17كلنا سوريون العدد

Page 1

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 17 -‬السنة األوىل‬

‫‪ /30‬تشرين األول‪2014 /‬‬

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬ ‫‪ 12‬صفحة‬

‫حكومة األمر الواقع‪ ،‬طعمة رئيساً من جديد‬ ‫تونـس‪ ،‬من جديـد تعيـد للربيـع العرب ّي ألقـه‬

‫«مافيـا» الدائرة الضيّقـة تنهب الثروات السـوريّة‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫في تونس‬ ‫تونسيون‪ ،‬وفي سوريا‬ ‫‪...‬؟؟؟‬ ‫في تونس انتخابات برلمانية للمرة األولى بعد سقوط بن علي‪،‬‬ ‫في تونس خسر حزب وربح آخر‪ ،‬في تونس الحزب الخاسر‬ ‫أقرَّ بهزيمته وأعلن أنه سيكون معارضة برلمانية وسيقبل بتداول‬ ‫السلطة‪ ،‬في تونس الحزب الرابح يبحث عن كل الممكنات في‬ ‫البحث عما يجمع دون إقصاء‪ ،‬في تونس ربيع يُزهر من جديد‪.‬‬ ‫في سوريا ما زالت قعقعة السالح تسيطر على المشهد‪ ،‬في‬ ‫سوريا كل قوى األرض تتقاتل مع بعضها على التراب وفي‬ ‫الفضاء السوريين‪ ،‬في سوريا معارضات تتقاتل فيما بينها وتنقسم‬ ‫حول اسم رئيس لحكومة مؤقتة في منفى‪ ،‬في سوريا تتشظى‬ ‫الهوية الوطنية الجامعة وتتشكل الهويات الطائفية واإلثنية والقبلية‪،‬‬ ‫في سوريا مجتمع ينقسم على نفسه ويلفظ أنفاسه األخيرة‪ ،‬في‬ ‫سوريا خراب ودمار وموت‪ ،‬في سوريا دم يوغل ويوغل ليصبغ‬ ‫المشهد بلونه‪.‬‬ ‫ليس الهدف مقارنة بين تونس وسوريا‪ ،‬نعرف أن هذا غير‬ ‫قابل للقياس‪ ،‬ونعرف أن في تونس رئيس هرب وجيش وقف على‬ ‫الحياد‪ ،‬بينما في سوريا رئيس يتمسك بكرسيه حتى آخر سوري‪،‬‬ ‫وجيش يأتمر بقرار هذا الرئيس حتى الدمار األخير‪ ،‬ونعرف أن‬ ‫في تونس تالقى التونسيون ليبنوا تونس الجديدة‪ ،‬ونعرف أن في‬ ‫سوريا كل قوى األرض تحاول فرض رؤيتها لحل يناسبها دون‬ ‫االستماع لصوت السوريين وكيف يريدون أن تكون سوريتهم‬ ‫الجديدة؟؟‪.‬‬

‫تحقيقات العدد‬ ‫ التعليم اجلامع ّي للطلبة السوريّني‬‫ مصابو مرض الثالسيميا مصاعب فوق املصائب‬‫ بعد سيطرة احل ّر‪ ،‬انتقام وحش ّي من النظام‬‫ افتحوا لنا املعابر لنبحث عن وطن‬‫‪ -‬باملشرحمي ‪..‬قلّة ثقة دحبتنا‬

‫ص‪6‬‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪7‬‬

‫المتابع للحالة السورية ومن خالل قراءته للصراع العسكري‬ ‫الدائر على األرض يكتشف وبال أدنى جهد أن الحل لن يكون‬ ‫عسكرياً‪ ،‬وأنه ال يمكن ألي قوة من القوتين العسكريتين المتقاتلتين‬ ‫(الجيش السوري‪ ،‬القوى العسكرية للمعارضة السورية) أن تنتصر‬ ‫كلّنا سوريون ‪ -‬مع ّرة النعمان ‪ -‬عدسة حممد محود‬ ‫وأن تفرض خياراتها بقوة الحسم العسكري‪ ،‬ومع هذا يتقاتالن‪،‬‬ ‫وكل منهما ي ّدعي النصر مرة هنا ومرة هناك‪ ،‬وربما نستطيع القول‬ ‫اإلشكالّيات الراهنة في الثورة‬ ‫أنه ومنذ منتصف العام ‪ 2013‬والمعادلة العسكرية في سوريا‬ ‫السورّية‬ ‫صفرية‪ ،‬يتق ّدم جيش النظام في حلب‪ ،‬فتتق ّدم كتائب المعارضة‬ ‫ص‪2‬‬ ‫في درعا‪ ،‬ينتصر جيش النظام في القلمون وينهزم بالمقابل في‬ ‫من المعروف بأنّ المعارضة السور ّية لنظام‬ ‫القنيطرة‪ ،‬يحاصر جيش النظام ريف حماة الشمالي فتهاجم قوات‬ ‫األسد قبل قيام الثورة‪ ،‬كانت مقتصرة على أعداد‬ ‫المعارضة مدينة إدلب‪ ،‬من سنة ونصف والمعركة سجال والنتيجة‬ ‫قليلة من السياس ّيين‪ ،‬وتج ّمعاتهم الخاضعة‬ ‫صفر صفر لإلثنين معاً‪ ،‬وحدها من تسجّ ل انتصارات عسكرية‬ ‫المستمرة‪ ،‬والتي لم تكن‬ ‫للمالحقة واالعتقاالت‬ ‫ّ‬ ‫على األرض هي قوى ما تسمى الدولة اإلسالمية «داعش» والتي‬ ‫أي حراك جماهيري‪ ،‬كما أظهرت محاوالتهم التي سبقت الثورة في‬ ‫قادرة على قيادة ّ‬ ‫تلك االندفاعات الشعبية العفوية في المظاهرات باتت تسيطر على ما يقرب من ثلث األراضي السورية بدءاً من‬ ‫دمشق العاصمة‪ ،‬ومن المعروف بأنّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ريف حلب الشرقي ووصوالً إلى تخوم مدينة دير الزور‪.‬‬ ‫المتالحقة‪ ،‬لم تكن سوى ردّ اً على ما جرى في درعا‬ ‫لؤي حاج بكري‬

‫سورية الفشل تاريخ أم‬ ‫مستقبل؟‬ ‫ص‪4‬‬ ‫لم يسلم مؤ ّ‬ ‫شر الدولة الفاشلة من‬ ‫ا ّتهامات عديدة أه ّمها أ ّنه مفهوم ال معنى له‪ ،‬وإ ّنما اخ ُترع لفرض‬ ‫قوة‪ ،‬برأي «إليوت‬ ‫هيمنة الواليات الم ّتحدة على البلدان األقل ّ ّ‬ ‫روس» وبزعمه أنّ هذا المصطلح كان قد اخ ُترع في عام‪1992‬‬ ‫بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط االمبراطور ّية السوفيت ّية‬ ‫سومر العبداهلل‬

‫النظرة إلى الجنس‬ ‫بين جسدّية بحتة وروحانّية خالصة‬

‫ص‪9‬‬

‫ورغ��م أنّ العالقات الجنس ّية مرفوضة‬ ‫اجتماع ّيا ً ودين ّيا ً بشكل كبير جدّ اً إلاّ أ ّنه يمكننا‬ ‫التحرر في هذه الناحية ال بدّ‬ ‫أن نالحظ أنّ‬ ‫ّ‬ ‫ن��واح أخ��رى عديدة‬ ‫تحرراً في‬ ‫أن يعكس‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تحرر المجتمع في النواحي الجنس ّية‬ ‫اجتماع ّيا ً ونفس ّياً‪ ،‬عدا عن أنّ‬ ‫ّ‬ ‫ريم احلاج‬ ‫يعكس إبداعا ً مجتمع ّيا ً عالياً‪.‬‬

‫الديني‬ ‫التطرّف‬ ‫ّ‬ ‫عند اليهود‬

‫ص ‪10‬‬

‫تؤ ّكد هذه الطائفة من النساء‬ ‫تقرها المحكمة الدين ّية في‬ ‫عقيدة أنّ المرأة أدنى من الرجل التي ّ‬ ‫إسرائيل‪ ،‬فعلى النساء التغطية واالنعزال تطهيراً للخطايا‪ ،‬فالمرأة‬ ‫أساس الخطايا والدناسة‪ ،‬وعليهن االحتجاب في المنازل ح ّتى يت ّم‬ ‫القضاء على الخطايا ويأتي المسيح المخ ّلص‪.‬‬ ‫لينا احلكيم‬

‫حوار مع‬ ‫المق ّدم أحمد القناطري‬ ‫من يم ّثلون الثورة ينتقلون ســياس ّيا ً من فشــل‬ ‫الوطني‬ ‫آلخر‪ ،‬من يقوم بهذا الدور ‪ -‬المجلــس‬ ‫ّ‬ ‫أي شـيء‪،‬‬ ‫ســابقا ً واالئتالف حال ّيا ً ‪ -‬لم يعمل ّ‬ ‫ص‪5‬‬ ‫فهو مشــغول في المشــاكل الشــخص ّية ألعضاء‬ ‫االئ��ت�لاف وص��راع��ات الكتل الســياس ّية داخل‬ ‫االئتالف‪ ،‬وح ّتى هذه اللحظة لم يســتطع االئتالف‬ ‫أقره ميثاق األمم‬ ‫اقناع المجتمع‬ ‫الدولي بقانون ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الم ّتحدة‪ ،‬وهو أ ّنه‬ ‫يحق للشــعب المعتدى عليه أن يدافع عن نفــسه‪ .‬كلّنا سوريّون‬

‫الهوّية‪:‬‬ ‫الوطنّية‪ ،‬التشاركّية‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫محطات سورية‬ ‫ّ ص‪3‬‬ ‫في ســورية‪ ،‬صعدت فكرة الوطن ّية إلى‬ ‫السـطح كاسـتجابة ‪ -‬وردّ بنفـس الوقت ‪-‬‬ ‫على األحــداث الطائف ّيـة التي شــهدتها البـالد‬ ‫في العـام ‪ ،1860‬وقد برزت كتابات بطرس‬ ‫بحب الوطن والمصالحـة‪،‬‬ ‫البســتاني الذي بشــّر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأصـدر لهـذا الغرض صحيفـة (نفـير ســورية)‬ ‫ابتـدا ًء من ‪ 29‬أيلول ‪ 1860‬ودعا فيها لال ّتفاق‪ ،‬ث ّم أصدر مج ّلة (الجنان) التي كان‬ ‫(حب الوطن من اإليمان)‪.‬‬ ‫شعارها‬ ‫ّ‬ ‫تمسكه بما اعتبره «الشرع ّية العثمان ّية»‪ ،‬إلاّ أ ّنه كان ينادي بفكرة وطن‬ ‫ورغم ّ‬ ‫سوري في نطاق الدولة العثمان ّية مع إبراز فكرة ارتباط الجماعة الوطن ّية بالعرب ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألنّ العرب ّية لغة وثقافة قاعدة مشتركة ألبناء الوطن‪.‬‬ ‫حممّد اجلرف‬

‫اليوم في سوريا ثالث حروب تدور في وقت واحد‪ ،‬الحرب‬ ‫القديمة الجديدة بين قوى المعارضة وجيش النظام‪ ،‬حرب بين‬ ‫«داع��ش» واألك��راد‪ ،‬وحرب جوية بين قوى التحالف الدولي‬ ‫وبين قوات ما يسمى بالدولة اإلسالمية «داعش»‪ ،‬ثالث حروب‬ ‫والنتيجة صفرية‪ ،‬ال منتصر حقيقي بين المتحاربين وال خاسر‬ ‫حقيقي أيضاً‪ ،‬هي حرب ويجب أن تستمر إلى ما شاء هللا أو تصل‬ ‫سوريا إلى خرابها العميم‪ .‬وكما قلنا‪ :‬ال أحد بات مقتنعا ً أن الحسم‬ ‫سيكون عبر انتصار عسكري لجهة على أخرى‪ ،‬ومع ذلك ما زال‬ ‫الجميع يُزكي نار هذه الحرب‪ ،‬طالما هذه الحرب ُتنهك السوريين‪،‬‬ ‫وتنتهك سوريا‪ ،‬فالقرار أن تستمر بال غالب أو مغلوب‪ ،‬أن تستمر‬ ‫حتى ال يبقى متقاتلون وال يبقى ما يتقاتلون عليه‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬بات السوريون بكل أطرافهم خارج اللعبة وخارج‬ ‫إطار صنع الحل‪ ،‬النظام السوري مهزوم ومنحشر في زاوية‬ ‫ميتة تفاوض عنه إيران وروسيا‪ ،‬والمعارضة السورية مهزومة‬ ‫تتصارع فرنسا وتركيا وقطر والسعودية فيمن سيفاوض عنها‪،‬‬ ‫وتركوا لها فقط أن تتصارع على مقعد رئيس االئتالف أو كرسي‬ ‫رئيس الحكومة المؤقتة‪.‬‬ ‫من هنا نستطيع أن نعرف لماذا تونس خطت نحو بناء دولتها‬ ‫الحديثة‪ ،‬ونحن في سوريا نذهب إلى أبعد ما يمكن من خراب‬ ‫سوريا‪ ،‬لماذا تونس تصنع المستقبل ولماذا في سوريا نوغل في‬ ‫مستنقع ما قبل التاريخ؟؟‬ ‫نعم‪ ،‬في تونس كان هناك تونسيون‪ ،‬أما في سوريا فالسوريون‬ ‫هم الغائب األكبر عن ساحة الفعل‪ ،‬وكما يقول المثل الشعبي‪« :‬من‬ ‫ال يحضر والدة عنزته ستلد له جدياً»‬ ‫حسني برو‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪17‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫اإلشكالّيات الراهنة في‬ ‫الثورة السورّية‬

‫يف هذه األج��واء العنيفة اليت شهدتها املدن‬ ‫والبلدات السوريّة‪ ،‬تبلورت قوى الثورة السوريّة‪ ،‬من‬ ‫معارضة سياسيّة ومن جتمّعات عمل مدن ّي‬

‫مع إع��ادة انتخاب الدكتور أحمد الطعمة رئيسا ً‬ ‫للحكومة المؤ ّقتة‪ ،‬من قبل عدد مح ّدد من أعضاء الهيئة‬ ‫العامّة لالئتالف‪ ،‬دون التوصّل إلى مر ّ‬ ‫شح توافقيّ ‪ ،‬بعد‬ ‫انسحاب مجموعة كبيرة من األعضاء غير المحسوبين‬ ‫على االتجاهات اإلسالميّة‪ ،‬عادت األحاديث المتداولة‬ ‫حول سيطرة اإلسالميّين على الثورة‪ ،‬فهل يمكن‬ ‫القول‪ :‬بأنّ تلك اإلشكاليّة ناجمة عن طبيعة االئتالف‪،‬‬ ‫كهيئة اكتسبت الصفة التمثيليّة للمعارضة السياسيّة‪،‬‬ ‫والخاضعة لتجاذبات الجهات الداعمة لتلك الثورة‪ ،‬أم‬ ‫أنّ ذلك ناجم عن طبيعة القوى المشاركة بالثورة‪ ،‬أو‬ ‫انعكاسا ً لمن يحمل السالح على األرض‪ ،‬أم أنّ الثورة‬ ‫قد خرجت عن مسارها‪ ،‬ولم يعد أمام مختلف القوى‬ ‫التي أنتجتها سوى البحث عن المزيد من المكاسب‬ ‫السياسيّة‪ ،‬وح ّتى الشخصيّة‪.‬‬

‫للثورة‪ ،‬كذلك فإنّ إص��رار النظام على االستمرار‬ ‫بذلك الر ّد‪ ،‬ولجوئه إلى استخدام جميع أنواع األسلحة‬ ‫الف ّتاكة‪ ،‬هو السبب الوحيد لك ّل ما تشهده البالد حال ّياً‪.‬‬ ‫في هذه األجواء العنيفة التي شهدتها المدن والبلدات‬ ‫السوريّة‪ ،‬تبلورت قوى الثورة السوريّة‪ ،‬من معارضة‬ ‫سياسيّة ومن تجمّعات عمل مدنيّ ‪ ،‬اتجهت بمعظمها إلى‬ ‫خارج البالد‪ ،‬مع تكثيف حمالت االعتقال والتعذيب‪،‬‬ ‫ومن مجموعات مسلّحة أضحت بحاجة إلى ك ّل أسباب‬ ‫الدعم العسكريّ والما ّديّ ‪ ،‬في هذه المناخات االستثنائيّة‬ ‫التي غابت عنها ك ّل القوانين وك ّل آليّات المحاسبة‪ ،‬كان‬ ‫الدعم الخارجيّ للثورة السوريّة الذي أضحى عامالً‬ ‫أساس ّيا ً من عوامل استمرار الثورة‪ ،‬كما كان عامالً‬ ‫مه ّما ً من عوامل التناحر بين قوى الثورة‪ ،‬سواء في‬ ‫الداخل أو في الخارج‪ ،‬وسواء السياسيّة أو العسكريّة‬ ‫منها‪ ،‬األمر الذي يتطلّب االستمرار في البحث عن‬ ‫الصيغ التوافقيّة بين جميع القوى‪ ،‬من أجل إنجاز‬ ‫المهمّة األساسيّة للثورة في إسقاط النظام أوّ الً‪ ،‬ونبذ‬ ‫آليّات الكسب السياسيّ أو العسكريّ في فرض البدائل‪،‬‬ ‫وليخرج البديل عن النظام القائم‪ ،‬وفقا ً لما يقرّ ره الشعب‬ ‫بمجموعه في مُناخات صحيّة وسلميّة‪.‬‬

‫بداية الب ّد من العودة إلى المفهوم العام للثورة‪،‬‬ ‫وتحديد موجباتها وقواها المحرّ كة ونتائجها‪ ،‬كما الب ّد‬ ‫من البحث في الخصائص المحلّيّة لك ّل ثورة‪ ،‬دون‬ ‫االرتهان للمقارنة‪ ،‬كمقياس‪ ،‬أو كمعادلة رياضيّة‪،‬‬ ‫فلقد شهد التاريخ الحديث للمجتمعات البشريّة العديد‬ ‫من الثورات المتباينة‪ ،‬التي ال يمكن النظر إلى أوجه‬ ‫التشابه فيما بينها‪ ،‬إلاّ في إطار الزمان والمكان‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت الموجة األخيرة من الثورات قد أ ّدت إلى انهيار‬ ‫األنظمة الشيوعيّة الدكتاتوريّة في أوربا الشرقيّة‪ ،‬فإنّ‬ ‫الموجة الحاليّة من الثورات التي سُميت بالربيع العربيّ ‪،‬‬ ‫هدفت بشكل أو بآخر إلى إسقاط أنظمة االستبداد‬ ‫الفرديّ ‪ ،‬كأنظمة القذافي ومبارك واألسد‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫العديد من الثورات التاريخيّة قد قامت وفقا ً آلليات‬ ‫مح ّددة في التنظيم‪ ،‬واختيار اللحظة المناسبة كما قرأنا‬ ‫عنها‪ ،‬فإنّ الثورات التي عايشناها‪ ،‬لم تكن سوى حالة‬ ‫من الخروج الشعبيّ العفويّ على النظام القائم‪ ،‬الذي لم‬ ‫يكن يسمح بوجود أيّة قوّ ة قادرة على القيام بذلك‪ ،‬كما‬ ‫حصل في مدن موسكو وبرلين وبوخارست وسواها‪،‬‬ ‫والتي شهدت خروج الجماهير إلى الساحات العامّة‬ ‫بحثا ً عن الخالص من األنظمة القمعيّة األمنيّة‪ ،‬مواجهة‬

‫ذات الردود اإلعالميّة والسياسيّة من قبل أتباع النظام‬ ‫السائد‪ ،‬كمؤامرة خاضعة للتحريض من الخارج‪ ،‬دون‬ ‫مجابهتها عسكر ّيا ً في ظ ّل تف ّكك اال ّتحاد السوفياتيّ ‪،‬‬ ‫وبغياب أيّة مؤ ّ‬ ‫شرات لوجود معارضة سياسيّة‪ ،‬كقوى‬ ‫محرّ كة‪ ،‬أو كبدائل عن األنظمة القائمة‪ ،‬ممّا أ ّدى بعد‬ ‫انتصارها السلميّ ‪ ،‬لنشوء أحزاب وأنظمة سياسيّة‬ ‫جديدة‪ ،‬وفقا ً لطبيعة تلك المجتمعات‪ ،‬فمن هي قوى‬ ‫الثورة السوريّة‪ ،‬وكيف تش ّكلت‪ ،‬وماهي اشكالياتها؟‬ ‫من المعروف بأنّ المعارضة السوريّة لنظام األسد‬ ‫قبل قيام الثورة‪ ،‬كانت مقتصرة على أعداد قليلة من‬ ‫السياسيّين‪ ،‬وتجمّعاتهم الخاضعة للمالحقة واالعتقاالت‬ ‫المستمرّ ة‪ ،‬والتي لم تكن قادرة على قيادة أيّ حراك‬ ‫جماهيري‪ ،‬كما أظهرت محاوالتهم التي سبقت‬ ‫الثورة في دمشق العاصمة‪ ،‬ومن المعروف بأنّ تلك‬

‫«داعش» أداة وذريعة‪ّ ،‬‬ ‫يتحكم‬ ‫الدولي‬ ‫بهما التحالف‬ ‫ّ‬ ‫إنّ بعض الموقوفين بتهمة اإلرهاب‪ ،‬يخضعون‬ ‫إلى أنواع من التدريب السرّ يّ من قبل بعض األجهزة‬ ‫االستخباراتيّة التابعة للدول التي يسجنون فيها‪ ،‬من‬ ‫ّ‬ ‫بالمنظمات‬ ‫أجل التح ّكم بعقولهم بعد خروجهم والتحاقهم‬ ‫اإلرهابيّة ومن ث ّم توظيفهم في سياق مصالح سياسيّة‬ ‫معينة هذا ما كشف عنه العميل األمريكيّ السابق‬ ‫«إدوارد سنودن»‪.‬‬

‫مسارات منحرفة‪ ،‬وتطرّ ف في اآلراء‪ ،‬ومبالغة‬ ‫وغلوّ في األفكار وتهوّ ر باألفعال‪ ،‬وإذا كان دخل‬ ‫المرء الماليّ غير كا ٍ‬ ‫ف لتلبية متطلّبات حياته‪ ،‬ودامت‬ ‫ً‬ ‫هذه الحالة فتر ًة طويلة‪ ،‬يؤ ّدي ذلك إلى اضطراب‬ ‫الشخصيّة‪ ،‬وتنمية شعور الغضب‪ ،‬واالبتعاد عن‬ ‫الشعور بالمسؤوليّة تجاه المجتمع‪ ،‬ممّا يحضّر ّ‬ ‫للتأثر‬ ‫بأفكار التطرّ ف اإلرهابيّ واالقتناع بها‪.‬‬

‫إنّ التغلب على «داع��ش» ليس بالسهل أل ّنه‬ ‫يتطلّب استراتيجيّة جديّة وحاسمة‪ ،‬وح ّتى إذا كانت‬ ‫هزيمته ممكنة عسكر ّيا ً بالمطلق‪ ،‬فإ ّنها تبدو صعبة‬ ‫للغاية‪ ،‬ولكن عندما نطرح مسألة التم ّكن من هزيمته‬ ‫فكر ّيا ً وعقائد ّيا ً يصبح األمر أكثر تعقيداً‪ ،‬ألنّ هذه‬ ‫اإليديولوجيا الفيروسيّة الخبيثة‪ ،‬بدأت أفكارها تفتك‬ ‫في عقول الشبّان وتنتشر في ش ّتى أنحاء العالم‪ ،‬إنّ‬ ‫«داعش» إيديولوجيا مشوّ هة مزيّفة فاسقة وشرّ يرة‪،‬‬ ‫اخترعت من قبل أجهزة استخبارات دول عظمى‪،‬‬ ‫لكي تنتشر وتتشبّث بعقول ضحاياها وليبقى زعماؤها‬ ‫حلفاء سريّين لتلك األجهزة وال يمكن هزيمة هذا‬ ‫التنظيم اآلن‪ ،‬باستخدام القوّ ة العسكريّة الجويّة فحسب‪،‬‬ ‫بل يجب ألاّ يتوانى محاربيها في مكافحتها بر ّيا ً‬ ‫وإيديولوج ّياً‪ ،‬وعلى المستوى السياسيّ واالجتماعيّ‬ ‫والثقافيّ ‪ ،‬والتعليميّ والنفسيّ ‪ ،‬وذلك بسرعة فائقة‪ ،‬ألنّ‬ ‫انتشارها سيكون متسارعاً‪ ،‬فضالً عن أ ّنه متصاعد‪.‬‬

‫من ناحية ثانية‪ ،‬ف��إنّ التطوّ ر العلميّ والتقنيّ‬ ‫في مجال شبكات االتصال م ّكن أعضاء الشبكات‬ ‫اإلرهابيّة من الحصول على مع ّدات وأجهزة ف ّنيّة‬ ‫متق ّدمة ومتطوّ رة‪ ،‬يستخدمونها بمهارة في نشاطاتهم‬ ‫وفي نشر أفكارهم المشبوهة وإنشاء شبكاتهم‪.‬‬

‫ثمّة دوافع تدميريّة ذات جذور نفسيّة وراثيّة أو‬ ‫مكتسبة‪ ،‬منبثقة من الشخصيّة اإلرهابيّة ناتجة عن‬ ‫ّ‬ ‫تضخم األنا العليا بسبب الشعور المتواصل بتأنيب‬ ‫الضمير‪ ،‬ممّا يؤ ّدي لخلل نفسيّ وارتكاب األعمال‬ ‫العنيفة واالنحراف في التربية‪ ،‬كما يحدث في التربية‬ ‫األصوليّة المتعصّبة‪ ،‬ويش ّكل تربة خصبة للفضائيّات‬ ‫التي ّ‬ ‫تبث األفكار الفيروسيّة‪ ،‬ويؤ ّدي غالبا ً إلى إشعال‬ ‫الشرارة األولى التي ينطلق منها انحراف السلوك عند‬ ‫الشابّ ‪ ،‬و يجعل منه عُرضة النحراف عقليّته‪ ،‬ممّا‬ ‫يؤمّن مُناخا ً مالئما ً ّ‬ ‫لبث السموم الفكريّة فيها سموم‬ ‫هدفها تحقيق اإلره��اب‪ ،‬كما أنّ تع ّدد الصعوبات‬ ‫االجتماعيّة والتناقضات األسريّة يدفع الشابّ إلى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫وأصبح تف ّ‬ ‫شي ظاهرة الفقر والبطالة وانتشارها‬ ‫في كثير من دول العالم عامالً من العوامل الرئيسيّة‬ ‫المساعدة على انتشار األفكار اإلرهابيّة‪.‬‬ ‫وفي سياق م ّتصل‪ ،‬ساعدت التناقضات في مواقف‬ ‫ّ‬ ‫الشاذة والبالغة‬ ‫بعض ال��دول‪ ،‬تجاه هذه الظاهرة‬ ‫الخطورة‪ ،‬ح ّتى أنّ دوالً ساهمت ماد ّيا ً بإنشائها‪،‬‬ ‫والبعض اآلخر ساهم بتسليحها ودوالً قدمت وتقدم‬ ‫لها المعلومات االستخباريّة والدعم اللوجستي والتعليم‬ ‫والتدريب‪ ،‬ومازالت دول أخرى تؤمّن لها ك ّل حاجتها‪،‬‬ ‫من أجل إكمال مهمّاتها‪.‬‬ ‫إض��اف� ً‬ ‫�ة إل��ى أنّ التطرّ ف حسب نتائج بحوث‬ ‫المحلّلين‪ ،‬هو الوجه اآلخر لرفض الحداثة‪ ،‬ممّا يشير‬ ‫إلى أنّ اإلره��اب ّ‬ ‫يمثل تهديداً مباشراً للديمقراطيّة‬ ‫كنظام سياسيّ وللسلوك الديمقراطيّ االجتماعيّ ‪.‬‬ ‫وعلينا أن نعلم أنّ اإلرهاب عابر لحدود الدول‬ ‫ّ‬ ‫ويمثل تهديداً جسيما ً للعالم وللدول‬ ‫والقوميّات‪،‬‬ ‫الديمقراطيّة الليبراليّة بشكل خ��اصّ ‪ ،‬ولقد كانت‬ ‫الديموقراطيّة الليبراليّة قد فشلت عموما ً في ترسيخ‬ ‫مبادئها في المجتمعات اإلسالميّة‪.‬‬ ‫إنّ المجتمعات الديمقراطيّة بحاجة للوصول إلى‬ ‫توافق وإجماع حول السياسات التي ينبغي تب ّنيها‬

‫االندفاعات الشعبيّة العفويّة في المظاهرات المتالحقة‪،‬‬ ‫لم تكن سوى ر ّداً على ما جرى في درعا‪ ،‬وما تبعه‬ ‫من استخدام متزايد للعنف من قبل األجهزة األمنيّة‪،‬‬ ‫األمر الذي يشير إلى أن توقيت الثورة السوريّة‪ ،‬لم‬ ‫يكن سوى لحظة انفجار لألزمة العميقة بين النظام‬ ‫والشعب‪ ،‬وفي سياق الموجة الثوريّة للمنطقة‪ ،‬في ظ ّل‬ ‫ضعف المعارضة‪ ،‬وغياب أيّ اختيار من قبلها للحظة‬ ‫المناسبة‪ ،‬وبغضّ النظر عن ك ّل ال��ردود السياسيّة‬ ‫واإلعالميّة التي جُوبهت بها الثورة‪ ،‬كتآمر وتحريض‬ ‫خارجيّ ‪ ،‬وح ّتى األمنيّ كاختالق لالتهامات المختلفة‬ ‫ّ‬ ‫بحق المتظاهرين‪ ،‬ومالحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم ‪ ،‬فإنّ‬ ‫الر ّد العسكريّ بالرصاص الحيّ ‪ ،‬بهدف القتل المباشر‪،‬‬ ‫وسقوط أعداد متوالية من الشهداء‪ ،‬هو السبب الوحيد‬ ‫لقيام الفعل الثوريّ المسلّح‪ ،‬وتراجع الشكل السلميّ‬

‫إنّ ما يجري اليوم من تعقيدات إضافيّة‪ ،‬تتعلّق‬ ‫بالتطرّ ف اإلسالميّ ‪ ،‬واستخدامه كورقة بيد العديد‬ ‫من الدول‪ ،‬كما تتعلّق بالتوسّع اإليرانيّ ‪ ،‬القائم على‬ ‫تأجيج الصراعات الطائفيّة في المجتمعات اإلسالميّة‪،‬‬ ‫حيث استدعت تلك الحرب الهمجيّة التي يقوم بها نظام‬ ‫األسد على األراضي السوريّة حروبا ً إقليميّة ودوليّة‪،‬‬ ‫بمشاركة قوّ ات حزب هللا اللبنانيّ والميليشيات الشيعيّة‬ ‫اإلقليميّة‪ ،‬وبقدوم المجاهدين المتطرّ فين من ك ّل‬ ‫األصقاع إلقامة خالفتهم‪ ،‬وبضربات التحالف الدوليّ‬ ‫ض ّد تنظيم «داعش» ذو الخطر اإلرهابيّ العالميّ ‪،‬‬ ‫يلقي ‪ -‬وكما يبدو‪ -‬المزيد من األهداف والمها ّم على‬ ‫عاتق قوى الثورة السوريّة‪ ،‬التي تتطلّب المزيد من‬ ‫التوافق فيما بينها‪ ،‬وصوالً إلى إعادة سورية إلى ك ّل‬ ‫لؤي حاج بكري‬ ‫السوريّين‪.‬‬

‫يف سورية النظام هو من يُدمِّر‪ ،‬ولكن بقبول أمريك ّي غري معلن‬ ‫يف نطاق سياسة «الفوضى اخللاّ قة»‬

‫لمواجهة اإلرهاب العابر لحدودها‪.‬‬ ‫من ناحية ثانية‪ ،‬يتحمّل المجتمع الدوليّ أيضاً‪،‬‬ ‫مسؤوليّة غضّ النظر تجاه األنظمة التي ُتخضع‬ ‫شعوبها لالستبداد والقمع واإلهانة واالستغالل الطبقيّ ‪،‬‬ ‫وانتشار الفساد بأشكاله المتنوّ عة والبطالة‪ ،‬أل ّنها تولّد‬ ‫اإلرهاب وتنشر أفكاره الخبيثة‪.‬‬ ‫ث ّم إنّ اعتماد الدول الديمقراطيّة على الحلول األمنيّة‬ ‫في مواجهة اإلرهاب يح ّقق في الواقع إضعاف المبادئ‬ ‫التابعة لها ويلعب لصالح نشر الفكرة األصوليّة العنيفة‬ ‫بين أفراد المجتمع المصدوم بتلك الحلول القمعيّة‪،‬‬ ‫وتنتشر اإليديولوجيا األصوليّة العنيفة لدى الشعوب‬ ‫الثائرة‪ ،‬عندما تقمعها أنظمتها االستبداديّة ويقف العالم‬ ‫متفرّ جا ً على مآسيها‪ ،‬دون أن يحرّ ك ساكنا ً لحمايتها‪،‬‬ ‫كما حدث للثورة السوريّة‪.‬‬ ‫إنّ دمار العراق كان نسخة مُشابهة تماما ً لدمار‬ ‫خطط لدمار هذا ّ‬ ‫سورية الحاليّ ‪ ،‬فالذي ّ‬ ‫خطط لدمار‬ ‫ذاك ولكن بأدوات مختلفة‪ ،‬في العراق أمريكا هي‬ ‫من دمّر‪ ،‬وفي سورية النظام هو من يُدمِّر‪ ،‬ولكن‬ ‫بقبول أمريكيّ غير معلن في نطاق سياسة «الفوضى‬ ‫الخلاّ قة» والنتيجة كانت أنّ ه��ذا الدمار حضّر‬ ‫التربة المثاليّة واألرضيّة الصالحة لنشر «اإلرهاب‬ ‫الداعشيّ »‪ ،‬ونثر بذور اإليديولوجيا التابعة له‪ ،‬هكذا‬

