جريدة كلنا سوريون العدد 15

Page 1

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 15 -‬السنة األوىل‬

‫األربعاء ‪ /1‬تشرين األول‪2014 /‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫ضرورة البحث عن اهلويّة الوطنيّة السوريّة‬ ‫الضربات تنعكس اصطفافاً يف الشارع السور ّي‬ ‫كوبــاني‪ ....‬عــني الســوريّني يف عــني اخلــطر‬

‫الدولي ‪..‬‬ ‫التحالف‬ ‫ّ‬ ‫حرب على (داعش)‬

‫أم فصل جديد في صراع المصالح‬ ‫على األرض السورّية؟‬ ‫عندما انهمرت صواريخ «التوما هوك» من طائرات التحالف‬ ‫فوق أهدافها داخل األراضي السوريّة لم تقصف فقط بعض المواقع‬ ‫لتنظيم (داعش)‪ ،‬بل قصفت ما هو أه ّم بكثير‪ ،‬بوضوح لقد قصفت‬ ‫وهي التزال في طريقها أوهام النظام السوريّ وحليفيه اإليرانيّ‬ ‫والروسيّ في رسم تفاصيل المرحلة القادمة‪.‬‬ ‫اليوم تختلف اللوحة بشكل كبير عمّا كانت عليه قبل أشهر فقط‪،‬‬ ‫َمن يراقب النظام السوريّ وإعالمه وتصريحاته وتناقضاته في‬ ‫الفترة األخيرة‪ ،‬يرى ذلك بوضوح‪ ،‬ويدرك حجم الورطة التي‬ ‫وصل إليها النظام‪ ،‬من التهديد بقصف طيران التحالف إذا لم يُستشر‬ ‫«على لسان بثينة شعبان»‪ ،‬إلى طلب التنسيق معه واعتباره جزءاً‬ ‫من التحالف‪ ،‬ث ّم ها هو اآلن يصل إلى الكذب‪ ،‬إ ّنه شريك التحالف‬ ‫ح ّتى لو رفض التحالف ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫صمت اإليرانيون ‪ ....‬ك ّل الدالئل تشير إلى أ ّنهم قد يخسرون‬ ‫ً‬ ‫ك ّل شيء دفعة واحد ًة‪ ،‬حزب هللا الذي تورّ ط بحماقة ودخل المستنقع‬ ‫السوريّ لم يعد يعرف كيف يوقف خساراته ويستعيد بعضا ً منها‪،‬‬ ‫والعراق يوشك أن يتفلّت من االصطفاف اإليرانيّ بعد إبعاد رجل‬ ‫إيران الصفيق بتبعيّته «المالكي»‪ ،‬والداخل اإليرانيّ بدأ صراخه‬ ‫يعلو ض ّد سياسة مالليه في سوريّة‪.‬‬ ‫ها هي روسيا «البوتينيّة» تراجع حساباتها المتغطرسة ووهمها‬ ‫بأ ّنها قادرة على خوض صراع ن ّدي مع أمريكا وحلفائها‪ ،‬ها هي‬ ‫تنكفئ لتلملم األزمة المستعصية في أوكرانيا وها هي تباشير أزمة‬ ‫اقتصاديّة بدأت تضرب في بنيتها الداخليّة‪ ،‬وها هو التحالف الدوليّ‬ ‫بغطرسة تشبه غطرسة «بوتين» يغلق المجال أمام روسيا ويحرمها‬ ‫ح ّتى من استعمال قناع عظمتها «الفيتو»‪ ،‬فيرفض إشراك حليفيها‬ ‫(إيران والنظام السوريّ ) ح ّتى باالسم في هذا التحالف‪.‬‬ ‫في ضوء هذه المعطيات يقف ب ّ‬ ‫شار األسد عارياً‪ ،‬ح ّتى من الرقع‬ ‫التي كانت تهبها إيران وروسيا‪ ،‬وهو يدرك اآلن أكثر أنْ ال مكان‬ ‫له في سوريّة القادمة‪.‬‬

‫عدسةجيفارا نيب‬

‫تحقيقات العدد‬ ‫ من مدارس غازي عينتاب‬‫ عام دراسي جديد بدرعا وريفها‪..‬‬‫ وضع الالجئني السوريّني يف «باطمان»‬‫ قوارب املوت‬‫ حرب النظام تدمّر قطاع الثروة احليوانيّة‬‫القانوني‬ ‫إضاءة على المركز‬ ‫ّ‬ ‫للسورّيين في تركيا‬

‫الضربات األمريكّية والوطن‬ ‫المستباح‪..‬‬

‫ص‪6‬‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪8‬‬

‫لكن ماذا ع ّنا نحن السوريّين؟ ماذا عن المعضلة الرئيسيّة التي‬ ‫تواجهنا وال تزال جاثمة فوق صدورنا‪ ،‬وربّما تشبه الفاجعة إن‬ ‫أمع ّنا النظر فيها‪ ،‬والتي يمكن تلخيصها بالسؤال التالي‪:‬‬

‫ص‪2‬‬

‫بالرغـم من إمكانيـّة القـرارات‬ ‫الدوليـّة في تحقيـق وقف تد ّفـق‬ ‫ماذا أع ّددنا للحظة سقوط النظام؟؟‬ ‫مقـاتلين جـدد‪ ،‬فـإنّ الســعي إلنهـاء‬ ‫لنعترف أنّ ك ّل الهياكل السياسيّة القائمة هي عاجزة ح ّتى عن‬ ‫ذل��ك التنـظيم والقضــاء عليه‪،‬‬ ‫يتـط ّلب وفقـا ً للوقائـع الموضوع ّيـة‪ ،‬وبالتزامـن مع تـلك الضربـات والقـرارات‪ ،‬إدارة مؤسّسة استهالكيّة‪ ،‬فهل يُسارع السوريُون للقيام بخطوتهم‬ ‫ّ‬ ‫توجهـا ً ســريعا ً‬ ‫ومنظمـا ً ألبنـاء تـلك المنـاطق‪ ،‬بغية إشــراكهم في إيجـاد البدائـل األه ّم‪ ،‬وهي العمل وفق رؤية وطنيّة صادقة على إنتاج بديلهم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫السياسيّ الذي يُقنع السوريّين أوّ ال‪ ،‬ومن بعدهم المجتمع الدوليّ ‪،‬‬ ‫لؤي حاج بكري‬ ‫المح ّل ّية الحقيق ّية‬ ‫بأنّ السوريّين قادرون على إدارة شؤون بالدهم في مرحلة ما بعد‬ ‫سقوط النظام؟؟ بدي ٌل يوقف انهيار المجتمع السوريّ السريع باتجاه‬ ‫حوار مع الدكتور راتب شعبو‪...‬‬ ‫العنف‪ ،‬ويوقف التطرّ ف الذي تعمْلق فوق بحيرة الدم التي ولّدها‬ ‫عنف النظام‪.‬‬ ‫ص‪5‬‬

‫��ي أواخر‬ ‫جاء توقيع تركيا ال ّتفاقها األخير مع اال ّتحاد األورو ّب ّ‬ ‫العام ‪ 2013‬ليضع السور ّيين أمام استحقاقات لم تكن واردة في‬ ‫األول من حوار مع راتب‬ ‫(تنشر «ك ّلنا سور ّيون» القسم ّ‬ ‫حساباتهم‬ ‫شعبو)‪ .‬آل «شعبو»‪ ،‬الذين دفعوا في سجون األسد حوالي‬ ‫لم يكن ممكنا أن تص ّنف السلطات الترك ّية السور ّيين المقيمين ال ‪ 40‬عاماً‪( ،‬الدكتور راتب شعبو ‪ 16‬سنة‪ ،‬الدكتور بهجت‬ ‫على أراضيها كالجئين‬ ‫احملامي‪ :‬غزوان قرنفل شعبو ‪ 10‬سنواتٍ‪ ،‬ومنير شعبو‪11‬سنة‪ ،‬وابنة بهجت‬ ‫شعبو‪ ،‬والدكتورة ماريا شعبو‪ ،‬التي ولدت في السجن‪ ،‬حيث قضت أ ّمها المناضلة‬ ‫اليسار ّية رنا محفوظ أكثر من أربع سنوات)‬ ‫غ ّسان املفلح‬ ‫الواقعة‪ :‬فشل‬

‫هوليوودي‬

‫ص‪2‬‬

‫‪...‬أنّ مشهد قطع رأس جيمس‬ ‫فولي هو عبارة عن خدعة سخيفة‪ .‬بعبارات أكثر وضوحاً‪ ،‬نجد أنّ‬ ‫العناصر المستخدمة في المشهد‪ :‬دم «الضح ّية»‪ ،‬الحركات الغير‬ ‫ٌ‬ ‫أدوات‬ ‫«المهنية» لـ «قطع الرأس»‪ ،‬السكين نفسها‪ ...،‬إلخ‪ ،‬هي‬ ‫لمسرح ّية سيئة التختلف كثيراً عن تلك التي يت ّم إنتاجها في هوليوود‬ ‫ترمجة‪ :‬مها قطريب‬ ‫كل ّ يوم‪ ،‬المؤ ّلفون ذاتهم‪ ،‬والمنتج ذاته‪.‬‬

‫قراءة في جذور العنف‬ ‫العربي‬ ‫في التفكير‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي ‪3/3‬‬ ‫ّ‬

‫ص ‪10‬‬

‫لــقد قــامت الثقافــة التي أنجبت‬ ‫التطرف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الســلفي‪ ،‬بعمليـّة بحث في كل ّ‬ ‫اإلســالمي ســـعيا ً وراء فـــكر‬ ‫التـاريـخ‬ ‫ّ‬ ‫وتوجهــاتها‪ ،‬وهــكذا إلى أن‬ ‫يــتالءم‬ ‫ّ‬ ‫وجـــدت ابن تيم ّية‬

‫عبدو نيب‬

‫العالم كلّه مقتنع ـ بما في ذلك حلفاء النظام ـ أنّ ب ّ‬ ‫شار وعصابته‬ ‫قد انتهوا‪ ،‬أخشى ما أخشاه أن تطالب المعارضة السوريّة ببقائه كي‬ ‫ال ينكشف عجزها وعريّها‪ ،‬وأن يعمل أمراء الحرب ولصوص‬ ‫الثورة على استدامة هذا الجنون من أجل بقاء عظمتهم الراهنة‪،‬‬ ‫والتي ال يعنيهم أبداً أ ّنها على حساب دم السوريّين ومستقبلهم‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫«بولتيكن» الدنماركّية تطلق حملة لدعم‬ ‫«الشبكة السورّية لإلعالم المطبوع»‬

‫اإللكتروني ونسختها‬ ‫أطلقت صحيفة «بوليتكن» الدنمارك ّية عبر موقعها‬ ‫ّ‬ ‫المطبوعة‪ ،‬حملة لدعم خمس صحف سور ّية ُتطبع و ُت ّ‬ ‫وزع في سورية‬ ‫وخارجها‪ ،‬كانت و ّقعت في ت ّموز الماضي على ميثاق تأسيس «الشبكة‬ ‫السور ّية لإلعالم المطبوع»‪ ،‬والذي يض ّم اّ‬ ‫كلً من صحف‪ :‬ك ّلنا سور ّيون‪،‬‬ ‫سور ّيتنا‪ ،‬عنب بلدي‪ ،‬صدى الشام‪ ،‬تمدّ ن‪.‬‬ ‫الدولي في الصحيفة «مايكل جارلنر» في افتتاح ّية‬ ‫المحرر‬ ‫ووصف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحر ّيات هو‬ ‫األساسي للديموقراط ّية‪ ،‬وأنّ قمع‬ ‫حر ّية التعبير بالشرط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحملة ّ‬ ‫حر ّية التعبير بالشرط‬ ‫الفعال بيد الحكام ضدّ الديمقراط ّية‪ ،‬ووصف ّ‬ ‫السالح ّ‬ ‫للحر ّية‪.‬‬ ‫المسبق‬ ‫ّ‬ ‫وقال جارلنر‪« :‬اخترنا خمس صحف سور ّية بالتعاون مع ّ‬ ‫منظمة ‪IMS‬‬ ‫الدنمارك ّية‪ ،‬تم ّثل أجزاء مختلفة من المعارضة السور ّية‪ ،‬هذه الصحف‬ ‫مختلفة في الموقف‪ ،‬لك ّنها م ّتفقة فيما بينها على ميثاق عمل مشترك يستند‬ ‫إلى الديمقراط ّية واألخالق الصحفية»‪.‬‬ ‫وتستمر‬ ‫وستقوم الحملة‪ ،‬التي أطلقتها «بوليتكن» يوم األحد ‪ 21‬أيلول‬ ‫ّ‬

‫قرائها لدعم طباعة صحف الشبكة‬ ‫لثالثة أسابيع‪ ،‬بجمع‬ ‫التبرعات من ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتوزيعها داخل سورية‪.‬‬ ‫األول ‪ 1884‬وتحتفل هذا العام‬ ‫تأسست في تشرين ّ‬ ‫«بوليتكن» التي ّ‬ ‫بعيدها السبعين‪ ،‬ستقوم خالل حملتها بنشر قصص وتحقيقات صحف ّية‬ ‫واإلنساني‬ ‫االجتماعي‬ ‫الدنماركي بالواقع‬ ‫أعدّ تها الشبكة لتعريف الجمهور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في سورية‪.‬‬ ‫رابط الحملة على موقع صحيفة «بوليتكن»‪:‬‬ ‫‪http://politiken.dk/debat/ledere/ECE2402240/‬‬ ‫‪/derfor-samler-vi-ind-til-frie-ord-i-syrien‬‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪15‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫الضربات األمريكّية‬ ‫والوطن المستباح‪..‬‬

‫مع بدء الضربات الجوّ يّة للتحالف الدوليّ على‬ ‫سورية‪ ،‬هل يمكن القول بأنّ فصالً جديداً في الوضع‬ ‫السوريّ المأساويّ قد بدأ‪ ،‬وهل أصبح بمقدور المجتمع‬ ‫الدوليّ ‪ ،‬الذي عجز خالل السنوات الثالث السابقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التدخل إليقاف مسلسل الدمار والموت‪ ،‬أن يجد‬ ‫عن‬ ‫مدخالً أوّ ل ّيا ً للح ّل الذي قد يأتي‪ ،‬بعد سنة‪ ،‬أو سنوات‬ ‫أخرى‪ ،‬كما يرى ك ّل قادته‪ ،‬أم أنّ ما يحصل‪ ،‬ليس‬ ‫سوى استبداالً لبعض الالعبين‪ ،‬بمن هم أكثر قدرة‪،‬‬ ‫على متابعة عمليّات القتل والتدمير‪.‬‬ ‫من المتابعة األوليّة للمستجدات المتالحقة‪ ،‬تشير‬ ‫ّ‬ ‫خطة‬ ‫الكثير من التصريحات المعلنة‪ ،‬إلى غياب‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‪ ،‬فالواليات الم ّتحدة التي كانت‬ ‫واضحة لهذا‬ ‫ّ‬ ‫التدخل في حسم الصراع الدائر على‬ ‫األكثر بُعداً عن‬ ‫األرض السوريّة‪ ،‬تبدو اآلن وبعد سيطرة (داعش)‬ ‫على قسم واس��ع من العراق وس��وري��ة‪ ،‬وكأ ّنها قد‬ ‫وجدت الفرصة التي ال يمكن تفويتها‪ ،‬لتعلن قيادتها‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‪ ،‬وبمشاركة مبدئيّة من حلفائها الخليجيّين‪،‬‬ ‫لذلك‬ ‫أصحاب المصلحة األساسيّين‪ ،‬في دح��ر ك�� ّل من‬ ‫التم ّددين‪ ،‬الشيعيّ اإليرانيّ ‪ ،‬وال ُّس ّني المتطرّ ف‪.‬‬ ‫ويبدو اإلع�لان الواضح عن استهداف المواقع‬ ‫العسكريّة والما ّديّة لتنظيم (داعش) في سورية‪ ،‬مع‬ ‫اإلعالن شبه الواضح الستهداف تنظيمات أخرى‪،‬‬ ‫كالنصرة وأحرار الشام‪ ،‬واألحاديث المكرّ رة عن عدم‬ ‫القبول بنظام األسد‪ ،‬والسعي لتدريب معارضة معتدلة‬ ‫بديلة‪ ،‬كرؤى وتوجّ هات مفتقرة إلى أيّة خطط محكمة‬ ‫ومدروسة‪ ،‬في ظ ّل عدم تو ّفر المق ّدمات الالزمة لتلك‬ ‫الرؤى والتوجّ هات‪ ،‬أو لغيرها من الحلول التي لم يت ّم‬ ‫اإلعالن عنها‪ ،‬حيث ال دالئل واضحة في صفوف‬ ‫المعارضة السوريّة بمختلف تفرعاتها الحاليّة‪ ،‬إلاّ على‬ ‫وقوعها تحت رحمة المضاربات‪ ،‬في سوق الدعم‬ ‫الماليّ والعسكريّ ‪ ،‬بما لم يم ّكنها من تشكيل أيّة صيغة‬ ‫بديلة لنظام األسد‪ ،‬وحيث تحوّ ل النظام المصرّ على‬ ‫مناصبة العداء لمعظم السوريّين‪ ،‬والماضي في إيقاع‬ ‫المزيد من القتل والتدمير والتشريد عليهم‪ ،‬إلى سلطة‬ ‫معيقة ومعاقة‪ ،‬ال تقوى على الوقوف ح ّتى في قسم‬ ‫محدود من البالد‪ ،‬دون االعتماد على البعد الطائفيّ‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بإيران وح��زب هللا والميليشيات‬ ‫الشيعيّ ‪،‬‬

‫الواقعة‪ :‬فشل‬ ‫هوليوودي‬

‫العراقيّة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫التدخل‬ ‫إنّ ذل��ك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الجديد‪ ،‬متمثال في‬ ‫ال��ض��رب��ات ال��ج��وّ يّ��ة‬ ‫األمريكيّة‪ ،‬وبمشاركة‬ ‫رم��زيّ��ة للسعوديّة‬ ‫واإلمارات والبحرين‬ ‫وقطر واألردنّ ‪ ،‬مع‬ ‫التريّث الفرنسيّ البريطانيّ وفقا ً لخارطة المصالح‪،‬‬ ‫ومعارضته شبه المؤجّ لة من قبل روسيا وإيران‪ ،‬مضافا ً‬ ‫إليه الموقف الخانع الذليل لنظام ينتظر خلف الباب‬ ‫الموصد بوجهه‪ ،‬يفتح المجال أمام احتماالت ال يمكن‬ ‫التكهّن بها‪ ،‬وربّما قد تكون بعيدة ك ّل البعد‪ ،‬ح ّتى عن‬ ‫ّ‬ ‫المتدخلين‬ ‫التوجّ هات التي يجري التصريح بها من قبل‬ ‫أنفسهم‪ ،‬فالدولة اإلسالميّة المزمع تثبيتها على األرض‬ ‫من قبل تنظيم إرهابيّ ‪ ،‬ال يمكن أن تكون معتمدة على‬ ‫بضعة آالف من المقاتلين األجانب‪ ،‬بقدر ما هي معتمدة‬ ‫على عشرات اآلالف من المقاتلين والمدنيّين السوريّين‬ ‫والعراقيّين‪ ،‬كما أ ّن��ه بالرغم من التأثير الفاعل‬ ‫للضربات الجوّ يّة الشديدة التركيز‪ ،‬وبالرغم من إمكانيّة‬ ‫القرارات الدوليّة في تحقيق وقف تد ّفق مقاتلين جدد‪،‬‬ ‫فإنّ السعي إلنهاء ذلك التنظيم والقضاء عليه‪ ،‬يتطلّب‬ ‫وفقا ً للوقائع الموضوعيّة‪ ،‬وبالتزامن مع تلك الضربات‬ ‫ّ‬ ‫والقرارات‪ ،‬توجّ ها ً سريعا ً‬ ‫ومنظما ً ألبناء تلك المناطق‪،‬‬ ‫بغية إشراكهم في إيجاد البدائل المحلّيّة الحقيقيّة‪،‬‬ ‫القادرة على أن تح ّل مح ّل التنظيم‪ ،‬الذي من الممكن‬ ‫ألاّ تنتهي دون تحقيق ذلك‪ ،‬وبالتوجّ ه األكثر سهولة‪،‬‬ ‫نحو أبناء المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيمات‬ ‫األخرى‪ ،‬دون االنتظار شهوراً طويلة للقيام بتدريب‬ ‫يجر تلمّس أيّ حدود لها‬ ‫معارضة مسلّحة معتدلة‪ ،‬لم ِ‬ ‫بعد‪ ،‬والتي يمكن أن تأتي كعنصر مكمّل وداعم لذلك‬ ‫التوجّ ه‪ ،‬إسراعا ً ال يمكن أن يأتي إلاّ باالعتماد على‬ ‫جهود ك ّل السوريّين الوطنيّين في الداخل والخارج‪،‬‬ ‫وعبر مختلف القوى والشخصيّات التي مازالت مؤمنة‬ ‫بوحدة هذا الوطن‪ ،‬وبعودته إلى مواطنيه بعيداً عن‬ ‫ك ّل سيطرة متش ّددة أو استبداديّة‪ ،‬إسراعا ً قد يبدو أكثر‬ ‫إلحاحاً‪ ،‬مع تزايد الضربات الجوّ يّة‪ ،‬وإضعافها لداعش‬

‫ولغيرها من التنظيمات‪ ،‬بما يح ّد من إمكانيّة عودة‬ ‫سيطرة النظام االستبداديّ إلى بعض المناطق‪ ،‬وبما‬ ‫يمنع من تحقيق النهاية التي يتطلّع إليها طرفا المعادلة‬ ‫اإلرهابيّة في سورية‪ ،‬من تقسيم جغرافيّ ومن تغيير‬ ‫ديمغرافيّ تحت رايات الطائفيّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التدخل من جدل واسع في أوساط‬ ‫إنّ ما يثيره ذلك‬ ‫السوريّين على اختالف مواقفهم‪ ،‬بالنظر إليه من زاوية‬ ‫صراع سياسيّ أو أهليّ داخليّ على السلطة‪ ،‬قائم على‬ ‫االرتباط بالخارج‪ ،‬أو بالنظر إليه من زاوية وطنيّة‬ ‫تتعلّق بالسيادة والعدوان الخارجيّ ‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫تعرّ ض ويتعرّ ض الوطن لك ّل تلك االستباحة‪ ،‬من قبل‬ ‫عصابات إجراميّة تض ّم السوريّين وغير السوريّين‪،‬‬ ‫من قِبل قوّ ات النظام وحلفائه الطائفيّين‪ ،‬كما من قِبل‬ ‫تنظيمات اإلسالميّين المتش ّددين‪ ،‬يجعل من ذلك الجدل‬ ‫مجرّ د كالم وتحديداً للمواقف‪ ،‬دون التوصّل إلى‬ ‫خطوات عمليّة‪ ،‬قادرة على التأثير في عملية تغيير‬ ‫المسار‪ ،‬وفقا ً لمصلحة ك ّل السوريّين‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫يعاني فيه المجتمع السوريّ من التراجع في عوامل‬ ‫وجود مجتمع يعيش فوق أرض مح ّددة‪ ،‬فمئات األلوف‬ ‫من الضحايا‪ ،‬والماليين من النازحين والالجئين‪ ،‬وك ّل‬ ‫ذلك االنتشار للفوضى والخوف من الموت المفاجئ‪،‬‬ ‫هي عوامل جديدة في التف ّكك المستمرّ للمجتمع الذي‬ ‫قام كوحدة اجتماعيّة سياسيّة‪ ،‬التي تترافق مع غياب‬ ‫المفاهيم المتعلّقة بالوطن وسيادته‪ ،‬ممّا يدفع للنظر‬ ‫نحو ما يجري اليوم من زاوية وحيدة‪ ،‬ال تتعلّق سوى‬ ‫بإمكانيّة الحفاظ على تلك البنية االجتماعيّة التي‬ ‫تمركزت في تلك المنطقة من العالم‪ ،‬والعمل على إنهاء‬ ‫ك ّل أسباب انهيارها‪ ،‬من نظام وتنظيمات‪ ،‬ال تعمل إلاّ‬ ‫على المزيد من ت ّفككها‪ ،‬بل وربّما على إنهاء وجودها‬ ‫بشكل شبه كامل‪.‬‬ ‫لؤي حاج بكري‬

‫داعش تعيد‬ ‫إنتاج األسد؟‬

‫في لقائه مع المبعوث الدوليّ الجديد إلى سورية‬ ‫ستيفان دي ميستورا‪ ،‬قال ب ّ‬ ‫شار األسد «إنّ ما تشهده‬ ‫سورية والمنطقة جعل مكافحة االرهاب أولويّة أل ّنه‬ ‫خطر يه ّدد الجميع»‪ ،‬وش ّدد المبعوث الدولي بدوره‬ ‫على «ضرورة مواجهة المجموعات اإلرهابيّة‪ ،‬على‬ ‫أن يترافق مع حلول سياسيّة جامعة لألزمة السوريّة»‪.‬‬ ‫جاءت هذه التصريحات في دمشق عندما كان أوباما‬ ‫في طريقه إلعالن تحالف عريض ض ّد تنظيم «الدولة‬ ‫اإلسالميّة في العراق وسورية»‪ .‬جملة ب ّ‬ ‫شار األسد حول‬ ‫تهديد اإلرهاب وضرورة مكافحة اإلرهابيّين‪ ،‬يعود بنا‬ ‫إلى بداية استخدام النظام لهذا المصطلح وترويج أنّ‬ ‫ما يواجهه هو إرهاب داخليّ مع انطالق الثورة‪ ،‬وأنّ‬ ‫جموع المتظاهرين ماهي إلاّ مجموعات تكفيريّة طائفيّة‬ ‫تقتل المدنيّين وتعتدي على األمالك العامّة والخاصّة‪.‬‬ ‫في حين كانت مجموعات المتظاهرين ُتجهد نفسها أمام‬ ‫آلة القتل العسكريّة واإلعالميّة للنظام‪ ،‬إلظهار أنّ هذه‬ ‫التظاهرات ما هي إلاّ مطلب للكرامة والحرّ يّة وتوسّل‬ ‫مستقبل أفضل‪ .‬ثبات المتظاهرين على مطالبهم وتع ّنت‬ ‫النظام واستخدامه القتل واالعتقال كح ّل وحيد‪ ،‬وإقحام‬ ‫الجيش في دوّ امة القمع وتوريطه في قصف المدن‬ ‫واحتاللها‪ ،‬سرّ ع بعمليّة االنشقاقات بين العسكريّين‬ ‫كتسجيل موقف معارض للقتل والقصف العنيف‬ ‫ض ّد المناطق الثائرة‪ ،‬وبذلك بدأت الثورة تدخل حقبة‬ ‫جديدة ا ّتسمت بالمواجهة المسلّحة بين الجيش النظاميّ‬ ‫وعناصر من المنش ّقين وبعض المدنيّين بداية كحماية‬ ‫للمتظاهرين‪ ،‬حينها خرجت أصوات كثيرة معارضة‬ ‫النتهاج المواجهة المسلّحة مع النظام لعلمهم أنّ هذا‬ ‫ميدانه ويريد جرّ السوريّين إليه عبر إصراره على‬ ‫انتهاج سياسة القتل المجانيّ للمتظاهرين وافتعال‬ ‫المشاكل بين األحياء المتنوّ عة طائف ّيا ً ودين ّياً‪ ،‬وقيامه‬ ‫بجرائم الكراهية على أساس طائفيّ وتسريبه لفيديوهات‬ ‫القتل الطائفيّ ‪ ،‬ولقناعتهم بسلميّة الثورة‪ .‬وحين ُترك‬ ‫السوريون وحدهم أمام جنون القصف واالجتياح لمدنهم‬ ‫وأحالمهم‪ ،‬انسحب خيار السلميّة من ميدان الثورة‬ ‫وظهر السالح هو الحلّ‪ ،‬في ظ ّل ذلك بدأت ظاهرة‬ ‫أمراء الحرب‪ ،‬وظهرت التنظيمات التكفيريّة كنتاج‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫ط��ب��ي��ع��يّ‬ ‫ال ستعصا ء‬ ‫ال���ح���ال���ة‬ ‫السوريّة‪.‬‬ ‫ه��������ي‬ ‫ذاكرة يجب‬ ‫على الجميع‬ ‫ألاّ ينساها وخصوصا ً في هذه األيّ��ام التي يتحالف‬ ‫الغرب والشرق لقتال داع��ش‪ ،‬بعد ذبح الصحفيَّين‬ ‫األمريكيَّين‪.‬‬

‫وكما أكتشف أوباما أنّ التنظيمات المتطرّ فة تستغ ّل‬ ‫المظالم لتحقيق المغانم لنفسها‪ ،‬وأراد جرّ تحالف‬ ‫عريض وراءه إليقاف خطر الغول الداعشيّ ‪ ،‬اآلن‬ ‫وحينما بدء خريف الثورات يه ّدد ربيعها‪ ،‬كان األجدى‬ ‫منه لجم أو ح ّتى تقييد آلة قمع النظام ودعم السوريّين‬ ‫في مطالبهم‪ ،‬قبل أن ينتعش فكر السواد أمام انغالق‬ ‫األفق بح ّل سلميّ ‪ ،‬وقبل أن يسقطوا رهينة ألجندات‬ ‫إقليميّة وطائفيّة‪ ،‬حين لم يكن السالح مطلب الجميع‬ ‫وعندما كانت ثقافة الذبح غريبة عن مجتمعنا‪ ،‬ربّما‬ ‫كان السوريّون هم األقدر على نشر تعاليم الديمقراطيّة‬ ‫والحرّ يّة في المنطقة عندما خاضوا صراعهم السلميّ‬ ‫مع نظام يع ّد األكثر إجراما ً في المنطقة‪ .‬إلاّ أنّ الحامل‬ ‫الطبيعيّ لتلك القيم ‪ -‬األغلبيّة منه ‪ -‬إمّا قُتل أو في‬ ‫السجون أوفي الدول المحيطة أو خاض غمار البحور‬ ‫ينشد األمان‪.‬‬ ‫في مقابلتها مع (قناة الميادين) قالت بثينة شعبان «إنّ‬ ‫ّ‬ ‫المخططات األمريكيّة في المنطقة فرصة إلسرائيل‬ ‫لتحويل األنظار عن الصراع العربيّ اإلسرائيليّ »‪.‬‬ ‫وإن كان كالمها يحمل الكثير من الصحّ ة (والدليل أنّ‬ ‫خروقات إسرائيل للهدنة مع قطاع ّ‬ ‫غزة قد كثرت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بحق‬ ‫كما أُغفلت العين عن جرائم االحتالل اإلسرائيليّ‬ ‫المدنيّين في ّ‬ ‫غزة في دوامة الحديث عن جرائم الدولة‬ ‫ّ‬ ‫المخططات األمريكيّة التي‬ ‫اإلسالميّة) إلاّ أنّ هذه‬ ‫تتح ّدث عنها شعبان هي أيضا ً لتحويل األنظار عن‬ ‫صراع السوريّين المشروع ض ّد النظام‪ ،‬ومع مرور‬

‫أح��داث الحرب المرتقبة مع داعش والتي قد تمت ّد‬ ‫لثالث سنوات كما صرّ ح المسؤولون الغربيّون‪ ،‬وفي‬ ‫حال نجحت محاوالت الدبّ الروسيّ في تحييد أسده‬ ‫الهزيل عن ضربات التحالف‪ ،‬ونجح النظام كعادته‬ ‫في الخروج من عنق الزجاجة وق ّدم أوراقا ً ُترضي‬ ‫شهيّة أعدائه والتي على أساسها سُحبت الذرائع ض ّده‬ ‫سابقاً‪ ،‬عندما حوصر و ُه ّدد بعد احتالل العراق وبعد‬ ‫أن عُزل بُعيد اغتيال رئيس الوزراء اللبنانيّ رفيق‬ ‫ّ‬ ‫ومؤخراً في صفقة تسليم الكيمياويّ بعد‬ ‫الحريريّ ؛‬ ‫التهديد بضربه‪ ،‬فقد يسقط خيار رحيل النظام التي‬ ‫تنادي به واشنطن فيما بعد‪ ،‬وقد تكون األيّام القادمة‬ ‫حُبلى بأخبار التعاون بين النظام األسديّ واألمريكيّين‬ ‫إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬وهو الذي استبقت‬ ‫طائراته طائرات التحالف وقصفت مواقع داعش في‬ ‫سورية في الوقت الذي كانت الطائرات األمريكيّة‬ ‫تقصف مواقع التنظيم في العراق‪ ،‬وكانت إيران حليفته‬ ‫السبّاقة في دعم األكراد وميليشيّات الحشد الشعبيّ في‬ ‫العراق‪ ،‬وهما الدولتان المستبعدتان من التحالف أو‬ ‫التعاون كما صرّ ح الغرب‪.‬‬ ‫داعش خطرة على الجميع ويجب القضاء عليها‬ ‫وإيقاف م ّدها الفكريّ قبل الجغرافيّ ‪ ،‬ولكن هناك عدوّ‬ ‫هو أعظم خطراً على المنطقة ومستقبل شعوبها موجود‬ ‫في دمشق‪ ،‬نظام أستأسد على السوريّين‪ ،‬وساهم مطوّ الً‬ ‫في تجذير االنقسامات العاموديّة في المجتمع السوريّ‬ ‫وسهّل مرور المئات‪ ،‬وربّما اآلالف‪ ،‬إلى سورية من‬ ‫المقاتلين األجانب عندما كان يسيطر على المعابر‬ ‫البرّ يّة‪ ،‬وما زال يفتح مطاراته للميليشيات الطائفيّة‬ ‫الموالية له‪ .‬وهي مهمّة السوريّين أوّ الً والجميع ثانياً‪.‬‬

