كتاب جماعات العنف التكفيري

Page 1


‫جماعات العنف التكفيري‬

‫الجذور‪ ،‬البنى‪ ،‬العوامل المؤثرة‬



‫مجموعة باحثين‬

‫جماعات العنف التكفيري‬ ‫الجذور‪ ،‬البنى‪ ،‬العوامل المؤثرة‬


‫المؤلف‪ :‬مجموعة باحثين‬ ‫العنوان‪ :‬جماعات العنف التكفيري‪ :‬الجذور‪ ،‬البنى‪ ،‬العوامل المؤثرة‬ ‫المراجعة والتقويم‪ :‬فريق مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي‬ ‫اإلخراج‪ :‬الديوان للطباعة والنشر والتوزيع‬ ‫تصميم الغالف‪ :‬حسين موسى‬ ‫الطبعة األولى‪ :‬بيروت‪2016 ،‬‬

‫‪ISBN: 978-614-427-083-7‬‬

‫‪Groups of Takfiri Violence‬‬ ‫‪Roots Structures and Affecting Factors‬‬

‫تعبر بالضرورة‬ ‫«اآلراء الواردة في هذا الكتاب ال ّ‬ ‫عن قناعات مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي واتجاهاته»‬

‫مركز احلضارة لتنمية الفكر اإلسالمي‬ ‫مجيع احلقوق حمفوظة ©‬

‫‪Center of Civilization‬‬ ‫‪for the Development of Islamic Thought‬‬

‫بناية ماميا‪ ،‬ط‪ - 5‬خلف الفانتازي ُورلد ‪ -‬بولفار األسد ‪ -‬بئر حسن ‪ -‬بريوت‬ ‫هاتف‪ - (9611) 826233 :‬فاكس‪ - )9611) 820378 :‬ص‪ .‬ب ‪25/55‬‬ ‫‪info@hadaraweb.com‬‬ ‫‪www.hadaraweb.com‬‬


‫ِ‬ ‫التطرف الديني‬ ‫المساهمة في نشوء‬ ‫ العوامل االجتماعية والسياسية‬‫ّ‬ ‫(الدكتور عبد الغني عماد) ‪73........................................‬‬ ‫الجلسة الثانية‪ :‬المؤثرات اإلقليمية والدولية وعالقتهما ببروز العنف‬ ‫التكفيري ‪103...................................................................‬‬ ‫ كلمة رئيس الجلسة‪ :‬التوظيف الدولي واإلقليمي للعنف التكفيري‬‫(األستاذ بالل حسن التل) ‪105........................................‬‬ ‫ الجهات الفاعلة الحكومية‪ ،‬والقرارات المعتمدة‪ ،‬والبروز الكارثي‬‫للتطرف التكفيري‬ ‫ّ‬ ‫(الدكتور محمد مرندي) ‪113..........................................‬‬ ‫ الجماعات التكفيرية والقوى الدولية‪ :‬الرعاية وتقاطع المصالح‬‫(الدكتور جورج قرم) ‪139.............................................‬‬ ‫ العنف التكفيري من منظور القانون الدولي‬‫(األستاذ الدكتور حازم محمد عتلم) ‪145...............................‬‬ ‫العملين العسكري‬ ‫الجلسة الثالثة‪ :‬البنى التنظيمية والمالية وأنماط‬ ‫ْ‬ ‫واالجتماعي وآليات االستقطاب‪161..........................................‬‬ ‫ كلمة رئيس الجلسة‬‫(الشيخ محمد حسن زراقط) ‪163......................................‬‬ ‫ العالقة بين الجماعات‪ :‬التحالفات والنزاعات‬‫(األستاذ عبد الله سليمان علي) ‪165...................................‬‬ ‫ تنظيم الدولة اإلسالمية «داعش»‪ :‬البنى والهياكل التنظيمية والمالية‬‫وآليات االستقطاب‬ ‫(األستاذ مصطفى زهران) ‪199.........................................‬‬ ‫ جماعات العنف الجهادي‪ :‬البنى العسكرية وأساليب القتال‬‫(األستاذ سمير الحسن) ‪237...........................................‬‬ ‫‪6‬‬


‫المحتويات‬ ‫كلمة ال َّن ِ‬ ‫اش َر ْين‪9..............................................................‬‬ ‫كلمة رئيس المركز االستشاري للدراسات والتوثيق‬

‫(الدكتورعبد الحليم فضل الله) ‪13.........................................‬‬

‫كلمة رئيس مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي‬

‫(الشيخ الدكتور محمد تقي سبحاني) ‪19....................................‬‬

‫الجلسة األولى‪ :‬ظاهرة العنف التكفيري‪ :‬الجذور والخطاب ‪25............‬‬ ‫ كلمة رئيس الجلسة‬‫(األستاذ معن بشور) ‪27.............................................‬‬ ‫ البنى المعرفية والمنهجية للفكر التكفيري‪ :‬قراءة نقدية في المستند‬‫الديني‬ ‫(الدكتور عبد األمير كاظم زاهد) ‪29..................................‬‬ ‫ العنف التكفيري‪ :‬من اآلخر البعيد إلى القريب‬‫(الدكتور بدر اإلبراهيم) ‪53..........................................‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪ -‬إعادة صياغة مفهوم اإلسالم الس ّني ودوره في مواجهة اإلرهاب‬

‫(الدكتور أحمد موصللي) ‪455........................................‬‬

‫ملحقات‪459....................................................................‬‬ ‫جماعات اإلسالم السياسي‪ :‬الصعود‪ ..‬إلى الهاوية‬ ‫‬‫ُ‬

