۲ـ ﺷﺒاﻁ - ۲۰۱٥السنة الﺜامنة ۱ـ ﻙ۲ـ العدد ۷۹ــ ﻙ۱ـ
د .عمار األسد: سوريا تع ّزﺯ ﺇنتصارها بالحوار
ﺇرهاب ﺇخوان الشياﻁين يستهدف مصر ... جيشها أﻗوﻯ منهﻢ من الﻘنيطرة الى مزارع ﺷﺒعا... ساﺣة ﺻراع واﺣدة
العدد
79
كانون أول ـ كانون ثاني ـ شباط 2015السنة الثامنة
30 06الغالف
العد العكسي لهزيمة اإلرهاب في سوريا
16حزب
34
التوحيد العربي
فلسطين وخطوة جذرية بإنضمامها لمحكمة الجنايات الدولية
26لبنانيات
35
28عربيات
أوباما «بطة عرجاء» بعد سيطرة الجمهوريين على الكونغرس!؟
34فلسطينيات 35دوليات
40 روسيا تواجه التحدي األميركي في الشرق األوسط كما في أوكرانيا منبر التوحيد
نشرة داخلية تصدر عن امانة االعالم في حزب التوحيد العربي
املدير العام :أمني اإلعالم هشام األعور مسؤول قسم العربي والدولي :محمود صالح بئر حسن – نادي الغولف اللبناني ـ بناية الغولف ـ الطابق الثالث
تلفاكس 01/822998 :الطباعة :دار بالل للنشر والطباعة مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون 0966600099 :
48ثقافة
رئيسة التحرير :ليديا أبودرغم املدير املالي :حكمت ابو ذياب
EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com EmaiL : manbar@tawhidarabi.org www. tawhidarabi.org
العدد -79كانون اول ـ كانون ثاني ـ شباط 2015
كلمة املنبر
عدوان الﻘنيطرة: تﻘهﻘر «ﺇسراﺋيل» وﺇنكفاء المتﺂمرين
في زمن ليس فيه مجال للتردد وألنصاف احللول ،هناﻙ ﹶمن ق ﹼرر رفع راية التحدي والتصدي لﻺرهاب ،وأن يكون في خطوط املواجهة األمامية عسكريا ً وسياسياً. هؤالء رأوا أن التردد واخلنوع كانا دوما ً غذاء اإلرهاب وكانا من أسبابه وانتشارﻩ السرطاني املدمر... هؤالء دعوا أن تكون احلرب على اإلرهاب شاملة عسكرية وسياسية وإعالمية ،وأن تكون حربا ً هجومية استباقية وليست مجرد حرب دفاعية ،فقرروا أن تكون احلرب على اجلماعات التكفيرية املسلحة حرب شعوب ومقاومة وليس حرب حكومات وجيوﺵ فقﻂ. نحن نعرف أن هناﻙ اﻵالف من اخلائفني واملترددين واملرتعشني الذين مازالوا يرون في “داعﺶ” وأخواتها فزاعة، وقد انخدعوا وخافوا حني ربﻂ التكفير نفسه باإلسالم ربطا ً شيطانيا ً خبيثا ً بهدف جعل هذا الوباء عصيا ً على القضاء عليه ،وجعل الواهمني يربطون مواجهة اإلرهاب ﲟواجهة اإلسالم! فيما اإلسالم من أعمالهم التكفيرية براء. حني وقفنا منذ اليوم األول الى جانب سوريا قيادة وشعبا ً في مواجهة املشروع التكفيري التدميري كنا على قناعة بد أن تكون مرجعا ً للقاصي راسخة بأن هذﻩ الوقفة ال ﹼ والداني يسترشدون بها الذين يعملون والذين ال يعملون... رأينا أن العروبة تنادينا لنكون صفا ً واحدا ً ضد اإلرهاب متدد شرقا ً وغربا ً وشماال ً وجنوباً، التكفيري الذي سرعان ما ﹼ وأنه ال توجد دولة أو شعب ﲟنأﻯ عن أعماله اإلجرامية ،وأن ﹶمن يتصورون أنهم بعيدون سيتفاجأون بأنه أقرب إليهم مما يتوقعون. هذا العالم الغربي الذي لم يهتز للنساء العربيات واملسلمات واإليزيديات اللواتي تنتهﻚ أعراضهن ...ويبعن في األسواق. هذا العالم الذي لم تتحرﻙ له شعرة واحدة ومئات اﻵالف من السوريني قتلوا ويقتلون كل يوم ...وتهدم منازلهم... ومراكز خدماتهم... هذا العالم الذي لم ينبس ببنت شفة عن العمليات اإلنتحارية ضد اللبنانيني في بئر حسن والضاحية اجلنوبية وبعلبﻚ والهرمل وجبل محسن ...وغيرها من املناطق اللبنانية التي اكتوت بنار اإلغتياالت والتفجيرات اإلرهابية.
هذا العالم ...والذي لقب نفسه بالعالم احلر ...الذي تواطأ مع الكيان الغاصب في فلسطني اﶈتلة من أجل قتل شعب رفﺾ اخلنوع ورفﺾ اإلستسالم ورفﺾ التفريﻂ بأرضه ومقدساته ...وحريته ...ومقاومته ...وكرامته... هذا الغرب الذي لم يداخله اإلحساس بالذنب وهو يشارﻙ في املؤامرة على العراقيني والسوريني واملصريني واللبنانيني والفلسطينيني ...سارع العديد من العرب واملسلمني الى تسخير منابرهم ومساجدهم للتضامن معه على إثر مقتل 12صحافيا ً فرنسيا ً بعد الهجوم “الداعشي” على صحيفة “شارلي إيبدو” وبعد العمليات اإلستباقية التي ﹼ نفذتها الشرطة البلجيكية ضد التكفيريني املقيمني على أراضيها ،مرددين شعار“ :فليسقﻂ اإلرهاب في أوروبا... ولكن بشرط أن ال يحيا في بالد العرب واملسلمني«!!! هو العار بنفسه حني يتﺂمر هؤالء مع “إسرائيل” ضد املقاومة التي تدافع عن كرامة وعزة ومقدسات ونساء وعرﺽ وأرﺽ العرب املسلمني. املقاومة أثارت غضب “إسرائيل” بﺈرادة أبنائها ،ودماء شهدائها ،في مواجهة إحتالل تدعمه أميركا وأدواتها في املنطقة ،تساندﻩ وتساعدﻩ لينتصر على قوم ال ﳝلﻚ سوﻯ والتمسﻚ بقضيته ،لتﻈل إرادة املقاومني خيار التصدي ﹼ أقوﻯ من كل الطائرات والدبابات. ويستمر العدوان اإلسرائيلي على املقاومة وآخرها العدوان الغاشم والغادر في القنيطرة الذي استهدف عدد من كوادر املقاومة ،الذين ما فتئوا يجاهدون في سبيل درء اﺨﻤﻟاطر وإنهاء العدوان والدفاع عن املقدسات ألنها بوصلتهم كانت وستبقى فلسطني كل فلسطني. ورغم اﺠﻤﻟازر التكفيرية واجلراﺡ األليمة التي تصيب أهلنا في سوريا ،هناﻙ مجموعة من احلقائق التي ارتسمت بعد عدوان “القنيطرة” والتي باتت تشكل مالمح مرحلة جديدة في طبيعة اإلرهاب اإلسرائيلي والتكفيري في املنطقة. أولى هذﻩ احلقائق أن املستهدف بعدوان القنيطرة هو اجتثاﺙ املقاومة عبر طريق تصفية كوادرها ،وفتح الطريق أمام تطبيق مشروع اجلماعات التكفيرية الذي يتناغم مع مشاريع طائفية وعرقية في املنطقة ،أما ثاني هذﻩ احلقائق أن لغة املقاومة تثبت يوما ً بعد يوم أنها اللغة الوحيدة
التي يفهمها العدو اإلرهابي العنصري والتكفيري ،وأنه كلما متسكنا بنهﺞ املقاومة انتصرنا على أعدائنا ،وثالثها أن التكامل بني الشعب واملقاومة واجليﺶ هو الضمانة الرئيسية لتوفير شروط النصر في مواجهة كافة أشكال العدوان والتط ﹼرف والتكفير وإفشال أهدافهم الفتنوية والتدميرية. بعد عدوان القنيطرة سرعان ما كان رد املقاومة موجعا ً على جنود العدو اإلسرائيلي حينما استهدفت مجموعة شهداء القنيطرة موكبا ً عسكريا ً إسرائيليا ً في مزارع ﹼ لتؤكد أن دماء املقاومني ليست رخيصة وأننا قوم شبعا لن ينسى أراضيه اﶈتلة ،وأن اجلبهة واحدة في اجلوالن واجلنوب ،وبأن معركتنا واحدة في سوريا ولبنان ،مذكرين العالم بكالم أمني عام »حزب اﷲ« السيد حسن نصراﷲ الذي قاله في إنتصار متوز » :200٦إذا أردمتوها حربا ً مفتوحة فلتكن حربا ً مفتوحة«. رد املقاومة كان سريعا ً ورادعا ً أمام أي نية إسرائيلية لﻺعتداء على لبنان ال بل أكثر من ذلﻚ ،فعملية مزارع شبعا ستﻈل تقﺾ »نتنياهو« في مضاجعه والذي بات حزبه مهددا ً بالسقوط في اإلنتخابات اإلسرائيلية املقبلة بعد عجز آلة الدمار اإلسرائيلية في النيل من عزﳝة املقاومني وإرادتهم الصلبة. حتما ً نحن في زمن سيد املقاومة ،فال قيمة للحياة بال مقاومة التي هي أساس احلرية والكرامة ،ومن قلب هذﻩ احلرب العدوانية والتكفيرية ،فﺈننا مدعوون جميعا ً إلستنهاﺽ الهمم وشحذ النفوس ﲢت راية املقاومة صانعة مجد العرب واملسلمني. فتحية الى شهداء املقاومة في القنيطرة ،والى كل الشهداء والصامدين واﺠﻤﻟاهدين الذين أعادوا لنا كعرب ومسلمني بعﺾ كرامتنا التي إنتزعها منا أعداؤنا بزرعهم ﹼ وذكروا هؤالء الفرقة والشتات واإلقتتال فيما بيننا، ﹼ احتل املتخاذلني واملتﺂمرين أن هناﻙ عدوﹼﹰا واحدا ً هو ﹶمن نوجه إليه أرضنا وأخذ حقوقنا وأهدر كرامتنا ،فهو ﹶمن ﹼ أسلحتنا ونحشد له جموعنا.
ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻫﺸﺎﻡ ﺍﻷﻋﻮﺭ
غالف
مصر بدأت معركتها ﺿد الجماعات اإلرهابية مازال املشهد متواصال ً في مصر العروبة بعد أن طوت األحداﺙ أعوامها األربعة األخيرة ،ومنذ ثورة 25يناير /كانون الثاني ،2011هناﻙ ﹶمن أسرع وركب موجتها والبعﺾ عقد الصفقات السرية مع الواليات املتحدة ومضمونها حقبة جديدة تتأقلم مع طلبات الدول اإلستعمارية وتسويق ما يسمى بـ “اإلسالم السياسي” ،ودور جماعة “اإلخوان املسلمني” التي إلتقطت الفرصة وكانت بﺈنتﻈارها وأعدت لها ما يلزم من تغطية ،بينما كان الشعب املصري في وادٍ آخر ،ويومها اعتقدت إدارة الرئيس األميركي باراﻙ أوباما ،أن وصول “اإلسالم السياسي” الى السلطة عبر اإلنتخابات ،أفضل السبل إلحتواء اﺠﻤﻟتمعات واستمرار احلالة الراهنة بعد تغيير الواجهات وتسليم مقاليد احلكم لـ “اإلخوان املسلمني”. التوجه حﻈي برعاية سياسية مثل هذا ﹼ أميركية ،وهذا يتطابق مع “النموذج التركي” الذي جرﻯ اإلعداد له ،كما حﻈي برعاية سياسية ومالية قطرية. وخالل هذﻩ الفترة احلرجة ،كان املواطن املصري يبحث عن هويته الضائعة في خضم احلسابات اإلقليمية والدولية ،وهي الهوية القومية العروبية التي تؤمن بوحدة املصير مع أبناء أمته العربية.
ﻣﺎ ﻫﺪﻑ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ؟ ومصر العروبة التي ألفت التسامح الديني ،ولم يألف أهلها العنف الدموي، وجدت نفسها هذﻩ املرة وكأنها ﲡلس على برميل من البارود بعد أن ﲢ ﹼول املزاج الشعبي وهو يرﻯ الدماء وهي تسيل في الطرقات والساحات ،وتزايدت الشعارات الدينية على حساب الشعارات التي تتعلق بالصراع السياسي واملبادﺉ واإلصرار على وحدة األمة والعدالة اإلجتماعية وقضية احلرية بشقيها حرية الوطن واملواطن ،وأصبحت الشعارات ال تأتي على ذكر األوطان وال تشير الى العدو ﹼ يؤكد بأن هدف “اإلخوان اإلسرائيلي ،وهذا املسلمني” هو الوصول الى السلطة بأي ثمن وحتى لو اقترن ذلﻚ برضا “إسرائيل” العلني من خالل التطمينات املباشرة وغير
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
الرئيس عبد الفتاﺡ السيسي وعد باإلنتصار على اإلرهاب
املباشرة باحلفاﻅ على معاهدة كامب ديفيد وتوابعها. وخالل املرحلة اإلنتقالية تراجع “اإلخوان” الى الوراء ابتعادا ً عن الوطن ،وبدوا وكأنهم يخلعون عن أنفسهم بعﺾ الشعارات التي طاملا تغنوا بها ،وما يتعلق منها باجلهاد وﲢرير فلسطني والقدس ،الى أن وصل األمر بالرئيس اﺨﻤﻟلوع محمد مرسي ألن يخاطب الرئيس اإلسرائيلي شمعون بيريز آنذاﻙ بعبارة “عزيزي ،وأمتنى لبالدكم السالم والتقدم واإلزدهار”. ﹼ ﹼ واﲡه “اإلخوان” آنذاﻙ ،نحو غموﺽ واضح وانعدام في األفق ،وشتان ما بني الشعارات ووقائع امليدان ،وكان التصعيد بينهم وبني اﺠﻤﻟتمع ،أرادوا السيطرة عليه بتشريعاتهم وأفكارهم ،وﻇهر تصعيد نوعي في أساليب
٦
اإلرهاب ،وشملت نقل اإلرهاب من منطقة سيناء التي ﳒح اجليﺶ املصري في محاصرة اإلرهابيني فيها الى الكتلة السكنية في قلب املدن وامليادين واستخدام العنف ضد املدنيني واإلرهاب النفسي واملعنوي وخلق قالقل ومشكالت لتعطيل املسار الطبيعي للحياة ،لكن يوم 30حزيران ،2013كان ﲟثابة ثورة ثانية هدفها تصحيح املسار ومنع احلرب األهلية والتأكيد على أن مصر لن تعود الى الوراء وهي تطوي صفحة من تاريخها بعد أن حاول األعداء تغييب دورها وأسرها في تبعية مفرطة. وجاء تولي عبدالفتاﺡ السيسي حكم مصر في مرحلة هامة في تاريخ مصر التي توقفت عند مفترق طرق تاريخي لم تشهدﻩ من قبل ،وأمامها ﲢديات سياسية
املعركة ضد اإلرهاب واحدة واإلنتصار حليف اجليﺶ املصري
واقتصادية واجتماعية وتركة ثقيلة ،واجلميع يأمل أن تعود مصر قوية معافاة ومنتصرة، وهناﻙ عالقة تكاملية بني نهوﺽ مصر ويسجل للرئيس السيسي ونهوﺽ األمة، ﹼ أنه أنقذ مصر من حكم “اإلخوان املسلمني” الذين فشلوا في احلكم على كل الصعد، حيث قدموا الوالء على اخلبرة حتى ثار عليهم الشعب بعد سنة واحدة وتدخل اجليﺶ املصري من أجل منع حرب أهلية ووضع حد لﻺرهاب املتنقﹼ ل.
ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻳﺔ واليوم ال ﳝكن فصل األحداﺙ اجلارية في مصر عن مجمل أحداﺙ الوطن العربي، وكل األمور الداخلية في مصر تبدو وكأنها متشابكة ،اجليﺶ املصري ودورﻩ ،وميدان التحرير ودورﻩ و ﹶمن يسيطر عليه وعلى أحداثه ،وهل بﺈمكان امليادين األخرﻯ أن ﲢسم إﲡاﻩ األحداﺙ؟ وهل مازال “اإلخوان ﹼ ﲢديا ً ملستقبل مصر؟ املسلمون” يشكلون ﹼ وهناﻙ مسؤوليات مصر العربية ،وبالتأكيد،
تواجه مصر ﲢديات أمنية كبيرة ،إضافة الى التحديات اإلجتماعية واإلقتصادية الصعبة. إن ضعف احلشد “اإلخواني” في هذﻩ ﲢديهم ،بل املرحلة ،ليس دليل خالﺹ من ﹼ عالمة قرينة على ﲢ ﹼول بنيوي في خطﻂ ﲢركهم نحو املزيد من العنف ،فاإلرهاب يضرب من خالل عبوات ناسفة ﰎﹼ استبدالها ﹼ املنﻈم ،واخلطير أن اإلستمرار في باحلشد الوضع القائم على ما هو عليه قد يؤدي الى تفاقم األمور ،والقوﻯ اإلخوانية تزداد تطرفا ً في مواجهة احلكم ،والسؤال هنا عن موقع القوﻯ املدنية في هذا الصراع ،واجلواب يتع ﹼلق ﲟدﻯ انتقال احلكم نحو دﳝقراطية ليبرالية. في مصر ،وفي هذﻩ املرحلة بالذات ،تأكد أن هناﻙ اتفاقا ً عاما ً على اعتبار الشرعية هي الرضا على احلكم أو القبول الطوعي لغالبية اﺠﻤﻟتمع بحق النخبة احلاكمة في ممارسة السلطة ،أما املشروعية فهي تعني إلتزام النخبة احلاكمة ومؤسسات الدولة واملواطنني بالدستور والقانون ،وهذا يعني اإلقرار بشرعية ومشروعية جمهورية مصر برئاسة عبدالفتاﺡ السيسي ،فهي نتاج ثورة
7
“ 25يناير /كانون الثاني” وموجتها الثانية في 30حزيران /يونيو ،والتي أعقبتها تﻈاهرات مليونية ف ﹼوضت السيسي محاربة اإلرهاب، وصوال ً الى إقرار الدستور ثم انتخابه رئيسا ً ﲟا يشبه اإلجماع. وأمام التحديات املاثلة التي تواجه مصر، ﳝثل اإلنقسام واإلستقطاب في اﺠﻤﻟتمع واملعارضة التي تقودها جماعة “اإلخوان للتمدد املسلمني” تهديدا ً محدوداً ،لكنه قابل ﹼ فيما لو أتيحت لهم الفرصة وهم يرونها في خلﻂ األوراق ومحاربة اجليﺶ املصري.
ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻴﺴﻲ ﻭﻋﺪ ﺑﺎﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ومصر اليوم تخوﺽ مواجهة صعبة وقوية في مواجهة اﺠﻤﻟموعات املسلحة وإتﹼهم السيسي جماعة “اإلخوان املسلمني” ﲟساندة العمليات اإلرهابية التي ﲡري في مصر ،وتعهﹼ د خوﺽ املعركة حتى النهاية واإلنتصار ،واستنفرت السلطات املصرية
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
غالف مخلفات الهجوم على دورية حلرس احلدود املصرية في الفرافرة
كامل قوتها بعد أن ط ﹼوقت الهجوم األخير في سيناء والذي استهدف مقرات أمنية وتس ﹼبب في مقتل وإصابة عشرات العسكريني، وأعقبها تشكيل قيادة عسكرية موحدة ملنطقة شرق القناة ومكلفة أيضا ً مكافحة اإلرهاب ،وإتهم السيسي جماعة “اإلخوان املسلمني” في شكل رسمي بالضلوع في حوادﺙ العنف التي جرت في البالد منذ سقوطهم عن احلكم في صيف ،2013ونقل السيسي عن قيادات اإلخوان تهديدهم عندما كان وزيرا ً للدفاع ،بأنهم هددوا “ستجدون أشخاصا ً يأتون من كل ﹼ الدنيا )العراق وأفغانستان( لقتالكم” ،وقال السيسي :كنا نعلم أن هذا املسار سيحدﺙ في حال عزل مرسي واملصريون يعلمون ذلﻚ، وأتينا على تنﻈيم في أقوﻯ حالته ﳝلﻚ مقدرات كبيرة ،وﻇل يعمل منذ سنوات ،حتى أن هناﻙ دوال ً ت ﹸقاد من هذا التنﻈيم )اإلخوان(، وحمل هذﻩ الدول مسؤولية مساندة اإلرهاب، ﹼ متوعدا ً ﹶمن ساند ودعم ووعد املصريني بالثأر ﹼ العملية اإلرهابية األخيرة “إننا نراﻩ ونتابعه وسنتصدﻯ له”. ﹼ وبكل تأكيد ،إن الهجمات على مقرات وقوات اجليﺶ املصري في سيناء هي مشبوهة وهي تصب في مصلحة اإلحتالل الصهيوني ،والذين يهاجمون عناصر ومقرات قوات اجليﺶ املصري في سيناء ويشعلون
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
النيران ويرتكبون أعمال القتل ،إﳕا يساعدون اإلحتالل الصهيوني. وانتقد وزير اخلارجية املصرية سامح شكري استقبال وزارة اخلارجية األميركية وفد من جماعة “اإلخوان املسلمني” املصنفة في القاهرة “إرهابية” ورفﺾ بشدة التصريحات األميركية التي بررت استضافتهم ،باعتبارهم ينتمون الى حزب سياسي ،وهذﻩ التصريحات غير مفهومة ،وكيف يتم التواصل مع عناصر ضالعة في عمليات إرهابية لترويع املصريني وتهدد أمنهم ،وقال شكري ،إذا كنا نرغب في أن ندفن رؤوسنا في الرمال حتى ال نرﻯ احلقيقة فهذا شيء آخر ،وذلﻚ في إشارة الى أن مصر ترﻯ حقيقة الوضع وعلى اﻵخرين أن يدركوﻩ ،وهذﻩ األمور يجب تناولها في شكل متسق مع دعاوﻯ محاربة اإلرهاب والتضامن بني الدول ﶈاربة اإلرهاب. لقد انعكس إرهاب سيناء بشكل غضب شعبي كبير لدﻯ املصريني كافة وخاصة اجليﺶ املصري ومعه الشرطة وباتوا جميعا ً في خندق واحد ،على رغم إنتقادات هنا ومؤاخذات وتساؤالت هناﻙ ،وأحاديث الشارع تنضح بكم هائل من كراهية “اإلخوان”، وتوعدهم مع عدم التفرقة بني ﹶمن قتل اجلنود في سيناء وبقية محافﻈات مصر وبني اجلماعة باعتبارهم ذراعا ً من أذرعتها، وزاد طني أفعال “اإلخوان” بلة شماتتهم ،إذ حفلت تدويناتهم بكم هائل من التكبير
8
واحلمد على مقتل اجلنود ،معتبرين ذلﻚ قصاصا ً لفﺾ “رابعة” و”النهضة” أو “انتقاما ً من جنود كفرة”. واكتملت املنﻈومة “اإلخوانية” وهي تبث بيان من قناة “رابعة” تطالب البعثات والشركات األجنبية وممثليها األجانب بالرحيل عن مصر قبل 11شباط 2015املوافق الذكرﻯ الرابعة لتنحي مبارﻙ ،وهذﻩ محاولة إلعادة إستنساﺥ ما جرﻯ يوم التنحي آملني بعودة مرسي الى القصر مع أن مثل هذﻩ العودة هي من املستحيالت ،وهم يسعون الى خلﻂ وتتوجه أنﻈارهم صوب قصر اإلﲢادية األوراق، ﹼ الرئاسي. نقول ،ما يجري في مصر من استهداف للجيﺶ من خالل العمليات اإلرهابية ،لم ﹼ سطر أروع يأت من فراﻍ ،هذا اجليﺶ الذي ﹺ مالحم البطولة في سبيل كرامة وعزة مصر وعروبتها ،وكسر الغطرسة اإلسرائيلية في عبورﻩ التاريخي لقناة السويس في حرب تشرين /أكتوبر ،1973مثل هذا اجليﺶ لن تهزمه عصابات القتل واإلجرام التي تخدم مشاريع األعداء ،والنصر سيكون حليفه واملعركة ضد اإلرهاب واحدة ،ومصر ستعود حتما ً كما كانت وبعودتها يتحقق النصر النهائي ،إنه ليوم قريب.
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﻟﺢ
ﻏارة الﻘنيطرة وكابوس اإلﺣتﻼﻝ
بعد أيام مضت على الغارة اإلسرائيلية التي استهدفت سبعة من مجاهدي محور املقاومة و”حزب اﷲ” ،الذي اكتفى ببيان مقتضب عن الغارة وترﻙ التعليق عليها ألمني عام “حزب اﷲ” السيد حسن نصراﷲ.. الصهاينة في تلﻚ األثناء عاشوا كابوس اإلنتﻈار ،فكل يوم كانوا يحسبونه بشهر كامل فيما املقاومة اإلسالمية تصرفت بهدوء الواثق وتعاملت مع تداعيات الغارة الصهيونية ببرودة أعصاب تكاد تفقد قادة الصهاينة صوابهم. ولم يتأخر الثأر ،ر ﹼدت املقاومة من خالل عملية نوعية في مزارع شبعا اﶈتلة ودفع العدو ثمن عدوانه وﰎﹼ تلقينه درسا ً لن ينساﻩ. وامللفت في أمر الصهاينة أنهم شهداء املقاومة األبطال في غارة القنيطرة ثم يبدأون بﺈتصاالتهم يرتكبون اجلرﳝة ﹼ اإلقليمية والدولية ملنع أي رد محتمل من الضحية ،وألنهم يعرفون من خالل ﲡاربهم لتحقيق أهداف اعتداءاتهم فكان لهم أكثر املريرة مع املقاومة اإلسالمية في جنوب لبنان من معاهدة وإتفاق مع أطراف عربية سقطت أنهم أمام خصم يستحيل ترويضه أو تدوير في شرﻙ ما أسموﻩ بعملية السالم بني العرب الزوايا معه ،فﺈن حالة الرعب التي تخ ﹼيم على واإلسرائيليني ،لكن اللعب مع “حزب اﷲ” ومحور قطعان مستوطنيهم وجنودهم املهزومني تكاد املقاومة له شأن آخر .هنا يدرﻙ الصهاينة حجم تطيح بكل ما ع ﹼولوا عليه في غارتهم األخيرة اخلطأ الذي ارتكبوﻩ في القنيطرة وفداحة النتائﺞ على موكب “حزب اﷲ” في القنيطرة ،فقد التي ينتﻈرونها ،فيهرعون الى موسكو حل ﹼثها اعتقدوا كعادتهم أنهم بفعلتهم قادرون على على ممارسة الضغﻂ على “حزب اﷲ” واإليرانيني تغيير قواعد اإلشتباﻙ في اجلوالن السوري وفرﺽ للتخفيف من حالة التوتر والترقب في املنطقة معادلة جديدة قوامها القوة الرادعة اإلسرائيلية وعلى احلدود الشمالية والشرقية مع فلسطني في اجلوالن اﶈتل واإلرهاب التكفيري في الداخل اﶈتلة ،ولﻸسباب عينها يعلن قادة الكيان عن استعدادهم لتقبل رد موضعي من املقاومة السوري اﶈاذي للجوالن بحيث تتح ﹼول هذﻩ مساو في الشكل لغارتهم ومغاير في اإلسالمية ٍ املنطقة وفق تقديراتهم وبالسرعة املمكنة الى النتائﺞ خشية اإلنزالق الى حرب مفتوحة ،ويدرﻙ حزام آمن أشبه ﲟا كانت عليه األمور في جنوب العدو أن رد املقاومة في مزارع شبعا هو مجرد لبنان قبل خمسة عشر عاماً... رسالة نارية لها ما بعدها. القادة الصهاينة الذين ينسون أو يتناسون واملقاومة اإلسالمية التي اكتشفت قبل غيرها أن عصر عربدتهم قد و ﹼلى الى غير رجعة وأن هشاشة اﺠﻤﻟتمع الصهيوني ،تدرﻙ أنهم أهل غدر ﹼ وهشمت كبرياءهم في السواعد التي هزمتهم جنوب لبنان هي أكثر استعدادا ً اليوم ملقاومتهم وكذب وخداع وأنهم بطبيعتهم العدوانية غير مؤهلني ألي شكل من أشكال السالم املزعوم ومالحقة جنودهم الى جحورهم. يص ﹼرون على التخندق وراء إنتصارات وهمية مع جيرانهم وهم منذ نشوء كيانهم قبل على أنﻈمة عربية ارتبطت باملشيئة األميركية سبعة وستني عاما ً يعملون تقتيالً وتدميرا ً في ﹼ ومكنتهم بفعل ترددها وتخاذلها من تﻈهير أمتنا ويجهدون للقضاء نهائيا ً على الشعب القوة اإلسرائيلية بصورة جعلت منها قوة ال الفلسطيني وشطب قضيته العادلة وصوال ً الى تهويد وطرد ما تبقى من أرﺽ وشعب في تﹸقهر. والقياس الصهيوني على أساس هذﻩ القاعدة فلسطني ،لكن مقاومة الشعب الفلسطيني أحلق به الهزائم املتتالية في لبنان وفلسطني على وقواﻩ احلية مستمرة رغم صعوبة الﻈروف وتواطؤ أيدي مجاهدي املقاومة اإلسالمية والفلسطينية ،اﺠﻤﻟتمع الدولي. ومحور املقاومة اليوم وأمام مأثرة جديدة من فمع األنﻈمة العربية ﳒح الصهاينة في سياسة وسخروا وسطاء محليني ودوليني مﺂثر الكيان الصهيوني اإلجرامية ،ال تعير كثير املناورة واإلبتزاز ﹼ
9
وتعد اهتمام لضجيﺞ الصهاينة وصخبهم ﹼ العدة لﻺقتصاﺹ لشهداء غارة القنيطرة والشهداء الذين سبقوهم على هذا الطريق، وهي ﹼ تؤكد أن ال خطوط حمراء أمام ر ﹼدها الذي لن يكون إال أكثر إيالما ً على اإلسرائيليني من غارة القنيطرة ونتائجها. وعملية املقاومة على أيدي أبطال “حزب اﷲ” في مزارع شبعا لم تتأخر في توقيتها الذي أذهل العدو وكان ﲟثابة صفعة أولية ،حرمته من التبجح بردعه املزعوم ،وهو اليوم يخشى قواعد اإلشتباﻙ اجلديدة التي أعلنها سيد املقاومة، أمني عام “حزب اﷲ” السيد حسن نصراﷲ. واملقاومة كما عودتنا لن تساوم على دماء شهدائها ومحور املقاومة وفق كل املعطيات امليدانية يتقدم بخطى ثابتة في إيران وسوريا كما في العراق ولبنان وفلسطني ،وهو ﳝتلﻚ من القوة واإلرادة واخلبرة ما ﳝكنه من اإلنتصار على الصهاينة اﶈتلني وإحلاق الهزﳝة الساحقة بأدواتهم من اإلرهابيني والتكفيريني. املعركة على قوﻯ املقاومة واملمانعة واحدة، والعدو واحد ،واحلرب سجال ...وما بني غارة العدو في القنيطرة يوم 18كانون الثاني ورد املقاومة السريع في مزارع شبعا يوم 28كانون الثاني، داللة بالغة تع ﹼبر عن جهوزية املقاومة ملنع العدو من ﲢقيق أي إﳒاز بعدها ،وإ ﹼن غدا ً لناﻇرﻩ قريب!!.
ﺣﺴﻦ ﺯﻳﺪﺍﻥ
ﻋﻀﻮ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﳊﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ ﺍﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺔ العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
غالف
من الﻘنيطرة الى مزارع ﺷﺒعا... ساﺣة ﺻراع واﺣدة وكما عودتنا املقاومة في لبنان قالت كلمتها ،وهذﻩ املرة في مزارع شبعا اللبنانية اﶈتلة وبأسلوبها املعتاد في ردع العدوان وإعالن اجلدارة والقدرة على احلسم وعدم اإلنتﻈار ،كيف ال وهي التي قاتلت بلحمها ودمها وصواريخها مسجلة أروع صفحات من البطولة والفداء. لم ينعم العدو الصهيوني بعدوانه واستهدافه مجاهدي املقاومة في القنيطرة الذين ارتقوا الى العلى شهداء احلق والعدل ومقارعة األعداء وفي خندق املواجهة األول، أيقﻆ املقاومون العدو من أحالمه وهو يغازل الزمن ،وأضاعوا عليه حلﻈات ابتهاجه وغدرﻩ باستهداف ثلة من املقاومني من أشرف الناس وأكرم بني البشر ،ومرة أخرﻯ تنكسر أحالم الصهاينة في مزارع شبعا. وألن الزمن هو زمن املقاومة وال شيء يدعو للترف في جنوب لبنان الشموﺥ واإلباء، إال للحﻈات التأمل والكبرياء وعﻈمة املقاومة ،هناﻙ تبدو احلقيقة في أروع صورها يصبغها أبطال املقاومة بالدم والنار واإلقدام ،وهم دوما ً قادمون فهذا الزمان هو زمانهم ومكانهم وشتان ما بينهم وما بني أولئﻚ القابعني في قصورهم ومسلوبي اإلرادة واألفعال إال من ارتهانهم وتبعيتهم ملعادالت البترودوالر وبعيدا ً عن قضايا األمة في لبنان وفلسطني كما في سوريا والعراق وإيران عمق املقاومة وسندها ورصيدها والوفاء الذي ال ينضب. ورد املقاومة على غارة القنيطرة جاء سريعا ً في مزارع شبعا اللبنانية اﶈتلة ،وفي وضح النهار ومن خالل املواجهة املباشرة. هنا املقاومة التي تعطي القيمة إلنسانية اإلنسان من خالل مدﻯ مقاومة العدو الصهيوني ورد عدوانه ،وال تأتي القيمة من خالل التلطي بعوائد النفﻂ والغاز ودعم العصابات التكفيرية وتقدﱘ اخلدمات ألعداء األمة. وفي لبنان ،املقاومة ال حدود لها والرد يأتي كما قال أمني عام “حزب اﷲ” ،سماحة السيد حسن نصراﷲ“ :نواجه العدوان ،أي كان العدوان وفي أي زمان وكيفما كان”، “ومن حق املقاومة أن ترد أينما كان وكيفما
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
السيد نصراﷲ :نحن ال نخاف احلرب وال نخشاها وال نتردد في مواجهتها وسنواجهها إذا فرضت علينا كان ،وفي أي زمان”. لقد أصبحت املقاومة تعادل تاريخ األمة، ألنها األشد قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته ،وردها على العدوان يعادل كابوسا ً حقيقيا ً يعيشه العدو ،وثقافة املقاومة أصبحت مدرسة ومنارة لﻸجيال وهي ال تعرف األشعار اﺠﻤﻟردة ولكنها تعرف كيف تصنع اإلنتصارات ،لذلﻚ فالوضع اإلستراتيجي للعدو اليوم في مواجهة املقاومة أسوأ مما كان خالل حرب عام ،200٦فلم يعد العدو ليجرؤ على القيام بعملية برية والتقدم وإﳕا يعتمد على السالﺡ األميركي املمول بنفﻂ بعﺾ “العرب” ،ويحاول العدو أن يبحث عن صورة إنتصار كما فعل في القنيطرة يوم 18كانون الثاني ،2015محاوال ً بذلﻚ إشعار العصابات التكفيرية في جنوب سوريا بالدعم والطمأنينة ورفع معنوياتهم الهابطة ،لكنه فشل في ﲢقيق أي إﳒاز. أراد العدو من عملية القنيطرة ،خلﻂ األوراق وفي وقت بالﻎ احلساسية ،وهذا يع ﹼبر عن طموﺡ ومغامرة هدفها فرﺽ وقائع ومعادالت جديدة وتغيير قواعد اإلشتباﻙ على ساحة الصراع ،وجاء العدوان قبل وﻇن اإلنتخابات اإلسرائيلية بنحو شهرين، ﹼ أن عدوانه سيمر دون رد ،وكانت اإليحاءات التي حاول تسويقها بأن الوضع ﲢت السيطرة ،لكنه حصد اخليبة والتخبﻂ بني
10
صفوفه ،وحاول تسويق التهدئة عبر رسائل الى جهات دولية فاعلة وهذا بحد ذاته نوع من اإلذالل ليس إال.
ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻧﺼﺮﺍﷲ :ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﻘﻮﺍﻋﺪ ﺇﺷﺘﺒﺎﻙ ﻭﻻ ﺑﺘﻔﻜﻴﻚ ﺍﻟﺴﺎﺣﺎﺕ ﻭﺍﳌﻴﺎﺩﻳﻦ وفي إطاللة أمني عام “حزب اﷲ” ،سماحة السيد حسن نصراﷲ في احتفال ملناسبة شهداء القنيطرة أقيم في مجمع سيد الشهداء ،وبحضور رئيس جلنة األمن القومي والسياسات اخلارجية في مجلس الشورﻯ اإليراني عالء الدين بروجوردي على رأس وفد إيراني ،أرسل سماحته رسائل بالغة األهمية في خطابه وحدد معادلة ردعية جديدة ﹼ تشكل في الواقع ردﹼﹰا سياسياً ،الى جانب الرد العسكري الذي قام به احلزب في مزارع شبعا ،ومحددا ً من جديد وجهة الصراع: “العدو هو اإلسرائيلي والصراع معه وجودي، أما أية معارﻙ أخرﻯ مع التكفيريني ،فهي ﹼ تشكل ملحقات لذلﻚ الصراع مع العدو، ومسرﺡ املواجهة واحد مع اإلسرائيلي في سوريا ولبنان ،وال تفكيﻚ للساحات وامليادين”. وحكمة املقاومة هي التي متنعها من
احلرب الشاملة ،وال يعني ذلﻚ ضعفا ً أو عجزاً ،واملقاومة قادرة ومستعدة ألي احتمال فهي ليست مردوعة ولن تكن. وشدد سماحته على التقدير “األحمق” ﹼ للقادة اإلسرائيليني ،واﺨﻤﻟاطر الكبرﻯ التي كانت ستلحق بهم وبكيانهم وبأمنهم واقتصادهم وبكل شيء ،ﹼ وأكد أن اإلغتيال أ ﹼدﻯ الى نتائﺞ معكوسة ،وثبت أن اجليﺶ اإلسرائيلي وأجهزته األمنية وكل مقدراته عاجزة عن مواجهة إرادة املقاومة وفعلها امليداني ،و”إسرائيل” هذﻩ هي أوهن من بيت العنكبوت ولن تكون غير ذلﻚ ،بينما املقاومة في لبنان هي في كامل عافيتها وجهوزيتها ووعيها وحرفيتها وشجاعتها وحكمتها وحضورها ،أما اجلماعات التكفيرية املسلحة وخصوصا ً تلﻚ املتواجدة على حدود اإلحتالل في اجلوالن، هي حليف طبيعي للعدو اإلسرائيلي ،وهي جيﺶ حلد سوري جديد وإن رﹸفعت الراية اإلسالمية. الرسالة األهم لسماحته ،أن على اإلسرائيلي أن يفهم ،أن هذﻩ املقاومة حكيمة وليست مردوعة ،ويوجد فرق ما بني احلكمة واخلوف ،وليأخذ العدو علماً ،نحن
ال نخاف احلرب وال نخشاها وال نتر ﹼدد في مواجهتها وسنواجهها إذا ﹸفرضت علينا وسننتصر بها إن شاء اﷲ. وأعلن سيد املقاومة ،لم يعد يعنينا أي شيء اسمه قواعد إشتباﻙ ،نحن ال نعترف بقواعد إشتباﻙ ،إنتهت في مواجهة العدوان واإلغتيال ،ولم نعد نعترف بتفكيﻚ الساحات وامليادين ،ومن حقنا الشرعي واألخالقي واإلنساني وفي القانون الدولي ملن يريد أن يناقشنا بالقانون ،أن نواجه العدوان، وقال سماحته“ :إن اإلسرائيلي يهرب من املواجهة العسكرية ،ويذهب للتفتيﺶ، ﹶمن هم املسؤولون ،ﹶمن هم الشباب الذين أذلوﻩ يوم األربعاء 28كانون الثاني في مزارع شبعا ،فيغتالهم ،بعبوة هنا أو رصاصة هناﻙ... ورسالتي اليوم“ :من اﻵن وصاعداً ،أي كادر من كوادر “حزب اﷲ” املقاومني ،أي شاب من شباب “حزب اﷲ” يقتل غيلة ،سنحمل املسؤولية لﻺسرائيلي وسنعتبر من حقنا أن نرد في أي مكان وأي زمان وبالطريقة التي نراها مناسبة واحلرب سجال. ﹼ وأكد نصراﷲ ،أن اإلسرائيلي في وضع يشعر فيه أنه قادر على تهديد اجلميع في
املنطقة وأنه قادر على اإلعتداء على اجلميع متى يريد ،وهو مستفيد جدا ً من أوضاع املنطقة ،واحلروب القائمة في دول اجلوار وانهماﻙ جيوﺵ املنطقة وحركات املقاومة، واإلنقسامات في اﺠﻤﻟتمعات وغياب كامل للدول العربية وملا يسمى اجلامعة العربية، وهذا ليس باألمر اجلديد. وباختصار ،بكل شفافية ووضوﺡ الواثق والقادر ،ﲢدد املقاومة مسارها وهي تعي متاما ً حجم التحديات ،قالها سيد املقاومة ،يجب الرد على جرﳝة العدو ويجب وضع حد لهذا التمادي الصهيوني في القتل والعدوان ،وأن األمر يستحق التضحية ولو ذهبت األمور الى النهايات ،وجاءت العملية في مزارع شبعا في ذروة استنفار العدو... لقد أصبحت املقاومة عنوانا ً في حياتنا اليومية ،دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة بفضل التضحيات وإلتزام القول بالفعل وهي حاضرة وبكل قوة وأينما كانت فهي تزرع األمل وتخﻂ مسارا ً لﻸجيال ،احلق يؤخذ وال يﹸعطى ،واملقاومة جاهزة بوعدها وفعلها، وانتصارها هدف الشرفاء في أمتنا.
ﻧﺒﻴﻞ ﻣﺮﻋﻲ
املقاومة قالت كلمتها في مزارع شبعا
11
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
غالف
عضو مجلﺲ الشعﺐ السوري الدكتور عمار األسد لـ «منﺒر التوﺣيد»: سوريا تع ّزﺯ ﺇنتصارها بالحوار والمصالحات الوﻁنية ﺍﳌﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺗﺄﺗﻲ ﺗﺒﺎﻋﺎﹰ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ،ﻭﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻳﺤﻘﻖ ﺍﻹﳒﺎﺯﺍﺕ ﺍﳌﻴﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻲ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺳﻮﺭﻳﺎ ،ﻭﺃﺛﺒﺘﺖ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺑﺄﻥ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺭﻗﻢ ﺻﻌﺐ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲡﺎﻭﺯﻩ ،ﻭﺍﺳﺘﻘﻄﺒﺖ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺟﻤﻊ ،ﺻﻤﺪﺕ ﻭﻗﺎﻭﻣﺖ ﻭﺍﻧﺘﺼﺮﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﺘﻰ ﻫﺠﻤﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ، ﺟﻤﻌﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻛﻞ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﹼ ﻭﺳﺨﺮﺕ ﺍﳊﻘﺪ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ، ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺩﻭﻝ ﺣﺎﻗﺪﺓ ﺭﺍﻫﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺳﺮﻳﻊ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﺜﺒﺖ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻟﻜﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﺻﻄﺪﻣﺖ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﻣﻴﺪﺍﻧﻲ ﺗﻠﻚ ﺟﻤﻴﻊ ﻧﺴﻒ ﻭﺍﻟﺮﻫﺎﻧﺎﺕ، ﺍﳊﺴﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻭﺭ ﺑﲔ ﻃﺮﻓﲔ ﻣﺨﺘﻠﻔﲔ ﺟﺬﺭﻳﺎﹰ ﻭﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﺘﻘﺎﻃﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﺣﻠﻮﻝ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻴﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻫﻮ ﺍﳊﻞ ﺍﻷﻣﺜﻞ. ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺑﺠﻴﺸﻬﺎ ﻭﺷﻌﺒﻬﺎ ﻭﻗﻴﺎﺩﺗﻬﺎ ﺍﳊﻜﻴﻤﺔ، ﺃﻥ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﺎﻗﺖ ﻛﻞ ﺗﻮﻗﻌﺎﺕ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﲔ ﻭﻣﺮﺍﻛﺰ ﺍﻷﺑﺤﺎﺙ، ﻭﻭﻗﻒ ﺍﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺣﻠﻔﺎﺀ ﺃﻭﻓﻴﺎﺀ ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﺆﺷﺮ ﻫﺎﻡ ﳌﺪﻯ ﺻﻮﺍﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻨﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﺆﺷﺮﺍ ﹰ ﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﺮﺿﺖ ﺇﻳﻘﺎﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻧﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﳌﻌﺎﺩﻻﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻭﻳﺸﻴﺮ ﺍﻟﻰ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ. ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
ﻭﻭﺻﻠﺖ ﺍﻹﳒﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﺃﺑﻄﺎﻝ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻭﳉﺎﻥ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻧﻌﻄﺎﻑ ﺣﺎﺳﻤﺔ ،ﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﹼ ﻣﺴﻠﻂ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲢﻮﻝ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻰ ﺳﻴﻒ ﺻﺎﻧﻌﻴﻪ ﻭﻣﹶﻦ ﺣﺎﻭﻝ ﺗﺴﻮﻳﻘﻪ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻣﺮﺗﲔ. ﺩﺧﻠﺖ ﺭﻭﺳﻴﺎ ،ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻭﺍﻟﺘﻘﻄﺖ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﻭﻛﺴﺒﺖ ﺍﻟﺮﻫﺎﻥ ﻭﻫﻲ ﲤﻠﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻭﺃﻫﻤﻬﺎ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻫﻲ ﻭﺭﻗﺔ ﺻﻤﻮﺩ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﺎ، ﻭﺳﻜﺘﺖ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻭﺗﻠﻄﺖ ﺑﺘﺤﺎﻟﻒ ﺩﻭﻟﻲ » -ﻋﺮﺑﻲ« ﻭﻫﺪﻓﻬﺎ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺑﺪﺃ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻳﻀﺮﺏ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ،ﻭﺍﻧﻜﺸﻔﺖ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺑﻜﻞ ﺃﺑﻌﺎﺩﻫﺎ. ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﻫﻲ ﲤﻠﻚ ﻭﺍﳌﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﻭﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺍﻷﻭﻓﻴﺎﺀ ،ﻭﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻣﺤﻮﺭ ﻣﻘﺎﻭﻡ ﻓﻲ ﺃﻣﺘﻨﺎ، ﺃﺛﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﳊﻮﺍﺭ »ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ - ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺗﻀﺤﺖ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﻭﺗﻌﺰﺯﺕ ﻗﻮﺓ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺻﻼﺑﺘﻬﺎ، ﻭﺧﻴﺎﺭﻫﺎ ﻭﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﺿﺢ ،ﺃﻥ ﺃﻱ ﺣﻞ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﻘﻖ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻌﺪﻭﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺔ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻭﺇﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ،ﺃﻳﻦ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ؟ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ – ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ؟ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻮﺭ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ﻣﻊ ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﻤﺎﺭ ﺍﻷﺳﺪ ،ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻫﻨﺎ ﻧﺼﻪ:
12
ﺳﻮﺭﻳﺎ ﲤﺘﻠﻚ ﺩﻭﺭﺍﹰ ﻓﺎﻋﻼﹰ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺩﻻﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻧﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺍﻟﺼﺎﻣﺪ ﺭﻏﻢ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻬﺠﻤﺔ ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﺑﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻫﻮ ﺧﻴﺎﺭﻧﺎ ﺍﻷﻭﺣﺪ ،ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﺴﻮﺭﻳﺎ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﻭﺻﻮﻻﹰ ﺍﻟﻰ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ؟ إن املواطن السوري الشريف الذي تربى على عشق هذﻩ األرﺽ وشرب حبها في كل قطرة ماء ارتشفها والذي أدرﻙ منذ اللحﻈة األولى خطورة وهول هذﻩ املؤامرة ،فلم يتوان حلﻈة عن بذل أغلى ما لديه دفاعا ً عن وطنه واجليﺶ العربي السوري البطل أذهل العالم ﲟدﻯ صمودﻩ وبقرارات قيادته وقدرتها على قراءة املواقف السياسية والرد بطريقة جعلت الكثيرين يتفاجأون وكذلﻚ التفاف الشعب حولها وإﳝانهم املطلق بها وبقراراتها ،وكذلﻚ األصدقاء الذين وقفوا بصدق وقدموا كل الدعم واملساندة. وإذا عدنا الى التاريخ القريب ،وحاولنا سبر مكنوناته ،وهي مازالت ملموسة حتى اﻵن وﰎﹼ ترجمتها على أرﺽ الواقع وفي امليدان ،ﳝتلﻚ اجليﺶ العربي السوري عقيدة قتالية راسخة ومجربة وقدم التضحيات صونا ً لكرامة اإلنسان الذي هو أصل كل بناء ،ومن هنا تأتي عﻈمة سوريا وقوتها. ﺑﻌﺪ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺒﺎﺳﻠﺔ، ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﺮﺽ ﺃﺟﻨﺪﺗﻬﺎ ﻭﺗﺼﻮﹼﺏ ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ،ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﺣﺠﻢ ﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﳑﻦ ﻫﻢ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺳﻮﺭﻳﺎ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ؟ سوريا لوال ثباتها املطلق على مواقفها، والسمة التي طبعت السياسة السورية منذ اللحﻈة األولى هي املوقف الثابت واحلق الذي ال حياد عنه وبهذين السمتني أدرﻙ اﺠﻤﻟتمع الدولي الوضع ،وتغيير الكثير من املواقف جاء بفضل صمود سوريا وقوتها ،واحلق ال يدركه إال مطالب قوي ونحن ملكنا هذﻩ القوة لندافع عن حقنا. وقوة سوريا أيضا ً تأتي من مناعتها وهذا لم يدركه األعداء ،وهي استطاعت أن متتلﻚ دورا ً فاعالً في معادالت املنطقة ،ومفهوم القوة ال يقاس بﺈمتالﻙ الثروات ولكن في كيفية استخدامها وتكريسها خلدمة األوطان ،وفي أي خانة يصب .وسوريا في هذا اﺠﻤﻟال تعتبر األغنى وهي الدولة التي ال مديونية عليها وهذا من شأنه أن يعزز قوتها واستقاللها وانتصارها في مواجهة التحديات. واجليﺶ العربي السوري وجلان الدفاع الوطني هم أبناء هذا الوطن وهم ﹶمن ﳝلكون قوة العقيدة واإلﳝان املطلق بحقهم في الدفاع عن أرضهم،
وصمودهم البطولي ما هو إال التعبير الطبيعي عن قوة اإلرادة والتصميم في قلب كل فرد منهم. والقيادة كانت تعي متاما ً حجم االستهداف وخيوط املؤامرة وفصولها ،وتصرفت بحكمة بالغة وخطﻂ مدروسة بعناية ،وكانت تعرف بأن املعركة ستطول ،واعتقد األعداء أن استنزاف سوريا سيحقق أهدافهم على املدﻯ الطويل، لكن ما حصل هو العكس ،سوريا قاومت برؤية واضحة وهذا أحد مصادر قوتها. ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﻰ ﻫﺠﻤﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﻣﺆﺍﻣﺮﺓ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻭﺷﺮﻛﺎﺀ ﻳ ﹼﺪﻋﻮﻥ »ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ« ،ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﹸ ﺷ ﹼﻨﺖ ﺿﺪ ﺳﻮﺭﻳﺎ؟ الهدف كان واضحا ً ،ضرب سوريا ،ما يعني ضرب املقاومة ومحورها وخلخلة املنطقة باعتبار سوريا الداعم األساسي للمقاومة في املنطقة والدفاع عن احلق وقضايا األمة العربية. وأيضا ً العدوان على سوريا هو حلقة من مشروع استعماري ،إعتقد أصحابه بأن الفرصة سانحة على ضوء األحداﺙ التي عصفت باملنطقة ،وأرادوا تصفية حساباتهم مع سوريا ألنها دولة ممانعة ومقاومة ،وبالتالي املهيمنة على املنطقة.
13
ﻣﺤﻮﺭ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺃﺛﺒﺖ ﻣﺤﻮﺭ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ،ﺃﻧﻪ ﺭﻗﻢ ﺻﻌﺐ ﺃﺛﺒﺖ ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﻭﺟﺪﻭﺍﻩ ﻭﺗﺮﺟﻢ ﺧﻄﻄﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﻭﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺜﺎﺭ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ ﻓﻲ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﻭﺃﺣﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﹸﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺤﻮﺭ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ؟ األسس التي بني عليها محور املقاومة هي األسس واملفاهيم التي زرعت في فكر وعقيدة كل مواطن شريف وهي التشبث باألرﺽ والدفاع عنها واإلﳝان بعودة احلقوق الضائعة إلى أصحابها واستنصار الضعيف حتى يحصل على حقه أينما كان في هذا العالم. وﻇهر مدﻯ قوة وصالبة محور املقاومة من خالل تطور األحداﺙ والوقائع امليدانية ،ﹼ وتأكد بأن محور املقاومة هو جبهة واحدة متكاملة وتعززت قدراته وهو يقوم بواجباته في حماية األرﺽ والشعب وانتزاع احلقوق وصون كرامة اإلنسان. وإستهداف سوريا يعني استهداف قضايا األمة ،وقضية اإلنسان العربي الذي يعيﺶ بحرية وكرامة ،وحرية الوطن واملواطن ال ﳝكن فصلهما، وبالتأكيد فﺈن احلرب الرعناء التي ﹸ شنﹼت ضد
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
غالف سوريا ستؤ ﹼثر على قضايا أمتنا ومنها القضية الفلسطينية. وهدف األعداء هو استهداف املواقف السورية املدافعة عن قضايا األمة بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاﺹ ورغم هول األزمة مازلنا نؤكد ونساند وندعم إخوتنا في فلسطني وكل حر شريف في الوطن العربي. وأيضا ً استهداف سوريا هو استهداف للدول التي وقفت الى جانب سوريا من األصدقاء واحللفاء ،وفي مقدمتها إيران وروسيا والصني، والقضايا في العالم متصلة وتتأثر ببعضها البعﺾ ،وهذا يعني أن سوريا وانتصارها بوابة لعالم جديد إلرساء معادالت وتوازنات جديدة. ﻛﻴﻒ ﺗﺮﻭﻥ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ، ﻭﻛﻴﻒ ﺍﺳﺘﻮﻋﺐ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺗﻬﺎ؟ أوهموا الشعب في العالم العربي بربيع عربي رسموﻩ فتح ﹼول املشهد إلى دمار عربي وتشتت وانهيار ،هناﻙ الكثير من املواطنني العرب أدركوا ويدركون حتى اﻵن خطورة هذﻩ املؤامرة وبدأوا العمل على إعادة حساباتهم طبعا ال ﳝكن إهمال دور التضليل اإلعالمي بتأثيرﻩ السلبي الذي شوﻩ احلقائق ،لذلﻚ أؤكد على أهمية األعالم بنقل احلقيقة وتوضيح احلقائق .وفي النتائﺞ خسر العالم العربي ماديا ً واقتصاديا ً واجتماعياً ،واخلاسر األكبر املواطن العربي ودورﻩ اإلنساني واحلضاري ،وهي عملية مبرمجة ،دفع العالم العربي أثمانها ،وتداعياتها ستكون كبيرة بالتأكيد.
ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﺃﺯﻣﺘﻬﻢ ﺑﺎﳊﻮﺍﺭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻱ ﺣﻞ ﻗﺎﺩﻡ ﻟﻸﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺍﻟﻬﺠﻤﺔ ﻭﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﺿﺪ ﺳﻮﺭﻳﺎ؟ احلوار البناء واملصاحلات الوطنية ،فاألسس ال يضعها إال السوريون أنفسهم فهم قادرون على حل األزمة والوقوف ضد هذﻩ املؤامرة. وبداية احلل هو في ﲢقيق حوار »سوري - سوري« ،واألولوية فيه حماية الوطن ووضع جميع اإلمكانيات املتاحة ﶈاربة اإلرهاب. واحلل أيضا ً يجب أن يكون دون أي تدخل خارجي أو فرﺽ أجندة خارجية و يعتمد على احلوار بني السوريني أنفسهم وﳒاﺡ هذا احلل متوقف على كل من يؤمن بوحدة سوريا واستقالل قرارها الوطني كطريق إلنهاء األزمة. وسيكون دور روسيا كشريﻚ في أن تساعد وترعى مبادرات احلوار. ﹼ ﹼ ﻧﺘﻮﻗﻌﻪ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎﹰ، ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﻴﺮ ﺍﳊﺮﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ، ﻭﺍﳌﺘﻌﺪﺩ ﺍﳌﺴﺎﺭﺍﺕ؟
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
بالطبع التحرﻙ العسكري وانتصارات اجليﺶ العربي السوري على األرﺽ هو األساس في توجيه احلراﻙ السياسي والدبلوماسي ،فالقوة على األرﺽ هي القادرة على تغيير املواقف والقرارات. واملطلوب تعزيز قدراتنا العسكرية باستمرار ودعم جيشنا بكل مستلزمات القوة ،فهو الوحيد القادر على حماية الوطن واملواطنني ودحر األعداء وأدواتهم. ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﻓﻲ ﺍﳋﺎﺭﺝ؟ الوطن للجميع والالجئون السوريون هم أبناء هذا الوطن العديد منهم خرج خوفا ً أو ترهيبا ً وهم مرحب بهم وبكل ﹶمن يود العودة الى أحضان الوطن والكثير اليوم يعودون ويتم تسوية أوضاعهم. ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺗﺸ ﹼﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﺳﺪ ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺣﻞ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ،ﳌﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﺪﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ،ﻫﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﳌﺪﻯ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﲤ ﹼﺪﺩ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﻣﺴﺘﻨﺪﺓ ﻓﻲ ﺧﻮﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ؟ الرئيس األسد وبعد أربع سنوات من األزمة قدم للعالم مثاال ً عن الرئيس الذي أحبه شعبه وآمن به إﳝانا ً مطلقا ً وترجم هذا احلب في اإلستحقاق الرئاسي والسياسة التي انتهجها في تأكيدﻩ على خطورة اإلرهاب والفكر التكفيري ،وقد فاجأ ذلﻚ الكثير من املراهنني واخلاسرين واليوم موقف واشنطن اجلديد ما هو إال اعتراف بفكر ومواقف الرئيس بشار األسد والتخوف من مد الفكر التكفيري اإلرهابي الذي ال ﳝكن ضبطه. وواشنطن لها حساباتها وهي بدأت تخاف متدد اإلرهاب الى مناطق على مصاحلها ،بعد أن ﹼ أخرﻯ من العالم ،وبالتالي ال ﳝكن قيادة العالم
1٤
الى اﺠﻤﻟهول. »ﺣﻞ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺣﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ« ،ﺣﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﲔ ﻣﹶﻦ ﻭﻣﹶﻦ؟ ﻫﻞ ﻫﻮ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﺔ ﻟﻠﺘﺤﺎﻭﺭ ﻣﻌﻬﺎ؟ طبعا ً احلل سيكون سوري – سوري بامتياز دون تدخل خارجي ،وكما قلت سابقا ً هو حوار بني كل من يؤمن بوحدة سوريا واستقالل قرارها الوطني، وهذا ما ﹼ أكدته احلكومة منذ بداية األزمة وعملت جاهدة لتطبيقه ،فاإلختالف في الرأي ال يفسد للود قضية واملعارضة الوطنية البناءة التي تؤمن باستقالل سوريا مرحب بها على طاولة احلوار وصوال ً إلى احلل. وهدف احلل السياسي وخطه األساسي هو املصاحلات الوطنية وضرورة إنهاء اإلرهاب وتعزيز سيادة الدولة على كل أراضيها. ونحن نسير قدما ً في املصاحلات الوطنية، وقد انتشرت في كل أنحاء الوطن ألن ﹶمن حمل السالﺡ من أبناء الشعب السوري أدرﻙ اﻵن أهمية املصاحلة كحل سوري لﻸزمة والعودة الى حضن الوطن ،وإلعادة إعمار سوريا ال بد من تكاتف األيدي رغم اختالف اﻵراء ،فمصلحة الوطن فوق كل املصالح. ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻦ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﻷﺯﻣﺔ ،ﻭﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺄﻟﹼﻢ ﻭﺃﺣﺒﻂ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺮﻳﺮ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﹺ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﳊﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻼﺣﻖ؟ أقول له املسؤولية كبيرة ،ولكن إﳝاني املطلق بأن كل مواطن شريف على امتداد هذا الوطن قادر على ﲢملها ،جميعنا تألم وعانى ولكن دائما ً الفرﺡ يخلق بقوة اإلرادة من قلب املعاناة.
ﺣﻮﺍﺭ :ﺷﻴﺮﻳﻦ ﺳﻴﺪﻭ ﻣﻜﺘﺐ ﺩﻣﺸﻖ
اإلرهاب التكفيري ...ﺻناعة ﺇستعمارية في توصيف اإلرهاب ال ﳝكن اختزال مضامينه وهي تتغ ﹼير حسب األﳕاط التي تناسب كل مرحلة ،وهناﻙ نوع من التعمية حول مفهوم اإلرهاب ،الذي قد يأتي على شكل “ثورة” كما حاولت الدول اإلستعمارية تسويقه خالل األحداﺙ التي امت ﹼدت منذ عام 2011وحتى اللحﻈة الراهنة ،هذا ال ينفي احلاجة الى التغيير نحو األفضل واستعادة اإلستقالل احلقيقي لعدد من الدول العربية التي راهنت على اجلانب األميركي والغربي في إيجاد تسوية في املنطقة ،ﲢفﻆ لﻸنﻈمة املرتهنة ماء الوجه أمام شعوبها ،تلﻚ التي وقعت أسيرة املعاهدات وتراجع دورها اإلقليمي واﶈلي بشكل تدريجي الى أن فقدت صالحيتها أمام شعوبها ،وكان ال بد من الثورة ﹼ والتحكم ﲟواردها وموقعها ودورها. احلقيقية إلعادة قرارها وال بد من اجلزم بأن الثورات احلقيقية يستحيل أن تنجح بأسلوب “تسليم املفتاﺡ” بدعم من قوﻯ خارجية ،ومثل هذا الفعل ال يستقيم مع واقع احلال وال مع منطق األشياء ،وبالتأكيد فالقوﻯ اخلارجية ال تريد إال مصاحلها فقﻂ ،وال يصح أن يتصور أحد أنها بعد املصالح تريد ﲢرير الشعب من احتالل أو ﲢقيق تنمية أو تعزيز إستقالله. املشروع الغربي وهو أميركي – أوروبي ،يزحف على خطني وبحركة كماشة على اجلناحني تطوق وﲢاصر ،واخلﻂ األول هو خﻂ الفتنة وهو مرئي ومسموع ومحسوس وهدفه إغراق املنطقة في صراع طويل وهو مبني على خطﻂ ومراحل ،وقد بدأ يزحف منذ عدة سنوات وعنوانه “صراع إسالمي – إسالمي”. واخلﻂ الثاني هو اخلﻂ املوازي خلﻂ الفتنة ،والذي يزحف بسرعة الفتة حتى يسبق غيرﻩ واملتم ﹼثل بتقسيم املنطقة على طريقة “سايكس – بيكو” مع تعديل تقتضيه املتغ ﹼيرات والوقائع اجلديدة. واخلرائﻂ اجلديدة ال توزع إرﺙ اخلالفة العثمانية كما فعلت قوﻯ اإلستعمار آنذاﻙ، ولكنها تترﻙ بعﺾ األدوار للعثمانيني اجلدد تبعا ً للوقائع اجلديدة ،من هنا نالحﻆ إحلاﺡ “رجب طيب أردوغان تركيا” على التحالف الغربي األميركي للحصول على منطقة “عازلة أو آمنة” أي اقتطاع جزء من األراضي السورية على طول الشريﻂ احلدودي تصلح ألن تكون حصته املفترضة. لكن هذﻩ احلسابات سقطت بفضل صمود سوريا ومعها محور املقاومة وما ﹼ شكله من قوة ردع فاعلة في مواجهة مثل تلﻚ املشاريع ،يضاف الى ذلﻚ فشل املشروع “اإلخواني” في املنطقة الى غير رجعة. واخلرائﻂ اجلديدة تبغي توزيع إرﺙ املشروع القومي العربي الذي ﹼ متكن من طرد اإلستعمار الغربي في مرحلة سابقة وحاول أن ﳝﻸ الفراﻍ ولكن ﰎﹼ محاربته واستنزاف قدراته خالل سلسلة من احلروب واألزمات ومن خالل الدور الوﻇيفي الذي أوكل للكيان الصهيوني كحارس ملصالح الدول اإلستعمارية ومعول هدم في جسد األمة العربية ومانعا ً لنهضتها والدور املكمل للقوﻯ الرجعية العربية التي ارتبطت بنيويا ً باملشروع اإلستعماري الغربي مفضلة مصاحلها اﻵنية الضيقة على حساب قضايا األمة بأسرها. “سايكس – بيكو” األولى ،كانت خطا ً على خريطة تصل بني عكا وكركوﻙ وساهمت في نشوء الكيان الصهيوني مع ما رافق ذلﻚ من إرهاب الدول وعصابات القتل املبرمﺞ. هذﻩ املرة ليس هناﻙ خطا ً فاصالً ،وإﳕا هناﻙ مواقع متناثرة ،والتقسيم في املرة األولى كان جغرافيا ً وتوزيع أوطان ،ولكن التقسيم هذﻩ املرة هو تقسيم موارد ومواقع ،وبوضوﺡ ما يجري تقسيمه اﻵن هو أوال ً النفﻂ وفوائضه ،مثلما حصل في ليبيا والعراق. وتطبيق “سايكس – بيكو” اجلديدة هو اإلرهاب الذي مت ﹼثله الدول اإلستعمارية التي جرﻯ توزيع نفﻂ ليبيا عليها ﲟوجب إمتيازات مفروضة ومن خالل نسب أذيعت على املﻸ )لفرنسا “ ٪ 30لشركة توتال” ،و ٪ 20لبريطانيا “شركة بريتﺶ بتروليم”( أي احلصة األقل ألنها أخذت الكثير من نفﻂ العراق ،وإيطاليا طالبت بحق مكتسب والشركات األميركية تلح على دخول قائمة الوارثني. وﰎﹼ تخصيﺺ املواقع من خالل قاعدة لﻸسطول السادس األميركي في طرابلس ومركز مخابراتي في بنغازي ،وطبرق لبريطانيا ،وإيطاليا ﲢتﺞ بأنها تاريخيا ً تعتبر
ليبيا منطقة نفوذ لها ،وكل هذا وصوت املعارﻙ ال يزال يدوي ،وسيل الدماء ال يزال يتدفق. إرهاب الدول اإلستعمارية بحق فلسطني وقضيتها التي جمعت العرب وم ﹼثلت محور الصراع العربي – الصهيوني عند محطة تاريخية معينة وحتى لو كان ذلﻚ شكالً بالنسبة للدول التي تدور في الفلﻚ األميركي وعمليا ً بالنسبة لسوريا ومصر ودول املواجهة آنذاﻙ ،في النهاية بقيت سوريا ومعها محور املقاومة وعمقه إيران ،ولكن على مستوﻯ الساحة اﺠﻤﻟتمعية ،لكن اإلرهاب مورس مرة أخرﻯ لتطويع األنﻈمة العربية التي ناصبت الكيان الصهيوني العداء ،يحاولون تركيعها طوعا ً أو كرها ً للقبول بالوجود الصهيوني واإلعتراف بشرعيته ،أي أن فلسطني تﹸذبح مرتني. وفي ﻇل هذا اإلرهاب يتع ﹼرﺽ الوطن العربي الى متزيق وحدته اجلغرافية واﺠﻤﻟتمعية، ويجري كل ذلﻚ ﲢت مﻈلة الغرب األميركي وهيمنته وعربدة الكيان الصهيوني، ويعترف معﻈم العرب بشرعية الكيان ويفاوضونه في محاولة إلسترجاع ما ﳝكن إسترجاعه أو إرجاعه وكأن الغرب صاحب احلق املطلق واإلرادة والهيمنة املطلقة ،وال سبيل أمام “العرب” إال القبول. وجاءت احلركات التي تدعي “اإلسالم” أمثال “داعﺶ” و”النصرة” وغيرها وبشكل عنيف ودموي لتعطي شرعية للنﻈام الرسمي العربي الذي إرتبﻂ بعجلة القوﻯ الغربية وإلعتبارها أهون من هذﻩ احلركات فيما لو أتيحت لها الفرصة أو لو وصلت الى سدة احلكم وأعطت “شرعية” للكيان الصهيوني في ممارسة إرهابه ،والتقى اجلانبان ﲢت املﻈلة األميركية وﲟباركة منها للتصدي لﻺرهاب اجلديد وعملية خلﻂ لﻸوراق. ال يولد اإلرهاب من فراﻍ بل هو نتاج كل الﻈروف والتراكمات السلبية التي تركت بصماتها على أرﺽ الواقع ،هو نتاج احلروب والعدوان واملشاريع اإلستعمارية. ويبدو اإلرهاب كعارﺽ جديد في الدول اإلستعمارية رغم أنه صنيعتها ويرتد عليها كلما سنحت له الفرصة ،إنه كالوباء عابر للحدود وال يحتاج الى إجازة مرور، وهو يستغل الدين وطهارته ،وهو ال دين له في الواقع ،وهو ينكر علينا كل مقدساتنا، ويﹸحرف ويبدع في اختالق الذرائع والنواهي ،فهو تكفيري سبيله القتل والدمار. وفي عصر العوملة ،يأخذ اإلرهاب أشكاال ً جديدة ،ويصبح الفقر والبطالة واجلوع والقهر والفساد ﲟثابة الناﰋ الفعلي لهذا العصر مع ما يرافق ذلﻚ من أزمات إقتصادية واجتماعية وحروب ال حدود لها. يتم تسليحه؟ والسؤال ،من جديد ،ما منشأ اإلرهاب و ﹶمن املستفيد منه وكيف ﹼ وما هي أهدافه القريبة والبعيدة؟ كل هذﻩ املفردات ﳒدها في قاموس الدول اإلستعمارية. اإلرهاب صنيعة تلﻚ الدول وهي املستفيدة على حساب ضحايا أبرياء ال ذنب لهم سوﻯ أنهم وجدوا في عصر القوﻯ الغاشمة عدوة الشعوب.