‫نشأ «داعش» وتكاثر بدعم ال مثيل له من النظام‪،‬‬ ‫بإطالق سراح زعمائه في بداية الثورة‪ ،‬ومن األطراف‬ ‫الدوليّة واإلقليميّة األخرى المتع ّددة‪.‬‬ ‫إنّ التحالف الدوليّ يكتفي حاليا ً بالتحكم بتنظيم‬ ‫«داع��ش» أي أنّ القصف الجويّ يرسم له حدود‬ ‫انتشاره‪.‬‬ ‫لكنّ المسألة أصبحت صعبة االح��ت��واء وعلى‬ ‫الجميع أن ينشطوا ك��أف��راد وع��ائ�لات وم��دارس‬ ‫وجامعات ومؤسّسات تعليميّة ومساجد وشيوخ‬ ‫مساجد‪ ،‬يجب تعليم ال��ط�ّل�اّ ب م��ب��ادئ االع��ت��دال‪،‬‬ ‫واالبتعاد عن الجماعات المشبوهة‪ ،‬وعلى العالم أن‬ ‫يواجه اإلرهاب بالسالح ‪-‬ولكن أيضا ً ‪ -‬سياس ّيا ً وفكر ّيا ً‬ ‫وثقاف ّيا ً ونفس ّياً‪ ،‬فانتشاره ال يعرف حدود الدول وال‬ ‫يتو ّقف عندها‪ ،‬ويستهدف الجميع ولن يو ّفر أحداً ومن‬ ‫المه ّم أن يكون ثمّة إرادة عالميّة حقيقيّة للتخلّص منه‬ ‫ال سيّما وأنّ دوالً عظمى لجأت الستخدامه كسالح‬ ‫جديد‪ ،‬تحارب فيه داخل دول أخرى إلخضاعها‪ ،‬أو‬ ‫كحجرة شطرنج تحرّ كها دول كما يحلو لها‪ ،‬خدمة‬ ‫لمصالحها أو إلخماد ثورات شعوبها‪ ،‬ث ّم إنّ التحالف‬ ‫العالميّ قرّ ر استعماله الراهن في أمرين‪ ،‬أوالً‪ :‬في‬ ‫سياسة «الفوضى الخلاّ قة»‪ ،‬كأداة لنشرها في أنحاء‬ ‫العالم‪ ،‬خدمة الستراتيجيّة صهيوأمريكيّة حديثة‪ ،‬هدفها‬ ‫تجديد النظام الماليّ العالميّ المريض‪ ،‬وثانياً‪ :‬كذريعة‬ ‫لتقسيم الشرق األوسط طائف ّيا ً وأثن ّياً‪.‬‬

‫فوزي سفر‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪17‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫الهوّية‪ّ :‬‬ ‫محطات سورّية‬ ‫الوطنّية‪ ،‬التشاركّية‪ُ ،‬‬ ‫األقلّيّات الدينيّة واإلثنيّة في اإلمبراطوريّة العثمانيّة‪.‬‬ ‫وكان من شأن هذه السياسة وضع األساس لشرعنة‬ ‫االنتدابين البريطانيّ والفرنسيّ على المناطق العربيّة‬ ‫من اإلمبراطوريّة العثمانيّة‪.‬‬

‫تاريخ ّياً‪ ،‬كانت التنظيمات العثمانيّة التي صدرت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(الخط‬ ‫(خط شريف كولخانة) و‪1856‬‬ ‫عامي ‪1839‬‬ ‫الهمايوني)‪ ،‬أوّ ل برنامج طموح للمركزيّة والعلمانيّة‬ ‫والحداثة واإلصالح السياسيّ ‪ ،‬ويكاد ي ّتفق المؤرّ خون‬ ‫على أنّ التنظيمات العثمانيّة ما هي إلاّ واحدة من‬ ‫المحاوالت األخيرة الرامية إلى خلق فر ٍد عثمانيّ يتوجّ ه‬ ‫بالوالء إلى الدولة بدل التوجّ ه إلى العشيرة أو الطائفة‬ ‫أو العائلة‪ ،‬أو ح ّتى إلى السلطان‪ .‬وسرعان ما شهدت‬ ‫المرحلة التي تلت إصدار تلك التنظيمات ازدهار مظاهر‬ ‫مختلفة لـ «مجال عا ّم» ناشئ في المناطق العربيّة‪:‬‬ ‫إذ تطوّ رت المناطق الحضريّة بـصورة ساحات عامّة‬ ‫ّ‬ ‫ومنتزهات‪ ،‬وما إلى هنالك‪.‬‬ ‫وحدائق وطرق عريضة‬ ‫وشهدت المدن الكبرى الظواهر نفسها التي عرفتها‬ ‫أورو ّب��ا خالل القرن الثامن عشر‪ :‬انتشار المقاهي‪،‬‬ ‫والجمعيّات‪ ،‬والمسارح‪ ،‬وال��ن��وادي‪ ،‬والصالونات‬ ‫العلميّة واألدبيّة والثقافيّة‪...‬وباإلضافة إلى ك ّل ما تق ّدم‪،‬‬ ‫نشطت الجمعيّات السرّ يّة المستقلّة في مجال تنظيم‬ ‫الشباب والمناداة بالحكم الدستوريّ وبالالمركزيّة‪ ،‬أو‬ ‫ببساطة‪ ،‬باالستقالل السوريّ أو العربيّ ‪.‬‬ ‫من الوجهة الثقافيّة‪ ،‬ارتكزت النهضة الثقافيّة‬ ‫العربيّة‪ ،‬على بنى تحتيّة ثقافيّة كانت تتطوّ ر بسرعة‪،‬‬ ‫إذ برزت «رأسماليّة نشر» ّ‬ ‫تمثلت في العديد من‬ ‫الصحف والمجلاّ ت‪ .‬وقامت الطروحات العقالنيّة‬ ‫في الدين ‪ -‬على يد األفغانيّ ومحمّد عبده‪ -‬بمقاربة‬ ‫القضايا العلمانيّة والدينيّة الحساسة‪ .‬لكن‪ ،‬في حين‬ ‫كانت التنظيمات العثمانيّة تنادي بالمساواة السياسيّة‬ ‫والقانونيّة‪ ،‬وتعلن اإلج��راءات الم ّتخذة لفرض هذه‬ ‫المساواة‪ ،‬وتشرع في إطالق صيرورة لعلمنة الدولة‪،‬‬ ‫عادت القوى األوروبيّة أدراجها إلى سياسة حماية‬

‫في سورية‪ ،‬صعدت فكرة الوطنيّة إلى السطح‬ ‫كاستجابة ‪ -‬ور ّد بنفس الوقت ‪ -‬على األحداث الطائفيّة‬ ‫التي شهدتها البالد في العام ‪ ،1860‬وقد برزت كتابات‬ ‫بطرس البستانيّ الذي ب ّ‬ ‫شر بحبّ الوطن والمصالحة‪،‬‬ ‫وأصدر لهذا الغرض صحيفة (نفير سورية) ابتدا ًء من‬ ‫‪ 29‬أيلول ‪ 1860‬ودعا فيها لال ّتفاق‪ ،‬ث ّم أصدر مجلّة‬ ‫(الجنان) التي كان شعارها (حبّ الوطن من اإليمان)‪،‬‬ ‫ورغم تمسّكه بما اعتبره «الشرعيّة العثمانيّة»‪ ،‬إلاّ أ ّنه‬ ‫كان ينادي بفكرة وطن سوريّ في نطاق الدولة العثمانيّة‬ ‫مع إبراز فكرة ارتباط الجماعة الوطنيّة بالعربيّة‪ ،‬ألنّ‬ ‫العربيّة لغة وثقافة قاعدة مشتركة ألبناء الوطن‪.‬‬ ‫هكذا ب��دت فكرة الوطن والوطنيّة في كتابة‬ ‫مجموعة من المف ّكرين وكأ ّنها القاعدة المشتركة‬ ‫ّ‬ ‫لتخطي الخالفات الداخليّة‪ ،‬وخاصّة الطائفيّة‪ ،‬ورافق‬ ‫فكرة الوطنيّة الشعور بأنّ الجهل وفقدان الحرّ يّة (أو‬ ‫الحكم الدستوريّ ) أساس التخلّف‪.‬‬ ‫إثر انهيار اإلمبراطوريّة العثمانيّة‪ ،‬ا ّتخذت فرنسا‬ ‫ذريعة لما اعتبرته «ح ّقا ً لها» الحتالل سورية‪ ،‬أيّ‬ ‫ح ّقها في الدفاع عن األقلّيّات الدينيّة‪ ،‬وت ّم تقسيم البالد‬ ‫إلى خمس دويالت وفق خطوط طائفيّة‪ :‬دولتان للس ّنة‬ ‫(في حلب ودمشق)‪ ،‬ودولة للمسيحيّين في لبنان الكبير‪،‬‬ ‫ومنطقتا حكم ذاتيّ للدروز والعلويّين‪.‬‬ ‫هنا‪ ،‬ال ب ّد من ذكر أنّ تحويل الجماعات واألقلّيّات‬ ‫الطائفيّة إلى كيانات سياسيّة‪ ،‬كان له األثر المباشر في‬ ‫نكوص المجال العا ّم الذي بدأ بالتطوّ ر مع التنظيمات‬ ‫العثمانيّة‪ ،‬وما زلنا نعاني منه إلى اليوم‪ ،‬فهذه الكيانات‬ ‫صيغ للهويّة والتضامن ذات‬ ‫السياسيّة لم تكتفِ بإقرار‬ ‫ٍ‬ ‫طبيعة ما دون قوميّة (‪ )Sub-National‬لتكون‬ ‫المستودع الطائفيّ للحقوق والواجبات‪ ،‬بل أ ّنها أسّست‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬شبكات المحسوبيّات التي أسهمت‬ ‫في نموّ وتطوّ ر الوجهاء الذين تب ّنوا لعب أدوار وساطة‬ ‫ملتبسة بين الدولة والمجتمع‪ ،‬ولم تتم ّتع الجماعات‬ ‫ال باالستقالل الكامل‪ ،‬وال بالتمثيل الكامل ألفرادها‪،‬‬ ‫واأله ّم من ذلك‪ ،‬أنّ األفراد ظلّوا في جميع األحوال‬

‫في وضع التابع‪.‬‬

‫كان اإلضراب الس ّتينيّ الذي شهدته سورية في‬ ‫بداية عام ‪ 1936‬أبرز مظاهر المشاركة السياسيّة في‬ ‫الفضاء العا ّم عرفته البالد في تاريخها – ال يضاهيه‬ ‫سوى محاولة استرداد هذا الفضاء في العام ‪ -2011‬إذ‬ ‫انفجر بركان المظاهرات واالضرابات بوجه المندوب‬ ‫السامي الفرنسيّ «دومارتيل» في ك ّل مكان في‬ ‫سورية‪ ،‬وجاء ذلك أع ّم من الثورة السوريّة الكبرى التي‬ ‫اقتصرت على المناطق الوسطى والجنوبيّة‪ .‬بدأت هذه‬ ‫االضرابات في حلب أثناء انعقاد أربعين الزعيم هنانو‬ ‫عندما هاجمت قوّ ة من الشرطة مكاتب حزب الكتلة‬ ‫الوطنيّة ونفت عدداً من الزعماء‪ ،‬فأضربت حلب‪،‬‬ ‫وكان ر ّد الفعل آل ّيا ً فأغلقت دمشق متاجرها احتجاجاً‪،‬‬ ‫ولحقتها سائر المدن السوريّة ونشأت «مقاومة سلبيّة‬ ‫لم تعرف سورية وال البالد العربيّة األخرى مثيالً لها‬ ‫في السابق وقد امتازت بأ ّنها كانت عامّة شاملة كما‬ ‫امتازت بالنظام والمثابرة‪ ،‬ودام إضراب دمشق س ّتين‬ ‫يوما ً كامالً‪ ،‬وكان من نتائجه أن عزلت فرنسا حكومة‬ ‫الشيخ تاج الدين الحسينيّ ‪ ،‬وأصدر «دومارتيل» بيانا ً‬ ‫في ‪ 25‬شباط ‪ 1936‬أعلن فيه استعداده للتفاوض مع‬ ‫الوطنيّين‪ ،‬وإلطالق المعتقلين السياسيّين وإصدار عفو‬ ‫عا ّم إذا قبل زعماء الكتلة الوطنيّة إنهاء اإلضراب‪.‬‬ ‫وانتهى اإلضراب باتفاق بين هاشم األتاسي رئيس الكتلة‬ ‫الوطنيّة‪ ،‬ودو مارتيل في أوّ ل آذار ‪ 1936‬وضعت فيه‬ ‫أسس معاهدة بين الطرفين على أساس استقالل سورية‬ ‫ووحدتها‪ .‬في عام ‪ 1946‬جلت الجيوش األجنبيّة عن‬ ‫سورية‪ ،‬ونشأت دولة سوريّة مستقلّة سياس ّياً‪ ،‬دولة ذات‬ ‫بنية محاكية للنمط األوربّيّ الحديث‪ :‬دستور‪ ،‬أحزاب‪،‬‬ ‫فصل السلطات الثالث‪ ،‬انتخابات ديمقراطيّة برلمانيّة‪،‬‬ ‫حقوق معترف بها للجميع دون تمييز بين األديان‬ ‫والطوائف وال بين الرجل والمرأة‪ ،‬تعليم عا ّم إلزاميّ‬ ‫ومجانيّ لجميع األطفال‪ .‬لكنّ هذه الديمقراطية فسدت‬ ‫سريعاً‪ ،‬وسقطت بيد القوى المسلّحة‪ ،‬ال ألنّ هذه القوى‬ ‫كانت األكثر حداثة في الدولة والمجتمع‪ ،‬واألكثر تنظيما ً‬ ‫وتسليحاً‪ ،‬وحسب‪ .‬بل أل ّنه في ظ ّل عجز البرجوازيّة‬ ‫الوطنيّة عن تقديم سياسات فعّالة‪ ،‬وفي ظ ّل عجزها‬ ‫عن الحفاظ على سيادة الدولة (هزيمة الـ ‪،)1948‬‬ ‫وعجزها كذلك عن تجنيب البالد التف ّكك السياسيّ نتيجة‬ ‫لسياسة األحالف والخالفات الحزبيّة حولها‪ ،‬في ظ ّل‬

‫ك ّل ما سبق‪ ،‬ظهر العسكريّون باعتبارهم أفضل قوّ ة‬ ‫ّ‬ ‫منظمة لالستفادة من التف ّكك السياسيّ ‪ ،‬وذلك‬ ‫سياسيّة‬ ‫من خالل ايديولوجيّة شعبيّة ‪ -‬قوميّة‪ ،‬تحاول اكتساب‬ ‫والء الجماهير‪ ،‬واأله ّم من ذلك‪ ،‬ولدى السعي إلى‬ ‫السلطة السياسيّة فإنّ نظام رأسماليّة الدولة‪ ،‬القويّ ‪،‬‬ ‫والعسكريّ ‪ ،‬حاول أن يح ّل مح ّل الطبقة الرأسماليّة‬ ‫الغائبة‪ ،‬ممارسة أهداف الثورة «البرجوازيّة»‪ ،‬وكان‬ ‫الشرط المُسبق لخلق االقتصاد الرأسماليّ القوميّ هو‬ ‫تأميم المشروعات االمبرياليّة‪ ،‬كما أنّ أساس خلق‬ ‫السوق الداخليّة هو اإلصالح الزراعيّ ‪ ،‬وعلى ذلك‬ ‫فإنّ نظام رأسماليّة الدولة ا ّتسم بجهوده المتواصلة في‬ ‫التأميم واإلصالح الزراعيّ ‪ .‬وبحسب «هنتنغتون»‪،‬‬ ‫فإنّ العسكر ال يمكنهم لعب هذا ال��دور لوال غياب‬ ‫الطبقة الوسطى‪ ،‬وذلك بوصفهم «األكثر ترابطا ً من‬ ‫الفئات األخرى في هذه الطبقة‪ ،‬وباعتبار أنّ الجيش هو‬ ‫أقوى أدوات الطبقة الوسطى»‪ .‬هذه القوّ ة العسكرية‬ ‫الناشئة كانت بحاجة إلى ايديولوجيّة تعكس أهدافها‬ ‫وتطلّعاتها وتحرّ رها من الواقع االجتماعيّ السائد في‬ ‫األرياف السوريّة‪ ،‬وقد وجدتها في أفكار حزب البعث‬ ‫العربيّ االشتراكيّ الذي أتاح لها تحقيق مصالحها في‬ ‫ا ّتباع سياسات اقتصاديّة تكفل المساواة بين المدينة‬ ‫والريف‪ ،‬أهمّها االصالح الزراعيّ ‪ .‬وقد عمل حزب‬ ‫البعث طوال م ّدة حكمه على تعزيز الهويّة العربيّة في‬ ‫المجتمع السوريّ من خالل تركيزه على العروبة في‬ ‫مناهج التعليم‪ ،‬وفي جميع مراحله‪ ،‬ولكن من دون وجود‬ ‫مشروع حضاري يُغني العروبة ويقوم على تحرير‬ ‫الفرد ويضمن حقوق اإلنسان‪ ،‬األمر الذي سمح ‪ -‬مع‬ ‫استمرار قمع الحرّ يّات وتغييب أيّ نوع من الحراك‬ ‫في الحياة السياسيّة ‪ -‬ببقاء الهويّات ما قبل الوطنيّة في‬ ‫المجتمع السوريّ الموروثة من الحقبة االستعماريّة بعد‬ ‫تقاعس السلطة عن بناء المجتمع‪ ،‬وعدم قدرة المجتمع‬ ‫على بناء الدولة‪.‬‬

‫إنّ عدم وض��وح االيديولوجيّة وتع ّدد الثقافات‬ ‫واختالفها الممزوجة بالظروف االقتصاديّة االجتماعيّة‬ ‫واالجتماعيّة والسياسيّة‪ ،‬ك ّل ذلك دفع بأفراد المجتمع‬ ‫(العربيّ بشكل عا ّم) إلى الوقوع في حالة من االغتراب‬ ‫والتش ّتت فيما يتعلّق بترتيب أولويّات االنتماء وتحديد‬ ‫الهويّة‪.‬‬

‫حممّد اجلرف‬

‫نحن واإليرانّيون ‪ -‬كره في غير محلّه‬ ‫أذهلني ‪ -‬حقيقة ‪ -‬أن يعبّر بعض السوريّين على‬ ‫صفحات وسائل التواصل االجتماعيّ عن فرحتهم‬ ‫العارمة بسقوط طائرة ر ّكاب مدنيّة إيرانيّة‪ ،‬أذهلني‬ ‫أن يعبّروا عن فرحتهم دون أن يعرفوا هويّة الركاب‬ ‫ودون أن يعرفوا إذا ما كان بينهم أجانب أو أطفال‬ ‫أو نساء‪.‬‬

‫لقد انكشف الوجه الطائفيّ المقيت والصفويّ‬ ‫المجرم لسلطات اآليات «اللهيين» في إيران‪ ،‬ولم يعد‬ ‫يخفى على أحد ما يُظهرون أو يُضمرون‪،‬‬ ‫لكنّ ذلك كلَّه يجب ألاّ يدفعنا إلى حق ٍد وطائفيّة‬ ‫مضا ّدين‪ ،‬ال يُفضيان إلاّ إل��ى مزيد من الدمار‬ ‫وسفك الدماء واستعداء الشعب اإليرانيّ الغائب‬ ‫عن قرارات سلطاته‪ ،‬بل يجب أن يدفعنا إلى التأمّل‬ ‫والتفكير والسعيّ إليجاد الطرق المناسبة إلسقاط نظام‬ ‫«الماللي» والتخلّص منه وتخليص اإليرانيّين أنفسهم‬ ‫من شروره وأذاه في نهاية المطاف‪.‬‬

‫هل يكفي مجرّ د أن تكون الطائرة إيرانيّة ح ّتى‬ ‫ّ‬ ‫وتحطمها ومقتل َمن فيها من ركاب؟!‬ ‫نفرح بسقوطها‬ ‫إنَّ هذا لشيء ال يبعث على الخجل فقط‪ ،‬بل الخيبة‬ ‫والخزيّ أيضاً‪.‬‬ ‫ويتكرّ ر المشهد نفسه عندما يفرح الكثير من‬ ‫السوريّين بوقوع زلزال بقوّ ة ّ‬ ‫ست درجات لمجرّ د أ ّنه‬ ‫وقع في غربي إيران‪ ،‬ويطلبون من الربِّ مزيداً من‬ ‫الزالزل والبراكين توقع الخراب والتدمير في بالد‬ ‫الرافضة المجوس‪ ،‬وهذا أم ٌر ال يبعث على االندهاش‬ ‫والذهول‪ ،‬بقدر ما يبعث على التأمّل في المآالت التي‬ ‫وصل إليها تفكير الناس بمن فيهم أعداد من الحاصلين‬ ‫على شهادات عليا‪.‬‬ ‫لقد دفعني حادث سقوط الطائرة اإليرانيّة والزلزال‬ ‫الذي ضرب غربي إيران ‪ -‬على الرغم من مرور‬ ‫فترة زمنيَّة على وقوعهما ‪ -‬إلى البحث عن األسباب‬ ‫التي جعلت العشرات يكشفون عن سرورهم الساديّ‬ ‫وشماتتهم المرضيَّة بمقتل أناس لم يرتكبوا أيَّ ذنب‬ ‫سوى أ ّنهم ينتمون إلى دولة تسمّى إيران ‪.‬‬ ‫وبالمقابل يمكن القول‪ :‬نعم لقد استطاع نظام‬ ‫«الماللي «الطائفيّ العنيف والدمويّ في طهران أن‬ ‫يستعدي كثيراً من الناس‪ ،‬ويزرع الكراهيّة والحقد‪،‬‬ ‫إن لم يكن لدى أغلب الشعوب العربيّة فلدى السوريّين‬ ‫واللبنانيّين والعراقيّين واليمنيّين من الطوائف غير‬ ‫الشيعيّة على األقلّ‪.‬‬ ‫سعى نظام آيات هللا اإليرانيّ منذ بداية مرحلة‬ ‫الخمينيّ التي تسمّى «مرحلة الثورة اإلسالميَّة» إلى‬ ‫تعزيز قوّ ة إيران وهيمنتها في المنطقة وذلك بتشكيل‬ ‫جيش عرمرم تمت ّد أذرعه الناريّة المخرّ بة في مناطق‬ ‫متع ّددة ممَّا يش ّكل االمتدادات الحيويّة للدولة اإليرانيّة‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫لذا نراه يبذل الكثير من طاقات الشعب اإليرانيّ‬ ‫وث��روات��ه‪ ،‬ويب ّدد المليارات من عرق اإليرانيّين‬ ‫وعائدات نفطهم ليرفع من مستوى جاهزيّته الحربيّة‪،‬‬ ‫ويدعم حلفاءه والموالين له‪.‬‬ ‫وأخفقت السلطات اإليرانيّة على مدى العقود‬ ‫األربعة األخيرة في استثمار خيرات البالد وثرواتها‬ ‫الهائلة بما يعود بالخير والنفع والرفاهيّة على الشعب‬ ‫يسع نظام «الماللي» لتأمين الحياة‬ ‫اإليرانيّ ‪ ،‬ولم‬ ‫َ‬ ‫الكريمة للمواطن اإليرانيّ الذي يعيش حياة أقرب‬ ‫إلى الفقر والذلّ‪ ،‬ولم يكن باستطاعة ذلك النظام أن‬ ‫يرتقي بمستوى حياة الموطن ح ّتى لو أراد ذلك‪،‬‬ ‫ألنّ ج َّل اهتماماته منصبّ على بناء اإلمبراطوريّة‬ ‫الفارسيّة بصيغة والي��ة الفقيه‪ ،‬وتصدير الثورة‬ ‫اإلسالميّة (الشيعيَّة الصفويَّة) إلى الخارج عن طريق‬ ‫التبشيريّات والحسينيّات والعمالء والمستشاريّات‬ ‫الثقافيّة التي تستنزف طاقات الشعب اإليرانيّ ‪ ،‬وعن‬ ‫طريق دعم الميليشيات الطائفيّة في كثير من أصقاع‬ ‫العالم كحزب هللا اإلرهابيّ الطائفيّ وجماعة الحوثيّين‬ ‫والنظام المجرم الذي تقوده السفارة اإليرانيّة في‬ ‫أوتوستراد ّ‬ ‫المزة‪.‬‬ ‫لقد ثار الشعب اإليرانيّ ض ّد ظلم الشاه وعسكره‬ ‫و»سافاكه»‪ ،‬وألهب ثورته التي أسقطت ذلك النظام‬

‫والشاه ع��ام ‪ ،1979‬لكنَّ «الماللي» وآي��ات هللا‬ ‫سرعان ما انقضّوا على تلك الثورة ‪ -‬بصورة تشبه‬ ‫إلى ح ّد ما انقضاض رجال الدين على الثورة السوريّة‬ ‫ واختطفوها‪ ،‬وحوّ لوها عن مسارها‪ ،‬لينشئوا دولة‬‫الوليّ الفقيه التي تؤسّس لخروج المهدي المنتظر‪.‬‬ ‫وأراد الخمينيّ واآليات «الالهيون «من بعده إعادة‬ ‫االعتبار للشعب الفارسيّ ‪ ،‬لك ّنهم بدالً من أن يف ّكروا‬ ‫بمصالحه اآلنيَّة بلقمة عيشه ومتطلّباته األساسيّة‪ -‬ال‬ ‫نتح ّدث هنا عن الرغد والبلهنيّة والرفاهيّة ‪ -‬راحوا‬ ‫يف ّكرون ببعث دولة كسرى الكبرى‪ ،‬دولة «كيومورث‪،‬‬ ‫وقورش‪ ،‬ويزدجرد‪« ،...‬ولم يتوجّ هوا نحو الشعوب‬ ‫الناطقة بالفارسيّة أو إحدى أخواتها أو مشت ّقاتها فقط‪،‬‬ ‫بل انطلقوا أيضا ً إلى بؤرة األذى التي ص ّدرت إليهم‬ ‫الفكر الشيعيّ في بداية القرن السادس عشر في جبل‬ ‫عامل في لبنان‪.‬‬ ‫رفع نظام «الماللي» شعارات «الموت إلسرائيل‪،‬‬ ‫والموت ألمريكا» غير أنَّ الموت على أيديهم لم‬ ‫يّصب إلاّ السوريّين والعراقيّين واليمنيّين‪ ،‬وبدل أن‬ ‫يوجّ هوا بنادق المقاومة التي نمت كالسرطان إلى‬ ‫صدور اإلسرائيليّين وجّ هوها إلى صدور السوريّين‬ ‫في القلمون والغوطة‪...‬‬

‫الشعب اإليرانيّ ال حول له وال قوّ ة‪ ،‬ال يد له في‬ ‫ك ّل ما يرتكبه نظام «الماللي» من جرائم مثله في‬ ‫ذلك مثل الشعب السوريّ إزاء جرائم «حافظ األسد»‬ ‫تجاه اللبنانيّين والفلسطينيّين‪ ،‬ومثل الشعب الروسيّ‬ ‫إزاء المجازر المروّ عة التي ارتكبها النظام السوفياتيّ‬ ‫باسمه‪.‬‬ ‫كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً سليل حضارة‬ ‫ضاربة الجذور في التاريخ؟ كيف يمكن لعاقل أن يكره‬ ‫شعبا ً أنجب» ابن سينا‪ ،‬وعمر الخيّام‪ ،‬والفردوسيّ ‪،‬‬ ‫وسعدي الشيرازيّ ‪ ،‬والبخاريّ ‪ ،‬ومسلم‪ ،‬والترمذيّ ‪،‬‬ ‫والنسائيّ »‪ ،‬وأنجب أبا حنيفة النعمان‪ ،‬وأبا حامد‬ ‫الغزاليّ ‪ ،‬وأبا بكر الخوارزميّ ‪ ،‬وسيبويه وعشرات‬ ‫من العظماء اآلخرين؟!‬ ‫كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً فيه من الفسيفساء‬ ‫العرقيّة «ال��ف��رس واألك���راد وال��ع��رب والبلوش‬ ‫واألذرييّن والتركمان واألرمن»‪ ،‬والدينيَّة والثقافيّة‬ ‫مقداراً من التنوّ ع والزركشة كالشعب اإليرانيّ ؟‬ ‫كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً مظلوما ً ال يختلف‬ ‫عن غيره من شعوب العالم الثالث التي تحكمها‬ ‫األيديولوجيّات األح��اد ّي��ة المتعصّبة القوميّة أو‬ ‫الثيوقراطيّة المتخلّفة على ح ٍّد سواء‪.‬‬ ‫إنّ عدوّ نا الحقيقيّ ليس إي��ران وليس الشعوب‬ ‫القاطنة على األراضي اإليرانيّة‪ ...‬عدوّ نا الحقيقيّ‬ ‫وعدوّ الشعب اإليرانيّ قبلنا هو نظام «الماللي»‪.‬‬

‫غ ّسان املرتضى‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪17‬‬

‫سورّية و ُحُلم الديموقراطّية‬

‫كانت الديموقراطيّة من أب��رز مطالب الثورة‪،‬‬ ‫فما الذي جعلها أبعد األشكال المطروحة عن الواقع‬ ‫السوريّ ؟‬ ‫في بداية الثورة‪ ،‬الحلم السوريّ ‪ ،‬كانت الديموقراطيّة‬ ‫جزءاً ها ّما ً ومطلبا ً أساس ّيا ً من مطالب الثورة‪ ،‬وكانت‬ ‫الشعارات والعبارات تر ّكز وتحضّ على أه ّميّة‬ ‫الديموقراطيّة لمكانتها األساسيّة في دول العالم المتق ّدم‪،‬‬ ‫ولكن هل ك ّنا بالفعل غير مستع ّدين لنتحمّل مسؤوليّة ما‬ ‫صبونا إليه من طموحات؟‬ ‫خالل األع��وام الثالث الفائتة‪ ،‬منذ بداية انطالق‬ ‫الثورة ووصوالً ليومنا هذا نرى مفهوم الديموقراطيّة‬ ‫الحقيقيّ غائبا ً عن أغلب المحافل الثوريّة‪ ،‬كأبسط‬ ‫األمثلة‪ ،‬إذا أراد أحد الثوّ ار التكلّم عن رأي معين له‬ ‫بمنشور على مواقع التواصل االجتماعيّ أو ضمن‬

‫جلسة ثوريّة‪ ،‬نرى ردوداً وتعليقات أبعد ما تكون‬ ‫عن روح الديموقراطيّة‪ ،‬فتار ًة ترى من ينعته بقصور‬ ‫الرؤية‪ ،‬وكأ ّنما هو المُبصِ ر الوحيد لما ي��دور من‬ ‫بوابل من الشتائم مخوّ نا ً‬ ‫أحداث‪ ،‬وآخر ينهال عليه‬ ‫ٍ‬ ‫إيّاه متناسيا ً أ ّنهما في ص ٍ‬ ‫ف واحد لمواجهة الظالم وفي‬ ‫خندق واحد من حبّهم وغيرتهم على الوطن‪ .‬قالئل‬ ‫ٍ‬ ‫أولئك الذين يناقشون األفكار المطروحة بمنطقيّة‬ ‫هم‬ ‫َ‬ ‫الواقع واإلمكانيّات المتاحة‪ ،‬دائما ً ما تكون ردود أفعالنا‬ ‫انفعاليّة وأبعد ما تكون عن العقالنيّة والت ّفكر‪ ،‬اللذان‬ ‫نحن بأمسّ الحاجة لهما‪.‬‬ ‫متى نشأت فينا ه��ذه الطبيعة الرافضة لآلخر‬ ‫وأفكاره؟ ربّما كانت أربعة عقو ٍد من الظلم والقمع‬ ‫والتخلّف كفيلة تماما ً لتصنع بنا ما صنعته من تشويه‬ ‫للنفس البشريّة‪ ،‬فقد كانت مساحات التفكير المتاحة لنا‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫كانت أربعة عقودٍ من الظلم والقمع والتخلّف كفيلة متاماً لتصنع بنا ما‬ ‫صنعته من تشويه للنفس البشريّة‪.‬‬ ‫شبه معدومة‪ ،‬وإمكانيّة إثبات وجودنا وأنفسنا تندرج‬ ‫تحت خانة المستحيل‪ ،‬فمن يُف ّكر أو يتجرّ أ على الخوض‬ ‫في معارضة األفكار المطروحة ستكون عاقبته وخيمة‬ ‫بال شكّ‪ ،‬ومن هنا بدأت تتأصّل فينا االنصياعيّة وراء‬ ‫ك ّل ما هو عام ومطروح‪ ،‬فدائما ً هناك فكر أوحديّ‬ ‫يطغى في ك ّل مجال‪ ،‬وتباعا ً مع مرور السنين أصبح‬ ‫هذا الوضع الطبيعيّ لكا ّفة مجاالت الحياة االجتماعيّة‬ ‫والسياسيّة‪ ،‬فأصبحت بعض اآلراء السارية وكأ ّنها‬ ‫النتيجة الحتميّة للتفكير بالمواضيع المتعلّقة بها‪ ،‬ومن‬ ‫يجرؤ على معارضة األفكار االجتماعيّة سيكون‬ ‫مصيره النبذ اجتماع ّيا ً بال شكّ‪ ،‬ومن يجرؤ أن يقول‬ ‫ال للفساد المنتشر سيدفع حياته ثمنا ً أيضاً! ح ّتى وصلنا‬ ‫لمرحلة «من تساوره هكذا أفكار معارضة لك ّل ما هو‬ ‫مطروح يراها شبحاً»‪ ،‬ويبتعد عمّن ينادي بها خشية‬ ‫أن يصيبه ما قد يصيبه‪ .‬هكذا درّ بونا على نبذ اآلخر‬ ‫وعدم االعتراف بوجوده‪ ،‬والتمسّك بآرائنا التي تب ّنيناها‬ ‫– غالبا ً ‪ -‬رغما ً عن إرادتنا‪ ،‬فتو ّقفت عقولنا أيضا ً وح ّل‬ ‫مكانها المنطق المطلق العا ّم السائد‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬من انطلق بالثورة تخلّص من بعض هذا‪،‬‬ ‫ولك ّنه قد تربّى عليه لألسف‪ ،‬فلم نستطع أن نثور على‬ ‫أنفسنا لنغيّر ما أل ّم بها من تشوّ هات تكوينيّة‪.‬‬ ‫ترى الواحد م ّنا يدافع عن فكرته أشرس الدفاع‪،‬‬ ‫وكأ ّنه يدافع عن وجوده وإذا خسر معركة إثبات صحّ ة‬ ‫ما يقول سوف ينتهي ويتالشى وجوده‪ ،‬هذا كلّه إن‬ ‫د َّل على شيء فهو يد ُّل حتما ً على ضعف شخصيّاتنا‬ ‫وضعف ثقتنا بأنفسنا‪ ،‬فلطالما شعرنا أنَّ وجود اآلخر‬ ‫فليس هنالك م ّتسع ألكثر من رأي‬ ‫سيُلغي وجودنا حتماً‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واحد‪ ،‬إمّا أنا أو هو‪ ،‬ال فسحة لت ّتسع لنا نحن االثنين‬ ‫معاً‪ ،‬هذا ما يدفع الفرد ‪ -‬أو الجماعة ‪ -‬م ّنا لتسخيف‬ ‫وتشويه صورة اآلخر‪ ،‬ح ّتى ال يكاد يبرز أحد بفكرة‬ ‫إلاّ وتجد الناس تعمل جاهدة على االنتقاص من الفكرة‬ ‫دون دراسة موضوعيّة وحقيقيّة لها‪ ،‬هكذا‬ ‫وصاحبها‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫تعلّمنا لعقو ٍد طويلة وهذا ما ج ُِبلت أنفسنا عليه‪ ،‬ال أحد‬

