جريدة كلنا سوريون العدد 14

Page 1

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 14 -‬السنة األوىل‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014 /‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫كيف تصنع إرهاباً لتحاربه! داعش واجملتمع الدولي‬ ‫حكومة مؤقتة لتصريف األعمال بكرت مفتوح‬ ‫املدنيـون الســوريون كبـالـع املـوس على احلـديـن‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫الدولي ض ّد‬ ‫التحالف‬ ‫ّ‬ ‫(داعش)؟؟!!‬ ‫صناعة اإلرهاب لمحاربته‬ ‫اليوم ‪ ...‬خرج الرئيس األمريكيّ أخيراً من عزلته وقرّ ر‬ ‫ّ‬ ‫التدخل العسكريّ في منطقة ال تزال رائحة جنوده عالقة برمالها‪.‬‬ ‫اليوم ‪ ...‬استطاعت الرؤوس التي فُصلت عن أجسادها في‬ ‫مشاهد أعادت البشريّة إلى بشاعات موغلة في تاريخها الدمويّ‬ ‫وقصص تهجير المسيحيّين وبيع النساء و‪..‬و‪ ،...‬أن تدفع «حُماة‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‪ ،‬في حين لم تستطع مشاهد مئات‬ ‫القيم اإلنسانيّة « لهذا‬ ‫األطفال المصفوفين بجانب بعضهم في منظر لم تشهده البشريّة‬ ‫من قبل‪ ...‬مشاهد أطفال يغمضون حياتهم بعد جرعة قاتلة من‬ ‫الكيمياويّ ‪ ،‬إثارة ك ّل هذه الحميّة في الدفاع عن قيم اإلنسانيّة التي‬ ‫ينتهكها النظام السوريّ وحلفاؤه منذ ثالث سنوات‪.‬‬ ‫اليوم أيضا ً ‪ ...‬ستعتاش المعارضة السوريّة والنظام السوريّ‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الخارجيّ ‪ ،‬ستعلن رفضها أو موافقتها وتدخل‬ ‫على نقاش‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الخارجيّ‬ ‫في جدل بيزنطي ال ينتهي‪ ،‬ناسية أو متناسية‪ ،‬أنّ‬ ‫السافر في سورية بدأ منذ زمن‪ ،‬وربّما قبل انفجار الثورة السوريّة‪،‬‬ ‫وناسية أو متناسية‪ ،‬أ ّنها أصبحت – أي المعارضة والنظام –‬ ‫ّ‬ ‫المتدخلين‪.‬‬ ‫أجراء بال كرامة عند‬ ‫أربعون دول��ة ستشارك في تحالف استعراضيّ مهمّته‬ ‫التص ّدي لـ (داعش) ‪( ...‬داعش) الغول الذي اجتاح سورية‪ ،‬ومن‬ ‫بعدها العراق كزلزال مباغت أيقظ العالم فجأة على خطر لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫وتضخم وامتلك‬ ‫بالحسبان!!! لكن كيف نما هذا الغول وكيف كبر‬ ‫إمكاناته الكبيرة فجأة؟ فهذا أمر آخر‪...‬‬ ‫لع ّل الحبكة الدراميّة في مسرحية (داع��ش) لم تهتم كثيراً‬ ‫بإقناع المشاهد بمنطقيّة الحدث‪ ،‬فأدخلت األساطير القديمة‬ ‫بالخيال العلميّ ‪ ،‬لتق ّدم مسرحا ً غرائب ّيا ً الته ّم قيمته الف ّنيّة طالما‬ ‫أنّ المشاهدين سيُرغمون على متابعة تفاصيله لحظة بلحظة‪،‬‬ ‫وسيدفعون مقابل حضورهم دما ً وحاضراً ومستقبالً‪.‬‬

‫عدسة عارف حاج يوسف‬

‫تحقيقات العدد‬ ‫ املدنيّون يف سورية يكسرون جدار اخلوف‬‫ حتت مساء املوت‬‫ بني الكتائب املعتدلة والتحالف الدول‬‫‪-‬من ّظمات اجملتمع املدن ّي يف سورية ‪2/2‬‬

‫لكن لماذا يغيب عن هذا الفصل من المسرحية ّ‬ ‫ممثلون‬ ‫أساسيّون ؟؟ لماذا تغيب تركيا وإيران وروسيا؟؟؟‬

‫الدولي في‬ ‫ماذا سيح ّقق التحالف‬ ‫ّ‬ ‫حربه ض ّد (داعش) في سورية؟‬

‫ص‪6‬‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪7‬‬

‫التركي ‪ -‬األوروبّ ّي والمترّتبات‬ ‫االّتفاق‬ ‫ّ‬ ‫القانونّية على إقامات السورّيين في تركيا‬

‫ص‪8‬‬

‫وبموجب هذا النوع من اإلقامات فإ ّنه يتع ّين على اللاّ جىء‬ ‫السوري البقاء في تركيا فقط (طبعا مع ح ّقه بالعودة إلى بالده الش ّك‬ ‫ّ‬ ‫إن رغب) وفي حال لجوئه بالطرق‬ ‫غير الشرع ّية ألورو ّبا‪ ،‬فستت ّم إعادته لتركيا بوصفها أسبغت‬ ‫عليه حمايتها القانون ّية عندما منحته لجوءاً إنسان ّياً‪.‬‬ ‫احملامي‪ :‬غزوان قرنفل‬

‫عودة أسواق‬ ‫النخاسة‬

‫ص‪9‬‬

‫نشوء أس��واق النخاسة‬ ‫يعود إلى زمن بداية الزراعة‬ ‫وفق «وول ديورانت» حين‬ ‫الغني في الزراعة وكان له سطوة وسلطة‬ ‫أخذ الفقير يعمل لدى‬ ‫ّ‬ ‫قو ّية على العامل قد تصل إلى درجة اإلرغام‪.‬‬ ‫طريقة ملفتة للنظر وه��ي‪ :‬أنّ النساء ما ع��ادت تعرض في‬ ‫تحولت وسائل االتصال المرئ ّية (التلفزيون واالنترنت)‬ ‫األسواق‪ ،‬بل ّ‬ ‫وجيهة عبد الرمحن‬ ‫إلى سوق نخاسة لعرض البضاعة‪.‬‬

‫قراءة في جذور‬ ‫العنف في التفكير‬ ‫اإلسالمي ‪3/2‬‬ ‫العربي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إنّ ال��ح��رك��ات األص��ول� ّي��ة‬ ‫ْ‬ ‫أصبحت واقعا ً ال‬ ‫اإلسالم ّية‬ ‫يمكن تهميشه أو إلغاءه‪ ،‬فقد‬ ‫ص ‪10‬‬ ‫ظهرت بسبب عوامل موضوع ّية كان البدّ أنْ تظهر بتوافرها‬

‫عبدو نيب‬

‫ص‪2‬‬

‫ّ‬ ‫الدولي المباشر‪،‬‬ ‫التدخل‬ ‫م ّما الش ّك فيه أنّ‬ ‫ّ‬ ‫تحول‬ ‫مع تلك السيطرة لتنظيم الدولة‪ ،‬قد ّ‬ ‫ملحة‪ ،‬ض��رورة ال يمكن أن‬ ‫إلى ض��رورة ّ‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‬ ‫دولي‪ ،‬لكنّ هذا‬ ‫إقليمي أو‬ ‫بأي رفض‬ ‫رسمي أو‬ ‫بأي رفض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شعبي‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تواجه ّ‬ ‫وفقا ً للخطط التي يت ّم اإلعالن عنها‪ ،‬ال يم ّثل ‪ -‬على ما يبدو ‪ -‬سوى حصراً لشبح‬ ‫اإلرهاب ضمن منطقة محدّدة‪ .‬فهل يعتبر ذلك الحصر هو النتيجة التي تسعى القوى‬ ‫لؤي حاج بكري‬ ‫الدول ّية لتحقيقها؟‬

‫(داعش) كذبة سورّية‬ ‫وحقيقة دولّية‬ ‫ص‪3‬‬ ‫بعض العشائر الكبيرة‬ ‫االنتهاز ّية بايعت الخليفة ليس‬ ‫إيمانا ً بالدين‪ ،‬إ ّنما بالسلطة والنفوذ‬ ‫اللذان يتم ّتع بهما‬ ‫ّ‬ ‫تتخطى‬ ‫هل كان على (داعش) أن‬ ‫تمس المسيح ّيين واإليزيد ّيين وتهدّ د إقليم كردستان؟‬ ‫السيناريو المرسوم لها‪ ،‬وأن‬ ‫ّ‬

‫حممّد جيجك‬

‫حوار مع‬ ‫د‪ .‬بسمة قضماني‬

‫ص‪5‬‬

‫د‪ .‬بسمة قضماني باحثة في مجال‬ ‫العلوم السياس ّية وأستاذة العالقات‬ ‫الدول ّية بجامعة باريس‪ ،‬حازت على‬ ‫شهادة الدكتوراه من معهد العلوم‬ ‫السياس ّية بباريس‪ .‬في عام ‪2005‬‬ ‫العربي» وهي المديرة التنفيذ ّية لها‪ ،‬وأمينة سر مبادرة‬ ‫أسست «مبادرة اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‬ ‫«من أجل سورية جديدة»‪ .‬في آب ‪ 2011‬شاركت في تأسيس المجلس‬ ‫ّ‬ ‫التنفيذي ورئيسة مكتب العالقات الخارج ّية‬ ‫السوري‪ ،‬وأصبحت عضواً في المكتب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيه‪ ،‬استقالت من المجلس في آب ‪.2012‬‬ ‫عدوك؟ فسيقول إيران وليس إسرائيل‬ ‫لو سألت المواطن‬ ‫العادي من هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثورة واقع‪ ،‬وقد تجذرت مهما كانت المعاناة‪ ،‬نحن بحاجة اليوم إلعادة تقييم‬ ‫مستمرة في روح وقلوب وعقل ّية الناس‬ ‫أدواتها‪ ،‬لك ّنها‬ ‫ّ‬ ‫فرنسا لم تتحدّ ث بأ ّية لغة باتجاه العودة إلى مخاطبة نظام األسد‬ ‫ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫وحده النظام السوريّ والمعارضة السوريّة استع ّدوا كثيراً‬ ‫وحفظوا أدوارهم جيّداً للمشاركة كـ (كومبارس) في بعض لقطات‬ ‫المسرحيّة‪ ،‬لكنّ القرار حولهم لم ي ّتخذ بعد‪ ،‬وإن كان مصطلح‬ ‫المعارضة المعتدلة قد أُدرج قليالً في بعض النقاشات‪ ،‬إلاّ أّن‬ ‫التفاصيل األخرى لم تتوضّح بعد‪.‬‬ ‫إذا لم يسند دور ‪ -‬مهما كان صغيراً ‪ -‬للنظام السوريّ ‪،‬‬ ‫فسوف يضطرّ إلى مواصلة التواطؤ مع (داعش) ودعمها وتوفير‬ ‫مقوّ مات صمودها ومنع تحقيق انتصار حاسم عليها‪ ،‬كي يُرغم‬ ‫المنتج والمخرج على إسناد دور له‪ ،‬قد يكون قرار التواطؤ مع‬ ‫(داعش) في طهران وليس في دمشق‪ ،‬فطهران هي التي ستقرّ ر‬ ‫الذهاب إلى آخر المقامرة أو التو ّقف في منتصفها والتفاوض على‬ ‫نصف الخسارة أو على بعض الربح‪.‬‬ ‫اليوم ‪ ...‬هل تنقلب لعبة االستنزاف؟ فالنظام السوريّ وإيران‬ ‫والعراق (المالكيّ ) وحزب هللا و‪..‬و‪ ..‬والذين غرقوا طوال ثالث‬ ‫سنوات في معركة المستنقع السوريّ واس ُتنزفوا طويالً وعلى‬ ‫مدى ثالث سنوات سيحاولون استنزاف اآلخرين داخل المستنقع‬ ‫إيّاه‪ ،‬الفاجع في ك ّل االحتماالت أنّ الدم السوريّ وأنّ السوريّين‬ ‫ومق ّدرات سورية‪ ،‬هي أداة هذا االستنزاف ‪.‬‬ ‫اليوم ‪ ....‬فصل جديد من فصول المأساة السوريّة‪ ،‬فصل ال‬ ‫يجد السوريّون فيه إلاّ خيارات الموت ‪ ...‬فصل يُعلِن فيه النظام‬ ‫الذي دمّر البلد‪ ،‬والمعارضة التي لم تستطع إنقاذ أيّ شيء‪ ،‬أ ّنهم‬ ‫مجرّ د بيادق في لعبة وهم‪.‬‬ ‫أمريكا تعلن إشارة البدء ‪ ....‬ستنزاح الستارة عن مسرح اعتلى‬ ‫ممثلون ّ‬ ‫خشبته ّ‬ ‫ملثمون وبذقون طويلة م ّتسخة يرفعون راياتهم‬ ‫السوداء ‪ ...‬لن نرى األبطال المدافعين عن «قيم اإلنسانيّة» على‬ ‫المسرح لك ّننا سنعرف أ ّنهم موجودون من خالل أصوات الدمار‬ ‫الغامضة والجثث المسّاقطة ‪ ....‬لينتهي الفصل على خروج ّ‬ ‫ملث ٍم‬ ‫(داعشي) من أحد أبواب المسرح ليعود مرّ ة أخرى من باب‬ ‫المسرح اآلخر مرتديا ً ثياب أخرى ربّما تكون مزركشة كثيراً أو‬ ‫ربّما عسكريّة بأوسمة كثيرة أو ‪..‬أو ‪ ...‬سيص ّفق الجمهور طويالً‪،‬‬ ‫وسينحني البطل لتصفيقهم وبينما تسدل الستارة يمكن لمن يشاء‬ ‫أن يرى في خلفيّة المسرح سورية المدمّرة والتي اليزال دخان‬ ‫الحرائق ينبعث منها‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪14‬‬

‫الدولي‬ ‫ماذا سيح ّقق التحالف‬ ‫ّ‬ ‫في حربه ض ّد (داعش) في سورية؟‬

‫بغضّ النظر‬ ‫ع��ن ك�� ّل اآلراء‬ ‫وال����م����واق����ف‬ ‫المتباينة‪ ،‬ف��إنّ‬ ‫االس����ت����خ����دام‬ ‫ّ‬ ‫المكثف والمتزايد‬ ‫للعنف م��ن قبل‬ ‫ن��ظ��ام حكم ض ّد‬ ‫ث����ورة شعبيّة‪،‬‬ ‫يمكن أن ي��ؤ ّدي‬ ‫إلى انتشار الكثير‬ ‫من ردود الفعل‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫المتطرّ فة‪ ،‬ففي سورية التي تعتبر جزءا من المجتمعات‬ ‫اإلسالميّة‪ ،‬تسبّب ذلك العنف في اجتذاب المقاتلين‬ ‫الجهاديّين اإلسالميّين من ك ّل بقاع األرض‪ ،‬كما هيّأ‬ ‫المناخ النتشار األفكار المتطرّ فة في أوساط واسعة من‬ ‫الشباب‪ ،‬ممّا مهّد لظهور تنظيم قاعدة إسالميّ عُرف‬ ‫بداعش‪ ،‬وسيطر على منطقة ال يستهان بها من البالد‪.‬‬ ‫إلى جانب انتشار العديد من التنظيمات اإلسالميّة‬ ‫الجهاديّة األخرى في مناطق أخرى‪ ،‬والتي ال يمكن أن‬ ‫تش ّكل جبهة عريضة أو ح ّتى إسالميّة عامّة‪ ،‬انطالقا ً‬ ‫من الرؤية اإلقصائيّة الالديمقراطيّة لك ّل منها؛ كذلك‬ ‫فإنّ ما جرى على الساحة العراقيّة‪ ،‬من سقوط قسم مه ّم‬ ‫منها بيد هذا التنظيم‪ ،‬نتيجة النحراف العمليّة السياسيّة‬ ‫باال ّتجاه الطائفيّ ‪ ،‬قد ش ّكل أرضيّة قويّة لبناء دولة‬ ‫تمت ّد من الموصل إلى حلب‪ ،‬استدعت ك ّل هذا التحرّ ك‬ ‫الدوليّ الملحوظ لمواجهة قيامها‪ ،‬وما ّ‬ ‫يمثله ذلك من‬ ‫خطر إرهابيّ عالميّ ‪ ،‬أكثر من كونه نزوعا ً نحو نظام‬ ‫حكم محلّيّ ‪.‬‬

‫إلاّ على امتالكه‬ ‫إلي���دي���ول���وج��� ّي���ة‬ ‫خ���اصّ���ة‪ ،‬وع���دم‬ ‫خ��ض��وع��ه أليّ���ة‬ ‫أجندات محلّيّة أو‬ ‫إقليميّة أو دوليّة‪،‬‬ ‫على الرغم من ك ّل‬ ‫االخ��ت��راق��ات التي‬ ‫يمكن أن تكون‬ ‫ق��ائ��م��ة ح��ال � ّي �ا ً أو‬ ‫سابقاً‪ ،‬ممّا يجعله‬ ‫ف��ي ح��ال��ة ح��رب‬ ‫مستمرّ ة‪ ،‬مع مختلف الدول واألنظمة‪ ،‬كما مع مختلف‬ ‫القوى‪ ،‬ح ّتى وإن كانت قريبة من رؤيته اإليديولوجيّة‪،‬‬ ‫فالسيطرة الحاليّة للتنظيم‪ ،‬والمعتمدة على األساليب‬ ‫المروّ عة في الذبح وتطبيق الحدود الشرعيّة اإلسالميّة‪،‬‬ ‫هي سيطرة فرديّة مطلقة للتنظيم على مساحة ال يمكن‬ ‫أن تتح ّقق بسيطرة المجاهدين الوافدين وفقط‪ ،‬بقدر‬ ‫ما هي سيطرة ألعداد كبيرة من أبناء تلك المناطق‪،‬‬ ‫وسعيهم إلقامة سلطتهم اعتماداً على مفاهيم التكفير‬ ‫ونبذ الديمقراطيّة‪ ،‬والتنكيل بك ّل من ال يق ّدم البيعة‬ ‫ألميرهم كخليفة للمسلمين‪ .‬لكن بالنظر إلى البيئة‬ ‫االجتماعيّة في تلك المناطق ‪ -‬على الرغم من طابعها‬ ‫ال ُّس ّنيّ ‪ -‬فهي تختلف إلى ح ّد كبير عن تلك المناطق‬ ‫المولّدة للعناصر الجهاديّة المتطرّ فة‪ ،‬كما في مناطق‬ ‫مح ّددة من اليمن والسعوديّة ومصر وتونس والمغرب‪،‬‬ ‫وكما في مناطق واسعة من أفغانستان والباكستان‬ ‫والشيشان‪ ،‬األمر الذي يدفع لالعتقاد بضعف الحاضنة‬ ‫االجتماعيّة لذلك التنظيم‪.‬‬

‫ربّما يت ّم النظر حال ّياً‪ ،‬إلى الخطوات الجارية من قبل‬ ‫الواليات الم ّتحدة وحلف الناتو‪ ،‬من زوايا مختلفة‪ ،‬سواء‬ ‫كخطوات حاسمة لمنع قيام هذه الدولة‪ ،‬أم كخطوات‬ ‫محدودة إليقاف تم ّددها‪ ،‬لكنّ معظم الدالئل تشير‬ ‫إلى المُضيّ في تشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم‬ ‫داعش‪ ،‬بعيداً عن ك ّل التفسيرات المتعلّقة بنشوء ذلك‬ ‫التنظيم وآليّات تمويله‪ ،‬فالبنية الحاليّة للتنظيم ال تدلّل‬

‫من هنا‪ ،‬فإنّ السعي إلنهاء تلك السيطرة‪ ،‬لن يكون‬ ‫بمجرّ د توجيه الضربات الجوّ يّة لمواقعهم العسكريّة‪،‬‬ ‫والتضييق على قدوم المزيد من المقاتلين األجانب‪،‬‬ ‫بقدر ما هو سعي إلنهاء حالة االستقطاب المستمرّ ة من‬ ‫الس ّكان المحلّيّين‪ ،‬سعي ال يمكن للتحالف الدوليّ مهما‬ ‫ا ّتسعت ضرباته الجوّ يّة أن ينجح في تحقيق مهامّه‪ ،‬والتي‬ ‫يشير القائمون عليه‪ ،‬إلى صعوبتها وامتدادها الزمنيّ ‪،‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬ ‫نجاحا ً قد ال يتح ّقق إلاّ حين تترافق تلك المها ّم العسكريّة‬ ‫مع مها ّم دوليّة أخرى‪ ،‬قادرة على خلق مناخات مناسبة‬ ‫لتجفيف عملية االستقطاب المحلّيّ ‪ ،‬ومنع تحوّ له إلى‬ ‫بيئة حاضنة‪ ،‬وذلك بتقديم الحلول المختلفة والتدريجيّة‬ ‫للمساعدة في استنهاض ّ‬ ‫مطرد للمدنيّة والديمقراطيّة‬ ‫في العراق وسورية‪ ،‬وليس باإلعالن فقط عن دعم‬ ‫الحكومة العراقيّة‪ ،‬وإعادة تأهيل جيشها في الحرب‬ ‫ض ّد تنظيم الدولة اإلسالميّة‪ ،‬تلك الحكومة التي لم‬ ‫ُتظهر بعد أيّ ابتعاد عن السلوك الطائفيّ لحكومة‬ ‫المالكيّ ‪ ،‬التي كانت السبب فيما حصل‪ ،‬األمر الذي‬ ‫قد يح ّقق بعض التغييرات في حجم سيطرة داعش‬ ‫على األراضي العراقيّة‪ ،‬وليس باإلعالن كذلك عن‬ ‫االكتفاء بمالحقة التنظيم في سورية كما في العراق‪،‬‬ ‫والدعم العسكريّ لقوى الثورة المعتدلة وتدريب بعض‬ ‫من مقاتليها في السعوديّة‪ ،‬مع عدم اإلشارة إلى كيفيّة‬ ‫منع نظام األسد عن استمراره بتنفيذ الجرائم األكثر‬ ‫بحق الشعب‪ ،‬التي تعكس تكريسا ً‬ ‫بشاعة وا ّتساعا ً‬ ‫ّ‬ ‫لسيطرة التنظيم على مناطق أوسع في سورية‪ ،‬في ظ ّل‬ ‫الضعف المستمرّ لسيطرة النظام والقوى األخرى التي‬ ‫تعارضه‪ ،‬وفي ظ ّل انتشار المزيد من حاالت الفوضى‬ ‫الناجمة عن تلك الحاالت من العنف والضعف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الدوليّ المباشر‪ ،‬مع‬ ‫ك فيه أنّ‬ ‫ممّا الش ّ‬ ‫تلك السيطرة لتنظيم الدولة‪ ،‬قد تحوّ ل إلى ضرورة‬ ‫ملحّ ة‪ ،‬ضرورة ال يمكن أن تواجه بأيّ رفض رسميّ‬ ‫أو شعبيّ ‪ ،‬وال بأيّ رفض إقليميّ أو دوليّ ‪ ،‬لكنّ هذا‬ ‫التدخل وفقا ً للخطط التي يت ّم اإلعالن عنها‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمثل‬ ‫ على ما يبدو ‪ -‬سوى حصراً لشبح اإلرهاب ضمن‬‫منطقة مح ّددة‪ .‬فهل يعتبر ذلك الحصر هو النتيجة التي‬ ‫تسعى القوى الدوليّة لتحقيقها؟‬ ‫نتيجة ال ُتفصح الخطط التي تصدر ح ّتى اآلن‪ ،‬عن‬ ‫قيادة التحالف والمشاركين فيه‪ ،‬إلاّ إلى أه ّميّة إنهاء‬ ‫الوجود الداعشيّ في العراق أوّ الً‪ ،‬وعبر الشكل الطائفيّ‬ ‫القائم في التص ّدي له من قبل الحكومة العراقيّة‪ ،‬وإلى‬ ‫إمكانيّة تحوّ ل سورية لحالة مشابهة مع حاالت بقيّة‬ ‫الدول التي أصبحت ساحات مغلقة للموت العبثيّ ‪،‬‬ ‫كما في أفغانستان والصومال وليبيا‪ ،‬حيث تتوالد‬ ‫السلطات على األرض دون أيّة سيطرة لسلطة موحّ دة‬ ‫في المجتمع‪ ،‬وحيث يح ّل الصراع بين تلك السلطات‪،‬‬ ‫بديالً عن الصراع على سلطة واحدة‪.‬‬

‫لؤي حاج بكري‬

‫حرب «انتقائّية» على اإلرهاب‪!!...‬‬ ‫ُ‬ ‫الدافع احلقيق ّي هو املصاحل النفطيّة واالسرتاتيجيّة املوجودة يف اإلقليم الكرد ّي‪.‬‬ ‫لم تكنْ والدة ما يسمى الدولة اإلسالميّة في العراق‬ ‫والشام «داعش» في شهر نيسان من العام ‪ 2013‬حدثا ً‬ ‫مفاجئا ً لك ّل الدول المعنيّة بالحدث السوريّ وتداعياته‬ ‫المتغيّرة‪ .‬بل كانت أجهزة استخبارات كبريات الدول‬ ‫الغربيّة على دراي ٍة وعلم بتحرّ كات «المجاهدين»‬ ‫وتوافدهم للقتال في أرض الشام من ك ّل أصقاع‬ ‫وبقاع األرض‪ ،‬وكان جل ّيا ً وواضحا ً للعيان أنّ نفوذ‬ ‫المتطرّ فين والمتش ّددين يزداد وبتعاظم على الساحة‬ ‫السوريّة على حساب مقاتلي الجيش الحرّ المُص َّنفين‬ ‫ضمن خانة االعتدال في المعارضة السوريّة المسلّحة‪.‬‬ ‫وبعد بسط «داعش» سيطرتها المطلقة والكاملة‬ ‫على محافظة الر ّقة عقب المعارك التي خاضها مقاتلو‬ ‫التنظيم ض ّد كتائب الجيش الحرّ المتواجدة في المدينة‬ ‫إضافة إلى مقاتلي حركة أحرار الشام وجبهة النصرة‪،‬‬ ‫ك أنّ هذا التنظيم بدأ بتأسيس‬ ‫لم يعد هناك مجال للش ّ‬ ‫دولته من أوّ ل محافظة «محررّ ة» سابقا ً وي ّتخذوها‬ ‫قاعدة للتم ّدد والبقاء كما يحبُّ عناصر «داعش» أن‬ ‫يتر َّنموا بتلك األهزوجة الشهيرة «باقية وتتم ّدد» ‪.‬‬ ‫بالعودة للحرب على اإلرهاب كانت كتائب الجيش‬ ‫الحرّ أوّ ل من أعلن الحرب على الدولة اإلسالميّة في‬ ‫العراق والشام «داعش»‪ ،‬حيث بدأ الحملة فصيل جبهة‬ ‫ثوّ ار سورية بقيادة جمال معروف في ‪2014/1/3‬‬ ‫حيث أمهل مقاتلي التنظيم ‪ 24‬ساعة للمغادرة‪ ،‬وتش ّكل‬ ‫جيش المجاهدين من سبع فصائل مسلّحة لخوض هذه‬ ‫الحرب ض ّد داعش‪ ،‬قيل الكثير حينها‪ :‬حول موعد‬ ‫هذه الحرب المتزامن مع قرب انعقاد مؤتمر جنيف ‪2‬‬ ‫ومحاولة الجيش الحرّ ومن ورائه المعارضة‪ ،‬سحب‬ ‫ورقة محاربة اإلرهاب من يد النظام السوريّ لتصبح‬ ‫أداة ضاغطة في تلك المفاوضات‪ ،‬حينها لم تعلن‬ ‫الواليات الم ّتحدة األمريكيّة الراعي الرسمي للحرب‬ ‫على اإلرهاب عن أيّة مساعدات عسكريّة أو تقنيّة‬ ‫لكتائب الجيش الحرّ ‪ ،‬ولم تن ّفذ «الطائرات بال طيّار»‬ ‫أيّة غارا ٍ‬ ‫ت على مواقع التنظيم المذكور أو أرتاله‪،‬‬ ‫تتبار الدول األوربيّة في تقديم الهبّات العسكريّة‬ ‫ولم‬ ‫َ‬ ‫أو الماديّة لكتائب الجيش الحرّ وفصائلها المذكورة؛‬ ‫وكأ ّنهم يقولون لها‪« :‬اذهبوا أنتم وربّكم لتقاتلوا إ ّنا‬ ‫هاهنا متفرّ جون» ‪ ،‬ونتيجة لذلك لم تكن تلك الحرب‬ ‫سوى إعادة تموضع جزئي أو تقسيم مرحليّ لمناطق‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫النفوذ بين «داعش» من طرف وبقيّة كتائب الجيش‬ ‫الحرّ والكتائب اإلسالميّة من جهة أخرى‪.‬‬ ‫منذ ما يقارب الشهرين اجتاحت قوّ ات «داعش»‬ ‫الموصل وسيطرت عليها وأخذت تتم ّدد بشكل سريع‬ ‫مع انهيار تا ّم ومفاجئ للجيش العراقيّ الذي ترك مقرّ اته‬ ‫ومع ّداته العسكريّة غنيمة لمجاهدي «داعش» التي ما‬ ‫لبثت أن سيطرت على ع ّدة مدن وبلدات مع سيطرتها‬ ‫على حقول النفط الواقعة في الشمال العراقي‪ ،‬حينها‬ ‫استفاف العالم مذهوالً وهو يشاهد هذا التنظيم يزداد‬ ‫قوّ ة وعتاداً وثراء‪ ،‬تعالت األصوات العراقيّة حينها‬ ‫على لسان رئيس الوزراء السابق «نوري المالكيّ »‬ ‫طلبا ً للنجدة وطالب الواليات الم ّتحدة بشنّ غارات‬ ‫جوّ يّة لمساعدة قوّ اته المهزومة في دحر اإلرهاب‪،‬‬ ‫بعد هذا التم ّدد أُعلنت الخالفة في األوّ ل من رمضان‬ ‫وبويع «أبو بكر البغدادي» خليفة للمؤمنين وأُزيلت‬ ‫الحدود بين العراق وسورية وهُزم «سايكس وبيكو «‬ ‫على أيدي مجاهدي الدولة اإلسالميّة الناشئة‪.‬‬ ‫بعد سيطرة ال��دول��ة اإلس�لام � ّي��ة على قضاء‬ ‫«مخمور» التي كانت تسيطر عليه قوّ ات (البيشمركة)‬ ‫الكردستانيّة‪ ،‬في شهر آب الماضي‪ ،‬واقتراب مقاتلي‬ ‫الدولة من إقليم كردستان‪ ،‬بدأ الحرا ُ‬ ‫ك العالميّ ض ّد‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬حيث أقرَّ الرئيس األمريكيّ باراك أوباما‬ ‫في التاسع من شهر آب قراراً يوعز فيه إلى الجيش‬ ‫ك الحصار‬ ‫األمريكيّ بتوجيه ضربات ج��وّ ّي��ة لف ّ‬ ‫عن اإليزديّين في جبل «سنجار»‪ ،‬وفي اليوم ذاته‬ ‫أعلن (البنتاغون) في بيان له أنّ طائرات بال طيّار‬ ‫ش ّنت غارات على مواقع لمقاتلي الدولة اإلسالميّة‪،‬‬ ‫وتواترت بعدها الدعوات الدوليّة لمحاربة اإلرهاب‬ ‫حيث أ ّكد وزير الخارجيّة الفرنسيّ من بغداد وجوب‬ ‫توحّ د الجهود لمحاربة اإلره��اب‪ ،‬بينما أ ّك��دت ك ّل‬ ‫من ألمانيا وهولندا نيّتهما تسليح قوّ ات (البيشمركة)‬ ‫الكرديّة لمحاربة داعش‪ ،‬ك ّل هذه االصطفافات الدوليّة‬ ‫جاءت كما ت ّدعي حماية لألقليّات التي ُتباد على أيدي‬ ‫«داعش»‪ ،‬لكنَّ الدافع الحقيقيّ وراء هذه الحملة هي‬ ‫المصالح النفطيّة واالستراتيجيّة الموجودة في اإلقليم‬ ‫الكرديّ ‪.‬‬ ‫انتقائية ُهذا الحرب‪ -‬إنْ جاز لنا التعبير – تكمنُ‬ ‫في تغاضيّ هذه الواليات الم ّتحدة ومن ورائها الجوقة‬

