SCIENTIFIC AMERICAN ARABIC مجلة العلوم النسخة العربية - المجلد_28 - العددان 3\4

Page 1

‫املجلد ‪ 28‬ـــ العددان ‪4/3‬‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪March / April 2012‬‬

‫احتفال بجوائز نوبل‬

‫العددان ‪ 288/ 287‬ــــ السعر‪ 1.500 :‬دينار كويتي‬

‫حليف جديد ضد السرطان‬

‫دراسات على الدماغ لتنشئة متعلم أفضل‬

‫اختراق ڤيروسي للشبكة يطفىء األنوار‬

‫أفكار تغير العالم‬

‫خبيرة بتقدير سالمة اخللية‬


‫صدر حديثا عن‬ ‫( )‬

‫هيئة املوسوعة العربية‬

‫‪The Abdus Salam‬‬ ‫‪International Centre for‬‬ ‫) ()‪Theoretical Physics (ICTP‬‬

‫دراسات في‬

‫‪Trieste - Italy‬‬

‫مِ َ‬ ‫نـح ‪GRANTS‬‬

‫علم اآلثار‬ ‫واللغات‬ ‫القدمية‬

‫مقدمة من‬

‫بجزأين‬

‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬

‫(٭٭)‬

‫‪Kuwait Foundation for the‬‬ ‫)‪Advancement of Sciences (KFAS‬‬

‫لتمكني الباحثني في اجلامعات ومراكز األبحاث‬ ‫العربية من املشاركة في األنشطة العلمية‬

‫تأليف‪:‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬نائل حنون‬

‫يعرض هذا الكتاب مجاالت علم اآلثار وآفاقه ومس� � ��تجداته في التعامل مع أسرار املاضي‬ ‫واس� � ��تجالء ما انطوت عليه‪ ،‬ويكش� � ��ف العمق املجهول من تاريخ اللغة العربية من خالل مدونات‬ ‫اللغات القدمية التي س� � ��بقت التاريخ املعروف لتدوين العربية‪ .‬وفي مجال النصوص املس� � ��مارية‬ ‫يفتح هذا الكتاب مغاليق دراس� � ��ة اللغتني الس� � ��ومرية واألكادية ويبس� � ��ط قراءة نصوصهما على‬ ‫اخت� �ل��اف لهجاته� � ��ا ومواضيعها‪ .‬إنه كتاب له منهج جديد يراد من� � ��ه أن يفتح أبوابا جديدة نطل‬ ‫منها على حضارة قدمت الكثير للحضارة اإلنسانية‪.‬‬ ‫ويأخذ الكتاب قارئه إلى عالم الكتابة األولى في تاريخ البشرية ليطلعه على أسرار ابتكارها‬ ‫وتطويره� � ��ا‪ .‬ويعالج الكتاب في جزئ���ه األول‪ ،‬امتداد أصول الكتابة والتوثيق في عصور ما قبل‬ ‫التاريخ‪ ،‬حيث يتناول في الفصل األول ابتكار الكتابة األولى واملس� � ��ألة السومرية‪ .‬وفي الفصل‬ ‫الثان���ي‪ ،‬يع� � ��رض دور علوم البيئة األثرية فيهما‪ .‬ويوضح في الفصل الثالث العالقة بني اللغتني‬ ‫الشقيقتني العربية واألكادية‪ ،‬مقدما للقارئ صورة منهجية المتداد جذور لغتنا العربية في عمق‬ ‫التاريخ‪ .‬وفي الفصل الرابع‪ ،‬يعرف الكتاب قارئه بعالمات الكتابة املسمارية ليمكنه من التعامل‬ ‫مع نصوص هذه اللغة‪.‬‬ ‫وفي جزئه الثاني يس� � ��تعرض الكتاب اللغتني السومرية واألكادية‪ ،‬من حيث خصائصهما‬ ‫ولهجاتهم� � ��ا وقواعدهما‪ ،‬مع قراءة وترجمة لنصوص ف� � ��ي كلتا اللغتني وقاموس مختصر لهما‪.‬‬ ‫وسيالحظ قارئ هذا الكتاب أنه غني مبا يقدمه من معلومات علمية ورصني مبنهجه‪.‬‬ ‫جزء من نص يعود إلى مؤسس ساللة‬ ‫أور الثالثة [‪ 2095-2112‬ق‪.‬م]‪:‬‬ ‫في اليمني استنساخ للنص كما يظهر‬ ‫على اآلجر‪ ،‬وفي اليسار النص نفسه مدون‬ ‫باخلط املسماري (اآلشوري احلديث)‪.‬‬

‫( ) دمشق ‪ -‬الروضة ‪ -‬ص‪.‬ب‪:‬‬ ‫هاتف‪ - 3315205 - 3315204 :‬فاكس‪:‬‬ ‫املوقع اإللكتروني‪www.Arab-ency.com :‬‬ ‫‪7296‬‬

‫‪+(963) 11 3315207‬‬

‫ملركز عبدالسالم الدولي‬ ‫للفيزياء النظرية‬ ‫تريستا (إيطاليا)‬

‫تتي� � ��ح االتفاقية املعقودة من� � ��ذ عام‬ ‫بني «مؤسس���ة الكويت للتق���دم العلمي»‬ ‫و«مركـ���ز عبدالس�ل�ام الدول���ي للفيزياء‬ ‫النظري���ة ف���ي تريس���تا» للباحث� �ي��ن ف� � ��ي‬ ‫اجلامعات ومراكز األبحاث العربية‪ ،‬املشاركة‬ ‫في أنشطة هذا املركز من خالل املنح املقدمة‬ ‫من قِ َبل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‪.‬‬ ‫‪1981‬‬

‫تغطي كل منحة نفقــات س � � �ـفر املرشــح‬ ‫و‪/‬أو مصـاريف إقامتـه في مدينـة تريسـتا‬ ‫لفترة تتحدد بفترة النش� � ��اط املش� � ��ارك فيه‬ ‫على أال تزيد عن ثالثني يو ًما‪.‬‬ ‫وعلى املتقـ� � ��دم أن ميأل طلبا خاصا ميكن‬ ‫احلصـ� � ��ول عليه مـ� � ��ن املرك� � ��ز ‪ ICTP‬أو من‬ ‫املؤسس� � ��ة ‪ KFAS‬وترس� � ��ل نس� � ��خة من هذا‬ ‫الطلب إلى املركز وأخرى إلى املؤسسة‪.‬‬ ‫ويجري اختيار املرشحني لهذه املنح من قبل‬ ‫املركز ‪ ICTP‬بالتشاور مع املؤسسة ‪.KFAS‬‬ ‫(٭) ‪Strada Costiera11, 34014 Trieste, Italy‬‬ ‫‪Tel. +39 040 2240 111; Fax +39 040 224 163‬‬ ‫‪sci_info@ictp.it, www.ictp.it‬‬

‫(٭٭) ص‪.‬ب ‪ 25263‬الصفاة ‪ 13113‬الكويت‬ ‫هاتف‪22425899 - 22425897 - 22426207 :‬‬ ‫فاكس‪22403897 :‬‬ ‫‪E-mail:author@kfas.org.kw‬‬ ‫‪www.kfas.org‬‬


‫املجلد ‪ 28‬ـــ العددان‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪288/287‬‬

‫الهيئة االستشارية‬

‫عدنان شهاب الدين‬ ‫رئــيـس الهيـئــــة‬

‫عبداللطيف البدر‬ ‫نائب رئيس الهيئة‬

‫عدنان احلموي‬

‫رئيس حترير مجلة العلوم‬ ‫مراسالت التحرير توجه إلى‪:‬‬ ‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬ ‫شارع أحمد اجلابر‪ ،‬الشرق ‪ -‬الكويت‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 20856 :‬الصفاة‪ ،‬الكويت ‪13069‬‬ ‫عنوان البريد اإللكتروني‪ - oloom@kfas.org.kw :‬موقع الوِ ب‪www.oloommagazine.com :‬‬ ‫هاتف‪ - )+965(22428186 :‬فاكس ‪)+965(22403895 :‬‬ ‫اإلعالنات في الوطن العربي يتفق عليها مع قسم اإلعالنات باملجلة‪.‬‬

‫‪Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed to‬‬ ‫‪SCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111‬‬ ‫‪Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O.Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895‬‬

‫ ‬

‫عضو الهيئة ــ رئيس التحرير‬

‫شارك في هذا العدد‬ ‫خضر األحمد‬ ‫سعيد األسعد‬ ‫عمر البزري‬ ‫محمد بغدادي‬ ‫عدنان احلموي‬

‫سعر العدد‬ ‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫‪20‬‬ ‫البحرين ‪1.800‬‬ ‫تونس‬ ‫‪2.5‬‬ ‫اجلزائر‬ ‫ ‬ ‫جيبوتي ‬ ‫السعودية ‪20‬‬ ‫‪1.800‬‬

‫>‬

‫دينار‬ ‫درهم‬ ‫دينار‬ ‫دينار‬ ‫دينار‬ ‫فرنك‬ ‫ريال‬

‫مراكز توزيع‬

‫السودان ‬

‫سوريا‬ ‫‪100‬‬ ‫الصومال ‬ ‫العراق ‪-‬‬ ‫ُعمان‬ ‫‪2‬‬ ‫فلسطني ‪$ 1.25‬‬ ‫‪ 20‬ريال‬ ‫قطر‬

‫موفق دعبول‬

‫ترسل الطلبات إلى قسم االشتراكات باملجلة‪.‬‬

‫سمير شمعون‬ ‫نضال شمعون‬ ‫رضوان عبدالعال‬ ‫فؤاد العجل‬ ‫إياد غامن‬ ‫أحمد الكفراوي‬ ‫ليلى املوسوي‬ ‫ماجد النقيب‬ ‫عادل ياسني‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪Greece‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪Italy‬‬

‫‪6‬‬

‫‪$‬‬

‫‪U.S.A.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪France‬‬

‫‪Germany‬‬

‫في األقطار العربية (انظر الصفحة ‪.)89‬‬

‫محمد دبس‬

‫قاسم سارة‬

‫‪2.5‬‬

‫‪₤‬‬ ‫‪CI‬‬

‫‪Cyprus‬‬

‫[ ما يعادل بالعملة احمللية دوالرا أمريكيا ونصف الدوالر (‪])USA $ 1.5‬‬

‫االشتراكات‬

‫عبدالقادر رحمو‬

‫جنيه‬ ‫ليرة‬ ‫شلن‬ ‫‬‫ريال‬

‫الكويت‬ ‫لبنان ‬ ‫ليبيا‬ ‫ ‬ ‫مصر‬ ‫‪7‬‬ ‫املغرب ‪30‬‬ ‫موريتانيا ‬ ‫اليمن‬ ‫‪250‬‬

‫‪1.500‬‬

‫دينار‬ ‫ليرة‬ ‫دينار‬ ‫جنيه‬ ‫درهم‬ ‫أوقية‬ ‫ريال‬

‫‪4‬‬

‫‪Britain‬‬

‫ للطلبة وللعاملني في سلك‬ ‫التدريس و‪/‬أو البحث العلمي‬ ‫ لألفراد‬ ‫ للمؤسسات‬

‫بالدينار الكويتي‬

‫بالدوالر األمريكي‬

‫‪12‬‬

‫‪45‬‬

‫‪16‬‬

‫‪56‬‬

‫‪32‬‬

‫‪112‬‬

‫مالحظة‪ :‬حتول قيمة االشتراك بشيك مسحوب على أحد البنوك في دولة الكويت‪.‬‬

‫بزيارة موقع املجلة ‪ www.oloommagazine.com‬ميكن االطالع على مقاالت اإلصدارات املختلفة اعتبارا من العدد ‪.1995/1‬‬

‫كما ميكن االطالع على قاموس مصطلحات‬

‫باتباع التعليمات الواردة على الصفحة الرئيسية للموقع‪.‬‬

‫بنسـخة مجـانية من قرص ‪ CD‬يتضمن خالصات مقاالت هذه املجلة منذ نشأتها‬ ‫ميكـن تزويــد املشـتركني في‬ ‫عام ‪ 1986‬والكلمات الدالة عليها‪ .‬ولتشغيل هذا القرص في جهاز ُمدعم بالعربية‪ ،‬يرجى اتباع اخلطوات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬اختر ‪ Settings‬من ‪ start‬ثم اختر ‪Control Panel‬‬ ‫‪ -2‬اختر ‪Regional and Language Options‬‬ ‫‪ -3‬اختر ‪ Arabic‬من قائمة ‪ Standards and Formats‬ثم اضغط ‪OK‬‬ ‫حقوق الطبع والنشر محفوظة ملؤسسة الكويت للتقدم العلمي‪ ،‬ويسمح باستعمال ما يرد في‬

‫شريطة اإلشارة إلى مصدره في هذه املجلة‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫املجلد ‪ 28‬ـــ العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫‪4‬‬

‫تقرير التقانة اخلاص‬ ‫أفكار تغير العالم‬

‫عمر البزري ــ عدنان احلموي‬

‫شيپات أدمغة وقارئات لراحة اليد ومضادات حيوية نانوية واختراعات أخرى‬ ‫سوف تبدل حياة الناس‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫رعاية صحية‬ ‫العالج األفضل‬ ‫>‪ .Sh‬بيگلي<‬

‫قاسم سارة ــ سمير شمعون‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫ثورة هادئة حول كيفية مقارنة األطباء ملدى فعالية األساليب العالجية املختلفة‬ ‫قد تنقذنا من التصاعد الباهظ في التكاليف الطبية‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫أمن الشبكات‬ ‫اختراق ڤيروسي للشبكة يطفئ األنوار‬ ‫>‪ .M .D‬نيكول<‬

‫سعيد األسعد ــ محمد دبس‬

‫ِ‬ ‫منظومات حت ُّكم صناعي معزَّزة‪ .‬وقد تكون‬ ‫ڤيروسات حاسوبي ٌة في تعطيل‬ ‫جنحت‬ ‫ٌ‬ ‫شبك ُة توليد الطاقة الكهربائية هي الهدف التالي‪.‬‬ ‫‪30‬‬

‫تقانة حيوية‬ ‫اجلني املدمر‬ ‫<‪ .P .B‬تريڤيدي>‬

‫عبدالقادر رحمو ــ ليلى املوسوي‬

‫في أعماق األدغال املكسيكية‪ ،‬قد يتمكن بعوض مع ّدل جينيا من القضاء على‬ ‫األنواع احمللية التي تنشر بعض األمراض‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫طب‬ ‫حليف جديد ضد السرطان‬ ‫>‪.E‬‬

‫ڤون‬

‫هوف<‬

‫أحمد الكفراوي ــ قاسم سارة‬

‫وافقت إدارة الغذاء والدواء األمريكية مؤخرا على أول لقاح عالجي للسرطان‪،‬‬ ‫وتتواصل دراسة األدوية األخرى التي جت ِّند اجلهاز املناعي ملكافحة األورام السرطانية‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫فيزياء‬

‫في انتظار جسيم هيگز‬ ‫>‪ .T‬فولگر<‬

‫نضال شمعون ــ محمد بغدادي‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫حتى مع انتهاء آخر دورة بروتينات عبر أكثر مسرعات اجلسيمات جناحا في‬ ‫التاريخ‪ ،‬يطمح الفيزيائيون إلى حتقيق انتصار أخير‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪54‬‬

‫بيولوجيا‬

‫احتفال بجوائز نوبل‬

‫خضر األحمد ــ عدنان احلموي‬

‫في الشهر ‪ ،2011/6‬اجتمع احلائزون على جائزة نوبل في لنداو بأملانيا بزمالء‬ ‫أصغر سنا منهم إلجراء نقاشات علمية معهم‪ .‬وبهذه املناسبة تعرض «مجلة‬ ‫العلوم» بعض املقاالت التي سبق لهؤالء العلماء نشرها على صفحات هذه املجلة‪.‬‬ ‫جيولوجيا‬ ‫عمالق هاجع‬

‫‪66‬‬

‫فؤاد العجل ــ‬

‫>‪ .S‬پيركنز<‬

‫=‬

‫بركان مضطرب يحفـّز تعاونا نادرا بني العلماء الصينيني والكوريني‪.‬‬ ‫بيولوجيا‬ ‫خبيرة بتقدير سالمة اخللية‬

‫‪68‬‬

‫مقابلة أجرتها‬

‫>‪ .Th‬سنگر<‬

‫إياد غامن ــ ماجد النقيب‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫توضح >‪ .H .E‬بالكبرن< احلائزة على جائزة نوبل ِل َم تعتقد أن بإمكانها تقدير‬ ‫الوضع الصحي لشخص من خالل فحص امتدادات صغيرة من الدنا ‪DNA‬‬ ‫موجودة في أطراف كروموسوماته (صبغياته)‪.‬‬ ‫طاقة‬ ‫احلقيقة حول التصديع الهيدرولي‬

‫‪72‬‬

‫>‪ .C‬موني<‬

‫رضوان عبدالعال ــ فؤاد العجل‬

‫ما نعرفه وما ال نعرفه عن مخاطر التصديع الهيدرولي‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫علم األعصاب‬ ‫كيف ميكن تنشئة متعلم أفضل‬ ‫>‪ .G‬ستيكس<‬

‫عادل ياسني ــ موفق دعبول‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫تطرح دراسات الدماغ طرقا جديدة لتحسني القراءة والكتابة واحلساب‪،‬‬ ‫وكذلك املهارات االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ 90‬أخبار علمية‬ ‫>‬ ‫>‬ ‫>‬

‫التصدي للديدان احلاسوبية‪.‬‬ ‫وضع اجلنون في موضعِ ه الصحيح‪.‬‬ ‫محصول ُينتج من مياه املجارير‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪3‬‬


‫تقرير التقانة اخلاص‬ ‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫أفكار تغير العالم‬

‫(٭)‬

‫عشر تقانات جديدة سوف تبدل حياة البشر‪.‬‬ ‫غالبا ما تنطلق الثورات ابتداء من أبس���ط األفكار‪ .‬فعندما أراد مخترع ش� � ��اب اسمه >ستيڤ جوبز‬

‫(‪)1‬‬

‫<‬

‫أن مينح القدرة على اس� � ��تخدام احلاسوب «ألناس ال ميتلكون اخلبرة احلاسوبية وال ينشدون احلصول عليها»‬ ‫أخْ َر َجنا جميعا من حقبة تقنية مضنية سادتها حواسيب اإلطار الرئيس ‪ mainframes‬وسطر (إدخال) األوامر‬ ‫‪ command-line‬لنتمتع بالتقدم املثير الذي َ‬ ‫ضمنه حاس� � ��وب ماكينت� � ��وش ‪ Macintosh‬في املاضي والذي يوفره‬ ‫اآليفون ‪ iPhone‬حاليا‪ .‬وهكذا أسهمت فكرته تلك في تغيير عالقتنا بالتقانة إلى األبد‪.‬‬ ‫واآلن ما هي األف� � ��كار األخرى البس� � ��يطة‪ ،‬والثورية في الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬التي تقبع في املختبر بانتظار اللحظة املناس� � ��بة لتحدث آثارا‬ ‫مش� � ��ابهة‪ .‬لقد عثرنا على عش� � ��ر من هذه األفكار‪ ،‬سنعرضها في‬ ‫الصفحات التالية ونشرح كيف ميكن لها أن تغير العالم من حولنا‪.‬‬ ‫وتتضمن هذه األفكار حواس� � ��يب ميكنها أن تعمل كعقل البش� � ��ر‪،‬‬

‫طـب‬

‫وبطاري� � ��ات ميكن ملؤه� � ��ا عند املضخة‪ .‬بحيث ميث� � ��ل ما يلي الكرة‬ ‫البلوري� � ��ة التي يس� � ��تخدمها املنجمون‪ ,‬لكن قوامها بيانات تش� � ��كل‬ ‫موض� � ��وع النبذة التي نقدمها في الصفح� � ��ة ‪ .52‬وميكن للقارئ أن‬ ‫يعتبر ما نقدمه في الصفحات التالية حتية تقدير منا للقدرة الكامنة‬ ‫محررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫في األفكار البسيطة على التغيير‪.‬‬

‫مراقب الصحة األزلي‬

‫( )‬

‫ميكن للهاتف الذكي الذي حتمله أن يراقب املؤشرات احليوية‬ ‫جلسدك في الوقت احلقيقي(‪ ،)2‬لينذرك بأولى عالمات املرض‪.‬‬ ‫يذه� � ��ب معظم الناس إلى الطبيب إذا‬ ‫انتابتهم آالم في الصدر أو حتسس� � ��وا‬ ‫ورما مريبا‪ ،‬ولك� � ��ن التنبه لكثير من هذه‬ ‫املؤشرات غالبا ما يأتي بعد فوات األوان‪.‬‬ ‫بينما يتطلب التنبه للعوارض املرضية في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مبكرة مراقب ًة مستمر ًة ‪ -‬من النوع‬ ‫أوقات‬ ‫الذي قد يوفره ل� � ��ك هاتفك احملمول؛ إذ‬ ‫ميكن لنظم املسح الصحي التي تستثمر‬ ‫التدفق املس� � ��تمر للبيانات من الهواتف‬ ‫احملمول� � ��ة التخلص من الفت� � ��رة الزمنية‬ ‫‪4‬‬

‫اخلطرة بني ظهور العوارض وتشخيص‬ ‫املرض‪ .‬وميكن لألجهزة احملمولة أيضا‬ ‫أن تساعد األطباء على تعرف املشكالت‬ ‫الصحية ومعاجلتها قبل أن تستفحل ‪-‬‬ ‫ويصب� � ��ح التعامل معها أكثر تكلفة وأقل‬ ‫جناعة‪ .‬وميكن‪ ،‬نظريا‪ ،‬أن تسمح أجهزة‬ ‫املراقب� � ��ة التي تعمل على مدار الس� � ��اعة‬ ‫َ‬ ‫بخفض تكاليف العالج وتدبر األمراض‬ ‫املزمنة‪ ،‬وهي تكاليف تشكل ‪ 75‬في املئة‬ ‫من إجمالي تكالي� � ��ف الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫كما تطيل هذه األجهزة أعمار البشر‪ ،‬إذ‬ ‫تس� � ��مح بعالج ماليني األزمات الصحية‬ ‫التي رمبا كانت قاتلة‪.‬‬ ‫إن س� � ��وق منتجات الهاتف احملمول‬ ‫يعج اليوم بتطبيقات حاسوبية )‪ (apps‬ال‬ ‫تعدو كونها أحابيل ال طائل منها‪ .‬ولكن‬ ‫بعض التطبيقات يتميز مبا َيعِ د من عون‬ ‫في تدبر حاالت مزمنة أو تعرف عوارض‬ ‫خطرة‪ .‬ولنأخذ على سبيل املثال مخطط‬ ‫القل� � ��ب ‪ ،ECG‬الذي ميك� � ��ن تركيبه على‬ ‫جه� � ��از آيفون ‪ iPhone‬واملس� � ��مى أاليڤ‬ ‫كور ‪ .AliveCor‬وهو منتج ُق ِّدم للحصول‬ ‫( ) ‪WORLD CHANGING IDEAS‬‬ ‫( ) ‪The Forever Health Monitor‬‬

‫(‪ )1‬املدير التنفيذي الس� � ��ابق لشركة آبل‪ ،‬وقد توفي في‬ ‫الع� � ��ام املاضي )‪ (2011‬عن عم� � ��ر يناهز ‪ 56‬عاما بعد‬ ‫صراع طوي� � ��ل مع املرض‪ .‬وقالت آبل عن رئيس� � ��ها‬ ‫الراحل‪« :‬كان نابغة رؤيويا ومبدعا‪ ».‬ويذكر أن والده‬ ‫سوري األصل من حمص‪.‬‬ ‫(‪real time )2‬‬


‫على موافقة إدارة الغذاء والدواء )‪(FDA‬‬

‫في الواليات املتح� � ��دة‪ ،‬ومن املنتظر أن‬ ‫يح� � ��وز عليها في وق� � ��ت مبكر من العام‬ ‫احلال� � ��ي )‪ .(2012‬يتضمن هذا اجلهاز‬ ‫مس����بارين معدني��ي�ن(‪ )1‬خل� � ��ف اجلهاز‬ ‫ميكن بواسطتهما تسجيل مخطط لعمل‬ ‫قلب مستخدمه إذا أمسك اجلهاز بيديه‬ ‫أو إذا َوضع املسبارين على متاس مع‬ ‫صدره‪ .‬وميكن إرس� � ��ال بيانات تخطيط‬ ‫القلب الس� � ��لكيا ح� � ��ال احلصول عليها‬ ‫لذوي املرض� � ��ى وألطبائهم‪ ،‬لتنذر بعدم‬ ‫انتظام في وتيرة عمل قلب املس� � ��تخدم‬ ‫عن� � ��د استش� � ��عار أي خل� � ��ل‪ .‬وكم� � ��ا‬ ‫يقول مط� � ��ور هذه املنظوم� � ��ة‪ ،‬املهندس‬ ‫البيوطب����ي ‪ .D> biomedical‬ألب� � ��رت<‪،‬‬ ‫فإن املنظومة‪« :‬ال تسمح مبجرد حتذير‬ ‫مبك� � ��ر من خلل طارئ ف� � ��ي وتيرة عمل‬ ‫قلب املريض وحس� � ��ب‪ ،‬ب� � ��ل تقوم بذلك‬ ‫دون حتميل� � ��ه التكلف� � ��ة املترتب� � ��ة عل� � ��ى‬ ‫تخطيط القلب باس� � ��تخدام التجهيزات‬ ‫التقليدية‪ ».‬كما قامت ش� � ��ركة فرنس� � ��ية‬ ‫تدعى ‪ Withings‬بتطوير نبيطة ‪device‬‬ ‫ملراقب� � ��ة ضغط الدم ميكن حتميلها على‬ ‫اآليفون‪ .‬فال تنقضي ثالثون ثانية على‬ ‫ارتداء املس � � �ــــتخد ِم الكُّ َّم األبيض الذي‬ ‫يتحسس بضغط الدم حتى تظهر نتيجة‬ ‫القياس على شاش� � ��ة الهاتف احملمول‬ ‫مع حتذير إذا جتاوزت القراءة احلدود‬ ‫الطبيعية‪ .‬كذلك طورت الش� � ��ركة ‪Well-‬‬ ‫‪ ،Doc‬تطبيق� � ��ا َس � � � َّمته مدير الس� � ��كري‬ ‫‪ ،DiabetesManager‬حاز على ترخيص‬ ‫اإلدارة ‪ FDA‬يس� � ��مح ملرضى السكري‬ ‫بإدخال مختل� � ��ف البيانات التي يجري‬ ‫احلص� � ��ول عليها في الوق� � ��ت احلقيقي‬ ‫عن طريق هواتفهم‪ ،‬ومنها مس� � ��تويات‬ ‫الگلوك� � ��وز ف� � ��ي ال� � ��دم والكربوهيدرات‬ ‫وأدوية السكري التي مت تناولها‪ .‬وتقوم‬ ‫البرمجي� � ��ات التي تتضمنه� � ��ا املنظومة‬ ‫بتحليل جميع ه� � ��ذه العوامل ثم تقترح‬ ‫عل� � ��ى املرضى اإلج� � ��راءات التي ينبغي‬

‫منظومة أاليڤكور لتخطيط القلب تتصل باآليفون لتراقب وتيرة عمل القلب‪.‬‬

‫اتخاذها لإلبقاء على مس� � ��توى السكر‬ ‫ضم� � ��ن مجال صح� � ��ي (كأخ� � ��ذ حقنة‬ ‫اإلنسولني أو تناول بعض الطعام)‪ .‬وقد‬ ‫بينت دراسة نشرت في الشهر ‪2011/9‬‬ ‫أن مس� � ��تخدمي مدير السكري أحرزوا‬ ‫مس� � ��تويات أفضل بكثير من غيرهم في‬ ‫التحكم املديد في مستويات الگلوكوز‪.‬‬ ‫وما زالت ه� � ��ذه املنظومات اجلديدة‬ ‫تعم� � ��ل منفصلة بعضها عن بعض‪ .‬كما‬ ‫أن العدي� � ��د منها م� � ��ا زال قيد التطوير‪.‬‬ ‫ولكن خبراء الرعاية الصحية الالسلكية‬ ‫يشيرون إلى بداية حقبة ستقوم خاللها‬ ‫منظوم� � ��ات الرقابة الصحي� � ��ة احملمولة‬ ‫بالعمل دون انقطاع‪ ،‬متآزرة فيما بينها‬ ‫لتزود مس� � ��تخدميها وأطبا َءهم بصورة‬ ‫ش� � ��املة وغنية بالبيان� � ��ات حول حالتهم‬ ‫الصحية‪ .‬وكما يقول >‪ .E‬توپول< [مدير‬ ‫معهد سكريپس للعلوم]‪« :‬من وجهة النظر‬ ‫التقنية‪ ،‬من املمكن أن يضغط أحدنا على‬ ‫زر خاص على الهاتف احملمول ويطلب‬ ‫صورة عن مؤشرات املستخدم احليوية‬ ‫في الزمن احلقيقي‪».‬‬ ‫ولكن العقبة الكبرى تتمثل باحلاجة‬ ‫إلى تقانات حتسس ‪sensor technology‬‬ ‫مناسبة‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬فإن مراقبة‬ ‫مستوى السكر في الدم تتطلب احلصول‬ ‫على قطرة م� � ��ن دم املريض‪ ،‬مما يتطلب‬ ‫إحداث ثقب في اجللد‪ .‬كما أنه ليس من‬ ‫املتوقع أن يتقبل عدد كبير من املرضى‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ارت� � ��داء ك ُِّم لقياس ضغ� � ��ط الدم بصورة‬ ‫مس� � ��تمرة أو لصق مس� � ��بار بأجسادهم‬ ‫ليرافقهم أينما ذهبوا‪ .‬ولكن بدائل أكثر‬ ‫مالءمة أضح� � ��ت قريبة املنال‪ .‬فقد جنح‬ ‫علمي� � ��ون في اليابان مثال بتطوير ألياف‬ ‫متفلورة ‪ fluorescent‬ميكن حقنها حتت‬ ‫اجللد الستش� � ��عار مستويات السكر في‬ ‫الدم‪ .‬وكما يقول >توپول< ميكن لصفيف‬ ‫‪ array‬م� � ��ن احملس���ات املس���تندة إل���ى‬ ‫جس���يمات نانوي���ة ‪nanoparticle-based‬‬

‫‪ ،sensors‬متص� � ��ل بالهات� � ��ف الذكي أن‬ ‫يحقق رقابة موثوقا بها على املؤش� � ��رات‬ ‫احليوي� � ��ة‪ ،‬كم� � ��ا ميكن ملثل ه� � ��ذه النظم‬ ‫االستشعار املبكر لواسمات األمراض‬ ‫‪ ،diseases markers‬كاجلسيمات املضادة‬ ‫‪ .antibodies‬وميكن حملس� � ��ات تستشعر‬ ‫واس���مات األورام ‪ ،tumor markers‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬أن ترسل حتذيرا آنيا إلى‬ ‫نبيط� � ��ة محمولة‪ ،‬بحي� � ��ث متنح املرضى‬ ‫إمكانية البدء بتناول العالج الكيميائي‬ ‫‪ chemotherapy‬قب� � ��ل أن تتجذر اخلاليا‬ ‫الس� � ��رطانية ضمن األنس� � ��جة‪ .‬إضافة‬ ‫إلى ما س� � ��بق‪ ،‬فكلما أضحت منظومات‬ ‫الرقابة الصحية احملمولة أكثر بس� � ��اطة‬ ‫أقب َل املستهلك على اس� � ��تخدامها‪ .‬وقد‬ ‫أظهر مس� � ��ح أجري ع� � ��ام ‪ 2010‬أن ‪40‬‬ ‫ف� � ��ي املئة من األمريكي� �ي��ن مثال هم على‬ ‫اس� � ��تعداد لدفع قسط ش� � ��هري من أجل‬ ‫(‪metal electrodes )1‬‬

‫‪5‬‬


‫احلصول على نبيطة ترس� � ��ل بيانات عن‬ ‫ضغط الدم ومستوى السكر وعن معدل‬ ‫ضربات القلب لديهم إلى أطبائهم‪.‬‬ ‫ويتوق� � ��ع >‪ .P‬س� � ��ونيير< [وه� � ��و نائب‬ ‫رئيس حتالف علوم احلياة الالسلكية(‪])1‬‬ ‫أن يصبح التصدي للمشكالت الصحية‬ ‫في وق� � ��ت مبكر أقرب من� � ��اال عندما يتم‬ ‫ربط الرقابة الصحية احملمولة مبعلومات‬

‫حوسبة‬

‫مستقاة من حتليل جيني للمريض‪ .‬فإذا‬ ‫مت الكشف عن جني يجعل املريض أكثر‬ ‫عرض� � ��ة لإلصابة مبرض الس� � ��كري أو‬ ‫السرطان في وقت مبكر من حياته‪ ،‬مثال‪،‬‬ ‫ميكن حمل���س ‪ sensor‬يرتديه املريض في‬ ‫موضع مالئم أن يرس� � ��ل ما يشعر بأية‬ ‫تطورات غير اعتيادية إلى هاتف املريض‬ ‫احملم� � ��ول‪« .‬ولك� � ��ن من الواج� � ��ب أن يتم‬

‫شيپة ‪ chip‬تفكر كما يفكر الدماغ‬

‫( )‬

‫احلواسيب العصبونية (النورونية) ‪ neural‬ستتفوق في جميع املهام‬ ‫التي تخفق احلواسيب االعتيادية في إجنازها‪.‬‬ ‫رمب� � ��ا كان >‪ .S .Dh‬موض� � ��ا< مصمم‬ ‫الشيپات امليكروية ‪ microchips‬الوحيد‬ ‫على وج� � ��ه األرض الذي يض� � ��م فريقه‬ ‫اختصاصيا ف� � ��ي علم النفس ‪ -‬والغاية‬ ‫من وجود ه� � ��ذا االختصاصي ال تتعلق‬ ‫باحلفاظ على صحة املهندسني العقلية‪.‬‬ ‫بل إن الغرض من مساهمته هو أن الفريق‬ ‫يقوم بالتعاون مع ائتالفية ‪consortium‬‬ ‫تتضمن مختب� � ��رات علمي� � ��ة في خمس‬ ‫جامعات ومثلها م� � ��ن مختبرات البحث‬ ‫في الش� � ��ركة ‪ IBM‬بالعم� � ��ل على تطوير‬ ‫شيپة ميكروية حتاكي عمل عصبونات‬ ‫(نورونات) ‪ neurons‬الدماغ‪.‬‬ ‫ويطل� � ��ق الفريق عل� � ��ى األبحاث التي‬ ‫يقوم بها تسمية احلوسبة االستعرافية‬ ‫‪ .cognitive computing‬وم� � ��ن أول� � ��ى‬ ‫املنجزات الت� � ��ي توصل إليه� � ��ا الفريق‬ ‫شیپتان ميكرويتان ُك ِش َف الستار عنهما‬ ‫في الش� � ��هر ‪ ،2011/8‬تتضمن كل منهما‬ ‫‪ 256‬عصبون� � ��ا صنعيا‪ .‬أما اآلن فكل ما‬ ‫تقوم به الشيپتان هو التفوق على الزوار‬ ‫في لعبة كرة الطاول� � ��ة أو عبور متاهات‬ ‫بس� � ��يطة‪ .‬ولكن الهدف النهائي من عمل‬ ‫‪6‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫زرع مح� � ��س نانوي في جس� � ��د املريض‬ ‫ليستش� � ��عر أول هجمة ملجموعة اخلاليا‬ ‫الس� � ��رطانية التي قد تغزو البنكرياس‪».‬‬ ‫وإذا ما تسنى ملنظومات الرقابة الصحية‬ ‫احملمولة أن تبلغ ما تعد به من إمكانات‪،‬‬ ‫فم� � ��ن املتوقع لها أن تق� � ��وم بدور حارس‬ ‫متيق� � ��ظ دائم� � ��ا‪ ،‬يحمي البش� � ��ر قبل أن‬ ‫>‪ .E‬سڤوبودا<‬ ‫يدركوا أنهم في خطر‪.‬‬

‫الفريق طموح‪ ،‬إذ يتلخص بتزويد دماغ‬ ‫اإلنسان بقدرة حاسوبية عصبونية ضمن‬ ‫رزمة س� � ��ليكونية صغي� � ��رة‪ .‬والبرنامج‬ ‫( ) ‪A Chip That Thinks Like a Brain‬‬ ‫(‪the Wireless-Life Sciences Alliance )1‬‬


‫ال� � ��ذي يس� � ��عى الفري� � ��ق إل� � ��ى إجنازه‬ ‫يدع� � ��ى س���ايناپس ‪ ،SyNAPSE‬ومتوله‬ ‫وكالة مش� � ��اريع أبحاث الدفاع املتقدمة‬ ‫في الواليات املتح� � ��دة‪ .‬وهو يهدف إلى‬ ‫بناء معالج ميك���روي ‪microprocessor‬‬ ‫يتضمن عشرة باليني عصبون (نورون)‬ ‫ومئة تريلي� � ��ون من املش���ابك ‪،synapses‬‬ ‫أو م� � ��ا يكافئ م� � ��ا يتضمنه أحد نصفي‬ ‫دماغ اإلنس� � ��ان‪ .‬ويتوق� � ��ع العاملون في‬ ‫ه� � ��ذا الفريق أال يتج� � ��اوز احلجم الذي‬ ‫سيش� � ��غله املعالج امليكروي ليترين وأن‬ ‫يتطلب تش� � ��غيله ق� � ��درة كهربائية تداني‬ ‫ما حتتاج إليه إضاءة عش� � ��رة مصابيح‬ ‫يستهلك كل منها ‪ 100‬واط‪.‬‬ ‫وعل� � ��ى الرغ� � ��م من كل ما س� � ��بق‪،‬‬ ‫فإن >موضا< يؤكد أنه ال يس� � ��عى إلى‬ ‫تكوي� � ��ن دماغ‪ .‬بل إن كل ما يس� � ��عى‬ ‫الفريق إليه هو تكوين معمارية مغايرة‬ ‫مل� � ��ا اتبع في تصمي� � ��م ‪ -‬تقريبا ‪ -‬كل‬ ‫حاس� � ��وب مت بن� � ��اؤه من� � ��ذ اختراعه‪.‬‬ ‫فالشيپات االعتيادية حتتاج إلى مترير‬ ‫التعليم���ات ‪ instructions‬والبيان���ات‬ ‫‪ data‬من خالل قناة ضيقة وحيدة مما‬ ‫يضع حدا لس� � ��رعة العم� � ��ل األعظمية‬ ‫التي ميك� � ��ن الوصول إليها‪ .‬ولكن في‬

‫مال‬

‫التصمي� � ��م البديل الذي يق� � ��وم فريق‬ ‫الباحثني بتطويره‪ ،‬ميتلك كل عصبون‬ ‫قن� � ��اة خاصة به‪ ،‬مما مين� � ��ح املنظومة‬ ‫املتكامل� � ��ة من� � ��ذ البدء ق� � ��درة ضمنية‬ ‫عل� � ��ى املعاجل���ة املتوازي���ة ‪parallel‬‬ ‫‪ .processing‬وكم� � ��ا يق� � ��ول >موض� � ��ا<‬ ‫فإن الفريق يس� � ��عى ف� � ��ي واقع احلال‬ ‫إلى بناء ركي���زة عمومي���ة ‪universal‬‬ ‫‪ substrate‬ميكن أن تس� � ��هم في إجناز‬ ‫العديد من التطبيقات‪.‬‬ ‫وي� � ��رى >‪ .D‬إدوارد< [األخصائي في‬ ‫علم األعص� � ��اب بجامعة والية جورجيا]‬ ‫أن جن� � ��اح فري� � ��ق >موض� � ��ا< ف� � ��ي هذه‬ ‫املقاربة س� � ��يتوج ثالثني سنة من العمل‬ ‫لتصمي� � ��م معاجلات حتاكي الش� � ��بكات‬ ‫العصبوني� � ��ة‪ .‬وهو أم� � ��ر مثير لإلعجاب‬ ‫حتى بالنس� � ��بة إل� � ��ى منافس� � ��ي ‪.IBM‬‬ ‫فحس� � ��بما يقول >‪ .B‬بولدين� � ��گ< [نائب‬ ‫الرئيس في مقر الشركة ‪ Cray‬الرئيسي‬ ‫في سياتل] إن املعاجلات النيورومورفية‬ ‫أو ش���به العصبوني���ة ‪neuromorphic‬‬ ‫تقدم إمكانات حلل مش� � ��كالت يصعب‪،‬‬ ‫بل يس� � ��تحيل‪ ،‬التصدي لها باستخدام‬ ‫تصاميم املعاجلات التقليدية‪.‬‬ ‫ويؤك� � ��د >موض� � ��ا< أن معماريات‬

‫احملفظة في جلدك‬

‫( )‬

‫انـس منظومات الدفع بالهاتف احملمول ‪ -‬كل ما عليك القيام به‬ ‫َ‬ ‫هو التلويح بيدك لدفع ثمن مشترياتك‪.‬‬ ‫عندم� � ��ا مي� �ل��أ التالميذ ف� � ��ي مدارس‬ ‫مقاطعة پاينالس بوالية فلوريدا صحون‬ ‫طعامه� � ��م ف� � ��ي فرصة الغ� � ��ذاء ويتجهون‬ ‫نحو نقطة احملاس� � ��بة فكل م� � ��ا عليهم أن‬ ‫يفعل� � ��وه عندها هو التلويح بيدهم قبل أن‬ ‫يذهبوا لتناول وجب� � ��ة الغذاء مع رفاقهم‪.‬‬

‫فقد َر ّكب� � ��ت املدارس في ه� � ��ذه املقاطعة‬ ‫محس���ات ‪ sensors‬تبلغ مساحة كلٍ منها‬ ‫بوص���ة مربع���ة ‪ square-inch‬عن� � ��د نقطة‬ ‫احملاس� � ��بة تتعرف التلميذ من خالل منط‬ ‫توزع شرايني الدم في راحة يده‪ .‬وهكذا‬ ‫ميك� � ��ن ألي م� � ��ن التالميذ ش� � ��راء وجبة‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫احلوس� � ��بة االس� � ��تعرافية ل� � ��ن حت� � ��ل‬ ‫مح� � ��ل احلواس� � ��يب التقليدي� � ��ة لكنها‬ ‫س� � ��تكملها‪ ،‬وذلك من خالل املعاجلة‬ ‫املس� � ��بقة للمعلوم� � ��ات التي يضج بها‬ ‫العال� � ��م احلقيقي‪ ،‬قب� � ��ل حتويلها إلى‬ ‫رم� � ��وز ميك� � ��ن للحواس� � ��يب التقليدية‬ ‫معاجلتها‪ .‬وعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬ميكن‬ ‫لشيپات >موضا< أن تتفوق في تعرف‬ ‫األش� � ��كال‪ ،‬كانتقاء وجه من بني عديد‬ ‫م� � ��ن الوجوه في جمه� � ��رة من الناس‪،‬‬ ‫ومن ثم إرس� � ��ال هوية صاحب الوجه‬ ‫إلى حاسوب تقليدي‪.‬‬ ‫وإذا بدا األمر كما لو أن عصر اآللة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫قد أشرق‪ ،‬فإن القدرات الرياضياتية‬ ‫املتواضع� � ��ة التي تتمتع بها الش� � ��يپات‬ ‫العصبونية رمبا ال توفر كثي َر عزاء‪ .‬وكما‬ ‫يقول >موضا<‪« :‬مثلم� � ��ا يصعب متثيل‬ ‫عمليات الدماغ على حواس� � ��يب اليوم‪،‬‬ ‫فإن الش� � ��بكات احلاسوبية التي حتاكي‬ ‫الدم� � ��اغ ال تتمتع بكفاءة عالي� � ��ة للقيام‬ ‫بالعديد من عمليات اجلمع والطرح التي‬ ‫يسهل على احلواس� � ��يب التقليدية‪ ،‬من‬ ‫جه� � ��ة أخرى‪ ،‬القيام به� � ��ا‪ .‬أي ليس من‬ ‫املمكن ألي من صنفي احلواس� � ��يب أن‬ ‫>‪ .Ch‬ميمز<‬ ‫يحل محل اآلخر‪».‬‬

‫الغذاء دون اس� � ��تخدام النق� � ��ود أو بطاقة‬ ‫ائتمان‪ .‬فيدهم هي احملفظة الوحيدة التي‬ ‫يحتاجون إليها‪.‬‬ ‫تس� � ��مح منظومة ‪ Fujitsu‬املستخدمة‬ ‫والتي تدعى «پالم سكيور» ‪PalmSecure‬‬ ‫لطاب� � ��ور الش� � ��بان والش� � ��ابات باملرور‬ ‫س� � ��ريعا بعد أن يأخذوا الطعام‪ .‬وبذلك‬ ‫مت تقلي� � ��ص زم� � ��ن االنتظار ف� � ��ي طابور‬ ‫الطعام مبقدار النصف‪ .‬وهذا أمر على‬ ‫جانب من األهمية حيث إن الزمن احملدد‬ ‫( ) ‪The Wallet in Your Skin‬‬ ‫(‪mathematical )1‬‬

‫‪7‬‬


‫الستراحة الظهيرة في هذه املدارس هو‬ ‫نصف س� � ��اعة فقط‪ .‬وتستخدم منظومة‬ ‫كارولينا للرعاية الصحية التقانة ذاتها‬ ‫في أكثر م� � ��ن ثالثني مستش� � ��فى تقوم‬ ‫بتش� � ��غيلها‪ ،‬وذلك لتعرف ‪ 1.8‬مليون من‬ ‫املرض� � ��ى‪ ،‬إن كانوا بكامل وعيهم أم ال‪.‬‬ ‫كما يس� � ��تخدم بنك طوكيو‪-‬ميتسوبيشي‬ ‫ف� � ��ي اليابان التقانة ذاته� � ��ا للتحقق من‬ ‫صحة التعامالت املصرفية‪.‬‬ ‫وفي واقع األمر يس� � ��مح العديد من‬ ‫اخلصائص الفيزيائية بتعرف اآللة على‬ ‫‪8‬‬

‫هوي� � ��ة األش� � ��خاص‪ .‬إال أن خصائص‬ ‫معينة هي في الوقت ذاته فريدة بالفعل‬ ‫وميك� � ��ن التوصل إليها بس� � ��هولة بحيث‬ ‫يصب� � ��ح التع� � ��رف اآللي أمرا يس� � ��يرا‪.‬‬ ‫فالبصمات وأش� � ��كال الوجوه ليس� � ��ت‬ ‫فريدة إل� � ��ى احلد الذي كنا نعتقد‪ ،‬ومن‬ ‫املمكن أن يؤدي استخدامها إلى تعرف‬ ‫خاطئ‪ .‬وهي أيضا قابلة للتزوير‪ .‬ومع‬ ‫أن أمناط احلدقات فريدة إال أن التقاط‬ ‫ص� � ��ور له� � ��ا يتطلب من املس� � ��تخدم أن‬ ‫ينظ� � ��ر إلى نبيط����ة ‪ device‬قارئة لبضع‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ثوانٍ دون أن ي� � ��رف جفناه‪ .‬مما يجعل‬ ‫عملية التعرف عرضة للفش� � ��ل‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى ش� � ��عور املس� � ��تخدم بالتطفـل على‬ ‫خصوصيت� � ��ه‪ .‬أم� � ��ا التكوي� � ��ن الثالثي‬ ‫األبعاد الذي تشكله األوعية الدموية في‬ ‫اليد فيختلف إلى حد بعيد من شخص‬ ‫إل� � ��ى آخر كم� � ��ا ميكن قراءته بس� � ��هولة‬ ‫بواسطة جهاز يتحسس باملجال القريب‬ ‫من طيف األش� � ��عة حتت احلمراء‪ ،‬دون‬ ‫تعريض املس� � ��تخدم ألي خط� � ��ر‪ .‬ولكن‬ ‫ملاذا نستمر إذن بدفع أثمان مشترياتنا‬ ‫بواسطة بطاقات االئتمان؟‬ ‫إن العقب� � ��ة الوحي� � ��دة الت� � ��ي حتول‬ ‫دون اس� � ��تخدام محفظ� � ��ة رقمية كهذه‬ ‫يعود إلى بطء البنوك وشركات التقانة‬ ‫في تبنيها‪ ،‬عل� � ��ى حد قول خبير األمن‬ ‫>‪ .B‬ش� � ��ناير<‪ .‬وكما يقول >ش� � ��ناير<‪:‬‬ ‫«إن بطاق� � ��ة االئتم� � ��ان ال تتعدى كونها‬ ‫مؤشرا يحيل اجلهة املعنية إلى قاعدة‬ ‫بيانات‪ .‬ومع أنها تتميز بش� � ��كل مالئم‪،‬‬ ‫لكنها ليست من دون بديل‪ .‬وما يحول‬ ‫دون اس� � ��تبدالها ال يتعلق باالعتبارات‬ ‫األمنية‪ ،‬التي ال تشكل في واقع احلال‬ ‫إال جانب� � ��ا من املش� � ��كالت التي ينبغي‬ ‫أخذها في االعتبار‪».‬‬ ‫وما أن تتبنى إحدى املصالح احلكومية‬ ‫أو املتاج� � ��ر الكب� � ��رى منظوم� � ��ة التعرف‬ ‫احلديثة املس� � ��تندة إلى توزع ش� � ��رايني‬ ‫الدم ف� � ��ي راحة اليد‪ ،‬حتى تنتش� � ��ر في‬ ‫كل مكان‪ .‬تخيل مثال أن يتمكن السكان‬ ‫من اس� � ��تخدام قطار املترو مبجرد رفع‬ ‫يدهم لتحي� � ��ة اجلهاز القارئ لدى دخول‬ ‫محطة االنطالق ومرة أخرى عند محطة‬ ‫الوصول‪ .‬ولي� � ��س من املتوقع أن يضيف‬ ‫تبن� � ��ي األدل���ة البيومتري���ة ‪biometrics‬‬ ‫عقبة ال ميكن تخطيها‪ ،‬فأساليب التعرف‬ ‫املتبعة اآلن تس� � ��مح بق� � ��در غير قليل من‬ ‫عملي� � ��ات االحتي� � ��ال وأخط� � ��اء التعرف‪.‬‬ ‫ولكنها س� � ��تجعل عمليات الشراء بسيطة‬ ‫>‪ .Ch‬ميمز<‬ ‫بساط َة التلويح بيدك‪.‬‬


‫حوسبة‬

‫حواسيب ال تتوقف عن العمل‬

‫( )‬

‫ميكن للبشر أن ينظموا أوقاتهم‪ ،‬فل َم ال حتذو احلواسيب حذوهم؟‬ ‫ٌ‬ ‫احلواسيب من العمل دون توقف‪.‬‬ ‫برمجيات جديدة‬ ‫ستمكن‬ ‫َ‬

‫ال يج� � ��د >‪ .J‬هـــولــ� � ��ت< [املـهــنـــــدس‬ ‫لدى الشركة ‪]Freescale Semiconductor‬‬ ‫الهــات���ف الــذك���ي ‪ smartphones‬ال� � ��ذي‬ ‫يستخدمه ذكيا بالفعل‪ .‬فمع أن الهاتف‬ ‫ميكِّنه من استخدام الطاقة ليرشده إلى‬ ‫مواقع املطاعم‪ ،‬ولكن هذا التطبيق يستمر‬ ‫باستهالك قدر كبير من القدرة حتى بعد‬ ‫االنتهاء من عملية البحث‪ ،‬وذلك بحيث ال‬ ‫يتمكن >هولت< بعدئذ من القيام بعمليات‬ ‫بسيطة‪ ،‬كإرسال رسالة نصية‪.‬‬ ‫وتؤكد املعضلة التي يواجهها >هولت<‬ ‫مشكلة أعم جتابه منظومات احلوسبة اليوم‪،‬‬ ‫وتتلخص في أن مكونات املنظومة تعمل من‬ ‫دون أن تدري إحداها ما تقوم به املكونات‬ ‫األخرى‪ .‬وهكذا يستهلك كل برنامج ما يتاح‬ ‫ل� � ��ه من املوارد‪ ،‬بينما يبدو نظام التش� � ��غيل‬ ‫أغبى من أن يدرك أن التطبيق الذي يحتاج‬ ‫إليه املس� � ��تخدم ق� � ��د توقف‪ ،‬بس� � ��بب نفاد‬ ‫امل� � ��وارد التي متكنه من اس� � ��تمرار العمل‪.‬‬ ‫وهذه قضية ال تقتصر على الهواتف الذكية‬ ‫بل تشمل أيضا احلواس���يب الشخصية‬ ‫‪ personal computers‬واحلواسيب الفائقة‬ ‫‪ ،supercomputers‬وم� � ��ن املتوقع أن تتفاقم‬ ‫مثل هذه املشكالت مع تزايد االعتماد على‬ ‫معاجلات عديدة الن���وى ‪ .multicore‬وإذا‬ ‫لم ‘تتعلم’ مكونات احلاسوب املختلفة كيف‬ ‫تتواصل فيم� � ��ا بينها‪ ،‬لتتعرف كل منها ما‬ ‫توفره املكونات األخرى من موارد وما لها‬ ‫من احتياجات‪ ،‬فلن يقدم مستقبل احلوسبة‬ ‫ما وعد به ماضيها‪.‬‬ ‫وقد توصل >هولت< واملش� � ��تغلون معه‬ ‫في املشروع آنگس� � ��تروم ‪ ،Angstrom‬وهو‬ ‫ائتالف يض� � ��م عددا من مراك� � ��ز األبحاث‬

‫بقيادة املعهد ‪ ،MIT‬إلى حل لهذه املس� � ��ألة‪:‬‬ ‫احلاسوب الواعي لذاته(‪ .)1‬ففي احلواسيب‬ ‫التقليدي� � ��ة ال تعي كل من مكونات املنظومة‪،‬‬ ‫أي العتاديات (الكيان الصلب) ‪hardware‬‬ ‫والبرمجي���ات ‪ software‬ونظام التش���غيل‬ ‫‪ operating system‬م� � ��ا تق� � ��وم ب� � ��ه املكونتان‬ ‫األخريان‪ ،‬م� � ��ع أنها تعم� � ��ل جميعا ضمن‬ ‫آل� � ��ة واحدة‪ .‬فنظام التش� � ��غيل ال يعلم مثال‬ ‫أن التطبيق الذي يستخدم مشـغـل الڤيديو‬ ‫يجاهد كي يعمل بص� � ��ورة اعتيادية‪ ،‬ولكن‬ ‫املستخدم الذي يشاهد الڤيديو يالحظ دون‬ ‫ريب تقطع الصورة واهتزازها‪.‬‬ ‫في الس� � ��نة املاضي� � ��ة )‪ (2010‬أطلق‬ ‫املعهد ‪ MIT‬التطبيق املسمى هارتبيتس‬ ‫‪ ،Heartbeats‬وهو تطبي� � ��ق بحثي يراقب‬ ‫أحوال جمي� � ��ع التطبيقات العاملة ضمن‬ ‫احلاسوب‪ .‬وميكن لهذا التطبيق أن يخبر‬ ‫املستخدم مثال أن الڤيديو يعمل مبعدل‬ ‫‪ 15‬إط���ارا ‪ frame‬في الثانية‪ ،‬عوضا عن‬ ‫املعدل األمثل‪ ،‬أي ‪ 30‬إطارا في الثانية‪.‬‬ ‫والفكرة هنا أن يتسنى تطوير منظومات‬ ‫تش� � ��غيل ميكن لها أن تتح� � ��رى إن كانت‬ ‫التطبيقات املستخدمة تعمل بصورة غير‬ ‫مقبولة‪ .‬وأن تستعرض احللول احملتملة‪.‬‬ ‫فإذا كانت بطارية احلاسوب مليئة ميكن‬ ‫أن يضع نظام التش� � ��غيل مقدارا إضافيا‬ ‫من القدرات احلاسوبية بتصرف التطبيق‬ ‫املتعث� � ��ر‪ ،‬أما إذا لم تك� � ��ن البطارية مليئة‪،‬‬ ‫فلرمبا يطلب نظام التش� � ��غيل من التطبيق‬ ‫أن يس� � ��تخدم مجموع� � ��ة أكث� � ��ر كفاءة من‬ ‫التعليمات وإن كانت هذه التعليمات ذات‬ ‫أداء أدنى‪ .‬كما ميكن للحاسوب أن يتعلم‬ ‫من جتاربه‪ ،‬بحيث يتسنى له حل مشكلة‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ما بس� � ��رعة أكبر عندم� � ��ا تعترضه للمرة‬ ‫الثاني� � ��ة‪ .‬وميكن للحاس� � ��وب الذي ميتلك‬ ‫الوعي الذاتي أن يتعامل مع مجموعات من‬ ‫األهداف املعقدة‪ ،‬كأن ينفذ مثال تعليمات‬ ‫«تطالب بتش� � ��غيل ثالثة برامج سوية مع‬ ‫منح أحدها األولوية»‪ ،‬أو أن «يوفر القدر‬ ‫األكبر املمكن من الطاقة دون أن يؤثر ذلك‬ ‫في الفيلم الذي يشاهده املستخدم‪».‬‬ ‫وتتمث� � ��ل اخلط� � ��وة التالي� � ��ة بتصميم‬ ‫نظام تش� � ��غيل الحق ميكنه حتديد املوارد‬ ‫املخصصة لكل البرامج‪ .‬فإذا تباطأ عرض‬ ‫الڤيديو يقوم برنامج التشغيل بتخصيص‬ ‫املزيد من امل� � ��وارد له‪ .‬أما إذا كان عرض‬ ‫الڤيديو يجري بسرعة ‪ 40‬إطارا في الثانية‪،‬‬ ‫فيقوم نظام التشغيل بتحويل املوارد نحو‬ ‫برنامج آخر يحت� � ��اج إليها‪ ،‬حيث إن عني‬ ‫املش� � ��اهد ال ترى فيل� � ��م الڤيديو على نحو‬ ‫أفض� � ��ل إذا ما تعدت س� � ��رعة العرض ‪30‬‬ ‫إطارا ف� � ��ي الثانية‪ .‬ويق� � ��ول >‪ .H‬هوفمان<‬ ‫[وهو طالب دكتوراه في علوم احلاس� � ��وب‬ ‫في املعه� � ��د ‪ MIT‬يعمل عل� � ��ى تطوير هذا‬ ‫النظ� � ��ام]‪« :‬لقد ص� � ��ار مبقدورنا توفير ‪40‬‬ ‫في املئة من القدرة املستخدمة حاليا‪».‬‬ ‫ول� � ��ن جتع� � ��ل نظ� � ��م الوع� � ��ي الذات� � ��ي‬ ‫احلواس� � ��يب أكثر ذكاء وحسب بل ستكون‬ ‫ضرورية لتش� � ��غيل حواسيب املستقبل التي‬ ‫يتزايد تعقيدها‪ ،‬على حد قول >‪ .A‬أكراوال<‬ ‫[العلمي الرئيس في املش� � ��روع]‪ .‬فقد أدخل‬ ‫مهندس� � ��و احلوس� � ��بة أع� � ��دادا إضافية من‬ ‫وحدات احلوس� � ��بة األساسية‪ ،‬التي تسمى‬ ‫بالن���وى ‪ ،cores‬إل� � ��ى احلواس� � ��يب خ� �ل��ال‬ ‫العق� � ��د املاضي‪ .‬واحلواس� � ��يب التي تصنع‬ ‫الي� � ��وم تتضمن نوات� �ي��ن أو أربع نوى‪ .‬ولكن‬ ‫حواس� � ��يب املس� � ��تقبل ستس� � ��تخدم ما بني‬ ‫عشرات وآالف النوى‪ .‬وسيجعل هذا توزيع‬ ‫املهام احلاسوبية على النوى ‪ -‬وهو أمر يتم‬ ‫حتدي� � ��ده اآلن بصورة نهائي� � ��ة لدى تصميم‬ ‫البرمجيات ‪ -‬أمرا ش� � ��به مس� � ��تحيل‪ .‬ولكن‬ ‫( ) ‪Computers That Don’t Freeze Up‬‬ ‫(‪self-aware computer )1‬‬

‫‪9‬‬


‫الن� � ��وى التوصلُ إلى مس� � ��تويات جديدة‬ ‫لسرعة احلوس� � ��بة‪ ،‬متهد الطريق لتطوير‬ ‫حواسيب أسرع من كل ما سبقها‪ .‬وكما‬ ‫يقول >‪ .J‬ڤي ّ‬ ‫الس� � ��ينور< [أستاذ الهندسة‬ ‫الكهربائية في جامعة كاليفورنيا‪ ،‬وهو غير‬

‫اس� � ��تخدام نظم واعية للذات س� � ��يرفع هذا‬ ‫العبء عن كاهل املبرمجني ليجري استخدام‬ ‫النوى من قبل البرامج بصورة آلية‪.‬‬ ‫وق� � ��د يتم من جراء اكتس� � ��اب القدرة‬ ‫عل� � ��ى التعام� � ��ل مع أع� � ��داد كبي� � ��رة من‬

‫مال‬

‫نقود بال حدود‬

‫( )‬

‫أول عُ ملة رقمية في العالم تتجاوز الوسطاء و ُتبقي مستخدمها‬ ‫مجهول الهوية‪.‬‬

‫تخيل لو دخلت متجرا لبيع األطعمة‬ ‫وطلبت ش� � ��طيرة جنب أو حل� � ��م مقدد ثم‬ ‫وضعت النقود أمام احملاس� � ��ب‪ ،‬وإذا به‬ ‫يق� � ��ول‪« :‬عظيم‪ ،‬كل م� � ��ا أحتاج إليه اآلن‬ ‫هو اسمك والعنوان الذي تستخدمه في‬ ‫تعامالتك املالية ورقم هاتفك واسم أمك‬ ‫قبل زواجها ورقم حس� � ��ابك املصرفي‪».‬‬ ‫ال ريب في أن معظم الزبائن س � � � َي ِ‬ ‫جفلون‬ ‫لدى سماعهم كل هذه األسئلة‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫بالضبط هو األسلوب الذي يتبعه كل من‬ ‫يسدد ثمن مشترياته على اإلنترنت‪.‬‬ ‫ليس هنالك من عملة أبسط وأكثر إغفاال‬ ‫ملن يتداولها من الدوالر‪ .‬ولكن عوضا عن‬ ‫التعامل به� � ��ا فإننا نعتمد على وس� � ��ائط‬ ‫بديل� � ��ة تتمثل بش� � ��ركات بطاقات االئتمان‬ ‫(التي تستحوذ على نسبة مئوية من قيمة‬ ‫املش� � ��تريات‪ ،‬وعلى معلوماتك الشخصية‬ ‫أيضا)‪ .‬ولكن هذا مرش� � ��ح للتغير بفضل‬ ‫البيتْكويْ���ن ‪ ،Bitcoin‬العملة الرقمية التي‬ ‫تش� � ��به النقد املعتاد بس� � ��يولتها وإغفالها‬ ‫ملس� � ��تخدمها‪ .‬وكما يقول >‪ .G‬أندرس� � ��ن<‬ ‫[وه� � ��و أحد قادة ش� � ��بكة البيتكوين]‪« :‬إن‬ ‫اس� � ��تخدام هذه العملة الرقمية مياثل طي‬ ‫األوراق النقدية وحشرها ضمن حاسوبك‬ ‫وإرسالها إلى مصدر البضاعة التي تنوي‬ ‫ابتياعها عبر اإلنترنت‪».‬‬ ‫‪10‬‬

‫وعناصر البيتكوين هي مجرد بتات‬ ‫‪ ،bits‬أي سالسل من كود(‪ )1‬ميكن نقلها‬ ‫من مستخدم إلى آخر عبر شبكة نظراء‬

‫‪ .peer network‬وبينما ميكن نسخ معظم‬ ‫سالسل البتات عددا النهائيا من املرات‬ ‫(وه� � ��و أمر كفي� � ��ل بجع� � ��ل أي نقد عدمي‬ ‫القيم� � ��ة)‪ ،‬ف� � ��إن مس� � ��تخدم البيتكوين ال‬ ‫يستطيع إرسال البتات التي متثل النقد‬ ‫الرقمي إال مرة واحدة فقط‪ .‬وتس� � ��تخدم‬ ‫للتداول بالبيتكوين تعمية(‪cryptography )2‬‬ ‫فعال� � ��ة لردع اللصوصية‪ .‬كما أن اللجوء‬ ‫إلى ش� � ��بكة للنظراء يزي� � ��ل احلاجة إلى‬ ‫حارس بوابة مرك� � ��زي‪ ،‬وهو الدور الذي‬ ‫تقوم به ش� � ��ركات بطاقات االئتمان مثل‬ ‫‪ Visa‬و ‪ PayPal‬على الشبكات املفتوحة‪.‬‬ ‫أي إن املنظومة تضع زمام األمور في يد‬ ‫املستخدمني بدال من الوسطاء املاليني‪.‬‬ ‫وتس� � ��تعير بيتكوي� � ��ن مفاهي� � ��م م� � ��ن‬ ‫برمجيات التعمية املعروفة‪ .‬حيث تخصص‬ ‫ه� � ��ذه البرمجي� � ��ات لكل بيتكوي� � ��ن رمزين‬ ‫فريدين‪ :‬أولهم� � ��ا مفتاح خصوصي يخبأ‬ ‫في حاس� � ��وب املستخدم‪ .‬وثانيهما عنوان‬ ‫عمومي ميكن ألي كان رؤيته‪ .‬إال أن املفتاح‬ ‫والعنوان مرتبطان بعالقة رياضياتية(‪،)3‬‬ ‫بحي� � ��ث يصير االس� � ��تدالل عل� � ��ى مفتاح‬ ‫املس� � ��تخدم من عنوانه مس� � ��تحيال عمليا‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫مشارك في مشروع أنكستروم]‪« :‬علينا‬ ‫التوجه نحو نظم واعية للذات ليتسنى لنا‬ ‫التعامل مع أعداد أكبر من النوى‪ ،‬وأظن‬ ‫أننا سنش� � ��هد مالمح ه� � ��ذه النظم خالل‬ ‫>‪ .F‬ديب<‬ ‫العامني املقبلني‪».‬‬ ‫ف� � ��إذا كان بحوزت� � ��ي ‪ 50‬بيتكوينا وأردت‬ ‫حتويله� � ��ا إلى عنوان أحد األصدقاء يقوم‬ ‫برنامج احلاس� � ��وب بض� � ��م مفتاحي إلى‬ ‫عن� � ��وان صديقي‪ .‬ومن ثم يتم اس� � ��تخدام‬ ‫العالقة بني عنوان� � ��ي العمومي ومفتاحي‬ ‫اخلصوصي من قبل مستخدمني آخرين‬ ‫ضمن شبكة النظراء للتثبت من أنني أمتلك‬ ‫البيتكوينات الالزمة قبل القيام بتحويلها‪.‬‬ ‫وتس� � ��تخدم حواس� � ��يب أعضاء الش� � ��بكة‬ ‫للقيام بذلك خوارزمية ‪ algorithm‬لكسر‬ ‫التعمية‪ .‬ومينح أول حاس� � ��وب يتمكن من‬ ‫القيام به� � ��ذه املهمة بضعة بيتكوينات بني‬ ‫الفينة واألخرى‪ ،‬وذلك ليتس� � ��نى احلفاظ‬ ‫على جماعة املستخدمني ضمن املنظومة‪.‬‬ ‫ويع� � ��ود تاري� � ��خ أول عملي� � ��ة بي� � ��ع‬ ‫باس� � ��تخدام البيتكوين للعام ‪ 2010‬حيث‬ ‫اس� � ��تخدم زبون ‪ 10 000‬بيتكوين لشراء‬ ‫ش� � ��ريحة بيتزا‪ .‬ومنذ ذلك احلني تفاوت‬ ‫س� � ��عر الصرف بني البيتكوين والدوالر‬ ‫األمريكي صعودا وهبوطا‪ ،‬بحيث صار‬ ‫سجل التداول أش� � ��به بالنوتة املوسيقية‬ ‫ملعزوفة من موس� � ��يقى اجل� � ��از املنفرد‪.‬‬ ‫وبس� � ��بب تراوح س� � ��عر الص� � ��رف على‬ ‫ه� � ��ذا النحو‪ ،‬فإن قلة فق� � ��ط من التجار‬ ‫املوصول�ي�ن إل���ى اإلنترن���ت(‪ )4‬تقب� � ��ل‬ ‫البيتكوين ثمنا لبضائعها‪ .‬لذا فإن جالية‬ ‫البيتكوين م� � ��ا زالت حتى اآلن صغيرة‪.‬‬ ‫إال أنها جالية تتسم بكثير من احلماس‬ ‫كما كان حال من تبنوا ش� � ��بكة اإلنترنت‬ ‫>‪ .M‬پك<‬ ‫في أوائل عهدها‪.‬‬ ‫( ) ‪Currency without Borders‬‬ ‫(‪ code )1‬أو ر ّماز‪.‬‬

‫(‪ )2‬تقنية تشفير (أو جتفير)‪.‬‬ ‫(‪mathematical )3‬‬ ‫(‪online merchant )4‬‬


‫مواد‬

‫تعدين ميكروبي‬

‫( )‬

‫تستخرج البكتيريا املعادن من مناجمها ثم تزيل التلوث الناجم‪.‬‬ ‫ل� � ��م تتبدل ممارس� � ��ات البش� � ��ر في‬ ‫مضم� � ��ار التعدين كثيرا من� � ��ذ العصر‬ ‫يسخن‬ ‫البرونزي‪ :‬فالس� � ��تخراج املعدن َ‬ ‫الفل���ز ‪ ore‬ويعال� � ��ج مب� � ��واد كيميائي� � ��ة‪،‬‬ ‫كفح� � ��م اخلش� � ��ب‪ .‬إال أن ه� � ��ذه التقنية‬ ‫تتطلب اس� � ��تخدام قدر كبير من الطاقة‪،‬‬ ‫مما يعني أن ه� � ��ذه التقنية تضحي غير‬ ‫مربحة من أج� � ��ل الفلزات التي تتضمن‬ ‫نسبا متدنية من املعادن‪.‬‬ ‫ل� � ��ذا تتجه ش� � ��ركات التعدين بصورة‬ ‫متزاي� � ��دة نح� � ��و اس� � ��تخدام البكتيري� � ��ا‬ ‫الس� � ��تخالص املع� � ��ادن م� � ��ن الفل� � ��زات‬ ‫احلاوية على نس� � ��ب متدني� � ��ة من املعدن‪،‬‬ ‫إذ إن هذه التقنية تس� � ��مح باس� � ��تخالص‬ ‫املع� � ��ادن بتكاليف منخفض� � ��ة في درجات‬ ‫احل� � ��رارة االعتيادية‪ .‬وباس� � ��تخدام هذه‬ ‫التقنية ميكن اس� � ��تخالص ما يصل إلى‬ ‫‪ 85‬ف� � ��ي املئة من املعدن من فلزات ال تربو‬ ‫نس� � ��بتها على ‪ 1‬في املئة منه‪ .‬وجميع ما‬ ‫ينبغي القيام به هو توضيع البكتيريا في‬ ‫مواقع مناس� � ��بة ثم سقيها بحمض ممدد‬

‫‪ .diluted‬فالس � � �ـتخالص احلدي� � ��د مـث� �ل��ا‬ ‫تستخدم البكتيريا أسيدوثيوباسيلوس‬ ‫‪ Acidithiobacillus‬أو لپتـوس���ـپيـريــلـوم‬ ‫‪ Leptospirillum‬الت� � ��ي تـؤكس� � ��د احلــديــد‬ ‫والكبريت في الفلز للحصول على الطاقة‬ ‫مما ي� � ��ؤدي إل� � ��ى حتلـل الصخ� � ��ور التي‬ ‫حتتوي الفلز وحترر املعدن املنشود‪.‬‬ ‫وتس� � ��تخدم التقني� � ��ات البيولوجي� � ��ة‬ ‫أيض� � ��ا من أج� � ��ل التخلص م� � ��ن املياه‬ ‫العادمة احلمضية‪ ،‬بحيث يتم في الوقت‬ ‫ذاته اس� � ��تخالص ما تبقى من مركبات‬ ‫املعدن التي انس� � ��ابت مع املياه العادمة‪.‬‬ ‫وتس� � ��تخدم في هذه العمليات أصناف‬ ‫م� � ��ن البكتيريا مث� � ��ل ديس���لفوڤيبريو‬ ‫‪ Desulfovibrio‬وديس���ـلفـوتـومـاكـولـوم‬ ‫‪ Desulfotomaculum‬تـــقــوم بـتـحــيـــيـــــــد‬ ‫احلموض وتشكل مركبات سلفيدية غير‬ ‫ذوابة مع مع� � ��ادن أخرى منها النحاس‬ ‫والنيكل وغيرهما بحيث يسهل ترسيبها‬ ‫وفصلها عن املياه العادمة‪.‬‬ ‫وقد شهد التعدين احليوي ‪Biomining‬‬

‫زراعة‬

‫منوا غير مس� � ��بوق في الس� � ��نوات األخيرة‬ ‫بس� � ��بب ندرة الفلزات احلاوية على نس� � ��ب‬ ‫مرتفعة م� � ��ن املعادن‪ .‬بحي� � ��ث يقدر أن ‪20‬‬ ‫في املئة من النحاس املس� � ��تهلك في العالَم‬ ‫يستخرج اآلن باستخدام التعدين احليوي‪.‬‬ ‫وقد تضاعفت هذه النس� � ��بة منذ منتصف‬ ‫التسعينات‪ .‬وكما يشير >‪ .C‬برايرلي<‪ ،‬فإن‬ ‫ما كانت ش� � ��ركات التعدين تطرحه ضمن‬ ‫نفاياتها هو ما يدعى ‘الفلز’ اليوم‪.‬‬ ‫وتتلخ� � ��ص اخلطوة التالي� � ��ة بإطالق‬ ‫البكتيريا املنظف� � ��ة للتخلص من نفايات‬ ‫عملية التعدين‪ .‬ويقدر >‪ .B .D‬جونسون<‬ ‫[ال� � ��ذي ُيجري أبحاثا في جامعة باكنور‬ ‫مبقاطعة ويلز‪ ،‬حول احملاليل البيولوجية‬ ‫الت� � ��ي ميك� � ��ن اس� � ��تخدامها للتخل� � ��ص‬ ‫م� � ��ن نفاي� � ��ات التعدي� � ��ن احلمضية] أن‬ ‫نحو عش� � ��رين سنة س� � ��تنقضي قبل أن‬ ‫يتسنى التوصل إلى أساليب اقتصادية‬ ‫لتنظيف مناجم املعادن بيولوجيا‪ .‬ويقول‬ ‫>جونس� � ��ون<‪« :‬بينما يتحرك العالم نحو‬ ‫مجتمعات أقل اعتمادا على الفحم‪ ،‬علينا‬ ‫أن نبحث عن س� � ��بل تتطلب مقادير أقل‬ ‫من الطاقة وتستثمر عمليات طبيعية‪ ».‬ثم‬ ‫يضيف‪« :‬هذا هو اله� � ��دف األبعد أمدا‪،‬‬ ‫وقد بدأت األمور تتحرك بصورة سلسة‬ ‫>‪ .S‬فخت<‬ ‫في هذا االجتاه‪».‬‬

‫محاصيل ال حتتاج إلى إعادة زرعها‬

‫( )‬

‫محاصيل على مدار السنة ميكنها أن تثبت التربة وتزيد الغالل‪ ،‬بل وميكنها اإلسهام في محاربة تبدل املناخ‪.‬‬ ‫قب� � ��ل جلوء اإلنس� � ��ان إل� � ��ى الزراعة‬ ‫كمصدر للغذاء كان معظم كوكبنا مغطى‬ ‫بنباتات حتيا الس� � ��نة تلو األخرى‪ .‬ولكن‬ ‫اإلنس� � ��ان اس� � ��تعاض عن هذه النباتات‬ ‫املعمرة تدريجي� � ��ا باحملاصيل الزراعية‬ ‫التي ال بد من إع� � ��ادة زراعتها كل عام‪.‬‬ ‫وينش� � ��د بعض العلميني اآلن العودة إلى‬

‫املاضي‪ ،‬من خالل توليد سالالت معمرة‬ ‫م� � ��ن نبات� � ��ات محاصيل مألوف� � ��ة كالذرة‬ ‫والقمح‪ .‬وإذا م� � ��ا كتب لهم النجاح‪ ،‬فإن‬ ‫غالل األراضي الزراعية ستشهد ازديادا‬ ‫كبيرا في بعض أكثر مناطق العالم فقرا‪.‬‬ ‫كما أن هذه النباتات ستمتص بعضا من‬ ‫غاز ثنائي أكسيد الكربون الذي ما زالت‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫نسبته تتزايد في جو األرض‪.‬‬ ‫وقد حلم الباحثون عبر عقود مضت‬ ‫باالس� � ��تعاضة عن النبات� � ��ات الفصلية‬ ‫بأخ� � ��رى معم� � ��رة‪ .‬إ ّال أن التقان���ات‬ ‫اجليني���ة(‪ )1‬الالزمة إلحداث هذه النقلة‬ ‫( ) ‪Microbe Miners‬‬ ‫( ) ‪Crops That Don’t Need Replanting‬‬ ‫(‪genetic technology )1‬‬

‫‪11‬‬


‫لم تظهر إال منذ ‪ 10‬إلى ‪ 15‬س� � ��نة فقط‪،‬‬ ‫كم� � ��ا يصرح >‪ .J‬گلوڤ� � ��ر< [املختص في‬ ‫عل� � ��م البيئ� � ��ة الزراعي� � ��ة ‪.]agroecology‬‬ ‫ولنبات� � ��ات احملاصي� � ��ل املعم� � ��رة العديد‬ ‫من املزاي� � ��ا‪ ،‬تتفوق بها عل� � ��ى تلك التي‬ ‫ال بد من اس� � ��تبدالها سنويا‪ :‬فجذورها‬ ‫التي تخترق أعم� � ��اق التربة حتول دون‬ ‫تآكل التربة واجنرافه� � ��ا بفعل األمطار‬ ‫والس� � ��يول‪ ،‬كما حت� � ��ول دون ضياع ما‬ ‫حتوي من املواد املعدنية الضرورية لنمو‬ ‫النباتات‪ ،‬كالفوس� � ��فور مث� �ل��ا‪ .‬وإضافة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬فإن احملاصيل املعمرة حتتاج‬ ‫إلى مقادي� � ��ر أقل من األس� � ��مدة واملياه‬ ‫مما تتطلبه نظيراته� � ��ا الفصلية‪ .‬وبينما‬ ‫تش� � ��كل نبات� � ��ات احملاصي� � ��ل التقليدية‬ ‫مصدرا إضافيا للكربون في اجلو‪ ،‬فإن‬ ‫األراضي املزروع� � ��ة بنباتات احملاصيل‬ ‫املعم� � ��رة تعمل على إزال� � ��ة الكربون من‬ ‫اجلو على مدار السنة‪.‬‬ ‫وقد بدأ بعض املزارعني في ماالوي‬ ‫فعال باحلصول على غالل أفضل بزرع‬ ‫صفوف م� � ��ن ب���ازالء اليمام���ة املعمرة‬ ‫‪ perennial pigeon peas‬ب� �ي��ن صف� � ��وف‬ ‫محصوله� � ��م األساس� � ��ي‪ ،‬أي ال� � ��ذرة‪.‬‬ ‫وحبوب البازالء تشكل مصدرا للپروتني‬ ‫ال غنى عنه بالنسبة إلى مزارعي الكفاف‬ ‫‪ ،subsistence‬كما أن البقوليات حتس� � ��ن‬ ‫قدرة التربة على احتجاز املاء وتضاعف‬ ‫محتوى التربة من الكربون والنتروجني‪،‬‬ ‫وذلك من دون خسارة في غلة احملصول‬

‫األساسي ملساحة معينة من األرض‪.‬‬ ‫إال أن وص� � ��ول نبات� � ��ات احملاصيل‬ ‫املعمرة إلى مستوى أوسع من االنتشار‬ ‫يوازي ما تتمتع ب� � ��ه نباتات احملاصيل‬ ‫التقليدي� � ��ة يتطل� � ��ب قدرا ملموس� � ��ا من‬ ‫اجلهود العلمي� � ��ة‪ .‬ويعتق� � ��د >‪ .E‬باكلر<‬ ‫[وهو مختص في جينات النبات ‪plant‬‬ ‫‪ ،genetics‬يخطط لتطوير صنف معمر من‬ ‫الذرة] أنه يحتاج إلى خمس سنوات كي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫السمة‬ ‫يتعرف اجلينات املسؤولة عن ِّ‬ ‫ولعقد من الزمن الستيالد صنف منتج‬ ‫من ال� � ��ذرة املعمرة‪ .‬ويضي� � ��ف‪« :‬وحتى‬ ‫باستخدام أرفع تقانة متوفرة‪ ،‬ال بد من‬ ‫االنتظار مدة عشرين سنة قبل التوصل‬ ‫إلى ذرة معمرة‪».‬‬ ‫ويسعى االختصاصيون إلى تسريع‬ ‫عملي� � ��ات تطوي� � ��ر احملاصي� � ��ل املعمرة‬ ‫باس� � ��تخدام تقان� � ��ة التنمي���ط اجليني‬ ‫‪ .genotyping‬إذ ص� � ��ار باإلمكان إجراء‬ ‫حتاليل س� � ��ريعة جلينوم���ات ‪genomes‬‬ ‫النباتات التي تتمتع بسمات مرغوب فيها‬ ‫بحثا عن العالقات الكامنة بني اجلينات‬ ‫وتلك السمات‪ .‬وعندما يعطي أول جيل‬ ‫من تلك النباتات بذوره‪ ،‬يقوم الباحثون‬ ‫بسل َْسلَ ِة النباتات اليافعة الناجمة عنها‬ ‫َ‬ ‫ك� � ��ي يتوصلوا إلى ما ال يزيد على حفنة‬ ‫من النبتات التي حافظت على السمات‬ ‫املرغوب فيها من بني آالف النبتات التي‬ ‫خضعت للدراس� � ��ة (وه� � ��ذا عوضا عن‬ ‫انتظار منو النبت� � ��ات وبلوغها‪ ،‬وهو أمر‬

‫طاقة‬

‫وقود سائل من أجل السيارات الكهربائية‬

‫( )‬

‫صنف جديد من البطاريات قد يستعيض عن الوقود املستحاثي‬ ‫‪ fossil fuels‬بوقود خام نانوتقني ‪.nanotech crude‬‬ ‫تش� � ��كل البطاريات احملس� � ��نة حجر‬ ‫األس� � ��اس في تطوير سيارات كهربائية‬ ‫‪12‬‬

‫ميكنه� � ��ا أن تقطع مئات األميال قبل أن‬ ‫حتتاج إلى إعادة ش� � ��حن‪ .‬ولكن التقدم‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫يتطلب عدة سنوات‪).‬‬ ‫وس� � ��وف يكون للنباتات‬ ‫املعمرة متى توافرت وش� � ��اع‬ ‫اس� � ��تثمارها أث� � ��ر كبير في‬ ‫انبعاثات الكربون‪ .‬واملسألة‬ ‫األس� � ��اس تكمن في منظومة‬ ‫اجل� � ��ذور الت� � ��ي تتمت� � ��ع بها‬ ‫النباتات املعم� � ��رة‪ .‬إذ ميكن‬ ‫لهذه اجلذور احتجاز كميات‬ ‫من الكرب� � ��ون تكافئ الواحد‬ ‫في املئ� � ��ة من كتل� � ��ة كل متر‬ ‫مكعب من التربة السطحية‪.‬‬ ‫ويق� � ��در >‪ .D‬كل< [الرئي� � ��س‬ ‫التنفيذي ‪ chief executive‬في‬ ‫مجلس أبحاث التقانة احليوية‬ ‫شمس الشتاء‪:‬‬ ‫زهرة دوار‬ ‫وعل� � ��وم احلياة ف� � ��ي اململكة‬ ‫الشمس هذه‬ ‫املتحدة] أن االستعاضة عما‬ ‫هجني بني‬ ‫النبتة السنوية‬ ‫يقابل اثنني في املئة س� � ��نويا‬ ‫وقريبتها البرية‬ ‫م� � ��ن احملاصي� � ��ل الفصلي� � ��ة‬ ‫املعمرة‪.‬‬ ‫مبحاصيل معمرة تكفي للحد‬ ‫من تزايد نسبة ثنائي أكسيد الكربون في‬ ‫جو األرض‪ .‬كما يق� � ��در أن حتويل كافة‬ ‫األراضي الزراعية إلى إنتاج احملاصيل‬ ‫انطالقا من النباتات املعمرة سيؤدي إلى‬ ‫احتجاز ما يكافئ ‪ 118‬جزءا من املليون‬ ‫من ثنائي أكسيد الكربون ‪ -‬وهو مقدار‬ ‫يكف� � ��ي‪ ،‬بكلم� � ��ات أخرى‪ ،‬إلعادة نس� � ��بة‬ ‫غازات االحتباس احل���راري (الدفيئة)‬ ‫‪ greenhouse‬إل� � ��ى م� � ��ا كان� � ��ت عليه قبل‬ ‫>‪ .Ch‬ميمز<‬ ‫احلقبة الصناعية‪.‬‬

‫على هذا احملور متقط� � ��ع واالختراقات‬ ‫املجدي� � ��ة تب� � ��دو بعي� � ��دة املن� � ��ال‪ .‬إال أن‬ ‫أس� � ��لوبا مبتكرا إلعادة ترتيب املكونات‬ ‫الداخلي� � ��ة للبطاري� � ��ات اجلدي� � ��دة‪ ،‬لديه‬ ‫إم� � ��كان مضاعفة مقدار ما تختزنه هذه‬ ‫البطاريات من الطاقة‪.‬‬ ‫( ) ‪Liquid Fuel for Electric Cars‬‬ ‫(‪the trait )1‬‬