‫(الدكتورة هال رشيد أمون)‪461........................................‬‬

‫‪ -‬الجماعات التكفيرية‪ :‬الجذور‪ ،‬التحالفات‪ ،‬أساليب التجنيد‪ ،‬وسبل‬

‫المواجهة‬

‫(الدكتور ياسر الشاذلي) ‪479..........................................‬‬

‫‪ -‬كيف هزم لبنان بوحدة شعبه وجيشه ومقاومته اإلرهاب التكفيري‪،‬‬

‫ولماذا؟‬

‫(الدكتور طراد حمادة)‪503............................................‬‬

‫‪8‬‬


‫ انخراط الفئات الشابة في جماعات العنف المتطرفة‪ :‬دراسة حالتي‬‫تونس وليبيا‬ ‫صديق) ‪275............................................‬‬ ‫(األستاذ نوفل ّ‬ ‫الجلسة الرابعة‪ :‬اإلعالم وجماعات العنف التكفيري ‪281.....................‬‬ ‫ كلمة رئيس الجلسة‬‫(الدكتور عبد الله بوحبيب) ‪283.......................................‬‬ ‫ االستراتيجية اإلعالمية لداعش‪ :‬الخطاب والقدرات والوسائل‬‫(األستاذ الدكتور محمد محسن) ‪285..................................‬‬ ‫ وسائل اإلعالم العربية والغربية وموقعها من التنظيمات الدينية‬‫والمتطرفة‬ ‫(الدكتور محمد علوش) ‪309..........................................‬‬ ‫الجلسة الخامسة‪ :‬قراءات ختامية في ظاهرة العنف التكفيري وسبل‬ ‫المواجهة ‪345...................................................................‬‬ ‫ كلمة رئيس الجلسة‬‫(الشيخ ماهر حمود) ‪347.............................................‬‬ ‫ تنظيم القاعدة‪ :‬األجيال الثالثة‪ :‬رؤية عسكرية‬‫(األستاذ محمد خواجة) ‪349..........................................‬‬ ‫ التكفير عند جماعات العنف التكفيرية‪ :‬الجذور والعوامل وسبل‬‫المواجهة‪ :‬قراءة تاريخية وسيوسولوجية‬ ‫(الدكتور يحيى فرحات) ‪389..........................................‬‬ ‫ جذور اإلرهاب‪ ،‬ومصطلحاته‪ ،‬والمواقف السياسية المحيطة به‪،‬‬‫وسبل معالجته‬ ‫(العميد المتقاعد إلياس فرحات) ‪429..................................‬‬ ‫‪7‬‬


‫علمي اخترنا له عنوان‪« :‬جماعات العنف‬ ‫أخيرا على عقد مؤتمر‬ ‫الرأي‬ ‫ً‬ ‫ٍّ‬ ‫التكفيري‪ :‬الجذور والبنى والعوامل المؤ ّثرة»‪ ،‬عقد على مدى يومين‪ .‬دعونا‬ ‫ّ‬ ‫عدة‪.‬‬ ‫إليه عد ًدا من‬ ‫المهتمين باحثين ومثقّفين من دول ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّبينت لنا النقاشات التي دارت بين المؤتمرين وردود األفعال على‬ ‫تستحق الدرس والمعالجة على‬ ‫المداخالت التي ُقدِّ مت أنّ هذه الظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫اهتمام زائدٌ بها‪ .‬ومن المالحظات التي يمكن أن نشير‬ ‫الرغم من ما يبدو أنّه‬ ‫ٌ‬ ‫إليها في هذه العجالة‪:‬‬

‫مما هما ظاهرتان‬ ‫أ‪ -‬إنّ العنف واإلرهاب من الظواهر‬ ‫اإلنسانية أكثر ّ‬ ‫ّ‬ ‫البشرية من إرهاب وعنف‬ ‫دينيتان‪ ،‬فال يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمارس بهذا الشكل أو ذاك‪ .‬ويبدو أنّ توقّع المالئكة حين قالوا لله تعالى‪:‬‬ ‫مصيبا‪.‬‬ ‫[ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ]‪ ،‬كان توق ًّعا‬ ‫ً‬

‫بالبشرية من العنف‬ ‫�رارا‬ ‫ب‪ -‬إنّ العنف غير‬ ‫الديني أعمق وأكثر إض� ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الممارس تحت راية الدين‪ ،‬فإذا كانت كثير من الحروب خيضت ألسباب‬ ‫دينية سواء كانت حرب المئة عام أو أكثر منها أو ّ‬ ‫أقل‪ ،‬فإنّه تكفينا‬ ‫ودوافع ّ‬ ‫ألي ٍ‬ ‫دين فيهما‬ ‫اإلشارة إلى الحربين‬ ‫العالميتين اللتين خيضتا دون أن يكون ّ‬ ‫ّ‬ ‫راية‪.‬‬ ‫يصرح‬ ‫ج‪ -‬وال��ف��ارق األس��اس يكمن في أنّ من يقتل باسم الدين‬ ‫ّ‬ ‫الدينية على ضحاياه‪ّ ،‬أما من يقتل ألسباب أخرى ال‬ ‫بدوافعه ويتلو شعاراته‬ ‫ّ‬ ‫يجد نفسه ملز ًما بالتصريح بهذه الدوافع‪.‬‬

‫ضحية من ضحايا العنف واإلرهاب‪،‬‬ ‫د‪ -‬يبدو لنا أنّ الدين نفسه هو‬ ‫ّ‬ ‫يتحول إلى غالف تُغ ّلف به سائر‬ ‫وذلك أنّ الدين في كثي ٍر من الحاالت‬ ‫ّ‬ ‫الدوافع‪ .‬وبالتالي يتج ّلى العنف المختزن في النفوس التي تمارسه في عنفٍ‬ ‫الدينية‬ ‫يبرر عنفه بدوافعه‬ ‫ديني‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ومما يؤكّ د هذا أنّنا نجد في الدين الواحد من ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫دينية ً‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫بدوافع‬ ‫للعنف‬ ‫رفضه‬ ‫ر‬ ‫يبر‬ ‫وآخر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪10‬‬


‫كلمة ال ّن ِ‬ ‫اش َر ْين‬ ‫الربط بين اإلره��اب والعنف وبين‬ ‫تعمل دوائر ّ‬ ‫عدة في العالم على ّ‬ ‫اإلسالمي»‪،‬‬ ‫يتحول هذان المفهومان المركّ بان‪« :‬العنف‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ح ّتى كاد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي» إلى مفهومين مأنوسين ق ّلما يلتفت السامع إلى‬ ‫و«اإلره��اب‬ ‫ّ‬ ‫إشكالية الربط بينهما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وشئنا أم أبينا وأعجبنا هذا االقتران أم لم يعجبنا فهذا هو الواقع‬ ‫ومما يزيد الطين ب ّلة أنّ األمر لم يقتصر على الربط الذهني بين‬ ‫الذهني‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫انضم إلى ذلك وجود جماعات وحركات‬ ‫بل‬ ‫اإلرهاب؛‬ ‫أو‬ ‫والعنف‬ ‫اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي وغيره‪ ،‬تعمل تحت راية‬ ‫منظمة ناشطة في عدد من بالد العالم‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم وتمارس عنفها وإرهابها باسم الله والدين‪ .‬وقد دعانا هذا األمر‬ ‫إلى معالجة هذه الظاهرة للكشف عن الخلفيات والبنى الفكرية التي تستند‬ ‫تنوع انتماءاتها‪ ،‬بهدف معرفة تركيبتها الفكرية‬ ‫إليها هذه الجماعات على ّ‬ ‫ّ‬ ‫واآلليات الناجعة لمواجهتها‪.‬‬ ‫والتفكر في الحلول‬ ‫والتنظيمية‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عدة انتهينا إلى الحاجة إلى التداعي‬ ‫وبعد مناقشات وجلسات‬ ‫عمل ّ‬ ‫إلى درس هذه الظاهرة والبحث في أسبابها وفي مدى ارتباطها بالفكر‪،‬‬ ‫واستقر‬ ‫نمو هذه الحركات وانتشارها‪.‬‬ ‫ومدى تأثير الواقع االجتماعي في ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪9‬‬