‫سورية الفشل تاريخ أم مستقبل؟‬

‫تكاد تتص ّدر سورية استطالعات الرأي‬ ‫وتقارير المؤسّسات والمراكز البحثيّة الغربيّة‬ ‫واألمميّة‪ ،‬في مستوى االنحدار والفشل على‬ ‫كا ّفة األصعدة‪ ،‬ممّا يهدد بفرط عقد هذه الدولة‬ ‫الفتيّة أساساً‪ ،‬في عمر الدول واألمم‪ ،‬لتنتقل من‬ ‫دولة فاشلة إلى دولة منهارة ومقسّمة‪ ،‬وتتق ّدم‬ ‫بجدارة ك ّل عام نحو خطف لقب دولة الصدارة‬ ‫من دول فاشلة‪ ،‬كالصومال والسودان واليمن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتعثر مواجهة‬ ‫في منسوب األزمات الوطنيّة‬ ‫تح ّديات البقاء‪ ،‬ما ي��د ّل أ ّنها دخلت منطقة‬ ‫الخطر‪.‬‬ ‫ولع ّل أشهر مقياس حول فشل الدول هو‬ ‫التقرير الذي تنشره مجلّة «فورين بوليسي»‬ ‫بالتعاون مع صندوق السالم العالميّ ‪ ،‬في‬ ‫شهر تمّوز من ك ّل عام‪ ،‬حيث يعتمد التقرير‬ ‫على ع � ّدة معايير يقاس بها مدى‬ ‫فشل الدول وانهيارها‪ ،‬منها‪ :‬تنامي‬ ‫النزاعات والصراعات المجتمعيّة‬ ‫الداخليّة‪ ،‬وعدم االستقرار السياسيّ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الخارجيّ ‪ ،‬وضعف‬ ‫ومستوى‬ ‫الثقة بمؤسّسات الدولة نتيجة انتشار‬ ‫الفساد‪ ،‬والتنمية غير المتوازنة على‬ ‫أسس معيّنة تفرّ ق بين المواطنين‪،‬‬ ‫والتدهور األمنيّ ‪ ،‬وتف ّ‬ ‫شي انتهاكات‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وتشكيل أجهزة أمنيّة‬ ‫مطلقة خارجة عن سيطرة الدولة‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ازدياد الهجرة خارج‬ ‫ال��ب�لاد‪ .‬بالعموم‪ ،‬مصطلح الدولة‬ ‫الفاشلة يضيء على انحدار االستقرار السياسيّ‬ ‫واالقتصاديّ واألمنيّ ‪ ،‬وانتشار النزاعات‬ ‫وغياب األمن المجتمعيّ ‪.‬‬ ‫كان ر‪.‬د‪.‬كابالن قد تنبّأ في مقالة شهيرة له‬ ‫بتاريخ ‪« 1994‬إنّ شبكة تصنيف الدول األمم‬ ‫ منها جزء كبير من العالم الثالث ‪ -‬سيح ّل‬‫محلّها نمط من الزجاج المثلّم لدول األمم ودول‬ ‫األكواخ واإلقليميّات الضبابيّة والفوضويّة»‪.‬‬ ‫وف��ي تقريرها األخ��ي��ر استبدلت «فورين‬ ‫بوليسي» مصطلح ال��دول الفاشلة لتعرّ ضه‬ ‫النتقادات‪ ،‬بمصطلح الدول اله ّ‬ ‫شة ‪Fragile‬‬ ‫‪ ) )States‬حيث احتلّت الصومال المرتبة‬ ‫الثانية‪ ،‬والسودان الخامسة‪ ،‬واليمن الثامنة‪،‬‬ ‫والعراق الثالثة عشر وسورية الخامسة عشرة‪،‬‬ ‫في حين كانت قبل عام في المرتبة الحادية‬ ‫والعشرين‪ ،‬من أصل مائة وسبع وثمانين دولة‬ ‫موضوع الدراسة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫لم يسلم مؤ ّ‬ ‫شر الدولة الفاشلة من ا ّتهامات‬ ‫عديدة أهمّها أ ّنه مفهوم ال معنى له‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫اخ ُترع لفرض هيمنة الواليات الم ّتحدة على‬ ‫البلدان األق � ّل ق��وّ ة‪ ،‬ب��رأي «إليوت روس»‬ ‫وبزعمه أنّ هذا المصطلح كان قد اخ ُترع في‬ ‫عام‪ 1992‬بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط‬ ‫ّ‬ ‫االمبراطوريّة السوفيتيّة‪ ،‬على يد‬ ‫موظ َفيّ‬ ‫وزارة الخارجيّة األمريكيّة جيرالد هيلمان‬ ‫وستيفان راتنر‪ .‬وبرأي إليوت روس «أطلق‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‬ ‫مجيء ه��ذا المفهوم الوحش ‪ -‬أو‬ ‫ّ‬ ‫الدوليّ ‪ -‬من عقاله» وافقه في ذلك المفكر‬ ‫نعوم تشومسكي بكتابه «ال��دول الفاشلة»‪.‬‬ ‫وإن كانت النظرة الناقدة لهذا المؤ ّ‬ ‫شر تمتلك‬ ‫المعقوليّة‪ ،‬في أنّ أمريكا تستغ ّل هذا المفهوم‬ ‫في دول معيّنة تراها فراغات أمنيّة خطرة‬ ‫عليها‪ ،‬من المه ّم ملؤها بغاية سيطرتها عليها‬

‫و»قولبتها على هواها» ودمجها في المشروع‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‬ ‫الديمقراطيّ ‪ ،‬حسب مبدأ بوش االبن في‬ ‫بالدول المارقة‪ ،‬وبغضّ النظر عن الغايات‬ ‫المخبّأة وراء هذه المؤ ّ‬ ‫شرات‪ .‬يكمن السؤال‬ ‫هنا‪ ،‬وخصوصا ً لدولة مثل سورية‪ .‬ألم تصل‬ ‫هذه األخيرة إلى مصافِ الدول الفاشلة واله ّ‬ ‫شة‬ ‫وفي طريقها لالنهيار؟ حيث أ ّنها حازت اللقب‬ ‫بجدارة وبدأت بتصدير األزمات إلى ما وراء‬ ‫حدودها؟ والسؤال األه ّم منذ م ّتى بدأت مسيرة‬ ‫سورية مع الفشل والهشاشة؟‬ ‫تكمن اإلجابة في العودة إلى التاريخ الذي‬ ‫سبق بداية الحقبة األسديّة‪ ،‬إلى بداية القطع‬ ‫التاريخيّ مع مشوار سورية كدولة ديمقراطيّة‬ ‫برلمانيّة‪ ،‬عندما ُسلّمت مفاتيح البالد مع نهاية‬ ‫الخمسينيّات إلى جمال عبد الناصر‪ ،‬حينها‬ ‫صُفعت تجربة السوريّين الديمقراطيّة مع‬ ‫ّ‬ ‫تعثراتها‪ ،‬صفعة قويّة قصمت ظهرها‪ ،‬عبر‬ ‫تأميم الحياة السياسيّة واالقتصاديّة وإطالق‬

‫أحوال‬

‫يد المخابرات لتحكم حياة السوريّين ومعالجة‬ ‫ح ّتى القضايا االقتصاديّة بحلول أمنيّة‪.‬‬ ‫ومالحقة المعارضين وإجادة اللعبة الخارجيّة‬ ‫والتوازنات اإلقليميّة‪ ،‬على حساب الداخل‪.‬‬ ‫حافظ األس��د وج��د في تجربة عبد الناصر‬ ‫ضالّته‪ ،‬وكان أمينا ً لميراثه وأكمل مسيرته‬ ‫بالقضاء على الحرّ يّات وتعويم الفشل على‬ ‫مؤسّسات الدولة‪ ،‬واستفاد من تجربة دولة‬ ‫الوحدة وتبعاتها في إمساك البالد بيد من‬ ‫حديد‪ ،‬فكان االبن الشرعيّ لصعود العسكر‬ ‫إلى الحكم بعد سقوط الوحدة لألسباب السابقة‪،‬‬ ‫وتغوّ ل طموحاتهم أمام تسرّ ب السياسة من‬ ‫المجتمع نتيجة القمع وحصرها بين الفرد القائد‬ ‫وبرلمانات التصفيق‪.‬‬

‫على خارطة التفشيل المقصود‪ ،‬استمرّ‬ ‫ب ّ‬ ‫شار األسد بالنهج بعد اكتمال توريثه‬ ‫للجمهوريّة‪ ،‬وأطلق يد عصبة من‬ ‫أقربائه وشركاء الفساد حوله البتالع‬ ‫االقتصاد والهيمنة على ثروات البالد‬ ‫وتعريض البالد لقوى إقليميّة تسيطر‬ ‫عليها‪ .‬لهذه األسباب وغيرها انطلقت‬ ‫الثورة ض ّد نظام الحكم ر ّداً على ك ّل‬ ‫ما سبق‪ ،‬وت��وسّ�لاً إلص�لاح الخلل‬ ‫االستبداديّ الموروث منذ عشرات‬ ‫السنين‪ ،‬والمتماهي بشعار ملك فرنسا‬ ‫لويس الرابع عشر «الدولة هي أنا»‬ ‫وبالمعنى األسديّ «األسد أو نحرق‬ ‫البلد»‪ ،‬لذلك رفض ب ّ‬ ‫شار األسد الوفيّ‬ ‫لتجربة أسالفه في حكم سورية قمع ّيا ً استيعاب‬ ‫ما أراده السوريّون عبر تظاهراتهم‪ ،‬وجرّ‬ ‫البالد إلى الدمار‪ .‬وبدورها لم تكن المعارضة‬ ‫وقادتها على قدر المسؤوليّة التي أوكلوا أنفسهم‬ ‫بها فكان ذلك مُعينا ً في القضاء على ما تب ّقى‬ ‫من الدولة السوريّة‪.‬‬ ‫هشاشة الدولة وانهيار مؤسّساتها نذير شؤم‬ ‫على تف ّكك الكيان السوريّ المضطرب أصالً‪،‬‬ ‫والذي لم يُسمح له بتكوين انتماء وطنيّ قادر‬ ‫على النهوض بدولته على كا ّفة الصعد‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫بقيت انتماءات أغلبيّة الجمهور السوريّ عابرة‬ ‫للحدود الوطنيّة وما هو تحت وطنيّ ‪ .‬وعلى ما‬ ‫يبدو أنّ مشوار الفشل وخصوصا ً في منطقتنا‬ ‫زاد على المعايير السابقة شروطا ً وح��دوداً‬ ‫جديدة‪ ،‬فهل تفرز األزم��ة السوريّة معياراً‬ ‫جديداً للدول الفاشلة أو اله ّ‬ ‫شة؟‪.‬‬

‫سومر العبداهلل‬

‫يطوّ ر من نفسه ويعمل على ذاته ليرتقي بها ويصبح‬ ‫أفضل‪ ،‬فهذه الطريق كانت غير مطروحة لعقود‪،‬‬ ‫والطريق الوحيد المتاح أن ُنبخِس من اآلخرين ليعلو‬ ‫النسق ح ّتى وصلنا لمرحلة‬ ‫من شأننا‪ ،‬بقينا على هذا َ‬ ‫ليس فقط نكون فيها غير قادرين على االعتراف‬ ‫بالرأي اآلخر وإمكانيّة صحته‪ ،‬بل نحن غير قادرين‬ ‫على االعتراف بوجود اآلخر‪.‬‬ ‫هذا باإلضافة لقلّة وعي أبناء مجتمعنا الذين تل ّقفوا‬ ‫أفكاراً تعمل على تشويه الديموقراطيّة وتدعو لنبذها‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫بحث آخر يطول الكالم فيه)‪.‬‬ ‫(ولربّما هذا‬ ‫هذا المرض المستشري فينا والذي ّ‬ ‫تجذر في تكويننا‬ ‫لعقود سيحول دون قدرتنا على تجسيد الديموقراطيّة‬ ‫بأبسط صورها‪ ،‬فمن الطبيعيّ أن ال نكون قادرين من‬ ‫الوصول إلى ديموقراطيّة وطن بأكمله!‪..‬‬ ‫ربّما بداية الطريق هي التخلّي عن تع ّنتنا وردود‬ ‫أفعالنا االنفعاليّة والعاطفيّة ليح ّل مكانها التع ّقل مع مزيد‬ ‫من الثقة بالنفس وبإمكانيّاتها‪ ،‬ومزيد من الثقة بإمكانيّة‬ ‫الحياة مع اآلخ��ر ونواياه تجاه وطنه‪ ،‬ربّما تقاسم‬ ‫األعمال وعدم ترؤس أشخاص معينيّن على العامّة‬ ‫وإجبار العامّة على االنصياع آلرائهم «األوحديّة»‬ ‫كفيلة بخلق ح ّد أدنى على األق ّل من أشخاص يمتلكون‬ ‫شخصيّات لديها ثقة بأنفسها باإلضافة إلى عدم قيام ح ّد‬ ‫السيف أليّ فكرة جديدة مخالفة للرتابة المطروحة‪،‬‬ ‫علينا نشر مفاهيم الديموقراطيّة الحقيقيّة قوالً بين عامّة‬ ‫الناس‪ ،‬والعمل على تطبيقها فعالً على أرض الواقع‬ ‫ابتدا ًء من أصغر األمور لنتم ّكن من الوصول ألكبرها‪.‬‬ ‫قد يبدو الخوض في هذه الطريق الوعرة صعباً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بداية االعتراف‬ ‫ولك ّنه غير مستحيل بالطبع‪ ،‬إ ّنما علينا‬ ‫بأخطائنا لنستطيع إيجاد الحلول الواقعيّة لها‪ ،‬فكم من‬ ‫أم ّم اكتسبت الديموقراطيّة بنشر الوعي والعمل الحثيث‬ ‫عليها!؟‬

‫سارة ع ّز‬

‫«سايكس ـ بيكو» تموت‪،‬‬ ‫وبالمخاض سورية أخرى‬ ‫انتهت ســـورية ســايكــس – بيكو لتنقـــسم اليوم جيوســياســـ ّيا ً إلى‬ ‫ثالث مناطق هي‪:‬‬ ‫سورية الثورة وتض ّم المناطق الداخليّة المحرّ رة والنفوذ فيها «ألصدقاء‬ ‫سورية»؛ وسورية الدولة اإلسالميّة وتض ّم مناطق وادي الفرات وغالبيّة‬ ‫الجزيرة‪ ،‬وتحاول ألاّ تنتمي ألحد‪ ،‬ويقف ض ّدها تحالف كبير تتزعمه‬ ‫واشنطن؛ وسورية نظام األسد لها ما تب ّقى من أراضي سورية والنفوذ فيها‬ ‫لروسيا وإيران بأذرعها المسلّحة كحزب هللا الشيعيّ والميليشيات المتطرّ فة‪.‬‬ ‫سورية اليوم‪ ،‬بمخاضها العسير غير قادرة على والدة كيان إسالميّ ‪،‬‬ ‫أو معتدل‪ ،‬أو علمانيّ ‪ ،‬وقد تباينت المواقف والمصالح وااليديولوجيّات‬ ‫المختلفة‪ ،‬فأنصار الدولة اإلسالميّة يرفعون شعار «باقية وتتم ّدد»‪ ،‬ولم‬ ‫تثنها ضربات التحالف األميركيّ عن تحقيق مكاسب جديدة‪ ،‬فقد توسّعت في‬ ‫الشرق والغرب وال تبالي بمواقف اآلخرين‪ ،‬فاألتراك يتفرّ جون على تب ّدد‬ ‫الحلم الكرديّ في إقامة حكم ذاتيّ كمق ّدمة إلعالن «دويلة غرب كردستان»‬ ‫ووقوع مقاتلي األحزاب الكرديّة أسرى وقتلى‪ ،‬تزامنا ً مع تشرّ د عشرات‬ ‫اآلالف في براري «سهل سوروج» المحاذي لمنطقة «عين العرب»‪ ،‬في‬ ‫قاس بنتائجه على «صالح مسلم» الذي يحصد ثمار تحالفه مع‬ ‫بداية فصل ٍ‬ ‫نظام األسد وسيعود بما تب ّقى من قوّ اته إلى أطراف «جبال قنديل» بعد أن‬ ‫خذلت مشروعه االنفصاليّ األطراف الدوليّة واإلقليميّة وعلى رأسها أنقرة‬ ‫وطهران‪ ،‬بينما الشبّيحة من أتباع األسد ال زالوا يرددون شعار «األسد أو‬ ‫نحرق البلد»‪ ،‬وفي إعالن صريح للمتح ّدث اإليرانيّ باسم قوى الممانعة‪،‬‬ ‫أنّ مرحلة العداء الظاهريّ إلسرائيل قد انتهت‪ ،‬حيث قال مساعد وزير‬ ‫الخارجيّة اإليرانيّ «حسين أمير عبد اللهيان»‪:‬‬ ‫(إنّ سقوط األسد يه ّدد أمن إسرائيل) في إشارة لفتح عالقة علنيّة بين‬ ‫حلف الممانعة وإسرائيل‪ ،‬كونها صاحبة الشأن والقرار في المنطقة‪ ،‬بينما‬ ‫الطرف اإلسرائيليّ يرى أنّ نظام األسد مؤقت وزائل وال يمكن الرهان‬ ‫عليه‪ ،‬وتعمل على بقاء الحالة السوريّة كما هي بالتفاهم مع واشنطن‪ ،‬وتقف‬ ‫سورية الثورة في الوسط بدون رؤية استراتيجيّة واضحة فال ائتالف قوى‬ ‫الثورة استطاع تحقيق مكاسب سياسيّة تخدم الثورة‪ ،‬بينما تحوّ لت مؤسّساته‬ ‫إلى شركات تقبض من حيث ما تيسّر القبض‪ ،‬في حين عجز ثوار الداخل‬ ‫عن إنتاج قيادة مركزيّة تقود الثورة ومع ذلك ظ ّل قتالهم ض ّد نظام األسد‬ ‫راسخا ً وال يبالي بالضجيج اإلعالميّ الذي يحدثه اآلخرون‪ ،‬وفي ضوء‬ ‫الهجوم األميركيّ الساعي إلى بلورة سورية جديدة موالية لواشنطن تقوم‬ ‫استراتيجيتها على عمودين‪:‬‬ ‫إسرائيل وحلفها الجديد‪ ،‬بينما سورية في طريقها للتف ّتت بين المتحاربين في‬ ‫سبيل ترك المجال فسيحا ً أمام والدة جديدة وفق رغبة وتخطيط األمريكان‪،‬‬ ‫ويبقى الرهان على تماسك ووحدة الجبهة الثوريّة الذي وحده يع ّدل الخلل‬ ‫الذي طرأ على ميزان القوى‪ ،‬والسباق اليوم يجري بين قيام هذه الجبهة‪،‬‬ ‫أو نشوء حالة سوريّة أخرى هي أشبه بدويالت ملوك الطوائف في عصر‬ ‫ّ‬ ‫تتمخض عنه والدة قيصريّة لثالثة تواءم سوريّة مشوّ هة‬ ‫االنحطاط‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫لتستمرّ ردحا ً طويال من الزمن‪.‬‬

‫مصطفى فرحان‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ملف العدد‬

‫العدد ‪17‬‬

‫‪5‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫حــوار مــع الدكتور راتـب شـــعبو‬ ‫(تتابع «كلّنا سوريّون» نشر الجزء الثاني من‬ ‫الحوار الذي أجراه المعارض الصحفيّ غسّان المفلح‬ ‫مع المعارض الكاتب والمترجم والطبيب راتب شعبو)‪.‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬من الثورة ح ّتى لحظة الخروج من‬ ‫سوريّة‬ ‫األول‪ :‬بداية أنت قلت في مكان ما من‬ ‫السؤال ّ‬ ‫كتاباتك بعد الثورة‪ ،‬إ ّنك لن تخرج من سور ّية‪ ،‬ما‬ ‫الذي دعاك للخروج منها؟ وماذا َع ْ‬ ‫نت لك تلك اللحظة‬ ‫رغم أ ّني قرأت ما كتبته أنت عن جوانب هذه اللحظة؟‬ ‫آخر ما كنت أف ّكر به هو الخروج من سوريّة‪،‬‬ ‫كنت دائما ً ممنوعا ً من السفر ولم يكن ذلك يعني لي‬ ‫الكثير‪ ،‬أل ّنني ال أريد السفر أصالً رغم ك ّل الصعوبات‬ ‫والتضييقات األمنيّة‪ .‬لم يُرفع التجريد المدنيّ ع ّني رغم‬ ‫انقضاء الم ّدة القانونيّة‪ ،‬ورغم أ ّنني ا ّتبعت اإلجراءات‬ ‫المطلوبة في معاملة إعادة االعتبار‪ ،‬وراجعت محكمة‬ ‫أمن الدولة العليا (قبل أن يجري حلّها تحت ضغط‬ ‫الثورة) مرّ تين بدالً من المرّ ة الواحدة‪ ،‬دون جدوى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالخط األحمر على غالف‬ ‫كلمة (مجرّ د مدن ّياً) مكتوبة‬ ‫دفتر العائلة الخاصّ بأسرتي‪ ،‬األمر الذي كان يحمّل‬ ‫أطفالي وزوجتي تبعات ومضايقات في ك ّل الدوائر التي‬ ‫يحتاجون فيها إلى اصطحاب دفتر العائلة‪ ،‬عدا عن‬ ‫حرماني الدائم من العمل في أيّ من المشافي الحكوميّة‬ ‫أو في أيّ مؤسّسة عامة‪ ،‬رغم ك ّل ذلك‪ ،‬ورغم أنّ‬ ‫الكثير من أصدقائي الذين خرجوا منذ وقت بعيد كانوا‬ ‫يقترحون عليّ الخروج نظراً لمعرفتهم بظروفي‪ ،‬لم‬ ‫يكن في ذهني الخروج من سوريّة‪ ،‬وزادني تمسّكا ً في‬ ‫سوريّة انتفاضة الشعب السوريّ في مطلع ‪.2011‬‬ ‫مع ّ‬ ‫تعثر الثورة وتحوّ لها إلى ص��راع عبثيّ ال‬ ‫يُنتج سوى المزيد من الضحايا والدمار‪ ،‬ومع تبلور‬ ‫الموقف الدوليّ السلبيّ حيال ما يجري في سوريّة‪،‬‬ ‫ومع بروز تنظيمات «إسالميّة» تجمع بين اإلعاقة‬ ‫العقليّة واألخالقيّة من جهة‪ ،‬وبين القدرة العسكريّة من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬بدأ المشهد يتغيّر وتغيّرت معه نظرتي‬ ‫وأولوياتي‪ ،‬وفي الوقت نفسه بدأت دائرة المخاطر‬

‫تقترب م ّني بوتيرة متسارعة‪ .‬استدعاءات أمنيّة تالحقني‬ ‫ومُساءالت دائمة ح ّتى على صورة «البروفيل» التي‬ ‫أضعها على حسابي في «الفيسبوك»‪ .‬مضايقات‬ ‫لزوجتي في مكان عملها‪ ،‬معاملة تمييزيّة سلبيّة ض ّد‬ ‫أطفالي في المدرسة‪ ،‬بين بقاء عقيم مفتوح على العدم‪،‬‬ ‫وخروج ينطوي على احتماالت مفتوحة وربّما خصبة‪،‬‬ ‫اخترت الخروج‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬ربّما لو لم يكن لديّ‬ ‫طفالن (جنيت عليهما) الخترت البقاء‪ ،‬وإن كان بقاء‬ ‫محفوفا ً بقوسين متكاملين من اإلعدام‪ ،‬قوس ترسمه‬ ‫جرائم النظام وأمنه وشبّيحته‪ ،‬وآخر ترسمه سيوف‬ ‫وجرائم بشر «مسلمين»‪ ،‬هم بفكرهم ونمط حياتهم‬ ‫وح ّتى أسمائهم أقرب ما يكونون إلى قيء التاريخ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خرجت فيها من الحدود‬ ‫لألسف‪ ،‬اللحظة التي‬ ‫السوريّة كانت لحظة شعور بالحريّة‪ ،‬شعور يشبه‬ ‫لحظة خروجي من السجن‪ ،‬قلت ألصدقائي‪ ،‬وأنا في‬ ‫معمعة البحث عن ح ّل لمشكلة منعي من السفر‪ :‬أشعر‬ ‫ُ‬ ‫ستنبت لي حين أصل إلى بيروت‪ ،‬وبالفعل‬ ‫أنّ أجنحة‬ ‫حين وصل الصديق الدكتور ماهر أبو ميّالة بسيارته‬ ‫الصطحابي من شارع «الحمرا» إلى منزله ومعه في‬ ‫السيّارة ابني وابنتي الصغيرين (فقد كانت زوجتي‬ ‫وطفلي قد سبقوني إلى بيروت في حين كنت أتابع في‬ ‫دمشق إجراءات السماح لي بالسفر) شعرت بما يشبه‬ ‫شعور الناجين من الغرق‪.‬‬ ‫شعرت أ ّنني حرّ ‪ ،‬كنت أصفن وأنا ّ‬ ‫ُ‬ ‫أتلذذ‬ ‫في بيروت‬ ‫في تذوّ ق حقيقة أ ّنني هنا في مأمن من دور ّي��ة أمن‬ ‫تقتحم عيادتي وتقتادني إلى حيث ال يدري إلاّ هللا‪،‬‬ ‫وفي مأمن من أن يتحرّ ش بي مجموعة من الشبيحة‬ ‫في الشارع ويهدرون كرامتي ودمي‪ ،‬وفي مأمن من‬ ‫صاروخ «إسالميّ » أعمى‪ ،‬أسوة بعقول مطلقيه ‪..‬إلخ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شعرت أنّ حياتي ملكي‪ ،‬وأ ّنها زمن خام لي‬ ‫في بيروت‬ ‫أن أصوغه كما أشاء‪ ،‬بعد أن كانت حياتي في سوريّة‬ ‫مزيج فاسد من الزمن المسموم بالقلق والخوف‪ ،‬وأنا‬ ‫اآلن في الخارج أشعر‪ ،‬رغم ك ّل شيء‪ ،‬بكرامة افتقدتها‬ ‫طويالً في سوريّة‪ ،‬لألسف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫«يستحق‬ ‫السؤال الثاني‪ :‬تقول في إحدى مقابالتك‬

‫اليساري لم يتبدّ د في‬ ‫االنتباه أنّ المزاج المعارض‬ ‫ّ‬ ‫العلوي خالل األحداث العنيفة التي شهدتها‬ ‫الوسط‬ ‫ّ‬ ‫سور ّية في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات‪ ،‬وظل ّ‬ ‫(اليساري) غالباً‪ ،‬قبول وتأثير‬ ‫العلوي‬ ‫للمعارض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في وسطه آنئذ‪ ،‬على خالف الحال اليوم حيث بات‬ ‫العلوي منبوذاً في وسطه إلى حدّ الوسم‬ ‫المعارض‬ ‫ّ‬ ‫التحول إلى بحث مستقل لفهم‬ ‫بالخيانة‪ ،‬ويحتاج هذا‬ ‫ّ‬ ‫التحول؟‬ ‫أسبابه»‪ ،‬أريد منك رأيا ً مقتضبا ً حول هذا‬ ‫ّ‬ ‫الجواب الثاني‪:‬‬ ‫ما قل ُته في المقابلة التي تشير إليها يعبّر عن‬ ‫واقع ملموس وحقيقة صارخة‪ ،‬العلويّون كتلة بشريّة‬ ‫تخترقها ك ّل التيارات الفكريّة والسياسيّة كما تخترقها‬ ‫الفروق الطبقيّة مثلها في ذلك مثل المجتمع السوريّ‬ ‫ككل‪ ،‬ال تتمايز هذه الكتلة بشكل يبرّ ر الكالم السياسيّ‬ ‫عن «العلوييّن» في سوريّة إلاّ أمام الخطر اإلسالميّ‬ ‫السنيّ ‪ ،‬وال غرابة في ذلك‪ ،‬ذلك أنّ اإلسالم السياسيّ في‬ ‫سوريّة َي ِع ُد العلويّين وغيرهم من المذاهب والطوائف‬ ‫بمرتبة دنيا في «مجتمع إسالميّ »‪ ،‬يبقى السؤال لماذا‬ ‫تب ّدد اليوم المزاج العلويّ المعارض في حين لم يتب ّدد‬ ‫في أحداث اإلخوان المسلمين في بداية الثمانينات؟ قد‬ ‫يكون شعور العلويّين بقوة التهديد ودنو الخطر اليوم‪،‬‬ ‫قياسا ً على محدوديّة الخطر في أحداث اإلخوان‪ ،‬هو ما‬ ‫يفسّر نظرتهم الحاليّة الشديدة السلبيّة تجاه المعارضين‬ ‫العلويّين‪ ،‬وقد يكون الفارق بين األسد األب (القويّ‬ ‫والمح ّنك) واألس��د االبن (الضعيف) ج��زءاً من هذا‬ ‫التفسير‪.‬‬ ‫المزاج العا ّم في الوسط العلويّ تحوّ ل بوتيرة‬ ‫متسارعة من التر ّقب إلى التر ّدد إلى االنكفاء والرفض‬ ‫إلى العدائيّة تجاه الحراك االجتماعيّ الثوريّ في‬ ‫سوريّة‪ .‬وأعتقد أنّ مساراً مشابها ً ‪ -‬وإن كان أق ّل‬ ‫تسارعا ً وربّما أق ّل ح ّدة أيضا ً ‪ -‬شهدته قطاعات واسعة‬ ‫من المجتمع السوريّ ومن ك ّل الطوائف‪ ،‬وقد يكون‬ ‫هذا المسار أضعف مالحظة في الوسط السنيّ نظراً‬ ‫إلى أنّ هذا الوسط تحمّل أشنع أنواع الجرائم على يد‬ ‫النظام‪ ،‬ممّا دفعهم للقبول بك ّل َمن يواجه النظام ولو‬

‫كان الشيطان نفسه‪.‬‬ ‫اليوم وبعد طول أمد الصراع وانكشاف سخف‬ ‫اللغة السلطويّة في تسخيف الحراك بالتبشير منذ وقت‬ ‫باكر بأنّ األزمة (كما سمّى اإلعالم الرسميّ الثورة)‬ ‫«خلصت»‪ ،‬وبعد أن زاد عدد الشباب العلويّين الذين‬ ‫قضوا في هذا الصراع عن مئة ألف‪ ،‬يجد العلويّون‬ ‫نفسهم في مأزق فعلي ال يجدون له حلاّ ً‪ ،‬استمرار‬ ‫النظام مكلف لهم‪ ،‬وانهيار النظام مرعب لهم‪ ،‬ويلفت‬ ‫نظر المراقب أنّ التطوّ ر الذي ولّد تململ علويّ من‬ ‫هذا الصراع (أقصد زيادة التكلفة عدد الضحايا بين‬ ‫العلويّين)‪ ،‬ولّد أيضا ً تنظيمات إسالميّة تحمل المزيد‬ ‫من التهديد للعلويّين والمزيد من حوادث القتل البشعة‬ ‫بحقهم‪ ،‬أقصد إنّ صعود التنظيمات القاعديّة الدمويّة‬ ‫والطائفيّة رافق صعود تململ العلويّين ولجم فاعليّة‬ ‫هذا التململ‪.‬‬