15
ﻟﻴﺪﻳﺎ ﺃﺑﻮﺩﺭﻏﻢ العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
وهاب استﻘﺒل فتحعلي وعرﺽ معه األوﺿاع في لﺒنان والمنطﻘة إستقبل رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب ،بعد ﻇهر اليوم ،في مكتبه في بيرت ،سفير اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في لبنان محمد فتحعلي ،بحضور املستشار األول في السفارة اإليرانية السيد جاويد واملستشار السياسي للوزير وهاب ياسر الصفدي. تناول اللقاء األوضاع في لبنان واملنطقة ،ﹼ أكد خالله اجلانبان على ضرورة دعم اجليوﺵ في لبنان وسوريا والعراق واملقاومة ملواجهة خطر اإلرهاب التكفيري في املنطقة. وبعد اللقاء أثنى وهاب على دور “اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية التي ﲢتضن كل حركات املقاومة في املنطقة والتي لم تقصر يوما ً ال في فلسطني وال في لبنان وال في كل األماكن التي كانت حركات املقاومة بحاجة إليها، تقدم الدعم اليوم لصمود سوريا ولبنان والتي ﹼ والعراق ،ولهذﻩ املواجهة الكبيرة التي نخوضها في مواجهة اإلرهاب” ،موضحا ً أن “اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية هي أول ﹶمن أدرﻙ اخلطر التكفيري واإلرهابي في املنطقة عندما كانت بعﺾ الدول األوروبية والغربية غارقة في بعﺾ الشعارات الكاذبة والرنانة والتي بدأت تنعكس اليوم سلبا ً عليها عندما كانوا يتحدثون عن تغيير وربيع ومعارضات هذﻩ معتدلة وتلﻚ فتبني بعد كل هذﻩ ليبرالية وما الى ذلﻚ، ﹼ التجربة بأن املعركة هنا بني محورين محور إرهابي وآخر يرفﺾ اإلرهاب بقيادة اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية وﲟشاركة اجليوﺵ في املنطقة منها اجليﺶ العراقي والسوري واللبناني الذين يلعبون دورا ً كبيرا ً ويحﻈون بدعم كبير من اﺠﻤﻟهورية اإلسالمية اإليرانية في مواجهة هذا الوحﺶ التكفيري” ،مستنكرا ً “كل ما حصل من إرهاب في العالم خاصة في فرنسا في الفترة األخيرة” ،متمنيا ً “أن يكون ما حصل حافزا ً لتلﻚ الدول لتعديل سياستها في املنطقة والشروع فورا ً في دعم اجليوﺵ والقوﻯ التي تواجه اإلرهاب وفي طليعتها اجليﺶ السوري والعراقي واللبناني واملقاومة التي لعبت الدور الكبير في مواجهة اإلرهاب على كل الساحات في املنطقة العربية”. كما متنى وهاب “من بعﺾ الدول العربية الغائبة :إما الغائبة عن الوعي وإما الغائبة عن هذﻩ املواجهة ،أن تدرﻙ بأن هذا اإلرهاب سيصل إليها أكان عاجالً أو آجالً وعليها أن تدرﻙ بأن هناﻙ ضرورة إلنخراطها في مواجهة هذا اإلرهاب
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
وهاب مستقبالً السفير اإليراني في لبنان محمد فتحعلي
وشريكة في تلﻚ املواجهة ألنها قد تكون إحدﻯ ضحاياﻩ”. ثمن سفير اجلمهورية اإلسالمية جهته من ﹼ اإليرانية محمد فتحلي تلﻚ الزيارة التي تناولت الكثير من امللفات السياسية ذات اإلهتمام املشترﻙ” ،مثمنا ً عاليا ً “املواقف املبدئية والثابتة والراسخة املتخذة من قبل معالي الوزير وهاب ﲡاﻩ كل التطورات السياسية اجلارية على
1٦
الصعيدين اللبناني واإلقليمي خاصة املواقف الراسخة واملبدئية والثابتة في مجال احتضان ومؤازرة نهﺞ املقاومة ومحور املمانعة” ،الفتا ً الى الرؤﻯ املشتركة بني اجلانبني ،خالل اللقاء“ ،في أن تكون التطورات السياسية اجلارية من حولنا بالشكل الذي يؤدي الى املزيد من الهدوء واألمن واإلستقرار في ربوع لبنان الشقيق” ،متوجها ً الى وهاب بالتهنئة بحلول العام اجلديد.
...وﺯار المفتي دريان: خطاب المفتي جامﻊ لكل اللﺒنانين
زار رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب ،على رأس وفد من مشايخ هيئة العمل التوحيدي وأعضاء املكتب السياسي في احلزب ،مفتي اجلمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار اإلفتاء ،لتهنئته ﲟنصبه. وبعد اللقاء قال وهاب“ :أتينا اليوم ملباركة صاحب السماحة” ،مثنيا ً على “اخلطاب الذي تفضل به سماحته منذ توليه دار اإلفتاء وهو خطاب كل ﹼ مؤكدا ً “أن صاحب السماحة اليوم اللبنانيني”، في خطابه يوحد كل املسلمني حول هذا اخلطاب، الذي ﳝكن أن يكون جامعا ً ليس لكل املسلمني في لبنان فقﻂ ،ال بل لكل اللبنانيني”. وأضاف“ :بكل صراحة ،لقد تابعناﻩ منذ وصوله الى دار الفتوﻯ ،تابعنا كل خطاباته حول الوضع اللبناني ،والوضع اإلسالمي والوضع العربي، ما ﹼ دل على أن صاحب السماحة هو صاحب فكر وموقف واضحان ،ويحاول إعادة تصويب كل الصراع في املنطقة ،وهو أكد لنا وهذا ما أفرحنا بأنه يجب على العرب وعلى املسلمني إعادة تصويب الصراع باﲡاﻩ العدو األساسي “إسرائيل” ،والقضية األساسية القدس الذي نرﻯ ما تتحمله اليوم نتيجة العدوان اإلسرائيلي عليها ،لذلﻚ نحن نعتبر أن هذا اخلطاب ﳝثل كل املسلمني ،كما ﳝثل كل اللبنانيني ،باإلضافة الى تأكيد سماحته بأن اإلرهاب قبل أن يكون عدوا لﻶخر هو عدو للمسلمني ،وهذﻩ الدار -إن شاء
وهاب خالل زيارته املفتي دريان على رأس وفد من هيئة العمل التوحيدي
اﷲ -بوجود صاحب السماحة ستكون دارا ً لكل املسلمني اللبنانيني وغير اللبنانيني ،وستكون دارا ً لكل اللبنانيني” ،مشددا ً على “قيام مؤسسة جامعة ،مؤسسة ﲡمع كل املذاهب اإلسالمية في لبنان وأن تتحول الى مؤسسة حقيقية ،وأن تتحول هذﻩ القمة اإلسالمية التي تعقد بني احلني واﻵخر الى مؤسسة حقيقية تبدأ ﲟعاجلة القضايا التي تهم كل املسلمني وتكون بقيادة هذﻩ الدار التي هي السد املنيع في مواجهة اإلرهاب الذي أتى الى املنطقة والذي بدأ يطرق األبواب اللبنانية”، مشيدا ً ﲟوقف صاحب السماحة من املؤسسة العسكرية التي يعتبرها خطا ً أحمر يجب الدفاع عنه ودعمه لتثبيت األمن واالستقرار في لبنان”. وردﹼﹰا على سؤال :هل تتوقع إجراء انتخابات رئاسية؟ أجاب وهاب“ :ال أرﻯ أن هناﻙ ﻇروفا ً
17
جدية إلجراء هذﻩ االنتخابات ،كنا نحسب حساب املفاوضات اإليرانية -األميركية ،التي ﹸمددت ،ويبدو بأن هذا األمر سيأخذ وقتا ً أكثر ،معتبرا ً أن موضوع اإلنتخابات الرئاسية سيبقى معلقاً ،إال إذا أخذ احلوار اللبناني – اللبناني مداﻩ” ،داعيا ً -من دار الفتوﻯ -الرئيس سعد احلريري للعودة الى لبنان ألن الوضع اللبناني بحاجة لعودة الرئيس سعد احلريري ألنه يعطي زخما ً كبيرا ً للحوار مع “حزب اﷲ” ومع األطراف اﻵخرين ،وهذا احلوار هو حاجة ماسة للبنان وللبنانيني ،ويشكل ضمانة وحماية للوضع اللبناني في ﻇل األخطار احلالية ،موضحا ً أنه إذا بدأ حوار جدي بني كل األطراف اللبنانية ممكن أن متر اإلنتخابات الرئاسية في ﻇل هذا احلوار، أما إذا بقيت اخلطوط مقطوعة كما هي اليوم أعتقد بأن اإلنتخابات ستبقى مؤجلة”. العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
...وبعد لﻘاﺋه مﻘﺒل: على مجلﺲ النواب تﺄمين األمواﻝ لدعﻢ الجيﺶ
زار رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب يرافقه مستشارﻩ السياسي ياسر الصفدي ،نائب رئيس مجلس الوزراء ،وزير الدفاع الوطني سمير مقبل في مكتبه في وزارة الدفاع -في اليرزة ،تناول اللقاء األوضاع في املنطقة وخاصة مواجهة اإلرهاب ودعم اجليﺶ ،ﹼ أكد خالله وهاب »على ضرورة اإلستثمار باألمن« ،داعيا ً »كل املسؤولني في السلطتني التشريعية والتنفيذية أن يتجاوبوا ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
مع هذا اإلستثمار ،خاصة في مجلس النواب الذي تقع على عاتقه مسؤولية تأمني كل مستلزمات اإلستثمار باألمن«. وإذ أشاد ﲟواقف دولة الرئيس سمير مقبل في »مواجهة اإلرهاب ودعم اجليﺶ واجلهود التي يقوم بها لتأمني الدعم الالزم للمؤسسة العسكرية لتستطيع مواجهة االرهاب«، أشار وهاب الى الهبات التي ﹸمنحت للجيﺶ، داعيا ً »مجلس النواب الى ضرورة تأمني كل
18
األموال الالزمة لهذﻩ املؤسسة ألننا اليوم على أبواب مرحلة دقيقة وخطيرة ،ولبنان كما تعرفون مستهدف في هذﻩ املرحلة كما حال دول املنطقة ،لذا يجب تأمني كل الدعم الالزم للجيﺶ اللبناني الذي أثبت قدرته بالردع وعلى حماية لبنان«. كما زار وهاب قائد اجليﺶ جان قهوجي وجرﻯ عرﺽ لﻸوضاع األمنية على الساحة اللبنانية.
...وﺯار السفير الفلسطيني في لﺒنان زار رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور ،يرافقه مستشارﻩ السياسي ياسر الصفدي ورئيس مجلس األمناء في احلزب عصمت العريضي ،في مقر السفارة ،في بئر حسن ،تناول اللقاء ضرورة االعتراف بالدولة الفلسطينية ووضع اﺨﻤﻟيمات الفلسطينية في لبنان ﹼ أكد وهاب خالله على الوقوف خلف القيادة الفلسطينية ،التي ستتوجه الى األﱈ املتحدة لفرﺽ اإلعتراف بها وهي اليوم في مرحلة دقيقة وخطيرة ألن نتنياهو وقيادة العدو تقود معركة حياة أو موت في هذا املوضوع وواضح الضغﻂ الذي متارسه على السلطة الفلسطينية من أجل ذلﻚ” ،موضحا ً أهمية الوقوف الى جانب الدولة الفلسطينية في الوقت الذي تواجه احلرب عليها خاصة بعد أن بدأنا نلمس تغيرا ً كبيرا ً في مواقف الكثير من الدول” ،مشيدا ً “باخلطوات التي تتم في بعﺾ الدول األوروبية )دول اإلﲢاد األوروبي( عبر بعﺾ البرملانات وبعﺾ احلكومات التي بدأت تتحرر الى حد كبير من الضغﻂ الصهيوني عليها في موضوع فلسطني فبدأت تضغﻂ على حكومتها لضرورة اإلعتراف بالدولة الفلسطينية التي يجب أن تقام وفق قرار املوقف الرسمي الفلسطيني على حدود الـ ٦7ولكن نحن تربينا لنقول على كل فلسطني من البحر الى النهر هكذا نفهم فلسطني وهكذا نعرفها”. وفي سياق متصل ﹼ أكد وهاب على حرﺹ السفير دبور في أن تكون اﺨﻤﻟيمات الفلسطينية في لبنان ﲢت سقف القانون والسلطة اللبنانية والسلم األهلي اللبناني ،ورفضه والقوﻯ الفلسطينية الوطنية األخرﻯ املتواجدة في لبنان أي تواجد إرهابي داخل اﺨﻤﻟيمات وأي محاولة من البعﺾ ألن تشكل اﺨﻤﻟيمات ملجأ لﻺرهاب ،هذﻩ اﺨﻤﻟيمات التي يتواجد فيها شعبنا الفلسطيني
وهاب خالل زيارته السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور
يجب أن يكون القرار فيها ملﻚ هذا الشعب وأهلها وقواها الوطنية وليس ملﻚ أي حفنة ﲢاول جر اﺨﻤﻟيمات الى ما ال يريدﻩ لبنان وال تريدﻩ فلسطني” ،داعيا ً الى “اإلهتمام باﺨﻤﻟيمات وباحلالة اإلجتماعية
19
للفلسطينيني وعلى األقل تأمني احلد األدنى من اخلدمات لهم ،ألنه آن األوان لننﻈر الى هذا املوضوع بهذﻩ الطريقة ال أن نتحدﺙ فقﻂ في موضوع السالﺡ أو اإلرهاب”. العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
...وﺇستﻘﺒل الشيﺨين أﺣمد الﻘطان وماهر عﺒد الرﺯاق واستقبل وهاب في مكتبه في بئر حسن الشيخني أحمد القطان وماهر عبد الرزاق بحضور عدد من مشايخ هيئة العمل التوحيدي ومستشارﻩ السياسي ياسر الصفدي ورئيس مجلس األمناء في احلزب عصمت العريضي. وتناول اللقاء األوضاع اﶈلية واإلقليمية وشؤون إسالمية ،حيث ﹼ أكد اجلانبان على أهمية احلوار بني “حزب اﷲ” و”تيار املستقبل” ودعم املؤسسة العسكرية. وبعد اللقاء أثنى وهاب على مواقف الشيخني “املؤيدة للمقاومة والدعوة الى اإلسالم احلقيقي الذي نفهمه ،إسالم اﶈبة والتسامح وإسالم رسول اﷲ )ﺹ( وليس اإلسالم األميركي التكفيري الذي نراﻩ اليوم” ،داعيا ً الى “مشروع على مستوﻯ األمة ملواجهة الوحﺶ التكفيري الذي سيفتﻚ بهذﻩ األمة إذا استمر على هذﻩ السياسة أو إذا سمحنا له بأن يستمر في تصاعدﻩ احلالي”. ورحب وهاب “باحلوار بني “حزب اﷲ” و”تيار املستقبل” الذي سيخفف من االحتقان املذهبي ويفتح أفق أخرﻯ لتسوية على الساحة اللبنانية ما سينعكس إيجابا ً على كل األوضاع أكانت أمنية أو سياسية خاصة وأن الوضع يستدعي الوقوف الى جانب اجليﺶ اللبناني الذي يخوﺽ باسمنا جميعا ً املعركة ضد اإلرهاب وضد التكفير” ،داعيا ً “للوقوف الى جانب اجليﺶ دون شرط ودون أي مقابل ألن اجليﺶ يدفع الدم اليوم حماية لكل اللبنانيني ونيابة عنهم”. من جهته ﹼ أكد الشيخ أحمد القطان على أهمية احلوار بني “حزب اﷲ” و”تيار املستقبل”، الذي ال بد أن يعكس أجواء مريحة بالنسبة للشعب اللبناني. وإذ أمل أن يكون احلوار ناجحا ً وبناء ويعالﺞ كل اخلالفات التي تأزم مذهبيا ً وسياسيا ً الوضع في لبنان ،ﹼ أكد الشيخ القطان وقوفه مع أي حوار لبناني -لبناني من شأنه أن يريح الشارع من الناحية املذهبية والطائفية” ،داعيا ً الى دعم املؤسسة العسكرية ألنها الضامن الوحيد ألمن لبنان واستقرارﻩ ووحدته ،موضحا ً أن “ما نراﻩ اليوم من التكفيريني واإلرهابيني ال ﳝثل أي طائفة أو مذهب -وخاصة نحن كمسلمني سنﹼة نعتبر هؤالء خارجني عن اإلسالم ال دخل لهمبتعاليم ومنهﺞ وسنة محمد )ﺹ(” ،داعيا ً جميع اللبنانيني ملواجهة هذا اإلرهاب التكفيري”. من جهته الشيخ ماهر عبد الرزاق ﹼ أكد على “ضرورة اإلسراع في حل ملف العسكريني
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
وهاب مستقبالً الشيخني أحمد القطان وماهر عبدالرزاق
اﺨﻤﻟطوفني معتبرا ً أن كثرة الطباخني وزحمة املفاوضني من شأنها أن تفسد هذا امللف وﲡعله أكثر تعقيداً ،داعيا ً الى أن يكون هذا امللف حصريا ً بيد اللواء عباس ابراهيم الذي هو على دراية ومعرفة مسبقة بهذﻩ اﺠﻤﻟموعات وكيفية التعامل معها والى أهمية وضرورة التعاون الكامل مع اللواء ابراهيم متوجها ً الى
20
السياسيني بعدم التشويﺶ عليه واختراع مفاوضني جدد في هذا امللف ﲟا يضر ﲟصلحة هذا امللف” ،مرحبا ً باحلوار القائم بني “حزب اﷲ” وتيار املستقبل ألنه يحصن لبنان ملا له من ضرورة وطنية وحاجة إسالمية لكل الشارع اللبناني آمالً أن يكون حوارا ً بناء منتجا ً صادقا ً وشفافا ً يحل كل األزمات العالقة”.
...وﺷارﻙ في لﻘاء الﻘيادات الحزبية شارﻙ رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب في اللقاء الذي جمع عددا ً من القيادات احلزبية والشخصيات الوطنية اللبنانية ،بدعوة من رئيس اﺠﻤﻟلس السياسي في “حزب اﷲ” السيد إبراهيم أمني السيد. بداية ،وجه اﺠﻤﻟتمعون التحية لروﺡ فقيد لبنان ،دولة الرئيس عمر كرامي، متوجهني بالعزاء إلى عائلته وإلى اللبنانيني عامة وأهل طرابلس خاصة، “سائلني املولى أن يتغمدﻩ بواسع رحمته”. وتباحث اﺠﻤﻟتمعون في ما يجري من تطورات في املنطقة ولبنان وتوافقوا على “ضرورة توحيد اجلهود للمصلحة الوطنية والقومية” ،مؤكدين “أهمية مناﺥ احلوار املوجود بني اللبنانيني” ،آملني في “أن يؤدي هذا املناﺥ إلى حل األزمات السياسية واألمنية واالقتصادية املوجودة في البلد”. كما أشار اﺠﻤﻟتمعون “إلى ضرورة ﲢصني لبنان ملواجهة األخطار املتمثلة بالعدو الصهيوني واإلرهاب التكفيري”. وتوجه اﺠﻤﻟتمعون بالتحية إلى اجليﺶ اللبناني ،والقوﻯ األمنية “على تضحياتها في سبيل حفﻆ أمن لبنان وسالمته” ،كما أكدوا “رهانهم الدائم على املقاومة ،إلى جانب اجليﺶ والشعب ،في الدفاع عن لبنان في مواجهة كل األخطار التي ﲢدق به”.
...ومن الجاهلية :لتنسيﻖ فعلي بين الجيشين اللﺒناني والسوري والمﻘاومة للﻘضاء على التكفيريين
أعلن رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب أن “اجليﺶ اللبناني أثبت مرة جديدة أنه قادر على اتخاذ القرار وعلى حسم املعركة وحماية حدود لبنان عندما يتوفر القرار السياسي والقيادة الشجاعة كما هو حاصل اليوم” ،محييا ً اجليﺶ قيادة وعناصر على ﳒاحه في املواجهة التي خاضها في جرود رأس بعلبﻚ خالل اليومني املاضيني” ،مقدما ً “التعازي بالشهداء الذين سقطوا ونشد على أيدي اجلنود الذين يسهرون على طول احلدود اللبنانية” ،داعيا ً اللبنانيني أن يكونوا مطمئنني بأن لديهم جيشا ً قادرا ً على مواجهة اإلرهابيني وعلى قتلهم ومنعهم من دخول األراضي اللبنانية ،الى جانب حلفائه من الشعب اللبناني واملقاومة البطلة التي تساهم في كثير من املناطق في حماية لبنان وكل اللبنانيني وكل املناطق اللبنانية دون استثناء”. ﹼ وأكد وهاب ،خالل استقباله وفودا ً شعبية من أمت دارته في اجلاهلية، كافة مناطق وقرﻯ اجلبل ،ﹼ أن “املواجهة التي أرادها التكفيريون في رأس بعلبﻚ هي عملية غدر جديدة باجليﺶ ،ﲢ ﹼولت الى مواجهة حقيقية دفع فيها اإلرهابيون الثمن”، متمنيا ً أن “تتط ﹼور تلﻚ املواجهة بﺈﲡاﻩ تنسيق فعلي بني اجليﺶ اللبناني واجليﺶ السوري واملقاومة ،ألنه دون هذا التنسيق الفعلي ال ﳝكن القضاء على هذا اخلطر املوجود في هذﻩ املنطقة التي تقع بني احلدود اللبنانية – السورية” ،كما
متنﹼى “على بعﺾ اللبنانيني وبعﺾ املسؤولني اللبنانيني أن يتجاوزوا عقدهم الشخصية والسياسية ويسمحوا للجيﺶ اللبناني أو يشجعوا اجليﺶ اللبناني على التنسيق مع اجليﺶ السوري واملقاومة إلنهاء هذﻩ البؤرة التي ستبقى مصدر تهديد للبنان إذا بقي التعاطي معها بهذﻩ الطريقة وال يجوز أن يبقى اجليﺶ بالنتيجة مستنفرا ً بدرجة عالية باستمرار على احلدود إنتﻈارا ً لهجوم أو خرق من هنا أو هناﻙ”. وأشار وهاب الى موضوع طرابلس“ ،حيث انتقلنا من مشكلة أمنية الى مشكلة إنسانية” ،داعيا ً الى إطالق سراﺡ املوقوفني ﲟا
21
فيهم قادة اﶈاور إذا لم يكن أحد منهم متورطا ً في قتل مباشر لعناصر اجليﺶ أو ألبرياء آخرين”، ﹼ مؤكدا ً أهمية القيام ﲟصاحلة حقيقية في ً طرابلس ،داعيا “تيار املستقبل والرئيس ﳒيب ميقاتي والوزير فيصل كرامي واألخوة في احلزب العربي الدﳝقراطي الى القيام ﲟصاحلة جدية، واملبادرة إليها إلراحة طرابلس وأهلها والتي أﻇهر تفجيرا جبل محسن بأنها غير متعثرة أو غير مستحيلة حيث ﻇهر كل التعاطف الوطني والطرابلسي مع أهالي جبل محسن، ما يجب أن يؤسس الى مصاحلة حقيقية على وجه السرعة”. العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
وهاب معزياً بوفاة الملﻚ السعودي عﺒدﷲ بن عﺒد العزيز
شارﻙ رئيس “حزب التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب في التعازي بوفاة امللﻚ السعودي عبداﷲ بن عبد العزيز ،الذي أقيم في قاعة الرئيس الشهيد رفيق احلريري في مسجد محمد األمني -وسﻂ بيروت، قدم التعازي لسفير اململكة العربية السعودية في لبنان علي حيث ﹼ
عواﺽ عسيري وأعضاء السلﻚ الدبلوماسي العامل في السفارة. سجل املعزين بامللﻚ عبداﷲ ورأﻯ وهاب في كلمته التي دونها في ﹼ أن“ :بفقدانه تخسر أمتنا العربية واإلسالمية قائدا ً كبيرا ً بقي على إلتزاماته ﲡاﻩ أمته وشعبه”.
وهاب ﻗدﻡ واجﺐ العزاء على رأس وفد بالرﺋيﺲ الراﺣل عمر كرامي
تقاطرت الوفود الرسمية والشعبية الى قاعة املؤمترات في معرﺽ رشيد كرامي الدولي في طرابلس ،لتقدﱘ واجب العزاء بالرئيس الراحل عمر كرامي ،حيث تقبل التعازي شقيقه معن وﳒالﻩ خالد وفيصل عمر كرامي ،الرئيس ﳒيب ميقاتي وافراد العائلة. وقد حضر معزيا ً الوزير وئام وهاب على راس وفد من حزب التوحيد العربي وهيئة العمل التوحيدي.
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
22
وهاب خﻼﻝ لﻘاء تضامني مﻊ الشيﺦ سلمان: الفتنة لن تحدﺙ وﻗدرنا اإلنتصار
شارﻙ رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب ،بلقاء علمائي وسياسي حاشد تضامنا ً مع أمني عام جمعية البحرينية اإلسالمية »الوفاق« املعارضة سماحة الشيخ علي سلمان ،الذي اعتقل بقرار مجنون من السلطة البحرينية. وأقيم اللقاء في مطعم الساحة – طريق املطار ،بحضور نائب األمني العام لـ »حزب اﷲ« الشيخ نعيم قاسم ،املتحدﺙ باسم املعارضة البحرينية الشيخ حسن سلطان ،املفتي اجلعفري املمتاز الشيخ أحمد قبالن ،الشيخ ماهر حمود ،وعدد من الشخصيات السياسية والدينية وحشود شعبية. وكانت لوهاب كلمة توجه فيها الى ملﻚ البحرين حمد بن عيسى آل خليفة
قائالً» :قدرﻙ السقوط أمام قرار الشعب في البحرين ،لن ينقذﻙ أحد أو يدعمﻚ ﹶملﻚ هو بحاجة لدعم ،فﺈرادة شعبنا أقوﻯ ،وبالتﻈاهر السلمي ستسقطﻚ البحرين ولن تفيدكم خطتكم إلنقاذ عرشكم«. ورأﻯ وهاب أن »البحرين ستنتصر وكذلﻚ العراق وسوريا« ،معتبرا ً أنه »طاملا في هذﻩ األمة شخﺺ كاألمني العام لـ »حزب اﷲ« السيد حسن نصراﷲ لن ﲢدﺙ الفتنة وقدرنا اإلنتصار«. وختم وهاب كلمته قائالً» :الى احلر ﹼية يا شيخ علي مهما طال الزمن والى مزابل التاريخ أيها احلكام الﻈالم« ،مقدما ً ﲢيته للشيخ سلمان في سجنه والشعب البحريني في سجنه األكبر. من جهته ،دعا نائب األمني العام لـ
23
»حزب اﷲ« الشيخ نعيم قاسم »الى اإلفراج الفوري عن الشيخ علي سلمان وعن القيادات والنساء وشعب البحرين املوجود في سجون احلكم الطاغي ﹼ مؤكدا ً أن »شعب البحرين هناﻙ«، هو في اخلﻂ املقاوم وكان يقف الى جانب القضية الفلسطينية ودفع ثمنا ً لتأييد هذﻩ القضية« ،متوجها ً لنﻈام البحرين بالقول »عندما أدخلتم الشيخ سلمان الى السجن بدأت حريته احلقيقية التي ستبقى نورا ً وعلﹶما ً ال تستطيعون ﲡاوزﻩ وخير لكم أن تستدركوا ألنه ملصلحة اجلميع ومصلحة شعب البحرين«. وكانت كلمات دعت النﻈام البحريني الى التوقف عن اإلستبداد والعودة الى احلوار وإنصاف الناس، كما دعت لﻺفراج الفوري عن الشيخ سلمان. العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
مفوﺿية السيدات في ﺣزب التوﺣيد العربي و ّﺯعت الهدايا بمناسﺒة عيدي الميﻼد ورأس السنة
برعاية وحضور رئيسة املؤسسة التوحيدية اجلميع باخلير والبركة ،نتمنى أن تكون السنة للخدمات االجتماعية السيدة لني وهاب ،وﲟناسبة املقبلة سنة محبة ويسر وبحبوحة ،كما نأمل حلول عيدي امليالد ورأس السنة ،ﹼ نﻈمت مفوضية يعم الفرﺡ واالستقرار واألمن الوطن العربي أن ﹼ السيدات في حزب التوحيد العربي إحتفاالً ،في عامة ولبنان خاصة ،على أن تتكاتف اجلهود لبناء مركز احلزب في اجلاهلية ،وزﹼع خالله »بابا نويل« وطن مزدهر متقدم هدفه وحدة الكلمة ورﺹ الهدايا على األطفال واألغطية على احلاضرين، الصفوف ملواجهة أي خطر يريد النيل من وحدتنا على أنغام موسيقى وأغاني العيد التي أضافت وإرادتنا ألننا شعب يؤمن باحلرية وبأن الوطن جوا ً من الفرﺡ وأدخلت البهجة والسعادة الى جلميع أبنائه«. وتابع» :نحن في حزب التوحيد العربي يدنا ممدودة قلوب األطفال. جلميع األفرقاء للتعاون ﲟا فيه مصلحة بناء الوطن، حضر االحتفال كل من أمني الداخلية الرفيق وهذا ما تعلمناﻩ في مدرستنا التوحيدية التي يقود هشام األعور ،ورئيس الرابطة األدبية االجتماعية مسيرتها قائدنا املناضل الرفيق وئام وهاب -أطال اخليرية في اجلاهلية األستاذ نبيه العياﺹ ،وعدد اﷲ بعمرﻩ -ألننا به انتصرنا في معركة استعادة من األصدقاء واملناصرين. اجلاهلية في الشباب ملفوﺽ تخلل اإلحتفال كلمة الكرامة وإثبات الوجود«. الرفيق جهاد أبوذياب يلقي كلمته رحب خاللها باحلضور مهنئا ً وفي اخلتام توجه أبوذياب بالشكر الى كل ﹶمن الرفيق جهاد أبوذياب ﹼ اجلميع بحلول عيدي امليالد ورأس السنة ،جاء فيها: شاركهم فرحة العيد والى مفوضية السيدات »يسرني اليوم أن أقف أمامكم متحدثا ً باسمي وباسم رفاقي في جلهودها الدائمة في إقامة املناسبات التي ﲡمع اجلميع في أجواء من حزب التوحيد العربي ،في مناسبة حلول العام اجلديد أعادﻩ اﷲ على الفرﺡ والسعادة واﶈبة«.
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
2٤
مفوﺿية الجاهلية للسيدات ّ نﻈمت دورة تمريضية
ﲢت عنوان “التمريﺾ رسالة إنسانية” ،ﹼ نﻈمت مفوضية اجلاهلية للسيدات في حزب التوحيد العربي ،دورة متريضية، في مركز احلزب في اجلاهلية ،هدفت من خاللها الى جمع أكبر عدد ممكن من الشباب والشابات للتمرس بالعمل التمريضي، ليكونوا على جهوزية تامة عند قيامهم بواجبهم اإلنساني حيال حدوﺙ أي طارﺉ. واستكماال ً لهذﻩ الدورة أقامت املفوضية حملة فحﺺ لفئات الدم ،ليكون لديها أرشيفا ً بجميع فئات الدم إلستخدامها عند احلاجة. وفي ختام الدورة ﰎﹼ توزيع شهادات على املشاركني واملشاركات في الدورة ،بحضور أمني الداخلية واإلعالم في احلزب الرفيق هشام األعور ،فكان كلمة ملفوضية اجلاهلية للسيدات ألقتها املفوضة ندﻯ أبوذياب ﹼ أكدت فيها على أهمية هذا النوع من النشاطات ليكون اجلميع على جهوزية تامة ما ﳝكنهم القيام بواجبهم اإلنساني عند أي طارﺉ قد يحدﺙ ،متوجهة بالشكر الى أمانة الداخلية مثنية على جهودها الدائمة للقيام بجميع النشاطات التي تفيد اﺠﻤﻟتمع، كما توجهﹼ ت بالشكر الى الطاقم التمريضي املمثل باملمرﺽ غسان العياﺹ الذي أفاد اجلميع بخبراته التمريضية.
بلدية الجاهلية والرابطة األدبية اإلجتماعية الﺨيرية والهيﺌات اإلجتماعية جالت على بلدات بنويتي وسرجﺒاﻝ ووادي بنحليه مهنﺌة باألعياد
ﲟناسبة حلول عيدي امليالد ورأس السنة اجلديدة ،وفي جو من اﶈبة والتﺂلف ،قامت بلدية اجلاهلية والرابطة األدبية االجتماعية اخليرية في اجلاهلية ،والهيئات اإلجتماعية في البلدة بجولة على بلدات بنويتي وسرجبال ووادي بنحليه للتهنئة بحلول عيدي امليالد ورأس السنة اجلديدة بحضور رؤساء وأعضاء بلديات تلﻚ القرﻯ وهيئاتها اإلختيارية والدينية وروابطها الثقافية واإلجتماعية. وألقي خالل اجلولة كلمات ﹼ أكدت على مزيد من التالحم واأللفة واﶈبة والتواصل فيما بني البلدات ما يؤدي الى تطورها وجعلها ﳕوذجا ً للتعايﺶ والتكامل الوطني التي يحتاجها اجلبل في تلﻚ الفترة العصيبة التي ﲢدق بلبنان واملنطقة.
25
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر لبناني
هل من ﺣلوﻝ لﻸﺯمة اللﺒنانية في العاﻡ ۲۰۱٥؟ إستقبل اللبنانيون العام اجلديد على أمل كبير بأن يحمل إليهم حلوال ً ناجعة رغم التراكمات السلبية وحال األزمة التي تهدد اإلستقرار ومستقبل الوطن على كافة الصعد احلياتية. وما بني الوقائع املاثلة والتصور املأمول ﳝكن القول ،إن أحداﺙ املستقبل هي جزء ال يتجزﹼأ من أحداﺙ املاضي ،لكن تاريخ لبنان احلضاري واإلنساني يسمح لنا بأن نستمر في الرهان والقول ،بأن لبنان سيخرج من أزماته وسيتغ ﹼلب على أخطارﻩ ،وهو الذي وصل الى القرن احلادي والعشرين متجاوزا ً الكثير من العقبات وبعﺾ عوامل الضعف ،واليوم ال ﳝكن فصل التداعيات السلبية على لبنان ،تلﻚ التي عصفت باملنطقة بسبب حالة الصراع التي تسود املنطقة منذ أن زﹸرع الكيان الصهيوني في جسد األمة وعلى أرﺽ فلسطني. ولم يكن لبنان حالة طارئة في تاريخ املنطقة، ألن دورﻩ ﲡاوز إمكانياته وحدودﻩ اجلغرافية الى حدود الفعل والتأثير في أكثر من ساحة ،وذلﻚ ملا يتمتع به من أصالة ومفاهيم وطنية واستقاللية في الرأي والقرار تك ﹼرست عبر تاريخه الطويل وبسبب تنوعه الفكري ،وتركيبته السكانية ،وقدرﻩ أنه كان دائما ً في واجهة األحداﺙ ومؤثرا ً ومتأثرا ً بكل ما يجري حوله. وعاﺵ لبنان في بداية استقالله بدستور جيد نسبيا ً إذا قيس بدساتير الدول الغربية ،وميثاقه الوطني غير مكتوب ولكنه يرمي الى تدعيم صيغة اإلستقالل في نفوس املواطنني ،حيث أعلن رسميا ً بأن لبنان ذو وجه عربي ،وجاءت األحداﺙ ﹼ لتؤكد بأن لبنان هو ﲟثابة القلب والعقل في ضمير أبناء األمة بسبب ما يتمتع به من قيم وأصالة ومواقف ﹼ أكدت من خالل ﲢمل املسؤولية وبكل التضحيات التي قدمت بأنه ﹼ جدارة وكان عروبيا ً ومقاوما ً بﺈمتياز. وفي اﺠﻤﻟال املتعلق بالوطنية وداخل إدارة الدولة وبرملانها التمثيلي وحكوماتها املتعاقبة ،كثر احلديث عن دور لبنان بسبب حالة اجلدل املستمرة نتيجة التطورات اإلقليمية وحجم اإلستهداف وحيث األخطار تهدد املنطقة بأسرها. والسؤال الذي يتك ﹼرر يتعلق بتمثيل إرادة الناخب اللبناني في برملانه ،هل هو صحيحا ً وسليماً؟ وما طبيعة القانون اإلنتخابي الذي يسمح بالتمثيل احلقيقي؟ وعندما شغر منصب رئيس اجلمهورية منذ 25أيار 201٤وحتى اﻵن لم يتوافق أهل الرأي ورؤساء الكتل النيابية على توحيد نﻈرتهم لﻸزمة املصيرية التي فتأجلت جلسات البرملان واحدة ﲢيﻂ بوجود لبنان، ﹼ تلو األخرﻯ ،وال تزال تتأجل بﺈنتﻈار توافق إقليمي ودولي
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
ينعكس على قرارات النواب كي يخرجوا من أزمتهم برئيس جديد للبالد ،يستكمل لبنان به هيكليته الدستورية ،بعد أن توزﹼعت صالحيات رئيس اجلمهورية ما بني رئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ومن غير جدوﻯ للبالد ،وخالل تطورات إقليمية صعبة وﲢديات خطرة لم تشهدها املنطقة ولبنان من قبل. اليوم تﻈهر احلاجة املاسة أكثر من أي وقت الى تعديل قانون اإلنتخابات ،بﺈﲡاﻩ قانون يسمح بتمثيل حقيقي والتخلﺺ من سيطرة الزعماء املصطنعة ،أي البحث عن إجراء قانوني يسمح بﺈزالة الطائفية على مراحل والوصول الى مجلس نيابي أكثر متثيالً إلرادة الشعب وأكثر قدرة على إنتخاب رئيس للجمهورية كي يستطيع التحرﻙ إلنقاذ الدولة. والسؤال ،ما الذي ﳝنع إتفاق اللبنانيني؟ وملاذا ال ينتخب رئيس من قبل الشعب مباشرة؟ وهذا أيضا ً يخدم إضعاف الطائفية وإلغائها ،وهذا السؤال وغيرﻩ برسم النخب احلاكمة واألحزاب جميعها ،والسؤال أيضاً ،أين اإلرادة الشعبية اجلامعة؟ ومنذ إنتهاء والية الرئيس السابق ميشال
2٦
سليمان في أيار املاضي ،ينهمﻚ لبنان بتسيير أعمال مؤسساته الدستورية قدر املستطاع وسﻂ خالف سياسي مستفحل يبقى منصب الرئاسة شاغراً، إذ يفشل البرملان الذي ينتخب الرئيس في ﲢقيق النصاب املطلوب لذلﻚ. ولبنان منذ ذلﻚ احلني دخل في نقاﺵ األنﻈمة اإلنتخابية ،النسبية واألكثرية والفردية ،وعيوب وإيجابيات تلﻚ القوانني وتطابقها وطبيعة النﻈام السياسي وصيغته الطائفية ،وتوازناته السياسية، فبات حساب النتائﺞ يغلب حساب القانون ،الى أن برز قانون جديد بﺈسم “القانون األرثوذوكسي” الذي يطالب بانتخاب الطوائف ملرشحيها ،ما أعاد خلﻂ األوراق وأطاﺡ بالقوانني املطروحة وحصل التمديد للمجلس النيابي على أساس الضرورة شرط إعداد قانون جديد لﻺنتخابات ،إال أن ما خلصت إليه اللجنة األخيرة من قانون مختلﻂ بني النﻈامني األكثري ﹼ يشكل مخرجا ً مؤقتا ً لتسوية تضمن والنسبي، استمرار الواقع احلالي للنﻈام السياسي على ما هو عليه ،إالﹼ أن تأجيل البث بالقانون الى ما بعد انتخاب
رئيس جديد للجمهورية ،يعيد ربﻂ امللفات ببعضها وترحيلها الى التسوية الكبرﻯ وتوازناتها اجلديدة، وهذا ما جعل البرملان ﳝ ﹼدد لنفسه والية ثانية من أربع سنوات على أن تنتهي والية النواب املمددين ألنفسهم قسرًا في العام ،2017أما املبرر فكان عدم القدرة على إجراء انتخابات نياب ﹼية بسبب الوضع األمني الدقيق في لبنان. أضف الى ملف العسكريني اﺨﻤﻟطوفني في جرود عرسال الذي رﹸ ﹼحل بدورﻩ الى العام احلالي.