‫األورو ّبيّة عن تم ّدد اإلرهاب في سوريّة وقضائها‬ ‫بشكل متزامن مع قوّ ات األسد على ما تب ّقى من قوّ ات‬ ‫الجيش الحرّ ‪ ،‬واقتطاعه المزيد من األراضي السوريّة‬ ‫نر طائرات بال طيّار‬ ‫وضمّها لدولة الخالفة‪ ،‬فلم َ‬ ‫تحارب مواقع التنظيم المعروفة للقاصي والداني في‬ ‫سورية‪ ،‬ولم َ‬ ‫تتلق الكتائب العسكريّة أسلحة متطورّ ة‬ ‫أو إمدادات من الذخائر تم ّكنها من ص ّد هجمات هذا‬ ‫التنظيم المزود بأحدث األسلحة والتجهيزات األمريكيّة‬ ‫ّ‬ ‫يحق‬ ‫التي اغتنمها مقاتلوه من الجيش العراقي‪ ،‬أال‬ ‫للمواطن السوريّ البسيط أن يسأل لِ َم هذا التمييز في‬ ‫الحرب ض ّد اإلرهاب؟؟‬ ‫في المقلب اآلخر يجتمع مجلس األمن مساء يوم‬ ‫الجمعة ‪ 16‬آب ‪ 2014‬ويُقرُّ قراراً ينصّ على قطع‬ ‫اإلم��دادات البشريّة والماليّة عن تنظيم «الدولة‬ ‫اإلسالميّة» وجبهة النصرة‪ّ ،‬‬ ‫وزع سالحهما‪ ،‬وتفكيك‬ ‫التنظيمين في سورية والعراق‪ ،‬وجاء هذا القرار تحت‬ ‫البند السابع الذي يُجيز استخدام القوّ ة‪ ،‬بينما تناسى‬ ‫المجلس المجتمع لمحاربة اإلره��اب‪ ،‬التنظيمات‬ ‫اإلرهابيّة التي تقاتل إلى جانب النظام السوريّ كميليشيا‬ ‫حزب هللا اللبنانيّ و كتائب أبو الفضل العباس العراقيّة‬ ‫ولم ي ّتخذ أيّة إجراءات تجاه النظام األسديّ الذي ساعد‬ ‫على تم ّدد اإلرهاب وكان سببا ً رئيسيا ً لوجوده‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مجزأة‪،‬‬ ‫الحربُ ض ّد اإلرهاب واحدة ُكاملة غير‬ ‫ّ‬ ‫وتسخر ك ّل‬ ‫ال تستطيع أن تحارب اإلرهاب في بل ٍد‬ ‫جهودك وإمكانيّاتك لوقفه واجتثاثه‪ ،‬بينما تتركه يمت ُّد‬ ‫ويتشعّب في البلد وتترك المحاربين له بال حول أو‬ ‫قوّ ة‪ ،‬بال دعم جوّ يّ أو تزويد بالذخيرة والخبرات‬ ‫العسكريّة االستشاريّة‪ ،‬إ ّنها االنتقائيّة األوباميّة في‬ ‫الحرب ض ّد اإلرهاب والتي ستفشل عاجالً أم آجالً‬ ‫إنْ لم ي ّتخذ قراراً حاسما ً بالقضاء على بؤرة اإلرهاب‬ ‫األكبر «النظام األسدي» وبقيّة التنظيمات المتطرّ فة‬ ‫التي تصول وتجول في كنفه من «داعش» ونصرة‬ ‫مصطفى اجلرادي‬ ‫وغيرها ‪.‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫مكافحة‬ ‫اإلرهاب‬ ‫بأيدي صانعيه‬ ‫كلّنا نعلم أنّ جميع المعنيّين باإلرهاب‪ ،‬من أميركا‬ ‫إلى إي��ران وإسرائيل وأوروب��ا وال��دول العربيّة‪،‬‬ ‫جميعهم أسهموا في تصنيع «القاعدة» أو في دعمها‬ ‫واستثمارها‪ ،‬من أجل الدفاع عن مصالحهم ومواقفهم‪،‬‬ ‫واليوم هي ترت ّد عليهم بما ص َّنعوه من أبناء لها‬ ‫مشوّ هين ذوي العقليّات القبيحة‪ ،‬والذين تجاوزوها في‬ ‫إتقان فنّ اإلرهاب والتكفير والقتل والرعب والتدمير‪.‬‬ ‫ث ّم إنّ ك ّل إنسان عاقل وعنده الح ّد األدنى من الثقافة‬ ‫اإلسالميّة‪ ،‬يعرف أنّ هذا اإلسالم «الداعشيّ » هو‬ ‫باألساس غريب‪ ،‬مص ّنع ومستورد من عالم سرّ يّ‬ ‫َ‬ ‫وخفيّ ‪ ،‬خاضع ألجهزة استخبارات صهيو‪-‬أميركيّة‬ ‫وإقليميّة وأوروبيّة‪ ،‬متخصّصة بالتالعب النفسانيّ‬ ‫وض َعت عليه اللّ َمسات الالّزمة‬ ‫والبرمجة النفسيّة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إلكمال صياغته الكاملة وصياغة عقيدته‪ ،‬والتح ّكم‬ ‫موجّ هٍ‪.‬‬ ‫بعقليّته المتوحّ شة‪ ،‬بشكل َ‬ ‫علينا إذاً ألاّ ننسى أنّ بعض الدول التي ت َّدعي‬ ‫محاربة اإلرهاب‪ ،‬هي إرهابيّة بامتياز‪ ،‬وأ ّنها شاركت‬ ‫في تصنيع «داعش» ألغراض استعماريّة وغيرها‬ ‫من األهداف‪ ،‬حيث ك ّل جهة تستأجرها وتستخدمها‬ ‫لمصلحتها‪ ،‬ولوال ذلك‪ ،‬كيف نستطيع تفسير سياسة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫الكيل بمكيالين؟ إذ أنّ بعض الدول تدعم‬ ‫اإلرهابيّة في مكان وتحاربها في مكان آخر‪ ،‬أو تطلق‬ ‫سراح قادتها من سجونها‪ ،‬ث ّم ت َّدعي أ ّنها تريد التعاون‬ ‫مع أمريكا لمحاربتها‪ ،‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬فلماذا‬ ‫تحاربها أمريكا وهي التي شاركت أيضا ً في خلقها؟‬ ‫وكيف نفسّر الدرجات العالية من هذا الفساد‪ ،‬وهذه‬ ‫الفضائح في الدول التي سيطرت فيها األنظمة الدينيّة‬ ‫واألنظمة االستبداديّة؟‬ ‫إنّ التفسيرات الحقيقيّة‪ :‬هي أ ّنه ليس ثمّة دولة‬ ‫تدافع عن مبدأ أو ديمقراطيّة‪ ،‬أو حريّة أو كرامة‪،‬‬ ‫وإ ّنما هي تدافع عن مصلحة‪ ،‬وتبحث عن نفوذ أو‬ ‫سيطرة ح ّتى إذا اعتمدت على التنظيمات اإلرهابيّة‬ ‫من أجل ذلك‪ .‬وهكذا فإنّ تلك الدول هي أعداء بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬ليس بسبب المبادئ‪ ،‬بل بسبب تضارب‬ ‫المصالح‪ ،‬وعندما تتغيّر المعطيات وتلتقي المصالح‪،‬‬ ‫فإ ّنها بعد أن تكون عالقاتها عدائيّة بين بعضها‪ ،‬لمّا‬ ‫تتضارب مصالحها‪ ،‬تصبح كأمريكا وإيران اآلن‪،‬‬ ‫اللتان صارتا حليفتين‪ ،‬عندما التقت مصالحهما في‬ ‫التعاون على محاربة اإلرهاب الذي عمل كالهما‬ ‫على خلقه ودعمه‪.‬‬ ‫لهذا السبب يصعب أن تنجح محاوالت دحر‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ما دامت الوسائل المستخدمة هي ذاتها‪،‬‬ ‫فال ب ّد من العمل على المستوى الدوليّ ‪ ،‬وإقامة‬ ‫مؤتمرات عالميّة تقود إلى اتفاقيات دوليّة‪ ،‬تحرّ م‬ ‫الّلجوء إلى تصنيع اإلرهاب أو االعتماد عليه‪ ،‬وال ب ّد‬ ‫من العمل على المستوى الثقافيّ الجماعيّ والفرديّ‬ ‫في المجتمع‪ ،‬لمعالجة العقليّات المريضة‪ ،‬وتغيير‬ ‫التصرّ فات التي اعتاد الشعب عليها منذ عشرات‬ ‫السنين‪ ،‬فالذي يلجأ إلى تصفية خصومه السياسيّين‪،‬‬ ‫هو الوجه اآلخر لمن يقطع رؤوس الصحفيّين‪ ،‬والذي‬ ‫يعتدي على الكنائس ويخطف رجال الدين المسيحيّين‪،‬‬ ‫هو استنساخ لمن يحاول فرض قواعده ّ‬ ‫الظالمة على‬ ‫ّ‬ ‫ويعذب عشرات‬ ‫من ال يلتزم بها من الشعب‪ ،‬ويعتقل‬ ‫اآلالف من معارضيه ألسباب سياسيّة‪ ،‬ويقتل مئات‬ ‫اآلالف من شعبه‪ ،‬أل ّنهم يطالبون بالكرامة والحريّة‬ ‫والديمقراطيّة‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫وال َم ْخرج هو مواصلة ما ش��رع فيه الشعب‬ ‫السوريّ في مسيرته الحضاريّة الحديثة الرّ افضة‬ ‫لالستبداد والمؤ ّدية في نهاية المطاف إلى النهوض‬ ‫والتق ّدم‪ ،‬وتب ّني حداثة المفاهيم المتعلّقة بالمواطنة‬ ‫ّ‬ ‫والديمقراطية التع ّدديّة‪ ،‬وبالدولة المدنيّة والعلمانيّة‪.‬‬ ‫وكما كان شعبنا سبّاقا ً في صناعة الحضارات‪ ،‬إذ‬ ‫كان مهداً للحضارات اإلنسانيّة المتتالية‪ ،‬فما الذي‬ ‫ينقصه للمشاركة في صناعة الحضارة الحديثة في‬ ‫إطار نظام عالميّ جديد يليق باإلنسان وباإلنسانيّة‪،‬‬ ‫ويحرّ م االستبداد مهما كانت مصادره‪ ،‬وهذا ما بدأ‬ ‫الشعب السوريّ بإنجازه مضحّ يا ً بمئات اآلالف من‬ ‫أبطاله في سبيل أهدافه السّامية‪ ،‬أمّا استمرار النظام‬ ‫االستبداديّ ‪ ،‬أو الدعوة إلى إقامة حكم دينيّ تحت‬ ‫مسمّيات دولة الخالفة‪ ،‬أو والية الفقيه وغيرها من‬ ‫األنظمة األصوليّة‪ ،‬فهو تراجع وتقهقر لإلنسانيّة‪،‬‬ ‫ألنّ مضمون تلك األنظمة‪ ،‬هو إعادة إنتاج األزمات‬ ‫المستعصية‪ ،‬كاإلرهاب وغيره من آفات وأمراض‬ ‫المجتمعات‪ ،‬والتي ليس لها عالج سوى قلبها وتفكيكها‬ ‫واستئصالها وحذفها من جذورها‪.‬‬

‫د‪ .‬فوزي سفر‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪14‬‬

‫(داعش) كذبة سورّية‬ ‫وحقيقة دولّية‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫هل كان على (داعش) أن تتخ ّطى السيناريو املرسوم هلا‪،‬‬ ‫متس املسيحيّني واإليزيديّني وته ّدد إقليم كردستان؟‬ ‫وأن ّ‬

‫بدأ الكاتب مقالته بعرض عبارتين هما‪:‬‬ ‫‪1‬ـ «ما تقوم به (داعش) من قتل وذبح وتهجير وسبي إ ّنما هو محاكاة‬ ‫لسيرة المسلمين األوائل‪ :‬هذا هو اإلسالم»‪.‬‬

‫جاء هذا الحماس المفاجئ بعد أن وصلت‬ ‫إلى باريس عوائل مسيحيّة هاربة من بطش‬ ‫(داع��ش)‪ ،‬تأ ّكدت فرنسا‪ ،‬بعد صمت عام‬ ‫أو أكثر‪ ،‬على تواجد هذه (ال��داع��ش) في‬ ‫الجغرافية السوريّة‪ ،‬أ ّنها أصبحت عبئا ً كارث ّيا ً‬ ‫على المنطقة‪ ،‬وال ب ّد من لجم وحشيّتها ووقف‬ ‫امتدادها‪ ،‬فهي تمادت إلى الح ّد الذي أصبحت‬ ‫تسيطر فيه على مناطق واسعة ال تسمح ألحد باالقتراب منها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هل كان على (داعش) أن‬ ‫تتخطى السيناريو المرسوم لها‪ ،‬وأن تمسّ‬ ‫المسيحيّين واإليزيديّين وته ّدد إقليم كردستان‪ ،‬ح ّتى يتحرّ ك الضمير‬ ‫العالميّ تجاه هذه الدولة التي بنت نفسها على سواقي الدماء‪ ،‬وصور‬ ‫الرؤوس المفصولة عن جسدها على مرآى من عيونها؟‬ ‫إذاً لم تكن (داعش) لتخدش الضمير العالميّ ‪ ،‬طالما التزمت في‬ ‫حدود ذبحها ألهلها ال ُّس ّنة فقط‪ ،‬وخدع العالم نفسه بتوصيف الحال أ ّنه‬ ‫خالف «داخليّ ألهل البيت» حول التأويل والتفسير‪ ،‬فال ضير من‬ ‫تذابحهم ح ّتى ي ّتفقون على رأي يتعايشون في كنفه‪ ،‬وال ضير إذا ارتكبت‬ ‫(داع��ش) تجاوزات في الذبح طالت العلمانيّين واإلعالميّين وح ّتى‬ ‫المدنيّين األبرياء‪ ،‬واع ُتبر ذلك خسائر جانبيّة‪ ،‬والحقت األفراد األكثر‬ ‫وفا ًء للثورة ض ّد نظام طاغية‪ ،‬طالما أنّ فرنسا تش ّدقت منذ بداية الثورة‬ ‫بأ ّنها الداعم األكثر حماسة لثورة الشعب السوريّ ض ّد الديكتاتور‪.‬‬ ‫ربّ تساؤل يستحضر نفسه بعد دعوات لمؤتمر دوليّ للجم شطط‬ ‫(داعش) ‪ -‬وهذه دعوة ّ‬ ‫حق لعالج هذه اآل ّفة ‪ -‬لكنّ هل كان المجتمع‬ ‫راض ح ّتى اآلن عن‬ ‫الدوليّ راضيا ً عن أعمالها االجراميّة‪ ،‬كما هو‬ ‫ٍ‬ ‫أعمال النظام االجراميّة‪ ،‬قبل وطء األراض��ي المحرّ مة في الشمال‬ ‫العراقيّ ؟ حدود كردستان‪ ،‬أراض األقلّيّات‪ ،‬المسيحيّة واإليزيديّة‪،‬‬ ‫وبضع طوائف صغيرة‪ ..‬ل َم ل ْم يف ّكر المجتمع الدوليّ ‪ ،‬في لجمها حين‬ ‫ناطحت التخوم الكرديّة في الشمال السوريّ ‪ ،‬وذبحت ما ذبحت‪ ،‬ودمّرت‬ ‫ّ‬ ‫وحطمت شواهد الرموز التاريخيّة‪ ،‬ال بل ل َم ل ْم يتحرّ ك‬ ‫المراقد الدينيّة‪،‬‬ ‫ضميرها ‪ -‬أخصّ بالدرجة األولى الحرباء روسيا التي أبدت رضاها عن‬ ‫معاقبة داعش ‪ -‬حين أقامت (داعش) كرنفاالت الذبح في الر ّقة‪ ،‬لتعلن‬ ‫تأسيس دولتها على تالل الرؤوس المقطوعة‪ ،‬هل كان ما تفعله حينها‬

‫‪2 .‬ـ «ما تفعله (داع��ش) ال ّ‬ ‫يمثل اإلسالم إسالم الرحمة والتسامح‪،‬‬ ‫واإلسالم بريء من أفعال (داعش)»‪.‬‬

‫يصبّ في مآرب كان يبتغيها المجتمع الدولي؟ هل ما فعلته في سورية‬ ‫هو ما كانت تبحث عنه روسيا جهراً وباقي الدول على استحياء؟ إ ّنها‬ ‫تفعل المطلوب من تشويه في سمعة الثورة‪ ،‬وأ ّنه يطرح السؤال بالتناغم‬ ‫مع النظام‪ ،‬للشعب السوريّ «هذا هو البديل في حال سقوطي؟!»‬ ‫أجادت (داعش) لعب الدور المرسوم لها‪ ،‬بحرفيّة وتقنيّة عالية‪،‬‬ ‫مستفيدة من التمويل الضخم الذي تل ّقته من حيث ال نعلم وال يعلم أحد‪،‬‬ ‫إلاّ قيادات الصفّ األوّ ل في هذا التنظيم‪ ،‬وكذلك من جملة التعقيدات‬ ‫والخلل الذي أصاب جغرافية المناطق المحرّ رة من سلطة النظام‪ ،‬حيث‬ ‫ج ّندت الشباب المهزوز بقناعاته أصالً‪ ،‬تحت وعود الترغيب والتهديد‪،‬‬ ‫واستفادت من والء بعض العشائر الكبيرة االنتهازيّة في تدبير أمور‬ ‫حياتها‪ ،‬التي بايعت الخليفة ليس إيمانا ً بالدين‪ ،‬إ ّنما بالسلطة والنفوذ اللذان‬ ‫يتم ّتع بهما‪ ،‬الذي هو في سياق عدم التعارض مع الوالءات السابقة‬ ‫للنظام لتلك العشائر‪.‬‬ ‫«أوباما» يقول‪« :‬لن نسمح لداعش بالتم ّدد في العراق‪ ،‬وعلى‬ ‫المجتمع الدوليّ أن يساعد العراق في ص ّد هجماتها‪ .‬وغاراتنا الجويّة‪،‬‬ ‫أوقفت زحفها‪ ،‬وشلّت حركتها في الشمال العراقيّ »‪ .‬إذاً ثمّة استجابة‬ ‫لنداء حكومة كردستان من قبل المجتمع الدوليّ لعقد مؤتمر بخصوص‬ ‫(داعش) في العراق‪ ،‬وبالفعل ت ّم المؤتمر بدون عناء السفر إلى جنيف‪،‬‬ ‫حيث من المقترح أن يقام هناك‪ ،‬إ ّنما ت ّم المؤتمر على عجل عبر‬ ‫«سكايبي»‪ ،‬وعُولج األمر كحالة طارئة ال تستدعي التأخير‪ ،‬وفي اليوم‬ ‫الثاني ُن ّفذت القرارات‪ ،‬ك ٌّل حسب المهمّة الموكلة إليه‪ ،‬وهرب الخليفة‬ ‫من الموصل إلى دير الزور‪ ،‬وعوّ ض عن خسارته في الموصل بذبح‬ ‫‪ 700‬رجل من عشيرة الشعيطات في دير الزور وبسبي نسائهم‪ ،‬لكن‬ ‫لألسف طائرات «أوباما» ال تملك مناظير جيدة لترى المجازر التي‬ ‫تحدث خلف حدود العراق‪.‬‬ ‫حممّد جيجك‬

‫اإلسالمّيون والعلمانّيون‬ ‫طرفاً ثالثاً‬

‫في سوريّة مثالً‪ ،‬إذا ما تتبّعنا تاريخ نشوء معظم‬ ‫األحزاب السياسيّة‪ ،‬ذات اإلطار الوطنيّ أو القوميّ‬ ‫أو األمميّ ‪ ،‬نجد أنّ غالبيّة األعضاء المؤسّسين‬ ‫والمتزعّمين والفاعلين فيها‪ ،‬هم من غير المسلمين‬ ‫(الس ّنة حصراً)‪ ،‬وغالبا ً ما كان ينخرط فيها َمن ي ّتصفون‬ ‫بالتوجّ ه العلمانيّ بشكل عا ّم‪ ،‬وال نعني بالمطلق أنّ‬ ‫العلمانيّ ال يعترف‪ ،‬أو ال يؤمن بالتعاليم الدينيّة كما‬ ‫هو شائع عند اإلسالميّين‪ ،‬لك ّنه ال يرى جدوى من‬ ‫إقامة نظام على أساس دينيّ من خالفة أو إمارة‪ ،‬أو‬ ‫سنّ قانون قائم على الشريعة اإلسالميّة لما يتعارض‬ ‫مع واقع الحال الذي فرضه التطوّ ر المعرفيّ والثقافيّ‬ ‫والديموغرافيّ في المنطقة‪ ،‬بال ّتالي فقد شعرت األقلّيّات‬ ‫من خالل هذه األحزاب بأنّ انتماءها الوطنيّ ‪ ،‬يتجلّى‬ ‫من خالل منطلقات وأهداف أحزابها النظريّة‪ ،‬والتي‬ ‫غالبا ً ما تقوم على شعارات ر ّنانة لها وقعها وتأثيرها‬ ‫على مشاعر معتنقيها من عدالة وحريّة ومساواة وحياة‬ ‫كريمة‪ ،‬جميعها ترتبط _ إن ص ّح التعبير _ بجغرافيا‬ ‫مح ّددة‪ ،‬وتقوم على أسس تاريخيّة موغلة في القدم‪،‬‬ ‫كالحدود الطبيعيّة التاريخيّة‪ ،‬والمناخ الواحد والّلغة‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫إلى مزيد من العقالنّية وبال‬ ‫زوايا حا ّدة‬

‫قرأنا في العدد ‪ 13‬من جريدة «كلّنا سوريّون» الصادر بتاريخ ‪ 1‬أيلول‬ ‫‪ 2014‬مقاالً بعنوان‪« :‬اغتيال العقل لصالح النقل» للكاتب «أسعد شالش»‪،‬‬ ‫ولحساسية الموضوع المطروح وأه ّميّته أرجو من هيئة التحرير أن تسمح‬ ‫لنا بمحاورة الكاتب في بعض القضايا‪:‬‬

‫هل سيستجيب المجتمع الدوليّ لدعوة‬ ‫حكومة كردستان لعقد مؤتمر دوليّ من أجل‬ ‫بحث العدوان الوحشيّ والتم ّدد الجغرافيّ لـ‬ ‫(داعش) إلى عمق العراق؟ ربّما نعم‪ ،‬وقد‬ ‫ظهرت مؤ ّ‬ ‫شرات أوليّة على اندفاع الدول‬ ‫الكبرى إلى مساعدة حكومة الشمال‪ ،‬بكا ّفة‬ ‫المع ّدات لص ّد هجمات (داعش) المباغتة على‬ ‫تخوم اإلقليم‪ ،‬وارتكاب الفظائع ّ‬ ‫بحق األقلّيّات‬ ‫الدينيّة حول الموصل‪.‬‬

‫منظومات المجتمع المدنيّ لدى شعوب المنطقة‬ ‫العربيّة غالبا ً ما كانت تصطدم بالتيّارات واألحزاب‬ ‫الدينيّة على اختالف مشاربها وعقائدها‪ ،‬وخاصّة‬ ‫اإلسالميّة ال ُّس ّنيّة منها بصفتها األكثريّة في المنطقة‪،‬‬ ‫ما حدى باألقلّيّات الدينيّة إلى االنخراط في تلك‬ ‫المنظومات‪ ،‬والسعي الدائم إلى تشكيل‪ ،‬أو االنضمام‬ ‫إلى تك ّتالت وأح��زاب جامعة بين مختلف األطياف‬ ‫الدينيّة واإلثنيّة كبديل عن األقليّة التي ينتمون إليها‪،‬‬ ‫أو لتقويتها في مواجهة األكثريّة الموجودة‪ ،‬وغالبا ً‬ ‫ما تنضوي تحت ع ّدة شعارات (الوحدة الوطنيّة _‬ ‫القوميّة _ الحرّ يّات _ الديموقراطيّة _ نبذ الطائفيّة‬ ‫والمناطقيّة والعشائريّة)‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫والتكوين الفيزيولوجيّ المكوّ ن للشعب ‪ -‬عند بعض‬ ‫األحزاب ‪ -‬بل وح ّتى اآلمال واآلالم المشتركة‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫منظري حزب البعث والقوميّين العرب‬ ‫ورد عند‬ ‫والسوريّين القوميّين االجتماعيّين‪ ،‬وغيرها من‬ ‫أحزاب المنطقة التي تعتمد على العنصر الجغرافيّ‬ ‫كمبدأ أساسيّ قبل المبادئ اإلصالحيّة‪ ،‬بالمقابل فإنّ‬ ‫ظهور الحركات الدينيّة في المنطقة‪ ،‬كان اعتمادها‬ ‫األساسيّ ‪ ،‬بل والكلّيّ على العنصر اإلسالميّ (ال ُّس ّنيّ )‬ ‫ولع ّل أه ّم تلك الحركات _ كما يعلم الجميع _ هي‬ ‫حركة اإلخوان المسلمين التي امت ّدت من مصر لتصل‬ ‫إلى سوريّة‪ ،‬وتجد لها قاعدة شعبيّة‪ ،‬ليست كالتي كانت‬ ‫في موطنها الرئيسيّ ‪ ،‬لك ّنها استطاعت التغلغل داخل‬ ‫األوساط العلميّة والثقافيّة‪ ،‬والدينيّة طبعاً‪ ،‬بل وتع ّدتها‬ ‫إلى المؤسّسة العسكريّة السوريّة‪ ،‬ولع ّل ما حصل في‬ ‫مدرسة المدفعيّة بمدينة حلب‪ ،‬من عمليّة تصفية لعدد من‬ ‫الضبّاط العلويّين في العام (‪ )1979‬خير مثال‪ ،‬جاءت‬ ‫أحداث اإلخوان المسلمين في نهاية سبعينيّات القرن‬ ‫المنصرم‪ ،‬لتمت ّد إلى العام (‪ ،)1982‬كر ّدة فعل على‬ ‫هيمنة العنصر العلويّ في مق ّدرات الدولة العسكريّة‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بعائلة األسد‪ ،‬وقسم كبير من‬ ‫واالقتصاديّة‬ ‫طائفته‪ ،‬وإهمال العنصر الس ّنيّ في هاتين المؤسّستين‪،‬‬ ‫لتقابل بأش ّد أنواع القمع العسكريّ التي شهدتها المنطقة‬ ‫العربيّة على وجه العموم‪ ،‬وخاصّة ما حصل في‬ ‫مدينة حماة وسجن تدمر العسكريّ ‪ ،‬حيث كان عدد‬ ‫الضحايا أكثر من أربعين ألفا ً على يد جيش النظام‪،‬‬ ‫وخاصّة فرقة سرايا الدفاع التي أنشأها ع ّم ب ّ‬ ‫شار األسد‬ ‫(رفعت األسد)‪ ،‬ليدخل بعدها التاريخ السوريّ مرحلة‬ ‫من النظام األمنيّ القمعيّ طيلة فترة حكم حافظ األسد‬ ‫إلى بداية حكم ابنه بشار‪ ،‬حيث حاول األخير إيهام‬ ‫العالم والشعب السوريّ ‪ ،‬بأ ّنه يسعى إلى نقل الدولة‬ ‫السوريّة إلى مصافّ الدول المتحضّرة الحرّ ة‪ ،‬من‬

‫وبرأي الكاتب أنّ المقولتين تنظران لنصف الكأس دون نصفه اآلخر‪،‬‬ ‫وذلك ليستطيع الولوج إلى فحوى مقالته «اغتيال العقل لصالح النقل» والتي‬ ‫أراد من خاللها تصدير اإلسالم على أ ّنه دين إجرام وقتل‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫مقارنته ألفعال (داعش) بما كان يحصل في زمن النبوّ ة والخلفاء من بعده‪،‬‬ ‫وذلك باإليحاء للقارئ أنّ ما تفعله (داعش) اليوم هو صورة لما كان يجري‬ ‫باألمس‪ ،‬وقد أورد بعض الحوادث بظاهرها فقط‪ ،‬كحادثة اإلغارة على قافلة‬ ‫لعير قريش قبل غزوة بدر التي ّ‬ ‫وظفها لتخدم فكرته‪ ،‬وبهذا التوظيف بيّن‬ ‫أ ّنه ال يعرف مجريات األمور التي أ ّدت لمعركة بدر‪ ،‬فقافلة أبي سفيان لم‬ ‫يستطع المسلمون الوصول إليها بعد أن حوّ ل أبو سفيان مسارها‪ ،‬ولكنّ عناد‬ ‫قريش وغطرستها وإسرافها في تجبّرها على المسلمين أ ّدى لمعركة بدر‪،‬‬ ‫فقريش هي التي قدِمت إلى المدينة لتأديب المسلمين ممّا أضطرّ هم للخروج‬ ‫لمالقاتها والدفاع عن أنفسهم‪ .‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى كان سرده‬ ‫لحوادث قطع الرؤوس في معركة بدر ذاتها والتي جعلها أسوة لما يحدث‬ ‫اآلن‪ ،‬أقول له‪ :‬إنّ هذا القطع كان شيئا ً طبيع ّيا ً في ذلك الزمن بحسب أدوات‬ ‫القتل التي كانت موجودة‪ ،‬وأثناء المعركة يحدث ك ّل شيء‪ ،‬وإلاّ فكيف يكون‬ ‫القتل إن لم يكن طعنا ً بخنجر أو ّ‬ ‫حز رقبة بسيف؟ وأمّا قوله‪« :‬أراد المسلمون‬ ‫من تلك القافلة تمويل دولتهم الناشئة» فهذه مغالطة أخرى‪ ،‬فتاريخ نشوء‬ ‫ّ‬ ‫متأخراً ج ّداً عن زمن وقوع حادثة القافلة‪ ،‬وإ ّنما أراد‬ ‫الدولة اإلسالميّة جاء‬ ‫المسلمون استعادة أموالهم التي سلبتها قريش بعد أن فرّ وا بدينهم‪.‬‬ ‫ويتابع في مقالته مقاربات أخرى تد ّل على سطحيّة التناول لما ّدته «اغتيال‬ ‫العقل لصالح النقل» فيلوي أعناق الحوادث التاريخيّة بإخراجها عن سياقها‪،‬‬ ‫تلك الحوادث التي مرّ ت بها األمّة اإلسالميّة‪ .‬هنا أريد أن أدعوا األستاذ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‪،‬‬ ‫«شالش» ألن يكون أكثر موضوعيّة في طرحه‪ ،‬فداعش هي‬ ‫مثلها مثل ك ّل األحزاب الموجودة اآلن‪ ،‬صبغت نفسها ببعض جمل اآليات‬ ‫المنزوعة نزعا ً من سياقها السرديّ ضمن القرآن‪ ،‬والذي يقابلها التطرّ ف‬ ‫اإللحاديّ الذي ي ّتخذ لنفسه ع ّدة مسمّيات ليغلّف أفكاره ونفسه بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫ومن ث ّم التهجّ م على كا ّفة المعتقدات األخرى المخالفة لفكره ح ّتى ولو كان‬ ‫فكراً إلحاد ّيا ً آخر‪ ،‬أنا أدعوك والجميع للتفكير العقالنيّ لما يقرّ ب الجميع من‬ ‫بعضهم البعض وعدم حشر اآلخر ‪ -‬كما يجري طول الوقت ض ّد من اعتنق‬ ‫اإلسالم) في الزوايا‪ ،‬فالزوايا تكون حا ّدة الحوافّ تصنع ممّن حُشر فيها‬ ‫شخصا ً حا ّد الطباع وتساعده على التطرّ ف‪.‬‬ ‫محزة األبرش‬

‫الشعب السور ّي اآلن‪ ،‬همّه الوحيد اخلالص من حالة احلرب اليت وصلت إليها‬ ‫البلد‪ ،‬بعد أن ق ّدم أكثر من ربع مليون شهيد‬ ‫حاول األسد االبن إيهام العامل‪ ،‬بأنّه يسعى إىل نقل الدولة السوريّة إىل مصا ّف‬ ‫الدول املتح ّضرة احل ّرة‪ ،‬من خالل إطالق بروبغندات التطوير والتحديث‬ ‫خالل إطالق بروبغندات التطوير والتحديث‪ ،‬ومكافحة‬ ‫الفساد وإطالق الحرّ يّات‪ ،‬وتشكيل األحزاب‪ ،‬والزيادة‬ ‫الكاذبة للرواتب‪ ،‬التي كان يسبقها دائما ً ارتفاع في‬ ‫أسعار الوقود وم��وا ّد المعيشة الرئيسيّة‪ ،‬وقد ُخيّل‬ ‫لبعض الشخصيّات الوطنيّة السياسيّة‪ ،‬التي عانت من‬ ‫االضطهاد والقمع أيّام الرئيس األب‪ ،‬أنّ االبن سيكون‬ ‫مختلفا ً عن والده بعد تلك الصيحات اإلصالحيّة التي‬ ‫طرحها‪ ،‬فوقعوا في ف ّخ ربيع وإعالن دمشق‪ ،‬لتبدأ‬ ‫من جديد حملة االعتقاالت‪ ،‬التي طالت معظم نشطاء‬ ‫المجتمع المد ّني المشاركين باإلعالن‪ ،‬ليت ّم كيْل التهم‬ ‫لهم بالخيانة وال ّتخابر مع الخارج‪ ،‬وزعزعة أمن‬ ‫الوطن وإضعاف الشعور القوميّ والوطنيّ ‪ ،‬وتسميات‬ ‫أخرى ما أنزل هللا بها من سلطان‪ .‬ك ّل ما سبق أ ّدى _‬ ‫مع انطالق الثورة السوريّة منذ ثالثة أعوام ونصف _‬ ‫إلى بروز وظهور شخصيّات المعارضة القديمة (منها‬ ‫من كان خارج البالد)‪ ،‬ومعظمهم من اإلخوان ورابطة‬ ‫العمل الشيوعيّ ‪ ،‬ومنها َمن كان في الداخل ممّن عانوا‬ ‫من السجون واالعتقاالت‪ ،‬وبعضهم ت ّم شمله بعفو‬ ‫رئاسيّ شكليّ ليخرج من حجزه‪ ،‬ويت ّم إبعاده (طوعاً)‬ ‫خارج الوطن بسبب المالحقات والضغوطات األمنيّة‬ ‫المتكرّ رة‪ ،‬ممّا أ ّدى إلى وصول تلك الشخصيّات إلى‬ ‫تزعّم وقيادة الهيئات والمجالس والمؤسّسات السياسيّة‪،‬‬ ‫التي ّ‬ ‫تمثل الثورة ابتدا ًء بالمجلس الوطنيّ مروراً‬ ‫باالئتالف وصوالً إلى الحكومة المؤ ّقتة‪ ،‬ومعظم تلك‬ ‫الشخصيّات _ إن لم نقل جميعها _ تعرّ ضت إلى ش ّتى‬ ‫أنواع التعذيب الجسديّ والنفسيّ في أقبية وسجون‬ ‫النظام كما أسلفنا‪ ،‬ما خلق شعوراً فائضا ً من الحقد‬ ‫والرغبة باالنتقام من جميع عناصر تكوينه ‪-‬النظام‪-‬‬ ‫رغم محاولة شخوصها إخفاء تلك الرغبة‪ ،‬والتظاهر‬ ‫بالتوازن من خالل خطاباتهم وكلماتهم المنمّقة عبر‬ ‫وسائل اإلعالم المكتوبة والمسموعة والمرئيّة‪ ،‬إلاّ أنّ‬

‫المتتبّع ألكثر خطاباتهم يالحظ الرغبة الدفينة في االنتقام‬ ‫من نظام الطاغية‪ ،‬ولو كان ثمن ذلك التضحية بنصف‬ ‫الشعب السوريّ ‪ ،‬وتشرّ د النصف اآلخر وتدمير البلد‪،‬‬ ‫فإنّ مجريات األحداث وتطوّ رها السريع في سوريّة‬ ‫ما بعد قيام الثورة‪ ،‬والتركيبة السياسيّة التي واكبتها‪،‬‬ ‫يساعدها تقاعس المجتمع الدوليّ عن نصرة الشعب‬ ‫السوريّ منذ بداية ثورته‪ ،‬خلقت حالة من التطرّ ف‬ ‫غير المسبوق والمنقطع النظير‪ ،‬ليس داخل وسط‬ ‫ّ‬ ‫تخطاه إلى بعض‬ ‫الحراك اإلسالميّ الس ّنيّ فحسب‪ ،‬بل‬ ‫األوساط التي ا ّدعت العلمانيّة أو االعتدال في البداية‬ ‫داخل التشكيلين السياسيّ والعسكريّ بسبب ما واجهته‬ ‫في الماضي من قمع‪ ،‬وتواجهه في الحاضر لعدم‬ ‫دعمها الذي وُ عد به‪ ،‬وتخوّ فها من المستقبل المجهول‬ ‫الذي يهيمن على مؤ ّ‬ ‫شراته مواجهة ال ُتعرف نتائجها‬ ‫بين التحالف الغربيّ والعناصر اإلسالميّة المتش ّددة‬ ‫ّ‬ ‫المتمثلة بتنظيم (الدولة اإلسالميّة في العراق وال ّ‬ ‫شام)‪،‬‬

‫وهنالك حالة أخرى من أطراف االعتدال السياسيّ‬ ‫والعسكريّ ّ‬ ‫تمثلها الشريحة التي لم تتلوّ ث بسجون‬ ‫وقمع األسد وقضت معظم سنين حياتها داخل دول‬ ‫الّلجوء خالل العقود األخيرة السابقة للثورة‪ّ ،‬‬ ‫وتأثروا‬ ‫بشكل ملحوظ بالفكر السياسيّ الغربيّ محاولين تطبيقه‬ ‫على التجربة السوريّة‪ ،‬ولكن دون ج��دوى‪ ،‬يبقى‬ ‫ّ‬ ‫لدينا الطرف األخير وهو‬ ‫المتمثل بالشعب السوريّ‬ ‫الطبيعيّ الذي همّه الوحيد اآلن الخالص من حالة‬ ‫الحرب التي وصلت إليها البلد‪ ،‬بعد أن ق ّدم أكثر من‬ ‫ربع مليون شهيد‪ ،‬وعدد من المعتقلين‪ ،‬ونزوح نصف‬ ‫س ّكانه وضياع اآلخر‪ .‬أعتقد بأنّ الشعب السوريّ آن‬ ‫له أن يتذوّ ق طعم النصر والحرّ يّة‪ ،‬ويؤسّس وطنه‬ ‫المنشود منذ قيامه بثورة الكرامة بعيداً عن لوثات‬ ‫ّ‬ ‫ومنظريها‪ ،‬والعسكرة وداعميها قبل أن يتحوّ ل‬ ‫الساسة‬ ‫مع الوقت إلى ما هو أكثر من داعش‪.‬‬