12


‫مرحبة بنتائجه وجدنا أنّ من‬ ‫وبعد عقد المؤتمر وتلقّينا ردود أفعال ّ‬ ‫أخيرا على أن‬ ‫المفيد تحويل وقائعه إلى كتاب‪ .‬فدرسنا األمر‬ ‫واستقر الرأي ً‬ ‫ّ‬ ‫تنشر وقائع المؤتمر كما هي مع بعض التعديالت التي ال تخرج الكتاب عن‬ ‫لغوي‪.‬‬ ‫كونه كتاب مؤتمر سوى تحرير‬ ‫ٍّ‬ ‫وال بد من اإلش��ارة إل��ى أن جميع المشاركين في المؤتمر قدموا‬ ‫أبحاثهم مكتوبة باستثناء بعضهم‪ ،‬فاضطررنا إلى اعتماد التسجيالت‬ ‫الصوتية مع صياغتها بما يتناسب مع طبيعة النص المكتوب‪ ،‬وقد أشرنا إلى‬ ‫هذا داخل الكتاب‪ .‬واألمر نفسه فعلناه بالنسبة إلى كلمات رؤساء الجلسات‬ ‫المحترمين‪.‬‬ ‫وفي الختام ال يسعنا إال شكر جميع من أسهم في إنجاح هذا المؤتمر‬ ‫وال ندخل في متاهة ذكر األسماء لكي ال نقع في التقصير‪ .‬ونأمل أن ينال‬ ‫هذا العمل إعجاب قرائنا األعزاء‪ ،‬وال ندعي استيفاء الكالم في معالجة هذه‬ ‫الظاهرة؛ ولذا ال بد من أن تُستكمل خطوتنا بخطوات الحقة‪ ،‬علنا نسهم في‬ ‫تخطي هذه األزمة التي ألمت بأمتنا في العصر الراهن‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي‬ ‫المركز االستشاري للداراسات والتوثيق‬ ‫بيروت‪2016 ،‬‬

‫‪11‬‬


‫من جهة أخرى على االتفاق بشأن طبيعة ما ترتكبه من عنف‪ ،‬وما تتسبب به‬ ‫من أزمات‪.‬‬ ‫فالجماعات التكفيرية إنما تدشن بحسب بعض اآلراء حقبتها الخاصة‬ ‫في ليل العنف البشري الطويل‪ ،‬فتدلو بدلوها في حروب السياسة والعقيدة؛‬ ‫تنسج في ذلك على منوال من سبقها‪ ،‬وتستلهم خطواتها من أولئك الباحثين‬ ‫عن والداتهم الملحمية‪ ،‬وأمانيهم اإلمبراطورية‪ ،‬وهواماتهم العقدية‪ ،‬في‬ ‫ركام المدن وسيول الدماء وحطام المجتمعات‪.‬‬ ‫لكنها‪ ،‬وفق وجهة النظر األخرى‪ ،‬ليست مجرد حقبة جديدة للعنف‪،‬‬ ‫وال فصلاً‬ ‫ً‬ ‫ملطخا آخر من فصول التاريخ‪ .‬فاألفعال الدموية لتلك الجماعات‬ ‫التي تتباين تسمياتها ومرجعياتها وتتالقى أساليبها وممارساتها‪ ،‬إنما تعيد‬ ‫تأسيس فكرة العنف على نحو مفارق لسياقاته المعروفة‪ ،‬في هذا الجزء من‬ ‫العالم على األقل‪.‬‬ ‫تقليديا سياسي الطابع‪ ،‬هدفه الصراع‬ ‫فما نواجهه اليوم ليس عن ًفا‬ ‫ًّ‬ ‫على السلطة أو تثبيت الهيمنة‪ ،‬أو محاربة االستبداد‪ ،‬أو الدفاع عن مصالح‬ ‫اجتماعيا‪ ،‬مر ّده إلى الفقر والتهميش والتمييز‬ ‫فئات وطبقات‪ .‬وليس عن ًفا‬ ‫ًّ‬ ‫اقتصاديا يدور مدار تقاسم الثروات‬ ‫واالستبعاد واالستغالل‪ ،‬وال عن ًفا‬ ‫ًّ‬ ‫مقد ًسا‪ ،‬مع أن خناجره تُرفع باسم‬ ‫والسيطرة على الموارد‪ ،‬وال حتى عن ًفا ّ‬ ‫زعما باسم الله‪.‬‬ ‫الدين‪ ،‬وتطعن ً‬

‫لقد اختلقت هذه الجماعات في أقل من عقد من الزمن صنو ًفا من‬ ‫األه��وال‪ ،‬وأشكالاً من التنكيل بالضحايا لم يعرف هذا الشرق مثيلاً لها‬ ‫في تاريخه القائم على نصاب تعددية مشهود‪ ،‬فكان عنفها بخالف ما سبقه‬ ‫ومكتفيا بنفسه‪ .‬وهو‬ ‫خالصا‪ ،‬مطلو ًبا بذاته‬ ‫مشهديا‬ ‫أو تزامن معه‪ ،‬عن ًفا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫عنف متبجح بدائي ال يبحث عن شرعية تبرر حصوله‪ ،‬أو تخفف من وقع‬ ‫‪14‬‬