‫سومر العبد اهلل‬

‫في ‪ 19‬آب‪ ،‬علمنا أنّ الصحفي األمريكيّ جيمس‬ ‫فولي‪ ،‬الذي كان سجينا ً لدى تنظيم «الدولة اإلسالميّة‬ ‫في العراق والشام» قد ت ّم قطع رأسه من قبلهم‪ ،‬وقد‬ ‫ت ّم نشر فيديو إعدامه عبر مواقع االنترنيت‪.‬‬ ‫جميع القنوات التلفزيونيّة ُتكرر لنا حلقة الرعب‬ ‫البغيضة هذه‪ ،‬التي ال يمكن أن تمرّ دون عقاب‪،‬‬ ‫وبالطبع فقد حجبت هذه القنوات مشهد الذبح الذي‬ ‫لم يُعرض سوى على اليوتيوب‪ .‬وعلى الرغم من أنّ‬ ‫هؤالء البرابرة ذاتهم يقومون بذبح وبقطع رؤوس‬ ‫العراقيّين والسوريّين بالمئات‪ ،‬إالّ أنّ وسائل اإلعالم‬ ‫تتعمّد عدم ذكر ذلك‪ .‬ومقتل جيمس فولي يُفسّر أيضا ً‬ ‫أنّ الواليات الم ّتحدة رفضت دفع الفدية المطلوبة‬ ‫(بينما تدفع واشنطن رواتب جيدة بما فيه الكفاية‬ ‫لإلرهابيّين)‪.‬‬ ‫إذا نظرنا إلى الموضوع عن ق��رب‪ ،‬نكتشف‬ ‫بسرعة أنّ ه��ذه القصّة قد تمّت خياطتها بخيط‬ ‫أبيض متقن‪ ،‬فعندما اخ ُتطف الصحفيّ في سورية‬ ‫في عام ‪ ،2012‬ا ّدع��ت الصحافة األمريكيّة أ ّنه‬ ‫كان «قد اع ُتقل من قبل النظام في دمشق»‪ .‬وعند‬ ‫الفحص الدقيق للفيديو الشهير‪ ،‬تتك ّ‬ ‫شف لنا تناقضات‬ ‫عديدة‪ ،‬فإذا نظرنا الما ّدة المنشورة على الرابط‪:‬‬ ‫‪http://northerntruthseeker.blogspot.‬‬ ‫‪ the/08/2014/de‬يظهر لنا أنّ مشهد قطع رأس‬ ‫جيمس فولي هو عبارة عن خدعة سخيفة‪.‬‬ ‫بعبارات أكثر وض��وح��اً‪ ،‬نجد أنّ العناصر‬ ‫المستخدمة في المشهد‪ :‬دم «الضحيّة»‪ ،‬الحركات‬ ‫الغير «المهنية» لـ «قطع الرأس»‪ ،‬السكين نفسها‪...،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أدوات لمسرحيّة سيئة التختلف كثيراً عن‬ ‫إلخ‪ ،‬هي‬ ‫ّ‬ ‫تلك التي يت ّم إنتاجها في هوليوود ك ّل يوم‪ ،‬المؤلفون‬ ‫ذاتهم‪ ،‬والمنتج ذاته‪ .‬لكن‪ ،‬كما هو األمر بالنسبة‬ ‫لمُشاهد التلفزيون األمريكي العاديّ الذي ليس لديه‬ ‫علم بهذه التفاصيل‪ ،‬ستكون ر ّدة فعله هي صرخة‬ ‫االنتقام‪ ،‬مثله كمثل جميع الناس‪ .‬وفي أفضل األحوال‪،‬‬ ‫فإ ّنه سيترك األمر لحكومته كي تدخل في مغامرات‬ ‫عسكريّة جديدة‪ ،‬ليس ض ّد اإلسالميّين ‪-‬الذين هم‬ ‫حلفاء طبيعيّون للحكومة ‪ -‬ولكن ض ّد القوى المعتدلة‬ ‫المعادية لإلمبراطوريّة األمريكيّة ‪-‬الصهيونيّة‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬فإ ّنه ينبغي أن نالحظ أيضا ً‬ ‫تناقضات أخرى‪ .‬فمن جهة‪« ،‬الجلاّ د» يُجيد اللغة‬ ‫اإلنجليزيّة تماماً‪ ،‬وال يعطي أبداً االنطباع بأ ّنه خار ٌج‬ ‫ّ‬ ‫ممثالً‬ ‫من (الغيتو) اإلسالميّ ‪ .‬أظن أ ّنهم اختاروا‬ ‫بريطانيا ً للعب هذا الدور‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإنّ «المحكوم باإلعدام» كان‬ ‫هادئا ً لدرجة كبيرة‪ُ ،‬تثير االستغراب‪ ،‬قرأ نصّه كما‬ ‫لو كان يتح ّدث عن حدث ال أه ّميّة له‪.‬‬ ‫أخ��ي��راً‪ ،‬وقبل ك�� ّل ش��يء‪ ،‬ال��والي��ات الم ّتحدة‬ ‫األمريكيّة بعد أن وضعت ثقلها قبل بضعة أشهر‪،‬‬ ‫محاولة إطالق سراح فولي من اإلرهاب السوريّ ‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ولسوء الحظ‪ ،‬لم يكن الصحفيّ هناك بعد‪.‬‬ ‫أوباما‪ ،‬قبل شن عمليّته الفدائيّة‪ ،‬قد فعل أفضل‬ ‫ّ‬ ‫التدخل في‬ ‫مايمكن تحقيقه مع ماكين‪ ،‬سواء أكان هذا‬ ‫سورية حقيقيا ً أم خيال ّياً‪ ،‬فالقصد واضح‪ :‬إ ّنهم يريدون‬ ‫تهيئة الرأي العا ّم لحرب أمريكيّة ض ّد األراضي‬ ‫السوريّة‪ .‬من جانبها‪ ،‬توضح الحكومة السوريّة أنّ‬ ‫«أيّ عمل أمريكيّ أحاديّ الجانب ض ّد الجهاديّين من‬ ‫جانب (الناتو) على األراضي السوريّة سيُعتبر هجوما ً‬ ‫ض ّد سالمة سورية ‪ -‬إذ سيتجاوز هذا العمل القرار‬ ‫‪ 2170‬المعلن في ‪ 15‬في آب الماضي‪ ،‬لمجلس‬ ‫األمن التابع لألمم الم ّتحدة‪ -‬وطالبت الحكومة السوريّة‬ ‫في المقابل التنسيق معها في محاربة اإلرهاب‪.‬‬ ‫ولكن هذا ال يعني الكثير‪ ،‬ألنّ الواليات الم ّتحدة‬ ‫وحلفاءها في مجلس األمن يفسّرون النصوص دائما ً‬ ‫على طريقتهم‪ .‬وتستطيع سورية االحتجاج دائماً‪،‬‬ ‫وروسيا تستطيع اال ّدع��اء أ ّنها قد « ُخ ْ‬ ‫دعت» مرّ ة‬ ‫أخ��رى‪ ،‬وفي اليوم الذي يريد فيه رعاة اإلرهاب‬ ‫اإلسالميّ الهجوم على سورية‪ ،‬فإ ّنهم سيفعلون‪.‬‬

‫ترمجة‪ :‬مها قطريب‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪15‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫عبثي‪ّ ،‬‬ ‫لكن نعوشهم يل ّفها علم الوطن‬ ‫موتهم ّ‬

‫غاضباً‪« :‬لماذا تركونا هنا؟ عليهم أن يعملوا‬ ‫أوّ الً على إطالق سراحنا ومن ث ّم ليحاكمونا‪،‬‬ ‫لنرى من هو المقصِّر؟ أمّ��ا أن ُنترك هكذا‬ ‫لشهور طويلة‪ ،‬فهذا ال يجوز»‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫بنعوش ملفوفة بعلم الوطن يعود الجنود‬ ‫العلويّون من معاركهم البعيدة الغامضة إلى‬ ‫قراهم الفقيرة والحزينة‪،‬وغالبا ً ما يُمنع ذووهم‬ ‫من رؤية جثثهم‪ ،‬فأغلب هذه الجثث مشوّ هة‪،‬‬ ‫وال يمكن معرفة أصحابها وربّما تعود لقتلى‬ ‫آخرين‪.‬‬ ‫هذا مايق ّدمه لهم رئيسهم المولع بألعاب‬ ‫(البالي ستيشن)‪ ،‬والذي يظهر على شاشات‬ ‫التلفزة ليتح ّدث طويالً عن تدقيق استعمال‬ ‫المصطلحات‪ ،‬وعن إصالحات ـ يعرف أكثر‬ ‫من غيره ـ أ ّنها لن تتح ّقق‪.‬‬ ‫لم يعد الوطن يعني ألهالي تلك القرى‬ ‫الموحشة إلاّ الموت‪ ،‬موت يصفعهم ك ّل يوم‬ ‫بنعوش أبنائهم التي تصل من معركة بعيدة‬ ‫أفهمهم النظام أن��ه يخوضها ض ّد»مؤامرة‬ ‫«يشترك العالم كلّه فيها من أجل إسقاطه‪،‬وضد‬ ‫موت سيجتاح بيوتهم إنْ انتصر «المتطرّ فون»‪.‬‬ ‫في شباط من عام ‪ 2013‬استطاعت إحدى‬ ‫مجموعات الجيش الحرّ المعارض للنظام‬ ‫السوريّ أن تقتحم مدينة الطبقة بعد حصارها‬ ‫لم ّدة شهر‪ ،‬وتم ّكنت من أَسر العشرات من‬ ‫جنود وضباط النظام‪ ،‬نسبة كبيرة منهم كانت‬ ‫من العلويّين‪.‬وفي الشهر العاشر من نفس العام‬ ‫تم ّك ُ‬ ‫نت من اللقاء بهؤالء األسرى‪ ،‬كان قد مضى‬ ‫على أسْ رهم ما يزيد عن ثمانية أشهر‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫استغرقت السيارة التي تقلّنا من الر ّقة إلى‬ ‫مكان أسرهم حوالي الخمسين دقيقة‪ ،‬وفي بناء‬ ‫منفرد ومكوّ ن من طبقة واحدة يحرسه أربعة‬ ‫شبّان يرتدون ثيابا ً مدنيّة‪،‬كان يعيش هؤالء‬ ‫األس��رى‪ ،‬كان ممنوعا ً تصوير المكان من‬ ‫الخارج‪ ،‬ألنّ النظام قد يقصفهم في حال عرف‬

‫مكانهم‪ ،‬هكذا برّ ر قائد المجموعة منعنا من‬ ‫التصوير‪ ،‬بدا التبرير سوريال ّيا ً للوهلة األولى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خطط‬ ‫لك ّنها قد تكون الحقيقة‪ ،‬فالنظام الذي‬ ‫لتطييف الثورة كان يحتاج إلى مجازر طائفيّة‪،‬‬ ‫كي يقنع اآلخرين بصحّ ة روايته‪.‬‬ ‫كان األسرى بصحّ ة جيّدة‪ ،‬وكان مفاجئا ً‬ ‫لي أن يُعامل أسرى للنظام أوّ الً وعلويّين ثانياً‪،‬‬ ‫بطريقة جيّدة وسط احتقان طائفيّ واضح ووسط‬ ‫حرب مجنونة يخوضها النظام ض ّد السوريّين‬ ‫بوحشيّة بالغة‪.‬‬

‫كانوا غاضبين من النظام الذي أبلغ أهاليهم‬ ‫أ ّنهم خونة وأ ّنهم استسلموا‪.‬تح ّدثوا عن شراسة‬ ‫المعركة التي خاضوها بعد حصار قاس ‪ ،‬وأ ّكد‬ ‫قائد المجموعة التي أسرتهم حقيقة ماقالوه‪،‬‬ ‫وأشار ضاحكاًإلى أحدهم‪ :‬انظر إليه‪ ،‬كاد أن‬ ‫يقتلني‪.‬‬ ‫اليهت ّم النظام السوريّ كثيراً لجنوده‪ ،‬هم‬ ‫اليعنون له أكثر من وقود لمعركة بقاء سلطته‪،‬‬ ‫فإن أُسروا أو قُتلوا أو َفقدت وحدتهم أهمّيتها‬ ‫العسكريّة‪ ،‬أدار لهم ظهره وتركهم لمصيرهم‪،‬‬ ‫لم يقبل النظام مبادلة هؤالء األسرى بمعتقلين‬ ‫مدنيّين كانوا يتظاهرون ض ّده‪.‬‬ ‫المق ّدم «تميم هيفا» من الالذقيّة يقول‬

‫ال��م��س��اع��د أوّ ل «ع����روة ع��بّ��اس» من‬ ‫طرطوس‪ ،‬والمصاب برصاصتين‪ ،‬واحدة‬ ‫سطحيّة في الرأس تمّت معالجتها‪ ،‬وأخرى في‬ ‫الساق‪ ،‬سبّبت انقطاعا ً في األوردة واألعصاب‪،‬‬ ‫ممّا أ ّدى ل��ح��دوث عاهة دائ��م��ة ل��ه‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫«وصلت إلى مدينة الطبقة قبل شهر واحد فقط‬ ‫من أسري‪ ،‬لم أكن أعلم أيّ شيء عن المدينة‪،‬‬ ‫أعطوني مائة طلقة وزجّ وا بي في المعركة‪ ،‬ما‬ ‫أريده فقط أن يُجيبني أحد‪ :‬لماذا نحن هنا؟ لماذا‬ ‫نحن في األسر طوال هذه الفترة؟؟ ولماذا ال‬ ‫يهت ّم أحد لمصيرنا‪...‬؟؟‪.‬‬

‫وقعت بالد الشام تحت حكم العثمانيّين منذ أوائل‬ ‫القرن السادس عشر بعد هزيمة المماليك‪ ،‬واستمرّ ت‬ ‫اإلمبراطورية العثمانيّة في التوسع ح ّتى بلغت أوج‬ ‫عظمتها في القرن السابع عشر‪ ،‬حيث سيطرت على‬ ‫معظم العالم العربيّ وآسيا الصغرى‪ ،‬وجزء كبير من‬ ‫أوروبا الشرقيّة‪ .‬لكن في نهاية القرن بدأت الهزائم‬ ‫ُتالحق السلطنة‪ ،‬وب��دأت تخسر أج��زا ًء هامّة من‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫في ظ ّل األحداث المتسارعة التي تجتاح المنطقة بدءاً من إعالن الضربات‬ ‫األمريكيّة وبعد التحالف الدوليّ الذي بدوره منقسم رغم اال ّتفاق على ضرب‬ ‫داعش‪ ،‬الخالف با ٍد بين أمريكا وحلفائها من طرف‪ ،‬وبين روسيا وحلفائها‬ ‫من طرف آخر‪ ،‬مازال هناك طريق لفرض نفسك‪ ،‬طريقة لتفرض رأيك‬ ‫ّ‬ ‫الحق أن يعيش وأن يرسم مستقبله‪ ،‬فمنْ صمد هذه السنوات األربع‬ ‫كإنسان له‬ ‫بوجه تحالفات العديد من «المليشيات» العابرة للقارّ ات وبوجه نظام لم يو ّفر‬ ‫أيّ سالح بل أخذ يبتكر طرق الموت من صواريخ تحمّل الكلور إلى براميل‬ ‫الموت إلى إعالم زيّف ك َّل مراحل الثورة يوما ً بيوم ومازال لديك القدرة على‬ ‫أن تكون أنت وال أحد غيرك‪.‬‬ ‫إنّ احتماالت نجاح الثورة ض ّد ك ّل الفساد الذي بدأ ينخر بها‪ ،‬هي نفس‬ ‫احتماالت الثورة ض ّد األسد قبل عشر سنين من اآلن‪ ،‬فنحن اآلن نجرؤ على‬ ‫اصطياد ك ّل ما يفعله النظام‪ ،‬أكثر من جرأتنا على نقد أو توجيه أصابع‬ ‫االتهام إلى أيّ فصيل‪ ،‬أو مجموعة‪ ،‬أو مؤسّسة سياسيّة أو خدميّة للمعارضة‬ ‫في ظ ّل الثورة‪ ،‬فقوالب التخوين جاهزة‪ ،‬ال أنفي أ ّننا نذ ّم ونقدح بالكالم هذه‬ ‫المؤسّسات‪ ،‬ولكن هو عبارة عن طواحين هواء‪ ،‬فهذه الحكومة المؤ ّقتة‪ ،‬أو‬ ‫أيّ مؤسّسة‪ ،‬يجب أن ننظر لها‪ ،‬بأ ّنها مسؤولة عن الشعب‪ ،‬وليست صاحبة‬ ‫فضل عليه‪ ،‬فال يجب أن نشبهها كما قال (نهرو) منذ آالف السنين للهنود‬ ‫الذين يعبدون البقر بقوله‪« :‬إ ّنهم يعبدون البقر‪ ،‬وال يفعلون له ما يجب‪ ،‬ولو‬ ‫أ ّنهم أعطوا البقر ما يريد‪ ،‬ولم يعبدوها لكان احترامهم لها أفضل»‪ .‬فهل بدأنا‬ ‫نمارس آليات االختباء وراء اإلصبع؟‬

‫ب َسام يوسف‬

‫باسل العبد اهلل‬

‫ب��ح��م��ل األق��ل��يّ��ات‬ ‫األرثوذكسيّة على‬ ‫عاتقها‪.‬‬

‫فضّل «اإلسكتلنديون» إذاً حضن بريطانيا العظمى‬ ‫على استقاللهم‪ ،‬فأكثر من ‪ %55‬من «اإلسكتلنديون»‬ ‫خذلوا «أليكس سالموند» زعيم المعسكر الذي نادى‬ ‫باستقالل بالدهم‪ ،‬على الرغم من أنّ استطالعا ً واحداً‬ ‫فقط أظهر تق ّدم معسكر الوحدويّين من بين عشرات‬ ‫ْ‬ ‫شرت حول الموضوع قبل‬ ‫استطالعات الرأي‪ ،‬التي ُن‬ ‫االستفتاء الذي جرى يوم الخميس ‪ 18‬أيلول ‪.2014‬‬

‫ال أعتقد أنّ قضيّة استقالل «اإلسكتلنديّين» من‬ ‫عدمها قد ته ّم غيرهم‪ ،‬أو ربمّا األوروبيّين على أبعد‬ ‫تقدير‪ .‬لكنّ هناك حدثا ً مشابها ً بعض الشيء جرى‬ ‫في منطقتنا منذ أكثر من ‪ 150‬عاماً‪ ،‬استدعى بعض‬ ‫االهتمام‪.‬‬

‫السوري ‪ ..‬أين أنت؟‬ ‫أّيها‬ ‫ّ‬

‫هذه الحرب المجنونة‪ ،‬والتي المنتصر‬ ‫فيها ‪ ،‬دم��رت البنية التحتيّة الفقيرة لهذا‬ ‫البلد‪،‬وفتكت بمئات اآلالف م��ن المدنيّين‬ ‫والعسكريّين‪،‬واألخطر من هذا كلّه أ ّنها تؤسّس‬ ‫لما هو أقسى وأفدح‪ ،‬إ ّنها ّ‬ ‫تمزق نسيج مجتمع‬ ‫يُع ّدمن أكثر مجتمعات العالم تنوّ عا ً في مكوّ ناته‪،‬‬ ‫هل نحن من ّثرنا ض ّد نظام لم يكن له دين أو طائفة‪ ،‬إلاّ كرسيّه‪ ،‬وسرقة‬ ‫وتضعه في مواجهة قاسية مع صياغة هويّته موارد البلد‪ ،‬نظام لم يكن في يوم من األيام ينتمي إلى أيّ طائفة‪ ،‬أو إلى أيّ‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫فصيل سياسيّ إلاّ ما يخدم طرحه‪ ،‬ففي زمن األب امتطى صهوة القوميّة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫نمت بشكل ال عقالنيّ ‪ ،‬ث ّم الحالة الدينيّة بوجه من وقف أمام حكمه‪،‬‬ ‫التي‬ ‫بعد مايقارب السنة م��ن لقائي بهؤالء‬ ‫ث ّم العلمانيّة أمام الغرب‪ ،‬ومن ث ّم االبن امتطى صهوة الليبراليّة واالقتصاد‬ ‫األسرى وتحديدا في الشهر السابع ‪ ،2014‬ت ّم‬ ‫لاّ ً الحرّ ‪ ،‬واآلن يمتطي صهوة الدين والطائفيّة‪ ،‬وصهوة الممانعة والحرب على‬ ‫تحريرهم بخدعة تبادل قام بها النظام‪،‬مست ِغ‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫خوف قائد المجموعة من وصول تنظيم داعش‪،‬‬ ‫الذي كان يقترب من منطقة تواجدهم‪ ،‬والذي‬ ‫جاءت ثورتنا بشعارات أثقلت كاهل النظام وزبانيته‪ ،‬ثورة أسدلت لون‬ ‫سيعدمهم جميعا ً لو تم ّكن منهم‪،‬فتساهل في الحياة على أغلب السوريّين‪ ،‬ولكن تحوّ لنا إلى مرض أخذ يأكل من جسد تلك‬ ‫شروط التبادل وتدابيره وتفاصيله‪ ،‬واضطرّ الثورة‪ ،‬فهل نحن من نخلق األمراض‪ ،‬لكي نوهم أنفسنا أ ّننا نحتاج للعالج؟‬ ‫إلى تسليمهم لجهة وسيطة قبل الموعد‪ ،‬ألنّ أو كمن يسقط نفسه عمداً في بئر‪ ،‬كي يناضل للخروج منه‪ ،‬فهل ذاك البئر‬ ‫داعش كانت تقترب‪،‬أخذ النظام األسرى وألغى الذي حفره النظام منذ عشرات السنين‪ ،‬لك ّل فكر حيّ ‪ُ ،‬نعيد توسيع حوافه؟‬ ‫الصفقة‪،‬وصوّ ر تحريرهم على أ ّن��ه عمليّة أ ّدعي أ ّننا ُثرنا وأردنا وجودنا‪ ،‬أل ّننا نحبّ الحياة‪ ،‬ونحبّ أنفسنا بقدر ما‬ ‫عسكريّة نوعيّة‪.‬‬ ‫نستطيع‪ ،‬ونسعى لوطن قرأنا عنه‪ ،‬أو سمعنا به من اإلعالم باحترام اإلنسان‪،‬‬ ‫واحترام ك ّل ما يصبو له حلمنا‪ ،‬أن يزرع أحد أطفالنا شجرة‪ ،‬أو أن يعمل‬ ‫رأي��ت بعضا ً من ه��ؤالء األس��رى على‬ ‫دون أن يُمتصّ جهده من آل األسد ومخلوف‪ ،‬وغيرهم من العوائل النافذة‪ ،‬ال‬ ‫شاشات تلفزة النظام‪،‬كانوا ي��ر ّددون بعيونهم‬ ‫لكي نقتل بعضنا باسم هللا‪ ،‬أو باسم الطائفة أو لنسبي نساء سوريّات ال ذنب‬ ‫المطفأة نفس العبارات التي يعرفها السوريّون‬ ‫لهنّ إلاّ أ ّنهن خائفات منك‪ ،‬أل ّنك لم تستطع أن توصل صوتك لهم‪.‬‬ ‫جيّداً‪ ،‬والتي التد ّل إلاّ على عمق المأساة التي‬ ‫ّدت الثورة و ُكب ْ‬ ‫هل قُي ْ‬ ‫أّسّس لها النظام السوريّ داخل روح السوريّين‪،‬‬ ‫ّلت بآراء وأخالق األزمان الغابرة؟ أزمان مليئة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فأنتجت ما نحن ُثرنا عليه‬ ‫وتتابعت‬ ‫كانوا عند النظام وبين أهلهم أسرى أكثر مما بالدم‪ ،‬أزمان كانت أخالقها السلطة فقط‪،‬‬ ‫كانوا في أسْ رهم الذي تحرّ روا منه قبل أيّام‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬فهل سنبقى في قوقعة التاريخ‪ ،‬أم سنعيد لسوريّة اسمها ورونقها!!! فأين‬ ‫أنت أيّها السوريّ ؟‪.‬‬

‫تاري ٌخ متشابه‬

‫لم يكن لينجح الوحدويّون لوال الوعود الكثيرة‬ ‫التي أغدقتها عليهم السلطات المركزيّة في بريطانيا‪،‬‬ ‫فمن الواضح أنّ بقاء «إسكتلندا» تحت مظلّة التاج‬ ‫البريطانيّ ‪ ،‬يعني التخلّي عن الكثير من الصالحيّات‬ ‫(من ضمنها صالحيّات ماليّة وموازنة) لصالح البرلمان‬ ‫في «أدنبره»‪ ،‬الذي سيملك من اآلن صالحيّات واسعة‪،‬‬ ‫فبحسب رئيس الوزراء البريطانيّ السابق «غوردون‬ ‫براون»‪ ،‬فإنّ وثيقة حول هذا األمر‪ ،‬س ُتنشر في لندن‬ ‫مع نهاية شهر تشرين األوّ ل‪ ،‬حيث سيت ّم بعدها إصدار‬ ‫«ورقة بيضاء» بعد شهر من التداوالت‪ ،‬وسيت ّم سنّ‬ ‫قانونا ً إسكتلند ّيا ً جديداً في البرلمان البريطانيّ مع بداية‬ ‫السنة القادمة‪ ،‬وهذا هو فحوى رجاء «سالموند» بأن‬ ‫يفي البريطانيّون بوعودهم‪ ،‬التي قطعوها في حال‬ ‫اختار «اإلسكتلنديّون» البقاء‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫أراضيها في أوروبا لصالح اإلمبراطوريات األورو ّبيّة‬ ‫التي بدأت تزداد قوّ تها‪.‬‬ ‫جاء أقوى تهديد لوجود السلطنة في العالم العربيّ‬ ‫من مصر‪ ،‬التي أصبحت تحت حكم محمّد علي باشا‬ ‫ما بين عامي (‪ .)1848 – 1805‬هذا التهديد‪ ،‬وبسبب‬ ‫الطابع المؤسّساتي لدولة محمّد علي باشا‪ ،‬كان أش ّد‬ ‫خطراً على العثمانيّين من حملة الوهابيّين في العام‬ ‫‪ ،1810‬والتي ُت��رك أمر القضاء عليهم إلبراهيم‬ ‫باشا بن محمّد عليّ ‪ ،‬وقائد قوّ اته‪ ،‬لكنّ طموح محمّد‬ ‫عليّ كان كبيراً‪ ،‬لذا تمرّ د على السلطان العثمانيّ ‪،‬‬ ‫وأرسل جيوشه التي احتلّت سوريّة‪ ،‬وجزءاً من هضبة‬ ‫األناضول‪.‬‬ ‫وكما هو معروف‪ ،‬وبحجّ ة حماية األقلّيّات‪ ،‬كانت‬ ‫السلطنة العثمانيّة ُتعاني دوما ً من ّ‬ ‫تدخل اإلمبراطوريّات‬ ‫األوروبيّة التي أنشأت عالقات مميّزة مع األقليّات‬ ‫الدينيّة في بالد الشام‪.‬‬ ‫فاإلمبراطوريّة الفرنسيّة ّ‬ ‫وث ْ‬ ‫قت عالقاتها مع‬ ‫الموارنة‪ ،‬وبدءاً من القرن التاسع عشر وسّعت عالقاتها‬ ‫مع الكنيسة الكاثوليكيّة الشرقيّة‪ ،‬أمّا اإلمبراطوريّة‬ ‫البريطانيّة‪ ،‬فش ّكلت عالقات قويّة مع اليهود‪ ،‬والدروز‪،‬‬ ‫والمسيحيّين البروتستانت في بالد الشام‪ ،‬فيما قامت‬ ‫اإلمبراطوريّة الروسيّة‪ ،‬والتي ورثت عرش الكنسية‬ ‫األرثوذكسية بعد سقوط اإلمبراطوريّة البيزنطيّة‪،‬‬

‫دخ�������ل ج��ي��ش‬ ‫إبراهيم باشا إلى‬ ‫سوريّة عام ‪،1831‬‬ ‫معلنا ً وق���وع بالد‬ ‫ال��ش��ام ت��ح��ت حكم‬ ‫محمّد علي باشا‪،‬‬ ‫وك��ان محمّد علي‬ ‫أوّ ل ح��اك��م مسلم‬ ‫ل��س��وريّ��ة يتجاوز‬ ‫قوانين الشريعة‪،‬‬ ‫ويقيم المساواة بين‬ ‫ً‬ ‫خاصة فيما يتعلّق بدفع الضرائب (الجزية)‪،‬‬ ‫األديان‪،‬‬ ‫وخالل فترة احتالله لسوريّة (‪ )1831-1840‬أعطى‬ ‫صالحيّات هائلة إلى األقليّات المسيحيّة واليهوديّة‬ ‫على حساب المسلمين والدروز‪.‬‬ ‫ك ّل هذا أ ّدى إلى حدوث بعض المناوشات بين‬ ‫الدروز والمسيحيّين في مناطق متع ّددة من جبل لبنان‬ ‫والبقاع‪ ،‬وكانت ثورة دروز حوران في عام ‪1838‬‬ ‫أش ّدها‪ ،‬لكنّ المصريّين وبمساعدة جيش من الموارنة‬ ‫وعلى رأسهم األمير بشير استطاعوا إطفاءها‪.‬‬ ‫لم تكن اإلمبراطوريّات األورو ّبيّة سعيدة بازدياد قوّ ة‬ ‫ّ‬ ‫تتدخل لمساعدة اإلمبراطوريّة‬ ‫محمّد علي‪ ،‬فقرّ رت أن‬ ‫العثمانيّة‪ .‬ولك ّنها‪ ،‬ولضمان وقوف المسيحيّين معها‬ ‫ض ّد إبراهيم باشا قائد قوّ ات محمّد علي باشا‪ ،‬قامت‬ ‫الدولة العثمانيّة بسلسلة وعود باإلصالحات‪ ،‬تخصّ‬ ‫األقليّات في سوريّة‪ ،‬وفعالً‪ ،‬ولفترة قصيرة‪ ،‬توحّ د‬ ‫مسلمو ومسيحيو سوريّة (ما عدا قوّ ات األمير بشير)‬ ‫تحت راي��ة العثمانيّين لطرد ق��وّ ات إبراهيم باشا‪.‬‬ ‫وبمساعدة األوروبيّين‪ ،‬نجحوا جميعا ً بالتخلّص من‬ ‫المصريّين الذين خرجوا من سوريّة في عام ‪.1840‬‬ ‫وهذا هو أساس اإلصالحات العثمانيّة التي عُرفت‬ ‫بالتنظيمات‪ ،‬والتي غيّرت وجّ ��ه اإلمبراطوريّة‬ ‫العثمانيّة‪ ،‬فلم تعد بعدها كما كانت من قبل‪.‬‬

‫ما استدعى هذا العرض التاريخيّ ‪ ،‬هو استفتاء‬ ‫االستقالل في إسكتلندا‪.‬‬ ‫ربّما لعب الخوف التقليديّ من المجهول دوره‬ ‫في رغبة اإلسكتلنديّين على بقاء الوضع كما هو‬ ‫ْ‬ ‫لعبت الدور‬ ‫عليه‪ ،‬ولكنّ «التنظيمات» البريطانيّة‬ ‫األساسيّ ‪ ،‬سيحصل اإلسكتلنديّون على ما وعدهم به‬ ‫البريطانيّون‪ ،‬ولكنّ أحزاب بريطانيا الكبيرة استفادت‬ ‫أيضاً‪ ،‬كانت خسارة إسكتلندا ستش ّكل هزيمة مريرة‬ ‫«لديفيد كاميرون» رئيس الوزراء البريطانيّ ‪ ،‬كما‬ ‫أنّ حزب العمّال يعتمد بدرجة كبيرة على أصوات‬ ‫الناخبين االسكتلندييّن لضمان وصوله إلى الحكم‬ ‫مج ّدداً‪ ،‬وهو ما كان سيخسره لو غ��رّ دت إسكتلندا‬ ‫خارج سربها البريطانيّ ‪.‬‬ ‫سيطالب «اإليرلنديّون والويلزيّون» بالتأكيد‬ ‫بمكاسب مشابهة لما سيحصل عليه اإلسكتلنديّون‬ ‫في موضوع الالمركزيّة اإلداريّ��ة‪ ،‬وح ّتى اإلنكليز‬ ‫سيطالبون في ح ّقهم في إبداء الرأي في القرارات‬ ‫التي ُتؤخذ في «أدنبره» طالما يستطيع اإلسكتلنديون‬ ‫التصويت في البرلمان اإلنجليزيّ حول أمور تخصّ‬ ‫إنجلترا فقط‪ ،‬وسيتساءلون‪ :‬ألم يحن الوقت لكي نحصل‬ ‫على برلمان خاصّ بنا أيضاً؟‬ ‫استرداد بالد الشام إلى الحضن العثمانيّ في القرن‬ ‫التاسع عشر‪ ،‬تطلّب تنازالت كبيرة من الباب العالي‪،‬‬ ‫وإصالحات جديّة وعميقة نالت هيكلة السلطنة نفسها‪،‬‬ ‫ومؤسّسة عالقاتها بشعوب الواليات‪.‬‬ ‫وبقاء إسكتلندا ضمن التاج البريطانيّ تطلّب‬ ‫«تنظيمات» بريطانيّة تعيد هيكلة عالقات لندن بدول‬ ‫أطرافها‪.‬‬ ‫لم تعد «السلطنة العثمانيّة» نفسها بعد التنظيمات‬ ‫التي كانت ثمنا ً كبيراً لبقاء الشام معها‪ ،‬وكذلك‬ ‫بريطانيا‪ ،‬فلن تعُد كما كانت قبل استفتاء االستقالل‬ ‫ذاك‪.‬‬ ‫التاريخ يتشابه في كثير من الحاالت‪ ،‬وهذه فرصة‬ ‫يو ّفرها التاريخ لنا‪.‬‬

‫حممد اجلرف‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪15‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫الرياضة الحرّة تتخبّط ‪ ،‬ومنتخب النظام إلى المونديال‬ ‫شهدائنا وليكن شعارنا (العمل‬ ‫الجماعيّ والجاد والسريع‪،‬‬ ‫طريقنا للوصول إلى أهدافنا‬ ‫المنشودة) وهللا المو ّفق‪.‬‬ ‫الشارع الرياض ّي بني مستنكر‬ ‫ومبتهج ‪..‬‬

‫شئنا أم أبينا فقد انقسمت الرياضة في سوريّة‬ ‫قبل العالم أم لم يقبل فقد أصبح‬ ‫إلى طرفين أيضاً‪ِ ،‬‬ ‫هناك رياضيّون خلف نظام األسد يج ّددون البيعة‬ ‫له ورياضيّون في ركب الثورة السوريّة يطمحون‬ ‫النتشال رياضة سوريّة من القاع والفساد واإلجرام‬ ‫والمحسوبيّات‪ ،‬ورغم صعوبة المعادلة رياض ّيا ً‬ ‫على المستوى الدوليّ الذي مازال يقبل بمنتخبات‬ ‫البعث والنظام السوريّ في مسابقاته وبطوالته‬ ‫فإنّ طموح الرياضيّين األحرار ال ينتهي بالرغم‬ ‫من ك ّل العوائق والتش ّتت وقلّة الحيلة‪ ،‬وفيما تتوه‬ ‫الكيانات الرياضيّة التي برزت في زمن الثورة‬ ‫السوريّة ويضيع خطابها الجامع المطلوب لتوحيد‬ ‫الصفّ الرياضيّ ‪ ،‬تتوالى انجازات منتخبات النظام‬ ‫السوريّ مج ّدداً وتعود إلى الواجهة‪.‬‬ ‫منتخب ناشئي النظام السور ّي إىل مونديال تشيلي‬ ‫‪2015‬‬ ‫تأهّل منتخب ناشئي سوريّة (نظام األسد) إلى‬ ‫نهائيّات كأس العالم للناشئين والتي ستقام في‬ ‫تشيلي ‪ 2015‬بعد أن ح ّل بين األربعة الكبار في‬ ‫نهائيّات كأس آسيا التي اخ ُتتمت قبل أيّام في تايلند‬ ‫ونال لقبها منتخب كوريا الشماليّة بفوزه على جاره‬ ‫الكوري الجنوبيّ ‪1-2‬‬ ‫وجاء تأهّل منتخب الناشئين إلى المونديال‬ ‫العالميّ بعد فوزه في مباراة ربع النهائي على‬ ‫أوزبكستان بـ ‪ 2-5‬رغم خسارته في مواجهة‬ ‫نصف النهائيّ أمام كوريا الجنوبيّة ‪ ،1-7‬وكانت‬ ‫نتائجه في الدور األوّ ل قد أسفرت عن تعادلين مع‬ ‫السعوديّة سلبا ً ومع قطر بهدف لمثله وفوز على‬ ‫إيران بهدفين لهدف‪.‬‬ ‫هذا المنتخب الذي تح ّدث عنه مراقبون بأ ّنه لم‬ ‫يلق عناية جيّدة وال استعدادات ّ‬ ‫َ‬ ‫مكثفة للبطولة بسبب‬ ‫أجواء البالد الصعبة وقد خرج إلى المنافسات‬ ‫ّ‬ ‫العطار» الذي‬ ‫بكادر سوريّ ‪ .‬المدرّ ب «محمّد‬ ‫صرّ ح لموقع الكرّ ة السوريّة عقب الفوز على‬ ‫أوزبكستان‪ :‬لم نستعد للبطولة جيّداً حيث خضنا‬ ‫مباراة دوليّة واحدة فقط أمام الكويت‪ ،‬ولكن رغم‬ ‫ك ّل هذا أثبتنا أنفسنا كواحد من الفرق القويّة في‬ ‫البطولة‪ ،‬أنا سعيد ألنّ فريقي تأهّل إلى كأس‬ ‫العالم بعد الفوز على خصم قوّ يّ مثل أوزبكستان‪،‬‬ ‫كانت المباراة صعبة بسبب ظروف الطقس وحالة‬ ‫أرضيّة الملعب‪ ،‬حيث لم نتم ّكن من لعب كرة قدم‬