إنتشار اجليﺶ اللبناني في عرسال
ﺍﻟﻌﺎﻡ ٢٠١٥ﻭﺣﻠﻮﻝ ﻟﻸﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ؟! وفي ﻇل تكثيف التحركات الداخلية واخلارجية من أجل التوصل الى حلول لﻸزمات اﺨﻤﻟتلفة وخصوصا ً على صعيد اإلنتخابات الرئاسية وحماية اإلستقرار الداخلي وتشكيل حكومة جديدة وإجراء اإلنتخابات النيابية بعد اإلتفاق على قانون إنتخابي جديد ،إنتهى العام 201٤بﺈنطالقة إيجابية للحوار بني “حزب اﷲ” وتيار “املستقبل” والتحضير للحوار بني احلزب وحزب الكتائب ،كما استمرت التحضيرات من أجل عقد لقاء بني العماد ميشال عون ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع بعد أن حصلت عدة لقاءات متهيدية بني مسؤولني عونيني ومسؤولني في القوات اللبنانية. وﲟوازة ذلﻚ تتكثف التحركات اإليرانية والفرنسية والسعودية والروسية من أجل التوصل الى حلول لﻸزمة اللبنانية ،حماية لﻺستقرار األمني والداخلي وتخفيف أجواء التشنﺞ العام وخصوصا ً على صعيد العالقات السنية – الشيعية ،والتحضير إلجراء اإلنتخابات الرئاسية بعد التوافق على رئيس يحﻈى ﲟوافقة جميع األطراف األساسيني. وتنقل املصادر الدبلوماسية أن فرنسا ،وفي مقاربتها للشأن اللبناني املستعصي حاليا ً على احللول ،تأمل أن يؤدي حوار تيار “املستقبل” و”حزب اﷲ” من جهة ،و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني احل ﹼر” من جهة ثانية ،إلى نتائﺞ إيجابية .واعتبرت أن أي تق ﹼدم في احلوار يسهﹼ ل البدء بطرﺡ ﹼ حل متكامل لﻸزمة اللبنانية ،وتلفت املصادر الدبلوماسية أن ما تريدﻩ فرنسا هو “اتفاق دوحة” ،وإﳕا في لبنان هذﻩ امل ﹼرة، عبر جمع احلوارين اإلسالمي واملسيحي ضمن حوار وطني شامل ،األمر الذي يدل على أن العام 2015قد يحمل مؤشرات إيجابية للتوصل الى حلول ﺨﻤﻟتلف األزمات ما لم ﲢصل تطورات غير تقليدية كقيام العدو الصهيوني بحرب جديدة ،والتي حاول فتحها من اجلوالن من خالل عدوان القنيطرة على سيارتني لـ “حزب اﷲ” سقﻂ خالله ستة مقاومني في “حزب اﷲ” ،من بينهم جهاد إبن الشهيد عماد مغنية ،ما ﹼ سيشكل نقطة ﲢول في الصراع املفتوﺡ بني “حزب اﷲ” و”إسرائيل” ،إذ م ﹼثل اإلعتداء اإلسرائيلي على القنيطرة السورية ،عالمات استفهام كبيرة حول دخول العامل اإلسرائيلي على خﻂ الصراع اجلاري في
سوريا ،وتداعيات ذلﻚ على الساحة اللبنانية التي دخلت مرحلة بالغة احلساسية أمنياً ،على الرغم من مناخات احلوار والتوافق القائمة بني كافة القوﻯ السياسية ،بهدف تهدئة الساحة الداخلية ،والعمل ملواجهة التحديات األمنية الناجمة عن استهداف لبنان من قبل اإلرهاب :فمسلسل التفجيرات الذي عاد بقوة بعد تفجيري جبل محسن ،والكشف عن ﹼ مخططات إرهابية إلثارة الفتنة وضرب سلسلة الهدوء الذي تنعم به الساحة اللبنانية ،تزامن مع تط ﹼورات دراماتيكية تشهدها املنطقة ،وتصاعد في موجة اإلرهاب التي طالت أوروبا ،فيما يستمر الصراع عنيفا ً على الساحتني السورية والعراقية. وما يجري في عرسال حاليا ً هو ﲟثابة ناقوس اخلطر ملا ﳝكن أن يصبح عليه لبنان إن لم تسارع احلكومة اللبنانية والقوﻯ السياسية اللبنانية الى معاجلته بالتي هي أحسن حتى ال يصبح لبنان جزءا ً من املشكلة أو احلريق املشتعل من دمشق إلى املوصل. وهذا األمر إذا لم يتم التعامل معه بالتنسيق بني اجليشني اللبناني والسوري واملقاومة ،فهو أقرب وصفة إلى اخلراب في لبنان ،الذي بدأ عامه اجلديد مع تفجيرين إلنتحاريني في جبل محسن ،هزﹼا األمن في طرابلس بعد إستقرار عرفته منذ تطبيق اخلطة األمنية فيها في أيار من العام .201٤ لقد حقﹼ ق اجليﺶ اللبناني إﳒازات أمنية وعسكرية رفعه الى مستوﻯ متق ﹼدم من الثقة التي حﻈي بها من الشعب اللبناني ،كما من اﺠﻤﻟتمع الدولي والعالم العربي ،فتدفقت عليه املساعدات والهبات لتسليحه وتعزيز قدراته في محاربته لﻺرهاب ،إذ أثبت قدرته بني اجليوﺵ التي ﲢارب هذﻩ الﻈاهرة العاملية ،أن ﹼ تشكل الضمانة املؤسسة العسكرية ﳒحت في أن للسلم األهلي ،بتنفيذ اخلطﻂ األمنية التي وضعت لعدد من املناطق بقرار سياسي ،وهذا ما ساهم في أن يحﻈى لبنان باإلستقرار. وال ﳝكننا ﲡاهل الوضع اإلقتصادي الذي وصل إليه لبنان في العام 201٤من اقتصاد منهﻚ بسبب األزمات السياسية املتتالية منذ تسع سنوات وتداعيات الثورة السورية ،التي بدأت في ،2011إذ بلغت خسائر لبنان بفعل األزمة السورية ٪11في
27
حني ال تتجاوز الـ ٪1,5في كل من تركيا ومصر واألردن، ويتﹸو ﱠقع أن يصبح ما بني 220و 320ألف مواطن لبناني عاطلني عن العمل في .2015 كذلﻚ ويتوقع أن يبقى العجز في املالية العامة في مستوﻯ نهاية ،2013عند ٪9,3من الناﰋ اﶈلي اإلجمالي نتيجة تكاليف اللجوء السوري ،إذ بلﻎ عدد الالجئني السوريني إلى لبنان 1,5مليون شخﺺ ،ما يعادل حوالى ثلث سكان البالد ،وفق تقديرات البنﻚ الدولي. وأمام هذا الوضع املأزوم ،اضطر البرملان للتجديد لنفسه ،فال املؤسسة العسكرية وال القوﻯ األمنية ﲟقدورها في ﻇل الوضع الداخلي املشحون بالتوتر تأمني إجراء انتخابات تشريعية تتسم باحلد األدنى من األمن ومن النزاهة والشفافية ،هذا بصرف النﻈر عن حاجتنا املاسة لتشريع قانون انتخابي جديد. ويبدو الوضع املعيشي لنا خالل العام املنصرم في غاية السوء ،فالقطاع السياحي وهو مصدر رئيسي من مصادر الدخل لعشرات ألوف العائالت في خﻂ انحداري واضح ،بعد أن أصبح لبنان بلدا ً غير آمن بالنسبة للسياﺡ العرب ،واستشرت البطالة فيه ،وأصيب القطاع الزراعي بأضرار فادحة لصعوبة التصدير من جهة ولسوء األحوال اجلوية من جهة أخرﻯ. في عام 201٤باتت اجلمهورية بال رأس وقامت حكومة بـ 2٤رأساً ،وأكمل مجلس النواب عملية التمديد لنفسه ،ولكن استحال انتخاب رئيس للدولة بني مرشح معلن وآخر مضمر وآخرين ينﻈرون وينتﻈرون ،كما هي سنة العسكريني اﺨﻤﻟطوفني الذين ﹼ يشكلون مأزقا ً وطنيا ً عاما ً ال يعرف أحد سبل اخلالﺹ منه خصوصا ً بعدما تشعبت سبل التفاوﺽ حكوميا ً وتبرع بعﺾ املشايخ لغايات غير مكشوفة حتى الساعة دون الوصول الى بريق أمل يعطي ألهاليهم الطمأنينة حول مصيرهم ،والهيبة الضائعة واألمن املهزوز ،فضالً عن كونها السنة التي قيل فيها أخيرا ً للرعايا اللبنانيني أن الفساد املستشري في ربوعهم لم يسلم منه ما يأكلون ويشربون ويسكنون ناهيﻚ بالهواء الذي يتنشقون! فهل يكون العام 2015عام احللول؟
ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر عربي
تحديات الواﻗﻊ العربي في التوﺻيﻒ ...أين األفعاﻝ؟ ﳝر عاملنا العربي أمام أخطر مراحل تاريخه، ونحن أمام موقف صعب وغير مسبوق ،وأحداﺙ جديدة ومترابطة ﲡري على أرﺽ الواقع، تنﻈيمات إرهابية ترتع في كل مكان وﲢالفات غامضة ومعقدة من العالقات السياسية، بعضها يئن ﲢت وطأة عقود من اجلهل والتخلف والتبعية وكأن عصر اإلنفتاﺡ والنهضة لم ﳝر في بعﺾ البلدان العربية التي استيقﻈت على تدفق الذهب األسود الذي لم يفلح في تصويب مسارها واختارت العيﺶ في ﻇالم التيه وعبادة الذات على حساب قضايا األمة ومصالح الشعوب ،وبدال ً من التقدم في الرؤﻯ والسمو في األهداف ،إختارت التقوقع ونسﺞ الفنت واملؤامرات، وارتبطت بعجلة قوﻯ الﻈلم والعبودية وﻇ ﹼلت أداة طيعة بيد القوﻯ اإلستعمارية في سبيل احلفاﻅ على مكاسب ذاتية رخيصة على حساب الصالح العام لشعوبها. وإزاء هذﻩ املواقف الهابطة والهزيلة ،بقيت “سايكس – بيكو” على حالها ما يقارب قرن من الزمن الى أن انتهت صالحيتها ،وحان موسم القطاف ،وما زرعوﻩ يحصدونه اليوم على شكل متاعب وهوان وإنحدار ال مثيل له. املنطقة اليوم أمام منعطف يتجاوز “سايكس – بيكو” ،حيث الهجمة اجلديدة والضغوط املستترة والعالنية ،اخلارجية منها والداخلية، هذﻩ اللحﻈة تستدعي التفكير مليا ً والربﻂ بني ما يحدﺙ في امليدان وما ﳝكن أن تنتهي إليه اخلريطة السياسية للتحوالت اجلارية في املنطقة بشكل عام. الوضع الذي ﳝر به عاملنا العربي يثير جملة من التساؤالت عن حقيقة الواقع بكل ما فيه من نتاقضات وسواد ،من عنف وتعرجات وحالة من التفتت والضياع ،والسؤال األهم ما يتع ﹼلق باإلختالف واخلالف وهي كلمات لم تعد مناسبة إذ تغ ﹼيرت قواميس السياسة منذ أن ضاعت الرؤﻯ في مهب األحداﺙ التي أملﹼت في عاملنا العربي خالل السنوات املاضية ،لم يحصل التغيير في إﲡاﻩ األفضل وكأن البعﺾ من أولي األمر يسيرون بعكس الزمن نحو مزيد من اإلنحطاط إن لم نقل الضياع واإلرتهان. عملية دفع أثمان التخلف كبيرة بسبب املواقف السياسية غير املسؤولة وحجم الفساد املستشري بدول النفﻂ والغاز ،ويبدو للناﻇر من بعيد بأن عاملنا العربي يترنﹼح كما لم يحصل
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
قمة الكويت ملكافحة اإلرهاب
من قبل وحتى أحالم املواطن العربي لم تعد كما كانت ،وتغ ﹼيرت أولوياته احلياتية على وقع ما يجري من إنقسام عمودي وأفقي في بنية اﺠﻤﻟتمع، والبعﺾ إبتعد عن حالة عدم اإلكتراﺙ وأصبح يريد اإلستقرار بأي ثمن وخاصة أولئﻚ الذين لديهم الكثير ليخسروﻩ من جراء عدم اإلستقرار وكأن اخلسارة تقابل اإلستقرار في معادلة تع ﹼبر عن واقع من البؤس واأللم ،ويحلو للبعﺾ اﻵخر أن يرفع شعارات دﳝوغاجية ويتس ﹼلح بالفوضى واإلرتهان ألعداء األمة. ولعل األقرب الى الواقع املنﻈور ،أن مطلب اإلستقرار العربي سيﻈل شعارا ً وهو لن يعود في زمن قريب ،وأن املستقبل يحمل في طياته صراعا ً طويالً وهذﻩ املرة ليس صوابا ً مواجهة أعداء األمة فقﻂ ،لﻸسف رغم أنه الصراع احلقيقي الذي قدمنا من أجله التضحيات واجتمعت األمة بأسرها من خالل تضامن مكوناتها وتكاملهم على رؤية واحدة ،أما اليوم أصبح لدينا صيغا ً جديدة ناﻇمة حلياتنا اليومية. ما حصل خالل السنوات القليلة املاضية ليس أمرا ً عاديا ً بل هو استباحة مبرمجة لكل ما هو ملتزم بعروبته وبقضايا أمته وﲢت عناوين وشعارات من صنع أعداء األمة والبعﺾ من الذين سخروا أنفسهم وباعوها بأرخﺺ األثمان خدمة ألجندات تكفيرية وتخريبية ومشاريع إستعمارية
28
هدفها إضعاف دول قائمة ونهب الثروات وصوال ً الى الهيمنة الكاملة. إن أسباب الوهن والضعف كثيرة ،لكن اخلروج منها يتط ﹼلب آليات جديدة ،تقرأ الواقع كما هو ومعرفة محركات ما جرﻯ من أحداﺙ وبكل موضوعية وجرأة ،ولعل األزمة كشفت الكثير في النﻈام الرسمي العربي ذاﻙ الذي ارتبﻂ باألجندات اخلارجية وسخر كل إمكانياته لشراء استقرارﻩ وتقوقعه بعيدا ً عن رؤية األمور ومعاجلتها وإحداﺙ تغيير فعلي في مؤسساته وإال فﺈن مسببات التغيير ستﻈل ماثلة إذا لم ﲡد العالج اجلذري املناسب ،ولذلﻚ فﺈن إنتشار التط ﹼرف في ﻇل أوضاع تتم ﹼيز بﺈنسداد األفق السياسي وارتفاع الضغوط املعيشية هو وصفة إلستمرار احلالة الراهنة في معﻈم البلدان العربية ،والعرب اليوم بني خيارين :إما بناء مجتمعات مفتوحة تتحاور في العلن وتتحدﺙ وتنتقد ومتارس السياسة وتخضع أنﻈمتها ملبادﺉ فصل السلطات وللمساءلة واﶈاسبة والنقد واإلنتخابات الدورية، وإما بناء مجتمعات مغلقة يسودها اخلوف والقمع ،فعلنية األفكار وعلنية املعارضة أفضل من سر ﹼيتها. وفي أجواء اخلوف والرعب التي ﹼ لفت العالم العربي ،يحاول البعﺾ أن ير ﹼوج لنهاية العرب أو موتهم السريري ويحزم بأنهم وصلوا الى حافة
الهاوية ،مثل هذا الوصف يصب في صالح أعداء العروبة ،وهو يأتي بالتوازي مع تفاقم األخطار وﲢول األزمات الى حروب غبية ،واخلالفات الشرسة الى قتال وحشي ودمار شامل. وفي هذا الزمن الصعب تتك ﹼرر التساؤالت ملصلحة ﹶمن يتم إذكاء النيران؟ وأين املبادرات العربية وأين أصحاب القرار في العالم العربي؟ ألم يستوعبوا أهمية املبادرات ومفاعيلها اإلنقاذية ،والسؤال الى متى تراهن الدول الكبرﻯ على بقاء مصاحلها في أمان؟ وهي التي لم تنتهز الفرصة إلحالل األمن والسالم وهي في ذلﻚ تتساوﻯ مع “إسرائيل” وتذعن ملصالح الكيان الذي يعمل ﶈاصرتها بكل الوسائل واألساليب وبشتى أشكال التﺂمر واخلبث الصهيوني ،بهدف نسف أي أمل في إطفاء احلرائق ووقف الدمار ،ونتيجة لذلﻚ تواصلت الكارثة وتندلع نيران حروب عربية تستخدم األدوات اﶈلية التي ساوت نفسها باإلرهاب ،وتوفر الذرائع لـ “إسرائيل” لتشن مزيدا ً من احلروب ضد الشعب الفلسطيني. لقد وصلت سكاكني األجرام الى احلناجر بعدما تسلل التط ﹼرف الى الصفوف وانتشر اإلرهاب الذي ش ﹼوﻩ مطالب الشعوب وأمعن في القتل والتشريد والسبي وقطع رؤوس األبرياء. منذ بداية األحداﺙ في املنطقة عام ،2011 ﻇهر جليا ً بان العرب وقضاياهم في دائرة اخلطر الداهم ،وبأن هناﻙ مخطﻂ متكامل قد بدأ فعالً وأهدافه كبيرة ،توالت األحداﺙ من خالل إيقاع منتﻈم وضع املنطقة ﲢت تهديدات متزايدة ومتتالية ،وكأن الهدف استدعاء قوﻯ أجنبية خارجية ومهما بلغت األثمان والشروط بعضها علني واﻵخر خفي وفي محصلتها هناﻙ هدف سقوط املنطقة ﲢت الهيمنة األميركية ونهب ثروات ومقدرات الدول العربية ،وكل ذلﻚ ﲢت شعار أن أمن العالم ال يتجزأ وأن ما يحدﺙ هنا يؤثر هناﻙ ،أي اختالق األسباب واستثمار األزمة ونهب ثروات املنطقة وقيمتها االستراتيجية وإضعاف الكيانات القائمة وتأمني أمن الكيان الصهيوني. ونعود الى التاريخ القريب وما ﲢدثت به كونداليزا رايس عن “الفوضى اخلالقة” ،وأفكار ﹶمن سبقها ،هنري كسينجر عن “الغموﺽ البناء” ،وبالعودة الى سياسات الواليات املتحدة األميركية في املنطقة وخصوصا ً منذ نهاية احلرب العاملية الثانية ومجيء الرئيس األميركي “إيزنهاور” بنﻈرية “الفراﻍ” في الشرق األوسﻂ والتي يسعى الى تطبيقها وزير خارجيته “جون فوستر داالس” ندرﻙ مدﻯ اإلهتمام األميركي بهذﻩ املنطقة والدخول إليها لورثة اإلستعمارين البريطاني والفرنسي. والسؤال املتعلق بتطورات األحداﺙ في املنطقة ،كيف ولد تنﻈيم “داعﺶ” بهذﻩ السرعة وﻇهر ﲢت سمع وبصر أجهزة اإلستخبارات الغربية التي تزعم أنها تكافح اإلرهاب ،بينما
إجتماع وزراء خارجية العرب ملواجهة اإلرهاب
هي في احلقيقة التي صنعته ،وتبدو كمن يحضر “املسرحية” بشكل كامل فصولها ومشاهدها وريعها ،ويدفع أبناء أمتنا العربية واإلسالمية الفاتورة في كل مرة دماء وأمواال ً ونفطا ً وقواعد أجنبية جديدة ،وحالة من عدم اإلستقرار ومواجهات تبدأ وال تنتهي. ﹼ املؤكد الذي تثبته احلقائق ولعل اجلديد الدامغة هو صناعتهم لـ “داعﺶ” وهي وبراءة اختراعهم احلصرية ،للمخطﻂ اخلبيث لتجزئة الدول العربية وتفكيﻚ أوصالها وترويع شعوبها متعمد للدين اإلسالمي. وتشويه ﹼ هذا اإلرهاب الذي يطل على العاملني العربي واإلسالمي ،يأتي هذﻩ املرة إلسقاط نﻈم احلكم القائمة وأركانها وتكريس التعصب بأنواعه القاتلة وتصدير اخلوف لﻸقليات الدينية والعرقية ايضاً ،وذهب اﺨﻤﻟططون بعيدا ً في استثمارهم ملا جرﻯ من أحداﺙ محدودة ،كانت تتحدﺙ عن قضايا إجتماعية وإقتصادية ومكافحة الفساد، وجرﻯ استغاللها خلدمة أهداف أخرﻯ وتنفيذ مخططات مبيتة ،استغل أصحابها ﻇروف األوطان ،وليس صدفة ما حدﺙ خالل فترة زمنية قصيرة نسبيا ً في مناطق الوطن العربي. ووصول “اإلخوان املسلمني” الى حكم مصر وسقوطهم السريع ،له دالالته البالغة ،وفي جانبه اﻵخر يعني سقوط ملشروع عثماني جديد، ضربته املاليني في مصر العروبة في الثالثني من حزيران العام ،2013وسقطت اﺨﻤﻟططات واملشاريع تباعاً ،ولكن املالحﻆ أيضاً ،أن سقوط مخطﻂ يهدف الى ضرب اإلستقرار في املنطقة إال ويتبعه مشروع آخر يستهدف البالد في مكان آخر، والهدف من وراء ذلﻚ إحكام القبضة على الدول العربية وتوجيه اخليارات الوطنية خلدمة أهداف بعيدة من املصالح العليا لشعوب املنطقة. ويتط ﹼلع املواطن العربي الى مصر من جديد، الى دورها الذي ﳝثل أهمية خاصة بني دول املنطقة ،وثبت من خالل الوقائع ،أن تراجع هذا
29
الدور بعد “كامب ديفيد” ،قد أ ﹼدﻯ الى تداعيات سلبية خطيرة على املنطقة ك ﹼلها وأحدﺙ تغييرات جذرية وحروبا ً جديدة سمحت للعدو الصهيوني في توجيه ضربات موجعة للقضية الفلسطينية قادتها الى مسار من مفاوضات ال تنتهي والهدف إطالة أمد التفاوﺽ في محاولة لكسب الوقت وخلق وقائع جديدة. إن إنتشار التطرف ومتدد اإلرهاب وامتالكه أحدﺙ أنواع األسلحة واألموال ،هو مؤشر خطير ملا قد يحدﺙ من تطورات جديدة ،ال نهايات لها سوﻯ الدمار أو التقسيمات ونتائجه الوخيمة على دول املنطقة بأسرها ،وكذلﻚ إن توافد آالف اإلرهابيني األجانب من شتى بقاع األرﺽ حول املنطقة الى ساحة حرب دولية بعد حصول اإلرهابيني على الدعم املالي والعسكري الكبير، وما ﳒم من دخول “التحالف الدولي – الغربي” عبر غارات لم ﲢقق حتى اﻵن سوﻯ بعﺾ التقدم ألسباب ضمنية ستفصح عنها األحداﺙ. والسؤال ،كيف اخلروج من هذﻩ احلالة النازفة في جسد األمة العربية؟ وما دور املواطن العربي؟ هل يرضى باستمرار احلالة الراهنة وما ستقود إليه؟ الدمار واخلراب يجري بتسارع كبير وهناﻙ ﹶمن يساهم عن قصد أو غير قصد في تسعير النيران التي تأتي على كل شيء. املعركة أصبحت معركة وجود أو ال وجود ،ورﲟا تقود الى ما هو أسوأ بكثير ،فهل دخلت البالد في عهد جديد من العصور الﻈالمية الى حني؟. ورغم ذلﻚ يبقى األمل في شرفاء األمة ،أولئﻚ الذين يقبضون على اجلمر وال يفرطون بقضايا أمتهم ،يقدمون التضحيات والدماء الزكية الطاهرة من أجل كرامتهم وعزة أوطانهم. هل نتع ﹼلم الدرس من واقع خطير وصعب ينذر بكارثة...
ﻧﺒﻴﻞ ﻣﺮﻋﻲ العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر عربي
العد العكسي لهزيمة اإلرهاب في سوريا تخوﺽ سوريا احلرب ضد التكفيريني الذين هم أحد األدوات التي استخدمت من قبل أعداء أمتنا العربية واإلسالمية ،وهي بذلﻚ تدافع عن قضايا األمة جمعاء وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث يريد األعداء تصفيتها وطمسها نهائيا ً كقضية شعب وحقوق. فﺈنتصار سوريا هو انتصار ﶈور املقاومة الذي سيتمكن من خلق معادلة جديدة في املنطقة وصوال ً الى تغيير التوازنات الدولية لصالح قوﻯ التحرر التواقة الى نيل حريتها وﲢرر أوطانها من التبعية املقنعة لقوﻯ االستعمار اجلديد بكافة أشكاله االقتصادية والسياسية واالجتماعية ،وهذا سيسمح لفلسطني التمسﻚ بثوابتها الوطنية والقومية وبعيدا ً عن الضغوط األميركية واستخدام كافة اخليارات املتاحة لدحر اإلحتالل الصهيوني عن أرﺽ فلسطني. وسوريا تدفع العدوان عن أرضها وشعبها في ﲢالف راسخ مع حلفائها ،وأهدافها واضحة وهي تبحث عن حل لﻸزمة التي خلقها أعداء سوريا وأدواتهم في املنطقة ،واحلل الذي تراﻩ هو الذي يحقق مصالح الشعب السوري ويأتي من خالل احلوار فيما بينهم وبعيدا ً عن التدخالت اخلارجية املعادية ،وهي ستواصل هذا املسعى حتى يت ﹼوج باإلنتصار على اإلرهاب وقطع دابر املؤامرة التي يواصل أطرافها تﺂمرهم على سوريا ،وبغطاء غربي تقودﻩ ﹼ وتشكل غطاء إلستمرار الواليات املتحدة احلالة الراهنة وهي بذلﻚ تريد استنزاف سوريا وإضعافها وتفتيتها. ولم يدرﻙ أعداء سوريا ،بأن حربهم اﺠﻤﻟنونة ضدها ،سترتد عليهم وستذوق بلدانهم شر ما صنعته أياديهم ،وتستمر سوريا في صمودها ومقاومتها العدوان وال خيار أمامها إال اإلنتصار على اإلرهاب ،ويحقق اجليﺶ العربي السوري ﳒاحات عدة على األرﺽ )إذ بلﻎ عدد قتلى “داعﺶ” و”النصرة” الذين سقطوا بنيران اجليﺶ أكثر من عدد القتلى الذين سقطوا في ألف غارة قام بها التحالف العربي الدولي(. إن إنتصار سوريا في مواجهة اإلرهاب وصانعيه سيمكنها من ﲢقيق إﳒازات هامة وهزﳝة الغطرسة األميركية والغربية عموما ً
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
الرئيس بشار األسد
وإفشال أهداف العدوان التي ال تتوقف عند حد معني واألطماع تتجاوز أي حيز مفترﺽ وتشمل ثروات املنطقة ومواقعها اإلستراتيجية وصوال ً للتدخل في رسم مستقبل األجيال ﲟا يالئم املصالح اإلستعمارية في الهيمنة والسيطرة. أثبتت وقائع امليدان ،بأن سوريا متلﻚ كل خياراتها وهي متاحة وهذا ما ﹼ ﳝكنها من حسم املعركة ضد أعدائها بكل قوة وجدارة، ورغم احلرب التي شنﹼت عليها خالل السنوات األربع املاضية ،وهي تسعى الى ﲢقيق أهدافها في وأد املؤامرة وضمن رؤية واضحة ،وهي ال تستعجل أي حل يسمح بتقدﱘ تنازالت ﲢت عنوان التسويات املطروحة ،وهي تختار الوقت املناسب لطرﺡ أفكارها وتترﻙ الى امليدان الكلمة الفصل ،وهي ترﻯ أن الﻈروف مازالت غير ناضجة في ﻇل غياب عملية سياسية واضحة ،ورغم ذلﻚ تتصرف بﺈيجابية وتستمع الى رؤﻯ وأفكار األصدقاء واحللفاء ،وهي ﹼ تؤكد أيضاً ،بأن املصاحلات الوطنية هي أفضل السبل لتفويت الفرصة على األعداء وأدواتهم، وهي املدخل احلقيقي نحو حل يأتي ملصلحة السوريني من خالل احلوار فيما بينهم. واستقبلت سوريا املبعوﺙ الدولي ستيفان
30
دي ميستورا ،وع ﹼبرت عن استعدادها لدراسة أفكارﻩ بغﺾ النﻈر عن حساباتها العملية، ﹼ يتمكن جيشها الباسل من ﲢقيق حيث إﳒازات هامة على األرﺽ ،وهي تعي التوازنات اإلقليمية والدولية وجوهرها ومسارها الالحق، ومن هنا مت ﹼيزت السياسة السورية بطول النفس والرؤية البعيدة ،لذلﻚ انطلقت من وحدته ومﺂله حساب دقيق ملكونات الصراع ﹼ الالحق وصوال ً الى نقطة اإلنعطاف التي تشير الى ضرورة البحث في مخارج جدية لتجاوز األزمة ،ومع تقاطع إقليمي ودولي من الناحية السياسية ﶈاربة اإلرهاب بتجلياته وتداعياته كافة. اجلدية في محاربة اإلرهاب عدم لكن ﹼ واإلستمرار في دعمه من قبل اﻵخرين ،يعني استمرار الصراع وتفريخ حركات متطرفة جديدة :فاألطراف املشاركة في الصراع ،إضافة الى عجزها عن تقدﱘ حلول سياسية ناجعة، ترفﺾ املشاركة في حوار سياسي بنﹼاء وهذا يدل على دورها في تعميق األزمة. وهذا يعني أن ﳒاﺡ املؤمترات القادمة على األرضية السابقة لن يأتي باحلل بل سيقود الى تعقيدات جديدة ،وأسباب ذلﻚ تتعلق بغياب اإلرادة الدولية أو تواريها خلف مصالح
الرئيس بشار األسد متفقدا ً مواقع اجليﺶ في جوبر
دول وأنﻈمة ،واستمرار اﺠﻤﻟموعات املتطرفة واإلرهابية في تنفيذ أجندات إقليمية ودولية تهدف الى تدمير مقدرات سوريا وبنيتها االجتماعية. وكذلﻚ ،إن إنتﻈار بعﺾ القوﻯ السياسية أن يأتي احلل من اخلارج ،وفي وقت تفتقد هي ألبسﻂ املقومات للمبادرة السياسية ،يعني الدوران في حلقة مفرغة.