‫وقد خط� � ��رت الفكرة على بال‬ ‫تش� � ��يانگ< [األس� � ��تاذ في املعهد ‪]MIT‬‬ ‫بينم� � ��ا كان يقضي فترة إج� � ��ازة تفرغ‬ ‫علمي لدى شركة للبطاريات تدعى ‪A123‬‬ ‫‪ Systems‬كان قد أسهم في إنشائها عام‬ ‫‪ :2001‬ماذا لو مت الوصول إلى أسلوب‬ ‫يس� � ��مح بدمج أحسن اخلصائص التي‬ ‫متيز ما يدعى بالبطاريات اجلريانية‬ ‫‪ flow batteries‬الت� � ��ي تدف� � ��ع باملوائ���ع‬ ‫الكهرلية ‪ electrolytes‬ضمن اخللية مع‬ ‫كثافة احتجاز الطاق� � ��ة التي تتمتع بها‬ ‫بطاريات شاردة الليثيوم(‪ )1‬التي توجد‬ ‫في التجهيزات اإللكترونية املألوفة؟‬ ‫إن البطاريات اجلريانية التي تختزن‬ ‫(‪)2‬‬ ‫القدرة ضمن أوعية مملوءة بكهرليات‬ ‫‪ electrolytes‬متتلك كثافة طاقة ‪energy‬‬ ‫‪ density‬متدنية‪ ،‬تقيس مقادير ما ميكن‬ ‫أن تختزنه‪ .‬وامليزة الوحيدة لهذا الصنف‬ ‫من البطاريات هي البساطة التي ميكن‬ ‫مبوجبها زيادة سعتها‪ :‬فكل ما يحتاج‬ ‫إلي� � ��ه املرء هو تأمني وع� � ��اء أكبر حجما‬ ‫مللئه باملادة التي تختزن الطاقة‪.‬‬ ‫لقد بنى >تشيانگ< وزمالؤه منوذجا‬ ‫عام� �ل��ا لبطاري� � ��ة تتميز بكثاف� � ��ة للطاقة‬ ‫ت� � ��وازي ما لبطاريات ش� � ��اردة الليثيوم‪،‬‬ ‫ولكن الوس� � ��ط الذي يجري فيه تخزين‬ ‫الطاقة هو مائع بالفعل‪ ،‬كما هو احلال‬ ‫ف� � ��ي البطاريات اجلرياني� � ��ة‪ .‬وقد أطلق‬ ‫>تش� � ��يانگ< على املائع املس� � ��تخدم في‬ ‫بطاريته املس� � ��تحدثة ‪ -‬وهو مزيج لزج‬ ‫أس� � ��ود من جس� � ��يمات نانوي� � ��ة األبعاد‬ ‫وحبيب� � ��ات من معادن خازن� � ��ة للطاقة ‪-‬‬ ‫تسمية «خام كامبريدج»‪.‬‬ ‫وإذا نظ� � ��رت إل� � ��ى خ� � ��ام كامبريدج‬ ‫بـــواس � � �طـــــة ميكروس���كوب إلكتروني‬ ‫‪ electron microscope‬فس� � ��ترى حبيبات‬ ‫بحج� � ��م ذرات الغب� � ��ار صنعت من ذات‬ ‫امل� � ��واد التي يصنع منه� � ��ا اإللكترودان‬ ‫الس� � ��الب واملوجب في بطاريات شاردة‬ ‫الليثيوم‪ ،‬مثل أكسيد الكوبالت والليثيوم‬ ‫>‪.Y-M‬‬

‫(من أجل املس� � ��رى املوجب) والگرافيت‬ ‫(من أجل املسرى السالب)‪.‬‬ ‫وبني هذه احلبيب� � ��ات األكبر حجما‬ ‫س� � ��ترى جس� � ��يمات من الكرب� � ��ون ذات‬ ‫أبع� � ��اد نانوية معلقة في الس� � ��ائل‪ ،‬وهي‬ ‫جس� � ��يمات ُت ِ‬ ‫ضمر سر هذا االبتكار‪ .‬إذ‬ ‫تتجمع هذه اجلسيمات النانوية لتشكل‬ ‫بنية إس� � ��فنجية ه� � ��ي مبثابة «أس� �ل��اك‬ ‫س� � ��ائلة» تصل ب� �ي��ن حبيب� � ��ات البطارية‬ ‫الت� � ��ي س� � ��بق ذكرها‪َ ،‬‬ ‫وتخ� � ��زن ضمنها‬ ‫الش���وارد ‪ ions‬واإللكترون� � ��ات‪ .‬وف� � ��ي‬ ‫النتيجة يتم احلصول على س� � ��ائل قابل‬ ‫للجريان‪ ،‬بينما حتافظ مكونات السائل‬ ‫النانوية باستمرار على مسالك جلريان‬ ‫اإللكترونات ب� �ي��ن احلبيبات التي تخزن‬ ‫الطاقة في البطارية‪.‬‬ ‫وكم� � ��ا يقول >تش� � ��يانگ< ف� � ��إن خام‬ ‫كامبريدج هو في واقع األمر مادة مركبة‬ ‫كهربائي� � ��ة ذات خواص فريدة‪ .‬ويضيف‬ ‫بأنه ال يعرف أية مادة تشبهها‪.‬‬ ‫وإن قابلي� � ��ة امل� � ��ادة الفعال� � ��ة ف� � ��ي‬ ‫البطاري� � ��ة للجري� � ��ان تط� � ��رح احتماالت‬ ‫مثي� � ��رة لالهتمام‪ ،‬منها أن الس� � ��يارات‬ ‫الت� � ��ي تعمل بهذه البطاريات س� � ��تتمكن‬ ‫م� � ��ن التوجه إلى محط� � ��ات حتتفظ بهذه‬ ‫امل� � ��ادة الفعالة الس� � ��تبدال ما حتمل من‬ ‫وقود نفدت القدرة الكامنة فيه‪ .‬ويقترح‬ ‫>‪ .C .W‬كارتر< [وه� � ��و باحث يتعاون مع‬ ‫>تش� � ��يانگ< في املعه� � ��د ‪ ]MIT‬أن يقوم‬ ‫مس� � ��تخدمو هذا الوقود باس� � ��تبدال ما‬ ‫مياثل قارورة الپروپ���ان ‪ propane‬مليئة‬ ‫بالكهرل الذي يخزن القدرة الكهربائية‪،‬‬ ‫وذلك بدال من إعادة شحن البطارية من‬ ‫خالل مأخذ كهربائي‪.‬‬ ‫ولي� � ��س نقل الكهرل املش� � ��حون إلى‬ ‫بطاريات� � ��ه ومنه� � ��ا‪ ،‬ه� � ��و أول التطبيقات‬ ‫التجارية التي يس� � ��عى >تش� � ��يانگ< إلى‬ ‫حتقيقه� � ��ا‪ .‬فقد أس� � ��س بالتع� � ��اون مع‬ ‫>كارتر< ومبادر جتاري اسمه >‪ .Th‬ويلدر<‬ ‫شركة س� � ��موها تقانات ‪ )3(24M‬إليصال‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫نت� � ��اج أعمالهم إلى الس� � ��وق‪ .‬ويتحرج‬ ‫>تش� � ��يانگ< و>كارتر< من اإلشارة إلى‬ ‫ما س� � ��تخرج به شركتهم بادئا ذي بدء‪،‬‬ ‫ولكنهما يؤكدان مالءمة البطاريات التي‬ ‫طوروه� � ��ا خلزن الكهرباء من ش� � ��بكات‬ ‫التوزي� � ��ع‪ .‬وال يخفى أن النجاح بتخزين‬ ‫قدر يسير من الطاقة الكهربائية ستكون‬ ‫له نتائج ملموس� � ��ة على أداء منظومات‬ ‫التوليد التي تس� � ��تخدم مصادر الطاقة‬ ‫املتقطعة كالرياح والش� � ��مس‪ ،‬على حد‬ ‫قول >تش� � ��يانگ<‪ .‬ومن املقدر أن تتمكن‬ ‫بطاريات تستند إلى تصاميم >تشيانگ<‬ ‫إذا ما مت ربطها بالش� � ��بكة‪ ،‬من تخزين‬ ‫الطاق� � ��ة بكثافة تفوق عش� � ��ر مرات تلك‬ ‫التي ميكن استخالصها من البطاريات‬ ‫اجلريانية التقليدي� � ��ة‪ ،‬مما يجعلها ذات‬ ‫حجم أصغر ويخفض تكلفتها‪.‬‬ ‫ولك� � � ّ�ن أمام خ� � ��ام كامبريدج طريقا‬ ‫طويال قبل أن يصير استخدامه التجاري‬ ‫ممكنا‪ .‬وقد يدعي الشكاكون بأنه يطرح‬ ‫مش� � ��كالت ميثل حلها حتدي� � ��ات تفوق‬ ‫املنافع املمكنة التي تطرحها‪ ،‬كما صرح‬ ‫مس� � ��ؤول عن برنامج ألبح� � ��اث تخزين‬

‫(‪ lithium-ion )1‬أو ليثيوم‪-‬أيون (ج‪ :‬أيونات)‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ج‪ :‬كهرل أو إلكتروليت‪.‬‬ ‫(‪24M Technologies )3‬‬

‫التتمة في الصفحة‬

‫‪39‬‬

‫‪13‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫العالج األفضل‬

‫( )‬

‫ثورة هادئة في أبحاث مقارنة الفعالية قد‬ ‫تنقذنا من التصاعد الباهظ في التكاليف الطبية‪.‬‬ ‫>‪ .Sh‬بيگلي<‬

‫كانت أكبر دراس� � ��ة في مجال معاجل� � ��ة ارتفاع ضغط الدم‬ ‫وأكثرها أهمي� � ��ة‪ ،‬ذات تكاليف ضخمة جدا تصعب مضاهاتها‪.‬‬ ‫فقد أدرج فيها أطباء الواليات املتحدة األمريكية ‪ 42 418‬مريضا‬ ‫م� � ��ن ‪ 623‬عي� � ��ادة خاصة ومرك� � ��زا صحيا‪ ،‬وعاجل� � ��وا املرضى‬ ‫املش� � ��اركني فيها بواحد من أربعة أدوية يشيع وصفها‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تابعوهم مدة ال تقل عن خمس سنوات كي يروا مدى ضبط تلك‬ ‫األدوية لضغط الدم وتخفيضها خلطر اإلصابة بالذبحات القلبية‬ ‫أو بالسكتات الدماغية أو بغير ذلك من مشكالت القلب واألوعية‬ ‫الدموية‪ .‬وقد استوفت هذه الدراسة أعلى معايير البحث الطبي‪:‬‬ ‫أي من‬ ‫فل� � ��م يع� � ��رف األطباء وال املرض� � ��ى َمن الذي ُوض� � ��ع في ّ‬ ‫مجموعات املعاجلة‪ ،‬كما تس� � ��اوت فرص إدراج املرضى في أي‬ ‫من تلك املجموعات‪ .‬ومثل هذه التجارب املعشاة(‪randomized )1‬‬ ‫‪ controlled trials‬كانت منذ وقت طويل هي الطريقة املُثلى لتحديد‬ ‫سالمة وفعالية األدوية وأساليب العالج األخرى‪ .‬وقد أُطلق على‬ ‫هذه الدراس� � ��ة االسم املختصر )‪« )2((ALLHAT‬جتربة املعاجلة‬ ‫بأدوي���ة ضغ���ط الدم واألدوي���ة اخلافضة لدهون ال���دم من أجل‬ ‫اتق���اء الذبح���ات القلبي���ة»‪ ،‬وبلغ� � ��ت تكلفته� � ��ا ‪ 120‬مليون دوالر‬

‫أمريكي تقريبا‪ ،‬واستغرق استكمالها ثماني سنوات‪.‬‬ ‫وكان� � ��ت النتائج الت� � ��ي أعلنت في الش� � ��هر ‪ 2002/12‬مذهلة‪:‬‬ ‫فاألدوية األقدم واألرخص ثمنا ‪ -‬واملعروفة باملد ّرات الثيازيدية‬

‫‪ - thiazide-type diuretics‬كان� � ��ت أكثر فعالية في خفض ضغط‬ ‫ال� � ��دم من األدوية األحدث واألغلى ثمنا‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬كانت‬ ‫األدوي� � ��ة املد ّرة للبول ‪ -‬التي تعمل بواس� � ��طة تخليص اجلس� � ��م‬ ‫من الس� � ��وائل الفائضة ‪ -‬األفضل لتقليل خطر اإلصابة بتوقف‬ ‫القلب أو اإلدخال إلى املستش� � ��فى أو اإلصابة بسكتة دماغية‪.‬‬ ‫وهكذا اتّضح أنّ الدراس� � ��ة ‪ ALLHAT‬تستحق التكاليف التي‬ ‫ُبذلت إلجرائها‪ ،‬حس� � ��ب تصريح املعهد الوطن� � ��ي للقلب والرئة‬ ‫وال� � ��دم )‪ (NHLBI‬الذي قام بتلك الدراس� � ��ة‪ .‬فلو كان األطباء قد‬ ‫وصفوا ملرضاهم األدوية املد ّرة لـمعاجلة فرط التوتّر الشرياني‬ ‫ب� � ��دال من وصف األدوية األغلى ثمنا‪ ،‬لكان� � ��ت الدولة و ّفرت ‪3.1‬‬ ‫بلي� � ��ون دوالر أمريكي لكل عقد من تكالي� � ��ف األدوية املوصوفة‬ ‫فقط‪ ،‬ومئ� � ��ات ماليني الدوالرات نتيجة تالفي عالج الس� � ��كتات‬ ‫الدماغية وعمليات استبدال الشرايني التاجية ‪coronary artery‬‬ ‫‪ bypass‬وغيرها من املشكالت الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن ماذا ينبغي على املرض� � ��ى أن يفعلوا إذا لم ينضبط‬ ‫ضغ� � ��ط الدم لديهم بامل� � ��د ّرات فقط‪ ،‬كما ح� � ��دث لدى ‪ %60‬من‬ ‫( ) ‪THE BEST MEDICINE‬‬

‫(‪ )1‬ه� � ��ي جت� � ��ارب توزع بيان� � ��ات التجربة وفقا لتصميم عش� � ��وائي‪ ،‬وف� � ��ي هذه احلالة‬ ‫ُي� � ��و ّزع ﺍﻤﻟﺭﻀﻰ ﺒﺸﻜل ﻋﺸﻭﺍﺌﻲ ‪ randomized‬ﻋﻠﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺘﻴﻥ أو أكثر‪ ،‬وتوجد بها‬ ‫مجموعات حتكم ‪ control groups‬ملقارنة النتائج‪.‬‬

‫(‪Antihypertensive and Lipid-Lowering Treatment to Prevent Heart Attack Trial )2‬‬

‫باختصار‬ ‫فات���ورة متزاي���دة الثم���ن‪ :‬من املتوقع أن تتج� � ��اوز تكاليف الرعاية‬ ‫الصحية في الواليات املتحدة ‪ 2.7‬تريليون دوالر أمريكي في عام ‪،2011‬‬ ‫وه� � ��ي آخذة في االزدياد مبعدل غير مس� � ��تدام‪ .‬وتتم ّث� � ��ل إحدى الطرق‬ ‫لتوفير األموال بعدم اإلنفاق إ ّال على أساليب العالج األكثر فعالية‪.‬‬ ‫أي من أس� � ��اليب الع� �ل��اج هو األكثر‬ ‫عقب���ة ف���ي الطريق‪ :‬إنّ إثبات ّ‬ ‫جناعة قد يكون إجراء باهظ التكاليف ويس� � ��تغرق وقتا طويال‪ .‬إذ يغلب‬ ‫أن تتطلب الدراس� � ��ات املعش� � ��اة ‪ -‬وهي أكثر الدراسات العلمية دقة من‬ ‫‪14‬‬

‫حيث املعايير‪ -‬مئات املاليني من الدوالرات‪.‬‬ ‫ح���ل معق���ول‪ :‬ميكن لتحلي� � ��ل املعلومات املوجودة في الس� � ��جالت الطبية‬ ‫أي أساليب العالج هي األكثر فعالية‪،‬‬ ‫لشبكات صحية ضخمة أن يكشف لنا ّ‬ ‫بتكلفة ال تتجاوز جزءا ضئيال من تكاليف الدراسات السريرية املعيارية‪.‬‬ ‫حقيقـة سـياسـية‪ :‬يتخ َّوف الكثير من األمريكيني من أنّ احلديث عن‬ ‫تخفيض تكلفة الرعاية الصحية س� � ��يقود إلى التقنني‪ .‬ولكن من ذا الذي‬ ‫يرغب في إنفاق األموال على شيء ال فائدة منه؟‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬


‫املؤلفة‬ ‫‪Sharon Begley‬‬

‫>بيگلي< كاتبة تتمتّع بتوضيح معاني املواضيع املع ّقدة‬ ‫في العلوم العصبية وعلم الوراثة وعلم النفس والرعاية‬ ‫الصحية‪ .‬وقد َّ‬ ‫غطت األخبار العلمية في مجلتي نيوزويك‬ ‫و وول ستريت‪.‬‬

‫املرضى الذين شاركوا في الدراسة ‪ALLHAT‬؟‬ ‫أي دواء ينبغي أن يلجؤوا ؟ لقد كانت هذه‬ ‫وإل� � ��ى ّ‬ ‫هي الدراس� � ��ة املنطقية التالية التي يتعني القيام‬ ‫به� � ��ا‪ ،‬ولكن لم يكن املعهد ‪ NHLBI‬قادرا على أن‬ ‫يتح َّمل تكاليف إجراء دراس� � ��ة أخرى ّ‬ ‫معش � � �ـــاة‬ ‫ملعرفــــ� � ��ة اجلــواب‪ .‬وهنــا ت� � ��راءت لـ>‪ .J .D‬مجيد<‬ ‫فكرته الكبيرة‪ .‬فم� � ��ن موقعه كمدير لألبحاث في‬ ‫مجموعة كولورادو پيرمانين� � ��ت الطبية ‪ -‬التابعة‬ ‫ملنظم� � ��ة كاي� � ��زر پيرمانينت(‪ )1‬الضخم� � ��ة للرعاية‬ ‫الصحي� � ��ة ‪ -‬كان >مجي� � ��د< يقدر تقدي� � ��را عاليا‬ ‫الدراسات السريرية الكالس� � ��يكية مثله مثل أي‬ ‫عا ِل� � ��م آخر‪ .‬ولكنه اعتقد أن هن� � ��اك طريقة للحصول على نتائج‬ ‫بالدرجة نفس� � ��ها من التمحيص من دون املضي في دراسات‬ ‫طويلة األمد وباهظة التكاليف إلجراء التجربة الالزمة‪ .‬فعوضا‬ ‫يتفحص آالف السجالت‬ ‫عن ذلك‪ ،‬رأى >مجيد< أنه يستطيع أن َّ‬ ‫أي‬ ‫الصحي� � ��ة اإللكترونية في قاعدة بيانات كايزر الكتش� � ��اف ّ‬ ‫األدوي� � ��ة اخلافض� � ��ة للضغط جنحت على أفض� � ��ل وجه عندما‬ ‫فشلت املد ّرات في إحداث التخفيض املطلوب في ضغط الدم‪.‬‬ ‫حص� � ��ل >مجي� � ��د< على اجلواب عن س� � ��ؤاله خالل س� � ��نة‬ ‫ونصف‪ ،‬وبتكلفة لم تتجاوز ‪ 200 000‬دوالر أمريكي‪ ،‬وهو جزء‬ ‫زهيد من التكاليف املتوقعة إلجراء دراس� � ��ة سريرية‪ .‬فقد كان‬ ‫ملجموعتني أخري� �ي��ن من أدوية القلب ‪ -‬يطلق عليهما مث ّبطات‬ ‫اإلنزمي احملوِّ ل لألجنيوتنس�ي�ن (‪ )2()ACE‬وحاصرات بيتا ‪-‬‬ ‫تأثي ٌر متس� � ��او من حيث الفعالية كخط ثان من العالج‪ ،‬حسبما‬ ‫أعلن� � ��ه >مجيد< وزمالؤه في التقرير الذي نش� � ��روه عام ‪.2010‬‬ ‫فبإمكان األطباء أن يصف� � ��وا أ ّيا من الدواءين للمرضى الذين‬ ‫ل� � ��م ُيعالج الضغط لديهم باملد ّرات وحدها‪ .‬يقول >مجيد<‪« :‬إنّ‬ ‫ّ‬ ‫املعش� � ��اة باهظة التكاليف وتتطلب وقتا طويال‪ ،‬فال‬ ‫الدراسات‬ ‫سبيل لتطبيقها على جميع األسئلة املهمة التي ينبغي اإلجابة‬ ‫عنها‪ .‬واس� � ��تخدام الس� � ��جالت الصحية [إلج� � ��راء مقارنة بني‬ ‫أساليب العالج] يقدم لنا طريقة عملية بديلة‪».‬‬

‫حقائق صعبة‬

‫( )‬

‫إنّ >مجيد< هو أحد الر ّواد في حركة ‪ -‬يتزايد تأثيرها ‪ -‬تهدف‬ ‫أي‬ ‫إلى تغيير الطريقة التي ُيق ِّرر بواسطتها األطباء والباحثون َّ‬ ‫األدوية أو العمليات اجلراحية أو أساليب العالج األخرى هي‬ ‫األفضل لع� �ل��اج مرض أو اضطراب ما‪ .‬و ُيدعى ذلك رس� � ��ميا‬ ‫بأبح� � ��اث مقارنة الفعالية (‪ ،)3()CER‬وهي حت � � � ِّدد بطريقة علمية‬ ‫أي أساليب العالج ناجح وأ ّيها فاشل‪ .‬ويسهل في العادة فهم‬ ‫ّ‬ ‫ه� � ��ذه املقاربة عند إجراء مقارنات مباش� � ��رة بني أدوية مختلفة‬ ‫أو ب� �ي��ن املعاجلة الدوائية واملعاجلة اجلراحية‪ .‬إ ّال أنّ مناهجها‬ ‫صارت تُستخ َدم لتقييم نطاق واسع من التدخالت‪ ،‬كثي ٌر منها‬ ‫ال عالقة له باألدوية‪ ،‬مثل معرفة ما إذا كانت البرامج الصحية‬ ‫االجتماعية التي تقدم املساعدات في مجال النقل والسكن أكثر‬ ‫فعالية في إبقاء املسنني واملسنات الواهنني خارج املستشفيات‬ ‫مقارنة بالبرامج التي تر ِّكز على خدمات طبية تقليدية أكثر‪.‬‬ ‫وتنش� � ��أ احلاجة إل� � ��ى املزيد من التدقيق بفع� � ��ل التح ّديات‬ ‫امللحة‪ .‬فاحلاجة الطبية إلى أبحاث مقارنة‬ ‫الطبية واالقتصادية ّ‬ ‫( ) ‪DIFFICULT TRUTHS‬‬ ‫(‪Kaiser Permanente )1‬‬

‫(‪angiotensin-converting enzyme )2‬‬

‫(‪comparative effectiveness research )3‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪15‬‬


‫الفعالي� � ��ة تنجم ع� � ��ن حقيقة أن عددا قلي ً‬ ‫ال م� � ��ن املرضى فقط‬ ‫يع� � ��رف ‪ -‬وعددا ّ‬ ‫أقل من األطباء يق ّر ‪ -‬بأن األس� � ��اس العلمي‬ ‫للعديد من أس� � ��اليب العالج كثيرا ما يك� � ��ون ضعيفا جدا أو‬ ‫حتى معدوما‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬إنّ ما يزيد على نصف عدد‬ ‫الدالئل اإلرشادية التي تصدرها اجلمعية األمريكية لألمراض‬ ‫املعدية تس� � ��تند فق� � ��ط إلى «آراء اخلبراء»‪ ،‬ولي� � ��س إلى بيانات‬ ‫مقارنة فعلية ناهيك عن الدراسة السريرية‪« .‬فهناك فجوة بني‬ ‫م� � ��ا ُيعمل به أثناء املمارس� � ��ة وما قد أظه� � ��ره العلم»‪ ،‬على حد‬ ‫ق� � ��ول >‪ .A .E‬ماكگلني< [املديرة اجلدي� � ��دة ملركز كايزر ألبحاث‬ ‫الفعالية والس� �ل��امة]‪ .‬وتضيف أنّ األطباء السريريني يشتكون‬ ‫في الوقت نفس� � ��ه من أنّ الدراسات العلمية ال ميكن في غالب‬ ‫األحيان تطبيقها بسهولة على الواقع الفعلي‪.‬‬ ‫كما أن الدوافع االقتصادية إلجراء أبحاث مقارنة الفعالية‬ ‫هي على الدرجة نفس� � ��ها من األهمية‪ .‬فلس� � ��نوات قارنت ع ّدة‬ ‫خطط صحي� � ��ة ‪ -‬كل على ح� � ��دة ‪ -‬تكاليف ونتائج أس� � ��اليب‬ ‫املخصصة لها‪ ،‬ومع‬ ‫العالج املختلفة بهدف تقليص امليزانيات‬ ‫ّ‬ ‫ذلك فقد كان من املتوقع أن تصل نفقات الرعاية الصحية في‬ ‫الواليات املتح� � ��دة األمريكية إلى ‪ 2.7‬تريلي� � ��ون دوالر أمريكي‬ ‫ف� � ��ي عام ‪ .2011‬وقد يبدو هذا املبل� � ��غ ثمنا معقوال ُيد َفع مقابل‬ ‫احلصول على أمر يحظى بتقدير املستهلكني (حتى ولو تقزّمت‬ ‫أمامه النفقات األخرى‪ ،‬مثل الـ ‪ 671‬بليون دوالر أمريكي التي‬ ‫ولكن نفقات الرعاية‬ ‫س� � ��ينفقها البنتاگون في السنة القادمة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الصحية غير الضرورية تعني تقليل األموال املتوافرة لالستثمار‬ ‫والتعلي� � ��م واألبحاث وغيرها من االحتياجات الوطنية األخرى‪.‬‬ ‫تقول >ماكگل� �ي��ن<‪« :‬إنّ مقدارا يصل إلى ثلث إنفاقنا [الطبي]‬ ‫ُيص َرف على رعاية غير ف ّعالة أو غير ضرورية»‪ ،‬أي ما يقارب‬ ‫‪ 900‬بليون دوالر أمريكي كل عام‪( .‬على س� � ��بيل املقارنة‪ ،‬وفقا‬ ‫لتحليالت أع َّدها مكتب الكونگرس للميزانية في عام ‪ 2009‬فإنّ‬ ‫اإلصالحات في مجال س� � ��وء املمارسة ميكن أن تو ِّفر نحو ‪54‬‬ ‫بليون دوالر أمريكي على مدى ‪ 10‬سنوات)‪ .‬وتتابع >ماكگلني<‬ ‫قائل� � ��ة‪« :‬إننا ال نحتمل تكلفة إنفاق األموال على أمور ال فائدة‬ ‫منها»‪ ،‬السيما عندما ته ِّدد الفواتير الباهظة التي تدفعها األمة‬ ‫نظير الرعاية الصحية بإسقاط حكومات الواليات واحلكومات‬ ‫احمللية وكذلك املؤسس� � ��ات التجارية وبرنامج املساعدة الطبية‬ ‫مِ ديكي���ر(‪ ،Medicare )1‬التي هي «الط� � ��رف الثالث» الذي يدفع‬ ‫معظم ه� � ��ذه التكاليف الطبية‪ .‬ففي نط� � ��اق اجلهود التي تبذل‬ ‫لتوفي� � ��ر األموال من خالل ضمان عدم إنف� � ��اق الدولة إ ّال على‬ ‫خصص مش� � ��روع قانون التحفيز‬ ‫أس� � ��اليب العالج الناجعة‪َّ ،‬‬ ‫االقتص� � ��ادي لعام ‪ 2009‬مبلغ ‪ 1.1‬بليون دوالر أمريكي ألبحاث‬ ‫مقارنة الفعالية‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫ه� � ��ذا مبلغ ضخ� � ��م‪ ،‬ولكنه مجرد مبلغ زهي� � ��د إذا ما قورن‬ ‫بتكاليف ه� � ��ذا النوع من األبحاث ‪ -‬على األقل بالنس� � ��بة إلى‬ ‫النم� � ��ط التقليدي م� � ��ن أبحاث مقارنة الفعالية الذي يس� � ��تخدم‬ ‫التج� � ��ارب الس� � ��ريرية ليم ِّيز األس� � ��اليب العالجي� � ��ة التي تفيد‬ ‫املرضى من تل� � ��ك التي ال تفيدهم ‪ -‬ومبقدار احلاجة إلى هذه‬ ‫األبح� � ��اث‪ .‬ح ّدد تقرير أصدره عام ‪ 2009‬املعه ُد الطبي(‪ ،)2‬وهو‬ ‫جزء من األكادمييات الوطنية‪ ،‬بسهولة ‪ 100‬سؤال عن الفعالية‬ ‫النس� � ��بية التي حتتاج إلى اإلجابة عنه� � ��ا‪ .‬وعند القيام بعملية‬ ‫ض� � ��رب ‪ 100‬س� � ��ؤال ببضع مئات من ماليني ال� � ��دوالرات لكل‬ ‫س� � ��ؤال‪ ،‬فإنّ احلصيلة س� � ��تكون مبلغا «ال ميكن دفعه»‪ .‬ومن‬ ‫هنا كانت احلاجة إلى أسلوب جديد أقل تكلفة ألبحاث مقارنة‬ ‫الفعالية مثل أس� � ��لوب >مجي� � ��د<‪ ،‬الذي يس� � � ّ‬ ‫�تغل أدوات تقانة‬ ‫املعلوم� � ��ات األكثر حداثة‪ ،‬بدءا من التنقيب في قواعد البيانات‬ ‫للشبكات الصحية الضخمة املتكاملة مثل قاعدة بيانات كايزر‬ ‫وانته� � ��اء بالنمذج� � ��ة الرياضياتية املتطورة لألم� � ��راض‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف اكتشاف ما هو الناجع مع إنفاق جزء يسير من تكاليف‬ ‫ّ‬ ‫املعشاة‪.‬‬ ‫الدراسات‬ ‫إنّ ارتفاع تكاليف الدراسات السريرية ليس الدافع الوحيد‬ ‫وراء التغيي� � ��ر اجلذري الذي يج� � ��ري حاليا في أبحاث مقارنة‬ ‫الفعالية‪ .‬فاألبحاث اجلدي� � ��دة تَعِ ُدنا باحلصول على معلومات‬ ‫أفضل‪ :‬بيانات أكثر فائدة في املمارس� � ��ة الس� � ��ريرية من تلك‬ ‫البيانات املستقاة من الدراسات التقليدية‪.‬‬ ‫ويكمن الس� � ��بب وراء ذلك في أنّ الدراس� � ��ات الس� � ��ريرية‬ ‫متيل إلى إدراج أش� � ��خاص أصغر سنا وأفضل صحة وأكثر‬ ‫قابلي� � ��ة لاللتزام بتناول األدوية املوصوف� � ��ة لهم‪ ،‬كما أنّ هؤالء‬ ‫األشخاص املشمولني بالدراسة يخضعون ملراقبة لصيقة من‬ ‫قبل األطباء أكثر من تلك التي يتلقاها املريض العادي‪ .‬ولذلك‬ ‫يحاجج بعض األطباء في أنّ نتائج الدراس� � ��ات رمبا ال تنطبق‬ ‫على املرضى األكبر س� � ��نا واألش� � ��د مرضا واألقل امتثاال من‬ ‫مثل أولئ� � ��ك الذين يعاجلونهم بالفعل‪ .‬إضاف� � ��ة إلى ذلك‪ ،‬فإنّ‬ ‫الدراس� � ��ات املعش���اة(‪ )3‬التقليدية تق ّيم الكفاءة ‪ ،efficacy‬التي‬ ‫تتمثل بقياس نتائج أفضل احلاالت‪ ،‬أي تكون في العادة تقييما‬ ‫ملقياس مثالي ملناف� � ��ع الدواء أو العالج‪ .‬ولكن في املقابل‪ ،‬فإنّ‬ ‫ما يه � � � ّم معظم األطباء هو الفاعلي���ة ‪ effectiveness‬التي تعني‬ ‫مدى جناعة عالج ما في املرضى احلقيقيني في ظروف احلياة‬ ‫الفعلي� � ��ة‪ .‬ونتيجة لذلك ميكن لألطب� � ��اء أن يتغاضوا ‪ -‬وبالفعل‬ ‫(‪ )1‬نظام تأمني طبي فيدرالي في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬يضمن حصول املواطنني‬ ‫كبار الس� � ��ن وصغار السن من ذوي االحتياجات اخلاصة على الرعاية الطبية التي‬ ‫يحتاجون إليها‪ ،‬بغض النظر عن مستوى دخلهم املادي أو تاريخهم الصحي‪.‬‬

‫(‪The Institute of Medicine )2‬‬ ‫(‪randomized )3‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫حلس� � ��ن احلظ فإنّ احلاجة إل� � ��ى العثور على ط� � ��رق رخيصة‬ ‫التكاليف إلجراء أبحاث مقارنة الفعالية واحلصول على نتائج‬ ‫تنطبق على املرض� � ��ى في الظروف الفعلية قد تزامنت مع تغ ّير‬ ‫جوهري آخر في الرعاية الصحية‪ :‬وهو انتش� � ��ار الس� � ��جالت‬ ‫الطبية اإللكترونية‪ .‬فتحتفظ منظمة كايزر پيرمانينت بسجالت‬ ‫‪ 8.6‬مليون ش� � ��خص إلكترونيا‪ .‬ولدى اتحّ اد جديد يضم س� � ��ت‬ ‫مؤسس� � ��ات طبية ‪ -‬من بينها كليڤالند كلين� � ��ك ومايو كلينك ‪-‬‬ ‫عش� � ��رة ماليني س� � ��جل إلكتروني‪ .‬كما تتك َّفل إدارة احملاربني‬ ‫القدماء(‪ - )1‬وهي من املؤسسات الرائدة في السجالت الصحية‬ ‫اإللكترونية وكذلك في أبحاث مقارنة الفعالية ‪ -‬برعاية أكثر من‬ ‫‪ 6‬ماليني من احملاربني القدماء كل عام‪ .‬ومن األمور املهمة جدا‪،‬‬ ‫أنّ سجالت املؤسس� � ��ات الطبية كانت في جميع احلاالت أكثر‬ ‫كم� � ��اال ومن ث ّم أكثر فائدة من البيان� � ��ات التقليدية في مطالبات‬ ‫برنامج املساعدة الطبية مِ ديكير‪ ،‬والتي تفتقر في غالب األحيان‬ ‫إلى تفاصيل مهمة جدا عن املريض‪ .‬وقد أطلقت املؤسس� � ��ات‬ ‫الثالث ‪ -‬كايزر واالحتاد السداسي األطراف وإدارة احملاربني‬ ‫القدماء ‪ -‬برامج للتنقيب في هذه الس� � ��جالت‪ ،‬فمثال مراجعة‬ ‫سجالت جميع املرضى املصابني بالداء السكري من النمط ‪2‬‬

‫في حني أنّ معظم البلدان الصناعية تكافح ملجابهة االرتفاع في تكاليف‬ ‫الرعاي���ة الصحية‪ ،‬بدأ اإلنفاق اإلجمالي ف���ي الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫بالصعود احلاد في ثمانينات القرن العشرين ليصل إلى درجة أعلى من‬ ‫أي دولة أخرى في منظمة التعاون والتنمية االقتصادية (‪.)OECD‬‬ ‫‪7,000‬‬ ‫‪7,000‬‬

‫أكثر البلدان إنفاقا‪ :‬تدفع الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية مقابل تقدمي الرعاية الصحية‬ ‫أي بلد آخر من بلدان‬ ‫لكل فرد أكثر مما يدفعه ّ‬ ‫منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪...‬‬

‫‪5,000‬‬ ‫‪5,000‬‬

‫‪3,000‬‬ ‫‪3,000‬‬

‫‪1,000‬‬ ‫‪1,000‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪1960‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪1960‬‬

‫‪ ...‬ولكنّ تتراجع مرتبة الواليات املتحدة األمريكية فيما يتع َّلق باملؤشرات‬ ‫الصحية مثل العمر املتوقع(‪)2‬‬ ‫ّ‬ ‫(حتتل اململكة املتحدة املرتبة الوسطى)‬

‫‪80‬‬

‫مأمول احلياة عند وقت الوالدة (بالسنوات)‬

‫في منجم البيانات‬

‫( )‬

‫هل نحصل على مقابل ما ندفعه من أموال؟‬

‫( )‬

‫مجمل اإلنفاق الصحي على كل فرد مقدّرا بالدوالر األمريكي‬

‫يتغاضون ‪ -‬عن النتائج التي ُتس� � ��تخلَص من الظروف املثالية‬ ‫ّ‬ ‫املعشاة كونها ال تنطبق على مرضاهم‪.‬‬ ‫للدراس� � ��ات السريرية‬ ‫وعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬فقد وجدت دراسة أجريت في عام ‪2009‬‬ ‫أن� � ��ه على الرغم من نتائج الدراس� � ��ة ‪ ALLHAT‬فإن املد ّرات ال‬ ‫تشكل إ ّال ‪ %36‬فقط من أولى الوصفات الدوائية ملعاجلة فرط‬ ‫التوتر الشرياني‪ ،‬وهذا يعكس إلى ح ّد ما االعتقاد السائد لدى‬ ‫بع� � ��ض األطباء بأنّ تلك النتائج ال تنطبق على مرضاهم‪ .‬فيرى‬ ‫�ات ‪ -‬مستندة إلى معايير صارمة‬ ‫<مجيد< أنه لو قامت دراس� � � ٌ‬ ‫الدقة ‪ -‬بتقييم مدى فعالي� � ��ة التدخالت العالجية املختلفة في‬ ‫الظروف الواقعية‪ ،‬فإنّ عددا أكبر من األطباء سيلتزمون على‬ ‫األرجح بنتائج هذه الدراسات في ممارساتهم السريرية‪.‬‬ ‫أي تغيرات رئيس� � ��ية في الكيفية التي‬ ‫وكم� � ��ا هي احلال في ّ‬ ‫تُق َّدم بها الرعاية الصحية في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ينظر‬ ‫بتوجس إلى أبحاث مقارنة الفعالية‪ ،‬إذ ينتابهم القلق‬ ‫الناق� � ��دون ّ‬ ‫م� � ��ن أنها قد حت ّد من اس� � ��تقاللية األطباء ومن اخليارات املتاحة‬ ‫للمرض� � ��ى‪ .‬ولك� � ��ن مع تطوير ه� � ��ذا امليدان لطرق ت ّتس� � ��م بالدقة‬ ‫أي مريض‬ ‫الصارمة والكفاءة لإلجابة عن أه ّم سؤال قد يطرحه ّ‬ ‫أو طبيب‪ ،‬أال وهو‪ :‬ما ه� � ��و الناجع؟ فإنّ أبحاث مقارنة الفعالية‬ ‫ستؤدي بشكل حتمي دورا متناميا وحاسما في الرعاية الصحية‬ ‫على كل من الصعيد الفردي وتشكيل السياسات العامة‪.‬‬

‫سياق عاملي‬

‫‪80‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪200950‬‬ ‫‪2009‬‬

‫الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫اململكة املتحدة‬ ‫بلدان أخرى أعضاء في منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬

‫‪1960‬‬ ‫‪1960‬‬

‫وحتديد أســاليب العالج التي تل ّقوها ومقارنة النتائج املتحصلة‪.‬‬ ‫يقول >‪ .V .J‬س� � ��يلبي< [مدير قسم األبحاث في كايزر]‪« :‬بوجود‬ ‫املفصلة‪،‬‬ ‫قواع� � ��د البيانات الكبيرة هذه واملعلومات الس� � ��ريرية‬ ‫َّ‬ ‫ميكننا إجراء بحث ملقارنة الفعالية في الظروف الواقعية‪ ،‬وعبر‬ ‫طي� � ��ف كامل من املرضى‪ ،‬وليس فقط أولئك الذين ُاختيروا من‬ ‫أجل الدراسات السريرية‪».‬‬ ‫إنّ إجراء حتليل يش� � ��مل ماليني املرضى بدال من الـمئات‬ ‫أو اآلالف في الدراسات الس� � ��ريرية التقليدية يعني أيضا أنّ‬ ‫النتائج من املمكن أن تكون أكثر متانة إحصائيا‪ ،‬أي إنها أقل‬ ‫( ) ‪INTO THE DATA MINE‬‬ ‫( ) ?‪Are We Getting Our Money’s Worth‬‬ ‫(‪The Veterans Administration )1‬‬

‫(‪ life expectancy )2‬أو مأمول احلياة‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪17‬‬


‫احتماال أن تكون نتائجها صدفة‪ .‬وهناك ميزة‬ ‫أخرى للتنقيب في سجالت املرضى‪ :‬وهي أنها‬ ‫تتض َّمن األطفال والنس� � ��اء في س� � ��ن اإلجناب‪،‬‬ ‫إذ تمُ َن� � ��ع ه� � ��ذه الفئات في غال� � ��ب األحيان من‬ ‫االش� � ��تراك في الدراسات السريرية‪ ،‬إذ ُيعتقد‬ ‫أن مخاطر ذلك تفوق الفوائد املتو َّقعة‪.‬‬ ‫للوهلة األولى قد يب� � ��دو التنقيب في قواعد‬ ‫البيان� � ��ات بحثا عن املعلومات ش� � ��بيها بإجراء‬ ‫دراس� � ��ة رصد من النمط القدمي‪ ،‬وهي دراس� � ��ة كان الباحثون‬ ‫يج� � ��دون فيها مجموعة من املرضى صدف أنها تخضع لعالج‬ ‫ما‪ ،‬كما يعثرون عل� � ��ى مجموعة أخرى إما تخضع لعالج آخر‬ ‫أي عالج‪ .‬وعلى النقيض من ذلك تقوم الدراس� � ��ات‬ ‫أو ال تتل ّقى ّ‬ ‫ّ‬ ‫املعشاة بتخصيص أي املرضى يتلقون عالجا أو عالجا آخر‬ ‫مختلفا‪ .‬وقد نتجت من دراس� � ��ات الرصد منافع هائلة للصحة‬ ‫العام� � ��ة (منها على س� � ��بيل املثال إظهار أنّ تدخني الس� � ��گائر‬ ‫ق� � ��ادر على إحداث س� � ��رطان الرئة)‪ ،‬ولكنّها ق� � ��د تكون مض ِّللة‬ ‫أيضا‪ .‬فعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬كانت الدراسات التي توصلت إلى‬ ‫االس� � ��تنتاج بأنّ العالج الهرموني الطويل األمد للنساء األكبر‬ ‫سنا واللواتي بدأ مستوى اإلس� � ��تروجني لديهن بالهبوط قبيل‬ ‫انقط� � ��اع الطمث‪ ،‬قد ق ّلل من خط� � ��ر إصابتهن بأمراض القلب‪،‬‬ ‫إضافة إلى إحداثه تأثيرات مفيدة أخرى‪ ،‬هي دراسات رصد‪.‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬أظهرت مبادرة صحة املرأة(‪ )1‬عام ‪ ،2002‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫معش���اة لتحديد احتمال(‪ ،)2‬أنّ تعويض الهرمونات ال‬ ‫دراس���ة‬ ‫يق� � ��ي من أمراض القلب‪ ،‬بل ي� � ��ؤدي إلى ارتفاع خطر اإلصابة‬ ‫بالسكتة الدماغية وبسرطان الثدي‪ .‬فقد كانت املشكلة هي أن‬ ‫النساء اخلاضعات للعالج بالتعويض الهرموني في دراسات‬ ‫الرصد ُك َّن مختلفات في نواح مهمة عن اللواتي لم يتلقني ذلك‬ ‫الع� �ل��اج (وإن لم يكن هناك من س� � ��بب آخر لالختالف س� � ��وى‬ ‫أنهن كن يعاجلن حتت إشراف أطباء‪ ،‬فهذا سبب كاف)‪ .‬فهذه‬ ‫االختالف� � ��ات‪ ،‬ولي� � ��س العالج الهرموني بح� � ��د ذاته‪ ،‬كانت هي‬ ‫املس� � ��ؤولة عن االنخفاض الظاهر في مخاط� � ��ر أمراض القلب‬ ‫واألوعية الدموية لدى النساء املعنيات‪.‬‬ ‫واليوم ي� � ��درك ر ّواد اس� � ��تخدام الس� � ��جالت الصحية في‬ ‫أبحاث مقارنة الفعالية متام اإلدراك أنهم يقومون بدراس� � ��ات‬ ‫رصد‪ .‬ولكنه� � ��م قد طوروا مناهج إحصائية ومنهجيات أخرى‬ ‫للحيلول� � ��ة دون الوقوع في األخطاء التي ميكن أن تفس� � ��د مثل‬ ‫هذه األبحاث‪ .‬وتتم ّثل اخلطوة الرئيس� � ��ية بالتأ ّكد من أنّ نتيجة‬ ‫ما ليس� � ��ت ناجمة عن أمر يتعلق باملريض وليس بالعالج‪ ،‬كما‬ ‫كان عليه احلال في دراسات رصد تعويض الهرمونات‪ .‬يقول‬ ‫>سيلبي<‪« :‬هناك على الدوام احتمال حقيقي بأنّ األشخاص‬ ‫‪18‬‬

‫الذين يتلقون عالجا ما قد يختلفون في بعض‬ ‫النواحي عن األش� � ��خاص الذين يتلقون عالجا‬ ‫آخ� � ��ر‪ .‬وألخذ ذل� � ��ك في االعتب� � ��ار‪ ،‬نحتاج إلى‬ ‫بيانات ش� � ��ديدة التفصيل‪ ،‬ولدى منظمة كايزر‬ ‫پيرمانين� � ��ت مثل هذه البيان� � ��ات‪ .‬فبإمكانها أن‬ ‫تبينّ لك م� � ��ا إذا كان املرضى [في املجموعات‬ ‫موضع املقارنة] متماثلني بالنس� � ��بة إلى جميع‬ ‫األغراض العملية‪ ،‬أو تسمح لك بإجراء تعديل‬ ‫ألي من االختالفات املتبقية‪».‬‬ ‫إحصائي ّ‬ ‫وسيبصر األعمى‬

‫( )‬

‫ق� � ��ام طبيب العيون >‪ .D‬فونگ< [من املجموع� � ��ة الطبية پيرمانينت‬ ‫في جن� � ��وب كاليفورنيا] باس� � ��تغالل تلك البيان� � ��ات للمقارنة بني‬ ‫عالجني يس� � ��تعمالن لعالج الضمور الشبكي(‪ )3‬املرتبط بالعمر‬ ‫‪ ،age-related‬وه� � ��و الس� � ��بب األول لتدهور البصر الش� � ��ديد لدى‬ ‫األش� � ��خاص الذين تتجاوز أعمارهم الس� � ��تني عام� � ��ا‪ .‬فمنذ عام‬ ‫‪ 2004‬واألطباء يستخدمون الدواء أڤاستني ‪ Avastin‬ملعاجلة هذا‬ ‫املرض‪ ،‬وهو دواء ملعاجلة الس� � ��رطان تصنعه ش� � ��ركة گينينتيك‪.‬‬ ‫وإن كان هذا االس� � ��تخدام غير مذكور في النشرة اخلاصة بهذا‬ ‫ال� � ��دواء‪ ،‬وهذا يعني أنّ الش� � ��ركة لم حتصل عل� � ��ى موافقة إدارة‬ ‫الغذاء والدواء األمريكية )‪ (FDA‬على هذا االستخدام‪ ،‬ولكن كان‬ ‫من املس� � ��موح لألطباء عل� � ��ى أي حال وصف ه� � ��ذا الدواء‪ .‬وفي‬ ‫ع� � ��ام ‪ 2006‬أق ّرت اإلدارة ‪ FDA‬الدواء لوس� � ��ينتيس ‪- Lucentis‬‬ ‫أيضا من إنتاج گينينتيك ‪ -‬ملعاجلة الضمور الشبكي‪ .‬والدواءان‬ ‫أڤاستني ولوسينتيس متش� � ��ابهان للغاية‪ ،‬إ ّال أنّ الدواء أڤاستني‬ ‫يك ّلف ‪ 50‬دوالرا أمريكيا لكل جرعة مقارنة بـ‪ 2200‬دوالر أمريكي‬ ‫للدواء لوسينتيس‪ .‬وهذا وضع األطباء في مأزق ‪ :‬فهل يستمرون‬ ‫في اس� � ��تخدام أڤاس� � ��تني من دون أن تتض َّمن النشرة املرفقة به‬ ‫ذلك‪ ،‬أم يح ّولون مرضاهم إلى الدواء لوسينتيس؟‬ ‫كان >فونگ< يعلم أنّ القضية تستدعي بشدة إجراء مقارنة‬ ‫علمية‪ .‬ولكنه ق َّرر أ ّال يجري دراسة متحيص احتماالت سريرية‬ ‫ّ‬ ‫معش� � ��اة طويلة األمد وباهظة التكاليف‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬قام هو‬ ‫وزمالؤه ‪ -‬بني عامي ‪ 2005‬و ‪ - 2008‬بإدراج ‪ 452‬مريضا من‬ ‫مرضى كايزر في س� � ��جل منفصل‪ ،‬وهم جميع املرضى الذين‬ ‫( ) ‪AND THE BLIND SHALL SEE‬‬ ‫(‪Women’s Health Initiative )1‬‬ ‫(‪prospective, randomized controlled trial )2‬‬

‫(‪)3‬‬

‫دراس� � ��ة طويل� � ��ة األم� � ��د تق� � ��وم مبتابعة‬ ‫مجموعة من أفراد ذوي صفات مشتركة ومختلفني في عدد من العوامل األخرى‪،‬‬ ‫لتحديد احتماالت تأثيرات هذه العوامل في نتائج معينة‪ .‬ويش� � ��يع اس� � ��تخدام هذا‬ ‫املنهج في دراسة األمراض‪ ،‬بغية عدم تعريض البشر لعوامل خطرة بهدف البحث‬ ‫والتجربة العلمية‪.‬‬ ‫‪macular degeneration‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫لم يسبق عالجهم من قبل والذين صاروا يعاجلون بدواء واحد‬ ‫فقط للضمور الش� � ��بكي‪ .‬وأظهرت السجالت أنّ ‪ 324‬مريضا‬ ‫عوجلوا بالدواء أڤاس� � ��تني‪ ،‬بينما عول� � ��ج ‪ 128‬مريضا بالدواء‬ ‫لوسينتيس‪ ،‬وهذه األرقام تعكس التفضيالت الفردية لألطباء‬ ‫واملرضى‪ ،‬مقابل التعيني العشوائي الذي كان س ُيستخ َدم في‬ ‫الدراسة السريرية‪ .‬ومع أن مجموعة مرضى الدواء أڤاستني‬ ‫كانت ح ّدة الرؤية عندهم أسوأ من املجموعة األخرى عند بدء‬ ‫العالج؛ وأنهم تل ّقوا في املتوس� � ��ط ما ه� � ��و ّ‬ ‫أقل بحقنتني على‬ ‫التحس� � ��ن ف� � ��ي ح ّدة الرؤية‬ ‫مدى ‪ 12‬ش� � ��هرا من املتابعة‪ ،‬فإنّ‬ ‫ُّ‬ ‫كان متساويا لكال الدواءين‪ ،‬وذلك حسب التقرير الذي نشره‬ ‫العلماء عام ‪.2009‬‬ ‫ٍ‬ ‫رصد كه� � ��ذه عن حتقيق درج� � ��ة الدقة‬ ‫وتقص� � ��ر دراس � � � ُة‬ ‫اإلحصائية لدراس� � ��ة ّ‬ ‫ولكن مثل بقية الباحثني الذين‬ ‫معش� � ��اة‪ّ .‬‬ ‫ين ّقبون في السجالت الصحية للقيام بأبحاث مقارنة الفاعلية‪،‬‬ ‫اس� � ��تخدم >فونگ< وزمالؤه تقنيات إحصائية معيارية لتجنب‬ ‫أي حت ّيز خفي عند انتقاء مجموعة الدراس� � ��ة‪ .‬كما تأكدوا من‬ ‫أنّ مرضى الدواء أڤاس� � ��تني ومرضى الدواء لوسينتيس كانوا‬ ‫متش� � ��ابهني من حيث العم� � ��ر ودرجة تده� � ��ور اإلبصار لديهم‬ ‫والعوامل الرئيس� � ��ية األخرى‪ .‬ويجادل >فونگ< في أن النتائج‬ ‫متتاز بالدق� � ��ة العلمية وكذل� � ��ك بكونها أكث� � ��ر مالءمة لألطباء‬ ‫املعاجلني من نتائج الدراس� � ��ات الس� � ��ريرية املعيارية‪ .‬فيقول‬ ‫>فونگ<‪« :‬إنّ مجموعة الدراسة أكثر واقعية‪ ،‬فقد كان متوسط‬ ‫عم� � ��ر املرضى ‪ 80‬عاما تقريبا‪ ،‬ولم يكونوا يخضعون للتدقيق‬ ‫والرعاي� � ��ة املك َّثفة التي يتلقاها املش� � ��اركون في الدراس� � ��ات‬ ‫أي فرد‪ ،‬وهذا يجعل من الصعب على‬ ‫السريرية‪ .‬فلم نستبعد ّ‬ ‫األطباء الق� � ��ول (هذا ال ينطبق على مرض� � ��اي)‪ ».‬وفي الواقع‬ ‫تؤيد نتائج الس� � ��نة األولى لدراس� � ��ة ّ‬ ‫معشاة للدواءين أڤاستني‬ ‫ولوس� � ��ينتيس ‪ -‬نش� � ��رت على اإلنترنت في مجلة نيو إنگالند‬ ‫توصل إليه >فونگ< أيضا‪.‬‬ ‫للطب في الشهر ‪ - 2011/4‬ما َّ‬ ‫فهم صحيح لإلحصاءات‬

‫( )‬

‫يط ّور العلم� � ��اء الذين يجرون أبح���اث مقارن���ة الفعالية‬

‫‪CER‬‬

‫باالعتماد على السجالت الطبية اإللكترونية عددا من التقنيات‬ ‫لضمان الس� �ل��امة اإلحصائية لنتائجهم‪ .‬واألمر األكثر أهمية‬ ‫هنا هو التأ ّكد من تكاف� � ��ؤ املرضى املوجودين في مجموعتني‬ ‫أو أكث� � ��ر من مجموع� � ��ات املقارنة‪ ،‬مث� �ل��ا مجموعتان تتناوالن‬ ‫الدواءين أڤاستني ولوس� � ��ينتيس‪ ،‬أو حاصرات بيتا ومث ّبطات‬ ‫اإلنزمي احمل ِّول لألجنيوتنس� �ي��ن‪ .‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬يقوم الباحثون‬ ‫بتحلي� � ��ل الدرجات التي يحرزها عدد م� � ��ن املتغيرات ( وليس‬

‫م� � ��ن غير املأل� � ��وف أن يصل عدد املتغيرات إل� � ��ى ‪ 100‬متغير)‬ ‫ميت ّد نطاقها من البيان� � ��ات االجتماعية االقتصادية إلى نتائج‬ ‫الفح� � ��وص املختبرية‪ ،‬كي يتب َّينوا م� � ��ا إذا كان متغير واحد أو‬ ‫أكثر أكثر ش� � ��يوعا لدى أولئك املرض� � ��ى الذين يتل ّقون عالجا‬ ‫ما وليس اآلخر‪ .‬وعند أخذ مثل هذه املتغيرات باحلس� � ��بان ‪-‬‬ ‫كما يشرح >سيلبي< ‪« -‬سنكون بالنتيجة نقارن بني أشخاص‬ ‫أي من العالج� �ي��ن‪ ،‬ولكنهم‬ ‫لديهم االس� � ��تعداد نفس� � ��ه لتل ّق� � ��ي ّ‬ ‫في الواقع س� � ��يتلقون عالجا واح� � ��دا دون اآلخر»‪ .‬وهكذا يت ّم‬ ‫اس� � ��تبعاد احتمال الوقوع في خطأ على ش� � ��اكلة حالة العالج‬ ‫بتعويض الهرمونات‪ ،‬حيث كان تلقي العالج في حقيقة األمر‬ ‫عالمة على إمكانية احلصول على رعاية صحية أفضل‪.‬‬ ‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬قام >مجيد< في دراسته لألدوية اخلافضة‬ ‫لف� � ��رط التوتر الش� � ��رياني بتحليل الس� � ��جالت الطبي� � ��ة لتمييز‬ ‫املرضى الذين رمبا ال يتس� � ��اوون من حيث احتمال استعمال‬ ‫كال الدواءين؛ أي مث ّبطات اإلنزمي احملوِّ ل لألجنيوتنسني ‪ACE‬‬ ‫أو حاصرات بيتا‪ ،‬من مثل املرضى الذين قد تكون لديهم حالة‬ ‫قائمة تتعارض مع اس� � ��تعمال أي من هذي� � ��ن الدواءين‪ .‬يقول‬ ‫>مجيد<‪« :‬لقد اس� � ��تبعدنا تلك احل� � ��االت‪ ،‬وتبقى فقط املرضى‬ ‫الذين يتس� � ��اوى احتمال إعطائه� � ��م مث ّبطات اإلن���زمي احملوِّ ل‬ ‫لألجنيوتنس�ي�ن أو حاص� � ��رات بيتا»‪ .‬وبعد ذلك ح ّدد >مجيد<‬ ‫املرضى ذوي اخلصائص الصحية املتشابهة‪ ،‬كي يخ ِّفض من‬ ‫احتمال أن حتيد املقارنة بني األدوية ‪ -‬مثال ‪ -‬بس� � ��بب إعطاء‬ ‫أحد األدوية ملصابني أشد مرضا‪.‬‬ ‫يقول >مجيد<‪« :‬لقد جعلنا املجموعات تتساوى قدر املستطاع»‪،‬‬ ‫وذلك استنادا إلى العمر واجلنس واحلاالت املصاحبة والعالمات‬ ‫احليوي� � ��ة والنتائج املختبرية (وظائف ال ُكلْ َية على س� � ��بيل املثال)‬ ‫والعوامل االقتصادية االجتماعية مثل التعليم ومستوى الدخل‪.‬‬ ‫قرن <مجيد< كل امرأة بيضاء‪ ،‬وعمرها ‪ 54‬سنة تركت الدراسة‬ ‫في املرحلة الثانوية‪ ،‬ولديها ضغط شرياني ‪ -‬في وضع الراحة ‪-‬‬ ‫مقداره ‪ 150‬على ‪ 80‬في مجموعة املعاجلة بحاصرات بيتا‪ ،‬لديها‬ ‫هاتان احلالتان املصاحبت� � ��ان وتتناول ثالثة أدوية مع ّينة‪ ،‬قرنها‬ ‫(>مجيد<) بامرأة أخرى بيضاء البشرة‪ ،‬عمرها ‪ 54‬سنة‪ ،‬تركت‬ ‫الدراسة في املرحلة الثانوية ولديها ضغط شرياني ‪ -‬في وضع‬ ‫الراحة ‪ -‬مقداره ‪ 150‬على ‪ 80‬ف� � ��ي مجموعة املعاجلة مبث ّبطات‬ ‫اإلنزمي احملوِّ ل لألجنيوتنس�ي�ن‪ ،‬ولديها احلالتان املصاحبتان‬ ‫نفس� � ��اهما وتتناول األدوية الثالثة ذاتها‪ .‬عندما انتهى >مجيد<‬ ‫من عمله‪ ،‬استطاع أن يقرن بشكل دقيق للغاية كل مريض يتناول‬ ‫املعاجلة باألدوية املث ّبطة لإلنزمي احمل ِّول لألجنيوتنسني مبريض‬ ‫مقابل يتناول األدوية احلاصرة بيتا‪ .‬أ ّما املرضى الذين لم يكن‬ ‫( ) ‪GETTING THE STATISTICS RIGHT‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪19‬‬


‫باإلمكان مضاهاتهم بهذه الطريقة‪ ،‬فلم ُيشملوا بالدراسة‪.‬‬ ‫املفصلة يعطي النتائج‬ ‫ملّا كان حتليل الس� � ��جالت الصحية‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫املعشاة‪،‬‬ ‫بسرعة أكبر بكثير من دراسات متحيص االحتماالت‬ ‫فقد أنقذ حياة البعض من املوت‪ .‬إذ اس� � ��تخدم >‪ .H .D‬كامپن<‬ ‫[االختصاصي بطب الروماتيزم في كايزر] هذه املنهجية‪ ،‬عندما‬ ‫ذكر له أحد الزمالء في األوس� � ��اط األكادميية وجو َد تلميحات‬ ‫في الدراسات التي أجريت على احليوانات في املختبرات‪ ،‬بأنّ‬ ‫ڤيوكس ‪ - Vioxx‬وهو دواء ُيس� � ��تخ َدم لتسكني األلم ‪ -‬قد يزيد‬ ‫من خطر اإلصابة بالذبحات القلبية والسكتات الدماغية‪ .‬ومن‬ ‫خالل حتليل سجالت مرضى كايزر‪ ،‬حت ّقق >كامپن< وزمالؤه‬ ‫من ذلك األمر بالضبط‪ ،‬وذلك قبل عدة شهور من سحب شركة‬ ‫ميرك للدواء ڤيوكس من األسواق طواعية في عام ‪ .2004‬وفي‬ ‫الواقع‪ ،‬كان عدد املرضى في كايزر الذين اس� � ��تخدموا الدواء‬ ‫ڤيوكس واألدوية املش� � ��ابهة له ‪ -‬التي تُدع� � ��ى مث ِّبطات اإلنزمي‬ ‫‪ّ - COX-2‬‬ ‫أقل من متوسط عدد املرضى الذي استعملوه على‬ ‫الصعيد الوطني‪ .‬ليس ملث ِّبطات اإلنزمي ‪ COX-2‬االحتمال نفسه‬ ‫من خطر إحداث نزيف في اجلهاز الهضمي مثل بقية األدوية‬ ‫الالس� � ��تيرويدية ‪ NSAIDs‬املضادة لاللتهاب‪ ،‬مثل األسبرين؛‬ ‫ولك� � ��ن ليس جميع املرضى عرضة خلط� � ��ر اإلصابة مبثل هذا‬ ‫النزيف‪ ،‬لذا ال حاجة إلى اس� � ��تخدام األدوية اجلديدة املث ِّبطة‬ ‫لإلن� � ��زمي ‪ COX-2‬والباهظة الثمن‪ .‬فيتذ َّك� � ��ر >كامپن< بأنه في‬ ‫وقت من األوقات كانت نسبة استخدام األدوية املث ِّبطة لإلنزمي‬ ‫‪ COX-2‬في الواليات املتحدة األمريكية تقترب من ‪ 50‬في املئة‬ ‫من وصفات األدوية الالستيرويدية املضادة لاللتهاب ‪،NSAIDs‬‬ ‫إ ّال أنّ هذه النسبة ظ َّلت في كايزر دون ‪ 10‬في املئة‪.‬‬ ‫فعال ألموال الرعاية الصحية‬ ‫تأثير ّ‬

‫( )‬

‫إضافة إلى تقييم مدى النجاح الذي حت ّققه أس� � ��اليب العالج‬ ‫املختلفة في عالج مرض معينَّ ‪ ،‬فإنّ اجليل اجلديد من الباحثني‬ ‫في مجال مقارنة الفعالية يسعون إلى املقارنة بني تكاليف هذه‬ ‫األساليب‪ ،‬وإلى طرح السؤال ما إذا كانت التكاليف اإلضافية‬ ‫تؤ ِّم� � ��ن املزيد من الفعالية‪ .‬فحتى وقتن� � ��ا احلاضر كان يحظر‬ ‫تداول هذ الس� � ��ؤال‪ :‬إذ ظلت إحدى املبادئ األساس� � ��ية للطب‬ ‫األمريكي ولفترة طويلة تقول إنه ليس العتبارات التكلفة املالية‬ ‫أي دور عند اتخاذ القرارات الس� � ��ريرية‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬لم ت ُكن‬ ‫ّ‬ ‫أبحاث مقارنة الفعالية تقليدي� � ��ا تأخذ بعني االعتبار موضوع‬ ‫التكلف� � ��ة‪ .‬إذ كانت تق ّي� � ��م اثنني أو أكثر من أس� � ��اليب العالج‪،‬‬ ‫وحت � � � ّدد مرتبتها من ناحية الفعالية الس� � ��ريرية ال أكثر‪ .‬إ ّال أنّ‬ ‫االرتفاع احلا ّد في تكالي� � ��ف الرعاية الصحية أ ّدى إلى زيادة‬ ‫‪20‬‬

‫الضغط النتقاء األس� � ��اليب العالجية ذات التأثير األكبر نسبة‬ ‫ملا ينفق من أموال على الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن خالل الس� � ��نوات القليلة املاضية غ� � ��دا تقييم فاعلية‬ ‫التكلفة بؤرة اهتمام متزايد من التحليل‪ .‬ففي عام ‪ 2006‬درس‬ ‫الباحثون في إدارة احملاربني القدماء مرضى يعانون ش� � ��كال‬ ‫صعب العالج من أمراض القلب يتّسم بنقص تدفق الدم‪ .‬وكان‬ ‫يوس� � ��ع‬ ‫بعضهم قد خضع لعملية قس���طرة ‪ ،angioplasty‬حيث ِّ‬ ‫اجل ّراح الوعاء الدموي املصاب باالنسداد (عادة بواسطة أداة‬ ‫تش� � ��به البالون)‪ ،‬بينما خضع بعضهم اآلخر لعملية اس� � ��تبدال‬ ‫الش� � ��رايني التاجية‪ ،‬حي� � ��ث يت ّم حتويل مرور ال� � ��دم ‪ -‬ليتجاوز‬ ‫املنطقة املصابة باالنس� � ��داد ‪ -‬عبر مجازات (أوعية مزروعة)‬ ‫‪ .bypass‬وق� � ��د وجد الباحثون أن ل� � ��كال اإلجراءين نتائج باهرة‬ ‫من ناحية مع ّدل البقاء على قيد احلياة‪ ،‬ملدة ثالث سنوات بعد‬ ‫العملية‪ %82( ،‬ملَن عولج بالقسطرة‪ ،‬و‪ %79‬ملَن ُعولج باستبدال‬ ‫الش� � ��رايني التاجية)‪ .‬إ ّال أنّ التكلفة اإلجمالية للقس� � ��طرة كانت‬ ‫‪ 63 900‬دوالر أمريك� � ��ي مقارن� � ��ة ب � � �ـ ‪ 84 400‬دوالر أمريك� � ��ي‬ ‫الستبدال الش� � ��رايني التاجية‪ .‬وبعبارة أخرى كانت القسطرة‬ ‫أكث� � ��ر فعالية مبقدار طفي� � ��ف‪ ،‬إضافة إلى كونه� � ��ا ّ‬ ‫أقل تكلفة‪.‬‬ ‫وبعد خمس س� � ��نوات من العملية كان ‪ %75‬من املرضى الذين‬ ‫عوجلوا بالقسطرة ال يزالون على قيد احلياة‪ ،‬مقارنة بـ‪ %70‬من‬ ‫املرضى الذين خضعوا الستبدال الشرايني التاجية‪ ،‬وبتكاليف‬ ‫مقداره� � ��ا ‪ 82 000‬دوالر أمريكي و‪ 101 000‬دوالر أمريكي على‬ ‫الترتيب‪ :‬مرة أخرى معدل بقاء أفضل مع تكاليف ّ‬ ‫أقل‪.‬‬ ‫والطري� � ��ق نحو اعتماد مثل تلك النتائ� � ��ج لضبط التكاليف‬ ‫فعليا‪ ،‬ليس طريقا مباشرا بالضرورة‪ .‬فقانون إصالح الرعاية‬ ‫الصحية لعام ‪ 2010‬مينع مِ ديكير من استخدام أبحاث مقارنة‬ ‫الفعالية لتقرير ما ستدفع تكلفته (مثال الدواء أڤاستني وليس‬ ‫الدواء لوسينتيس ملعاجلة الضمور الشبكي)‪ ،‬وهذا حق مس َّلم‬ ‫به للمش � � � ّرعني الذين أرادوا ضمانا لبق� � ��اء املرضى واألطباء‬ ‫أحرارا في انتقاء أي ع� �ل��اج يرغبون فيه‪ ،‬وه ّددوا بالتصويت‬ ‫ضد إقرار مش� � ��روع القانون في حال عدم وجود ذلك الشرط‪.‬‬ ‫ولكن مِ ديكير تس� � ��تطيع اس� � ��تخدام األبحاث لتحديد أس� � ��عار‬ ‫ّ‬ ‫الس� � ��داد بطريقة تش� � � ِّ�جع مز ّودي اخلدمة عل� � ��ى تقدمي أفضل‬ ‫رعاية لقاء ثمن ما‪ ،‬وهذا النظام يسمى بـ «تسديد متساو لقاء‬ ‫نتائج متس� � ��اوية»‪ .‬وإذا استخدمنا مثال ضمور الشبكية‪ ،‬فقد‬ ‫تدفع مِ ديكير ‪ 50‬دوالرا مقابل كل حقنة‪ ،‬وهذا سوف يعني أنّ‬ ‫املرضى الذين يص ّرون على املعاجلة بالدواء لوس� � ��ينتيس‪ ،‬أو‬ ‫الذين يص ّر أطباؤه� � ��م على ذلك‪ ،‬يتعني عليهم دفع الفرق وهو‬ ‫‪ 2150‬دوالرا أمريكيا‪.‬‬ ‫( ) ‪BANG FOR THE HEALTH CARE BUCK‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫إنّ إجبار الناس على دفع املزيد من أموالهم الش� � ��خصية‬ ‫ّ‬ ‫املتوخى‪ .‬ولكنه مج ّرد وسيلة لتحقيق الهدف‪،‬‬ ‫ليس هو الهدف‬ ‫وهو متكني املرضى من احلصول على أكثر أس� � ��اليب العالج‬ ‫فعالي� � ��ة؛ م� � ��ن دون زيادة قيمة فات� � ��ورة الرعاية الصحية على‬ ‫مستوى الدولة بسبب دعم أساليب عالج تك ّلف أكثر وال تنجم‬ ‫عنها أي منافع إضافية‪ .‬يقول >فونگ<‪« :‬ونحن ندخل في عهد‬ ‫إصالح الرعاية الصحية‪ ،‬فإننا ملزمون بالتعاطي مع قضية‬ ‫كيفية تسديد الثمن‪ .‬وإحدى اإلجابات الواضحة عن ذلك هي‬ ‫أنك ال ترغب في الدفع إ ّال مقابل األشياء التي تؤ ّدي عملها‪».‬‬ ‫فعندم� � ��ا يح ّقق دواءان قدرا متس� � ��اويا من النجاح‪ ،‬كما وجد‬ ‫>فونگ< في حالة اس� � ��تخدام الدواءين أڤاستني ولوسينتيس‬ ‫ملعاجلة الضمور الش� � ��بكي املرتبط بالعم� � ��ر‪ ،‬فالبد أن تكون‬ ‫احلسابات سهلة‪ .‬ولكن كيف سيكون األمر عندما تبلغ تكلفة‬ ‫الدواء ‪ A‬عش� � ��رين ِض ْع َف تكلف� � ��ة الدواء ‪ ،B‬وال يؤ ّدي إ ّال إلى‬ ‫زيادة في املنفعة مبقدار ‪ %5‬مقاسة على سبيل املثال بالبقاء‬ ‫عل� � ��ى قيد احلي� � ��اة أو بح ّدة البصر أو بضبط األنس� � ��ولني أو‬ ‫بعدد مرات اإلدخال إلى املستش� � ��فى؟ ويشير إلى أنه «ينبغي‬ ‫التحسن‬ ‫علينا أن نبدأ كمجتمع بالتس� � ��اؤل ع ّما إذا كان ذلك‬ ‫ّ‬ ‫الطفيف يس� � ��تحق الثمن ال� � ��ذي ُيد َفع من أجل� � ��ه‪ ».‬فبالتأكيد‬ ‫التشاحن‬ ‫س� � ��يكون هذا نقاشا مؤملا‪ ،‬س� � ��يجبر املجتمع على‬ ‫ُ‬ ‫حتس� � ��نات‬ ‫ح� � ��ول مقدار املبال� � ��غ التي نقبل بإنفاقها من أجل ّ‬ ‫ح ّدية في الصحة‪.‬‬ ‫العوائق املستقبلية‬

‫( )‬

‫مع أنّ التخ ُّلص من أساليب العالج غير الفعالة قد يبدو كأمر‬ ‫سيلقى ترحيب ّ‬ ‫كل من املرضى واألطباء واجلهات التي تدفع‬ ‫التكاليف‪ ،‬لكن في الواقع‪ ،‬وقعت أبحاث مقارنة الفعالية في‬ ‫مرم� � ��ى نيران اجلدل الدائر حول إصالح الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫والتهمة الرئيس� � ��ية من مجمل التهم‪ :‬إنّ هذه األبحاث سوف‬ ‫تُستخ َدم «للتبرؤ من الرعاية أو لتقنينها»‪ ،‬كما جاء في حتذير‬ ‫للنائب >‪ .M‬روجرز< [من والية ميتشيگان] في عام ‪ .2009‬وفي‬ ‫الواقع‪ ،‬فإنّ األبحاث ال تقارن ما إذا كان املرضى املتباينون‬ ‫يستفيدون من عالج ما كوس� � ��يلة ملنع مجموعة ما مِ ْن تل ّقي‬ ‫العالج‪ ،‬كما ميكن أن ُيس َتش� � ��ف من «التبرؤ من الرعاية أو‬ ‫تقنينه� � ��ا »‪ .‬فهدف أبحاث مقارن� � ��ة الفعالية يتم َّثل بالتخ ّلص‬ ‫ّ‬ ‫األقل فعالية لدى جميع الناس؛ وإحالل‬ ‫من أساليب العالج‬ ‫بدائل أكثر فعالية مكانها‪ .‬يقول >‪ .S‬نيس� � ��ن< [طبيب أمراض‬ ‫القلب في كليڤالند كلينك]‪« :‬تتع ّرض أبحاث مقارنة الفعالية‬ ‫في الوق� � ��ت احلاضر لهجوم متواصل ي َّدعي أنّ األمر بر ّمته‬

‫يس� � ��عى إلى تقنني الرعاية الصحية‪ .‬وهم يحرزون تقدما مع‬ ‫أن هذا ليس هو ما ننادي به‪ .‬فأبحاث مقارنة الفعالية تسعى‬ ‫إلى تقدمي أفضل رعاية‪ ،‬وليس إلى تقنينها‪».‬‬ ‫وي� � ��رى خب� � ��راء الصحة أن الوالي� � ��ات املتح� � ��دة األمريكية‬ ‫تنفرد مبثل هذه الش� � ��كوك‪ .‬إذ يج� � ��ادل باحثون بريطانيون في‬ ‫مقالة نش� � ��روها في مجلة فارماكو‪-‬إيكونوميكس (اقتصاديات‬ ‫صيدالنية) ‪ Pharmaco-Economics‬عام ‪ 2010‬في أن الناس في‬ ‫أي بلد آخر «ال يش ّكون في األدلة بالقدر نفسه الذي يشك فيه‬ ‫املعنيون في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬مبا في ذلك نسبة كبيرة‬ ‫من واضعي السياسات العامة»‪ .‬فقد اعتمدت اململكة املتحدة‬ ‫أبح� � ��اث مقارنة الفعالية منذ وقت طويل‪ ،‬وأدرجت نتائجها في‬ ‫القرارات املتع ِّلقة مبا سوف تغطيه اخلدمات الصحية الوطنية‪.‬‬ ‫وقد أظهرت الدالئل أنّ أبحاث مقارنة الفعالية ليس� � ��ت ترياقا‬ ‫يش� � ��في جميع العلل؛ فتكاليف الرعاية الصحية ال تزال آخذة‬ ‫ف� � ��ي االرتفاع في اململكة املتحدة‪ ،‬وإ ْن لم تكن باحل ّدة التي هي‬ ‫عليها في الواليات املتح� � ��دة األمريكية‪ .‬ولكنه من الواضح أنّ‬ ‫اس� � ��تناد قرارات الرعاية الصحية إلى أبحاث مقارنة الفعالية‬ ‫ل� � ��م يضر البريطانيني‪ ،‬الذين يتمتّعون بالفعل بتوقعات أعمار‬ ‫مما يتمتّع به األمريكيون [انظر اإلطار‬ ‫‪ life expectancy‬أعل� � ��ى ّ‬ ‫في الصفحة ‪.]17‬‬ ‫يقول >نيس� � ��ن<‪« :‬إذا كان هناك بلد ف� � ��ي العالم يحتاج إلى‬ ‫أبح� � ��اث مقارنة الفعالية‪ ،‬فهو الوالي� � ��ات املتحدة األمريكية‪ .‬فمن‬ ‫املمك� � ��ن القول إنّ الطب في الواليات املتحدة األمريكية هو األقل‬ ‫ف� � ��ي العالم من حي� � ��ث فعالية التكلفة‪ .‬إذ ته� � ��در كمية كبيرة من‬ ‫األموال‪ ،‬بحيث إننا لو تخ ّلصنا من هذا الهدر‪ ،‬فسيكون مبقدورنا‬ ‫توفير الرعاية الصحية للجميع‪ ».‬وستكون معركة عسيرة في بلد‬ ‫يبج� � ��ل حق األفراد في االختيار أكثر بكثير من تبجيله للعلم‪ .‬إ ّال‬ ‫ِّ‬ ‫أنّ أبحاث مقارنة الفعالية تبقى أفضل آمالنا لتحس� �ي��ن الرعاية‬ ‫>‬ ‫الطبية بشكل عادل من دون خسارة األموال الطائلة‪.‬‬ ‫( ) ‪THE OBSTACLES TO COME‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, July 2011‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪21‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫اختراق الشبكة يطفئ األنوار‬

‫( )‬

‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫منظومات حت ُّكم صناعي‬ ‫ڤيروسات حاسوبي ٌة في تعطيل‬ ‫جنحت‬ ‫مع َّززة‪ .‬وقد تكون شبك ُة توليد الطاقة الكهربائية هي الهدف التالي‪.‬‬ ‫>‪ .M .D‬نيكول<‬

‫في عام ‪َ 2010‬س � � � َر ْت معلومات عن ڤيروس حاسوبي متكن عموما في مفاصل الصناعة ‪ -‬من صمامات وتروس ومسننات‬ ‫الڤيروس ستكسنت‬ ‫عرف‬ ‫ُ‬ ‫من التس� � ��رب إلى داخل منش� � ��آت التخصيب النووي اإليرانية ومحركات ومفاتيح كهربائية‪ .‬وما أن َت ّ‬ ‫املعروفة بإجراءاتها األمنية املشددة‪ .‬وإذ إن معظم الڤيروسات فريس َت ُه حتى اندس فيها خلسة واستحوذ عليها‪.‬‬ ‫كانت املتحكمات ‪ controllers‬املس� � ��تهدفة مرتبطة بأجهزة‬ ‫تتضاع� � ��ف وتنتش� � ��ر من غي� � ��ر إحداث ضرر يذك� � ��ر‪ ،‬فقد كان‬ ‫للڤيروس املس� � ��مى ستكس� � ��نت ‪ Stuxnet‬هدف محدد يس� � ��عى الطرد املركزي ‪ ،centrifuges‬في صميم مطامح إيران النووية‪.‬‬ ‫إليه ‪ -‬هدف ال عالقة له باإلنترنت‪ .‬ذلك أن هذا الڤيروس ُز ِرع َ وثمة ما يقتضي استعمال آالف من أجهزة الطرد هذه ملعاجلة‬ ‫على ذراع وصلة تسلسلية عاملية )‪ُ ،)1((USB‬سلِّمت إلى عامل خام اليوراني� � ��وم‪ ،‬بغية حتويله إلى يورانيوم عالي التخصيب‪،‬‬ ‫فني غافل لم تس� � ��اوره أية ريبة‪ ،‬فقام بوصلها بأحد حواسيب الالزم إلنتاج س� �ل��اح نووي‪ .‬وفي ش� � ��روط التشغيل املعتادة‪،‬‬ ‫منشأة مصونة‪ .‬ومبجرد دخول الڤيروس بدأ باالنتشار بصمت تدور أجهزة الطرد املركزي بسرعة هائلة تدوم معها حافاتها‬ ‫وعلى مدى ش� � ��هور‪ ،‬باحثا عن حاس� � ��وب موصول بآلة عادية اخلارجية مبا يداني سرعة الصوت‪ .‬ووفقا ل‍ما ورد في تقرير‬ ‫تتمثل ف� � ��ي متحكم منطق���ي قاب���ل للبرمج���ة ‪programmable‬‬ ‫( ) ‪HACKING THE LIGHTS OUT‬‬ ‫‪ ،logic controller‬وه� � ��و مجموعة أجه���زة إلكترونية ميكروية (‪ )1‬مختص� � ��ر لـ‪ :universal serial bus‬مجموع� � ��ة خطوط عتادية (نواقل‪/‬موصالت)‬ ‫تسلس� � ��لية بعرض حزمة ‪ 1.5‬ميگا بايت‪/‬ثا‪ُ ،‬تستعمل لتوصيل الطرفيات إلى‬ ‫(التحرير)‬ ‫حاسوب شخصي‪.‬‬ ‫(صغري���ة) ‪ microelectronics‬مخصوص� � ��ة الغ� � ��رض‪ ،‬تتحكم‬ ‫باختصار‬

‫تعمل الشبكة الكهربائية احلديثة ‪ -‬بجميع أجزائها ‪ -‬بتحكُّم حاسوبي‪،‬‬ ‫وهي متثِّل لنا أكبر مثال لبنية أساسية مادية ترتبط باإللكترونيات‪.‬‬ ‫كسـ ِن ْت ‪ ،Stuxnet‬الذي ضرب برنامج إيران‬ ‫دلَّل الڤيروس ْسـ َت ْ‬ ‫النووي‪ ،‬على مدى انكش������اف اآلالت خلطر اختراقها من ڤيروس‬ ‫الصنع‪.‬‬ ‫إلكتروني محكَم ُّ‬ ‫‪22‬‬

‫للش� � ��بكة الكهربائية نصيب في كثير من الثغ� � ��رات ونقاط الضعف‬ ‫حري بأن يجعل‬ ‫كش� � ��فها الڤيروس ستكس � � � ِن ْت؛ فإن ِك َب َر حجمها‬ ‫التي َ‬ ‫ٌّ‬ ‫واطن قصورها أكثر عددا‪.‬‬ ‫َم َ‬ ‫قد يتسبب هجوم ڤيروسي مع َّقد على شبكة الكهرباء األمريكية في‬ ‫تدمير جزء كبير منها‪ ،‬ولذلك تع َّز ُز حال ّيا التدابير األمنية عليها‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫ملعهد العل� � ��وم واألمن الدولي(‪ ،)1‬صدر في الش� � ��هر ‪،2010/12‬‬ ‫فإن الڤيروس ستكس� � ��نت استطاع رفع هذه السرعة إلى زهاء‬ ‫‪ 1000‬ميل في الس� � ��اعة‪ ،‬فوق النقط� � ��ة التي يصبح من املرجح‬ ‫عندها تطاير القلب الدوار ‪ rotor‬وتناثره‪ .‬وفي الوقت نفسه بث‬ ‫الڤيروس إش� � ��ارات كاذبة ملنظومات التحكم توحي بأن األمور‬ ‫تس� � ��ير س� � ��يرا طبيعيا‪ .‬ومع أن جملة اخلس� � ��ائر التي حاقت‬ ‫ببرنام� � ��ج إيران الن� � ��ووي ل‍م تتضح أبعادها بعد‪ ،‬فقد أش� � ��ار‬ ‫التقري� � ��ر إلى أنه تعني على إيران اس� � ��تبدال نحو ‪ 1000‬جهاز‬ ‫ط� � ��رد مركزي‪ ،‬موجودة في منش� � ��أة ناتانز ‪ Natanz‬للتخصيب‬ ‫في أواخر عام ‪ 2009‬أو مطلع عام ‪.2010‬‬ ‫ويظهر الڤيروس ستكسنت مدى انكشاف اآلالت الصناعية‬ ‫العامة عل� � ��ى خطر وقوع هجوم إلكترون� � ��ي عليها؛ فالڤيروس‬ ‫اس� � ��تهدف وأتلف ما ُيفترض أنه جتهيزات حصينة‪ ،‬في حني‬ ‫ظل عصيا على االكتش� � ��اف ش� � ��هورا عديدة‪ .‬وهو بذلك يقدم‬ ‫توصيفا متش� � ��ائما ألسلوب دولة مارقة أو جماعة إرهابية في‬ ‫استغالل تقانة مشابهة لضرب بنية أساسية مدنية حيوية في‬ ‫أي مكان من العالم‪.‬‬ ‫ومن س� � ��وء الطالع أن يكون الس� � ��طو على شبكة توليد الطاقة‬ ‫الكهربائية أس� � ��هل منه على أي منش� � ��أة تخصيب نووي‪ .‬إننا قد‬ ‫ننظر إلى الش� � ��بكة عل� � ��ى أنها دارة واحدة عمالق� � ��ة‪ ،‬ولكنها في‬

‫املؤلف‬

‫‪David M. Nicol‬‬

‫مدير معهد احتاد املصالح املعلوماتية‪ ،‬وأستاذ في قسم الهندسة الكهربائية واحلاسوبية‬ ‫بجامعة إيلينوي‪ .‬عم َل مستشارا في إدارة األمن الوطني األمريكي وفي وزارة الطاقة‪.‬‬

‫احلقيق� � ��ة مؤلفة م� � ��ن آالف املكونات التي تتباع� � ��د مئات األميال‪،‬‬ ‫وتعمل بتناس� � ��ق س� � ��ديد ال يتخلف‪ .‬ويجب أن تكون طاقة اإلمداد‬ ‫املتدفق� � ��ة في أوصال الش� � ��بكة متوافقة ف� � ��ي صعودها وهبوطها‬ ‫توافق� � ��ا تاما مع الطلب عليه� � ��ا‪ ،‬وأن تقوم املولدات بتوزيع طاقتها‬ ‫بتناس� � ��ق دقيـق مع نبضة الـ‪ 60‬دورة في الثانية‪ ،‬التي يعمل على‬ ‫إيقاعها سائر الشبكة‪ .‬ولئن كان تعطل أي مكون مبفرده ستترتب‬ ‫علي� � ��ه تداعيات محدودة على هذه ال� � ��دارة العمالقة‪ ،‬فإن هجوما‬ ‫س���يبرانيا ‪( cyberattack‬في فضاء الشبكات) منسقا يشن على‬ ‫نق���اط متع���ددة ‪ multiple points‬من الش� � ��بكة حري بإحلاق أذى‬ ‫واس� � ��ع النط� � ��اق بالتجهيزات قد يعرض ق� � ��درة بالدنا على توليد‬ ‫(‪Institute for Science and International Security )1‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪23‬‬


‫خط زمني‬

‫هجمات رقمية مقابل أضرار مادية‬

‫الشهر ‪2000/4‬‬

‫( )‬

‫م���ع تنام���ي نزع���ة اآلالت الصناعي���ة نحو االرتب���اط املباش���ر باإلنترن���ت‪ ،‬تتزايد‬ ‫ُ‬ ‫االختراقات‪ ،‬على مدى س���نوات العقد املاضي‪،‬‬ ‫ظهر‬ ‫احتماالت حدوث اخلراب‪ .‬و ُت ِ‬ ‫مزود بشي َّپة ميكروية‬ ‫أن الش���بكة ليس���ت موطنَ الضعف الوحيد ‪ -‬بل إن َّ‬ ‫أي جهاز َّ‬ ‫(صغرية) ‪ microchip‬مي ِّثل هدفا محتمال‪.‬‬ ‫منشأة ديڤيز‪-‬بيس‬ ‫النووية‬