‫حقيقيّة‪.‬‬ ‫من قلب جمروح ‪..‬‬ ‫األستاذ وليد مهيدي رئيس دائرة الرياضة في‬ ‫مديريّة الشباب والرياضة بالحكومة السوريّة‬ ‫المؤ ّقتة يفتح قلبه لـ «كلّنا سوريّون» وكما قال‬ ‫(على مسؤوليّتي)‪:‬‬ ‫نحن لم نخطئ ومنذ أوّ ل اجتماع لنا ونحن‬ ‫ننادي بتشكيل ا ّتحاد كرة قدم حرّ في المديريّة‪،‬‬ ‫ونطالب باستقالليّة هذا اال ّتحاد‪ ،‬وأن يكون لهذا‬ ‫اال ّتحاد ختم رسميّ وخاصّ وال يتبع أليّة جهة‬ ‫حكوميّة أو وزارة‪ ،‬وطالبنا بأن يكون لال ّتحاد‬ ‫ّ‬ ‫الحق بمخاطبة اال ّتحاد العربيّ لكرة القدم واالتحاد‬ ‫اآلسيويّ لنستطيع شغل مقعد اال ّتحاد السوريّ‬ ‫لكرة القدم‪ ،‬وطالبنا بتشكيل منتخبات تحمل اسم‬ ‫سوريّة الحرّ ة‪ ،‬ولكنّ ك ّل كالمنا ذهب أدراج‬ ‫الرياح‪ ،‬وجاءت بطولة آسيا لكرة القدم وتأهّل‬ ‫منتخب الناشئين لكأس العالم ونحن مشغولون‬ ‫بأمور أخرى وبكرة القدم (هل ثمنها عشر ليرات‬ ‫أم خمسين ليرة؟!) وال رصيد ما ّدي لدينا يم ّكننا‬ ‫من تجميع العبينا‪ ،‬وإجراء مباريات‪ ،‬لنقول للعالم‪:‬‬ ‫نحن نملك العبين وكوادر في جميع المنتخبات‬ ‫وهم موجودون وجاهزون لتلبية الدعوات‪ ،‬ولكنّ‬ ‫العين بصيره واليد قصيره‪ ،‬وربّما ّ‬ ‫تأخر الشركة‬ ‫الداعمة لنا ساهم في تراكم هذه األخطاء‪ ،‬لذلك أنا‬ ‫أرى إعادة دعم الهيئة العامّة للرياضة والشباب‬ ‫في سوريّة‪ ،‬وتفعيلها وإعادة هيكلتيها‪ ،‬والتواصل‬ ‫مع الداعمين من (منظمات المجتمع المدنيّ‬ ‫ورجال األعمال المخلصين) وأنا مستع ّد لتسليم‬ ‫أيّ إنسان قادر على تحمّل هذه المسؤولية‪ ،‬وأن‬ ‫أكون تحت إمرة أيّ شخص‪ ،‬المه ّم أن نستطيع‬ ‫النهوض والعمل الجا ّد والسريع لتفعيل عملنا‬ ‫بعيداً عن الروتين واالجتماعات غير المجدية‬ ‫والمملّة ‪ ..‬نحن اجتمعنا ‪ 20‬اجتماع ماذا ق ّدمنا؟‬ ‫وماذا حصدنا؟ نريد أن نعمل وأن ننهض من جديد‬ ‫وبسرعة قبل فوات األوان‪ ،‬ألنّ بطوالت الشباب‬ ‫واألولمبي والرجال على كأس آسيا قادمة‪ ،‬والب ّد‬ ‫أن نعمل سريعا ً ليكون لنا مقعد في هذه البطوالت‪،‬‬ ‫المه ّم هو اإلسراع في العمل‪ ،‬الب ّد أن نطلب الدعم‬ ‫من الداعمين المخلصين وليكن شعارنا اإلخالص‬ ‫في العمل بعيداً عن األنانيّة والفرديّة واضعين‬ ‫نصب أعيننا مصلحة شعبنا الجريح ودم��اء‬

‫حرب وم��ش��ا ّدات كالميّة‬ ‫ش��ه��دت��ه��ا ص��ف��ح��ات موقع‬ ‫ال���ت���واص���ل االج��ت��م��اع��يّ‬ ‫(فيسبوك) بين الرياضيّين‬ ‫السوريّين حول النتيجة التي‬ ‫ح ّققها منتخب الناشئين‪ ،‬وقد‬ ‫اعتبر البعض من الرياضيّين‬ ‫أنّ التأهّل هو لسورية بالكامل‬ ‫وليس لنظام بعينه أو لحكومة‬ ‫أو لطرف سياسيّ ‪ ،‬فيما اعتبر‬ ‫البعض اآلخر أنّ المشاركة باسم نظام األسد بح ّد‬ ‫ذاتها جريمة أخالقيّة بعد استشهاد وجرح واعتقال‬ ‫عدد كبير من الرياضيّين السوريّين المؤيّدين‬ ‫للثورة السوريّة وبعد القصف والدمار الذي طال‬ ‫سوريّة بفعل هذا النظام‬ ‫الناشط اإلعالميّ عارف حاج يوسف يتساءل‪:‬‬ ‫ال أستطيع أن أفرح لفريق يسافر ويتمرّ ن ويلعب‬ ‫بمباركة نظام مجرم وطاغية يقتل الشعب‬ ‫ّ‬ ‫وعذب من زمالء هذا‬ ‫السوريّ ‪ ،‬وقد قُتل واعتقل‬ ‫الفريق الكثير‪ ،‬بنفس الوقت الذي نسمع فيه عن بدء‬ ‫منافسات هؤالء الالعبين في كأس آسيا يأتينا خبر‬ ‫استشهاد العبين من نادي بانياس تحت التعذيب‬ ‫بعمر ‪ 16‬و‪ 19‬عاما ً ‪ ..‬ألم يسمع الفريق المشارك‬ ‫بالبطولة بهذه األخبار؟؟‬ ‫وكتب الالعب الدوليّ أيمن قاشيط على صفحته‬ ‫الخاصّة‪« :‬ك ّل شيء يستخدم في السياسة‪ ،‬فالنجاح‬ ‫األخير لمنتخب الناشئين ما هو إلاّ نجاح مثل ما‬ ‫سبقه ال يق ّدم وال ّ‬ ‫يأخر‪ ،‬وكالعادة نصل ونخرج‬ ‫بعد أن نكون شبعنا من الهتاف و(البروظة) بهذا‬ ‫اإلنجاز‪ ،‬وك ّل شخص ينسب اإلنجاز له وووو‬ ‫ومنتخب الرجال صفر‪ ،‬المه ّم ماذا بعد؟؟ الشيء‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫فرحة في ظ ّل القتل واالعتقال والقصف‪ُ ،‬تقتل‬ ‫نساؤنا وأطفالنا‪ ،‬والعبون يلعبون‪ ،‬وهناك من هم‬ ‫من أهلهم وأصدقائهم داخل السجون أو ت ّم قتلهم»‬ ‫فيما كتب الالعب ال��دول��يّ ف��راس الخطيب‬ ‫المحترف في الكويت‪« :‬ألف مبروك للمنتخب‬ ‫السوريّ الناشئ تأهّله لكأس العالم وأخذه بالثأر من‬ ‫المنتخب األوزبكي وإن شاء هللا يعودون حاملين‬ ‫كأس آسيا معهم‪ ..‬ويعيدوا ما ح ّققه منتخب الشباب‬ ‫عام ‪.»١٩٩٤‬‬ ‫حكمة ‪..‬‬ ‫رحم هللا من قال‪« :‬ال تؤجّ ل عمل اليوم إلى‬ ‫الغد»‪ ،‬هذه العبارة البسيطة إن لم تكن في جعبة‬ ‫الرياضيّين األح��رار والمسؤولين عن مل ّفاتهم‬ ‫ستضيع ك ّل جهود ومحاوالت انتشال الرياضة‬ ‫السوريّة من مستنقع البعث‪ ،‬وسيبقى النظام يشارك‬ ‫بمنتخباته كلّما سنحت له الفرصة‪ ،‬ويكسب تعاطف‬ ‫المؤسّسات الرياضيّة الدوليّة‪.‬‬

‫عروة قنواتي‬

‫أحوال‬

‫كوباني‬ ‫هي هجرة أخرى‬ ‫ٌ‬ ‫كلمات قالها الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش منذ عشرات‬ ‫السنين‪ ،‬معبّراً بجملته عن تعرّ ض هذا الشعب إلى الظلم واالستبداد‬ ‫عبر التاريخ‪.‬‬ ‫لم يكن يخطر ببال الحجّ ة «أ ّم إبراهيم» الكرديّة األصل‪ ،‬وهي‬ ‫أ ّم لخمسة أوالد من إحدى قرى «كوباني» الكرديّة شرق سوريّة‪،‬‬ ‫إنّ ما قاله «محمود درويش» سنعرفه من خالل تجربتها ومفرداتها‬ ‫البسيطة والعفويّة حين بدأت بسرد ما حدث معها وعائلتها منذ‬ ‫بداية الثورة وح ّتى اآلن‪ ،‬فهي تصف قدومهم إلى حلب منذ عشر‬ ‫سنوات مع أوالدها الخمسة وزوجها ليعمل معظمهم ح ّتى يمتلكون‬ ‫بيتا ً في حيّ «اإلنذارات» الشعبيّ في الجهة الشرقيّة لمدينة حلب‪،‬‬ ‫وتختصر ك ّل التعب الذي بذلوه ح ّتى استطاعوا امتالك كفافهم‬ ‫وس ّد حاجاتهم تحت سقف بيت يخ ّففُ الحبُّ فيما بينهم من ثقل‬ ‫الظروف وقلّة الحيلة‪ ،‬ومع بداية الثورة السوريّة‪ ،‬تقول الحجّ ة‬ ‫«أ ّم إبراهيم»‪ :‬كان همّي األوّ ل هو حماية عائلتي وأوالدي من‬ ‫ك ّل ما يحدث‪ ،‬لذلك قرّ رنا الهروب مع دخول الجيش الحرّ على‬ ‫مدينة حلب‪ ،‬خوفا ً من قصف النظام من جهة‪ ،‬واعتقاله لمن هو‬ ‫بسنّ خدمة العلم‪ ،‬فال أريد أن يكون أبنائي مع أحد‪( ،‬ال قاتلين وال‬ ‫مقتولين)‪ ،‬انتقلنا إلى قريتنا بريف «كوباني» الشرقيّ لنبدأ العمل‬ ‫ُ‬ ‫أرسلت‬ ‫من جديد على بناء سقف يحمينا ويحافظ علينا‪ ،‬فكان أن‬ ‫إبراهيم وخالد إلى لبنان وفتحي إلى المغرب‪ ،‬ليبقى اثنان عندي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اضطررت إلرسال من بقي من أبنائي إلى‬ ‫لكنّ ما حدث أ ّني‬ ‫كردستان العراق مع بداية تجنيد قوّ ات الحماية الشعبيّة للشباب في‬ ‫صفوفها‪ ،‬على أمل أن ينتهي ما يحدث ويرجع أبنائي‪ ،‬كنت في‬ ‫ُ‬ ‫بقيت ألشهر أرعى شؤون البيت ومسؤولة‬ ‫ك ّل يوم أحلم بعودتهم‪،‬‬ ‫عن اثنتين من زوجات أوالدي مع أحفادي البالغ عددهم سبعة‬ ‫أطفال‪ ،‬عذاب كنت أصبر عليه لحماية أبنائي‪ ،‬عذاب زاده خبر ما‬ ‫كنت أخشاه‪ ،‬وهو موت ولدي الصغير «محيّ الدين» في العراق‬ ‫غرقا ً في نهر دجلة حين كان في عطلته مع رفاقه وأخيه‪ ،‬أخذته‬ ‫من موت ألرميه في موت آخر مات «محي الدين» وأحضروا‬ ‫ّ‬ ‫جثته دون رصاص ودون حرب‪ .‬هروب من موت إلى موت حال‬

‫كثير من العائالت السوريّة‪ ،‬فمن البراميل إلى الغرق إلى التمييز‪،‬‬ ‫وكأ ّنها لعنة ال تفارقهم‪ ،‬بعد موت محيّ الدين بشهر عاد ك ّل من‬ ‫خالد وفوزي إلى القرية‪ ،‬ليقفوا إلى جانب أمّهم كما تقول‪ :‬لم تنت ِه‬ ‫رائحة الحزن من البيت ح ّتى استيقظنا في يوم من األيّام‪ ،‬وتحديداً‬ ‫في يوم السبت قبل الماضي على أصوات القصف واالشتباكات‬ ‫وعلى قوافل من الهاربين إلى القرى المجاورة لنا‪ ،‬لنعلم أنّ تنظيم‬ ‫(داعش) يقتحم القرى‪ ،‬ويقتل ك ّل َمن فيها‪ ،‬وقد رُوي الكثير عن‬ ‫عمليّات ذبح لك ّل شابّ يقبضون عليه‪ ،‬حينها هربت ثانية إلى‬ ‫«كوباني» مع أوالدي دون حمل أيّ شيء من بيوتنا‪ ،‬كان همّي‬ ‫يمض‬ ‫ك عن أوالدي وقلقي الذي ال يفارقني‪ ،‬ولم‬ ‫وخوفي ال ينف ّ‬ ‫ِ‬ ‫يومان ح ّتى وصلت (داعش) تخوم مدينة «الهوب»‪ .‬مرّ ة أخرى‪،‬‬ ‫لم أكن الوحيدة الهاربة مع عائلتها كانت قوافل من العوائل‪ ،‬ك ّنا‬ ‫نعبر الطرقات بأق ّل ثقل يمكن حمله‪ ،‬كان الطريق باتجاه تركيا‬ ‫خيط ال ينتهي من البشر ـ شيوخا ً وأطفاالً ونساء ـ بقينا ليوم كامل‪،‬‬ ‫ح ّتى سُمح لنا بالعبور إلى تركيا‪ ،‬أقمنا ليومين في منزل لعائلة على‬ ‫الجانب التركيّ قبل أن نتوجّ ه إلى مدينة غازي عينتاب‪ ،‬ونقيم إلى‬ ‫جانب عائلة ك ّنا نجاورها في حلب‪ ،‬نزحت منذ سنة ونصف من‬ ‫براميل وقصف النظام‪ ،‬على أمل أن يبحث أوالدي عن عمل يس ّد‬ ‫رمقنا‪ ،‬علّنا نستطيع البقاء على أمل انتهاء الحرب دون خسائر‬ ‫أكثر‪ .‬ال يمكن أن تغيب تنهّدات الحجّ ة أم إبراهيم وال حسرتها على‬ ‫ما مضى‪ ،‬وكذلك ال يخفى تعلّق نظرها بولديها‪ ،‬وكأ ّنها تحرسهم‬ ‫من موت جرّ بت الهرب منه وحمايتهم وإبعادهم عنه‪ .‬هل ستطول‬ ‫رحلتها دون أن يتح ّقق أملها في العودة مع عائلتها؟‬ ‫هذا واقع ما يعيشه الشعب السوريّ اليوم من هروب لهروب‬ ‫ّ‬ ‫وحطوا‪.‬‬ ‫دون وجود أيّة إشارة إلى انتهاء كابوس يخطفهم أينما كانوا‬

‫حسني غجر‬

‫مهب الريح‬ ‫نفير النزوح لشمال الشمال عين السورّيين في ّ‬ ‫«كوباني» التي سمّاها البعثيّون «عين العرب»‬ ‫وسمّاها فقهاء الظالم «عين اإلسالم»‪ ،‬والتي أفضّل‬ ‫مناداتها بعين السوريّين‪ ،‬مدينتي الجميلة باتت في مهبّ‬ ‫الريح‪.‬‬ ‫«كوباني» التي ليست بحاجة لتذكير‪ ،‬مدينتي التي‬ ‫تص ّدرت الريف الحلبيّ بالمظاهرات المطالبة بإسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬فمن م ّنا ال يتذ ّكر في األشهر األولى لثورة‬ ‫الكرامة كيف كانت تض ّج بصيحات الحرّ يّة‪ ،‬وتتص ّدر‬ ‫مظاهراتها قنوات الجزيرة والعربيّة مع المدن الليبيّة‪،‬‬ ‫واليمنيّة الثائرة‪ ،‬ومن م ّنا ينسى االعتصامات الليليّة‬ ‫ال ّتي كانت تمأل الساحات‪ُ ،‬نصر ًة لحمص سابقاً‪ ،‬وحماة‬ ‫وإدلب وحلب الحقاً‪.‬‬ ‫َمن و َمن!؟‬ ‫«كوباني» التي عبّرت كغيرها من المدن السوريّة‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫وثابتة‬ ‫بقيت صامدة‬ ‫عن أصالتها وانتمائها الوطنيّ ‪،‬‬ ‫على شعارات المواطنة والحرّ يّة والسالم‪.‬‬

‫أكثر من عام ومدينتي ينهشها حصا ٌر خانق من قبل‬ ‫تنظيم (داعش) «التنظيم اإلرهابيّ األوّ ل في العالم»‬ ‫ً‬ ‫صراحة‪ ،‬التنظيم‬ ‫التنظيم الذي يتح ّدى أميركا وبريطانيا‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الذي ك ّفر تنظيم القاعدة وخرج عليه‪ ،‬التنظيم الذي‬ ‫جعل متطرّ في حركة طالبان يطالبونه باالعتدال قليالً‪.‬‬ ‫ال ماء إلاّ مياه اآلب��ار‪ ،‬وال كهرباء إلاّ كهرباء‬ ‫المولّدات‪ ،‬واعتقاالت بين الفينة واألخ��رى‪ ،‬ولع ّل‬ ‫آخرها اعتقال المئة والخمسين طالبا ً من طالب‬ ‫الشهادة اإلع��داديّ��ة وما يقارب الثالثمئة مدنيّ ‪ ،‬لم‬ ‫يكتفِ الظالميّون بك ّل هذا‪ ،‬بل بدؤوا بحشد المتطرّ فين‬ ‫للسيطرة على مدينة «كوباني»‪ ،‬فكانت المحاولة‬ ‫األولى في شهر رمضان الفائت‪ ،‬إذ سيطروا على ع ّدة‬ ‫قرى في الريف الغربيّ ‪ ،‬بعد ع ّدة معارك مع قوّ ات‬ ‫الحماية الشعبيّة‪ ،‬الّتي انسحبت بدورها لغاية في نفس‬ ‫يعقوب‪ ،‬لتعود فيما بعد باستردادها‪.‬‬ ‫اليوم يعود (داعش) بقوّ ة أكبر‪ ،‬وبهجمة بربريّة‬ ‫شرسة‪ ،‬مدجّ ً‬ ‫جة بأكثر من ألفي عنصر من عناصر‬ ‫التنظيم‪ ،‬وعشرات الصواريخ والقذائف والدبّابات‪،‬‬ ‫لتعاود فتح «عين إسالمهم» وتقتحمها من ثالثة‬ ‫محاور‪ ،‬من الجهة الشرقيّة والجنوبيّة والغربيّة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يجعل وصول اإلمدادات لقوّ ات الحماية الشعبيّة‬ ‫أمراً صعباً‪ ،‬والتي بدورها باتت تعتمد على استراتيجيّة‬ ‫االنسحاب من قرى الريف نحو المدينة‪ ،‬لتتحصّن فيها‪،‬‬

‫بينما تستمرّ محاوالت‬ ‫(داع������ش) ب��ال��ت��ق�� ّدم‬ ‫بهدف اقتحام منطقة‬ ‫«كوباني» والسيطرة‬ ‫عليها بالكامل‪ ،‬م ّت ً‬ ‫بعة‬ ‫س���ي���اس���ة األرض‬ ‫المحروقة‪ ،‬فتسيطر‬ ‫على ق��راب��ة الستين‬ ‫ً‬ ‫ق���ري���ة ف���ي ال��ري��ف‬

‫(ق��ره م��وغ‪ ،‬قيرتل‪،‬‬ ‫و زوغ����ر‪ ،‬وك��ل��ت��ه‪،‬‬ ‫وك��ك��ل��ي��ك‪ ،‬وق��ج��ك‪،‬‬ ‫وشيخ غالي‪ ،‬و جندي‪،‬‬ ‫وخراب زري‪ ،‬وعين‬ ‫البط‪ ،‬والجلبيّة) وسط‬ ‫فراغ تا ّم لهذه القرى‪ ،‬والقرى المجاورة لها من س ّكانها‬ ‫المدنيّين‪ ،‬الذين فرّ وا بثيابهم إلى الحدود التركيّة‪ ،‬لم‬ ‫يكفِهم النزوح األوّ ل من أحياء حلب‪ ،‬في (األشرفيّة‪،‬‬ ‫والشيخ مقصود‪ ،‬و بني زيد) ج��رّ اء براميل األسد‬ ‫وقذائفه‪ ،‬ليجرّ بوا نزوحا ً من نوع آخر‪ ،‬هربا ً من موت‬ ‫بح ّد الس ّكين‪.‬‬

‫آالفٌ من األطفال والنساء والرجال نزحوا هاربين‬ ‫من سكاكين (داعش) نحو الشمال‪ ،‬وقد كانوا راضين‬ ‫بعيشهم‪ ،‬مع أدنى مقوّ مات الحياة‪ ،‬اآلالف يجلسون على‬ ‫الشريط الحدوديّ ‪ ،‬وينتظرون من ينقذهم من خفافيش‬ ‫العصر الحديث‪ ،‬لتسمح تركيّا بعد ساعات طويلة من‬ ‫االنتظار المرير‪ ،‬بفتح أبوابها لهم‪ ،‬ودخول أراضيها‬ ‫ليتيهوا في المنفى خارج وطنهم الجريح‪.‬‬

‫جيفارا نيب‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪15‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪5‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫حــوار مــع الدكتور راتـب شـــعبو‬ ‫احلوار مع راتب متعب‪ ،‬ألنّك لو أردت حماورته بك ّل ما‬ ‫كتبه هنا يف هذه احلواريّة‪ ،‬ستجد أنّك لن تنتهي‪ ،‬من هذا‬ ‫احلوار اخلصب‪ ،‬حيث حاولت أن ّ‬ ‫أحك عقله وروحه‪ ،‬رغم أنّه‬ ‫ال حيتاج لذلك لكنّها حماولة‪ ،‬خا ّصة يف جتربة السجن‪ ،‬كانت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قريبة من بساطة آل «شعبو»‪،‬‬ ‫خالية من التعقيد‪،‬‬ ‫أجوبته‪،‬‬ ‫الذين دفعوا يف سجون األسد حوالي ال ‪ 40‬عاماً‪( ،‬الدكتور‬ ‫راتب شعبو ‪ 16‬سنة‪ ،‬الدكتور بهجت شعبو ‪ 10‬سنواتٍ‪ ،‬ومنري‬ ‫شعبو ‪11‬سنة‪ ،‬وابنة بهجت شعبو‪ ،‬والدكتورة ماريا شعبو‪،‬‬ ‫اليت ولدت يف السجن‪ ،‬حيث قضت أمّها املناضلة اليساريّة رنا‬ ‫حمفوظ أكثر من أربع سنوات)‪ .‬من يعرف قرية «كفرية» مشال‬ ‫يف ريف الالذقيّة‪ ،‬حيث ولد راتب‪ ،‬يعرف عن ماذا أحت ّدث؟‬ ‫من هناك أصبح راتب «شعبو» طبيباً وكاتباً ومرتمجاً‪ ،‬يكتب‬ ‫مقاالت يف العديد من الصحف‪ ،‬واملواقع االلكرتونيّة‪ ،‬له عدد‬ ‫من الكتب املرتمجة أبرزها‪« :‬أمّي مرآتي»‪ ،‬و»اكتشاف اإلسالم»‪،‬‬ ‫ورواية «قطار إىل باكستان»‪ ،‬وكتاب بعنوان «دنيا الدين اإلسالم ّي‬ ‫األوّل» عن اجلانب السياس ّي يف شخصيّة الرسول حممّد‪ ،‬صادر عن‬ ‫دار شرق وغرب‪ ،‬وله رواية عن السجن حازت على جائزة دمشق‬ ‫لعام ‪ ،2013‬وهي اآلن قيد الطباعة يف دار اآلداب يف بريوت‪،‬‬ ‫ُسجن على خلفيّة نشاطه يف حزب العمل الشيوع ّي يف سوريّة منذ‬ ‫‪ 1983‬حتّى ‪ ،1999‬كانت آخر ثالث سنوات ونصف منها يف سجن‬ ‫تدمر العسكر ّي‪.‬‬ ‫(تنشر «كلّنا سوريّون» القسم األوّل من حوار أجراه املعارض الصحف ّي غسان املفلح مع املعارض الكاتب واملرتجم والطبيب راتب شعبو‪ .‬وتتابع نشر األجزاء التالية يف األعداد املقبلة)‪.‬‬ ‫األول عن السجن‪:‬‬ ‫المحور ّ‬ ‫األول‪ :‬لكونك كتبت روايتك عن السجن‬ ‫السؤال ّ‬ ‫ً‬ ‫ستكون أسئلتي عن السجن لها طابع بعيد قليال عن‬ ‫السياسة‪ ،‬وع ّما قيل ر ّبما أنت القائل‪« :‬خرجت من‬ ‫السجن‪ ،‬فهل يخرج السجن م ّني؟»‪ .‬السجن يستوطن‬ ‫ضح ّيته‪ ،‬ويصبح عنصراً دائماً‪ ،‬وأحيانا ً طاغياً‪،‬‬ ‫والشعوري‬ ‫المعرفي‬ ‫فيما يمكن أن أس ّميه «الجهاز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمرء» قولك هذا من ضمن كالم كثير قلته أنت عن‬ ‫بغض النظر عن اختالفي‬ ‫السجن‪ ،‬وقاله معتقلون ُكثر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سلبي من‬ ‫واتفاقي مع هذا السياق‪ ،‬لكن هنالك جانب‬ ‫ّ‬ ‫تجربة السجن‪ ،‬اعتبرني فيه أتحدّ ث عن نفسي‪ ،‬كي‬ ‫حب الحياة‬ ‫ال تأخذ على خاطرك أنت أو غيرك‪ ،‬هنالك ّ‬ ‫الفردي كذلك‪ ،‬بقدر‬ ‫المفرط واألنانية‪ ،‬واالنكفاء بمعناه‬ ‫ّ‬ ‫تحولنا إلى شخص ّيات عا ّمة! كما ُيقال‪ ،‬بقدر ميلنا‬ ‫ما ّ‬ ‫إلى مساحة من االنعزال تشبه السجن‪ ،‬نرفض فيها‬ ‫ّ‬ ‫«تضخم الذات»‬ ‫أن يقترب أحد منها‪ .‬مع شيء من‬ ‫الرمزي‪ ،‬إن قُدّر لنا اعتبار‬ ‫ر ّبما نتاج هذا الرأسمال‬ ‫ّ‬ ‫رمزي‪ ،‬ت ّم بعثرته عند‬ ‫السياسي رأسمال‬ ‫االعتقال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغالب ّية منا‪ ،‬أريدك مع ما قلته أنا هنا‪ ،‬أن تحدّ ثنا عن‬ ‫السلبي للسجن في حياة المعتقل بعد خروجه‬ ‫الجانب‬ ‫ّ‬ ‫منه‪ ،‬إن كنت ترى ذلك طبعاً؟‬ ‫الجواب األوّ ل‪:‬‬ ‫معظم جوانب السجن سلبيّة‪ ،‬والسيّما السجن‬ ‫المزمن‪ ،‬النشاطات الحسنة التي يمكن للسجين أن يقوم‬ ‫بها داخل السجن‪ ،‬تهدف إلى مقاومة هذه السلبيّة والح ّد‬ ‫من تأثيراتها‪ ،‬القراءة والرياضة وتعلّم اللغات والتسلية‬ ‫والتأمّل ‪ ..‬الخ‪ ،‬كلّها أنشطة تهدف إلى حفظ توازن‬ ‫السجين النفسيّ والعقليّ والبدنيّ ‪ ،‬لكن هناك سجون ال‬ ‫تتيح لك أ ّيا ً من هذه األنشطة‪ ،‬مثل سجن تدمر العسكريّ‬ ‫الس ّي ُئ الذكر‪ ،‬هناك ك ّل شيء ممنوع‪ ،‬ح ّتى أن تهرول‬ ‫وأنت في مكانك ممنوع‪ ،‬أن تتم ّ‬ ‫شى في أرض المهجع‬ ‫ممنوع‪ ،‬أن تلعب الشطرنج على رقعة ورقيّة‪ ،‬وبقطع‬ ‫شطرنج ورقيّة ممنوع‪ ،‬الضحك ممنوع‪ ،‬أن تتكلّم‬ ‫بصوت أعلى من الهمس قليالً ممنوع‪ ،‬أن يكون لك‬ ‫شعر يستر فروة رأسك ممنوع‪ ،‬أن يكون لك شوارب‬ ‫ممنوع‪ ،‬ح ّتى أن تم ّد نظرك في مدىً مفتوح ممنوع‪،‬‬ ‫حينها يكون السجن ماكينة إلزهاق العمر الخام‪ ،‬زمنا ً‬ ‫من التخريب الصرف‪ .‬الشيء القذر الوحيد الذي‬ ‫فات العقول الزنخة التي صمّمت سجن تدمر‪ ،‬هو‬ ‫اللباس الموّ حد‪ ،‬هذا النوع من السجون مدمّر‪ ،‬اللهم إلاّ‬ ‫إذا قلنا إ ّنه يعلّم السجين الصبر‪ ،‬ولكن ما هو الصبر في‬ ‫السجن؟ هل هو سوى الصفر المطلق‪ ،‬أو الالشيء‪ ،‬أو‬ ‫السلبيّة التامّة؟ الصبر في السجن هو أن تروّ ض نفسك‬ ‫على اإلذالل‪ ،‬وبطنك على الجوع‪ ،‬وجلدك على البرد‪،‬‬ ‫وصوتك على السكوت‪ ،‬وأن تتماشى مع إدراك أ ّنك‬ ‫حق‪ ،‬بما في ذلك ّ‬ ‫شخص مجرّ د من أيّ ّ‬ ‫حق الحياة‪.‬‬ ‫لكن من جهة أخرى‪ ،‬فإنّ السجين الذي ينجو بأق ّل‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الخسائر‪ ،‬هو السجين الذي ال ينظر إلى السجن كما‬ ‫ُ‬ ‫ذكرت آنفاً‪ ،‬السجين الناجي‪ ،‬أو للد ّقة (األكثر نجاة)‬ ‫هو الذي يتم ّكن من أن ينسى السجن‪ ،‬وأن يكون من‬ ‫المرونة النفسيّة‪ ،‬بحيث ال ينكسر تحت وطأة أقدام‬ ‫السجن الثقيلة‪ ،‬والحقيقة أنّ هذا _ من خالل تجربتنا _‬ ‫طبع في الشخص‪ ،‬أكثر بكثير من كونه تطبّع‪ ،‬أيّ هو‬ ‫أمر ال يكتسبه المرء بالثقافة غالباً‪.‬‬ ‫فيما يخصّ سؤالك بالتحديد‪ ،‬ال أتفق مع من‬ ‫يقول‪ :‬إنّ السجن يورّ ث األنانية وحبّ الدنيا واالنكفاء‬ ‫ّ‬ ‫«وتضخم الذات»‪ ،‬على األق ّل ال تش ّكل غالبيّة النماذج‬ ‫التي أعرفها برهانا ً على صحّ ة هذا القول‪ ،‬تقديري أنّ‬ ‫مثل هذا الحكم‪ ،‬نابع من نزعة شعبيّة تريد أن ترى في‬ ‫«سجين الرأي» نب ّيا ً أو إلها ً صغيراً بال غرائز وال‬ ‫أهواء‪ ،‬إ ّنه شخص مندور للصالح العام‪ ،‬وهو يحوز‬ ‫لذلك على ما تسمّيه في سؤالك «الرأسمال الرمزيّ »‪،‬‬ ‫فحين يبدر من «السجين السابق» ما يمكن أن يبدر من‬ ‫أيّ شخص‪ ،‬يبدو األمر مفارقا ً ونافراً‪ ،‬ويُحسب على‬ ‫ً‬ ‫معصية و»بعثر رأسماله‬ ‫السجين السابق‪ ،‬وكأ ّنه ارتكب‬ ‫الرمزيّ »‪ ،‬هذا «الرأسمال» في الواقع يقيّد السجين‬ ‫السابق أكثر ممّا يحرّ ره‪ ،‬ويفقره أكثر ممّا يغنيه‪ ،‬وهو‬ ‫نوع من الصليب الذي يطالبك الناس أن تحمله دائماً‪،‬‬ ‫لكي «يرضوا» عنك‪ ،‬ونحن دخلنا في هذه الدوّ امة‪،‬‬ ‫وجلدنا ذواتنا‪ ،‬أل ّنها ّ‬ ‫شذت عن االستقامة المطلقة‪،‬‬ ‫كما لو أنّ قيمة رأينا السياسيّ ‪ُ ،‬تستم ّد من استقامتنا‬ ‫الشخصيّة ونبلنا الخاصّ ‪ ،‬وليس من صواب ما نذهب‬ ‫إليه في آرائنا ومطالبنا ونقدنا‪ ،‬لذلك هذا «الرأسمال‬ ‫الرمزيّ » هو اسم على غير مسمّى‪ ،‬على هذا يعيش‬ ‫السجين السابق مشكلة فعليّة‪ :‬النظام يعامله كشرّ دائم‪،‬‬ ‫ويغلق في وجهه السبل‪ ،‬والناس يبروظونه في صورة‬ ‫تعجيزيّة من الكمال‪ ،‬وكأ ّنما ليتح ّدوا تماميّته‪ ،‬ويحتفلون‬ ‫ّ‬ ‫ك فيه (متعة تحطيم األصنام)‪،‬‬ ‫بتحطمها‪ ،‬الذي ال ش ّ‬ ‫النظام يجرّ ده من حقوق المواطن العاديّ ‪ ،‬أل ّنه شرّ‬ ‫مفترض‪ ،‬والجمهور يجرّ ده من «طبيعته البشريّة»‪،‬‬ ‫أل ّنه خير مفترض‪ .‬هذا بالمحصلة مناخ ظالم للسجين‬ ‫السياسيّ عموما ً _ هنا أتكلّم بالعموم طبعا ً _ وال يخفى‬ ‫عليّ أنّ هناك سجنا ًء سياسيين‪ ،‬أظهروا دن��او ًة في‬ ‫النفس‪ ،‬كما لو أ ّنهم يريدون تعويض ما فاتهم من الدنيا‪،‬‬ ‫وأنّ هناك سجنا ًء يريدون من الناس أن تضرب لهم‬ ‫التحيّة لمجرّ د أ ّنهم سُجنوا‪.‬‬ ‫السؤال الثاني‪ :‬في سجن صيدنايا بعد أكثر من‬ ‫‪11‬عاما ً فيه‪ ،‬كان هنالك جناح يطل ّ على الزائرين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شاهدت فتا ًة ترتدي‬ ‫وهم يدخلون قاعة الزيارات‪،‬‬ ‫«صندال» ورد ّياً‪ ،‬لم أشاهد سوى قدميها داخل ذلك‬ ‫الصندل‪ ،‬مزيج من الحس ّية الجنس ّية ر ّبما!! مع قهر ال‬ ‫حدود له لحظتها‪ ،‬الغريب بالموضوع أنّ تلك الصورة‬ ‫كابوسي أثناء النوم‪،‬‬ ‫تحولت بعد فترة إلى عنصر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫قلت للصديق‬ ‫تتكرر بأوضاع وأشكال غريبة‪ ،‬لهذا‬ ‫ّ‬ ‫راشد ّ‬ ‫صطوف المعتقل المزمن مثلي‪ :‬أنّ المرأة التي‬

