Manbar altawhid issue 64

Page 1

‫العدد ‪ 64‬ــ أيار ‪ - 2012‬السنة السادسة‬

‫الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪:‬‬ ‫رحل المرجع‬ ‫الحكيم‬

‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬الشوف‬

‫ديمقراطية اإلرهاب المنظمّ‬ ‫ياسين جابر ‪ :‬عشنا فوضى مالية‬

‫السياسي» هو السلطة؟!‬ ‫«اإلسالم‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫الدمار في مكتب‬ ‫حزب التوحيد العربي‬ ‫في بقعاتا‬

‫‪....‬المجرمون‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪64‬‬

‫أيار ‪ 2012‬السنة السادسة‬

‫‪47‬‬

‫‪ 06‬الغالف‬

‫رامز مصطفى «أبو عماد»‪:‬‬ ‫حقوقنا المدنية ال تخرج‬

‫‪ 16‬لبنانيات‬

‫عن إطار العواطف‬

‫عاصم جابر‪:‬‬

‫‪58‬‬

‫‪ 44‬عربيات‬

‫عودة الدور الروسي يساهم‬ ‫في تحقيق األمن في العالم‬

‫‪70‬‬

‫‪ 5 4‬دوليات‬

‫حياة عطية‪:‬‬

‫‪ 6 0‬اقتصاد‬

‫الثقافة العربية الوحيدة‬ ‫التي استعصت على التجزئة‬

‫‪ 70‬منبر مرأة‬

‫نزار دندش‪:‬‬ ‫نحتاج لثقاف ٍة جديدة‬

‫منبر التوحيد‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 2 1‬حزب التوحيد العربي‬

‫‪74‬‬

‫‪ 74‬ثقافة‬ ‫‪ 81‬رياضة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫متفجرة‬ ‫بقعاتا‪:‬‬ ‫ال لربيع‬ ‫في الجبل‬

‫لم يعرف اجلبل‪ ،‬تأسيس أحزاب‪ ،‬خارج العائلتني السياستني‬ ‫اجلنبالطية واإلرسالنية‪ ،‬إال احلزب السوري القومي االجتماعي‬ ‫في الثالثينات‪ ،‬الذي شكل نشاطه التفافا ً شعبياً‪ ،‬ح ّرك‬ ‫املرحوم كمال جنبالط الى تأسيس احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫في نهاية األربعينات‪ ،‬في مرحلة صعود األحزاب‪ ،‬ومنو العقائد‬ ‫واألفكار القومية والتقدمية واالشتراكية‪ ،‬ساعد في ذلك‬ ‫الهزمية التي حلقت باألنظمة العربية في نكبة فلسطني‬ ‫واغتصابها من قبل العدو الصهيوني‪.‬‬ ‫بقي اجلبل في نزاع سياسي تقليدي شمعوني –‬ ‫جنبالطي‪ ،‬أو يزبكي – جنبالطي‪ ،‬واألحزاب الوطنية والقومية‬ ‫واليسارية‪ ،‬جتهد الختراق هذا االستقطاب السياسي‪ ،‬الذي‬ ‫أبقى اجلبل عموما ً والشوف خصوصا ً في وضع متخلف‬ ‫سياسياً‪ ،‬ومنهك اقتصادياً‪ ،‬ومتراجع تنموياً‪ ،‬إذ ال مشاريع‬ ‫تذكر قام بها زعماء املنطقة‪ ،‬الذين كانوا يختلفون في‬ ‫املنطق ويتحالفون في املنطقة على اقتسامها‪ ،‬وتبعية‬ ‫أبنائها لهم‪ ،‬دون مساءلة ومحاسبة‪ ،‬في الدورات االنتخابية‬ ‫املتعاقبة ملن لم يقم لهم مشروعا ً إنتاجيا ً واحداً‪ ،‬أو أتى‬ ‫باستثمارات‪ ،‬أو شق الطرقات‪ ،‬أو استخدم موارد املنطقة‬ ‫الطبيعية والسياحية واجلغرافية‪ ،‬في قيام زراعة وإنشاء‬ ‫مصانع‪ ،‬وتوفير خدمات‪.‬‬ ‫ظل اجلبل يعيش “ستاتيكو” سياسي وحزبي‪ ،‬ولم يحصل‬ ‫التغيير‪ ،‬ال بل أن األحزاب الوطنية والتقدمية‪ ،‬التحقت من‬ ‫خالل احلركة الوطنية باحلزب التقدمي االشتراكي‪ ،‬فانحسر‬ ‫عمل هذه األحزاب ال بل تالشت بعد “حرب اجلبل” في مطلع‬ ‫الثمانينات من القرن املاضي‪ ،‬والتطهير احلزبي والطائفي‬ ‫الذي حصل‪ ،‬فبات اجلبل خاضعا ً لـ “إدارة مدنية” وحكم‬ ‫“احلزب الواحد”‪ ،‬ومن عمل حتت عباءته‪ ،‬فكان تابعا ً له‪ ،‬ومنفذا ً‬ ‫لسياسته ونهجه‪ ،‬ومن حاول االختالف ولو بوجهة النظر‪،‬‬ ‫كان مصيره اإلقصاء السياسي واإللغاء اجلسدي والتدمير‬ ‫املعنوي‪.‬‬ ‫هذا كان واقع اجلبل في ظل احلرب املدمرة التي عبثت به‪ ،‬حيث‬ ‫انكفأ اجلميع لصالح احلاكم لوحده‪ ،‬إال من رضي عنه‪ ،‬فغاب‬ ‫اليزبكيون‪ ،‬وتراجع القوميون االجتماعيون‪ ،‬واندثر الشيوعيون‬ ‫مع انهيار االحتاد السوفياتي إال من قلة قليلة‪ ،‬ظلت على‬ ‫مبادئها “املاركسية – اللينينية” ومؤمنة بالصراع الطبقي‪،‬‬


‫ومحاربة وحشية الرأسمال‪ ،‬فأبعدها جنبالط عن حتالفاته‪،‬‬ ‫ال بل غذى االنقسامات داخل احلزب الشيوعي‪ ،‬وعزز انشقاق‬ ‫الياس عطا اهلل عنه‪ ،‬حتت اسم “اليسار – الدميقراطي”‬ ‫الذي حالف اليمني اللبناني‪ ،‬وتزامل مع الرأسماليني‪ ،‬وأيد‬ ‫السياسة األميركية التي أنشأت “ثورة األرز”‪.‬‬ ‫غابت احلياة احلزبية احلقيقية عن اجلبل‪ ،‬وقد شاخت األحزاب‬ ‫العريقة‪ ،‬فتقدم وئام وهاب مع عدد من رفاقه‪ ،‬يؤسسون حلالة‬ ‫حزبية وسياسية مختلفة‪ ،‬مستفيدين من جتارب سابقة‪،‬‬ ‫وكان السؤال املطروح‪ ،‬هل ميكن لعمل حزبي أن ينجح في‬ ‫اجلبل؟ وهل يتقبل املواطنون فكرة االحزاب التي خذلتهم في‬ ‫كثير من أداء قياداتها‪ ،‬وهل مسموح حلزب أن يشق طريقه‬ ‫في هذا الزمن الذي يتكرس فيه اقتطاع الطوائف لزعماء‬ ‫وأحزاب‪ ،‬وتتوفر لهم كل أدوات العمل من مال وسلطة‪ ،‬وتتأمن‬ ‫لهم القوانني‪ ،‬وتنشأ لهم الصناديق واجملالس ليغرفوا منها‪،‬‬ ‫وتقام التحالفات السياسية‪ ،‬ليضمنوا استمرار وجودهم‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫هذه األسئلة‪ ،‬اخترقت عقول من كان يفكر لتغيير‬ ‫الواقع املزدري‪ ،‬واالنتقال نحو األفضل‪ ،‬في إطار املنافسة‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬التي تسمح بها القوانني واألنظمة‪ ،‬وتقرها‬ ‫األعراف والتقاليد والشرائع‪ ،‬وهي تؤكد على احترام الرأي‬ ‫والرأي اآلخر‪ ،‬وتأمني احلرية للجميع التي حتفظ لهم‬ ‫حق العمل السياسي املشروع‪ ،‬وتقدمي البرامج واألفكار‪،‬‬ ‫والتسابق خلدمة اجملتمع‪ ،‬وإعالء شأن اإلنسان خلقيا ً‬ ‫وتربويا ً وثقافياً‪ ،‬وإنتاج مواطن ينتمي الى الوطن‪ ،‬وميارس‬ ‫مواطنيته دون تعصب طائفي‪ ،‬وتز ّلم سياسي وانفتاح‬ ‫على اآلخر‪.‬‬ ‫وهاب من تأسيس “حزب التوحيد العربي”‪،‬‬ ‫هذا ما أراده ّ‬ ‫وقد القت مواقفه الوطنية اجلريئة‪ ،‬وخطبه السياسية‬ ‫الصريحة‪ ،‬ودعوته الصادقة الى التغيير‪ ،‬استنفارا ً عصبويا ً‬ ‫رض َي أن يبقى‬ ‫في من لم يقبل أن يتحرر‪ ،‬أو أن يتغير ليغير‪َ ،‬ف ِ‬ ‫عبدا ً ال أن يتحول حراً‪ ،‬وقبل أن يكون من ضمن “القطيع”‬ ‫واستكان لألمر الواقع املذل‪.‬‬ ‫لكن إرادة التغيير كانت أقوى‪ ،‬وقبل وهاب التحدي‪ ،‬فأسس‬ ‫التيار الذي أصبح حزباً‪ ،‬ومنذ األسابيع األولى للتأسيس‪،‬‬ ‫كانت محاولة اغتيال الفكرة‪ ،‬بقتل صاحبها‪ ،‬فحصل‬

‫افتعال حادث معه في “خلوات الكفير” في حاصبيا‪ ،‬أثناء‬ ‫تقدمي واجب التعزية‪ ،‬كما متت محاولة أخرى في كفرحيم‪،‬‬ ‫أثناء مناسبة عائلية‪ ،‬فنجا هو وعائلته وأقاربه من مجزرة‬ ‫محتمة‪ ،‬ونصبت له عدة كمائن للتخلص منه‪ ،‬وجرت أكثر‬ ‫من عملية اعتداء على عناصر من احلزب ومراكزه وكل ذلك‬ ‫ألن “حزب التوحيد العربي” أصبح رقما ً صعبا ً في املعادلة‬ ‫السياسية في اجلبل‪ ،‬مع االنتشار الواسع الذي حققه في‬ ‫صفوف املواطنني‪ ،‬والتمدد اجلغرافي الذي وصل الى مناطق‬ ‫كانت تعتبر “محميات سياسية” و”عقارات إقطاعية”‬ ‫فكان تفجير مكتب احلزب في بقعاتا – الشوف‪ ،‬هو العمل‬ ‫اإلجرامي في عينه‪ ،‬ومحاولة ملنع احلزب من االقتراب مما‬ ‫يسمى “اخلط االحمر” ملنطقة‪ ،‬ال يريد من يتسلط عليها‪،‬‬ ‫أن تعرف ربيعاً‪ ،‬طاملا تفاخر بحصوله في دول عربية‪ ،‬لكنه‬ ‫ال يريد للتغيير أن يحصل في عرينه‪ ،‬وكان الرد بالعبوة‬ ‫الناسفة من “بلطجية” و”شبيحة” ال يريدون أن يتنفس‬ ‫املواطنون احلرية‪.‬‬ ‫والتفجير‪ ،‬هو رسالة أمنية ملن أراد أن ينتسب الى حزب‬ ‫التوحيد‪ ،‬وترهيب من اراد أن يتحرر‪.‬‬ ‫فاستهداف مكتب حزب “التوحيد العربي” في بقعاتا‪،‬‬ ‫وعلى بعد كيلو مترين من اخملتارة‪ ،‬هي رسالة سياسية‪ ،‬أن‬ ‫ال انتخابات مع النسبية التي يجاهر وهاب بها‪ ،‬ويعلن أن‬ ‫دون الوصول إليها‪ ،‬فإن االنتخابات مزورة إلرادة ناخبني لهم‬ ‫متثيلهم‪.‬‬ ‫عبوة بقعاتا‪ ،‬مثل حادثة “خلوات الكفير” وإطالق النار‬ ‫في كفرحيم‪ ،‬هي رد على منو حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬وعلى‬ ‫بناء مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‪ ،‬وعلى إقامة‬ ‫مستوصفات في مناطق أخرى‪ ،‬وهي رد على خط سياسي‬ ‫داعم للمقاومة ومؤيد للتحالف مع سوريا في موقعها‬ ‫املقاوم للعدو اإلسرائيلي واملشاريع األميركية‪.‬‬ ‫مفتجرة بقعاتا رسالة تقرأ من عنوانها‪ ،‬والعنوان هو ال‬ ‫للتعدية السياسية‪ ،‬ال للدميقراطية‪ ،‬ال للتغيير‪ ،‬ال لربيع في‬ ‫اجلبل‪.‬‬

‫«منبر التوحيد»‬


‫الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪:‬‬ ‫رحل المرجع‬ ‫الحكيم‬

‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬الشوف‬

‫ّ‬ ‫المنظم‬ ‫ديمقراطية اإلرهاب‬ ‫ياسين جابر ‪ :‬عشنا فوضى مالية‬

‫الغالف‬

‫«اإلسالم السياسي» هو السلطة؟!‬

‫لن ت ّدمروا طموحاتنا بالتغيير ولن نتراجع عن قول الحق‬

‫تفجير مق ّر حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا لـ «منع افتتاحه»‬ ‫وهاب‪ :‬أصبحنا حزباً راسخاً في ضمير أبناء الجبل‬ ‫ها هم انتظروا حلول منتصف ليل‬ ‫اخلميس ‪ ،2012-4-26‬ليبثوا سمومهم في‬ ‫املبنى الذي يتواجد فيه املق ّر اجلديد حلزب‬ ‫“التوحيد العربي”‪ ،‬والذي كان افتتاحه مقرراً‬ ‫في مساء يوم اجلمعة ‪ ،2012/4/27‬مُعتبرين أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫تشل حماس‬ ‫تفجيرهم لبضعة جدران سوف‬ ‫الشباب التوحيدي في التغيير والتحرر‬ ‫واملُضي ُقدماً في تقدمي اخلدمات للمحتاجني‪،‬‬ ‫ومُتناسني بأ ّن الرسالة األساسية لرئيس‬ ‫احلزب وئام وهاب منذ تأسيسه كانت قبول‬ ‫اآلخر واالعتراف به‪ ،‬سعياً للعيش املشترك‬ ‫وإذكا ًء لروح الوحدة واآلخاء‪.‬‬ ‫رمبا هم خفافيش الليل‪ ،‬أو أنهم‬ ‫شبيحة النهار‪ ،‬أولئك الذين ال ّ‬ ‫ميلون من‬ ‫محاوالت منع أي حترّك سياسي أو اجتماعي‬ ‫أو إنساني‪ ،‬فال الدميقراطية أساس عملهم‪،‬‬ ‫وال حرية الرأي موجودة في قواميسهم‪.‬‬ ‫ولكن يبقى التصرّف األكثر وعياً‪ ،‬هو عدم‬ ‫إتهام أي جهة بحادثة نشر السموم عبر‬ ‫بضعة غرامات من الديناميت‪ ،‬فال االتهام‬ ‫من شيَم التوحيديني‪ ،‬وال الثأر وفقاً للمثل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالسن”‪ ،‬موجود في‬ ‫والسن‬ ‫“العني بالعني‬ ‫ضمائرهم‪ ،‬حتى ولو كان “البادي أظلم”‪.‬‬ ‫محاولتهم مرة جديدة وبعد‬ ‫محاوالتهم السابقة الفاشلة‪ ،‬النيل من‬ ‫طموحات أبناء التوحيد بالتغيير‪ ،‬وتدمير‬ ‫ما حاولوا بناءه من ع ّز ٍة وعنفوان للشباب‬ ‫ّ‬ ‫لكن‬ ‫بشكل خاص‪،‬‬ ‫اللبناني عامة واملوحّ د‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫محاوالتهم فاشلة حقا‪ ،‬أيا كانت اجلهة‬ ‫الداعمة لهم‪ ،‬وحركاتهم اإلرهابية لن‬ ‫َ‬ ‫تثنيك عن متابعة قول احلق والوقوف بوجه‬ ‫احلقد ومحاوالت اإللغاء‪ ،‬فحزب “التوحيد‬ ‫العربي” ليس حزباً مافياوياً وال اإلرهاب‬ ‫مذكورُ في نظامه الداخلي‪ ،‬أو بني أبنائه‪،‬‬ ‫والكل يعلم علم اليقني أ ّن رئيسه الوزير‬ ‫وئام وهاب ال يقبل التعامل باملثل إال في‬ ‫احلاالت اإليجابية واحلسنة والتي ال تأتي‬ ‫سوى باخلير للمنطقة كاملة‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب‪ :‬التفجير محاولة إلدخال‬ ‫الفتنة للجبل والطائفة الدرزية‬ ‫من هنا‪ ،‬عقد رئيس حزب «التوحيد العربي»‬ ‫الوزير السابق وئام وهاب في مكتبه في بيروت‪،‬‬ ‫مؤمترا ً صحافيا ً كان ال بد في بدايته من احلديث عن‬ ‫املوحدين الدروز‪،‬‬ ‫اخلسارة الكبيرة التي أملّت بطائفة ّ‬ ‫متثلت برحيل كبير مشايخ الهيئة الروحية العليا‬ ‫ولي الدين‪ ،‬بحيث اعتبر‬ ‫الشيخ أبو محمد جواد ّ‬ ‫وهاب أ ّن «وفاة الشيخ ولي الدين‪ ،‬يشكل خطبا ً‬ ‫جليالً في طائفة املوحدين الدروز ليس في لبنان‬ ‫ٌ‬ ‫شيخ‬ ‫فحسب بل في املنطقة بالكامل‪ ،‬فقد رحل‬ ‫جليل من كبار مشايخها‪ ،‬والذي كان ال أصفى وال‬ ‫أجرأ وال أنقى وال أتقى‪ ،‬هو رجل وال كل الرجال»‪.‬‬ ‫وتوجه للفقيد الشيخ بالقول‪« :‬نخسرك اليوم‬ ‫ّ‬ ‫وأنت الذي‬ ‫محب‬ ‫وأب‬ ‫كمرجع‬ ‫الكبير‬ ‫شيخنا‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عت دائما ً كل ما يصب في مصلحة هذه‬ ‫شج َ‬ ‫ّ‬ ‫الطائفة‪ ،‬وترعى كل حركة تسعى ملصلحتها‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫دعواتك لنا بالتوفيق في استمراريتنا في‬ ‫ننسى‬ ‫مشروعنا بإنشاء مستشفى الصحابي سلمان‬ ‫الفارسي‪ ،‬الذي بدأنا العمل به منذ أكثر من ثالثة‬ ‫وكنت أمتنى لو أطال اهلل بعمرك ألحملك‬ ‫أشهر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إلى املشروع كي تراه بعد إمتام العمل به‪ ،‬خاصة‬ ‫َ‬ ‫وأنك أعطيتني دفعا ً لإلستمرار به غير عابئ إال‬ ‫مبصلحة هذه الطائفة‪ ،‬والتي هي اليوم بحاجة‬ ‫حلكمتك وعقلك الراجح‪ ،‬وكلمة احلق التي‬ ‫كنت‬ ‫تقولها‪ ،‬وال تخشى في احلق لومة الئم‪ ،‬فقد‬ ‫َ‬

‫‪6‬‬

‫مدافعا ً عن بني معروف أينما ُو ِجدوا»‪.‬‬ ‫أما ردا ً على محاولة اإللغاء‪ ،‬فقال وهاب‪:‬‬ ‫«اإلنفجار استهدف مركز احلزب ومشروع‬ ‫نحضر إلنشائه فيه‪ ،‬فاملركز‬ ‫الصيدلية الذي كنا‬ ‫ّ‬ ‫ليس مركزا ً سياسيا ً ال بل اجتماعيا ً صحياً‪ ،‬لتوزيع‬ ‫األدوية التي تأتينا مجاناً‪ ،‬إضافة ملركز اجتماعي‬ ‫للخدمات االجتماعية خلدمة أبناء املنطقة‪ ،‬ولكن‬ ‫نحضر‬ ‫يبدو أ ّن يد اإلرهاب كانت أسرع منا‪ ،‬فكنا‬ ‫ّ‬ ‫إلحتفال مساء اليوم‪ ،‬ولو حصل التفجير في‬ ‫موعد االحتفال‪ ،‬لتحدثنا عن عشرات الضحايا أو‬ ‫تصدع كل املبنى‬ ‫كنا بينها‪ ،‬أل ّن اإلنفجار س ّبب‬ ‫ّ‬ ‫الذي يتواجد فيه املركز»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬كنا سنقيم االحتفال أمام املبنى‬ ‫مدمر ملقر احلزب إال أننا قمنا‬ ‫املتصدع والشبه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولي الدين‪ ،‬لذلك‬ ‫الشيخ‬ ‫وفاة‬ ‫بالتأجيل بسبب‬ ‫ّ‬ ‫أمتنى أن يكون استهداف َمن قام بالتفجير هو‬ ‫ملكتب احلزب وليس لالحتفال وإال كانت ستحصل‬ ‫مجزرة بحق احلضور‪ ،‬ونحن الذين لم نعتَد على‬ ‫التعامل مبِثل هذا األسلوب»‪.‬‬ ‫ولفت وهاب إلى أ ّن احلزب «لن يتهم أي جهة‪،‬‬ ‫فاألجهزة األمنية بدأت حتقيقاتها باالنفجار الذي‬ ‫طال مقر حزبنا وكل نتائج امللف ونأمل أن نصل‬ ‫الى خيوط ملعرفة التفاصيل‪ ،‬وعلى اجلميع أن‬ ‫يعلموا بأننا جتاوزنا مرحلة الترهيب والتهديد‬ ‫والتفجير فحزب «التوحيد العربي» أصبح راسخا ً‬ ‫بشكل كبير في ضمير أبناء اجلبل»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وحول تساؤل البعض عن إمكانية إتهام للحزب‬ ‫التقدمي اإلشتراكي بهذا اإلنفجار‪ ،‬أكد وهاب أ ّن‬


‫«النائب وليد جنبالط متضرر مثلي متاما ً من هذا‬ ‫ست كيلومترات عن منزلي‪،‬‬ ‫االنفجار والذي يبعد ّ‬ ‫في حني يبعد كيلو مترا ً واحدا ً عن منزله‪ ،‬وال أعتقد‬ ‫أنه ميكن أن يسمح بعمل من هذا النوع وقد تلقينا‬ ‫استنكارات من مسؤولني في احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي‪ ،‬فهناك َمن يستهدفني وجنبالط بنفس‬ ‫الوقت‪ ،‬وهذه محاولة إلدخال الفتنة الى اجلبل‪ ،‬ولن‬ ‫أسمح بذلك حتى ولو على د ِمي»‪.‬‬ ‫كما علق وهاب على املداوالت احلاصلة في ملف‬ ‫اإلنتخابات‪ ،‬فأشار إلى أنه «سيكون لنا موقفا ً من‬

‫أي طرح يخالف قانون النسبية‪ ،‬علما ً أ ّن طرح‬ ‫الرئيس نبيه بري بالنسبة جمللس الشيوخ والذي‬ ‫تبناه العماد ميشال عون‪ ،‬يخدم أيضا ً الطائفة‬ ‫الدرزية‪ .‬لم أقل بأنه إذا لم تعتمد النسبية‬ ‫سيكون هناك حربا ً أهلية‪ ،‬ال بل قلت بأ ّن قانون‬ ‫‪ 1960‬أوصلنا سابقا ً إلى حرب ‪ ،1975‬واآلن ال شك‬ ‫بأننا إذا اعتمدنا قانونا ً بحجم الطوائف واملذاهب‬ ‫خاصة مع التحريض الطائفي واملذهبي احلاصل‪،‬‬ ‫حرب أهلية‪ ،‬لذلك نؤ ّيد قانون‬ ‫سنصل حتما ً إلى‬ ‫ٍ‬ ‫املوسعة املعززة للوحدة الوطنية‪،‬‬ ‫النسبية والدوائر‬ ‫ّ‬

‫وبدل أن يتح ّول النائب إلى ُمحرِّض‪ ،‬يكون حينها‬ ‫من دُعاة املصاحلة‪ .‬فالنسبية حتفظ اجلميع‪ ،‬ولكن‬ ‫أن نخضع لإلرهاب الفكري واالنتخابي كي يُهيمنوا‬ ‫على اجمللس‪ ،‬فلن نقبل بذلك»‪.‬‬ ‫وحول سؤال أحد الصحفيني له عن قول النائب‬ ‫جنبالط إ ّن الرئيس السوري بشار األسد هو ُمع ّلم‬ ‫وهاب‪ ،‬أجاب وهاب‪« :‬جنبالط يعلم بأ ّن ُمعلمي هو‬ ‫ولست ممّن يقفون على أبواب أحد‪،‬‬ ‫فقط رب العاملني‬ ‫ُ‬ ‫فالرئيس «بشار األسد» أخ وصديق وحليف‪ ،‬ونحن‬ ‫ُمستمرون مع سوريا طاملا بقيت الى جانب املقاومة»‪.‬‬

‫وقائع الجريمة‬ ‫عند الساعة الواحدة والنصف من ليل‬ ‫اخلميس – اجلمعة الواقع في ‪،2012/4/26‬‬ ‫انفجرت عبوة ناسفة كانت موضوعة أمام مركز‬ ‫حزب “التوحيد العربي” في بقعاتا قبل ‪ 12‬ساعة‬ ‫من االحتفال الذي كان سيترأسه رئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب لتدشني هذا‬ ‫املركز األول في قلب الشوف‪.‬‬ ‫وعلى األثر ضربت القوى األمنية طوقا ً حول‬ ‫مكان احلادث وقامت بنقل اجلريح الذي أصيب‬ ‫في االنفجار‪ ،‬وعند الساعة السابعة من صباح‬ ‫اجلمعة حضر اخلبير العسكري ومفوض احلكومة‬ ‫لدى احملكمة العسكرية وعاينا مكان االنفجار‬ ‫الذي تبينّ أنه ناجت عن عبوة تقدر زنتها بـ ‪600‬‬ ‫غرام من مادة الـ “ت‪.‬أن‪.‬ت” الشديدة االنفجار‬ ‫واستهدفت مركز حزب “التوحيد العربي”‬ ‫الذي أصيب بأضرار بالغة‪ ،‬كما تضررت الشقق‬ ‫السكنية في املبنى‪ ،‬حيث أحدث االنفجار دمارا ً‬ ‫كبيراً‪.‬‬ ‫وتلقى الوزير السابق وهاب اتصاالت من وزير‬ ‫الدفاع فايز غصن وأكد أنه أعطى األوامر للجيش‬ ‫بالتحقيق‪ ،‬كما اتصل رئيس شعبة املعلومات‬ ‫العميد وسام احلسن بالوزير وهاب وأبلغه أن فرع‬ ‫املعلومات باشر حتقيقاته كما بدأت مخابرات‬ ‫اجليش حتقيقاتها‪.‬‬ ‫والالفت أن نائب رئيس حزب التوحيد سليمان‬ ‫الصايغ تلقى اتصاالت من قيادات أمنية في‬ ‫احلزب التقدمي االشتراكي أبلغته استنكارها‬ ‫للتفجير‪ ،‬وأنها مستعدة للمشاركة في‬ ‫التحقيقات لكشف اجلناة‪ ،‬وأنها مستعدة‬ ‫لتسهيل كل ما يطلبه التحقيق ألن هذه احلادثة‬ ‫موجهة للحزب االشتراكي بالدرجة األولى‪ ،‬وبأنه‬ ‫ال ميكن القبول مبثل هذه احلوادث‪.‬‬ ‫وعلم أن األجهزة األمنية توصلت الى خيوط في‬ ‫احلادث‪ ،‬وهناك شبهات تدور حول بعض األشخاص‬ ‫الذين سيتم استدعاؤهم للتحقيق ومع التأكيد‬ ‫بعض اجلهات الرسمية أن التحقيقات ستستمر‬ ‫لكشف ما حصل‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪:‬‬ ‫رحل المرجع‬ ‫الحكيم‬

‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬الشوف‬

‫ّ‬ ‫المنظم‬ ‫ديمقراطية اإلرهاب‬ ‫ياسين جابر ‪ :‬عشنا فوضى مالية‬

‫الغالف‬

‫«اإلسالم السياسي» هو السلطة؟!‬

‫أمانة اإلعالم في حزب «التوحيد العربي»‪:‬‬ ‫التفجير يحمل في توقيته وطريقة تنفيذه بصمة اإلجرام واإلرهاب المحترف‬ ‫أدانت أمانة اإلعالم بأشد‬ ‫العبارات العمل اإلجرامي اجلبان‬ ‫الذي طاول مكتب حزب “التوحيد‬ ‫العربي”‪ ،‬في منطقة بقعاتا ‪-‬‬ ‫الشوف والذي حمل في توقيته‬ ‫وطريقة تنفيذه بصمة اإلجرام‬ ‫واإلرهاب املحُ ترف‪.‬‬ ‫وأشار البيان الى وقوع أضرار‬ ‫كبيرة وحتطم زجاج معظم‬ ‫املنازل احمليطة باملقر املُسته َدف‪،‬‬ ‫كما أدى الى إصابة أحد السكان‬ ‫بجروح‪.‬‬ ‫ودعا البيان الى املزيد من‬ ‫التالحم ورص الصفوف‬ ‫للتصدي للفتنة في اجلبل‬ ‫والى ضرورة التمسك باملواقف‬ ‫الداعمة ملقاومة مشاريع‬ ‫الهيمنة اخلارجية الرامية‬ ‫لتفتيت األمة وتصفية‬ ‫الفلسطينية‬ ‫القضية‬ ‫وطمس هوية املوحدين الدروز‬ ‫الوطنية والقومية‪ ،‬الفتا ً‬ ‫الى أن حادثة التفجير لن‬ ‫تثني حزب “التوحيد العربي” عن مسيرته‬ ‫السياسية املؤمنة بالدميقراطية والتعددية‬ ‫التجمع التي كفلها الدستور‪.‬‬ ‫وحر ّية‬ ‫ّ‬ ‫وختم البيان‪ :‬كان الر ّد األفضل على هذا العمل‬ ‫اجلبان هو قرار احلزب إبقاء موعد افتتاح مكتب‬

‫صص أصالً خلدمة أهلنا‪،‬‬ ‫بقعاتا ‪ -‬الشوف الذي خُ ِّ‬ ‫عند الساعة السادسة من مساء اليوم اجلمعة‬ ‫تأجل بسبب احلدث األليم الذي‬ ‫‪ ،2012/4/27‬إال أنه ّ‬ ‫ألم بطائفة املوحدين الدروز بوفاة كبير مشايخ‬ ‫ّ‬ ‫الهيئة الروحية العليا لطائفة املوحدين الدروز‬

‫سماحة الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين‪.‬‬ ‫هذا وتوجه حزب “التوحيد العربي” رئيسا ً‬ ‫وقيادة بالشكر ملن استنكر احلادث سواء باحلضور‬ ‫الشخصي أو باالتصال الهاتفي أو بالبيان‬ ‫السياسي‪.‬‬

‫أمين اإلعالم في حزب «التوحيد العربي» هشام األعور للـ «آي أن بي»‪:‬‬ ‫الرسالة السياسية واضحة ووحدة الطائفة أزعجت الكثيرين‬ ‫ص ّرح أمني اإلعالم في حزب “التوحيد العربي”‬ ‫هشام األعور تعليقا ً على حادثة تفجير مكتب‬ ‫حزب “التوحيد العربي” في بقعاتا – الشوف‬ ‫لبرنامج “حديث لبنان” مع اإلعالمية نتالي مبارك‬ ‫على شاشة الـ “آي أن بي”‪ ،‬بأنّه “كان مقررا ً اليوم‬ ‫أن يفتتح الوزير وئام وهاب هذا املقر‪ ،‬وهو عبارة‬ ‫عن مكتب تابع للحزب وصيدلية طبية تقوم‬ ‫بتوزيع اخلدمات ألهالي املنطقة بشكل عام‪،‬‬ ‫ولكن تفاجأنا بوجود عبوة ناسفة تزن قرابة الـ‬ ‫‪ 2‬كيلو غرامات‪ ،‬موضوعة في املكتب‪ ،‬األمر الذي‬ ‫تصدع املبنى‪ ،‬ووقوع جرحى من السكان‪.‬‬ ‫أدى إلى‬ ‫ّ‬ ‫ولكن‪ ،‬كان هناك إصرار ملتابعة افتتاح املكتب‬ ‫عند الساعة السادسة من مساء اليوم بحضور‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوزير وهاب‪ ،‬ولكن نتيجة احلدث األليم الذي‬ ‫ّ‬ ‫ومتثل بوفاة كبير‬ ‫ألم بطائفة املوحدين الدروز‬ ‫مشايخ الهيئة الروحية العليا للطائفة الشيخ‬ ‫ولي الدين‪ ،‬متّ تأجيل االفتتاح إلى‬ ‫أبو محمد جواد ّ‬ ‫موعد آخر يُحدد فيما بعد»‪.‬‬ ‫وتابع األعور حول املشهد على الساحة الدرزية‪:‬‬ ‫“يبدو أن وحدة الطائفة الدرزية أزعجت الكثيرين‬ ‫دس الفتنة بني أبناء الطائفة‪،‬‬ ‫ممّن يحاولون اليوم ّ‬ ‫ولكننا ُمص ّرون على مواقفنا القومية والوطنية‬ ‫مبا يخدم التعددية السياسية والتنمية املطلوبة‬ ‫في منطقة اجلبل‪ ،‬بالوقوف إلى جانب أهلنا فيه»‪.‬‬ ‫وختم‪“ :‬الرسالة السياسية واضحة‪ ،‬فهناك‬ ‫أصابع إجرام وإرهاب وقتل وتدمير حتاول تعكير‬

‫‪8‬‬

‫صفوة األمن واالستقرار السائدة اليوم في‬ ‫منطقة اجلبل‪ ،‬وفي ظل هذه الظروف الصعبة‬ ‫بشكل عام»‪.‬‬ ‫التي مت ّر بها املنطقة‬ ‫ٍ‬ ‫كما وع ّلق الصحافي والكاتب السياسي في‬ ‫صحيفة اجلمهورية جورج علم للبرنامج نفسه‬ ‫على حادثة التفجير‪ ،‬فاعتبر أنّه إذا كان هذا‬ ‫التفجير “محاولة لتقليم أظافر الوزير وئام وهاب‪،‬‬ ‫فهو اعتقاد خاطىء‪ ،‬أل ّن ذلك يق ّويه إنتخابياً‪،‬‬ ‫وهذه ما ستكون ر ّدة فعل الرأي العام»‪.‬‬ ‫وأشار علم إلى أ ّن هذه احلادثة “جاءت لتدحض‬ ‫اإل ّدعاءات السابقة والتي أشارت إلى تو ّرط النظام‬ ‫السوري في عملية التفجيرات التي حصلت في‬ ‫اآلونة األخيرة في لبنان»‪.‬‬


‫إدانات ومواقف استنكار بتفجير‬ ‫مقر‪ ‬حزب «التوحيد العربي»‬ ‫تلقى حزب “التوحيد العربي” اتصاالت استنكار‬ ‫بالتفجير الذي طال ليل ‪ ،2012/4/26‬مق ّر حزب “التوحيد‬ ‫العربي” في بقعاتا – الشوف‪ ،‬والذي كان افتتاحه ُمقررا ً‬ ‫في اليوم نفسه‪ ،‬بحضور رئيس احلزب الوزير وئام وهاب‪،‬‬ ‫من شخصيات سياسية ورسمية وقوى حزبية دانت‬ ‫التفجير‪ ،‬وأثنت على ضرورة احترام احلريات والتعددية‬ ‫السياسية في منطقة اجلبل‪.‬‬

‫حلود وبري وميقاتي‬

‫واتصل بالوزير وهاب مستنكرا ً كل من رئيس‬ ‫اجلمهورية السابق إميل حلود‪ ،‬رئيس مجلس النواب‬ ‫نبيه بري‪ ،‬رئيس احلكومة جنيب ميقاتي الذي تعهّ د‬ ‫بقيام الهيئة العليا لإلغاثة مبسح شامل لألضرار‪،‬‬ ‫والتعويض على املتضررين‪.‬‬

‫شربل وغصن‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أكد كل من وزير الداخلية مروان‬ ‫شربل ووزير الدفاع فايز غصن متابعتهما التحقيقات‬ ‫التوجهات‬ ‫في موضوع االنفجار مؤكدين على إعطائهما ّ‬ ‫املناسبة ملتابعة ُمجريات التحقيق والكشف عن‬ ‫املتو ّرطني وإحالتهم إلى اجلهات اخملتصة‪.‬‬

‫حزب اهلل‬

‫هذا وأصدر “حزب اهلل” بيانا ً دعا فيه للتيقظ من‬ ‫الوقوع في الفتنة‪ ،‬وجاء كالتالي‪ :‬يأتي التفجير الذي‬ ‫استهدف مركز حزب “التوحيد العربي” في منطقة‬ ‫بقعاتا ضمن مشاريع الفتنة التي تستهدف الساحة‬ ‫اللبنانية والتي تتنقل من مكان إلى آخر‪.‬‬ ‫إن “حزب اهلل”‪ ،‬إذ يدين هذا التفجير املشبوه بأهدافه‬ ‫وتوقيته‪ ،‬يعرب عن تضامنه مع اإلخوة في حزب‬ ‫“التوحيد العربي” في مواجهة هذا االستهداف‪ ،‬ويؤكد‬ ‫أن املطلوب من اجلميع التن ّبه واليقظة حتى ال يقعوا‬ ‫جميعا ً في فخ الفتنة املنصوب لهم وللوطن ككل”‪.‬‬

‫االشتراكي‬

‫وأصدرت مفوضية اإلعالم في احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي بيانا ً أعلنت فيه‪ :‬أن النائب جنبالط استنكر‬ ‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪.‬‬

‫الكتائب‬

‫كما أدان حزب الكتائب حادث التفجير الذي‬ ‫استهدف مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬‬ ‫الشوف «والذي يندرج في إطار التفجيرات املتنقلة‬

‫وغير البريئة في استهدافاتها وتوقيتها‪ .‬ويدعو احلزب‬ ‫احلكومة إلى إيالء الوضع األمني األهمية القصوى‪،‬‬ ‫كما يدعو كل الفرقاء في األكثرية والوسط واملعارضة‬ ‫الى حتييد أمن البالد عن حسابات السياسة واعتباره‬ ‫خطا ً أحمر بضمانة اجلميع‪ .‬إن حزب الكتائب الذي‬ ‫أنى كان مصدره‪ ،‬يشجب هذا العمل‬ ‫يدين العنف ّ‬ ‫اجلبان الذي استهدف حزب التوحيد العربي ويتمنى‬ ‫الشفاء العاجل للمصاب والسالم الدائم للبنان»‪.‬‬ ‫هذا واستنكر دولة الرئيس إيلي الفرزلي عملية‬ ‫االعتداء التي طاولت مقر “التوحيد العربي” في‬ ‫بقعاتا ‪ -‬الشوف‪ُ ،‬معتبرا ً أ ّن أي عمل أمني يستهدف‬ ‫حرية العمل السياسي‪ ،‬أمر مرفوض كونه يؤ ّدي حملاولة‬ ‫تعطيل النشاط السياسي الدميقراطي‪ ،‬وهذا شيء ال‬ ‫ّ‬ ‫يبشر باخلير في األيام القادمة”‪.‬‬

‫الداوود‪ :‬تفجير مقر التوحيد عمل‬ ‫إجرامي مدان‬

‫إستنكر األمني العام لـ “حركة النضال اللبناني‬ ‫العربي” النائب السابق فيصل الداود‪ ،‬التفجير الذي‬ ‫استهدف مكتب حزب “التوحيد العربي” في بقعاتا ‪-‬‬ ‫الشوف‪ ،‬وقال‪”:‬إنه عمل إجرامي مدان‪،‬‬ ‫ال يقوم به إال من يحترم الدميوقراطية وال يعترف‬ ‫بالتعددية السياسية‪ ،‬وال يؤمن بالرأي اآلخر»‪.‬‬ ‫ورأى “أن هذا احلادث هو محاولة إلشعال فتنة‪،‬‬ ‫لطاملا كانت دعوتنا لعدم االجنرار إليها‪ ،‬ولن نسمح ملن‬ ‫يعمل لها بحصولها حرصا ً منا على أمن اجلبل ووحدة‬

‫‪9‬‬

‫أبناء طائفة املوحدين الدروز”‪ .‬وندعو القوى األمنية‬ ‫والعسكرية” الى كشف اجملرمني ومعاقبتهم‪.‬‬

‫املشنوق‬

‫كما ورد برقية استنكار من عضو كتلة املستقبل‬ ‫النيابية النائب نهاد املشنوق ومما جاء فيها‪ :‬نستنكر‬ ‫هذا العمل اجملرم الذي أراد االعتداء على حرية التعبير‬ ‫وحق العمل أساسي لكل األطراف في املناطق‪ .‬إال أن‬ ‫هذا العقل املريض الذي خطط ونفذ مثل هذه العملية‬ ‫سيفشل في احلد من قدرة اللبنانيني جميعا ً ودون‬ ‫استثناء على ممارسة حقهم في احلرية السياسية‬ ‫ألن هذا العقل ينتمي إلى املاضي الذي اندحر وانتهى‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬إننا نؤكد على حق خصومنا‬ ‫السياسيني في حرية العمل السياسي حماية حلقنا‬ ‫في احلرية نفسها وحماية للبنان الدميقراطي الذي‬ ‫نعيش فيه جميعاً‪.‬‬

‫آالن عون‬

‫كما استنكر عضو تكتل التغيير واإلصالح النائب‬ ‫آالن عون هذا «األسلوب الترهيبي الذي كان من املفترض‬ ‫أال يكون جزءا ً من احلياة السياسية اللبنانية‪ ،‬سواء‬ ‫كان من خالل االغتياالت أو التفجيرات»‪ ،‬معتبرا ً أنه‬ ‫لكم األصوات في زمن احلريات‬ ‫«ليس هناك من‬ ‫مكان ّ‬ ‫ٍ‬ ‫والدميقراطيات ومهما كانت األسباب»‪ ،‬وداعيا ً «جميع‬ ‫اللبنانيني للعودة إلى لغة احلوار الصريح واجلريء من‬ ‫أجل تعطيل كل محاوالت الفتنة»‪.‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪:‬‬ ‫رحل المرجع‬ ‫الحكيم‬

‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬الشوف‬

‫ّ‬ ‫المنظم‬ ‫ديمقراطية اإلرهاب‬ ‫ياسين جابر ‪ :‬عشنا فوضى مالية‬

‫الغالف‬

‫«اإلسالم السياسي» هو السلطة؟!‬

‫سكريّة‬ ‫واعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب وليد‬ ‫سكرية‪ ،‬أ ّن هناك «أدوات خارجية مشبوهة حتاول‬ ‫افتعال فتنة في اجلبل وإيهام الناس بأ ّن ما حصل من‬ ‫حادثة تفجير ملق ّر حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا –‬ ‫الشوف مسألة داخلية»‪ ،‬داعيا ً لـ «ضرورة التعقل من‬ ‫أجل احلفاظ على وحدة اجلبل واستقراره وأمنه مبا يخدم‬ ‫وحدة أبناء طائفة املوحدين الدروز‪ ،‬في مواجهة األصابع‬ ‫اخلارجية وتفويت الفرصة أمام الراغبني بإحداث بلبلة‬ ‫أمنية لتعكير أجواء االستقرار واألمن في البلد»‪.‬‬

‫رحمة‬

‫املوحد النائب‬ ‫كما استنكر عضو كتلة لبنان احل ّر ّ‬ ‫إميل رحمة أش ّد االستنكار عملية التفجير التي‬ ‫طالت مق ّر حزب «التوحيد العربي» في منطقة بقعاتا‬ ‫الشوفية‪« ،‬كما أننا ندين ّ‬ ‫كل تغ ّير يحاول تعكير صفو‬ ‫األمن واالستقرار في اجلبل من اي جهة أتى»‪.‬‬

‫فارس‬

‫من جهته‪ ،‬أدان احلزب السوري القومي االجتماعي‬ ‫عبر النائب مروان فارس هذا العمل اإلجرامي الذي‬ ‫تع ّرض له حزب «التوحيد العربي»‪ُ ،‬معتبرا ً أ ّن «مجرد‬ ‫حزب له‬ ‫حصول مثل هذا التفجير هو اعتداء على‬ ‫ٍ‬ ‫دوره وموقعه في احلياة السياسية اللبنانية‪ ،‬وهو أم ٌر‬ ‫تستنكره جميع القوى الوطنية والقومية في البالد»‪،‬‬ ‫متمينا ً على حزب «التوحيد العربي»‪« ،‬املزيد من اإلصرار‬ ‫ملتابعة إجناز األعمال الوطنية ملا فيه خير األ ّمة»‪.‬‬

‫اخلطيب‬

‫كما استنكر الوزير زاهر اخلطيب «حادثة االنفجار الذي‬ ‫استهدف مكتب من مكاتب أعز الوطنيني واملناضلني‬ ‫من الرفاق في حزب «التوحيد العربي»‪ ،‬فهذا التهويل‬ ‫الذي يلجأ إليه الفرقاء الذين يتحركون في العتمة‬ ‫والظالم‪ ،‬إمنا هو أمر يتجاوز حدود مبادرتهم اخلاصة وهم‬ ‫ليسوا سوى أدوات رخيصة تستعمل في سبيل إرباك‬ ‫الساحة عند محطة حزب «التوحيد العربي»‪ ،‬املشهود‬ ‫له مبواقفه الوطنية والقومية ووقوفه في خندق نصرة‬ ‫سوريا املستهدفة مبؤامرة احللف األميركي ‪ -‬الصهيوني‬ ‫‪ -‬التركي ‪ -‬العربي الرجعي‪.‬‬

‫مراد‬

‫كذلك‪ ،‬استنكر الوزير عبد الرحيم مراد «هذا العمل‬ ‫البربري الذي أراد توجيه رسالة واضحة حلزب «التوحيد‬ ‫العربي»‪ ،‬بشخص رئيسه الوزير وئام وهاب‪ ،‬نتيجة‬ ‫مواقفه الوطنية والقومية‪ ،‬والتي أزعجت كما يبدو‬ ‫األيادي الشريرة التي حتاول من جديد تخريب البلد»‪،‬‬ ‫داعيا ً «األجهزة األمنية ملتابعة التحقيق للكشف عن‬ ‫مالبسات هذه احلادثة األليمة‪ ،‬ومعاقبة ّ‬ ‫املنفذين»‪.‬‬

‫فرحات‬

‫من جهته‪ ،‬استنكر العميد املتقاعد الياس فرحات‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حادثة التفجير التي طاولت مق ّر حزب «التوحيد‬ ‫العربي» في بقعاتا – الشوف‪ ،‬ودعا «إلجراء حتقيق‬ ‫مفصل وحتديد املسؤولني عن هذه احلادثة»‪ ،‬مطالبا ً‬ ‫ّ‬ ‫«األجهزة األمنية بأخذ دورها في هذا اجملال متمنيا ً‬ ‫في الوقت نفسه أال يؤثر هذا االنفجار على العمل‬ ‫السياسي في لبنان وفي اجلبل بشكل خاص»‪.‬‬

‫حمدان‬

‫هذا‪ ،‬وتلقت األمانة اتصاالت من أمني الهيئة‬ ‫القيادية لـ «حركة الناصرين املستقلني – املرابطون»‬ ‫العميد مصطفى حمدان‪ ،‬وأمني عام حزب الطاشناق‬ ‫هوفيك مختاريان‪ ،‬استنكارا ً حلادثة التفجير‪ ،‬التي طالت‬ ‫«صرحا ً دميقراطيا ً ووجها ً من الوجوه املؤمنة بالتعددية‬ ‫السياسية ملا فيه خير اجلبل وتن ّوعه ووحدة أبنائه»‪.‬‬

‫بشور‬

‫لتجمع اللجان‬ ‫املنسق العام‬ ‫من جهته‪ ،‬استنكر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والروابط الشعبية معن بشور حادثة التفجير‪:‬‬ ‫«التفجير اإلجرامي الذي استهدف أحد مق ّرات حزبكم‪،‬‬ ‫حزب «التوحيد العربي»‪ ،‬هو شهادة على فعالية الدور‬ ‫الذي تقومون به‪ ،‬وسالمة املواقف التي تدافعون عنها‪.‬‬ ‫إ ّن َمن يقف وراء هذا التفجير ال يعرف أ ّن مثل هذه‬ ‫األفعال اإلجرامية لن تزيدكم إال عزمية وتصميما ً على‬ ‫االستمرار في نهجكم العروبي الوطني‪».‬‬

‫‪10‬‬

‫الوطني احل ّر والشيوعي‬ ‫وكانت اتصاالت استنكار من مسؤولني حزبيني في‬ ‫منطفة اجلبل‪ ،‬وخاصة من غسان عطاهلل مسؤول‬ ‫التيار الوطني احلر في الشوف‪ ،‬واألستاذ سالم أبو‬ ‫مجاهد بإسم قيادة احلزب الشيوعي في منطقة جبل‬ ‫لبنان مستنكرَين «ما تع ّرض له مكتب حزب «التوحيد‬ ‫العربي» من اعتداء ليلة أمس‪ ،‬مؤكدين وقوفهم إلى‬ ‫جانب املوقف الوطني والقومي للحزب ورئيسه الوزير‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬الذي يثبت يوما ً بعد يوم حضوره السياسي‬ ‫الفاعل في منطقة اجلبل»‪.‬‬

‫«حكي صح»‬

‫كما أدان املوقع اإللكتروني اإلخباري لـ «حكي صح»‬ ‫حادثة التفجير‪.... »:‬قبيل إطالق موقعنا اإللكتروني‬ ‫اإلخباري «حكي صح» في ‪ ، 2012-05-01‬ال يسعنا إال‬ ‫الصح بحادثة تفجير مقر احلزب في بقعاتا ‪-‬‬ ‫أن نقول ّ‬ ‫قضاء الشوف‪ ،‬ومع ثقتنا الكبيرة بأن هذا اإلعتداء اجملرم‬ ‫سيزيدكم عزما ً على املتابعة في مساركم الوطني‬ ‫التوحيدي املتمثل مبواقفكم اجلريئة والصريحة‪ ،‬نعبر‬ ‫لكم عن اسستنكارنا املتمثل بفتح كل صفحات‬ ‫موقعنا للتعبير عن استنكار هذا العمل اجلبان ألن‬ ‫أسلوب الترهيب لن ينجح بعد أن جتاوزناه الى رحاب‬ ‫احلرية‪.‬‬


‫استقبل وفوداً استنكرت تفجير مكتب حزب التوحيد في بقعاتا‬ ‫وهاب لوفد من التيار الوطني الح ّر‪ :‬التفجير لن يم ّر بدون حساب قضائي وسياسي‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب في دارته في اجلاهلية وفدا ً من‬ ‫هيئة الشوف في التيار الوطني احل ّر برئاسة أمني‬ ‫س ّرها غسان عطاهلل‪ ،‬مستنكر ًة تفجير مركز‬ ‫احلزب في بقعاتا‪ ،‬وأشار وهاب بعد اللقاء إلى أ ّن‬ ‫“التواصل يجب أن يكون أكثر ألننا واحد‪ ،‬وبالتالي‬ ‫موحد خاصة في اجلبل‪،‬‬ ‫علينا التفكير بشكل‬ ‫ّ‬ ‫ودائما ً أقول بأ ّن اجلبل يعاني من هجرتني‪ :‬األولى‬ ‫مسيحية حصلت في العام ‪ ،1983‬وأخرى درزية‬ ‫لسبب اقتصادي بسبب عدم عودة‬ ‫حتصل اآلن‬ ‫ٍ‬ ‫النصف اآلخر من أبناء اجلبل إليه”‪.‬‬ ‫ثت مع غبطة‬ ‫حتد ُ‬ ‫وتابع‪“ :‬في الفترة األخيرة‪ّ ،‬‬ ‫البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عن مشروع‬ ‫وأكدت أن استالم أموال‬ ‫مؤسسات في املنطقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُرجع املسيحيني إلى املنطقة‪ ،‬فاألهم‬ ‫املهجرين ال ت ِ‬ ‫هو تهيئة اجلو السياسي الذي يقبل باحلرية لكل‬ ‫الناس بكافة اإلنتماءات‪ ،‬وهذا ما يجب أن نعمل‬ ‫عليه معاً‪ ،‬فإلغاء اآلخر هو إلغاء للنفس‪ ،‬وال يعتقد أحد أنه ميلك قوة‬ ‫تس ّلطية وميكنه القضاء على اآلخرين‪ ،‬ألنه يكون أمام مشروع للقضاء على‬ ‫نفسه‪ ،‬والتفجير أو االغتيال ال ّ‬ ‫يحل املشاكل أو يُلغي أحد”‪.‬‬ ‫وتعليقا ً على ما حصل منذ يومني في مقر حزب “التوحيد العربي”‬ ‫في بقعاتا‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬واهم َمن يعتقد أ ّن حزب التوحيد هو مج ّرد‬ ‫مكتب وجدران ومبنى‪ ،‬فالعقل التوحيدي أصبح راسخا ً في عقول‬ ‫الناس‪ ،‬والتفجير ال ميكنه إلغاء ذلك‪ .‬فاإلرهاب يق ّوي الناس‪ ،‬و ُمخطىء‬ ‫َمن يعتقد أ ّن بإمكانه ممارسة هذا األسلوب في منطقته‪ ،‬ألنه ال يوصل‬ ‫إلى أي مكان‪ .‬ما أمتناه من األجهزة األمنية هو أن تعمل بجد ّية أكثر مبلف‬ ‫التفجير الذي حصل في بقعاتا‪ ،‬فهذا األمر لن مي ّر دون حساب قضائي‬ ‫وسياسي‪ ،‬ونحن طبعا ً ال نؤمن بأسلوب الر ّد على مثل هذه األعمال وال‬ ‫نؤمن بها‪ ،‬ولن منارسها‪ ،‬بالرغم من أنه األسلوب األفضل‪ ،‬أل ّن أخالقنا‬ ‫التوحيدية ال تسمح لنا بذلك‪ ،‬فاملسألة تستلزم مزيدا ً من التحقيق‬ ‫وجمع املعلومات‪ ،‬وال يعتقد أحد أ ّن معرفة احلقيقة صعبة‪ ،‬فاخليوط‬ ‫العريضة أصبحت واضحة لدينا‪ ،‬وأمتنى على الدولة أال تسمح ألحد‬ ‫بأخذ ثأره بيده وحتويل هذه املنطقة واملناطق اللبنانية األخرى ملناطق‬ ‫تسودها شريعة الغاب”‪.‬‬ ‫وختم وهاب مبلف قانون االنتخاب‪“ :‬هذا القانون الذي يُزعج اجلميع‬ ‫وخاصة اخلائفني على عروشهم‪ ،‬أما طرحنا للنسبية فألنها ال ت ُلغي‬ ‫أحداً‪ ،‬وال تسمح باالحتكار‪ ،‬حتى ولو حاول البعض التسويق على أ ّن‬ ‫النسبية هي إلغاء للطوائف‪ ،‬ولكن ال يجوز االستمرار باإلستخفاف‬ ‫بعقول الناس‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬مشروع مجلس الشيوخ الذي اقترحه‬ ‫الرئيس نبيه بري وتبنّاه العماد ميشال عون ممتاز‪ ،‬إذ أنه حق وحلم‬ ‫بالنسبة لنا أن يكون للطائفة الدرزية مجلس شيوخ‪ ،‬فلماذا نعتبر‬ ‫أ ّن املكسب الكبير هو أن نحقق مكتسبات أكبر؟ الكل يعلم أ ّن في‬ ‫منطقة اجلبل الكثير من املتح ّررين الذين خرجوا إلى احلرية‪ ،‬لذلك رمبا‬ ‫ت ُخيف النسبية البعض‪ ،‬ألنها توزّع القوى في هذه املنطقة ٌّ‬ ‫كل بحسب‬ ‫حجمه‪ .‬لذلك قانون االنتخاب أساسي‪ ،‬وكل التوترات التي يحاولون‬ ‫عادل‪ ،‬وهذا ما يجب أن‬ ‫انتخاب‬ ‫خلقها‪ ،‬هي ملنعنا من الوصول إلى قانون‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تكون عليه معركتنا”‪.‬‬

‫عطاهلل‬

‫كما كانت كلمة ملمثل التيار الوطني احلر غسان عطاهلل‪ ،‬قال فيها‪:‬‬ ‫“بإسمنا وإسم العماد ميشال عون‪ ،‬أتينا لزيارة الوزير وهاب لتقدمي التعازي‬ ‫ولي الدين‪ ،‬ولإلستنكار بحادثة تفجير مكتب حزب‬ ‫بالشيخ أبو محمد جواد ّ‬ ‫“التوحيد العربي” في بقعاتا‪ ،‬ونؤكد بأ ّن الشوف لن يعود إلى الوراء‪ ،‬فقد‬ ‫قطع خطوة متقدمة في مرحلة التغيير‪ ،‬ونتمنى على اجلميع فهم أفكار‬ ‫البطريرك الراعي بشكل جيد‪“ :‬شراكة ومح ّبة”‪ .‬فقبول اآلخر أصبح حاجة‬ ‫ملحة‪ ،‬لذلك نتمنى على كل شركائنا اإلعتياد على ذلك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وكان وهاب قد استقبل وفودا ً من كافة مناطق اجلبل مستنكرة تفجير‬ ‫مركز احلزب في بقعاتا‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫وهاب إلذاعة «الجرس»‪:‬‬ ‫ال أؤمن بالسياسة‬ ‫حين تصل إلى هذا ال َد ْرك‬ ‫ر ّد رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب على تفجير‬ ‫مق ّر حزب “التوحيد العربي” في بقعاتا – الشوف ليل ‪،2012/4/26‬‬ ‫والذي سيتم افتتاحه في نفس اليوم‪ ،‬بالتأكيد إنه “مركزا ً اجتماعيا ً‬ ‫صحيا ً أكثر مما هو مركز سياسي حزبي‪ ،‬ولم أقبل بوضع حرس أمامه‬ ‫كي ال ن ُز ِعج السكان‪ ،‬باعتباره موجود في منطقة سكنية‪ ،‬لكن يبدو‬ ‫فهمت من القاضي املٌشرف‬ ‫بأ ّن بعض املتضررين من تواجدنا ‪ -‬كما‬ ‫ُ‬ ‫واألجهزة املشرفة على التحقيق – وضعوا العبوة في الطابق األول‪،‬‬ ‫بدون االحتكام إلى الضمير‪ ،‬في حني كان هناك أطفال نائمون في‬ ‫الداخل”‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪ ،‬عبر تصريح إعالمي له على أثير إذاعة اجلرس‪“ :‬ال أؤمن‬ ‫بالسياسة حني تصل إلى هذا الدرك‪ ،‬إال أننا مص ّرين على املضي في‬ ‫تدمرت جدرانه ومحتوياته‬ ‫حفل افتتاح املركز في اخلارج حتى ولو ّ‬ ‫بالكامل‪.‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬

‫اإلتحاد األوروبي أخذ دور مجلس النواب الرقابي‬

‫النائب ياسين جابر لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫فوضى مالية عشناها في السنوات الماضية‬ ‫لم يتصوّر لكل الذين واكبوا املناقشة العامة التي جرت لكن السؤال املطروح‪ :‬هل ستعمد احلكومة الى استكمال امللفات‬ ‫في ساحة النجمة حلكومة الرئيس جنيب ميقاتي حول أدائها العالقة وب ّتها ال سيما قانون االنتخاب والتعيينات واملوازنة‬ ‫ومنجزاتها ولو للحظة أن هذه املناقشة العامة ستنتهي الى ما العامة‪ ،‬وهل ستصمد حتى تشرف على االنتخابات النيابية في‬ ‫الربيع املقبل‪ ،‬هذا إذا‬ ‫انتهت إليه بحصول‬ ‫جرت االنتخابات ولم‬ ‫الرئيس جنيب ميقاتي‬ ‫يطرأ ما يؤجلها السيما‬ ‫وحكومته على الثقة‬ ‫أن اخلالف حول قانون‬ ‫مرة جديدة من مجلس‬ ‫االنتخاب يزيد الشرخ‬ ‫النواب‪.‬‬ ‫القائم ويوسع دائرة‬ ‫جتاوزت‬ ‫وبذلك‬ ‫التصعيد السياسي؟‬ ‫حكومة “كلنا للوطن‬ ‫التوحيد”‬ ‫“منبر‬ ‫كلنا للعمل” قطوع‬ ‫التقت النائب ياسني‬ ‫طرح الثقة بها وجددت‬ ‫جابر وحاورته في‬ ‫شبابها بعدما نالت ‪63‬‬ ‫موضوع احلكومة وقانون‬ ‫صوتاً من أصل ‪ ،66‬إثر‬ ‫االنتخاب باإلضافة الى‬ ‫مقاطعة نواب قوى ‪14‬‬ ‫الوضع السوري وغيره‬ ‫آذار اجللسة‪ ،‬ما عدا ثالثة‬ ‫من األمور‪ ،‬فكان احلوار‬ ‫من حزب الكتائب الذين‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫صوّتوا ضد سياستها‪،‬‬

‫بني السالح والنسبية‬ ‫النقاش دائر حول قانون االنتخاب ويطرح‬ ‫السالح مقابل النسبية‪،‬فما الرابط بينهما؟‬ ‫في الواقع‪ ،‬ليس هناك أي رابط بني السالح‬ ‫والنسبية‪ ،‬ألن الهدف من سالح املقاومة واضح‬ ‫ويكمن في التصدي للتهديدات اإلسرائيلية‬ ‫وأساسا ً لم يكن له وجود لوال االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي للبنان‪ ،‬أما السالح الفردي الذي يؤثر‬ ‫في االنتخابات فهو منتشر في كل املناطق‪ ،‬ولكن‬ ‫األخطر هو ذلك السالح املنتشر في أيادٍ غير‬ ‫مسؤولة وليس لدى قوى لديها مسؤوليات الذود‬ ‫عن الوطن واخلبرة في استعماله في املواجهة مع‬ ‫العدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫برأيي إن حقيقة املوضوع هو أن كل من األطراف‬ ‫ينظر الى قانون االنتخاب من باب مصلحته‬ ‫الشخصية‪ ،‬وكيفية تأثيره على نفوذه وموقعه‬ ‫الساسي‪.‬‬ ‫الرئيس نبيه بري اقترح الدائرة الكبرى مع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النسبية وتشكيل مجلس شيوخ هل هذا‬ ‫االقتراح سيالقي التجاوب؟‬ ‫هناك مثل في العامية يقول “إس َع يا عبد‬ ‫كي أسعى معك”‪ ،‬الرئيس بري كرئيس مجلس‬ ‫نيابي يتطلع الى اتفاق الطائف ودستور ما بعد‬ ‫الطائف وما ينص عليه ذلك الدستور‪ ،‬وليست‬ ‫املرة األولى التي يطرح فيها الرئيس بري شيئا ً‬ ‫نابعا ً من اتفاق الطائف أو من الدستور ما بعد‬ ‫الطائف‪ ،‬فهو سعى الى تشكيل الهيئة الوطنية‬ ‫إللغاء الطائفية السياسية‪ ،‬ألنه ال يكفي أن‬ ‫نلعن الطائفية واملذهبية في وقت مير به البلد‬ ‫في تشرذم وتقسيم دون أن نفعل شيئاً‪ ،‬واليوم‬ ‫يطرح أيضا ً تشكيل مجلس الشيوخ وفق اتفاق‬ ‫الطائف الذي يقول بضرورة السعي خطوة باجتاه‬ ‫تشكيل مجلس نيابي يكون مختلفا ً ومتحررا ً‬ ‫ولو جزئيا ً من القيد الطائفي واملذهبي‪ ،‬مقابل‬ ‫تنفيذ اخلطوة الثانية املتعلقة بتشكيل مجلس‬ ‫الشيوخ‪.‬‬ ‫طبعا ً االقتراح ُوضع قيد التداول ونتمنى أن متتد‬

‫‪12‬‬

‫األيادي لتلقف اليد التي أطلقها الرئيس بري‪ ،‬كي‬ ‫نتمكن من إيجاد أرضية مشتركة‪ ،‬ولكن لألسف‬ ‫ال أحد ينظر أكثر من مصلحته اخلاصة التي تعود‬ ‫إليه بالنفع في املوضوع االنتخابي‪.‬‬ ‫هل نحن محكومون بالعودة الى قانون‬ ‫الستني؟‬ ‫نحن نحكم على حالنا إذ ال شيء يحكمنا‬ ‫إال إرادتنا‪ ،‬فإذا كونا إرادة مشتركة نتخطى هذا‬ ‫القانون‪ ،‬أما إذا بقيت إرادة األطراف رهن مصاحلها‬ ‫بغض النظر عن مصلحة الوطن وتوحيده فإننا‬ ‫سنظل محكومني به‪ ،‬ولكن القانون مازال قائما ً‬ ‫لكن يجب أن يستمر السعي لتعديله وبالتالي‬ ‫جتاوزه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫انتخابيا كيف الوضع على أبواب انتخابات‬ ‫‪2013‬؟ وهل تبدل الوضع عن العام ‪2009‬؟‬ ‫جغرافيا ً اختلف املشهد في املنطقة من‬ ‫العام ‪ 2009‬الى اليوم وسيختلف بالتأكيد حتى‬ ‫العام ‪ ،2013‬بحيث هناك بركان انفجر في الدول‬ ‫العربية والزلزال الذي يحدث حولنا‪ ،‬سيكون‬


‫له تداعياته وانعكاساته ليس فقط محليا ً بل‬ ‫أيضا ً إقليميا ً حيث أصبح هناك تك ّون جلبهة‬ ‫دولية جديدة واملواجهة التي نراها اليوم لم‬ ‫تكن موجودة في السابق‪ ،‬اليوم احملور الروسي ‪-‬‬ ‫الصيني مع دول “البريكس” أصبح يشكل محورا ً‬ ‫مختلفا ً في وجه أميركا وحلفائها‪ ،‬أضف الى‬ ‫تطورات ومتغيرات جديدة تؤثر بال شك على‬ ‫املشهد بشكل عام‪ ،‬وهذه التطورات لم تنتهي‬ ‫وال أتصور أنها ستنتهي خالل أشهر‪ ،‬بل حتتاج‬ ‫الى سنوات طويلة‪.‬‬ ‫هناك من يقول إن االنتخابات لن حتصل‪ ،‬ما‬ ‫رأيكم بذلك؟‬ ‫ال يجوز التفكير في هذه الطريقة‪ ،‬هناك قول‬ ‫لإلمام علي(ع)‪( :‬إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً‪،‬‬ ‫واعمل آلخرتك كأنك متوت غداً)‪ .‬نحن نعمل على‬ ‫أساس التزامنا باالستحقاقات الدميقراطية‪،‬‬ ‫فمنذ انتهاء احلرب اللبنانية كانت االنتخابات‬ ‫البلدية والنيابية جتري في مواعيدها‪ ،‬ونحاول أن‬ ‫يكون العمل على هذا األساس في االنتخابات‬ ‫املقبلة‪ .‬أما ماذا سيحصل من تطورات؟ ال ميكن‬ ‫أن جنزم في ذلك ألننا نعيش في عالم متحرك‪،‬‬ ‫ولكن كل الترتيبات لدى جميع القوى السياسية‬ ‫واحلزبية وحتى الدولة اللبنانية يجب أن جتري على‬ ‫أساس أن االنتخابات ستتم في موعدها‪.‬‬

‫موازنة املصروف الضروري‬ ‫حتى اآلن لم يتم إقراراملوازنة ملاذا هذا التأخير‬ ‫بإقرارها؟‬ ‫أعتقد أن إحدى األخطاء اجلسيمة التي‬ ‫ارتكبتها هذه احلكومة هو عدم السعي الى‬ ‫تقدمي املوازنة‪ ،‬وأشرت في عدة تصريحات إعالمية‬ ‫وكلمات أثناء مناقشة املوازنة أواملناقشة العادية‬ ‫التي حصلت مؤخراً‪ ،‬كنت دائما ً أدعو احلكومة الى‬ ‫أن تأتي مبوازنة املصروف الضروري دون الدخول في‬ ‫نقاشات وضع الضرائب وكمية صرف االستثمار‬ ‫وذلك ألننا ال نعيش ظروفا ً طبيعية‪ ،‬بحيث أصبح‬ ‫هناك تراكم كبير في املوضوع املالي‪ ،‬أضف الى أن‬ ‫تلك احلكومة أتت بعد شلل حكومي في حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية استمر ‪ 3‬الى ‪ 4‬أشهر وفراغ‬ ‫حكومي في ‪ 2011‬استمر حتى متوز فتراكمت‬ ‫األمور‪ ،‬وبقينا خمس أو ست سنوات دون موازنة‬ ‫برأيي األولوية تكمن في إرسال موازنة الضرورة‬ ‫ومناقشتها تكون سهلة بحيث ال يوجد هناك‬ ‫جدال ً حول االنفاق وغيره‪ ،‬وكان من املمكن أن متر‪،‬‬ ‫فمازال هناك وقت وأتأمل من تلك احلكومة خاصة‬ ‫بعد أن جددنا الثقة بها وأعطيناها دفعا ً جديدا ً‬ ‫أن تترجم تلك الثقة إقداما ً وخطوات عملية‪.‬‬ ‫ومن املعروف أننا أعطينا تلك احلكومة الثقة‬ ‫للمرة الثانية‪ ،‬ولكن هناك ثقة أهم يجب أن‬ ‫تكتسبها هي ثقة الرأي العام‪ ،‬هذه هي الثقة‬ ‫املهمة على باب االنتخابات النيابية‪ ،‬اليوم نحن‬

‫موجودون ولكن غدا ً قد ال نكون في تلك احلكومة‪،‬‬ ‫ولكن إذا رجعت هذه األكثرية عليها أن تك ّون‬ ‫أكثرية جديدة في اجمللس النيابي القادم وتترجم‬ ‫سياستها بتنفيذها للخطوات عملياً‪ .‬ولقد‬ ‫أعطينا الكثير من النظريات ولكن السؤال الذي‬ ‫يطرح هو كيف سننفذها؟ من هنا ال يجوز أبدا ً‬ ‫تأجيل التعيينات‪ ،‬بل على العكس يجب أن نقدم‬ ‫على تنفيذ كافة النظريات وحتويلها الى إجنازات‪.‬‬ ‫نحن موعودون في األسبوع القادم بتعيينات‬ ‫السلك الدبلوماسي‪ ،‬ونتمنى أن تتم ألننا‬

‫ليس هناك أي رابط‬ ‫بني السالح والنسبية‬ ‫تشكيل مجلس الشيوخ‬ ‫وفق اتفاق الطائف‬ ‫لضرورة السعي خطوة‬ ‫باجتاه تشكيل‬ ‫مجلس نيابي متحرر‬ ‫ولو جزئياً‬ ‫من القيد الطائفي‬ ‫اجلوع سيطال كل الناس‬ ‫من ‪ 14‬و‪ 8‬آذار‬

‫‪13‬‬

‫أصبحنا نخجل أن معظم سفاراتنا في اخلارج‬ ‫ستصبح شاغرة‪ ،‬ما يجعل لبنان يتغيب عن‬ ‫الساحة الدبلوماسية العاملية‪ ،‬وأرغب أن يتم‬ ‫ملء الشواغر في كل مجالس اإلدارات والهيئات‬ ‫الناظمة وتشكيلها‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة ملطار‬ ‫بيروت وقطاع الكهرباء ومصالح املياه‪ ،‬اليوم‬ ‫أصدرنا قانونا ً جديدا ً لألسواق املالية والبنك‬ ‫املركزي ينتظر بفارغ الصبر تشكيل الهيئة‬ ‫اإلدارية لالنطالق من جديد بالبلد على كافة‬ ‫الصعد‪ ،‬وذلك ال يتم إال باإلقدام جديا ً على تنفيذ‬ ‫اخلطوات املطروحة املتعلقة بكافة اجملاالت ابتداء‬ ‫بالتعيينات اإلدارية وغيرها من اخلطوات املطلوب‬ ‫اإلقدام عليها‪ ،‬خاصة وأن الوقت احلالي ال يسمح‬ ‫بتشكيل حكومة جديدة وال يجوز إبقاء البلد من‬ ‫دون سلطة قرار‪.‬‬ ‫اليوم في لبنان أصبح صاحب القرار مجلس‬ ‫الوزراء مجتمعاً‪ ،‬ففي هذا الظرف الصعب ال يجوز‬ ‫أبدا ً ترك لبنان من دون سلطة قرار‪ ،‬خاصة وأننا‬ ‫نعيش في ظروف‪ ،‬املواطن فيها صحته مرهونة‬ ‫للمستشفيات بسبب خالفها مع الضمان‪،‬‬ ‫وألن وزارة املالية ال تستطيع أن تنفق وكل شيء‬ ‫في املرافق العامة سيتوقف وماذا بعد‪ ،‬يجب‬ ‫أن نرد على املواطن بكسب ثقته وثقة القطاع‬ ‫اخلاص من خالل األفكار واملبادرات اجلديدة‪ ،‬التي‬ ‫ال نستطيع احلصول عليها إال من خالل خطوات‬ ‫عملية تنفيذية‪.‬‬ ‫نحن ككتلة نيابية برئاسة الرئيس بري‬ ‫نشعر به وأعطينا الرئيس ميقاتي حقه كونه‬ ‫عمل على قيام إدارة سياسية جديدة وأعاد‬ ‫فتح باب اجملتمع الدولي‪ ،‬وكل ذلك جيد بعد أن‬ ‫اتهمت احلكومة بأنها حكومة احلزب الواحد‬ ‫ولكن األهم هو إعادة ثقة الناس عبر اخلطوات‬ ‫العملية التنفيذية‪.‬‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬ ‫املال عصب احلياة‬ ‫خالل مناقشة جلسة احلكومة كان هناك‬ ‫غياب للملف االجتماعي واملعيشي وملف‬ ‫الفساد‪ ،‬فماهي السياسة االجتماعية‬ ‫املرتقبة التي يجب على احلكومة تنفيذها‬ ‫لتكسب ثقة الرأي العام؟‬ ‫قبل احلديث عن سياسة اجتماعية يجب حل‬ ‫املشكلة املالية ألن املال عصب احلياة‪ ،‬واليوم‬ ‫وصلنا الى مكان ال ميكننا احلديث فيه عن‬ ‫شيء دون حل املشكلة املالية ألننا وصلنا الى‬ ‫مكان أوقف فيه وزير املالية الدفع‪ ،‬إذ ال يُدفع‬ ‫غير الرواتب‪ ،‬من هنا يجب حل املشكلة املالية‬ ‫التي أصبحت “سريالية”‪ ،‬فبلد مثل لبنان عليه‬ ‫ديون كثيرة وبحاجة الى ثقة الناس واملصارف‬ ‫وكافة املؤسسات الدولية وبحاجة ليتد ّين بعد‬ ‫إلصدار سندات خزينة‪ ،‬اليوم ما ننظر فيه في‬ ‫نهاية املطاف إذا لم يكن هناك أموال ال ميكننا‬ ‫فعل شيء وال حتى زيادة الرواتب وتأمني الطبابة‬ ‫للمواطن‪ ،‬برأيي كل شيء سيبقى سفسطة‬ ‫وتنظيرا ً إذا لم نصل الى أساس املوضوع وهذا ال‬ ‫حل له إال من خالل العودة الى املسار القانوني‬ ‫للموضوع املالي في البلد‪ ،‬يجب وضع خطة نكون‬ ‫جميعنا مسؤولون فيها‪ ،‬ألن اجلوع سيطال كل‬ ‫الناس من ‪ 14‬و‪ 8‬آذار‪ ،‬لذلك يجب التعقل واجللوس‬ ‫إليجاد حل عملي‪.‬‬ ‫كل الفرقاء أصبحوا مقتنعني بوجود فوضى‬ ‫مالية في الفترات املاضية‪ ،‬وخير دليل على ذلك‬ ‫اعتراف وزيرة املالية السابقة ريا احلسن بعدم‬ ‫قدرتها على تنظيم احلسابات قبل سنتني‪،‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة للوزير محمد شطح‬ ‫الذي وجه كتابا ً لديوان احملاسبة ّ‬ ‫أكد فيه عدم‬ ‫صحية احلسابات‪ ،‬هناك اعتراف عند اجلميع بأن‬ ‫هناك وضعا ً ماليا ً غير طبيعيا ً نشأ عبر السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬من هنا يجب التعاون بني كافة األفرقاء‬ ‫واجللوس على الطاولة لوضع احللول الالزمة لتلك‬ ‫املشكلة‪ ،‬وذلك من خالل إنشاء جلنة حتقيق‬ ‫نيابية في املوضوع املالي ووضع امللف املالي‬ ‫السابق في عهدتها وفتح صفحة جديدة نرجع‬ ‫فيها املوضوع املالي الى كنف اجمللس النيابي من‬ ‫خالل موازنة جديدة‪.‬‬ ‫من هنا أتأسف أن أقول كنائب ليس مبقدروي‬ ‫القيام بالدور الرقابي‪ .‬والدليل على ذلك‪ ،‬ورشة‬ ‫العمل النيابية التي قامت بدعم من االحتاد‬ ‫األوروبي بحيث أتوا مبندوب ملكتب التدقيق‬ ‫الوطني في بريطانيا وأخذنا نتداول كيفية القيام‬ ‫بالدور الرقابي‪ ،‬وهذا ما يجعلنا نتساءل أين دور‬ ‫اجمللس النيابي؟ احلكومات عبر الست أو السبع‬ ‫سنوات املاضية استسهلت االنفاق‪ ،‬فال مجلس‬ ‫نيابي يصرف لهم االعتمادات والى ما هنالك‪ ،‬من‬ ‫هنا يجب إعادة املوضوع الى كنف الدولة ويتم‬ ‫وضع موازنة يجب االلتزام فيها‪ ،‬وال يجوز تعديل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قوانني بتعميم وزراء‪ ،‬القانون موجود فلماذا يقوم‬ ‫الوزير بتعديله بتعميم منه؟ أين أصبح دور اجمللس‬ ‫النيابي؟ وأين دوره الرقابي في البرملان؟‬ ‫أعود وأكرر يجب العودة الى كنف الدولة وضبط‬ ‫الوضع املالي ووضعه على السكة الصحيحة‬ ‫لنتمكن بعد ذلك من وضع السياسيات‬ ‫االجتماعية وغيرها‪.‬‬ ‫وتابع جابر‪ :‬طرحنا ككتلة نيابية منذ سنتني‬ ‫موضوع الشراكة بني القطاعني العام واخلاص‪،‬‬ ‫وخير مثال على ذلك أنه قبل ‪ 6‬أو ‪ 7‬سنوات لم‬

‫يتمكن لبنان من إنتاج النفط ولكن إذا لزمنا‬ ‫التنقيب عن النفط لشركات خاصة‪ ،‬مباشرة‬ ‫تصنيف لبنان سيتحسن بسبب جدية التنقيب‬ ‫عن النفط‪ .‬العالم كله يسخر من لبنان بحيث‬ ‫بدأ العالم بالتنقيب عن النفط في وقت الزلنا‬ ‫فيه نتطلع الى مذهب الذي سيترأس الهيئة‬ ‫الناظمة‪ ،‬من هنا يجب القيام مبشاريع شراكة‬ ‫بني القطاعني العام واخلاص كي نتمكن من‬ ‫تسيير عجلة القطاعات التي نحن بحاجة إليها‪،‬‬ ‫ونحن قادرون مثالً على القيام مبشاريع ملحة عبر‬ ‫دفع سندات خزينة مؤجلة لسبع سنوات حتى‬ ‫أحصل على الـ “‪ ”cash flow‬أو التدقف النقدي‬ ‫من العائدات النفطية وقادرون على تدبير أمورنا‪،‬‬ ‫ولكن كل ذلك ال يتم دون اجللوس على الطاولة‬ ‫وضبط الوضع املالي‪ .‬من هنا تكون البداية ألنه‬ ‫عبث أن نعطي وعودا ً للمواطن ونحن ال نستطيع‬ ‫الدفع‪.‬‬

‫جميع القوى السياسية‬ ‫واحلزبية وحتى الدولة‬ ‫اللبنانية يجب أن جتري‬ ‫ترتيباتها على أساس‬ ‫أن االنتخابات ستتم‬ ‫في موعدها‬

‫اخلصخصة ليست «تابو»‬

‫ال أحد ينظر أكثر من‬ ‫مصلحته اخلاصة‬ ‫التي تعود إليه بالنفع‬ ‫في املوضوع اإلنتخابي‬

‫إحدى األخطاء اجلسيمة‬ ‫التي ارتكبتها هذه احلكومة‬ ‫هو عدم السعي‬ ‫الى تقدمي املوازنة‬