‫ٌ‬ ‫موظف ناقم‪ ،‬كان يعمل‬ ‫سابقا في مؤسسة‬ ‫ملعاجلة املياه‪َ ،‬يستعمل‬ ‫أجهزة السلكية‬ ‫مسروقة إلصدار أوامر‬ ‫مغلوطة لتجهيزات‬ ‫الصرف الصحي في‬ ‫كوين‍زالند‪/‬أستراليا‪،‬‬ ‫َّب انسكاب‬ ‫مما سب َ‬ ‫أكثر من ‪200 000‬‬ ‫گالون من مياه الصرف‬ ‫غير املعالجَ ة في‬ ‫حدائق عامة وأنهار‬ ‫مح ّلية‪.‬‬

‫‪2000‬‬

‫الطاقة الكهربائية وتوزيعها خلطر شديد على مدى أسابيع ‪ -‬بل‬ ‫رمبا شهور‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى حجم الش� � ��بكة وتعقيدها‪ ،‬فإن ش� � ��ن اعتدا ٍء‬ ‫منس� � ��ق عليها غالبا ما يس� � ��تلزم زمنا وجه� � ��دا‪ .‬ولرمبا كان‬ ‫ستكس� � ��نت أعق� � ��د ڤيروس حاس� � ��وبي عرف عل� � ��ى اإلطالق‪،‬‬ ‫وهذا يحم� � ��ل على الظن بأنه من صنع وكالة االس� � ��تخبارات‬ ‫اإلسرائيلية أو األمريكية‪ ،‬أو كلتيهما‪ .‬على أن كود ‪ code‬هذا‬ ‫الڤيروس متاح حاليا على ش� � ��بكة اإلنترنت‪ ،‬مما قد يزيد من‬ ‫احتمال إقدام مجموعة ش� � ��ريرة على إنتاجه وفق مواصفات‬ ‫معين� � ��ة‪ ،‬واس� � ��تعماله في هجوم على هدف جدي� � ��د‪ .‬وإذا كان‬ ‫بعض التنظيمات األق� � ��ل تطورا تقانيا ‪ -‬كتنظيم القاعدة ‪ -‬ال‬ ‫ميتلك في الغالب اخلبرة الكافية إلحلاق أذى بالغ بالش� � ��بكة‬ ‫ف� � ��ي الوقت احلاضر‪ ،‬فإن تنظيم قراصنة القبعات الس� � ��وداء‬ ‫املرتزق� � ��ة في الصني قد ميتلك تلك اخلب� � ��رة‪ .‬لقد فاتنا الوقت‬ ‫لتحصني مصادر إمداد البالد بالطاقة‪.‬‬ ‫السطو‬

‫( )‬

‫في عام ‪ 2010‬ش� � ��اركت شخصيا في تدريب اختباري ركز على‬ ‫هجوم سيبراني مفترض على الشبكة‪ .‬وكان من بني املشاركني‬ ‫مندوبون عن ش� � ��ركات م� � ��ن مرافق خدمي� � ��ة‪ ،‬ووكاالت حكومية‬ ‫أمريكي� � ��ة‪ ،‬إضافة إل� � ��ى اجليش‪( .‬يذكر أن القواعد العس� � ��كرية‬ ‫تعتمد على الطاقة التي تس� � ��تجرها من الشبكة التجارية‪ ،‬وهذه‬ ‫حقيق� � ��ة تنبه إليها الپنتاغون األمريكي‪ ).‬وفي س� � ��ياق املش� � ��هد‬ ‫‪24‬‬

‫الشهر ‪2003/1‬‬ ‫الدودة سالمر‬ ‫تخترق ُج ُد َر حماية‬ ‫متعدِّدة‪ ،‬لتضرب مرك َز‬ ‫العمليات في منشأة‬ ‫ديڤيز‪-‬بيس النووية‪.‬‬ ‫تنتشر الدود ُة انطالقا من‬ ‫حاسوب أحد املقاولني‪،‬‬ ‫لتدخل إلى قلب شبكة‬ ‫العمل‪ ،‬حيث تتواثب‬ ‫منتقلة إلى حواسيب‬ ‫التحكم في العمليات‬ ‫اجلارية باملنشأة‪،‬‬ ‫ومدمِّ رة منظومات‬ ‫السالمة املضاعفة‪ .‬يشار‬ ‫إلى أن املنشأة كانت‬ ‫مفصولة عن الشبكة في‬ ‫ذلك الوقت‪.‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪Slammer‬‬

‫‪2002‬‬

‫‪2003‬‬

‫الشهر‬

‫‪2007/3‬‬

‫ٌ‬ ‫شخصيات حكومية‬ ‫حتاكي هجوما سيبرانيا‬ ‫على مو ِّلدات كهرباء في‬ ‫مختبر آيداهو الوطني‪.‬‬ ‫تتسرب فيما بعد صور‬ ‫ڤيديوية لالختبار‪،‬‬ ‫املسمى أورورا‪ ،‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫شبكة األخبار ‪.CNN‬‬

‫‪2004‬‬

‫‪2005‬‬

‫االختب� � ��اري اخترق عم� �ل��اء من ذوي النواي� � ��ا اخلبيثة عددا من‬ ‫محطات نقل التيار الفرعية ‪ ،transmission substations‬ومتكنوا‬ ‫من تعطي� � ��ل التجهيزات اخلاصة‪ ،‬الباهظ� � ��ة الثمن‪ ،‬التي ترصد‬ ‫الڤلطية(‪ )1‬وتتحقق من اطرادها في أثناء تدفق التيار الكهربائي‬ ‫عبر اخلطوط الطويل� � ��ة لنقل الطاقة العالية‪ .‬ومع انتهاء االختبار‬ ‫كانت س� � ��ت جتهيزات قد تعطلت‪ ،‬فقطعت التيار الكهربائي عن‬ ‫والية بكاملها في الغرب األمريكي لعدة أسابيع‪.‬‬ ‫�يب التح ّك� � ��م في التجهي� � ��زات امليكانيكية‬ ‫وتتولى احلواس� � � ُ‬ ‫للش� � ��بكة عند جميع املستويات‪ ،‬بدءا من تغذية مولدات ضخمة‬ ‫بضروب الوقود األحف� � ��وري أو باليوراني� � ��وم‪ ،‬وانتهاء بخطوط‬ ‫نقل التيار في الش� � ��وارع‪ .‬وأغلب هذه احلواسيب يستعمل نظم‬ ‫تشغيل عامة معروفة‪ ،‬مثل‪ :‬ويندوز ‪ Windows‬و لينكس ‪،Linux‬‬ ‫من شأنها أن جتعل احلواسيب عرضة خلطر برمجيات خبيثة‬ ‫مخربة كتعرض حاسوبك الشخصي املكتبي خلطرها‪ .‬ويعزى‬ ‫جناح كود هجومي ‪ attack code‬كڤيروس ستكسنت إلى ثالثة‬ ‫أس� � ��باب رئيسية‪ :‬إن نظم التشغيل هذه تثق ثقة عمياء بصدقية‬ ‫البرمجي� � ��ات املس� � ��تعملة؛ وإنها كثيرا ما تعان� � ��ي نقاط ضعف‬ ‫تسمح بالنفاذ إليها عبر برنامج خبيث؛ وإن البيئات الصناعية‬ ‫ال تسمح غالبا باستعمال دفاعات قريبة املأخذ‪.‬‬ ‫وحتى لو كان مهندس نظم التحكم العادي مدركا لكل ذلك‪،‬‬ ‫فال بد من أن يكون قد تس� � ��رع ذات مرة في استبعاد االحتمال‬ ‫( ) ‪Digital Attacks, Physical Harm‬‬ ‫( ) ‪THE BREAK-IN‬‬ ‫(‪ :voltage )1‬اجلهد الكهربائي‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫الشهر ‪2008/1‬‬ ‫شخصي ٌة مرموقة في‬ ‫وكالة االستخبارات‬ ‫املركزية األمريكية )‪(CIA‬‬ ‫تكشف عن اختراقات‬ ‫عديدة قام ب‍ها القراصن ُة‬ ‫ملنشآت كهربائية خارج‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وكانت‬ ‫لهم مطالب ابتزازية‪.‬‬ ‫وفي حادثة واحدة على‬ ‫األقل‪َّ ،‬‬ ‫متكن املخترقون‬ ‫من حجب إمدادات‬ ‫الطاقة الكهربائية‬ ‫عن عدة مدن (لم ُتذكر‬ ‫أسماؤها)‪.‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2007‬‬

‫الشهر ‪2009/4‬‬ ‫صحيفة وول ستريت‬ ‫جورنال تقول إن‬ ‫متجسسني سيبرانيني‬ ‫ِّ‬ ‫من «الصني وروسيا‬ ‫ودول أخرى» قد نفذوا‬ ‫إلى شبكة توليد‬ ‫الطاقة الكهربائية‬ ‫األمريكية‪ ،‬وتركوا‬ ‫وراءهم برمجيات كان‬ ‫من املمكن استعمالها‬ ‫لتقويض املنظومة‪.‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2009‬‬

‫الشهر ‪2010/10‬‬ ‫شخصيات أمنية في‬ ‫إيران وإندونيسيا‬ ‫وغيرهما يعلنون‬ ‫اكتشاف ڤيروس‬ ‫ستكسنت‪ ،‬وهو‬ ‫مصممة‬ ‫برمجي ٌة خبيثة‬ ‫َّ‬ ‫خصيصا لعرقلة ُن ُظم‬ ‫صناعي من‬ ‫حتكم‬ ‫ّ‬ ‫إنتاج شركة سيمن‍ز‪.‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪2011‬‬

‫املتمثل بأن برمجي� � ��ات خبيثة ُتطلَق من بعد ميكن أن تقترب من‬ ‫املتحكمات األساس� � ��ية‪ ،‬محتج� � ��ا بأن املنظومة ليس� � ��ت مرتبطة‬ ‫باإلنترنت ارتباطا مباش� � ��را‪ .‬ولكن ڤيروس ستكسنت أظهر فيما‬ ‫بعد أن ش� � ��بكات التحكم غير املرتبطة ارتباطا دائما بأي ش� � ��يء‬ ‫آخر ما زالت مكش� � ��وفة للخطر؛ إذ تستطيع البرمجيات اخلبيثة‬ ‫أن متتط� � ��ي ذراع الوصل� � ��ة ‪ USB‬التي يربطه� � ��ا التقنيون بنظم‬ ‫التحكم مثال‪ .‬أما عندما يتعلق األمر بدارات إلكترونية أساسية‪،‬‬ ‫فإن أصغر باب خلفي رمبا يكون منفذا لولوج عابث مغامر‪.‬‬ ‫لن� � ��درس حالة محطة فرعية لنق� � ��ل الطاقة‪ ،‬وهي متثل نقطة‬ ‫وس���يطة(‪ )1‬على خ� � ��ط رحلة الكهرباء من محط� � ��ة توليد الطاقة‬ ‫إلى من‍زلك‪ .‬تس� � ��تقبل احملطات الفرعية الكهرباء العالية الڤلطية‬ ‫الواردة من محطة أو أكثر لتوليد الطاقة‪ ،‬وتقوم بتخفيض الڤلطية‬ ‫وتقسيم الطاقة إلى خطوط خرج متعددة للتوزيع احمللي‪ .‬تراقب‬ ‫قاطع���ة دارات ‪ circuit breaker‬كال م� � ��ن ه� � ��ذه اخلطوط‪ ،‬بحيث‬ ‫تكون جاهزة لقطع التيار الكهربائي في حالة حدوث أي عطل‪.‬‬ ‫ف� � ��إذا ما حتررت قاطعة أحد خطوط اخل� � ��رج‪ ،‬تدفقت الطاقة ‪-‬‬ ‫الت� � ��ي يفت� � ��رض أن تنتقل عبر ذلك اخل� � ��ط ‪ -‬كلها إلى اخلطوط‬ ‫الباقي� � ��ة‪ .‬وإذا كانت جميع اخلطوط تنقل طاقة تقارب س� � ��عتها‪،‬‬ ‫فليس صعبا عندئذ مالحظة أن هجوما سيبرانيا‪ ،‬يعطل نصف‬ ‫خطوط اخلرج و ُي ْبقِ ي خطوط النصف اآلخر ضمن الدارة‪ ،‬رمبا‬ ‫يفرط في حتميلها بأكثر من طاقتها‪.‬‬ ‫ويجري التحكم في قواطع الدارات ‪ -‬تقليديا ‪ -‬بوس� � ��اطة‬ ‫جتهي� � ��زات موصول� � ��ة إل� � ��ى مودم���ات ‪ modems‬هاتفية متكن‬

‫التقنيني من طلب الرقم للدخول‪ .‬وليس من الصعوبة احلصول‬ ‫عل� � ��ى تلك األرقام؛ فقد ابتدع القراصن� � ��ة منذ ‪ 30‬عاما برامج‬ ‫لطلب جميع األرقام ضمن مقسم هاتفي‪ ،‬وتدوين األرقام التي‬ ‫تستجيب املودمات ل‍ها‪ .‬وغالبا ما تكون للمودمات في احملطات‬ ‫الفرعية رسالة فريدة في استجابتها للرقم املطلوب تفصح عن‬ ‫وظيفتها‪ .‬ول‍ما كانت املودمات مقرونة بوسائل ضعيفة للتثبت‬ ‫م� � ��ن الهوية (مثل كلمات مرور ش� � ��ائعة‪ ،‬أو عدم وجود كلمات‬ ‫مرور على اإلطالق)‪ ،‬يستطيع مهاجم استعمال هذه املودمات‬ ‫للنفاذ إلى شبكة محطة فرعية‪ .‬ومن هناك قد يصبح باإلمكان‬ ‫تغيير تش���كيلة التجهيزات ‪ device configurations‬تغييرا يتم‬ ‫معه جتاهل حالة خطر كان من شأنها‪ ،‬في أحوال أخرى‪ ،‬أن‬ ‫تفتح قاطعة دارة حلماية املعدات‪.‬‬ ‫وليس� � ��ت املنظومات اجلديدة بالض� � ��رورة أكثر أمانا من‬ ‫املودمات؛ فثمة اليوم اس� � ��تعمال متزاي� � ��د لتجهيزات جديدة‬ ‫تنش� � ��ر في احملطات الفرعية‪ ،‬بإمكانها التواصل فيما بينها‬ ‫عبر جهاز راديو خفيض القدرة‪ ،‬ال يتوقف عند حدود احملطة‬ ‫الفرعية‪ .‬فيس� � ��تطيع مهاجم الوصول إلى الش� � ��بكة باالختباء‬ ‫بني ش� � ��جيرات حديقة مجاورة ومعه حاسوبه‪ .‬وفي حني أن‬ ‫الش� � ��بكات ‪ )2(Wi-Fi‬املعماة ‪ encrypted‬هي أكثر أمانا‪ ،‬إال أن‬ ‫بإمكان مهاجم متمرس أن يكس� � ��ر تعميتها باستعمال أدوات‬ ‫برمجي� � ��ة متاحة‪ .‬وانطالق� � ��ا من هذه النقطة يس� � ��تطيع تنفيذ‬ ‫هجوم شخص في الوسط(‪ )3‬يجعل االتصاالت اجلارية بني‬ ‫جتهيزتني مش� � ��روعتني ت‍مر بكاملها عبر حاسوبه‪ ،‬أو حتتال‬ ‫على جتهي� � ��زات أخرى لقبول حاس� � ��وبه على أنه حاس� � ��وب‬ ‫مش� � ��روع‪ .‬وفي إمكان املهاجم أن يبتدع رسائل حتكم خبيثة‬ ‫تس� � ��طو على قواطع ال� � ��دارات ‪ -‬فتحرر ع� � ��ددا منها تختاره‬ ‫بعناية‪ ،‬رمبا لتحميل اخلط� � ��وط األخرى أكثر من طاقتها‪ ،‬أو‬ ‫للتثبت من أنها ال تتحرر في احلاالت الطارئة‪.‬‬ ‫وحاملا يتس� � ��لل ش� � ��خص دخيل أو برنامج خبيث عبر الباب‬ ‫اخللفي‪ ،‬فإن أول خطوة ينفذها عادة هي االنتش� � ��ار على أوسع‬ ‫نطاق ممكن‪ .‬وميثل ڤيروس ستكس� � ��نت بعض االستراتيجيات‬ ‫الش� � ��ائعة‪ ،‬وقد انتش� � ��ر باس� � ��تعمال آلية نظام تش� � ��غيل تدعى‬ ‫أوتوإكسك ‪ .autoexec‬فاحلواس� � ��يب التي تعمل بنظام التشغيل‬ ‫(‪ :waypoint )1‬نقط� � ��ة إس� � ��نادية مح � � � َّددة اإلحداثيات‪ ،‬تقع على خط املس� � ��ار بني نقطة‬ ‫االنطالق ونقطة املقصد‪.‬‬ ‫(‪( Wi-Fi )2‬البث الالس� � ��لكي الفائق الدقة والس� � ��رعة)‪ :‬شبكات السلكية محل َّية تستعمل‬ ‫الت� � ��ر ُّددات الراديوي� � ��ة العالية لنقل بيانات رقمية ضمن مس� � ��افات ال تتجاوز بضع‬ ‫مئات من األمتار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املهاجم‬ ‫التنصت الفاعل‪ ،‬ينشئ فيه‬ ‫(‪ :man-in-the-middle attack )3‬ش� � ��كل من أش� � ��كال‬ ‫ُّ‬ ‫فيرحل الرسائ َل فيما بينهم بصورة حتملهم على‬ ‫ارتباطات مس� � ��تقلة مع ضحاياه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫االعتقاد بأنهم يتخاطبون مباش� � ��رة عبر رابط خ� � ��اص‪ ،‬في حني تكون احملاورة في‬ ‫(التحرير)‬ ‫الواقع خاضعة لتحكُّمه هو‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪25‬‬


‫آلية العمل‬

‫ثغرات في الشبكة‬

‫( )‬

‫تس����تلزم الش����بك ُة الكهربائي����ة احلديث����ة وج����و َد ت����وازن مع َّق����د بني‬ ‫كمي����ة الطاق����ة الالزمة الس����تهالك املجتم����ع وكمية الطاق����ة املتو ِّلدة‬ ‫ف����ي وح����دات توليد الطاقة‪ .‬وحتت����وي على عش����رات املكوِّ نات التي‬ ‫ِّ‬ ‫وتنظم‬ ‫تنس����ق تد ُّف َق اإللكترونات عبر مسافات متتد مئات األميال‪،‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫التيارات الكهربائي َة املتناوبة‪ ،‬للتح ُّقق من أن مكوِّ نا واحدا لم ميتدَّ‬ ‫أي من هذه املكوِّ نات عرضة لعمليات‬ ‫متج����اوزا حدودَه‪ .‬وقد يك����ون ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫بعض نق����اط االختن����اق الصعبة‪ ،‬والوس����ائل‬ ‫خبيث����ة‪ .‬وفيم����ا يل����ي‬ ‫املمكنة لتسويتها‪.‬‬

‫مسار اتصاالت‬ ‫(وصلة إنترنت أو‬ ‫خطوط هاتفية)‬

‫بوتنِ تْ‬

‫مدينة‬ ‫خطوط‬ ‫طاقة‬

‫ُّ‬ ‫حتكم‬ ‫محطة‬

‫محطة توليد‬

‫محطة نقل فرعية‬

‫ال يه ّم نوع الوقود املستعمل‪،‬‬ ‫سواء أكان فحما أم يورانيوم‬ ‫أم حتى زيت سوالر ‪ -‬املهم أن‬ ‫الكهرباء التي تدخل الشبكة‬ ‫األمريكية لتوليد الطاقة يجب أن‬ ‫تتر َّدد تناوبيّا بسرعة ‪ 60‬دورة‬ ‫في الثانية‪ ،‬وأن تدخل بإيقاع‬ ‫متوافق متاما مع سائر أجزاء‬ ‫الشبكة‪ .‬قد يقوم مهاجم بإرسال‬ ‫تعليمات إلى مو ِّلد يتخلَّص من‬ ‫خرجه بنصف خطوة ‪،half-step‬‬ ‫وهي املكافئ الكهربائي لتحويل‬ ‫ناقل احلركة في سيارتك إلى‬ ‫وضعية احلركة العكسية وهي‬ ‫مندفعة إلى األمام على الطريق‬ ‫الرئيسية بسرعة ‪ 50‬ميال‬ ‫في الساعة‪ .‬وسينتهي األمر‬ ‫باملو ِّلد ‪ -‬شأن آلية نقل احلركة‬ ‫في سيارتك ‪ -‬إلى ركام ينبعث‬ ‫منه الدخان‪.‬‬

‫تخرج الكهرباء من محطات‬ ‫التوليد بڤلطية عالية جدّا ‪-‬‬ ‫وهذا أفضل لتجنُّب الفقد‬ ‫‪ loss‬الناجم عن املقاومة‬ ‫الكهربائية في أثناء االنتقال‪.‬‬ ‫وتكون محطات النقل الفرعية‬ ‫هي اخلطوة األولى خلفض‬ ‫هذه الڤلطية‪ .‬إن كثيرا من‬ ‫احملطات القدمية مجهَّ زة‬

‫مبودِ مات هاتفية‬

‫‪dial-up‬‬

‫محطة توزيع فرعية‬

‫‪ِّ modems‬‬ ‫متكن الف ِّنيِّني‬ ‫من الدخول إلجراء عمليات‬ ‫الصيانة‪ .‬وبإمكان املخترقني‬ ‫استعمال هذه األدوات للنفاذ‬ ‫إلى مواقع حيوية وتغييرها‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫التحكم ‪-‬‬ ‫تتولى محطات‬ ‫وهي العصب املركزي‬ ‫للشبكة ‪ -‬رصد مراحل سير‬ ‫العمل بكامله‪ .‬وفيها أيضا‬ ‫يتالقى العرض والطلب؛ فإذا‬ ‫ارتفعت وتيرة الطلب ارتفعت‬ ‫األسعار تبعا لذلك‪ ،‬ورمبا‬ ‫عمدت إحدى املرافق اخلِ دمية‬ ‫إلى تفعيل مزيد من السعة‬ ‫الكهربائية لتوفير إمدادات‬ ‫إضافية‪ .‬ومع أن مركز‬ ‫العمليات في محطة التحكم‬ ‫ال يُف َترض أن يكون موصوال‬ ‫باإلنترنت‪ ،‬فإن املركز الفاعل‬ ‫فيه ال ب َّد من أن يكون‬ ‫موصوال ب‍ها بالضرورة‪.‬‬ ‫املختر ُق إلى هذا‬ ‫وقد يدلف‬ ‫ِ‬ ‫اجلانب مستعمال وصالت‬ ‫‪ links‬إلى قلب العمليات‬ ‫ُّ‬ ‫حتكم‬ ‫بقصد إصابة ُن ُظم‬ ‫أساسية وإفسادها‪.‬‬

‫ل‍ما كانت محطات التوزيع‬ ‫الفرعية هي املرحلة األخيرة‬ ‫قبل وصول الكهرباء إلى‬ ‫املنازل أو املؤسسات‪ ،‬فإنها‬ ‫تدمج الطاقة الواردة من‬ ‫بضع محطات توليد مختلفة‪،‬‬ ‫ثم ترسلها عبر عشرات أو‬ ‫مئات من خطوط أصغر‪.‬‬ ‫وقد تزوَّ د احملطات احلديثة‬ ‫بأجهزة اتصاالت السلكية ‪-‬‬ ‫إما على شكل إشارات‬ ‫راديوية وإما على شكل‬ ‫تردُّدات ‪ .Wi-Fi‬ويستطيع‬ ‫ْ‬ ‫مستخف خارج جدران‬ ‫دخيل‬ ‫َ‬ ‫اعتراض حركة املرور‬ ‫احملطة‬ ‫ومحاكا َة تعليمات مشروعة‪.‬‬

‫وصالت معلومات‬

‫ُّ‬ ‫التحكم‬ ‫يتعينَّ أن تكون محطة‬ ‫مزوَّ دة بأحدث املعلومات (على‬ ‫مستوى الثانية) املتعلقة‬ ‫بتفاصيل ما يجري في كل‬ ‫مرحلة من العملية‪ ،‬لتمكني‬ ‫اخلبراء الف ّنيني من اتخاذ‬ ‫قرارات دقيقة بشأن ما ينبغي‬ ‫عليهم فعله بعد‪ .‬يستطيع‬ ‫‍م‍ن ميتلكون وسائل‬ ‫مخترقون م َّ‬ ‫النفاذ إلى آالف احلواسيب‬ ‫العادية ‪ -‬أو ما تسمى‬ ‫بو ْتنِت ‪ - botnet‬توجيه هذه‬ ‫احلواسيب بطريقة حتملها‬ ‫على إصدار رسائل تعرقل‬ ‫تد ُّفق حركة املرور املعتادة‬ ‫في الشبكة‪ .‬إن هجوما لرفض‬ ‫اخلدمة من هذا النوع رمبا‬ ‫يعني أن ي َّتخذ اخلبراء‬ ‫القائمون على التحكُّ م قراراتهم‬ ‫اعتمادا على معلومات قدي‍مة ‪-‬‬ ‫وهذا يشبه قياد َتك سيارة‬ ‫اعتمادا على معلومات تل َّقي َتها‬ ‫قبل عشر ثوان‪.‬‬

‫وين� � ��دوز ‪ Windows‬تق� � ��رأ وتنفذ امللف املس� � ��مى‬ ‫‪ BAT‬ف� � ��ي كل مرة يطلب فيها مس� � ��تخدم جديد الدخول‪ .‬ويحدد ‪ ،deregulation‬فإن املرافق اخلدمية املتنافس� � ��ة تتحمل قسطا‬ ‫البرنامج عادة موضع س���واقات الطابعات(‪ ،)1‬أو يجري مسحا من مس� � ��ؤولية تش� � ��غيل الش� � ��بكة‪ .‬فالطاقة تولد وتنقل وتوزع‬ ‫للڤيروسات‪ ،‬أو يؤدي وظائف أخرى أساسية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يفترض مبوجب عقود تبرم في مزادات علنية على الشبكة‪ ،‬وتعمل هذه‬ ‫نظ� � ��ام وين� � ��دوز أن أي برنامج يحمل االس� � ��م الصحيح هو كود األسواق وفقا ملقاييس زمنية متعددة ‪- multiple timescales‬‬ ‫موثوق به حكما‪ .‬ومن هنا يتحرى املخترقون طرائق لتغيير امللف‬ ‫( ) ‪Holes in the Grid‬‬ ‫(‪ :printer drivers )1‬برنامج حاسوبي مص َّمم لتمكني برامج أخرى من العمل مع طابعة‬ ‫‪ AUTOEXEC.BAT‬بحيث ُيشغل كود املهاجمني‪.‬‬ ‫مع َّين� � ��ة‪ ،‬من دون أن تتدخَّ ل في اخلصوصيات العتادية‪ .‬تو ِّفر واجهات املس� � ��تخدِ م‬ ‫ويستطيع املهاجمون أيضا استعمال طرائق ذكية تستغل‬ ‫(التحرير)‬ ‫البيانية سواقات الطابعات اخلاصة بها‪.‬‬ ‫‪AUTOEXEC.‬‬

‫‪26‬‬

‫اقتص� � ��ادات صناعة الطاقة‪ .‬وبس� � ��بب سياس� � ��ة رف���ع القيود‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫فقد تقايض إحدى األس� � ��واق الطاقة مقابل التس� � ��ليم الفوري‬ ‫مثال‪ ،‬عل� � ��ى حني تقايضها س� � ��وق أخرى مقاب� � ��ل احتياجات‬ ‫مس� � ��تقبلية‪ .‬وال بد‪ ،‬في سبيل جتارة ناجحة‪ ،‬من أن يكون ثمة‬ ‫تدفق ثاب� � ��ت ملعلومات الزمن الفعلي م� � ��ن وحدة العمليات في‬ ‫املرف� � ��ق اخلدمي إلى وحدة األعم� � ��ال التجارية فيه‪( .‬والعكس‬ ‫بالعكس‪ :‬فال بد من معرفة مقدار الطاقة التي حتتاج العمليات‬ ‫إل� � ��ى إنتاجها لتلبي� � ��ة طلبات وح� � ��دة األعم� � ��ال‪ ).‬وهنا مكمن‬ ‫االنكش� � ��اف للخطر؛ إذ من املمكن أن يقتح� � ��م مخترق مغامر‬ ‫شبكة األعمال‪ ،‬ويجوس خالل‍ها باحثا عن أسماء املستخدمني‬ ‫وكلمات مرورهم‪ ،‬ويستعمل هذه املعلومات اخلاصة املختلسة‬ ‫للنفاذ إلى شبكة العمليات‪.‬‬ ‫وقد تنتش� � ��ر هجمات أخرى عن طريق اس� � ��تغالل البرامج‬ ‫الصغيرة املس� � ��ماة إخطاط���ات ‪ ،)1(scripts‬التي ترد مدسوسة‬ ‫ضم� � ��ن ملفات‪ .‬ولئن كانت هذه اإلخطاطات عميمة االنتش� � ��ار‬ ‫(على سبيل املثال‪ ،‬تضم امللفات ‪ PDF‬عادة إخطاطات تساعد‬ ‫على عرض امللفات)‪ ،‬فإنها مبعث خطر محتمل أيضا‪ .‬وق ّدرت‬ ‫إحدى ش� � ��ركات األمن احلاس� � ��وبي‪ ،‬إلى عهد قريب‪ ،‬أن أكثر‬ ‫م� � ��ن ‪ 60‬في املئة من مجموع الهجمات املس� � ��تهدفة تس� � ��تعمل‬ ‫إخطاطات تدس في امللفات ‪ .PDF‬إن مجرد قراءة ملف فاسد‬ ‫قد يسمح بدخول مخترق إلى حاسوبك‪.‬‬ ‫تأ َّم� � ��ل اآلن حال� � ��ة افتراضية ينفذ فيه� � ��ا مهاجم عتيد أوال‬ ‫إلى موقع ال� � ��وب اخلاص ببائع برمجيات‪ ،‬فيس� � ��تبدل بكتيب‬ ‫التعليمات على الشبكة كتيبا آخر خبيثا يبدو في ظاهره كأنه‬ ‫مطابق لألول متاما‪ .‬ومن ثم فإن املهاجم الس� � ��يبراني يرس� � ��ل‬ ‫إل� � ��ى مهندس يعمل في محطة توليد الطاقة رس� � ��الة إلكترونية‬ ‫مزيفة تغري هذا املهندس باستحضار الكتيب املفخخ وفتحه‪.‬‬ ‫حتى إذا ذهب إلى الشبكة ليحمل ‪ download‬كتيبا لبرمجيات‬ ‫محدث� � ��ة‪ ،‬كان هذا املهن� � ��دس الغافل قد فت� � ��ح بوابات محطته‬ ‫حلصان طروادة(‪ .)2‬وبدخوله يبدأ الهجوم‪.‬‬ ‫ودمر‬ ‫ابحث ّ‬

‫( )‬

‫إن بإمكان أي دخيل على ش� � ��بكة حتك� � ��م أن يصدر أوامر ذات‬ ‫عواق� � ��ب قد تكون مدمرة‪ .‬ففي س� � ��نة ‪ 2007‬عرضت إدارة األمن‬ ‫الوطني كود هجوم س� � ��يبري‪ُ ،‬س ِّمي أورورا ‪ ،Aurora‬في مختبر‬ ‫آيداهو الوطني‪ .‬وفي أثناء التمرين‪ ،‬شق باحث ينتحل شخصية‬ ‫مخترق خبي� � ��ث طريقه إلى داخل ش� � ��بكة موصولة مبولد للطاقة‬ ‫متوسط احلجم‪ ،‬ينتج ‪ -‬شأن جميع املولدات ‪ -‬تيارا متناوبا يعمل‬ ‫بتردد ‪ 60‬دورة في الثانية‪ .‬وفي كل دورة يبدأ تدفق اإللكترونات‬ ‫متح� � ��ركا في اجتاه واح� � ��د‪ ،‬ثم يعكس مس� � ��اره‪ ،‬ليعود بعد ذلك‬ ‫إل� � ��ى حالته األصلية‪ .‬ويتعني على املولد أن يدفع اإللكترونات في‬

‫االجتاه نفسه والتوقيت نفسه متاما كما سائر الشبكة‪.‬‬ ‫وف� � ��ي أثن� � ��اء الهج� � ��وم أورورا‪ ،‬أصدر مخترقنا سلس� � ��لة‬ ‫متالحق� � ��ة من أوامر الفتح واإلغ�ل�اق ‪ on/off commands‬إلى‬ ‫قواطع دارات مولد اختب� � ��ار موجود في املختبر‪ .‬فأحدث ذلك‬ ‫اختالال ف� � ��ي اطراد ذبذباته مع ذبذبات ش� � ��بكة توليد الطاقة‪،‬‬ ‫فانحرفت الش� � ��بكة في اجتاه‪ ،‬وانحرف املولد في اجتاه آخر‪.‬‬ ‫وواقع األمر أن عطالة املولد امليكانيكية قاومت عطالة الشبكة‬ ‫الكهربائية‪ ،‬فكان املولد هو اخلاس� � ��ر‪ .‬وتظهر مشاهد ڤيديوية‬ ‫رفعت عنها احلصانة الس� � ��رية اآللة الفوالذية الضخمة وهي‬ ‫تهتز وتضطرب‪ ،‬وكأن قط� � ��ارا قد صدم املبنى فزعزعه‪ .‬وبعد‬ ‫ثوان ينتشر بخار ودخان ي‍مآلن الغرفة‪.‬‬ ‫كذلك قد تتعرض املنظومات الصناعية لالنهيار إذا أرهقت‬ ‫بأكثر من حدود استطاعتها ‪ -‬فأجهزة الطرد املركزي تتفكك‬ ‫وتتداعى إذا أمعنت في الدوران بس� � ��رعة مفرطة‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن‬ ‫بإمكان مهاجم أن َي ْح ِمل مولدا كهربائيا على إنتاج فيض من‬ ‫الطاق� � ��ة تتجـاوز حـدود احتمـال اخلطوط الناقــــلة ل‍ها‪ .‬وعندئذ‬ ‫ال بد للطاقة الفائضة من التس� � ��رب على شكل حرارة‪ .‬على أن‬ ‫تراك� � ��م الفائض على املدى الطوي� � ��ل يفضي إلى ارتخاء اخلط‬ ‫وترهل� � ��ه‪ ،‬ومن ثم انصه� � ��اره في النهاية‪ .‬ف� � ��إذا اتفق أن مس‬ ‫الش� � ��ريط املترهل جسما ما ‪ -‬كش� � ��جرة أو لوحة إعالنات أو‬ ‫من‍زل – فقد يؤدي ذلك إلى حدوث عطب كهربائي هائل بفعل‬ ‫دارة القصر ‪.short circuit‬‬ ‫رحالت احلماية ‪ protection relays‬حتول عادة‬ ‫وإذا كانت ُم ِّ‬ ‫دون حدوث دارات القصر تلك‪ ،‬فإن هجوما سيبرانيا من شأنه‬ ‫أن يشوش على عمل املرحالت‪ ،‬وهذا يعني وقوع ضرر محقق‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك أن هجوما كهذا قد يحرف مضمون املعلومات‬ ‫املتوجهة إلى محطة التحكم‪ .‬فيمنع ف‍ن‍ـي‍ي التش� � ��غيل من التنبه‬ ‫إلى أن ثمة ش� � ��يئا يسير على نحو خاطئ‪ .‬وأغلب الظن أنه ما‬ ‫من أحد منا إال وش� � ��اهد تلك األفالم التي يبعث فيها محتالون‬ ‫ملقما ڤيديويا زائفا إلى أحد احلراس‪.‬‬ ‫وليس� � ��ت محط� � ��ات التحكم مبنأى هي األخ� � ��رى عن خطر‬ ‫الهج� � ��وم عليها؛ فهي غرف توجيه وحتكم‪ ،‬مزودة بشاش� � ��ات‬ ‫عرض ضخمة حتاكي غرف� � ��ة العمليات احلربية في الفيلم‬ ‫‪ .Dr. Strangelove‬ويستعمل مشغلو محطات التحكم الشاشات‬ ‫لرص� � ��د البيانات التي جمعت من احملط� � ��ات الفرعية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫إص� � ��دار أوامر لتغيير إعدادات التحكم في احملطات الفرعية‪.‬‬ ‫( ) ‪SEARCH AND DESTROY‬‬

‫موجهة إلى تطبيق‬ ‫(‪ :scripts )1‬جم� � ��ع إخطاطة؛ برنامج يتألف من مجموعة تعليمات َّ‬ ‫أو إلى برنامج مرفقي ‪.utility‬‬ ‫(‪ :Trojan horse )2‬برنامج تخريب ُيخفى على شكل لعبة أو تطبيق‪ ،‬ويس ِّبب عند تشغيله أذى‬ ‫(التحرير)‬ ‫للنظام احلاسوبي في الوقت الذي يبدو فيه مفيدا ومأمون اجلانب‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪27‬‬


‫وغالبا ما تكون هذه احملطات مسؤولة عن رصد مئات احملطات املئ� � ��ة منها‪ ،‬أو ما مجموعه ‪ 200‬محطة) ميكن أن يعطل ‪ 60‬في‬ ‫املئة من الش� � ��بكة‪ .‬ومن ثم فإن خسارة نسبة ‪ 8‬في املئة َح ِر َّي ٌة‬ ‫الفرعية املنتشرة في معظم أرجاء دولة أو والية‪.‬‬ ‫هذا وتستعمل في تبادل البيانات بني محطة التحكم واحملطات بإحداث تعتيم في جميع أنحاء البالد‪.‬‬ ‫الفرعية پروتوكوالت متخصصة قد حتمل في حد ذاتها ثغرات‬ ‫( )‬ ‫ماذا علينا أن نفعل‬ ‫ضع� � ��ف‪ .‬فإذا جنح دخيل في إطالق «هجوم للش� � ��خص الذي‬ ‫في الوس� � ��ط»‪ ،‬متكن ذلك الدخيل من إدراج رس� � ��الة في مقسم كلما علمت شركة مايكروسوفت بأن ثمة التزاما أمنيا محتمال‬ ‫الهــاتــف (أو حتريــف رسالــة موجــودة) ُتعطِّ ل أحد احلاسوبي‍ن يترتب على برمجياتها اخلاصة بنظ� � ��ام ويندوز‪ ،‬بادرت عادة‬ ‫أو كليهما عند أي من الطرفني‪ .‬وبإمكان املهاجم أيضا إقحام إل� � ��ى إصدار رقع���ة برمجي���ة(‪ .)4‬ويقوم املس� � ��تخدمون أفرادا‬ ‫رسالة محكمة النس� � ��ق (اإلصاغة)‪ ،‬خارجة عن السياق متثل وإدارات تقانة املعلومات حول العالم بتحميل الرقعة وحتديث‬ ‫مفارقة رقمية ال تلبث أن تقوض اآللة‪.‬‬ ‫برمجياتهم وحماية أنفس� � ��هم من التهديد‪ .‬ومن املؤس� � ��ف أن‬ ‫ويس� � ��تطيع املهاجمون كذلك‪ ،‬وببس� � ��اطة‪ ،‬العمل على تأخير األمور ليست بهذه البساطة على الشبكة‪.‬‬ ‫الرسائل املنتقلة بني محطات التحكم واحملطات الفرعية‪ ،‬علما أن‬ ‫ففي حني تستعمل ش� � ��بكة الطاقة الكهربائية النوع نفسه‬ ‫فترة التخلف ‪ ،lag time‬بني قياس محطة فرعية لتدفق الكهرباء من العتادي� � ��ات والبرمجيات اجلاهزة املس� � ��تعملة في العالم‪،‬‬ ‫واستعمال محطة التحكم للبيانات بغية ضبط الدفقات‪ ،‬هو زمن ليس بإمكان مديري تقانة املعلومات في محطات توليد الطاقة‬ ‫قصير ‪ -‬وإال لكان األمر أش� � ��به بك تقود سيارة وترى فقط أين القيام ‪ -‬ببس� � ��اطة ‪ -‬برت� � ��ق البرمجيات املصابة إذا ما ظهرت‬ ‫كنت قبل عش� � ��ر ثوان‪( .‬هذا النوع من الشعور بفقدان اإلدراك فيها عثرات غير متوقعة‪ .‬وكذلك يتعذر على منظومات التحكم‬ ‫التوقف عن العمل ثالث ساعات أسبوعيا ألغراض‬ ‫أو بالضياع في ظرف معني كان من العوامل التي أسهمت في في الشبك ِة‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫حدوث «التعتيم في الشمال الشرقي عام ‪).»2003‬‬ ‫الصيان� � ��ة الدورية‪ ،‬إذ ال بد من تواص� � ��ل عمل املنظومات بال‬ ‫وكثير م� � ��ن هذه الهجم� � ��ات ال يتطلب تنفيذه� � ��ا برمجيات انقط� � ��اع‪ .‬يض� � ��اف إلى ذلك أن لدى مش� � ��غلي الش� � ��بكة نزعة‬ ‫خاصة معقدة‪ ،‬بل صن� � ��دوق أدوات املخترق املعتادة ال أكثر‪ .‬مؤسس� � ��اتية متأصلة في احلفاظ على ما هو قائم دون تغيير‪،‬‬ ‫فعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬كثيرا ما يتمكن املخترقون من السيطرة الس� � ��يما وأن ش� � ��بكات التحكم قد مضى عل� � ��ى وجودها في‬ ‫على ش� � ��بكات تضم آالف بل ماليني احلواس� � ��يب الشخصية مواضعها زمن طويل‪ ،‬فألفها العاملون ودرجوا على أس� � ��لوب‬ ‫املعروفة (ما يسمى بو ْت ِنت(‪ ،))2‬ثم يزودونها بالتعليمات لتنفيذ عملها‪ ،‬وأصبحوا أميل إلى حتاشي كل ما من شأنه أن يهدد‬ ‫أوامرهم‪ .‬وأبس� � ��ط ن� � ��وع من هجمات البوتن� � ��ت يتمثل بإغراق توفر اخلدمة أو يعرقل سير العمليات املعتادة‪.‬‬ ‫وحي� � ��ال خطر ماث� � ��ل وواض� � ��ح‪ ،‬ابتكرت مؤسس� � ��ة أمريكا‬ ‫موقع وب عادي برسائل زائفة تعوق أو تبطئ التدفق الطبيعي‬ ‫(‪)5‬‬ ‫للمعلوم� � ��ات‪ .‬إن مث� � ��ل ه� � ��ذه الهجمات‪ ،‬القائم� � ��ة على «رفض الشمالية للوثوقية الكهربائية ( ‪ ، NERC‬اختصارا)‪ ،‬وهي هيئة‬ ‫اخلدمة»‪ ،‬ميكن أن تس� � ��تعمل أيضا لإلبطاء بحركة املرور بني راعية تنتظم مش� � ��غلي الشبكة الكهربائية‪ ،‬مجموعة من املعايير‬ ‫حلماية البنية األساس� � ��ية احليوية‪ .‬وقد بات املطلوب من املرافق‬ ‫محطة التحكم واحملطات الفرعية‪.‬‬ ‫وقد تضرب شبكات البوتنت جذورها أيضا في حواسيب اخلدمية اليوم حتديد أصولها ‪ assets‬األساسية والتدليل للجنة‬ ‫احملطات الفرعية نفس� � ��ها؛ ففي مرحلة معين� � ��ة من عام ‪2009‬‬ ‫( ) ‪WHAT TO DO‬‬ ‫ان� � ��دس البوتنت املس� � ��مى كونفيك� � ��ر ‪ Conficker‬في ‪ 10‬ماليني (‪ :the Northeast Blackout of 2003 )1‬بتاريخ ‪ 2003/8/14‬حصل انقطاع للتيار الكهربائي‪،‬‬ ‫وشمل أجزاء من شمال شرق الواليات املتحدة وجنوب شرق كندا‪ ،‬وتأثر من ج ّرائه‬ ‫حاسوب‪ .‬وكان بإمكان األشخاص الذين يتحكمون فيه ‪ -‬وهم‬ ‫نح� � ��و ‪ 10‬ماليني من س� � ��كان مقاطعة أونتاريو الكندية‪ ،‬ونح� � ��و ‪ 45‬مليونا في ثماني‬ ‫مجهول� � ��ون حتى اآلن ‪ -‬أن يأمروه ب‍محو الس� � ��واقات الصلبة‬ ‫واليات أمريكية‪ُ .‬يحتمل أن يكون عمال تخريبيا من فعل مخترقني صين ِّيني‪.‬‬ ‫جلميع حواسيب الش� � ��بكة‪ .‬وبإمكان بوتنت من قبيل كونفيكر (‪ :botnet )2‬عدد من احلواسيب املوصولة باإلنترنت‪ُ ،‬تست َغلُّ ‪ -‬بسبب تهاون أصحابها‬ ‫في اتِّخاذ أسباب احليطة وإجراءات احلماية الالزمة ‪ -‬لنقل رسائل (تشمل السپام‬ ‫أن يرس� � ��خ وجوده داخل احملطات الفرعية‪ ،‬ومن ثم يطلب إلى‬ ‫‪ spam‬والڤيروسات) إلى حواسيب أخرى في الشبكة‪ُ .‬يطلق على كل حاسوب كهذا‬ ‫معال� � ��ج التحكم فيه توجيهها ف� � ��ي آن واحد لتنفيذ أي أمر في‬ ‫اس� � ��م زومبي ‪ ،zombie‬وهو إنس���الة ‪( robot‬أو بوتنت ‪ - )botent‬إنس� � ��الة نحت من‬ ‫إنس� � ��ان‪-‬آلة ‪ -‬حاسوبية تلبي تلقائيا رغبات املنشئ األساسي للڤيروس أو السپام‪.‬‬ ‫أي وقت‪ .‬وطبقا لدراسة أجراها عام ‪ 2004‬باحثون في جامعة‬ ‫و ُيعت َقد أن البوتن ِْت ‪ -‬وليس الس� � ��پام أو الڤيروسات أو الديدان ‪ -‬باتت متثل اليوم‬ ‫پنسلڤانيا واملختبر الوطني للطاقة املتجددة(‪ )3‬في گولدن بوالية‬ ‫اخلطر األكبر على اإلنترنت‪.‬‬ ‫(‪the National Renewable Energy Laboratory )3‬‬ ‫كول� � ��ورادو‪ ،‬وج� � ��د أن هجوما جنح في تعطي� � ��ل أقلية مختارة‬ ‫(‪ :software patch )4‬تصحيح مؤقَّت خللل في برنامج حاسوبي‪.‬‬ ‫بعناية من مجم� � ��وع احملطات الفرعية لنقل الطاقة (نحو ‪ 2‬في‬ ‫(‪the North American Electric Reliability Corporation )5‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫م� � ��ن املدققني‪ ،‬املكلفني من املؤسس� � ��ة ‪ ،NERC‬على قدرتها على‬ ‫حماية تلك األصول من النفاذ إليها بصورة غير مرخصة‪.‬‬ ‫وم� � ��ع ذلك‪ ،‬فإن عملي� � ��ات التدقيق األمني‪ ،‬ش� � ��أن عمليات‬ ‫التدقي� � ��ق املالي‪ ،‬ال ميكن أن تكون ش� � ��املة متاما‪ .‬فإذا حدث‬ ‫أن تناول بيان تدقي� � ��ق التفاصيل التقنية‪ ،‬فإنه يفعل ذلك على‬ ‫نحو انتقائي فقط‪ ،‬ألن املدقق يضع نصب عينيه التزام جانب‬ ‫االنقياد في املقام األول‪.‬‬ ‫وأكثر استراتيجيات احلماية شيوعا استعمال محيط أمني‬ ‫إلكتروني‪ ،‬ميكن تشبيهه بـ«خط ماجينو(‪ »)1‬لألمن السيبراني‪.‬‬ ‫ويتمثل خط الدفاع األول بتوفير ما يس� � ��مى جدار احلماية(‪،)2‬‬ ‫وه� � ��و جتهيزة ي‍مر عبرها جميع الرس� � ��ائل اإللكترونية‪ ،‬بحيث‬ ‫يك� � ��ون لكل رس� � ��الة عنوان يش� � ��ير إلى مصدره� � ��ا ووجهتها‬ ‫والپروتوكول املستعمل لتفسير الرسالة‪ .‬واعتمادا على طبيعة‬ ‫هذه املعلومات يس� � ��مح جدار احلماية مبرور بعض الرس� � ��ائل‬ ‫ويوقف بعضها اآلخر‪ .‬ويتجلى دور املدقق هنا ‪ -‬جزئيا ‪ -‬في‬ ‫التثبت من أن جدر احلماية في مرفق خدمي قد شكلت بحيث‬ ‫ال تسمح حلركة مرور غير مرغوب فيها بالدخول أو باخلروج‪.‬‬ ‫وف� � ��ي العادة يقتصر عمل املدقق� �ي��ن على حتديد عدد قليل من‬ ‫األصول‪ ،‬والتحكم في ملفات تشكيلة جدر احلماية‪ ،‬ومحاولة‬ ‫االس� � ��تقصاء ‪ -‬يدويا ‪ -‬عن مختل� � ��ف الطرائق التي قد متكن‬ ‫متسلال من اختراق اجلدار‪.‬‬ ‫على أن جدر احلماية على درجة من التعقيد يصعب معها‬ ‫على املدقق حتليل جميع االحتم� � ��االت التي ال حتصى‪ .‬ولعل‬ ‫م� � ��ن املفيد هنا اس� � ��تعمال أدوات البرمجي� � ��ات ال‍مؤت‍متة؛ فقد‬ ‫ابتكر فريق عملن� � ��ا بجامعة إيلينوي في أوربانا ش� � ��امپني ما‬ ‫سميناه أداة سياس���ة النف���اذ إلى الش���بكة ‪Network Access‬‬ ‫‪ ،Policy Tool‬التي ش� � ��رعت في اس� � ��تعمالها املرافق اخلدمية‬ ‫ومجموع� � ��ات التق� � ��ومي‪ .‬وال حتتاج البرمجي� � ��ات إلى أكثر من‬ ‫ملفات تش� � ��كيل جدار احلماية اخلاصة باملرفق ‪ -‬بل ال داعي‬ ‫حتى إلى وصلها بالش� � ��بكة‪ .‬وقد وج� � ��دت هذه البرمجيات ل‍ها‬ ‫عددا من السبل كانت مجهولة أو منسية منذ زمن بعيد‪ ،‬رمبا‬ ‫استغلها املهاجمون‪.‬‬ ‫وخرج� � ��ت وزارة البيئة بخطة عمل ترس� � ��م اس� � ��تراتيجية‬ ‫لتعزيز أمن الش� � ��بكة بحلول ع� � ��ام ‪( .2015‬ومبوجب مراجعة‬ ‫ينتظ� � ��ر إعالنها ه� � ��ذا العام )‪ (2011‬س� � ��يمدد املوعد إلى عام‬ ‫‪ ).2020‬وترك� � ��ز خطة العمل على اس� � ��تحداث منظومة قادرة‬ ‫على تعرف أية محاولة لالختراق‪ ،‬ومقاومتها آليا‪ .‬ومن شأن‬ ‫ذلك أن يحجب ڤيروس� � ��ا مثل ستكسنت حاملا يقفز من ذراع‬ ‫الوصلة ‪ .USB‬ولكن كيف يس� � ��تطيع نظام تش� � ��غيل أن مييز‬ ‫البرامج التي يجب الوثوق ب‍ها؟‬

‫وم� � ��ن احللول املقترحة اس� � ��تعمال دال���ة الف���رم األحادية‬ ‫االجت���اه(‪ ،)3‬وهي تقنية تعتمد على التعمية‪ .‬ومبقتضاها تأخذ‬

‫دال� � ��ة الفرم عددا من األعداد الكبيرة جدا ‪ -‬وليكن مثال جملة‬ ‫ماليني األرقام االثنينية (اآلحاد واألصفار) لبرنامج حاسوبي‪،‬‬ ‫معبرا عنها بش� � ��كل عددي ‪ -‬وحتوله إل� � ��ى عدد أصغر بكثير‬ ‫يؤدي عم� � ��ل البصم���ة ‪ .signature‬وبالنظر إلى ضخامة حجم‬ ‫البرام� � ��ج‪ ،‬فمن غي� � ��ر املرجح أن يخل� � ��ص برنامجان مختلفان‬ ‫إل� � ��ى قيمة واحدة للبصمة‪ .‬تخي� � ��ل أن كل برنامج يزمع العمل‬ ‫عل� � ��ى نظام ما يجب أوال أن يعرض على دالة الفرم‪ ،‬ثم يجري‬ ‫التحقق من بصمته في مقابل الئحة رئيسة مرجعية‪ ،‬فإذا وجد‬ ‫أن ليس ثمة تطابق‪ ،‬توقف الهجوم عند هذا احلد‪.‬‬ ‫وتوص� � ��ي وزارة البيئة كذلك باتخاذ تدابير أمنية أخرى‪،‬‬ ‫كوس� � ��ائل التحقق األمني املادي في محطات عمل املشغلني‬ ‫(مثال‪ :‬ش����يپات راديوي����ة ‪ radio chips‬حساس� � ��ة تدس في‬ ‫عالم����ات التع����رف ‪ .)identification badges‬وتب� � ��رز الوزارة‬ ‫أيضا مدى احلاجة إلى تش� � ��ديد إجراءات ضبط االتصاالت‬ ‫فيما بني مختلف التجهيزات ضمن الشبكة‪ .‬يذكر أن عرض‬ ‫أورورا عام ‪ 2007‬قد اش� � ��تمل على جتهيزة احتيال ميكن أن‬ ‫حتمل ش� � ��بكة مولد على قبول األوام� � ��ر التي يصدرها على‬ ‫أنها مرخصة‪ .‬وقد أدت تل� � ��ك األوامر في نهاية املطاف إلى‬ ‫تدمير املو ّلد‪.‬‬ ‫وال ش� � ��ك في أن إجناز هذه اخلط� � ��وات املهمة فعال يتطلب‬ ‫زمنا وماال وجهدا‪ .‬فإذا حزمنا أمرنا لتحقيق خطة عمل وزارة‬ ‫البيئة‪ ،‬الرامية إلى ش� � ��بكة أكثر أمانا في العقد القادم‪ ،‬وجب‬ ‫علين� � ��ا أن نحث ا ُ‬ ‫خلطى‪ .‬ويحدونا األمل ب� � ��أن يتاح لنا الوقت‬ ‫>‬ ‫الكافي إلجناز ذلك‪.‬‬ ‫(‪Maginot Line )1‬‬

‫(‪ :firewall )2‬نظ� � ��ام أمني حلماية ش� � ��بكة مؤسس� � ��ة ما من األخط� � ��ار اخلارجية‪ ،‬كخطر‬ ‫املخترقني النافذين من شبكات أخرى كاإلنترنت‪.‬‬ ‫(‪ :one-way hash function )3‬خوارزمية تختزِ ل الرسائل أو النصوص إلى أرقام (أعداد‬ ‫صحيحة عادة) ألغراض أمنية غالبا‪ .‬وهي هنا «وحيدة االجتاه» لتع ُّذر استنباط النص‬ ‫األصلي من األرقام‪ .‬تُستعمل هذه الدالة إلحداث بصمات رقمية تقوم بدورها بالتث ُّبت‬ ‫ِ‬ ‫(التحرير)‬ ‫املرسل والرسالة‪.‬‬ ‫من هوية‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, July 2011‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪29‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫اجلني املدمر‬

‫( )‬

‫ساللة جديدة من البعوض الـمعدل جينيا حتمل جينا ُيحدِ ثُ إعاقة‬ ‫في نسله‪ .‬وبإمكان هذه الساللة سحق جماعات البعوض احمللية ومنع انتشار‬ ‫األمراض‪ .‬وهي طليقة اآلن في الهواء ‪ -‬مع أن ذلك بقي سرا حتى اآلن‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫<‪ .P .B‬تريڤيدي>‬

‫لبلوغ األقفاص س� � ��لكنا الطريق السريع الرئيسي للخروج‬ ‫من أطراف مدينة تاپاشوال‪ ،‬ش� � ��ياپاس في املكسيك(‪ ،)2‬مرورا‬ ‫مبحاذاة مزارع فول الصوي� � ��ا والكوكا واملوز ومزارع املانگو‬ ‫اليانعة اخلضرة التي تزدهر في هذه التربة البركانية اخلصبة‪.‬‬ ‫بعد قرية ريو فلوريدو الصغيرة انحدر الطريق إلى درب ترابي‬ ‫متموج‪ .‬ظللنا نهتز بفعل أمواج الطمي املشوي(‪ )3‬إلى أن بلغنا‬ ‫حاجزا أمنيا وحارس� � ��ا في وضعية التأهب‪ ،‬أمام يافطة مث ّبتة‬ ‫على السلك الش� � ��ائك الذي يحيط باملج ّمع رسم عليها صورة‬ ‫بعوضة حتيط بجانبيها صورة امرأة وأخرى لرجل‪ ،‬وقد كتب‬ ‫عليها‪« :‬بعوض معدل جينيا يتطلب احتياطات خاصة»‪ .‬ونحن‬ ‫نلتزم بقواعد اللعبة‪.‬‬ ‫ف� � ��ي الداخل حتيط أش� � ��جار الكاج� � ��و ‪ cashew‬مبجموعة‬ ‫أقفاص من الشبك الرقيق واملقامة فوق منصات‪ .‬حتوي هذه‬ ‫األقفاص آالف البعوض من الن� � ��وع ‪ - Aedes aegypti‬النوع‬ ‫احمللي ال� � ��ذي هو أصغر وأهدأ من األنواع الطنانة املوجودة‬ ‫عادة في الواليات املتحدة‪ .‬في السابعة صباحا يبدو املشهد‬ ‫خياليا إذ ترشح أشعة الشمس عبر طبقات من الشباك فتولد‬ ‫مس� � ��حات من اللون األصفر املتوهج‪ .‬ولكن داخل األقفاص‬ ‫َي ُش ّن البعوض املع ّدل جينيا معركة ضد األنواع احمللية‪ ،‬وهي‬ ‫محاولة إبادة جماعية بالت� � ��زاوج قد تتمكن من القضاء على‬ ‫حمى الضنك‪ ،‬أحد أشد أمراض العالم فتكا وإثارة للقلق‪.‬‬ ‫عبر شريط من الدول االستوائية وشبه االستوائية‪ ،‬تصيب‬

‫أربع� � ��ة أنواع متقاربة جدا من هذا امل� � ��رض ما يقرب من املئة‬ ‫مليون فرد بالعدوى سنويا‪ ،‬مسببة طيفا من األمراض ‪ -‬بدءا‬ ‫من آالم تش� � ��به اإلنفلونزا‪ ،‬إل� � ��ى النزيف الداخلي‪ ،‬أو الصدمة‬ ‫فاملوت‪ .‬وال يتوافر أي لق� � ��اح أو عالج لهذا املرض‪ .‬وكما هي‬ ‫احل� � ��ال في األمراض األخرى التي تنتقل عبر البعوض تعتمد‬ ‫االس� � ��تراتيجية األولي� � ��ة للصحة العامة عل� � ��ى جتنيب املواطن‬ ‫التعرض للسع‪ .‬ولتحقيق هذه الغاية تلجأ السلطات الصحية‬ ‫إل� � ��ى تخليص املناطق من املياه الراكدة حيث يتكاثر البعوض‪،‬‬ ‫ورش� � ��ها باملبيدات احلشرية‪ ،‬وتوزيع الناموسيات وغيرها من‬ ‫موانع البعوض البسيطة‪ .‬أي إنها تعتمد على أسلوب االحتواء‬ ‫عوضا عن أسلوب القهر‪.‬‬ ‫ولكن <‪ .A‬جيمس> يع ّد العدة للهجوم‪ .‬إذ أضاف >جيمس<‬ ‫[عالم بيولوجيا جزيئي� � ��ة] وزمالؤه [من جامعة كاليفورنيا في‬ ‫إرڤ� �ي��ن] جينات إلى البع� � ��وض ‪ A. aegypti‬متنع منو عضالت‬ ‫الطيران في إناث البعوض‪ .‬عندما يتزاوج ذكر البعوض املع ّدل‬ ‫جينيا بأنثى بعوض بر ّية‪ ،‬ينقل جيناته املع ّدلة إلى النسل‪ .‬وال‬ ‫تنجح اإلن� � ��اث ‪ -‬مصدر العض ‪ -‬في البق� � ��اء طويال‪ .‬فعندما‬ ‫تخرج اإلناث من طور الش� � ��رنقة تقبع بال حركة على س� � ��طح‬ ‫املاء‪ .‬فلن تطير أو تتزاوج أو تنش� � ��ر املرض‪ .‬أما نسل الذكور‬ ‫) ( ‪ THE WIPEOUT GENE‬أو املورثة املدمرة‪.‬‬ ‫)‪ genetically modified (1‬أو معدل بالهندسة الوراثية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬على ُبعد عشرة أميال من گواتيماال‪.‬‬ ‫(‪ )3‬الطمي املشوي املستخدم كلبنات لرصف الطرق‪.‬‬

‫(التحرير)‬

‫باختصار‬ ‫أع ّد العلم� � ��اء بعوضا معدال جينيا ذا آلية تدمي� � ��ر ذاتية‪ ،‬وهو إجناز‬ ‫ميكن أن يبطئ انتشار األمراض التي تنتقل عبر البعوض‪.‬‬ ‫هناك فريق من العلماء يج� � ��ري اختبارات على البعوض في أقفاص‬ ‫‪30‬‬

‫بجنوب املكسيك‪ ،‬وهناك فريق آخر يطلق البعوض في البرية‪.‬‬ ‫وق� � ��د أثار اإلطالق املقصود للحش� � ��رات املعدلة جيني� � ��ا جدال عامليا‪،‬‬ ‫وبخاصة أن التجارب األولى متت بسرية‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬


‫أزيز قاتل‪ :‬بعوض أيديس إيگيپتي‬ ‫‪ Aedes aegypti‬هو الناقل الرئيسي‬ ‫حلمى الضنك ‪.dengue fever‬‬

‫املؤلفة‬

‫‪Bijal P. Trivedi‬‬

‫>تريڤيدي< فازت بجوائز عدة وتركز في‬ ‫كتاباتها على مواضيع البيولوجيا والبيئة‬ ‫والطب‪ .‬درست البيولوجيا اجلزيئية‬ ‫والكيمياء احليوية في كل من جامعة أوبرلني‬ ‫وجامعة كاليفورنيا في لوس أجنلوس‪.‬‬

‫املع ّدل جينيا فس� � ��يعيش لينش� � ��ر بذوره القاتلة لنسله‪.‬‬ ‫ومع مرور الزمن سيؤدي خلو النسل من اإلناث إلى‬ ‫فناء اجلماعة‪ ،‬وهذا ما سبق أن ب ّينه بالفعل زميل‬ ‫>جيمس< في جتربة ضمن البيئة املتحكم فيها‬ ‫ملختبر داخلي ف� � ��ي والية كولورادو‪ .‬وها هو‬ ‫اآلن يسوق هذه احلشرات إلى اجلنوب‪.‬‬ ‫تسجل هذه التقانة أول مرة يع ّدل‬ ‫فيه� � ��ا العلم� � ��اء كائنا م� � ��ا تعديال‬ ‫جينيا به� � ��دف القضاء على‬ ‫جماعة طبيعي� � ��ة حتديدا‬ ‫ومنع انتقال املرض‪.‬‬ ‫وفي حال جن� � ��اح البعوض‬ ‫املع � � � ّدل جينيا‪ ،‬ف� � ��إن إطالق‬ ‫هذا البعوض في املناطق التي تس� � ��توطن‬ ‫فيها حمى الضنك س� � ��يقي عشرات املاليني من‬ ‫البش� � ��ر املعاناة‪ .‬إال أن معارضي هذه اخلطة يحذرون‬ ‫من نشوء عواقب غير محسوبة حتى ولو كان البعوض فقط هو‬ ‫الضحية املستهدفة‪.‬‬ ‫ويش� � ��قّ حاليا عل� � ��ى الباحثني اختبار م� � ��ا ينتجونه‪ .‬إذ ال‬ ‫توجد قوانني أو مؤسس� � ��ات دولية ملراقبة اختبارات الكائنات‬ ‫املع ّدلة جينيا‪ .‬ففي معظم األحيان يستطيع العلماء وشركات‬ ‫التقان� � ��ة احليوية فعل ما بدا لهم‪ ،‬مبا في ذلك إطالق كائنات‬ ‫جتريبي� � ��ة في البلدان النامية من دون أي إجراءات احترازية‪،‬‬ ‫ومن دون إنذار الس� � ��كان من أن أفنيتهم اخللفية س� � ��تصبح‬ ‫عملي� � ��ا مختبرا ميدانيا الس� � ��تعمار البيولوجي‪ ،‬بل ومن دون‬

‫موافقتهم على ذلك‪.‬‬ ‫أمضى >جيمس< س� � ��نوات عديدة وه� � ��و يحاول أن يطبق‬ ‫هذا التوجه بطريقة سليمة‪ .‬إذ عمل مع القيادات الشعبية في‬ ‫أراض من خالل البرنامج التقليدي‬ ‫تاپاشوال‪ ،‬وحاز على ملكية ٍ‬ ‫لتوزيع األراضي‪ ،‬وأقام مبنى اختبار آمنا ‪ -‬وهذا عمل دقيق‬ ‫وش� � ��اق يتطلب زمنا طويال‪ .‬إال أنه ليس الباحث الوحيد الذي‬ ‫يختبر البعوض املعدل جينيا في امليدان‪ .‬فقد سعى <‪ .L‬ألفي>‬ ‫[زميل جيمس‪ ،‬ومؤس� � ��س ش� � ��ركة التقانة البيولوجية ‪Oxitec‬‬ ‫ومقرها بريطانيا] بهدوء إلى تطبيق استراتيجية أكثر عدائية‪.‬‬ ‫وبني عامي ‪ 2009‬و‪ 2010‬اس� � ��تغلت شركته تشريعات جزيرة‬ ‫كاميان الكبرى الكاريبية ذات االش� � ��تراطات الدنيا‪ ،‬فأطلقت‬ ‫ماليني البعوض املع ّدل جينيا في البرية‪ّ .‬‬ ‫اطلع >جيمس< على‬ ‫هذا ألول مرة عندما ع� � ��رض >ألفي< ذلك في مؤمتر بأتالنتا‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪31‬‬


‫أزواج مميتة‪ :‬داخل هذه األقفاص في جنوب املكسيك‪ ،‬يُدخل العلماء بعوضا‬ ‫معدال جينيا على مجموعة من البعوض احمللي‪ .‬ويفترض أن يقضي البعوض‬ ‫الدخيل على البعوض احمللي‪.‬‬

‫ع� � ��ام ‪ ،2010‬بعد مضي ‪ 14‬ش� � ��هرا على احل� � ��دث‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫احلني تابعت ش� � ��ركة ‪ Oxitec‬جتاربه� � ��ا مطلقة بعوضا مع ّدال‬ ‫جينيا في كل من ماليزيا والبرازيل‪.‬‬ ‫يخش� � ��ى اخلب� � ��راء أن تقود أعمال ش� � ��ركة ‪ Oxitec‬هذه إلى‬ ‫إحداث ردة فعل عكسية ضد استخدام جميع احلشرات املع ّدلة‬ ‫جينيا‪ ،‬تعيد إلى األذهان ذكريات الرفض األوروبي للمحاصيل‬ ‫توجه قد يقود إلى وأد هذه التقانة في مهدها‬ ‫املعدلة جينيا‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫قبل أن يستوعب العلماء جل إمكاناتها وتبعاتها احملتملة‪.‬‬ ‫وس� � ��يكون هذا مؤس� � ��فا للغاية نظرا ملا حتمله هذه التقانة‬ ‫من وعود‪ .‬وعلى الرغم من أن بضعة أقفاص داخلية وليس� � ��ت‬ ‫براري أمريكا الوس� � ��طى والبرازيل أو ماليزيا‪ ،‬إ ّال أن اختبار‬ ‫كولورادو ق� � ��د بينّ أن البعوض املع ّدل فع� � ��ال في بيئة متحكم‬ ‫فيه� � ��ا‪ .‬وملكافحة املرض واملوت املنتقل� �ي��ن عبر البعوض‪ ،‬يجب‬ ‫على ما يو ّلده العلماء أن يقهر الغابة‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫العقم باإلكراه‬

‫( )‬

‫م� � ��ع حلول ع� � ��ام ‪ 2001‬صار >جيمس< بالفع� � ��ل رائدا في‬ ‫الوراثة اجلزيئية للبعوض‪ ،‬إذ كان أول باحث يغ ّير البعوض‬ ‫جينيا‪ ،‬وأول من استنس� � ��خ جين� � ��ا من البعوض‪ .‬وفي ذلك‬ ‫العام قرر تطبيق علمه على مشكلة نقل األمراض‪ .‬وتساءل‬ ‫>جيمس< ما إذا كان بإمكانه استخدام استراتيجية كانت‬ ‫ص ِّممت ملكافحة اآلفات الزراعية‪ ،‬وتطبيقها عوضا عن‬ ‫قد ُ‬ ‫ذلك على البعوض‪.‬‬ ‫قب� � ��ل عام من ذل� � ��ك‪ ،‬طور >ألفي<‪ ،‬ال� � ��ذي كان وقتذاك في‬ ‫جامعة أكس� � ��فورد‪ ،‬تقانة لتوليد ذباب� � ��ة فاكهة حتوي جينات‬ ‫تقتل اإلناث حتديدا‪ .‬فاس� � ��تراتيجية التحك� � ��م في اجلماعات‬ ‫هي مجرد تطبيق ما بعد اجلينومية(‪ )1‬على تقانة احلشرات‬ ‫العقيمة التي أس� � ��همت بنجاح ف� � ��ي مكافحة آفات احملاصيل‬ ‫لستني سنة‪ .‬وفي هذه التقانة يربي املختصون عددا هائال من‬ ‫احلش� � ��رات‪ ،‬وتُع َّقم الذكور بتعريضها جلرعة مش ّعة‪ .‬وعندما‬ ‫تت� � ��زاوج باإلناث في احلقول احمللية‪ ،‬ال ينتج نس� � ��ل من ذلك‪.‬‬ ‫وتخلو هذه االستراتيجية من اس� � ��تخدام املبيدات احلشرية‪،‬‬ ‫) ( ‪FORCED STERILIZATION‬‬ ‫)‪postgenomic (1‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫وتس� � ��تهدف آفة محددة دون غيرها‪ ،‬وقد ُط ِّبقت بنجاح ملرات‬ ‫عديدة ‪ -‬مبا في ذلك تطبيق واس� � ��ع املدى للقضاء على ذبابة‬ ‫الفاكهة املتوس� � ��طية (التي تُعرف اختص� � ��ارا بـ ‪ )medfly‬عام‬ ‫‪ 1977‬في تاپاشوال‪.‬‬ ‫ولألس� � ��ف لم تنجح تقانة الذكر العقيم قطُّ مع البعوض‪ .‬إذ‬ ‫ُيضعف اإلش� � ��عاع الذكور جدا‪ ،‬فتقتلها عمليات الفرز والنقل‬ ‫قبل أن تس� � ��نح لها فرصة التزاوج‪ .‬إال أن توسيع نطاق تقانة‬ ‫>ألفي< اجلديدة ملكافحة ذبابة الفاكهة بحيث تشمل البعوض‬ ‫س� � ��يم ّكن الباحثني من وضع تصميم فعال لبعوض ذكر عقيم‬ ‫من اجلينوم أساسا‪.‬‬ ‫لقت� � ��ل إن� � ��اث البعوض – تل� � ��ك التي متتص الدم وتنش� � ��ر‬ ‫املرض ‪ -‬دون الذكور كان على >جيمس< اس� � ��تهداف منطقة‬ ‫وراثية ُتس � � �تَخدم من قبل إناث البعوض فقط‪ .‬وفي عام ‪2002‬‬ ‫ح ّدد كل م� � ��ن >جيمس< و>ألفي< مفتاحا جينيا طبيعيا يتحكم‬ ‫في منو عضالت الطيران في اإلناث‪ :‬اطفىء املفتاح ولن تنمو‬ ‫عضالت اجلناح في اإلن� � ��اث‪ .‬وعقب بزوغ إناث البعوض من‬ ‫طور الشرنقة تقبع على سطح املاء‪ ،‬عاجزة عن الطيران‪ ،‬وغير‬ ‫قادرة على اجتذاب الذكور‪ .‬كان هذا هو الهدف املثالي‪.‬‬ ‫أسس >ألفي< شركة ‪ Oxitec‬في عام ‪ 2002‬لتحقيق الربح‬ ‫من هذه التقانة‪ .‬وفي عام ‪ 2005‬قامت مؤسسة املعهد الوطني‬ ‫للصح� � ��ة ‪ -‬التي يأتي أغلب متويله� � ��ا من وقفية بيل وميليندا‬ ‫جيتس ‪ -‬مبنح >جيمس< عشرين مليون دوالر أمريكي الختبار‬ ‫استراتيجيات جينية ملكافحة حمى الضنك‪ .‬أعطى >جيمس<‬ ‫شركة ‪ Oxitec‬خمسة ماليني دوالر إلنتاج البعوض‪.‬‬ ‫وعمل الشركاء على تصميم شريط دنا يحوي حفنة من‬ ‫اجلينات ومفاتيح تنظيمية ضرورية لتش� � ��غيلها أو إطفائها‬ ‫في الوقت املناسب‪ .‬ويعمل هذا النظام كفريق جري التتابع‪.‬‬ ‫إب� � ��ان حت ّور البعوض من اليرقة إلى الطور البالغ‪ ،‬يش� � ��تغل‬ ‫فينش� � ��ط اجل� �ي��ن األول الذي ينتج‬ ‫املفتاح اخلاص باألنثى‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫نشط مفتاحا ثانيا ُيف ِّعل اجلني‬ ‫بروتينا معينا‪ .‬هذا البروتني ُي ِّ‬ ‫الثان� � ��ي الذي َيص ِّنع حينئذ ُس � � � ّما ُيعطِ ب عضالت الطيران‬ ‫في األنث� � ��ى‪ .‬كما أضاف الباحثون جين� � ��ات تنتج بروتينات‬ ‫فس� � ��فورية جتعل اليرق� � ��ات املعدلة جينيا تس� � ��طع باللونني‬ ‫األحمر واألخضر‪ ،‬مما يسمح للعلماء مبراقبة مدى انتشار‬ ‫هذه اجلينات في اجلماعة‪.‬‬ ‫كي يتمكن كل من >ألفي< و>جيمس< من إنتاج جماعات كبيرة‬ ‫م� � ��ن البعوض التي برمجاها صراحة للموت‪ ،‬كان البد من توفير‬ ‫طريقة حلماية اإلناث من تأثير بنية اجلني الس� � ��ام إلى ما بعد أن‬ ‫تتكاثر‪ .‬ومتثل احلل في حقن املاء بترياق ‪ -‬هو الـمضاد احليوي‬ ‫تتراس���يكلني ‪ - tetracycline‬مينع إنتاج البروتني املُعطِ ب لعضلة‬

‫الطيران‪ .‬وهذا التصميم يضمن أيضا عدم حدوث أخطاء سهوا‪:‬‬ ‫ففي حال تسرب مجموعة صغيرة من هذا البعوض املع ّدل جينيا‬ ‫فإنها لن تستطيع التكاثر في غياب الترياق‪.‬‬ ‫ُأجــــري أول اختـبـــار للس� �ل��الــــة اجلــــديــــــدة فـــي عــــامي‬ ‫‪ 2008‬و ‪ 2009‬عندما أدخل <‪ .W .M‬دي ڤالديز> [زميل >جيمس<‬ ‫ال� � ��ذي كان ينتمي وقتذاك إلى جامع� � ��ة والية كولورادو] ذكور‬ ‫بعوض معدلة على جماع� � ��ة اعتيادية من البعوض ‪A. aegypti‬‬ ‫في املختبر‪ .‬فاندثرت اجلماعة في غضون خمس� � ��ة أشهر‪ .‬أي‬ ‫إن مفت� � ��اح القتل جنح‪ .‬وكانت اخلط� � ��وة التالية أخذ البعوض‬ ‫املع ّدل إلى امليدان‪.‬‬ ‫حمى الضنك (احلمى القاصمة للعظام)‬ ‫ّ‬

‫( )‬

‫في تاپاشوال‪ ،‬حيــث شــ ّيد >جيمـــس< مختبـــره ذا الشـــباك‪ ،‬ال‬ ‫تزال حمى الضنك ومنذ زمن بعيد مش� � ��كلة عويصة‪ ،‬كما هي‬ ‫احلال في أجزاء كثيرة من املكســــــــــيك‪ .‬يقول <‪ .D .H‬زاراتي>‬ ‫[وكيل وزارة الصحة ملنطقة شياپاس ‪ « :]Chiapas‬كانت حمى‬ ‫الضنك عل� � ��ى رأس اهتماماتي بصورة يومي� � ��ة» إبان زيارتي‬ ‫لهذه املنطقة العام الفائت‪ .‬وينتش� � ��ر هذا املرض بصورة فتاكة‬ ‫فيكون أش ّد ما يكون في املناطق السكنية الكثيفة‪.‬‬ ‫حي پوبري‬ ‫خ� �ل��ال رحلتي إلى ش� � ��ياپاس‪ ،‬جتولت ف� � ��ي ّ‬ ‫يونيدوس (احتاد الفق� � ��راء) ‪ ،Pobres Unidos‬وهو حي فقير‬ ‫يقع على أطراف تاپاشوال‪ ،‬وقد ابتلي بأكبر عدد من حاالت‬ ‫حم� � ��ى الضنك عام� � ��ي ‪ 2009‬و ‪ ،2010‬وقـ� � ��د رافقني كـل مـن‬ ‫<‪ .J‬رامزي> [مختصة الطفيلي� � ��ات في فريق >جيمس< وهي‬ ‫تش� � ��رف على األعم� � ��ال اليومية في املي� � ��دان] و <‪ .R‬دانيس‪-‬‬ ‫لوزانو> [طبيب الوبائيات]‪.‬‬ ‫أح� � ��د البيوت التي زرتها كان بي� � ��ت >ماريا< التي طلبت‬ ‫إل� � � ّ�ي االمتناع عن ذك� � ��ر كنيتها‪ .‬ومثل معظ� � ��م البيوت في‬ ‫پوبري يونيدوس‪ ،‬لهذا البيت ثالثة جدران فقط‪ ،‬مثل مشهد‬ ‫بيت في اس� � ��تديو األفالم‪ ،‬أي ليس لديها أي وسيلة إلبقاء‬ ‫البعوض في اخلارج‪ .‬وتوف� � ��ر األرضية الترابية املبللة بيئة‬ ‫رطبة جاذبة للحش� � ��رات‪ .‬كما توفر أكوام الزبالة وعشرات‬ ‫احلاويات التي جتمع مياه األمطار أماكن ال حتصى ليضع‬ ‫فيها البعوض بيوضه‪.‬‬ ‫لفت >دانيس‪-‬لوزانو< انتباهنا إلى حوض أصفر كبير مليء‬ ‫مبياه عذبة مش� � ��يرا إلى الـمئات م� � ��ن يرقات البعوض النحيلة‬ ‫الس� � ��وداء والشبيهة باخليوط وهي تس� � ��بح بنشاط في خطوط‬ ‫متعرجة عشوائية‪ .‬بالطبع >ماريا< على علم بحمى الضنك‪ ،‬إال‬ ‫أن >دانيس‪-‬لوزانو< اكتش� � ��ف أنها جتهل أن هذه اليرقات في‬ ‫) ( ‪BREAKBONE FEVER‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪33‬‬


‫آلية عمل التقانة‬

‫مفتاح قتل األنثى‬

‫( )‬

‫صمِّ ���م البع���وض املعدل جينيا في املكس���يك بهدف القضاء على البعوض احمللي‪ .‬يغرس العلماء سلس���لة جينية ف���ي بيوض البعوض ُتعطب عضالت‬ ‫لق���د ُ‬ ‫الطيران في اإلناث‪ .‬و ُتترك ذكور البعوض (التي ال تلسع) لتنتشر في املوئل احمللي وتو ّرث اجلينات املعوقة‪ .‬ومع مضي ما يكفي من الزمن سيؤدي عدم‬ ‫وجود اإلناث إلى فناء البعوض احمللي‪.‬‬

‫حشرات بالغة‬

‫شرانق‬

‫بيوض‬

‫ترياق‬ ‫‪ 3‬يربي العلماء البعوض‬ ‫باستخدام ترياق يوقف مفعول‬ ‫اجلينات املغروسة‪ ،‬ثم يزاوجون‬ ‫البعوض احلامل مع غير احلامل‬ ‫إلنتاج عدد هائل من البيوض‪.‬‬

‫يرقات‬ ‫‪ 2‬ال يُو َّرث الدنا إلى األجيال‬ ‫الالحقة إال إذا دخل في اخلاليا‬ ‫التناسلية‪ .‬ويؤدي جني التشخيص‬ ‫في الدنا إلى تألق اليرقات احلاملة‬ ‫للجني حتت اإلضاءة الفسفورية‪.‬‬

‫‪ 4‬في اإلناث ُتعطب سلسلة الدنا‬ ‫عضالت الطيران‪ .‬فتعجز اإلناث‬ ‫عن الطيران والتغذي واللسع‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪ 1‬يغرس العلماء الدنا في بيوض‬ ‫البعوض املل ّقحة‪.‬‬

‫بعوض‬ ‫محلي‬ ‫بالغ‬

‫بعوض‬ ‫بالغ‬ ‫معاق‬

‫حوض غسيلها تتحور إلى بعوض ينشر املرض‪.‬‬ ‫هذا مش� � ��هد يتكرر عامليا في العديد م� � ��ن األحياء املزدحمة‬ ‫والفقيرة‪ .‬إذ تعاني أكثر من مئة دولة حمى الضنك‪ ،‬من آس� � ��يا‬ ‫إلى إفريقيا وصوال إلى األمريكتني‪ .‬تشبه أعراض النمط املعتدل‬ ‫من حمى الضنك (احلمى القاصمة للعظم) أعراض اإلنفلونزا‪:‬‬ ‫حم� � ��ى‪ ،‬آالم في املفاصل والعضالت‪ ،‬وصداع ُمقعد‪ ،‬تس� � ��تمر‬ ‫ملدة أس� � ��بوع تقريبا‪ .‬قد تؤدي الع� � ��دوى للمرة الثانية إلى حمى‬ ‫الضنك النزفية املميتة التي تبعث على اإلقياء وتقلصات معوية‬ ‫شديدة ونزيف داخلي‪ .‬فيسيل الدم من العينني واألنف واملهبل‪.‬‬ ‫ويؤدي هذا املرض إذا لم يعالج إلى وفاة ما يناهز العشرين في‬ ‫املئة من ضحاياه ‪ :‬أم� � ��ا في حال توافر العناية الطبية اخلبيرة‬

‫جزيء دنا‬ ‫صمم‬ ‫مُ َّ‬

‫‪ 5‬في املقابل‪ ،‬تنمو الذكور‬ ‫بشكل طبيعي‪ .‬ويطلقها العلماء‬ ‫للتزاوج باإلناث احمللية‪ .‬ويعيد‬ ‫نسلها الدورة نفسها‪.‬‬

‫واملكلفة فتنخفض نس� � ��بة الوفيات إلى واح� � ��د في املئة‪ .‬عامليا‪،‬‬ ‫تتجاوز نسبة الوفيات هذه تلك الناجمة عن الڤيروسات األخرى‬ ‫املسببة حلمى نزفية مجتمعة‪ ،‬مبا في ذلك اإليبوال وماربوگ‪.‬‬ ‫ف� � ��ي عام ‪ 2008‬ح� � ��ذر كل م� � ��ن <‪ .D .M‬مورينز> [طبيب‬ ‫الوبائيات] و<‪ .A .S‬فوسي> [مدير املعهد الوطني ألمراض‬ ‫احلساس� � ��ية واألم� � ��راض املعدية] م� � ��ن أن حمى الضنك‬ ‫«واحدة من أكثر األمراض املعدية ‪ -‬واآلخذة في االنتشار‬ ‫مج� � ��ددا‪ -‬عدوانية ف� � ��ي العالم»‪ .‬فهناك تزاي� � ��د في تكرار‬ ‫حدوث املوجات الوبائية واتساع مداها‪ ،‬وهي تنتشر بفعل‬ ‫النمو العاملي في الس� � ��فر وفي هجرة الس� � ��كان إلى املدن‪.‬‬ ‫) ( ‪The Female Kill Switch‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫فمنذ س� � ��بعينات القرن املاضي‪ ،‬ص� � ��ارت أعداد احلاالت‬ ‫تتضاع� � ��ف عقدا تلو آخر‪ .‬وفي عام ‪ 2009‬أعلن مس� � ��ؤولو‬ ‫الصحة العامة ف� � ��ي فلوريدا عن ظهور أولى حاالت حمى‬ ‫الضنك في فلوريدا فيما يزيد على س� � ��بعة عقود‪ ،‬مما أثار‬ ‫قلق أطباء الصحة العامة م� � ��ن إمكانية ّ‬ ‫توطن هذا املرض‬ ‫في الواليات املتحدة قريبا‪.‬‬ ‫أحد األسباب التي جعلت >جيمس< يقرر تطبيق تقنيته‬ ‫اجليني� � ��ة في مكافحة حمى الضن� � ��ك ‪ -‬عوضا عن املالريا‬ ‫على س� � ��بيل املثال ‪ -‬ه� � ��و أن الڤيروس ُين َقل أساس� � ��ا من‬ ‫قب� � ��ل نوع واحد من البعوض‪( .‬بينما هناك ‪ 30‬إلى ‪ 40‬نوعا‬ ‫مختلفا من البعوض الناقل للمالريا)‪ .‬فالبعوض ‪A. aegypti‬‬ ‫غاز ‪invasive‬‬ ‫ه� � ��و الناقل الرئيس حلمى الضنك‪ ،‬وهو نوع ٍ‬ ‫يعيش في الشجر‪ ،‬انتقل من إفريقيا عبر سفن العبيد منذ‬ ‫ما يناه� � ��ز األربعمئة عام‪ .‬يعيش ه� � ��ذا البعوض اليوم في‬ ‫املدن ويتكاثر في محاذاة البيوت على أي س� � ��طح يتسع ملا‬ ‫مقداره عدة مالعق من املاء النظيف‪ .‬ويلسع هذا البعوض‬ ‫البش� � ��ر أثناء النهار‪ ،‬لذا ال تو ّفر الناموس� � ��يات أي حماية‪.‬‬ ‫ويلس� � ��ع البعوض البشر بش� � ��كل حصري تقريبا‪ ،‬ممتصا‬ ‫الغ� � ��ذاء الكافي إلطالة عمره ما يقارب الش� � ��هر‪ ،‬وهي مدة‬ ‫كافية ّللسع مجددا ونشر املرض‪.‬‬ ‫والبع� � ��وض ‪ A. aegypti‬بعوض ماكر‪ ،‬ف� �ل��ا يصدر الطنني‬ ‫احلاد واملزعج الذي يدفع للتلويح باليدين أو الضرب بسرعة‪.‬‬ ‫فبالكاد كنت أس� � ��مع سرب البعوض املعدل جينيا في القفص‬ ‫الصغير داخل مربى احلش� � ��رات املحُ َك� � ��م في املركز اإلقليمي‬ ‫ألبحاث الصحة العامة في تاپاشوال‪ .‬وحني أدخلت <‪ .L‬فاليريو>‬ ‫[اختصاصية احلشرات من جامعة كاليفورنيا ديڤيس] يدها‬ ‫املكسوة بالقفاز لتشير إلى أنثى‪ ،‬أرعب هذا االقتحام الذكور‬ ‫فط� � ��ارت محومة في أطراف القفص‪ .‬فيما بقيت اإلناث مكانها‬ ‫أو راحت تقفز بطريقة خرقاء‪.‬‬ ‫س� � ��تنقل الحقا يرقات البعوض املع ّدلة إلى املوقع امليداني‬ ‫الذي يعم� � ��ل فيه >جيم� � ��س< واملكون من خمس� � ��ة أزواج من‬ ‫ّ‬ ‫حتك����م ‪control‬‬ ‫األقف� � ��اص‪ ،‬يتألف كل زوج منه� � ��ا من قفص‬ ‫‪ cage‬يحوي مجموعة من البعوض البري‪ ،‬وقفص جتربة حيث‬ ‫يختلط البع� � ��وض املع ّدل جينيا باحملل� � ��ي‪ .‬وكل قفص محمي‬ ‫بعدة طبقات من الش� � ��باك ‪ -‬لتح� � ��ول دون هروب البعوض ‪-‬‬ ‫يتحتم على الباحثني املالح� � ��ة عبرها عند إضافة أفراد جدد‬ ‫إلى التجربة‪.‬‬ ‫وتتبع ه� � ��ذه اإلجراءات الصارمة محاول� � ��ة لتفادي أخطاء‬ ‫س� � ��ابقة‪ .‬إذ ش � � � ّكلت دول العالم الثالث منذ زمن طويل مكانا‬ ‫مالئما جتري فيه دول العال� � ��م األول اختباراتها امليدانية‪ ،‬إال‬

