز ّيا ً فيه‪ ،‬يضرب يوم ّيا ً العديد‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫من مواقع للدولة ويحترق بنيرانه‬ ‫كثير من المدنيّين بالجملة‪ ،‬وعلى‬ ‫بُعد كيلو مترات منه ما زال نظام‬ ‫األسد يرتكب المحارق اليوميّة ّ‬ ‫بحق‬ ‫الشعب السوريّ ‪ ،‬منذ محارق جبل‬ ‫الزاوية أيّام الثورة األولى مروراً‬ ‫بمحارق قرى الريف الجنوبيّ في‬ ‫حلب العام الفائت‪ ،‬وغير منتهين‬ ‫ّ‬ ‫الحظ‬ ‫بمحارق يوميّة لم يحالف‬ ‫ضحاياها بمجرم ال ضير عنده‬ ‫بفضح جرائمه‪ ،‬لم تمسّ مبادئ جاللته جثث‬ ‫عشرات األطفال من السوريّين الذين ماتوا حرقا ً‬ ‫وخنقا ً وغرقا ً وس ّما ً على يد النظام السوريّ ‪ .‬معاذ‬ ‫الكساسبة لم ولن يكون يوما ً بطالً في عين أحد‪،‬‬ ‫ح ّتى أهله الذين كرّ روا مراراً قبل أن يرتكب‬ ‫تنظيم «داعش» جريمته أ ّنه «عبد مأمور» وال‬ ‫يرى بطولة فيما يفعله‪ ،‬لك ّنه ‪ -‬قطعا ً ‪ -‬ضحيّة‪،‬‬ ‫ضحيّة أنظمة الحكم العبثيّة قبل أن يكون ضحيّة‬ ‫التنظيم‪ ،‬يتش ّدق عبد هللا الثاني بعدائه لـ «داعش»‬ ‫ّ‬ ‫ويعزيه األسد ويدعوه للتحالف ض ّد «اإلرهاب»‪،‬‬ ‫وكأنّ التنسيق األمنيّ الذي تظهر نتائجه على‬ ‫مآالت النازح السوريّ في األردنّ ليس تحالفاً‪،‬‬ ‫ي��ع��ادون «داع���ش» والعديد م��ن ق��ادة (دول��ة‬ ‫الخالفة) اليوم كانوا نزالء مكرّ مين في سجونهم‬ ‫أطلقوهم مع انطالقة الربيع العربيّ ليدافعوا‬ ‫بهم عن عروشهم‪ ،‬وكأنّ حرق اآلدميّين ليس‬ ‫من شيمهم هم‪ ،‬وليس ذلك فحسب‪ ،‬بل إنّ تلك‬ ‫الجريمة النكراء ّ‬ ‫هزت شيخ األزهر الذي رفض‬ ‫أن ينسب هذا الفعل اإلرهابيّ لإلسالم الحنيف‪،‬‬ ‫ث ّم ن��ادى بقتل ه��ؤالء البغاة الفاسقين وتقطيع‬ ‫أيديهم وأرجلهم‪ ،‬فهل الحرق ليس من اإلسالم‬ ‫في شيء‪ ،‬بينما قطع األيدي واألرج��ل ال بأس‬ ‫به في «إسالمك الحنيف»؟؟ وهل دينك الحنيف‬ ‫يسمح لوليّ األمر الذي تدعو له ليل نهار بقتل‬ ‫آالف األشخاص في ميدان رابعة العدويّة قبل‬ ‫م ّدة؟ ما يميّز الح ّكام العرب عن تنظيم «داعش»‬ ‫أ ّنهم قادرون على تنفيذ خسّتهم في العتم دون أن‬

‫يشعر بها أحد‪ ،‬ال يهتمّون بتصوير ضحاياهم‬ ‫كما الخليفة‪ ،‬هم أس��وأ من ه��ؤالء اإلرهابيّين‬ ‫الذين حرصوا على تربيتهم ك ّل شبر بنذر‪ ،‬معاذ‬ ‫الكساسبة ضحيّة مليكه اإلرهابيّ قبل أن يكون‬ ‫ضحيّة لمحرقة «داعش»‪ ،‬ومئات آالف الضحايا‬ ‫في قطعة العقار التي تمت ّد من المحيط للخليج‬ ‫والموبوءة بالديكتاتوريّات المتحجّ رة‪ ،‬هم ضحايا‬ ‫هؤالء الح ّكام أوّ الً ث ّم أوّ الً ث ّم أوّ الً‪.‬‬ ‫ثان في كلماتنا هذه‪ ،‬محور يؤ ّكد‬ ‫على محور ٍ‬ ‫إرهاب الدولة التي يمارسها ح ّكام العرب نذكر‬ ‫ر ّد الفعل األوّ ل الرسميّ لألردنّ بعد الحادثة‪،‬‬ ‫نحن نتفهّم أن تقوم جماعة كدولة البغداديّ ال‬ ‫يمكن أن توجد إلاّ في مناخ الفوضى‪ ،‬وتمارس‬ ‫فعلها عبر ثقافة راديكاليّة ترى في القضاء على‬ ‫اآلخر استمراراً لها‪ ،‬نتفهّم أن تقوم هكذا مجموعة‬ ‫باإلقدام على فعل إرهابيّ يتماشى مع معروض ما‬ ‫تعرّ ف هي نفسها به‪ ،‬ولكن أن يكون ر ّد فعل دولة‬ ‫ت ّدعي أ ّنها تحارب اإلرهاب‪ ،‬وأنّ حكمها يرتكز‬ ‫على نصّ دستوريّ ‪ ،‬تسهر على حمايته مؤسّسات‬ ‫تشريعيّة وأخرى تنفيذيّة وقضائيّة‪ ،‬أن يكون ر ّد‬ ‫فعلها أن تعدم اثنين من سجنائها وتنقل عدداً آخر‬ ‫إلى سجن تن ّفذ فيه اإلعدامات‪ ،‬أن تعدمهم انتقاماً!‬ ‫هذا ما يصعب فهمه‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬يمكن للدول أن تمارس اإلرهاب انتقاماً‪،‬‬ ‫طبعا ً هذا في عرف الدول العربيّة‪ ،‬الدول التي ال‬ ‫تحترم نفسها‪ ،‬تلك الدول التي إن أرادت دول أخرى‬ ‫أن تمارس اإلرهاب ض ّد سجناء لديها ترسلهم إلى‬ ‫سجون العرب‪ ،‬لتحافظ على احترامها لنفسها ولو‬ ‫بصورة شكليّة‪ .‬تنظيم «داعش»‪ ،‬تنظيم إرهابيّ‬ ‫وال خالف على ذلك‪ ،‬لك ّنه بك ّل ما يحتويه من‬ ‫قسوة ووحشيّة ال يصبّ ماء على ي ّد الديكتاتوريّة‬ ‫العربيّة البغيضة‪ ،‬ع��دوّ الشعوب واإلنسانيّة‬ ‫األوّ ل‪ ،‬يكفي أن نعلم أنّ خليفة «داعش» تتلمذ‬ ‫على ي ّد «الرفاق» البعثيّين الصداميّين الذين بك ّل‬ ‫ما لديهم من صلف وظلم وبربريّة يبقون أرقى‬ ‫من «الرفاق» البعثيّين األسديّين‪.‬‬

‫رعد أطلي‬

‫قراءة سياسية‬

‫إلى أين ترمي الريح‬ ‫بالسورّيين؟‬ ‫في مسار التحوّ الت المستمرّ ة لألوضاع السوريّة‪ ،‬قد ال يرى‬ ‫المرء سوى أعمدة من خراب متتالية بال أيّ توجّ ه لح ّل قادم‪ ،‬بل‬ ‫وبا ّتجاهات قد تكون أكثر تضا ّداً عمّا سبق‪ ،‬في ظ ّل تلك المواقف‬ ‫ّ‬ ‫والمتدخلة بالشأن السوريّ ‪ ،‬بدءاً من االهتمام الشديد‬ ‫للقوى المعنيّة‬ ‫أمريك ّيا ً وغرب ّيا ً وعرب ّيا ً بمحاربة اإلرهاب‪ ،‬مع القفز على أسّها‬ ‫ّ‬ ‫الممثل بنظام األسد‪ ،‬مروراً بالسعي الروسيّ الحثيث‬ ‫السوريّ‬ ‫ّ‬ ‫المهتز في دمشق‪ ،‬كح ّل وحيد للقضاء على‬ ‫لتقوية كرسيّ السلطة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وصوالً للهجمات األكثر ترويعا ً على دوما والجنوب‪،‬‬ ‫مع الحديث عن ّ‬ ‫تدخل إيرانيّ أوسع‪.‬‬ ‫بهذه المواقف الجديدة المتج ّددة ‪ ،‬ال يظهر على السوريّين أيّ‬ ‫جديد‪ ،‬ويبقى الصراع مستمرّ اً دون أن يلوح أيّ حسم قريب‪،‬‬ ‫ودون أيّة تغيّرات في الواقع الميدانيّ ‪ ،‬سلطة مستمرّ ة فوق بعض‬ ‫المناطق وتدمير مستمرّ لباقي المناطق‪ ،‬دون االكتراث أليّة نتائج‬ ‫ال توحي سوى بنهاية وطن‪ ،‬تش ّتت أوسع في صفوف قوى الثورة‬ ‫والمعارضة‪ ،‬في ظ ّل تناحرات بينيّة على التسيّد‪ ،‬داخل ّيا ً وخارج ّياً‪،‬‬ ‫عسكر ّيا ً وسياس ّياً‪ ،‬وفي ظ ّل التقلّصات المستمرّ ة في الدعم والتمويل‪،‬‬ ‫فهل بات المجتمع بك ّل مكوّ ناته وأطيافه‪ ،‬أمام الريح التي ترميهم‬ ‫تباعاً‪ ،‬بين متاهات الموت والجوع داخل ّياً‪ ،‬وبين تأمين كفاف العيش‬ ‫واألوطان البديلة خارج ّياً؟‬ ‫ربّما‪ ،‬لم يعد بعد ك ّل تلك السنوات من الكوارث اليوميّة‬ ‫المتالحقة‪ ،‬من جدوى في البحث عن ح ّل سياسيّ ‪ ،‬فمنذ التفاهم‬ ‫االختالفيّ الدوليّ في جنيف األوّ ل‪ ،‬حول انتقال سلميّ ال بديل عنه‬ ‫كح ّل وحيد‪ ،‬لم يسمع السوريّون سوى المزيد من االختالفات حول‬ ‫الخروج من تلك المأساة‪ ،‬بل ولم يعرف السوريّون سوى المزيد‬ ‫من الموت والتشرّ د بك ّل األشكال واأللوان‪ ،‬حين يكون الحديث‬ ‫عن حسم عسكريّ ‪ ،‬مجرّ د استقطاب مستمرّ للمقاتلين من ك ّل بقاع‬ ‫األرض‪ ،‬بحجّ ة الدفاع عن اإلسالم تارة‪ ،‬وبحجّ ة حماية المق ّدسات‬ ‫تارة أخرى‪.‬‬ ‫وها هي المواقف المختلفة للحلّ‪ ،‬تتق ّدم اليوم بالصورة األكثر‬ ‫تباينا من ذي قبل‪ ،‬فإذا كانت الواليات الم ّتحدة ومعظم الدول‬ ‫الغربيّة والعربيّة مشغولة في حربها ض ّد الجهاديّة اإلسالميّة‬ ‫اإلرهابيّة على بعض المناطق السوريّة‪ ،‬فهل يمكن لفرض الح ّل‬ ‫الذي يرونه مناسبا ً على باقي المناطق السورية‪ ،‬ألاّ يكون سوى‬ ‫ضرورة لتحقيق هدفها األوّ ل؟‬ ‫وإذا كان النظام الروسيّ المدرك لطبيعة الصراع الخارجيّ‬ ‫فوق األرض السوريّة ال يريد سوى الخروج من ذلك الصراع‪،‬‬ ‫وجعل الح ّل سور ّيا ً خالصاً‪ ،‬فهل يكون ذلك الح ّل المطالب بخروج‬ ‫ك ّل القوى الخارجيّة‪ ،‬مستثنيا ً القوّ ات اإليرانيّة وقوّ ات حزب هللا‪،‬‬ ‫كما نصّت عليه مبادئ موسكو؟‬ ‫وإذا كانت األمم الم ّتحدة ‪ -‬عبر مبعوثها الدوليّ ‪ -‬ال ترى حلاّ ً في‬ ‫ظ ّل ك ّل ذلك التعقيد سوى بإيقاف القتال‪ ،‬بتجميد النزاع التدريجيّ‬ ‫بدءاً من حلب‪ ،‬أفال يمكن ذلك التجميد إلاّ بنشر قوّ ات النظام في‬ ‫المناطق التي تسيطر عليها قوى المعارضة تحت مسمى الشرطة‬ ‫الحكوميّة؟!‬ ‫إنّ ك ّل تلك التطوّ رات الحاصلة‪ ،‬والتي ال يمكن النظر إليها كشأن‬ ‫سوريّ وفقط‪ ،‬الزالت تحمل جوانب أساسيّة من المعادلة المحلّيّة‬ ‫كثورة على نظام لم يعد ووفقا ً لك ّل األدلّة والمؤ ّ‬ ‫شرات المرافقة لتلك‬ ‫الثورة‪ ،‬سوى جهة ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحق وطن‪ ،‬نظام لم‬ ‫ممثلة للجريمة المستمرّ ة‬ ‫يعد قادراً على تقديم أيّ ح ّل كان‪ ،‬والذي يدرك النتيجة المنتظرة‬ ‫ألعماله اإلجراميّة‪ ،‬ممّا يجعله كأيّ قاتل متشبّثا ً بقتل من يراه في‬ ‫طريقه‪ ،‬كي ال يحكم عليه بالموت‪ ،‬كذلك فإنّ تلك التحوّ الت الجارية‬ ‫بالنظر إلى الشأن السوريّ ‪ ،‬من الزاوية المتعلّقة بالصراع اإلقليميّ‬ ‫واإلرهاب الدوليّ ‪ ،‬والتي تحمل جوانب هامّة وموضوعيّة‪ ،‬لن‬ ‫تستطيع إلغاء الجانب السابق مهما كان الحيّز الذي تشغله هذه‬ ‫الجوانب‪ ،‬بل والب ّد أن تكون متضمّنة في سياق الجانب األساس‪،‬‬ ‫مهما اختلفت التخمينات والتحليالت‪ ،‬ومهما انكشف من ارتباط‬ ‫لتلك الجوانب أو بعضها به أو بقي مستتراً‪.‬‬ ‫ربّما يكون حجم التضحيات التي ق ّدمها الشعب قد فاقت ك ّل‬ ‫التو ّقعات‪ ،‬وربّما يتحوّ ل قسم كبير من أبنائه إلى حاالت قاسية‬ ‫من الضياع والتشرّ د‪ ،‬وربّما ي ّتفق معظم السوريّين حول أه ّميّة‬ ‫الخالص‪ ،‬لكن ال وجود أليّة مؤ ّ‬ ‫شرات على تو ّقف تلك التضحيات‬ ‫الكبيرة والحاالت الكارثيّة‪ ،‬بل وربّما في المحافظة على بقاء هذا‬ ‫الشعب‪ .‬إنّ ما يحصل ال يبدو قدراً أو قدرة تفوق ما يصنعه البشر‪،‬‬ ‫كما أنّ ما يحصل ال يتحمّله السوريّون بمفردهم‪ ،‬وإذا كان الب ّد‬ ‫لهم من االستمرار في البحث عن المخرج‪ ،‬كذلك فال ب ّد من وقفة‬ ‫إنسانيّة ودوليّة للوقوف في وجه تلك الريح ذات الصنع البشريّ ‪،‬‬ ‫والتي تقتلع شعبا ً من أرض تدعى سورية‪...‬‬

‫لؤي حاج بكري‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫وأي عرب؟‬ ‫أي شرق أوسط قادم‪ّ ..‬‬ ‫ّ‬

‫ليس بحثاً‪ ،‬مجرّ د مدخل لبحث وعناوين‪ ،‬أعقب‬ ‫الحرب العالمميّة الثانية والنصر الغربيّ إعادة‬ ‫توزيع مناطق النفوذ في الشرق األوسط اإلسالميّ‬ ‫العربيّ – النفطيّ ‪ ،‬دخلت واشنطن بشكل أوضح‬ ‫على المنطقة وتخلّت لها لندن عن موقع القيادة‪ .‬أمّا‬ ‫باريس فخرجت سياس ّيا ً وبقي منها شيء من الثقافة‬ ‫في سوريّة ولبنان وفي المغرب‪ .‬أخذت موسكو‬ ‫نتفا ً وم َِزقا ً من طرفي قوّ ة االحتالل التاريخيّة‪ :‬لندن‬ ‫وباريس‪ ،‬قليالً في القاهرة وأكثر في بغداد ودمشق‪،‬‬ ‫استقرّ ت جغراف ّيا ً الشرق األوسط‬ ‫على نفوذين وإرثين هما‪ :‬واشنطن‬ ‫وموسكو‪ ،‬لنفوذين أخليا موقعيهما‪،‬‬ ‫وتراجع دورهما في قرار السياسة‬ ‫الدوليّة وحكم العالم‪ ،‬اكتفت باريس‬ ‫ولندن ب��أن تكونا ج��زءاً من الك ّل‬ ‫الغربيّ الذي تقوده واشنطن‪ ،‬وبدالً‬ ‫من الصراع التاريخيّ بين قوّ تي‬ ‫االستعمار القديمتين‪ :‬لندن وباريس‬ ‫ح ّل صراع عاصمتين هما‪ :‬واشنطن‬ ‫وموسكو ث ّم تراجعت موسكو لتغدو‬ ‫م��ج��رّ د ه��ام��ش ف��ي اللعبة‪ ،‬تماما ً‬ ‫كما غ��دت لندن وب��اري��س‪ .‬أصبح‬ ‫ّ‬ ‫موزع المصالح بين واشنطن‬ ‫العالم‬ ‫وموسكو‪ ،‬وانتهى بالغلبة لواشنطن‬ ‫التي استخلفت خلفها لندن باريس‬ ‫في اللعبة‪ .‬أصبح شرقا ً تقوده موسكو وغربا ً تقوده‬ ‫أمريكا ‪ ..‬ومازال مب ّكراً الحديث عن دور الصين‬ ‫القادم‪ .‬نحن نعيش اآلن في وسط عالم الهيمنة‬ ‫الكبرى للدولة األعظم في التاريخ‪ :‬أمريكا‪ ،‬الدولة‬ ‫المقابلة في الصراع‪ ،‬أي موسكو‪ ،‬انسحبت تجرّ من‬ ‫خلفها هزيمة أفغانستان بإسالم قادته واشنطن من‬ ‫خالل السعوديّة وابن الدن الذي قتلته أل ّنه ص ّدق‬ ‫اللعبة أو أراد توظيفها لمصلحة ما‪ ،‬آمن بها ‪..‬‬ ‫ومازالت قاعدته اإلسالميّة مستمرّ ة تقاد وتقود‪،‬‬ ‫ويت ّم توظيفها لخمسين عاما ً مضت كان الهيكل‬ ‫السياسيّ لإلقليم يض ّم مركزين للقوّ ة والصراع ومن‬ ‫خلفهما مُلحقات إقليميّة؛ كان الصراع واضحا ً بين‬ ‫القاهرة وبغداد‪ ،‬مع القاهرة كانت دمشق والسعوديّة‪،‬‬ ‫ومع بغداد كانت عمّان وأحزاب عربيّة ذات حلم‬ ‫هاشميّ ‪ ،‬ث ّم جاءت االنقالبات وتع ّددت مراكز التأثير‬ ‫الخارجيّ التي ّ‬ ‫وظفت الصراع‪ ،‬وكان على السلطة‬

‫والقيادة فغدا صراعا ً على ك ّل شيء‪ ،‬على الهويّة‬ ‫بشكل خاصّ ‪ ،‬وهل هي عربيّة هاشميّة‪ .‬إنكليزيّة‪،‬‬ ‫أم عربيّة‪ ،‬أمريكيّة بعثيّة‪ ،‬وهل هي عربيّة تاريخيّة‬ ‫وأين مرجعيّتها؟ وسقطت بغداد باالحتالل األمريكيّ‬ ‫الذي سلّمها لفارس وغابت دمشق بسبق السقوط‪،‬‬ ‫لتغدو‪ ،‬بوضوح أكثر‪ ،‬هويّة ذات عنوان مختلف‬ ‫على متنه ‪ ..‬لتغدو هويّات ع ّدة وطنيّة وقوميّة ودينيّة‬ ‫ومذهبيّة ذات والءات خارجيّة تتنقل بين واشنطن‬ ‫ولندن وباريس وموسكو‪ ..‬أخيراً طهران بعد أن‬

‫كِذبة والمراهنون َ‬ ‫كذبة‪ ،‬وبقي األسد الحقيقة الوحيدة‬ ‫على األرض‪ ،‬وص ّدقت االشتراكيّة مع الحورانيّ ‪،‬‬ ‫فإذا بي في نهاية المطاف مع إقطاعيّة سياسيّة أش ّد‬ ‫وأدهى‪ ،‬وليس الحورانيّ هو المسؤول أيضاً‪ ،‬كانت‬ ‫سلّما ً لما َبعد ومن َبعد وكان التطبيق كذبة أيضاً؛‬ ‫الرأسماليّة التي أقيمت تحت عنوان االشتراكيّة‬ ‫وصالحيّاتها أسوأ ألف مرّ ة ممّا سبقها‪.‬‬ ‫أخيراً أبحث عن شيء قبل أن تبتلعني لعبة‬ ‫الموت عن عربيّ أص ّدقه وأخشى‪ ،‬لم تعد األرض‬ ‫صالحة ل َن ْب ٍ‬ ‫ت جديد نظيف‪ .‬لم تعد‬ ‫صالحة إلاّ للموجود‪ ،‬تستهلك‬ ‫الثورات العربيّة جيلين‪ :‬جيل‬ ‫الماضي الحاكم‪ ،‬وجيل الثورة‬ ‫القادم‪ .‬كثير من الثوّ ار ليسوا‬ ‫أفضل من الح ّكام‪ ،‬إ ّنهم مشاريع‬ ‫ح ّكام جدد يدفعهم مجهول من‬ ‫خ��ارج الحدود ومعهم الوطن‬ ‫لمجهول آخر قادم من الحدود‪،‬‬ ‫أو من داخلها‪ ،‬ال تريد الشعوب‬ ‫بدائل سيّئة من واقعها السيّ ء‪،‬‬ ‫ت��ري��د صبحا ً ج��م��ي�لاً‪ ،‬وليس‬ ‫ليالً آخر‪ .‬وحدها الديمقراطيّة‬ ‫تستبدل القديم بالجديد األفضل‪،‬‬ ‫فإن لم يكن أفضل ج ّددته أيضاً‪،‬‬ ‫الجيل السابق خرّ ب ما استطاع‪،‬‬ ‫دمّر الماضي‪ ،‬ولم ينتج جديداً أفضل محلّه‪ ،‬أسقط‬ ‫ثقافة الموروث وعدداً من أنظمة الجهل‪ ،‬وعجز عن‬ ‫والدة النظام الحديث الديمقراطيّ والحرّ والعادل‪.‬‬ ‫سيّ ء جديد ومتخلّف مكان سيّ ء سبق‪ .‬البحث عن‬ ‫موقع وإسقاط النظام فقط ليس هدفا ً مشروعا ً للثورة‬ ‫مالم يكن بديله حاضراً ومشروعه ناضجاً‪ ،‬إ ّنه مجرّ د‬ ‫صراع بدائيّ أكثر حيويّة عن جديد عاجز ويقترب‬ ‫من نهايته‪.‬‬ ‫ومازال البديل الحيّ غائبا ً وننتظر بزوغ نوره‪.‬‬ ‫داخل اللعبة الكبرى نبتت ألعاب صغيرة والعبون‬ ‫ص��غ��ار‪ ،‬هنا وه��ن��اك وهنالك‪ ،‬وي��ت� ّم استلحاقها‬ ‫واستلحاقهم بمراكز القرار‪ .‬ما عدا ذلك مجرّ د‬ ‫خياالت ظِ ّل وتحسب نفسها حقائق‪.‬‬ ‫مسكين هذا الشرق يت ّم تنقيله بين حضن وحضن‬ ‫ّ‬ ‫ويتلذذ ‪« .. ..‬متعوّ دة دايماً» كما تقول‬ ‫راض‬ ‫وهو‬ ‫ٍ‬ ‫مسرحيّة عادل إمام؟!‬ ‫فوّاز غادري‬

‫ورغم كثرة المواصفات فإ ّننا ّ‬ ‫نلخصها على الشكل‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ االنتهازيّون‪ ،‬هم الرؤوس الحزبيّة الضيّقة‬‫التي ت ّتسم باألنانيّة والتفرّ د واالستحواذ والذين‬ ‫يعتمدون في خطابهم على استدعاء خطاب اإلقصاء‬ ‫والتهميش والتخوين‪ ،‬وبهذا الوصف يتموضعون في‬ ‫موقع أنظمة االستبداد ويصبحون عبارة عن نسخة‬ ‫مستنسخة من تلك األنظمة‪ ،‬يا ُترى كم شخصا ً لديك‬ ‫في االئتالف‪ ،‬يخونون‪ ،‬وينصبون الكمائن لبعضهم‬ ‫ح ّتى وصلوا إلى مرحلة الضرب؟‬ ‫ االنتهازيّون‪ ،‬هم مجموعة الفرق التي‬‫تنتحل صفة الدين وتستغلها وبدل أن يكونوا مع‬ ‫المقاتلين في المعارك يرفعون معنوياتهم ويهدوهم‬ ‫إذا ضلّوا الطريق‪ ،‬فضلّوا المناصب والمال والعمل‬ ‫السياسيّ الذي ال يفقهون عنه شيئاً‪.‬‬ ‫ ‪ -‬االنتهازيّون‪ ،‬هم الذين ربطوا مصيرهم‬‫باألجنبيّ ‪ ،‬والذين يعملون بكا ّفة االتجاهات على‬ ‫تجريد ثورتهم من مبادئها وشموخها ومن أجل بعث‬ ‫إنسان ال لون له وال يرتكز على مُثل وقيم عُليا‬ ‫والغريب في األمر أنّ هذه الفئة تتحالف مع األجنبيّ‬ ‫وفرق أخرى من أجل إحباط مشروع الثورة وت ّتسم‬ ‫بعداء مستحكم لقاعدة العدالة االجتماعيّة التي هي‬ ‫أمنية الناس‪ ،‬إنّ هذه الفئة االنتهازيّة سبّبت حالة‬ ‫اضطراب ذهنيّ ونشرت في البعد االجتماعيّ‬ ‫حالة اليأس واإلحباط عبر االستغالل اإلعالميّ في‬ ‫القنوات الفضائيّة‪.‬‬ ‫ االن��ت��ه��از ّي��ون‪ ،‬هم من استساغوا حياة‬‫«الخمس نجوم» في الفنادق من خالل االجتماعات‬ ‫والسفر واالنتقال على حساب شعب يموت ك ّل يوم‬ ‫ألف مرّ ة باسم الثورة والشهداء (فقط راجع يا سيادة‬ ‫الرئيس هذه التكلفة الماديّة من بداية الثورة وح ّتى‬ ‫تاريخه وستعرف حجم المأساة)‪.‬‬ ‫ االنتهازيّون‪ .‬هم أولئك الذين ترتكز عقيدة‬‫سلوكهم وأعمالهم على األنانيّة المطلقة والسيطرة‬ ‫على وسائط المال والهيمنة على ك ّل منفذ للحصول‬ ‫عليه دون رقابة ضمير أو إحساس بوطن (اطلب‬ ‫منهم بيانات عن األم��وال التي حصلوا عليها في‬ ‫الثورة)‪.‬‬

‫ االنتهازيّون‪ ،‬هم من أقسموا على الوالء‬‫للدول التي منحتهم جنسيّاتها المختلفة وع��ادوا‬ ‫ليتاجروا بالوطن لمصلحة تلك الدول‪ ،‬وعلى سبيل‬ ‫المثال عندما ُتمنح الجنسيّة األميركيّة لشخص فإ ّنه‬ ‫يُقسم على الوالء واإلخالص ألميركا‪ ،‬وأ ّنه مستع ّد‬ ‫لمحاربة ح ّتى بلده األصل إذا تطلّبت مصلحة أميركا‬ ‫ّ‬ ‫يحق له أن يشغل أيّ منصب سياسيّ أو‬ ‫ذلك‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫يحقق‬ ‫إداريّ أو عسكريّ في بلده األوّ ل إلاّ إذا كان‬ ‫أه��داف أميركا من خالل عمله‪ ،‬وأن يكون تابعا ً‬ ‫للمخابرات األميركيّة (عميل) وأرى أن تعود إلى‬ ‫خطاب القسم األميركيّ عند منح الجنسيّة وأن تعرف‬ ‫بعدها كم مع ّدل المج ّنسين لديك‪ ،‬أفال يخشى على‬ ‫أمن الثورة ومق ّدراتها‪.‬‬ ‫ حقيقة‪ ،‬أستطيع أن أضيف عشرات األسباب‬‫التي تحمل صفات الالوطنيّة والالمباالة إلى معظم‬ ‫رجاالت االئتالف‪ ،‬لكنّ جريدة «كلّنا سوريون»‬ ‫تحظر علينا كتابة أكثر من ‪ 700‬كلمة‪ ،‬ونحن بحاجة‬ ‫إلى ‪ 7‬آالف‪ ،‬ك ّنا نتو ّقع منك أن تسعى إلى تغيير‬ ‫معظم شخصيّات االئتالف وفي النهاية نشكر لك‬ ‫زيارتك السريعة ج ّداً إلى الساحل السوريّ ‪ ،‬حيث‬ ‫يرك أحد‪ ،‬مع العلم أنّ امتداد الجبهة ‪ 40‬كيلو‬ ‫لم َ‬ ‫متراً‪ ،‬وكم كان من الجميل لو قمت بزيارات متع ّددة‬ ‫ورفعت المعنويّات‪ ،‬لكن يبدو أنّ وقتك ثمين وال‬ ‫مجال إلضاعته في أمور شكليّة أل ّنه يجب تقديم‬ ‫األه ّم على المه ّم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ونسيت أن أخبرك بأ ّنني أؤيد أن تكون‬ ‫ ‬‫هناك حالة توافق ال انتخاب‪ ،‬ألنّ الشعب لن ينتخب‬ ‫معظم هذه الشخصيّات الكرتونيّة‪ ،‬وأ ّنه في حال‬ ‫توسعة االئتالف لن يزداد األمر إلاّ انقساما ً واختالفا ً‬ ‫باإلضافة إلى مصاريف اإلقامة والسفر واالنتقال‬ ‫والمهمّات ووج��وه جديدة تصدع ال��رأس على‬ ‫الفضائيّات وخاصّة أنّ كلفة انتقال معارضة الداخل‬ ‫ومهماتها ستكون أكبر‪ ،‬أل ّنهم محمّلون بتوصيات‬ ‫ومهام جسام من قبل رئيسهم‪ ،‬وستكون حظوظهم‬ ‫في التعويضات أكبر كونها مزدوجة‪.‬‬ ‫ أرجو أن تعيد مشاهدة الحلقة لتعرف كم‬‫نفتقد إلى الرجل المناسب في المكان المناسب‪.‬‬

‫غابت القاهرة وسقطت دمشق‪ ،‬ومن قبلها أو بعدها‬ ‫بغداد‪ ،‬لم يعد للشرق األوسط هويّة قوميّة بسقوط‬ ‫المشروع القوميّ وغياب قياداته‪ ،‬وال هويّة إسالميّة‬ ‫عربيّة بهيمنة طهران الفارسيّة على المشروع‬ ‫الدينيّ ‪ ،‬وغياب القاهرة‪ ،‬وت��ر ّدد العرب في ملء‬ ‫الفراغ‪ .‬وللموضوع تتمّة‪ ،‬وتتمّات‪.‬‬ ‫أصبح الشرق األوسط منطقة فراغين‪ :‬فكريّ‬ ‫وسياسيّ تتصارع عليهما القوى الخارجيّة والغلبة‬ ‫لواشنطن‪ ،‬والقوى اإلقليميّة ومازالت الغلبة لطهران‬ ‫بغياب القاهرة الذاتيّ ودمشق المحتلّة‪ ،‬وقد بدأ‬ ‫الصراع القديم الجديد بعناوين مذهبيّة‪ ،‬وعواصم‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫أراجع تاريخا ً كنت أعتقد أ ّنه مظلوم ألجد نفسي‬ ‫به خاسراً ك ّل شيء‪ .‬ص ّدقت العروبة مع عفلق‪،‬‬ ‫فخسرت الرهان وانتهيت مع نظام دمشق المذهبيّ‬ ‫الضيّق‪ ،‬لم يكن عفلق هو المسؤول‪ ،‬كان الرهان‬