‫كلمة رئيس‬

‫المركز االستشاري للدراسات والتوثيق‬

‫الدكتور عبد احلليم فضل اهلل‬

‫نرحب بكم أجمل ترحيب في مستهل هذا المؤتمر الذي يجمع نخبة‬ ‫من الباحثين والمفكرين والمتخصصين‪ ،‬والتي ستناقش على مدى يومين‬ ‫في خمس جلسات جذور العنف التكفيري وأسبابه‪ ،‬والعوامل الفكرية‬ ‫واالجتماعية والجيوسياسية التي ساهمت في تفشي جماعاته وانتشار‬ ‫خالياه في طول العالم اإلسالمي وعرضه‪ .‬وتملؤنا الثقة بأن تشكل أعمال‬ ‫المؤتمر وأبحاثه وخالصاته إضافة علمية مفيدة في مجال فهم منطويات‬ ‫هذه الظاهرة وخلفياتها‪ ،‬وذلك بقدر ما يتسع له المقام الراهن المشحون‬ ‫بالقتل والتوحش‪ ،‬من دقة منهجية‪ ،‬وحصافة موضوعية‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو اآلتي‪ :‬هل تستحق هذه‬ ‫الجماعات مزيدً ا من البحث‪ ،‬وهي التي كشفت عن نفسها ّأيما انكشاف‬ ‫في السنوات األخيرة‪ ،‬وسال في تحليلها حبر غزير‪ ،‬بلغات عدة ومن قبل‬ ‫باحثين كثر؟‬ ‫اإلجابة هي نعم‪ .‬فثمة حاجة ماسة لرصد التحوالت المتسارعة التي‬ ‫مرت بها هذه الجماعات‪ ،‬وترقّب طفراتها اآلتية‪ ،‬فهذا يزودنا من جهة‬ ‫بالمعرفة الضرورية الحتوائها وإخماد نيرانها واستدراك مخاطرها‪ ،‬ويساعد‬ ‫‪13‬‬


‫وتعسف السلطات على اختالفها‪ ،‬سياسية كانت أم‬ ‫من غطرسة القوة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وصون الحق بالحياة واحترام الذات اإلنسانية في‬ ‫اجتماعية‪ ،‬أو الهوتية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أوضاع الحرب والسالم على حد سواء‪.‬‬ ‫إن حركات العنف التكفيري هي على طرف نقيض من ذلك‪ ،‬فمنطقها‬ ‫األخ�لاق��ي المتهافت يتناقض مع الجوهر األخ�لاق��ي للوحي اإللهي‪،‬‬ ‫وخطابها السياسي الالعقالني والالمعقول يعاند وعلى نحو انتحاري حركة‬ ‫تمزق‪ ،‬هكذا وبضربة سيف واحدة ودون أدنى حظ‬ ‫التاريخ‪ ،‬وهي تريد أن ّ‬ ‫من النجاح‪ ،‬المواثيق والعهود اإلنسانية‪ ،‬في نزعة دنيوية معادية للحضارة‬ ‫المادية ومجافية للمبادئ الروحية والمعنوية‪.‬‬ ‫على أن استثنائية حركات التكفير وعنفها المفارق‪ ،‬ال ينكر أنها‬ ‫كانت وما زالت‪ ،‬جز ًءا ال يتجزأ من سياق أوسع من حدود الظاهرة نفسها‪.‬‬ ‫فصعودها ال ينفصل عن دعوات دينية وعقدية استوطنت هذا الشرق قبل‬ ‫ونبذ حق االختالف‪ ،‬بل وإنكار حق‬ ‫قرنين‪ ،‬وب َنت عصبياتها على االنغالق ْ‬ ‫اآلخر المختلف بالوجود‪ ،‬مستندة في ذلك إلى رفض ال هوادة فيه لالجتهاد‬ ‫وجردت أعماقه‬ ‫والرأي‪ ،‬فأطاحت في طريقها بالعقل‪ ،‬وقهرت روح النص‪ّ ،‬‬ ‫تباعا وباطراد‪ ،‬مع توالي‬ ‫من األمثوالت والمعاني التي تعلن عن نفسها ً‬ ‫وتبدل األحوال‪.‬‬ ‫العصور وتعاقب األزمنة ّ‬ ‫لقد رفعت هذه الدعوات كل محاججة مشروعة إلى مرتبة الشقاق‬ ‫والفرقة واإلقصاء‪ ،‬متجاهلة أن تراث اإلسالم الغني والغزير لم يجمد على‬ ‫تأويل واحد‪ ،‬ولم تُعرف فيه حدود فاصلة وال فوارق صارمة بين التيارات‬ ‫العقدية والفلسفية والمذاهب الفقهية المتدفقة في كل اتجاه‪ ،‬تلك التي‬ ‫عدة‪ ،‬في‬ ‫مرات ّ‬ ‫تنازعت في ما بينها مرة‪ ،‬وتحاورت أو تكاملت في ما بينها ّ‬ ‫سيولة وتشابك ّ‬ ‫قل نظيرهما‪.‬‬ ‫وال ينفصل صعود الحركات التكفيرية وعنفها عن تواطؤ مضمر مع‬ ‫‪16‬‬


