سلسلة محاور وحوار: روسيا وأميركا في المنطقة: حدود التوافق والاختلاف / العدد 13 - تموز 2016

Page 1



‫رو�سيا و�أمريكا يف املنطقة‪:‬‬ ‫«حدود التوافق واالختالف»‬


‫متخصصة تُعنى بحقيل األبحاث واملعلومات‬ ‫مؤسسة علمية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫محاور وحوار‪ :‬سلسلة غري دورية تتض ّمن وقائع الندوات والحلقات التي يعقدها املركز‬ ‫وت ُعنى مبقاربة قضايا اسرتاتيجية ومسائل إمنائية مختلفة‪.‬‬ ‫العنوان‪ :‬روسيا وأمريكا يف املنطقة‪« :‬حدود التوافق واالختالف»‪.‬‬ ‫خالصة حلقة نقاش‪ُ :‬عقدت يف املـركز االستشـاري للدراسـات والتوثيق‪ ،‬يف ‪،2016/4/22‬‬ ‫وشارك فيها نخبة من السياسيني والباحثني واألكادمييني واإلعالميني‪.‬‬ ‫ﻤﺗﻮز‬ ‫ان ‪ 2016‬املوافق رمضان ‪1437‬هـ‪..‬‬ ‫تاريخ النرش‪ :‬حزير‬ ‫العدد‪ :‬الثالث عرش‪.‬‬ ‫الطبعة‪ :‬األوىل‪.‬‬ ‫القياس‪.21/14 :‬‬

‫حقوق الطبع محفوظة‬

‫العنوان‪ :‬برئ حسن ـ خلف الفانتزي وورلد‬ ‫جادة األسد ـ بناية اإلمناءغروب ـ الطابق األول‬ ‫هاتف‪01/836610 :‬‬ ‫فاكس‪01/836611 :‬‬ ‫خليوي‪03/833438 :‬‬

‫‪Baabda 10172010‬‬ ‫‪Beirut-Lebanon‬‬ ‫‪P.o.Box: 24/47‬‬

‫الربيد اإللكرتوين‪:‬‬

‫‪dirasat@dirasat.net‬‬ ‫‪www.dirasat.net‬‬

‫اآلراء الواردة يف هذه السلسلة ال تُعبرّ بالرضورة عن آراء‬ ‫املركز االستشاري للدراسات والتوثيق‬




‫رو�سيا و�أمريكا يف املنطقة‪:‬‬ ‫«حدود التوافق واالختالف»‬



‫ثبت املحتويات‬ ‫حلقة نقا�ش‪ :‬رو�سيا و�أمريكا يف املنطقة‪« :‬حدود التوافق واالختالف»‬ ‫حما�رضة ال�سيد هلرتمان‪ ،‬الق�سم الأول‪ :‬املنظور الأمريكي‬ ‫الق�سم الثاين‪ :‬املنظور الرو�سي‬ ‫ردود على �أ�سئلة احل�ضور‬

‫‪...... ..‬‬

‫‪.............................. ..‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪.......................................... ................... .......................‬‬

‫‪...................................................................... .......................‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪17‬‬


‫الق�سم الأول‪ :‬املنظور الأمريكي‬ ‫لطاملا كانت منطقة ال�رشق الأو�سط حمط اهتمام بالن�سبة للواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية ب�سبب وجود النفط فيها وخا�صة يف منطقة اخلليج‬ ‫والعراق حيث كان لها نفوذ يف كل من ال�سعودية ودول اخلليج‬ ‫و�إيران‪ ،‬و�أي�ض ًا يف «�إ�رسائيل» التي تعترب م�س�ألة ا�سرتاتيجية مهمة‬ ‫بالن�سبة للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫�سبب قلق ًا لتوازن‬ ‫على �أن انت�صار الثورة يف �إيران عام ‪ّ 1979‬‬ ‫النفوذ الذي كانت قد حققته الواليات املتحدة يف املنطقة‪ ،‬ولذلك‬ ‫كان عليها �إعادة ر�سم �سيا�ساتها لت�ضمن بقاء م�صاحلها حمفوظة‪ّ .‬‬ ‫ولعل‬ ‫احلرب العراقية ‪ -‬الإيرانية وما تالها من عملية احتواء لكال الطرفني‬ ‫كانت خطة �أمريكية لإعادة ر�سم ال�سيا�سات‪ .‬و ُيعترب بروز التطرف‬ ‫ال�سعودي �إحدى نتائج الثورة الإيرانية وما تاله من ن�رش للفكر‬ ‫الوهابي يف العامل الإ�سالمي ب�سبب اخلوف من امتداد الفكر ال�شيعي‬ ‫الذي متثله الثورة الإيرانية‪ ،‬مما �أ ّدى �إىل تفاقم ال�رصاع ال�سني‪ -‬ال�شيعي‬ ‫يف الإقليم (بح�سب هلرتمان)‪.‬‬