ﻓﺸﻞ ﺍﻟﺮﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﻨﺪﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ إن مقومات النجاﺡ ألي مبادرة تتج ﹼلى في قدرتها على فتح ثغرة في جدار األزمة ،ووضع أسس مقبولة ألي حل سياسي شامل وعميق مع مكونات سياسية من املعارضة الوطنية السلمية التي ترفﺾ التدخل اخلارجي والعنف والطائفية والتقسيم واإلرتهان للخارج .هذﻩ األساسيات ضرورية لبناء مناﺥ مالئم حلوار سياسي مع معارضة الداخل ،ومثل هذا التصور ،سيسمح بضبﻂ آليات الصراع مع احلكومة السورية .أما اجلهات التي تلعب من خلف احلدود واﶈكومة بأجندات خارجية ،فهي ﲟسؤولية األطراف الدولية واإلقليمية التي
ﹼ يتحكم بضبطها، ساهمت بصنعها وهي ﹶمن هذﻩ األطراف هي ذاتها التي ﹼ غذت اإلرهاب ومتوله ،والسؤال األهم يتعلق بﺈستعداد تلﻚ األطراف ألن تغ ﹼير سلوكها والتوصل الى قناعة بأن الصراع بأشكاله احلالية أصبح كارثة إقليمية ودولية ،أما في حال لم تتوفر تلﻚ املؤشرات ،هذا يعني إصرار تلﻚ الدول الضالعة على مواصلة القتال بأدواتها اﶈلية واخلارجية بهدف اإلستمرار في لعبة التدمير واخلراب ،وهذا يعني أن أبواب احلل السياسي قد أغلقت متاماً ،وهناﻙ ﹶمن يحاول اإلستثمار في األزمة ويلعب لعبة الوقت واإلستنزاف ،وﳝلﻚ طول النفس ألنه ال يدفع الثمن وأكثر من ذلﻚ، فهو املستفيد األكبر من احلالة الراهنة ألكثر من سبب ،وألكثر من هدف ،و ﹶمن يدفع الثمن هم أهل املنطقة بالذات وخاصة أولئﻚ الذين ارتضوا أن يكونوا مجرد أدوات في لعبة كبيرة هدفها إعادة تقسيم املنطقة وهذا حسب تصورهم ال ﳝكن أن يتم إال بتدمير كل املوانع والعوائق وكل أسباب الصمود واملقاومة ،لكن إﲡاﻩ الريح ال تأتي كما تشتهي سفن الربان. وفي ﻇل هذﻩ األجواء ،يستمر البحث عن سبل إيجاد توافقات إقليمية ودولية للخروج من احلرب والشروع في حل األزمة ،ويتم ربﻂ امللفات ببعضها في املنطقة والعالم وهذﻩ
31
ﲟثابة وصفة إلستمرار احلالة الراهنة ،ألن الﻈروف الدولية وخصوصا ً العالقة احلساسة بني موسكو وواشنطن ﲢتاج الى املزيد من التطوير والبحث عن نقاط التالقي أو امليل الى نوع من التهدئة أو التجميد حسب استعارات املبعوﺙ الدولي ستيفان دي ميستورا الذي يرﻯ بأنها حرب باردة وتﹼرت األجواء الدولية على نحو غير مقبول .وضمن هذﻩ الﻈروف ،تستخدم املنﻈمات املتطرفة مثل “داعﺶ” و”النصرة” وغيرها من اجلماعات املرتبطة بالقاعدة واملوضوعة على الئحة اإلرهاب العاملي ،بعﺾ األسلحة النوعية التي حازت عليها من خالل معارﻙ اإلقصاء التي جرت مع تنﻈيمات أخرﻯ محسوبة على ما يسمى “اإلعتدال” ،وهي بذلﻚ ﲢاول أن توحي بأنها القوة الفاعلة على األرﺽ ،وهي تعمل إلفشال فكرة أو خطة املبعوﺙ الدولي دي ميستورا وهي تبغي من وراء ذلﻚ خلق واقع جديد على األرﺽ يك ﹼرس صراعا ً متعدد األطراف ،أي بقاء الصراع مفتوحا ً في األمد املنﻈور ،ورﲟا يكون هذا التطور ردا ً مباشرا ً على بعﺾ املواقف اجلديدة التي برزت مؤخرا ً والقائلة “بأن ما ﳝكنه القضاء على اإلرهاب هو إعادة اللحمة بني اجليﺶ السوري النﻈامي ومقاتلي املعارضة بعد تغيير سياسي” ،ويأتي هذا التطور في سياق اإلتصاالت التي تقوم بها
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر عربي روسيا خللق نوع من التوافقات ضمن “املعارضة” تتخطى اإلنقسامات والشرذمة ،وعدم ممانعة الواليات املتحدة على هذﻩ اجلهود ،والبعﺾ ﲢدﺙ عن ضرورة توحيد اجلهود من “املعارضة” ﹼ بد من عملية ﶈاربة “داعﺶ” ،اخلطر األكبر ،وال ﹼ سياسية ،وحل سياسي يجب أن يقوم على ثم توافق إقليمي توافق سوري -سوري أوال ً ﹼ ودولي. وموقف موسكو يتم ﹼيز بالوضوﺡ ،وهي تريد حال ً سياسياً ،ولن تسمح ألحد بتجاوز اخلطوط احلمراء التي متس بالسيادة السورية ورسالتها واضحة الى اجلهات الدولية في هذا اﺠﻤﻟال ،وهي تبحث عن حل سياسي يؤدي الى عزل القوﻯ تتمسﻚ باحلل العسكري املتطرفة التي ﹼ ولديها أجندتها اخلاصة. ويبدو أن الطريق أصبحت سالكة أمام أي مبادرة روسية فاعلة ،في الوقت الذي غابت فيه أي مبادرة أميركية أو غربية أو عربية للخروج من احلالة الراهنة ،وهذا ﹼ يؤكد احلقائق التي أشرنا إليها عن مدﻯ حجم الرهان على تدمير سوريا أو إضعافها وتفتيتها ،وﳝكن القول، فشلت الدول الغربية ومعها الواليات املتحدة وأدواتها في املنطقة في إيجاد أي حل مقبول، وهي التي ساهمت في عدم التوصل الى حل من أجل ﲢقيق مكاسب آنية ومصلحية، لذلﻚ هي لم تفعل أو ال تريد أن تفعل.
ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺳﻮﺭﻱ -ﺳﻮﺭﻱ وعن ماهية اإلتصاالت الروسية مع األطراف املعنية ،هي تريد حوار غير رسمي ﲢضيري أو متهيدي إلستعادة اللياقة والتحضير ،وبدأت بدعوة شخصيات سياسية يعرفونها وﲢدثوا معها في السنوات السابقة. وكان نائب وزير اخلارجية الروسية ميخائيل ﲢدﺙ عن إمكانية عقد مؤمتر بوغدانوف قد ﹼ موسكو ،1 -وقال هناﻙ مؤشرات إيجابية، ولكن ﹶمن يرفﺾ املشاركة ،سيقدمه أمام العالم على أنه ضد احلل ،وبدورﻩ قال املبعوﺙ الدولي دي ميستورا“ :في حال جرﻯ تبنﹼي املبادرة الروسية ودعمها ﳝكن أن تكون مكملة خلطة ﲡميد القتال بد ًءا من حلب. الالفت أن روسيا ودي ميستورا ،لم يقدما حتى اﻵن أي مبادرة مكتوبة ،لكنهم يهتمون بتفعيل احلل السياسي ويدعمون احلوار السوري -السوري. ونقول جدال ً في حال ﹼ متكنت روسيا من جمع األطراف فعلياً ،كما هي األفكار الروسية سيتحدﺙ الوفد واملواقف املبدئية والثابتة، ﹼ السوري باإلعتماد على “لغة واقعية سياسية” وتتم ﹼثل في قراءة مفادها ،أن أي حلول يجب أن ﲡري في إطار توافق الطرفني ،ومن خالل حوار
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
الرئيس بشار األسد مستقبالً بوغدانوف
سوري -سوري ،على أن يؤخذ بعني اإلعتبار، أن ثمة طرفا ً ﳝلﻚ القدرة واملساحة واجليﺶ واالعتراف الدولي والرؤية الواضحة ﲟساندة حلفاء أقوياء ،بينما الطرف اﻵخر مشتﹼت بني والءات مختلفة وضعيفة البنية والقدرة التأثيرية ،وتدور في رؤﻯ حاضرية مستويات مختلفة من التصورات عن سوريا الغد. سوريا واجهت بقوة ،صمدت وانتصرت بكافة املقاييس ورغم شدة الهجمة ،وهي ستتجاوز كل القطوع وستفرﺽ معادلتها في امليدان والرؤﻯ ،وهي ترﻯ تناقضات املشهد الدولي الراهن وعجزﻩ ،ونتائﺞ املبادرات السابقة كانت أشبه ما تكون بتصادم قوﻯ وفي محصلتها لم تؤدﱢ الى أي نتيجة. لكن املبادرة اليوم مختلفة ،بﺈعتبار أن الراعي هو روسيا ،صديقة سوريا ،وهي ليست ﳒما ً محبوبا ً لدﻯ دول الغرب وتوابعه ،بينما يراها اإلعالم احلليف في مبادرتها وكأنها وجه من أوجه التعاون السوري مع اجلهود الدولية لتحقيق تسويات تصل ألن تكون مدخال ً إلنهاء األزمة ،علما ً بأن الفشل سيقع على عاتق الطرف األضعف في املعادلة ومكمن ضعفه في قدرته على اإللتزام واخلروج من اللعبة “املعارضة” الى ﲢمل املسؤولية الوطنية واإلقالع عن الرهانات واألجندات اخلارجية. ما قاله مخائيل بوغدانوف وهو يقوم بتنسيق جهود احلوار بصراحة ودبلوماسية “بأن موسكو ال تبني توقعات كبيرة على هذﻩ اللقاءات” ،وهذا يعني أن الدولة السورية لن تتخلى عن أي صالحية من صالحياتها وال عن دورها الذي حافﻈت عليه بالتضحيات. وتلقى مبادرة املبعوﺙ الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا ،التشجيع من دون املوافقة ،ويراها خبراء العمل الدبلوماسي في سوريا ،بأنها “ضعيفة ومثيرة للريبة”، لكن سيتم التعاون بشأنها وينتﻈر من املبعوﺙ الدولي ،أن يكون “خالقا ً أكثر” وعليه
32
اإلعتراف بوضوﺡ بأن الدولة السورية هي التي تق ﹼرر كيف تسير األمور في النهاية ،واألولوية محاربة اإلرهاب وإيجاد مداخل حقيقية للبدء بﺈنهاء األزمة. ومن جهة أخرﻯ ينﻈر أعداء سوريا بريبة الى خطة املبعوﺙ الدولي دي ميستورا وعلى أنها مشروع شفهي غير مكتوب ،واملبادرة الروسية مشروع غامﺾ ،وهم بذلﻚ يحاولون خلﻂ األوراق والعودة الى بيان جنيف 1 -رغم أن الﻈروف تغ ﹼيرت كثيرا ً بعد أن فشلوا من النيل من سوريا ،واألفق بالنسبة إليهم سوداوي، وخاصة في ﻇل رفﺾ أميركي ملا تعتبرﻩ تركيا مشروعا ً مثالياً ،وهو إقامة منطقة عازلة )اﻵمنة( حسب تعبيرهم وأ ﹼيدتها فرنسا في ذلﻚ. أما مضمون املبادرة الروسية فهو ضرورة تضافر اجلهود ملواجهة اإلرهابيني ،وإجراء حوار من دون شروط مسبقة ولكن “مع بيان جنيف في فقرته التي تتحدﺙ عن محاربة اإلرهاب مع ﲡاهل ما سمي هيئة احلكم اإلنتقالية” ومقابل اعتبار احلوار مساهمة في جهود املبعوﺙ الدولي ،ودعوة إيران للمشاركة في جهودها. إن مشاركة سوريا في اللقاء التمهيدي التشاوري في موسكو ،سيأتي تلبية لتطلعات السوريني إليجاد حل لﻸزمة يهدف الى التوافق على عقد مؤمتر للحوار بني السوريني أنفسهم من دون أي تدخل خارجي. وتضمنت رسالة الدعوة الروسية أسسا ً ﹼ ومبادﺉ ،التأكيد على احترام روسيا لسيادة سوريا واستقاللها ووحدة أراضيها ،والتنويه الى الصداقة التقليدية بني البلدين ،والتعاطف مع الشعب السوري بكل مكوناته ،والتنديد باإلرهاب بكافة أشكاله وضرورة تضافر اجلهود ملواجهة اإلرهابيني واملتطرفني في سوريا.
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﻟﺢ
تونﺲ الﺨضراء وخارﻁة ﻁريﻖ جديدة الﺒاجي ﻗاﺋد السﺒسي رﺋيساً تأت األحالم الدرس التونسي بالﻎ األهمية ،لم ﹺ الوردية من فراﻍ ،إنها حكاية شعب ونضال طويل من أجل إحداﺙ التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية ،واملفاعيل مستمرة ،وفي نتائﺞ اإلنتخابات البرملانية التونسية )تشرين األول ،(201٤كان هناﻙ خطوة جديدة في اإلﲡاﻩ الصحيح. إنتهت املرحلة التي قادت فيها حركة النهضة مع حليفيها حزبي “التكتل” و”املؤمتر” ،حيث تقدم حزب “نداء تونس” ونال 85مقعدا ً في البرملان اجلديد ،وهذا يسمح له بتشكيل إئتالف ليحصل على غالبية 109 مقاعد من أصل 217مقعدا ً التي تخوله تشكيل احلكومة ،وهنا أصر رئيس حزب “نداء تونس” العلماني الباجي قائد السبسي إنه “لن يحكم البلد ﲟفردﻩ ويجب أن نحكم مع غيرنا ،لكن وفق نتائﺞ اإلنتخابات”، وثبت هنا أن ﲡربة حكم الترويكا التي إمتدت ما بني 201٤ - 2011قد سقطت نتيجة تراجع مت ﹼدد حركة “النهضة” ،وبدأت مرحلة جديدة مختلفة متاماً ،وهي في جوهرها مختلفة متاماً ،وهي تعني إعادة رسم اخلريطة السياسية في البالد وقيام ﲢالفات جديدة، أي حصل تغيير جذري في املعادلة السياسية ،وبرزت قوﻯ سياسية جديدة مثل “اجلبهة الشعبية” ،وهذا يعني أن خطة تقسيم تونس ما بني “مؤمنني وغير مؤمنني” سقطت وهي اخلطة التي وضعت حركة “النهضة” في موقع متقدم ،لكن اإلنتخابات البرملانية خلقت واقعا ً جديداً ،وبهذا استطاعت تونس إعادة توجيه البوصلة في اإلﲡاﻩ الصحيح. تونس اخلضراء أمام مرحلة جديدة ،واستطاعت اإلجابة عن التساؤالت اجلارية من خالل عملية التغيير نحو األفضل ،وأصبح الطريق مع ﹼبدا ً أمام مستقبل واعد ،واإلستقرار مطلب اجلميع من خالل حياة حرة كرﳝة. فاز رئيس حزب “نداء تونس” الباجي قائد السبسي في اإلنتخابات الرئاسية ،وأصبح أول رئيس للجمهورية الثانية في تونس ،وحزبه يسيطر على برملانها ويسمى رئيس حكومتها “احلبيب الصيد” ،بعد إنتخابات رئاسية شهدت تنافسا ً حادا ً بني السبسي وبني الرئيس املنتهية واليته منصف املرزوقي ،حيث جرت جولة اإلنتخابات الثنائية في 20كانون األول .201٤ وما حققه حزب “نداء تونس” في اإلنتخابات ثم الرئاسية كان ﲟثابة مفاجأة كبرﻯ التشريعية ومن ﹼ لـ “حركة النهضة” التي تصورت قيادتها أنها ستﻈل محتفﻈة ﲟوقعها في املركز األول ،ويعزو تقدم حزب “نداء تونس” الذي لم يتجاوز عمرﻩ سنتني ونصف السنة الى حنكة مؤسسه الباجي قائد السبسي الذي دخل املعترﻙ السياسي في خمسينيات القرن
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي املاضي ،وكان أول رئيس حكومة بعد الثورة في العام ،2011وقدم في واجهة احلزب وجوها ً كانت خليطة من اليساريني والنقابيني ورجال األعمال واستطاع أن ﹼ يشكل واجهة مقبولة سياسيا ً واجتماعياً. وحركة النهضة التي لم تقدم مرشحا ً للرئاسة، وعندما حسم الصراع بعد اجلولة اإلنتخابية األولى التي شارﻙ فيها 27مرشحاً ،في اإلعادة بني منصف املرزوقي والباجي قائد السبسي ،كان للوقائع السابقة دورها في احلسم عندما حاكمت مرحلة الترويكا وحملتها مسؤولية التوترات واإلخفاقات التي وقعت ﹼ خالل السنوات السابقة ،وكان شبح اإلرهاب ماثالً واإلسالم السياسي الذي ﲢالف معه املرزوقي ،ومن ناحية أخرﻯ ،كان هناﻙ اإلستقطاب السياسي واضحاً ،حيث إصطفت القوﻯ العلمانية والليبرالية والسياسية والقومية الى جانب السبسي. وبذلﻚ أنهت اإلستحقاقات التونسية “الرئاسية والتشريعية” فترة الترويكا التي أدارت املرحلة بعد إطاحة “بن علي” ،والواقع اجلديد الذي آلت إليه التطورات السياسية أسقﻂ فرضية التعايﺶ بحكم الضرورة ،وبذلﻚ استطاعت تونس أن توفر لتجربتها الراهنة فرضيات اإلنسجام والتضامن ،وسيكون الرئيس السبسي متحررا ً من قيود تقدﱘ التنازالت، وتركيبة احلكومة لن تعوزها الغالبية لتمرير مشاريع القوانني التي تضع برنامجه السياسي على محﻚ اإلختبار اعتمادا ً على مساندة الغالبية ،أما املعارضة فستكون في حل من أي إعتبار ،غير ما يحتمه النقد البناء الذي يطرﺡ البدائل. وسيكون حزب “نداء تونس” في وضع مريح بسبب
33
تعاقد الثقة مع الناخبني وﳒاحه في أن يضمن هامشا ً أوسع في إطالق اليد ،من دون مزاحمة أي طرف منافس، عدا ما يتطلبه وفاق الفاعليات التي ه ﹼبت لدعمه في اإلستحقاقات اإلنتخابية. لقد نأﻯ حزب “النهضة” )الذي احتل املرتبة الثانية في اإلنتخابات التشريعية( بنفسه عن إقتحام معركة الرئاسة ورﲟا فعل ذلﻚ بهاجس اإلستفادة من أخطاء ﲡارب “اإلخوان املسلمني” في مصر أو إستيعاب الدروس من عثرات احلكم في املرحلة اإلنتقالية ،وهذا ما ساعد في تعبيد الطريق أمام العملية السياسية، وهو بذلﻚ ضمن في أن يﻈل طرفا ً في املعادلة احلالية، سواء في دعم املعارضة املرتقبة أو في مشاورات تشكيل احلكومة اجلديدة. ومثلما كان الباجي قائد السبسي عنصرا ً فاعالً في املشاورات التي قادت الى تشكيل حكومة كفاءات لرعاية اإلستحقاقات اإلنتخابية ،فهو في وضع مريح كرجل املرحلة الذي يعرف مكامن األخطاء والعثرات في التجربة السابقة ،واختيارﻩ لرئيس احلكومة سيح ﹼررﻩ أكثر من أعباء السلطة التنفيذية بالنﻈر الى حجم املشاكل والصعوبات اإلقتصادية واإلجتماعية، ومعاودة بناء ثقة الفاعليات املؤثرة في أوساط رجال األعمال واإلستثمار واحلياة النقابية والى اإلهتمامات الكبرﻯ لفئات الشباب والنساء الذين ﹼ شكلوا عماد الثورة التونسية. التجربة التونسية ،رﲟا هي فريدة في كومة األحداﺙ التي عصفت بالعديد من الدول العربية، ﹼ ويشكل مدخالً ألي تفاؤل سيأتي الحقاً ،وذلﻚ بعد ﳒاﺡ اإلنتخابات البرملانية والرئاسية ،وهناﻙ نوع من التعقل واملوضوعية لدﻯ املكونات التونسية التي تعاملت مع الواقع السياسي كما هو ،ولم ﲡنح الى التطرف في املوقف وال الى امليل الى إلغاء اﻵخرين، بحجة أنها متلﻚ “تفويضا ً ربانياً” بذلﻚ ،ويبدو أن اﺨﻤﻟاﺽ التونسي ﳝلﻚ حﻈا ً أفضل من سواﻩ بأن ينتهي الى والدة نﻈام سياسي قريب من لغة العصر ،رﲟا هذا ما كان يحلم به محمد البوعزيزي قبل أربع سنوات، وليس صدفة أن يتم إختيار تونس “بلد العام ”201٤ من قبل صحف عاملية ،هذا البلد وبالرغم من صغر حجمه مقارنة بجيرانه ،لكنه إستحق اللقب بكل جدارة وإقتدار. لقد خطت تونس خطوة هامة في اإلﲡاﻩ الصحيح، وقيادتها ﹼ تؤكد بأن محاربة اإلرهاب أولوية ،وكذلﻚ خلق ﲢوالت إقتصادية واجتماعية تساهم في خلق فرﺹ عمل جديدة وبناء نهضة تونسية حقيقية تنعكس على كافة فئات اﺠﻤﻟتمع التونسي.
ﺃﺩﻫﻢ ﻣﺤﻤﻮﺩ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر فلسطيني
فلسطين وخطوة جذرية بإنضمامها لمحكمة الجنايات الدولية إنضمام فلسطني الى محكمة اجلنايات الدولية هي خطوة في اإلﲡاﻩ الصحيح والبدء في مرحلة جديدة مختلفة ،وتعني أن مرحلة التفاوﺽ املكوكية التي استمرت أكثر من عقدين من الزمن قد إنتهت ،تلﻚ التي كانت فرصة للعدو ،إستطاع من خاللها أن يفرﺽ وقائع جديدة مثل زيادة حجم اإلستيطان في األرﺽ الفلسطينية واستغالل عامل الوقت من أجل تهميﺶ القضية الفلسطينية ووضعها في مرتبة متأخرة في سلم األولويات اإلقليمية والدولية ،واإلستفادة القصوﻯ من مغاﱎ وفوائد إتفاق أوسلو 1993وما بعدﻩ ،فيما لعب الراعي األميركي املفترﺽ على عامل الوقت أيضا ً من أجل تطويع عدد من الدول العربية دافعا ً الى التطبيع مع “إسرائيل” ومحاوال ً تغيير إﲡاﻩ البوصلة ومجرﻯ الصراع في املنطقة ،وجاءت األحداﺙ والتطورات الالحقة خالل ﹼ لتشكل ضربة قاسية للقضية السنوات األخيرة الفلسطينية بسبب التطورات السلبية التي عصفت باملنطقة وحجم اإلستهداف للدول العربية التي ترﻯ في خيار املقاومة سبيالً لتحرير األرﺽ وعودة الشعب الفلسطيني الى ديارﻩ ،وتأثير ذلﻚ على الشعب الفلسطيني وقضيته وهي قضية األمة جمعاء. إن تغيير طبيعة الصراع وأدواته بعد إنضمام فلسطني الى محكمة اجلنايات الدولية ،سيفتح الطريق أمام القضية الفلسطينية لتﻈهر كما هي ،قضية حق وعدالة وستفضح جرائم احلرب اإلسرائيلية. إنه التحدي اجلديد في املعادلة اجلديدة ،بعد أن ل ﹼوحت الواليات املتحدة بﺈجراءات ضد السلطة الفلسطينية في حال إنضمامها الى محكمة اجلنايات الدولية ،في إشارة الى املساعدات املالية وشددت على إجراء السنوية واحتمال ﲡميدها، ﹼ مفاوضات مباشرة مع اإلسرائيليني تتو ﹼلى رعايتها لتسوية النزاع ،لكن هذﻩ املفاوضات ثبت فشلها وعقمها خالل أكثر من عقدين من الزمن. ويستغل رئيس حكومة العدو بنيامني نتنياهو التطورات األخيرة في مجلس األمن وفشل التصويت على مشروع القرار الفلسطيني الذي ﰎﹼ تقدﳝه .وتقدﱘ فلسطني طلب اإلنضمام الى محكمة اجلنايات الدولية ،كفرصة ملواجهة خصومه في اإلنتخابات القادمة واملقررة في آذار ،2015وبنفس الوقت ﻇهرت الواليات املتحدة على حقيقتها وليس بصفة “راعي املفاوضات”، حيث أعلنت املتحدثة بﺈسم اخلارجية األميركية
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
فلسطني تنضم ﶈكمة اجلنايات الدولية مليون دوالر شهرياً ،في حال فرﺽ عقوبات عليها من جانب “إسرائيل” والواليات املتحدة، ﹼ وتؤكد السلطة أنها ماضية في برنامجها لنيل اإلعتراف والعضوية الفلسطينية في مختلف املؤسسات الدولية. ويرﻯ مراقبون“ ،إن اإلعتراﺽ على املشروع في مجلس األمن لم يكن نابعا ً من ذكر قضية الالجئني وال قضية القدس ،بل إن الغضب اإلسرائيلي ناجم عن اجلرأة الفلسطينية في إتﹼخاذ خطوات آحادية اجلانب وإثارة اإلستفزاز، ﹼ يشكل تهديدا ً فتحويله الى صراع دولي حقيقيا ً للسياسة اإلسرائيلية التي تريد أن تبقي بأيديها إحتكار إدارة الصراع وإقرار كل جني بساكي تعليقا ً على قبول األﱈ املتحدة طلب السلطة الفلسطينية اإلنضمام الى اﶈكمة ما يتع ﹼلق باملفاوضات. إن ما يسمى عملية السالم التي بدأت منذ اجلنائية الدولية“ ،إن الفلسطينيني غير مؤهلني لﻺنضمام الى هذﻩ الهيئة ،وأن الواليات املتحدة إتفاقية كامب ديفيد ووادي عربة الى أوسلو ال تعتقد أن دولة فلسطني تعتبر دولة ذات سيادة ،وخارطة الطريق وأنابوليس وغيرها ،ما هي إال وال تعترف بها بهذا الوصف ،وال تعتقد أنها مؤهلة خطوات ﰎﹼ إﳒازها من خالل الواليات املتحدة لﻺنضمام الى معاهدة روما” التي تأسست ﲟوجبها حلماية الكيان الصهيوني وإضعاف القضية الفلسطينية كقضية ﲢرر وطني ،ومحاولة اﶈكمة اجلنائية الدولية. والهجمة التي بدأتها “إسرائيل” على السلطة لتصفية القضية وفرﺽ وقائع جديدة على األرﺽ، الفلسطينية ال تنحصر باملعاني والتصريحات أمام وابتزاز التنازالت من السلطة الفلسطينية بعد اإلسرائيليني والواليات املتحدة واﺠﻤﻟتمع الدولي ،محاصرتها سياسيا ً واقتصاديا ً وجعلها رهينة إنها هجمة ﲢمل في طياتها أهدافا ً عدة ،ويقف بيد الدول املانحة ،وجعل السلطة الفلسطينية خلفها رئيس حكومة العدو بنيامني نتنياهو مجرد عنوان دون مضمون ،والوقائع العملية ﹼ تؤكد الذي يخوﺽ معركته اإلنتخابية ،بعد تبكير وباعتراف السلطة الفلسطينية ذاتها ،بأنها ال موعدها ،وهو يستغل األزمة ليصدرها الى اخلارج متلﻚ السيادة على األرﺽ واألجواء واملعابر احلدودية، وما شهدته احللبة الدولية من تطورات في ملف ويعيﺶ الفلسطينيون في الضفة الغربية ضمن القضية الفلسطينية ،والطلب الفلسطيني مناطق منعزلة عن بعضها البعﺾ وفي مناطق الذي ﹲق ﹼدم الى محكمة اجلنايات الدولية ،أشعل يعوزها التجاور اجلغرافي. احللبة السياسية واحلزبية اإلسرائيلية من جديد، لقد إستطاع الشعب الفلسطيني وبقواﻩ احلية حيث يستغله كل طرف ملصلحته اإلنتخابية ،ومن خالل كفاﺡ طويل وتضحيات كبيرة ،أن يحقق واستغالل نتنياهو لهذا الطلب وصل ذروته عندما الكثير من اإلﳒازات ،أهمها :احلفاﻅ على هويته أعلن “أن احلكومة اإلسرائيلية ستقف كحد الوطنية وتأكيد حقوقه أمام العالم أجمع ،وﰎﹼ السيف الى جانب اجليﺶ وقادته أمام السلطة ذلﻚ من خالل حركة ﲢرير وطنية إطارها منﻈمة الفلسطينية الى محاكمتهم كمجرمي حرب” ،التحرير ،لكن خسارة بعﺾ املناطق ،كانت بفعل وفي ﻇل التطورات األخيرة على الساحة الدولية مواقف سياسية راهنت على ما يسمى عملية واخلطوات التي إتخذتها وتهدد بﺈتﹼخاذها السلطة السالم واملفاوضات برعاية أميركية حصرية هي ﹼ الفلسطينية ،عاد املوضوعان األمني والسياسي أقرب ما تكون الى الوصاية كما ﹼ أكدتها األحداﺙ. يتربعان على رأس القضايا. لقد حان الوقت للتخلﺺ من هذﻩ اﻵليات وتعلن السلطة الفلسطينية ،أنها تنوي التوجه العقيمة وعدم الرهان من جديد على الواليات تقدم املتحدة التي متد الكيان الصهيوني بأسباب الى الدول العربية والى اجلامعة العربية كي ﹼ طلب دعم اقتصادي طاملا تواصل قرار التجميد البقاء ،وشعبنا الفلسطيني ﳝلﻚ كافة املؤهالت اإلسرائيلي ،وبأن السلطة ستطالب بتطبيق فوري إلستمرار مسيرته النضالية حتى النصر. لقرار القمة العربية األخير ،في شأن منح شبكة ﻧﺒﻴﻞ ﻣﺮﻋﻲ آمان إقتصادي للسلطة الفلسطينية بقيمة 100
3٤
منبر دولي
أوباما «بطة عرجاء» بعد سيطرة الجمهوريين على الكونغرس!؟ في إنتخابات نصف الوالية األخيرة، ق ﹼرر املواطنون األميركيون بأصواتهم منح السيطرة في مجلس الشيوﺥ الى املعارضة التي ﳝ ﹼثلها احلزب اجلمهوري وتعزيز إمساكها ﲟجلس النواب ،هذا احلزب الذي اجتاﺡ ممثله األخير في قمة الدولة جورج دبليو بوﺵ بلدا ً بناء على أكاذيب وأباﺡ اللجوء الى التعذيب وخ ﹼلف قبل رحيله أخطر أزمة اقتصادية عرفها العالم منذ قرن. الكبائر اجلمهورية هذﻩ لم ﲢل دون تركيز احلملة اإلنتخابية األخيرة )التجديد النصفي للكونغرس( على صورة أوباما الذي بلﻎ معدل الثقة به املستوﻯ األكثر إنخفاضا ً تاريخيا ً ليحصل على ٪٤0من اﻵراء اإليجابية ،رغم أن الرئيس أوباما أصلح األضرار التي أصابت اإلقتصاد والدبلوماسية على يد سلفه، ومباشرا ً في الوقت ذاته إصالحات كبرﻯ في نﻈامي الصحة والهجرة ،بيد أن تقريع أوباما ﳝ ﹼثل مخرجا ً للمزاج الوطني ،حيث تشير استطالعات الرأي ،أن القسم األكبر من األميركيني يرﻯ أن الواليات املتحدة تسير في اإلﲡاﻩ اخلاطﺊ. ويرﻯ البعﺾ ،أن الرئيس أوباما يتأ ﹼبﻂ الغموﺽ ،بنﹼا ًء كان أو مدمراً ،ويبدو أنه واعيا ً لرغبات األميركيني املتقلبة واملتناقضة، ولكنه يخشى احلسم وﻇهر هذا في أكثر من مفصل هام ،لكنه إنتشل تركته من اإلنحسار عبر البوابة الكوبية ،بعدما استنتﺞ أن املفاوضات النووية اإليرانية والعملية التفاوضية الفلسطينية – اإلسرائيلية ستصطدمان بحائﻂ املمانعة اجلمهورية داخل الكونغرس وخارجه ،وأعلن إنهاء النهﺞ القدﱘ مع كوبا بعزمه على إقامة عالقات دبلوماسية بعد إنقطاع دام نصف قرن ،ﹼ وأكد أن اخلمسني عاما ً املاضية أﻇهرت ،أن عزل كوبا يعﻂ نتيجة وحان الوقت إلعتماد مقاربة لم ﹺ جديدة ،واختار التوقيت املناسب قبل إنتقال األكثرية في مجلس الشيوﺥ ومجلس النواب الى اجلمهوريني أواخر كانون الثاني .2015 والذين ينتقدون سياسة باراﻙ أوباما املتعطشة لﻺنفتاﺡ على إيران بأي ثمن، يشيرون الى أن الرئيس األميركي استعجل اإلنفراج عندما بدأت العقوبات ﲡدي في إيران، فيما تعاني في العمق من نتائﺞ إنخفاﺽ أسعار النفﻂ وعليه فهذا الوقت وقت
الرئيس األميركي باراﻙ أوباما
املساومة وليس وقت اإلنفتاﺡ. ويبدو أن أوباما يريد التنصل من ضرورة مصادقة الكونغرس على أي صفقة نووية يبرمها مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية ،وقد يلجأ الى صيغة يزعم ﲟوجبها أن الصفقة النووية مع إيران تقع ﲢت طائلة مجلس األمن ،إذ أن األطراف التي تفاوﺽ مع إيران هي الدول اخلمس الدائمة العضوية في مجلس األمن ،والسؤال هل متر مثل هذﻩ اﶈاولة؟ واإليرانيون يريدون إبقاء املسألة النووية خارج مجلس األمن وفي اإلطار احلالي أي ضمن دول ما يسمى 1+5الذي يضيف أملانيا الى الدول اخلمس ،وفي اﶈصلة هناﻙ قناعة لدﻯ اإلدارة األميركية بعدم التصعيد ضد إيران في هذﻩ املرحلة لتفادي أي تشنﹼﺞ إقليمي أكبر أو رد فعل عكسي في احلرب ضد »داعﺶ« ويسميها البعﺾ بالشراكة الصامتة، أو املصالح امللتقية ،التي متنع أي تصعيد أميركي ،والهدف عزل »داعﺶ«. واملؤشر اجلديد في السياسة اخلارجية األميركية ،ما أق ﹼرﻩ الكونغرس األميركي )في كانون األول (201٤من قانون يعزز الشراكة اإلستراتيجية مع »إسرائيل« وخصوصا ً عالقات الدفاع واألمن والطاقة واألبحاﺙ وغيرها ،ويزيد القانون مخزونات األسلحة األميركية في
35
»إسرائيل« تسعة أضعاف لتصل قيمتها الى 1,8بليون دوالر. هذا وم ﹼثلت اإلنتخابات التجديدية للكوﳒرس األميركي بغرفتيه النواب والشيوﺥ وحكام بعﺾ الواليات األميركية ،والتي جرت يوم ٤نوفمبر 201٤ونتائجها دالالت مهمة بالنسبة للعالقة بني السلطتني التنفيذية والتشريعية للواليات املتحدة خالل العامني املتبقيني من والية الرئيس أوباما وانعكاسات ذلﻚ على سياسة الواليات املتحدة اخلارجية إزاء عدد من القضايا ذات الصلة بالعالم وخاصة منطقة الشرق األوسﻂ وفي مقدمتها :امللف النووي اإليراني ،امللف السوري والتنﻈيمات اإلرهابية وفي مقدمتها داعﺶ ،عالقات الواليات املتحدة بحلفائها التقليديني في املنطقة العربية ،وأخيرًا مستقبل القضية الفلسطينية؛ التي لم ﲡد الدعم املطلوب من الكوﳒرس الدﳝقراطي ،الذي عجز أمام ﹼ املؤكد أن القضية سياسات “إسرائيل” ،ومن الفلسطينية ستواجه ﲢديات أصعب مع الكوﳒرس اجلمهوري الذي لن يتوانى في التطرف بسياسته ﲡاﻩ اجلهود املبذولة لﻺعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ،وﲡاﻩ محاوالت “إسرائيل” مواصلة بناء املستوطنات ،لذلﻚ مع سيطرة
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر دولي اجلمهوريني على مجلسي الكوﳒرس )الشيوﺥ والنواب( ،ال يﹸتوقع أن يكون هناﻙ تقدم في عملية السالم ،أو مشاريع قوانني للضغﻂ على اجلانب اإلسرائيلي إلرغامه على اجللوس على طاولة املفاوضات ،نﻈرا للعالقات القوية بني احلزب اجلمهوري واليمني اإلسرائيلي، والدعم اجلمهوري املستمر للسياسات اإلسرائيلية في املنطقة.
ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﻮﻥ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻟﺼﻌﺐ
ﹼ شكل فوز اجلمهوريني في اإلنتخابات النصفية في الواليات املتحدة وسيطرتهم على الكونغرس ﲟجلسيه النواب والشيوﺥ نكسة كبرﻯ للرئيس باراﻙ أوباما واحلزب الدﳝوقراطي ،تنذر بسنتني من التعايﺶ الصعب الذي سينعكس على السياسة الداخلية واخلارجية للواليات املتحدة ،إذ سيكون احلزب اجلمهوري قادرا ً على إمالء أجنداته البرملانية حتى االنتخابات الرئاسية في :201٦داخليا ً بالتركيز على القضايا اإلقتصادية في البالد التي أعطوها األولوية فأعدوا القوانني املراعية للسماﺡ لبناء خﻂ أنابيب النفﻂ »كيستون إكس إل« بني كندا وخليﺞ املكسيﻚ وتطوير إنتاج الغاز الطبيعي ومساعدة الشركات الصغيرة واحلد من القوانني والتنﻈيمات التي يعتبرونها مكبلة للنمو االقتصادي ،باإلضافة الى إصالﺡ النﻈام الضريبي واحلد من مشكلة النفقات احلكومية وﲢسني النﻈام التربوي، إضافة الى التركيز على موضوع الهجرة التي تبقى ملفا ً ساخنا ً مع وصول عدد املهاجرين املقيمني بصفة غير مشروعة في الواليات املتحدة إلى أكثر من 11مليوناً ،أما خارجيا ً فﺈن اجلمهوريني أﻇهروا تشددا ً إزاء بعﺾ قضايا الشرق األوسﻂ والعالقة مع روسيا ،ما سيؤدي الى نقاﺵ داخل الكونغرس ﲟجلسيه الشيوﺥ والنواب ،والسؤال الذي يفرﺽ نفسه هنا هو ،كيف سيوﻇف اجلمهوريون غالبيتهم في الكونغرس في وقت ال يزال فيه أوباما ﳝسﻚ بسلطة النقﺾ ولن يوافق على األرجح على قوانني تقضي على أبرز »منجزات« فترته الرئاسية ،بدءا بقانون إصالﺡ الضمان الصحي الذي يطلق عليه اسم »أوباما كير«؟. متكن مرشحو احلزب اجلمهوري من انتزاع 7 مقاعد من الدﳝوقراطيني في مجلس الشيوﺥ ﹼ ليحتل اجلمهوريون 52مقعدا ً مقابل ٤5 للدﳝوقراطيني .كما عزز اجلمهوريون أيضا ً تقدمهم السابق في مجلس النواب. وبرغم ذلﻚ ال تخول هذﻩ النتيجة أعضاء الكونغرس اجلمهوريني إصدار تشريعات بشأن امللفات الكبرﻯ بشكل آحادي ،لكنها متنحهم القدرة التامة على عرقلة أي مشروع ألوباما ال
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
املرشح اجلمهوري ميت رومني يحمل طفالً في ﲡمع انتخابي ألنصارﻩ ﲟدينة سانفورد بوالية فلوريدا يعجبهم ،مما سيحتم على الرئيس األميركي تقدﱘ تنازالت عديدة إرضاء لهم في سبيل مترير أي قرار مصيري خالل عاميه الباقيني له في البيت األبيﺾ. ويتوقع أن تبدأ تداعيات سيطرة احلزب اجلمهوري على الكونغرس بالﻈهور خالل األشهر املقبلة مفتوحة على احتماالت شتى. والكرة ستكون من اﻵن فصاعدا ً في ملعبي الرئيس باراﻙ أوباما ورئيس كتلة اجلمهوريني في مجلس الشيوﺥ ميتﺶ ماكونيل ،إذ إن مدﻯ التنسيق والتناغم بينهما سيحدد كيف سيكون وضع اتخاذ القرارات في املستقبل. فهل يرضى أوباما بشلل تام ومتضية العامني الباقيني في سياسة القيادة من اخللف التي وصم بها عهدﻩ حتى اﻵن ،أم أنه سيرضخ لضغوط اإلنتخابات الرئاسية املقبلة وحاجة حزبه الدﳝوقراطي الى ﲢسني صورة أداء اإلدارة احلالية للبالد وهذا سيتطلب شجاعة وتفاهما ً وتنازالت مع احلزب اجلمهوري الذي بدورﻩ ال يجب أن يبدي أي اعتراﺽ على قرارات فيها صالح الشعب األميركي. وفي هذا اإلطار يأتي دور ماكونيل ليكون براغماتيا ً مع أوباما قدر اإلمكان من أجل دعم موقف املرشح اجلمهوري لﻺنتخابات الرئاسية عام .201٦وبدأ الغزل بني أوباما وماكونيل منذ خطابيهما بخصوﺹ النتائح اذ أبدﻯ الطرفان حرصهما على مصلحة البالد واستعدادهما للعمل معاً. والواقع يؤكد أن سيطرة اجلمهوريني على الكوﳒرس إﳕا هو سالﺡ ذو حدين، فالدﳝقراطيون عازمون على وضع اجلمهوريني في الصدارة وسيحملونهم عواقب أي قرارات
3٦
خاطئة خالل العامني املتبقيني من والية أوباما، ورﲟا يدفع اجلمهوريون ثمن هذا النصر غاليا ً خالل املعركة الكبرﻯ على البيت األبيﺾ في ،201٦فأي خطأ يرتكبونه من اليوم وصاعدا ً سيحسب بكل تأكيد لصالح املعسكر الدﳝقراطي .ومما يؤكد هذا املعنى أيضا ً عدم وجود بارقة أمل لدﻯ اجلمهوريني أصال ً في االنتخابات الرئاسية املقبلة ،التي ال يبدو أنهم ﳝلكون فيها مرشحا ً قويا ً يصلح ملنافسة الدﳝقراطية هيالري كلينتون على منصب الرئاسة عام ،201٦ألنهم يدركون أنه إذا كانت كلينتون سيئة ،فﺈنها بالتأكيد لن تكون أسوأ من املرشحني اجلمهوريني املتاحني حاليا ً مثل سارة بالني وجون ماكني وميت رومني. إذن ،فقد كانت انتخابات التجديد النصفي األخيرة “فخا” وقع فيه اجلمهوريون ،وهذا ما تؤكدﻩ الشواهد احلالية ،التي تذهب إلى ما هو أبعد من ذلﻚ وتفترﺽ أن تصارع اجلمهوريني والدﳝقراطيني على السلطة قد ﲢ ﹼول إلى تقاسم غير معلن للسلطة يرتضي به الطرفان واألميركيون أيضاً :بيت أبيﺾ دﳝقراطي ،وكوﳒرس جمهوري ،ولعل هذا هو السبب وراء إبداء الطرفني رغبة سريعة في التعاون بعد إعالن نتائﺞ االنتخابات. إن الفوز الكبير الذي حققه اجلمهوريون في انتخابات الكوﳒرس وسيطرتهم على مجلس الشيوﺥ ،سيترﻙ الرئيس األميركي باراﻙ أوباما مثل “البطة العرجاء” في سياسته اخلارجية خالل العامني الباقيني له في السلطة .وفي الوقت الذي يترقب فيه األميركيون والعالم من خلفهم ،مواجهات ساخنة بني الكوﳒرس، اخلاضع لسيطرة اجلمهوريني ،وحق “الفيتو”
الذﻯ سيحفﻆ ماء وجه أوباما ،واجلميع يترقبون موقف اجلمهوريني من القضايا الدولية الشائكة وما سيطالها من مواءمات سياسية إجبارية خالل الفترة املقبلة. وتؤكد التوقعات أن قضية العالقات مع روسيا وامللف النووي اإليراني هما أول قضيتني ستقعان فريسة لـ “املشرط” اجلمهوري.
سيطرة اجلمهوريني على الكونغرس تقيد سياسة أوباما ﲡاﻩ إيران
ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻧﻐﺮﺱ ﺗﻘﻴﹼﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺃﻭﺑﺎﻣﺎ ﲡﺎﻩ ﻃﻬﺮﺍﻥ وما يتعلق بامللف اإليراني ،ال يخفى على أحد أن اجلمهوريني قد ضاقوا ذرعا ً بتمديد املفاوضات النووية التى قاربت على العام ،وهو ما يعتبرونه »تالعباً« من جانب طهران وفشال ً من جانب واشنطن ،كما أن املوقف اجلمهوري يتوافق إلى حد كبير مع املوقف اإلسرائيلي، وبالتالي فﺈن إنزال عقوبات جديدة بطهران سيرضي اللوبي اليهودي ،وبالتالي يعتبر نقطة ﲢسب للجمهوريني في اإلنتخابات الرئاسية. فﺈذا بدأ الكوﳒرس اجلديد عمله في وجود خالف واسع على اتفاق أﹸبرم مع إيران ،أو على متديد غير مقنع للمفاوضات معها ،فرﲟا تسعى األغلبية إلى تصعيد التوتر مع طهران عبر فرﺽ عقوبات جديدة عليها. وكان جمهوريو الكوﳒرس احلالي قد سعوا إلى ذلﻚ بداية العام ،201٤لكنهم لم ينجحوا في مترير مشروع قانون العقوبات ،لكن تغير املوازين في الكوﳒرس احلالي قد ﹼ ﳝكنهم من مترير مثل هذا املشروع ،وعندئذ سيكون أمام أوباما أحد خيارين ،فﺈما أن يو ﹼقع املشروع، سعيا ً لبناء ثقة مع األغلبية اجلمهورية ووضع إيران في اختبار لكشف نواياها مبكراً ،وإما أن يختار طريق الصدام ،ويستخدم حقه في نقﺾ مشروع القانون ،خاصة إذا كان لديه يقني باستحالة أن يعيد الكوﳒرس متريرﻩ بأغلبية الثلثني ،لكن أوباما سيغامر ،في حالة اختيارﻩ الصدام ،بالدخول في معركة مفتوحة لن تكون في مصلحته مع الكوﳒرس الذي يستطيع إرباﻙ مشاريعه الداخلية. في هذا الوقت ،تقول العديد من الوسائل اإلعالمية املتابعة ،إ ﹼن الهم األول في السنتني املقبلتني هو ترتيب العالقة مع إيران ،والكالم عن احلوار معها متداول في شكل واسع، خاص ًة وأ ﹼن أوباما مص ﹼر ،في شكل شبه دائم، على تكرار رهانه على هذا احلوار ،وترﻯ فيه اإلدارة األميركية مالذا ً للخالﺹ من الهم القادم من الشرق إلى الغرب ،أال وهو “داعﺶ”، وهذا ما ﳝكن تفسيرﻩ من خالل الرسائل
السرية التي ﰎﹼ توجيهها من البيت األبيﺾ إلى املعنيني اإليرانيني تطلب فيها التعاون معها في العديد من امللفات ،وفي مقدمتها “داعﺶ” ،وبالتالي يفتح الباب أمام التندر لوجود حلحلة في العديد من القضايا أهمها امللف النووي اإليراني ،ومن بعدها يتم حلحلة بقية القضايا ،ومنها على سبيل املثال األزمة السورية ،وهنا ال بد من التركيز على أن اإلنقسام اجلمهوري الذي ﻇهر حول التعامل مع األزمة السورية يغيب عند التطرق إلى أزمة البرنامﺞ النووي اإليراني .فمع سيطرة اجلمهوريني على الكونغرس األميركي ،فمن املتوقع أن يكون هناﻙ تشدد في مواقف الكونغرس من إيران وبرنامجها النووي، حيث يتبنى اجلمهوريون موقفا ً متشددا ً من البرنامﺞ النووي إليران ،وسياساتها املتشددة في املنطقة.
ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻣﻦ ﺭﻭﺳﻴﺎ وحول املوقف األميركي من روسيا ،فعلى الرغم من العداء الواضح بني أوباما ونﻈيرﻩ الروسي فالدﳝير بوتني ،فﺈن الرئيس األميركي ﲡنب حتى هذﻩ اللحﻈة الدخول في مواجهات مباشرة مع روسيا أو إبداء أي عداء صريح ملوسكو ،ولكن الوضع مختلف بالنسبة للمعسكر اجلمهوري الذي يسعى لتشديد العقوبات على روسيا وال يخشى الدخول في مواجهة علنية معها بغﺾ النﻈر عن العواقب والتي ستؤثر بشكل مباشر على االقتصاد األميركي ،خاصة وأن نزعة استعادة الوفاق بني احلزبني ،فيما يتعلق باملوقف من روسيا ،قد ارتسمت داخل الكونغرس بعقدﻩ
37
األخير :لقد أيد الكونغرس بحماس امليدان األوكراني ،واستيالء القوﻯ القومية املتطرفة املعادية لروسيا على السلطة في كييف ،وزارت أوكرانيا عدة مجموعات من أعضاء مجلس الشيوﺥ األميركي الذين تهجموا بشدة على موسكو ،كما أن الرئيس األوكراني بيوتر بوروشينكو دﹸعي للتحدﺙ أمام الكونغرس في دورة مشتركة ﺠﻤﻟلسيه. ومن املتوقع أن يتخذ الكونغرس األميركي موقفا ً حادا ً في معاداة روسيا :ففي 18أيلول 201٤تقدم عضو مجلس الشيوﺥ ،الدﳝقراطي روبرت مينينديز ،ﲟشروع قانون »ملساندة احلرية في أوكرانيا« ،ينﺺ على منح أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وضع »حليف عسكري رئيسي غير عضو في الناتو« ،ما يسمح بالشروع في تزويد هذﻩ البلدان باألسلحة األميركية .ويﹸقترﺡ ،لهذا الغرﺽ ،تخصيﺺ 350مليون دوالر في العام املالي ،2015وفرﺽ عقوبات ضد أية شركة من أي بلد كان ،إذا أقدمت على اإلستثمار في مجال الطاقة الروسية .وطرﺡ أيضا ً عدد من القرارات ومشاريع القوانني التي تتهم روسيا بانتهاﻙ املعاهدات املتعلقة باألسلحة .وفضال ً عن ذلﻚ ،ينبغي أن نأخذ باإلعتبار بعﺾ بنود مشروع القانون اخلاﺹ بالدفاع الوطني للعام املالي .2015إذ تنﺺ صيغة مجلس النواب على إبقاء ٤50منصة إطالق ﲢت أرضية لصواريخ »مينيتمان «3 -في حالة اجلهوزية العملية ،وكذلﻚ منع تخصيﺺ األموال للتقليﺺ ﲟوجب معاهدة »تقليﺺ األسلحة الهجومية« ما لم يتم التأكد من أن روسيا »ﲢترم سيادة أوكرانيا« ،وال تخل ﲟعاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة املدﻯ. إدارة الرئيس باراﻙ أوباما لم تؤيد إقرار العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر دولي مشاريع القوانني هذﻩ ألنها كانت تسعى للمحافﻈة على صالحيات السلطة التنفيذية ،ولم تكن لها مصلحة في التحرﻙ ضمن أطر تشريعية صارمة ،ولكن الوضع اﻵن تغير جذرياً ،إذ أصبح بوسع اجلمهوريني اتخاذ القرارات باسم مجلسي الكونغرس )النواب والشيوﺥ( كليهما ،ومن اﶈتمل أن ﲢﻈى التدابير املعادية لروسيا بالدعم التشريعي، تبني التجربة التاريخية ،فﺈن مثل هذﻩ وكما ﹼ القوانني ستتصف بطابع طويل األمد ،ومن الصعب جدا إعادة النﻈر فيها ،أو إلغائها. ويبدو أن قائمة التدابير التشريعية التي سوف يتخذها الكونغرس بعقدﻩ اجلديد ستتضمن اإلجراءات مثل: تغطية تشريعية للعقوبات التمييزية ضد قطاعات اإلقتصاد الروسي املفصلية )اﺠﻤﻟال املالي ،والطاقة ،والصناعات احلربية(، ووقف العالقات مع اجلانب الروسي في اﺠﻤﻟال العسكري ،وكذلﻚ ﲡميد نشاط مجلس روسيا -الناتو ،وتسريع نشر منﻈومات الدرع الصاروخية “إيجيس” في بولندا ،وزيادة النفقات العسكرية األميركية بدال ً من تقليصها وفق خطة إدارة باراﻙ أوباما ،وغيرها ،وستهدف إلى “مأسسة” آليات شن حرب باردة جديدة ضد روسيا ،أي أن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس األميركي وسيطرة احلزب اجلمهوري على مجلسيه كليهما ،سوف تزيد من اﺠﻤﻟابهة طويلة األمد بني الواليات املتحدة األميركية وروسيا .وهذا ما يتبني ،خاصة ،من توازن القوﻯ اجلديد في “الكابيتول هيل” ،الذي يعني استعادة الوفاق بني احلزبني في معاداة روسيا.
ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﺼﻔﻴﺔ وفي تداعيات خسارة حزب أوباما في االنتخابات ،على منطقة الشرق األوسﻂ وملفاتها ،وخاص ًة على األزمة السورية ،ثمة انقساما ً في اﻵراء حول ما ﳝكن أن يفعله اجلمهوريون للضغﻂ على اإلدارة الدﳝقراطية، في هذا الشأن ،وتقول إحداها ،إ ﹼن اإلدارة اجلديدة لن تترﻙ ألوباما احلرية أن يتصرف في الشرق األوسﻂ وكأنه ال يزال في مستهل عهدﻩ حني أعطى وعودا ً يصفها مسؤولون بـ”الفاشلة”، ولن تترﻙ له حرية احلركة في ما يتعلق بالدور األميركي في أوروبا الشرقية ،والشرق األوسﻂ. إن الوضع في سوريا وارتباطه بعاملني رئيسيني رﲟا متناقضني وهما :تعاﻇم دور تنﻈيم داعﺶ في األراضي السورية وتوافر املالذ اﻵمن للتنﻈيم للتمدد في العراق وسوريا معا ً
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
فوز اجلمهوريني مواجهة كبرﻯ في السياسة اخلارجية األميركية وتهديد املنطقة العربية والشرق األوسﻂ، أما العامل الثاني فهو كيفية مجابهة هذا التﻈيم دون زيادة ميزان القوﻯ لصالح سوريا، ومن هنا ﳝكن تفهﹼ م الرؤﻯ املتباينة التي كانت داخل اإلدارة األميركية قبيل انتخابات الكوﳒرس بشأن اخليارات املتاحة لها في سوريا. بد من التركيز على نقطة مهمة هنا ال ﹼ جداً ،تقول إ ﹼن اجلمهوريني كانوا من أوائل املنتقدين لسياسات اإلدارة في التعامل مع األزمة السورية ،ويرون أن اإلدارة تركت سوريا لروسيا وإيران ﲟا جعلها أرضا ً خصبة لﻺرهاب والتطرف الذي سينتقل بدورﻩ إلى األراضي األميركية ،بعدما امتنع الرئيس أوباما عن اإلنخراط في سوريا ،وهذﻩ اإلنتقادات لن تعني توجها ً جمهوريا ً إلى حرب شاملة ضد سوريا، وذلﻚ لرفﺾ األميركيني -حسب كثير من استطالعات الرأي -خوﺽ الواليات املتحدة حروبا ً خارج أراضيها ،ولذا لن يضحي أي من طرفي املعادلة بأخذ قرار احلرب الشاملة ضد سوريا ،ال سيما مع انقسام داخل صفوف احلزب اجلمهوري حول التعامل مع سوريا .فهناﻙ تيار يتبنى وجهة نﻈر متشددة ضد سياسات اإلدارة في سوريا مثل السيناتور جون ماكني، في حني ال يرغب آخرون في انخراط أميركي شامل في أزمات املنطقة مثل السيناتور راند بول ،ولكن التركيز سيكون على تقدﱘ الدعم املعنوي واملادي والعسكري إلى »املعارضة املعتدلة« التي ال ترتبﻂ بعالقات مع التنﻈيمات اإلرهابية لتقويتها في سوريا، والتدخل األميركي سيكون أكثر حضورا ً من اﻵن وصاعداً ،وهذا التدخل لن يكون أبدا ً عبر الوجود العسكري املباشر كما كانت احلال في العراق ،فرفﺾ التدخل العسكري قرار نهائي
38
تتفق فيه سياسة الدﳝقراطيني واجلمهوريني. لكن ،في املقابل ،سيكون مستوﻯ التدخل السياسي واملساعدات العسكرية مرتفعاً. ويرﻯ مراقبون أن وجود اجلمهوريني ،يعني أن هناﻙ مرحلة أكثر صعوبة في املنطقة، قد تؤدي الى حرب إقليمية ،أو فرﺽ مداخالت عسكرية ،ولدﻯ اجلمهوريني رؤية خاصة إزاء امللفني السوري واإليراني ،وبالتالي فﺈن األعوام القليلة املقبلة ،ستترﻙ أثرا ً حادا ً على دول اإلقليم ﲟا فيها األردن.
ﺃﻭﺑﺎﻣﺎ ﻭﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﻟﺴﺎﻧﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ال يعني متتع اجلمهوريني باألغلبية في الكوﳒرس األميركي انسداد األفق أمام الرئيس األميركي لتحقيق تقدم في قضايا السياسة اخلارجية ،ولكن العكس هو الصحيح ،حيث سيمنح تشدد اجلمهوريني في القضايا الداخلية الرئيس تركيزا ً على الشأن اخلارجي ليحقق إﳒازا ً ينهي به إدارته ،ﲟا يساعد حزبه في انتخابات الكوﳒرس والرئاسة لعام .201٦ فعلى الرغم من املعارضة اجلمهورية ،وعدد من أعضاء حزب الرئيس لسياساته ﲡاﻩ إيران، ال يزال أمام أوباما فرصة إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران ،أو على األقل إطار ينطوي على تنازالت إيرانية كبيرة تعزز من مكاسبه ضد معارضيه اجلمهوريني ،ولكن النجاﺡ يرتبﻂ ﲟدﻯ رغبة اجلانب اإليراني في تقدﱘ تنازالت متكن أوباما من تعزيز مواقفه الستكمال سياساته االنفتاحية على اجلانب اإليراني. ومن الفرﺹ السانحة أمام الرئيس لتعزيز
مكاسبه على الصعيد اخلارجي ،خالل العامني املتبقيني له في البيت األبيﺾ ،أن يقدم العراق كنموذج لنجاحه في قيادته قوات التحالف الدولي ﶈاربة التطرف ،وﲢقيق تقدم في حربه على تنﻈيم الدولة اإلسالمية في العراق. فانحسار تقدم اجلهاديني في املنطقة يصب في مصلحة الرئيس وحزبه في االنتخابات الرئاسية القادمة ،وكذا العمل على إحداﺙ ﲢول ملموس في أفغانستان ،في ﻇل حكومة ائتالفية جديدة ،واالتفاق مع الصني على مجموعة مشتركة من التدابير للسيطرة على املناﺥ ،ومكافحة اإلرهاب. هناﻙ مطبات كبيرة أيضا ً في السياسة األميركية اخلارجية بد ًءا ﲟحاربة تنﻈيم “داعﺶ” .فالقرار الذي اتخذﻩ أوباما ﲟحاربة التنﻈيم كان بضغﻂ من اليمينيني في الكونغرس وطبعا ً بسبب التح ﹼول في الرأي العام األميركي في شأن محاربة “داعﺶ” في املتشددين في الكونغرس العراق وسوريا .غير أن ﹼ يطالبون بتكثيف الهجمات اجلوية واإلسراع في تدريب املقاتلني وتسليحهم ومساندتهم على األرﺽ .وقال أوباما أخيرا ً إن األولوية لديه هي محاربة “داعﺶ” في العراق وإن محاربة التنﻈيم في سوريا ثانوية هدفها إضعافه في العراق وقطع خطوط إمداداته. هذا املوقف قد يس ﹼبب خالفا ً بني أوباما والكونغرس اجلديد ألن الفكرة األكثر شيوعا ً بني اجلمهوريني واليمني الدﳝوقراطي هي توسيع رقعة اإلشتباﻙ في سوريا لتشمل إضعاف النﻈام قبل الشروع في تسوية سلمية على أساس اتفاقات جنيف ،وهذا ما يطلبه الكثير من حلفاء أميركا بخاصة السعودية وتركيا وفرنسا .أما الرسالة التي أرسلها أوباما إلى آية اﷲ علي خامنئي فقد عقﹼ دت األمور أكثر إذ يعتبر بعضهم أنها فتحت باب التعاون مع إيران في محاربة “داعﺶ” وهو ما ترفضه قطعا ً الغالبية الكبرﻯ في الكونغرس مدعومة من “إسرائيل” واللوبي اليهودي. املواجهة الكبرﻯ في مجال السياسة اخلارجية األميركية ستكون في ما يختﺺ باملفاوضات على امللف النووي اإليراني .فغالبية أعضاء الكونغرس ال تثق ﲟقدرة أوباما وفريقه على الوصول إلى اتفاق ﹼ يفكﻚ نهائيا ً البرنامﺞ النووي اإليراني أو على األقل ،ﳝنعه لعقود طويلة من إنتاج قنبلة نووية ،وهذا هو مطلب اجلمهوريني وعدد كبير من الدﳝوقراطيني ويتماشى مع رغبات نتانياهو واحلكومة اإلسرائيلية .ويعتقد كثر أن اتفاقا ً كامال ً لم يحصل في املوعد اﶈدد إلنهاء املفاوضات أي 2٤من شهر تشرين الثاني ،201٤وفي الوقت نفسه فالفشل الكامل غير مقبول من اجلهتني ،ما اضطر املفاوضني الوصول إلى اتفاق إطار أو ما شاكل ومتديد مدة املفاوضات
إلى .2015ولكن التخ ﹼوف في الكونغرس هو أن يو ﹼقع أوباما على اتفاق ال يجبرﻩ احلصول على موافقة مجلس الشيوﺥ باعتبارﻩ “اتفاقا ً تنفيذياً” وليس “معاهدة” وأن يع ﹼلق العقوبات من دون إلغائها ،ألن إلغاءها هو من صالحية مجلس النواب الذي وضعها في املقام األول. وجعل عدم الثقة املتبادل بني الكونغرس اجلديد والبيت األبيﺾ قيادات الكونغرس تتحسب لهذﻩ اإلحتماالت من خالل إجراءات ﹼ كالتحضير لعقوبات جديدة على إيران نالت في املاضي القريب غالبية كبيرة في مجلس الشيوﺥ شملت عددا ً ال يستهان به من الدﳝوقراطيني ،طبعا ً بدفع كبير من ﲢد من أوباما في هذا وأي ﹼ اللوبي اإلسرائيلي ،ﹼ اﺠﻤﻟال سيشعل حربا ً بينه وبني الكونغرس ملدﻯ السنتني املقبلتني ما يجعل الكثيرين يستبعدون مواجهة كهذﻩ. ويجب أال ننسى تأثير الكونغرس اجلديد في احلرب الباردة الثانية التي أطلقت شرارتها املشكلة األوكرانية والتي قد تتأزﹼم أكثر بوجود غالبية في الكونغرس تلوم أوباما على تعامله اخلجول مع الهجمة الروسية في شرق أوروبا. وكان بعضهم حذر أوباما سابقا ً من سياسة تشدد في السياسة أي ﹼ مد اليد إلى الروس .لكن ﹼ األميركية ﲡاﻩ روسيا سيرسخ احلرب الباردة ما سينعكس على العالم بأشكال يصعب توقعها حالياً. السنتان األخيرتان من عهد أي رئيس أميركي يخصﺺ القسم األكبر منهما لتثبيت اإلرﺙ الذي ينوي الرئيس تركه للتاريخ .أوباما يبحث عن إرﺙ وال يجدﻩ .أراد أن يكون إرثه االنسحاب من العراق وأفغانستان فﺈذا به يعود إلى العراق ويفتح جبهة جديدة في سوريا بعد تر ﹼدد طويل مد اليد للروس جعل األمور أكثر تعقيداً .أراد ﹼ ففشل وقد يكون إرثه غير املقصود في هذا اﺠﻤﻟال هو بداية احلرب الباردة الثانية .حاول أن يبني إرثا ً من خالل إﳒاز تقدم غير مسبوق باﲡاﻩ حل للقضية الفلسطينية وإذ باألمور تتراجع وتتأزﹼم أكثر فأكثر .يحاول اﻵن أن يحرز تقدما ً حد ما في في ملف الهجرة وقد ينجح إلى ﹼ النهاية ،إال أن هذا اإلﳒاز سيوضع ،جزئيا ً على األقل ،في خانة مساعدة احلزب الدﳝوقراطي على استعادة بعﺾ مؤيديه التقليديني .أراد في النهاية أن يكون إرثه النجاﺡ في مفاوضات امللف النووي اإليراني فوجد نفسه بعد سنة من اجلهد في مأزق بني اتفاق ال يرضى به الكونغرس وعدم اتفاق يترﻙ األمور في مهب الريح. حتى اﻵن ،ﳒحت إدارة أوباما في منع قدوم اإلرهاب إلى األراضي األميركية .الرئيس السابق جورج دبليو بوﺵ خاﺽ حربني في أفغانستان والعراق لينفذ استراتيجية منع عودة اإلرهاب إلى املدن األميركية ،وﳒح .الفارق بني اإلدارتني
39
أن إدارة بوﺵ خاضت احلروب املكلفة باملال واجلنود األميركيني لتحقيق هدفها ،بينما إدارة أوباما أوكلت تلﻚ احلروب لﻶخرين وبجنود اﻵخرين وهي ﲢقق منع عودة اإلرهاب إلى املدن األميركية. ويدرﻙ اجلمهوريون ،مع أنهم ال يعترفون علناً ،أن احلرب على »داعﺶ« في العراق قد تتطلب في مرحلة ما جنودا ً أميركيني على األرﺽ ،ويقول بعضهم إنه قد ال يكون هناﻙ مناﺹ من ذلﻚ ألن الغارات وحدها لن تكون كافية .والرئيس أوباما أملح إلى أنه متوجه إلى الكونغرس ليحصل على صالحية موسعة للحرب على »داعﺶ« .وقال إن للعراق أولوية في احلرب على »داعﺶ« لطردﻩ من هناﻙ. أما في سوريا فﺈن أوباما يعتمد استراتيجية »عزل املتطرفني« وليس استراتيجية إيجاد حل شامل للوضع السوري في عموم البالد، بحسب قوله .ورﲟا يشرﺡ ذلﻚ الحقا ً عندما يبدأ الكونغرس اجلمهوري باستجوابه ،بحسب التعبير األميركي الذي يعني الضغﻂ في إطار اﶈاسبة واحلث على اإلستدراﻙ. الرئيس أوباما فشل في حياكة تركة يذكر له التاريخ فيها أنه حقق السالم الفلسطيني اإلسرائيلي في مطلع عهدﻩ .وكان ذلﻚأول امتحان له كرئيس أميركي إذ أثبت أنه ال يعرف حقيقة النسيﺞ السياسي في الواليات املتحدة عندما يتعلق األمر بـ “إسرائيل”: فاستمرار بناء املستوطنات اإلسرائيلية وأحداﺙ القدس األخيرة قد تعرقل جديا ً مسيرة أفضل بني الدول اخلليجية والكونغرس اجلمهوري بسبب االختالف اجلذري في املواقف حول النزاع الفلسطيني -اإلسرائيلي .أما من جهة مواقف الكونغرس اجلمهوري من سوريا وروسيا وإيران والعراق ولبنان واليمن ،فﺈن الدول اخلليجية ترحب بها ألنها تتالقى معها في أكثر من منعطف. وفي الشرق األوسﻂ ،كما في الواليات املتحدة ،دخل الرئيس باراﻙ أوباما البيت األبيﺾ ،وراهن البعﺾ على إمكانية ﳒاحه من خالل اإلستفادة من أخطاء ﹶمن سبقه ،واخلروج من مستنقع احلروب واألزمات اإلقتصادية، والعمل من أجل عالم أكثر استقرارا ً وأمنا ً والقيام بدور فاعل وﲢقيق تسويات في أكثر من مكان ،لكن مثل هذﻩ اﻵمال ضاعت ،بسبب الوقائع اجلديدة التي خلفتها السياسات األميركية اﻵنية التي تبحث عن املصالح فقﻂ وال تساهم بتحقيق ولو احلد األدنى من العدالة وهي تخضع إلعتبارات متجذرة ،تتدخل فيها اإلحتكارات الكبرﻯ وﲡار احلروب واللوبي الصهيوني ،وهي ستبقى محل جدل الى حني تغ ﹼير املوازين الدولية.
ﺇﻋﺪﺍﺩ ﳌﻴﺲ ﺩﺍﻏﺮ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر دولي
روسيا تواجه التحدي األميركي في الشرق األوسط كما في أوكرانيا كان واضحا ً وبكل حزم وجدارة ،الرئيس الروسي فالدﳝير بوتني في رسالته السنوية أمام مجلس الدوما )النواب( والفيدرالية )الشيوﺥ( أن روسيا لن تهزم في املواجهة املفروضة عليها من دول الغرب ،ولن تسمح ألي طرف بتحقيق تفوق عسكري عليها ،ﹼ وأكد أن القرم جزء ال يتجزﹼأ من روسيا ،وانتقد مساعي الواليات املتحدة لتطويق روسيا والتدخل في شؤونها ومحاوالتها فرﺽ »ستار فوالذي« جديد ﹼ تتحكم حول بالدﻩ والتصرف مثل إمبراطورية بأتباعها ،وتسعى الى تكبيل الدب الروسي ونزع مخالبه وأنيابه. وأص ﹼر الرئيس بوتني على أن احلديث مع روسيا بلغة التهديدات ومنطق القوة ليس مجدياً، ونحن ال نسير على طريق اإلنعزال وكراهية اﻵخر ،والبحث عن األعداء ،ألنها مﻈاهر ضعف في حني نحن أقوياء ونثق بأنفسنا وهدفنا إيجاد أكبر عدد من الشركاء املتكافئني في الغرب والشرق. ﹼ وأكد الرئيس بوتني على احترام سيادة أوكرانيا ،ووصف شعبها بأنه شعب شقيق ،أما اإلنقالب الذي حصل فهو إغتصاب السلطة بالقوة كما حدﺙ في كييف في شباط املاضي ،201٤واملأساة التي نراها جنوب شرقي أوكرانيا ﹼ تؤكد صواب موقفنا ،وأشار الى أنه على رغم إنفتاﺡ روسيا غير املسبوق ،كان خطر تقسيمها وفق سيناريو يوغوسالفيا السابقة بكل ما يترتﹼب عليه من عواقب مأساوية ،وأشار الى حراﻙ إنفصالي مدعوم من اخلارج إعالميا ً وسياسيا ً وماليا ً وعبر قنوات إستخباراتية ،الفتا ً الى أن النزاعات اإلنفصالية التي ﻇهرت في روسيا مطلع تسعينات القرن العشرين كانت مدعومة من الغرب بهدف تقسيم روسيا. واعتبر بوتني أن العقوبات املفروضة على روسيا ،ليست ردة فعل الغرب على موقفها من أحداﺙ أوكرانيا ،بل محاولة منها لتقييدها ومنع تقدمها بعد تنامي قدراتها ،وحتى لو لم تضم القرم ،لكان لدﻯ الغرب ذرائع أخرﻯ لتنفيذ ذلﻚ. ووصف بوتني القرم بأنه حدﺙ تاريخي، خصوصا ً أن القرم وسيفاستبول يتﹼسمان بأهمية حضارية ومقدسة والتمسﻚ بالتاريخ سيكون موقفنا من اﻵن وصاعداً ،وهذا يعني أن
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
الرئيس الروسي فالدﳝير بوتني
استخدمت روسيا والصني الفيتو لثالﺙ ما قاله بوتني هو رد على واشنطن التي تعتقد مرات في مجلس األمن ،وأعادت الدفء لشرايني أنها بلغت »نهاية التاريخ«. ومتددت واشنطن و »الناتو« حتى صارت جارة الدعم العسكري واملالي واإلستخباري لسوريا، ملوسكو في جورجيا ،وجارة لبكني في كابل ،وكانت النتائﺞ مذهلة حقاً ،صمدت سوريا، وجارة لدمشق في بغداد ،فأضطرت روسيا وبدأت ضوابﻂ املشهد اإلقليمي والدولي إلعادة فتح أرشيفها لتبحث عن حلفائها تتسرب من أيدي أميركا وحلفائها .من هنا ،ما التقليديني على إمتداد العالم كي تواجه عدوا ً »داعﺶ« إال تعبير صارﺥ عن الفشل األميركي استفرد بالعالم أجمع وحاول السيطرة عليه ،في املنطقة ،وداللة قوية على العجز األميركي فكانت دمشق احلليف األوثق بعد أن داهم عن الفعل. يبدو أن النجاحات الكبيرة التي حققتها »الربيع العربي« الكثيرين ،وفاجأت مجرياته في كثير من األحيان حتى أصحاب املشروع ،إذ لم روسيا بقيادة بوتني في السنوات األخيرة، يكن في وارد واشنطن سقوط حكم اإلخوان في بدأت بالفعل تقﺾ مضاجع البيت األبيﺾ مصر ،وال تراجعهم في تونس ،وال تناحرهم في وتثير مخاوف جهات وازنة في أميركا .فقد ليبيا ،وال هزﳝتهم في سوريا ...جوهر مشروعها ،بدأ بعﺾ ساسة واشنطن يدرﻙ ،أن سياسة قاعدة شعبية إسالموية منﻈمة ،تفرز قيادات اإلنكفاء على الذات التي أعلنها أوباما وﲡ ﹼلت ﲢكم الدول التي »تداعت« فيها السلطات في اإلنسحاب من العراق والتخطيﻂ لعمل احلاكمة ،لتنتﺞ بتمويل من البترودوالر اخلليجي مماثل في أفغانستان ،والتردد الكبير في الشرق »حلف بغداد اجلديد« الذي يتيح لواشنطن األوسﻂ ،قد صدعت مقولتي التفوق والتمييز القبﺾ على املنطقة ،ومحاصرة روسيا مجددا ً األميركيتني ،وأصابت أصدقاء واشنطن بالذعر، خلف جبال »األورال« ،وتخلﺺ أميركا من األعباء ودفعت قوﻯ ناهضة أخرﻯ في العالم ،وعلى املالية والعسكرية والقانونية ،إلنتشارها في رأسها روسيا ،للدخول الى مناطق كانت شبه مح ﹼرمة عليها منذ انهيار اإلﲢاد السوفياتي: املنطقة باإلعتماد على حلفها اجلديد. صمدت سوريا ،وبدأ املشروع األميركي ففي جورجيا – احلليف األميركي األول بالتداعي ،وتأكدت روسيا بأن حليفها املوثوق لواشنطن في القوقاز ،لم تقتصر موسكو الند الصلب على تقليم أﻇافر النﻈام هناﻙ عسكرياً ،بل والعنيد ،سوريا ،التي مازالت ذلﻚ ﹼ ألميركا حتى في ﻇل هذا اخللل اإلستراتيجي متكنت من إسقاط الرئيس ساكاشفيلي - صديق واشنطن األول في تلﻚ املنطقة .كما في موازين القوﻯ.