‫‪14‬‬

‫من خالل حديثكم هل نحن متجهون نحو‬ ‫اخلصخصة؟‬ ‫اخلصخصة ليست “تابو” طاملا نحن لم نبع‬ ‫قطاعاتنا بالكامل‪ ،‬نحن بذلك نستثمر قطاعاتنا‬ ‫دون البيع بالكامل وخير دليل على ذلك الهاتف‬ ‫اخللوي الذي متلكه شركتان خاصتان ولكنه مازال‬ ‫ملكا ً للدولة اللبنانية‪.‬‬ ‫املقصود من ذلك كله‪ ،‬لدينا في املصارف ودائع‬ ‫ضخمة من املمكن وضعها في املشاريع ولكن‬ ‫املصارف لم تعد قادرة على إدانة الدولة ألن الديون‬ ‫السيادية أسقطت املصارف في أوروبا‪ ،‬فكيف‬ ‫األمر في لبنان؟ لذلك علينا البحث عن وسيلة‬ ‫أخرى خاصة وأننا ال نريد البيع من هنا املطالبة‬


‫بالشراكة بني القطاعني العام واخلاص‪.‬‬ ‫في ما يتعلق مبوضوع ‪ 8900‬مليار و‪ 11‬مليار‬ ‫دوالر هناك مقايضة بينهم‪ ،‬ما هو تعليقكم‬ ‫على ذلك؟ وهل هذا املوضوع جتاوز البعد‬ ‫الدستوري وأخذ بعدا ً سياسياً؟‬ ‫من البداية أخذ هذا املوضوع بعدا ً سياسياً‪،‬‬ ‫واملوضوع بدأ أن احلكومة احلالية أرادت االلتزام‬ ‫بالقانون ورفضت الصرف خارجه وأرسلت مشروع‬ ‫القانون لفتح اعتماد إضافي على موازنة العام‬ ‫‪ ،2005‬فرأينا أن هذه أفضل طريقة ألنه لم يكن‬ ‫هناك وقت لدرس املوازنة‪.‬‬ ‫املعارضة لعبت لعبة سياسية في تعطيلها‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬واليوم إذا تعاملنا مع الواقع ال‬ ‫يوجد أكثرية تصوت على موضوع ‪ 8900‬مليار‬ ‫دوالر ألن هناك قسما ً من األكثرية املشاركة‬ ‫في احلكومة لديها رأي مختلف وترفض البت‬ ‫مبوضوع الـ ‪ 8900‬مليار دون البت مبوضوع ‪ 11‬مليار‬ ‫دوالر‪ .‬لذلك طرحت فكرة أخذ كل امللف القدمي‬ ‫(‪ 11‬مليار دوالر) وضمه الى امللف اجلديد (‪8900‬‬ ‫مليار دوالر) لوضعهما في عهدة جلنة التحقيق‬ ‫النيابية والتعاطي مع احلسابات القدمية بتحفظ‬ ‫والتدقيق والتحقيق فيها وفي كيفية صرفها‪،‬‬ ‫ونفتح صفحة جديدة ملوازنة ‪.2012‬‬

‫ال وجود حلكومة حيادية‬ ‫هناك حديث عن حكومة تكنوقراط وحكومة‬ ‫حيادية لالنتخابات‪ ،‬ما هو تعليقكم؟‬ ‫في لبنان ال وجود حلكومة حيادية‪ ،‬في نهاية‬ ‫املطاف يجب مراعاة التوازن الطائفي‪ ،‬وهذا كالم‬ ‫مت إطالقه في جلسات املناقشات النيابية‪.‬‬

‫سوريا ستبقى بنظامها املمانع‬ ‫نلحظ جموداً في كافة القطاعات والقرارات‬ ‫السياسية بانتظار ما ستؤول إليه األحداث‬ ‫في سوريا‪ ،‬هل سيبقى اجلمود سمة أساسية‬ ‫حتى في الشأن احلكومي؟‬ ‫ال يجوز أبدا ً ربط أمورنا اليومية مبا يجري في‬ ‫سوريا‪ ،‬التي بالرغم مما يجري فيها من مؤامرة‬ ‫فهي جتري التعديالت وتقوم باإلصالحات‪ ،‬وأتساءل‬ ‫ما هي العالقة بني ما يجري في سوريا وبني‬ ‫تعيني القضاة مثالً؟ وتعيني الدبلوماسيني في‬ ‫السفارات اخلارجية؟‬ ‫أما أن تنأى احلكومة بنفسها عن التدخل في‬ ‫الشأن السوري الداخلي‪ ،‬نحن في لبنان يجب أن‬ ‫يطال النأي بالنفس اجلميع‪ ،‬وبرأيي في مناقشات‬ ‫اجللسة النيابية كان هناك مواقف جيدة من‬ ‫الوضع في سوريا من خالل ما أعلنه الرئيس‬ ‫السنيورة عن تأكيده أنه ضد تهريب السالح‬ ‫الى سوريا والتدخل في الشؤون السورية‪ ،‬ما‬ ‫يجعل لبنان غير متورط بأحداث داخلية لبلد‬

‫جار وشقيق يجب أن نحافظ على عالقاتنا اجليدة‬ ‫معه‪ ،‬ولكن ذلك ال يعني ربط أمورنا اليومية مبا‬ ‫يجري في سوريا ألن الوضع في سوريا ميكن أن‬ ‫يستمر سنوات ألن سوريا تعيش اليوم أزمة صراع‬ ‫سياسي‪ ،‬ومع ذلك سوريا ستبقى بنظامها‬ ‫املمانع وجيشها القوي واملتماسك‪.‬‬ ‫هل تأملون خيراً من وصول املراقبني الدوليني‬ ‫الى سوريا وبدء مهمتهم؟‬ ‫املسألة ال حتل بوصول املراقبني الدوليني وبدء‬ ‫مهامهم ما لم يتوقف الدعم اخلارجي واملالي‬ ‫املعلن للمعارضة‪.‬‬ ‫نحن نتمنى لسوريا كدولة وللشعب السوري‬ ‫الشقيق كل اخلير واألمن واالستقرار‪ ،‬إذ ندرك ما‬ ‫معنى أن تنهار البلد ويحصل فيها صراعات‪ ،‬فنحن‬ ‫حتى اليوم الزلنا نلملم جراحات سنوات احلرب‬ ‫اللبنانية‪ .‬وأعتقد في نهاية املطاف أن الشعب‬ ‫واع ملا يجري من مؤامرة في سوريا‪ ،‬ويدرك‬ ‫السوري ٍ‬ ‫ما هو البديل املطروح أمامه من فوضى واستبداد‬ ‫وغيره‪ ،‬وال يوجد معارضة في سوريا تطرح مشروع‬ ‫سياسي واضح لتنفيذه عملياً‪.‬‬ ‫من هنا إذا أراد مبعوث األمم املتحدة كوفي أنان‬ ‫إجناح مهمته عليه أن يقود عملية سياسية‬ ‫تستفيد من التغييرات التي تتم في سوريا من‬ ‫ناحية االنتخابات وغيره‪ ،‬وبإشراك املعارضة في‬ ‫حكومة سورية جديدة كما كان مطروحا ً سابقا ً‬ ‫كمرحلة أولى‪ ،‬ما سيؤدي تدريجيا ً الى االستقرار‬ ‫في سوريا مستقبلياً‪.‬‬ ‫برأيي إذا لم يكن هناك عملية سياسية ترافق‬ ‫مبادرة كوفي أنان ال يستقر الوضع‪ ،‬ألن األخير‬

‫أعطينا تلك احلكومة الثقة‬ ‫للمرة الثانية ولكن هناك ثقة‬ ‫أهم يجب أن تكتسبها‬ ‫هي ثقة الرأي العام‬ ‫أصبحوا مقتنعني‬ ‫بوجود فوضى مالية‬ ‫في الفترات املاضية‬ ‫في لبنان ال وجود‬ ‫حلكومة حيادية‬ ‫سوريا ستبقى بنظامها‬ ‫املمانع وجيشها القوي‬ ‫واملتماسك‬

‫‪15‬‬

‫بحاجة الى معاجلة سياسية‪ ،‬من هنا ضرورة دعم‬ ‫اجملتمع الدولي ملبادرة كوفي أنان‪.‬‬

‫احلل في لبنان ليس مستحيالً‬ ‫كيف تنظرون الى الوضع في املنطقة‬ ‫وبالتحديد لبنان؟‬ ‫املنطقة دخلت في جتربة ستأخذ مداها وال‬ ‫أشعر أنها ستنحسر في ستة أشهر أو سنة‪ ،‬وال‬ ‫أرى خوامتها قريباً‪ ،‬فهي ستأخذ سنوات طويلة‬ ‫ألن صفحة مختلفة متاما ً عن السابق ٌفتحت‪،‬‬ ‫فخرجنا من طابع األنظمة الدكتاتورية املتحكمة‬ ‫الى دميقراطية لها طابع ديني ال نعرف كيف‬ ‫تتط ّور وكيف سيتقبلها الناس وسيتعاملون‬ ‫معها‪ ،‬بدأنا بوقت قصير نشهد تظاهرات مضادة‬ ‫إن كان في تونس أو مصر ونشهد فوضى أيضا ً‬ ‫في ليبيا‪ ،‬هناك تفاعل في املنطقة قد بدأ‪ ،‬لكن‬ ‫نتائجه ال تظهر في يوم أو يومني وفي شهر أو‬ ‫أكثر بل هي بحاجة الى سنوات لتظهر‪.‬‬ ‫ونحن في لبنان علينا أن ندرك أننا محاطون‬ ‫ببحر هائج وأننا بحاجة الى حكمة بطريقة إدارة‬ ‫مركبنا اللبناني في وسط البحر الهائج‪ ،‬وبحاجة‬ ‫الى إقامة حوار وتفاهم في ما بيننا يجعلنا‬ ‫نتجاوز تلك املرحلة‪.‬‬ ‫حتى اليوم أصبح هناك نوع من احلكمة‬ ‫بطريقة التعامل وتفادينا الكثير من العراقيل‪،‬‬ ‫وخير دليل على ذلك جتاوزنا لتداعيات احملكمة‬ ‫الدولية والقرار االتهامي بحكمة وذكاء‪ ،‬من هنا‬ ‫علينا السير على املنهج نفسه‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق مبوضوع املطالب املعيشية‪،‬‬ ‫ال يوجد عاصمة أوروبية أو أميركية ال تشهد‬ ‫تظاهرات شعبية شبه يومية مطالبة بتحسني‬ ‫نظام التقاعد االجتماعي واملطالب املعيشية‬ ‫والرواتب‪ ،‬وتعاني من مؤشر بطالة مرتفع‪ ،‬األزمة‬ ‫املعيشية موجودة وتتفاقم في لبنان بشكل أكبر‬ ‫بسبب حالة الفوضى في عدم اتخاذ القرارات‪،‬‬ ‫فمشاكلنا الزالت ضمن املمكن ولدينا بصيص‬ ‫نور في آخر النفق يدعى نفط وغاز ولدينا عوامل‬ ‫عال ولكن ديننا اخلارجي مازال‬ ‫ثبات بأنه لدينا دين ٍ‬ ‫مقبوال ً نسبة الحتياطاتنا‪ ،‬ومرافقنا العامة لم‬ ‫نخصخص منها شيئا ً وجميعها الزالت ملك‬ ‫الدولة اللبنانية‪ ،‬لدينا مالءة مالية موجودة ولدينا‬ ‫أمل من خالل النفط والغاز‪.‬‬ ‫فما نحن بحاجة إليه هو حكمة في السياسة‬ ‫وحسن إدارة في الشأن العام للتعاطي مع هذه‬ ‫املشاكل كما أننا بحاجة خللية تخطيط للبلد‬ ‫تخطط في السياسة كما في اإلدارة‪ .‬احلل في لبنان‬ ‫ليس مستحيالً‪ ،‬كل ما في األمر أننا بحاجة الى‬ ‫بعض التنازالت من أجل الشعب اللبناني والوطن‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر لبناني‬

‫قانون االنتخاب أساس في تكوين السلطة‬ ‫النسبية هي األمثل بعد كوارث النظام األكثري‬ ‫بعد كل دورة انتخابية نيابية‪،‬‬ ‫تطلق الوعود من قبل احلكومات‬ ‫املتعاقبة‪ ،‬ومجلس النواب‪ ،‬والعهود‬ ‫الرئاسية‪ ،‬أن يصدر قانون لالنتخاب‬ ‫قبل موعد االستحقاق الدميقراطي‬ ‫على أقله سنة من موعد إجراء‬ ‫االنتخابات‪ ،‬إال أن هذه الوعود كانت‬ ‫تتبخر‪ ،‬وجتري عملية طبخ القانون‬ ‫بشكل غير ناضج‪ ،‬وقبل شهر أو‬ ‫شهرين من موعد االنتخابات‪،‬‬ ‫باستثناء انتخابات عام ‪ ،2009‬التي‬ ‫حصلت وفق قانون العام ‪،1960‬‬ ‫باعتماد القضاء الدائرة االنتخابية‬ ‫والنظام األكثري‪ ،‬وهو جاء نتيجة‬ ‫تسوية سياسية متّت في الدوحة‬ ‫في منتصف أيار ‪ 2008‬من ضمن‬ ‫سلة حل لألزمة اللبنانية‪ ،‬عبر‬ ‫انتخاب رئيس توافقي للجمهورية‪،‬‬ ‫وتشكيل حكومة فيها لقوى ‪8‬‬ ‫آذار الثلث الضامن‪.‬‬ ‫كان اللجوء الى قانون ‪1960‬‬ ‫استثناء‪ ،‬وخروجا ً على اتفاق‬ ‫الطائف الذي اعتمد احملافظة‬ ‫دائرة انتخابية‪ ،‬وقد ُعمل به في‬ ‫أول انتخابات جرت بعد توقف‬ ‫احلرب األهلية في العام ‪،1992‬‬ ‫وقد استثني منه جبل لبنان الذي‬ ‫اعتمد فيه الدوائر االنتخابية‬ ‫على أساس القضاء نزوال ً عند رغبة النائب وليد‬ ‫جنبالط الذي استنجد بالرئيس السوري حافظ‬ ‫األسد‪ ،‬أن يساعده كي ال “يكسره املسيحيون”‬ ‫في االنتخابات التي قاطعوها بقرار من بكركي‬ ‫بعد أن متّ تشويه قانون االنتخاب‪ ،‬وتفصيله على‬ ‫قياس جنبالط‪ ،‬والتالعب بعدد نواب اجمللس‪.‬‬ ‫فمنذ أول انتخابات بعد الطائف‪ ،‬حصل انحراف‬ ‫عن اإلصالحات السياسية‪ ،‬التي تبدأ بقانون‬ ‫انتخاب خارج القيد الطائفي‪ ،‬يجري تطبيقه‬ ‫بعد أول انتخابات جتري على أساس طائفي‪ ،‬ليتم‬ ‫االنتقال الى اخلروج من احلالة الطائفية‪ ،‬بإنشاء‬ ‫الهيئة الوطنية إللغاء الطائفية‪ ،‬ثم بإقامة‬ ‫مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف واملذاهب‬ ‫وحتدد له صالحيات تتعلق بالقضايا الوطنية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وليس له صفة تشريعية‪ ،‬التخاذ قرارات مصيرية‬ ‫على مستوى الوطن‪.‬‬ ‫إال أنه لم يطبق ما متّ االتفاق عليه في الطائف‪،‬‬ ‫ومضى أكثر من عقدين‪ ،‬ومازال التباطؤ والتلكؤ‬ ‫والتخبط في وضع اإلصالحات موضع التنفيذ‪،‬‬ ‫حيث يشكل قانون االنتخاب البند األول في‬ ‫إطالق عملية إصالح النظام السياسي الذي ك ّبد‬ ‫اللبنانيني مئات آالف القتلى واجلرحى واملعاقني‪،‬‬ ‫وتدمير مدن وقرى‪ ،‬وأعمال تهجير وخسائر‬ ‫قدرت بآالف مليارات الدوالرات‪ ،‬حيث دامت احلرب‬ ‫األهلية ‪ 15‬سنة وتداخلت فيها العوامل العربية‬ ‫بد من ترميم هذا‬ ‫واإلقليمية والدولية‪ ،‬وكان ال ّ‬ ‫النظام في مرحلة أولى للخروج الى السلم‬ ‫األهلي‪.‬‬ ‫فخالل ‪ 22‬عاما ً لم يتوصل اللبنانيون الى صيغة‬

‫‪16‬‬

‫قانونية لالنتخابات‪ ،‬من أجل حتقيق‬ ‫متثيل عادل‪ ،‬حيث يتبينّ أن النظام‬ ‫األكثري هو نقيض الدميقراطية‬ ‫الشعبية‪ ،‬إذ يحرم فئات سياسية‬ ‫وحزبية واسعة‪ ،‬حتظى على‬ ‫تأييد شعبي من الفوز مبقاعد‬ ‫نيابية‪ ،‬كما يتركها مهمشة‬ ‫وخارج املشاركة في بناء الدولة‬ ‫وفي القرار الوطني على مستوى‬ ‫مجلس النواب‪ ،‬وهذا الوضع‬ ‫أدى الى التطرف واندالع األزمات‬ ‫السياسية والوطنية في لبنان‪ ،‬إذ‬ ‫أجمع اللبنانيون بأغلبيتهم على أن‬ ‫قانون ‪ 1960‬باعتماد القضاء‪ ،‬شجع‬ ‫على اخلطاب الطائفي واملذهبي‪،‬‬ ‫وأن تصغير الدوائر في قانون العام‬ ‫‪ ،1957‬أدى الى سقوط مرشحني‬ ‫بارزين‪ ،‬مما مهّ د الى ما سمي “ثورة‬ ‫‪ ،”1958‬بعد أن كان لبنان ومنذ‬ ‫استقالله يعتمد على احملافظة‬ ‫دائرة انتخابية‪ ،‬امتدت منذ العام‬ ‫‪ 1943‬حتى سقوط عهد الرئيس‬ ‫بشارة اخلوري‪ ،‬ووصول الرئيس‬ ‫كميل شمعون الذي أصدر قانون‬ ‫انتخاب هدف منه الى احلصول على‬ ‫أكثرية نيابية متدد له في رئاسة‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬والثأر من خصومه‬ ‫السياسيني‪ ،‬ووضع لبنان في حلف‬ ‫إقليمي – دولي (حلف بغداد)‪.‬‬ ‫وكما أصدر الرئيس شمعون قانونا ً لالنتخاب‬ ‫حمل عنوانا ً سياسيا ً وكيدياً‪ ،‬فإن الرئيس‬ ‫فؤاد شهاب أصدر قانونا ً في العام ‪ ،1960‬كان‬ ‫منه “تركيب سيبة” من حزب الكتائب واحلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي‪ ،‬يشكالن غطا ًء سياسيا ً له‪،‬‬ ‫مع املكتب الثاني (مخابرات اجليش)‪ ،‬كي يحكم‪،‬‬ ‫ويحجم خصومه السياسيني السيما الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫شمعون وكل من ناصب العداء لسياسة الرئيس‬ ‫املصري جمال عبد الناصر الذي أقام وحدة مع‬ ‫ومد‬ ‫سوريا حتت اسم اجلمهورية العربية املتحدة‪ّ ،‬‬ ‫نفوذه الى لبنان من خالل “احلكم الشهابي”‪.‬‬ ‫فالقوانني االنتخابية التي صدرت منذ مطلع‬ ‫اخلمسينات‪ ،‬كانت على قياس املصالح السياسية‬


‫والطائفية‪ ،‬وهزت االستقرار‬ ‫الداخلي‪ ،‬وأخ ّلت بالتركيبة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬فكان الطرح اإلصالحي‬ ‫هو بإصدار قانون انتخاب يعتمد‬ ‫لبنان دائرة واحدة والنظام النسبي‪،‬‬ ‫وبعد أن أظهر قانون ‪ ،1960‬اخلطاب‬ ‫الطائفي‪ ،‬الذي ال ميكن اجتثاثه إال‬ ‫بقانون يتخطى التمثيل الطائفي‬ ‫الى متثيل سياسي‪ ،‬وهو يعزز نشوء‬ ‫أحزاب وطنية عابرة للطوائف‬ ‫ّ‬ ‫اخلطاب‬ ‫وتشكل‬ ‫واملذاهب‪،‬‬ ‫الطائفي‪.‬‬ ‫هذا القانون االنتخابي‪ ،‬كانت‬ ‫الطريق أمامه سالكة‪ ،‬كما مشاريع‬ ‫إصالحية أخرى‪ ،‬كانت تتقدم بها‬ ‫األحزاب الوطنية والتقدمية‪،‬‬ ‫وصدرت في برنامج مرحلي‬ ‫للحركة الوطنية‪ ،‬إال أن اندالع‬ ‫الفتنة الداخلية‪ ،‬أوقفت الصعود‬ ‫اإلصالحي الذي كان يتم التعبير‬ ‫عنه في اجلامعات وحركة الطالب‪،‬‬ ‫الى تظاهرات العمال واملزارعني‬ ‫والفالحني‪ ،‬وحترك النقابات‪ ،‬إذ برز‬ ‫الصراع على أنه اجتماعي – طبقي‬ ‫وسياسي‪ ،‬لكن زعماء الطوائف‬ ‫انحرفوا بهذا الوعي الشعبي‬ ‫إلحداث تغيير في النظام‪ ،‬نحو‬ ‫االقتتال الطائفي‪ ،‬وهو ما يفيدهم‬ ‫ويترك املواطنني متحلقني حولهم‬ ‫بعد أن كانوا يسعون الى إنهاء‬ ‫دورهم ونفوذهم‪.‬‬ ‫فطريق اإلصالح الذي رسمه اتفاق الطائف‪ ،‬متّ‬ ‫إقفاله‪ ،‬وحتاول احلكومة احلالية أن تعيد فتحه‪،‬‬ ‫بقانون انتخاب يعتمد على النسبية‪ ،‬وتوزيع‬ ‫دوائر ال تكون مقفلة لطوائف ومذاهب‪ ،‬وأن هذا‬ ‫القانون الذي وصل الى مجلس الوزراء‪ ،‬تصدى‬ ‫له وزراء “جبهة النضال الوطني”‪ ،‬الذين اعتبروا‬ ‫النسبية موجهة ضدهم ومحاولة لتحجيم‬ ‫كتلتهم النيابية‪ ،‬وهم تخلوا عن أدبياتهم‬ ‫السياسية‪ ،‬في الدعوة الى النسبية ولبنان دائرة‬ ‫واحدة‪ ،‬وهو ما ناضل له املرحوم كمال جنبالط‬ ‫الذي يتم التنكر له‪ ،‬ويحاول جنله وليد ربط‬ ‫النسبية بسلة إصالحات شاملة‪ ،‬وهذا مطلب‬ ‫حق يراد به باطل‪ ،‬وقد ر ّد عليه الرئيس نبيه بري‬ ‫وقدم له مخرجا ً هو قانون انتخاب على أساس‬ ‫لبنان دائرة واحدة ويعتمد النسبية‪ ،‬على أن‬ ‫يترافق مع قيام مجلس الشيوخ‪ ،‬إال أن جنبالط‬ ‫رفض هذا االقتراح وأص ّر على قانون ‪ ،1960‬ألنه‬ ‫يضمن له الفوز بكتلة نيابية دون أن يشاركه‬ ‫أحد فيها‪ ،‬في حني أن النسبية تعطي خصومه‬

‫متثيالً على قياسهم السياسي والشعبي‪ ،‬وهو‬ ‫ما يرفضه‪ ،‬ويؤيده بذلك “تيار املستقبل” الذي‬ ‫يخشى أن يتناقص عدد كتلته النيابية‪ ،‬وأن تفوز‬ ‫شخصيات سنية لها وزنها وحجمها السياسي‬ ‫والشعبي‪.‬‬ ‫وكما فعل جنبالط بربط النسبية بسلة‬ ‫واحدة لإلصالحات‪ ،‬فإن سعد احلريري ذهب‬ ‫أبعد من ذلك بربطها بـسالح “حزب اهلل”‪ ،‬وأن‬ ‫بعضهم كما النائب مروان حمادة جاهر بعدم‬ ‫حصول انتخابات نيابية‪ ،‬التي مينع إجراءها‬ ‫وقوع حرب أهلية‪ ،‬وهو يع ّبر عن ما يردده قياديون‬ ‫من قوى ‪ 14‬آذار عن اغتياالت وأحداث أمنية‬ ‫ستحصل‪ ،‬وأن تركيزهم على ربط االنتخابات‬ ‫بوجود سالح “حزب اهلل” هو عنوان املعركة‬ ‫القادمة‪ ،‬التي قد تتطور نحو انفالت أمني مينع‬ ‫إجراء االنتخابات‪ ،‬بعدما أكد رئيس اجلمهورية‬ ‫العماد ميشال سليمان على أنها لن حتصل‬ ‫على أساس قانون ‪ 1960‬الذي انتهت صالحياته‪،‬‬ ‫وهو انهيار للبنان‪ ،‬الذي ال ميكن أن يتطور‬ ‫نظامه السياسي من دون قانون انتخاب يعتمد‬ ‫النسبية‪ ،‬ويوافقه الرأي البطريرك املاروني‬

‫‪17‬‬

‫مار بشارة بطرس الراعي‪ ،‬إضافة‬ ‫الى قوى سياسية وحزبية فاعلة‬ ‫على الساحة املسيحية خصوصا ً‬ ‫والوطنية عموماً‪.‬‬ ‫لم يعد أمام احلكومة وقت تهدره‬ ‫لعدم إقرار قانون انتخاب‪ ،‬وأن مشروع‬ ‫وزير الداخلية مروان شربل مطروح‬ ‫بد من‬ ‫عليها منذ ستة أشهر‪ ،‬وال ّ‬ ‫التصويت عليه‪ ،‬ورفعه الى مجلس‬ ‫النواب‪ ،‬حتى ولو اعترض وزراء جنبالط‬ ‫على اعتماده النسبية التي هي‬ ‫املالذ لألقليات السياسية أن تتمثل‬ ‫بحجمها في مجلس النواب‪.‬‬ ‫ويحاول رئيس احلكومة جنيب‬ ‫ميقاتي‪ ،‬أن يقدم تسوية عبر اعتماد‬ ‫مشروع جلنة فؤاد بطرس الذي يقدم‬ ‫قانونا ً جتري فيه االنتخابات على‬ ‫أساس النسبية ولبنان دائرة واحدة‬ ‫لثلث عدد النواب‪ ،‬وعلى النظام‬ ‫األكثري والقضاء للثلثني الباقيني‪.‬‬ ‫وسيكون لبكركي رأي أساسي‬ ‫في قانون االنتخابات‪ ،‬فهي لن تقبل‬ ‫العودة الى ‪ ،1960‬وتبنّت مشروع‬ ‫“اللقاء األرثوذكسي” الذي يعطي‬ ‫لكل طائفة حق انتخاب نوابها‪،‬‬ ‫لكنه جوبه برفض إسالمي بعد‬ ‫أن أ ّيده “اللقاء املاروني”‪ ،‬الذي لم‬ ‫يستفد منه للمفاوضة على قانون‬ ‫يؤمن التمثيل الصحيح‪ ،‬الذي تراه‬ ‫البطريركية املارونية بالنسبية التي‬ ‫تسمح بأن ينتخب املسيحيون ‪ 53‬نائبا ً من ‪64‬‬ ‫بأصواتهم‪.‬‬ ‫فقبل عام من استحقاق االنتخابات‪ ،‬فهي‬ ‫تواجه معركة على قانونها‪ ،‬والتباين حوله قائم‪،‬‬ ‫إذ أن هذه االنتخابات مفصلية‪ ،‬جلهة تكوين‬ ‫األكثرية النيابية التي ستبدأ بانتخابات رئيس‬ ‫مجلس النواب الذي أعلن احلريري رفضه إعادة‬ ‫ّ‬ ‫ستشكل احلكومة‬ ‫انتخاب الرئيس بري‪ ،‬وهي‬ ‫املقبلة‪ ،‬وستنتخب رئيس اجلمهورية‪.‬‬ ‫فأهمية انتخابات العام ‪ 2013‬مصيرية‪،‬‬ ‫وصدور قانون جديد لها‪ ،‬دونه معوقات إذ أن‬ ‫األكثرية احلالية التي تتكون منها احلكومة‪ ،‬لن‬ ‫تستطيع مترير قانون في مجلس النواب على‬ ‫أساس النسبية التي يقف جنبالط ضدها‪:‬‬ ‫فهل يلجأ رئيس اجلمهورية الى استخدام‬ ‫صالحياته عبر املادة ‪ 58‬من الدستور فيصدر‬ ‫القانون مبرسوم طاملا هو متمسك بقوة باعتماد‬ ‫النسبية؟‪.‬‬

‫أنطوان خير اهلل‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪:‬‬ ‫رحل المرجع‬ ‫الحكيم‬

‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬الشوف‬

‫ّ‬ ‫المنظم‬ ‫ديمقراطية اإلرهاب‬ ‫ياسين جابر ‪ :‬عشنا فوضى مالية‬

‫الغالف‬

‫«اإلسالم السياسي» هو السلطة؟!‬

‫ولي الدين في ذ ّمة هللا‬ ‫المرجع األعلى‬ ‫ّ‬ ‫للموحدين الشيخ أبو محمد جواد ّ‬

‫نفتقده رمزاَ للوحدة والحكمة‬

‫نبذة عن حياة الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‬

‫«من املؤمنني رجا ٌل صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه‪،‬‬ ‫فمنهم َمن قضى نح َبه ومنهم َمن ينتطر‪ ،‬وما ب ّدلوا‬ ‫تبديال» (صدق اهلل العظيم)‬ ‫فاجعة كبرى‪ ،‬كانت خبر وفاة كبير مشايخ الهيئة‬ ‫الروحية العليا لطائفة املوحدين الدروز ومرجعها‬ ‫ولي الدين‪ ،‬مع كل‬ ‫األعلى الشيخ أبو محمد جواد ّ‬ ‫أساليب التفرقة التي يحاول البعض إيجادها بني‬ ‫املوحدين رافضني – رمبا ‪ -‬مبدأ احلرية واإلعتراف باآلخر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والوقوف على رأ ٍّي واحد من كافة القضايا الوطنية‬ ‫والقومية والعربية‪.‬‬ ‫شيخ جليل ورجل حكيم‪ ،‬طاملا تفانى في إدارة شؤون‬ ‫الطائفة بالشكل األسلم‪ ،‬واملقاربة األمثل للمسائل‬ ‫الوطنية‪ ،‬ونادى باستمرار بالوحدة الدرزية والوطنية‪،‬‬ ‫فكان مثاال يُحتذى في السلوك والقيم احلميدة‪.‬‬

‫جامع املوحّ دين‬

‫يُفتقد صاحب السماحة اليوم‪ ،‬رمزا ً للوحدة‪،‬‬ ‫زمن ّ‬ ‫املوحدون ألبناء التوحيد‪.‬‬ ‫قل فيه‬ ‫ّ‬ ‫ويُفتقد في ٍ‬ ‫يُفتقد وسماحته صاحب الرأي السديد‪ ،‬املُعترف‬ ‫باحلق‪ ،‬واملُطالب منذ احلرب األهلية وحتى أيامه األخيرة‬ ‫املُباركة‪ ،‬بعدم اإلعتداء على أحد‪ ،‬ال بل املدافعة عن‬ ‫النفس مع احترام الغير ومعتقداته ومبادئه‪ ،‬وطاملا‬ ‫ُع َ‬ ‫رف بحكمته وزهده وحنانه الذي ّ‬ ‫التف حول أبناء‬ ‫طائفته‪ ،‬فكان املرجع واألب واملُرشد‪ ،‬وبرحيله تفقد‬ ‫املوحدين كبيرها ومرجعها ورمبا األمل الوحيد‬ ‫طائفة ّ‬ ‫في جمع شمل ابنائها على الوحدة واحترام اآلخر أيا ً‬ ‫كانت إنتماءاته وآراءه‪.‬‬

‫أسد الشوف‬

‫هو ابن بعقلني الشوفية أو «أسد الشوف»‪ ،‬عاش‬ ‫في خلوته الزاهدة في راس الذيب بجانب البلدة‪،‬‬ ‫بشكل دائم أمام ز ّواره ومح ّبيه‪،‬‬ ‫والتي كانت مفتوحة‬ ‫ٍ‬ ‫من‬ ‫الصادقة‬ ‫طالبي الدعوات‬ ‫شيخ ّ‬ ‫تزهد فأصبح خيرَ‬ ‫ٍ‬ ‫املوحدين‪ ،‬وتابع تد ّينه ليكون املرجع األول‬ ‫ممثل لطائفة ّ‬ ‫ٍ‬ ‫لكافة القيادات السياسية مبختلف آرائها وانتماءاتها‪.‬‬ ‫أمضى حياته في الطهارة والعفة والتفاني بالتع ّبد‬ ‫هلل ع ّز ّ‬ ‫وجل‪ ،‬فوافته املن ّية عن عمر ناهز الـ ‪ 96‬عاماً‪.‬‬ ‫ُعرف عن سماحته منذ شبابه‪ ،‬الورع والتقوى‬

‫والطهارة والشجاعة وسدادة الرأي واحلكمة واألمر‬ ‫باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬فكانت مواقفه شجاعة‬ ‫وحاسمة ‪.‬‬ ‫في العام ‪ ،1982‬ومع احتالل «إسرائيل» للبنان‪ ،‬برز‬ ‫دور الشيخ اجلليل في التصدي للمحتل وعمالئه‪.‬‬ ‫وفي اخلامس من آذار سنة ‪ ،1988‬ت ّوج املرجع الراحل‬ ‫الشيخ أبو حسن عارف حالوي‪ ،‬الشيخ أبو محمد جواد‬ ‫ولي الدين‪ ،‬بالعمامة املك ّورة (املكولسة)‪ ،‬على أنها‬ ‫ّ‬ ‫أعلى رتبة روحية توحيدية‪.‬‬ ‫ولي‬ ‫كذلك‪ ،‬في العام ‪ ،2006‬ت ّوج الشيخ الراحل ّ‬ ‫الدين‪ ،‬الشيخني اجلليلني أبو سعيد أمني أبو غنام من‬ ‫بلدة عرمون وأبو يوسف أمني الصايغ من بلدة شارون‪،‬‬ ‫بالعمامة املكولسة‪.‬‬ ‫كان رمزا ً للتعايش والوحدة‪ ،‬عاش قائدا ً روحيا ً‬ ‫متعففاً‪ ،‬وما ف ّرقته السياسة‪ ،‬جمعته وفاته‪ ،‬بحيث‬ ‫املوحدين الدروز بـ «هيئتها الروح ّية»‬ ‫ش ّيعت طائفة ّ‬ ‫ومشايخها كافة وقياداتها ونوابها وفعال ّياتها وأبنائها‬ ‫رئيس هيئتها الروح ّية ومرجعها األعلى سماحة‬ ‫الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين‪ ،‬في مأمت حاشد‬ ‫في بلدته بعقلني‪ ،‬والتي أ ّمتها الوفود املُش ّيعة من‬ ‫املوحدين من كافة قرى اجلبل واجلنوب وراشيا وحاصبيا‬ ‫ّ‬ ‫والبقاع وبيروت والشمال‪ ،‬إضافة لوفود من سوريا من‬ ‫جبل العرب وجبل السماق وريف دمشق وحلب‪ ،‬ووفد‬ ‫كبير من األردن‪.‬‬

‫رسالة أخيرة‬

‫صاحب السماحة‪ ،‬أدمعت القلوب لوداعك‪ ،‬رمبا‬ ‫َ‬ ‫علم بأ ّن غيابك سيشكل فراغا ً كبيراً‪،‬‬ ‫أل ّن َمن‬ ‫بكاك َ‬ ‫ُمعتقدا ً بأ ّن ذلك سيزيد الشرخ بني أبناء طائفة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عليائك‬ ‫سماحتك اآلن ومن‬ ‫املوحدين‪ ،‬إال أننا نعلم أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أبنائك نفس النظرة التي‬ ‫في اجلنة‪ ،‬تنظر إلى جميع‬ ‫نظرتها طيلة حياتك‪ ،‬نظرة احملبة واحلنان‪ ،‬وتدعو لهم‬ ‫ كما دائما ً – بالهداية والوعي للمخاطر التي قد حتدق‬‫ودعواتك مشعالً‬ ‫َ‬ ‫بطائفتهم‪ ،‬آملني أن تشكل صلواتك‬ ‫املوحدون لي َعوا أهمية الوحدة والتماسك‬ ‫يقتدي به ّ‬ ‫واالحترام لآلخر‪ ،‬إلعالء شأن طائفتهم‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬سالي نوفل‬

‫ُولد الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين‬ ‫في بعقلني في العام ‪ 1916‬في بيت متد ّين‪،‬‬ ‫وشب على‬ ‫فلبس الزي الروحي منذ طفولته‬ ‫ّ‬ ‫يد والده الذي كان مع ّل ًما في زمن ّ‬ ‫قل فيه‬ ‫املعلمون واملتعلمون فأخذ عنه العلم واخللق‬ ‫والصدق واألمانة‪ .‬وظهرت عليه منذ شبابه‬ ‫املبكر عالئم التقوى في تصرفاته وأفعاله‬ ‫وسلوكه العام‪ .‬وكان ميلك قطعة أرض بعيدة‬ ‫عن البلدة انصرف الى معاملتها واالعتناء‬ ‫بها ليقيم فيها كل صيف خيمة ال يفارقها‬ ‫إال عند الضرورة‪ .‬ثم بنى له غرفة من حجر‬ ‫اتخذها خلوة له يتعبد فيها متوح ًدا مع ربه‬ ‫فكانت ملجأه الدائم ملناجاة اخلالق القدير‬ ‫في سكينة الطبيعة والنفس‪ .‬تزوج الشيخ‬ ‫“نظريًّا” بامرأة من بلدته ومن بيت أجاويد‪ .‬كما‬ ‫تر ّدد الشيخ باستمرار الى خلوات البياضة‬ ‫للتأمل‬ ‫وكان ميكث فيها شهورا ً متتالية‬ ‫ّ‬ ‫والصالة‪ .‬في الثامن من آذار ‪ 1988‬اجتمع‬ ‫األجاويد وت ّوجوا الشيخ بالعمامة املك ّورة‬ ‫ليكون قدوة األتقياء ونبراسا ً للحق وطريقا ً‬ ‫للهداية وقد ت ّوج ُه يومها الشيخ أبو حسن‬ ‫عارف حالوي طيب اهلل ذكره‪ .‬كان الشيخ‬ ‫رمزا ً للسالم في احلرب األهلية‪ ،‬وكان ير ّدد‬ ‫دائ ًما‪“ :‬ال تعتدوا على اآلخرين”‪ّ .‬‬ ‫لقب بأسد‬ ‫الشوف لشجاعته وهيبته‪ ،‬فكان يعيش‬ ‫في بيته دون حرس أثناء احلرب األهلية وكان‬ ‫باب منزله مفتوحا ً للجميع‪ .‬وقد انتقل الى‬ ‫رحمته تعالى صباح يوم اجلمعة الواقع في‬ ‫‪ 27‬نسيان ‪.2012‬‬ ‫وإنا هلل وإنا اليه راجعون‪...‬‬


‫طائفة‪ ‬الموحدين الدروز وفاة كبير‬ ‫حزب التوحيد أعلن ألبناء‬ ‫ّ‬ ‫مشايخ‪ ‬الهيئة العليا للطائفة سماحة الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين‬

‫وهاب كان يزور ُه ُمسترشداً بحكمته ونصائحه‬ ‫صدر عن أمانة اإلعالم في حزب “التوحيد‬ ‫العربي” البيان التالي‪ :‬مبزيد من األسى واحلزن‬ ‫ننعي ألبناء طائفة املوحدين الدروز وأبناء األمة‬ ‫العربية واإلسالمية وفاة كبير مشايخ الهيئة‬ ‫العليا لطائفة املوحدين الدروز سماحة الشيخ‬ ‫أبو محمد جواد ولي الدين (رحمه اهلل)‪.‬‬ ‫وبرحيل فقيدنا الغالي تكون طائفة‬ ‫املوحدين الدروز قد خسرت مرجعا ً كبيرا ً‬ ‫أمضى ّ‬ ‫جل أيامه في دعوة أبناء طائفته‬ ‫الى األلفة واحملبة‪ ،‬وتوحيديا ً زاهرا ً في سماء‬ ‫التقوى والفضيلة‪ ،‬وعاملا ً جليال بعطائه‬ ‫الفكري والروحي‪ ،‬ونبراسا ً وشمع ًة تنير‬ ‫الدرب لإلميان وترفع رايات العقل واحلكمة‬ ‫عالي ًة خفاقة في أرجاء املعمورة‪.‬‬ ‫وبهذه الفاجعة األليمة نسأل املولى العلي‬ ‫القدير أن يسكن شيخنا ومرجعنا الكبير‬ ‫فسيح جناته ويلهم أهله وذويه وجميع محبيه‬ ‫والعارفني بفضله الصبر والسلوان‪..‬‬

‫كان رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب من الزائرين الدائمني للمرحوم الشيخ‬ ‫ويقدم له‬ ‫ولي الدين‪ ،‬يقف على رأيه ونصائحه وحكمته من شتى املواضيع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املرجع أبو محمد جواد ّ‬ ‫طروحات وآراء‪ ،‬وكان آخر لقاء مع سماحته‪ ،‬عندما زاره من أجل احلفاظ على وحدة‬ ‫وهاب ما ميلك من‬ ‫ٍ‬ ‫الطائفة وعدم انعكاس األحداث السورية عليها‪ ،‬وقد اقترح وهاب أن يكون املشايخ األجالء وفي‬ ‫ولي الدين‪ ،‬هم َمن يعود إليهم السياس ّيون ليحتكموا في القضايا الساخنة التي‬ ‫ّ‬ ‫مقدمهم املرجع ّ‬ ‫ميكن ان تف ّرق بينهم‪.‬‬ ‫كما زاره وهاب‪ ،‬عندما عاد من دمشق بعد لقائه بالرئيس السوري بشار األسد ناقالً إليه حتياته إلى‬ ‫الطائفة الدرزية‪.‬‬


‫الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪:‬‬ ‫رحل المرجع‬ ‫الحكيم‬

‫تفجير مكتب حزب «التوحيد العربي» في بقعاتا‪-‬الشوف‬

‫ّ‬ ‫المنظم‬ ‫ديمقراطية اإلرهاب‬ ‫ياسين جابر ‪ :‬عشنا فوضى مالية‬

‫الغالف‬

‫«اإلسالم السياسي» هو السلطة؟!‬

‫وهاب ُمشاركاً في التعازي‬

‫شارك رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير وئام وهاب‬ ‫في تق ّبل التعازي‪ ،‬بحضور عدد من الشخصيات الدينية‬ ‫والسياسية واألمنية ونواب ووزراء حاليني وسابقني‪ ،‬وممثلني‬ ‫حزب ّيني‪.‬‬ ‫هذا وم ّثل رئيس اجلمهورية ميشال سليمان في مراسم‬ ‫التشييع وزير العدل شكيب قرطباوي‪ ،‬كما م ّثل رئيس‬ ‫مجلس النواب نبيه بري النائب غازي زعيتر‪ ،‬ورئيس مجلس‬ ‫الوزراء جنيب ميقاتي وزير اإلعالم وليد الداعوق‪.‬‬ ‫كما حضر لتقدمي التعازي رئيس “حزب الكتائب” الرئيس‬ ‫السابق أمني اجلميل‪ ،‬ووفد من دار الفتوى ممثال ً مفتي‬ ‫اجلمهورية الشيخ محمد رشيد قباني‪ ،‬والسفير اإليراني‬ ‫غضنفر ركن أبادي‪ ،‬وممثل للرئيس سليم احلص‪.‬‬

‫فس َيرى هللا عملكم والمؤمنون‬ ‫قل ‪ :‬إعملوا َ‬

‫سنوات قليلة‪ ،‬منضي ونلقى اهلل عز وجل؛ فمنا‬ ‫من يواريه النسيان مع آخر حبة تراب تنهال على‬ ‫جسده‪ ،‬ومنا من يتردد اسمه مع كل ومضة نور‬ ‫تفيض بها مجالس الذكر الفائحة برياحني اجلنان‬ ‫احملفوفة مبالئكة السماء‪..‬‬ ‫ال نريد أن نتكلم اآلن عن مآثر املرجع الروحي‬ ‫األعلى لطائفة املوحدين الدروز الشيخ أبو محمد‬ ‫جواد ولي الدين‪ ،‬وجلده في طلب العلم واملعرفة‬ ‫التوحيدية‪ ،‬وبذله حياته في سبيل اخلير وتعليم‬ ‫الناس احملبة والصدق وحفظ اللسان‪ ،‬فثمة آالف‬ ‫من طالبه وأحبابه القريبني هم أولى مني بذكر‬ ‫مناقب الشيخ اجلليل‪ ،‬ال بل من العلماء الكبار‬ ‫األجدر على تقدير القيم والقامات‪ ،‬لكن ال أقل‬ ‫من ُّ‬ ‫تذكرِ النبل واألخالق والتفاني والشجاعة في‬ ‫شخص هذه القامة العظيمة‪.‬‬ ‫لقد سعى الشيخ ولي الدين طوال حياته‬

‫للحق الذي ال يعرف التحزب‪ ،‬وأدب االختالف‬ ‫والتنوع الذي ال يلتفت حلظوظ النفس‪ ،‬وهو‬ ‫الفيض الكرمي من املواقف واخلطب اجلريئة التي‬ ‫وقع عليها أو صدرت باسمه‪ ،‬ومنت جميعها عن‬ ‫قلب تسكن فيه عقيدة “التوحيد” يحملها في‬ ‫كل مقام ومكان‪..‬‬ ‫عرفته طائفة املوحدين الدروز داعية من دعاة‬ ‫التوحيد‪ ،‬غير مستع ٍد للمساومة على أي جزئية‬ ‫منه‪ ،‬معل ًما للناس عقيدة سلف األمة الصالح‪.‬‬ ‫كان مهت ًما بسيرة حمزة بن علي وأولياء‬ ‫املوحدين الدروز وسير أعالم الصحابة والتابعني‬ ‫بطريقة علمية منهجية يأخذ منها السامع‬ ‫القدوة واملثل‪.‬‬ ‫متيز بلطف املنطق‪ّ ،‬‬ ‫عف اللسان‪ ،‬متواض ًعا‬ ‫للصغير‪ ،‬موقرًا للكبير بعي ًدا عن التعصب‬ ‫الذميم‪ ،‬واسع الصدر‪ ،‬عميق اخلبرة‪ ،‬عظيم‬

‫الصبر‪ ،‬بالغ احللم‪ .‬وكم أجرى اهلل على يديه من‬ ‫خير (رحمه اهلل)‪.‬‬ ‫وعرفناه قري ًبا من الشباب ومن مشاكلهم‪،‬‬ ‫متفاعالً معهم في كل أمورهم في وقت اتخذ‬ ‫برجا عاج ًيا لسان حاله يقول‪“ :‬من‬ ‫غيره لنفسه ً‬ ‫إلي” فلم يستفد أحد منهم‬ ‫أرادني فليصعد َّ‬ ‫شيئًا‪ ،‬وماتوا وهم في عزلة تامة عن الشباب وعن‬ ‫مشاكله‪.‬‬ ‫إن مصابنا بفقد شيخنا اجلليل عظيم‪ ،‬نسأل‬ ‫اهلل تعالى أن يعوضنا بفقده خيرًا‪ ،‬وأن يسكنه‬ ‫الفردوس األعلى‪ ،‬وأن يجمعنا به في مستقر‬ ‫رحمته‪ ،‬وأن يرزق أبناءه املوحدين جمي ًعا الصبر‬ ‫واالحتساب‪ ،‬وأن يعظم لهم األجر‪ ..‬إنه ولي ذلك‬ ‫والقادر عليه‪.‬‬

‫أمني اإلعالم هشام األعور‬


‫وهاب التقى عشائراً عربية في حمص‪:‬‬ ‫أدعو لوحدة إقتصادية بين لبنان وسوريا والعراق‬

‫يؤكد الشرفاء في هذه األمة العربية يوما ً بعد يوم‪ ،‬أ ّن محاوالت بث الفنت واحلقد‬ ‫هم هذا الوطن العربي وتراثه وتاريخه‬ ‫الطائفية واملذهبية‪ ،‬ال تنجح بني َمن حملوا ّ‬ ‫النظيف بعيدا ً عن حقدهم وغ ّلهم‪ ،‬من هنا ُعقد في دارة الشيخ عبد العزيز طراد‬ ‫ضم رئيس حزب‬ ‫امللحم في قرية “البيضا” في محافظة حمص السورية لقاء كبير‪ّ .‬‬ ‫“التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب ووجهاء العشائر العربية في سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬بحيث ترأس الوفد العراقي الشيخ فايز سعد وأمني عام مؤمتر شيوخ‬ ‫العشائر العراقية الشيخ أحمد عبد اهلل ال ُدليمي‪ ،‬إضافة لعدد كبير من رجال الدين‬ ‫املسلمني واملسيحيني وفعاليات اجتماعية واقتصادية وسياسية ورؤساء بلديات‬ ‫ومخاتير احملافظة‪.‬‬ ‫خالل اللقاء أكد وهاب على “ضرورة إقامة وحدة اقتصادية بني سوريا والعراق ولبنان‬ ‫كخطوة نحو حتقيق الوحدة السياسية وبالتالي فتح احلدود فيما بينها‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫أن وجدنا بأ ّن املشهد العربي هو قلب العالم‪ ،‬وما الصراع اليوم على سوريا سوى‬ ‫تأكيد على ذلك‪ُ ،‬مبديا ً إعجابه وتقديره للوحدة الوطنية اجلامعة ل ّلقاء اللبناني‬ ‫ السوري ‪ -‬العراقي‪ ،‬والذي يعكس أهمية منطقة املشرق العربي‪ ،‬وال شك بأ ّن‬‫املزيد من تطوير العالقات بني لبنان وسوريا والعراق أصبح أكثر من ضرورة‪ ،‬والوحدة‬ ‫االقتصادية تستطيع الوقوف بوجه كل محاوالت ضرب هذه املنطقة وإسقاطها”‪.‬‬ ‫ولفت وهاب إلى أ ّن “سوريا متكنت من جتاوز الكثير مما ِح َ‬ ‫جزء أساسي‬ ‫يك لها‪ ،‬ودحر ٍ‬ ‫من هذه املؤامرة بفضل شرفاء سوريا‪ ،‬وليعلم السوريون بأ ّن كل شرفاء األمة معهم‬ ‫وإلى جانب اجليش العربي السوري‪ ،‬ورغم كل التشويش الذي حصل‪ ،‬ال زال شعب‬

‫سوريا إلى جانب املقاومات العربية‪ ،‬لذلك تدفع سوريا اليوم ثمن وقوفها إلى جانب‬ ‫املقاومة في لبنان وفلسطني”‪.‬‬ ‫وقد أولم صاحب الدعوة الشيخ عبد العزيز طراد امللحم على شرف الوزير وهاب‬ ‫والضيوف العرب املشاركني مؤكدا ً “عمق الروابط والثوابت الوطنية والقومية‬ ‫املشتركة ورفض كل أشكال املؤامرات التي تتعرض لها سوريا”‪.‬‬

‫سعد‪ :‬العراق سيبقى درعاً‬ ‫وس َنداً يدافع عن سوريا‬

‫كما وكانت كلمة لرئيس الوفد العراقي الشيخ فايز سعد‪ ،‬قال فيها‪« :‬من عراق‬ ‫التورات‪ ،‬من عراق التحرر‪ ،‬من عراق الرافدين‪ ،‬من أرض اجملد‪ ،‬من أرض عاشور وبابل‪ ،‬من‬ ‫لت بالتحية إلى شعب سوريا‪،‬‬ ‫جنوبه من البصرة‪ ،‬إلى شماله إلى شرقه وغربه‪ُ ،‬ح ِّم ُ‬ ‫وخندق واحد‪ ،‬أل ّن عد ّونا واحد‪،‬‬ ‫مصير واحد‬ ‫قلعة الصمود والتح ّدي‪ .‬إننا اليوم في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وما خُ طط ألن يكون في السابق في العراق‪ ،‬فشل‪ ،‬وما خُ طط لسوريا فشل إنشاء‬ ‫اهلل على يد ابناء العشائر»‪ .‬وختم‪« :‬إمنا حضورنا اليوم مع أخوتنا أبناء سوريا هو‬ ‫تأكيد على أ ّن العمق االستراتيجي في العالقات بني العشائر العراقية والسورية هو‬ ‫عمقٌ تاريخي ذو جذور صامدة باسلة لها عمقها التاريخي‪ ،‬وطبعا ً العراق سيبقى‬ ‫درعا ً وسنَدا ً يدافع عن سوريا‪ .‬فالشعب السوري صامد‪ ،‬و َمن ضُ لِّل بهم‪ ،‬يعودون إلى‬ ‫رشدهم وإلى حضن سوريا‪ ،‬لتبقى قلعة الصمود والتح ّدي»‪.‬‬ ‫بعدها ألبس الشيخً ني امللحم وسعد الوزير وهاب «العباءة العربية»‪.‬‬

‫‪...‬وبعد زيارته عون‪ :‬الفريق الذي ال تناسبه النسبية يريد الهيمنة‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب رئيس “تكتل التغيير واإلصالح” النائب‬ ‫العماد ميشال عون‪ ،‬في دارته في الرابية‪ ،‬حيث‬ ‫جرى بحث في قانون االنتخاب وعمل احلكومة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬املوضوع األساسي‬ ‫الذي بحثناه مع دولة الرئيس هو قانون االنتخاب‪،‬‬ ‫ونتمنى أن نتجه نحو قانون يحفظ لكل اللبنانيني‪،‬‬ ‫ليس فقط للسياسيني‪ ،‬حقوقهم‪ .‬نفكر بقانون‬ ‫انتخاب على أساس النسبية والدائرة الكبرى‪ ،‬وما‬ ‫يطرحه الرئيس بري ممتاز‪ ،‬وخصوصا ً طرح مجلس‬ ‫الشيوخ‪ .‬ولقد سمعت انتقادا ً من نائب رئيس‬ ‫اجمللس فريد مكاري‪ ،‬وأسأل ملاذا يريدون هم ما‬

‫يناسبهم من الطائف وال يطبقونه مثل ما هو‪،‬‬ ‫أو يعدلونه؟ مجلس الشيوخ موضوع أساسي‬ ‫في الطائف‪ ،‬ومن اخلطأ أنه ربط مبوضوع إلغاء‬ ‫الطائفية‪ ،‬ولكن أي أحد يسير مبشروع االنتخاب‬ ‫احلالي يكون قد يشرع املال والتزوير وضرب إرادة‬ ‫اللبناني‪ ،‬ويزور اجمللس النيابي واالنتخابات»‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬إن قانون االنتخاب يجب أن يتالفى‬ ‫كل الثغرات التي وقعنا بها سابقاً‪ ،‬البعض يأخذ‬ ‫قانون االنتخاب على قياسه منذ ‪ 20‬سنة‪ ،‬ويجب‬ ‫أن ننتهي من هذا املوضوع ونعد قانونا ً انتخابيا ً‬ ‫ينقلنا الى دولة حتترم نفسها والى مجلس‬ ‫انتخابي يحترم نفسه باحترام اللبنانيني‪ ،‬وليس‬

‫‪21‬‬

‫الى مجلس يأتي “غصباً” عن اللبنانيني»‪.‬‬ ‫وحول قانون النسبية ورفض البعض له‪ ،‬أجاب‬ ‫وهاب‪“ :‬الفريق الذي ال تناسبه النسبية يريد‬ ‫الهيمنة على قرارات الناس واالستمرار في ربح‬ ‫االنتخابات بنتيجة املال‪ ،‬واالستمرار في اغتصاب‬ ‫إرادة الناس‪ ،‬ولن نسمح بذلك‪ ،‬وإذا جارى فريقنا‬ ‫هذا املوضوع فسيكون شريكا ً مع الفريق اآلخر‪.‬‬ ‫أمتنى أن يكون فريقنا جديا ً في موضوع النسبية‬ ‫وأن يكمل الى النهاية‪ ،‬فهناك جو طائفي يجب‬ ‫أن نذهب الى قانون انتخاب يلغيه‪ .‬نحن ذاهبون‬ ‫الى حرب أهلية إذا لم يكن هناك قانون انتخاب‬ ‫يحسن التمثيل ويبني وطنا حقيقياً»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫التقى سفراء روسيا والصين وسوريا وجنوب إفريقيا‬ ‫وهاب‪ :‬قمة «البريكس» وضعت أسساً جديدة للتعامل على المستوى الدولي‬ ‫إستقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬في منزله في اجلاهلية كالً من‬ ‫السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكني‪،‬‬ ‫والسفير الصيني وو تسيشيان‪ ،‬والسفير السوري‬ ‫علي عبد الكرمي علي‪ ،‬وسفير جنوب أفريقيا في‬ ‫لبنان وسوريا شون بينفلت‪ ،‬بحضور أمينة الشؤون‬ ‫الدبلوماسية فريال أبوذياب وأمني اإلعالم هشام‬ ‫األعور‪ ،‬حيث جرى البحث عن أجواء قمة البريكس‬ ‫التي عقدت مؤخرا ً في مدينة نيودلهي‪ ،‬حيث‬ ‫اعتبر وهاب أ ّن “قمة البريكس كانت إيجابية جداً‪،‬‬ ‫خاصة في املوقف من إيران وسوريا جلهة رفض أي‬ ‫تدخّ ل عسكري أو عدوان عليهما‪ ،‬وهذا أمر جديد‬ ‫في املوقف الدولي‪ ،‬واألهم من ذلك هو البحث‬ ‫االقتصادي الذي متّ فيها‪ ،‬خاصة وأننا أمام عالم‬ ‫يعاني من سيطرة األميركيني على ّ‬ ‫كل املفاصل‬ ‫عبر عملة الدوالر وعبر التحويالت التي تتم على‬ ‫مستوى العالم‪ ،‬إضافة لسياسة جتويع بعض‬ ‫الشعوب وظلمها”‪ ،‬الفتا ً إلى أ ّن “قمة البريكس‬ ‫وضعت أسسا ً جديدة للتعامل على املستوى‬ ‫الدولي‪ ،‬وهذا أمر أساسي في اللعبة الدولية‪،‬‬ ‫وكان واضحا ً من كالم السفراء أ ّن هناك سياسة‬ ‫دولية جديدة‪ ،‬لذلك نستطيع القول بأ ّن اآلحادية‬ ‫األميركية التي تسببت بكثير من احلروب على‬ ‫منطقتنا خاصة‪ ،‬والتي ساهمت بتصدير اإلرهاب‬ ‫إن عبر احلرب على أفغانستان أو العراق‪ ،‬أصبحت‬ ‫مصدر جديد لإلرهاب‬ ‫بحكم املنتهية‪ ،‬واآلن أتانا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫هو ليبيا بعد احلرب التي ُ‬ ‫شنَّت عليها‪ ،‬ونرى أولئك‬ ‫يصدرون‬ ‫املسؤولني في ليبيا يتباهون اليوم ألنهم‬ ‫ّ‬ ‫مقاتلني وإرهابيني إلى سوريا وغيرها»‪.‬‬

‫واشار وهاب إلى أ ّن سفيري الصني وروسيا ّ‬ ‫أكدا‬ ‫أنهما “ضد أي تدخل عسكري في سوريا‪ ،‬وضد‬ ‫أي ضربة عسكرية إليران‪ ،‬والسفير الروسي كان‬ ‫واضحا ً بأ ّن أي ضربة ضد إيران سيكون لها تداعيات‬ ‫كبيرة‪ ،‬وهذا املوقف ُمطمئن‪ ،‬ومن الواضح بأن هذه‬ ‫الدول تدعم مبادرة كوفي أنان‪ ،‬مما يؤكد بأ ّن سياسة‬ ‫يصدرها الصغار في السابق كـ‬ ‫اإلنذارات التي كان‬ ‫ّ‬ ‫“حمد بن جاسم” وغيره أصبحت في خبر كان‪،‬‬ ‫والعربدات التي كان يقوم بها أردوغان أصبحت أيضا ً‬ ‫خارج التداول‪ ،‬وأصبح واضحا ً بأنّه ال ميكن إسقاط‬ ‫سوريا عبر اخلِطب الرنانة التي كان يقوم البعض بها‬ ‫أكان محليا ً او إقليميا ً أو دولياً‪ ،‬لذلك على اجلميع أن‬ ‫يعلموا بأ ّن هذه اخلطابات الرنانة األسبوعية والتي‬ ‫ال طعم لها‪ ،‬لن تُسقط أنظمة وال دول‪ ،‬لذلك‬ ‫نحن اآلن أمام مرحلة جديدة وأعتقد أنها ستترك‬ ‫تداعياتها على مستوى املنطقة بالكامل‪ ،‬وميكن‬ ‫القول بأن لبنان لديه الكثير ليفعله‪ ،‬فالسياسة‬

‫الغربية التي تدعى “سياسة النأي بالنفس” أكدت‬ ‫بأن بعض األوساط اللبنانية كانت شريكة في‬ ‫افتعال املشاكل في سوريا‪ ،‬وكنا نتمنى أن يتصرف‬ ‫بعض اللبنانيني بطريقة مختلفة»‪.‬‬

‫زاسبيكني‪ :‬نؤيّد مهمة أنان في‬ ‫سوريا‬ ‫من جهته‪ ،‬أكد السفير الروسي ألكسندر‬ ‫زاسبيكني على “تأييد روسيا ملهمة كوفي أنان ألننا‬ ‫نسعى إلى احلل السياسي لألوضاع في سوريا‪،‬‬ ‫املناسبة للجميع”‪ ،‬الفتا ً إلى‬ ‫ونتمنى إيجاد احللول‬ ‫ِ‬ ‫أ ّن “قمة البريكس مهمة جدا ً ألننا نط ّور العالقات‬ ‫بيننا في كل اجملاالت االقتصادية واملالية‪ ،‬كما أنه‬ ‫لدينا تفاهم مبا يخص القضايا األساسية في‬ ‫العالم املُعاصر‪ ،‬ونسعى إلى التعددية في العالم»‪.‬‬

‫«قالدة التوحيد» لمعاون وزير األوقاف السوري‬

‫منح رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب “قالدة التوحيد”‬ ‫ملعاون وزير األوقاف السوري الدكتور نبيل سليمان في حفل إقتصر على‬ ‫بعض األصدقاء‪ ،‬تقديرا ً جلهوده العلمية واألكادميية البارزة‪ ،‬كواحد من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أبناء سوريا البارزين واخمللصني‪ ،‬وأحد الذين لعبوا دورا ً بارزا ً في التواصل‬ ‫بني مختلف األديان‪ ،‬وفي العمل إلبراز قيمة اإلنسان مبعزل عن عرقه‬ ‫ومذهبه‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫إستقبل وفداً من دروز بيروت عرض معه ملف األوقاف‬ ‫وهاب‪ :‬يجب السعي ّ‬ ‫لحل ملف األوقاف وتوحيد مشيخة العقل‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب وفدا ً من دروز بيروت مطالبينه‬ ‫الوقوف إلى جانبهم في ملف وقف الدروز وسعي‬ ‫البعض لبناء مركز جتاري على أرض دار الطائفة‬ ‫الدرزية في بيروت‪ ،‬ومشددين على رفضهم “ألي‬ ‫استئثار من أحد ألي ملك عام للدروز”‪ ،‬بحيث‬ ‫أكد وهاب أن “دروز بيروت هم أساس الطائفة‬ ‫الدرزية‪ ،‬وميلكون احلق األخالقي قبل احلق القانوني‬ ‫باستشارتهم في أي تص ّرف بوقف الدروز في‬ ‫بيروت‪ ،‬وكنا قد حتاورنا سابقا ً مع كل املعنيني‬ ‫مبلف األوقاف‪ ،‬وأكدنا أن املطلوب هو خطوة‬ ‫أخالقية جتاه دروز بيروت‪ ،‬أل ّن هذه األرض هي لكل‬ ‫أبناء الطائفة وليست فقط لدروز بيروت‪ ،‬وميكن‬ ‫اإلستفادة منها ألي مشروع عام أو مناطقي”‪.‬‬ ‫واستغرب وهاب “استعجال الشيخ نعيم‬ ‫حسن في إنهاء هذا امللف علما ً أن هناك أمورا ً‬ ‫وملفات أخرى تستلزم اإلسراع بإنهائها قبله‪ ،‬وقد‬ ‫اقترحنا عليه سابقا ً العمل على إنشاء مدينة‬ ‫سكنية في أرض الوقف في بلدة بعورته ملساعدة‬ ‫الشباب الدرزي في تأمني مستقبلهم‪ ،‬ولكن‬ ‫اإلستعجال في ملف دار الطائفة أثار أسئلة لدى‬ ‫كل الناس‪ ،‬علما ً أننا لم نتدخل به في البداية كي‬ ‫إلنقسام سياسي على‬ ‫ال يعتبر البعض أننا نسعى‬ ‫ٍ‬ ‫موضوع يجب أال يكون سياسياً‪ ،‬ولكن بعد الكثير‬ ‫من املراجعات من عدد من مشايخ الطائفة‪ ،‬تبينّ‬ ‫أنهم مقتنعون بحقوقهم ويؤكدون على أهمية‬ ‫احلفاظ على كرامة دروز بيروت في أي مشروع‪،‬‬ ‫وعدم إجبارهم على املوافقة على أي ملف”‪.‬‬ ‫ومتنى وهاب على القضاء اللبناني “أال يكون أدا ًة‬ ‫بيد أحد لتمرير أي ملف‪ ،‬وإذا كان كذلك سيكون‬ ‫لنا موقفا ً قويا ً وعنيفا ً من هذا املوضوع‪ ،‬وسنضع‬

‫الرئيس سعيد ميرزا في أجواء ما يحصل ألني‬ ‫قاض أداة سياسية إلشكال درزي‬ ‫أمتنى أال يكون أي ٍ‬ ‫داخلي‪ ،‬إذ على كل القضاة الذين سيتعاطون بهذا‬ ‫امللف معرفة مدى حساسية املوقف‪ ،‬وليعلم‬ ‫اجلميع أننا لن نسمح بأن يذهب أحد من أبنائنا‬ ‫إلى القضاء جمل ّرد حت ّركهم ضد هذا امللف أو غيره”‪.‬‬ ‫وشدد وهاب على “أهمية االتفاق على ملف‬ ‫األوقاف وتوحيد مشيخة العقل‪ ،‬خاصة مع‬ ‫إقتراب موعد انتخابات اجمللس املذهبي‪ ،‬والذي‬ ‫يحدد بقاء شيخ العقل احلالي أو تغييره‪ ،‬علما ً أنه‬ ‫موحد لكل أبناء‬ ‫يجب أن يكون هناك شيخ عقل ّ‬ ‫الطائفة الدرزية‪ ،‬أل ّن الشيخ نعيم حسن موضع‬ ‫خالف وليس موضع اتفاق بني أبناء الطائفة‪ ،‬وقد‬ ‫أثبت خالل كل هذه التجربة أنه ليس لكل أبناء‬ ‫الطائفة الدرزية‪ ،‬وبالنهاية مرجعياتنا معروفة‪،‬‬

‫أما مشيخة العقل فال اتفاق على مرجعيتها‬ ‫حتى اآلن”‪.‬‬ ‫كما تط ّرق وهاب إلى املشكل الذي حصل‬ ‫بني بلدت َي املاري وعني عرب في حاصبيا‪ ،‬بحيث‬ ‫استنكر “كل فعل ور ّدة فعل حول هذا املوضوع‪،‬‬ ‫ال نقبل ألحد التطاول على كرامة مشايخنا‪،‬‬ ‫وباملقابل ال نسمح ألنفسنا أن نتطاول على‬ ‫كرامة أحد”‪ ،‬مطالبا ً “اجليش باتخاذ إجراءات رادعة‬ ‫بحق اجلميع ومنع عمليات التحريض من ِق َبل‬ ‫البعض”‪ ،‬داعيا ً “أهالي حاصبيا الستيعاب املوقف‬ ‫واعتبار أهل عني عرب وشبعا واملنطقة كافة‪ ،‬أهل‬ ‫وأخوة لهم”‪ ،‬ومناشدا ً األطراف السياسية األخرى‬ ‫إن من تيار املستقبل أو اإلسالميني أو غيرهم‬ ‫إتخاذ املوقف العاقل في وقت مماثل كي ال تتطور‬ ‫األمور أكثر”‪.‬‬

‫نقيب الصحافة التقى الكاتب أبي المنى‬ ‫استقبل نقيب الصحافة محمد البعلبكي الكاتب حافظ‬ ‫أبي املنى‪ ،‬وقدم اليه كتابه «حكايات الشتاء»‪ ،‬وفي طياته‬ ‫مجموعة من قصص االدب الشعبي هي بحد ذاتها‪ ،‬كما قال‬ ‫الشاعر طارق آل ناصر الدين في مقدمته للكتاب‪« ،‬مواضيع‬ ‫متداولة بني الناس خاف الكاتب عليها من النسيان»‪ ،‬فراح‬ ‫يدونها في جمل طريفة يستسيغها كل من هم بقراءتها‪.‬‬ ‫وقصص الكتاب هي اشبه بذكريات سجلها االديب حافظ ابي‬ ‫املنى بأسلوب سهل املنال‪ .‬وكان يعيشها وهو في ديار االنتشار‬ ‫االميركي‪.‬‬ ‫ورحب النقيب البعلبكي بكتاب “حكايات الشتاء”‪ ،‬ومتنى على‬ ‫مؤلفه ابي املنى‪ ،‬مزيدا من الكتب يروي فيها حكايات من قرى ومدن‬ ‫لبنان كي تبقى في ذاكرة اجليل الصاعد‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫رئيس حزب «التوحيد العربي» زار جبل العرب وق ّدم التعازي بالشيخ المرحوم أحمد الهجري‬

‫والموحدين يحمي سوريا والعروبة‬ ‫وهاب‪ :‬موقف الجبل‬ ‫ّ‬ ‫قدم رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫ّ‬ ‫السابق وئام وهاب على رأس وفد من مشايخ‬ ‫هيئة العمل التوحيدي وأعضاء املكتب‬ ‫السياسي في احلزب وحزبيني‪ ،‬التعازي لشيخ‬ ‫العقل اجلديد لطائفة املوحدين الدروز في سوريا‬ ‫الشيخ حكمت الهجري باملرحوم شيخ العقل‬ ‫األول في سوريا أحمد الهجري‪ ،‬في منزله في‬ ‫بلدة “قنوات” في محافظة السويداء السورية‬ ‫حيث أكد وهاب بأنه لن ينسى “وقفات ونصائح‬ ‫املشجع الدائم‬ ‫ومواقف الفقيد خاصة وأنه كان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتشبث به أكثر‪ ،‬ألنه‬ ‫لي للصمود في موقفي‬ ‫كان يعتبر أ ّن مواقفي تخدم سوريا بقدر ما‬ ‫تخدم لبنان”‪ ،‬الفتا ً إلى أ ّن “عائلة الهجري أخذت‬ ‫على عاتقها تاريخيا ً الدفاع عن سوريا والوقوف‬ ‫إلى جانبها وكانت في طليعة الذين يواجهون‬ ‫عدوان او استعمار على سوريا‪ ،‬ووقفت وقفات‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫ع ّز ورجولة وال تزال مستمرة بذلك‪ ،‬وما موقفها‬ ‫دليل‬ ‫اليوم إلى جانب األمة وسوريا سوى خير‬ ‫ٍ‬ ‫على ذلك‪ ،‬وإذا كان من شيء نفتخر به كأبناء‬ ‫طائفة املوحدين الدروز‪ ،‬فهو أننا جز ٌء من سوريا‬ ‫واألمة ومن هذا املوقع العربي والقومي‪ ،‬لذلك‬ ‫فعندما نقف مع سوريا والعروبة واملوقف‬ ‫املقاوم‪ ،‬فإننا نقف مع أنفسنا‪ ،‬أل ّن املقاومة‬ ‫أصالً انطلقت من هذه األرض‪ ،‬فتاريخنا كله‬ ‫مقاومة وعروبة‪ ،‬ويجب أال يستغرب أحد موقف‬ ‫هذا اجلبل مما يحصل‪ ،‬فهذا هو املوقف الطبيعي‬ ‫الذي يحمي سوريا والعروبة والوطن‪ ،‬وهذه‬ ‫الطائفة كانت باستمرار سيفا ً عربيا ً وإسالميا ً‬ ‫أصيالً وستبقى كذلك”‪.‬‬

‫الشيخ حكمت الهجري‪:‬‬ ‫مستمرون في نفس النهج‬ ‫وكانت كلمة لشيخ العقل اجلديد حكمت‬ ‫الهجري شقيق الفقيد الشيخ أحمد الهجري‪،‬‬ ‫لفت فيها إلى أ ّن الشيخ أحمد الهجري هو‬ ‫يقدم واجب التعازي‬ ‫«شهيد الواجب ألنه كان ّ‬ ‫بشهداء سوريا حني حصل احلادث الذي أ ّدى إلى‬ ‫وفاته‪ ،‬وهو كما يعلم اجلميع كان دأبه طريق‬ ‫الوحدة الوطنية‪ ،‬واملقاومة التي نهجنا طريقها‬ ‫تاريخياً‪ ،‬وسنكمل في الطريق نفسه بإذن‬ ‫اهلل»‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪24‬‬


‫الشيخ نصر اهلل‪ :‬قامة من قامات‬ ‫الدين والوطن‬ ‫وكانت كلمة لرئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫الشيخ راتب نصر اهلل أبو ذياب‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬ ‫فقيدنا الشيخ الهجري قامة من قامات‬ ‫الدين والوطن‪ ،‬على الثوابت التوحيدية عقيدة‬ ‫ومسلكا ً وبذلك يهنأ ويُهنَّا‪ ،‬ومبا جاهد في‬ ‫خدمة مجتمعه ووطنه يفوز ويسعد‪ ،‬ذلك‬

‫من موقع مشيخة العقل املوقرة ذات القرار‬ ‫الديني والرعاية التوحيدية على الصراط‬ ‫خلف صالح‪،‬‬ ‫سلف صالح إلى‬ ‫املستقيم‪ ،‬من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫س َمت من نورٍ على نور إلى‬ ‫وعلى ُ‬ ‫السنَّة التي رُ ِ‬ ‫يوم النشور‪ ،‬وعلى الثوابت الوطنية ال يألو‬ ‫جهدا ً حفاظا ً على اللحمة الوطنية ووحدة‬ ‫الشعب أطيافا ً وأديانا ً ومذاهب وعلى قاعدة‬ ‫الدين هلل والوطن للجميع‪ ،‬لتبقى سوريا‬ ‫موحدة شعبا ً وجيشا ً وحكومة برئاسة‬ ‫وحدة‬ ‫ّ‬ ‫الد‪ .‬بشار األسد‪.‬‬

‫عامر‪ :‬خسارة للجبل والوطن‬ ‫كذلك كانت كلمة لألمير يحي عامر‬ ‫أشار فيها إلى أن «العزّة هلل جميعاً‪ ،‬يُع ُّز‬ ‫ّ‬ ‫ويذل َمن يشاء‪ .‬لقد كانت عزّة‬ ‫َمن يشاء‬ ‫املرحوم الشيخ أحمد الهجري من عند‬ ‫اهلل‪ ،‬وكانت مح ّبته في قلوب الناس من‬ ‫ّ‬ ‫بأن رحيل الشيخ‬ ‫محبة اهلل له‪ ،‬وال‬ ‫شك ّ‬ ‫ّ‬ ‫شكل خسارة للجبل‬ ‫أحمد الهجري‬ ‫وللوطن أجمع»‪.‬‬

‫رثاء الشيخ الهجري‬ ‫َ‬ ‫األوطان أشجانا ‬ ‫تغلغل في‬ ‫فق ٌد‬ ‫ِ‬ ‫عم احلواضرَ سوريا ولُبنانا‬ ‫َّ‬ ‫هج ٍر‬ ‫نب ُع الفضائل ِعر ُق‬ ‫ْ‬ ‫النس ِل من َ‬ ‫ٌ‬ ‫س ّكانا ً ور ّيانا‬ ‫فضل تألأل ُ‬ ‫نورُ العقيد ِة ميحو احلز َن مشتمالً‬ ‫القلوب مبا حتوي ِه إميانا‬ ‫شو َق‬ ‫ِ‬ ‫يا َمن تت ّو َج في الدنيا َمناق َب ُ ه‬ ‫تاج املت ِّوج يو َم الفوز قد حانا‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫شيخ تأ ّلق بَدرا ً في معار ِ ِجه ‬ ‫غاب عنَّا ويعلو ذكر ِه شانا‬ ‫ ‬ ‫قد َ‬ ‫ساع يجاه ُد حيث احلقُّ يطل ُب ُه‬ ‫ٍ‬ ‫بات إال ووج ُه احلقِّ قد بانا‬ ‫ ‬ ‫ما َ‬ ‫نسائمها‬ ‫ياض إذا ه َّبت‬ ‫تهفو الرِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫للذكرِ عنه مبا اعطى وما كانا‬ ‫ ‬ ‫األوطان غايت ُه‬ ‫في‬ ‫د‬ ‫التوح‬ ‫نهج‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫األديان عنوانا‬ ‫التوح َد في‬ ‫را َم‬ ‫ ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫فالقو ُل عنه إذا ما قو ُمه َّ‬ ‫ذك ُروا‬ ‫التقي وعه َد اهلل قرصانا‬ ‫كان‬ ‫ ‬ ‫ُّ‬ ‫يقضي ويُسأ ُ‬ ‫مجتمع‬ ‫أحوال‬ ‫في‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫بنهج احلق ميزانا‬ ‫دوما ً يَزي ُن‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫الثوابت عن أسالفه عمالً‬ ‫صا َن‬ ‫َ‬ ‫املدارس َمرقانا و َملحانا‬ ‫تلك‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫قيم‬ ‫ما دا َم فينا ُ‬ ‫ثبات العه ِد في ٍ‬ ‫بالصبر ننجو وبالتوحيد بُشرانا‬ ‫فارحم إلهي فقيدا ً كان ُمؤمتنا ً‬ ‫ْ‬ ‫دينا ً ودُنيا فما َّ‬ ‫كل وال النا‬ ‫ ‬

‫الشيخ راتب نصر اهلل‪:‬‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫وهاب يزور شيخ العقل‬ ‫حسين جربوع‬ ‫زار وهاب شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز‬ ‫في سوريا الشيخ حسني جربوع‪ ،‬وبعد اللقاء‬ ‫قال وهاب‪« :‬لطاملا كانت وحدة سوريا وق ّوتها هي‬ ‫األولوية بالنسبة لكم أل ّن كرامتها هي كرامة‬ ‫لألمة‪ ،‬ولهذه الطائفة التوحيدية‪ ،‬التي لعبت‬ ‫ّ‬ ‫دورا ً تاريخيا ً كبيرا ً حلماية سوريا‪ ،‬وستبقى بوجود‬ ‫سماحتكم واملشايخ األفاضل كرمية عزيزة‪ ،‬كبيرة‬ ‫وشامخة‪ ،‬وسيبقى اجلبل هو األساس في وحدة‬ ‫سوريا وصمودها‪ ،‬وما موقفكم سوى املوقف‬ ‫احلقيقي لهذه الطائفة واجلبل‪ ،‬واملوقف احلقيقي‬ ‫نستمد اليوم التوجيهات منكم‬ ‫لسوريا أيضاً‪ ،‬لذا‬ ‫ّ‬ ‫ألنها صادقة ولم يكن هدفها يوما ً سوى مصلحة سوريا واألمة والطائفة‬ ‫باخلصوص»‪.‬‬

‫الشيخ جربوع‪ :‬أموال املفتنني‬ ‫ال تُصرف لدى بني معروف‬ ‫أما الشيخ جربوع فقال‪« :‬نعتبر سوريا ولبنان وطنا ً واحداً‪ ،‬ونفخر‬

‫ونعت ّز مبواقف الطائفة ووحدة ّ‬ ‫صفها ومتاسكها بالرغم من محاوالت‬ ‫الكثيرين للتفرقة وإثارة الفتنة‪ ،‬في األيام العادية وكذلك في هذه‬ ‫األيام الصعبة التي تعيشها سوريا‪ ،‬لذلك نؤكد أن مصائبنا واحدة‬ ‫وانتصاراتنا واحدة‪ ،‬والنصر أصبح قريبا ً إنشاء اهلل ضد هذه املؤامرة‪،‬‬ ‫خاصة وأن سوريا أصبحت وحدها في املعركة ضد الدول «العبرية»‬ ‫التي تتعامل مع «إسرائيل» ضد سوريا ولبنان على ح ٍّد سواء‪ ،‬وتدفع‬ ‫أمواال ً طائلة ّ‬ ‫لكن أموالهم ال ت ُصرَف لدى بني‬ ‫لبث الفتنة بني الناس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫معروف»‪.‬‬