‫أمحد سليمان طلب الناصر‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪14‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫جولة في جدول أعمال مديرّية الشباب والرياضة‬

‫تتابع مديريّة الشباب والرياضة التابعة لوزارة‬ ‫الثقافة وشؤون األسرة في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة‬ ‫خطواتها نحو هيكليّة مؤسّساتيّة مدروسة بحسب‬ ‫تصريحات القائمين على العمل داخل المديريّة‪.‬‬ ‫وقد تشهد األيّام القليلة القادمة (وبحسب استقرار‬ ‫األج���واء الحكوميّة) والدة ع��دد من‬ ‫اال ّتحادات ومكاتب األلعاب الرياضيّة‬ ‫والتي تض ّم عدداً من األسماء والخبرات‬ ‫الرياضيّة لالنطالق نحو االعتراف‬ ‫الدوليّ ‪ ،‬وفتح مل ّفات الرياضة السوريّة‬ ‫بعيداً عن المؤسّسة التي يقودها النظام‬ ‫السوريّ وحزب البعث الحاكم‪.‬‬

‫الجودو والكاراتيه‪ ،‬ليقوم ك ّل اتحاد بأداء مهامّه لخدمة‬ ‫الرياضيّين األحرار‪ ،‬وسيت ّم إقرار ا ّتحادات األلعاب‬ ‫الباقية تباعاً‪ ،‬باإلضافة إلى توجيه االهتمام إلى أهلنا‬ ‫ببالد النزوح والعمل على فتح مكاتب فرعيّة في ك ّل‬ ‫من مصر واألردنّ ولبنان والعراق‪.‬‬

‫لألمانة‪..‬‬ ‫لألمانة ف��إنّ ما ينتظر المديريّة من‬ ‫أعمال ومتطلّبات ومراسالت ومحاولة‬ ‫تجميع للرياضيّين في المرحلة األولى‬ ‫أشبه ما يكون بمحرقة حقيقيّة‪.‬‬

‫اتحّ ادين جديدين‪..‬‬ ‫وعن جدول األعمال القائم في المديريّة‬ ‫تح ّدث األستاذ زين العابدين الزين رئيس‬ ‫دائرة الشباب في المديريّة لكلّنا سوريّون‬ ‫ّ‬ ‫خطة‬ ‫قائالً‪ :‬نحن في المديريّة وضعنا‬ ‫واضحة المعالم للعمل بشكل مؤسّساتي‬ ‫لبناء سورية الجديدة‪ ،‬ونعمل اآلن على إعادة تأهيل‬ ‫المراكز الرياضيّة والشبابيّة في الداخل‪.‬‬ ‫كما قمنا‪ ،‬مع ع ّدة ّ‬ ‫منظمات شبابيّة محلّيّة وعربيّة‬ ‫وح ّتى تركيّة‪ ،‬لنوجد سُبل تقاطع ُتسهم في رفد‬ ‫الشباب السوريّ بكا ّفة االحتياجات الب ّناءة لتأسيس‬ ‫قاعدة شبابيّة تستطيع التغلّب على ظروف الحرب‬ ‫والنهوض ببلدنا الحبيب إلى آفاق الحرّ يّة والعدالة‬ ‫االجتماعيّة‪.‬‬ ‫وعن تشكيل اال ّتحادات وخطوة إعالن المكاتب‬ ‫الرياضيّة قال زين العابدين‪ :‬لقد ت ّم اال ّتفاق على إقرار‬ ‫ا ّتحادين رياضيّين لك ّل من رياضة كرة القدم واتحاد‬

‫وقد ت ّم عقد جلسة خاصّة مع رئيس اال ّتحاد التركيّ‬ ‫للكاراتيه السيّد أسعد دلي حسن‪ ،‬وت ّم اال ّتفاق على‬ ‫دعم أيّة خطوة قادمة في مصلحة الفِرق السوريّة‪،‬‬ ‫وبصراحة األتراك متجاوبون معنا بشكل جيّد‪ .‬وأيضا ً‬ ‫اجتمعت مع السيّد انطونيو سبينوس رئيس اال ّتحاد‬ ‫العالميّ للكاراتيه في محاولة جديدة إللغاء‬ ‫االعتراف بمنتخبات النظام السوريّ في‬ ‫رياضة الكاراتيه»‬

‫مشاركات جديدة ‪..‬‬ ‫أقيمت في مدينة استنبول التركيّة قبل أيّام بطولة‬ ‫«استنبول المفتوحة بالكاراتيه» بمشاركة عدد من‬ ‫الدول المتق ّدمة في اللعبة‪ ،‬وقد شارك األستاذ أحمد‬ ‫جميل العلي رئيس مكتب ألعاب القوّ ة في مديريّة‬ ‫الشباب والرياضة بتحكيم مباريات البطولة‪،‬‬ ‫وعن هذه المشاركة أفادنا األستاذ أحمد العلي بما‬ ‫يلي‪« :‬تقام بطولة الدوري العالميّ بريمر ليغ سنو ّيا ً‬ ‫في هذا الشهر في تركيا وع ّدة دول أخرى وبإشراف‬ ‫مباشر من اال ّتحاد العالميّ للكاراتيه‪ ،‬ويشارك أبطال‬ ‫العالم من ك ّل الدول واألوزان مفتوحة‪.‬‬

‫ولألسف‪ ،‬الرياضيّون السوريّون في‬ ‫ك ّل الدول المجاورة لسورية بحاجة إلى‪:‬‬ ‫إ ّم��ا المساعدة‪ ،‬وإ ّم��ا توفير العمل‪ ،‬أو‬ ‫إلعادة النشاط الرياضيّ ‪ .‬والمديرية تقع‬ ‫تحت رحمة األج��واء السياسيّة كغيرها‬ ‫من المديريّات أو المشاريع فعندما تكون الحكومة‬ ‫السوريّة (تصريف أعمال) فهي ال تستطيع أن تحصل‬ ‫على موازنة إلعادة ترميم صالة أو لدعم بطولة أو‬ ‫إلعانة بعض الرياضيّين‪ ،‬وال يمكنها إصدار أيّ قرار‬ ‫حسّاس ينقل العمل الرياضي الجديد من مرحلة إلى‬ ‫مرحلة‪.‬‬ ‫لع ّل األيّام القادمة واالستقرار الحكوميّ المنتظر‬ ‫يكون فاتحة خير على هذه المؤسّسة التي عانى أبناؤها‬ ‫طيلة السنوات الـ ‪ 3‬الماضيّة‪ ..‬والحكاية (بدها) صبر‬ ‫ومسؤوليّة‪.‬‬

‫عروة قنواتي‬

‫سورية في المرتبة ‪ 118‬ضمن مجال التنمية البشرّية‬ ‫بعد ثالثة أعوام ونصف العام من انطالق الثورة‬ ‫السوريّة‪ ،‬وما رافقه من تبعات سلبيّة على معظم‬ ‫الطاقات البشريّة وتراجع مع ّدالت الدخل وتو ّقف‬ ‫معظم المنشآت التعليميّة واالقتصاديّة والبرامج‬ ‫التعليميّة‪ ،‬إذ اعتمد النظام طريقة مُمنهجة لتعطيل‬ ‫تلك القدرات‪ ،‬ويرى مراقبون أنّ النظام لعب دور‬ ‫سلب ّيا ً طوال مسيرة حكمه‪ ،‬اعتمدت على احتكاره‬ ‫للسلطة وفقدان الديمقراطيّة وعدم االستغالل األمثل‬ ‫للموارد البشريّة واألوض��اع السكنيّة وانخفاض‬ ‫مستوى المعيشة وإضعاف سوق العمل وضعف‬ ‫أساليب اإلدارة واعتماد أسلوب االرتجاليّة بدون‬ ‫تخطيط مسبق باإلضافة إلى سوء األوضاع الصحّ يّة‪،‬‬ ‫ويشير المراقبون إلى أنّ هذه األسباب وغيرها كانت‬ ‫وراء تراجع سورية في مؤ ّ‬ ‫شر التنمية البشريّة وفق‬ ‫برنامج األمم الم ّتحدة‪ ،‬حيث أورد التقرير والذي‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً‪« :‬احتلّت سورية المرتبة ‪ 118‬من‬ ‫صدر‬ ‫أصل ‪ 168‬دولة وفق مؤ ّ‬ ‫شر التنمية البشريّة الصادر‬

‫وزارة التربية والتعليم‬ ‫تعلن الثالث والعشرون‬ ‫من هذا الشهر بداية‬ ‫الدراسي‬ ‫العام‬ ‫ّ‬ ‫أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في الحكومة‬ ‫السوريّة المؤ ّقتة أنّ بداية العام الدراسيّ الجديد ‪2014‬‬ ‫– ‪ 2015‬ابتدا ًء من ‪ 23‬أيلول في المناطق المحرّ رة‬ ‫ّ‬ ‫“عزام خانجي” مدير‬ ‫من سوريّة‪ ،‬وقد صرّ ح األستاذ‬ ‫التربية والتعليم ما قبل الجامعي في الوزارة لجريدة‬ ‫كلّنا سوريّون بأنّ ال��وزارة أنهت استعداداتها للبدء‬ ‫بالعام الدراسيّ ‪ ،‬حيث ستقوم الوزارة بتوزيع حقائب‬ ‫مدرسيّة لكا ّفة الطلاّ ب باإلضافة إلى الكتب المدرسيّة‬ ‫والقرطاسيّة‪.‬‬ ‫وأشار “خانجي” إلى أنّ ال��وزارة ستقوم بتوزيع‬ ‫لباس موحّ د للطلاّ ب باإلضافة إلى توزيع وسائل التدفئة‬ ‫من مدافئ تعمل على البيرين مع مادة البيرين إلى‬ ‫أكبر عدد ممّكن من المدارس‪ ،‬وقد ت ّم تشكيل لجان‬ ‫لتعديل ما ّدة ال ّتاريخ للصفيّن التاسع والثالث الثانويّ ‪.‬‬ ‫أمّا بالنسبة للكادر التدريسيّ فسيت ّم تقديم مكافآت لهم‪،‬‬ ‫وستحاول الوزارة تحويلها إلى راتب شهريّ إن أمكن‪.‬‬ ‫وأض��اف‪ :‬بأنّ ال��وزارة أوف��دت الطلاّ ب العشرة‬ ‫األوائ��ل في الشهادة الثانويّة لهذا العام إلى فرنسا‬ ‫الستكمال دراستهم الجامعيّة‪ ،‬كما قامت الوزارة بإيفاد‬ ‫‪ 35‬طالبا ً إلى جامعات تركيّة في كليّتيّ االقتصاد‬ ‫والتربية‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫عن برنامج األمم الم ّتحدة اإلنمائي للعام ‪،2014‬‬ ‫متراجعة مرتبتين مقارنة بالعام الماضي‪ .‬علما ً بأنّ‬ ‫مصر احتلت المرتبة ‪ ،110‬والعراق ‪ 120‬والمغرب‬ ‫‪ ،129‬على حين كانت آخر ال��دول العربيّة هي‬ ‫السودان في المرتبة الـ ‪ 166‬من بين ‪ 186‬دولة من‬ ‫دول العالم»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمة في سلسلة‬ ‫يُعتبر هذا التقرير هو األخير‬ ‫من التقارير تصدر سنو ّيا ً عن برنامج األمم الم ّتحدة‬ ‫اإلنمائيّ منذ عام ‪ ،1990‬ويتو ّقف التقرير عند‬ ‫البلدان التي ح ّققت ارتفاعا ً كبيراً في قيمة دليل التنمية‬ ‫البشريّة بين عامي ‪ 1990‬و‪ ،2012‬في الدخل وفي‬ ‫عناصر التنمية البشريّة غير المرتبطة بالدخل‪ ،‬كما‬ ‫يتناول بالتحليل االستراتيجيّات التي أهّلت هذه البلدان‬ ‫لتحقيق هذا األداء‪.‬‬ ‫ولفت التقرير‪ ،‬إلى أنّ «أعلى الدول في مؤ ّ‬ ‫شر‬ ‫التنمية البشريّة هي النرويج ث ّم أستراليا وسويسرا‬

‫رسالة دكتوراه في‬ ‫القيشاني‬ ‫يُ��ق��ي��م متحف‬ ‫“ب��ي��ت��ري” ل�لآث��ار‬ ‫المصريّة في لندن‪،‬‬ ‫في الفترة من ‪– 16‬‬ ‫‪20‬أيلول معرض‬ ‫للف ّنان وعالم اآلثار‬ ‫ال��س��وريّ “زاه��د‬ ‫ت���اج ال��دي��ن” عن‬ ‫القيشانيّ المصريّ‬ ‫القديم‪ .‬المعرض‬ ‫ع��ب��ارة ع��ن بحث‬ ‫علميّ يش ّكل الجزء‬ ‫األخير من دراس��ة الدكتوراه الستكشاف الجوانب‬ ‫التكنولوجيّة لهذه الما ّدة الخزفيّة المب ّكرة واستخدامها‬ ‫في النحت المعاصر‪“ .‬تاج الدين” يطوّ ع هذه الما ّدة‬ ‫إلنتاج عمود ضخم‪ ،‬يُعتبر أكبر عمل من القيشانيّ‬ ‫منذ العصور الفرعونيّة‪ ،‬باإلضافة إلى خلق عدد كبير‬ ‫من “الشبطيّات” التي تعود إلى الحياة لتكتشف حرّ يّتها‬ ‫وتطرح تساؤالت عن الوجود ومعنى الحرّ يّة‪ .‬الشبطيّ‬ ‫هي تماثيل وضعت في المقابر المصريّة القديمة للعمل‬ ‫عوضا ً عن الميت في حياة اآلخ��رة‪ ،‬ولكنّ الشبطيّ‬ ‫الجديد الذي يق ّدمه الفنان له خياراته الخاصّة للحياة!‬ ‫المعرض يض ّم نحو‪ ٩٠‬عمالً‬ ‫ّ‬ ‫موزعا ً في أرجاء‬ ‫متحف “بيتري” لتق ّدم لنا رؤية معاصرة لمعتقدات‬ ‫قديمة‪.‬‬

‫وهولندا وأميركا وألمانيا»‪.‬‬ ‫وتعتبر التنمية البشريّة هي عمليّة توسيع القدرات‬ ‫التعليميّة والخبرات للشعوب‪ ،‬والمستهدف بهذا هو أن‬ ‫يصل اإلنسان بمجهوده ومجهود ذويه إلى مستوى‬ ‫مرتفع من اإلنتاج والدخل‪ ،‬وبحياة طويلة وصحّ يّة‬ ‫بجانب تنمية القدرات اإلنسانيّة من خالل توفير‬ ‫فرص مالئمة للتعليم وزيادة الخبرات‪.‬‬ ‫ويأتي ذلك في وقت تزداد فيه معاناة السوريّين‪،‬‬ ‫ويستمرّ سقوط الضحايا يوم ّياً‪ ،‬حيث تشير إحصاءات‬ ‫أمميّة أنّ عدد الضحايا يقدر بـ ‪ 191‬ألف منذ بداية‬ ‫األزمة‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬إنّ الرقم يتجاوز ذلك بكثير‪،‬‬ ‫وقد تجاوز عدد اللاّ جئين إلى الدول المجاورة ‪4‬‬ ‫ماليين الجئ‪ ،‬في ظ ّل ّ‬ ‫تعثر الحلول السياسيّة‪ ،‬وعجز‬ ‫المجتمع الدوليّ عن تقديم أيّ دعم للشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫وكبح جماح سفاح العصر الحديث‪.‬‬

‫أحوال‬

‫مئات الرباميل املتف ّجرة‬ ‫ومئات الشهداء خالل شهر‬ ‫آب يف درعا وريفها‬ ‫ال يزال العالم مشــغوالً بجرائم (داعــش) وتم ّددها‪،‬‬ ‫بينما يواصل المجرم األوّ ل في ســوريّة بشــّار األســد‬ ‫شــنّ حربه الدمويّة على أبناء شعبه دون رادع‪ ،‬لينجح‬ ‫بذلك في تحقيق هدفه بحرف أبصار العالم أجمع عن‬ ‫إجرامه الذي تفوّ ق فيه وبدرجة االمتياز على مجرمي‬ ‫الحروب والطغاة في العالم‪ ،‬فدرعا وريفها خالل شهر‬ ‫آب المنصرم قُ‬ ‫ْ‬ ‫صفت بـ ‪ 401‬برميالً متفجّ راً‪ ،‬وسقط من‬ ‫أبنائها ‪ 204‬شهيداً‪.‬‬ ‫وفي إحصائيّـة أجراها مكتب درعا لتوثيق الشــهداء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وثق الناشــطون فيه اسـتشـهاد ‪ 83‬مواطنـا ً بالبراميل‬ ‫المتفجّ رة‪ ،‬في حين بـلغ عـدد الشـهداء تحت التعـذيب في‬ ‫أقبيـة الســجون األســديّة ‪ 38‬شــهيداً‪ ،‬ولم ُتســلّم جثـامين‬ ‫هـؤالء (المعتقلين) لذويهم‪ ،‬فيمـا راح ‪ 25‬مواطنا ً‬ ‫ضحـايا إثر تفجيـر ســيّارة ّ‬ ‫مفخخــة في بـلدة نمـر في‬ ‫‪ 25‬آب أثنـاء خروجهم من صـالة الجمعة‪ ،‬كما اسـتشـهد‬ ‫‪ 25‬مواطنا ً نتيجـة لعمليّـات القصف والقـنصّ ‪ ،‬التي‬ ‫يمارســها جنود الطاغيـة بشــكل يوميّ ‪ ،‬في حين بلغ‬ ‫عدد الشــهداء من األطفـال الذيـن لم تتجـاوز أعمـارهم‬ ‫قتلن‬ ‫‪18‬ســنة ‪37‬طفـالً‪ ،‬ومن بين الضحايا ‪ 10‬نسا ٍء‬ ‫َ‬ ‫بســقوط البراميل المتفجّ رة على منازلهنّ واسـتشـهدن‬ ‫برفقة عوائلهنّ ‪.‬‬ ‫أمّا مؤسـسة «نبـأ» اإلعالميّـة في مدينـة درعـا‪ ،‬فقـد‬ ‫أحصى العاملون فيهـا أعداد البراميـل المتفـجّ رة التي‬ ‫أُ‬ ‫ســقطت على درعـا وريفهـا‪ ،‬واحتلّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت بـلدة إنـخل في‬ ‫الريـف الغربيّ الصّـدارة بـ ‪ 89‬برميـالً متفجـّراً‪ ،‬فيمـا‬ ‫ْ‬ ‫جـاءت مدينـة نـوى ـ المجـاورة إلنـخل ـ بالمرتبـة الثانيـة‬ ‫بـ ‪ 85‬برميـالً متفجّ ـراً‪ ،‬تلتها مدينـة داعـل بـ ‪ 70‬برميـالً‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫واحتلت مدينة طفس المركز الرابع بـ ‪ 23‬برميالً متفجّ راً‪،‬‬ ‫تلتها بلدة عتمان ـ بوابة مدينة درعا الشماليّة ـ بـ ‪17‬‬ ‫برميالً‪ ،‬كذلك مدينة درعـا بـ ‪ 17‬برميالً متفجّ راً أيضاً‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫اســتهدفت بلدة نعيمـة ـ البوابـة الــشرقيّـة لمدينـة‬ ‫فيمـا‬ ‫درعـا ـ بـ ‪ 12‬برميـالً‪ ،‬وت ّم اســتهداف ك ٍّل من مدن‬ ‫وبـلدات الشــيخ مســكين وجاســم والغريّـة الشــرقيّـة‬ ‫والغربيّـة واليـادودة وبصر الحرير وطيسـا وتسـيل‬ ‫والحـراك وصيـدا وبرقـا و سـحم وإبطـع والمزيـريب‬ ‫وعلمـا وتل الســمن‬ ‫وبصرى الشــام وســلمين وكحيـل َ‬ ‫واألشـعري‪ ،‬بالبراميـل المتفجّ رة‪.‬‬ ‫يبدو أنّ العالم لم يعد يرى غيمة الغبار ولهيب البراميل‬ ‫األسديّة المستعرة واألشالء المتناثرة‪ ،‬واألجساد العالقة‬ ‫بين أك��وام حجارة منازلها‪ ،‬فبريق خناجر وسكاكين‬ ‫«داعش» أكثر قوّ ة ولمعاناً‪.‬‬ ‫الموت في سوريّة يختار حسب المصالح والغايات‬ ‫السياسيّة‪.‬‬

‫كلّنا سوريون‬

‫وزراء الخارجّية يدعون‬ ‫للتص ّدي إلى (داعش)‬

‫درعا – سارة احلوراني‬

‫سورية‪ 18 :‬قتيالً في‬ ‫غارة ج ّوّية «حكومّية»‬ ‫على معسكر «للجهاديين»‬

‫القاهرة (رويترز) _ ا ّتفق وزراء الخارجيّة العرب‬ ‫على ا ّتخاذ جميع التدابير الالزمة للتص ّدي لتنظيم‬ ‫(الدولة اإلسالميّة)‪ ،‬والتعاون مع الجهود الدوليّة‬ ‫واإلقليميّة والوطنيّة لمحاربة المتش ّددين الذين اجتاحوا‬ ‫مساحات واسعة من العراق وسوريّة‪.‬‬ ‫وتب ّنى وزراء خارجيّة دول الجامعة العربيّة في‬ ‫البيان الختاميّ الجتماعهم الذي عُقد بداية أيلول في‬ ‫القاهرة‪ ،‬قراراً لمجلس األمن صدر الشهر الماضي‪،‬‬ ‫يدعو ال��دول األعضاء “التص ّدي لتد ّفق المقاتلين‬ ‫األجانب والتمويل‪ ،‬وغير ذلك من الدعم للجماعات‬ ‫اإلسالميّة المتش ّددة في العراق وسوريّة”‪.‬‬ ‫ونقلت وكالة أنباء “الشرق األوس��ط” المصريّة‬ ‫الرسميّة أنّ ال��وزراء سيوافقون على التنسيق مع‬ ‫الواليات الم ّتحدة‪.‬‬ ‫وفي تغيّر الفت لموقف الجامعة العربيّة‪ ،‬دعى‬ ‫البيان الجماعات المعارضة السوريّة إلجراء محادثات‬ ‫مع الدولة السوريّة بهدف تشكيل حكومة مصالحة‪.‬‬

‫قال المرصد السوري لحقوق اإلنسان المعارض‪،‬‬ ‫إنّ غارة جوّ يّة ّ‬ ‫نفذها الطيران الحربيّ الحكوميّ على‬ ‫معسكر تدريب يعود لما يسمّى “الدولة اإلسالميّة” في‬ ‫محافظة دير الزور أسفرت عن مقتل ‪ 18‬شخصا ً بينهم‬ ‫طفل واحد‪.‬‬ ‫وقال المرصد إنّ الغارة التي وقعت يوم السبت‬ ‫أصابت مرافق إقامة في المعسكر الواقع في بلدة‬ ‫(تبني) المطلّة على نهر الفرات في محافظة دير الزور‬ ‫شرقيّ البالد‪.‬‬ ‫وأضاف المرصد أن الطفل الذي قُتل كان يقوم‬ ‫بزيارة أخيه الذي يشارك في معسكر التدريب‪.‬‬ ‫يذكر أنّ نظام األس��د صعّد حملته الجوّ يّة ض ّد‬ ‫“الجهاديّين” في األسابيع األخيرة‪ ،‬إذ يُغير الطيران‬ ‫على المناطق التي يسيطرون عليها بشكل شبه يوميّ ‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪14‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪5‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫حوار مع د‪ .‬بســمة قضماني‬ ‫لو سألت املواطن العاد ّي من هو عدوّك؟ فسيقول إيران وليس‬ ‫إسرائيل‬

‫د‪ .‬بسمة قضماني باحثة يف جمال العلوم السياسيّة‬ ‫وأستاذة العالقات الدوليّة جبامعة باريس‪ ،‬حازت على‬ ‫شهادة الدكتوراه من معهد العلوم السياسيّة بباريس‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 2005‬أ ّسست «مبادرة اإلصالح العرب ّي» وهي‬ ‫املديرة التنفيذيّة هلا‪ ،‬وأمينة سر مبادرة «من أجل‬ ‫سورية جديدة»‪ .‬يف آب ‪ 2011‬شاركت يف تأسيس‬ ‫اجمللس الوط ّ‬ ‫ين السور ّي‪ ،‬وأصبحت عضواً يف املكتب‬ ‫التنفيذ ّي ورئيسة مكتب العالقات اخلارجيّة فيه‪،‬‬ ‫استقالت من اجمللس يف آب ‪.2012‬‬ ‫مر عامان على استقالتكم من المجلس‬ ‫د‪ .‬قضماني ّ‬ ‫الوطني‪ ،‬كيف ترون تجربة المعارضة السور ّية؟‬ ‫ّ‬

‫لكن الزمن استطال‪ ،‬ما هو ال َمخرج من وجهة‬ ‫نظركم؟‬

‫ّ‬ ‫أعتز بأ ّنني كنت جزءاً مؤسِّسا ً ألوّ ل تحالف‬ ‫أنا‬ ‫نجح في أن يتش ّكل ويصبح له اعتراف دوليّ ‪ ،‬بداية‬ ‫كان التموضع تجاه الثورة سليماً‪ ،‬أل ّننا اعتبرنا أنفسنا‬ ‫داعمين للثورة‪ ،‬هذا دورنا وهذه شرعيّتنا‪ ،‬هذه الروح‬ ‫لم تستمرّ مع األسف ضمن المجلس الوطنيّ ‪ ،‬فبعد‬ ‫أن تش ّكل طغت عليه الحسابات الحزبيّة من داخله‪،‬‬ ‫ومن خارجه ُ‬ ‫طرحت األسئلة‪ ،‬من ّ‬ ‫يمثل هؤالء؟ أنا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متحزبين لم يكونوا‬ ‫متحزبين وغير‬ ‫أعتقد أنّ الجميع‬ ‫ّ‬ ‫يمثلون شيئا ً في الثورة نفسها‪ .‬وح ّتى اليوم أرى أنّ‬

‫لنعترف بأنّ طرقا ً كثيرة قد س ّدت في وجهنا‪،‬‬ ‫طريق الح ّل السياسيّ ‪ ،‬أي الطريق السلميّ مغلق‪،‬‬ ‫ألنّ النظام لم يقبل بالتفاوض‪ ،‬ح ّتى مع األطراف التي‬ ‫ُسمّيت معتدلة‪ .‬أمّا الح ّل العسكريّ فلم يقل لنا أحد‬ ‫بأ ّنه سيدعمنا‪ ،‬ولو بتدخل إنسانيّ أو منطقة عازلة‪.‬‬ ‫في المجال القضائي‪ ،‬لم نستطع أن نصل لمحكمة‬ ‫الجنايات الدوليّة‪ .‬وأغلقت البواب‪.‬‬

‫هذا هو الخطأ األكبر داخل المعارضة‪ ،‬وكان خياري‬ ‫باالستقالة خياراً مبدئ ّياً‪ .‬مجرّ د أن بدأ التمويل لهذا‬ ‫ّ‬ ‫الخط‬ ‫المجلس بدأ شراء ال��والءات واالنحراف عن‬ ‫الوطنيّ البحت‪ ،‬ال أحد يعطي دروس في الوطنيّة‪،‬‬ ‫ولك ّنني اعتبرت أنّ العمل من خارج المجلس أفضل‪.‬‬

‫بعد ذلك تش ّكل كيان أوسع هو االئتالف‪ ،‬وليس له‬ ‫أيضا ً عند الشعب أيّة شرعيّة‪ ،‬لكنّ أكثر ما يحزنني‬ ‫ويؤلمني وأراه مضرّ اً سياس ّياً‪ :‬أنّ هذه األجسام فشلت‬ ‫في تشكيل البديل السياسيّ واألمنيّ واالقتصاديّ‬ ‫والتنفيذيّ عن النظام‪ .‬وبالتالي هذا ما نعاني منه ك ّل‬ ‫يوم‪ ،‬وفي ك ّل المراحل والتطوّ رات‪.‬‬ ‫ونحن أمام مرحلة يجب أن ينظر العالم إلى أنّ‬ ‫النظام سمح لداعش أن تستمرّ وتع ّ‬ ‫شش‪ ،‬أمّا الالعب‬ ‫البديل الذي نحتاج له فلم يتكوّ ن‪.‬‬ ‫يقال‪ :‬يلزمنا ثورة جديدة‪ ،‬والثورة قد فشلت‪ ،‬إلى‬ ‫أين وصلت الثورة؟‬ ‫ّ‬ ‫تجذرت مهما كانت المعاناة‪،‬‬ ‫الثورة واقع‪ ،‬وقد‬ ‫ونحن بحاجة إلع��ادة تقييم أدواتها ووسائلها‪ ،‬لكنّ‬ ‫الثورة مستمرّ ة في روح وقلوب وعقليّة الناس‪.‬‬

‫اآلن‪ ،‬أعتقد أنّ هذا تغيّر‪ ،‬ألنّ العالم استوعب ‪ -‬بعد‬ ‫ما حدث في العراق ‪ -‬أنّ األزمة السوريّة تحوّ لت إلى‬ ‫أزمة إقليميّة تهدد مصالح الدول الكبرى‪ ،‬وأكيد أنّ‬ ‫الح ّل في سورية ليس سور ّياً‪.‬‬ ‫لك ّننا اآلن‪ ،‬أمام مخاطر جسيمة منها تقسيم سورية‪،‬‬ ‫أو عودة النظام ‪ -‬ولو بسيطرة جزئيّة ‪ -‬لذلك نحن‬ ‫بحاجة إلى حملة شعبيّة تخاطب الشعب السوريّ‬ ‫بأكمله‪ ،‬ألنّ لدينا رسالة يجب أن نوصلها لك ّل العالم‪،‬‬ ‫مفادها أنّ هنالك شعبا ً سور ّيا ً يمكن أن يكوّ ن بديالً‪،‬‬ ‫دون تجزيء البلد‪ ،‬وهو يضع أولويّة وحدته على‬ ‫أرضه‪ ،‬مع الحرص على استمرار الدولة السوريّة‬ ‫ومؤسّساتها‪.‬‬ ‫أي أسس ُيطرح «الحوار « اليوم؟ ما هي‬ ‫على ّ‬ ‫الضمانات؟ وهل هو ممكن أصالً مع النظام؟‬ ‫هنا يجب أن نكون واضحين ج�� ّداً‪ ،‬ما معنى‬ ‫التفاوض؟ أقول التفاوض‪ ،‬وال أقول الحوار‪ ،‬الحوار‬ ‫كلمة غوغائيّة‪ ،‬أل ّنها توحي بأنّ هنالك أطرافا ً يمكن أن‬ ‫يجلسوا ويتفاهموا‪ ،‬أنا أعتقد أنّ هذا مستحيل‪ .‬ونحن‬ ‫بحاجة ألمرين‪ :‬أوّ الً ّ‬ ‫خطة مكتوبة بالتفاصيل‪ .‬تضمنها‬ ‫ال��دول الكبرى‪ .‬وثانيا ً أن تضغط – ال��دول ‪ -‬على‬ ‫النظام‪ .‬الذي لن يتنازل‪ ،‬إلاّ إذا قال له حلفاؤه ذلك‪،‬‬ ‫وبالتالي فإنّ تفاوضنا سيكون مع حلفاء النظام‪ ،‬وال‬

‫الثورة واقع‪ ،‬وقد جت ّذرت مهما كانت املعاناة‪ ،‬حنن حباجة اليوم‬ ‫إلعادة تقييم أدواتها‪ ،‬لكنّها مستم ّرة يف روح وقلوب وعقليّة الناس‬ ‫فرنسا مل تتح ّدث بأيّة لغة باجتاه العودة إىل خماطبة نظام األسد‬ ‫كان هنالك هجوم مباشر عل ّي‪ ،‬مِن داخل املعارضة ومِن النظام‪ .‬أنا‬ ‫ممَن مل يقبلوا بالوالءات فحوربوا‬ ‫يوجد حوار‪.‬‬ ‫(داعش) حرّ كت الواقع‪ ،‬ولكن هل خرجت عن‬ ‫النصّ ؟‬ ‫(داعش) العب خلقته جهات إقليميّة أوّ لها النظام‬ ‫السوريّ ‪ ،‬كان المطلوب منه أن يخرّ ب الثورة‪ ،‬وأن‬ ‫يتغلّب على فلول النظام البعثيّ في العراق بالدعم‬ ‫اإليرانيّ ‪ ،‬ولك ّنها وصلت إلى أن تش ّكل خطراً على‬ ‫ّ‬ ‫المخطط اإليرانيّ ‪ ،‬وأكيد أن إيران وصلت إلى أ ّنها‬ ‫تدعم رئيسيّ نظامين فاشلين‪ ،‬ممّا يش ّكل خطراً على‬ ‫مصالحها‪ ،‬وليس لديها سيناريو انتصار‪ .‬اليوم عندما‬ ‫تسأل المواطن العادي في سورية من هو عدوّ ك؟‬ ‫فسيقول إيران وليس إسرائيل‪.‬‬ ‫وهنالك نزاع داخل إيران نفسها‪ ،‬بين التوجّ ه الذي‬ ‫يدعم ما يسمّى بالهالل الشيعيّ ‪ ،‬وبين البراغماتيّين‬ ‫الذين يرون أن التعايش هو الحلّ‪ ،‬وهؤالء سينتصرون‬ ‫بسبب فشل التوجّ ه األوّ ل‪ .‬ألنّ داع��ش خرجت‬ ‫عن السيطرة عند الجميع‪ ،‬وباعتراف المسؤولين‬ ‫العسكريّين األميركان أنّ (داعش) جيش ومقاومته‬ ‫تتطلّب جيشاً‪ .‬وال يكفي الجيش الحرّ لمحاربته‪ ،‬وقد‬ ‫أصبحت محاربته مسؤوليّة الجميع‪.‬‬ ‫ما هو موقف فرنسا م ّما يحصل في سورية؟ وهل‬ ‫من تغ ّير؟‬ ‫أوضح موقف في دعم الثورة هو الموقف الفرنسيّ ‪،‬‬ ‫ولك ّل األط��راف المعتدلة في الثورة السورية ذات‬ ‫ّ‬ ‫التوجّ ه الوطنيّ السوريّ ‪ ،‬بما فيهم‬ ‫الشق العسكريّ‬ ‫أي الكتائب المعتدلة ذات الخطاب الوطنيّ ‪ ،‬والتي‬ ‫هدفها الحفاظ على سورية ووحدة سورية وبناء دولة‬ ‫ديمقراطيّة تع ّدديّة‪ ،‬وهذا االلتزام بقي واضحا ً بما فيه‬ ‫تزويد المعارضة باألسلحة المتطوّ رة‪ .‬وما حصل أنّ‬ ‫ّ‬ ‫التدخل اإلنسانيّ ومع الضربة‪ ،‬وقد‬ ‫فرنسا كانت مع‬ ‫ً‬ ‫حضّرت قوّ اتها فعال‪ ،‬لكنها وجدت نفسها دون حلفاء‪،‬‬