‫ارتكاباته؛ بل يجد سحره وجاذبيته في إبراز ما فيه من قسوة وضغينة‪ ،‬وفي‬ ‫اإلفصاح عما ينطوي عليه من حقد وتمييز وكراهية‪.‬‬ ‫على أن جماعات العنف التكفيري التي شهدنا صعود خطها البياني في‬ ‫العقدين األخيرين‪ ،‬والتي تبدلت أولوياتها وأهدافها مرات عدة‪ ،‬إنما تمثّل‬ ‫وبكل ما للكلمة من معنى ردة عن ثالث ثورات عرفتها البشرية‪:‬‬ ‫ثورة أخالقية أسست لها الديانات السماوية وأطلقها اإلسالم من أسر‬ ‫الجاهلية‪ ،‬وزرع قيمها التأسيسية في صلب المسيرة اإلنسانية الكبرى الباحثة‬ ‫عن األخ� ّ�وة والرحمة والعدالة والقسط‪ ،‬لتصير األخ�لاق ج��ز ًءا ال يتجزأ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومبدأ لتعارف األقوام‬ ‫وشرطا من شروط انتظام الجماعة‪،‬‬ ‫من حياة الفرد‪،‬‬ ‫والجماعات‪ ،‬وقيدً ا ال فكاك منه في عالقات التآلف والخصومة‪ ،‬وفي‬ ‫أحوال الرخاء والشدة‪.‬‬ ‫مجدت العقل وجعلت حياة الناس وتجاربهم عقالنية‬ ‫وثورة معرفية‪ّ ،‬‬ ‫ومعقولة‪ ،‬عقالنية بمعنى السعي إلى تحقيق غايات مفيدة‪ ،‬ومعقولة بمعنى‬ ‫أن سعي فئة ما إلى تحقيق غاياتها الخاصة ال بد من أن ينسجم مع الغايات‬ ‫العامة للمجتمع‪ ،‬ويحظى بحد أدنى من المقبولية واالعتراف من الفئات‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫وهي ً‬ ‫أيضا ردة عن الثورة الحقوقية‪ ،‬التي أتت بعد قرون من التناحر‬ ‫والتقاتل والظلم‪ ،‬والسيما في داخل الغرب أو من خالله‪ .‬ثورة حقوقية‬ ‫عبرت عنها شرائع ومواثيق كان لها اليد الطولى في تكريس حقوق الشعوب‬ ‫ّ‬ ‫في الحرية والكرامة واالستقالل وتقرير المصير‪ ،‬وحفظ حق اإلنسان في‬ ‫التفكير والتعبير‪ ،‬والحصول على نصيب منصف من الدخل‪ ،‬وحصة عادلة‬ ‫من اإلنتاج‪.‬‬ ‫لقد كان الغرض األبعد لثورة الحقوق هذه هو حماية الفئات األضعف‬ ‫‪15‬‬



‫مد النفوذ وتبرير التدخل‬ ‫قوى دولية وإقليمية‪ ،‬وجدت فيها ضالتها‪ ،‬من أجل ّ‬ ‫وتصعيد الهيمنة‪ ،‬واستنزاف رافضي األطماع الخارجية ومقاومي مشاريع‬ ‫االحتالل والسيطرة واالستيطان‪ ،‬في زمن صار ممك ًنا فيه لألسف‪ ،‬خلط‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بنضال نبيل ومشروع‪.‬‬ ‫مغال وعدمي‬ ‫األوهام بالحقائق‪ ،‬وتبرير عنف‬ ‫وال ينفصل ب��روز هذه الجماعات ً‬ ‫أيضا عن إخفاق مجتمعاتنا في‬ ‫بناء دولة حديثة ذات مشروعية راسخة‪ ،‬وعن اقتصادات الريع والغنيمة‬ ‫التي أفاضت على هذه الجماعات سيلاً من الدعم المالي الرسمي وغير‬ ‫ّ‬ ‫فتمكنت مستعينة به‪ ،‬من تطوير ُبناها التنظيمية‪ ،‬وتقوية هياكلها‬ ‫الرسمي‪،‬‬ ‫العسكرية‪ ،‬وإبهار الحواضن االجتماعية المفقرة والمتروكة لمصيرها‪ ،‬وها‬ ‫هي تقتنص من أبنائها أولئك المتروكين في قاع المجتمعات‪ ،‬والواقفين‬ ‫لتزجهم في آلة عنفها‪،‬‬ ‫على قارعة اقتصادات الريع والنهب والفساد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سهلت الثورة التكنولوجية بدورها‬ ‫وتحولهم إلى وقود في حروبها‪ .‬وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمليات التجنيد‪ ،‬وساهمت بأيسر السبل في نشر غواية القتل والتدمير‬ ‫طرية يافعة‪.‬‬ ‫والعبث بعقول ّ‬ ‫التعمق في فهم هذه الظاهرة‪ ،‬وإبراز اآلراء‬ ‫إن هدف هذا المؤتمر هو‬ ‫ّ‬ ‫والتحدي الذي سنواجهه في هذين‬ ‫المتنوعة وحتى المتباينة في تحليلها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نقدم‬ ‫اليومين‪ ،‬أن ننجح بتمييز ما هو سياسي عما هو‬ ‫دراسي وعلمي‪ ،‬وأن ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫أفكارنا وتحليالتنا بجدية وصراحة وحرص‪ ،‬دون أن نالمس حدود التعبئة‬ ‫عصبا مشدو ًدا هناك‪ ،‬وطموحنا هو إح��داث نقلة منهجية‬ ‫نمس‬ ‫هنا‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تضع الجماعات التكفيرية خارج خطوط االنقسام المعروفة والمشروعة‬ ‫في اإلسالم بين المدارس والمذاهب‪ ،‬وتُلقي بها بعيدً ا عن التيار الرئيسي‬ ‫العريض الذي يضم اجتهاداته واتجاهاته الرئيسية كافة‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫توضيح‬ ‫ومما نحن م��دع� ّ�وون إليه في مثل ه��ذه الحلقات العلمية‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫المصطلحات وتحديدُ ها‪ ،‬في سبيل تأمين التفاهم بين المتحاو ِرين؛‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مثل‪ :‬اإلره� ِ‬ ‫كلمات َ‬ ‫وذلك أنّنا نرى أنّ‬ ‫والعنف‪ ،‬والتكفي ِر‪ ،‬وما شابه‬ ‫�اب‪،‬‬ ‫ربما ال تحظى با ّت ٍ‬ ‫فاق أو إجماع على‬ ‫من المفاهيم التي يكثر استعمالها‪ّ ،‬‬ ‫دالالتها‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫جهد‪ ،‬وفكر ًة إلى ٍ‬ ‫رأي‪،‬‬ ‫نض ّم جهدً ا إلى‬ ‫نأمل في هذا المؤتمر أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫والخفي ِة أحيانًا لظاهرة‬ ‫الحقيقية‬ ‫الكشف عن بعض الزوايا‬ ‫لع ّلنا نُوفَّق إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫التكفيري‪ ،‬بعيدً ا عن الضوضاء اإلعالمية والصخب‬ ‫اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ومن باب الرغبة في تحقيق تفاهم دقيق‪ُ ،‬‬ ‫يتم‬ ‫أميل إلى الحذر من مجالين ّ‬ ‫النظام‬ ‫فيهما استعمال كلمتي اإلرهاب والتكفير‪ ،‬وهذان المجاالن هما‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫السياسي المعاصر الذي يسمح باالستناد‬ ‫الحاكم على الخطاب‬ ‫المعنائي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترغب في‬ ‫وما‬ ‫الذات‬ ‫لتبرير‬ ‫أو‬ ‫ف‬ ‫المختل‬ ‫اآلخر‬ ‫إلدانة‬ ‫المفاهيم‬ ‫هذه‬ ‫إلى‬ ‫ُ‬ ‫اإلقدا ِم عليه من ٍ‬ ‫فعل‪.‬‬ ‫التراثي الحافل بالمصطلح الثاني‬ ‫الديني‬ ‫الخطاب‬ ‫والمجال الثاني هو‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شتق منها‪ .‬وال ّ‬ ‫شك في أنّ‬ ‫للتطرف والعنف‬ ‫ومشتقّاته أي بما ّدة َك َف َر وما ُي ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتعددة ج��ذورا في ِ‬ ‫السياسية‪ ،‬كما‬ ‫تربة السياسة واألوض��اع‬ ‫بأشكالهما‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حصر هاتين‬ ‫ولكن‬ ‫الديني عبر التاريخ‪،‬‬ ‫وتأثير وتأ ّث ٌر بالفكر‬ ‫لهما امتدادات‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية بمنبعي الدين والسياسة‬ ‫المدمرتين لإلنسان والحضارة‬ ‫الظاهرتين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرماد ليعو َد‬ ‫ال َي ُح ُّل المشكلة وال يقضي عليها‪ ،‬وإنّما يترك‬ ‫َ‬ ‫جمرها تحت َّ‬ ‫اإلنسانية ُفيح ِرق األخضر‬ ‫إلى االشتعال من جديد في ساحة االجتماعات‬ ‫ّ‬ ‫واليابس كما يفعل في هذه األيام‪.‬‬ ‫تمتد جذورها في‬ ‫ظواهر‬ ‫بلى؛ إنّ العنف واإلره��اب وما شابه من‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسانية‬ ‫المجتمعات‬ ‫اإلنساني ك ّله‪ ،‬وال يكاد يخلو مجتمع من‬ ‫التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن النسخ المعاصرة‬ ‫واألخالقية‪،‬‬ ‫واالجتماعية‬ ‫الفكرية‬ ‫من هذه اللوثة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪20‬‬