‫السّيد رئيس االئتالف خالد الخوجة‬

‫ُ‬ ‫تابعت اللقاء المباشر لحضرتك مع قناة الجزيرة‬ ‫ُ‬ ‫وفوجئت – كما كثيرون‬ ‫في برنامج «بال حدود»‬ ‫غيري – بخططكم المستقبليّة التي وضعتموها‬ ‫لتصحيح مسيرة االئتالف والتوسعة التي تع ّد لها‬ ‫والهيكلة الجديدة باإلضافة إلى تصريحك بأ ّنه ال‬ ‫يمكن إجراء انتخابات في المناطق المحرّ رة وسيت ّم‬ ‫االعتماد على الحالة التوافقيّة ضمن ّ‬ ‫منظمة االئتالف‪.‬‬ ‫حقيقة إذا كانت هذه المداخالت «فربّ العالمين‬ ‫يستر» من المخرجات‪ ،‬وإذا كانت هذه هي األفكار‬ ‫«فاهلل يعين الشعب على النتائج المتر ّتبة»‪.‬‬ ‫هل تريد أن تعرف رأي أحد أفراد هذا الشعب؟‬ ‫هذه رسالة من أحد أبناء سورية ومن هذا الجيل‬ ‫الذي ثار ويرى أ ّنه أصبح من الضروريّ والمل ّح‬ ‫تصحيح مسار ثورته وإعادتها إلى جوهر أهدافها‬ ‫التي قامت من أجلها‪ ،‬ووفق المضمون الذي ثار‬ ‫من أجله عموم الشعب‪ ،‬واستشهد من أجله مئات‬ ‫اآلالف من الشرفاء‪ ،‬باإلضافة إلى عدد ال حصر‬ ‫له من الجرحى والمشرّ دين ومئات آالف البيوت‬ ‫المه ّدمة‪ ،‬ناهيك عن المدارس والمساجد والمشافي‬ ‫وعن انهيار التعليم وانتشار الفقر والمرض‪« ،‬أبعد‬ ‫هللا شبحهم عنك»‪.‬‬ ‫لكي ي ّتضح أمامنا الخيط األبيض من األسود‬ ‫وتتجلّى ك ّل االلتباسات التي خلقت ضبابيّة الرؤية‬ ‫ولم تعد درجة الوضوح قادرة على الخروج الثوريّ‬ ‫نحو أهداف الثورة ومضمونها‪ ،‬يتوجّ ب علينا أن‬ ‫نعرف ما جرى ويجري بهذه الثورة‪ ،‬بحكم سيطرة‬ ‫قوى (االنتهازيّين) على مسار الثورة‪ ،‬وأصبحت‬ ‫هذه القوى عبارة عن آليّات تن ّفذ أجندات أجنبيّة‬ ‫الحتواء المسار الثوريّ وتحريفه عن أهدافه حسب‬ ‫ّ‬ ‫المخطط المرسوم‪ ،‬لذلك علينا توضيح المصطلحات‬ ‫وتبيانها للشعب‪ ،‬ح ّتى ترتقي حالة الوعي الحاسم في‬ ‫هذه المعركة من أجل امتالك ناصية الثورة وأهدافها‬ ‫الغالية فإذا من هم فرق (االنتهازيين) لكي نقرّ ب هذا‬ ‫ّ‬ ‫يخطط لها عقل‬ ‫التوضيح لألذهان نقول‪ :‬إنّ الثورة‬ ‫وين ّفذها شجاع وعادة يتولاّ ها انتهازيّ أو عميل أو‬ ‫صاحب فرقة ال تحمل في جوهر نشاطها مضمون‬ ‫الثورة وأهدافها‪ ،‬فما هي صفات الذين قفزوا على‬ ‫هامات الشهداء و استولوا على مق ّدرات الثورة؟‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫د‪ .‬حممّد حاج بكري‬

‫سأخون ثورتي‬ ‫حين تتوه‬ ‫بوصلة الناشطين‬ ‫أكبر من دفع الثمن في الثورة السوريّة هم ناشطوها‪ ،‬الذين‬ ‫قادوا حراكها منذ اللحظات األولى‪ ،‬فكانوا وقودها في البدء‪،‬‬ ‫ث ّم عمادها وأساسها في ك ّل الميادين ‪ -‬بما فيها العسكريّة –‬ ‫ح ّتى اآلن‪ .‬ومهما اختلفت المواقف من المؤسّسات الثوريّة‬ ‫(المدنيّة والعسكريّة في الداخل) إلاّ أّنه ال خالف على أنّ‬ ‫الناشطين األوائل هم مؤسّسوها‪ ،‬كما أنّ معظم قادتها اليوم‬ ‫هم من الناشطين األوائل في الثورة‪.‬‬ ‫وبقدر ما يبقى االحترام والتقدير لك ّل ما ق ّدمه هؤالء‬ ‫الناشطون من أجل الثورة التي يستح ّقون وبكل جدارة أن‬ ‫يحملوا لقب حرّ اسها‪ ،‬بقدر ما يحمّلهم هذا المسؤوليّة الكبيرة‬ ‫(بشكل مباشر أو غير مباشر) عن الكثير من األخطاء‬ ‫واالنحرافات‪.‬‬ ‫لقد تحوّ لت المؤسّسات التي ش ّكلها‪ ،‬أو انخرط فيها‬ ‫الناشطون‪ ،‬إلى إطارات ضيّقة حصر فيها المنتمون إليها‬ ‫أنفسهم بها‪ ،‬فلم يعد يرى أحدنا الثورة إلاّ في مؤسّسته ومن‬ ‫خاللها‪ ،‬ح ّتى غدت هي الهويّة واالنتماء‪ ،‬بل واألخطر‪ ،‬هي‬ ‫الوظيفة والمكسب‪ ،‬الذي لن يتوانى الكثيرون عن الدفاع‬ ‫عنه وبشراسة‪ ،‬ح ّتى وإن كان على حساب الثورة وأهدافها‬ ‫الجامعة‪.‬‬ ‫أتح ّدث عن حلب وال زلت‪ ،‬فمنذ ظهور المجلس العا ّم‬ ‫لقيادة الثورة‪ ،‬بدأت الخالفات واالنقسامات بين الناشطين‬ ‫والتنسيقيات‪ ،‬كما ّ‬ ‫دق اإلعالن عن المجلس بشكل مفاجئ‬ ‫مطلع ‪ 2012‬أوّ ل مسمار في نعش (الثورة العفويّة) رغم‬ ‫أنّ الهدف كان توحيد الناشطين وتنظيم عملهم وتفعيله‪،‬‬ ‫إلاّ أنّ الشكل الذي ت ّم به انجاز المجلس‪ ،‬كان صادما ً لمن‬ ‫بقي خارجه‪ ،‬أو لم يدع له‪ ،‬أو لم يشاور به من الناشطين‬ ‫والتنسيقيّات‪ ،‬بحيث كان واضحا ً فيه التوجّ ه الفكريّ الواحد‪،‬‬ ‫واقتصاره على الصفّ األوّ ل من الناشطين‪ ،‬ما جعل المجلس‬ ‫و مهامّه والغاية منه غير مفهومة للكثيرين‪.‬‬ ‫ال يعني هذا لوما ً للمجلس العا ّم أو أصحاب فكرته‪ ،‬وال‬ ‫تن ّكراً لما ق ّدمه في فترة نشاطه‪ ،‬لكنّ الواضح أنّ اإلعالن‬ ‫عن المجلس بهذه الطريقة‪ ،‬فتح الباب لتوالد غير منطقيّ‬ ‫للتجمّعات والتنظيمات الثوريّة‪ ،‬والتي كانت في معظمها‬ ‫تظهر وتموت بأرضها‪ ،‬وال تتسبب إلاّ بزيادة االنقسام!‬ ‫لقد ولّدت هذه الظاهرة‪ ،‬مشكلة التك ّتالت‪ ،‬وكرّ ستها الحقا ً‬ ‫في ك ّل المؤسّسات الثوريّة (المدنيّة والعسكريّة منها) والتي‬ ‫كان عمادها (التك ّتالت) الناشطون‪.‬‬ ‫ولع ّل المجالس المحلّيّة هي أوضح مثال عن هذا المرض‬ ‫الذي استشرى في الجسد الثوريّ ‪ ،‬بعد أن تحوّ لت إلى ساحات‬ ‫تنافس شرس بين الناشطين‪ ،‬وبلغت ذروتها بين الكتل (؟!!!)‬ ‫في انتخابات مجلس محافظة حلب األخيرة!‬ ‫الطامّة األخرى التي قسمت الناشطين على مستوى جديد‬ ‫آخر‪ ،‬حدثت في األسابيع األولى من التحرير‪ ،‬حين بدأ فرز‬ ‫آخر صادم بين من هو إسالميّ ومن هو غير إسالميّ !‬ ‫أذكر هنا‪ ،‬المظاهرة التي وقف فيها أحد أبرز الناشطين‬ ‫من أصحاب التوجّ ه اإلسالميّ في حلب ليطالب المشاركين‬ ‫فيها أن يح ّددوا توجّ ههم بين (إسالمي وعلماني)!‬ ‫هكذا وبك ّل مباشرة وبساطة‪ ،‬بحيث لم يكن ممكنا ً من‬ ‫وجهة نظره الوقوف في الوسط‪ ،‬وال ح ّتى الحصول على‬ ‫فرصة للتفكير‪ ،‬ناهيك طبعا ً عن القدرة على رفض هذا‬ ‫الطرح الخطير‪ ،‬والذي كانت نتائجه كارثيّة على الثورة ح ّتى‬ ‫اليوم!‬ ‫بل‪ ،‬إنّ من نتائج الفرز الجديد أن قسّم المجالس المحلّيّة‬ ‫والخدميّة نفسها إلى (مجالس إسالميّة) وأخرى ال نعرف ما‬ ‫هو تصنيفها (!!) فكان أن ظهر لدينا أكثر من مجلس حيّ‬ ‫إسالميّ إلى جانب مجلس الحيّ القائم‪ ،‬في مشهد هزليّ بك ّل‬ ‫معنى الكلمة‪.‬‬ ‫وكان من نتائج هذا التصنيف أن أُنتجت لدينا مجالس‬ ‫خدميّة على مستوى المحافظة‪ ،‬أحدها يتبع جبهة النصرة‬ ‫والثاني يتبع لتنظيم «داعش»‪ ،‬ورابع تابع للهيئة الشرعيّة‪،‬‬ ‫إلى جانب مجلسيّ المدينة والمحافظة‪...‬والمشكلة أنّ ك ّل‬ ‫مجلس وك ّل جهة كانت تجد فئة من الناشطين (قليلة كانت أو‬ ‫كثيرة) تتب ّناها وتدافع عنها وتختصر الثورة بها‪.‬‬ ‫ك ّل هذا كان ّ‬ ‫يمزق في جسد الثورة ويفرّ ق بين شبابها‪،‬‬ ‫في عمليّة استنزاف مرهقة‪ ،‬زاد من ثقلها االنتماء الفصائليّ‬ ‫الحقاً‪ ،‬فكان أن ولدت لدينا ميادين جديدة أخرى للتنافس‬ ‫السلبيّ ح ّد الكراهية أحياناً‪ ،‬األمر الذي ش ّتت الجميع بين‬ ‫والءاتهم لك ّل هذه االنشطارات على حساب الوالء الثوريّ ‪،‬‬ ‫ما جعل محاوالت التغلّب على هذه الوالءات صعبة ج ّداً‪،‬‬ ‫وهو األمر الذي أدركه الناشطون اليوم‪ ،‬ولكن دون ر ّد فعل‬ ‫مناسب يجد لهذا التيه عالجاً‪ ،‬بل‪ ،‬إنّ الكثير م ّنا لم يعد يعنيه‬ ‫ذلك فعالً سوى بالتباكي وتوجيه اال ّتهامات والنقد السلبيّ في‬ ‫ك ّل اال ّتجاهات!‬

‫عقيل حسني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫أحوال‬

‫ّ‬ ‫وسُبل المأسسة ‪2/2‬‬ ‫المنظمات اإلغاثّية السورّيةبين الواقع ُ‬ ‫تستكمل «كلّنا سوريّون» نشر القسم الثاني من الطاولة املستديرة اليت ُعقدت يف ‪27‬كانون الثاني وناقشت فيها‬ ‫<<واقع العمل اإلغاثي يف سورية>> وتذكّر هيئة التحرير بأ ّن صفحات الصحيفة مفتوحة لك ّل من يريد أن‬ ‫يستكمل النقاش يف هذه القضيّة اهلامّة أو غريها‪.‬‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫مدني مستقلّ‪:‬‬ ‫وائل أبو كويت ‪ -‬ناشط مجتمع‬ ‫ّ‬ ‫ن��ع��م‪ ،‬إنّ القوى‬ ‫السياسيّة تستخدم‬ ‫اإلغاثة‪ ،‬وهو أمر‬ ‫واقع‪ ،‬وهذا ال يوجد‬ ‫فقط ف��ي س��وري��ة‪،‬‬ ‫بل في ك� ّل العالم‪.‬‬ ‫أ ّم���ا أ ّن��ه��ا تست ِغ ّل‬ ‫المحتاجين‪ ،‬فهذا‬ ‫أم��ر غير ممكن؛‬ ‫ألنّ المحتاج يأخذ ما‬ ‫يريد ث ّم يدير ظهره‪،‬‬ ‫أو يأتي آخر ليق ّدم له‪ .‬لذلك ليس هنالك استغالل‪ .‬أمّا‬ ‫التساؤل‪ ،‬فحال ّيا ً ال تستطيع ضبط العمل اإلغاثيّ وآليّاته‬ ‫بسبب القوى الموجودة على األرض والمتناحرة‪ ،‬فإن‬ ‫لم يصبح هناك دولة وقانون ونظام وحكومة وشرطة‬ ‫على األرض تنسّق بين أطراف العمل‪ ،‬فلن يكون هناك‬ ‫ضبط للعمليّة االغاثية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يقظان الشيشكلي ‪ -‬منظمة مرام‪:‬‬ ‫في الحالة السياسيّة ا ّتفق مع األستاذ وائل أل ّننا في‬ ‫ّ‬ ‫كمنظمات‪ ،‬أمّا الحالة السياسيّة فهي‬ ‫وضع ضعيف‬ ‫مدعومة من دول غربيّة وعربيّة ونحن ال نستطيع‬ ‫الوقوف بوجه‬ ‫ه��ذه األم���وال‬ ‫أل ّنها ضخمة‪،‬‬ ‫وك��ذل��ك األم��م‬ ‫ال���م��� ّت���ح���دة‬ ‫ت��ع��ام��ل��ت مع‬ ‫م���ن� ّ‬ ‫��ظ���م���ات‬ ‫ص����اح����ب����ة‬ ‫أج������ن������دات‬

‫سياسيّة‪ ،‬رغم محاولتنا إظهار األمر‬ ‫بالوثائق‪ ،‬ولكن استمرّ ت بالعمل‬ ‫معهم‪ ،‬وهذا األمر أكبر من قدرتنا‪،‬‬ ‫ولكن نحن كسوريّين ال يمكن إلاّ‬ ‫أن نتعامل مع بعضنا البعض‪ ،‬فال‬ ‫نستطيع الضبط‪ ،‬ولكن نستطيع‬ ‫التعاون وم��ا زال هناك ناشطين‬ ‫موثوق بهم ومازال أيضا ً هناك من‬ ‫يسرق (قاطعه مدير الجلسة بسؤال‪:‬‬ ‫«أربع سنوات من العمل ولم نستطع وضع آليّة للعمل‬ ‫وضبط اإلغاثة؟») أكمل ‪ -‬وضع آليّة في فوضى مثل‬ ‫هذه ال يمكن‪ ،‬وأريد أن أوضح أمراً‪ ،‬نحن نحاول لوم‬ ‫أنفسنا كسوريّين‪ ،‬وال يوجد إمكانيّة‪ ،‬ولكن أثبتنا أ ّننا‬ ‫أفضل بكثير من الدول الغربيّة‪ ،‬فإن حدث بها ما حصل‬ ‫لنا خالل شهرين فقط ستنهار‪ .‬لذلك رغم أخطائنا‪ ،‬ولكن‬ ‫استطعنا أن نقف أربع سنوات بشكل جيّد‪ ،‬ونحن ال‬ ‫نملك خبرة‪ ،‬وإلى اآلن لم نفشل بمشروع وما زلنا نتعلّم‬ ‫ّ‬ ‫محطات جيّدة من هذا التعليم كسوريّين‬ ‫ووصلنا إلى‬ ‫ّ‬ ‫كمنظمات‪ ،‬ولكن السؤال هل سيبقى هذا الدعم‬ ‫وليس‬ ‫الغربيّ أو الدوليّ كي نصل إلى مرحلة متق ّدمة أكثر؟‬ ‫هنا السؤال؛ ولكن أرى أنّ ال أحد سيكمل ليساعدنا في‬ ‫هذا التعلّم وهناك محاولة لمنع التعلّم‪.‬‬ ‫السوري العا ّم‪:‬‬ ‫مح ّمد عيدو – اال ّتحاد‬ ‫ّ‬ ‫كتنسيق نحن تعلّمنا‪ ،‬واألوتشه تفاجأت بالجمعيّات‬ ‫األهليّة السوريّة وباألفراد العاملين‪ ،‬واستطعنا فهم‬ ‫اللعبة ‪ -‬هكذا اسميها لعبة الخارج ‪ -‬أقصد واستطعنا‬ ‫أن نواكبهم كتنسيق وتنظيم أكبر‪ ،‬وأكيد أفضل منهم‪.‬‬ ‫وائل أبو كويت‪:‬‬ ‫بخصوص آليّات لضبط العمل‪ ،‬نحن خالل األربع‬ ‫سنوات ت ّم ضبط اإلغاثة‪ ،‬فأغلب من كانوا يسرقون‪،‬‬ ‫لم يبق منهم إلاّ القليل‪ ،‬بسبب هذه الضوابط والمعايير‬ ‫التي توضع فهي تلغي ك ّل هؤالء‪ ،‬ولكي نستطيع التقييم‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات وبين الحمالت‪.‬‬ ‫يجب التفرقة بين‬ ‫مدني‪:‬‬ ‫ربيع البسكي ‪ -‬ناشط‬ ‫ّ‬ ‫فقط أري��د أن أع ّقب على وح��دة التنسيق‪ ،‬بالنسبة‬ ‫للمخيّمات أصبحنا في السنة الرابعة ونسينا المخيّمات‬ ‫المتواجدة على السفوح‪ ،‬ولكن األم��وال التي ق ّدمت‬ ‫للوحدة تستطيع فرش األرض من باب السالمة ح ّتى‬ ‫المسلميّة‪.‬‬ ‫د‪ .‬نمير الناصر – ا ّت��ح��اد الديمقراط ّيين مكتب‬ ‫ّ‬ ‫(موظف سابق في الحكومة المؤ ّقتة)‪:‬‬ ‫سياسي‬ ‫ّ‬ ‫إنّ وحدة التنسيق في بعض األحيان تصلها أموال‪،‬‬ ‫ولكن على األغلب تصلها مساعدات عينيّة‪ ،‬وإلى اآلن‬ ‫ما زالت الوحدة تق ّدم الطحين بعد الحملة األخيرة التي‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ّ‬ ‫وتوزعها في ريف حماة وحلب وإدلب‪،‬‬ ‫ق ّدمت لها‬ ‫وأيضا ً على أغلب المدارس الموجودة‪ ،‬هي من‬ ‫ساهمت بتجهيزاتها‪ ،‬وأنا أتكلّم عن علم وتجربة مع‬ ‫هذه الوحدة‪ ،‬أنا ال أدافع عن أحد‪ ،‬ولكن ال أريد‬ ‫أن نصل لمرحلة التخوين وتوجيه اال ّتهامات فقط‪.‬‬ ‫أما موضوع اآلليّات فهي تت ّم بوضع (داتا) لجميع‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات والجمعيّات التي تعمل في الداخل السوريّ‬ ‫أو في دول الجوار وأماكن تواجد السوريّين‪ ،‬وبذلك‬ ‫نوحّ د الجهود من ناحية التنسيق كي ال تت ّم تغطية‬ ‫ّ‬ ‫منظمات‪ ،‬أو ألكثر من‬ ‫منطقة معيّنة من قبل ع ّدة‬ ‫مرّ ة‪ .‬فيت ّم التسجيل في الحكومة السوريّة وجعله‬ ‫ّ‬ ‫خطة‬ ‫ض��م��ن‬ ‫واح���دة‪ ،‬وأن‬ ‫ي���ك���ون ه��ذا‬ ‫ال��ت��س��ج��ي��ل‬ ‫ضمن شروط‬ ‫م��ع� ّي��ن��ة‪ .‬أمّ��ا‬ ‫م����وض����وع‬ ‫ال��ت��س��ي��ي��س‪،‬‬

‫فهو أمر موجود منذ األ ّي��ام األولى‬ ‫للدولة السوريّة أيّام األغا‪ ،‬وهو أيضا ً‬ ‫مستخدم في الغرب‪ ،‬ولكن أصبح‬ ‫ظاهر لنا بسبب حاجة الناس (تمّت‬ ‫مقاطعته للتوضيح أيّ أن كنت تنتمي‬ ‫ّ‬ ‫الحق باإلغاثة وإن كان‬ ‫لتيّار ما لك‬ ‫جارك ال ينتمي فال إغاثة له) أكمل‬ ‫الدكتور‪ -‬نعم هذا األمر يت ّم معالجته‬ ‫بوجود ّ‬ ‫خطة واحدة للتعامل مع الناس‪ ،‬وبذلك يح ّل‬ ‫الموضوع السياسيّ ‪ ،‬ولكن أيضا ً لدينا مشكلة الحالة‬ ‫العسكريّة على األرض‪ ،‬وهي‬ ‫أيضا ً تفرض شروطها على الناس‬ ‫وعلى اإلغاثة أيضاً‪.‬‬ ‫ف���ؤاد ح� اّ‬ ‫�ي‪،‬‬ ‫ّل�ق – ن��اش��ط م��دن� ّ‬ ‫مشارك في الحملة‪:‬‬ ‫بالنسبة للحمالت ه��ي حالة‬ ‫إسعافيّة‪ ،‬لذلك تظهر وتختفي بعد‬ ‫فترة‪ ،‬أمّا موضوع المال السياسيّ ‪،‬‬ ‫فقد حاولنا ع ّدة مرّ ات أن نضغط‬

‫م��ن أج��ل تقديم‬ ‫الدعم‪ ،‬إن كان‬ ‫األم��ر فقط من‬ ‫أجل االنتخابات‬ ‫أو م���ن أج��ل‬ ‫الظهور‪ ،‬ومن‬ ‫يق ّدم مساعدات‬ ‫له عندي واحدة‪،‬‬ ‫وأن����ا م��ع��ه إن‬ ‫كان يعمل بشكل ج ّديّ من أجل المواطن‪ ،‬أمّا اآلليّات‬ ‫لضبط العمل اإلغاثيّ ‪ ،‬فنحن بحاجة إلى وحدة التنسيق‬ ‫والدعم‪ ،‬ولكن (أي سي يو) بنت حالل‪ ،‬وأن تتواصل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات وتنسّق فيما بينها‪.‬‬ ‫مع جميع‬ ‫ّ‬ ‫مسرات‪:‬‬ ‫مأمون عثمان – منظمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الداعمة لها أجندة معيّنة‪،‬‬ ‫ك أنّ أغلب‬ ‫ال ش ّ‬ ‫وهذا ّ‬ ‫حق‪ ،‬أن تستفيد من دعمها هذا‪ ،‬ولكن يجب أن‬ ‫نقول النقطة السلبيّة والتي يجب علينا أن نجد لها حالً‪،‬‬ ‫بما أ ّننا مضطرّ ين للدعم الخارجيّ ‪ ،‬فنحن مأسورون‬ ‫ألجنداتهم‪ ،‬والح ّل هو تفعيل المشاريع التنمويّة‪ ،‬فنستطيع‬ ‫من خاللها حصد دعم كا ٍ‬ ‫ف للتمويل الذاتيّ ‪ ،‬وألاّ نحتاج‬ ‫إلى تمويلهم‪ ،‬عندها ُننهي األجندات الخارجيّة‪ ،‬أما‬ ‫موضوع‪ :‬أنّ المشاريع التنموية معرّ ضة للقصف‬ ‫(حسب تعبير محمّد عيدو)‪ .‬فهذا أمر صحيح‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك بدائل مثل إقامتها في دول الجوار‪ ،‬على أن يكون‬ ‫ريعها للداخل السوريّ ؛ هنا في تركيا نستطيع عمل‬ ‫مشاريع كبيرة وهناك ّ‬ ‫منظمات بدأت بهذه الخطوة‪ .‬أمّا‬ ‫عن ضبط آليّات العمل فهو أمر صعب‪ ،‬ولكن نستطيع‬ ‫الح ّد من الهدر والتالعب‪ .‬وأ ّتفق مع الدكتور نمير‬ ‫ّ‬ ‫الخط ولكن هل نملك قوّ ة‬ ‫بموضوع التسجيل وتوحيد‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات؟ ال أعتقد‪ ،‬أل ّننا ال نملك‬ ‫ضغط للسيطرة على‬ ‫القوّ ة أو االعتراف‪ ،‬فالتسجيل مه ّم‪ ،‬ولكن هناك عقبات‪،‬‬ ‫وأرى أنّ ضبط العمل اإلغاثيّ وضبط االحتيال‪ ،‬يت ّم‬ ‫عن طريق ضبط المعابر‪ ،‬أي باال ّتفاق مع الحكومة‬ ‫المؤ ّقتة أو مع الحكومة التركيّة أو عن طريق التحالفات‬ ‫أو اال ّتحادات الموجودة بتشكيل نا ٍد أو منتدى إلضفاء‬

‫صفة على قراراتهم باإلضافة للحكومة التركيّة أو‬ ‫السوريّة المؤ ّقتة لوضع آليّات لضبط المعابر‪ ،‬وعندها‬ ‫أستطيع ضبط اآلليّات في الداخل‪.‬‬ ‫إعالمي‪:‬‬ ‫عبد هللا حكواتي ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫هناك الكثير من الحمالت ظهرت بصور استغالليّة‬ ‫لألطفال أو النساء عن طريق الصور والفيديوهات‪،‬‬ ‫أمّا الحملة األخيرة فلم تعمل على هذا األمر وال ح ّتى‬ ‫لصالح الثورة كوضع علم االستقالل رغم أنّ جميع‬ ‫من شارك بها هم ثوّ ار وناشطون بالثورة فموضوع‬ ‫األجندات (موجه إلى األستاذ مأمون) ال أظن أنّ دور‬ ‫القوى السياسيّة في أيّ مكان من العالم هو عمل إغاثيّ ‪،‬‬ ‫في حال تحوّ ل إلى هذا األمر أصبح استغالالً‪ ،‬ويجب‬ ‫محاكمته‪ ،‬وال ّ‬ ‫يحق لنا كثوّ ار أو كناشطين أن أقول من‬ ‫ح ّقي أن استغ ّل أيّ شخص من أجل هدفي‪ ،‬وهناك أيضا ً‬ ‫حمالت بعيدة عن الحالة الثوريّة مثل «مبادرون» في‬ ‫مدينة دمشق ضمن مناطق النظام‪ ،‬فلم نجد لهم أيّة‬ ‫صورة الستغالل أيّة حالة‪ .‬وربّما هناك مشكلة بالحالة‬ ‫الحِرفيّة في التصوير كما تكلّم األستاذ يقظان ولكن عندما‬ ‫نسمح بهذا األمر فنحن نسيء‪ ،‬فالصورة التي ظهرت‬ ‫ّ‬ ‫منظمة(غ‪ )...‬كانت مُهينة‪ ،‬لذلك ال يمكن‬ ‫في صفحة‬ ‫ّ‬ ‫منظمة أن تعمل ألجنداتها‪ ،‬والنظام أيضا ً مازال‬ ‫أليّ‬ ‫يمارسها‪ ،‬ولذلك يجب تسجيل موقف ض ّد االستغالل‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬فلم أر مجلس مدينة حلب أو المحافظة يضع‬ ‫اسمه على المواد التي ّ‬ ‫توزع‪ .‬أمّا موضوع ضبط آليّات‬ ‫العمل اإلغاثيّ فهو للحكومة‪ ،‬ألنّ‬ ‫دورها األساسيّ هو العمل الذي‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات التي‬ ‫يت ّم في الداخل‪،‬‬ ‫تش ّكلت وتعمل هي داعمة لعملها‪،‬‬ ‫فالحكومة هي التي تقع على عاتقها‬ ‫هذه المهام‪ .‬بالنسبة لوحدة التنسيق‬ ‫والدعم هي عبارة عن منسِّقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات وهي‬ ‫أمّا المن ّفذين فهم‬ ‫ّ‬ ‫منظمات غير حكوميّة‪ ،‬وال يمكن‬ ‫ف����رض آل��� ّي���ات‬ ‫عليها للتسجيل‪،‬‬ ‫ه����ذا غ��ي��ر أنّ‬ ‫الحكومة حال ّيا ً‬ ‫غير معترف بها‪.‬‬ ‫ربيع البسكي‪:‬‬ ‫ب��اس��م الحملة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‬ ‫أشكر‬ ‫ال��ت��ي ساعدتنا‬ ‫وق ّدمت لنا مستودعها‪ .‬موضوع الحالة السياسيّة أريد‬ ‫أن أذكر أنّ أكثر من يستخدم هذه الحالة هم اإلخوان‪،‬‬ ‫وال يوجد أجندات ألحد إلاّ لهم‪.‬‬ ‫مح ّمد عيدو‪:‬‬ ‫أنا ال أدافع عن وحدة تنسيق الدعم‪ ،‬لها أخطاء كثيرة‪،‬‬ ‫ولكن إن ّ‬ ‫اطلعنا على تقريرهم في ‪ 2013‬قُ ّدم لهم‬ ‫‪ 61‬مليون دوالر ولكن ‪ %80‬منها عينيّة‪ ،‬والفضيحة‬ ‫الكبرى أنّ الكلفة التشغيليّة ‪ 4‬مليون دوالر‪ ،‬أمّا الحكومة‬ ‫المؤ ّقتة فما وصل إليها من ‪ 9-7‬مليون دوالر‪ ،‬وهذا‬ ‫ك ّل ما عملت به باإلغاثة‪ ،‬لذلك ال نستطيع مقارنتها بأيّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات تق ّدم عشرة آالف‬ ‫منظمة كبيرة؛ مثالً‪ ،‬إحدى‬ ‫حصّة إغاثيّة من أصل ‪ 260‬ألف حصّة باإلضافة إلى‬ ‫‪ 15‬أل��ف حصّة‬ ‫نظافة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى الخيم وغيرها‬ ‫م����ن األدوات‬ ‫والمعدات‪ .‬ونحن‬ ‫ف��ي س��وري��ة ّأث��ر‬ ‫علينا نظام األسد‬ ‫لم ّدة ‪40‬سنة‪ ،‬أمّا‬ ‫في المانيا مثالً لك ّل‬ ‫‪ 80‬شخص ّ‬ ‫منظمة أهليّة والتنوّ ع‬ ‫إجباريّ والحكومة حال ّيا ً وضعت‬ ‫ّ‬ ‫خطة ومعايير للتسجيل وهي‬

‫علمت أنّ ما قامت به من توزيع‬ ‫لتلك األموال هو خطأ‪ ،‬أل ّنها لم‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات األهليّة‪.‬‬ ‫تساهم بتقوية‬ ‫أعود لألخطاء الجسيمة من قبل‬ ‫وحدة التنسيق وخاصّة في حملة‬ ‫الرغيف‪ ،‬عندما وضعت صورة‬ ‫طفل مع الرغيف فكانت مهينة لك ّل أطفال سورية‪،‬‬ ‫وكذلك حملة برنامج األغذية العالميّ عندما وضع‬ ‫صورة دوالر واحد (عارضه أغلب الحاضرون بأ ّنها‬ ‫صورة غير مسيئة وهناك حمالت كثيرة قامت عبر‬ ‫الزمن وكان همّها إيقاف الحالة السياسيّة التي تتح ّكم‬ ‫باإلغاثة الموجّ هة إلى سورية)‪.‬‬ ‫شخيط – ّ‬ ‫رند ّ‬ ‫منظمة بسمة وزيتونة‪:‬‬ ‫بالنسبة للقوى السياسيّة‪ ،‬هذا أمر غير طبيعيّ وكلّنا‬