‫السياسي بعد سنوات‬ ‫يش ّكلها السجن لدى السجين‬ ‫ّ‬ ‫مديدة من االعتقال‪ ،‬ال يمكن أن يراها في الواقع ح ّتى‬ ‫بعد خروجه‪ ،‬أو ر ّبما يحتاج لزمن‪ ،‬ح ّتى يتع ْقلن هذا‬ ‫اإلحساس‪ ،‬ور ّبما ال‪ ،‬أليست هذه أحد أمراض السجن؟‬ ‫ماذا عن ِ‬ ‫ت المرأة «لراتب» في السجن المديد؟ وهل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫للحرية؟‬ ‫خرجت‬ ‫بقيت صورتها كما هي بعد أن‬ ‫ّ‬

‫النساء‪ ،‬ربّما لم تكن جميلة بنظر الكثيرين‪ ،‬أو قياسا ً‬ ‫على ابتكارات خيالي السجنيّة‪ ،‬لك ّنها رمّمت روحي‪،‬‬ ‫وقلّ ْ‬ ‫مت فجاجتي‪ ،‬وجعلتني أراها أجمل من خيالي‪ ،‬حين‬ ‫كانت تفرش ذاتها أمام نفسي األسيرة مثل مرج ممهّد‬ ‫أخضر‪ ،‬ح ّتى إذا اطمأ ّن ْ‬ ‫ت إلى «نضجي» تركتني‪،‬‬ ‫على هذا لم أشعر بمعاناة التفارق بين الواقع والخيال‪.‬‬

‫الجواب الثاني‪:‬‬ ‫دخلت السجن وأنا عازب‪ ،‬وكان هذا في صالحي‪،‬‬ ‫ليس فقط من ناحية أ ّنني دخلت السجن خفيفا ً من أعباء‬ ‫زوجة وأوالد‪ ،‬بل أيضا ً ألنّ ذلك جعل خيالي حرّ اً‬ ‫في اختيار المرأة التي سأقترن بها‪ ،‬أختارها كما أشاء‬ ‫وأع ّدل في صورتها وطبعها كما أشاء وحين أشاء‪.‬‬ ‫المرأة هي الغائب األكبر بالنسبة للسجين‪ ،‬وغيابها‬ ‫الواقعيّ المديد‪ ،‬يزيد من كثافة حضورها في الخيال‪،‬‬ ‫لذلك هي أيضا ً الحاضر األكبر في مخيّلة السجين‪ ،‬لكن‬ ‫أظنّ أنّ امرأة الخيال غير امرأة الواقع دائماً‪ ،‬كما لدى‬ ‫السجين‪ ،‬كذلك لدى غير السجين‪ .‬حين تقول «امرأة»‬ ‫ف��إنّ هذا اللفظ يوقظ في الذهن ص��ورة ذات جمال‬ ‫غامض ال يتطابق مع صورة أيّ امرأة واقعيّة‪ ،‬إلى ح ّد‬ ‫يمكن القول‪ :‬إنّ هذا اللفظ يوقظ إحساسا ً جميالً أكثر‬ ‫ممّا يوقظ صور ًة‪ ،‬الفارق بين السجين وغير السجين‬ ‫يكمن في االنقطاع الطويل للسجين عن المرأة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يجعله يبالغ في تو ّقع جماليّة المرأة المنتظرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحظ‬ ‫ويكون بالتالي أقرب إلى اإلحباط‪ ،‬لكن من حسن‬ ‫أنّ شخصيّة المرأة‪ ،‬وما تكتنزه من جمال روحيّ ومن‬ ‫حضور زاهٍ‪ ،‬يجسر الهوّ ة لدى السجين بين صور خياله‬ ‫وواقعه‪.‬‬ ‫في سجني المديد ش ّكلت المرأة بالنسبة لي فردوسا ً‬ ‫مفقوداً‪ .‬وكان غيابها من أه ّم مصادر األلم في السجن‪.‬‬ ‫يستعصي على المرء أن يدرك تماما ً جوهر حاجة‬ ‫الرجل للمرأة‪ ،‬ك ّل إنجاز للرجل يبدو باهتا ً بنظره ما لم‬ ‫يحز على اعتراف النساء‪ ،‬شيء يشبه اللغز‪ ،‬أذكر أ ّنني‬ ‫ذات يوم انتزعت من مجلة _ وأنا في السجن _ صورة‬ ‫صبيّة تجلس على عتبة بيت‪ ،‬مؤلّفة من درجتين‪ ،‬وتبدو‬ ‫قدمها حافية وجميلة‪ ،‬وهي تستند بكعبها على الدرجة‬ ‫ُ‬ ‫لصقت هذه الصورة على الحائط المجاور‬ ‫السفلى‪،‬‬ ‫لسريري في سجن عدرا‪ ،‬كما يفعل المراهقون‪ ،‬وكنت‬ ‫أتأملها كثيراً‪ ،‬وتمنحني الكثير من الراحة النفسيّة‬ ‫والمتعة‪ ،‬وكانت قدمها تلك‪ ،‬في نظري‪ ،‬هي أجمل ما‬ ‫في الصورة‪ ،‬ومركز اهتمام عيني‪ .‬يتقاطع هذا مع‬ ‫«قدمك ذات الصندل الورديّ »‪ ،‬والالفت أنّ صديقي‬ ‫في السجن الف ّنان «عبد الحكيم قطيفان» كان يعلّق فوق‬ ‫عال‬ ‫رأسه مجسّما ً صغيراً لكندرة نسائيّة سوداء بكعب ٍ‬ ‫وانسيابيّة ساحرة‪ ،‬ربّما كانت تعينه أيضا ً في تحمّل هذا‬ ‫الغياب الباهظ‪ ،‬هناك سرّ ما في «ال َقدم» كما تالحظ!‬ ‫ْ‬ ‫لملمت ام��رأةٌ تش ّتتي‬ ‫بعد خروجي من السجن‬ ‫وضياعي‪ ،‬وهشاشتي بطريقة ال تجيدها كثير من‬

‫السؤال الثالث‪ :‬خالفاتنا داخ��ل السجن كبشر‬ ‫وكسياس ّيين وكبشر سياسيين‪ ،‬كيف كان يراها راتب؟‬ ‫استمرت ح ّتى خارج السجن؟ في‬ ‫وهل شعرت أ ّنها‬ ‫ّ‬ ‫تلك الخالفات ما هو له عالقة قو ّية بشرط السجن‪،‬‬ ‫منه ما له عالقة بشرط السياسة‪ ،‬وهنالك ما له عالقة‬ ‫الطبيعي بين قدرات المساجين‬ ‫اإلنساني‬ ‫بالتفاوت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الالإنساني بالمطلق‪ ،‬أحتاج‬ ‫على تح ّمل هذا الشرط‬ ‫ّ‬ ‫إلى قول منك في هذا الوضع؟‬ ‫الجواب الثالث‪:‬‬ ‫أزعم أنّ الصفة النادرة في ناسنا‪ ،‬في السجن وخارج‬ ‫السجن‪ ،‬هي سعة الصدر‪ .‬قالئل هم الذين يقبلون _‬ ‫برحابة صدر _ أن تخالفهم الرأي‪ ،‬ح ّتى لو كان هذا‬ ‫الرأي يتعلق بطريقة طبخ «الملوخيّة»‪ ،‬الغالبية يحبون‬ ‫الموافقة والمديح‪ ،‬ولو على حساب المنطق والحقيقة‪،‬‬ ‫الخالفات السياسيّة والفكريّة داخل السجن‪ ،‬كانت ُتترجم‬ ‫في حاالت كثيرة إلى جفاف في العالقات الشخصيّة‪،‬‬ ‫وذلك وفق آليّة الهروب من األلم‪ .‬يميل السجين إلى‬ ‫معاشرة من يشبهه في الرأي السياسيّ ‪ ،‬فال يصطدم‬ ‫ّ‬ ‫و»يهز بدنه»‪ .‬كانت تتشكل الجماعات‬ ‫معه ك ّل حين‬ ‫داخل السجن وفق المواقف السياسيّة‪ .‬مثالً في ‪1990‬‬ ‫ش ّكل أنصار العراق في الدخول إلى الكويت شلّة‪ ،‬وكذا‬ ‫الحال منتقدوهم‪ ،‬وقِس على هذا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يلفت نظري في هذا الخصوص‪ ،‬أ ّنك قد تجد‬ ‫كان‬ ‫سجينا ً سياس ّياً‪ ،‬ينتقد حزبه‪ ،‬وينتقد آراءه الخاصّة‬ ‫بك ّل ج��رأة‪ ،‬ح ّتى تشعر أ ّنك أمام إنسان مدهش في‬ ‫موضوعيّته‪ ،‬ولكن حين يقول آخرون _ والسيّما إذا‬ ‫كانوا من «تهمة» أخرى _ نفس ما يقوله هذا السجين‬ ‫ّ‬ ‫بحق حزبه ونفسه‪ ،‬فإ ّنه ال يقبل منهم ذلك‪ ،‬ويتذمّر‬ ‫وتلقاه مستع ّداً للعراك ض ّد هذا النقد‪.‬‬ ‫بحسب خبرتي‪ ،‬فإنّ الخالفات ُتورّ ث إلى خارج‬ ‫السجن‪ ،‬دائما ً ينفر األشخاص ممّن يخالفونهم الرأي‪،‬‬ ‫ويحبّذون التجمّع مع من يوافقونهم‪ ،‬ممّا يجعل تجمّعات‬ ‫األفراد المتشابهين في الرأي‪ ،‬أشبه بتوابيت للرأي‪،‬‬ ‫غير أنّ األسوأ من هذا التفاصل بين جماعات الرأي‬ ‫المختلفة‪ ،‬هو ظاهرة الشلل‪ ،‬حيث يتجمّع أفراد حول‬ ‫شخص مميّز أو أكثر‪ ،‬ويبادلون الوالء بالرعاية‪ ،‬هنا‬ ‫تجد أشخاصا ً يتب ّنون آرا ًء ليست من صنعهم‪ ،‬وذلك‬ ‫فقط أل ّنها صادرة عن «الشلّة»‪ .‬هذه أيضا ظاهرة ترتد‬ ‫مساوئها على الجميع‪.‬‬ ‫غسان املفلح‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪15‬‬

‫من مدارس غازي عينتاب‬ ‫تبقى مسألة التعليم الهاجس اليوميّ للناس‪ ،‬ففيها‬ ‫يكمن المستقبل لفلذات األكباد‪ ،‬والسوريّون اليوم‬ ‫يعيشون أه ّم التحوّ الت – ربّما – في تاريخهم‪ ،‬فكيف‬ ‫هي مدارس أبنائهم؟‬ ‫في مدينة غازي عينتاب التركيّة يتواجد ما يزيد‬ ‫عن النصف مليون سوريّ والعدد في تزايد‪ ،‬دون‬ ‫أيّ فعل حقيقيّ من طرف الحكومة المؤ ّقتة‪،‬‬ ‫فاألهالي يتدبّرون أمورهم‪ ،‬ومنها افتتاح‬ ‫َّ‬ ‫يتلق‬ ‫م��دارس خاصّة‪ ،‬فكثير من األبناء لم‬ ‫تعليما ً مدرس ّيا ً منذ سنوات! والشهادة الثانويّة‬ ‫التي اعترف بها األتراك فقط‪ ،‬يعاني أبناؤنا‬ ‫األمرّ ين في الحصول عليها‪ ،‬لذلك عاودوا‬ ‫التسجيل على المنهاج الليبيّ !‬ ‫وعلمت « كلّنا س��وريّ��ون» أنّ بعض‬ ‫المدارس قد أُغلقت (االستقالل‪ ،‬الصداقة) ولم‬ ‫ُتعرف األسباب‪ ،‬وإن كانت الدالئل تشير إلى‬ ‫منتظراً‬ ‫مسائل تتعلّق بالدعم الما ّدي الذي كان‬ ‫َ‬ ‫من الحكومة أو من غيرها‪ ،‬وبقيت الوعود وعوداً‬ ‫كالعادة‪ ،‬أو رُبطت بشروط‪ .‬فتابع السوريّون بأنفسهم‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً باسم‬ ‫كما في إحدى المدارس التي اف ُتتحت‬ ‫«المميزون»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بغض النظر عن السياسة والقوميّة و‪...‬‬ ‫توجّ هنا إليها مباشرة‪ ،‬استقبلنا األستاذ محمود عبيدو‬ ‫مدير المدرسة (إجازة في إدارة األعمال)‪ ،‬وبادر إلى‬ ‫تعريفنا بالمدرسة قائالً بأنّ ‪« :‬هذه المدرسة مؤسّسة‬ ‫ربحيّة‪ ،‬يملكها أفراد‪ ،‬وهي مستقلّة‪ ،‬التعليم فيها هدفه‬ ‫الطالب‪ ،‬بغضّ النظر عن السياسة أو القومية أو‬ ‫الدين أو ‪ ...‬وبعيداً عن أيّ توجّ ه»‪ .‬وعن تفاصيل‬ ‫المنهاج المعتمد في المدرسة أج��اب عبيدو‪ :‬في‬ ‫الصفوف االنتقاليّة سندرس المنهاج السوريّ المعتمد‬ ‫من قبل االئتالف‪ ،‬أمّا بالنسبة للشهادات فسنعتمد‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫سندرس املنهاج السور ّي املعتمد من االئتالف‪ ،‬أمّا بالنسبة‬ ‫للشهادات فسنعتمد على الشهادتني معاً‪ ،‬السوريّة والليبيّة‪.‬‬

‫على الشهادتين معاً‪ ،‬السوريّة والليبيّة‪ ،‬بحسب رغبة‬ ‫الطالب‪ ،‬صحيح أنّ األتراك اعترفوا بالشهادة السوريّة‬ ‫الصادرة عن االئتالف‪ ،‬ولكنّ لم يستطع جعلها دوليّة‪،‬‬ ‫لذلك نطالب االئتالف والحكومة بأنّ يكون االعتراف‬ ‫بالشهادة السوريّة كاالعتراف بالشهادة الليبيّة‪ ،‬وليس‬ ‫ضمن تركيا فقط‪.‬‬

‫املناهج واخلربة‬ ‫ّ‬ ‫ولالطالع على ميزات المناهج الخاصّة بالمدرسة‬ ‫سألنا السيّدة «ريم الحافظ» المشرفة على تدريس اللغة‬ ‫اإلنكليزيّة (خبرة ‪ 8‬سنوات) فتح ّدثت بحماس وثقة عن‬ ‫المنهاج اإلثرائيّ (‪ )Mac Graw Hill‬الذي سيدرّ س‬ ‫تحت إشرافها‪ ،‬وميزاته واحترافيّته فيما يُق ّدم لألطفال‬ ‫علم ّياً‪.‬‬ ‫والستكمال الصورة فيما يخصّ الجهاز‬ ‫التدريسيّ التقينا األستاذ «نزهت شاهين»‬ ‫(مدرّ س ما ّدة الفلسفة) فتح ّدث عن توجيهات‬ ‫اإلدارة بعدم إدخال السياسيّة في العمليّة‬ ‫التعليميّة‪ ،‬وه��ذا ما أعجبه وم��ا سيعمل‬ ‫على تطبيقه‪ ،‬وأضاف بأ ّنه يعرف المنهاج‬ ‫السوريّ (خبرة ‪ 6‬سنوات) والتعديالت التي‬ ‫أُجريت عليه‪ ،‬ولك ّنه لم ّ‬ ‫يطلع على المنهاج‬ ‫الليبيّ بعد‪.‬‬

‫وح��ول تفاصيل العمليّة التعليميّة أفادنا المدير‬ ‫«عبيدو»‪ :‬نقوم اآلن (‪ 21‬أيلول)‪ ،‬تحضيراً لالفتتاح‬ ‫بفعاليّات ونشاطات ترفيهيّة للتالميذ‪ ،‬مثل الرسم‬ ‫والتلوين واألشغال‪ ،‬بهدف الترفيه‪ ،‬وبحضور أولياء‬ ‫األمور لمقابلة السائقين والتعرف على مسار سيّارات‬ ‫نقل الطلاّ ب‪.‬‬ ‫وعندما سألنا األستاذ «عبيدو» حول ما يمكن أن‬ ‫تق ّدم هذه المدرسة من خدمات أخرى للطلاّ ب؟ فقال‪:‬‬ ‫باإلضافة إلى المناهج اإلثرائيّة‪ ،‬لدينا عيادة طبيّة‬ ‫من جمعيّة الرعاية الدولية الطبيّة‪ ،‬تجري فحوصات‬ ‫وتعطي اإلرشادات الصحّ يّة العامّة‪ ،‬لتوعيه التالميذ‬ ‫واألهالي‪ ،‬ولدينا نسبة من المقاعد مخصّصة مجّ انا ً‬ ‫ألوالد الشهداء وحسم ‪ %50‬للمتفوّ قين‪.‬‬

‫بني شهادتني‬ ‫وك��ان من بين األهالي الذين يرافقون أبناءهم‪،‬‬ ‫السيّد مصطفى حصريّة (‪ 30‬عاماً‪ ،‬تاجر ألبسة من‬ ‫حلب) الذي قال لنا‪« :‬سجّ لت طفلي في الروضة هنا‪،‬‬ ‫واخترت هذه المدرسة أل ّنني على معرفة سابقة ببعض‬ ‫من أعضاء الهيئة التدريسيّة فيها»‪ .‬وعن‬ ‫القسط الذي يعادل ‪ 125‬دوالراً أمريك ّياً‪ .‬قال‬ ‫«حصريّة» من لديه أكثر من ابن في المدرسة يُمنح‬ ‫حسماً‪.‬‬ ‫أمّا الطالبة (هـ ‪ .‬من حلب ‪ 17‬عاماً) فتريد أن‬ ‫تسجّ ل في المدرسة‪ ،‬ولك ّنها ال تعرف ماذا تختار‪ ،‬هل‬ ‫ستجّ ل على السوريّ أم الليبيّ ؟ لك ّنها أضافت‪ :‬أفضّل‬ ‫حال ّيا ً أن أسجّ ل على (البكالوريا) الليبيّة فهي المعترف‬ ‫ّ‬ ‫بها دول ّياً‪.‬‬ ‫بشار فستق‬

‫عام دراس ّي جديد بدرعا وريفها‪..‬‬

‫أكثر من ‪ 75‬باملئة من املدارس تابعة لوزارة الرتبية والتعليم!!!!!‬

‫انطلق العام الدراسيّ الجديد في مهد الثورة السوريّة‬ ‫«درعا وريفها» على الرغم من الصعوبات الكثيرة‬ ‫التي تواجه سير العمليّة التعليميّة‪ ،‬سواء في المناطق‬ ‫المحرّ رة أو التي ال تزال خاضعة لسيطرة النظام‪،‬‬ ‫حيث يش ّكل القصف الخطر األعظم لألهالي في‬ ‫المناطق المحرّ رة‪ ،‬وخاصّة من البراميل المتفجّ رة‬ ‫في حين تعاني المناطق األمنيّة من ازدحام في أعداد‬ ‫الطلبة والتالميذ في مدارسها‪ ،‬وحمالت االعتقال التي‬ ‫تشهدها األحياء والمدارس من وقت آلخر‪.‬‬ ‫أكثر من ‪ 75‬باملئة من املدارس تابعة لوزارة الرتبية!‬ ‫وتش ّكل المدارس التابعة لمديريّة التربيّة في محافظة‬ ‫درعا النسبة العظمى من المدارس المفتتحة لهذا العام‬ ‫في كا ّفة المناطق‪ ،‬حيث تتجاوز نسبتها ‪ 75‬بالمئة‬ ‫من مجموع المدارس‪ ،‬والتي ستشهد صفوفها عودة‬ ‫الطلاّ ب والتالميذ إلى مقاعدها بعد انقطاع وتذبذب في‬ ‫الدوام المدرسيّ في المناطق المحرّ رة خالل األعوام‬ ‫الماضية‪ ،‬نتيجة للحرب الشرسة التي يش ّنها النظام‬ ‫يستثن منها البيئة التعليميّة‪،‬‬ ‫السوريّ على الشعب‪ ،‬ولم‬ ‫ِ‬ ‫التي تعرّ ضت لدمار كبير في البنية األساسيّة‬ ‫والبشريّة‪ ،‬نتيجة الستهداف المدارس بشكل مباشر‬ ‫بكا ّفة أنواع األسلحة ومنها الطيران الحربيّ والبراميل‬ ‫المتفجّ رة‪ ،‬حيث سقط العديد من الطلاّ ب والمعّلمين‬ ‫بين شهيد وجريح وتو ّقفت الدراسة لفترات طويلة‪ ،‬ممّا‬ ‫أسفر عن تسرب أعداد كبيرة من التالميذ والطلاّ ب‬ ‫وانتشار األميّة بين صفوف األطفال‪ ،‬وخاصّة في‬ ‫الصفوف األولى من مرحلة التعليم األساسيّ ‪.‬‬ ‫يُشرف على ال��م��دارس التابعة ل��وزارة التربية‬ ‫التابعة للنظام السوريّ إداريّون ومدرسون من أبناء‬ ‫المناطق ويتل ّقون رواتبهم من وزارة التربية‪ ،‬التي‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تقوم أيضا ً بتأمين الكتب المدرسيّة‬ ‫ومستلزمات المدارس وإعادة تأهيل‬ ‫المتضرّ ر منها في المناطق التي‬ ‫تخضع لسيطرة النظام‪ ،‬في حين‬ ‫تكتفي بدعم المدارس في المناطق‬ ‫المحرّ رة بالكوادر التعليميّة والكتب‬ ‫المدرسيّة وترميم محدود للمدارس‬ ‫المتضرّ رة‪ ،‬مع رقابة شديدة على‬ ‫ال��ك��وادر التعليميّة في المدارس‬ ‫والتحقيق معهم بشكل متواصل‬ ‫واعتقال العديد منهم وفصلهم تعسف ّياً‪،‬‬ ‫فيما يُحجم العديد من المعلّمين عن‬ ‫الذهاب إلى المناطق الخارجة عن‬ ‫سيطرة النظام‪ ،‬لتعرّ ضها للقصف‬ ‫بشكل يوميّ ‪ ،‬األمر الذي أ ّدى لنقص في الكوادر‬ ‫التعليميّة المؤهّلة واالستعانة بكوادر من خارج مالك‬ ‫التربية وغير مؤهّلة للعمليّة التعليميّة أيضاً‪ ،‬كما تعاني‬ ‫تلك المدارس من ازدحام شديد يفوق طاقة االستيعاب‬ ‫لديها لنزوح األهالي إلى المدن والقرى والبلدات‬ ‫اآلمنة نسب ّيا ً مثل‪ :‬طفس والغرية الشرقيّة وصيدا وبلدة‬ ‫مزيريب وت ّل شهاب وسحم الجوالن‪ ،‬حيث يت ّم اللجوء‬ ‫إلى الدوام المدرسيّ على فترتين متتاليتين ولم ّدة ثالث‬ ‫ساعات لك ّل فترة يت ّم فيها إعطاء المواد األساسيّة‬ ‫كالرياضيّات واللغة العربيّة والعلوم الطبيعيّة واللغة‬ ‫األجنبيّة‪.‬‬ ‫التعليم الثوريّ‪ ،‬صعوبات كبرية أهمّها االعرتاف بالشهادات‬ ‫محاوالت عديدة يقوم بها بعض المهتمّين في المجال‬ ‫التعليميّ والتربويّ لخلق بيئة تعليميّة بديلة عن التعليم‬ ‫ك االرتباط بشكل تدريجي معه‪ ،‬لكنّ الكثير‬ ‫النظاميّ وف ّ‬ ‫من المشاكل والصعوبات تواجه تلك المحاوالت ومع‬ ‫ذلك ما يزال العمل جاريا ً لتذليلها وتجاوزها من قبل‬ ‫المعنيّين بذلك‪ ،‬إحدى هذه المحاوالت قام بها عدد‬ ‫من المتطوّ عين في األحياء المحرّ رة من مدينة درعا‬ ‫(درع��ا البلد وطريق الس ّد ومخيم درع��ا)‪ ،‬مش ّكلين‬ ‫الهيئة التعليميّة‪ ،‬وهي هيئة مستقلّة تأسّست منذ‬ ‫عامين وكانت رائدة في هذا المجال‪ ،‬حيث اف ُتتحت‬ ‫خمس م��دارس في األحياء المحرّ رة بدرعا البلد‬ ‫وطريق الس ّد لكا ّفة المراحل التعليميّة‪ ،‬لك ّنها تواجه‬ ‫صعوبات ومشاكل عديدة أهمّها‪ :‬إحجام األهالي‬ ‫عن إرسال أبنائهم لمدارسها‪ ،‬نتيجة للغموض الذي‬ ‫يكتنف مصير الشهادات الصادرة عنها‪ ،‬على الرغم‬ ‫كل من‬ ‫من حصول االئتالف السوريّ على اعتراف ٍ‬ ‫تركيا وليبيا وفرنسا بالشهادات الصادرة عنه‪ ،‬إضافة‬

‫تحقيقات‬

‫إلى صعوبات في تأمين الكوادر التعليميّة المؤهّلة‬ ‫والكتب المدرسيّة‪ ،‬وإعادة صيانة وتأهيل المدارس‬ ‫التابعة لها والتي تعرّ ضت لعمليّات القصف وسرقة‬ ‫المحتويات‪ ،‬وللتغلّب على تلك الصعوبات قامت الهيئة‬ ‫ّ‬ ‫والموظفين والمعلّمين‬ ‫باللجوء إلى طلاّ ب الجامعات‬ ‫الذين ت ّم فصلهم ومطاردتهم لنشاطهم الثوريّ ‪ ،‬وإقامة‬ ‫دورات ّ‬ ‫مكثفة لتأهيلهم قدر المستطاع من قبل مدرّ سين‬ ‫ومعلّمين مخضرمين‪ ،‬فيما يت ّم االعتماد على المنهاج‬ ‫السوريّ بعد تنقيح بعض المواد وإلغاء بعض الفقرات‬ ‫الواردة في بعض الموا ّد الدراسيّة‪ ،‬وخاصّة الموا ّد‬ ‫التي تش ّكل شخصيّة الطفل الفكريّة‪ ،‬كالتربية القوميّة‬ ‫والتاريخ والتربية اإلسالميّة‪ ،‬فيت ّم تعديلها وتنقيحها‬ ‫لتناسب مرحلة الثورة السوريّة المباركة‪ ،‬كما تقوم‬ ‫الهيئة بإنشاء مراكز للدعم النفسيّ لألطفال الذين‬ ‫يعانون من صعوبات واضطرابات ناجمة عن الحرب‬ ‫التي يش ّنها النظام السوريّ في درعا البلد وطريق‬ ‫الس ّد‪ ،‬وتصل أعداد الكوادر التعليميّة واإلداريّة التابعة‬ ‫للهيئة التعليميّة إلى أكثر من ‪ 160‬شخصاً‪ ،‬وكانت‬ ‫الهيئة التعليميّة قد أقامت خالل الصيف دورات تعليميّة‬ ‫وترفيهيّة للتقوية‪ ،‬وخاصّة لطلاّ ب الشهادتين األساسيّة‬ ‫والثانوية استفاد منها أكثر من ‪ 1500‬طالب وطالبة‪،‬‬ ‫وتبذل الهيئة التعليميّة اليوم جهوداً جبّارة لجمع‬ ‫كا ّفة المدارس التابعة للهيئات الثوريّة تحت مظلّتها‬ ‫والتنسيق معها‪ ،‬لتنظيم العمليّة التعليميّة الثوريّة‬ ‫ومنافسة التعليم التابع للنظام السوريّ والحصول على‬ ‫اعتراف بالشهادات الصادرة عنها‪.‬‬ ‫جتارب وبرامج‬ ‫وهناك محاوالت عديدة في مناطق الريف ولع ّل‬ ‫أكثرها تنظيما ً ونضجا ً تجربة تجمّع «غصن زيتون»‬ ‫الذي افتتح عدة مدارس في مدن وقرى وبلدات ريف‬ ‫درعا (صيدا وتسيل واليادودة)‪ ،‬في ك ّل منها نادي‬ ‫لألطفال وروضة ومدرسة للتعليم األساسيّ ‪ ،‬وتجاوز‬ ‫عدد األطفال الملتحقين في صفوفها أكثر من ألف‬ ‫طفل وطفلة‪ ،‬وتعتمد في علميّة التدريس على المنهاج‬ ‫السوريّ إضافة إلى تقديم برنامج للدعم النفسيّ ‪،‬‬ ‫وإصدار مجلّة «قوس قزح» الخاصّة بالطفل‪ ،‬وإقامة‬ ‫دورات تقوية في الشهادتين األساسيّة والثانويّة‪،‬‬ ‫وتحاول المجالس الثورية في مدن وقرى أنخل ونوى‬ ‫وبصرالحرير بذل جهود جبّارة الستعادة العمليّة‬ ‫التعليميّة تحت إشرافها‪ ،‬حيث تعرّ ضت البيئة التعليميّة‬ ‫في تلك المناطق إلى دمار شبه كامل ونزوح الغالبيّة‬ ‫العظمى من أهالي المناطق‪.‬‬