‫ّ‬ ‫التدخل‪ ،‬أو ح ّتى أن‬ ‫فلم يوافق الطرف األميركيّ على‬ ‫يكون جزءاً منه‪ ،‬كذلك الدول العربيّة‪ .‬أمّا أن تعمل‬ ‫فرنسا لوحدها فكان ذلك مستحيالً‪ ،‬ومع ذلك فإ ّنها لم‬ ‫تتح ّدث بأيّة لغة باتجاه العودة إلى مخاطبة النظام‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ش ّنت حرب ضدّ كِ ‪ ،‬لدرجة التخوين‪ ،‬ما هو دور‬ ‫اإلعالم فيها؟‬ ‫كان هنالك هجوم مباشر عليّ ‪ ،‬أوّ الً‪ :‬من داخل‬ ‫التيّار الديمقراطيّ ‪ ،‬أعتقد أنّ من لم يحسبوا حسابات‬ ‫حزبيّة أو شخصيّة ولم يقبلوا بوالءات معيّنة‪ ،‬هؤالء‬ ‫حوربوا من داخل المعارضة‪ ،‬واإلعالم كان مجرّ د‬ ‫أداة‪ .‬ثانياً‪ :‬من جهة النظام‪ ،‬ألنّ أكثر الوجوه التي‬ ‫تزعج النظام‪ ،‬هم المعتدلون الذين لهم مصداقيّة لدى‬ ‫الخارج‪ ،‬وخطابهم يمكن أن ّ‬ ‫يؤثر أيضا ً في الجهات‬ ‫واألماكن التي يسيطر عليها النظام نفسه‪ .‬أعتقد أ ّنه‬ ‫كان هنالك عداء خاصّ لي من داخل النظام‪ ،‬ونيّة‬ ‫في اإلساءة الشخصيّة لي لتدمير السمعة‪ ،‬ففي الداخل‬ ‫كان النظام يخطف ويغتال‪ ،‬وفي الخارج يقوم بعمليّة‬ ‫االغتيال السياسيّ ويشتغل عليها بوسائله‪ .‬ليس هنالك‬ ‫دور مباشر لإلعالم‪ ،‬ولكن التيّار ديمقراطيّ لم يعرف‬ ‫ح ّتى اآلن كيف يدعم الشخصيّات المعتدلة‪ ،‬وكيف‬ ‫يعمل ألهداف مشتركة وينضبط في سلوكه ويتضامن‬ ‫بشكل مسؤول أمام التح ّديات من جهة‪ ،‬وأمام تيّار‬ ‫آخ��ر‪ ،‬توجّ هه مختلف ورؤيته لمستقبل المجتمع‬ ‫السوريّ مختلفة‪ .‬بين الرؤيتين – كما في ك ّل البلدان‬ ‫العربيّة ‪ -‬إمّا أن يحدث حوار وتوافق بين التيارين‪،‬‬ ‫أو أن يحدث استقطاب‪ .‬كما في مصر أو ليبيا‪ .‬أمام‬ ‫التوجّ ه الديمقراطيّ تح ّد إذا لم يتضامن وينضبط‪ ،‬فلن‬ ‫يح ّقق البديل‪ .‬في مصر – مثالً ‪ -‬أعيد فرض نظام‬ ‫استبداديّ جديد باسم الديمقراطيّة‪ ،‬يجب أن ننتبه إلى‬ ‫خطورة عدم تنظيم القوى الديمقراطيّة‪.‬‬ ‫د‪ .‬بسمة قضماني‪ ،‬شكراً جزيالً‪.‬‬

‫ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫ظاهرة الشبّيحة‬

‫أوجدها األب‪ ..‬اعتمد عليها االبن‪ ،‬وأصبحت فوق الجميع‬ ‫لم تنشأ ظاهرة الشبّيحة في الالذقيّة‪ ،‬المدينة التي‬ ‫خرجت منها عائلة األسد كما يف ّكر الكثيرون‪ ،‬لقد‬ ‫ظهرت أوّ ل األمر في دمشق‪ ،‬ث ّم انتقلت إلى الالذقيّة‬ ‫وهناك أخذت شكالً مختلفا ً عن دمشق فاشتهرت أكثر‪.‬‬ ‫أوّ ل من أسّس لظاهرة الشبّيحة هو رفعت األسد‬ ‫الشقيق الشهير لحافظ األسد‪ ،‬والذي ش ّكل في مطلع‬ ‫السبعينيّات من القرن الماضي إحدى أكثر وحدات‬ ‫سمعة سي ً‬ ‫ً‬ ‫ّئة (سرايا الدفاع)‪ ،‬هذه‬ ‫الجيش السوريّ‬ ‫الوحدة التي أصبحت بعد سنوات من إنشائها دولة‬ ‫منفصلة يحكمها رفعت األسد بقوانين خاصّة هي فوق‬ ‫ك ّل قوانين الدولة‪.‬‬ ‫اعتمد رفعت األس��د على مبدأ التشبيح لبناء‬ ‫إمبراطوريّته الماليّة‪ ،‬وبناء مشروعه السياسيّ ‪ ،‬ففرض‬ ‫عنوة شراكة اقتصاديّة على الدمشقيّين في أعمالهم‪،‬‬ ‫وصادر أراضيهم باسم الضرورات العسكريّة لسرايا‬ ‫الدفاع‪ ،‬ث ّم أسّس لظاهرة عالية الدخل‪ ،‬وسريعة المردود‬ ‫وقليلة التكلفة أال وهي بيع اآلثار السوريّة‪.‬‬ ‫أمّا الحادثة األه ّم التي انعكست بشكل مباشر على‬ ‫المجتمع‪ ،‬فهي قيام عناصر سرايا الدفاع بحماية‬ ‫ميليشيا «المظلّيّين « وهي ميليشيا مدنيّة كان يش ّكلها‬ ‫رفعت األسد‪ ،‬ويدرّ بها في معسكرات وحدته العسكريّة‬ ‫وأفرادها هم طلاّ ب المدارس الذين أنهوا مرحلتهم‬ ‫الثانويّة‪ ،‬بنزع الحجاب عنوة عن رؤوس المسلمات‬ ‫الدمشقيّات المحجّ بات‪ ،‬األمر الذي ولّد موجة غضب‬ ‫ّ‬ ‫التدخل إلصالح األمر‪.‬‬ ‫عارمة‪ ،‬مادفع حافظ األسد إلى‬ ‫ك��ان سلوك عناصر سرايا الدفاع في البداية‪،‬‬ ‫وفيما بعد ميليشياتها المدنيّة «المظلّيّون» و «رابطة‬ ‫خريجيّ الدراسات العليا» الخارج عن إطار القانون‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫والمُساءلة‪ ،‬هو المؤسّس الحقيقيّ لثقافة التشبّيح‪،‬‬ ‫ثقافة يخترع تفاصيلها أفراد عائلة األسد الذين أُطلقت‬ ‫يدهم في سوريّة‪ ،‬ليفعلوا ما يشاؤون بال أيّ رادع‪،‬‬ ‫هذه الثقافة التي تب ّناها الجيل الثاني من أفراد عائلة‬ ‫األسد في الالذقيّة واستنسخوها‪ ،‬لكن بفارقين أساسيّين‬ ‫هما‪ :‬إنّ مجموعات الالذقيّة ش ّكلها مراهقون بأهداف‬ ‫تناسب مراهقتهم وتمارس أفعالها ض ّد العلويّين بنسبة‬ ‫كبيرة «بحكم البنية الديموغرافيّة للمنطقة» بينما كانت‬ ‫في دمشق مختلفة‪ ،‬فأهدافها أكثر عمقا ً واستراتيجي ًّة‪،‬‬ ‫ومجالها االجتماعيّ مختلف أيضاً‪.‬‬ ‫لكنّ المشترك األس��اس��يّ لظاهرة الشبّيحة في‬ ‫المدينتين‪ ،‬هو أ ّنها ُتدار من أفراد عائلة األسد حصراً‪،‬‬ ‫وأ ّنها فوق القانون‪.‬‬ ‫في الالذقيّة‪ ،‬أخذت الظاهرة شكالً مغايراً عمّا‬ ‫هو في دمشق‪ ،‬فالذين تولوا إنشاء هذه الظاهرة هم‬ ‫مراهقون وما يبحثون عنه ليس في األماكن المخفيّة‪،‬‬ ‫بل هو في الشارع وشديد‪ ،‬كاختطاف البنات وقيادة‬ ‫السيارات بسرعات عالية‪ ،‬وإرهاب المجتمع واستباحة‬ ‫التفاصيل اليوميّة لس ّكان المدينة‪.‬‬ ‫كان حافظ األسد يعرف جيّداً ماذا يحدث في دمشق‬ ‫والالذقيّة على عكس ما كانت أجهزته األمنيّة تشيّع‬ ‫بأ ّنه اليعلم شيئا ً عنها‪ ،‬كان يرعاها وينمّيها سرّ اً‪،‬‬ ‫أل ّنها تكرّ س ارهاب المجتمع لصالحه ودون ظهوره‪،‬‬ ‫وعندما يرى أنّ تذمّراً واسعا ً بدأ بالتصاعد‪ ،‬كان ّ‬ ‫يتدخل‬ ‫ليحجّ مها قليالً دون أن يقضي عليها في محاولة لتعميم‬ ‫فكرة لدى المجتمع السوريّ ‪ ،‬وهي أنّ حافظ األسد‬ ‫هو نقيض الشبّيحة‪ ،‬وعليه فقد كان إظهار الشبّيحة‬ ‫بمنتهى القذارة هو الطريق إلظهار حافظ األسد بمنتهى‬ ‫النظافة‪.‬‬

‫ه��ن��اك آل � ّي��ة عقليّة‬ ‫ُتعرف في علم النفس‬ ‫االجتماعيّ باستراتيجية‬ ‫«ال��ب��اب ف��ي ال��وج��ه»‬ ‫وي��م��ك��ن تلخيص ه��ذه‬ ‫االستراتيجيّة على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫إنّ تو ّقعك لخسارة كبيرة قد يُشعرك بعد أن تكتشف‬ ‫أنّ خسارتك أق ّل بأ ّنك رابح‪ ،‬رغم أ ّنك ال تزال خاسراً‪.‬‬ ‫هذا ماكان يفعله حافظ األسد كان يخ ّفف خسارة‬ ‫الخاسرين‪ ،‬فعندما ُتخطف فتاة و ُتغتصب من قبل‬ ‫الشبّيحة كان ّ‬ ‫يتدخل إلعادة الفتاة حيّة إلى أهلها‪ ،‬لك ّنه لم‬ ‫ّ‬ ‫يتدخل بمعاقبة الخاطفين واجتثاث الظاهرة‪( ،‬أب لفتاة‬ ‫علويّة مغتصبة تم ّكن من مقابلة حافظ األسد في مناسبة‬ ‫اجتماعيّة‪ ،‬وعندما شكا له مافعل ابن أخيه من خطف‬ ‫تنس‬ ‫واغتصاب البنته قال له حافظ‪ :‬ليست مشكلة‪ ،‬ال َ‬ ‫أنّ َمن ضاجعها هو من عائلة األسد وهذا شرف لها)‪.‬‬ ‫فيما بعد ب��دأت تحوّ الت جديدة تطرأ على هذه‬ ‫الظاهرة‪ ،‬فرفعت األسد الذي أسّس الظاهرة خرج من‬ ‫سورية‪ ،‬وت ّم ح ّل وحدته العسكريّة‪ ،‬ليس أل ّنها ترتكب‬ ‫أفعاالً ال قانونيّة‪ ،‬بل ألنّ رفعت األسد قام بانقالب على‬ ‫الرأس الكبير (‪ ،)1984‬أمّا في الالذقيّة‪ ،‬فقد كبرت‬ ‫أحالم المراهقين وف ّكروا كما ف ّكر رفعت األسد (مؤسّس‬ ‫الظاهرة) ببناء إمبراطوريّاتهم الخاصّة‪ ،‬فظهرت‬ ‫مافيات التهريب‪ ،‬ونشأت المرافئ الخاصّة‪ ،‬وظهرت‬ ‫أيضا ً ظاهرة استمالك األراضي بما فيها أمالك الدولة‪،‬‬ ‫ح ّتى الشواطئ‪ ،‬وكثيراً من المواطنين ان ُتزعت منهم‬ ‫أراضيهم بالقوّ ة‪ ،‬أو بعقود بيع يفرضها الشبّيحة‪ ،‬وهي‬ ‫غالبا ً بأسعار بخسة ال تعادل عُشر األسعار الحقيقيّة‪.‬‬

‫في مطلع ‪ 2011‬انفجرت الثورة السوريّة‪ ،‬وهنا‬ ‫انتقلت هذه الظاهرة لتلعب دوراً رئيس ّيا ً في قمع‬ ‫الناشطين والمتظاهرين‪ ،‬فت ّم تنظيمها بشكل أفضل‪،‬‬ ‫وت ّم إلحاقها بأجهزة أمنيّة أو عسكريّة تابعة للنظام‪،‬‬ ‫لكن بإدارة خاصّة‪ ،‬ولع ّل أوّ ل ظهور معلن وواضح‬ ‫لهذه المجموعات كان باقتحامهم لمدينة بانياس وقرية‬ ‫البيضة المجاورة لها‪ ،‬في البيضة ظهر هذا التنظيم‬ ‫الجديد وأعلن عن دوره الحقيقيّ في قمع السورييّن‪،‬‬ ‫مستعمالً األساليب األق��ذر واألكثر فظاعة ض ّدهم‪،‬‬ ‫فهم الذين ارتكبوا أوّ ل مجزرة في بانياس والبيضة‪،‬‬ ‫وهم الذين رفعوا الشعارات الطائفيّة األولى في الثورة‬ ‫السوريّة‪.‬‬ ‫فيما بعد انتشرت الثورة السوريّة‪ ،‬لتشمل ك ّل‬ ‫أراضي الوطن‪ ،‬فكان الب ّد من أن تتكاثر هذه العصابات‪،‬‬ ‫فتش ّكلت مجموعات كثيرة بقيادات من عناصر سابقة‬ ‫في المجموعات األولى للشبّيحة‪ ،‬وباتت عصابات‬ ‫مسلّحة تقتل وتخطف وتسرق وتشارك األجهزة األمنيّة‬ ‫في قمعها وتستبيح القرى والمدن واالحياء بعد إفراغها‬ ‫من أهلها‪.‬‬ ‫سيكون أمام الشعب السوريّ بعد انتهاء هذه األزمة‬ ‫مهمّة شا ّقة ج ّداً في التعامل مع هذه العصابات وانتزاع‬ ‫ثقافتها‪ ،‬وترميم الجراح العميقة التي أحدثتها في جسد‬ ‫المجتمع السوريّ ‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪14‬‬

‫تحت سماء الموت‪...‬‬ ‫لم تعد األحياء المحرّ رة في مدينة حلب كما كانت في‬ ‫مثل هذا الوقت من العام الفائت‪ ،‬حيث الكثافة السكانيّة‬ ‫واألسواق المزدحمة واالستقرار هو ما كان يعشيه‬ ‫أهالي تلك األحياء آنذاك‪ ،‬فقد بدأت الهجمة البربريّة‬ ‫الشرسة مع بداية العام الحاليّ لقوّ ات األسد ببراميل‬ ‫الحقد المتفجّ رة على أحياء حلب المحرّ رة عموما ً‬ ‫وبوتيرة أعلى في األحياء الشرقيّة منها‪/1943/..‬‬ ‫برميالً ألقاها النظام األسديّ على األحياء المحرّ رة‪،‬‬ ‫فكانت كفيلة بتدمير ثلثها و قتل ‪ /2508/‬من ساكنيها‪،‬‬ ‫وذلك ح ّتى شهر نيسان الماضي بحسب تقرير الشبكة‬ ‫السوريّة لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫الدمار واخلراب هما العنوان‬ ‫ما أصبح سائداً في تلك األحياء هو الموت وال‬ ‫شيء غير الموت هو ما يعيشه ك ّل من لم يجد ملجأ‬ ‫يذهب إليه فا ّتخذ من بيته قبراً له‪.‬‬ ‫حي طريق الباب هو أحد األحياء الشرقيّة التي‬ ‫أُمطرت بالبراميل على مدى سبعة أشهر‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى سوء األوض��اع المعيشيّة حيث انقطاع التيّار‬ ‫الكهربائيّ والمياه عن الحيّ ‪.‬‬ ‫(الربيع العربيّ )‪( ،‬طريق الشهداء)‪ ،‬هي أسماء‬ ‫أُطلقت على أوّ ل حيّ حُرّ ر في مدينة حلب‪ ،‬فكان‬ ‫حاضنا ً للثوّ ار ومعهم‪ ،‬كما أنّ ثوّ اره كانوا منهم ولهم‪،‬‬ ‫عاش الحيّ في األشهر األول��ى من التحرير أيّاما ً‬ ‫عصيبة‪ ،‬حيث صواريخ الطيران الحربيّ وقذائف‬ ‫المدفعيّة الثقيلة لقوّ ات األسد‪ .‬إلاّ أ ّنه سرعان ما عادت‬ ‫إليه الحياة من جديد بعد أشهر ع ّدة من التحرير‪،‬‬ ‫عندما انخفضت وتيرة القصف وعاد أهالي الحيّ إلى‬ ‫منازلهم‪ ،‬فأصبح مقصد ك ّل الثوّ ار ووجهتهم‪.‬‬ ‫الكهرباء‪...‬حلم‬ ‫اليوم‪ ،‬ومنذ سبعة أشهر‪ ،‬أصبح الحيّ مرمىً دائما ً‬ ‫لبراميل األسد‪ ،‬فنزح عنه معظم ساكنيه‪ ،‬أصبحت‬ ‫شوارعه خالية من ضحكات أطفاله ومن أصوات‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫غادر احل ّي ‪ % 90‬من ساكنيه تقريباً‪ ،‬أمّا من‬ ‫بقي فيعيش حياة صعبة وظروفاً معيشيّة سيئة‬

‫الباعة في أسواقه‪ ،‬لم يعد ذلك الحيّ الذي يغصّ بالناس‬ ‫وبالسيّارات التي كانت تمأل أصواتها سماء الحيّ ‪« .‬أبو‬ ‫أحمد» هو أحد س ّكان الحيّ الذين رفضوا الخروج منه‪،‬‬ ‫يح ّدثنا قائالً‪« :‬لقد أصبحت البراميل جزءاً من حياتنا‬ ‫اليوميّة‪ ،‬لم يعد لها وقت مح ّدد حيث كانت في بادئ‬ ‫األمر مقتصرة على النهار فقط‪ ،‬أمّا اآلن فأصبحت في‬ ‫الليل أيضاً‪ ،‬حيث تكون المروحيّة غير مرئيّة فال نرى‬ ‫البراميل إلاّ وقد سقطت وانفجرت‪ ،‬على عكس النهار‬ ‫حيث نشاهد المروحيّة وهي ترمي ببراميلها علينا‪.‬‬ ‫لقد غادر الحيّ ‪ % 90‬من ساكنيه تقريباً‪ ،‬أمّا من بقي‬ ‫فيعيش حياة صعبة وظروفا ً معيشية سيئة»‪.‬‬ ‫لم ترتبط ظروف الحياة السيّئة والصعبة بسوء‬ ‫األوضاع األمنيّة والبراميل فقط‪ ،‬بل تع ّدتها لتشمل‬ ‫انقطاع التيّار الكهربائي عن الحيّ منذ ثالثة أشهر‬ ‫ّ‬ ‫وأكثر‪ .‬انفجار على‬ ‫خط النار بين الجيشين الحرّ‬ ‫واألسديّ في حيّ الميدان‪ ،‬كان قد دمّر وحدة التغذية‬ ‫ّ‬ ‫الكهربائيّة التي ّ‬ ‫محطة هنانو الكهربائيّة‬ ‫تغذي بدورها‬ ‫التي ِّ‬ ‫توزع الكهرباء على األحياء الشرقيّة‪ ،‬هو ما كان‬ ‫سببا ً بانقطاعها الدائم عن الحيّ ‪ ،‬إذاً فقد أصبح نور‬ ‫الكهرباء حلم أهل الحيّ ‪« .‬أبو حميد» رجل في الس ّتين‬ ‫من عمره بقي هو وزوجته في بيتهما رافضين الخروج‬ ‫من الحيّ رغم الظروف المزرية‪ ،‬يح ّدثنا «أبو حميد»‬ ‫قائالً‪« :‬الظالم هو ما يخيّم على ليلنا‪ ،‬الوحشة والوحدة‬ ‫هي ما نعيشه في الحيّ حيث ال صوت إلاّ صوت‬ ‫الرصاص اآلتي من بعيد حيث جبهات القتال أو صوت‬ ‫البرميل الذي يقطع سكون الليل فتنتشر رائحة الموت‬ ‫والدمار‪ ،‬حتى مولّدة الطاقة الكهربائيّة الموجودة في‬ ‫ّ‬ ‫توزع الكهرباء (األمبيرات) قد‬ ‫الحيّ والتي كانت‬ ‫تعرّ ضت للقصف‪ ،‬الماء البارد في أشهر الصيف‬ ‫الحارّ قد أصبح صعب المنال ‪ -‬إذا وُ جد الماء أصالً ‪-‬‬ ‫إلاّ أ ّننا صامدون هاهنا»‪.‬‬ ‫املاء عصب احلياة وبدونه ال عيش لإلنسان‬ ‫منذ أكثر من ثالثة أشهر ونتيجة للمعارك الدائرة‬

‫بين الجيش الحرّ وكتائب األسد‪ ،‬في دوار البريج‪،‬‬ ‫انفجر ّ‬ ‫خزان المياه الرئيسيّ هنالك‪ ،‬وبالتالي انقطعت‬ ‫المياه عن الكثير من األحياء المحرّ رة في حلب‪ .‬حيّ‬ ‫طريق الباب هو أحد األحياء التي عانت من ذلك‪،‬‬ ‫واستحالة الوصول لتلك المنطقة المشتعلة بين الطرفين‬ ‫أ ّدت إلى غياب المياه وبشكل نهائيّ عن الحيّ ‪ ،‬ح ّتى‬ ‫إيجاد البدائل فقد وقفت شعبة المياه في مجلس مدينة‬ ‫حلب المحرّ رة عاجزة أمام هذا الوضع‪.‬‬ ‫«أ ّم محمّد» إحدى النساء اللواتي عادت إلى الحيّ مع‬ ‫عائلتها بعد تجربة لجوء قصيرة في تركيا‪ ،‬تح ّدثنا «أ ّم‬ ‫محمّد» عن معاناتها مع انقطاع المياه فتقول‪« :‬العودة‬ ‫إلى الحياة البدائيّة هي ما نعيشه‪ ،‬نمشي مئات األمتار‬ ‫لكي نحصل على كميّات قليلة من المياه حيث اآلبار‬ ‫التي ت ّم إعادة تأهيلها‪ ،‬أصبح نقل المياه إلى المنازل‬ ‫هو شغلنا الشاغل يوم ّيا ً فك ّل العائلة مسؤولة عن ذلك‪،‬‬ ‫مياه اآلبار ليست صالحة للشرب ولذلك نذهب إلى‬ ‫أحياء بعيدة ع ّنا لجلب كميّات من مياه الشرب‪ ،‬العوز‬ ‫والعذاب هو ما نعيشه هنا إلاّ أ ّننا مستمرّ ون بثورتنا‬ ‫ومتمسّكون بأرضنا وبمنازلنا ح ّتى آخر رمق»‪.‬‬ ‫إذا الدمار والخراب والخوف والرعب والحاجة‬ ‫واأللم والحسرة والضياع والفاجعة والموت هو ما‬ ‫يعيشه هؤالء‪ ،‬البراميل التي ال تعرف إلاّ لغة القتل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومتطلبات الحياة الطبيعيّة التي قد أصبحت حلما ً‬ ‫لساكني الحيّ ‪ ،‬هي العنوان العريض الذي يفرض‬ ‫نفسه هناك‪.‬‬ ‫ومع ك ّل ذلك‪...‬‬ ‫نجد من يحاول أن يتأقلم مع تلك األوضاع‪ ،‬أن‬ ‫يصنع الحياة تحت سماء الموت‪ ،‬فقد تصالح هؤالء‬ ‫مع فكرة الموت فتمسّكوا بأرضهم وتشبّثوا بها ح ّتى‬ ‫الخالص وتحقيق الحلم‪ .‬حي طريق الباب ليس إلاّ‬ ‫مثاالً لألحياء األخرى عن سوء األوضاع المعيشيّة‬ ‫هناك فحلب المحرّ رة كلّها تحت سماء الموت‪.‬‬

‫عماد جنم حسو‬

‫املدنيّون يف سورية يكسرون جدار اخلوف والصمت‬

‫إنّ أح��د أه � ّم أسباب صمود أهلنا القاطنين في‬ ‫المناطق المحرّ رة‪ ،‬التي كانت تعاني يوم ّيا ً من القصف‬ ‫الهمجيّ بمختلف أنواعه‪ ،‬هو وجود ّ‬ ‫منظمات المجتمع‬ ‫المدنيّ هناك‪ ،‬لقد كانت اليد التي تطبّب الجرح وتخ ّفف‬ ‫ألمه‪ ،‬وتعطف على المحتاج‪ ،‬وتهت ّم بشؤون األطفال‬ ‫التعليميّة والتنمويّة‪ ،‬وتق ّدم لهم ورشات ال ّدعم النفسيّ ‪،‬‬ ‫التي كانت تساعدهم على تجاوز ح��االت الضغط‬ ‫النفسيّ ‪ ،‬التي كانوا يعيشونها ك ّل يوم‪.‬‬ ‫العائق الرئيسيّ لتمكين ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ في‬ ‫سوريّة‪ ،‬هو غياب التنظيم فيها بشكل أساسيّ ‪ ،‬وغياب‬ ‫التنظيم فيما بينها‪ ،‬والتخصّص في ع ّدة مجاالت‪ ،‬فأكثر‬ ‫ما نحتاجه في سوريّة بعد الثورة هو‪ :‬وجود تنظيم‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ‪ ،‬ممّا يؤ ّدي‬ ‫وتخصّص لك ّل‬ ‫إلى األهداف المرجوّ ة بشكل أفضل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمات المدنيّة في‬ ‫«محمّد» ح ّدثنا عن رؤيته‬ ‫سوريّة المستقبل‪« :‬أظنّ أنّ الدور األكبر في سوريّة‬ ‫ّ‬ ‫لمنظمات المجتمع األهليّ ‪ ،‬حيث‬ ‫المستقبل سوف يكون‬ ‫أ ّنها ستكون _كما هي اآلن _ مسؤولة عن إدارة‬ ‫الحياة االجتماعيّة من نواحي مح ّددة في المجتمع‪،‬‬ ‫وسوف تنوط بها مهمّة عظيمة وهي‪ ،‬إقامة السلم‬ ‫األهليّ ‪ ،‬وح� ّل النزاعات والخالفات التي ستظهر‬ ‫بشكل أكبر في المجتمع‪ ،‬واستخدام طاقات الشباب‬ ‫في بناء ما ته ّدم في المجتمع معنو ّيا ً ومن ث ّم ماد ّياً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات في المناطق المحرّ رة؟‬ ‫أمّا عمّا ح ّققته تلك‬ ‫يقول «محمّد»‪« :‬في الواقع ح ّققت ع ّدة أمور منها‪:‬‬ ‫تأمين الغذاء والدواء والرعاية الصحيّة للمحتاجين‬ ‫المتواجدين في هذه المناطق‪ ،‬وتأمين الدعم النفسيّ‬ ‫لمحتاجيه وخاصّة األطفال‪ ،‬وبالطبع خلق بديل عن‬ ‫المؤسّسة التعليميّة الحكوميّة في ظ ّل غيابها‪ ،‬ولقد كان‬ ‫لها الدور الكبير في نشر التوعيّة بين الناس في العديد‬ ‫من القضايا المهمّة في المرحلة الحاليّة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات المدنيّة في‬ ‫أمّا عن كيفية تمكين عمل‬ ‫سوريّة‪ ،‬يقول «محمّد»‪« :‬يت ّم ذلك بتأمين سُبل‬ ‫ال ّدعم الماديّ والمعنويّ ‪ ،‬عن طريق ال ّدعم المباشر‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪ ،‬أو دعم كوادرها العاملة بالتدريبات‬ ‫لهذه‬ ‫الالزمة‪ ،‬لتحويل العمل الفرديّ لعمل مؤسّساتي‪ ،‬يزيد‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪ ،‬كما يمكن تسهيل‬ ‫من فعاليّة وإنتاجيّة هذه‬ ‫عملها من قبل الجهات المسؤولة عن هذه المناطق‪ ،‬من‬ ‫مجالس محليّة‪ ،‬وهيئات شرعيّة‪ ،‬وغيرها من الهيئات‬ ‫المدنيّة‪.‬‬ ‫وحول تقييمه لعمله كعضو في مؤسّسة مدنيّة‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تحقيقات‬

‫أجاب‪« :‬كعضو في ّ‬ ‫منظمة مدنيّة أفتخر بنشر الثقافة‬ ‫التطوّ عيّة ضمن المجتمع الذي كان يخشى من كلمة‬ ‫جمعيّة‪ ،‬أو تجمّع أو مبادرة‪ ،‬فأنا كنت أعمل متطوّ عا ً‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ضمن مناطق‬ ‫في إحدى‬ ‫سيطرة النظام‪ ،‬وك ّنا نتعرّ ض نحن النشطاء إلى‬ ‫مضايقات من ك ّل جانب‪ ،‬ناهيك عن المداهمات بين‬ ‫الحين واآلخر من فروع األمن‪ ،‬وعند انتقالي للعمل‬ ‫ُ‬ ‫ظننت أنّ هذه المضايقات سوف‬ ‫في المناطق المحرّ رة‬ ‫تنتهي‪ ،‬لك ّنني اصطدمّت بنفس العقبات‪ ،‬ولكنْ بتسمية‬ ‫أخرى‪ ،‬رغم الحريّة الضئيلة التي ن ّنعم بها‪ ،‬فانعدام‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات العاملة‪ ،‬و كميّة السرقات التي‬ ‫التنسيق بين‬ ‫دون وجود مراقب‪،‬‬ ‫تت ّم من قبل المسؤولين‬ ‫ال��م��ع��ون��ات‪،‬‬ ‫أو م��ت��اب��ع ل��ه��ذه‬ ‫وح��ص��ر نوعيّة‬ ‫الدعم من ال ّداعم‬ ‫بالموا ّد اإلغاثيّة‬ ‫العينيّة‪ ،‬وإهمال‬ ‫ال���م���س���اع���دات‬ ‫التنمويّة‪ ،‬واأله � ّم من‬ ‫ذل��ك كلّه ه��و الدعم‬ ‫ال��م��ش��روط‪ ،‬وال���ذي‬ ‫يع ّد من أسوأ المشاكل‬ ‫التي من الممكن أن‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‪،‬‬ ‫ت��واج��ه أيّ‬ ‫العمل‪،‬‬ ‫فقلّة الخبرة في طاقم‬ ‫تماماً‪ ،‬فنحن‬ ‫وانعدام ثقافة التطوّ ع‬ ‫هنا في أغلبنا إنْ لم نحصل على المال‪ ،‬فلن نعمل‬ ‫بسبب الوضع الماديّ والمعيشيّ المذري»‪.‬‬

‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫أمّا «أيمن» فأكمل حديثه عن إنجازات‬ ‫المدنيّة‪« :‬بفضل من هللا استطعنا تحقيق الكثير‪ ،‬فمنذ‬ ‫بداية الثورة كان عملنا مستمرّ اً‪ ،‬لم نتو ّقف إطالقاً‪،‬‬ ‫فمع انطالق الثورة السلميّة‪ ،‬كان لنا ع ّدة نشاطات‬ ‫توعية مختلفة منها‪ :‬دورات اإلسعافات األوليّة‪،‬‬ ‫التي كانت دوريّة لمدة خمسة أشهر‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫التدريب العمليّ في المستشفيات للمتطوّ عين‪ ،‬وبعدها‬ ‫انتقلنا إلى دورات الدفاع المدنيّ وإدارة الكوارث‪،‬‬ ‫ومع بدء الحمّلة العسكريّة على حمص وحماة وإدلب‪،‬‬ ‫واستقبال حلب ألعداد كبيرة من أهلنا الضيوف من‬ ‫جميع المحافظات‪ ،‬كان عملنا مستمرّ اً‪ ،‬فكانت عمليّات‬ ‫الكشف على العوائل‪ ،‬وتأمين احتياجاتها همّنا اليوميّ ‪،‬‬ ‫وبعد بدء الحمّلة على حلب‪ ،‬وفصلها إلى قسمين‪:‬‬ ‫محرّ ر ومحتل‪ ،‬كانت جمعيتنا رائدة _وهلل الحمد_‬ ‫في م ّد يد العون والمساعدة للناس جميعاً‪ ،‬فمن خالل‬

‫توزيع المعونات الغذائيّة الشهريّة على النازحين‪،‬‬ ‫وأيضا ً تأمين تكاليف بعض العمليّات الجراحيّة لهم‪،‬‬ ‫والقيام بع ّدة ورشات ومعارض للسيدات النازحات‪،‬‬ ‫يستطعن من خاللها تعلّم الصوف والم ِْخرز والقصب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وع��رض منتجاتهنّ في أكثر من معرض قامت‬ ‫به الجمعيّة‪ ،‬وعلى صعيد آخر كان عملنا جل ّيا ً في‬ ‫المدراس التي كان يقطنها المهجّ رون من أهلنا‪ ،‬من‬ ‫خالل حصص غذائيّة‪ ،‬ووجبات إفطار في شهر‬ ‫رمضان وغيره‪ ،‬وإقامة غرفة صحيّة في ك ّل مدرسة‪،‬‬ ‫تقوم بتقديم العالج المناسب لبعض األمراض الشائعة‪،‬‬ ‫واإلسعافات األوليّة للقاطنين هناك‪ ،‬والقيام بورشات‬ ‫دعم نفسيّ لألطفال‪ ،‬وورشات تنمويّة بشريّة لهم‪ ،‬فعلى‬ ‫الرغم من أ ّننا ّ‬ ‫منظمة تعمل في األراضي المحتلة‪ ،‬إلاّ‬ ‫أ ّنه كان لنا تواجد في األراضي المحرّ رة‪ ،‬فبعد سقوط‬ ‫صاروخي سكود على األرض الحمراء‪ ،‬قمنا بتوزيع‬ ‫بطانيّات‪ ،‬وحصص غذائيّة هناك‪ ،‬وإلى اآلن ما‬ ‫زال عملنا مستمرّ اً على أكثر من جهة‪.‬‬