‫ّ‬ ‫المنظمة‬ ‫مسؤولون عن السماح لهذه الحالة ونحن في‬ ‫نقف ض ّد المال السياسيّ ونتم ّنى على الجميع وعلى‬ ‫حمالت الناشطين عدم قبول مثل تلك الحالة أل ّنه ال‬ ‫يوجد حال ّيا ً إلاّ الرادع األخالقيّ والشخصيّ ‪ ،‬وأنا أ ّتفق‬ ‫مع قيام المشاريع التنموية التي تساهم بشكل كبير‬ ‫للتخلّص من المموّ لين مع الزمن‪ .‬بما يختصّ باآلليّات‬ ‫فهي ال تت ّم إلاّ بالتنسيق‪ ،‬ومثالي هي األوتشه التي تعمل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات نتيجة التنسيق فيما بينها من‬ ‫على تطوير‬ ‫تنظيم وهيكلة‪ ،‬وكان يجب أن نكون نحن من نقوم‬ ‫بهذا العمل لذلك تبادل المعلومات هو شيء مه ّم لضبط‬ ‫العمل اإلغاثيّ ‪.‬‬ ‫عبد الرحمن كحيل ‪ -‬مجلس محافظة حلب‪:‬‬ ‫بالنسبة لالستخدام السياسيّ في اإلغاثة‪ ،‬نحن نعاني‬ ‫ص��ة في الدورتين‬ ‫منه بشكل كبير في حلب وخ��ا ّ‬ ‫األخيرتين من االنتخابات‪ ،‬رغم إثبات فساد على هؤالء‬ ‫األفراد‪ ،‬نجد كثير من الناس تدافع عنهم من أجل أن‬ ‫يحصلوا على حصصهم اإلغاثيّة‪ .‬وال أظنّ أ ّنها توجد‬ ‫في دول العالم بهكذا صيغة فاألحزاب السياسيّة في‬ ‫الغرب تقوم ببرامج معيّنة وقد تدعم ّ‬ ‫منظمات أهليّة أو‬ ‫تساهم بإنشائها ولكن لتسويق أفكارهم وليس من أجل‬ ‫السلطة والنفوذ‪ .‬عن السؤال حول اآلليّات لضبط العمل‬ ‫اإلغاثي‪ ،‬فقد ت ّم تشكيل لجنة من مجلس المحافظة‬ ‫ووزارة اإلدارة المحلّيّة لدراسة موضوع تراخيص‬ ‫للجمعيات وضبط المعابر‪ ،‬وإلى اآلن مازال األمر قيد‬ ‫الدراسة ولم يدخل حيّز التنفيذ‪ ،‬رغم أنّ ضبط هذه‬ ‫الحالة صعب ج ّداً‪ ،‬وإنّ تم ّك ّنا من ضبط األمر بنسبة‬ ‫‪ 20‬إلى ‪ 30‬بالمائة فهذا يكون إنجازاً‪.‬‬ ‫وائل أبو كويت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات ومجلس المحافظة‬ ‫إنّ العمل متكامل بين‬ ‫ّ‬ ‫والمدينة والحكومة المؤقتة‪ ،‬ولكن ما يضبط العمل‬ ‫حال ّيا ً هو المبدأ األخالقيّ ‪ ،‬وال يوجد ضوابط قانونيّة‪،‬‬ ‫فالحكومة غير معترف بها‪ ،‬وكذلك المجالس المحلّيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات المدنيّة تحظى بذلك‪.‬‬ ‫وال‬ ‫عبد هللا حكواتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات اإلغاثيّة‬ ‫عندما تق ّدم الحكومات الغربيّة‬ ‫الداعمة أنّ هذا مشروع‪ ،‬يجب أن يكون هناك بيانات‬ ‫من المجالس المحلّيّة‪ ،‬أو أن يكون هناك الكثير من‬ ‫الداعمين الذين يريدون المجالس المحلّيّة كشريك في‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫وائل أبو كويت‪:‬‬ ‫هذا أمر غير مقبول‪ ،‬ألنّ الداعم الغربيّ أو الخليجيّ‬ ‫يبحث عن الشريك السوريّ وهذا الشريك قد يق ّدم‬ ‫ب���ي���ان���ات ع��ن‬ ‫طريق المجالس‪.‬‬ ‫د‪ .‬ن��م��ي��ر‬ ‫الناصر‪:‬‬ ‫ال���داع���م���ون‬ ‫عندما يأتون إلى‬ ‫الحكومة يسألون‬ ‫ع��ن المجالس‬ ‫ال��م��ع��ت��رف بها‬ ‫لدى الحكومة‪.‬‬ ‫وائ�������ل أب���و‬ ‫كويت‪:‬‬ ‫ما هو الترخيص!؟ هو أن يكون التسجيل صادراً‬ ‫عن جهة معترف بها دول ّيا ً ويكون ضمن قوانين األمم‬ ‫الم ّتحدة ولديها حساب بنكي‪ ،‬وعندما ُتق ّدم لنا المجالس‬ ‫المحلّيّة هذه األم��ور عندها يكون التسجيل والعمل‬ ‫قانونيّ ‪.‬‬ ‫مح ّمد عيدو‪:‬‬ ‫كال الطرفين يتكلّم من الواقع ألنّ هناك داعمين لهم‬ ‫شرط العمل مع المجالس المحلّيّة‪ ،‬وهناك آخرين ال‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫عالقة لهم بهذا الشرط بل يتوجّ هون إلى‬ ‫ّ‬ ‫المرخصة في الخارج والعاملة في سورية أو الشبكات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمة األوتشة ق ّدمت خالل أوّ ل عشرة‬ ‫شهور من العام الماضي ‪ 603‬مليون‬ ‫دوالر وهذا الرقم ال عالقة للمجالس‬ ‫المحلّيّة أو للحكومة به‪.‬‬ ‫عبد هللا حكواتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة تابعة لألمم المتحدة‬ ‫األوتشة‬ ‫ّ‬ ‫وهي ال تعمل مع منظمات أو مؤسّسات‬ ‫لها طابع سياسيّ ‪ ،‬ولكن اضطرّ ت للعمل‬ ‫مع وحدة التنسيق وبعض المجموعات‬

‫داخ�����������ل‬ ‫س����وري����ة‪،‬‬ ‫وك��ذل��ك مع‬ ‫النظام‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪25‬‬

‫ملف العدد‬

‫السوري‬ ‫حوار العدد مع المعارض‬ ‫ّ‬

‫حسان زين العابدين‬ ‫ّ‬

‫في سعيها لفتح فضاءات الحوار السوريّ ‪ ،‬التقت‬ ‫صحيفة «كلّنا سوريّون» المعارض السوريّ حسّان‬ ‫زين العابدين الذي يقوم بزيارة لتركيا‪ ،‬وكان لنا معه‬ ‫هذا الحوار‪:‬‬ ‫أهالً بكم أستاذ «زين العابدين» هل تعطينا‬ ‫• ‬ ‫فكرة عن سبب زيارتكم لتركيا؟‬ ‫ّ‬ ‫نخطط لدعم نشاطات ثقافيّة في شهر نيسان القادم‪،‬‬ ‫من خالل أ ّي��ام للثقافة والمجتمع في مدينة اليبزغ‬ ‫لف ّنانين وسياسيّين‪ ،‬وهي خمسة أيّام تعرض فيها أفالم‬ ‫ومسرحيّات وتقام معارض تشكيليّة‪ ،‬وتعقد ندوات‬ ‫ولقاءات بين المعارضين ومن مختلف اال ّتجاهات‪،‬‬ ‫ولطرح أفكارهم إلنقاذ سورية‪.‬‬ ‫ونحن اآلن بصدد مساعدة النازحين السوريّين في‬ ‫تركيا‪ ،‬ضمن نشاطات «الجمعيّة اإلغاثيّة السوريّة في‬ ‫مدينة اليبزغ»‪ ،‬فقد استطعنا أن نجمع بعض األموال‪،‬‬ ‫عن طريق هذه الجمعيّة الخيريّة المسجّ لة في ألمانيا‬ ‫بشكل نظاميّ منذ العام الماضي‪ ،‬وأنا رئيسها حال ّياً‪ ،‬وقد‬ ‫جاءت فكرة تأسيس هذه الجمعيّة لهذا العمل اإلغاثيّ‬ ‫حسما ً لخالفات جرت بين الناشطين السوريّين حول‬ ‫طريقة التعامل مع مأساة الشعب السوريّ ‪ ،‬وطرق‬ ‫دعمنا له‪ ،‬فقرّ رنا اال ّتجاه إلى العمل اإلغاثيّ ‪.‬‬ ‫ولم نستطع – لألسف – استالم تبرّ عات عينيّة عديدة‬ ‫ّ‬ ‫لنخزن‬ ‫عُرضت علينا أل ّننا أوّ الً‪ ،‬ال نملك مستودعات‬ ‫فيها‪ ،‬وثانيا ً لصعوبة نقل هذه المعونات كاأللبسة‬ ‫مثالً‪ ،‬فهنالك كلفة ماليّة للشحن ومعامالت تخليص‬ ‫وصعوبات إداريّة‪.‬‬

‫اعتاد الناس في مطلع ك ّل عام أن يتفاءلوا بما يرجون أن يتح ّقق من‬ ‫آمال للسنة الجديدة‪ ،‬لكن يبدو من الصعوبة بمكان النظر بإيجابيّة بعد ما‬ ‫شهده العام ‪ 2014‬من صراعات مأساويّة ونزاعات بالغة التعقيد وك ّل‬ ‫المؤ ّ‬ ‫شرات في مناطق مختلفة حول العالم تنبئ بوضع أسوأ للعام ‪.2015‬‬ ‫الحرب األهليّة في سورية‪ ،‬العنف المتصاعد في العراق‪ ،‬تنامي دور‬ ‫المسلّحين المتطرّ فين «داعش» بشكل علنيّ بالرغم من تزايد غارات‬ ‫القصف عليها من قبل الواليات الم ّتحدة األمريكيّة‪ ،‬والتي أثبتت عدم‬ ‫جدواها في القضاء على التطرّ ف وأنّ األمر بحاجة إلى رؤية أوسع‬ ‫وأشمل إليجاد مخرج لألزمة في العراق وسورية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأحد هذه المخارج هو محاسبة نظام األسد العنيد الذي قاد حربا أهليّة‬ ‫وحشيّة تسبّبت بمقتل ما يزيد عن ‪ 200‬ألف إنسان ونزوح الماليين من‬ ‫ديارهم‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة للعراق واالختالالت الخطيرة التي نشأت‬ ‫جرّ اء االختالفات السياسيّة‪ ،‬التي أ ّدت إلى تج ّدد أعمال العنف‪ ،‬وولّدت‬ ‫بدورها أزمة الالجئين بشكل أكبر ممّا حدث خالل الصراع الطائفيّ الذي‬ ‫احتدم بين عامي ‪.2008 - 2006‬‬ ‫ال ينبئ المستقبل بحلول سهلة‪ ،‬بالرغم من ك ّل المقترحات‪ ،‬وسوف‬ ‫تستمرّ المعاناة للبشر وأعداد الضحايا في ازدياد ‪...‬‬ ‫لع ّل االضطرابات التي تمرّ بها المنطقة‪ ،‬لم تشهدها منذ قيام «دولة‬ ‫إسرائيل» عام ‪ ،1948‬ومن المتو ّقع تصاعد ح ّدة التو ّتر والتف ّكك في العام‬ ‫‪ ،2015‬وذلك لعدم وجود سياسة عالميّة جديدة وواضحة قد تؤ ّدي إلى‬ ‫االستقرار في ظ ّل األزمات التي يمرّ بها العالم مثل األزمة االقتصاديّة في‬ ‫روسيا واالحباطات المتتالية لعمليّة «السالم» اإلسرائيليّة – الفلسطينيّة‪،‬‬ ‫والمطبّات التي يواجهها مشروع االتحاد األوربّيّ والمأزق األمريكيّ في‬ ‫أفغانستان بعد الحرب نتيجة تنامي قوّ ة طالبان من جهة وضعف الحكومة‬ ‫في كابول من جهة أخرى‪ ،‬واالنتخابات التي ستجري في سريالنكا‬ ‫واحتمال اندالع أعمال العنف في الشوارع‪ ،‬ناهيك عن األزمات في‬ ‫ليبيا واليمن في ظ ّل االنقالب الحاصل في مصر والوضع الكارثيّ في‬ ‫سورية‪ ،‬والحوار اإليرانيّ ‪ -‬األمريكيّ بشأن البرنامج النوويّ ‪ ،‬والذي‬ ‫يسعى فيه المتش ّددون والصقور من كال الطرفين إلحباط التحرّ ك نحو‬ ‫التقارب‪ ،‬هذا عدا عن انشغال العالم باستفحال انتشار فيروس «إيبوال»‬ ‫في غرب أفريقيّا ووصوله إلى ‪ 1.4‬مليون حالة‪ ،‬والتفاؤل الحذر بنجاعة‬ ‫اللقاح المعتمد منتصف العام ‪ ،2015‬وال ننسى التو ّترات في منطقة آسيا‬ ‫والمحيط الهادئ واحتمال تفجّ ر أزمة في بحر الصين الجنوبي ومحنة‬ ‫«الروهينجا» غير المعترف بمواطنيّتهم في غرب بورما‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫المستفز في كوريا الشماليّة‪ ،‬والذي يش ّكل تهديداً خطيراً‬ ‫ّ‬ ‫الجنون العسكريّ‬ ‫على ص ّناع السياسة الخارجيّة األمريكيّة‪ ،‬فضالً عن نتائج استطالعات‬ ‫أبرزت في نهاية العام ‪ 2014‬عند األغلبيّة الساحقة للناس على سطح‬ ‫هذا الكوكب قلقا ً من تهديد البطالة وتعميق التفاوت االجتماعيّ والتأقلم مع‬ ‫انخفاض الدخل وتدابير التق ّ‬ ‫شف الحكوميّة‪.‬‬ ‫ك ّل ما سبق يطفئ – وبواقعيّة ‪ -‬أكثر األماني تفاؤالً‪ ،‬وال يبقى إلاّ التعلّق‬ ‫بمعجزات خارجة عن حدود العقل البشريّ ‪ ،‬وسلسلة مصادفات تحدث‬ ‫وتتراكم لتش ّكل منهجا ً قابالً لتحقيق مصلحة الجميع‪ ،‬وإيجاد مخارج‬ ‫ّ‬ ‫بحق إنسانيّة‬ ‫سياسيّة لبدء عمليّة بناء جديدة ووقف ما يجري من عار‬ ‫الجنس البشريّ على سطح الكرة األرضيّة‪.‬‬ ‫عن الواشنطن بوست‬

‫ترمجة وإعداد‪ّ :‬‬ ‫بشار حممّد‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫معارض سور ّي يسار ّي؛ درس اللغة األملانيّة‬ ‫وآدابها يف أملانيا ويعيش فيها منذ عام ‪ 1975‬من‬ ‫خالل احلضارتني العربيّة واألملانيّة‪.‬‬

‫األلماني لما‬ ‫ما هي الصورة لدى المجتمع‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫توجه الحكومة؟ وبالنتيجة‬ ‫يحدث في سورية؟ وما هو ّ‬ ‫األلماني إلى‬ ‫ماذا يمكننا أن نفعل لنكسب الموقف‬ ‫ّ‬ ‫السوري؟‬ ‫جانب الشعب‬ ‫ّ‬ ‫الشعب األلمانيّ عموما ً متضامن مع الربيع العربيّ ‪،‬‬ ‫ومع الثورة السوريّة خصوصاً‪ ،‬رغم التشويش من‬ ‫بعض وسائل إعالم لديهم‪ ،‬فهنالك وسائل إعالم تصوّ ر‬ ‫«داعش» وكأ ّنها ُخلقت اليوم‪ ،‬وتحاول هذه الجهات أن‬ ‫ّ‬ ‫التدخل العسكريّ المباشر بالقصف على مناطق‬ ‫تبرّ ر‬ ‫في سورية باسم محاربة اإلره��اب والقضاء على‬ ‫«داعش» بإرسال طيران التحالف للقصف‪.‬‬ ‫وهنالك أحزاب مثل «الخضر» توافق على هذا‪،‬‬ ‫أي أ ّنها تقبل بإرسال أسلحة ومقاتلين إلى خارج ألمانيا‬ ‫وتوافق على االشتراك في التحالف الدوليّ الذي تقوده‬ ‫الواليات الم ّتحدة فيما يسمّى بمحاربة اإلرهاب‪.‬‬ ‫من جهة الحكومة األلمانيّة‪ ،‬فهي تؤيّد بشكل مُطلق –‬ ‫مثل جميع أصدقاء سورية – لطرف وباتجاه واحد من‬ ‫المعارضة‪ ،‬فال يختلف موقف الحكومة األلمانيّة عن‬ ‫الموقف األمريكيّ أو موقف اال ّتحاد األوروبيّ ‪ ،‬وهي‬ ‫تعلن تأييدها للثورة السوريّة وعداءها لنظام األسد‪،‬‬ ‫انطالقا ً من مصالحها ومن عالقتها مع إسرائيل وعدائها‬ ‫إليران‪ ،‬ولك ّنها ُتبقي على عالقاتها مع «الحكومة»‬ ‫السوريّة‪ ،‬وح ّتى مع المخابرات السوريّة‪ ،‬وهذا إن لم‬ ‫يظهر اليوم للعلن اآلن فسيظهر فيما بعد‪.‬‬ ‫كيف تنظر إلى مستقبل سورية؟ هل من‬ ‫• ‬ ‫الحالي؟‬ ‫مخارج للوضع‬ ‫ّ‬

‫المستقبل ال ينبئ‬ ‫بحلول سهلة‬

‫‪5‬‬

‫مستقبل سورية – كما أراه – ال يمكن أن يكون إلاّ‬ ‫دولة ديمقراطيّة علمانيّة تفصل الدين عن الدولة‪ ،‬دولة‬ ‫مدنيّة حديثة تسعى للصداقة مع دول العالم‪ ،‬وتتعامل‬ ‫مع الخارج بسياسة الن ّد للن ّد؛ ومن أجل تحقيق ذلك‬ ‫وللخروج من المأزق الذي نحن فيه‪ ،‬ليس هنالك‬ ‫إلاّ الح ّل السياسيّ ‪ ،‬فيجب أن نضغط على المجتمع‬ ‫األوروبّي والدوليّ ‪ ،‬وعلى الحكومات‪ ،‬لوقف توريد‬ ‫األسلحة ودعم الح ّل السياسيّ ‪.‬‬ ‫أليس في هذا الطرح تناقضاً‪ ،‬بمعنى أ ّنكم‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫الخارجي وتطلبونه بنفس الوقت؟‬ ‫التدخل‬ ‫ترفضون‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫التدخل يكون سلب ّيا عندما يدعم الخارج‬ ‫برأيي‪ ،‬أنّ‬ ‫األطراف التي تزيد من معاناة الشعب السوريّ ‪ ،‬مثالً‬ ‫هناك بعض الدول التي سلّحت المعارضة‪ ،‬ومنها‬ ‫دول عربيّة‪ .‬أمّا ما أقصده من ّ‬ ‫تدخل خارجيّ إيجابيّ ‪،‬‬ ‫فهو مساهمة الدول الكبرى أميركا وروسيا وفرنسا‪،‬‬ ‫وكذلك اإلقليميّة مثل تركيا وإيران والسعوديّة‪ ،‬لجعل‬ ‫المعارضة تجلس على الطاولة للحوار‪ ،‬بالطبع البعض‬ ‫لن يقبل‪ ،‬وبالطبع لن نقبل بمن تلوّ ثت أيديهم بدماء‬ ‫السوريّين‪ ،‬ولكنّ الجلوس على الطاولة سيكون بداية‬ ‫للمخرج من األزمة أو باألص ّح من هذه المأساة الكارثيّة‬ ‫التي وقعنا فيها‪ .‬يجب وقف القتل بأن نضغط لتحريك‬ ‫الرأي العا ّم العالميّ من أجل أن توقف الحكومات الدعم‬ ‫ليتو ّقف القتل‪.‬‬ ‫وهنا أعود لمواقف اليسار األلمانيّ ‪ ،‬والذي يرفض‬ ‫إرسال السالح إلى أيّة جهة في العالم‪ ،‬ويرفض إرسال‬ ‫الجيش األلمانيّ إلى أيّ مكان‪ ،‬وبالتالي يرفض دخول‬

‫الحكومة األلمانيّة في التحالف الذي يقصف األراضيّ‬ ‫السوريّة بأيّة حجة كانت‪ .‬إنّ ‪ 60‬إلى ‪ 70‬بالمائة من‬ ‫الشعب األلمانيّ – حسب استبيانات للرأي تقف ض ّد‬ ‫ّ‬ ‫التدخل العسكريّ في أيّ مكان من العالم بما فيها‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫السوري قام بالدفاع‬ ‫رأى العالم أنّ الشعب‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫تعرض للقتل بشكل مباشر من‬ ‫عن نفسه بعد أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق في ذلك؟‬ ‫النظام‪ ،‬وأنّ له كل ّ‬ ‫بالتأكيد هذا ح ّقه‪ ،‬ولكنّ التسلّح جاء عشوائ ّياً‪ ،‬واآلن‬ ‫صار لدينا «داعش» وأه ّم شيء هو وقف القتل‪ .‬يجب‬ ‫– برأيي ‪ -‬أنْ نغيّر توجّ ه أفكار الجميع نحو الح ّل‬ ‫السياسيّ ‪.‬‬ ‫حسان زين العابدين شكراً جزيالً‪.‬‬ ‫• ‬ ‫األستاذ ّ‬

‫حاوره ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫األسد‪ ..‬يستمرّ في‬ ‫تلوين الكلمات بالكذب‬ ‫السيّد «جريمي بوين» وهو الصحف ّي الذي أجرى احلوار مع األسد‪ ،‬عنون مقالته بـ «يومي مع الديكتاتور» ووصف‬ ‫يف مقالته زوايا القصر والقاعات‪ ،‬وأكمل بقوله‪« :‬كان كالمه مفصوالً عن الواقع‪ ،‬وكان مقتنعاً بك ّل ما يقوله»‪.‬‬ ‫لم يخطر ببالي رغم ك ّل المآسي التي مرّ ت علينا في سورية في‬ ‫السنوات الماضية‪ ،‬أن يصل مستوى الخداع والكذب أمام العدسات لتبرير‬ ‫الفشل واإلجرام‪ ،‬وال أن يصل األمر إلى االنفصام التا ّم عن الواقع‪ ،‬كان‬ ‫يحاول تبييض صورته أمام الغرب‪ ،‬فاجترّ الكذبة تلو األخرى‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫لم ينجح في مسعاه‪ ،‬إذ بدا هزيالً فاقداً للمصداقيّة‪ ،‬ح ّتى من قِبل الذين‬ ‫حاول أن يخاطبهم‪.‬‬ ‫سنحاول في هذه القراءة أن نستعرض في عجالة بعض ر ّدات الفعل‬ ‫التي تناولت هذا الحوار وما جاء فيه من ترّ هات وأكاذيب‪.‬‬ ‫السيّد «جيرمي بوين» وهو الصحفيّ الذي أجرى‬ ‫الحوار مع األسد‪ ،‬عنون مقالته بـ «يومي مع الديكتاتور»‬ ‫ووصف في مقالته زوايا القصر والقاعات‪ ،‬وأكمل‬ ‫بقوله‪« :‬كان كالمه مفصوالً عن الواقع‪ ،‬وكان مقتنعا ً‬ ‫بك ّل ما يقوله»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمة «ه��ي��وم��ن راي��ت��س»‬ ‫أوردت على موقعها تأسّفها‬ ‫لتلك المقابلة بقولها‪« :‬حين‬ ‫يتجرّ أ زعيم أمّة من األمم على تقديم‬ ‫ر ّد فكاهي عند سؤاله على التلفاز عن سالح‬ ‫مميت مسؤول عن قتل وتشويه اآلالف من مواطنيه»‬ ‫وأضافت‪« :‬إنّ تلك األسلحة قتلت أكثر من األسلحة الكيماويّة‬ ‫التي تراكضت وسلّمتها‪ ،‬وتابعت أ ّنك كاذب بالطبع‪ ،‬ال‬ ‫يتعلّق السؤال بما إذا كان األسد يكذب‪ ،‬فهو يكذب‬ ‫دون مجال للتشكيك‪ ،‬بل إنّ السؤال هو‪ :‬لماذا‬ ‫ّ‬ ‫الحق في استعراض روح الدعابة‬ ‫يجد لنفسه‬ ‫بهذا الشكل الفاحش؟ السبب بسيط‪ :‬فقد‬ ‫أفلت األسد من العقاب على‬ ‫جرائم مهولة ط��وال ع ّدة‬ ‫أع��وام‪ .‬فالمعركة الدوليّة‬ ‫ض�� ّد تنظيم «داع���ش»‪،‬‬ ‫المعركة التي تشغل القوى‬ ‫الغربيّة‪ ،‬قد و ّفرت له تلهية‬ ‫مناسبة تماماً‪ ،‬إذ أتاحت‬ ‫ل��ه مواصلة القتل بغير‬ ‫راديو روزنة ‪ -‬موفق قات‬ ‫مضايقات»‬ ‫أ ّم��ا الوزير البريطانيّ‬ ‫المكلّف بالشرق األوسط «توماس ألوود» قال مته ّكماً‪« :‬األسد يعيش‬ ‫أوهام‪ ،‬وال يوجد أيّ تعاون مع نظامه‪ ،‬وإنّ المقابلة أظهرت أكاذيبه‬

‫ووهمه على واقع وضع الدولة الخطير الذي تواجهه سورية»‬ ‫وصرّ حت الخارجيّة البريطانيّة‪« :‬األسد عمل ّيا ً لم يفعل شيئا ً لوقف‬ ‫«داعش»‪ ،‬بل اختار مهاجمة الشعب السوريّ والمعارضة المكافحين‬ ‫ألجل حقوقهم األساسيّة»‬ ‫وعبّر «جون كيري» وزير الخارجية األمريكية بغضب عن المقابلة‪:‬‬ ‫«ال نتواصل وال ننسّق مع نظام األسد في شأن عمليّاتنا العسكريّة ال‬ ‫بشكل مباشر‪ ،‬وال غير مباشر وك ّل ما يقوله أكاذيب»‬ ‫وهذا ما أ ّكدته المندوبة الدائمة لدى الواليات الم ّتحدة األمريكيّة لدى‬ ‫األمم الم ّتحدة «سامانثا باور» وأضافت‪« :‬األسد ينكر استخدام‬ ‫البراميل المتفجّ رة‪ ،‬ولكن الواضح أنّ ما ال يستخدمه «االنترنت»‬ ‫معبّرة عن انفصاله عن الواقع» وأرفقت بتغريدتها تلك مواقع‬ ‫البراميل المتفجّ رة التي تسقط على المدنيّين‪.‬‬ ‫أمّا الصحافة األجنبّية فقد أفردت العشرات من صفحاتها‬ ‫لتبيّن مدى الكذب فيما جاء في الحوار‪ ،‬فصحيفة «الغارديان»‬ ‫قالت‪« :‬األسد يشعر أ ّنه قادر على مناقشة القضايا كأيّ رئيس‬ ‫إقليميّ » وعن مضمون اللقاء «الصورة التي رسمها له الرئيس‬ ‫السوريّ ب ّ‬ ‫شار األسد في مقابلة قناة الـ بي بي سي يجب ألاّ تصرف‬ ‫انتباهنا عن أكاذيب مجرم حرب» واستكملت «إنّ مراقبة األسد وهو‬ ‫ير ّد على أسئلة المحاور بطريقة متعجّ رفة وعاديّة وكأ ّنها‬ ‫اإلنكار‪ ،‬فلم يقل وال كلمة عن‬ ‫امتحان حول‬ ‫المذابح التي ارتكبتها قوّ اته‬ ‫والتي تركت مدنا ً بكاملها في‬ ‫حالة دمار (حلب – حمص)»‪.‬‬ ‫أمّ��ا صحيفة «ال��دي��ل��ي تلغراف»‬ ‫فعنونت افتتاحيّتها «األسد عدوّ تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالميّة‪ ،‬إلاّ أ ّنه ليس حليف الغرب»‪.‬‬ ‫وقالت‪:‬‬ ‫«إنّ المقابلة ما هي إلاّ تذكير بحقيقة فشل‬ ‫السياسات الغربّية‪ ،‬فاألسد ما زال يتربّع على‬ ‫كرسيّ الرئاسة وليس هناك أيّة إشارة إلى إقصائه‬ ‫عن س� ّدة الحكم اليوم»‪ .‬وأوضحت الصحيفة‬ ‫«أنّ رفض األسد تحمّل أيّة مسؤوليّة عن دوره‬ ‫في تدهور األوض��اع في سورية أو االعتراف‬ ‫بالدور المروّ ع الذي يقوم به جيشه‪ ،‬هو «إهانة‬ ‫ألجهزة استخباراتنا»‪ ،‬كما أنّ نفي استخدام جيشه‬ ‫للبراميل المتفجّ رة ضّد المدنيّين أمر «فاضح»‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪25‬‬