‫أن األس� � ��لوب املتعالي في التعاطي مع البيئة احمللية أدى إلى‬ ‫نتائج عكسية أعاقت برامج بحثية بأكملها‪ .‬ومن احملتمل أن ال‬ ‫مجال ينوء بسوء االستغالل ‪ -‬سواء الفعلي أو املتوقع ‪ -‬أكثر‬ ‫من مجال الكائنات املعدلة جينيا‪.‬‬ ‫سم في اآلبار‬

‫( )‬

‫في عام ‪ 1969‬مثال اش� � ��تركت منظمة الصحة العاملية وحكومة‬ ‫الهند في دراسة للتحكم اجليني في ثالثة أنواع من البعوض‬ ‫وهي‪ Culex fatigans :‬الذي ينش� � ��ر الفالريا ‪( filariae‬الطفيلي‬ ‫داء الفي� � ��ل ‪ ،)elephantitis‬والبعوض ‪ A. aegypti‬الذي ينش� � ��ر‬ ‫حمى الضنك واحلمى الصفراء‪ ،‬والبعوض الناش� � ��ر للمالريا‬ ‫‪ .Anopheles stephensi‬وق� � ��د م ّولت حكوم� � ��ة الواليات املتحدة‬ ‫جزءا من هذه األبحاث‪.‬‬ ‫وف� � ��ي عام ‪ 1972‬نش� � ��ر عال� � ��م لم يذك� � ��ر اس� � ��مه مقاال في‬ ‫اجلريدة الهندية هيرالد الوطنية(‪ُ )1‬م ّدعيا أن الباحثني أطلقوا‬ ‫داخل آبار الش� � ��رب في القرى بعوضا معاجل� � ��ا مبادة ثيوتيپا‬ ‫‪ - thiotepa‬وه� � ��ي م� � ��ادة مصنفة كأحد مش� � ��تقات غاز اخلردل‬ ‫تسبب تش� � ��وهات خلقية في الطيور والسرطان في احليوانات‪.‬‬ ‫ونشر العلماء املسؤولون عن البرنامج تكذيبا خجوال ورفضوا‬ ‫طلبات الصحافة إلجراء مقابالت حول املوضوع‪ .‬عندئذ نشرت‬ ‫مؤسس� � ��ة الصحافة الهندية(‪ )2‬في عام ‪ 1974‬مقالة حتت عنوان‬ ‫ن� � ��اري هو‪« :‬منظم� � ��ة الصحة العاملية جتري ف� � ��ي الهند أبحاث‬ ‫الواليات املتحدة الس� � ��رية»‪ .‬وا ّدعت املقالة أن مشروع البعوض‬ ‫هو اختبار إلمكانية اس� � ��تعمال البعوض ‪ A. aegypti‬سالحا في‬ ‫احلرب البيولوجية‪ ,‬وأن الهند تُستَخدم الختبار «مواد كيميائية‬ ‫أو طرق غير مس� � ��موح باختبارها في الب� �ل��اد املمولة للبحث»‪،‬‬ ‫واستمرت املقالة في توجيه االتهام بأن البحث يدرس البعوض‬ ‫‪ A. aegypti‬ألن� � ��ه «ميكن جتفيف بيوضها (خالفا لبيوض غيرها‬ ‫من البعوض)‪ ،‬ومن ثم ميكن أن توضع على قطعة ورق في ظرف‬ ‫وترس� � ��ل بالبريد إلى أي جزء من البلد الذي يكون بإمكانها أن‬ ‫تفق� � ��س فيه»‪ .‬وعلى الرغم من إص� � ��رار الباحثني على نفي هذه‬ ‫االدعاءات‪ ،‬فقد جنم عن هذا التدهور في العالقات العامة تخلي‬ ‫منظمة الصحة العاملية عن املشروع‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك احلني‪ ،‬صار الباحثون يخشون إجراء اختبارات‬ ‫ميدانية لكائنات معدلة جينيا‪ .‬كما تقول <‪ .S‬جيمس> (ال عالقة‬ ‫لها ب � � �ـ >‪ .A‬جيمس<) مدي� � ��رة برنامج التحدي� � ��ات الكبرى في‬ ‫املب� � ��ادرة الصحية العاملية لـمؤسس� � ��ة املعهد الوطني للصحة‪،‬‬ ‫وتتابع‪« :‬كان هناك حاجز نفسي حقيقي‪ .‬إذ كانوا يعرفون أنه‬ ‫) ( ‪POISON IN THE WELLS‬‬

‫)‪National Herald (1‬‬

‫)‪Press Trust of India (2‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪35‬‬


‫ما من حيز متاح للخطأ‪».‬‬ ‫وق� � ��ال ل� � ��ي <‪ .A‬جيمس<‪« :‬ط� � ��وال عمري املهن� � ��ي قيل لي‬ ‫إنني لن أمتكن من إقناع اآلخرين بالس� � ��ماح لي بالقيام بهذه‬ ‫التجربة»‪ .‬وفي العشاء االفتتاحي للحائزين على دعم مالي من‬ ‫برنامج التحديات الكبرى‪ ،‬استش� � ��ار <‪ .A‬جيمس> <‪ .J‬الڤيري>‬ ‫[املختص في علم إش� � ��راك املجتمع من مركز تورنتو ألبحاث‬ ‫الصحة العاملية مبستشفى سانت ميشيل]‪ .‬قال >‪ .A‬جيمس<‪:‬‬ ‫«إن التعديل اجليني يس� � ��بب الهلع عن� � ��د الناس‪ .‬فكيف ميكن‬ ‫إشراك املجتمع؟»‬ ‫اقترح >الڤي� � ��ري< اختيار مكان تكون فيه حمى الضنك‬ ‫مش� � ��كلة عويصة للصح� � ��ة العامة‪ ،‬وحيث تكون أس� � ��اليب‬ ‫التحك� � ��م األخ� � ��رى آخذة في الفش� � ��ل‪ ،‬وفي بل� � ��د لديه بنية‬ ‫تنظيمية متطورة وصارمة قادرة على تقييم مخاطر وفوائد‬ ‫البعوض املعدل جينيا ملكافحة حمى الضنك‪ .‬وبهذا ُيطَ ْمأَن‬ ‫السكان احملليون بأن هذه اجلهود لن تستغلهم أو تعرضهم‬ ‫للخط� � ��ر‪ .‬وقد عمل كل من >الڤي� � ��ري< واحملارب القدمي في‬ ‫مج� � ��ال التجارب امليدانية على البعوض <‪ .T‬س� � ��كوت> [من‬ ‫جامعة كاليفورنيا ‪ -‬ديڤيس] على مس� � ��اعدة <‪ .A‬جيمس<‬ ‫على تش� � ��كيل فريق عاملي من علم� � ��اء إيكولوجيا البعوض‬ ‫واإلنثروبولوجي� �ي��ن واملختصني بعل� � ��م األخالق بوقت طويل‬ ‫قبل أن يكون لديه بعوض كاف لالختبار‪.‬‬ ‫مع حلول عام ‪ 2006‬كانت تاپاش� � ��وال املرشح األفضل‬ ‫إلج� � ��راء هذه التج� � ��ارب‪ .‬فقد كان لدى املكس� � ��يك قوانني‬ ‫وطنية خاصة باس� � ��تخدام الكائنات املعدل� � ��ة جينيا‪ ،‬وقد‬ ‫صادقت عل� � ��ى اتفاقية قرطاجنة للس� �ل��امة البيولوجية ‪-‬‬ ‫اإلطار القانوني الدولي الس� � ��تيراد هذه الكائنات‪ .‬ويشير‬ ‫>الڤي� � ��ري< إلى أن التجربة الس� � ��ابقة مع ذباب� � ��ة الفاكهة‬ ‫املتوس� � ��طية ‪ medfly‬عنت أن مواطني تاپاشوال لم يكونوا‬ ‫«مذعورين» من فكرة تعديل حشرة‪.‬‬ ‫يقول <‪ .B .M‬ماتوت� � ��ي> [رئيس جمعية املزارعني في منطقة‬ ‫إج� � ��راء التجرب� � ��ة]‪« :‬ف� � ��ي البداية كان وقع طل� � ��ب قطعة أرض‬ ‫غريبا»‪ .‬ملاذا يريد أحد ما بناء أقفاص كبيرة وتعبئتها ببعوض‬ ‫مصنّع من قبل اإلنس� � ��ان؟ كذلك كان املجتمع في حيرة حول‬ ‫ما ميكن لهذا البعوض املعدل جينيا عمله‪ .‬هل بإمكان بعوض‬ ‫فار من األقفاص اإلضرار بهم أو بحقولهم؟ وهل سينتقل عقم‬ ‫البعوض إلى حشرات أخرى؟‬ ‫أج� � ��اب >جيمس< وفريقه عن مخاوف املجتمع‪ ،‬واش� � ��تروا‬ ‫األرض لبن� � ��اء األقفاص من خالل البرنامج التعاوني التقليدي‬ ‫لتملك األرض في املنطقة‪ .‬كما استمروا بالتواصل مع السكان‬ ‫احملليني طوال فترة التجربة‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫في أحد االجتماعات األسبوعية في دار الثقافة في الساحة‬ ‫التاريخية الرئيسية ملدينة تاپاشوال‪ ،‬وصفت >رامزي< [املديرة‬ ‫امليدانية للبرنامج] حيثيات املش� � ��روع لقياديي املجتمع املك َّون‬ ‫من ثالثني رجال وخمس نس� � ��اء‪ .‬وكان من الصعب معرفة أنها‬ ‫مغتربة أمريكية إذ اس� � ��تقطبت انتباه َم ْن في الغرفة‪ ،‬فقد كانت‬ ‫شديدة احليوية تومىء وتلقي بالنكات‪.‬‬ ‫عندما انتهت من حديثها وجه املس� � ��تمعون إليها األس� � ��ئلة‬ ‫بحذر‪ .‬فس� � ��أل رجل كبير في العمر ما إذا كان بإمكانه زيارة‬ ‫أقفاص البعوض‪ .‬وأراد آخر أن يعرف ما سيحدث فيما لو ف ّر‬ ‫البعوض‪ .‬وس� � ��ألت امرأة شابة عن السبب الذي يجعل الناس‬ ‫يعارضون التعديل اجليني‪ .‬وس� � ��أل شيخ قادم من قرية جبلية‬ ‫م� � ��ا إذا كان هناك اختالف بني املالريا وحمى الضنك‪ .‬أجابت‬ ‫>رامزي< عن جميع التس� � ��اؤالت ثم غادرت وهي تبتسم وتش ّد‬ ‫على األيادي‪.‬‬ ‫قال >ماتوتي< [مزارع فول صويا رش� � ��يق بأسنان مطلية‬ ‫بالذهب]‪« :‬اآلن بع� � ��د أن فهمنا ازداد إعجابنا بالبرنامج‪ .‬ولن‬ ‫تقتصر الفائدة على ريو فلوريدو بل ستشمل املناطق املجاورة‬ ‫لريو فلوريدو واملكسيك وأجزاء أخرى من العالم‪».‬‬ ‫الهروب الكبير‬

‫( )‬

‫بينما كان هذا العمل العلمي واالجتماعي البطيء الوتيرة يجري‬ ‫في املكس� � ��يك‪ ،‬كان >ألفي< يتخذ ‪ -‬به� � ��دوء ‪ -‬اجتاها مختلفا‬ ‫متام� � ��ا‪ .‬ففي الش� � ��هر ‪ 2010/11‬وصل إلى االجتماع الس� � ��نوي‬ ‫للجمعية األمريكية للطب االس� � ��توائي وعلم الصح���ة(‪ )1‬حامال‬ ‫معه قصة مدهش� � ��ة‪ .‬فابتداء من الشهر ‪ 2009/9‬بدأت الشركة‬ ‫‪ Oxitec‬بإطالق بعوض معدل جينيا في جزيرة كاميان الكبرى‬ ‫في الكاريبي‪( .‬وهذا البعوض يش� � ��به الذي يجري اختباره في‬ ‫تاپاش� � ��وال‪ ،‬ولكن غير مطابق له ‪ -‬في الس� �ل��الة كاميان‪ ،‬ميوت‬ ‫كل من البع� � ��وض الذكر واألنثى في مرحلة اليرقة)‪ .‬وكش� � ��ف‬ ‫>ألفي< أنه في الفترة الواقعة بني شهري ‪ 5‬و ‪ 2010/10‬أطلقت‬ ‫ش� � ��ركة ‪ Oxitec‬أكثر من ثالث� � ��ة ماليني بعوضة ذكر‪ ،‬وجنم عن‬ ‫ذلك انخفاض تعداد البعوض ‪ A. aegypti‬احمللي مبقدار ‪%80‬‬ ‫وقد ُق ّدمت هذه املعلومات للنشر‪.‬‬ ‫دافع >ألفي< عن أس� � ��لوبه احلماسي هذا قائال‪« :‬إن شركة‬ ‫‪ Oxitec‬تت� � ��رك التواصل م� � ��ع املجتمع للحكوم� � ��ات ألنها أعلم‬ ‫باحلساس� � ��يات الثقافية احمللية»‪ .‬وقد تألف برنامج التواصل‬ ‫املطب� � ��ق في جزيرة كامي� � ��ان الكبرى من إع� �ل��ان مدته خمس‬ ‫دقائق في األخبار املس� � ��ائية احمللية ونش� � ��رة مطبوعة وصفت‬ ‫) ( ‪THE GREAT ESCAPE‬‬

‫صحح؛ علم الصحة‬ ‫)‪َ :Hygiene (1‬ت ُّ‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫(التحرير)‬


‫التأثيرات الضمنية على املستوى العاملي‬

‫أين تستوطن حمى الضنك‬

‫( )‬

‫إن حم���ى الضن���ك ه���ي أكث���ر األمراض الڤيروس���ية واحملمول���ة بالبعوض اط���رادا في االنتش���ار بالعالم‪ .‬هناك نحو ‪ 2.5‬بليون ش���خص يعيش���ون في دول‬ ‫تس���توطنها حمى الضنك (في األس���فل)‪ ،‬وقد تضاعفت أعداد احلاالت التي ُتخطر بها منظمة الصحة العاملية عقدا بعد آخر‪ .‬هذا ويش���ير العلماء إلى أن‬ ‫إطالق بعوض معدل جينيا في البرية قد أدى إلى انخفاض حاد في جماعات البعوض احمللية‪.‬‬

‫مناطق مهددة بحمى الضنك‬

‫منشآت االختبار املعزولة‬

‫البعوض املستخدم بالعقيم‪ ،‬متجنبة أي ذكر للتعديل اجليني‪.‬‬ ‫ولم تكن هناك أي اجتماعات عامة أو فرص للس� � ��كان للتعبير‬ ‫عن مخاوفهم‪.‬‬ ‫في اجتماع أتالنتا ب ّرر >ألفي< أفعاله بقوله‪« :‬فيما يخص‬ ‫اإلعالن فقد قصرناه على جزر الكاميان‪ .‬كنا بحاجة فقط إلى‬ ‫أن يعرف املجتمع ‪ -‬الناس في اجلزيرة ‪ -‬بذلك‪».‬‬ ‫ويرى <‪ .M‬بينيديكت> [املخت� � ��ص بالبيولوجيا اجلزيئية في‬ ‫جامعة پيروجيا ‪ Perugia‬بإيطاليا ومستش� � ��ار مؤسسة گيتس]‬ ‫أن شركة ‪ Oxitec‬لم تخرق أي قانون‪ ،‬ووصف اختبارات جزر‬ ‫الكاميان «بالش� � ��جاعة» الختبارها تقانة ستس� � ��قطب بالتأكيد‬ ‫«االنتب� � ��اه‪ ،‬املفيد والض� � ��ار»‪ .‬ويقول >بينيديك� � ��ت< إن اإلعالم‬ ‫املرتبك واملتناقض خلق صورة «عالِم وحيد يهرول حامال دلوا‬ ‫مليئا بالبع� � ��وض ويطلقها في البيئة دون إش� � ��راف‪ .‬هذا ليس‬ ‫صحيحا»‪ .‬فقد عملت ش� � ��ركة ‪ Oxitec‬م� � ��ع احلكومات احمللية‬ ‫والوطنية للحصول على املوافقة قبل إجراء التجارب امليدانية‪.‬‬ ‫ومع ذلك أثارت جتربة الكاميان انفعاالت قوية ‪ -‬عدم الثقة‬ ‫وخيبة أمل وإحباط ‪ -‬بني العديد من زمالء >ألفي< وجماعات‬ ‫البيئي� �ي��ن والعام� � ��ة‪ .‬إذ يق� � ��ول <‪ .B‬نولز> [املخت� � ��ص فی علم‬ ‫احلش� � ��رات الطبي من جامعة أمستردام ومدير مشروع عالم‬ ‫املالري� � ��ا]‪« :‬تفاجأ املجتمع العاملي م� � ��ن تنفيذ جتربة اإلطالق‬ ‫هذه‪ .‬واآلن ینظر العالم اخلارجي إلى شركة ‪ Oxitec‬على أنها‬ ‫متيل إلى الس� � ��رية‪ ،‬مما يجعل اجلمهور يتساءل حول املبرر‪.‬‬

‫إطالق البعوض في البرية‬

‫مناطق مرشحة إلطالق البعوض مستقبال‬

‫إن هذا األسلوب يزرع الشكوك‪».‬‬ ‫يقول >نولز< إن هذه التقانة واعدة‪« :‬وفي حال أخفق طرف‬ ‫ما إخفاقا ش� � ��نيعا وعمل على تضليل اجلمهور‪ ،‬فإن اخلطورة‬ ‫تكمن في أن بقية محاوالت التعديل اجليني األخرى س� � ��تعاني‬ ‫جراء ذلك»‪ .‬ويضيف قائال‪« :‬بسبب شركة ‪ Oxitec‬نواجه اآلن‬ ‫املشكالت ذاتها التي واجهت منظمة الصحة العاملية في الهند‬ ‫عام ‪».1976‬‬ ‫ويقول مختصون آخرون بأن الش� � ��ركة تستغل الدول ذات‬ ‫املتطلب� � ��ات اإلدارية والتنظيمية الدنيا‪ .‬فأجرت ش� � ��ركة ‪Oxitec‬‬ ‫اختباراتها في جزر الكاميان ذات «البنية التنظمية البس� � ��يطة»‬ ‫كما يقول >‪ .S‬جيمس<‪ ،‬وحيث بالكاد جف حبر اتفاقية السالمة‬ ‫البيولوجية الذي ما زال بانتظار أن يصبح قانونا‪.‬‬ ‫وكانت ماليزي� � ��ا هي التالية‪ .‬فوس� � ��ط احتجاجات ما يزيد‬ ‫على عش� � ��رين منظمة غير ربحية بدأت الشركة ‪ Oxitec‬بإجراء‬ ‫اختب� � ��ار في منطقة غير مأهولة في الش� � ��هر ‪ .2010/12‬ومازال‬ ‫برنامج املتابعة في قرية قريبة معلقا‪ .‬يقول <‪ .G‬سينگ> [رئيس‬ ‫مجلس إدارة مركز البيئ� � ��ة والتقانة والتطوير‪ ،‬وهو مركز غير‬ ‫ربحي في ماليزيا]‪« :‬إنه وعلى الرغم من تأسيس مجلس وطني‬ ‫للس� �ل��امة البيولوجية ليراقب الكائنات الـمعدلة جينيا ويشرف‬ ‫على تطبيق مرسوم السالمة البيولوجية الصادر عام ‪ 2009‬في‬ ‫ماليزي� � ��ا‪ ،‬إال أن العديد يعتقد أن ماليزيا ال تزال تفتقد اخلبرة‬ ‫) ( ‪Where Dengue Lives‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪37‬‬


‫الالزمة ملراقبة هذه التجربة‪».‬‬ ‫استلقى <‪ .A‬جيمس> على كرسيه بإعياء فيما نحن نتناول‬ ‫ه� � ��ذا املوضوع‪ ،‬ولكنه ق� � ��ال بوضوح وإن كان بدبلوماس� � ��يته‬ ‫املعت� � ��ادة‪« :‬هذه ه� � ��ي الصعوبة ف� � ��ي العمل مع املؤسس� � ��ات‬ ‫التجاري� � ��ة‪ .‬فال ميكنني التحكم في ش� � ��ركائي في املؤسس� � ��ة‬ ‫التجارية» واستطرد قائال‪« :‬إنه إذا ما أخفقت العملية سيقال‬ ‫حذّرن� � ��اك م� � ��ن ذلك‪ ،‬أم� � ��ا إذا جنحت فس� � ��يقال أنت محظوظ‬ ‫هذه املرة»‪ .‬وأش� � ��ار >جيمس< إلى أن أس� � ��لوب شركة ‪Oxitec‬‬ ‫مس� � ��تحيل التطبيق في املكسيك‪ ،‬ثم أضاف «بأنه على ثقة من‬ ‫أن نش� � ��اط فريقه في إشراك الس� � ��كان احملليني َف َر َ‬ ‫ض معايير‬ ‫الختبار الكائنات املعدلة جينيا‪».‬‬ ‫ولم يثنِ ش� � ��يء من عزمية >ألفي<‪ .‬إذ أطلقت شركة ‪Oxitec‬‬ ‫في بداية هذه السنة اختبارا ملدة ستة أشهر في ضاحية فقيرة‬ ‫من خوازيرو ‪ Juazeiro‬في باهيا ‪ Bahia‬ش� � ��مال البرازيل‪ ،‬وهي‬ ‫ضاحي� � ��ة موبوءة بالبعوض وحمى الضنك على مدار الس� � ��نة‪.‬‬ ‫ويخطط >ألفي< للعودة في نهاية هذه السنة )‪ (2011‬إلى جزيرة‬ ‫كاميان الكبرى ليقارن ساللتي التاپاشوال والكاميان املعدلتني‬ ‫جيني� � ��ا بالبعوض احمللي ملعرفة أيهما تعي� � ��ش فترة أطول‪ ،‬أو‬ ‫تطير مسافة أطول‪ ،‬وأيهما أفضل في التزاوج بإناث البعوض‬ ‫احمللي‪ .‬هذا وقد أبدى املسؤولون عن التحكم في البعوض في‬ ‫بنما والفلبني اهتمامه� � ��م بهذه التقانة‪ ،‬وكذلك هي احلال لدى‬ ‫السلطات في فلوريدا‪.‬‬ ‫انتشار دائم‬

‫( )‬

‫هناك بالطبع العدي� � ��د من املجموعات التي تعارض إطالق أي‬ ‫كائن� � ��ات معدلة جيني� � ��ا‪ ،‬بغض النظر عن م� � ��دى عناية العلماء‬ ‫بش� � ��رح أفكارهم قبل التطبي� � ��ق‪ .‬حتذر <‪ .J‬كوت� � ��ر> [من كبار‬ ‫العلماء في مختبرات السالم األخضر] من أن «إطالق شركة‬ ‫‪ Oxitec‬للبعوض املعدل جينيا خطير جدا‪ ،‬ذلك ألنه ليس هناك‬ ‫ما هو عقم تام‪ ،‬وس� � ��تبقى بعض إناث البعوض املعدلة جينيا‬ ‫قادرة على اإلجناب؛ ونحن جنهل تبعات ذلك‪».‬‬ ‫ويتس� � ��اءل البعض ما إذا كان القض� � ��اء املبرم على كائن ما‬ ‫مقب� � ��ول أخالقيا أو حتى آمن‪ ،‬حتى ولو انحصر ذلك في منطقة‬ ‫جغرافية صغيرة‪ .‬أما املوالون لهذا األس� � ��لوب فيجادلون في أن‬ ‫غاز تطور باستغالل اإلنسان حصريا‪.‬‬ ‫البعوض ‪ A. aegypti‬نوع ٍ‬ ‫فيق� � ��ول <‪ .P‬لونيبو> [عالم إيكولوجيا البع� � ��وض في مختبر علم‬ ‫احلشرات الطبي في فلوريدا]‪« :‬إن البعوض ‪ A. aegypti‬املوجود‬ ‫في املدن ليس جزءا من أي سلسلة غذائية مهمة»‪ .‬إال أن >لونيبو<‬ ‫يش� � ��كك فيما إذا كان القضاء على البعوض ‪ A. aegypti‬س ُينهي‬ ‫نقل حم� � ��ى الضنك‪ .‬إذ يش� � ��ير إلى أن «حملة س� � ��ابقة للقضاء‬ ‫‪38‬‬

‫على هذا النوع في األمريكتني في اخلمس� � ��ينات والستينات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬عندم� � ��ا كان هو الناقل الوحيد للحمى الصفراء‬ ‫في املدن‪ ،‬فشلت فش� �ل��ا ذريعا»‪ .‬فهناك بعوض النمر اآلسيوي‬ ‫الغازي – وهو ناقل جيد آخر حلمى الضنك – الذي س� � ��يحتل‬ ‫املوائل التي سيخليها البعوض ‪ .A. aegypti‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫كلتا ساللتي كاميان وتاپاشوال ليستا دائمتني حتى ولو جنحتا‪.‬‬ ‫فس ُتف ِْش� � ��ل هجرة البعوض من املناطق املجاورة إلى تاپاش� � ��وال‬ ‫عملية القضاء على البعوض‪ ،‬وتف� � ��رض عمليات إطالق متكررة‬ ‫من الذكور املع ّدلة للتحكم في تعداد جماعة البعوض‪.‬‬ ‫ويعك� � ��ف >جيم� � ��س< وزمالؤه عل� � ��ى تطوير ح� � ��ل ذاتي‬ ‫االس� � ��تدامة‪ ،‬إال أنه أكثر إثارة للجدل‪ .‬يقوم هذا احلل على‬ ‫«نظام الدفع اجليني» الذي يش� � ��جع على انتش� � ��ار اجلينات‬ ‫املقاوم� � ��ة حلمى الضنك م� � ��ن خالل جماعة م� � ��ن البعوض‬ ‫الب� � ��ري‪ ،‬فتمنع تكاثر منط واحد على األقل من ڤيروس� � ��ات‬ ‫حم� � ��ى الضن� � ��ك وهي املعروف� � ��ة بالنم� � ��ط ‪ .2‬بعكس بعوض‬ ‫تاپاش� � ��وال الذي ميوت بس� � ��رعة بعد إطالقه‪ ،‬فإن البعوض‬ ‫املزود بالدفع اجليني سيستمر في البيئة‪ .‬ويقول >جيمس<‬ ‫إن االختبارات امليدانية لنظم الدفع اجليني ما زالت حتتاج‬ ‫إلى بضع سنوات‪.‬‬ ‫يقول >جيمس<‪« :‬ستواجه تقانات نشر اجلينات من خالل‬ ‫اجلماع� � ��ات حتدي� � ��ات قانونية أكثر صعوبة‪ .‬لذلك أنا س� � ��عيد‬ ‫باعتمادن� � ��ا منهجا محدودا ذاتيا‪ ،‬وغير مس� � ��تدام‪ ،‬كس� �ل��الة‬ ‫تاپاشوال‪ ،‬ليكون جتربتنا األولى‪».‬‬ ‫ي� � ��رى >زاراتي< [وكيل وزارة الصح� � ��ة] أن منهج التعديل‬ ‫اجليني «منخفض التكلفة ومفعم باإلبداع»‪ .‬ويتساءل «لو كانت‬ ‫حمى الضنك أقل ضررا ملا س� � ��عينا إلى تعديل أي ش� � ��يء في‬ ‫الطبيعة؟ فيجب أن نحترم الطبيعة بقدر ما نستطيع»‪ .‬ويضيف‬ ‫بأنه ملا كانت تكلفة حم� � ��ى الضنك تطغى على املخاطر البيئية‬ ‫>‬ ‫احملتملة‪ ،‬لذا فإن «املوضوع جدير باملجازفة‪».‬‬ ‫) ( ‪PERMANENT SPREAD‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, November 2011‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 13‬أفكار تغير العالم)‬

‫الطاقة في جامعة مرموقة‪ ،‬اشترط عدم‬ ‫اإلفصاح عن اسمه كي ال يؤذي شعور‬ ‫زمالئه من الباحثني‪ .‬فاملعدات اإلضافية‬ ‫الالزم� � ��ة لض� � ��خ املائ� � ��ع ضم� � ��ن خاليا‬ ‫البطاري� � ��ة‪ ،‬تش� � ��كل كتل� � ��ة إضافية غير‬ ‫مرغوب فيها‪ .‬ف� � ��وزن وحجم املضخات‬ ‫وأس� � ��طوانات التخزين واألنابيب ووزن‬ ‫وحج� � ��م الكهرل واملضاف� � ��ات الكربونية‬ ‫تزيد ال� � ��وزن اإلجمال� � ��ي للمنظومة فوق‬ ‫حدود التقان� � ��ات البديلة املتوفرة حاليا‪.‬‬ ‫كما أن البطاريات رمبا ال تتمتع بثباتية‬ ‫ت� � ��وازي ما متتلك� � ��ه بطاريات ش� � ��اردة‬ ‫الليثيوم التقليدية مع مرور الزمن وبعد‬

‫عدة دورات من الشحن والتفريغ‪.‬‬ ‫وم� � ��ن القضاي� � ��ا اجلوهري� � ��ة الت� � ��ي‬ ‫جتاب� � ��ه البطاريات اجلدي� � ��دة أن الزمن‬ ‫الالزم لش� � ��حنها يفوق ما يتطلبه شحن‬ ‫البطاريات التقليدية بضعفني إلى أربعة‬ ‫أضعاف‪ ،‬وذلك على حد قول >كارتر<‪.‬‬ ‫مما يس� � ��بب مشكالت للس� � ��يارات التي‬ ‫يلزمها أن تتزود بالطاقة بس� � ��رعة‪ .‬ومن‬ ‫الط� � ��رق التي قد تس� � ��مح بتج� � ��اوز هذه‬ ‫املش� � ��كلة‪ ،‬أن تتم مزاوج� � ��ة البطاريات‬ ‫اجلديدة بأخ� � ��رى تقليدي� � ��ة أو مبكثفة‬ ‫فائق���ة ‪ ultracapacitor‬ميكنها إطالق ما‬ ‫ثواني معدودات‬ ‫حتمل من طاق� � ��ة خالل‬ ‫َ‬

‫طب‬

‫قاتالت جراثيم نانوية القياس‬

‫( )‬

‫سكاكني بالغة الصغر قد تصبح أسلحة مهمة في احلرب على ٍبق‬ ‫فائق ‪.superbugs‬‬ ‫أعلن� � ��ت منظمة الصح� � ��ة العاملية أن‬ ‫صنفا من السل يقاوم العقاقير يجتاح‬ ‫بعض أنحاء أوروب� � ��ا‪ .‬والبدائل املتاحة‬ ‫حملارب� � ��ة امل� � ��رض قليل� � ��ة ‪ -‬فاملضادات‬ ‫احليوي� � ��ة ال جت� � ��دي نفع� � ��ا م� � ��ع ه� � ��ذه‬ ‫الس� �ل��االت املتطورة ‪ -‬ويقدر أن نصف‬ ‫عدد املصابني باملرض ميوتون بس� � ��ببه‬ ‫في آخر املط� � ��اف‪ .‬وتعكس هذه احلالة‬ ‫معضل� � ��ة جتابه اإلنس� � ��ان ف� � ��ي احلرب‬ ‫على أمراض مقاومة للعقاقير كاملرض‬ ‫الناجم عن املكورة العنقودية الذهبية‬ ‫املقاومة للمثيسيلني )‪ )1((MRSA‬الذي‬ ‫ميوت بسببه سنويا ‪ 19 000‬شخص في‬ ‫الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫واألمل باالنتصار على هذه األمراض‬ ‫يتجلى اليوم في صورة سكاكني نانوية‪.‬‬ ‫فق� � ��د صمم باحثون يعمل� � ��ون في مختبر‬ ‫أبحاث أملادن ‪ Almaden‬في شركة ‪IBM‬‬

‫جسيما نانويا ‪ nanoparticle‬ميكنه تدمير‬ ‫خاليا بكتيرية وذلك بثقب أغشيتها‪.‬‬ ‫ومتتلك أغلفة اجلس� � ��يمات النانوية‬ ‫الت� � ��ي ط َورها الباحثون ش� � ��حنة موجبة‬ ‫تربطها بأغش� � ��ية البكتيريا املش� � ��حونة‬ ‫بش� � ��حنة س� � ��البة‪« .‬وعندم� � ��ا يلتص� � ��ق‬ ‫اجلس� � ��يم بالبكتيري� � ��ا ينقل� � ��ب مخرجا‬ ‫داخله ليثقب غش� � ��اء اخللية‪ »،‬كما يقول‬ ‫>‪ .J‬هدريك< [وهو باحث في علوم املواد‬ ‫يعمل باملشروع متعاونا مع مجموعة من‬ ‫الباحثني في معهد سنغافورة للهندسة‬ ‫احليوي� � ��ة وتقان� � ��ة النان� � ��و(‪ .])2‬وت� � ��ذوي‬ ‫البكتيريا عندما يتهتك غالفها كالبالون‬ ‫إذا ثـقب‪ .‬وبعد قيام اجلسيمات النانوية‬ ‫مبهمته� � ��ا تتق� � ��دم اإلنزمي� � ��ات لتحط� � ��م‬ ‫محتوي� � ��ات خالي� � ��ا البكتيري� � ��ا‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يطرحها جسم املريض خارجا‪.‬‬ ‫يأم� � ��ل >هدري� � ��ك< بالب� � ��دء بتجارب‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫للحيلولة دون االستهالك املرتفع للطاقة‬ ‫عند الكبح أو التسارع‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن التصميم اجلدي� � ��د واعد بال‬ ‫ري� � ��ب‪ .‬فاملنظومة التي تس� � ��مح بتخزين‬ ‫الطاقة ضمن موائع محملة باجلسيمات‬ ‫ينبغ� � ��ي أن تكون قادرة على التعامل مع‬ ‫العمليات الكيميائية في أية بطارية‪ ،‬مما‬ ‫يضاع� � ��ف قيمتها كأس� � ��اس البتكارات‬ ‫مقبل� � ��ة في هذا املضمار‪ ،‬وذلك على حد‬ ‫قول >‪ .Y‬كوگوتسي< [مهندس املواد في‬ ‫جامعة دركسل]‪ ،‬ويضيف قائال‪« :‬إنها‬ ‫تفتح الباب أمام أساليب جديدة لتصميم‬ ‫>‪ .Ch‬ميمز<‬ ‫البطاريات‪».‬‬ ‫تستخدم فيها اجلسيمات النانوية لعالج‬ ‫اإلنسان خالل السنوات القليلة املقبلة‪.‬‬ ‫وإذا أبدت هذه املقاربة جناعتها خالل‬ ‫التجارب‪ ،‬فسيتسنى لألطباء مسح جلد‬ ‫املرضى في املستشفى مبستحضرات‬ ‫هالمية أو دهون مشحونة باجلسيمات‬ ‫النانوية للحيلولة دون حدوث إنتانات‬ ‫(ع���داوى)(‪ infection )3‬بكتيري� � ��ة ناجمة‬ ‫عن املكورة العنقودية ‪ .MRSA‬كما قد‬ ‫يعمد األطباء إلى حقن اجلسيمات في‬ ‫مجرى الدم للتخلص من املتعضيات‬ ‫‪ organisms‬املقاومة للعقاقير‪ ،‬كاملكورات‬ ‫العنقودية التي تس� � ��بب إنتانات مميتة‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن حتى ولو جنحت هذه التجارب‪،‬‬ ‫فال بد أن يتغلب هذا األسلوب العالجي‬ ‫على القلق الذي يش� � ��وب فكرة إدخال‬ ‫مثاق���ب ‪ drills‬إلى مجرى الدم‪ .‬كما أن‬ ‫البكتيريا األبش� � ��ع على سطح األرض‬ ‫رمبا ال ُتهزم بهذه السهولة‪.‬‬

‫>‪ .E‬سڤوبودا<‬

‫( ) ‪Nano-Size Germ Killers‬‬ ‫(‪Methicillin Resistant Staphylococcus Aureus )1‬‬ ‫(‪Singapore’s Institute of Bioengineering and )2‬‬ ‫‪Nanotechnology‬‬

‫(‪ )3‬أو أخماج‪.‬‬

‫‪Scientific American, December 2011‬‬

‫‪39‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫حليف جديد ضد السرطان‬

‫( )‬

‫وافقت إدارة الغذاء والدواء األمريكية مؤخرا على أول‬ ‫لقاح عالجي للسرطان‪ ،‬في حني ال تزال تدرس بقية األدوية‬ ‫األخرى التي حتفز اجلهاز املناعي على مكافحة األورام‪.‬‬ ‫>‪ .E‬ڤون‬

‫عل� � ��ى مدى عقود ظ� � ��ل اختصاصيو الس� � ��رطان يقدمون‬ ‫ملرضاه� � ��م ثالث� � ��ة خي� � ��ارات أساس� � ��ية‪ :‬اجلراح� � ��ة‪ ،‬العالج‬ ‫الكيميائي واإلش� � ��عاع (ويصف بعض الناجني من السرطان‬ ‫هذا الثالوث القاس� � ��ي بعبارة «اقطع‪ ،‬س ِّمم واحرق»)‪ .‬وعلى‬ ‫مر السنني فإن التحسينات املستمرة على هذه األدوات الفظة‬ ‫(باعتراف اجلميع) ق ّللت ّ‬ ‫باطراد من س� � ��وء اآلثار اجلانبية‪.‬‬ ‫وف� � ��ي الوقت نفس� � ��ه‪ ،‬ف� � ��إن فاعليتها قد حتس� � ��نت بصورة‬ ‫ملحوظ� � ��ة‪ .‬وصارت العقاقير اجلديدة الدقيقة االس� � ��تهداف‬ ‫مثل (هيرسپتني ‪ Herceptin‬وگليڤك ‪)Gleevec‬‏‌‌ متاحة لعالج‬ ‫عدد قليل من بعض السرطانات‪ .‬ومع كل هذا‪ ،‬فإن متوسط‬ ‫مع����دل البقيا(‪( )1‬أو البقاء على احلياة) ملدة خمس س� � ��نوات‬ ‫بعد اإلصابة بالس� � ��رطانات الغازية‪ ،‬قد ارتفع من ‪ 50‬إلى ‪66‬‬ ‫في املئة في البضعة والثالث� �ي��ن عاما املاضية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من هذه املكاس� � ��ب‪ ،‬فإن العديد من الناجني من السرطان لن‬ ‫يعيشوا فترة احلياة الطبيعية‪.‬‬ ‫لقد شكك الباحثون طويال في إمكانية إضافتهم سالحا‬ ‫يس� � ��تطيع وبش� � ��كل كبير أن يرفع من مع� � ��دالت بقيا مرضى‬ ‫الس� � ��رطان من دون أن يسبب أعراضا جانبية خطيرة‪ ،‬أو أن‬ ‫يتوصل� � ��وا إلى طريقة حت ّفز اجلهاز املناعي(‪ )2‬للجس� � ��م ذاته‬ ‫كي يكاف� � ��ح األورام اخلبيثة بصورة أفضل‪ .‬ولكن عقودا من‬

‫هوف<‬

‫اجلهد قوبلت بفشل تلو آخر‪ .‬فمثال‪ ،‬في الثمانينات حتطمت‬ ‫اآلم� � ��ال املتقدة بأن يح ِّفز جزيء من جزيئات اجلهاز املناعي‬ ‫أال وهو اإلنترفيرون ‪ interferon‬دفاعات اجلس� � ��م للش� � ��فاء‬ ‫من جميع أو معظم الس� � ��رطانات‪ ،‬وذلك بعد عدة سنوات من‬ ‫األبح� � ��اث‪ .‬واليوم هناك مكان لإلنترفيرون‪ ،‬ولكنه ليس موقع‬ ‫املعالج الشامل الذي كان متخيال سابقا‪ .‬وفي العقد األول من‬ ‫هذا القرن كان هناك عدد كبير من التجارب الس� � ��ريرية التي‬ ‫تجُ رى باس� � ��تخدام العديد من األمناط املختلفة من املقاربات‬ ‫ذات الصلة باللقاحات‪ ،‬ولكن لم يب ُد أن أيا منها ناجح‪ .‬وبدا‬ ‫األمر كما لو أن الس� �ل��اح العام ضد مدى واسع من األورام‬ ‫والذي طال انتظاره لن يتحقق أبدا‪.‬‬ ‫ولم يتحقق ذلك حت� � ��ى اآلن‪ .‬ولكن في صيف عام ‪2010‬‬ ‫حدث م� � ��ا يوح� � ��ي أن عصر البداي� � ��ات اخلاطئ� � ��ة والطرق‬ ‫املس� � ��دودة جلهد حتفيز اجلهاز املناعي قد يكون ش� � ��ارف‬ ‫عل� � ��ى االنتهاء‪ :‬فقد وافقت إدارة الغ� � ��ذاء والدواء األمريكية‬ ‫)‪ (FDA‬على أول لقاح لعالج السرطان‪ .‬ومع أن العقار الذي‬ ‫ُيسمى پروڤينگ ‪ Provenge‬ليس عالجا شافيا‪ ،‬لكنه مقترن‬ ‫بالع� �ل��اج الكيميائي التقليدي‪ ،‬فقد منح املئات من املصابني‬ ‫) (‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪immune system )2‬؛‬

‫‪A NEW ALLY AGAINST CANCER‬‬

‫‪survival rate‬‬

‫أو اجلملة املناعية‪.‬‬

‫باختصار‬ ‫إن الع� �ل��اج التقلي� � ��دي للس� � ��رطان ‪ -‬اجلراح� � ��ة والع� �ل��اج الكيميائي‬ ‫واإلش� � ��عاع ‪ -‬قد زاد من معدالت البقيا منذ الس� � ��بعينات‪ ،‬ولكن الكثير من‬ ‫الناجني ال يستوفون كامل فترة احلياة الطبيعية‪.‬‬ ‫يعتقد الباحثون أن النتائج س� � ��تكون أفضل إذا ما اس� � ��تطاعوا جتنيد‬ ‫حليف جديد ضد األورام اخلبيثة‪ :‬اجلهاز املناعي للجسم ذاته‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫على امتداد العقد الس� � ��ابق فشل العديد من محاوالت التعزيز االصطناعي ‪-‬‬ ‫من خالل التلقيح أو من خالل تطوير أدوية أخرى ‪ -‬لالستجابة املناعية‪.‬‬ ‫ولكن يبدو أن التيار آخذ في التغير‪ .‬فقد متت املوافقة على لقاح مضاد‬ ‫للسرطان ملعاجلة س� � ��رطان البروستاته‪ ،‬ويتواصل اآلن اختبار جيل جديد‬ ‫من اللقاحات العالجية املضادة للسرطان‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬


‫في املراحل املتقدمة من سرطان البروستاته شهورا إضافية‬ ‫من احلياة‪.‬‬ ‫وق� � ��د حدث هذا التح� � ��ول اإليجابي في مس� � ��ار األحداث‬ ‫بع� � ��د أن أعاد العلماء النظر في ع� � ��دد قليل من االفتراضات‬ ‫األساسية حول كيفية قيام اجلهاز املناعي بعمله ضد اخلاليا‬ ‫السرطانية‪ ،‬فضال عن كيفية رد األورام على الهجمات املناعية‪.‬‬ ‫واليوم يتفاءل الباحثون في مجال الس� � ��رطان تفاؤال مشوبا‬ ‫باحلذر بأننا س� � ��نتمكن من تطوير معاجل� � ��ات إضافية دقيقة‬ ‫االس� � ��تهداف لتعزيز املناعة بحيث ميكن استخدامها بصورة‬ ‫منتظم� � ��ة جنبا إلى جن� � ��ب مع اجلراحة والع� �ل��اج الكيميائي‬ ‫واإلش� � ��عاع لقهر السرطان‪ ،‬في حني ال تسبب تلك املعاجلات‬ ‫من اآلثار اجلانبية أكثر مما تسببه نزلة برد شديدة‪.‬‬ ‫حليف جديد‬

‫( )‬

‫يركز العديد منا بصورة خاصة على اللقاحات العالجية ضد‬ ‫الس� � ��رطان‪ .‬فبخالف معظم اللقاحات الش� � ��ائعة التي تقي من‬

‫املؤلف‬

‫‪Eric von Hofe‬‬

‫قضى حياته املهنية في التقانة احليوية‪ ،‬بحثا عن عالجات‬ ‫مبتكرة ضد السرطان‪ ،‬وهو رئيس الشركة ‪ Antigen Express‬في‬ ‫‪.Worcester, Massachusetts‬‬

‫حدوث بعض األمراض املعدية التي قد تؤدي إلى تلف الدماغ‬ ‫(مثل احلصبة) أو الش� � ��لل (ش� � ��لل األطفال) أو سرطان الكبد‬ ‫(التهاب الكب� � ��د ‪ ،)B‬فإن اللقاحات العالجية ضد الس� � ��رطان‬ ‫تد ّرب اجلسم على تعرف اخلاليا السرطانية املوجودة بالفعل‬ ‫ضمن أنسجته ومن ثم تدميرها‪ ،‬وأن تستمر بقتل تلك اخلاليا‬ ‫اخلبيثة بعد فترة طويلة من انتهاء العالج‪.‬‬ ‫وتطوي� � ��ر مث� � ��ل تلك اللقاح� � ��ات أهون ق� � ��وال منه عمال‪.‬‬ ‫فمعظم اللقاحات الوقائية تثير استجابة بسيطة على شكل‬ ‫أجس����ام مضادة(‪ ،)1‬وهي عادة ما تكون كافية للحماية من‬ ‫) (‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪A NEW ALLY‬‬ ‫‪antibodies‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪41‬‬


‫أمن� � ��اط متعددة من العدوى‪ .‬فاألجس� � ��ام املضادة تلتصق‬ ‫فقط بڤيروس� � ��ات اإلنفلونزا‪ ،‬على س� � ��بيل املثال‪ ،‬ومتنعها‬ ‫من إصاب� � ��ة اخلاليا بالعدوى‪ .‬ولكن بص� � ��ورة عامة‪ ،‬فإن‬ ‫استجابات األجس� � ��ام املضادة ليست قوية بالقدر الكافي‬ ‫لقتل اخلاليا الس� � ��رطانية‪ .‬وإلجناز مثل هذه املهمة يتعني‬ ‫على اجلهاز املناعي أن يح ّفز مجموعة من اخلاليا تسمى‬ ‫اخلاليا التائية ‪ .T cells‬وهناك نوعان رئيس� � ��يان من هذه‬ ‫اخلاليا في اجلس� � ��م‪ .‬وميي� � ��ز العلماء عادة ب� �ي��ن األنواع‬ ‫املختلف� � ��ة من اخلاليا بن� � ��اء على العديد م� � ��ن البروتينات‬ ‫الـمميزة تسمى املس����تقبالت(‪ ،)1‬مثل ‪ CD4‬أو ‪ ،CD8‬التي‬ ‫تتوضع على األغشية اخلارجية للخاليا‪ .‬واخلاليا التائية‬ ‫التي تتمتع بق� � ��درات جيدة بصفة خاصة في قتل اخلاليا‬ ‫اخلبيثة ‪ -‬بافتراض أنه من املمكن حتفيزها لتتعرف اخلاليا‬ ‫ض مباش� � ��رة‬ ‫الس� � ��رطانية على أنه� � ��ا خاليا خطرة ‪َ -‬ت ْع ِر ُ‬ ‫على سطحها مس� � ��تقبالت من النوع ‪( .CD8‬وتسمى هذه‬ ‫اخلاليا التائية باخلاليا ‪ CD8+‬لوجود املس� � ��تقبالت ‪CD8‬‬ ‫على أسطحها‪).‬‬ ‫وعلى الرغم من هذه التعقيدات‪ ،‬فإن صنع لقاح مضاد‬ ‫للس� � ��رطان ليس بالفكرة اجلديدة‪ .‬ففي األعوام الغابرة من‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬وقبل أن يسمع أي شخص عن اخلاليا‬ ‫‪ CD8+‬بزمن بعيد‪ ،‬كان >‪ .B .W‬كولي< قد بدأ بحقن مرضى‬ ‫الس� � ��رطان مبادة ما لبث أن أُطْ لِق عليها مزيج كولي‪ .‬وكان‬ ‫>كول� � ��ي< جراح عظام يعمل فيما يعرف حاليا باس� � ��م مركز‬ ‫س� � ��لون كيترينگ التذكاري ملكافحة الس� � ��رطان(‪ )2‬في مدينة‬ ‫نيويورك‪ ،‬وقد تأثر >كولي< بتقارير عن مرضى بالس� � ��رطان‬ ‫ش� � ��فوا منه على ما يب� � ��دو بعد نوبة قصي� � ��رة من إصابتهم‬ ‫بع� � ��دوى هددت حياتهم‪ .‬وفي محاولة حمل� � ��اكاة العدوى من‬ ‫دون املخاط� � ��رة باحتم� � ��ال التعرض لعواقبه� � ��ا املميتة‪ ،‬أعد‬ ‫>كول� � ��ي< محلوال مزج فيه س� �ل��التني مميتتني من البكتيريا‪،‬‬ ‫وس� � ��خن املس� � ��تحضر بلطف ليقتل البكتيريا ويجعلها غير‬ ‫ضارة‪ .‬ولكن كان يتبقى ق� � ��در كاف من بروتينات البكتيريا‬ ‫في املزيج مما يؤدي إلى اس� � ��تجابة أجس� � ��ام املرضى لها‬ ‫بتوليد حمى شديدة‪.‬‬ ‫وافترض >كول� � ��ي< أن احلمى الش� � ��ديدة تدفع باألجهزة‬ ‫املناعي� � ��ة احملتضرة ل� � ��دى املرضى لتع� � ��رف األورام الغريبة‬ ‫ضمن أجس� � ��امهم وتهاجمها‪ .‬وقد أطال >كولي< أمد احلمى‬ ‫املصطنعة ملرضاه بحقنهم يوميا بتراكيز متزايدة من البكتيريا‬ ‫امليتة‪ .‬ومن املدهش أن مرضى الس� � ��رطان الذين تلقوا املزيج‬ ‫قد بقوا على قيد احلياة فترة أطول من غيرهم ممن لم يتلقوا‬ ‫املزيج‪ ،‬وجادل >كولي<‪ ،‬اس� � ��تنادا إل� � ��ى بعض األدلة‪ ،‬في أن‬ ‫‪42‬‬

‫مزيجه كان مبثابة لقاح ضد السرطان‪.‬‬ ‫وبحلول اخلمس� � ��ينات من القرن العش� � ��رين‪ ،‬بدأ األطباء‬ ‫يح� � ��رزون نتائج ثابتة من خالل الع� �ل��اج الكيميائي‪ .‬ول ّم يعد‬ ‫مزيج كولي البكتيري مقبوال‪ ،‬وتوقفت فكرة اصطناع لقاحات‬ ‫ملعاجلة السرطان كليا‪.‬‬ ‫غير أن دراسة اجلهاز املناعي ودوره احملتمل في السرطان‬ ‫لم تتوقف؛ إذ جمع الباحثون تدريجيا أدلة تساند الفكرة التي‬ ‫اقترحها ألول مرة >‪ .P‬إيرليخ< عام ‪ ،1909‬أال وهي أن اجلهاز‬ ‫املناعي يرصد باس� � ��تمرار اخلاليا الس� � ��رطانية التي تنش� � ��أ‬ ‫حديثا ويدمرها‪ .‬واكتسبت نظرية الرصد املناعي ‪immune‬‬ ‫‪ surveillance theory‬مصداقية إضافية في الثمانينات عندما‬ ‫توصل الباحث� � ��ون إلى أن املعدل املرتف� � ��ع الذي الحظوه من‬ ‫الطفرات التلقائية في خاليا اإلنس� � ��ان يجب أن يسبب عددا‬ ‫أكبر كثيرا من األورام اخلبيثة من تلك التي تكتشف بالفعل‪.‬‬ ‫أي إن اجلس� � ��م بطريقة ما ومن تلقاء نفسه يكتشف بانتظام‬ ‫العديد من اخلاليا السرطانية ويدمرها‪.‬‬ ‫حتى وإن جنح أحد األورام في بعض األحيان في جتنب‬ ‫اإلبادة‪ ،‬كما تشير األدلة‪ ،‬فإن اجلهاز املناعي يواصل الكفاح‬ ‫ضده وإن لم يكن بالكفاءة نفسها‪ .‬وقد الحظ علماء األمراض‬ ‫منذ وقت طويل أن اخلاليا املناعية ترش� � ��ح عبر األورام‪ ،‬مما‬ ‫ط� � ��رح مفهوم أن األورام هي ِ‬ ‫«ج� � ��راح ال تلتئم‪ ».‬وفضال عن‬ ‫ذل� � ��ك‪ ،‬أظهرت التجارب التالية أنه كلما كبر الورم‪ ،‬فإنه يفرز‬ ‫املزيد من املواد التي تنش� � ��ط ف� � ��ي تثبيط اخلاليا التائية‪ .‬وقد‬ ‫أصبح الس� � ��ؤال اآلن‪ :‬كيف نصمم لقاحا مضادا للسرطان‬ ‫يستطيع أن يرجح كفة امليزان لصالح خاليا تائية قادرة على‬ ‫) (‬ ‫)‪(1‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫‪The Long March‬‬ ‫‪receptors‬‬ ‫‪Memorial Sloan-Kettering Cancer Center‬‬

‫مثابرة‬

‫املسيرة الطويلة‬

‫( )‬

‫استغرق تعزيز قدرة اجلهاز املناعي على محاربة السرطان‬ ‫عقودا من األبحاث‪.‬‬ ‫الثمانينات من القرن التاسع عشر‬ ‫ح ّفز >‪ .B .W‬كولي< اجلهاز املناعي لدى‬ ‫مرضى السرطان بحقنهم بخليط من‬ ‫البكتيريا امليتة‪.‬‬

‫‪1975‬‬

‫مت إنتاج األجسام املضادة األحادية االستنساخ‬

‫‪ ،monoclonal antibodies‬مما سمح بتطوير‬ ‫أدوات مناعية ذات نوعية عالية‪.‬‬

‫‪1909‬‬ ‫أشار >‪ .P‬إيرليخ< إلى أن اجلهاز املناعي‬ ‫قد يثبط تطور األورام‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫إبادة الورم‪.‬‬ ‫وف� � ��ي ع� � ��ام ‪ 2002‬بزغ� � ��ت إجاب� � ��ة‪ ،‬عندما ب� �ّي��نّ فريق من‬ ‫العلم� � ��اء في املعهد القومي ل� �ل��أورام (‪ )1()NCI‬أن خلية تائية‬ ‫أخرى تعرف باس� � ��م اخللية ‪ CD4+‬كانت مكونا حاس� � ��ما في‬ ‫االس� � ��تجابة املناعية املؤثرة ضد السرطان‪ .‬فاخلاليا ‪CD4+‬‬ ‫هي ‪ -‬نوعا ما ‪ -‬مبثابة جنراالت اجلهاز املناعي‪ :‬إنها تعطي‬ ‫األوامر حول ما الذي سيهاجم وما الذي سيتعرض للهجوم‬ ‫من قبل املش� � ��اة ‪ -‬وهي اخلاليا ‪ CD8+‬في هذا السيناريو ‪-‬‬ ‫الت� � ��ي تقوم بالقت� � ��ل الفعلي‪ .‬وق� � ��د أخذ فري� � ��ق املعهد ‪،NCI‬‬ ‫الذي يرأس� � ��ه >‪ .S‬روزنبرگ<‪ ،‬خاليا تائية من ‪ 13‬مريضا من‬ ‫املصابني مبراحل متقدمة من امليالنوما ‪ ،melanoma‬والذين‬ ‫انتقلت ‪ metastasized‬األورام‪ ،‬أو انتش� � ��رت‪ ،‬في شتى أنحاء‬ ‫أجسامهم‪ّ .‬‬ ‫ونشط الباحثون اخلاليا املناعية املنزوعة تنشيطا‬ ‫انتقائي� � ��ا لتس� � ��تهدف وتهاج� � ��م خاليا امليالنوم� � ��ا في أنبوب‬ ‫االختبار‪ .‬ومن ثم قام الباحثون باس� � ��تزراع كميات كبيرة من‬ ‫اخلاليا املُن ََّش� � ��طة ثم أعادوها مرة أخرى إلى داخل جس� � ��م‬ ‫املري� � ��ض‪ .‬وتع� � ��د املقاربة التي اتبعها فري� � ��ق الـمعهد ‪- NCI‬‬ ‫التي ُيش� � ��ار إليها باسم املعاجلة املناعية املتبنَّاة ‪adoptive‬‬ ‫‪ - immunotherapy‬في احلقيقة منطا من أمناط الزرع الذاتي‬ ‫خلاليا مناعية‪ ،‬مت تعديلها اصطناعيا خارج اجلس� � ��م‪ ،‬وهي‬ ‫بذلك تختلف عن التلقيح ال� � ��ذي يدفع اجلهاز املناعي إلنتاج‬ ‫خالياه املناعية املستهدفة داخل اجلسم‪.‬‬ ‫ولم تُظهر احملاوالت السابقة باستخدام املعاجلة املناعية‬ ‫املتب َّن� � ��اة التي تقتصر على اس� � ��تخدام اخلالي� � ��ا ‪ ،CD8+‬أي‬ ‫فائدة‪ .‬ولكن عندما أضاف فريق املعهد ‪ NCI‬اخلاليا ‪CD4+‬‬ ‫إلى اخلليط‪ ،‬كانت النتائج رائعة‪ .‬فقد انكمش� � ��ت األورام إلى‬ ‫حد كبير في س� � ��تة أشخاص‪ ،‬وأظهرت حتاليل الدم أن اثنني‬

‫‪1980‬‬ ‫دس الباحثون‬ ‫َّ‬ ‫جينا يكوّ د‬ ‫لإلنترفيرون في‬ ‫البكتيريا‪ ،‬مما‬ ‫أتاح إنتاج ذلك‬ ‫اجلزيء املنشط‬ ‫للمناعة على‬ ‫نطاق واسع للمرة‬ ‫األولى‪.‬‬

‫من أولئك الس� � ��تة استمرا بإنتاج خاليا مناعية قوية مضادة‬ ‫للس� � ��رطان من تلقاء أنفس� � ��هما بعد أكثر من تس� � ��عة أشهر‬ ‫م� � ��ن انتهاء الع� �ل��اج‪ .‬وفي األغلب‪ ،‬عان� � ��ى املرضى ‪ -‬نتيجة‬ ‫للمعاجل� � ��ة ‪ -‬أعراضا مؤقتة تش� � ��به اإلنفلونزا‪ ،‬مع أن أربعة‬ ‫منهم عانوا أيضا تفاعال معقدا للمناعة الذاتية أدى إلى فقد‬ ‫الصباغ من بعض أجزاء جلدهم‪.‬‬ ‫وقدم� � ��ت نتائج املعه� � ��د ‪ NCI‬دليال مقنع� � ��ا لفكرة أنه‪ :‬من‬ ‫املمك� � ��ن في الواقع تنش� � ��يط اس� � ��تجابة مناعية تس� � ��تند إلى‬ ‫اخلالي� � ��ا التائية ودقيقة مبا يكفي لتدمير األورام‪ .‬وكان عدد‬ ‫اخلاليا املناعية املستنس� � ��خة الضرورية لكل مريض مذهال‪:‬‬ ‫أكث� � ��ر من ‪ 70‬بليونا من اخلالي� � ��ا ‪ CD8+‬واخلاليا ‪ ،CD4+‬أو‬ ‫حجما يعادل عدة مئات من امللّيلترات منها‪ .‬ولكن على األقل‬ ‫ص� � ��ار املجتمع العلمي يعتق� � ��د اآلن أن املعاجلة املناعية ضد‬ ‫السرطان قد تنجح‪ .‬ومتثلت اخلطوات التالية مبحاولة معرفة‬ ‫كيفية احلصول على النتيجة ذاتها بصورة مبس� � ��طة‪ ،‬أي من‬ ‫دون احلاجة إلى إزالة اخلاليا من اجلس� � ��م وتكثيرها بأعداد‬ ‫كبي� � ��رة ثم إعادتها إلى اجلس� � ��م بعد ذل� � ��ك‪ .‬وبعبارة أخرى‪،‬‬ ‫ينبغي أن جنعل اجلسم يقوم من تلقاء نفسه بتكثير اخلاليا‬ ‫اإلضافي� � ��ة التي يحتاج إليها‪ ،‬وهذا بالضبط ما يحدث عندما‬ ‫يستجيب اجلسم للقاح ف ّعال‪.‬‬ ‫استراتيجيات متعددة‬

‫( )‬

‫انتابن� � ��ي وزمالئ� � ��ي في الش� � ��ركة ‪ Antigen Express‬ش� � ��عور‬ ‫بالرضا عندم� � ��ا ب ّينت مجموعة >روزنب� � ��رگ< أنه ينبغي على‬ ‫اللقاح املضاد للس� � ��رطان أن ُيح ّف� � ��ز كال من اخلاليا ‪CD4+‬‬ ‫) (‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪MULTIPLE STRATEGIES‬‬ ‫‪National Cancer Institute‬‬

‫‪1997‬‬ ‫وافقت اإلدارة ‪ FDA‬على أول‬ ‫عالج باستخدام األجسام‬ ‫املضادة األحادية االستنساخ‬ ‫ملعاجلة السرطان‪ ،‬حتت‬ ‫االسم التجاري ريتوكسان‬ ‫‪ Rituxan‬حلاالت ملفوما‬ ‫ال ‪-‬هُ ودگنز ‪non-Hodgkinʼs‬‬ ‫‪.lymphoma‬‬

‫‪1986‬‬ ‫وافقت إدارة الغذاء والدواء األمريكية (‪ )FDA‬على اإلنترفيرون‪،‬‬ ‫باعتباره أول معاجلة مناعية ‪ immunotherapy‬مجربة ضد السرطان‪،‬‬ ‫ملعاجلة سرطان خاليا الدم البيضاء املشعرة ‪.hairy cell leukemia‬‬

‫‪2002‬‬ ‫أثبت الباحثون في املعهد القومي لألورام‬ ‫‪ NCI‬أن عالجا للسرطان مبنيا على اخلاليا‬ ‫التائية هو أمر ممكن ويتطلب إسهام نوعني‬ ‫من اخلاليا املناعية هما اخلاليا التائية‬ ‫‪( CD8+‬باللون الذهبي‪ ،‬وتشاهد في اليسار‬ ‫وهي تهاجم خلية سرطانية) واخلاليا‬ ‫التائية ‪.CD4+‬‬

‫‪1998‬‬ ‫وافقت اإلدارة ‪ FDA‬على األجسام املضادة‬ ‫األحادية االستنساخ املعروفة بالهيرسيپنت‬ ‫‪ Herceptin‬ملعاجلة سرطان الثدي النقيلي‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪2010‬‬ ‫وافقت اإلدارة ‪ FDA‬على پروڤينگ ‪ ،Provenge‬وهو أول‬ ‫لقاح ُقصد به استثارة الهجوم على ورم موجود بالفعل‪،‬‬ ‫وذلك في املراحل املتقدمة من سرطان البروستاته‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫ضعوا رهاناتكم‬

‫ثالث استراتيجيات‬ ‫ل ّلقاح العالجي‬

‫االستجابة املناعية اخللوية األساسية ضد السرطان‬

‫تبتلع خلية مناعية تسمى اخللية املتغصنة خلية سرطانية‪ ،‬لتعرض على سطحها‬ ‫بعد ذلك مواد من الورم تسمى املستضدات (اللون األحمر) أمام خليتني مناعيتني‬ ‫أخريني هما اخلاليا التائية ‪ CD8+‬واخلاليا ‪ .CD4+‬حترر اخللية ‪ CD4+‬جزيئات‬ ‫السيتوكينات التي تساعد على تفعيل اخللية ‪ ،CD8+‬فتحضها على مهاجمة‬ ‫اخلاليا األخرى التي حتمل املستضد نفسه‪ .‬ولألسف فإن هذه االستجابة ال تكون‬ ‫على الدوام قوية بالقدر الكافي لتدمير ورم كامل‪.‬‬ ‫خلية‬ ‫سرطانية‬

‫خلية متغصنة‬ ‫(غير ناضجة)‬

‫( )‬

‫ال يس���تطيع اجلهاز املناعي أن يتعرف بس���هولة خاليا الس���رطان باعتبارها‬ ‫خالي���ا خطرة أوغريبة كما يفعل عموما مع امليكروبات‪ .‬وقد بينَّ العلماء أنه‬ ‫مبقدورهم تعزيز االس���تجابة املناعية بإغراق اجلس���م بخاليا مناعية تعرف‬ ‫باخلالي���ا التائية‪ ،‬بعد تكثيرها اصطناعيا خارج اجلس���م‪ .‬غير أن الباحثني‬ ‫قد يفضلون أن يطوروا لقاحا عالجيا يدرب اجلهاز املناعي على شن هجوم‬ ‫مضاد للورم من تلقاء نفس���ه‪ .‬وتصف الرسوم التوضيحية في األسفل ثالث‬ ‫مقاربات تتبعها شركات التقانة احليوية لتحقيق هذا الهدف‪.‬‬

‫مستضد نوعي للسرطان‬

‫خلية تائية‬

‫خلية متغصنة‬ ‫(ناضجة)‬

‫لقاح يستهدف اخللية بكاملها‬

‫‪CD4+‬‬

‫سيتوكينات‬ ‫اخلاليا التائية املفعلة تبحث عن‬ ‫اخلاليا السرطانية األخرى التي‬ ‫فيها مستضد مطابق وتقتلها‬

‫خلية تائية‬

‫‪CD8+‬‬

‫خلية ‪ CD8+‬مفعلة‬

‫لقاح يستهدف اخللية بكاملها‬

‫لقاح من اخلاليا املتغصنة‬

‫قد يتمثل أحد الطرق املتبعة الستثارة‬ ‫استجابة فعالة بتدريب اجلهاز املناعي‬ ‫على استهداف خاليا سرطانية بكاملها‪.‬‬ ‫إذ ُتزال خاليا من الورم لدى املريض‬ ‫وتضاف إليها مواد جينية لتسهيل‬ ‫اكتشافها‪ ،‬ثم تعرض لإلشعاع‪ .‬من ثم‬ ‫يعاد حقن اخلاليا السرطانية التي‬ ‫أصبحت ميتة‪ ،‬مما يعطي اجلهاز‬ ‫املناعي الكثير من األهداف الكبيرة‬ ‫احلجم ملهاجمتها‪.‬‬

‫ورم‬

‫وميكن أيضا توليد استجابة مناعية‬ ‫قوية بتصنيع خاليا متغصنة معدّة‬ ‫بدقة‪ ،‬كالتي تنتج من استعمال اللقاح‬ ‫الذي َح ِظ َي مبوافقة اإلدارة ‪ FDA‬في‬ ‫عام ‪ُ .2010‬تزال اخلاليا املتغصنة‬ ‫من املريض ذاته وتحُ ّمل مبستضدات‬ ‫أخذت من الورم‪ ،‬فتتكاثر اخلاليا‬ ‫املتغصنة التي مت حشدها وتنقسم‬ ‫خارج اجلسم قبل إعادة حقنها إليه‪،‬‬ ‫حيث تثير استجابة مناعية قوية لدى‬ ‫اخلاليا التائية‪.‬‬

‫لقاح مضاد للپپتيدات‬

‫لقاح مضاد للپپتيدات‬

‫لقاح من اخلاليا املتغصنة‬

‫إن تعديل بعض املستضدات اخلاصة‬ ‫بالسرطان يجعلها واضحة للغاية‬ ‫أمام اجلهاز املناعي‪ .‬ونظرا إلمكانية‬ ‫تصنيع قطع البروتني (أوالپپتيدات)‬ ‫الناجتة دون احلاجة إلى استخدام‬ ‫أي نسيج من أنسجة املريض‪ ،‬فإن‬ ‫اللقاح الذي ينجح في استهداف‬ ‫الپپتيدات سيكون أرخص ثمنا بكثير‬ ‫من غيره من املقاربات اخللوية‪.‬‬ ‫) (‬

‫‪44‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪Three Therapeutic Vaccine Strategies‬‬


‫واخلالي� � ��ا ‪ CD8+‬لتكون ف ّعالة‪ .‬فقد أثرنا في جدالنا قبل ذلك‬ ‫النقطة نفسها‪ ،‬مستندين إلى الدراسات التي أجريناها على‬ ‫احليوانات‪ ،‬ورهنّا مستقبل شركتنا على ذلك االعتقاد‪.‬‬ ‫أساس� � ��ا هناك ثالثة عناصر تستند إليها صناعة اللقاح‬ ‫املضاد للس� � ��رطان‪ .‬العنصر األول ه� � ��و أن تق ّرر بدقة ما هي‬ ‫الس� � ��مة اجلزيئي� � ��ة‪ ،‬أو املس���تضد ‪ ،antigen‬الذي يتعني على‬ ‫اجله� � ��از املناعي أن يتعرفه في الورم اخلبيث باعتباره غريبا‬ ‫وأن يس� � ��تهدفه للقت� � ��ل‪ .‬والعنصر الثاني ه� � ��و أن تق ّرر كيفية‬ ‫توصيل العامل (أواللقاح) الذي يح ّفز اجلهاز املناعي‪ ،‬حتى‬ ‫ُيع� � ��ده ملهاجمة اخلاليا الس� � ��رطانية‪ .‬والعنصر الثالث هو أن‬ ‫تق ّرر أيا من مرضى الس� � ��رطان ستُعالج وفي أي مرحلة من‬ ‫مراحل مرضهم ستستخدم اللقاح‪.‬‬ ‫فعلى امتداد الس� � ��نوات الس� � ��ابقة درس الباحثون في‬ ‫مجال الصناعات التكنولوجية البيولوجية طيفا واس� � ��عا‬ ‫من البروتينات‪ ،‬فضال عن أجزاء من البروتينات‪ ،‬تس� � ��مى‬ ‫پپتيدات ‪ ،peptides‬كنقاط بداية محتملة حت ّفز اس� � ��تجابة‬ ‫مناعية قوية بالقدر الذي يجعلها تقتل اخلاليا السرطانية‪.‬‬ ‫(تتضمن االحتماالت األخرى لتحفيز العملية اس� � ��تخدام‬ ‫أج� � ��زاء من امل� � ��ادة اجليني� � ��ة التي حتوي الك� � ��ود اجليني‬ ‫لبروتينات الس� � ��رطان‪ ،‬أوحتى استخدام خاليا سرطانية‬ ‫كامل� � ��ة بعد تعريضها لإلش� � ��عاع)‪ .‬وقد تبني أن التغيرات‬ ‫اجلينية التي تسمح للخاليا السرطانية بالتكاثر دون أي‬ ‫كابح تدفعه� � ��ا أيضا إلى إنتاج بعض البروتينات بكميات‬ ‫أكبر كثيرا مما يوجد في أي مكان آخر في اجلسم‪ .‬وقد‬ ‫اختارت نحو عش� � ��ر ش� � ��ركات‪ ،‬مبا فيها شركتنا‪ ،‬مناذج‬ ‫متنوعة من تلك الپپتيدات الس� � ��تيفاء املتطلبني األولني من‬ ‫متطلبات صناع� � ��ة لقاح مضاد للس� � ��رطان‪ :‬نقطة البداية‬ ‫وآلية التوصيل‪.‬‬ ‫وم� � ��ن اجلوانب التي جتع� � ��ل لقاحات الپپتي� � ��دات جذابة‬ ‫بش� � ��كل خاص‪ ،‬هو أن تلك األجزاء م� � ��ن البروتينات صغيرة‬ ‫احلج� � ��م‪ ،‬وأن صناعته� � ��ا ال تكلف كثيرا‪ ،‬ومن الس� � ��هل جدا‬ ‫اس� � ��تخدامها‪ ،‬األمر الذي يعني أنه من السهل صياغتها في‬ ‫لقاح يكون من الس� � ��هل تصنيعه بكميات كبيرة‪ .‬وفضال عن‬ ‫ذلك‪ ،‬ملا كان� � ��ت الپپتيدات التي أمك� � ��ن تعرفها موجودة لدى‬ ‫الكثير م� � ��ن الناس املصابني بأنواع مختلفة من الس� � ��رطان‪،‬‬ ‫فمن املمكن اس� � ��تخدامها في تراكيب قد تس� � ��اعد الكثير من‬ ‫الن� � ��اس من دون أن يضطر األطب� � ��اء إلى تركيب لقاح خاص‬ ‫بكل فرد على حدة‪ ،‬وهو ما يقومون به في املعاجلات املناعية‬ ‫اخللوية‪ .‬وأخي� � ��را‪ ،‬فإن جميع اللقاح� � ��ات الپپتيدية املُخت َبرة‬ ‫حتى اآلن تسبب أعراضا جانبية خفيفة مثل تهيج مؤقت في‬

‫موضع احلقن‪ ،‬ورمبا ارتفاع ف� � ��ي درجة احلرارة‪ ،‬أوغيرها‬ ‫من األعراض املشابهة ألعراض اإلنفلونزا‪.‬‬ ‫وقبل عشر س� � ��نوات أدخل العلماء في الشركة ‪Antigen‬‬ ‫‪ Express‬بضع� � ��ة تعدي� �ل��ات جوهرية عل� � ��ى الپپتيدات التي‬ ‫اس� � ��تخدمت في لقاح جتريبي ضد سرطان الثدي‪ .‬ويشكل‬ ‫البروتني اخل� � ��اص املعروف باس� � ��م ‪ HER2‬الذي هو أيضا‬ ‫الهدف للهيرس� � ��پنت عالجا باستخدام جسم مضاد أحادي‬ ‫االستنس���اخ ‪ monoclonal antibody‬والـمضاد ألنواع معينة‬ ‫من سرطان الثدي‪ .‬وقد وجد باحثونا أن مجرد إضافة أربعة‬ ‫أحماض أمينية إلى هذا الپپتيد قد زادت بصورة كبيرة من‬ ‫قدرته على حتفيز اخلاليا ‪ CD4+‬فضال عن اخلاليا ‪CD8+‬‬ ‫ضد خاليا سرطان الثدي التي تُنتج البروتني ‪ .HER2‬وهذا‬ ‫االكتش� � ��اف كان االبتكار الذي رهنّا مستقبل الشركة عليه‪.‬‬ ‫وأش� � ��ارت النتائج األولية لدراسة مستقلة نشرت في مطلع‬ ‫احملسن واملضاد للپپتيد‬ ‫هذا العام )‪ - (2011‬قارنت لقاحنا‬ ‫َّ‬ ‫‪ HER2‬بلقاح� �ي��ن مضادي� � ��ن للپپتيدات مصمم� �ي��ن لتحفيز‬ ‫اخلاليا ‪ CD8+‬فقط ‪ -‬إلى أننا على الطريق الصحيح‪.‬‬ ‫وقد راهنت بعض الش� � ��ركات‪ ،‬مثل الشركة ‪،Dendreon‬‬ ‫الت� � ��ي تصنع ال� � ��دواء پروڤينگ الذي وافق� � ��ت عليه اإلدارة‬ ‫‪ FDA‬مؤخ� � ��را‪ ،‬رهانا مختلفا‪ .‬فش� � ��ركة ‪ Dendreon‬وبعض‬ ‫الشركات األخرى تقدم أهدافا خاصة من خاليا سرطانية‪،‬‬ ‫وعلى نحو مباشر خللية مناعية تعرف باخللية املتغصنة‬ ‫‪ .dendritic cells‬وألن ه� � ��ذه اخلاليا املتغصنة تنتش� � ��ر في‬ ‫ش� � ��تى أنحاء اجلسم السيما في األنس� � ��جة التي تالمس‪،‬‬ ‫العال� � ��م اخلارجي (مثل اجللد أو بطانة اجلهاز الهضمي)‪،‬‬ ‫فإن اخلالي� � ��ا املتغصنة تقوم بدور احل� � ��راس في اجلهاز‬ ‫املناع� � ��ي‪ ،‬وتكون ضمن املدافعني األوائ� � ��ل الذين يحذرون‬ ‫اخلالي� � ��ا التائية من وجود خلل م� � ��ا‪ .‬وألن اخلاليا املناعية‬ ‫ال تتلق� � ��ى األوامر إال من خالي� � ��ا مناعية أخرى مطابقة لها‬ ‫جينيا‪ ،‬يجب جم� � ��ع اخلاليا املتغصنة من كل مريض على‬ ‫حدة‪ ،‬وتحُ ّمل بالبروتني اخلاص بالس� � ��رطان‪ ،‬ثم تعاد مرة‬ ‫أخرى إلى جس� � ��م املري� � ��ض‪ ،‬وكل ذلك بتكلف� � ��ة تبلغ نحو‬ ‫‪ 93 000‬دوالر أمريك� � ��ي للدورة العالجية الكاملة‪ .‬وتتضمن‬ ‫األعراض اجلانبية الرجفة واحلمى والصداع‪ ،‬وبقدر أقل‬ ‫ش� � ��يوعا الس� � ��كتة الدماغية‪ .‬ولكن دراسة سريرية قصيرة‬ ‫األم� � ��د أثبتت أن األف� � ��راد املصابني مبراح� � ��ل متقدمة من‬ ‫س� � ��رطان البروس� � ��تاته‪ ،‬والذين عوجل� � ��وا بالپروڤينگ‪ ،‬قد‬ ‫عاش� � ��وا في املتوسط فترة تزيد مبا ال يقل عن أربعة أشهر‬ ‫على نظرائهم الذين لم يتلقوا العالج‪.‬‬ ‫التتمة في الصفحة‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪53‬‬

‫‪45‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫في انتظار جسيم هيگز‬

‫( )‬

‫حتى مع إنهاء آخر الپروتونات دورانها عبر أكثر مسرعات اجلسيمات‬ ‫جناحا في التاريخ‪ ،‬ما زال األمل يحدو الفيزيائيني بتحقيق انتصار أخير‪.‬‬ ‫>‪ .T‬فولگر<‬

‫حني يخيم املساء‪ :‬ظل مس ِّرع التيڤاترون للجسيمات‬ ‫خارج شيكاغو ملدة سبع وعشرين سنة أقوى نافذة في‬ ‫العالم نطل منها على الكون حتت الذري‪.‬‬ ‫( ) ‪WAITING FOR THE HIGGS‬‬

‫‪46‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


47

(2012) 4/3


‫املؤلف‬ ‫‪Tim Folger‬‬

‫>فولگر< كاتب علمي حائز على العديد من اجلوائز‪ ،‬وهو محرر‬ ‫سلسلة «أفضل الكتابات األمريكية في العلم والطبيعة» وهي‬ ‫عبارة عن مقتطفات منتخبة سنويا تنشرها دار ‪.Houghton Mifflin‬‬

‫حت� � ��ت رقعة برية من مراعي إيلينوي مكتملة الصورة بقطيع‬ ‫صغي� � ��ر من اجلوامي� � ��س يرعى العش� � ��ب‪ ،‬تنطل� � ��ق الپروتونات‬ ‫ومضادات الپروتونات في اجتاهني متعاكسني محدثة أزيزا عبر‬ ‫نفق طوله أربعة أميال‪ .‬وفي كل ثانية تصطدم مئات اآلالف من‬ ‫هذه اجلسيمات معا بعنف نافثة جسيمات أخرى غير معروفة‪.‬‬ ‫إنه يوم جديد في التيڤاترون ‪ -‬مس � � � ِّرع اجلس� � ��يمات املغروس‬ ‫في املروج اخلضراء ملج ّمع مختبر مس� � � ِّ�رع فيرمي الوطني في‬ ‫باتاڤي� � ��ا املمتد على مس� � ��احة ‪ 6800‬فدان‪ ،‬وعل� � ��ى بعد ‪ 50‬ميال‬ ‫تقريب� � ��ا إلى الغرب من ش� � ��يكاغو‪ .‬كانت هن� � ��اك أيام كثيرة مثل‬ ‫ه� � ��ذا اليوم‪ ،‬بعضها اعتيادي وبعضه� � ��ا اآلخر مذهل‪ ،‬فمن بني‬ ‫اجلسيمات األساسية السبعة عشر التي يعتقد الفيزيائيون أنها‬ ‫تش� � ��كل مجمل املادة والطاقة االعتياديتني في الكون‪ ،‬اكت ُِشفت‬ ‫ثالثة منها هنا‪ .‬ولكن لن يكون هناك املزيد من مثل هذه األيام‪.‬‬ ‫فبحلول اليوم ‪ 2011/10/1‬ستطفأ إلى األبد مزودات الطاقة التي‬ ‫ت� � ��ز ِّود أكثر م� � ��ن ‪ 1000‬مغنطيس ذي موصلية فائق� � ��ة والـ ُمب َّردة‬ ‫بالهليوم السائل‪ ،‬وستمتص الدريئة املعدنية آخر سيل ضعيف‬ ‫من اجلس� � ��يمات‪ ،‬منهية بذلك ‪ 28‬سنة من التشغيل لـما كان إلى‬ ‫وقت قريب أقوى مس ِّرعات اجلسيمات في العالم‪.‬‬ ‫ممن قضوا نحو‬ ‫وبالنسبة إلى بضع مئات من الفيزيائيني ّ‬ ‫عقدين من الزمن في هذا املكان يبحثون عن جسيم افتراضي‬ ‫يدع� � ��ى ب���وزون ‪ )1(boson‬هيگز‪ ،‬يعني هذا اإلغالق التنازل عن‬ ‫املطاردة ‪ -‬مع ما قد يجلبه ذلك من مجد محتمل باحلصول على‬ ‫جائزة نوبل ‪ -‬لصالح منافسهم الرئيس‪ :‬املصادم الهدروني‬ ‫الكبير )‪ - )2((LHC‬وهو مس� � � ِّ�رع أحدث وأكثر قوة موجود في‬ ‫مختبر الس� � ��يرن ‪ CERN‬على احلدود السويسرية الفرنسية‪.‬‬ ‫ومبحيط� � ��ه البالغ ‪ 17‬مي� �ل��ا وبطاقاته ذات القي� � ��م األعلى‪ّ ،‬‬ ‫حل‬ ‫مسرع الـتيڤاترون كأفضل جهاز أبحاث‬ ‫املصادم ‪ LHC‬محل‬ ‫ِّ‬ ‫فيزياء اجلس� � ��يمات في العالم‪ ،‬وهو موضع سيحافظ املصادم‬ ‫‪ LHC‬عليه حتى مرحلة متقدمة من العقد اآلتي‪.‬‬ ‫ول� � ��م يفاجئ قرار وزارة الطاقة في الواليات املتحدة بإيقاف‬

‫تش� � ��غيل الـتيڤاترون عند نهاية الس� � ��نة املالية احلالية أحدا في‬ ‫فيرميالب ‪ .Fermilab‬أوصى بعض الفيزيائيني بأن متول وزارة‬ ‫الطاقة املس ِّرع ال َه ِرم لسنوات ثالث أخرى‪ ،‬بهدف إعطائه فرصة‬ ‫أخيرة الكتشاف جسيم هيگز املراوغ‪ ،‬هذا اجلسيم الذي يعتقد‬ ‫املنظِّ رون أنه املسؤول عن منح جميع اجلسيمات األخرى كتلها‪.‬‬ ‫ولكن حتى أش� � ��د كبار احملاربني حتمسا للـتيڤاترون ُيق ِّرون بأن‬ ‫هذه اآللة القدمية قد غدت غير ذات جدوى‪ .‬يقول >‪ .D‬دينيسوڤ<‪:‬‬ ‫«ال أشعر باحلزن‪ ،‬فاألمر مثل حال سيارتك القدمية‪ .‬وإن مجمل‬ ‫تاري� � ��خ العلم هو تاريخ األدوات اجلديدة‪ .‬هذه اآللة عملت ألكثر‬ ‫من ‪ 25‬سنة‪ ،‬وقد حان الوقت للمضي قدما من دونها‪».‬‬ ‫ليس هذا االعتراف باألمر الس� � ��هل على >دينيس� � ��وڤ<‬ ‫أحد املتحدثني الرسميني لفريق العمل الذي يدير الكاشف‬ ‫(مكش���اف)(‪ ،D-Zero )3‬وه� � ��و أح� � ��د الكاش� � ��فني الضخم� �ي��ن اللذين‬ ‫ينتصب� � ��ان على جانب� � ��ي الـتيڤاترون‪ .‬وقد قال >دينيس� � ��وڤ< قبل‬ ‫سنتني في مؤمتر صحفي ضمن فعاليات املؤمتر السنوي للرابطة‬ ‫األمريكية للتقدم العلم� � ��ي‪« :‬لدينا اآلن احتمال جيد جدا من أننا‬ ‫قد جند إشارات عن جسيم هيگز قبل أن يتوصل املصادم ‪LHC‬‬ ‫إلى ذلك»‪ .‬فقد تس� � ��بب عط� � ��ل كهربائي في ذل� � ��ك الوقت بإغالق‬ ‫املصادم ‪ LHC‬لعدة أش� � ��هر‪ ،‬وكان العديد في فيرميالب يشارك‬ ‫>دينيسوڤ< ثقته‪ .‬ولكن ذلك لم يتحقق‪ .‬فسرعان ما بلغ املصادم‬ ‫‪ - LHC‬بعدما عاد إلى عمله في الشهر ‪ - 2008/11‬طاقات تفوق‬ ‫ثالث مرات ما قد يولده الـتيڤاترون‪.‬‬ ‫خ� �ل��ال العقود الثالث� � ��ة املنصرم� � ��ة‪ ،‬كان املنافس الوحيد‬ ‫للكاشف ‪ D-Zero‬هو الكاشف الضخم اآلخر في الـتيڤاترون ‪-‬‬ ‫كاشف املصادم في فيرميالب‪ ،‬أو الكاشف )‪ - )4((CDF‬الواقع‬ ‫في أعلى املس � � � ِّرع‪ ،‬وعلى مسافة ميل من األرض املعشوشبة‬ ‫بعيدا عن الكاشف ‪ .D-Zero‬ويعمل في كل من الكاشفني مئات‬ ‫من الفيزيائيني من عشرات البلدان‪.‬‬ ‫في ربيع عام ‪ 2011‬أعلن فيزيائيون في الكاشف ‪ CDF‬أنهم‬ ‫(‪ )1‬هو صنف من اجلسيمات مثل الفوتون والپيون وجسيمات ألفا‪ ،‬التي تكون محصلة‬ ‫دورانها تساوي الصفر وتخضع للشروط اإلحصائية التي تسمح ألي عدد من هذه‬ ‫اجلسيمات بأن حتتل احلالة الكمومية نفسها‪.‬‬ ‫(‪The Large Hadron Collider )2‬‬