‫أمّا عن أه ّم الصعوبات التي تواجهه إلى‬ ‫اآلن في العمل‪ ،‬أجاب‪« :‬التضييق األمنيّ‬ ‫على الحواجز‪ ،‬واعتقال بعض المتطوّ عين‪،‬‬ ‫وإهانتهم وتحقيرهم‪ ،‬وسرقة بعض الحصص‬ ‫الغذائيّة عند المرور بالحواجز‪ ،‬واالقتحامات‬ ‫المتكرّ رة على مقارّ الجمعيّة بحجة أ ّننا‬ ‫جمعيّة معارضة‪ ،‬وأ ّننا نجمع األدوية إلرسالها‬ ‫للمجموعات اإلرهابيّة على ح ّد قولهم‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫غياب الدعم الماديّ لنشاطات الجمعيّة‪ ،‬حيث كان لدينا‬ ‫ع ّدة مشاريع قيد التنفيذ‪ ،‬وكان العائق األساسيّ لتنفيذها‬ ‫هو غياب الدعم الماليّ ‪ ،‬باإلضافة إلى انعدام الدعم‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪ ،‬فهنالك‬ ‫للمتطوّ عين المتواجدين يوم ّيا ً في‬ ‫الكثير من المتطوّ عين الذين فرّ غوا أنفسهم تماما ً للعمل‬ ‫الخيريّ في مساعدة الناس‪ ،‬و تخفيف ما ح ّل بهم‪.‬‬ ‫وأخيراً وجب عليّ أن أنوّ ه أنّ محمّداً يعمل في‬ ‫ّ‬ ‫منظمات مدنيّة واقعة ضمن سوريّة المحرّ رة‪ ،‬أمّا‬ ‫أيمن‪ ،‬فكان وما زال يعمل في ّ‬ ‫منظمات مدنيّة مراكزها‬ ‫قابعة تحت سيطرة النظام‪.‬‬ ‫فهل من الممّكن أن تخفّ بعض المعوقات غداً‪،‬‬ ‫عندما تتحرّ ر سوريّة بشكل كامل‪ ،‬وتختفي أه ّم‬ ‫الصعوبات التي اتفق عليها الطرفان‪ :‬أنّ السالح هو‬ ‫العائق األه ّم لهم؟ وهل سيكون من األسهل تمكين دور‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات بعد سقوط النظام؟ تبقى هذه األسئلة برسم‬ ‫المستقبل ليجيبنا عليها‪.‬‬

‫خالد خلف‬

‫هيكلّية جديدة‬ ‫للمجالس المحلّية‬ ‫واستهداف عشرة‬ ‫آالف ّ‬ ‫موظف‬ ‫ب���ع���د أك��ث��ر‬ ‫من عامين على‬ ‫ان��ط�لاق تجربة‬ ‫المجالس المحليّة‬ ‫ف���ي ال��م��ن��اط��ق‬ ‫ال���م���ح���رّ رة من‬ ‫س��وريّ��ة‪ ،‬ب��دأت‬ ‫وزارة اإلدارة‬ ‫ال��م��ح��ل��يّ��ة في‬ ‫ّ‬ ‫الحكومة السوريّة المؤقتة بإنجاز مشروع تمكين‬ ‫المجالس المحليّة‪ ،‬تحت عنوان (مشروع بناء مجتمع‬ ‫محليّ يقود نفسه)‪ ،‬وبحسب تصريح ال��وزارة‪ ،‬فإنّ‬ ‫المشروع يهدف إلى إعادة هيكلة المجالس المحليّة‪،‬‬ ‫ورسم العالقات الهيكليّة واإلداريّ��ة بين المجالس‬ ‫المحليّة‪ ،‬والمديريّات المحلّية والمركزيّة‪ ،‬كما أنّ‬ ‫َ‬ ‫المنتخب والمعيَّن‪ ،‬أي‬ ‫المشروع يضبط العالقة بين‬ ‫بين اإلشراف والتنفيذ‪.‬‬ ‫إعادة اهليكلة‬ ‫عن هذا المشروع‪ ،‬والمراحل التي وصل إليها‬ ‫المجالس‬ ‫ح ّدثنا «حازم لطفي» مدير عام شؤون‬ ‫المحلّيّة في وزارة اإلدارة المحليّة‪ ،‬واإلغاثة وشؤون‬ ‫الالجئين في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة قائالً‪ :‬يُعتبر‬ ‫ه��ذا المشروع ذو أه ّميّة كبيرة في إع��ادة هيكلة‬ ‫المجالس المحلّيّة‪ ،‬لتأخذ دورها بشكل فاعل‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬ ‫موظف خاصّين بالمجالس‬ ‫سيت ّم استهداف عشرة آالف‬ ‫َ‬ ‫المنتخبين‬ ‫المحليّة في س��ور ّي��ة‪ ،‬يشمل العناصر‬ ‫ّ‬ ‫والموظفين المعيَّنين والعمّال للح ّد األدنى‪.‬‬ ‫وأض��اف «لطفي» لقد بدأنا بدفع تعويضات‬ ‫ماليّة للمجالس المحلّيّة المعتمدة‪ ،‬وخاصّة في مجلس‬ ‫َ‬ ‫للمنتخب‬ ‫محافظة حلب الحرّ ة‪ ،‬حيث ت ّم دفع ‪$ /175/‬‬ ‫و‪ $/150/‬للمعيَّن و‪ $ /125/‬للعامل كتعويض‪ ،‬أو‬ ‫مكافأة‪ ،‬وفي حال ت ّم إعادة هيكلة المجلس واعتماده‬ ‫من قبل الوزارة‪ ،‬سيت ّم االنتقال من التعويض إلى سلّم‬ ‫الرواتب بشكل شهريّ ‪.‬‬ ‫وأش��ار «لطفي» أنّ ال��وزارة ستقوم بإخضاع‬ ‫المجالس المحليّة ل��دورات تدريبيّة تشمل دورات‬ ‫قانونيّة‪ ،‬وفي إدارة المشاريع‪ ،‬ودورات إداريّة‪.‬‬ ‫إحداث مديريّات‬ ‫وعن النظام الداخليّ الذي ت ّم اعتماده قال «لطفي»‪:‬‬ ‫لقد ت ّم إصدار لوائح تنظيميّة لعمل المجالس المحليّة‪،‬‬ ‫مستم ّدة من القانون السوريّ ‪ ،‬حيث ت ّم اعتماد قانون‬ ‫اإلدارة المحليّة ‪ ./107/‬وأوضح «لطفي» أ ّنه ت ّم طرح‬ ‫أربع مسمّيات للمجالس المحليّة هي‪ :‬مجلس محافظة‬ ‫ومجلس مدينة ومجلس بلدة ومجلس بلديّة‪ ،‬حيث‬ ‫سيت ّم اعتماد نفس البلدات والبلديّات وفق التقسيمات‬ ‫الجغرافيّة السابقة مع بعض التعديالت البسيطة‪،‬‬ ‫كما أشار «لطفي» أ ّنه سيت ّم إحداث مديريّات تتبع‬ ‫لمجلس المحافظة ضمن مالك المحافظة مثل‪ :‬مديريّة‬ ‫الدفاع المدنيّ ‪ ،‬ومديريّة الخدمات الف ّنيّة‪ ،‬ومديريّة‬ ‫التنمية والمشاريع المحلّيّة‪ ،‬ومديريّة اإلغاثة والشؤون‬ ‫االجتماعيّة‪.‬‬ ‫وبالنسبة لهيكليّة مجلس المحافظة قال «لطفي»‪:‬‬ ‫سيت ّم اعتماد عشر مكاتب تنفيذيّة‪ ،‬ورئيس المجلس‬ ‫ونائبه‪ ،‬أمّا منصب األمين العام فسيعيّن تعييناً‪ ،‬ومهمّته‬ ‫إدارة الشؤون اإلدار ّي��ة والماليّة والقانونيّة لمجلس‬ ‫المحافظة‪ ،‬باإلضافة إلى تنظيم عمل المجلس داخل ّياً‪.‬‬ ‫التشاركيّة‬ ‫وأشار «لطفي» إلى أنّ المشروع قد بدأ تنفيذه في‬ ‫أكثر من محافظة‪ ،‬في حلب وإدلب والالذقيّة وريف‬ ‫دمشق ودرعا والقنيطرة‪ ،‬وذلك بعد أن ت ّم تشكيل‬ ‫لجان موارد بشريّة على مستوى ك ّل محافظة لتدارس‬ ‫األنظمة والهياكل اإلدار ّي��ة وفق األوض��اع األمنيّة‬ ‫الحاليّة‪.‬‬ ‫وعن التقسيمات اإلداريّ��ة التي أحدثها النظام‪،‬‬ ‫كإحداث ثالث محافظات (منبج والقامشلي وتدمر)‪،‬‬ ‫قال لطفي‪ :‬سيت ّم رفض أيّ قرار ا ّتخذه النظام أثناء‬ ‫الثورة كان هدفه أمور سياسيّة لزعزعة األمن في‬ ‫سوريّة‪.‬‬ ‫وفي النهاية قال «لطفي»‪ :‬نحن نسعى إلى عمل‬ ‫التشاركيّة بين الوزارة والمجالس المحلّيّة إلنجاح هذا‬ ‫المشروع الها ّم‪.‬‬ ‫بدر حسني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪14‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫الدولي‪ ،‬هل‬ ‫بين الكتائب المعتدلة والتحالف‬ ‫ّ‬ ‫تحسن موقف الثورة السورّية؟‬ ‫ّ‬ ‫و شعوبها‪.‬‬

‫بعد كلمة الرئيس األمريكيّ «باراك أوباما» في‬ ‫ذكرى أحداث ‪ 11‬أيلول‪ ،‬التي تح ّدث فيها عن توجيه‬ ‫ضربة عسكريّة تستهدف تنظيم الدولة اإلسالميّة‬ ‫(داع��ش) في العراق وس��وري��ة‪ ،‬تنامت التو ّقعات‬ ‫حول اعتماد المجتمع الدوليّ كلّيا ً على المعارضة‬ ‫المعتدلة في سورية تزامنا ً مع اعتمادهم على قوّ ات‬ ‫(البيشمركه) الكرديّة والقوّ ات الحكوميّة في العراق‬ ‫خاصّة‪ ،‬وأنّ أوباما ذكر بشكل واضح استحالة التعاون‬ ‫مع النظام السوريّ في هذه العمليّة كونه «نظام قاتل‬ ‫وفاقد للشرعيّة « حسب ما قال الرئيس األمريكي‪.‬‬ ‫حتالف دول ّي كبري وموافقات شعبيّة‪:‬‬ ‫بدأت مالمح التحالف الدوليّ المزمع إنشاؤه و‬ ‫اإلع�لان عنه خالل األيّ��ام القادمة في اجتماعات‬ ‫الجمعيّة العامّة لألمم الم ّتحدة‪ ،‬التحالف الذي من‬ ‫المتو ّقع أن يض ّم دوالً كبيرة و فاعلة في المجتمع‬ ‫الدوليّ كفرنسا و المملكة الم ّتحدة و ألمانيا إضافة إلى‬ ‫أمريكا صاحبة الفكرة‪ ،‬كما أبدت دول كأستراليا و‬ ‫كندا و تركيا استعدادها لالنضمام إلى التحالف‪ ،‬رغم‬ ‫التح ّفظات التركيّة التي عبّر عنها وزير خارجيّتها‬ ‫«مولود جاويش أوغلو»‪ ،‬و هي خشية تركيا من‬ ‫وقوع األسلحة التي يت ّم تسليمها إلى القوّ ات الكرديّة‬ ‫والعراقيّة لمحاربة تنظيم الدولة اإلسالميّة في يد‬ ‫مقاتلي حزب العمّال الكردستانيّ العدو اللدود لتركيا‪.‬‬ ‫باب االنضمام إلى هذا التحالف لم يُغ َلق بعد أمام الدول‬ ‫الراغبة‪ ،‬وقد وصل العدد إلى األربعين‪ ،‬خاصّة وأنّ‬ ‫الكثير من الدول في المنطقة وبعيداً عنها كانت قد‬ ‫د ّقت ناقوس الخطر الذي ّ‬ ‫يمثله داعش على أنظمتها‬

‫من جهتها‪ ،‬تعتقد باريس التي ال ترغب بتوسيع‬ ‫العمليّات إلى ضرب داعش في سورية أل ّنها ال تريد‬ ‫أن يكون الهجوم على داعش بمثابة تلبية لمطالب‬ ‫النظام السوريّ الذي ال تعترف به‪ ،‬تعتقد أ ّنها قادرة‬ ‫على توسيع دائرة الحلف بسبب عالقاتها الجيّدة مع‬ ‫ّ‬ ‫تحث الواليات‬ ‫دول خليجيّة كقطر و السعوديّة‪ ،‬بينما‬ ‫الم ّتحدة الدول الخليجيّة على ح ّل خالفاتها مع قطر ‪،‬‬ ‫وهو ما بدأ يحدث‪ ،‬فقد بدأ وزراء خارجيّة ‪ 12‬دولة‬ ‫مؤتمراً في مدينة ج ّدة السعوديّة لبحث سبل التص ّدي‬ ‫للتنظيمات المتطرّ فة كداعش وغيرها‪ ،‬أمّا الدول‬ ‫المشاركة في االجتماع فكانت دول مجلس التعاون‬ ‫ّ‬ ‫الست‪ ،‬إضافة إلى األردنّ و لبنان و مصر و‬ ‫الخليجيّ‬ ‫تركيا و الواليات الم ّتحدة‪.‬‬ ‫من جهتهم‪ ،‬يرى األمريكيّون أنّ الوقت قد حان‬ ‫لضرب التنظيم ال��ذي بات يش ّكل خطراً «حسبما‬ ‫يعتقدون» على المصالح الحيويّة األمريكيّة‪ ،‬وبحسب‬ ‫استطالع للرأي ُنشر في صحيفة «واشنطن بوست»‬ ‫وشبكة « إيه بي سي نيوز « أيّد ‪ % 71‬من األشخاص‬ ‫الذين شملهم االستطالع الضربات الجوّ يّة التي ين ّفذها‬ ‫الجيش األمريكيّ منذ شهر في العراق‪ ،‬فيما أيّد ‪65‬‬ ‫‪ %‬منهم توسيعها لتشمل سورية‪ .‬أمّا في الكونغرس‬ ‫فطالب أعضاء جمهوريّون وديمقراطيّون على السواء‬ ‫بالقضاء على تنظيم الدولة اإلسالميّة بالكامل‪ .‬من‬ ‫جهته ص��رّ ح النائب األمريكي «مايك روج��رز»‬ ‫رئيس لجنة االستخبارات في مجلس النوّ اب لشبكة‬ ‫فوكس نيوز‪« :‬يجب على أوباما أن يُثبت أ ّنه قائد‬ ‫ويمكنه جمع الشركاء من الجامعة العربيّة‪ ،‬وهو ما لم‬ ‫يتم ّكن من القيام به في السابق‪ ،‬وأن يدفع حلف شمال‬ ‫األطلسي إلى القيام بجهود أكبر»‪.‬‬ ‫ماذا بعد االعتماد على املعارضة السوريّة املعتدلة؟‬ ‫«تنظيم داعش يش ّكل خطراً على الشعبين العراقيّ‬ ‫و السوريّ وكذلك الشرق األوسط بشكل عا ّم‪ ،‬بما فيها‬ ‫المرافق األمريكيّة والمواطنون األمريكيّون‪ ،‬و إن لم‬ ‫ّ‬ ‫فسيمثلون تهديداً خارج تلك المنطقة»‬ ‫نواجه داعش‬ ‫بهذه الكلمات بدأ أوباما كلمته للشعب األمريكيّ قبل أن‬ ‫يعلن أنّ الواليات الم ّتحدة ستقود تحالفا ً دول ّيا ً لضرب‬ ‫داعش‪ ،‬أ ّكد أوباما أنّ الواليات الم ّتحدة تق ّدم مساعدات‬ ‫عسكريّة إلى المعارضة السوريّة وأ ّنه دعى الكونغرس‬ ‫إلى إعطائه سلطات إضافيّة ومصادر من أجل تدريب‬

‫‪7‬‬ ‫ما نسيته هذه الفصائل هو وجود ما يشابه داعش بينها‪ ،‬وهو‬ ‫ما سيحول بينها وبني الرضى الدول ّي عنها‪.‬‬ ‫استطالعات أمريكيّة‪ :‬أيّد ‪ % 71‬من األشخاص الضربات‬ ‫اجلوّيّةاليت ينفّذها‪.‬‬

‫و تسليح أولئك المقاتلين‬ ‫و أض��اف‪« :‬في محاربة‬ ‫داعش ال يمكننا االعتماد على نظام األسد الذي يرهب‬ ‫شعبه فذلك النظام لن يستعيد الشرعيّة التي فقدها‪ ،‬بدل‬ ‫ذلك يجب أن نقوّ ي المعارضة لمجابهة المتطرّ فين مثل‬ ‫داعش مع االستمرار بالحلول الدبلوماسيّة الضروريّة‬ ‫من أجل ح ّل األزمة السوريّة»‪.‬‬

‫المعارضة المسلّحة من جهتها كانت قد أعلنت‬ ‫في بداية آب الماضي عن تشكيل مجلس لقيادة الثورة‬ ‫ليكون الجسم الموحّ د لها في مواجهة قوّ ات النظام دون‬ ‫ذكر تنظيم داعش‪ ،‬فيما يُعتقد أ ّنها خطوة على طريق‬ ‫تشكيل جسم موحّ د ذو تنسيق عالي يستطيع المجتمع‬ ‫الدوليّ االعتماد عليه في سورية‪ ،‬المجلس ض ّم ع ّدة‬ ‫فصائل كبيرة أهمّها «جبهة ثوار سورية» و «جيش‬ ‫المجاهدين» و «اال ّتحاد اإلسالميّ ألجناد الشام» و‬ ‫«جيش اإلسالم» و «حركة حزم» و «حركة نور‬ ‫الدين الزنكيّ » و الفرقتان «‪ »13‬و «‪ »101‬فيما‬ ‫غابت «الجبهة‬ ‫اإلس��ل�ام���� ّي����ة»‬ ‫وم���م� ّ‬ ‫��ث���ل���وه���ا‬ ‫األس����اس���� ّي����ون‬ ‫(ح��رك��ة أح��رار‬ ‫ال���ش���ام‪ ،‬أل��وي��ة‬ ‫ص��ق��ور ال��ش��ام‪،‬‬ ‫ل��واء التوحيد)‪،‬‬ ‫عن هذه المبادرة‬ ‫ف����ي م��ع��ط��ي��ات‬ ‫ت��زي��د ال��ش��ك��وك‬ ‫حول عدم اعتماد‬ ‫المجتمع الدوليّ‬ ‫ع��ل��ى ال��ج��ب��ه��ة‬ ‫اإلسالميّة في حربه ض ّد داعش‪ ،‬وبعد صدور قرار‬ ‫مجلس األمن الخاصّ بداعش سارعت فصائل عديدة‬ ‫إلى االنضمام إلى االئتالف المسلّح آنف الذكر بينما‬ ‫ُ‬ ‫ش ّكلت فصائل في دمشق ما أس َموه «بالقيادة العسكريّة‬ ‫الموحّ دة في الغوطة الشرقية» وكان هدفها المُعلن‪:‬‬ ‫«توحيد الصفوف و تنظيم خطوط القتال»‪ .‬نفس‬ ‫العمليّة تمّت في الجبهة الجنوبيّة‪ ،‬حيث دعت فصائل‬ ‫في درعا والقنيطرة إلى تشكيل غرفة عمليّات موحّ دة‬ ‫ضمّت معظم الفصائل العاملة على جبهات درعا‬ ‫والقنيطرة‪ ،‬لكنّ ما نسيته هذه الفصائل هو وجود ما‬ ‫يشابه داعش بينها‪ ،‬وهو ما سيحول بينها وبين الرضى‬

‫ّ‬ ‫المدني في سورّية ‪2/2‬‬ ‫منظمات المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫بين التمكين والبحث عن دور فاعل‬

‫إنّ أحد أه ّم أسباب صمود أهلنا القاطنين في المناطق‬ ‫المحرّ رة‪ ،‬التي كانت تعاني يوم ّيا ً من القصف الهمجيّ‬ ‫ّ‬ ‫بمختلف أنواعه‪ ،‬هو وجود‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ‬ ‫هناك‪ ،‬لقد كانت اليد التي تطبّب الجرح وتخ ّفف ألمه‪،‬‬ ‫وتعطف على المحتاج‪ ،‬وتهت ّم بشؤون األطفال التعليميّة‬ ‫والتنمويّة‪ ،‬وتق ّدم لهم ورشات ال ّدعم النفسيّ ‪ ،‬التي كانت‬ ‫تساعدهم على تجاوز حاالت الضغط النفسيّ ‪ ،‬التي‬ ‫كانوا يعيشونها ك ّل يوم‪.‬‬ ‫العائق الرئيسيّ لتمكين ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ في‬ ‫سوريّة‪ ،‬هو غياب التنظيم فيها بشكل أساسيّ ‪ ،‬وغياب‬ ‫التنظيم فيما بينها‪ ،‬والتخصّص في ع ّدة مجاالت‪ ،‬فأكثر‬ ‫ما نحتاجه في سوريّة بعد الثورة هو‪ :‬وجود تنظيم‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ‪ ،‬ممّا يؤ ّدي‬ ‫وتخصّص لك ّل‬ ‫إلى األهداف المرجوّ ة بشكل أفضل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمات المدنيّة في‬ ‫«محمّد» ح ّدثنا عن رؤيته‬ ‫سوريّة المستقبل‪« :‬أظنّ أنّ الدور األكبر في سوريّة‬ ‫ّ‬ ‫لمنظمات المجتمع األهليّ ‪ ،‬حيث‬ ‫المستقبل سوف يكون‬ ‫أ ّنها ستكون _كما هي اآلن _ مسؤولة عن إدارة‬ ‫الحياة االجتماعيّة من نواحي مح ّددة في المجتمع‪،‬‬ ‫وسوف تنوط بها مهمّة عظيمة وهي‪ ،‬إقامة السلم‬ ‫األهليّ ‪ ،‬وح� ّل النزاعات والخالفات التي ستظهر‬ ‫بشكل أكبر في المجتمع‪ ،‬واستخدام طاقات الشباب‬ ‫في بناء ما ته ّدم في المجتمع معنو ّيا ً ومن ث ّم ماد ّياً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات في المناطق المحرّ رة؟‬ ‫أمّا عمّا ح ّققته تلك‬ ‫يقول «محمّد»‪« :‬في الواقع ح ّققت ع ّدة أمور منها‪:‬‬ ‫تأمين الغذاء وال��دواء والرعاية الصحيّة للمحتاجين‬ ‫المتواجدين في هذه المناطق‪ ،‬وتأمين الدعم النفسيّ‬ ‫لمحتاجيه وخاصّة األطفال‪ ،‬وبالطبع خلق بديل عن‬ ‫المؤسّسة التعليميّة الحكوميّة في ظ ّل غيابها‪ ،‬ولقد كان‬ ‫لها الدور الكبير في نشر التوعيّة بين الناس في العديد‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫من القضايا المهمّة في المرحلة الحاليّة»‪.‬‬

‫ّ‬ ‫المنظمات المدنيّة‬ ‫أ ّم��ا عن كيفية تمكين عمل‬ ‫في سوريّة‪ ،‬يقول «محمّد»‪« :‬يت ّم ذلك بتأمين سُبل‬ ‫ال ّدعم الماديّ والمعنويّ ‪ ،‬عن طريق ال ّدعم المباشر‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪ ،‬أو دعم كوادرها العاملة بالتدريبات‬ ‫لهذه‬ ‫الالزمة‪ ،‬لتحويل العمل الفرديّ لعمل مؤسّساتي‪ ،‬يزيد‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪ ،‬كما يمكن تسهيل‬ ‫من فعاليّة وإنتاجيّة هذه‬ ‫عملها من قبل الجهات المسؤولة عن هذه المناطق‪ ،‬من‬ ‫مجالس محليّة‪ ،‬وهيئات شرعيّة‪ ،‬وغيرها من الهيئات‬ ‫المدنيّة‪.‬‬ ‫وحول تقييمه لعمله كعضو في مؤسّسة مدنيّة‪،‬‬ ‫أجاب‪« :‬كعضو في ّ‬ ‫منظمة مدنيّة أفتخر بنشر الثقافة‬ ‫التطوّ عيّة ضمن المجتمع الذي كان يخشى من كلمة‬ ‫جمعيّة‪ ،‬أو تجمّع أو مبادرة‪ ،‬فأنا كنت أعمل متطوّ عا ً‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ضمن مناطق‬ ‫في إحدى‬ ‫سيطرة النظام‪ ،‬وك ّنا نتعرّ ض نحن النشطاء إلى‬ ‫مضايقات من ك ّل جانب‪ ،‬ناهيك عن المداهمات بين‬ ‫الحين واآلخر من فروع األمن‪ ،‬وعند انتقالي للعمل‬ ‫ُ‬ ‫ظننت أنّ هذه المضايقات سوف‬ ‫في المناطق المحرّ رة‬ ‫تنتهي‪ ،‬لك ّنني اصطدمّت بنفس العقبات‪ ،‬ولكنْ بتسمية‬ ‫أخرى‪ ،‬رغم الحريّة الضئيلة التي ن ّنعم بها‪ ،‬فانعدام‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات العاملة‪ ،‬و كميّة السرقات التي‬ ‫التنسيق بين‬ ‫تت ّم من قبل المسؤولين دون وجود مراقب‪ ،‬أو متابع‬ ‫لهذه المعونات‪ ،‬وحصر نوعيّة الدعم من ال ّداعم بالموا ّد‬ ‫اإلغاثيّة العينيّة‪ ،‬وإهمال المساعدات التنمويّة‪ ،‬واأله ّم‬ ‫من ذلك كلّه هو الدعم المشروط‪ ،‬والذي يع ّد من أسوأ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‪ ،‬فقلّة‬ ‫المشاكل التي من الممكن أن تواجه أيّ‬ ‫الخبرة في طاقم العمل‪ ،‬وانعدام ثقافة التطوّ ع تماماً‪،‬‬ ‫فنحن هنا في أغلبنا إنْ لم نحصل على المال‪ ،‬فلن نعمل‬ ‫بسبب الوضع الماديّ والمعيشيّ المذري»‪.‬‬

‫الدوليّ عنها‪ ،‬كمقاتلي «جبهة النصرة» التابعة‬ ‫لتنظيم القاعدة في حلب وأري��اف إدل��ب والمناطق‬ ‫الحدوديّة ومقاتلي «جيش محمّد» في أعزاز و»جيش‬ ‫المهاجرين واألنصار» في منطقة حريتان‪ ،‬وهي نفس‬ ‫المناطق التي تتواجد فيها الكتائب المعتدلة رغم أنّ‬ ‫التنسيق بينهم محدود للغاية‪.‬‬ ‫يُشار إلى أنّ الواليات الم ّتحدة كانت قد بدأت‬ ‫بتدريب المعارضة السوريّة العسكريّة ور ّكزت على‬ ‫الضبّاط المنش ّقين عن النظام‪ ،‬وتت ّم هذه التدريبات في‬ ‫األردنّ والسعوديّة‪ ،‬بينما تحاول المملكة الم ّتحدة إقناع‬ ‫بقية دول مجلس التعاون الخليجيّ من أجل استخدام‬ ‫معسكراتهم لتدريب المعارضة السوريّة‪.‬‬ ‫وماذا بعد؟‬ ‫و تبقى هذه األسئلة تدور بانتظار الوقت – الكفيل‬

‫الوحيد باإلجابة ‪ -‬ماذا بعد مشاركة فصائل المعارضة‬ ‫السوريّة في الحرب على تنظيم داعش؟ هل ستعود‬ ‫الثورة ذات ثقل جغرافيّ يض ّم مساحات شاسعة تحت‬ ‫سيطرتها في الشمال والشرق؟ كيف ستكون ر ّدة فعل‬ ‫النظام السوريّ على عدم االعتماد عليه في الحرب‬ ‫على االرهاب؟ وهو القادر على القيام بر ّدات فعل‬ ‫مجنونة ال تخلو أبداً من اإلجرام؟ هل سيحاول إعاقة‬ ‫الحلف الدوليّ وحلفاؤه على األرض؟ هل بدأ المجتمع‬ ‫الدوليّ يعي فعالً ضرورة تشكيل جيش وطنيّ في‬ ‫سورية يُعتمد عليه في المناطق الخارجة عن سيطرة‬ ‫ونر!!‬ ‫النظام؟ لننتظر َ‬ ‫عارف حاج يوسف‬

‫إ ّن انعدام التنسيق بني املن ّظمات العاملة‪،‬‬ ‫وكميّة السرقات اليت تت ّم من قبل املسؤولني‬ ‫دون وجود مراقب‪ ،‬أو متابع هلذه املعونات‪،‬‬ ‫وحصر نوعيّة الدعم من ال ّداعم باملوادّ اإلغاثيّة‬ ‫العينيّة‪ ،‬وإهمال املساعدات التنمويّة‪ ،‬واأله ّم‬ ‫من ذلك كلّه هو الدعم املشروط‪ ،‬والذي يع ّد من‬ ‫أسوأ املشاكل اليت من املمكن أن تواجه أ ّي من ّظمة‬

‫أمّا «أيمن» فأكمل حديثه عن إنجازات‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات المدنيّة‪« :‬بفضل من هللا استطعنا‬ ‫تحقيق الكثير‪ ،‬فمنذ بداية الثورة كان عملنا‬ ‫مستمرّ اً‪ ،‬لم نتو ّقف إطالقاً‪ ،‬فمع انطالق الثورة‬ ‫السلميّة‪ ،‬كان لنا ع ّدة نشاطات توعية مختلفة‬ ‫منها‪ :‬دورات اإلسعافات األوليّة‪ ،‬التي كانت‬ ‫دوريّ��ة لمدة خمسة أشهر‪ ،‬باإلضافة إلى التدريب‬ ‫العمليّ في المستشفيات للمتطوّ عين‪ ،‬وبعدها انتقلنا إلى‬ ‫دورات الدفاع المدنيّ وإدارة الكوارث‪ ،‬ومع بدء الحمّلة‬ ‫العسكريّة على حمص وحماة وإدلب‪ ،‬واستقبال حلب‬ ‫ألعداد كبيرة من أهلنا الضيوف من جميع المحافظات‪،‬‬ ‫كان عملنا مستمرّ اً‪ ،‬فكانت عمليّات الكشف على‬ ‫العوائل‪ ،‬وتأمين احتياجاتها همّنا اليوميّ ‪ ،‬وبعد بدء‬ ‫الحمّلة على حلب‪ ،‬وفصلها إلى قسمين‪ :‬محرّ ر ومحتل‪،‬‬ ‫كانت جمعيتنا رائدة _وهلل الحمد_ في م ّد يد العون‬ ‫والمساعدة للناس جميعاً‪ ،‬فمن خالل توزيع المعونات‬ ‫الغذائيّة الشهريّة على النازحين‪ ،‬وأيضا ً تأمين تكاليف‬ ‫بعض العمليّات الجراحيّة لهم‪ ،‬والقيام بع ّدة ورشات‬ ‫يستطعن من خاللها تعلّم‬ ‫ومعارض للسيدات النازحات‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الصوف والم ِْخرز والقصب‪ ،‬وعرض منتجاتهنّ في‬ ‫أكثر من معرض قامت به الجمعيّة‪ ،‬وعلى صعيد آخر‬ ‫كان عملنا جل ّيا ً في المدراس التي كان يقطنها المهجّ رون‬ ‫من أهلنا‪ ،‬من خالل حصص غذائيّة‪ ،‬ووجبات إفطار‬ ‫في شهر رمضان وغيره‪ ،‬وإقامة غرفة صحيّة في ك ّل‬ ‫مدرسة‪ ،‬تقوم بتقديم العالج المناسب لبعض األمراض‬ ‫الشائعة‪ ،‬واإلسعافات األوليّة للقاطنين هناك‪ ،‬والقيام‬ ‫بورشات دعم نفسيّ لألطفال‪ ،‬وورشات تنمويّة بشريّة‬ ‫ّ‬ ‫منظمة تعمل في األراضي‬ ‫لهم‪ ،‬فعلى الرغم من أ ّننا‬ ‫المحتلة‪ ،‬إلاّ أ ّنه كان لنا تواجد في األراضي المحرّ رة‪،‬‬ ‫فبعد سقوط صاروخي سكود على األرض الحمراء‪،‬‬

‫قمنا بتوزيع بطانيّات‪ ،‬وحصص غذائيّة هناك‪ ،‬وإلى‬ ‫اآلن ما زال عملنا مستمرّ اً على أكثر من جهة‪.‬‬ ‫أمّا عن أه ّم الصعوبات التي تواجهه إلى اآلن‬ ‫في العمل‪ ،‬أجاب‪« :‬التضييق األمنيّ على الحواجز‪،‬‬ ‫واعتقال بعض المتطوّ عين‪ ،‬وإهانتهم وتحقيرهم‪،‬‬ ‫وس��رق��ة بعض الحصص الغذائيّة عند المرور‬ ‫بالحواجز‪ ،‬واالقتحامات المتكرّ رة على مقارّ الجمعيّة‬ ‫بحجة أ ّننا جمعيّة معارضة‪ ،‬وأ ّننا نجمع األدوي��ة‬ ‫إلرسالها للمجموعات اإلرهابيّة على ح ّد قولهم‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫غياب الدعم الماديّ لنشاطات الجمعيّة‪ ،‬حيث كان لدينا‬ ‫ع ّدة مشاريع قيد التنفيذ‪ ،‬وكان العائق األساسيّ لتنفيذها‬ ‫هو غياب الدعم الماليّ ‪ ،‬باإلضافة إلى انعدام الدعم‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‪ ،‬فهنالك‬ ‫للمتطوّ عين المتواجدين يوم ّيا ً في‬ ‫الكثير من المتطوّ عين الذين فرّ غوا أنفسهم تماما ً للعمل‬ ‫الخيريّ في مساعدة الناس‪ ،‬و تخفيف ما ح ّل بهم‪.‬‬ ‫وأخيراً وجب عليّ أن أنوّ ه أنّ محمّداً يعمل في‬ ‫ّ‬ ‫منظمات مدنيّة واقعة ضمن سوريّة المحرّ رة‪ ،‬أمّا‬ ‫أيمن‪ ،‬فكان وما زال يعمل في ّ‬ ‫منظمات مدنيّة مراكزها‬ ‫قابعة تحت سيطرة النظام‪.‬‬ ‫فهل من الممّكن أن تخفّ بعض المعوقات غداً‪،‬‬ ‫عندما تتحرّ ر سوريّة بشكل كامل‪ ،‬وتختفي أه ّم‬ ‫الصعوبات التي اتفق عليها الطرفان‪ :‬أنّ السالح هو‬ ‫العائق األه ّم لهم؟ وهل سيكون من األسهل تمكين دور‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات بعد سقوط النظام؟ تبقى هذه األسئلة برسم‬ ‫حممّد احلاج‬ ‫المستقبل ليجيبنا عليها‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪14‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫التركي ‪ -‬األوروبّ ّي‬ ‫االّتفاق‬ ‫ّ‬ ‫والمترّتبات القانونّية على إقامات السورّيين في تركيا‬