‫‪ ...‬وبعد لقائه نائب وزير الخارجية اإليرانية‬ ‫وهاب‪ :‬بدأنا نخرج من أحادية الزعامة العالمية‬ ‫زار رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب يرافقه مستشاره ياسر‬ ‫الصفدي السفارة اإليرانية في بيروت‪ ،‬والتقى نائب وزير اخلارجية اإليرانية للشؤون‬ ‫العربية واألفريقية د‪.‬حسني أمير عبد اللهيان‪ ،‬بحضور سعادة السفير اإليراني‬ ‫د‪.‬غضنفر ركن أبادي‪.‬‬ ‫بعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬تشرفنا بلقاء نائب وزير اخلارجية اإليرانية الدكتور حسني‬ ‫أمير عبد اللهيان بحضور سعادة السفير غضنفر ركن أبادي‪ ،‬وحتدثنا بالوضع‬ ‫اللبناني والسوري والعربي وعلى صعيد املنطقة ككل‪ .‬وطبعا ً خرجنا مطمئنّني‬ ‫على كل األوضاع خاصة على صعيد محور املقاومة واملمانعة‪ ،‬وعلى النقاط التي‬ ‫حقّ قها هذا احملور في الصراع الدائم في املنطقة خاصة خالل األشهر املاضية‪ ،‬وطبعا ً‬ ‫طمأننا معالي الوزير على الوضع على مستوى ايران واخلليج وعلى مستوى الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬فايران لديها كل االستعدادات ملواجهة كل االحتماالت بقوة وثبات وهذا‬ ‫أمر يطمئن»‪.‬‬ ‫وتط ّرق وهاب للموضوع السوري فقال‪“ :‬شكرنا معالي الوزير على املوقف االيراني‬ ‫بالنسبة للوضع في سوريا‪ ،‬شكرناه على الدور الذي لعبته ايران في كبح جماح‬ ‫بعض الذين حاولوا استهداف سوريا والذين كانت رؤوسهم حامية في الفترة األولى‬ ‫لألزمة‪ ،‬إال ً أن املوقف االيراني قد “ب ّرد” هذه الرؤوس احلامية‪ ،‬بد ًءا من املوقف اإلسرائيلي‬ ‫وصوال ً الى املواقف األخرى التي حاولت استهداف سوريا في املرحلة املاضية‪».‬‬ ‫وأضاف رئيس حزب “التوحيد العربي”‪“ :‬إن املوقف اإليراني كان له الدور األساسي‬ ‫في إعادة التوازن لـ “اللعبة”‪ ،‬ال بل في حفظ أمن هذه املنطقة التي كانت الفوضى‬ ‫ستعمها لو حصل أي اعتداء على سوريا‪ ،‬فاملوقف االيراني ساهم الى ح ّد كبير في‬ ‫ّ‬ ‫تغيير جزء من اللعبة الدولية التي نستطيع أن نقول أنها تغ ّيرت بعد دخول املوقفني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الروسي والصيني على اخلط بشكل قوي»‪.‬‬ ‫وأشار وهاب الى أننا بدأنا نخرج من أحادية الزعامة العاملية التي أدت الى ما أدت‬ ‫اليه من حروب وفوضى في املنطقة‪.‬‬ ‫وأخيرا ً حتدث وهاب بامللف الفلسطيني فقال‪“ :‬طمأننا معالي الوزير الى صالبة‬ ‫ّ‬ ‫نتذكر‬ ‫املوقف الداعم للمقاومة في لبنان وفلسطني‪ ،‬ونحن مبناسبة “يوم األرض”‬ ‫فلسطني كما ّ‬ ‫نتذكرها في “يوم القدس” وكل أيام السنة‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول بأن “العرب تركوا فلسطني عشرات السنوات وهم كانوا على‬ ‫وشك نسيانها‪ ،‬إال أن الدعم االيراني جعلها حاضرة بعد أن أراد البعض تغييبها عن‬ ‫املعادلة‪».‬‬

‫‪26‬‬


‫وهاب شارك في مهرجان سخنين ألبناء الجليل والجوالن‪ :‬األزمة في سوريا‬ ‫انتهت وهي أمام معركة اإلصالح الداخلي والتطور‬

‫نظمت اللجنة الشعبية لدعم سوريا‬ ‫مهرجانا ً خطابيا ً في املركز اجلماهيري في‬ ‫سخنني في فلسطني احملتلة‪ ،‬حضره املئات من‬ ‫أبناء اجلليل واجلوالن “نصرة للشعب السوري‬ ‫وقيادته الوطنية ورفضا للمؤامرة احملاكة ضد‬ ‫سوريا” ‪ -‬حسبما ذكرت اللجنة الشعبية لدعم‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫افتتح املهرجان بالنشيد الوطني السوري‬ ‫“حماة الديار” تبعه النشيد الوطني الفلسطيني‬ ‫“موطني” ثم دقيقة صمت حدادا على أرواح‬ ‫شهداء األمة‪.‬‬ ‫وتولى تعريف املهرجان محاسن قيس ثم‬ ‫ألقى كلمة اللجنة الشعبية للدفاع عن سوريا‬ ‫أنيس غنامي الذي قال‪“ :‬إن ما يحدث في سوريا‬ ‫هو خطة إسرائيلية أميركية تنفذ على الشعب‬ ‫السوري مستغلة عبارات مشرقة مثل احلرية‬ ‫والدميقراطية بينما اخملطط هو استهداف سوريا‬ ‫املمانعة واملقاومة»‪.‬‬ ‫كما وحتدث عبر الهاتف من لبنان رئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” وئام وهاب والذي أكد في‬ ‫كلمته “أن انتصار سوريا آت ال محالة وما هي‬ ‫إال أسابيع حتى تنجلي هذه الغمامة عن سوريا‬ ‫وتسقط املؤامرات ضدها»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬إن التضامن مع سوريا في‬ ‫مواجهة الغزوة اخلارجية هو تضامن مع الثوابت‬ ‫القومية واحلقوق العربية‪ ،‬وإنها ملناسبة جندد‬ ‫فيها دعوتنا لتعزيز محور املقاومة بدءا ً من‬ ‫فلسطني احملتلة مرورا ً بالعراق ولبنان واجلوالن‬ ‫العربي السوري احملتل‪.‬‬ ‫وتابع‪ “ :‬يا أبناء سخنني ‪ ،‬يا أبناء فلسطني‬ ‫احملتلة‪ ،‬انطالقا ً من مسؤوليتنا وواجبنا القومي‬ ‫ندعو إلى تعزيز قدرة سوريا املمانعة على‬

‫مواجهة املتآمرين عليها‪ ،‬وإفشال مشروع الغزوة‬ ‫اجلديدة على بالد األمويني التي احتضنت املقاومة‬ ‫ضد االحتالل اإلسرائيلي»‪.‬‬ ‫وشدد وهاب على “أن ما نواجهه في سوريا‬ ‫وفي كل شبر محتل من أرضنا العربية العزيزة‬ ‫على قلوبنا يستدعي منا املزيد من التضامن‬ ‫ّ‬ ‫الصف ودعم كافة اجلهود الهادفة إلى‬ ‫ووحدة‬ ‫تطوير منعة األمة والدفاع عن مقدساتها في‬ ‫فلسطني احملتلة «‪.‬‬ ‫وأضاف‪ “ :‬في يوم التضامن مع الشعب‬ ‫السوري وقيادته الوطنية التي اتخذمتوه عنوانا ً‬ ‫للقائكم في سخنني احلبيبة نتطلع وإياكم‬ ‫إلى غد نكون فيه املبادرين األوائل إلى إصالح‬ ‫أنفسنا بالطريقة التي حتقق مصلحة شعبنا‬ ‫وتأمني لقمة عيش كرمية له واحلفاظ على هويته‬ ‫الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪ :‬في هذه املناسبة جندد الدعوة‬ ‫إلى تعزيز خيار املقاومة وإتاحة الفرصة أمام‬ ‫شباب األمة وإفساح اجملال أمامهم ملناقشة‬ ‫قضايا احلاضر واملستقبل بروح حتررية تستلهم‬ ‫حتقيق املصالح القومية العليا وتعزيز قدرة أمتنا‬ ‫على مجابهة التحديات املصيرية‪.‬‬ ‫كلمة وفد اجلوالن السوري احملتل ألقاها‬ ‫الشيخ هايل شرف والذي حتدث في كلمته‬ ‫عن “اإلصالحات التي قدمتها القيادة السورية‬ ‫ودستورها املتنور اجلديد “منتقدا” الفتاوى‬ ‫اجلديدة التي أباحت قتل املسلم للمسلم” ‪ -‬على‬ ‫حد تعبيره ‪ -‬وأنهى كلمته “بانتقاد للجامعة‬ ‫العربية التي يجير موقفها لصالح املؤامرة على‬ ‫سوريا»‪.‬‬ ‫كما حتدث عضو الكنيست سعيد نفاع‪،‬‬ ‫فأكد في كلمته على “أن خيوط املؤامرة كانت‬

‫‪27‬‬

‫واضحة منذ البداية على سوريا وكان جليا منذ‬ ‫البداية أن احلديث ال يدور عن مطالب متعلقة‬ ‫بإطالق احلريات وإمنا استهداف سوريا”‪ .‬وكذلك‬ ‫حتدث محمد حسن كنعان رئيس احلزب القومي‬ ‫العربي الذي أشاد بـدور سوريا القومي وضرورة‬ ‫التصدي للمؤامرة التي تخطط لها‪.‬‬ ‫أما الشيخ كنج عزي من بيت جن والذي‬ ‫سبق له زيارة سوريا ضمن وفد من البالد فقال‬ ‫في كلمته‪“ :‬إننا هنا لسنا متضامنني مع سوريا‬ ‫بل نحن سوريون وعرب أقحاح وما هذه احلدود إال‬ ‫حدود وهمية فكلها شام ونحن شاميون عرب»‪.‬‬ ‫ثم طرح مسؤول جلنة املتابعة العليا عبد‬ ‫عنتباوي‪ ،‬التي تنسق بني احلركات واألحزاب‬ ‫السياسية العربية البرملانية وغير البرملانية‪،‬‬ ‫في كلمة له “مجموعة من االنتقادات الالذعة‬ ‫لكل من يقف مع املؤامرة ضد سوريا” ‪ -‬على‬ ‫حد وصفه ‪ -‬مؤكدا ً “أن احلديث يدور عن مخطط‬ ‫شامل ضد األمة ال يغفل عن ذلك إال أعمى”‪،‬‬ ‫داعما ً “مسيرة اإلصالح”‪ ،‬ومنتقدا ً “املعارضة‬ ‫غير الوطنية” ‪ -‬على حد تعبيره ‪ -‬ومؤكدا ً “أن‬ ‫الوطنيني احلقيقيني هم أولئك الذين يقولون‬ ‫أحرارا ً إلى جانب النظام ولسنا عبيدا ً لالستعمار‬ ‫ونعم للحلم في سوريا الكبيرة التي تشمل‬ ‫كافة بالد الشام‪ ،‬األردن‪ ،‬لبنان‪ ،‬فلسطني وسوريا‪،‬‬ ‫ومن يشاء معرفة بوصلة الوطن أين هي فليعرف‬ ‫أن بوصلة الوطن هي املقاومة وحتديدا املقاومة‬ ‫اللبنانية”‪ ،‬مؤكدا “أن هناك تخاذال في املوقف‬ ‫الرسمي الفلسطيني في رام اهلل وال يختلف‬ ‫عنه موقف حركة املقاومة اإلسالمية حماس»‪.‬‬ ‫أما محمد ميعاري فأكد أنه‪”:‬ليس املهم ما‬ ‫كان موقفك خالل األزمة السورية وما قبلها‬ ‫ولكن األهم ما هو موقفك اليوم»‪.‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫أمانة البيئة في حزب «التوحيد العربي» تحيي مناسبة يوم األرض‬ ‫في مركز مفوضية الشوف األعلى للحزب في نيحا‬

‫أمني البيئة أمير سري الدين يقدم أشجار األرز لرابطة التضامن االجتماعي‬

‫أحيت أمانة البيئة في حزب “التوحيد العربي”‬ ‫مناسبة يوم األرض في مركز مفوضية الشوف‬ ‫األعلى للحزب في بلدة نيحا الشوف‪ ،‬بحضور‬ ‫أمني البيئة الرفيق أمير سري الدين وأمني التربية‬ ‫والشباب الرفيق شادي غندور ومفوض عام‬ ‫الشوف األعلى الرفيق عبد السالم اخلطيب وعدد‬ ‫من الرفاق احلزبيني واملناصرين‪ ،‬كما متثلت رابطة‬ ‫التضامن االجتماعي لبلدة نيحا بحضور عضوين‬ ‫من الهيئة اإلدارية هما السيد علي أمني عزام‬ ‫والسيد ذبيان جنيب ذبيان‪.‬‬ ‫وألقى أمني البيئة الرفيق أمير سري الدين‬ ‫كلمة باملناسبة جاء فيها‪:‬‬ ‫“نحن اليوم في نيحا بلدة النبي أيوب والنبي‬ ‫دائما في قلوبنا‪ ،‬فأهالً وسهالً بنا يا جيران النبي‬ ‫في بلدتكم وأهالً وسهالً بكم في قلوبنا‪.‬‬ ‫قد ننسى موعد أحد األعياد أو موعد إحدى‬ ‫املناسبات لكننا ال ننسى أن نتنفس هواء هذه‬ ‫األرض وال ننسى أن نشرب ماء هذه األرض وال‬ ‫ننسى أن نأكل خير هذه األرض‪ ،‬فكيف لنا أن‬ ‫ننسى يوم األرض؟ هذه األرض التي طمرنا فيها‬ ‫فضالت عيشنا فأخرجت لنا زرعا ً طيبا ً وشجرا ً‬ ‫باسقاً‪ .‬هذه األرض افترقنا على سطحها ورشقنا‬ ‫وجهها بالنار فجمعتنا حتت غيمة واحدة وأثلجت‬ ‫صدورنا وجمعتنا فوق أرض واحدة نتشارك الهواء‬ ‫واملاء والتراب فلم متنع عن أحد خيرها ولم تفضل‬ ‫انسانا ً على آخر‪ .‬هذه هي األرض وها نحن اليوم‬ ‫أمانة البيئة نحيي يومها معكم‪ .‬ال بل نحيي يوم‬ ‫اإلنسان عليها‪.‬‬ ‫قد نختلف في اآلراء السياسية أو االجتماعية‬ ‫ولكن هل يختلف اثنان على أن التلوث سوف‬ ‫يقضي على مستقبل أوالدنا؟ أو أن الكسارات‬ ‫التي تقضم جبالنا والنار التي تأكل غاباتنا‬ ‫سوف حتول أرضنا الطيبة الى صحراء قاحلة؟‬ ‫وهل يختلف اثنان على أن تلوث الهواء حولنا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كما ألقى السيد نبال أبو هدير قصيدة تكرميية‬ ‫خاصة برئيس احلزب معالي الوزير األستاذ وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬

‫نبال أبو هدير‬

‫ومياهنا اجلوفية سيحول مستقبل أوالدنا الى‬ ‫كارثة حقيقية؟ وهل يختلف اثنان على أن‬ ‫مصير أبنائنا يستحق منا أكثر من كلمة؟ مبا‬ ‫أننا متفقني على أن األرض هي أم جميع البشر‪،‬‬ ‫ورعايتها واجب علينا‪ ،‬دعونا نكون يدا ً واحدة‬ ‫تزرعها وترفع التلوث عنها‪ ،‬دعونا نكون صوتا ً‬ ‫واحدا ً يتكلم باسمها ويدافع عنها‪ ،‬دعونا اليوم‬ ‫جنعل كل يوم من أيامنا يوم األرض‪ ،‬ليس حبا ً بها‬ ‫فحسب بل رأفة مبستقبل أبنائنا وحبا ً بالبقاء‪.‬‬ ‫فلنزرع كما زرع أجدادنا زيتونا ً مباركة جتمع أبناءنا‬ ‫حتت راية العطاء ومحبة األرض‪.‬‬ ‫وأخيرا نقول لقد اجتمع آباؤنا رغم اختالفاتهم‬ ‫وزرعوا على علمنا أرزة أصبحت رمزا ً يقينا غضب‬ ‫املستعمر‪ ،‬فدعونا اليوم نزرع في األرض أرزة تكون‬ ‫رمزا ً يقي أوالدنا غضب الطبيعة‪”.‬‬

‫‪28‬‬

‫جتلى اجملد عا أرض لبنان وشر ق‬ ‫تا يصنع التاريخ عا بوابو طرق‬ ‫وجسد وئامنا من دم الرجال ‬ ‫وبيرق احلق الح بالنصر وبرق‬ ‫ ‬ ‫وئام متل النسر جنحوا الغيم طال‬ ‫حرم عا أرض بالدنا غيرو مرق‬ ‫ ‬ ‫لبنان وبيت وهاب أخوة بهل اجملال‬ ‫وياما شعوب قلوبها عليك حترق‬ ‫وياما جحافل سيرو فوق التالل‬ ‫وحبة من كرامتك ال راح وال نسرق‬ ‫وأنت باقي األوحد بعني الزوال ‬ ‫ورقة كتبها اجملد بكتاب اخللود‬ ‫بحروف دم مسطرة فوق الورق‬ ‫وملا األعادي شعلوا حرب الهوان‬ ‫ونصبوا كمني حقدن والشرك‬ ‫و ّقعوا العالم باملغطس كمان ‬ ‫وصار يكون عالئمن برك‬ ‫وليوم ملا عاد الوئام وعاد األمان ‬ ‫بنفوس غير محبينو ما ترك‬ ‫وأنت داعي للتآخي دوم كان‬ ‫درزي ومسيحي ومسلم بال تفرقة‬ ‫رمز احملبة والتعايش مشترك‬ ‫وفي اخلتام قدمت أمانة البيئة شجرتي أرز‬ ‫لرابطة التضامن االجتماعي في نيحا كما قدمت‬ ‫أيضا ً أشجار الزيتون على احلاضرين‪.‬‬


‫مفوضية المتن األوسط في حزب «التوحيد العربي»‬ ‫أحيت عيدي األم والطفل في بلدة بعلشمي‬ ‫أحيت مفوضية املنت األوسط عيدي‬ ‫األم والطفل في بلدة “بعلشمي”‪ ،‬بحضور‬ ‫مفوض املنت األوسط الرفيق نعيم الدنف‬ ‫ومنسق الشوؤن االجتماعية الرفيق لواء‬ ‫الدنف‪ ،‬ومنسق اإلعالم الرفيق حمزه وعدد‬ ‫من طالب والهيئات التعليمية في املدارس‬ ‫اجملاورة‪ ،‬استهل احلفل بكلمة منسق‬ ‫الشؤون االجتماعية في مفوضية بعلشمي‬ ‫رحب فيها باحلضور‪ ،‬جاء‬ ‫الرفيق لواء الدنف ّ‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫عيد الطفل ليس كأي عيد مير مرور الكرام‪،‬‬ ‫مشغول بالقضايا االجتماعية‬ ‫في بل ٍد‬ ‫ٍ‬ ‫واملقاعد‬ ‫والسياسية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫واحملسوبيات‪ ،‬لذا قرر حزب “التوحيد العربي”‬ ‫تكرمي الطفل في عيده لزرع الفرح في ديارهم‬ ‫مكان الشوك في مكان كان باألمس فيه‬ ‫وروداً‪.‬‬ ‫بهذ املناسبة‪ ،‬نتذكر أطفال فلسطني‬ ‫احملتلة‪ ،‬وأطفال سوريا املعذبة من غدر الزمن‪،‬‬ ‫وأطفال مصر وتونس واليمن وليبيا والعراق‪.‬‬ ‫ونتساءل ملاذا هذه املناسبة بالذات؟ هل هي‬ ‫لتذكر املآسي والعنف؟ وتذكر الدموع على‬ ‫يوم ميوتون؟ معا ً نصنع الفرحة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أطفال كل ٍ‬ ‫ال نريد مبعوثاً‪ ،‬وال نريد أحدا ً يعلمنا كيف‬ ‫هو حق الطفل في العالم العربي‪ .‬فكلُنا‬ ‫آباء ولدينا أطفاالً‪ ،‬نفرح لفرحهم ونحزن‬ ‫حلزنهم‪ .‬ولو كان باستطاعتنا أن منحي األلم‬ ‫عن جميع أطفال العالم‪ ،‬لفعلنا‪ ،‬وال نفعل‬ ‫كما يفعل املتوحشون‪ ،‬حتت شعار اإلنسانية‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬الطفل في العالم العربي يعاني‪،‬‬ ‫ويعرف معنى التراب باكراً‪ ،‬وكم أن األرض‬ ‫رائعة ومدهشة‪ ،‬ألنها حتتضن أطفاال ً‬ ‫شهداء‪.‬‬ ‫نعم نحن معكم‪ ،‬ولو احتفلنا هنا‬ ‫في وطننا لبنان‪ ،‬قلوبنا معكم واهلل‬ ‫يحمي بالدنا من كل ضيم‪ ،‬وأنتم يا براعم‬ ‫املستقبل نتمنَى لكم السعادة والتق ُدم‬ ‫في احلياة‪.‬‬ ‫لهذه األسباب‪ ،‬قرَرت أمانة الشؤون‬ ‫اإلجتماعية في حزب “التوحيد العربي”‪،‬‬ ‫أن ت ُكرِم الطفل في عيده‪ ،‬عربون محبة‬ ‫وإخالص‪.‬‬ ‫وتخلل احلفل عرضا ً مسرحيا ً قدمته فرقة‬ ‫“أصدقاء الدمى”‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫في أول إطاللة لها بعد تسلمها اإلدارة‬

‫مديرة مدرسة الجاهلية المتوسطة الرسمية سحر وهاب تك ّرم‬ ‫المربي األستاذ منير أبو رجيلي بمناسبة إحالته على التقاعد‬ ‫أقيم في مدرسة اجلاهلية املتوسطة الرسمية‬ ‫حفل تكرميي للمربي األستاذ منير أبو رجيلي‬ ‫مبناسبة نهاية خدماته وإحالته على التقاعد‪.‬‬ ‫حضر االحتفال باإلضافة الى الهيئة التعليمية‬ ‫في املدرسة فعاليات تربوية واجتماعية من بلدة‬ ‫اجلاهلية وبنويتي ووادي بنحليه وفي مقدمتهم‬ ‫مدير املدرسة السابق األستاذ يوسف أبوذياب‪.‬‬ ‫استهل احلفل بكلمة للسيدة سحر وهاب أشادت‬ ‫فيها بالدور التربوي الذي لعبه احملتفى به األستاذ‬ ‫أبو رجيلي كما أثنت على مناقبيته وعطاءاته خالل‬ ‫مسيرته التربوية والتعليمية ومما جاء في كلمتها‪:‬‬ ‫ها نحن اليوم نكرم مربيا ً شاركنا األفراح واألحزان‬ ‫بكل املناسبات أال وهو األستاذ منير‪ ،‬نكرم مربيا ً‬ ‫يصح فيه القول رسوال ً مؤمنا ً محبا ً صادقا ً ما انكفا‬ ‫يوما ً عن القيام بواجبه‪ ،‬وكأني به كان يقول كلما‬ ‫دخل حرم املدرسة ربي طهر نفسي من غواية الغرور‬ ‫في التعليم‪ ،‬ربي خذ بيدي وأنا أدخل مدرستي‪ ،‬فال‬ ‫أحمل همومي الى قاعة درسي وإمنا أحمل همتي‪،‬‬ ‫ربي اجعل يدي لينة إذا عاقبت وقوية سخية إذا‬ ‫أعطيت‪ ،‬واجعل يا رب سعادتي أن أحقق غايتي في‬ ‫تربية الناشئة وأدخل الى املدرسة نورك األسمى‬ ‫فهي خير سعادة لي في احلياة‪.‬‬ ‫ق ّربت ليي وقالت‬ ‫صرلي شهر ناطرة ‬ ‫س ِهرِت‬ ‫وعيوني شاردي ْ‬ ‫ملّا اجلسم ّ‬ ‫عل ذبلِت الغ ّره‬ ‫إنت األهل إنت العمر‬ ‫وق ّربت ليها عا مسافة ميل ‬ ‫راسها عا صدري ارتكا ‬ ‫وشفافها متتمت عا طول ‬ ‫حدي‬ ‫فتّحت عيني ما لقيتها ّ‬ ‫أتاري احللم طاغي علينا‬

‫هكذا كنتم يا أستاذ منير‪ ،‬فاسمك إسم على‬ ‫مسمى‪ ،‬هكذا أنت سموح مقدام لني الكالم‪،‬‬ ‫صادق اللسان وهكذا عرفتك وعرفك رفاقك‪ ،‬فانت‬ ‫باق معنا وبيننا إن شاء اهلل‪ ،‬فعسى أن تكون طويل‬ ‫ٍ‬ ‫العمر‪ ،‬مفعم بالسعادة مدى احلياة‪.‬‬ ‫كما حتدث األستاذ سهيل بوذياب عن عطاءات‬ ‫وخدمات األستاذ منير وتضحياته في سبيل طالب‬ ‫املدرسة ومما قال‪:‬‬ ‫لقدعمل األستاذ منير في مدرستنا فأعطى‬ ‫الكثير الكثير أحب زمالءه وطالبه‪ ،‬فأحبوه واحترموه‬ ‫كان يعطي من غير منة وكان عطاؤه إحيا ًء لروح‬ ‫التعاون واحملبة واألخوة بني طالبه‪ ،‬كان محدثا ً لبقا ً‬ ‫يشعر اآلخرين بلذة االستماع حلديثه‪ ،‬وخطاطا ً‬ ‫ماهرا ً ما كان اليراع بني أنامله إال مترجما ً ملا في‬ ‫داخله من جمال الروح واألخالق وكان سباقا ً في‬ ‫كسر احلواجز الطائفية واالنطالق نحو املواطنية‬ ‫احلقة التي تبني األوطان وحتقق االنتصار والعيش‬ ‫الكرمي‪.‬‬ ‫ورد احملتفى به بكلمة حيا فيها جهود اإلدارة‬ ‫والهيئة التعليمية وأشاد بصداقتهم ومحبتهم‬ ‫والتفافهم حوله خالل املدة الطويلة التي قضاها‬ ‫في املدرسة ومما جاء في رده‪:‬‬

‫وينَك يا نور عينيي‬ ‫وصوت َك مشوش ب ِدينَيي‬ ‫وصورت َك ما فارقت د ّيي‬ ‫صرَ ِخت حبيبي وما قلِت يا ب ّيي‬ ‫طلِع الصوت مني بِحن ّيي‬ ‫شديتها ل ّيي‬ ‫ضميتها ّ‬ ‫ّ‬ ‫وزنودها ّ‬ ‫لفت حوال ّيي‬

‫حدي يا نور عين ّيي‬ ‫خ ّليك ّ‬

‫متل مجنون ّ‬ ‫إنلفت حوال ّيي‬ ‫ويا ريت يص ُدق حلم عين ّيي‬

‫ّ‬ ‫فكرت فيها وقلِت ‬ ‫وين بدها تروح وحياة ربي‬ ‫وحياتكن مرجعها ل ّيي‬

‫إيهاب مفيد فيّاض‬ ‫صوفر ‪ -‬لبنان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لقد كان قدري في احلياة أن أكون زميالً لكم في‬ ‫التربية والتعليم‪ ،‬وكان هذا شرف لي سيالزمني‬ ‫عدة‪ ،‬وعلمت في‬ ‫مدى احلياة‪ .‬تنقلت في مدارس ّ‬ ‫صفوفها‪ ،‬وكنت دائما ً شديد االهتمام‪ ،‬أجهد‬ ‫نفسي ألترك ورائي ولو أثرا ً طيبا ً للعابرين على‬ ‫اجلسور الى املعرفة‪ ،‬الى اإلنسانية املثلى ‪ ...‬هكذا‬ ‫علمتني احلياة‪ .‬وقبل أن أنتقل الى مدرسة اجلاهلية‪،‬‬ ‫كان لي في هذه البلدة احلبيبة أهل وأحبة‪ ،‬وأخوة‬ ‫وأخوات‪ ،‬واصدقاء ورفاق‪ .‬وكان بيننا وعلى مدى‬ ‫أجيال متعاقبة‪ :‬خبز وملح وهذا اخلبز وامللح احلالل‬ ‫قد أنتج صدقا ً وصداق ًة ومصداقي ًة وث ّبت وعزّز بيننا‬ ‫العيش األخوي الهانىء‪.‬‬ ‫هذا اجلو األخوي‪ ،‬املفعم بالصدق والصفاء‪ ،‬كان‬ ‫رائدنا على الدوام وقد انعكس صور ًة جميل ًة في أرجاء‬ ‫املدرسة ومحيطها‪ .‬جتلت هذه الصورة في احلس‬ ‫الوطني والتعاون واإلخالص‪ ،‬والوفاء للواجب‪ .‬فشهدنا‬ ‫أنذاك نهضة تربوية واجتماعية وعلمية بناءة كان‬ ‫لها اآلثر الكبير على املدرسة واجملتمع‪ .‬وقد ارتسمت‬ ‫عميقا ً في ذاكرتي من هذه األيام صور ومشاهد‬ ‫للماضي واحلاضر واملستقبل لن أنساها أبداً‪.‬‬ ‫وفي تهاية االحتفال أقيم حفل كوكتيل شارك‬ ‫فيه جميع املدعوين بجو مفعم باحملبة والسرور‪.‬‬

‫راهنوا وصلها الدور عا جناح ّ‬ ‫مرك ِبي‬

‫مكركبـي‬ ‫عا سوريا واجلو معتم والغيوم‬ ‫ِ‬

‫يــا أرض ه ِّدي يــا جنوم تكهربِـي ‬ ‫انتهـــت يـــا غبــــــي‬ ‫وحلَّك تفــهم إنّـــا ِ‬ ‫وشعب الوطن للوطن عا حبو ربـي ‬ ‫مذهبـــــي‬ ‫ُّ ِ ِ وكتَبنَـــا القصــــايد بِـحروف ّ‬ ‫الزكزكي ‬ ‫عايـشـي َع‬ ‫و ْملوك كـانت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حبــي‬ ‫كـشــي‬ ‫ِ‬ ‫و َع الفرْ ِ‬ ‫والكوكشــي واحل ْب ِ‬ ‫وتفلفشو وتكنشفو ولِ ْب ُ‬ ‫سوا ال ِع ِبـيو ْعقَـــال أســـود مــع ّ‬ ‫مقص ِبـــي‬ ‫حطـــة‬ ‫ّ‬ ‫بســن م ّثلونـا يـا أبِـي‬ ‫ِفكــ ُرن بلِ ُ‬ ‫لكـــن عقولُـــن يَع ُربِــــي‬ ‫لِ ْب ُ‬ ‫ســـن عرَب ِ‬ ‫الغبي ‬ ‫ُح َّكـام أغبى يـا حبيبي مـن ِ‬ ‫البـ “شمونة” رِبِي‬ ‫ِ‬ ‫خصوصي رئيس اجلامعة ِ‬ ‫وصلتلوا األوامر مع‬ ‫َ‬ ‫فلوسا من ِه َبات ومن ِه ِبي ّ‬ ‫ونفذ الوصايــا من توتو وفوفو األجنبــي‬ ‫األرنبي ‬ ‫ناطر تا يصيد‬ ‫ما ِعرفوا النسر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ناطـــر باملطار احلرب َ ِجـــــي‬ ‫ّ‬ ‫ووهـــاب ِ‬ ‫ل َّبس سوريــا يـا حبيبـي َهـــ ال ِع ِبي‬ ‫املرتبـــــــي‬ ‫نصبـوال‬ ‫شـــافو الفــرق ّ‬ ‫ِ‬ ‫طل ِعت روسيا مع الصني هنِّي ال َعربي ‬ ‫نبي‬ ‫ِ وقالوا معهن ُفرس ويا محال َ‬ ‫فرسك يا ِ‬ ‫بحسرة مسرسبي ‬ ‫مات رياض وغليون َ‬ ‫مبركبــــي‬ ‫حملوهـــن‬ ‫ِ جيبــوا الكفـــن ّ‬ ‫ِ‬ ‫رفاقهن ‬ ‫َعـزُّو حمد وأردوغـان بو َفـا ْة‬ ‫ُ‬ ‫راحــوا َعــا جهنَّــم َ‬ ‫درك ِبـــي‬ ‫َع النــار ُ‬

‫شاعر من لبنان‬

‫‪30‬‬


‫هيئة العمل التوحيدي تشارك في مؤتمر علماء‬ ‫بالد الشام لنصرة القدس‬

‫شارك رئيس هيئة العمل التوحيدي الدكتور الشيخ‬ ‫راتب نصر اهلل على رأس وفد من الهيئة اإلدارية في مؤمتر‬ ‫علماء بالد الشام لنصرة القدس الذي أقامته وزارة األوقاف‬ ‫السورية برعاية الرئيس بشار األسد وبالتعاون مع جتمع‬ ‫العلماء املسلمني في لبنان مبشاركة علماء من سوريا‬ ‫واألردن وفلسطني ولبنان وذلك في مكتبة األسد الوطنية‬ ‫بدمشق‪ ،‬بتاريخ ‪ 2012/4/10‬في الشام – سوريا‪.‬‬ ‫استهل املؤمتر أعماله بتشكيل احتاد علماء بالد الشام‬ ‫وانتخاب العالمة محمد سعيد رمضان البوطي رئيسا ً‬ ‫له‪ ،‬حيث لفت املشاركون إلى دور سوريا ودعمها لقضية‬ ‫فلسطني والذي متثل في وقوف الشعب السوري مع‬ ‫إخوانه في فلسطني في شتى امليادين وفي ثبات سوريا‬ ‫ورفضها التفريط بأي حق للشعب الفلسطيني في‬ ‫استعادة حقه الكامل في أرضه وعدم التنازل عن أي حق‬ ‫في سيادة هذا الشعب على أرضه أو في حماية ورعاية‬ ‫مقدساته‪.‬‬ ‫وناقش املشاركون أبعاد املؤامرة التي تتعرض لها سوريا‬ ‫ومحاولة النيل من مواقفها الوطنية والقومية ودور الفكر‬ ‫التكفيري والفتاوى التحريضية والطائفية وخطرها على‬ ‫وحدة األمة وتوحيد جهود علماء بالد الشام في مكافحة‬ ‫التطرف والطائفية والتحديات التي تهدد وحدة األمة‬ ‫وسبل مواجهتها من قبل علماء بالد الشام‪.‬‬ ‫ودعا املؤمتر للوقوف في وجه املمارسات الصهيونية‬ ‫اخلطيرة لتهويد القدس الشريف وهدم املسجد األقصى‬ ‫وأ ّيد النهج الوطني لسوريا للحفاظ على وحدة أرضها في‬ ‫ظل املؤامرات املتتالية التي حتاك ضدها ويثمن مواقفها‬ ‫من القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫وت ّوجت أعمال املؤمتر بزيارة للرئيس الدكتور بشار‬ ‫األسد‪ ،‬ضمت الهيئة التأسيسية للمؤمتر على رأس أمني‬ ‫عام هيئة علماء بالد الشام لنصرة القدس العالمة محمد‬ ‫سعيد رمضان البوطي ومفتي سوريا الدكتور أحمد بدر‬ ‫الدين حسون ووفد من هيئة العمل التوحيدي‪.‬‬ ‫وباملناسبة ق ّدمت هيئة العمل التوحيدي كلمة‬ ‫للهيئة التأسيسية للمؤمتر‪ ،‬ستنشر الحقا ً في كت ّيب‬ ‫خاص بأعمال املؤمتر‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬ ‫“سبحان الذي أسرى بعبده ليالً من املسجد احلرام الى‬ ‫املسجد األقصى الذي باركنا حوله” (صدق اهلل العظيم‬ ‫سالما ً يا زهرة املدائن وثالث احلرمني الشريفني‪ .‬سالما ً يا‬ ‫إيلياء‪ ،‬يا قدس يا إِسما ً من أسماء اهلل احلسنى يا حاضرة‬ ‫العلم والتراث منذ القدم يا ذات الِقباب (ق ّبة الصخرة‬ ‫وق ّبة السلسلة وق ّبة جبريل وق ّبة الرسول وق ّبة الرصاص‪.‬‬ ‫سالما ً أيها األقصى الشريف سالما ً يا مدافن األنبياء يا‬ ‫التاريخ العريق يا مولد عيسى عليه السالم‪ .‬يا من‬ ‫ذات‬ ‫ِ‬ ‫(ر)‬ ‫وابتسمت للفاطميني سالما ً‬ ‫صافحت عمر بن اخلطاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأنت ترزحني حتت االحتالل الصهيوني واعرباه واسالماه‬ ‫واعيساه تنادين‪.‬‬ ‫منذ هبطت احملنة على األ ّمة العربية واإلسالمية بعد‬ ‫وعد بلفور واعجباه كأنه َمن َ​َح من ْملْ ِك ابيه وطنا ً قوميا ً‬ ‫لليهود في فلسطني منذ ذاك الوعد والقدس تنادي فال‬ ‫معتصم يُلَ ِّبي أو صالح الدين او يوسف‬ ‫احد يجيب أ ِمن‬ ‫ٍ‬ ‫العظمة أو سلطان باشا األطرش‪ .‬يا ترى ِم ْن أ ُ ِّم عواصم‬

‫املقاومة والصمود والتصدي (دمشق) يأتي فارس التحرير‬ ‫يا قدس؟ فيكون الدرب إليك من دمشق كما هو الدرب‬ ‫الى اجلوالن؟‬ ‫فتلبي ُة نداء القدس له مقومات كثيرة ال ب ّد من الوقوف‬ ‫عند ثوابتها القومية والدينية واالجتماعية واالنسانية‬ ‫والفكرية والثقافية استكماال ً للشعور واحلِّس الوطني‬ ‫لنداء احلق‪ .‬وليس ذلك بصعب على‬ ‫والقومي وتلبية‬ ‫ِ‬ ‫ومشرق احلضارات فما‬ ‫السماوية‬ ‫الديانات‬ ‫شعوب َمهْ َبط‬ ‫ِ‬ ‫دخل هذا الوطن العربي غازٍ إال وخرج مدحورا ً مقهورا ً بسرِّ‬ ‫اهلل والنصر اإللهي لشعب يؤمن باهلل ويعمل ويتكل‬ ‫على اهلل عقيد ًة وعمالً وقوال ً وبرهاناً‪.‬‬ ‫وترتكز تلك املقومات باألنتصار على كل فتنة أو محنة‬ ‫أو مؤامرة كونية أو دولية أو محلية تستهدف وحدة‬ ‫منهج وخارط ٍة‬ ‫األمة العربية واإلسالمية واتفا ِقهاعلى‬ ‫ٍ‬ ‫ملستقبل شعوبها وبالدها وحترير مقدساتها وبالدها بل‬ ‫ِ‬ ‫وتستهدف أيضا تفكيك حلمة شعوبها الوطنية بالفنت‬ ‫الطائفية واملذهبية وإدخال أهل املذاهب واألديان في‬ ‫مسألة التكفير واإلميان‪.‬‬ ‫واهلل تعالى يقول في كتابِه العزيز (بسم اهلل الرحمن‬ ‫الرحيم إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ً لست منهم‬ ‫في شيء) ولكن األمل معقود بإذن اهلل على قدرات أمتنا‬ ‫العظيمة الهائلة وموروثها التاريخي احلضاري والديني‬ ‫والقومي والوعي احلضاري الثقافي الفكري املعاصر‬ ‫إضافة إلى طاقاتها البشرية وما َمن َ​َحها اهلل من خيراته‪.‬‬ ‫وأعلى وأغلى ما وهبها قوة اإلميان واإلخالص والوالء‬ ‫واألنتماء‪.‬‬ ‫وهذا هو اجلسر إلى القدس بتوحيد كل الطاقات‬ ‫مجتمعة وبشعوبها ملتحمة موحدة على منهج واحد‬ ‫ممانع مقاوم يحمل صيحة التحرير‪ .‬بذلك تعبر اجلسر‬ ‫إلى القدس‪ .‬كما تعبر عليه سوريا اليوم لتجتاز مرحلة‬ ‫الفتنة واحلرب الكونية لتبقى أمة واحدة وشعبا ً موحدا ً‬ ‫جيشا ً وحكومة وأن تبقى متحدة أديانا ومذاهب يقودها‬ ‫الوعي احلضاري املتميز بشعبها بكافة أطيافه وأديانه‪،‬‬ ‫إحباطا ً لكل مؤامرة أيا ً كان مصدرها ومهما كان وزنها‬ ‫وطاقاتها فإنها تتقهقهر أمام إرادة شعب عظيم متحد‬ ‫وهكذا هو األن برئاسة الدكتور بشار األسد حيث االنفتاح‬ ‫على تلك املقومات واملساعي التي جتهز على الفتنة‬ ‫وتنتقل بكل الشعب الى السالم واألستقرار‪ .‬وتبقى قلعة‬ ‫الصمود والتحالفات املقاومة في املنطقة دمشق أم‬ ‫العواصم املقاومة أمل األمة العربية واإلسالمية طريقا ً‬ ‫الى القدس‪.‬‬ ‫فيا مشاعل األمة وأقمار دياجيها أيها العلماء لكم‬ ‫ميادين اجلهاد بالعلم والوعي والتعبئة املعرفية املتكاملة‬ ‫فأَضْ ِفروا َف ْجرَ القدس بحروف احلق ونداء الضمير إيقاظا ً‬ ‫لألمة وتوحيدا ً لقدراتها ومقوماتها التي منحها اهلل‬ ‫والعبرة بقوله ّ‬ ‫بحب اهلل جميعا ً وال‬ ‫جل جالله (واعتصموا ُ‬ ‫تتفرقوا واذكروا نعمة اهلل عليكم إذ كنتم أعداء فألَّف‬ ‫بني قلوبكم فأصبحتم ب ِ ِن ْع َم ِت ِه إخواناً) فلنكن إخوانا ً‬ ‫ونتحد أديانا ً وأوطانا ً لنستحق النصر عنواناً‪.‬‬ ‫وأرفقت الكلمة بقصيدة كتبها الشيخ راتب نصر اهلل‬ ‫أبوذياب‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫أزهـر اللـيمـون‬ ‫في القدس كالما‬

‫أزهـر الـلـيـمـون فـي الـقـدس كـالمـا ً‬ ‫لـلعـرب سـالمـــا ً‬ ‫أرسـلـته الـريـح‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫صــقــــور‬ ‫فـاقـرؤوه فـي جـنـاحات‬ ‫ّ‬ ‫لَشام تـأـذ الـريــخ لـــثــــــاما‬ ‫ ‬ ‫من فـلـسـطـيـن أتـانـا بــــحــ َذاء‬ ‫لـحـنـه الـرعــد الـى الـكـون ترامـا‬ ‫ ‬ ‫وزع الـلـيـل على الـدنـيـا هـمـومــا ً‬ ‫وسـقـانـا مـن خـوابـيـه الـزؤامـــا‬ ‫يا بـالدي أسرجـي الـبـرق وهـــ ّبــي‬ ‫إن شـعـبا فـوق نارٍ يـتـــرامـــا‬ ‫إن ما شاهـدتـمـوه كـان لـمـحـــــا ً‬ ‫مـآس جـمـدت فـينـا الـكـالمـــا‬ ‫من‬ ‫ ‬ ‫ٍ‬ ‫فـمن األهـوال قـد شـاب رضــيــــ ٌع‬ ‫كـيـف يـبـدو حني يـجتـاز الفطـامـا ؟!‬ ‫أتـرى يـا عـرب قد صـرتـم صــخـرا ً‬ ‫فـمع اآلالم تـبقـون نـيــامـــــا ؟!‬ ‫إن صـوت الـقدس نادى أنقــذونـــــي‬ ‫أحـوارٌ بـعــد يـستجـدي الــسـالما؟!‬ ‫ ‬ ‫بـزحف ميـأل األنـحاء ســـيـــالً‬ ‫بـل‬ ‫ٍ‬ ‫مـن جـهـات الـعـرب ال يـبـقى اللئاما؟!‬ ‫أين وا مـعـتـصـمـاه فـي بــــالدي‬ ‫سـ ّدت اآلذان والـقـلب تـعـامــــــا‬ ‫وحدوا األيـدي اســالمــا وعـربــــا ً‬ ‫أجمعـوا قـواتـكـم نـيـال وشـــامــا‬ ‫صـرخة األطـفال واألحـجـار طـــارت‬ ‫فـي سـمـا عـزة سـامـوهــا مـالمـا‬ ‫يـا بـنـي صهـيـون شـردتـم شـعـبـا ً‬ ‫وطـلبـتـم مـن بـنـي الـعـرب الوئاما؟!‬ ‫تـقـتـلون اللحـن في كـل فـــوائــــ ٍد‬ ‫تـنشرون الـهـول رعـبــا وأقـتـحــاما‬ ‫تـجهـضون البـرق فـي غـزة دومــــا‬ ‫كـلمـا أقـبـل بـشــرا ً وأبـتـســامـا‬ ‫رفــــض‬ ‫دعــوة الـتـهويـد القت كـل‬ ‫ٍ‬ ‫فـسـقـيـتـم شـعبهـا احلرَّ السـقاما‬ ‫وعلى الـجوالن قـد صـرتـم قــــيــودا ً‬ ‫تـأسـر الـفـرحـة حـزنـا أو قــتــاما‬ ‫قـد شـربت الـكـأس مـن عـرق دمـانــا‬ ‫أيـها الـمـحـتـل فـلتـشرب ُحــمــاما‬ ‫فـلـنـا وعـد مــع الـقـدس قــريــب‬ ‫أن أتـيـنـا وحـد ًة نـلـنـا الـمـرامـــا‬ ‫يـا رجـال الـعلـم فـي دار صــمــــودٍ‬ ‫أثـقلـتـهـا مـحــنـة جــاءت حـراما‬ ‫أصـبح الـكون الى نصـفـيـن فــيــهــا‬ ‫ولـدى الـحـق الـذي ضـاء أســتـقـاما‬ ‫وحـد اخلـطـب قـواهـا فـتسامـــــت‬ ‫فـوق بـلواهـا وصـاغـتـه حــسامــا‬ ‫حـكـمـة تـرقـى ووعـي فـيـه نــــور‬ ‫مـده اهلل نـجـاة واحـتــرامـــــــا‬ ‫صـــوت‬ ‫فـيـهمـا الـقـرآن واألنـجـيـل‬ ‫ٌ‬ ‫واحـ ٌد هلل فـي التوحيـد قــامــــــا‬ ‫ٍ‬ ‫وطــنـــي‬ ‫بـعـشـق‬ ‫شـعـب‬ ‫فـيـهـما‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫صـ ّد مـن يـفـتـن أو هـ ّز الــوئـامـا‬ ‫ ‬ ‫يـا رجـال الـعـلـم يــا نـور ديــــاج‬ ‫بــيـعـث الــفـكـر مــع العقل نظامـا‬ ‫ٌ ‬ ‫قــريـب‬ ‫فلنـا وعــ ٌد مـع النـــصــرِ‬ ‫ضــاء برقــا ً حـل غيــثا وســالمــا‬ ‫وجتدر اإلشارة الى أن هيئة العمل التوحيدي أجرت‬ ‫حواريني صحفيني إذاعيني أثناء استراحة املؤمتر‪.‬‬


‫منبر عربي‬

‫«اإلسالم السياسي» هو السلطة !‬ ‫لم تبدأ «الثورات» واألحداث واألزمات والتحوالت‬ ‫في العالم العربي من ال شيء‪ ،‬فقد سبقها واقع‬ ‫له مواصفاته وآليات عمله اخلاصة‪ ،‬املشاكل‬ ‫كانت قد تزايدت باضطراد‪ ،‬وصلت الى الذروة والى‬ ‫نقطة انعطاف كانت ضرورية‪ ،‬عندما كانت شرارة‬ ‫واحدة كفيلة بإشعال املنطقة بأسرها‪ ،‬وبعد أن‬ ‫اف ُت ِقدت احلياة السياسية ومؤسساتها لعقود‬ ‫طويلة‪ ،‬وعانت من سياسات الغرب االستعمارية‬ ‫واملذ ّلة طوال قرون‪.‬‬ ‫يأت فجأة أيضاً‪،‬‬ ‫لم‬ ‫السياسي‬ ‫صعود اإلسالم‬ ‫ِ‬ ‫كان له أسبابه املوضوعية كي ينمو وينتشر‪،‬‬ ‫فهناك تنظيمات قائمة ومستمرة خالل عهود‬ ‫خلت‪ ،‬كما تنمو الى جانب النظم القائمة‬ ‫تستفيد منها بشكل مباشر أو مستور‪.‬‬ ‫وتعلم هذا اإلسالم فنون السياسة ذاتها ورمبا‬ ‫جتاوزها بكثير‪ ،‬واستفاد من أخطاء النظم التي‬ ‫سبقت وصوله الى السلطة ولكنه ورث أيضا ً‬ ‫مشاكل باجلملة أيضاً‪.‬‬ ‫وقد عرض نفسه كبديل‪ ،‬ووجد في شعارات‬ ‫الدميقراطية الغربية مدخالً‪ ،‬استطاع من خالله‬ ‫غزو صناديق االقتراع‪ ،‬وتأقلم بسرعة مع الواقع‬ ‫اجلديد بعد انطالق شرارة األحداث والتحوالت في‬ ‫عاملنا العربي‪ ،‬وألنه كان األكثر تنظيما ً واستعدادا ً‬ ‫لقيادة املسيرة اجلديدة بفضل إمكانياته الضخمة‬ ‫ونفوذه الواسع والضخ املالي الذي كان يأتيه من‬ ‫دول اخلليج وحتديدا ً السعودية وقطر‪ ،‬وانسجاما ً‬ ‫مع مطالب الثوار وحتقيقا ً للعدالة االجتماعية‬ ‫في تلك البلدان‪ ،‬وإمنا انطالقا ً من حسابات‬ ‫دقيقة‪ ،‬نبدأ بأبعاد مناطق االشتعال والتغيير‬ ‫بعيدا ً وخلق حروب وأزمات في مناطق أكثر بعداً‪،‬‬ ‫وإشعال املناطق بأولويات بعيدة في ترتيب سلم‬ ‫احلاجات اإلنسانية‪ ،‬وجعل تلك البلدان تبحث‬ ‫في أولويات احلياة األساسية في ظل األزمات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية وتزايد معدالت البطالة‬ ‫الى أرقام قياسية وما يرافقها من فقر شديد‪،‬‬ ‫وتخلف وجتزئة وانقسام‪ ،‬وهي عوامل مناسبة‬ ‫للقوى الكبرى التي ركبت موجة األحداث األخيرة‬ ‫في عاملنا العربي‪.‬‬ ‫إن أهمية املبادئ الدميقراطية تكمن في أنها‬ ‫التعبير األقرب عن التوق اإلنساني الطبيعي‬ ‫للحياة احلرة الكرمية ولتكافؤ الفرص‪ ،‬ومن هنا‬ ‫مصدر قوتها وفعلها كأداة هامة في التغيير‪،‬‬ ‫وبالتالي فإن اعتناق مبادئ احلرية والدميقراطية‬ ‫هو الغاية لتحقيق إنسان عربي جديد‪ ،‬يكون‬ ‫له مكانة حتت الشمس في عالم الغد احلافل‬ ‫بالتحديات‪.‬‬ ‫إن وصول اإلسالميني الى السلطة واستحواذهم‬ ‫على معظمها ليس نهاية التاريخ في ظل الكم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الهائل من املشاكل املتراكمة والتحديات املوروثة‬ ‫والناشئة في السياسة واالقتصاد واالجتماع‬ ‫والثقافة والتعليم وغيرها‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل نحن في عاملنا العربي وفي ظل‬ ‫األحداث واألزمات‪ ،‬و»الثورات» قد دخلنا حقا ً‬ ‫مرحلة التحول الدميقراطي أم مرحلة التدهور‬ ‫السياسي؟‬ ‫وفي واقع احلال نقول‪ ،‬لوال وجود حالة التدهور‬ ‫السياسي في واقعنا احلالي ملا انطلقت‬ ‫تلك األحداث العاصفة‪ ،‬أما عملية التحول‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬فهي شأن آخر‪ ،‬وال يكفي احلديث‬ ‫عنها بكالم إنشائي محض‪ ،‬ألنها تتعلق بواقع‬ ‫احلياة وشمولها كافة امليادين وعالقتها املباشرة‬ ‫بالتحوالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪،‬‬ ‫وتغيير منط احلياة الى منط آخر مغاير يكون عنوانه‬ ‫العدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص وبداية نهضة‬ ‫حقيقية بعيدا ً عن التدخل اخلارجي والدوران في‬ ‫احللقة املفرغة ذاتها في ظل تبعية مفرطة للدول‬ ‫االستعمارية‪ ،‬ونفض غبار املاضي وكل االتفاقيات‬ ‫غير املتكافئة التي رهنت البالد والعباد لألجنبي‪،‬‬ ‫على حساب القضايا الوطنية والقومية وثوابتها‬ ‫املعلنة‪ ،‬والسؤال‪ ،‬هل جاءت «الثورات» وما انبثق‬ ‫عنها من أحزاب إسالمية جديدة‪ ،‬من أجل تغيير‬ ‫املعادالت السابقة وآليات عملها‪ ،‬أم أنها تعلقت‬ ‫بالشكل دون املضمون‪.‬‬ ‫حالة احلراك مازالت مستمرة ومؤشراتها‬ ‫ليست مشجعة على اإلطالق‪ ،‬وفي هذه املرحلة‬ ‫تبدو حالة خلط األوراق هي اللعبة املفضلة‪،‬‬ ‫وفيها تضيع العوامل اإليجابية‪ ،‬في ظل املعايير‬

‫‪32‬‬

‫املزدوجة الظاملة والكيل فيها‪ ،‬وانعدام حالة‬ ‫التمييز ما بني األلوان‪ ،‬والسؤال الكبير‪ ،‬ما اجلديد‬ ‫الذي أتى به اإلسالم السياسي «املعتدل» بعد أن‬ ‫مت الترويج له؟‬ ‫نتائج االنتخابات في بلدان «الثورات العربية»‬ ‫كانت متوقعة‪ ،‬ووصول اإلسالميني الى السلطة‬ ‫كان مبثابة محطة وليس نهاية الطريق‪.‬‬ ‫وما بعد االنتخابات‪ ،‬هناك صحوة جديدة‪ ،‬بدأت‬ ‫الفجوة تتعمق أكثر بني اإلسالميني أصحاب‬ ‫األغلبية البرملانية وبني الشارع‪.‬‬ ‫وفي احملصلة كانت النتيجة إعادة خلط األوراق‬ ‫السياسية من جديد‪ ،‬ووضع البالد على عتبة‬ ‫األزمات الى حني‪.‬‬

‫من أين البداية؟‬ ‫اجتاحت العديد من دول العالم – خالل السنوات‬ ‫الثالث األخيرة ‪ -‬العديد من الثورات التي متكنت‬ ‫من قلب األوضاع رأسا ً على عقب‪ ،‬الثورات اجلديدة‬ ‫التي حملت أسماء منسوبة إلى ألوان مختلفة‬ ‫نسبة إلى اإلعالم أو الشعارات أو الرموز التي‬ ‫رفعت خاللها‪ ،‬بدت في ظاهرها أنها تدشن فكرا ً‬ ‫جديدا ً يتناسب ورواج رياح احلرية والدميقراطية‬ ‫واملساواة وحقوق اإلنسان بني مختلف دول العالم‪،‬‬ ‫وبدا ظاهريا ً أيضا ً أنها حتمل في طياتها مناذج ميكن‬ ‫لكثير من الشعوب من أجل اخلروج من هذا الواقع‬ ‫املرير‪ ،‬ولكن في باطنها فإن تلك الثورات يجمعها‬ ‫هدف واحد؛ وهو تغيير الزعيم غير املنسجم كليا ً‬


‫مع املصالح التجارية والسياسية لرأس املال‬ ‫األميركي‪ ،‬ليحل محله زعيم أكثر انسجاما ً مع‬ ‫هذه املصالح‪ ،‬زعيم يكون غالبا ً «حتت السيطرة»‪،‬‬ ‫وبالتالي أصبح احلكام اجلدد لتلك الدول ال يجمع‬ ‫بينهم أي جامع سوى الوصول إلى السلطة عبر‬ ‫الوالء لإلدارة األميركية‪.‬‬ ‫نواح كثيرة‪،‬‬ ‫في‬ ‫تشابه‬ ‫بينها‬ ‫هذه الثورات يوجد‬ ‫ٍ‬ ‫وليس فقط في اتخاذها لونا ً ما أو شعاراً‪ ،‬وأول‬ ‫أوجه هذا التشابه يتمثل في ابتعادها عن العنف‪،‬‬ ‫وانحيازها إلى اخليار السلمي املتمثل في التظاهر‬ ‫واإلضراب؛ وهو أمر غاية في الذكاء‪ ،‬ألنها بذلك‬ ‫لم تعط مبررا ً ملن ميتلك القوة والسالح لكسرها‬ ‫عند أول مواجهة بينهما‪ .‬تشابه آخر يتمثل في‬ ‫أن تلك االحتجاجات حدثت من قبل اجلماهير‬ ‫دفاعا ً عن خيارها الدميقراطي‪ ،‬الذي عبرت عنه في‬ ‫صناديق االقتراع‪ ،‬ورفضت أن يسلبها أحد إياه حتت‬ ‫أي مبرر‪.‬‬ ‫ويبقى تشابه أخير وهو األهم؛ وهو أن الدور‬ ‫األميركي كان متواجدا ً بقوة في استغالل ورسم‬ ‫مسار كل تلك الثورات‪ ،‬مستفيدا ً في ذلك من‬ ‫تردي األوضاع الداخلية في تلك الدول على كافة‬ ‫املستويات السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫أما أهم ما مت جتاهله فهو الهدف احلقيقي‬ ‫الذي جعل الواليات املتحدة تسارع إلى دعم تلك‬ ‫الثورات‪ ،‬باألموال وبالتغطية اإلعالمية الكثيفة؛‬ ‫أال وهو سيطرة الواليات املتحدة على الطرق املؤدية‬ ‫إلى نفط بحر قزوين من العراق مرورا ً بأفغانستان‬ ‫إلى آسيا الوسطى؛ حيث أكبر احتياطات النفط‬ ‫العاملية‪.‬‬ ‫فسر للتحوالت في‬ ‫غير أن أهم عامل ُم ِّ‬ ‫املنطقة العربية هو العامل الدميوغرافي املتنامي‪:‬‬ ‫أن االنتفاضة العربية لعام ‪ 2011‬هي في املقام‬ ‫األول ثورة شبابية‪ ،‬خاصة وأن صورة املهمشني‬ ‫اجتماعيا ً واخملدوعني سياسيا ً هي من األجيال‬ ‫الشابة‪ :‬من املغرب حتى املشرق العربي يرى‬ ‫سلبوا من فرص‬ ‫الشبان العرب أنفسهم وقد ُ‬ ‫العمل والترقي في اجملتمع‪ ،‬والسبب في ذلك يرجع‬ ‫إلى النخبة السياسية‪ ،‬فإن هذا اجليل يشعر بأنه‬ ‫قد خُ دع اقتصاديا ً واجتماعيا ً وسياسياً‪.‬‬ ‫لم تكن االنتفاضة العربية التي اندلعت عام‬ ‫‪ 2011‬في أي مكان ثورة إسالمية‪ ،‬وال حتى في‬ ‫إرهاصاتها‪ .‬رغم ذلك سيلعب اإلسالم السياسي‬ ‫دوراً‪ ،‬ففي كل الدول العربية تقريبا ً هناك قاعدة‬ ‫لتكوين حزب شعبي ذي توجه ديني وفق منوذج‬ ‫حزب العدالة والتنمية في تركيا‪ .‬ولكن هذا‬ ‫احلزب سيتسع ألطياف عديدة‪ ،‬فانفتاح النظم‬ ‫السياسية يجبر األطياف السياسية اإلسالمية‬ ‫على أن تصبح أكثر تعددية‪.‬‬ ‫ويبدو هذا األمر واضحا ً كل الوضوح في‬ ‫مصر بعد االنقسامات واالنشقاقات التي حلقت‬ ‫بجماعة اإلخوان املسلمني التي لم يعد أعضاؤها‬ ‫مجبرين على العمل في إطار غير شرعي مثلما‬ ‫كان احلال سابقاً‪ ،‬وهو ما كان يجعلهم متالحمني‬

‫مع بعضهم البعض‪.‬‬

‫احلركات اإلسالمية وحلم الدولة‬ ‫عندما بدأت مراحل التحول والنضوج التاريخي‬ ‫الذي ترجمه مفهوم الربيع العربي تسيطر‬ ‫بشكل أو بآخر وبطريقة أو بأخرى على التغييرات‬ ‫اجليوسياسية في الساحة العربية‪ ،‬ملسنا‬ ‫بشكل كبير مجموعة من التغيرات والتبديالت‬ ‫في املنظومة السياسية احلزبية‪ ،‬فباتت‬ ‫األصوات الهامسة تظهر بشراسة متمسكة‬ ‫بالنتائج املتوقعة للحراكات الشعبية السلمية‬ ‫لتسييسها وحتزيبها‪.‬‬ ‫إن املبدأ العام الذي قامت عليه التنظيمات‬ ‫اإلسالمية وما تزال منذ ظهور الربيع العربي‬ ‫هو محاولة قلب نظام احلكم املدني تدريجيا ً‬ ‫نحو الوصول إلى “اإلسالم السياسي”‪ ،‬وهذا‬ ‫بالتأكيد ما سيرفضه اجملتمع ألن نظرية “اإلسالم‬ ‫السياسي” تقوم على أساس رفض احلزبية‬ ‫واألحزاب السياسية على اعتبارها متثل مصالح‬ ‫شخصية فئوية وال متثل قضايا اجتماعية ألنها‬ ‫قد وجدت برأيهم في ظروف خاصة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فقد كان هناك تغيير جوهري في مواقف‬ ‫هذه اجلماعات اإلسالمية عندما ملست الرفض‬ ‫الشعبي ملفهوم إلغاء الدولة املدنية‪ ،‬فلجؤوا‬ ‫بخطاباتهم إلى االلتفاف على احتجاجات‬ ‫احلركات الشعبية بإطالق نظرية ظرفية أخرى‬ ‫اعتبروها تفسيرية وهي احلديث عن مفهوم‬ ‫الدولة املدنية مبرجعية دينية فقط‪.‬‬ ‫فبعد أن فشلت كل احملاوالت األميركية في‬ ‫القضاء على الظاهرة اإلسالمية التي اعتبرتها‬ ‫“إرهاباً” بعد أحداث الـ ‪ 11‬أيلول‪ ،‬جنحت اآلن في‬ ‫سياستها الواضحة بالقضاء على احلركات‬ ‫واألحزاب اإلسالمية من خالل التعاون معها‬ ‫ومساعدتها في حتقيق أهدافها في محاولة منها‬ ‫لقلب الشارع عليها الحقاً‪ .‬وذلك بعد احلصول‬ ‫على ضمانات من األحزاب واحلركات اإلسالمية‬

‫‪33‬‬

‫بعدم اخلوض في االتفاقيات الدولية املتمثلة مع‬ ‫الكيان الصهيوني واملفاهيم األميركية مقابل‬ ‫املساعدة املطلقة في حتقيق “جناحهم”!؟‬ ‫وأثار القرار الذي اتخذته حركة “األخوان‬ ‫املسلمني” في مصر بترشيح أحد قياديها‬ ‫املهندس خيرت الشاطر‪ ،‬ومحمد موسى كمرشح‬ ‫احتياطي ملنصب رئيس اجلمهورية الكثير من‬ ‫ردود الفعل تراوحت بني اإليجابية والسلبية أو‬ ‫االستغراب واالستهجان‪ ،‬ولعل أبرز أسباب هذه‬ ‫الردود كون اجلماعة كانت قد أعلنت سابقا ً أنها‬ ‫لن ترشح أي من قيادييها لهذا املنصب‪ ،‬ويبدو أن‬ ‫تغير الظروف السياسية والتحديات الدستورية‬ ‫والواقعية التي واجهتها اجلماعة وخوفها من‬ ‫محاصرة دورها السياسي والتشريعي كانت وراء‬ ‫تبنيها لهذا القرار بعد أن أخذ املوضوع حيزا ً كبيرا ً‬ ‫من النقاش داخل مجلس الشورى االخواني‪.‬‬ ‫وقد يكون النموذج املصري هو أكثر النماذج‬ ‫وضوحا ً على صعيد التحديات التي ستواجهها‬ ‫حركة “األخوان املسلمني” في حال جنحت في‬ ‫إيصال مرشحها إلى موقع رئاسة اجلمهورية‬ ‫وتشكيل حكومة جديدة‪.‬‬ ‫فمصر تواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية‬ ‫وأمنية وسياسية ومالية‪ ،‬إضافة إلى أن هناك‬ ‫تركة كبيرة من االلتزامات الدولية‪ ،‬اإلقليمية‬ ‫التي تركها النظام السابق وال سيما اتفاقية‬ ‫كامب ديفيد ومفاعليها‪ ،‬إضافة إلى دور مصر‬ ‫على صعيد التطورات في فلسطني عامة وعلى‬ ‫قطاع غزة خاصة‪ ،‬وموقع مصر اإلقليمي والدولي‬ ‫بعد التراجع الكبير الذي شهده دورها خالل‬ ‫العقود الثالثة املاضية‪.‬‬

‫التشكيك بالدميقراطية‬ ‫ومستقبل اإلسالم السياسي‬ ‫أثار جناح التيارات اإلسالمية في االنتخابات‬ ‫النيابية التي أجريت حتى اآلن في مصر وتونس‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬ ‫والكويت شكوكا ً لدى كثير من النخب التي‬ ‫هللت «للربيع العربي»‪ ،‬واعتبرت أن ما جرى إمنا‬ ‫هو عودة إلى الوراء قياسا ً مبا كانت متثله األنظمة‬ ‫السائدة من كبح جلماح احلركات اإلسالمية ومنع‬ ‫استيالئها على السلطة‪.‬‬ ‫باختصار تسبب استخدام سالح الدميوقراطية‬ ‫بإحباط‪ ،‬وبتحميلها مسؤولية سيطرة التيارات‬ ‫اإلسالمية على السلطة‪.‬‬ ‫فيما كانت أنظمة االستبداد متارس تدمير‬ ‫القوى احلية في اجملتمع‪ ،‬وتبيح للمؤسسات‬ ‫الدينية الهيمنة على مؤسسات التعليم‬ ‫والثقافة‪ ،‬ومتتثل ملطالب هذه املؤسسات في قمع‬ ‫القوى الدميوقراطية أو املتصلة باحلداثة‪ ،‬فإن الواقع‬ ‫أظهر عالقة مركبة بني السلطة وبينها‪ ،‬عبر‬ ‫إطالق يدها في اجملتمع مقابل منعها من الوصول‬ ‫إلى احلكم‪ .‬كما متثلت هذه العالقة بإسباغ‬ ‫مشروعية على قرارات السلطة وسياساتها من‬ ‫قبل ممثلي هذه التيارات‪.‬‬ ‫إن جناح التيارات اإلسالمية في احتالل مواقع‬ ‫السلطة ليس نهاية املطاف‪ ،‬كما أن استالمها‬ ‫السلطة ال يقفل الصراع بل يفتحه على غاربه‪.‬‬ ‫استخدمت احلركات اإلسالمية الدميوقراطية‬ ‫سالحا ً للوصول إلى السلطة‪ ،‬لكن يصعب‬ ‫الركون إلى التزامها هذه الدميوقراطية مستقبالً‬ ‫خصوصا ً عندما ستجد نفسها في مواجهة‬ ‫املعضالت الفعلية جملتمعاتها وعجزها بالتالي عن‬ ‫تقدمي احللول‪ ،‬ما سيدفعها إلى استخدام أساليب‬ ‫القمع واالستبداد على غرار احلكم السابق‪.‬‬ ‫عند التأمل في جتارب اجلماعات اإلسالمية‬ ‫وحتولها إلى العمل السياسي في العالم العربي‪،‬‬ ‫جند أنفسنا أمام أربعة مناذج مختلفة‪ ،‬هذه‬ ‫النماذج هي‪ :‬النموذج اليمني‪ ،‬النموذج اجلزائري‪،‬‬ ‫النموذج األردني‪ ،‬النموذج املغربي‪.‬‬ ‫ففي النموذج اليمني حدث أن جماعة اإلخوان‬ ‫اليمنية أصبحت نواة حلزب “التجمع اليمني‬ ‫لإلصالح” مع دخول العديد من القبائل ورجال‬ ‫األعمال‪.‬‬ ‫وفي اجلزائر‪ :‬صارت حركة مجتمع السلم‬ ‫“حمس” حزباً‪ ،‬ونظمت نفسها على غرار ما كانت‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وفي األردن‪ :‬ظلت جماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫األردنية كما هي‪ ،‬وأقامت ذراعا ً سياسية عبر‬ ‫حزب “جبهة العمل اإلسالمي” وظلت اجلماعة‬ ‫عامة‪ ،‬تهتم بكل شيء من مكارم األخالق والعمل‬ ‫االجتماعي واألنشطة كافة‪.‬‬ ‫أما النموذج األخير فهو النموذج املغربي‪:‬‬ ‫حيث نرى فصالً تاما ً بني احلركة “حركة التوحيد‬ ‫واإلصالح” وبني احلزب “حزب العدالة والتنمية”‪.‬‬ ‫فاحلركة دعوية لألمة كلها‪ ،‬تتبنى اخلطاب‬ ‫العمومي األخالقي والقيمي الذي ينضوي حتته‬ ‫جميع املسلمني املغاربة‪ .‬أما احلزب‪ ،‬فهو مفوض‬ ‫بالوظيفة السياسية للحركة‪.‬‬ ‫في الوقت الذي مثلت فيه الثورة الشعبية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املصرية نقطة حتول فارقة في تشكيل مصير‬ ‫الشعب املصري‪ ،‬برزت على الساحة مخاوف من‬ ‫استبدال احلكم الديكتاتوري الفاسد بحكم‬ ‫إسالمي‪ ،‬بدأت تظهر إرهاصاته في النجاح‬ ‫الساحق لإلسالميني في االنتخابات البرملانية‬ ‫األخيرة‪.‬‬

‫ملاذا فاز اإلسالميون؟‬

‫من العوامل التي وقفت وراء فوز اإلسالميني‬ ‫في االنتخابات األخيرة‪ ،‬تنظيم القوى اإلسالمية‬ ‫مقابل عدم استعداد الفئة الثورية من الشباب‬ ‫خلوض االنتخابات‪.‬‬ ‫فبالنسبة حلزب احلرية والعدالة‪ ،‬فقد تأسس‬ ‫رسميا ً في أيار ‪ ،2011‬وأعلن بوضوح التزامه‬ ‫بالدولة احلديثة والدميوقراطية وحقوق املرأة‪،‬‬ ‫والوحدة الوطنية‪ .‬وقد ضمت عضوية احلزب‬ ‫الكثير من النساء واألقباط‪ .‬ويدعم احلزب نظام‬ ‫احلكومة البرملانية‪ ،‬على أساس أن مثل هذا النظام‬ ‫سيعمل على التوازن بني السلطتني التنفيذية‬ ‫والتشريعية‪ .‬كما يتبنى احلزب املساواة بني األفراد‬ ‫أمام القانون‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪ ،‬والتضامن‬ ‫بني جميع أفراد اجملتمع‪ .‬وفيما يتعلق بالسياسة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬فإن احلزب يدعم بوضوح امللكية‬ ‫اخلاصة‪ ،‬واألعمال التجارية اخلاصة‪ ،‬وحلول السوق‬ ‫احلرة‪ ،‬كما ينبغي أن يقتصر دور الدولة االقتصادي‬ ‫على توفير مناخ استثماري صحي واحلفاظ على‬ ‫البنية التحتية للبالد‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالشأن اخلارجي‪ ،‬يؤكد برنامج‬ ‫احلزب على أن “املشكلة الفلسطينية” تعد‬ ‫واحدة من القضايا األكثر أهمية التي تتعلق‬ ‫باألمن القومي املصري‪ ،‬ومن ثم يدعم احلزب‬ ‫حقوق الفلسطينيني في إقامة دولتهم‬ ‫وعاصمتها القدس‪ ،‬فضالً عن تبنيه حق العودة‪.‬‬ ‫ومع ذلك يظل موقف احلزب يحيطه الكثير من‬

‫‪34‬‬

‫الغموض بشأن مصير اتفاقية السالم بني مصر‬ ‫و”إسرائيل”‪.‬‬ ‫ومن الغريب أن قسم العالقات اخلارجية في‬ ‫البرنامج االنتخابي حلزب النور شديد اإليجاز‪،‬‬ ‫ويؤكد على التزام واسع النطاق بتعزيز دور مصر‬ ‫اإلقليمي والدولي‪ ،‬وحتسني عالقاتها مع البلدان‬ ‫اجملاورة‪ .‬وال يوجد ذكر ملوقف احلزب جتاه احلقوق‬ ‫الفلسطينية أو معاهدة السالم بني مصر‬ ‫و”إسرائيل”‪ ،‬على الرغم من التشديد على أهمية‬ ‫احترام املعاهدات واالتفاقيات القائمة‪ .‬وإن كانت‬ ‫أحد التصريحات الصادرة من بعض قيادي احلزب‬ ‫قد أشارت إلى معارضة إلغاء معاهدة السالم‬ ‫املصرية اإلسرائيلية‪ ،‬مع الدعوة إلى مراجعة‬ ‫بعض أحكامها‪ ،‬مع التعهد بعدم أخذ قرار بشأن‬ ‫مستقبل املعاهدة إال من خالل استفتاء وطني‪.‬‬

‫الوجه املتغيّر لإلخوان واملطامع‬ ‫الغربية‬ ‫حني نتحدث عن النموذج التركي فليس األمر‬ ‫من قبيل الصدفة؛ إذ أن هذا النموذج ميثل جتربة‬ ‫حية للوجه املتغير لإلسالم السياسي في الفترة‬ ‫املاضية‪ .‬فقد دخل اإلسالميون الساحة السياسية‬ ‫في تركيا مطلع القرن احلادي والعشرين‪ ،‬بعد‬ ‫سلسلة من التحوالت الفكرية من الراديكالية‬ ‫إلى االعتدال‪ .‬وبالطبع فإن هذه التجربة تستدعي‬ ‫فورا ً ما طرأ على جماعة اإلخوان املسلمني في‬ ‫مصر من حتوالت فكرية أيضاً‪.‬‬ ‫شهدت اجلماعة أيضا ً حتوال ً هاما ً في خطابها‬ ‫السياسي‪ ،‬وتبنت مفردات أكثر توافقية‪ ،‬منها‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬التحول في تبني مفهوم الدولة‬ ‫من “دولة إسالمية”‪ ،‬إلى “دولة مدنية دميقراطية‬ ‫ذات مرجعية إسالمية”‪.‬‬


‫لهذه األسباب وجدت أميركا وأوروبا نفسها‬ ‫في الثورة الليبية مثالً مضطرة للتصالح مع‬ ‫األشخاص الذين كانت تضعهم باألمس على‬ ‫قوائم اإلرهابيني املطلوبني في محطات العالم‪،‬‬ ‫هذا التصالح الذي يعلم الغرب أن اإلسالميني‬ ‫في الثورة الليبية واعون جيدا ً ألهدافه وأبعاده‬ ‫ومطامعه‪ ،‬وبالتالي فإن األمر قد حتول إلى لعبة‬ ‫خطرة كال الطرفني يقامران فيها بأوراق لعبهم‬ ‫على املكشوف‪ ،‬فاإلسالميون في الثورة الليبية‬ ‫يعلمون مدى احتياجهم للمظلة الدولية‬ ‫لشرعنة حربهم وكسب تعاطف اجملتمع الدولي‪.‬‬ ‫فالغرب شارك مضطرا ً في دعم اإلسالميني في‬ ‫الثورة الليبية ألسباب مختلفة‪ ،‬أهمها مراقبة‬ ‫الوضع األمني والسياسي في ليبيا عن كثب‪،‬‬ ‫واختالق مبررات للتواجد في أرض املعركة ليتسنى‬ ‫له عقد االتفاقات اجلانبية واختراق الصف الليبي‬ ‫ودراسة العقليات والتيارات والشخصيات املؤثرة‬ ‫في رسم السياسة اجلديدة‪.‬‬ ‫أما على مستوى التصريحات اإلعالمية فإن‬ ‫اإلدارة األميركية بعيد انتصار الثورة في طرابلس‬ ‫واحلضور الشعبي واإلقليمي لقادة الثوار قامت‬ ‫بتحذير اجمللس االنتقالي من التساهل مع‬ ‫املتطرفني‪ ،‬وبدأت تلمح إلى وجود عناصر إرهابية‬ ‫في صفوف اجمللس االنتقالي‪ ،‬هذا اجمللس الذي‬ ‫اعترفت به رسميا ً ومدت له يد العون طيلة أشهر‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫وهنا يأتي دور اإلسالميني في ليبيا المتصاص‬ ‫اإلدانة الدولية بضرب مثال لإلسالم السياسي‬ ‫احلديث الذي يهتم أوال بالتنمية الوطنية وتفعيل‬ ‫دور املؤسسات والقانون املدني‪ ،‬ويكسب الوالء‬ ‫الشعبي من خالل سياسة توزيع الثروة وتدويل‬ ‫احلكم في مسار دميقراطي منصف‪ ،‬والبعد عن‬ ‫خلق العداوات الدولية‪.‬‬ ‫إن الفكر اإلسالمي املسيطر في ليبيا اجلديدة‬ ‫سيصطدم كثيرا ً مبصالح وقناعات غربية ‪-‬‬ ‫أميركية على وجه التحديد‪ ،‬كتسليم املطلوبني‬ ‫من خالل برنامج التعاون الدولي ضد اإلرهاب‪ ،‬أو من‬ ‫السماح باستعمال األراضي الليبية لالستعمال‬ ‫العسكري أو اللوجستي ضد بلد حليف أو صديق‪،‬‬ ‫وغير ذلك من املصالح والقناعات املتعارضة‪.‬‬

‫ربيع الثورات العربية مينح اإلخوان‬ ‫املسلمني واألصوليني فرصة غير‬ ‫مسبوقة القتسام السلطة‬ ‫ثمة مؤشرات متزامنة مع بداية الربيع العربي‬ ‫واندالع ثورات احلرية والدميقراطية بد ًءا من تونس‬ ‫ثم مصر‪ ،‬وصوال ً إلى ليبيا واليمن وسوريا وتطورات‬ ‫األردن‪ ،‬حيث تصاعد ظهور تيار اإلخوان املسلمني‪،‬‬ ‫وكل من لهم صلة بالتيار الديني‪ ،‬ليصبحوا‬ ‫من أهم الالعبني السياسيني ومحركي األحداث‬

‫على الساحة السياسية‪ ،‬وفي غضون ذلك‪ ،‬أكد‬ ‫املرشد العام السابق جلماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫محمد مهدي عاكف أن التنظيم العاملي لإلخوان‬ ‫مازال قائما ً وقواعده تعمل في عدة عواصم عربية‬ ‫وأجنبية لهدف واحد هو نشر أهداف اإلسالم‬ ‫العظيم‪.‬‬ ‫وفي تونس‪ّ ،‬‬ ‫حذر راشد الغنوشي رئيس حركة‬ ‫النهضة اإلسالمية التونسية من أن أية حكومة‬ ‫تونسية ال تضم اإلسالميني‪ ،‬فإنها ستكون‬ ‫حكومة ضعيفة‪ ،‬مشيرا ً إلى أن احلركة اإلسالمية‬ ‫الوسطية متثل حاليا ً التيار الرئيسي في العالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫وفي منوذج تونس‪ ،‬يالحظ أيضا ً الظهور القوي‬ ‫للتيار اإلسالمي‪ ،‬في ظل الفرصة التي أتيحت‬ ‫له بقوة بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي‪،‬‬ ‫األمر الذي فتح الباب ألخطر سؤال تتعرض له‬ ‫الثورة التونسية ما الذي يعنيه فوز اإلسالميني؟‬ ‫وتتسابق القوى السياسية داخلياً‪ ،‬والواليات‬ ‫املتحدة خارجياً‪ ،‬للحوار والتحالف مع اإلخوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬ويؤكد اإلخوان بدورهم أنهم منفتحون‬ ‫ويرحبون باحلوار مع اجلميع‪ .‬وبالنسبة للواليات‬ ‫املتحدة حتديداً‪ ،‬فهناك شروط ومقدمات أساسية‬ ‫تضعها اإلدارة األميركية ومراكز أبحاثها لبناء‬ ‫ما يطلق عليه “التحالف األميركي مع شبكات‬ ‫اإلسالم املعتدل في املنطقة العربية”‪ ،‬وهي‬ ‫الشروط التي جتعل التحالف اإلخواني األميركي‬ ‫يختلف عن التحالف األميركي السابق مع نظام‬ ‫مبارك االستبدادي‪ .‬ومن هنا يواجه اإلخوان‪ ،‬وأي‬ ‫تيار يقترب منهم‪ ،‬التساؤالت الكبري التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬حقيقة القبول اإلخواني بالدميقراطية‬ ‫على أساس القيم الغربية الليبرالية املتعارف‬ ‫عليها من حيث احترام احلريات واحلقوق التي‬ ‫تضمن املواطنة‪ ،‬وليس فقط مجرد االنتقاء من‬