‫(‪ detector )3‬أو مكشاف‪.‬‬ ‫(‪The Collider Detector at Fermilab )4‬‬

‫باختصار‬

‫الـتيڤاترون‪ ،‬الذي كان في السابق أقوى مصادم للجسيمات في العالم‪،‬‬

‫س� � ��يتوقف عن العمل بتاريخ ‪ ،2011/10/1‬وقد حل محله املصادم الهدروني‬ ‫الكبير )‪.)2((LHC‬‬

‫وعلى الرغم من إغالق الـتيڤاترون‪ ،‬إال أن الفيزيائيني في املرفق منكبني‬

‫‪48‬‬

‫على تفحص بيانات قد تكش� � ��ف عن أدلة على وجود بوزون هيگز املنش� � ��ود‬ ‫منذ فترة طويلة‪.‬‬ ‫يأمل العلماء في فيرميالب ببناء مس� � ��رع جديد يدعى املش� � ��روع ‪ X‬بحلول‬ ‫عام ‪ ،2020‬وبعد ذلك ببناء َخل ٍَف للمصادم ‪.LHC‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫وجدوا إشارات في بياناتهم على ما يبدو كما لو كان جسيما‬ ‫جديدا‪ .‬هل ميكن أن يك� � ��ون الـتيڤاترون في أيامه األخيرة قد‬ ‫وجد اإلش� � ��ارات األولى الدالة على جسيم هيگز؟ وعلى الفور‪،‬‬ ‫شرع >دينيس� � ��وڤ< ورفاقه في الكاش� � ��ف ‪ D-Zero‬في إعادة‬ ‫فح� � ��ص نتائج الكاش� � ��ف ‪ .CDF‬ومع ذهاب مجلة س� � ��اينتفيك‬ ‫أمري� � ��كان إلى الطباعة‪ ،‬لم يكن قد ُب ّت في األمر بعد‪ .‬ومع ذلك‬ ‫يتضح أمر واحد‪ :‬لم تنته بعد املنافسة ما بني املسرعات‪.‬‬ ‫ويقول >‪ .R‬روزير< [رئيس فريق عمل الكاشف ‪« :]CDF‬أو ّد‬ ‫أن أه� � ��زم >دمييتري<‪ ،‬وهو يرغب في هزميتي‪ .‬إال أن عالقتنا‬ ‫عالقة ودية‪ ،‬فنحن أصدقاء‪ ،‬نتبادل األحاديث‪ ،‬ولكن كل واحد‬ ‫منا كان دوما يرغب ف� � ��ي هزمية اآلخر‪ .‬أما اآلن فقد اختلفت‬ ‫معطي� � ��ات املرحلة األخيرة من اللعبة‪ .‬لقد صار املصادم ‪LHC‬‬ ‫هو الش� � ��رير‪ .‬بينما كان >دمييتري< هو الذي يؤدي هذا الدور‬ ‫ف� � ��ي املاضي‪ .‬لم أنو ِ ّ‬ ‫قط أن يهزم املص� � ��ادم ‪ LHC‬أيا منا‪ .‬إن‬ ‫األمر بيننا مماثل لقولك إنك ال تستطيع أن تهزم أخي الصغير‪،‬‬ ‫فأنا فقط من يحق له ذلك‪».‬‬ ‫ومع خمود املنافس� � ��ات القدمية (تقريبا) والبدء مبشاريع‬ ‫جديدة‪ ،‬ف� � ��إن فيرميالب مير مبرحلة ع� � ��دم يقني‪ .‬وميكن قول‬ ‫األمر نفس� � ��ه ع� � ��ن مجمل فرع فيزياء اجلس� � ��يمات‪ .‬لقد انتظر‬ ‫الفيزيائي� � ��ون طويال قدوم آلة متنحهم منف� � ��ذا إلى عالم جديد‬ ‫من الواق� � ��ع الفيزيائي‪ .‬وملا كان من املتوق� � ��ع للمصادم ‪LHC‬‬ ‫أن يضاعف من طاقاته التصادمية خالل الس� � ��نتني التاليتني‪،‬‬ ‫فلي� � ��س هناك نقص في األفكار عما ميكن أن ُيكتش� � ��ف‪ :‬أبعاد‬ ‫إضافية‪ ،‬أو تناظر فائق (الفكرة القائلة إن لكل جسيم معروف‬ ‫ما ُيدع� � ��ى توأما فائ���ق التناظر(‪ ،))1‬أو جس� � ��يم هيگز طبعا‪.‬‬ ‫وأفضل االحتماالت سيكون اكتشاف شيء غير متوقع متاما‪.‬‬ ‫ولك� � � ّ�ن هناك احتماال آخر نصرف النظ� � ��ر عنه عادة ولكن من‬ ‫احمل� � ��ال إهماله‪ .‬وهو احتمال يقلق الفيزيائيني ويثير اهتمامهم‬ ‫ف� � ��ي آن واحد‪ :‬ماذا لو لم يجد املصادم ‪ ،LHC‬وكذلك جتارب‬ ‫فيزياء اجلسيمات املخطط لها في فيرميالب من دون االستعانة‬ ‫بالـتيڤاترون خالل العقد القادم‪ ،‬أي شيء غير متوقع البتة؟‬ ‫مآل مجهول‬ ‫في زمن ليس بالبعيد‪ ،‬ع ّلق فيه الفيزيائيون على الـتيڤاترون‬ ‫العدي� � ��د من اآلمال نفس� � ��ها التي يعلقونه� � ��ا اآلن على املصادم‬ ‫‪ .LHC‬فقبل خمس عش� � ��رة سنة من تشغيل املصادم ‪ ،LHC‬كان‬ ‫الفيزيائيون في فيرميالب يعتقدون أن الـتيڤاترون قد ينجح في‬ ‫اصطياد جس� � ��يم هيگز‪ ،‬وفي إيجاد أدلة عل� � ��ى التناظر الفائق‪،‬‬ ‫( )‬

‫( ) ‪DESTINATION UNKNOWN‬‬ ‫( ) ‪Three Decades of Discovery‬‬ ‫(‪supersymmetric twin )1‬‬

‫معالِم‬

‫ثالثة عقود من االكتشافات‬

‫( )‬

‫ميكن إيجاز مجمل ما حتتاج إلى معرفته عن مصادم اجلسيمات في عددين‬ ‫اثن�ي�ن تقريبا‪ .‬األول هو طاقة املصادم‪ ،‬فالطاقات املتزايدة تس���مح للعلماء‬ ‫باس���تحضار جس���يمات ذات كتل أكبر (مقدرة بالگيگا ڤلط‪ ،‬أو گيڤ ‪.)GeV‬‬ ‫أم���ا الثان���ي فهو ملعان املص���ادم‪ ،‬أي عدد االصطدامات ل���كل ثانية‪ .‬أمضى‬ ‫املهندس���ون العقد األول من فترة خدمة الـتيڤاترون في زيادة طاقته؛ بينما‬ ‫أمضوا العقدين املاضيني في حتويل الرذاذ الضئيل من االصطدامات إلى‬ ‫س���يل يتدف���ق كما ل���و كان من خرطوم اإلطف���اء‪ .‬وفيما يل���ي بعض من أهم‬ ‫األحداث البارزة خالل فترة حياة املصادم‪.‬‬ ‫‪1979/7/5‬‬

‫وزارة الطاقة ُتخوِّ ل فيرميالب بناء‬ ‫مس ِّرع ذي موصلية فائقة ُأطلق‬ ‫عليه الحقا اسم الـتيڤاترون‪.‬‬

‫‪1983/7/3‬‬

‫الـتيڤاترون يُس ِّرع الپروتون إلى رقم‬ ‫قياسي عاملي بطاقة بلغت ‪.GeV 512‬‬

‫‪1983/10/1‬‬

‫شروع في التجارب‪ .‬في‬ ‫البداية‪ ،‬كانت حزمة واحدة من‬ ‫الپروتونات تضرب دريئة ثابتة‪.‬‬

‫‪1985/10/13‬‬

‫حزمة الپروتونات املضادة‬ ‫املنشأة حديثا تبدأ باالصطدام‬ ‫بالپروتونات‪ .‬والكاشف ‪CDF‬‬ ‫يشهد أولى حوادث اصطدام‬ ‫الپروتونات ومضاداتها عند طاقة‬ ‫تساوي ‪.GeV 1600‬‬

‫‪1992/8/31‬‬

‫بدء أول تشغيل مطوّ ل لتجارب‬ ‫االصطدام بطاقة تساوي ‪.GeV 1800‬‬

‫‪1995/3/3‬‬

‫أعلن علماء يعملون في جتارب الكاشف‬ ‫‪ CDF‬والكاشف ‪ D-Zero‬عن اكتشاف‬ ‫الكوارك العلوي‪.‬‬

‫‪2000/7/20‬‬

‫جتربة الدونت ‪ DONuT‬تعلن عن‬ ‫أول دليل مباشر على مـالحظة‬ ‫نترينو التاو‪.‬‬

‫‪2001/3/1‬‬

‫حتديثات على الـتيڤاترون ترفع من‬ ‫قيم الطاقة إلى ‪ ،GeV 2000‬كما ابتدئ‬ ‫بتشغيل املصادم الثاني‪ .‬وخالل العقد‬ ‫التالي يتضاعف ملعان التيڤاترون بأكثر‬ ‫من أربع مرات‪.‬‬

‫‪2011/9/30‬‬

‫‪2008/8/4‬‬

‫أعلن علماء الـتيڤاترون أن بوزون‬ ‫هيگز ال ميتلك كتلة كبيرة تصل‬ ‫إلى ‪ .GeV 170‬وثمة حاجة إلى‬ ‫مزيد من البحث‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫الـتيڤاترون ينتج آخر اصطدام بني‬ ‫الپروتونات ومضاداتها؛ أما حتليل‬ ‫البيانات فسيستمر لعدة سنوات‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫منافسة‬

‫السباق مع املصادم‬

‫‪LHC‬‬

‫( )‬

‫ق���د تك���ون عمليات الـتيڤاترون ف���ي طور االنتهاء‪ ،‬ولك���ن البحث عن‬ ‫بوزون هيگز ‪ -‬أكثر اجلس���يمات الفيزيائية مراوغة ‪ -‬مستمر في التقدم‬ ‫إلى األمام‪ .‬خالل أش���هر‪ ،‬ينبغي أن جتيب البيانات من الـتيڤاترون ومن‬ ‫املص���ادم ‪ LHC‬في س���يرن بالقرب من جنيڤ عم���ا يصفه أحد الفيزيائيني‬ ‫بـ«سؤال شكسبير»‪ :‬أن تكون أو ال تكون؟‬ ‫لقد تنبأ الفيزيائيون وألكثر من نصف قرن بوجود جس����يم هيگز‪.‬‬ ‫ويقال عادة إن هيگز هو اجلسيم املسؤول عن كتل جميع اجلسيمات‬ ‫األخ����رى ‪ -‬وه����ذا أم����ر صحيح‪ ،‬ولك����ن من منظ����ور عال����م الفيزياء فإن‬ ‫جس����يم هيگ����ز مهم ألنه يخ����دم كموحد للق����وى‪ .‬فالفيزيائيون مغرمون‬ ‫بتبس����يط األم����ور‪ ،‬ويزودهم جس����يم هيگ����ز بطريقة أنيق����ة للجمع بني‬ ‫الكهرباء واملغنطيس����ية وبني القوى النووي����ة «الضعيفة» وذك اليجاد‬ ‫كيان «كهر‪-‬ضعيف» وحيد‪.‬‬ ‫ميك���ن جلس���يم هيگ���ز أن يق���وم به���ذا إذا وقع ف���ي م���دى كتلة‪-‬طاقة‬ ‫م���ا ب�ي�ن ‪ 100‬و ‪ 1000‬بلي���ون إلكت���رون ڤل���ط )‪ .(GeV‬وكال املصادم�ي�ن ‪LHC‬‬ ‫والـتيڤات���رون آخذ في االقتراب م���ن هذه املنطقة «اخلصبة»‪ .‬وفي مؤمتر‬ ‫عقد في گرونوبل بفرنسا في الشهر ‪َ 2011/7‬خ ُلص علماء الـتيڤاترون إلى‬ ‫أن كتلة جسيم هيگز ال ميكن أن تكون بني ‪ 156‬و ‪ ،GeV 177‬بينما استبعد‬ ‫املصادم ‪ LHC‬عددا من املجاالت العريضة الواقعة بني ‪ 150‬و ‪.GeV 450‬‬ ‫يعتق���د أغل���ب الفيزيائي�ي�ن أن���ه إذا كان جس���يم هيگز موج���ودا فإنه‬ ‫مختب���ئ عل���ى األغل���ب ب�ي�ن ‪ 115‬و‪ GeV 140‬تقريبا‪ .‬ولكن م���دى الطاقة هذا‬ ‫م���راوغ بالذات‪ ،‬ألن جس���يم هيگز اخلفيف س���وف يتحلّل ف���ي الغالب إلى‬ ‫جس���يمات ش���ائعة م���ن الصعوبة مب���كان متييزها من حطام اجلس���يمات‬ ‫األخرى ضمن هذا املدى من الطاقة داخل املصادم العمالق‪ .‬فمن املمكن أن‬ ‫نكون قد رأينا بضعة حوادث حت ّلل جسيم هيگز‪ ،‬ولكن إدراك االختالفات‬ ‫يستلزم بيانات أكبر بأضعاف مضاعفة من البيانات املنتجة حتى اآلن‪.‬‬ ‫وحتى بعد إغالقه‪ ،‬سيس����هم الـتيڤات����رون في البحث بتقدمي بيانات ما‬ ‫تزال بحاجة إلى التحليل‪ .‬ولكن الظفر باالكتشاف سيقع على عاتق املصادم‬ ‫‪ LHC‬األقوى‪ .‬وستس����تمر دورة التش����غيل احلالية لآلل����ة األوروبية الكبيرة‪،‬‬ ‫وم����ن املفت����رض في ه����ذه األثناء أن تتمك����ن من تعزيز أي إش����ارات ضعيفة‪.‬‬ ‫وم����ع ذل���ك‪ ،‬لن يتمكن الفيزيائيون من اإلعالن عن «وجود فعلي» جلس���يم‬ ‫هيگز إال في نهاية عام ‪ ،2012‬عندما تكون اآللة قد جمعت بيانات تعادل‬ ‫تقريبا ‪ 50‬بيتابايت ‪ -‬ما يكافئ مجمل األعمال الكاملة لشكس����بير مضروبة‬ ‫>‪ .G‬برومفيل< مراسل صحفي ملجلة نيتشر‬ ‫بـ ‪ 10‬باليني مرة‪.‬‬

‫وفي حتديد ماهية طبيعة املادة املعتمة ‪ ،dark matter‬وأكثر‪.‬‬ ‫س� � ��وف يكون اكتش� � ��اف جس� � ��يم هيگ� � ��ز ‪ -‬إضافة إلى‬ ‫اقتن� � ��اص جائ� � ��زة نوبل ‪ -‬مبثاب� � ��ة تتويج لعص� � ��ر مجيد في‬ ‫الفيزي� � ��اء‪ .‬إن بوزون هيگز هو القطع� � ��ة األخيرة املفقودة من‬ ‫النموذج املعياري ‪ -‬صرح نظ� � ��ري متطور يصف الكون من‬ ‫خالل التفاعالت(‪ )1‬بني اجلسيمات األساسية السبعة عشر‪.‬‬ ‫ويوح� � ��د هذا النموذج ب� �ي��ن ثالث من ق� � ��وى الطبيعة األربع‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫القوة الش� � ��ديدة التي تتماسك بفضلها النوى الذرية؛ والقوى‬ ‫الضعيف� � ��ة املس� � ��ؤولة عن اضمح� �ل��ال اجلس� � ��يمات؛ والقوة‬ ‫الكهرمغنطيس� � ��ية املألوفة (الثقالة هي القوة الوحيدة التي ال‬ ‫يشملها النموذج املعياري)‪ .‬وضع املنظِّ رون ملساتهم األخيرة‬ ‫عل� � ��ى النموذج املعياري قبل نحو ‪ 40‬س� � ��نة‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت‬ ‫أثبتت التجارب كل واحد من تنبؤاته‪.‬‬ ‫ف� � ��ي ع� � ��ام ‪ 1995‬أثبت فريقا الكاش� � ��ف ‪ CDF‬والكاش� � ��ف‬ ‫‪50‬‬

‫‪ D-Zero‬واحدا من أهم اإلثباتات املثيرة لإلعجاب باكتشافهم‬ ‫الك���وارك العل���وي ‪ - )2(top quark‬وهو جس� � ��يم أولي ذو كتلة‬ ‫كبي� � ��رة تن ّب� � ��أ الفيزيائيون بوجوده ألول مرة ف� � ��ي العام ‪.1973‬‬ ‫وقد تف ّوق الـتيڤاترون في هذا الس� � ��باق على مصادم أوروبي‬ ‫يدع� � ��ى باملواقت الپروتوني الفائق(‪ )3‬الذي يس� � ��تعمل حاليا‬ ‫لتزويد املصادم ‪ LHC‬باجلسيمات‪ .‬لقد كان هذا اإلثبات أعظم‬ ‫انتصارات الـتيڤاترون‪ ،‬كما برهن على أن النموذج املعياري‬ ‫‪ the Standard Model‬يقدم وصفا دقيقا للكون يثير الدهش� � ��ة‪،‬‬ ‫على األقل عند مس� � ��تويات الطاقات التي يستطيع الفيزيائيون‬ ‫سبرها باستخدام أفضل مسرعاتهم‪.‬‬ ‫وفي ع� � ��ام ‪ - 2001‬بعد خمس س� � ��نوات م� � ��ن التحديث ‪-‬‬ ‫غدا أفضل مس � � � ِّرع في العالم أكثر تقدما مما س� � ��بق‪ .‬و َأمِ ل‬ ‫الفيزيائيون بأن الـتيڤاترون اجلديد واحملس� � ��ن لن يكتش� � ��ف‬ ‫جس� � ��يم هيگز فحس� � ��ب ‪ -‬قطعة اللغز األخيرة غير املكتشفة‬ ‫من النموذج املعياري ‪ -‬بل إنه س� � ��وف مييط اللثام عن ظواهر‬ ‫جديدة تقع ما وراء النموذج املعياري‪ .‬إذ يعلم الفيزيائيون أن‬ ‫ه� � ��ذا النموذج ‪ -‬وعلى الرغم من جمي� � ��ع قدراته التنبئية ‪ -‬ال‬ ‫ميكن أن يش� � ��كل وصفا كامال للطبيعة‪ .‬فإضافة إلى فشله في‬ ‫تضمني الثقالة ‪ ،gravity‬هناك عيبان واضحان يشوبانه‪ .‬فال‬ ‫يزودنا النموذج املعياري بأي تفس� � ��ير للمادة املعتمة(‪ ،)4‬التي‬ ‫تؤث� � ��ر في حركات املجرات ولكنها ‪ -‬على ما يبدو ‪ -‬ال تتفاعل‬ ‫مع املادة العادية‪ .‬ويفش� � ��ل النموذج املعياري كذلك في تفسير‬ ‫الطاقة املعتمة(‪ ،)5‬وهي ظاهرة مح ّيرة جدا بكل ما في الكلمة‬ ‫من معنى‪ ،‬إذ يبدو أنها تس ِّرع من معدل متدد الكون‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حتديث الـتيڤاترون‪ ،‬فقد فش� � ��ل في جتاوز‬ ‫النظرية التي أثبتها بش� � ��كل مذهل‪ .‬فيقول >‪ .B‬تش� � ��يرهارت<‬ ‫[وهو فيزيائي نظري في فيرميالب]‪« :‬قبل عش� � ��ر سنوات‪ ،‬كنا‬ ‫نتوقع أننا س� � ��نحل هذه املعضلة‪ ،‬ولكننا لم ننجح حتى اآلن؛‬ ‫فهناك طبقة من الوجود لم نكتش� � ��فها بعد‪ .‬فالنموذج املعياري‬ ‫كان جي� � ��دا جدا في تنبئه باملقدار الذي تنبأ به‪ ،‬ولكن يش� � ��وبه‬ ‫قصور ظاهر‪ .‬فحاله مثل حال موهوب معاق‪».‬‬ ‫نوع� � ��ا ما يتمثل اإلرث العلم� � ��ي للـتيڤاترون بالبرهان على أن‬ ‫النم� � ��وذج املعياري يعمل بش� � ��كل جيد جدا‪ .‬وم� � ��ع أن هذا ليس‬ ‫باإلجنـــاز البسيط‪ ،‬فإنــه لم يكــن أبـــدا الهــدف النهائي للتيڤاترون‪.‬‬ ‫يقول >‪ .S‬مرينا< [املختص باحلسابات الفيزيائية الذي انضم إلى‬ ‫فيرميالب في أواسط التسعينات من القرن العشرين]‪« :‬كان من‬ ‫( ) ‪The Race against the LHC‬‬ ‫(‪interactions )1‬‬

‫(‪ )2‬وهو كوارك تنبأ الفيزيائيون بوجوده‪ ،‬على أن يكون بشحنة موجبة تعادل ‪ 3/2‬وكتلة‬ ‫تعادل ‪ 360،000‬ضعف كتلة اإللكترون‪.‬‬ ‫(‪the Super Proton Synchrotron )3‬‬

‫(‪ dark matter )4‬أو مادة عامتة أو مظلمة‪.‬‬ ‫(‪dark energy )5‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫املفترض بالتأكيد أن جند جسيم هيگز‪ .‬وإذا كان التناظر الفائق‬ ‫موجودا فمن املفترض أيضا أن جنده‪».‬‬ ‫يأمل الفيزيائيون اآلن بأن ينجح املصادم ‪ LHC‬فيما فش� � ��ل‬ ‫به الـتيڤات� � ��رون فيقودهم إلى مجاالت جديدة ويزودهم بأدلة قد‬ ‫متكنهم في النهاية من اس� � ��تبدال النم� � ��وذج املعياري‪ .‬ويعتقد‬ ‫>مرينا< ‪ -‬شأنه في ذلك شأن الغالبية من زمالئه ‪ -‬أن املصادم‬ ‫‪ LHC‬س� � ��وف يجد جس� � ��يم هيگز عاجال ولي� � ��س آجال‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫«أعتقد أن ذلك سوف يحصل في نهاية عام ‪ 2011‬أو عام ‪.2012‬‬ ‫هذا ما أراهن عليه‪ .‬فإذا لم جنده‪ ،‬فس� � ��يزداد اعتقادي بأننا لن‬ ‫نكتشف أي شيء سوف يكبر ويتعاظم‪».‬‬ ‫هنا تكمن مشكلة االستكشاف‪ :‬من املمكن أ ّال يوجد شيء‬ ‫هناك‪ .‬إذ يتكهن بعض الفيزيائيني بوجود «صحراء خالية من‬ ‫الطاقة» بني العوالم التي يس� � ��تطيعون سبرها اآلن وبني العالم‬ ‫الذي قد تبرز فيه فيزياء حديثة حقا‪ .‬لو كان األمر هكذا‪ ،‬فلن‬ ‫تكون هناك اكتشافات جديدة قبل مرور عقود من الزمن‪ .‬وقد‬ ‫يكون املصادم ‪ LHC‬أضخم مس � � � ِّرع ُبن َِي عبر التاريخ‪ ،‬ولكنه‬ ‫ليس قويا مبا يكفي ليتي ّقن الفيزيائيون متاما من أنه س� � ��ينفذ‬ ‫إلى مستوى آخر من الواقع‪.‬‬ ‫كان� � ��ت األداة احلقيقية القادرة على القيام بهذا العمل هي‬ ‫املصادم الفائق ذو املوصلية الفائقة )‪ ،)1((SSC‬اآللة التي كانت‬ ‫س� � ��يتقزّم املصادم ‪ LHC‬أمام محيطها ذي اخلمسة واألربعني‬ ‫ميال‪ .‬فقد كانت ستكون قادرة على توليد حزم جسيمات ذات‬ ‫طاق� � ��ات تفوق بثالث مرات تقريبا الطاقة القصوى الناجتة من‬ ‫املصادم ‪ .LHC‬ولكن جتاوز التكاليف مقدار امليزانية املعتمدة‬ ‫دفع بالكونگرس إلى إلغاء املشروع في عام ‪ ،1993‬على الرغم‬ ‫من أن أعمال اإلنش� � ��اء كانت قد بدأت فعال بالقرب من مدينة‬ ‫واكساهاش� � ��ي ‪ Waxahachie‬الصغيرة في تكس� � ��اس‪ .‬ويقول‬ ‫ص ِّم� � ��م املصادم ‪ SSC‬ليكون قادرا على‬ ‫>مرينا<‪« :‬منذ البدء‪ُ ،‬‬ ‫سبر مستوى من مستويات الطاقة حيث نتوقع بالتأكيد وجوب‬ ‫حدوث ش� � ��يء جديد‪ .‬لقد كان فع� �ل��ا املصادم الصحيح الذي‬ ‫ينبغي بناؤه‪ .‬أما املصادم ‪ LHC‬فهو مجرد نس� � ��خة رخيصة‪.‬‬ ‫ولكنه جيد مبا فيه الكفاية في الوقت احلاضر‪».‬‬ ‫إال إذا لم يكن املصادم ‪ LHC‬جيدا مبا يكفي‪ .‬فإذا فشل في‬ ‫اكتشاف جسيم هيگز‪ ،‬أو في القيام بأي اكتشاف آخر ذي داللة‬ ‫فس� � ��يكون من الصعب على الفيزيائيني ‪ -‬كما يقول >مرينا< ‪-‬‬ ‫تبرير تكاليف بناء مس ِّرع أكثر تقدما‪ .‬ويشير >مرينا< قائال ‪« :‬إذ‬ ‫ميكنك أن تتساءل عن العالقة بني الكشف عن بوزون هيگز وبني‬ ‫اقتصاد الواليات املتحدة‪ ،‬أو احلرب على اإلرهاب‪ ،‬أو أي شيء‬ ‫آخ� � ��ر‪ .‬حاليا نتدبر اإلجابة عن هذا الس� � ��ؤال بالقول إن املعرفة‬ ‫تفيد اجلمي� � ��ع‪ .‬فالناس يرغبون في معرفة كي� � ��ف يعمل الكون‪.‬‬

‫استعد‪ ،‬صوِّ ب‪ :‬سوف يطفئ التيڤاترون (احللقة املركزية) أضواءه‪ ،‬ولكن الفيزياء‬ ‫سوف تستمر في فيرميالب‪ .‬إذ يقوم العلماء بتوليد نترينوهات باستخدام حلقة احلقن‬ ‫األصغر (الزاوية اليسرى السفلية)‪ ،‬ويطلقون حزمها عبر القشرة األرضية نحو كاشف‬ ‫حتت األرض في منطقة سودان ‪ - Soudan‬بوالية مينيسوتا ‪ -‬على بعد ‪ 450‬ميال‪.‬‬

‫ونحن نقوم بتدريب عدد كبير من الناس‪ ،‬فمن املستحسن دوما‬ ‫أن نأخذ أكثر الناس ذكاء ونطرح عليهم مسألة صعبة فعال‪ ،‬إذ‬ ‫تنتج من ه� � ��ذا في العادة أفكار جانبية جديدة‪ .‬ولكن‪ ،‬عند نقطة‬ ‫ما تضعف صلة الفيزياء بحياتنا أكثر فأكثر‪».‬‬ ‫وبكلمات أخرى‪ ،‬إذا كانت صحراء الطاقة حقيقة‪ ،‬فرمبا ال‬ ‫نتمكن من استجماع اإلرادة الجتيازها‪ .‬ويقول >مرينا<‪« :‬إنني‬ ‫في احلقيقة من املتابعني عن كثب للمصادم ‪ .SSC‬ففي س� � ��نتة‬ ‫األخيرة كنت في مرحلة ما بع� � ��د الدكتوراه‪ .‬ومنذ ذلك احلني‬ ‫وأنا أنتظر بديال عنه‪ ،‬فقد كان مس� � ��تمرا في س� � ��وق عمل قامت‬ ‫نوع� � ��ا ما‪ .‬إننا بحاجة إلى حتقيق جن� � ��اح ما‪ .‬إننا بحاجة إلى‬ ‫اكتشاف شيء جديد‪».‬‬ ‫حياة قادمة‬

‫( )‬

‫صنع مس � � � ِّرع اجلسيمات األول في العالم‬ ‫في عام ‪ُ ،1929‬‬ ‫من قبل >‪ .E‬لورانس< [الفيزيائي بجامعة كاليفورنيا ‪ -‬بيركلي]‬ ‫وأس� � ��ماه دوام���ة الپروتون(‪ .)2‬بلغ مقاس هذا املس � � � ِّرع خمس‬ ‫بوصات عرضا‪ ،‬وكان مصنوعا من البرونز بس� � ��داد محكم من‬ ‫الش� � ��مع والزجاج‪ ،‬وبتكلفة بلغت نح� � ��و ‪ 25‬دوالرا أمريكيا على‬ ‫األرجح‪ .‬وقد بلغت تكلفة املصادم ‪ - LHC‬الذي بدأ بالعمل بعد‬ ‫نحو ‪ 80‬عاما ‪ 10 -‬باليني دوالر‪ .‬واستلزم بناؤه مجهودا دوليا‪،‬‬ ‫( ) ‪NEXT LIFE‬‬ ‫(‪the Superconducting Super Collider )1‬‬ ‫(‪a proton merry-go-round )2‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪51‬‬


‫وه� � ��و ميتد عب� � ��ر منطقة بحجم مدينة صغي� � ��رة‪ .‬حتى وإن جنح‬ ‫املصادم ‪ LHC‬جناحا منقطع النظير‪ ،‬فهناك احتمال ضئيل في‬ ‫أن يحقق قفزة مماثلة من حيث املدى في املستقبل املنظور‪.‬‬ ‫يق� � ��ول >‪ .P‬أودون< [مدي� � ��ر فيرمي� �ل��اب]‪« :‬نح� � ��ن نعرف كيف‬ ‫نضاعف الطاقة عش� � ��ر مرات ولكن التكلفة سترتفع عشر مرات‪.‬‬ ‫وقد وصلنا فعال إلى حدود ما قد تكون الدول مستعدة إلنفاقه‪».‬‬ ‫س� � ��يعيش مرفق(‪ )1‬الفيزياء األول في الواليات املتحدة خالل‬ ‫العق� � ��د الق� � ��ادم والذي يليه ف� � ��ي ظل املص� � ��ادم ‪ .LHC‬ويصرح‬ ‫>أودون< بأن فيرميالب س� � ��يواصل القيام مبجموعة متنوعة من‬ ‫املش� � ��اريع التي كان من احملتمل تأجيلها أو إلغاؤها لو استمر‬ ‫الـتيڤات� � ��رون في العمل‪ ،‬ولكن من الواضح أن مركز ثقل فيزياء‬ ‫اجلسيمات بالعالم قد حتول‪ .‬فيقول >أودون<‪« :‬في وضع مثالي‪،‬‬ ‫كنا سنس� � ��تمر بتش� � ��غيل الـتيڤاترون من دون حاجة إلى إغالق‬ ‫مش� � ��اريع أخرى‪ ،‬ولكن النقود لم تكن متواف� � ��رة»‪ .‬تجُ رى اآلن‬ ‫جتارب في فيرميالب ت� � ��درس فيزياء النترينوهات ‪ -‬التي رمبا‬ ‫تكون األقل فهما من بني جميع اجلس� � ��يمات األساسية ‪ -‬وذلك‬ ‫بإطالقها من مصدر في فيرميالب عبر ‪ 450‬ميال من القش� � ��رة‬ ‫األرضية نحو كاش� � ��ف في نفق منجم في والية مينيسوتا‪ .‬كما‬ ‫سيسهم علماء فيرميالب في مشروع «رصد الطاقة املعتمة»(‪،)2‬‬ ‫وهو مشروع فلكي يستقصي طبيعة الطاقة املعتمة‪.‬‬ ‫ولكن الهدف املؤسس� � ��اتي اجلوهري هو أن تعاود الواليات‬ ‫املتحدة مرة أخرى استضافة أقوى مسرع جسيمات في العالم‪.‬‬ ‫ويأم� � ��ل >أودون< بأن يكون مختبره مع حلول عام ‪ 2020‬قد أنهى‬ ‫بناء مس � � � ِّرع يدعى املش���روع ‪ .)3(X‬على امل� � ��دى القريب تهدف‬ ‫ه� � ��ذه اآللة ‪ -‬التي متتد إلى ميل واح� � ��د ‪ -‬إلى توليد ُنترينوهات‬ ‫وجس� � ��يمات أخرى لتجارب فيرميالب‪ .‬أم� � ��ا على املدى البعيد‪،‬‬ ‫فس� � ��يوفر هذا املسرع الصغير نس� � ��بيا حقل اختبار لتقانات قد‬ ‫تسمح يوما ما ببناء َخلَف منخفض التكاليف للمصادم ‪.LHC‬‬ ‫يقول >‪ .S‬هوملز< [مدير املشروع]‪« :‬املشروع ‪ »x‬هو جسر‬ ‫نعود عبره إلى اجلبهات الرائدة للطاقات العالية في الفيزياء‪.‬‬ ‫إن� � ��ه ميثل فرصة النت� � ��زاع القيادة وإحكام الس� � ��يطرة عليها‪.‬‬ ‫وعندما يس� � ��ألني س� � ��ائل على طاولة الغداء عن مستقبله هنا‪،‬‬ ‫أجيب بأن الواليات املتحدة قادت العالم ملدة ‪ 70‬عاما في حقل‬ ‫فيزياء الطاقات العالية‪ .‬وهذا احلقل هو احلقل األساسي أكثر‬ ‫في الفيزياء فعلينا ‪ -‬كبلد عظيم ‪ -‬أن نطمح إلى حتقيق ذلك‪.‬‬ ‫ما ال أستطيع إجابته عنه هو متى سيحصل ذلك‪».‬‬ ‫لع� � ��ل الـتيڤاترون ل� � ��م يقل كلمته األخيرة‪ .‬قام >دينيس� � ��وڤ<‬ ‫و>روزير< وزمالؤهما في كاشفي املس ِّرع العجوز بجمع بيانات‬ ‫تكفي إلش� � ��غالهم سنتني على األقل بعد إغالق املس ِّرع‪ .‬ويساعد‬ ‫هذا املخزون الهائل من البيانات على تعزيز االكتشافات املبدئية‬ ‫‪52‬‬

‫الناجت� � ��ة من املصادم ‪ .LHC‬بل وهن� � ��اك احتمال ضئيل من أن‬ ‫بعض النتائج اجلديدة ما تزال مطمورة في الس � � � ّواقات الصلبة‬ ‫ف� � ��ي مكان ما من فيرميالب‪ ،‬تنتظر مجرد حتليلها‪ .‬وخالل ربيع‬ ‫ع� � ��ام ‪ ،2011‬بدا ولبرهة وجيزة كما لو أن الـتيڤاترون قد أعطانا‬ ‫أولى اإلشارات عن فيزياء تقع فيما وراء النموذج املعياري‪.‬‬ ‫ففي الشهر ‪ 2011/4‬أعلن فريق >روزير< في الكاشف ‪CDF‬‬ ‫أنه عثر عل� � ��ى دليل محتمل على وجود جس� � ��يم جديد أو قوة‬ ‫جديدة في الطبيعة‪ ،‬وذلك في البيانات التي جمعها الكاش� � ��ف‬ ‫‪ .CDF‬فق� � ��د وجد الفيزيائيون ف� � ��ي عدد صغير من احلاالت ‪-‬‬ ‫ولكنه ذو داللة من الناحية اإلحصائية ‪ -‬نتوءا في القراءات‪ ،‬أي‬ ‫زيادة في اجلس� � ��يمات مبا يفوق ما يتنبأ به النموذج املعياري‪.‬‬ ‫وبدا أن هذه اجلس� � ��يمات نتاج حت ّلل جسيم ما ذي كتلة أكبر‪،‬‬ ‫وهو ما قد يكون شكال غير متوقع لبوزون هيگز‪.‬‬ ‫ومع نهاية الشهر ‪ 2011/5‬كان فريق الكاشف ‪ CDF‬قد انتهى‬ ‫م� � ��ن إعادة حتليل البيانات مرة أخرى‪ .‬عندها قال >روزير<‪« :‬ال‬ ‫يزال هذا النتوء ‪ bump‬في القرا َءات‪ .‬وخالل أقل من أسبوعني‪،‬‬ ‫قال >دينيس� � ��وڤ< [زميل >روزير< ومنافس� � ��ه القدمي] إن فريق‬ ‫الكاش� � ��ف ‪ D-Zero‬قد أجنز حتليال مس� � ��تقال لبيانات الكاشف‬ ‫‪ .CDF‬وأعلن في مؤمتر صحفي أنهم «لم يروا شيئا‪».‬‬ ‫لي� � ��س من الواضح بعد ما إذا كان ذلك النتوء في القرا َءات‬ ‫س� � ��يجتاز املزيد من التدقيق‪ .‬وتق� � ��وم املجموعتان اآلن مبقارنة‬ ‫نتائجهما الكتشاف موضع اخلطأ في حتليل الكاشف ‪- CDF‬‬ ‫هذا إذا أخط� � ��أ فعال‪ .‬ويبدو اآلن أن عصرا جديدا للفيزياء ما‬ ‫زال في حالة انتظار‪ ،‬متاما كما كان احلال خالل ما يزيد على‬ ‫الس� � ��نوات الثالثني املاضية‪ .‬وسيكون أمرا مؤسفا إذا اختفى‬ ‫النتوء‪ .‬فاكتشاف جسيم هيگز كان سيشكل خامتة رائعة لعمل‬ ‫الـتيڤاترون‪ .‬ومن املمكن أن نرى خالل السنة القادمة أو نحوها‬ ‫ما إذا كان املصادم ‪ LHC‬قادرا على إجناز عمل أفضل‪> .‬‬ ‫(‪ facility )1‬أو منشأة‪.‬‬ ‫(‪The Dark Energy Survey )2‬‬ ‫(‪the project X )3‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, October 2011‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 45‬حليف جديد ضد السرطان)‬

‫اخلطوات التالية‬

‫( )‬

‫وموافق� � ��ة اإلدارة ‪ FDA‬عل� � ��ى اللقاح پروڤين� � ��گ الذي تنتجه‬ ‫الش� � ��ركة ‪ ،Dendreon‬إضافة إلى البيان� � ��ات األولية الواعدة‬ ‫من التجارب الس� � ��ريرية التي أجرتها ش� � ��ركات مختلفة ومن‬ ‫بينها ش� � ��ركتنا‪ ،‬تشير إلى أننا ندخل حقبة جديدة من تطوير‬ ‫لقاحات الس� � ��رطان‪ .‬ولكن مع تعم� � ��ق العلماء في هذه املهمة‬ ‫اجلدي� � ��دة والواعدة‪ ،‬فإننا نكتش� � ��ف أن� � ��ه ال ميكننا أن نقيس‬ ‫التقدم الذي حترزه املعاجلة املناعية ضد السرطان باملقاييس‬ ‫نفس� � ��ها املس� � ��تخدمة في العالج الكيميائي أو اإلش� � ��عاعي‪.‬‬ ‫فه� � ��ذان العالجان تظهر فوائدهما س� � ��ريعا نس� � ��بيا‪ ،‬فخالل‬ ‫أس� � ��ابيع قليلة إما أن ينكمش حجم ال� � ��ورم‪ ،‬وهو أمر جيد‪،‬‬ ‫أو أنه الينكمش‪ ،‬وهو أمر س� � ��يىء‪ .‬في حني تشير املعلومات‬ ‫املس� � ��تمدة من العديد من الدراس� � ��ات الس� � ��ريرية إلى أنه قد‬ ‫يستغرق األمر مدة تصل إلى عام بعد املعاجلة بلقاح مضاد‬ ‫للسرطان حتى يبدأ اجلهاز املناعي في إظهار تقدم ملموس‬ ‫في تراجع منو الورم‪.‬‬ ‫وال يعد هذا التأخر الزمني مثيرا للدهش� � ��ة متاما‪ ،‬إذ يحتاج‬ ‫األمر إلى قدر من السالس� � ��ة لدفع اجلهاز املناعي إلى مهاجمة‬ ‫اخلاليا الت� � ��ي تبدو مماثلة جدا للخاليا الطبيعية في اجلس� � ��م‪،‬‬ ‫وذلك مقارنة بالبكتيريا أو بالڤيروسات‪ .‬ولعل التغلب على تق ُّبل‬ ‫أو ممانعة اجلهاز املناعي لـمهاجمة اخلاليا املو ّلدة من الشخص‬ ‫املضيف ه� � ��و العقبة الكبرى في طريق إنت� � ��اج لقاحات عالجية‬ ‫ملكافحة الس� � ��رطان‪ .‬والـمفاجأة األخرى هي أن األورام قد تبدو‬ ‫كما لو كانت فعليا تزداد حجما بعد العالج بلقاحات لسرطان‪.‬‬ ‫إال أن حتليل نس� � ��يج الورم أظهر أن هذه الزيادة قد تكون نتيجة‬ ‫للخاليا املناعية الغازية وليست نتيجة لتكاثر خاليا الورم‪.‬‬ ‫وتش� � ��ير السرعة املتأنية التي يس� � ��تجيب وفقها اجلهاز‬ ‫املناعي للقاحات السرطان العالجية املُط َّورة حتى اآلن إلى‬ ‫اس� � ��تنتاجني مرحليني مهمني‪ .‬األول‪ :‬في الغالب‪ ،‬س� � ��تكون‬ ‫لقاحات الس� � ��رطان املنفردة هي األكث� � ��ر فاعلية على املدى‬ ‫القري� � ��ب لدى املصابني ف� � ��ي املراحل املبك� � ��رة من املرض‪،‬‬ ‫أي عندما تكون أورامهم ليس� � ��ت كبي� � ��رة بالقدر الذي يثبط‬ ‫جهازهم املناع� � ��ي‪ ،‬ولديهم الوقت الكاف� � ��ي النتظار انطالق‬ ‫اس� � ��تجابة مناعية أكثر قوة‪ .‬والثان� � ��ي‪ ،‬هو أن املصابني في‬ ‫املراح� � ��ل الـمتقدمة قد يحتاجون إلى تصغير حجم أورامهم‬ ‫باس� � ��تخدام ط� � ��رق الع� �ل��اج التقليدية قب� � ��ل أن يتمكنوا من‬ ‫االستفادة من تلقي لقاح للس� � ��رطان‪ .‬ومن املهم البدء بورم‬ ‫صغي� � ��ر‪ ،‬أو بورم موجود فعال من قبل وآخذ في االنكماش‪،‬‬ ‫ألن األورام الكبي� � ��رة املوجودة منذ م� � ��دة طويلة تكون أكثر‬

‫ق� � ��درة على تثبي� � ��ط اجلهاز املناعي أو التمل� � ��ص منه مقارنة‬ ‫باألورام الصغي� � ��رة احلديثة‪ .‬فهي حتت� � ��وي عددا أكبر من‬ ‫اخلاليا التي مبقدورها حترير كميات أكبر وأنواع أكثر من‬ ‫املواد الكيميائية املثبطة للمناعة‪ .‬فقد يكون الس� � ��رطان لدى‬ ‫املرضى في الـمراحل املتأخ� � ��رة ضخما بحيث يعجز حتى‬ ‫اجلهاز املناعي السليم عن التخلص منه‪.‬‬ ‫وعل� � ��ى الرغم من ه� � ��ذه العقبات والتعقي� � ��دات‪ ،‬فالعالمات‬ ‫واضح� � ��ة‪ :‬من املمك� � ��ن جتنيد اجلهاز املناع� � ��ي للمريض ذاته‬ ‫بكف� � ��اءة ليس� � ��اعد على مكافحة الس� � ��رطان‪ .‬وقد ش� � � ّ�جع هذا‬ ‫اإلدراك الباحث� �ي��ن في املجالني األكادميي والصناعي ‪ -‬الذين‬ ‫صم� � ��دوا أمام الكثير من حاالت الفش� � ��ل ‪ -‬تش� � ��جيعا هائال‪.‬‬ ‫فيعاد اآلن تفحص الدراس� � ��ات السريرية التي نُظر إليها على‬ ‫أنها دراس� � ��ات فاش� � ��لة‪ ،‬ملعرفة ما إذا أغفل� � ��ت أدلة ذات صلة‬ ‫باالس� � ��تجابات املناعية‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد أظهرت إحدى التجارب‬ ‫الت� � ��ي أجري� � ��ت على لقاح محتمل لس� � ��رطان البروس� � ��تاته هو‬ ‫پروس���تڤاك ‪ Prostvac‬أنه بينما فشل املركب في حتقيق الغاية‬ ‫األصلية املنشودة منه ‪ -‬وهي توقف منو الورم ‪ -‬فإنه قد زاد‬ ‫من مدة البقيا بصورة عامة‪ .‬وبالطبع فإن هذا االكتش� � ��اف قد‬ ‫حدث بعد خروج شركة التقانة احليوية الصغيرة التي طورت‬ ‫پروستڤاك من السوق بالفعل‪ ،‬ألنها فشلت في حتقيق الهدف‬ ‫األساسي للتجربة‪ .‬وحلس� � ��ن احلظ فقد متلّكت شركة أخرى‬ ‫حقوق تطوير الدواء‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إلى ما تبقى من الشركات في مجال الصناعة‪،‬‬ ‫فقد تأقلمنا بفعل س� � ��نوات من النتائ� � ��ج احملبطة فأصبحنا‬ ‫ننظ� � ��ر إلى ما هو أبعد من اإلخفاقات‪ ،‬وال نعطي الكثير من‬ ‫الوعود‪ .‬غير أن األدلة املس� � ��تمدة من األبحاث والدراس� � ��ات‬ ‫السريرية على مدى السنتني املاضيتني قادت عددا متزايدا‬ ‫من الباحثني إلى االعتقاد أن اللقاحات العالجية للسرطان‬ ‫ستؤدي دورا بارزا إلى جانب اجلراحة والعالج الكيميائي‬ ‫واإلش� � ��عاع في العقد القادم كعالج فعال ألكثر السرطانات‬ ‫>‬ ‫شيوعا التي تؤرق البشرية‪.‬‬ ‫) (‬

‫‪NEXT STEPS‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, October 2011‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪53‬‬


(2012) 4/3

54


‫{ {‬ ‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫احتفال‬ ‫بجائزة نوبل‬

‫( )‬

‫في الشهر السادس من كل عام يجتمع احلائزون‬ ‫على جائزة نوبل مع باحثني شباب ليطلعوهم على‬ ‫إجنازاتهم العلمية‪ ،‬وفي هذه املناسبة تعرض مجلة‬ ‫ساينتفيك أمريكان مقتطفات من بعض املقاالت التي‬ ‫سبق للفائزين بهذه اجلائزة نشرها على صفحاتها‪.‬‬ ‫ج ْب ْر<‬ ‫>‪َ .F‬‬

‫ف���ي كل ع���ام َي ْع ِق��� ُد الفائ���زون بجائزة نوبل ببل���دة النداو(‪ )1‬ف���ي أملانيا حلقة‬ ‫م���ع الباحث�ي�ن الش���باب إلج���راء مناقش���ات ومحادثات غي���ر رس���مية معهم ‪ .‬في‬ ‫ع���ام ‪ 2011‬وف���ي الفت���رة م���ن ‪ 2011/6/26‬إل���ى ‪ 2011/7/1‬ش���ارك في احللق���ة نحو ‪20‬‬ ‫من حائزي جائزة نوبل‪ ،‬إضافة إلى ‪ 550‬ش���ابا من النجوم الصاعدة في س���ماء‬ ‫العل���م اختيروا من أكثر م���ن ‪ 60‬بلدا‪ .‬ولتخليد ذكرى هذا احلدث‪ ،‬اختارت مجلة‬ ‫س���اينتفيك أمري���كان مقتطف���ات من بع���ض أكثر املقاالت التي نش���رتها ش���هرة‪،‬‬ ‫والت���ي كتبه���ا حائزون على جائزة نوب���ل في العلوم البيولوجي���ة‪ .‬وتتتبع هذه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املسارات املتداخلة للتقدم واالستكشاف العلميني للبيولوجيا ‪ -‬بدءا‬ ‫املقتطفات‬ ‫(‪)2‬‬ ‫من خمس���ينات القرن املاضي ‪ -‬في مواضيع بيولوجيا اخللية والطب والسلوك‬ ‫احليواني(‪ )3‬والعلوم العصبية(‪ .)4‬وللتسهيل على القارئ لم ُن ِشر إلى ما استبعدناه‬ ‫ضمن املقتطفات‪ ،‬التي جرى تلخيص الكثير منها تلخيصا شديدا‪.‬‬

‫باختصار‬

‫في الشهر السادس من كل عام يجتمع الفائزون بجائزة نوبل‬ ‫في البيولوجيا أو في الطب مع مئات من العلميني الش���باب في‬ ‫النداو بأملانيا‪.‬‬ ‫وإلحي���اء ذكرى ه���ذا احلدث‪ ،‬تقوم مجلة س���اينتفيك أمريكان‬ ‫بنش���ر مقتطف���ات من مقاالت متعلقة بالبيولوجيا س���بق لفائزين‬

‫بجائزة نوبل أن نشروها في هذه املجلة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أصل اجلزيئات العضوية‬ ‫تتناول املقتطفات التي تركز على اخلاليا‬ ‫الرئيسية وبُناها‪ ،‬وكيف أتت اخلاليا إلى الوجود‪ .‬كما تعرض بعض‬ ‫املقتطفات جذور املرض‪ ،‬واألس���باب التي جتعل احليوانات تتصرف‬ ‫بالطريقة التي تسلكها‪ ،‬وكيف يعمل الدماغ ليكوِّ ن العقل‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪A NOBEL CELEBRATION‬‬ ‫‪Landau‬‬ ‫‪cell biology‬‬ ‫‪animal behavior‬‬ ‫‪neuroscince‬‬

‫‪55‬‬


‫اخللية احلية‬

‫( )‬

‫إن تطور اخلاليا واملخططات‬ ‫املعقدة التي ترسمها تأسر‬ ‫األلباب إلى أبعد حد ‪-‬‬ ‫وهذا واضح في املقتطفات‬ ‫التي نعرضها‪ ،‬والتي تتناول‬ ‫كيفية تك ّون جزيئات احلياة‬ ‫أول مرة‪ ،‬وكيف تؤثر بنية‬ ‫الدنا ‪ DNA‬في وظائف اجلسد‪ ،‬وكيف أتت اخلاليا املعقدة إلى الوجود‪.‬‬

‫منشأ احلياة‬

‫( )‬

‫تأليف‪George Wald :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1967‬‬

‫‪56‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1954/8‬‬ ‫إن اجلزيئ���ات العضوي���ة ‪organic molecules‬‬ ‫تك � � � ِّون صفيفا هائ� �ل��ا ذا تنوع ال ح� � ��دود له‪،‬‬ ‫وتعقي� � ��دا يدعو إلى احلي� � ��رة واإلرباك‪ .‬وحتى‬ ‫نفه� � ��م كيف نش� � ��أت املتعضي���ات ‪organisms‬‬ ‫يتعني علينا قبل كل شيء أن نشرح كيف أتت‬ ‫هذه اجلزيئ� � ��ات املعقدة إلى احلياة‪ .‬إن تكوين‬ ‫�ض ال يتطلب فقط تنوع� � ��ا هائال من هذه‬ ‫متع� � � ٍ‬ ‫املواد مبقادير مناس� � ��بة ونسب محددة‪ ،‬وإمنا‬ ‫أيضا ترتيبها بالطريقة السليمة‪ .‬والبنية هنا ال‬ ‫تقل أهمية عن التركيب‪ ،‬علما بأن البنية شديدة‬ ‫التعقيد! فأعقد آلة اخترعها اإلنسان ‪ -‬كالعقل‬ ‫اإللكتروني مثال ‪ -‬ليست س� � ��وى لعبة أطفال‬ ‫مقارنة بأبسط املتعضيات احلية‪.‬‬ ‫وحديثا‪ ،‬غدا >‪ .H‬يوري< [الذي فاز بجائزة‬ ‫نوب� � ��ل ف� � ��ي الكيمي� � ��اء] مهتما بالدرج� � ��ة التي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫يج� � ��ب أن تبلغه� � ��ا االنفراغ���ات الكهربائية‬ ‫في طبق� � ��ات اجلو العلي� � ��ا‪ ،‬لتكوي� � ��ن مركبات‬ ‫عضوية‪ .‬وق� � ��د أجرى أحد طلب� � ��ة >‪ .L .S‬ميلر<‬ ‫جتربة بسيطة كان ينش� � ��ر خاللها مزيجا من‬ ‫بخار امل� � ��اء وامليث� � ��ان )‪ (CH4‬واألمونيا )‪(NH3‬‬ ‫والهدروج� �ي��ن ‪ -‬وهذه جميعها غ� � ��ازات ُيعتقد‬ ‫أنها كانت موجودة في اجلو األولي لألرض ‪-‬‬ ‫باستمرار طوال أسبوع على شرارة كهربائية‪.‬‬ ‫وكان يواصل عملية النش� � ��ر هذه بواسطة غلي‬ ‫امل� � ��اء في إح� � ��دى حافتي جه� � ��از وتكثيفه في‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫احلافة األخرى‪ .‬وبنهاية األس� � ��بوع‪ُ ،‬ح ِّلل املاء‬ ‫باستعمال طريقة دقيقة في الكروماتوگرافيا‬ ‫الورقية(‪ .)2‬وقد وجد أن املاء حصل على مزيج‬ ‫(‪)4‬‬ ‫من األحم���اض األمينية(‪ !)3‬وكان الكلس�ي�ن‬ ‫واألالن�ي�ن(‪ ،)5‬وهم� � ��ا أكثر حمض� �ي��ن أمينيني‬ ‫بساطة وانتش� � ��ارا في الپروتينات‪ ،‬موجودين‬ ‫في احمللول‪ ،‬كم� � ��ا ُو ِجدت دالالت على أنه كان‬ ‫يحوي حمض األسپرتيك(‪ )6‬وحمضني آخرين‪.‬‬ ‫لقد كان هذا اكتش� � ��افا رائع� � ��ا‪ .‬وهذه النتيجة‬ ‫تقلب رأس� � ��ا على عقب أفكارن� � ��ا عن احتمال‬ ‫تك ّون عفوي لألحماض األمينية‪.‬‬ ‫وحديث� � ��ا قدمت ع� � ��دة أمثلة مدهش� � ��ة على‬ ‫اإلنتاج العفوي ألمن� � ��اط مألوفة لبنية بيولوجية‬ ‫بواس� � ��طة جزيئات پروتينية‪ .‬ويوفر الغضروف‬ ‫والعضل بعض أكثر األمناط الدقيقة واملنتظمة‬ ‫لبني� � ��ة ميكن العث� � ��ور عليها ف� � ��ي املتعضيات‪.‬‬ ‫ه� � ��ذا‪ ،‬وإن ليف� � ��ا من أي من هذين النس� � ��يجني‬ ‫ُيظهِ ُر ف� � ��ي مجه���ر إلكترون���ي(‪ )7‬منطا جميال‬ ‫م� � ��ن التخطط���ات(‪ )8‬املتصالبة ذات الس� � ��عات‬ ‫والكثافات املتنوعة‪ ،‬والتي تتوزع بانتظام الفت‬ ‫( ) ‪The Living Cell‬‬ ‫( ) ‪The Origin of Life‬‬ ‫(‪electrical discharges )1‬‬ ‫(‪paper chromatography )2‬‬ ‫(‪amino acids )3‬‬ ‫(‪glycine )4‬‬ ‫(‪alanine )5‬‬ ‫(‪aspartic )6‬‬ ‫(‪electron microscope )7‬‬ ‫(‪striations )8‬‬


‫للنظر‪ .‬ومن املمكن وضع الپروتينات التي تك ِّون هذه البنى في‬ ‫محاليل مختلفة‪ ،‬وحتريكها باجتاهات عشوائية متاما‪ .‬بيد أنه‬ ‫عند ترسبها في ظروف معينة‪ ،‬فإن اجلزيئات تعيد اصطفافها‬ ‫لتعيد توليد األمناط األصلية للنسج بدقة استثنائية‪.‬‬

‫بنية املادة‬ ‫الوراثية‬ ‫( )‬

‫تأليف‪F.H.C. Crick :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1962‬‬

‫لذا‪ ،‬لدينا أساس مكني للفكرة القائلة إن جزيئات حسائنا‬ ‫العظيم ل� � ��م ينضم بعضها إلى بعض عفوي� � ��ا لتكون جتمعات‬ ‫فحس� � ��ب‪ ،‬لكنها‪ ،‬بعملها هذا‪ ،‬ستنجز عفويا أمناطا ودرجات‬ ‫مختلفة من النظام‪.‬‬

‫ُن ِشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1954/10‬‬ ‫م� � ��ن املعل� � ��وم اآلن أن الدن���ا ‪ DNA‬مؤلف من‬ ‫سلس� � ��لة طويلة جدا مكونة من زم� � ��ر متعاقبة‬ ‫من الس� � ��كر والفوسفات‪ .‬والس� � ��كر هو دائما‬ ‫ريب���وز منزوع من���ه الس���كر(‪ )1‬دائما‪ .‬ومع أن‬ ‫سلسلة الفوس� � ��فات والس� � ��كر منتظمة متاما‪،‬‬ ‫فإن اجلزيء‪ ،‬ككل‪ ،‬ليس كذلك‪ ،‬ألن لكل س� � ��كر‬ ‫أساس���ا ‪ base‬مرفقا بها‪ .‬وتوجد‪ ،‬عموما‪ ،‬أربعة‬ ‫أمن� � ��اط مختلفة من األس� � ��س‪ :‬اثن� � ��ان منها من‬ ‫الپورينات(‪ ،)2‬يس� � ��ميان أدينني(‪ )3‬وگوانني(‪،)4‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫واثنان من الپيرمييدينات(‪ ،)5‬يسميان ثيمني‬ ‫وسيتوس�ي�ن(‪ .)7‬وم� � ��ا هو مع� � ��روف حتى اآلن‬ ‫ه� � ��و أن ترتيب تعاقب هذه األس� � ��س على طول‬ ‫السلس� � ��لة غير منتظم‪ ،‬وم� � ��ن احملتمل اختالفه‬ ‫من قطعة دنا إل� � ��ى أخرى‪ .‬ومع أننا نعرف من‬ ‫الصيغة الكيميائية للدنا أنه سلسلة‪ ،‬فإن هذا‪،‬‬ ‫في حد ذاته‪ ،‬ال ينبئنا بشيء عن شكل اجلزيء‪،‬‬ ‫وذلك يعود إلى أن للسلسلة كثيرا من الروابط‬ ‫املفردة التي ميكن أن يدور اجلزيء حولها‪.‬‬ ‫كان >‪ .D .J‬واطس� � ��ون< وأنا [عندما كنا نعمل‬ ‫في وحدة مجلس األبح� � ��اث الطبية التابع ملختبر‬ ‫كاڤنديس بكامبريدج] مقتنعني بأننا قادران على‬ ‫االقت� � ��راب بطريق� � ��ة ما من بنية الدن� � ��ا عن طريق‬ ‫بناء من���اذج ُس��� ّلمية(‪ )8‬مؤسس� � ��ة عل� � ��ى مناذج‬ ‫أش� � ��عة س� � ��ينية حصل عليه� � ��ا >‪ .F .H .M‬ويلكنز<‬ ‫و>‪ .R‬فرانكل� �ي��ن< ومعاونوهما ف� � ��ي كنگ كولدج‬ ‫بلن� � ��دن‪ .‬وبغية التق� � ��دم في أبحاثن� � ��ا‪ ،‬كان علينا‬ ‫وضع بعض االفتراض� � ��ات‪ .‬وكان ألهمها عالقة‬ ‫بحقيق� � ��ة أن التك���رار البلوري(‪ )9‬ل� � ��م يتطابق مع‬ ‫تكرار الواحدات الكيميائية في السلس� � ��لة‪ ،‬لكنه‬ ‫حدث بفواصل زمنية أطول بكثير‪ .‬وثمة تفس� � ��ير‬ ‫ممك� � ��ن مف� � ��اده أن الروابط في السلس� � ��لة كانت‬ ‫نفسها‪ ،‬ولكن األشعة السينية كانت تُرى كل ‪10‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫روابط‪ ،‬مثال‪ ،‬من الزاوية نفس� � ��ها‪ ،‬وما تبقى من‬ ‫زوايا مختلفة‪ .‬تُرى‪ ،‬أي نوع من السالسل ميكنه‬ ‫تولي� � ��د هذا النمط؟ كان اجلواب س� � ��هال‪ ،‬وهو أن‬ ‫السلسلة قد تكون ملفوفة على شكل لولب‪ .‬عندئذ‬ ‫تكون املسافة بني التكرارات البلورية متطابقة مع‬ ‫املسافة في السلس� � ��لة التي تفصل بني نقطة من‬ ‫اللولب والنقطة املماثلة التي تليها عليه‪.‬‬ ‫إن هذا النموذج اخلاص يحتوي على زوج‬ ‫من سالسل الدنا ملفوف حول محور مشترك‪،‬‬ ‫والسلسلتان مرتبطتان معا بواسطة أساسيهما‪.‬‬ ‫ويوصل أس� � ��اس لسلس� � ��لة ما بواسطة روابط‬ ‫ضعيفة جدا بأس� � ��اس باملس� � ��توى نفس� � ��ه على‬ ‫السلسلة األخرى‪ ،‬وتتجمع كل األسس أزواجا‬ ‫بهذه الطريقة على طول البنية‪ .‬ومن املفارقة أنه‬ ‫بغية جع� � ��ل البنية متناظرة ق� � ��در اإلمكان‪ ،‬فقد‬ ‫تعني علينا جعل السلسلتني تسيران باجتاهني‬ ‫متعاكسني‪ ،‬أي إن متتالية الذرات جتري باجتاه‬ ‫في سلسلة‪ ،‬وباجتاه معاكس في أخرى‪.‬‬ ‫لق� � ��د وجدنا اآلن أننا غير قادرين على ترتيب‬ ‫األسس بأي طريقة نشاء؛ فاألسس األربعة يجب‬ ‫أن تكون مالئم� � ��ة للبنية بأزواج معينة فقط‪ .‬وفي‬ ‫أي زوج‪ ،‬البد أن يك� � ��ون أحدهما كبيرا (پورين)‬ ‫دائما‪ ،‬واآلخ� � ��ر (پيرمييدين) صغيرا دائما‪ .‬وإن‬ ‫زوجا واحدا من الپيرمييدينات سيكون قصيرا‪،‬‬ ‫وطوله غير كاف لسد الفجوة بني سلسلتني‪ ،‬ومن‬ ‫ث� � ��م فإن زوجا من الپورينات س� � ��يكون طويال وال‬ ‫يصلح أيضا لسدها‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫‪The Structure of the Hereditary Material‬‬ ‫‪desoxyribose‬‬ ‫‪purines‬‬ ‫‪adenine‬‬ ‫‪guanine‬‬ ‫‪pyrimidines‬‬ ‫‪thymine‬‬ ‫‪cytosine‬‬ ‫‪scale models‬‬ ‫‪crystallographic repeat‬‬

‫‪57‬‬


‫ويج� � ��ب دائما مزاوجة األدينني مع الثيمني والگوانني؛ ومن‬ ‫املس� � ��تحيل وضع القواع� � ��د معا ف� � ��ي أي مجموعة أخرى في‬ ‫منوذجنا‪( .‬ومن احملتمل أن تكون هذه املزاوجة أساس� � ��ية في‬ ‫عل� � ��م البيولوجيا إل� � ��ى حد يدفعني إلى التفكي� � ��ر فيما إذا قام‬ ‫عالم متحمس في املس� � ��تقبل بتسمية توأمه املولود حديثا عند‬ ‫تعميده‪ :‬أدينني‪ ،‬وثيمني!)‬ ‫إن الش� � ��يء املثير اآلن فيما يتعلق بنموذج من هذا النمط هو‬ ‫أنه يقترح رأس� � ��ا الطريقة التي قد يو ِّلد بها الدنا نس� � ��خة مطابقة‬ ‫له‪ .‬ويتكون النموذج من جزأين‪ ،‬كل منهما تكميل لآلخر‪ .‬وهكذا‪،‬‬

‫والدة خاليا‬ ‫معقدة‬ ‫( )‬

‫تأليف‪Christian de Duve :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1974‬‬

‫‪58‬‬

‫ف� � ��إن أيا من السلس� � ��لتني قد تقوم مقام نوع م� � ��ن القوالب ميكن‬ ‫بواسطته اصطناع سلسلة مك ِّملة‪ .‬ومبقدورنا القول إن سلسلتي‬ ‫الدنا تفك إحداهما عن األخرى وتصبحان منفصلتني‪ .‬وتش� � ��رع‬ ‫كل منهما في بناء تكميل جديد لها‪ .‬وحني تنتهي العملية‪ ،‬يصبح‬ ‫لدينا زوجان من السالس� � ��ل بع� � ��د أن كان لدينا زوج واحد فقط‪.‬‬ ‫أضف إلى ذلك‪ ،‬أنه نتيجة هذه املزاوجة احملددة لألس� � ��س‪ ،‬فإن‬ ‫متتالية أزواج األسس ستكون قد أخرجت نسخة مطابقة متاما‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن القالب لم يجمع اللبنات األساسية فحسب‪،‬‬ ‫بل إنه وضعها جنبا إلى جنب بالترتيب الصحيح متاما‪.‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1996/4‬‬ ‫قبل نحو ‪ 3.7‬بليون سنة‪ ،‬ظهرت أول متعضيات‬ ‫حية عل� � ��ى األرض‪ .‬كان� � ��ت ميكروب� � ��ات بالغة‬ ‫الصغر ووحيدة اخللية‪ ،‬وال تختلف كثيرا جدا‬ ‫عن بع� � ��ض البكتيريا املوجودة في أيامنا هذه‪.‬‬ ‫وقد تبني أن اخلاليا البدائية النوى(‪ )1‬ناجحة‬ ‫ج� � ��دا‪ .‬وبفض� � ��ل قدرتها العالية عل� � ��ى التطور‬ ‫والتكيف‪ ،‬و َّلدت تشكيل ًة واسعة من األنواع(‪،)2‬‬ ‫واجتاح� � ��ت كل بيئة حيوانية أو نباتية كان على‬ ‫العالَ� � ��م أن يوفرها‪ .‬كان م� � ��ن املمكن أن يكون‬ ‫املعطف احلي لكوكبنا مازال مؤلفا من خاليا‬ ‫بدائية الن� � ��وى حصرا‪ ،‬لوال تطور اس� � ��تثنائي‬ ‫كان الس� � ��بب في نشوء شيء مختلف جدا هو‬ ‫خلية ُس� � ��ميت حقيقية الن���واة(‪ ،)3‬ألنها متتلك‬ ‫ن� � ��واة حقيقية‪ .‬وفي هذه األي� � ��ام‪ ،‬تتكون جميع‬ ‫املتعضيات املتعددة اخلاليا من خاليا حقيقية‬ ‫الن� � ��واة‪ .‬ومن احملتمل ج� � ��دا أن تكون اخلاليا‬ ‫(‪)5‬‬ ‫احلقيقي���ة الن���وى(‪ )4‬تط� � ��ورت من أس�ل�اف‬ ‫بدائية النوى‪ .‬ولكن كيف حدث ذلك؟‬ ‫إن القبول بهذه الرحلة التطورية املدهش� � ��ة‬ ‫يتطلب فهما أساس� � ��يا للطريقة التي تؤدي إلى‬ ‫وجود اختالف بني منطني من اخلاليا األساسية‪.‬‬ ‫فاخلالي� � ��ا احلقيقية النوى أكبر من تلك البدائية‬ ‫الن� � ��وى بكثير (ومنوذجيا‪ ،‬حجمه� � ��ا أكبر بنحو‬ ‫‪ 10 000‬مرة)‪ .‬وفي اخلاليا البدائية النوى‪ ،‬يتكون‬ ‫األرش� � ��يف اجليني الكلي من كروموسوم وحيد‬ ‫مؤلف من وتر دائري من الدنا في متاس مباشر‬ ‫مع بقية اخللية‪ .‬وفي اخلالي� � ��ا احلقيقية النوى‬ ‫يك� � ��ون معظم الدنا محتوى في كروموس� � ��ومات‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫(صبغي� � ��ات) أعل� � ��ى تنظيما ومجمع� � ��ة في زمر‬ ‫ضمن س� � ��ياج مركزي مح� � ��دد متاما هو النواة‪.‬‬ ‫ومعظم اخلاليا احلقيقية النوى متيز نفسها من‬ ‫تلك البدائية النوى بامتالكها في الس���يتوپالزم‬ ‫(الهيول���ى) ‪ cytoplasm‬ع� � ��دة آالف م� � ��ن بنى أو‬ ‫عضيات ‪ organelles‬حجمها يعادل تقريبا حجم‬ ‫اخلاليا البدائية النوى‪ .‬وأهم هذه العضيات هي‬ ‫پيروكسيس���ومات(‪( )6‬تؤدي وظائف استقالبية‬ ‫متنوع� � ��ة)‪ ،‬ومتق���درات ‪( mitochondria‬معام� � ��ل‬ ‫طاقة اخلاليا)‪ ،‬وعضي� � ��ات في خاليا الطحالب‬ ‫والنبات� � ��ات‪ُ ،‬تس � � � ّمى پالس���تيدات(‪( )7‬مواق���ع‬ ‫التركيب الضوئي(‪.))8‬‬ ‫وطاملا اعتقد علم� � ��اء البيولوجيا أن املتقدرات‬ ‫والپالس� � ��تيدات حت� � ��درت م� � ��ن بكتيري� � ��ا س� � ��بق‬ ‫تبنيه� � ��ا من قِ َب� � ��ل خالي� � ��ا مضيفة س� � ��الفة‪ ،‬مثل‬

‫اإلندوس���يمبيونتس(‪( )9‬التكاف���ل البيولوج���ي)‬

‫(وه� � ��ي كلمة جذورها يوناني� � ��ة تعني «العيش معا‬ ‫في الداخل»)‪ .‬وأكثر األدلة قطعا على ذلك‪ ،‬وجود‬ ‫نظ���ام جيني أث���اري ‪- vestigial genetic system‬‬ ‫لكن� � ��ه م� � ��ازال يعم� � ��ل ‪ -‬ضمن ه� � ��ذه العضيات‪.‬‬ ‫ويحتوي هذا النظام على جينات أساسها الدنا‪،‬‬ ‫وهي وس� � ��يلة لتكرار هذا الدن� � ��ا وجميع األدوات‬ ‫اجلزيئي� � ��ة الالزمة لبن� � ��اء جزيئ� � ��ات پروتينية من‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫‪The Birth of Complex Cells‬‬ ‫‪prokaryotes‬‬ ‫‪species‬‬ ‫‪eukaryote‬‬ ‫‪eukaryotic cells‬‬ ‫‪ancestors‬‬ ‫‪peroxisomes‬‬ ‫‪plastids‬‬ ‫‪photosynthesis‬‬ ‫‪endosymbionts‬‬


‫مخط���ط مك���وّ د بالدن���ا(‪ .)1‬إن تبني املعايش� � ��ة الداخلية غالبا ما‬ ‫يقدم بوصفه ناجتا من نوع معني من املواجهة ‪ -‬ضراوة عدائية‪،‬‬ ‫اجتياح س� � ��لمي‪ ،‬اجتم� � ��اع أو اندماج مفي� � ��د تبادليا ‪ -‬بني خاليا‬ ‫منوذجية بدائية النوى‪ .‬وثمة تفسير مباشر بدرجة أعلى ‪ -‬ونعني‬ ‫به أن اإلندوسيمبيونتس قد ُأخذت في األصل في سياق تغذية من‬ ‫قبل خلية مضيفة كبرها غير عادي‪ ،‬سبق أن امتلكت عدة خواص‪،‬‬

‫وهي مرتبط� � ��ة اآلن بخاليا حقيقية الن� � ��وى‪ .‬إن كثيرا من اخلاليا‬ ‫احلقيقية النوى ‪ -‬خاليا الدم البيضاء‪ ،‬مثال ‪ -‬حتجز خاليا بدائية‬ ‫النوى‪ .‬وفي حاالت نادرة‪ ،‬يظل كل من اجلالد والضحية على قيد‬ ‫احلي� � ��اة ويقبل كل منهما اآلخر‪ ،‬بل ميكن أن يتعاونا معا‪ ،‬وينتهيا‬ ‫إلى اس� � ��تقالل أحدهما عن اآلخر‪ ،‬وهك� � ��ذا فرمبا كانت املتقدرات‬ ‫والپالستيدات ضيوفا دائمة على خاليا ُمضيفة‪.‬‬

‫جذور املرض‬

‫( )‬

‫لقد أغنى بعض حائزي‬ ‫جائزة نوبل‪ ،‬الذين كتبوا‬ ‫في مجلة ساينتفيك‬ ‫أمريكان‪ ،‬ثقافتنا املتعلقة‬ ‫باملتعضيات امليكروية‬

‫(‪)2‬‬

‫واجلزيئات املسؤولة عن‬ ‫أمراض خطيرة‪.‬‬

‫ڤيروسات‬

‫( )‬

‫تأليف‪:‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1960‬‬ ‫‪F. M. Burnet‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1951/5‬‬ ‫متعض ميكروي‬ ‫ميك� � ��ن تعريف الڤيروس بأن� � ��ه‬ ‫ٍ‬ ‫أصغ� � ��ر كثيرا من معظ� � ��م البكتيريا‪ ،‬وال ميكنه‬ ‫التكاث� � ��ر إال ضمن خاليا حية ملضيف س� � ��ريع‬ ‫التأث� � ��ر‪ .‬والتحكم العملي في مرض ڤيروس� � ��ي‬ ‫يعتمد أساس� � ��ا‪ ،‬دائما تقريبا‪ ،‬على امتالك فهم‬ ‫للوسائل التي ُيحفظ بها التوازن بني الڤيروس‬ ‫واملُضيف في الطبيعة‪ ،‬وللطريقة التي تؤدي إلى‬ ‫تعديل هذا التوازن‪ ،‬إما بواسطة حادث بيولوجي‬ ‫أو تصميم بشري‪ .‬وملقاربة مثل هذا الفهم برز‬ ‫مفهومان مهمان يرتبط أحدهما باآلخر «اإلنتان‬ ‫دون السريري»(‪ )3‬و«التمنيع»(‪.)4‬‬ ‫اإلنتان دون الس� � ��ريري هو ذلك الذي ال يبدو‬ ‫فيه على الشخص الذي أصيب باإلنتان‪ ،‬عالمة‬ ‫على أي مرض‪ .‬وفي مجموعة من الناس تعرضت‬ ‫ملرض ٍ‬ ‫معد غالبا م� � ��ا يكون عدد حوادث اإلنتان‬ ‫دون الس� � ��ريري أعلى بكثير من حوادث اإلنتان‬ ‫الش� � ��ديدة التي تظهر أعراضا مؤكدة للمرض‪.‬‬ ‫وعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬عندما يصاب طفل بش� � ��لل‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫األطفال‪ ،‬فإن فحصا دقيق� � ��ا لبقية أفراد العائلة‬ ‫س � � � ُي ْظهِ ر عموم� � ��ا أن جميع األطف� � ��ال اآلخرين‬ ‫يحملون الڤيروس في أمعائهم طوال أس� � ��بوع أو‬ ‫أس� � ��بوعني‪ ،‬لكن ال تظهر عليهم أعراض املرض‬ ‫أب� � ��دا‪ ،‬أو تظه� � ��ر عليهم أع� � ��راض مرض خفيف‬ ‫يصعب وصفه‪ .‬وحلس� � ��ن احلظ‪ ،‬فحتى اإلنتان‬ ‫دون الس� � ��ريري يبدي مقاومة شديدة للڤيروس‬ ‫طوال م� � ��دة بعد اإلصابة‪ .‬إن ه� � ��ذه القدرة التي‬ ‫يتمتع به� � ��ا اإلنتان اخلفيف أو دون الس� � ��ريري‬ ‫للتعام� � ��ل م� � ��ع املناعة قد تكون أعظ� � ��م عامل في‬ ‫احلفاظ على توازن مقبول بني اإلنسان واألمراض‬ ‫الڤيروسية العامة‪ .‬فاملشكلة هي أن الڤيروسات‬ ‫كائن� � ��ات متحول� � ��ة‪ ،‬وه� � ��ي عرضة لطف� � ��رات في‬ ‫اجتاهات متنوعة‪ ،‬ثم إن الڤيروس الذي ال يسبب‬ ‫إال إنتان� � ��ا خفيفا قد يتطور إل� � ��ى ڤيروس قاتل‪.‬‬ ‫( ) ‪Roots of Disease‬‬ ‫( ) ‪Viruses‬‬ ‫(‪DNA-encoded blueprint )1‬‬ ‫(‪microorganisms )2‬‬ ‫(‪subclinical infection )3‬‬ ‫(‪immunization )4‬‬

‫‪59‬‬


‫ما من أحد يستطيع االدعاء بوجود اتفاق تام على طبيعة املناعة‬ ‫للڤيروسات‪ ،‬بيد أنه من املمكن تقدمي وصف مبسط يقبله معظم‬ ‫املتخصصني بالڤيروسات‪ .‬فالتفسير هو أنه يتوسط املناعة كلَّها‬ ‫للڤيروسات جس ٌم مض���ا ٌد(‪ .)1‬واألجسام املضادة ميكن وصفها‬ ‫بأنها جزيئات پروتني دم معدلة‪ ،‬وقادرة على ربط نفس� � ��ها بقوة‬ ‫بڤيروس محدد أو مبتعض غازٍ آخر أثار اجلس � � � ُم توليده‪ .‬وإذا‬ ‫أمكن لعدد كاف من جزيئات األجس� � ��ام املضادة ربط نفس� � ��ها‬

‫أمراض‬ ‫البريون‬

‫( )‬

‫تأليف‪Stanley B. Prusiner :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1997‬‬

‫‪60‬‬

‫بجس� � ��يم ڤيروس� � ��ي‪ ،‬فإنه يصبح لها أثر مش� � ��وش يحول دون‬ ‫ربط الڤيروس باخللية املضيفة وبتكاثره ضمن اخللية‪ .‬ويظهر‬ ‫اجلس� � ��م املضاد في الدم بعد بضعة أيام م� � ��ن اإلنتان‪ ،‬ويبلغ‬ ‫ذروته خالل أسبوعني أو ثالثة‪ .‬ويواصل اجلسم إنتاج اجلسم‬ ‫املضاد مبس� � ��توى يتضاءل ببطء بعد مدة طويلة من الشفاء ‪-‬‬ ‫وف� � ��ي بعض األمراض مثل احلصبة واحلم� � ��ى الصفراء‪ ،‬يظل‬ ‫موجودا طوال حياة املصاب بهذه األمراض‪.‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1995/1‬‬ ‫قبل خمس عش� � ��رة س� � ��نة‪َ ،‬أ َث ْر ُت قدرا كبيرا من‬ ‫الش� � ��كوك عندما ذكرت أن العوام���ل اإلنتانية‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(املعدي���ة)(‪ ،)2‬التي تسبب اضطرابات تنكسية‬ ‫في اجلمل� � ��ة العصبية املركزية ف� � ��ي احليوانات‪،‬‬ ‫وبقدر أقل في البشر‪ ،‬قد تكون مؤلفة من پروتني‬ ‫وال ش� � ��يء آخر‪ .‬وفي ذل� � ��ك الوقت‪ ،‬كان مثل هذا‬ ‫الكالم يعد انش� � ��قاقا عما هو سائد حينذاك‪ .‬فقد‬ ‫كان االعتقاد الس� � ��ائد ه� � ��و أن ناقالت األمراض‬ ‫الس� � ��ارية تتطلب مادة جيني� � ��ة مكونة من حمض‬ ‫نووي (دنا ‪ DNA‬أو رنا ‪ )RNA‬لتكوين إنتان في‬ ‫خلية مضيفة‪ .‬وحتى الڤيروسات‪ ،‬من بني أبسط‬ ‫امليكروبات‪ ،‬تعتمد على مث� � ��ل هذه املادة لتوجيه‬ ‫إيجاد الپروتينات الالزمة للبقاء على قيد احلياة‬ ‫والتكاثر‪ .‬وفي وقت الحق‪ ،‬كان كثير من الباحثني‬ ‫متش� � ��ككني أيضا عندما اقترحت مع زمالئي أن‬ ‫هذه «اجلسيمات الپروتينية اإلنتانية (املعدية)» ‪-‬‬ ‫أو «الپريون���ات»(‪ ،)4‬وه� � ��ذا االس� � ��م الذي أطلقته‬ ‫عل� � ��ى العوامل املس���ببة للم���رض(‪ - )5‬قد تكون‬ ‫األس� � ��اس ألمراض وراثية وإنتانية أيضا‪ .‬ومثل‬ ‫هذا السلوك الثنائي لم يكن معروفا حينذاك في‬ ‫العل� � ��وم الطبية‪ .‬وقد واجهن� � ��ا مقاومة مرة أخرى‬ ‫عندما توصلن� � ��ا إلى أن الپريون� � ��ات (التي تلفظ‬ ‫بالش� � ��كل پ���ري ‪ -‬إيونات(‪ ))6‬تتكاث� � ��ر بطريقة ال‬ ‫تصدق‪ ،‬إذ إنها حت � � � ِّول الپريونات العادية ِب َحثِّ‬ ‫اجلزيئ� � ��ات احلميدة على تغيي� � ��ر هيئتها‪ .‬بيد أن‬ ‫م� � ��ا حدث في هذه األيام ه� � ��و أن قدرا هائال من‬ ‫البيانات التجريبية والسريرية أدى إلى االقتناع‬ ‫بأن ما قلناه صحيح في األمور الثالثة جميعها‪.‬‬ ‫ويش� � ��ار أحيان� � ��ا إل� � ��ى أم� � ��راض الپريون‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫املعروفة‪ ،‬والتي جميعها قاتل‪ ،‬باسم االعتالالت‬ ‫الدماغية اإلسفنجية(‪ .)7‬وقد سميت كذلك ألنها‬

‫غالبا ما جتعل الدماغ مليئا بالثقوب كالغربال‪.‬‬ ‫وهذه األمراض‪ ،‬التي قد تس� � ��تمر لسنوات (بل‬ ‫قد تستمر لعقود في البشر)‪ ،‬واسعة االنتشار‬ ‫بني احليوان� � ��ات‪ .‬وأعمها هو س���كراپي(‪ )8‬الذي‬ ‫يصيب اخل� � ��راف واملاعز‪ .‬وأكثرها إثارة للقلق‬ ‫ه� � ��و جن� � ��ون البقر‪[ .‬تض� � ��م أم� � ��راض الپريون‬ ‫البشري مرض كروتس���فلت‪-‬جيكوب(‪ ،)9‬الذي‬ ‫يسبب اخلَ رَف(‪].)10‬‬ ‫وإضاف� � ��ة إلى تبي� � ��ان أن پروتين� � ��ا ميكن أن‬ ‫يس� � ��بب مرض� � ��ا م� � ��ن دون مس� � ��اعدة أحماض‬ ‫نووية‪ ،‬فقد جنحنا بالتبصر في طريقة انتش� � ��ار‬ ‫الپروت� �ي��ن س���كراپي ‪[ )11(PrP‬پروتني پريوني] في‬ ‫اخلالي� � ��ا‪ .‬ومع أنن� � ��ا مازلنا بحاج� � ��ة إلى معرفة‬ ‫كثير م� � ��ن التفاصيل‪ ،‬فإن أح� � ��د املظاهر واضح‬ ‫متام� � ��ا‪ :‬فالف� � ��رق الرئيس� � ��ي ب� �ي��ن الپروتني ‪PrP‬‬ ‫العادي وپروتني سكراپي ‪ PrP‬يتجلى في الهيئة‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن پروتني س� � ��كراپي ينشر نفسه‬ ‫باالتصال بجزيئات الپروتني ‪ PrP‬النظامية‪ ،‬وهذا‬ ‫يجعلها تنتشر وتغير بسرعة هيئتها العادية إلى‬ ‫هيئة سكراپي‪ .‬وهذا التغير يحدِ ثُ شالال صغيرا‬ ‫تغي� � ��ر فيه اجلزيئ� � ��ات التي حتول� � ��ت حديثا هيئة‬ ‫جزيئات پروتني ‪ PrP‬عادية أخرى‪ ،‬وهلم جرا‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪degenerative disorders )3‬‬ ‫(‪prions )4‬‬ ‫(‪the disease-causing agents )5‬‬ ‫(‪PREE-eons )6‬‬ ‫(‪spongiform encephalopathies )7‬‬ ‫(‪scrapie )8‬‬ ‫(‪Creutzfeld-Jacob disease )9‬‬ ‫(‪scorpie PrP )10‬‬ ‫(‪dementia )11‬‬ ‫‪The Prion Disease‬‬

‫‪ ،antibodies‬وتسمى أحيانا «أضدادا»‪.‬‬ ‫‪ ،infectuous agents‬وتسمى أحيانا «العوامل اخلامجة»‪.‬‬