‫غ ّسان املفلح‬

‫حوار مع المق ّدم أحمد القناطري‬ ‫قراء جريدة‬ ‫تعرف ّ‬ ‫في البداية أحي ّيك وأتم ّنى أن ّ‬ ‫«ك ّلنا سور ّيون» بنفسك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫انشق عن نظام‬ ‫المق ّدم أحمد القناطري‪ :‬أنا ضابط‬ ‫األسد المجرم منذ العام ‪ ،2011‬لم أغادر أنا أو عائلتي‬ ‫األراضي السوريّة‪ ،‬اخترت أن أكون مع الثوّ ار منذ‬ ‫بدايات العمل المسلّح للدفاع عن أهلنا وشعبنا‪ ،‬وأعلنت‬ ‫عدم قبولي بأن أكون عنصراً في مؤسّسة عسكريّة‬ ‫تقتل الشعب بدالً من حمايته‪ ،‬وإخالصي للقسم الذي‬ ‫أقسمته بأن أحمي الشعب والوطن‪ ،‬ورفضي أن أكون‬ ‫ذراعا ً لحماية شخص أو حكم عائلة مفروضة على‬ ‫الشعب‪.‬‬ ‫األول‪ :‬بعد ما يزيد عن ثالث سنوات‬ ‫السؤال ّ‬ ‫ونصف من عمر الثورة السور ّية‪ ،‬برأيك‪ ،‬إلى أين‬ ‫وصلنا سياس ّيا ً وعسكر ّياً؟‬ ‫القناطري‪ :‬من ّ‬ ‫يمثلون الثورة ينتقلون سياس ّيا ً من‬ ‫فشل آلخر‪ ،‬من يقوم بهذا الدور ‪ -‬المجلس الوطنيّ‬ ‫سابقا ً واالئتالف حال ّيا ً ‪ -‬لم يعمل أيّ شيء‪ ،‬فهو مشغول‬ ‫في المشاكل الشخصيّة ألعضاء االئتالف وصراعات‬ ‫الكتل السياسيّة داخل االئتالف‪ ،‬وح ّتى هذه اللحظة لم‬ ‫يستطع االئتالف اقناع المجتمع الدوليّ بقانون أقرّ ه‬ ‫ّ‬ ‫يحق للشعب المعتدى‬ ‫ميثاق األمم الم ّتحدة‪ ،‬وهو أ ّنه‬ ‫عليه أن يدافع عن نفسه‪ .‬أمّا عسكريا ًّ ‪ -‬بالرغم من‬ ‫ك ّل البطوالت التي يق ّدمها أبناء شعبنا – فإنّ االنقسام‬ ‫وتع ّدد الفصائل وارتباط القيادات بأجندات وسياسات‬ ‫المال السياسيّ ‪ ،‬يمنع ح ّتى هذه اللحظة الوصول‬ ‫إلى أه ّم عاملين للنصر وهما‪ :‬وحدة الصفّ والكلمة‬ ‫واعتماد التخطيط االستراتيجيّ المهنيّ في العمل‬ ‫العسكريّ باإلضافة إلى عدم االعتماد على الكفاءات‬ ‫العسكريّة في التخطيط العسكريّ ‪.‬‬ ‫السؤال الثاني‪ :‬يالحظ طغيان الصبغة اإلسالم ّية‬ ‫العسكري المعارض في سورية‪ ،‬برأيك‬ ‫على العمل‬ ‫ّ‬ ‫العسكري لصالح الثورة؟‬ ‫لماذا؟ وهل أسلمة العمل‬ ‫ّ‬ ‫القناطري‪ :‬السبب في أنّ تلك الفصائل ح ّققت‬ ‫انتصارات مهمّة في أكثر من معركة‪ ،‬أ ّنها األكثر‬ ‫تنظيما ً والتزاما ً باألوامر‪ ،‬وذلك أل ّنها اعتمدت العمل‬ ‫ْ‬ ‫وبنت بنية وهيكليّة تنظيميّة‬ ‫المؤسّساتي بشكل فعليّ‬ ‫متماسكة بحيث أنّ هناك آليّة إلعطاء األوامر من رأس‬ ‫الهرم إلى القاعدة‪ ،‬أمّا فصائل الجيش الحرّ فح ّتى هذه‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫اللحظة ماتزال غير قادرة على وضع هيكليّة تنظيميّة‬ ‫حقيقيّة وال يوجد بين عناصرها التزام وانتماء حقيقيّ ‪،‬‬ ‫واأله ّم من ذلك هو عدم وجود قانون وآليّة تمنع انتقال‬ ‫المجموعات من فصيل إلى آخر‪ ،‬باإلضافة إلى بعض‬ ‫الفساد الذي أظهر الجيش الحرّ بصورة غير جيّدة‬ ‫بعد أن كان الشعب يضع كامل أمله وثقته به‪ .‬وحول‬ ‫«أسلمة العمل العسكريّ « أقول‪ :‬يجب علينا أن نميّز‬ ‫بين أسلمة المجتمع‪ ،‬وبين أن تحوّ ل الثورة إلى الصبغة‬ ‫اإلسالميّة‪ ،‬فسورية مجتمع مسلم بغالبيته وليس بحاجه‬ ‫إلى أسلمة‪ ،‬وهذه األفكار غير مقبولة أل ّنه ال يجوز‬ ‫أن تطلب من المسلم أن يسلم‪ ،‬أمّا بالنسبة لثورتنا فهي‬ ‫ثورة شعب قام ض ّد الظلم واالجرام ويريد أن يبني‬ ‫مجتمعا ً حرّ اً كريما ً يحفظ حياة المواطن وكرامته‪،‬‬ ‫ويجب أن تبقى ه��ذه هي الصبغة لثورتنا ح ّتى‬ ‫اسقاط النظام وبعدها يختار الشعب ما هو المناسب‬ ‫له‪ ،‬ألنّ إعطاء الصبغة اإلسالميّة المتش ّددة للثورة‬ ‫والشعارات الطائفيّة ليست لصالح الثورة‪ ،‬ألنّ ذلك‬ ‫يدعم أكاذيب النظام وإعالمه أمام المجتمع الدوليّ بأ ّنه‬ ‫يحارب االرهاب والتطرّ ف‪ ،‬وهذا يعطيه قوّ ة سياسيّة‬ ‫ومبرّ راً لجرائمه أمام المجتمع الدوليّ ويساعده في‬ ‫إغالق الباب أمام األديان والطوائف األخرى للدخول‬ ‫في صفوف الثورة كون النظام المجرم يستخدم هذه‬ ‫الشعارات إلقناع األدي��ان والطوائف األخ��رى بأنّ‬ ‫بقاءهم في سورية مرتبط ببقائه‪.‬‬ ‫الطائفي في‬ ‫السؤال الثالث‪ :‬ي��زداد التمترس‬ ‫ّ‬ ‫سورية كل ّ يوم ‪ ...‬كيف ترى مستقبل سورية في‬ ‫ضوء هذا التمترس؟ وكيف يمكن للسور ّيين الخروج‬ ‫الوطني الجامع؟‬ ‫منه إلى مساحة العمل‬ ‫ّ‬ ‫القناطري‪ :‬من بدأ بالتمترس وراء الشعارات‬ ‫الطائفيّة هو النظام المجرم‪ ،‬أل ّنه نظام طائفيّ ‪ ،‬بُني‬ ‫على أساس المحاصصة الطائفيّة ولعب على هذا‬ ‫الوتر‪ ،‬ولألسف ف��إنّ الثورة وقعت في هذا الف ّخ‪،‬‬ ‫وأعتبر أنّ هذا فشل سياسيّ للثورة فهي لم تستطع‬ ‫اإلقناع بأ ّنها ض ّد نظام مجرم فاسد فقط‪ ،‬وأ ّنها ثورة‬ ‫لك ّل السوريّين‪ ،‬طبعا ً هناك أفكار طائفيّة غربية دخلت‬ ‫إلى الثورة السوريّة من الخارج‪.‬‬ ‫السؤال الرابع‪ :‬تبدو على صفحتك ضدّ التحالف‬ ‫توضح لنا لماذا؟ وكيف تق ّيم دور‬ ‫أحب أن‬ ‫الدولي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تنظيم «داعش»؟‬

‫القناطري‪ :‬لست مؤيّداً ل «داعش»‬ ‫ولست من مؤيّدي دخول غير السوريّين‬ ‫إلى سورية ومن منطلق واحد فقط‪ ،‬هو‬ ‫شعوري بسيادة وطني وثقتي بشعبنا‬ ‫وبطوالته وقدرته على صنع المعجزات‬ ‫وقد قلتها في العام ‪ :2011‬لسنا بحاجة‬ ‫إلى رجال‪ ،‬وسنبقى نواجه الدبّابة ولو‬ ‫بصدور عارية‪ ،‬وال ّ‬ ‫أظن أنّ هناك شعبا ً‬ ‫في العالم لديه أبطال كما في سورية‪.‬‬ ‫ولكن عندما أرفض التحالف ليس دفاعا ً‬ ‫عن أيّ فصيل ولكن أل ّني مقتنع تماما ً بأنّ‬ ‫سبب الفوضى ونشر التطرّ ف واإلرهاب‬ ‫ُ‬ ‫وقلت هذا في‬ ‫في سورية هو نظام األسد‬ ‫مقابلة مع إحدى الصحف العالميّة «إنّ‬ ‫ّ‬ ‫التأخر في سقوط نظام األسد سيجعل‬ ‫أبواب سورية مفتوحة لك ّل االحتماالت‬ ‫ولك ّل الجماعات وااليديولوجيّات واألفكار» وهذا ما‬ ‫حصل فعالً‪ ،‬لذلك قلت‪ :‬لو أنّ التحالف يريد التخلّص‬ ‫من ك ّل هذه الفوضى كان األجدر به استهداف نظام‬ ‫المجرم ب ّ‬ ‫شار األسد‪ .‬وعندما ننتقد التحالف فإ ّننا ننقل‬ ‫رأي الشارع السوريّ ‪ ،‬لماذا لم ُي ّتخذ قرار التحالف‬ ‫سابقا ً عندما قتل ب ّ‬ ‫شار األسد الشعب السوريّ وعندما‬ ‫استخدم الكيمياويّ وقتل األطفال؟ ولماذا لم ُي ّتخذ‬ ‫موقف من دخول حزب هللا إلى سورية؟ علما ً أنّ‬ ‫حزب هللا هو حزب رسميّ ّ‬ ‫ممثل بحكومة رسميّة في‬ ‫لبنان بالتوصيف الدوليّ فإنّ دخوله إلى سورية كونه‬ ‫ّ‬ ‫ممثالً رسم ّيا ً في الحكومة اللبنانيّة يعني إعالن حرب‬ ‫رسميّ من لبنان ض ّد الشعب السوريّ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مؤسسات‬ ‫هاجمت‬ ‫السؤال الخامس‪ :‬كثيراً ما‬ ‫ّ‬ ‫المعارضة السور ّية‪ ،‬لماذا؟ وهل من طريقة الستعادة‬ ‫السوري؟‬ ‫الحقيقي لها في خدمة الثورة والشعب‬ ‫الدور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القناطري‪ :‬نعم أنا ض ّد االئتالف وض ّد الحكومة‬ ‫المؤ ّقتة ولست محرجا ً من هذا الموقف وقد أعلنته‪.‬‬ ‫إ ّنني أطالب بمعارضة ترقى إلى مستوى تضحيات‬ ‫ومعاناة شعبنا‪ ،‬ولألسف‪ ،‬هذه المعارضة لم َ‬ ‫ترق الى‬ ‫مستوى دمعة واح��دة من دموع األطفال واألرام��ل‬ ‫والثكالى والمشرّ دين‪ .‬ماذا ق ّدم االئتالف والحكومة‬ ‫المؤ ّقتة لعوائل الشهداء؟ م��اذا ق ّدما للمصابين‬ ‫والمعاقين والالجئين وألطفالنا الذين حُرموا من ّ‬ ‫حق‬ ‫التعلّم لم ّدة أربع سنوات؟ إنّ المصاريف الشخصيّة‬

‫ألعضاء االئتالف والحكومة المؤ ّقتة وباقي مؤسّسات‬ ‫المعارضة في شهر واح��د تكفي إلطعام الشعب‬ ‫السوريّ سنة كاملة‪ .‬أريد أن أسأل أعضاء المعارضة‪،‬‬ ‫هل لديكم قوائم بأسماء الشهداء والمعتقلين في سورية؟‬ ‫وهل تعرفون كيف تعيش عائالتهم وأين يقيمون؟ لم‬ ‫ألتق بأحد من أعضاء المعارضة‪ ،‬إلاّ وشعرت بأ ّني‬ ‫ِ‬ ‫ال أجلس مع مواطن سوريّ ‪ .‬فهو ال يعلم شيء عن‬ ‫سورية‪ ،‬وهو يح ّدثك عنه مشاكله الشخصيّة ومع‬ ‫األعضاء اآلخرين وما ق ّدمه من تضحيات! معارضتنا‬ ‫ال يعنيها سوى مصالحها الشخصيّة‪ ،‬وتأمين أقاربهم‬ ‫بوظائف مهمّة‪ ،‬كما كانت سياسة عائلة األسد!‬ ‫طبعاً‪ ،‬هناك ح ّل وحيد وهو أن ِّ‬ ‫يمثل هذا الشعب‬ ‫أشخاص سياسيّين صادقين يختارهم ويعرفهم الشعب‬ ‫جيّداً‪ ،‬ال أشخاص مفروضين من الخارج لم يسمع‬ ‫بأسمائهم الشعب السوريّ ‪ .‬ويجب أن يكون مقرّ‬ ‫إقامتهم في الداخل وبين الشعب‪ ،‬فال يمكن لشخص‬ ‫يقيم في فندق خمس نجوم في استنبول أن يشعر‬ ‫بشعور شخص أو يعرف احتياجات شخص يقيم تحت‬ ‫أشجار الزيتون في هذا الشتاء‪ ،‬وال يمكن ألعضاء‬ ‫المعارضة أن يشعروا بشعور طفل فقد والده أو والديه‬ ‫وال يجد لقمة يأكلها أو بيت يسكنه أو لباس يرتديه‪ .‬هل‬ ‫عرفتم لماذا أهاجم المعارضة؟ هذه ليست معارضة‬ ‫إ ّنها مجموعة متسلّقين يعيشون من دماء شعبنا‪.‬‬

‫كلّنا سوريون‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪17‬‬

‫تحقيقات‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫مصابو مرض الثالسيميا مصاعب فوق المصائب‬ ‫رغم انتشار مرض الثالسيميا (فقر الدم) في جميع‬ ‫أنحاء العالم‪ ،‬إلاّ أ ّنه يظهر بشكل أكبر في بلدان حوض‬ ‫البحر األبيض المتوسّط‪ ،‬ومنه اكتسب اسمه الثاني‬ ‫«أنيميا البحر المتوسّط» وتعبر سورية واحدة من بين‬ ‫تلك الدول واألكثر انتشار للمرض فيها بعد اليونان‪،‬‬ ‫ويكثر انتشار المرض في مناطق مختلفة من العالم‪،‬‬ ‫خاصّة في المناطق التالية‪ :‬حوض البحر األبيض‬ ‫المتوسّط والدول المطلّة عليه‪ ،‬ومنطقة الخليج العربيّ ‪،‬‬ ‫ومنطقة الشرق األوسط وتشمل إيران‪ ،‬العراق سورية‬ ‫األردنّ وفلسطين‪ ،‬شمال أفريقيا وتشمل مصر‪ ،‬تونس‪،‬‬ ‫الجزائر المغرب وشبه القارّ ة الهنديّة‪.‬‬ ‫ولمرضى سورية معاناة أخرى‪ ،‬فوق ما هم عليه‬ ‫في ظ ّل هذه الظروف الصعبة‪ ،‬منها‪ :‬نقص مراكز‬ ‫نقل الدم واألدوية والتحاليل الالزمة وغيرها‪ ،‬وسنسلّط‬ ‫الضوء عليها من خالل هذا التحقيق‪.‬‬ ‫مصاعب فوق املصائب‬ ‫جريدة « كلّنا س��ور ّي��ون» التقت مع ع��دد من‬ ‫المصابين وأولياء أمورهم ح ّدثونا عن المصاعب‬ ‫والمشاكل التي تواجههم في ظ ّل هذا الواقع الصعب‬ ‫لنتو ّقف مع السيّد «علي» أب لثالثة أوالد مصابين‬ ‫بهذا المرض‪ ،‬حالته ُتجمل لنا مشاكل هذا المرض‬ ‫حيث ح ّدثنا عن المصاعب ومشاكل هذا المرض قائالً‪:‬‬ ‫لقد ازدادت معاناتي خالل السنوات الماضيّة تجاه‬ ‫أبنائي المصابين بمرض التالسيميا‪ ،‬والتي ّ‬ ‫تتمثل في‬ ‫نقص مراكز نقل الدم في المناطق المحرّ رة‪ ،‬حيث‬ ‫نضطرّ أحيانا للذهاب إلى مناطق سيطرة النظام‪ ،‬وهذا‬ ‫مُخيف ومتعب ومكلف‪ ،‬وأنا ال أستطيع الذهاب كوني‬ ‫مطلوبا ً للنظام‪.‬‬ ‫وأضاف «علي» كما أنّ المراكز الموجودة في‬ ‫المناطق المحرّ رة قليلة ج ّداً وتفتقر إلى المختصّين‪،‬‬ ‫حيث يت ّم نقل الدم بطريقة عشوائيّة دون إجراء أيّة‬ ‫تحاليل مثل تحليل خضاب الدم وغيرها‪.‬‬ ‫وأكمل «علي» كما أ ّنه ال يوجد في هذه المراكز‬ ‫دم‪ ،‬فعلى المصاب أن يصطحب معه متبرّ عا ً بالدم‪،‬‬ ‫باإلضافة إل��ى ع��دم وج��ود األدوي���ة الخاصّة بهذا‬ ‫المرض في المناطق المحرّ رة مثل أدوية طرح الحديد‬ ‫وإبر (ديسفيرول) وهذه ضرورية ج ّداً للمصابين‪،‬‬ ‫ونقص اللقاحات الخاصّة باستئصال الطحال‪ ،‬حيث‬ ‫اضطرّ رت إلى استئصال طحال ابني نتيجة نقص‬ ‫الرعاية الصحّ يّة‪ ،‬من دون هذه اللقاحات‪ ،‬كونها مفقودة‬ ‫في سورية وجوارها‪.‬‬ ‫وأوض��ح «علي» هناك غياب للرعاية الصحّ يّة‬ ‫لصحاب هذا المرض‪ ،‬من قبل الجهات المسؤولة‬ ‫والداعمين‪ ،‬فأنا على سبيل المثال أدفع تكاليف عالج‬ ‫تصل ‪ /70/‬ألف ليرة سوريّة ك ّل عام على ك ّل مصاب‬ ‫من أبنائي‪.‬‬

‫وتابع «علي» نحن نعاني في المنزل من متاعب‬ ‫ّ‬ ‫كبيرة ج ّداً‬ ‫تتمثل برعايتهم والعناية بهم فأيّ مرض‬ ‫جانبي يُصيبهم علينا القيام بتغيّر الدم‪ ،‬فاأل ّم عليها أن‬ ‫تفرّ غ معظم وقتها لرعايتهم على حساب الواجبات‬ ‫األخ��رى‪ ،‬وفي النهاية الحزن على موتهم‪ ،‬فهم ال‬ ‫يعيشون طويالً‪ ،‬لقد خسرت العام الماضي ابنتي ذات‬ ‫الخمسة عشر عاماً‪.‬‬ ‫وفي نهاية الحديث توجّ ه «علي» بنصيحة إلى ك ّل‬ ‫من يريد الزواج أن يقوم بإجراء تحاليل ما قبل الزواج‬ ‫كي ال يعاني مثل ما يعانيه‪.‬‬ ‫عن هذا المرض وأسبابه وانتشاره يح ّدثنا الدكتور‬ ‫«علي نديم الحاج» قائالً‪ :‬إنّ هذا المرض ينتج عن‬ ‫خلل وراثيّ انحالليّ ‪ ،‬يؤ ّدي إلى نقص حا ّد في انتاج‬ ‫بروتينات خاصّة في الدم تسمّى الغلوبين‪ ،‬وهو المكوّ ن‬ ‫ال���رئ���ي���س���يّ‬ ‫للهيمو غلو بّين‬ ‫ال��م��وج��ود في‬ ‫خ�ل�اي���ا ال���دم‬ ‫الحمراء‪.‬‬ ‫أض�����اف‬ ‫«الحاج» ما ّدة‬ ‫ا لهيمو غلو بين‬ ‫هي المسؤولة‬ ‫ع�����ن ح��م��ل‬ ‫األكسجين من‬ ‫الرئتين إلى‬ ‫مختلف أجزاء‬ ‫الجسم‪ ،‬وبالنتيجة يؤ ّدي نقص الهيموغلوبين إلى فقر دم‬ ‫(أنيميا)‪ ،‬وتكسّر سريع في خاليا الدم الحمراء‪ ،‬ونقص‬ ‫كميّة األكسجين التي تصل إلى أجزاء الجسم المختلفة‪.‬‬ ‫وتنتقل السمة المسبّبة للتالسيميا من اآلب��اء إلى‬ ‫األبناء‪ ،‬عن طريق الجينات المسؤولة عن نقل الصفات‪،‬‬ ‫فيحدث المرض وتبدأ مضاعفاته وال ب ّد أن يجتمع في‬ ‫جسم الشخص المصاب جينان (واحد من األب واآلخر‬ ‫من األ ّم) يحمالن هذه السمة‪.‬‬ ‫لذلك ّ‬ ‫يعزز زواج األقارب من فرص اإلصابة بفقر‬ ‫الدم‪ ،‬الرتفاع احتماليّة أن يكون لدى األقارب نفس‬ ‫الجين الذي يحمل سمة المرض مع العلم أنّ مرض‬ ‫الـثالسيميا من األمراض غير المعدية‪.‬‬ ‫أعراض الثالسيميا‬ ‫وعن األعراض قال الدكتور «الحاج» يمكن أن‬ ‫تظهر أعراض اإلصابة على المريض خالل السنة‬ ‫األول��ى من العمر‪ ،‬فبعد والدة الطفل بفترة (‪6-3‬‬ ‫شهور) ونتيجة لتكسّر خاليا الدم الحمراء المب ّكر‪،‬‬ ‫تبدأ األعراض بالظهور على النحو التالي ‹›شحوب‬ ‫ّ‬ ‫والتأخر في النمو‪،‬‬ ‫لون البشرة‪ ،‬مع اصفرار أحياناً‪،‬‬

‫وضعف الشهيّة‪ ،‬وإصابات متكرّ رة بااللتهابات‪ .‬ومع‬ ‫استمراره تظهر أعراض أخرى‪ :‬كالتغيّر في شكل‬ ‫العظام‪ ،‬خصوصا ً عظام الوجه والوجنتين‪ ،‬وتصبح‬ ‫ّ‬ ‫تضخم في الطحال‬ ‫مالمح الوجه مميّزة‪ ،‬ويحدث‬ ‫ّ‬ ‫ويتأخر نمو الطفل‪.‬‬ ‫والكبد‪،‬‬ ‫وتابع «الحاج» أمّا في الحاالت البسيطة (لدى‬ ‫حاملي المرض)‪ ،‬فقد يحدث فقر دم بسيط بدرجة ال‬ ‫يكون فيها باديا ً للعيان ويعيش صاحبه بشكل طبيعيّ‬ ‫ج ّداً وال يحتاج إلى عالج‪ ،‬وقد ال تكتشف هذه الحاالت‬ ‫إلاّ بالصدفة‪.‬‬ ‫أنواع الثالسيميا‬ ‫وأمّا بالنسبة ألنواع المرض‪ ،‬قال «الحاج» إنّ له‬ ‫نوعين‪ ،‬األوّ ل الثالسيميا الصغرى التي تظهر سمتها‬ ‫ع��ن��دم��ا ي��رث‬ ‫ش��خ��ص جين‬ ‫ال��ث�لاس��ي��م��ي��ا‬ ‫م�������ن أح�����د‬ ‫وال��دي��ه وجين‬ ‫هيمو غلو بين‬ ‫ط��ب��ي��ع��يّ من‬ ‫الوالد اآلخر‪،‬‬ ‫وف�������ي ه����ذه‬ ‫ال��ح��ال��ة يكون‬ ‫الشخص الذي‬ ‫يحمل السمة‬ ‫طبيعيّ وفي‬ ‫العادة ال يعلم‬ ‫بحمله لها‪ ،‬وألنّ المرض وراثيّ قد ينقل اإلنسان السمة‬ ‫إلى أوالده‪.‬‬ ‫وأمّا النوع الثاني هو الثالسيميا الكبرى‪ ،‬التي تظهر‬ ‫عندما يرث شخص جينين للثالسيميا (جين من ك ّل والد)‬ ‫وهو خطير ج ّداً‪ ،‬ويظهر الطفل المصاب به طبيع ّيا ً عند‬ ‫الوالدة‪ ،‬وتبدأ األعراض بالظهور في األشهر األولى‬ ‫من العمر كشحوب الجلد مع فقر دم (األنيميا)‪ ،‬وضعف‬ ‫ّ‬ ‫وتضخم الطحال‪.‬‬ ‫الشهيّة‪ ،‬والخمول‪،‬‬ ‫آليّة عمل املرض‬ ‫وأوضح «الحاج « ُت ّ‬ ‫ؤثر الثالسيميا على عمر‬ ‫خاليا الدم الحمراء‪ ،‬حيث تحصل طفرة في مكوّ نات‬ ‫الهيموجلوبين ما يؤ ّدي لتكسّر هذه الخاليا‪ ،‬ويحاول‬ ‫الجسم تعويض النقص عن طريق زي��ادة التكاثر‬ ‫وبالتالي تصبح كثير من عظام الجسم مصنعا ً للنخاع‬ ‫ّ‬ ‫وتضخم‬ ‫العظمي ما يؤ ّدي الى انتفاخ جمجمة الرأس‬ ‫الطحال والكبد‪ ،‬لكنّ اإلنتاج الكبير من خاليا الدم‬ ‫الحمراء‪ ،‬يفشل في تعويض التكسّر ويت ّم نقل الدم‬ ‫إلى المريض بصفة مستمرّ ة بمعدل ‪ 4 - 3‬أسابيع‪،‬‬ ‫ويخضع المرضى للعالج مدى الحياة‪.‬‬

‫وأضاف «الحاج» يصاحب نقل الدم ازدياد الحديد‬ ‫في جسم المصاب‪ ،‬ما يسبب ضرراً بالغا ً للكبد والقلب‪.‬‬ ‫وأوض��ح «الحاج» قد يتعرّ ض المصابون بهذا‬ ‫المرض إلى الوفاة‪ ،‬إلاّ إذا أُجريت لهم عمليّة زرع‬ ‫نخاع جديد‪ ،‬مع العلم أنّ هذه العمليّة باهظة الثمن‬ ‫ونسبة الوفاة فيها ما زالت مرتفعة‪.‬‬ ‫احتماالت اإلصابة وتتح ّدد احتماليّة والدة أطفال‬ ‫مصابين أو حاملين لهذا المرض‪ ،‬تبعا لوجود سمة‬ ‫المرض في أحد الوالدين أو كليهما معاً‪.‬‬ ‫فإذا تزوّ ج شخص سليم (ال يحمل الجين الحامل‬ ‫لسمة الثالسيميا) بشخص يحمل الجين الذي به الخلل‬ ‫ال توجد أيّة احتماليّة لوالدة طفل مريض‪.‬‬ ‫أما إذا تزوّ ج شخصان يحمالن سمة الثالسيميا (أي‬ ‫أنّ لك ّل منهما جينا ً واحداً فقط يحمل هذه السمة) فهناك‬ ‫احتماليّة ‪ %25‬من ك ّل والدة لمجيء طفل ‹›سليم››‬ ‫تماما ً وال يحمل أي جين به سمة الثالسيميا››‪.‬‬ ‫واحتماليّة‪ %50‬من ك ّل والدة لمجيء طفل يحمل جينا ً‬ ‫واحداً به سمة المرض فيكون حامالً له‪ ،‬واحتماليّة‬ ‫‪ %25‬من ك ّل والدة لمجيء طفل مصاب بالثالسيميا‬ ‫(مريض) أي يحمل الجينين المصابين معاً‪.‬‬ ‫طرق الوقاية‬ ‫باإلمكان تجنيب أبنائنا هذا المرض الخطير عن‬ ‫طريق ‹›فحص ما قبل ال��زواج»‪ .‬بأن يقوم أحدهما‬ ‫بإجراء الفحص‪ ،‬وفي حالة حمله للسمة الجينيّة يقوم‬ ‫اآلخر بالفحص‪ .‬وإذا لم يكن يحمل الجينة‪ ،‬أو إذا ثبت‬ ‫خلوه من السمة الجينيّة فال يوجد هناك إمكانيّة بأنّ يولد‬ ‫طفل مريض‪.‬‬ ‫أي إذا كان أحد الوالدين فقط يحمل السمة‪ ،‬أو كانا‬ ‫كالهما خاليين من السمة فبإمكانهما إتمام الزواج دون‬ ‫الخوف على صحّ ة األطفال‪ ،‬ويساعد فحص المقبلين‬ ‫على الزواج بتحديد احتماليّة المرض‪ ،‬من خالل فحص‬ ‫نسبة الهيموجلوبين في الدم وحجم خاليا الدم الحمراء‪،‬‬ ‫ما يح ّدد إمكانيّة نقل المرض لألبناء‪.‬‬ ‫وإذا كان فيهما خلل يجرى فحص آخر‪ ،‬وتحاليل‬ ‫دم مفصّلة ألنواع الهيموجلوبين عن طريق الفصل‬ ‫الكهربائيّ ‪.‬‬ ‫طرق العالج‬ ‫يعالج الطفل المصاب بالثالسيميا العظمى بعمليات‬ ‫نقل دم منتظمة ودوريّ��ة‪ ،‬ويتطلّب المرض عالجا ً‬ ‫مح ّدداً مدى الحياة ويسمّى (ديسفيرال) يعمل على إزالة‬ ‫الزيادة الكبيرة في الحديد التي تدخل إلى الجسم‪ ،‬وقد‬ ‫يضطرّ بعض األطفال إلى استئصال الطحال‪.‬‬ ‫ويحتاج المصاب إلى ما يق ّدر بأكثر من ‪ 20‬ألف‬ ‫وحدة دم سنو ّياً‪.‬‬ ‫بدر حسني‬

‫التعليم اجلامع ّي للطلبة السوريّني‬

‫واحدة من االنعكاسات المباشرة للوضع األمنيّ‬ ‫ْ‬ ‫�رزت مشكلة التعليم بكا ّفة‬ ‫الخطير في سورية‪ ،‬ب�‬ ‫مراحله‪ ،‬والتركيز هنا ال سيّما على التعليم الجامعيّ ‪،‬‬ ‫الذي تضرّ ر إلى ح ٍّد كبير‪ ،‬وإن أغفلنا مُسبقا ً التح ّديات‬ ‫التي كانت تواجه هذه المرحلة من التعليم قبل ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬من نوعيّة التعليم‪ ،‬وطريقة المفاضلة للوصول‬ ‫إلى المقعد الجامعيّ ‪ ،‬وأدوات البحث العلميّ المتو ّفرة‪،‬‬ ‫والمع ّدات الضروريّة في المخابر المُلحقة بالجامعات‪،‬‬ ‫ك ّل هذه النقاط الهامّة ال داعي للتو ّقف عندها‪ ،‬أل ّنها‬ ‫الح ّد األدنى الذي يجب تو ّفره للقيام بالتعليم الجامعيّ ‪،‬‬ ‫لكنّ محور البحث في هذا الموضوع اليوم‪ ،‬هو ما‬ ‫يمكن أن يكون ح ّتى دون الح ّد األدن��ى‪ ،‬أي عدم‬ ‫الحصول على فرصة االلتحاق بالجامعة‪.‬‬ ‫الجامعات غالبا ً ما تكون حاضنة ثقافيّة وفكريّة‬ ‫للكثير من التيارات التي لها مصلحة‪ ،‬وداعمة للتأثير‬ ‫والتغيير في المسائل السياسيّة واالجتماعيّة واإلنسانيّة‬ ‫في بلدها‪ ،‬وهذا بالفعل ما حصل في جامعات سوريّة‪،‬‬ ‫بدءاً من جامعة حلب وكلّيّاتها‪ ،‬التي كان لها صوتها‬ ‫القويّ ض ّد ممارسات القتل في المدن السوريّة‪ ،‬ممّا‬ ‫حذا بقوّ ات من الجيش السوريّ والشبّيحة باقتحامها‬ ‫ف ذلك قتلى بين الطلاّ ب ومئات‬ ‫ع ّدة م��رّ ات‪ ،‬وخلّ َ‬ ‫المعتقلين‪ ،‬باإلضافة للحالة الهمجيّة بالتع ّدي على‬ ‫الحرم الجامعيّ ‪ ،‬والدخول لقاعات المحاضرات‬ ‫والمخابر‪ ،‬وإتالف جزء كبير منها‪ ،‬وهذا يمكن سحبه‬ ‫على جامعات دمشق وحمص ودير الزور والقلمون‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫ناهيك عن االعتقاالت التي كانت تت ّم على الحواجز‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫بحجّ ة أنّ الطالب مطلوب أمن ّيا‪ ،‬أو سحبه لاللتحاق‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ْ‬ ‫ازدادت‬ ‫بالخدمة العسكريّة‪ ،‬وبعد تفاقم األح��داث‬ ‫خطورة الوصول للجامعة سوا ًء داخل المدينة نفسها‪،‬‬ ‫أو ح ّتى للقادمين من المُدن األُخرى‪ ،‬ألسباب أق ّل ما‬ ‫يُمكن أنْ يُقال عنها‪ ،‬إ ّنها فوضى الحرب‪ ،‬كسقوط‬ ‫القذائف على العديد من ال ُكلّيّات‪.‬‬