‫درعا ـ سارة احلوراني‬

‫وضع الالجئين‬ ‫السورّيين في‬ ‫«باطمان»‬ ‫باطمان‪ :‬مدينة تركيّة وهي مركز محافظة تقع‬ ‫جنوب شرقيّ تركيا‪ ،‬يتو ّفر فيها النفط ويت ّم إستخراجه‬ ‫وتعتمد على الزراعة والمواشي أيضاً‪ ،‬يبلغ عدد س ّكانها‬ ‫أربعمائة ألف نسمة غالبيّتهم المطلقة من الكورد ويوجد‬ ‫فيها عدد ال بأس به من الالجئين األفغان الذين لجؤوا‬ ‫إليها أثناء الحرب في أفغانستان‪ ،‬إلاّ أنّ ما تعرّ ضت‬ ‫له سورية من دمار وقتل جعال هجرة الشعب السوريّ‬ ‫أكبر من هجرة أيّ شعب آخر‪.‬‬ ‫هويّات وسلاّ ت ومستلزمات مدرسيّة‬ ‫مدينة باطمان‪ ،‬بالرغم من بُعدها عن الحدود‬ ‫السوريّة‪ ،‬يتواجد فيها الالجئون السوريّون ومعظمهم‬ ‫من مدينة القامشلي إضافة لمحافظات أخرى مثل حلب‬ ‫ودمشق ودير الزور والر ّقة‪ ،‬ويعود ذلك ألسباب عديدة‬ ‫منها‪ :‬أنّ الكثير من س ّكان القامشلي لديهم أقارب في‬ ‫باطمان إضافة إلى أ ّنها تتميّز بأسعار رخيصة للسلع‬ ‫وعدم غالء المعيشة نوعا ً ما‪ .‬وألجل معرفة وضع‬ ‫ّ‬ ‫منظمة إغاثيّة تركيّة في‬ ‫الالجئين بد ّقة توجّ هنا إلى‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪،‬‬ ‫باطمان‪ ،‬حيث أفادنا مصدر مسؤول في‬ ‫فضّل ع��دم ذك��ر اسمه‪ ،‬عندما سألناه عن أع��داد‬ ‫السوريّين في المدينة بأ ّنه‪ :‬ح ّتى قبل شهرين كان عدد‬ ‫العائالت السوريّة المسجّ لة لدينا ثالثة آالف وثمانمائة‬ ‫وخمسون عائلة‪ ،‬أو ما يعادل عشرين ألف الجئ‪.‬‬ ‫نقوم حاليا ً بتسجيل الالجئين من أجل إعطائهم هويّة‬ ‫ّ‬ ‫ونوزع‬ ‫الجئ‪ ،‬كما نق ّدم لهم الطبابة واألدوية مجّ اناً‪،‬‬ ‫عليهم سلاّ ت غذا ّئية ك ّل شهرين أو ثالثة‪ ،‬كما ق ّدمنا‬ ‫السنة الماضية مساعدات لمدرسة سوريّة من كا ّفة‬ ‫المستلزمات المدرسيّة‪ ،‬وفي هذه السنة بنينا مدرسة‬ ‫جديدة للطلاّ ب السوريّين ت ّتسع أللف ومائة طالب من‬ ‫المراحل الدراسيّة كا ّفة‪ ،‬وسيت ّم افتتاحها خالل شهر‪.‬‬ ‫وعند سؤاله هل تواجهون مشاكل في عملكم‬ ‫اإلغاثيّ بالنسبة للسوريّين؟ قال‪ :‬ال نواجه مشاكل‪،‬‬ ‫وك ّل همّنا أن نق ّدم لالجئين ك ّل ما أمكن ولكن حسب‬ ‫اإلمكانات‪.‬‬ ‫األجور واإليجارات‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً التقيت‬ ‫في البيت السوريّ الذي أُعلن عنه‬ ‫بأحد السوريّين الذين يعملون في الديكور حيث قال‪:‬‬ ‫اسمي أيوب أيوب من القامشلي‪ ،‬خرّ يج أدب عربيّ‬ ‫من جامعة حلب منذ سنتين ونصف‪ ،‬وأنا هنا أعمل‬ ‫في الديكور‪ ،‬وأجورنا اليوميّة تترواح بين ‪ 35‬إلى‬ ‫‪ 60‬ليرة تركيّة‪ ،‬وذلك يتو ّقف على أن تكون عامالً أو‬ ‫معلّماً‪ ،‬وهنالك استغالل للعامل السوريّ ‪ ،‬كما أنّ هنالك‬ ‫فرق كبير بين العامل التركيّ والعامل السوريّ من‬ ‫جهة المعاملة واألجر‪ ،‬وكثيراً ما يأكلون علينا أجورنا‪،‬‬ ‫أمّا بالنسبة للعمل في المعامل والماركيتات فتتراوح‬ ‫شهريّة العامل السوري بين ‪ 350‬إلى ‪ 450‬ليرة تركيّة‬ ‫بساعات عمل طويلة ال تتناسب مع األجور‪ ،‬وإيجارات‬ ‫البيوت غالية‪ ،‬وبعضها ال تصلح للسكن‪ ،‬وقد إرتفعت‬ ‫اإليجارات بعد تد ّفق السوريّين بكثرة على باطمان‪،‬‬ ‫وهنالك الكثير من أصحاب البيوت الذين يمتنعون عن‬ ‫تأجير بيوتهم للسوريّين‪.‬‬ ‫التسوّ ل واللغة‬ ‫عند مرورنا في شارع (كوليستان) كان هنالك‬ ‫متسوّ الن معهم طفل يفترشون الشارع‪ ،‬وعند االستفسار‬ ‫من الرجل عن سبب تسوّ له وهو في مقتبل العمر؟‬ ‫وماذا كان يعمل في سوريا؟ أجاب‪ :‬أنا من حلب وهذه‬ ‫زوجتي وهذا الطفل هو ابن أخي‪ ،‬ووالدته ماتت‪ ،‬في‬ ‫حلب كنت أعمل في معمل للشوكوالته‪ ،‬إلاّ أّنني لم‬ ‫أجد عمالً هنا كوني ال أعرف الكورديّة وال التركيّة‪،‬‬ ‫فيمتنعون عن تشغيلي كونهم ال يعرفون العربيّة‪ .‬وعند‬ ‫سؤاله عن كيفيّة تعامل الناس معه وهو يتسوّ ل قال‪:‬‬ ‫إ ّنهم يعاملونني بعطف‪.‬‬ ‫لكنّ الالجئ السوريّ أصبح يعاني من تغيّر نظرة‬ ‫س ّكان باطمان إليه فبعدما كانوا يحيطونه بالعطف‬ ‫والتأسّف على حالته‪ ،‬أصبحوا يتخوّ فون من تأجير‬ ‫بيوتهم له وتحوّ لت نظرة العطف إلى ريبة نتيجة‬ ‫تصرّ فات فرديّة خاطئة من بعض السوريّين‪.‬‬ ‫أين الحكومة؟‬ ‫وهذا يستلزم فتح مكتب في باطمان تابع للحكومة‬ ‫السوريّة المؤ ّقتة مهمّته متابعة أوض��اع الالجئين‪،‬‬ ‫وح ّل مشاكلهم واإلشراف على جمعيّات اإلغاثة التي‬ ‫ش ّكلها سوريّون وتعريف الس ّكان في باطمان بالشعب‬ ‫السوريّ ‪ ،‬ألّن األخطاء الفرديّة التي تصدر عن البعض‬ ‫ال يجوز تعميمها على الكلّ‪.‬‬ ‫علي كولو‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪15‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫قوارب الموت‬ ‫«اضطرّ ُ‬ ‫رت أنا وعائلتي أن نركب في قوارب‬ ‫الموت‪ ،‬ال يوجد لها تسمية أخ��رى غير ق��وارب‬ ‫الموت‪ ،‬هكذا كان حديث أحد الناجين من الموت‬ ‫في لقاء له مع المفوّ ضيّة الساميّة لحقوق الالجئين‪.‬‬ ‫لم يبق لدينا خيار آخر‪ ،‬هربنا من موت الطائرات‬ ‫والمدافع لنشتري موتا ً أخر بألف «دوالرأميركيّ»‪.‬‬ ‫وبحسب آخر إحصائيّة للمفوّ ضيّة أنّ هناك أكثر‬ ‫الجئ ومهاجر لمنتصف العام الحاليّ ‪،‬‬ ‫من ‪ 75‬ألف‬ ‫ٍ‬ ‫حيث قُ ّدر عدد الالجئين السوريّين للعام الفائت ب ‪60‬‬ ‫الجئ‪.‬‬ ‫الجئ‪ ،‬ولعام ‪ 2012‬ب ‪ 25‬ألف‬ ‫ألف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الجئة أخرى تقول في ذات الفيديو «آخر مرّ ة‬ ‫ُ‬ ‫فقدت األمل بالوصول‪ ،‬المهرّ ب تركنا وهرب‪ ،‬هنا‬ ‫فقدت األمل نهائ ّياً‪ ،‬ال أحد م ّنا يعلم كيفيّة قيادة القارب‪،‬‬ ‫بدأنا بالبحث عن أيّ باخرة قريبة للذهاب باتجاهها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تأكدت من عدم وصولنا نهائ ّياً»‪.‬‬ ‫هنا‬ ‫أحد اآلباء في الفيديو كان يضع طفله على صدره‬ ‫ويقبّله‪ ،‬كان من الممكن أن يكون اللقاء األخير لهما‪،‬‬ ‫من المّمكن أن تكون آخر قبلة يطبعها على وجنتيه‪،‬‬ ‫ولك ّنها ولحسن الحظ لم تكن‪.‬‬ ‫إحصاءات موثّقة‬ ‫عدد شـهداء قوارب الموت _ كما بات يفضّـل‬ ‫الكثير من النــاس أن يصفهـم ـ وصـل إلى ‪1900‬‬ ‫حال ٍة منذ عام ‪ 800 ،2012‬شهي ٍد فارقوا الحياة هذا‬ ‫يمض أسبوعاً‪ ،‬أو اثنين إلاّ ويُنشر خبراً‬ ‫العام‪ ،‬حيث ال ِ‬ ‫الجئ‪ ،‬أو يُبلّغ عن فقدانهم في‬ ‫بغرق أكثر من مئة‬ ‫ٍ‬ ‫البحر‪.‬‬ ‫المفوّ ض الساميّ لألمم الم ّتحدة لشؤون الالجئين‬ ‫«أنطونيو غوتيريس» دعى حكومات الدول األوربيّة‬ ‫إلى تكثيف جوالتها للبحث عن عالقين في البحار‪.‬‬ ‫الناشط الحقوقيّ «محمّد شمّا» تح ّدث لراديو‬

‫«نسائم سوريّة» والذي بدوري‬ ‫أقتبسه هنا‪« ،‬بسبب عدم تطبيق‬ ‫ميثاق األمم الم ّتحدة‪ ،‬والقانون‬ ‫الدوليّ لحقوق اإلنسان‪ ،‬فضالً‬ ‫عن ع��دم اكتراث دول العالم‬ ‫من تجار ٍة تحصد آالف األرواح‬ ‫سنوياً‪ ،‬سببه الرئيسيّ تقصير‬ ‫دول��يّ ‪ ،‬فاألرقام التي تعرضها‬ ‫األم���م ال��م�� ّت��ح��دة ف��ي تصاعد‬ ‫مستمرّ ‪ ،‬الشيء الذي يد ّل أوّ الً‬ ‫وأخيراً على تقصير دول العالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الحقوقيّة‬ ‫وم��ن ث�� ّم‬ ‫والدوليّة‪ ،‬وعلى رأسهم األمم‬ ‫الم ّتحدة «‬ ‫ختاذل دول ّي‬ ‫من جهة أخ��رى تم ّكنت أيضا ً رادي��و «نسائم‬ ‫سوريّة» من الوصول إلى أحد المهاجرين السوريّين‬ ‫غير الشرعيّين المحتجزين في سجن عسكريّ في‬ ‫مالطا‪ ،‬إلى جانب ‪ 250‬آخرين‪ ،‬كانوا قد حاولوا السفر‬ ‫بحراً إلى ايطاليا‪.‬‬ ‫باخرةٌ «سينغافورية» كان بالنسبة لهم الهديّة‬ ‫اإللهيّة‪ ،‬لتنشلهم من قارب الموت‪ ،‬والتي خيّرتهم بين‬ ‫العودة إلى مصر‪ ،‬أو الذهاب إلى مالطا‪.‬‬ ‫يروي «ستيف» الدمشقيّ ‪ ،‬وهو أحد المحتجزين‪،‬‬ ‫ما حدث لـ‪150‬مهاجراً سور ّيا ً غير شرعيّ ‪ ،‬والذين ت ّم‬ ‫احتجازهم في سجن عسكريّ في مالطا‪ ،‬دون أن توجه‬ ‫لهم أيّ تهمة‪ ،‬ليبدؤوا باإلضراب عن الطعام‪ ،‬محاولين‬ ‫خاللها الضغط على السلطات المالطيّة لتحريرهم‪،‬‬ ‫ولكن ما لبثوا أن اكتشفوا أ ّنها باءت بالفشل‪.‬‬ ‫أعود لالقتباس هنا أيضا ً في حديث «لستيف»‬ ‫لإلذاعة ذاتها «أتينا إلى مالطا‪ ،‬ليت ّم تقسيمنا إلى أربعة‬

‫حرب النظام تد ّمر‬ ‫قطاع الثروة الحيوانّية‬

‫سجون‪ ،‬ال نعلم سبب احتجازنا‪،‬‬ ‫أقسام بين خمسة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أضربنا عن الطعام ولم ننجح‪ ،‬اآلن نحن ‪ 18‬شخصا ً‬ ‫محتجزين بمنطقة تدعى بئر «زيوجا»‪ ،‬وهي عبارة‬ ‫عن مركز صحيّ للعسكر «‬ ‫من بين المحتجزين كان شخصان أحدهما بلغ ‪67‬‬ ‫عاماً‪ ،‬واآلخر ‪ 69‬كالهما مصابين بمرض القلب‪،‬‬ ‫ليتجلّى أمامنا الوضع السيّ ء لهم‪ ،‬ويضيف «ستيف»‬ ‫«إنّ بعض الشبان تعرّ ضوا للضرب واإلهانة إلجبارهم‬ ‫على البصم‪ ،‬وذلك بهدف منعهم من الحصول على أيّ‬ ‫لجوء إنسانيّ في أيّة دولة أوربيّة أخرى‪».‬‬ ‫«ستيف» بقي في السجن العسكريّ ألكثر من‬ ‫شهر‪ ،‬ليُنقل إلى سجن مدنيّ آخر أيضاً‪ ،‬دون أيّة‬ ‫محاكمة أو تهمة موجّ هة‪.‬‬ ‫خمالفة دوليّة‬ ‫مفوضيّة األمم الم ّتحدة لشؤون الالجئين‪ ،‬كانت‬ ‫قد عبّرت عن قلقها البالغ من إقدام العديد من الدول‬ ‫األوروبيّة‪ ،‬ومن بينها السلطات اإليطاليّة‪ ،‬من إعادة‬ ‫الالجئين غير الشرعيين‪ ،‬وحاولت أن تمنع هذه‬

‫اليوم‪ ،‬هو في وضع يرثى له‪ ،‬في ظ ّل الغياب التا ّم‬ ‫للجهات المعنيّة في معالجة هذه المشاكل‪.‬‬ ‫قطاع الدواجن‬ ‫في تصريح شامل ودقيق لمصدر من مديريّة‬ ‫الثروة الحيوانيّة في وزارة الزراعة والبنى التحتيّة‬ ‫في الحكومة المؤ ّقتة لجريدة «كلّنا سوريّون» قال‪:‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫التهريب ونقص اللقاحات معاناة األبقار‬ ‫أمّا بالنسبة لوضع األبقار فقد أشار المصدر من‬ ‫مديريّة الثروة الحيوانيّة‪ ،‬إلى أنّ األبقار ليست أفضل‬ ‫حاالً‪ ،‬فهي تتعرّ ض للتهريب إلى دول الجوار وخاصّة‬ ‫لألنواع الجيّدة والمحسّنة ذات المردود العالي التي‬ ‫تعطي حوالي ‪40‬كغ من الحليب يوم ّياً‪ .‬حيث كان عدد‬ ‫األبقار في سورية مليون ومئتي ألف رأس من البقر‪،‬‬ ‫وتراجع عددها إلى النصف!‬

‫«ج�لال» أح��د الشبان السوريّين‪ ،‬وم��ع جميع‬ ‫القصص التي ُذكرت يقول‪ :‬أنّ باب الهجرة بات آخر‬ ‫باب يطرقه السوريّ ‪ ،‬فمن المؤ ّكد أنّ السوريّين لم‬ ‫يخاطروا بحياتهم لو استطاعوا تأمين عيشة حرّ ة‬ ‫وكريمة‪ ،‬وهو ال يُخفي نيّته باللجوء إنْ استطاع‪،‬‬ ‫بسبب الوضع المعيشيّ السيّ ء‪ ،‬وضياع مستقبله بين‬ ‫أسلحة الحرب السوريّة‪ ،‬والتي باتت ُتدار بالوكالة‬ ‫على األراضي السوريّة‪.‬‬ ‫على ما يبدو أنّ السوريّ قال وفعل‪ ،‬عندما هتف‬ ‫في مظاهراته السوريّة «الموت وال المذلة»‪.‬‬

‫حممّد احلاج‬

‫يعاني قطاع الدواجن يف سورية من ّ‬ ‫توقف شبه تامّ (ما يقارب‬ ‫‪ )%95‬وذلك منذ أكثر من عامني‬ ‫وأوضح المصدر‪ :‬هناك تو ّقف للتلقيح الصناعيّ ‪،‬‬ ‫وعدم وجود مع ّدات وأدوات لجمع السائل المنويّ ‪،‬‬ ‫والثيران المنتخبة‪ ،‬ممّا جعل المربّين يلجؤون إلى اللقاح‬ ‫الطبيعيّ الذي يتسبّب في انعزاالت وراثيّة وتدهور‬ ‫الجيل بالمواصفات وبالتالي تدهور في اإلنتاج‪.‬‬

‫األغنام واملاعز ليست أحسن حاالً‬ ‫تعتبر سورية واحدة من أه ّم الدول العربيّة في‬ ‫مجال الثروة الحيوانيّة‪ ،‬من حيث األعداد واألنواع‬ ‫واإلنتاج‪ ،‬وذلك لما تتم ّتع به سورية من المناخ المتنوّ ع‬ ‫ووفرة المراعي والعناية الصحّ يّة‪ ،‬وبعد انطالق الثورة‬ ‫السوريّة وقيام النظام با ّتباع األسلوب العسكريّ لقمع‬ ‫الثورة في كا ّفة أنحاء سورية‪ ،‬ريفا ً ومدينة‪ ،‬واستخدامه‬ ‫ش ّتى أنواع األسلحة ض ّد المدنيّين‪ ،‬كان الب ّد من أن‬ ‫ّ‬ ‫يتأثر هذا القطاع بضرر كبير نتيجة‪ :‬النزوح‪ ،‬وارتفاع‬ ‫أسعار األعالف‪ ،‬ونقص الموا ّد واألدويّة المخصّصة‬ ‫للثروة الحيوانيّة؛ ونتيجة لك ّل ذلك حدث تدهور كبير‬ ‫في قطاع الثروة الحيوانيّة من حيث العدد واإلنتاج‪،‬‬ ‫وبحسب أخصّائيّين‪ ،‬تشتهر سورية بتربية الكثير‬ ‫من األنواع الحيوانيّة التي تح ّقق م��ردوداً اقتصاد ّيا ً‬ ‫ألصحابها‪ ،‬وتو ّفر سلّة غذائيّة متكاملة تشمل األجبان‬ ‫واأللبان واللحوم والبيض والعسل واألسمدة الطبيعيّة‬ ‫للمزارعين‪ ،‬كما يدخل إنتاج هذا القطاع في مجال‬ ‫الصادرات‪.‬‬

‫فيما يبدو أنّ كثيراً من المهاجرين غير الشرعيين‪،‬‬ ‫يقعون فرائسا ً تحت رحمة تجار الموت‪ ،‬ويستغلون‬ ‫حاجتهم للبحث عن مستقبل أفضل‪ ،‬وهربا ً من قمع‬ ‫األنظمة إلى اصطدام آخر أمام دول ترفض استقبالهم‪،‬‬ ‫وما يزيد من األمر تعقيداً هو عدم توقيع بعض الدول‬ ‫على معاهدة فيينا لحماية الالجئين الصادرة عام‬ ‫‪.1951‬‬

‫كانت سورية متتلك حوالي ‪13‬مليون رأس تراجع العدد حبسب‬ ‫التقديرات اليوم إىل ‪ 6‬مليون رأس‪.‬‬

‫وأكد المصدر أنّ النظام يحتكر «القشاة» التي‬ ‫تحوي السائل المنويّ المخصّص للقاحات باإلضافة‬ ‫للثيران والمع ّدات الالزمة للتلقيح الصناعيّ ‪ ،‬ونقص‬ ‫السائل األزوتيّ الحافظ «للقشاة» حيث يت ّم نقلها إلى‬ ‫أماكن سيطرته‪ .‬وأشار المصدر أنّ من المشاكل التي‬ ‫يعانيها هذا القطاع أيضا ً النزوح للمربّين في كثير من‬ ‫المناطق نتيجة قصف قوّ ات النظام‪.‬‬

‫يعاني قطاع الثروة الحيوانيّة في سورية من مصاعب‬ ‫ومشاكل شملت كا ّفة القطاعات الحيوانيّة ومنها قطاع‬ ‫الدواجن الذي أصيب بشلل تا ّم‪ ،‬وأضاف‪ :‬يعاني قطاع‬ ‫الدواجن في سورية من تو ّقف شبه تا ّم (ما يقارب‬ ‫‪ )%95‬وذلك منذ أكثر من عامين‪ .‬ويرجع ذلك إلى‬ ‫ع ّدة أسباب منها القصف الممنهج من قبل قوّ ات النظام‬ ‫الذي طال منشآت هذا القطاع‪ ،‬وأصوات االنفجارات‬ ‫التي ّ‬ ‫تؤثر على حياة أنواع من الحيوانات باإلضافة إلى‬ ‫عدم وجود أمّهات ومُفرّ خات‪ ،‬األمر الذي أ ّدى الرتفاع‬ ‫سعر الصوص‪ .‬وتابع المصدر‪ :‬علينا ألاّ ننسى ارتفاع‬ ‫سعر األعالف واألدوية وعدم وجود اللقاحات‪ ،‬هذه‬ ‫يعزفون عن تربية الدواجن‬ ‫األسباب جعلت المربّين ِ‬ ‫تفاديا ً للخسائر‪ ،‬ما أ ّدى إلى ارتفاع جنونيّ في أسعار‬ ‫المنتجات الحيوانيّة الذي يؤ ّدي بدوره إلى فقدان السماد‬ ‫الطبيعيّ الالزم للزراعة‪.‬‬

‫الظاهرة‪.‬‬

‫وأضاف المتح ّدث المختصّ في وزارة الزراعة‬ ‫التابعة للحكومة المؤ ّقتة‪ :‬أنّ األغنام والماعز تعاني‬ ‫من مشاكل ع ّدة أيضاً‪ ،‬جعلتها تتراجع إنتاجا ً وعدداً‪،‬‬ ‫فسورية كانت تشتهر بأحسن األنواع‬ ‫من األغنام العواس‪ ،‬ذات اإلنتاج الجيّد‬ ‫وأزكى أنواع اللحوم في العالم بسبب‬ ‫المرعى والمناخ‪ ،‬وقال المصدر‪ :‬هذه‬ ‫الثروة اليوم تلفظ أنفاسها األخيرة بسبب‬ ‫التهريب اليوميّ وبشكل ال يوصف‪ ،‬ممّا‬ ‫جعل أسعار اللحوم والحليب ومشت ّقاته‬ ‫تصل ألسعار مرتفعة ج��� ّداً‪ ،‬وكانت‬ ‫سورية تمتلك حوالي ‪13‬مليون رأس‬ ‫تراجع بحسب التقديرات اليوم إلى‬ ‫‪ 6‬مليون رأس‪ ،‬وهذا ما يُنذر بكارثة‬ ‫كبيرة‪ .‬وأضاف أنّ هنالك مشاكل أخرى‬ ‫تشمل ارتفاع أسعار األعالف واألدويّة‬ ‫والمواصالت‪ ،‬وفقدان األمان‪.‬‬ ‫املاعز‬ ‫يعتبر الماعز الشاميّ من أحسن أنواع الماعز‪،‬‬ ‫ويع ّد ثروة وطنيّة لها قيمتها العالميّة‪ ،‬وقد أوضح‬ ‫المصدر أنّ الماعز الشاميّ له مواصفات عالميّة منها‬ ‫االنتاج العالي من الحليب‪6 ،‬كغ في اليوم‪ ،‬ويلد من‬ ‫‪ 2‬إلى ‪ 4‬مواليد باإلضافة إلى الشكل الجميل وأوضح‬ ‫المصدر‪ :‬لقد ت ّم تهريب معظم هذه الثروة فلم َ‬ ‫يبق منها‬ ‫إلاّ األصناف الخليطة غير النقيّة وراث ّياً‪.‬‬

‫النحل والثروة السمكيّة يف خطر‬ ‫كذلك‪ ،‬فإنّ إنتاج العسل وعدد خاليا النحل في‬ ‫تراجع‪ ،‬وحسب المصدر المختصّ ‪ ،‬يعود ذلك إلى عدم‬ ‫نقل النحل وتحويله إلى أماكن المراعي المتع ّددة في‬ ‫المحافظات في ك ّل موسم بحسب النباتات‪ .‬مثالً‪ ،‬شتا ًء‬ ‫إلى الساحل وفي الربيع إلى حمص وحماة وإدلب‪،‬‬ ‫وصيفا ً إل��ى حلب‪ ،‬وبسبب القصف يصعب على‬ ‫المربّين نقل النحل‪ ،‬ممّا ينعكس سلبا ً على هذه الثروة‪.‬‬ ‫أمّ��ا الثروة السمكيّة فليست أفضل ح��االً‪ ،‬يقول‬ ‫المصدر‪ :‬هي شبه متو ّقفة بسبب قصف النظام وحربه‬ ‫وعدم استقرار األهالي ونزوحهم عن أماكن التربية‬ ‫وعدم وجود إصبعيّات (وهي البيوض الفاقسة حديثاً)‬ ‫وعدم سهولة التن ّقل من أماكن اإلنتاج إلى االستهالك‬ ‫وارتفاع أسعار المواصالت وغالء األعالف واألدويّة‪،‬‬ ‫ك ّل هذه األسباب جعلت هذه الثروة شبه متو ّقفة‪.‬‬ ‫نداء‬

‫وعن الحلول واإلج���راءات التي يجب أن ت ّتخذ‬ ‫لمواجهة هذه المشاكل قال المصدر‪ :‬أتوجّ ه إلى كا ّفة‬ ‫الجهات المعنيّة والقوى العاملة على األرض في‬ ‫المناطق المحرّ رة أن ت ّتخذ إج��راءات صارمة تمنع‬ ‫التهريب وتق ّدم التسهيالت للمربّين لكي يت ّم التعويض‬ ‫قبل فوات األوان‪ ،‬فاألمر يُنذر بخطر يُه ّدد هذه الثروة‬ ‫الوطنيّة التي تق ّدم الغذاء للمواطنين باإلضافة إلى‬ ‫مساهمتها بتوفير فرص عمل لهم‪.‬‬

‫بدر حسني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية‬

‫مؤسسة التبغ إلى األسواق الحرّة ما بين مح ّمد ورامي مخلوف‪..‬‬ ‫الحلقة الثانية‪ :‬من ّ‬ ‫في بلدي سورية‪ ،‬ليست الرئاسة فقط بالوراثة‪ ،‬بل‬ ‫والمافيا أيضاً‪ ،‬فهي تنتقل بك ّل سالم من األب إلى‬ ‫االبن‪ .‬في بلدي هناك من قام بسرقة مال الشعب‪ ،‬هناك‬ ‫من أخذ تعب الشعب وح ّقه وأرضه‪.‬‬ ‫من أه ّم األشخاص الذين اس ُتخدموا في زمن األسد‬ ‫ّ‬ ‫الموظف الصغير في قسم‬ ‫األب محمّد مخلوف‪ ،‬ذاك‬ ‫المحاسبة في الشركة السوريّة للطيران‪ ،‬ولكن سرعان‬ ‫ما تحوّ ل إلى رمز السرقة والفساد‪ ،‬وذلك في عام‬ ‫‪ ،1972‬عندما استلم حافظ األسد الرئاسة في سورية‪،‬‬ ‫فقد عيّنه مديراً عا ّما ً لمؤسّسة التبغ والتنباك (الريجي)‬ ‫والتي أنطلق من خاللها بالفساد‪ .‬تلك المؤسّسة التي‬ ‫تقوم بجميع العقود المبرمة مع الشركات األجنبيّة سواء‬ ‫الستيراد السجائر أو التبغ الخام واآلالت والتجهيزات‬ ‫الصناعيّة لتصنيع السجائر المحلّيّة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫تصدير التبغ السوريّ إلى الخارج‪ ،‬ولكن سرعان ما‬ ‫ع ّم الفساد في تلك المؤسّسة الحكوميّة التي تعتبر المعبر‬ ‫الوحيد إلى البلد للعمالت األجنبيّة في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫والتي لو تمّت بشكلها المطلوب لكانت الليرة السوريّة‬ ‫في أوج قوّ تها‪ ،‬ولكن من خالل محمّد مخلوف باتت‬ ‫تلك المؤسّسة الحكوميّة المالذ اآلمن للسرقة «الشرعيّة‬ ‫والقانونيّة» ولع ّل من أه ّم مظاهر الفساد فيها‪ ،‬عندما‬ ‫قام مخلوف األب‪ ،‬ببيع التبغ الخام السوريّ ‪ ،‬والذي‬ ‫يعرف بجودته وصبغته ونكهته الفريدة والمطلوبة في‬ ‫معظم الدول األجنبيّة‪ ،‬إلى شركة أجنبيّة وهميّة من‬ ‫وبسعر بخس‪ ،‬ومن ث ّم قام ببيعه إلى شركات‬ ‫إنشائه‬ ‫ٍ‬ ‫أجنبيّة وبأسعار خياليّة‪ ،‬بضعفيّ سعر الشراء األوّ ل‪.‬‬ ‫األمر الذي عادت سلبيّاته على المزارعين‪ ،‬ومن ث ّم قام‬ ‫بطرد الوكالء السوريّين المبرمين عقوداً مع الشركات‬ ‫األجنبيّة الستيراد السجائر األجنبيّة‪ ،‬ليكون هو الوكيل‬

‫ال��وح��ي��د‬ ‫ل��ه��ا في‬ ‫س��وري��ة‪،‬‬ ‫وم���������ع‬ ‫ف������رض‬ ‫ع��م��ول��ة‬ ‫‪%1 0‬‬ ‫ع����ل����ى‬ ‫الشركات‬ ‫ك��رش��وة‬ ‫شر عيّة ‪،‬‬ ‫وق���������ام‬ ‫ب��ت��وق��ي��ع‬ ‫ال��ع��ق��ود‬ ‫ب��اس��م��ه‬ ‫ب���دالً من‬ ‫أن تكون باسم مؤسّسة (الريجي) ليصبح هو الوكيل‬ ‫الوحيد في سورية للسجائر األجنبيّة‪ ،‬األمر الذي ساعد‬ ‫مسيرة ول��ده رام��ي‪ ،‬والتي بدأها بتهريب السجائر‬ ‫األجنبيّة عن طريق (الريجي) التي أعطته الستار‬ ‫القانونيّ والخبرة في فرض الرشوة والسيطرة على‬ ‫المنافذ الحدوديّة لسورية مع دول الجوار‪ ،‬ومن خالل‬ ‫استيالئه على شركة «الغوتا» (السوق الحرّ ة المجمركة)‬ ‫والتي تقوم باستيراد السجائر األجنبيّة عن طريق‬ ‫والده‪ ،‬وأيضا ً المشروبات الكحوليّة والمواد األخرى‪،‬‬ ‫التي سيطر بها على االقتصاد السوريّ ‪ ،‬ولك ّنه – فوق‬ ‫ذلك ‪ -‬أراد مضاعفة ربحه وسرقة أموال الشعب‪ ،‬فقام‬ ‫باستثمار السوق الحرّ ة في دمشق بعقد مثير للجدل‬ ‫بقيمة مليون ليرة سوريّة سنو ّياً‪ ،‬دون تحديد م ّدة زمنية‬

‫«يعيش الزيتون ويسقط‬ ‫الرصاص»‬

‫أسهم في تشرين الثاني ‪ 2011‬في تنسيقيّة التآخي الكرديّ‬ ‫العربيّ ‪ ،‬وهي مجموعة أنشأها كرد وعرب‪ ،‬ر ّداً على محاوالت‬ ‫النظام الدائمة على ّ‬ ‫شق الصفّ الوطنيّ السوريّ ‪.‬‬ ‫من المؤسّسين في تنسيقيّة التآخي الكرديّة‪ ،‬عمل في المدارس‬ ‫ْ‬ ‫استقبلت النازحين في حلب ضمن مجموعة شبابيّة من‬ ‫التي‬ ‫مختلف الطوائف والقوميّات السوريّة‪.‬‬ ‫من الشباب الذين بدأوا بتنظيم اعتصامات سلميّة‪ ،‬منها اعتصام‬ ‫«يعيش الزيتون ويسقط الرصاص»‪.‬‬ ‫كمال محمّد أحمد «طالب فنون جميلة» من مواليد ‪1985/3/8‬‬ ‫قرية س ّنارة ـ جنديرس‪.‬‬ ‫اعتقل كمال محمّد أحمد بتاريخ ‪ 2012\8\12‬من أمام مدرسة‬ ‫(بشارة الخوريّ ) في حيّ السريان بحلب‪ ،‬بينما كان يعمل على‬ ‫إيصال الماء للنازحين المتواجدين في المدرسة‪.‬‬ ‫كان كمال عضواً نشيطا ً في الحزب الشيوعيّ السوريّ ‪،‬‬ ‫وناشطا ً سياس ّيا ً قبل انطالق الثورة بع ّدة سنوات‪.‬‬ ‫كان كمال يقوم بدور المنسّق ألنشطة التنسيقيّة بمدينته‪،‬‬ ‫وشارك في االحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت في ‪2011‬‬ ‫المطالبة بإسقاط النظام‪.‬‬ ‫تحوّ ل إلى العمل اإلنسانيّ في ‪ 2012‬إثر النزوح الكبير‬ ‫للمهجّ رين المحليّين‪ ،‬بعد اشتداد القصف على المدنيّين من قبل‬ ‫النظام في درعا وحماة وحمص‪ ،‬وبدأ العمل مع الهالل األحمر‬ ‫والهيئة اليسوعيّة لخدمة الالجئين بالمدينة القديمة في حلب وتقديم‬ ‫المساعدات األساسيّة لهم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فقامت بزيارة العديد من‬ ‫حاولت زوجة كمال معرفة مصيره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫فشلت‬ ‫المراكز التابعة لمختلف األجهزة األمنيّة السوريّة‪ ،‬إال أنها‬ ‫في تحديد مكان تواجده‪ ،‬واضطرّ ت إلى ترك بلدها سوريّة وعملها‬ ‫في وكالة األمم الم ّتحدة إلغاثة وتشغيل الالجئين الفلسطينيّين‬ ‫في الشرق األدنى «األنروا» بعد تل ّقيها لتهديدات جا ّدة من قبل‬ ‫األمن‪ ،‬وال زالت تبحث لمعرفة مصير كمال الذي انقطع ك ّل‬ ‫اتصال به منذ اعتقاله‪ ،‬وال زالت المخابرات الجوّ يّة التي راجعها‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً تنفي اعتقالها له‪.‬‬ ‫أحد أقاربه‬ ‫يو ّكد الناجون من االختفاء القسريّ تعرّ ضهم للتعذيب خالل‬ ‫اعتقالهم‪ ،‬ممّا يزيد من مخاوفنا على سالمة كمال الجسديّة‬ ‫والنفسيّة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫لال ستثما ر‬ ‫وب�������دون‬ ‫ت���ح���دي���د‬ ‫ا لمسا حة ‪،‬‬ ‫أيّ أ ّن���ه‬ ‫أص����ب����ح‬ ‫ال���م���ال���ك‬ ‫ال���وح���ي���د‬ ‫ل���م���ط���ار‬ ‫دم����ش����ق‬ ‫ال���دول���يّ ‪،‬‬ ‫و بحسا ب‬ ‫بسيط نرى‬ ‫أنّ عائد‬ ‫م��ت��وسّ��ط‬ ‫ح����س����اب‬ ‫المبيعات للسوق الحرّ ة لمطار دمشق يتع ّدى ‪ 50‬مليون‬ ‫ليرة سورية سنو ّياً‪.‬‬ ‫هذه إحدى عقود استثماره للمناطق الحرّ ة‪ ،‬ومن ث ّم‬ ‫قام نظام حافظ األسد بإصدار قرار إعفاء السوق الحرّ ة‬ ‫من الرسوم الجمركيّة وفرضها على شركة «الغوتا»‬ ‫(السوق الحرّ ة الجمركية)‪ ،‬األمر الذي زاد أرباح‬ ‫رامي على حساب االقتصاد السوريّ ‪ ،‬وذلك بسبب بدء‬ ‫خسارة شركة «الغوتا» بشكل متكرّ ر وكبير بفارق‬ ‫السعر بين السوقين‪ ،‬ومن هنا بدأ باالستيالء على جميع‬ ‫المنافذ في األسواق الحرّ ة على المعابر الحدوديّة عن‬ ‫طريق شركة «راماك» لألسواق الحرّ ة من حلب إلى‬ ‫دمشق مروراً بمينائيّ الالذقية وطرطوس منتهيا ً بمعابر‬ ‫باب الهوى ودرعا‪ ،‬تلك األسواق التي تبيع المنتجات‬

‫األجنبيّة غير الموجودة في السوق السوريّ ومن دون‬ ‫ّ‬ ‫المنظم‬ ‫رسم جمركيّ ‪ ،‬والتي تقوم بعمليّة التهريب‬ ‫و «القانونيّ » والتي تدرّ عوائد كبيرة ج ّداً لرامي‬ ‫مخلوف‪ ،‬وقد كانت المركز الرئيسيّ لمراسلة الشركات‬ ‫األجنبيّة والحصول على الوكاالت‪ ،‬ونزع الوكاالت‬ ‫األجنبيّة الرسميّة من رجال األعمال السوريّين‪ ،‬فهم‬ ‫الوحيدون المسموح لهم باستيراد المواد الممنوعة‬ ‫وبالشكل القانونيّ ‪ ،‬إلاّ أّن السجائر المستوردة كانت‬ ‫تش ّكل أكثر من ‪ %70‬من عوائد المنتجات المهرّ بة إلى‬ ‫الداخل السوريّ عن طريق السوق الحرّ ة القانونيّة‪ ،‬فقد‬ ‫كانت الشركات األجنبيّة تشحن السجائر إلى المناطق‬ ‫الحرّ ة في سورية‪ ،‬ومن ث ّم يقوم ما يسمّون بالشبّيحة‬ ‫(المرتزقة المأجورين) بتهريبها ليالً إل��ى المدن‬ ‫السوريّة‪ ،‬ليت ّم بيعه بسعر يقارب السجائر المستوردة‬ ‫باسم والده لصالح المؤسّسة العامّة للتبغ‪ ،‬وبجودة أفضل‬ ‫تجعله مرغوبا ً لدى الكثير من المواطنين‪ .‬هنا وبحساب‬ ‫بسيط لمجموع الدخلين‪ :‬الرسميّ ‪ -‬عن طريق الريجي‬ ‫ّ‬ ‫ والتهريب‬‫المنظم عن طريق األسواق الحرّ ة‪ ،‬فإنّ‬ ‫عائدات مخلوف األب واالبن أكثر من ‪ 600‬مليون‬ ‫ليرة سوريّة في السنة الواحدة من الجهتين‪ ،‬والتي تعود‬ ‫في النهاية إلى عائلة األسد‪ ،‬والتي س ْ‬ ‫ُرقت من لقمة‬ ‫الشعب السوريّ وح ّقه في التطوّ ر واالنفتاح على العالم‬ ‫الخارجيّ ومعاصرة المنتجات األجنبيّة بحجّ ة المقاومة‬ ‫والممانعة ومحاربة الغرب‪ ،‬وباإلضافة إلى سرقة‬ ‫اقتصاده ومحاصرته من جميع النواحي الشرعيّة وغير‬ ‫الشرعيّة‪ ،‬وسرقة أيّ شيء قد يدرّ فائدة عليه‪ ،‬وعدم‬ ‫السماح للشعب بالحصول على االستثمارات األجنبيّة‪،‬‬ ‫ففي زمن األسد باتت سورية مزرعة حاميها هو نفسه‬ ‫حراميها‪.‬‬ ‫أمري جنم الدين‬