‫منذ توقيعها ا ّتفاقا ً مع اال ّتحاد األوروبّ��يّ بتاريخ‬ ‫‪ 2013\12\16‬يُلزمها بإعادة استقبال المهاجرين‬ ‫غير الشرعيّين المنطلقين من أراضيها نحو أوروبّا‬ ‫مقابل السير في طريق إلغاء التأشيرة المفروضة‬ ‫على المواطنين األتراك لدى سفرهم ألوروبّا بحلول‬ ‫العام ‪ ،2017‬قامت الحكومة التركيّة بوقف إصدار‬ ‫اإلق��ام��ات التي كانت تمنحها للاّ جئين السوريّين‬ ‫المقيمين على أراضيها والتي ُسمّيت‬ ‫اص��ط�لاح�ا ً ب��ـ (إق��ام��ة ب��إذن‬ ‫وزاريّ ) وكانت تصدر عن‬ ‫مديريّات األمن (األمنيّات)‪،‬‬ ‫وبدأت العمل إلنجاز ترتيباتها‬ ‫إلصدار إقامة (لجوء إنسانيّ )‬ ‫تتضمّن تصريحا ً بالعمل سوف‬ ‫تصدر عن دائ��رة الهجرة التي‬ ‫ت ّم إحداثها لتكون المرجعيّة التي‬ ‫تصدر عنها هذه اإلقامات والتي‬ ‫ستكون مرتبطة إلكترون ّيا ً مع بنك‬ ‫المعلومات األورو ّب���يّ ‪ ،‬بحيث أنّ‬ ‫ك� ّل من تصدر له ه��ذا النوع من‬ ‫اإلقامة ويت ّم أخذ بصماته إلكترون ّيا ً‬ ‫كجزء من إجراءات إصدارها‪ ،‬سوف‬ ‫تكون تلقائ ّيا ً قد وصلت وحُفظت لدى‬ ‫بنك المعلومات األوروبّيّ بما يُسهّل لألور ّبيّين التثبّت‬ ‫من أنّ المهاجر غير الشرعيّ الذي يصل إلى بلدانهم‪،‬‬ ‫قد كان مقيما ً في بلد آمن منحه لجوءاً إنسان ّيا ً ما ينفي‬

‫رسول الحرّية في‬ ‫سورّية والمدافع األ ّول‬ ‫عن المعتقلين مغّيب‬ ‫في السجون‬

‫خليل معتوق هو المدير التنفيذيّ للمركز السوريّ‬ ‫للدراسات واألبحاث القانونيّة‪ ،‬ويع ّد من المؤسّسين‬ ‫األوائل‪ ،‬وهو من أوائل األعضاء في نقابة المحامين‬ ‫السوريّين‪ .‬حمل ه ّم المعتقلين السياسيّين‪ ،‬وكان‬ ‫أوّ ل المدافعين عنهم أمام محكمة أمن الدولة العليا‬ ‫ً‬ ‫ونتيجة لذلك ُه ّدد باالعتقال من‬ ‫والمحاكم األخرى‪،‬‬ ‫قبل أجهزة االستخبارات السوريّة أكثر من مرّ ة قبل‬ ‫اندالع الثورة‪.‬‬ ‫اع ُتقل ف��ي الثاني م��ن تشرين األوّ ل لعام‬ ‫‪2012‬ح��وال��ي الساعة ‪ /11/‬صباحاً‪ ،‬عند أحد‬ ‫الحواجز األمنيّة في ضاحية صحنايا جنوبي غربي‬ ‫دمشق‪ ،‬أثناء توجّ هه إلى مكتبه في وسط العاصمة‬ ‫دمشق‪ ،‬وأف��ادت مصادر أ ّنه ت ّم اعتقاله من قبل‬ ‫مسلّحين‪ ،‬ولم يت ّم الكشف عن مكانه ح ّتى اآلن‪.‬‬ ‫وقد أصدرت ع ّدة هيئات دوليّة حقوقيّة بيانات تن ّدد‬ ‫وتطالب باإلفراج عنه‪ ،‬وعلى رأسها مرصد حماية‬ ‫المدافعين عن حقوق اإلنسان‪ ،‬والشبكة األور ّبيّة‬ ‫المتوسّطيّة لحقوق اإلن��س��ان‪ ،‬ومركز القاهرة‬ ‫لدراسات حقوق اإلنسان بياناً‪ ،‬يعّبرون فيه عن‬ ‫قلقهم البالغ عن هذا االعتقال واالختفاء القسريّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫منظمة العفو الدوليّة في‬ ‫دعت‬ ‫للسيّد معتوق‪ ،‬كما‬ ‫الرابع من تشرين األوّ ل ‪ 2012‬إلى الكشف عن‬ ‫مصير محامي حقوق اإلنسان السوريّ خليل معتوق‬ ‫بعد اختفائه مع صديقه محمّد ظاظا وإخالء سبيلهما‬ ‫فوراً‪ .‬وكان قد حمّل مدير المركز السوريّ لألبحاث‬ ‫والدراسات القانونيّة السلطات السوريّة المسؤوليّة‬ ‫الكاملة عن حياته ووضعه الصحّ يّ الصعب‪ ،‬إذ أنّ‬ ‫السيّد معتوق يعاني من اعتالل في الرئة‪ ،‬مع العلم‬ ‫أنّ عمره قد ناهز ‪ /54/‬سنة‪ .‬كما ق ّدم محامو سوريّة‬ ‫من أجل الحرّ يّة بيانا ً بخصوص االعتقال التعسّفيّ‬ ‫لل ّناشط معتوق‪ ،‬دعوا فيه الزمالء المحامين في‬ ‫سوريّة واتحاد المحامين العرب‪ ،‬ونقابات المحامين‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات الحقوقيّة في العالم إلى التضامن مع‬ ‫زمالئهم لزيادة الضغط على النظام السوريّ لإلفراج‬ ‫عن كا ّفة معتقلي ثورة الحرّ يّة والكرامة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫حاجته للّجوء إلى بلدانهم‪ ،‬األمر الذي يستوجب إعادته‬ ‫إليه‪.‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬فقد أصدرت السلطات التركيّة قرارات‬ ‫لنوعين من اإلقامات لديها (فضالً عن إقامة المستثمر‬ ‫التي كانت موجودة أصالً وهي ليست مح ّل‬ ‫بحثنا اليوم) وهي‪:‬‬

‫(ونفترض تخمينا ً أنّ نوعيّة األوراق هي من قبيل‬ ‫وجود جواز سفر أو عدم تو ّفره لدى الالجىء أو ربّما‬ ‫بعض رصيد مصرفيّ ‪ ،‬أو كان ممّن تحصّل سابقا ً‬ ‫على إقامة سابقة والمسمّاة إقامة بإذن وزاريّ ‪ ..‬وهذه‬ ‫محض تخمينات ال معلومات)‪.‬‬ ‫وبموجب هذا النوع من اإلقامات فإ ّنه‬ ‫يتعيّن على اللاّ جىء السوريّ البقاء في‬ ‫تركيا فقط (طبعا مع ح ّقه بالعودة إلى‬ ‫ك إن رغب) وفي حال لجوئه‬ ‫بالده الش ّ‬ ‫بالطرق‬ ‫غير الشرعيّة ألوروبّ���ا‪ ،‬فستت ّم‬ ‫إعادته لتركيا بوصفها أسبغت عليه‬ ‫حمايتها القانونيّة عندما منحته‬ ‫لجوءاً إنسان ّياً‪.‬‬

‫والثانية‪ :‬اإلق��ام��ة السياحيّة‬ ‫والتي ال يرتبط إصدارها ببنك‬ ‫المعلومات األوروبّيّ ‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإنّ بصمات أصحابها لن تكون‬ ‫متاحة لألور ّبيّين‪ ،‬ممّا يسمح ألولئك بفرصة‬ ‫األولى‪ :‬إقامة لجوء إنسانيّ ‪،‬‬ ‫ويُمنح صاحبها إذنا ً بالعمل على األراضي التركيّة‬ ‫ويصدر عن البلديّات التابع لها موطن المأذون له‪،‬‬ ‫مع ميزات أخرى لم يت ّم اإلعالن عنها‪ ،‬لك ّنها ترتبط‬ ‫بنوعيّة األوراق التي يق ّدمها ك ّل طالب للحصول عليها‬

‫اللجوء إليها دون خوف من إعادتهم لتركيا‪ .‬ويتطلّب‬ ‫الحصول على هذه اإلقامة‪:‬‬ ‫‪ -1‬تو ّفر جواز سفر ساري المفعول ‪.‬‬ ‫‪ -2‬تقديم إشعار مصرفيّ يُشعر بتحويل مبلغ أقلّه‬

‫س ّتة آالف دوالر أمريكيّ إلى الليرة التركيّة‪ ،‬عن ك ّل‬ ‫شخص من طالبي اإلقامة‪.‬‬

‫‪ -3‬إب��راز تأمين صحّ يّ لك ّل شخص من طالبي‬ ‫اإلقامة تصل قيمته لما يعادل ثالثمائة وخمسون دوالراً‬ ‫أمريك ّيا ً سنو ّياً‪.‬‬ ‫‪ -4‬إبراز عقد إيجار سنويّ مص ّدق من البلديّة التابع‬ ‫لدائرتها المأجور‪.‬‬ ‫وفي هذه الحالة يعامل السوريّ الحاصل على‬ ‫هذا النوع من اإلقامة كأيّ أجنبيّ آخر على األراضي‬ ‫التركيّة‪.‬‬ ‫ومن المرجّ ح أن يلجأ الكثير من الموسرين السوريّين‬ ‫لتج ّنب النوع األوّ ل من اإلقامات والسعي للتحصّل على‬ ‫اإلقامات السياحيّة تحسّبا ً لتب ّدل الظروف واضطرارهم‬ ‫للسعي وراء اللجوء في دول أورو ّبيّة‪ ،‬تتيح لهم تلك‬ ‫ّ‬ ‫اإلقامات السياحيّة الفرصة بالنجاة من‬ ‫الحق األوروبّيّ‬ ‫في إعادتهم لتركيا‪ ،‬لعدم وجود ما يُثبت إقامتهم فيها‪.‬‬ ‫إنّ تصنيف السوريّين ف��ي تركيا كالجئين‬ ‫ّ‬ ‫الحق في‬ ‫إنسانيّين له متر ّتبات قانونيّة كثيرة‪ ،‬وليس‬ ‫العمل إلاّ واحداً منها‪ ،‬وفق اال ّتفاقيّة الدوليّة لحقوق‬ ‫الالجئين المبرمة في جنيف عام ‪ 1949‬وبروتوكوليها‬ ‫اإلضافيّين لعام ‪ ،1977‬وهذا ما سنعمل على بحثه في‬ ‫مقال قادم بمشيئة هللا‪.‬‬

‫احملامي‪ :‬غزوان قرنفل‬

‫المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية‬ ‫الحلقة األولى‪ :‬حقيقة سرياتيل‪ ...‬ورامي مخلوف‬ ‫في جميع دول العالم توجد (مافيا) وعصابات‬ ‫تعمل بالشكل السرّ يّ وغير المعلن‪ ،‬وتتاجر في ش ّتى‬ ‫أن��واع القطاعات والمجاالت االقتصاديّة‪ ،‬وأغلب‬ ‫أعمالها تتجلّى في تهريب الممنوعات‪ ،‬ومنها من لجأ‬ ‫للمؤسّسات االقتصاديّة الكبيرة (الشبْه معلن عنها)‪،‬‬ ‫إلاّ أنّ حكومات دول العالم تحاربهم وتالحقهم‪ ،‬إلاّ‬ ‫في سوريّة _ شكل أخر للمافيا _ يتجلّى في أقرباء‬ ‫وأصدقاء العائلة الحاكمة لسوريّة (آل األس��د)‪ ،‬فهم‬ ‫يعملون ويتاجرون على العلن وأمام عيون جميع الناس‪،‬‬ ‫ف ُتمنح لهم التراخيص الالزمة بك ّل سهولة‪ ،‬ومن دون‬ ‫ّ‬ ‫مرخص‬ ‫أيّة مبالغ‪ ،‬ليصبحوا شركات اقتصاديّة قانونيّة‬ ‫لها وفق الدستور‪ ،‬وال يستطيع النائب البرلمانيّ أو‬ ‫القاضي أن يطرح أيّ تساؤل عنهم‪ ،‬فكانت شركاتهم‬ ‫في مختلف القطاعات من سيّارات إلى السوق الحرّ ة‬ ‫ً‬ ‫وإضافة‬ ‫إلى المصارف مروراً بالسيّاحة والعقارات‪،‬‬ ‫إلى ذلك مجال االتصاالت‪.‬‬ ‫لع ّل من أه ّم رموز هذه المافيا‪ :‬هو رامي محمّد مخلوف‬ ‫(من مواليد جبلة ‪ 10‬حزيران‪ ،)1969‬رجل األعمال‬ ‫األوّ ل في سوريّة من غير منازع‪ ،‬واألكثر نفوذاً في‬ ‫المنطقة والذي يسيطر على ‪ %60‬من االقتصاد السوريّ‬ ‫في مختلف قطاعاته‪ ،‬وهو ابن خال ب ّ‬ ‫شار األسد الرئيس‬ ‫غير الشرعيّ لسوريّة‪ ،‬والذي قُ ّد ْ‬ ‫رت ثروته بما يقارب‬ ‫‪ 7‬مليارات دوالر‪ ،‬والذي يُعتبر الداعم االقتصاديّ‬ ‫ال����رئ����ي����س����يّ‬ ‫ل��ب � ّ‬ ‫ش��ار األس���د‪،‬‬ ‫وال��م�لاذ اآلم��ن‬ ‫لحفظ وس��رق��ة‬ ‫أم���وال الشعب‬ ‫السوريّ ‪ ،‬رامي‬ ‫مخلوف ه��و يد‬ ‫ال��ن��ظ��ام اليمنى‬ ‫م���ن ال���وراث���ة‪،‬‬ ‫فكان في البداية‬ ‫وال�����ده م��ح� ّم��د‬ ‫مخلوف زعيم‬ ‫مافيا البترول‪،‬‬ ‫ومدير الريجي‬ ‫وس��ارق أم��وال المصرف العقاريّ في زمن حافظ‬ ‫األسد‪ ،‬أمّا مخلوف االبن فهو اآلمر الناهي في اقتصاد‬ ‫سوريّة الحاليّ ‪ ،‬والذي يملك وحده الموافقة على دخول‬ ‫االستثمارات األجنبيّة إلى سوريّة‪ ،‬وهو المالك الرئيسيّ‬ ‫لشبكة الهاتف المحمول سرياتيل‪ ،‬والتي ُتعتبر من‬ ‫إحدى الشركات التي قامت على سرقة الشعب ومن‬ ‫أموال الشعب‪.‬‬ ‫في بداية عام ‪ 1998‬قرّ رت الحكومة السوريّة دراسة‬ ‫الهاتف الخلويّ ‪ ،‬ووج��وده في األراض��ي السوريّة‪،‬‬ ‫فأعلنت وزارة المواصالت السلكيّة عن مناقصة‪ ،‬فازت‬

‫بها شركة سرياتيل‪ ،‬التي حصلت على‬ ‫الترخيص بدون أيّ مبلغ ماليّ ‪ ،‬وكما هو‬ ‫متعارف عليه فإنّ شركات االتصاالت تدفع‬ ‫الماليين من أجل الحصول على التراخيص‬ ‫الالزمة إلقامة شركة اتصاالت في دول‬ ‫العالم؛ ومن هنا نتكلّم عن ترخيص سرياتيل‬ ‫وحقيقتها‪ ،‬فإنّ رامي مخلوف قد استولى‬ ‫على شركة اال ّتصاالت سيرياتيل‪ ،‬ورست‬ ‫عليه بمبلغ عشرة آالف ليرة سوريّة!!‬ ‫إذ كان عرضه إعطاء الدولة ‪ %30‬من‬ ‫الدخل‪ ،‬بينما كان هناك عرض آخر من‬ ‫شركة أخرى تبلغ تكاليفه بليونيّ دوالر‬ ‫مع إعطاء نسبة ‪ %30‬من الدخل‪ ،‬ومن هنا‬ ‫بدأت عصابة األسد باستخدام أساليب القمع‬ ‫واالعتقال لك ّل من حاول االستفسار عن‬ ‫هذا الموضوع‪ ،‬فالنائب في مجلس الشعب‬ ‫السوريّ ري��اض سيف طرح تساؤالً (عن تفضيل‬ ‫عرض األق ّل سعراً عن العرض األعلى سعراً مالحظا ً‬ ‫ْ‬ ‫رست على رامي مخلوف؟‬ ‫فرق بليونيّ دوالر)‪ ،‬ولماذا‬ ‫لكن‪ ،‬بعد هذا التساؤل المشروع والم ّتصل بمصلحة‬ ‫المال العا ّم‪ ،‬ت ّم اعتقال رياض سيف‪ ،‬وأ ُ‬ ‫ْ‬ ‫سقطت عنه‬ ‫حصانته النيابيّة‪ ،‬وسي َْق إلى المحكمة بأكبر ال ُتهم‪،‬‬ ‫وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات! وسرعان ما قام رامي‬

‫مخلوف بتحويل شركة كان مقرّ راً لها أن تعود إلى‬ ‫مُلكيّة الدولة بعد أربع سنوات‪ ،‬بموجب عقد مثير للجدل‬ ‫_ وسُجن أناس اعترضوا عليه _ إلى شركة مساهمة‪،‬‬ ‫ليت ّم فتح التداول على أسهمها‪ ،‬فكانت حصّة الدولة‬ ‫‪ %25‬من األسهم‪ ،‬وحصّة رامي مخلوف ‪ ،%50‬وبقي‬ ‫للتداول ‪ .%25‬األمر الذي عاد بالرّ بح الكبير لرامي‬ ‫مخلوف وحده دون إف��ادة للدولة‪ ،‬وبهذا ال ُتفَّ على‬ ‫ّ‬ ‫حق مُلكيّة الدولة للشركة بعد الفترة الزمنيّة المقرّ رة‬ ‫في شروط الترخيص‪ .‬فيما سُرقت رخصة التشغيل‬ ‫للهاتف المحمول الثانية شركة (أريبا)‪ ،‬والتي يُعتبر‬

‫أصحابها من أحد أصدقاء وأقارب المافيا االقتصاديّة‬ ‫في سوريّة‪ ،‬وال ب ّد من اإلشارة هنا إلى أنّ شركة أريبا‬ ‫باعت أسهمها في الفترة األخيرة‪ ،‬كما ذكرت الصحف‬ ‫العالميّة إلى شركة أخرى بمبلغ ‪ 5.5‬مليارات دوالر‪.‬‬ ‫بالعودة إلى رامي مخلوف‪ ،‬فإنّ المصرف المركزيّ‬ ‫وباال ّتفاق المسبق مع سرياتل يقوم ك ّل فترة بطرح‬ ‫العملة األجنبيّة (الدوالر) بسعر منخفض ج ّداً من أجل‬ ‫زيادة الربح الناتج عن عمليّة تحويل األموال العائدة‬ ‫م���ن رب����ح ش��رك��ة‬ ‫س��ري��ت��ل‪ ،‬وتسهيل‬ ‫تهريبها إلى الخارج‬ ‫بصيغة رس��م � ّي��ة‪.‬‬ ‫هذه إح��دى الجرائم‬ ‫االق��ت��ص��اد ّي��ة التي‬ ‫ّ‬ ‫بحق شعبنا‪،‬‬ ‫تمّت‬ ‫فهم عصابة مترابطة‬ ‫من رئيس الدولة إلى‬ ‫القضاة مروراً بحاكم‬ ‫م��ص��رف س��وريّ��ة‬ ‫المركزيّ ‪ ،‬يقومون‬ ‫بسرقة ونهب مبالغ‬ ‫طائلة هي من ّ‬ ‫حق الشعب السوريّ ‪ ،‬والسؤال هنا ماذا‬ ‫ً‬ ‫لو أنّ عائديّة هذه المبالغ وصلت فعال للشعب السوريّ ؟‬ ‫على ماذا كان حصل الشعب السوريّ لو أنّ إحدى‬ ‫شركات االتصاالت دفعت الماليين من أجل الترخيص؟‬ ‫لو ّ‬ ‫وزعنا بليوني دوالر على الشعب السوريّ لن‬ ‫نجد محتاجاً‪ ،‬ولن نجد فقيراً وال جائعاً‪ .‬هذا أحد أساليب‬ ‫القمع والتعذيب االقتصاديّ الذي تقوم به مافيا األسد‬ ‫ّ‬ ‫بحق الشعب السوريّ ‪.‬‬

‫أمري جنم الدين‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪14‬‬

‫عودة أسواق النخاسة‬

‫‪9‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫نشـوء أسـواق النخاسـة يعود إىل زمن بدايـة الزراعـة وفق «وول ديورانت»‬ ‫حني أخذ الفقري يعمـل لدى الغ ّ‬ ‫ين يف الزراعـة وكان لـه سـطوة وسـلطة قويّـة على‬ ‫العامـل قد تصل إىل درجة اإلرغام‪.‬‬ ‫طريقة ملفتة للنظر وهي‪ :‬أ ّن النساء ما عادت تعرض يف األسواق‪ ،‬بل حتوّلت‬ ‫وسائل االتصال املرئيّة (التلفزيون واالنرتنت) إىل سوق خناسة لعرض البضاعة‪.‬‬ ‫كانوا يسرقون األطفال ويبيعونهم ويسرقون النساء‬ ‫ويتاجرون بهنّ ‪.‬‬ ‫أور ّب��ا وفي القرون الوسطى لم تكن بمنأى عن‬ ‫تجارة الرقيق في أسواق النخاسة‪ ،‬حيث كان العبيد‬ ‫يعملون في الزراعة والحراثة والحصاد‪ ،‬وهي أعمال‬ ‫يدويّة محتقرة عندهم‪ ،‬وكان ال يجوز الزواج بعبدة‬ ‫مهما كان السبب‪.‬‬

‫العبوديّة كظاهرة كانت سائدة في زمن ما قبل‬ ‫التاريخ‪ ،‬على أ ّنها نوع من األشغال الشا ّقة والقسريّة‬ ‫يُكلَّف بها من وقعوا ضحيّة األسْ ر نتيجة الحروب‬ ‫والغزوات‪ ،‬لكنَّ التاريخ يعيد صياغة بعض المفاهيم‬ ‫بصور جديدة؟ فبعد سنوات من وقوعه في شرك‬ ‫الحضارة وفق مفهوم المتش ّددين دين ّياً‪ ،‬ها هو يجترُّ‬ ‫مفاهيمه ليعيد إنتاجها بصورة غير بعيدة عمّا كانت‬ ‫عليه في السابق‪ ،‬وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي كنَّ‬ ‫على مرّ الحروب من أه ّم الغنائم التي كان يظفر بها‬ ‫المحاربون‪.‬‬ ‫العبوديّة كانت منتشرة في الحضارات القديمة‬ ‫لدواع اقتصاديّة واجتماعيّة‪ ،‬فقد شهد التاريخ أسواقا ً‬ ‫ٍ‬ ‫علنية للقيام بهذا النوع من التجارة‪ ،‬تحت اسم (أسواق‬ ‫ّ‬ ‫الرق ‪ -‬سوق النخاسة) اختالف المسمّى‬ ‫العبيد ‪ -‬سوق‬ ‫ال يعني اختالف البضاعة‪ ،‬فقد كانت جميعها تقوم‬ ‫على عرض بضاعة واحدة وهي المرأة على وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬والجنس البشريّ المختلف عرق ّيا ً أو دين ّيا ً‬ ‫أو اجتماع ّيا ً على وجه العموم‪.‬‬ ‫أسواق النخاسة عبر التاريخ‬ ‫لع َّل بداية نشوء أسواق النخاسة يعود إلى زمن‬

‫بداية الزراعة وفق “وول ديورانت” في موسوعته‬ ‫(قصّة الحضارة) حين أخذ الفقير يعمل لدى الغنيّ في‬ ‫الزراعة وكان له سطوة وسلطة قويّة على العامل قد‬ ‫تصل إلى درجة اإلرغام‪ .‬ومن هذه الحقبة (الزراعة)‬ ‫تطوّ ر مفهوم التعامل مابين المالك والعامل ليتحّ ول‬ ‫إلى مُلكيّة تامّة بحيث يكون بمقدور المالك التصرّ ف‬ ‫الكامل بالعامل لديه‪ ،‬وهذا المفهوم اختلف من منطقة‬ ‫إلى أخرى ومن حضارة إلى أخرى ولك ّنها في النهاية‬ ‫اتفقت على موضوعة التفاوت والتقسيمات البشريّة‬ ‫الخاضعة للشروط االقتصاديّة واالجتماعيّة تحت‬ ‫مسمّى(العبيد)‪.‬‬ ‫َع���رف الفراعنة ظ��اه��رة االس��ت��ع��ب��اد‪ ،‬وكذلك‬ ‫اآلشوريّون وعرب الجاهليّة والهنود القدماء والفرس‪،‬‬ ‫والصينيّون الذين كانوا يُقدمون على بيع أبنائهم وبناتهم‬ ‫لش ّدة الحاجة والفقر‪ ،‬والعبيد عند اإلغريق كانوا‬ ‫أسرى حرب أو ضحايا غارات االسترقاق أو أطفال‬ ‫ت ّم إنقاذهم من العراء أو مجرمون‪ ،‬وكان التعرّ ف على‬ ‫العبد عند الرومان في غاية االستهانة بالجنس البشريّ ‪،‬‬ ‫إذ كان يت ّم تعرية العبيد في السوق وهو واقف على‬ ‫ّ‬ ‫النخاسون‬ ‫حجر لمعرفة عيوبه‪ ،‬ففي الحروب كان‬ ‫الرومان أيضا ً وللظفر بالعبيد يخوضون الحروب‪ ،‬فقد‬

‫الجنسي المقنّع‬ ‫التحرّش‬ ‫ّ‬

‫ُتعتبر السعوديّة واح��دة من أوّ ل ثالث دول من‬ ‫حيث أعلى نسبة انتشار للتحرّ ش الجنسيّ ‪ ،‬في حين‬ ‫ُتعتبر السويد واح��دة من أوّ ل ثالث دول من حيث‬ ‫أق ّل نسبة انتشار للتحرّ ش الجنسيّ ‪ ،‬وحيث أنّ الكبت‬ ‫والمنع والتحريم المرتبط باألمور الجنسيّة‪ ،‬عالية‬ ‫ج ّداً في المناطق والدول العربيّة واإلسالميّة المتش ّددة‬ ‫والمتعصّبة‪ ،‬فإنّ التحرّ ش الجنسيّ المباشر واالغتصاب‬ ‫يكونان في أعلى مستوى لهما في هذه المناطق‪ ،‬ومن‬ ‫الواضح ج ّداً تلك العالقة ما بين هذين المتغيّرين‪ ،‬أو‬ ‫العاملين‪ ،‬أي الكبت والتحرّ ش الجنسيّين‪.‬‬

‫من قبل الفرد ذاته‪ ،‬أو من قبل جماعات معيّنة‪ ،‬ولربّما‬ ‫نجده أكثر انتشاراً بين األفراد الذين ي ّدعون التحرّ ر‬ ‫االجتماعيّ أو االنفتاح وغيره‪ ،‬فحيث يكون التحرّ ش‬ ‫الجنسيّ المباشر ّ‬ ‫فظا ً وواضحاً‪ ،‬يلجأ البعض إلى تقنيع‬ ‫وتخفيف فظاظته دون التغيير من جوهره‪ ،‬وبحيث‬

‫وكان اإلنكليز القدماء يع َتبرون الرقيق َمتاعاً‪،‬‬ ‫يجوز بيعهم‪ ،‬وال يجوز لهم كسب العلم والمعرفة‪،‬‬ ‫ويقومون بالعمل الزراعيّ ‪ .‬أمّا اليهود وانطالقا ً من‬ ‫اعتبار أنفسهم (شعب هللا المختار) فقد عاملوا ما‬ ‫عداهم من الشعوب على أ ّنهم عبيد‪ ،‬فمارسوا كا ّفة‬ ‫أشكال االستعباد واالستغالل؛ وكذلك أتباع الدين‬ ‫المسيحيّ لم يختلفوا عن غيرهم من األديان أو الملل‬ ‫في تشجيع مفهوم العبوديّة‪ ،‬باالستناد إلى ما جاء في‬ ‫رسالة بولس الرسول إلى أهل “أفسس”‪( :‬أيّها العبيد‬ ‫أطيعوا سادتكم) هذا الكالم هو أكبر مثال على تو ّغل‬ ‫المسيحيّة في االسترقاق والتفرقة بين بني البشر‪،‬‬ ‫لدرج ٍة فاضت الكنائس بالعبيد الذين ت ّم الحصول‬ ‫عليهم من خطف واسترقاق المسلمين أو األوربيّين‬ ‫الذين لم يعتنقوا المسيحيّة‪ ،‬كما وحرّ م على العبيد ‪-‬‬ ‫ح ّتى بعد اعتناقهم الدين المسيحيّ ‪ -‬أن يكونوا قساوسة‬ ‫أو أن يتزوّ جوا من المسيحيّات‪.‬‬ ‫أمّا في الدين اإلسالميّ فيرجع ازدهار هذه الحالة‬ ‫إلى كثرة الفتوحات والغزوات اإلسالميّة‪ ،‬ولك ّنهم‬ ‫ربّما اختلفوا عن غيرهم‪ ،‬فقد كانوا أكثر رحمة‪،‬‬ ‫حيث اعتبروا النساء سبايا حرب وا ّتخذوهم إما ًء أو‬ ‫زوجات‪ ،‬والتاريخ يذكر الكثير من األسماء الالفتة‬ ‫على أنّ أمّهاتهم كنَّ إماءً‪ ،‬مثل المأمون الذي كانت‬ ‫أ ّم ُه ً‬ ‫أمة اسمها مراجل‪ ،‬والمعتصم أمّه ماردة‪ ،‬وأبو‬ ‫جعفر المنصور كانت أمّه بربريّة واسمها سالمة‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫مع ظهور العصر الحديث اختفت أسواق النخاسة‬ ‫الرسميّة‪ ،‬لكن الظاهرة لم تنته‪ ،‬بل كانت هناك على‬ ‫الدوام أسواق للمتاجرة بالبشر وفق معايير محددة‪،‬‬ ‫وفي غاية السرّ يّة‪ ،‬بالرغم من التشريعات والقوانين‬ ‫التي حرَّ مت هذا النوع من التجارة على أ ّنها تجارة ال‬ ‫أخالقيّة وتمسّ كرامة الجنس البشريّ ‪ ،‬ولك ّننا شهدنا‬ ‫أنّ هذه األسواق استمرّ ت وال تزال منتشرة في معظم‬ ‫دول العالم‪ ،‬ولكن بصورة سرّ يّة‪ ،‬من خالل تهريب‬ ‫الفتيات من البلدان الفقيرة التي استب ّدت بها الحاجة‪،‬‬ ‫كما هو الحال في اال ّتحاد السوفي ّتي‪ ،‬أو البلدان التي‬ ‫تعرّ ضت للحروب والكوارث الطبيعيّة أو بلدان الربيع‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً‪ ،‬نتيجة الهجرة والنزوح واالفتقار‬ ‫العربيّ‬ ‫إلى أسباب المعيشة‪ ،‬تقوم النساء ببيع أجسادهنّ‬ ‫لقاء الحصول على أسباب المعيشة المتد ّنية‪ ،‬وهناك‬ ‫طريقة أخرى ملفتة للنظر وهي أنّ النساء ما عادت‬ ‫تعرض في األس��واق‪ ،‬بل تحوّ لت وسائل االتصال‬ ‫المرئيّة (التلفزيون واالنترنت) إلى سوق نخاسة‬ ‫لعرض البضاعة‪ ،‬إذ يت ّم وضع أرقام هواتف للنساء‬ ‫مع صورهنّ من قبل شركات تسيِّر أعمال (الزواج)‪،‬‬ ‫حيث تقوم هذه الجهات بوضع الئحة بأسماء طالبي‬ ‫الزواج‪ ،‬وما هجرة النساء من دول أوربّا الشرقيّة إلى‬ ‫بعض دول الخليج العربيّ إلاّ بقصد العمل في هذه‬ ‫(التجارة)‪ ،‬سواء أكان ذلك بغرض الزواج المؤ ّقت أو‬ ‫بغاية اإلمتاع لقاء أجر زهيد‪ ،‬حيث يكون للمالك فيه‬ ‫حصّة األسد‪ ،‬وللزبون مطلق الحرّ يّة في التعامل مع‬ ‫هذه المرأة‪ ،‬وإن وصلت درجة اإلهانة في معاملتهنّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى الضرب‪ ،‬وليس مسموحا ً‬ ‫للموظفة أن تشتكي ألنّ‬ ‫المالك سيقوم بترحيلها أو فصلها من عملها الذي هو‬ ‫مصدر رزقها‪.‬‬

‫وجيهة عبد الرمحن‬

‫التح ّرش اجلنس ّي غري املباشرة‪ :‬هو العدوان على شخص ما بشكل يتناول اخرتاق‬ ‫خصوصيّاته وتفاصيل حياته‪ ،‬أي ما نسمّيه يف اللغة الدارجة بـ «الفضيحة»‬ ‫من السهل إيجاد أقنعة توضع على هذا الشكل من‬ ‫التحرّ ش‪ ،‬وتحويله إلى شكل أق ّل رفضاً‪ ،‬ويحتوي على‬ ‫حجج تمنع تلك الصفات الدنيا من االلتصاق بفاعله‪.‬‬

‫شيوعاً‪ ،‬هو التل ّفظ بكلمات جنسيّة منتهكة‪ ،‬أو استغالل‬ ‫مواقف معيّنة أو غيرها‪ ،‬ولكن‪ ،‬وهناك ظاهرة منتشرة‬ ‫بشكل كبير‪ ،‬وهي ظاهرة التحرّ ش الجنسيّ اإللكترونيّ ‪،‬‬ ‫والذي يضع قناع التحرّ ر االجتماعيّ والخروج من‬ ‫عباءة التعصّب والتح ّفظ والتخلّف والجهل‪.‬‬ ‫ودعوني أتح ّدث عن الشكل األكثر تق ّنعا ً وغير مباشرة‬ ‫من التحرّ ش الجنسيّ ‪ ،‬والذي هو العدوان على شخص‬ ‫ما بشكل يتناول اختراق خصوصيّاته وتفاصيل حياته‪،‬‬ ‫والذي نسمّيه في اللغة الدارجة بـ «الفضيحة» _ والتي‬ ‫بغضّ النظر _ إنْ كانت حياته مليئة بعالقات جنسيّة‪،‬‬ ‫أو تفاصيل جنسيّة ح ّقا ً أو ليست كذلك‪ ،‬أي سواء أكان‬ ‫ما يُساق من خالل ذاك العدوان من التفاصيل التي‬ ‫تتناول خصوصيّات الشخص‪ ،‬حقيقيّة أو كاذبة‪ ،‬فهذا‬ ‫ال يغيّر شيئا ً من أنّ تحرّ شا ً جنس ّيا ً واضحا ً يت ّم توجيهه‬ ‫اتجاه الشخص المعتدى عليه‪ ،‬وفي الوقت ذاته غير‬ ‫مباشر على اإلطالق‪ ،‬ونالحظ بأنّ هذا األمر ينتشر‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً بشكل كبير ج ّداً‪ ،‬ويتزايد شيئا ً فشيئاً‪ ،‬وعاد ًة‬ ‫ما يوجّ ه اتجاه المشاهير أو الشخصيّات المعروفة‪،‬‬ ‫وفي الفترة األخيرة بات يوجد ما يسمّى بـ «مشاهير‬ ‫الفيسبوك»‪ ،‬والذين هم أكثر تعرّ ضا ً لهذا الشكل من‬ ‫التحرّ ش‪.‬‬

‫ولكن بداية دعونا نح ّدد بشكل واضح معنى التحرّ ش‬ ‫الجنسيّ ‪ ،‬فهو بشكل ما أشبه باالغتصاب‪ ،‬ولك ّنه بشكل‬ ‫أق ّل ح� ّد ًة‪ ،‬أي هو ما يكون دون الممارسة الجنسيّة‬ ‫الكاملة‪ ،‬أو غير الكاملة‪ ،‬ولك ّنه يشترك مع االغتصاب‬ ‫بأنّ االثنين _ التحرّ ش واالغتصاب _ ينطويان على‬ ‫سلوك قسريّ يمارس من قبل طرف ما اتجاه طرف‬ ‫آخر‪ .‬إذاً‪ ،‬هو شكل من أشكال االغتصاب‪ ،‬و ُتعتبر فئتا‬ ‫النساء واألطفال األعلى في التعرّ ض للتحرّ ش‪ ،‬ولكن‬ ‫هذا ال يعني عدم تعرّ ض الذكور له‪ ،‬وإن كان بنسبة‬ ‫أق ّل بشكل واضح‪.‬‬