‫المراكز الصحّية في ريف حلب‬ ‫الجنوبي‪ ،‬انجازات ومعوقات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومشاكل بال حلول‬ ‫نظام األسد ّ‬ ‫يعطل المراكز الصح ّية‬ ‫ُ‬ ‫بعد قيام الثورة‪ ،‬أغلقت المراكز بأمر من الجهات األمنيّة‬ ‫الخاصّة بنظام األسد‪ ،‬وتعرّ ضت المع ّدات واألثاث للنهب من‬ ‫اللصوص‪ ،‬وفي شهر نيسان من العام ‪2014‬م‪ ،‬قامت مديريّة‬ ‫الصحّ ة التابعة لمحافظة حلب الحرّ ة بإعادة تفعيلها‪ ،‬وعيّنت‬ ‫كادراً طب ّياً‪ ،‬يق ّدم خدمات مجانيّة للمواطنين‪ ،‬وأه ّم هذه المراكز‪،‬‬ ‫المركز الصحّ ي في بلدة زمار والمركز الصحّ ي في بلدة الزربة‪،‬‬ ‫ومركز الشهيد «فراس العبود» الصحّ ي في قرية الخوّ اري‪،‬‬ ‫ومستوصف في قرية السميريّة وتلك المراكز تق ّدم خدمات‬ ‫مجّ انيّة لما يقارب ( ‪ )500‬ألف نسمة‪ ،‬ويعتبر ذلك إنجازاً على‬ ‫الصعيد اإلنسانيّ ‪.‬‬ ‫الصحية‪:‬‬ ‫الخدمات الطب ّية التي تقدّ مها المراكز‬ ‫ّ‬ ‫تقوم المراكز الصحّ ية في المنطقة بتقديم خدمات عالجيّة‬ ‫مجّ انيّة‪ ،‬وأه ّم الخدمات الطبيّة تنحصر في الحاالت المرضيّة‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫اإلسعافات األوّ ليّة للجرحى من الثوّ ار‪ ،‬كون المراكز قريبة‬ ‫من جبهات القتال كجبهة جبل ع� ّ‬ ‫�زان حيث تدور اشتباكات‬ ‫ومعارك بين الثوّ ار وقوّ ات نظام األسد‪ ،‬وقريبة أيضا ً من مطار‬ ‫«أبو الظهور» العسكريّ‬ ‫معالجة مرضى الليشمانيا (حبّة حلب) وهو مرض‬ ‫ ‬‫متف ّ‬ ‫شي لمرور نهر قويق من المنطقة وكثرة الحشرات التي‬ ‫ت��ؤ ّدي لإلصابة بهذا المرض نتيجة عدم رشّ مجرى النهر‬ ‫بالمبيدات الحشريّة‪.‬‬ ‫الحروق‪ ،‬وهي شائعة على نطاق واسع نتيجة العمل‬ ‫ ‬‫بالحرّ اقات لتكرير النفط بشكل عشوائيّ ‪ ،‬حيث يوجد أكثر من‬ ‫ألف حرّ اق‪.‬‬ ‫مختلف األمراض العامّة‪.‬‬ ‫ ‬‫وأفاد المخبري جالل أبو أيهم في مركز زمّار الصحيّ ‪ ،‬أنّ‬ ‫عدد المراجعين يوم ّيا ً يقترب من المئة وخمسين مراجع‪.‬‬ ‫الصحية‪:‬‬ ‫المعوقات التي تعترض المراكز‬ ‫ّ‬ ‫التقينا بعض أفراد الكادر الطبّي في تلك المراكز الذين تح ّدثوا‬ ‫عن أه ّم المعوقات التي تعترض عمل المراكز الصحّ ية‪:‬‬ ‫ نقص في الكادر الطبّي‪ ،‬وعدم وجود طبيب أو طبيبة–‬‫اختصاص نسائيّة – في أغلب المراكز‪.‬‬ ‫ع��دم وج��ود أجهزة وم��ع � ّدات طبيّة‪ ،‬حيث يحتوي‬ ‫ ‬‫مستوصف السميريّة على سريرين للمعاينة فقط‪.‬‬ ‫كما تحتاج المراكز إلى مع ّدات جراحيّة إسعافيّة‪.‬‬ ‫ ‬‫وهناك نقص حا ّد في األدوية‪ ،‬حيث لم تحصل بعض‬ ‫ ‬‫المراكز إلاّ على دفعة أدوية واحدة كادت تنفذ في بعض المراكز‪.‬‬ ‫والتقينا في مبنى مركز زمّار الصحيّ بالمخبري زكريّا‬ ‫حجازي‪ ،‬وهو يبحث عن فرصة عمل في المركز المذكور‬ ‫وأفادنا بأنّ المخبر الطبّي له أه ّميّة كبيرة وال يمكن االستغناء‬ ‫عنه وبما أنّ البناء موجود فمن الممكن تزويد المراكز في ريف‬ ‫حلب الجنوبيّ «بمجهر ومثفلة دم وحاضنة» وجهاز كيميا‪،‬‬ ‫وأنابيب دم وعلب جمع بول ومواد مخبريّة‪ ،‬وتكلفتها تعادل ما‬ ‫يقارب ‪ 4000‬دوالر‪ ،‬وذكر المخبري جالل أبو أيهم رغم حداثة‬ ‫المخبر فإ ّننا نق ّدم تحاليل مجانيّة للسكر والكلسترول‪ ،‬والشحوم‬ ‫وحمض البول‪ ،‬ولكنّ المخبر بحاجة إلى مع ّدات ولوازم أخرى‪.‬‬ ‫االقتراحات‪:‬‬ ‫والتقينا بالمعنيين في المراكز الصحّ ية وأفادنا الدكتور محمود‬ ‫بالمقترحات التالية‪:‬‬ ‫تفعيل المراكز الصحّ ية المتو ّفرة في ري��ف حلب‬ ‫ ‬‫ّ‬ ‫الجنوبيّ ‪ ،‬كون المراكز ال تكفي لك ّل المنطقة‪ ،‬علما ً أنّ منظمة‬ ‫الهالل األحمر القطريّ قامت بترميم مركز الزربة وتفعيله‪.‬‬ ‫ايجاد فرص عمل للمختصين من أطباء وممرضين‬ ‫ ‬‫وخدميّين حيث الكادر الطبيّ الموجود ال يكفي لس ّد حاجة‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين‪.‬‬ ‫المطالبة بمختصّة نسائيّة‪ ،‬نتيجة حاجة المواطنين لهذا‬ ‫ ‬‫االختصاص‪.‬‬ ‫مختصين‪:‬‬ ‫صيادلة غير‬ ‫ّ‬ ‫وفي لقاء مع بعض المواطنين‪ ،‬ذكروا أنّ المراكز الصحّ ية‬ ‫ّ‬ ‫موظفي‬ ‫تكاد تخلو من األدوي���ة‪ ،‬وهناك س��وء تعامل من‬ ‫الصيدليّات في المراكز وأغلبهم غير مختصين‪ ،‬وهناك أخطاء‬ ‫في قراءة الوصفات الطبيّة‪ ،‬وتوجد حوالي المئة صيدليّة خاصّة‬ ‫في المنطقة‪ % 90‬من العاملين فيها غير مختصين‪ ،‬كما ال توجد‬ ‫أجهزة مطلوبة للمعاينة وخاصّة فيما يتعلّق باألمراض النسائيّة‪.‬‬ ‫والتقينا بمريض حروق يخضع للعالج في مركز زمّار الصحّ ي‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬ق ّدم لي الكادر الطبيّ ك ّل ما يمكن تقديمه من عالج‪ ،‬ولنقص‬ ‫األدوية اضطرّ رت لشرائها من الصيدليّات الخاصّة بأسعار‬ ‫مرتفعة ج ّداً‪ ،‬وأفادت إحدى السيّدات أنّ مستوصف السميريّة‬ ‫ال يق ّدم أيّة خدمة للنساء‪ ،‬وخاصّة الحوامل لعدم وجود طبيب‬ ‫مختصّ أو قابلة قانونيّة‪.‬‬ ‫مالحظات‪:‬‬ ‫تزويد ك � ّل مركز بسيّارة إسعاف مجهّزة لخدمة‬ ‫ ‬‫المواطنين في منطقة قريبة من مناطق االشتباكات‪.‬‬ ‫تزويد ك ّل مركز باختصاصيّ نسائيّة وأجهزة طبيّة‬ ‫ ‬‫وخاصّة جهاز ايكو‪.‬‬ ‫تزويد مستوصف السميريّة بمخبر طبيّ ‪.‬‬ ‫ ‬‫ّ‬ ‫ايجاد موظفين لمراقبة أيّام وساعات الدوام المفترضة‪،‬‬ ‫ ‬‫حيث الدوام في بعض المراكز مزاج ّياً‪.‬‬ ‫ا ّتخاذ اجراءات عاجلة لرشّ مجرى نهر قويق بالموا ّد‬ ‫ ‬‫الالزمة للقضاء على البعوض‪ ،‬إذ يعتبر السبب األساسيّ في‬ ‫مرض (الليشمانيا)‪.‬‬ ‫اقتراح اسم المراكز الصحّ ية بأسماء شهداء الثورة‪.‬‬ ‫‪ -‬‬

‫مصطفى فرحان‬ ‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫تحقيقات‬

‫أبناؤنا بال كتب ومقاعد في «باتمان»‬

‫يلعبون في األز ّقة والشوارع‪ ،‬بينما أقرانهم على‬ ‫مقاعدهم الدراسيّة في المدرستين اللتين ت ّم افتتاحهما‬ ‫ألجل استقبال التالميذ السوريّين الالجئين في‬ ‫«باتمان»‪ ،‬وذلك يعود إلى عدم قدرة بعض األهالي‬ ‫على تحمّل نفقات دراستهم وإلى ضيق المكان‪،‬‬ ‫حيث ك ّل مدرسة تتألّف من مبنى واحد مؤلّف من‬ ‫شقق سكنيّة وغير مخصّصة الستقبال التالميذ‪.‬‬ ‫مدرسة «جان»‬

‫أبو جان‪ ،‬والد أحد الطلاّ ب في مدرسة «جان»‬ ‫أفادنا بالتالي‪ :‬المشكلة األساسيّة في البداية هي‪:‬‬ ‫تأمين المواصالت للتالميذ‪ ،‬فك ّنا نعاني بادئ ذي‬ ‫بدء من مشكلة إيصال أبنائنا إلى المدرسة صباحاً‪،‬‬ ‫ومن ث ّم االنتظار ريثما ينتهي الدوام لنعود بهم إلى‬ ‫البيوت وهذا الوضع أرهق كاهل معظم األسر‪،‬‬ ‫باإلضافة للمصاريف التي تدفع جيئة وذهابا ً من‬ ‫وإلى المدرسة وتحمّل من ّغصات الباصات وأزمتها‪.‬‬ ‫يضيف أبو جان‪ :‬نحن نسكن في منطقة تبعد أكثر من‬ ‫‪ 7‬كم عن مدرسة «جان» وال يوجد سوى ّ‬ ‫خط واحد‬ ‫لباصات البلديّة‪ ،‬وهذه المشكلة ال زالت مستمرّ ة‬ ‫بعد اشتراك أغلب األهالي وتأمين الباصات وعلى‬ ‫نفقتهم الخاصّة من خالل عدم التزام تلك الشركة‬ ‫بمواعيدها الدقيقة وتأمين الباصات‪ ،‬والمشكلة‬ ‫األخ��رى في ذلك وضع أكثر من ‪ 30‬تلميذاً في‬ ‫باص ي ّتسع لـ ‪ 15‬راكبا ً فقط‪ ،‬وهذه معاناة حقيقيّة‬ ‫للتالميذ‪ .‬وقال أبو جان أيضا ً «هنالك مشاكل داخل‬

‫أسوار المدرسة‪ ،‬يعني مرتبطة بالتدريس وتكديس‬ ‫التالميذ في الشعب الضيّقة ومشكلة نقص الكتب‬ ‫والقرطاسيّة و‪ ..‬و‪»..‬‬ ‫توجّ هنا إلى مدرسة «جان» والتقينا مع مديرها‬ ‫األستاذ «أحمد إسماعيل» الذي شرح لنا الوضع‬ ‫على الشكل التالي‪:‬‬ ‫مسجّ ل لدينا نحو ألف طالب‪ ،‬أمّا المداومون‬ ‫فهم ‪ 720‬فقط‪ ،‬وذلك بسبب عدم قدرة المكان على‬ ‫استيعابهم‪ ،‬وح ّتى المداومون ال يكفيهم المكان‪ ،‬كون‬ ‫المدرسة عبارة عن مبنى قديم سكنيّ بثالثة طوابق‪.‬‬ ‫بخصوص النقل قال األستاذ «إسماعيل‪ :‬في السنة‬ ‫الماضية قام أصحاب األيادي البيضاء في «باتمان»‬ ‫بدفع أجرة نقل التالميذ‪ ،‬أمّا في هذه السنة فإنّ أولياء‬ ‫األمور يدفعون أجرة الباصات‪ ،‬وذلك بسبب عدم‬ ‫وجود جهة داعمة‪ ،‬المدرسة تقوم بدور المنسّق بين‬ ‫الباصات واألهالي‪ .‬وأضاف المدير‪ :‬نعاني من عدم‬ ‫تو ّفر الكتب المدرسيّة ح ّتى هذه اللحظة‪ ،‬وما ت ّم‬ ‫توفيره منذ أيّام قليلة فهو للصفوف من األوّ ل وح ّتى‬ ‫الرابع فقط‪ ،‬ولم تصل لنا‪ ،‬وقيل لنا إنّ الوزارة ال‬ ‫تملك المال الكافي لتأمين الكتب وعلى المدرسة أن‬ ‫تقوم بذلك من حسابها الخاصّ ‪ ،‬والسؤال الذي يطرح‬ ‫نفسه‪ ،‬كيف ستت ّم كتابة أسئلة االمتحان التي ستشمل‬ ‫ك ّل المنهاج؟ وقد مضى ثالثة أشهر على افتتاح‬ ‫المدارس ولم تصل الكتب ليد تالميذنا والحجّ ة التي‬ ‫ُتطرح‪ ،‬أ ّنه كان هنالك كتب في مستودع «أورفا»!‬ ‫ولكن لم يكن لنا علم بذلك‪ ،‬وهنالك ر ّد من وزارة‬ ‫التربية في الحكومة المؤ ّقتة على سؤالنا‪ ،‬بأ ّنه كان‬ ‫عليكم تدارك األمر بطرقكم الخاصّة! أمّا كيف؟ فقد‬ ‫ُترك هذا السؤال مفتوحا ً على إمكانيّاتنا المتواضعة‪،‬‬ ‫بل الفقيرة‪ ،‬أمّا بخصوص مبنى المدرسة‪ ،‬فقد كان‬ ‫مهترئا ً مهجوراً‪ ،‬فقمنا بترميمه على نفقتنا الخاصّة‬ ‫وندفع ‪ 1500‬ل‪ .‬ت أجرة شهريّة لصاحب المبنى‪.‬‬ ‫مدرسة «دوست»‬ ‫«كاميران عزيز خلف» من قامشلو‪ ،‬لديه طفالن‬ ‫في مدرسة «دوست» في الصفّ الثالث والخامس‬ ‫تح ّدث عن المدرسة قائالً‪ :‬ال نعاني من أيّة مشاكل‪،‬‬ ‫فالباصات متو ّفرة ذهابا ً وإيابا ً وعلى نفقة المدرسة‬ ‫والكتب أيضا ً متو ّفرة وال يوجد نقص‪ ،‬وأحيانا ً‬ ‫يق ّدمون للتالميذ ألعاب أطفال وألبسة وقرطاسيّة‪،‬‬ ‫وأشكر جهود كادر المدرسة من المدير وح ّتى‬

‫المستخدم‪ ،‬وألجل معرفة الوضع عن كثب توجّ هنا‬ ‫لمدرسة «دوست» فأفادنا مديرها األستاذ «فوّ از‬ ‫الراوي» بما يلي‪:‬‬ ‫ت ّم افتتاح مدرسة «دوست» بداية العام ‪،2014‬‬ ‫وتض ّم التالميذ من الصفّ األوّ ل وح ّتى الصفّ‬ ‫التاسع‪ ،‬كادرنا التدريسيّ يتألّف من ‪ 17‬أستاذاً‪،‬‬ ‫أمّا التالميذ فعدد المسجّ لين ‪ ،426‬بينما المداومون‬ ‫منهم فعددهم ‪ ،345‬بسبب عدم تو ّفر المكان وضيقه‬ ‫وبالنسبة للمواصالت قمنا كمدرسة بتأمين س ّتة‬

‫باصات لجلب وأخذ التالميذ بحيث ال يتحمّل أولياء‬ ‫األمور شيئا ً من أجرة الباصات‪ .‬وش ّدد المدير أنّ ‪:‬‬ ‫ما نعانيه هو عدم تأمين الكتب من قبل وزارة‬ ‫التربية في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة‪ ،‬والكتب التي‬ ‫قمنا بتأمينها كانت عن طريق العالقات الخاصّة‪،‬‬ ‫والزالت شعبة كاملة بدون كتب ولم نستطع تأمينها‬ ‫وهي شعبة للصفّ األوّ ل‪ ،‬وأطالب وزارة التربية‬ ‫بتعديل المنهاج المدرسيّ بسبب صعوبته والظروف‬ ‫التي مرّ بها شعبنا في سنين الثورة وما تبعه من‬ ‫انقطاع التالميذ عن مدارسهم‪ ،‬وأن تضع في‬ ‫حسبانها وضع المدرّ سين وأن تحسب الم ّدة التي‬ ‫يخدمونها هنا كم ّدة خدمة لهم مستقبالً‪.‬‬ ‫أين وزارة التربية؟‬ ‫يتساءل األهالي النازحون‪ :‬ال��وزارة التي ال‬ ‫تستطيع تأمين كتب للتالميذ الالجئين وهو أبسط‬ ‫شيء يمكن أن تق ّدمه‪ ،‬فما عساها أن تق ّدم؟‬

‫احملامي علي كولو‬

‫أي مستقبل ينتظرهم؟‬ ‫أطفال سورية‪ّ ..‬‬

‫بعيداً عمّا يخلّفه الصراع المسلّح في سورية‬ ‫من قتل وتدمير وأف���راد معاقين‪ ،‬يبقى هنالك‬ ‫خراب ودمار ينعكس على المستوى النفسيّ للكبار‬ ‫والصغار‪ ،‬إن كان ذلك يخصّ مناطق النزاع التي‬ ‫يوجد فيها األفراد أو مخيّمات اللجوء‪.‬‬ ‫والتبول‬ ‫الط ّيارة‬ ‫ّ‬ ‫لك ّل وضع إفرازاته النفسيّة التي تواكبه وتتجلّى‬ ‫بأشكال مختلفة‪ ،‬ففي المناطق التي يُسمع فيها‬ ‫صوت القذائف والقصف بكا ّفة أن��واع األسلحة‬ ‫ويُشاهد فيها الخراب والدمار من قبل من يعيشون‬ ‫هناك‪ ،‬يترك ذلك أثراً نفس ّيا ً سيّئا ً من االضطرابات‬ ‫النفسيّة يتجلّى بعضها بحاالت من االكتئاب التي‬ ‫تظهر على اليافعين وبعض األطفال‪ ،‬وعلى ذلك‬ ‫الصغير الذي ال يعرف الخوف بعد‪ ،‬ولكن قرأه في‬ ‫عيون من هم حوله‪ ،‬إن كان من جرّ اء سماع صوت‬ ‫طائرة أو قذيفة‪ .‬وهذا أ ّدى إلى ظهور جيل كامل‬ ‫في سورية من األطفال والمراهقين الذين يعانون‬ ‫ّ‬ ‫تتمثل في الخوف‬ ‫من االضطرابات النفسيّة التي‬ ‫المستمرّ ‪ ،‬حيث تح ّدثنا «أ ّم محمّد» (نازحة من‬ ‫معرّ ة النعمان) عن طفلها محمّد ذو الـ ‪ 12‬عاماً‪،‬‬ ‫الذي بدأ يخاف من البقاء لوحده‪ ،‬تقول‪ :‬بعد أن‬ ‫قصفت الطائرة بيتنا واختطف الموت أخته «مها»‬ ‫من أحضاني وهو يعاني من الهلع والخوف وال‬ ‫ينام إلاّ بعد عذاب طويل وك ّل ليلة يرى كوابيسا ً‬ ‫ويبدأ بالصراخ «الطيّارة ‪ ..‬الطيّارة قصفت ‪...‬‬ ‫قوموا خلّونا نهرب بسرعة» وبعدها يستيقظ ويبدأ‬ ‫بالبكاء وهذه الحالة تتكرّ ر ك ّل ليلة‪ ،‬أمّا في النهار‬ ‫فيكون محمّد انفعال ّيا ً وأصبح يميل للعنف خاصّة‬ ‫أثناء اللعب مع رفاقه فهو يصرخ كثيراً‪ ،‬وجميع‬ ‫أفعاله عدوانيّة وكثيراً ما يستخدم الضرب تجاه‬ ‫رفاقه الصغار‪ ،‬ويحاول الحصول على ما يريده‬ ‫ولو بالعنف‪ ،‬هذا عن الطفل محمّد‪.‬‬ ‫وتعتبر هذه المشاكل ردود فعل لتتطوّ ر لدى‬ ‫البعض على شكل التبوّ ل الليليّ في الفراش‪،‬‬ ‫وهذا ما حدث مع الطفل خالد من أهالي سراقب‪.‬‬ ‫خالد يبلغ من العمر ‪ 5‬أعوام‪ ،‬تقول أ ّم خالد‪ :‬في‬ ‫البداية كان يخاف أثناء سماعه تبادل إطالق النار‪،‬‬ ‫ولكن بعد أن تتو ّقف االشتباكات كان يعود لحالته‬ ‫الطبيعيّة‪ ،‬أمّا بعد أن بدأ النظام باستخدام القذائف‬

‫أصبح خوفه يزداد وبات يخاف من ك ّل األصوات‬ ‫الغريبة‪ ،‬وتطوّ رت حالته هذه في األيّام األخيرة‬ ‫عندما سقط برميل بالقرب من منزلنا‪ ،‬حيث بدأ‬ ‫بالتبوّ ل أثناء النوم‪ ،‬وازداد ارتباطه وتعلّقه بنا‬ ‫وخصوصا ً في الليل‪ ،‬فالعتم يساهم بشكل كبير في‬ ‫تجلّي هذا الخوف ويبلغ لدرجة ال يكاد يفارقني‬ ‫ويبقى ملتصقا ً بي ماسكا ً بكلتا يديه بثيابي‪ .‬هذا‬ ‫الوضع انعكس بشكل غير مباشر وزاد التوتر لديّ‬ ‫ولدى والده وسيطر جوّ من التو ّتر على البيت بشكل‬ ‫كامل‪.‬‬

‫شمس سوداء‬ ‫يقول طبيب األطفال «هيثم» المشرف على‬ ‫معالجة خالد‪ :‬إنّ الحرب لها تأثيرات على نموّ‬ ‫الطفل تتجلّى بإصابته بالتوحّ د واإلعاقات الذهنيّة‬ ‫وسلس البول وقد يُصاب البعض بالصرع ويعانون‬ ‫من الكوابيس ويزداد ارتباطهم بوالديهم ويخافون‬ ‫من االنفصال عنهم‪ ،‬كما تظهر لديهم صعوبة في‬ ‫التركيز والتعلّم وقد يقوم بعضهم بعزل أنفسهم عن‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫المعلّمة «سماح» إحدى المعلّمات في مدرسة‬ ‫الحيّ الشماليّ بسراقب تح ّدثنا عن تالميذها في‬

‫الصفّ الرابع وعن أه ّم المشاكل النفسيّة التي يعانون‬ ‫منها‪ ،‬تقول سماح‪ :‬يعاني معظم تالميذ الصفّ من‬ ‫مشاكل نفسيّة تظهر في صعوبة الفهم والتركيز‪،‬‬ ‫هناك عدد ال بأس به من التالميذ أميل إلى العنف‬ ‫وقد تظهر عندهم أفعال عدوانيّة اتجاه البعض من‬ ‫رفاقهم وباتت معظم ألعابهم تد ّل على العنف حيث‬ ‫ينقسمون إلى فريقين فريق ّ‬ ‫يمثل الجيش الحرّ وآخر‬ ‫ّ‬ ‫يمثل النظام ويبدؤون بالتمثيل وكأ ّنهم في معركة‪،‬‬ ‫أغان بعيدة‬ ‫وح ّتى األغاني التي يغ ّنيها التالميذ هي‬ ‫ٍ‬ ‫ك ّل البعد عن الطفولة‪.‬‬ ‫مدرّ س ما ّدة الرسم «ف��ادي» يقول‪ :‬إنّ معظم‬ ‫الرسومات التي يرسمها التالميذ هي رسومات‬ ‫ي��ص��وّ رون فيها الواقع ال��ذي يرونه ك��أن يرسم‬ ‫أحدهم البارودة أو أن يرسم طائرة ترمي البراميل‬ ‫أو منزالً مدمّراً‪ ،‬فمنذ يومين رسمت الطفلة راما‬ ‫(تلميذة في الصفّ الثاني) شمسا ً سوداء اللون‪،‬‬ ‫وكذلك الطفل عمران فقد رسم ثيابا ً متناثرة بدون‬ ‫أن يكون لها مكان تر ّتب فيه‪ ،‬وهناك تجلّيات أخرى‬ ‫كثيرة ومتع ّددة تظهر في رسومات التالميذ وتعكس‬ ‫حالتهم النفسيّة وانفعاالتهم التي يعانون منها‪.‬‬ ‫ولدى مقابلتنا للمرشدة النفسيّة «لمياء» في‬ ‫المدرسة ح ّدثتنا عن وضع التالميذ قائلة‪ :‬هناك‬ ‫ح��االت من الهلع وال��خ��وف الشديد عند معظم‬ ‫التالميذ ونحن في المدرسة نواجه حاالت صعبة‬ ‫للغاية «كالخوف وأكل األصابع واالكتئاب والعزلة‬ ‫واالنطواء» إضافة إلى اضطرابات انفعاليّة حا ّدة‪،‬‬ ‫ونحن بحاجة إلى أخصائيّين نفسيّين ُكثر لمساعدتنا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خزان للمستقبل‬ ‫هذا بعض من فيض‪ ،‬فاآلثار السلبيّة للمشاهد‬ ‫والصوّ ر التي ّ‬ ‫خزنها األطفال في ذاكرتهم عن‬ ‫مشاهد الموت والدمار والخراب التي عايشوها‬ ‫ال تنتهي بنهاية مرحلة الطفولة‪ ،‬بل تش ّكل منظاراً‬ ‫يرى الطفل العالم من خالله‪.‬‬ ‫وهنا‪ ،‬نتوجّ ه إلى من يهمّه األمر بأ ّنه حان الوقت‬ ‫ألن ي ّ‬ ‫ُدق ناقوس الخطر والتنبيه من كارثة إنسانيّة‬ ‫ّ‬ ‫بحق األطفال السوريّين وبما‬ ‫يشترك فيها الجميع‬ ‫سيعانون في المستقبل من مشاكل وانفعاالت نفسيّة‬ ‫قد تودي بهم إلى التهلكة‪.‬‬

‫فلك اخلالد‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫مخّيم الرحمن‪ ،‬ال أفق للنجاة‬

‫ضاقت سبل العيش وضاق األفق لالجئ السوريّ ‪،‬‬ ‫فقد هرب من الحرب المشتعلة في بلده ليدخل في‬ ‫حرب جديدة تفرض نفسها عليه‪ ،‬حربا ً تدعى معركة‬ ‫الحياة في دول اللجوء‪ ،‬التي ربّما فتحت باب اللجوء‬ ‫إليها‪ ،‬إلاّ أ ّنها طوّ قته بالعديد من القيود التي تنال‬ ‫من إنسانيّتهم‪ ،‬كما في مخيّم الزعتريّ في األردنّ‬ ‫الشقيق‪ ،‬أو تسنّ القوانين األقرب إلى التعجيزيّة بما‬ ‫يخصّ تجديد اإلقامة لالجئ السوريّ ‪ ،‬وقوانين تح ّد‬ ‫من دخوله إلى أراضيها كما في لبنان‪.‬‬ ‫النزوح الثاني‬ ‫فإن هرب السوريّون من الموت يالحقهم بشكل‬ ‫آخ��ر‪ ،‬من قلّة وسائل العيش وانعدام العمل في‬ ‫ظروف تفرض المضيّ نحو الهالك وليس الحياة‪،‬‬ ‫حيث ال أمل لهم في وقف الحرب‪ ،‬فأخذ الناس‬ ‫يف ّكرون بكيفيّة االستمرار في العيش والحفاظ على‬ ‫ما تب ّقى من أفراد عائالتهم‪.‬‬ ‫فهنا ي ُّذلّ‪ ،‬وهناك يموت‪ ،‬وبين هنا وهناك ال‬ ‫حياة آمنة وال طريق للمضيّ في بلد ليست بلده‪ ،‬لكن‬ ‫أين المفرّ من هول ما يحدث له في ك ّل مكان يلتمس‬ ‫به طوقا ً للنجاة‪.‬‬ ‫يتح ّدث «أبو النور» الذي يعيش مع أسرته في‬ ‫مخيّم الرحمن في منطقة الروضة في محافظة‬ ‫البقاع في لبنان‪ ،‬عن سوء المعيشة واألوضاع في‬ ‫المخيّم الذي يبلغ عدد العائالت السوريّة فيه ‪25‬‬ ‫عائلة تقريباً‪ ،‬نحو ‪ 140‬شخصا ً‬ ‫ّ‬ ‫متوزعين على‬ ‫خيم‪ ،‬في ك ّل خيمة ‪ 6‬أشخاص على األقلّ‪ ،‬يدفعون‬ ‫ما يقارب‪ 50000‬ل‪.‬ل لصاحب األرض و‪50000‬‬

‫ل‪.‬ل للكهرباء‪ ،‬فتكون العائلة السوريّة الواحدة تدفع‬ ‫‪100000‬ل‪.‬ل ك ّل شهر فقط كهرباء وإيجار أرض‪.‬‬ ‫ومفوضيّة األمم لالجئين عوضا ً عن أن تساعد‪،‬‬ ‫تقوم بفصل بعض العائالت السوريّة الالجئة من‬ ‫قوائمها بدون أيّ سبب واضح بالفصل‪ ،‬و ُتختصر‬ ‫المعونة كذلك دون سبب أيضاً‪ ،‬مع العلم أنّ ك ّل‬ ‫الجئ سوريّ كان يحصل على معونة من مفوضيّة‬ ‫األمم الم ّتحدة‪ ،‬مبلغ يق ّدر بـ ‪ 30‬دوالراً ك ّل شهر‪،‬‬ ‫ومنذ شهرين أصبح المبلغ ‪ 13‬دوالراً للشخص‬ ‫الواحد‪.‬‬ ‫وح ّتى قسائم المازوت لم ُتصرف لعائالت بال‬ ‫معيل أو عائلة مؤلّفة من رجل وامرأة مس ّنين بالعمر‬ ‫ال حول لهم وال قدرة على العمل‪ ،‬يواجهان برد‬ ‫الشتاء وعواصفه اللئيمة‪ ،‬مع العلم أ ّنهم يحاولون‬ ‫تربية وإعالة أحفادهم البالغين من العمر ‪9–6‬‬ ‫سنوات ألبّ معتقل في سورية‪.‬‬ ‫لقد أتى «أبو النور» مع عائلته إلى لبنان منذ‬ ‫‪ 6‬أشهر من «دروشة» الموجودة في ريف دمشق‬ ‫التي دمّرتها الحرب كل ّيا ً كما معظم أهل مخيّم‬ ‫الرحمن‪ ،‬فأهل «دروش��ة» هم باألصل نازحون‬ ‫داخل األراضي السوريّة من الجوالن المحت ّل أو‬ ‫من القنيطرة إلى «دروشة» واآلن إلى لبنان‪ ،‬يقول‬ ‫أبو النور هذا النزوح الثاني لنا‪.‬‬ ‫البشري‬ ‫غير صالحة لالستخدام‬ ‫ّ‬ ‫لقد هربوا من الموت ليقابلوا الموت بطرق‬ ‫أخرى‪ ،‬فخيامهم هي عبارة عن ع ّدة أعمدة خشبيّة‬ ‫من دون أيّ غطاء يحميها من عواصف الشتاء‬

‫األسنان والدوالر‬

‫أو حرّ الصيف‪ ،‬واألرض ال فرش بها فقط تراب‬ ‫وبالشتاء تتحوّ ل أرض الخيمة إلى مستنقع من‬ ‫الطين يصعب النوم فوقها أو حتى المشيّ عليها‪.‬‬ ‫ال ماء نظيفة يستحمّون به أو يشربون منه‪،‬‬ ‫فلك ّل ‪ 8‬خيام ّ‬ ‫خزان واحد‪ ،‬منذ قدومهم وهم يطلبون‬ ‫من المعنيّين تمديد أنابيب صرف صحّ يّة ولم يت ّم‬ ‫تلبية طلبهم فما كان منهم إلاّ أن حفروا جورة‬ ‫فنيّة لك ّل خيمة وبذلك اختلطت المياه الجوفيّة التي‬ ‫يستخدمونها للغسيل بمياه الصرف وأ ّدى ذلك إلى‬ ‫العديد من األمراض الجلديّة ومنها الجرب‪.‬‬ ‫يخبرنا «أبو النور» أنّ لجنة ط ّبيّة قد جاءت‬ ‫لمخيّم الرحمن وأخذت عيّنة من المياه الجوفيّة‬ ‫التي يستخدمونها للغسيل وكانت النتيجة أ ّنها غير‬ ‫صالحة لالستخدام البشريّ ‪.‬‬ ‫حقوق اإلنسان!‬ ‫ّ‬ ‫تحاول بعض المنظمات االجتماعيّة الخاصّة‬ ‫مساعدة المخيّمات بما تيسّر من دعم‪ ،‬لكنّ صوتا ً‬ ‫واح��داً ال يكفي‪ ،‬فالعائالت بحاجة لرعاية ط ّبيّة‬ ‫واجتماعيّة نفسيّة‪ ،‬ودعم ما ّديّ أكبر لتلبية حاجاتهم‬ ‫ضمن حدود العيش اإلنسانيّ ‪ ،‬من مأوى وملبس‬ ‫ومأكل ‪....‬إلخ‪ ،‬باإلضافة إلى أنّ هذا العمل يجب أن‬ ‫تقوم به دول كبرى‪ ،‬أساسها حقوق اإلنسان ومساعدة‬ ‫المنكوبين من جرّ اء الحروب‪ ،‬ال أن يضيّقوا عليهم‬ ‫الخناق ويتركوهم في مهبّ الفقر واأللم والموت كما‬ ‫تفعل مفوضيّة األمم الم ّتحدة لالجئين‪.‬‬

‫يارا جرعتلي‬

‫المعيشي في تركّيا‬ ‫الواقع‬ ‫ّ‬

‫يعتقد القاطن في سورية عندما ينوي الخروج‬ ‫من بالده إلى تركيّا‪ ،‬بأ ّنه سيخرج إلى ج ّنة األرض‪،‬‬ ‫وس ُتفتح أمامه أبواب العمل والرزق‪ ،‬كما يعتقد أ ّنه‬ ‫سيتلذذ بجميع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملذات الحياة‪.‬‬ ‫إضافة إلى اعتقاداته السابقة‪ ،‬سيعتقد أيضا ً‬ ‫أ ّنه بمجرّ د وصوله إلى األراضي التركيّة‪ ،‬سيجد‬ ‫الشعب التركيّ بانتظاره‪ ،‬مهلّالً بمجيئه‪ ،‬ومرحّ با ً‬ ‫به‪ ،‬ومساعداً له‪.‬‬ ‫لكن عندما يصل إلى أحد المعابر‬ ‫ويتجاوزها باتجاه األراضي التركيّة‪،‬‬ ‫تبدأ الصدمة‪ ،‬ويكتشف أنّ أغلب الكالم‬ ‫الذي قيل له‪ ،‬ومعظم الرسومات التي‬ ‫رسمها بمخيّلته‪ ،‬ال تتع ّدى مجرّ د كذبة‬ ‫عاشها قبل وصوله لتركيّا‪.‬‬ ‫أوّ ل مشكلة تواجه السوريّ في‬ ‫تركيّا هي مشكلة السكن‪ ،‬فعندما يبدأ‬ ‫الشخص بالبحث عن منزل يقطنه هو‬ ‫وعائلته أو أصدقائه‪ ،‬يُصدم بالغالء‬ ‫الفاحش‪ ،‬ففي مدينة «غازي عينتاب»‬ ‫مثالً‪ ،‬إن أراد السكن في منطقة‬ ‫عاديّة‪ ،‬ليست بالراقية‪ ،‬وفي ذات‬ ‫ّ‬ ‫الوقت ليست بالشعبيّة‪ ،‬فسوف يتفاجأ بأنه مضطرّ‬ ‫لدفع ما ال يق ّل عن ‪ $700‬أميركيّ ‪ ،‬حيث بات‬ ‫السمسار السوريّ والتركيّ على ح ّد سواء‪ ،‬يطلب‬ ‫تأمينا ً للمنزل يساوي مبلغ اآلجار‪ ،‬ويزيد على ذلك‬ ‫ما يسمّى «كومسيون» أيضا ً بنفس المقدار‪ ،‬فالش ّقة‬ ‫المؤلّفة من غرفة واحدة فقط‪ ،‬سيجد الشخص نفسه‬ ‫مضطرّ اً لدفع ‪ $250‬آجار تلك الغرفة‪ ،‬إضافة إلى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪ $500‬كتأمين وكومسيون للمنزل‪ ،‬مع التأكيد على‬ ‫ّ‬ ‫الشقق يرفضون بعد انتهاء العقد‬ ‫أنّ أغلب مدراء‬ ‫إعادة كامل مبلغ التأمين لحجج متع ّددة‪ ،‬كأجور‬ ‫تنظيف المنزل‪ ،‬وغسل السجّ اد ‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫�ق األنفس يجد ذل��ك الشخص منزالً‬ ‫وبعد ش� ّ‬ ‫صغيراً ال ي ّتسع إلاّ لشخصين‪ ،‬يقطنه ويقول في‬ ‫نفسه «ال مشكلة في السكن‪ ،‬غداً سأحصل على‬