‫كلمة رئيس‬

‫مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي‬

‫الشيخ الدكتور حممد تقي سبحاين‬

‫ال ّ‬ ‫شك في أنّ‬ ‫قضية التكفير واإلرهاب من أخطر القضايا التي تواجهها‬ ‫ّ‬ ‫األم ُة في العصر الراهن؛ بل العالم ك ّله‪ ،‬كما هي من أكثر الظواهر المعاصرة‬ ‫ّ‬ ‫األولويات‬ ‫تعقيدً ا‪ .‬ويبدو أنّ هاتين الظاهرتين سوف تبقيان في رأس الئحة‬ ‫ّ‬ ‫أهمية هاتين‬ ‫والسياسية في السنوات القادمة‪ .‬ويكفي إلثبات‬ ‫الثقافية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كبيرا من المؤسسات األمنية والثَّقافية على المستوى‬ ‫الظاهرتين أنّ عد ًدا ً‬ ‫محورا الهتمامها‪ ،‬ومن‬ ‫والعالمي جعلت منهما‬ ‫المح ّلي واإلقليمي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫المؤش ِ‬ ‫أيضا أنّ وسائل اإلعالم العالمية ال تخلو من خب ٍر عن ٍ‬ ‫ّ‬ ‫رات الدا ّل ِة ً‬ ‫شأن‬ ‫ٍ‬ ‫مرتبط بهاتين الظاهرتين وبشَ ٍ‬ ‫يومي‪ ،‬وألجل هذا ق ّلما تُعقد محادثات بين‬ ‫كل‬ ‫ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫موقف‬ ‫التكفيري ثالثَهما‪ ،‬وق ّلما يؤخذ‬ ‫سياسيين وال يكون اإلرهاب‬ ‫طرفين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سياسي ال يذكر فيه اإلرهاب أو أحد إخوانه وأخواته‪.‬‬ ‫ٌّ‬

‫العلمية‬ ‫وقد شهدت السنوات األخيرة عد ًدا من المؤتمرات والندوات‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫محاولة‬ ‫دراسة واهتمامٍ‪ .‬وهذا المؤتمر‬ ‫محور‬ ‫لدرس هذه الظاهرة وما زالت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ونأمل من هذا المؤتم ِر‬ ‫ت َُض ّم إلى المحاوالت السابقة في هذا المجال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫العلمي في مجال عرض األفكار واآلراء وطرح السبل‬ ‫استئناف الجهد‬ ‫ّ‬ ‫والوسائل التي تُس ِهم في فهم هذه الظاهرة واكتشاف سبل التغ ّلب عليها‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫تقدم أعاله ال يمكن حصر اإلرهاب في بعده الديني‬ ‫ثالثًا‪ :‬وبنا ًء على ما ّ‬ ‫معا لتكوين‬ ‫أو‬ ‫الثقافي؛ بل ال ّ‬ ‫بد من النظر إلى سائر األبعاد التي تشترك ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫جميعا في والدة هذه‬ ‫واشتراك هذه العناصر‬ ‫ظاهرة اإلره��اب المعاصر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫الظاهرة هو ٌ‬ ‫سمات النسخة المعاصرة‪.‬‬ ‫سمة من‬ ‫ٍ‬ ‫االجتماعية ك ّلها؛ حيث‬ ‫ولقائل أن يقول هذه هي حال الظواهر‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫التصور‬ ‫مجموعة من العوامل إلنتاجها‪ .‬ونحن نوافق على هذا‬ ‫تتضامن‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫بنظرية العامل‬ ‫اإلنسانية ال يمكن تفسيرها‬ ‫االجتماعية‬ ‫ونؤمن بأنّ الظواهر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫محل ال� ِ‬ ‫ِّ‬ ‫اشتراك هذه‬ ‫�درس هو‬ ‫الظاهرة‬ ‫ولكن الملفت في هذه‬ ‫الواحد؛‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫هوية هذه الظاهرة‬ ‫وتضام ُنها‬ ‫العوامل‬ ‫ُ‬ ‫الكامل إلى حدٍّ ال يسمح بتشخيص ّ‬ ‫ِ‬ ‫سياسية أو ما شابه‪ .‬وهذا ما يسمح لنا بالدعوة إلى‬ ‫دينية أو‬ ‫ّ‬ ‫ووصفها بأنّها ّ‬ ‫صية‪ ،‬تشترك فيها‬ ‫موضوعا لدراسات‬ ‫عد اإلره��اب والتكفير‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بين‪-‬تخص ّ‬ ‫الفلسفية‬ ‫عدة مثل‪ :‬علم االجتماع وعلم النفس مضا ًفا إلى الدراسات‬ ‫علوم ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫واألخالقية‪.‬‬ ‫والفقهية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف‬ ‫ثمة س��ؤال ُي��ط��رح ف��ي ال��دراس��ات الحديثة ح��ول‬ ‫راب� ً�ع��ا‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫رجعي ًة‬ ‫قديم يستند إلى التراث ويمثّل نظرة‬ ‫ّ‬ ‫التكفيري‪ ،‬وهو‪ :‬هل هذا اال ّتجاه ٌ‬ ‫ّ‬ ‫وتط ّل ًعا إلى الوراء‪ ،‬أم هو ٌ‬ ‫حداثوي؟ وال‬ ‫حداثوي من التفكير أو ما بعد‬ ‫نمط‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫بتعدد اال ّتجاهات‬ ‫تتعدد ّ‬ ‫ت ّتفق اإلجابات في الر ّد على هذا السؤال‪ ،‬وإنما ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تؤيد ما تنتهي‬ ‫وتتنوع زوايا المقاربة‪ ،‬وال ت ُْعدَ م ّ‬ ‫أي مقاربة من الشواهد التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتود إثباتَه‪.‬‬ ‫إليه‪ُّ ،‬‬