‫حتول بالن�سبة للأمرييكيني‪،‬‬ ‫وقد م َّثلت حرب الكويت نقطة ّ‬ ‫فقد كان املراد من هذه احلرب �أوال" �إ�ضعاف نظام �صدام ح�سني‬ ‫و�إجباره على الدخول يف ت�سوية فل�سطينية‪�-‬إ�رسائيلة ب�رشوط �إ�رسائيلية‬ ‫وغربية و�أمريكية‪ ،‬وثاني ًا توجيه حتذير �إىل �إيران ب�ش�أن تطوير الأ�سلحة‪،‬‬ ‫‪10‬‬


‫رو�سيا و�أمريكا يف املنطقة‪:‬‬ ‫«حدود التوافق واالختالف»‬ ‫عقد املركز اال�ست�شاري للدرا�سات والتوثيق حلقة نقا�ش حتت‬ ‫عنوان‪ :‬رو�سيا و�أمريكا يف املنطقة‪«:‬حدود التوافق واالختالف»‪،‬‬ ‫وذلك يوم اجلمعة الواقع يف ‪ 22‬ني�سان ‪ ،2016‬حتدث فيها ال�سيد‬ ‫يو�ست هلرتمان مدير برنامج ال�رشق الأو�سط و�شمال �أفريقيا يف‬ ‫جمموعة الأزمات الدولية‪ ،‬و�شارك يف النقا�ش عدد من الباحثني‬ ‫واملهتمني‪.‬‬ ‫بد أ� ال�سيد هلرتمان حديثه بالقول �إن الطريقة الوحيدة لإيجاد‬ ‫ا�ستقرار يف املنطقة الآن هي ح�صول تفاهم بني رو�سيا والواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية يف ما يخ�ص الأزمة ال�سورية‪ .‬وتناول املقاربات‬ ‫الأمريكية والرو�سية للأزمة ال�سورية عار�ض ًا �أبرز النقاط املتوافق عليها‬ ‫بني الطرفني حول الأزمة ال�سورية وما ميكن �أن تتجه �إليه الأحداث‬ ‫خالل الأ�شهر املتبقية من العام احلايل‪ .‬وتبع حديثه مداخالت و�أ�سئلة‬ ‫من احل�ضور‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫متطرفني‪ .‬ولكن بعد ظهور الإخوان امل�سلمني يف‬ ‫الأمر باعتبارهم‬ ‫ّ‬ ‫تركيا مع �أردوغان على �أنهم جماعة معتدلة �إ�سالمي ًا اقتنع االمريكيون‬ ‫بفكرة تقدمي الإخوان على �أنهم الإ�سالم املعتدل‪ ،‬معتربين �أن الإخوان‬ ‫حمافظون اجتماعي ًا ولكنهم معتدلون �سيا�سي ًا‪ ،‬و�سيا�سات �أمريكا ت�سمح‬ ‫بغ�ض النظر عن �إيدلوجيته‪.‬‬ ‫لها بالتعامل مع من يريد التعامل معها ّ‬

‫هذا الأمر جعل العالقات مع اململكة العربية ال�سعودية تتوتر لأن‬ ‫ال�سعودية تتبنى �سيا�سة معادية للإخوان وهذا ما ظهر مع امللك عبد‬ ‫اهلل‪ ،‬الأمر الذي جعل ال�سعودية ت�شعر باخلذالن من قبل الواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية‪ .‬وقد �أيدت ال�سعودية �إ�سقاط نظام الرئي�س املنتخب‬ ‫يف م�رص حممد مر�سي عام ‪ 2013‬ومل ت�ستطع الواليات املتحدة منعها‬ ‫ومل تكن را�ضية مبا ح�صل �أي�ض ًا‪ .‬وهذا الأمر اعترب وك�أنه �إق�صاء لنفوذ‬ ‫الإخوان امل�سلمني عن ال�ساحة العاملية مع بقاء تواجدهم يف مناطق‬ ‫مثل الأردن ومع حما�س‪.‬‬