‫عمل جيّد‪ ،‬وأغيّر هذا المنزل المقيت»‪ ،‬ويبدأ هذا‬ ‫الشابّ رحلة البحث عن العمل‪ ،‬فأوّ الً يصرّ على‬ ‫العمل ضمن اختصاصه‪ ،‬ليفقد األمل تدريج ّياً‪ ،‬ويبدأ‬ ‫البحث عن أيّ عمل يس ّد به رمقه‪ ،‬ليجد أخيراً‪،‬‬ ‫وليس غالباً‪ ،‬عمالً في معمل حرفيّ ‪ ،‬يعمل فيه لم ّدة‬ ‫ال تق ّل عن عشر ساعات في اليوم‪ ،‬وبأجر زهيد ال‬ ‫يتع ّدى العشرة دوالرات بشكل يوميّ ‪ ،‬طبعا ً دون‬

‫‪7‬‬

‫أيّ عطلة أسبوعيّة‪ ،‬أو قد تكون العطلة على حسابه‬ ‫الشخصيّ ‪ ،‬وفي حال أراد ذلك الشابّ أخذ إجازة‬ ‫على نفقته الخاصّة‪ ،‬فيجب عليه أن يف ّكر مل ّياً‪ ،‬ألنّ‬ ‫احتمال عدم عودته لعمله ذاته يتع ّدى الـ‪.%60‬‬ ‫نبقى في العمل‪ ،‬المشكلة هنا ليست فقط مشكلة‬ ‫طول عدد ساعات الدوام واألجر الزهيد‪ ،‬بل تتع ّدى‬ ‫ذلك الستغالل العامل من قبل ربّ العمل‪ ،‬وهنا‬ ‫يجب أن أنوّ ه إلى أنّ أغلب أرباب العمل السوريّين‬ ‫هم من يقومون باستغالل العامل السوريّ ‪ ،‬فكثير ما‬ ‫يُجبر العامل على العمل لساعات إضافيّة دون أيّ‬ ‫أجر إضافيّ ‪ ،‬مُه ّدداً بالطرد الفوري‪ ،‬في حال لم‬ ‫يقبل العمل اإلضافيّ بشكل مجانيّ ‪.‬‬ ‫في حال قرّ ر ذلك الشابّ المسكين العمل في‬ ‫ّ‬ ‫منظمات سورية معارضة‪ ،‬فهو مضطرّ في أغلب‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات لتأمين «واسطة»‪ ،‬ليشغل أيّ عمل‬ ‫مكتبيّ ح ّتى ولو كان هذا العمل بعيداً عن مجال‬ ‫اختصاصه‪ ،‬وكأبرز مثال العمل ضمن الحكومة‬ ‫المؤ ّقتة‪ ،‬حيث يكون الشابّ متمرّ س في العمل المعلن‬ ‫عنه في الحكومة‪ ،‬كما يحمل شهادات جامعيّة‪،‬‬ ‫وشهادات خبرة‪ ،‬وعندما يذهب لطلب التوظيف‬ ‫يفاجأ بالرفض‪ ،‬لسبب بسيط وهو أنّ شخصا ً آخر‬ ‫يملك «واسطة»‪ ،‬وقس على هذا المثال العمل في‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات السوريّة المعارضة‪ ،‬إلاّ من رحم‬ ‫أغلب‬ ‫ربي‪.‬‬ ‫ننتقل إل���ى ال��وض��ع المعيشيّ في‬ ‫ّ‬ ‫كالرز والبرغل‬ ‫تركيّا‪ ،‬فالموا ّد األساسيّة‬ ‫والخضروات ليست بالرخيصة في حال‬ ‫مقارنتها باألجور التي يتقاضاه السوريّ ‪،‬‬ ‫زد على ذل��ك فواتير الكهرباء والماء‬ ‫واألنترنت‪ ،‬وأضف إلى ذلك لو أراد أيّ‬ ‫شخص الذهاب إلى أيّ مقهى مع أصدقائه‬ ‫للترويح عن نفسه قليالً فيتوجّ ب عليه أن‬ ‫يف ّكر مل ّيا ً قبل اإلقدام على تلك الخطوة‪.‬‬ ‫المواصالت أيضا ً تش ّكل عائقا ً أساس ّياً‪،‬‬ ‫ففي مدينة اسطنبول مثالً قد يضطرّ‬ ‫الشخص لدفع خمسة دوالرات يوم ّيا ً في‬ ‫حال كان عمله في وسط المدينة‪ ،‬وسكنه‬ ‫على أطرافها‪.‬‬ ‫ويجدر التنويه أخيراً‪ ،‬إلى موضوع العنصريّة‬ ‫تجاه السوريّين‪ ،‬فهي غير متف ّ‬ ‫شية إلى اآلن في‬ ‫تركيّا‪ ،‬وجميع األحداث التي جرت يمكن أن تص ّنف‬ ‫فرديّة‪ ،‬أو مرحليّة ال أكثر‪.‬‬

‫حممّد احلاج‬

‫يقولون «وجع الفلس وال وجع الضرس»‪ ،‬مقولة لم تقال‬ ‫من الفراغ‪ ،‬يكمن فيها الكثير من الحقيقة‪ ،‬حيث أنّ الذهاب‬ ‫لزيارة طبيب األسنان تلتزم العديد من الحسابات أكثر من‬ ‫سواه من األطبّاء‪ ،‬سواء أكانت حسابات ماليّة أو حسابات‬ ‫نفسيّة‪ ،‬فتقريبا ً أغلب الناس يخشون الذهاب لطبيب األسنان‬ ‫بسبب إبرة البنج واألجهزة التي يستعملها‪ ،‬فعمل ّيا ً أغلب‬ ‫مرضى عيادات أطبّاء األسنان يكونون من ضمن الحاالت‬ ‫اإلسعافيّة‪ ،‬أولئك الذين لم يعد بإمكانهم النوم في الليل بسبب‬ ‫ألم أسنانهم‪ ،‬والحسابات الماليّة تكمن في الفاتورة المرتفعة‬ ‫لك ّل معالجة بالمقارنة مع بقيّة األطبّاء‪.‬‬ ‫لقد اختلف الوضع الطبيّ اليوم تماماً‪ ،‬فبشكل عا ّم تمّت‬ ‫االستعاضة عن األطبّاء باالكتفاء بسؤال الصيدالنيّ ‪ ،‬وذلك‬ ‫نتيجة زيادة كشفيّة األطبّاء مع زيادة األسعار وتكلفة المعيشة‬ ‫في ك ّل شيء‪ ،‬لكن من المحال أن يح ّل أحد مح ّل طبيب‬ ‫األسنان‪ ،‬فهو الوحيد القادر على إزالة األلم‪ ،‬بشكل عا ّم يميل‬ ‫معظم الناس لالعتقاد بأنّ طبيب األسنان «يقصّ ذهباً»‬ ‫نتيجة المبلغ الذي يأخذه من ك ّل معالجة‪ .‬لكن‪ ،‬يجب عرض‬ ‫حقيقة الوضع بالنسبة للطبيب‪ ،‬الذي ارتفعت أسعار موا ّده‬ ‫لألضعاف مع ك ّل ارتفاع للدوالر ورقصه للسامبا‪ ،‬فبات من‬ ‫الال ممكن أن تخرج من عيادة طبيب األسنان دون أن يكلّفك‬ ‫تصليح السنّ الواحد حوالي الـ ‪ 3000‬ليرة سوريّة‪ ،‬أي ما‬ ‫يعادل سعر جرّ ة غاز في السوق السوداء‪ ،‬فنعود لمقولتنا‬ ‫«وجع الفلس وال وجع الضرس»!‬ ‫وعند سؤالنا لعدد من أطبّاء األسنان في حلب‪ ،‬أجابوا بأ ّنهم‬ ‫وبعد خصم أسعار الموا ّد ومصاريف العيادة اإلضافيّة التي لم‬ ‫تكن موجودة قبل األزمة في سورية من المازوت (الذي يت ّم‬ ‫شراؤه من السوق السوداء) لتشغيل المولّدة حين تغطية الفترة‬ ‫الصباحيّة وأجور األمبير لتغطية الفترة المسائيّة‪ ،‬فتش ّكل نسبة‬ ‫الربح الصافي نسبة التتجاوز ال‪ %10‬ويعلّق أحد األطباء‬ ‫على األمر ساخراً‪« :‬دخلي الشهريّ يعادل مر ّتب مساعدتي‬ ‫التي ال تحمل شهادة تاسع»‪ ،‬فبلغت تأثيرات األزمة على‬ ‫أطبّاء األسنان كذلك‪ ،‬فلم يعد العمل مربحاً‪ ،‬أصبح تقريبا ً‬ ‫مجرّ د استمرار بالممارسة‪.‬‬

‫تداعيات األزمة في سورية وفي حلب‪ ،‬وإطالة عمرها‪،‬‬ ‫طالت الجميع‪ ،‬سواء أكان من حملة الشهادات أو طالب جامعيّ‬ ‫أو عامل أو ح ّتى سائق‪ ،‬واإلرتفاع المستمرّ للدوالر وعجز‬ ‫ّ‬ ‫التدخل أكثر لمنع الليرة السوريّة من‬ ‫المصرف المركزيّ عن‬ ‫اإلنهيار‪ ،‬وعجز الدولة عن تحسين الوضع المعيشيّ سواء‬ ‫من ناحية تأمين الخدمات األساسيّة من المازوت والبنزين‬ ‫ّ‬ ‫للموظفين على‬ ‫وح ّتى الكهرباء‪ ،‬أو من ناحية زيادة الرواتب‬ ‫األقل لتتناسب مع الوضع المعيشيّ ‪ ،‬األمر الذي يزيد الوضع‬ ‫سوءاً يوما ً بعد يوم على ك ّل من بقي في الداخل السوريّ وال‬ ‫يملك سبيالً للخروج‪ .‬فيكون للعجز والقهر الكلمة األخيرة في‬ ‫ك ّل بيت سوريّ ‪ ،‬وفي قلب ك ّل مواطن سوريّ ‪ ،‬بغضّ النظر‬ ‫عن موقفه مؤيّداً أو معارضا ً أو ح ّتى حياد ّياً‪.‬‬

‫لينا احلكيم‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪25‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫تعويم الليرة السورّية وخطرها على السورّيين‬

‫في البداية ال ب ّد من شرح معنى كلمة تعويم‪ ،‬وهي‬ ‫تعني ترك سعر صرف العملة يتح ّدد وفقا ً لقوى‬ ‫العرض والطلب في السوق النقديّة‪ ،‬وتختلف سياسات‬ ‫الحكومات حيال تعويم عمالتها تبعا ً لمستوى تحرّ ر‬ ‫اقتصادها وكفاية أدائه‪ ،‬ومن أكثر العوامل التي ّ‬ ‫تؤثر‬ ‫على تعويم العملة عدم االستقرار السياسيّ ‪ّ ،‬‬ ‫تتأثر‬ ‫قيمة العملة باالستقرار السياسيّ من خالل المخاطر‬ ‫المصاحبة لالستثمار بهذه العملة‪ ،‬فإذا ارتفعت درجة‬ ‫ع��دم االستقرار السياسيّ في ال��دول��ة‪ ،‬مثل شيوع‬ ‫اإلضرابات أو نشوب الحروب‪ ..‬إلخ‪ ،‬ترتفع مخاطر‬ ‫االستثمار في هذه الدولة‪ ،‬وإذا لم يصاحب ذلك ارتفاع‬ ‫في عالوة المخاطرة في مع ّدل العائد على االستثمار‪،‬‬ ‫فإنّ اإلقبال على االستثمار في أصول هذه الدولة يق ّل‬ ‫(انخفاض عرض العملة األجنبيّة)‪ ،‬بينما يزيد الطلب‬

‫على االستثمار في األصول األجنبيّة (زيادة الطلب على‬ ‫العملة األجنبيّة) ومن ث ّم ترفع مع ّدالت صرف العملة‬ ‫األجنبيّة والعكس‪ ،‬وهذا هو حال العملة السوريّة التي‬ ‫بدأت بالتدهور منذ بداية الثورة على يد النظام ح ّتى‬ ‫أصبح تعويم الليرة خطراً على المواطنين السوريّين‬ ‫الذين باتوا عندما يهاجرون إلى بالد اللجوء‪ ،‬يقومون‬ ‫بتبديل أموالهم إلى الدوالر‪ ،‬األمر الذي جعل الليرة‬ ‫السوريّة تنخفض قيمتها‪ ،‬ومن ث ّم قام النظام األسديّ‬ ‫بطبع نوع جديد من الليرة السوريّة وسحب رصيدها‬ ‫من الذهب في مركز البنك الدوليّ ‪ ،‬ممّا جعلها ال قيمة‬ ‫لها في دول المهجر‪ ،‬ومن ث ّم بدأت عمليّة خنق المواطن‬ ‫ّ‬ ‫الموظف حوالي ‪ 400‬دوالر‬ ‫السوريّ ‪ ،‬حيث كان راتب‬ ‫قبل الثورة‪ ،‬أمّا اآلن فال يتجاوز ‪ 100‬دوالر‪ ،‬مع العلم‬ ‫أنّ الموا ّد االستهالكيّة تضاعفت أسعارها مرّ ات ع ّدة‪،‬‬

‫وريث ّ‬ ‫الظل‬

‫الف ّنان زكي كورديللو الوريث الشرعيّ لمسرح خيال الظ ّل‬ ‫في سوريّة وهو من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحيّة عام‬ ‫‪ ،1984‬بعد التخرّ ج عمل في المسرح القوميّ لم ّدة أربع سنوات‬ ‫شارك فيها بـ ‪ 20‬عمالً ث ّم انتقل إلى مهنة اإلخراج في المسرح‪،‬‬ ‫وارتبط ارتباطا ً وثيقا ً بمسرح خيال الظ ّل واعتبر نفسه الوريث‬ ‫الشرعيّ له‪ ،‬فأخذ على عاتقه الحفاظ على مسرح «خيال الظلّ»‬ ‫ّ‬ ‫الرزاق الذهبيّ وأصبح‬ ‫في سوريّة بعد وفاة آخر «المخايلة» عبد‬ ‫الوريث الحقيقيّ لمسرح خيال الظ ّل منذ ‪1993‬‬ ‫اعتقل الف ّنان «كورديللو» في العاصمة دمشق ‪2012/8/11‬‬ ‫برفقة ابنه مهيار وصديق الف ّنان وقريبه «عادل برازي» وشابّ‬ ‫من مدينة السلميّة «إسماعيل جمودة» حيث تمّت مداهمة بيت‬ ‫الف ّنان زكي في منطقة «دمّر» خلف معمل اإلسمنت واقتياده‬ ‫إلى جهة مجهولة هو و َمن معه في البيت‪ ،‬كما تمّت مصادرة‬ ‫حواسيبهم الشخصيّة‪ ،‬لم يتر ّدد «كورديللو» في التصريح بمواقفه‬ ‫المناهضة للعنف والقتل التي يمارسها جميع أطراف النزاع‬ ‫الدائر على األرض‪ ،‬في مجمل التعليقات التي كان يكتبها على‬ ‫صفحته يدين بها القتل والدمويّة‪ ،‬وقبل اعتقاله كتب «سؤال أرجو‬ ‫اإلجابة‪ :‬إلى أين سيلجأ ك ّل المهجّ رين في مدن وقرى سوريّة؟»‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وعلت الدعوات المطالبة بإطالق سراح «عرّ اب مسرح الظ ّل‬ ‫السوريّ » بعدما أُلحق بقافلة طويلة من المعتقلين‪ ،‬واستنكر عدد‬ ‫من الف ّنانين اعتقال «كورديللو» على سبيل المثال فقد علّق النجم‬ ‫«نضال سيجري» عبر صفحته الشخصيّة على الحادثة بالقول‪:‬‬ ‫«لماذا زكي كورديللو؟ أعرف زكي منذ سنوات طويلة ج ّداً‪،‬‬ ‫زكي لم يكن يوما ً سياس ّياً‪ ،‬ولم يكن يوما ً خائنا ً لبالده‪ ،‬زكي هو‬ ‫مواطن سوريّ وإنسان محبّ وطيّب ج ّداً ولطيف وف ّنان مسرحيّ ‪،‬‬ ‫لو تعرفون زكي فهو من القالئل الذين يعرفون كيف يحكون‬ ‫النكتة‪ ،‬ومن القالئل الذين يعرفون كيف ُتحكى الحكايات يجب أن‬ ‫يكون زكي بين أهله وأصدقائه وعلى خشبة المسرح‪ ،‬يليق بزكي‬ ‫الحياة والعدالة والنور‪ ،‬نريد زكي ونجله الشابّ الصغير بيننا‪،‬‬ ‫بانتظارك زكي وسنصرخ لتعود إلينا يا أخي السوريّ »‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫وهنا تق ّدم النظام لبيع سنداته إلى روسيا والصين لدفع‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين وش��راء األسلحة الف ّتاكة لضرب‬ ‫روات��ب‬ ‫ّ‬ ‫المعارضة السلميّة قبل المسلحة‪ ،‬وليقنع الشعب أنّ‬ ‫النظام متماسك اقتصاد ّياً‪ ،‬فضالً عن أخذه المساعدات‬ ‫العسكريّة والماليّة والبشريّة من إي��ران والعراق‬ ‫وحزب هللا اللبنانيّ ‪ ،‬مقابل عدم اعترافه بالمعارضة‬ ‫والح ّل السياسيّ حسب مؤتمر «جنيف‪ ،»1‬أمّا الفاجعة‬ ‫الكبرى فتتجلّى بتق ّدم النظام السوريّ إلى طلب قرض‬ ‫من البنك الدوليّ لمشاريعه الوحشيّة لهدم البنية التحتيّة‪،‬‬ ‫فكان شرط البنك الدوليّ رفع الدعم عن الموا ّد التموينيّة‬ ‫والنفطيّة‪ ،‬ممّا يؤ ّدي إلى رفع سعر المازوت والبنزين‬ ‫وكا ّفة الموا ّد االستهالكيّة أضعاف سعرها ليصبح‬ ‫ّ‬ ‫الموظف ال يتجاوز ‪ 50‬دوالراً‪ ،‬وهذا يؤ ّدي إلى‬ ‫راتب‬ ‫زيادة في انحراف الشعب السوريّ للسرقات والتشبيح‬ ‫والتطرّ ف الدينيّ لدعم‬ ‫ال��ق��وى ال��م��ت��ط��رّ ف��ة من‬ ‫«داع����ش» وأخ��وات��ه��ا‪،‬‬ ‫واأله��� ّم م��ن ذل��ك غرق‬ ‫سورية بالديون والدمار‪،‬‬ ‫م � ّم��ا يجعلها بهشاشة‬ ‫ستقودها إل��ى الفناء ال‬ ‫محال‪.‬‬

‫المتطرّ فة أيضا ً التي بدأت بالعودة إلى اعتماد الليرة‬ ‫التركيّة أو الدوالر للتداول بين المواطنين في المناطق‬ ‫المحرّ رة‪ ،‬عوضا ً عن الليرة السوريّة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫سيسهم في تعزيز االنقسام وبيع الوطن للدول اإلقليميّة‬ ‫على حساب المصالح الطائفيّة‪ ،‬متناسين بذلك أنّ الحرّ يّة‬ ‫ّ‬ ‫تتجزأ وال تتجلّى بالتقسيم‪ ،‬فالدولة ببنيتها التحتيّة‬ ‫ال‬ ‫ومؤسّساتها هي ملك الشعب‪ ،‬ال ملك النظام‪ ،‬ومن أراد‬ ‫إسقاط النظام عليه أن يدرك هذا التميّز بين النظام‬ ‫والدولة‪ ،‬ومن يحيا تحت حكم النظام ليس بالضرورة‬ ‫أن يكون مواليا ً لهذا الحكم‪ ،‬لذا علينا إنقاذ الشعب عبر‬ ‫البحث عن سُبل تنجّ يه من التدهور االقتصاديّ الذي‬ ‫يقوده إليه النظام‪ ،‬المستفيد األوّ ل واألخير من تعويم‬ ‫ّ‬ ‫خطة التقسيم المطروحة تحت طاولة‬ ‫العملة ومن‬ ‫المفاوضات الدوليّة‪.‬‬

‫بما أ ّننا «كلّنا سوريّون»‬ ‫يجب على القوى الوطنيّة‬ ‫والثوريّة داخ��ل الوطن‬ ‫وخارجه التوحّ د والنضال‬ ‫لدعم الشعب السوريّ من‬ ‫مخاطر تالشي هويّة بالده‬ ‫االقتصاديّة عبر تدهور‬ ‫حياته المعيشيّة‪ ،‬وحمايته‬ ‫من تجّ ار الحروب والفاسدين من النظام والمعارضة‬

‫أمري جنم الدين‬

‫سيف الجنائّية الدولّية‬

‫في ‪ 2015/1/8‬أصبحت‬ ‫فلسطين رسم ّيا ً عضواً في‬ ‫المحكمة الجنائيّة الدوليّة؛‬ ‫ت���راف���ق ذل����ك ب��ت��ن��دي��دات‬ ‫إسرائيليّة اعتبرت الخطوة‬ ‫تسيء الى العمليّة السلميّة‬ ‫وجمّدت تحويل مائة وس ّتة‬ ‫ماليين ي���ورو م��ن أم��وال‬ ‫الضرائب المحصّلة لصالح‬ ‫السلطة‪ ،‬مع تهديدات أمريكيّة‬ ‫بإيقاف المساعدات السنويّة‬ ‫التي تق ّدم للسلطة الفلسطينيّة‬ ‫والتي تق ّدر بحوالي ‪400‬‬ ‫مليون دوالر أمريكيّ سنو ّياً‪.‬‬ ‫في المقابل ش ّنت السلطة الفلسطينيّة زوبعة إعالميّة‬ ‫لتصوير انضمامها للمحكمة الجنائيّة الدوليّة وكأ ّنه‬ ‫انتصار سيؤ ّدي إلى وضع ك ّل قيادات اإلجرام‬ ‫اإلسرائيليّة في قفص االتهام وأنّ حبال المشانق‬ ‫تنتظر الجنراالت اإلسرائيليّين وأنّ القدس صارت‬ ‫قاب قوسين أو أدنى من الحرّ يّة‪.‬‬ ‫ك ّل هذا الضجيج والتصريحات حول انضمام‬ ‫فلسطين للمحكمة الجنائيّة الدوليّة؛ فماهي صالحيّات‬ ‫هذه المحكمة؟ وما الذي يمكن أن تق ّدمه للقضيّة‬ ‫الفلسطينية؟ وهل ستح ّقق مالم تح ّققه البندقيّة؟ أم‬ ‫أنّ السحر سينقلب على الساحر وسيحاكم أبطال‬ ‫المقاومة الفلسطينيّة فقط دون مجرمي إسرائيل؟‬ ‫المحكمة الجنائ ّية الدول ّية‬

‫ش ّكلت فكرة العدالة الجنائيّة الدوليّة هاجسا ً‬ ‫للمجتمع الدوليّ منذ عام ‪ُ .1945‬‬ ‫ش ّكلت العديد‬ ‫من المحاكم المؤ ّقتة لمحاكمة المجرمين ومنها‬ ‫محكمتا نورمبرغ وطوكيو بعد الحرب العالمية‬ ‫الثانيّة‪ ،‬والتي ش ّكلت من قبل الحلفاء لمحاكمة‬ ‫الدول المهزومة‪ .‬من أه ّم سلبيّاتها تغاضيها عن‬ ‫ك ّل جرائم المنتصرين التي فاقت ك ّل التصوّ رات‬ ‫الوحشيّة في هيروشيما وناغازاكي‪ُ .‬‬ ‫ش ّكلت بعدها‬ ‫محكمة لمعاقبة مرتكبي جرائم اإلبادة الجماعيّة في‬ ‫رواندا ويوغسالفيا‪ .‬ت ّم تشكيل محكمة خاصّة في‬ ‫قضية اغتيال الرئيس اللبنانيّ رفيق الحريريّ في‬ ‫عام ‪ .2007‬وبعد ك ّل هذه التجارب‪ ،‬وإثر نقاش‬ ‫طويل استمرّ أكثر من ثالث سنوات تبلورت‬ ‫فكرة إنشاء محكمة جنائيّة لها صفة االستمراريّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمات غير حكوميّة والعديد من‬ ‫وبمشاركة‬ ‫الوكاالت المختصّة ووفود من معظم دول العالم‪.‬‬

‫صعوبات أمام العدالة‬ ‫ص���ع���وب���ت���ان ت���واج���ه‬ ‫الفلسطينيّين لوضع المجرمين‬ ‫في قفص اال ّتهام وهما‪:‬‬

‫وت� ّم التصويت على النظام األساسيّ للمحكمة‬ ‫الجنائيّة الدوليّة وبدأت المحكمة أعمالها منذ عام‬ ‫‪ 2002‬كهيئة قضائيّة دوليّة دائمة‪ ،‬تحظى بوالية‬ ‫عالميّة لمحاكمة مقترفي الجرائم الخطيرة مركزها‬ ‫في الهاي ‪ -‬هولندا ومستقلّة عن األمم الم ّتحدة‪.‬‬ ‫هل تشمل عدالة احملكمة ضحايا فلسطني؟‬ ‫ّ‬ ‫يحق للمحكمة التص ّدي للجرائم إلاّ وفق‬ ‫ال‬ ‫أصول مح ّددة‪ ،‬وفي المسألة الفلسطينيّة يمكن أن‬ ‫تستفيد من المحكمة في ثالث حاالت‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يقوم مجلس األمن وتحت الفصل السابع‬ ‫من ميثاق األمم الم ّتحدة بإحالة جريمة وقعت ّ‬ ‫بحق‬ ‫الفلسطينيّين إلى الم ّدعي العا ّم في المحكمة ليح ّقق‬ ‫فيها ويعاقب المجرمين‪ .‬إلاّ أنّ تجربة الشعب‬ ‫الفلسطينيّ مع مجلس األمن واستخدام أمريكا‬ ‫للفيتو لصالح إسرائيل أكثر من مرّ ة يجعلنا نستنتج‬ ‫باستحالة تطبيق هذه الحالة‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن يباشر الم ّدعي العا ّم من تلقاء نفسه‬ ‫التحقيق في الجريمة‪ ،‬إلاّ أنّ ذلك مستبعد‪ ،‬وأكبر‬ ‫ّ‬ ‫بحق‬ ‫دليل على ذلك أنّ الجرائم التي ارتكبت‬ ‫الشعب الفلسطينيّ في نهاية ‪ 2008‬لم تحرّ ك‬ ‫ضمير الم ّدعي العا ّم ليبادر لفتح تحقيق إلحقاق‬ ‫الحقوق ومعاقبة المجرمين‪ ،‬وهذه الحالة تضع‬ ‫العدل تحت رحمة مزاجيّة وأهواء الم ّدعي العام‬ ‫للمحكمة‪.‬‬ ‫‪ -3‬انضمام فلسطين ‘ل��ى ميثاق المحكمة‬ ‫الجنائيّة الدوليّة‪ ،‬وأصبح هذا الخيار متاحا ً فقط بعد‬ ‫اعتراف األمم الم ّتحدة بفلسطين كدولة غير عضو‬ ‫بعد ‪ 2012‬وهو ما تعوّ ل عليه الماكينة القانونيّة‬ ‫للشعب الفلسطينيّ لمحاكمة مجرمي الكيان‬ ‫الصهيونيّ ‪.‬‬

‫الميثاقيّة‬ ‫ الطبيعة‬‫للمحكمة الجنائيّة الدوليّة‪،‬‬ ‫ويعني ذلك أنّ الدول المو ّقعة‬ ‫على ميثاق المحكمة هي التي‬ ‫تلتزم فقط بتنفيذ قرارتها وبما‬ ‫أنّ إسرائيل لم تو ّقع على‬ ‫ميثاق المحكمة فهي غير‬ ‫ملزمة بتسليم المجرمين‪ ،‬كما‬ ‫أ ّنها و ّقعت ا ّتفاقيات ثنائيّة مع‬ ‫العديد من الدول تنصّ على امتناع تلك الدول عن‬ ‫تسليم المجرمين الصهاينة للمحكمة‪ ،‬ممّا يجعل‬ ‫أحكام المحكمة في حال صدورها مجرّ دة من القوّ ة‬ ‫التنفيذيّة عمل ّياً‪.‬‬ ‫ ‬‫الطبيعة التكميليّة للمحكمة‪ :‬أي أنّ‬ ‫االختصاص األساسيّ يكون للقضاء الوطنيّ وال‬ ‫تمارس المحكمة صالحيّاتها إلاّ في حالة تقصير‬ ‫القضاء الوطنيّ عن مهامّه في محاكمة المجرمين‪،‬‬ ‫ولذلك فإنّ إسرائيل قامت بحركة وقائيّة بإجراء‬ ‫محاكمات شكليّة لضبّاطها وقياداتها الذين يُتو ّقع‬ ‫أن توجّ ه إليهم ا ّتهامات من قبل المحكمة الجنائيّة‬ ‫الدوليّة بارتكاب جرائم ض ّد الفلسطينيّين ليضيع‬ ‫ّ‬ ‫حق الشعب الفلسطينيّ في دهاليز المحكمة‪.‬‬ ‫محاكمة المقاومين الفلسطين ّيين‬ ‫انضمام فلسطين إلى المحكمة يفتح المجال أمام‬ ‫المحكمة الجنائيّة الدوليّة أن تطلب من السلطة‬ ‫الفلسطينيّة تسليمها أيّ مقاوم للتحقيق معه‪ ،‬ممّا‬ ‫يعرض المقاومة لإلصابة بالشلل خوفا ً من األحكام‬ ‫التي قد تصدر عن المحكمة‪ ،‬وهذا ما جعل حزب‬ ‫هللا يدفع لبنان إلى رفض االنضمام إلى المحكمة‬ ‫كيال تتحوّ ل المحكمة إلى سيف مسلّط على رقاب‬ ‫المقاومين‪.‬‬ ‫المحكمة الجنائيّة الدوليّة بسلبيّاتها وإيجابيّاتها‬ ‫جبهة جديدة أمام القانونيّين الفلسطينيّين ال تق ّل‬ ‫أه ّميّة عن الجبهات األخرى‪ ،‬ولكن لن تكون بديالً‬ ‫عن المقاومة الحقيقيّة على األرض التي لها القرار‬ ‫ّ‬ ‫الحق‪.‬‬ ‫الفيصل في إحقاق‬

‫احملامي حممّد محو‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫الخرافة والتخريف‬ ‫الخرافة في المعجم‪ :‬كالم وهميّ غير منطقيّ‬ ‫ينكره العقل‪ .‬أمّا لغة‪ :‬فقد زعم العرب أنّ رجالً‬ ‫من بني عذره يسمّى خرافة غاب عن أهله زمناً‪،‬‬ ‫ولمّا رجع أخبرهم أ ّنه عاش مع الجنّ ولك ّنهم ّ‬ ‫كذبوه‬ ‫وصاروا يقولون لك ّل حديث ال يمكن تصديقه خرافة‪.‬‬ ‫ال يكاد أيّ ت��راث شعبيّ في العالم يخلو من‬ ‫الخرافة‪ ،‬إن كانت من جنس النثر أو الشعر أو‬ ‫الحكاية أو األقصوصة أو أيّ شكل أدبيّ آخر‪ ،‬وقد‬ ‫يكون أبطالها حيوانات أو طيور تتكلّم وتعبّر عن‬ ‫همومها ومشاعرها لتصل بقارئها إلى هدف أو عظة‬ ‫ما‪ ،‬واألعمال األدبيّة التي تعتمد على التخيّل والرمز‬ ‫ال يأخذ عليها أ ّنها خرافة فذلك من‬ ‫طبيعة األدب وتبقى خرافة‬ ‫م��س��ت��م��ل��ح��ة‪،‬‬