٤0
أجهضت موسكو موجة الثورات امللونة التي اجتاحت أوكرانيا وكان الغرب يخطﻂ إلمتدادها الى بيلوروسيا ودول آسيا الوسطى .ومتكنت موسكو كذلﻚ من إضعاف الدور األميركي في األزمة السورية ،واإلمساﻙ بالورقة اإليرانية، والتقدم بهدوء نحو أميركا الالتينية وأفريقيا ﲢت شعار استقاللية السياسة الروسية وابتعادها عن أميركا.
مجلس الدوما الروسي
ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺣﻀﻮﺭ ﺇﻗﻠﻴﻤﻲ ﻭﺩﻭﻟﻲ ﻓﺎﻋﻞ لم يكتف بوتني بذلﻚ ،بل إنه حشد الى جانبه الصني ،املنافس اإلقتصادي األكبر ألميركا ،وبنى وشائﺞ قوية مع دول »البريكس ،األمر الذي وفر له مجاال ً دوليا ً هائالً للتحرﻙ. الشرق األوسﻂ اليوم أصبح ساحة حرب للخالفات الدولية ،حيث تتصادم مصالح دولتني عﻈميني ،روسيا وأميركا ،وهذا العامل ال ﳝكن ﲡاهله أو نفيه ،في إطار ذلﻚ هناﻙ تغيير كبير حاصل اﻵن على املسرﺡ الدولي ﲟا فيه من تراجع ثقل وتأثير واشنطن بسبب »سياسة أميركا اإلزدواجية« التي تدفع العالم العربي للتحالف مع روسيا« فأن أوباما سيخسر النفوذ األميركي في املنطقة إذا استمر بنفس السياسة اخلارجية ،التي أدت إلى ارتفاع حاد في التوترات بني واشنطن وعدد من الدول العربية، ما أدﻯ الى تقدم موسكو وعودتها بكل زخم وقوة ملقارعة واشنطن ،بد ًءا ﲟصر حيث خسرت القوﻯ الغربية وبعﺾ الدول العربية رهانها على نشر الفوضى في مصر وإنهاﻙ جيشها وتقسيمه على النحو الذي جرﻯ في جيوﺵ العراق وليبيا واليمن بفعل ثوراتها ،بل على العكس فقد استمر متاسﻚ اجليﺶ املصري،
وتطورت قدراته القتالية ،وكانت صفقة األسلحة الروسية األخيرة إحدﻯ مﻈاهر هذا التطوير ،حيث دخلت مصر وروسيا مرحلة بناء إستراتيجية جديدة في املنطقة كون كل منهما يحتاج لﻶخر ،فضالً عن أن قوة العالقة بينهما يعطى ألميركا رسالة قوية بأن مصر لديها عالقة متنوعة مع الدول الكبرﻯ .واليوم تتصارع كل من الواليات املتحدة األميركية وروسيا على بسﻂ نفوذهما في منطقة الشرق األوسﻂ خاصة مصر ،في ﻇل اإلضطرابات السياسية التي تواجهها ،فالتوتر الذي شاب العالقات املصرية األميركية في الفترة األخيرة، ترﻙ مساحة واسعة لروسيا كي تتدخل مللء الفراﻍ وتقدﱘ يد العون وتكون ﲟثابة حليف بديل عن واشنطن في مصر ،لذلﻚ ليس من املستغرب أن تثير صفقة األسلحة الروسية
محاوالت قمع التﻈاهرات في أوكرانيا
٤1
مع مصر ذعرا ً وقلقا ً في »إسرائيل« ،ملا متثله هذﻩ الصفقة من استقاللية القرار السياسي املصري ،والقدرة على التخلي عن التبعية ألميركا واإلمتثال لشروطها في عقد صفقات األسلحة معها ،وأهم هذﻩ الشروط أال ﲢصل مصر على نفس األسلحة واملعدات والتقنيات التي متنحها أميركا لـ »إسرائيل« وذلﻚ من أجل إبقاء الفجوة التكنولوجية في مجال التسلح قائمة بني مصر و »إسرائيل« لصالح األخيرة ،ألن ذلﻚ سيؤثر في موازين القوﻯ بالعالم والشرق األوسﻂ .وفي سياق متصل تسعى مصر إلستعادة عالقاتها الطبيعية مع روسيا خالل الفترة القادمة ،ألن سياسة مصر اخلارجية تتبع نﻈام إحداﺙ توازن في العالقات من كل الدول دون اإلنحياز واإلعتماد على دولة واحدة ،حيث قامت مصر بتنويع سالحها ثالﺙ مرات بداية من السالﺡ البريطاني ثم األميركي وأخيرا ً الروسي ،واﻵن تعمل مصر على التنويع بني الترسانة األميركية والروسية ،والالفت للنﻈر إلى أن موسكو ستبيع أيضا ً ملصر ما أسمته ﲟنﻈومات أسلحة حديثة ومختلفة عن املألوف ،ﲟا في ذلﻚ صواريخ »جو – جو«، وصواريخ »جو – أرﺽ« ،وغيرها من الصواريخ، والنقطة األبرز اﻵن أن عددا ً من دول اخلليﺞ هي التي ستمول هذﻩ الصفقة. هذا وتسعى اخلارجية الروسية في تعاملها مع غالبية قضايا الشرق األوسﻂ إلى التواصل مع كافة األطراف املعنية في ذات الوقت، ومحاولة اتباع سياسة احللول الوسﻂ؛ ﲟا ال يخل بالتوازن في املنطقة ،ودون إغفال عامل املصلحة. ويأتي امللف النووي اإليراني في مقدمة تلﻚ القضايا التي تهم روسيا في الشرق األوسﻂ. العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر دولي فقد ساندت روسيا منذ البداية إيران في حقها امتالﻙ برنامﺞ نووي سلمي ،ورفضت أية عقوبات آحادية اجلانب من القوﻯ الكبرﻯ باعتبارها خرقا ً للقانون الدولي وانتهاكا ً لسيادة إيران ،وهو املوقف الذي ال تزال تصر عليه روسيا حتى بعد التوصل إلى اتفاق جنيف بشأن امللف النووي اإليراني ،كونه اتفاقا ً جماعيا ً في إطار الشرعية الدولية ويضم كافة األطراف املعنية ،وكونه يؤكد في ذات الوقت على تخفيف العقوبات املفروضة على إيران ،وحقها في القيام بنشاط نووي سلمي إلنتاج اليورانيوم ﶈطاتها النووية ومفاعالتها لﻸبحاﺙ وللمفاعالت التي تنتﺞ نﻈائر مشعة لﻺستخدام الطبي واإلنساني.
الغرب يفرﺽ عقوبات جديدة على روسيا
ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺬﺭﻳﺔ ﻭﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺭﻭﺳﻴﺔ أما األزمة السورية ،فتعتبر األسرع في ﲢديد املوقف الروسي حيالها؛ فلم تنتﻈر نتائﺞ اإلنتفاضات الشعبية كما حدﺙ في كل من تونس ومصر ) 25يناير( وليبيا ،بل بادرت روسيا بﺈعالن دعمها لسوريا ،وأن مستقبل سوريا يجب أن يحددﻩ السوريون بأنفسهم ،ورفضها للتدخل اخلارجي في الشأن السوري خشية تكرار السيناريو الليبي .وتعتبر األزمة السورية اﻵن القضية األولى بالرعاية في السياسة اخلارجية الروسية وذلﻚ لعدة اعتبارات ،أولها انعقاد مؤمتر »جنيف «2الذي سعت روسيا جاهدة من أجل إلتئامه ،وثانيها أن األزمة السورية أصبحت بالنسبة لروسيا مسألة مصيرية بالنسبة لسياستها اخلارجية في املنطقة ومصداقيتها أمام العالم ،وثالثها أن حل األزمة السورية سيحدد بدرجة كبيرة مستقبل املنطقة وتوازنات القوﻯ فيها، ورابعها رغبة روسيا في عدم تكرار ما تعتبرﻩ خطأ ً دوليا ً في التعامل مع احلالة الليبية. وفيما يتعلق بعملية السالم الفلسطيني اإلسرائيلي ،فﺈن موقف روسيا داعم وبقوةللمطالب العربية في دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود حزيران 19٦7والرافﺾ للخطﻂ اإلسرائيلية االستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وكافة مناطق اخلﻂ األحمر .إال أن الدور الروسي في عملية السالم يجابهه ﲢدي احتكار الواليات املتحدة جلهود الوساطة بني اجلانبني الفلسطيني واإلسرائيلي ،فضالً عن رفﺾ “إسرائيل” ألية جهود وساطة بخالف الواليات املتحدة، واجلديد الالفت هو موقف روسيا في مجلس األمن الدولي عندما ﰎﹼ عرﺽ مشروع القرار الفلسطيني إلنهاء اإلحتالل اإلسرائيلي خالل مدة زمنية محددة حيث وقفت روسيا الى
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
جانب املشروع الفلسطيني وهذا سيكون له ما بعدﻩ. بهذﻩ املرحلة تعيﺶ كال الدولتني الروسية واألميركية بحالة حرب سياسية ساخنة جدآ وهذا ما ال يخفيه الفرقاء األميركان والروس: فأميركا بصفتها رأس احلربة حللف “الناتو” ﲢاول اليوم محاصرة روسيا أو حتى القيام بعمل ما قد يق ﹼوﺽ اإلمتداد الروسي وإتﹼساع نفوذﻩ ،بعد النجاحات التي حققتها روسيا بقيادة الرئيس فالدﳝير بوتني من خالل إقامة عالقات قوية بدول عديدة في الشرق األوسﻂ مثل مصر وإيران واإلنفتاﺡ في تعاملها مع دول أخرﻯ ،وهذا ما دفع أميركا الى الرمي بكل ثقلها على محاولة تقويﺾ اجلهود الروسية في التوسع في ﲢالفاتها واتساع مراكز القوة والنفوذ شرقﺂ وشماﻵ ،مما قد يعرﺽ مراكز النفوذ األميركية في هذﻩ املناطق الى خطر الزوال من هذﻩ املناطق ولذلﻚ ﲢاول أميركا أن تضع روسيا بني خيارين :إما أن توقف توسعها ومراكز نفوذها في العالم أو أن تتلقى ضربات موجعة في عمق الداخل الروسي وﲢديدآ من اجلمهوريات التي ﲢسب على انتمائها الروحي والوالء املطلق ملوسكو ،مثل أوكرانيا وقبلها جورجيا والشيشان وغيرها من املناطق اﶈسوبة على الروس أصﻶ.
ﺃﻭﻛﺮﺍﻧﻴﺎ ...ﺳﺎﺣﺔ ﺻﺮﺍﻉ ﺭﻭﺳﻲ - ﺃﻣﻴﺮﻛﻲ فالروس يدركون أن النﻈام األميركي الرسمي وحلفائه بالغرب يستعمل الورقة األوكرانية كورقة ضغﻂ على النﻈام الرسمي الروسي، للوصول معه الى تفاهمات حول مجموعة من
٤2
القضايا وامللفات الدولية العالقة بني الطرفني ومراكز النفوذ والقوة والثروات الطبيعية العاملية ومخطﻂ مسيرة العالم اجلديد وكيفية تقسيم مناطق النفوذ بني القوﻯ الكبرﻯ على الصعيد الدولي ،ومن هنا يدرﻙ الروس وحلفائهم أن أميركا وحلفائها بالغرب يحاولون بكل الوسائل جلب النﻈام الرسمي الروسي وحلفائه الى طاولة التسويات املذلة، ليتنازل الروس وحلفائهم عن مجموعة من امللفات الدولية لصالح القطب األوحد األميركي . لذلﻚ يدرﻙ الروس بهذﻩ املرحلة ﲢديدآ، وأكثر من أي وقت مضى أنهم أصبحوا بشكل أكثر واقعية ﲢت مرمى وتهديد مشروع أميركا وحلفائها ،فهم اليوم باتوا بني مطرقة الدرع الصاروخية األميركية التي باتت بحكم الواقع قريبة من احلدود الروسية ،وتشكل خطر محدق بأمن املنﻈومة العسكرية الروسية، وخطر خسارة أوكرانيا لصالح الغرب ،واحتمال فقدها لكثير من مناطق نفوذها بالشرق األقصى والشرق األوروبي وبالعالم العربي، وسندان تقويﺾ جهودها التوسعية والوصول الى مناطق ومراكز نفوذ جديدة واإلستغناء عن مراكز نفوذها القدﳝة لصالح القطب األوحد األميركي واإلنكفاء على نفسها. ومع كل هذﻩ الضغوط األميركية على الدولة الروسية ،الحﻆ جميع املتابعني كيف أن موسكو كانت بالفترة األخيرة ،مسرحﺂ ﺠﻤﻟموعة لقاءات ومنطلقﺂ لطرﺡ مجموعة رؤﻯ لبعﺾ أزمات اإلقليم العربي واملنطقة بشكل خاﺹ، فقد أستضاف الروس مؤخرآ ،وﲟراحل زمنية مختلفة ،وفدآ رسميﺂ من اجلمهورية العربية السورية ،ووفدآ من اإلئتالف املعارﺽ ،ووفدآ
من مملكة “آل سعود” ،ومع استمرار احلراﻙ الدبلوماسي والسياسي الروسي ،بدا واضحﺂ أن مجموع هذﻩ اللقاءات املنفصلة ،هدفها الوصول الى بعﺾ الرؤﻯ للحلول ،لبعﺾ األزمات العالقة باإلقليم العربي ،والبعﺾ ذهب الى روسيا من أجل املساومة على املوقف الروسي. ومع ثبات املوقف الروسي ﲡاﻩ ملفي األزمة السورية وإيران النووي ،ومع اشتداد موجة الضغوطات األميركية على الروس بخصوﺹ ملف أوكرانيا ،وما صاحب كل هذا من موجة عقوبات اقتصادية على الروس ،وﻇهور طبيعة جديدة لهذﻩ الضغوطات االقتصادية متثلت “بحرب النفﻂ – واإلنخفاﺽ املتالحق بأسعار النفﻂ” ومع بروز حلف جديد ،سعودي -أميركي – فرنسي – قطري – تركي – أملاني – بريطاني –إسرائيلي ،يستهدف ضرب محور روسيا – إيران – سوريا – ودول البريكس )الصني – الهند البرزايل – األرجنتني –فنزويال – جنوب افريقيا(،وعلى مراحل مختلفة ،ومن هذا الباب يحاول الروس تقليﺺ حجم الضرر الذي سيلحق بهم وبحلفائهم من توحد هذا احللف اإلقليمي والدولي ،ضد مكونات محورهم الصاعد وبقوة والهادف الى إسقاط يافطة القطب األوحد األميركي. ومن هنا ومع تعمق أطر الصراع بني هذين اﶈورين ،ومع اشتداد موجة الضغوطات االقتصادية والسياسية واألمنية ،على الروس وحلفائهم ،فهذﻩ العوامل ﲟجملها دفعت الروس ،الى البحث عن حلول “مجتزئة ومرحلية” للتخفيف من وطأة الضغوطات االقتصادية املفروضة عليها ،وحتى وإن كانت هذﻩ احللول موجودة ﲟكون من مكونات احللف املعادي لها، وبالتحديد في أنقرة ،ومن هنا أتت زيارة بوتني الى أنقرة ،التي كانت زيارة اقتصادية بامتياز، مع عدم إغفال الشق السياسي وخصوصﺂ امللف السوري ،وجاءت الزيارة بعد أن ﹼ تأكد أن فكرة املنطقة “العازلة” التي تريدها تركيا أصبحت من املاضي وغير قابلة للتنفيذ. ومع أن الروس يدركون هذﻩ احلقائق ،ويعلمون مدﻯ اإلمتعاﺽ الرسمي التركي من دور موسكو بدعم النﻈام السوري ،إال أنهم أقدموا على هذﻩ اخلطوة ،ومن باب “أن طبيعة املرحلة تقتضي الذهاب الى أنقرة” من دون املساس بثوابت موسكو بخصوﺹ ملفات املنطقة العالقة وخصوصﺂ امللف السوري، ومن هنا فال يتوقع أن يحصل األتراﻙ على أي تنازالت أو مواقف مبدئية من الروس تتجه الى تغيير موقفهم من احلرب املفروضة على الدولة السورية واملتوقع أن تبقى أطر املباحثات تتمحور حول الكثير من امللفات اإلقتصادية
إشتباكات بني الشرطة األوكرانية واملتﻈاهرين في القرم
والتعاون اإلقتصادي بني البلدين. وبالنهاية ،فﺈن مجموع املؤشرات الدولية وحجم الضغوطات املفروضة على الدولة الروسية هي ﲟجموعها سيكون مصيرها الفشل ،وأن الروس وحلفائهم باإلقليم وبالعالم ،قادرون على التكيف املرحلي مع موجة هذﻩ الضغوطات التي تفرضها أميركا وحلفها باإلقليم وبالعالم ،خاصة أن روسيا وحلفائها ومعﻈم املؤشرات اإلقتصادية الواردة من الصني والهند والبرزايل ،واملؤشرات املتعاﻇمة العسكرية للدولة الروسية وحلفائها باإلقليم “سوريا – إيران – قوﻯ املقاومة” تؤكد أن يافطة القطب األوحد األميركي بطريقها الى السقوط آجال أم عاجﻶ. احلرب الباردة بني موسكو وواشنطن على أرضية اخلالف حول املسألة األوكرانية بلغت ذروتها ،وأﻇهرت تصميما ً روسيا ً على املضي فيها حتى نهايتها ،فالرئيس الروسي فالدﳝير انتصر حتى اﻵن في هذﻩ احلرب ،وفرﺽ سياسة األمر الواقع على خصمه األميركي من خالل ضم شبه جزيرة القرم ،واستيالء حلفائه األوكرانيني على ثلث األراضي في شرق أوكرانيا ،فهل تنتقل هذﻩ احلرب الباردة الى منطقة الشرق األوسﻂ وتتحول الى ساخنة؟ وهل ستحاول واشنطن اإلنتقام لهزﳝتها في أوكرانيا بحرب ضد الروس وحلفائهم في الشرق األوسﻂ؟ إن األزمة السورية كشفت سعي “الدب الروسي” مللء الفراﻍ بالشرق األوسﻂ بعد انهيار االﲢاد السوفياتي منذ ما يقارب من 20 عاما ً وبعد تضاؤل نسبة الهيمنة األميركية في املنطقة وتبعية الشعوب العربية لها بعد األحداﺙ والتطورات األخيرة في تونس ومصر،
٤3
وعجز أميركا عن التواصل بشكل سليم وفعال حلل املشكالت حيث أدت اجلهود الدبلوماسية لبوتني لتعزيز الدور الروسي باملنطقة وصنع ﲢالفات جديدة وإحياء ﲢالفات قدﳝة والتواجد بشكل قوي داخل منطقة كانت تنتمي للنفوذ األميركي والتي بدأت موسكو في التقرب منهما رغم االضطرابات احلالية التي تعيشها الدولتان ،إذ فتحت األزمة السورية اﺠﻤﻟال للمجتمع الدولي ﶈاولة منع انتشار األسلحة النووية والكيماوية وغيرها من األسلحة اﶈرمة دوليا ً باإلضافة للتعقل والتحرﻙ في اﲡاﻩ التوصل إلى حل سلمي وأن تدرﻙ واشنطن إنها ليست وصية على دول العالم. صار الروس أكثر توقا ً وشوقا ً في السعي متعدد الى تأسيس ل ﹸبنات نﻈام عاملي جديد ﹼ األقطاب ،يولد من رحم األزمات عبر ما و ﹼفرﻩ ويو ﹼفرﻩ احلدﺙ السوري واحلدﺙ األوكراني ،واألخير وكما ذكرنا ونذكر نتاج طبيعي حلالة الكباﺵ الروسي األميركي احلا ﹼد في سوريا ،بل أ ﹼن شكل العالم احلديث بدأ تشكيله وتشكله من سوريا ،واألزمة األوكرانية ما هي االﹼ داعم آخر التعددية القطبية. على طريق ﹼ الزمن لن يعود الى الوراء ،وما فعلته روسيا خالل عقد ونيف من الزمن وضع الواليات املتحدة وحلفاءها الغربيني أمام ﲢديات ومخاطر جديدة أقلها العودة الى التوازنات الدولية ،وتقلصت فعالية نﻈام القطب الواحد ،فكيف إذا كان في ساحة العمل العبون كثر طامحون ألداء أدوار فعالة في الشؤون اإلقليمية والدولية مثل الصني وإيران ،ولديها عالقات وﲢالفات مع روسيا؟
ﻟﻴﺪﻳﺎ ﺃﺑﻮﺩﺭﻏﻢ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر دولي
تركيا ونهاية الحلﻢ اإلمﺒراﻁوري في مستهل العام ،2011حصلت تغيرات دراماتيكية في عاملنا العربي ،دفعت تركيا الى اإلبتعاد عن حدودها في الرؤﻯ واحلسابات والتوجه الى عاملنا العربي عبر بوابات متعددة ،ال لﻺستثمار االقتصادي والتطبيع الثقافي ،وهما في صلب اخلطة التي سماها داوود أوغلو بـ “رؤية تركيا”، وإﳕا مللء الفراﻍ اجليوسياسي واجليواستراتيجي الذي نشأ من اختالل التوازن بني دول املنطقة. ومن حاالت خلﻂ األوراق والنزاعات بني مختلف الهويات القومية والدينية ،ركبت تركيا موجة األحداﺙ ،وبدا أن الفرصة مؤاتية لزعماء حزب “العدالة والتنمية” لتحويل تركيا من دولة مركزية الى قوة إقليمية ،ويبدو بأن هناﻙ عملية إعالمية ضخمة من خالل الدعاية التركية املتحالفة مع جهات إعالمية عربية ،إتﹼخذت من عملية اإلبهار والتضليل اإلعالمي سبيالً لصنع القبول واملوافقة على سياستها العدوانية ﲡاﻩ سوريا ومصر على وجه اخلصوﺹ ،وجلأ معها حزب “العدالة والتنمية” الى إجراءات تقوم ﲟوجبها تركيا بتفويﺾ األعمال اإلرهابية املروعة وتدويرهم بأشد األوساط رجعية في العالم اإلسالمي والغربي عموماً ،وتع ﹼرضت سوريا خالل السنوات املاضية حلمالت بربرية ،تركت البالد مشاعا ً للخراب في إطار إيديولوجيا إسالموية ﲢاكي سوابق تاريخية ومثيرة تشتمل على ممارسات سالطني ،كانت لديهم مطامع توسعية وتسلطية مماثلة لتلﻚ التي يحملها اجليل احلالي من العثمانيني اجلدد. يرﻯ داوود أوغلو أن القوس الذي انفتح بخروج العثماني من الشرق األوسﻂ قد إنغلق بنهاية ﹼ يشكل برأيه فرصة تاريخية احلرب الباردة ،وهذا لتركيا لتكون زعيمة املنطقة ،وق ﹼرر أوغلو أن ما يسمى “الربيع العربي” هو هذﻩ الفرصة ،ويجب اغتنامها ،وسيكون وصول أحزاب “اإلخوان املسلمني” الى السلطة في مصر وسوريا وتونس خطوات تاريخية لتزعم تركيا للشرق األوسﻂ، لكن التطورات التي شهدتها املنطقة ،وال سيما في اﻵونة األخيرة ،أﻇهرت أن األمور ال تسير وفق ما خطﻂ له داوود أوغلو ،واألسباب كثيرة ،منها عدم ﲢقق تطلعات أوغلو وفشلها بسبب أن سياسة الرابطة اإلسالمية في السياسة اخلارجية التي اعتمدها لم تكن متناسبة مع وقائع يومنا هذا ،وفي حني عمل عبداحلميد بسياسة ردة الفعل اإلسالمية ملنع تشرذم اإلمبراطورية فﺈن الرابطة اإلسالمية لداوود أوغلو اعتمدت على
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
أردوغان مصافحا ً داوود أوغلو
أهداف توسعية ،وعملت على إقامة نﻈام جديد وﻇن ﲢت هيمنة تركيا في الشرق األوسﻂ، ﹼ أوغلو أن باستطاعته محو التيارات االشتراكية والقومية العربية التي نشأت خالل القرن املاضي، والعودة بالزمن الى ما قبل احلرب العاملية األولى، واعتقد أن الشعوب في املنطقة ،التي كانت ﲢت السيطرة العثمانية ،تتوق الى الكنف العثماني اجلديد بزعامة تركيا ،واألدهى أن أنقرة لم تسأل إذا كانت لديها القدرات العسكرية واملالية والبشرية الكفيلة بتحقيق هذﻩ األوهام، وهناﻙ أيضا ً سبب آخر يتع ﹼلق في البنية التحتية لنﻈرية العمق االستراتيجي ،حيث اتخذت من نﻈريات تشريع التوسع اإلمبريالي في الغرب قبل العام 19٤5أساسا ً نﻈريا ً لها ،وقد إنتقد أوغلو سياسات تركيا املنطوية على نفسها في عهد أتاتورﻙ وأهمل ﲡارب اﻵخرين فيما بعد ،ﹼ وزف البشرﻯ بعد ما سمي “الربيع العربي” بأن تركيا ستتخلﺺ من أن تكون منحبسة داخل األناضول” وبهذا أهمل سياسة تركيا في العهد اجلمهوري حيث ﳒحت في أن تبقى بعيدة عن املغامرات، لكن حادثة القنصلية التركية في املوصل أعلنت انهيار سياسة القطع مع املاضي والتدخل في مغامرات عبثية. إن سجل القتل والتدمير الذي مارسته السلطات التركية خالل األزمة السورية الراهنة
٤٤
تناقلته جميع وسائل اإلعالم الغربية ومنﻈمات حقوق اإلنسان الدولية ونشطاء وعلى أوسع نطاق ،وحاولت تركيا طمسه ،ودأبت على تسليح وتدريب اجلماعات اإلرهابية متذرعة باحلديث عن “املعارضة السورية” والنواحي اإلنسانية في عملية تلفيق واهية ،حتى بسطت نفوذها على مناطق شاسعة من سوريا والعراق والتي أفلتت الحقا ً من طوق اإلحتواء املضروب حولها ،وفشلت خطة أردوغان إلقامة منطقة “عازلة” على طول احلدود مع سوريا بغية ﲢقيق جملة من األهداف العدوانية. لقد إنقلبت تركيا على ما رسمته من املبادﺉ التأسيسية للسياسة اخلارجية ،تلﻚ التي ﹼ أكدت في عام 2010على “التوازن بني األمن والدﳝقراطية ،وباإللتزام اجلوهري باﶈافﻈة على عالقات إيجابية من دون مشاكل مع دول اجلوار، وتعميق دبلوماسية السالم الوقائية التي تعني التوسﻂ ملنع الصراعات ،وبناء سياسة خارجية متعددة األبعاد تختزن كامل مجاالت التعاون مع الشركاء من دون الدخول في منافسات ومزاحمات ندية ،وكذلﻚ تقوية أذرع الدبلوماسية اإليقاعية ﹼ تتضمن إنخراطا ً كليا ً في مسيرة املنﻈمات التي ﹼ تتحمل فيه الدولية ملمارسة دور فعال ومسؤول ﹼ تركيا مع بلدان عﻈمى مستلزمات اإلستقرار والنﻈام في العالم.
لكن تركيا ومحاولتها استثمار األزمات وجدت بالتناقضات وأحداﺙ العالم العربي منذ بداية عام 2011فرصة لﻺنقالب على املبادﺉ التي نادت بها ،وسعت لﻺضطالع ﲟهام أساسية لتأجيﺞ النزاعات واإلستثمار فيها وفتحت الباب أمام كل تخريب وتدمير وهي بذلﻚ عادت الى نزعة عثمانية جديدة وﻇهر هذا جليا ً ﲟا كتبه أحمد داوود أوغلو ،رئيس الوزراء التركي احلالي في كتابيه “األزمة العاملية” و”العمق اإلستراتيجي” عن دور تركيا اجليوسياسي ،إذ يعتبر أن السيطرة ﲢد بالدﻩ “احلوﺽ على األحواﺽ الثالثة التي ﹼ األرضي القريب” ،الذي يشمل البلقان والشرق األوسﻂ والقوقاز ،و”احلوﺽ البحري القريب” ،الذي يتألف من البحر األسود وشرق املتوسﻂ واخلليﺞ وبحر قزوين ،و”احلوﺽ األرضي البعيد” الذي يضم شمال أفريقيا وجنوب آسيا وآسيا الوسطى وشرق آسيا ،سيؤدي الى السيطرة على العالم، أي ﲟعنى “أن ﹶمن يسيطر على تركيا يسيطر على األحواﺽ” ،و ﹶمن يسيطر على األحواﺽ يسيطر على أوراسيا. أراد أوغلو أن يرتقي بتركيا لتصبح دولة محورية مركزية بحكم موقعها وعمقها اإلستراتيجي للعب أدوار قيادية في اﺠﻤﻟالني اإلقليمي والدولي، ووجد حزب العدالة والتنمية منذ تسلمه العام ،2002أن إصالﺡ العالقات مع الغرب وبناء ﲢالفات جديدة ،يجب أال يعرقل مسار إخراج تركيا من الوضع الهامشي الذي فرﺽ على األتراﻙ تبعية مرهقة وفﻈة للـ “ناتو” ،يقول أوغلو“ :إن تكوين تركيا اإلقليمي املتن ﹼوع يضفي عليها قدرة املناورة في مناطق عدة في وقت واحد” ،وبالتالي ﲟقدور تركيا ،في ﻇل التحوالت العميقة التي طرأت على اخلارطة السياسية اإلقليمية والعاملية، استغالل مزاياها اﻵنية خللق نﻈام شرق أوسطي جديد” ،هذا ما دفع أحد اخلبراء للقول“ :إن اإلزدهار الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ املعاصر يترافق مع شعور قوي بالعجرفة لدرجة ﻇن فيها رئيس الوزراء التركي األسبق والرئيس احلالي رجب طيب أردوغان ،ووزير خارجيته السابق أحمد داوود أوغلو ،أنهما يستطيعان ﲟفردهما إعادة تشكيل الشرق األوسﻂ”. و”في أوج التناقضات اإلقليمية خرجت تركيا سريعا ً من مبدأ “تصفير مشكالت” مع دول اجلوار لتدخل على خﻂ لعبة التوازنات الدقيقة ال كشريﻚ في معادلة “التمكني املتبادل” مع دول حليفة لها مصاحلها ودوافعها في رسم سياسات وخرائﻂ املنطقة ،وإﳕا لقطع الطريق على أي ﲢ ﱟد لنفوذها ومكانتها اإلستراتيجية كعثمانية جديدة”. أدركت تركيا ،أنها قوة جذب ملشروعني
حرائق عني العرب )كوباني(
متنافسني ،إدارة الفوضى األميركية وإدارة التوحﺶ لـ “داعﺶ” ،وإنها الوحيدة القادرة أن تفيد من مأزقهما ومن إنهيار قواعد األخالق ومبادﺉ القانون الدولي على ساحات الصراع الدولية ،إذ لن يكون هناﻙ ﹶمن يعترﺽ على سياسات تركية مسعورة في وقت ﳝارس فيه أصحاب استراتيجية الفوضى “البناءة” وأصحاب استراتيجية إدارة التوحﺶ كل الفﻈاعات للوصول الى أهدافهم. ويبدو أن خيارات تركيا “أردوغان وأوغلو” أتت بنتائﺞ عكسية وأسفرت عن أوضاع كارثية ،حني ﹼ تأكد جلميع أركان حزب “العدالة والتنمية” أن طرق عبورها الى الشرق األوسﻂ باتت ﲟعﻈمها مقفلة ،أي أن الرؤﻯ إلستعادة أمجاد اخلالفة العثمانية كانت مجرد أحالم إمبراطورية منفوخة بالغطرسة في واقع جديد لم يحسن الساسة األتراﻙ قراءته جيداً. حاول أردوغان كتابة احللم الذي يراودﻩ منذ أن تربع على عرﺵ الرئاسة التركية ،وتداعبه فكرة “السلطان” وال يخفي حنينه الدفني الى إحياء شن حملة على الدول الغربية زمن السلطنة ،ﹼ ويتﹼهمها بتمزيق املنطقة بعد نهايات احلرب العاملية األولى ،وهناﻙ نﻈرته الدونية الى دور املرأة ومكانتها في اﺠﻤﻟتمع التركي ،واعتبر مساواتها بالرجل هي ضد “قوانني الطبيعة” وذلﻚ بعد عقود من التقدم واملساواة سارت خاللها املرأة التركية الى األمام واثقة ،ويرغب أردوغان في تعديل املناهﺞ الدراسية وتخفيف املواد التي تك ﹼرس الطابع الغربي لتركيا والتي يعتبرها أردوغان مسيئة الى تاريخها اإلسالمي. وإعتقد أردوغان بعد بداية األحداﺙ واألزمات العربية مطلع العام ،2011بأن فرصته الحت وحان قطافها لتحقيق حلم “توحيد واليات السلطنة” ،وبأن هدف األحداﺙ اجلارية هو إحياء التاريخ العتيق ،وما أطلق عليه “النموذج التركي” رﲟا كان صاحلا ً لﻺستيراد“ ،دولة مدنية يحكمها
٤5
دﳝقراطي” يحترم احلاكم مبدأ تداول السلطة، دولة حققت تقدما ً اقتصاديا ً متم ﹼيزا ً بفضل سياسة اإلنفتاﺡ على األسواق الشرق أوسطية والغربية ،ال تنكر جذورها اإلسالمية وتنﻈر بود الى جيرانها األوروبيني ،وتعمل جاهدة لتحقيق شروط اإلنضمام الى ناديهم. لكن كل ما يرتكبه أردوغان اليوم ،يقضي يقدمه هذا “النموذج” من على ما كان ﳝكن أن ﹼ إيجابيات ،وذلﻚ بعد أن تو ﹼرمت أحالمه القومية، وفقد صوابه ،وبدأ يتﹼهم كتﹼاب تركيا وأدباءها مثل برهان ياموﻙ وأليف شفق ،بأنهما ﲢ ﹼوال أدوات في يد “املؤامرة الغربية” ضد حزب “العدالة والتنمية” ألنهما إنتقدا القرارات التعسفية التي يتﹼخذها أردوغان ضد معارضيه. تدفع تركيا اليوم ثمن النجاﺡ الذي حقﹼ قته ﲡربة حزب “العدالة والتنمية” خالل السنوات العشر املاضية ،رﲟا كان هذا النجاﺡ هو الذي يدفع أردوغان الى الته ﹼور اإلمبراطوري الذي يجعله ينﻈر الى معارضيه أنهم “خونة” ،وينشر مناخا ً من اخلوف إلرهاب كل ﹶمن ينتقد سياسته وقراراته، فتراجعت حرية التعبير الى أدنى مستوﻯ ،الكل خائفون ،وكثر فقدوا وﻇائفهم ،وﲢت رايات البطوالت الوهمية وأحالم العﻈمة املنتفخة ويعم التخلف والتواريخ املزدهرة تنهار اﺠﻤﻟتمعات ﹼ على كل املستويات السياسية واالقتصادية واالجتماعية. إن استهداف أردوغان ملؤسسات اإلعالم والقضاء واألمن التركي في إجراءاته التعسفية يعيد تركيا الى زمن عانت فيه من تس ﹼلﻂ اجليﺶ على مقدرات البلد ،وعادت هذﻩ اإلجراءات اليوم على يد حاكم مدني يعتبر نفسه مسؤوال ً وحيدا ً عن حاضر تركيا ومستقبلها ،وعن كتابة تاريخها من جديد.