‫أ ّدى هذا األمر إلى بروز ما يُسمّى بالتحرّ ش الجنسيّ‬ ‫غير المباشر‪ ،‬والذي يُعتبر أق ّل رفضا ً ونبذاً‪ ،‬وذلك‬ ‫بسبب تخ ّفيه وتق ّنعه وراء العديد من األقنعة المقبولة‪،‬‬ ‫وإنْ لم تكن مقبولة بشكل عا ّم‪ ،‬لك ّنها على األق ّل مقبولة‬

‫النخاسة العصريّة‬

‫ظاهرة التح ّرش اجلنس ّي اإللكرتون ّي‪ ،‬حيث يضع املُتح ّرش قناع التح ّرر‬ ‫االجتماع ّي واخلروج من عباءة التع ّصب والتحفّظ والتخلّف واجلهل!‬

‫وإن ابتعدنا قليالً عن طرفي الخيط‪ ،‬أي تلك الدول‬ ‫المنفتحة والمتحرّ رة ج�� ّداً‪ ،‬وتلك ال��دول المنغلقة‬ ‫والمتعصّبة ج� ّداً‪ ،‬واتجهنا اتجاه الدول التي تقع ما‬ ‫بينهما‪ ،‬والتي ال أقصد بها المعتدلة أو الوسطيّة‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫تلك التي نجد فيها درجة التعصّب بدرجة أق ّل نوعا ً‬ ‫ما‪ ،‬والتي تحاول االنتقال إلى االنفتاح والتحرّ ر‪ ،‬فإ ّنه‬ ‫بوسعنا مشاهدة تواجد التحرّ ش الجنسيّ المباشر بشكل‬ ‫واضح‪ ،‬إضافة إلى وجوده بشكل غير مباشر ومق ّنع‪،‬‬ ‫عال ج ّداً في تلك الدول‪،‬‬ ‫وهذه ظاهرة متواجدة بشكل ٍ‬ ‫وألكون أكثر تحديداً فإ ّنها متواجدة بنسبة أعلى من‬ ‫التحرّ ش الجنسيّ المباشر‪.‬‬

‫وألنّ التحرّ ش الجنسيّ المباشر ينطوي على الكثير‬ ‫من الرفض سواء من الناحية االجتماعيّة أو األخالقيّة‬ ‫أو غيرها‪.‬‬

‫ومروان بن محمّد أمّه كرديّة‪.‬‬

‫فاألمر وإنْ كان يبدو بشكل عدوانيّ بحت وواضح‬ ‫ج ّداً‪ ،‬فإ ّنه ينطوي في داخله على تحرّ ش جنسيّ قويّ ‪.‬‬ ‫فالتحرّ ش الجنسيّ ال يقتصر على تلك الممارسات‬ ‫المعروفة والمأهولة‪ ،‬ولك ّنه عبارة عن أيّ انتهاك يحمل‬ ‫صيغة جنسيّة‪ ،‬ولربّما الكثير ينفون عن هذا العدوان‬ ‫مضمون التحرّ ش‪ ،‬إالّ أ ّننا إن جرّ دنا هذا السلوك‬ ‫من شكله الظاهريّ العدوانيّ ‪ ،‬فإ ّنه سيتب ّدى لنا بشكل‬ ‫واضح‪ ،‬وسيكشف عن طبيعته التحرّ شيّة المنتهكة‪.‬‬

‫يكون أ ّنه من المعيب ج ّداً (مثالً على شخص ما) أن يقوم‬ ‫بالتحرّ ش الجنسيّ المباشر بسبب مكانته االجتماعيّة‪،‬‬ ‫وإن لم تكن عالية ج ّداً‪ ،‬حيث أ ّنه «اجتماع ّياً» تنسب‬ ‫إلى من يقوم بالتحرّ ش المباشر بأبشع الصفات وأدناها‪،‬‬ ‫أو بسبب عمره مثالً‪ ،‬أو غيرها من تلك األمور‪ ،‬فإ ّنه‬

‫ولكن في نهاية المطاف تغيير الطريقة ال يغيّر شيئا ً من‬ ‫جوهرها أو طبيعتها‪ ،‬كما ال يقل ّل بشكل من األشكال في‬ ‫مدى إيذائها وآثارها اللبيّة المخلّفة وراءها‪.‬‬ ‫وكمثال على التحرّ ش الجنسيّ غير المباشر األكثر‬

‫وألنّ أسباب التحرّ ش الجنسيّ بالمجمل واضحة‬ ‫ج ّداً‪ ،‬فإ ّنني لم أتح ّدث عنها بشكل مفصّل أو موسّع‪،‬‬ ‫ولكن بوسعنا القول‪ :‬إ ّنه في تلك اللحظة التي سيت ّم‬ ‫اعتبار األمور الجنسيّة أموراً طبيعيّة‪ ،‬وفي تلك اللحظة‬ ‫التي سيت ّم فيها كسر هذا التابو(المحرّ م)‪ ،‬فإ ّنه يمكننا‬ ‫أن نستبشر خيراً في انخفاض نسبة انتشار التحرّ ش‬ ‫الجنسيّ سواء أكان مباشراً أو مق ّنعاً‪ .‬ريم احلاج‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪14‬‬

‫ثقافة‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫اإلسالمي ‪3/2‬‬ ‫العربي‬ ‫قراءة في جذور العنف في التفكير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص‬ ‫جذور العنف في بنية ّ‬

‫ْ‬ ‫انطلقت إلى‬ ‫ولكنّ الجماعات اإلسالميّة األصوليّة‬ ‫كتب الحديث النبويّ الشريف كي تستد ّل على أعمالها‬ ‫القتاليّة من الس ّنة النبويّة‪ ،‬دون النظر إلى صحّ ة الحديث‬ ‫من عدمه‪ ،‬أو تفسير الحديث تفسيراً خاطئا ً معوجّ ا ً‬ ‫يناسب أفكارها‪ ،‬ويعضد أفعالها‪ ،‬وبالذات التركيز‬ ‫على أحاديث الغزوات النبويّة دون غيرها‪ ،‬وجعلها‬ ‫شعاراً برّ اقا ً في مقاتلة الح ّكام المسلمين والفتك بحياة‬ ‫المؤمنين‪ ،‬واالعتداء على الناس اآلمنين بحجّ ة الجهاد‪،‬‬ ‫وإقامة شعار اإلسالم‪ ،‬أو األمر بالمعروف والنهيّ‬ ‫عن المنكر ورفع راية القرآن‪.‬‬

‫كافية ووافية لالستدالل على ال ّنهج العنيف‪ ،‬الذي كان‬ ‫يدعو إليه الدين اإلسالميّ ‪ ،‬مقارنة بما يقابلها من اآليات‬ ‫ُّ‬ ‫تحث على السّلم والسّكينة‪.‬‬ ‫واألحاديث التي‬ ‫وقد يكون من مجافاة الحقيقة أن نشير إلى دور‬ ‫البيئة االجتماعيّة‪ ،‬التي انطلق منها عرب شبه الجزيرة‬ ‫(باعتبارهم كانوا نواة انطالق الغزوات والفتوحات‬ ‫الجهاديّة اإلسالميّة)‪ ،‬وثقافتها البدويّة القائمة أساسا ً‬

‫ختاماً‪ ،‬إليكم هذا الحديث المشهور والذي بموجبه‪،‬‬ ‫أنّ اإلنسان مهما ارتكب من الكبائر‪ ،‬فإنّ مأواه الج ّنة‪،‬‬ ‫وج��زاءه الكثير من الحوريّات‪ ،‬ممّا يعني أنّ ك ّل‬ ‫الضربات مشروعة‪ ،‬وك ّل الكبائر ُتغتفر مع وجود‬ ‫ذرة إيمان في قلب مرتكبها‪ ،‬للترمذي وحسنه عن أنس‬ ‫رضي هللا عنه أ ّنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫وسلّم‪ ،‬إنّ هللا تعالى قال‪( :‬يا بن آدم‪ ،‬لو أتيتني بقُراب‬ ‫األرض خطايا‪ ،‬ث ّم لقيتني ال تشرك بي شيئاً‪ ،‬ألتيتك‬

‫فهذا الكتاب من أوّ له إلى آخره قد مُلئ باألحاديث‬ ‫النبويّة في تبرير االغتيال‪ ،‬وع ّده عمل شرعيّ‬ ‫ثابت بالس ّنة النبويّة‪ ،‬وأ ّكد علّة وجوب مقاتلة العدوّ‬ ‫القريب قبل العدوّ البعيد‪ ،‬ور ّد بهجوم عنيف على‬ ‫ك ّل َمن قال بتعطيل الجهاد اآلن ولو مؤ ّقتاً‪ ،‬أو‬ ‫َمن قال بوجوب تعلّم العلم أوّ الً‪ ،‬وترسيخ اإليمان‬ ‫واألخالق‪ ،‬وتربية النفس‪ ،‬فهي إحدى صور الجهاد‪،‬‬ ‫أل ّنه َع َّد الجهاد فقط بالنوع القتاليّ والهجوميّ ‪ ،‬وهذا‬ ‫ما أ ّكدهُ رسول هللا بزعمه‪.‬‬

‫وقد روى اإلمام جعفر الصادق أنّ رسول هللا قال‪:‬‬ ‫(الخير كلّ ُه في السيف‪ ،‬وتحت ظ ّل السيف‪ ،‬وال ُيقِي ُم‬ ‫الناس إلاّ السيف‪ ،‬والسيوف مقاليد الج ّنة وال ّنار) رواه‬ ‫العامليّ في وسائل الشيعة‪.‬‬ ‫(من مات ولم يغ ُز ولم يح ّدث نفسه بالغزو مات ً‬ ‫ميتة‬ ‫جاهليّة) رواه الحاكم في مستدركه‪.‬‬ ‫مرت أن أقُاتل الناس‪ ،‬ح ّتى يشهدوا أن ال إله إلاّ‬ ‫(أ ُ ُ‬ ‫هللا وأنَّ محمّداً رسول هللا‪ ،‬ويقيموا الصالة ويؤتوا‬ ‫الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا م ّني دماءهم وأموالهم‬ ‫إلاّ‬ ‫ّ‬ ‫بحق اإلسالم‪ ،‬وحسابهم على هللا تعالى) رواه مسلم‬ ‫في صحيحه‪.‬‬ ‫باعتقادي أنّ هذه اآليات القرآنيّة‪ ،‬واألحاديث النبويّة‬

‫على فكرة الغزوّ والسبي‪ ،‬بحيث لم يستطع اإلسالم‬ ‫التخفيف من آثارها في صفوف أتباعه‪ ،‬ومن هنا جاءت‬ ‫اآليات القرآنيّة محمّلة أحيانا ً بذاك الجانب العنيف‪،‬‬ ‫الذي يتماشى مع نفسيّة المؤمنين بالدين الجديد‪( ،‬ما‬ ‫كان لنبيّ أن يكون له أسرى ح ّتى يثخن في األرض)‬ ‫األنفال آية ‪ ،67‬ومعنى يثخن في اللغة العربيّة‪ :‬يطعن‬ ‫باألسلحة ويبالغ في القتل‪.‬‬ ‫طبعا ً يميل بعض الباحثين‪ ،‬ومنهم الدكتور يوسف‬ ‫زيدان في كتابه (الالهوت العربيّ وأصول العنف‬ ‫الدينيّ ) إلى إرجاع الجانب العنيف في الدين اإلسالميّ‬ ‫إلى تصرّ فات السلطة السياسيّة‪ ،‬أو الرغبة في تعزيز‬ ‫سلطة الدين أمام سلطة السياسة‪ ،‬وإن ك ّنا ال نميل إلى‬ ‫هذا الرأي‪ ،‬كون أغلب النصوص الداعية إلى العنف‬ ‫والقتل والقتال‪ ،‬كانت في مرحلة ما قبل نشوء ما يسمّى‬ ‫بالدولة اإلسالميّة وتبلور مشروع السلطة السياسيّة‪.‬‬

‫اإلسالمي ‪2/2‬‬ ‫الكرد في التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫الراشدي‬ ‫ما بعد العهد‬ ‫ّ‬

‫على القبائل‪ ،‬فسمّوا أنفسهم الشعوبيّين‪.‬‬

‫بقُرابها مغفر ًة)‪.‬‬ ‫وهل هناك أوض��ح من هكذا ن��صّ ‪ ،‬ينمّي البنية‬ ‫العنيفة لدى المسلم ويصعدها‪ ،‬بل يصبح السؤال هنا‬ ‫عن جدوى ما يسمّى بيوم الحساب‪ ،‬وعن جدوى الج ّنة‬ ‫وال ّنار طالما لدى المسلم _ مهما فعل _ صكوك غفران‬ ‫محمّديّة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫خرجت‬ ‫ونختم بفتوى ابن تيميّة القائلة‪ُ ( :‬ك ّل طائفة‬ ‫عن شريعة من شرائع اإلسالم الظاهرة المتواترة‪ ،‬فإ ّنه‬ ‫ْ‬ ‫نطقت بالشهادتين‪ ،‬ألنّ رسول هللا‬ ‫يجب مُقاتلتها وإن‬ ‫(ص) يقول ‪:‬‬ ‫(أُم ُ‬ ‫ِرت أنْ أُقات َل الناس ح ّتى يشهدوا أنْ ال إله إالّ هللا‬ ‫وأَنَّ محمّداً رسول هللا‪ ،‬ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة‪،‬‬ ‫فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إالّ ّ‬ ‫بحق‬

‫بدأ التململ الكرديّ والفارسيّ يتفاقم ويشت ّد‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ألنّ األمويّين ا ّتبعوا سياسة التمييز المطلق ض ّد العجم‪،‬‬ ‫يقول الجاحظ العباسيّ عن الدولة األمويّة‪« :‬الدولة‬ ‫األمويّة دولة عربيّة أعرابيّة»‪ ،‬وهذه الرعونة األمويّة‬ ‫أثارت النزعة الشعوبيّة المعروفة‪ ،‬والتي تفاقمت مع‬ ‫األ ّي��ام‪ ،‬وتحوّ لت بدورها إلى نزعة متطرّ فة‪ ،‬تنكر‬ ‫ك ّل مآثر العرب‪ ،‬وتجعلهم صفراً من الفضائل‪،‬‬ ‫والشعوبيّون كانوا يسمّون أنفسهم في البداية بأهل‬ ‫التسويّة‪ ،‬دون الطعن في العرب كشعب أو كقوم‪،‬‬ ‫ولك ّنهم في ذروة االستالب استشهدوا باآلية الكريمة‬ ‫من سورة الحجرات»يا أيّها ال ّناس إ ّنا خلقناكم من ذكر‬ ‫وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا‪ ،‬إنّ أكرمكم‬ ‫عند هللا أتقاكم إنّ هللا عليم خبير» (الحجرات ‪،)13‬‬ ‫ت الشعوب‬ ‫مقلّلين من شأن العرب بدعوى أنّ اآليّة ق ّدم ِ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫إنَّ مفهوم العنف لدى الحركات اإلسالميّة المعاصرة‬ ‫له ج��ذور شائكة وقديمة وما أشبه اليوم باألمس‪،‬‬ ‫ألنّ الذين يمارسون العنف باسم الدين اإلسالميّ ‪،‬‬ ‫ويستبيحون به دماء المسلمين‪ ،‬وينتهكون أرواح الناس‬ ‫اآلمنين‪ ،‬لهم ّ‬ ‫حظ ونصيب من س ّنة األولين القائمة على‬ ‫(اإلرهاب والتكفير‪ ،‬والعنف والتهجير)‪.‬‬

‫إ ّننا نأخذ اآليات القرآنيّة واألحاديث النبويّة من‬ ‫خالل إخراجها عن سياقها الزمانيّ والمكانيّ ‪ ،‬وهو‬ ‫قول يحمل التناقض في داخله‪ ،‬إذ إ ّنه يؤ ّدي إلى‬ ‫االعتراف الواضح والصريح بوجود هذه الحالة‬ ‫ّ‬ ‫وتجذرها في تاريخ الدين اإلسالميّ ‪،‬‬ ‫العنيفة‪،‬‬ ‫والت��زال مستمرّ ة إلى يومنا ه��ذا‪ ،‬ضمن سياق‬ ‫تاريخيّ غير منقطع التسلّسل‪ ،‬وما الحركات‬ ‫الجهاديّة التكفيريّة‪ ،‬وممارستها اليوم إالّ انعكاس‬ ‫تاريخيّ واقعيّ لحالة كانت موجودة منذ انطالق‬ ‫الدعوة اإلسالميّة‪ ،‬وانتشارها بقوة السيف غالباً‪،‬‬ ‫والترهيب والترغيب أحياناً‪ ،‬واالختالفات بين تلك‬ ‫الجماعات ال ّتي تؤمن بالعنف والجهاد‪ ،‬كتنظيم القاعدة‬ ‫وغيرها من الجماعات اإلسالميّة ليس اختالف تضا ّد‬ ‫وتناقض‪ ،‬ولهذا فإ ّننا نجد أكثريّة األعضاء المنتمين‬ ‫إلى الحركات اإلسالميّة المتطرّ فة والتي تؤمن بالعنف‬ ‫ح ّتى اليوم‪ ،‬كانوا في الغالب منتمين إلى جماعة من‬ ‫الجماعات اإلسالميّة المعروفة باعتدالها‪.‬‬ ‫إنّ سائر الجماعات اإلسالميّة لم تهمل قضيّة الجهاد‪،‬‬ ‫ولم تلغه من برامجها‪ ،‬ولم تنكر أ ّنه من وسائلها‪ ،‬لكنّ‬ ‫الفرق هو أنّ الحركات اإلسالميّة المتطرّ فة جعلت‬ ‫الجهاد وسيلتها األولى واألخيرة‪ ،‬فالتغيير للوصول‬ ‫إلى دولة الخالفة اإلسالميّة‪ ،‬يت ّم عن طريق القتال‬ ‫والمواجهات وسحق الخصوم‪ ،‬وإب��ادة األع��داء هو‬ ‫األسلوب األوحد‪.‬‬

‫عبدو نيب‬

‫يتمثّل التشيّع الكرد ّي الس ّ‬ ‫ين يف احرتام أهل البيت النبو ّي‪ ،‬واختاذهم‬ ‫رموزاً روحيّة ال سياسيّة‪.‬‬ ‫إ ّن جنم الكرد بدأ يلمع‪ ،‬وبدأت شخصيتهم تتبلور‪ ،‬وتستق ّل عن‬ ‫الفرس يف ظ ّل اإلسالم‬ ‫ژ چاران ياك أبو بكر األوّ ل أبو بكر‬

‫بقيادة الملك الناصر صالح الدين األيوبيّ وعمّه‬ ‫شيركوه (أسد الدين)‪ ،‬وها هو يأسر ملوك أوربّا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شهامة‬ ‫ويسقيهم أكواب الماء أمانا ً لهم‪ ،‬ويطلق سراحهم‬ ‫ونبالً‪ ،‬وها هم يؤسّسون عشرات اإلمارات في بدليس‬ ‫وشهرزور وهكاري وبوطان وبهدينان وسوى ذلك‪.‬‬

‫عمر عثمانه إي دي ‬ ‫وأقول مؤيّداً كالم ديفيد ماكدويل‪ :‬إنّ‬ ‫نجم الكرد بدأ يلمع‪ ،‬وب��دأت شخصيتهم‬ ‫ ‬ ‫تتبلور‪ ،‬وتستق ّل عن الفرس في ظ ّل‬ ‫علي يه بي تكلُّف ‬ ‫عليّ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وهذا األمر قد حدث بشكل عفويّ‬ ‫األربعة‬ ‫الخلفاء‬ ‫خاتم‬ ‫ن‬ ‫ ‬ ‫وا‬ ‫بو‬ ‫ژ‬ ‫خاتم‬ ‫بو‬ ‫كو‬ ‫غير متعمّد‪ ،‬فطبيعة االستقالل التاريخيّ‬ ‫وفي العهد العثمانيّ كانت اإلمارات الكرديّة‬ ‫ ‬ ‫واللغويّ للكرد سمحت لهم بذلك‪ ،‬إضافة‬ ‫وهكذا يستمرّ في تقرير مقوالت أهل الس ّنة‪ ،‬فيذكر مستقلّة‪ ،‬ولها قيادتها وعملتها الخاصّة في بعض‬ ‫العشرة المب ّ‬ ‫للجغرافيا‪.‬‬ ‫شرين بالج ّنة بأسمائهم واحداً واحداً حيث األحيان‪ ،‬واشتهر في هذه الفترة أعالم كرد من أمثال‬ ‫كما ذكر المؤرّ خ اإلنكليزي «أرنولد يقول‪:‬‬ ‫إدريس البدليسي وشرفخان البدليسي ومالي جزيري‬ ‫شرون عشرة أشخاص وسيداي خاني وعلى حريري وسواهم‪ .‬ولمّا ضعفت‬ ‫المب ّ‬ ‫مب َّشر بونه ده َكس ‬ ‫توينبي» في كتابه دراس��ة للتاريخ‪ ،‬أنّ‬ ‫الدولة العثمانيّة في القرن التاسع عشر‪ ،‬واشرأبّت‬ ‫الكرد بدأوا يتميّزون عن الفرس في ظ ّل‬ ‫ژ أصحابان ِبتعيين وهم من الصحابة ‬ ‫النزعة القوميّة بأعناقها تململ الكرد‪ ،‬وشعروا بأنّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬فقد صار معظمهم من أه ّل السنة‪ ،‬بينما تحوّ ل ‬ ‫إماراتهم ستضمح ّل بزوال الدولة العثمانيّة‪ ،‬فقاموا‬ ‫الفرس ليصبحوا شيعة‪ ،‬مع أنّ التشيّع الكرديّ ملحوظ‬ ‫كودي بچنه ُبهُشتي مب ّ‬ ‫شرون بالج ّنة ‬ ‫بثورات عديدة منها‪ :‬ثورة آل بدرخان ‪1843‬م‪ ،‬وثورة‬ ‫من خالل التصوّ ف الكرديّ ‪ ،‬عبر المشربين النقشبنديّ‬ ‫عبيد هللا النهري ‪ 1890‬م‪ ،‬وثورة الشيخ سعيد بيران‬ ‫والقادريّ ‪ ،‬فالنقشبنديّة ت ّتكئ على شخصيّتين مرموقتين‬ ‫خودي مزكيني دا وان هللا أعطاهم البشرى‬ ‫‪1925‬م‪.‬‬ ‫_ في اإلسالم عموما ً ولدى الشيعة خصوصا ً _ وهما‬ ‫ّ‬ ‫يتمثل التشيّع الكرديّ السنيّ في احترام أهل البيت‬ ‫ّ‬ ‫خامتة‬ ‫سلمان الفارسيّ وجعفر الصادق‪ ،‬بينما يتكئ المشرب النبويّ ‪ ،‬واتخاذهم رموزاً روحيّة ال سياسيّة حسب‬ ‫ّ‬ ‫والموثقة‪ ،‬وهذا هو الفرق بينهم‬ ‫القادريّ مباشرة على عليّ بن أبي طالب كرّ م هللا النصوص الواردة‬ ‫والكرد اليوم يقفون بأمل وأل��م متوازيين‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫وجهه‪ ،‬كما يتوضّح التصوّ ف الكرديّ ال ُّسنيّ ‪ ،‬واإلقرار وبين الفرس‪ ،‬فالتشيّع الكرديّ ليس مسيّساً‪ ،‬وإ ّنما هو أمام حالة االستالب التاريخيّ المزمن‪ ،‬يخوضون‬ ‫ً‬ ‫بالخلفاء الراشدين الثالثة الذين سبقوا عل ّيا رضي هللا روحيّ الزمنيّ ‪.‬‬ ‫مع الشعوب المجاورة معركة الحرّ يّة والوصول‬ ‫عنهم أجمعين‪ ،‬فهذا أحمد خاني المتصوّ ف النقشبنديّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق والعدل والسالم‪ ،‬جنبا ً إلى جنب مع‬ ‫ظهر الكرد ظهوراً قو ّيا ً في العصور اإلسالميّة إلى شاطئ‬ ‫مؤلّف «نوبهار» يقول في مق ّدمة منظومته‪:‬‬ ‫المتعاقبة‪ ،‬فها هم يؤسّسون الدولة الدوستكيّة في ديار العرب والترك والتركمان وسواهم‪ ،‬ليح ّققوا نموذج‬ ‫خليفة چارن هرچار‬ ‫الخلفاء بكر(آمد) وما حولها‪ ،‬وهاهم يؤسّسون الدولة األيوبيّة األخوّ ة والتع ّدد‪ ،‬ويبنوا الحياة الحرّ ة الكريمة التي ال‬ ‫أربعة‬ ‫القويّة التي دوّ خت الفرنجة‪ ،‬وح ّققت أعظم انتصار في ظالم فيها وال مظلوم‪.‬‬ ‫عمر وعثمان واألخير ‬

‫الكرد ما بعد العهد الراشد ّي‬

‫يف اخلتام‪:‬‬

‫ْ‬ ‫أصبحت‬ ‫إنّ الحركات األصوليّة اإلسالميّة‬ ‫واقعا ً ال يمكن تهميشه أو إلغاءه‪ ،‬فقد ظهرت بسبب‬ ‫عوامل موضوعيّة كان الب ّد أنْ تظهر بتوافرها‪،‬‬ ‫وإنّ اختالف أساليب عملها‪ ،‬وتع ّددها يعود بالدرجة‬ ‫األولى إلى اختالفها في تفسير النصوص الدينيّة‪،‬‬ ‫ومسألة األولويّات عند ك ّل منها‪ ،‬وساعد في ذلك‬ ‫اعتبار القرآن وس ّنة الرسول الدستور الذي يجب أنْ‬ ‫تسير عليه األمّة اإلسالميّة واتباعها لألبد‪ ،‬بحيث‬ ‫تسقط حجج الرافضين للحديث عن هذا الجانب‬ ‫العنيف بالقول‪:‬‬

‫فنجد كتاب (العمدة في إعداد الع ّدة) للشيخ عبد‬ ‫القادر بن عبد العزيز السلفيّ ‪ ،‬وهو من أه ّم كتب‬ ‫ومراجع تنظيم القاعدة‪ ،‬ويُعتبر المحرّ ك الفكريّ‬ ‫ألسامة بن الدن‪.‬‬

‫أمّا أقوى األدلّة التي استندت عليها تلك الحركات‬ ‫في تبرير الهجوم والعدوان من الس ّنة النبويّة‬ ‫هو ما ورد في األحاديث النبويّة المبيّنة‬ ‫المطهّرة َ‬ ‫ّ‬ ‫يشق على‬ ‫كاآلتي‪ :‬قال رسول هللا (ص)‪( :‬لوال أن‬ ‫قعدت خالف سريّة‪ ،‬ول��و ّد ُ‬ ‫ُ‬ ‫دت أ ّني‬ ‫المسلمين ما‬ ‫أغزو في سبيل هللا فأقتل‪ ،‬ث ّم أغزو فأقتل‪ ،‬ث ّم أغزو‬ ‫فأقتل) رواه البخاريّ ومسلم‪.‬‬

‫اإلسالم وحسابهم على هللا) رواه البخاري‪.‬‬

‫إمامن أي مسلمان األربعة أئمّة يا مسلمين‬

‫تاريخ الحروب بين الشرق والغرب في معركة ّ‬ ‫حطين‬

‫ملي كرد‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪14‬‬

‫ثقافة‬

‫آه منّا معشر المؤّيدين‬

‫بسخريته المبدعة يفسّر لنا «عزيز نيسن» على‬ ‫لسان أحد الحمير كيف تغيّرت لغتهم الجميلة الغنيّة‬ ‫ّ‬ ‫الجذاب‪ ،‬إلى لغة النهيق؟ فقد‬ ‫ذات الجرس الموسيقيّ‬ ‫كان حمار هرم يلهو وحده في الغابة‪ ،‬ويغ ّني بعض‬ ‫األغاني بلغة الحمير‪ ،‬ويأكل األعشاب الطريّة‪ .‬حين‬ ‫تناهت إلى منخريه رائحة ذئب قادم من بعيد‪ ،‬فرفع‬ ‫رأسه عالياً‪ ،‬وعبّ الهواء ملء رئتيه‪ ،‬وقال‪ :‬ال يوجد‬ ‫رائحة ذئب‪ .‬لكنّ الرائحة أخذت تزداد كلّما دنا الذئب‬ ‫أكثر‪ ،‬غير أنّ الحمار طمأن نفسه‪« :‬إنّ شاء هللا ليس‬ ‫ذئباً‪ .‬ول َم يكون ذئباً؟ ومن أين سيأتي الذئب»؟ وهكذا‬ ‫ظ ّل الحمار الهرم يخدع نفسه ح ّتى بات يسمع صوت‬ ‫الذئب‪ .‬تحرّ كت أذناه‪ ،‬وخفق قلبه‪ ،‬وارتجفت عيناه‪،‬‬ ‫غير أ ّنه ّ‬ ‫كذب أذنيه وقال‪« :‬إن شاء هللا‪ ،‬ليس ذئباً»‪.‬‬ ‫وعندما ح ّدق عاليا ً صوب الجبل رأى ذئبا ً مندفعا ً‬ ‫مخلّفا ً وراءه سحبا ً من الغبار‪« .‬آه إ ّنه ذئب! قد يخيّل‬ ‫إليّ أنّ ما أراه هو ذئب! ربّما هو حلم؟ أتم ّنى ألاّ‬ ‫يكون ما أراه ذئباً‪ .‬إن شاء هللا لن يكون كذلك‪ .‬يبدو‬ ‫بت أرى هذا الشيء ذئبا ً‬ ‫أنّ الوهن أصاب عينيّ ح ّتى ُّ‬

‫من ذاكرة‬ ‫الصحافة‬ ‫في عهد االن��ت��داب الفرنسيّ ‪ ،‬استمرّ صدور‬ ‫المجلاّ ت والجرائد الناقدة الساخرة‪ ،‬ولكنّ هذا‬ ‫النوع من الصحافة شهد تطوّ راً ها ّما ً على صعيد‬ ‫التحرير واإلخراج الف ّنيّ ‪ ،‬وبدا على صورة ناضجة‬ ‫ف ّن ّيا ً وفكر ّياً‪ ،‬وربّما كان للتق ّدم التقنيّ والعلميّ الدور‬ ‫األكبر في هذا التطوّ ر‪ .‬وكمثال على ذلك‪ ،‬جريدة‬ ‫“السهم” لصاحبها “محي الدين البديري” وهي أدبيّة‬ ‫فكاهيّة انتقاديّة‪ ،‬صدر أوّ ل أعدادها في العاشر من‬ ‫تشرين األوّ ل عام ‪ ،1920‬ومن أه ّم الجرائد التي‬ ‫تلتها جريدة “الزمر” التي صدرت في دمشق عام‬ ‫‪ ،1927‬وهي كما تعرّ ف عن نفسها‪ :‬جريدة أسبوعيّة‬ ‫سياسيّة انتقاديّة فكاهيّة‪ ،‬كان صاحب الترخيص‬ ‫ورئيس التحرير فيها “خليل ز ّقوت المجدلي”‪ ،‬وقد‬ ‫تو ّقفت عام ‪1937‬عن الصدور‪.‬‬ ‫أمّا المجلاّ ت التي ظهرت في تلك الفترة‪ ،‬فكانت‬ ‫أسبوعيّة “المضحك المبكي” هي األشهر واأله ّم‬ ‫من بين المجلاّ ت السياسيّة الساخرة الفكاهيّة‪ ،‬وقد‬ ‫أصدر عددها األوّ ل عام ‪1929‬في دمشق الصحفيّ‬ ‫المشهور “حبيب كحالة” ال��ذي أسّسها وت��رأس‬ ‫تحريرها‪ ،‬وفي أحد أعداد المجلّة كتب المحرّ ر في‬ ‫زاوية عنوانها “على التلفون” مخابرة هاتفيّة تفضح‬ ‫محاولة الفرنسيّين امتالك شركة الريجي(التبغ)‪:‬‬ ‫(آلو سنترال‪ ،‬عطيني المسيو بيرار‪ ...،‬بونجور‬ ‫مسير بيرار‪ ،‬بلغني إنك رايح تاخذ شركة الريجي‬ ‫على حسابك‪ ،‬إيه شو هاد خزيت العين عنك‪...‬باينتك‬ ‫رايح تحوّ ق عالكل‪..‬خلّي شي إلك وشي لربك)‪.‬‬ ‫ومن أسماء الصحف والمجلاّ ت التي انتشرت في‬ ‫الفترة (‪“ )1930 – 1920‬العفريت”‪“ ،‬أبو نوّ اس‬ ‫العصري”‪“ ،‬الخازوق”‪“ ،‬الكرباج”‪“ ،‬المزاج”‪.‬‬ ‫ه��ذه ال��ج��رائ��د وال��م��ج�ّل�اّ ت ك��ان��ت ل��س��ان حال‬ ‫السوريّين‪ ،‬وصوت ضميرهم الذي رفض االحتالل‬ ‫وأعوانه‪ ،‬ولم يرض بغير االستقالل‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫قادماً»‪.‬‬ ‫تقلّصت المسافة بينه وبين الذئب ح ّتى أصبحت‬ ‫خمسين متراً‪ ،‬فطمأن الحمار نفسه‪« :‬إن شاء هللا لن‬ ‫يكون ما أراه وأسمع صوته وأش ّم رائحته ذئباً‪ .‬قد‬ ‫يكون حمالً أو فيالً‪ ،‬أو أيّ شيء آخر»‪.‬‬ ‫مع اقتراب الذئب الفاغر فاه بدأ الحمار يبتعد قليالً‪،‬‬ ‫وزاد من سرعته ح ّتى ارتطمت ساقاه ببطنه‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك استمرّ في خداع نفسه قائالً‪« :‬ح ّتى لو كان الذي‬ ‫أراه ذئبا ً فهو ليس كذلك‪ .‬إن شاء هللا لن يكون كذلك»‪.‬‬ ‫شعر الحمار بأنف الذئب يالمس ظهره المبلل‬ ‫فحاول الركض أكثر‪ ،‬لك ّنه لم يستطع‪ ،‬ألنّ قواه خانته‪،‬‬ ‫وأصبح عاجزاً عن الحركة تحت ثقل الذئب‪ ،‬ولكيال‬ ‫يراه أغلق عينيه وقال‪« :‬أعرف تماما ً أ ّنك لست ذئباً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤخرتي‪ .‬إني ال أحب مزاح اليد»‪ .‬غرز‬ ‫ال تدغدغ‬ ‫الذئب الجائع أسنانه في ظهر الحمار الهرم‪ ،‬ونهش‬ ‫قطعة كبيرة‪ ،‬ومن حالوة الروح‪ ،‬كما يقولون‪ ،‬ارتبط‬