‫ول���ل���خ���راف���ة‬ ‫أنواع عديدة متغلغلة‬ ‫ومترسّخة في ك ّل المناحي‬ ‫الثقافيّة لدى الشعوب فقد تكون‬ ‫اقتصاديّة “من يح ّكه كفّ يده سيقبض‬ ‫نقوداً” وأحيانا ً تكون بشكل معتقدات خاطئة‬ ‫كقولهم “إنّ طائر البوم يد ّل على الخراب‪ ،‬أو تعليق‬ ‫خرزة زرقاء يحمي من العين” وأحيانا ً يركن إليها‬ ‫كدواء‪ ،‬ففي معظم األرياف السوريّة يت ّم صهر معدن‬ ‫الرصاص ث ّم يُلقى في الماء‪ ،‬فأيّ شكل ينتج عنه يت ّم‬ ‫نسبه إلى شخص ما ويكون هو من سبّب المرض‬ ‫للمعت ّل والذي من المفترض أن يتماثل بعدها للشفاء‪،‬‬ ‫وقد تأخذ الخرافة بعداً الهوت ّيا ً وهذا األخطر كظهور‬ ‫األعور الدجّ ال أو أيّ رمز دينيّ متو ّفى منذ مئات‬ ‫السنين‪ ،‬أو أن يقسم أحد رجال الدين أ ّنه رأى ابن‬ ‫أحد الرؤساء في الج ّنة‪ ،‬وقد تأخذ شكل سياس ّيا ً “أنّ‬ ‫هللا بارك نجاح الدكتاتور في االنتخابات المزيّفة بأنْ‬ ‫َمنّ على عباده وأنزل المطر” ويمكن للشخص أن‬ ‫يصنع خرافة بنفسه كأن يترسّخ لديه قناعة أنّ أحد‬ ‫أيّام األسبوع أو أحد األلوان هو شؤم عليه دائماً‪.‬‬ ‫والخرافة تختلف عن األسطورة‪ ،‬فاألولى غالبا ً‬ ‫ال يكون ألحداثها أيّ جذر في الواقع‪ ،‬بينما يكون‬ ‫ألح��داث األس��ط��ورة ج��ذر واق��ع��يّ ‪ ،‬ويتناسب جوّ‬

‫الخرافة في ثقافات الشعوب ك ّما ً ونوعا ً طرداً مع‬ ‫بدائيّة وتخلّف هذه الشعوب‪ ،‬وعليه يكون التفكير‬ ‫الخرافيّ هو السائد في ثقافة هذه الشعوب‪ ،‬وهكذا يت ّم‬ ‫اختالق أحداث ووقائع وبطولة ليس لها أيّ رصيد‬ ‫واقعيّ ‪ ،‬فالتفكير الخرافيّ ال يعتمد أيّ منهج في تفسيره‬ ‫ل��ل��ظ��واه��ر ف��ق��د يضع‬ ‫األسباب مسبقا ً ليصل‬ ‫إلى النتائج المرجوّ ة‪،‬‬ ‫وغالبا ً م��ا تكون هذه‬ ‫األسباب ال تؤ ّدي إلى تلك‬ ‫النتائج‪ ،‬ويحدث أن يقفز‬ ‫إلى النتائج مباشرة دونما‬

‫أس��ب��اب‪،‬‬ ‫لذلك هو يحتاج‬ ‫دائ��م �ا ً إل��ى االستعانة‬ ‫بقوى غيبيّة وخفيّة تمتلك‬ ‫ق���درات خ��ارق��ة تسيّر األح���داث‬ ‫وفق مشيئته‪ ،‬ويعتمد التفكير الخرافيّ‬ ‫على االستسهال والسطحيّة ويتب ّنى لغة‬ ‫العواطف والمشاعر‪ ،‬وبالنتيجة هو تفكير‬ ‫حسيّ يتفارق ويتناقض مع التفكير العلميّ الذي يعمد‬ ‫إلى دراسة األسباب والقوانين التي تؤ ّدي لنشوء‬ ‫الظواهر وحركة األشياء وحتميّة ترابط األسباب مع‬ ‫النتائج والعوامل المسبّبة وال يتب ّنى أو يركن لتفسير‬ ‫أيّ حركة أو ظاهرة إلاّ بعد المالحظة والتجربة‬ ‫العلميّة وفق أدواته المعرفيّة الخاصّة به‪ ،‬وقد يحدث‬ ‫أن يت ّم معاينة نفس الظاهرة بعينها من قبل التفكير‬ ‫الخرافيّ والعلميّ ‪ ،‬ولكن غالبا ً ما تكون النتائج مختلفة‬

‫نظراً الختالف أسلوب الدراسة ومنهج التفكير‬ ‫الم ّتبع‪ ،‬وأكثر األزمنة المواتية الستدعاء الخرافة‬ ‫هي األزمات والحروب بحيث يعمد ك ّل طرف إلى‬ ‫مخزونه التراثيّ ينهل منه الخرافات ليرهب بها‬ ‫الطرف اآلخر ويستنهض همّة وعزيمة مؤيّديه‪ ،‬فهذا‬ ‫الذي شاهد رجالً ضخم القامة يرتدي لباسا ً‬ ‫أبيض وبشرته بيضاء وعندما سأله‬ ‫عن سرّ كون يده اليمنى سوداء‬ ‫أجابه‪ :‬بأ ّنه ير ّد الصواريخ‬ ‫بها عنهم! وذاك الذي‬ ‫ُي��ق��س��م ألت��ب��اع��ه أ ّن��ه��م‬ ‫يخوضون حربا ً مق ّدسة‬ ‫وأنّ اإلم��ام المتخ ّفي‬ ‫منذ مئات السنين سوف‬ ‫يكون عونا ً لهم على‬ ‫أعدائهم وأنّ هذه‬ ‫الحرب قد تنبَّأ بها‬ ‫اإلمام الفالنيّ منذ‬ ‫مئات السنين وح ّدد‬ ‫سير أحداثها‪ ،‬وأنّ‬ ‫ال��ن��ص��ر سيكون‬ ‫حليفهم وقد تتغيّر‬ ‫أح��وال الكون بعد‬ ‫هذا االنتصار!‬

‫وأخ��ي��راً وليس‬ ‫آخ�����راً‪ ،‬ال��خ��رف‬ ‫م����رض يصيب‬ ‫ال����ب����ع����ض ف��ي‬ ‫س���نّ الشيخوخة‬ ‫وأعراضه ضعف‬ ‫ب��ع��ض الملكات‬ ‫العقليّة وأهمّها الذاكرة‪ ،‬فال يستطيع المصاب بهذا‬ ‫المرض أن يتعرّ ف على َمن حوله‪ ،‬وقد يصيب‬ ‫الخرف أمّة ما أو جماعة فتنسلخ عن حاضرها وما‬ ‫حولها محاولة استحضار الماضي بحيثيّاته أو العودة‬ ‫إليه‪ ،‬وال أعرف إن كان خرافات أم تخريف ما تتب ّناه‬ ‫الجماعات اإلرهابيّة المتطرّ فة‪ ،‬وهو الرجوع بالزمن‬ ‫إلى الوراء‪ ،‬وهذا ما يخالف ك ّل قوانين العقل‪.‬‬

‫مسري العل ّي‬

‫سبل المساندة‪ ،‬السيكودراما‬ ‫من ُ‬

‫ترتدي مسألة الدعم النفسيّ لألطفال‪ ،‬الذين‬ ‫تعرّ ضوا ألزم��ات كبرى أو ك��وارث كالحروب‪،‬‬ ‫أهمّية قصوى لدى السوريّين‪ ،‬ال ّتساع مأساتهم زمان ّيا ً‬ ‫ومكان ّياً‪ ،‬واستمرارها ح ّتى اللحظة‪.‬‬ ‫وباعتبار المسرح فعالً اجتماع ّيا ً ونشاطا ً مدن ّيا ً‬ ‫بامتياز‪ ،‬والحتوائه على مجموعة من الفنون‪ ،‬يمكن‬ ‫استخدامه كأداة للتشخيص وللعالج في آن‪ ،‬وبطريقة‬ ‫تسمح بإجراء الدعم النفسيّ لألطفال خاصّة عبر‬ ‫فنونه‪ ،‬متفرّ قة ث ّم مجمّعة‪ ،‬ومن جهة المشتغلين في‬ ‫إنتاج العمل ومتل ّقيه من الجهة األخرى أيضاً‪.‬‬ ‫الفنّ واألدب‬

‫تلك البدايات تؤ ّدي إلى ما يسمّى باالنفراغ النفسيّ‬ ‫تمثيل ّياً‪ ،‬وينتج عنه نوع من (السيكودراما) الدراما‬ ‫النفسيّة‪.‬‬ ‫أكثر من دور‬

‫يمكن أن تبدأ الورشات بالرسم والتلوين‪ ،‬فاألطفال‬ ‫عموما ً يحبّون هذا الفنّ ويمكنهم ممارسته بسهولة‬ ‫نسبيّة في حالة األزمة‪ ،‬في جلسات المساندة والدعم‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى نشاطات أخرى وهوايات وألعاب‬ ‫بدنيّة‪ ،‬والقيام بحفالت تن ّكريّة أو رحالت ترفيهيّة ‪-‬‬ ‫إنْ أمكن – أو أيّ عمل تطوّ عيّ جماعيّ ‪.‬‬

‫يمكن بداية أن نسلك طريق‬ ‫التفريغ بواسطة فنون مساهمة‬ ‫في العرض المسرحيّ ‪ ،‬مثل‬ ‫الرسم أو التلوين‪ ،‬وكذلك‬ ‫النحت وغيرها من الفنون‬ ‫التشكيليّة والتطبيقيّة‪ ،‬وح ّتى‬ ‫تصميم العرائس والمالبس‪،‬‬ ‫وذل��ك بإقامة ورش��ات لتلك‬ ‫الفنون‪.‬‬ ‫من الناحية األدبيّة‪ ،‬تغدو‬ ‫كتابة القصص والحكايات ث ّم‬ ‫كتابة المسرحيّة‪ ،‬والـتأليف‬ ‫عموماً‪ ،‬سبيالً إبداع ّيا ً ها ّما ً‬ ‫في التفريغ كتشخيص وعالج‬ ‫للحاالت النفسيّة التي تعرّ ض‬ ‫لها الطفل وهو يقوم بسردها‪.‬‬ ‫ويتضمّن ذلك كتابة األناشيد‪ ،‬واالستماع إلى‬ ‫الموسيقى‪ ،‬وح ّتى المشاركة في إخ��راج المشاهد‬ ‫ّ‬ ‫يعزز ع��ودة المفاهيم والعالقات‬ ‫المسرحيّة‪ ،‬ما‬ ‫االجتماعيّة الصحّ يّة إل��ى عالم الطفل المصاب‬ ‫نفس ّياً‪ ،‬وكذلك عالقة المجموعة ببعضها‪ ،‬وعالقتها‬ ‫بالمجتمع مُختصراً كجمهور مسرحيّ ‪ ،‬الذي يجب أن‬ ‫يكون موسّعا ً شامالً‪ ،‬لينال حصّته من الفائدة‪ ،‬بما أنّ‬ ‫أثر كارثة كالحرب ال ب ّد وأن يصيب الجميع‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫كما أنّ جلسات البوح واإلرشاد‪ ،‬يمكن أن تكوّ ن‬ ‫بذرة للفعل المسرحيّ أو حكاية ينبني عليها العرض‬ ‫بالكامل‪ ،‬وقد لوحظ أنّ هكذا عروض يمكن أن تؤ ّدي‬ ‫الدور الماتع‪ ،‬والمطلوب من أيّ مسرح‪.‬‬ ‫أمّا انتقاء نصّ درام��يّ ذو هدف أعلى نفسيّ ‪،‬‬ ‫فيجب أن يت ّم عن طريق متخصصّ في هذا النوع‪،‬‬ ‫بما يناسب طبيعة وعدد األطفال والمشاركين في‬ ‫الدراما‪ ،‬ث ّم يُعرض النصّ على المجموعة‪ ،‬بأن يقرأ‬ ‫أو ُتسرد حكايته عليهم‪ ،‬ويمكن أن تترك بعض المهام‬

‫اإلخراجيّة لألطفال‪ ،‬كأن يجري توزيع األدوار من‬ ‫قبل األطفال أنفسهم‪ ،‬ويقوم بعضهم باقتراح أجزاء من‬ ‫السينوغرافيا‪ ،‬أو من الموسيقى‪ ،‬هذا كلّه سيساهم في‬ ‫عمليّات االنفراغ‪ ،‬وسيفيد ليس األطفال المستهدفين‬ ‫بل مجموع العاملين بمن فيهم أهالي األطفال بشكل‬ ‫رئيسيّ ‪.‬‬ ‫مالحظات لإلشراف‪:‬‬

‫ّ‬ ‫التدخل غير وارد بشكل مباشر‬ ‫من نافل القول‪ ،‬إنّ‬ ‫في مجريات النشاط‪ ،‬وح ّتى بشكل غير مباشر‪ ،‬إ ّنما‬ ‫يمكن المشاركة التشجيعيّة‪ ،‬كأن نمسك ببعض أدوات‬ ‫الرسم والتلوين‪ ،‬ونبتدئ عمل‬ ‫الورشة‪ ،‬أو نبدي اهتمامنا بما‬ ‫يقال وننصت ونحكي أو نسأل‬ ‫وندوّ ن‪ ،‬بل ونلعب باذلين طاقة‬ ‫بدنيّة مح ِّفزة‪.‬‬ ‫أمّ��ا فيما ي ّتصل بجلسات‬ ‫البوح‪ ،‬فيلزم أن يعطى الطفل‬ ‫المناخ المناسب من اإلنصات‪،‬‬ ‫لنقطف ثمار ما يمتاز به هذا‬ ‫النشاط من فعاليّات عالجيّة‬ ‫نفسيّة كالتخفيف من ضغوط‬ ‫القلق‪ ،‬وليتم ّكن المشرف النفسيّ‬ ‫ الدراميّ من استخالص البنية‬‫الدراميّة‪ ،‬من صراع وتلوّ ن أو‬ ‫رصف الحكايات كفسيفساء‪،‬‬ ‫وف��ي الحالتين ت��ت� ّم مساندة‬ ‫األطفال في إيجاد األسلوب اإليجابيّ لتقديم المسألة‪،‬‬ ‫وهذا تماما ً يعني‪ :‬انفراغ الشحنة السلبيّة النفسيّة‬ ‫الناتجة عن القلق المرتبط بمجموعة المخاوف‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬نذ ّكر بأ ّنه من األه ّميّة بمكان االستفادة‬ ‫من الخبرات السابقة للمجموعات العاملة في نفس‬ ‫المجال‪ ،‬بااللتقاء معهم لرفع مستوى المهارة لدى‬ ‫المشرفين‪ ،‬وزي��ادة مقدار األنشطة الجماعيّة قدر‬ ‫المستطاع‪.‬‬

‫ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫الخوف من جديد‬ ‫ربّما من الصعب أن نعطي تعريفا ً دقيقا ً للخوف‪ ،‬بالرّ غم‬ ‫من أ ّنه يبدو مفهوما ً شائعا ً ومألوفا ً لدى الجميع‪ ،‬ولكن‪،‬‬ ‫على مرّ التاريخ البشريّ جميع الظواهر التي ت َّم تعريفها‬ ‫ت ّم تحديدها بأسباب معيّنة وبنتائج واضحة بنسبة ما‪ ،‬ولكنّ‬ ‫الخوف؛ هو ذلك المحيط القادر على استيعاب وابتالع‬ ‫الكثير من األسباب والدواعي وعلى ما يتر ّتب عليها من‬ ‫تبعات‪ ،‬فبعضنا يخاف الظالم وبعضنا يخاف األماكن‬ ‫الضيّقة والمغلقة أو االرتفاعات الشاهقة‪ ،‬هذه جميعها‬ ‫حاالت شائعة وطبيعيّة‪ ،‬وممكن أن تش ّكل لدى العديد من‬ ‫الناس حالة مرضيّة‪ ،‬ولكن يمكن التغلّب عليها باالبتعاد‬ ‫عنها وتالفيها‪ ،‬فال ّ‬ ‫تؤثر على مجريات الحياة اليوميّة‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫يتمخض بنا‪ ،‬ويسكننا‬ ‫هنالك نوع آخر للخوف‪ ،‬ذلك الذي‬ ‫ويتغلغل في أعماقنا وشرايننا‪ ،‬فيتلبّسنا ويصبح جزءاً من‬ ‫حياتنا‪ ،‬وبالتالي يجعلنا مسيّرين لكثير من تبعاته‪ ،‬وأغلب‬ ‫حاالت هذا الخوف تكون ناتجة عن مرور اإلنسان بحالة‬ ‫ما‪ ،‬أو تعرّ ضه لتهديد يش ّكل هاالت من الخوف الدائم‬ ‫والمستمرّ ‪ ،‬تمنع الشخص المه ّدد غالبا ً من الخروج منها‪،‬‬ ‫فما الذي أبقى على األنظمة التي تحكمنا طيلة هذه العقود إلاّ‬ ‫إمبراطوريّات الخوف التي شيّدوها وعملوا على تدعيمها‬ ‫يوما ً بعد يوم‪ ،‬ففي العشر سنين األولى قد حاول الشعب‬ ‫التمرّ د على حكم األسد‪ ،‬ولكنّ ما القاه حينها من ويالت‬ ‫من التعذيب والقهر عملت على إدخال الشعب بمجمله في‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بجدرانه‪ ،‬الذي‬ ‫خندق مظلم‪ ،‬ظالمه هو الخوف‬ ‫ّ‬ ‫وتخطي هذا الخوف‪،‬‬ ‫منع أيّة محاولة الجتياز هذه الجدران‬ ‫فإمبراطوريّة الخوف التي قد ت ّم تشيدها كانت أكثر متانة‬ ‫من أيّ دافع آخر للحرّ يّة أو الكرامة أو العيش الحسن طوال‬ ‫عقود طويلة‪ ،‬فكيف ال يخاف اإلنسان وهو مه ّدد داخل‬ ‫منزله وفي فراشه‪ ،‬في سعيه اليوميّ بعمله‪ ،‬في أفكاره‬ ‫ّ‬ ‫بأدق تفاصيل حياته‬ ‫وتطلّعاته‪ ،‬فعندما يشعر بأ ّنه مراقب‬ ‫وأنَّ العقاب سيكون أش ّد ممّا يستطيع أن يتحمّل‪ ،‬سيخاف أن‬ ‫يفكر وأن يمضي في تنفيذ فكرة‪ ،‬سيخاف أن يشعر ح ّتى! كم‬ ‫من أناس قد استيقظوا من حلم‪ ،‬وهم مذعورون ويستعيذون‬ ‫باهلل! هذا الخوف الذي يكبّل اإلنسان ويمنعه من أيّ شيء‪،‬‬ ‫سيكون له تأثير آخر‪ ،‬فلن يقتصر تأثيره على الشخص في‬ ‫أن يصمت وألاّ يتكلّم بحقيقة ما يجول بفكره وما يعتمل‬ ‫بخاطره‪ ،‬بل سيتع ّدى التأثير هذه المرحلة إلى مرحلة الفعل‬ ‫والفكر المضا ّد‪ ،‬فيصبح اإلنسان يحييّ قاتله ويمجّ ده ويدعو‬ ‫له بدوام الصحّ ة‪ ،‬فأيّ شيء يدفعه للقيام بهذا؟ إلاّ الخوف‬ ‫وما له من سياط أليمة‪ ،‬الخوف من االعتقال والتغييب في‬ ‫المعتقالت تحت األرض لسنين وسنين‪ ،‬الخوف في إيذاء‬ ‫من أحبّ ‪ ،‬الخوف في أن يُسلب اإلنسان ما تب ّقى له من‬ ‫رمق‪ ،‬ولهذا قد رأينا عدداً من العوائل التي ا ّتخذت موقفا ً‬ ‫مغايراً على ما كانت عليه في السابق‪ ،‬فالفعل المضا ّد‬ ‫للخوف قد ّ‬ ‫تمثل بهم‪ ،‬ومع بداية الثورة التي كان أساسها‬ ‫الحقيقيّ هو الجيل الذي لم يعرف الخوف كجيل آبائه‪ ،‬ولم‬ ‫يعش ويالت التنكيل الحقيقيّة التي ُتري الشخص الشمس‬ ‫مظلمة‪ ،‬الثورة كسرت حاجز الخوف‪ ،‬وإن كانت بنسب‬ ‫متفاوتة‪ ،‬فأن تخرج مظاهرات في وسط هكذا إمبراطوريّة‬ ‫للخوف تدعو إلسقاطها وللتحرّ ر من قيود عبوديّتها هي‬ ‫أكثر أشكال كسر هذا الحاجز وضوحاً‪ ،‬فكانت كالحلم أو‬ ‫األسطورة بالنسبة لجيل الخوف‪ ،‬ولكن مع مرور األيّام‬ ‫بمناح ش ّتى وا ّتخاذها مسارات متع ّددة‬ ‫وتطوّ ر األحداث‬ ‫ٍ‬ ‫نرى أنَّ الخوف قد عاد ليسكن القلوب‪ ،‬بالتأكيد هناك حالة‬ ‫ما قد ت ّم تجاوزها‪ ،‬فاليوم أصبح من الطبيعيّ ج ّداً أن تسمع‬ ‫انتقادات وآراء معارضة في أيّ مجلس أو مكان‪ ،‬ولكن لم‬ ‫تعد الحناجر لتصدح أمام البندقيّة‪ ،‬ربّما ا ّتخذت الثورة شكالً‬ ‫آخر بال شكّ‪ ،‬ولكنّ اللوحة التي ّ‬ ‫تمثل كسر الخوف الحقيقيّ‬ ‫لم تعد موجودة كما كانت عليه في بداية الثورة‪ ،‬فالثائر أو‬ ‫المعارض الذي بقي لليوم تحت أسوار النظام لم يعد قادراً‬ ‫أن يحيّي الحرّ يّة كما فعل منذ عامين‪ ،‬ولم يعد قادراً على‬ ‫رؤية الساحات بساحات الحرّ يّة بل أصبح يراها ساحات‬ ‫اعتقال‪ ،‬هذا ما يفعله الخوف‪ ،‬ربّما هو على ّ‬ ‫حق‪ ،‬فال يريد‬ ‫أحد م ّنا أن يقاسي عذاب ومآسي االعتقال وفقدان ما تب ّقى‬ ‫بداخلنا من أحساس ووجود إنسانيّ ‪ ،‬وهذه الحالة تش ّكل‬ ‫لديهم إحساسا ً كالموت بعد الحياة‪ ،‬فالخوف يفقدنا وجودنا‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬علينا أن نعي أ ّنه ما دام هنالك خوف في مكان‬ ‫ما‪ ،‬فهنالك حتما ً ستغيب الحرّ يّة وسيح ّل الظلم والقهر‬ ‫والفساد شيئا ً فشيئاً‪ ،‬لذلك على أق ّل تقدير‪ ،‬علينا مجابهة‬ ‫من يصنع الخوف بالمناطق التي ننتمي إليها كي ال تصبح‬ ‫ثان يرمي بظالله لتحجب ع ّنا‬ ‫إمبراطوريّات جديدة لخوف ٍ‬ ‫ضوء الشمس من جديد‪.‬‬

‫سارة ع ّز‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫التطرّف والتطرّف المضا ّد‬

‫تعالت في األم��س أص��وات العرب المن ّددين‬ ‫بالجريمة النكراء التي قام بها أمريكيّ متطرّ ف‬ ‫م��ع��ا ٍد ل�لإس�لام حيث أزه��ق ب��دم ب��ارد أرواح‬ ‫ثالثة طلاّ ب تجمعهم صفة «المسلم» في والية‬ ‫كارولينا الشماليّة‪ ،‬فكان من الطبيعيّ التعبير عن‬ ‫الغضب اإلنسانيّ ألنّ قيمة الدم المدنيّ ليست‬ ‫مجّ انيّة وال يجب الصمت عن ح ّقه بالحياة‪ ،‬غير‬ ‫أنّ المؤلم باألمر أنّ هذا الغضب الذي عبّر عنه‬ ‫العرب والسوريّون خاصّة في وسائل التواصل‬ ‫االجتماعيّ ‪ ،‬جاء بصيغة ن ّديّة تواجه ك ّل من‬ ‫تعاطف مع الجريمة التي حدثت في باريس قبل‬ ‫شهر من اآلن‪ ،‬ولم يكن في ذلك االحتجاج المفعم‬ ‫بالغضب أيّة قيمة إنسانيّة للدم المدنيّ الذي يحمل‬ ‫ذنب االنتماء إلى اإلسالم بقدر ما كان تنديدهم ر ّداً‬ ‫انفعال ّيا ً يحمل طابع المظلوميّة الدينيّة‪ ،‬وكأ ّننا ك ّنا‬ ‫ننتظر متطرّ فا ً مضا ّداً لنقول لهم‪« :‬انظروا لستم‬ ‫أفضل م ّنا لديكم من التطرّ ف المشابه لتطرّ فنا»‪،‬‬ ‫وبذلك ال ننفي التطرّ ف عن الدين اإلسالميّ بقدر‬ ‫ما نحوّ له إلى أيقونة متطرّ فة تنتظر أن يضاهيها‬ ‫دين آخر بالتطرّ ف‪ ،‬وبمعنى آخر إنّ ما نفعله اليوم‬ ‫بطابعه العا ّم في محاولة تبرئة الدين اإلسالميّ‬ ‫يندرج تحت خانة نفي النفي‪ ،‬غير أنّ نفي النفي‬ ‫هو تأكيد‪ ،‬متناسين بذلك أنّ المعتقد الدينيّ كقيمة‬ ‫مجرّ دة يختزل من المفاهيم األخالقيّة واالجتماعيّة‬ ‫واإلن��س��ان� ّي��ة م��ا يجعله أكبر م��ن الممارسات‬

‫المتطرّ فة‪ ،‬بل ال يمكن أن تح ّدد تلك الممارسات‬ ‫أطره أو ح ّتى ترسم منهجيّته الكليّة‪ ،‬فال يمكن وسم‬ ‫الدين اليهوديّ أو الدين المسيحيّ بالتطرّ ف على‬ ‫الرغم من أنّ التاريخ حافل بممارسات متطرّ فة‬ ‫لبعض من يتبعهما‪ ،‬فلماذا نحاول توكيد التطرّ ف‬ ‫في صلب الدين اإلسالميّ عبر نفي النفي؟‬

‫قد يتساءل القارئ‪ ،‬نحن الذين نحمل الهويّة‬ ‫اإلسالميّة المشرقيّة سواء أك ّنا علمانيّين أو مسلمين‬ ‫معتدلين‪ ،‬تلك الهويّة التي ال يرى الغرب فيها سوى‬ ‫التطرّ ف‪ ،‬والتي ال يمكننا التملّص منها‪ ،‬فهي وعينا‬ ‫وتراثنا‪ ،‬فكيف لنا أن نقنع العالم بأنّ قيمة هويّتنا‬ ‫اإلنسانيّة تلك أعلى من الممارسات المتطرّ فة وال‬ ‫تستحق أن تقابلها عنصريّتهم المتطرّ فة المضا ّدة؟‬ ‫سأقول لك‪ ،‬قبل ع ّدة أيّام انتشر (فيديو) عن‬ ‫شابّ مسلم في أوربّا يقف في الشارع وقد أغمض‬ ‫عينيه بقطعة قماش فاتحا ً يديه وبقربه وضع الفتتين‬ ‫ُكتب عليهما «أنا مسلم يصفونني باإلرهابيّ ‪ ..‬أنا‬ ‫أثق بك‪ ،‬هل تثق بي؟ عانقني» فكانت ر ّدة فعل‬ ‫المارّ ة الغربيّين مبهرة بعفويّتها التي ت ّم تحفيزها‬ ‫من خالل عبارة صادقة حافلة باإلنسانيّة وضعتها‬ ‫يدان مشرّ عتان للعناق اإلنسانيّ الذي سيكون‬ ‫صوت العقل حين ُتعمي العنصريّة البصيرة‪.‬‬ ‫غير أ ّنه من الواجب أن ننوّ ه أيضا ً بأ ّنه ال ب ّد من‬ ‫االقتناع بأنّ البحث عن سُبل الدفاع عن ّ‬ ‫حق حامل‬

‫الهويّة اإلسالميّة المشرقيّة بالحياة واالحترام في‬ ‫ك ّل أرجاء العالم كي ال يعامل بعنصريّة متطرّ فة‪،‬‬ ‫هو أمر ال يخصّ المسلم الذي يتبع تعاليم دينه‬ ‫وحسب‪ ،‬وال يقتصر عليه‪ ،‬بل هو واجب أيضا ً على‬ ‫الذي يعتنق فكراً مدن ّيا ً أو علمان ّياً‪ ،‬غير أ ّنه يحمل‬ ‫تلك الهويّة اإلسالميّة التي تختزل تراث انتمائه‪،‬‬ ‫هي هويّة يحملها أفراد عائلته وأبناء وطنه‪ ،‬ودمهم‬ ‫ليس أرخص من دمه‪ ،‬وحين يعبّر عن تعاطفه‬ ‫مع الجرائم التي ترتكب باسم الدين بشكل يتجلّى‬ ‫بالتنصّل من الهويّة اإلسالميّة والتبرّ ؤ منها بدالً‬ ‫من إيجاد الطرائق التي تميّز بين الدين كقيمة‬ ‫مجرّ دة وبين الممارسات المتطرّ فة‪ ،‬فيكتفي بإزالة‬ ‫العار االنتمائيّ عنه متناسيا ً ما كان ير ّدده حول‬ ‫«الدين هلل والوطن للجميع»‪ ،‬بل هو قد يتجاهل‬ ‫بذلك أنّ ج ّده أو أحد أفراد عائلته ربّما كان شيخا ً‬ ‫حافظا ً للقرآن ولم يكن إرهاب ّياً‪ ،‬وأ ّنه حين يطلق‬ ‫حكم قيمة ال يقبل الجدال بوصف المعتقد الدينيّ‬ ‫كك ّل بالتطرّ ف‪ ،‬فهو بذلك يظلم المقرّ بين منه قبل‬ ‫أن يظلم اآلخرين‪ ،‬بل هو يحكم عليهم أيضا ً بصفة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ولن يكون حينها أق ّل عنصريّة من ذاك‬ ‫الغربيّ الذي قتل باسم التطرّ ف المضا ّد‪ ،‬والسبب‬ ‫في ذلك هو أ ّنه يحكم على أهله‪ ،‬أمّا ذاك اإلرهابيّ‬ ‫فيحكم على خصومه وش ّتان‪.‬‬