‫‪35‬‬

‫الدميقراطية ما يتوافق مع املبادئ اإلسالمية‪،‬‬ ‫واعتبار الشورى مرادفة للدميقراطية‪ ،‬وطبعا ً‬ ‫سيعني ذلك تخلي اإلخوان نهائيا ً عن فكرة بناء‬ ‫الدولة اإلسالمية‪ ،‬وضرورة تغليب املنهاجية التي‬ ‫تقوم على الصراحة والشفافية‪ ،‬وعدم إحاطة‬ ‫تنظيمها بالسرية كما كانت في املاضي‪.‬‬ ‫‪ -2‬املوقف من مسألة تطبيق الشريعة‪،‬‬ ‫والقبول بالتشريع القانوني املتوازن مبا يتفق‬ ‫واملبدأ الدميقراطي‪ ،‬على أساس احلقوق املتساوية‪،‬‬ ‫وحقوق اإلنسان باملعني الشامل‪.‬‬ ‫‪ -3‬املوقف من حقوق املرأة واألقليات الدينية‪،‬‬ ‫على أساس إعادة النظر في الطروحات التقليدية‬ ‫السابقة‪ ،‬ومبا يناسب العصر والظروف املتغيرة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬املوقف من اإلرهاب والعنف غير املشروع‪.‬‬ ‫غير أنه من أقوى ظواهر “التغيير” التي يشهدها‬ ‫تنظيم اإلخوان املسلمني‪ ،‬ومن يدور في فلكه‬ ‫على الصعيد العربي‪ ،‬تلك الدعوة أو الفكرة التي‬ ‫تنادي بتكرار جتربة حزب العدالة والتنمية التركي‪،‬‬ ‫ذي اخللفية اإلسالمية‪ ،‬في السياق العربي برمته‪.‬‬ ‫االنتفاضات العرب ّية تتع ّثر‪ :‬طغمة عسكر ّية‬ ‫متعاونة مع “إسرائيل” وأميركا حتكم مصر‪،‬‬ ‫وتونس طردت طاغية ولم تغ ّير النظام‪.‬‬ ‫اإلخوان والسلف ّية مي ّثالن جوانب محل ّية من ثورة‬ ‫مضادة تُع ّد خارج العالم العربي‪ ،‬األمر الذي يفرض‬ ‫على قوى الثورات العربية اخملتلفة االنتباه من استئثار‬ ‫جماعة االخوان املسلمني بأنظمة احلكم العربية في‬ ‫مصر أو األردن أو فلسطني أو اليمن أو سوريا أو ليبيا‪،‬‬ ‫دون أن يعني ذلك عدم إفساح اجملال أمام مشاركتهم‬ ‫وفق األسس الدميقراطية في االنتخابات واملشاركة‬ ‫السياسية في قيادة األنظمة السياسية‪ .‬لكن حذار‬ ‫من أن يخطفوا أنظمة احلكم‪ ،‬ألنهم عند ذلك لن‬ ‫يتيحوا ألحد املشاركة السياسية‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬

‫األحزاب اإلسالمية استغلتها وصادرتها لتطمين الغرب‬ ‫«الثورات» العربية أوصلتها الى السلطة برعاية أميركية‬ ‫التصريحات واملواقف واملمارسات التي صدرت‬ ‫عن األحزاب اإلسالمية في مصر‪ ،‬برعاية أميركية‬ ‫مباشرة وجتمع األحزاب التي انبثقت عن جملة‬ ‫التغييرات‪ ،‬ما بعد “الثورات” أو األحداث التي حصلت‬ ‫في العديد من البلدان العربية في تونس ومصر‬ ‫وغيرهما‪ ،‬وهذا يدعونا الى السؤال الهام وامللح ما‬ ‫الذي تغير إذاً؟ تغير رأس النظام وبقي النظام بلبوس‬ ‫إسالمي‪ ،‬ما حصل ليس صدفة‪ ،‬تلك القوى كانت قد‬ ‫أعدت ورتّبت أمورها قبل فترة بعيدة من الزمن‪ ،‬كانت‬ ‫منظمة بشكل جيد‪ ،‬وكانت مدعومة متاما ً من دول‬ ‫مثل قطر والسعودية مبوافقة ورعاية وضوء أخضر‬ ‫أميركي‪.‬‬ ‫لقد حاز اإلسالم السياسي رضا الغرب األميركي‬ ‫بعد األحداث واألزمات و”الثورات” في عاملنا العربي‪،‬‬ ‫أنه بالتعريف األميركي “إسالم معتدل أو عاقل‬ ‫أو متحضر يؤمن بالدميقراطية على الطريقة‬ ‫األميركية‪ ،‬ومستعد أن يسلك طريق االنتخابات‬ ‫واثقا ً من الفوز باألكثرية ألنه ينادي باإلسالم هو احلل‬ ‫باللكنة األميركية‪ ،‬وهذا ما يؤهله ألن يكون صاحب‬ ‫السلطة؟!”‪ ،‬وفي واقع احلال‪ ،‬فإن املالك والسلطنات‬ ‫واإلمارات التي من نفظ وغاز‪ ،‬لم يكن يشغلها أمر‬ ‫الدميقراطية وتداول السلطة‪ ،‬فهي نالت الثقة‬ ‫األميركية منذ زمن طويل عندما سلمت أمرها‬ ‫لسيدها األميركي‪ ،‬واشترت الوالء بالذهب والنفط‪،‬‬ ‫وصار القرار الرسمي العربي في يد “أصغر” القوم‬ ‫واألكثر بعدا ً عن العروبة احلقيقية وحقوق الشعوب‬ ‫والدميقراطية‪ ،‬وأصبح أمني عام اجلامعة العربية نبيل‬ ‫العربي موظفا ً أمام أصحاب املال والنفط‪ ،‬يتشدق‬ ‫بقبوله الفصل السابع وتدخل مجلس األمن في‬ ‫شؤون سوريا واألمة بأكملها‪.‬‬ ‫لقد مارست قطر والسعودية أبشع األدوار‬ ‫املشبوهة‪ ،‬بعد أن ساعدتا في بروز “األحزاب‬ ‫اإلسالمية” على طريقة حمد قطر والوهابية‬ ‫السعودية‪ ،‬قاموا بشراء قرار أصحاب “الثورات”‬ ‫املزعومة وتعهدوا سرا ً وعالنية باحلفاظ على أمن‬ ‫الكيان الصهيوني والتزامهم باملعاهدات املذلة ثمنا ً‬ ‫لوصولهم الى السلطة في تونس ومصر وليبيا‬ ‫واليمن وغيرها‪.‬‬ ‫لقد أتيح لألنظمة املرتبطة باألميركي والغربي‬ ‫االستعماري الفرصة للتبرؤ من دعمها ومساندتها‬ ‫لنظام “مبارك” في مصر‪ ،‬بعد أن استهلك رأس‬ ‫النظام وبات مصدر خوف وقلق بعد أن اندلعت‬ ‫ثورتي تونس ومصر‪ ،‬ركب األميركي املوجة‪ ،‬وتنصل‬ ‫عربها من صداقاتهم التاريخية مع الذين باعوا‬ ‫القرار العربي بأبخس األثمان‪ ،‬ووجدوا في األحزاب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عبد االله بنكران‬

‫اإلسالمية التي تتقن فن السياسة األميركية‬ ‫ضالتهم‪ ،‬متت الصفقة بسهولة ودون عوائق‪ ،‬طويت‬ ‫شعارات التغيير ومحاربة “إسرائيل” وحل محلها‬ ‫االلتزام باملعاهدات الدولية‪ ،‬تنقّ ل حمد قطر بني تلك‬ ‫العواصم املفجوعة مع كبار املسؤولني األميركيني‬ ‫من سياسيني وعسكريني‪ ،‬وكان أصحاب املليارات‬ ‫جاهزين للجهر بإميانهم العميق بالدميقراطية‪،‬‬ ‫استضافوا حركات املعارضة ومولوا مؤمتراتها وفتحوا‬ ‫لها أبواب عواصم القرار الدولي‪ ،‬واشتروا لهم‬ ‫“شرعية” االرتباط باألجنبي‪ ،‬وأصبح مشايخ النفط‬ ‫دعاة للدميقراطية اإلسالمية املدعومة بالصداقة‬ ‫األميركية وهذه ال تختلف عن طبيعة النظام اخمللوع‬ ‫في مصر‪.‬‬

‫وصول األحزاب اإلسالمية الى‬ ‫السلطة بعد «الثورات»‬ ‫وصلت اجلماعات اإلسالمية املتأمركة الى سدة‬ ‫احلكم‪ ،‬بعد أن فقدت أنظمة احلكم التي تعاملت‬ ‫مع األميركي صالحياتها‪ ،‬حيث وقعت املعاهدات‬ ‫بحق شعوبها ولم تعد تفيد في املشروع الكبير‬ ‫الرامي الى كسر شوكة املقاومة في أمتنا وإضعاف‬ ‫كل دولة تدعم املقاومة بالعتاد واملوقف الرسمي‬ ‫والشعبي‪.‬‬ ‫برهان غليون “اسطنبول” الذي يسمي نفسه‬ ‫“رئيس اجمللس الوطني” على الطريقة األميركية‬ ‫التركية – الصهيونية‪ ،‬وأحد األدوات املتآمركة‬ ‫املرتبطة باألعداء‪ ،‬يفضح حجم الدور املنوط‪ ،‬قال‬ ‫لصحيفة “وول ستريت جورنال” األميركية‪“ :‬إذا متكن‬ ‫اجمللس في تشكيل حكومة جديدة‪ ،‬فإنه سيقطع‬

‫‪36‬‬

‫عالقات دمشق العسكرية مع إيران‪ ،‬ويوقف توريد‬ ‫األسلحة الى “حزب اهلل” وحماس”‪.‬‬ ‫تعبت أميركا من حتالفاتها السابقة‪ ،‬وركبت‬ ‫موجة “الثورات” حلرف توجهاتها‪ ،‬عبدت الطرق أمام‬ ‫احلركات “املتشددة” واألحزاب اإلسالمية واجلماعات‬ ‫السلفية‪ ،‬جرت االنتخابات سريعا ً في مصر‬ ‫وتونس‪ ،‬أخذ “اإلسالميون” حصتهم الكبيرة بعد أن‬ ‫تسلموا اخملطط األميركي‪ ،‬وبعد أن جهروا إميانهم‬ ‫بالدميقراطية كخطوة أولى ليتم اعتمادهم اميركيا ً‬ ‫من بني قوى التغيير في املنطقة‪ ،‬وأصبحنا اليوم أمام‬ ‫نسخة جديدة من اإلخوان املسلمني وتؤكد هويتها‬ ‫اجلديدة على املنابر الرسمية في واشنطن ولندن‬ ‫وباريس واحللف األطلسي‪ .‬الشيء الوحيد املؤكد‬ ‫الذي فعله أولئك الذين وصلوا الى السلطة في مصر‬ ‫وتونس والذين يتقدمون في اجتاه السلطة في أقطار‬ ‫عربية أخرى‪ ،‬هم أسقطوا فلسطني من أدبياتهم‬ ‫وأكدوا إسالمهم على حساب عروبة القضية‪.‬‬ ‫وبعض قادة األحزاب اإلسالمية‪ ،‬جهر بنبذه العنف‬ ‫والتسليم بوجود “إسرائيل” وااللتزام مبعاهدات‬ ‫االذعان املبرمة‪ ،‬ولم يؤكد هؤالء أي التزام بالتضامن‬ ‫العربي‪ ،‬بل حتدثوا عن الشراكة في األهداف مع دول‬ ‫الدميقراطيات الغربية وعلى رأسها الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫بات الصراع الداخلي في تلك األقطار مكشوفا ً بني‬ ‫القوى الوطنية التي ابتدعت امليدان وجعلته مصدر‬ ‫القرار بالثورة وبني اإلسالميني الذين ميلكون اخلبرة‬ ‫والقدرة على حصاد األصوات في املواسم االنتخابية‬ ‫بأساليب ال يتقنها الثوار‪.‬‬ ‫وبعد فوز اإلسالميني في تونس واملغرب ومصر في‬ ‫االنتخابات التشريعية يتطلع مخططو السياسة‬ ‫األميركية لقطف ثمار جناحاتها‪ ،‬حني سادت املنطقة‬ ‫حالة متناقضة من السيناريوهات والتكهنات التي‬ ‫تشغل القوى الكبرى حول مستقبل الشرق األوسط‬ ‫برمته‪ ،‬بعد انتقال احلكم من النخب السياسية‬ ‫والعسكرية املوالية للغرب الى نخب ذات توجهات‬ ‫دينية‪ ،‬انتقلت أميركا الى مباركة النخب اجلديدة‬ ‫اآلتية عبر “الثورات” املزعومة واملثبتة بصناديق‬ ‫االقتراع املدعومة من دول اخلليج‪ ،‬ويفاخر العديد‬ ‫من املسؤولني األميركيني بالتوصل الى تفاهمات‬ ‫معها‪ ،‬ويروجون التفاقات جرى عقدها سرا ً مع فروع‬ ‫التنظيم العاملي لإلخوان املسلمني وباألمس كان‬ ‫األميركيون يشجعون على حظره‪.‬‬ ‫ألم يكن مفاجئاً‪ ،‬ما تضمنته مقابلة مساعد‬ ‫وزير اخلارجية األميركية جيفري فيلتمان مع‬ ‫صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي قال فيها‪“ :‬إن‬ ‫إدارة الرئيس باراك أوباما جتري حوارا ً بنا ًء مع زعماء‬


‫اإلخوان املسلمني في مصر‪ ،‬كاشفا ً عن التوصل‬ ‫الى تفاهمات بني اجلانبني تقضي باحترام اإلخوان‬ ‫املسلمني التفاقية كامب ديفيد مع “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ورئيس “حزب النهضة” التونسي راشد الغنوشي‪،‬‬ ‫خالل زيارته واشنطن‪ ،‬تطلع الى أفضل العالقات مع‬ ‫“إسرائيل” متباهيا ً بالصداقة مع الواليات املتحدة‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫جتربة النخب اإلسالمية تواجه داخل الدول العربية‬ ‫التي يتسم تكوينها بالتعدد الديني والطائفي‬ ‫اختبارات عديدة‪ ،‬وحيث يشكل صعود األصولية‬ ‫واقعا ً إلثارة مخاوف وحتفظات كثيرة لدى تيارات‬ ‫وقوى اجتماعية ال تتبنى التعبيرات الدينية وتخشى‬ ‫كثيرا ً من احتمال فرض قيود على احلياة االجتماعية‬ ‫والثقافية واحلريات الشخصية في معظم تلك الدول‪.‬‬

‫حالة من خلط األوراق من املستفيد؟‬ ‫ولذلك فإن التبني األميركي واألوروبي للنخب‬ ‫اإلسالمية املرتبطة مبخططاته في املنطقة هو‬ ‫املؤشر األبرز حلالة خلط األوراق اجلارية في املنطقة‪،‬‬ ‫وهذا ما يفسر الدور احملوري لقطر والسعودية بشكل‬ ‫خاص وجمللس التعاون اخلليجي بشكل عام في دعم‬ ‫التحركات املرتبطة باألجندة األميركية في املنطقة‬ ‫وحتى لو كانت حتت شعارات إسالمية‪.‬‬ ‫إن االنفتاح األميركي على التجارب اإلسالمية هو‬ ‫شكل جديد من أشكال العمل على إدامة الهيمنة‬ ‫األميركية والتخطيط ملنع قيام دول وقوى تهدد‬ ‫املصالح األميركية واإلسرائيلية في املنطقة الى‬ ‫حني‪ ،‬والواليات املتحدة تعمل وبكل قوة على إلزام‬ ‫القيادات اإلسالمية الصاعدة مبواقف تضمن أمن‬ ‫“إسرائيل” وهي تسعى خللق مواجهة بني تلك القوى‬ ‫ومنظومة املقاومة في أمتنا ممثلة بإيران وسوريا‬ ‫و”حزب اهلل” في لبنان‪ ،‬وجر الصراع احلقيقي بعيدا ً‬ ‫عن الكيان الصهيوني الذي يحتل األراضي ويه ّودها‬ ‫ويدنّس املقدسات وال يعترف بأي شرعية دولية‪.‬‬ ‫ما جرى في مصر‪ ،‬ليس عملية تطهير واقتالع‬ ‫لنظام قدمي بكل مؤسساته وشخوصه وثقافته‬ ‫متهيدا ً إلقامة نظام جديد وبنية سياسية دميقراطية‬ ‫تقطع الصلة بكل ما هو قدمي‪ ،‬وإمنا فترة تهدئة من‬ ‫أجل استئناف عمل النظام القدمي بواجهات جديدة‬ ‫ولكن بذات اآلليات حيث مت تفعيل قانون الطوارئ‬ ‫وتقييد احلريات املدنية وعدم االستجابة لضغوط‬ ‫الشارع‪ ،‬وما يجري هناك نوع من الشراكة الضمنية‬ ‫والتفاهمات بني اجمللس العسكري واإلخوان املسلمني‪،‬‬ ‫فهي عملية توزيع أدوار متت مبباركة أميركية‪،‬‬ ‫حيث املرحلة االنتقالية تقتضي ذلك‪ ،‬واخلطوة هي‬ ‫تكتيكية ليس إال‪ ،‬متهيدا ً إلنضاج الظروف وانتظارا ً‬ ‫للحسم في ساحات أخرى‪.‬‬ ‫ويذهب البعض الى حد التأكيد‪ ،‬أن ما جرى في‬ ‫املنطقة‪ ،‬هو مصادرة لتطلعات اجلماهير العربية‪،‬‬ ‫من خالل صفقة عقدتها الدول الغربية وعلى رأسها‬ ‫أميركا‪ ،‬مع اإلسالم السياسي “املعتدل” حتديدا ً‬

‫محمد بديع‬

‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬وتقضي مبحاربة “االرهاب والتطرف‬ ‫اإلسالمي” مقابل السماح لإلخوان املسلمني بتولي‬ ‫احلكم أو املشاركة فيه بقوة شريطة احملافظة على‬ ‫معاهدتي السالم بني “إسرائيل” وكل من مصر واألردن‪،‬‬ ‫وأن “يعقلنوا” حركة حماس‪ ،‬وأن يقفوا مع أميركا‬ ‫والدول العربية اخلليجية ضد ايران‪ ،‬في وجه صعودها‬ ‫في املنطقة‪ ،‬ومن ثم مؤامرة يشارك فيها مباشرة‬ ‫دول الغرب وتركيا‪ ،‬لفرض سايكس ‪ -‬بيكو جديدة‪،‬‬ ‫تقسم املنطقة ليس على أساس جغرافي فقط‪،‬‬ ‫وإمنا على أساس توزيع املوارد والثروات واألسواق‪.‬‬ ‫ومن هنا نرى حجم الهجمة الشرسة التي‬ ‫استهدفت سوريا وتستهدف إيران و”حزب اهلل”‪،‬‬ ‫ألنهم يشكلون احللقة الصعبة أمام تنفيذ تلك‬ ‫اخلطط واملشاريع‪.‬‬ ‫لقد ُسرقت ثورة الشعب في مصر تلك التي‬ ‫أطلقها شباب مصر في ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬وبعد أن‬ ‫أخذت الثورة مداها وبعد التأكد من حتمية سقوط‬ ‫رأس النظام (مبارك)‪ ،‬قامت األحزاب املصرية وعلى‬ ‫رأسها اإلسالمية بركوب املوجة وانضموا اليها‬ ‫ليستغلوا أهدافها ليروجوا أفكارهم وشعاراتهم‪،‬‬ ‫وح ّول مسارها‪ ،‬والتغيير‬ ‫وبدأت عملية تغيير الرؤية ُ‬ ‫حصل ملصلحة األحزاب اإلسالمية‪ ،‬احلرية والعدالة‬ ‫األخواني‪ ،‬والنور السلفي‪ ،‬والكتلة املصرية وحزب‬ ‫الوسط وغيرها‪ ،‬فكانت فرصة لتلك األحزاب ألن‬ ‫تستغل الثورة حتت شعارات دينية من دون تقدمي أي‬ ‫برنامج أو رؤية مستقبلية لبناء مصر‪.‬‬ ‫لقد فازت األحزاب اإلسالمية في صناديق االقتراع‬ ‫ووصلت الى السلطة في كل من تونس واملغرب‬ ‫ومصر‪ ،‬إال أن احملك احلقيقي سيكون مدى جناحها في‬ ‫حل املشكالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫اجلسيمة السائدة في هذه البالد‪ ،‬والتخلص من‬ ‫النفوذ األجنبي الذي يتحكم في مفاصل أساسية‬ ‫في االقتصاد والسياسة‪ ،‬لقد بنى “اإلخوان املسلمني”‬ ‫شرعيتهم مبعاداة نظام كامب ديفيد وأدواته‪ ،‬وهم‬ ‫اليوم وجها ً لوجه أمام املعاهدة‪ ،‬وهم حتى اآلن لم‬ ‫يجرؤوا على املس باملعاهدة‪ ،‬ما يعني أنهم لم يأتوا‬ ‫بجديد؟‬

‫هل من تغييرات حقيقية؟‬ ‫ويرى املراقبون أن ال تغييرات سياسية حادة‪ ،‬ملدى‬

‫‪37‬‬

‫فوز اإلسالميني وتسلمهم السلطة في مصر‬ ‫وتونس‪ ،‬ال سيما في ظل تصاعد مخاوف الغرب‪،‬‬ ‫وأن اإلسالميني لن يحدثوا تغييرات في السياسة‬ ‫اخلارجية املصرية‪ ،‬وهناك من يقول‪ ،‬إن سياسة الدول‬ ‫تتحدد حسب املصالح‪ ،‬والواليات املتحدة تبحث عن‬ ‫مصاحلها وتتحالف مع دول لديها القدرة على حماية‬ ‫مصاحلها‪ ،‬ومن هنا وجدنا‪ ،‬أن التيارات اإلسالمية‬ ‫نزلت في سقفها الى أرضية الواقع السياسي‪.‬‬ ‫حزب النور السلفي في مصر‪ ،‬أكد التزامه مبعاهدة‬ ‫كامب ديفيد والتفاوض مع “إسرائيل” وبهذا يكون‬ ‫السلفيون قد كشفوا عن أقنعتهم مبكراً‪ ،‬وبددوا‬ ‫اخملاوف اإلسرائيلية املزعومة من وصول السلفيني‬ ‫الى السلطة‪ ،‬وطمأنة الواليات املتحدة بأن حليفها‬ ‫اإلسرائيلي في مأمن تام وال أخطار تهدده‪ ،‬وأكد‬ ‫يسري حماد باسم حزب “النور” في مقابلة غير‬ ‫مسبوقة مع إذاعة اجليش اإلسرائيلي‪ ،‬التزام حزبه‬ ‫باملعاهدة‪ ،‬وجعل من املقابلة وسيلة لتقدمي أوراق‬ ‫اعتماده لدى “إسرائيل” وطمأن اإلسرائيليني بقوله‪:‬‬ ‫“نحن لم ننتخب من أجل احلرب‪ ،‬فمصر بحاجة الى‬ ‫إعادة البناء والسالم‪ ،‬وليس لدينا رغبة في إيجاد‬ ‫نزاعات إقليمية”‪.‬‬

‫املرجعية واحدة واملعاهدات باقية؟‬ ‫وثمة حتليل يقول‪ ،‬إن جميع اإلسالميني املتقدمني‬ ‫في االنتخابات في مصر وتونس واملغرب وغيرها‪ ،‬هما‬ ‫في سلة واحدة‪ ،‬سوى على مستوى املنطقة أو في‬ ‫البلد الواحد‪ ،‬وكأن برنامجا ً سياسيا ً واحدا ً يحكم‬ ‫سلوكهم‪ ،‬وأن هناك مهندسا ً واحدا ً لكل حركة‬ ‫اإلسالميني‪ ،‬وأن الصراع بني اإلسالميني‪ ،‬هو على‬ ‫“النجومية” فقط وفي امتالك الرضا األميركي ورؤيته‬ ‫لألوضاع في املنطقة‪ ،‬ولهذا يتم بلورة أنظمة حليفة‬ ‫تدور في الفلك األميركي وتتقيد برؤيتها وتوجهاتها‬ ‫واملتمثلة في كسر شوكة املقاومة في أمتنا‪ ،‬هذا هو‬ ‫الثمن مقابل التربع على كرسي السلطة‪.‬‬ ‫السعودية وقطر تلعب بأموالها وتستغل حاجات‬ ‫الناس في مصر ولدى العاملني لديهما‪ ،‬ودورهما‬ ‫اتضح‪ ،‬وأصبح مكشوفا ً في تأجيج التطرف الديني‬ ‫الذي يرمي الى حتويل مصر الى مجرد تابع للسعودية‬ ‫في ثقافتها الدينية‪ ،‬والسعودية تتدخل في الشأن‬ ‫املصري بأموالها وقد أقامت ركائز أساسية هناك‬ ‫تضمن وقف تيار “الثورة” من اجتياح املنطقة‪ ،‬لذلك‬ ‫فهي تدفع الثمن للراعي األميركي مبواقف محددة‬ ‫عبر التحالف‪ ،‬واالنفتاح األميركي على التجارب‬ ‫اإلسالمية هو شكل جديد من أشكال العمل‬ ‫والهيمنة والتخطيط ملنع قيام دول وقوى تهدد‬ ‫املصالح األميركية واإلسرائيلية‪.‬‬ ‫إن ما أجنز في مصر وتونس واملغرب وفي شمال‬ ‫إفريقيا عموماً‪ ،‬ووصول “األحزاب اإلسالمية” الى‬ ‫السلطة في تلك البلدان‪ ،‬هو نسخة معدلة ليس‬ ‫فيها ما كان موجودا ً في املاضي القريب من عمل‬ ‫جهادي يتخذ من فلسطني هدفها لنصريتها‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬ ‫ووضعها ضمن أولوياته اجلهادية‪ ،‬هم كانوا معادين‬ ‫للصهيونية وقد قاتلوا حتت راية فلسطني‪،‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬فهل تغيرت خياراتهم؟ وهل أصبح اخليار‬ ‫بني السلطة وفلسطني؟ وإذا ما اختاروا السلطة‬ ‫فمن الطبيعي أن يتخلوا عن فلسطني عن طريق‬ ‫متسكهم باتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬أي أن السلطة‬ ‫هنا هي منحة أميركية شرطها األول التخلي عن‬ ‫القضية والهوية‪ ،‬ونقول ماذا بقي من إسالمهم‬ ‫عندئذ‪.‬‬ ‫لقد وصل األمر بالرئيس الفرنسي نيكوال‬ ‫ساركوزي ليقول‪“ :‬هل سمعتم تلك الثورات العربية‬ ‫ترفع شعارات ضد “إسرائيل”؟‪.‬‬ ‫أو ما قاله مسؤولون أميركيون‪“ ،‬بأن واشنطن‬ ‫ليس لديها مانع في التعامل مع “االخوان املسلمني”‬ ‫اذا ما وصلوا الى احلكم”‪ ،‬ونحن نسأل ما هو الثمن‬ ‫يا ترى؟ أليس الثمن التمسك باملعاهدات املذلة‬ ‫مثل كامب ديفيد وتأمني املصالح األميركية في‬ ‫املنطقة؟‪.‬‬ ‫وكذلك ال توجد مشكلة لدى “اإلخوان” في أن‬ ‫يعلن حزب احلرية والعدالة التابع جلماعة “االخوان‬ ‫املسلمني” في مصر احترامه لالتفاقيات واملعاهدات‬ ‫الدولية‪ ،‬واحترامه ملعاهدة كامب ديفيد كجزء من‬ ‫تلك املعاهدات‪ ،‬ويبدو هنا فك “االرتباط” السياسي‬ ‫على األقل بني اجلماعة واحلزب أمرا ً حيويا ً وحاسما ً‬ ‫في هذه املرحلة ألنه “يحقق الفوائد ويتجنب‬ ‫اخلسائر”!‪.‬‬ ‫يرى حزب النور السلفي في مصر‪“ :‬أنه ال يصح‬ ‫اإلقدام على ما فيه ضرر ملصر وأبنائها‪ ،‬ويرى خطورة‬ ‫أن تنقض الدولة اتفاقية دولية من جانب واحد‪،‬‬ ‫لذلك يعلن أنه سوف يحترم االتفاقية‪ ،‬مع السعي‬ ‫الدائم لتعديل بنودها بكافة السبل املشروعة”‪،‬‬ ‫والسؤال هنا‪ ،‬أليست كامب ديفيد أكبر ضرر ملصر‬ ‫وفلسطني؟!‬ ‫هل هناك من عالقة بني األقوال واألفعال؟ اذا ما‬ ‫أخذنا الشعارات الطنانة التي أطلقت بعد اندالع‬ ‫ثورة يناير ‪ 2011‬في مصر‪ ،‬وبالتحديد يقول محمد‬ ‫بديع املرشد العام جلماعة “االخوان املسلمني” يوم‬ ‫‪“ :2011/5/6‬لم تكن الثورة املصرية ثورة على النظام‬ ‫فحسب‪ ،‬وإمنا ثورة داخلية على القمع واإلذالل‬ ‫والتخويف والتجويع‪ ،‬وثورة خارجية باملكانة الرائدة‬ ‫في اإللتحاق بالعمق العربي وأداء الدور القومي‪،‬‬ ‫بعد ثالثني سنة ظلت مصر مرهونة بسياسات‬ ‫املشروع األميركي الصهيوني ومعاهدة كامب‬ ‫ديفيد االستسالمية‪ ،‬فالشعب الفلسطيني الذي‬ ‫ابتهج لثورة إخوانه املصريني في كسر حاجز اخلوف‬ ‫والتسلح باجلرأة واخلسارة‪ ،‬هو في أ َ َمس احلاجة الى‬ ‫التضامن واملصاحلة والتعبئة”‪.‬‬ ‫وزعيم حزب العدالة والتنمية اإلسالمي في‬ ‫املغرب ورئيس احلكومة احلالية عبد االله بن كيران‪،‬‬ ‫يتكلم اليوم بلغة األحزاب اإلسالمية التي فازت‬ ‫في االنتخابات في مصر وتونس وغيرها‪“ :‬يجب أن‬ ‫تعلم األمة اننا ال منلك حالً سحرياً” وهو الذي حتدث‬ ‫بصرامة وقوة غداة الغزو األميركي للعراق عام ‪،2003‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫راشد الغنوشي‬

‫قال يومها‪“ :‬إنهم يريدون إعادة تشكيل اخلريطة‬ ‫السياسية ولم يعد يخفي على أحد‪ ،‬أن السعودية‬ ‫تقسم‪ ،‬ودول اخلليج يعلم اهلل‬ ‫مهددة اليوم بأن‬ ‫ّ‬ ‫ماذا سيقع فيها‪ ،‬ومصر كذلك مهددة ورمبا سوريا‬ ‫باعتبارها وقفت في وجه الكيان الصهيوني كل هذه‬ ‫املدة‪ ،‬والبقية تأتي وكل هذا يعتبر خطرا ً على األمة‪،‬‬ ‫وقال‪“ :‬سنسير في اجتاه مزيد من االنحناء واالنصياع‪،‬‬ ‫سيتولى أمورنا حكام‪ ،‬إن كان احلاليون نشتكيهم‪،‬‬ ‫فاآلخرون سيكونون دون شك أذناب للواليات املتحدة‬ ‫على شاكلة قرضاي أفغانستان”‪.‬‬ ‫وزعيم حزب النهضة اإلسالمي في تونس‬ ‫راشد الغنوشي كان قبل اندالع “الثورات العربية”‬ ‫يتحدث عن ضرورة املساهمة في تعبئة الطاقات‬ ‫وتثويرها نحو بيت املقدس‪ ،‬وله العديد من املقاالت‬ ‫تأييدا ً للجهاد واملقاومة في فلسطني‪ ،‬وكاتب‬ ‫يوم ‪ ،2010/1/7‬بعنوان “احلركة اإلسالمية واحلرب‬ ‫على غزة” انتقد في “اجلزيرة نت” مواقف احلركة‬ ‫االسالمية “االخوانية” خارج فلسطني‪ ،‬من ناحية‬ ‫ما يترتب عليها من واجب النصرة ودعم الفعل‬ ‫املقاوم في غزة وفلسطني عموماً‪ ،‬وقال إن املشروع‬ ‫الصهيوني املدعوم من أميركا بصورة أساسية‬ ‫يتهدد األقطار العربية بالهيمنة وضياع فلسطني‬ ‫والقدس واملسجد األقصى‪”...‬‬ ‫وقال الغنوشي يوم ‪ 2008/5/17‬في تصريحات‬ ‫خاصة لـ “القدس برس الفجر نيوز”‪“ :‬إن ما يعرف‬ ‫بالصراع العربي اإلسرائيلي هو صراع وجود وليس‬ ‫صراع حدود‪ ،‬وإن الكيان الصهيوني يستهدف األمة‬ ‫بأكملها”‪.‬‬ ‫لكن بعد اندالع تلك “الثورات” قال الغنوشي‬ ‫كالما ً مغايرا ً متاماً‪ ،‬والسؤال ما الذي غيره؟ قال‪“ :‬إن‬ ‫الدستور التونسي اجلديد لن يتضمن أي مادة متنع‬ ‫إقامة عالقات مع “اسرائيل”‪.‬‬ ‫وقال الغنوشي في تصريحاته الى “معهد واشنطن‬ ‫لسياسات الشرق األوسط يوم ‪:”2011/12/17‬‬ ‫“حل الصراع الفلسطيني – االسرائيلي يعود الى‬ ‫الطرفني‪ ،‬أنا مهتم بتونس لدي جتربة أريد أن تنجح‬ ‫فيما اآلخرون يهتمون بفلسطني‪ ،‬الكل مهتم‬ ‫مبصلحته اخلاصة‪ ،‬ومصلحتي هي تونس”‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫الوضع في مهد “الثورات” العربية‪ ،‬تونس‪ ،‬ليس‬ ‫مثالياً‪ ،‬لكنه يعطي منوذجا ً ملا آلت إليه احلال‪ ،‬حيث‬ ‫الصراع بني التيار اإلسالمي احلاكم والتيار املدني‬ ‫املشارك‪ ،‬ويحتدم الصراع يوما ً بعد يوم‪ ،‬ويتحول‬ ‫الى مواجهة تقليدية بني سلطة إسالمية نصبتها‬ ‫“الثورة املنهوبة” ومعارضة ليبرالية وليدة‪ ،‬ولن تكون‬ ‫هناك دولة عربية من دول تلك “الثورات” مبنأى عن‬ ‫هذا الشكل من الصراع‪ ،‬وتونس هي اخملتبر االول‪.‬‬ ‫السلطة التنفيذية التي تقودها حركة النهضة‬ ‫االسالمية‪ ،‬بدأت بسرعة فائقة التصرف كقوة قمع‬ ‫للتظاهرات وتقييد احلريات وضبط اإلعالم‪ ،‬وتكيف‬ ‫مع السلفيات التي أطلت برأسها في مرحلة ما‬ ‫بعد الثورة‪ ،‬لتختبر االنفتاح السياسي‪ ،‬وتتحدى‬ ‫شعارات اإلسالميني وبرامجهم في إدارة الدولة‬ ‫واجملتمع‪.‬‬ ‫لن تستطيع حركة النهضة اإلسالمية في تونس‬ ‫أن تعيد إنتاج استبداد جديد حتى لو شاء بعض‬ ‫شيوخها وقيادييها‪ ،‬اجملتمع لن يقبله بعد أن استرد‬ ‫حريته‪ ،‬وفي مقابل التطرف السلفي هناك تطرف‬ ‫ليبرالي ال يقل سو ًءا عن التطرف اإلسالمي‪ ،‬ينادي‬ ‫باخملدرات والعري وغيرها‪ ،‬من حفالت اجلنون والتهور‪،‬‬ ‫واالستقطاب يزداد حدة بني اجلانبني‪ ،‬ما بني عيوب‬ ‫التطرف اإلسالمي والتطرف الليبرالي املدني‪.‬‬ ‫إنه زمن االضطراب وافتقاد القدرة على توظيف‬ ‫االنتفاضات مبا يخدم مصالح الشعوب املقهورة‬ ‫التي تطلب التغيير ولكنها تصطدم بالعامل‬ ‫اخلارجي الذي سرق حاضرها ويخطط لسرقة‬ ‫مستقبلها‪ ،‬وفي مصر ز ّور “االخوان” إرادة امليدان‬ ‫ويتقدمون نحو الرئاسة‪ ،‬بعدما مكنتهم قدرتهم‬ ‫على التنظيم وإمكانياتهم املادية مبصادرها في‬ ‫الداخل واخلارج على االنتصار والسيطرة على‬ ‫القرار‪ ،‬في ظل عدم تنظيم صفوف الثوار وأحزابهم‬ ‫وبرامجهم أو توافقهم في جبهة تؤكد جدارتهم‬ ‫بصنع املستقبل‪ ،‬وهنا ال ميكن جتاهل تواطؤ اجمللس‬ ‫العسكري مع “اإلسالميني” والذي يؤشر على‬ ‫األخذ بنصائح أميركية شبه معلنة بأن “اإلخوان”‬ ‫مدجنون وال خطر منهم على الطبعة‬ ‫هذه األيام‬ ‫ّ‬ ‫اجلديدة من الدميقراطية اإلسالمية الناطقة بلكنة‬ ‫أميركية‪.‬‬ ‫أما في ليبيا التي دخلها خراب حلف األطلسي‬ ‫وبعباءة اجلامعة العربية‪ ،‬فهي تعيش حالة من‬ ‫التيه بني الفيدرالية واحلكم املركزي وبني إسالميات‬ ‫متعددة ومتنوعة وبغير تاريخ ووسط استفاقة‬ ‫للقبائل والعناصر تهدد بحرب أهلية تذهب بالدولة‬ ‫وإجنازاتها‪ ،‬من دون أن تشكل خطرا ً على استمرار‬ ‫تدفق النفط الى الذين يرون أنهم أولى من أصحابه‪.‬‬ ‫هذا ال يعني االستكانة الى واقع مزور ومدعوم من‬ ‫اخلارج‪ ،‬ألن األمة متلك من الطاقات البشرية املؤمتنة‬ ‫الكثير‪.‬‬ ‫جماهيرنا تعرف خيارها احلقيقي وطريقها واضح‪،‬‬ ‫وخيارها املقاومة ألنه السبيل الوحيد لصون الكرامة‬ ‫واستعادة احلقوق‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫حوار‬

‫أسعد سحمراني لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫أتباع الحركات اإلسالمية يطرحون شعارات براقة‬ ‫لكنهم بعيدون كل البعد عن اإلسالم‬ ‫وللوقوف على وصول حركات اإلسالم‬ ‫السياسي الى مراتب النفوذ والسلطة في‬ ‫بعض الدول العربية‪ ،‬التقت «منبر التوحيد»‬ ‫مسؤول الشؤون الدينية في املؤمتر الشعبي‬ ‫اللبناني الدكتور أسعد سحمراني‪ ،‬في‬ ‫حوار هنا نصه‪:‬‬

‫هل يحق استعمال مصطلح اإلسالم‬ ‫السياسي؟‬ ‫اإلسالم هو اإلسالم‪ ،‬ونسبة املصطلح الى‬ ‫اإلسالم هي نسبة غير موفقة‪ ،‬ما يعني أن نقول‬ ‫اإلسالم السياسي واالقتصاد اإلسالمي ومعرض‬ ‫الكتاب اإلسالمي‪ ،‬هذه التعابير أتت نتيجة اخللط‬ ‫في املفاهيم واملصطلحات ون ّبه منها الكثيرون‬ ‫منهم الدكتور عمر فروخ ونحن وغيره وقلنا أن‬ ‫اإلسالم هو “كل” والصحيح أن نقول السياسة في‬ ‫اإلسالم‪ ،‬االقتصاد في اإلسالم والدولة في اإلسالم‬ ‫واملرأة في اإلسالم والتصوف في اإلسالم‪ ،‬ألنه ال‬ ‫يستطيع أحد من الناس أن يستغرق اإلسالم كله‬ ‫في هذا املوضوع‪ ،‬لذلك اإلسالم دائرة كبرى ضمنه‬ ‫دوائر تعالج املسائل املطلوبة‪.‬‬ ‫أما أن نقول‪ :‬هل في اإلسالم سياسة؟ اجلواب‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬ألن اإلسالم في األصل فيه الثوابت والضوابط‬ ‫التشريعية ملا هو من شؤون الدنيا واآلخرة‪ ،‬ولكن‬ ‫ما يجب أن يُعلم أن ما جاء به اإلسالم في الشأن‬ ‫السياسي هو أمر يهتم باألصول والركائز واألحكام‬ ‫العامة ويترك التفاصيل والتجزيئية واألحكام‬ ‫التفصيلية لكل مكان وزمان‪ ،‬والدليل على ذلك‬ ‫أنه بعد رحيل النبي(ع) ما بني اختيار اخلليفة‬ ‫الراشدي األول والثاني والثالث والرابع وهذا كله‬ ‫في حقبة زمنية قليلة نسبيا ً ال تتجاوز أقل من‬ ‫‪ 30‬سنة‪ ،‬كان هناك أربعة أنواع من الثوابت الختيار‬ ‫اخلليفة‪ ،‬هذا ما يدل على أنه في اإلسالم هناك‬ ‫سعة وإذا أردنا أن نضع الثوابت أو نحددها فهي‬ ‫العدل‪ ،‬الشورى‪ ،‬احلرية وكرامة اإلنسان‪ ،‬هذه األمور‬ ‫هي التي تشكل الثوابت العامة للفكر السياسي‬ ‫الذي يعتمد اإلسالم منطلقا ً لالجتهاد‪ ،‬ولكن هنا‬ ‫يجب أن نلفت ملسألة مهمة هو أن اإلسالم يرفض‬ ‫بالكلية ما يسمى الدولة الدينية املعروفة في‬ ‫املصطلح السياسي باسم الدولة الثيوقراطية‪،‬‬ ‫ألن اإلسالم ال يدعو لدولة أحادية االنتماء ال جلهة‬ ‫العقيدة وال جلهة املذهب‪ ،‬اإلسالم ال تقبل روحه وال‬

‫جوهره أن يكون اجملتمع من لون طائفي أو مذهبي‬ ‫واحد‪ ،‬فاجملتمع الذي يؤسس له اإلسالم هو مجتمع‬ ‫تنوعي وتعددي‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمواطنة التي يؤكد عليها‬ ‫اإلسالم فاحلقوق واحدة لكل املواطنني‪ ،‬فليس‬ ‫للمسلم حقوق أو امتيازات في املواطنة جتعله في‬ ‫موقع غير سواه من أهل وطنه‪ ،‬وإال عندها يكون‬ ‫َمن يقوم بهذا الكالم قد دخل في لعبة الشعب‬ ‫اخملتار التي يعتمدها العدو الصهيوني‪ ،‬من هذا‬ ‫املنطلق إذن أطروحة الدولة الدينية غير موجودة‬ ‫في اإلسالم‪.‬‬ ‫أما أن يستمد الناس األصول واألسس الدستورية‬ ‫لبعض القوانني والتشريعات من ثوابت اإلسالم‬ ‫العامة (اإلنسان واحلرية والعدل والشورى واملساواة‬ ‫بني الناس وتكافؤ الفرص) كما سبق وذكرت فهذا‬ ‫أمر مطلوب‪ ،‬ألنها ثوابت يُعنى بها كل مواطن‬ ‫وكل فكر‪.‬‬ ‫هل هناك فرق بني اإلسالم السياسي العربي‬ ‫والغير عربي؟‬ ‫املسألة األساسية أن نقول إننا سنضع فكرة أو‬ ‫نظرية سياسية انطالقا ً من ثوابت اإلسالم‪ ،‬أما أن‬ ‫نقول بتحزبات باسم اإلسالم تتخذ طابعا ً مذهبيا ً‬

‫‪39‬‬

‫أو فئويا ً فهذا يسيء جلوهر اإلسالم الذي هو رحمة‬ ‫للعاملني وليس رحمة للمسلمني‪.‬‬ ‫اإلشكالية بدأت إذا جتاوزنا القدمي الى العصر‬ ‫احلديث‪ ،‬في أربعينيات القرن املاضي أي منذ أكثر من‬ ‫‪ 70‬عاما ً نهض في الهند وباكستان مفكر يدعى‬ ‫أبو األعلى املودودي‪ ،‬الذي كان مع فكرة االنسالخ‬ ‫الوطني والقومي للمسلمني عن انتمائهم في‬ ‫شبه القارة الهندية وأن يقيموا دولة بسلطة أو‬ ‫حاكمية إلهية كما يسميها هو‪ ،‬وهي اإلشكالية‬ ‫التي توزعت وانتشرت في الفكر السياسي عند‬ ‫املسلمني أو عند بعض احلركات هي بسبب هذا‬ ‫حتدث عن حاكمية‬ ‫األمر ألن أبو األعلى املودودي هذا ّ‬ ‫مطلقة هلل‪ - ،‬طبعا ً جميعنا مرجعنا اهلل وحده‬ ‫سبحانه وتعالى‪ -‬ومرجعنا شرع اهلل‪ ،‬ولكن اهلل‬ ‫تعالى ترك للعقل البشري حرية التفكير واالجتهاد‬ ‫واستنباط الرأي وترك لنا أن ننظم شؤون اجملتمع‬ ‫والدولة كما سبق وقلت وفق الثوابت ولكن برؤى‬ ‫معاصرة‪ ،‬وهذا ما نسميه في املصطلح اإلسالمي‬ ‫ارتباطا ً باألصل ومواكبة للعصر‪ ،‬لسنا مع اجلمود‬ ‫والتقليد‪ ،‬فاملودودي أوقعنا في إشكالية كبيرة‬ ‫عندما وضع كتيبا ً صغيرا ً أسماه «املصطلحات‬ ‫األربعة في القرآن‪ :‬اإلله‪ -‬الرب‪ -‬العبادة‪ -‬الدين»‪،‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬ ‫اإلسالم ال يدعو لدولة أحادية االنتماء‬ ‫ال جلهة العقيدة وال جلهة املذهب‬ ‫اجملتمع الذي يؤسس له اإلسالم هو مجتمع تنوعي وتعددي‬ ‫ليس للمسلم حقوق أو امتيازات في املواطنة جتعله في موقع غير‬ ‫سواه من أهل وطنه‪ ،‬وإال عندها يكون مَن يقوم بهذا الكالم قد دخل‬ ‫في لعبة الشعب اخملتار التي يعتمدها العدو الصهيوني‬ ‫النموذج التركي ليس فقط ال يُستلهم بل هو خطر كبير جدا ً على‬ ‫األمة وواجبنا أن نتنبّه من هذا املشروع اخلطير‬ ‫ترجم الى العربية‪ ،‬يتّهم فيه األمة بأنها لم يعد‬ ‫مبقدورها أن تتذ ّوق اللغة العربية وتفهم معنى‬ ‫املصطلحات وبالتالي فإنها دخلت في اجلاهلية‬ ‫وهذا اتهام تكفيري لألمة بأكملها وللمجتمع‬ ‫بأكمله‪ ،‬وهذا الفكر التكفيري هو الذي اقتبسه‬ ‫عنه السيد قطب في مصر وصاغه في كتابه‬ ‫املعنون «معالم في الطريق» واتّهم األمة كلها‬ ‫باجلاهلية‪ ،‬وبعده جاء محمد قطب فكتب «جاهلية‬ ‫القرن العشرين» عام ‪ ،1965‬وبعده أخذ هذا الفكر‬ ‫كتّاب آخرون جانبوا احلقيقة في هذا األمر خاصة‬ ‫وأن هذا املفكر الهندي الباكستاني أبو األعلى‬ ‫املودودي لألسف الشديد في كت ّيبه «املصطلحات‬ ‫األربعة في القرآن‪ :‬اإلله‪ -‬الرب‪ -‬العبادة‪ -‬الدين»‬ ‫التي يتهم فيها الناس بعدم فهم اللغة العربية‬ ‫وتذ ّوقها‪ ،‬هو كتب الكتاب باللغة «األوردية» ولم‬ ‫يكن يتقن العربية والكتاب املتداول اآلن بني‬ ‫أيدينا هو مترجم الى العربية‪ ،‬فكيف إلنسان ال‬ ‫يعرف العربية وال يتذوقها أن يتهم الناس أنهم ال‬ ‫يعرفونها؟ مما يعني أن هذا األمر كان إما بتأثيرات‬ ‫فكر مأخوذ من فكر الدولة الدينية الذي كان في‬ ‫الغرب عندما كان امللك يظن أن وجود اهلل على‬ ‫األرض أو من بعض الفكر الصهيوني الذي يدعي‬ ‫حق أرض امليعاد وحق الدولة بأمر إلهي والوعود‬ ‫املنسوبة في العهد القدمي‪ ،‬فهذه األفكار ليست‬ ‫من جوهر اإلسالم وال هي موجودة عندنا‪ ،‬لذلك‬ ‫التجديد واالبتكار والتطوير هو أمر مطلوب لكن‬ ‫هذا األمر غير ممكن‪.‬‬ ‫أما إذا انتقلنا ‪ -‬وهذا أمر مهم ‪ -‬الى واقعنا اليوم‪،‬‬ ‫ملاذا ُطرح أن يكون هناك أحزاب إسالمية أو أحزاب‬ ‫تقول أنها إسالمية في السلطة إن كان في تونس‬ ‫أو في مصر أو غيرهما؟ في احلقيقة عود على بدء‬ ‫الى العام ‪ 2004‬كان يومها رئيس الواليات املتحدة‬ ‫األميركية جورج بوش االبن أتى وحضر اجتماعا ً‬ ‫للحلف األطلسي في اسطنبول وقال يومها في‬ ‫هذا االجتماع‪ ،‬أن الواليات املتحدة األميركية ال‬ ‫تعادي اإلسالم وها هي حتضر في دولة تركيا التي‬ ‫يحكمها حزب «العدالة والتنمية» اإلسالمي‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولكن هذا هو النموذج الذي نريده‪ ،‬منوذج الصلح‬ ‫مع العدو الصهيوني املغتصب‪ ،‬منوذج التطبيع مع‬ ‫هذا العدو‪ ،‬ومنوذج العضوية البنيوية في احللف‬ ‫األطلسي‪ ،‬ومنوذج املذهبية والطائفية التي تقود‬ ‫األمة الى الفيدرالية والتقسيم‪ ،‬وهذا ما تفعله‬ ‫تلك احلركات واألحزاب اإلسالمية اليوم والدليل‬ ‫الساطع أمامنا جميعا ً هذا التغ ّول على السلطة‬ ‫الذي ميارسه اإلخوان املسلمون والسلفيون في‬ ‫مصر وما يسمى حزب «احلرية والعدالة» النابع‬ ‫من رحم اإلخوان املسلمني ألنهم مارسوا تغوال ً‬ ‫خطيرا ً ترافق مع حالة من الكذب اخمليف‪ ،‬فكل‬ ‫مكونات الشعب املصري قامت بالثورة وجميعا ً‬ ‫كانوا يريدون التخلص من نظام كامب ديفيد‪،‬‬ ‫ومفاسد حسني مبارك ونظامه‪ ،‬لكن بعد انتهاء‬ ‫الثورة وسقوط مبارك‪ ،‬قال اإلخوان املسلمون إنهم‬ ‫لم يرشحوا لعضوية مجلس الشعب في البرملان‬ ‫أكثر من ‪ % 20‬وإذا بهم عندما تُغدق عليهم األموال‬ ‫األطلسية والبترولية اخلليجية يرشحون ‪% 300‬‬ ‫فيصل لهم وحللفائهم ‪ % 72‬في البرملان‪ ،‬يومها‬ ‫قلق الناس فقالوا نحن لن نقرب باجتاه احلكومة‪،‬‬ ‫فجأة يطالبون اآلن بتشكيل حكومة برئاسة‬ ‫إخوان منهم‪ ،‬أتت حكاية صياغة الدستور إذ بهم‬ ‫يختارون من جماعتهم من البرملان أو من خارجه‬ ‫لصياغة الدستور‪ ،‬الذي ال يعني حزب «اإلخوان‬ ‫املسلمني» أو حزب «النور» السلفي وإمنا يعني‬ ‫كل مكونات اجملتمع املصري بكل أطيافه وأفكاره‬ ‫واجتاهاته الطائفية‪ ،‬فكيف إذا هم ينظمون أو‬ ‫يسمحون ألنفسهم بأن يكتبوا دستورا ً أحاديا ً‬ ‫جملتمع متعدد‪ ،‬األمر اآلخر هم لم يصلوا أصالً‬ ‫بانقالب والناس في مصر وغيرها لم ينشطوا‬ ‫ويعملوا من أجل إسقاط «احلزب الوطني» – حزب‬ ‫حسني مبارك – ليأتوا بحزب اإلخوان‪ ،‬ما يعني أن‬ ‫احلكم سينتقل من حكم احلزب الواحد الى حكم‬ ‫احلزب الواحد‪.‬‬ ‫فوق ذلك كله نفسه املهندس خيرت الشاطر‬ ‫عقد ندوة صحافية منذ أشهر وقال بأن حزب‬ ‫«اإلخوان» لم يترشح أحد منه لرئاسة اجلمهورية‬

‫‪40‬‬

‫وأعطى دليالً بأنهم فصلوا الدكتور الطبيب عبد‬ ‫املنعم أبو الفتوح عندما ترشح من قيادة اإلخوان‪،‬‬ ‫فإذا به شخصيا ً ّ‬ ‫يترشح واحتياطا ً يرشحون محمد‬ ‫مرسي ويرشحون آخرين‪.‬‬ ‫إذن هذا الكذب اخلطير ليس من روح اإلسالم وال‬ ‫من جوهره وهذا يدل على أنه ال يصح أن نسمي‬ ‫هؤالء اإلسالم السياسي فننسبهم الى اإلسالم‪،‬‬ ‫هم فريق أو فئة من املسلمني نظموا أنفسهم‬ ‫بأحزاب للكذب وعندهم تغ ّول على السلطة‬ ‫ولديهم هوس بشيء اسمه السلطة‪.‬‬ ‫وأضاف سحمراني‪ :‬هذا األمر طبعا ً سيؤدي الى‬ ‫ردات فعل عديدة وخطيرة في مجتمعهم سيما‬ ‫وأن َمن وصلوا الى مواقع قيادية في تونس أو االخوان‬ ‫وحزب النور السلفي في مصر بدأوا بتقدمي أوراق‬ ‫االعتماد لدى الراعي األميركي في واشنطن ولدى‬ ‫الصهيوني ألنهم سيحافظون على املعاهدات‬ ‫والعالقات مع احللف األطلسي‪ ،‬الناس قامت‬ ‫بالثورة في جزء أساسي منها كان ألن النظام في‬ ‫تونس كان قد افتتح مكتبا ً للعالقات مع العدو‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وألن النظام كان يطبق للفرانكوفونية‬ ‫ويريد نسخ ونسف وضرب شخصية تونس في‬ ‫العروبة واإلسالم‪ ،‬وكذلك األمر في مصر عندما‬ ‫أراد نظام مبارك والسادات قبله و َمشوا في صلح‬ ‫مع العدو الصهيوني وهناك عالقة تبعية خطيرة‬ ‫لألميركي‪ ،‬فاجلزء األساسي من احلراك االجتماعي‬ ‫كان ألسباب اجتماعية‪ ،‬وليس ألن األمر بحاجة‬ ‫الى مناقشة وهذا ما حدده رئيس املؤمتر الشعبي‬ ‫اللبناني كمال شاتيال في قوله إن الثورات في‬ ‫الساحة العربية لها ضوابط وشروط‪ ،‬هذه‬ ‫الضوابط برأينا هي‪:‬‬ ‫أوالً‪ ،‬رفض التدخل األجنبي بكل أشكاله وألوانه‬ ‫وجتلياته‬ ‫ثانياً‪ ،‬التمسك بالوحدة الوطنية ورفض أي‬ ‫منطق فئوي أو حزبي ضيق بأي اسم تسمى باسم‬ ‫إسالمي أو يساري أو أي اسم آخر ألن الوحدة‬ ‫الوطنية هي األساس وهي املستهدفة في الشرق‬ ‫األوسط اجلديد الصهيو – أميركي‪.‬‬


‫ثالثاً‪ ،‬التمسك بالهوية العربية لألمة ألننا‬ ‫نحن جميعا ً حتضننا العروبة وهي عروبة حضارية‬ ‫حاضنة ولكن اخلنادق الطائفية واملذهبية واملتاريس‬ ‫املذهبية والطائفية ستهلك مذاهبها وطوائفها‬ ‫قبل سواهم‪ ،‬ونحن هنا عندما نستعمل تعابير‬ ‫العروبة احلضارية لنقول أن العروبة في فهمنا‬ ‫ليست حالة عرقية حتى ال نقول لألخ العربي‬ ‫الكردي والبربري أين موقعه‪ ،‬نحن قلنا العروبة‬ ‫احلضارية أي كل َمن انتسب الى هذه األمة لغة‬ ‫وحضارة وثقافة وتاريخا ً وفكرا ً وأمجادا ً ومصيرا ً‬ ‫فهو عربي‪.‬‬ ‫رابعاً‪ ،‬استخدام الوسائل الدميقراطية في احلراك‬ ‫ورفض العسكرة بكل أشكالها ألنه أية عسكرة‬ ‫ألي حراك في داخل الدولة سيهلك «احلرث‬ ‫والنسل»‪ ،‬والنموذج الليبي منوذج واضح عندما‬ ‫حصل احلراك املسلح والقاه التدخل التدميري‬ ‫االستعماري األطلسي‪ ،‬ولننظر الى ما حصل في‬ ‫ليبيا اآلن‪ ،‬كيف تشرذمت وكيف االقتتال اليومي‪،‬‬ ‫واملفارقة التي يجب أن ينتبه لها الناس ملاذا االقتتال‬ ‫القبلي والعشائري في الساحة الليبية كلها إال‬ ‫مناطق آبار النفط ومواقع تصديرالنفط محمية‬ ‫مبجموعات أمنية أطلسية أو تابعة لألطلسي وال‬ ‫يحصل فيها شيئاً؟ أليس هذا كافيا ً كي يفهم‬ ‫الناس أن هذا األطلسي وهذا الغربي يريد ألمتنا‬ ‫الهالك والدمار؟ وها هي التجربة العراقية أمامنا‪،‬‬ ‫ففي العراق دستور برامير الذي ال زالت العراق‬ ‫محتلة به‪ ،‬صحيح أن االحتالل االميركي خرج‬ ‫من العراق لكن دستور برامير الزال يحكم العراق‪،‬‬ ‫هذا الدستور كتب أن اإلسالم مصدر الدستور‬ ‫والتشريع في العراق لكن لم يتحدث وال بكلمة‬ ‫واحدة عن عروبة العراق‪ ،‬ولكن على العكس حتدث‬ ‫عن عراق فيدرالي‪.‬‬ ‫إذا الهدف الرئيسي هو تفتيت العراق وليبيا‬ ‫وسوريا ومصر والدليل اآلخر لدينا ما جرى ويجري‬ ‫في السودان عندما كانت هناك حكومة تعددية‬ ‫س ّلمها السلطة َمن قاد االنقالب على النميري‬ ‫املشير عبد الرحمن سوار الذهب فقام اإلخوانيون‬ ‫بانقالب عليها ومسكوا السلطة بزعامة حسن‬ ‫الترابي فبدأوا بالتضييق والتطبيق غير السليم‬ ‫لإلسالم مما دفع األمور في اجلنوب الى التقسيم‪،‬‬ ‫صحيح أن في اجلنوب حركة قدمية وهناك مشروع‬ ‫تقسيمي أميركي‪ -‬صهيوني يستهدف وحدة‬ ‫السودان‪ ،‬لكن نتساءل ملاذا يعجلون في هذا األمر‬ ‫ويهيئون له املناخات؟ واألمر نفسه يُحاول تعميمه‬ ‫على كافة بلدان املشرق العربي مبا فيه الساحة‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫املسألة األساسية هي أنهم لن يستطيعوا‬ ‫مترير مشروعهم الفئوي املوجه أطلسيا ً وغربيا ً‬ ‫إال إذا ضربوا جيوش األمة ألن اجليش في مصر‬ ‫كما اجليش في سوريا واجليش في لبنان هو الذي‬ ‫يحمي الوحدة الوطنية ويحمي العروبة ويقاوم‬ ‫العدوان واالستعمار والصهيونية‪ ،‬كما هو مالحظ‬ ‫اآلن‪ ،‬اإلخوانيون وحزب «النور» السلفي في مصر‬

‫اإلخوان وصلوا الى عضوية‬ ‫البرملان بالتزوير واملال‬ ‫السياسي ولم يصلوا الى‬ ‫السلطة في أي بلد‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫األمة ال تزال حذرة منهم‬ ‫فكر اإلخوان مادي عنصري‬ ‫استعالئي ال يتحرم الناس وال‬ ‫كرامتهم وال حياتهم‪ ،‬وهم‬ ‫أبعد ما يكونوا عن الدميقراطية‬ ‫أينما يحل اإلسالم حتل‬ ‫الرحمة‪ ،‬أما أتباع احلركات‬ ‫اإلسالمية فإنهم يطرحون‬ ‫شعارات براقة ولكن هم‬ ‫بعيدون كل البعد عن اإلسالم‬ ‫كل كالمهم يصب في مواجهة اجليش‪ ،‬واحلالة‬ ‫في سوريا أيضا ً في جانب كبير منها جند أنه‬ ‫استهداف للجيش العربي السوري‪ ،‬كذلك في‬ ‫لبنان املتطرفون واملغالون لالجتاه السياسي نفسه‬ ‫يرون أيضا ً اجليش ألن هؤالء لو أنهم تفحصوا‬ ‫ونطالب الناس أن تفحص وتتفحص بأن األميركي‬ ‫عندما احتل العراق الشقيق في شهر نيسان من‬ ‫العام ‪ 2003‬أول فعل قام به غير النهب والتدمير‬ ‫هو فك اجليش‪ ،‬من خالل حمله الى اقتتال الناس‬ ‫ويهيئ املناخ للفيدرالية‪ ،‬كذلك األمر في ليبيا بعد‬ ‫أن دمر ما دمره عبر احللف األطلسي واستولى على‬

‫‪41‬‬

‫النفط أيضاً‪ ،‬وترك السالح الذي كان موجودا ً في‬ ‫مستودعات القذافي بني أيدي الناس التي تقتتل‬ ‫به اآلن فهل هؤالء يريدون األمر نفسه ملصر وسوريا‬ ‫ّ‬ ‫نحذر من هذه العسكرة‬ ‫وللبنان واليمن؟ لذلك‬ ‫ونؤكد على ضرورة التمسك باجليش الوطني‬ ‫ألنه درع الوطن على الصعيد القطري واإلقليمي‬ ‫ودرع األمة على صعيد املواجهة وبغيابه تتفكك‬ ‫الوحدة الوطنية ويحصل االقتتال األهلي وتنتشر‬ ‫الفتنة وتهيأ املناخات عندها للشرق أوسطية‬ ‫التي يريدونها‪.‬‬ ‫ماهي الظروف التي حتكمت في نشأة وبزوغ‬ ‫هذا النوع من احلركات اإلسالمية؟‬ ‫السبب ببساطة شديدة هو أن األطلسي‬ ‫واألميركي والغربي عاشوا حقبة اخلمسينات‬ ‫والستينات يوم كان الرئيس جمال عبد الناصر وكان‬ ‫االنبعاث القومي العربي والوطني‪ ،‬فهذا االنبعاث‬ ‫الوطني والقومي ومعه مناخات دولية بالثنائية‬ ‫الدولية استطاع عبد الناصر مع قادة آخرين أن‬ ‫يشكل جبهة احلياد وعدم االنحياز‪ ،‬وفي ظل هذا‬ ‫املناخ النبعاث التيار القومي العربي حصلت حرب‬ ‫السويس الظافرة‪ ،‬وحتررت اجلزائر وأخذت تونس‬ ‫استقاللها سنة ‪ 1957‬وكذلك املغرب العربي‬ ‫وموريتانيا وأزيحت القواعد العسكرية من السودان‬ ‫وحررت اليمن واستقلت وسقط حلف‬ ‫ومصر‪ُ ،‬‬ ‫بغداد املشؤوم في العام ‪ 1958‬وانطلقت املقاومة‬ ‫الفلسطينية التي قال فيها الرئيس جمال عبد‬ ‫الناصر إنها ولدت لتبقى وسوف تبقى وحترك ملف‬ ‫القدس‪ ،‬ويوم قام مايكل دينس روهان االسترالي‬ ‫الصهيوني بحرق قسم من املسجد األقصى عام‬ ‫‪ 1941‬هب العالم العربي واإلسالمي وتأسست‬ ‫يومها منظمة املؤمتر اإلسالمي أو ما يسمى‬ ‫منظمة التعاون اإلسالمي وانطلقت مؤمترات‬ ‫القمة العربية من االسكندرية سنة ‪ ،1964‬فمن‬ ‫منطلق املد القومي يريد األميركي أن يذهب باجتاه‬ ‫تقدمي اإلخوان املسلمني وحلفائهم الى السلطة‬ ‫على النموذج التركي ألن هؤالء التطبيعيون ال‬ ‫يجب أن يغيب عن بالنا أن أخطر اتفاقية بني تركيا‬ ‫والعدو الصهيوني هي اتفاقية التعاون العسكري‬ ‫التي مت توقيعها سنة ‪ 1993‬وكان يومها رئيس‬ ‫احلكومة التركية الدكتور جنم الدين أربكان ورئيس‬ ‫حزب «الرفاه» يومها وقبلها حزب «الفضيلة»‬ ‫واليوم أصبح «العدالة والتنمية» وهو أستاذ‬ ‫ألردوغان وأوغلو ومجموعتهما‪ ،‬ثم َمن أراد أن يطلع‬ ‫أكثر فأمامه الكتاب الكبير الذي كتبه أحمد داوو‬ ‫أوغلو «املوقع االسراتيجي لتركيا» الذي يتحدث‬ ‫فيه كيف أن حلف األطلسي استخدم تركيا أداة‬ ‫لتنفيذ مشروعاته وكيف أن العالقة مع العدو‬ ‫الصهيوني بالنسبة لتركيا بعد االعتراف في العام‬ ‫‪ 1949‬من القرن املاضي كيف انتقلت تلك العالقة‬ ‫من التعاون التكتيكي الى التعاون االستراتيجي‬ ‫الى التعاون البنيوي األمني واالقتصادي والزراعي‬ ‫واملائي‪ ،‬فهنا يتوقع األميركي والصهيوني إذا وصل‬ ‫اإلخوان املسلمون – ال سمح اهلل – الى السلطة في‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬ ‫الدول العربية أنهم سيمارسون النموذج التركي‬ ‫في التطبيع وفي الصلح مع العدو وفي األمركة‬ ‫وااللتحاق بحلف األطلسي ولكن نقول لهم بأن‬ ‫هذا «حصرم في أعينهم» ولم يحصل ألن شعبنا‬ ‫لم يقم بحراكه من أجل أن يوصل هؤالء الناس‬ ‫وبدأ يتنبه لهم‪ .‬فإذا أخذنا ساحة لبنان أليس‬ ‫اجلماعة اإلسالمية في لبنان واكبت وال تزال ‪14‬‬ ‫آذار بكل مشروعهم املتأمرك؟ والدليل َه َوسهم‬ ‫بالسلطة والتغول على السلطة والكذب من أجل‬ ‫السلطة وال يهمهم غير ذلك‪.‬‬ ‫هل تعتقدون أنه ميكن استلهام التجربة‬ ‫التركية رغم اختالف السياقات السياسية في‬ ‫البلدان العربية؟‬ ‫التجربة التركية هي من أخطر التجارب‪ ،‬وهي‬ ‫جتربة التزمت االعتراف بالعدو الصهيوني الغاصب‬ ‫كما هو معلوم ّ‬ ‫وأذكر قراء مجلتكم «منبر التوحيد»‬ ‫بأن تركيا هي تاسع دولة في العالم اعترفت بالعدو‬ ‫الصهيوني سنة ‪ 1949‬وأقامت اتفاقات نقل بحري‬ ‫وجوي معهم سنة ‪ 1950‬وتعاون زراعي أيضا ً منذ‬ ‫ذلك احلني واليوم َمن يقصد سهول أنطاليا على‬ ‫البحر املتوسط سيجد خبراء زراعيني صهاينة‬ ‫مع خبراء أتراك في موضوع التخصيب والتهجني‬ ‫الزراعي إضافة الى ذلك هناك اتفاقيات سياحية‬ ‫و َمن يقصد املدن التركية األثرية يعرف أن الناس‬ ‫في الكيان الصهيوني احملتل متنفسهم األساسي‬ ‫في السياحة هي تركيا حيث أنه يقصدها أكثر من‬ ‫‪ 300‬ألف سائح سنويا ً إضافة الى ذلك االتفاقية‬ ‫التي أحملت إليها سابقا ً اتفاقية التعاون العسكري‬ ‫عام ‪ 1993‬وهي اتفاقية مخابراتية فتحت األرشيف‬ ‫العثماني أمام العدو وتعاون مخابراتي مبعنى أن أي‬ ‫ُسخ منه‬ ‫تقرير يصدر عن اخملابرات التركية تكون ن َ‬ ‫في تل أبيب وعند جيش العدو بالتحديد‪ ،‬لذلك‬ ‫إذن النموذج التركي ليس فقط ال يُستلهم بل هو‬ ‫خطر كبير جدا ً على األمة وواجبنا أن نتن ّبه من هذا‬ ‫املشروع اخلطير ألن احليلة انطلت على بعض الناس‬ ‫في الساحة العربية ببعض الشعارات البراقة‬ ‫الزائفة‪ ،‬والسؤال املطروح‪ :‬منذ تسع سنوات‪،‬‬ ‫حزب «العدالة والتنمية» في السلطة في تركيا‪،‬‬ ‫ماذا غ ّير من موضوع التطبيع واالعتراف بالعدو‬ ‫الصهيوني؟ فهو لم يغ ّير شيئا ً وحالة الفولكلور‬ ‫واملسرحية التي قام بها في أسطول «احلرية» في‬ ‫غزة ليس لها جدية وال واقعية‪ .‬ماذا فعلوا هم‬ ‫في االتفاقات العسكرية والزراعية والسياحية‬ ‫واألمنية واتفاقات النقل البحري واجلوي والتطبيع‬ ‫الثقافي؟ لذلك التركي اآلن يحاول أن ميرر حتت‬ ‫عباءة اإلسالم بعض الشعارات لينخدع فيها‬ ‫بعض الضعفاء أما العقالء فهم من اللحظة‬ ‫األولى نبهوا من خطر النموذج التركي وأذكر مع‬ ‫إخواني في املؤمتر الشعبي اللبناني كان األخ كمال‬ ‫شاتيال في مقابلة تلفزيونية ن ّبه لذلك يوم حادثة‬ ‫أسطول احلرية في حينها بعض املقربني عاتبونا‬ ‫ملاذا تستبقون األمور وتتشاءمون من تركيا‪ ،‬نحن ال‬ ‫نتشاءم من أحد لكن نحن طالبنا ونطالب اآلن أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تعيد تركيا النظر في اعترافها بالعدو الصهيوني‬ ‫وباالتفاقية العسكرية وغيرها من االتفاقيات معه‪،‬‬ ‫عندها نصدق أن خطوة األلف ميل بدأت مبيل أما‬ ‫إذا كانوا هم يعززون هذه االتفاقيات‪ ،‬وكما نعلم أن‬ ‫تركيا حتضن قاعدة أجنرليك اجلوية األطلسية التي‬ ‫هي أكبر قاعدة للجيش األميركي خارج واشنطن‬ ‫بعد أن سقط الشاه في إيران‪ ،‬فمن هذا املنطلق إذا ً‬ ‫نحن نحذر ليس فقط ال ميكن االستلهام بالنموذج‬ ‫التركي وإمنا نحذر من دوره التخرميي الذي يحاولون‬ ‫أن يلعبوه في األمة العربية منذ مدة طويلة ويكفي‬ ‫أن نعرف أن تركيا تستولي على أرض أنطاكيا وهذا‬ ‫أمر ميس قضية مهمة في الكنائس املسيحية‪،‬‬ ‫والقارئ الكرمي جمللتكم الغراء يعلم أن األرثوذكس‬ ‫يقولون بطريرك أنطاكيا وسائر املشرق وكذلك‬ ‫السريان واملوارنة والكاثوليك فأين هي أنطاكيا؟‬ ‫فهي محتلة ومستولى عليها فوق ذلك يحاولون‬ ‫اآلن االستيالء على منطقة كركوك في شمال‬ ‫العراق‪ ،‬فإذا ً الفكرة األساسية هي أنه هؤالء القوم‬ ‫مستبعدون من أن نستلهم منهم‪ ،‬إذ ماذا ميكننا‬ ‫أن تستلهم منهم التطبيع والصهينة ونحن أهل‬ ‫مقاومة؟‪.‬‬ ‫نحن نقول العكس متاما ً يجب أن نقف على‬ ‫الطرف النقيض للتجربة التركية لنقول بأن‬ ‫اإلسالم احلق يدعونا الى حترير املقدسات اإلسالمية‬ ‫واملسيحية في القدس وفلسطني كما يدعونا الى‬ ‫الوقوف الى جانب شعبنا الفلسطيني املهجر من‬ ‫أرضه املظلوم ألن اإلسالم يقول بالعدل ومبقاومة‬ ‫الظالم وبالتالي هناك حديث نبوي شريف يقول‬ ‫فيه النبي(ع)‪( :‬إذا وجدت أمتني قد عجزت عن‬ ‫أن تقول للظالم يا ظالم قف فقد أودع منها‪،)..‬‬ ‫فواجبنا األساسي اآلن أن ننأى بأنفسنا ونبتعد‬ ‫عن هذه التجربة التركية التطبيعية األطلسية‬ ‫وأن نبقى في خيارنا في املقاومة كما قال الرئيس‬ ‫جمال عبد الناصر‪« :‬ما أخذ بالقوة ال يسترد إال‬ ‫بالقوة»‪.‬‬ ‫هل ميكننا القول إن احلراك العربي سقط في‬ ‫امتحان احلركات اإلسالمية؟‬ ‫ال نستطيع التعميم بهذا الشكل وبهذه‬ ‫السرعة إذ هناك في تونس منذ شهر ونصف‬ ‫أو شهرين تقريبا ً قام اإلخوة في القوى العروبية‬ ‫والناصرية بتأسيس جبهة سياسية باسم‬ ‫االحتاد القومي ونتوقع أن ينشطوا في األيام اآلتية‬ ‫من أجل أن يصححوا املعادلة‪ ،‬وكذلك في مصر‬ ‫هناك قوى حية في اجليش وكذلك في السياسة‬ ‫منهم اإلخوة في احلزب العربي الدميقراطي‬ ‫الناصري برئاسة نقيب احملامني األستاذ سامي‬ ‫عاشور ومعهم قوى قومية كثيرة وعروبية تؤمن‬ ‫بالدميقراطية وبالعدالة ومنهم أيضا ً مفكرون‬ ‫سياسيون يقتبسون مشروعهم ومصادرهم من‬ ‫اإلسالم والدليل على هذا الكالم هو وثيقتا األزهر‪:‬‬ ‫األولى التي صدرت في ‪ 21‬حزيران ‪ ،2011‬وتتحدث‬ ‫عن الدولة املدنية في اإلسالم برئاسة شيخ األزهر‬ ‫ومجموعة من مفكري مصر والثانية كانت في ‪8‬‬

‫‪42‬‬

‫كانون الثاني ‪ ،2012‬التي حتدثت عن حرية التعبير‬ ‫وحرية املعتقد وحرية اإلبداع الفني واألدبي وحرية‬ ‫البحث العلمي‪ ،‬لذلك األزهر الشريف يدعو كل‬ ‫األطراف الى التفاعل والتواصل معه للتأكيد‬ ‫على هذه الوثائق في مواجهة أطروحات اإلخوان‬ ‫والسلفيني التي تريد أن تؤ ّثر سلبا ً في اإلسالم‪.‬‬ ‫كيف تنظر الى تضارب مواقف قوى وأحزاب‬ ‫اإلسالم السياسي من الربيع العربي؟‬ ‫هذا التضارب مظهري في إطار التغول على‬ ‫السلطة مبعنى السعي للمزيد من املكاسب‪،‬‬ ‫وعندما يتناقض موقف فريق من اإلخوان أو‬ ‫السلفيني بني بعضهم بعضا ً فما هو إال سعي‬ ‫للسطة الذي هو مطلب أساسي ويسعون إليه‬ ‫بكل ما يستطيعون إليه من قوة‪ ،‬لذلك رمبا يحصل‬ ‫هذا التناقض أحيانا ً من أجل هذه املسألة‪ ،‬ولكن‬ ‫هم جميعا ً (اإلخوانيون) في ساحة تونس أو مصر أو‬ ‫السودان أو العراق أو في ساحة سوريا حتى كلهم‬ ‫يعملون ضمن مواعيد األجندة األطلسية الغربية‬ ‫وضمن استلهام النموذج التركي السيء الذكر‪.‬‬ ‫كيف تساهم احلركات اإلسالمية في بناء‬ ‫العملية الدميقراطية؟‬ ‫احلركات اإلسالمية تساهم في بناء الدميقراطية‬ ‫من خالل تصرفهم بعقل استعالئي ألن هؤالء‬ ‫الناس يعطون ألنفسهم حق التفسير احلصري‬ ‫للدين كما وكأنه وكيل لتجارة أو بضاعة معينة‬ ‫وال يقبلون تفسير غيرهم ودائما ً لديهم استعالء‬ ‫باسم التدين‪ ،‬لذلك هم ال يستطيعون أن يبنوا‬ ‫مجتمعا ً تعدديا ً ولعل ما يجري في مصر من‬ ‫محاولة اغتصاب للسلطة بالكامل يدل على‬ ‫أنهم ليسوا من أهل التعددية بل هم من عقل‬ ‫فئوي متعصب عقل ال يقبل باآلخر مهما يكن هذا‬ ‫اآلخر حتى لو كان مسلماً‪ ،‬فبعض الشخصيات‬ ‫من تلك احلركات يرفضون األخ املسلم حتى لو‬ ‫كان من مذهبه اإلسالمي نفسه‪ ،‬لذلك نطالب أن‬ ‫ننتقل من شرانق هذه الفئوية ومن هذه األقبية‬ ‫املظلمة للفئوية والتعصب أيا تكن ساحتها الى‬ ‫رحاب اإلسالم السمح الذي يدعو الى االستنارة‬ ‫العقلية والفهم املتطور واالجتهاد‪ ،‬وكما قلت‬ ‫التمسك باألصل مع مواكبة العصر‪.‬‬ ‫هل ميثل اإلخوان املسلمني اخليار البديل‬ ‫للنخب احلاكمة؟ وإلى أي حد جنحت تلك‬ ‫احلركات اإلسالمية في التوفيق بني اإلسالم‬ ‫كدين والسياسة كممارسة؟‬ ‫تلك احلركات اإلسالمية لم تصل الى السلطة‬ ‫بعد‪ ،‬ففي مصر وصلت الى البرملان الذي جند ملفه‬ ‫في الطعن أمام احملكمة الدستورية العليا في‬ ‫مصر ألنهم استخدموا املال السياسي (أكثر من‬ ‫‪ 6‬مليارات دوالر) لذلك اآلن البرملان املصري نفسه‬ ‫معرض للتفكك‪ ،‬وجلنة الدستور التي شكلوها‬ ‫ّ‬ ‫وشكلت‬ ‫أوقفتها محكمة القضاء اإلداري العليا‬ ‫جلنة غيرها ُ‬ ‫وطعن مبعظم مرشحيهم للرئاسة‬ ‫واآلتي سيكون أكثر‪ ،‬لذلك هم وصلوا الى عضوية‬ ‫البرملان بالتزوير واملال السياسي ولم يصلوا الى‬


‫السلطة في أي بلد‪ ،‬خاصة وأن األمة ال تزال حذرة‬ ‫منهم‪ ،‬فهم ‪ -‬ال سمح اهلل ‪ -‬كما قلت إذا وصلوا‬ ‫الى السلطة ستكون هناك مشكلة كبيرة على‬ ‫الوحدة والتماسك الوطن َيينْ ‪ ،‬وعلى جيش األمة‬ ‫ومشروع املقاومة ألن هؤالء احلركات هم تطبيعيون‬ ‫التقوا بجون كيري وذهبوا الى البيت األبيض مع‬ ‫األمن القومي األميركي وبعضهم مثل يسري حماد‬ ‫من حزب «النور» وراشد الغنوشي أعطوا مقابالت‬ ‫إلذاعة العدو والسيدة بسمة القضماني الناطقة‬ ‫باسم اإلخوان في مجلس اسطنبول أيضا ً ذهبت‬ ‫الى العدو وسرحت بأنها تعطف على أطفاله وال‬ ‫يهمها أطفال غزة وأطفال رام اهلل وفلسطني وقانا‬ ‫كأنهم ليسوا من الوطن‪.‬‬ ‫أال يزكي وصول تلك احلركات الى السلطة‬ ‫التخوف في الغرب وحتى داخل العالم اإلسالمي‬ ‫من أن اإلسالميني عندما يصلون للسلطة‬ ‫سينقلبون على الدميقراطية؟‬ ‫الغرب أساسا ً لم يعد يتخوف من وصول تلك‬ ‫احلركات الى السلطة وانقالبها على الدميقراطية‬ ‫ألن الغرب ال يريد لنا الدميقراطية‪ ،‬وهنا ميكننا‬ ‫السؤال‪ :‬هل نتوقع من األمير حمد بن جاسم‬ ‫رئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها أن يصنع‬ ‫دميقراطية‪ ،‬أوال ً هو في بلد يتحدث عن حكم األسر‪،‬‬ ‫فمن يحكم بلده؟ أليس أسرة حاكمة؟ ثم أليس‬ ‫أسرة انقلبت على الوالد وجاهزة أن تنقلب على‬ ‫بعضها؟ ثانياً‪ ،‬هل لديه مجلس نيابي أو مجلس‬ ‫شعب أو برملان في بلده؟ هل لديه بلدية منتخبة؟‬ ‫أو عمدة؟ هل تعلمون أن في قطر ال توجد نقابات‬ ‫لألطباء واحملامني وال احتادات عمالية وال رابطة‬ ‫أدباء أو احتاد كتاب؟ إنني بوصفي في األمانة‬ ‫العامة الحتاد األدباء والكتاب العرب في اجتماع‬ ‫من سنة كنا أصدرنا توصية لقطر بأن تسمح‬ ‫بإقامة رابطة أدباء‪ ،‬فهل ميكن حلمد بن جاسم أن‬ ‫يتحدث عن دميقراطية‪ ،‬هذا بنظر الغرب دميقراطي‬ ‫ألنه يشكل أمانة في يدهم‪ ،‬ثم هذا األميركي‬ ‫املتوحش برأسماله وإعالمه املتوحشني وإفساده‬ ‫لثقافة العوملة املتوحش أين هو من الدميقراطية؟‬ ‫ففي الواليات األميركية نفسها عندما يكون كل‬ ‫بداية عام دراسي كل ملفات اجلامعات تُعرض‬ ‫لفتحها من قبل األمن‪ ،‬ملف األساتذة واملوظفني‬ ‫والطالب فردا ً فرداً‪ ،‬والسماح بالتنصت على كل‬ ‫املكاملات وفتح رسائل الناس االلكترونية والورقية‪،‬‬ ‫هذه الدميقراطية الغربية وبالذات األميركية ‪-‬‬ ‫ثم جتليات هذه الدميقراطية‬ ‫دميقراطية الكاوبوي – ّ‬ ‫نراها نحن كل يوم في الشراكة الفعلية األميركية‬ ‫األطلسية مع هذا العدو الصهيوني في قتل أهلنا‬ ‫وتهويد القدس كل يوم‪ ،‬ورأينا دميقراطيتهم في‬ ‫قانا في اجلنوب اللبناني وفي تاريخ املذابح كله‪،‬‬ ‫وفي العراق كما شاهدنا دميقراطية األطلسي‬ ‫في ليبيا‪ ،‬واملثل يقول‪َ :‬من جرب اجملرب كان عقله‬ ‫مخرباً»‪ ،‬فهؤالء ادعوا الدميقراطية‪ ،‬أما نحن أهل‬ ‫احلضارة وأهل العروبة واإلسالم نحن أهل احلضارة‬ ‫احلقيقية ألن أساسا ً فكرنا السياسي واحلضاري‬