‫هذا أ ّدى بدوره إلى امتناع الكثير من الطلاّ ب عن‬ ‫االلتحاق بالجامعات‪ ،‬أل ّنه ودون نقاش‪ ،‬فإنّ حياة‬ ‫الطالب أولويّة مُق ّدمة على تعليمه‪ ،‬فالبعضُ آثر البقاء‬ ‫في البيت‪ ،‬والبعض اضطرّ مُكرها ً للنزوح إلى مُدن‬ ‫أُخرى‪ ،‬أو ح ّتى اللجوء في دول الجوار‪ ،‬وبالتالي غياب‬ ‫الطلاّ ب عن جامعاتهم من جهة‪ ،‬والوضع األمنيّ في‬ ‫الجامعة‪ ،‬أو ح ّتى توفير الظروف المالئمة للتعليم‪،‬‬ ‫وهجرة الكوادر التدريسيّة‪ُ ،‬ك ّل ذلك أفقد الجامعات‬ ‫السوريّة ترتيبها المعتمد عالم ّياً‪ ،‬جامعة دمشق وصل‬ ‫ترتيبها عالميّا لـ ‪ 4500‬في حين أنّ جامعة حلب‬ ‫وصلت إلى ‪ 9021‬و جامعة حمص إلى ‪ ،7055‬في‬ ‫حين كانت هذه الجامعات قبل ثالث سنوات متق ّدمة‬ ‫أكثر على سلم الترتيب‪.‬‬ ‫ما يه ّم في هذا الموضوع‪ ،‬هو البحث عن حلول‬ ‫فوريّة وعاجلة آلالف الطلاّ ب‪ ،‬الذين أصبحوا اليوم‬ ‫محرومين من فرصة متابعة جامعاتهم‪ ،‬سواء منهم‬ ‫الذين انقطعوا في مرحل ٍة ما خالل الدراسة الجامعيّة‪،‬‬ ‫أو ح ّتى أولئك الذين نالوا ّ‬ ‫مؤخراً شهادة التعليم الثانويّ‬ ‫في المناطق المحرّ رة‪ ،‬أو دول اللجوء‪ ،‬والحديث هنا‬ ‫ْ‬ ‫فقدت ـ أو تفقد فرصتها ـ في متابعة‬ ‫حول أعداد هائلة‬ ‫التحصيل العلميّ ‪ ،‬وبالتالي انجرارها إلى العمل في‬ ‫مهن ومجاالت غير مناسبة‪ ،‬وقد تكون غير شرعيّة‬ ‫في سوق العمل في الداخل‪ ،‬أو دول الجوار طبعا ً هذا‬

‫إنْ وُ ِج ْ‬ ‫دت فرصة للعمل‪.‬‬

‫العقبات أم��ام ح � ّل هذا‬ ‫الموضوع عديدة‪ ،‬والمؤسف‬ ‫أنّ أكثر من ثالث سنوات‬ ‫على ال��وض��ع المُتداعي‬ ‫وال��ط��ارئ في س��ور ّي��ة‪ ،‬لم‬ ‫تتشكل ح ّتى اليوم هيئة أو‬ ‫مؤسّسة على قدر أهميّة هذا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫المعضلة‪ ،‬فمثالً كان ينبغي أن تخلق منظمات دوليّة‬ ‫ّ‬ ‫منظمات خاصّة ترعاها جهات‬ ‫تهت ّم بهذا الشأن‪ ،‬أو‬ ‫سوريّة‪ ،‬من أكاديميين ورجال أعمال لتب ّني الطلاّ ب‬ ‫المنقطعين‪ ،‬وتوفير جامعات بديلة‪ ،‬سواء بالتفاهم مع‬ ‫جامعات دول الجوار‪ ،‬أو عقد اتفاقيّات مع دول أوربّا‬ ‫وأميركا على قبول أعداد معيّنة من الطلاّ ب السوريّين‬ ‫في جامعاتهم من خالل منح تتشارك عليها تلك الدول‬ ‫مع داعمين سوريّين من رجال األعمال‪.‬‬ ‫وهذا بالتأكيد لن يكون دون وجود م ّ‬ ‫ُنظمات معنيّة‬ ‫بمتابعة وإحصاء وتقييم وضع هؤالء الطالب‪ ،‬وهذا‬ ‫الح ّل إلى اليوم لم تأخذ به سوى مؤسّسة جسور‬ ‫التعليميّة‪ ،‬التي كان لها خطوات ناجحة في تأمين عدد‬ ‫من المنح لبعض الطلاّ ب‪ ،‬وذلك حسب استطاعتها‪،‬‬ ‫ومؤخراً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫قامت شبكة «دوبارة» بالتواصل مع جامعات‬ ‫للحصول على ع ّدة منح‪ ،‬بحيث توافق الجامعة على‬ ‫منحة لطالب سوريّ ‪ ،‬فيما لو سجّ ل عدد من الطلاّ ب‬ ‫السوريّين لديها‪.‬‬ ‫ويُضاف للعقبات‪ ،‬أنّ الطالب عادة غير مُل ّم بشكل‬ ‫كا ٍ‬ ‫ف بطريقة البحث‪ ،‬ومراسلة الجامعات‪ ،‬والحصول‬ ‫على قبول للدراسة لديها من خالل مواقع الجامعات‬

‫ف لبعض الشروط‪ ،‬كأنْ‬ ‫على اإلنترنت‪ ،‬أو غير مستو ٍ‬ ‫تكون أوراقه أصليّة‪ ،‬أو أن يكون حاصل على شهادة‬ ‫لغة إنجليزيّة مُعتمدة في ك ّل الجامعات كـ (أيلتس) أو‬ ‫(توفل)‪.‬‬ ‫ك أنّ العامل الماديّ ‪ ،‬هو األب��رز في منع‬ ‫والش� ّ‬ ‫لاّ‬ ‫هؤالء الط ب من االلتحاق بأيّة جامعة‪ ،‬من هنا الب ّد‬ ‫من الدعوة لتأسّيس صندوق يدعمه رجال األعمال‪،‬‬ ‫وميسوري الحال‪ ،‬أو ترعاه ّ‬ ‫منظمات إنسانيّة وتعليميّة‬ ‫دوليّة‪ ،‬تهت ّم بهذا المجال‪ ،‬وكما سبق أنْ أشرنا‪ ،‬بأنْ‬ ‫ُتعقد تفاهمات واتفاقيّات مع الدول وجامعاتها لقبول‬ ‫الطالب السوريّ ‪ ،‬أو سيكون على هذا الطالب البحث‬ ‫عن ح ّل لمأزقه‪ ،‬الذي يفوق طاقاتهِ‪ ،‬بأنْ يتخلّى عن‬ ‫فكرة متابعة التحصيل العلميّ ‪ ،‬و العمل كأيّ عامل‬ ‫بأجور زهيدة‪ ،‬تو ّفر له معيشة يوم بيوم‪ ،‬أو اللجوء‬ ‫تهريبا ً لدول أوربّا بأيّ طريقة كانت‪ ،‬رغم خطورتها‬ ‫الكبيرة‪ ،‬وبالتالي سيكون ضحيّة الفراغ‪ ،‬واجتماع ك ّل‬ ‫العوامل في سبيل تغييب شخصيّته ومستقبله وضياعه‪.‬‬ ‫وألنّ سوريّة لن ينهض بها إلاّ السوريّين بعد ك ّل‬ ‫هذا الخراب الذي ع ّم البالد‪ ،‬فإنّ رعاية هؤالء الطلاّ ب‬ ‫ّ‬ ‫تستحق المُتابعة‪.‬‬ ‫وإعدادهم يُعتبر مهمّة‬

‫حممّد كيّاري‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪17‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫افتحوا لنا المعابر لنبحث عن وطن‬

‫وصل إلى ّ‬ ‫غزة من أوائل عام‬ ‫‪ 2013‬ح ّتى اآلن أكثر من ‪2000‬‬ ‫الجئ سوريّ وفلسطينيّ سوريّ‬ ‫بعد أن خسر وظيفته في سورية‬ ‫ومشاريعه وممتلكاته وال يعلم ماذا‬ ‫ح ّل بها ألنّ جميع المناطق التي‬ ‫فرّ منها الالجئون مناطق ساخنة‬ ‫ج � ّداً وتتعرّ ض للقصف اليوميّ‬ ‫وتدور فيها االشتباكات بين قوّ ات‬ ‫النظام ال��س��وريّ والمعارضة‬ ‫المسلّحة‪ ،‬ناهيك عن االستمتاع‬ ‫الساديّ للدكتاتوريات بالورقة‬ ‫الرابحة دائما ً والتي تطرح أوّ الً‬ ‫على طاولة االنتهاكات‪ ،‬أال وهي‬ ‫القضيّة الفلسطينيّة‪ ،‬أُضحية ك ّل‬ ‫عيد من فلسطينييّن‪ ،‬ومن كان‬ ‫معهم في نفس المربع المحروق سلفا ً من قبل النظام‬ ‫من السوريّين‪.‬‬ ‫عقد في غ� ّ‬ ‫�زة اجتماعات ع� ّدة برئاسة (ع‪ .‬ع)‬ ‫فلسطينيّ سوريّ مع مجموعة أعضاء منهم سوريو‬ ‫األصل وفلسطينيّون سوريّون تحت ظ ّل لجنة متابعة‬ ‫شؤون الالجئين من سورية الى غزة‪ ،‬مع العلم أنّ‬ ‫ك ّل الموجودين من الجالية أو أعضاء اللجنة أطباء‬ ‫ومهندسين وشهادات عليا «عقول» بإمكانيات أق ّل‬ ‫من ضعيفة جمعوا أنفسهم لينطقوا باسم الالجئين‬ ‫السوريّين بغزة التي لم َ‬ ‫تلق صدى ح ّتى في المحيط‬ ‫الغزيّ ‪ ،‬فكانت تلك االجتماعات مع حكومتي ّ‬ ‫غزة‬ ‫ورام هللا السابقتين واللتان لم تق ّدما ما يكفل استقرار‬ ‫واندماج الالجئين في مجتمعهم الجديد والعيش بكرامة‬ ‫بالرغم ممّا ق ّدمته حكومة ّ‬ ‫غزة بشكل خاصّ ‪ ،‬إلاّ أ ّنها‬ ‫بقيت ضمن مجموعة المعالجات المؤ ّقتة التي لم‬ ‫َ‬ ‫ترق إلى ح ّد اغتنام الفرصة التي كانت متاحة أمامها‬ ‫إلعادة تأهيل الالجئين ودعم حقوق أكثر من ‪260‬‬ ‫أسرة سوريّة وفلسطينيّة سوريّة نزحت إلى ّ‬ ‫غزة‪ ،‬وبما‬ ‫أ ّنني من ضمن الجالية أقول وبأعلى صوتي لم يتح ّقق‬ ‫شيء على أرض الواقع ولو بسيط لس ّد الرمق‪ ،‬أطلقت‬ ‫عليها الجالية «لجنة الشحادة» عندما ينتهي أيّ مؤتمر‬ ‫نقول جميعا ً (انتهينا من اجتماع الشحادة والكذب على‬ ‫الّلحى‪ ،‬ك ّل واحد يروح على بيتو)‬ ‫إنّ المعوّ قات التي يعانيها الجئو ّ‬ ‫غزة ال تق ّل بل تزيد‬

‫الضعف على معاناة ك ّل الالجئين السوريّين في باقي‬ ‫البلدان المستقبلة لهم‪ ،‬شكالً طبعا ً وليس مضموناً‪ ،‬ففي‬ ‫االجتماع األخير الذي عُقد في ‪ 2014/10/20‬طرحنا‬ ‫مشكالتنا السابقة الطرق في ك ّل اجتماعات وبصيغ‬ ‫متنوّ عة ومتع ّددة وحتما ً سيكون مصيرها كسابقاتها‬ ‫والتي تتمحور حول أنّ الجئي ّ‬ ‫غزة بعد تعرّ ضهم‬ ‫لويالت الحرب واالقتتال الداخليّ الذي مازال يدور‬ ‫رحاه في سورية‪ ،‬جاؤوا للبحث عن األمن واالستقرار‬ ‫ألحضان قد شرّ عت ذراعيها تحت مسمّى ر ّد الجميل‬ ‫للسوريّين الذين احتضنوا الشعب الفلسطينيّ أعواما ً‬ ‫وأع��وام‪ ،‬وإذ بنا ندخل في معمعة جديدة مع أبناء‬ ‫شعبهم وويالت العدوان اإلسرائيليّ الذي استمرّ على‬ ‫قطاع ّ‬ ‫غزة ‪ 51‬يوماً‪ ،‬وأ ّدى إلى تشرّ دهم عن منازلهم‬ ‫ولجوء بعضهم عند أصدقاء لهم أو أقارب‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫عدد ليس بقليل من الشهداء السوريّين في تلك الحرب‬ ‫تبق على شجر وال حجر وال بشر ويشاركون‬ ‫التي لم ِ‬ ‫الشعب الغزيّ حصار ظالم وجائر مفروض على‬ ‫القطاع وأهله منذ أكثر من ثمان سنوات‪ ،‬وأشار‬ ‫رئيس اللجنة في االجتماع األخير للظروف المأساويّة‬ ‫الخاصّة بالجئي سورية في ّ‬ ‫غزة مطالبة بمعالجة‬ ‫استثنائيّة من القوى الجا ّدة لهذه األزمة وإيجاد الحلول‬ ‫لها‪ ،‬مشيراً إلى أنّ فقدان األمان واالستقرار هما السمة‬ ‫الغالبة لالجئين من سورية بحكم اعتمادهم الكلّيّ على‬ ‫البطالة المؤ ّقتة (‪ )1000 - 800‬شيكل لعدد محدود‬ ‫ال يتع ّدى أصابع اليدين ق ّدمتها حكومة ّ‬ ‫غزة السابقة‬

‫باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد‬ ‫والثابت‪ ،‬رغم كونها ال تفي بالح ّد‬ ‫األدنى من مقوّ مات حياة كريمة‬ ‫ومستقرّ ة ولألسف هذه البطالة‬ ‫تو ّقفت من ع� ّدة أشهر ممّا زاد‬ ‫من عوامل التوتر والقلق وفقدان‬ ‫األم��ان‪ ،‬ممّا وضع الالجئين من‬ ‫سورية وجها ً لوجه مع مخاوفهم‬ ‫وه��واج��س��ه��م السابقة الناتجة‬ ‫عن العجز الحكوميّ واألهليّ‬ ‫في استيعابهم ووج��دوا أنفسهم‬ ‫وحدهم في مواجهة هذا الظرف‬ ‫العصيب‪ ،‬فال الحكومة تطلّعت‬ ‫إليهم وال المؤسّسات والهيئات‬ ‫اإلنسانيّة المختلّفة قدمت لهم يد‬ ‫العون والمساعدة‪ ،‬األم��ر الذي‬ ‫وجه ضربة قاسمة في الصميم لما تب ّقى من أحالمهم‬ ‫ومجتمع يحلمون باالنتماء إليه واالندماج‬ ‫وطن‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فيه‪ ،‬فأصبحت وجهتهم األساسيّة الهجرة والبحث عن‬ ‫فرصة للخروج من قطاع ّ‬ ‫غزة ح ّتى لو على متن‬ ‫ق��وارب الموت‪ ،‬حيث كان مصير العشرات منهم‬ ‫الغرق على شواطئ المتوسّط كما كان حال المئات‬ ‫من إخوتهم الفلسطينيّين والسوريّين الهاربين من‬ ‫الموت في سورية في قارب موت يحمل ‪ 800‬شخص‬ ‫على األق ّل انتقل من االسكندريّة بمصر وخالف بين‬ ‫مهرّ بين تعمّدوا االصطدام بالقارب لم ين ُج منه إلاّ عدد‬ ‫ال يذكر من الهاربين على متن السفينة التي ُتق ّل أعداداً‬ ‫كبيرة من العائالت السوريّة الالجئة في ّ‬ ‫غزة‪ ،‬لم َ‬ ‫يبق‬ ‫على قيد الحياة إلاّ طفلة سورية في عمر ‪ 16‬وأربعة‬ ‫شباب من أهالي ّ‬ ‫غزة قد وصلوا اليونان سالمين ومن‬ ‫َ‬ ‫يحظ بها ك ّل الالجئين السوريّين‬ ‫أه ّم المعوّ قات التي لم‬ ‫في أصقاع العالم أنّ الالجئ من سورية محكوم عليه‬ ‫وبخاصّة من أصول غزيّة ويحمل جواز سفر بدون‬ ‫رقم وطنيّ عدم القدرة على مغادرة قطاع ّ‬ ‫غزة أو تجديد‬ ‫جواز السفر المنتهية صالحيّته‪ ،‬وكذلك السوريّون‬ ‫والفلسطينيّون الذين ترفض السلطات السوريّة تجديد‬ ‫وثائقهم بسبب وجودهم في ّ‬ ‫غزة‪ ،‬محكوم عليهم عدم‬ ‫السفر وال يستطيعون البحث عن عمل في الدول‬ ‫العربيّة القريبة والبعيدة‪ ،‬ممّا يُولّد لديهم شعوراً‬ ‫مضاعفا ً بالحصار فضالً عن حصار ّ‬ ‫غزة‪.‬‬

‫نفرتييت املبيّض‬

‫(هيك من األخ��ي��ر)‪ ...‬هي حقيقة سنتين عمل‬ ‫ومحاوالت بالرياضة السوريّة الحرّ ة مع تواجد أكثر‬ ‫من جسم رياضيّ وأكثر من تشكيل وعدد كبير من‬ ‫الرياضييّن السوريّين المستقلّين‪.‬‬

‫فعالً!! ‪ ..‬االعتراف الحقيقيّ عرب ّيا ً وقار ّيا ً ودول ّيا ً‬ ‫(ما في ع ّنا) ‪( ..‬وما صار ع ّنا) وإذا بقيت األمور‬ ‫والتصرّ فات ولغة األنا وقلّة الثقة على هذا الشكل‬ ‫(م��ارح يصير أيّ اع��ت��راف فينا) ‪ ..‬س��وف تبقى‬ ‫المشاركات الفرديّة والمساعي الشخصيّة لبعض‬ ‫البطوالت من بعض األبطال هي السمة األبرز بالعمل‬ ‫الرياضيّ الثوريّ ‪.‬‬ ‫طيب وبعدين؟؟ ‪ ..‬بعدما ذهب الرياضيّون األحرار‬ ‫يطرقون أبواب االئتالف الوطنيّ المعارض وبعد‬ ‫ع ّدة صور تذكاريّة واعتراف ّ‬ ‫خطي بتمثيل الرياضة‬ ‫السوريّة ت ّم ايقاف المشاركة ببطولة المتوسّط قبل‬ ‫سنة ونصف في مدينة «مرسين» التركيّة ألسباب‬ ‫ّ‬ ‫الفذة‬ ‫«تناحريّة» بين الشخصيّات «المعمليّة»‬ ‫للمعارضة السوريّة‪.‬‬ ‫وعلى نفس الطريق تجد أعذار ومبرّ رات وروتين‬ ‫الحكومة السوريّة المؤ ّقتة من شكل «تصريف األعمال‬ ‫إلى قلّة الميزانيّة» إلى «قلّة الثقة» وهكذا‪..‬‬ ‫أ ّم��ا عند أصحاب اله ّم األساسي وه��م كيانات‬ ‫الرياضة الصغيرة‪ ،‬فال يطول الوقت ح ّتى تشاهد‬ ‫التخبّط والعشوائيّة والعمل غير المنظم والتباعد‬ ‫والجمل البرّ اقة «أنا ّ‬ ‫ممثل الرياضيّين» و «أنا صاحب‬ ‫االمتياز»‪.‬‬ ‫وم��ات��زال أمامنا الكثير من مل ّفات الالعبين‬ ‫الموجودين في دول الجوار ضمن بيوت ضيّقة‬ ‫أو على الرصيف‪ ،‬ويعاني الكثير منهم من خطر‬ ‫المالحقة واالعتقال كما منتخب سوريّة الحرّ في لبنان‬ ‫‪ ..‬وصوالً إلى الالعبين المصابين الموجودين بتركيا‪،‬‬ ‫وح ّتى الرياضيّين المعتقلين بسجون األسد‪.‬‬ ‫وأخيراً إلى قضيّة (كيف ب ّدك تجيب االعتراف‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫بصراحة هذه المق ّدمة هي على لسان حال ك ّل‬ ‫رياضي س��وريّ أطلق موقفه األخ�لاق��يّ بالثورة‬ ‫السوريّة‪ ،‬هذا كالم ألناس تعبوا وتشرّ دوا (كرمال‬ ‫وعود وكرمال حكي وكرمال جداول)‬ ‫السؤال األبرز اآلن ‪ ..‬ما الذي حيصل‪( ،‬وبعدين) ؟؟‬ ‫يقول اإلعالميّ السوريّ محمّد عالء الدين مدير‬ ‫تلفزيون حلب سابقاً‪:‬‬ ‫إنّ عمل جميع المؤسّسات التي ت ّدعي تمثيل الثورة‬ ‫ما زال ارتجال ّياً‪ ،‬وبعضه حمل في خلفيّته الكثير من‬ ‫ً‬ ‫إضافة إلى عوامل الالاستقرار‬ ‫مورّ ثات النظام الفاسد‪،‬‬ ‫التي يعانيها الرياضيّون وأسرهم أيضا ً شأنهم شأن ك ّل‬ ‫شريحة من السوريّين‪.‬‬ ‫لقد كنت منذ البداية من المعارضين لفكرة تسمية‬ ‫مديريّة للشباب والرياضة تحت جناح (حكومة)‪ ،‬أل ّنها‬ ‫ستكون عاجز ًة بكادرها المتواضع عن أداء عمل يرقى‬ ‫إلى ما هو منتظر من حكومة‪ ،‬وبك ّل األحوال ال ب ّد من‬ ‫ّ‬ ‫دعم‪ ،‬إ ّنما دون وصاية‬ ‫وتدخل وهو ما أتصوّ ر أنّ‬ ‫مخلّفات النظام الفاسد في النفوس ستبقى تش ّكل عائقا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عالية من الوعي لمحاولة استئصاله‬ ‫درجة‬ ‫ما لم نمتلك‬ ‫وإلاّ فسنعاود انتهاج طريق النظام الفاسد وبصورة‬ ‫أكثر فوضويّة‪.‬‬ ‫وعن قضيّة االعتراف العربيّ والدوليّ يتح ّدث‬ ‫األستاذ «محمّد عالء الدين»‪ :‬من وجهة نظري أنّ‬ ‫انتظار االعتراف العربيّ والدوليّ غير مجدٍ‪ ،‬علينا أن‬ ‫نبدأ باإلمكانيّات المتاحة وتحقيق ما يمكن من المعايير‬ ‫مترافقا ً باستمرار التواصل والمطالبة في المحافل‬ ‫ك أنّ ذلك يتطلّب‬ ‫الرياضيّة العربيّة والدوليّة‪ ،‬الش ّ‬ ‫عمالً دؤوبا ً وجهداً مضاعفاً‪ ،‬وقبل ذلك اإلخالص في‬ ‫العمل ونبذ الـ (أنا) للمصلحة العامّة‪.‬‬ ‫أمّا عن رؤيته ومشاهدته ألسلوب النظام في اغتيال‬ ‫الرياضة السوريّة خالل الثورة فأجاب‪ :‬ال يمكن فصل‬

‫سيطر الجيش الحرّ على حاجز أ ّم المياذن‬ ‫االستراتيجيّ في ريف درعا الشرقيّ بعد اشتباكات‬ ‫عنيفة مع قوّ ات النظام السوريّ استمرّ ت ألربعة‬ ‫أيّام‪.‬‬ ‫شارك في المعركة التي أطلق عليها تسمية‬ ‫«أه��ل العزم» ثالثة عشر فصيالً تابعا ً للجيش‬ ‫السوريّ الحرّ في المنطقة الجنوبيّة في السابع‬ ‫عشر من الشهر الجاري‪ ،‬والتي تهدف إلى تحرير‬ ‫النقاط الواقعة على أوتستراد دمشق – درعا ‪-‬‬ ‫عمان الدوليّ » وهي حاجز جسر أم المياذن الطيّبة‬ ‫وحاجز المعصرة وحاجز الكازيّات»‪.‬‬ ‫الطريق املفتوحة‬ ‫تعتبر تلك األهداف من أكبر الحواجز األمنيّة‬ ‫ّ‬ ‫وخط الدفاع األوّ ل عن معبر‬ ‫في المنطقة الشرقيّة‬ ‫نصيب – جابر الحدوديّ مع األردنّ آخر المناطق‬ ‫الحدوديّة التي يسيطر عليها النظام‪ ،‬وصلة وصل‬ ‫بين المعبر وبلدة خربة غزالة التي يسيطر عليها‬ ‫النظام بشكل تا ّم‪ ،‬كما يعتبر الحاجز ّ‬ ‫خط حماية‬ ‫للطريق الحربيّ الذي يصل منطقة معبر نصيب‬ ‫بمحافظة السويداء‪ ،‬وبتحريره تكون الطريق‬ ‫مفتوحة بين الريف الشرقيّ والغربيّ المحرّ رين من‬ ‫محافظة درعا في الجنوب‪.‬‬ ‫تكبّدت قوّ ات النظام خسائر بشريّة وأخرى في‬ ‫العتاد الثقيل‪ ،‬في المقابل استشهد عشرة مقاتلين من‬ ‫عناصر الجيش الحرّ وأصيب آخرون بينهم مراسل‬ ‫مؤسّسة (يقين) اإلعالميّة «محمّد نقاوة»‪ ،‬وأشار‬ ‫عدد من الناشطين إلى استخدام قوّ ات النظام المدنيّين‬ ‫كدروع بشريّة لمنع تق ّدم المقاتلين وإجبارهم على‬ ‫وقف المعركة‪.‬‬ ‫يف أربعة أيّام‬

‫بالمشرمحي ‪..‬‬ ‫اعتراف ما في عنّا‪ ،‬وقلّة ثقة دبحتنا‬ ‫الدولي؟) و(كيف ب ّدك تعمل وثائق جديدة للرياضيّين‬ ‫إللي انش ّقوا عن مؤسّسة النظام الرياضيّة؟)‪.‬‬

‫بعد سيطرة الحرّ‪ ،‬انتقام‬ ‫وحشي من ق ّوات النظام‬ ‫ّ‬

‫الرياضيّ عن االجتماعيّ والعام‪ ،‬فكما استخدمت‬ ‫المشافي والمرافق العامّة (مشفى الكنديّ ومبنى‬ ‫اإلذاعة والتلفزيون بحلب مثاالً) كذلك كان استخدام‬ ‫المنشآت الرياضيّة التي تحوّ ل كثيراً منها إلى مقرّ ات‬ ‫عسكريّة ومرابض أسلحة ثقيلة كالدبّابات والمدفعيّة‬ ‫وسواها‪ّ ،‬‬ ‫فأثر ذلك على المنشآت وانعكس بالتالي على‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫إمكانيّة ممارسة األنشطة ح ّتى التدريبيّة منها‬ ‫إلى العوامل العامّة كانقطاع المياه والكهرباء الخ‪....‬‬

‫أمّا على صعيد استخدام بعض الرياضيّين خاص ًّة‬ ‫ذوي البنية الجسميّة القويّة كشبّيحة‪ ،‬فكلّنا نعلم كيف‬ ‫أجبر النظام أصحاب المراكز التدريبيّة أللعاب القوّ ة‬ ‫على النزول بمدرّ بيهم إلى أماكن التظاهر لقمع‬ ‫المتظاهرين بالضرب العنيف والتشبيح عليهم‪ ،‬وهو‬ ‫السبب الذي أ ّدى إلى اغتيال غياث طيفور وغيره ومن‬ ‫امتنع دفع الثمن في أقبية النظام ومعتقالته‪.‬‬ ‫إصرار يف الداخل السور ّي‬ ‫وبمرور ك ّل هذا الوقت وأمام سيل الوعود الذي‬ ‫ال ينتهي ولك ّنه في نفس الخانة ‪ -‬ال يغني وال يسمن‬ ‫من جوع ‪ -‬يبقى بعض الرياضيّين في داخل سوريّة‪،‬‬ ‫وفي ع� ّدة محافظات ومناطق يعملون على تفعيل‬ ‫وتنشيط الرياضة بين ك ّل المجالس وك ّل القوى الثوريّة‬ ‫والمدنيّة من بطوالت كرة القدم إلى محاوالت التواصل‬ ‫للحصول على دعم بسيط لمتابعة باقي النشاطات من‬ ‫قبل مؤسّسات سوريّة خاصّة‪ ،‬إعالميّة كانت أم خدميّة‪.‬‬ ‫سجلاّ ت قادمة‬ ‫في عدد سابق تحدثنا عن قضية الالعبين السوريّين‬ ‫الموجودين في لبنان وحالتهم المعيشيّة السيئة واألمنيّة‬ ‫الخطرة ج ّداً‪ ،‬وسنفتح في األعداد القادمة بعض المل ّفات‬ ‫واللقاءات مع كيانات رياضة في زمن الثورة ومع‬ ‫رياضيّين مستقلين قد يستطيع هذا المنبر اإلعالميّ‬ ‫أن يوصل أصواتهم إلى أصحاب القرار ومتزعّمي‬ ‫المعارضة السوريّة قبل فوات األوان‪.‬‬

‫عروة قنواتي‬

‫لم تنجح القوّ ة الناريّة الهائلة التي استخدمتها‬ ‫قوّ ات النظام السوريّ في منع سقوط الحواجز‪،‬‬ ‫حيث قُصفت القرى والبلدات المجاورة للحاجز‬ ‫كنصيب وأم المياذن والطيّبة وكحيل بش ّتى أنواع‬ ‫األسلحة‪ّ ،‬‬ ‫ووثق الناشطون أكثر من سبعين غارة‬ ‫جوّ يّة وبرميالً متفجّ راً استهدفت تلك المناطق خالل‬ ‫أربعة أيّام‪.‬‬ ‫جاء ر ّد النظام على خسارته للحواجز المهمّة في‬ ‫اليوم التالي عنيفا ً ودمو ّياً‪ ،‬حيث ارتكب الطيران‬ ‫الحربيّ والمروحيّ التابع له ثالث مجازر راح‬ ‫ضحيّتها أكثر من ثالثين مدن ّيا ً وعشرات الجرحى‬ ‫معظم إصاباتهم خطيرة‪ ،‬ت ّم نقل العديد منهم إلى‬ ‫المشافي األردنيّة والميدانيّة في المناطق األخرى‪.‬‬ ‫من بين الشهداء ‪16‬طفالً و‪ 4‬نساء وكانت‬ ‫حصّة بلدة نصيب الحدوديّة مجزرتين أسفرتا عن‬ ‫استشهاد ‪ 22‬مدن ّياً‪ ،‬فيما شهدت بلدة اليادودة في‬ ‫الريف الغربيّ مجزرة راح ضحيّتها ‪ 6‬أشخاص‬ ‫من عائلة الخطيب‪ ،‬ت ّم انتشالهم أشال ًء من تحت‬ ‫األنقاض بعد قصف طيران الميغ لمنزلهم مساءً‪.‬‬ ‫كما تشهد بلدتا نصيب وأم المياذن في الريف‬ ‫الشرقيّ من محافظة درعا حركة نزوح كبيرة‬ ‫للمدنيّين هربا ً من الموت وسط ظروف مأساويّة‪.‬‬ ‫إيواء األهالي‬ ‫يقول «شعاع الحورانيّ » عضو الهيئة السوريّة‬ ‫لإلعالم‪ :‬إنّ الهدف من القصف العشوائيّ ‪ ،‬انتقاميّ‬ ‫بحت‪ ،‬فبعد أن فقد النظام موقعا ً استراتيج ّيا ً في‬ ‫المنطقة خالل األيّام الماضية ضمن معركة «أهل‬ ‫العزم» استخدم في القصف كا ّفة أنواع األسلحة‪،‬‬ ‫من الطيران الحربيّ والمروحيّ ‪ ،‬الذي ال يغادر‬ ‫األجواء ليل نهار‪ ،‬إلى سالح المدفعيّة والصواريخ‬ ‫وخاصّة القنابل العنقوديّة التي تش ّكل خطراً كبيراً‬ ‫على األهالي لم ّدة طويلة‪.‬‬ ‫وأشار الحورانيّ إلى أنّ ‪ :‬رحلة بحث األهالي‬ ‫الهاربين من الموت عن مكان آمن تترافق مع موجة‬ ‫برد قارس تشهدها المنطقة‪ ،‬وتستلزم استنفار كا ّفة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات والهيئات واألشخاص للمساعدة في إيواء‬ ‫األهالي على األقلّ‪ .‬درعا ‪ -‬سارة احلوراني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪17‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫العربي‬ ‫ثورات الربيع‬ ‫ّ‬

‫اهلدف األساس ّي يف هذه املرحلة هو خلق حالة من الصراع بني إيران‬ ‫والسعوديّة وذلك من أجل إيقاف إنتاج النفط لفرتة‪.‬‬