‫وبالعودة �إىل تركيا فقد ّتبني �أن �أردوغان مل يكن املعتدل الإ�سالمي‬ ‫كما كان متوقع ًا بل كان مت�شدداً ك�أ�سالفه ال�سابقني �أمثال كمال‬ ‫�أتاتورك ولذا ال ميكن لأمريكا �أن تقدمه وتدعمه على �أنه النموذج‬ ‫املعتدل من الإ�سالم ال�سيا�سي املحاكي للدميقراطية يف املنطقة‪.‬‬

‫حتولت �إىل حروب‬ ‫فيما بعد‪ ،‬ومع بداية احلرب على �سوريا التي ّ‬ ‫بالوكالة مدعومة من �أطراف خارجية‪ ،‬كان على الواليات املتحدة �أن‬ ‫تقوم ب�إعادة تقييم حل�ساباتها من جديد وحتديد ما �إذا كانت احلرب‬ ‫على �سوريا هي م�صلحة ا�سرتاتيجية لها �أم ال؟‬ ‫الحقا" قررت الإدارة الأمرييكية �أن احلرب لي�ست م�صلحة‬ ‫‪12‬‬


‫وخا�صة �أ�سلحة الدمار ال�شامل‪ ،‬لأن �إيران كانت قد بد�أت برناجمها‬ ‫النووي يف فرتة ما قبل العام‪ .2000‬هذا التحذير كان مهم ًا لأن‬ ‫انت�شار الأ�سلحة وتطويرها يف العامل ي�شكل م�س�ألة ا�سرتاتيجية بالن�سبة‬ ‫للواليات املتحدة االمريكية‪.‬‬

‫ويف عهد بو�ش االبن اغتنمت الإدارة الأمريكية الفر�صة لتوجيه‬ ‫ر�سالة لإيران بعد احلرب على العراق مفادها �أن �إيران قد تكون‬ ‫ال�ضحية التالية‪ ،‬ولذلك ع ّلق الإيرانيون العمل على برناجمهم النووي‪.‬‬ ‫ولكن يف العام ‪ ،2004‬وبعدما ّتبني الف�شل الأمريكي يف العراق‪،‬‬ ‫عادت �إيران ال�ستكمال برناجمها النووي لأن الواليات املتحدة التي‬ ‫وجهت لها �إنذاراً يف ال�سابق باتت الآن �ضعيفة‪.‬‬

‫�أما بالن�سبة لإدارة �أوباما‪ ،‬فقد �أخذ �أوباما العربة من الدرو�س التي‬ ‫تركها له جورج بو�ش االبن و�أدرك �أن التدخل الع�سكري يف املنطقة‬ ‫ب�شكل مبا�رش ال يعود بالنتائج املرجوة و�إمنا قد يحمل نتائج �سلبية‪،‬‬ ‫كالت�أثري ال�سلبي على االقت�صاد الأمريكي وت�شويه �سمعة الواليات‬ ‫املتحدة حول العامل‪ .‬ولذلك قام �أوباما با�ستكمال �سحب قواته من‬ ‫العراق‪ ،‬وعمل على �أن يكون التدخل عرب ال�رضبات اجلوية واغتيال‬ ‫�شخ�صيات وقيادات للقاعدة‪.‬‬ ‫الحق ًا‪ ،‬ومع بداية «الربيع العربي»‪ ،‬بدت الإدارة االمريكية‬ ‫«متفاجئة» كاجلميع مبجريات الأمور (بح�سب تعبري ال�سيد‬ ‫«هلرتمان»)‪ ،‬ومل تكن قد اتخذت قراراً وا�ضح ًا يف ما يخ�ص التعامل‬ ‫مع الو�ضع الراهن‪ ،‬وفيما بعد قررت الإدارة �أن تتخلى عن نظام‬ ‫ح�سني مبارك يف م�رص‪ ،‬ولكنها مل تدعم الإخوان امل�سلمني يف بداية‬ ‫‪11‬‬