‫مَن وصلوا الى مواقع قيادية في‬ ‫تونس أو االخوان وحزب النور‬ ‫السلفي في مصر بدأوا بتقدمي‬ ‫أوراق االعتماد لدى الراعي‬ ‫األميركي‬ ‫الهدف الرئيسي هو تفتيت‬ ‫العراق وليبيا وسوريا ومصر‬ ‫والدليل اآلخر لدينا ما جرى‬ ‫ويجري في السودان‬ ‫التجربة التركية هي من أخطر‬ ‫التجارب‪ ،‬وهي جتربة التزمت‬ ‫االعتراف بالعدو الصهيوني‬ ‫الغاصب‬ ‫وكل إرثنا التاريخي يقوم على كرامة اإلنسان‪.‬‬ ‫ونحن ننطلق من فكرة استخالف اإلنسان في‬ ‫األرض ونحرص على كرامته أيا ً يكن هذا اإلنسان‪،‬‬ ‫أما هم ففكرهم مادي عنصري استعالئي ال‬ ‫يحترم الناس وال كرامتهم وال حياتهم‪ ،‬وهم أبعد‬ ‫ما يكونوا عن الدميقراطية‪ ،‬أدواتهم بذلك في‬ ‫املنطقة من اإلخوان وغيرهم ستكون أدوات غير‬ ‫دميقراطية مثلهم‪.‬‬ ‫كيف ميكن التوفيق بني دعوة بعض احلركات‬ ‫اإلسالمية الى دولة مدنية‪ ،‬واعتبار الشريعة‬ ‫اإلسالمية مصدر التشريع؟‬ ‫أن تكون الشريعة اإلسالمية مصدر التشريع‬ ‫هذا أمر بديهي وطبيعي في أي مجتمع أغلبيته‬ ‫إسالمية ألن الشريعة اإلسالمية والفقه‬ ‫اإلسالمي كما قالت وثيقة األزهر في ‪ 21‬حزيران‬ ‫‪ ،2011‬عندما يكون مصدرا ً للتشريع يجب أن‬

‫‪43‬‬

‫يكون مقرونا ً بالثوابت كالعدل والشورى واحلرية‬ ‫والعدالة وكرامة اإلنسان واملساواة‪ ،‬لكن هذا‬ ‫األمر ال يعني أن هناك فكرا ً معلبا ً يحكم الناس‬ ‫ومن ناحية أخرى في موضوع األحوال الشخصية‬ ‫واخلصوصية‪ ،‬اإلسالم ترك لغير املسلمني في‬ ‫مجتمعه في أغلبية إسالمية أن يحكموا‬ ‫على ما هم عليه لذلك نص القرآن كان واضحا ً‬ ‫«فليحكم أهل اإلجنيل مبا أنزل فيه»‪ ،‬املسيحي‬ ‫في مجتمع ذات أغلبية إسالمية يحكم أحواله‬ ‫الشخصية وفي تكوين عائلته وأسرته وفقهه‬ ‫وفكره الديني وكذلك املسلم‪ ،‬أما املقاصد العامة‬ ‫املوجودة في الشريعة اإلسالمية فهي كما قلت‬ ‫ثوابت كما أن هناك مقاصد للشريعة يجب أن‬ ‫تُعرف وأجمع علماء أصول الفقه املسلمني على‬ ‫أن املسلمني ومقاصد شريعة اإلسالم هي حفظ‬ ‫النفس والعقل والدين والنسل والعرض وحفظ‬ ‫املال والثروة وهذه املقاصد هي التي حتفظ كرامة‬ ‫اإلنسان وهذه املقاصد اخلمس هي للمسلم وغير‬ ‫املسلم‪ .‬ألن اإلسالم كما قلت في صريح النص‬ ‫القرآني اخلطابي للنبي محمد(ع)‪« :‬وما أرسلناك‬ ‫إال رحمة للعاملني» وليس للمسلمني فقط‪ ،‬فأينما‬ ‫يحل اإلسالم حتل الرحمة‪ ،‬أما هؤالء أتباع احلركات‬ ‫فإنهم يطرحون شعارات براقة ولكن هم بعيدون‬ ‫كل البعد عن اإلسالم‪.‬‬ ‫ألم تتراجع القوى السلفية عن أصولها‬ ‫الفقهية عندما تشارك في انتخابات بدستور‬ ‫مدني ال عالقة له بأمر إلهي؟‬ ‫تعودنا على هؤالء الناس في جذورهم الفكرية‬ ‫السياسية أن تكون الفتوى عندهم جاهزة ملا‬ ‫يهوون فحيث تذهب أهواؤهم تذهب الفتوى وليس‬ ‫حيث تذهب احلقيقة واحلق‪ ،‬لذلك هم تراجعوا‬ ‫كثيرا ً عن هذه األمور في أكثر من ساحة ما دام‬ ‫األمر يحقق مصالح شخصية وآنية لهم‪.‬‬ ‫كيف تقرأون موقع احلركات املسلحة في‬ ‫الفكر الغربي بعد احلراك العربي؟‬ ‫الفكر الغربي الذي ميثل املشروع السياسي‬ ‫الغربي األطلسي واألوروبي ال يرى أية مخاطر في هذه‬ ‫احلركات وهو مرتاح ومطمئن لها بدليل احلوار القائم‬ ‫بينهم والتصريحات واجللسات املشتركة‪ ،‬نحن في‬ ‫مجتمعنا العربي واإلسالمي نرى مشكلة فيهم ألن‬ ‫جتاربنا في تركيا وغيرها لم تكن موفقة معهم لذلك‬ ‫الدور احلضاري لألمة سيتأذى فيما لو أمسك هؤالء‬ ‫بالسلطة‪ ،‬أما الغرب فهو يستفيد أوال ً ألنهم أعلنوا‬ ‫الوالء له والتعاطي معه كان إيجابياً‪ ،‬ثانياً‪ ،‬ألن هذا‬ ‫الغرب أساسا ً يريد أن يكون هناك مسلمون يطرحون‬ ‫الغلو والتطرف في الشكل ليأخذ ذلك حجة أمام‬ ‫شعوبه ليشد عصبهم ضدنا‪ .‬نحن واجبنا في املقابل‬ ‫أن نطرح اإلسالم بكل جتلياته في الرحمة وفي كرامة‬ ‫وحفظ اإلنسان وفي الفكر حتى نستقطب ونستميل‬ ‫ال أن نفعل كما يفعل هؤالء‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬

‫تجتاز محنتها وتحاصر المتآمرين عليها‬

‫سوريا تصنع القرار الدولي‬ ‫وترسم التوازنات اإلقليمية والدولية في المنطقة‬ ‫بعد أن حتولت احلرب على سوريا الى حرب‬ ‫كونية بالواسطة‪ ،‬ومت حشد قدرات مالية‬ ‫وعسكرية ضخمة ورُفعت درجة الضغوط‬ ‫السياسية والعسكرية واالقتصادية الى أقصى‬ ‫حد ممكن على أمل إضعاف الدولة السورية‬ ‫وتفتيت التضامن الوطني الذي أظهره الشعب‬ ‫السوري بالتفافه حول دولته وقيادته احلكيمة‬ ‫في مواجهة بؤر اإلرهاب املمول واملسلح من‬ ‫اخلارج‪ ،‬هذه احلرب فشلت بامتياز‪ ،‬واملأزق اليوم‬ ‫لدى األطراف املتواطئة في ذروته‪ ،‬بعد الصمود‬ ‫البطولي لدى الشعب السوري وجيشه العربي‬ ‫والدعم الذي تلقته سوريا من خالل الفيتو‬ ‫املزدوج الروسي – الصيني وموقف اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية العظيم وباقي أطراف منظومة‬ ‫املقاومة في أمتنا وأحرار العالم‪.‬‬ ‫فشل مؤمتر اسطنبول ومن سموا أنفسهم‬ ‫زورا ً “أصدقاء سوريا” تالقوا في مؤمترات في دول‬ ‫كثيرة وجتاوزوا في اسطنبول “الثمانني دولة‬ ‫ومنظمة دولية” ولم تنفع الكوفيات القليلة‬ ‫التي تغطي رؤوسا ً ميألها قهر العجز عن إسقاط‬ ‫الدولة السورية حتى بالسالح‪ ،‬في عملية متويه‬ ‫وحشد متآمر وعراب ثم تدجينه خلدمة أجندات‬ ‫خارجية‪.‬‬ ‫ورغم ذلك في مؤمتر اسطنبول‪ ،‬ارتفعت‬ ‫بعض األصوات وحتدثت بلغة العقل واحلرص‬ ‫على سوريا‪ ،‬دولة وشعباً‪ ،‬وهذا بحد ذاته مؤشر‬ ‫للحالة والظرف الذي عقد فيه املؤمتر املذكور‪،‬‬ ‫مندوب مصر ووزير خارجيتها كامل عمرو قال‬ ‫في املؤمتر‪“ :‬أمن سوريا جزء ال يتجزأ من أمن‬ ‫مصر القومي”‪ ،‬وإن “التزام مصر جتاه اخلروج من‬ ‫األزمة هو ضرورة استراتيجية بقدر ما هو واجب‬ ‫أخالقي ميليه التضامن القومي مع شركاء‬ ‫العروبة واملصير في سوريا الشقيقة”‪.‬‬ ‫ومن خارج السرب الشارد‪ ،‬ارتفع صوت رئيس‬ ‫احلكومة العراقية نوري املالكي‪ ،‬منددا ً بسلوك‬ ‫السعودية وقطر وبالتحديد دعمهما لتسليح‬ ‫ما يسمى باملعارضة‪ ،‬في اخلارج بدال ً من محاولة‬ ‫إطفاء النار‪ ،‬داعيا ً الى بذل اجلهد من أجل حماية‬ ‫الدولة ووحدة الشعب في سوريا‪ ،‬مبا يحمي‬ ‫الوحدة الوطنية والكيانات السياسية لدول‬ ‫اجلوار‪ ،‬وأولها العراق وأكد املالكي أنه ضد أي‬ ‫تدخل خارجي أو قوات دولية في الشأن السوري‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرئيس بشار األسد مستقبالً مبعوث األمم املتحدة كوفي أنان‬

‫وقال‪“ :‬إن احلل الذي ُق ّدم من قبل كوفي أنان ميثل‬ ‫نصف املرحلة وتقدم العراق مببادرة كاملة ال‬ ‫إنصاف حلول وضرورة التحكم لصناديق االقتراع‬ ‫ويأخذ كل ذي حق حقه‪ ،‬لكن سوريا التي لها‬ ‫موقف من اجلامعة العربية رفضت االستجابة‬ ‫ألي مشروع من اجلامعة العربية‪ ،‬ولذا متّ جتميد‬ ‫ورقتنا‪ ،‬فاألزمة السورية حتتاج الى من يتفهم‬ ‫أبعادها وتداعياته‪ ،‬ولكن البعض ال يعلم موقع‬ ‫سوريا ومكانتها‪ ،‬سوريا ليست معزولة عن‬ ‫احمليط فهي تتأثر وتؤثر وأن إسقاط سوريا لن‬ ‫يتحقق ولن يسقط النظام ومن يعتقد خالف‬ ‫ذلك فهو غير مصيب”‪.‬‬

‫سوريا أحبطت مؤمتر اسطنبول‬ ‫في املؤمتر لم يحدث األثر الذي أريد له من قبل‬ ‫معارضو النظام من قوى وأنظمة‪ ،‬هذه النتيجة‬ ‫يقول عنها قدري غورسيل في صحيفة‬ ‫“ميللييت”‪ :‬إنه مؤمتر لـ “أصدقاء عاجزين”‪ ،‬وإن‬ ‫اختالف التسمية بني املؤمتر األول في تونس الذي‬ ‫انعقد في ‪ 23‬و ‪ 24‬شباط املاضي حتت اسم‬ ‫“أصدقاء سوريا” وبني مؤمتر اسطنبول الذي‬

‫‪44‬‬

‫انعقد في األول من نيسان ‪ 2012‬حتت اسم‬ ‫“أصدقاء الشعب السوري”‪ ،‬هو دليل على أن‬ ‫اجملتمعني غير مقتنعني بأن بإمكانهم متثيل كل‬ ‫سوريا‪ ،‬لذا اكتفوا بهذه التسمية‪.‬‬ ‫وهناك نقطتان في البيان اخلتامي‪ :‬األولى أن‬ ‫املؤمترين أرادوا حتديد مهلة زمنية خلطة مبعوث‬ ‫األمم املتحدة واجلامعة العربية كوفي أنان لكي‬ ‫يذهبوا بعدها الى مجلس األمن حيث الفيتو‬ ‫الروسي ينتظر من جديد‪ ،‬والثانية هي االعتراف‬ ‫“باجمللس الوطني” ممثال ً “شرعيا ً للسوريني” وليس‬ ‫لسوريا‪ ،‬أي أنه ال ميكنه متثيل البلد‪ ،‬إذاّ “مجلس‬ ‫اسطنبول” لم يستطع أن يشكل بديالً‪ ،‬وما‬ ‫انتهى إليه أنه ال يستطيع عزل النظام على‬ ‫الصعيد الدبلوماسي‪ ،‬ولم يترك خيارا ً سوى‬ ‫ألصدقاء الشعب السوري سوى دعم تقسيم‬ ‫البلد‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬بدا مؤمتر اسطنبول في األساس‬ ‫معوقاً‪ ،‬لم يشارك فيه كوفي أنان أو وزيرة‬ ‫خارجية االحتاد األوروبي كاترين أشتون‪ ،‬وأن‬ ‫حضور وزير اخلارجية األميركية هيالري كلينتون‬ ‫أنقذ أنقرة واالعتراف بخطة أنان ميثل تراجعا ً‬ ‫تركياً‪ ،‬واجمللس فشل في اتخاذ خطوات محددة‪،‬‬ ‫بشأن تسليح ما يسمى “املعارضة”‪.‬‬


‫ويرى الكاتب في صحيفة “ميللييت” سميح‬ ‫إيديز‪“ :‬أن حتريض تركيا وقطر والسعودية على‬ ‫تسليح املعارضة السورية يدخلها في حرب‬ ‫غير مباشرة مع إيران‪ ،‬وهو ما سيدفع الى‬ ‫فوضى في املنطقة‪ ،‬وسيدفع أميركا وأوروبا الى‬ ‫التعاون مع النظام بأي شكل من األشكال‪ ،‬وإذا‬ ‫نظرنا من أي زاوية كانت‪ ،‬جند أن التطورات تسير‬ ‫في غير ما تتمناه تركيا‪ ،‬واملواطن التركي ملاذا‬ ‫تورطنا الى هذا احلد في الشأن السوري‪ ،‬وعدد‬ ‫هؤالء يتزايد”‪.‬‬ ‫ومن املفيد أن نذكر أن مؤمتر أعداء سوريا‬ ‫هذا ورغم ما رافقه من صخب إعالمي فهو‬ ‫لم يتمخض إال عن نتائج هزيلة‪ ،‬وأثبتت أنه‬ ‫أضعف من أن يؤثر في صمود السوريني وينال‬ ‫من ثباتهم على موقفهم الوطني املتمسك‬ ‫باإلصالح والرافض للتدخل األجنبي‪.‬‬

‫املوقف اإليراني والدور التركي‬ ‫زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان‬ ‫الى إيران ولقائه املرشد األعلى السيد علي‬ ‫خامنئي‪ ،‬كانت محط متابعة دقيقة نظرا ً‬ ‫لتفاصيلها ودالالتها الكبيرة‪ ،‬حيث وصل أردوغان‬ ‫آتيا ً بعد لقائه الرئيس األميركي باراك أوباما‪،‬‬ ‫حاول أردوغان نقل التصور األميركي بحذافيره‬ ‫بالنسبة للشأن السوري‪ ،‬لكن امللفت هو‬ ‫التسريبات اإليرانية غداة وصول أردوغان‪ ،‬كانت‬ ‫أشبه ببالونات اختبار مثل إبالغ طهران الطرف‬ ‫األوروبي‪ ،‬أنها ال متانع في عقد اجتماع دول‬ ‫(‪ )1+5‬مع إيران في بغداد‪ ،‬علما ً بأن هناك اتفاقا ً‬ ‫مبدئيا ً بأن يعقد هذا االجتماع في ‪ 13‬نيسان‬ ‫في اسطنبول‪ ،‬واللقاء بخامنئي جاء بطلب من‬ ‫أردوغان‪ ،‬كان واضحا ً أن داوود أوغلو‪ ،‬وزير اخلارجية‬ ‫التركي‪ ،‬ينقل التصور الغربي املتشدد بحذافيره‬ ‫في الشأن السوري‪ ،‬ما دفع وزيراخلارجية اإليراني‬ ‫علي أكبر صاحلي الى التصريح علنا ً بوجود‬ ‫خالفات إيرانية مع تركيا في هذا الشأن‪.‬‬ ‫وفي لقاء املرشد األعلى علي خامنئي‬ ‫بأردوغان‪ ،‬حاول األخير‪ ،‬احلديث “عن ضرورة‬ ‫الضغط على سوريا من أجل حتقيق القدر األكبر‬ ‫من اإلصالحات وطرح مشروعا ً شبيها ً باحلل‬ ‫اليمني‪ ،‬مثل حكومة انتقالية وتكافؤ فرص بني‬ ‫“هم‬ ‫السلطة واملعارضة‪ ،‬وعارضا ً األمر وكأنه‬ ‫ّ‬ ‫إسالمي وعربي”‪ ،‬وتعامل أردوغان عند عرضه‬ ‫املشكلة وكأن سوريا خصم له‪ ،‬وأنها ذهبت‬ ‫بعيدا ً عن سياق “الربيع العربي”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كان خامنئي واضحا ً وحاسما وجازما في أن‬ ‫“الهم اإلسالمي والعربي هو الدفاع عن املقاومة‬ ‫ال التدخل في الشأن السوري الداخلي‪ ،‬ليس‬ ‫لديكم أي تفويض للقيام بأمر كهذا‪ ،‬وليس‬ ‫لغيركم تفويض مماثل‪ ،‬وما لم نفعله “نحن‬ ‫اإليرانيون” مع أصدقائنا السوريني كيف تفعلونه‬

‫آية اهلل اإلمام علي خمانئي مستقبالً أردوغان‬

‫أنتم “األتراك” مع “أخصامكم السوريني”‪ ،‬أما ما‬ ‫تسمونه الربيع العربي‪ ،‬نضيف ملعلوماتكم‬ ‫فهو في احلقيقة صحوة للمسلمني‪ ،‬عربا ً أكانوا‬ ‫أم غير عرب‪ ،‬ونصرة للمقاومة‪ ،‬ودولة مقاومة‬ ‫مثل سوريا هي في قلب الصحوة اإلسالمية‪،‬‬ ‫ولذلك هناك مؤامرة عليها‪ ،‬ونحتل موقع القلب‬ ‫في اخملطط االستعماري الذي نقف له باملرصاد‪،‬‬ ‫وبناء عليه لن نسمح بتعرض الدولة السورية‬ ‫ألي أذى من أي جهة أو مكان صدر”‪.‬‬ ‫وشدد خامنئي موجها ً كالمه ألردوغان على‪:‬‬ ‫“أن أي طرح وأي تفكير في أي مشروع أميركي‬ ‫للمنطقة ستواجهه إيران دفاعا ً عن سوريا‪،‬‬ ‫وبكل اإلمكانيات املتاحة‪ ،‬التي رمبا ال يخطر‬ ‫بذهب الغرب أنها موجودة لدى اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وبناء عليه‪ ،‬من األفضل لكم جتنب‬ ‫الفخاخ األميركية‪ ،‬ألننا نريدكم معنا في خندق‬ ‫واحد‪ ،‬ما حصل حتى اآلن هو لصالح اإلسالم‬ ‫واملسلمني‪ ،‬فال تشوهوا سمعتكم كحزب‬ ‫إسالمي وصل الى السلطة على أساس انتمائه‬ ‫الى اإلسالم‪ ،‬وال تضروا بأنفسكم‪ ،‬فما يحصل‬ ‫جتاه سوريا مخطط أجنبي للنيل من املقاومة‪،‬‬ ‫أما اإلصالحات‪ ،‬فهي شأن داخلي سوري ليس‬ ‫ألحد احلق في حتديد مساراته‪ ،‬نحن مثلكم‬ ‫نريد لإلصالحات أن تتجذر وتتعمق‪ ،‬لكن كما‬ ‫يرسمها السوريون أنفسهم”‪.‬‬ ‫وختم خامنئي حديثه ألردوغان بأن “من‬ ‫األفضل لكم العودة الى مواقعكم السابقة‪،‬‬ ‫يوم كنتم حلفاء لسوريا‪ ،‬وإذا وجدمت صعوبة في‬ ‫ذلك‪ ،‬فارسموا خريطة الطريق التي تريدونها‬ ‫من أجل ضمان هذه العودة‪ ،‬ونحن مستعدون‬ ‫ملساعدتكم على تنفيذها‪ ،‬مع وعد بأنه إذا‬ ‫خرج االتراك من هاجسهم السوري‪ ،‬الذي‬ ‫يالحقهم فإن إيران مستعدة لتقوية أواصر‬

‫‪45‬‬

‫العالقات‪ ،‬وخاصة االقتصادية منها لتجعلها‬ ‫أكثر متانة”‪.‬‬

‫تباين تركي – أميركي في املسألة‬ ‫السورية‬ ‫وأظهرت القمة التي جمعت الرئيس‬ ‫األميركي باراك أوباما ورئيس احلكومة التركية‬ ‫رجب طيب أردوغان في العاصمة الكورية‬ ‫اجلنوبية سيول‪ ،‬أن هناك تباينا ً واضحا ً في‬ ‫املسألة السورية‪ ،‬وفي الوقت الذي حذر فيه‬ ‫وزير اخلارجية التركي “من استمرار التدهور‬ ‫في سوريا كما هو عليه من دون التوصل الى‬ ‫حل‪ ،‬فإن سوريا ستتقسم” وصب أردوغان جام‬ ‫غضبه على بغداد لدعمها النظام السوري‪،‬‬ ‫واتفقت القمة باتفاق الطرفني على تقدمي‬ ‫مساعدات طبية ولوجستية غير عسكرية الى‬ ‫املعارضني السوريني‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون أن سوريا قادرة على التعرض‬ ‫عسكريا ً للمناطق املسماة “اآلمنة” التي حتاول‬ ‫تركيا ترويج إقامتها داخل املنطقة احلدودية‬ ‫مع سوريا‪ ،‬ويحاول اجلانب األميركي التهرب‬ ‫من فكرة استخدام القوة ضد النظام ويتذرع‬ ‫بعدم وجود معارضة موحدة‪ ،‬وهناك معارضات‬ ‫غالبيتها تتألف من شعراء وحاملني ودميقراطيني‬ ‫ويساريني وإسالميني وليس هناك رؤية موحدة أو‬ ‫أجندة وطنية معينة‪ ،‬واجلانب األميركي يفضل‬ ‫استمرار تدهور األوضاع في سوريا وتغذية ذلك‬ ‫وصوال ً الى حرب أهلية تستنزف اإلسالميني‬ ‫واجليش العربي السوري‪ ،‬وتتحدث تركيا عن أن‬ ‫“للمجلس الوطني”‪ ،‬مجلس اسطنبول دورا ً‬ ‫أكبر لكن أميركا وبعض الدول الغربية تشك‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬ ‫في هذا اجمللس الذي يحوي أطيافا ً مختلفة‬ ‫وتهيمن عليه جماعة اإلخوان املسلمني‪.‬‬

‫األسد في ساحة األمويني‬

‫حسابات الربح واخلسارة في‬ ‫مهمة أنان‬ ‫تعاملت القيادة السورية مع مهمة أنان على‬ ‫أنها فرصة تختصر املعاناة وتؤدي الى استعادة‬ ‫البالد أمنها وإخراجها من األزمة التي دُفعت‬ ‫إليها الى احلد الذي جعل من األرض السورية‬ ‫ميدانيا ً حلرب كونية‪ ،‬لقد بادرت سوريا الى قبول‬ ‫املبادرة تلك من موقع القرار واخليار املمكن الذي‬ ‫يحقق عددا ً من األهداف‪ ،‬فمهمة أنان جاءت‬ ‫مبنزلة اإلقرار الدولي بوجود جماعات مسلحة‬ ‫مدعومة من اخلارج ومن دون معرفة بدورها‬ ‫ومراميها‪ ،‬هذا ما فضح اإلعالم املعادي لسوريا‪،‬‬ ‫وأحرج دعاة تسليح املعارضة خالفا ً ملهمة أنان‬ ‫السلمية‪.‬‬ ‫ومهمة أنان في بعدها االستراتيجي اجلديد بعد‬ ‫األزمة السورية وتداعياتها أعادت رسم التوازنات‬ ‫اإلقليمية والدولية في اخلريطة السياسية‬ ‫املعنية باألزمة‪ ،‬عبر التأكيد على التأثير الروسي‬ ‫واإليراني والصيني‪ ،‬وموقع سوريا وأهميتها في‬ ‫صنع القرار الدولي نظرا ً لعالقاتها وحتالفاتها‬ ‫ورصيدها وموقعها الهام في املنطقة‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر‪ّ ،‬‬ ‫مكنت مهمة أنان‪ ،‬مجلس‬ ‫األمن الذي أغلق بابه الفيتو الروسي‪ -‬الصيني‬ ‫املزدوج وملرتني متتاليني ومنع استعادة احلالة‬ ‫الليبية‪ ،‬مكنت اجمللس في الشكل من إصدار‬ ‫البيانات الرئاسية غير امللزمة‪ ،‬والفاقدة ألي قيمة‬ ‫تنفيذية لها‪ ،‬ولكن رئيس مجلس األمن خاصة‬ ‫األميركي يجهد حاليا ً بتصميم البيان الرئاسي‬ ‫جمللس األمن في ظروف إعالمية قد تقود البعض‬ ‫للتعامل معه كأنه قرار‪“ ،‬وهذا ميكن تفسيره من‬ ‫باب حفظ ماء الوجه لدى اجلانب األميركي”‪.‬‬ ‫ومنحت مهمة أنان الفرصة لتركيا أيضاً‪ ،‬ومن‬ ‫خالل مخيمات الالجئني السوريني في أن تعود‬ ‫بعد خمود طويل‪ ،‬الى اإلطاللة على امللف السوري‬ ‫والظهور مبظهر القادر على الفعل والتأثير‪،‬‬ ‫وأعطتها الفرصة للعودة الى لغة ولهجة‬ ‫التهديد‪ ،‬وهي تهديد فارغ املضمون ال طائل‬ ‫منه سوى التذكير بالدور التركي‪ ،‬ولها اعتبارات‬ ‫موضوعية وذاتية تتعلق بالواقع التركي ومحيطه‬ ‫جتعل من أي حترك تركي مبثابة الكارثة الداخلية‪.‬‬ ‫وفرنسا وساركوزي وجدت في مهمة أنان‪،‬‬ ‫فرصة لتمرير االنتخابات وإلخفاء اإلخفاق‪،‬‬ ‫والظهور مبظهر املستمر في السيطرة على‬ ‫الوضع الدولي‪ ،‬وهي هدنة للمراجعة وإعادة‬ ‫االنطالق في أسلوب جديد من املواجهة بعد‬ ‫االنتهاء من االنتخابات‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تنته رغم‬ ‫احلرب على سوريا لم‬ ‫ِ‬ ‫هزائم األعداء واملتربصني‬ ‫إن تصعيد املوقف الرسمي التركي الى‬ ‫حد دعوة حلف الناتو للقيام مبسؤولياته في‬ ‫الدفاع عن احلدود التركية – السورية‪ ،‬يحمل‬ ‫في طياته الكثير‪ ،‬تركيا ظهرت مبظهر الفاشل‬ ‫في تنفيذ الدور املرسوم لها وماتزال متمسكة‬ ‫بذات الدور‪ ،‬وهي تستدعي تدخل الناتو لتلقي‬ ‫حتمل‬ ‫بذلك املسؤولية على الغير وأن تتجنب ّ‬ ‫املسؤولية لوحدها مع االستفادة بدعم أميركا‬ ‫وعرب اخلليج حكام قطر والسعودية اللذين أكدا‬ ‫التزامهما بتسليح “املعارضة” السورية ودعمها‬ ‫مع االستمرار بالدور اإلجرامي الذي تقومان به‪،‬‬ ‫أما اجلانب األميركي‪ ،‬فإنه ينأى بنفسه عن دفع‬ ‫الثمن فهو يرفض تسليح املعارضة ويتناغم‬ ‫مع موقف كوفي أنان الداعي الى جتنب عسكرة‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬ألن في ذلك كارثة على املنطقة‬ ‫على حد قوله‪.‬‬ ‫لكن اخلديعة ومكمن اخلطر‪ ،‬ميكن أن يأتي‬ ‫عبر االرتقاء بدور مجلس األمن تدريجيا ً وتدخله‬ ‫في األزمة السورية وانتظار الفرصة السانحة‬ ‫إلدخال سوريا حتت الفصل السابع كما طالب‬ ‫األمني العام للجامعة العربية نبيل العربي في‬ ‫مؤمتر اسطنبول‪ ،‬أو إقحام األطلسي في القضية‬ ‫كما تطالب تركيا‪ ،‬رغم أن الواقع الدولي احلالي ال‬ ‫يتطابق مع هذه الفرضية‪ ،‬ولكن الحقا ً رمبا يتم‬ ‫إحراج الدولة السورية في عملياتها األمنية حتت‬ ‫ذريعة وقف إطالق النار التزاما ً مما مت االتفاق عليه‬ ‫منذ يوم ‪ 12‬نيسان‪ ،‬في حني لن يجد املسلحون‬

‫‪46‬‬

‫من يضغط عليهم‪ ،‬وهنا يخشى أن تتكرر‬ ‫مشهدية ما تال مهمة املراقبني العرب‪.‬‬ ‫لذلك يجب االستمرار في العملية اإلصالحية‬ ‫التي انتقلت في سوريا عبر إصدار القوانني‬ ‫اإلصالحية وصوال ً الى الدستور مع التحضير‬ ‫لالنتخابات‪ ،‬فاحلوار الوطني سيأتي حسب‬ ‫األجندة السورية وليس من باب التعويل على‬ ‫حوار يأتي من اخلارج‪ ،‬ألن احلوار لن يأتي مع‬ ‫صيغة كوفي أنان‪ ،‬ولكن ميكن إجراؤه في صيغة‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫سوريا تعاملت بإيجابية مع مبادرة أنان وقدمت‬ ‫أقصى ما ميكن القيام به إلجناحها‪ ،‬وصوال ً الى‬ ‫إعالنها وقف العمليات القتالية على كامل‬ ‫األراضي السورية بد ًءا من صباح ‪ 2012\4\12‬وهو‬ ‫قرار فيه شجاعة وبعد نظر ويؤكد قدرة سوريا‬ ‫على القرار وسد الذرائع وسحب البساط من حتت‬ ‫أقدام املتآمرين‪.‬‬ ‫من املمكن أن تنجح مهمة أنان‪ ،‬رغم كل‬ ‫العوائق بعد وقف النار وتسليم اجلماعات‬ ‫املسلحة أسلحتها للدولة والدخول في حوار‬ ‫داخلي ما يحفظ لسوريا سيادتها وقرارها‬ ‫املستقيل بعيدا ً عن اإلمالء األجنبي‪.‬‬ ‫أما إذا لم تتوقف اجلماعات املسلحة عن‬ ‫إطالق النار‪ ،‬هنا ميكن لسوريا أن تواصل حتمل‬ ‫مسؤولياتها األمنية في احلفاظ على األمن‬ ‫واالستقرار من منطلق سيادي على كامل‬ ‫أراضيها‪ ،‬وتستمر عمليات اإلصالح التي بدأت‪،‬‬ ‫وعندها ال يبقى للمعتدين إال التخبط في‬ ‫عمليات إرهابية ال جدوى منها‪ ،‬إال إلرضاء األعداء‬ ‫ومن يدور في فلكهم‪.‬‬

‫محمود صالح‬


‫حوار‬

‫عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ‪ -‬القيادة العامة – تح ّدث في تأسيسها الـ ‪47‬‬

‫رامز مصطفى «أبو عماد» لـ «منبر التوحيد»‪ :‬المرجعية الفلسطينية‬ ‫في لبنان في األدراج وحقوقنا المدنية ال تخرج عن إطار العواطف‬ ‫كثيرة هي العناوين املتعلقة بالشأن الفلسطيني‪ ،‬فالقضية قضية حق‬ ‫وعدل‪ ،‬والشعب الفلسطيني تعرض الى أشرس هجمة استيطانية وأعتى‬ ‫استعمار استيطاني في التاريخ احلديث‪ ،‬فالكيان الصهيوني املغتصب‬ ‫املدعوم من القوى االستعمارية في العالم وعلى رأسها الواليات املتحدة‬ ‫وقوى الغرب االستعماري مازالت تقدم الدعم الى الكيان الصهيوني الغاصب‬ ‫الذي يحرس مصاحلها االستراتيجية في منطقتنا‪ ،‬ويشكل عامل هدم‬ ‫وعدم استقرار في املنطقة على حساب أبناء الشعب الفلسطيني واألمة‬ ‫بأكملها‪.‬‬ ‫ولإلطالع على الشأن الفلسطيني والبحث في شجونه وآماله وتطلعاته‬ ‫كان لنا اللقاء التالي مع عضو املكتب السياسي ومسؤول اجلبهة الشعبية‬ ‫القيادة العامة في لبنان رامز مصطفى «أبو عماد»‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫تناولت وسائل اإلعالم قبل فترة موضوع‬ ‫املرجعية الفلسطينية في لبنان وقيل‬ ‫الكثير‪ ،‬ما حقيقة ما جرى‪ ،‬وهل مت االتفاق‬ ‫على تركيبة وشكل تلك املرجعية‪ ،‬وما هو‬ ‫موقف اجلبهة الشعبية ‪ -‬القيادة العامة‬ ‫في هذا الشأن؟ وهل هناك توافق ما؟‬ ‫إن املرجعية الفلسطينية في لبنان‬ ‫موضوعة على طاولة البحث منذ سنوات‬ ‫وحتديدا ً منذ العام ‪ ،2005‬ولكن لألسف لم‬ ‫تتمكن الفصائل على مختلف حتالفاتها‬ ‫السياسية سواء في التحالف أو املنظمة‬ ‫من التوصل إلى شيء جدي وعملي حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬وبتقديري أن املوضوع ليس هناك من‬ ‫إمكانية لعزله أو فصله عن املشهد العام‬ ‫الفلسطيني حيث ال يزال االنقسام سيد هذا‬ ‫املشهد على الرغم من التوقيع على املصاحلة‬ ‫في أيار من العام املاضي واالجتماعات‬ ‫الفلسطينية التي شهدتها القاهرة بني‬ ‫القوى املوقعة على املصاحلة‪ .‬ولقد سعينا‬ ‫كثيرا ً في قوى التحالف إلى تدوير الزوايا‬ ‫والبحث عن صيغ جتمع ألننا ندرك‪ ،‬وبالتأكيد‬ ‫اجلميع معنا‪ ،‬أن حجم التحديات التي تواجه‬ ‫الوجود الفلسطيني في لبنان وخصوصا ً‬ ‫بعد تدمير مخيم نهر البارد وتهجير أهلنا‬ ‫بسبب ما أقدم عليه ما يسمى تنظيم فتح‬

‫اإلسالم من اعتداء على اجليش اللبناني بعد‬ ‫أن اختطف هذا التنظيم اخمليم من الفصائل‬ ‫جميعا ً واعتبر اخمليم وأهله طائرة مخطوفة‪،‬‬ ‫يفترض الترفع عن املصالح الضيقة‪.‬‬ ‫واملؤسف أن هذا املوضوع قد أصبح مادة‬ ‫أو عنوانا ً يتحدث عنه اجلميع بكثير من‬ ‫احلرص واملسؤولية الوطنية ويبني اخملاطر‬ ‫والتحديات التي تواجه شعبنا ومخيماتنا‬ ‫والتي ليس أقلها تصدير األزمات السياسية‬ ‫اللبنانية باجتاه شعبنا ومخيماته‪ .‬ولكن‬ ‫عند الترجمات العملية ووضع اآلليات تبدأ‬ ‫العراقيل واملبررات التي ال تقنع حتى جمهور‬ ‫أصحاب هذا الطرح‪ ،‬وهنا املسؤولية تقع على‬ ‫عاتق اجلميع ولكن بنسب متفاوتة‪ .‬وهناك‬ ‫الكثير من التصورات أو األوراق التي صيغت‬ ‫حول املرجعية وآليات وعناوين عملها‪ ،‬وهذا‬ ‫في احملصلة مرده إلى أن اإلرادة السياسية‬ ‫الزالت غير متوفرة وغير حاضرة‪ .‬ونحن لم‬ ‫نستفد من املناخات التي توفرت في أكثر من‬ ‫مرحلة لنبني ونراكم عليها‪ ،‬فخالل أحداث‬ ‫مخيم نهر البارد شكلنا ما يشبه املرجعية‬ ‫مبسؤولية األخ عباس زكي ولكن لم يكتب‬ ‫لها النجاح في املرة األولى نتيجة ما حصل‬ ‫في غزة بني حماس وفتح‪ ،‬وفي املرة الثانية‬ ‫ألسباب تتعلق بآخرين من خارج التحالف‬

‫‪47‬‬

‫عندما شكلنا جلنة خمليم نهر البارد مبسؤولية‬ ‫األخ الشهيد كمال مدحت‪ .‬ومن موقع‬ ‫اإلنصاف كنا في التحالف نسهل كل األمور‬ ‫مبعنى أنه في املرة األولى وبحضور األحزاب‬ ‫العربية ارتضينا أن تكون اللجنة مبسؤولية‬ ‫األخ عباس زكي ونائبه األخ أسامة حمدان‪.‬‬ ‫وفي املرة الثانية ارتضينا أن تكون جلنة البارد‬ ‫مبسؤولية األخ الشهيد كمال مدحت ونائبه‬ ‫أيضا ً األخ أسامة حمدان ولكن لم تستمر‬ ‫وانتقلت مسؤولية اللجنة للرفيق مروان عبد‬ ‫العال وهي اآلن شبه معطلة‪ .‬وخالل أحداث‬ ‫السابع من أيار في بيروت شكلنا جلنة طوارئ‬ ‫أيضا ً مبسؤولية الشهيد كمال مدحت والتي‬ ‫اصطدمت بعدم الرضا عن اللجنة في بعض‬ ‫اخمليمات لسبب أو آخر‪.‬‬ ‫واليوم وبعد إجناز املصاحلة الفلسطينية‬ ‫على الورق ومنذ عام تقريبا ً ال تزال املرجعية‬ ‫في األدراج ولم نقدم باجتاهها شيء بل إن‬ ‫منسوب التفاؤل حولها هامشه أخذ في‬ ‫التراجع مع مرور الوقت على الرغم أننا قد‬ ‫شكلنا جلنة سداسية ثالثة إخوة من التحالف‬ ‫(اجلهاد والقيادة العامة وحماس) وثالثة من‬ ‫املنظمة (فتح والشعبية والدميقراطية)‬ ‫والتقت اللجنة في اجتماع يتيم وبحضور‬ ‫األخ عزام األحمد الذي رأى أن تشكيل‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬ ‫املرجعية بالصيغة املطروحة غير مج ٍد أو غير‬ ‫دقيق ألن املرجعية ملنظمة التحرير‪ ،‬وحتى ال‬ ‫نعطل األمر قلنا ولنسمي جلنة تنسيق إلى‬ ‫حني أن يتم ترتيب منظمة التحرير مبوجب‬ ‫اتفاق املصاحلة‪ ،‬ولكن املوضوع قد ذهب أدراج‬ ‫الرياح والواضح كما قلت قبل قليل املواضيع‬ ‫في الساحة الفلسطينية مترابطة ومادامت‬ ‫املصاحلة معطلة فال مرجعية موحدة في‬ ‫لبنان ومؤجلة إلى أجل غير معلوم‪ ،‬إالّ إذا‬ ‫ذهب طرفي اخلالف األساسيني حماس وفتح‬ ‫إلى دوحة جديدة ألن الواضح أن الدوحة رقم‬ ‫واحد غير مكتوب لها أن تبصر النور ‪.‬‬ ‫والسؤال الكبير هو‪ :‬هل من أسباب أخرى‬ ‫غير تعثر املصاحلة يقف في وجه تشكيل‬ ‫املرجعية‪ ،‬من وجهة نظرنا بالتأكيد هناك‬ ‫سببني‪:‬‬ ‫أولهما أن املنظمة وفي ظل وجود املمثلية‬ ‫والتي شرعت رسميا ً لدى الدولة اللبنانية‬ ‫سفارة دولة فلسطني وأصبحت مبوجب ذلك‬ ‫مرجعية لكثير من قضايا الفلسطينيني‬ ‫في لبنان بشكل أو آخر‪ .‬فكيف هذا اإلجناز‬ ‫يتم التفريط به لصالح مرجعية تشارك‬ ‫الفصائل فيها وبذلك ال تصبح السفارة‬ ‫هي املرجعية عند الدولة اللبنانية التي‬ ‫تصر على التعاطي معها على قاعدة أنها‬ ‫األسهل أمامها من قوى سياسية‪ .‬وهنا أيضا ً‬ ‫السفارة ومن يشكل األساس في مكوناتها‬ ‫اإلدارية وطواقم عملها حركة فتح باألساس‬ ‫ال تقاسم شركائها في فصائل املنظمة‬ ‫الشراكة وكما عبر أحد الشخصيات‬ ‫الوطنية املقيمة في لبنان في أحد املقابالت‬ ‫على إحدى الفضائيات الفلسطينية حني‬ ‫قال أن سفارة فلسطني من بابها إلى‬ ‫محرابها فتح تضع اليد عليها وكأنها‬ ‫مكتب لها وليس للشعب الفلسطيني ‪...‬‬ ‫فكيف بفصائل التحالف‪.‬‬ ‫وثانيهما أن الدولة اللبنانية ليس لديها‬ ‫نوايا جدية إلعطاء الفلسطينيني في‬ ‫لبنان أيا ً من حقوقهم املدنية واالجتماعية‬ ‫وحق التملك ولو شقة‪ .‬فهي غير معنية‬ ‫بالتشجيع على تشكيل مرجعية‬ ‫موحدة وترغب في إبقاء التعاطي معنا‬ ‫كفلسطينيني بالقطاعي أو انتقائيا ً وهذا‬ ‫يسهل عليها االستمرار في الهروب من‬ ‫استحقاق منح احلقوق‪ ،‬وما تشكيل جلنة‬ ‫احلوار اللبناني ‪ -‬الفلسطيني إالّ ذر للرمال في‬ ‫العيون‪ .‬ويستهويها أن تبقي الفلسطينيني‬ ‫في قفص االتهام الدائم باملعنى األمني‬ ‫ليسهل النفاذ للمخيمات ويبقي التعاطي‬ ‫معنا كفلسطينيني باملنظار األمني ال‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫السياسي‪ .‬واللقاء األخير الذي عقد مع دولة‬ ‫رئيس احلكومة وقيادة التحالف في لبنان ال‬ ‫يشي بكثير من اإليجابية فهو لم يخرج عن‬ ‫منطوق العواطف واملشاعر والذي سيبقى‬ ‫في إطاره اإلنشائي ليس إالّ‪.‬‬ ‫ورغم ذلك يجب إبقاء باب احلوار والنقاش‬ ‫حول تشكيل املرجعية وبالصيغة التي تتيح‬ ‫للجميع حتمل مسؤولياته مفتوحا ً وليس من‬ ‫مصلحة أحد إغالقه في ظل املطالبة بتكرر‬ ‫جتربة نهر البارد مرة ثانية على لسان جعجع‬ ‫الذي ال يزال شعبنا يختزن في ذاكرته ما‬ ‫ارتكب من مجازر في صبرا وشاتيال‪.‬‬ ‫موضوع احلقوق املدنية للفلسطينيني‬ ‫في لبنان إلى أين؟ وقيل بأن هناك مذكرة‬ ‫جديدة ستقدم في هذا الشأن إلى اجلهات‬ ‫الرسمية‪ ،‬والبعض يرى أن ال حاجة ملذكرات‬ ‫جديدة‪ ،‬هل من متابعة مباشرة لهذا امللف‪،‬‬ ‫وكيف؟‬ ‫في جوابنا على السؤال األول قد أتينا على‬ ‫موضوع احلقوق املدنية وأوضحنا أن الدولة‬ ‫اللبنانية ال تريد إعطاء الفلسطينيني شيء‬ ‫في هذا السياق وحتديدا ً حق التملك ولو شقة‬ ‫واحدة‪ .‬أليس من الغريب أن دولة يعيش في‬ ‫كنفها شعب منذ أكثر من ستني عاما ً ال يزال‬ ‫يطارد خلف حقوقه كمن يطارد املاء وإذ به‬ ‫يطارد سراب‪ ،‬وهذا هو حال الفلسطينيني في‬ ‫لبنان‪ ،‬فال املقاربة القانونية مجدية‪ ،‬وال املقاربة‬ ‫اإلنسانية مجدية‪ .‬وأستغرب كما جموع‬ ‫شعبنا كيف لدولة تتمتع بحريات دميقراطية‬ ‫متقدمة على ما سواها من الدول العربية‬ ‫تتعامل معنا على هذه الشاكلة‪ ،‬أليس في‬ ‫القانون شيء أسمه احلق واجلواب مبعنى تقوم‬

‫‪48‬‬

‫بواجباتك لتحفظ لك احلقوق‪ ،‬فأين نحن من‬ ‫ذلك‪ .‬الدولة تريد من الفلسطيني أن يتمم‬ ‫واجباته وحتجب عنه حقوقه‪ ،‬حتى موضوع‬ ‫مخيم نهر البارد أصبح خارج اهتمامات‬ ‫الدولة في إعادة اإلعمار فقد مضى على‬ ‫مأساة هذا اخمليم ما يقارب اخلمس سنوات‬ ‫ونحن على ما يبدو بحاجة ألكثر من خمس‬ ‫سنوات أخرى ليعود آخر فلسطيني إلى بيته‬ ‫في اخمليم أيجوز ذلك؟ ومع تقديرنا للمراسيم‬ ‫التي أصدرها مجلس النواب في العام ‪2010‬‬ ‫جلهة حتريك بعض احلقوق فهي لألسف ال‬ ‫تغني وال تسمن ومبجملها لم تالمس اجلوهر‬ ‫بل بقيت في إطار القشور‪.‬‬ ‫نحن ال نريد أن نساجل أحد ولكن موضوع‬ ‫في غاية األهمية يجب االنتهاء منه ويجب‬ ‫أالّ يبقى أحد يستخدم ذلك على أنه مينع‬ ‫التوطني الذي رفضه ويرفضه شعبنا‪ ،‬أو‬ ‫مادة للمزايدة بني بعض القوى السياسية‬ ‫في لبنان‪ .‬وال أعتقد كما جميع الفصائل‬ ‫أن منحنا احلقوق املدنية يتناقض مع إصرار‬ ‫الفلسطينيني على التمسك بحق العودة‬ ‫و‪ 15‬أيار من العام املاضي شاهد حي ّ‬ ‫أكد‬ ‫بالدماء الطاهرة والذكية لشعبنا بأنه تواق‬ ‫للعودة اليوم قبل الغد‪.‬‬ ‫وكما أسلفت نحن كنا في زيارة لدولة‬ ‫رئيس احلكومة سمعنا كالما ً في أجزاء منه‬ ‫طيب في املشاعر والعواطف ولكن الغريب‬ ‫أن جز ًءا من رؤيته حلل مشكلة الفلسطينيني‬ ‫تقوم على قاعدة أن مينح الفلسطيني جواز‬ ‫سفر لكي يتمكن من التنقل‪ ،‬األمر الذي‬ ‫لم نوافق عليه ورأينا أنه ال يحل بل يعقد‬ ‫املوضوع‪ .‬أوليس من حقنا أن نسأل أن هكذا‬ ‫خطوة ملاذا تؤدي؟ إنها تؤدي إلى توطني مقنع‬ ‫أو تهجير مشرع باسم تسهيل املتطلبات‬ ‫احلياتية للفلسطينيني‪.‬‬ ‫أما عن مذكرة جديدة فليس هناك من‬ ‫جديد ونحن كفصائل مجتمعني قدمنا العام‬ ‫نتلق جوابا ً عليها‬ ‫املاضي مذكرة مشتركة لم‬ ‫ِ‬ ‫حتى اآلن‪ .‬لذلك ال أعتقد أننا بصدد مذكرة‬ ‫جديدة‪ ،‬وهذه فكرة غير صائبة على اإلطالق‪.‬‬ ‫وهنا وبكل محبة نقول إن املسؤولية تقع‬ ‫على عاتق قوى سياسية حليفة لشعبنا في‬ ‫أن تبذل اجلهود من أجل منحنا هذه احلقوق‪،‬‬ ‫على اعتبار أن التيار السياسي الذي كان‬ ‫معيقا ً لذلك‪ ،‬اليوم هو خارج احلكومة وأعتقد‬ ‫بدون اإلطالة في الشرح كالمنا واضح في‬ ‫هذا الشأن‪.‬‬ ‫ما هي أسباب تعثر املصاحلة بني حماس‬ ‫وفتح؟ وما هي رؤية اجلبهة الشعبية ‪-‬‬ ‫القيادة العامة لتلك املصاحلة‪ ،‬وهل هناك‬


‫آفاق ملصاحلة حقيقية وشاملة تعيد‬ ‫قراءة املرحلة السابقة وتستنهض طاقات‬ ‫الشعب الفلسطيني؟‬ ‫في ظل غياب االتفاق على صوغ برنامج‬ ‫سياسي يعيد للمشروع الوطني اعتباره من‬ ‫خالل إعادة االعتبار لبرنامج املقاومة وبكل‬ ‫أشكالها وعناوينها‪ ،‬هذا البرنامج املستند‬ ‫إلى مراجعة وقراءة نقدية لتجربة العمل‬ ‫الوطني في الساحة الفلسطينية على مدار‬ ‫العقدين املاضيني وحتديدا ً منذ التوقيع على‬ ‫اتفاق أوسلو الذي عرض وال يزال القضية‬ ‫وثوابتها الوطنية وعناوينها للخطر وأضفى‬ ‫على الكيان الصهيوني مشروعية سياسية‬ ‫وقانونية‪ .‬ومن يدقق ويتابع يجد أن املصاحلة‬ ‫تكاد تكون جلها مكرسة للحديث عن‬ ‫السلطة واالنتخابات والقليل القليل عن‬ ‫إعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها‪ .‬هذا‬ ‫باإلضافة إلى عامل رئيسي ال يريد للمصاحلة‬ ‫الفلسطينية أن تبصر النور هو اإلسرائيلي‬ ‫ومن خلفه اإلدارة األميركية‪ ،‬حيث االنقسام‬ ‫يجعل حكومة نتنياهو مطلقة اليدين‬ ‫تهويدا ً واستيطانا ً ومزيدا ً من فرض الوقائع‬ ‫على األرض لتكون هي عناوين أية مفاوضات‬ ‫وهذا ما عبر عنه نتنياهو عندما ألقى خطابه‬ ‫الشهير في الكونغرس األميركي عندما‬ ‫قال إن االلتزام بحدود العام ‪ 1967‬سيعرض‬ ‫دولة «إسرائيل» للخطر وهذا ما ال نوافق‬ ‫عليه‪ ،‬لذلك نحن علينا فرض وقائع جديدة‬ ‫لنفاوض عليها‪ .‬فالكيان نعم يفرض وقائعه‬ ‫على األرض فها هي القدس تهود‪ ،‬وأراضي‬ ‫الضفة أفعى االستيطان تبتلعها‪ ،‬ومنطقة‬ ‫األغوار يستشري فيها أيضا ً بناء املستوطنات‬ ‫ناهيك العمل في القضاء على كل مقومات‬ ‫قيام الدولة الفلسطينية العتيدة‪ ،‬وأضف‬ ‫لكل ذلك احلصار والعدوان املستمرين على‬ ‫قطاع غزة‪ .‬املؤسف كل ذلك يجري ومفاوضي‬ ‫السلطة وعلى الرغم من إقرارهم بانسداد‬ ‫أفق التسوية وعدم جدواها جندهم ال يتخلون‬ ‫عن املفاوضات كخيار أوحد لهم في مواجهة‬ ‫العدوانية اإلسرائيلية وبكل أشكالها‬ ‫وعناوينها‪.‬‬ ‫في ظل كل ما تقدم اخلالصة من املؤسف‬ ‫نقول أن أفق املصاحلة مغلق وليس هناك‬ ‫ما يؤكد أو يوحي بأنها ستجد طريقها إلى‬ ‫النور وهذا محزن ألن شعبنا الفلسطيني‬ ‫وفي ظل استمرار االنقسام هو من يدفع‬ ‫الفاتورة سواء داخل الوطن أو الشتات وحتديدا ً‬ ‫في لبنان‪ .‬واملضحك املبكي في آن أن اجلميع‬ ‫يتحدث بل ويتلمس حجم وخطورة التحديات‬ ‫التي تواجهنا جميعا ً كأصحاب قضية‪.‬‬

‫أضف عليه ما تشهده املنطقة من حراك‬ ‫ومتغيرات وحتت مسميات «الربيع العربي»‬ ‫الذي مضى عليه أكثر من عام ال نرى أن أزهاره‬ ‫أو رياحينه فلسطينية بل على عكس من‬ ‫ذلك متاما ً فهي تكاد تصبح من املنسيات‪،‬‬ ‫وقمة بغداد األخيرة دليل إضافي صارخ على‬ ‫حتلل الرسميات العربية من مسؤولياتها جتاه‬ ‫القضية‪ .‬لتفضح كيف أن أولويات اجلامعة‬ ‫العربية اليوم تسهل على الواليات املتحدة‬ ‫وحلفائها تنفيذ مشاريعهم عبر التدخل‬ ‫العسكري املباشر كما حصل في ليبيا‪ ،‬وكما‬ ‫يسعون اليوم الستجالب التدخل األجنبي في‬ ‫سوريا التي تدفع بالسياسة وعلى خلفية‬ ‫مواقفها من املقاومة واملمانعة للمشروع‬ ‫األميركي الصهيوني‪ ،‬وحتالفها مع اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية التي تقف بدورها ممانعة‬ ‫للهيمنة األميركية وأطماعها في املنطقة‪،‬‬ ‫وسندا ً قويا ً للمقاومة سواء في فلسطني أو‬ ‫لبنان أو العراق‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك يجب العمل حثيثا ً‬ ‫من أجل إنهاء االنقسام وما نتج عنه‪،‬‬ ‫والتأكيد على أن املصاحلة حاجة وضرورة لكي‬ ‫نتمكن من صوغ مشروعنا الوطني املتمسك‬ ‫بالثوابت وباملقاومة وعلى تنوعها خيارا ً يعيد‬ ‫لقضيتنا مكانتها كقضية مركزية ألمتنا‬ ‫العربية واإلسالمية‪.‬‬ ‫في ذكرى تأسيس اجلبهة الشعبية ‪-‬‬ ‫القيادة العامة‪ ،‬نبارك هذه املناسبة‪ ،‬إلى‬ ‫مزيد من التقدم واملنعة على طريق حترير‬ ‫ٍ‬ ‫األرض واإلنسان‪ ،‬ما هي رسالتكم إلى‬ ‫شعبنا الفلسطيني وقواه احلية في هذه‬ ‫املناسبة؟‬ ‫بداية أتوجه بالشكر جمللتكم الغراء «منبر‬ ‫التوحيد» مباركتكم للجبهة انطالقتها‬ ‫السابعة واألربعني‪ .‬ورسالتنا في اجلبهة‬ ‫أوال ً للشهداء واألسرى‪ ،‬ومن ثم إلى شعبنا‬ ‫الفلسطيني العظيم نقول لهم‪ -:‬اإلجالل‬ ‫واإلكرام لكم أيها الشهداء الذين احتسبكم‬ ‫اهلل عز وجل من رجاله املؤمنني الذين صدقوا‬ ‫ما عاهدمت اهلل عليه‪ ،‬فمنكم من قضى نحبه‬ ‫ومنكم من ينتظر وما بدلتم تبديال‪ .‬فليس‬ ‫أكثر من اهلل عز وجل أحد يستطيع إنصافكم‬ ‫فأنتم قتلتم في سبيله فغدومت شهداء عند‬ ‫ربكم ترزقون‪ .‬ملن استشهد ليهب لنا احلياة‪،‬‬ ‫ويصنع فجر مستقبلنا القادم على أرض‬ ‫فلسطني من بحرها إلى نهرها مهما طال‬ ‫الزمن وكبرت التضحيات‪ ،‬فمع إشراقة كل‬ ‫صبح ندي لكم منا عهد الوفاء على صون‬ ‫دمائكم وتضحياتكم ومسيرة كفاحكم‬ ‫حتى التحرير والعودة‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫أما أنتم يا أسرانا البواسل في سجون‬ ‫االحتالل الصهيوني‪ ،‬يا من تخوضون اليوم‬ ‫كما في كل األيام معركة األمعاء اخلاوية‪،‬‬ ‫واملتحصنني داخل جدران إراداتهم الوطنية‬ ‫التي ال تعرف اخلنوع أو االستسالم فكسرت‬ ‫قيود احملتل وقرارات محاكمه على يد اجملاهد‬ ‫الشيخ خضر عدنان واجملاهدة هناء الشلبي‪.‬‬ ‫فلكم منا قسم الشهداء في أن نبقي‬ ‫قضيتكم أمانة نعمل ليل نهار من أجل‬ ‫تنفيذها كما في عمليتي حترير األسرى في‬ ‫النورس واجلليل وما تبعها من عمليات حترير‬ ‫األسرى لفصائل العمل الوطني واإلسالمي‪.‬‬ ‫أما رسالتنا إلى شعبنا نقول‪ :‬في ذكرى‬ ‫انطالقة اجلبهة السابعة واألربعني لك يا‬ ‫شعبنا في اجلليل واملثلث والنقب صانع يوم‬ ‫األرض‪ .‬ولشعبنا في القطاع الصابر الصامد‬ ‫في غزة هاشم ومخيماتها الذي هزم العدو‬ ‫وفرض معادلة توازن الرعب معه‪ .‬ألهلنا في‬ ‫الضفة األبية ومخيماتها العصية على‬ ‫االحتالل وإجراءاته التعسفية القمعية‪.‬‬ ‫للقدس وبواباتها ومسجدها األقصى‬ ‫وكنائسها وأحيائها وأهلنا املقدسيني وهم‬ ‫يدافعون عن عاصمتهم األبدية عاصمة‬ ‫فلسطني وشعبها العظيم‪ .‬خمليمات‬ ‫الشتات في لبنان وسوريا واألردن وأينما‬ ‫حل وتواجد شعبنا في أرجاء املعمورة‬ ‫والعالم هذا الشتات الذي صنع ثورة‬ ‫الشعب الفلسطيني املعاصرة في العام‬ ‫‪ ،1965‬وحمل لواء العودة إلى فلسطني كل‬ ‫فلسطني‪ ،‬وقدم الشهداء واألسرى واجلرحى‬ ‫وأسس لعمليات االستشهاد الفلسطيني‬ ‫في اخلالصة وأم العقارب والطيران الشراعي‬ ‫ومعالوت ودالل املغربي وكفار جلعادي ونهاريا‬ ‫وسافوي‪ .‬ننحي أمامك يا شعب فلسطني‬ ‫إجالال ً ووفا ًء فتضحياتك وضعت فلسطني‬ ‫القضية ‪ ..‬فلسطني األرض واإلنسان على‬ ‫خارطة العالم‪ ،‬وجعلت منها رقما ً صعبا ً‬ ‫لطاملا سعى أعداؤنا أن يكون رقما ً هامشيا ً‬ ‫يسهل كسره وإلغاؤه‪ .‬ولكن هيهات منك‬ ‫يا شعب القسام والعاص واحلسيني وفؤاد‬ ‫حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم أن تهزم‬ ‫فأنت املنتصر بإرادة أبنائك وتضحياتهم على‬ ‫الدوام‪.‬‬ ‫في ذكرى االنطالقة جندد عهد الرجال‬ ‫للرجال ‪ ..‬وعهد املناضلني واجملاهدين واملقاومني‬ ‫لشعب الوفاء والعزة والكرامة والكبرياء أن‬ ‫نظل متمسكني بخيارنا ونهج املقاومة حتى‬ ‫حترير األرض واإلنسان‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬

‫العراق إزداد حجماً سياسياً بعد انعقاد القمة العربية‬ ‫محاولة خليجية لتطويقه وتفجيره من الداخل‬ ‫فرض االحتالل األميركي الذي استهدف العراق‬ ‫عام ‪ ،2003‬جملة من العوائق التي ألغت الدور‬ ‫اخلارجي لهذا البلد وعطلت حيويته الداخلية‪ ،‬مما أدى‬ ‫الى انهيار شامل للخدمات وتفشي ظواهر الفساد‬ ‫بجميع أشكاله وكلها عوامل ووصفات جاهزة‬ ‫لتكريس الفرقة بني الطوائف واملذاهب وغيرها‪ ،‬ولم‬ ‫يأت االحتالل فجأة‪ ،‬حيث تعرض العراق الى حصار‬ ‫ِ‬ ‫بشع خالل اكثر من عقد قبل االحتالل‪.‬‬ ‫لقد استطاعت اميركا أن تتسلل الى العراق‬ ‫مستغلة احلرب العراقية – اإليرانية‪ ،‬فوجدت في‬ ‫هذه الفرصة ضالتها املنشودة‪ ،‬وربطت االقتصاد‬ ‫العراقي مع السوق األميركية‪ ،‬واستغلت العمليات‬ ‫العسكرية في اخلليج آنذاك بالدعوة الى بناء خط‬ ‫نقل عمالق من البصرة الى ميناء العقبة األردني‪ ،‬إال‬ ‫أن فشل املفاوضات قد رجح لإلدارة األميركية أهمية‬ ‫السيطرة املباشرة على مصادر النفط في املنطقة‬ ‫وهو مشروع كيسنجر الشهير‪.‬‬ ‫لقد أصبح العراق منذ ذلك احلني لقمة سائغة‬ ‫للسياسات املوسمية قبل أن يكون نهبا ً للمصالح‬ ‫اخلارجية وكل املبادرات التي انضم إليها إقليميا ً‬ ‫سواء بالتحالف مع اخلليج‪ ،‬أو احملور املصري –‬ ‫األردني الذي لم يفده إال في زيادة مأساته وهفواته‬ ‫وانكساراته‪ ،‬ودخل العراق في احتقان داخلي وتوتر‬ ‫خارجي مع دول اإلقليم‪.‬‬ ‫من هنا فقد نضجت كل الظروف الذاتية‬ ‫واملوضوعية لتحول العراق الى دولة فاشلة اقتصاديا ً‬ ‫ومنهارة على وحدة النسيج االجتماعي ومقسمة‬ ‫في ميدان الوحدة الوطنية‪ ،‬ومت اقتطاع “املنطقة‬ ‫الكردية” في الشمال حتت شعار احلماية الدولية‬ ‫قصراً‪.‬‬ ‫لقد أراد االحتالل األميركي عام ‪ ،2003‬أن يكون‬ ‫العراق “النموذج” والصنيعة اجملاورة لكل احمليط‬ ‫العربي وغيره‪ ،‬وقد تكرست السياسة االحتاللية‬ ‫من أجل “إدارة الصراع ال حله” بصيغة مثيرة‪ ،‬وجعل‬ ‫من معظم دول اجلوار تتعاون معه في اإلشراف‬ ‫على آليات تطبيق ما سمته “العملية السياسية”‪،‬‬ ‫وحدها سوريا وقفت متحدية إرادة االحتالل االميركي‪،‬‬ ‫حيث دعمت قوى املقاومة العراقية وقدمت لها كل‬ ‫ما يلزم جلعل االحتالل مكلفا ً للغاية باإلضافة الى‬ ‫الدعم اللوجستي للشعب العراقي وفتح أبوابها‬ ‫ألكثر من مليوني عراقي‪ ،‬ولم تفلح التهديدات‬ ‫األميركية من النيل من اإلرادة السورية الداعمة‬ ‫للمقاومني لهذا االحتالل‪.‬‬ ‫كان هدف االحتالل التوصل الى صيغة ديناميكية‬ ‫معينة هدفها جعل العراق مجرد تابع وملتزم بخط‬ ‫اميركا االستراتيجي ومبادراتها التكتيكية في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املنطقة وجعل اآلخرين في داخل العراق وخارجه‬ ‫مجرد تابع أو الهث إلرضاء األميركي في خضم‬ ‫الصراع الدائر في املنطقة‪.‬‬ ‫وحققت اميركا بعض أهدافها املرحلية‪ :‬حطمت‬ ‫دولة العراق وجيشه املوحد واستولت على الثروات‬ ‫النفطية وعمليات اإلنتاج وبدون عدادات‪ ،‬وخلقت‬ ‫ما يسمى “صندوق التنمية العراقي” الذي جعل‬ ‫من اقتصاد العراق رهينة في قبضة الكونغرس‬ ‫االميركي‪ ،‬وهو الذي يتحكم ويدير الوضع املالي‬ ‫للبلد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬ ‫لقد تعرض االقتصاد العراقي الى ضربات متتالية‪،‬‬ ‫بعضها مزمن‪ ،‬وجاء االحتالل ليزيد األمور تفاقماً‪،‬‬ ‫وبات االقتصاد العراقي مرتبطا ً “مبورد طبيعي” واحد‬ ‫هو النفط‪ ،‬باإلضافة الى سوء استعمال هذا املورد‬ ‫وعدم االستفادة منه في تطوير البنى االقتصادية‪،‬‬ ‫وما جنم عن ذلك من فشل السياسات االقتصادية‬ ‫بسبب فقدانها لألهداف االستراتيجية للتنمية‬ ‫وتفشي ظواهر الفساد‪ ،‬وهناك نشأت ظواهر‬ ‫السلطات احمللية حتت شعارات الالمركزية التي نادى‬ ‫بها جو بايدن فيما بعد‪ ،‬وصوال ً الى األقاليم ذات‬ ‫احلكم الذاتي وفرض سياسة األمر الواقع املموهة‬ ‫بعناوين براقة‪ ،‬مما أوقع العراق في أتون القرارات‬ ‫الرابطة باملظلة األميركية في املنطقة والواقعة‬ ‫فحدث وال‬ ‫حتت إشرافها‪ ،‬وإذا كان العراب “خليجي”‬ ‫ّ‬ ‫حرج عن الفتاوى املشبوهة‪ .‬لقد انسحب االحتالل‬ ‫من العراق مع نهاية العام ‪ 2011‬بعد أن أصبحت‬ ‫تكلفة االحتالل أكبر مما يتحمل بفضل املقاومة‬ ‫العراقية الباسلة‪.‬‬

‫القمة العربية في بغداد‬ ‫إن مجرد انعقاد القمة العربية في بغداد أواخر آذار‬ ‫‪ 2012‬يعتبر في حد ذاته حدثا ً جديدا ً له مدلوالته‬ ‫وخصوصا ً بعد إنهاء االحتالل االميركي وعودة‬ ‫العراق الى صدارة املشهد السياسي العربي بعد‬ ‫أن ُه ِّمش طويالً وأُقصي ردحا ً من الزمن‪ ،‬وكذلك فإن‬

‫‪50‬‬

‫انعقاد القمة جاء مبثابة محطة فاصلة‪ ،‬ليس ألن‬ ‫احلدث مهم‪ ،‬وتاريخ القمم يشهد على صفحات من‬ ‫يسمن وال يغني عن جوع‬ ‫الكالم اإلنشائي الذي ال‬ ‫ّ‬ ‫وال يشفي عليل‪ ،‬وجدوى تلك القمم ال تساوي احلبر‬ ‫الذي ُكتبت فيه بياناتها اخلتامية‪ ،‬وإمنا كانت القمم‬ ‫دائما ً مبثابة حفل اللتقاط الصور وحتقيق بعض‬ ‫االصطفافات املفروضة بأجندات خارجية‪.‬‬ ‫حضر العراق بشخص رئيس الوزراء نوري املالكي‬ ‫والرئيس جالل طالباني‪ ،‬حقق األول املزيد من املكاسب‬ ‫واملدلوالت السياسية ليس ألن القمة ُعقدت في‬ ‫بغداد فقط‪ ،‬بل ألن املالكي أثبت حضوره من خالل‬ ‫متسكه مبواقف محددة على الصعيد اإلقليمي‬ ‫وهو بذلك رسخ موقعه في اخلريطة السياسية‬ ‫لبالده رغم التفكك والتراجع خلصومه ومنافسيه‬ ‫السياسيني على أكثر من صعيد‪ .‬جناح املالكي ّ‬ ‫دشن‬ ‫ملرحلة جديدة وهي مبثابة توطئة لعودة العراق الى‬ ‫مكانته ودوره الريادي في محيطه‪.‬‬ ‫وبعد اندالع األحداث في سوريا‪ ،‬صار للساحة‬ ‫العراقية قيمة مضاعفة‪ ،‬فأنصار سوريا وحلفاؤها‬ ‫على مستوى املنطقة‪ ،‬يدرجون الساحة العراقية‬ ‫في خانة الساحات املساندة لسوريا الدولة جيشا ً‬ ‫وشعبا ً ونظاماً‪ ،‬وبدا العراق وكأنه مبثابة الرئة‬ ‫والعمق الداعم لسوريا كلما اشتدت حلقات احلصار‬ ‫(األميركي – الغربي – التركي – اخلليجي) وارتفعت‬ ‫وتيرة الضغوطات الرامية الى إضعاف سوريا ودورها‬ ‫إقليمياً‪.‬‬

‫القمة لم ّ‬ ‫حتقق أي هدف من‬ ‫انعقادها‬ ‫إن القمة العربية الـ ‪ 23‬أعادت للعراق دوره الذي‬ ‫افتقده ألكثر من عقد من الزمن قبل االحتالل‬ ‫األميركي جلهة حضوره‪ ،‬غير أنها عدا ذلك لم‬ ‫تفعل شيئا ً ولم تقدم أي رؤيا من شأنها أن تقارب‬ ‫القضايا العربية وتعمل على حلها‪ ،‬فالقادة الذين‬


‫نوري املالكي‬

‫اجتمعوا على أرض الرافدين كانوا يدركون سلفاً‪ ،‬أن‬ ‫القرارات اخلتامية لقمتهم ستبقى حبرا ً على ورق‪،‬‬ ‫وأن القضية املركزية التي زعموا‪ ،‬أنهم وفدوا الى‬ ‫العراق للحديث عنها ال قدرة لهم على إيجاد احللول‬ ‫لها‪ ،‬والدليل على ذلك تبنيهم ملبادرة كوفي أنان في‬ ‫تهيئة األرضية املناسية إلطالق حوار بني احلكومة‬ ‫السورية وأطياف “املعارضة السورية” بدال ً من ابتكار‬ ‫أفكار واتخاذ قرارات من شأنها أن تساهم في حل‬ ‫األزمة‪ ،‬بدال ً من جهد البعض من تغذية األزمة وصب‬ ‫الزيت على نارها‪.‬‬ ‫كانت القمة العربية أسوة مبا سبقتها من قمم‬ ‫“بال طعم وال لون”‪ ،‬وزادت رصيد الفشل لدى القادة‬ ‫العرب في معاجلة قضايا شعوبهم‪ ،‬وقدمت القمة‬ ‫للواليات املتحدة و”العرب” جناحا ً باهرا ً في حتقيق‬ ‫هدف أساسي‪ ،‬من أهداف مؤامرتهم حيث كانت‬ ‫القضية السورية هي األساس على جدول أعمال‬ ‫القمة‪ ،‬بعد أن كانت القضية الفلسطينية هي‬ ‫العنوان األبرز لكل قمة عربية منذ الستينات وحتى‬ ‫آخر قمة سبقت ما يسمى “الربيع العربي”‪.‬‬ ‫وغياب بعض القادة العرب عن القمة جنبها‬ ‫االنفجار الداخلي‪ ،‬وقد أظهر هذا الغياب الى أي مدى‬ ‫وصل التشرذم العربي‪ ،‬وأن قادة بعض الدول أصبحوا‬ ‫مجرد أدوات في يد األميركي ينفذون ما يؤمرون به‪،‬‬ ‫وال قدرة لهم على أخذ القرار‪ ،‬وهذا املشهد في حد‬ ‫ذاته جزء من املؤامرة األميركية – اإلسرائيلية الرامية‬ ‫الى توسيع الشرخ بني الدول العربية والتقاتل فيما‬ ‫بينها والهدف إضاعة القضية الفلسطينية في‬ ‫دوامة املشاكل واألزمات املستجدة على الساحة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫حاول “عرب” اخلليج بشتى السبل استمالة‬ ‫رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي واسترضائه لكي‬ ‫ال ميضي بعيدا ً في الوقوف الى جانب سوريا وتوفير‬ ‫مقومات اإلسناد والدعم في مواجهة ما يحاك‬ ‫ضدها‪ ،‬ومورست شتى أنواع الضغوط على املالكي‬ ‫بغية منعه من املضي قدما ً في النهج الذي تبناه‬ ‫بالوقوف الى جانب سوريا ونبنّي توجهاتها‪.‬‬ ‫قبل عقد القمة في أواخر آذار املاضي مت توجيه‬ ‫بعض الرسائل غير املباشرة الى املالكي من قبل‬ ‫بعض اجلهات العراقية التي اعربت عن تأييدها‬ ‫للمعارضة السورية‪ ،‬وحاول هؤالء اإليحاء بأن هناك‬ ‫تغييرا ً ما في موقف املالكي من األحداث التي‬ ‫تدور في سوريا‪ ،‬مما أوحى لكثير من املراقبني بأن‬ ‫الضغوط واألحداث والرسائل املشفرة التي وصلته‬ ‫فعلت فعلها‪ ،‬وأ ّدت وظيفتها‪ ،‬إال أن مصالح العراق‬ ‫االستراتيجية بإيران وسوريا هي التي قادت املالكي‬ ‫الى بلورة موقف واضخ وملتزم جتاه ما تتعرض له‬ ‫فضل عقد القمة العربية‬ ‫سوريا من هجمة‪ ،‬إال أنه ّ‬ ‫في بغداد في موعدها احملدد‪ ،‬مما يستدعي التغاضي‬ ‫عن كثير من املواقف والسياسات التي تبدو معتدلة‬ ‫وطلب من أنصاره عدم اللجوء الى التظاهرات إبان‬ ‫انعقاد القمة‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته سعى العراق والسعودية قبل‬ ‫عقد القمة‪ ،‬الى جتاوز سنوات اخلالف والشكوك‬

‫عبر توقيع اتفاقية أمنية مشتركة وسمت الرياض‬ ‫سفيرا ً لها لدى العراق‪ ،‬وعقدت القمة في أعقاب‬ ‫األحداث واألزمات و”الثورات” التي عصفت العالم‬ ‫العربي‪ ،‬وهذه عوامل متثل رهانا ً أمام العراق بعد أكثر‬ ‫من عامني من التحضيرات و ‪ 500‬مليون دوالر من‬ ‫التكاليف‪.‬‬ ‫إن مجرد عقد القمة العربية في بغداد في هذه‬ ‫املرحلة بالذات‪ ،‬هو انتصار بينّ إلرادة العراقيني‪ ،‬ألنه‬ ‫يعني دفع العراق الى الدور واملوقع الرياديني في‬ ‫اخلريطة السياسية للعالم العربي‪ ،‬واملطلوب هو‬ ‫تفعيل هذا الدور‪.‬‬ ‫لقد اعتقد البعض بأن “الربيع االميركي”‬ ‫سينعكس بالضرورة على ما يدور في أروقة العمل‬ ‫العربي املشترك‪ ،‬وأن انشغال احلكام اجلدد بالقضية‬ ‫الداخلية سيبعد القمة تلقائيا ً عن مناقشة‬ ‫القضايا اخلارجية‪ ،‬وخاصة القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫وسيكون التركيز منصبا ً على سوريا وما يجري فيها‬ ‫من أحداث‪ ،‬ألن سياسة القمم مازالت تبدو حتى اآلن‬ ‫وكأنها تعبيرا ً عن االصطفاف العربي وليس وحدة‬ ‫العمل احلقيقي‪ ،‬وفي ظل اخللل الفاضح الذي يسود‬ ‫الساحة العربية بفعل انقياد معظم األنظمة‬ ‫العربية وفق املشيئة األميركية‪ ،‬اعتقد البعض بأن‬ ‫الفرصة أصبحت مناسبة التخاذ قرار عربي جديد‬ ‫والتصويب على سوريا املقاومة واملمانعة متهيدا ً‬ ‫خللق أرضية مناسبة للقوى املتربصة بها لالنقضاض‬ ‫عليها‪ ،‬وتوطئة للتدخل األجنبي في شؤونها‪.‬‬

‫ما بعد القمة‬ ‫ما هي املفاجآت؟‬ ‫بعد أيام قليلة من انعقاد القمة العربية ببغداد‪،‬‬ ‫أوضح رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي مواقفه‬ ‫احلقيقية حيال ما يدور في املنطقة بشكل عام‪،‬‬ ‫وأشار بأصابع االتهام باجتاه قطر والسعودية حيال‬ ‫الدور الذي تقومان به في مساعدة اخملربني ودعمهما‬ ‫بالسالح واملال وقال حرفيا ً “هاتان الدولتان” وقال إن‬ ‫نظام األسد لم يسقط ولن يسقط وملاذا يسقط‪،‬‬ ‫وأبدى املالكي حرصه على سالمة سوريا وشعبها‬ ‫وقيادتها واملنطقة ككل‪ّ ،‬‬ ‫وحذر املالكي من محاوالت‬