‫العالمي‬ ‫الرأسمالي‬ ‫االقتصادي‬ ‫شباك النظام‬ ‫في ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫إنّ المتابع لألحداث في الشرق األوسط بشكل عام‪،‬‬ ‫ودول الربيع العربيّ بشكل خاصّ ‪ ،‬يجد أنّ الحقيقة‬ ‫ال تكمن في األحداث السطحيّة الظاهرة للعيان‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫هناك عوامل اقتصاديّة وسياسيّة داخلية عميقة الب ّد‬ ‫من استقرائها للوصول إلى حقيقة المشهد الراهن‬ ‫والمستقبليّ للمنطقة ومن ضمنها سورية‪ ،‬ومن أجل‬ ‫الوصول إلى هذا الهدف الب ّد من اإلجابة عن سؤال‬ ‫طالما تر ّدد على ألسنة مواطني دول الربيع العربيّ‬ ‫يمكن تلخيصه بما يأتي‪ :‬هل يمكن اعتبار األحداث التي‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً ثورات حقيقيّة هدفها‬ ‫جرت في الدول العربيّة‬ ‫تغيير الواقع الذي فرضته األنظمة االستبداديّة في تلك‬ ‫الدول؟ أم أنّ هناك قوى خارجيّة دفعت تلك الشعوب‬ ‫لالنتفاض على أنظمتها بهدف إحداث تغييرات سياسيّة‬ ‫واقتصاديّة في المنطقة تمهّد إلنشاء واقع جديد يخدم‬ ‫مصالحها المستجدة والمتع ّددة؟‬

‫في واق��ع األمر‬ ‫ال يمكن إنكار أنّ‬ ‫التغيرات األخيرة‬ ‫ف��ي بعض ال��دول‬ ‫ّ‬ ‫تمثل‬ ‫ال��ع��رب��يّ��ة‬ ‫ث�����ورات شعبيّة‬ ‫ع��ف��و ّي��ة خالصة‬ ‫ال يوجد فيها أي ٍد‬ ‫غريبة خرجت طلبا ً‬ ‫للحريّة والعدالة‪،‬‬ ‫ويمكن القول إنّ‬ ‫التراكمات الكبيرة‬ ‫لتلك األنظمة كانت‬ ‫سبّبا ً رئيس ّيا ً في‬ ‫امتداد تلك الثورات‬ ‫إل��ى مختلف دول‬ ‫المنطقة باإلضافة إلى المناخ اإلقليميّ والعالميّ الجديد‬ ‫الذي كان له دور في تحريك تلك الشعوب‪.‬‬ ‫لكنّ الجميع يعلم أنّ األزمة االقتصاديّة التي ضربت‬ ‫ال��دول الغربيّة الرأسماليّة في بداية القرن الواحد‬ ‫والعشرين كادت أن تودي باالقتصاد العالميّ وذلك لكون‬ ‫معظم االقتصادات مرتبطة إلى درجة كبيرة باالقتصاد‬ ‫الرأسماليّ ‪ ،‬وهذا األمر دفع معظم الدول االقتصاديّة‬ ‫الغربيّة للتفكير مل ّيا ً في التغيّرات التي أحدثتها ثورات‬ ‫الربيع العربيّ في العالم والتي يمكن لها أن ّ‬ ‫تؤثر سلبا ً‬ ‫يتعاف بعد من نكسة كبيرة حلّت به في‬ ‫على اقتصا ٍد لم‬ ‫َ‬ ‫الماضي القريب‪ ،‬ومن هذا المنطلق عملت تلك الدول‬ ‫على اتخاذ كا ّفة االجراءات التي تمنع هذه الثورات‬ ‫من إحداث أيّ ضرّ ر يلحق باالقتصاد العالميّ فعملت‬

‫الكاتب الشجاع‬

‫على تحديد األسباب العميقة لتلك األزمة من انعدام‬ ‫األسواق الجديدة وضحالة أسواق االستثمار للشركات‬ ‫الرأسماليّة الضخمة وهيمنة منتجات المعسكر الشرقيّ‬ ‫وفي مق ّدمتها الصين على تلك األسواق‪ ،‬وبذلك فإنّ‬ ‫قرار إع��ادة تأهيل منطقة الشرق لصالح االقتصاد‬ ‫الغربيّ وإدخالها بمنظومة االقتصاد الرأسماليّ العالميّ‬ ‫أصبح ضرورة ملحّ ة‪ ،‬وهذا في حقيقته يش ّكل مشروعا ً‬ ‫اقتصاد ّيا ً هدفه وضع ح ٍّد لالقتصاد الروسيّ – الصينيّ‬ ‫الذي تفرّ د في الدول العربيّة واإلفريقيّة ووصل إلى‬ ‫قلب أوروبا وأمريكا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫طرح هذا المشروع من قبل وزيرة خارجيّة الواليات‬ ‫المتحدة «كونداليزا رايس» تحت مسمّى «الفوضى‬ ‫الخلاّ قة»‪ ،‬لكنّ هذا الطرح فشل لعدم وجود القبول‬ ‫الشعبيّ له في دول المنطقة‪ ،‬ث ّم أُعيد طرحه والترويج‬ ‫له من جديد في بداية الثورات العربيّة تحت مسمّى‬ ‫«الربيع العربيّ » لتحقيق األهداف الغربيّة في المنطقة‬ ‫بأيدي شعوب المنطقة نفسها‪ ،‬فتل ّقته تلك الشعوب‬ ‫بإيجابيّة وانطلقت بمظاهرات «كالدومينو» من دولة‬ ‫إلى أخرى‪ .‬إنّ نجاح المشروع الغربيّ أو فشله يتو ّقف‬ ‫على نجاح الثورة السوريّة‪ ،‬ولذلك أخذت االهتمام‬ ‫العالميّ على كا ّفة المستويات وتشابكت فيها الخيوط‬ ‫العالميّة فالنظام الرأسماليّ الغربيّ يعلم تماما ً حتميّة‬ ‫سقوط نظام األسد‪ ،‬وما التأخير الحاصل في عملية‬ ‫إسقاطه إلاّ ألهداف أراد تحقيقها‪ ،‬ح ّتى ولو كان على‬ ‫حساب الدم السوريّ ‪ ،‬فالواليات الم ّتحدة كانت تصرّ‬ ‫على عرض قضية الثورة السوريّة على مجلس األمن‬ ‫مراراً وتكراراً وهي على يقين تا ّم أنّ روسيا والصين‬ ‫ستعارض هذه اإلج��راءات‪ ،‬والهدف الغربيّ من ك ّل‬ ‫ذلك هو تشويه سمعة روسيا والصين أمام الرأي العام‬

‫اعتقلته السلطات السوريّة في ‪16‬شباط ‪ 2012‬في دمشق‪،‬‬ ‫وفي ‪24‬آذار عام ‪ 2014‬وجّ ْ‬ ‫هت نيابة محكمة قضايا اإلرهاب‬ ‫إلى مازن درويش تهمة «الترويج لألعمال اإلرهابيّة»‪ ،‬وفي ‪9‬‬ ‫تشرين األوّ ل ‪ 2014‬شارك الكاتب سلمان رشدي الحائز على‬ ‫جائزة «بين بينتر» جائزته مع الكاتب السوريّ «مازن درويش»‬ ‫المدافع عن حرّ يّة التعبير داعيا ً لإلفراج عنه‪.‬‬ ‫وفي ‪ 8‬تشرين األوّ ل ‪ 2014‬ومن سجن عدرا في دمشق‬ ‫وجّ ه مازن درويش رسالة عبّر فيها عن شكره وامتنانه لمؤسّسة‬ ‫«القلم الدوليّة» بمنحه «الجائزة الدوليّة للكاتب الشجاع» قائالً‪:‬‬ ‫«اسمحوا لي أن استغ ّل وجود الكاتب اإلشكالي «سلمان رشدي»‬ ‫بينكم اليوم ألقول له‪:‬‬ ‫إ ّنه وعلى الرغم من خالفاتنا العميقة إلاّ أ ّننا ارتكبنا في عالمنا‬ ‫العربيّ خطيئة ال ُتغ َتفر يوم تعاملنا بعدم اكتراث تجاه دعوات‬ ‫وفتاوى طالبت بقتلك‪ ،‬إلى ح ّد أ ّننا ارتضينا التواطؤ ولو بالصمت‬ ‫مع فكر االقصاء واإللغاء‪ ،‬وكأنّ األمر ال يعنينا‪ ،‬واليوم ها نحن‬ ‫ندفع الثمن غاليا ً وداميا ً لقاء ذلك‪ ،‬لنجد أنفسنا أكبر الضحايا لهذا‬ ‫الفكر الظالميّ الذي تسلّل إلى بيوتنا ومُدننا‪،‬‬ ‫يا أبناء أمّي سوريا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫طفل واح ٍد التضحية بك ّل مكاسب ومغانم‬ ‫تستحق حياة‬ ‫أال‬ ‫ٍ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وأوه��ام السلطة األبديّة؟! وهل نصرُنا ال يتحقق إ باحتالل‬ ‫وتقسيم وطننا‪»...‬‬ ‫ال توجد سجون ت ّتسع لك مازن درويش‪ ،‬أفرجوا عن ياسمين‬ ‫دمشق‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫العالميّ وأمام شعوب المنطقة وعلى رأسهم الشعوب‬ ‫العربيّة‪ ،‬وبالتالي إظهار الواليات الم ّتحدة بصورة‬ ‫الدولة المدافعة والمخلصة للشعوب المقهورة وتحويل‬ ‫بوصلة السياسيّين والشعوب في المنطقة من المعسكر‬ ‫الشرقيّ إلى المعسكر الغربيّ ‪.‬‬ ‫نجاح المشروع الغربيّ في منطقة الشرق األوسط‬ ‫ودول الربيع العربيّ يتطلّب السيطرة الكاملة على أسواق‬ ‫تلك المنطقة وعلى خزان النفط االحتياطيّ العالميّ ‪،‬‬ ‫ومن ث ّم االنتقال إلى تحقيق الهدف االستراتيجيّ ‪،‬‬ ‫وهو كبح جماح الغول االقتصاديّ الصينيّ ‪-‬الروسيّ‬ ‫الذي ح ّققت الواليات الم ّتحدة بعضا ً من مراحله إذ‬ ‫تم ّكنت من انتزاع المخلب اإليرانيّ في المنطقة وهو‬ ‫السالح الكيماويّ السوريّ الذي ّ‬ ‫يؤثر على استقرار‬ ‫المنطقة بالكامل وخاصّة إسرائيل‪ ،‬ث ّم تجاوزت ذلك‬ ‫إلى انتزاع الورقة الصينيّة الروسيّة في إيران وهي‬ ‫«النوويّ اإليراني» وعندما تم ّكنت من تقويضه انتقلت‬ ‫مباشر ًة وبالتاريخ نفسه إلى الثورة األوكرانيّة من أجل‬ ‫تهديد الداخل الروسيّ ‪ ،‬وبعد ذلك انتقلت األحداث إلى‬ ‫الحدود اليابانيّة الصينيّة‪ ،‬إلاّ أنّ الهدف األساسيّ في‬ ‫هذه المرحلة هو خلق حالة من الصراع المرحليّ بين‬ ‫إيران والسعوديّة وذلك من أجل إيقاف إنتاج النفط‬ ‫لفترة من الزمن ألنّ هاتين الدولتين (روسيا‪ -‬الصين)‬ ‫تعتمدان اعتماداً كل ّيا ً على منطقة الخليج وإيران لتأمين‬ ‫احتياجاتها من النفط‪ ،‬وبالتالي بسبب هذا التو ّقف سيت ّم‬ ‫ضرب االقتصاد الصينيّ –الروسيّ ‪ ،‬وعندما تتح ّقق‬ ‫تلك األهداف كاملة تكون الدول الرأسماليّة قد تم ّكنت‬ ‫من السيطرة على السوق العالميّة وفرضت النظام‬ ‫االقتصاديّ الرأسماليّ على كا ّفة دول العالم‪.‬‬

‫حممّد القاسم‬

‫المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية‪...‬‬

‫االقتصادي‪ ،‬إلى قمع وبيع سورية أرضاً ووطناً ‪...‬‬ ‫«شام» القابضة من رمز للتط ّور‬ ‫ّ‬

‫في ك ّل بالد العالم هناك شركات مغفلة وشركات‬ ‫بشكل كبير بالتطوّ ر االقتصادي‬ ‫قابضة تساهم‬ ‫ٍ‬ ‫للبلد الذي أنشئت به‪ ،‬فمثالً في المملكة العربيّة‬ ‫السعوديّة هناك شركة المملكة والتي ساهمت برفع‬ ‫االقتصاد المحلّيّ بنسبة (‪ )%6‬وهي تعتبر من‬ ‫الشركات الصغيرة‪ ،‬ولكن في بلدي ‪ -‬بلد الياسمين‬ ‫ الحال مختلف فالشركة القابضة يمكن أن تساهم‬‫بشكل كبير في السرقة وفي دعم القوّ ة العسكريّة‬ ‫ٍ‬ ‫في قمع الشعب الثائر‪.‬‬ ‫مازن درويش‪ :‬المحامي والصحفيّ ومدير المركز السوريّ‬ ‫لإلعالم وحرّ يّة التعبير‪ ،‬الذي أُسّس عام ‪ ،2004‬حصل على‬ ‫جائزة «روالند بيرغر» للكرامة اإلنسانيّة عام ‪ 2011‬ومع‬ ‫ان��دالع الثورة السوريّة قام المركز بتوثيق انتهاكات حقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫من رمز للتطوّر إىل بيع أرض الوطن‬ ‫وهنا تبدأ قصّة إنشاء شركة «شام» القابضة‬ ‫مجبرين‬ ‫برأس مال وقدرة (‪ )350‬مليون دوالر‪ِ ،‬‬ ‫ما يقارب (‪ )70‬تاجراً من كبار تجّ ار سورية على‬ ‫االشتراك بها‪ ،‬ومن كبار مؤسّسيها‪ :‬رامي مخلوف‬ ‫الذي يملك أكثر من (‪ )%50‬من أسهمها‪ ،‬والذي‬ ‫يعتبر النائب السابق لرئيس مجلس إدارتها‪ ،‬ولكنّ‬ ‫ك في أمرها بك ّل سهولة‪،‬‬ ‫شركة من غير منافس يش ّ‬ ‫لذلك وبعد تأسيسها بيومين ت ّم تأسيس شركة‬ ‫منافسة لها تحت مسمّى شركة «سورية» القابضة‬ ‫برأس مال وقدرة (‪ )80‬مليون دوالر‪ ،‬ومن كبار‬ ‫المساهمين فيها طريف األخرس وبعض التجّ ار‪،‬‬ ‫بعدها ظهر رامي مخلوف بتصريح سخيف نوعا ً‬ ‫ما وهو (إنّ شركة «شام» القابضة متفوّ قة على‬ ‫مثيلتها) أيّ أنّ دور شركة «سورية» هو المنافسة‬ ‫الكاذبة‪ ،‬فليس لها أيّ مشروع استثماري‪ ،‬لذلك‬ ‫بدأت «شام» القابضة ببعض المشاريع السياحيّة‪،‬‬ ‫ببسط يدها على أيّ قطعة أرض بسعر زهيد‪،‬‬ ‫وباشرت بتملّك أجمل المناطق‪ ،‬فال يمكن ألحد أن‬ ‫يجاريها‪ ،‬ومن ث ّم بدأت بالتحوّ ل إلى بيع الممتلكات‬ ‫العامّة واألحياء السورية إلى إي��ران وشركات‬ ‫خليجيّة لتبييض األموال‪ ،‬فكانت البداية في حيّ‬ ‫البرامكة‪.‬‬

‫فكلمة البرامكة كانت تطلق على الوزراء‬ ‫الفرس للملك ه��ارون الرشيد‪ ،‬وهذا من‬ ‫أبسط األدلّ��ة على أنّ العقد االستثماريّ‬ ‫لصالح إيران‪ ،‬التي تقوم بشراء عقارات‬ ‫واستثمار مناطق واسعة من سورية بغية‬ ‫فرض السيطرة االقتصاديّة والسياسيّة‬ ‫الكاملة على المنطقة عن طريق «شام»‬ ‫القابضة‪ ،‬وك��ان��وا يعتمدون أيضا ً على‬ ‫سياسة التخويف والتهويل من االنهيارات‪،‬‬ ‫وكانت تخرج الترويجات التي تقوم بها‬ ‫شركات استثمارية متع ّددة وال معلومات‬ ‫عنها‪ ،‬ومنها‪ :‬قرب انهيار البنية التحتيّة‬ ‫للمنطقة السوريّة مثل تلك اال ّدعاءات التي‬ ‫أطلقتها صحيفة «الوطن» إحدى ممتلكات‬ ‫رامي مخلوف‪ ،‬وبتوجيه منه‪ ،‬وهو الشريك‬ ‫الرسميّ ‪ -‬عن طريق «شام» القابضة ‪-‬‬ ‫للشركة األجنبيّة التي ستقوم باستثمار جبل‬ ‫قاسيون‪ ،‬عن قرب انهيار سفوح جبل قاسيون‪،‬‬ ‫وأنّ من شبه المستحيل ترميم تلك السفوح الباهظة‬ ‫التكلفة من جهة‪ ،‬ولعدم تو ّفر المع ّدات الثقيلة التي‬ ‫تدخل في عمليّة الترميم ووقف االنهيار من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬بسبب الحصار التكنولوجيّ والصناعيّ‬

‫البيع والقمع‬

‫الفرس وصحيفة «الوطن»‬ ‫فبعد أن أص��درت الحكومة السوريّة ق��راراً‬ ‫تسمح بتملّك العقارات لألشخاص غير السوريّين‪،‬‬ ‫ظهرت شركة بحرينيّة مع فكرة استثمار حيّ‬ ‫البرامكة كامالً‪ ،‬فبدأ الترويج بظهور خزين‬ ‫نفطيّ ومعادن وآثار تحت سطحها‪ ،‬والغريب في‬ ‫الموضوع أنّ من شروط العقد االحتفاظ باسم الحيّ‬

‫صحيفة «الوطن») على حياة ساكني سفوح جبل‬ ‫قاسيون‪ ،‬الذين شيّدوا منازلهم بشكل عشوائيّ منذ‬ ‫عشرات السنين‪ .‬وقد الح نبأ تعويض الشركة‬ ‫المستثمرة لساكني تلك المنازل بأموال أو شقق‬ ‫سكنيّة قيد التشييد في ريف دمشق من قبل الشركة‪،‬‬ ‫إلاّ أنّ عنصر القمع الب ّد منه حيث أ ّكدت الصحيفة‬ ‫عدم شرعيّة مطالبة ساكني تلك السفوح بتعويضهم‬ ‫من قبل الشركة المستثمرة المذكورة‪ ،‬كونهم شيّدوا‬ ‫منازلهم عشوائ ّيا ً وعلى ممتلكات عامّة تعود‬ ‫ملكيّتها للدولة والشعب السوريّين‪ ،‬وك ّل هذا بغية‬ ‫ترحيل س ّكان تلك المناطق وتعويضهم بشكل عينيّ‬ ‫بعيد األجل ال يساوي حجم الثراء الذي ستحصل‬ ‫عليه شركة «شام» القابضة من أموال الشركات‬ ‫األجنبيّة المساهمة والمستثمرة ألراضي ومق ّدرات‬ ‫المناطق المذكورة‪.‬‬

‫الذي تفرضه واشنطن على دمشق (أل ّن��ه نظام‬ ‫الممانعة والمقاومة)‪ .‬أ ّم��ا السلطات اإلداريّ��ة‬ ‫السوريّة وبتوجيه من رامي مخلوف‪ ،‬فقد أحالت‬ ‫عقد الترميم وإعادة أعمار سفوح جبل قاسيون‬ ‫وتشجيرها‪ ،‬إلى شركة «الديار» القطريّة القابضة‬ ‫لتنفيذ المشروع المذكور‪ ،‬خوفا ً (حسب ترويج‬

‫المواطن السوريّ هو الخاسر الوحيد من تلك‬ ‫العمليّة‪ ،‬حيث لن يحصل إلاّ على الفتات وبعد جهد‬ ‫جهيد من مراجعة الدوائر ورشوة المسؤولين عن‬ ‫حمالت التعويض العينيّة‪ .‬مها ّم بيع سورية أرضا ً‬ ‫ووطنا ً للشركات االستثماريّة الخليجيّة والعربيّة‬ ‫والغربيّة‪ ،‬تقاسمها األسد ومخلوف من حيث إصدار‬ ‫المراسيم التشريعيّة الخاصّة بتمليك الغرباء في‬ ‫سورية‪ ،‬ومن ث ّم قبض أموال المستثمرين من قبل‬ ‫شركة «شام» القابضة التابعة لمخلوف ولم ال؟!‬ ‫وهي الداعم االقتصاديّ األوّ ل في تمويل الشبّيحة‬ ‫وعمليّات قمع المظاهرات السلميّة التي ظهرت‬ ‫لإلطاحة بنظام األسد‪ .‬أمري جنم ال ّدين‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪17‬‬

‫النظرة إلى الجنس‬

‫بين جسدّية بحتة وروحانّية خالصة‬ ‫واحد من أش ّد التابوهات تحريما ً وأكثرها رفضا ً‬ ‫اجتماع ّيا ً وكبتاً‪ ،‬هذا أه ّم ما يتميّز به موضوع الجنس‬ ‫في المجتمعات العربيّة‪ .‬ورغم أنّ الدافع الجنسيّ يعتبر‬ ‫من أقوى المحرّ كات البشريّة‪ ،‬وأش ّدها إلحاحا ً ومطلباً‪،‬‬ ‫ورغم أ ّنه من أه ّم أعمدة العالقات الزوجيّة والعاطفيّة‬ ‫إلاّ أ ّنه أش ّدها تهميشاً‪ ،‬ظاهر ّيا ً على األقلّ‪.‬‬ ‫ورغم أنّ العالقات الجنسيّة مرفوضة اجتماع ّيا ً‬ ‫ودين ّيا ً بشكل كبير ج ّداً إلاّ أ ّنه يمكننا أن نالحظ أنّ‬ ‫التحرّ ر في هذه الناحية ال ب ّد أن يعكس تحرّ راً في‬ ‫نواح أخرى عديدة اجتماع ّيا ً ونفس ّياً‪ ،‬عدا عن أنّ تحرّ ر‬ ‫ٍ‬ ‫المجتمع في النواحي الجنسيّة يعكس إبداعا ً مجتمع ّيا ً‬ ‫عالياً‪ .‬ويمكننا مالحظة ذلك بمجرّ د ق��راءة تاريخ‬ ‫الحضارات‪ ،‬ب��دءاً باإلغريقيّة وانتها ًء بالمجتمعات‬ ‫الحديثة مروراً بالحضارة العربيّة اإلسالميّة‪ .‬ومن‬ ‫المؤ ّكد أنّ اعتراضات قويّة ستظهر على قول “التحرّ ر‬ ‫الجنسيّ في الحضارة العربيّة اإلسالميّة” وهنا ال ب ّد أن‬ ‫يقوم أحد ما بنظرة متفحّ صة في تاريخ حضارة العرب‬ ‫واإلرث الثقافيّ المتروك ورائها األمر الذي سيم ّكنه‬ ‫من العثور على ما يسمّى بعلم الباه وهو أقوى دليل‬ ‫على وجود هذا التحرّ ر‪.‬‬ ‫أمّا اليوم‪ ،‬ومنذ عقود ليست بقليلة على اإلطالق‪،‬‬ ‫فقد نال الجنس كبتا ً لم ينله أيّ تابوه من التابوهات‬ ‫األخرى‪ .‬ورغم أنّ الجنس والدين والسياسة مرتبطون‬ ‫مع بعضهم بشكل كبير ج ّداً‪ ،‬فحيث أنّ كسر إحدى هذه‬ ‫التابوهات ال ب ّد أن يترك أثره على األخرين‪ ،‬وفي واقع‬ ‫األمر هذا ما دفعنا لتناول الجنس في هذا المقال‪.‬‬ ‫عادة ما يُنظر إلى هذا الموضوع على أ ّنه عبارة عن‬ ‫حاجة فيزيولوجيّة بحتة‪ ،‬مماثلة للحاجة إلى الطعام‪.‬‬ ‫وعادة أيضا ً ما يستد ّل على هذا بوجود هذه الحاجات‬ ‫الفيزيولوجيّة عند الحيوان‪ ،‬األمر الذي يدفع البعض‬ ‫إلى حصرها ضمن الحاجات الفيزيولوجيّة البحتة‪،‬‬ ‫دون ارتباطها بأيّة حاجة أخرى‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬فإنّ أيّ‬ ‫تلبيّة لهذه الحاجة خارج إطار “العالقات الزوجيّة”‬ ‫يعتبر انحداراً في أخالق اإلنسان بل وفي شخصيّته‪.‬‬ ‫في محاولة للبحث في هذا الموضوع قامت جريدة‬ ‫“كلّنا سوريّون” باستطالع رأي مص ّغر حول الجنس‬ ‫والنظرة إليه‪ .‬وكانت اآلراء متباينة ج ّداً‪ ،‬وبعضها كان‬ ‫موافقا ً وبعضها اآلخر كان مناقضا ً تماما ً لما سبق عن‬ ‫سرد للرأي العا ّم حول الجنس‪.‬‬ ‫عبّرت الشابّة سلمى (مدرّ سة‪ 25 ،‬عاماً) عن رأيها‬

‫بقولها‪“ :‬ال��ج��ن��س في‬ ‫رأيي هو حاجة طبيعيّة‬ ‫مثل ال��غ��ذاء لك ّنه ال‬ ‫يتعلّق بالبقاء الفيزيائيّ‬ ‫ب��ل يتعلّق ب��ال��ت��وازن‬ ‫النفسيّ ” وأضافت “هو‬ ‫غريزة ولك ّنه يختلف‬ ‫عن غريزة الحيوان‪،‬‬ ‫ف��ال��غ��ري��زة الحيوانيّة‬ ‫واض���ح���ة وم���ح��� ّددة‬ ‫وت��ه��دف إل��ى التكاثر‬ ‫ف��ي حين أنّ الغريزة‬ ‫الجنسيّة عند اإلنسان‬ ‫تسعى إلى ما يتجاوز‬ ‫التكاثر ويتغلغل في‬ ‫النواحي النفسيّة بشكل‬ ‫كبير” وف��ي إجابتها‬ ‫عن ال��س��ؤال ح��ول إنْ‬ ‫كان هناك اختالف بين‬ ‫ممارسة الجنس ضمن‬ ‫إطار عالقة أو زواج أو ممارسته خارج إطار هذه‬ ‫العالقات؟ قالت‪“ :‬الجنس في إطار عالقة طبعا ً مختلف‬ ‫حيث يكون مشروطا ً بالحبّ أو بتحقيق حاجة نفسيّة‬ ‫تأتي بعدها الجسديّة أي أ ّنه تظهر هنا الحاجات النفسيّة‬ ‫بشكل أوضح من مجرّ د الغريزة الجسديّة الفيزيولوجيّة‪،‬‬ ‫وفي المقابل فإنّ ممارسة الجنس خارج إطار العالقات‬ ‫الزوجيّة أو العاطفيّة يكون أكثر تحرّ راً و أقصر مدى‬ ‫وقد يكون بال ضرر عاطفيّ أو نفسيّ ”‪.‬‬ ‫وفي رأي آخر للشابّة عابدة (مرشدة نفسيّة لذوي‬ ‫االحتياجات الخاصّة‪ 25 ،‬عاماً) أ ّكدت على أهميّة‬ ‫الجنس بعيداً عن طابعه الغرائزيّ السائد بل لتلبيّة‬ ‫احتياجات أخرى حيث قالت‪“ :‬الجنس يعطي إحساس‬ ‫اكتشاف الجسد من خالل اآلخر‪ .‬يساعد على تلبية‬ ‫احتياجات عاطفيّة وطبيعيّة” وأ ّكدت أنّ هنالك عوامل‬ ‫مختلفة قد ّ‬ ‫تؤثر في الدافع لإلشباع الجنسيّ ‪ ،‬كالحرب‬ ‫مثالً‪ ،‬حيث قالت‪“ :‬لكنّ الجنس قبل الحرب كان أكثر‬ ‫حميميّة‪ ،‬أمّا بعد الحرب فقد أصبح الجنس للتفريغ‬ ‫النفسيّ ‪ ،‬لتح ّدي الملل‪ ،‬ولكسر الروتين ليس أكثر”‪.‬‬ ‫وفي تأكيد للرأي السّابق أجابت الطبيبة هدى (‪29‬‬ ‫عاماً) بقولها‪“ :‬الموضوع مع ّقد ج� ّداً‪ ،‬فبين الحاجة‬ ‫كفهم علميّ فيزيولوجيّ بحت وبين رغبة شعوريّة‪ ،‬ال‬

‫بماذا يشتهر بلدك‬ ‫«بماذا يشتهر بلدك؟» انتشرت هذه العبارة‬ ‫تحت ما يسمّى «هاشتاغ» في مصطلحات األنترنت‬ ‫والمفترض منها الترويج عن أمر ما‪ ،‬غير أ ّنه حين‬ ‫وصل استخدام هذا الرمز إلى السوريّين جاءت النتائج‬ ‫مبهرة عن مدى السلبيّات التي تشتهر بها بلدنا‪ .‬فبعيداً‬ ‫عن أ ّنها تشتهر اليوم بالحرب العالميّة الثالثة والدمار‬ ‫المرعب والدمويّة التطرّ فيّة سلطو ّيا ً ودين ّياً‪ ،‬وبعيداً‬ ‫عن أساطير الثورة‪ ،‬ونماذج طغيان السلطات وهمجيّة‬ ‫«الدواعش» جاءت معظم الكتابات حول سلبيّات‬ ‫عادات المجتمع وأعرافه‪ ،‬بدءاً من الكذب والحسد‬ ‫والضغينة والتفاهة الفكريّة لشباب اليوم‪ ،‬مروراً‬ ‫بالسخرية السوداء من هوس السوريّين بالياسمين‬ ‫الذي أصبح ثورتهم القوميّة‪ ،‬وتباهيهم المفرط بإجادة‬ ‫ك ّل شؤون الحياة من الطبّ إلى السياسة‪ ،‬وانتهاء‬ ‫باالستهزاء من التذبذب الفكريّ ‪ ،‬على سبيل المثال‬ ‫ال الحصر‪ ،‬تشتهر بالدي ‪،‬على ح ّد قولهم‪ ،‬بشيوعيّ‬ ‫أدرك أنّ هللا موجود حين أصبحت ابنته مراهقة‪،‬‬ ‫وكذلك تشتهر بإسالميّ يمارس ك ّل الشعائر الدينيّة‬ ‫تحت غطاء الكذب واالنتهازيّة‪.‬‬ ‫لع ّل ما ذهب إليه السوريّون الذين شاركوا في‬ ‫هذه الحملة يحمل جانبا ً من الصواب‪ ،‬بيد أنّ السوريّ‬ ‫المنهك من الحرب‪ ،‬المنتهك من ك ّل جبابرة العالم‪،‬‬ ‫ال يحتاج اليوم إلى التنقيب في غور سلبياته‪ ،‬بقدر ما‬ ‫يحتاج إلى بصيص نور يغمره ببعض األمل لحماية‬ ‫ما تب ّقى من روحه التي تش ّكل كينونة هذا الشعب من‬ ‫إبادة شاملة‪ .‬لسنا سيّئين إلى هذا الح ّد‪ ،‬نحن أطيب من‬ ‫ذلك‪ ،‬وأطهر من ذلك‪ .‬فبالدي تشتهر بشباب مدنيّ‬ ‫يسعى جاهداً إليصال العلم لك ّل األطفال المحاصرين‪،‬‬ ‫ب�لادي تشتهر بفرق دف��اع وطنيّ تعمل ليل نهار‬ ‫بشكل شبه مجانيّ إلخراج العالقين تحت األنقاض‪،‬‬ ‫وفرق إغاثيّة تغامر بشبابها تحت ك ّل أنواع القصف‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫واالشتباكات إلع��ادة الماء والكهرباء إلى المدن‬ ‫المحاصرة‪ .‬غير أ ّني إذا أردت السرد حول جماليّات‬ ‫بالدي اإلنسانيّة فلن أنتهي‪ ،‬والحديث عن سلبيات بلدنا‬ ‫لن ينتهي أيضاً‪ ،‬لكن ما يثير استغرابي تزامنا ً مع‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً من تبريرات لعمليّة‬ ‫هذه الحملة ما يت ّم تداوله‬ ‫ّ‬ ‫الرجم التي قام بها عناصر «داعش» بحق امرأة في‬ ‫ريف حماة‪ ،‬إذ ذهب بعضهم إلى التسليم بأنّ هذا هو‬ ‫جوهر مجتمعنا الذي نراه اليوم عاريا ً جرّ اء الحرب‪،‬‬ ‫وأنّ هذه التصرّ فات هي من صميم تكويننا االجتماعيّ‬ ‫البالي‪ ،‬وكأنّ هذا البلد ينقصه شهرة بالرجم والقتل‬ ‫كصفة مطلقة‪.‬‬ ‫نعم قد يكون هناك حاالت قد ُسلِط الضوء عليها‬ ‫وتم التنديد بها‪ ،‬غير أ ّننا نتغاضى عن الحاالت التي‬ ‫يداريها األهل بحلولهم البعيدة عن التشريعات الدمويّة‬