‫وتقدم الدراس� � ��ات في ه� � ��ذا املوضوع حجج� � ��ا مقنعة بأن‬ ‫الپريون هو صنف جديد متاما من املُمْرضات اإلنتانية(‪ ،)1‬وأن‬ ‫أمراض الپريون تنتج من انحرافات في هيئة الپروتني‪ .‬والسؤال‬

‫تيلوميرات‬ ‫وتيلوميراز‬ ‫وسرطان‬ ‫( )‬

‫تأليف‪:‬‬

‫& ‪Carol W. Greider‬‬ ‫‪Elizabeth H. Blackburn‬‬ ‫حازتا جائزة نوبل ‪2009‬‬

‫عما إذا كانت التغيرات في هيئة الپروتني مسؤولة عن األمراض‬ ‫العصبية التنكس���ية(‪ )2‬العام� � ��ة؛ مثل مرض ألزهامير‪ ،‬فما زال‬

‫جوابه غير معروف‪ ،‬ولكن من احملتمل أال يجري جتاهله‪.‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1996/2‬‬ ‫خ� �ل��ال الس� � ��نوات اخلمس عش� � ��رة املنصرمة‪،‬‬ ‫أسفرت األبحاث عن حتديد إنزمي استثنائي أطلق‬ ‫(‪)4‬‬ ‫عليه اسم تيلوميراز(‪ )3‬يؤثر في التيلوميرات‬ ‫[نهاي� � ��ات الكروموس� � ��ومات]‪ ،‬و ُيظن أنه يفرض‬ ‫كثيرا من السرطانات البش� � ��رية‪ .‬فالسرطانات‬ ‫تنش� � ��أ عندما متتلك خلية طفرات جينية متعددة‬ ‫جتعل اخللية خارج نط� � ��اق التحكمات الطبيعية‬ ‫ف� � ��ي التكاثر والهج���رة(‪ .)5‬وميكن لتكاثر جامح‬ ‫للخلية وذريتها أن يغزو نسيجا مجاورا ويخربه‪.‬‬ ‫وقد تنفصل بعض أجزائه وترحل إلى أجزاء من‬ ‫اجلس� � ��م ال تنتمي إلى تلك‪ ،‬مكونة أوراما خبيثة‬ ‫جديدة في مواقع بعيدة‪.‬‬ ‫وفك� � ��رة أن التيلوميراز رمب� � ��ا يكون مهما‬ ‫إلعال� � ��ة الس� � ��رطانات البش� � ��رية‪ ،‬ق� � ��د ُطرحت‬ ‫للمناقشة منذ عام ‪ .1990‬ولكن إثبات صحة هذه‬ ‫الفكرة لم يصب� � ��ح مقنعا إال حديثا‪ .‬فقد قادت‬ ‫االكتش� � ��افات إلى منوذج ج� � ��ذاب‪ ،‬لكنه مازال‬ ‫منوذجا افتراضيا لتنشيط التيلوميراز العادي‬ ‫واملمرض من قبل جس� � ��م اإلنسان‪ .‬وتبعا لهذا‬ ‫النموذج‪ ،‬فإن التيلوميراز ُيصنع عادة بواسطة‬ ‫خاليا اخل� � ��ط اجلرثومي في اجلنني اآلخذ في‬ ‫التطور‪ .‬ولكن ما أن يتكون اجلس� � ��م كليا‪ ،‬فإن‬ ‫التيلوميراز ُي ْكبح متحوال إلى كثير من اخلاليا‬ ‫اجلس� � ��دية‪ ،‬كما تقل التيلومي� � ��رات مع إعادة‬ ‫إنت� � ��اج اخلاليا‪ .‬وعندما تنح� � ��در التيلومترات‬ ‫إلى مس���توى العتبة(‪ ،)6‬تصدر إش� � ��ارة متنع‬ ‫اخلاليا من مزيد من االنقسام‪.‬‬ ‫�رات اجلينية‬ ‫بيد أن� � ��ه إذا اعترضت الطف� � � ُ‬ ‫إرس� � ��ا َل إش� � ��ارات األمان هذه‪ ،‬أو س� � ��محت‬ ‫للخالي� � ��ا بتجاهلها‪ ،‬فإن اخلاليا س� � ��تواصل‬ ‫انقس� � ��امها‪ .‬وق� � ��د تواص� � ��ل‪ ،‬أيض� � ��ا‪ ،‬فقدان‬ ‫املتتاليات التيلومترية(‪ )7‬وتتعرض لتغييرات‬ ‫كروموس� � ��ومية رمبا تس� � ��مح بنش� � ��وء طفرات‬ ‫مس� � ��رطنة‪ .‬وعندما تغ� � ��دو التيلومت� � ��رات غير‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫موجودة كليا‪ ،‬أو كليا تقريبا‪ ،‬فقد تبلغ اخلاليا‬ ‫نقطة تنس� � ��حق به� � ��ا ومتوت‪ .‬ولك� � ��ن إذا أدت‬ ‫االختالالت اجلينية في املرحلة السابقة لألزمة‬ ‫إلى تصنيع التيلوميراز‪ ،‬فإن اخلاليا لن تفقد‬ ‫تيلوميراته� � ��ا كليا‪ .‬وعندئذ يصبح ما تبقى من‬ ‫التيلومترات مصونا ومحميا‪ .‬وبهذه الطريقة‪،‬‬ ‫ستكتس� � ��ب اخلاليا التي تعرض� � ��ت لإلزعاج‬ ‫جينيا اخللو َد الذي مييز السرطان‪.‬‬ ‫وقد ج� � ��رى تأييد هذا الس� � ��يناريو‪ ،‬عموما‬ ‫بأدل� � ��ة مع أن بعض األورام املتقدمة تفتقر إلى‬ ‫التيلوميراز‪ ،‬ووجد حديث� � ��ا أن بعض اخلاليا‬ ‫اجلس� � ��دية ‪ -‬وبخاصة خاليا ال� � ��دم البيضاء‬ ‫التي ُتس� � ��مى بالعم(‪ )8‬وملفاوي���ات(‪ - )9‬تصنع‬ ‫اإلنزمي� � ��ات‪ .‬ومهما يكن من أم� � ��ر‪ ،‬فإن األدلة‬ ‫التي ُجمعت توحي أن كثيرا من خاليا األورام‬ ‫تتطلب تيلوميرازا كي تنقسم من دون توقف‪.‬‬ ‫إن وجود التيلوميراز في س� � ��رطانات بشرية‬ ‫مختلفة‪ ،‬وعدم وجوده في عدة خاليا نظامية‪ ،‬يعني‬ ‫أن اإلنزمي يصلح أن يكون هدفا لعقاقير مضادة‬ ‫للس� � ��رطانات‪ .‬وقد تقتل العوامل(‪ )10‬القادرة على‬ ‫إعاقة التيلوميراز خاليا األورام (وذلك بالسماح‬ ‫للتيلوميرات باالنكم� � ��اش واالختفاء) دون تعطيل‬ ‫عمل كثير من اخلاليا النظامية‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬فإن‬ ‫معظم املعاجلات املتاحة للش� � ��فاء من الس� � ��رطان‬ ‫تحُ دث اضطرابا في اخلاليا الس� � ��ليمة واخلاليا‬ ‫الس � � � ِّمية‪ ،‬أضف إلى‬ ‫اخلبيثة‪ ،‬ومن ثم فهي عالية ُّ‬ ‫ذلك أنه ملا كان التيلوميراز يحدث في سرطانات‬ ‫متع� � ��ددة‪ ،‬ف� � ��إن مثل ه� � ��ذه العوام� � ��ل تعمل ضد‬ ‫مجموعة واسعة من األورام‪.‬‬ ‫( ) ‪Telomeres, Telomerase and Cancer‬‬ ‫(‪infections pathogen )1‬‬ ‫(‪neurodegenerative diseases )2‬‬ ‫(‪telomerase )3‬‬ ‫(‪telomeres )4‬‬ ‫(‪replication and migration )5‬‬ ‫(‪threshold level )6‬‬ ‫(‪telometric sequences )7‬‬ ‫(‪macrophages )8‬‬ ‫(‪lymphocytes )9‬‬ ‫(‪agents )10‬‬

‫‪61‬‬


‫عالم احليوان‬

‫( )‬

‫في حني ابتكر بعض‬ ‫البيولوجيني األدوات‬ ‫الالزمة لفهم السلوك‬ ‫اخللوي‪ ،‬فقد قام آخرون‬ ‫مبراقبة جميع احليوانات‬ ‫عن كثب‪ ،‬بغية فهم‬ ‫نشاطاتها الالفتة للنظر‪،‬‬ ‫ومن ضمنها طقوس‬ ‫الزواج‪.‬‬

‫غزل احليوانات‬

‫( )‬

‫تأليف‪N. Tinbergen :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1973‬‬

‫‪62‬‬

‫ُن ِشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1954/11‬‬ ‫عل� � ��ى عكس أمناط م� � ��ن س� � ��لوك احليوانات‬ ‫احلركي الواضح‪ ،‬مث� � ��ل التغذية والهرب من‬ ‫الوحوش املفترسة‪ ،‬فإن طقوس َغزَلها محيرة‬ ‫عموما‪ ،‬ألنه من الصعب أن نرى‪ ،‬من النظرة‬ ‫األولى‪ ،‬الظروف التي حتثها على ممارس� � ��ة‬ ‫الغزل‪ ،‬وال الوظائف التي تؤديها تلك املمارسة‪.‬‬ ‫وقد نفت� � ��رض أن عروض الذكر ونش� � ��اطاته‬ ‫حتف� � ��ز األنثى على االس� � ��تجابة اجلنس� � ��ية‪،‬‬ ‫ولك� � ��ن حتى مثل هذه الفرضية يجب إثباتها‪.‬‬ ‫وعندئذ يتعني علينا طرح السؤال‪ :‬ملاذا يجب‬ ‫عل� � ��ى األنثى أن تُه َّيج به� � ��ذه الطريقة املعقدة‬ ‫واملتقن� � ��ة جدا‪ .‬وما ه� � ��ي العوامل التي تدخل‬ ‫في هذا األداء الذك� � ��وري؟ وبحثنا يوحي أن‬ ‫الغزل ال يهدف إلى إطالق السلوك اجلنسي‬ ‫به� � ��ذه الطريقة فق� � ��ط‪ ،‬بل يه� � ��دف أيضا إلى‬ ‫طمس ميول معاكسة‪ ،‬أي امليول إلى االعتداء‬ ‫أو الفرار‪.‬‬ ‫س� � ��أقدم وصفا مختصرا ملا يحدث عندما‬ ‫ُتك � � � ِّون طيور النورس ذات الرؤوس الس� � ��وداء‬ ‫أزواجا في بداية موسم التلقيح‪ .‬يستقر الذكر‬ ‫وحده في منطقة الت� � ��زاوج‪ ،‬ورد فعله على أي‬ ‫نورس آخر يقترب من� � ��ه يتجلى بإطالقه «نداء‬ ‫طوي� �ل��ا» واتخاذه وضعا مائ� �ل��ا‪ .‬وهذا يخيف‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫النورس الذكر ويرده على أعقابه‪ ،‬ولكنه يجذب‬ ‫اإلن� � ��اث‪ ،‬التي تخرج إحداه� � ��ا عاجال أو آجال‬ ‫وحت� � ��ط قريبا من� � ��ه‪ .‬وما أن حت� � ��ط حتى يتخذ‬ ‫كالهما فجأة وضعا «متجه���ا إلى األمام(‪.»)1‬‬ ‫وأحيان� � ��ا‪ ،‬يقوم� � ��ان بحركة معين� � ��ة‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫ببضع ثوان يتخذ َّ‬ ‫الطائران‪ ،‬في الوقت نفس� � ��ه‬ ‫تقريب� � ��ا‪ ،‬وضع� � ��ا «منتصب���ا»(‪ ،)2‬ث� � ��م يبعدان‬ ‫رأس� � ��يهما أحدهما عن اآلخر‪ .‬هذا وإن معظم‬ ‫ه� � ��ذه احلركات حتدث أيضا ف� � ��ي الصدامات‬ ‫العدائي� � ��ة بني ذكري� � ��ن متجاوري� � ��ن‪ .‬إنهما قد‬ ‫ُيطلقان النداء الطويل‪ ،‬ويتخذان الوضع املتجه‬ ‫إلى األمام‪ ،‬ويقوم� � ��ان بحركة معينة‪ ،‬ويتخذان‬ ‫وضعا منتصبا‪.‬‬ ‫إن اإلمياءات النهائية ملتتالية الغزل (إدارة‬ ‫رأس كل واحد من الشريكني بعيدا عن رأس‬ ‫اآلخ� � ��ر) تختلف عن غيرها‪ ،‬إذ إنها ليس� � ��ت‬ ‫أوضاعا تهديدية‪ .‬وأحيانا نرى خالل معركة‬ ‫ب� �ي��ن طائرين أن أحدهما ينكس رأس� � ��ه نحو‬ ‫األس� � ��فل‪ ،‬ومن الواضح أنه هو الذي خسر‬ ‫املعركة ولكن لسبب ما ال يستطيع االبتعاد‪،‬‬ ‫إما ألنه مصاب‪ ،‬وإما لس� � ��بب آخر ال نعرفه‬ ‫( ) ‪The Animal’s World‬‬ ‫( ) ‪The Courtship of Animals‬‬ ‫(‪forward posture )1‬‬ ‫(‪upright posture )2‬‬


‫يجعله يس� � ��تقر في مكانه‪ .‬ولتنكي� � ��س الرأس هذا أثر غريب‬ ‫في املهاجم‪ ،‬إذ إنه حاملا يفعل الطائر املهزوم ذلك‪ ،‬ويش� � ��يح‬ ‫نظره عن الطائر املنتصر‪ ،‬فإن الطائر األخير يوقف هجومه‪،‬‬ ‫أو يخف� � ��ف من حدته على األق� � ��ل‪ .‬إن تنكيس الرأس يوقف‬ ‫الهجوم ألنه «حركة اس� � ��ترضاء» للمنتصر‪ ،‬واجتناب ملزيد‬ ‫م� � ��ن عدوانه‪ ،‬وهكذا فإننا نس� � ��تنتج أن غزل طيور النورس‬ ‫يب� � ��دأ بتهديد بعضها بعضا‪ ،‬وينتهي «بحركة اس� � ��ترضاء»‬ ‫املهزوم للمنتصر‪.‬‬ ‫ال ميثل طائر النورس ذو الرأس األس� � ��ود حالة شاذة‪،‬‬ ‫إذ إننا توصلنا إل� � ��ى أن نظرية الغزل صحيحة في كثير‬

‫تطور السلوك‬

‫من الطيور (احلساسني‪ ،‬الطيور البحرية اآلكلة لألسماك‪،‬‬ ‫الب� � ��ط) وفي حيوان� � ��ات من أن� � ��واع مختلف� � ��ة متاما‪ ،‬مثل‬ ‫األسماك‪.‬‬ ‫مازال لدينا س� � ��ؤال مفتوح وهو‪ :‬هل تتوسط هذه التغيرات‬ ‫التدريجي� � ��ة في املوقف التحريضي عل� � ��ى التزاوج تغيرات في‬ ‫الغ� � ��دد الصماء‪ ،‬كالغدد التناس� � ��لية؟ ال بد من إجراء مزيد من‬ ‫األبحاث لإلجابة عن هذا السؤال‪ .‬هذا وليست نظريتنا‪ ،‬التي‬ ‫أوردناها هنا باختصار ش� � ��ديد‪ ،‬سوى خطوة أولى في إماطة‬ ‫اللثام ع� � ��ن العالقات الس� � ��ببية املعقدة التي تُك ّون األس� � ��اس‬ ‫لظواهر الغزل احملير التي تأسر األلباب‪.‬‬

‫( )‬

‫تأليف‪Konrad Z. Lorenz :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1973‬‬

‫فكل من‬ ‫شاهد كلبا‬ ‫يحك فكه‬ ‫أو عصفورا‬ ‫يسوي ريش‬ ‫رأسه مبنقاره‬ ‫ميكنه أن‬ ‫يؤكد أنهما‬ ‫يفعالن ذلك‬ ‫بالطريقة‬ ‫نفسها‪.‬‬

‫ُن ِشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1958/12‬‬ ‫جري� � ��ا على ع� � ��ادة املتخصص� �ي��ن في علم‬ ‫احليوان‪ ،‬الذين كانوا يسلكون‪ ،‬وملدة طويلة‬ ‫م� � ��ن الزمن طريقة املقارنة(‪ ،)1‬فقد بدأ اآلن‬ ‫الطلبة الدارسون للسلوك احليواني بطرح‬ ‫أسئلة ذكية‪ .‬فنحن نعلم االختالف الشديد‬ ‫بني أمناط س� � ��لوك احليوان� � ��ات‪ ،‬وبخاصة‬ ‫عن� � ��د تعرضها لعملية التعلم‪ .‬ولكن هل من‬ ‫غير املمك� � ��ن أن يوجد حتت جميع تنوعات‬ ‫الس� � ��لوك الفردي بنية داخلية من السلوك‬ ‫املوروث ميثل س� � ��مة ممي� � ��زة جلميع أفراد‬ ‫نوع أو جن���س(‪ )2‬أو زم���رة تصنيفية(‪- )3‬‬ ‫مثل جمجمة األسالف البدائيني‪ ،‬التي هي‬ ‫س� � ��مة مميزة لش� � ��كل جميع حيوانات هذه‬ ‫األيام وبنيتها؟‬ ‫نعم‪ ،‬ه� � ��ذا ممك� � ��ن‪ .‬وبغية إثب� � ��ات ذلك‪،‬‬ ‫س� � ��نقدم مثاال يبدو تافه� � ��ا ظاهريا‪ ،‬غير أنه‬ ‫متعل� � ��ق باملوض� � ��وع‪ .‬فكل من ش� � ��اهد كلبا‬ ‫يحك فكه أو عصفورا يس� � ��وي ريش رأس� � ��ه‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫مبنقاره ميكنه أن يؤك� � ��د أنهما يفعالن ذلك‬ ‫بالطريقة نفس� � ��ها‪ .‬فالكلب يسند جسمه إلى‬ ‫ثالث قوائ� � ��م‪ :‬فخذاه وقائمت� � ��اه األماميتان‪،‬‬ ‫وميد إحدى قائمتيه اخللفيتني لتصبح أمام‬ ‫ذراع� � ��ه‪ .‬إن احلقيقة الغريب� � ��ة هي أن معظم‬ ‫الطي� � ��ور (وأيضا جميع الثدييات والزواحف‬ ‫تقريبا) حتك بإجراء تلك احلركات نفس� � ��ها‪.‬‬ ‫فالطي� � ��ر يحك أيض� � ��ا بقائم� � ��ة خلفية (وهي‬ ‫مخل� � ��ب)‪ ،‬وبغية ذلك يخف� � ��ض جناحه وميد‬ ‫مخلبه إلى األمام في مقدمة منكبه‪.‬‬ ‫وق� � ��د يظ� � ��ن امل� � ��رء أن من األس� � ��هل على‬ ‫العصف� � ��ور أن يح� � ��رك مخلبه مباش� � ��رة إلى‬ ‫رأس� � ��ه من دون حتري� � ��ك جناحه املطوي على‬ ‫قس� � ��مه اخللفي‪ .‬وإنني ال أعرف كيف أفسر‬ ‫ه� � ��ذا التصرف غي� � ��ر املتقن ما ل� � ��م نقر بأنه‬ ‫م� � ��وروث‪ .‬فقبل أن يتمك� � ��ن الطير من احلك‪،‬‬ ‫يجب عليه إعادة بناء العالقة املكانية القدمية‬ ‫بني األط� � ��راف األربعة األمامية لألس� �ل��اف‪،‬‬ ‫املوجودة أيضا في الثدييات‪.‬‬ ‫إن الدراس� � ��ة املقارنة ألمن����اط احلركيات‬ ‫الفطرية(‪ )4‬متثل جزءا مهما من برنامج أبحاث‬ ‫في معهد پالنك للدراس����ة املقارنة للس����لوك‬ ‫احليواني(‪ .)5‬ومواضيعنا هي األنواع املختلفة‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪The Evolution of Behavior‬‬ ‫‪comparative method‬‬ ‫‪genus‬‬ ‫‪taxonomic group‬‬ ‫‪innate motor patterns‬‬ ‫‪Max Planck Insitute for Comparative Ethology‬‬

‫‪63‬‬


‫م� � ��ن البط الذي يخوض في املاء‪ .‬ومبراقبة الفروق الدقيقة في‬ ‫س� � ��مات الس� � ��لوك بني األنواع من جهة‪ ،‬وبني هجائنها(‪ )1‬من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬فإننا نأمل الوصو َل إلى السلوك املكتسب خالل‬ ‫التطور النوعي‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد بين� � ��ا أن الفروق في األمناط احلركية الفطرية‬ ‫الت� � ��ي متيز األن� � ��واع بعضها من بعض‪ ،‬ميكن استنس� � ��اخها‬ ‫بواس� � ��طة التهجني‪ .‬وهذا يوحي أن األمن� � ��اط التحريكية تابعة‬ ‫ملجموعات بسيطة نسبيا من العوامل اجلينية‪.‬‬

‫داخل العقل‬ ‫والدماغ‬ ‫( )‬

‫إن اجلملة العصبية‬ ‫معقدة بدرجة مروعة‪،‬‬ ‫ولكن العلماء استطاعوا‬ ‫على مر السنني‬ ‫اكتشاف طرائق إبداعية‬ ‫لتعرف كيفية عملها‬ ‫وكيفية التشبيك التي‬ ‫تنتج العقل‪.‬‬

‫ال ُّدفعة العصبية‬

‫( )‬

‫تأليف‪Bernhard Katz :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪1970‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1952/11‬‬ ‫ارت� � ��أى بعض أوائل علماء الفيزيولوجيا‬ ‫العصبية أن� � ��ه من األهمية مبكان دراس� � ��ة‬ ‫وحتليل خواص األلياف العصبية من وجهة‬ ‫نظر مهن� � ��دس الكِ ب����ال(‪ .)2‬فالليف العصبي‬ ‫ه� � ��و‪ ،‬في احلقيقة‪ ،‬سلس� � ��لة م� � ��ن محطات‬ ‫الترحي� � ��ل ‪ -‬وهي جتهي� � ��زات مألوفة متاما‬ ‫ملهندس االتصاالت وتستقبل كل نقطة على‬ ‫طول الليف إشارة كهربائية من النقطة التي‬ ‫تسبقها‪ ،‬ثم تعززها لتبلغ قوة كاملة‪ ،‬وبذلك‬ ‫متكنها من قطع مس� � ��افة أبعد إلى حد ما‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫لذا نحن أمام تركيب� � ��ة غريبة من َكبل (ذي‬ ‫خواص معيبة جدا) وآلية ترحيل أوتوماتية‬ ‫موزعة عل� � ��ى ط� � ��ول خ����ط النق����ل(‪ .)3‬وقبل‬ ‫أن تكون اإلش� � ��ارة الكهربائي� � ��ة قد أتيحت‬ ‫له� � ��ا الفرصة لتفقد قوته� � ��ا‪ ،‬فإنها حترض‬ ‫اللي� � ��ف‪ ،‬وتطل� � ��ق منابع طاق� � ��ة محلية؛ ومن‬ ‫ثم يج� � ��ري إعادة جتديده� � ��ا‪ .‬ويقوم الفرق‬ ‫في الكم� � ��ون الكهربائي عب� � ��ر إحدى نقاط‬ ‫الغشاء بتهييج املنطقة التالية‪ ،‬وهذا يجعل‬ ‫هذه املنطقة تقدم‪ ،‬على حس� � ��ابها اخلاص‪،‬‬ ‫إشارة كهربائية مضخمة جدا وقادرة على‬ ‫االنتش� � ��ار وتهييج املنطقة التي تليها‪ .‬وقد‬ ‫أثبتت التجارب بقوة ه� � ��ذا املفهوم للطريقة‬ ‫( )‬

‫‪Inside Mind and Brain‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪hybrids‬‬

‫(‪)3‬‬

‫‪transmission line‬‬

‫( ) ‪ Impulse‬تغير فيزيائي كيميائي في غش� � ��اء الليف العصبي‬ ‫يسبب إثارة أعصاب أو عضلة أو غدة‪.‬‬ ‫(‪ :cable )2‬كِ بال جمع كِ بل قياسا بحبال جمع حبل‪.‬‬


‫التي ينقل بها ٌ‬ ‫عصبي إشار ًة‪.‬‬ ‫ليف‬ ‫ٌّ‬ ‫وحني يجتاز تيا ٌر غش� � ��ا ًء‪ ،‬محدثا بذلك انفراغا جزئيا‬ ‫لسطح الغش� � ��اء‪ ،‬ومن ثم تخفيضا في احلقل الكهربائي‪،‬‬ ‫فإن نفوذية(‪ )1‬الغش� � ��اء للصوديوم تصبح أعلى‪ .‬وعندئذ‬ ‫تبدأ أيون� � ��ات الصوديوم املوجبة بالتدف� � ��ق نحو الداخل‪،‬‬ ‫محدث� � ��ة بذلك مزيدا من انخفاض الش� � ��حنات الس� � ��البة‬ ‫في الداخل‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن احلقل الكهربائي عبر الغش� � ��اء‬ ‫يتعرض ملزيد من االنخفاض‪ ،‬وتواصل نفوذية الصوديوم‬ ‫ارتفاعه� � ��ا‪ ،‬ويدخل مزيد من الصودي� � ��وم‪ ،‬وينتج من ذلك‬ ‫عناص� � ��ر تفاع���ل تسلس���لي مع���زز ذاتي���ا(‪ .)2‬ويواصل‬

‫الصودي� � ��وم تدفقه نحو داخل الليف إلى أن يصبح داخل‬ ‫الليف مش� � ��حونا مبس� � ��توى إيجابي ع� � ��ال بدرجة جتعل‬ ‫أيونات الصوديوم ُت ْن َب ُذ كهراكديا(‪ .)3‬وهذا التوازن اجلديد‬ ‫هو بالضبط عكس كمون البوتاسيوم الساكن‪ .‬ومبقدورنا‬ ‫اآلن فهم األساس لرد الفعل الذي تبديه اخلاليا العصبية‬ ‫كله� � ��ا‪ ،‬أو الذي ال يبديه أي منها‪ :‬فه� � ��ي ال تولِّد تيارا إال‬ ‫عند االقتراب من «نقطة اإلش���عال‪ )4(».‬وحال جتاوز هذه‬ ‫النقطة‪ ،‬يستمر «تيار الصوديوم» باجتاه اإلشباع‪ ،‬ويندفع‬ ‫عب� � ��ر دارة خاصة به‪ ،‬م� � ��ن دون أن يبقى حتت س� � ��يطرة‬ ‫املنبه(‪ )5‬األصلي‪.‬‬

‫وقد حدث أهم تقدم من دراسات التعوّ د‬ ‫وعدم التعود(‪ )7‬في احلبل الشوكي للقطط‬

‫اخلاليا العصبية‬ ‫والسلوك‬ ‫( )‬

‫تأليف‪Eric R. Kandel :‬‬ ‫حائز جائزة نوبل ‪2000‬‬

‫ميكننا‪ ،‬على‬ ‫مستوى‬ ‫اخلاليا‪،‬‬ ‫البدء بتعقب‬ ‫األحداث‬ ‫التي هي‬ ‫األساس‬ ‫لالستجابة‬ ‫السلوكية‪.‬‬

‫والعق������دة العصبي������ة البطني������ة أل اليزيا‬ ‫[وهي حلزون بح������ري ضخم يصل قطره‬ ‫إلى نحو قدم]‪.‬‬ ‫التع ّود نقص في االستجابة السلوكية‪،‬‬ ‫يح� � ��دث عندم� � ��ا يؤث� � ��ر منبه جدي� � ��د مرارا‬ ‫وتك� � ��رارا‪ .‬وعندما يجري تع ّود اس� � ��تجابة‪،‬‬ ‫ميكن إلجراءين أن يؤديا إلى اس� � ��تعادتها‪.‬‬ ‫أحدهما هو ش� � ��فاء عف� � ��وي‪ ،‬يحدث بوصفة‬ ‫نتيجة كبح املنبه الذي تع ّوده احليوان‪ .‬أما‬ ‫اآلخر فهو عدم التع ّود‪ ،‬الذي يحدث بوصفه‬ ‫نتيجة لتغيي� � ��ر منط املنبه‪ ،‬مثال‪ ،‬بتأثير منبه‬ ‫أقوى لطريق آخر‪.‬‬ ‫تب� �ي��ن األپاليزيا اس� � ��تجابة انس� � ��حابية‬ ‫دفاعي� � ��ة [للتنبي� � ��ه اللطيف]‪ .‬إن خيش� � ��وم‬ ‫احللزون‪ ،‬وه� � ��و عضو تنفس� � ��ي خارجي‪،‬‬ ‫مغط� � ��ى جزئيا مبعط� � ��ف يح� � ��وي صدفته‬ ‫الرقيق� � ��ة‪ .‬وعندما ميس املعطف أو املثعب‬ ‫الش����رجي ‪ anal siphon‬بلط� � ��ف‪ ،‬فإن املثعب‬ ‫يتقلص‪ ،‬وينس� � ��حب اخليشوم إلى جتويف‬ ‫حتت املعطف‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫نشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1970/7‬‬ ‫إن التقدم� � ��ات الت� � ��ي حدثت ف� � ��ي املفاهيم‬ ‫والتقنيات املتعلقة بدراسة اخلاليا العصبية‬ ‫وزمر اخلاليا املترابطة فيما بينها‪ ،‬شجعت‬ ‫علماء األعصاب على تطبيق هذه األساليب‬ ‫في دراس� � ��ة األفعال السلوكية التامة‪ ،‬وفي‬ ‫تعدي� �ل��ات أمناط الس� � ��لوك الت� � ��ي يولدها‬ ‫التعل� � ��م‪ .‬وقد أدى هذا إلى نش� � ��وء اهتمام‬ ‫بالفقاري���ات(‪ )6‬معين� � ��ة‪ ،‬مثل ج� � ��راد البحر‬ ‫والعلق وحشرات متنوعة واحللزون‪ ،‬وهذه‬ ‫كلها تتميز بأن ُجملها العصبية مكونة من‬ ‫قلي� � ��ل من اخلاليا العصبي� � ��ة (عددها رمبا‬ ‫كان ‪ 10 000‬أو ‪ 100 000‬مقارن� � ��ة بتريليون‬ ‫أو نحو ذلك ل� � ��دى احليوانات العليا)‪ .‬وفي‬ ‫هذه احليوانات‪ ،‬ال ميكننا‪ ،‬على مس� � ��توى‬ ‫اخلاليا املنفردة‪ ،‬الب� � ��دء بتعقب املعلومات‬ ‫احلسية اآلتية إلى اجلملة العصبية واألفعال‬ ‫التحريكي� � ��ة اخلارجة منها فحس� � ��ب‪ ،‬بل‪،‬‬ ‫أيض� � ��ا تعقب املتتالية الكلية لألحداث التي‬ ‫تشكل األساس لالستجابة السلوكية‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪Aplysia )8‬‬

‫‪Nerve Cells and Behavior‬‬ ‫‪permeability‬‬ ‫‪self-reinforcing chain reaction‬‬ ‫‪electrostatically‬‬ ‫‪ignition point‬‬ ‫‪stimulus‬‬ ‫‪invertebrates‬‬ ‫‪habituation and dishabituation‬‬

‫التتمة في الصفحة‬

‫‪89‬‬

‫‪65‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫عمالق هاجع‬

‫( )‬

‫إن ازدياد اضطراب البركان‪ ‬حتت‪ ‬هذه‬ ‫البحيرة‪ ‬ذات املظهر‪ ‬الهادىء‪ ،‬قد أدى‪ ‬إلى حتفيز‬ ‫تعاون‪ ‬نادر‪ ‬بني‪ ‬العلماء الصينيني والكوريني‪.‬‬ ‫>‪ .S‬پيركنز<‬

‫املؤلف‬ ‫‪Sid Perkins‬‬

‫كاتب مستقل متخصص في علوم األرض‬ ‫تينيسي‪.‬‬ ‫يقيم في كروسفيل‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪66‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬


‫إن املياه الهادئة في بركة الس���ماء ‪ ،Sky Pond‬وهي إحدى‬ ‫مناطق اجلذب السياحية األكثر شعبية في شمال شرق آسيا‪،‬‬ ‫تنافي حقيقة أنها تقع داخل فوهة أحد البراكني األخطر في‬ ‫املنطق���ة ‪ -‬ذروة جب���ل مع���روف ل���دى الصينيني باس���م جبل‬ ‫تش���انگبي ولدى الكوريني جبل پيتكو‪ .‬كان آخر ثوران لهذا‬ ‫الب���ركان ال���ذي يبل���غ ارتفاع���ه ‪ 2 744‬مترا ويق���ع عند احلدود‬ ‫ب�ي�ن الصني وكوريا الش���مالية‪ ،‬في ع���ام ‪ ،1903‬لكنه أظهر في‬ ‫السنوات األخيرة بوادر على نشاطه‪.‬‬ ‫تش���كل البحي���رة منبعا لثالث���ة أنهر آس���يوية التي ميكن‬ ‫اس���تخدامها‪ ،‬أثناء انفجار البركان‪ ،‬كقنوات جلريان س���يول‬ ‫طيني���ة – مزي���ج س���اخن ومدمر م���ن الرماد والط�ي�ن واملياه‬ ‫التي لها قوام صبة اإلسمنت الرطب‪ .‬وميكن لثوران كبير أن‬ ‫يدفع مثل هذه التدفقات بس���رعة كبيرة إلى أس���فل منحدرات‬ ‫البركان مهددا بذلك حياة مئات اآلالف من البشر‪.‬‬ ‫لق���د ح ّف���ز الزل���زال الش���ديد وأم���واج تس���ونامي‪ ‬التي‬ ‫اجتاحت‪ ‬اليابان في الش���هر ‪ 2011/3‬علم���اء املنطقة على عمل‬ ‫ما يلزم ملواجهة األخطار احملدقة باملنطقة‪ .‬ففي الشهر ‪2011/9‬‬

‫نفـّ���ذت فرق م���ن اجليولوجيني من الصني وكوريا الش���مالية‬ ‫واجلنوبي���ة تعاونا غير عادي‪ ،‬وأجرت دراس���ات حقلية على‬ ‫اجلبل وخططت لعقد ورش���ة عمل في خريف عام ‪ ،2011‬حول‬ ‫التنبؤ واالستعداد ملواجهة كارثة طبيعية‪.‬‬ ‫وباس����تخدام ش����بكة رص����د ال����زالزل املقامة عل����ى اجلانب‬ ‫الصيني من اجلبل في عام ‪ 1999‬وكذلك أجهزة حتديد املواقع‬ ‫عل����ى الك����رة األرضي����ة ‪ GPS‬املقامة عل����ى منح����درات البركان‪،‬‬ ‫اكتش����ف الباحثون سلسلة من الزالزل الضحلة‪ ،‬كما اكتشفوا‬ ‫ارتفاع����ا تدريجي����ا لقم����ة اجلبل من����ذ ع����ام ‪ ،2002‬حيث يعتقد‬ ‫الباحثون أنّ ذلك يعود إلى حركة املهل ( املاگما) نحو حجرة‬ ‫حت����ت الب����ركان ‪ .‬ويعتقد العلم����اء أن املهل الق����ادم من أعماق‬ ‫وشاح األرض ميكن أن يجعل ثوران البركان أكثر احتماال‪.‬‬ ‫فق���د ذكر >‪ .S‬هيو ي���ون< [من جامعة پ���وزان الوطنية في‬ ‫كوري���ا اجلنوبي���ة] أ ّنه على الرغ���م من التع���اون الدولي كان‬ ‫تبادل البيانات واملعلومات حتى اآلن قليال‪ .‬وأش���ار إلى أن‬ ‫>‬ ‫العمل لم يكن سهال حتى اآلن‪.‬‬ ‫( ) ‪SLEEPING GIANT‬‬

‫‪Scientific American, November 2011‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪67‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫خبيرة بتقدير سالمة اخللية‬

‫( )‬

‫بناء على أبحاثها حول وظيفة اخللية التي نالت عليها جائزة نوبل‪ ،‬حتاول‬ ‫>‪ .H .E‬بالكبرن< أن جتد مقياسا بسيطا للمخاطر التي حتيط بصحة اإلنسان‪.‬‬ ‫مقابلة أجرتها‬

‫س� � ��اعة جزيئي� � ��ة داخ� � ��ل كل خلية ال‬ ‫تزال الش� � ��غل الشاغل لإلعالم‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫عقود من قيام >‪ .H .E‬بالكبرن< بدراس� � ��ات‬ ‫رائ� � ��دة ع� � ��ن اآللي� � ��ة التي تعم� � ��ل بها هذه‬ ‫الس� � ��اعة‪ .‬وق� � ��د أثبتت األبح� � ��اث األحدث‬ ‫التي أجرتها >بالكبرن< وباحثون آخرون‬ ‫أن هذه الس� � ��اعات اخللوي� � ��ة‪ ،‬التي تعرف‬ ‫بالتيلوميرات ‪ ،telomeres‬ميكن أن تؤدي‬ ‫دور مقياس يحدد ما إذا كان الش� � ��خص‬ ‫سيبقى بصحة جيدة أو ال‪.‬‬ ‫والتيلوميرات هي أج� � ��زاء من الدنا‬ ‫‪ DNA‬تقع في نهايات الكروموس� � ��ومات‬ ‫لتحميها من االهتراء وااللتصاق بعضها‬ ‫ببعض‪ .‬ولكن في كل مرة تنقس� � ��م فيها‬ ‫اخللي� � ��ة ‪ -‬كما يحصل في خاليا املناعة‬ ‫وخاليا اجللد ‪ -‬يقصر طول التيلوميرات‬ ‫قليال‪ .‬وهذا ِ‬ ‫ص َر جعل من التيلوميرات‬ ‫الق َ‬ ‫عالم� � ��ة لتق� � ��دم اخللية ف� � ��ي العمر‪ .‬وفي‬ ‫بعض اخلاليا يقوم إنزمي يعرف باس� � ��م‬ ‫التيلوميريز ‪ telomerase‬بتجديد القطع‬ ‫املفقودة‪ .‬ولكن‪ ،‬في خاليا أخرى يستمر‬ ‫هذا القصر في التيلوميرات من دون أي‬ ‫إصالح‪ .‬وعندما تتج� � ��اوز التيلوميرات‬ ‫نقطــ� � ��ة محــــددة مــن التـ� � ��آكل‪ ،‬تتوقــــف‬ ‫اخلــليــــة عــن االنقســام وتـــدخل إمـــا في‬ ‫حالة من الش� � ��يخوخة الـ ُمق َّيدة أو متوت‪.‬‬ ‫وقد فازت >بالكبرن< وطالبتها السابقة‬ ‫>‪ .W .C‬گرايدر< [الت� � ��ي تعمل حاليا في‬ ‫جامعـــ� � ��ة جون� � ��ز هوپكنز] باالش� � ��تراك‬ ‫مع >‪ .W .J‬زوس� � ��تاك< [من كلية هارڤرد‬ ‫‪68‬‬

‫>‪.Th‬‬

‫سنگر‬

‫<‬

‫الطبي� � ��ة] بجائ� � ��زة نوب� � ��ل للفيزيولوجيا‬ ‫والطب لع� � ��ام ‪ ،2009‬وذلك لتوضيحهم‬ ‫للعديد من هذه العمليات‪.‬‬ ‫ولم تتوقف >بالكبرن< [وهي حاليا في‬ ‫جامعة كاليفورنيا‪ ،‬بسان فرانسيسكو]‬ ‫أبدا اللتقاط أنفاس� � ��ها‪ .‬ففي عام ‪2004‬‬ ‫نش� � ��رت‪ ،‬بالتع� � ��اون مع عامل� � ��ة الصحة‬ ‫النفس� � ��ية >‪ .S .E‬إيپل<‪ ،‬بحثا علميا يربط‬ ‫التوتر النفس� � ��ي بقصر التيلوميرات في‬ ‫خاليا ال� � ��دم البيضاء‪ .‬وق� � ��د أجج هذا‬ ‫البحث أبح� � ��اث التيلومي� � ��رات‪ .‬واليوم‪،‬‬ ‫ُتظهِ � � ��ر العديد م� � ��ن الدراس� � ��ات وجود‬ ‫ارتباط� � ��ات ب� �ي��ن التيلومي� � ��رات األقصر‬ ‫وأمراض متنوعة‪ .‬وبالعكس‪ ،‬جرى ربط‬ ‫التيلوميرات األطول بس� � ��لوكيات معينة‬ ‫مثل التمارين الرياضية وخفض التوتر‪.‬‬ ‫وقد أشارت هذه الدراسات إلى إمكانية‬ ‫اس� � ��تخدام طول التيلوميرات مباشرة‪،‬‬ ‫وال� � ��ذي يقاس م� � ��ن خ� �ل��ال اختبار دم‬ ‫بس� � ��يط‪ ،‬للحصول على صورة سريعة‬ ‫عن الوضع الصحي العام ونظرة خاطفة‬ ‫في عملية الشيخوخة‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 2010‬ش� � ��اركت >بالكبرن<‬ ‫ف� � ��ي تأس� � ��يس ش� � ��ركة ‪Telome Health‬‬ ‫بكاليفورني� � ��ا‪ ،‬لتقدمي خدمة اختبار الدم‬ ‫هذه ملراك� � ��ز األبحاث ولألف� � ��راد وذلك‬ ‫من خالل م� � ��زودي اخلدمات الصحية‪.‬‬ ‫بينما أطلقت مجموعة أخرى في مدريد‬ ‫ش� � ��ركة الختبار التيلوميرات هي شركة‬ ‫‪ .Life Length‬وقد أشعلت األخبار حول‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫اإلطالق الوشيك لهذه االختبارات جدال‬ ‫حول فائدتها‪ .‬وقد حاورت >‪ .Th‬سنگر<‬ ‫[الكاتبة في املجال العلمي] >بالكبرن<‬ ‫ح� � ��ول عملها‪ .‬وفيما يل� � ��ي مقتطفات من‬ ‫هذا احلوار‪:‬‬ ‫ساينتفيك أمريكان )‪ :(SA‬سمعنا‬ ‫الكثير حول اآللية التي «تشيخ» ”‪“age‬‬ ‫فيها اخللية مع قصر التيلوميرات‪.‬‬ ‫ولكن ما هي عالقة هذا القصر‬ ‫بشيخوخة ‪ aging‬اجلسم ككل؟‬ ‫>بالكبرن<‪ :‬تُظهر العديد من الدراسات‬ ‫أن قص� � ��ر التيلومي� � ��رات ينبىء مبخاطر‬ ‫حلاالت مثل األم� � ��راض القلبية الوعائية‬ ‫والس� � ��كري واأللزهامير وبعض أشكال‬ ‫السرطان ‪ -‬وحتى معدل الوفيات‪ .‬وفي‬ ‫جزء من دراسة زميلتي >‪ .M‬وولي< [في‬ ‫جامعة كاليفورنيا‪ ،‬سان فرانسيسكو]‬ ‫ح� � ��ول القل� � ��ب وال� � ��روح والت� � ��ي تتبعت‬ ‫فيها ‪ 780‬ش� � ��خصا في السيتينات من‬ ‫أعماره� � ��م أو أكثر ملدة أربع س� � ��نوات‪،‬‬ ‫أثبت قصر التيلومير أنه عامل يزيد من‬ ‫خطر ح� � ��دوث املوت‪ .‬تت َّبع عالم الوراثة‬ ‫‪ .R> geneticist‬كاوث� � ��ن< [م� � ��ن جامع� � ��ة‬ ‫يوتا] ‪ 143‬شخصا مدة ‪ 15‬إلى ‪ 20‬عاما‬ ‫ووجد أن معدالت الوف� � ��اة لدى األفراد‬ ‫ذوي التيلوميرات األقصر كانت تقريبا‬ ‫ضعف تلك املعدالت لدى األش� � ��خاص‬ ‫ذوي التيلوميرات األطول‪.‬‬ ‫( ) ‪Actuary OF THE CELL‬‬


‫باختصار‬ ‫َمن‬

‫>‪ .H .E‬بالكبرن<‬

‫مجال العمل‬

‫عاملة بيولوجيا خلية وبيولوجيا جزيئية‪،‬‬ ‫تبحث في بنية ووظيفة الدنا ‪ DNA‬الذي‬ ‫يغطي نهايات الكروموسومات‪.‬‬

‫أين‬

‫جامعة كاليفورنيا‪ ،‬سان فرانسيسكو‬

‫الصورة الكبيرة‬

‫وسعت >بالكبرن< عملها احلائز على‬ ‫ّ‬ ‫جائزة نوبل على التيلوميرات لتطوير‬ ‫مقياس يهدف إلى تقييم املخاطر الكلية‬ ‫ألمراض القلب والسرطان واألمراض‬ ‫املزمنة األخرى‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬إذن‪ ،‬رمبا يتعني علينا‬ ‫تغيير الطريقة التي نتكلم فيها عن‬ ‫قصر التيلوميرات واالستعاضة‬ ‫عن كلمات مثل «التشيخ‪/‬الشيخوخة»‬ ‫‪ aging‬و«التشيخ اخللوي(‪ »)1‬بتعابير‬ ‫مثل «مخاطر أمراض التشيخ‪».‬‬ ‫>بالكبرن<‪ :‬نـعــم‪ ،‬أعـتــقــــد ذلــــك‪ .‬إنـنــي‬ ‫ال أحبذ فكرة التش� � ��يخ‪ ،‬ألنني ال أعتقد‬ ‫أنها تساعد كثيرا‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬ما هو الدليل املتوافر لدينا‬ ‫على أن األحداث التي متر خالل‬ ‫حياة الفرد مثل التوتر املزمن‬ ‫والصدمات خالل مرحلة الطفولة‬ ‫ذات صلة بتيلوميرات(‪ )2‬أقصر؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬دعنا ننظر إلى الصدمات‬ ‫التي يتع� � ��رض لها املرء خ� �ل��ال مرحلة‬ ‫الطفول� � ��ة‪ .‬تُظه� � ��ر الدراس� � ��ات أن عدد‬ ‫الصدمات خ� �ل��ال مرحلة الطفولة يرتبط‬ ‫كميا بدرجة قصر التيلومير عند البالغني‪:‬‬ ‫كلما زادت الصدمات كانت التيلوميرات‬ ‫أقصر‪ .‬وقد أظهرت دراس� � ��تنا ارتباطا‬ ‫مدهش� � ��ا بني عدد سنوات التوتر املزمن‬ ‫ال� � ��ذي تعانيه األمه� � ��ات اللواتي يقدمن‬ ‫العناية ألطفالهن املصابني مبرض مزمن‬ ‫وبني درجة قصر التيلومير(‪.)3‬‬

‫)‪ :(SA‬تشير دراسات طويلة األجل‬ ‫أيضا إلى أننا قد نكون قادرين على‬ ‫إبطاء قصر التيلوميرات ‪ -‬أو حتى‬ ‫أن نطيل التيلوميرات ‪ -‬من خالل‬ ‫سلوكيات مثل احلمية والتمارين‬ ‫الرياضية‪ .‬أخبريني عن هذا‪.‬‬ ‫>بالكبرن<‪ :‬عندما نظرنا إلى األشخاص‬ ‫الذي� � ��ن يعانون أمراض ش� � ��رايني تاجية‬ ‫(إكليلية) مس� � ��تقرة عل� � ��ى مدى خمس‬ ‫سنوات‪ ،‬وجدنا أن األفراد الذين لديهم‬ ‫مس� � ��تويات أعلى م� � ��ن احلمض الدهني‬ ‫البحري أوميگا‪ 3-‬ف� � ��ي الدم كان قصر‬ ‫التيلوميرات لديهم أقل بشكل عام وبأن‬ ‫األشخاص الذين استطالت التيلوميرات‬ ‫لديهم على مدى السنوات اخلمس كان‬ ‫احتم� � ��ال أن يكون مس� � ��توى أوميگا‪3-‬‬ ‫االبتدائ� � ��ي لديهم أعلى بكثي� � ��ر‪ .‬ولدينا‬ ‫بيان� � ��ات عما حدث لهؤالء األش� � ��خاص‪،‬‬ ‫لكنها لم تُنشر حتى اآلن‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل يتعني عليّ زيادة جرعتي‬ ‫من أوميگا‪3-‬؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬ه� � ��ؤالء األف� � ��راد ه� � ��م في‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫السيتينات من العمر اآلن ولديهم مرض‬ ‫وعائي تاجي خفيف كان مس� � ��تقرا عند‬ ‫بداية الدراسة‪ .‬وهكذا فإن هذه النتائج‬ ‫تتعل� � ��ق بهؤالء األف� � ��راد‪ .‬ورمبا ال تكون‬ ‫صحيحة لألفراد بأعمار ‪ 80‬أو ‪ 90‬عاما‬ ‫أو األفراد بأعمار ‪ 15‬إلى ‪ 20‬عاما‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬لقد قلت إن «النموذج الطبي‬ ‫القدمي» يركز على إجراء اختبارات‬ ‫لتحديد أي العالجات هو األفضل‬ ‫معد‪ .‬ولكن األطباء‬ ‫عامل ٍ‬ ‫للقضاء على ٍ‬ ‫اليوم كثيرا ما يصارعون أمراضا‬ ‫مزمنة تنشأ مع الوقت من خالل‬ ‫مسببات معقدة‪ .‬كيف تسهم أبحاث‬ ‫التيلومير في هذا النموذج اجلديد؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬ال تنظر أبح� � ��اث التيلومير‬ ‫ع� � ��ادة إلى تش� � ��خيص مح� � ��دد بذاته‪ .‬ما‬ ‫نش� � ��اهده بالنس� � ��بة إلى معظم الناس هو‬ ‫عالقات إحصائية مبجموعة من أمراض‬ ‫متدرج���ة ‪ progressive diseases‬غالبا ما‬ ‫ترتبط بالتشيخ وتكون أكثر انتشارا في‬ ‫(‪cellular aging )1‬‬ ‫(‪telomeres )2‬‬ ‫(‪telo mere shortness )3‬‬

‫‪69‬‬


‫ه� � ��ذه املرحلة العمرية‪ .‬ونح� � ��ن نعتقد أن‬ ‫هذه األمراض قد تكمن وراءها بيولوجية‬ ‫مش� � ��ابهة‪ .‬ويبدي الن� � ��اس اهتماما كبيرا‬ ‫بفكرة أن االلتهابات املزمنة ‪ -‬التي ميكن‬ ‫أن تُر ّد إلى قصر التيلوميرات في خاليا‬ ‫الدم البيضاء أو رمبا تكون قد تس� � ��ببت‬ ‫جزئيا فقط من قصر التيلومير ‪ -‬قد تكون‬ ‫هي الس� � ��بب الكامن وراء بعض األشياء‬ ‫التي نطلق على كل منها أسماء منفصلة‪،‬‬ ‫مث� �ل��ا‪ ،‬الس� � ��كري واألم� � ��راض القلبي� � ��ة‬ ‫الوعائية‪ ،‬ونعاجلها بش� � ��كل منفصل‪ .‬إن‬ ‫ط� � ��ول التيلومير هو رق� � ��م واحد يعبر عن‬ ‫تأثيرات فيزيولوجية متعددة‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل تعتقدين أن األطباء‬ ‫يدركون املشكلة من هذا املنظور؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬أعتق� � ��د أن األطباء يريدون‬ ‫معرف� � ��ة ما ميكن فعل� � ��ه‪ .‬أعتقد أن فكرة‬ ‫اس� � ��تخدام طول التيلومير كأداة مراقبة‬ ‫هو ما ميكن فعله‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬إن بحثك العلمي املنشور‬ ‫حول «اعتراض السرطان» باستخدام‬ ‫العقاقير وغيرها من الـوسائل الفعالة‬ ‫إليقافه قبل أن يترسخ وجوده هو في‬ ‫توافق مع هذا املفهوم‪.‬‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬هذا صحيح‪ .‬فالهدف هنا‬ ‫هو اعتراض السرطان مبكرا ‪ -‬قبل أن‬ ‫يس� � ��تفحل‪ ،‬وما يترتب عليه من خسائر‬ ‫بش� � ��رية واقتصادية ضخمة‪ .‬لقد قادتنا‬ ‫أبحاث السرطان إلى فهم مراحل أبكر‬ ‫فأبكر من السرطانات وكيفية تطور هذه‬ ‫الس� � ��رطانات‪ .‬لذا أصبحنا اآلن نعرف‬ ‫أن عق� � ��ارا مح� � ��ددا قد يؤث� � ��ر فعال في‬ ‫مرحلة مبكرة جدا من س� � ��رطان معني‪.‬‬ ‫وهذه الفكرة‪ ،‬إذا ما طورت إلى حدودها‬ ‫القصوى قد متكننا من التفكير في ماهية‬ ‫عوامل اخلطر لدى بعض الناس التي قد‬ ‫تؤدي إلى تطويرهم سرطانات محددة‪،‬‬ ‫وبذل� � ��ك ميكن معاجلتهم حت� � ��ى قبل أن‬ ‫ّ‬ ‫ينقض املرض عليهم‪ .‬وينظر الباحثون‪،‬‬ ‫‪70‬‬

‫عل� � ��ى س� � ��بيل املث� � ��ال‪ ،‬ف� � ��ي مجموعات‬ ‫من البش� � ��ر ذات احتمالي� � ��ة خطر عالية‬ ‫لإلصابة ببعض أنواع سرطان القولون‬ ‫التي توجد طرائق محددة العتراضها‪،‬‬ ‫على سبيل املثال‪.‬‬

‫بخطر الس� � ��رطان؟ وقد وجدوا اختالفا‬ ‫جينيا مرتبط� � ��ا بكل من قصر التيلومير‬ ‫وخطر السرطان‪ .‬وبعد ذلك فتشوا عن‬ ‫اجلني نفس� � ��ه فوجدوا أن اجلني مرتبط‬ ‫بوظيفة مناعة اخللية‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬ما موقع التيلوميرات في‬ ‫إطار اعتراض السرطانات؟‬ ‫>بالكب���رن< ‪ :‬م� � ��ن الواض� � ��ح أن قِ صر‬ ‫التيلومي� � ��رات في الفئ� � ��ران عامل خطر‬ ‫كبير للس� � ��رطان‪ .‬وم� � ��ازال علينا معرفة‬ ‫م� � ��ا هو الدور الذي يؤدي� � ��ه ذلك القِ صر‬ ‫ف� � ��ي اإلنس� � ��ان‪ .‬ولك� � ��ن لوح� � ��ظ أنه في‬ ‫الـمجموعات الـمتش� � ��ابهة من البش� � ��ر‪،‬‬ ‫إذا م� � ��ا نظ� � ��رت ‪ -‬لنق� � ��ل ‪ -‬مث� �ل��ا إلى‬ ‫مخاطر مجموعات من الس� � ��رطانات أو‬ ‫بعض الس� � ��رطانات املنفردة‪ ،‬فإن قصر‬ ‫التيلومير سيتنبأ باملخاطر الالحقة‪ .‬وقد‬ ‫يكون هذا بسبب أن جهاز املناعة ‪ -‬وهو‬ ‫ما تدرس� � ��ه عندما تنظر إلى تيلوميرات‬ ‫خالي� � ��ا ال� � ��دم البيضاء ‪ -‬ه� � ��و اجلهاز‬ ‫الذي تتأثر فاعليت� � ��ه‪ .‬أو أنه من املمكن‬ ‫أن هناك حال� � ��ة التهاب مزمنة هي التي‬ ‫حتفز السرطان‪ .‬أو أن خاليا السرطان‬ ‫نفسها تعاني عدم اس� � ��تقرار جينومي‬ ‫بس� � ��بب أن التيلومي� � ��رات فيها قصيرة‬ ‫جدا‪ ،‬وهذا هو ما يعزز السرطان‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬تقول عناوين إخبارية حديثة‬ ‫إن اختبارات التيلومير لألفراد سوف‬ ‫تنبىء بطول العمر الذي سيعيشونه‪.‬‬ ‫الرجاء إخبارنا‪ ،‬اعتمادا على‬ ‫املعرفة العلمية‪ ،‬ما الذي ستنبئنا به‬ ‫اختبارات التيلومير؟‬ ‫>بالكب���رن< ‪ :‬فكرة أن االختبار س� � ��يتنبأ‬ ‫بش� � ��كل ما بطول العمر الذي س� � ��تحياه‬ ‫هي ما أدعوه فكرة س� � ��خيفة‪ .‬فاالختبار‬ ‫لن يقوم بتش� � ��خيص مرض‪ .‬ولن يخبرك‬ ‫م� � ��ا إذا كنت س� � ��تعيش ‪ 100‬عام‪ .‬ولكنه‪،‬‬ ‫م� � ��ع مرور الوق� � ��ت‪ ،‬وإذا م� � ��ا نظرت إليه‬ ‫إحصائي� � ��ا‪ ،‬فهو يعلم� � ��ك باالحتماالت ‪-‬‬ ‫مثال باحتمال أن� � ��ك أكثر أو أقل عرضة‬ ‫لإلصابة بأمراض التش ّيخ‪/‬الش� � ��يخوخة‬ ‫الش� � ��ائعة‪ .‬وهناك ش� � ��ركة أخرى إضافة‬ ‫إلى شركتنا ُش ِّكلت من أجل قياس طول‬ ‫التيلومير أطلقت على نفسها اسم «‪Life‬‬ ‫‪ »Length‬أي طول العمر وأنا أعتقد أن هذا‬ ‫االسم بدأ يعني أش� � ��ياء محددة للناس‪.‬‬ ‫ولرمبا كان ذلك اسما غير موفق‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬هل هناك عنصر جيني‬ ‫مسؤول عن طول التيلومير وعن‬ ‫خطر السرطان؟‬ ‫>بالكبرن<‪ :‬تفيـــد دراســـة مهمة قــادهــا‬ ‫>‪ .J‬گ� � ��و< [من مركز >‪ .M .D‬أندرس� � ��ون<‬ ‫للس� � ��رطان ف� � ��ي جامعة تكس� � ��اس] أن‬ ‫اجل� � ��واب عن هذا الس� � ��ؤال هو‪ ،‬أحيانا‬ ‫نع� � ��م‪ .‬وقد ألق� � ��ى >گو< وزم� �ل��اؤه نظرة‬ ‫غير منح� � ��ازة لتحديد ما إذا كان قصر‬ ‫التيلومي� � ��ر وخطر الس� � ��رطان مرتبطني‬ ‫جينيا‪ .‬وقد ركزالبحث الذي نشروه على‬ ‫سرطان املثانة(‪ ,)1‬حيث طرحوا السؤال‬ ‫اآلتي‪ :‬ما هو التحول اجليني(‪ )2‬املرتبط‬

‫)‪ :(SA‬ما هي الطريقة األكثر فائدة‬ ‫الستخدام قياسات هذا االختبار؟‬ ‫>بالكبرن<‪ :‬ال نعرف بعد ما إذا كانت هناك‬ ‫طريقة مثل� � ��ى‪ .‬فنحن نعلم أنه بإمكانك رؤية‬ ‫التغير في طول التيلومير خالل ستة أشهر‬ ‫أو حتى أربعة أش� � ��هر‪ ،‬ولك� � ��ن ليس خالل‬ ‫أس� � ��بوع‪ .‬وعلى أس� � ��اس املبادىء العلمية‪،‬‬ ‫كلما زاد ع� � ��دد القياس� � ��ات التي ميكن أن‬ ‫تس� � ��قطها عل� � ��ى الـمنحنى البيان� � ��ي‪ ،‬كلما‬ ‫أمكنك رؤية التوجهات بشكل أفضل‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫فإن مقاربة الستة أشهر تبدو معقولة‪.‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫(‪bladder cancer )1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫‪ :genetic variant‬التحول (عن املألوف) اجليني‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫نذير الفنائية‪:‬‬

‫هنا في نهايات الكروموسومات تتوهج‬ ‫التيلوميرات مشرقة‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬يبدو االختبار شبيها‬ ‫باختبارات الكوليسترول‪ :‬فهو‬ ‫يعطيك نسبة تعبر عن موقعك‬ ‫بالنسبة إلى معيار ألناس متشابهني‬ ‫في العمر واجلنس ومنط سلوكيات‬ ‫املعيشة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫>بالكب���رن< ‪ :‬ه� � ��ذا صحي� � ��ح‪ ،‬م� � ��ع أن‬ ‫الكوليسترول يتعلق بشكل أدق باألمراض‬ ‫القلبي� � ��ة الوعائية‪ .‬إن اختبار التيلومير هو‬ ‫أكثر عمومية‪ .‬ميكنك النظر إليه كما تنظر‬ ‫إلى الوزن‪ :‬ميكن للوزن أن يكون مؤش� � ��را‬ ‫عل� � ��ى العديد م� � ��ن أوجه الصح� � ��ة‪ .‬ومن‬ ‫الواض� � ��ح أنه إذا كان عاليا‪ ،‬فإن هذا غير‬ ‫جيد‪ .‬كذل� � ��ك األمر‪ ،‬إذا كانت التيلوميرات‬ ‫حقا قصيرة جدا‪ ،‬ف� � ��إن هذا ليس جيدا‪.‬‬ ‫ولكن هناك أيضا مدى كامال‪ .‬ويستخدم‬ ‫ّ‬ ‫األطب� � ��اء ال� � ��وزن‪ ،‬أليس كذلك؟ إنه ش� � ��يء‬ ‫مفيد‪ .‬ولكنهم ينظرون إليه مع مرور الوقت‪.‬‬ ‫وأعتق� � ��د أن طول التيلومير مش� � ��ابه لذلك‪،‬‬ ‫فهو رقم ُيكامل بني عدة أش� � ��ياء مختلفة‪.‬‬ ‫وطبيا‪ ،‬أنت لن تستخدمه مبفرده‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬يقول منتقدو اختبارات‬ ‫التيلومير إن اختبارات‬ ‫الكوليسترول مفيدة بسبب وجود‬ ‫بيانات كافية تسمح للعلماء‬ ‫بتأسيس معايير لتعبر عن أشياء‬ ‫مثل كوليسترول «عال» و«منخفض»‪،‬‬ ‫ولكن ليس‪ :‬لدينا بيانات كافية حتى‬

‫اآلن لوضع معايير لطول التيلومير‪.‬‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬ال أظ� � ��ن أن ذل� � ��ك صحيح‪.‬‬ ‫فالعلم� � ��اء محنكون ه� � ��ذه األيام وال يتعني‬ ‫علين� � ��ا جمع جميع األف� � ��راد في مجموعة‬ ‫واحدة‪ ،‬ب� � ��ل بإمكاننا وض� � ��ع الناس في‬ ‫مجموع� � ��ات‪ .‬وتوج� � ��د اآلن مئ� � ��ات وآالف‬ ‫األطوال للتيلوميرات للعديد من املجموعات‬ ‫البش� � ��رية املتشابهة‪ ،‬وأظن أن لدينا فكرة‬ ‫جيدة عما يفترض أن نتوقعه‪ .‬طبعا‪ ،‬تو ّفر‬ ‫املزيد هو دائما أفضل‪ .‬ولكن عليك البدء‬ ‫في مكان م� � ��ا‪ .‬كان هناك طلب قوي جدا‬ ‫للقيام بقياس� � ��ات التيلومي� � ��رات في إطار‬ ‫البحث العلمي وما بني األفراد‪ .‬وقد كانت‬ ‫الفكرة أنه بإمكاننا البدء باحلصول على‬ ‫هذه القياسات من دون املبالغة في التعبير‬ ‫عن دقة ما ميكننا استنتاجه منها‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬ملاذا قررمت البدء كشركة بدال‬ ‫من تنفيذ القياسات في مختبركم‬ ‫بجامعة كاليفورنيا‪ ،‬لوس أجنلوس؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬كان م� � ��ن املهم احلصول‬ ‫على تقانة مس� � ��ؤولة وميك� � ��ن االعتماد‬ ‫عليها في تـأمني مثل هذه القياسات‪ .‬ولم‬ ‫تكن لدينا الق� � ��درة الكافية على التعامل‬ ‫مع جميع الطلبات في جامعة كاليفورنيا‬ ‫بس� � ��ان فرانسيس� � ��كو‪ .‬لذلك قمنا بنقل‬ ‫التقانة إلى الشركة‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كيف تردّين على القلق من أن‬ ‫شركات التأمني الصحية والتأمني‬ ‫على احلياة قد تستخدم نتائج‬ ‫اختبار التيلومير لتحديد أهلية‬ ‫األفراد للتغطية بالتأمني؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬ال ميكننا إخفاء املعلومات‪.‬‬ ‫ولكن ميكننا بالتأكيد محاولة التحقق من‬ ‫أن املعلوم� � ��ات الطبية التي نقدمها دقيقة‬ ‫وأنها مأخوذة في السياق الصحيح وأنه‬ ‫لن يساء اس� � ��تخدامها علميا للتمييز بني‬ ‫الناس‪ .‬إضافة إل� � ��ى أخذنا في االعتبار‬ ‫أن قياس� � ��ات اختب� � ��ار التيلومي� � ��ر تعطي‬ ‫احتماالت فقط‪ ،‬فمن ثم ستكون مصدرا‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ضعيفا في اتخ� � ��اذ قرارات كهذه‪ .‬ولكن‬ ‫هذا ش� � ��يء يتعني على املرء االس� � ��تمرار‬ ‫بالتفكي� � ��ر في� � ��ه‪ .‬إن هدفن� � ��ا ه� � ��و تقدمي‬ ‫االختبارات كطريقة ملساعدة الناس على‬ ‫السيطرة أكثر على صحتهم‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬يقارن النقاد اختبارات‬ ‫التيلومير باالختبارات اجلينية‬ ‫املقدمة مباشرة إلى املستهلك‬ ‫واملبالغ فيها بعض األحيان والتي‬ ‫تعرض أن تكشف حتوالتك اجلينية‬ ‫وأن تخبرك مبدى قابليتك ألمراض‬ ‫محددة‪ .‬كيف تختلف اختبارات‬ ‫التيلومير عن ذلك؟‬ ‫>بالكب���رن<‪ :‬إن اختب� � ��ارات التيلومير‬ ‫ليس� � ��ت مقدمة مباش� � ��رة إلى املستهلك؛‬ ‫وعلينا أن نك� � ��ون واضحني جدا‪ .‬نحن‬ ‫نخطط للب� � ��دء بتقدمي ه� � ��ذه االختبارات‬ ‫في الش� � ��هر ‪ 2011/10‬من خالل مهنيي‬ ‫الصحة‪ .‬وقد أثبتت دراس� � ��ات متعددة‬ ‫ودراسة العديد من املجموعات البشرية‬ ‫املتش� � ��ابهة ارتباطا إحصائيا واضحا‬ ‫بني قص� � ��ر التيلومي� � ��ر ومخاطر حدوث‬ ‫األمراض‪ .‬وقد برز علم التيلومير مؤخرا‬ ‫بسرعة كبيرة‪ ،‬ومن الصعب أحيانا على‬ ‫العلم� � ��اء ألاّ ينخرطوا في هذا النوع من‬ ‫الدراسات لـمتابعة ما يجري‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل تقومني بقياس طول‬ ‫التيلوميرات اخلاص بك؟‬ ‫>بالكب����رن<‪ :‬نع� � ��م‪ .‬إنن� � ��ي أتطلع إلى‬ ‫ذل� � ��ك عندما تبدأ الش� � ��ركة بتقدمي هذا‬ ‫>‬ ‫االختبار لألفراد‪.‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, October 2011‬‬

‫‪71‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫احلقيقة حول التصديع الهيدرولي‬

‫( )‬

‫قد يكون تصديع طبقة َط ْف ِل َّية عميقة مرة واحدة إلطالق‬ ‫الغاز الطبيعي مصد َر ٍ‬ ‫خطر بسيط على إمدادات مياه الشرب‪،‬‬ ‫ولكن القيام بذلك مرارا وتكرارا ميكن أن يسبب معضلة حقيقية‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫>‪ .C‬موني<‬

‫هل يؤدي التصديع الهيدرولي(‪ )2‬إلى تلويث مياه الشرب؟‬ ‫لقد احتدم النقاش حول هذه املسألة‪ ،‬وأخذ العلماء يطرحون آرا َءهم حولها‪.‬‬ ‫كان ل� � ��دى >‪ .A‬إنگراف� � ��ي< [أس� � ��تاذ عن أستراليا وفرنسا وكندا‪.‬‬ ‫منذ أواخر أربعينات القرن املاضي‪،‬‬ ‫الهندس� � ��ة في جامع� � ��ة كورنيل واخلبير‬ ‫ف� � ��ي تقنية احلف� � ��ر ‪ -‬املثي� � ��رة للجدل ‪ -‬وتقان� � ��ة التصديع الهيدرولي األساس� � ��ية‬ ‫الس� � ��تخراج الغ� � ��از الطبيع� � ��ي] الكثير تس� � ��تخدم في حف� � ��ر اآلبار باألس� � ��لوب‬ ‫ليقوله‪ ،‬وخاص� � ��ة بعد حضوره اجتماع التقليدي‪ .‬فعندم� � ��ا يـصادف أنبوب البئر‬ ‫الشهر ‪ 2011/3‬الذي ُعقِ د في أرلينگتون العمودي طبقة من َّ‬ ‫الط ْف� � ��ل‪ُ ،‬يضخّ مزيج‬ ‫بوالي� � ��ة فيرجيني� � ��ا والذي اس� � ��تضافته م� � ��ن املياه املعاجلة كيميائيا والرمل حتت‬ ‫وكال���ة حماي���ة البيئ���ة ‪ )3(EPA‬ف� � ��ي ضغط ش� � ��ديد لفتح ش� � ��قوق في الصخر‬ ‫الواليات املتحدة‪ .‬هناك التقى بعلماء من وإطالق الغاز الطبيعي‪ .‬غير أنه‪ ،‬ومؤخرا‬ ‫شركات الغاز واحلفر الرئيسية(‪ .)4‬وكان فقط‪ُ ،‬دمِ ج هذا األسلوب في تقانة أحدث‬ ‫االجتماع ملس� � ��اعدة الوكالة على حتديد تُعرف باحلف� � ��ر املوجه أو األفقي ‪ -‬حيث‬ ‫م� � ��ا إذا كان التصدي� � ��ع الهيدرول� � ��ي ‪ُ -‬يح ّول مس� � ��ار رأس احلفر نحو األسفل‬ ‫الـ ُم َّته� � ��م بتلويث مصادر مياه الش� � ��رب بزاوي� � ��ة قد تصل إلى ‪ 90‬درجة لتس� � ��تمر‬ ‫مواز‬ ‫باملواد الكيميائية السامة والغاز في عدة باحلفر داخ� � ��ل الطبقة في اجت� � ��اه ٍ‬ ‫واليات أمريكية ‪ -‬هو املسؤول فعال عن لس� � ��طح األرض مس� � ��افة آالف األق� � ��دام‬ ‫االتهام املوجه إلي� � ��ه‪ .‬اجلواب يكمن في اإلضافية‪ .‬وكان� � ��ت النتيجة فورة حقيقية‬ ‫صميم اجلدل املتصاعد بوالية نيويورك في إنت� � ��اج الغاز‪ .‬فجأة‪ ،‬أصبحت طبقات‬ ‫َّ‬ ‫الط ْفل املعزولة والغنية بغاز امليثان متاحة‬ ‫وپنسلڤانيا وتكساس وكولورادو‪ ،‬فضال‬

‫لالس� � ��تثمار‪ .‬وتقدر كمية هذا الغاز غير‬ ‫التقلي� � ��دي ‪ -‬املوجود ف� � ��ي َّ‬ ‫الط ْفل والتي‬ ‫ميكن استخراجها ‪ -‬في الواليات املتحدة‬ ‫بنحو ‪ 827‬تريليون قدم مكعب‪ ،‬وهي كمية‬ ‫كافية لعدة عقود‪ ،‬مع أن رس� � ��ائل البريد‬ ‫اإللكترون� � ��ي الت� � ��ي تبادلته� � ��ا الصناعة‬ ‫ونش� � ��رتها صحيفة نيوي� � ��ورك تاميز في‬ ‫الشهر ‪ 2011/6‬تش� � ��ير إلى أنّ استخراج‬ ‫تلك املوارد قد يكون أكثر صعوبة وأعلى‬ ‫تكلفة مما ت ّدعيه الشركات‪.‬‬ ‫وتكمن العقبة الرئيس� � ��ية في أنه وعلى‬ ‫عكس عمليات التصدي� � ��ع الهيدرولي في‬ ‫اآلبار العمودية‪ ،‬تتطلب عميات التصديع‬ ‫الهيدرول� � ��ي األفقية كميات هائلة من املياه‬ ‫واملواد الكيميائي� � ��ة‪ .‬ويتطلب األمر أيضا‬ ‫أحواض� � ��ا أو صهاري� � ��ج ضخمة لتخزين‬ ‫( ) ‪ :THE TRUTH ABOUT FRACKING‬حي� � ��ث‬ ‫‪ = fracturing = fracking‬تصديع هيدرولي أو تكس� � ��ير‬ ‫هيدرولي بضغط املاء‪.‬‬

‫‪hydrolic‬‬

‫(‪shale layer )1‬‬

‫(‪Fracking Polluting )2‬‬

‫(‪Environmental Protection Agency )3‬‬ ‫(‪Devon Energy Chesapeake, Halliburton )4‬‬

‫باختصار‬ ‫إذا ع ّرفنا التصديع الهيدرولي على أنه كس� � ��ر واحد فقط في طبقة‬ ‫الطَّ فْ���ل(‪ )1‬العميقة‪ ،‬فإن ذلك اإلج� � ��راء قد يكون حميدا‪ .‬ولكن عند القيام‬

‫بعدة عمليات تصديع هيدرولي في عدد من اآلبار املتجاورة‪ ،‬فقد يزداد‬ ‫خطر تلوث مياه الش� � ��رب‪ .‬إذا مت تعري� � ��ف التصديع الهيدرولي على أنه‬ ‫العملي� � ��ة الصناعي� � ��ة بأكملها‪ ،‬مبا ف� � ��ي ذلك حفر اآلب� � ��ار وتخزين املياه‬ ‫املستعملة‪ ،‬فقد حت ّدد مصدر التلوث بالفعل‪.‬‬ ‫‪72‬‬

‫إنّ اختبارات متقدمة‪ ،‬كوضع مواد كيميائية في البئر القتفاء أثرها‬ ‫ومعرفة ما إذا كانت س� � ��تظهر ثانية في مياه الشرب‪ ،‬ميكن أن تثبت في‬ ‫النهاية ما إذا كانت عمليات التصديع الهيدرولي آمنة أم ال‪.‬‬ ‫بعض املش ّرعني ال ينتظرون تطوير أساليب علمية أفضل‪ ،‬بل‬ ‫يتوجهون مباش������رة نحو الس������ماح بعمليات التصديع الهيدرولي‬ ‫على نطاق أوسع‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬


‫مياه فضالت‬

‫مياه جوفية‬

‫اكسر طبقة َّ‬ ‫الط ْفل‪:‬‬

‫طَ فْل‬

‫تثقب احلفارات طبقات‬ ‫األرض لتصل إلى طبقة‬ ‫الطَّ فْل التي ميكن أن‬ ‫تكون على عمق ‪5000‬‬ ‫قدم أو أكثر‪ ،‬ثم تغ ّير‬ ‫اجتاهها وتستمر‬ ‫باحلفر أفقيا ملسافة‬ ‫قد تصل إلى ‪ 5000‬قدم‬ ‫أخرى‪ .‬ويجري سحب‬ ‫رأس احلفر (األشكال في‬ ‫األسفل‪ ،‬إلى اليسار)‪،‬‬ ‫ثم تضخ املياه والرمل‬ ‫واملواد الكيميائية إلى‬ ‫أسفل البئر لتكسير‬ ‫صخر الطَّ فْل (في‬ ‫الوسط)‪ ،‬مطلقة بذلك‬ ‫الغاز الذي ينطلق إلى‬ ‫األعلى مع السائل (في‬ ‫اليمني)‪ .‬تخ ّزن مياه‬

‫كسور‬

‫الفضالت‬

‫‪wastewater‬‬

‫(املستخدمة) امللوثة في‬ ‫أحواض سطحية أو في‬ ‫خزانات‪.‬‬

‫‪(2012) 2/1‬‬

‫‪73‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Chris Mooney‬‬

‫>موني< هو أحد مض ّيفي برنامج «محطة التساؤل»‬ ‫(‪ »Point of Inquiry (www.pointofinquiry.org‬ومؤلف ثالثة‬ ‫كتب من بينها «حرب الدميقراطيني على العلم‪».‬‬

‫«املياه الراجعة» ‪ flowback water‬واحمل ّملة‬ ‫باملواد الكيميائية والتي تتدفق راجعة نحو‬ ‫األعلى من خالل ثقب احلفر بعد االنتهاء‬ ‫من تصديع البئر هيدروليا‪.‬‬ ‫ف� � ��ي أثن� � ��اء جلوس� � ��ه ف� � ��ي القاع� � ��ة‪،‬‬ ‫راق� � ��ب >إنگرافي< علم� � ��اء الصناعة وهم‬ ‫يس� � ��تبعدون فك� � ��رة أن ي� � ��ؤ ّدي التصديع‬ ‫الهيدرولي إلى آبار مياه ملوثة وصنابير‬ ‫مطبخ قابلة لالشتعال‪ .‬إذ يقول املنطق إن‬ ‫طبقات َّ‬ ‫الط ْفل قد تكون على عمق ميل أو‬ ‫أكثر‪ ،‬ويفصلها عن طبقات املياه اجلوفية‬ ‫الضحلة آالف األق� � ��دام من الصخور ‪-‬‬ ‫وهذا على وجه التحديد هو السبب الذي‬ ‫جعل استثمارها أمرا صعبا للغاية حتى‬ ‫اآلن‪ .‬وق� � ��د يكون التصدي� � ��ع الهيدرولي‬ ‫قويا‪ ،‬ولكنه ليس بتلك القوة لتوليد شقوق‬ ‫جديدة في ذلك الكم الهائل من الصخور‬ ‫أو ليؤ ّدي إلى اتصال حـفر اآلبار األفقية‬ ‫(التي تس� � ��مى باآلبار اجلانبي� � ��ة) باملياه‬ ‫اجلوفية القريبة من السطح‪.‬‬ ‫يقول >إنگرافي< [الذي عمل سابقا‬ ‫ف� � ��ي الش� � ��ركة ‪ Schlumberger‬العاملي� � ��ة‬ ‫لتوري� � ��د الغاز‪ ،‬ولكنه ب� � ��رز كناقد علمي‬ ‫رائد لفورة إنتاج الغاز]‪« :‬رأيت شرائح‬ ‫جميلة مع ّدة باستخدام برنامج ب َوربوينت‬ ‫‪ُ PowerPoint‬تص � � � ّور م� � ��ا يعتقدون أنه‬ ‫يح� � ��دث فعلي� � ��ا‪ ،‬وفي كل ش� � ��ريحة كان‬ ‫املتح� � ��دث يخل� � ��ص إل� � ��ى أنّ األمر غير‬ ‫محتمل إلى حد بعيد‪ ».‬ومع ذلك‪ ،‬يشرح‬ ‫>إنگراف� � ��ي<‪ ،‬أنّ ه� � ��ذه التحليالت كانت‬ ‫تأخذ بعني االعتب� � ��ار تصديعا هيدروليا‬ ‫واحدا فق� � ��ط ‪ -‬انفجار مائي واحد‪ ،‬في‬ ‫‪74‬‬

‫بئر جانبية واح� � ��دة‪ ,‬وملرة واحدة‪ .‬ولكن‬ ‫لزيادة كمية الغ� � ��از إلى احلد األقصى‪،‬‬ ‫قد حتفر الش� � ��ركات دستة آبار أو أكثر‬ ‫في املوقع نفسه وعلى مقربة من بعضها‬ ‫بعضا‪ ،‬وق� � ��د تط ّبق التصديع الهيدرولي‬ ‫في البئر اجلانبية لكل بئر عبر قطاعات‬ ‫متعددة‪ ،‬ورمبا ملرات متعددة‪.‬‬ ‫يق� � ��ول >إنگراف� � ��ي<‪« :‬علينا أن نأخذ‬ ‫ف� � ��ي االعتب� � ��ار األبعاد املكاني� � ��ة الثالثة‬ ‫والزمن»‪ .‬كما يش� � ��كك ف� � ��ي أن تصديعا‬ ‫هيدروليا جانبيا واحدا ميكنه أن يصل‬ ‫ب� �ي��ن طبقات َّ‬ ‫الط ْفل وبني الس� � ��طح‪ ،‬ومع‬ ‫ذل� � ��ك يضيف قائ� �ل��ا‪« :‬إذا نظ� � ��رمت إلى‬ ‫املشكلة كما وصفتها للتو‪ ،‬فإنني أعتقد‬ ‫أنّ االحتم� � ��االت تتزاي� � ��د؛ ولكن إلى أي‬ ‫مدى؟ ال أدري‪».‬‬ ‫إدانة بالتعريف‬

‫( )‬

‫إن العلم� � ��اء واملش � � � ِّرعني الذي� � ��ن‬ ‫يحاولون اآلن اإلجابة عن هذا الس� � ��ؤال‬ ‫املعقد متأخرون بعض الش� � ��يء‪ .‬إذ كان‬ ‫باإلمكان أن نستفيد من نتائج أبحاثهم‬ ‫قبل أن يصب� � ��ح التصدي� � ��ع الهيدرولي‬ ‫أمرا مثي� � ��را للجدل به� � ��ذا القدر‪ .‬وهذه‬ ‫التقانة هي س� � ��بب صراع سياسي في‬ ‫نيوي� � ��ورك‪ ،‬حيث كش� � ��فت إدارة احلفاظ‬ ‫عل� � ��ى البيئ� � ��ة النقاب مؤخ� � ��را عن خطة‬ ‫للسماح لشركات احلفر باستثمار ‪%85‬‬ ‫م� � ��ن حصة الوالية في طبقات َّ‬ ‫الط ْفل في‬ ‫مارس� � ��يالس ويوتي� � ��كا الصخرية‪ .‬ولن‬ ‫يسمح بالتصديع الهيدرولي في مناطق‬ ‫جتمع مي� � ��اه األمطار في مدينة نيويورك‬ ‫أو مدين� � ��ة س� � ��يراكيوز‪ ،‬ألن إم� � ��دادات‬ ‫املياه تلك ال يت� � ��م تصفيتها بني املصدر‬ ‫ومستخدميها من املواطنني‪.‬‬ ‫لق� � ��د اعتمدت اإلدارة ف� � ��ي اتخاذها‬ ‫قرار املضي قدم� � ��ا في تلك اخلطة على‬ ‫استعراض دراسات مختلفة‪ ،‬وتقول إنها‬ ‫تخطط لتنظيم أي عمل من أعمال احلفر‬ ‫تنظيما محكما‪ .‬حتل هذه القرارات محل‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫حظر س� � ��ابق على التصديع الهيدرولي‬ ‫على مس� � ��توى الوالية‪ ،‬عل� � ��ى الرغم من‬ ‫حقيق� � ��ة أن الوكال� � ��ة ‪ EPA‬الت� � ��زال في‬ ‫منتصف دراسة رئيس� � ��ية حول سالمة‬ ‫استخدام هذه التقانة من املفترض وضع‬ ‫مس� � ��ودتها األولى في أواخر عام ‪.2012‬‬ ‫وملا كانت اإلدارة غير راغبة في انتظار‬ ‫نتائج دراسة الوكالة ‪ ،EPA‬فقد أصدرت‬ ‫قوانينها النهائية في الش� � ��هر ‪2011/10‬‬ ‫األول وأتاحته� � ��ا لتعليق اجلمهور عليها‬ ‫حتى أوائل الشهر ‪.2011/12‬‬ ‫إن اإلصرار على احلفر في نيويورك‬ ‫قبل صدور نتائج دراس� � ��ة الوكالة ‪EPA‬‬ ‫يدفع اخلبراء إلى محاولة حتديد أي من‬ ‫االتهامات املوجهة للتصديع الهيدرولي‬ ‫على قدر من األهمية وأي من االتهامات‬ ‫حتتاج إلى إجراء بحث جديد‪ .‬في نهاية‬ ‫املط� � ��اف‪ ،‬اإلجاب� � ��ات عن هذه املس� � ��ألة‬ ‫املع ّق� � ��دة إلى أبعد احل� � ��دود تتو ّقف في‬ ‫النهاية على التعاريف املتضاربة لعملية‬ ‫التصديع الهيدرولي‪.‬‬ ‫إذا اعتبرن� � ��ا أن عملي� � ��ة التصدي� � ��ع‬ ‫الهيدرول� � ��ي تش� � ��ير إل� � ��ى كام� � ��ل عملية‬ ‫احلفر للتنقي� � ��ب غير التقليدي عن الغاز‬ ‫م� � ��ن البداية إلى النهاي� � ��ة‪ ،‬فإنها بالفعل‬ ‫مسؤولة عن بعض التجاوزات اخلطيرة‪.‬‬ ‫وإنّ تنفي� � ��ذ ه� � ��ذه العملي� � ��ة الصناعي� � ��ة‬ ‫الضخم� � ��ة يتطل� � ��ب كميات هائل� � ��ة تبلغ‬ ‫‪ 2‬إل� � ��ى ‪ 4‬ماليني گالون م� � ��ن املياه لبئر‬ ‫جانبية واح� � ��دة‪ ،‬إضافة إلى ‪ 15‬إلى ‪60‬‬ ‫ألف گالون من املواد الكيميائية؛ اضرب‬ ‫هذه الكميات في عدد اآلبار التي تحُ فر‬ ‫في موقع واحد‪ .‬ويتطلب نقل الس� � ��وائل‬ ‫أساطيل من ش� � ��احنات النقل وحاويات‬ ‫التخزين الكبيرة‪.‬‬ ‫وبعدئ� � ��ذ‪ ،‬الب� � ��د من معاجلة مش� � ��كلة‬ ‫املياه الراجعة إذ تعود نس� � ��بة تصل إلى‬ ‫‪ %75‬مم� � ��ا يضخ من املاء ف� � ��ي البئر إلى‬ ‫األعلى مح ّملة‪ ،‬ليس فقط مبزيج من املواد‬ ‫( ) ‪GUILT BY DEFINITION‬‬


‫مضاعفات‬

‫مخاطر تتهدد مياه الشرب‬

‫( )‬

‫(‪)1‬‬

‫مبجرد إنش����اء منصة احلفر وبركة مياه الفضالت ‪ ،‬قد حتتاج احلفارة‬ ‫إلى حفر دس����تة آبار أو أكثر لتحقيق استثمار كامل الغاز املستخرج من‬ ‫الطَّ فْ���ل‪ .‬يترك����ز احتمال تلوث املياه اجلوفي����ة بأكبر قدر من ثالثة مصادر‬ ‫رئيس����ية‪ :‬ميكن أن تتس����رب املي����اه احململة بامل����واد الكيميائية أو تفيض‬ ‫م����ن برك مي����اه الفضالت (في الوس����ط)‪ ،‬كما حدث بوالية پنس����لڤانيا في‬