‫‪51‬‬

‫ما تقوم به قطر والسعودية وهذه األفعال ستقود‬ ‫الى أزمة تراكمية باملنطقة‪.‬‬ ‫وحتاول بعض األقالم املأجورة من قبل نظامي قطر‬ ‫والسعودية اإلشارة الى عدم الثقة في حكومة‬ ‫املالكي‪ ،‬والسبب‪ ،‬أنه قال احلقيقة وجترأ على‬ ‫مهاجمة “هاتني الدولتني” وتقول تلك األقالم‪“ :‬لو‬ ‫قال املالكي مثل هذه العبارات قبل القمة لكانت‬ ‫األمور مختلفة عما سارت عليه”‪ ،‬ومثل هذا يعني‪،‬‬ ‫أن حكام قطر والسعودية أرادا لتلك القمة أن تكون‬ ‫معول هدم وتخريب ليس إال‪ ،‬واعتقدا أن بإمكانهما‬ ‫فرض اإلمالءات على العراق من جديد‪ ،‬ونسوا‬ ‫الدروس القريبة والبعيدة وكم دفع الشعب العراقي‬ ‫ثمنا ً ملثل تلك التوجهات احلمقاء لدى عرب اخلليج‪،‬‬ ‫فالعراق تعلم وعلى حسابه ولن يقع في احملظور مرة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫وتتهم احلكومة العراقية بأنها تقوم بتأمني ممر‬ ‫آمن لألسلحة اإليرانية املتجهة الى سوريا‪ ،‬ومثل‬ ‫هذا األمر تهمة لدى “عرب أميركا” ونسي هؤالء‬ ‫ما يجمع سوريا والعراق من أواصر األخوة واملصير‬ ‫املشترك‪ ،‬وللمفارقة يتم اآلن شن املزيد من التهم‬ ‫للحكومة العراقية ولرئاستها القمة العربية بأنها‬ ‫ليست بذات قيمة اآلن؟! وخرجت أصوات تنادي‬ ‫مبقاطعة العراق‪.‬‬ ‫العراق بعد القمة‪ ،‬أصبح أكثر قوة ومتاسكا ً‬ ‫داخليا ً وسقطت جميع الرهانات‪ ،‬طارق الهاشمي‬ ‫أصبح الجئا ً سياسيا ً في قطر‪ ،‬وأصبح غير قادر‬ ‫على استثارة اي اهتمام سياسي أو شعبي حتى من‬ ‫أوساط كتلته‪ ،‬واجلميع سيذهب الى املؤمتر الوطني‬ ‫الداخلي حتت سقف رئيس احلكومة نوري املالكي‪،‬‬ ‫والضغوط األمنية والتفجيرات لن تنجح في التأثير‬ ‫على الوضع الداخلي ومواقف احلكومة العراقية‪.‬‬ ‫وبعد املوقف الواضح الذي اتخذه رئيس احلكومة‬ ‫العراقية نوري املالكي بشأن األوضاع في سوريا‪،‬‬ ‫وإشارته بأصابع االتهام باجتاه قطر والسعودية ملا‬ ‫تقومان به من عمل تخريبي لزعزعة استقرار سوريا‬ ‫ودعم اجلماعات املسلحة باملال والسالح‪.‬‬ ‫نرى كيف شنّت وسائل اإلعالم القطرية‬ ‫والسعودية هجوما ً عنيفا ً على املالكي‪ ،‬وقالت‬ ‫صحيفة الشرق القطرية في افتتاحيتها‪“ :‬بداية‬ ‫غير موفقة لرئاسة القمة العربية” واتهمته‬ ‫“باجلهل باألعراف الدبلوماسية‪ ،‬بل وبالقيم العربية‬ ‫والعراقية األصيلة”‪ ،‬للمفارقة ما نراه من مواقف‬ ‫قطر والسعودية تثير الريبة والسخط واالشمئزاز‬ ‫لدى املواطن العربي‪ ،‬الذي بات يدرك كم هو حجم‬ ‫السقوط واالنحدار الذي وصل إليه أمثال أولئك‬ ‫الذين باعوا بالدهم وذاتهم للشيطان مقابل احلفاظ‬ ‫على كراسي وعروش لن تدوم‪ ،‬ونسي هؤالء بأنهم‬ ‫قدموا كل إمكانياتهم جللب التدخل األجنبي‬ ‫في شؤون أمتهم العربية‪ ،‬وبعد هذا سيفقدون‬ ‫صالحيتهم لدى أسيادهم بعد أن فقدوا ثقة أهلهم‬ ‫وذويهم وأبناء جلدتهم‪ ،‬فهل يعتبرون؟!‬

‫أدهم محمود‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر عربي‬

‫السودان يواجه «إسرائيل ثانية» في جنوبه‬ ‫الصراع على النفط والمياه بدأ في هجليج‬ ‫عمر البشير‬

‫الزيارة التي قام بها سلفاكير‪ ،‬رئيس جمهورية‬ ‫جنوب السودان للكيان الصهيوني “إسرائيل” في‬ ‫كانون الثاني املاضي‪ ،‬وهي أول زيارة له بعد تقسيم‬ ‫السودان بفصل جنوبه عن شماله‪ ،‬لم تكن مجرد‬ ‫نزهة عابرة‪ ،‬أو مفاجأة في غير توقيتها‪ ،‬لقد اختارها‬ ‫بوعي وطلب مساعدتها‪ ،‬فهي بالنسبة إليه‬ ‫“النموذج واملثال” ولهذا وعد نفسه بانه سيتعاون‬ ‫معها من أجل توثيق العالقات الى أبعد احلدود‪.‬‬ ‫جنوب السودان الدولة رقم ‪ 193‬في األمم املتحدة‬ ‫أصبحت دولة مستقلة عن السودان األم في ‪9‬‬ ‫متوز املاضي‪ ،‬هذه الدولة االنفصالية وجدت من‬ ‫الدعم الكثير‪ ،‬باملال والسالح‪ ،‬وهي التي أريد لها‬ ‫أن تكون رأس حربة في جسد السودان الكبير‬ ‫وعامل استنزاف دائم لقدراته البشرية واملادية‬ ‫وتهديدا ً مباشرا ً لألمن القومي العربي‪ ،‬وسلفاكير‬ ‫هذا أدار الظهر لكل الدول العربية التي ساعدته‬ ‫ولكنه ظل وفيا ً لـ “إسرائيل” التي تغلغلت في‬ ‫أفريقيا بضوء أخضر أميركي‪ ،‬وعملت على تفكيك‬ ‫السودان ألسباب وطموحات استراتيجية‪ ،‬واجلهود‬ ‫اإلسرائيلية تكثفت في اآلونة األخيرة بعد “ثورات”‬ ‫ما سمي بالربيع العربي في تونس ومصر‪.‬‬ ‫وهنا ميكن القول‪ ،‬بأن الفرصة باتت سانحة متاما ً‬ ‫لتحقيق بعض طموحات الكيان الصهيوني في تلك‬ ‫املنطقة الهامة من أفريقيا‪ ،‬والتسلل الى منابع‬ ‫النيل مستمر ومتصاعد ومدعوم مبشاريع لبناء‬ ‫السدود‪ ،‬لتحويل مياه النيل في أثيوبيا وأوغندا‪،‬‬ ‫وفي جنوب السودان والهدف تقليص حصة مصر‬ ‫والسودان من املياه‪.‬‬ ‫دولة جنوب السودان‪ ،‬حتولت الى أداة وتابع للكيان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سلفاكير‬

‫الصهيوني ودوائر دول الغرب‬ ‫االستعماري‪ ،‬وأصبحت رأس حربة جديدة وكعامل‬ ‫إثارة للمشاكل والفنت واحلروب في تلك املنطقة‬ ‫الهامة من أفريقيا‪ ،‬ونقطة ارتكاز وانطالق لنهب‬ ‫ثروات الشعوب األفريقية والسودان ومنع تكامل‬ ‫مصر والسودان وتعاضدتهما‪.‬‬

‫مدينة هجليج بداية عملية جس‬ ‫نبض السودان الكبير‬ ‫املواجهات األخيرة التي دارت في مدينة هجليج‬ ‫وتصاعدها‪ ،‬كانت مبثابة جس نبض السودان‬ ‫الكبير‪ ،‬حيث أعلنت قوات جنوب السودان احتاللها‬ ‫للمدينة الغنية بالنفط في هجليج‪ ،‬وكانت هذه‬ ‫اخلطوة إيذانا ً لبداية مرحلة جديدة من التحدي‪ ،‬في‬ ‫جانبها األول‪ ،‬سلفاكير املدعوم من “إسرائيل” أقدم‬ ‫على خطوة مدروسة هدفها كسر شوكة السودان‬ ‫في ظل مرحلة هامة وصعبة متر بها أمتنا العربية‪،‬‬ ‫وحتولت املعركة الى “كسر عظم”‪ ،‬واستطاعت‬ ‫قوات السودان إعادة سيطرتها على مدينة هجليج‬ ‫بعد معركة كبيرة‪ ،‬وكانت قوات جنوب السودان‬ ‫قد أعلنت أنها لن تنسحب من تلك املدينة إال بعد‬ ‫نشر قوات أممية في املنطقة واالتفاق معهم على‬ ‫ترسيم احلدود بني الدولتني‪ ،‬وكان االعتقاد بأن دوال ً‬ ‫اخرى ستتدخل الى جانب قوات اجلنوب‪.‬‬ ‫الى ذلك أعلن نائب الرئيس السوداني علي عثمان‬ ‫طه‪“ :‬أن تصريحات قادة اجلنوب عن إمكان العودة‬ ‫الى طاولة املفاوضات هي محاولة قفز للخروج من‬

‫‪52‬‬

‫مأزق اخلسارة في هجليج”‪.‬‬ ‫وشكك عثمان في جدوى استمرار احلوار مع دولة‬ ‫جنوب السودان قبل سحب قواتها من األراضي‬ ‫السودانية كافة‪ّ ،‬‬ ‫وأكد‪ ،‬أن السودان جاهز لصد‬ ‫كل املؤامرات التي تديرها دولة اجلنوب‪ ،‬مبديا ً عدم‬ ‫مباالته بالتهديدات الدولية بفرض عقوبات على‬ ‫اخلرطوم وجوبا‪.‬‬ ‫لقد مارس اجليش السوداني حقه الطبيعي في‬ ‫الدفاع عن أراضيه وسيادته الوطنية وبعد أن انحازت‬ ‫الواليات املتحدة الى دولة جنوب السودان بفعل‬ ‫اللوبي ومنظمات الضغط املرتبطة بالصهيونية‪.‬‬ ‫والسودان اليوم يعول على قواه الذاتية وحقه‬ ‫في الدفاع عن النفس‪ ،‬وليس على مواقف واشنطن‬ ‫التي حتاول التدخل عبر قوات دولية توضع في مناطق‬ ‫احلدود‪ ،‬وكان الرئيس األميركي باراك أوباما قد دعا‬ ‫دولتي السودان الى العودة الى طاولة التفاوض‬ ‫حلسم القضايا العالقة بني البلدين‪ ،‬مدعيا ً أن‬ ‫املعارك ال تشكل بديالً للحوار السلمي‪ ،‬وهددت‬ ‫السفيرة األميركية في األمم املتحدة سوزان رايس‪،‬‬ ‫بفرض عقوبات على الدولتني في حال استمرار‬ ‫القتال بينهما‪ ،‬وهذه رسالة حتمل في طياتها‬ ‫الكثير‪ ،‬فهي تنم عن سياسة املعايير املزدوجة التي‬ ‫تتصف بها السياسة األميركية‪ ،‬فرغم أن املعتدي‬ ‫هو دولة جنوب السودان‪ ،‬فالتهديد األميركي هنا‬ ‫يستهدف السودان من الناحية العملية‪.‬‬ ‫وغداة احتالل مدينة هجليج من قبل قوات‬ ‫جنوب السودان‪ ،‬الذي تذ ّرعت حكومته بأنها‬ ‫ستنسحب بعد تهديدات اخلرطوم‪ ،‬وحاولت‬ ‫االستعانة بدعم خارجي ملنع القوات السودانية‬


‫من التدخل متذرعة بانها ستنسحب‪ ،‬إال أن رفض‬ ‫القيادة السودانية التجاوب مع هذه األساليب‬ ‫في االستجداء واملراوغة ودفع العامل اخلارجي‬ ‫للتدخل‪ ،‬وتذرع رئيس حكومة جنوب السودان‬ ‫“رياك مشار” بأن قواته بدأت تنسحب من منطقة‬ ‫هجليج بعد احتاللها عشرة أيام‪ ،‬وقوله إن جوبا ال‬ ‫تتحمل أي عقوبات دولية في حال رفضت اخلروج‬ ‫من املنطقة النفطية‪ ،‬ورأى أن جوبا بحاجة الى‬ ‫حملة إلقناع اجملتمع الدولي بأن هجليج جنوبية‬ ‫وليست سودانية‪ ،‬هذه الذرائع الواهية ال تغطي‬ ‫احلقائق الدامغة وما آلت إليه األوضاع بعد املعركة‬ ‫الكبيرة التي دارت هناك‪ ،‬وقائد القوات السودانية‬ ‫في تلك املنطقة أكد مقتل ‪ 938‬عسكريا ً من‬ ‫اجليش اجلنوبي ومتمردي حركة العدل واملساواة‬ ‫وأسر عدد كبير من قادتهم في عملية استعادة‬ ‫هجليج‪ ،‬بعد أن خاضت القوات السودانية معركة‬ ‫حترير هجليج باحترافية عالية راعت حساسية‬ ‫املنطقة‪ ،‬وتعاملت بحذر مع النيران واملؤثرات التي‬ ‫تسبب ضررا ً للمنشآت النفطية‪.‬‬ ‫وبعيدا ً عن املواجهة املباشرة بني السودان‬ ‫وجنوبه‪ ،‬أكد حاكم والية جنوب دارفور‪“ ،‬حماد‬ ‫اسماعيل” إحكام القوات احلكومية سيطرتها‬ ‫على املناطق التي هاجمها مقاتلو “حركة حترير‬ ‫السودان” وقال‪ ،‬إن اجليش خاض معركة فاصلة مع‬ ‫املتمردين في منطقة كفن دبي املتاخمة للحدود‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬

‫الرئيس السوداني عمر البشير‬ ‫ومواقف حازمة‬ ‫وبدوره أكد الرئيس السوداني عمر البشير‪،‬‬ ‫أن حكومته لن تتفاوض مع دولة اجلنوب في حال‬ ‫استمرار دعمها املتمردين‪ ،‬وقال‪“ :‬إن نفط جنوب‬ ‫السودان لن مير مرة أخرى باألراضي السودانية‪ ،‬وإن‬ ‫عرضت حكومة جوبا نصف إيراد النفط املنتج‬

‫في اجلنوب كرسم للعبور‪ ،‬ولن نفتح األنبوب مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬وكنا قبل اتفاق السالم نحارب من أجل‬ ‫النفط وكانوا يحاربون إليقافه‪ ،‬واآلن اغلقوا النفط‬ ‫عن الشمال من دون النظر ملصلحة شعبهم‪،‬‬ ‫لقد سلمناهم دولة كاملة الدسم‪ ،‬ولم يتمكنوا‬ ‫من احلفاظ عليها‪ ،‬وبعد اآلن‪ ،‬إن من ميد يده على‬ ‫السودان سنقطعها له‪ ،‬ولن نفرط في شبر واحد‬ ‫من أرضنا”‪.‬‬ ‫وأوضح الرئيس البشير أن “بالده ستبعد اجلزرة‬ ‫وتستخدم العصا لتأديب قادة حكومة جنوب‬ ‫السودان‪ ،‬العدو األول لبالده‪ ،‬بعدما ارتضت صحبة‬ ‫الصهاينة وعمالء الغرب”‪.‬‬ ‫وحاول الرئيس البشير‪ ،‬أن يستعرض‬ ‫التجربة املريرة مع قيادة جنوب السودان‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫“إننا د ّرسنا قيادة اجلنوب كثيرا ً لكنهم لم ي َعوا‬ ‫الدرس‪ ،‬حدثناهم عن أهمية الوحدة ولم يفهموا‪،‬‬ ‫مسكناهم‬ ‫وع ّرفناهم بأهمية السالم ولم يكترثوا‪ّ ،‬‬ ‫حبل الوحدة فشدوه وانقطع‪ ،‬فتلقف الشمال‬ ‫األفعى‪ ،‬وهددنا فإن هذه االفعى سيلفها الشمال‬ ‫في عنق اجلنوب”‪.‬‬ ‫لقد سعت حكومة اجلنوب ملغازلة “إسرائيل”‬

‫ودول الغرب خوفا ً من أن يفتح الشمال جبهة عداء‬ ‫مع هؤالء‪ ،‬وبعد أن أعطى الشمال للجنوب دولة‬ ‫كاملة فيها بترول‪ ،‬ولكنهم فهموا أن أميركا لن‬ ‫تعاقبهم وهذا صحيح وال مجلس األمن أيضاً‪.‬‬ ‫وطرحت حكومة الشمال “اخلرطوم” عددا ً من‬ ‫الشروط لتطبيع العالقات مع دولة جنوب السودان‬ ‫(جوبا) في أعقاب معركة هجليج النفطية التي‬ ‫طرد فيها جيش السودان قوات اجلنوب‪ ،‬وإعادة‬ ‫السيطرة على مدينة هجليج‪ ،‬تبدأ باعتراف‬ ‫سلطات جنوب السودان باالتفاقيات املوقعة سابقا ً‬ ‫ومذكرة التفاهم في شأن األمن وبينهما ميثاق عدم‬ ‫اعتداء وقعه في شباط املاضي رئيسا االستخبارات‬ ‫في البلدين‪ ،‬بأن تعترف سلطات جنوب السودان‬ ‫باحلدود التي كانت موجودة قبل استقالل السودان‬ ‫عن بريطانيا ومصر في األول من كانون الثاني ‪،1956‬‬ ‫ودعت احلكومة السودانية الى إنهاء كل االعتداءات‬ ‫على أراضيها وانسحاب قوات جنوب السودان التي‬ ‫ال تزال على هذه األراضي‪ ،‬وأن توقف جوبا دعمها‬ ‫للمتمردين الذين يقاتلون الدولة السودانية في‬ ‫واليتي جنوب كردفان والنيل األزرق‪ ،‬كما طالبت‬ ‫اخلرطوم من جوبا الكف عن دعم واستقبال‬ ‫الفصائل املتمردة من إقليم دارفور‪.‬‬ ‫الرئيس البشير أعطى األوامر لوزير دفاعه‬ ‫الفريق عبد الرحيم محمد حسني بتطهير دارفور‬ ‫واملنطقتني من املتمردين قبل حلول فصل اخلريف‬ ‫في متوز املقبل‪.‬‬ ‫السؤال‪ ،‬من الذي يحرك األوضاع في تلك املنطقة؟‬ ‫ومن هو صاحب املصلحة في تدهور األوضاع هناك؟ وإذا‬ ‫لم تكف األيادي العابثة مبصير السودان عن أفعالها‬ ‫ستستمر احلالة الراهنة هناك‪ ،‬إنه صراع على املصالح‬ ‫والثروات والنفوذ واملوقع‪ ،‬إنها لعبة األمم تبدأ وال نعرف‬ ‫كيف تنتهي‪ ،‬ولعبة خلط األوراق مازالت في بدايتها‪ ،‬ألن‬ ‫الكيان الصهيوني الغاصب يتدخل في تلك املنطقة‬ ‫انطالقا ً من حسابات استراتيجية‪ ،‬ويجد في الدعم‬ ‫األميركي تشجيعا ً له لتشكيل رأس حربة جديد في‬ ‫اجلسد العربي واإلفريقي‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫‪53‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر دولي‬

‫إيران تربح حربها الدبلوماسية لبرنامجها النووي السلمي‬ ‫تقوض أمن الخليج بالدرع الصاروخية‬ ‫أميركا ّ‬ ‫في االجتماع الوزاري األول ملنتدى التعاون‬ ‫االستراتيجي بني دول مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫والواليات املتحدة الذي ُعقد في مدينة الرياض‬ ‫السعودية يوم ‪ 31‬آذار املاضي‪ ،‬وخالل املؤمتر‬ ‫الصحافي لوزيرة اخلارجية األميركية هيالري‬ ‫كلينتون على هامش االجتماع املذكور‪ ،‬حتدثت‬ ‫كلينتون عن خطورة البرنامج النووي اإليراني‬ ‫وأعطته األولوية في حساباتها‪ ،‬وأفصحت عن‬ ‫بعض مشاريعها في منطقة اخلليج‪ ،‬مثل إنشاء‬ ‫منظومة درع صاروخية باليستية في اخلليج‪،‬‬ ‫وأكدت “التزام الواليات املتحدة جتاه شعوب دول‬ ‫اخلليج قوي كالصخرة ال يهتز” محذرة من أن‬ ‫“نافذة الفرصة حلل سلمي مع إيران لن تبقى‬ ‫مفتوحة لألبد”‪.‬‬ ‫وفي املقابل أيضا ً كان قائد القوات البحرية‬ ‫األميركية األميرال جوناثان غرينيرت أعلن أن‬ ‫االستعداد لصراع محتمل في مضيق هزمر جعل‬ ‫النوم يهجر عينيه‪.‬‬

‫من صفقات التسلح الى الدرع‬ ‫الصاروخية‬ ‫والسؤال هنا‪ ،‬هل االنحدار األميركي بدأ يقوض‬ ‫االستقرار في منطقة الشرق األوسط بأكملها؟‬ ‫هل الضعف األميركي سيدفع دول أخرى لتعبئة‬ ‫الفراغ في املنطقة؟ وهذا هو سبب حالة القلق‬ ‫واالرتباك التي تطبع تصريحات املسؤولني‬ ‫األميركيني‪.‬‬ ‫واحلديث عن إنشاء درع صاروخية أميركية في‬ ‫منطقة اخلليج ليس منفصالً عن جملة صفقات‬ ‫التسليح التي عقدت مع دول اخلليج إضافة‬ ‫الى محاصرة إيران وحتقيق أهداف استراتيجية‬ ‫أخرى من بينها حماية أمن الكيان الصهيوني‪ ،‬أو‬ ‫مساعدته للتغلغل في منطقة اخلليج بحجة‬ ‫مواجهة إيران وإنشاء حلف جديد في املنطقة‪،‬‬ ‫بحيث تكون “إسرائيل” كيانا ً طبيعيا ً يدخل في‬ ‫مخططات أمنية بذريعة تأمني حماية لدول‬ ‫اخلليج من خطر إيراني مزعوم‪ ،‬وبذلك يتم حتقيق‬ ‫جملة من األهداف األميركية والصهيونية‪.‬‬ ‫لذلك فحملة التحريض والترويج األميركي‬ ‫والغربي ضد إيران بلغت مستويات قياسية‪ ،‬أما‬ ‫دول اخلليج فهي تدخل اللعبة تلك طواعية أو‬ ‫رغما ً عنها‪ ،‬فهي من سيدفع الثمن في جميع‬ ‫احلاالت‪ ،‬حتت ذريعة حماية أمن اخلليج‪ ،‬ستضع‬ ‫كل إمكانياتها بالتصرف األميركي ومن بعده‬ ‫الصهيوني‪ ،‬بينما سيتم احلفاظ على املصالح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الواليات املتحدة وأوروبا على حد سواء‪ ،‬وهي على‬ ‫مشارف ركود مكتمل األوجه وأن تسديد أي ضربة‬ ‫الى إيران قد يفتح الباب أمام رد إيراني مزلزل‬ ‫يستهدف نقطة الضعف الكبرى في القطاع‬ ‫الصناعي العاملي (الـ ‪ % 20‬من إمدادات النفط‬ ‫العاملي التي تعبر مضيق هرمز) وهذا ما سيدفع‬ ‫الواليات املتحدة الى شفير الهاوية‪.‬‬ ‫وقد تختار اإلدارة األميركية احتواء إيران‬ ‫مبحاصرتها عسكريا ً وعزلها دبلوماسيا ً بدل‬ ‫اخملاطرة وتبني اخليار العسكري‪.‬‬

‫االميركية في املنطقة بتكلفة أقل أو مجانية‪،‬‬ ‫ألن الذي سيدفع في هذه احلال‪ ،‬سيكون املتآمر‬ ‫أو التابع الدائر في الفلك األميركي‪ ،‬أما اخلاسر‬ ‫الوحيد فهو شعوب املنطقة في دول اخلليج‬ ‫وعلى حساب ومستقبل أجيالها‪.‬‬ ‫وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد‬ ‫نشرت تقريرها عن جهود إيران لتطوير سالح‬ ‫نووي‪ ،‬وكثر احلديث عن اخلطوات التي ميكن‬ ‫للواليات املتحدة اتخاذها في هذا الشأن‪ ،‬وسارع‬ ‫املسؤولون في واشنطن وفي “إسرائيل” بأن “كل‬ ‫اخليارات مطروحة على الطاولة”‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫أسبابا ً وجيهة أيضا ً جلعل تلك اخليارات بعيدة عن‬ ‫الطاولة ومنها العمل العسكري‪ ،‬ويرى املراقبون‪:‬‬ ‫“حني تخطط الواليات املتحدة لتوجيه ضربة‬ ‫كبيرة ضد دولة أو نظام ما‪ ،‬تسعى للحصول على‬ ‫موافقة هيئة دولية‪ ،‬في ليبيا‪ ،‬استعانت باألمم‬ ‫املتحدة وجامعة الدول العربية‪ ،‬لكن أيا ً منهما ال‬ ‫يبدو مستعدا ً لتنفيذ هجوم ضد إيران” وأي عمل‬ ‫عسكري أميركي سيفاقم العجز في املوازنة‬ ‫األميركية‪ ،‬وتراكم املزيد من الديون‪ ،‬سواء مباشرة‬ ‫بغية تسديد كلفة احلرب بحد ذاتها‪ ،‬بينما حتاول‬ ‫الواليات املتحدة التخلص من تداعيات حمالتها‬ ‫العسكرية في العراق وأفغانستان‪ ،‬وفي ليبيا‪،‬‬ ‫قادت اإلدارة األميركية احلرب عبر “قيادة من اخللف”‬ ‫في محاولة لتجنب تكاليف باهظة‪ ،‬لكن هجوما ً‬ ‫أميركيا ً على إيران سيق ّوض هذا املبدأ‪ ،‬فإيران قد‬ ‫تنجح في تهديد الواليات املتحدة بصواريخها‬ ‫الطويلة املدى أو ستشكل خطرا ً على عمليات‬ ‫نقل النفط في اخلليج‪ ،‬إال أن مثل هذا الهجوم هو‬ ‫مطلب إسرائيلي‪ ،‬ومن دول اخلليج حيث القواعد‬ ‫األميركية الرابضة هناك بحجة حماية تلك‬ ‫األنظمة املرتبطة بالعجلة األميركية‪.‬‬ ‫إن أي حرب أميركية ضد إيران قد تزعزع اقتصاد‬

‫‪54‬‬

‫التلويح بضربة عسكرية‬ ‫ضد إيران‬ ‫هدفه تفعيل العقوبات ضدها‬ ‫إن التلويح العسكري األميركي – اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫بتوجيه ضربة ضد ايران يتواكب مع تصعيد‬ ‫غير مسبوق في العقوبات األميركية واألوروبية‬ ‫االقتصادية عليها للوصول الى النتيجة ذاتها‪،‬‬ ‫أي احلرب االقتصادية ‪ -‬النفطية حيث أقر االحتاد‬ ‫األوروبي حظرا ً نفطيا ً على ايران يدخل حيز‬ ‫التنفيذ في متوز ‪ 2012‬منضما ً في ذلك الى‬ ‫الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬التي أقر مجلس‬ ‫نوابها حظرا ً للتعامل مع البنك املركزي اإليراني‬ ‫مع نهاية العام ‪.2011‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل تنضم أطراف دولية أخرى غير‬ ‫أميركا وأوروبا الى العقوبات ضد ايران‪ ،‬أم سيأخذ‬ ‫هؤالء إجراءات تتعلق بتشديد احلصار ضد إيران أو‬ ‫متويل احلرب ضدها‪ ،‬أو إقامة درع صاروخية جديدة‬ ‫في منطقة اخلليج يكون هدفها محاصرة إيران‬ ‫وإضعاف قوة ردعها وصوال ً الى املساهمة في‬ ‫احلرب ضدها حتت مسميات وذرائع جديدة‪.‬‬ ‫وفي الكيان الصهيوني تدور نقاشات ساخنة‬ ‫حول جدوى شن هجوم على ايران‪ ،‬بهدف ضرب‬ ‫مواقعها النووية‪ ،‬وحول ما سيترتب على مثل هذا‬ ‫الهجوم من تداعيات سياسية وأمنية‪ ،‬والقادة‬ ‫الصهاينة يؤكدون أهمية اإلبقاء على اخليار‬ ‫العسكري‪ ،‬وبأن تنفيذ الهجوم واقع ال محالة‪،‬‬ ‫والهدف املباشر ممارسة الضغط على الدول‬ ‫الغربية من أجل دفعها الى تشديد العقوبات‬ ‫ضد إيران‪.‬‬ ‫لقد حتاشت واشنطن رسمياً‪ ،‬تأكيد أو نفي‬ ‫إمكان حدوث ضربة ضد إيران‪ ،‬واكتفى الرئيس‬ ‫األميركي باراك أوباما بتأكيد احلاجة الى مواصلة‬ ‫الضغوط على طهران بسبب ما سماه “التهديد‬


‫كلينتون تشارك في اجتماع مجلس التعاون اخلليجي‬

‫املستمر الذي يفرضه البرنامج النووي اإليراني”‪،‬‬ ‫وإعالن مسؤول عسكري أميركي‪“ ،‬أن أكبر تهديد‬ ‫للواليات املتحدة وملصاحلنا وألصدقائنا هو إيران”‪.‬‬ ‫إن رزمة األسباب والدوافع واملعطيات منذ ثالثة‬ ‫عقود خلت‪ ،‬كانت جتعل من إقدام الواليات املتحدة‬ ‫على شن حرب ضد إيران مسألة محسومة‬ ‫باخلطوط احلمر‪ ،‬ولكن منسوب القلق األميركي‬ ‫واالضطراب وعدم اليقني حيال التوازن في منطقة‬ ‫اخلليج كانت تقود الى دفع أطراف أخرى للقيام‬ ‫بدور ما‪ ،‬بحيث يبقى اإليقاع محكوما ً باحلسابات‬ ‫االستراتيجية األميركية في املنطقة‪.‬‬ ‫إن آخر ما يتمناه الرئيس األميركي هو قرار‬ ‫احلرب على إيران قبل االنتخابات الرئاسية‬ ‫األميركية‪ ،‬حيث وطأة املأزق االقتصادي األميركي‬ ‫املزمن‪ ،‬والذي يجعل من شبه املستحيل تغطية‬ ‫نفقات حرب جديدة ضد إيران‪ ،‬ونقطة الضعف‬ ‫األميركية هذه يستغلها قادة الكيان الصهيوني‬ ‫من أجل ابتزاز اإلدارة األميركية وجعلها تقدم‬ ‫املساعدات العسكرية لـ “إسرائيل” ومواقف‬ ‫سياسية تخدم األجندة اإلسرائيلية‪ ،‬ومتكنها من‬ ‫تصدير أزماتها وصعوباتها ومحاولتها كسر طوق‬ ‫عزلتها الدولية‪.‬‬ ‫ان لعبة خلط األوراق التي جتيدها دول الغرب‬ ‫االستعماري وعلى رأسه أميركا وربيبتها‬ ‫الصهيونية تلقى مزيدا ً من االهتمام في ظل‬ ‫األوضاع واألحداث املفتعلة التي تعصف أكثر من‬ ‫مكان في عاملنا العربي والتي يتم تغذيتها على‬ ‫الدوام على حساب القضايا العربية وفي املقدمة‬ ‫منها القضية الفلسطينية واستهداف سوريا‬ ‫مركز املقاومة واملمانعة العربية‪ ،‬وليس صدفة‬ ‫أن يأتي اشتداد الهجمة التي تستهدف سوريا‬ ‫من قبل من ربطوا مصيرهم باألجنبي ومصاحلة‬ ‫االستعمارية في دول اخلليج‪ ،‬بالتوازي مع الطلب‬ ‫األميركي لنصب ردع صاروخية جديدة في اخلليج‬ ‫لتشديد وإحكام احلصار ضد إيران‪.‬‬

‫اإلتفاق النووي املقترح مع إيران‬ ‫الرئيس اإليراني محمود أحمدي جناد خاطب‬ ‫األعداء والقوى االستكبارية بقوله‪“ :‬إننا ننصح‬ ‫هذه األطراف بأن تغ ّير سلوكها حيال الشعب‬ ‫اإليراني وتدرك جيدا ً بأن هذا الشعب صلب وصامد‬

‫الدول ‪ 1+5‬جتتمع للبحث في امللف النووي اإليراني‬

‫في الدفاع عن حقوقه املشروعة‪ ،‬ولن يتراجع قيد‬ ‫أمنلة مهما كانت الضغوط التي متارس ضده”‪.‬‬ ‫وقال جناد‪“ :‬ويحاول الغرب فرض حظر على‬ ‫صادرات النفط اإليرانية‪ ،‬لكن إيران قوية بالدرجة‬ ‫الكافية وسوف تتمكن البالد من األداء بصورة‬ ‫جيدة‪ ،‬حتى وإن لم نقم ببيع برميل واحد من‬ ‫النفط ملدة عامني أو ثالثة أعوام “وإيران مازالت‬ ‫تؤكد مرارا ً وتكراراً‪ ،‬لن تتخلى عن حقها في‬ ‫تخصيب اليورانيوم‪.‬‬ ‫والتهديدات األميركية تشير الى أن عدم تخلي‬ ‫إيران عن برنامجها النووي العسكري طواعية قد‬ ‫يؤدي الى تعرضها الى ضربة عسكرية من قبل‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وحتذيرات أخرى في الوقت نفسه من‬ ‫إمكانية انتشار الصراع في املنطقة إذا ما قامت‬ ‫إيران وحلفاؤها بتوجيه ضربة مضادة لـ “إسرائيل”‬ ‫وحلفائها‪.‬‬ ‫احملادثات التي جرت في اسطنبول بني القوى‬ ‫العاملية (‪( )1+5‬الواليات املتحدة وبريطانيا وروسيا‬ ‫وفرنسا والصني باإلضافة الى أملانيا) تشير الى‬ ‫أن الرؤية غير واضحة بشأن ما إذا كانت إيران‬ ‫ستوافق على أي من املقترحات املقدمة‪.‬‬ ‫ويقول الدبلوماسيون بأن القوى العاملية تؤكد‬ ‫على ضرورة أن تقدم إيران تنازالت كبرى‪ ،‬لكن‬ ‫تلك القوى لن حتاول على األرجح صياغة مقترح‬ ‫مشترك يسرد بالتفاصيل اخلطوات التي يتعينّ‬ ‫على إيران اتخاذها لكي تؤكد للعالم نواياها‬ ‫النووية السلمية‪.‬‬ ‫بعض املصادر‪ ،‬أحملت الى إمكانية إيجاد تسوية‬ ‫ما سلمية‪ ،‬وأملح مسؤولون إيرانيون ومنهم رئيس‬ ‫منظمة الطاقة الذرية اإليرانية فريدون عباسي‬ ‫الذي ّ‬ ‫أكد‪ ،‬أن حكومته قد توافق على وقف‬ ‫تخصيب اليورانيوم بنسبة ‪ % 20‬وهي صورة أكثر‬ ‫نقاء من الوقود النووي والتي ميكن حتويلها بشكل‬ ‫سريع الى اليورانيوم اخملصب لتصنيع األسلحة‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬إن األنطمة التي منتلكها قادرة على القيام‬ ‫بهذا التغيير‪ ،‬وتقول إيران إن برنامجها مخصص‬ ‫لألغراض السلمية فقط‪ ،‬مثل األبحاث الطبية‬ ‫وتوليد الكهرباء‪ ،‬بينما قامت الواليات املتحدة‬ ‫باتهام إيران بالسعي لتصنيع رأس حربية نووية‪.‬‬ ‫القوى العاملية منقسمة حول شكل االتفاق‬ ‫النووي املقترح مع إيران‪ ،‬وهي (القوى العاملية)‬ ‫متفقة فقط على ضرورة أن تقدم إيران تنازالت‬

‫‪55‬‬

‫كبيرة‪.‬‬ ‫اخلالفات في وجهات النظر حول املوضوعات‬ ‫الرئيسية‪ ،‬مبا في ذلك العقوبات وخاصة مدى‬ ‫فعالية العقوبات احلالية ومدى سرعة إلغاء‬ ‫اإلجراءات العقابية في مقابل تقدمي إيران لبعض‬ ‫التنازالت‪.‬‬ ‫فالضغوط االقتصادية املستمرة على إيران أ ّدت‬ ‫فقط الى زيادة التحدي من قبل إيران‪ ،‬وخاصة بعد‬ ‫صدور تصريحات إسرائيلية تطالب بعدم السماح‬ ‫إليران بتخصيب اليورانيوم على اإلطالق‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون أن كل من الواليات املتحدة وإيران‬ ‫حتتاج الى التوصل الى اتفاق حيث حتتاج واشنطن‬ ‫الى بعض التنازالت لكي تتراجع “إسرائيل” عن‬ ‫موقفها وتهديداتها‪ ،‬وحتتاج إيران الى تنازالت‬ ‫غربية حلماية اقتصادها وهذا كاف على األقل‬ ‫للتوصل الى تسوية ما‪.‬‬ ‫احملادثات االيرانية مع دول (‪ )1+5‬يوم ‪2012/4/16‬‬ ‫كانت إيجابية كما أعلن‪ ،‬إيران أعربت عن‬ ‫استعدادها حلل كل القضايا املتعلقة ببرنامجها‬ ‫النووي في اجلولة املقبلة من احملادثات في ‪ 23‬أيار‬ ‫املقبل في العاصمة العراقية بغداد‪ ،‬وتصريحات‬ ‫كافة األطراف عكست اقتناعا ً متبادال ً بأنه جرى‬ ‫التخلي عن املواقف املسبقة‪ ،‬واملراقبون أكدوا بان‬ ‫اجتماع “اسطنبول” كان خطوة الى األمام على‬ ‫طريق البحث املستمر عن حل اخلالف حول برنامج‬ ‫إيران النووي‪ ،‬بحيث طالبت إيران برفع العقوبات‬ ‫الدولية املفروضة ضدها كمقدمة لالتفاق‬ ‫النهائي‪ ،‬وميكن التكهن بأن التسوية النهائية‬ ‫لهذا اخلالف ستظهر قبل حلول شهر متوز‪،‬‬ ‫بحيث ستسحب أميركا عن الطاولة تهديدها‬ ‫باستخدام القوة وتقنع “إسرائيل” بسحب هذا‬ ‫اخليار من التداول‪ ،‬وإيران بهذه اخلطوة استطاعت‬ ‫حتقيق بعض أهدافها املباشرة‪ :‬سحبت التهديدات‬ ‫ضدها وتلقت وعدا ً بإنهاء العقوبات وستقدم‬ ‫ضمانات حول برنامجها النووي‪ ،‬وستدخل النادي‬ ‫النووي من الباب الواسع وستحقق أهداف أخرى‪،‬‬ ‫بعد أن فرضت نفسها العبا ً دوليا ً عنيدا ً يتمسك‬ ‫بحقوقه مهما بلغت العقوبات والتهديدات‪.‬‬ ‫إنها بداية حتقيق االنتصار للشعب اإليراني‬ ‫العظيم على طريق حتقيق أهدافه في القوة‬ ‫واملنعة في مواجهة قوى االستكبار العاملي‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر دولي‬

‫مالي‪ ..‬والصراع على مناطق النفوذ‬ ‫حت ّولت األراضي في “مالي” في فترة وجيزة إلى‬ ‫حلبة للصراع بني دول كبيرة على مناطق النفوذ‬ ‫القادمة في ظل استمرار محاوالت تقسيم القطر‬ ‫الليبي إلى أقاليم‪ .‬ففي الشمال متكن الطوارق‬ ‫بدعم من “القاعدة” من وضع اللبنة األولى في‬ ‫طريق االنفصال عن احلكم املالي‪ ،‬وفي العاصمة‬ ‫ويحملونه مسؤولية‬ ‫العسكر يثورون على الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫اإلخفاقات املسجلة على اجلبهة الشمالية‪ .‬وبني‬ ‫الفصيلني املتناقضني تقف قوى عظمى تناور‬ ‫تارة وتدعم تارة أخرى وفي الظاهر تلتزم احلياد بني‬ ‫اجلماعات املتصارعة‪.‬‬ ‫بيد أن مراقبني ّ‬ ‫يؤكدون أن الصراع اجلاري يدخل‬ ‫في إطار إعادة تقسيم مناطق النفوذ بني فرنسا‬ ‫والواليات املتحدة‪ ،‬هذه األخيرة التي فشلت حتى‬ ‫اآلن في إقامة قاعدة عسكرية على غرار القواعد‬ ‫املترامية في مناطق اخلليج وأصقاع األرض األخرى‬ ‫ومنها تدبر العمليات األمنية والعسكرية ضد‬ ‫النظم املارقة‪ ،‬أما فرنسا الساركوزية‪ ،‬فتنطلق في‬ ‫سياستها من إرثها االستعماري بهذه املناطق التي‬ ‫تعتبرها حكرا ً على النفوذ الفرنسي‪ ،‬ملا تتوفر عليه‬ ‫من معادن وثروات باطنية هائلة‪.‬‬ ‫وفي ظل التطور احلاصل‪ ،‬يتساءل متتبعون عن‬ ‫األخطار احملدقة الستمرار النزاع على األمن اإلقليمي‬ ‫للجزائر بعدما أصبحت آالف الكيلومترات من‬ ‫احلدود مكشوفة على اجلانبني الليبي واملالي‪ ،‬وذلك‬ ‫في ظل تداول التنظيمات املسلحة واإلرهابية‬ ‫وبعض القبائل واملهربني خملزون هائل من السالح‬ ‫القادم من ليبيا‪ ،‬وهو ما حذرت منه اجلزائر في‬ ‫السابق‪ ،‬والواقع إن اخلطر احلقيقي سيأتي في حالة‬ ‫جناح القوى الكبرى في فرض منطقها بالقوة في‬ ‫مجلس األمن أو خارجه لبسط نفوذها العسكري‬ ‫مبنطقة الساحل وحتويلها على املدى املنظور إلى‬ ‫أفغانستان إفريقيا ً تنفيذا ً خملططات أصبحت غير‬ ‫خافية على املهتمني بشأن املنطقة‪.‬‬

‫تسارع األحداث في مالي يضع‬ ‫موريتانيا في عزلة خانقة‬ ‫إن تصاعد وتيرة احلرب بشمال مالي وسقوط‬ ‫“تساليت” و”كيدال” و”غاوه” و “تيمبكتو” وحشد‬ ‫اجملموعة االقتصادية لغرب إفريقيا قوات للتدخل‬ ‫في مالي “حلمايتها” وتنفيذ مخطط انتقال‬ ‫السلطة فيه‪ ،‬كلها أحداث متسارعة تضع القيادة‬ ‫املوريتانية في موقف حرج وصعب ال حتسد عليه‪،‬‬ ‫فحكومة نواكشوط بدأت جتني ثمار ما زرعت من‬ ‫تسرع وعدم تعقل واندفاع‪.‬‬ ‫ولكن رياح األحداث جرت مخالفة للحسابات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اجلزافية‪ ،‬فما حتقق على أرض الواقع هو أن موريتانيا‬ ‫أصبحت بالفعل جز ًءا من املشكل ولم تصبح‬ ‫جز ًءا من احلل‪ ،‬فإليها نزح أكثر من ‪ 50‬ألف نازح‪،‬‬ ‫يتوقع اآلن بعد معارك تيمبكتو أن يصلوا مئات‬ ‫اآلالف‪ ،‬وعبر حدودها الطويلة مع مالي (‪ 2300‬كلم)‬ ‫يتسلل املسلحون ويهرب السالح واخملدرات‪ ،‬ولم‬ ‫يعد خافيا ً حتالف أهم جماعات الطوارق املؤدجلة‬ ‫املسلحة (أنصار الدين) مع مسلحي القاعدة الذين‬ ‫وفرت لهم ظروف احلرب أرضية مالئمة للحركة‬ ‫وجتميع كتائبهم على طول احلدود املوريتانية املالية‪،‬‬ ‫بل إن النزوح عبر احلدود وفر لهم مالذات مؤمنة‬ ‫لتسريب عناصرهم إلى داخل احلدود وهذا يعني‬ ‫سقوط احلساب املوريتاني األول أي حساب تأمني‬ ‫احلدود‪ .‬وبدأ احلساب الثاني يسقط بصمود مواالة‬ ‫عرب شمال مالي (لبرابيش‪ ،‬ملهار وغيرهم) مع‬ ‫حكومة باماكو وتصديهم للمسلحني الطوارق في‬ ‫محيط تيمبكتو‪ ،‬فهذه الوضعية أحرجت موريتانيا‬ ‫وجعلتها تقف ظاهريا ً في صف متمردي الطوارق‬ ‫على حساب مجموعات عربية لها امتداداتها داخل‬ ‫احلدود املوريتانية‪.‬‬ ‫فمبادرة اجملموعة االقتصادية لدول غرب إفريقيا‬ ‫التي قبلها االنقالبيون ودعمتها فرنسا وباركتها‬ ‫اجلزائر أقصت موريتانيا بصورة كاملة وجعلت‬ ‫ديبلوماسيتها خارج السياق اإلقليمي‪.‬‬ ‫والغريب أن قادة موريتانيا لم يتداركوا املوقف‬ ‫وظلوا مستسلمني لعزلة تزيدها التطورات إحكاماً‪،‬‬ ‫فبدل أن يتحركوا نحو اجلار املغاربي اجلزائر الضالع‬ ‫في املوضوع املالي جوهريا ً وشكليا ً والذي حافظ‬ ‫على جسور التواصل سالكة مع كل األطراف‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫فاجلزائر بادرت إلى اللحاق بعربة احلل اإلفريقي‬ ‫منفردة وستدعمها ماديا ً مبا يحفظ مصاحلها‬ ‫وحذوها حذت فرنسا الغارقة في حملتها التي‬ ‫فضلت تفعيل ورقة “واتارا” بوصفه الرئيس الدوري‬ ‫لهيئة قارية إقليمية اعتبر الفرنسيون تفعيل‬ ‫دورها ودعمها محققا ً ألهدافهم في املنطقة بأقل‬ ‫كلفة‪.‬‬ ‫وهكذا جتاوزت األحداث موريتانيا اجلديدة‪ ،‬فال‬ ‫هي حاولت اللحاق باجلهد اإلقليمي اإلفريقي الذي‬ ‫يقوده واتارا‪ ،‬وال هي خلقت مسارا ً مغاربيا ً عربيا ً‬ ‫بديالً مع اجلزائر رغم أنها املتأثر األول واملتضرر األول‬ ‫وقد تكون اخلاسر األكبر‪.‬‬ ‫مجال موريتانيا احليوي وقيادتها غارقة في‬ ‫حمالتها الدمياغوجية الشعبوية الداخلية‪،‬‬ ‫وديبلوماسيتها ضامرة‪ ،‬جامدة وغائبة ومغيبة‪.‬‬ ‫لقد كانت حسابات موريتانيا خاطئة وظلت‬ ‫عاجزة عن قراءة أحداث مالي ومواكبتها والنتيجة‬ ‫احلتمية أن األحداث جتاوزتها ووضعتها في عزلة‬ ‫خانقة‪.‬‬

‫تداعيات األحداث في مالي على‬ ‫دول اجلوار اجلزائر والنيجر وليبيا‬ ‫قد تغيب عن الكثيرين من احملللني في خضم‬ ‫متابعة تفاصيل ووقائع االنقالب العسكري الذي‬ ‫أطاح بالرئيس أمادو توماني توري في ‪ 22‬آذار ‪2012‬‬ ‫الصورة األشمل واألعمق للوضع في مالي الذي‬ ‫أفضى إلى هذا االنقالب‪.‬‬


‫فإذا نظرنا إلى األزمات التي تعاني منها هذه‬ ‫الدولة اإلفريقية اقتصاديا ً وسياسيا ً وأمنيا ً‬ ‫واجتماعيا ً سوف جند أنها متصلة باألصل في‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫ وضع اقتصادي متدهور يعتمد على ما يقدم‬‫لهذه الدولة من هبات ومساعدات مقابل خدمات‬ ‫أمنية للواليات املتحدة ودول أوروبا وفي مقدمتها‬ ‫فرنسا هذا الوضع تولدت عنه ظاهرة الفقر املزمن‬ ‫وانتشار البطالة إلى نسبة تتجاوز ‪.%16‬‬ ‫ حرب أهلية اشتدت أوزارها واستؤنفت في‬‫اآلونة األخيرة في شمال مالي بني احلكومة املركزية‬ ‫والطوارق ممثلني في اجلبهة الوطنية لتحرير أزواد‪،‬‬ ‫هذه احلرب املستمرة منذ حوالي عقد تدور بضراوة‬ ‫بعد عودة مليشيات مسلحة من الطوارق مزودة‬ ‫بالسالح واألموال من ليبيا‪ ،‬وكانت النتيجة‬ ‫املترتبة على ذلك هي زيادة مضطردة في تدهور‬ ‫الوضع االقتصادي وتصاعد ملوجة االستياء في‬ ‫صفوف اجليش والشعب‪ ،‬الطوارق متكنوا بواسطة‬ ‫مجموعاتهم املسلحة السيطرة على شمال مالي‬ ‫وإحلاق هزمية باجليش املالي‪.‬‬ ‫ تصاعد لعمليات تنظيم القاعدة واجملموعات‬‫التي تأمتر بأوامرها في شمال مالي بسبب الفراغ‬ ‫األمني الناجم عن االقتتال الداخلي بني احلكومة‬ ‫وحركات املعارضة من الطوارق كان آخر وأخطر‬ ‫هذه العمليات الهجوم الذي قادته حركة التوحيد‬ ‫واجلهاد احملسوبة على تنظيم القاعدة ضد قاعدة‬ ‫للدرك اجلزائري في مدينة تامنراست‪.‬‬ ‫ هذا الوجود لتنظيم القاعدة في شمال مالي‬‫استقطب تواجدا ً غربيا ً وعلى األخص األميركي‬ ‫والفرنسي في نطاق احلرب على اإلرهاب أي أنه على‬ ‫ضوء هذا التواجد وفي نطاق مواجهته راح يتصاعد‬ ‫ويتعاظم التدخل اخلارجي في مالي‪.‬‬ ‫ فشل جميع جهود املصاحلة والوساطة التي‬‫كان للجزائر الفضل فيها حيث توسطت أكثر من‬ ‫مرة وكان أهمها توصل اجلانبني في عام ‪ 2006‬إلى‬ ‫اتفاقية سالم‪.‬‬ ‫النتيجة املترتبة على هذه األوضاع في مالي‬ ‫حملت معها تطورين بالغي اخلطورة على مستقبل‬ ‫هذا البلد اإلفريقي ورمبا أيضا ً على دول اجلوار‪:‬‬ ‫التطور األول‪ :‬يتمثل ويتجسد في االنقالب‬ ‫العسكري والذي قاده ضابط برتبة نقيب في اجليش‬ ‫املالي يدعى أمادو سانوجو‪.‬‬ ‫البيان الذي أذاعه متحدث عسكري وهو ناطق‬ ‫بلسان اجملموعة التي سيطرت على احلكم في‬ ‫باماكو أعلن عن حل مؤسسات النظام القائم‬ ‫وتعليق العمل بالدستور واعتقال رئيس البالد‬ ‫وأعضاء احلكومة من بينهم وزيري اخلارجية الكيني‬ ‫والزميبابوي اللذين مت إخراجهما من البالد بعد تدخل‬ ‫االحتاد اإلفريقي‪ ،‬وإلى محاصرة القصر الرئاسي‬ ‫الذي تواجد فيه الرئيس املالي توري وعائلته وقد‬ ‫أعلن عن تشكيل مجلس عسكري يرأسه أمادو‬ ‫سانوجو‪.‬‬ ‫في البيان الذي أصدره اإلنقالبيون ميكن اإلشارة‬

‫إلى املبررات والدواعي التي تقف خلف االنقالب‬ ‫ومسبباته‪ ،‬ومن بني ما تضمنه البيان‪ ،‬أن الرئيس‬ ‫توماني توري فشل فشالً ذريعا ً في إيجاد حل‬ ‫ملشكلة الطوارق ومواجهة تنظيم القاعدة مما‬ ‫عرض البالد للمخاطر والتهديدات‪.‬‬ ‫إن املهمة األساسية لالنقالب واجمللس العسكري‬ ‫ستكون موجهة للحفاظ على وحدة البالد التي‬ ‫تداعت وراحت تتعرض للتفتيت بعد سيطرة‬ ‫الطوارق على شمال مالي وأصبحت البالد برمتها‬ ‫على كف عفريت‪.‬‬ ‫إن الرئيس اخمللوع توماني توري مسؤول عن هذه‬ ‫األحداث في مالي وتصاعد حركة التمرد من جانب‬ ‫الطوارق إلخفاقه في التعاطي مع هذه املشكلة‬ ‫في ساحة املعارك وفي الساحة الدبلوماسية‪.‬‬ ‫إن البالد أي مالي حتتاج إلى سلطة قوية قادرة‬ ‫على فرض هيمنتها وإمرتها وأن يكون لديها جيش‬ ‫قوي من حيث الكم والنوع‪.‬‬ ‫معروف أن اجليش املالي يعتبر من أصغر اجليوش‬ ‫اإلفريقية حجما ً وتسليحا فعدد أفراده ال يتجاوز‬ ‫‪ 7‬آالف فرد وتسليحه متدني وأنه يصنف من قبل‬ ‫أوساط غربية وخاصة الفرنسية منها بقوة أمن‬ ‫أو درك‪.‬‬ ‫التطور الثاني‪ :‬النجاحات التي أحرزتها حركة‬ ‫مترد الطوارق اجلبهة الوطنية لتحرير أزواد‪.‬‬ ‫اخلبير في الشؤون اإلفريقية في معهد واشنطن‬ ‫فيليب زليكو أكد أن هذه احلركة جنحت متاما ً في‬ ‫السيطرة على شمال مالي وأنها تزحف باجتاه‬ ‫العاصمة باماكو‪.‬‬ ‫وتشير إلى أن هذه احلركة متلك من الرجال‬ ‫والسالح أكثر من اجليش املالي وعزز من ذلك انتقال‬ ‫آالف الطوارق ممن قاتلوا في ليبيا إلى جانب القذافي‬ ‫إلى شمال مالي‪ ،‬وأوضح أن آالف من هؤالء املدججني‬ ‫بالسالح املتطور عادوا إلى شمال مالي ليفتحوا‬ ‫معركة ضد احلكومة املركزية حتقيقا ً ألجندتهم‬ ‫باالستيالء على شمال مالي وإقامة دولة طوارق في‬ ‫هذا اجلزء من إفريقيا‪.‬‬ ‫األزمة في مالي وتشعباتها وتشابكها كانت‬ ‫ومازالت من أشد بواعث القلق لدى العديد من‬ ‫املؤسسات اإلقليمية والدولية ومنها‪:‬‬ ‫ االحتاد اإلفريقي الذي شجب االنقالب ودعا‬‫إلى إعادة السلطة الشرعية وقرر تعليق عضوية‬ ‫مالي‪.‬‬ ‫ اجملتمع الدولي األمانة العامة لألمم املتحدة‪.‬‬‫ الدول الرئيسية فرنسا الواليات املتحدة‬‫وبريطانيا‪.‬‬ ‫إضافة إلى هذه التكتالت اإلقليمية والدولية‬ ‫كان املوقف اجلزائري أكثر وضوحا ً في التحذير من‬ ‫مغبة النتائج والتداعيات التي ستتمخض عن هذه‬ ‫األزمة‪.‬‬ ‫املوقف اجلزائري من األزمة املالية انطلق من أكثر‬ ‫من مبرر وأكثر من داعي‪:‬‬ ‫– أن اجلزائر ظلت تتوسط بني احلكومة املالية‬ ‫والطوارق حلل هذه املشكلة حالً سلميا ً تتأسس‬

‫‪57‬‬

‫على إشراك الطوارق في احلياة السياسية‬ ‫واالقتصادية مبا يضمن حتقيق مشاركة عادلة‪ ،‬وكان‬ ‫للجزائر دور هام وأساسي في التوقيع على اتفاقية‬ ‫السالم في عام ‪ 2006‬التي أدت إلى وقف الصراع‪.‬‬ ‫– استأنفت اجلزائر وساطتها بعد استئناف‬ ‫االشتباك بني احلكومة املركزية في مالي وحركات‬ ‫التمرد للطوارق‪ ،‬لكن هذه الوساطة لم يحالفها‬ ‫النجاح مما أدى إلى استئناف املعارك في ظل ميزان‬ ‫قوى مييل لصالح الطوارق بعد تلقيهم تعزيزات من‬ ‫املقاتلني والسالح من ليبيا‪ ،‬في هذه املعارك التي‬ ‫كانت تدور على مقربة من احلدود اجلزائرية دحر‬ ‫اجليش املالي وأدت االشتباكات إلى نزوح أكثر من‬ ‫‪ 35‬ألف مالي إلى األراضي اجلزائرية‪.‬‬ ‫– أن اجلزائر وانطالقا ً من إدراكها ألهمية‬ ‫االستقرار في مالي تدرك أيضا ً خطورة تداعيات‬ ‫عدم االستقرار وانقسام مالي‪.‬‬ ‫اجلزائر تدرك أيضا ً أنه في ظل الفوضى والفراغ‬ ‫األمني سيتفاقم خطر اجملموعات اإلرهابية في‬ ‫منطقة الساحل والصحراء وعلى األخص املرتبطة‬ ‫بتنظيم القاعدة في بالد املغرب اإلسالمي‪.‬‬ ‫وجتلى هذا القلق اجلزائري في تصريح الناطق‬ ‫بلسان وزارة اخلارجية عمار بالني‪ ،‬املسؤول اجلزائري‬ ‫أكد أن اجلزائر تتابع بقلق شديد الوضع في مالي‬ ‫وأكد أن اجلزائر تؤيد استئناف عمل املؤسسات‬ ‫الشرعية في مالي وفي إطار احترام القواعد‬ ‫الدستورية‪.‬‬ ‫وفسر هذا التصريح على أنه رفض لالنقالب‬ ‫ّ‬ ‫العسكري الذي لقي شجبا ً وإدانة من قبل دول‬ ‫إفريقية وفي مقدمتها االحتاد اإلفريقي الذي علق‬ ‫عضوية مالي في االحتاد‪.‬‬ ‫اجلزائر تدرك حجم التحديات التي ميكن أن‬ ‫تنجم عن استمرار الفوضى في مالي أو في حالة‬ ‫حتويل سيطرة الطوارق على شمال مالي إلى دولة‪،‬‬ ‫وكذلك مخاطر تسلل اجملموعات اإلرهابية إلى‬ ‫شمال مالي الستهدافها بالهجمات‪ ،‬لكن هذه‬ ‫التحديات لن تطال اجلزائر وحدها فهي تهدد أيضا ً‬ ‫النيجر وتشاد وليبيا‪.‬‬ ‫وفي واقع األمر فإن اجلزائر تبقى ضمن أولويات‬ ‫القوى اإلقليمية والغربية الساعية إلى تصدير‬ ‫الفوضى والصراعات إلى القارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫األزمة املالية بكل تعقيداتها وتداعياتها اخلطيرة‬ ‫على األمن اإلقليمي تنتقل إلى مجلس األمن‬ ‫الدولي بعد توالي الهزات األمنية في املنطقة‪،‬‬ ‫حيث يسعى اجمللس األممي إلى وضع حد لإلنفالت‬ ‫األمني احلاصل في هذا البلد عقب استيالء‬ ‫العسكر على السلطة‪ ،‬واإلطاحة بنظام توماني‬ ‫توري‪ ،‬واألخطر جناح حركات انفصالية وإرهابية‬ ‫في الشمال في “حترير” نصف األراضي من قبضة‬ ‫السلطة املركزية‪.‬‬ ‫وبعد كل ما تقدم‪ ،‬السؤال املطروح هل ستسمح‬ ‫دول الساحل جنوب الصحراء بتمرير اخملطط‬ ‫املشؤوم الذي يعده الغرب للسيطرة عليها؟‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬

‫الدبلوماسي يشبه الممثل على خشبة المسرح‬

‫السفير عاصم جابر لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫عودة الدور الروسي يساهم في تحقيق األمن في العالم‬ ‫“يجب على السفير أن يكون عميق االطالع‬ ‫وسريع البديهة وأن يجيد إقامة العالقات‬ ‫االجتماعية” هذا ما ّ‬ ‫أكده السفير عاصم‬ ‫جابر في إطار حديثه لـ “منبر التوحيد” عن‬ ‫جتربته الدبلوماسية التي استمرت ‪ 42‬عاماً‪.‬‬ ‫كما استبعد أن يكون هناك صفقات يقوم‬ ‫بها بعض السفراء في اخلارج ألن الدبلوماسي‬ ‫يشبه املمثل على خشبة املسرح فكل األنظار‬ ‫تتجه صوبه وكل عمل يقوم به يحاسب عليه‪.‬‬ ‫مضيفاً بأن الغالبية العظمى في السلك‬ ‫اخلارجي ممتازة وتقوم بخدمة لبنان بأفضل ما‬ ‫يكون‪.‬‬ ‫ومن ضمن الصعوبات التي تواجه‬ ‫الدبلوماسي هي العائلة وصعوبة التنقل من‬ ‫بلد الى آخر فكل أربع سنوات تقتلع العائلة‬ ‫من اجلذور وتزرع في بيئة جديدة مما يعكس‬ ‫شعوراً بعدم االستقرار لدى األوالد‪.‬‬ ‫وعن وسام االستحقاق الدولي الذي ال مينح‬ ‫إال لكبار الشخصيات فقد اعتبره تكرمياً للبنان‬ ‫قبل أن يكون تكرمياً له قبل مغادرته روسيا‪.‬‬ ‫أما عن عالقته القوية باملطران صيقلي‬ ‫املوجود منذ ‪ 40‬عاماً في روسيا فأكد بأن وجوده‬ ‫هو عامل إغناء للبنان وقد ساعده في فتح‬ ‫أبواب كثيرة‪ .‬كما ّ‬ ‫أكد بأن اجلاليات اللبنانية‬ ‫ً‬ ‫حتمل انقساماتها الى اخلارج خصوصا في كندا‬ ‫حيث الهجرة حديثة‪ ،‬وعلى رغم االنقسامات‬ ‫كانت السفارة مع اجلميع ألن السفير هو سفير‬ ‫للبنان وليس لفئة ضد أخرى‪.‬‬ ‫وختم بأن روسيا تقوى سنة بعد سنة‬ ‫وتستعيد دورها والذي يقويها هو نشوء‬ ‫حتالفات مع دول عظمى على الساحة الدولية‬ ‫مثل الهند والصني والبرازيل‪ ،‬وفي ما يلي نص‬ ‫احلوار‪:‬‬ ‫سعادة السفير ملاذا قررمت االلتحاق بالعمل‬ ‫الدبلوماسي؟‬ ‫عندما تخرجت من املعهد الوطني لإلدارة واإلمناء‬ ‫في العام ‪ُ 1971‬ع ِّينت رئيس الدائرة القانونية‪،‬‬ ‫أُجريت مباراة في وزارة اخلارجية فشاركت فيها‬ ‫وجنحت‪ ،‬بعد ذلك انتقلت الى السلك اخلارجي‬ ‫وعملت في اخلارجية و ُع ِّينت في اململكة العربية‬ ‫السعودية‪ .‬في العام ‪ 1973‬كانوا يريدون قضاة‬ ‫جمللس شورى الدولة ومن شروط االنتساب أن‬ ‫يكونوا خريجي معهد اإلدارة واإلمناء باإلضافة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الى دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪،‬‬ ‫فكنا ثالثة في اخلارجية تتوفر فينا هذه الشروط‬ ‫فتم نقلنا الى مجلس شورى الدولة‪ .‬ولكن في‬ ‫تلك الفترة وقعت أحداث في لبنان واستقالت‬ ‫احلكومة اللبنانية فسحبت طلبي من مجلس‬ ‫شورى الدولة ودخلت الى اخلارجية‪ .‬لم يكن هناك‬ ‫قرار مسبق ولكني دخلت الى العمل الدبلوماسي‬ ‫واستمريت فيه طيلة ‪ 42‬عاماً‪.‬‬ ‫ما هي أهم احملطات في حياتك‬ ‫الدبلوماسية؟‬ ‫اذا سألتني عن أهم املراكز التي خدمت فيها‬ ‫فهي “البنّي” ضيعتي في قضاء عاليه إنه أفضل‬ ‫مركز خدمت فيه‪ .‬في الفترات الصعبة كنت‬ ‫أسترخي حني أفكر في ضيعتي واحلقول وأشم‬ ‫رائحة العنب في فصل الربيع‪.‬‬ ‫أما املناصب الدبلوماسية فهي‪:‬‬ ‫‪ 1977-1972‬سفارة لبنان في جدة‬ ‫‪ 1979-1977‬قائم بأعمال لبنان في هافانا –‬ ‫كوبا‬ ‫‪ 1981-1979‬مستشار في مركز االستشارات‬ ‫القانونية واألبحاث والتوثيق في وزارة اخلارجية‬ ‫واملغتربني‬ ‫‪ 1982-1981‬قائم بأعمال لبنان في كونكري –‬ ‫غينيا‬ ‫‪ 1990-1983‬مدير للمراسم في وزارة اخلارجية‬

‫‪58‬‬

‫واملغتربني‬ ‫‪ 2000-1990‬سفيرا ً للبنان لدى كندا وعميدا ً‬ ‫للسلك الدبلوماسي العربي‬ ‫‪ 2003-2000‬مديرا ً للشؤون االدارية واملالية في‬ ‫وزارة اخلارجية واملغتربني‬ ‫‪ 2010-2003‬سفيرا ً للبنان لدى روسيا وعميدا ً‬ ‫للسلك الدبلوماسي العربي فيها‬ ‫واجلدير ذكره أن روسيا مركز مهم‪ ،‬صحيح‬ ‫أن اجلالية اللبنانية فيها صغيرة ولكنها مهمة‬ ‫جدا ً على صعيد العالقات الدولية وتأثيرها على‬ ‫األحداث الدولية‪.‬‬ ‫الى أي مدى تلعب السياسة دورها في تعيني‬ ‫السفير؟‬ ‫الوظائف العامة في لبنان يلعب فيها دور‬ ‫أساسي التوزيع الطائفي خاصة وظائف الفئة‬ ‫األولى لهذا السبب السياسة لها دور كبير في‬ ‫اختيار هذه املراكز ولكن هذا ال يلغي الكفاءة‪.‬‬ ‫مهما يكن من تدخالت سياسية تبقى لشخصية‬ ‫املوظف وكفاءته دورا ً أساسياً‪.‬‬ ‫عندما كنت مدير اإلدارة واملال في وزارة اخلارجية‬ ‫كلفت بترأس اللجة الفاحصة وكل التوصيات‬ ‫التي أتت بقيت محفوظة ولم يفتح أي مغلف‬ ‫منها‪ .‬وانتهت النتيجة بفوز ‪ 12‬مسيحيا ً و‪11‬‬ ‫مسلما ً وكانت الغالبية املسيحية من املذهب‬ ‫وسئلت من قبل املسؤولني‬ ‫املاروني فاوقف املرسوم ُ‬


‫فكان جوابي أنهم أصحاب كفاءة وسيمثلون‬ ‫لبنان في اخلارج واعتمدوا وأصبحوا قناصل في‬ ‫السلك اخلارجي‪ .‬فلتطبق هذه القاعدة ولنعد‬ ‫الى الكفاءة‪ .‬املهم أن نتخذ خطوات جريئة‪ .‬قد‬ ‫يتم ذلك على مستوى الفئة الثالثة ولكن عندما‬ ‫نصل الى الفئة األولى تتعقد األمور‪.‬‬ ‫ملاذا يلمع سفير أكثر من غيره؟‬ ‫محام أكثر‬ ‫يبرع‬ ‫مثل أي عمل أو وظيفة ملاذا‬ ‫ٍ‬ ‫من غيره؟ وملاذا يبرع مهندس أكثر من غيره؟‬ ‫املكونات الشخصية والبشرية واإلنسانية هي‬ ‫التي تعطيه الكفاءة ألن يلمع أكثر من غيره‪.‬‬ ‫ولكن الكفاءة ليست كافية لتحقيق النجاح‬ ‫يجب أن يكون عميق االطالع وسريع البديهة‬ ‫ويجيد إقامة العالقات االجتماعية ألن الوظيفة‬ ‫الدبلوماسية تختلف عن الوظائف األخرى‬ ‫فالوظيفة العادية تنتهي عند انتهاء الدوام أما‬ ‫الوظيفة الدبلوماسية فال دوام لها قد يحدث‬ ‫في حفل استقبال مع سفراء دول أخرى احلصول‬ ‫على معلومات ال ميكن احلصول عليها في املكتب‪.‬‬ ‫فالتواصل االجتماعي أساسي وسرعة البديهة‬ ‫والثقافة العامة من أهم مقومات جناح العمل‬ ‫الدبلوماسي‪ .‬قد تقع أحداث إذا أحسن السفير‬ ‫التعاطي معها تساعده على التميز والظهور‪.‬‬ ‫يحكى عن صفقات يقوم بها بعض السفراء‬ ‫في اخلارج‪ .‬ما هو تعليقكم على ذلك؟‬ ‫أستبعد أن يكون هناك صفقات يقوم بها‬ ‫بعض السفراء ألن الدبلوماسي يشبه املمثل‬ ‫على خشبة املسرح وكل األنظار تتجه صوبه‪،‬‬ ‫فإذا قام بأي عمل كل األنظار وأصابع االتهام تتجه‬ ‫صوبه‪ .‬طبعا ً ال يخلو األمر من بعض الشوائب‬ ‫مثل اي مجتمع أو وظيفة ولكن يجب أن يكون‬ ‫هناك رقابة‪ .‬كل شيء يرسل الى اإلدارة املركزية‬ ‫والى ديوان احملاسبة‪.‬‬ ‫ولكن أجريت بعض التحقيقات؟‬ ‫الى أين وصلت هذه التحقيقات؟ أستطيع ان‬ ‫اؤكد بأن الغالبية العظمى في السلك اخلارجي‬ ‫اللبناني ممتازة وتقوم بخدمة لبنان بأفضل ما‬ ‫يكون‪.‬‬ ‫من ضمن الصعوبات التي تواجه السفير هي‬ ‫عائلته وصعوبة التنقل من مكان الى آخر مما‬ ‫يعكس الشعور بعدم االستقرار فهل واجهتم‬ ‫هذه املشكلة؟‬ ‫طبعاً‪ .‬بالنسبة الى عائلة الدبلوماسي ينتهي‬ ‫األوالد بأن يقتلعوا كل أربع سنوات من اجلذور‬ ‫ويزرعوا في بيئة جديدة‪.‬‬ ‫هل هذا املوضوع سلبي أم إيجابي إذ يتعرف‬ ‫األوالد على حضارات ثقافات جديدة؟‬ ‫عندما يكبرون يكون ذلك إيجابيا ً ولكن في‬ ‫املراحل األولى يحتاجون الى فترة للتعرف الى رفاق‬ ‫جدد والى منط حياة جديدة‪ .‬التنقل الدائم يؤثر‬ ‫على شخصية ابن الدبلوماسي‪ .‬أوالدي ابتعدوا‬ ‫عن العمل الدبلوماسي بسبب هذا الواقع من‬ ‫عدم االستقرار‪.‬‬

‫الوظائف العامة في لبنان يلعب فيها دور أساسي‬ ‫التوزيع الطائفي خاصة وظائف الفئة األولى‬ ‫لم يعد يستطيع قطب واحد أن يحكم العالم‬ ‫مثل عهد االمبراطوريات القدمية‬ ‫نلت وسام منح لـ ‪ 264‬من كبار الشخصيات‬ ‫فقط أخبرنا عن هذا الوسام؟‬ ‫إنه وسام التعاون الدولي الروسي‪ .‬ال يوجد‬ ‫عرف في روسيا مثل لبنان أن مينح السفراء‬ ‫أوسمة‪ .‬عندما تنتهي مهمتهم تقوم وزارة‬ ‫اخلارجية بحفل تكرمي مع هدية تذكارية ونفس‬ ‫الشيء في كندا‪ .‬هناك دول عديدة ال متنح أوسمة‬ ‫إال مبناسبات معينة‪ .‬كل السفراء تقاجأوا ألنها‬ ‫املرة األولى التي تعطي روسيا السفير املغادر‬ ‫وساماً‪ .‬هذا الوسام اعتبره تكرميا ً للبنان قبل أن‬ ‫يكون تكرميا ً لي وأعتز به ألنه ال مينح بشكل آلي‪.‬‬ ‫األوسمة التي متنح بشكل آلي ال متيز سفيرا ً عن‬ ‫آخر‪ .‬هذا الوسام يحمل رقما ً وقد كان حاضرا ً‬ ‫االحتفال املطران صيقلي الذي مكث أربعني عاما ً‬ ‫في روسيا‪.‬‬ ‫يقول املطران صيقلي “عامالن أساسيان‬ ‫ساهما في تعاونكم املثالي” ما هما؟‬ ‫حبنا للبنان‪ .‬إذا تخاصم السفير مع رجل‬ ‫الدين اخلسارة تقع على السفير أكثر من رجل‬ ‫الدين‪ .‬املطران صيقلي عاش ‪ 40‬عاما ً في روسيا‬ ‫وفي الفترة التي كان فيها االحتاد السوفياتي‬ ‫مينع الكنائس كان العديد من املسؤولني الروس‬ ‫يعمدون أوالدهم عنده ألن هذه الكنيسة متثل‬

‫‪59‬‬

‫بطريرك إنطاكية في روسيا‪ .‬كما أقام عالقات‬ ‫قوية مع الشخصيات الروسية فوجوده في‬ ‫روسيا عامل إغناء للبنان إذ فتح أبواب كثيرة‬ ‫مع املسؤولني الروس وفي الوقت نفسه عنده‬ ‫عالقات مع كل السفارات األجنبية‪ .‬كل نهار أحد‬ ‫يقيم غداء تقليديا ً للدبلوماسيني وسفراء الدول‬ ‫الكبرى اإلفريقية واآلسيوية‪ .‬عالقتي به كانت‬ ‫رائعة طيلة هذه الفترة حتى أنه في إحدى املرات‬ ‫اضطر أن يتغيب عن عشاء مع الروس فطلب‬ ‫مني أن أحل مكانه وأنا ابن طائفة غير طائفته‪.‬‬ ‫كنت أشارك دائما ً في القداس الذي يقيمه في‬ ‫عيد الفصح أو امليالد ومن النادر أن أقيم عشاء‬ ‫في السفارة إال ويكون سيادة املطران على رأسه‪.‬‬ ‫فعلى الدبلوماسي أن يبتعد عن العداء‪ .‬لدي‬ ‫قاعدة‪ ،‬في احلياة أي شخص ال أرتاح إليه أجتنبه وال‬ ‫أعاديه ألن املعاداة تستهلك الوقت‪ ،‬وأي شخص‬ ‫ميكن أن تبني معه جسورا ً أو عالقات وميكن أن‬ ‫يساعد في النطاق املوجود فيه‪ .‬واجلدير ذكره أن‬ ‫العمل مع اجلاليات عمل دقيق ومعقد‪ ،‬مثال في‬ ‫غانا كان هناك انقسام في اجلالية مع وجود نادي‬ ‫لبناني وبيت األرز وكان النادي اللبناني تغلب عليه‬ ‫طائفة معينة‪ ،‬وبيت األرز تغلب عليه طائفة‬ ‫أخرى‪ ،‬فاستطعنا بالتنسيق مع اجلالية أن نقول‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫حوار‬ ‫هذا البيت اللبناني هو قلب اجلالية وهذا بيت األرز‬ ‫هوعقلها والقلب والعقل يجب أن يتعاونا‪ .‬كما‬ ‫استطعنا أن ننشئ جلنة حكماء بإشراف السفير‬ ‫بحيث أن كل اخلصومات بني أبناء اجلالية ال تصل‬ ‫أمام احملاكم الغانية وال تصل الى الدولة الغانية‬ ‫كنا نحلها ضمن إطار اجلالية ‪.‬‬ ‫هل صحيح أن اللبنانيني يحملون سياستهم‬ ‫وانقساماتهم الى اخلارج؟‬ ‫طبعا ً خاصة في كندا‪ .‬السفارة يجب أن جتمع‬ ‫الفريقني‪ .‬في كندا جالية ضخمة ما يقارب الـ‬ ‫‪ 250‬ألف لبناني وهو اغتراب حديث وقد نقلوا‬ ‫خالفاتهم وانقساماتهم السياسية معهم‪.‬‬ ‫استطعنا أن نكون مع اجلميع من كل الفئات‬ ‫والطوائف وأي شخص يزور كندا حتتضنه‬ ‫السفارة‪ .‬في روسيا كان هناك ‪ 8‬و ‪ 14‬وعلى رغم‬ ‫االنقسامات كانت السفارة مع اجلميع ألن السفير‬ ‫هو سفير للبنان وليس سفيرا ً لفئة ضد فئة وأي‬ ‫سفير يكون لفئة ضد أخرى ميكن أن يستفيد آنيا ً‬ ‫ولكن على املدى الطويل هو اخلاسر‪.‬‬ ‫ما هو سر احملافظة على العالقات‬ ‫الدبلوماسية بني موسكو وبيروت طوال ‪64‬‬ ‫عاما؟‬ ‫العالقات بني روسيا ولبنان عالقات تقليدية‬ ‫وتاريخية الى ما قبل الـ ‪ 64‬عاما ً وال ننسى أن‬ ‫االمبراطورة كاترين الثانية قبل بطرس األكبر‬ ‫كان همها املياه الدافئة‪ .‬وقامت روسيا في القرن‬ ‫التاسع عشر بفتح املدارس املوسكوفية نسبة‬ ‫الى موسكو في لبنان وحتى الكثير من املفكرين‬ ‫اللبنانيني درسوا في روسيا ومنهم ميخائيل‬ ‫نعيمة‪ .‬فالعالقات التاريخية موجودة منذ عهد‬ ‫القياصرة وقبل الثورة البولشفية وعندما قامت‬ ‫الثورة البولشفية كان هناك رجال دين كبار‬ ‫في لبنان لهم عالقات تاريخية مع الكنيسة‬ ‫االرثوذكسية في روسيا‪ ،‬وقد ساهموا في تعزيز‬ ‫هذه العالقات على صعيد العالقة بني الشعبني‪.‬‬ ‫أما مع الدولة الروسية فلبنان في اخلمسينات‬ ‫والستينات كان مقرا ً أساسيا ً إعالميا ً للشرق‬ ‫االوسط ومكان انفتاح دائم فكانت السفارة‬ ‫الروسية في بيروت من أكبر السفارات وأهمها‪.‬‬ ‫وكانت سفارة مركزية ملنطقة الشرق األوسط‬ ‫حتى خالل احلرب األهلية واستمرت هذه العالقات‬ ‫ومازالت قائمة ونحن نشكر روسيا ألنها في‬ ‫الفترات الصعبة كانت تقول لبنان يجب أن‬ ‫يحكم من اللبنانيني ويجب أن يقرر اللبنانيون‬ ‫مستقبلهم وتدعو الى احلوار بني اللبنانيني والى‬ ‫الوفاق الوطني اللبناني‪ .‬هذه السياسة الثابتة‬ ‫بالدفاع عن لبنان كانت عامالً أساسيا ً مهما ً‬ ‫في جناح هذه العالقة وبقائها ومازالت القواعد‬ ‫الروسية بالنسبة الى لبنان نفسها‪.‬‬ ‫هل نشهد اليوم انهيارا ً للنظام الرأسمالي‬ ‫وهل نحن في طريق الى عالم متعدد‬ ‫األقطاب؟‬ ‫أعتقد ذلك‪ .‬مع عصر التكنولوجيا واالنترنت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لم يعد يستطيع قطب واحد أن يحكم العالم‬ ‫مثل عهد االمبراطوريات القدمية وبالتاريخ ال‬ ‫يوجد امبراطورية وصلت الى الذروة إال وانهارت‪.‬‬ ‫بعد احلرب الباردة أتت مرحلة انعدام التوازن مع‬ ‫انهيار النظام الشيوعي وتفكك املؤسسات‬ ‫في روسيا الى أن أتى الرئيس بوتني واستطاع أن‬ ‫يجمع الدولة وأعاد لروسيا عظمتها وحيويتها‬ ‫عبر العناصر املركزية الثالثة الدولة والكنيسة‬ ‫واجليش‪ .‬وروسيا متتد من مضيق برينغ قرب أالسكا‬ ‫مع الواليات املتحدة الى كامينغراد في قلب أوروبا‬ ‫يعني هناك ‪ 11‬ساعة فرق وقت ومساحة روسيا‬ ‫‪ 18‬مليون كلم‪. 2‬هذه املساحة الهائلة ممسكة‬ ‫ملفاصل العالم لها حدود مع الصني وأميركا ومع‬ ‫أوروبا ومع كل العالم ولها ثروات هائلة والثروات‬ ‫التي كانت في العهد الشيوعي التي توزع على‬ ‫العالم عبر األممية والتعاون الدولي وما شابه ذلك‬ ‫أصبحت مركزة حاليا ً في يد الدولة وتستعمل‬ ‫للشعب‪ .‬كل سنة تقوى عن سنة وكل سنة‬ ‫تستعيد دورها‪ .‬في فترة من الفترات كانت ال‬ ‫تستعمل الفيتو في مجلس األمن إال نادراً‪.‬‬ ‫أما اليوم فعادت تستعمل الفيتو والذي قوى‬ ‫دورها أكثر هو نشوء حتالفات مع دول عظمى‬ ‫على الساحة الدولية مثل الهند والصني‬ ‫والبرازيل فأصبح هناك مجموعة دولية أساسية‪.‬‬ ‫استعمال الفيتو يعني أنها عادت الى الدور‬ ‫األساسي على الساحة الدولية وهذا يفيد الدول‬ ‫الصغرى بدال ً من أن تكون محكومة بدولة واحدة‬ ‫وميكن أن تدخل في اللعبة الدولية بشكل أن‬ ‫حتافظ على هويتها وشخصيتها وحريتها في‬ ‫التعاطي‪ .‬عودة الدور الروسي سيساهم في‬ ‫تعزيز العالقات الدولية وفي ترسيخها وحتقيق‬ ‫األمن في العالم‪.‬‬ ‫كيف ترى الوضع في سوريا؟ وهل سينعكس‬