‫الق�سم الثاين‪ :‬املنظور الرو�سي‬ ‫عر�ض ال�سيد «هلرتمان» يف اجلزء الثاين من حما�رضته وجهة النظر‬ ‫الرو�سية يف الأزمة ال�سورية وكيف لرو�سيا �أن تتعامل معها‪ .‬ور�أى‬ ‫�أن جتربة انهيار االحتاد ال�سوفياتي كانت مذ ّلة لل�شعب الرو�سي‪ ،‬ولو‬ ‫كان هناك دمج للواليات ال�سوفياتية ال�سابقة على نحو �أف�ضل بالهيكل‬ ‫الأوروبي لكان الأمر �أف�ضل بالن�سبة للجميع يف رو�سيا خا�صة و�أن‬ ‫النخبة يف االحتاد ال�سوفياتي �أ�صبحت تتمتع بالرثاء بينما مل تتح�سن‬ ‫�أحوال بقية ال�شعب الرو�سي‪.‬‬

‫ومع تويل فالدميري بوتني ال�سلطة يف رو�سيا ميكن القول �إن لرو�سيا‬ ‫عدة �أهداف رئي�سية تطمح لتحقيقها وهي‪:‬‬ ‫‪� -1‬أن تعامل على �أنها قوة عظمى يف العامل‪.‬‬

‫ند للواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬وهي ترى‬ ‫‪� -2‬أن تعامل على �أنها ّ‬ ‫�ضعف الواليات املتحدة يف العامل فر�صة لتحقيق هذا الهدف‪.‬‬

‫‪ -3‬حماربة الإ�سالميني يف �سوريا املتواجدين �أي�ض ًا يف القوقاز‬ ‫وال�شي�شان وداغ�ستان‪.‬‬

‫�إن لرو�سيا وجهة نظر خا�صة ب�ش�أن اجلهاديني فهي تعترب �أن �أي‬ ‫نوع من اجلهاديني الإ�سالميني يف �سوريا هو كالقاعدة والن�رصة‬ ‫وبالتايل مل متيز بني الفرق الإ�سالمية �سواء كانت داع�ش �أو الن�رصة �أو‬ ‫‪14‬‬


‫ا�سرتاتيجية لها‪ ،‬و�أن النظام ال�سوري ال ّ‬ ‫ي�شكل بحد ذاته خطراً �أو‬ ‫تهديداً لها‪ ،‬بل �إن اخلطر احلقيقي بالن�سبة لها هو انت�شار احلرب يف‬ ‫الإقليم وظهور العبني �إقليميني ودوليني لديهم �سيا�ساتهم اخلا�صة‬ ‫�أمثال القاعدة وداع�ش‪.‬‬