‫ِ‬ ‫إنّ وجو َد نماذج من هذا التطر ِ‬ ‫والعملي ِة في‬ ‫الفكري ِة‬ ‫المواقف‬ ‫ف في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي يدعم النظرة القائلة بانتماء هذه الظاهرة إلى‬ ‫الفكري‬ ‫التراث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إسالمية‪ ،‬ومن النماذج التي تذكر ع��ادةً‪ :‬الخوارج والحشّ اشون‪،‬‬ ‫أصول‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫والفقهي ِة‬ ‫الكالمي ِة‬ ‫عبرت عن نفسها في الجداالت‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وغيرهم من الفرق التي ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتطرف فيه‪،‬‬ ‫ثمة من يرى أنّ ما نشهدُ ه اليوم من تكفير‬ ‫والسياسية‪ .‬ومن هنا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪22‬‬


‫ِ‬ ‫القديمة بمجموعة من الخصائص‬ ‫لإلرهاب والتكفير‪ ،‬تمتازُ عن أسالفها‬ ‫أهمها في ما يأتي‪:‬‬ ‫نعرض ّ‬

‫تنظيرا‬ ‫مجرد عنف وإرهاب؛ بل نحن نواجه‬ ‫ً‬ ‫أول‪ :‬ما نواجهه اليوم ليس ّ‬ ‫المستبدون‬ ‫لهما‪ ،‬يبغي إضفاء القداسة على هذه الممارسات‪َ .‬فأنْ ُيما ِرس‬ ‫ّ‬ ‫شيء‪َ ،‬‬ ‫وأنْ ِّ‬ ‫ينظر هؤالء لممارساتهم ويستندوا في‬ ‫المتدينون اإلرهاب‬ ‫أو‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫آخر‬ ‫واألخالقية‬ ‫الفلسفية والكالمية والفقهية‬ ‫تبريرها إلى المبادئ‬ ‫ٌ‬ ‫شيء ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫درس‬ ‫االختالف عن الممارسة‬ ‫تمام‬ ‫مختلف َ‬ ‫المجردة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ينبغي أن ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫والفكرية التي‬ ‫الزاوية؛ للكشف عن المبادئ النظرية‬ ‫التكفير وإرها ُبه من هذه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يستند إليها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ظاهرة‬ ‫تحوله إلى‬ ‫ً‬ ‫ثانيا‪ :‬السمة الثانية التي تَس ُم اإلرهاب المعاصر هي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫إنسانيا دون غيره‪،‬‬ ‫مجتمعا‬ ‫عالمية‪ ،‬ال تقتصر على دين دون آخر‪ ،‬وال تصيب‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫األيام في المجتمعات‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫س‬ ‫مار‬ ‫ي‬ ‫فاإلرهاب‬ ‫قرينه‪،‬‬ ‫دون‬ ‫ا‬ ‫فكري‬ ‫ا‬ ‫ار‬ ‫تي‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫وال ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫التيارات‪ ،‬وم��ن هنا يمكننا الحديث عن إره��اب‬ ‫ك ّلها وم��ن قبل جميع ّ‬ ‫بوذي إلى آخر الالئحة‪ ،‬كما إنّ‬ ‫يهودي أو‬ ‫مسيحي‪ ،‬وثالث‬ ‫إسالمي‪ ،‬وآخر‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫لاًّ‬ ‫محل في‬ ‫وأي‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫له‬ ‫حجز‬ ‫ة‬ ‫العلماني‬ ‫إلى‬ ‫يستند‬ ‫الذي‬ ‫العنف‬ ‫أو‬ ‫اإلرهاب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنساني المعاصر خالل حربين خاضهما مطلع القرن الماضي‪.‬‬ ‫التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫وخاض غيرهما بالتقسيط خالل ذلك القرن والقرن الذي نحن فيه‪ .‬وما‬ ‫ُ‬ ‫تبدل المصطلح من‬ ‫نقوله عن اإلرهاب‬ ‫يصدق على التكفير على الرغم من ّ‬ ‫دينية إلى أخرى‪.‬‬ ‫مدرسة ّ‬ ‫فكرية أو ّ‬ ‫ومن هنا ال ينبغي أن نَغ َفل عند معالجة ظاهرة التكفير واإلرهاب عن‬ ‫النماذج األخرى التي قد تختلف في الصورة؛ ولك ّنها تشترك في الجذور‬ ‫المتدينين من قبل التيارات العلمانية بالتخ ّلف‬ ‫هام‬ ‫التي تستند إليها‪ .‬أليس ا ّت ُ‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية عند أول‬ ‫هام بالخيانة‬ ‫والرجعية شكلاً من أشكال التكفير؟ أليس اال ّت ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫لاً‬ ‫الديني؟‬ ‫سياسي شك من أشكال التكفير غير‬ ‫اختالف أو تنافس‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫‪21‬‬