‫القانوني للسورّيين في تركيا‬ ‫إضاءة على المركز‬ ‫ّ‬

‫على الرغم من مضي أكثر من ثالث سنوات‬ ‫على بدء تد ّفق السوريّين هربا ً من مدحلة الموت‬ ‫اليوميّ ال��ذي تمارسه بح ّقهم سلطة العصابة‬ ‫وأدواتها‪ ،‬فإنّ وضعهم ما يزال ملتبسا ً ومركزهم‬ ‫القانونيّ ما يزال حائراً بين ضيف والجئ‪.‬‬ ‫لقد ا ّتسم وضع السوريّين القانونيّ في تركيا‬ ‫بالكثير من اإلرب���اك ال��ذي يكتنفه الكثير من‬ ‫الغموض وندرة المعلومات التي يمكن التحصّل‬ ‫عليها من الجهات الحكوميّة واألمنيّة حول‬ ‫المتر ّتبات القانونيّة ومساحة الحقوق التي يتم ّتع‬ ‫بها السوريّ (الضيف) في تركيا‪ ،‬خصوصا ً في‬ ‫ظ ّل الكثير من التناقض في التعاطي مع قضايا‬ ‫السوريّين اليوميّة كالتعليم والطبابة وغيرها من‬ ‫مدينة إلى أخرى رغم أنّ الجميع (ضيوف) وفق‬ ‫التصنيف الحكوميّ لهم‪.‬‬ ‫لم يكن ممكنا أن تص ّنف السلطات التركيّة‬ ‫السوريّين المقيمين على أراضيها كالجئين وأن‬ ‫تمنحهم هذا المركز القانونيّ الذي تندرج تحته‬ ‫الكثير من المتر ّتبات والمسؤوليّات‪ ،‬ذلك أنّ تركيا‬ ‫التي و ّقعت معاهدة جنيف الخاصّة بوضع الالجئين‬ ‫والمعتمدة بتاريخ ‪ - 1951\7\28‬والتي هي‬ ‫الوثيقة الوحيدة دول ّيا ً التي تعرّ ف من هو الالجئ‬ ‫وما هي حقوقه في الدولة التي لجأ إليها واستقبلته‬ ‫– قد قيّدت توقيعها على تلك المعاهدة بنوعين من‬ ‫القيود‪ ،‬أوّ لهما تاريخيّ أو زمنيّ وثانيهما جغرافيّ ‪.‬‬ ‫بمعنى‪ ،‬أ ّنها في النطاق الزمنيّ ال تعترف وال‬ ‫تمنح صفة الالجئ إلاّ لألشخاص الذين أصبحوا‬ ‫الجئين كمحصّلة ألوضاع حصلت قبل العام ‪1951‬‬ ‫وفي أوروبّا (حصراً) وأ ّنها بالتالي قيّدت النطاق‬ ‫الجغرافيّ في القارة األور ّبيّة فحسب‪ ،‬لك ّنها عندما‬ ‫و ّقعت مرّ ة أخرى البروتوكول الخاصّ بوضع‬ ‫الالجئين والصادر بتاريخ ‪1967\10\4‬الملحق‬ ‫بالمعاهدة‪ ،‬فإ ّنها تكون قد ألغت القيد المتعلّق‬ ‫بالنطاق الزمنيّ ‪ ،‬لك ّنها أبقت على القيد المتعلّق‬ ‫بالنطاق الجغرافيّ ‪ ،‬فال صفة الجئ أليّ قادم‬ ‫لتركيا من غير الدول األورو ّبيّة حصراً‪.‬‬

‫أمّ��ا أولئك (الالجئون) من غير األور ّبيّين‬ ‫(كالعراقيّين واألفغان والصوماليّين وغيرهم)‬ ‫فيمكننا مجازاً تسميتهم بـ (الالجئين الترانزيت)‬ ‫بمعنى أ ّنهم في تركيا ليسوا الجئين بالمعنى القانونيّ‬ ‫ومتر ّتباته التي نصّت عليها معاهدة جنيف‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫هم أشخاص يخضعون للحماية التركيّة ويص ّنفون‬ ‫(كالجئين بشروط) وفق ما نصّت عليه الما ّدة‬ ‫‪ 2\62‬من قانون األج��ان��ب والحماية الدوليّة‬ ‫التركيّ ‪ ،‬حيث تمنحهم السلطات التركيّة وضعا ً‬ ‫صا ً وتقوم بتسجيلهم لديها ضمن قوائم وجداول‬ ‫خا ّ‬

‫أمنيّة‪ ،‬فضالً عن تسجيلهم لدى المفوضيّة السامية‬ ‫لشؤون الالجئين التابعة لألمم الم ّتحدة‪ ،‬لحين تو ّفر‬ ‫بلد لجوء لهم يقبل استقبالهم وتوطينهم‪ ،‬وهذه الفئة‬ ‫يُمنحون بطاقات هويّة خاصّة‪ ،‬وتق ّدم لهم الخدمات‬ ‫التعليميّة والصحّ يّة ويُمنحون أذونات عمل‪ ،‬لك ّنهم‬ ‫مقيّدو اإلقامة في عدد مح ّدد من المدن‪ ،‬ليس من‬ ‫بينها المدن الكبرى كأنقرة وإسطنبول وإزمير‪،‬‬ ‫ويتعيّن عليهم اثبات وجودهم أمام دوائر الشرطة‬ ‫أسبوع ّيا ً في المدن التي يقيمون فيها‪.‬‬ ‫وبخالف ما تق ّدم‪ ،‬فإنّ ك ّل شخص ال يندرج‬ ‫ضمن الصنفين السابقين‪ ،‬مه ّدد بخطر العنف أو‬ ‫الموت أو التعذيب‪ ،‬في حال عاد أو أُعيد لوطنه‬ ‫فهو يخضع لما يسمّى بـ (الحماية الثانويّة) وفق‬ ‫أحكام الما ّدة ‪ 1\63‬من قانون األجانب والحماية‬ ‫الدوليّة التركيّ اآلنف الذكر‪.‬‬

‫إنّ المعضلة التي يواجهها السوريّون اآلن‬ ‫في تركيا‪ ،‬أ ّنهم ال يندرجون ضمن أيّة فئة من‬ ‫الفئات الثالث‪ ،‬ألنّ ما سبق بيانه وتفصيله يُمنح‬ ‫لألفراد وليس للجماعات أو المجموعات البشريّة‪،‬‬ ‫فالحكومة التركيّة لم تعترف بالسوريّين على‬ ‫أراضيها كأفراد الجئين إليها بل (كتد ّفق جمعيّ‬ ‫لالجئين) ولهذا فهم ليسوا تحت أيّ بند من بنود‬ ‫الحماية‪ ،‬واكتفت السلطات أن أسبغت عليهم‬ ‫صفة (الضيوف) ومنحت من ال يرغب منهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اصطلح على‬ ‫اإلقامة بالمخيّمات إقامة استثنائيّة‬ ‫تسميتها (إقامة ب��إذن وزاريّ ) لكنّ هذا النوع‬ ‫من اإلقامة ال تمنح حاملها مركزاً قانون ّيا ً واضح‬ ‫المعالم والحقوق‪ ،‬يُتيح له التحصّن فيه أمام أيّة‬ ‫استحقاقات‪ ،‬كالتي واجهها الكثير من السوريّين‬ ‫في حمأة التو ّترات التي نشأت في األشهر األخيرة‬ ‫بين بعض األتراك وبعض السوريّين وصارت‬ ‫تطفو على السطح نتيجة اختالف المفاهيم وطرائق‬ ‫العيش‪ ،‬دون أن نتغافل عن الدوافع السياسيّة‬ ‫لبعض القوى المعارضة التي احتسبت السوريّين‬ ‫على خصومها السياسيّين في إدارة البالد وأخذت‬ ‫تنفخ في الكير لتسعير لهيب االحتجاجات على‬ ‫تواجد السوريّين في تركيا‪.‬‬ ‫ث ّم جاء توقيع تركيا ال ّتفاقها األخير مع اال ّتحاد‬ ‫األوروبّيّ أواخر العام ‪ 2013‬ليضع السوريّين أمام‬ ‫استحقاقات لم تكن واردة في حساباتهم‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫أولئك الذين يبحثون عن وسيلة للوصول إلى‬ ‫الض ّفة األورو ّبيّة وطلب اللجوء في دولها‪ ،‬ذلك أنّ‬ ‫اال ّتفاق نصّ على السماح لدول اال ّتحاد األوروبّيّ‬ ‫بإعادة الالجئين غير الشرعيّين الذين وصلوا إليها‬ ‫من تركيا‪ ،‬في مقابل إعفاء األتراك من تأشيرة‬ ‫دخول دول اال ّتحاد بحلول العام ‪.2017‬‬

‫وتبعا ً لذلك‪ ،‬استحدثت السلطات التركيّة دائرة‬ ‫الهجرة ونقلت اختصاص منح اإلق��ام��ة غير‬ ‫السياحيّة للسوريّين إليها‪ ،‬بعد أن كانت تصدر من‬ ‫دائرة «األمنيّات» وارتبطت مل ّفات طالبي اإلقامة‬ ‫من دائ��رة الهجرة التركيّة (بما فيها البصمات‬ ‫اإللكترونيّة) ببنك المعلومات األوروبّ��يّ ‪ ،‬بحيث‬ ‫يسهل عليها التثبّت من أنّ طالب اللجوء فيها‬ ‫والواصل إليها بالسبل غير الشرعيّة‪ ،‬كان مقيما ً‬ ‫في تركيا‪ ،‬وبالتالي يحظى باألمان الشخصيّ أم‬ ‫ال‪ ،‬ما يُتيح لها إعادته لتركيا وفق مندرجات تلك‬ ‫اال ّتفاقيّة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫الشاذ للسوريّين في‬ ‫أمام هذا الوضع القانونيّ‬ ‫تركيا‪ ،‬حيث ال يُمنح ص ّفة الالجئ وفق أحكام‬ ‫ا ّتفاقية جنيف وال يص ّنف من (الالجئين بشروط)‬ ‫وال ُتسبغ عليه (الحماية الثانويّة) وبذات الوقت ال‬ ‫يستطيع اللجوء إلى أوروبّا والوصول إليها بطريقة‬ ‫غير شرعيّة من تركيا‪ ،‬إن كان ممّن حصل على‬ ‫اإلقامة الحديثة فيها‪ ،‬أل ّنه سيعاد إليها‪ .‬ونعود‬ ‫إلى التساؤل ما هو المركز القانونيّ للسوريّين‬ ‫في تركيا ؟!‪ .‬لع ّل نوعية اإلقامة التي ستصدر‬ ‫للسوريّين ‪ -‬من غير الراغبين أو القادرين على‬ ‫استخراج اإلقامات السياحيّة التي يعجز الكثير‬ ‫منهم عن الوفاء بمتطلّباتها وشروطها ‪ -‬والتي‬ ‫ُسمّيت اصطالحا ً بإقامة (الجئ إنسانيّ ) والحقوق‬ ‫المرافقة لها‪ ،‬تشي ببعض ما يمكن البناء عليه‬ ‫في عمليّة توصيف أكثر د ّقة لوضع السوريّين‬ ‫القانونيّ في تركيا؛ واستطراداً‪ ،‬ما ينطوي عليه‬ ‫هذا التوصيف من التزامات وحقوق يتعيّن علينا‬ ‫التنقيب عنها والعمل على تظهيرها‪ ،‬فإنْ لم يكن‬ ‫ممكنا ً العمل على تصنيف السوريّين كالجئين‬ ‫وفق ما هو مقرّ ر باال ّتفاقات الدوليّة الخاصّة‬ ‫بالالجئين لما يستلزمه ذلك من تعديالت تشريعيّة‬ ‫تستتبعها إلغاء للتح ّفظات التركيّة على معاهدة‬ ‫جنيف الخاصّة بوضع الالجئين والمتعلّقة بالنطاق‬ ‫الجغرافيّ اآلنف تفصيله‪ ،‬فإنّ العمل على تصنيف‬ ‫السوريّين ضمن فئة (الالجئين بشروط) حيث يُتاح‬ ‫لهم ّ‬ ‫حق تسجيل أنفسهم ضمن قوائم طالبي اللجوء‬ ‫لدى المفوضيّة السامية لألمم الم ّتحدة لشؤون‬ ‫الالجئين‪ ،‬فضالً عمّا يتم ّتعون به من مزايا تقارب‬ ‫ما يتم ّتع بها الالجئ‪ ،‬ريثما تجد لهم المفوضيّة بلداً‬ ‫يقبل استقبالهم وتوطينهم بديالً عن زوارق الموت‪.‬‬ ‫يبقى هذا هو الح ّد األدن��ى الذي يتعيّن على‬ ‫مؤسّسات المعارضة‪ ،‬وعلى نحو خاصّ منها‬ ‫المكتب القانونيّ باالئتالف المعارض ووزارة‬ ‫العدل في الحكومة المؤ ّقتة العمل عليه مع السلطات‬ ‫التركيّة المضيفة‪.‬‬

‫احملامي‪ :‬غزوان قرنفل‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪15‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫الســـــــــــوري‬ ‫ّ‬ ‫والعنصريــّة‬

‫بين فترة وأخ��رى يطرأ على الساحة اإلعالميّة‬ ‫حاالت العنف الممارس ض ّد السوريّين الالجئين في‬ ‫دول الجوار‪ ،‬وبشكل خاصّ في لبنان وتركيّا‪ ،‬ويسيطر‬ ‫على صفحات التواصل االجتماعيّ النقاشات‪ ،‬وتبادل‬ ‫االتهامات والعنصريّة‪ ،‬واستذكار أجزاء منتقاة من‬ ‫الماضي القريب‪ ،‬حين نزوح اللبنانيّين إلى سوريّة‬ ‫خالل حرب تمّوز‪.‬‬

‫بعض السوريّين‬ ‫الالأخالقيّة‪ ،‬خلق‬ ‫ت����رب����ة خ��ص��ب��ة‬ ‫لتنمية ال��ع��داوة‬ ‫وال���ع���ن���ص���ريّ���ة‪،‬‬ ‫ومناخا ً مناسبا ً للتعبير عنه بكا ّفة الطرق بما يتضمّن‬ ‫ممارسة العنف الجسديّ ‪.‬‬

‫من المه ّم االنتباه والتركيز عليه‪ ،‬أنّ العنصريّة‬ ‫في لبنان مختلفة تماما ً عن العنصريّة في تركيّا‪ ،‬وإنْ‬ ‫تمظهرت بشكل واحد متماثل‪.‬‬

‫أمّ��ا على الساحة التركيّة‪ ،‬فلم تكن العنصريّة‬ ‫ً‬ ‫مطروحة‪ ،‬فقد استقبل األت��راك السوريّين بإنسانيّة‬ ‫وأخالقيّة كبيرة‪ ،‬لم ُتمارس من الدول العربيّة‪ ،‬التي‬ ‫أغلقت كا ّفة الطرق واألبواب بوجه السوريّين‪ ،‬ولكن‬ ‫أيضا ً وعلى مدى ثالث سنوات يُدرك األتراك أ ّنها‬ ‫مستمرّ ة‪ ،‬والتصرّ فات الالأخالقيّة لمجموعات من‬ ‫السوريّين‪ ،‬أ ّدى إلى خلق هذه النزعة العنصريّة اتجاه‬ ‫السوريّين‪ ،‬وتمثيلها بسلوكيّات عنف جسديّ في بعض‬ ‫األحيان‪.‬‬

‫يجمع بين الشعبين ‪ -‬اللبنانيّ والسوريّ ‪ -‬تاريخ‬ ‫ْ‬ ‫وصلت إلى‬ ‫واس��ع من العنصريّة المتبادلة‪ ،‬التي‬ ‫مراحل العداوة‪ ،‬فالشعب اللبنانيّ يختزن في ذاكرته‬ ‫ويالت عاناها من الجيش السوريّ خالل تواجده ضمن‬ ‫األرض اللبنانيّة ‪ 1976-2005‬بذريعة إيقاف الحرب‬ ‫ً‬ ‫إضافة إلى النظرة الفوقيّة‬ ‫األهليّة التي كانت قائمة‪،‬‬ ‫التي تشاركها الطرفان على مدى سنوات‪ ،‬فالسوريّون‬ ‫عموماً‪ -‬ينظرون إلى اللبنانيّين على أ ّنهم بال أخالق‬‫أو شرف و”طنطات”‪ ،‬وأنّ لبنان ليست “بلداً”‪ ،‬ليست‬ ‫سوى “خاصرة سوريّة”‪ ،‬في المقابل كانت نظرة‬ ‫اللبنانيّ –عموماً‪ -‬على أنّ السوريّ ‪ ،‬هو العامل الذي‬ ‫يأتي إلى بلدهم ليعمل كع ّتال ويعود إلى بلده‪.‬‬ ‫في حرب تمّوز ‪ 2006‬ومع نزوح اللبنانيّين إلى‬ ‫سوريّة لم ّدة ‪ 35‬يوما ً وسط ّيا ً – استمرّ ت الحرب ‪34‬‬ ‫يوما ً – لجأ بعض السوريّون إلى ممارسات “فرديّة”‬ ‫عنصريّة اتجاههم‪ ،‬ولكنّ قصر م ّدة بقاء اللبنانيّين في‬ ‫سوريّة‪ ،‬لم يسمح للعنصريّة في أن تتجلّى وتتدرّ ج‬ ‫في عنف ظهورها‪ ،‬واالنتقال من العنصريّة والعنف‬ ‫المعنويّ إلى اإليذاء الجسديّ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫بدأت‬ ‫من بدايات اللجوء السوريّ نحو لبنان‪،‬‬ ‫حمالت عنصريّة وحمالت مضا ّدة من لبنانيّين إليقاف‬ ‫العنصريّة‪ ،‬وعلى مدى ثالث سنوات من اللجوء‬ ‫المتزايد نحو لبنان‪ ،‬وخلق أزمة عمل في بلد صغير‬ ‫كلبنان يعاني أهله العطالة من البداية‪ ،‬ومع عدم وجود‬ ‫ً‬ ‫إضافة لتصرّ فات‬ ‫نهاية واضحة للتد ّفق المستمرّ ‪،‬‬

‫ّ‬ ‫المؤثرة كذلك‪ ،‬اإلعالم‪ ،‬الذي يتر ّكز‬ ‫ومن العوامل‬ ‫في أخباره على التصرّ فات العنصريّة السلبيّة دون‬ ‫إلقاء الضوء على السلوكيّات اإليجابيّة‪ ،‬ففي لبنان‬ ‫مثالً‪ ،‬التقطت “رويترز” صورة لعسكريّ في الجيش‬ ‫اللبنانيّ ‪ ،‬ينقذ طفالً سور ّيا ً خالل أح��داث عرسال‬ ‫الماضية‪ ،‬ويحمله‪ ،‬ظاهراً على مالمح العسكريّ‬ ‫العطف والحنان اتجاه الطفل السوريّ ‪ ،‬أو حادثة أخرى‬ ‫عن مصادرة عربة خضراوات من الدرك اللبنانيّ‬ ‫لالجئ سوريّ كان يعمل عليها كمصدر رزق‪ ،‬وبكائه‬ ‫عند مصادرتها النقطاع مصدر رزقه المتواضع‪ ،‬فما‬ ‫كان من اللبنانيّين الحاضرين للموقف إلاّ بل ّم مبلغ من‬ ‫المال وصل إلى الـ‪ 1000‬دوالر أمريكيّ وإعطائها‬ ‫للالجئ السوريّ ‪ ،‬والعديد من مثل هذه المواقف ال‬ ‫يُلقي اإلعالم لها باالً‪ ،‬وال يسلّط الضوء عليها‪ ،‬بينما‬ ‫تح ّدث اإلعالم –متضمّنا ً مواقع التواصل االجتماعيّ ‪-‬‬ ‫حادثة قتل سوريّ لتركيّ بسبب اآلجار‪ ،‬هذا التركيز‬ ‫ّ‬ ‫ويعزز العنصريّة‪،‬‬ ‫على جنسيّة القاتل والمقتول يخلق‬ ‫على الرّ غم من أنّ مثل هذه الجرائم تقع يوم ّيا ً في‬ ‫ك ّل دول العالم‪ ،‬فلم يكن هناك من سبب للتركيز على‬ ‫جنسيّة القاتل والمغدور بهذا الشكل‪ ،‬سوى الرغبة في‬

‫عندما ينشأ الطفل‬ ‫في أجواء الخوف‪..‬‬ ‫ماذا عن المستقبل؟‬

‫تعزيز هذه العنصريّة‪ ،‬فاإلعالم في منطقة الشرق‬ ‫األوسط يهوى “الصيد في الماء العكر”‪.‬‬ ‫هذه التغذية للعنصريّة اتجاه الالجئين السوريّين‬ ‫والتصرّ فات الالأخالقيّة‪ ،‬تضع الالجئين اآلخرين‬ ‫في موقف محرج ال يُحسدون عليه‪ ،‬فحين تعرّ ضهم‬ ‫لمضايقات ال يملكون طرقا ً أو سُبالً للر ّد سوى‬ ‫الصمت‪ ،‬فال هم قادرون على االعتراض واالحتجاج‪،‬‬ ‫فهم ضيوف في هذا البلد‪ ،‬فمستواهم األخالقيّ أرقى‬ ‫من الر ّد بالمثل‪ ،‬وال هم قادرون على عكس نظرة‬ ‫المعتدي نحوهم‪.‬‬ ‫ولكن على السوريّ ‪ ،‬ألاّ يبالغ كثيرً ا في لعب دور‬ ‫الضحيّة‪ ،‬لسببين‪ ،‬أوّ لهما‪ :‬أنّ السوريّ هو سببٌ‬ ‫وط��رف في خلق العنصريّة اتجاهه‪ ،‬خ�لال فترة‬ ‫تواجده في البالد المضيفة‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬أ ّنه مارس أشكال‬ ‫عنصريّة على من لجأوا إلى بلده‪ ،‬من الفلسطينيّين‬ ‫والعراقيّين‪ ،‬وح ّتى اللبنانيّين‪ ،‬فحين لجوء العراقيّين‬ ‫إلى سوريّة خالل الحرب األمريكيّة على العراق‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وقعت حاالت من االعتداء على العراقيّين وحرق‬ ‫ً‬ ‫إضافة للعنصريّة والتعالي على الشعبين‬ ‫لسياراتهم‪،‬‬ ‫العراقيّ والفلسطينيّ ‪ ،‬وكذلك اللبنانيّ خالل فترة‬ ‫لجوئه القصيرة‪ ،‬فعلى السوريّين أن يقفوا ويف ّكروا‬ ‫قليالً قبل أن يبدأوا باستذكار “ضيافتهم” وتناسي ما‬ ‫فعلوه مع العراقيّين خالل تواجدهم‪ ،‬أو مع اللبنانيّين‬ ‫خالل لجوئهم‪ ،‬أو خالل تواجد الجيش السوريّ على‬ ‫أرضهم‪.‬‬ ‫هذه الما ّدة ليست محاولة لتبرئة اللبنانيّين أو األتراك‬ ‫من أفعالهم‪ ،‬ولكن هي محاولة لرسم صورة واضحة‬ ‫وكاملة لما يحدث‪ ،‬فلك ّل سبب مسبّب‪ ،‬ولك ّل فعل‬ ‫ر ّد فعل يساويه بالمقدار‪ ،‬قاعدة أساسيّة وبديهيّة في‬ ‫الفيزياء‪ ،‬تنطبق في السلوكيّات سوا ًء كانت فرديّة أو‬ ‫مجتمعيّة‪.‬‬

‫لينا احلكيم‬

‫المرأة‪ ،‬بين ر ّدات فعلها وبريستيج الرجل‬ ‫العنوان األه ّم في المجتمعات‪ .‬وغدا تقييم مدى تق ّدم‬ ‫أيّ مجتمع وحضارته وفقا ً لمدى تحرّ ر المرأة في هذا‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫ولن أتناول هنا مدى أهميّة هذا الموضوع‪ ،‬كما لن‬ ‫أتناول معناه وأساليب تحقيقه‪ .‬ولكن ما سأتناوله هنا‬ ‫هو تناول موضوع التحرّ ر بح ّد ذاته‪ ،‬وتأرجحه بين‬ ‫ر ّدة فعل المرأة على اضطهادها وبين بريستيج الرجل‪.‬‬ ‫وبالعودة للتساؤل السابق‪ ،‬أال وهو لماذا أثيرت ك ّل‬ ‫هذه النقاشات والسجاالت والمقاالت والحركات حول‬ ‫تحرّ ر المرأة؟‬ ‫ما من ض��رورة ّ‬ ‫تحثني لسرد وض��ع المرأة في‬ ‫المجتمع وخاصّة المجتمع العربيّ كون وضعها واضح‬ ‫ج ّداً للعيان‪ ،‬وكون المقاالت التي تناولت المرأة ال تع ّد‬ ‫وال تحصى‪ ،‬وأنّ المدافعين عنها كثر‪ ،‬والمهاجمون‬ ‫لها أكثر‪ ،‬وكذلك التحليالت والسجاالت والنقاشات‬ ‫واالختالفات وح ّتى الكتب حول المرأة تجاوزت‬ ‫أيّ موضوع آخر على مدى تاريخ البشريّة‪ .‬فما‬ ‫من موضوع عا ّم إلاّ وأُفرد فيه للمرأة نصيبها منه‪،‬‬ ‫وتناولها (وفق العادة) من زاوية المدافع والمهاجم لها‪.‬‬ ‫ولكن لماذا؟؟‬ ‫لماذا ت ّم تناول هذا الموضوع بهذه الكثرة وهذه‬ ‫الح ّدة؟؟‬ ‫ألبدأ أوّ الً بسرد متواضع حول تاريخ البشريّة فيما‬ ‫يخصّ هذا الموضوع‪ .‬فالمجتمعات البدائيّة‪ ،‬أي فيما‬ ‫قبل تش ّكل الحضارات كانت مجتمعات أموميّة‪ ،‬أيّ أنّ‬ ‫المرأة هي المسيطرة في العائلة‪ ،‬هي الطرف العامل‬ ‫والمنتج والذي يعود إليه نسب األبناء‪ ،‬أمّا األب فكان‬ ‫الطرف المقابل الذي يرعى شؤون المنزل واألبناء‪.‬‬ ‫مع تق ّدم الحضارة وألحداث عديدة ومختلفة وتدريجيّة‬ ‫وطويلة ج ّداً وال ي ّتسع المكان لسردها‪ ،‬تحوّ لت المرأة‬ ‫ لنقل ‪ -‬إلى هذا الطرف «السلبيّ » فيما أخذ الرجل‬‫الطرف المنتج والعامل والمسيطر‪ .‬فالصراع بين‬ ‫الرجل والمرأة إذاً هو ص��راع قديم ج�� ّداً‪ .‬وتوالت‬ ‫التواريخ واألحداث وغدا الدفاع عن حقوق المرأة هو‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫أو ّد أن أجيب عنه وبنوع من األس��ف وهو أنّ‬ ‫معظمها‪ ،‬وخاصّة في العالم العربيّ ال يتجاوز شكلين‪:‬‬ ‫األوّ ل هو الر ّد الفعليّ المعاكس نتيجة الكبت والقمع‬ ‫واالضطهاد الذي مورس عليها‪ ،‬والذي غالبا ً ما نجده‬ ‫عند الكاتبات النساء‪ ،‬والثاني هو البريستيج االجتماعيّ‬ ‫والذي غالبا ً ما نجده عند الك ّتاب الرجال‪.‬‬ ‫بين هذا وذاك‪ ،‬يتحوّ ل هذا الموضوع من موضوع‬ ‫جوهريّ حقيقي ها ّم ج ّداً إلى موضوع مضحك مثير‬ ‫للسخريّة وللملل في آن واحد‪ ،‬فالكاتبات اللواتي تناولن‬ ‫هذا الموضوع كان تناولهنّ واضحا ً ج ّداً على أ ّنه ليس‬ ‫أكثر من ر ّدة فعل تجاه القمع والكبت والعنف الذي‬ ‫تعرّ ضن له في ومن المجتمع‪ ،‬فغالين في مهاجمة‬ ‫الرجل‪ ،‬وصوّ رنه على أ ّنه ذاك الوحش الكاسر الذي‬ ‫سيه ّم بالتهام األنثى‪ ،‬أيّ أنثى بمجرد أن أتيحت له‬ ‫الفرصة‪ ،‬وجرّ دنه من أيّ سمة من سمات اإلنسان‬ ‫اإليجابيّة‪ ،‬فهو في كتاباتهنّ ليس أكثر من «بعبع»‬ ‫ووحش حيوانيّ همّه األكبر القمع والسيطرة والجنس‪.‬‬ ‫مثل هذه الفكرة واضحة ج ّداً في كتابات العديدات‬ ‫وربّما أبرزهنّ الدكتورة نوال السعداوي‪ ،‬فرغم أنّ‬ ‫هناك محاوالت منها للخروج عن هذه النظرة وإلخفاء‬ ‫ر ّدة الفعل لديها إلاّ أ ّنها واضحة ج ّداً في معظم مؤلّفاتها‪.‬‬ ‫وطبعاً‪ ،‬إنّ تعميما ً كهذا على الرجل ال يختلف اختالفا ً‬ ‫كبيراً عن أيّ تعميم سلبيّ حول المرأة‪ .‬وهذه الصّورة‬ ‫التي يُرسم بها صورة مضحكة ومثيرة للسخرية‪،‬‬ ‫ليست أق ّل إجحافا ً من الصور المعمّمة التي ُترسم بها‬

‫المرأة والتي دفعتها لتكوين هذه الصورة عن الرجل‬ ‫والمرضيّة حقاً‪.‬‬ ‫غير السويّة‬ ‫َ‬ ‫أمّا الشكل اآلخر‪ ،‬فهو البريستيج االجتماعيّ ‪ ،‬ولنقل‬ ‫أ ّنه أيضا ً اس ُتخدم في أحيان أخرى ك��أداة الجتذاب‬ ‫النساء‪ .‬هنا تصوَّ ر المرأة على أ ّنها تلك الضحيّة األكبر‬ ‫واألميرة التي تحتاج إلى من ينقذها ومن ينتشلها من‬ ‫هذا الوحل المجتمعيّ الذكوريّ الفجّ‪ .‬فالصورة هنا‬ ‫ليست أق ّل إثارة للضحك والسّخرية من صورة الرجل‬ ‫في مؤلَّفات الكاتبات السابقات‪ .‬وهنا يظهر المؤلِّف‬ ‫على أ ّنه هو هذا األمير الذي سينقذ األميرة المسكينة‪..‬‬ ‫وبدالً من أن يثار هذا الموضوع بشكل أكثر ج ّدية‬ ‫وجوهريّة وفعاليّة تحوّ ل مع مرور الوقت ومع تكرار‬ ‫مثل تلك المؤلَّفات والمقاالت إلى أكثر المواضيع‬ ‫رفضا ً وابتذاالً‪.‬‬ ‫في واق��ع األم��ر‪ ،‬ه��ذا ال يختلف عن الحركات‬ ‫المجتمعيّة المناصرة للمرأة‪ ،‬فالقليل القليل من‬ ‫التغييرات التي أنتجتها مثل تلك الحركات‪ ،‬والكثير‬ ‫المرضيّة والبريستيجات الواهية‪،‬‬ ‫الكثير من ردود الفعل َ‬ ‫ّ‬ ‫فغالب المحاضرات والندوات بل وحتى الورشات ال‬ ‫تخرج عن هذا السياق‪ ،‬وغالبا ً ما نجد النساء هنا هنّ‬ ‫«مسترجالت» وهنا يظهر الر ّد الفعليّ لديهنّ بشكل‬ ‫واضح‪ ،‬فإن كنّ يناصرن المرأة ح ّقا ً فلماذا يخنقن‬ ‫أنوثتهنّ ؟؟ وغالبا ً ما نجد الرجال يقمعون النساء اللواتي‬ ‫على اتصال مباشر بهم بشكل خفيّ وغير مباشر‪ ،‬وفي‬ ‫أحيان أخرى مباشر‪.‬‬ ‫إنّ هذا الملل الذي اعترى هذا الموضوع ليس إلاّ‬ ‫نتيجة المهاترات التي أثيرت حوله وليس إالّ نتيجة‬ ‫التكرار المم ّل لألفكار ذاتها والجمل والشعارات‬ ‫المضحكة ذاتها دون م ّد أيّ يد مساعدة حقيقيّة أليّة‬ ‫امرأة تعاني االضطهاد أو هي ضحيّة العنف الحقيقيّ ‪،‬‬ ‫فلم نسمع مثالً عن أيّ تغيير في القوانين‪ ،‬أو عن أيّ‬ ‫مركز للنساء على مستوى إنتاجيّ فعّال‪ .‬ك ّل ما سمعنا‬ ‫به هو الندوات المملّة والحفالت الممجوجة والمكرّ رة‪.‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬فبوسعي ح ّقا ً أن أعذر أيّ ابتعاد عن هذا‬ ‫الموضوع‪ ،‬وأيّ رفض للنقاش فيه‪.‬‬