‫‪60‬‬

‫الوضع على لبنان؟‬ ‫من دون شك ما يحصل في سوريا سوف‬ ‫ينعكس على لبنان وال ننسى أننا نرتبط‬ ‫بعالقات مع سوريا من كل النواحي التاريخية‬ ‫واالقتصادية واالنسانية‪ .‬الى اين يتجه الوضع؟‬ ‫أفضل أن ال أفكر الى أين يتجه الوضع بل الى‬ ‫أين يجب أن يتجه الى نحو االستقرار ملا فيه‬ ‫مصلحة الشعب السوري وملا فيه مصلحة األمة‬ ‫العربية بكاملها وآمل أن يتمكن جميع الفرقاء‬ ‫من حتصني دورها لكي تبقى قوية على الساحة‬ ‫اإلقليمية والساحة الدولية‪.‬‬ ‫سعادة السفير كيف ميكن جذب املغترب‬ ‫الى لبنان في ظل هذا الوضع؟‬ ‫في لبنان عندنا قوة اغترابية هائلة‪ .‬أذكر حادثة‬ ‫غريبة حصلت معي عندما كنا في رحلة الى‬ ‫القطب الشمالي في كندا وهي رحلة استمرت‬ ‫سبعة أيام وصلنا فيها الى القطب املغناطيسي‬ ‫لألرض بحيث تتوقف البوصلة عن العمل‪ .‬وكنت‬ ‫أحتدث مع السفير اليمني باللغة العربية فأجابنا‬ ‫صاحب احملل بنفس اللغة وعلمنا أنه من بحمدون‬ ‫وهو يعيش في منطقة تبعد أربع ساعات طيران‬ ‫عن أقرب مدينة‪ .‬في الشتاء شهران ظلمة واحلرارة‬ ‫متدنية وفي الصيف شهران ال تغيب الشمس‬ ‫واحلرارة ‪ 30‬فوق الصفر وهو مستثمر محل كبير‬ ‫ويعيش منه‪ .‬االغتراب اللبناني موجود في أي‬ ‫مكان في العالم‪ .‬لبنان ثروة‪ ،‬أما كيف سنجذب‬ ‫املغترب؟ فيجب أن نقوي عوامل اجلذب ونخفف‬ ‫عوامل الدفع وهو ال يحتاج الى من يدفعه الى‬ ‫العودة الى الوطن عندما نؤمن له االستقرار‬ ‫واحلياة الكرمية يعود الى وطنه وأهله وأرضه‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬


‫منبر اقتصادي‬

‫عدد سكان لبنان بلغ أربعة ماليين قبل خمس سنوات‬

‫الدكتورة ملر توتليان لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫تعزيز الثقافة اإلحصائية للوطن والمواطن‬ ‫علم اإلحصاء هو علم قائم بحد ذاته‪ ،‬ألهميته‬ ‫النابعة من عالقته املباشرة مع العلوم األخرى‪،‬‬ ‫اإلقتصادية منها أو اإلجتماعية وغيرها‪ ،‬هذا‬ ‫العلم هو مبثابة النور الذي يضيء الطريق أمام‬ ‫الباحث‪ ،‬واألرقام اإلحصائية ليست أرقاما ً جامدة‪،‬‬ ‫هي أرقام تخضع للتحليل من خالل القراءة‬ ‫العلمية لها‪ ،‬وتفسيرها وحتليلها وتكوين فكرة‬ ‫موضوعية تساهم في حتديد نوعية القرار‬ ‫الصادر‪ ،‬وهذا ما يؤثر بدوره على مسار التطور في‬ ‫بلد ما‪ ،‬وأحد العوامل الهامة في بعث نهضتها‬ ‫اإلقتصادية واإلجتماعية‪.‬‬ ‫لهذه األسباب‪ ،‬توجهت “منبر التوحيد” إلى‬ ‫مدير عام مركز اإلحصاء الدكتورة ملر توتليان‬ ‫لالطالع على أهمية هذا العلم وحاجتنا لتطويره‬ ‫ألجل بناء بلدنا لبنان‪ ،‬ومن هنا كان احلوار التالي‪:‬‬ ‫هل يتعامل اللبناني مع اإلحصاءات بشكل‬ ‫جدي‪ ،‬أم نحن بحاجة الى ثقافة إحصائية؟‬ ‫علم اإلحصاء علم دقيق وحساس‪ ،‬كونه مبني‬ ‫على معايير وتصانيف وأساليب احتساب يجب‬ ‫أن تكون شفافة وعلمية‪ ،‬وال تتوخى مصلحة‬ ‫فئة أو ظرف معني‪ ،‬ومن املفروض أن يخدم‬ ‫السياسة‪ ،‬مبعنى أن أي مؤشرات إحصائية يجب‬ ‫أن تكون االساس الذي ستبنى عليها السياسات‬ ‫االجتماعية أو االقتصادية‪.‬‬ ‫فمشاكل النمو التي يعانيها لبنان بشكل‬ ‫خاص والعالم بشكل عام‪ ،‬تكمن في عدم إعطاء‬ ‫اإلحصاء أي أهمية من جهة رسم السياسات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية التي توصلنا لتأمني‬ ‫العدالة االجتماعية‪ ،‬والسبب الرئيسي العتماد‬ ‫اإلحصاءات هو الثقافة اإلحصائية على جميع‬ ‫املستويات‪ ،‬ألن منهج التخمني غير الدقيق‪ ،‬هو‬ ‫الطاغي في مجتمعنا‪.‬‬ ‫تعزيز الثقافة اإلحصائية لها أهميتها إن كان‬ ‫على صعيد املواطن أو اجملتمع‪ ،‬أو على صعيد‬ ‫الطبقة السياسية‪ ،‬والشركات التي عليها‬ ‫القيام بدراسات‪ ،‬وقانون إنشاء مركز اإلحصاء‬ ‫ينص على أنه ال يحق إعطاء أي معلومة ألي‬ ‫من اجلهات الرسمية‪ ،‬وحتى الرقابية ال يحق لها‬ ‫االطالع على بياناتنا‪ ،‬ومن خالل هذه الثقافة‬ ‫اإلحصائية نتوجه الى األسر أو املؤسسات‬ ‫بقيامها بدراسات اجتماعية واقتصادية‪ ،‬نفسر‬ ‫لهم ما هي الدراسة التي نقوم بها‪ ،‬والهدف‬

‫منها‪ ،‬ما يجعل الفرد يعطي أجوبة قريبة لواقعه‬ ‫املعيشي‪ ،‬من جهتنا نحتسب األرقام والبيانات‬ ‫وبقدر ما تكون املعلومات قريبة لواقع الفرد‬ ‫أو املؤسسات أو األسر بقدر ما تكون النتائج أو‬ ‫املؤشرات اإلحصائية التي نحتسبها وننشرها‬ ‫قريبة للواقع‪ ،‬ما يعزز صدقية السياسة التي‬ ‫ترسمها الوزارات‪.‬‬ ‫فإدارة االحصاء وفقا ً لبعض قوانني انشائها‬ ‫مسؤولة عن اإلحصاءات االقتصادية واالجتماعية‬ ‫للبلد على اختالف أنواع وتعدد املؤشرات‬ ‫االجتماعية واالقتصادية التي تعكس واقعا ً‬ ‫اجتماعيا ً أو اقتصاديا ً معيناً‪ ،‬والدراسة ال حتتسب‬ ‫مؤشرا ً واحداً‪ ،‬بل تكون من خالل دراسات متعددة‬ ‫األحداث‪ ،‬ومنها األحوال املعيشية‪ ،‬التي نتطرأ فيها‬ ‫الى الوضع الصحي‪ ،‬التربوي‪ ،‬النشاط االقتصادي‪،‬‬ ‫االقتناء االسري‪ ،‬عدد موظفي املؤسسات‪،‬‬ ‫الوضع القانوني‪ ،‬وضع املباني‪ ،‬املؤشرات التربوية‬ ‫والسكنية كذلك‪ ،‬املؤشرات االقتصادية والعمالة‬ ‫والبطالة‪ ،‬كل هذا التنوع املوجود لدينا يدعنا‬ ‫نطلب ونصر على تعزيز الثقافة االحصائية بد ًءا‬ ‫من األطفال وصوال ً الى جميع أفراد األسر‪ ،‬والدور‬ ‫الكبير يعود الى املدرسة في تعزيز هذه الثقافة‪،‬‬

‫‪61‬‬

‫كما على اإلعالم األخذ على عاتقه تعزيز هذه‬ ‫الثقافة ألنه يدخل جميع املناطق واملنازل‪ ،‬من هنا‬ ‫مطالبتنا بإعالم متخصص باألمور اإلحصائية‪.‬‬ ‫لذلك نعتبر تعزيز الثقافة اإلحصائية من أهم‬ ‫عوامل مساندة إدارة اإلحصاء املركزي‪.‬‬ ‫نعاني دائماً من مشكلة في لبنان هي عدم‬ ‫اإلعالن الرسمي عن عدد السكان ألسباب‬ ‫طائفية ودميغرافية‪ ،‬هل تخطت مديرية‬ ‫اإلحصاء هذا الواقع؟‬ ‫في حديثنا عن املؤشرات السكانية تتطرأنا‬ ‫باحلديث عنها من خالل األسئلة التي يطرحها‬ ‫اجلميع ملاذا ال يوجد تعداد سكاني في لبنان؟‬ ‫السبب هو أنه ال يوجد أي نص قانوني وال أي مادة‬ ‫بأي إدارة أو أي وزارة تطلب أن تقوم بتعداد سكاني‪،‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة إلدارة اإلحصاء املركزي‪،‬‬ ‫وهنا أشير الى أن أول وآخر مسح سكاني مت عام‬ ‫‪ 1932‬في عهد الفرنسيني‪ ،‬وبالرغم من ذلك لدينا‬ ‫قاعدة بيانات‪ ،‬نعود إليها عندما نقوم بدراسات‬ ‫اجتماعية او اقتصادية ألنه عند دراستنا ألية‬ ‫عينة يجب أخذها من قاعدة البيانات الرسمية‪.‬‬ ‫فكل بلدان العالم ميلكون بيانات رسمية حول‬ ‫تعداد املباني واملؤسسات املمسوحة واملعدودة‪،‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫ويعتمدون على هذا التعداد أو تلك البيانات‬ ‫لسحب العينات‪ ،‬ولبنان هو البلد الوحيد الذي‬ ‫ليس لديه تعدادا ً سكانياً‪ ،‬ما يجعلنا نعود الى‬ ‫سحب العينة من املساكن الرئيسية‪ ،‬على‬ ‫سبيل املثال قامت إدارة اإلحصاء املركزي مبسح‬ ‫األراضي اللبنانية مرتني‪ ،‬عام ‪ ،1996‬وعام ‪،2004‬‬ ‫ودخلت جميع البيوت لتتمكن من القيام بإحصاء‬ ‫للمساحة‪ ،‬ومعرفة ما إذا كان هذا املسكن لديه‬ ‫املستلزمات من البنى التحتية‪ ،‬وساكني هذا‬ ‫املبنى كم هي مدة إقامتهم للمعايير الدولية‪،‬‬ ‫ونسأل عن كل شيء له عالقة باملنزل‪ ،‬ما عدا‬ ‫أفراد األسر ألنه ليس هناك نصا ً يفرض عليها‬ ‫القيام بهذا العمل‪.‬‬ ‫الدراسات التي نقوم بها جميعها مبنية على‬ ‫قاعدة البيانات هذه‪ ،‬لذلك يوجد فرق بني مؤشرات‬ ‫إدارة اإلحصاء املركزي وبني املكاتب اإلحصائية‬ ‫اخلاصة التي نسمع عنها الكثير‪ ،‬ولست ضد هذه‬ ‫املكاتب رغم أنني أعتبرها مكاتب جتارية الهدف‬ ‫منها كسب املال فقط‪ ،‬وأدعوها الى عدم التعدي‬ ‫على صالحيات اجلهاز الرسمي والكالم بطابع‬ ‫الشمولية في انعدام وجود قاعدة البيانات‪ ،‬الذي‬ ‫يعود الى فقدان الثقافة االحصائية‪ ،‬التي يجب‬ ‫تعزيزها‪.‬‬ ‫ولكن ال ميكننا أن ننسى أهمية تلك املكاتب‬ ‫اإلحصائية اخلاصة في الترويج للتجارة وإلبداء‬ ‫الرأي السياسي‪ ،‬واستطالعات الرأي‪ ،‬التي لسنا‬ ‫مخولني القيام بها‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بعدد سكان لبنان آخر‬ ‫دراسة قمنا بها عام ‪ 2007‬حيث ُق ّدر عدد سكان‬ ‫لبنان بـ ‪ 3.759.100‬شخص‪ ،‬ما عدا اخمليمات‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وهنا أريد أن أوضح ملاذا لم‬ ‫يشمل اخمليمات الفلسطينية وذلك ليس العتبار‬ ‫سياسي‪ ،‬بل السبب الوحيد هو السبب األمني‬ ‫الذي ال يخولنا الدخول الى بعض اخمليمات وليس‬ ‫هناك من إمكانيات لتغطية كل اخمليمات‪ ،‬ولكن‬ ‫هذا ال يعني أنه عندما نقوم بدراسات على كل‬ ‫املناطق اللبنانية وإذا تبني أن هناك أجانب مقيمني‬ ‫وفقا ً لألصول الرسمية ال نأخذهم بعني االعتبار‬ ‫بل على العكس إذ ألول مرة بتاريخ اإلحصاء ‪-‬‬ ‫حتى عندما كانت إدارة اإلحصاء مديرية إحصاء‬ ‫ضمن وزارة التصميم‪ -‬سألنا عن اجلنسية وكان‬ ‫ذلك في عام ‪ 2004‬ثم ‪ ،2007‬ألن التعداد السكاني‬ ‫في لبنان أو غيره يحتم معرفة املقيمني وبذلك‬ ‫مت إحصاء نسبة ‪ % 3.8‬من غير اللبنانيني من‬ ‫جنسيات فرنسية وفلسطينة وعراقية وغيرها‪.‬‬ ‫هذه الدراسات التي نقوم بها والوحدة‬ ‫االحصائية التي نأخذها هي األسرة املعيشية‬ ‫التي تقيم في املساكن الرئيسية‪ ،‬واملقيمة‬ ‫بصورة رسمية‪.‬‬ ‫من هنا الدراسات ذات الطابع االجتماعي والتي‬ ‫تعرف باألحوال امليعشية هي من أطول وأصعب‬ ‫الدراسات حتى في البلدان املتطورة بحيث يتم‬ ‫القيام بهذه الدراسة كل ‪ 4‬سنوات‪ ،‬فخط الفقر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ %30‬من املقيمني يعيشون حتت خط الفقر و‪ %8‬في فقر معدوم‬ ‫يعني لديهم مدخول يومي أقل من ‪ 4.2‬دوالر‬ ‫مديرية اإلحصاء تقول إن أسعار املواد الغذائية ارتفعت ‪ % 4.5‬فقط‬ ‫وظيفتنا ليست فقط متابعة السعر اليومي بل نهتم أيضاً‬ ‫بأساس استهالك األسرة‬ ‫ال اؤمن بالكوتا النسائية وضد الكوتا‬ ‫مثالً‪ ،‬بكل أسف الـ ‪ UNDP‬أعطت رقما ً مبنيا ً‬ ‫على دراستنا‪ ،‬وألول مرة في تاريخ اجلمهورية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬جهاز رسمي يعلن أن ‪ %30‬من املقيمني‬ ‫يعيشون حتت خط الفقر‪ ،‬و‪ %8‬في فقر معدوم‪،‬‬ ‫يعني لديهم مدخول يومي أقل من ‪ 2.4‬دوالر‪،‬‬ ‫هذه الدراسة لألحوال امليعشية قامت بها إدارة‬ ‫اإلحصاء املركزي بالتعاون مع الشؤون االجتماعية‬ ‫والـ ‪ ،UNDP‬ولكن مركز اإلحصاء هو الذي قام‬ ‫بوضع االستمارة ونفذ واحتسب‪ ،‬وفي النهاية‬ ‫يظهر نقابيني على شاشة اإلعالم ويصرحون بأن‬ ‫منظمات دولية قامت بالدراسة وكأن اإلدارات‬ ‫الرسمية اللبنانية ال تقوم بأي عمل‪ ،‬كان ردنا‬ ‫لهم من خالل عملنا وجهدنا‪ ،‬وللتوضيح عن‬ ‫عمل املركز حاليا ً نقوم بدراسة اسمها ميزانية‬ ‫األسرة للعام ‪ 2011‬الحتساب خط فقر جديد‬ ‫في لبنان‪ ،‬أما ملاذا التشديد على دراسة ميزانية‬ ‫األسرة؟ ألنها تعطينا أدق التفاصيل لنفقات‬ ‫ومداخيل االسرة‪ ،‬وهذان املتغيران ميكنهما من‬

‫‪62‬‬

‫ناحية باحتساب خط فقر مبني على بعض‬ ‫عمليات االحتساب‪ ،‬ميزانية األسرة نستخرج‬ ‫منها نتيجتني أساسيتني‪ ،‬احتساب خط الفقر‪،‬‬ ‫وحتديد أوزان سلع االستهالك التي تساعدنا‬ ‫الحتساب مؤشر األسعار‪ ،‬ما يساعدنا في حتديد‬ ‫ما يسمى سلة االستهالك املبنية واملكونة من‬ ‫سلع وخدمات‪ ،‬مبعنى ماذا تستهلك األسرة يوميا ً‬ ‫من سلع وخدمات؟ وعندما نقوم بجمع األسعار‬ ‫الحتساب املؤشر ال نأخذ كل ما هو موجود على‬ ‫الرفوف في احملال التجارية‪ ،‬ألن الكثير من البضائع‬ ‫ال يستهلكها معظم اللبنانيني‪ ،‬ويتم ذلك من‬ ‫خالل دفتر اإلنفاق الذي تتركه اإلدارة لدى األسرة‬ ‫ملدة ‪ 15‬يوما ً وتعود لالسرة نفسها بني ‪ 3‬الى ‪5‬‬ ‫زيارات‪ ،‬تقوم األسرة بتدوين كل نفقاتها بأدق‬ ‫التفاصيل‪ ،‬من كمية املنتوج الى نوعه ثم سعره‬ ‫وحجمه حتى الهدايا التي تأتيها يقوم بتدوينها‪.‬‬ ‫وبذلك قمنا بشيء مميز عن باقي البلدان‪ .‬وحاليا ً‬ ‫كل شاب او صبية يتجاوز عمرها ‪ 15‬سنة تركنا‬


‫لهم دفتر إنفاق خاص بهم‪ ،‬بعيدا ً عن عائالتهم‬ ‫ألنهم اصبحوا بحاجة الى مصاريف خاصة‬ ‫بهم‪ ،‬فبالتالي خالل ‪ 15‬يوم يد ّون كل شيء بأدق‬ ‫التفاصيل‪ ،‬وفي النهاية نبدأ بطرق االحتساب‪،‬‬ ‫كل دفتر إنفاق يخضع للتدقيق والتنقيح وفقا ً‬ ‫ملصداقية اجلواب‪ ،‬عندما يجد املوظف في املكتب‬ ‫التناقض يعود الى امليدان ويطلب من احملقق‪،‬‬ ‫التحقيق إذا كان هناك خطأ بشري يتصحح هذا‬ ‫اخلطأ‪ ،‬هذا هو االعتراض الوحيد الذي نطالب به‬ ‫عند وجود أي تناقض أو اخطاء غير منطقية‪،‬‬ ‫نعود الى امليدان ألنها ال تصحح في املكتب‪ ،‬وهنا‬ ‫نعود الى أهمية الثقافة اإلحصائية‪ ،‬من هنا على‬ ‫اللبناني أن ال يخجل من تدوين وضعه املعيشي‬ ‫للخروج بنتيجة صحيحة ودقيقة عن مستوى‬ ‫خط الفقر في لبنان‪.‬‬ ‫فسلة االستهالك مكونة من ‪ 100‬سلعة‬ ‫وخدمة وجميعها تد ّون‪ ،‬ونأخذ بعني االعتبار السعر‪،‬‬ ‫الشكل الكمية ونحتسب األوزان‪ ،‬نسمع البعض‬ ‫يقولون إن أسعار السلعة ارتفعت ‪ %100‬ومديرية‬ ‫اإلحصاء تقول إن أسعار املواد الغذائية ارتفعت ‪5.4‬‬ ‫‪ %‬فقط‪ ،‬فيعتقدون أن هناك ضغوطات سياسية‪،‬‬ ‫وهنا أوضح بأنه إذا قمنا بأخذ أصغر حجم لسلعة‬ ‫معينة تستهلكه األسرة مثالً” احلليب” هل يا ترى‬ ‫تقوم األسرة باستهالكه في يوم واحد هنا علينا‬ ‫النظر الى وتيرة الشراء‪ ،‬وهنا أوضح بأن العملية‬ ‫ليست سهلة‪ ،‬نأخذ السلعة‪ ،‬من ناحية الكمية ‪-‬‬ ‫بالكيلو او بالعلبة جميعه موجود بأدق التفاصيل‬ ‫ وهنا اإلدارة تنتشر في كل األراضي اللبنانية في‬‫كل املناطق الكبيرة واملتوسطة للبيع وغيرها لنرى‬ ‫مواصفات هذه اخلدمة ومراكز تواجدها وكمية‬ ‫استهالكها حتى نحدد نطاق البيع‪ ،‬شهريا ً جنمع‬ ‫‪ 64.500‬ألف سعر في كل املناطق اللبنانية‪،‬‬ ‫لدي فريق عمل مؤلف من ‪ 40‬شخصا ً مخصصا ً‬ ‫جلمع األسعار‪ ،‬الذي يتم وفق ما إذا كانت األسرة‬ ‫تستعمل مثالً منتوجا ً من ماركة معينة وكل‬ ‫منتوج له حجمه ووزنه وسعره‪.‬‬ ‫وظيفتنا ليست فقط متابعة السعر اليومي‬ ‫بل نهتم أيضا ً بأساس استهالك األسرة‪ ،‬والسعر‪،‬‬ ‫وهناك تفاوت بني املناطق‪ ،‬ونسعى ملشروع وهو‬ ‫احتساب مؤشر خاص في كل محافظة وطبعا ً‬ ‫مؤشر عام ألنه ال يوجد دولة ال تعطي مؤشرا ً‬ ‫عاماً‪ ،‬ولكن فريق العمل واإلدارة وغيرها من األمور‬ ‫تعود الى ميزانية مركز اإلحصاء التي ال تسمح‬ ‫لنا القيام بها‪.‬‬ ‫وهنا أؤكد مرة أخرى على أن السياسة ليس‬ ‫لها وجود في إدارة االحصاء املركزي‪ ،‬ألن سياستنا‬ ‫واحدة هي الوالء للوظيفة والعمل كفنيني‪.‬‬ ‫أما عن الصعوبات والعراقيل فأكدت توتليان‬ ‫أن الصعوبات تكمن في صعوبة التنقل بسبب‬ ‫احلالة األمنية‪ ،‬وفي أهمية وكيفية تعزيز الثقافة‬ ‫اإلحصائية‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بعدد املهاجرين اللبنانيني‬ ‫ّ‬ ‫أكدت توتليان الى عدم وجود أي إحصاء الفت ًة الى‬

‫مشروع متّ العمل به مع مديرية املغتربني منذ أربع‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدة استعداد إدارة‬ ‫سنوات ولم يكتمل بعد‬ ‫اإلحصاء للتعاون في جمع املعلومات املفروضة‬ ‫ولكن هذا األمر يتع ّلق بعمل السفارات وتعاون‬ ‫الدول فيما بينها‪.‬‬ ‫وتابعت‪ :‬إدارة اإلحصاء املركزي تصدر بياناتها‬ ‫في املوقع االلكتروني التابع لها إضافة الى النشرة‬ ‫الشهرية والدليل السنوي اإلحصائي‪.‬‬ ‫وحول كيفية تعاطيها مع األرقام بالعاطفة‬ ‫أو بالعلم من خالل موقعها كإمرأة مدير عام‬ ‫لإلحصاء‪ّ ،‬‬ ‫أكدت توتليان أن ليست العاطفة‬ ‫التي جتعلها تطبق ما تعلمته من نظم العمل‬ ‫في اإلدارة أو التعاطي مع الزمالء‪ ،‬بل تعاطيها مع‬ ‫األرقام نابع من إميانها بالعمل الفني املتكامل‪،‬‬ ‫حيث يغيب التنافس‪ ،‬خاصة وأن إدارة اإلحصاء‬ ‫املركزي تعمل داخليا ً أو إقليميا ً على االنفتاح‬ ‫على الصعيد العربي والدولي‪ ،‬إذ من ‪ 4‬سنوات‬ ‫خلت مثلت إدارة اإلحصاء دول آسيا لدى اللجنة‬ ‫العاملية اإلحصائية‪ ،‬والشرق األوسط لدى‬ ‫الشراكة اإلحصائية العاملية ‪ OCDA‬وفي مجلس‬ ‫املدراء الشراكة اآلرو املتوسطية وأقولها وبكل‬ ‫فخر وبجهد شخصي دون أي دعم سياسي‪ ،‬مع‬ ‫احترامى للسياسة ولكنني أؤمن بالعمل واملثابرة‬ ‫وتنظيم املنهجية التي ترسم وفقا ً خلطة عمل‬ ‫مع أهداف معينة توصلنا الى حتقيق أهدافنا‪.‬‬ ‫علي أن أستعطف‬ ‫وتابعت‪ :‬ليس كوني امرأة ّ‬ ‫رؤسائي أو زمالئي إن كانوا داخل لبنان أو خارجه‪،‬‬ ‫وبكل فخر أقول بأن النموذج اللبناني الذي مثلته‬ ‫خالل ‪ 11‬عاما ً في البلدان العربية‪ ،‬حاليا ً لدينا ‪3‬‬ ‫مدراء إحصاء عربيات‪ ،‬لقد كنت الوحيدة التي‬ ‫أحضر االجتماع‪ ،‬من هنا ّ‬ ‫أؤكد أن احترام شخص‬ ‫تفرضه طريقة التعاون في العمل والتعاطي‬ ‫واملنهجية والعلمية وليس العاطفة والتعاطف‪.‬‬ ‫وحول جتربتها العملية كمدير عام وتقييمها‪،‬‬

‫‪63‬‬

‫قالت توتليان‪ :‬عندما تعينت كانت السيدة‬ ‫نعمت كنعان مدير عام إمرأة‪ ،‬ثم جئت بعدها‬ ‫وخالل هذه السنوات عينوا زميالت جدد‪.‬‬ ‫جتربتي كانت ناجحة ومميزة ولكن ناقصة‪ ،‬ألنني‬ ‫ال أؤمن بالكوتا النسائية وضد الكوتا‪ ،‬وبصفتي‬ ‫امرأة لدي العلم والذكاء والقدرة‪ ،‬وأستطيع‬ ‫العمل والتنظيم ملاذا يوضع لي حدود باألرقام أو‬ ‫أنني مؤهلة أو ال؟ ويستغرب البعض في كثير‬ ‫من األحيان ويتعجبون بقولهم إحصاء وامرأةّ‪،‬‬ ‫لذلك استطعت خرق اجلدار في الداخل واخلارج‬ ‫ألنه بالنسبة لي املرأة لها موقعها كما للرجل‬ ‫موقعه‪ ،‬وهذان املوقعان متكامالن‪ ،‬ولكننا ال‬ ‫نستطيع الوصول الى معادلة وتسوية بينهما‪،‬‬ ‫ألننا نعيش في مجتمع ذكوري وبيئة دينية‪ ،‬لدينا‬ ‫تعاليمنا الدينية وما زلنا نؤمن بأن الرجل هو رب‬ ‫األسرة‪ ،‬وتكويننا اجملتمعي يفرض علينا هذا‪ ،‬شئنا‬ ‫أم أبينا! من هنا يجب اخلروج من هذا االعتقاد من‬ ‫خالل جتاربنا العملية‪.‬‬ ‫من هنا إن جتربتي مميزة ومشوقة بالرغم من‬ ‫متاعب العمل حيث يفرض علينا التعاطي مع‬ ‫أشخاص ال تؤمن بإمكانية املرأة خاصة في موقع‬ ‫حساس كعملنا في إدارة اإلحصاء‪ .‬ومن موقعي‬ ‫كأمرأة لدي نداء لألمهات بأن ال يقفن عقبة أمام‬ ‫طموحات بناتهن إذا كان لديهن طموح علمي‬ ‫متخصص متعدد السنوات ألننا كأمهات نساعد‬ ‫لترسيخ شخصية املرأة ونطالب بأن ال تكون بعض‬ ‫املهن حكرا ً على الرجال‪ ،‬وهنا جتدر بي املالحظة‬ ‫ّ‬ ‫يشكلن‬ ‫الى أن النساء في إدارة اإلحصاء املركزي‬ ‫نسبة ‪ % 60‬من املوظفني وال نعاني من منافسات‪،‬‬ ‫كوننا نعيش ونعمل كفريق عمل واحد‪.‬‬ ‫فبالفعل وليس بالقوة جتربتي ناجحة ‪.% 100‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫ّ‬ ‫حذرت من عجز في قطاع التمريض‬

‫رئيسة نقابة الممرضين والممرضات كلير زبليط لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫أشخاص غير كفوئين ومؤهلين لالهتمام بالعناية المنزلية بالمريض‬ ‫صحته في حالة املرض أو املوت في‬ ‫التمريض مهنة إنسانية‬ ‫سالم وأمان‪.‬‬ ‫شريفة‪ ،‬مبنية على أساس من‬ ‫ً‬ ‫التمريض علم وفن ويهتم‬ ‫العلم واخلبرة اختيرت اختيارا‬ ‫بالفرد ككل‪ ،‬جسم وعقل وروح‪،‬‬ ‫مناسباً حسب مجال العمل‬ ‫ويعمل على تقدم وحفظ الفرد‬ ‫اخلاص بها وهي تتطلب مهارات‬ ‫روحياً وجسمانياً ومساعدته على‬ ‫وتخصصات معينة ويحكمها‬ ‫ً‬ ‫الشفاء عندما يكون مريضا‪ ،‬وميتد‬ ‫قوانني وآداب خاصة لتنظيم‬ ‫االهتمام بالفرد املريض إلى أسرته‬ ‫العمل بها‪.‬‬ ‫ومجتمعه ويشتمل ذلك على‬ ‫التمريض هو أن تقدم أفضل‬ ‫العناية ببيئته وتقدمي التثقيف‬ ‫رعاية صحية في أقل وقت ممكن‬ ‫الصحي عن طريق اإلرشادات‬ ‫واحلصول على أفضل النتائج‪ ،‬وهي‬ ‫والقدوة احلسنة‪.‬‬ ‫مهنة إنسانية في املقام األول‬ ‫وملعرفة كيف بدأت مهنة‬ ‫وهي أحد احملاور األساسية للرعاية‬ ‫التمريض وما هي حدودها؟ هل هي‬ ‫الصحية‪.‬‬ ‫مهنة أم خدمة؟ وكيف تتطور هذه‬ ‫التمريض هو عمل يؤدى من‬ ‫قبل املمرض أو املمرضة ملساعدة الفرد‪ ،‬مريضاً أو سليماً‪ ،‬في املهنة؟ وهل ملزاولة مهنة التمريض البد من احلصول على ترخيص‬ ‫القيام باألنشطة التي تساهم في االرتقاء بصحته أو استعادة من النقابة‪.‬‬ ‫ملعرفة املزيد عن مهنة التمريض وعن دور‬ ‫النقابة‪ ،‬التقت “منبر التوحيد” برئيسة نقابة‬ ‫املمرضني واملمرضات النقيبة كلير زبليط‪ ،‬التي‬ ‫استهلت حديثها بالقول بأن مهنة التمريض‬ ‫منتشرة في جميع أنحاء العالم وولدت نتيجة‬ ‫احلروب‪ ،‬وككل املهن تسعى دائما ً نحو التطور‬ ‫املستمر‪ ،‬وفي املاضي كان األشخاص الذين ميارسون‬ ‫هذه املهنة أكثرهم من املتطوعني‪ ،‬ولديهم الكثير‬ ‫من اخلبرة واملعلومات‪ ،‬وهؤالء اشخاص من الطبقة‬ ‫البرجوازية‪ ،‬ومنهم فلورنس ناتينغال املولودة في‬ ‫‪ 12‬أيار وهو اليوم الذي يحتفل به بعيد التمريض‬ ‫تيمنا ً ووفا ًء لهذه السيدة التي كان لها الفضل‬ ‫على هذه املهنة‪ ،‬خاصة وأن مفهوم الصحة‬ ‫تطور اليوم‪ ،‬بسبب األمراض التي اكتشفت‬ ‫مؤخرا ً واالكتشافات العالجية كلها لها الفضل‬ ‫في تطور العناية التمريضية‪ ،‬مثالً عند اكتشاف‬ ‫عملية القلب املفتوح وبعد إجراء الطبيب‬ ‫األخصائي العملية للمريض فهو بحاجة الى‬ ‫شخص يهتم ويعتني به ويراقبه ويقدم املساعدة‬ ‫له ومتابعته ملدة طويلة‪ ،‬والشخص املطلوب هو‬ ‫املمرض أو املمرضة‪ ،‬الذين لديهم معلومات كافية‬ ‫إلسعافه ومساعدته‪ ،‬ولهذا السبب يجب ان يكون‬ ‫هذا املمرض أو املمرضة مؤهالً ملثل هذا العمل‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولديه الكفاءات التي تسمح له بتقدمي املساعدة‬ ‫للمريض‪.‬‬ ‫وأكدت زبليط‪ :‬أن الوقاية أهم من العناية‬ ‫التمريضية‪ ،‬فمنظمة الصحة العاملية تتكلم‬ ‫برعاية الصحة االولية ولديها مراكز توعية وبأن‬ ‫كيفية الوقاية من املرض قبل متلكه في اجلسم‬ ‫والكشف املبكر للمرض‪ ،‬أهم من كيفية عالجه‪،‬‬ ‫فعلى سبيل املثال سرطان الثدي‪ ،‬الكثيرات ال‬ ‫يعلمن كيفية الوقاية منه أو اكتشافه وهنا يكمن‬ ‫دور املمرضة التي حتمل املعلومات الكافية لتقوم‬ ‫بتوعية املريضة وإرشادها وإخبارها بضرورة إقامة‬ ‫الفحوصات ومن هو الطبيب املعالج وإجراءات‬ ‫أخرى لكشف هذا املرض‪ .‬وكذلك بالنسبة ملرض‬ ‫السكري كان معظم الناس يتعرضون ملضاعفات‬ ‫كبيرة منها “الغارغرينا” وغيرها من األمور التي‬ ‫يسببها هذا املرض‪ ،‬ويعود هذا الى اكتشافه‬ ‫املؤخر‪ ،‬أما اليوم وبسبب التوعية والوقاية أصبح‬ ‫باستطاعة املريض العالج والعيش بشكل عادي‬ ‫كأنه فرد من أفراد اجملتمع السليم ويتابع حياته‬ ‫بشكل عادي وبسبب التوعية والعالج املبكر جننّب‬ ‫املريض التعرض ملضاعفات أخرى محتملة‪.‬‬ ‫أما عن دور النقابة في هذا املوضوع قالت‪:‬‬ ‫تقوم النقابة اليوم بدراسات للمستقبل حتى‬

‫‪64‬‬

‫ال تصل الى عجز في التمريض لديها‪ ،‬وعليها‬ ‫التفكير باآلتي إلينا‪ ،‬حتى ال يصيبنا ما أصاب بالد‬ ‫الشرق والغرب وكل بلدان العالم الذين بحاجة‬ ‫الى ممرضات وممرضني‪ ،‬ولهذا السبب يستعينون‬ ‫مبمرضات وممرضني من عندنا‪ ،‬ويقدمون العروض‬ ‫املغرية وشروط عمل أفضل من لبنان‪ ،‬وبالتعاون‬ ‫مع وزارة الصحة والنقابة نقوم بدراسات ملعرفة‬ ‫عدد املمرضني واملمرضات الذين نحن بحاجة إليهم‬ ‫في املستقبل‪.‬‬ ‫أما عن عدد املنتسبني الى النقابة فيبلغ حوالي‬ ‫‪ 10‬آالف ممرض وممرضة مسجلني في النقابة‪ ،‬يعمل‬ ‫منهم ‪ 7‬آالف في املستشفيات واملراكز الصحية‬ ‫وهم مسجلون في النقابة‪ %90 ،‬ميارسون عملهم‬ ‫في املستشفيات‪ ،‬ألن املؤسسات الصحية جتذب‬ ‫العدد األكبر‪ ،‬ومازلنا لألسف جند أن التوجه الى‬ ‫العالج نسبته أكبر من التوجه الى الوقاية‪ ،‬مع إن‬ ‫التكلفة بالعالج ال بالوقاية‪.‬‬ ‫وأما عن النقص في اجلسم التمريضي فأكدت‬ ‫أن الدراسات حتى اليوم لم تثبت أننا نعاني‬ ‫من نقص في اجلسم التمريضي‪ ،‬ونحن لسنا‬ ‫بحاجة الى عدد فقط بل الى نوعية‪ ،‬ومعظم‬ ‫مستشفياتنا ال تعترف بأنها تعاني من نقص في‬ ‫اجلسم التمريضي لديها‪ ،‬ألن هذه املستشفيات‬


‫تضع لكل ‪ 20‬سرير ممرض واحد أو اثنني‪ ،‬واملشكلة‬ ‫أننا ال نعرف ما هي نوعية العناية التي تقوم بها‬ ‫املمرضة أو املمرض‪ ،‬على سبيل املثال‪ :‬في العناية‬ ‫الفائقة أو في قسم اجلراحة أو التوليد وغيرها‬ ‫من االقسام‪ ،‬يجب ان يكون لكل مريض موجود‬ ‫في إحدى هذه االقسام ممرضة أو ممرض مجازا ً مع‬ ‫مساعد ممرض‪ ،‬تعتني به‪ ،‬بينما يختلف العمل في‬ ‫قسم اجلراحة العادي فلكل ‪ 8‬مرضى ممرضة واحدة‪،‬‬ ‫ال ميكننا أن نحصى أعداد األس ّرة في املستشفيات‬ ‫لنعرف أعداد املمرضات أو املمرضني‪ ،‬وهذا يعود الى‬ ‫نوعية املرض‪ ،‬مع العلم أن املريض ال يدخل الى‬ ‫املستشفى إال إذا كان في حالة خطرة أو يعاني من‬ ‫حاالت مزمنة ومعقدة ألن كلفة العالج أصبحت‬ ‫غير باهظة جداً‪.‬‬ ‫وأضافت‪ :‬أن النقابة ستسعى الى القيام‬ ‫بدراسات مع نقابات أخرى في العالم والذين‬ ‫لديهم خبرة منذ أكثر من ‪ 40‬سنة في هذا اجملال‪،‬‬ ‫ملعرفة ما هي املعايير التي ميكن أن يستندوا عليها‬ ‫ليحددوا كم ممرض أو ممرضة حتتاج املستشفى لكل‬ ‫قسم‪ .‬وهذه الدراسات تساعدنا في املستقبل كي‬ ‫ال نقع في عجز ونقص باجلسم التمريضي‪ .‬رغم‬ ‫أننا ال نعاني اآلن من هذا النقص ولكننا نشعر بأنه‬ ‫آت إلينا ألن عدد طالب التمريض الذين يدخلون‬ ‫ٍ‬ ‫اجلامعات واملعاهد مازال نفسه بالنسبة للعدد‬ ‫املطلوب‪ ،‬وبالنسبة لعدد األس ّرة التي تزيد في‬ ‫املستشفيات‪.‬‬ ‫وعن األمراض التي تعاني منها املستشفيات‬ ‫قالت‪ :‬نعاني اليوم من أمراض مستعصية كثيرة‪،‬‬ ‫والسبب يعود الى استعمال األدوية املضادة‬ ‫لاللتهابات بشكل عشوائي ودون استشارة‬ ‫الطبيب‪ ،‬وهنا يكون دور املمرضة مهم في تأهيل‬ ‫األهل وإرشادهم وتثقيفهم بكيفية استعمال‬ ‫األدوية‪ ،‬التي يجب أن تكون حتت إشراف الطبيب‬ ‫املعالج‪ ،‬وتوجيهات وزارة الصحة العاملية املوجودة‬ ‫على علبة الدواء‪ ،‬واستعمال األدوية بشكل غير‬ ‫منظم يؤدي الى إمراض خطيرة‪.‬‬

‫التقصير بحق مهنة التمريض‬ ‫وعمن املسؤول عن هذا التقصير بحق مهنة‬ ‫التمريض قالت‪ :‬يعود التقصير الى اإلعالم بالدرجة‬ ‫األولى ودور الدولة التي تكمل صورة املمرضة او‬ ‫املمرض ومهنة التمريض‪ ،‬بحيث ينظر البعض‬ ‫إليها على انها مهنة متعبة وعملها يتطلب‬ ‫اجلهد والتعب والعمل ليالً ونهاراً‪ ،‬وهناك تساؤل‬ ‫وشك بالذين ميارسون هذه املهنة اذا كانوا ممن‬ ‫يحملون شهادات جامعية‪ ،‬لألسف هناك الكثير‬ ‫ممن ال يعلمون بأن املمرضات واملمرضني لديهم‬ ‫شهادات جامعية‪ ،‬وأنهم يجب عدم ممارسة املهنة‬ ‫دون إبراز شهادتهم‪ ،‬وخاصة الذين يعملون في‬ ‫قسم اجلراحة والعمليات يجب أن يكونوا حائزين‬ ‫على شهادة إجازة في التمريض ويعرف باملمرض او‬

‫املرأة ستصل الى املراكز العليا‬ ‫في النهاية ألنها ال تشعر‬ ‫باليأس‬ ‫مستقبل القطاع التمريضي‬ ‫يسير نحو األفضل وذلك بفضل‬ ‫وجود النقابة‬ ‫املمرضة اجملاز‪ ،‬وان يتمتع بكفاءات عالية‪.‬‬ ‫وتطرقت الى أن البعض يعتبر بأن املمرضة هي‬ ‫مساعدة طبيب‪ ،‬بل على العكس لكل واحد دوره‬ ‫ومكانه‪ ،‬وال يستطيع أحد أن يأخذ مكان أحد‪،‬‬ ‫املريض يعالج حتت إشراف فريق عمل صحي‪ ،‬مثالً‬ ‫املريض بحاجة الى عناية‪ ،‬واجلراح هو الذي يقود‬ ‫الفريق لفترة معينة‪ ،‬أي عندما يقوم اجلراح بإجراء‬ ‫عملية جراحية ينتهي عمله‪ ،‬املمرضة هنا هي أهم‬ ‫شخص يجب أن يتواجد بجانب املريض وبفضلها‬ ‫يستطيع الطبيب أن يكمل عالجه للمريض‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل اجلدول اليومي الذي تقدمه املمرضة‬ ‫للطبيب بعد مراقبتها للمريض‪ ،‬ومن هنا نقول أن‬ ‫مهنة التمريض تتطلب فريق عمل واحد‪.‬‬ ‫وللتأكيد بأن املعاجلة تتم عبر فريق عمل‬ ‫أوضحت زبليط‪ :‬بأنه على سبيل املثال هناك‬ ‫طبيب معالج وأيضا ً أخصائي نفسي في أقسام‬ ‫األمراض السرطانية‪ ،‬كذلك األمر في قسم‬ ‫أمراض القلب باإلضافة الى اجلراح هناك معاجلون‬ ‫فيزيائيون‪ ،‬هنا تؤكد بأن العمل يتم عبر فريق عمل‬ ‫متكامل ألن الطبيب وحده ال يستطيع أن يكمل‬ ‫عمله‪ ،‬املريض اآلن في الوسط ومفهوم العناية‬ ‫الصحية احلالية موجودة حوله‪ ،‬وهو الهدف‬ ‫للعناية به‪ ،‬وهذا الفريق مؤلف من طبيب ومعالج‬ ‫نفسي وفيزيائي ومدرب على النطق‪ ،‬للذين يعانون‬

‫‪65‬‬

‫من مشكلة في التنفس أو القصبة الهوائية‬ ‫وغيرها من االختصاصات‪ ،‬وتتوزع األدوار بحيث‬ ‫يقوم الطبيب بالدور األول ثم واملمرضني واملمرضات‪،‬‬ ‫وهناك أيضا ً دور للصيدلي الذي يعطي األدوية وهو‬ ‫أيضا ً من ضمن الفريق الذي يقدم العناية للمريض‬ ‫والفرد واجملتمع‪.‬‬ ‫وأما عن العمل خارج نطاق املستشفيات‬ ‫أكدت‪ :‬أن املمرض أو املمرضة يستطيعون العمل‬ ‫خارج نطاق املستشفيات‪ ،‬كالعناية املنزلية ألنه‬ ‫أقل كلفة من العناية في املستشفى‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫تساعد املريض معنويا ً واقتصاديا ً وصحياً‪ ،‬وهؤالء‬ ‫ال يوجد قانون لهم‪ ،‬هناك مفهوم جديد يسمى‬ ‫باالستشفاء املنزلي‪ ،‬ويعود السبب للتطورات‬ ‫العالجية التي حتصل‪ ،‬وهذه الطرق العالجية‬ ‫تساعد املريض على العالج بشكل أفضل طبعا ً‬ ‫نتكلم عن املريض الذي يستطيع العالج في املنزل‬ ‫ما يجعله أقل عرضة لألمراض كااللتهابات التي‬ ‫تنتقل عند دخول املريض الى املستشفى وبوجوده‬ ‫في املنزل يؤمن له نوعية أفضل من العالج في‬ ‫املستشفى‪ ،‬ولكن هذا يتطلب موارد بشرية‬ ‫ذو خبرة وكفاءة‪ ،‬وأيضا ً يجب تأمني مستلزمات‬ ‫التمريض‪.‬‬

‫املمرضني أو املمرضات غير الكفوئني‬ ‫وأما عن عمل املمرضني أو املمرضات غير‬ ‫الكفوئني فقالت بأن املمرض العادي يقوم بعمله‬ ‫خارج نطاق املراكز الصحية ويدعي أنه ممرض‬ ‫مجاز‪ ،‬وغير مسموح له مبتابعة عمله خارج نطاق‬ ‫املستشفى ألن عمله يجب أن يكون حتت إشراف‬ ‫املمرض اجملاز‪ ،‬وباملؤسسات االستشفائية‪ ،‬اليوم‬ ‫في النقابة وبصفتي رئيسة النقابة أعلن حربا ً‬ ‫على العناية املنزلية ألنهم يستعينون بأشخاص‬ ‫غير كفوئني ومؤهلني لالهتمام باملريض‪ ،‬وعبر‬ ‫منبركم أتوجه الى هؤالء الناس الذين يستعينون‬ ‫باملمرضات أو املمرضني الذين يدعون بأنهم‬ ‫يتقنون املهنة أن يستيقظوا ويعلموا بأن هؤالء‬ ‫تابعني ملؤسسات جتارية تعمل وكأنها شركة‬ ‫تتاجر باملرضى‪ ،‬ولألسف وزارة الصحة غير معنية‬ ‫باألمر‪ ،‬وهذا شيء خطير جداً‪ ،‬لقد توجهنا عبر‬ ‫النقابة ومن خالل اإلعالم الى وزارة الصحة أن‬ ‫تهتم بهذا املوضوع وعرضنا عليها رأينا بتنظيم‬ ‫العناية املنزلية ألن مفهومها خاطئ‪ ،‬فليس كل‬ ‫ممرض يرتدي “املريول” األبيض هو ممرض‪ ،‬وليس كل‬ ‫شخص يستطيع أن يراقب ضغط املريض هو‬ ‫ممرض‪ ،‬هؤالء يجب أن يعملوا حتت إشراف املمرض‬ ‫اجملاز فقط‪ ،‬ويستطيعون مساعدة املريض الذي هو‬ ‫بحاجة الى وجود شخص بجانبه ويساعده على‬ ‫(املشي‪ ،‬وتقدمي الطعام والشراب وتقدمي مساعدات‬ ‫اخرى بعيدة عن األمور املرضية)‪ .‬فكل شخص يؤدي‬ ‫عمله حسب اختصاصه‪ ،‬من هنا من املهم جدا ً‬ ‫توعية األهل ثم املريض حتى ال تكون املسؤولية‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر اجتماعي‬ ‫على عاتق املمرضة فقط‪ .‬هنا ألفت النظر الى‬ ‫أن املمرضني واملمرضات الذين يعملون في املنازل‬ ‫غير تابعني للنقابة‪ ،‬والنقابة غير مسؤولة عنهم‬ ‫ويعملون كشريحة خاصة بهم‪.‬‬ ‫وميّزت زبليط بني املمرض اجملاز واملمرض العادي‬ ‫ومهام كل منهما‪ ،‬مشيرة الى أن اللغط املوجود‬ ‫في التفريق بينهما لالسف يعود ولسوء احلظ‬ ‫الى أن القانون في النقابة ال يحد الكفاءات‬ ‫والنشاطات لكل فئة من الفئات‪ ،‬القانون ‪1655‬‬ ‫الذي صدر عام ‪ 1979‬يقول املمرض يعمل حتت‬ ‫إشراف املمرض اجملاز‪ ،‬ويجب أن يعمل به حتى لو‬ ‫كان املريض بحاجة الى إعطائه الدواء بواسطة‬ ‫اإلبرة‪ ،‬هناك مراسيم تطبيقية حتدد نشاط كل‬ ‫فئة من الفئات‪ ،‬وهذا الذي نسعى إليه منذ أكثر‬ ‫من ‪ 7‬سنوات‪ ،‬في اللجان النيابية‪ ،‬اليوم نعيد‬ ‫النظر في القانون‪ ،‬ونتكلم عن املمرض املتخصص‪،‬‬ ‫عندما يصدر هذا القانون‪ ،‬ويحدد على كل فئة ماذا‬ ‫تدرس وما هي مهام كل واحدة منها و َم ْن املسؤول‬ ‫عن َم ْن‪ ،‬وتصدر مراسيم تطبيقية حتدد كفاءات‬ ‫ونشاطات ومعايير اجلودة لكل نشاط‪ ،‬هؤالء‬ ‫حاضرون ولكن القانون لم يصدر بعد ومازلنا حتى‬ ‫يومنا هذا نعرضه على مجلس النواب‪.‬‬ ‫وأما عن كيفية التمييز بني املمرض اجملاز واملمرض‬ ‫العادي في املستشفيات او املراكز الصحية فهذا‬ ‫يكون بالزي التمريضي‪ ،‬بحيث يجب أن يكون‬ ‫لباس املمرض اجملاز مختلفا ً ومغايرا ً للباس املمرض‬ ‫العادي‪ ،‬ويجب على املستشفى أن تدلي مبعلومات‬ ‫عن املمرض اجملاز‪ ،‬وذلك عبر ذكر اسمه ووظيفته‬ ‫ورتبته‪ ،‬وهذه أمور نعاني منها منذ أكثر من ‪15‬‬ ‫عاما ً ومنلك الكثير من األمور للتحسني‪ ،‬واليوم‬ ‫املطلوب من النقابة أن تفرض على املستشفيات‬ ‫لباسا ً موحدا ً وواضحاً‪ ،‬وأن يعمم على كل‬ ‫املستشفيات‪.‬‬ ‫وأشارت زبليط الى قانون النقابة ‪ 47‬الذي‬ ‫ينص‪ :‬أنه على كل ممرض أو ممرضة مجاز يجب أن‬ ‫يسجل في النقابة لكي ميارس مهنته‪ ،‬واملشكلة‬ ‫أن بعض املستشفيات ال يطلبون الشهادات‬ ‫وال يفرض على املمرض إظهار شهادته‪ .‬أما عن‬ ‫املمرضني واملمرضات الطالب الذين يتدربون في‬ ‫أيضا غير تابعني للنقابة‬ ‫بعض املستشفيات هم ً‬ ‫وهي بدورها غير مسؤولة عنهم واملستشفيات‬ ‫تلجأ الى هؤالء الطالب لتخفف عليها الكلفة‪.‬‬ ‫وأما عن تأمني فرص العمل للممرضني‬ ‫واملمرضات أوضحت زبليط‪ :‬بأن النقابة غير‬ ‫مسؤولة عن تأمني العمل‪ ،‬فمفهوم النقابة‬ ‫اإللزامية هدفها مراقبة العاملني باملهنة‪،‬‬ ‫وتنظيمها‪ ،‬حتى ال يكون هناك دخيل على املهنة‪،‬‬ ‫املستشفى عندما حتتاج الى ممرضني أو ممرضات‬ ‫تلجأ الى النقابة وطبعاُ في النقابة هناك وظائف‬ ‫شاغرة ودور النقابة في االختيار وطبعا ً اختيارنا‬ ‫يكون من ذوي كفاءات وخبرة نستفيد منهم‬ ‫في لبنان‪ ،‬وأما الذين يطلبون وظائف الى اخلارج‬ ‫فليتوجهوا عبر الصحف واجملالت وليس عبر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النقابة ألننا نسعى ألن نؤمن عمل في لبنان‪.‬‬ ‫النقابة ليست مكتب توظيف‪ ،‬النقابة حتاسب‬ ‫املمرضة التي تعمل بدون شهادة‪ ،‬أو بإذن من وزارة‬ ‫الصحة مبزاولة عملها‪.‬‬ ‫ولفتت الى أن عنصر النساء عددهم أكبر من‬ ‫عنصر الرجال في هذه املهنة ولكن يتزايد عدد‬ ‫الشباب من عام الى آخر‪ ،‬وأصبح ‪ % 21‬حتى هذا‬ ‫العام‪ ،‬وال يعود هذا الى سبب انتخاب رئيسة‬ ‫النقابة من العنصر النسائي بل بالعكس ألن أول‬ ‫نقيب كان رجالً‪ ،‬ويومها كان لنا احتاد جمعيات‬ ‫التمريض في لبنان وناضلنا كثيرا ً من أجل‬ ‫احلصول على النقابة وواجهتنا صعوبات وعقوبات‬ ‫كثيرة من نقابات أخرى لم تكن تريد إنشاء نقابة‬ ‫للممرضني واملمرضات‪ ،‬ولكن في النهاية حصلنا‬ ‫عليها في الستينات ثم متّ إلغاؤها لنعود ونحصل‬ ‫عليها بقانون صدر في ‪ 2002\ 12‬وأول نقيب كان‬ ‫اسمه إيلي أعرج وهو كان رئيس احتاد جمعيات‬ ‫التمريض وأعيد تعيينه بالتوافق رئيسا ً للنقابة‪،‬‬ ‫دون انتخابات‪ ،‬والنقيب الثاني أتى بالتوافق أيضا ً‬ ‫وكانت السيدة أورسوال رزق وكانت عضو في‬ ‫اجمللس‪ ،‬وبعدها أتيت ولم أكن أنتمي الى اجمللس‬ ‫بل عينت نتيجة خبرتي في اجلامعة‪ ،‬واملعركة‬ ‫االنتخابية ال جتري على النقابة‪ ،‬بل على مجلس‬ ‫النقابة ولدينا انتخابات في حزيران املقبل لرئاسة‬ ‫النقابة إما يأتي بالتوافق على اسم أو بانتخابات‪.‬‬ ‫وأضافت بأن قانون االنتخابات في النقابة ينص‬ ‫على أن يعني النقيب ملدة ‪ 3‬سنوات وال يحق له‬ ‫التجديد وال إعادة االنتخاب مرة أخرى‪ ،‬على عكس‬ ‫أعضاء اجمللس الذين يحق لهم الترشح مرة أخرى‪،‬‬ ‫ويتألف اجمللس من ‪ 12‬عضوا ً بينهم النقيب‪،‬‬ ‫طبعا ً هناك أشخاص يعملون ومندفعون أكثر‬ ‫من غيرهم‪ ،‬ونتيجة خلبرتي فإن رئاسة النقابة‬ ‫تطلب الكثير من العمل واجلهد وهي مسؤولية‬ ‫بحد ذاتها‪ ،‬يجب أن نقدم الكثير لنحصل على‬ ‫نتيجة‪ .‬وإذا خ ّيرت أعود الى مهنتي مرة أخرى أي‬ ‫مهنة التمريض‪.‬‬ ‫وأشارت الى أنه في النقابة ‪ 3‬موظفني ثابتني‬

‫‪66‬‬

‫يعنون باألمور منهم مديرة التمريض السيدة نتالي‬ ‫ريشا‪ ،‬وعملي كرئيسة نقابة أن أكمل العمل الذي‬ ‫بدأه من كان قبلي خاصة وأننا في النقابة نعمل‬ ‫كمؤسسة واحدة كل منا يكمل ويتمم عمل‬ ‫اآلخر حتى لو متّ تبديل النقيب بآخر‪ ،‬ألن اخلطط‬ ‫االستراتيجية التي وضعت لم يضعها النقيب‬ ‫مبفرده بل بالتعاون مع أعضاء اجمللس وأشخاص‬ ‫معنيني باملوضوع وحتى مبرضى‪ ،‬ووضعوا هذه‬ ‫اخلطط لعام ‪ 2014‬وهي ترسم الطريق التي يجب‬ ‫أن نسلكها‪ ،‬ومنها إجراء حمالت وندوات توعية‬ ‫حول مهنة التمريض لطالب املدارس والصفوف‬ ‫الثانوية ملدة ‪ 3‬سنوات‪ ،‬وهذا العام سننطلق‬ ‫في املدارس والعام القادم اجمللس سيستمر‪ ،‬كما‬ ‫أنتجنا فيلما ً وكتيبا ً عن التمريض‪ .‬وأرسلنا بطلب‬ ‫مندوبني للمستشفيات وهم سيبقون مندوبني‬ ‫حتى بعد تولي نقيب جديد للنقابة ونسعى‬ ‫الستمرارية العمل‪.‬‬ ‫وأما عن انتخابات النقابة املقبلة قالت زيليط‪:‬‬ ‫سأدعم من هو مؤهل للرئاسة فقد كان لي لقاءات‬ ‫عدة وعملت مع كل األعضاء‪ ،‬وبعد انتهاء عملي‬ ‫سأعطي رأيي وصوتي باملرشحني الذين سيأتون‬ ‫وسأدعم الشخص الكفؤ أكثر ليكمل ما بدأنا به‪،‬‬ ‫وليس فقط التنفيذ بل بتكملة اخلطة‪ ،‬والسير‬ ‫نحو خطوات أحسن ومتطورة أكثر وذلك ال يتم إال‬ ‫بتجديد أعضاء النقابة واملعنيني بأمورها‪.‬‬ ‫وحول ما إذا كان باستطاعة املرأة تبوأ العديد‬ ‫من املناصب دون صعوبات ومعوقات أسفت‬ ‫زبليط على ما تعانيه املرأة من الصعوبات في أمور‬ ‫كثيرة للوصول الى أحد املناصب‪ ،‬إذ ال يزال عليها‬ ‫حتى عصرنا هذا أن حتارب وترفع صوتها أكثر وتثبت‬ ‫وجودها أكثر وجتتهد أكثر خاصة عند انخراطها في‬ ‫القطاع العام‪ ،‬مشيرة الى جتربتها في النقابة‪ .‬أما‬ ‫في القطاع اخلاص فيختلف املوضوع‪ ،‬حيث الشعور‬ ‫باملساواة‪ ،‬مؤكدة أن املرأة ستصل الى املراكز العليا‬ ‫في النهاية ألنها ال تشعر باليأس وهذه أحد‬ ‫حسناتها‪ ،‬الفتا ً الى أن أي مركز أو قيادة أو أي عمل‬ ‫معني سينجح ورسالته ستنفذ إذا تسلمته إمرأة‬ ‫ألنها تثابر لتصل وال يعرف الكلل سبيالً إليها‪.‬‬ ‫أما عن مستقبل القطاع التمريضي رأت‬ ‫زبليط أنه يسير نحو األفضل وذلك بفضل وجود‬ ‫النقابة‪ ،‬التي حتافظ وتطالب بحقوق املمرضني وتعمل‬ ‫على حصول املمرض على كامل حقوقه‪ ،‬من خالل‬ ‫التعاون والعمل املتكامل مشيرة الى أنه عندما ولدت‬ ‫النقابة كانت مهمتها ورسالتها هي تأمني جودة‬ ‫العناية التمريضية ولكن اليوم هناك رسالة أخرى‬ ‫للنقابة تكمن في احملافظة على املمرضات واملمرضني‬ ‫وذلك وفق هدفي النقابة‪ :‬الهدف األول يتعلق باملريض‬ ‫والهدف الثاني املمرض‪ .‬وبذلك تصبح النقابة منزال ً‬ ‫ثانيا ً للممرضني واملمرضات يجتمعون حتت سقفه‬ ‫ومرجعا ً للمناداة بتحقيق حقوقهم والسعي دائما ً‬ ‫نحو احلصول على األفضل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬


‫مستقلة منفتحة عل كل الديانات والطوائف والمذاهب‬

‫رئيس مؤسسة «أديان» األب فادي ضو لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الطائفية مستشرية بشكل مخيف بين شباب اليوم‬ ‫في العام ‪ 2006‬التقت مجموعة‬ ‫من األكادمييني واملهتمني بالشأن‬ ‫التربوي واالجتماعي‪ ،‬وهم من املسلمني‬ ‫واملسيحيني‪ ،‬على فكرة العمل ً‬ ‫معا من‬ ‫أجل أال تبقى فكرة احلوار والتضامن بني‬ ‫أبناء الديانات اخملتلفة محصورة بنخبة‬ ‫ضيّقة‪ ،‬بل أن تتحوّل إلى ثقافة عامة‬ ‫يتب ّناها أبناء اجملتمع لتصبح جزء من‬ ‫قناعاتهم وسلوكهم وخاصة فئة الشباب‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة “أديان” في‬ ‫منهم‪ .‬فكان تأسيس‬ ‫إطار قانون اجلمعيات التي ال تتوخى الربح‬ ‫ونالت العلم واخلبر من وزارة الداخلية في‬ ‫‪.2008‬‬ ‫وإسم املؤسسة “أديان” يعبر عن‬ ‫هويتها التي تريد أن تؤكد على الوحدة‬ ‫ضمن التنوع‪ .‬تسعى ًإذا «أديان» للعمل‬ ‫على توضيح املفاهيم الدينيّة األساسيّة‪،‬‬ ‫خاصة في إطار اإلشكاليّات اإلجتماعيّة‬ ‫والسياسيّة‪ .‬كما أنّها تعمل على بناء‬ ‫عالقات التضامن والتفاعل اإليجابي بني‬ ‫أبناء األديان اخملتلفة وتوطيدها‪ ،‬عبر املعرفة‬ ‫املتبادلة واإللتزام املشترك‪ .‬وعليه‪ ،‬تأمل‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة في تقدمي مساهمة فاعلة في‬ ‫ُ‬ ‫تعزيز اللحمة اإلجتماعيّة والسالم محليًّا‬ ‫وعامليًّا‪.‬‬ ‫وملعرفة املزيد عن هذا املوضوع كان لنا‬ ‫لقاء مع رئيس املؤسسة األب فادي ضو‪،‬‬ ‫فكان احلوار التالي‪:‬‬ ‫هل تعمل املؤسسة حتت رعاية ومظلة‬ ‫الفاتيكان وبكركي؟‬ ‫ليس لـ “أديان” أي ارتباط خاص مع أي مرجع ّية‬ ‫دين ّية أو سياس ّية‪ .‬فهي كما قلت مؤسسة‬ ‫مستقلة‪ ،‬ولكن في الوقت نفسه منفتحة‬ ‫على كل الديانات والطوائف واملذاهب‪ ،‬وتربطها‬ ‫باملرجعيات املسيحية واإلسالمية عالقة طيبة‬ ‫تترجم بالتشاور املستمر والتعاون في حتقيق‬ ‫األهداف املشتركة‪.‬‬

‫األب فادي ضو‪ ،‬رئيس مؤسسة «أديان»‬

‫ما هي أهم اإلجنازات التي حققتموها؟‬ ‫عديدة هي اإلجنازات التي حتقّ قت حتى اآلن‪،‬‬ ‫سوف أذكر ثالثة منها‪ .‬اإلجناز األول هو إطالق فكرة‬ ‫التضامن الروحي بني أبناء الديانات اخملتلفة ونشر‬ ‫هذه الفكرة في اجملتمع اللبناني‪ .‬فمنذ ‪2007‬‬ ‫و”أديان” تنظم سنويا ً اليوم الوطني للتضامن‬ ‫الروحي في آخر سبت من تشرين األول‪ ،‬مبشاركة‬ ‫مئات املؤمنني من مختلف الطوائف وممثلني عن‬ ‫املرجعيات الروحية‪ .‬تهدف هذه املبادرة إلى نشر‬ ‫القناعة بني املؤمنني بأهمية التالقي على القيم‬ ‫الروحية املشتركة‪.‬‬ ‫أما اإلجناز الثاني فهو على الصعيد التربوي‪.‬‬ ‫فقد عملت “أديان” منذ تأسيسها على إدخال‬ ‫التربية على املواطنة والتعددية والعيش املشترك‬ ‫في املناهج الدراسية‪ .‬وقد حتقق ذلك حتى اآلن‬ ‫في ‪ 22‬مدرسة ثانوية خاصة ورسمية من مختلف‬ ‫مناطق وطوائف البلد‪ .‬ونحن اآلن في صدد حتويل‬ ‫ذلك إلى مواد تعليمية ضمن النهج الرسمي‬ ‫الوطني بالتعاون مع وزارة التربية‪.‬‬ ‫واإلجناز الثالث يطال عمل املؤسسة على‬ ‫صعيد احلوار العربي – الغربي وخاصة األوروبي‪.‬‬ ‫فلدينا حتى اآلن برنامجان على هذا النطاق‪،‬‬ ‫يطال أحدهما طالب اجلامعات واآلخر القيادات‬ ‫الشابة‪ ،‬فيساهم ذلك في تعزيز التفاهم املتبادل‬ ‫وطرح قضايانا العربية وبناء شراكات اجتماعية‬ ‫وثقافية مع األوروبيني على أساس التضامن‬

‫‪67‬‬

‫واالحترام املتبادل‪.‬‬ ‫لم ميض سوى سنوات قالئل على وجود‬ ‫“أديان” ولكنها متكنت من ترك بصمات واضحة‬ ‫في ترسيخ قواعد املعرفة املتبادلة وااللتزام‬ ‫املشترك‪ .‬كيف مت ذلك؟‬ ‫ّ‬ ‫وجل‪،‬‬ ‫أعتقد أن ذلك يعود أوال ً لعناية اهلل ع ّز‬ ‫فنحن نؤمن أنه بعملنا نساهم في حتقيق‬ ‫األهداف التي تصبو إليها الرساالت السماوية‬ ‫من نشر للمحبة واأللفة بني البشر ومحاربة‬ ‫التعصب واجلهل والذهنيات الطائفية‪ .‬وبالفعل‬ ‫منت املؤسسة سري ًعا‪ ،‬فهي اليوم تضم فريقا ً‬ ‫متخصصا ً من العاملني أصحاب الكفاءات‬ ‫العالية والقناعة الثابتة بهذه الرسالة‪ ،‬وعددا ً من‬ ‫املتطوعني الذين يساهمون في نشر هذه الرسالة‬ ‫أيضا ً في محيطهم االجتماعي أو الطالبي أو‬ ‫املهني‪ .‬ويعود أيضا ً هذا النجاح إلى الدعم الذي‬ ‫تتلقاه املؤسسة من املرجعيات االجتماعية‬ ‫والتربوية والروحية والذي يؤكد على صوابية‬ ‫األهداف وحاجة مجتمعنا اللبناني ال بل والعالم‬ ‫أجمع إلى هذا النوع من العمل الذي يحرر الناس‬ ‫من خوفهم وجهلهم ويساعدهم في مقاربة‬ ‫األمور بواقعية والتعاون م ًعا على تخطي املشاكل‬ ‫التي يواجهونها‪ .‬فمشاكل الناس االجتماعية‬ ‫وحتى السياسية هي عامة مشتركة‪ .‬فلماذا‬ ‫نسعى أن نواجهها مبواقف ومقاربات طائفية‬ ‫تزيد في تباعد أبناء الوطن عن بعضهم البعض‬ ‫دون أن جتد احللول احلقيقية‪ ،‬بدل من أن نعمل م ًعا‬ ‫متضامنني في سعينا جملتمع أفضل للجميع‪،‬‬ ‫يكون أيضا ً مساحة للعيش املشترك احلقيقي‬ ‫واأللفة بني الناس‪.‬‬ ‫هل صحيح أن اللبنانيني محكومون‬ ‫بالتوصل واملفاوضات والعمل على أساس‬ ‫وشروط العيش املشترك؟‬ ‫إن العيش املشترك هو دستور حياتنا وهوية‬ ‫هذا البلد اخلاصة واألصيلة‪ .‬ال ميزة وال معنى‬ ‫للبنان دون ثقافة العيش املشترك‪ .‬ورمبا يكون أحد‬ ‫أسباب الهجرة الكثيفة لشبابه وشاباته التي‬ ‫شهدها لبنان وال يزال هو تراجع هذه الثقافة في‬ ‫مجتمعنا‪ ،‬فال يعد يشعر عندها اللبناني بالفرق‬ ‫أو مبا سوف يخسر من خصوصية إن عاش في‬ ‫مجتمعات أخرى غربية كانت أم عربية‪.‬‬ ‫أعتقد بأن مصير الوطن مرتبط مبدى قدرتنا على‬ ‫إعادة إحياء هذه الثقافة وتوطيدها وجعلها جزء‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر اجتماعي‬ ‫من يوم التضامن الروحي‬

‫التطرف الديني‬ ‫هو من أهم املشاكل‬ ‫التي نسعى‬ ‫للبحث عن طرق‬ ‫ملواجهتها‬ ‫وجب التمييز‬ ‫بني السلفيني‬ ‫واإلخوان املسلمني‬ ‫من حياة املواطنني اليومية‪ .‬ال أخفي هنا قلقي‬ ‫على الوضع ألنني أرى أننا نذهب لألسف باإلجتاه‬ ‫املعاكس وقلة يعملون حقاً‪ ،‬ليس بالشعارات‬ ‫فقط‪ ،‬من أجل وحدة البلد والتضامن بني أبنائه‪.‬‬ ‫لألسف إن اإلستغالل السياسي لإلنتماء الديني‬ ‫وترسيخ الذهنيات الطائفية‪ ،‬حتى بعض األحيان‬ ‫من خالل اخلطاب الديني الفئوي واملتطرف‪ ،‬يوسع‬ ‫الشرخ والهوة بني أبناء الوطن ويجعلنا بالتالي‬ ‫دائما ً في دائرة خطر اإلنزالق إلى الصراعات‬ ‫املذهبية والطائفية‪.‬‬ ‫ما رأيكم بالقول بأن املسيحيني يؤمنون‬ ‫بلبنان وبدينهم‪ ،‬أما املسلمون فيؤمنون‬ ‫بالعروبة ثانياً بعد وطنهم ودينهم؟‬ ‫أعتقد أن هذا القول لم يعد واقعيًّا اليوم‪.‬‬ ‫وقد أقول إن هناك قلة من اللبنانيني مسلمني‬ ‫ومسيحيني ال زالوا يؤمنون حقًا بهذا الوطن‪ .‬إن‬ ‫احلال التي وصلنا إليها وأوصلتنا قيادات البلد‬ ‫إليها جعلت العديد يكفرون بالوطن‪ ،‬على األقل‬ ‫باملعنى العملي‪ ،‬أي بالبحث عن بديل عنه‪.‬‬ ‫إما بالنسبة ملسألة العروبة وعالقة املسيحيني‬ ‫واملسلمني بها‪ ،‬فقد حسمت منذ الطائف‬ ‫حيث اعترف املسيحيون بعروبة لبنان األصيلة‬ ‫واستعادوا ذاكرتهم التاريخية في هذا اجملال وهم‬ ‫الذين ساهموا في صناعة هذه احلضارة منذ‬ ‫بداياتها مرورا ً بالنهضة الثقافية األخيرة نهاية‬ ‫القرن التاسع عشر‪ .‬أما املسلمون فقد أقروا‬ ‫بنهائية الوطن اللبناني ككيان مستقل وليس‬ ‫كقطر من كيان سياسي أوسع يذوب فيه‪.‬‬ ‫أعتقد أن املسألة اليوم أصبحت مختلفة‬ ‫واملشكلة احلقيقية هي في إعادة التوازن بني‬ ‫اإلنتماء الوطني واإلنتماء الطائفي‪ .‬ألن الطائف ّية‬ ‫نهشت من الداخل املعنى احلقيقي والعملي‬ ‫للهوية اللبنانية‪ .‬إن ما نحتاجه اليوم هو جعل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلنتماء الديني على املستوى الروحي والقيمي‬ ‫وإعادة املساحة لإلنتماء الوطني كمساحة عامة‬ ‫ومشتركة للجميع‪ ،‬يعمل الكل على بنائها‬ ‫واحلفاظ عليها بكل فخر واعتزاز‪.‬‬ ‫برأيكم ما هي اخلطوات املتخذة لبناء ثقافة‬ ‫التفاهم والتضامن بني األفراد ذات االنتماءات‬ ‫الثقافية والدينية اخملتلفة؟‬ ‫أريد القول للجميع بأن اإلنفتاح والتواصل مع‬ ‫اآلخرين والتضامن معهم هو دليل على املستوى‬ ‫الثقافي واحلضاري للفرد وللمجتمع‪ .‬هذا يعني‬ ‫بأن التقوقع هو دليل تراجع ثقافي وتخ ّلف‪ .‬وهناك‬ ‫مقومات يبنى عليها هذا اإلنفتاح والتواصل‪ .‬أولها‬ ‫بأننا ننتمي جميعا ً إلى العائلة البشرية الواحدة‬ ‫ونحن مؤمتنون على اإلنسانية وعلى بعضنا‬ ‫البعض انطالقا ً من القيم اإلنسانية العامة ومن‬ ‫تعاليم املسيحية واإلسالم‪ .‬ثم يجب علينا العمل‬ ‫على إظهار املساحات املشتركة بني األديان – وهي‬ ‫كثيرة – والتربية على هذه القيم املشتركة‪ .‬وأخيرا ً‬ ‫علينا العمل على التربية على احترام اإلختالف‪،‬‬ ‫واإلعتراف بالتعددية الثقافية والدينية واعتبارها‬ ‫غنى وليس تهديدا ً للخصوصية‪.‬‬ ‫كيف ميكن العمل لتفعيل التواصل بني‬ ‫األجيال الشابة من مختلف الطوائف والبعض‬ ‫يقول بأن الطائفية مستشرية بني شباب‬ ‫اليوم؟ وكيف ميكن محاربتها؟‬ ‫حد مخيف بني‬ ‫إلى‬ ‫إن الطائفية مستشرية‬ ‫ّ‬ ‫شباب اليوم‪ ،‬وجو البلد السياسي يزيد من هذه‬ ‫األزمة تفاقماً‪ .‬إننا نعمل على مواجهتها على‬ ‫مستويني‪ :‬املستوى األول وهو طويل األمد يقوم‬ ‫على التربية ابتداء من املدارس من أجل خلق‬ ‫ذهنيات جديدة واعية لهذه املشكلة ومتحررة‬ ‫منها قدر اإلمكان‪ .‬أما املستوى الثاني فهو مباشر‬ ‫ويهدف إلى توعية اجلميع على خطورة هذا‬

‫‪68‬‬

‫املوضوع على اجلميع وعدم صوابيته ال دينيا ً وال‬ ‫وطنياً‪ .‬نعمل على ذلك من خالل فتح نواد ألديان‬ ‫في اجلامعات مثالً وتدريب الشباب على احلوار‬ ‫وحتريرهم من اجلهل واألفكار املسبقة واخلاطئة‬ ‫التي يحملونها عن بعضهم البعض‪ ،‬كما وفي‬ ‫إنتاج األفالم واملواد اإلعالمية وعبر مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي على األنترنت التي تساهم في نشر‬ ‫الوعي على هذا املستوى‪ .‬ولكن يبقى عملنا‬ ‫محدودا ً طاملا السلطات السياسية وبعض‬ ‫األحيان الدينية في البلد تعمل على تغذية هذا‬ ‫الشعور الطائفي وتسجن الناس فيه من أجل‬ ‫مصاحلهم اخلاصة‪.‬‬ ‫هل توافقون القول بأن الشمس التي تشرق‬ ‫فوق مهد املسيح هي نفسها التي تشرق فوق‬ ‫مكة املكرمة؟ وكيف يترجم هذا القول؟‬ ‫ال أقول فقط بأن الشمس هي نفسها‪ ،‬وهذا‬ ‫بديهي‪ .‬بل اهلل الذي نعبده هو نفسه‪ ،‬وإن‬ ‫اختلفنا في التعريف عنه‪ .‬فال إله إال اهلل وهو‬ ‫خالق اجلميع وراعي شؤون البشر جميعاً‪ .‬أما‬ ‫اإلختالف في الديانات التي تسعى لنشر عبادة‬ ‫اهلل فهو رحمة‪ .‬وإذا راقبتم األمور جيدا ً سوف‬ ‫جتدون بأنه كلما تعمق اإلنسان في دينيه والتزم‬ ‫عيش قيمه الروحية األصيلة وتواصل مع ربه‪،‬‬ ‫اقترب من سائر املؤمنني الذين يسعون أيضا ً إلى‬ ‫اهلل بطرق مختلفة‪ .‬والذين يتصارعون بسبب‬ ‫اختالف انتماءاتهم الدينية هم عادة األبعد عن‬ ‫الدين وقيمه‪ .‬إن اهلل نور ومن يسير في سبيله‬ ‫ويسعى لتحقيق مشيئته ال يدخل في ظلمات‬ ‫األنانية والبغض والفرقة‪.‬‬ ‫في ظل الصعود الديني املتطرف هل‬ ‫للمؤسسة دور في مواجهة هذا التطرف؟ وما‬ ‫هي أسباب التطرف؟‬ ‫نعم إن التطرف الديني هو من أهم املشاكل‬


‫التي نسعى للبحث عن طرق ملواجهتها‪ .‬وهو‬ ‫بالفعل في انتشار خطير في املنطقة ولبنان‬ ‫أيضاً‪ .‬تعودنا في لبنان أن نرى املشاكل لدى غيرنا‬ ‫ونتعامى عنها لدينا‪ .‬لكن الوضع ال يحتمل‬ ‫ذلك‪ .‬والتطرف له عدة أسباب قد يكون أهمها‪،‬‬ ‫اجلهل الديني‪ ،‬إذ عادة املتطرف يتبع مصدرا ً واحدا ً‬ ‫للتعليم كشيخ أو نهج ويرفض توسيع آفاقه‬ ‫واإلطالع على التفاسير اخملتلفة للنص ذاته‪ .‬وهو‬ ‫أيضا ً نتيجة حتول اخلطاب الديني إلى إيديولوجيا‬ ‫لها في النهاية أهدافا ً ال متت الى الدين احلق بصلة‪.‬‬ ‫ولألسف يجد هذا النهج املتطرف أمواال ً طائلة‬ ‫توضع في خدمته وعندما يستطيع الوصول إلى‬ ‫السلطة السياسية تتفاقم املشكلة‪ ،‬إذ في‬ ‫أصله يتعارض الفكر املتطرف مع مبدأ املواطنة‬ ‫والشأن العام‪ .‬لذلك لست مطمئنا ً ملا ما متر به‬ ‫الدول العربية حالياً‪.‬‬ ‫وتعمل “أديان” حاليا ً على مشروع يطال املنطقة‬ ‫بأسرها ويطلق دينامية جديدة تسمح مبواجهة‬ ‫التطرف على املستوى العام‪ .‬انشاهلل في الوقت‬ ‫القريب ميكننا اإلعالن عن تفاصيل املشروع عندما‬ ‫يصبح كل شيء جاهزاً‪.‬‬ ‫هل في وصول اإلسالم املتطرف خوف على‬ ‫مسيحيي الشرق وقد حذر البطريرك مراراً من‬ ‫هذا املوضوع؟ وماذا عن مسيحيي سوريا؟‬ ‫قد تخفي عبارة “اإلسالم املتطرف” وراءها‬ ‫تنوعا ً ال ميكن مقاربته بطريقة واحدة‪ .‬فإذا أخذنا‬ ‫احلالة املصرية مثالً‪ ،‬وجب التمييز بني السلفيني‬ ‫واإلخوان املسلمني‪ .‬فالسلفيون ميثلون برأيي‪ ،‬على‬ ‫املستوى السياسي ومع احترامي ملا يعتقدون‬ ‫دينياً‪ ،‬حالة غريبة على مؤسسات الشأن العام‬ ‫والفكر السياسي‪ .‬فعندما نتابع نشاطهم‬ ‫السياسي جند أنهم ال يحملون مشروعا ً واضحاً‪،‬‬ ‫بل يتصرفون وكأن البرملان هو املسجد وكأن إدارة‬ ‫شؤون الوطن تتم بالسلطوية واآلحادية الدينية‬ ‫التي ميثلون‪ .‬وهذا بالواقع يشكل خطرا ً ليس‬ ‫على املسيحيني وحسب بل على الوطن مبقوماته‬ ‫األساسية وأسباب وجوده‪ .‬طبعا ً إن “اآلخر” غير‬ ‫موجود في أفق السلفيني‪ ،‬وهو حكما ً في خطر‪.‬‬ ‫ولكن الوطن أيضا ً غير موجود فعليا ً في فكرهم‪،‬‬ ‫وهنا املصيبة‪.‬‬ ‫أما اإلخوان فباعتقادي أنهم يحملون مشروعا ً‬ ‫سياسيا ً مبنيا ً على قواعد دينية‪ ،‬يختصر مببدأ‬ ‫تطبيق الشريعة‪ ،‬حيث لآلخر املسيحي إمكانية‬ ‫وجود في ظل وطن ذات هوية دينية ونظام إسالمي‪.‬‬ ‫لذلك بينما يشكل السلفيون خطرا ً على الوطن‪،‬‬ ‫يشكل اإلخوان برأيي خطرا ً على املواطنة‪ .‬إذ ال ميكن‬ ‫أن تقوم مواطنة حقيقية بدون مساواة‪ ،‬وال مساواة‬ ‫حقيقية إذا حتكم بالوطن مشروع ديني خاص‪.‬‬ ‫لم أحتدث عن احلركات السلفية اجلهادية‬ ‫واإلرهابية التي تدعي اإلنتماء إلى اإلسالم‪ ،‬والتي‬ ‫جتعل الكثيرين‪ ،‬من مسيحيني ومسلمني‪ ،‬في‬ ‫دائرة اإلستهداف املباشر‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إلى الوضع السوري‪ ،‬فهو حاليا ً‬