‫المسؤولية‬ ‫بتحمل هذه‬ ‫الديني‪ ،‬وهم مطالبون‬ ‫المشتغلين على الفكر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫سوف‬ ‫استخفاف في هذا المجال‬ ‫التاريخية الخطيرة‪ ،‬وإنّ أي تساهل أو‬ ‫ّ‬ ‫اإللهي قبل أن يجعلنا في مواجهة محكمة‬ ‫العدل‬ ‫محكمة‬ ‫مواجهة‬ ‫في‬ ‫يجعلنا‬ ‫ّ‬ ‫التاريخ التي ال ترحم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ونظامنا‬ ‫الفكري‬ ‫مدعوون إلى إعادة النظر في تراثنا‬ ‫ومن هنا‪ ،‬نحن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القيمي لنخ ِرج منهما ّ‬ ‫كل ما يمكن أن يكون مو ّلدً ا لإلرهاب والعنف غي ِر‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ودينيا‪ .‬ومن جهة ثانية على كل ناطق باسم‬ ‫أخالقيا‬ ‫المبرر‬ ‫المشروع وغير‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬ ‫الفكر والثقافة أن ُي ِ‬ ‫السلبي من التكفير‬ ‫سمع الدنيا صوت إدانته لهذا النمط‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والجهالة‪.‬‬ ‫الجهل‬ ‫صوت‬ ‫والعقالنية على‬ ‫العقل‬ ‫صوت‬ ‫يعلو‬ ‫ُ‬ ‫والتفكير‪ ،‬لكي َ‬ ‫ّ‬

‫أجدد الشكر لجميع اإلخوة واألخ��وات لتشريفهم ّإيانا‬ ‫وفي الختام ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجل أن يجعلنا‬ ‫عز‬ ‫واستجابتهم دعوتَنا إلى هذا اللقاء‬ ‫العلمي‪ ،‬وأسأل الله ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحمل مسؤولية هذه الرسالة الملقاة على‬ ‫من الذين ُي� َ�ؤ ُّدون‬ ‫واجبهم في ّ‬ ‫َ‬ ‫جميعا‪ .‬والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬ ‫عواتقنا‬ ‫ً‬

‫‪24‬‬


‫ِ‬ ‫اإلسالمي ِة‪ ،‬وتب ّنت‬ ‫الفكري ِة‬ ‫البيئة‬ ‫لتيارات ُولِدت في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إنّما هو إعادة تجسيد ّ‬ ‫واإلنسانية‬ ‫العقالنية‬ ‫سطحي ًة أحادية الجانب إلى الدين‪ ،‬وجانبت‬ ‫نظر ًة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التصور‬ ‫الدينية‪ .‬ولسنا ننكر على هذا‬ ‫وتج ّنبتهما في تعاملها مع النصوص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحة؛ ولك ّننا في الوقت نفسه ال نقدر على تجاهل العناصر‬ ‫نصيبه من‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫�ي‬ ‫�‬ ‫اآلل‬ ‫التعامل‬ ‫�ك‪:‬‬ ‫�‬ ‫ذل‬ ‫�ن‬ ‫�‬ ‫وم‬ ‫ف‪،‬‬ ‫التطر‬ ‫�ذا‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫إليها‬ ‫يستند‬ ‫قد‬ ‫التي‬ ‫الحديثة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والبراغماتي مع الدين‪ ،‬واالستفادة من النماذج واألساليب الحديثة في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الدينية‪،‬‬ ‫خاطئ لألفكار‬ ‫تطبيق‬ ‫واالجتماعية واستخدامها في‬ ‫السياسية‬ ‫اإلدارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حس ُب أصحا ُبها‬ ‫واقتباس‬ ‫َ‬ ‫فاشية وغي ِرها بغي َة تحقيق الغايات التي َي َ‬ ‫تجارب ّ‬ ‫َ‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫أغراضهم‬ ‫أنّها تخدم‬ ‫ّ‬

‫وأخيرا ال ينبغي أن نَغ َفل‪ ،‬في تحليلنا لهذه الظواهر المشؤومة التي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حداثويا بكل ما‬ ‫تعليما‬ ‫نحن بصدد معالجتها‪ ،‬عن أنّ أبرز قياداتها تلقَّوا‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قصيرة من أعما ِرهم؛ بل إنّ بعضهم له‬ ‫لفترات غي ِر‬ ‫للكلمة من معنى‪ ،‬وذلك‬ ‫التدين‪،‬‬ ‫تحول بعد ذلك إلى‬ ‫تاريخ من تب ّني الفك ِر غير‬ ‫ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫الديني واعتناقه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخصوصيات‬ ‫لمآرب أخرى‪ .‬ومن هنا‪ ،‬نرى ضرورة مالحظة هذه‬ ‫صاد ًقا أو‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وتسهم في‬ ‫الخاصة‪،‬‬ ‫ديني بسمتها‬ ‫اإلرهاب‬ ‫الفريدة التي ت َِسم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الموسوم بأنّه ٌّ‬ ‫تميز بي َنه وبين النسخ القديمة التي تشاركه في‬ ‫تشكيل ّ‬ ‫هويته الفريدة التي ّ‬ ‫المكونة للهوية‪.‬‬ ‫الفعل واألثر‪ ،‬وفي شيء من العناصر‬ ‫ّ‬ ‫ما ُذ ِكر أعاله‪ ،‬ما هو إال ٌ‬ ‫تستحق‬ ‫باقة من األسئلة والمالحظات التي‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعتماد‬ ‫علمي ٍة‪ ،‬مع‬ ‫بطريقة‬ ‫واألطروحات حولها‬ ‫اإلجابات‬ ‫وتقديم‬ ‫التأم َل فيها‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫منهجية واضحة المعالم؛ لكي نخرج من هذا المؤتمر الكريم وقد أضفنا إلى‬ ‫ّ‬ ‫طرحا‪ ،‬وإلى األفكار المطروحة فكرةً‪.‬‬ ‫الطروحات‬ ‫ّ‬ ‫المقدمة ً‬ ‫اإلنسانية‬ ‫نعم؛ إنّ مواجهة هذه الظاهرة المد ِّمرة لإلنسان والحضارة‬ ‫ّ‬ ‫متعددة األبعاد بد ًءا من السياسة واألمن واالقتصاد والثقافة‬ ‫يجب أن تكون ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وبخاصة‬ ‫المسؤولية األثقل ملقا ًة على عاتق المثقّفين‬ ‫والفكر‪ ،‬ولكن تبقى‬ ‫ّ‬ ‫‪23‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.