‫م ّي الفارس‬

‫إنّهم يدفعوننا للجنون والتطرّف‬ ‫(التعامل مع الكساسبة مثاالً!)‬

‫مع أنّ الجريمة متطابقة‪ ،‬وال تحتاج لكثير من‬ ‫العناء لتد ّل على أنّ هناك إسفافاً‪ ،‬نفاقا ً وازدواجيّة‪،‬‬ ‫بالتعامل مع مستج ّدات‪ ،‬ونتائج إبقاء استمرار نظام‬ ‫عصابة األسد في السلطة‪ ،‬نستمع مرغمين‪ ،‬ورغم‬ ‫ك ّل الجراح‪ ،‬وك ّل القراح‪ ،‬وك ّل التهجير‪ ،‬وك ّل‬ ‫التنفير‪ ،‬لنتواجه مع التهافت الفظيع‪ ،‬والمقرف‪،‬‬ ‫لجريمة حرق الطيّار األردنيّ الكساسبة‪ ،‬في اإلعالم‬ ‫الدوليّ ‪ ،‬ولنجد أنّ معظم دول الجوار‪ ،‬والمجتمع‬ ‫العربيّ واإلسالميّ والدوليّ ‪ ،‬قد تناسوا متعمّدين‪،‬‬ ‫مقدار األنفس البشريّة التي أحرقها التحالف الدوليّ‬ ‫ الذي كان الطيّار جزءاً منه ‪ -‬الذي طال ح ّتى ت ّم‬‫تشكيله‪ ،‬وليت ّم توجيهه نحو ترك النظام المجرم‪،‬‬ ‫ليجعل من اللعبة بأرواح المستضعفين من المدنيّين‬ ‫تصبح أكثر دمويّة وقذارة‪ ،‬ومن ث ّم لتصل لظى‬ ‫الحمم الدوليّة‪ ،‬لألبرياء بدل أن يت ّم توجيه ولو جزء‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بعصابة األسد‪ ،‬وبعدها‬ ‫يسير منها‪ ،‬للمسبّب‬ ‫لتوحّ د الجهود ض ّد النتيجة «داعش»‪ ،‬وقد فعل‬ ‫هذا منفرداً «الجيش الحرّ » الذي يبدو من حيث‬ ‫المسمّى أ ّنه جيش تقليديّ وهو ليس كذلك‪ ،‬في عديد‬ ‫من المناطق السوريّة‪ ،‬ولك ّنه ُترك منفرداً يعاني‬ ‫من أعتى عصابتين‪ ،‬األسد و «داعش» معاً‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك ّ‬ ‫حقق هذا التجمّع الثائر كثيراً من االنتصارات‬ ‫ّ‬ ‫بحق الطرفين‪ ،‬ممّا يعطيه األحقيّة بالدعم ويوجّ ه‬ ‫الشكوك ناحية ما يرصد إليه من أموال ومن نفقات‬ ‫بالحرب ض ّد «داعش» التكفيريّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ليحقق‬ ‫التحالف الدوليّ ‪ ،‬الذي طال انتظاره‪،‬‬ ‫شيئا ً من موازنة الرعب في إيقاف إرهاب العصابة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة ال��ذي يقوده نظام األس��د في سورية‪،‬‬ ‫يأخذ طريقا ً فرعيّة‪ ،‬ويجعل من حالة الضبابيّة‬ ‫لدى الشعوب التي خرج منها التحالف‪ ،‬تظنّ أنّ‬ ‫المشكلة األساس‪ ،‬كانت مع تنظيمات ّ‬ ‫حذرت منها‬ ‫عصابة األسد‪ ،‬وليس مع كيفيّة صناعة اإلرهاب‬ ‫في المجتمعات‪ ،‬وعن كيفيّة تصديره لباقي أنحاء‬ ‫العباد والبالد فيظ ّل المجتمع بهاجس التخلّص من‬ ‫وباء التكفير والرجعيّة الفكريّة وينسى واقعه األليم‬ ‫على كا ّفة األصعدة في ظ ّل أنظمة ال تق ّل ترهيبا ً‬ ‫ّ‬ ‫منظما ً عن «داعش»‪.‬‬ ‫ال يمكن للمتابع في شرائط األخبار المتتابعة‬ ‫والدمويّة‪ ،‬ألاّ أن يصاب بمسّ من الجنون‪ ،‬سيّما‬ ‫وإنْ كان الضحايا‪ ،‬من ناحية القيمة البشريّة‬ ‫واإلنسانيّة‪ ،‬غير متطابقة‪ ،‬وال تحمل ح ّتى ذات‬ ‫االهتمام‪ ،‬على المستوى الدوليّ ‪ ،‬أو ح ّتى المستوى‬ ‫اإلقليميّ والمحلّيّ ‪ ،‬ال يمكن لسويّ عقل‪ ،‬أن يوازن‬ ‫بين عذابات وآالم ك ّل المهجّ رين‪ ،‬والذين ماتوا تحت‬ ‫ش ّدة أحوال الطقس الجنونيّة بالبرد وفي العراء‪،‬‬ ‫من أطفال وشيوخ ومرضى وضعفاء‪ ،‬وحيدين‬ ‫سوى من بعض دريهمات تنفق لتسكين الضمير‬ ‫هنا وهناك‪ ،‬وبين حالة واحدة‪ ،‬يصبّ عليها ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫السذج‪ ،‬جام غضبهم‪ ،‬ويتناسون واجباتهم في حمل‬ ‫راية اإلنسانيّة والتنديد‪ ،‬على األقلّ‪ ،‬بحالة الهمجيّة‬ ‫والبربريّة التي ترتكبها عصابة قوّ ات األسد أو‬ ‫القوّ ات الدوليّة ّ‬ ‫بحق المدنيّين‪ ،‬الذي يصيبهم الوبال‬ ‫األكبر من العذاب والتنكيل والقتل والتجهيل‬ ‫والتهجير‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫قال أشتون كارتر‪ ،‬مر ّ‬ ‫شح أوباما‪ ،‬لمنصب‬ ‫وزير الدفاع‪ ،‬في جلسة استجواب‪ ،‬لتنصيبه وزير‬ ‫الدفاع‪ :‬إنّ مواجهة «داعش» ستكون أولويّة وليس‬ ‫هزيمة األسد‪ .‬يبدي مثل هذا التصريح‪ ،‬أولويّات‬ ‫معكوسة‪ ،‬في الح ّد األدنى‪ ،‬من وصف مثل هذا‬ ‫ّ‬ ‫المهذبة‪ ،‬التي تصلح للنشر في‬ ‫القرار‪ ،‬باللغة‬ ‫األدبيّات الصحفيّة‪.‬‬ ‫إنّ الهولوكوست العربيّ ‪ ،‬ال��ذي يت ّم على‬ ‫ّ‬ ‫والمتأخر من‬ ‫مرأى من جميع العالم (المتحضّر)‬ ‫العرب والمسلمين‪ ،‬أخصّ القادة منهم والسياسيّين‬ ‫والمسؤولين عن دائرة صناعة القرار‪ ،‬سيدفعون‬ ‫ثمنه غاليا ً ج ّداً‪ ،‬وسيكون انقالبه عليهم ثقيل الوطأة‬ ‫وهو ثمن دفعه الشعب السوريّ ‪ ،‬الذي سكت طويالً‬ ‫ّ‬ ‫بحق شعوب ودول الجوار‪ ،‬عبر‬ ‫على نظام أجرم‬ ‫سياسة قذرة كرّ سها لتبادل مصالح الدول‪ ،‬في لبنان‬ ‫والعراق‪ ،‬ليكون له حصّة في نظام دوليّ إجراميّ ‪،‬‬ ‫يؤمن بأنّ الحصص ّ‬ ‫توزع حسب األدوار القذرة‬ ‫التي توكل للقيام بالنيابة عنه‪ ،‬في حكم أو استثارة‬ ‫حالة عدم االستقرار‪ ،‬في أيّ منطقة للنزاعات‪،‬‬ ‫فلطالما كانت الساحة اللبنانيّة ولوقت طويل‪ ،‬مكانا ً‬ ‫مارس فيه النظام السوريّ ‪ ،‬ش ّتى أنواع اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫بحق اللبنانيّين والفلسطينيّين‪،‬‬ ‫الدمويّ والعسكريّ ‪،‬‬ ‫على ح ّد سواء‪ ،‬وعلى مرأى من العالم أجمع‪ ،‬بل‬ ‫وبمباركة منه أيضاً‪ ،‬وكان الثمن رخيصاً‪ ،‬هو‬ ‫القبول بأحالف عسكريّة ض ّد دولة جارة وشقيقة‬ ‫هي العراق‪ ،‬ال يعني مثل هذا الكالم أ ّنني أساند‬ ‫طاغية مثل طاغية العراق‪ ،‬بل هو مجرّ د تحليل‬ ‫لألحداث‪.‬‬ ‫وال يُعرف المقدار الذي لعبته عصابة األسد‪،‬‬ ‫في وصول العراق لمستنقع التطرّ ف‪ ،‬عبر فتح‬ ‫الحدود للمتطرّ فين‪ ،‬ومعتدلين وجدوا الك ّفة في‬ ‫الحرب غير م ّتسقة‪ ،‬فت ّم دفعهم دفعا ً للتطرّ ف‬ ‫فيما بعد‪ ،‬عندما وجدوا أنفسهم ضمن لعبة قذرة‬ ‫وكبيرة‪ ،‬من إيران ومن المخابرات األمريكيّة‪،‬‬ ‫لمنع النظر باتجاه دوّ ام��ة الال استقرار والعنف‬ ‫وارتفاع موجة الطائفيّة والكراهيّة في البالد بين‬ ‫المواطنين بعضهم بعضا ً التي يستفيد منها الذين‬ ‫يؤمنون بعراق متناثر وضعيف منهك القوى‬ ‫ومقسّم األقاليم‪ ،‬حسب األهواء الطائفيّة أو العرقيّة‪.‬‬ ‫يبدو الطيّار األردن��يّ المحروق‪ ،‬بابتسامته‬ ‫الوادعة‪ ،‬أشبه بعنصر مخابرات سوريّ ‪ ،‬ت ّم أدلجة‬ ‫عقله‪ ،‬بطريقة العصابات التكفيريّة ذاتها‪ ،‬فهو‬ ‫مقتنع أنّ ما قام به‪ ،‬يعود بالنفع على نظامه الحاكم‪،‬‬ ‫وليس على المجتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬وقد دفع‬ ‫الثمن غالياً‪ ،‬بموتة شنيعة ال يرضى بها أحد‪ ،‬رغم‬ ‫أ ّنه أذاق المدنيّين األبرياء شيئا ً من فيح الجحيم‪.‬‬ ‫ولتستمرّ المسرحيّة الهزليّة أعلن الملك‬ ‫األردنيّ ‪ ،‬سليل األسرة الهاشميّة‪( ،‬بجاللة قدره)‬ ‫ك‬ ‫أ ّن��ه يريد بنفسه أن يقوم بقيادة طائرته‪ ،‬ليد ّ‬ ‫حصون اإلرهاب «الداعشيّ »‪ ،‬وت ّم التراجع عن‬ ‫ذلك ألسباب غير معروفة‪ ،‬ونسي (جاللته) أ ّنه‬ ‫لم يقم ولو بإدانة لفظيّة واضحة ومباشرة لعصابة‬ ‫األسد‪ ،‬التي كانت سنده األساس في المرجعيّات‬

‫المخابراتيّة‪ ،‬في المنطقة خصوصاً‪ ،‬وفي الشرق‬ ‫األوسط عموماً‪.‬‬ ‫وح ّتى يكمل المشهد الدراميّ االنتقاميّ القبليّ ‪،‬‬ ‫أعلن النظام األردن��يّ ‪ ،‬أ ّنه سيقوم بعمليّة إعدام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بحق إرهابيّة مدانة ومعتقلة منذ تسع سنوات‪،‬‬ ‫كان سيبادلها بالطيّار المجرم‪ ،‬في حركة طفوليّة‬ ‫جاهليّة‪ ،‬ال تق ّل شبها ً عن انتقام عافه التاريخ منذ‬ ‫زمن طويل‪ ،‬يذكر الباحثون أنّ األنظمة العربيّة‬ ‫أنظمة انفعاليّة ودمويّة وانتقائيّة في ر ّدات أفعالها‪،‬‬ ‫وال تتصرّ ف بمنطق الدولة‪ ،‬التي تعزل نفسها‬ ‫عن الوقوع بموجة ر ّدات الفعل‪ ،‬بل تراجع تماما ً‬ ‫فعالها‪ ،‬وتعيد تصنيف أخطائها‪ ،‬بل وتعترف بها‬ ‫ح ّتى ال يكررها من سيخلفها‪ ،‬لما في ذلك من أثر‬ ‫رجعيّ على المجتمعات‪ ،‬في الوقوع في دائرة‬ ‫توارث األخطاء التراكميّة‪.‬‬ ‫الحظنا أيضاً‪ ،‬في عتبة التحالف الدوليّ ‪ ،‬أنّ أبناء‬ ‫ملوك المنطقة يدخلون الحرب ض ّد «داعش» في‬ ‫أسراب الطائرات بل ويتراجعون عنها بعد مقتل‬ ‫الكساسبة حرقاً‪ ،‬دفاعا ً عن مكتسبات وسياسات‬ ‫بقائهم في السلطة‪ ،‬بعد أن ذهب تفكيرهم أنّ‬ ‫التفكير المتطرّ ف سيصل إليهم وسينازعهم على‬ ‫يع أولئك أنّ الوصول للتطرّ ف كان نتاج‬ ‫الملك ولم ِ‬ ‫سياساتهم وهو أمر طارئ يزول بزوال المسبّبات‬ ‫والمبرّ رات ألنّ أساس بقاء الدول هو العدل وتبادل‬ ‫السلطة‪.‬‬ ‫لن استصرخ لدماء الضحايا السوريّين‪ ،‬ولن‬ ‫أتباكى على أجساد األطفال والشيوخ والنساء‪،‬‬ ‫التي تذيبني خجالً من هللا‪ ،‬إ ّنني واقف ال أملك‬ ‫سوى القلم للدفاع عنهم‪ ،‬ولك ّنني واثق ثقة تامّة‪ ،‬أنّ‬ ‫المنطقة بأسرها ستتذوّ ق ذات الوبال‪ ،‬ما دام حالها‬ ‫ّ‬ ‫يتمطى‬ ‫كحال عبّاس الذي ترك المتراس وذهب‬ ‫باق ح ّتى أمد قليل‪.‬‬ ‫وراء عرض يسير من استقرار ٍ‬ ‫وال ب ّد لي من االعتراف أ ّنني أصاب بلوثة‬ ‫من الجنون‪ ،‬حين أسمع عويل الطائفيّين‪ ،‬في‬ ‫إيران ولبنان‪ ،‬من قادة المليشيات‪ ،‬ين ّددون بفعل‬ ‫«داعش»‪ ،‬وهم من ذوي السجلاّ ت المفتوحة‪ ،‬في‬ ‫الذبح والقتل والحرق والتهجير والتنفير‪.‬‬ ‫عموما ً وكختام‪ ،‬تشير ك ّل المؤ ّ‬ ‫شرات على‬ ‫أنّ إحراق الكساسبة أعاد األمل بالقبول بعصابة‬ ‫األسد بالمجتمع الدوليّ ‪ ،‬وص��رّ ح بذلك معاون‬ ‫وزي��ر الخارجيّة المصريّ السابق‪ ،‬وتناسى‬ ‫أولئك المرحّ بون‪ ،‬أ ّنه لو ت ّم (االنتقام) ألطفال‬ ‫درعا وشهدائها‪ ،‬ولو كان صاحب القرار ي ّتصف‬ ‫بالحكمة والعقل والـ (اعتدال) كما بات البعض‬ ‫يعطيه هذا الوصف المقيت‪ ،‬لما وصلت األمور‬ ‫لما وصلت إليه من ضحايا ودمار وفرقة وكراهيّة‬ ‫في المنطقة بأسرها‪ ،‬ولك ّنهم بإعطائه هذه الفرصة‪،‬‬ ‫عليهم أن يتذ ّكروا أنّ دفع الفاتورة سيكون مرّ اً‬ ‫وعلقماً‪ ،‬وستثبت لهم األيّام أيّة كارثة هم بصدد‬ ‫الدخول فيها وما سيتولّد عنها من جنون وتطرّ ف‬ ‫في المستقبل‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫في اإلعادة إفادة‬ ‫*مق ّدمة ّ‬ ‫يتوقف عليها إدراك علّة خروج‬ ‫الفرنساويّة عن طاعة ملكهم‬

‫رفاعة رافع الطهطاوي (‪)1873 – 1801‬‬ ‫اعلم أنّ هذه الطائفة متفرّ قة في الرأي فرقتين أصليّتين‪،‬‬ ‫وهما‪ :‬ا َلملكيّة والحرّ يّة؛ والمراد بالملكيّة أتباع الملك القائلون‬ ‫ُعارض فيه من‬ ‫بأ ّنه ينبغي تسليم األمر لوليّ األمر من غير أن ي َ‬ ‫طرف الرعية بشيء‪ ،‬واألخرى تميل إلى الحرّ يّة‪ ،‬بمعنى أ ّنهم‬ ‫يقولون‪ :‬ال ينبغي النظر إلاّ إلى القوانين فقط‪ ،‬والملك إ ّنما هو‬ ‫من ّفذ لألحكام على طبق ما في القوانين‪ ،‬فكأ ّنه عبارة عن آلة‪.‬‬ ‫ك أنّ الرأيين متباينان‪ ،‬فلذلك كان ال ا ّتحاد بين أهل‬ ‫وال ش ّ‬ ‫فرنسا‪ ،‬لفقد اال ّتفاق في الرأي‪ ،‬والملكيّة أكثرهم من القسوس‬ ‫وأتباعهم‪ ،‬وأكثر الحرّ يّين من الفالسفة والعلماء والحكماء‬ ‫وأغلب الرعيّة‪ ،‬فالفرقة األولى تحاول إعانة الملك‪ ،‬واألخرى‬ ‫ضعفه وإعانة الرعيّة‪ ،‬ومن الفرقة الثانية طائفة عظيمة تريد‬ ‫أن يكون الحكم بالكلّيّة للرعيّة‪ ،‬وال حاجة إلى ملك أصالً‪ ،‬ولكن‬ ‫لمّا كانت الرعيّة ال تصلح أن تكون حاكمة ومحكومة‪ ،‬ويجب‬ ‫أن توكِل عنها من تختاره منها للحكم‪ ،‬وهذا هو حكم الجمهوريّة‬ ‫ويقال للكبار‪ :‬مشايخ وجمهور‪.‬‬ ‫وشريعة اإلس�لام التي عليها م��دار الحكومة اإلسالميّة‬ ‫مشوبة باألنواع الثالثة المذكورة لمن تأمّلها وعرف مصادرها‬ ‫ومواردها‪.‬‬ ‫بعض الفرنساويّة يريد المملكة المطلقة‪ ،‬وبعضهم يريد‬ ‫المملكة المقيّدة بالعمل بما في القوانين‪ ،‬وبعضهم يريد‬ ‫الجمهورية‪ ،‬وقد سبق للفرنساويّة أ ّنهم قاموا سنة ‪١٧٩٠‬‬ ‫من الميالد وحكموا على ملكهم وزوجته بالقتل‪ ،‬ث ّم صنعوا‬ ‫جمهوريّة‪ ،‬وأخرجوا العائلة السلطانيّة المسمّاة «البربون»‬ ‫من مدينة «باريس» وأشهروهم مثل األعداء‪ ،‬وما زالت الفتنة‬ ‫باقية األثر إلى سنة ‪ ١٨١٠‬ميالديّة‪ ،‬ثم تسلطن «بونابارته»‬ ‫المسمّى «نابليون» وتل ّقب بسلطان السالطين؛ ث ّم لمّا كثرت‬ ‫محارباته وكثر أخذه للممالك وخيف بأسه وبطشه تعاهد عليه‬ ‫ملوك اإلفرنج‪ ،‬ليخرجوه من المملكة‪ ،‬فأخرجوه منها‪ ،‬مع محبّة‬ ‫الفرنساويّة له‪ ،‬وأعادوا البربون إلى محلّهم رغما ً عن أنف الملّة‬ ‫الفرنساويّة‪ ،‬فكان أوّ ل من تسلطن منهم «لويز الثامن عشر» ‪،‬‬ ‫وألجل تغريب الناس في حكمه وتمكين ملكه صنع قانونا ً بينه‬ ‫وبين الفرنساويّة‪ ،‬بمشورتهم ورضائهم‪ ،‬وألزم نفسه أن يتبعه‬ ‫وال يخرج عنه‪ ،‬وهو الشرطة‪ ،‬وال شك أنّ وعد الكريم ألزم من‬ ‫دين الغريم؛ وقد جعل هذا القانون له ولمن بعده من ورثة مملكة‬ ‫الفرنساويّة‪ ،‬وأنه ال يزاد فيه وال ينقص‪ ،‬إلاّ إذا ا ّتفق عليه الملك‬ ‫وديوان «البير» وديوان وكالء الرعيّة‪ ،‬فال ب ّد من الديوانين‬ ‫والملك‪ ،‬ويقال إ ّنه صنع ذلك على غير مراد أهله وأقاربه وهم‬ ‫يحبّون التصرّ ف المطلق في الرعيّة‪ ،‬ويقال‪ :‬إ ّنهم تعصّبوا عليه‬ ‫وكان رئيس العصبة أخاه «كرلوس العاشر» ‪ ،‬ح ّتى إ ّنه ّ‬ ‫اطلع‬ ‫على ما أخفاه له فأبطله‪ ،‬ويقال إنّ كرلوس العاشر أراد في‬ ‫كبر لويز الثامن عشر أن ينقص ذلك القانون‪ ،‬ويرجع إلى‬ ‫طريق إطالق التصرّ ف‪ ،‬فلم يمكنه ذلك‪ ،‬ث ّم بعد موت أخيه أظهر‬ ‫«كرلوس» الحيلة‪ ،‬وأبطل ما كان نواه‪ ،‬وأظهر أ ّنه ال يريد شيئا ً‬ ‫من ذلك‪ ،‬وجوز لك ّل إنسان أن يبدي في الكازيطات (الصحف)‬ ‫رأيه بالكتابة من غير أن ينظر فيه قبل طبعه وإظهاره فص ّدق‬ ‫الناس كالمه واعتقدوا أ ّنه ال يخلف وعده‪ ،‬بل فرحت سائر‬ ‫الرعيّة بتدبيره ومشيه على القوانين‪ ،‬ث ّم إ ّنه انتهى أمره إلى أن‬ ‫هتك القوانين التي هي شرائع الفرنساويّة وخالفها‪ ،‬وقبل هتكه‬ ‫للشريعة بانت منه أمارات ذلك بمجرّ د تقليده الوزارة للوزير»‬ ‫بولنياق» وهو معلوم المذهب والتدبير‪ ،‬يعني أ ّنه يميل إلى كون‬ ‫األمر ال يكون إلاّ للملك‪ ،‬وكانت الفرنساويّة تنسب إليه ك ّل ما‬ ‫خالف مذهب الحرّ يّة ؛ فلذلك كان يبغضه سائر أرباب الحرّ يّة‬ ‫وأغلب الرعيّة‪ ،‬وقد عرف الفرنساويّة من قبل أنّ اختياره‬ ‫للوزارة كان مقصوداً لمهم‪ ،‬وقد حصل بعد توليته بنحو سنة‪.‬‬ ‫وقد قلنا فيما سبق‪ :‬إنّ ديوان وكالء الرعيّة يجتمعون ك ّل سنة‬ ‫للمشورة العموميّة‪ ،‬فلمّا اجتمع هذا الديوان عرضوا على الملك‬ ‫أن يعزل هذا الوزير ومن معه من الوزراء الس ّتة‪ ،‬فلم يصغ‬ ‫لكالمهم أصالً‪ ،‬وقد راجت العادة أنّ ديوان المشورة يعمل فيه‬ ‫جميع األشياء بمقالة أكثر أربابه‪ ،‬وكان المجتمع في هذا الديوان‬ ‫للمشورة في قضيّة ال��وزراء أربعمائة وثالثون نفساً‪ ،‬منها‬ ‫ثالثمائة ال يرضون بإبقاء الوزراء‪ ،‬ومنهم مائة وثالثون يحبّون‬ ‫إبقاءهم‪ ،‬فكان العدد األكثر عليهم‪ ،‬والعدد األق ّل لهم‪ ،‬فتي ّقنوا‬ ‫عزلهم‪ ،‬وكان الملك يحبّ إبقاءهم‪ ،‬الستعانته بهم على تنفيذ‬ ‫ما أضمره في نفسه فأبقاهم‪ ،‬ث ّم خرم القانون بع ّدة أوامر ملكيّة‬ ‫فكانت عاقبتها خروجهم وإخراجهم له من بالدهم معزوالً‪...‬‬ ‫* الصفحات (‪)237 – 235‬من كتاب «تخليص اإلبريز في تلخيص باريز» لرفاعة‬ ‫رافع الطهطاوي عن دار كلمات عرب ّية للترجمة والنشر‪.‬‬

‫عبد الكريم أنيس‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪25‬‬

‫ثقافة‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫عمالق صغير‬

‫أل ّنه قصير القامة‪ ،‬كره التلفزيون وأحبّ اإلذاعة‪ ،‬ولسنوات‬ ‫ّ‬ ‫البث من إذاعة دمشق بنغمته الرائعة‬ ‫ظ ّل يط ّل صباحا ً مع بدء‬ ‫على بزقه األنيق‪ ،‬في إحدى الحفالت استمع الملك فيصل ملك‬ ‫العراق حينها إلى عزفه فأعجب به ووصفه بـ «أمير البزق»‬ ‫فطلب منه فرمانا ً يشير إلى ذلك‪ ،‬فأصدر أمراً ملك ّيا ً بتسمية‬ ‫«محمّد عبد الكريم» أميراً آللة البزق‪ ،‬والزمه هذا اللقب‬ ‫طوال حياته‪ ،‬ل ّقبه البعض شيطان البزق و «باغنيني» البزق‪.‬‬ ‫ولد محمّد عبد الكريم عام ‪ 1911‬لعائلة فنيّة من أصل غجريّ‬ ‫(نوريّ ) بمدينة حمص ويُعتبر والده أستاذه األوّ ل‪ ،‬انتسب إلى‬ ‫نادي الميماس عازفا ً ضمن فرقته الموسيقيّة‪.‬‬ ‫في العاشرة من عمره انتقل إلى دمشق واستطاع األمير أن‬ ‫يفرض نفسه عازفا ً متميّزاً على البزق‪ ،‬في بدايته نشط مع فنان‬ ‫خيال الظ ّل «أبو شاكر» الذي كان يق ّدم عروضه في مقهى‬ ‫النوفرة بدمشق وأخذ ينهل من المعارف الموسيقيّة الشرقيّة‬ ‫والغربيّة‪.‬‬ ‫عام ‪ 1925‬زار القاهرة‪ ،‬وتعرّ ف على عمالقة الموسيقى‬ ‫مثل (محمّد القصبجي وزكريّا أحمد وداوود حسني ومحمّد‬ ‫عبد الوهاب)‪ ،‬وشارك في إحياء العديد من الحفالت‪ ،‬وفي‬ ‫إيطاليا انتزع إعجاب اإليطاليّين عندما عزف على بزقه لحنين‬ ‫شعبيّين لمدينة نابولي‪ ،‬كذلك عزف النشيد الوطنيّ اإلنكليزيّ‬ ‫بأصابع قدميه عندما غمز بعض الجمهور اإلنكليزيّ من قِصر‬ ‫قامته‪ ،‬زار بيروت والتقى فيها عازف البزق اللبنانيّ «محيي‬ ‫الدين بعيون» أشهر عازفي البزق في الوطن العربيّ آنذاك‪،‬‬ ‫والذي أبدى إعجابه باألمير‪ ،‬في مطلع الثالثينيّات سافر إلى‬ ‫القدس‪ ،‬وتعرّ ف على كبار الموسيقيّين الفلسطينييّن مثل يوسف‬ ‫بتروني ويحيى السعوديّ ‪.‬‬ ‫ويعتبر «عبد الكريم» من مؤسّسي إذاعة دمشق‪ ،‬والقدس‪،‬‬ ‫والشرق األدنى‪ ،‬وما زلت أذكر اللهفة التي ك ّنا ننتظر بها موعده‬ ‫األسبوعيّ في إذاعة دمشق لنستمع إلى بزقه الساحر‪ ،‬إذ يُعتبر‬ ‫األمير من المج ّددين‪ ،‬ولكنّ تجديده أتى بعد أن حفظ التراث‬ ‫ّ‬ ‫وتمثله‪ ،‬وهو القائل (ك ّل تجديد ال ينبع من التراث إلى زوال)‬ ‫كان مح ّبا ً ومستمعا ً جيّداً للموسيقى الغربيّة الكالسيكيّة بك ّل‬ ‫أنوعها‪ ،‬وبناء عليه نقل إلينا فنّ «السريناده» الغربيّ ‪ ،‬وألّف‬ ‫فيه روائع تشهد له بالنبوغ‪ .‬كما كتب عدداً من «الفالسات»‬ ‫و «التانجوات» وكانت أفكاره الموسيقيّة تنافس موهبته‬ ‫وطموحاته في التجديد‪ ،‬ألّف الكثير من المقطوعات الموسيقيّة‬ ‫مثل (ديك الجنّ ‪ -‬بين الصنوبر) وتبقى مقطوعته الموسيقيّة‬ ‫الشهيرة «المعركة الموسيقيّة» أو «رقصة الشيطان» تختلف‬ ‫عن ك ّل مؤلّفاته من ك ّل النواحي وبخاصّة التكنيكيّة‪ ،‬ألنّ‬

‫‪11‬‬

‫تمرّ المدينة برقاً‬

‫عزفها يتطلّب تكنيكا ً عاليا ً من العازف‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫انقضاء أكثر من ثالثين عاما ً على تأليفها‪ ،‬فهي مازالت تتح ّدث‬ ‫بلغة العصر‪ ،‬وهذا يدل ّل أنّ األمير سبق زمنه‪ ،‬وإذا عرفنا‬ ‫أنّ المقطوعة المذكورة خضعت للعلوم الموسيقيّة الغربيّة في‬ ‫التوافق (الهارموني) أدركنا مدى اهتمامه ومواكبته للموسيقى‬ ‫السائدة في العالم‪.‬‬ ‫يُعتبر األمير عمالقا ً في االرتجال‪ ،‬والذي يحتاج إلى َملكة‬ ‫خاصّة ومعرفة عميقة بعلم المقام‪ ،‬وكان له أسلوبه المتميّز‬ ‫وطبعه المتفرّ د في االرتجال‪ ،‬ح ّتى أ ّنه أضاف مقاما ً جديداً‬ ‫عُرف بمقام (مريومة) عندما زار العازف التركيّ «شنشالر»‬ ‫إذاعة دمشق‪ ،‬ولكونه من أبرع عازفي المنطقة لم يستطع أيّ‬ ‫من العازفين السورييّن العزف معه سوى األمير الذي جاراه‬ ‫أحيانا ً وتفوّ قه عليه في أخرى‪ ،‬وعندما غزا فنّ «المونولوج»‬ ‫الغناء العربيّ ‪ ،‬أقبل «حمّد عبد الكريم» على هذه الخطوة‬ ‫بحماس‪ ،‬وهو الف ّنان العالم المج ّدد الذي يعرف ما يريد‪ ،‬فلحّ ن‬ ‫أوّ ل ما لحّ ن رائعته «يا جارتي ليلى» لماري ع ّكاوي على‬ ‫إيقاع (التانغو) والتي غ ّنتها كذلك المطربة فائزة أحمد‪ ،‬لتغدو‬ ‫مثاالً يُحتذى في فنّ صياغة المونولوج‪.‬‬ ‫في الخمسينيّات طلبت منه المطربة الكبيرة «سعاد محمّد»‬ ‫أن يلحّ ن لها بعض األغنيات فلم يبخل عليها‪ ،‬ولحّ ن لها عدداً‬ ‫من األغاني التي جعلت من سعاد محمّد اسما ً معروفا ً في عالم‬ ‫الطرب‪ ،‬وتعتبر أغنية «محتارة يا ناس» التي لحّ نها لها واحدة‬ ‫من أجمل األغاني التي اشتهرت في الحياة الف ّنيّة‪ ،‬ور ّددتها‬ ‫شفاه الناس‪ ،‬كذلك أعطى المطربة «نجاح سالم» أغنية «ر ّقة‬ ‫حسنك وداللك» التي ساعدت على شهرتها‪ .‬أمّا ما أبدعه بالنسبة‬ ‫آللة البزق تطويراً وعزفا ً فهو أكثر من أن يُذكر‪ ،‬فقد ج ّدد ب ُع َقد‬ ‫البزق وأضاف إليه (زند ودساستين) وغيّر الطاسة وصنعها‬ ‫من خشب (موندرين) وزاد وترين على البزق ووضع بالقرار‬ ‫وتراً إضاف ّيا ً (األوّ ل‪ :‬قرار‪ ،‬والثاني‪ :‬جواب)‪ .‬أمّا رباطي زند‬ ‫البزق فقد كان عددها (‪ )18‬رباطا ً وجعلها (‪ )38‬للتنوّ ع في‬ ‫النغم‪ ،‬وقد كانت معظم آالت البزق سابقا ً من صنعه‪ ،‬وهكذا‬ ‫صدقت عليه المقولة (وزاد في الطنبور نغماً)‪.‬‬ ‫اعتزل الحياة الفنيّة وآثر العيش لوحدة رغم ما عُرف‬ ‫عنه من مرح‪ ،‬داهمه مرض السرطان ح ّتى أتى عليه وتو ّفي‬ ‫في بيته المتواضع في دمشق عام ‪ 1989‬وكانت جنازته‬ ‫متواضعة‪ ،‬قليل من األحبّة واألصدقاء كجنازة أيّ مبدع‪.‬‬ ‫األمير الغجريّ محمّد عبد الكريم موهبة لو قيّض لها أن تنمو‬ ‫في بيئة أخرى لكان ال يق ّل شهرة وإبداعا ً عن أيّ من عباقرة‬ ‫الموسيقى العظماء‪.‬‬