‫الش����هر ‪ 2011/9‬بسبب الفيضانات التي سببتها العاصفة االستوائية لي‬ ‫‪ .Lee‬وميكن أن تتش����قق اخلرس����انة اإلس����منتية التي تبطن أنبوب احلفر‬ ‫العمودي (الدائرة في اليس����ار)‪ .‬كما ميكن أن تتصل التش����ققات اجلديدة‬ ‫الت����ي فتحته����ا عملي����ات التصديع الهيدرول����ي بالتش����ققات الطبيعية أو‬ ‫باآلبار القدمية (الدائرة في اليمني)‪.‬‬

‫بركة مياه‬ ‫الفضالت‬

‫بئر ملياه الشرب‬

‫ميكن أن تتسرب‬ ‫املواد الكيميائية‬ ‫إلى املياه اجلوفية‬

‫مسارات خفية صاعدة نحو األعلى‬

‫املياه اجلوفية‬

‫غاز ميثان‬ ‫أو مياه‬ ‫ملوثة‬

‫ميكن أن تتصل التشققات اجلديدة الناجمة عن‬ ‫ضغط سوائل التصديع الهيدرولي بالتشققات‬ ‫الطبيعية غير املعروفة أو بآبار الغاز القدمية‬ ‫املهجورة والتي طمست منذ سنوات‪ ،‬مما يوفر‬ ‫مسارا غير متوقع لتدفق غاز امليثان أو املواد‬ ‫الكيميائية ألعلى لتصل إلى املياه اجلوفية‪.‬‬

‫تشقق في‬ ‫الغالف‬ ‫اخلرساني‬

‫انكسار سداد األمان‬

‫حتيط اخلرسانة بأنبوب الغاز املصنوع من‬ ‫الصلب ملنع غاز امليثان أو املياه احململة باملواد‬ ‫الكيميائية من التدفق من األسفل إلى األعلى‬ ‫والتسرب إلى املناطق احمليطة‪ .‬غير أن أعمال‬ ‫التبطني اإلسمنتي املتدنية اجلودة ميكن أن تؤدي‬ ‫إلى تشققات أو فجوات قد تفتح ممرات للتلوث‪.‬‬

‫بئر غاز قدمية‬ ‫مهجورة‬ ‫تشققات طبيعية‬ ‫تشققات جديدة‬ ‫ناجمة عن التصديع‬ ‫الهيدرولي‬

‫الطَّ فْل‬

‫( ) ‪Risks to Drinking Water‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫(‪wastewater )1‬؛ أو مياه مستعملة‪.‬‬

‫(التحرير)‬ ‫‪75‬‬


‫الكيميائية ‪ -‬الذي يستخدم لتسهيل تدفق‬ ‫سوائل التكس� � ��ير وحماية أنابيب احلفر‬ ‫وقتل البكتيريا‪ ،‬إضاف� � ��ة إلى العديد من‬ ‫األغراض األخرى ‪ -‬بل أيضا تكون‪ ،‬في‬ ‫كثير من األحيان‪ ،‬محملة باملواد املش� � ��عة‬ ‫واألم� �ل��اح من الطبقات الس� � ��فلى‪ .‬ولذلك‬ ‫يجب تخزين هذه املياه السامة في املوقع‬ ‫وم� � ��ن ثم نقلها إلى محط� � ��ات املعاجلة أو‬ ‫إعادة استخدامها‪ .‬وتعمد معظم الشركات‬ ‫إلى اس� � ��تخدام حفر مكش���وفة ‪open pits‬‬ ‫عل� � ��ى س� � ��طح األرض‪ .‬وتف� � ��رض العديد‬ ‫من الوالي� � ��ات تبطني ق� � ��اع احلفر باملواد‬ ‫الصنعي� � ��ة ملنع التس� � ��ريب‪ ،‬تحُ ِّتم بعضها‬ ‫أيض� � ��ا أن تكون احلف� � ��ر بعيدة مبا يكفي‬ ‫عن املياه السطحية‪ .‬واملشكلة تكمن‪ ،‬على‬ ‫الرغم من اتخاذ االحتياطات املناسبة‪ ،‬في‬ ‫أن بطانات احلفر قد تتش � � � ّقق وميكن أن‬ ‫يؤدي هطول األمطار الغزيرة إلى فيضان‬ ‫احلفر‪ .‬ووفقا للقواعد املقترحة بنيويورك‪،‬‬ ‫س� � ��وف ُيسمح فقط باس� � ��تخدام خزانات‬ ‫(صهاريج) مانعة للتسرب لتخزين املياه‬ ‫الراجع� � ��ة‪ ،‬مع اتخاذ االحتياطات الالزمة‬ ‫للحماية من انسكابها على األرض‪.‬‬ ‫جميع هذه العمليات ميكن أن تسبب‬ ‫حوادث‪ .‬إذ يوض� � ��ح >‪ .T‬إنگلدر< [خبير‬ ‫التصديع الهيدرولي ف� � ��ي جامعة والية‬ ‫پنس� � ��لڤانيا] وهو في العادة من أنصار‬ ‫العملي� � ��ة ولكنه أحيانا ينتقد الش� � ��ركات‬ ‫املعني� � ��ة قائال‪« :‬ه� � ��ذه ليس� � ��ت صناعة‬ ‫خالية من املخاطر»‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬و َّثقت‬ ‫سلس� � ��لة م� � ��ن التحقيقات نش� � ��رت في‬ ‫صحيف� � ��ة نيويورك تاميز ح� � ��دوث تلوث‬ ‫محتمل ألحواض األنهار الكبرى بوالية‬ ‫پنس� � ��لڤانيا مثل حوضي سس� � ��كويهانا‬ ‫وديالوي� � ��ر بس� � ��بب عدم كفاي� � ��ة معاجلة‬ ‫املي� � ��اه الراجع� � ��ة‪ .‬ففي والية پنس� � ��لڤانيا‬ ‫صارت رائحة مي� � ��اه الصنابير املنزلية‬ ‫كريه� � ��ة أو صارت تش� � ��تعل عند تقريب‬ ‫لهب منه� � ��ا‪ ،‬وقد صدرت مخالفات بحق‬ ‫الش� � ��ركات و ُف ِرضت عليه� � ��ا الغرامات‪.‬‬ ‫‪76‬‬

‫وفي اآلونة األخيرة‪َ ،‬غ َّرمت إدارة حماية‬ ‫البيئة بالوالية شركة ‪ Chesapeake‬مليون‬ ‫دوالر تقريبا بس� � ��بب تلويث ‪ 16‬بئرا من‬ ‫آب� � ��ار املياه العائلية بغ� � ��از امليثان نتيجة‬ ‫ملمارسات احلفر السيئة‪.‬‬ ‫ميكن حتميل مسؤولية هذه األنواع‬ ‫من مخاطر التلوث على عملية التصديع‬ ‫الهيدرول� � ��ي إذا كان� � ��ت هذه التس� � ��مية‬ ‫تش� � ��ير إلى العملية الصناعية برمتها ‪-‬‬ ‫ولكن ليس بالض� � ��رورة إذا كانت عملية‬ ‫التصديع الهيدرول� � ��ي تعني فقط مجرد‬ ‫ضخ املياه بقوة حتت األرض لتكس� � ��ير‬ ‫الصخ� � ��ر بعد االنتهاء من احلفر‪ .‬وحتى‬ ‫أكثر الناس تخصص� � ��ا في هذه األمور‬ ‫يختلفون حول هذه املس� � ��ألة األساسية‪.‬‬ ‫تقول >‪ .V‬واش� � ��نطن< [النائبة الس� � ��ابقة‬ ‫لرئي� � ��س إدارة احلفاظ عل� � ��ى البيئة في‬ ‫نيويورك]‪« :‬هناك مخاطرة حقيقية بفعل‬ ‫وجود امل� � ��واد الكيميائية بهذه الكميات‪،‬‬ ‫ولكنه خطر من الن� � ��وع الصناعي أكثر‬ ‫من كون� � ��ه خطرا ناجما م� � ��ن التصديع‬ ‫الهيدرولي بحد ذاته‪ ».‬ولكن >إنگرافي<‬ ‫[من جامعة كورنيل] يرى األمر بش� � ��كل‬ ‫مختلف‪ ،‬وحس� � ��ب قوله‪« :‬أمتنى فقط أن‬ ‫تتوق� � ��ف الصناعة عن االدعاء بأن عملية‬ ‫التصديع الهيدرولي ال تس� � ��بب التلوث‪.‬‬ ‫فعليكم احلفر لتقوموا بعملية التصديع‬ ‫الهيدرولي‪ .‬إنّها مسألة تعريفات ومعاني‬ ‫كلمات يختبئون وراءها‪».‬‬ ‫لتوضي� � ��ح أن عملي� � ��ة التصدي� � ��ع‬ ‫الهيدرول� � ��ي ‪ -‬كم� � ��ا تع ّرفه� � ��ا الصناعة‬ ‫ هي املش� � ��كلة‪ ،‬يتعني دراس� � ��ة اخلطر‬‫املزعوم واألكثر ترويجا من قبل وسائل‬ ‫اإلع� �ل��ام وف� � ��ي الوق� � ��ت نفس� � ��ه األكثر‬ ‫غموض� � ��ا ‪ -‬أي فكرة أنّ التفجير باملياه‬ ‫في أعم� � ��اق األرض ميكن أن يلوث مياه‬ ‫الشرب بشكل مباشر عن طريق تكوين‬ ‫مسارات غير متوقعة ينتقل عبرها الغاز‬ ‫أو الس� � ��ائل ب� �ي��ن طبقة َّ‬ ‫الط ْف� � ��ل العميقة‬ ‫وطبقة املياه اجلوفية الضحلة‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫اخلرسانة اإلسمنتية‬ ‫( )‬ ‫سبب املشكلة‬ ‫�درك مدى تَع ُّقد هذه املش� � ��كلة‪،‬‬ ‫لكي ُن� � � ِ‬ ‫لننظر في الدعوى التي رفعتها الوكالة‬ ‫‪ EPA‬في عام ‪ 2010‬ضد الشركة ‪Range‬‬ ‫‪ ،Resources‬وهي ش� � ��ركة غاز مركزها‬ ‫ف� � ��ورت وورث تق� � ��وم بالتنقيب في طَ ْفل‬ ‫بارنيت املش� � ��هور بوالية تكساس‪ .‬لقد‬ ‫ا ّدع� � ��ت الوكالة ‪ EPA‬أن بئرين من آبار‬ ‫مياه الشرب السكنية بالقرب من بئرين‬ ‫من آبار الشركة قد تلوثتا بغاز امليثان‬ ‫املنبعث م� � ��ن مصدر ح� � ��راري عميق‪.‬‬ ‫ينش� � ��أ هذا النوع من الغاز في طبقات‬ ‫َّ‬ ‫الط ْفل‪ ،‬املختلف عن غاز امليثان املنبعث‬ ‫م� � ��ن نش����اط حي����وي ‪ ،biogenic‬والذي‬ ‫تنتج� � ��ه امليكروبات في اجليوب األقرب‬ ‫إلى الس� � ��طح حيث توجد طبقات املياه‬ ‫اجلوفية عادة‪ .‬وقد ا ّدعت الوكالة ‪EPA‬‬ ‫أيضا أن إح� � ��دى البئرين احتوت على‬ ‫مواد كيميائية من التي تستخدم أحيانا‬ ‫في عملي� � ��ة التصديع الهيدرولي ‪ -‬مثل‬ ‫البنزي� � ��ن ‪ -‬وكانت البئ� � ��ر تنتج مياها‬ ‫قابلة لالشتعال‪.‬‬ ‫لقد طلبت الوكالة ‪ EPA‬إلى الشركة‬ ‫‪ Range Resources‬توفي� � ��ر املياه النظيفة‬ ‫لألطراف املتضررة‪ ،‬وحتديد ما إذا كان‬ ‫التل� � ��وث قد طال آب� � ��ارا أخرى مجاورة‪،‬‬ ‫إضافة إلى اتخاذ إجراءات أخرى‪ .‬ردت‬ ‫هذه الشركة بقوة‪ ،‬نافية في احملكمة ادعاء‬ ‫حت ّملها ألي مسؤولية‪ ،‬وأشارت إلى أنّ‬ ‫«أعم� � ��ال احلفر األفقية والعمودية بعيدة‬ ‫جدا»‪ .‬وبحلول منتصف الشهر ‪،2011/9‬‬ ‫كانت املعرك� � ��ة القانونية قد وصلت إلى‬ ‫محكم� � ��ة االس� � ��تئناف األمريكي� � ��ة‪ .‬ومن‬ ‫امله� � ��م مع ذلك‪ ،‬هو أ ّن� � ��ه حتى ولو كانت‬ ‫الوكالة ‪ EPA‬محقة في أن تلك الش� � ��ركة‬ ‫مس� � ��ؤولة عن التلوث‪ ،‬فإن هذا ال يعني‬ ‫أن عملي� � ��ة التصدي� � ��ع الهيدرول� � ��ي في‬ ‫( ) ‪CONCRETE CULPRIT‬‬


‫أعماق األرض هي التي سببت املشكلة‪.‬‬ ‫لقد طلبت الوكالة إلى الش� � ��ركة حتديد‬ ‫أي «من مسارات تدفق الغاز» قد أسهم‬ ‫في حدوث التل� � ��وث ‪ -‬وهناك الكثير من‬ ‫االحتماالت املمكنة‪ .‬فقد يكون الغاز قد‬ ‫هاجر على طول مسار صاعد من َّ‬ ‫الط ْفل‬ ‫املص ّدع هيدروليا عبر أحد املسالك غير‬ ‫املعروف� � ��ة؛ أو أن عيوبا في اخلرس� � ��انة‬ ‫اإلسمنتية في اجلزء العمودي من البئر‬ ‫ف� � ��ي األجزاء األقرب إلى الس� � ��طح‪ ،‬هي‬ ‫التي أدت إلى التلوث‪.‬‬ ‫تعتبر عيوب التبطني اإلسمنتي املتهم‬ ‫الرئيسي بني مصادر التلوث احملتملة‪،‬‬ ‫ووفقا لتعري� � ��ف الصناعة فإنه ال يعتبر‬ ‫جزءا من عملي� � ��ة التصديع الهيدرولي‪.‬‬ ‫إذ يتعني على أي بئ� � ��ر في طريقها إلى‬ ‫أسفل‪ ،‬أن متر عبر الطبقات التي حتتوي‬ ‫على املياه اجلوفية القريبة من السطح‪،‬‬ ‫كما ميك� � ��ن أن متر أيض� � ��ا عبر جيوب‬ ‫غير معروفة من الغاز‪ .‬ويقوم احلفارون‬ ‫مبلء الفجوة بني أنب� � ��وب الغاز وجدار‬ ‫احلفرة باخلرس� � ��انة ملنع الغاز اخلفيف‬ ‫م� � ��ن الصعود عل� � ��ى امت� � ��داد اجلوانب‬ ‫اخلارجية ألنبوب احلفر‪ ،‬وبذلك يح ّدوا‬ ‫من إمكانية تس� � ��ربه إلى املياه اجلوفية‪.‬‬ ‫وكذلك قد تس� � ��مح عي� � ��وب بطانة أنبوب‬ ‫احلفر بتس� � ��رب املياه الراجعة واحمل ّملة‬ ‫باملواد الكيميائية أثناء صعودها ألعلى‬ ‫مندفع� � ��ة بتأثي� � ��ر الضغ� � ��ط الناجم عن‬ ‫التصديع الهيدرولي َّ‬ ‫للط ْفل‪.‬‬ ‫مي ّث� � ��ل التبط� �ي��ن اإلس� � ��منتي «احللقة‬ ‫الضعيــفـــــ� � ��ة» الواضـحـــ� � ��ة حس � � �ـب رأي‬ ‫>‪ .A‬گورودي< [الهيدرولوجي واالستشاري‬ ‫لش� � ��ركات الغاز واملدافع ع� � ��ن التصديع‬ ‫الهيدرول� � ��ي]‪ .‬ويواف� � ��ق على ذل� � ��ك علماء‬ ‫آخرون وبشدة‪ .‬فيوضح >‪ .B .R‬جاكسون<‬ ‫[الباحث في اإليكولوجي� � ��ا وخبير املوارد‬ ‫املائي� � ��ة في كلية نيك� � ��والس للبيئة بجامعة‬ ‫دي� � ��وك] قائال‪« :‬إذا لم ّ‬ ‫تبط� � ��ن البئر تبطينا‬ ‫جيدا فإنك بذلك تفتح مس� � ��ارات محتملة‬

‫لتسرب املواد للخارج»‪ .‬ومع وجود العديد‬ ‫من القوانني التي تنظم عمليات تبطني اآلبار‬ ‫باإلسمنت وعلى الرغم من سعي الصناعة‬ ‫إلى حتسني ممارس� � ��اتها‪ ،‬فرمبا لن يكون‬ ‫من املمكن معاجلة املش� � ��كلة بشكل كامل‪.‬‬ ‫ويعلق >إنگرافي< على ذلك بقوله‪« :‬سوف‬ ‫تفش� � ��ل نس� � ��بة كبيرة من أعم� � ��ال التبطني‬ ‫اإلسمنتي‪ ،‬وسيكون هذا هو احلال دوما‪.‬‬ ‫إنه جزء ال يتجزأ من العملية‪».‬‬ ‫ميثل التلوث بسبب التبطني اإلسمنتي‬ ‫املتدني اجلودة مش� � ��كلة طويلة األمد في‬ ‫اآلبار العمودية التقليدية‪ ،‬والتي يستخدم‬ ‫فيها أيضا التصديع الهيدرولي في بعض‬ ‫األحيان‪ .‬ووفقا لـ>‪ .V‬واش� � ��نطن< [النائبة‬ ‫السابقة لرئيس إدارة احلفاظ على البيئة‬ ‫في نيويورك]‪« :‬لدين� � ��ا الكثير من اآلبار‬ ‫في غ� � ��رب نيويورك الت� � ��ي مازالت تنتج‬ ‫النفط والغاز منذ عقود‪ .‬وكان التصديع‬ ‫الهيدرول� � ��ي هو الس� � ��بيل للحصول على‬ ‫الغ� � ��از من ه� � ��ذا َّ‬ ‫الط ْفل الصل� � ��ب؛ وهذا‬ ‫مس� � ��تمر رمبا من� � ��ذ ‪ 20‬عام� � ��ا‪ ».‬ما هو‬ ‫مختلف اآلن مع احلفر األفقي‪ ،‬حس� � ��ب‬ ‫قولها‪ ،‬هو «أنّنا نس� � ��تخدم اآلن‪ ،‬وبسبب‬ ‫األعماق التي يوجد عندها الغاز واملزج‬ ‫بني عملي� � ��ة التصديع الهيدرولي واحلفر‬ ‫ني الگالونات عوضا عن ‪80‬‬ ‫املوجه‪ ،‬مالي َ‬ ‫‪ 000‬گال� � ��ون من املياه لكل عملية تصديع‬ ‫هيدرولي» م� � ��ع زيادة كبي� � ��رة في املواد‬ ‫الكيميائية التي ترافقها‪.‬‬ ‫غير مأمون على أي عمق؟‬

‫( )‬

‫إن التبطني اإلس� � ��منتي املتدني اجلودة‬ ‫يعلل العدي� � ��د من حوادث تل� � ��وث املياه‬ ‫اجلوفية من ج ّراء العمليات غير التقليدية‬ ‫في حفر آبار الغاز ‪ -‬مبا في ذلك غرامة‬ ‫التل ّوث على الشركة ‪ Chesapeake‬مبليون‬ ‫دوالر‪ .‬ويق� � ��ول >إنگلدر<‪« :‬إن نزوح غاز‬ ‫امليثان هو مش� � ��كلة ف� � ��ي بعض املناطق‪.‬‬ ‫وهذا صحيح متاما»‪ .‬والس� � ��ؤال هو ما‬ ‫إذا كان هناك أي سبب آخر‪ .‬فإذا كانت‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫صفقة صعبة‪ :‬قد تكون القوانني الصارمة هي‬ ‫احلل إلرضاء املواطنني الذين يخشون من ممارسات‬ ‫احلفر غير املأمونة‪ ،‬كاملتظاهرين (في الصورة) الذين‬ ‫خرجوا في ألباني بوالية نيويورك مؤيدين فرض‬ ‫حظر على عمليات التصديع الهيدرولي في الوالية‪.‬‬

‫مش� � ��كلة تلوث املياه اجلوفية يس� � ��ببها‬ ‫حقا التبط� �ي��ن اإلس� � ��منتي‪ ،‬فقد جتادل‬ ‫في أن التصديع الهيدرولي كما تع ّرفها‬ ‫الصناعة عملية مقبول� � ��ة‪ ،‬ويجب تطبيق‬ ‫قواعد أش� � ��د صرامة ملراقبة الشركات‬ ‫أثناء عمليات احلفر ‪ -‬وهذا بالضبط ما‬ ‫تقترحه والية نيويورك اآلن‪.‬‬ ‫من أكثر الدراس� � ��ات إثارة بش� � ��أن‬ ‫هجرة الغ� � ��از احملتمل ذلك البحث الذي‬ ‫نش� � ��ره مؤخ� � ��را >جاكس� � ��ون< وزمالؤه‬ ‫في وقائ� � ��ع األكادميية الوطني� � ��ة للعلوم‬ ‫بالوالي� � ��ات املتحدة األمريكية(‪ .)1‬يتضمن‬ ‫هذا البحث بعض األدل� � ��ة لدعاة حماية‬ ‫البيئ� � ��ة وللصناعي� �ي��ن على حد س� � ��واء‪.‬‬ ‫فعندما ن ُِشر هذا البحث الذي كان مثار‬ ‫جدل محتد تراوحت االستجابات فيه ‪-‬‬ ‫حس� � ��ب قول >جاكس� � ��ون< مازحا ‪ -‬ما‬ ‫ب� �ي��ن‪« :‬لقد أنقذت حياتي(‪ »)2‬و«انش� � ��غل‬ ‫مجد(‪».)3‬‬ ‫بأمر ٍ‬ ‫حلل فريق البحث بقيادة >جاكسون<‬ ‫عينات م� � ��ن أكثر من ‪ 60‬بئ� � ��را من آبار‬ ‫مياه الش� � ��رب اخلاصة الت� � ��ي تقع فوق‬ ‫طبقة َّ‬ ‫الط ْفل مبارس� � ��يالس في ش� � ��مال‬ ‫( ) ?‪UNSAFE AT ANY DEPTH‬‬ ‫(‪Proceedings of the National Academy of Sciences )1‬‬ ‫‪USA‬‬ ‫(‪«you saved my life» )2‬‬ ‫(‪ :«get a life» )3‬تعبي� � ��ر اصطالحي تهكمي يعني‪ :‬اذهب‬

‫وانش� � ��غل بأم� � ��ر مجد وال تضي� � ��ع الوق� � ��ت في هذا‬ ‫اجلدل‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫شرق والية پنسلڤانيا وفوق طبقة َّ‬ ‫الط ْفل‬ ‫بيوتيكا في ش� � ��مال والية نيويورك‪ .‬لقد‬ ‫كان غاز امليثان موجودا في ‪ 51‬بئرا من‬ ‫تلك اآلبار‪ ،‬ولكن اآلبار األقرب إلى مواقع‬ ‫احلفر كانت حتتوي عل� � ��ى كميات أكبر‬ ‫بكثير‪ .‬فقد أشارت التحاليل الكيميائية‬ ‫إلى أن أكثر غ� � ��از امليثان املرصود كان‬ ‫من نوع ذي منشأ حراري عميق وليس‬ ‫من نوع منبعث من نش� � ��اط حيوي ينشأ‬ ‫في مناطق أكثر قربا من السطح‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لم تتضمن أي من العينات‬ ‫سوائل من تلك املستخدمة في التصديع‬ ‫الهيدرولي‪ ،‬أو أي محاليل ملحية من تلك‬ ‫املرتبطة بطبق� � ��ات َّ‬ ‫الط ْفل العميقة‪ .‬ولذلك‬ ‫يعتقد >جاكس� � ��ون< أن الس� � ��بب األرجح‬ ‫للتل� � ��وث هو عيوب في إس� � ��منت وأنابيب‬ ‫تبطني اآلبار‪ .‬ويذكر >جاكسون< إمكانية‬ ‫أخرى‪ :‬فقد ينشأ عن التصديع الهيدرولي‬ ‫على األقل بعض الشقوق التي متتد في‬ ‫الصخر إلى األعلى متجاوزة طبقة َّ‬ ‫الط ْفل‬ ‫األفقي� � ��ة نفس� � ��ها‪ .‬إذا كان األمر كذلك‪،‬‬ ‫ميكن لتلك الشقوق أن تتصل بغيرها من‬ ‫الش� � ��قوق أو الفتحات املوجودة من قبل‬ ‫مما يس� � ��مح للغاز باالنتقال إلى األعلى‬ ‫ملس� � ��افات كبيرة‪ .‬ويالحظ >جاكس� � ��ون<‬ ‫أيضا أن شمال ش� � ��رق والية پنسلڤانيا‬ ‫وشمال والية نيويورك «مثقبة بالعديد من‬ ‫اآلبار القدمية املهجورة»‪ .‬ويضيف قائال‪:‬‬ ‫«منذ عقود مضت لم يكن من املعتاد أن‬ ‫يبطن الن� � ��اس اآلبار وأن يس � � � ّدوها عند‬ ‫االنتهاء من استغاللها‪ .‬تخيل هذه الكتلة‬ ‫األرضي� � ��ة املثقبة كاجلنب السويس� � ��ري‬ ‫بحف� � ��ر اآلبار الت� � ��ي متتد إلى األس� � ��فل‬ ‫آالف األق� � ��دام ‪ -‬ونحن ال نعرف أين تلك‬ ‫ا ُ‬ ‫حلفر‪».‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإذا كان غاز امليثان يصل‬ ‫إل� � ��ى مياه الش� � ��رب بس� � ��بب احلفر غير‬ ‫التقليدي عن الغاز‪ ،‬فلماذا ال تظهر أيضا‬ ‫املواد الكيميائية املستخدمة في التصديع‬ ‫الهيدرولي؟ وهنا لـيس لدى >جاكسون<‬ ‫‪78‬‬

‫و >إنگلدر< سوى فرضيات‪ .‬عندما ينطلق‬ ‫غاز امليثان في البداية من الصخر يتولد‬ ‫ضغط أول� � � ّ�ي يكفي لدفع املي� � ��اه واملواد‬ ‫الكيميائية للرجوع مرة أخرى إلى أعلى‬ ‫احلفرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬س� � ��رعان ما ينحسر‬ ‫هذا التدفق إلى ح� � ��د ما‪ .‬ومن ثم وبينما‬ ‫يتمتع الغاز بقدرة كافية للطفو والتحرك‬ ‫عموديا فإن املياه ال تستطيع ذلك‪.‬‬ ‫وم� � ��ع ذل� � ��ك‪ ،‬إذا متكنت الكس� � ��ور‬ ‫الهيدرولي� � ��ة من االتصال بالتش� � ��ققات‬ ‫املوج� � ��ودة من قب� � ��ل أو باآلبار القدمية‪،‬‬ ‫فق� � ��د تش� � ��كل امل� � ��واد الكيميائية خطرا‬ ‫على املياه اجلوفي� � ��ة‪ .‬وميكن أن يحدث‬ ‫التصدي� � ��ع الهيدرولي «خارج النطاق‪».‬‬ ‫قام >‪ .K‬فيش� � ��ر< [الذي يعمل مهندسا‬ ‫لدى الش� � ��ركة ‪،Pinnacle Technologies‬‬ ‫وهي إحدى ش� � ��ركات اخلدم� � ��ة التابعة‬ ‫لهاليبرت� � ��ون] بدراس� � ��ة اآلالف م� � ��ن‬ ‫الكسور في اآلبار األفقية في تشكيلتي‬ ‫طف� � ��ل بارني� � ��ت ومارس� � ��يالس‪ ،‬وذلك‬ ‫باس� � ��تخدام معدات الرص� � ��د الزلزالي‬ ‫امليكروي لقياس مدى امتداد الكسور‪.‬‬ ‫لقد وجد >فيشر< أن أطول الكسور في‬ ‫َّط ْفل مارسيالس متتد امتدادا عموديا‬ ‫لنحو ‪ 2000‬قدم‪ ،‬ومع ذلك ال تزال هناك‬ ‫منطق� � ��ة عازلة‪ ،‬تفصل ملس� � ��افات كبيرة‬ ‫جدا‪ ،‬الكس� � ��ور الهيدرولية عن الطبقات‬ ‫احلاملة للمياه اجلوفية‪».‬‬ ‫يفسر مهندسون‬ ‫وعلى نحو مختلف ّ‬ ‫آخرون النوع نفس� � ��ه م� � ��ن األدلة‪ .‬ففي‬ ‫مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا‪ ،‬قام‬ ‫املنظمون برصد ‪ 19‬حادثا منفصال من‬ ‫«اتصاالت الكسور» ‪ -‬أي اآلبار اجلديدة‬ ‫التي انتهى بها األم� � ��ر باالتصال بآبار‬ ‫أخرى بطرق لم تكن متوقعة‪ .‬وفي إحدى‬ ‫احلاالت‪ ،‬وقع االتصال بني آبار تفصل‬ ‫بينها مس� � ��افة تزيد على ‪ 2000‬قدم‪ .‬وقد‬ ‫حذرت وكالة النف� � ��ط والغاز في مقاطعة‬ ‫كولومبيا البريطانية املشغّلني قائلة‪« :‬ثبت‬ ‫أنه من الصعب التنبؤ بانتشارالكس� � ��ور‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫عن طري� � ��ق عمليات التصديع الهيدرولي‬ ‫الواس� � ��عة النطاق‪ »،‬وأضافت الوكالة أن‬ ‫أط� � ��وال الكس� � ��ور قد متتد إلى مس� � ��افة‬ ‫أبعد مم� � ��ا كان متوقعا بس� � ��بب ضعف‬ ‫(رخاوة) الطبق� � ��ات الصخرية املتوضعة‬ ‫في األعلى‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ال ش� � ��يء من هذا يش� � ��كل دليال على‬ ‫أن تكس� � ��ير طبقة َّ‬ ‫الط ْفل أفقيا قد يؤدي‬ ‫تلويث لطبقة حاملة للمياه‬ ‫مباش� � ��رة إلى‬ ‫ٍ‬ ‫اجلوفي� � ��ة‪ .‬فق� � ��د أعلنت >‪ .L‬جاكس� � ��ون<‬ ‫[مدي� � ��رة الوكالة ‪ ]EPA‬مؤخرا أنه لم يتم‬ ‫توثيق أي حالة من هذا القبيل حتى اآلن‪،‬‬ ‫ولكنها أضافت أن «هناك حتريات تجُ رى‬ ‫حاليا‪ ».‬ومع ذلك‪ ،‬ف� � ��إن عدم وجود أدلة‬ ‫على وجود ش� � ��يء لي� � ��س دليال على عدم‬ ‫وجوده؛ فكل موق� � ��ع ميثل حالة مختلفة‪.‬‬ ‫وق� � ��د كش� � ��فت صحيفة نيوي� � ��ورك تاميز‬ ‫ومجموع� � ��ة العم� � ��ل البيئ� � ��ي مؤخرا عن‬ ‫قضية تلوث مزعوم تعود إلى عام ‪،1984‬‬ ‫والت� � ��ي أظه� � ��رت احتمال اتص� � ��ال فيما‬ ‫بني بئ� � ��ر محفور بالتصدي� � ��ع الهيدرولي‬ ‫بوالية فرجينيا الغربي� � ��ة وبني بئر قدمية‬ ‫ومهجورة على مقربة منها‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫تلوث مياه الش� � ��رب‪ .‬وإن كانت الصناعة‬ ‫تعترض على صحة تلك الواقعة‪.‬‬ ‫مزيد من الدراسات العلمية‬ ‫( )‬ ‫بعد فوات األوان؟‬ ‫إن إدان� � ��ة أو تبرئة التصديع الهيدرولي‪،‬‬ ‫أيا كان تعريفه‪ ،‬حتت� � ��اج إلى املزيد من‬ ‫البيانات ‪ -‬وهنا يأتي دور الدراسة التي‬ ‫تقوم بها الوكال� � ��ة ‪ .EPA‬تدرس الوكالة‬ ‫اآلن مجموع� � ��ة متنوعة م� � ��ن الطرق التي‬ ‫ميك� � ��ن بها أن يؤدي احلف� � ��ر إلى تلويث‬ ‫إمدادات املياه‪ ،‬ابتداء من ُحفر التخزين‬ ‫غير املبطنة والتي تس� � ��مح بالتس� � ��ريب‪،‬‬ ‫م� � ��رورا بالتبط� �ي��ن اإلس� � ��منتي املتدني‬ ‫اجلودة لآلبار‪ ،‬إل� � ��ى االتصال احملتمل‬ ‫بني الكس� � ��ور العميقة والسطح‪ .‬سوف‬ ‫( ) ?‪MORE SCIENCE, TOO LATE‬‬


‫ت� � ��درس الوكالة خمس ح� � ��االت مزعومة‬ ‫لتل� � ��وث املي� � ��اه اجلوفية لتحديد س� � ��بب‬ ‫التلوث في ّ‬ ‫كل منها‪ ،‬من بينها اثنتان في‬ ‫والية پنسلڤانيا‪ .‬وستقوم الوكالة أيضا‬ ‫برصد أنش� � ��طة احلفر في املستقبل من‬ ‫البداي� � ��ة وحت� � ��ى النهاي� � ��ة ف� � ��ي موقعني‬ ‫إضافي� �ي��ن‪ .‬كما ستس� � ��تخدم أس� � ��اليب‬ ‫النمذجة احلاس� � ��وبية حملاكاة ما يحدث‬ ‫ف� � ��ي أعماق األرض‪ ،‬حيث ال ميكن ألحد‬ ‫أن يشاهد ما يحصل هناك‪.‬‬ ‫وينصح >إنگراف� � ��ي< بتطوير منوذج‬ ‫قوي ميكنه توضيح احلاالت التي توجد‬ ‫به� � ��ا آبار متع� � ��ددة‪ ،‬وعملي� � ��ات تصديع‬ ‫هيدرول� � ��ي متك� � ��ررة‪ ،‬وت� � ��درس حركات‬ ‫الغازات والس� � ��وائل ضمن ميل مكعب‬ ‫من الصخور ‪ -‬على مدى عدة أس� � ��ابيع‬ ‫من احلفر‪ .‬ويقول >إنگرافي< إنه لتحديد‬ ‫إمكاني� � ��ة التلوث‪« :‬س� � ��تحتاج حقا إلى‬ ‫اس� � ��تخدام حواس���يب فائقة(‪ )1‬كبيرة‪».‬‬ ‫ويضيف قائ� �ل��ا‪« :‬أرني ذل� � ��ك‪ ،‬وعندئذ‬ ‫س� � ��أخبرك برأيي بخصوص احتماالت‬ ‫وج� � ��ود كرة ثل� � ��ج في اجلحي� � ��م وفرص‬ ‫حدوث ذلك كل ي� � ��وم‪ ».‬وكحد أدنى فإن‬ ‫مثل ه� � ��ذه النماذج وفق� � ��ا لـ>إنگرافي<‪:‬‬ ‫«ستكشف عن الظروف التي يكون فيها‬ ‫انتقال الغاز أكثر احتماال وأكثر منطقية‬ ‫من احلاالت األخرى‪».‬‬ ‫قد يصعب العث� � ��ور على ذلك النوع‬ ‫م� � ��ن النم� � ��وذج‪ .‬يطل� � ��ق عل� � ��ى النموذج‬ ‫املت� � ��داول واملس� � ��تخدم ف� � ��ي األوس� � ��اط‬ ‫األكادميي� � ��ة حالي� � ��ا حمل� � ��اكاة اخلزانات‬ ‫اجلوفية ‪ -‬والتي تخط� � ��ط الوكالة ‪EPA‬‬ ‫الس� � ��تخدامه ‪ -‬اس� � ��م ”‪ ،“Tough 2‬غير‬ ‫أن >إنگراف� � ��ي< يقول عن� � ��ه إنه ليس من‬ ‫«النوعية املالئمة للتحليل على مس� � ��توى‬ ‫األعمال التجارية‪ ».‬وتستخدم الشركات‬ ‫الكب� � ��رى النماذج اخلاص� � ��ة بها‪ .‬ويقول‬ ‫>إنگرافي<‪« :‬إن أفضل املوجود واألكثر‬ ‫ذكاء م� � ��ن حي� � ��ث الن� � ��اس والبرمجيات‬ ‫واألجه� � ��زة والبيانات‪ ،‬ه� � ��و حاليا حتت‬

‫تصرف املش ِّغلني وشركات اخلدمات‪».‬‬ ‫ويعتري >إنگرافي< القلق بشأن احتمال‬ ‫أنّ النم� � ��وذج ‪ Tough 2‬ق� � ��د «يواج� � ��ه‬ ‫صعوبات بالغة في التعامل مع انتشار‬ ‫جميع الصدوع والش� � ��قوق والكس� � ��ور»‬ ‫بالتفصيل الكاف� � ��ي لتحديد ما إذا كان‬ ‫س� � ��يظهر ممر منعزل جديد لتدفق غير‬ ‫مرغوب فيه‪.‬‬ ‫وفي الوقـت نفس � � �ــه‪ ،‬يتفق >جورودي<‬ ‫و>جاكس� � ��ون< على أنه ينبغي على الوكالة‬ ‫‪ EPA‬رصد كيمياء آبار مياه الش� � ��رب قبل‬ ‫وبعد بدء احلفر ف� � ��ي املواقع اجلديدة‪ .‬إن‬ ‫العث� � ��ور على املواد الكيميائية فقط بعد بدء‬ ‫احلفر من ش� � ��أنه أن ْ‬ ‫يضعف بشكل كبير‬ ‫احلجة التي كثيرا ما تتذرع بها الصناعة‬ ‫من أن املياه كانت ملوثة في األصل قبل بدء‬ ‫احلفر‪ ،‬ولكن السكان لم يالحظوا ذلك‪.‬‬ ‫لدى >‪ .G‬ثاين< [جيولوجي النفط في‬ ‫معهد االستخالص املعزز للنفط بجامعة‬ ‫وايومنگ] اقتراح آخر حلل لغز التصديع‬ ‫الهيدرولي‪ :‬لنطلب إلى الشركات وضع‬ ‫م� � ��ادة كيميائية يس� � ��هل تعرفه� � ��ا‪ ،‬ومن‬ ‫ثم اقتف� � ��اء أثرها ضمن خلطة س� � ��وائل‬ ‫التصديع الهيدرولي اخلاصة بها‪ .‬فإذا‬ ‫ما ظهرت تلك املادة حيث ال يتوقع لها أن‬ ‫تظهر‪ ،‬فإن ذلك هو دليل اإلدانة‪ .‬ويقول‬ ‫>ثاي� � ��ن< إن إدخال مادة اقتفاء األثر أمر‬ ‫«سهل نسبيا»‪ ،‬ويضيف قائال‪« :‬عموما‪،‬‬ ‫ال تنظر الصناعة إلى هذا االقتراح بعني‬ ‫االرتي� � ��اح‪ ».‬وتق� � ��ول الوكال� � ��ة ‪ EPA‬إنها‬ ‫«تدرس» اس� � ��تخدام مواد اقتفاء األثر‪،‬‬ ‫وتق� � ��ول أيضا إن الكثي� � ��ر من املعلومات‬ ‫الت� � ��ي تلقته� � ��ا ع� � ��ن امل� � ��واد الكيميائية‬ ‫املس� � ��تخدمة في التصدي� � ��ع الهيدرولي‬ ‫قد صنفتها الش� � ��ركات املعنية على أنها‬ ‫«معلومات جتارية س� � ��رية»‪ ،‬ومن ثم فإن‬ ‫الوكالة لم جتعلها متاحة للجمهور‪ .‬وقد‬ ‫تغ ّير التشريعات هذا الوضع‪.‬‬ ‫وستس� � ��اعد هذه الدراس� � ��ة من قبل‬ ‫الوكالة ‪ EPA‬وغيرها على توضيح احلقيقة‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫وس� � ��ط العديد م� � ��ن االدع� � ��اءات املعقدة‬ ‫واملتضاربة‪ .‬ولكن ق� � ��د تأتي التبصرات‬ ‫اجلديدة متأخ� � ��رة وبعد ف� � ��وات األوان‪.‬‬ ‫وتقول >‪ .A‬مول< [وهي مح ّلل سياس� � ��ات‬ ‫أول مبجلس الدفاع عن املوارد الطبيعية]‪:‬‬ ‫«إن التصدي� � ��ع الهيدرولي لم يدرس قطُّ‬ ‫بش� � ��كل واف‪ .‬إنها جتربة كبيرة من دون‬ ‫أي مقاييس علمية واقعية ومتينة لتوجيه‬ ‫تل� � ��ك التجربة‪ ».‬ومع ذل� � ��ك يبدو أن والية‬ ‫نيويورك مقتنعة ب� � ��أن القوانني الصارمة‬ ‫ستكون كافية حلماية مواطنيها‪.‬‬ ‫والس� � ��كان املعارض� � ��ون لعملي� � ��ة‬ ‫التصدي� � ��ع الهيدرول� � ��ي ف� � ��ي نيويورك‬ ‫وپنسلڤانيا وغيرها من الواليات ينصبون‬ ‫الفت� � � ٍ‬ ‫�ات تتضم� � ��ن كلم� � ��ة ”‪“FRACK‬‬ ‫(التصديع الهيدرولي) بأحرف بيضاء‬ ‫على خلفية س� � ��وداء‪ ،‬مع دائرة حمراء‬ ‫وخط يشطب الكلمة‪ .‬واملفارقة هي أنه‬ ‫عل� � ��ى الرغم من أنه م� � ��ن احملتمل جدا‬ ‫أن تكون شركات الغاز مذنبة من حيث‬ ‫عدم العناية مبا يكف� � ��ي بالطريقة التي‬ ‫اتبعتها ف� � ��ي حفر اآلبار والتخلص من‬ ‫النفاي� � ��ات‪ ،‬فإن تقان� � ��ة عملية التصديع‬ ‫الهيدرولي في حد ذاتها قد تُب ّرأ‪ .‬وفي‬ ‫هذه احلالة س� � ��تكون الالفتات مخطئة‪،‬‬ ‫>‬ ‫ولكن املخاوف صحيحة‪.‬‬ ‫(‪supercomputers )1‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, November 2011‬‬

‫‪79‬‬


‫املجلد ‪ 28‬العددان‬ ‫مارس‪ /‬إبريل ‪2012‬‬

‫‪4/3‬‬

‫كيف ميكن تنشئة متعلم أفضل‬

‫( )‬

‫تعرض دراسات الدماغ طرقا جديدة لتحسني‬ ‫القراءة والكتابة واحلساب‪ ،‬وكذلك املهارات االجتماعية‪.‬‬ ‫>‪ .G‬ستيكس<‬

‫جرى وضع طاقي� � ��ة فيها ‪ 128‬قطبا‬ ‫كهربائي���ا(‪ )1‬على سطح الرأس‪ ،‬اخلالي‬

‫تقريبا من الشعر‪ ،‬للطفل >‪ .L‬كرومنيلر‬ ‫البالغ من العمر ثمانية أش� � ��هر‪ .‬وكانت‬ ‫تقف أمامه مساعدة أبحاث‪ ،‬تنفخ على‬ ‫عجل فقاعات لتسليته‪ .‬ولكن >لوكاس<‬ ‫بدا هادئ� � ��ا وراضيا‪ ،‬ففي حقيقة األمر‪،‬‬ ‫اعت� � ��اد على تك� � ��رار املج� � ��يء إلى هنا‬ ‫ف� � ��ي مختبر دراس� � ��ات الطفولة بجامعة‬ ‫روجترز منذ كان عمره أربعة أش� � ��هر‪،‬‬ ‫وم� � ��ن ثم ال يوج� � ��د اليوم ش� � ��يء غريب‬ ‫عن� � ��ه‪ .‬فـ >لوكاس<‪ ،‬مث� � ��ل أكثر من ألف‬ ‫طفل صغير يس� � ��اعد >‪ .A .A‬بيناس� � ��يك<‬ ‫<‬

‫‪80‬‬

‫وزمالءها خالل اخلمس عش� � ��رة س� � ��نة‬ ‫املاضي� � ��ة على اكتش� � ��اف م� � ��ا إذا كان‬ ‫ممكنا‪ ،‬حتى في العم� � ��ر املبكر‪ ،‬التوثق‬ ‫مما إذا كان الطفل س� � ��يمر بصعوبات‬ ‫في اللغة تتكش� � ��ف عن إعاقة مرهقة في‬ ‫مستهل دخوله املدرسة االبتدائية‪.‬‬ ‫تع� � ��د >بيناس� � ��يك< واحدة م� � ��ن فريق‬ ‫الباحث� �ي��ن الذي� � ��ن يس� � ��تخدمون تقنيات‬ ‫تسجيل اإلش� � ��ارات الكهربائية الصادرة‬ ‫عن نشاط الدماغ لفهم العمليات األساسية‬ ‫الت� � ��ي يرتكز عليها التعلم‪ .‬ويس� � ��عى علم‬ ‫التربية العصبي���ة(‪ )2‬اجلديد إلى البحث‬ ‫عن إجابات ألس� � ��ئلة أربكت طويال علماء‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫النفس اإلدراكي(‪ )3‬والتربويني‪.‬‬ ‫فمث� �ل��ا‪ ،‬كيف تتصل مق� � ��درة الطفل‬ ‫احلديث ال� � ��والدة على إصدار األصوات‬ ‫والتعامل مع الصور مبقدرته على تعلم‬ ‫احل� � ��روف والكلمات بعد س� � ��نوات قليلة‬ ‫تالية؟ وما الذي تعنيه مقدرة الطفل على‬ ‫احلفاظ على التركيز العقلي قبل مرحلة‬ ‫) ( ‪HOW TO BUILD A BETTER LEARNER‬‬

‫(‪electrode )1‬؛ أو ألكترود‪.‬‬ ‫(‪ :science of neuroeducation )2‬تش� � ��ير «التربية‬ ‫العصبي� � ��ة» إل� � ��ى مج� � ��ال دراس� � ��ات‬ ‫متداخلة ‪ interdisciplinary‬يضم علم‬ ‫األعصاب وعلم النف� � ��س والتربية‬ ‫بغية حتسني التعليم واملناهج‪.‬‬ ‫(‪cognitive psychologists )3‬‬


‫ُترسل طاقية التفكير‬ ‫املوضوعة على رأس‬ ‫>‪ .E‬هاردويك<‪ ،‬البالغة‬ ‫من العمر سنة واحدة‪،‬‬ ‫إشارات كهربية تساعد‬ ‫العلماء على فهم الكيفية‬ ‫التي يصدر بها األطفال‬ ‫الصغار األصوات التي‬ ‫تشكل لبنات اللغة‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪thinking cap )1‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪81‬‬


‫املدرسة لتحقيق جناح أكادميي الحقا؟‬ ‫وماذا ميك� � ��ن للتربويني القيام به لرعاية‬ ‫امله� � ��ارات االجتماعي� � ��ة لألطفال وأيضا‬ ‫تعزي� � ��ز حيويتهم في غرف� � ��ة الصف؟ إن‬ ‫مثل هذه الدراس� � ��ات تُك ِّمل ثروة املعرفة‬ ‫الت� � ��ي توصل� � ��ت إليها برام� � ��ج األبحاث‬ ‫النفسية والتربوية‪.‬‬ ‫َيعِ ُد هذا الفريق بتقدمي أفكار جديدة‬ ‫ترتكز على علم الدماغ‪ ،‬لتنشئة متعلمني‬ ‫أفضل‪ ،‬ولتهيئة صغار األطفال وحديثي‬ ‫املشي لتعلم القراءة والكتابة واحلساب‬ ‫والصم� � ��ود ف� � ��ي الش� � ��بكة االجتماعية‬ ‫املعقدة ملدارس احلضان� � ��ة وما بعدها‪.‬‬ ‫ويرك� � ��ز الكثي� � ��ر م� � ��ن هذا العم� � ��ل على‬ ‫السنوات األولى للحياة وعلى السنوات‬ ‫املبك� � ��رة للمدرس� � ��ة االبتدائي� � ��ة‪ ،‬ذلك أن‬ ‫بعض الدراسات أشارت إلى أن الدماغ‬ ‫يكون آنذاك أكث� � ��ر قدرة على التغير من‬ ‫أي وقت آخر‪.‬‬ ‫حلظة اآلها‬

‫( )‬

‫تدرس >بيناسيك< شذوذات في الطريقة‬ ‫التي تدرك فيه� � ��ا أدمغة صغار األطفال‬ ‫الصوت‪ ،‬وهذه عملية إدراكية أساس� � ��ية‬ ‫لفهم اللغة تش� � ��كل‪ ،‬بدورها‪ ،‬األس� � ��اس‬ ‫ملهارات الق� � ��راءة والكتاب� � ��ة‪ .‬فاملمرضة‬ ‫السابقة التي بذلت جهودا للحصول على‬ ‫ش� � ��هادتي دكتوراه‪ ،‬تركز على ما تدعوه‬ ‫حلظة اآلها‪ ،‬التي هي انتقال مفاجئ في‬ ‫النشاط الكهربائي للدماغ يشير إلى أنه‬ ‫حدثت معرفة شيء جديد‪.‬‬ ‫وعندما ق� � ��ام الباحث� � ��ون في مختبر‬ ‫«بيناسيك» بنيوآرك بتعريض >لوكاس<‬

‫وصغار األطف� � ��ال اآلخرين إلى أصوات‬ ‫بترددات وأوق� � ��ات معينة‪ ،‬الحظوا تغيرا‬ ‫في اإلش� � ��ارات الكهربائي� � ��ة املولدة في‬ ‫الدم� � ��اغ عند إحداث ت� � ��رددات مختلفة‪.‬‬ ‫فقد أش� � ��ار املخطط البيان� � ��ي الكهربائي‬ ‫إل� � ��ى أن قمم هذا املخط� � ��ط تنحدر نحو‬ ‫األسفل‪ ،‬وهذا يعني أن الدماغ يدل على‬ ‫أن أمرا ما قد حدث؛ وحدوث تأخر في‬ ‫زمن االستجابة للنغمات املختلفة يعني‬ ‫أن الدماغ لم يكتش� � ��ف الصوت اجلديد‬ ‫بالس� � ��رعة الكافية‪ .‬وق� � ��د توصل البحث‬ ‫إلى أنه بوس� � ��ع هذا النمط من النش� � ��اط‬ ‫الكهربائي البطيء في عمر الستة أشهر‪،‬‬ ‫التنبؤ بقضايا لغوية في األعمار من ثالث‬ ‫إلى خمس سنوات‪ .‬وميكن لالختالفات‬ ‫في النشاط الذي يستمر خالل سنوات‬ ‫من ابتداء الطفل باملش� � ��ي حتى التحاقه‬ ‫باملدرس� � ��ة‪ ،‬التنبؤ مبش� � ��كالت في تطور‬ ‫منظومة ال� � ��دارات الكهربائي� � ��ة للدماغ‪،‬‬ ‫الت� � ��ي تعالج االنتقاالت الس� � ��ريعة التي‬ ‫حتدث خ� �ل��ال إدراك وح� � ��دات مكونات‬ ‫الكالم‪ .‬فإذا أخفق األطفال في س� � ��ماع‬ ‫أو معاجلة مكونات الكالم مثال «دا ‪»da‬‬ ‫أو «پا ‪ »pa‬بالس� � ��رعة الكافية‪ ،‬فإنهم قد‬ ‫يتخلفون في نط� � ��ق احلروف املكتوبة أو‬ ‫مقاط� � ��ع الكلمات التي في أذهانهم‪ ،‬وقد‬ ‫يعيق ذلك الحقا طالق� � ��ة القراءة لديهم‪.‬‬ ‫وتقدم هذه االكتشافات احلديثة تأكيدا‬ ‫قويا إضافيا ألبحاث >بيناسيك< األخرى‪،‬‬ ‫التي تشير إلى أن نتائج األطفال‪ ،‬الذين‬ ‫يواجهون مش� � ��كالت مبكرة في التعامل‬ ‫مع هذه األصوات‪ ،‬ستكون ضعيفة في‬ ‫االختبارات النفس� � ��ية للغة بعد ثماني أو‬

‫تسع سنوات تالية‪.‬‬ ‫ف� � ��إذا ما كان بوس� � ��ع >بيناس� � ��يك<‬ ‫وآخرين تشخيص املشكالت املستقبلية‬ ‫للغة لدى األطفال‪ ،‬فقد يكون مبقدورهم‬ ‫تصحي� � ��ح حاالت ه� � ��ؤالء األطف� � ��ال عن‬ ‫طريق اس� � ��تثمار املرون� � ��ة املتأصلة في‬ ‫الدم� � ��اغ املتطور‪ ،‬أي بقدرته على التغير‬ ‫في االس� � ��تجابة للخبرات اجلديدة‪ .‬وقد‬ ‫يكون مبقدورهم أيضا حتس� �ي��ن األداء‬ ‫الوظيفي األساس� � ��ي لطفل يتطور دماغه‬ ‫بطريق� � ��ة طبيعي� � ��ة‪ .‬وتقول >بيناس� � ��يك<‬ ‫إن «أيس� � ��ر وقت لالطمئنان بأنه يجري‬ ‫تنظيم الدماغ مب� � ��ا يجعله‪ ،‬إلى حد ما‪،‬‬ ‫األنسب للتعلم‪ ،‬قد يكون في الربع األول‬ ‫من العام األول‪».‬‬ ‫ق� � ��د تكون األلعاب‪ ،‬حت� � ��ى في املهد‪،‬‬ ‫هي إح� � ��دى اإلجاب� � ��ات‪ .‬لق� � ��د ابتكرت‬ ‫>بيناس� � ��يك< وفريقها لعبة تدرب الطفل‬ ‫على االستجابة للتغير في نبرة الصوت‬ ‫بتدوي� � ��ر ال� � ��رأس أو حتوي� � ��ل العين� �ي��ن‬ ‫(يتعق� � ��ب ذلك جهاز إحس� � ��اس)‪ .‬ولدى‬ ‫ح� � ��دوث احلركة‪ ،‬يعرض جه� � ��از فيديو‬ ‫مقطعا صغي� � ��را كمكافأة للجهد اجليد‪.‬‬ ‫وأش� � ��ارت دراس� � ��ة متهيدية‪ ،‬ن ُِشرت في‬ ‫نهاية عام ‪ ،2010‬إل� � ��ى أن هذا التدريب‬ ‫ألدمغة األطفال‪ ،‬الذي جرى تطبيقه لعدة‬ ‫أسابيع‪ ،‬جعل مجموعة من خمسة عشر‬ ‫طف� �ل��ا يتمتع� � ��ون بالصحة يس� � ��تجيبون‬ ‫للنب� � ��رات الصوتية بطريقة أس� � ��رع من‬ ‫اس� � ��تجابة أطفال مجموعة ضابطة(‪.)1‬‬ ‫وتأمل >بيناس� � ��يك< بأن تؤك� � ��د أبحاثها‬ ‫( ) ‪THE AHA! INSTANT‬‬ ‫(‪control group )1‬‬

‫باختصار‬ ‫بدأت التقان� � ��ة والطرق البحثية‪ ،‬التي يس� � ��لكها علماء األعصاب‪،‬‬ ‫بإظه� � ��ار ما يحدث في الدماغ عندما نتعلم ش� � ��يئا جديدا‪ .‬ومع نضج‬ ‫هذه الدراس� � ��ات‪ ،‬ميكن أن يصبح ممكن� � ��ا لتلميذ احلضانة‪ ،‬أو حتى‬ ‫الرضي� � ��ع‪ ،‬أن ُيش� � ��غل بتمارين بس� � ��يطة للتوثق م� � ��ن أن الطفل مهيأ‬ ‫إدراكيا للمدرسة‪.‬‬ ‫‪82‬‬

‫وإذا جنح� � ��ت هذه التداخالت‪ ،‬فإنه ميكن أن يكون لها تأثير هائل‬ ‫في املمارسات التربوية‪ ،‬وذلك بتقليل نسبة حدوث اإلعاقات التعليمية‬ ‫املتنوع� � ��ة على نحو مثير‪ .‬ويجب عل� � ��ى العلماء واملربني واآلباء أيضا‪،‬‬ ‫أن يكون� � ��وا على علم باملزاعم املبالغ فيها لطرائق تدريب الدماغ التي‬ ‫تدعي أنها تساعد اليافعني‪ ،‬لكن لم تثبت فعاليتها بعد‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬


‫أصغر التالميذ‬

‫تنغيم من أجل لغة‪ :‬تربية مبكرة في املهد‬

‫( )‬

‫ابتك���ر العلم���اء ف���ي جامع���ة روجترز اختب���ارات لتقرير م���ا إذا كان األطفال الصغ���ار الذين يتمتعون‬ ‫بحاس���ة س���معية طبيعية يعاجلون الصوت بش���كل مثالي عميقا ضمن الدماغ (الشكل العلوي)‪ .‬إنهم‬ ‫يختب���رون م���ا إذا كان���ت لعبة يخترعونها (الش���كل الس���فلي) ميكن أن تهيئ األطف���ال اليافعني للكالم‬ ‫واإلصغاء والقراءة والكتابة‪.‬‬

‫ترقب صوت اندهاش أو جناح‬

‫”‪Waiting for “Aha‬‬

‫وضع مختبر دراسات الرضع في جامعة روجترز قبعة أقطاب ‪ electrode cap‬على األطفال الصغار لتسجيل‬ ‫الفعالية الدماغية عندما يستمع األطفال إلى أصوات مختلفة‪ .‬فأوال‪ ،‬يسمعون نغمات ذات ترددات عالية التواتر‬ ‫(موسومة بـ ‪ A‬أدناه)‪ ،‬حتدث منوذجا محددا من املوجات الدماغية (في اليسار)‪ .‬والنغمات ذات الطبقات املختلفة‬ ‫(املوسومة بـ ‪ )B‬تتداخل مع النغمات األولية وتسبب نقلة مؤقتة في موجة الدماغ (استجابة اندهاش أو جناح ‪the‬‬ ‫)‪ (“Aha!” response‬عندما يلتقط الدماغ التغير (في اليمني)‪ .‬إن استجابة أبطأ أو أضعف لهذا التبدل املفاجئ في‬ ‫طبقة الصوت ميكن أن تتنبأ مبشكالت لغوية فيما بعد‪.‬‬

‫حاسة العدد‬

‫( )‬

‫النموذج الصوتي‬

‫‪2‬‬

‫النموذج الصوتي‬

‫‪1‬‬

‫النغمات‬

‫‪A‬‬

‫صمت النغمات‬

‫‪A‬‬

‫النغمات‬

‫‪B‬‬

‫الزمن‬ ‫منوذج موجة الدماغ‬

‫‪2‬‬

‫الزمن‬ ‫منوذج موجة الدماغ‬

‫الزمن‬

‫‪1‬‬

‫الزمن‬

‫استجابة االندهاش‬

‫لعبة لألطفال الصغار‬

‫في ‪ ،Rutgers‬ميكن للرضع أن يتعلموا معاجلة طبقة الصوت (تردده) بشكل أكثر كفاءة وذلك في الوقت نفسه الذي‬ ‫يلعبون فيه‪ .‬ويتعلم الطفل أن يدير رأسه استجابة للنغمات ‪( B‬في اليسار) وليس للنغمات ‪( A‬في اليمني)‪ ،‬ويكافأ مبقطع‬ ‫فيديو لالستجابة الصحيحة‪ .‬ويتسارع نظم النغمات‪ ،‬ويتعلم الطفل أن يستجيب لهذا اإليقاع السريع بدقة متزايدة‪.‬‬ ‫النغمات‬

‫‪B‬‬

‫النغمات‬

‫‪A‬‬

‫مكافأة بصرية الستجابة دوران الرأس الصحيحة‪.‬‬

‫أن اللعب� � ��ة قد تس� � ��اعد أيض� � ��ا األطفال‬ ‫الذي� � ��ن يعانون ضعفا ف� � ��ي معاجلة هذه‬ ‫األص� � ��وات عل� � ��ى االس� � ��تجابة بصورة‬ ‫أس� � ��رع‪ .‬لقد بدأت بالتشاور مع صانع‬ ‫ألعاب لديه اهتمام بصنع هاتف محمول‬ ‫ميكن وضع� � ��ه بجانب امله� � ��د في البيت‬ ‫لتدريب األطفال على اإلدراك احلس� � ��ي‬ ‫للتسلسالت الصوتية السريعة‪.‬‬ ‫إن ق� � ��درة العض� �ل��ات اإلدراكي� � ��ة على‬ ‫التكيف قد ُتس� � ��اعد الرضع‪ ،‬في مرحلة‬ ‫مبكرة‪ ،‬على تناغم املهارات احلس� � ��ابية‬ ‫وي َع� � � ُّ�د >‪ .S‬ديني < [عالم‬ ‫األولي� � ��ة لديهم‪ُ .‬‬ ‫األعصاب في املعهد القومي الفرنس� � ��ي‬ ‫للصح� � ��ة واألبحاث الطبي� � ��ة] رائدا في‬ ‫حق� � ��ل اإلدراك الع� � ��ددي‪ .‬وقد حاول أن‬ ‫يبتك� � ��ر طرقا ملس� � ��اعدة األطف� � ��ال الذين‬ ‫يعانون صعوبات مبكرة في احلس� � ��اب‪.‬‬ ‫ولألطف� � ��ال الصغار بع� � ��ض القدرة على‬ ‫تع� � ��رف األع� � ��داد من� � ��ذ ال� � ��والدة‪ .‬يقول‬ ‫>ديني<‪« :‬إنه إذا لم تكن املهارة موجودة‬ ‫من� � ��ذ البداية‪ ،‬فقد يعان� � ��ي الطفل الحقا‬ ‫صعوب� � ��ة ف� � ��ي احلس� � ��اب والرياضيات‬ ‫العالية‪ ».‬فالتداخالت التي تبني حاس���ة‬ ‫الع���دد(‪ )1‬هذه‪ ،‬كم� � ��ا يدعوها >ديني<‪ ،‬قد‬ ‫تساعد بطيء التعلم على جتنب سنوات‬ ‫من املعاناة في حصة الرياضيات‪.‬‬ ‫يتع� � ��ارض هذا النس� � ��ق من األبحاث‬ ‫مع م� � ��ا يراه عالم النفس الش� � ��هير >جان‬ ‫بياجيه<‪ ،‬الذي ادع� � ��ى أن أدمغة الرضع‬ ‫هي س� � ��جالت خالية أو صفحات بيضاء‪،‬‬ ‫عندما يتعلق األمر بإجراء حس� � ��ابات في‬ ‫امله� � ��د‪ .‬فعلى األطفال‪ ،‬حس� � ��ب >بياجيه<‪،‬‬ ‫تطوير فكرة أساس� � ��ية ع� � ��ن العدد خالل‬ ‫سنوات تفاعلهم مع املكعبات أو احللقات‬ ‫أو غيرها من األش� � ��ياء‪ .‬إنه� � ��م يتعلمون‪،‬‬ ‫في نهاية األمر‪ ،‬أن� � ��ه عندما تدفع حلقات‬ ‫( ) ‪Toning Up for Language: Early Education in the Crib‬‬ ‫( ) ‪THE NUMBER SENSE‬‬ ‫(‪number sense )1‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪83‬‬


‫لعبة العدد‬

‫اعتمد عليه‪ُ :‬و ِل َد ليق ّدر‬

‫( )‬

‫منذ والدتنا‪ ،‬يكون لدينا تصور ما عن العدد‪ .‬واألطفال‪ ،‬الذين يعانون‬ ‫عجزا في هذه املهارة الفطرية‪ ،‬سيعانون في حياتهم املستقبلية‪ .‬وقد‬ ‫صم���م >‪ .S‬ديني< وزمالؤه لعبة س���باق العدد‪ ،‬لتدع���م قدرتنا الفطرية‬ ‫عل���ى تقدي���ر كمية ‪ .quantity‬يقوم تلميذ احلضانة بتقرير أي مجموعة‬ ‫من القطع الذهبية أكبر قبل أن يقوم مجس���م حيوان ‪ avatar‬حاسوبي‬

‫الش� � ��وفان الصغي� � ��رة حول طاول� � ��ة‪ ،‬فإن‬ ‫مكانها يختلف‪ ،‬ولكن عددها يبقى نفسه‪.‬‬ ‫لقد ك� � ��دس مجتمع عل� � ��م األعصاب‬ ‫مجموعة كبيرة من األبحاث التي تشير‬ ‫إلى وجود حاس� � ��ة عددية أساسية لدى‬ ‫البشر واحليوانات األخرى‪ .‬طبعا‪ ،‬هذا‬ ‫ال يعني أن األطف� � ��ال الصغار ينطلقون‬ ‫م� � ��ن األرحام وهم ق� � ��ادرون على صوغ‬ ‫معادالت تفاضلية في رؤوس� � ��هم‪ .‬إال أن‬ ‫التجارب وج� � ��دت أن األطفال احلديثي‬ ‫املش� � ��ي يصلون روتينيا إلى رف حلوى‬ ‫ال � � �ـ ‪ M&M‬الذي يحوي أكبر عدد منها‪.‬‬ ‫وق� � ��د َبينّ َ بحث آخر أن الرضع الذين ال‬ ‫تتجاوز أعمارهم بضعة أشهر‪ ،‬يدركون‬ ‫نس� � ��بية احلجم‪ .‬فإذا ش� � ��اهدوا خمسة‬ ‫أشياء خلف س� � ��تار‪ ،‬ثم أضيفت خمسة‬ ‫أشياء أخرى إلى املجموعة األولى فإنهم‬ ‫يصابون بالدهش� � ��ة إذا شاهدوا خمسة‬ ‫أش� � ��ياء فقط عند إزاحة الستار‪ .‬ويبدو‬ ‫‪84‬‬

‫بس���رقة الكومة الكبرى (في أعلى اليمني)‪ .‬ويؤدي التخمني الصحيح‬ ‫من قبل الطفل إلى تقدم مجسمه عددا من املواقع من موقعه السابق‪.‬‬ ‫ف���ي حني يتحرك اخلاس���ر إلى األمام بعدد يع���ادل أقل كمية من القطع‬ ‫النقدية (في أس���فل اليس���ار)‪ ،‬ويكون الرابح هو ال���ذي يصل أوال إلى‬ ‫نهاية خط األرقام‪.‬‬

‫أيضا أن األطفال الصغار يولدون وهم‬ ‫يتمتعون بقدرات حسابية فطرية أخرى‪.‬‬ ‫فإضافة إلى كونهم قادرين على التقدير‬ ‫بطريق� � ��ة ممي� � ��زة‪ ،‬فإن بوس� � ��عهم أيضا‬ ‫متيي� � ��ز األعداد الصحيح� � ��ة‪ ،‬إمنا حتى‬ ‫الرق� � ��م ثالث� � ��ة أو أربعة فق� � ��ط‪ .‬وقد كان‬ ‫لـ>دي� �ي��ن< دور بارز ف� � ��ي حتديد منطقة‬ ‫ف� � ��ي الدماغ ‪ -‬جزء من الفص اجلداري‬ ‫(الش� � ��ق بني اجلدارين) ‪ -‬املسؤولة عن‬ ‫األع� � ��داد والكمي� � ��ات التقريبي� � ��ة‪( .‬ضع‬ ‫يدك على اجلزء اخللفي من قمة رأس� � ��ك‬ ‫لتحديد موقع الفص اجلداري‪).‬‬ ‫يب� � ��دو أن القدرة عل� � ��ى تقدير حجم‬ ‫مجموع� � ��ة‪ ،‬هذه القدرة الت� � ��ي تتمتع بها‬ ‫أيض� � ��ا الدالف� �ي��ن واجل� � ��رذان واحلمام‬ ‫واألس� � ��ود والق� � ��رود‪ ،‬هي عل� � ��ى األرجح‬ ‫تطورية(‪ )1‬تنتقل من جيل إلى آخر‪ ،‬وهي‬ ‫مطلوبة لتقدير ما إذا كان على مجموعتك‬ ‫أن تقات� � ��ل أو تهرب من ع� � ��دو يواجهها‪،‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫وأن تتعرف األش� � ��جار التي حتمل أكبر‬ ‫عدد من الثمار القتطافها‪ .‬لقد اكتش� � ��ف‬ ‫>دي� �ي��ن<‪ ،‬بالتع� � ��اون مع >‪ .P‬پي� � ��كا< [عالم‬ ‫اللغات في املركز القومي لألبحاث العلمية‬ ‫)‪ )2((NCSR‬في فرنس� � ��ا] وزمالئه‪ ،‬دليال‬ ‫إضافيا على ه� � ��ذه القدرة الغريزية خالل‬ ‫عملهم مع هنود موندوروكو ‪Munduruku‬‬ ‫في األم� � ��ازون البرازيلي‪ ،‬وهم أفراد قبيلة‬ ‫لي� � ��س لديها إال معج���م(‪ )3‬بدائي لألعداد‪.‬‬ ‫فبوس� � ��ع األعض� � ��اء الراش� � ��دين من هذه‬ ‫القبيلة معرفة أن صفا ما من النقاط أكبر‬ ‫من صف آخر‪ ،‬وقد أدوا هذه املهمة مثلما‬ ‫أدتها تقريبا مجموعة فرنس� � ��ية ضابطة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن معظمهم ال يستطيع معرفة‬ ‫عدد األشياء املتبقية عند أخذ أربعة أشياء‬ ‫من مجموعة ستة أشياء‪.‬‬ ‫يعد نظام التقريب هذا حجر الزاوية‬ ‫( ) ‪Count on It: Born to Estimate‬‬ ‫(‪evolutionary )1‬‬ ‫(‪the National Center for Scientific Research )2‬‬ ‫(‪Lexicon )3‬‬


‫تدقيق احلقائق‬

‫خرافات الدماغ اخلمس الشائعة‬

‫( )‬

‫بعض القناعات الواسعة االنتشار حول كيفية تعلم األطفال ميكن أن تقود املربني واآلباء إلى‬ ‫تبني مبادئ تعليمية خاطئة‪.‬‬

‫خرافة‪ :‬البشر يستعملون عشرة في املئة فقط من أدمغتهم‪.‬‬ ‫حقيقة إن خرافة الـ ‪ 10‬في املئة (والتي ترتفع إلى ‪ 20‬في املئة أحيانا) هي مجرد‬ ‫أسطورة شائعة في بعض املدن‪ .‬وهذه مؤامرة دبرت مؤخرا من قبل فيلم «بال حدود»‬ ‫‪ ،Limitless‬الذي يتمحور حول قصة دواء عجيب يهب البطل ذاكرة وقدرات حتليلية‬ ‫هائلة‪ .‬قد ُيطالب معلمو املدرسة‪ ،‬التالميذ أن يحاولوا أكثر‪ ،‬إال أن هذا لن يؤدي إلى‬ ‫تفعيل الدارات العصبية «غير املستعملة»‪ .‬وال يتحسن اإلجناز األكادميي ببساطة‬ ‫مبجرد رفع مفتاح ضبط حجم التفعيل العصبي‪.‬‬ ‫خرافة‪ :‬يختلف الناس على «الدماغ األيسر» و «الدماغ األمين»‪.‬‬ ‫حقيقة إن االدعاء بأن لدينا دماغا أيسر عقالنيا‪ ،‬وجانبا أمين حدسيا إبداعيا‪ ،‬هو‬ ‫مجرد خرافة‪ .‬يستعمل البشر كال نصفي الكرة املخية في جميع الوظائف اإلدراكية‪.‬‬ ‫إن فكرة أن الدماغ األيسر‪/‬الدماغ األمين نشأ من أن العديد (وليس جميعهم) من‬ ‫الناس يعاجلون اللغة أكثر في نصف الكرة املخية األيسر‪ ،‬والقدرات املكانية والتعبيرات‬ ‫العاطفية أكثر في نصف الكرة املخية األمين‪ .‬ولقد استعمل علماء النفس هذه الفكرة‬ ‫لشرح الفروق بني مختلف مناذج الشخصية‪ .‬وفي التربية‪ ،‬ظهرت برامج تؤيد اعتمادا‬ ‫أقل على فعاليات الدماغ األيسر العقالنية‪ .‬ولم تظهر دراسات تصوير الدماغ وجود أي‬ ‫دليل على أن نصف الكرة املخية األمين هو مركز اإلبداع‪ .‬وتبني أن الدماغ يستخدم‬ ‫كال اجلانبني األمين واأليسر في القراءة والرياضيات‪.‬‬ ‫خرافة‪ :‬يجب أن تتكلم لغة واحدة قبل أن تتعلم لغة أخرى‪.‬‬ ‫حقيقة األطفال الذين يتعلمون اإلنكليزية في الوقت نفسه الذي يتعلمون فيه الفرنسية‪،‬‬ ‫ال يخلطون أيا من اللغتني مع األخرى‪ ،‬وهكذا يتقدمون ببطء أكثر‪ .‬وهذه الفكرة حول‬ ‫تداخل اللغات توحي بأن مناطق مختلفة من الدماغ تتنافس لتأمني مواردها‪ .‬وفي‬ ‫الواقع‪ ،‬إن األطفال اليافعني الذين يتعلمون لغتني‪ ،‬وحتى في الوقت نفسه‪ ،‬يكتسبون‬ ‫معرفة عامة أفضل بالبناء اللغوي ككل‪.‬‬ ‫خرافة‪ :‬تختلف أدمغة الذكور عن أدمغة اإلناث‪ ،‬وهذا ُيحدِ ث فرقا في قدراتهم التعلمية‪.‬‬ ‫حقيقة هناك فروق فعلية بني أدمغة الذكور وأدمغة اإلناث‪ ،‬والفيزيولوجيا املميزة لهما‬ ‫قد تؤدي إلى اختالفات في الطريقة التي تعمل بها أدمغتهم‪ .‬إال أنه لم يبني أي بحث‬ ‫وجود اختالفات خاصة باجلنس‪ ،‬وذلك فيما يتعلق بطريقة تواصل شبكات العصبونات‬ ‫عندما يجري تع ّلم مهارات جديدة‪ .‬وحتى إذا ظهر فيما بعد‪ ،‬وجود بعض االختالفات‬ ‫بني اجلنسني‪ ،‬فإنها غالبا ما ستكون صغيرة ومبنية على املعدل الوسطي‪ ،‬ومبعنى‬ ‫آخر‪ ،‬فإنها لن تكون بالضرورة مرتبطة بأي شخص معني‪.‬‬ ‫خرافة‪ :‬لكل طفل منوذج تعليمي خاص‪.‬‬ ‫حقيقة إن الفكرة القائلة إن التلميذ مييل إلى أن يتعلم أفضل باعتماده هو على‬ ‫منوذج خاص من املدخالت احلسية ‪ -‬املتعلم البصري مقابل املتعلم السمعي ‪ -‬لم حتظ‬ ‫بتحقيق كاف في الدراسات الراهنة‪.‬‬ ‫ويبدو أن التقبل الشعبي‪ ،‬لهذه اخلرافة واخلرافات األخــرى‪ ،‬قد جتاوز العلم‪ .‬حتض‬ ‫>‪ .U‬فيث< [وهي باحثة في علم األعصاب وتترأس جلنة بريطانية تنظر إلى النجاح‬ ‫املوعود من التربية العصبية] اآلباء واملربني على السير بحذر‪« :‬هناك مطالبة كبيرة من‬ ‫العموم للحصول على معلومات عن علم األعصاب فيما يتعلق بالتربية‪ .‬ونتيجة لذلك‪،‬‬ ‫فإن هناك وفرا هائال من الطرق غير العلمية وغير املجربة أو املختبرة‪».‬‬ ‫املصادر‪ :‬العقل والدماغ وعلم التربية )‪ ،Tracey Tokuhama-Espinosa (W.W.Norton,2010‬فهم الدماغ‪ :‬والدة‬ ‫علم التعلم )‪ :(OECD, 2007‬اللقاء الوزاري التربوي‪ ،‬الشهر نوڤمبر ‪.2010,5-4‬‬

‫الذي تبنى عليه حسابات أكثر تعقيدا‪.‬‬ ‫وأي خل� � ��ل في هذه الق� � ��درات الفطرية‬ ‫س� � ��يؤدي الحق� � ��ا إلى مش� � ��كالت‪ .‬ففي‬ ‫أوائل تسعينات القرن املاضي‪ ،‬افترض‬ ‫>ديني< أن األطفال يعتمدون على نظامهم‬ ‫التقدي� � ��ري التقريب� � ��ي الداخلي إلجراء‬ ‫حس� � ��ابات أكثر تعقيدا مع تقدمهم في‬ ‫العمر‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬لقد وجدت العديد‬ ‫من الدراس� � ��ات خالل السنوات العشر‬ ‫األخي� � ��رة‪ ،‬أنه ميكن للخلل الوظيفي في‬ ‫النظ� � ��ام التقديري العددي البدائي لدى‬ ‫الصغار التنبؤ بأن أداء الطفل سيكون‬ ‫ضعيفا في احلس� � ��اب وفي اختبارات‬ ‫حتصيل الرياضي� � ��ات النموذجية‪ ،‬بدءا‬ ‫من سنوات املرحلة االبتدائية فصاعدا‪.‬‬ ‫ويقول >ديني<‪« :‬إننا ندرك اآلن‪ ،‬أن تعلم‬ ‫مجال ما‪ ،‬مثل علم احلس� � ��اب‪ ،‬يجب أن‬ ‫يكون مؤسس� � ��ا على معرف� � ��ة جوهرية‬ ‫مح� � ��ددة تك� � ��ون موجودة مس� � ��بقا في‬ ‫مرحلة الطفولة‪».‬‬ ‫لق� � ��د تب� �ي��ن أن عس���ر احلس���اب‬ ‫‪( dyscalculia‬وه� � ��و املكافئ احلس� � ��ابي‬ ‫لعس���ر القراءة ‪ ،)dyslexia‬الذي يتجلى‬ ‫بتأخر املهارات احلس� � ��ابية‪ ،‬يحدث عند‬ ‫‪ %6-3‬م� � ��ن األطفال‪ .‬وقد حظي عس� � ��ر‬ ‫احلس� � ��اب‪ ،‬من التربويني‪ ،‬باهتمام أقل‬ ‫بكثير من االهتمام بعسر القراءة‪ ،‬مع أنه‬ ‫قد يكون بدرجة اإلعاقة نفسها‪ .‬وتشير‬ ‫مقالة نشرت في عدد الشهر ‪ 2011/5‬من‬ ‫مجلة ‪ ،Science‬إلى أن املصابني بعسر‬ ‫احلساب أقل دخال‪ ،‬وأقل إنفاقا‪ ،‬وأكثر‬ ‫احتم� � ��اال لإلصابة بامل� � ��رض‪ ،‬أو للتورط‬ ‫ف� � ��ي أعم� � ��ال مخالفة للقان� � ��ون‪ ،‬ثم إنهم‬ ‫يحتاجون إلى عون أكبر في املدرسة‪.‬‬ ‫وكم� � ��ا هو احل� � ��ال في اللغ� � ��ة‪ ،‬فإن‬ ‫التدخ� � ��ل املبك� � ��ر قد يكون مفي� � ��دا‪ .‬وقد‬ ‫ابتكر >دي� �ي��ن< وفريقه لعبة حاس� � ��وبية‬ ‫بس� � ��يطة يأمل� � ��ون منها تعزي� � ��ز القدرة‬ ‫احلسابية‪ .‬وتُسمى هذه اللعبة السباق‬ ‫) ( ‪Five Common Myths about the Brain‬‬

‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪85‬‬


‫العددي ‪ ،the Number Race‬وهي تدرب‬ ‫األطف� � ��ال الذين تت� � ��راوح أعمارهم بني‬ ‫أربع وثماني سنوات على هذه القدرات‬ ‫األساس� � ��ية‪ .‬وعلى الالعبني‪ ،‬في إحدى‬ ‫نسخ هذه اللعبة‪ ،‬اختيار الكمية الكبرى‬ ‫من كميتني من قطع الذهب قبل أن يقوم‬ ‫خصم موجه حاس� � ��وبيا بسرقة الكومة‬ ‫الكب� � ��رى‪ .‬وتتكي� � ��ف اللعب� � ��ة تلقائيا مع‬ ‫مهارة الالعب‪ ،‬ويج� � ��ب على الطفل في‬ ‫املستويات العليا إضافة أو طرح الذهب‬ ‫قب� � ��ل أن يجري مقارن� � ��ة لتقرير الكومة‬ ‫الكب� � ��رى‪ .‬وإذا فاز الطف� � ��ل‪ ،‬فإنه يتقدم‬ ‫عدة خطوات إل� � ��ى األمام تعادل الذهب‬ ‫الذي جرى كس� � ��به‪ .‬ويف� � ��وز أول العب‬ ‫يصل إلى اخلط� � ��وة األخيرة على لوحة‬ ‫اللعب االفتراضية‪.‬‬ ‫ال يقدم هذا البرنامج احلاس� � ��وبي‪،‬‬ ‫املفت� � ��وح‪ ،‬والذي تُرجم إلى ثماني لغات‪،‬‬ ‫أي ادع� � ��اءات مبال� � ��غ فيها ح� � ��ول فوائد‬ ‫تدري� � ��ب الدم� � ��اغ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف� � ��إن أكثر‬ ‫م� � ��ن ‪ 20 000‬معلم حمل� � ��وا البرنامج من‬ ‫معهد أبحاث مدعوم حكوميا في فنلندا‪.‬‬ ‫ويجري اختباره حاليا في عدة دراسات‬ ‫خاضعة للتدقيق ملعرفة ما إذا كان يحول‬ ‫دون اإلصابة بعس� � ��ر احلساب‪ ،‬وما إذا‬ ‫كان يس� � ��اعد األطف� � ��ال األصحاء على‬ ‫تعزيز حاستهم العددية األساسية‪.‬‬ ‫امسك زمام نفسك‬

‫( )‬

‫إلى حد بعيد‪ ،‬تعتمد األس� � ��س اإلدراكية‬ ‫للتعلم اجليد‪ ،‬على ما يدعوه علماء النفس‬ ‫الوظيفة التنفيذية ‪،executive function‬‬ ‫وهي مصطلح يشمل خصائص إدراكية‪،‬‬ ‫كالق� � ��درة على االنتب� � ��اه‪ ،‬واالحتفاظ مبا‬ ‫رأيته أو س� � ��معته في احلاش� � ��ية العقلية‬ ‫للذاك� � ��رة العامل� � ��ة‪ ،‬والش� � ��عور املتأخر‬ ‫بالرض� � ��ا‪ .‬وميكن لهذه القدرات أن تتنبأ‬ ‫بالنج� � ��اح في املدرس� � ��ة‪ ،‬وحتى في دنيا‬ ‫العمل‪ .‬وق� � ��د أظهرت جتربة مش� � ��هورة‬ ‫قامت بها جامعة س� � ��تانفورد عام ‪1972‬‬ ‫‪86‬‬

‫ «ه� � ��ذه قطع� � ��ة من احللوى‪ ،‬وس� � ��وف‬‫أعطيك أخ� � ��رى إذا لم تأكل هذه القطعة‬ ‫حتى أعود» ‪ -‬أهمية الوظيفة التنفيذية‪.‬‬ ‫فاألطف� � ��ال الذين اس� � ��تطاعوا االنتظار‪،‬‬ ‫بص� � ��رف النظ� � ��ر عن م� � ��دى رغبتهم في‬ ‫املتعة‪ ،‬كان أداؤهم أفضل في املدرسة‪،‬‬ ‫والحقا في احلياة‪.‬‬ ‫وخالل الس� � ��نوات العشر املاضية‪،‬‬ ‫أظهر اخلبراء حماس� � ��ا لفك� � ��رة الوظيفة‬ ‫التنفيذية كمه� � ��ارة قابل� � ��ة للتعليم‪ .‬وقد‬ ‫حظي منهج تربوي يدعى أدوات العقل‬ ‫‪ Tools of the Mind‬بنج� � ��اح في مدارس‬ ‫واقعة ف� � ��ي بعض املناط� � ��ق ذات الدخل‬ ‫املنخفض‪ ،‬حيث ال يحقق األطفال عادة‬ ‫اإلجناز األكادميي نفس� � ��ه الذي يحققه‬ ‫أطف� � ��ال مدارس واقعة ف� � ��ي مناطق ذات‬ ‫دخل مرتفع‪ .‬يدرب البرنامج األطفال على‬ ‫مقاومة اإلغراءات واللهو وعلى ممارسة‬ ‫واجبات مصممة لتعزيز الذاكرة العاملة‬ ‫والتفكير املرن‪ .‬فف� � ��ي مثال على واجب‬ ‫التنظيم الذاتي‪ ،‬قد يخاطب الطفل نفسه‬ ‫بص� � ��وت مرتفع مب� � ��ا يجب علي� � ��ه فعله‪.‬‬ ‫وهذه الوس� � ��ائل فعالة ج� � ��دا لدرجة أن‬ ‫االقتصاديني‪ ،‬في مراكز التعلم العالي‪،‬‬ ‫يفكرون اآلن بجدية ف� � ��ي وضع معايير‬ ‫سياسة عامة لتحسني االنضباط الذاتي‪،‬‬ ‫كطريقة لتعزيز الصحة اجلسدية واملالية‬ ‫للسكان ولتخفيض معدل اجلرمية»‪ ،‬على‬ ‫حد قول واضعي دراسة نُشرت في عدد‬ ‫الشهر ‪ 2011/2‬من مجلة وقائع أكادميية‬ ‫العلوم األمريكية(‪.)1‬‬ ‫لقد دعمت اكتشافات مختبرات علم‬ ‫األعص� � ��اب وجهة النظ� � ��ر تلك‪ ،‬وأظهرت‬ ‫أن الس� � ��أم من ممارس� � ��ة مقاومة حلوى‬ ‫مجازي� � ��ة رمبا ال يك� � ��ون ضروريا‪ ،‬وأنه‬ ‫بوسع التدريب املوسيقي أن يؤدي الدور‬ ‫نفس� � ��ه‪ .‬لقد وجدوا مبح� � ��اكاة ترنيمة‬ ‫املعرك���ة للنَّمِ ���رة األم(‪ )2‬أن التدري� � ��ب‬ ‫املتواص� � ��ل عل� � ��ى اآلالت املوس� � ��يقية قد‬ ‫يؤدي إلى حتقيق مكاسب في املدرسة‪،‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ولهذا السبب تصر مؤلفة «النَّمِ رة األم»‬