‫لقد �أملت الواليات املتحدة �أن ي�سقط النظام ال�سوري �رسيع ًاوهو‬ ‫�أمر مل يح�صل‪ ،‬وكونها ال تعترب احلرب يف �سوريا ذات �أهمية ا�سرتاتيجية‬ ‫فهي مل تر�سل الدعم الع�سكري لإ�سقاط النظام‪ ،‬وكانت يف الآن عينه‬ ‫تقيم دور كل من �إيران ورو�سيا يف هذه احلرب وتتفاو�ض مع �إيران‬ ‫ّ‬ ‫على الربنامج النووي لذا كان عليها التمهل يف حتديد خياراتها يف‬ ‫احلرب‪.‬‬ ‫يف نهاية املطاف اعتربت الواليات املتحدة �أن مواجهة «تنظيم‬ ‫الدولة الإ�سالمية» �أولوية بالن�سبة لها‪ .‬وكانت هذه هي احل�سابات‬ ‫الأمريكية للحرب على �سوريا �إىل �أن جرى التدخل الرو�سي‪ ،‬وهنا‬ ‫كان على الواليات املتحدة �إعادة ح�ساباتها من جديد‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫والأكراد يف �شمال �سوريا املت�صلني ب�أكراد تركيا وجمموعات املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة والن�رصة وداع�ش‪.‬‬ ‫هذه الأطراف جميعها مدعومة من قوى خارجية ولكل منها‬ ‫�أجندتها اخلا�صة مما يجعل الأمر معقداً بالن�سبة لرو�سيا والواليات‬ ‫املتحدة لإيجاد ت�سوية يف �سوريا‪.‬‬ ‫وعلى �سبيل املثال تدعم الواليات املتحدة وحدات حماية‬ ‫ال�شعب ‪ YPG‬املرتبطة بحزب العمال الكرد�ستاين ‪ PKK‬ملحاربة‬ ‫داع�ش‪ .‬وتطمح الوحدات �إىل �إقامة منطقة فدرالية يف �سوريا تت�ضمن‬ ‫مناطق غري كردية ولكنها �أ�سا�سية للإقليم كي ت�صبح املناطق الكردية‬ ‫كلها مت�صلة ببع�ضها‪ ،‬وهذا يعني حماربة جمموعات مدعومة من قبل‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وحماربة جمموعات �أخرى مدعومة من تركيا‬ ‫وحماربة داع�ش‪ .‬وهذا ي�شري �إىل �أن الواليات املتحدة تدعم جمموعات‬ ‫حتارب بع�ضها البع�ض‪ ،‬وهذا بدوره يعك�س االختالف احلا�صل‬ ‫داخل الإدارة الأمريكية نف�سها خا�صة بني وزارة الدفاع ووكالة‬ ‫اال�ستخبارات املركزية والبيت االبي�ض مما يجعل من ال�صعب حتديد‬ ‫خيارات �أمريكا يف احلرب فهل هي مع التخل�ص من النظام‪� ،‬أم تريد‬ ‫�إبقاءه ملحاربة تنظيم الدولة الإ�سالمية‪ .‬هذا الأمر قد يتغري مع الرئي�س‬ ‫الأمريكي اجلديد الذي من املمكن �أن يعترب �أن احلرب على �سوريا‬ ‫�أولولية بالن�سبة للواليات املتحدة وبالتايل يح�سم اخليارات يف ما‬ ‫يتعلق بالنظام وبدعم الأطراف املت�صارعة‪ .‬وحتى الآن ف�إن حماربة‬ ‫تنظيم الدولة الإ�سالمية والعمل على �إيجاد ت�سوية يف �سوريا �أمران‬ ‫تتفق عليهما الواليات املتحدة ورو�سيا‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫غريهما عندما �سددت ال�رضبات �إليهم يف �سوريا‪.‬‬

‫‪ -4‬منع تغيرّ الأنظمة يف العامل على يد الواليات املتحدة‬ ‫الأمريكية‪ ،‬وذلك لأن هذا الأمر ي�شكل تهديداً لرو�سيا ف�إن �أكملت‬ ‫الواليات املتحدة خطتها ب�إ�سقاط الأنظمة ف�إن الدور قد ي�صل �إىل‬ ‫رو�سيا‪ .‬ولذلك �أرادت مو�سكو منع ح�صول هذا الأمر يف �سوريا‪� .‬أما‬ ‫�إذا كان ال بد من ح�صول تغيري يف �سوريا ف�إن ذلك �سيكون مبوافقة‬ ‫رو�سيا والواليات املتحدة مع ًا‪ ،‬وعرب تفاو�ض �سيا�سي يحفظ امل�صالح‬ ‫الرو�سية يف املنطقة‪ .‬ولتحقيق هذه الأهداف كان على رو�سيا �أن جتعل‬ ‫التدخل الأمريكي يف املنطقة مكلف ًا‪ ،‬لذلك دخلت رو�سيا �إىل �أوكرانيا‬ ‫و�سوريا وبالن�سبة لها كانت حماية النظام ال�سوري من �أية معار�ضة‬ ‫هدف ًا رئي�سي ًا وركزت على مهاجمة الن�رصة والقاعدة‪.‬‬ ‫ومن ثم عاد ال�سيد هلرتمان ل�رشح وجهة النظر الأمريكية بعد‬ ‫مرحلة التدخل الرو�سي يف �سوريا‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬

‫بالعودة �إىل احل�سابات الأمريكية ن�ستطيع الآن القول �إن �أمريكا‬ ‫�أدركت �أن اجلو ال�سوري �أ�صبح خا�ضع ًا لل�سيطرة الرو�سية ولذلك‬ ‫ال ميكن فر�ض حظر جوي فوق الأرا�ضي ال�سورية‪ ،‬والأتراك ال‬ ‫ي�ستطيعون التحرك يف �شمال �سوريا والتدخل يف �سوريا الآن مبثابة‬ ‫�إ�شعال حرب عاملية ثالثة‪.‬‬ ‫ويف ما يخ�ص الأمور املتفق عليها بني رو�سيا والواليات املتحدة‬ ‫االمريكية �أو�ضح ال�سيد هلرتمان �أنها‪:‬‬