‫‪11‬‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫قد سبقتم محارنا يف تكذيب أنفه ّ‬ ‫ومشه‪ ،‬وأذنيه ومسعه‪ ،‬وعينيه وبصره‪ ،‬بدءاً‬ ‫من أمسح شيخ‪ ،‬وأنيف مطران‪ ،‬ومروراً بأعظم أديب وأه ّم مثقّف‪ ،‬وانتهاء بأحقر تاجر‬ ‫وأتفه سياس ّي‪ ،‬إن ُوجد سياس ّي واحد يف ربوع هذا البلد‪.‬‬ ‫لسان الحمار‪ ،‬ونسي لغته‪.‬‬

‫يسمعوا هذه األصوات المجلجلة!‬

‫«آه إ ّنه ذئب آه! هو آه هو»! تابع الذئب النهش من‬ ‫لحم الحمار الهرم ذي اللسان المربوط الذي ال يصدر‬ ‫منه سوى‪« :‬آه هو‪ .‬هاق ‪ .‬هاق»‪.‬‬

‫وكيف تجلّت أمام ناظريهم المذبحة التي طبّقت‬ ‫اآلفاق في انتشارها‪ ،‬والتي لم تشهد البشريّة لها مثيالً‪،‬‬ ‫فتعاموا عنها ولم يروها!‬

‫ويختم الحمار الراوي‪ :‬منذ ذلك اليوم نسي الحمير‬ ‫لغتهم‪ ،‬ولم يستطيعوا التعبير عن رغباتهم وأفكارهم‬ ‫بل وح ّتى عواطفهم إلاّ بالنهيق‪ .‬ولو أنّ ذلك الحمار‬ ‫لم يخدع نفسه لك ّنا نجيد الحديث بلغتنا إلى اآلن‪ ،‬ولكن‬ ‫ماذا أقول‪ :‬آه م ّنا نحن معشر الحمير!‬

‫لك ّنه سيح ّدثنا أيضا ً كيف كان المؤيّد في اللحظة‬ ‫ذاتها‪ ،‬عندما يتعلّق األمر بالثورة ورجالها‪ ،‬يسابق‬ ‫الكالب البوليسيّة في شمّها‪ ،‬والغواصات النوويّة في‬ ‫رهافة سمع مسابرها‪ ،‬والمراكز الفلكيّة في الرؤية‬ ‫المغرقة في البعد لتلّسكوباتها‪ ،‬والمخابر الط ّبيّة في‬ ‫د ّقة رؤية مُجهراتها‪.‬‬

‫ولو م ّد هللا في عمر الحمار ال��راوي إلى اليوم‪،‬‬ ‫وكان شاهداً على العصر السوريّ ‪ ،‬لقال أيضاً‪ :‬آ ٍه‬ ‫منكم معشر المؤيّدين! فقد سبقتم حمارنا في تكذيب‬ ‫أنفه وشمّه‪ ،‬وأذنيه وسمعه‪ ،‬وعينيه وبصره‪ ،‬بدءاً من‬ ‫أسمح شيخ‪ ،‬وأنيف مطران‪ ،‬ومروراً بأعظم أديب‬ ‫وأه ّم مث ّقف‪ ،‬وانتهاء بأحقر تاجر وأتفه سياسيّ ‪ ،‬إن‬ ‫وُ جد سياسيّ واحد في ربوع هذا البلد‪.‬‬ ‫وكما قصّ علينا حمارنا الراوي كيف نسي الحمير‬ ‫لغتهم وباتوا مجرّ د ناهقين‪ ،‬فلن أستغرب أن يقصّ‬ ‫علينا مؤيّد ما‪ ،‬في لحظة من لحظات الصدق السامي‪،‬‬ ‫كيف أ ّنهم كانوا يع ّدون أنفسهم من مخلوقات النظام‬ ‫ترعى في برسيمه‪ ،‬وكيف أ ّنهم كانوا قبل ذلك يملكون‬ ‫لغة غنيّة ثريّة ذات جرس لطيف حسن‪ ،‬وأنّ هذه اللغة‬ ‫نسوها أيضا ً جرّ اء تكذيبهم لحواسهم وأنفسهم‪.‬‬ ‫سوف يح ّدثنا‪ :‬كيف انتشرت الرائحة المزكمة‬ ‫(للنظام) منذ أوّ ل اعتقال وتعذيب ألوائل المتظاهرين‬ ‫السلميّين‪ ،‬ومنذ أوّ ل رصاصة اخترقت صدورهم‪،‬‬ ‫ولك ّنهم لم يشمّوا هذه الرائحة الزنخة المنتشرة!‬ ‫وكيف صعقت أصوات الجريمة التي فاقت ك ّل‬ ‫تصور‪َ ،‬منْ في الخافقين غير أ ّنهم تصامّوا عنها فلم‬

‫وسيح ّدثنا عنه – أي عن المؤيّد – باعتباراته‬ ‫الثالثة‪ :‬التذبذب‪ ،‬والتسويغ‪ ،‬واألمل‪.‬‬ ‫فهو الكائن المتذبذب والمتن ّقل دائما ً في الرؤية‬ ‫والموقف تبعا ً لتغييرات النظام الدائمة‪.‬‬ ‫وهو الكائن المسوّ غ للنظام ح ّتى في المصائب التي‬ ‫تترى عليه وتناله شخص ّياً‪ ،‬أو تنال أهل بيته أو أقربائه‬ ‫أو أصدقائه أوجيرانه أو معارفه‪ ،‬فيقوم بتأويلها المرّ ة‬ ‫تلو األخرى على أ ّنها ضروريّة ومعقولة‪ ،‬بل والئقة‬ ‫بأفضل العوالم الممكنة‪.‬‬ ‫وهو الكائن المفعم باألمل المعقود بأصابع النظام‬ ‫حصراً! وما سوى ذلك فإنّ التفاؤل ال يعرف إلى قلبه‬ ‫سبيالً‪ .‬يقول «شتيفان تسفايج» عن النازيّين‪« :‬كان‬ ‫أرباب النظام يم ّدوننا دائما ً بذلك التفاؤل الرخيص‪.‬‬ ‫تفاؤل العرّ اف الذي ال ضمير له‪ ،‬والذين يم ّدون في‬ ‫أجل المذبحة‪ ،‬إذ يعدون بالنصر من دون عوائق»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أولست أنت ذلك‬ ‫أليس هذا هو نظامك السوريّ بعينه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والمكذب المتفائل؟! فلتذكر إذن أنهّ‬ ‫المص ّدق اآلمل‪،‬‬ ‫كان لك في يوم ما لغة‪ ،‬وأنك ّ‬ ‫بت اآلن بدونها‪.‬‬

‫حممّد أمري ناشر النعم‬

‫في تعريف الثقافة‪ ،‬وفي ثقافة تعريفها‬ ‫إذن‪ ،‬لم تتح ّقق نبوءة ستيوارت مل (‪-1806‬‬ ‫‪ ، )1873‬فالجماعات الثقافيّة الصغيرة‪ ،‬لم تتخ َّل عن‬ ‫ثقافتها الموروثة‪ ،‬لكي تنض ّم إلى ثقافة الجماعات‬ ‫األقوى‪ ،‬وال ح ّتى طموح هيغل (‪،)1831 -1770‬‬ ‫في أنّ الشعوب‪ ،‬ورغم هذه الحروب‪ ،‬ستنصهر في‬ ‫بوتقة واحدة‪ ،‬وسوريّة ليست استثناءً‪ ،‬بطبيعة الحال‪،‬‬ ‫يختلف الحال قليالً في بلداننا‪ ،‬فقد ال تكون األكثريّة هي‬ ‫الجماعة األقوى سياس ّياً‪ ،‬انظر إلى سوريّة‪ ،‬والبحرين‪،‬‬ ‫والعراق (أيّام صدام حسين)‪ ،‬ولكن أيضاً‪ ،‬فإنّ عدم‬ ‫تص ّدرها للمشهد السياسيّ ال يعني أ ّنها هي الجماعة‬ ‫الضعيفة‪.‬‬ ‫هذا مثال تلقائيّ عن مدى تعقيد األمور في الدول‬ ‫المصطنعة (‪ ،)Artificial states‬وهي ال ّدول التي‬ ‫ر ْ‬ ‫ُسمت حدودها وفقا ً لمصالح استعماريّة –على غرار‬ ‫اتفاق سايكس بيكو الشهير مثالً‪ -‬لم تنظر لمصلحة‬ ‫أهل البالد‪ ،‬ف «بالتعريف»‪ ،‬الدولة المصطنعة‪،‬‬ ‫هي الدولة التي تكون حدودها السياسيّة غير‬ ‫متوافقة مع فصل القوميّات (والديانات أيضاً) من‬ ‫قبل الناس على األرض‪ ،‬أي أ ّنها دول لم تحترم‬ ‫طموح الجماعات الثقافيّة المختلفة‪ .‬وهذا ما سيتسبّب‬ ‫الحقا ً في خالفات واضطرابات ستعيشها هذه‬ ‫الدول‪ ،‬هذه االضرابات ستجد لها أسبابا ً مختلفة‪:‬‬ ‫إعطاء األراضي إلحدى المجموعات‪ ،‬وتجاهل أنّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق في ذلك (هذا ما فعله‬ ‫المجموعات األخرى لها‬ ‫ْ‬ ‫البريطانيّون عند احتاللهم للعراق‪ ،‬إذ أ ّنهم‪ ،‬وفي‬ ‫أراض من‬ ‫أجواء انتقامهم من العثمانيّين‪ ،‬انتزعوا‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ووزعوها على الشيعة)‪ ،‬وأيضا ً رسم حدود‬ ‫الس ّنة‪،‬‬ ‫تفصل بين إثنيّات دولتين متجاورتين‪ ،‬ممّا يُحْ بط‬ ‫الطموح القوميّ للجماعات‪ ،‬كما حدث مع ال ُكرد في‬ ‫المنطقة‪ ،‬حيث وُ ّزعوا على أربع دول إقليميّة (فيما‬ ‫بينها ما صنع الح ّداد من المشاكل)‪.‬‬ ‫ما قد يُفجّ ر الصراع‪ ،‬هو جمع مجموعات بشريّة‪،‬‬ ‫لك ّل منها أهداف استقالليّة مختلفة عن الباقي في دولة‬ ‫واحدة (وربّما هذا ما تشهده سوريّة اآلن)‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫تع ّدد الوالءات بحكم هذا التش ّتت‪ ،‬فالسوريّون في دير‬ ‫الزور‪ ،‬هم أقرب للعراقيّين منهم للسوريّين‪ ،‬وكذلك‬ ‫اللبنانيّون في طرابلس وصيدا بالنسبة للسوريّين‪.‬‬ ‫(خرجت تظاهرات كبيرة في طرابلس وصيدا‪ ،‬ترفض‬ ‫قرار االنتداب الفرنسيّ القاضي بفصل أقضيتهم عن‬ ‫سوريّة وضمّها إلى لبنان)‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ما هي الثقافة‪ ،‬وما هي الجماعات الثقافيّة؟‬ ‫الثقافة بحسب السير إدوارد تايلور (‪)1917-1832‬‬ ‫هي‪ :‬الكيان المر ّكب الذي ينتقل اجتماع ّيا ً من جيل‬ ‫إلى جيل‪ ،‬ويتكوّ ن من المعرفة‪ ،‬واللغة‪ ،‬والمعتقدات‬

‫الدينيّة‪ ،‬والفنون‪ ،‬واألخ�لاق‪ ،‬والعادات والعرف‪،‬‬ ‫والتقاليد‪ ،‬والقانون‪...‬الخ‪.‬‬ ‫في بحثه الشيّق المعنون بـ «إشكاليّة التع ّدديّة الثقافيّة‬ ‫في الفكر السياسيّ المعاصر جدليّة االندماج والتنوّ ع»‬ ‫الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربيّة‪ ،‬يشير‬ ‫الدكتور حسام الدين مجيد‪ ،‬إلى أنّ أيّة هويّة ثقافيّة تقوم‬ ‫بوظيفتين جوهريّتين‪ ،‬فمن جهة يتكوّ ن لدى أعضائها‬ ‫حسّ االنتماء المشترك‪ ،‬بمعنى التضامن‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل توليد االعتقاد بتماثلهم في األصول والمعتقدات‬ ‫والموروث الثقافيّ عموماً‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تعمل‬ ‫الهويّة الثقافيّة على إبعاد ك ّل َمنْ ال ينتمي إليها‪،‬‬ ‫هاتان‬ ‫وإقصائه عن تلك الثقافة‪.‬‬ ‫الوظيفتان‪ ،‬يطلق عليهما ويل كيميكا اسم التع ّدديّة‬ ‫الثقافيّة‪.‬‬

‫المجتمع‪.‬‬ ‫حاولت الدولة القوميّة‪ ،‬التي ا ّتخذت من الدولة‬ ‫المصطنعة «ب��اراداي��م» لها‪ ،‬أن تفرض نسيجها‬ ‫المتماثل المنسجم‪ ،‬ولك ّنها فشلت أيضاً‪ ،‬فهي لم تعمل‪،‬‬ ‫في طريقها لصهر شعوبها في بوتقة واحدة‪ ،‬سوى‬ ‫إث��ارة التفاوتات االجتماعيّة واالقتصاديّة‪ ،‬ما بين‬ ‫المهيمن والمُتباين عنه ثقاف ّياً‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬ك ّل هذا صعد إلى سطح سوريّة‪ :‬الصراع‬ ‫الدمويّ لتثبيت الوجود‪ ،‬وفرض الرؤية على األرض‪،‬‬ ‫والنقاشات الفكريّة‪ ،‬والمُجر ّدة أحياناً‪ ،‬لمواضيع تتعلّق‬ ‫بمفاهيم المواطنة‪ ،‬والهويّة‪ ،‬وحقوق األقلّيّات‪ ،‬وأيضاً‪:‬‬ ‫كيفيّة إدارة هذا التنوّ ع الهائل في إطار الوحدة‪.‬‬ ‫يُطالب ال ُكرْ د بنيل االعتراف السياسيّ بهم‪ ،‬وهم‬ ‫يدفعون باتجاه الفيدراليّة‪ ،‬في محاولة لنزع العروبة‬ ‫عن اس��م الجمهوريّة‪ ،‬في سياق حفاظهم على‬ ‫خصوصيّتهم الثقافيّة في وجه التغيّرات الكبيرة‪،‬‬ ‫التي تطيح بالمنطقة‪ ،‬ففي حين تتحرّ ك القوى‬ ‫الفاعلة اإلسالميّة _ الجهاديّة‪ ،‬على محور ال ّدين‪،‬‬ ‫فإنّ العصب الذي يش ّد ال ُكرد هو اللغة _ وما عدا‬ ‫استثناءات قليلة _ فالعامل اللغويّ كان هو األقوى‬ ‫واألجدى في التاريخ‪.‬‬ ‫ف��ي البحث ع��ن إدارة ه��ذا االخ��ت�لاف يبرز‬ ‫اتجاهان‪ :‬البحث عن النقاء‪ ،‬وهذا ما تفعله داعش‬ ‫في المناطق التي تغزوها‪ ،‬فهي كي تهرب من‬ ‫الخالفات التي قد تتفجّ ر على أراضيها‪ُ ،‬تبعد ك ّل‬ ‫المخالفين لها سياس ّياً‪ ،‬و ُتهجّ ر ك ّل المختلفين عنها‬ ‫عرق ّياً‪ ،‬عبر نشر فيديوهات مرعبة لعمليّات الذبح‬ ‫واإلعدام الجماعيّ التي تقوم بها‪.‬‬

‫ُتفرز الثقافة جماعاتها إذن!‬ ‫فالكثير من التعريفات العامّة للجماعة الثقافيّة (في‬ ‫بعض التعريفات ُتدعى الجماعة األدبيّة) مأخوذ من‬ ‫تعريف «بيريت سترونغ» الذي وصفها بأ ّنها «تجمّع‬ ‫عفويّ ألشخاص يف ّكرون بطرق متشابهة‪ ،‬أو «ر ّد فعل‬ ‫عفويّ على الظرف التاريخيّ »‪ .‬في مقابل تعريف‬ ‫«ستيفن فريدمان» الذي يراها باعتبارها عمالً أمْ َيل‬ ‫إلى التجمّع الواعي منه إلى التش ّكل العفويّ ‪ ،‬لك ّنه يشير‬ ‫إلى دوافع مشابهة لتلك التي الحظها «سترونغ»‪،‬‬ ‫ويعرّ ف «فريدمان» الجماعة األدبيّة على أ ّنها شكل‬ ‫من «النفيّ الذاتيّ » ومحاولة لحشد مجموعة من‬ ‫«اآلخرين الذين يفكرون بطرق متشابهة» داخل‬ ‫ّ‬ ‫توخيا ً للتغلب على‬ ‫«شبكة من ال ّدعم المتبادل»‬ ‫العزلة والقلق‪ ،‬واستكشاف إمكانيّات العمل الثقافيّ في‬

‫وهناك ح ّل يعتمد على الفيدراليّة والجهويّة‪،‬‬ ‫بإعطاء ك ّل إقليم استقالله الذاتيّ ‪ ،‬ضمن وحدة‬ ‫الكيان السوريّ ‪ ،‬وهذا يتطلّب قدراً كبيراً من الوعيّ‬ ‫بالتسامح‪ ،‬ولك ّنه يحمل في طيّاته أيضا ً الكثير الكثير‬ ‫من مسبّبات النزاع بين هذه األقاليم المتجاورة‪.‬‬ ‫وُ جد التاريخ لنتعلّم منه‪ ،‬ورغم امتالك سوريّة‬ ‫لخصوصيّتها (وهي خصوصيّة تمتلكها ك ّل كيانات‬ ‫األرض)‪ ،‬إلاّ أنّ هناك معالم ومعايير ومبادئ عامّة‬ ‫ال يمكن إغفالها‪ ،‬كي ال نقع دوما ً في تكرار البدايات‪.‬‬ ‫عودة إلى تعريف الهويّة الثقافيّة‪ ،‬فقد فات حسام‬ ‫الدين مجيد‪ ،‬أنّ الهويّة في ظ ّل انتعاش الثقافة السياسيّة‪،‬‬ ‫ستقوم بوظيفة تقبّل اآلخر أيضاً‪.‬‬ ‫كيف نوازن ما بين العدل واألمان؟‬ ‫هذا هو سؤال سوريّة الكبير في المرحلة القادمة‪.‬‬

‫حممّد اجلرف‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪14‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /15‬أيلول ‪2014/‬‬

‫م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب‬

‫« َسلَمية»‬ ‫منذر الشيحاوي‬

‫ع���ي���ن���اك م��زرع��ـ��ـ��ـ��ت��ا أق��اح��ـ��ـ��ـ��ـ��ي وه����واك‬

‫الصبـــــــــــاح‬ ‫ِ‬

‫زق��زق��ة‬

‫ت ف��ي ك�� ّل النـــــــــــــواحي‬ ‫ك���ي���ف ال����ف����رار م����ن ال��ج��ـ��ـ��ـ��ـ��ه��ات وأن��� ِ‬ ‫آه َس�� َل��م��ي��ة إ ّن���ن���ي أل��ق��ي��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ت ع��ن‬ ‫ف��ت��ع��جّ ��ل��ي‬ ‫ع��ي��ن��اك‬

‫ض��� ّم���ي‬ ‫أج���م���ل‬

‫م���ا‬

‫ط��ي��ب‬

‫إليـــــــــــك أخ���اف‬

‫سالحـــــــــــــــــــي‬

‫تقتلني‬

‫جراحـــــــــــــي‬

‫المتــــــــــــــاح‬ ‫تبقــــــــــى ل��ي م��ن ال��زم��ن‬ ‫ِ‬

‫م����ن ل����م ي���م���ت ب��ه��م��ا ق��ت��ي��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ�لاً ل��م‬

‫ط��ع��م‬

‫ي���ذق‬

‫ارتيـــــــــــــــاح‬ ‫ِ‬

‫أو ل����م ي���م���ت ف����ي س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��اح م��ج��دك ل���م ي���ذق م���ج���داً‬ ‫بســـــاح‬ ‫ِ‬ ‫ل��ح��ل��ي��ب‬

‫ث���دي���ك‬

‫ُع � ّت��ق��ت‬

‫نكـــــــــــــهة م��ا‬

‫ال ت��ق��ن��ع��ي��ن��ي ب��ال��ف��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ط��ام‬

‫الصـــــــــــياح‬ ‫ف��ق��د أم���وت م��ن‬ ‫ِ‬

‫ه���ي���ه���ات ي���رض���ى ب��ال��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ف��ط��ام ف��م‬

‫ت����ذوّ ق‬

‫أه�������واك ب���ال���ح���زن ال��م��ع �لّ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ق كالغبــــــــار‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫محاولة‬ ‫في تفسير‬ ‫الحنين‬

‫�ر حديثنا ع��ن الحنين‬ ‫َك� ُ�ث� َ‬ ‫و َك ُثرت سخريّتنا من بعضنا‬ ‫كلّما استب ّد بأحدنا داء الحنين‪َ ،‬‬ ‫بات لدينا سلّم مفردات كامل‬ ‫للدفاع عن ح ّقنا في الصعود إليه من دِرْ كنا وكأ ّنه عِ ليّة الطفولة‬ ‫الجميلة‪ ،‬ولنا أيضا ً ُسلّم مفردات كامل للنزول أسفل من مباهج‬ ‫غربتنا كي ّ‬ ‫نقطع أشال ًء ك ّل من ُتسوّ ل له نفسه اإلسراف فيه‬ ‫وقضّ مضاجعنا‪.‬‬ ‫ما هو هذا الحنين؟‬ ‫ٌ‬ ‫مخلوق كامل التقويم والتفاصيل‬ ‫أهو مخلوق الصدفة أهو‬ ‫ينقضّ فجأ ًة؟‬ ‫ٌ‬ ‫حديث عليل‪ ،‬أُرْ غِ ْمنا على أمومته وأبوّ ته ونشقى‬ ‫أهو ولي ٌد‬ ‫به؟‬ ‫ّ‬ ‫يختط مفردا ٍ‬ ‫ت‬ ‫واقع‬ ‫الحنين احتجا ُج مُحدثي الغربة على‬ ‫ٍ‬ ‫جديدة‪ ،‬ويتح ّد ُ‬ ‫ث بطالقة لغة جديدة مهما َش َّن ْف َنا آذاننا ال نفقهها‪،‬‬ ‫ببوق كالقيامة منتصف‬ ‫تحت إمرته جيشٌ من عزازيل تنطلق‬ ‫ٍ‬ ‫الليل فنق ُّد لنص ّدهُ من الماضي أيقونة المالئكة‪ ،‬وهو المحاولة‬ ‫عجوز في السبعين‪ ،‬ومداراة شيخوختها‬ ‫ظهر‬ ‫المكابدة لتقويم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بتوصيفات كالحكمة ومتعة تأمّل الحياة‪ ،‬والحنين احتجا ٌج‬ ‫ث اليوميّ ‪ ،‬والحنين‬ ‫مسرحيٌّ من النوع العبثيّ على سطو ِة الحد ِ‬ ‫يُشيّد معجم تفاسيره الخاصّة لما ح َّل لنا‪ ،‬ويحضّر لعناته ويلقيها‬ ‫خبط عشواء على البشر إجابة على سؤال لماذا؟‬ ‫َ‬ ‫عنق الغزالة ويطلقها فتنهضُ وتقفز‬ ‫والحنين نم ٌر يلتقط‬ ‫ً‬ ‫أكثر بشغف الحياة‪ ،‬والحنينُ‬ ‫مسكونة‬ ‫قفزاتها المتعرّ جة‬ ‫َ‬ ‫مسيحيٌّ أصوليٌّ يجلد نفسه على خطيئة أصليّة حين أكلنا من‬ ‫ثمار الجنون وخسرنا ج ّن ًة موهومة‪ ،‬وهو قصاصنا من أنفسنا‬ ‫لك ّل من ّ‬ ‫وو َب ِق البراميل‪ ،‬والحنين دينٌ له‬ ‫تدثروا بركام األبنية َ‬ ‫طقوسه الحزينة والجذلى‪ ،‬وله أوهامه‪:‬‬ ‫وهم التشابه حين يكون منفاك ترك ّيا ً فتخلد لألمكنة وتسمّيها‬ ‫كما تشاء‪.‬‬ ‫وهم النسيان وحيا ٍة جديدة حين تهبط مدرج الطائرة‬ ‫وتخطو أوّ ل مخيّم اللجوء‪.‬‬ ‫وهم العودة تتشبّث به كلّما شعرْ َ‬ ‫ت أنّ يوميّاتك تغيّرت‬ ‫وكلّما نفخ نبض الدم أوداج العروق‪ ،‬والحنين عشق السوريّ‬ ‫عشق مجنونٌ تركه وحيداً‬ ‫ٌ‬ ‫المرضيّ الجميل لصباحات فيروز‪،‬‬ ‫مثل زهر البيلسان‪.‬‬ ‫والحنين نه ٌر يم ُّد فلاّ حيه بأسباب الحياة‪ ،‬ولك ّنه متى َج َم َح‬ ‫أغرقهم ولم تنفع معه ك ّل سدودهم الخشبيّة‪ ،‬الحنين‬ ‫وفاض‬ ‫َ‬ ‫صدا ٌع يُحكِم قبضته على الرأس حيناً‪ ،‬وحينا ً يكون مرهما ً‬ ‫وذكر بأنثى‪ ،‬أو‬ ‫بذكر‬ ‫لتقرّ حات القلب‪ ،‬الحنين داف ٌع لتولّه أنثى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دافع لالعتكاف عن لوثة الحبّ والزهد في الجنس أو الشبق‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫وهو تنينٌ متع ّدد الرؤوس عبثا ً تقطع رأسه فال يلبث أن‬ ‫ينبت رأسٌ جديد مكانه يعضّك‪ ،‬وينفث عليك ُم ْهالً من الماضي‬ ‫يضنيك وال يقتلك‪ ،‬والحنين أكثر شيء يمكن الكتابة فيه يحتمل‬ ‫السخريّة‪ ،‬يحتمل البكاء‪ ،‬ويحتمل الرثاء‪ ،‬ويحتمل الفرح‪،‬‬ ‫ويحتمل أكثر من جيل‪ ،‬ويحتمل أكثر ما يحتمل طنين نحلة‬ ‫األمل قرب أذنيك دون أن تقرصك‪..‬‬ ‫آه يا نحلة األمل‪..‬‬ ‫آه من هذا الطنين‪.‬‬

‫المدير العام‬ ‫توفيــق دنيـــا‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫عمّار عكّاش‬

‫كلمة حق‬

‫بجـــــــــــــرار‬

‫راح‬ ‫ِ‬

‫م��ن‬

‫قـــــــــــــــــراح‬ ‫ِ‬

‫ع��ل��ى‬

‫جناحـــــي‬

‫نكـزة‬

‫في حملة بعنوان «كلمة ّ‬ ‫حق» تشمل أغلب‬ ‫المحافظات السوريّة‪ ،‬صرخة من أجل المعتقلين‬ ‫لدى أيّ طرف‪ ،‬ما مصيرهم؟‬

‫ن���ط���ل���ب‬ ‫م���ن ال��ع��ال��م‬ ‫ا لد يمقر ا طيّ‬ ‫دع��م ثورتنا‪،‬‬ ‫ول��ك�� ّن��ن��ا لم‬ ‫ُن��ن��ت��ج ت��يّ��اراً‬ ‫دي��م��ق��راط � ّي �ا ً‬ ‫واح����داً يقبل‬ ‫مبدأ تداول السلطة‪ ،‬ويُفسح المجال للشباب ويقبل‬ ‫خياراتهم‪ ،‬لم ننشئ منطقة واحدة داخل سوريّة‪،‬‬ ‫ولو ضيعة‪ ،‬تقوم بانتخابات فعليّة وتحترم خيارات‬ ‫الناس‪ ،‬كأن تختار المرأة ما ترتديه مثالً‪ ،‬أعرف أنّ‬ ‫هنالك مؤامرات دوليّة على ثورتنا وأعرف أ ّنه ت ّم‬ ‫ترك الثورة لوحدها‪ ،‬ولكن هذا ليس مبرّ راً ألاّ ننشئ‬ ‫شيئا ً ممّا ُننادي به ولو على بقعة صغيرة من أرض‬ ‫سوريّة‪.‬‬ ‫بسام قوتلي‬

‫تنشر‬ ‫«ك���ل���م���ة‬ ‫ح����������ق»‬ ‫م��ل��ص��ق��ات‬ ‫ت���ق���ول‪ :‬ال‬ ‫ل�لاع��ت��ق��ال‬ ‫ا لتعسّفيّ ‪.‬‬ ‫ل����ل����ع����دل‬ ‫م�����ي�����زان‬ ‫ف��اح��ك��م��وا‬ ‫ك‬ ‫ب�����ه‪ .‬ف��� َّ‬ ‫قيدي‪ .‬ابني‬ ‫وين؟؟‬

‫صدر ضمن سلسلة «عالم المعرفة»‬ ‫الكويتيّة لشهر تمّوز ‪ ،2014‬كتاب‬ ‫«األخالقيّات والحرب» من تأليف‬ ‫ديفيد فيشر‪ ،‬بترجمة د‪ .‬عماد عوّ اد‬ ‫إلى العربية‪ .‬في ‪ 425‬صفحة على‬ ‫قسمين واثني عشر فصالً‪ ،‬عنون‬ ‫المؤلّف القسم األوّ ل بـ «األخالق»‬ ‫والقسم الثاني بـ «الحرب»‪ ،‬ليطرح‬ ‫عبر إطالالت تاريخيّة ث ّم تحليالت‬ ‫ألوض��اع حديثة كحرب الخليج‪،‬‬ ‫أسئلة على شاكلة‪:‬‬

‫ص��در في ح��زي��ران ‪ 2014‬عن منشورات‬ ‫المديريّة العامة إلدارة الهجرة التركيّة‪ ،‬كتاب‬ ‫«قانون األجانب والحماية الدوليّة»‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في ‪ 68‬صفحة وخمسة أب��واب‪،‬‬ ‫تبدأ بالتعاريف األساسيّة في الباب األوّ ل‪ ،‬ث ّم‬ ‫تح ّدث في مفهوم األجانب والجنسيّة واإلقامة‬ ‫في الباب الثاني‪ ،‬ومن ث ّم فصّل في الباب الثالث‬ ‫حول مفهوم الحماية الدوليّة وأحكامها‪ ،‬وأخيراً‬ ‫عرض هيكليّة وماهيّة المديرية العامّة للهجرة‪.‬‬ ‫وقد نوّ ه الكتاب في مُق َّدمه إلى أنّ هذه الترجمة‬ ‫إلى العربيّة «غير مُلزمة من الناحية القانونيّة»‬ ‫وإ ّنما هي «ألغراض إعالميّة فقط»‪.‬‬

‫هل يمكن أن تكون الحرب في القرن‬ ‫الحادي والعشرين عادلة؟‬

‫مسعنا‪ ،‬شفنا‪ ..‬وبدنا حنكي‬ ‫ب‪ .‬يوسف‬

‫مسعنا‪..‬‬

‫أجّ ل االئتالف الوطني اجتماعه المقرّ ر لمناقشة‬ ‫وضع الحكومة للمرّ ة الثانية ‪ ...‬وقذف به إلى الشهر‬ ‫العاشر‪ ،‬تأجيلين الجتماع سيناقش قضية مهمّة هي‬ ‫ّ‬ ‫وسيبت هذا االجتماع‬ ‫قضيّة الحكومة المُقالة ‪....‬‬ ‫بمن سيكون المكلّف بتشكيل هذه الحكومة‪.‬‬

‫رئيس الحكومة المُقالة لم يقف مكتوف األيدي في‬ ‫فترة تسيير األعمال ‪ ....‬إذ أقال بقرار مفاجئ جيش‬ ‫المستشارين الذين حوله وهو يف ّكر بتشكيل مجلس‬ ‫استشاري مص ّغر‪ ،‬كما أ ّن��ه أوك��ل أحد العاملين‬ ‫ّ‬ ‫والموظفين وأمور‬ ‫بالحكومة بدراسة وضع الحكومة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫بوضوح‪ ،‬الدكتور أحمد طعمة يتصرّ ف قائالً‪:‬‬ ‫‪ ....‬أنا رئيس الحكومة القادم‪.‬‬ ‫شفنا‪ ..‬ك ّل مؤسّسات االئتالف تب ّنت الشعار الذي‬ ‫ربّما كان السبب الرئيس في قيام الثورة السورية‬

‫هيئة التحرير‬ ‫بسام يوسف ‪ -‬حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق ‪ -‬منير األّيوبي‬ ‫ّ‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫وهو شعار‪« :‬إلى األبد» ‪ ...‬من وحدة التنسيق‬ ‫إلى المكتب اإلعالمي وها هي الحكومة تدخل على‬ ‫الخط‪ ،‬وفي األركان حدث التغيير بانقالب ‪....‬‬ ‫بدنا حنكي‪ ..‬شو القصّة خيّو ؟؟‪ .‬ما حدا بيمسك‬ ‫كرسي إلاّ بيعربط فيه وما عاد يح ّل عنو ؟؟‪ .‬ما عاد‬ ‫فينا نفصل مفهوم المؤسسات عن مفهوم المزرعة‬ ‫الخاصّة ؟؟ واألدهى‪ ،‬إ ّنو بس الواحد يستلم بروح‬ ‫بيلزق بكتلة سياسية بيمسحلها جوخ منشان تخلّيه‪،‬‬ ‫وبعدين بيوسّع الدعم لسيادته وبيروح لالستقواء‬ ‫بأطراف خارجية‪.‬‬ ‫خيّو ‪ ....‬من اآلخر ‪ ....‬إذا بدكن تعيدولنا سيرة‬ ‫آل األسد فهمونا!؟ ‪ ...‬هيك ما بيمشي الحال ‪...‬‬ ‫إذا مو قادرين تق ّدمو للمواطن السوري نموذج عن‬ ‫المؤسسات التي بيحلم فيها والتي هي مؤسسات فعالً‬ ‫وبتليق بالدولة وبالثورة ‪ ...‬حلّوا عنا!!‬ ‫ياسيادة رئيس الحكومة ‪ ...‬من يريد أن يقيّم‬

‫فريق العمل‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬مح ّمد ن ّجار‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫الترجمة ‪ :‬مها ّ‬ ‫الخضور‬

‫وي��درس ويصحّ ح عمل الحكومة‪ ،‬بيجيب جهة‬ ‫محايدة ومختصّة واحترافيّة وبتقوم بالدراسة ‪..‬‬ ‫موبيجيب جهة هي أصالً يجب أن توضع في دائرة‬ ‫المساءلة والدراسة!! ‪ ...‬واللّي ب ّدو يقيل جيش من‬ ‫المستشارين بجرّ ة قلم وما بيقول ليش وكيف وشو‬ ‫عملوا وشو األخطاء اللي ارتكبوها ‪ ...‬مابيكون عم‬ ‫يبني مؤسّسة ‪.‬‬

‫تنويه‬

‫في الحوار الذي أجرته «ك ّلنا سور ّيون» مع‬ ‫الدكتور «إلياس وردة» وزير الطاقة والثروة‬ ‫المعدن ّية‪ ،‬ونشر في العدد ‪ ،/13/‬حدث اختصار‬ ‫المسجل (ثالث ساعات ونصف)‬ ‫للنص‬ ‫كبير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى نصف صفحة تقريباً‪ ،‬م ّما أدّى إلى لبس‬ ‫فتوجب التنويه واالعتذار‪.‬‬ ‫في بعض المقاطع‪،‬‬ ‫ّ‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.