‫‪ .A> tiger mom‬تشوا< أن تقضي بناتها‬ ‫ساعات متواصلة في العزف على الكمان‬ ‫والبيانو‪ .‬ويبدو أن التدريب على اآلالت‬ ‫املوس� � ��يقية يحس� � ��ن االنتب� � ��اه والذاكرة‬ ‫العاملة واالنضباط الذاتي‪.‬‬ ‫لق� � ��د ج� � ��اءت بعض األبح� � ��اث التي‬ ‫تع� � ��رض مثل ه� � ��ذه االكتش� � ��افات عن‬ ‫طري� � ��ق مجموعة من علم� � ��اء األعصاب‬ ‫بقي� � ��ادة >‪ .N‬كراوس< [من جامعة نورث‬ ‫وس� � ��ترن]‪ .‬وكانت >كراوس< [رئيس� � ��ة‬ ‫مختبر علم األعصاب السمعي هناك]‪،‬‬ ‫قد نش� � ��أت في منزل ذي طيف صوتي‬ ‫متنوع‪ .‬فأمها املتخصصة باملوسيقى ‪-‬‬ ‫املوسيقية الكالس� � ��يكية ‪ -‬حتدثت إلى‬ ‫عاملة أعصاب املستقبل‪ ،‬بلغتها اإليطالية‬ ‫األم‪ ،‬وال ت� � ��زال >ك� � ��راوس< تعزف على‬ ‫البيانو والگيت� � ��ار والطبول‪ .‬وهي تقول‪:‬‬ ‫«إني أحبها‪ ،‬إنها حتتل جزءا كبيرا من‬ ‫حياتي‪ »،‬مع أنها تعتبر نفس� � ��ها «مجرد‬ ‫موسيقية تعمل باألجرة‪».‬‬ ‫لقد استخدمت >كراوس< تسجيالت‬ ‫تخطي� � ��ط الدم� � ��اغ الكهربائ� � ��ي )‪(EEG‬‬ ‫لقي� � ��اس كيف يك���وّ د(‪ )3‬اجلهاز العصبي‬ ‫طبقة الصوت وتوقيت ونغمة املقطوعات‬ ‫املوس� � ��يقية‪ ،‬وفيما إذا كان� � ��ت التغيرات‬ ‫العصبي� � ��ة الت� � ��ي تنج� � ��م عن ممارس� � ��ة‬ ‫َس� � ��نُ القدرات اإلدراكية‪.‬‬ ‫املوسيقى تحُ ِّ‬ ‫وقد وجد مختبرها أن التدريب املوسيقي‬ ‫يعزز الذاك� � ��رة العاملة‪ ،‬واألهم من ذلك‪،‬‬ ‫أنه يجعل الطلبة يصغون بطريقة أفضل‪،‬‬ ‫متيحا لهم اس� � ��تخالص احلديث عندما‬ ‫يتكلم اجلميع س� � ��وية‪ ،‬األمر الذي يسود‬ ‫أحيانا في قاعة الصف‪.‬‬ ‫وال ي� � ��زال التدري� � ��ب املوس� � ��يقي‪,‬‬ ‫بوصفه منش� � ��طا للدماغ‪ ،‬في مراحله‬ ‫املبكرة‪ ،‬ويظل عدد من األس� � ��ئلة دون‬ ‫( ) ‪GET A HOLD OF YOURSELF‬‬ ‫(‪Proceedings of the National Academy of Science USA )1‬‬ ‫(‪Battle Hymn of the Tiger Mother )2‬‬ ‫(‪encodes )3‬‬


‫موسيقى لألذنني‬

‫قشر املخ‬

‫أفضل تدريب دماغي هو ممارسة العزف على الكمان‬

‫( )‬

‫يعزز التدريب املوسيقي املكثف من عمر مبكر املهارات بشكل يتجاوز مجرد القدرة على العزف‬ ‫����يقي على االس����تماع الدقيق لألصوات يس����اعد على اإلدراك‬ ‫على آلة موس����يقية‪ .‬وتركيز املوس ّ‬ ‫الشمولي للغة‪ ،‬ويعزز املهارات اإلدراكية‪ :‬االنتباه والذاكرة العاملة وضبط النفس‪.‬‬

‫مستمعون أفضل‬

‫يستقبل املوسيقيون الصوت بطريقة أوضح من سماع غير املوسيقيني لهذا الصوت‪ ،‬ألن التدرب على آلة‬ ‫موسيقية يدرب الدماغ كله‪ .‬وتنتقل األصوات من اآللة املوسيقية‪ ،‬من القوقعة في األذن الداخلية إلى جذع‬ ‫الدماغ البدائي قبل وصولها إلى القشرة ‪ cortex‬الدماغية‪ ،‬مكان وظائف الدماغ العليا‪ ،‬ومن ثم تعود‬ ‫إلى جذع الدماغ والقوقعة‪ .‬وتسمح عروة التلقيم الراجع لهذه املوسيقى استخدام مناطق مختلفة من‬ ‫الدماغ ليجري إنتاج‪ ،‬مثال‪ ،‬طبقة الصوت املناسبة للنغمة‪ .‬إن مراقبة اإلشارة الكهربائية في جذع الدماغ‬ ‫(اخلط البياني األصفر) توضح احلساسية املرهفة لطبقات الصوت عند املوسيقي‪ .‬و َي ْتبع املوسيقي موجة‬ ‫الصوت الواردة (اخلط األحمر) بدقة أعلى مما يفعل غير املوسيقي‪.‬‬ ‫موسيقي‬ ‫غير‬ ‫ّ‬

‫الصوت‬

‫موسيقي‬ ‫ّ‬ ‫‪140‬‬

‫‪140‬‬ ‫الصوت الوارد‬

‫ممر‬ ‫اإلشارة‬ ‫العام‬

‫‪90‬‬ ‫إشارة جذع‬ ‫الدماغ‬ ‫الزمن‬

‫إجاب� � ��ات حول أي نوع م� � ��ن التدريب‬ ‫حتديدا يعزز الوظيف� � ��ة التنفيذية‪ :‬هل‬ ‫هناك ف� � ��رق بني العزف عل� � ��ى البيانو‬ ‫أو عل� � ��ى الگيتار؟ أو فيم� � ��ا إذا كانت‬ ‫املوسيقى ملوتسارت أو للبيتلز ؟ وعلى‬ ‫وجه أكثر حساس� � ��ية‪ :‬هل ستس� � ��اعد‬ ‫دروس املوسيقى الطلبة الذين يعانون‬ ‫صعوب� � ��ات في التعلم‪ ،‬أو القادمني من‬ ‫مناطق مدرسية ذات دخل منخفض؟‬ ‫إال أن >كراوس< تش� � ��ير إلى وجود‬ ‫دليل مش� � ��هدي يوحي أن تأثير التدريب‬ ‫املوس� � ��يقي ميت� � ��د حت� � ��ى إل� � ��ى املرحلة‬ ‫اجلامعي� � ��ة‪ .‬ويقدم مش� � ��روع هارموني‬ ‫‪ Harmony‬التعلي� � ��م املوس� � ��يقي لصغار‬ ‫األطفال م� � ��ن ذوي الدخل املنخفض في‬ ‫لوس أجنلوس‪ .‬وقد تخرج في السنوات‬ ‫األخيرة عش� � ��رات الطلب� � ��ة (اخلاضعني‬ ‫لهذا املش� � ��روع) من املدرس� � ��ة الثانوية‬ ‫والتحقوا بالكليات‪ ،‬وغالبا ما كان هؤالء‬ ‫أول من قام بذلك في أسرهم‪.‬‬ ‫ـــــس � � �ـة‬ ‫قـــام� � ��ت >‪ .M‬مــارتـــن< [ ُمــ َؤ ِّس َ‬

‫‪90‬‬

‫البرنامج] بدعوة >كراوس< الس� � ��تخدام‬ ‫نسخة متحركة من محسات التخطيط‬ ‫التي لديها‪ ،‬وبرنامج معاجلة األصوات‬ ‫احلاسوبي لتقدير كيف تؤثر املوسيقى‬ ‫في البرنامج‪ .‬وتعد املوس� � ��يقية املأجورة‬ ‫مدافعة م� � ��ن دون حرج ع� � ��ن تفضيلها‬ ‫للگيت� � ��ار على ألع� � ��اب الدم� � ��اغ‪ ،‬وتقول‬ ‫>ك� � ��راوس<‪« :‬إذا ُخ ِّي � � � َر الطلب� � ��ة كي� � ��ف‬ ‫ميض� � ��ون أوقاتهم بني لعبة حاس� � ��وبية‬ ‫يفت� � ��رض أن تع� � ��زز الذاك� � ��رة وبني آلة‬ ‫موسيقية‪ ،‬فإنه من الواضح عندي أيهما‬ ‫أكثر إفادة للجهاز العصبي‪ ».‬وإذا كنت‬ ‫حتاول استنساخ مقدمة مقطوعة لگيتار‪،‬‬ ‫فإن� � ��ه عليك أن حتتفظ بها في ذهنك وأن‬ ‫حت� � ��اول إعادة إنتاجها م� � ��رارا وتكرارا‬ ‫عبر مران مثابر دؤوب‪».‬‬

‫(‪)1‬‬

‫حتذير من املبالغات اإلعالمية‬

‫( )‬

‫مع اس� � ��تمرار األبحاث التي جترى على‬ ‫آلي� � ��ات الدماغ املؤدية إل� � ��ى النجاح في‬ ‫ال���راءات األربع���ة (“‪ ،)2()”four Rs‬حيث‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫‪40‬‬

‫الزمن‬

‫الترددات (بالهيرتز)‬

‫جذع الدماغ‬

‫‪40‬‬

‫ثالث� � ��ة منها تقليدية والرابعة هي تنظيم‬

‫‪ regulation‬دوافع الفرد‪ ،‬فإن العديد من‬ ‫العلماء املنهمكني ف� � ��ي التربية العصبية‬ ‫يبذلون جه� � ��دا كبيرا لتجنب املبالغة في‬ ‫الدعاي� � ��ة للتداخالت الت� � ��ي يختبرونها‪.‬‬ ‫إنهم تواقون لترجمة اكتش� � ��افاتهم إلى‬ ‫ع� � ��ون عملي لألطفال‪ .‬وم� � ��ع ذلك‪ ،‬فإنهم‬ ‫أيض� � ��ا واعون جيدا بأنه م� � ��ا زال أمام‬ ‫األبحاث طري� � ��ق طويل‪ .‬إنه� � ��م يعرفون‬ ‫أيضا وواعون جيدا أن املعلمني واآلباء‬ ‫يتعرضون ملجموعة محيرة من منتجات‬ ‫تعزيز التعلم التي لم يتم اختبارها‪ ،‬كما‬ ‫تبني أن بعض الوس� � ��ائل املرغوبة بشدة‬ ‫كانت مخيبة لآلمال‪.‬‬ ‫وف� � ��ي إح� � ��دى احلاالت‪ ،‬ف� � ��ي هذا‬ ‫الصدد‪ ،‬فإن الفكرة التي برزت قبل عدة‬ ‫س� � ��نوات‪ ،‬وتقول إن مجرد اإلصغاء إلى‬ ‫) ( ‪The Best Brain Training: Practice That Violin‬‬ ‫( ) ‪HYPE ALERT‬‬ ‫(‪EEG sensors )1‬‬

‫(‪ )2‬ال� � ��راءات التقليدي� � ��ة الثالث� � ��ة هي الق� � ��راءة ‪،reading‬‬ ‫والكتابة ‪ ،writing‬واحلساب ‪.arithmetic‬‬ ‫‪87‬‬


‫سوناتا من مؤلفات موتسارت قد يجعل‬ ‫الطف� � ��ل أكثر ذكاء‪ ،‬أخفق� � ��ت بعد القيام‬ ‫مبزي� � ��د من التمحي� � ��ص‪ .‬وتقترح أبحاث‬ ‫>ك� � ��راوس< أنه للحصول عل� � ��ى الفائدة‬ ‫ال بد من ممارس� � ��ة العزف الفعلي على‬ ‫آلة موس� � ��يقية لتدري� � ��ب مناطق املعاجلة‬ ‫الس� � ��معية في الدماغ‪ .‬وكلم� � ��ا ازدادت‬ ‫ممارس� � ��تك‪ ،‬تطورت قدراتك في التمييز‬ ‫ب� �ي��ن الف� � ��روق الدقيقة ب� �ي��ن األصوات‪.‬‬ ‫فاإلصغاء وحده غير كاف‪.‬‬ ‫وباملثل‪ ،‬فإن بعض تقنيات التدريب‬ ‫الدماغي� � ��ة‪ ،‬التي ت ّدع� � ��ي أن لديها إثباتا‬ ‫علميا رصينا على مدى فعاليتها‪ ،‬أصبح‬ ‫مش� � ��كوكا فيه� � ��ا‪ .‬وقد راجعت دراس� � ��ة‬ ‫حتلي���ل بع���دي ‪ meta-analysis‬صدرت‬ ‫في عدد الشهر ‪ 2011/3‬عن مجلة الطب‬ ‫النفسي وعلم نفس الطفل(‪ ،)1‬دراسات‬ ‫مل� � ��ا ميك� � ��ن أن يك� � ��ون أفض� � ��ل برنامج‬ ‫حاس� � ��وبي معروف عل� � ��ى طرائق تدريب‬ ‫الدماغ‪ ،‬يدعى ‪ )2(Fast ForWord‬وابتكرته‬ ‫>‪ .A .P‬ط� �ّل��اّ ل< [مـــن جامع� � ��ة روجتزر]‬ ‫و>‪ .M‬ميرزني� � ��ك< [من جامعة كاليفورنيا‬ ‫بس� � ��ان فرانسيس� � ��كو] وزمالؤهما‪ .‬لم‬ ‫تُظه� � ��ر ه� � ��ذه الدراس� � ��ة أي دلي� � ��ل على‬ ‫فعالية مس� � ��اعدة األطف� � ��ال على التغلب‬ ‫على صعوب� � ��ات القراءة واللغ� � ��ة‪ .‬وكما‬ ‫هو احلال مع الطرق التي اس� � ��خدمتها‬ ‫>بيناسيك< [وهي زميلة سابقة لـ> ّ‬ ‫طالل<‬ ‫في أبح� � ��اث ما بع� � ��د الدكت� � ��وراه] فإن‬ ‫برنام� � ��ج احلاس� � ��وب يحاول حتس� �ي��ن‬ ‫النواقص ف� � ��ي معاجلة الص� � ��وت الذي‬ ‫ميكن أن يؤدي إلى مش� � ��كالت تعليمية‪.‬‬ ‫وقد أثارت دراسة التحليل البعدي هذه‬ ‫انتقادا حادا من قبل الشركة ‪Scientific‬‬ ‫‪ ،Learning‬واضعة البرنامج احلاسوبي؛‬ ‫التي زعمت أن معايي� � ��ر االختيار كانت‬ ‫مفي� � ��دة ج� � ��دا‪ ،‬وأن معظم الدراس� � ��ات‬ ‫التي ش� � ��ملها التحليل قد أجنزت بشكل‬ ‫هزيل‪ ،‬وأنه قد جرى حتس� �ي��ن البرنامج‬ ‫احلاسوبي بعد أن ُأجريت الدراسات‪.‬‬ ‫‪88‬‬

‫إن العب� � ��ارة التقليدي� � ��ة‪ ،‬القائل� � ��ة إن‬ ‫«ثمة حاجة إلى أبح� � ��اث أكثر»‪ ،‬تنطبق‪،‬‬ ‫إلى حد بعي� � ��د‪ ،‬على العديد من اجلهود‬ ‫املبذولة في التربية العصبية‪.‬‬ ‫فف� � ��ي حقل ناش� � ��ئ‪ ،‬غالبا م� � ��ا تأتي‬ ‫دراس� � ��ة لتناقض أخ� � ��رى‪ ،‬لتتبعها ثالثة‬ ‫تفند االثنتني معا‪ .‬وتندرج جميع العلوم‬ ‫حتت هذا املسار املتعرج‪ ،‬وهذا ما يقود‬ ‫أحيان� � ��ا إلى مطالب يصع� � ��ب حتقيقها‪.‬‬ ‫وفي التربي� � ��ة العصبية‪ ،‬يق� � ��ع املعلمون‬ ‫واآلب� � ��اء ضحايا اإلعالن� � ��ات التي تروج‬ ‫لبرام� � ��ج تربوية وحاس� � ��وبية باعتبارها‬ ‫قائمة عل� � ��ى العلم‪ .‬تق� � ��ول >‪ .D‬ريبوهن<‬ ‫[وهي معلم� � ��ة رياضيات في املدرس� � ��ة‬ ‫املركزي� � ��ة‪ ،‬وهذه معهد تربوي خاص في‬ ‫هايالند بارك بنيوجيرسي‪ ،‬تقبل الطلبة‬ ‫من جميع املدارس احلكومية في أنحاء‬ ‫الوالية]‪« :‬إنه أمر محير‪ ،‬إنه أمر مربك»‪.‬‬ ‫وتضيف إلى ذلك قولها‪« :‬ال أدري ماذا‬ ‫أجرب؛ كما أنه ال يوجد هناك دليل كاف‬ ‫للذهاب إلى مدير املدرسة واالدعاء بأن‬ ‫هناك طريقة ناجحة‪».‬‬ ‫ضغط في مرحلة احلضانة‬

‫( )‬

‫إن العلم� � ��اء الذين ميض� � ��ون أيامهم في‬ ‫التفكير حول أش� � ��كال موجات التخطيط‬ ‫‪ EEG‬واألمن� � ��اط الرقمي� � ��ة املتع� � ��ددة في‬ ‫صور الرنني املغنطيسي‪ ،‬يدركون أنهم ال‬ ‫يستطيعون تقدمي إرشادات محددة قائمة‬ ‫على علم األعصاب بغية حتسني التعلم‪.‬‬ ‫يقود هذا العمل‪ ،‬على أية حال‪ ،‬إلى رؤية‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ما هو ممكن‪ ،‬رمبا للجيل ‪Generation Z‬‬ ‫أو ذريته‪ .‬لندخل في االعتبار وجهة نظر‬ ‫>‪ .E .D .J‬گابريلي< [أستاذ علم األعصاب‬ ‫املشارك في برنامج تعاوني بني جامعة‬ ‫هارفرد واملعهد ‪]MIT‬؛ خمن >گابريلي<‬ ‫ف� � ��ي مقالة نش� � ��رت في مجل� � ��ة ‪Science‬‬ ‫عام ‪ ،2009‬أنه في نهاية األمر‪ ،‬س� � ��يكون‬ ‫بوسع طرق التقومي القائمة على الدماغ‬ ‫واالختبارات التقليدي� � ��ة وتاريخ العائلة‪,‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ورمب� � ��ا أيض� � ��ا االختب� � ��ارات الوراثية‪،‬‬ ‫اكتش� � ��اف مش� � ��كلة القراءة قبل س� � ��ن‬ ‫السادسة‪ ،‬وهذا ما يسمح بإجراء تدخل‬ ‫مبكر مكثف قد ميكننا من التخلص من‬ ‫العديد من حاالت عُ س���ر الق���راءة(‪ )4‬بني‬ ‫أطفال سن املدرسة‪.‬‬ ‫لق� � ��د وجدت إحدى الدراس� � ��ات أن‬ ‫إج� � ��راء التخطي� � ��ط ‪ EEG‬عل� � ��ى أطفال‬ ‫احلضانة ميك� � ��ن أن يتنبأ بالقدرة على‬ ‫القراءة عند تالمي� � ��ذ الصف اخلامس‬ ‫على وجه أفضل من املقاييس النفسية‬ ‫املعيارية‪ .‬وبإخض� � ��اع الطفل للمراقبة‬ ‫الدماغي� � ��ة والط� � ��رق التقليدي� � ��ة مع� � ��ا‪،‬‬ ‫فإنه ميكن تقيي� � ��م كل طفل قبل دخوله‬ ‫املدرس� � ��ة‪ ،‬وأن يعط� � ��ى‪ ،‬إن لزم األمر‪،‬‬ ‫تدريبا عالجيا مستندا إلى االكتشافات‬ ‫التي تتقاطر اليوم م� � ��ن مختبرات علم‬ ‫األعصاب‪ .‬وإذا حظيت رؤية >گابريلي<‬ ‫بالقبول‪ ،‬فإن علم الدماغ قد يتش� � ��رب‬ ‫مفهوم التربية الفردية ‪individualized‬‬ ‫‪ education‬الت� � ��ي تس� � ��تلزم ‪ -‬يتضمن‬ ‫تعزي� � ��ز قدرة الطفل عل� � ��ى التعلم حتى‬ ‫>‬ ‫قبل أن يطأ حجرة الدراسة‪.‬‬ ‫( ) ‪A Preschool Tune-Up‬‬

‫احلضانة‪.‬‬

‫أو‪َ :‬د ْو َزن� � ��ة ف� � ��ي مرحل� � ��ة‬

‫(‪Journal of Child Psychology and Psychiatry )1‬‬ ‫(‪ )2‬تقدم سريع‬ ‫(‪ )3‬أو‪ The Net Generation :‬ه� � ��م األفراد الذين تعرضوا‬

‫في طفولته� � ��م لإلنترنت والتقان� � ��ات احملمولة‬ ‫‪ technologies‬والتشبيك االجتماعي ‪social networking‬؛‬ ‫وهؤالء عادة ما يأخذون الس� � ��حر اإللكتروني كشيء‬ ‫مسلم به أو محتم احلدوث ‪.the electronic wizardry‬‬ ‫(التحرير‪ ،‬عن اإلنترنت)‬ ‫‪mobile‬‬

‫(‪dyslexia )4‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, August 2011‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 65‬احتفال بجائزة نوبل)‬

‫ميكننا اآلن اقتراح مخطط دارة مبسط إليضاح موقع‬ ‫وآلي� � ��ة التغي� � ��رات اللدنة املتنوعة التي تراف� � ��ق تع ّود وعدم‬ ‫تع ّود منعكس انس� � ��حاب اخليش� � ��وم‪ .‬إن التنبيه املتكرر‬ ‫للمس����تقبالت(‪ )1‬احلس� � ��ية يؤدي إلى التع ّود بتوليد تغير‬ ‫لدن في املش����بك(‪ )2‬ب� �ي��ن العصبون احلس� � ��ي والعصبون‬

‫مسألة الوعي‬

‫( )‬

‫تأليف‪Francis Crick :‬‬ ‫(حائز جائزة نوبل ‪)1962‬‬ ‫‪& Christof Koch‬‬

‫مراكز توزيع‬

‫التحريك� � ��ي‪ .‬وتنبيه الرأس يؤدي إلى ع� � ��دم التع ّود بتوليد‬ ‫تيسير ملشبك غيري(‪ )3‬في املشبك نفسه‪.‬‬ ‫ويبدو أن املقاربات اخللوية املوجهة نحو إحداث مخطط‬ ‫تشبيك لالس� � ��تجابات السلوكية‪ ،‬ميكن أن تطبق اآلن على‬ ‫إجراءات تعلم أكثر تعقيدا‪.‬‬

‫ُنشر هذا الكتاب في الشهر ‪.1992/9‬‬ ‫يشعر بعض علماء النفس بأن أي نظرية مقبولة‬ ‫[عن الوعي] يجب أن حتاول تفس� � ��ير أكبر عدد‬ ‫ممكن من الس� � ��مات‪ .‬وقد رأينا أنه من احلكمة‬ ‫البدء بالس� � ��مة اخلاصة بالوعي التي يحتمل أن‬ ‫تعطينا نتائج بس� � ��هولة أكث� � ��ر‪ ،‬واخترنا النظام‬ ‫البصري للثدييات‪ .‬وقد افترضنا أنه عندما نرى‬ ‫ش� � ��يئا بوضوح‪ ،‬فال بد م� � ��ن وجود عصبونات‪،‬‬ ‫عندما تضطرم بنشاط فإنها متثل ما نرى‪.‬‬ ‫كيف ميكنن� � ��ا اكتش� � ��اف عصبونات يرمز‬ ‫اضطرامه� � ��ا إلى مدرك حس� � ��ي خ� � ��اص؟ لقد‬ ‫أجرى >‪ .T .W‬نيوس� � ��م< وزم� �ل��اؤه [في جامعة‬ ‫س� � ��تانفورد] سلس� � ��لة من التجارب اإلبداعية‬ ‫عل� � ��ى العصبونات في املنطقة ‪ MT‬القش� � ��رية‬ ‫لدماغ نوع من الس� � ��عادين‪ .‬وبدراسة عصبون‬ ‫في املنطقة ‪ ،MT‬فقد نكتش� � ��ف أن لها أفضل‬ ‫استجابة لس� � ��مات بصرية محددة جدا تتعلق‬ ‫باحلرك� � ��ة‪ .‬فمثال‪ ،‬قد يضط� � ��رم عصبون بقوة‬ ‫اس� � ��تجابة حلركة قضيب ف� � ��ي مكان معني من‬ ‫الس� � ��احة البصرية‪ ،‬وهذا يح� � ��دث فقط عندما‬ ‫ُيد َّور القضي� � ��ب بزاوية معينة‪ ،‬ويتحرك بواحد‬

‫يف الأقطار العربية‪:‬‬

‫< اإلمارات‪ :‬شركة اإلمارات للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬أبوظبي‪ /‬دار احلكمة ‪-‬‬ ‫دبي < البحرين‪ :‬الشركة العربية للوكـاالت والتوزيــع ‪ -‬املنامــة < تونس‪:‬‬ ‫الشــركة التونسـية للصحافة ‪ -‬تونس < السعودية‪ :‬تهامـة للتوزيـع ‪ -‬جدة‬ ‫ الرياض ‪ -‬الدمام < سوريا‪ :‬املؤسـسة العربية السورية لتوزيع املطبوعات ‪-‬‬‫دمشق < عُ مان‪ :‬محالت الثالث جنوم ‪ -‬مسقط < فلسطني‪ :‬وكالة الشرق‬ ‫األوسط للتوزيع ‪ -‬القدس < قطر‪ :‬دار الثقافة للطباعة والصحافة والنشر والتوزيع‬ ‫ الدوحة < الكويت‪ :‬الشـــركة املتحدة لتوزيع الصحف واملطبوعات ‪ -‬الكويت‬‫< لبنان‪ :‬الشركة اللبنانية لتوزيع الصحف واملطبوعات ‪ -‬بيروت < مصر‪ :‬األهرام‬ ‫للتوزيع ‪ -‬القاهرة < املغرب‪ :‬الشركة الشريفية للتوزيع والصحافة ‪ -‬الدار‬ ‫البيضاء < اليمن‪ :‬الدار العربية للنشر والتوزيع ‪ -‬صنعاء‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫من االجتاه� �ي��ن العموديني عل� � ��ى طوله ضمن‬ ‫الس� � ��رع‪ .‬ومهما يكن من أمر‪،‬‬ ‫مدى معني من ُّ‬ ‫ف� � ��إن مثل هذه التجارب ال جتزم بأن اضطرام‬ ‫هذه العصبون� � ��ات هو املالزم العصبي الدقيق‬ ‫للم� � ��درك احلس� � ��ي‪ .‬وال ميكن أن يك� � ��ون هذا‬ ‫امل� �ل��ازم إال مجموعة جزئية م� � ��ن العصبونات‬ ‫املف َّعل� � ��ة أو اضط� � ��رام العصبون� � ��ات في جزء‬ ‫آخر من السلس� � ��لة البصرية التي تأثرت بقوة‬ ‫بالعصبونات املف َّعلة في املنطقة ‪.MT‬‬ ‫إن املوضوع الرئيسي هو معرفة كيف يك ِّون‬ ‫الدماغ متثيالته الشاملة من إشارات بصرية‪.‬‬ ‫فإذا كان االنتباه حاس� � ��ما لإلدراك البصري‪،‬‬ ‫فمن املمك� � ��ن للدماغ تكوين متثي� �ل��ات بإيالء‬ ‫عناية لكل منها على حدة‪ ،‬وباالنتقال السريع‬ ‫من أحدها إلى الذي يليه‪ .‬وعلى سبيل املثال‪،‬‬ ‫ف� � ��إن العصبونات التي متثل جميع الس� � ��مات‬ ‫املختلف� � ��ة للش� � ��يء الذي جت� � ��ري معاجلته قد‬ ‫تضطرم جميعها بس� � ��رعة عالية مدة قصيرة‪،‬‬ ‫وميكن أن يحدث ذلك على دفقات سريعة‪ .‬إن‬ ‫هذا االضطرام السريع املتواقت رمبا ال يهيج‬ ‫العصبونات الت� � ��ي كانت ترمز إلى نتائج ذلك‬ ‫الشيء فحسب‪ ،‬بل إنه‪ ،‬أيضا‪ ،‬قد يقوي مؤقتا‬ ‫املشابك ذات الصلة‪ ،‬بحيث ميكن تذكر منوذج‬ ‫االضطرام اخلاص هذا بسرعة ‪ -‬وهذا شكل‬ ‫>‬ ‫من أشكال الذاكرة القصيرة األجل‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪The Problem of Consciousness‬‬ ‫‪Repetitive stimulation of sensory receptors‬‬ ‫‪synapse‬‬ ‫‪heterosynaptic facilitation‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, June 2011‬‬

‫‪89‬‬


‫أخبار علمية‬ ‫التصدي للديدان احلاسوبية‬ ‫عيوب احلواسيب ومشكالتها واملتجاوزين عليها‪.‬‬ ‫الدودة كونفيگر تكشف‬ ‫َ‬ ‫(٭)‬

‫قد ُي ْع َذر مستخدمو احلاسوب إذا ما‬ ‫أبقوا حواسي َبهم مغلقة بتاريخ األول من‬ ‫الشهر ‪( 4‬إبريل)‪ .‬فمنذ ظهور البرمجية‬ ‫اخلبيثة املعروفة بال� � ��دودة كونفيگر أو َل‬ ‫رسخت نفسها‬ ‫مرة في الشهر ‪َّ ،2008/10‬‬ ‫بوصفها واحدة من أقوى األخطار التي‬ ‫شهدتها شبك ُة اإلنترنت طوال سنوات‪ ،‬إذ‬ ‫أصابت ما ُيق َّدر بعشرة ماليني حاسوب‬ ‫في ش� � ��تى أنح� � ��اء العالَم‪ .‬لقد تس � � � َّللت‬ ‫هذه البرمجي ُة اخلبيث ُة إلى احلواس� � ��يب‬ ‫التي َتس� � ��تخدم نظا َم التش� � ��غيل ويندوز‪،‬‬ ‫وتر َّبص� � ��ت هادئة حتى ي� � ��وم كذبة إبريل‬ ‫(وهو توقيت لم ي‍م َّر مرو َر الكرام من دون‬ ‫أن ُيفطن له)‪ ،‬حني كانت مبرمجة إلرساء‬ ‫مجموعة جديدة من التعليمات وتنفيذها‪.‬‬ ‫ومع أن أحدا لم يكن يعلم ما هو التالي‪،‬‬ ‫فقد و َّفر تعقي ُد ال� � ��دودة مثاال قو ّيا أظه َر‬ ‫كيف ميكن أن تتطور صناع ُة البرمجيات‬ ‫اخلبيثة العاملي� � ��ة إلى منوذج متكامل من‬ ‫الفاعلية العالية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬أدى‬ ‫تعقي � � � ُد ال� � ��دودة إلى ظهور ن� � ��داءات إلى‬ ‫خبراء األمن الس� � ��تراق أف� � ��كار ذكية من‬ ‫نظرائهم ذوي القبعات السوداء(‪.)1‬‬ ‫ولكي تنشر الدود ُة ن َُسخا عن نفسها‪،‬‬ ‫تعم� � ��د إلى اس� � ��تغالل الثغ� � ��رات األمنية‬ ‫املوجودة في البرمجيات ذات االنتش� � ��ار‬ ‫الواس� � ��ع‪ ،‬وهي ف� � ��ي هذه احلال� � ��ة نظام‬ ‫ويندوز من مايكروسوفت‪ .‬ولكن كونفيگر‬ ‫كان� � ��ت كودا متط � � � ِّورا ج ّدا‪ ،‬ق� � ��ادرا على‬ ‫حتييد البرمجيات احلاس� � ��وبية املضا َّدة‬ ‫للڤيروس� � ��ات‪ ،‬وعلى اس� � ��تقبال حتديثات‬ ‫ت� � ��ز ِّوده بق� � ��درات أكثر تعقي� � ��دا‪ .‬لذا‪ ,‬فقد‬ ‫ال���وب ‪Web‬‬ ‫أع� � ��اد نفا ُذها املفاج� � ��ئ في ِ‬ ‫إثار َة االهتم� � ��ام بواحدة من أكثر األفكار‬ ‫‪90‬‬

‫املختلَ� � ��ف عليه� � ��ا بخص� � ��وص احلماي� � ��ة‬ ‫األمنية للحواس� � ��يب‪ ،‬وه� � ��ي إطالق دودة‬ ‫«حميدة»‪ .‬إن من ش� � ��أن برنامج كهذا أن‬ ‫ينتشر كالدودة‪ ،‬ولكنه يساعد على توفير‬ ‫حماية للحواس� � ��يب الت� � ��ي يصيبها‪ .‬وقد‬ ‫جرى اختبا ُر هذا األس� � ��لوب سابقا؛ ففي‬ ‫أواخر عام ‪ ،2003‬تغلغلت الدودة والِداك‬ ‫‪ Waledac‬في احلواس� � ��يب التي تَستخدم‬ ‫نظ� � ��ا َم ويندوز باس� � ��تغالل نقاط الضعف‬ ‫نفسها والتي استخدمتها الدودة بالستر‬ ‫‪ Blaster‬التي كانت واسعة االنتشار آنئذ‪.‬‬ ‫ولكنه� � ��ا‪ ،‬وخالف� � ��ا للدودة بالس� � ��تر التي‬ ‫كانت مبر َمجة لش� � ��ن هج� � ��وم على موقع‬ ‫مايكروس� � ��وفت في الوِ ب‪ ،‬قامت بتحديث‬ ‫احلواس� � ��يب املصابة عن طريق تزويدها‬ ‫مبجموعة من برامج احلماية‪.‬‬ ‫بدت الدودة وا ِل� � ��داك ناجحة ظاهر ّيا‪.‬‬ ‫�أن كل دودة ‪ -‬أفس� � ��دت‬ ‫ولكنه� � ��ا ‪ -‬ش� � � َ‬ ‫حرك َة امل� � ��رور في الش� � ��بكة َّ‬ ‫وعطلت عم َل‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬وكذلك تس َّببت في إعادة إقالع‬ ‫احلواس� � ��يب دون موافقة مس� � ��تخدميها‪.‬‬ ‫(م� � ��ن االنتق� � ��ادات الش� � ��ائعة لتحديثات‬ ‫األم� � ��ن التلقائي� � ��ة‪ ،‬واملب � � � ِّررات اجلوهرية‬ ‫والتي حمل� � ��ت الكثيرين على إيقافها‪ ،‬هو‬ ‫أن حتديث مس� � ��احة أمني� � ��ة يتطلب إعاد َة‬ ‫إقالع احلاس� � ��وب في أوقات غير مناسبة‬ ‫أحيانا‪ ).‬وأه� � ��م من ذلك أن الدودة‪ ،‬مهما‬ ‫كان الغرض منها نبيال‪ ،‬مت ِّثل بح ِّد ذاتها‬ ‫اختراقا للحاسوب غي َر مسموح به‪.‬‬ ‫بعد الدودة وا ِل� � ��داك‪ ،‬اختفى النقاش‬ ‫ح� � ��ول الدي� � ��دان احلمي� � ��دة‪ ،‬جزئ ّي� � ��ا على‬ ‫األقـــل‪ ،‬ألن الديـــدان نفسها قــد اختفـــت‪.‬‬ ‫يقـــ� � ��ول >‪ .P‬پ� � ��و َّرس< [مدي� � ��ر البرامج لدى‬ ‫الش� � ��ركة ‪ SRI International‬غي� � ��ر الربحية‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ألبح� � ��اث األمن]‪« :‬في بداي� � ��ات هذا العقد‪،‬‬ ‫ل� � ��م تكن ثمة مناذج عمل قوي� � ��ة للبرمجيات‬ ‫اخلبيثة املو َّزع� � ��ة»‪ .‬ويضيف ِّ‬ ‫موضحا‪« :‬إن‬ ‫املخترقني كانوا يستخدمون الديدان لإلدالء‬ ‫بالتصريحات واكتساب الشهرة»‪ .‬فالديدان‬ ‫احلواسيب معا في شبكات‬ ‫ميكن أن تجَ مع‬ ‫َ‬ ‫إنس���الية(‪ - )3()2‬أي مجموعات عمالقة من‬ ‫احلواس���يب املس���لوبة اإلرادة‬

‫‪zombie‬‬

‫‪ - computers‬رمبا حتاول إغالق مواقع وِ ب‬ ‫مش� � ��روعة‪ .‬والش� � ��ك في أن هذا شيء مثير‬ ‫(إ ْن كنت تعمل في مثل تلك األشياء)‪ ،‬ولكن‬ ‫عوائده املادية ليست مجزية‪.‬‬ ‫وعلى مدى السنوات اخلمس األخيرة‪،‬‬ ‫البرمجيات اخلبيث� � ��ة في االجتاه‬ ‫تنام� � ��ت‬ ‫ُ‬ ‫املالي عل� � ��ى نحو أوض� � ��ح‪ .‬فالصيادون‬ ‫‪ phishers‬يبعث� � ��ون رس� � ��ائل إلكتروني� � ��ة‬ ‫الناس باإلفصاح عن اس� � ��م‬ ‫خادعة تغري‬ ‫َ‬ ‫اخلاصني بهم‪.‬‬ ‫املس� � ��تخدِ م وكلمة الس� � ��ر‬ ‫َّ‬ ‫وب� � ��دأ املجرمون أيضا بتحميل كود ‪code‬‬ ‫مراقبة يصعب كش � � � ُفه إلى مواقع متاجر‬ ‫مشروعة‪ ،‬بغية النفاذ س ّرا إلى معلومات‬ ‫البطاق� � ��ات االئتماني� � ��ة‪ .‬وم� � ��ن ث� � ��م تُباع‬ ‫املعلومات املس� � ��روقة في سوق اإلنترنت‬ ‫ُ‬ ‫السوداء‪ ،‬حيث ميكن بيع اسم الشخص‬ ‫اخلاص� �ْي��نْ مبوقع مصرفي‬ ‫وكلمة س � � � ِّره‬ ‫َّ‬ ‫مببلغ يت� � ��راوح بني ‪ 10‬و ‪ 1000‬دوالر‪ .‬أما‬ ‫( ) ‪Pulling Up Worms‬‬

‫(‪black hat counterparts )1‬؛ ُتس� � ��تخدم صف� � ��ة القبع� � ��ة‬ ‫الس� � ��وداء لوصف األشخاص الذين يخترقون الن ُ​ُّظ َم‬ ‫احلاسوبية واإلنترنت ألغراض شريرة‪.‬‬ ‫(‪ botnets )2‬اختصارا لـ ‪ ،robotsnetwork‬وهي إنس� � ��االت‬ ‫برمجية حتاكي اإلنس� � ��االت العادية من حيث كونها‬ ‫مسلوبة اإلرادة‪.‬‬ ‫(‪ )3‬إنسالية نسبة إلى إنسالة‪ ،‬وهي نحت من إنسان‪-‬آلة‬ ‫(التحرير)‬ ‫‪.robot‬‬


‫أرق� � ��ام البطاقات االئتماني� � ��ة‪ ،‬والتي هي‬ ‫أكث� � ��ر ش� � ��يوعا‪ ،‬فيمكن أن تب� � ��اع مببالغ‬ ‫ضئيلة ال تتع ّدى س� � ��تة سنتات‪ ،‬علما بأن‬ ‫القيمة اإلجمالية للمعروضات في السوق‬ ‫الس� � ��وداء في غضون ع� � ��ام تتجاوز اآلن‬ ‫‪ 7‬بالي� �ي��ن دوالر‪ ،‬وفق تقديرات الش� � ��ركة‬ ‫سيمانتِك ‪ Symantec‬ألمن اإلنترنت‪.‬‬ ‫إن املنظم� � ��ات اإلجرامي� � ��ة ا‍ل ُم ْح َكم� � ��ة‬ ‫اإلدارة‪ ،‬والت� � ��ي تق� � ��ف وراء عملي� � ��ات‬ ‫االحتيال هذه‪ ،‬وأغلبها يتَّخذ من روس� � ��يا‬ ‫واجلمهوريات الس� � ��وڤييتية السابقة مق ّرا‬ ‫له‪ ،‬تتعامل م� � ��ع البرمجيات اخلبيثة على‬ ‫أنه� � ��ا صناع� � ��ة احترافية‪ .‬فهم يش� � ��ترون‬ ‫�وق الس� � ��ودا ِء‬ ‫برمجيات متطورة من الس� � � ِ‬ ‫ف� � ��ي اإلنترنت‪ ،‬ويع ِّدلونه� � ��ا وفق متطلبات‬ ‫مع َّينة‪ ،‬ث� � ��م يبيعون أو يؤجرون الش� � ��بك َة‬ ‫اإلنس� � ��الية احلاصل� � ��ة إلى اجله� � ��ة التي‬ ‫تع� � ��رض ثمنا أعل� � ��ى‪ .‬ويحرص� � ��ون على‬ ‫إطالة أمد حياة الدودة قدر املستطاع عن‬

‫طريق االس� � ��تثمار في حتديثها ‪ -‬أو فيما‬ ‫الحظ أن هذا النهج‬ ‫يس� � ��مى صيانتها‪ .‬و ُي َ‬ ‫التراكمي إلى اجلرمية‪ ،‬املش� � ��ابه لنمط ‪-‬‬ ‫خ���ط التجميع(‪ ،)1‬يعمل بنجاح‪ :‬فتش� � ��ير‬ ‫اإلحصاءات إلى أن نسبة ‪ 60‬في املئة من‬ ‫جملة الڤيروس� � ��ات التي تع َّقبتها الشركة‬ ‫س� � ��يمانتِك على مدى السنوات العشرين‬ ‫الس� � ��ابقة‪ ،‬ج� � ��رى إطالقها ف� � ��ي غضون‬ ‫االثني عشر شهرا املاضية‪.‬‬ ‫أصبح من الواضح‪ ،‬بعد أس� � ��بوع من‬ ‫موع� � ��د األول من إبريل‪ ،‬أن األش� � ��خاص‬ ‫املسؤولني عن الدودة كونفيگر كانت لديهم‬ ‫دواف� � ��ع مالية قوية‪ ،‬فقد نقل� � ��ت تلك الدود ُة‬ ‫مو ِّل َد سپامات(‪ )2‬شهيرا‪ُ .‬يضاف إلى ذلك‬ ‫أن احلواسيب املصابة بالدودة بدأت أيضا‬ ‫بإظهار حتذير شديد اإلزعاج على الشاشة‬ ‫(‪)3‬‬ ‫على ش� � ��كل «حتذي���ر وين���دوز األمني»‬ ‫كل بضع دقائق‪ .‬وا َّد َع� � ��ت التحذيرات أن‬ ‫احلاسوب مصاب بڤيروس‪ ،‬وهذا صحيح‪.‬‬ ‫َ‬

‫وضع اجلنون في موضعِ ه الصحيح‬ ‫تشير أدلة متنامية إلى أن مكان الوالدة يش ِّك ُل عام َل خطورةٍ ملرض ِ الفصام‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫يُخفي ال ُفص� � ��ام قابلي َت� � ��ه التوريثية‬ ‫إخفا ًء حسنا‪ .‬فمع أن نسبة امل َُشخَّ صني‬ ‫فُصاميني بنا ًء على أعراض مثل الهلوسة‬ ‫واألفكار املشوش� � ��ة ال تشكل سوى أقل‬ ‫من واحد في املئة من عامة الس � � �كّان إال‬ ‫أنها تقفز إلى قرابة واحد في العش� � ��رة‬ ‫عندم� � ��ا يتعل� � ��ق املوض� � ��وع بِأطفال من‬ ‫أح� � ��د أبوين فُصاميني‪ .‬وم� � ��ع ذلك‪ ،‬فقد‬ ‫اس� � ��تعصى بعناد اكتش� � ��اف ا ُألس� � ��س‬ ‫اجلينية للحالة‪ .‬وفي آخر محاولة قامتْ‬ ‫ث� �ل��اث فرق بارع� � ��ة من باحث� �ي��ن بجمع‬ ‫بيان� � � ٍ‬ ‫�ات جينومي� � ��ة حصل� � ��وا عليها من‬ ‫‪ُ 8000‬فصام� � ��ي منحدرين من أس� �ل��اف‬ ‫أوروبية ولكنهم لم يس� � ��تطيعوا االدعاء‬ ‫أنهم وضعوا أيديهم على سمات وراثية‬

‫منذرة بخطورة ضعيفة س� � ��وى بالنسبة‬ ‫إلى حفنة صغيرة‪.‬‬ ‫إن حتليالت مثل تلك التي ظهرتْ على‬ ‫اإلنترن� � ��ت في األول من الش� � ��هر ‪2009/6‬‬ ‫ف� � ��ي موقع ‪( Nature‬إن مجلة س� � ��اينتفيك‬ ‫أمريكان جزء من مجموعة نشر ‪)Nature‬‬ ‫حملتْ بع� � ��ض الباحثني على التس� � ��اؤل‬ ‫بارتياب عن اجلدوى من استعمال سطوة‬ ‫علم اجلينوم لتحليل مرض الفُصام‪ .‬وقد‬ ‫صرَّحتْ >‪ .D‬ماالسپينا< [ مديرة برنامج‬ ‫املب� � ��ادرات االجتماعي� � ��ة والطبابة العقلية‬ ‫في مركز النگون الطب� � ��ي التابع جلامعة‬ ‫نيوي� � ��ورك] قائلة‪« :‬أعتقد أننا بحاجة إلى‬ ‫التمه� � ��ل والتفكير بجالءٍ أكثر عن س� � ��بل‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫ولكن تل� � ��ك التحذي� � ��رات البرمجية املخيفة‬ ‫َو َع َدت أيضا بأن الطريقة الوحيدة لتنظيف‬ ‫احلاس� � ��وب هي حتميل برنام� � ��ج ظه َر في‬ ‫اإلعالن ثمن� � ��ه ‪ 50‬دوالرا‪ :‬الدفع بالبطاقة‬ ‫االئتمانية فقط‪ ،‬رجاء(‪.)4‬‬ ‫ومن املفارقات أن التحديثات الدورية‬ ‫الروتينية للبرامج املضادة للڤيروسات كان‬ ‫من املمكن أن تدرأ انتشا َر الدودة أصال‪.‬‬ ‫ففي الواقع‪ ،‬ظه� � ��رت كونفيگر بعد أربعة‬ ‫أس� � ��ابيع كاملة من إطالق مايكروسوفت‬ ‫مجموع َة األمن «العاجل� � ��ة» والتي حتمي‬ ‫احلواسيب من تلك الدودة‪ .‬ومن الواضح‬ ‫أن املاليني من احلواسيب لم تكن تخضع‬ ‫للتحديث‪ ،‬وقد يكون ث‍مة املاليني منها غير‬ ‫محصن� � ��ة حتصينا مالئم� � ��ا ‪ -‬وهذا أم ٌر‬ ‫َّ‬ ‫مقلقٌ ح ّقا‪ ،‬والس� � ��يما أن الدودة كونفيگر‬ ‫(حتى بعد إجنازه� � ��ا وظيفتَها في إبريل)‬ ‫>‬ ‫عادت لتنتظر تعليمات جديدة‪.‬‬ ‫>‪ .M‬مو َير<‬

‫اخلطورة املؤدية إلى اإلصابة باملرض من‬ ‫أولها إلى آخرها»‪ .‬ورمبا يُراد‪ ،‬الس� � ��يما‬ ‫من املتحمس� �ي��ن لعلم الوراث� � ��ة‪ ،‬التخلي‬ ‫عن مواق� � ��ع قليلة لزمالئه� � ��م املختصني‬ ‫بالوبائيات الذي� � ��ن راكموا خالل العقود‬ ‫املاضي� � ��ة مجموع� � ��ة دراس� � ��ات مثي� � ��رة‬ ‫ومترابطة فيما بينها حول عوامل مالزمة‬ ‫للخطورة من ضمنه� � ��ا مكان الوالدة في‬ ‫املدن والوضع القانوني للمهاجر‪.‬‬ ‫يعتقد بعض الباحثني أن االستعداد‬ ‫(٭) ‪Putting Madness in Its Place‬‬

‫يقس� � ��م‬ ‫(‪assembly line-style )1‬؛ ف� � ��ي نهج خط التجميع َّ‬ ‫العمل إلى مجموعة من األعمال الصغيرة التكرارية‬ ‫التسلس� � ��لية والتي ُيضاف ف� � ��ي كل منها جزء إلى‬ ‫املن َت� � ��ج لتكوي� � ��ن املنتَج النهائ� � ��ي‪ .‬واملقصود هنا هو‬ ‫تراكم تطويرات الڤيروسات‪.‬‬ ‫(‪spam generator )2‬؛ من املعروف أن الغاية من السپامات‬ ‫هي الربح التجاري‪ ،‬ومن هنا كان استنتاج الدوافع‬ ‫املالية‪.‬‬ ‫(‪‟Windows Security Alert” )3‬‬

‫(‪ )4‬الدفع بالبطاقة االئتمانية يسهل سرقة رقمها‪.‬‬ ‫(التحرير)‬ ‫‪91‬‬


‫للفص� � ��ام يب� � ��دأ بالظهور أثن� � ��اء املرحلة‬ ‫األُول� � ��ى لتك � � �وُّن الدماغ ف� � ��ي رحم األُم‪.‬‬ ‫ويرتفع االس� � ��تعداد قليال بالنس� � ��بة إلى‬ ‫املواليد الذين كان� � ��ت أُمهاتهم مصابات‬ ‫باإلنفلونزا أو بس� � ��وء التغذية خالل فترة‬ ‫احلمل ويرتفع االستعداد أيض ًا بالنسبة‬ ‫إلى حديثي الوالدة الذين عانوا تعقيدات‬ ‫مثل نقص األكسجني خالل عملية الوالدة‬ ‫وإلى مواليد فصل الشتاء أو الربيع‪.‬‬ ‫واعتب� � ��ارا م� � ��ن تس� � ��عينات الق� � ��رن‬ ‫املاضي أخذتْ تظهر دراس� � ��ات أُجريتْ‬ ‫في الدامنرك وهولندا والس� � ��ويد إلقامة‬ ‫أدل� � ��ة على أن العيش في املدن يش� � ��كل‬ ‫عام� �ل��ا بارزا في اخلط� � ��ورة املؤدية إلى‬ ‫اإلصاب� � ��ة بالفصام‪ .‬وبينتْ أوس� � ��ع تلك‬ ‫الدراسات أن خطورة اإلصابة باملرض‬ ‫في ع ِّينَة مؤلفة من ‪ 1.75‬مليون دامنركي‬ ‫مولودي� � ��ن في كوپنهاگ� � ��ن تبلغ ضعفني‬ ‫ونص� � ��ف‪ ،‬أعلى من أولئ� � ��ك الذين ولِدوا‬ ‫ف� � ��ي مناطق ريفية‪ ،‬كما بيَّنتْ الدراس� � ��ة‬ ‫أَّن اخلط� � ��ورة تك� � ��ون متوس� � ��طة ل� � ��دى‬ ‫الدامنركيني املولودين في مدن أصغر‪.‬‬ ‫وعل� � ��ى الرغم من بق� � ��اء طبيعة التعرض‬ ‫للخط� � ��ورة غامض� � ��ة إال أن الباحث� �ي��ن‬ ‫متكنوا م� � ��ن تضييق توقيتها‪ :‬فقد كانت‬ ‫اخلطورة األعلى عند الدامنركيني الذين‬ ‫عاش� � ��وا في املدن خالل اخلمس عشرة‬ ‫سنة األُولى من حياتهم‪.‬‬ ‫و َّثقَتْ نتائجُ موجة ثانية من األبحاث‬ ‫أن اخلطورة لدى املهاجرين إلى البلدان‬ ‫األوروبية تك� � ��ون أكثر ارتفاع� � ��ا مقارنة‬ ‫مبواطني البالد املُهاجَ ر إليها‪ .‬كما يُظْ هِ ر‬ ‫اجليل الثاني من املهاجرين ارتفاعا في‬ ‫اخلطورة بالنس� � ��بة إل� � ��ى آبائهم‪ .‬وترتفع‬ ‫اخلط� � ��ورة أيضا ل� � ��دى املهاجرين ذوي‬ ‫اجل� � ��ذور اإلفريقي� � ��ة‪ .‬وأظهرتْ دراس� � ��ة‬ ‫أُجريتْ في ثالث مدن في اململكة املتحدة‬ ‫أن احتمال حاج� � ��ة األفرو‪-‬كاريبيني إلى‬ ‫املعاجلة من الفصام يبلغ تسعة أضعاف‬ ‫احتم� � ��ال احلاجة إلى املعاجلة لدى عامة‬ ‫‪92‬‬

‫السكان‪ .‬ويبدو أيضا أن التكوينة اجلوارية‬ ‫ت� � ��ؤدي دورا‪ .‬إذ أج� � ��رى >‪ .J‬كيركبرايد>‬ ‫املختص بالوبائيات [من جامعة كمبردج]‬ ‫وزمالؤه [من كلية امللك في لندن] دراسة‬ ‫في جن� � ��وب لن� � ��دن فوج� � ��دوا انخفاضا‬ ‫نس� � ��بيا بالفصام في املناطق حيث ترتفع‬ ‫مقاسـات «التمـاس� � ��ك االجتمـاعي»‪ ،‬مثل‬ ‫املشاركة في االنتخابات‪.‬‬ ‫يق� � ��ول املختص� � ��ون بالوبائيات الذين‬ ‫يعملون في هذا املج� � ��ال إنه على الرغم‬ ‫من توالي نتائج متس� � ��قة من األبحاث إال‬ ‫أن املجالت العلمية في الواليات املتحدة‬ ‫تبدي ممانعة في األخذ باالعتبار األبحاث‬ ‫املُسْ َتك َِشفة للعالقة بني العِ رق والفصام‪.‬‬ ‫وبنــا ًء على هــذا‪ ،‬فإن <‪ .M‬برس� � ��ناهان>‬ ‫و>‪ .E‬سوس� � ��ر> وزمالؤهما [من مدرسة‬ ‫ميلمان للصحة العام� � ��ة التابعة جلامعة‬ ‫كولومبيا في الواليات املتحدة] لم يتح لهم‬ ‫بيانات‬ ‫ٍ‬ ‫حتى سنة ‪ 2007‬أن ينشروا بحذر‬ ‫ع� � ��ن عيِّنة مؤلفة من ‪ 12 000‬من القاطنني‬ ‫ف� � ��ي كاليفورنيا واملُدرج� �ي��ن في املنهاج‬ ‫الصحي الدائم لش� � ��ركة ‪ Kaiser‬للتأمني‬ ‫الصح� � ��ي‪ .‬بيَّنت دراس� � ��اتهم أن نس� � ��بة‬ ‫دخول األمريكيني املنحدرين من أصول‬ ‫إفريقية إلى املستشفيات لغرض املعاجلة‬ ‫من الفص� � ��ام تبلغ ضعف ما يقابلهم من‬ ‫العِ رق األبيض حتى بعد الس� � ��يطرة على‬ ‫احلالة االجتماعي� � ��ة واالقتصادية لآلباء‪.‬‬ ‫ومبا أن الع ِّين� � ��ة بكاملها كانت جزءا من‬ ‫املنهاج الصحي نفسه؛ فلَيس من املتوقع‬ ‫تفسير ذلك التباين بانخفاض في مستوى‬ ‫اخلدمات كما يقول >سوسر<‪.‬‬ ‫مبا أنه ليس� � ��ت هنالك معالم بيولوجية‬ ‫واضحة للفصام‪ ،‬فقد يتساءل متشككون‬ ‫عما إذا كانت قد طُ ِّبقَتْ معايير تشخيصية‬ ‫تطبيق� � ��ا دقيقا عل� � ��ى مجموع� � ��ات متنوعة‬ ‫الثقافات‪ .‬إن مثل هذا التس� � ��اؤل‪ ،‬بالنسبة‬ ‫إلى املختصني بالوبائي� � ��ات‪ ،‬اليصيب لب‬ ‫املوض� � ��وع‪ .‬إذ تقول >‪ .D‬م� � ��ارش> [وهي‬ ‫مرشحة للحصول على الدكتوراه من ضمن‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫نظرة فنان‪:‬‬

‫تفسير فنان‬ ‫للفصام الذي‬ ‫له قسمات‬ ‫وراثية‬ ‫يصعب‬ ‫شرحها‪.‬‬

‫مجموعة سوسر]‪« :‬إن االستراتيجية هي‬ ‫حتدي� � ��د أهم عوامل اخلط� � ��ورة أو الوقاية‬ ‫املؤثرة في فئة معينة من البشر‪».‬‬ ‫تقول >م� � ��ارش< إن بحثها التمهيدي‬ ‫املتعل� � ��ق بامل َؤ َّمن� �ي��ن صحيا عند ش� � ��ركة‬ ‫‪ Kaiser‬واملولودين ف� � ��ي مقاطعة أوكالند‬ ‫بكاليفورني� � ��ا يُظهر أن الذي� � ��ن ولِدوا في‬ ‫مناط� � ��ق مكتظة س� � ��كانيا تبل� � ��غ خطورة‬ ‫إصابته� � ��م بالفصام ضعف� �ي��ن أو ثالثة‬ ‫أضعاف أعلى من الذين ولِدوا في مناطق‬ ‫أقل كثافة بص� � ��رف النظر عن العرق‪ .‬إذ‬ ‫إن املقيم� �ي��ن ف� � ��ي املناط� � ��ق املتهدمة من‬ ‫مدن أو في مناطق مكتظة س� � ��كانيا رمبا‬ ‫يكونون أكثر تعرضا ملواد ُس ِّم َيَة وعدوى‪.‬‬ ‫وتضيف >مارش< قائلة إنه رمبا لم يكن‬ ‫لديه� � ��م إال قليل من القابلية للتوصل إلى‬ ‫القاع� � ��دة االجتماعي� � ��ة الت� � ��ي تعمل على‬ ‫التخفيف من االس� � ��تعداد املكتس� � ��ب في‬ ‫بواكير احلياة للنزعة إلى مرض عقلي‪.‬‬ ‫إنه� � ��ا لتركيبة جذابة‪ ،‬مث� � ��ل عوامل‬ ‫اخلطورة هذه على مستوى اجلوار ميكن‬ ‫أن تؤدي إلى تغيرات تدريجية دائمة على‬ ‫تط���ور اجلن�ي�ن ‪ ،epigenetic‬والتي هي‬ ‫إعادة نس� � ��خ كيميائي للجينوم استجابة‬ ‫لتوجيهات بيئية‪ .‬إذا صح هــــذا؛ فستقع‬ ‫جذور الفص� � ��ام‪ ،‬حيث تلتقي اجلغرافيا‬ ‫>‬ ‫مع الوراثة‪.‬‬ ‫>‪.JR‬‬

‫منكل<‪ ،‬من مدينة ناشڤيل‪،‬‬ ‫والية تنسي األمريكية‪.‬‬


‫محصول ينتج من مياه املجارير‬ ‫استخالص الفوسفور من مياه املراحيض واستخدامه كسماد‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫في وادي ويالمي� � ��ت بوالية أوريگون‬ ‫تقع ثالثة مخاريط معدنية ضخمة ميكن‬ ‫أن تس� � ��اعد على مواجهة حاجة العالم‬ ‫املتناقصة من الفوسفور‪ ,‬وهو العنصر‬ ‫األساسي لألسمدة التي جعلت الزراعة‬ ‫احلديث� � ��ة ممكن� � ��ة‪ .‬تقوم ه� � ��ذه املخاريط‬ ‫بصورة مس� � ��تدامة بتصنيع ‪ -‬على نحو‬ ‫بطيء ‪ -‬كريات ‪ pellets‬ذات جودة عالية‬ ‫من الفوس� � ��فور املس� � ��تعاد من منش� � ��أة‬ ‫«درهام» ملعاجلة املياه املستعملة الواقعة‬ ‫على مسافة ال تتجاوز عشرة أميال من‬ ‫مركز مدينة پورتالن� � ��د‪ .‬وميكن أن يدل‬ ‫تصنيع نح� � ��و طن واحد م� � ��ن الكريات‬ ‫عل� � ��ى أنّ مثل هذا التدوير ال يتم بكفاءة‪.‬‬ ‫وتعتقد شركة ‪ Ostara‬التي تقوم بتصنيع‬ ‫األجهزة وبيع الكريات باسم كريستال‬ ‫گرين أن منشأة «درهام» هي واحدة من‬ ‫مئات املنش� � ��آت التي ميكن أن تستخدم‬ ‫هذه التقانة‪.‬‬ ‫يطرح البشر نحو ‪ 3.3‬مليون طن من‬ ‫الفوس� � ��فور س� � ��نويا‪ .‬وفي الواقع يعتبر‬ ‫الفوس� � ��فور في مي� � ��اه املجارير املنزلية‪،‬‬ ‫إضاف� � ��ة إلى املي� � ��اه الس� � ��طحية امللوثة‬ ‫باألس� � ��مدة‪ ،‬من األمور التي تثير القلق؛‬ ‫ألنه يحفز منو الطحال� � ��ب املفرط والتي‬ ‫تس� � ��تنزف م� � ��ا حتمله املي� � ��اه محليا من‬ ‫األكس� � ��جني‪ .‬وفي بع� � ��ض معامل تكرير‬ ‫املياه املس� � ��تعملة ميك� � ��ن أن يتحد هذا‬ ‫العنصر أيضا باألمونيا واملغنيس� � ��يوم‬ ‫مش� � ��كال الس���تروڤيت ‪ ،struvite‬األمر‬ ‫ال� � ��ذي يؤدي إلى إبعاد الفوس� � ��فور عن‬ ‫مجاري املياه‪ ،‬ولكنه يس ّد مواسير مياه‬ ‫املنشآت‪ .‬إن تنامي االعتقاد أن املوارد‬ ‫الرخيصة للفوسفور ستصبح نادرة في‬ ‫العق� � ��ود القادمة دفع بع� � ��ض الدول إلى‬ ‫اللجوء إلى إجراءات تؤدي إلى احلفاظ‬

‫عل� � ��ى هذا امل� � ��ورد‪ .‬فقد قررت الس� � ��ويد‬ ‫استعادة ‪ 60‬في املئة من الفوسفات من‬ ‫املياه املس� � ��تعملة بحلول عام ‪ ،2015‬وفي‬ ‫عام ‪ 2008‬فرضت الصني ضريبة بلغت‬ ‫‪ 135‬في املئة على صادرات الفوسفات‪.‬‬ ‫ونتيج� � ��ة له� � ��ذه الضغ� � ��وط‪ ،‬أصبح‬ ‫الس� � ��تروڤيت من املوضوعات املثيرة في‬ ‫أعمال مياه املجارير‪ .‬فاليابان تقوم منذ‬ ‫عقد من الزمن بإعادة تدوير الستروڤيت‪,‬‬ ‫بيد أن الوصول إلى جودة الكريات بأقل‬ ‫س� � ��عر ممكن كان من املتغيرات بحسب‬ ‫>‪ .D‬ماڤينيك< [أس� � ��تاذ الهندس� � ��ة املدنية‬ ‫في جامعة بريتش كولومبيا ومش� � ��ارك‬ ‫في اختراع تقان���ة أوس���تارا ‪Ostara's‬‬ ‫‪ ،]technology‬فه� � ��و يضي� � ��ف‪« :‬إنّه طاملا‬ ‫كانت هناك مش� � ��كلة دائمة تتعلق بإزالة‬ ‫رغبت في أن أخترع‬ ‫الس� � ��تروڤيت؛ فقد‬ ‫ُ‬ ‫تقانة أفضل‪».‬‬ ‫تستخدم العديد من منشآت الصرف‬ ‫الصح� � ��ي البكتيري� � ��ا م� � ��ن أج� � ��ل إزالة‬ ‫الفوس� � ��فات والنتروجني التي تغرق إلى‬ ‫القعر بعد تن� � ��اول املغذيات ويتم إزالتها‬ ‫ف� � ��ي النهاية مع الوحل‪ .‬بيد أن البكتيريا‬ ‫أثن� � ��اء موتها تنفجر وتعيد جزءا ضئيال‬ ‫من الفوسفات إلى املياه املستعملة مؤدية‬ ‫على األرجح إلى تشكيل الستروڤيت‪.‬‬ ‫َو َّجه >ماڤينيك< اهتمامه إلى مشكلة‬ ‫الس� � ��تروڤيت بس� � ��بب مس� � ��ألة صيان� � ��ة‬ ‫املصانع‪ .‬بيد أن حصوله في نهاية املطاف‬ ‫على منحة للتح� � ��ري عن مصادر محلية‬ ‫للمغذيات ش � � � ّكل نقل� � ��ة نوعية في مجال‬ ‫عمله‪ .‬إن تقانة مضخات جامعة كولومبيا‬ ‫البريطاني� � ��ة عاجل� � ��ت املياه املس� � ��تعملة‬ ‫وكلوريد املغنيس� � ��يوم بجه� � ��از طوله ‪24‬‬ ‫قدما‪ ،‬حيث يولد الش� � ��كل املخروطي في‬ ‫نهاية املطاف سحابة شديدة االضطراب‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫جتسد حبيبات گرين‬ ‫معجزة املياه املستعملة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫كريستال‪ ،‬التي هي سماد بطيء االنطالق تص ّنعها‬ ‫شركة ‪ ،Ostara‬الفوسفور املستعاد من مياه املجارير‪.‬‬

‫تؤ ّدي إل� � ��ى حتريك اجلزيئات بس� � ��رعة‬ ‫كافية لتشكيل الكريات‪ .‬يقوم <ماڤينيك<‬ ‫حاليا بإدخال حتسينات على اختراعه؛‬ ‫لكي تصنع األجهزة حجما من الكريات‬ ‫يناسب الصناعات احمللية‪.‬‬ ‫ثم� � ��ة اهتمام ف� � ��ي أوريگ� � ��ون يأتي‬ ‫بش� � ��كل رئيس� � ��ي م� � ��ن املش� � ��اتل حيث‬ ‫يبتاع املزارعون تقليديا أس� � ��مدة مغلفة‬ ‫بالپوليمر تنطلق على نحو بطيء‪ .‬وتقوم‬ ‫ويلك� � ��و ‪[ Wilco‬وهي تعاوني� � ��ة ميلكها‬ ‫املزارع� � ��ون تق� � ��ع على مس� � ��افة ثالثني‬ ‫ميال من مصنع «درهام»] ببيع س� � ��ماد‬ ‫كريس� � ��تال گرين منذ دخ� � ��ول األجهزة‬ ‫سوق العمل في الشهر ‪ .2009/5‬ويقول‬ ‫>‪ .J‬فرميان< [املدير اإلقليمي للمبيعات‬ ‫لدى ويلك� � ��و]‪« :‬إن توفر مصدر محلي‬ ‫دائم لألس� � ��مدة العالي� � ��ة اجلودة والتي‬ ‫تطلق الس� � ��ماد على نحو بطيء هو أمر‬ ‫في غاية األهمية‪ ».‬ويضيف قائال‪« :‬إن‬ ‫هذا األمر هو الذي يتطلع إليه زبائننا‪،‬‬ ‫إضاف� � ��ة إل� � ��ى ذل� � ��ك؛ فإن املنتج س� � ��د‬ ‫احتياجاتهم إلى أبعد احلدود‪».‬‬ ‫ونظرا للطلب املتزايد على هذا النوع‬ ‫من األسمدة‪ ،‬فإن مردود هذا االستثمار‬ ‫يقـــدر بنحـــو خمــــس س � � �ــنوات‪ .‬ويقـــول‬ ‫>‪ .M‬پولين� � ��گ< [مدي� � ��ر معاجل� � ��ة املي� � ��اه‬ ‫املستعملة في «درهام»]‪« :‬إن ذلك ميكن‬ ‫أن يكون أكثر سرعة؛ ألن األجهزة تعمل‬ ‫بوتيرة فاقت التوقعات»‪.‬‬ ‫( ) ‪SEWAGEʼS CASH CROP‬‬

‫‪93‬‬


‫لقد أرس� � ��لت الش� � ��ركة مناذج أولية م� � ��ن األجهزة إلى‬ ‫مصان� � ��ع املياه املس� � ��تعملة في اململكة املتحدة وفلس� � ��طني‬ ‫احملتلة ومدن عدة في الواليات املتحدة‪ .‬وكانت ش� � ��نگهاي‬ ‫تتوقع أن تس� � ��تلم ش� � ��حنة منها في خريف عام ‪ ،2010‬بيد‬ ‫أن ش� � ��ركة ‪ Ostara‬تتطلع إلى احتكار الس� � ��لعة في أسواق‬ ‫الوالي� � ��ات املتح� � ��دة أوال حيث حت� � ��ثّ وكالة حماي� � ��ة البيئة‬ ‫الواليات املتحدة على ضبط أكثر فعالية للتلوث الناجم عن‬ ‫املغذيات‪ ،‬مبا في ذلك الفوسفات في مياه املجارير‪.‬‬ ‫ومتثل املياه املس� � ��تعملة مش� � ��روعا جاهزا لالستثمار‪،‬‬ ‫إال أنّه مش� � ��روع صغير يسهل إجنازه لعملية إعادة تدوير‬ ‫‪ recycling‬الفوس� � ��فات‪ ،‬وفق ما يرتئيه اخلبراء‪ .‬فهي حتوي‬ ‫كمية محدودة من الفوسفات املمكن استخراجها‪ ،‬وال تقوم‬ ‫كـــافـــة املنشـــآت بــإنتــاج الستروڤيت‪ .‬وحسب توضيحات‬ ‫>‪ .D‬ڤاكاري< [مدير الهندس� � ��ة املدني� � ��ة والبيئية واجلوانب‬ ‫الهندس� � ��ية للمحيطات ف� � ��ي معهد س� � ��تيڤنس للتقانة]‪« :‬إنّ‬ ‫الفوس� � ��فور ال يشكل‪ ،‬مع األس� � ��ف‪ ،‬في املخلفات البشرية‬ ‫سوى نسبة تقارب ‪ %10‬من نسبته في الصخور الفوسفاتية‬ ‫والتي تس� � ��تخرج من املناجم‪ ،‬حتى ولو حصلنا على نسبة‬ ‫‪%8‬؛ فإن ذلك ميثل جزءا صغيرا‪ ،‬وهو جزء يجب أن نحصل‬ ‫عليه حيث إنه ال مي ّثل إ ّال جزءا يسيرا من حاجتنا‪».‬‬ ‫إن نحو ‪ %80‬من الصخور الفوس� � ��فاتية املس� � ��تخرجة‬ ‫من املناجم واملس� � ��تخدمة في إنتاج الغذاء (القوت) ال جتد‬ ‫طريقها حتى إلى األغذية املس� � ��تهلكة‪ .‬يطرح الفوس� � ��فور‬ ‫خارج� � ��ا م� � ��ع املياه م� � ��ن حقول امل� � ��زارع كم� � ��ا يضيع في‬ ‫الصناع� � ��ات الغذائية‪ .‬وهكذا‪ ،‬على الرغ� � ��م من أن جامعة‬ ‫بريتش كولومبيا س� � ��بق وأن قامت باحتكار السوق‪ ،‬فإن‬ ‫عيونها تبقى مركزة على غنيمة أكبر‪ :‬املخلفات الزراعية‪.‬‬ ‫يبذل العلماء جهدا للقيام بتجربة رائدة ترمي إلى‬ ‫استخدام األجهزة األساسية نفسها ملعاجلة مغذيات‬ ‫مصدرها مخلفات صناع������ة منتجات اجلنب واأللبان‬ ‫ومخلف������ات اخلنازير أثناء إزال������ة امليثان‪ .‬وال يقتصر‬ ‫ذل������ك عليها وحدها‪ .‬ويقوم الباحثون اآلن بتنفيذ عدة‬ ‫أنواع من املشروعات لتخفيض الكربون احليواني‬ ‫‪ livestockʼs carbon‬وتأثيرات املياه‪ .‬إن كمية املغذيات‬ ‫‪ nutrient load‬التي يكون مصدرها بقرة واحدة تعادل‬ ‫ما ينتجه ‪ 25‬شخصا‪ .‬يقول >ماڤينيك<‪« :‬ثمة إمكانات‬ ‫هائلة كامنة للصناعة املعتمدة على املياه املس������تعملة‬ ‫املنزلية» ويضيف‪« :‬واملدهش أنّه ال شيء يقارن بحجم‬ ‫>‬ ‫الصناعات الزراعية‪».‬‬ ‫>‪.K‬‬

‫‪94‬‬

‫تويد<‪ ,‬مقرها الرئيسي مدينة نيويورك‪.‬‬

‫األستاذ الدكتور‬

‫الق�صا�ص‬ ‫حممد عبدالفتاح‬ ‫ّ‬ ‫في ذمة الله‬

‫‪2012 - 1921‬‬

‫بخالص العزاء وعظيم املواساة تنعى‬ ‫مجلة العلوم لقرائها الكرام العالم‬ ‫املصري العاملي الكبير‪:‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد عبدالفتاح القصاص‬

‫العضو املؤسس للمنتدى العربي للبيئة والتنمية؛ وقد أسهم‬ ‫ رحمه الله ‪ -‬في كتابة جميع التقارير السنوية لهذا املنتدى‬‫عن وضع البيئة العربية‪ ،‬وكان املرحوم يعمل ُقبيل وفاته على‬ ‫فصل من تقرير جديد حول‪:‬‬

‫«البصمة البيئية وفرص االستدامة في العالم العربي‪».‬‬ ‫وهو أول من أدخل مفهوم التصحر في الوس� � ��ط العلمي العاملي؛‬ ‫كما أنه مؤسس مدرسة بحوث البيئة الصحراوية‪ ،‬التي تعد من‬

‫مدارس الريادة على مستوى العالم في هذا املجال‪.‬‬ ‫تخ� � ��رج املرحوم ف� � ��ي كلية العلوم بجامع� � ��ة القاهرة وحصل من‬ ‫جامع� � ��ة كامبردج على الدكتوراه في علم بيئ����ة النبات عام ‪،1950‬‬ ‫وكان عضوا في عدة هيئات علمية عربية ودولية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫املجمع العلمي املصري‪ ،‬نادي روما واللجنة الدولية لشؤون البيئة‪.‬‬ ‫كما حصل ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬على العديد من األوسمة واجلوائز‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫جائزة األمم املتحدة للبيئة ‪1978‬؛ الوس� � ��ام الذهبي للمنظمة‬ ‫العربية للتربية والثقافة والعلوم ‪1978‬؛ وس� � ��ام االس� � ��تحقاق من‬ ‫الطبقة األولى ‪ -‬مصر ‪1983 ،1981‬؛ وس� � ��ام اآلرك الذهبي برتبة‬ ‫ف� � ��ارس ‪ -‬هولندا ‪1981‬؛ وس� � ��ام النجم القطب� � ��ي برتبة فارس ‪-‬‬ ‫السويد ‪ ،1998‬وجائزة زايد الدولية للبيئة ‪.2001‬‬ ‫ومن مؤلفاته الكثيرة‪« :‬النيل في خطر» و «موسوعة التصحر»‪.‬‬ ‫ترأس الفقيد «االحتاد الدولي لصون الطبيعة» ‪.1984 - 1978‬‬ ‫ومما ذكرته الرئيسة احلالية لهذا االحتاد في نعيها للمرحوم‪:‬‬ ‫القص����اص أعظم رئي� � ��س لالحتاد‪ ،‬فقد كان قادرا على‬ ‫«كان‬ ‫ّ‬ ‫تأم� �ي��ن إجماع عاملي حيال قرارات االحتاد‪ .‬وس� � ��وف ُيفتقد ليس‬ ‫فقط في املنطقة العربية‪ ،‬بل أيضا في الوس� � ��طني العلمي والبيئي‬ ‫على الصعيد العاملي‪ .‬لقد ترك إرثا باقيا ألمد طويل‪».‬‬ ‫لق� � ��د متيز ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بس� � ��عة العلم واملعرفة‪ ،‬وكان يتمتع‬ ‫مبي� � ��زة التواض� � ��ع واملواظبة؛ وكان من أش� � ��د املؤمن� �ي��ن بأهمية‬ ‫البح� � ��ث العلمي لرعاي� � ��ة البيئة وحتقيق االس� � ��تدامة والتقدم في‬ ‫العالم العربي‪ ،‬وحتى آخ� � ��ر حلظة من حياته كان متابعا ألحدث‬ ‫التطورات العلمية‪.‬‬ ‫رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته وأصدقاءه‬ ‫وزمالءه وطلبته الكثر الصبر والسلوان‪.‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬


54

BIOLOGY

A Nobel Celebration As laureates gather this month in Lindau, Germany, to share their wisdom with younger colleagues, Scientific American recalls some of the articles that former prizewinners have published in our pages.

66

GEOLOGY

Sleeping Giant By Sid Perkins

A restive volcano is inspiring a rare collaboration between Chinese and Korean scientists. BIOLOGY

68

Actuary of the Cell By Thea Singer

Nobel Prize winner Elizabeth H. Blackburn explains why she thinks she can assess a personʼs health by examining tiny stretches of DNA at the tips of chromosomes. ENERGY

72

THE TRUTH ABOUT FRACKING By Chris Mooney

What we know, and donʼt know about the dangers of hydraulic fracturing. NEUROSCIENCE

80

How to Build a Better Learner By Gary Stix

Brain studies suggest new ways to improve reading, writing, arithmetic–and even social skills.

90 News Scan > Pulling < Putting

Up Worms Madness in Its Place , < Sewage s Cash Crop

Chairman

95

CONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier news Reporter, ONLINE: John Matson ART DIRECTOR, online: Ryan Reid ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller Editorial Administrator: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty COPY and PRODUCTION, nature publishing group: Senior COPY editor, npg: Daniel C. Schlenoff COPY editor, npg: Michael Battaglia editorial assistant, npg: Ann Chin managing pRODUCTION EDITOR, npg:  Richard Hunt senior pRODUCTION EDITOR, npg: Michelle Wright PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch pRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, operations and Administration: Frances Newburg Vice president, finance and BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the Editor Scientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or editors@SciAm.com

ADVISORY BOARD

Adnan Shihab-Eldin

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate Wong

Abdullatif A. Al-Bader Deputy

Adnan Hamoui

Member - Editor In Chief

(2012) 4/3

Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at

www.ScientificAmerican.com/ sciammag


March / April - 2012

4

Volume 28

Number 3/4

TECHNOLOGY SPECIAL REPORT

World Changing Ideas

Brain chips, palm readers, nanobiotics and other inventions that will make a difference.

14

HEALTH CARE

The Best Medicine by Sharon Begley

A quiet revolution in how doctors compare the effectiveness of different treatments just might save us from soaring medical costs.

22

CYBERSECURITY

Hacking the Lights Out By David M. Nicol

A powerful computer virus has taken out well-guarded industrial control systems. The electrical power grid may be next.

30

BIOTECHNOLOGY

The Wipeout Gene by Bijal P. Trivedi

Deep in the Mexican jungle, genetically modified mosquitoes could exterminate native species that spread disease.

40

MEDICINE

A New Ally against Cancer By Eric von Hofe

The FDA recently okayed the first therapeutic vaccine against cancer, and other drugs that enlist the immune system to fight tumors are under study.

46

PHYSICS

Waiting for the Higgs By Tim Folger

Even as the last protons spin through the most successful particle collider in history, physicists hope to conjure one final triumph. (2012) 4/3

96


‫صدر حديثا عن‬

‫املركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق‬

‫( )‬

‫‪The Academy of Sciences‬‬ ‫‪for the Developing World‬‬

‫زماالت‬

‫�أكادميية العلوم للعامل النامي‬ ‫‪TWAS Fellowships‬‬

‫تق� � ��وم األكادميي� � ��ة ‪ TWAS‬بترويج‬ ‫ودعم مختلف برامج زماالت الدكتوراه‬ ‫والدراس� � ��ات العليا واألبحاث العلمية‬ ‫املتقدمة‪ .‬وه� � ��ذه البرامج توفر فرص ًا‬ ‫ثمينة للعلميني والباحثني العاملني في‬ ‫العالم النامي والس� � ��اعني إلى تعزيز‬ ‫إمكاناتهم ومعارفهم العلمية‪.‬‬

‫تُشرف على هذه البرامج األكادميي ُة‬ ‫‪ TWAS‬باالشتراك مع مختلف املعاهد‬ ‫ومراكز األبح� � ��اث املتميزة في بلدان‬ ‫اجلنوب املستضيفة لها وتشمل‪:‬‬

‫باكستان ‪ -‬البرازيل ‪ -‬تايلند ‪ -‬الصني‬ ‫‪ -‬كينيا ‪ -‬ماليزيا ‪ -‬املكسيك ‪ -‬الهند‬

‫حيث يتاح له� � ��ؤالء الباحث� �ي��ن إجراء‬ ‫دراسات متخصصة أو أبحاث علمية‬ ‫متقدمة‪ ،‬على أن يعودوا بعد ذلك إلى‬ ‫بلدانهم األم ملتابعة وظائفهم فيها‪.‬‬ ‫وتشمل حقول األبحاث املخصصة‬ ‫ملنح هذه الزماالت‪:‬‬ ‫الـزراعـــة ‪ -‬العلـوم البيـــولوجـيـــــة ‪-‬‬ ‫العلوم الصحية والطبية – علوم األرض‬ ‫والفض� � ��اء ‪ -‬الرياضي� � ��ات ‪ -‬الفلك ‪-‬‬ ‫الفيزياء ‪ -‬الكيمياء ‪ -‬الهندسة‪.‬‬ ‫وبشكل خاص‪ ,‬تُشجع األكادميية‬ ‫‪ TWAS‬الباحثات العلميات على التقدم‬ ‫إلى هذه املنح‪.‬‬ ‫وملزيد من املعلومات عن برامج هذه‬ ‫الزماالت‪ ،‬يرجى زيارة املوقع‪:‬‬ ‫‪>www.twas.org>programmes‬‬ ‫‪Exchange>Fellowships‬‬

‫أو املوقع التالي‪ ،‬ملعرفة آخر املعلومات‬ ‫عن هذه البرامج‪:‬‬ ‫‪/http://twas.ictp.it/prog‬‬ ‫‪exchange/fells-overview‬‬

‫باملشاركة والتعاون مع‬

‫املكتب اإلقليمي ملنظمة الصحة العاملية لشرق املتوسط‬ ‫طب الكوارث‬ ‫مراجعة سريعة للكيمياء احليوية ‬

‫‪DISASTER MEDICINE‬‬

‫‪RAPID REVIEW: BIOCHEMISTRY‬‬

‫املبادئ الشاملة واملمارسات‬

‫تأليف‬ ‫‪John W. Pelley & Edward F. Goljan‬‬ ‫ترجمة‬

‫يوسف بركات & شادن حداد‬

‫تأليف‬ ‫‪K. L. Koenig & C. H. Schultz‬‬ ‫ترجمة‬

‫مروان جبر الوزة & حسان سلمان اليقة‬ ‫مراجعة‬

‫فهد عبدالعزيز املهناء‬ ‫ُيكمل ه� � ��ذا الكتاب اخلالص� � ��ات الوافية‬ ‫في علم الك� � ��وارث منذ إص� � ��دار اجلمعية‬ ‫الدولية لطب الكوارث كتابها املرجعي عام‬ ‫‪ .2000‬وق� � ��د جنّد املؤلف� � ��ان مجموعة مميزة‬ ‫من املختصني لع� � ��رض أحدث تطورات هذا‬ ‫العلم‪ ،‬انطالقا من قاعدة عريضة وش� � ��املة‬ ‫جلميع الكوارث الكبرى‪.‬‬ ‫والكت� � ��اب َس � � � ْهل الق� � ��راءة‪ ،‬وال يعرض‬ ‫مواضي� � ��ع الصح� � ��ة العمومي� � ��ة املعني� � ��ة‬ ‫فحس� � ��ب‪ ،‬بل يقدم أيضا حملة عن اإلدارة‬ ‫العامة للكوارث‪ ،‬مما ّ‬ ‫ميكن القارئ من فهم‬ ‫الروابط املهمة بني هذين املجالني‪ .‬والكتاب‬ ‫ميثل من دون شك إضافة قيمة إلى املكتبة‬ ‫العربية في مجاله‪ .‬ويتعني بش� � ��كل خاص‬ ‫عل� � ��ى طلبة الك� � ��وارث والعامل� �ي��ن في هذا‬ ‫احلقل قراءته‪.‬‬ ‫( ) البريد اإللكتروني‪:‬‬ ‫‪(2012) 4/3‬‬

‫مراجعة‬

‫مها إمام أحمد إسماعيل‬ ‫يش� � ��كل هذا الكتاب أحد كتب «سلس� � ��لة‬ ‫املراجع� � ��ات (الدراس� � ��ية) الس� � ��ريعة» التي‬ ‫تتضم� � ��ن العدي� � ��د م� � ��ن الكتب ف� � ��ي مختلف‬ ‫التخصصات‪ .‬ويوف� � ��ر معلومات مركزة في‬ ‫مواضيع الكيمياء احليوي���ة‪ ،‬حيث يعرض‬ ‫م� � ��ادة مختص� � ��رة عالية امل� � ��ردود في صيغة‬ ‫محببة للدراسة‪ .‬وقد ز ِّود مبالحظات هامشية‬ ‫مكثف� � ��ة مت التأكي� � ��د فيه� � ��ا عل� � ��ى احملتويات‬ ‫الرئيس� � ��ية التي غالبا ما تُطرح كأس� � ��ئلة في‬ ‫«املرحلة األولى المتح� � ��ان الترخيص الطبي‬ ‫في الواليات املتحدة األمريكية (‪».)USMLE‬‬ ‫ويحت� � ��وي الكت� � ��اب على الكثي� � ��ر من الصور‬ ‫تيس� � ��ر الدراسة‪،‬‬ ‫واجلداول املختصرة التي ّ‬ ‫وأت� � ��ت النصوص والعناوي� � ��ن امللونة لتجعل‬ ‫هذه الدراسة أكثر جناعة ومتعة‪.‬‬ ‫يتضمن الكتاب مجموعتني من ‪ 50‬س� � ��ؤاال‬ ‫�ريري التوجه‪ ،‬فضال‬ ‫متعدد اخلي� � ��ارات وس� � � ّ‬ ‫عن مناقشات كاملة جلميع اخليارات الواردة‬ ‫فيه‪ ،‬و ُأحلق بالكتاب مسرد (عربي ‪ -‬إنكليزي‬ ‫وإنكليزي ‪ -‬عربي) لكافة مصطلحاته‪.‬‬ ‫وال ش� � ��ك في أن هذا الكتاب سيكون معينا‬ ‫مهما للطلب� � ��ة املتقدمني للمرحل� � ��ة األولى من‬ ‫امتحان الترخيص الطبي‪.‬‬ ‫‪acatapalecso@gmail.com‬‬

‫‪97‬‬


(2012) 4/3

98


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.