‫�أوالً‪ :‬ال يريد الطرفان تو�سيع نطاق احلرب‪ ،‬ولكن هذا الأمر هو‬ ‫بيد الأطراف املت�صارعة على الأر�ض ال�سورية �أي �إيران وحزب اهلل‬ ‫‪15‬‬


‫ردود على �أ�سئلة احل�ضور‬

‫رداً على مداخالت احل�ضور قال هلرتمان �إن الرئي�س �أوباما يعتقد‬ ‫�أن �إ�سقاط الأ�سد �سي�ؤدي �إىل �سقوط النظام معه وهذا �أمر خطري‪ ،‬نظراً‬ ‫�إىل ما ح�صل يف العراق �سابق ًا ولذلك تريد الإدارة الأمريكية �إبقاء‬ ‫العنا�رص الأ�سا�سية للنظام مع �إبعاد الأ�سد وعائلته والتابعني له‪ ،‬ولكن‬ ‫�آلية تطبيق ذلك هي ال�س�ؤال الأ�سا�سي الذي تبحث عنه الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬وقد �أعلن الرو�س �أنهم ال يريدون �أن يتغري النظام على يد‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وعلى الطرفني الرو�سي والأمريكي �إعداد خطة ملا‬ ‫بعد رحيل الأ�سد لأن بقاءه لي�س �أمراً �أبدي ًا‪ ،‬وهما متفقان على �إيجاد‬ ‫نظام يبقي على وحدة ومتا�سك الدولة‪.‬‬ ‫ويف ما خ�ص املو�ضوع الإ�رسائيلي‪ ،‬اعترب هلرتمان �أن التدخل‬ ‫الرو�سي يف �سوريا كان من م�صلحة الإ�رسائيليني لأن رو�سيا ت�شكل‬ ‫�ضمانة لعدم توجه �إيران وحزب اهلل �إىل اجلنوب ال�سوري وهم‬ ‫يعملون مع الرو�س ملنع ح�صول هذا ال�سيناريو‪.‬‬ ‫ولفت هلرتمان �إىل �أن رو�سيا تريد حماربة اجلهاديني يف �سوريا لأن‬ ‫يف الداخل الرو�سي ن�سبة ‪ %10‬من ال�سكان الرو�س هم من امل�سلمني‬ ‫ومتدد الفكر املتطرف �إليهم من قبل اجلماعات اجلهادية ي�شكل تهديداً‬ ‫لرو�سيا‪ .‬كما �أن ا�ستخدام رو�سيا للقوة الع�سكرية يهدف �أي�ض ًا �إىل �أن‬ ‫يكون لها دور �أ�سا�سي يف خو�ض العملية ال�سيا�سية يف �سوريا‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلق بالرئي�س الأمريكي �أوباما ووراثته للم�شاكل من �إدارة‬ ‫بو�ش االبن فقد �أجاب هلرتمان قائ ً‬ ‫ال‪� :‬إن الرئي�س �أوباما لرمبا ا�ستطاع‬ ‫‪18‬‬


‫ثانياً‪� :‬إن خو�ض العملية ال�سيا�سية �أمر يحتاج �إىل وقت طويل وقد‬ ‫ت�شهد هذه الفرتة �رصاعات متجددة‪ ،‬خا�صة �إذا ما حاول حزب اهلل‬ ‫و�إيران �إعادة ال�سيطرة على حلب‪ ،‬علم ًا ب�أن الدعم الرو�سي لهما يف‬ ‫حلب �أمر غري م� ّؤكد وبالتايل ال ميكن التنبوء مب�صري هذه املعركة‪.‬‬

‫و�أكد ال�سيد هلرتمان �أن على رو�سيا خو�ض العملية ال�سيا�سية‬ ‫لتكون العب ًا �إقليمي ًا حمرتم ًا و�أن ال تعتمد فقط على القوة الع�سكرية‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة لرو�سيا و�إيران وحزب اهلل ف�إن هذه الأطراف متفقة على‬ ‫حماية النظام ولكنها تختلف يف �أمور �أخرى عديدة‪ .‬والت�سوية‬ ‫ال�سيا�سية يف �سوريا من �ش�أنها �أن تخفف ال�رصاع الإيراين ال�سعودي‬ ‫يف املنطقة‪ .‬وهنا ميكن للواليات املتحدة �أن ت�ضغط على ال�سعودية‬ ‫لإنهاء احلرب يف اليمن وميكن لرو�سيا �أن ت�ضغط بدورها على �إيران‬ ‫للحد من نفوذها يف املنطقة‪.‬‬