‫ريم احلاج‬

‫إنّ عمليّة معايشة الطفل لعالم األشياء يثير في‬ ‫نفسه‪ ،‬ليس االنفعاالت اإليجابيّة وحسب‪ ،‬بل والسلبيّة‬ ‫أيضاً‪ ،‬خاصّة الشعور بالخوف والفزع ولنقل‪ :‬إنّ‬ ‫أولى ردود الفعل العاطفيّة لدى الطفل الرضيع أش ّد‬ ‫ما توحي بشعور الخوف والفزع‪ ،‬وهذه تظهر عند‬ ‫سماعه لألصوات الحا ّدة والقويّة‪ ،‬ومع ازدياد مقدرة‬ ‫الطفل على إدراك األشياء واستيعابها‪ ،‬فإنّ إمكانيّة‬ ‫ظهور مشاعر الخوف السافرة عنده تزداد بش ّدة‪،‬‬ ‫فيمكن أن يفزع من رؤية األشياء الجديدة (غريبة‬ ‫المظهر)‪ ،‬أو كبيرة الحجم أو المجهولة أو المستعصية‬ ‫على الفهم واإلدراك‪ ،‬أو التي تظهر أمامه بصورة‬ ‫ْ‬ ‫مفاجئة‪ ،‬فقد وُ‬ ‫صفت حوادث انتاب األطفال خاللها‬ ‫فزع من رؤية بساط زاهي األلوان‪ ،‬معلّق على الحائط‬ ‫بجانب سريرهم‪ ،‬بالرّ غم من أنّ الوالدين كانا يعتقدان‬ ‫أ ّنهما سيدخالن البهجة والسرور إلى نفس أطفالهما‪،‬‬ ‫والنتيجة كانت عكسيّة ‪ ،‬واختبأ أحد اآلباء وهو يالعب‬ ‫ابنه‪ ،‬ث ّم ظهر أمامه فجأة في قبعة كبيرة غريبة الشكل‪،‬‬ ‫وذلك بغية إثارة الضحك والمرح لديه‪ ،‬والنتيجة كانت‬ ‫إصابة الطفل بالفزع‪ ،‬بدالً من السرور والضحك‪.‬‬ ‫فالطفل يمكن أن يُصاب بالفزع بسبب خوفه‬ ‫أخذت ّ‬ ‫ْ‬ ‫القطة بالهمهمة‬ ‫الغريزيّ إذا سمع نباحا ً قو ّياً‪ ،‬أو‬ ‫ونفض الشعر‪ ،‬أو إذا أ ُ ْ‬ ‫غلقت النافذة بش ّدة‪ ،‬أو إذا رنّ‬ ‫الجرس فجأ ًة‪ ،‬إالّ أنَّ غياب الخوف الغريزيّ عند‬ ‫الطفل هو حالة أوّ ليّة‪ ،‬حيث ال يت ّم المحافظة عليها‬ ‫عند أغلب األطفال‪ ،‬لذا فإ ّنه في الكثير من األحيان‪،‬‬ ‫يكون األهل بالذات مذنبين في زرع شعور الخوف‬ ‫في نفوس أبنائهم‪ ،‬فنحن ّ‬ ‫نحذر الطفل بصوت مخيف‪:‬‬ ‫إيّاك أن تقرب ذلك الكلب (فإ ّنه يعضّ )‪ ،‬أو أنْ نتذمَّر‬ ‫أمامه قائلين‪ :‬عليكم أن تبعدوا كلبكم من هنا‪ ،‬أال ترون‬ ‫بصحبتنا طفل؟‬ ‫أو أن نل ّقنهم‪ :‬األفاعي والضفادع هي مخلوقات‬ ‫مخيفة ومقرفة‪ ،‬أو كأن نقول‪ :‬كم أفزع من رؤية‬ ‫الصرصور البشع!؟‬ ‫وأيضا ً قد يناقش األهل في حضرة الطفل‪ ،‬باهتمام‬ ‫مسألة العثور على الشخص والمكان المناسب الذي‬ ‫يمكن أن يرعى الطفل أثناء غيابهم عن البيت‪ ،‬لتقوم‬ ‫األ ّم أخيراً بالذهاب بطفلتها إلى جارتها‪ ،‬كي ال تتركها‬ ‫وحيدة في البيت أو أن (تسحبها) وراءه��ا للمكان‬ ‫الذي ترغب بالذهاب إليه خوفا ً من تركها بعيدة عن‬ ‫ناظريها‪ ،‬وهنا يبدأ الطفل بالتحسّب والخوف من ك ّل‬ ‫شيء‪ ،‬فهو يخاف الضفادع والصراصير واألفاعي‬ ‫والسحالي والكالب والفئران‪ ،‬وح ّتى القطط‪ ،‬ويخاف‬ ‫البقاء في البيت وحيداً‪ ،‬ويتولَّد الكثير من صور الفزع‬ ‫عند الطفل‪ ،‬تحت تأثير األصوات المدوّ يَّة الحا ّدة‪،‬‬ ‫أو ظهور الشيء المفاجئ‪ ،‬أو األشياء التي يوحي‬ ‫مظهرها بشعور المعاناة واأللم‪ .‬لذلك الحديث هنا‬ ‫يدور عن وجوب االبتعاد ما أمكن عن ك ّل شيء يمكن‬ ‫أن يثير الفزع لدى الطفل‪ ،‬وأن ُنخ ّفف‪ ،‬إلى ح ٍّد ما‪،‬‬ ‫من تأثير هذه الحاالت‪ ،‬التي يمكن أن يصاب الطفل‬ ‫فيها بالخوف‪ ،‬وأن الندفع بأنفسنا إلى حاالت الرعب‬ ‫والخوف‪ ،‬لئلاّ يعانى القلق‪ ،‬وكذلك نؤ ّكد بأنّ الصراخ‬ ‫واللهجة الحا ّدة التي يمكن أن يتح ّدث بها األهل في‬ ‫البيت أمام الطفل‪ ،‬ال يمكن أن ُتدخل الهدوء إلى نفسه‬ ‫وتخ ّفف من اضطرابه‪ ،‬ومن المؤ ّكد أ ّنكم الحظتم‬ ‫كيف ينتفض الطفل خوفا ً لدى سماعه صرخة حا ّدة‪،‬‬ ‫ويخاف بدرجة أكبر‪ ،‬إذا أخذتم بالصراخ الواحد في‬ ‫وجه اآلخر أثناء وجوده بقربكم‪.‬‬ ‫هذا في الحياة العاديّة‪ ،‬الطبيعيّة‪ ،‬بعيداً عن حالة‬ ‫الحرب والكوارث الطبيعيّة‪.‬‬ ‫فكيف سيكون شعور الطفل‪ ،‬وتأثير الخوف عليه وهو‬ ‫ما‬ ‫يعيش حالة الحرب في بالده؟‬ ‫مصير هذا الطفل في المستقبل من الناحية النفسيّة‬ ‫والشخصيّة واإلبداعيّة؟‬ ‫هل سيتأقلم؟‬ ‫أم؟؟؟‬ ‫لكم مطلق الجواب فيما يخصّ مستقبل الطفل‬ ‫السوريّ ‪.‬‬ ‫وجيهة عبد الرمحن‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪15‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫ثقافة‬

‫اإلسالمي ‪3/3‬‬ ‫العربي‬ ‫قراءة في جذور العنف في التفكير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقاربة في نشأة العنف‬

‫عن البنية العميقة التي ترتكز عليها‬ ‫منطلقات هذه الجماعات وعقيدتها‬ ‫وإيديولوجيتها العامّة التي تنطلق‬ ‫منها‪.‬‬

‫قراءة بسيطة لما تشهده منطقتنا من الصعود القويّ‬ ‫والسريع للتيّارات السلفيّة الجهاديّة التكفيريّة اإلسالميّة‬ ‫كالقاعدة وال��دول��ة اإلسالميّة في ال��ع��راق والشام‬ ‫المعروفة اختصاراً بداعش‪ ،‬تدفع إلى البحث والتساؤل‬

‫فالسلفيّة الجهاديّة نجحت بامتياز في الدمج بين‬ ‫التوحيد بمعناه الحنبليّ الجديد‪ ،‬كما أسّسه ابن تيميّة‪،‬‬ ‫وفصّله ابن عبد الوهاب والمدرسة السلفيّة‪ ،‬وبين حاكميّة‬ ‫قطب‪ ،‬ذات الطبيعة الفكرويّة‪ .‬كما أ ّنها نجحت في الدمج‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫إذن‪ ،‬العامل الرئيس واألساس لفقدان لغة الحوار‬ ‫والمناقشة في المجتمعات العربيّة واإلسالميّة وطغيان‬ ‫روح اإلرهاب والعنف والقتل والكراهية واإلقصاء‬ ‫واإللغاء في هذه المجتمعات‪ ،‬هو سيادة الثقافة البدويّة‬ ‫على هذه المجتمعات التي اكتسبت هذه الثقافة نتيجة‬ ‫استمرار وقوعها تحت هيمنتها لفترة تمت ّد أكثر من‬ ‫أربعة عشر قرناً‪.‬‬

‫ال يخفى على أيّ قارئ أنّ الثقافة‬ ‫الشموليّة التي تطبع المجتمعات‬ ‫اإلسالميّة عامّة والعربيّة خاصّة‪،‬‬ ‫تقوم على العنف وإلغاء اآلخ��ر‪،‬‬ ‫وبذلك ال تدع وجوداً لآلخر للتحاور‬ ‫معه‪ ،‬هذه الثقافة المختلفة هي نتاج‬ ‫ترسّبات تاريخيّة تراكمت في عقل‬ ‫اإلنسان العربيّ والمسلم خالل حقبة‬ ‫طويلة من الزمن‪ ،‬والتي أنتجت ذاك‬ ‫النمط من الثقافة العربيّة المتزمّتة‬ ‫والشخصيّة العدوانيّة التي نراها‬ ‫اليوم‪ ،‬والمبنيّة على الكراهية والعنف‬ ‫واإلره��اب وروح الثأر واالنتقام‬ ‫واإلق��ص��اء واإلل��غ��اء‪ ،‬لذلك عند‬ ‫الحديث عن موضوع الثقافة العربيّة‬ ‫هذه‪ ،‬يجب البحث عن العوامل التي‬ ‫أوج��دت تلك الثقافة‪ ،‬والبيئة التي‬ ‫ترعرعت فيها المجتمعات العربيّة‬ ‫واإلسالميّة والتي ساهمت في خلق‬ ‫الشخصيّة الحالية‪.‬‬

‫بالمقابل الدين اإلسالميّ فاعل مه ّم‪ ،‬بك ّل تراثه‬ ‫الذي يملي التطرّ ف ويستدعى الفردانيّة ويسبغ بالتالي‬ ‫القدسيّة‪ ،‬على ك ّل األفعال التي من شأنها نشر هذا الدين‪،‬‬ ‫والتاريخ اإلسالميّ بغزواته وفتوحاته فيه من القصص‬ ‫التي توضح آليّة التبرير لذاك النمط من التفكير العنيف‬ ‫في عملية الغزو للشعوب األخرى‪.‬‬

‫بعد ظهور الدعوة اإلسالميّة في‬ ‫شبه الجزيرة العربيّة بين مجموعة‬ ‫من القبائل العربيّة البدويّة‪ ،‬قام هؤالء العرب البدو‬ ‫بنشر الدين اإلسالميّ ‪ ،‬بإشهار سيوفهم في وجوه‬ ‫الشعوب األخرى وغزو بلدانها و نهبها وفرض الدين‬

‫ففي الدين مجموعتان من النصوص المتعارضة‪،‬‬ ‫نصوص تدعو للغلظة والخشونة‪ ،‬وأخرى تدعو للرأفة‬ ‫واإلحسان‪ ،‬والمجتمع وهو يختار‪ ،‬يمارس نوعا ً من‬ ‫أنواع التعسّف‪ ،‬الذي تمليه الثقافة وربّما البيئة أو‬ ‫الظرف السياسيّ أو االقتصاديّ ‪.‬‬

‫السلفّية الجهادّية‬ ‫مقاربة في الروافد الفكرّية‬

‫بعد التم ّدد المهول في نشاط قوى السلفيّة الجهاديّة‬ ‫واستطاالتها في سورية والعراق‪ ،‬ووالدة ما سميّ ‪:‬‬ ‫«الدولة اإلسالميّة في الشام والعراق» هل من الممكن‬ ‫أن نستمرّ في القول إنّ عملها عشوائيّ ‪ ،‬تقوم به‬ ‫مجموعة من الال عقالنيّين‪ ،‬الذين يكرهون الحداثة‬ ‫وأسلوب الحياة المعاصرة؛ أيّ أ ّنه مجرّ د فكر عدميّ‬ ‫وفوضويّ ال أساس له‪ ،‬إنّ القول بعدميّة ومجانيّة‬ ‫«الفكر الجهاديّ »‪ ،‬ليس دقيقا ً ألنّ هذه التنظيمات أثبتت‬ ‫قدرتها على التكيّف مع المستج ّدات‪ ،‬لدرجة تحوّ لها‬ ‫من شبكة مركزيّة نسب ّياً‪ ،‬إلى منظومة بدون هيكل‬ ‫قيادة واضح‪ ،‬ث ّم إلى حالة ُتلهم الجماعات المتش ّددة‬ ‫شرقا ً وغرباً‪ ،‬في إطار خاليا نائمة غير ممركزة‪ ،‬قد‬ ‫يقوم على قيادتها أفراد تربّوا في عمق الحداثة وبين‬ ‫ضفافها‪ ،‬لك ّنهم يعملون بالباطن‪ ،‬بظ ّل إيديولوجيا ما‬ ‫يسمّى بـ «السلفيّة الجهاديّة»‪.‬‬

‫الجديد على شعوب تلك الدول أو فرض الجزية عليها‬ ‫وسبي نسائها لمن يرفض الدخول في الدين الجديد‪.‬‬

‫البيئة كذلك (االجتماعيّة والطبيعيّة) أيضا ً بك ّل‬ ‫ّ‬ ‫مؤثراتها‪ ،‬ابتداء بجفاف الصحراء وما تنتجه من جفاف‬ ‫في األرواح وانتها ًء بك ّل مظاهر التخلّف والجهل الذي‬ ‫تسبح به فعّاليّات التعليم أو التنشئة االجتماعيّة أو‬ ‫ما إلى ذلك‪ ،‬كلّها عوامل ساهمت ببقاء ذاك الجانب‬ ‫العنيف وطغيانه على بقيّة المظاهر التي رافقت عمليّة‬ ‫احتكاك هؤالء الغزاة والفاتحين بغيرهم من الشعوب‬ ‫والحضارات‪.‬‬

‫لقد قامت الثقافة التي أنجبت التطرّ ف السلفيّ ‪ ،‬بعمليّة‬ ‫بحث في ك ّل التاريخ اإلسالميّ سعيا ً وراء فكر يتالءم‬ ‫وتوجّ هاتها‪ ،‬وهكذا إلى أن وجدت ابن تيميّة‪ ،‬وفتاويه‪،‬‬ ‫أيّ أ ّنها نجحت بالتالي في إيجاد ثوب إسالميّ يناسب‬ ‫مقاسات واقعها (القبائليّ ‪ -‬الصحراويّ )‪.‬‬ ‫و قد أشار وائل حلاّ ق الباحث الكن ّدي (من أصل‬ ‫فلسطينيّ ) في دراسة مهمّة حول جذور العنف الدينيّ‬ ‫في اإلسالم إلى أنّ أحد األسباب الرئيسيّة لإلرهاب‬ ‫اإلسالميّ » هو انحسار دور الفقيه التقليديّ والمنظومة‬ ‫الفقهيّة الكالسيكيّة التي كانت تو ّفر الع ّدة التأويليّة‬ ‫للجماعة المسلمة‪ ،‬ممّا ولّد حالة اغتراب حا ّدة عمّقتها‬ ‫المحاوالت التجديديّة المؤدلجة العقيمة والضعيفة‬ ‫علم ّياً‪ ،‬بهذا المعنى تكون التجديديّة المذكورة من‬ ‫ّ‬ ‫المغذية للتطرّ ف الدينيّ بدالً من أن تكون من‬ ‫الشرايين‬ ‫وسائل محاربته‪«.‬‬ ‫فأصبح الفرد يعيش متناقضات القيم التي ُتربّيها‬ ‫شريعته ومنجزات الحداثة الما ّديّة وما تتيحه له‪.‬‬ ‫إنّ هذا المزيج من الحداثة والقيم يشوّ ش على الفرد‬ ‫والمجتمع بشكل عا ّم لدرجة تغيب فيها القدرة على‬ ‫التحليل واالستيعاب من أجل االختيار‪ ،‬اختيار سلطة‬ ‫اإلله وقيم الشريعة‪ ،‬أو اختيار سلطة الدولة الحديثة‬ ‫ومنجزاتها التي تسرّ الناظرين‪ .‬إنّ قرنين من الزمن‬ ‫أنتجا فرداً يمكن أن نسمّيه شبه مسلم‪ ،‬أل ّنه لم يح ّدد‬ ‫بعد المسار الذي يريده‪ .‬وما التطرّ ف اإلسالميّ وفشل‬ ‫اإلسالم السياسيّ قبل وخالل ما يسمّى بالربيع العربيّ‬ ‫إلى اآلن‪ ،‬إلاّ نموذجا ً لهذا االضطراب والتر ّدد الداخليّ‬ ‫بين عالمين وبين سلطتين‪:‬‬ ‫سلطة اإلله‪ ،‬وسلطة الدولة‪.‬‬

‫عبدو نيب‬

‫الروافد الفكريّة للسلفيّة اجلهاديّة‪ ،‬هي مزيج من فتاوى ابن تيميّة‬ ‫وحممّد بن عبد الوهاب واملدرسة احلنبليّة‪ ،‬ومن طروحات سيّد قطب‪.‬‬ ‫الشيخ الفقي‪ :‬القوانني نفسها طواغيت‪ ،‬وواضعوها ومروّجوها طواغيت‬

‫ب��ي��ن ت��ج��رب��ة السلفيّة الجهاديّة‪ ،‬مع بعض التأويالت والتلوينات تحقيقها‪.‬‬ ‫ال�����ج�����ه�����اد القطبيّة الحاكميّة‪ ،‬والواقعيّة‪.‬‬ ‫المفهوم الثاني‪ :‬مفهوم «دار اإلسالم ودار الكفر»؛‬ ‫األفغانيّ ‪ ،‬في‬ ‫من هنا‪ ،‬فإنّ األسس الفكريّة لما يعرف بالسلفيّة ويتجاوز السلفيّون الجهاديّون من خالله‪ ،‬التصوّ ر‬ ‫ج��ه��اد ال��ع��دو المعاصرة‪ ،‬إ ّنما ّ‬ ‫تتمثل‪ ،‬في نظر المؤلّف‪ ،‬في التسليم السائد والتقليديّ لمفهوميّ «دار اإلسالم ودار الكفر»‪،‬‬ ‫البعيد‪ ،‬وبين واالستسالم لنصوص الكتاب وال ُّس ّنة‪ ،‬وتفسيرها بال بأنّ األولى هي َمن أهلها مسلمون‪ ،‬وأنّ الثانية هي َمن‬ ‫جهاد األنظمة تأويل وال هوى‪ ،‬وأنّ األصول ثالثة هي الكتاب وال ُّس ّنة يكون أهلها كافرين‪ ،‬مؤ ّكدين على أه ّميّة الغلبة ألحكام‬ ‫ال���ق���ط���ريّ���ة‪ ،‬وإجماع األمّة‪ ،‬واعتبار أهل القبلة مسلمين مؤمنين‪ ،‬ما اإلسالم‪ ،‬بما معناه ألاّ اعتبار لألهل ولدينهم في هذه‬ ‫العدو القريب‪ ،‬داموا بما جاء به النبي صلى هللا عليه وسلم معترفين المسألة‪.‬‬ ‫«وذل��ك حسب ومص ّدقين‪ ،‬والتبرؤ من أهل األهواء والبدع والتأويل‬ ‫المفهوم الثالث‪ :‬مفهوم «الجهاد طريق التوحيد»؛‬ ‫ت��ص��ن��ي��ف��ات��ه��ا‬ ‫من المشبهة والمعطلة‪ ،‬الذين يأخذون الدين بالعقل أو أي أنّ الجهاد قد ُ‬ ‫شرّ ع من أجل التوحيد‪ ،‬اعتباراً لقول‬ ‫بالطبع»‪ ،‬على بغير س ّنة اال ّتباع‪ ،‬عند الصحابة والسلف الصالح‪.‬‬ ‫عبد هللا عزام‪« :‬إنّ من ذهب إلى الجهاد عاد بغير‬ ‫أنّ المشترك‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬يؤ ّكد منظرو السلفيّة الجهاديّة‪ ،‬على القلب الذي ذهب به»؛ بمعنى أ ّنه لن يبقى على نفس‬ ‫ال���ن���اظ���م هو‬ ‫ّ‬ ‫التمثل للذات ولآلخر‪.‬‬ ‫كراهية الحداثة مقوالت ع ّدة‪ ،‬من قبيل صراع الحضارات‪ ،‬باعتباره الرؤية وال على نفس‬ ‫ال���غ���رب���ي���ة‪ ،‬حقيقة وواقعاً‪ ،‬فضالً عن كونه س ّنة ربانيّة‪ ،‬هي س ّنة‬ ‫المفهوم الرابع‪ :‬مفهوم «ال��والء والبراء»‪ ،‬بما‬ ‫ل�������درج�������ة التدافع بين أهل اإليمان وأهل الكفر‪ ،‬وأنّ الجهاد ٍ‬ ‫ماض معناه م��واالة المؤمنين ونصرتهم‪ ،‬والتبرّ ؤ من‬ ‫ّ‬ ‫الرفض‪.‬‬ ‫إلى يوم القيامة‪ ،‬وأنه القانون الوحيد للتعامل مع غير الكافرين ومعاداتهم‪ .‬إلاّ أنّ السلفيّين الجهاديّين يلحّ ون‬ ‫ّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬ح ّ‬ ‫واألسس‪،‬‬ ‫المبادئ‬ ‫هذه‬ ‫ل‬ ‫وتمث‬ ‫يسلموا‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ت‬ ‫على أنّ البراء ال يقف عند الكراهية‪ ،‬بل يمت ّد إلى‬ ‫إنّ الروافد‬ ‫الفكريّة للسلفيّة العالمات المميّزة للنظام المعرفيّ للسلفيّة الجهاديّة‪ ،‬ضرورة التكفير‪ ،‬ويكتبون في تقعيده وأه ّميّته‪ ،‬خاصّة‬ ‫ً ّ ً‬ ‫ال��ج��ه��اديّ��ة‪ ،‬الذي تمايز تمايزا كل ّيا عن رافديه األساسيّين السلفيّة فيما يتعلّق باألنظمة الحاكمة في المنطقة‪ ،‬التي توصف‬ ‫ّ‬ ‫ه����ي م��زي��ج التقليديّة والقطبيّة‪ ،‬ويقطع كليّة مع غيره من الحركات عندهم وبأدبيّاتهم بالطواغيت‪.‬‬ ‫اإلسالميّة األخرى‪ ،‬بدءاً من اإلخوان المسلمين ح ّتى‬ ‫المفهوم الخامس‪ :‬مفهوم «الطاغوت»‪ .‬وتكاد‬ ‫م����ن ف���ت���اوى مراجعات الجماعة اإلسالمّية في مصر‪ ،‬أو غيرهما‬ ‫تقصره السلفيّة الجهاديّة على الحكم بالقوانين الوضعيّة‪،‬‬ ‫اب����ن ت��ي��م��يّ��ة من الحركات الناسجة على منوالها‪.‬‬ ‫ومحمّد بن عبد الوهاب والمدرسة الحنبليّة‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫والحاكمين بها من األنظمة الحاكمة في العالمين‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫السلف‬ ‫فكر‬ ‫ّس‪،‬‬ ‫س‬ ‫تؤ‬ ‫كبرى‬ ‫مفاهيم‬ ‫خمسة‬ ‫هناك‬ ‫من طروحات سيّد قطب وأبي األعلى المودودي‪ ،‬فيما‬ ‫العربيّ واإلسالميّ ‪ .‬يقول الشيخ محمّد حامد الفقي‪:‬‬ ‫الفعل‪:‬‬ ‫ومجال‬ ‫السياق‬ ‫له‬ ‫وترسم‬ ‫ّة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الجهاد‬ ‫يتعلّق بالحاكميّة‪ ،‬التي على أساسها بنى بعض السلفيّين‬ ‫«القوانين نفسها طواغيت‪ ،‬وواضعوها ومروّ جوها‬ ‫(حزب التحرير تحديداً) تصوّ رهم للديمقراطيّة‪ ،‬بارتباط‬ ‫المفهوم األوّ ل‪ :‬مفهوم التوحيد‪ ،‬وهو مفهوم مركزي طواغيت»‪ .‬وهذا في ح ّد ذاته كافّ ليس فقط للطعن‬ ‫ومفهوم الخالفة وبناء الدولة اإلسالميّة‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫تمثلهم في النظام السلفيّ عموماً‪ ،‬لك ّنه يأتي متمايزاً في في النصوص واللوائح الوضعيّة‪ ،‬بل ورفضها رفضا ً‬ ‫لالتفاقيّات الدوليّة والقانون الدوليّ عموماً‪ .‬على أنّ خطاب السلفيّة الجهاديّة عمّا سواه‪ ،‬متماهيا ً مع مفهوم مطلقا ً في االعتقاد كما في تنظيم العالقات بين مكوّ نات‬ ‫ما يميّز هؤالء عن الحركات المتش ّددة‪ ،‬إ ّنما الموقف الحاكميّة القطبيّ بشكل بعيد‪ .‬ولمفهوم الحاكميّة أبعا ٌد الجماعة واألمّة‪..‬‬ ‫من التغيير باألدوات العنفيّة‪ ،‬واالرتكاز على التغيير متع ّددة‪ ،‬فهو يتجلّى سياس ّيا ً في رفض الحكم بغير ما‬ ‫ما حاولنا أن نق ّدمه من ق��راءة سريعة للروافد‬ ‫بالقوّ ة‪.‬‬ ‫أنزل هللا‪ ،‬وتكفير الحاكمين والقوانين الوضعيّة‪ ،‬بينما الفكريّة للسلفيّة الجهاديّة ما هو إلاّ مشاركة بسيطة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫السلفيّة الجهاديّة‪ ،‬بمقوالتها وبناها‪ ،‬ليست إلاّ يتجلى اجتماع ّيا في التصوّ ر الحاكميّ للمجتمع‪ ،‬الذي في تسليط الضوء على المراجع الفكريّة لها‪ ،‬ألنّ‬ ‫خليطا ً منسجما ً من القطبيّة الجهاديّة والوهابيّة؛ أي من صارت تسكنه ما يسمى بـالجاهليّة الجديدة‪ .‬وتلتزم الحرب على اإلرهاب‪ ،‬في جزء كبير منها‪ ،‬هي حرب‬ ‫حاكميّة سيّد قطب‪ ،‬وتوحيد محمّد بن عبد الوهاب‪ .‬فهي السلفيّة الجهاديّة نفس التقسيم النظريّ للسلفيّة الوهّابيّة أفكار في المقام األوّ ل‪ ،‬إلاّ أّن هذه الحرب ال زالت‬ ‫من هنا‪ ،‬ليست نتاجا ً خالصا ً للفكر القطبي‪ ،‬ح ّتى وإن والتيميّة التقليديّة‪ ،‬للتوحيد‪ ،‬وهي‪ :‬توحيد األلوهيّة‪ ،‬بحاجة للكثير من األدوات والوسائل‪ ،‬التي يمكنها أن‬ ‫تقاطعت معه في الجانبين العقدي والفقهي‪ ،‬وأخذها منه وتوحيد الربوبيّة‪ ،‬وتوحيد األسماء والصفات؛ وهي تف ّكك المنطلقات الفكريّة‪ ،‬والمقوالت األيديولوجيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشق النظريّ الذي تشترك فيه جميع المدارس السلفيّة التي ّ‬ ‫لفكرة الحاكميّة‪ ،‬إ ّنها صاحبة صياغة سلفيّة تاريخيّة‪،‬‬ ‫تمثل معا ً خطاب ومرجعيّة كثير من التنظيمات‬ ‫منذ‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫السلف‬ ‫بالمدرسة‬ ‫تقسيم‬ ‫وهو‬ ‫بالخصوص‪،‬‬ ‫خاصّ‬ ‫تستلهم التصوّ ر العقدي والفقهي السلفيّ ‪ ،‬كما تأسّس‬ ‫الجهاديّة المعاصرة‪.‬‬ ‫عند تالميذ ابن تيميّة وابن عبد الوهاب‪ .‬والسلفيّة عهد ابن تيميّة ح ّتى اآلن‪ .‬وتربط السلفيّة الجهاديّة بين‬ ‫الحنبليّة والوهابيّة كانت مرجعيّة أوسع‪ ،‬نتجت عنها التوحيد والجهاد‪ ،‬إذ التوحيد غاية‪ ،‬والجهاد من وسائل‬ ‫صالح الدين داود‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪15‬‬

‫ثقافة‬

‫من ذاكرة‬ ‫الصحافة‬ ‫بين عاميّ ‪ ،1918 -1908‬كان عدد الصحف‬ ‫في دمشق ‪ 36‬صحيفة‪ ،‬وحلب ‪ 22‬صحيفة‪،‬‬ ‫وحمص ‪ 6‬صحف‪ ،‬وحماة ‪ 6‬صحف‪ ،‬والالذقيّة ‪5‬‬ ‫صحف‪ ،‬والقنيطرة واحدة‪.‬‬ ‫لكن إذا استعرضنا أسماء بعض الصحف‪،‬‬ ‫فنستطيع أن نستقرئ حالة اإلحباط واليأس والطالق‬ ‫بين الفرد والسلطة الحاكمة مثل‪« :‬حط بالخرج ‪-‬‬ ‫ضاعت الطاسة ‪ -‬جحا‪ -‬عكاز‪ -‬انخلي يا هاللة‪...‬‬ ‫إلخ» وهذا التركيب «انخلي يا هاللة» مث ٌل شعبيّ‬ ‫قصّته أنّ زوج هاللة سرق كيسا ً من الطحين‪ ،‬فأتى‬ ‫صاحبه وتالسن معه‪ ،‬ث ّم قال له‪ :‬سوف أشتكي‬ ‫للقاضي‪ .‬فقال السارق لزوجته‪« :‬انخلي يا هاللة»‬ ‫ومن ث ّم ذهب مثالً شعب ّيا ً يُطلق اليوم على ك ّل من‬ ‫يريد أن يأخذ ح ّقه عن طريق المحكمة‪.‬‬ ‫لكن ما يجب التو ّقف عنده أنّ جريدة كانت‬ ‫تصدر في دمشق عام ‪ 1912‬باسم االشتراكيّة‪ ،‬أيّ‬ ‫قبل قيام الثورة االشتراكيّة في روسيا‪.‬‬ ‫بين عامي (‪ )1918 -1908‬ظهر نوع من‬ ‫الصحافة المهاجرة‪ ،‬فمثالً مواطن من الالذقيّة‬ ‫يدعى «بهاء الدين الصوفي» أصدر في بيروت‬ ‫صحيفة باسم «العجائب» عام ‪ .1913‬كذلك أصدر‬ ‫«إلياس طربيه» باالشتراك مع «يوسف نحّ ال»‬ ‫في البرازيل جريدة «الرقيب» بتاريخ ‪ 15‬كانون‬ ‫األوّ ل ‪.1917‬‬ ‫والواقع أنّ الصحافة السوريّة منذ مائة عام‬ ‫عكست أح��وال المجتمع ال��س��وريّ االقتصاديّة‬ ‫واالجتماعيّة والسياسيّة بصدق‪ ،‬وقد استخدمت‬ ‫بعض الصحف السخرية المؤلمة البتكار العديد من‬ ‫الطرق في النقد الالذع والموجع‪ ،‬فجريدة «حط‬ ‫بالخرج» استعملت الطريقة الهزليّة التي التجأت‬ ‫إليها الصحافة السوريّة منذ مائة عام لتتهرّ ب من‬ ‫الجالوزة بقصيدة طريفة أقتبس منها هذه األبيات‪:‬‬ ‫طناجر الرز فيها منتهى أملي‬ ‫الكسل‬ ‫وقصعة اللحم تنهاني عن‬ ‫ِ‬ ‫أكلي أخيراً وأكلي أوالً قصع‬ ‫واشتغل‬ ‫في دهنها سقسق الخبزات‬ ‫ِ‬ ‫لكنّ المتابع للصحافة السوريّة في هذه المرحلة‬ ‫يالحظ‪:‬‬ ‫أوّ الً‪ :‬انتشار صحافة السخرية والنقد الالذع‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬أصبحت بعض الصحف تصدر يوم ّيا ً مثل‬ ‫«صحيفة األمّة» و»هالل عثماني»‪ ،‬و»المقتبس»‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬تنوّ عت المواضيع فأصبحت اجتماعيّة‬ ‫وفنيّة واقتصاديّة وأخالقيّة وسياسيّة‪ ،‬كانت أه ّم‬ ‫الصحف في هذا المجال‪ :‬هالل عثماني‪ ،‬الشعب‪،‬‬ ‫المنتخبات‪ ،‬البارقة‪ ،‬األمّة‪ ،‬المقتبس‪.‬‬ ‫وكان يرأس تحرير هذه الجريدة (محمّد كرد‬ ‫علي)‪ ،‬وكانت من أفضل الصحف‪ ،‬ألنّ صحف‬ ‫تلك الفترة لم تكن جميعها بالمستوى نفسه‪.‬‬

‫حول كتاب‬ ‫«األمثال الكوردّية»‬

‫الكورد كغيرهم من شعوب العالم لهم ثقافتهم‬ ‫وحضارتهم‪ ،‬وكذلك أمثالهم الشعبيّة التي يستخدمونها‬ ‫في حياتهم اليوميّة بحسب الموقف‪ ،‬فنرى الشجاعة‬ ‫والجبن‪ ،‬الحبّ والخيانة‪ ،‬والحِكم وتفاصيل الحياة‬ ‫اليوميّة مما يُذكر في أمثالهم‪.‬‬ ‫وقد قام المحامي «علي عبد هللا كولو» من مدينة‬ ‫الدرباسيّة (محافظة الحسكة)‪ ،‬بجهد كبير في هذا‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً كتاب األمثال الكورديّة‬ ‫المجال‪ ،‬حيث أصدر‬ ‫عن دار (باتمان) للنشر‪.‬‬ ‫وأله ّميّة هذا العمل وتميّزه التقت «كلّنا سوريّون»‬ ‫بالمؤلّف إللقاء المزيد من الضوء على الكتاب‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫آهات‪..‬‬