‫‪9‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫عادة ما يُنظر إىل هذا املوضوع على أنّه عبارة عن حاجة فيزيولوجيّة‬ ‫حبتة‪ ،‬مماثلة للحاجة إىل الطعام‪.‬‬ ‫أحد يمكن له أن يناقش‬ ‫موضوع تأثير التغيّرات‬ ‫الهرمونيّة على الرغبة‬ ‫ال��ج��ن��س� ّي��ة ول��ك��ن في‬ ‫أح��ي��ان ك��ث��ي��رة تكون‬ ‫مستويات الهرمونات‬ ‫تحت المستوى المولّد‬ ‫للرغبة الجنسيّة ممّا‬ ‫يُثبت أ ّنها ليست حاجة‬ ‫فيزيولوجيّة فحسب‪،‬‬ ‫إضافة للتعقيدات التي‬ ‫تتعلّق بالتوافق بين اثنين‬ ‫أو بين إحساس االثنين‬ ‫ك � ّل ات��ج��اه اآلخ��ر بين‬ ‫فترة وأخرى باختالف‬ ‫سياق العالقة بينهما‬ ‫وتب ّدالتها‪ ،‬والتعقيدات‬ ‫والدينيّة‬ ‫االجتماعيّة‬ ‫والمترسّبة‬ ‫المتعلّقة‬ ‫بدواخلنا‪ .‬لكن عموما ً‬ ‫أميل إلى أ ّنها ليست حاجة فيزيولوجيّة فحسب‪ ،‬هي‬ ‫أعمق من ذلك”‬ ‫وفي آخر رأي لإلناث حول ذلك أبدت الشابّة روند‬ ‫(‪ 27‬عاماً) رأيها‪“ :‬ال يمكن القول بأنّ الجنس هو حاجة‬ ‫جسديّة وحسب أو نفسيّة وحسب أو روحانيّة وحسب‪.‬‬ ‫إ ّنه يشمل اإلنسان ككلّ‪ ،‬وأيّ إقصاء لجانب من جوانبه‬ ‫هو تشويه في ذاتيّته‪ ،‬فالجنس يتع ّدى الجزئيّات ليتناول‬ ‫الك ّل ككلّ” وأضافت‪“ :‬ورغم ذلك يمكننا أن نالحظ بأنّ‬ ‫أكثر الممارسات الجنسيّة تأثيراً بأيّ إنسان هي تلك‬ ‫الممارسة التي تترك أثرها في روحه‪ ،‬ولذلك أجد أنّ‬ ‫الجانب األكبر من الجنس تحتله الروحانيّة” وفي شرح‬ ‫لما سبق قالت‪“ :‬أظنّ أنّ الكثيرين يعانون من التباس في‬ ‫تحديد معنى الروحانيّة عند اإلنسان لذلك يت ّم إقصائها‬ ‫لعدم قدرتهم على فهمها‪ ،‬ولكن هنا تماما ً يمكنني القول‬ ‫بأنّ ذاك الجزء الغير مفهوم في النشوة الجنسيّة يرتبط‬ ‫ارتباطا ً وثيقا ً بالروح والروحانيّة كارتباطه بالجسد”‬ ‫أمّا فيما يتعلّق برأي الشباب حول هذا األمر‪ ،‬قال‬ ‫الشابّ محمّد (رسّام‪32 ،‬عاماً) مؤ ّكداً للرأي السابق‪:‬‬ ‫“نظرتي للجنس مع ّقدة‪ .‬فهي برأيي حالة روحيّة خالصة‬ ‫ج ّداً‪ ،‬وال يمكن ممارسة الجنس دون حبّ قويّ ج ّداً‬ ‫يتناسب وخاصّتها الروحانيّة‪ ،‬ولهذا السبب لم أمارس‬

‫الجنس ح ّتى اآلن‪ ،‬وذلك لعدم عثوري على الفتاة التي‬ ‫أوّ الً لديها هذه النظرة الخاصّة للجنس وثانيا ً مع وجود‬ ‫الحبّ القويّ الالزم لهذه الحالة” وفي شرحه لروحانيّة‬ ‫الجنس قال‪“ :‬الجنس يرتبط بالناحية الروحيّة أل ّني‬ ‫أعتقد أنّ ك ّل كيان وُ جد على األرض‪ ،‬وجد له مطابقه‬ ‫الروحيّ والمكمّل له‪ ،‬حيث يت ّم التقاء الروحين بالجنس‬ ‫في أقصى درجاتها انعتاقاً‪ ،‬وبذلك فإ ّنها تتجاوز الجسد‬ ‫بمراحل كبيرة”‪.‬‬ ‫أمّا في رأي الشابّ جيفارا (موسيقيّ ‪ 34 ،‬عاماً)‬ ‫فإنّ الجنس يعتبر “سفر خروج بامتياز” حيث قال‪:‬‬ ‫“الجنس هو أحد أجمل الطرق المؤ ّدية إلى الذات من‬ ‫الذات عبر اآلخر ومعه‪ ،‬ومن أكثرها مغامرة‪ ،‬تشويقاً‪،‬‬ ‫ألما ً وتعباً‪ ،‬متعة واسترخاءً‪ ،‬غوصا ً في معاني الزمن‬ ‫وأعماقه وإيقاعاته باستخدام الحواسّ كلّها ُدفعة واحدة”‬ ‫وأضاف “إنّ هذا األمر وهذا المعنى ال يرتبط بالجنس‬ ‫ضمن إطار العالقات الزوجيّة أو العاطفيّة‪ ،‬بل هو‬ ‫مرتبط بالجنس في ح ّد ذاته دون إضافات أو رتوشات‬ ‫خارجيّة ليست إلاّ حججا ً أو التفافات لتقبّل ممارسة‬ ‫الجنس والعالقات الجنسيّة”‬ ‫أمّا الشابّ مه ّند (صيدالنيّ ‪29 ،‬عاماً) عبّر عن‬ ‫نظرته للجنس بقوله‪“ :‬الجنس يرتبط بالجسد‪ ،‬ولك ّنه‬ ‫ليس بهذا الشكل الميكانيكيّ الغبيّ ‪ ،‬بل يرتبط بك ّل أبعاد‬ ‫الجسد‪ ،‬كما أ ّنه مدفوع بالعديد من الدوافع المختلفة‬ ‫وليس محصوراً بالدافع الجنسيّ الواضح الصريح‪،‬‬ ‫حيث تكمن وراءه دوافع كالعدوانيّة والتملّك والشاعريّة‬ ‫أو العاطفيّة” وأ ّكد رأيه “أرى أنّ الجنس حالة جسديّة‬ ‫ورغم تداخل الدوافع النفسيّة إلاّ أ ّنها مبهمة بعض‬ ‫الشيء‪ ،‬أمّا الناحية الروحانيّة فهي غير موجودة فأنا ال‬ ‫أؤمن بوجود الروحانيّات”‪.‬‬ ‫وفي نهاية هذا االستطالع يمكن أن نرى بوضوح‬ ‫أنّ تلك النظرة العامّة حول الجنس قد بدأ ينتابها تغيير‬ ‫واضح وأخذ هذا التابوه باالنكسار شيئا ً فشيئاً‪ ،‬ورغم‬ ‫أنّ األمر ال يزال محصوراً ضمن فئات معيّنة قليلة‬ ‫من المجتمع وأنّ جرائم الشرف ال تزال منتشرة بشكل‬ ‫واسع إالّ أنّ النظرة إليه ‪ -‬وإنْ بشكل بطيء ‪ -‬بدأت‬ ‫تبتعد به عن اإلشباع الغرائزيّ الحيوانيّ وتصل به إلى‬ ‫الروحانيّة‪ ،‬أو لنقل بدأ ينتابها التغيير ونفي الميكانيكيّة‬ ‫الجسديّة عنها‪ .‬ويجدر التنويه هنا إلى أنّ الغاية من هذا‬ ‫االستطالع هو إلقاء نظرة مقرّ بة نوعا ً ما حول معنى‬ ‫الجنس عند اآلخرين‪ ،‬هذا المعنى الذي ُغيّب و ُكبت‬ ‫و ُح ّقر كثيراً‪.‬‬ ‫ريم احلاج‬

‫إنّها تشتهر اليوم باحلرب العامليّة الثالثة والدمار املرعب والدمويّة‬ ‫التط ّرفيّة سلطويّاً ودينيّاً‪.‬‬

‫ال��ت��ي ج����اءت بها‬ ‫«داعش» ومثيالتها‪.‬‬ ‫إنّ مجتمعنا ليس‬ ‫دم����ويّ����ا ً بمجمله‬ ‫ويمكنني أن أذك��ر‬ ‫ح���االت ك��ن��ت على‬ ‫ّ‬ ‫اط�ل�اع بتفاصيلها‬ ‫ضمن دائ��رة معارفي‪ ،‬كحالة أح��د أقربائي الذي‬ ‫ينتمي إلى بيئة حلبيّة محافظة دين ّيا ً إلى ح ّد التعصّب‬ ‫ويقطن في حارة تمتلك ذات الوعي‪ ،‬زوجته وبناته‬ ‫يلبسن النقاب‪ ،‬إحداهنّ وقعت في غرام شابّ وقامت‬ ‫بما يسمّونه الفحشاء‪ ،‬لم يجلدها األب‪ ،‬لم يقتلها بل‬ ‫زوّ جها الشابّ ‪ ،‬ورغم أ ّنه عاطل عن العمل وعاطل‬ ‫عن األخالق وينهال عليها بالضرب ك ّل يوم إلاّ أنّ‬

‫أباها لم يتخ ّل عنها وعن طفليها وكان بيته مفتوحا ً‬ ‫لها دائماً‪ .‬ثمّة حالة أخرى في ذات البيئة المحافظة‬ ‫حول أ ّم زعمت أ ّنها حامل وهي في الخمسين من‬ ‫عمرها ّ‬ ‫ومثلت الدور جيّداً‪ ،‬وحين جاء موعد الوضع‬ ‫دخلت إلى المستشفى‪ ،‬وا ّدعت أنّ ابنتها أثناء والدتها‬ ‫انفجرت زائدتها الدوديّة‪ ،‬ث ّم قامت بتربية الطفل لم ّدة‬ ‫عام وأوهمت زوجها أ ّنه طفله ح ّتى تسرح الشابّ أب‬ ‫الطفل وتزوّ ج ابنتها‪ ،‬وقالت للجميع هذا طفل ابنتي‪،‬‬ ‫لم تخجل بل حمت ابنتها بشراسة مرعبة من ك ّل الذين‬ ‫حاولوا مجرّ د التفكير بعقابها‪ .‬وهنا ال ننكر الحاالت‬ ‫الوحشيّة التي انتهت بها حياة الكثيرات‪ ،‬لكن ال يمكننا‬ ‫التغاضي عن أنّ المجتمع كان قد بدأ فعل ّيا ً بالتخلّص‬ ‫من الرواسب البالية ممّا مهّد إلى الثورة التي حملت‬ ‫الكثير من األخالقيّات اإلنسانيّة قبل‬ ‫سرقتها عبر التطرّ ف الدينيّ ‪ ،‬وما نراه‬ ‫اليوم ال ينتمي إلى عر ٍ‬ ‫ف اجتماعيّ سائد‬ ‫بقدر ما يعبّر عن خوف من سلطة السالح‬ ‫بيد المتطرّ ف‪.‬‬ ‫دعكم اآلن من ك ّل هذه الجدليّات التي‬ ‫تتفاوت في صحّ تها والتي ن��داري بها‬ ‫عجزنا المطلق في الخالص من الطغاة‬ ‫بترو هل‬ ‫على اختالفهم‪ ،‬وف ّكروا معي‬ ‫ٍ‬ ‫يحتاج هذا البلد إلى التنقيب عن صفات‬ ‫يشتهر بها ويدافع عنها لتكون حبل نجاته؟‬ ‫أم يحتاج إلى تسليط الضوء على سلبيّات اجتماعيّة‬ ‫وتجاهل ك ّل االيجابيّات التي حاول بها أن يؤسّس‬ ‫لوعي إنسانيّ يحافظ على ديمومة الضمير السوريّ ؟‬ ‫أم يحتاج إلى تعرية السلبيّات دون البحث عن إمكانيّة‬ ‫عالجها والتخلّص منها؟ أم يحتاج إلى االنتهاء من‬ ‫هذه الدمويّة الالمتناهية أوّ الً وأخيراً؟ ‪.‬‬

‫م ّي الفارس‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪17‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫السياسي‬ ‫اإلسالم‬ ‫ّ‬

‫ق ّدمت اهلزمية العربيّة املتع ّددة املستويات املربّر ليطرح اإلسالم‬ ‫السياس ّي مشروعه البديل القائم على نظريّة «اإلسالم هو احل ّل»‬

‫ّ‬ ‫التشكل ومسبّباته‬ ‫قراءة تاريخّية في‬ ‫أثبت التاريخ سابقاً‪ ،‬ويثبت ك ّل يوم خطأ مقولة «أسلمة‬ ‫المجتمع»‪ ،‬فالذي يعتبره اإلسالم السياسيّ خروجا ً‬ ‫عن تعاليم اإلسالم في مجمل النظر والممارسة في‬ ‫المجتمعات اإلسالميّة‪ ،‬إ ّنما هو في حقيقته المعضالت‬ ‫التي تواجه هذا اإلس�لام وتطرح عليه تح ّديات في‬ ‫مواكبة العصر الحديث بك ّل ما يثيره من مشكالت‪ ،‬ال‬ ‫مجال لإلسالم السياسيّ إلاّ أن يقف أمامها والجواب‬ ‫عن الكثير منها‪ ،‬كشرط النتسابه إلى العصر‪.‬‬

‫قام مشروع اإلس�لام السياسيّ منذ البداية على‬ ‫هدف الوصول إلى السلطة‪ ،‬ولم يكن ما يمنع لديه من‬ ‫استخدام الديمقراطيّة بمضمونها القائم على صندوق‬ ‫االنتخاب‪ ،‬وسيلة الستالم السلطة‪ ،‬حيث تتو ّقف هذه‬ ‫الديمقراطيّة عند هذه الحدود و ُتلغى مفاعيلها مستقبالً‪،‬‬ ‫باعتبار أنّ وصول اإلسالم السياسيّ إلى السلطة يش ّكل‬ ‫“نهاية التاريخ” واكتمال اإلسالم دينا ً ودنيا‪.‬‬ ‫في ك ّل األدبيّات التي صدرت وتصدر عن اإلسالم‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬يقوم قاسم مشترك يتعلّق برفض منطق‬ ‫الحداثة والتق ّدم الذي يفرض نفسه على المجتمعات‬ ‫البشريّة بحكم الحاجة إلى التطوّ ر‪ ،‬ويسود خطاب ذو‬ ‫مرجعيّة تعود إلى مئات السنين التي خلت‪ ،‬وتسقط‬ ‫خاللها أحكام واجتهادات فقهاء‪ ،‬قد تكون متناسبة في‬ ‫زمنها مع درجة تطوّ ر هذه المجتمعات‪.‬‬

‫يطرح انتشار الحركات اإلسالميّة وطبيعة ممارستها‬ ‫السياسيّة مسألة جوهريّة ت ّتصل بالمنظومة الفكريّة التي‬ ‫ترشد اإلسالم السياسيّ في ممارسته‪ ،‬سواء أكانت ذات‬ ‫طابع سلميّ أو عنفيّ ‪ ،‬وخصوصا ً مسألة اإلرهاب الذي‬ ‫صبغ معظم تيّارات هذا اإلسالم منذ ع ّدة سنوات‪.‬‬ ‫يذهب جميع منظريّ اإلسالم السياسيّ في طرحهم‬ ‫وممارستهم إلى القول بأنّ اإلسالم بفكره وتوجيهاته‬ ‫هو مرجعهم‪ ،‬وأنّ ممارستهم تصبّ في هدف تحقيق‬ ‫ما يدعو اإلس�لام إليه‪ ،‬وتكريس نصوصه قوانين‪،‬‬ ‫على البشر االلتزام بها‪ .‬لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه‬ ‫منذ عقود ي ّتصل باإلسالم نفسه الذي يقول به اإلسالم‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬هل هو إسالم النصّ القرآنيّ ؟ وبالتالي‪،‬‬ ‫كيف نقرأ هذا النصّ بعد أن تع ّددت التأويالت حول‬ ‫سوره وآياته؟ أم هو إسالم ما يُعرف بالس ّنة الم ّتصلة‬ ‫بأحاديث النبيّ وأقوال األئمّة؟ أم هو إسالم الفقهاء التي‬ ‫فاقت اجتهاداتهم الحدود ولم يتركوا بابا ً غير دينيّ إلاّ‬ ‫وولجوه وألبسوه برقعا ً مق ّدساً؟ أم هو إسالم التاريخ‬ ‫المتع ّدد والمختلف بين مرحلة زمنيّة وأخرى والم ّتصل‬ ‫باألمكنة التي دخلها اإلسالم وكيفيّة هذا الدخول‪ ،‬ممّا‬ ‫يطرح أسئلة حول عالقة ك ّل مرحلة تاريخية بالواقع‬ ‫الراهن ومدى جواز إسقاط أفكار وأحكام ت ّتصل بزمان‬ ‫معيّن ومكان مح ّدد عل الواقع الراهن؟ أي المطروح‬ ‫اليوم فعالً استحضار المشترك في مرجعيّات اإلسالم‬ ‫السياسيّ وإخضاعها للنقد وتفنيد التبريرات التي يستند‬ ‫إليها هذا اإلس�لام في إعطاء المشروعيّة ألعماله‬ ‫اإلرهابيّة التي تكاد تحت ّل موقع الصدارة في فكر‬ ‫وممارسة تنظيمات وأحزاب هذا التيار‪.‬‬ ‫يعود ارتباط اإلسالم بالسياسة إلى مرحلة النشوء‬ ‫والتوسّع منذ عهد النبيّ وتباعا ً في ك ّل مراحل تطوّ ره‪.‬‬ ‫األمر األق ّل شأنا ً كان تداخل اإلسالم مع المجتمعات التي‬ ‫دخلها وتكيّفه مع قوانينها وثقافتها أو ما أدخل عليها من‬ ‫الجديد الذي أتى به‪ .‬لكنّ مسألة اإلسالم واستخدامه‬

‫ثقافة‬

‫في السياسة كانت هي الحلقة المركزيّة الخطرة التي‬ ‫صبغت اإلسالم كدين طوال مراحل تطوّ ره‪ ،‬وهي‬ ‫قضيّة ظهرت منذ اليوم األوّ ل لوفاة الرسول حين‬ ‫اندلع الصراع على السلطة‪ ،‬حيث بدأت أولى مراحل‬ ‫استخدام النصّ الدينيّ من قرآن وأحاديث لترجيح نظرة‬ ‫هذه الفئة أو تلك‪ .‬وتوسّع هذا االستخدام في الصراعات‬ ‫الالحقة بين المذاهب والطوائف اإلسالميّة خصوصا ً‬ ‫منها الصراع المتواصل بين معاوية وعلي بن أبي‬ ‫طالب‪ ،‬حيث ش ّكل النصّ المق ّدس عنصراً مقرّ راً في‬ ‫مسار الصراع‪ .‬وكان ال ب ّد من وجود فقهاء ومجتهدين‬ ‫يحتاجهم الحاكم إلعطاء مشروعيّة لسلطته ولتبرير‬ ‫قراراته وإلباسها لبوسا ً دين ّيا ً م ّتسما ً بالقداسة‪ .‬وبمقدار‬ ‫ما كان الحاكم بحاجة إلى هؤالء الفقهاء والعلماء‬ ‫والمجتهدين‪ ،‬كان هؤالء بحاجة أيضا ً إلى السلطة‬ ‫السياسيّة لتمكينهم من الهيمنة على المجتمع وفئاته عبر‬ ‫نشر ثقافة دينيّة وفق المنظور الذي ينطلقون منه‪.‬‬ ‫واإلسالم السياسيّ في شكله الحديث يعود إلى تأسيس‬ ‫حركة اإلخ��وان المسلمين في مصر على يد حسن‬ ‫الب ّنا عام ‪ .1928‬هذه الحركة التي ولدت من رحمها‬ ‫سائر حركات اإلسالم السياسيّ الحقاً‪ .‬تأسّست حركة‬ ‫اإلخوان بداية‪ ،‬ونظر ّياً‪ ،‬جوابا ً عن إلغاء مصطفى كمال‬ ‫للخالفة في تركيا‪ ،‬هذه الخالفة كانت ترمز في الوجدان‬ ‫الدينيّ إلى دولة المسلمين‪ ،‬رغم أنّ وقائعها وممارستها‬ ‫ّ‬ ‫تمت بأيّة صلة لدولة إسالميّة دينيّة ال وجود‬ ‫لم تكن‬

‫لها سوى في الخيال‪ .‬لكنّ حركات اإلسالم السياسيّ‬ ‫شهدت ازدهارها في معظم العالم العربيّ نتيجة لعوامل‬ ‫متع ّددة‪ ،‬لع ّل أبرزها فشل مشروع النهضة العربيّة التي‬ ‫ّ‬ ‫مثلتها حركة القوميّة العربيّة وخصوصا ً منها المشروع‬ ‫الناصريّ ‪ ،‬والذي شهد أبرز تجلّيات فشله في هزيمة‬ ‫حزيران ‪ .1967‬هذه الهزيمة لم تكن هزيمة عسكريّة‬ ‫فقط‪ ،‬بل كانت هزيمة مشروع حضاريّ على جميع‬ ‫المستويات‪ ،‬توّ ج فشالً ألنظمة االستقالل في تحسين‬ ‫مستوى معيشة المواطن العربيّ ‪ ،‬وفشل مشاريع التنمية‬ ‫االقتصاديّة‪ ،‬إضافة إلى الهيمنة والتسلّط الذي مارسته‬ ‫األنظمة الحاكمة وكرّ ست فيه ديكتاتوريّات ال حدود‬ ‫لمستوى القمع الذي فرضته‪.‬‬ ‫ق ّدمت الهزيمة العربيّة المتع ّددة المستويات المبرّ ر‬ ‫ليطرح اإلسالم السياسيّ مشروعه البديل القائم على‬ ‫نظريّة «اإلسالم هو الحلّ»‪ ،‬مقترنا ً برؤية سياسيّة‬ ‫وأيديولوجيّة ترى أنّ أسباب هزيمة العرب والمسلمين‬ ‫إ ّنما تعود إلى تخلّيهم عن اإلس�لام وعن االلتزام‬ ‫بمقوّ ماته‪ ،‬ونتيجة أيضا ً العتماد نظريّة الدولة الحديثة‬ ‫ودساتيرها‪ .‬استقطب اإلسالم السياسيّ جماهير واسعة‬ ‫خصوصا ً من أجيال شابّة لم تق ّدم لها األنظمة القائمة‬ ‫سوى البطالة والفقر والتهميش وما يرافقها من يأس‬ ‫وإحباط‪ ،‬ف��رأت في شعار اإلس�لام السياسيّ منارة‬ ‫الخالص وحلاّ ً لمشاكلها‪.‬‬

‫الديني عند اليهود‬ ‫التطرّف‬ ‫ّ‬

‫ال يكتسب التاريخ أهمّية عند مف ّكري اإلس�لام‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬وال يجدون مبرّ راً لوضع فقه جديد يتناسب‬ ‫مع حال العصر الذي نعيش فيه‪ ،‬لذا يكبّل الماضي‬ ‫الحاضر لديهم بقيود حديديّة‪ ،‬بحيث تستعاد أحاديث‬ ‫وأح��ك��ام من ه��ذا الماضي ويجري إسقاطها على‬ ‫الحاضر والطلب إلى المسلمين التزامها في وصفها‬ ‫التمثيل الصحيح لإلسالم‪.‬‬ ‫ك أنّ بُنى المجتمعات العربيّة التي ال تزال‬ ‫ال ش ّ‬ ‫تتغلّب فيها البنى التقليديّة القائمة على العصبيّات‪،‬‬ ‫مقترنة بفشل مشروع الحداثة خصوصا ً في جانبه‬ ‫الفكريّ التنويريّ ‪ ،‬قد ش ّكلت عنصراً ّ‬ ‫مؤثراً وفاعالً في‬ ‫اكتساح منظومات اإلسالم السياسيّ الفكريّة‪ ،‬وفرضت‬ ‫نفسها في أوس��اط واسعة من شعوب المجتمعات‬ ‫العربيّة‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬ال ب ّد من رؤية التناقض في‬ ‫المنظومة الفكريّة لهذا اإلسالم‪ ،‬بالنظر إلى التش ّققات‬ ‫التي أصابته في سياق الصراع على السلطة وتكوّ ن‬ ‫الفرق‪ ،‬بحيث ب��ات اإلس�لام مجموعة (إسالمات)‬ ‫تتناسل من بعضها البعض وتتوالد تنظيماتها كالفطر‪،‬‬ ‫خصوصا ً في السنوات األخيرة‪ ،‬ممّا جعل المرجعيّة‬ ‫الفكريّة المقبولة من جميع التنظيمات‪ ،‬مرجعيّة مشكوك‬ ‫في شموليتها‪ ،‬وهو ما سمح بظهور اجتهادات متع ّددة‬ ‫ت ّتصل بك ّل مجموعة لها منظومتها‪ .‬لكنّ أه ّم ما يجمع‬ ‫هذه التنظيمات ومنظوماتها هو رفض بعضها للبعض‬ ‫اآلخر‪ ،‬بك ّل ما يعنيه ذلك من تكفير وتخوين يترجم‬ ‫نفسه بتصفيات دمويّة بين بعضها البعض‪.‬‬

‫صالح الدين داوود‬

‫مسني عرفاً‬ ‫من ّظمة نسائيّة يطلقن على أنفسهن اسم «نساء الشال»‪ ،‬و ّ‬ ‫باسم «طالبان إسرائيل»‬

‫ال��ش��ال»‪ ،‬وسمّين عرفا ً باسم‬ ‫«ط��ال��ب��ان إس��رائ��ي��ل»‪ ،‬وذل��ك‬ ‫بسبب ارت��دائ��ه��نّ للمالبس‬ ‫يقمن بارتداء‬ ‫األفغانيّة‪ ،‬حيث‬ ‫َ‬ ‫مالبس ّ‬ ‫تغطي وجوههنّ بطبقات‬ ‫من القماش األسود الداكن‪ ،‬دون‬ ‫ويضعن‬ ‫وج��ود فتحة للرؤية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أيضا ً طبقة عازلة ثقيلة بينها‬ ‫ويرتدين‬ ‫وبين العالم الخارجيّ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ثوبا ً من الصوف فوقه قميص‬ ‫أسود وثالث تنانير‪ ،‬معتقدات‬ ‫أنّ هذه المالبس تعبير عن ذروة‬ ‫الحياء الذي هو الطريق نحو‬

‫بعيداً عن كون فكرة نشوء الدولة اإلسرائيليّة ذات‬ ‫خلفيّة سياسيّة تستغ ّل أحداثا ً دينيّة ماضية‪ ،‬شهد أتباع االتصال بالرّ ب‪.‬‬ ‫وتعتبر «بوريا كيرين» أكثر الحاالت تطرّ فا ً‬ ‫الديانة اليهوديّة العديد من الحركات الدينيّة المتطرّ فة‪،‬‬ ‫التي تؤرّ ق اليهود المعتدلين‪ ،‬ودولة إسرائيل اليوم في طائفة «نساء الشال»‪ ،‬انتهى بها األمر في نهاية‬ ‫المطاف إلى ارت��داء ‪ 27‬طبقة من المالبس‪ ،‬وقد‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫فقبل إعالن دولة إسرائيل‪ ،‬وعندما كانت فلسطين اشتهرت في إسرائيل باسم «ماما طالبان»‪ ،‬وهي أبرز‬ ‫شهدت قياديّات تلك الطائفة‪ ،‬وتقضي اليوم حكما ً بالسجن لم ّدة‬ ‫ْ‬ ‫ما تزال تحت سلطة االنتداب البريطانيّ ‪،‬‬ ‫أطلقت على نفسها اسم «الهاجاناه» أربع سنوات‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فلسطين حركة‬

‫والتي تعني بالعبريّة الدفاع‪ .‬تأسّست هذه الحركة عام‬ ‫‪ 1920‬في مدينة القدس‪ ،‬وكانت تهدف إلى حماية‬ ‫الممتلكات اليهوديّة في فلسطين خارج نطاق االنتداب‬ ‫البريطانيّ ‪ ،‬وبلغت مرحلة من التدريب والقوّ ة ممّا‬ ‫أهّلها الحقا ً لتكون حجر األساس للجيش اإلسرائيليّ ‪.‬‬

‫تؤ ّكد هذه الطائفة من النساء عقيدة أنّ المرأة أدنى‬ ‫من الرجل التي تقرّ ها المحكمة الدينيّة في إسرائيل‪،‬‬ ‫فعلى النساء التغطية واالنعزال تطهيراً للخطايا‪،‬‬ ‫فالمرأة أساس الخطايا والدناسة‪ ،‬وعليهن االحتجاب‬ ‫في المنازل ح ّتى يت ّم القضاء على الخطايا ويأتي‬ ‫المسيح المخلّص‪.‬‬

‫ّ‬ ‫المنظمة على أ ّنها حجر األساس‬ ‫قد يُنظر إلى هذه‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‬ ‫إضافة لجماعة «طالبان إسرائيل» هناك‬ ‫لبداية نشأة دولة اسرائيل القائمة على العنصريّة‬ ‫والتطرّ ف‪ ،‬ولكن ما قد يلفت النظر هو ظهور فئات أخرى تأسّست عام ‪ 1935‬تدعى «ناطوري كارتا»‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمات متطرّ فة أخرى داخل الكيان اإلسرائيليّ ‪ ،‬والتي تعني «حارس المدينة»‪ ،‬وهي جماعة أصوليّة‬ ‫إحداها ّ‬ ‫منظمة نسائيّة يطلقن على أنفسهن اسم «نساء متطرّ فة معادية للصهيونيّة شعارها «ال لدولة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫يلبسن ز ّيا ً محتشماً‪ ،‬ومن الجدير‬ ‫والبصق‪ ،‬ح ّتى وهنّ‬ ‫َ‬ ‫بالذكر أنّ هناك أحياء تجوب فيها مجموعات تسمّى‬ ‫«فرق المحافظة على العفاف واالحتشام» التي تتل ّقى‬ ‫أوامرها من حاخامات متش ّددين مباشرة‪ ،‬وتقوم هذه‬ ‫الفرق بمطاردة النساء‪ ،‬وقد تصل بهنّ الدرجة إلى‬ ‫عليهن بحجة اإلخالل بأحكام االحتشام‪،‬‬ ‫اقتحام البيوت‬ ‫َ‬ ‫كما أ ّنهم يسبّون النساء غير المتديّنات بأفظع الشتائم‬ ‫القاسية‪.‬‬

‫إسرائيل»‪ ،‬وأبرز قياداتها «جوليش كراوس»‪ ،‬هو‬ ‫وجماعته‪ ،‬الذين يعيشون في مجتمع يعود للقرن التاسع‬ ‫عشر‪ ،‬حيث يحرّ م مشاهدة التلفاز ويرفض أن يكون‬ ‫لديه بطاقة هويّة وال يتح ّدث سوى «اليديشية»‪ ،‬وال‬ ‫يستخدم الحافالت الحكوميّة‪ ،‬ح ّتى أ ّنه ال يستخدم‬ ‫حاويات القمامة التي تضعها الحكومة أمام بيته‪ ،‬بل‬ ‫يقوم برمي قمامته في فناء بيت جاره‪ ،‬وذلك رفضا ً منه‬ ‫لك ّل ما له صلة بحكومة إسرائيل أل ّنه يرى أنّ اليهود‬ ‫ال يجب أن يحكموا األرض المق ّدسة إلاّ عندما يرسل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات المتطرّ فة هي‬ ‫قد يرى البعض أنّ هذه‬ ‫هللا المسيح‪ ،‬أمّا فيما يخصّ النساء فهو يعتقد أنّ ك ّل نتاج طبيعيّ لبيئة متطرّ فة من األساس‪ ،‬إلاّ أنّ كونهم‬ ‫ّ‬ ‫امرأة ال تلتزم بتعاليم التوراة تستحق أن يُبصق عليها يرفضون الدولة اإلسرائيليّة يجعل هذا الرأي موضع‬ ‫أو ُترمى بالحجارة‪.‬‬ ‫النقاش‪ ،‬فهم متطرّ فون ألسباب دينيّة‪ ،‬هذه الفئات‬ ‫كما قد أصبح من المألوف في إسرائيل أنّ كثيرات من المتطرّ فة متواجدة في كا ّفة الديانات سواء أكانت‬ ‫النساء المتديّنات‬ ‫يخشين السير في األحياء المخصّصة توحيديّة أو دنيويّة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لينا احلكيم‬ ‫ّ‬ ‫سيتعرضن لإلهانة‬ ‫لهذه الطوائف أو المنظمات‪ ،‬أل ّنهنّ‬ ‫َ‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪17‬‬

‫ثقافة‬

‫‪11‬‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫حوار مع الفنّان «سهف عبد الرحمن»‬ ‫سورية التي تركت‪ ،‬سورية التي أحببت‪ ،‬تلك‬ ‫التفاصيل من العشق والبكاء تلك األح�لام النازفة‬ ‫وال���دروب ال��وع��رة إل��ى مستحيل قريب‪ ،‬سأحتفظ‬ ‫بمشيمتها ألطول وقت سأبذل قصارى جهدي ليبقى‬ ‫الحبل السرّ يّ بيننا ح ّيا ً ال يموت‪.‬‬ ‫سؤال الحداثة أما يزال راهناً‪ ،‬أم هزمتنا الحداثة؟‬

‫منذ أ ّيام قليلة‪ ،‬وصل ضا ّما ً محفظته إلى صدره‪ ،‬ففيها أدواته‬ ‫ولوحاته‪ ،‬أمسه وغده‪ .‬سألته‪:‬‬ ‫الخروج من سورية‪ ،‬هل يمكن أن نعتبره بداية ورؤية جديدة‬ ‫لإلنسان والف ّنان سهف عبد الرحمن؟‬