‫وختم ال�سيد هلرتمان بالقول ‪�« :‬إن الو�ضع الذي نعي�شه الآن هو‬ ‫�أ�سو�أ ال�سيناريوهات ولذلك يجب على اجلميع �إيجاد احلل الذي‬ ‫ير�ضي اجلميع وميكن جلميع الأطراف التعاي�ش معه»‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫ال ب�سبب تعار�ض امل�صالح بني الأطراف املت�صارعة فمث ً‬ ‫وقت ًا طوي ً‬ ‫ال‬ ‫يعترب حزب اهلل �سوريا طريق �إمداد له من �إيران‪ ،‬بينما تعمل «�إ�رسائيل»‬ ‫على قطع طريق الإمداد هذا‪ ،‬ولذا ف�إن الت�سوية �أمر معقد‪.‬‬ ‫وخل�ص هلرتمان �إىل القول رداً على �أحد الأ�سئلة �أن احلل لن يكون‬ ‫بيد ال�شعب ال�سوري وال بيد النظام وحده‪ ،‬ولو �أن النظام قادر على‬ ‫حل م�شاكله بنف�سه ملا تدخل كل من حزب اهلل ورو�سيا مل�ساندته يف‬ ‫مراحل خمتلفة‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫�أن يتجاوز ما خلفه له الرئي�س بو�ش عرب �سحب قواته من العراق‬ ‫ولكنه مل ي�ستطع جتاوز الآثار الناجمة عن هذه ال�سيا�سة التي �أدت �إىل‬ ‫�صعود احلركات الإ�سالمية‪ .‬و�أ�ضاف �إن تنظيم داع�ش ي�شكل خطراً‬ ‫حقيقي ًا يف املنطقة وخطره امتد ليطاول الدول الأوروبية‪ ،‬وامتداد‬ ‫هذا اخلطر هو تركة الرئي�س �أوباما للرئي�س الذي �سيليه‪ .‬و�أ�شار �إىل �أن‬ ‫التوجه املقبل لل�سيا�سة الأمريكية �سيكون ا�ستمرار حماربة داع�ش ولكن‬ ‫عرب ال�رضبات اجلوية‪.‬‬ ‫يف ختام اللقاء �أكد ال�سيد يو�ست هلرتمان �أن التحدي الأكرب يف‬ ‫�سيحدد من هو الرابح يف‬ ‫�سوريا هو �شكل النظام الآتي لأن هذا الأمر‬ ‫ّ‬ ‫نهاية ال�رصاع‪ .‬ور�أى �أن الت�سوية ال�سيا�سية يف �سوريا �ستكون مب�شاركة‬ ‫جميع الأطراف الإقليمية حتى و�إن كان لدى هذه الأطراف م�شاكلها‬ ‫الداخلية �أو كانت متر بفرتة االنتخابات‪ .‬و�أ�ضاف �أن ال�ضعف يف‬ ‫�سوريا وم�رص �سي�ؤثر ب�شكل �سلبي على م�سار الت�سوية لأن اخلراب‬ ‫يف هذه الدول �سيفاقم الأزمة �أكرث مما هي عليه الآن‪ .‬وقال �إن التنبوء‬ ‫مب�سار العملية ال�سيا�سية غري ممكن يف الوقت احلايل‪ ،‬وقد يتغيرّ الو�ضع‬ ‫ل�صالح �إيران وحزب اهلل‪.‬‬ ‫ور�أى هلرتمان �أن البديل عن الرئي�س الأ�سد غري معلن عنه لدى‬ ‫الواليات املتحدة والغرب‪ ،‬ولذا ف�إن احلديث عن رحيل الأ�سد‬ ‫واالنتقال �إىل نظام جديد وو�ضع م�سودة د�ستور يف الوقت احلايل‬ ‫�أمر غري واقعي‪ .‬واحتمال بقاء التوتر يف املنطقة كبري ب�سبب �صعوبة‬ ‫التفوق على الن�رصة وداع�ش ع�سكري ًا‪ .‬ثم �إن عملية الت�سوية �ست�أخذ‬ ‫‪19‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.