‫مِتل الصبح‪..‬‬

‫ت معي بتبقى‪..‬‬ ‫وإن ِ‬

‫بتذ َّكرك‬

‫وبص ِّدق عيونك‬

‫يلي بدا بـ خاطِ َرك‬

‫جحود‬

‫ربيان بالعتمة‬

‫آهين يا بلدي‪..‬‬

‫بتذ ّكرك‪.‬‬

‫وبعرف من الضحكة‬

‫ونورك مدى األيام‬ ‫َ‬

‫حِس َنك حزن ضحكان‬

‫مِتل الطِ فل‪ ..‬عم تِلعب‬ ‫قِبالي‬

‫مين الـ عم يخونك‬

‫يا آخد الروح الجريحة‬ ‫بخنجرك‬

‫ِضل‬ ‫ما كان فِيك ت َ‬

‫واس َمك على صوتي جرح وروح الحِسن‪ ..‬حِز َنك‬ ‫وجرحي ح َمل اسمي‪..‬‬

‫متل الصبر‬

‫ومات االسم بالشام‪.‬‬

‫أصعب من طِ باق الجمر‬

‫آهين يا بلدي‪..‬‬

‫وما لي غنى ع ِّنك‬

‫مِتل الحكي‪..‬‬

‫آهين يا بلدي‬

‫خبي َتك بصدري‬

‫شو بوص َفك؟ ِقلِّي‪..‬‬

‫وباح الن َفس بال َهم‬

‫وبيسألوني الناس‪..‬‬ ‫بالقهر وال ِقلّة‬ ‫شو ولّعك‬ ‫ِ‬

‫مكتوب َع لونِن‬

‫يا ريت في عندي حكي‬

‫أسود‪ ..‬وكِحلو دم‪.‬‬

‫يشبه مواوي َلك‬

‫آهين يا بلدي‪..‬‬

‫يشبه دفا بردَ ك‬

‫مِتل العمر‪..‬‬

‫يشبه قمر ِبس َماك‬

‫ِبتمر ِق ّدامي‬

‫يشبه صالة الصبح‬

‫وبتِنسرق سِ رقة‬

‫من بعد سكرتنا أنا وياك‬

‫والـ سِ ارقك بيروح‬

‫‪-------‬‬

‫وشافُوك بعيوني‬

‫وبيّ بقلبي َعمّرك‪..‬‬ ‫بتذ ّكرك‪..‬‬

‫يا حيف تنسى كلمتي‪..‬‬ ‫وتِلحق ظنونك‪..‬‬ ‫بتذ ّكرك‪..‬‬

‫شورْ َتك‪..‬‬ ‫قديش َم َ‬ ‫وشو ِّ‬ ‫نط ْ‬ ‫رت وقتي‪..‬‬

‫لمّا الزمان َت َّقل عليك‬ ‫وحمّلك‬

‫‪--------‬‬‫وكتبت‪..‬‬ ‫يا حرف‪..‬‬ ‫يا طِ ول صبري َع الوقت‬ ‫ناطِ ر يجي وق َتك‬

‫بلكي يجي وقتك‪..‬‬

‫وكانو شبابك مو إلك‬

‫ولمّا الشمس طِ ْ‬ ‫لعت‬ ‫َطلّعت ‪ ..‬ما شِ فتكْ‬

‫وكانت عمامات الوهم‬

‫يا كيف َمرّ قت العمر‬ ‫يا كيف ّ‬ ‫نطرتك‬

‫تسوقن ع سهرة َمق َتلك‬

‫يا كيف ّ‬ ‫نطرت الحلم‬

‫وكان الهوى‪ ..‬ك ّل الهوى‬ ‫جنوبي‬

‫يا كيف مرّ ق َتك‬ ‫يا ريتني ّ‬ ‫خطيت‪..‬‬

‫بتذ ّكرك ‪..‬‬ ‫الحرف‪..‬‬ ‫قديش َسهّرت َ‬ ‫يحكي عن م َِجادَ ك‬ ‫قديش ضمّيت الكتب‬ ‫الـ فيها حكي وخِبار‬ ‫عن ريحة والدَ ك‪..‬‬ ‫بتذ ّكرك‪..‬‬

‫وقلبي لوحدو بالفال‬ ‫يحْ مِل وجع ‪ ..‬تا يحملك‬ ‫بتذ َّكرك‪..‬‬ ‫قديش صرلي ناطِ َرك‪..‬‬ ‫ما أصعب الملقى‬

‫َع الحيط ‪ ..‬حِرّ ية‬ ‫تا صير َمحبر َتك ‪. .‬‬ ‫حرف القلم‬ ‫حرف َع ِ‬ ‫يا ِ‬ ‫بالدم‪ ..‬طرّ زتك‬ ‫‪---------‬‬

‫وال كان فيها تِروح‬ ‫وال ضِ ل عندا ِجسم‬ ‫وال ضِ ل عِ ندَ ك روح‬ ‫َع مهلكِن مِوتوا‪..‬‬ ‫اصحى العتب‬ ‫يغسِ ل قلِب فيكن‬ ‫صوت العتب مبحوح‬ ‫عبّوا حقِد أسود‬ ‫سِ ّدوا المدى المفتوح‬ ‫وتذِكروا كِل شي حلو‬ ‫وقولوا كذب‬ ‫وخلّي المودة تِنوح‬ ‫مسموح ياكِلنا الكره‪..‬‬ ‫بس الرضى و الصفح ‪..‬‬ ‫مِشْ مسموح‪.‬‬

‫فادي جومر‬

‫قصة عرس مزّيفة لمهاجرين نحو الحرّ​ّية!‬ ‫«أنا مع العروسة»‪ّ ..‬‬ ‫الساعة ‪ 11:13‬مساءً؛ الفراغ كلمة أثقل ممّا‬ ‫يمكن أن ُتحتمل هي متعِبة ج�� ّداً‪ ،‬فراغ من ك ّل‬ ‫شيء ح ّتى من أنفسنا‪ ،‬فراغ يعتلي ك ّل التفاصيل‬ ‫الجميلة والحزينة والمخبّأة‪ .‬نعم فراغ وع ّدة حواجز‬ ‫تمنعنا من الوصول ح ّتى إلى الهامش على جانب‬ ‫الصفحة‪ ،‬ممنوعون ح ّتى من المحاولة‪.‬‬ ‫رأيت برّ اً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حاولت إيصال كلماتي بش ّدة‪ ،‬وحين‬ ‫أنسها أبداً ولن أنساها‪،‬‬ ‫أرسو عليه قيل لي كلمة لم َ‬ ‫قيل لي يجب أن تحتوي كتاباتك على ‪ 500‬إلى‬ ‫‪ 600‬كلمة أقلّها‪ ،‬ونسوا أنّ معظم الروايات معناها‬ ‫ما بين السطور‪ ،‬ونسوا أنّ كثرة الحروف ال تعني‬ ‫أبداً أحاسيس زائدة أو أسراراً مخبّأة ُتكتب‪ ،‬بل قد تعني‬ ‫العكس تماماً‪ ،‬الهروب من البوح حين تض ُع هكذا‬ ‫شروط‪.‬‬ ‫حق يُعلنها؟ أليس معظم ما‬ ‫من الذي يضعها وبأيّ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫يؤثر فينا كلمات بسيطة تغيّر مسار تاريخنا وحياتنا من‬ ‫جه ٍة إلى أخرى؟ أليس األلم كلمة من خمسة حروف‬

‫ولكنّ الخمسة حروف نفسها كفيلة بآالف الكلمات‪،‬‬ ‫فحين سنقرأ تلك الحروف س ُترسم أمام ك ّل واحد‬ ‫م ّنا حكايته‪.‬‬

‫تحتوي في طيّاتها آالف الحكايات الجريحة؟ وأليس‬ ‫الحزن عالما ً كثير الصمت بقدر ما يحتوي من ذكريات‬ ‫ال ُتنسى؟ وأليس الفرح عالما ً جميالً نعيش به لدقائق‬ ‫ونتح ّدث عنه طويالً؟ ألم تكن كلّها كلمات من بضع‬ ‫ف ال أكثر ّ‬ ‫حرو ٍ‬ ‫تمثل حكاياتنا كلّنا؟ وتحكي أسرارنا‬ ‫كاملة؟ أليست أنغاما ً ُتعزف؟ إنْ أنا كتبت عنوانا ً أبتدئ‬ ‫به بكلمة الحزن وتركت لكم التكملة‪ ،‬ك ّل واحد سيكتب‬ ‫بطريقة مختلفة‪ ،‬وكلّنا عنينا الحزن كما ترويه عيوننا‪،‬‬

‫سامحوني لنقدي الجريء وكتابتي ما يجول‬ ‫بداخلي‪ ،‬ولك ّنها كلمة لم أستطع العبور من فوقها‬ ‫دون الر ّد عليها أب��داً‪ ،‬ال أعلم إن كانت كلماتي‬ ‫ستصل أم ستبقى مخبّأة؟ وال أعلم هل سيهت ّم من‬ ‫سيقرأ أم أ ّنها ستكون كغيرها عابرة؟ ال أعلم مع‬ ‫من أتح ّدث وال إلى من أوجّ ��ه رسالتي؟ ولك ّني‬ ‫متأ ّكد أ ّني أكتب بصدق‪ ،‬وأنّ ضميركم سيحكم بك ّل‬ ‫حرف به نطقت‪ ،‬وال أعلم متى سنتقابل؟ ولك ّني‬ ‫أتم ّنى ألاّ يطول األمر‪.‬‬ ‫أب��داً لن تكون مشاعرنا مح ّددة بحرف أو بألف‬ ‫‪...‬بسطر أو بكتاب‪ ،‬لن يكون هكذا األمر‪ .‬مشاعرنا‬ ‫ستبقى ُت ّ‬ ‫لخص بكلمة تروي آالف الكلمات‪ ،‬وقد ال‬ ‫ترويها آالف الكلمات أبداً‪ ،‬وقد نهرب من البوح عنها‬ ‫بآالف الكلمات أيضاً‪.‬‬ ‫هشام منوّر‬

‫الحروف أنغام الروح‬

‫الساعة ‪ 11:13‬مساءً؛ الفراغ كلمة أثقل ممّا يمكن‬ ‫أن ُتحتمل هي متعِبة ج ّداً‪ ،‬فراغ من ك ّل شيء ح ّتى‬ ‫من أنفسنا‪ ،‬فراغ يعتلي ك ّل التفاصيل الجميلة والحزينة‬ ‫والمخبّأة‪ .‬نعم فراغ وع ّدة حواجز تمنعنا من الوصول‬ ‫ح ّتى إلى الهامش على جانب الصفحة‪ ،‬ممنوعون ح ّتى‬ ‫من المحاولة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رأيت برّ اً أرسو‬ ‫حاولت إيصال كلماتي بش ّدة‪ ،‬وحين‬ ‫أنسها أبداً ولن أنساها‪ ،‬قيل لي‬ ‫عليه قيل لي كلمة لم َ‬ ‫يجب أن تحتوي كتاباتك على ‪ 500‬إلى ‪ 600‬كلمة‬ ‫أقلّها‪ ،‬ونسوا أنّ معظم الروايات معناها ما بين السطور‪،‬‬ ‫ونسوا أنّ كثرة الحروف ال تعني أبداً أحاسيس زائدة‬ ‫أو أس��راراً مخبّأة ُتكتب‪ ،‬بل قد تعني العكس تماماً‪،‬‬ ‫الهروب من البوح حين تض ُع هكذا شروط‪.‬‬ ‫حق يُعلنها؟ أليس معظم ما‬ ‫من الذي يضعها وبأيّ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫يؤثر فينا كلمات بسيطة تغيّر مسار تاريخنا وحياتنا من‬ ‫جه ٍة إلى أخرى؟ أليس األلم كلمة من خمسة حروف‬ ‫تحتوي في طيّاتها آالف الحكايات الجريحة؟ وأليس‬ ‫الحزن عالما ً كثير الصمت بقدر ما يحتوي من ذكريات‬ ‫سؤال‪« :‬أستاذ كولو» من‬ ‫أين بدأت فكرة جمع األمثال‬ ‫الشعبيّة لديك‪ ،‬ولماذا؟‬

‫ك��ول��و‪ :‬ب��دأت فكرة جمع‬ ‫األم��ث��ال م��ن��ذ أن ك��ن��ت في‬ ‫الصفّ األوّ ل الثانويّ من العام‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،١٩٩٦‬أل ّنني‬ ‫الحظت أنّ‬ ‫استخدام هذه األمثال‪ ،‬يقتصر‬ ‫على كبار السنّ ‪ ،‬والشباب ال‬ ‫يستخدمونها إلاّ نادراً‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من أنّ ك ّتابا ً آخرين جمعوا‬ ‫األمثال‪ ،‬وأص��دروا كتبا ً بهذا‬ ‫ّ‬ ‫الحظ لم‬ ‫الخصوص‪ ،‬إلاّ أنّ‬ ‫يحالفني للحصول على أحدها‪،‬‬ ‫فبدأت بجمع األمثال ابتدا ًء من‬ ‫قريتي «أبو جرادة» وانتها ًء بالجامعة (جامعة دمشق)‪.‬‬

‫ال ُتنسى؟ وأليس الفرح عالما ً جميالً نعيش به لدقائق‬ ‫ونتح ّدث عنه طويالً؟ ألم تكن كلّها كلمات من بضع‬ ‫ف ال أكثر ّ‬ ‫حرو ٍ‬ ‫تمثل حكاياتنا كلّنا؟ وتحكي أسرارنا‬ ‫كاملة؟ أليست أنغاما ً ُتعزف؟ إنْ أنا كتبت عنوانا ً أبتدئ‬ ‫به بكلمة الحزن وتركت لكم التكملة‪ ،‬ك ّل واحد سيكتب‬ ‫بطريقة مختلفة‪ ،‬وكلّنا عنينا الحزن كما ترويه عيوننا‪،‬‬ ‫ولكنّ الخمسة حروف نفسها كفيلة بآالف الكلمات‪،‬‬ ‫فحين سنقرأ تلك الحروف س ُترسم أمام ك ّل واحد م ّنا‬ ‫حكايته‪.‬‬

‫سامحوني لنقدي ال��ج��ريء وكتابتي ما يجول‬ ‫بداخلي‪ ،‬ولك ّنها كلمة لم أستطع العبور من فوقها دون‬ ‫الر ّد عليها أبداً‪ ،‬ال أعلم إن كانت كلماتي ستصل أم‬ ‫ستبقى مخبّأة؟ وال أعلم هل سيهت ّم من سيقرأ أم أ ّنها‬ ‫ستكون كغيرها عابرة؟ ال أعلم مع من أتح ّدث وال إلى‬ ‫من أوجّ ه رسالتي؟ ولك ّني متأ ّكد أ ّني أكتب بصدق‪ ،‬وأنّ‬ ‫ضميركم سيحكم بك ّل حرف به نطقت‪ ،‬وال أعلم متى‬ ‫سنتقابل؟ ولك ّني أتم ّنى ألاّ يطول األمر‪.‬‬ ‫أب��داً لن تكون مشاعرنا مح ّددة بحرف أو بألف‬ ‫سؤال‪ :‬أستاذ «كولو» لو‬ ‫تح ّدثنا عن كيفيّة جمعك لهذه‬ ‫األم��ث��ال؟ وك��م استغرق من‬ ‫الزمن؟‬ ‫ُ‬ ‫ج��م��ع��ت ه��ذه‬ ‫«ك���ول���و»‪:‬‬ ‫األمثال على مدى سبعة عشر‬ ‫عاما ً من أف��واه كبار السنّ ‪،‬‬ ‫حيث كنت أجتمع بهم‪ ،‬كلّما‬ ‫سنحت ل��ي الفرصة برؤية‬ ‫أحدهم‪ ،‬فأسجّ ل وأدوّ ن‪ ،‬ح ّتى‬ ‫جمعت اآلالف من األمثال‬ ‫الشعبيّة‪.‬‬ ‫س��ؤال‪ :‬ماهي الصعوبات‬ ‫التي كانت تعترض عملك؟‬ ‫«كولو»‪ :‬اعترضت عملي الكثير من الصعوبات‪،‬‬ ‫لكنّ أش ّدها كان صعوبة التن ّقل‪ ،‬فكان وضعي االقتصاديّ‬

‫‪...‬بسطر أو بكتاب‪ ،‬لن يكون هكذا األمر‪ .‬مشاعرنا‬ ‫ستبقى ُت ّ‬ ‫لخص بكلمة تروي آالف الكلمات‪ ،‬وقد ال‬ ‫ترويها آالف الكلمات أبداً‪ ،‬وقد نهرب من البوح عنها‬ ‫بآالف الكلمات أيضاً‪.‬‬

‫حممود ترمانيين‬

‫يكبح تحرّ كي‪ ،‬خاصّة وأنّ هذا النوع من العمل يتطلّب‬ ‫تنقالً بين محافظة الحسكة وريفها‪ ،‬ومحافظة حلب‬ ‫والعديد من المناطق مثل منطقتي عفرين وكوباني‬ ‫ُ‬ ‫بدأت‬ ‫(عين العرب)‪ ،‬وصوالً إلى دمشق‪ .‬أمّا عندما‬ ‫بالكتابة في الفترات األخيرة على الكمبيوتر فكنت‬ ‫أعاني من انقطاع التيار الكهربائيّ خصوصاّ‪ ،‬وكذلك‬ ‫من انقطاع االتصاالت‪ ،‬إلاّ أّنه ـ والحمد هلل ـ أنجزت‬ ‫هذا العمل‪.‬‬ ‫وكلّي أمل أن أتابع في هذا االتجاه‪ ،‬فكتابي ال يض ّم‬ ‫إلاّ جزءاً من أمثال الشعب الكورديّ الغنيّ بحكمه‬ ‫وأمثاله‪.‬‬ ‫«كلّنا سوريّون تشكر األستاذ علي كولو‪ ،‬وتشير إلى‬ ‫أنّ كتابه «األمثال الكورديّة» صدر باللغة الكورديّة‬ ‫عن «دار باتمان للنشر» في تركيا نهاية آذار ‪،٢٠١٤‬‬ ‫والكتاب يقع في ‪ ١٣٠‬صفحة‪ ،‬ويض ّم ‪ ٣٤٠٠‬مثالً‬ ‫شعب ّياً‪.‬‬ ‫كلّنا سوريون‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪15‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /1‬تشرين األول ‪2014/‬‬

‫م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب‬

‫ليس للكرد ّي إلاّ الريح‬ ‫حممود درويش‬

‫الحنين إلى سواهُ‪ ،‬فال يُغ ِّني ‪...‬‬ ‫َي َتذ ّك ُر الكرديُّ حين أزو ُرهُ‪َ ،‬غدَ هُ‪ ..‬فيُبع ُدهُ كأنه يُخفي‬ ‫َ‬ ‫الغبار‪ :‬إليك ع ّني !‬ ‫بُم ْكنسة‬ ‫ال ي َُغنيِّ حين يد ُخ ُل ظلُّه َش َج َر األكاسْ يا‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫عرهُ َم َط ٌر خفيفٌ ‪...‬‬ ‫يبلِّ ُل َش َ‬ ‫ِي الجبالُ‪ .‬ويشربُ الـﭭودكا لكي‬ ‫فالجبا ُل ه َ‬ ‫يبقى الخيا َل على الحياد‪:‬‬ ‫الذئب‪ ،‬يسأله النزا َل‪:‬‬ ‫بل يُناجي‬ ‫َ‬ ‫أَنا المساف ُر في مجازي‪ ،‬والكراكيُّ الشق َّي ُة تعال يا اُبن الكلب َن ْق َرعْ َط ْب َل هذا الليل حتى‬ ‫قى‪ .‬وينفُضُ عن هُو َّي ِت ِه الظال َل‪ :‬نوقظ الموتى‪ .‬فإنَّ ال ُكرْ دَ يقتربون من نار‬ ‫الحمْ َ‬ ‫إخوتي َ‬ ‫الحقيقة‪ ،‬ثم يحترقون مثل فراشة ال ُّش َعراء‬ ‫ه ُِويَّتي لُغتي‪ .‬أنا‪ ..‬وأنا‪.‬‬ ‫يعرفُ ما يريد من المعاني‪.‬‬ ‫أنا لغتي‪ .‬أنا المنفيّ في لغتي‪ .‬وقلبي جمرةُ‬ ‫ُكلُّها َع َب ٌ‬ ‫ال ُكرْ ديِّ فوق جبالِ ِه الزرقاء‪..‬‬ ‫ث‪ .‬وللكلمات حي َل ُتها لصيد نقيضها‪،‬‬ ‫عبثاً‪ .‬يفضّ ب��ك��ار َة الكلمات ثم يعيدها‬ ‫ليس مسافراً هذا المسافرُ‪ ،‬كيفما ا َّت َف َق‪..‬‬ ‫بكراً إلى قاموسه‪ .‬و َيسُوسُ َخ ْي َل األبجدية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشما ُل هو الجنوبُ ‪،‬‬ ‫ويحلق عا َن َة اُللُغ ِة ‪:‬‬ ‫الشرق َغ��رْ بٌ في كالخراف إلى مكيدته‪،‬‬ ‫حقائب للرياح‪ ،‬وال وظيفة‬ ‫السراب‪ .‬وال‬ ‫َ‬ ‫انتقمت من الغياب‪َ .‬ف ْ‬ ‫عل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت ما فعل الضبابُ‬ ‫للغبار‪.‬‬ ‫بإخوتي‪ .‬و َش َوي ُ‬ ‫ْت قلبي كالطريدة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫رحيل العلاّ مة هاني فحص‬

‫رصيف األزهار لم يعد يجيب‬

‫ل��م ي��ع��د يستجيبُ ل��ن��ا رصيف‬ ‫األزهار يا مالك حداد‪..‬ال أرصفة بقيت‬ ‫لنا ل ُنحمّلها غربتنا وتوابيت ذاكرتنا‬ ‫الممتلئة بالروائح والغائبين والمدن‬ ‫والخسارات‪ ..‬أع ُّد األرصفة العابرة‬ ‫رصيف‬ ‫التي عرف ُتها كجرح‪ ..‬وأرشُّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أرصفة‬ ‫الزهور بماء القلب كأنّ الحياة‬ ‫للفقدان المستمرّ ‪ ..‬أع ُّد األصدقاء‪ ..‬وأتحسّسُ ظهري من الطعنات‬ ‫القديمة كأنّ الحياة خنج ٌر بيد رجل «كبروتوس» ال يتعب أبداً‬ ‫من الطعن‪ ..‬أع ُّد فنجان قهوة وأبحث عن سيجارة فرنسيّة من‬ ‫يأس آخر‪ ،‬فلم يعد‬ ‫نوع غولواز التي ال أحّ بها وأكتب للحُب حتى ٍ‬ ‫لألرصفة ِأح ٌد سوى المشرّ دين والضائعين والنازحين والالجئين‬ ‫والشعراء الذين يموتون قبل الثالثين‪ ..‬لم يعد لألرصفة من أح ٍد‬ ‫سوى من تخلّت عنهم مدنهم للحروب‪ ..‬لم تعد األرصفة أمكنة‬ ‫ليسير عليها عاشقان ويتبادالن الزهور هديّة‪ ،‬نحن اليوم‬ ‫آمنة‬ ‫َ‬ ‫شعوب أحوج ما تكون ألرصفة تق ّدم فيها األزهار والقهوة والحبّ‬ ‫ببساطة كما يق ّدم الماء لضيف عابر‪.‬‬ ‫ُترى كم رصيفا ً ينبغي أن نبني بتلك البالد لنمتلك أحقيّة المشي‬ ‫عليها دون خو ٍ‬ ‫ف من الفقد أو الموت‪!!.‬‬ ‫أمشي وكأنّ الحياة رصيف طويل للتدريبات المتواصلة على‬ ‫نهار تشرق الشمس‬ ‫ممارسة األشياء القديمة التي ال دهشة فيها‪ ،‬ك ّل ٍ‬ ‫من نفس الجهة على الرصيف‪ ،‬ك ّل األشياء سكونيّة تعبر ذات‬ ‫الرصيف القديم‪ ،‬ك ّل قطط العالم تسير بمحاذاة األرصفة وكأ ّنها‬ ‫بيتها المألوف الذي ال حركة غريبة تحدث فيه‪ ،‬ك ّل المتسوّ لين‬ ‫يفترشونها وينامون عليها وكأ ّنها أسرّ ة من ريش ودفء وحبّ‬ ‫ففي ك ّل رصيف نتدرّ ب على الفقد‪ ،‬ومع الزمن البطيء نتعوّ د‬ ‫كيفيّة امتصاص ألم الفقد على ك ّل رصيف جديد نخطوه‪.‬‬ ‫ال نضع أزهاراً كثيرة على الطاوالت المفترشة باألرصفة‬ ‫التي نسير عليها ألنّ العطر يشي بالغائبين‪ ..‬ال نصغي ألغاني‬ ‫حزينة أو لموسيقا «أندريه ريو» أل ّنها ستؤ ّدي بنا حتما ً لرصيف‬ ‫من أرصفة المفقودين‪ ،‬هي الحياة هكذا تدريب متواصل على‬ ‫المشي باألرصفة الكثيرة التي نعبرها ك ّل يوم ونحن ذاهبون‬ ‫للعمل‪ ،‬ونحن قادمون من العمل‪ ..‬ح ّتى ونحن ذاهبون لموتنا القادم‬ ‫تدريب متواصل على الخسارات وتج ّنب وضع األشياء في‬ ‫أماكنها الصحيحة‪ ..‬هكذا ُتعلّمنا األرصفة‪ ..‬التضع عطر المرأة‬ ‫التي تحبُّ قرب سريرك سيفاجئك ليالً بسرقة الهواء من رئتيك‪..‬‬ ‫ال تغ ّني وحيداً بآخر الليل‪ ..‬فسيصطادك الحزن بإزميله‪..‬ال تحتفظ‬ ‫بأرشيف الصور بخزائنك أو بذاكرة جهازك الن ّقال فهي ستنقضّ‬ ‫ّ‬ ‫التفت إليها وتطعنك َبما لم تعد تملكهُ‪ ..‬هذه األرصفة‬ ‫عليك كلّما‬ ‫الكثيرة‪ ...‬الطويلة‪ ..‬النظيفة‪ ..‬والمغبرّ ة‪ ..‬المرصوفة بحنان‬ ‫والمرصوفة بتع ٍ‬ ‫ب ونزق ستدفعنا لنتدرّ ب على ك ّل األشياء التي لم‬ ‫صديق ما‪،‬‬ ‫نف ّكر بها‪ ..‬ستدرّ بنا على الحرب ونحن ن ّتكأ على كتف‬ ‫ٍ‬ ‫ك ّل يوم نتجوّ ل بين القتلى ونشاهد األنقاض والرؤوس المقطوعة‬ ‫ونغلق الشاشة على خبر عاجل نلبس قميصا ً رماديا ً ونذهب‬ ‫للسير على رصيف ما لنخبره عن الحرب القائمة‪ ..‬ستدرّ بنا على‬ ‫الكراهيّة وهي أش ّد وأقسى أنواع التدريبات صعوبة بداية نتجرّ ع‬ ‫حبيتن من «باراسيتامول» ونفتح نوافذ الذاكرة لك ّل الحجارة التي‬ ‫أتتنا وارتمت في طريقنا‪ ،‬نتشرّ ب كقماش قطنيّ ك ّل ماء الكراهية‬ ‫ّ‬ ‫ونوطنه تحت جلدنا وبين دمنا البربريّ ومن ث ّم نخرج برأس‬ ‫لنسير أيضا ً على رصيف نسمّيه رصيف‬ ‫مرفوعة من المجزرة‬ ‫َ‬ ‫الكراهيّة‪..‬األرصف ُة ستدرّ بنا على حضور الخريف بحياتنا كما‬ ‫يتدرّ ب طفل على المشي‪ ..‬نخرج للرصيف الذي يتساقط عليه‬ ‫الورق األصفر ونمشي ساخطين‪ ،‬وربّما ال مبالين بك ّل األرصفة‬ ‫التي فقدناها‪ ..‬بك ّل األرصفة التي تدرّ بنا عليها‪..‬بك ّل األرصفة‬ ‫التي لم تعد تستجيب لنداءات األزهار ونداءات الحب‬

‫وداد نيب‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫رسالة اّ‬ ‫للثوار السور ّيين‪:‬‬ ‫العلمة الس ّيد «هاني فحص» ّ‬ ‫العربي‬ ‫«يجب أن نتجاوز االنتماء للهو ّيات الفرع ّية‪ ،‬ويجب أن يكون الربيع‬ ‫ّ‬ ‫مدخلنا لتجاوزه‪ ،‬وأن يبدأ هذا التجاوز من سور ّية‪ ،‬وفي حال بدأ من سور ّية‪ ،‬فإ ّنه‬ ‫سيترك أثره على كل ّ البالد العرب ّية‪.‬‬ ‫الثوار السور ّيين الحقيق ّيين أن يكونوا بمستوى المستقبل الذي‬ ‫أنا أتم ّنى على ّ‬ ‫سيحملونه‪ ،‬عبر حماية التعدّ د ومنع القوى المضادّة للثورة من أن تلبس لبوس‬ ‫السوري‪ ،‬إذا استطعنا أن نكون في سور ّية ديمقراط ّيين‪،‬‬ ‫الثورة فتف ّكك المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫تعدّ د ّيين‪ ،‬فإنّ ذلك سوف يؤ ّثر على وضع كل ّ الفئات والطوائف في البالد العرب ّية»‪.‬‬

‫ص��در حديثاً‪ ،‬ع��ن الشبكة‬ ‫العربيّة لألبحاث والنشر‬ ‫كتاب «السلفيّة العالميّة»‬ ‫وبعنوان فرعيّ ‪ :‬الحركات‬ ‫السلفيّة المعاصرة في عالم‬ ‫متغيّر‪ .‬من تحرير «رول‬ ‫مِي َير»‪ ،‬ترجمه من اإلنكليزيّة‬ ‫إلى العربيّة «محمّد محمود‬ ‫التوبة»‪ ،‬بطبعة أولى في بيروت ‪ 2014‬شارك في‬ ‫الكتابة ‪ 18‬كاتبا ً منهم‪ :‬نوح سالومون وخالد الحروب‬ ‫ورول مِي َير‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وقد ّ‬ ‫توزعت مقاالتهم على‬ ‫خمسة أجزاء ضمن ‪ 622‬صفحة‪ .‬في القسم األخير‬ ‫من الكتاب تراجم مف ّكري السلفيّة وقادتها‪ ،‬ومنهم‪:‬‬ ‫محمّد عبد الوهاب (‪ )1792 – 1703‬وأبو مصعب‬ ‫ّ‬ ‫ع��زام‬ ‫ال��زرق��اويّ (‪ )2006 – 1966‬وعبد هللا‬ ‫(‪.)1989 – 1941‬‬ ‫صدر حديثاً‪ ،‬عن مؤسّسة‬ ‫فريدريش ايبرت – مكتب‬ ‫عمّان كتاب «أنا سلفيٌ»‪،‬‬ ‫وبعنوان فرعيّ ‪ :‬بحث في‬ ‫الهويّة الواقعيّة والمتخيّلة‬ ‫لدى السلفيّين‪ .‬من تأليف‪:‬‬ ‫محمّد أب��و رم��ان‪ .‬الكتاب‬ ‫عبارة عن دراس��ة مؤلّفة‬ ‫من‪ :‬مق ّدمة بقلم «آنيا فيلر‪-‬شوك»‪ ،‬وأربعة فصول‬ ‫وآخر ختاميّ ‪ ،‬ث ّم خاتمة‪ ،‬بمجموع ‪ 267‬صفحة‪.‬‬ ‫ويرى الكاتب أنّ السلفيّة ر ّد فعل على «مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫وتمثل‬ ‫صعبة» تمرّ بها مجتمعات أو أفراد معيّنون‪،‬‬ ‫في المحصّلة «تص ّدعا ً في التوازن بين مكوّ نات‬ ‫متباينة» أ ّيا ً كانت هذه الظروف‪.‬‬ ‫كتاب «أنا سلفيٌ » صدر عام ‪ ،2014‬وهو غير‬ ‫مخصّص للبيع‪.‬‬

‫مسعنا‪ ،‬شفنا‪ ..‬وبدنا حنكي‬ ‫حسني برو‬

‫مسعنا‪..‬‬

‫الممدد لهم بحكم العطالة السياسية‪ ،‬زيارات‬ ‫مكوكية لوزير التربية مع رؤوساء جامعات تركية‬ ‫مشفوع بتصريح خطير لألبناء الطلبة (وبالمناسبة‬ ‫كل الذهنية الشمولية تعتبر المهمة الحكومية عمالً‬ ‫أبوياً!!!) بأن هذه الزيارات تمخضت عن قبول‬ ‫جامعتين تركيتين بتمديد قبول تسجيل الطالب‬ ‫السوريين في كلياتها مما جعل الكثير من الطالب‬ ‫يتفاءلون خيراً ويرتبون أحالمهم من جديد‬ ‫ويسافرون إلى مدن هذه الجامعات ليعودوا بخفي‬ ‫حنين فال تمديد وال قرار وال من يحزنون؟؟‬

‫السيّد وزير التربيّة والتعليم العالي في الحكومة‬ ‫السوريّة المؤ ّقتة (المقالة‪ ،‬المم ّدد بقدرة العطالة‪،‬‬ ‫المستمرّ ة بتصريف األعمال) وهو يتح ّدث أكثر‬ ‫من مرّ ة أ ّنه ال ينام الليل وهو يف ّكر بأبنائه الطلبة‪،‬‬ ‫وكيف سيح ّل مشاكلهم العالقة‪ ،‬ومن أجل ذلك يدور‬ ‫في أرجاء تركيا يزور جامعاتها ومسؤوليها لتسوية‬ ‫أوضاعهم‪ ،‬ويُع ُّد الع ّدة لعقد مؤتمر دوليّ لبحث‬ ‫قضيّة تعليم السورييّن في بلدان النزوح وفي مناطق‬ ‫الداخل الخارجة عن سلطة النظام‪ ،‬يعني سيادته‬ ‫يعمل حسب المثل الدارج «في الحركة بركة»‪.....‬‬ ‫المشكلة يا جماعة الخير شفنا الحركة ألن الحركة‬ ‫بدنا حنكي‪..‬‬ ‫مترافقة ع��ادة مع الصور والسيّد الوزير يحبّ‬ ‫شو هالمرة رح نستعير قول لطالبة خاطبت‬ ‫التصوير ومغازلة الكاميرا بس البركة ما شفنا منها‬ ‫السيد الوزير عبر صفحتها في «الفيسبوك»‪:‬‬ ‫شي‪.‬‬ ‫«السيد محي الدين بنانة وزير التربية والتعليم في‬ ‫شفنا‪..‬‬ ‫الحكومة المؤقتة‪ :‬أنا طالبة ظروفي ما خلتني كون‬ ‫موقع الوزارة وهو عم يسوّ ق للوزراء المقالين مع رفقاتي بجامعتي (جامعة حلب) واضطرتني‬ ‫كون بتركيا وكون برا الجامعة‪ ،‬بس حلم الجامعة ما‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫فارقني‪ ،‬صرلي ‪3‬سنين عم حاول وما ضل جامعة‬ ‫بتركيا تعتب علي‪ ...‬ما مشي الحال‪ ،‬وقت نزلتو‬ ‫سيادتكم خبر انو جامعة مالطيا مددت التسجيل‬ ‫ورح تقبل كل السوريين‪ ...‬حبيت اتفاءل وصدق‪..‬‬ ‫بهديك اللحظة حسيت كل مشاكلي انحلت وحلم‬ ‫حياتي بلش يتحقق‪ .‬دورت ع رابط للتسجيل ما‬ ‫لقيت‪ ...‬طلعت ع الجامعة سألت‪ ...‬تبهدلت‪ ،‬عيطت‬ ‫علي الموظفة وقالت‪ :‬صرعتونا‪ ..‬ما في تمديد وال‬ ‫في تسجيل‪ ..‬حكومتكن عم تكذب عليكن‪ ..‬عنا شغل‬ ‫روحو من هون‪ .‬الخبر الوحيد ع موقع الجامعة‬ ‫كان‪« :‬زي��ارة وزير التربية والتعليم للجامعة»‬ ‫هل مجرد زيارة ودية ممكن تترجم لتمديد تسجيل‬ ‫وقبوالت وفرص عمل للمدرسين؟؟ مابدكن تشتغلوا‬ ‫ال تشتغلوا‪ ..‬مانكن قدا وال قادرين‪ ..‬عادي ما حدا‬ ‫عتبان عليكن‪ ...‬بس ال تكذبو ع هل الشعب ‪...‬‬ ‫حاااااجتو‪».‬‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.