‫أسعد شالش‬

‫ممدوح عدوان (‪ )2004 - 1941‬كاتب‬ ‫سوري‪.‬‬ ‫ومسرحي‬ ‫وشاعر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ول��د في قيرون ‪ -‬مصياف ‪ -‬محافظة‬ ‫وتخرج في جامعة دمشق ‪ -‬قسم اللغة‬ ‫حماة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنجليز ّية ‪.1966‬‬ ‫بدأ ينشر الشعر منذ عام ‪ 1964‬في مجلةّ‬ ‫اآلداب اللبنانيّة والمجلاّ ت العربيّة األخرى‪.‬‬ ‫وترك ورائه ‪ 26‬مسرحيّة مطبوعة ق ّدمت‬ ‫على المسارح في سورية وفي دول عربيّة‬ ‫متع ّددة‪ .‬كما نشر ‪ 17‬مجموعة شعريّة في‬ ‫دور نشر سورية وعربيّة‪ ،‬ومجموعتي‬ ‫«مختارات» نشرتا في القاهرة‪ .‬كما نشر‬ ‫‪ 30‬كتابا ً مترجما ً عن اإلنكليزيّة في األدب‬ ‫والفكر والمسرح‪ .‬وأصدر س ّتة كتب نثريّة‬ ‫حول هواجسه في األدب والفنّ والحياة عامّة‪.‬‬ ‫كما درّ س م��ادة الكتابة المسرحيّة في‬ ‫المعهد العالي للفنون المسرحيّة بدمشق منذ‬ ‫عام ‪.1992‬‬ ‫من أعماله الشعريّة قصيدة‪:‬‬ ‫تمر المدينة برقا ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫رأيت بالدا تجو ُع وتنذر للحرب لقمتها‬ ‫ث ّم يأكلها األغنياءْ‬ ‫وتنذر للحرب أبنا َءها‬ ‫ث ّم يقتلها حاكموها‬ ‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬سالما ً بالدي التي تتقيّؤنا الجئينْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ضاق ح ّتى تجاوز ح َّد‬ ‫الحصار الذي‬ ‫رأيت‬ ‫َ‬ ‫والخبز‬ ‫الكرام ِة‬ ‫ِ‬ ‫الحزن‬ ‫كان الطغاةُ يض ّنون ع ّني بح ّقي في‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫حين أتت ضربة الغدر منهم‪،‬‬ ‫وحطم ِ‬ ‫الرأس‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذقت قبي َل التهاوي دمائي‬ ‫فه ّن ُ‬ ‫أت رأسي التي لم تكن تعرف االنحناء‬ ‫أليس من العجائب أنّ مثلي يرى ما ق َّل‬ ‫َ‬ ‫ممتنعا ً علي ِه‬ ‫و ُت ْؤ ُ‬ ‫خذ باسمه الدنيا جميعا ً وما مِنْ‬ ‫ذاك‬ ‫َ‬ ‫شي ٌء في يدي ِه‬ ‫إليه تجمّع األموا ُل طرّ اً ويمن ُع بعض ما‬ ‫يجبى علي ِه‬ ‫جا َء طيفُ المدين ِة يفض ُح سرّ انتمائي إليها‬ ‫ُ‬ ‫فصرت الوباءْ‬ ‫وتج ّنبني األصدقاءْ‬ ‫أح ٌد‬ ‫أحد‬ ‫أحد‬ ‫َ‬ ‫َس َقط األصدقاء‬ ‫قطر ًة‬ ‫قطر ًة‬ ‫قطر ًة‬ ‫و ُت َ‬ ‫ركت وحيداً بقعر اإلناء‬

‫ورقة‬ ‫ورقة‬ ‫ورقة‬ ‫وتر َّدد بعضهم ً‬ ‫ليلة‬ ‫ث ّم مالوا مع الريح حيث تمي ْل‬ ‫ُت ْ‬ ‫ركت وحيداً وحيداً أجابه هذا الشتا ْء‬ ‫ت بينهم عنزةٌ‬ ‫و َق َع ْ‬ ‫فاشرأبّت خناجرُهم‬ ‫ث ّم طالت أظافرُهم‬ ‫أخذوا يطعنون‬ ‫فصاغوا قناعا ً لغدر األخوّ ة‬ ‫ممّا نزفت‪ ،‬وممّا تب ّقى بجسمي دماءْ‬ ‫تكالب حولي الحق ُد‪ ،‬تتالى اللط ُم على‬ ‫[حين‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وجهي المزرق‪ِّ،‬‬ ‫ْ‬ ‫أركع‪،‬‬ ‫امتألت عيناي دما ً وأنا أرفضُ أن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ثم تر ّن ُ‬ ‫مددت‬ ‫حت‪،‬‬ ‫يدي أبحث عن لمسة حبّ تسندني ‪َ ..‬من‬ ‫منكم م َّد َيدَ ه؟‬ ‫َمن منكم لم يتج ّنبْ وجهي في ساعات‬ ‫الش َّدة؟‬ ‫َمن ِم ْنكم لم َي َت َق َّد ْم ليصافح كفّ مسيلمة‬ ‫في أوّ ل أيّام الر َّدة؟]‬ ‫حمّلتني المدين ُة شمساً‪،‬‬ ‫وحمّلني جُرْ حها الكبريا ْء‬ ‫بالحزن‬ ‫أَرْ هقتني المدين ُة‬ ‫ِ‬ ‫طوبى لمن َيئسوا‬ ‫ولمن َيجرؤون على النوم والحبِّ‬ ‫ْ‬ ‫طوبى لمن غافلته السعادة عن َحتفه‬ ‫لم يكنْ َيتر ّقبه بعد خطوته التالية‬ ‫مرَّ بي الدهر يوما ً فيوما ً‬ ‫ولوّ ح لي بهزائمه العارية‬ ‫ثم َمرّ ت مدينتنا‬ ‫ً‬ ‫بغتة وأنا في الطريق إلى البيت‪ ،‬يُتعبُني‬ ‫الدربُ‬ ‫تأتي إليّ وتسندني‬ ‫ً‬ ‫بغتة وأنا في ظالم اغترابي‬ ‫تط ُّل وتلقي عليَّ السال َم‬ ‫وزائرتي كأنّ بها حيا ًء‬ ‫فرشت لها الهزائم والمنافي‬ ‫قي َل لي‪َ :‬‬ ‫أنت تبقى هنا في المدينة‬ ‫ُ‬ ‫قلت‪ :‬وأين المدينة؟‬ ‫ُ‬ ‫حملت المدين َة وحدي وأنتم معي‬ ‫إني‬ ‫تجهلون مالم َِحها‬ ‫ودموع المدينة َوهْ َي تصي ُر دمي‬ ‫ُ‬ ‫سرقت المدين َة منكم‬ ‫إ ّنني قد‬ ‫ُ‬ ‫ورحت أطارد فيها‬ ‫ويُنفى من المدن الناسُ‬ ‫َمنْ سوف ينفي المدين َة ِم ّني‪...‬‬

‫الكتابة ما بين المهنة والشغف‬

‫حين تتحوّ ل الكتابة من فنّ وشغف إلى مهنة جا ّفة‬ ‫لكسب المال‪ ،‬هذا ما وصلت إليه حال الكتابة اليوم‪،‬‬ ‫فتحوّ لت إلى مهنة من ال مهنة لديه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً المجالّت والجرائد بشكل كبير‪،‬‬ ‫انتشرت‬ ‫ورغم أنّ هذه ظاهرة صحيّة للغاية‪ ،‬بحيث نحتاج إلى‬ ‫نشر الوعي والثقافة في المجتمع‪ ،‬و َمن بوسعه القيام‬ ‫بهذه المهمّة أكثر من الجرائد والمجالّت والكتب؟‬ ‫إالّ أنّ تلك الجرائد والمجالّت بشكل عا ّم من لون‬ ‫واحد ونفس واحد‪ ،‬وتتح ّدث بلهجة واحدة دون أيّ تميّز‬ ‫فيما بينها‪ ،‬إلاّ استثناءات قليلة‪ ،‬وتحوّ لت تلك الظاهرة من‬ ‫أصلها الذي هو نشر الثقافة والوعيّ ‪ ،‬وتسليط األضواء‬ ‫على الظواهر االجتماعيّة والسياسيّة وطرح وجهات‬ ‫نظر مختلفة‪ ،‬بحيث تتيح للقارئ مشاهدة الظاهرة الواحدة‬ ‫من زوايا مختلفة وتدفعه إلعادة التفكير بالمسلّمات أو‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫غير المسلّمات‪،‬‬ ‫ت���ح���وّ ل���ت تلك‬ ‫ال���ظ���اه���رة من‬ ‫أصلها ه��ذا إلى‬ ‫نوع من المظاهر‬ ‫وال��ب��ري��س��ت��ي��ج‬ ‫شي ج��� ّداً‬ ‫المتف ّ‬ ‫ف�����ي اآلون�������ة‬ ‫األخ���ي���رة‪ ،‬ع��دا‬ ‫عن تحوّ لها إلى‬ ‫ن��وع م��ن أن��واع‬ ‫ال��ن��ق��ط لكسب‬ ‫ال��دع��م ال��م��ا ّديّ‬ ‫م��ن المموّ لين‪.‬‬ ‫ونتيجة لهذا ‪ -‬أي‬ ‫نتيجة لتحوّ لها‬ ‫إل����ى ال��ص��ورة‬ ‫القاتمة تلك ‪ -‬لم‬ ‫يعد هناك أيّ اهتمام في الجوهر‪ ،‬بل أصبح االهتمام‬ ‫مصبوبا ً على عدد الصفحات والكلمات التي ُتحشى بها‬ ‫ما بين جلدتيها‪ ،‬وهكذا زاد «الطلب» للك ّتاب الذين‬ ‫هم في المقابل أفراد شبه عاطلين عن العمل يبحثون‬ ‫عن بضعة دوالرات لتساعدهم على قضاء أيّامهم‪،‬‬ ‫ورغم أنّ هذا األمر قد فتح الباب أمام العديد من‬ ‫الك ّتاب الموهوبين ح ّقاً‪ ،‬ولك ّنهم لم يجدوا سابقا ً الفرصة‬ ‫المساعدة إلخراج إبداعهم إلى النور‪ ،‬إلاّ أ ّنها أيضا ً‬ ‫فتحت الباب أمام الكثيرين ممّن ال يم ّتون إلى اإلبداع أو‬ ‫إلى فنّ الكتابة بصلة‪ ،‬وبات بوسع أيّ شخص أن ينشر‬ ‫مقاالته في أيّة جريدة أو مجلّة‪ ،‬فالمسؤولون عنها ال‬ ‫يبحثون عن المضمون‪ ،‬والكاتبون فيها ال يبحثون عن‬ ‫التغيير‪ ،‬وهكذا وبك ّل بساطة تحوّ لت الكتابة من شغف‬

‫وإبداع وفنّ إلى مهنة‬ ‫من ال مهنة لديه‪.‬‬ ‫وربّما األمر هذا ال‬ ‫ينطبق على المجالّت‬ ‫وال����ج����رائ����د‪ ،‬ب��ل‬ ‫ينسحب كذلك على‬ ‫ّ‬ ‫والمحطات‬ ‫اإلذاعات‬ ‫وك � ّل‬ ‫التلفزيونيّة‬ ‫ما يرتبط باإلعالم‬ ‫ب��ش��ك��ل م��ب��اش��ر أو‬ ‫غير مباشر‪ ،‬وتحوّ ل‬ ‫اإلع�لام إل��ى أب��واق‬ ‫مجعجعة ال روح فيها‪ ،‬ومثيرة للضجيج بشكل ال يعقل‬ ‫وال يحتمل‪ ،‬فما من روح خاصّة تميّز أيّة وسيلة إعالم‪،‬‬ ‫وما من قضايا جوهريّة تطرح بشكل مناسب أو تناقش‬ ‫بمهنيّة وإتقان‪ ،‬ومعظم البرامج التي ُتطرح ‪ -‬كما هو‬ ‫حال معظم المقاالت ‪ -‬أبواق وضجيج وتوافه‪ .‬وبالتالي‬ ‫ّ‬ ‫محطة تلفزيونيّة‬ ‫ما من إذاعة أو جريدة أو مجلّة أو‬ ‫استطاعت ح ّقا ً أن تحدث أثراً حقيق ّيا ً أو ملحوظا ً في‬ ‫شرائح المجتمع المتابعة‪ ،‬وعوضا ً عن ذلك غدت أبواقا ً‬ ‫تجترّ الكالم ذاته واألفكار ذاتها والروح ذاتها‪.‬‬ ‫واألمر ال يتو ّقف هنا على اإلطالق‪ ،‬بل ولألسف‬ ‫الشديد «وصل الب ّل لدقن الكتب»‪ ،‬الروايات‪ ،‬دواوين‬ ‫الشعر‪ ،‬القصّة‪ ،‬المذ ّكرات‪ ،‬وسير الحياة‪ ،‬وك ّل ما يمكن‬ ‫أن تتناوله الكتب‪ ،‬تحوّ ل إلى مهزلة كبيرة وتوافه‬ ‫وترّ هات وضجيج مؤ ٍذ ج ّداً‪ ،‬وربّما جميعنا يعلم الحالة‬ ‫المزرية التي ي ّتصف بها الك ّتاب العرب‪ ،‬واألمر اآلن‬ ‫أصبح أش ّد سوءاً وانحداراً‪.‬‬ ‫ورغم أ ّنه من ّ‬ ‫حق الجميع أن يعبّر عن رأيه‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫حق أيّ إنسان أن يكتب وأن يصدر كتابا ً أو رواية أو‬ ‫ديوان شعر‪ ،‬إالّ أنّ هذا ال يعني أن نتقبّل ذلك دون نقد‪،‬‬

‫وأن نبتلعه على عيوبه ونمضغه مع شوائبه‪ ،‬ويمكننا‬ ‫أن نالحظ أنّ نسبة الكتب الجيّدة تكاد ال تصل إلاّ عشرة‬ ‫بالمائة من نسبة الكتب الصادرة‪ ،‬فاألفكار سطحيّة‬ ‫ج� ّداً وال معنى لها‪ ،‬واألسلوب ركيك جافّ وتافه‪،‬‬ ‫والمواضيع المتناولة تكاد أن تكون واحدة ال تجديد‬ ‫فيها‪ ،‬فجميعها تحكي عن الحرب والحبّ وال شيء غير‬ ‫ذلك‪ ،‬وح ّتى تلك المواضيع‪ ،‬أيّ الحبّ والحرب‪ ،‬فتكاد‬ ‫أن تكون صورة طبق األصل عن بعضها البعض‪،‬‬ ‫ويندر أن نعثر على كتاب يتناول هذين الموضوعين‬ ‫بشكل مختلف أو مغاير لما جرت عليه العادة‪ ،‬وفي‬ ‫نهاية ك ّل كتاب‪ ،‬يحارب الكاتب كي يوصل فكرة واحدة‬ ‫إلى القارئ‪ ،‬أال وهي أ ّنه كان بطالً في هذه الحرب‪،‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬ك ّل الك ّتاب هم أبطال‪.‬‬ ‫وربّما تكمن ّ‬ ‫الطامة الكبرى حين يتحوّ ل الجميع إلى‬ ‫قاص أو روائيّ ‪ ،‬ويتحوّ ل الجميع‬ ‫كاتب أو شاعر أو ٍ‬ ‫إلى رؤوس منفوخة فارغة متبجّ حة ومتفاخرة‪ ،‬وتصبح‬ ‫مهن الجميع على صفحات التواصل االجتماعيّ‬ ‫واحدة‪« ،‬كاتب» أين القرّ اء إذاً‪ ،‬وما الذي أحدثه هذا‬ ‫الك ّم الهائل والمفاجئ والكبير من الك ّتاب في المجتمع؟؟‬

‫ريم احلاج‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪25‬‬

‫‪ /18‬شباط ‪2015/‬‬

‫بدنا حنكي‬

‫مقامات‬

‫ك ّذاب‬ ‫برتبة جنرال‬

‫رغم قدرات خبير الماكياج الواضحة‪ ،‬والذي حاول أن ّ‬ ‫يغطي اصفرار وجه السيّد ب ّ‬ ‫شار‬ ‫األسد بطبقات من المساحيق والملوّ نات‪ ،‬ليبدو سعيداً‪ ،‬ضاجّ ا ً بالحياة‪ ،‬متوازناً‪ ،‬واثقاً‪ ،‬وربّما‬ ‫هذا ما نقلته الكاميرا للوهلة األولى‪ ،‬حينما كانت اللقطة بعيدة‪ ،‬وهو جالس على كرسيه‬ ‫ّ‬ ‫يوزع ابتساماته قبل أن يبدأ بالكالم‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ حديث ب ّ‬ ‫أصفر مهترئاً‪ ،‬غائبا ً عن الوعي‪ ،‬منفصالً عن الواقع‪ ،‬يتماهى‬ ‫شار ذاته‪ ،‬بدا‬ ‫َ‬ ‫فيه الرجل مع أكاذيبه بثقة األبله الذي يهرف بما ال يعرف!‬ ‫حين يسأله محاوره بعد ك ّل ما جرى من قتل وتدمير ونزوح هل أصبحت سورية دولة‬ ‫فاشلة؟ يجيب الرجل بال تر ّدد‪:‬‬ ‫«ال‪ ،‬طالما تؤ ّدي الحكومة ومؤسّسات الدولة واجبها تجاه الشعب السوريّ ‪ ،‬ال يمكن أن‬ ‫نتح ّدث عن دولة فاشلة‪ .‬الحديث عن فقد السيطرة شيء مختلف تماماً‪.‬‬ ‫ما يحدث مشابه لغزو إرهابيّين من الخارج والحكومة تؤ ّدي دورها في القتال والدفاع‬ ‫عن البالد»‪.‬‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫أ ّم ّ‬ ‫الكل‬

‫معالجة ذكّية‬

‫‪/1‬‬ ‫فقد خرّ بت عليّ ال وعيا ً كان يسقي‬ ‫ضلوعي كنهر أبديّ ‪ ،‬وأل ّم أنا محصوله‬ ‫من القصائد متى أشاء‬ ‫فقد صرت في أحالم اليقظة‬ ‫ألبس قبّعة اإلخفاء‪ /‬وأدخل على‬ ‫القاتل شرفته المطلّة على الدم‪ /‬وأرشّ‬ ‫في عينيه مسحوق الزنزلخت‪ /‬وأنسل من بوطه خيوط الربّاط‪/‬‬ ‫وأهبط إلى الشوارع كورد منتصر‬ ‫أمّا في المنام‬ ‫ً‬ ‫فأمتهن قتالً‪ ،‬ربّما كان رحيما‪ ،‬في شرعة الغاب‪ /‬أدخل عليه‬ ‫وهو ينام بعين نصف مفتوحة‪ /‬وأضع أمامه أكياسا ً صغيرة من‬ ‫«د ّقة» األوالد‪ /‬ما تزال على حالها ولكن مفلوتة الخرزات‪/‬‬ ‫أجبره على لعقها كلّها ّ‬ ‫كقطة صغيرة صغيرة‪ /‬وعندما يثخن لسانه‬ ‫كنعل‪ /‬أطلب إليه أن يتل ّفظ بجملة‪ /‬كنت زرعت فيها لغما خف ّيا ً في‬ ‫آخر حرف جرّ‬ ‫ت ّبا ً لهذه الحرب‬ ‫‪/2‬‬ ‫معنى ذلك‬ ‫أنّ الزلزال القادم‪ ،‬لن يسحب من تحت حلب ركام القالع‬ ‫السابقة ويقهقه بك ّل شماتة‪ ،‬وهو يراقبها تنقلب على قفاها كعدوّ‬ ‫مهزوم‬ ‫فالزالزل ال تفترس غير العمران‬ ‫ومعنى ذلك‬ ‫أ ّنه سوف يمرّ كهرّ ة ال أكثر من بين سيقان القبور‪ /‬وصوته‬ ‫ّ‬ ‫مقزز فقط كسرير يطقطق ظهره‪ ،‬تحت‪ ،‬في الطابق السفليّ ‪ /‬فال‬ ‫ضحايا لبشر تفرّ قوا في األرض‪ ،‬هكذا‪ ،‬بال حيطان وسقوف‪/‬‬ ‫وهكذا لن يكحّ ل عينيه بغبار الطلع وهو يتابع طريقه نحو‬ ‫القيامة‪ /‬فقد أصبحت حصيداً بساتين الفستق‪ /‬ومنذ زلزالها‬ ‫الكبير ‪1822‬ميالديّ ‪ /‬جفّ فيها النهر من كثرة ما بكى أبوابها‬ ‫المتطايرة‪ /‬وهي تلقي بين يديه نقوشها النافقة‬ ‫معنى ذلك‬ ‫أ ّنه ال دمار جديداً‪ /‬ولن يموت أحد‪ /‬وأنّ مقياس ريختر من‬ ‫حلب فصاعداً‪ /‬سيبطل في تصنيف ّ‬ ‫هزات األرض‪ /‬وربّما يقيس‬ ‫االهتراء في ثياب الخيام‪ /‬وهي ّ‬ ‫تمزقها حزنا ً على حجرها القتيل‬ ‫‪/3‬‬ ‫ظلّت أربعين عاما ً تقلّب ّ‬ ‫حظها في علبة «كبريت الفرس»‬ ‫ولم يخطر ببالها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ القصب المجدول في الحصيرة‪ /‬إنما يقلد أصابع النسّاجة‬ ‫ّ‬ ‫«بطاريات البرق» القزمة كبيّور‪ /‬كي‬ ‫فتجعّد‪ /‬ظلّت تنذ ّل لـ‬ ‫تدرّ ب أنوثتها في أثير إذاعة دمشق‪ /‬وهي ترسل آهات أ ّم كلثوم‬ ‫بعد منتصف الليل‬ ‫ولم يخطر ببالها‬ ‫ّ‬ ‫أ ّنها ستصبح أرملة بال وحم من أوّ ل حرب‪ /‬ظلت ال ترفع‬ ‫ّ‬ ‫اإلوز‪ /‬فربّما صار المنام‬ ‫رأسها إلاّ حين تمرّ في السماء أسراب‬ ‫أقضى‪ /‬وحملتها إلى مدن الحنين‬ ‫لم يخطر ببالها‬ ‫ّ‬ ‫اإلوز أوّ ل المفجوعين بالرصاص‪ /‬يشت ّم رائحة البارود‬ ‫أنّ‬ ‫من أقاصي األرض‬ ‫فلن تراه‪ /‬وعليها أن تعود للياسمين من جديد‪ /‬وتتابع محو‬ ‫أ ّميّته على طبق القشّ ‪/‬‬ ‫ظلّت ما تب ّنت ولداً‪ /‬فكلّهم رضعوا حبّات الرّ احة من بين‬ ‫أصابعها‪ /‬وعلى حسابها كان حلق البنات وتكاليف ختان الصبيان‬ ‫لم يخطر ببالها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ حربا ً أخرى‪ /‬ستأكل عكازها وما تبقى من بصر‪ /‬وأنه‪،‬‬ ‫سيأتي ذلك اليوم‪ /‬تتل ّفت وال تجد حواليها ح ّتى ظ ّل حائط‪.‬‬

‫عبد السالم حلّوم‬ ‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ببساطة‪ ،‬الرجل وبعد مقتل ربع مليون سوريّ ‪ ،‬ونزوح وتشرّ د نصف الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫ودمار نصف البنية التحتيّة في سورية‪ ،‬وفقدانه السيطرة على أكثر من نصف الجغرافيّة‬ ‫السوريّة‪ ،‬ال يعترف بأ ّنه فاشل يقود دولة فاشلة‪ ،‬بل هو ما زال القائد الصنديد الذي يص ّد‬ ‫غزوات اإلرهابيّين القادمين من الخارج!!‬ ‫أمّا حين يسأله محاوره عن استخدام قوّ اته للبراميل المتفجّ رة‪ ،‬يجيب بمساعدة ضحكة‬ ‫بلهاء كعادته‪« :‬ما أعرفه عن الجيش هو أ ّنه يستخدم الرصاص والصواريخ والقنابل‪ ،‬لم‬ ‫أسمع عن براميل أو ربّما أواني الطبخ المنزليّة»‪.‬‬ ‫ولكن حين يلّح المحاور بالسؤال شارحا ً له أ ّنه يقصد البراميل الكبيرة المليئة بالمتفجّ رات‬ ‫التي تسقطها المروحيّات وتنفجر محدثة آثاراً مدمّرة‪ ،‬يجيب األسد‪« :‬تسمّى هذه قنابل‪ ،‬لدينا‬ ‫قنابل وصواريخ ورصاص ‪ .....‬ليس لدينا براميل متفجّ رة‪ ،‬ال نملك براميل»‪.‬‬

‫رغم أنّ القاصي والداني‪ ،‬ومن يعرف ومن ال يعرف‪ ،‬رأى البراميل بعينيه وهي تهوي‬ ‫بسقوط حرّ ‪ ،‬حاملة معها الموت المجانيّ العبثيّ للمدنيّين‪ ،‬والخراب العميم للبيوت والبنية‬ ‫يأمل باحثون أميركيّون أن يصبح األنسولين «الذكي»‪ ،‬الذي‬ ‫التحتيّة على األرض؛ ولكنّ المضحك في جوابه أ ّنه يعترف بأ ّنه وجيشه وميليشياته يقتلون‪،‬‬ ‫يخضع للتجارب اآلن‪ ،‬ثورة في طريقة عالج داء الس ّكريّ ‪.‬‬ ‫ولكن ليس بالبراميل وإ ّنما بالقنابل والصواريخ والرصاص‪ ،‬هو يقتل ويدمّر‪ ،‬لكن ليس‬ ‫فوفقا ً لتقرير نشرته دوريّة بي إن إيه إس‪ ،‬أنّ جرعة واحدة من‬ ‫بالبراميل» علينا أن ننتبه وأن نعي الحقيقة‪ ،‬وألاّ ن ّتهم الرجل بما ال نعرف!!‬ ‫األنسولين الذكي سوف تستمرّ في الدورة الدمويّة وتعمل عندما‬ ‫ّ‬ ‫مرّ ة بعد أخرى‪ ،‬يحاول بشار األسد أن يق ّدم نفسه كقائد واثق من قضيّته العادلة‪ ،‬دون‬ ‫يحتاج الجسم إليها‪.‬‬ ‫ويخطط معهد ماساشوستس للتكنولوجيا‪ ،‬الختبار هذا األنسولين أن يميّز أ ّنه يق ّدم نفسه كأبله منفصل عن الواقع‪ ،‬يكذب ويكذب وال أحد يص ّدق كذبته إلاّ ه‪.‬‬ ‫ّ‬

‫حسني برو‬

‫على البشر‪.‬‬

‫اف ُتتح في متحف جامعة «مرمره» المعرض التشكيليّ‬ ‫السوريّ األوّ ل في إسطنبول بالتعاون مع «دار وغالوري‬ ‫كلمات» الشهر الماضي‪ ،‬وض ّم المعرض مجموعة كبيرة‬ ‫من أعمال الف ّنانين السوريّين‪ ،‬تحت عنوان‪ :‬متل الحكي‪،‬‬ ‫رحلة عبر الزمان والمكان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من أبرز الف ّنانين المشاركين في المعرض الخطاط محمّد‬ ‫عماد محوّ ك‪ ،‬والف ّنان ناصر نعسان آغا‪.‬‬ ‫وفي المعرض أعمال ف ّنيّة ولوحات للعديد من الف ّنانين‬ ‫السوريّين أمثال‪ :‬أسعد عرابي والراحل شريف محرّ م‬ ‫والراحل فاتح المدرّ س‪.‬‬ ‫وقد كتب الف ّنان نعسان آغا انطباعه عن المعرض قائالً‪:‬‬ ‫«سورية يا فرح هللا في األك��وان يا بسمة التاريخ يا‬ ‫قصص األنبياء ‪...‬‬ ‫نعبر معك الليل الطويل‪.‬‬

‫معرض متل الحكي‬

‫الـ «هاشتاغ»‬

‫القتل المق ّدس‬

‫ص��در حديثاً‪ ،‬ع��ن دار َر َه���ف للنشر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬كتاب «القتل المق ّدس» للكاتب‬ ‫الشابّ محمّد حميدة‪.‬‬

‫من ومتى وأين وكيف استخدم أوّ ل مرّ ة؟‬

‫كريس ميسينا تقني كان يعمل في عدد من‬ ‫الشركات وأبرزها غوغل‪ ،‬كان أوّ ل شخص‬ ‫يستخدم الهاشتاغ‪ ،‬وهو مخترع هذه األداة‬ ‫ّ‬ ‫يتجزأ من الحياة‬ ‫التي أصبحت ج��زء ال‬ ‫االجتماعيّة على اإلنترنت‪.‬‬ ‫يقول ميسينا‪:‬‬ ‫عام ‪ 2007‬اقترحت على تويتر وضع إشارة ‪#‬‬ ‫قبل الكلمة لتصبح أكثر إثارة‪ ،‬وأرسلت ذلك في تغريدة لتويتر نفسه‪.‬‬ ‫أتذ ّكر‬ ‫�ت م��ن ُ‬ ‫س��م��ع� ُ‬ ‫ش � َّب��اك‬ ‫قبونا‪ ،‬عوي َل أُمّي قبل أن‬ ‫أدخ َل البيت‪ :‬لوينْ رايحْ‬ ‫يا أبوعبدو؟ ليشْ ب ّدك‬ ‫تتركني لوحدي؟‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وترك أمّي وحيد ًة‬ ‫عرفت أنّ أبي قد تو ّفي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تنتظر زيارات أوالدها لها‪ .‬هذه الزيارات التي‬ ‫كانت تتباع ُد رويداً رويداً‪ ...‬ونبرّ ر‪ :‬مشغولون يا‬ ‫العيش لألوالد‪ .‬وهي تنظ ُر إلينا‬ ‫بتأمين لقم ِة‬ ‫أمّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪Walid Hisso‬‬ ‫وتكتفي بالبكاء‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫نبلسم الجراح ونحلم بالغد األجمل‪.‬‬ ‫ندخل مُتحف مرمره ‪ ...‬الصمت سيّد الزمان لبوّ ابات‬ ‫المعرفة‪.‬‬ ‫رسائل من بالد الشام وشهبائها من جبالها وسواحلها‬ ‫من حمص العديّة من سورية التاريخ والحضارة‪.‬‬ ‫رسائل تحمل بين طيّاتها هواجس اإلبداع لتؤ ّكد على‬ ‫الدور الريّادي للف ّنان السوريّ من خالل النهج الثقافيّ وما‬ ‫يمتلكه من موروث حضاريّ عبر التاريخ»‪.‬‬ ‫أمّا الناقد التشكيليّ عدنان األحمد (صاحب ومدير الدار)‬ ‫فقال‪ :‬اليوم‪ ،‬ومن وسط إسطنبول العاصمة التاريخيّة‬ ‫والحضاريّة للعالم‪ ،‬تنطلق «غاليري كلمات» عبر‬ ‫عاصمتي الثقافة حلب وإسطنبول‪ ،‬فنحن في النهاية نعيش‬ ‫في مجتمع عولميّ ‪.‬‬

‫يستعرض الكتاب األسس الفكريّة والفقهيّة‬ ‫لنظريّة التطرّ ف‪ ،‬فيبدأ بالتأصيل لنشاه تنظيم‬ ‫«داعش» وصوالً إلى ممارساته وجرائمه‬ ‫ّ‬ ‫بحق الشعب السوريّ وغيره‪،‬‬ ‫التي ارتكبها‬ ‫وما أحدثه عبر خططه ومدوّ نته الحركيّة‬ ‫والفكريّة من تغيُّر ج��ذريّ عميق الفعل‬ ‫والتأثير في بنية المجتمع وأسسه‪.‬‬

‫الف ّنانة التونسيّة صوفيّة‬ ‫ّ‬ ‫ع�����ز ال���ح���رب‬ ‫ف����ي‬ ‫ّ‬ ‫صادق تغني بتوزيع جديد‪:‬‬ ‫يروّ جون لما يسمّونه «عيد‬ ‫م��ن ك��ل��م��ات أح��م��د ف��ؤاد‬ ‫الحبّ »! هل ألوان الدماء‬ ‫نجم وأل��ح��ان الشيخ أمام‬ ‫الحمراء التي تنزف في‬ ‫أغنية «شيّد قصورك ع‬ ‫سوريا ومصر وفلسطين‬ ‫ال���م���زارع»‪ ...‬م��ن ك ّدنا‬ ‫غير كافية!؟‬ ‫وعمل إدينا والخمّارات‬ ‫تحكمني قناعتي‬ ‫جنب المصانع ‪ ...‬والسجن مطرح الجنينه واطلق‬ ‫‪mohammed abu murad‬‬ ‫كالبك في الشوارع ‪ ...‬واقفل زنازينك علينا و يقل‬ ‫بينما يحتفل العالم بما يسمّى عيد الحبّ لم يعرف نومنا في المضاجع ‪ ...‬ادي احنا نمنا ما اشتهينا‬ ‫أهلنا في سوريا منه إلاّ لونه األحمر المُخضّب واتقل علينا بالمواجع ‪ ...‬احنا اتوجعنا واكتفينا‪...‬‬ ‫حتكمين قناعيت‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=MiDldoD_eBE‬‬ ‫بدمائهم!‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.