‫كان مخاض ووداع تلك البالد الفاتنة القاسية التي‬ ‫اعتن بجراحك‬ ‫همست في أذني قبل الرحيل‪( :‬بُنيّ‬ ‫ِ‬ ‫تنس موعد العودة)‬ ‫جيّداً‪ُ ،‬كنْ رجالً طيّبا ً وال َ‬ ‫ك ّل ما فيها كان غضب وحزن أرضها المسيّجة‬ ‫بغصّات أهلها الطيّبين‪ ،‬تحلم بموت أق� ّل شراسة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تكتظ بأطفال‪ ،‬بخبز ليّن وورود زاهية‪ ،‬تحلم‬ ‫بمدارس‬ ‫بفساتين وأحذية ملوّ نة لبناتها‪ ،‬تحلم بعصافير وسماء‬ ‫ناضجة‪ .‬ك ّل ما فيها كان من غضب ودموع‪.‬‬ ‫تلك البالد التي أحببت خرجت منها وما زلت عالقا ً‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫كان الخوف حوذيّ الطريق‪ ،‬والموت يتشهّى أن‬ ‫يكمل لوحته الناقصة في ك ّل لحظة‪.‬‬ ‫البنادق على طرقاتها تزاحم األشجار‪ ،‬أوصالها‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫خرجت منها وها أنا في ف ّخ البدايات‬ ‫مقطعة نازفة‪،‬‬ ‫من جديد بحقائب وذكريات أعبر نحو المجهول بال‬ ‫مفاتيح وال صور بأمتعة قليلة وبعض الفراشي وأقالم‬ ‫الرصاص بمجموعة لوحات صاغاها وقت عصيب‪،‬‬ ‫خرجت منها وأعجز عن حملها اآلن‪.‬‬

‫إ ّن��ه السؤال األكثر راهنيّة وس��ط ه��ذا االنفجار‬ ‫المفاهيميّ والقيميّ الهائل والمدوّ ي‪ ،‬لم تهزمنا الحداثة‬ ‫لقد هُزم ما تخيّلناه مشروع حداثتنا‪ ،‬وأثبتت التحوّ الت‬ ‫في الخطاب واالجتماع بأ ّننا لم ندخل الحداثة بعد‪ ،‬وتلك‬ ‫التحسينات الشكليّة التي أُدخلت على الفنون بقيت على‬ ‫السطح ولم تستطع أن ُتنتج خطابا ً جديداً يساهم في‬ ‫إنتاج قيم المجتمع وإنسانه‪ ،‬لم نكن حذرين ولم نمتلك‬ ‫أداة الحداثة لنعملها في العميق والمكبوت ونحرّ ك‬ ‫الراكد والدفين في بنية مجتمعاتنا‪ ،‬لم تصمد أدواتنا‬ ‫أمام صالبة الموروث والنصّ ‪ .‬هُزمنا نعم‪ ،‬وعجزنا‬ ‫عن إنتاج القيم الجديدة وتجذيرها في الثقافة وجعلها‬ ‫قيم منتجة مولّدة لإلنسان الحديث المعرّ ف بسلوكه‬ ‫وفاعليّته بتفرّ ده وتمايزه وتميّزه‪.‬‬

‫جمع أبطال الفيلم حلم واحد هو الوصول إلى السويد‪،‬‬ ‫أمالً في حياة أفضل لهم ولعائالتهم التي سيتس ّنى لها‬ ‫الخروج من سورية‪ ،‬فاجتمع المهاجرون الخمسة‪ ،‬في‬ ‫جزيرة المبيدوزا اإليطاليّة‪ ،‬بعدما نجوا من الموت‬ ‫في بالدهم‪ ،‬وخرجوا ناجين من قوارب المهرّ بين‪ ،‬ث ّم‬ ‫التقوا المخرجين الثالثة الذين ساعدوهم في العبور‬ ‫نحو مبتغاهم‪.‬‬ ‫يق ّدم السينمائيّون الثالثة عبر ما يزيد عن الساعة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫(إ ّننا ال نرى‪ ،‬وما اللوحة في مجتمع فاقد للبصر‬ ‫سوى مزحة)‬ ‫ماذا في جعبة الف ّنان «سهف» من أعمال ف ّن ّية وأفكار‬ ‫وأحالم؟‬

‫لديّ اليوم أكثر من مائة عمل غرافيك مشغول‬ ‫بطريقة الحفر المباشر على سطح اللوحة‪ ،‬وتنقسم‬ ‫األعمال على ثالثة مجموعات‪ :‬المجموعة األولى‬ ‫(طوابع البريد الحربيّ ) عبارة عن خمسة وأربعين‬ ‫لوحة صغيرة القياس‪ ،‬إ ّنها محاولة البتكار طوابع‬ ‫لبريد أص ّم ال يحمل إلاّ أناشيد الموت والرحيل ال ي ّتسع‬ ‫لرسائل ع ّ‬ ‫شاق وال للفراشات وال للورد‪ ،‬إ ّنها طوابع‬ ‫قاس جا ٍ‬ ‫ف تحمل وجوه الغياب أحالمهم‪ ،‬عشقهم‪،‬‬ ‫لبريد ٍ‬ ‫أمنياتهم‪ ،‬تحمل ذكرياتهم التي خلّفوها لنا‪.‬‬

‫(إ ّن��ه التحت مكمن السرّ والسحر طفل الجهات‬ ‫ّ‬ ‫الست)‬ ‫وفي المجموعة الثالثة شياطين سهف عبد الرحمن‪.‬‬ ‫كائنات غريبة استوطنت داخلي وبالغت بالعبث‪ ،‬كانت‬ ‫تلهو ترقص تثرثر تم ّد لسانها لي‪ ،‬لم تكف عن الحركة‬ ‫ولم تكن لتهدأ ح ّتى في النوم‪ ،‬تلك الكائنات اللطيفة‬ ‫المتوحّ شة الممتعة المؤلمة‪ ،‬قضّت مضجعي لشهور لم‬ ‫أرسمها ّ‬ ‫قط‪ ،‬ك ّل ما فعل ُته أ ّنني طردتها‪ ،‬نعم طردتها‬ ‫خارجاً‪ ،‬ورغم ك ّل محاوالتي بصلبها على البياض‬ ‫ومنعها من الحركة مازالت تصدر ضجيجا ً وتنهال‬ ‫عليّ بالشتائم كلّما أخرجتها من الحقيبة‬

‫لسنا مخيّرين علينا أن نعبر‪.‬‬ ‫(شياطيني ليست افتراضا ً إ ّنها كائنات أش ّد وجوداً‬ ‫م ّني)‬

‫السوري عالقته مع المتل ّقي؟‬ ‫التشكيلي‬ ‫هل أنجز الفنّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اللوحة جزء من مشروع ثقافيّ وجزء من أزمة هذا‬ ‫المشروع‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫غرقت بعض الوقت في أسئلة ال تملك اإلجابة‬ ‫عليها‪ ،‬وخرجت في مرّ ات عديدة عن إطار اشتغالها‬ ‫القيميّ والمعرفيّ لتشتغل في ساحات ليست لها‪ .‬أنتجت‬ ‫أشكاالً جديدة وعجزت عن إنتاج مفاهيم بقيت غريبة‬ ‫عن ضرورات المجتمع وحركته‪.‬‬ ‫إنّ افتقارنا لثقافة بصريّة عميقة وأصيلة طرد‬ ‫اللوحات من حياتنا ووضعها في حيّز التزيين والترف‪.‬‬

‫قصة عرس مزّيفة لمهاجرين نحو الحرّ​ّية!‬ ‫ّ‬

‫أراد ص ّناع فيلم «أنا مع العروسة»‪ ،‬وهم فلسطيني‬ ‫وإيطاليان‪ ،‬أن يكون فيلمهم التسجيليّ األوّ ل مجازفة قد‬ ‫تعرّ ضهم للمساءلة القانونيّة‪ ،‬لتوثيق حيلة قاموا بنسجها‬ ‫ألغراض إنسانيّة بحتة‪ ،‬بهدف إيصال خمسة الجئين‬ ‫(فلسطينيّين وسوريّين) إلى السويد‪ .‬فطلب السينمائيّون‬ ‫الثالثة العون من أصدقائهم لتنفيذ حيلتهم‪ .‬وت ّم تجهيز‬ ‫ك ّل شيء ليبدو وك��أنّ الموكب كلّه «ز ّف��ة» عرس‬ ‫إيطاليّ ت ّتجه من ميالنو إلى استوكهولم‪ ،‬بعد أن تعبر‬ ‫فرنسا ولوكسمبورغ وألمانيا والدنمارك‪.‬‬

‫قبل إعادة البصر والتأسيس له كضرورة وكأداة في‬ ‫إنتاج المعرفيّ واالنفعاليّ يصعُب الحديث عن فعل‬ ‫اللوحة في التاريخ‪.‬‬

‫وها نحن اليوم أمام معبر اضطراريّ ‪ ،‬فإمّا أن نعبر‬ ‫من بوابة الحداثة وما بعدها إلى التاريخ أو أن نستمرّ في‬ ‫إنتاج الهراء‪ .‬الحداثة وما بعدها شكالً ومضمونا ً خطابا ً‬ ‫وأداة‪ ،‬هي طريقنا الوحيدة با ّتجاه التاريخ‪ ،‬علينا هدم‬ ‫ّ‬ ‫المتأخرة التي‬ ‫ما تب ّقى وتفكيك هذا الخراب وتلك البنى‬ ‫تحمل في أعماقها ميكانزمات إنتاج القهر واالستبداد‬ ‫ّ‬ ‫والتأخر‪.‬‬

‫«أنا مع العروسة»‪...‬‬ ‫احتفى اإلع�ل�ام اإلي��ط��ال��يّ‬ ‫قبل انطالق فعّاليّات مهرجان‬ ‫«البندقيّة» السينمائيّ بالحديث‬ ‫عن الفيلم التسجيليّ الفلسطينيّ‬ ‫ال��س��وريّ «أن��ا مع العروسة»‬ ‫لخالد سليمان الناصري وأنتونيو‬ ‫آوغوليارو وغابريله دل غراندا‪،‬‬ ‫وذهب إلى ح ّد وصفه بأ ّنه «من‬ ‫بين عشرة أشياء تجعلنا نحضر‬ ‫المهرجان»‪ .‬وقبل أربعة أيّام من‬ ‫العرض المرتقب في البندقيّة‪،‬‬ ‫نفذت تذاكر الدخول للعرض‬ ‫األوّ ل ضمن تظاهرة «آف��اق‬ ‫جديدة»‪ ،‬بعدما قُ ّدم في عرض‬ ‫خاصّ للصحافة عشيّة العرض‬ ‫الرسميّ ‪.‬‬

‫اللوحة خارج مشروع بصريّ كامل ومتكامل ال‬ ‫تستطيع فعل شيء في مجتمع تعوّ د على أن يسمع‪.‬‬

‫والثالثيّات تفضح العالقات الداخليّة وتشي بالمحظور‪.‬‬ ‫ت من العدم كانت تحت جلدي في الذاكرة‬ ‫لم ت��أ ِ‬ ‫مخبوءة من تلك األز ّقة والحارات بثرثراتها وبأفراحها‬ ‫وأحزانها‪.‬‬

‫سينمائي‪ :‬لقد ذهبتْ سينما األسود واألبيض آخذة معها‬ ‫قال‬ ‫ّ‬ ‫الكثير من الجمال‪ ،‬ما هو مشروعك وإلى أين تريد الذهاب؟‬

‫(طوابع البريد الحربيّ عبارة عن بكائيّة طولية‪،‬‬ ‫بكائيّة الغياب)‬ ‫في المجموعة الثانية (ك ّل شيء عن التحت) عبارة‬ ‫عن ثالث وثالثين لوحة قياس وسط إ ّنها نبش في‬ ‫المخفيّ والشعبي‪ ،‬بحث في ماهيّة العالقات العارية بال‬ ‫مساحيق أو إضافات‪ .‬تقوم المجموعة على الثنائيّات‬

‫يكاد فيلم «أنا مع العروسة» أن يكون سيناريواً‬ ‫جاهزاً‪ ،‬ال أحداث فيه وال مفاجآت‪ .‬ويظهر الواصلون‬ ‫الخمسة‪ ،‬كما لو أ ّنهم في حفلة تنكريّة‪ ،‬تقام في مكان‬ ‫غريب‪ ،‬ال شيء يربطهم به سوى اللعبة الم ّتفق عليها‪.‬‬ ‫لك ّنها فرصة إليصال صوت الالجئين السوريّين‬ ‫والفلسطينيّين السوريّين الذين غرّ بتهم الحرب في‬ ‫سورية عن وطنهم وبيوتهم لعالم آخر يحاول أن‬ ‫يتظاهر بم ّد يد العون رسم ّيا ً للسوريّين في وطنهم‪ ،‬لك ّنه‬ ‫يعجز عن استقبالهم أو يرفض ذلك بذرائع مختلفة‪،‬‬ ‫ث ّم يوصد األبواب أمام أحالم الغارقين في المتوسّط‬ ‫عن ولوج الج ّنة األورو ّبيّة‪ ،‬لينجح عرس وهميّ وز ّفة‬ ‫مفترضة في تقويض أسوار العبور إلى بلد آمن‪ ...‬كما‬ ‫هو حلم جميع السوريّين‪.‬‬ ‫هشام منوّر‬

‫(أن��ا ال أرس��م‪ ،‬ال أرس��م‪ ،‬أنا فقط أعترض على‬ ‫الصياغة البصريّة لهذا الوجود وسأستمرّ باالعتراض)‬

‫ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫ّ‬ ‫نستحقه‬ ‫‪..‬أقل ما‬ ‫الرجم‬ ‫ُ‬ ‫ولن ينفعنا النكران‪ ،‬ألنّ مر ّده‬ ‫أن يخلق ببيئتنا «داعش» آخر‬ ‫لن يق ّل إرهابا ً ووحشيّة من هذا‬ ‫الكيان ح ّتى وإن تخلّصنا منه‬ ‫اليوم‪ ،‬فال ب ّد من الوقوف قليالً‬ ‫على الجانب األخر للموضوع‬ ‫فاألمر ليس كما يظهر أ ّنهم‬ ‫تنظيم وحشيّ يرتكبون الفظائع‬ ‫من األمور بدون أن يكون لهم‬ ‫حاضنة وقاعدة شعبيّة‪ ،‬فك ّل‬ ‫مقاطع الفيديو التي تخرج للعلن‬ ‫من تصفيات وإعدامات ورجم‬ ‫يكون فيها جمهور كبير من‬ ‫المشاهدين والمهلّلين من س ّكان‬ ‫المناطق التي يسيطر عليها هذا‬ ‫التنظيم‪.‬‬

‫ونصف الساعة‪ ،‬مقترحا ً سينمائ ّيا ً‬ ‫صاً‪ ،‬جاهدين فيه لتكثيف أيّام‬ ‫خا ّ‬ ‫رحلتهم‪ ،‬بين ‪ 14‬و‪ 18‬تشرين‬ ‫األوّ ل ‪ .2013‬اللعبة السينمائيّة‬ ‫التي اعتمدوها في بناء فيلمهم‪،‬‬ ‫فرضت أناقة بصريّة في صور‬ ‫الفيلم‪ ،‬وك��وادر منتظمة‪ ،‬لتخدم‬ ‫غ��رض «ال���ز ّف���ة»‪ .‬وساهمت‬ ‫موسيقى الفيلم التي ارتكزت على‬ ‫اإليقاعات مع العبارات الدالّة إلى‬ ‫ّ‬ ‫محطات‬ ‫أسماء األماكن خ�لال‬ ‫ال��رح��ل��ة‪ ،‬ف��ي إظ��ه��ار الفضاء‬ ‫السينمائيّ المق ّدم وكأ ّنه فضاء‬ ‫مصطنع‪ ،‬لكنّ تفاصيله مشغولة‬ ‫بعناية‪.‬‬

‫خرق السينمائيّون الثالثة القوانين المعمول بها‪ ،‬ما‬ ‫قد يعرّ ضهم لمساءلة قانونيّة وعقوبة قد تصل م ّدتها‬ ‫إلى السجن ‪ 15‬عاماً‪ .‬كما حاول فريق الفيلم إبراز قدرة‬ ‫السينما في التحايل على الواقع‪ ،‬لتغدو السينما هنا كأداة‬ ‫للعبور إلى الحلم‪.‬‬

‫إلى الال شيء‪ ،‬أنا ذاهب بك ّل قوتي إلى الال شيء‬ ‫إلى العدم الشهيّ إلى أسود مطلق إلى أبيض مطلق‬ ‫أريد أن أرسم الال شيء وأثبّت العدم‪.‬‬

‫لم يعد إظهار الشعور بالغضب واألس��ى على‬ ‫ما يقترفه «داعش» من جرائم وانتهاكات بحقوق‬ ‫اإلنسان بسوريّة كافياً‪ ،‬فما يحصل هناك داخل‬ ‫المناطق التي يسيطر عليها هذا التنظيم اإلرهابيّ‬ ‫الوحشيّ يحدث بنوع من التواطؤ غير المعلن مع‬ ‫المدنيّين المقيمين والراضخين تحت راية هذا التنظيم‬ ‫البربريّ ‪ .‬فالفيديو ال��ذي ت ّم تداوله على شبكات‬ ‫التواصل االجتماعيّ يُظهر مقاتلين يُعتقد أ ّنهم من‬ ‫تنظيم «الدولة اإلسالميّة» وهم ين ّفذون «ح ّد الرجم»‬ ‫بسيّدة سوريّة متزوّ جة‪ ،‬قالوا إ ّنها « زانية»‪ ،‬هذا‬ ‫الفيديو أظهر األب مشاركا ً ومتواطئا ً مع هذا الفعل‬ ‫الوحشيّ بك ّل قناعة ال بل عناصر هذا التنظيم طلبوا‬ ‫منه مسامحتها على فعلتها المنافية للعادات المجتمعيّة‬ ‫وهو ما كان يرفضه وبش ّدة‪ ،‬فبدأ جل ّيا ً أنّ األب‬ ‫«داعشي» أكثر من الذين قاموا برجمها فلن نستطيع‬ ‫نكران أنّ ثقافة «داعش» اليوم هي جزء من تراثنا‬ ‫وثقافتنا التي كانت دوما ً أرضيّة مناسبة لوالدة مثل‬ ‫هذا الكيان البربريّ الذي بدأ يأكل األخضر واليابس‬ ‫بك ّل التطوّ ر الحضاريّ الذي وصلت إليه البشريّة‬

‫ت هذا الكيان البربريّ‬ ‫إذاً لم يأ ِ‬ ‫من ال��دول المجاورة لنا فقط‬ ‫كما يُروّ ج‪ ،‬بل هناك الكثير من السوريّين عناصر‬ ‫فيه‪ ،‬وهناك الكثير من السوريّين يتقبّلون تصرّ فاتهم‬ ‫ويتماهون معها ح ّد المشاركة بالرجم والتصفيق‬ ‫بعد قطع عنق بريء وهو ما يُسبّب خوفا ً حقيق ّيا ً أن‬ ‫يكون السوريّون جزءاً من هذا التنظيم بعد محاوالته‬ ‫الحثيثة لخلق قاعدة وحاضنة شعبيّة له باألماكن التي‬ ‫يسيطر عليها‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬أصبح ملحّ ا ً وضرور ّيا ً مراجعة ثقافتنا‬ ‫والعادات التي تب ّنيناها والتي تش ّكل األساس لفكر‬ ‫«داعش» وغيرها‪ ،‬فلو رفض الجميع تصرّ فات هذا‬ ‫الكيان لما استطاع التح ّكم بهذه المساحات الشاسعة‬ ‫من مدننا وقرانا‪ ،‬ال أريد الذهاب للقول إ ّننا جميعنا‬ ‫ّ‬ ‫نستحق الرجم طالما نحن مشاركون بهذا الفعل‪ ،‬إمّا‬ ‫بالصمت أو المشاهدة‪ ،‬وإ ّنما أقلّه نحن مشاركون‬ ‫ضمن ّيا ً بامتداد هذا التنظيم الوحشيّ لدرجة أصبح‬ ‫معها التخلّص منه يحتاج لمعجزة‪.‬‬

‫وداد نيب‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪17‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /30‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب‬

‫مصطلح املستبد العادل‬ ‫تلفيق بني مفهومني متناقضني‬

‫هاني فحص‬

‫طالما أن شكل الدولة وطريقة تشكيلها ليس هي التي تجمع الحرية إلى العدالة في بنية‬ ‫مدنية كمفهومين متشارطين تعريفا ً وتحقيقا ً‬ ‫شأن الدين‪ ،‬ال اإلسالم وال غيره‪ ،‬وحيث‬ ‫ال وصفة دينية ملزمة للدولة‪ ،‬وطالما أن إلى حد دخول كل منهما في تعريف اآلخر‪.‬‬ ‫شأن الدين بما هو معرفة وسلوك وثقافة وبناء على ذلك ال يعود من شأن الفقه أو‬ ‫وقيم وعالئق وتقوى‪ ،‬هو أداء الدولة‪ ،‬أي الفقيه أن يصف شكل الدولة أو يقترح‬ ‫عدالتها‪ ،‬وطالما أن العدالة من دون حرية طريقة تشكيلها‪ ،‬إال في حدود كونه شريكا‬ ‫هي جور آخر‪ ،‬فالمستبد العادل تلفيق بين متكافئا ً مع اآلخرين من أهل المعرفة بهذا‬ ‫مفهومين متناقضين ال يجتمعان أبداً وال الشأن‪ ،‬وأهل ضد الجور‪ ،‬ويصبح الفقه‬ ‫يرتفعان أي إما مستبد وإما عادل‪.‬‬

‫ثقافة معيارية‪ ،‬معيارها الحرية‪ ،‬والعدالة‪،‬‬

‫وطالما أن الحرية من دون عدالة ليست الحق والقانون أي ديمقراطية تحث على‬ ‫حرية‪ ،‬بل فوضى حاضنة لتوائم أو ضرائر العدل‪ ،‬وتحرض ضد الجور‪ ،‬وتتعاطى مع‬

‫من االستبدادات المدمرة‪ ،‬فان الديمقراطية مضمون الدولة ومعناها ال شكلها ومبناها‪،‬‬ ‫ال بمعناها السياسي الصرف وح��ده‪ ،‬بل ومن موقع ارش��ادي حاضن‪ ،‬ال مولوي‬ ‫وبمدلولها الواسع الذي يمتد الى الشأن قابض‪ ،‬ألن المولى هو هللا في المطلق وفي‬ ‫االجتماعي والرعائي والتنموي الشامل‪ ،‬التاريخ لما للوالية على األمة فهي لألمة‪.‬‬

‫مهرجان سورية ألفالم الموبايل‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫عرضت في مدينة حلب ضمن أعمال «مهرجان سورية‬ ‫لألفالم المصوّ رة بأجهزة الهواتف المحمولة» مجموعة‬ ‫من األفالم التسجيليّة والوثائقيّة‪ ،‬الطويلة والقصيرة‪،‬‬ ‫واستمرّ المهرجان لثالثة أيّام ‪ 26 – 25 – 24‬تشرين‬ ‫األوّ ل‪ ،‬واألفالم من تصوير نشطاء سوريّون بواسطة‬ ‫كاميرات هواتفهم المحمولة‪ ،‬ومن إخراجهم‪.‬‬ ‫سيتجوّ ل المهرجان في ع ّدة دول بعد أن أُقيم في بلدة‬ ‫كفرنبل في ريف إدلب‪ ،‬ليق ّدم عروضه التي ّ‬ ‫تنظمها‬

‫سراقب‬ ‫‪/1‬‬

‫عندما في الطريق إلى الثانوية‬ ‫على الحائط القصير لجبّانة «أم حمرا»‬ ‫كتب العاشق الصغير؛ أحبّكِ يا «س «‬ ‫لم يف ّكر أحد به‪ ،‬بل راحوا ممسكين بأوّ ل الخيط يكملون‪ ،‬ك ّل‬ ‫على هواه‪ ،‬حروف اسم الحبيبة‬

‫مؤسّسة «شارع لإلعالم والتنمية»‪ ،‬بالتعاون مع مجلس‬ ‫ثوّ ار صالح الدين‪.‬‬

‫كتب على الحائط نفسه ؛أحبّك سراقب‬ ‫عرفوه‪ ،‬تترك أصابعه على خشب النعش أجنحة من‬ ‫طباشير‪.‬‬ ‫‪/2‬‬ ‫من يوم يومها‬ ‫تذهب سراقب للحصاد وتعود بموليّا جديدة وألف بيت عتابا‬ ‫تنسل من طريق الحرير ما يليق باألحمر القاني وتنقشه في‬ ‫ثياب العرس كي تكسر سواد أيامها‬ ‫بال جبل تسند إلى ركبتيها شمسا غ ّ‬ ‫شاها بريق الملح العائد‬ ‫الى البحر بال كفن‬ ‫تدلّل المسافات بالمفارق كي يمرّ من بين عينيها النهار‪.‬‬ ‫‪/3‬‬ ‫من يوم يومها‬ ‫يخلع البدو على أطرافها عباءاتهم ويدخلون حقول القطن‬ ‫آمنين‬ ‫وبك ّفها المفتوحة ككتاب من تراب‬ ‫تمنحهم بين سطورها أساتذة وك ّنات‪.‬‬

‫يذكر الكاتب في مق ّدمته أنّ عمله هذا «سيرة موجزة‬ ‫لتاريخ نظرة الغرب إلى العالم‪ ،‬من صيغتها اإلغريقيّة‬ ‫القديمة إلى صيغتها فيما بعد الحداثة»‪ .‬بهدف سرد‬ ‫تطوّ ر العقل الغربيّ وإدراكه المتغيّر للواقع‪.‬‬

‫بدائل تنافس غوغل‬

‫وعندما في الطريق إلى جنازة الشهيد األوّ ل‬

‫ص������������در‬ ‫حديثاً‪ ،‬كتاب‬ ‫«آالم العقل‬ ‫ال���غ���رب���يّ »‬ ‫م��ن تأليف‪:‬‬ ‫ري���ت���ش���ارد‬ ‫ت�����ارن�����اس‬ ‫ب���ت���رج���م���ة‬ ‫ل��ل��ع��رب� ّي��ة لـ‬ ‫فاضل جتكر‪،‬‬ ‫وب���ع���ن���وان‬ ‫فرعيّ «فهم‬ ‫األفكار التي‬ ‫قامت بصياغة نظرتنا إلى العالم»‬

‫أ ّدى اع��ت��م��اد م��ح��رّ ك��ات البحث‬ ‫العمالقة ‪ -‬م��ن أم��ث��ال غوغل ‪-‬‬ ‫على تقديم خدمات مجانيّة مقابل‬ ‫ظهور إع�لان��ات وتحليل بيانات‬ ‫ال��م��س��ت��خ��دم‪ ،‬إل���ى اب��ت��ع��اد بعض‬ ‫المستخدمين الذين يحرصون على‬ ‫حماية بياناتهم الشخصيّة والحفاظ‬ ‫على خصوصيتهم عن مثل هذه‬ ‫المحرّ كات‪.‬‬

‫الكتاب يقع في أكثر من ‪ 600‬صفحة قُسّمت إلى‬ ‫سبعة أجزاء‪ ،‬وقد صدر بالتعاون بين «عبيكان» و‬ ‫«كلمة» للنشر في العام ‪2014‬‬

‫النزاع الحاصل‬ ‫في منطقة جبل‬ ‫الزاوية …‬

‫نكـزة‬

‫م��ن ه��ن��ا‪ ،‬ظ��ه��رت ب��دائ��ل تحاول‬ ‫ال��ش��ب��اب يلي‬ ‫استقطاب المستخدمين من خالل‬ ‫تدروبوا ألكتر من سنة‫‪#‬‏ فض_نزاعات‬ و‫‪#‬‏سلم_‬ ‫بعض نقاط ال��ت��ف��وّ ق ع��ن طريق‬ ‫ن‬ ‫كوم» التي تروّ ج لنفسها من خالل التأكيد على عدم أهلي‬‫‪#‬‏وين ‬‬ ‫الحفاظ على الخصوصيّة وحماية‬ ‫تخزين استفسارات البحث أو عناوين بروتوكول تفضلوا جبل الزوايه أولى بفض النزاعات والسلم‬ ‫البيانات‪ ،‬ومنها ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬خدمات‬ ‫اإلنترنت «آي بي» الخاصّة بالحواسب‪ ،‬باإلضافة األهلي‪،‬‬ ‫«ستارت بايج دوت ك��وم» و»آيكسكويك دوت‬ ‫‪Abd Hakwati‬‬ ‫أبو صرة اليافاوي‬ ‫إلى نقل البيانات بشكل مش ّفر‪.‬‬

‫مسعنا‪ ،‬شفنا‪ ..‬وبدنا حنكي‬ ‫حسني برو‬

‫‪/4‬‬ ‫من يوم يومها‬

‫مسعنا‪..‬‬

‫أجمل بنات السهل‬ ‫ال شيء مرتفع بها‬ ‫غير القصب‬ ‫والجباه النافرة‬ ‫وسقف الحب‬ ‫وعمود اإلذاعة الرابض منذ فرنسا‬ ‫كخازوق للغيوم الجوف‪.‬‬ ‫‪/5‬‬ ‫وعندما في الطريق إلى تخوم دمها‬ ‫ال تجد غير ثياب الحيايا كي تضمد الوديان‬ ‫تكتب نجمة الصبح‬ ‫على ظهرها هذه المرّ ة‬ ‫«أحبّك سوريّا»‬

‫سالم حلوم‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫شفنا‪..‬‬

‫أنّ مجموعة من المعارضين السوريّين األشاوس‬ ‫األستاذ ج��ورج صبرا وهو عم يحاول يبرّ ر‬ ‫قد حصلوا على الجنسيّة التركية‪ ،‬أو بتعبير ّ‬ ‫أدق القصّة ويشرح مسوّ غاتها المنطقيّة‪ ،‬وبيطلع معه‪:‬‬ ‫منحتهم الحكومة التركيّة الجنسيّة رغم عدم انطباق‬ ‫أنّ السبب لمنحهم الجنسيّة هو لسهولة التواصل‬ ‫الشروط عليهم لمنح الجنسيّة التي ينصّ عليها‬ ‫والتحرّ ك ومتابعة الشأن السياسيّ السوريّ على‬ ‫القانون التركيّ ! كيف؟ وليش؟ أنا ما بعرف‪ ،‬ويمكن‬ ‫الساحة الدوليّة‪ ،‬وعدم عرقلة إج��راءات سفرهم‪،‬‬ ‫كتيرين ما بيعرفو! هيك بليلة ما فيها ضو قمر‪،‬‬ ‫خاصّة وأنّ معظمهم بال جوازات سفر سوريّة أو‬ ‫ثمانية من المعتبرين ساسة سوريّين‪ ،‬ينامون بجنسيّة‬ ‫أن جوازاتهم قد انتهت صالحيّتها‪.‬‬ ‫ويستيقظون صباحا ً بجنسيّة جديدة ويصبحون بقدرة‬ ‫قادر مسجّ لين على ذمّة الجنسيّة التركيّة‪ ،‬وللعلم‬ ‫وللمرّ ة األلف يحاول أشاوس معارضاتنا أن‬ ‫بعضهم يملك إقامة لجوء في أوروبّا وبعضهم اآلخر يكحّ لوا الحقيقة فيقومون بقلع عينيها‪ ،‬يعني كلّنا نحن‬ ‫يملك جنسيّة أور ّبيّة‪ ،‬ومع ذلك فهم ال يمانعون الدراويش منعرف أنه في شي اسمه جواز سفر‬ ‫بالحصول على جنسيّة جديدة‪ ،‬كيف يمكن لسياسيّ دبلوماسي أو في شي اسمه وثيقة سفر لمرّ ة واحدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سوريّ بارز‬ ‫يتنطع لتمثيل الشعب السوريّ ويتسلّم يعني بدكم تكذبوا الكذبة‪ ....‬اكذبوا ما في مشكلة‪...‬‬ ‫مناصب قياديّة في معارضته ويرضى بأن يكون بس يا ريت تكذبوا كذبة تقدروا تصدقوها أو تقدروا‬ ‫متع ّدد الجنسيّات؟؟!!‬ ‫تقنعوا حالكم فيها‪ ،‬بالمشرمحي يعني اكذبوا كذبة‬ ‫بتتص ّدق!!‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫بدنا حنكي‪..‬‬ ‫يعني فهمنا وببداية الثورة والصبايا والشباب‬ ‫بالشوارع عم ّ‬ ‫يهزوا األرض تحت أرجل الطاغية‪،‬‬ ‫تهافت المعارضون من ك ّل حدب وصوب‪ ،‬وش ّكلوا‬ ‫مجلسا ً لقيادة الثورة السوريّة أكثر من نصف‬ ‫أعضائه يملكون جنسيّات بلدان اللجوء التي يعيشون‬ ‫فيها‪ ،‬قلنا إ ّنهم معارضون قدامى وكان الخوف من‬ ‫الموت أو االعتقال قد اضطرّ هم ألنّ يكونوا مج ّنسين‬ ‫بجنسيّات أخرى غير السوريّة‪ ،‬لكن اليوم وبعد أربع‬ ‫سنوات وبدل من أن يبرهنوا للجميع على أن هويّتهم‬ ‫السوريّة هي األهم نراهم يتسابقون للحصول على‬ ‫جنسيّات جديدة‪ ،‬ومنهم من صار ثنائيّ الجنسيّة‪،‬‬ ‫وبعضهم ثالثيّ الجنسيّة والخير لقدام‪ ..‬وكأنّ لسان‬ ‫حال األشاوس يقول‪ :‬عشر جنسيّات بالجيب أحسن‬ ‫من وطن صار في علم الغيب!!؟؟؟‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.