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﻟﺢ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر رأي
مجلﺲ الشيوﺥ اللﺒناني ...أبسط ﺷروﻁ ﻗياﻡ الدولة-األمة يواجه لبنان اليوم ﲢديات كبيرة على جميع الصعد ،فاملنطقة تشتعل بنار الفتنة واحلروب األهلية واالعتداءات اإلسرائيلية الشرسة والتطهير الديني والعرقي واالمتداد اإلرهابي املنﻈم العابر للحدود الذي أصبح يسيطر على أرﺽ سياسية ينطلق منها للعبث بأوطان وهويات وانتماءات وعقائد شعوب املنطقة. أما احلل عند بعﺾ اجلهات السياسية اللبنانية فهو “النأي بالنفس” ،وهي مقولة تفتقد للواقع اجليوسياسي للبنان .عند اغتصاب فلسطني أهدﻯ العدو الصهيوني لبنان هدية مؤلفة من آالف املهجرين الفلسطينيني .ووضعناهم في مخيمات ومنعنا عنهم العمران .لكن فوضى احلرب األهلية سمحت لهم ببناء بعﺾ البيوت املتواضعة إليواء عائالتهم .اﻵن ال يستطيع أكبر فلسطيني أن يدخل إلى أي مخيم كيس ترابة ،علما ً أنهم بشر يتزوجون ويخلفون ،وتاليا ً يتكاثرون .تخيلوا لم لو ﲢصل احلرب األهلية ،أين كانوا سيعيشون؟ واﻵن ننتﻈر قنبلة بشرية ستنفجر في وجوﻩ اللبنانيني؛ فالبشر ليسوا آالت ،والشعب الفلسطيني لم يندر العفة .وعليه ،وصل عددهم إلى ما يزيد عن ثالثة أرباع املليون نسمة في بلد مواطنيه ال يتعدون الثالثة ماليني ونصف املليون .ما هو احلل؟ إما التوطني وإما إعادتهم إلى بالدهم .التوطني مرفوﺽ من معﻈم العائالت الروحية اللبنانية ألسباب دﳝوغرافية طائفية في بلد يتغنى بنﻈام الدﳝقراطية الطائفية .والبعﺾ اﻵخر يرفﺾ التوطني من منطلق عقائدي مرتبﻂ بتحرير األرﺽ. إذن ،علينا العمل على إعادتهم إلى بالدهم .كيف نعيدهم إذا اعتمدنا سياسة “النأي بالنفس”؟ أما األزمة السورية ،فحدﺙ وال حرج .أصبح تعداد الالجئني السوريني في لبنان يفوق املليون ونصف املليون .كيف نعيدهم إلى بالدهم إذا اعتمدنا سياسة “النأي بالنفس”؟ ناهيكم عن الالجئني اجلدد العراقيني من قوم حرف الـ”ن” الذين سيتبعهم الجئي حرف الـ”ر” .ال بأس ،فليأتوا إلينا جميعهم ،من سوريا والعراق ،ضيوفا ً أعزاء ،حيث ال نستطيع أن نناقﺶ دولهم واﺠﻤﻟتمع العربي واﺠﻤﻟتمع الدولي بشأنهم ألننا نتبع سياسة “النأي بالنفس” .ال تعنينا “داعﺶ” و”النصرة” و”القاعدة”، فهي في سوريا والعراق وليس في لبنان ،فنحن ال يعنينا أي من هذﻩ األحداﺙ ،ألم نتخذ قرارا ً حكوميا ً وقرارا ً رئاسيا ً باتباع سياسة “النأي بالنفس”؟ ليت اﻵخرين ينأون بأنفسهم عنا .إننا ،يا أهل الربﻂ واحلل ،ال نعيﺶ في جزيرة نائية لم يتم اكتشافها
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
بعد ،واللبنانيون ليسوا روبنسون كروزو! أما السبيل الوحيد ملواجهة هذﻩ اﺨﻤﻟاطر ،فهو باتخاذ تدابير تدعم اللحمة الداخلية واملواطنية. لقد فرﻍ مقعد رئاسة اجلمهورية ،وما زال أهل السياسة يختلفون على جنس املالئكة .واجتاحت لبنان موجات من العمليات اإلرهابية ،وما زال أهل السياسة يتهمون بعضهم البعﺾ .وتوقف املعلمون عن أداء واجباتهم مطالبني بحقوقهم اﶈقة ،وأهل السياسة مازالوا منقسمني .واجلميع يقول :املشكلة هي في اﶈاصصة الطائفية والنﻈام الطائفي .إذن ما هو احلل؟ البعﺾ يقول إن احلل هو في إلغاء الطائفية السياسية ،وهذا يثير مخاوف األقليات ،وعلى رأسهم املسيحيني الذين يعتبرون أن حصر إلغاء الطائفية باملراكز واملؤسسات السياسية واستمرار سيادة الطوائف على رعاياها يبقي اﺠﻤﻟتمع على طائفيته وينعكس ذلﻚ على أداء الفرد واﺠﻤﻟموعات. وحيث أن املؤسسة األم هي مجلس النواب املنتخب من قبل هذا الفرد وهؤالء اﺠﻤﻟموعات ،فسيطغى االختيار الطائفي ألعضاء اﺠﻤﻟلس ،وهو طغيان عددي إسالمي .ومجلس النواب هو الذي ينتخب رئيسه وهو الذي ينتخب رئيس اجلمهورية وهو الذي يسمي رئيس مجلس الوزراء وهو الذي يعطي الثقة للحكومة؛ أي باختصار ،مجلس النواب هو احلاكم الفعلي للجمهورية .وكي ال يتم اتهام أولئﻚ بأنهم حراس النﻈام الطائفي ،يواجهون اﻵخرين بطرﺡ العلمنة الشاملة والكاملة ،بحيث
٤٦
تنحصر سلطات الطوائف على دور العبادة ويتم توحيد قوانني األحوال الشخصية فيتحرر املواطن وتتحرر اﺠﻤﻟموعات من كونها رعايا طوائفها، ليصبحوا مواطنني في بلدهم .ولكن هذا الطرﺡ يثير حفيﻈة املسلمني .أال يكفي أنهم مواطنون في الدولة العربية الوحيدة التي ال دين لها ،والدولة العربية الوحيدة التي يرأسها مسيحي ويقود جيشها مسيحي؟ كيف يرضون بتدخل دولتهم في شؤونهم الدينية لتلغي شريعتهم في الزواج والطالق وامليراﺙ والوصاية على األوالد وزواج املسلمات من غير املسلمني؟ فاإلسالم دين ودنيا... إﳝان ودستور .إذن ،ما هو احلل؟ إن األزمة احلالية تكمن بغياب العصب املناطقي لصالح العصب الطائفي ،ويتجلى ذلﻚ في انتماءات نواب املناطق لكتل تخدم أحزابها السياسية الطائفية على حساب ناخبي مناطقهم. ولكن املشكلة ليست في النواب ،بل املشكلة بالنﻈام السياسي الطائفي الذي يجبر النائب على التﻈلل ﲟﻈلة طائفته كي يبقى ويستمر. وخطورة هذا النﻈام ليس في غياب العمل النيابي املناطقي الذي هو أساس العمل البرملاني فحسب، بل في تهميﺶ املصالح املناطقية ملصلحة التحزب الطائفي؛ وهو انعكاس حتمي لطبيعة النﻈام االنتخابي الطائفي ﺠﻤﻟلس النواب .نعم، إن كل نائب هو نائب األمة ،ولكنه قبل ذلﻚ نائب منطقته وﳝثل شريحة من الشعب انتخبته ،أليس هذا هو النﻈام الدﳝقراطي ،حكم الشعب من
خالل ممثليهم؟ ولكن ،هذا التوزيع الكاذب للمقاعد النيابية في ﻇل اﶈاصصة الطائفية هو الذي يعزل النائب عن منطقته ملصلحة طائفته ،كما يعزل املواطن عن مصاحله احلياتية واالجتماعية واملناطقية والطبقية ملصلحة العشيرة الطائفية؛ والنتيجة ،االنسالﺥ الكلي عن املواطنية لصالح التابعية الرعوية. إن املبدأ األول في العلوم السياسية لقيام ما يسمى الدولة-األمة ) (State-Nationهو الشعور املسمى بـ”اإلحساس بالنحن” )(feeling-we؛ ويعني ذلﻚ التعاطي مع اﻵخر غير اللبناني بصفته “اﻵخر” ،بينما النﻈر إلى اللبناني بصفته جزء من الـ”نحن” بغﺾ النﻈر عن دينه أو انتمائه السياسي أو لونه .أي نكون “نحن” اللبنانيني، و”هم” غير اللبنانيني .وال يعني ذلﻚ كرﻩ “اﻵخر”، ولكن التعاطي مع اللبناني كالتعاطي مع أحد أفراد العائلة من دون اعتماد العنصرية .أنا أحب أخي ألنه مني وأنا منه ،ولكن ،إذا اعتدﻯ أخي على أحدهم ،واجبي أن أنصر احلق؛ ولكن من دون التجني على أخي ،وبطريقة تعكس أخوتي له .فبالرغم من معارضة أكثر من نصف األميركيني الجتياﺡ بالدهم العراق ،ولكننا لم نسمع رأي واحد يعبر عن شماتة بسقوط أي جندي أميركي ،بل قام الشعب األميركي املعارﺽ بدعم جنودﻩ بشكل كلي وشامل ووجه انتقاداته إلى ساسته داخليا ً ولم يسمح بالتأثر باملوقف العاملي من هذا االجتياﺡ... هذا يسمى االنتماء الوطني ،أو علميا ً “اإلحساس بالنحن”؛ وهذا هو لب السيادة. أما في لبنان ،ونتيجة لنﻈامه السياسي، ال يتملكنا “اإلحساس بالنحن” كلبنانيني ،بل “اإلحساس بالنحن” كموارنة و”هم” الدروز مثالً ،أو “نحن” السنة وهم “الشيعة” ،وهكذا دواليﻚ .وهذا ما يؤدي إلى وجود شعوب ال شعب واحد ،وتالياً، أوطان ،ال وطن واحد .وهنا تنتفي الدولة-األمة لصالح “مزرعة األﱈ” ،وتنتفي معها السيادة؛ ألن السيادة ليست باألرﺽ ،بل بوحدة الشعب .إذن ،ما هو احلل؟ إن أساس املشكلة هو مجلس النواب ،وعليه، يجب علينا أن نلغي الطائفية من مجلس النواب من دون املس بسيادة األحوال الشخصية الطائفية كي ال نثير حفيﻈة املسلمني )اﶈمديني( ،مع تأسيس مﻈلة مؤسساتية شرعية وقوية تعطي االطمئنان ﺨﻤﻟاوف األقليات .إذن ،فاحلل هو بﺈقامة مجلس للشيوﺥ. إن املقترﺡ الذي سأعرضه مبني على دراسة دول عريقة ﲟجالس شيوخها .إن لكل بلد في العالم تقسيمات تعكس طبيعته السياسية- الدولة-األمة، توحدﻩ في ﻇل ﹼ االجتماعية قبل ﹼ كسويسرا والواليات املتحدة .وعليه ،وكي ال نغوﺹ في التعقيدات السويسرية ،ستكون املقاربة من خالل املقارنة بني الواليات املتحدة ولبنان. إن الواليات املتحدة مؤ ﹼلفة من خمسني والية، حيث لكل والية قوانينها اخلاصة وحكومتها
اخلاصة ،ولكنهم جميعهم ﲢكمهم حكومة مركزية ﲢترم سيادة قوانني وشرائع كل والية على أن ال تتعارﺽ مع القوانني املركزية للوطن .كما يجمعهم جيﺶ واحد وعملة واحدة ورئيس واحد وحكومة واحدة وسياسة نقدية واقتصادية واحدة وسياسة خارجية واحدة .هكذا لبنان ،املؤلف متعددة حيث لكل طائفة قوانينها من طوائف ﹼ اخلاصة ،ولكنهم جميعهم ﲢكمهم حكومة مركزية ﲢترم سيادة قوانني وشرائع كل طائفة على أن ال تتعارﺽ مع القوانني املركزية للوطن. كما يجمعهم جيﺶ واحد وعملة واحدة ورئيس واحد وحكومة واحدة وسياسة نقدية واقتصادية واحدة وسياسة خارجية واحدة. ويتألف مجلس الشيوﺥ األميركي من مئة عضو حيث لكل والية عضوين ﳝثالنها بغﺾ النﻈر عن كبرها أو عدد ﹼ سكانها ،وذلﻚ كي تتعادل حقوقها السياسية أمام احلكومة املركزية؛ حيث أن التمثيل الشعبي الدﳝقراطي يكون من خالل مجلس النواب األميركي .من هنا ،إن أفضل اقتراﺡ هو أن تقوم كل طائفة بانتخاب مم ﹼثلني إثنني عنها على صعيد الوطن ،بحيث يتم التنفيس الطائفي من خالل مجلس الشيوﺥ ويتم ﲢرير مجلس يهدد النواب من املستنقع الطائفي الذي ما زال ﹼ االستقرار والسلم األهليني والهوية الوطنية والسيادة .فيصبح لكل طائفة زعيم أول وزعيم ثان ،كل يعرف حجمة عند طائفته بحيث يستطيع ٍ اﻵخرون أن يتعاملوا معه على هذا األساس من دون اتهام هذا الزعيم بوصوله بأصوات طائفة أخرﻯ، ومن دون التشكيﻚ بشعبيته الطائفية .أما ما هي فوائد هذا اﺠﻤﻟلس وكيفية تنﻈيمه ،فهو كاﻵتي: يتم إبعاد زعماء الطوائف عن مجلس الن ﹼواب. يصبح للطوائف الثالﺙ الكبرﻯ – املوارنةوالشيعة والسنة – مم ﹼثلني رسميني بحيث أن املقاعد الرئاسية الثالﺙ لن تتط ﹼلب مم ﹼثلني عن طوائفهم بل رجال دولة بغﺾ النﻈر عن شعب ﹼيتهم ضمن طوائفهم .فنحصل على رئيس جمهورية ورئيس مجلس ن ﹼواب ورئيس حكومة معتدلني ورجال دولة ليسوا بحاجة إلى شعبية طوائفهم؛ وذلﻚ من دون ال ﹼلجوء إلى مقولة الغﱭ. يصبح زعماء الطوائف في مجلس واحديديرون خالفاتهم وهواجسهم من دون اختراع مجالس خارجة عن الدستور كطاوالت احلوار، وإضاعة الوقت وهدر املال لتنﻈيمها. مسجلة في لبنان حيث أن هناﻙ 1٦طائفةﹼ وذلﻚ بالغياب الواقعي للطائفتني اليهوديتني )الطائفة اإلسرائيلية والطائفة املوسوية( ،فﺈن )اﶈمد ﹼية( منها هي أربعة: الطوائف اإلسالمية ﹼ الشيعة والسنة والدروز والعلويني .وعليه ،وإذا كانت أعداد األعضاء سواسية ،سيكون مجلس الشيوﺥ مجلسا ً مسيح ﹼيا ً بامتياز بوجود 2٤عضو مسيحي من أصل 32عضو ،مقابل 8أعضاء محمد ﹼياً. للمحمديني؛ فمن الضرورة أن يترأسه ﹼ وحيث أن الطوائف السبعة الكبرﻯ في لبنان
٤7
تتكون من املوارنة والشيعة والسنة واألورثوذوكس املفضل أن يترأس والدروز والكاثوليﻚ واألرمن ،فمن ﹼ اﶈمد ﹼية الرئيسية ،من هذا اﺠﻤﻟلس أحد األقل ﹼيات ﹼ هنا كان مقترﺡ رئاسة الدروز لهذا اﺠﻤﻟلس .وحيث أن حصة الدروز في الدولة موازية حلصة الكاثوليﻚ، يكون نائب الرئيس من الكاثوليﻚ. احلجة املضادة التي تقول بأن هناﻙ ثالثة إن ﹼرئاسات إحداها مسيحية فقﻂ ،وعليه ،يجب أن يترأس مجلس الشيوﺥ مسيحي للتوازن ،هي حجة تفتقد إلى سياسة الواقع ).(Politique Real ﹼ إن مجلس ذو أكثرية ساحقة من املسيحيني يجب أن ال تكون رئاسته بيد مسيحي كي ال يفقد مصداق ﹼيته .كما أن رئاسة اﺠﻤﻟلس ال تستطيع أن تؤثر على قراراته بوصف أعضائه زعماء طوائفهم التي مت ﹼثل أكثر ﹼية ساحقة ال يستطيع الرئيس األق ﹼلي من قمعها أو جلمها. وبذلﻚ ،نكون قد حققنا أبسﻂ شروط التوجه نحو بناء الدولة-األمة من دون املس ﲟشاعر اﶈمديني ومن دون إثارة مخاوف األقليات وعلى رأسهم املسيحيني .فيكون مجلس الشيوﺥ احلارس الشديد حلقوق الطوائف بوجه التهميﺶ أو الطغيان الديني أو املس بحقوق األفراد واﺠﻤﻟموعات. ومن جهة أخرﻯ ،نستطيع أن نعتمد أي نوع من أنواع قوانني االنتخابات النيابية من دون إثارة مخاوف هذﻩ الطائفة أو دعم مطامع تلﻚ .ونستطيع أن نوزع املقاعد النيابية على حسب الكثافة السكانية من دون األخذ باالعتبارات الطائفية .كما يستطيع املواطن أن ينتخب حسب مصاحله املهنية أو املناطقية من دون االنطواء في قوقعة طائفته بوجه الطوائف األخرﻯ؛ فقد قام ﲟمارسة اختياراته الطائفية بانتخاب مجلس الشيوﺥ .وبذلﻚ يصبح هناﻙ إبن جبل لبنان وإبن بيروت وإبن اجلنوب ،وإبن الشمال ،إلخ؛ بدال ً من املاروني والشيعي والسني والدرزي واألرمني ،إلخ .ونكون واجهنا الطائفية باملناطقية التي ﲡمع أفراد املنطقة بتعدديتهم الطائفية ،على أهداف مشتركة .وحيث أن املشكلة االجتماعية-السياسية في لبنان ليست مشكلة مناطقية بل طائفية ،نكون قد وضعنا حجر األساس لبناء الدولة-األمة ...دولة املؤسسات والقانون واملواطنية. وعندها ينتخب مجلس النواب رئيسه الشيعي معتمدا ً على املصالح السياسية بدال ً من االعتبارات الطائفية ،وينتخب رئيس اجلمهورية املاروني على نفس األسس وهكذا يكون الوضع بتسمية رئيس مجلس الوزراء السني وعند إعطاء الثقة للحكومة .وعندها كذلﻚ نستطيع أن نشهد ﲢالف أكثري يحكم وﲢالف أقلي يعارﺽ، من دون التحجﺞ بامليثاقية الطائفية؛ فالعائالت الروحية وقياداتها السياسية الكبرﻯ موجودة في مجلس الشيوﺥ.
ﺭﺷﻴﺪ ﺟﻨﺒﻼﻁ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر ثقافي
أمراﺽ عربية ... أمتنا متواﺿعة الﻘراءة ..لﻸسﻒ!؟
في البدء كانت الكلمة ،والقراءة: هي حبل التواصل مع احلياة ،هي جسر التفاهم مع احلضارة والتاريخ واملعرفة والعلم ...هي قبل كل شيىء ..حياة .أمتنا العربية ازدهرت حياتها األدبية حتى في العصر اجلاهلي ،ولهذا اشتهرت أسواق الشعر :عكاﻅ ،مجنة وسوق ذي اﺠﻤﻟاز .جاء اإلسالم وكانت اﻵية الكرﳝة التي ابتدأت حﺾ على طلب بكلمة :إقرأ .النبي الكرﱘ ﹼ العلم ولو في الصني .احلﺾ على املعرفة دعت إليه كل األديان ،وكذلﻚ الشرائع: من شريعة أورنامو مرورا ً بشريعة آشنونا وصوال ً إلى شريعة حمورابي ،وكذلﻚ ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
البوذية .لعلني أستشهد ببعﺾ ما قيل عن القراءة :عباس العقاد )صاحب العبقريات اخلالدة( عن القراءة يقول ،بأنها تطيل العمر .أما اجلاحﻆ فيصفها :يذهب احلكيم وتبقى كتبه ،ويذهب العقل ويبقى أثرﻩ .أما فرانسيس بيكون فيقول :القراءة تصنع الرجال .مونتني يصف القراءة :بأنها الصديق الذي ال يخون طيلة احلياة. من أجمل ﹶمن كتب عن القراءة :لويس أراغون ،جان كوكتو )وأهمية ملء صفحته البيضاء ..لم يرد نيل اإلعجاب ولكن أن يصدقه اﻵخرون( ،أندريه مالرو وغيرهم .ﻇل لوركا خالدا ً وذهب الذين أعدموﻩ وأسيادهم
٤8
إلى مزابل التاريخ ،كان يلقي شعرﻩ في حلﻈة إعدامه ...كان يردد :ما اإلنسان دون حرية يا ماريانا؟ قولي لي :كيف أستطيع حبﻚ إن لم أكن حرا! كيف أهديﻚ قلبي إن لم يكن ملكي؟ .بابلو نيرودا وعندما جاء قطعان بينوشيت )بعد انقالبهم األسود على الرئيس املنتخب سلفادور ألليندي(... جاؤوا يفتشون بيته بحثا ً عن السالﺡ؟ طردهم وقال جملته الشهيرة :سالحي هو شعري .محمود درويﺶ يخاطب املوت قائال ً في رائعته األخيرة :اجلدارية ،وكأني به يرثو نفسه :هزمتﻚ يا موت األغاني ...هزمتﻚ يا موت الفنون جميعها.
أرنستو جيفارا الثائر األممي الذي أعدمته السلطات البوليفية بدم بارد ،وأنكرت جثته حتى ال تكون محجا ً للناس ..كان شاعرا ً وكاتباً ،لعل من أجمل قصائدﻩ: ماريا العجوز التي تكشف عن جوانب شخصيته .من مؤلفاته :حرب العصابات، اإلنسان واالشتراكية في كوبا ،ذكريات احلرب الثورية الكوبية ،األسفار تك ﹼون الشباب والوعي ،اإلنسان اجلديد .ولعل من أجمل ما كتب عنه :ما أ ﹼلفه الكاتبان :غروس وفولف بعنوان :أحالمي ال تعرف حدوداً .كل السابقني وغيرهم ...مخلدون في التاريخ بفعل نتاجاتهم ومواقفهم ،فكيف ﳝكن معرفة ما تركوﻩ دون قراءة؟. بعد ذلﻚ ،فلنجعل احلقائق واألرقام تتحدﺙ عن نفسها ،وعن نسب قراءة أبناء أمتنا ،ومقارنة النسب مع مثيالتها عند الشعوب واألﱈ األخرﻯ )معتمدا ً في ذلﻚ على إحصائيات منشورة لكل من: مؤسسة الفكر العربي ،التقارير الثقافية العربية ،تقارير إﳕائية لﻸﱈ املتحدة عن العالم العربي ،املكتبة املتنقلة ،مؤسسة الشمس دوت كوم ،وغيرها(. معدل قراءة الفرد العربي ٦دقائق سنوياً، أو ربع صفحة من أحد الكتب .ما يطبع في العالم العربي مجتمعا 17ألف كتاب في السنة .سوق الكتاب العربي بيعا ً وشرا ًء ال يتجاوز ٤ماليني دوالر سنوياً ،كل 300ألف من العرب يقرأون ما مجموعه :كتابا ً واحدا ً سنوياً .نصيب كل مليون عربي هو 30كتابا ً في السنة .أما على صعيد الكتب املترجمة من لغات أخرﻯ فﺈن نصيب كل مليون مواطن عربي هو ٤,٤كتاب سنوياً .معروف أن الناشرين يطبعون من كل كتاب جديد )باستثناء كتﹼاب مثل هيكل وغيرﻩ( 2000 – 3000نسخة في أكثر احلاالت! ومعروف أن املؤلف العربي ال يتقاضى عن إبداعاته سوﻯ بضع مئات )أو قليال ً من اﻵالف في أحسن احلاالت!( من الدوالرات! للعلم كثير من املؤلفني يطبعون كتبهم على نفقتهم
الشخصية! إن نسبة األمية في العالم العربي تبلﻎ ٪55) ٪35من النسبة املذكورة هن نساء( .عدد مراكز البحث في العالم العربي مجتمعا ً حوالي 1500مركز. أما الكتب األكثر مبيعا ً في معارﺽ الكتب العربية ،فغالبا ً ما تكون :كتب األبراج ،وتعليم الطبخ ،ومذكرات وفضائح الفنانات والفنانني! كنت شاهدا ً على حادثة رأيتها بأم عيني :أتردد على سوق كبيرة بشكل يومي بحكم موقعها اﺠﻤﻟاور ملقر عيادتي ،كان ذلﻚ على أعتاب بداية عام جديد .تبضعت وخرجت من السوق، ﶈت صاحب املكتبة املتواجدة في السوق والتي غالبا ً ما أتردد إليها ملعرفة اإلصدارات اجلديدة .كان صاحب املكتبة يحمل نسخا ً كثيرة من كتاب .فجأة أحاطته جموع غفيرة من الناس ،إقتربت ملعرفة اسم الكتاب املتنازع على نسخه ،ألجد :أنه توقعات عن األبراج للسنة القادمة! كان الطلب على النسخ أكثر مما كان صاحب املكتبة يحمل .سعر الكتاب بلﻎ حينها حوالي 25دوالراً .حملت نفسي وغادرت... دون تعليق!. معروف أيضاً :أن شهرين يقضيهما أحد هواة الغناء من الشباب العربي في برنامﺞ متخصﺺ للمواهب ،كفيالن بﺈشهارﻩ أكثر من كاتب عربي جاد يكتب منذ أربعة عقود ،ويصبح غنيا ً باملعنى املادي ،في الوقت الذي يعاني فيه الكاتب العربي من ضيق أحواله املادية ،وغالبا ً ما يتوفاﻩ اﷲ قبل استطاعته سداد ديونه الكبيرة! أذكر حادثة جرت حقيقة منذ سنوات :أن شاعرا ً عربيا ً )دون ذكر األسماء رغم أن املعني دعا صحف بلدﻩ للتعريف على قضيته( في أحد األقطار العربية ،أعلن إضرابا ً مفتوحا ً عن الطعام في – املؤسسة املتخصصة بتجميع الكتﹼاب في ذلﻚ البلد – ألنه ال يجد قوت عائلته ،ولم يكن قد وجد عمال ً منذ وقت طويل!. نعود إلى النسب في الدول األخرﻯ :معدل
٤9
ما يقرأﻩ املواطن األميركي 11كتابا ً في السنة .أما البريطاني فـ 8كتب .الكيان 7 كتب .معدل الكتب التي تصدر في الكيان ٤0ألف كتاب سنوياً .نصيب كل مليون مواطن في الكيان على صعيد الكتب املترجمة 580كتابا ً سنوياً .معدل قراءة األوروبي 200ساعة سنوياً .قيمة سوق الكتاب في دول اإلﲢاد األوروبي 12مليار دوالر سنوياً .أذكر لسنوات طويلة )12عاماً( قضيتها على فترتني دراسيتني متباعدتني في موسكو ومينسﻚ )إبان احلقبة السوفياتية ،والفترة الثانية غادرت قبيل انهيارﻩ بعام واحد( .خالل الفترتني كنت أرﻯ املواطنني يقرأون الكتب في احلدائق وفي املترو والباصات رغم اكتﻈاﻇها ،وفي كل األماكن حيث ﳝكن القراءة وحيث ال ﳝكن!. في أسباب الﻈاهرة ﳝكن قول الكثير عن الﻈروف املوضوعية! ﳝكن القول :أسعار الكتب ،إلتهاء املواطن بقوت عائلته ،قلة دخله ،الفضائيات ،اإلنترنت ،وقراءة الكتب اإللكترونية )هذﻩ األخيرة متدنية نسبتها في الوطن العربي أيضاً( ...وغير ذلﻚ من شماعة لتعليق األسباب التي نستعملها ﹼ تقصيراتنا عليها! .ﳝكن قول وتعداد أسباب كثيرة ...غير أن األسباب ﲟوضوعيتها النسبية بالطبع ،ال ولن تلغي قصورنا الذاتي عن متابعة ما يجري من خالل النسب املتواضعة للقراءة في الوطن العربي! األرقام مثلما قلت :تتحدﺙ عن نفسها! أسوقها من دون تعليق! سوﻯ من أسف.. وحسرة ...وحزن دفني كلما أتذكر السؤال: كم نحن مقصرون؟! وخاصة في قراءتنا لﻸعداء الذين يقرأوننا جيدا ً ويحفﻈوننا عن ﻇهر قلب ...وهذا يلقي بﻈالله على تساؤل آخر :كم يلزمنا لتحقيق اإلﳒازات واإلنتصارات في كافة اﺠﻤﻟاالت اﺨﻤﻟتلفة؟!. وكم نحن بعيدون عن مواكبة التقدم املعرفي إال من قشورﻩ وأشكاله لنبقى، أسواقا ً لتقدم اﻵخرين!
ﺩ .ﻓﺎﻳﺰ ﺭﺷﻴﺪ
العدد -79ﻙ 1ـ ﻙ 2ـ شباط 2015
منبر حر
لﺒنان و ّدع الرﺋيﺲ عمر كرامي ... رجل المﺒادﺉ والﺜوابت الوﻁنية ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﻟﺢ
ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
و ﹼدع لبنان في األول من كانون الثاني ،2015رمزا ً وطنيا ً بارزاً ،رحل الرئيس عمر كرامي، الرجل الذي جمع في شخصه وسلوكه أنبل الصفات التي تراكمت خالل سنني حياته وأساسها القيم الوطنية واإلجتماعية والثبات على املبادﺉ والوفاء للبنان وإللتزاماته الوطنية والقومية. وقف كرامي بقوة وثبات خالل محطات هامة في تاريخ لبنان واملنطقة ،ورغم صعوبة اللحﻈة وتعاﻇم اﺨﻤﻟاطر ،خاﺽ الرئيس كرامي في غمار العمل السياسي بصدقية مشهودة ووفاء منقطع النﻈير ولم يغ ﹼير ثوبه عندما تغ ﹼيرت الﻈروف وأثبت أنه األقوﻯ عند كل املفاصل الهامة في تاريخ لبنان. عرفناﻩ وعرفه كثيرون ،وطني وعروبي بﺈمتياز ،وصاحب املواقف اجلريئة واحلاسمة وكان ير ﹼدد دوماً“ :لن أخرج عن الثوابت” وهي العبارة التي ﹼ أكد عليها ﳒله ووريثه السياسي تعهد بأن يحفﻆ الوصية واألمانة والسير على فيصل كرامي في بيان نعي والدﻩ ،الذي ﹼ نهﺞ والدﻩ في القول والعمل ،وكان الرئيس عمر كرامي حريصا ً على املصلحة الوطنية ووضعها فوق كل إعتبار. قاوم طواغيت املال ومحاوالت شطبه من املعادلة السياسية ،وصمد وانتصر أمام كل إمتحان ،وحافﻆ على مكانته وكرامته ووضعها في املقام األول في حساب األولويات. ﲢمل مسؤولياته في احلكم ضمن ﻇروف صعبة وبالغة التعقيد بعد إغتيال الرئيس ﹼ رفيق احلريري. إلتزم القول بالفعل من خالل املمارسة ،على أن احلكم تكليف كبير ومسؤولية يتحمل اﺨﻤﻟاطر. ﲢملها يكون قد ق ﹼرر أن ﹼ وطنية ،و ﹶمن يق ﹼرر ﹼ وعن قضية فلسطني وفكرة العروبة واملقاومة ،كان مدافعا ً ومقاوما ً عروبيا ً حقيقياً، وكان خصما ً للنﻈام السياسي الطائفي ،ونادﻯ بالنسبية في القانون اإلنتخابي، ورفﺾ عملية اخلصخصة باملطلق بحيث يبقى القطاع العام ملكا ً للدولة واﺠﻤﻟتمع وليس ألشخاﺹ وشركات محددة. الرئيس عمر كرامي ،كان يختار عباراته بكل عفوية بحيث تتلمس مشاعر الناس وحاجاتهم ،وهي تع ﹼبر عن ثوابته بكل دقة ولباقة وسرعة بديهة ،رحمه اﷲ كان ير ﹼدد دوما ً “املنصب ذاهب ويبقى الرجال ،واحلكم شجاعة وقرار”. وفي وداعه ﳒح أبوخالد أن يثبت ويﻈهر وجه طرابلس احلقيقي ،الذي أمضى حياته مبشرا ً بها إلبراز دورها وموقعها على خريطة الوطن ،وﳒح معه كل ﹶمن شارﻙ في وداعه ابنه الوزير فيصل وكل ﹶمن أشرف معه على التنﻈيم والتشييع في أن ال تطلق رصاصة واحدة في مدينة إرتبﻂ إسمها بالنور والنار على مدﻯ سنوات. إلتزم الرئيس عمر كرامي منهجا ً ثابتا ً في حياته ،رفﺾ الوسطية العاجزة في سياساته ،ولكنه إلتزم ممارسة اإلقناع ورفﺾ اإلمالء ،وهو إبن املدرسة القومية التي أرساها والدﻩ عبداحلميد وواصل السير على طريقها شقيقه رشيد كرامي ،وهي املدرسة التي كان لها صداها عام 19٤٤عند إنتخاب عبداحلميد كرامي نائباً ،يومها تر ﹼددت عبارة“ :لقد صار في البرملان كرامة” ،هذا اإلرﺙ الذي تناقلته األجيال هو عروبي ملتزم بقيم احلوار والتمسﻚ بالوحدة الوطنية ،بقي ﲟثابة بوصلة في حياة عمر كرامي ونحن في أشد احلاجة إليه حيث ﳝر لبنان واملنطقة بأصعب املراحل وأخطرها ،وتتط ﹼلب تكامل كل اجلهود للوصول الى ب ﹼر األمان واإلستقرار بعد التغ ﹼلب على الصعاب املاثلة. جسدت طرابلس وفاءها للرئيس عمر كرامي وللدوحة الكرامية ،والوفاء هو لقد ﹼ الكلمة السحرية عند أبوخالد ،حيث دفع ثمنا ً كبيرا ً إللتزامه ﲟضمونها السياسي، ثم أسلم الروﺡ مطمئناً. واستمرت املسيرة ،س ﹼلم األمانة لنجله فيصل ،ﹼ وداعه كان مهيبا ً كما هي منزلته ،ويكبر لبنان بأمثاله. ﹼ سطر صفحة مضيئة من العمل واجلهد ،ستذكرﻩ األجيال وسينصفه التاريخ ويضعه ﲟنزلة رفاق دربه ،ﹶمن سبقوﻩ على طريق اﺠﻤﻟد واخللود ،نبراسا ً لﻸجيال وعلى هداﻩ يسيرون وهاماتهم عالية.
50
مشروع مستشفى الصحابي سلمان الفارسي دير دوريت ــ الشوف
تتواصل أعمال البناء والتشييد في مستشفى الصحابي سلمان الفارسي. وكان رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب قد وضع حجر األساس ملشروع مستشفى الصحابي سلمان الفارسي في بلدة دير دوريت في الشوف ،الذي سيقام على مساحة 23ألف متر مربع ،في احتفال حاش ٍد أقامه احلزب في بلدة اجلاهلية، بحضور سفير اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في لبنان د .غضنفر ركن أبادي ،ورعاية املرجعية الروحية في طائفة املوحدين الدروز الشيخ أبو علي سليمان أبو ذياب ،وممثلي عن الرؤساء الثالثة والشخصيات السياسية واألحزاب ،وممثلي الفصائل الفلسطينية في لبنان ،باإلضافة لوفودٍ شعبية ودينية من جبل العرب وجبل الشيخ وطرطوس والسويداء وجرمانا في سوريا ،وعدد كبير من مشايخ طائفة املوحدين الدروز ،إضافة لوفود شعبية وحزبية ومناطقية. ويأتي إنشاء املستشفى في إطار مشروع “قرية التوحيد” األشمل ،الذي تساهم اجلمهورية اإلسالمية في إيران في متويل جزء منه. ويعتبر هذا املشروع لكل فقير في اجلبل من إقليم اخلروب الى الشوف وعاليه واملنت وراشيا وحاصبيا والسويداء وجبل الشيخ ولن يقفل بابه يوما ً في وجه أي فقير ،ولن نفرق بني محتاج وآخر.
ً وداعا .... رجل الكرامة