‫رحلة للتعرف على تراث املوحدين الدروز الديني‬

‫تعمل «أديان» حالياً على مشروع‬ ‫يطال المنطقة بأسرها ويطلق دينامية جديدة‬ ‫تسمح بمواجهة التطرف‬ ‫مبهم وال ميكن التكهن بعواقبه‪ .‬أملي أن يتوقف‬ ‫العنف نهائيا ً وأن يجد السوريون معاً‪ ،‬بتنوع‬ ‫انتماءاتهم الدينية واملذهبية‪ ،‬احللول لألزمة‬ ‫اخلطيرة التي متر فيها البالد‪ ،‬على قاعدة املواطنة‬ ‫واحترام احلريات واملساواة للجميع‪.‬‬ ‫كيف تصفون اللقاءات املسيحية –‬ ‫اإلسالمية التي متت حتت رعايتكم وهل صحيح‬ ‫أن هنالك تفاهم في الظاهر واختالف وخوف‬ ‫وقلق في اخلفاء وكل فريق يحذر من اآلخر؟‬ ‫رمبا قد ينطبق القول على بعض اللقاءات‬ ‫املسيحية ‪ -‬اإلسالمية حيث يتم جتنب املواضيع‬ ‫الشائكة واعتماد املسايرة للحفاظ على مظهر‬ ‫التوافق ملصالح محددة‪ .‬ولكن ذلك ال ينطبق‬ ‫أبدا ً على ما تقوم به مؤسسة “أديان”‪ ،‬ألنّها تضع‬ ‫احلقيقة في صميم رسالتها‪ ،‬مما يجعلنا نتبنى‬ ‫منهجا ً مبنيا ً على احترام التنوع وتقديره من جهة‬ ‫وعلى النقد البناء الذاتي واملتبادل من جهة أخرى‪.‬‬ ‫حرام أن تتحول اللقاءات املسيحية ‪ -‬اإلسالمية‬ ‫إلى صورة غير صادقة‪ ،‬فهي بذلك تفقد فعاليتها‬ ‫فيفقد هذا النوع من العمل مصداقيته‪ .‬لذلك‬ ‫في “أديان”‪ ،‬وعلى مستوى كل البرامج والفئات‬ ‫العمرية‪ ،‬نسعى إلظهار املشاكل التي تعترضنا‬ ‫ونبحث م ًعا عن كيفية مواجهتها‪ ،‬بدل التعامي‬ ‫عنها‪ .‬وأقول مجددا ً من يتحرر من اخلوف واإلنغالق‬ ‫يصبح أكثر حرية وأكثر مودة في آن‪ ،‬فيستطيع‬ ‫عندها مشاركة اآلخر بهواجسه وأسئلته مهما‬ ‫كانت صعبة ويبادله في الوقت نفسه املودة‪ ،‬ألنه‬ ‫يرى في اآلخر شريكا ً للبحث معا ً عن احلل ال عدوا ً‬ ‫يحمله مسؤولية مشاكل أبناء دينه مبجملها‪.‬‬ ‫وقد تعود هذه امليزة لتركيبة “أديان” األساسية‬ ‫حيث يعيش أعضاؤها واملتطوعون والعاملون‬

‫‪69‬‬

‫فيها هذا النوع من الصراحة والشراكة في‬ ‫املسؤولية بشكل طبيعي وعفوي‪.‬‬ ‫هل ميكن طمأنة املسيحيني في هذا اجلو‬ ‫املضطرب وكيف؟‬ ‫غريب أن يكون املسيحيون خائفني‪ .‬ألن‬ ‫طمأنتهم يجب أن تأتيهم أوال ً من كالم السيد‬ ‫املسيح وهو القائل لتالميذه‪“ :‬ال تخافوا‪ ،‬سيكون‬ ‫لكم في العالم ضيق‪ .‬ولكني غلبت العالم‬ ‫وسوف أكون معكم إلى منتهى الدهر”‪ .‬عنيت‬ ‫بذلك بأن اإلميان يجب أن يكون مصدر األمان األول‬ ‫للمسيحي‪ ،‬وحتى إن كانت حياته في خطر‪ .‬ومن‬ ‫ثم اخلوف يخرج اإلنسان من دائرة األحداث والتأثير‬ ‫عليها‪ .‬لذلك أقول للمسيحيني بدل أن تخافوا‪،‬‬ ‫ادخلوا إلى معترك األحداث واسعوا ألن تكونوا‬ ‫شهودا ً للمسيح بحمل رسالة السالم والعدالة‬ ‫واألخوة بني البشر‪ .‬وهذا ليس بكالم طوباوي‬ ‫غير واقعي‪ .‬املسيحي عليه أن يلتزم بناء حضارة‬ ‫احملبة والسالم حيث وجد ومهما كانت الظروف‬ ‫صعبة‪ .‬وكلي يقني بأن هذا ما سوف يحافظ على‬ ‫املسيحيني في مجتمعات العالم العربي اليوم‬ ‫ويعيد رسم دورهم الذي ال بديل عنه‪ .‬إنهم ثروة‬ ‫جملتمعاتهم‪ ،‬وهم مدينون ألوطانهم بأن يكونوا‬ ‫قوة تغيير لبناء املواطنة التي تليق بكرامة‬ ‫اإلنسان‪ .‬فعليهم أن يتحدوا مع سائر املواطنني‬ ‫املسلمني وذوي اإلرادات الصاحلة ليبنوا معا ً‬ ‫البديل عما نراه اليوم‪ .‬في النهاية أفهم أال يكون‬ ‫املسيحي وغير املسيحي غير مطمئن على وضع‬ ‫الدول في املنطقة‪ ،‬ولكن ال ميكن لهذا الشعور‬ ‫أن يتح ّول إلى خوف على الذات بل إلى دافع لبناء‬ ‫رؤية جديدة للحضور الفاعل والناشط للخير في‬ ‫هذه الظروف مهما غلت التضحيات‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر مرأة‬

‫الثقافة العربية الوحيدة التي استعصت على التجزئة‬

‫اإلعالمية والباحثة د‪ .‬حياة عطية‪ :‬خصخصة اإلعالم‬ ‫أكذوبة كبرى والحراك الشعبي دون بوصلة فكرية‬ ‫ّ‬ ‫بتمعن‪ ،‬أ ّن الشعوب هي مَن يُح ِدث التغيير‪،‬‬ ‫يعلم قارىء الوضع العربي‬ ‫إال إذا وقفت السلطات واألنظمة عائقاً بوجهها‪ ،‬فيكون ذلك صعباً نوعاً‬ ‫ما‪ .‬كذلك‪ ،‬نعرف نحن العرب‪ ،‬أ ّن الشعوب العربية املثقفة ال تقبل بالتعامل‬ ‫مع اخلارج وخاصة احللف الصهيو – أميركي‪ ،‬حتى ولو فعلت أنظمتها ذلك‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬يبدو األمر مهماً في إظهار مدى صالبة الشعب األردني جتاه القضايا‬ ‫الوطنية والقومية‪ ،‬مبواجهة معاهدة السالم والتطبيع التي أبرمها نظامه مع‬ ‫العدو الصهيوني‪.‬‬ ‫أما اإلعالم العربي‪ ،‬فدوره مميز في اآلونة األخيرة في تنفيذ األوامر اخلارجية‬ ‫واملموّلة الستراتيجياته اإلعالمية حتماً‪ ،‬وبالتالي في تزوير احلقائق اإلعالمية‬ ‫للحراك الشعبي العربي ال لـ “الثورات” كما يحاولون فرض تسميتها على‬ ‫الرأي العام العربي‪.‬‬ ‫هاذان امللفان وغيرهما‪ ،‬كانا محور لقائنا مع اإلعالمية والكاتبة الدكتورة‬ ‫أصل‬ ‫حياة عطية‪ ،‬التي عايشت كال الوضعني اللبناني واألردني – كونها من‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات‬ ‫لبناني وحتمل اجلنسية األردنية وتقيم في األردن‪ ،‬إضافة ملا أمضته من‬ ‫ٍ‬ ‫في التنقل بني أرجاء الوطن العربي واخلارج األجنبي‪ ،‬مع ما ق ّدمته في رحاب‬ ‫ً‬ ‫باحثة عن النموذج‬ ‫اإلعالم العربي وال تزال وهي التي تنقلت بني وسائله‬ ‫ً‬ ‫ومحاولة توعية القارىء العربي‪ ،‬خاصة وأ ّن الغرب لم يستطع جتزئة‬ ‫األفضل‪،‬‬ ‫الثقافة العربية – كما تقول‪.‬‬ ‫لقا ٌء مطوّل جمع “منبر التوحيد” بالدكتورة حياة عطية‪ ،‬فكـان احلوار‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ككاتبة وباحثة لبنانية مقيمة في األردن‪ ،‬كيف يقيّم اللبناني الوضع‬ ‫من خارجه‪ ،‬خاصة اإلعالم اللبناني واآلداء السياسي؟‬ ‫ولكن دائرة عملي ونشاطي الثقافي والسياسي‬ ‫أقيم فعليا ً في األردن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لم تقتصر يوما ً على األردن‪ ،‬فمقالي األسبوعي يُنشر في خمس دول عربية‬ ‫عدا مقالي اليومي في األردن‪ ،‬لذلك رمبا تكون إطاللتي واسعة نوعا ً ما‪ ،‬كوني‬ ‫أنتمي أساسا ً لفكر قومي واإلنتماء بالنسبة لي ليس مسألة فكر قومي أو‬ ‫ما شابه‪ ،‬ال بل منط حياة‪ .‬لذلك ال أستطيع رؤية احلالة اللبنانية إال كجزء من‬ ‫احلالة القومية العامة‪ ،‬ولكن أول ما يصدم َمن ينظر من اخلارج وخاصة إذا‬ ‫املتأصلة لدى‬ ‫كان لبنانيا ً وعلى معرفة بالوضع اللبناني‪ ،‬هو احلالة املرضية‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانيني وخصوصا ً السياسيني بحيث ينظرون إلى لبنان وكأنها جزيرة أو‬ ‫قارة‪ ،‬وأ ّن ما يحصل فيه معزوال ً عن دول اجلوار‪ ،‬إن لم نقل إقليميا ً ومن ثم‬ ‫دولياً‪ .‬وفي ذلك يبدو اجلدل السياسي على األرض اللبنانية نوعا ً من صراع‬ ‫الديكة واملهاترات التي تُبنى على أساس أ ّن القرار السياسي اللبناني يُصنع‬ ‫في لبنان‪ ،‬وهذا ليس تقليالً من شأن لبنان ولكن ليس هناك دولة صغيرة‬ ‫في اإلقليم ‪ -‬إن لم نقل في األمة ‪ -‬تصنع قرارها بآل ّيتها الداخلية‪ ،‬فلطاملا‬ ‫ُوصفت السياسة اللبنانية منذ خمسني سنة باملصفاة‪ ،‬إذ أنها مصفاة‬ ‫لواقع التشابكات العربية والتي تعكس بدورها التشابكات اإلقليمية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪70‬‬

‫والدولية‪ ،‬لذلك القرار السياسي اللبناني هو دائما ً نتاجا ً للمعادالت القائمة‬ ‫حول لبنان‪ ،‬ورغم ذلك يتم تناول القضايا اللبنانية وكأنها قضايا معزولة‪.‬‬ ‫أحتدث عن جتربتي على سبيل املثال مع األردن والعراق وسوريا ومصر‪ ،‬ينظر‬ ‫السياسيون والصحافيون إلى واقعهم السياسي احمللي بناء على التركيبة‬ ‫احمليطة‪ ،‬أما اللبنانيون فنادرا ً ما يفعلون ذلك‪.‬‬ ‫سلبي لدى اللبنانيني‪ ،‬خاصة‬ ‫هل هذا ناجت عن أساس ثقافي؟ ذلك األساس‬ ‫ّ‬ ‫إحساسهم بالتعالي‪ ،‬بحيث يعتبر اللبناني نفسه أفهم من كل العرب رمبا‬ ‫للتخلص من عقدة التف ّوق جتاه األجنبي‪ ،‬إذ يعتبر أنه ميتلك مستو ًى أكبر‬ ‫من الذكاء والذي هو باألساس “فهلو ّية”‪ ،‬وهذا ما يُنشىء ثقافة إنعزالية‬ ‫إلى ح ٍّد ما‪ ،‬حتى بالنسبة للقوميني‪ ،‬وليس لإلنعزاليني‪ ،‬وأشهد بتجربتي‬ ‫كنت مختلفة كثيرا ُ عما أنا عليه اآلن‪،‬‬ ‫خرجت من لبنان‬ ‫أنني عندما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فاإلنتماء القومي كان مسألة نظرية بالنسبة لي على أنه اإللتزام بالقضايا‬ ‫السياسية‪ ،‬ولكن لم يكن هذا الواقع اليومي املُعاش في السياسة والثقافة‬ ‫عشت أيضا ً فترة طويلة في اخلارج‬ ‫واالقتصاد وبالنهاية في التحليل‪ .‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫األوروبي إضافة للخارج العربي‪ ،‬الحظت املفارقة الغريبة بأ ّن اللبنانيني في‬ ‫أوروبا يعانون من نفس املشكلة حني يناقشون القضايا اللبنانية فيتناسون‬ ‫يجعلك ترين الواقع اللبناني من اخلارج‬ ‫وجود دوال ً عربية أخرى‪ .‬فعالً‪ ،‬هذا ما‬ ‫ِ‬


‫بكل أبعاده بطريقة مختلفة‪.‬‬ ‫لذلك أرى املشهد اللبناني بطريقة مختلفة‪ ،‬إذ أكتب في هذا املشهد‬ ‫كما أكتب في أي مشهد عربي آخر إن عبر الكتابات الصحفية أو األعمال‬ ‫البحثية‪ .‬ما يفرض املوضوع هو أهمية احلدث‪ ،‬وليس ُقطرا ً دون اآلخر‪ .‬أعتقد‬ ‫عما قرأته في الصحافة اللبنانية وحتى في‬ ‫أنني أكتب برؤية تختلف قليالً ّ‬ ‫البحث اللبناني‪ ،‬وسيصدر لي قريبا ً كتاب عن “الفضائيات العربية” فقد‬ ‫بحثت خالل عملي امليداني في أروقة الفضائيات وكيف تتعامل‪ .‬لألسف‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الق ّيمون على الفضائيات العربية يت ّوجهون جلمهور عربي كامل في حني أن‬ ‫الق ّيمني على الفضائيات اللبنانية – باستثناء قناة املنار – ال يفكرون سوى‬ ‫باجلمهور اللبناني من خالل استراتيج ّياتهم اإلعالمية‪.‬‬ ‫قمت بإصدارها سابقاً حول البيئة األردنية‪،‬‬ ‫ماذا عن الدراسة التي‬ ‫ِ‬ ‫حراك شعبي؟‬ ‫من‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫في‬ ‫يحصل‬ ‫وأين تلك األخيرة مما‬ ‫ٍ‬ ‫الكتاب لم يكن طبعا ً دراسة سياسية‪ ،‬فقد أسميته “محاولة الكتشاف‬ ‫وجدت‬ ‫وجدت نفسي بالصدفة وبفعل احلرب األهلية في لبنان‪،‬‬ ‫الوطن”‪ ،‬إذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جزء آخر من وطني وهو األردن‪ ،‬وال أعرف عنه شيئا ً على اإلطالق‬ ‫في‬ ‫نفسي‬ ‫ٍ‬ ‫قررت أ ّن أول ما يجب فعله بشكل عملي هو‬ ‫ولم أصل إليها إال بالصدفة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ست أربع سنوات بتف ّرغ‬ ‫اكتشاف هذا اجلزء الذي سأعيش فيه‪ ،‬وفعالً ك ّر ُ‬ ‫كامل للبحث في املواقع األثرية والطبيعية األردنية‪ ،‬ولكن لم أجعل من‬ ‫لت كل‬ ‫كتابي أبدا ً كتابا ً في اآلثار والعلوم‪ ،‬بل كان كتابا ً إنسانياً‪ ،‬فح ّو ُ‬ ‫حصلت عليه إلى صيغة أدب الرحلة لكي أص ّور اإلنسان‪ ،‬من‬ ‫التوثيق الذي‬ ‫ُ‬ ‫خالل اإلنسان األردني‪ ،‬وفعألً هذا الكتاب أعطاني معرفة واسعة جدا ً وحتى‬ ‫األردنيني ما كانوا ميلكونها فعالً في البداية وخاصة في األماكن النائية‬ ‫واملناطق الصحراوية‪ ،‬وهي جتربة أعت ّز بها وكانت جميلة جدا ً فأدخلتني‬ ‫كنت في حينها أعمل‬ ‫احلياة األردنية من باب عملي ال نظري‪ ،‬خاصة أنني‬ ‫ُ‬ ‫اضطررت للدخول‬ ‫في التدريس‪ ،‬رغم أنني بعيدة جدا ً عن هذا اجملال ولكنني‬ ‫ُ‬ ‫فيه ألسباب سياسية‪ ،‬إذ كنا ال نزال في عهد األحكام العرفية‪ ،‬وكان أي‬ ‫عمل آخر غير التدريس يستلزم موافقة اخملابرات ولم يكن سهالً لكاتبة‬ ‫سياسية أن أحصل على إذن مخابرات‪ ،‬فبالصدفة أيضا ً‬ ‫عملت بالتدريس‬ ‫ُ‬ ‫متاس مباشر مع جيل‬ ‫وكانت أيضا ً جتربة جميلة جداً‪ ،‬ألنها وضعتني على ٍ‬ ‫الشباب والعائلة األردنية‪ ،‬واآلن أعتبر نفسي أردنية بقدر ما أنا لبنانية‪.‬‬ ‫الوجه اآلخر من سؤالك هو الساحة السياسية والثقافية األردنية‪ ،‬وهي‬ ‫اندمجت منذ اليوم األول في إطار احلركة‬ ‫ُمغايرة للحياة اليومية للناس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فكنت في فترة معينة عضو‬ ‫الثقافية األردنية‪ ،‬سواء مبا أكتب أو بالنشاط‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫في ‪ 18‬جلنة مهرجان ومؤمتر ثقافي في األردن‪ ،‬وكانت إما أردنية أو عربية‬ ‫ساهمت في‬ ‫تُعقد في األردن‪ ،‬وأهمها مهرجان جرش والقدس‪ ،‬حتى أنني‬ ‫ُ‬ ‫تأسيسهما‪ .‬وجودي في هذه اللجان والعمل التنظيمي للحراك الثقافي في‬ ‫تلك الفترة حتى اآلن‪ ،‬أعطاني فرصة لإلطاللة على كل الساحات الثقافية‬ ‫دخلت عالم‬ ‫العربية ومعرفة كل املُبدعني العرب في اجملاالت كافة‪ ،‬حتى أنني‬ ‫ُ‬ ‫فتلقيت مادة تدريسية في النقد التشكيلي‪ ،‬أعطتني وجود كلي‬ ‫التشكيل‬ ‫ُ‬ ‫بحيث أصبحت أرى الثقافة العربية كما هي‪ ،‬وهي الساحة الوحيدة التي‬ ‫استعصت على التجزئة وهذا مهم جداً‪ ،‬فعندما جزّأ املُستعمر العالم‬ ‫العربي سواء عبر سايكس بيكو أو غيره‪ .‬جزّأ كل شيء إال الثقافة ولم‬ ‫يستطع حتى اآلن جتزئتها‪ ،‬وهذه القلعة الوحيدة التي مازالت صامدة في‬ ‫قالع الوحدة العربية‪.‬‬ ‫أما في اجملال السياسي‪ ،‬فلألردن ميزة مهمة قد يجهلها عنه الكثيرون‪،‬‬ ‫ولألسف كل الناس ينظرون إليه من خالل النظام احلاكم‪ ،‬ف َيرون األردن ملكا ً‬ ‫ووزارة وسالم مع “إسرائيل”‪ ،‬علما ً بأنني من خالل جتربتي طيلة ‪ 35‬سنة‬ ‫في األردن‪ ،‬اكتشفت أ ّن أصلب حركة وطنية في العالم العربي هي احلركة‬ ‫الوطنية في األردن وأنا جزء منهامنذ بدايتها‪ ،‬فمنذ اليوم األول‪ ،‬لدخولي‬ ‫األردن‪ ،‬كانت احلركة الوطنية تعاني القمع والسجون واملنع من العمل‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك بقيت حركة مقاومة صلبة طيلة هذه السنوات‪ ،‬فقاو َمت السالم‬ ‫والتطبيع من ِق َبل النظام مع “إسرائيل”‪ ،‬وكانت أعنف وأقوى منه في أي‬ ‫مجتمع عربي ثاني وال تزال‪ ،‬فاحلصن الوحيد الذي يحمي النشطاء هو‬

‫مجمع النقابات‪ ،‬والذي يجمع ‪ 200‬ألف مشترك مع عائالتهم وهم قوة‬ ‫ّ‬ ‫كبيرة في البلد‪ ،‬وحلسن احلظ أ ّن القوميني مبختلف تياراتهم اإلسالمية‬ ‫كانوا يُسيطرون عليها‪ ،‬وكلهم كانوا ضد التطبيع‪ ،‬فقد كان هناك حتالف‬ ‫ّ‬ ‫ينفك اليوم‪.‬‬ ‫قومي إسالمي‪ ،‬في حني‬

‫احلراك األردني‬ ‫هل ساهم هذا احلراك األردني بتغيير آداء نظامه؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬فبعد إتفاقية السالم منذ حوالي ‪ 20‬سنة‪ ،‬لم يستطع أي عمل‬ ‫مهرجان مسرحي أو معرض كتاب أو ما شابه من‬ ‫إسرائيلي املشاركة في‬ ‫ٍ‬ ‫املهرجانات الثقافية‪ .‬كذلك‪ ،‬فاإلعتصام أمام السفارة اإلسرائيلية لطرد‬ ‫السفير اإلسرائيلي وصل اآلن للحلقة ‪ ،72‬وهو اعتصام أسبوعي مستمر‬ ‫كل نهار جمعة‪ ،‬يقوده الدكتور إبراهيم ع ّلوش‪ ،‬ويرافقه مجموعة رائعة من‬ ‫الشباب األردني‪ ،‬كانوا في البداية يشتبكون مع القوى األمنية مبا أن محيط‬ ‫السفارة مط ّوق‪ ،‬إال أ ّن القوى األمنية بدأت بالتخفيف من هذه االشتباكات‪،‬‬ ‫حراك عربي‪.‬‬ ‫مع ما يحصل من‬ ‫ٍ‬ ‫جلان‬ ‫وهي‬ ‫التطبيع‪،‬‬ ‫مقاومة‬ ‫جلان‬ ‫هناك‬ ‫التطبيع‬ ‫مقاومة‬ ‫كذلك‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ناشطة بشكل كبير تفتّش كافة املواد قبل بيعها للشعب األردني‪ ،‬حتى‬ ‫نب‪ ،‬كانت تقوم بتعريفها والبحث عن مصدرها‪ ،‬وكذلك اخلضار‪ ،‬كي‬ ‫ح ّبة ال ّ‬ ‫ال تساهم في إدخال البضائع اإلسرائيلية إلى السوق األردنية‪ ،‬فبموجب‬ ‫ولكن مالحقتها أمر حتمي‬ ‫معاهدة السالم ال ميكن منع دخول هذه البضائع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كي ال تتغلغل في السوق احمللية‪ .‬فعالً‪ ،‬البضائع اإلسرائيلية لم تتمكن من‬ ‫دخول السوق األردنية‪ ،‬إال أ ّن بعض املسؤولني اإلسرائيليني يأتون إلى األردن‬ ‫ويعقدون االجتماعات السرية‪ ،‬وال نعرف مبجيئهم سوى بعد مغادرتهم‪.‬‬ ‫هذا ال يعني أننا راضون عن هذا الوضع‪ ،‬فال زلنا حتى اليوم نطالب بإلغاء‬ ‫املعاهدة وطرد السفير اإلسرائيلي‪ ،‬ولكن ال بد من تصوير صالبة هذه احلركة‬ ‫وأنت في سوريا‬ ‫بوجه كل ما حصل‪ ،‬فمن السهل أن تكوني ضد “إسرائيل” ِ‬ ‫مثالً‪ ،‬ولكن املسألة تكون أصعب خالل التواجد في بلد و ّقع نظامه معاهدة‬ ‫سالم مع العدو‪ ،‬بوجود أجهزة مخابرات وعمليات قمع‪.‬‬ ‫باالنتقال للوضع احلالي‪ ،‬هناك مرحلتان‪ :‬األولى كان فيها حراكا ً شعبيا ً‬ ‫قويا ً جدا ً من القوى الوطنية التقليدية‪ ،‬وهي القوميون واليساريون‬ ‫قاس مع‬ ‫واإلسالميون‪ .‬وقد بقيت املسألة بهذا الشكل وكان هناك صدام ٍ‬ ‫رجال األمن‪ ،‬وتضرر كثر من الناشطني في هذا احلراك‪ .‬ولكن بعد احلراك‬ ‫في سوريا‪ ،‬تغ ّير الوضع في األردن‪ ،‬فقد أخذنا كقوى وطنية قرارا ً بالتراجع‪،‬‬ ‫وعندما رأينا مدى االلتفاف على احلراك الشعبي في سوريا‪ ،‬ورأينا في لبنان‬ ‫قوى وطنية وقومية ويسارية وعلمانية التف فجأة التيار الديني عليها‪،‬‬ ‫ووقع احلراك بيد اإلسالميني املتطرفني والتدخل األجنبي‪ ،‬ارتأينا العمل‬ ‫ّ‬ ‫سنصفق للسلطة‪ ،‬وهذا ما حصل سابقا ً في‬ ‫بهدوء وتأ ٍّن‪ ،‬وهذا ال يعني أننا‬ ‫تونس‪ ،‬بعد كل النضاالت الشعبية‪ ،‬وبعد أن جاء اإلسالميون وأخذوها على‬ ‫طبق من فضة‪ ،‬وأجروا حتالفهم مع األميركيني‪ .‬لذلك‪ ،‬نتابع اليوم نشاطنا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولكن بطريقة مختلفة ومغايرة ملا يحصل في سوريا‪ ،‬وال نقبل بإحداث فتنة‬ ‫أهلية في البلد أو تخريبه‪ .‬ولكن هذا ال يعني أنه ال ميكننا متابعة الضغط‬ ‫إلجراء اإلصالحات‪ ،‬وهذا متاما ً رأيُنا في ما يحصل في سوريا‪ ،‬فنحن مع‬ ‫النظام ضد التدخل األجنبي واإلرهاب واجملموعات املسلحة واإلسالميني من‬ ‫ضده مبطلب اإلصالحات واخليارات األمنية وغير ذلك‪ ،‬وكذلك‬ ‫اخلارج‪ ،‬ولكننا ّ‬ ‫نحن مع املعارضة بكل مطالبها اإلصالحية ولكننا ضد املعارضة املس ّلحة‬ ‫واملُرتشية والعميلة‪ ،‬والتمييز في هذا اإلطار سهل جداً‪ .‬فما نط ّبقه على‬ ‫سوريا أو لبنان نط ّبقه على األردن‪.‬‬ ‫هل يؤكد العرب من خالل حتوّل ِحراكهم إلى حراك سلبي القول‪:‬‬ ‫“نحن أ ّمة ال نقرأ”‪ ،‬على أنهم لم يقرأوا تاريخهم جيداً‪ ،‬بالرغم من وجود‬ ‫العديد من املثقفني؟‬ ‫أبسط طريقة لإلجابة على هذا القول‪ ،‬مالحظة احلقائق التي تصدر في‬

‫‪71‬‬

‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر مرأة‬ ‫الكتب والوثائق واإلعالم‪ ،‬في حني نرى في الوقت نفسه أ ّن الناس يتص ّرفون‬ ‫وكأنهم لم يسمعوا بها حتى ولو أنها كانت جادة وأثبتت العكس‪ .‬العرب‬ ‫ال يوجد أحد بينهم تقريبا ً إال ويعلم لغة أخرى إضافة للغة العربية‪ ،‬في‬ ‫حني أالحظ أن زمالءنا الصحافيني ال يقرأون جيدا ً ما يُنشر في الصحافة‬ ‫األجنبية من سلب وإيجاب‪ ،‬على األقل في املواضيع الساخنة اآلن كالسوري‬ ‫واملصري‪.‬‬ ‫من ناحية ثانية فكرية‪ ،‬ال شك بأ ّن ما حصل في العالم العربي هو ثورة‪،‬‬ ‫بحيث وصلت الشعوب لدرجة من اإلنفجار‪ ،‬ولكن ملاذا كان االلتفاف على‬ ‫هذا اإلنفجار سهالً‪ ،‬سواء من ِق َبل اإلسالميني أو من القوى الغربية؟ ألنه‬ ‫لم يكن له فكر يدعمه‪ ،‬وال برنامج فكري ثقافي سياسي‪ ،‬فهو لم ميلك‬ ‫الرؤية الصحيحة واملنظمة للبديل‪ .‬وإذا أخذنا أي ثورة من ثورات التاريخ من‬ ‫الفرنسية واإلنكليزية والفييتنامية وأفريقيا اجلنوبية وغيرها‪ ،‬نؤكد أنها‬ ‫كانت حتتوي حراكا ً شعبياً‪ ،‬ولكن كان خلفها دائما ً مدرسة فكرية‬ ‫تشكل البوصلة له‪ .‬بينما ما حصل في عاملنا العربي من‬ ‫تونس وحتى اليوم‪ ،‬هو حراك شعبي بدون بوصلة فكرية‬ ‫توجههم‪ ،‬لذلك ارمتى‬ ‫لتوجيه الناس إلى مكان ّ‬ ‫البعض بحضن العمالة والرشوة إن لم يكن‬ ‫بسوء ن ّية‪ ،‬فذلك بسبب غبائِهم‪ ،‬وبسبب احلقد‬ ‫نتيجة عقلية ثأرية تتواجد لدى البعض‪.‬‬ ‫كونك أساساً حقوقية‪ ،‬كيف يقيّم‬ ‫ِ‬ ‫القانون آداء اإلعالم العربي اليوم خاصة‬ ‫وأ ّن البعض يعتبر أنه سار مع األوامر‬ ‫اخلارجية؟‬ ‫مصداقية اإلعالم هي مسألة‬ ‫أخالقية قانونية‪ ،‬أي أنها مزدوجة‪،‬‬ ‫فقد كانت مشكلة اإلعالم العربي‬ ‫قبل التسعينات ‪ -‬أي قبل ظهور‬ ‫الفضائيات ‪ -‬عدم املصداقية كونه‬ ‫كان تابعا ً للدولة‪ ،‬وبالتالي للنظام‬ ‫احلاكم والذي كان خطابه مفروضا ً‬ ‫على وسائل اإلعالم‪ ،‬لذلك كان املواطن‬ ‫العربي يلجأ لإلذاعات األجنبية ملعرفة‬ ‫احلقيقة‪.‬‬ ‫أما عندما بدأت حركة الفضائيات‬ ‫في التسعينات‪ ،‬خُ ِّيل لنا حلوالي ‪15‬‬ ‫سنة‪ ،‬أننا دخلنا في عصر جديد هو فعالً‬ ‫عصر املصداقية والنقل املباشر وحرية الرأي‪.‬‬ ‫مع بداية احلراك العربي‪ ،‬وما قبله من بداية‬ ‫مشروع الشرق األوسط اجلديد أي منذ حرب‬ ‫العراق وما بعد احتالله وحرب ‪ 2006‬في لبنان‪ ،‬ومن‬ ‫ثم إلى ما يحصل اآلن‪ ،‬بدأ التراجع‪ ،‬بحيث عاد اإلعالم‬ ‫العربي للكذب والتلفيق والتحوير‪ ،‬وعادت كل فضائية‬ ‫لتمثيل سلطة البلد الذي تتواجد فيه‪ ،‬واكتشفنا أ ّن خصخصة‬ ‫اإلعالم هي أكذوبة كبرى‪ ،‬إذ ال تواجد عملي لفضائيات خاصة‪ ،‬واملشكلة‬ ‫األكبر أ ّن هذه األنظمة التي تتبع الفضائيات لها‪ ،‬ليست س ّيدة نفسها‪ ،‬ال‬ ‫بل هي صوت القوى اخلارجية التي وضعت هذا اإلعالم حيث هو وهي ضمان‬ ‫بقائه‪ ،‬لذلك جند أ ّن األخير وخاصة الفضاء العربي بفعل إما تبع ّيته املباشرة‬ ‫ألنظمة محددة وإما التمويل السياسي أصبحت لسانا ً عربيا ً خلطاب‬ ‫حلف شمالي األطلسي والواليات املتحدة األميركية‪ ،‬واخلطاب األميركي –‬ ‫تقدم الفضائيات احلرة خطابا ً ما‪ ،‬يكون‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وهي األخطر‪ ،‬فعندما ّ‬ ‫للمتلقي مناعة ُمسبقة جتاهها‪ ،‬كفضائية الكونغرس األميركي‪ ،‬أما حينما‬ ‫تقدمه فضائية كاجلزيرة أو العربية أو بعض القنوات وخاصة اللبنانية منها‬ ‫ّ‬ ‫والتي نراها اليوم تتحول لرأ ٍّي جديد‪ ،‬وهي تلبس وجها ً ولسانا ً وإسما ً عربياً‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪72‬‬

‫فلن ميلك املشاهد رفضا ً مسبقا ً لها‪ ،‬وال يعتبرها متثل األميركيني بل متثله‪،‬‬ ‫السنِّي – الشيعي‪ ،‬جعل الناس‬ ‫خاصة وأ ّن النجاح لألسف في إرساء الشرخ ُ‬ ‫يسعون ملشاهدة فضائيات مذهبية يعتبرونها متثلهم‪.‬‬

‫فضائيات أميركية‬ ‫هل يؤكد هذا األمر‪ ،‬سبب حتوّل هذه الفضائيات من وسائل إعالمية‬ ‫تأسست على أساس أنها داعمة للقضية الفلسطينية ومناهضة‬ ‫لإلحتالل الصهيوني‪ ،‬إلى ما هي عليه اليوم؟‬ ‫أشك في أنها تأسست للهدف الذي ذكرت ِ ِه‪ ،‬والذي أظهرت أنها تأسست‬ ‫من أجله‪ ،‬ال بل يبدو أنها تأسست للدور الذي تقوم به اليوم‪ ،‬ولكن كان ال‬ ‫بد من فترة تكسب فيها اجلمهور العربي‪ ،‬فتُرِكت على مدى عشر سنوات‬ ‫تؤدي آداء معقوال ً لتكسب اجلمهور والسمعة احلسنة واملصداقية‪،‬‬ ‫وصدقنا أنه ميكن‬ ‫“س ّذج” كباحثني وإعالميني‬ ‫ّ‬ ‫ورمبا كنا ُ‬ ‫لفضائية تكون على بُعد أمتار من القاعدة األميركية‪،‬‬ ‫أن تكون في نفس الوقت غير أميركية‪ ،‬إال أ ّن اآلداء‬ ‫كان مختلفاً‪ ،‬والسبب األول هو التمويل‪ ،‬ف َمن‬ ‫يدفع يُس َّير بدليل أ ّن الفضائيات اللبنانية التي‬ ‫تمُ َّول خارجياً‪ ،‬هي صوت اخلارج الذي مي ّولها‪،‬‬ ‫وبالتالي حت ّولها ال تفسير له سوى املال‪.‬‬ ‫هناك سبب آخر غير املال‪ ،‬وهو هيمنة‬ ‫السياسة األميركية على األنظمة‬ ‫العربية القائمة‪ ،‬وبالتالي نعلم جيدا ً أ ّن‬ ‫األنظمة هذه ليست س ّيدة إعالمها‪.‬‬ ‫كانت تبدأ الثورات سابقاً بإصدار‬ ‫البيان رقم واحد عبر إحتالل إذاعة‬ ‫ما‪ ،‬هل مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫هي السبيل اليوم لهذه الثورات؟‬ ‫لقد احتلوا الوعي والوجدان‬ ‫العرب ّيني بواسطة الفضائيات ومن ثم‬ ‫عبر مواقع التواصل اإلجتماعي‪ ،‬لذلك‬ ‫في اليوم األول الذي بدأ فيه هذا احلراك‬ ‫‪ ،‬شعرنا بالتحول الكبير في الفضائ ّيتني‬ ‫اجلزيرة والعربية‪ ،‬و َمن تبعهما فيما بعد‪.‬‬ ‫لقد اختلف اإلخراج ولكن املضمون واحد‪،‬‬ ‫فاحتالل وسائل اإلعالم هو اخلطوة األولى‬ ‫للسيطرة على اجلمهور‪.‬‬ ‫هل جنح اإلعالم العربي برأيك في تغيير‬ ‫الرأي العام العربي؟‬ ‫لم ينجح بالكامل‪ ،‬وذلك أل ّن اإلعالم ليس العامل‬ ‫الوحيد الذي يتابعه الرأي العام‪ ،‬ال بل هناك أيضا ً عوامل‬ ‫أخرى قائمة ثقافية واجتماعية وسياسية‪ ،‬إضافة لوجود نقص‬ ‫ذكاء حلسن احلظ‪ ،‬فقد كان االنحياز والتالعب والتزوير مفضوحا ً جداً‪ ،‬و َمن‬ ‫يراقب هذه املسائل‪ ،‬يالحظ غياب الوجوه ذات املصداقية‪ ،‬وهذا الغياب كان‬ ‫مقصوداً‪ ،‬وأعتبر نفسي من اجملموعات التي أخذت القرار باملقاطعة الكاملة‬ ‫منذ اليوم األول لهذه الفضائيات كي ال تُست َغل أسماؤنا بشكل سلبي‪.‬‬ ‫السبب الثالث هو أن هناك بعض اإلعالم الوطني‪ ،‬وأقول “البعض” بألم‪،‬‬ ‫مقصرة جدا ً في‬ ‫تدعي الوطنية‪ ،‬كانت‬ ‫ألن القوى الوطنية والدول التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫االلتحاق مبجتمع االتصاالت والذي هو سمة القرن الواحد والعشرين وحتى‬ ‫نهايات القرن العشرين‪ ،‬إذ لم نرَ فضائية قوية مثالً في اخلط القومي أو‬ ‫أظهرت واضحا ً منذ العام ‪ 2004‬أنها بدأت‬ ‫اليساري‪ ،‬بالرغم من أ ّن اجلزيرة‬ ‫َ‬ ‫تتأسلم‪ ،‬باجتاه اإلسالم املتطرف واملعتدل وإسالم القاعدة‪ ،‬في حني لم‬


‫تبادر القوى األخرى املقابِلة للمواجهة وكانت ُمصابة بشلل إعالمي ُمز ِمن‪،‬‬ ‫املوجه‪ ،‬وقمع خطابات‬ ‫بسبب إعتياد األنظمة على خطابات السلطة‬ ‫ّ‬ ‫اآلخرىن وهذا ما لم تُدركه األنظمة وال القوى الشعبية‪ ،‬خاصة وأ ّن مبادرات‬ ‫التمويل إلنشاء الفضائيات منذ ما بعد ‪ ،1990‬جاءت من املُعسكرات املوالية‬ ‫لألميركيني‪ ،‬باستثناء قناة املنار طبعاً‪.‬‬ ‫إلى أي مدى ساهمت مواقع التواصل االجتماعي بزيادة الوعي العربي‬ ‫برأيك؟‬ ‫معمق‬ ‫فكري‬ ‫نقاش‬ ‫طرح‬ ‫ميكن‬ ‫ال‬ ‫ألنه‬ ‫الوعي‪،‬‬ ‫بزيادة‬ ‫ساهمت‬ ‫أنها‬ ‫أعتقد‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫عبرها‪ ،‬ال بل ميكن فقط إيصال الفكر العادي‪ ،‬وبالتالي نحن بحاجة لنقاش‬ ‫معمقَني‪ .‬لقد سهّ لت هذه املواقع التواصل‪ ،‬ولكنه حت ّول‬ ‫سياسي وفكري‬ ‫ّ‬ ‫حلاالت فكرية‬ ‫تبلور‬ ‫هناك‬ ‫يصبح‬ ‫أن‬ ‫نأمل‬ ‫الفوضى‪.‬‬ ‫أجل‬ ‫لتواصل من‬ ‫ٍ‬ ‫أكثر نضجا ً ووعيا ً لدى الشباب‪ ،‬خاصة بعد التجربة التي‬ ‫حصلت على األرض في بعض الدول العربية‪.‬‬ ‫قمت بتقدمتها‬ ‫ماذا عن األبحاث العلمية التي‬ ‫ِ‬ ‫سابقاً عن حوار األديان واحلضارات‪ .‬أي حضارة‬ ‫عربية منتلك اليوم وأين الدين منها؟‬ ‫املعروف أنني علمانية‪ ،‬ولكنني ال أع ّرف‬ ‫العلمانية العربية وفقا ً للطريقة الغربية‪.‬‬ ‫فالدين مك ِّون أساسي لدى اإلنسان‬ ‫العربي‪ ،‬شئنا أم أبينا‪ ،‬إن عبر ثقافته أو‬ ‫وعيه أو شخص ّيته‪ ،‬وبالتالي معنى أن‬ ‫تكون علمانياً‪ ،‬هو أن تفصل الدين عن‬ ‫السياسة والدولة‪ ،‬ال أن تكون ال ديني‪،‬‬ ‫ال بل إحترام التعددية الدينية والتي‬ ‫هي ثروة جميلة‪ ،‬ولكننا س ّيئون‬ ‫وح ّولناها إلى عصبية‪ ،‬فأصبحت‬ ‫بالتالي س ّيئة‪.‬‬ ‫لدينا كـ “عرب” خصوصية ال‬ ‫نتن ّبه لها‪ ،‬بأننا الدول الوحيدة‬ ‫التي نشأت التعددية الدينية فيها‪،‬‬ ‫ولم تأتِها مبوجات‪ ،‬فاألديان أُنزِلَت‬ ‫إلى هذه األرض‪ ،‬واعتنق األخوة‬ ‫أنفسهم اإلسالم أو املسيحية‪ .‬نحن‬ ‫شعب واحد بنفس احلضارة‪ ،‬توزّعنا‬ ‫على أديان وطوائف ومذاهب‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ّ‬ ‫تشكل هذه األديان مشكلة‬ ‫املفروض أال‬ ‫بيننا ألنها من طبيعة تكويننا‪ ،‬ولكن ما‬ ‫جعلها كذلك هو سبب استغالل الطبقة‬ ‫عملت في إطار حوار‬ ‫السياسية لها‪ .‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫ونحضر اليوم ملؤمتر ضخم‬ ‫األديان واحلضارات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حول تهجير املسيحيني العرب‪ ،‬وطبعا ً‬ ‫املنضمون‬ ‫ّ‬ ‫لهذا املؤمتر ينتمون لكل الطوائف‪ ،‬ونعمل على‬ ‫موحد من كافة األديان خالل ذهابنا‬ ‫مواجهة الغرب بفريق ّ‬ ‫ملؤمترات دينية‪ ،‬في حني انقسم العرب باألساس بني مسلم عربي‬ ‫ومسيحي عربي‪ ،‬ولألسف اخلليج العربي ال يفهم معنى التعددية الدينية‪،‬‬ ‫أما ميزة املشرق العربي فهي هذه التعددية والتي ال يفهمها املغرب العربي‬ ‫واخلليج‪.‬‬

‫على اآلداء اإلعالمي؟‬ ‫وملت يوما ً كإمرأة مختلفة‬ ‫لم أشعر في حياتي املهنية كلها أنني ُع‬ ‫ُ‬ ‫عن الرجل‪ ،‬طبعا ً باستثناء السنتني األ ّولتني من مسيرتي اإلعالمية‪ ،‬خاصة‬ ‫وأنني بدأت في مجال اإلعالم بس ٍّن مبكر‪ ،‬وكنّا عددا ً قليالً من النساء‬ ‫العامالت في اإلعالم األردني‪ .‬لم يكن هناك رفض لنا‪ ،‬ال بل نوع من اإلمتحان‬ ‫الذي يجب اجتيازه‪ ،‬إضافة إلبعادنا عن بعض املواضيع كالصفحات احمللية‬ ‫وغيرها‪ ،‬إال أننا أص ّرينا على مساواتنا بالزمالء اآلخرين‪ ،‬خاصة في العمل‬ ‫تقدما ً كبيرا ً للمرأة العربية في التلفزيون األردني‪ ،‬أي‬ ‫التلفزيوني‪ ،‬والقينا ّ‬ ‫في اإلعالم احلكومي‪ .‬أما في الوقت احلالي‪ ،‬فأعتقد أن األردن هو من أفضل‬ ‫قدمت بحثا ً‬ ‫اجلدية في حضور املرأة في الوسط اإلعالمي‪ .‬وقد ّ‬ ‫الدول جلهة ّ‬ ‫علميا ً لـ “جامعة بوسطن” بعنوان‪“ :‬أي حضور للمرأة في الفضائيات‬ ‫قصدت بها إظهار الفرق‬ ‫وضمنته مقارنة تاريخية‬ ‫العربية؟”‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫بني احلضور في الفضائيات اخلليجية اآلن‪ ،‬وبني حضورها‬ ‫باإلعالم املصري منذ الثالثينات بحيث شغرت مراكز‬ ‫عالية‪ .‬أعتقد أ ّن اإلعالم اخلليجي عاد باملرأة إلى‬ ‫الوراء مبسافات كثيرة‪ ،‬وح ّولها من ُمنتجة‬ ‫إعالم إلى صورة إعالم‪ .‬وهذا طبعا ً إنعكاس‬ ‫ملدى الوعي اخلليجي الذي ال ينظر للمرأة‬ ‫سوى أنها صورة جميلة‪ .‬هنا يكمن‬ ‫تغييب العقل األنثوي‪ ،‬فرأينا ما عانوه‬ ‫مع الزميلة لونا الشبل ألنهم لم‬ ‫يتقبلوا إرجتالها مباشرة على الهواء‪،‬‬ ‫وهذا ما يحاولون تفاديه دائما ً كي ال‬ ‫تنجح املرأة أكثر‪ .‬هذا إضافة ملا يقوم‬ ‫بشكل‬ ‫به اإلعالم العربي واخلليجي‬ ‫ٍ‬ ‫خاص‪ ،‬من خالل تعيني أجانب في‬ ‫املراكز االستشارية في احملطات‬ ‫التلفزيونية‪ ،‬في حني ال يقبلون‬ ‫بالعرب‪ .‬لذلك نرى فجوة كبيرة‬ ‫قائمة بني األكادمييني واملمارسني‬ ‫ملهنة الصحافة‪ ،‬فيبتعد الطرفان‬ ‫عن بعضهما البعض‪ .‬في حني ال شك‬ ‫بأن التزاوج بينهما هو الذي يشكل‬ ‫التطوير احلقيقي للعمل اإلعالمي‪.‬‬ ‫بني احلقوق والتدريس واإلعالم‪ ،‬ما‬ ‫هي اقتراحاتك في اجملال اإلعالمي؟‬ ‫تركت التدريس منذ حوالي العشرين‬ ‫ُ‬ ‫سنة‪ ،‬وكذلك القانون منذ ‪ 30‬سنة‪ ،‬علما ً‬ ‫أفضل ممارسة العمل القانوني‪.‬‬ ‫كنت‬ ‫أنني‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وصلت في اإلعالم إلى مرحلة معينة‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫شعرت خاللها بافتقار كبير على الساحة العربية‬ ‫ُ‬ ‫فقمت بتجربة‬ ‫للتخصص في علوم االتصال احلديث‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سن اخلمسني‬ ‫اسعدتني كثيرا ً هي عودتي إلى اجلامعة في ّ‬ ‫سنة‪ ،‬حيثُ تلقيت الدكتوراه في علوم االتصال اجلماهيري‪،‬‬ ‫وحرصت على احلصول عليها من أهم جامعات أوروبا ألنها حتتوي األصعب‬ ‫ُ‬ ‫ورفضت اإلعفاء من أي مواد االختصاص بسبب خبرتني‬ ‫بني كليات اإلعالم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫في مجال اإلعالم‪ ،‬وأص ّريت على متابعة كافة املواد‪ ،‬وهذا ما أعطاني عني‬ ‫أخرى في اإلخراج التلفزيوني واملسرحي‪ ،‬واستغر َقت هذه الدراسة ثماني‬ ‫سنوات‪ ،‬لكنني سعيدة مبا متكنت من حتصيله‪ ،‬حتى ولو في مرحلة متأخرة‬ ‫من حياتي‪.‬‬

‫ال‬ ‫أستطيع رؤية‬ ‫احلالة اللبنانية إال كجزء‬ ‫من احلالة القومية العامة‬ ‫البضائع اإلسرائيلية لم تتمكن‬ ‫من دخول السوق األردنية‬ ‫اإلسالميون أخذوا السلطة‬ ‫طبق من فضة‪ ،‬وأجروا‬ ‫على ٍ‬ ‫حتالفهم مع األميركيني‬ ‫خافوا من «لونا الشبل»‬ ‫بسبب ارجتالها على‬ ‫الهواء‬

‫دور املرأة العربية في اإلعالم‬ ‫جتربتك اإلعالمية وأين دور املرأة العربية في مجال اإلعالم‪ ،‬وهل‬ ‫ماذا عن‬ ‫ِ‬ ‫أُعطيَت احلرية الكافية أم أ ّن العادات املشرقية ال تزال مسيطرة حتى‬

‫‪73‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫«في البدء كان الغزل» إصداره الشعري الجديد‬ ‫الشاعر نزار دندش‪ :‬نحتاج لثقاف ٍة جديدة‬

‫لم يكن الشعراء القدامى يعلمون أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫املقفى سيعمّ ر إلى وقتنا‬ ‫شعرهم املوزون‬ ‫احلالي الذي ّ‬ ‫تغلبت عليه لغة االنترنت‬ ‫و”الشات”‪ ،‬وأصبحت فيه األبيات الشعرية‬ ‫سطور تلو األخرى –‬ ‫كلمات مصفوفة في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫على األقل كما يعتبر بعض مؤيّدي الشعر‬ ‫املوزون والرافضني ألن تكون “احلداثة” على‬ ‫حساب القواعد العربية املوزونة‪.‬‬ ‫إنه من محبّذي الشعر املوزون وكاتبيه‪،‬‬ ‫حتى ولو أنه ال يرفض القول بأ ّن الشعر‬ ‫احلديث مقبول في بعض األحيان‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫شعره متيّز وال يزال بسهولة الفهم وسالسة‬ ‫ّ‬ ‫وشكال معاً‬ ‫املعنى‪ ،‬فارتبطت قصيدته به‪،‬‬ ‫ثنائياً يُقدم للقارىء أسمى املعاني‪.‬‬ ‫هو الشاعر د‪ .‬نزار دندش الذي تغ ّنى‬ ‫بالعاصمة اللبنانية بيروت‪ ،‬بحيث قال في‬ ‫كتابه اجلديد “في البدء كان الغزل”‪ ،‬ضمن‬ ‫ُ‬ ‫“بيروت عاصمتي”‪:‬‬ ‫قصيدة‬ ‫عروس البحر يا أمَالً‬ ‫َ‬ ‫يا‬ ‫“بيروتنا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫رطاس والقلمَ ا‬ ‫الق‬ ‫ ‬ ‫يا معهدا ً دلَّ َل ِ‬ ‫للكتَّاب عاصمة‪ٌ،‬‬ ‫أ ُّم الشرائع‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بفض ِل ِك ُّ‬ ‫احلق في أرجائها انتظما”‬ ‫إال أنه – وكأي مواطن آخر ‪ّ -‬‬ ‫مل السلطة‬ ‫ٍ‬ ‫مرحلة تلو األخرى على‬ ‫احلاكمة واملتتالية‬ ‫ٍ‬ ‫الكرسي نفسه‪ ،‬فكان أن كتب ضمن‬ ‫تبك جُ رحك”‪:‬‬ ‫قصيدة “ال ِ‬ ‫“هذا الكرميُ‪ ،‬ثوابٌ أن تُكر ِّ ُ ‬ ‫مه‬ ‫ٌ‬ ‫البشر‬ ‫قليل في بني‬ ‫إ ّن الكرا ُم‬ ‫ِ‬ ‫بيئة اإلنسان “مافيَة”ٌ‬ ‫َ‬ ‫قد ل َّو ْ‬ ‫ثت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مَن قال زورا بأ ّن األرض للغ َج ِر‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُفس ُد ُه‬ ‫ألعج ُب‬ ‫إنِّي‬ ‫كيف الكو ُن ي ِ‬ ‫َ‬ ‫ض ُ‬ ‫َ‬ ‫الل ُ‬ ‫ذر!‬ ‫س ِ‬ ‫لطة ٍ‬ ‫آثم ق ِ‬ ‫مال ٍ‬ ‫كما كتب عن احلاكم في لبنان‪ ،‬ضمن‬ ‫زاوية من بلدي زعيم”‪:‬‬ ‫قصيدة “لك ِّل‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫اجلوع في رُؤيا ُه بُش َرى ‬ ‫“كأ ّن‬ ‫و ِمن رؤياه كم َ‬ ‫ض َّجت جحيمُ‬ ‫َ‬ ‫رب البَرايا ‬ ‫إليك املُشتكى‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فرَمز الشر ِّ في بلدي يُقيمُ ”‬ ‫من هنا‪ّ ،‬‬ ‫تنقل حديثنا مع الشاعر د‪.‬‬ ‫نزار دندش بني زوايا كتاباته وفهمه للغة‬ ‫عالم رمبا بعيد‬ ‫آت من‬ ‫العربية‪ ،‬علماً أنه ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عن العالم الشعري وهو عالم الفيزياء‬ ‫والكيمياء‪ ،‬فجاء حوارنا كالتالي‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يكون عبارة عن قوافي وأوزان ال معنى لها‪ ،‬وإذا كان‬ ‫نثرياً‪ ،‬وفاقدا ً للصور الشعرية واملوسيقى‪ ،‬ال ميكن‬ ‫تصنيفه شعراً‪ .‬ولكن‪ ،‬هناك جانب قد ننتبه له أو‬ ‫ال‪ ،‬وهو املوسيقى في الشعر‪ ،‬فالشعر املوزون يتمتع‬ ‫مبوسيقى معينة‪ ،‬إذ أ ّن الوزن هو موسيقى‪ ،‬بينما‬ ‫أحيان كثيرة‪.‬‬ ‫الشعر احل ّر يفتقد لهذه املوسيقى في‬ ‫ٍ‬

‫إرثنا الثقافي عبء علينا‬

‫ماذا عن الشعر احلديث‪ ،‬وملاذا نرى هذا الهجوم‬ ‫على اجليل اجلديد من الك ّتاب الذي ال يستعمل‬ ‫التفعيلة بحيث ال تعتبر كتاباته شعراً؟‬ ‫نالحظ منذ فترة أ ّن هناك إقباال ً كثيفا ً على كتابة‬ ‫بغض النظر‬ ‫يسمونه “شعراً”‪،‬‬ ‫الشعر أو على ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن مدى التزام هؤالء الشعراء باإلنضباط الشعري‪،‬‬ ‫ملصطلح “شعر” املتعارف عليه منذ القدم‪ .‬من‬ ‫أشجع هذه الظاهرة ألنها تعيد الروح وتخلق‬ ‫جهتي‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫بشكل عام‪ ،‬خاصة‬ ‫نبضا ً جديدا في احلياة الثقافية‬ ‫ٍ‬ ‫وأ ّن هناك مجموعة كبيرة من الشباب والشابات‬ ‫تتعاطى هذا النوع من الفن الكتابي‪ ،‬حتى ولو أ ّن ذلك‬ ‫يترافق مع بعض احلساسيات بني مح ّبذي الشعر‬ ‫احلديث واملتمسكني بتقاليد الشعر العامودي املوزون‪،‬‬ ‫إال أنني ال أستطيع أن أنحاز إلى هذا اجلانب أو ذاك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويدل على نفسه‪ ،‬أكان موزونا ً أو‬ ‫فالشعر هو شعر‬ ‫وكالم متراصف‬ ‫شعر‬ ‫بني‬ ‫ز‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫لكي‬ ‫بدون وزن‪ ،‬لكن‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أو مصفوف‪ ،‬يجب أن يكون هناك بعض الضوابط‬ ‫أو السياقات التي ميكننا بواسطتها حتديد ما هو‬ ‫الشعر وما هو الالشعر‪ ،‬خاصة أ ّن الذين يتعاطون‬ ‫كتابة “الشعر” في هذه الفترة‪ ،‬أصبحوا يشكلون‬ ‫جز ًءا كبيرا ً ولألسف قد يكون كثيرون منهم بعيدين‬ ‫إلى ح ٍّد ما عن الشعر احلقيقي‪ .‬من جهة أخرى‪،‬‬ ‫يقول املنحازون إلى الشعر الكالسيكي‪ ،‬أ ّن كلمة‬ ‫ّ‬ ‫لتدل على حيثية‬ ‫شعر هي كلمة قدمية‪ ،‬وجاءت‬ ‫معينة في الكالم املوزون واملنضبط‪ ،‬بينما الشعر‬ ‫احلديث الذي يعتمد على املرونة في توزيع الكلمات‬ ‫ال يتمتع بهذه املواصفات‪ ،‬وشعراء احلداثة يقولون أن‬ ‫ضوابط التفعيلة واألوزان حت ّد من إمكانية الشخص‬ ‫في إعطاء الصور ويكون ذلك على حساب الصور‬ ‫الشعرية‪ ،‬ولكن في النهاية‪ ،‬أعتبر أ ّن الشعر شعر‬ ‫والالشعر ال ِشعر‪ ،‬فإذا كان موزونا ً وبدون صور شعرية‪،‬‬

‫‪74‬‬

‫برأيك‪ ،‬ما هي العوامل األساسية التي تساهم‬ ‫في تشكيل الهوية الثقافية للجيل اجلديد؟‬ ‫الهويات الثقافية تشكلت منذ زمن بعيد‪ ،‬ولألسف‬ ‫نحن نحمل اإلرث الثقافي الذي أصبح يشكل في‬ ‫بعض األحيان عبئا ً علينا‪ ،‬مينعنا من مجاراة العصر‪،‬‬ ‫ومن اللحاق باحلضارة في بعض األحيان‪ ،‬وفي أحيان‬ ‫أخرى‪ ،‬يلعب دور الضابط األخالقي الذي يحمينا من‬ ‫ُّ‬ ‫تشكل هذا اإلرث الثقافي‬ ‫التجاوزات األخالقية‪ .‬لقد‬ ‫منذ زمن‪ ،‬لكننا اليوم نسير وكأننا نحاول إجبار اجليل‬ ‫والتمسك بتقاليد قدمية تتنافى‬ ‫اجلديد على التق ّيد‬ ‫ّ‬ ‫مع روح العصر وهنا نقع بتناقض بني طبيعة العصر‬ ‫وما نريده ألبنائنا‪ ،‬مع أ ّن احلكماء اعتمدوا منذ زمن‬ ‫بعيد قول اإلمام علي بن أبي طالب (ع)‪“ :‬ال جتبروا‬ ‫لزمان غير‬ ‫أوالدكم على عقولكم‪ ،‬ألنهم خُ لِقوا‬ ‫ٍ‬ ‫زمانكم”‪ ،‬لذلك ال أؤمن بقمع أجيالنا حتت شعار‬ ‫األصح‬ ‫اإلرث الثقافي‪ ،‬بل أؤ ّيد إعطاءهم األمثولة‬ ‫ّ‬ ‫وتبيان لهم بطريقة ترغيبية وإقناعية غير إمالئية‬ ‫بأ ّن لإلبتعاد عن األخالق مخاطر ومحاذير‪ ،‬وطبعا ً لكل‬ ‫عصر أخالقه‪ ،‬فهناك تقصير كبير في إعادة إنتاج‬ ‫األخالق من جديد‪ ،‬أل ّن أخالق جيل االنترنت مختلفة‬ ‫يخص‬ ‫عن أخالق جيل الصحراء والناقة واجلمل‪ .‬فيما‬ ‫ّ‬ ‫االنترنت واحلاسوب‪ ،‬هناك نقص حتى في القوانني‪،‬‬ ‫بحيث تُرتكب جرائم وال جند في القانون نصوصا ً ّ‬ ‫تدل‬ ‫على كيفية محاسبة املجُ رمني‪ .‬لذلك‪ ،‬نحن بحاجة‬ ‫للقوانني واألخالق‪ ،‬وبدل أن نص ّوب إلى التزام اجليل‬ ‫اجلديد بتراث قدمي ‪ -‬وهو جيل لن يلتزم به ‪ -‬األفضل‬ ‫أن ننشط على صعيد إنشاء ثقافة وأخالق ومعايير‬ ‫وعالقات جديدة‪ ،‬وإال نتخ ّلف عن العصر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جيلي االنترنت والصحراء‪ ،‬ملاذا‬ ‫باحلديث عن‬ ‫تعتبر عاداتنا صحراوية؟‬ ‫ما زلنا نحمل العقلية القدمية أل ّن هذه الثقافة‬ ‫قلت سابقاً‪ ،‬هي إرث مفروض علينا‪ ،‬ونحن اليوم‬ ‫كما ُ‬ ‫جنلس على ضفاف نهر ونر ّدد “سقى اهلل” مبا نقوله‬ ‫“رزق اهلل”‪ ،‬وهذه الكلمة أتت من الصحراء أي من‬ ‫منطقة ال مطر فيها وال أنهار‪ ،‬والزلنا نر ّدده وهو يشبه‬ ‫عقليتنا‪ ،‬إذ أننا نفكر بعقلية اجلاهلية وليس فقط‬ ‫الصحراء‪ ،‬فننظر إلى املرأة مثالً كما كانوا ينظرون‬


‫إليها في عصر اجلاهلية قبل اإلسالم واملسيحية‪،‬‬ ‫ُرجم‪ ،‬وحاول اإلسالم‬ ‫عندما كانت األنثى توأد وت َ‬ ‫واملسيحية فيما بعد إنصافها والرفع من شأنها‬ ‫لكن الدين لم ينجح حتى النهاية في ذلك بسبب‬ ‫ّ‬ ‫حتجر العادات وهي التي تقف دائما ً حاجزا ً أمام الدين‬ ‫ّ‬ ‫والعلم ومتنعها من عصرنة وإنصاف املرأة والتي اليزال‬ ‫البعض يعتبرها العنصر األضعف‪ ،‬وكذلك في مجال‬ ‫آخر‪ ،‬كم حاول اإلسالم حترير العبيد؟ لكنّه أنصف‬ ‫املرأة واإلنسان املل ّون‪ ،‬إال أ ّن املسلمني لم يُنصفوها‬ ‫ال بل وقفوا حاجزا ً دون ذلك‪ ،‬لذلك أعتقد أننا بحاجة‬ ‫لتكاتف وتعاون فئة من املتن ّورين‪ ،‬لصياغة ثقافة‬ ‫لبحث علمي بعنوان “نحو‬ ‫أحضر اليوم‬ ‫جديدة‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ثقافة جديدة‪ ،‬أو ثورة في ثقاف ٍة جديدة”‪.‬‬ ‫مع كل ما حت ّد َ‬ ‫ثت عنه‪ ،‬الزالت املرأة منذ القدم‬ ‫وحتى اليوم هي العنصر األساس في قصيدة‬ ‫الشعراء‪.‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬فكيفما نظر الرجل إلى اجلنس اآلخر‪ ،‬أو‬ ‫العكس‪ ،‬يبقى احلب هو الطاغي‪ ،‬واملشاعر بالتالي‬ ‫تتبلور ضمن القصيدة الشعرية‪ ،‬ولكن ميكن أن جند‬ ‫الالعدالة في تغزّل الكثير من الرجال بالنساء‪ ،‬في‬ ‫منهن يتغزّل َن بهم‪ .‬هناك غزل بكل‬ ‫حني جند قلة‬ ‫ّ‬ ‫عناصر الطبيعة واحلياة‪ ،‬إال أ ّن املرأة تبقى السمة‬ ‫األساسية للغزل‪.‬‬ ‫هل على الشاعر أن يكون دائماً شاعر احلاءات‪:‬‬ ‫احلب وحوّاء واحللم؟‬ ‫رمبا أل ّن هذا النوع من الشعر هو األكثر جاذبية ويش ّد‬ ‫الناس لقراءته‪ ،‬فهناك أنواع محددة من الشعر لها‬ ‫هواتها وذ ّواقتها‪ ،‬ولكن الشعر الغزلي جاذب بطبعه‪،‬‬ ‫ويش ّد القارىء إليه‪ ،‬فكلمة “غزل” تعني لغة احلب‪.‬‬ ‫لذلك من الطبيعي أن يتغزّل الشاعر باملرأة‪ ،‬بحيث‬ ‫كانوا سابقا ً يتغزّلون مبفاتنها وجمالها ومحاسنها‪،‬‬ ‫في حني يتغزّل آخرون بداخلها وشخص ّيتها‪ ،‬بحيث‬ ‫ّلت مثالُ بروح املرأة‪ ،‬وهذا ما يجب برأيي أن نط ّوره‬ ‫تغز ُ‬ ‫في اجلانب الغزلي‪.‬‬ ‫بني األلم واألمل‪ ،‬أين يقع الشاعر‪ ،‬وخاصة نزار‬ ‫دندش؟‬ ‫اجلراح لم تعد كثيرة في أ ّيامنا‪ ،‬بحيث كان الغزل‬ ‫سابقا ً مصحوبا ً باجلراح عندما كان احلبيب يمُ نع من‬ ‫رؤية حبيبته‪ ،‬مع وجود بعض احلواجز القاسية والتي‬ ‫أظن أ ّن في‬ ‫التزال بعض اجملتمعات تعاني منها‪ ،‬لكن ال ّ‬ ‫مجتمعنا آالم مبعنى اآلالم التي كانت في أيام روميو‬ ‫وجولييت أو جميل وبثينة وغيرهم‪ ،‬فقد أصبحت‬ ‫اآلالم محدودة‪ .‬أما األمل فهو عصب احلياة في اجملاالت‬ ‫كافة‪ ،‬إذ ال نستمتع ونتذ ّوق احلياة ونلت ّذ بها لوال وجود‬ ‫األمل‪.‬‬ ‫أين الشاعر عادة من األوضاع السياسية‪،‬‬ ‫وهل ميكن للشعر الغزلي أن يتحول إلى شعر‬ ‫سياسي؟‬ ‫أعتبر نفسي مشدودا ً أكثر إلى الشعر السياسي‪،‬‬ ‫وهو الذي يدخل في خصوصيات الق ّراء‪ ،‬ويخلق أعدا ًء‬ ‫كثر‪ ،‬بينما يدخل الغزل إلى كل القلوب وال يخلق‬ ‫عد ّوا ً واحداً‪ .‬لذلك على الشاعر أن يختار الطريقة‬ ‫التي يوصل فيها رسالته‪ ،‬عبر الشعر أو النثر‪ ،‬خاصة‬

‫وأ ّن اإلعالم فسح اجملال ليعلن املرء عن قناعاته وآرائه‬ ‫السياسية أكثر‪ .‬لذلك‪ ،‬لم يعد القارىء ينتظر‬ ‫الشعر السياسي كثيرا ً لكي ّ‬ ‫يطلع على مواقف هذا‬ ‫ترددت كثيرا ً – وال أزال ‪ -‬بني‬ ‫أو ذاك كما في السابق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أن أكون شاعرا ً سياسيا ً وبالتالي أن أخلق لنفسي‬ ‫صح التعبير‪ ،‬والتي قد‬ ‫مجموعة من “األعداء” إذا ّ‬ ‫موجهة ض ّده ألنها عبارة عن موقف‬ ‫يعتبرها البعض ّ‬ ‫سياسي بطريقة شعرية‪ ،‬في حني ال مشكلة في‬ ‫املواضيع االجتماعية أو البيئية أو الصحية أو غيرها‪.‬‬ ‫وكي ينجح الشعر السياسي ويصبح عابرا ً للتيارات‬ ‫السياسية‪ ،‬يجب أن يحمل قضية وطنية كالقضية‬ ‫الفلسطينية‪ .‬أما في لبنان‪ ،‬فقد تكون هناك إمكانية‬ ‫للكتابة عن قضية لبنانية دون الدخول في تفاصيل‬ ‫التيارات أو األحزاب السياسية‪ ،‬وفي األحوال كافة لن‬ ‫يحصل اإلجماع‪.‬‬ ‫كيف ميكن للشاعر تأدية رسالته الثقافية في‬ ‫ظل األوضاع التي نعيشها اليوم في منطقتنا‬ ‫العربية؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬على الكاتب أن يحمل رسالة‪ ،‬ويسعى‬ ‫إليصالها بطرق متنوعة‪ ،‬لكن تبقى طريقة الكتابة‬ ‫هي الشكل األساسي الذي يجذب القارىء إليها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬للمثقف دور في كل شيء‪ ،‬فهو الذي يختزن‬ ‫معلومات وثقافة وميتلك طريقة أسرع وأسهل في‬ ‫إيصال املعلومات والتحاور مع القارىء بشكل أفضل‪،‬‬ ‫لذلك فاملثقف غير معذور إذا لم يحمل هذه الرسالة‪.‬‬ ‫التوجه‬ ‫ميكن للشاعر التأثير في الفئة التي تشاطره‬ ‫ّ‬ ‫نفسه‪ ،‬حتى ولو يكن الشعر املكتوب هو شعر‬ ‫سياسي‪ ،‬خاصة وأ ّن الشعر االجتماعي هو األكثر‬ ‫تأثيرا ً في الق ّراء واألكثر وصوأل ً إليهم‪.‬‬

‫وللشعراء رؤية جديدة‬ ‫في اجملاالت كافة‬ ‫َ‬ ‫كونك تكتب الشعر السياسي‪ ،‬ماذا عن شعر‬ ‫املقاومة‪ ،‬وملاذا يعتبر البعض برأيك أنها أخذت‬ ‫صبغة “إسالمية”؟‬ ‫رمبا أل ّن إسم املقاومة في وقتنا احلاضر أصبح‬ ‫مرتبطا ً باملقاومة في جنوب لبنان‪ ،‬والتي كانت تعرف‬ ‫بإسم “املقاومة الوطنية” من ثم أصبحت مقاومة‬

‫‪75‬‬

‫إسالمية‪ .‬كل فرد منا هو مقاوم بطريقته‪ ،‬فالناشط‬ ‫على الصعيد العلمي هو أيضا ً مقاوم‪ ،‬لذلك نحن‬ ‫بحاجة لتشجيع العلم واملقاومة املسلحة وفي‬ ‫مكان آخر تشجيع االقتصاد أو غيره‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ما سبب االنتقال من كتابة القصائد الطويلة‬ ‫ّ‬ ‫واملعلقات إلى القصائد الصغيرة ذات األبيات‬ ‫احملدودة؟‬ ‫وحاولت‬ ‫كتبت قصيدة موزونة معينة‬ ‫منذ سنتني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نشرها في إحدى الصحف‪ ،‬إال أنها رُ ِفضت أل ّن‬ ‫مسؤول الصفحة الثقافية فيها ال ينشر قصائد‬ ‫موزونة‪ .‬فهناك فئة من مسؤولي الصفحات الثقافية‬ ‫وشريحة كبرى من الق ّراء ممّن ال يستهويهم الشعر‬ ‫العامودي‪ .‬إذا ً املطلوب هو شعر تتق ّبله الشريحة‬ ‫األكبر من الق ّراء‪ .‬طبعاً‪ ،‬جلهتي الشخصية أنحاز إلى‬ ‫الشعر املوزون‪ ،‬لكن لكي أخ ّلص القارىء من الهموم‬ ‫التي ترافق الشعر املوزون من‪ :‬الشكليات‪ ،‬وطول‬ ‫أحيان كثيرة‪ ،‬أسعى دائما ً‬ ‫القصيدة والتي يف ّرغها في‬ ‫ٍ‬ ‫حلذف كل األبيات التي ال أجدها جاذبة للقارىء كي ال‬ ‫تصبح حشواً‪ ،‬خاصة وأ ّن القارىء ال يتابع القصيدة‬ ‫الطويلة بل يقرأ مطلعها وينتقل إلى أخرى‪.‬‬ ‫ما سبب اجتاهك للكتابة الثنائية املشتركة‪ ،‬مع‬ ‫إصدارك كتابني أحدهما مع الكاتبة نرمني اخلنسا‬ ‫بعنوان “يوميات آدم وحوّاء”‪ ،‬والثاني مع الكاتبة‬ ‫ّ‬ ‫املطلقات”؟‬ ‫نضال أميوني دكاش بعنوان “ربيع‬ ‫بدأت هذه التجربة معنا‪ ،‬بعد جتربة واحدة منذ ‪25‬‬ ‫عاما ً بني كات َبني‪ ،‬لكنها لم تتكرر‪ .‬الكتابة املشتركة‬ ‫تتميز بأنها حتتوي على أفكار لعقلني مختل َفني‪،‬‬ ‫يندمجان في عقل الناقد‪ ،‬وهذا ما يُغني الكتابة‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬علما ً أنه قد تكون هناك مشكلة في‬ ‫اختالف األسلوبَني‪ ،‬في حني يجب أن يكون األسلوبان‬ ‫متقاربني إضافة لتقارب القناعات‪ .‬أعتقد أن التجربتَني‬ ‫جنحتَا‪ ،‬لذلك سأكرر ذلك حتما ً في التجربة الثالثة‪.‬‬ ‫فكرة الرواية األولى “يوميات آدم وح ّواء”‪ ،‬كانت فكرة‬ ‫جديدة‪ ،‬لذلك كان التنسيق حاضرا ً‬ ‫بشكل دائم بيني‬ ‫ٍ‬ ‫والزميلة نرمني اخلنسا‪ ،‬بحيث حت ّولت الكتابة لورشة‬ ‫عمل أنتجت الكتاب األول‪ ،‬فك ّررت التجربة ثاني ًة مع‬ ‫الكاتبة نضال أميوني دكاش‪.‬‬ ‫ماذا عن كتابك األخير “في البدء كان الغزل”؟‬ ‫هو كتاب غزلي‪ ،‬يتضمن قصيدة سياسية وأخرى‬ ‫وطنية للعاصمة “بيروت”‪ ،‬وبلدتي “الهرمل”‪ ،‬وأخرى‬ ‫اجتماعية‪ ،‬إضافة للغزلية منها‪.‬‬ ‫“احلركة الديقمراطية للثقافة والتنمية”‪ ،‬ماذا‬ ‫عنها وما أهدافها؟‬ ‫هي جميعة ثقافية وبيئية‪ ،‬تسعى للقيام بنشاطات‬ ‫بيئية وتنموية في منطقة البقاع الشمالي‪ ،‬وكان لها‬ ‫النشاط األهم من خالل مخ ّيم بيئي اجتماعي على نهر‬ ‫العاصي‪ ،‬شارك فيه أفراد من كافة املناطق واملذاهب‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي كانت فيه املشاحنات املذهبية والطائفية‬ ‫هي الطاغية في املناطق اللبنانية كافة‪ ،‬وبالتالي فإ ّن‬ ‫هدف اجلمعية دميقراطي تنموي بحت‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر فني‬

‫بحلّته الجديدة‬ ‫«إربت تنحل» ِ‬ ‫المخرج إيلي فغالي‪ :‬ال أؤمن بحر ّية اإلعالم في لبنان‬ ‫ّ‬ ‫تنحل”؟ رمبا ال زال اخملرج إيلي‬ ‫هل حقاً “إربت‬ ‫فغالي يأمل بأ ّن األزمات اللبنانية ومعاناة املواطن‬ ‫اللبناني ومشاكله املأساوية‪ ،‬أصبحت على‬ ‫طريق إيجاد احللول لها‪ ،‬ورمبا من جهة أخرى الزال‬ ‫ّ‬ ‫تنحل” القراءة‬ ‫يق ّدم من خالل برنامجه “إربت‬ ‫الكوميدية الساخرة لكل تلك األوضاع ضمن‬ ‫قالب سلس ومحبب‪ ،‬في إشارة إلى أ ّن كل تلك‬ ‫ِ‬ ‫بلد‬ ‫املآسي ال جتد طريقها للحلحلة واالنتهاء في ٍ‬ ‫كلبنان‪.‬‬ ‫فبعد أكثر من ثماني سنوات على تقدميه هذا‬ ‫النوع من البرامج إضافة للمسرحيات الكوميدية‬ ‫“شونسونييه”‪ ،‬ال زالت أعماله تلقى جناحاً كبيراً‬ ‫إن عبر شاشة التلفزيون أو خشبة املسرح‪ ،‬وهو‬ ‫الذي أدخل ّ‬ ‫حلة جديدة للبرنامج من خالل الوجوه‬ ‫اجلديدة التي انضمّ ت لفريق العمل‪.‬‬ ‫ومشوّقة فتكون طبعاً ممهورة بإمضائه‪ .‬التقته “منبر التوحيد”‪،‬‬ ‫إنه اخملرج إيلي فغالي‪ ،‬املعروف بجرأته إن عبر تقدمي كافة في مكتبه في قناة “اجلديد”‪ ،‬فكان اللقاء جدياً متمحوراً حول‬ ‫ُ‬ ‫قالب ساخر‪ ،‬حتى ولو انحازت‬ ‫املوضوعات في‬ ‫يخل طبعاً من النهفات الكوميدية‪،‬‬ ‫لطرف سياسي كافة أعماله‪ ،‬إال أنه لم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ضد األخر‪ ،‬أو عبر األعمال الدرامية التي تتميز بطريقة ممتعة وهنا ّ‬ ‫نص احلوار‪:‬‬ ‫بعد أكثر من ثماني سنوات على عرض برنامج‬ ‫“إربت تنحل”‪ ،‬أين هو اليوم بني البرامج الكوميدية‬ ‫الساخرة؟ ألم ّ‬ ‫ميل املشاهد من عرض نفس البرنامج‬ ‫برأيك بالرغم من النجاح الذي حققه؟‬ ‫ال شك بأ ّن كل محطة متلك هذا النوع من البرامج‬ ‫اخلاص بها‪ ،‬والذي يتكلم باإلجمال وفقا ً لسياستها‬ ‫وبالتالي هو حاجة لكل محطة‪ ،‬بحيث جند “إربت‬ ‫ّ‬ ‫تنحل” على قناة اجلديد‪ ،‬و”بس مات وطن” على الـ‬ ‫“إل‪.‬بي‪.‬سي”‪ ،‬وبرامج أخرى على قنوات أخرى‪ ،‬فقد‬ ‫أصبحت حقا ً جز ًءا من هوية احملطة‪.‬‬ ‫أين هو من بقية البرامج؟ هو موجود طاملا اجلميع‬ ‫يتح ّدث عنه ويتابعه‪ ،‬إال أني ال أستطيع حتديد موقعه‬ ‫بني شبيهه من البرامج الساخرة‪ ،‬لكنني أعتبره‬ ‫ناجحا ً جداً‪.‬‬ ‫كيف تسعى اليوم لتطوير البرنامج خاصة مع‬ ‫الوجوه التي تعطيها فرصة للنجاح من خالله؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬فكما كان هناك شخصيات أخذت فرصتها‬ ‫سابقا ً في البرنامج‪ ،‬علينا إعطاء الوجوه اجلديدة‬ ‫الفرصة أيضاً‪ ،‬فالتج ّدد في هذه البرامج يجب أن‬ ‫يكون موجودا ً باستمرار‪ ،‬وبالتالي فالبرنامج املُتابع‬ ‫من املشاهدين يجب أن يسعى للتطوير وإما يهرم‬ ‫ويفقد شبابه ويخسر مشاهديه‪ .‬لذلك حاولنا أال‬ ‫يعمر البرنامج وذلك من خالل تنشطيه والتنويع فيه‬ ‫ّ‬ ‫وإيجاد وجوه جديدة ضمنه تق ّدم شخصيات متعددة‬ ‫وقريبة للمشاهد‪.‬‬

‫بالطبع علينا البدء خطوة بخطوة‪ ،‬ففي هذا النوع‬ ‫من البرامج ال ميكن فرض الوجه اجلديد على املشاهد‪،‬‬ ‫لذلك أحاول تقدمي الزمالء اجلدد بشكل بطيء ليتمكن‬ ‫املشاهد من تق ّبلهم‪ ،‬وهنا تقع املسؤولية طبعا ً على‬ ‫الشخص نفسه ومدى قدرته على إقناع املشاهد به‬ ‫ومدى سالسته وقربه للناس‪ ،‬من هنا جتدين أنني ال‬ ‫أعطي أدوارا ً وشخصيات كثيرة للوجوه اجلديدة كي‬ ‫ال يعتبر املشاهد أني أحاول فرض هذه الشخصية أو‬ ‫تلك عليه‪ ،‬فبالنهاية البرنامج كوميدي ساخر‪ ،‬وإذا‬ ‫بحس‬ ‫لم يكن املمثل اجلديد قريب للقلب ويتمتع‬ ‫ّ‬ ‫الفكاهة‪ ،‬لن ينجح أو يُساهم بإجناح البرنامج أكثر‪،‬‬ ‫وأعتقد أن املشاهد يحتاج حلوالي السنة ليعتاد على‬ ‫هذه الشخصية او تلك خاصة إذا كانت جديدة في‬ ‫بشكل خاص‪.‬‬ ‫عالم التمثيل والكوميديا‬ ‫ٍ‬

‫التدخل السياسي‬ ‫بعيد عن عمله‬ ‫برأيك ما العوامل التي تساهم في إجتاه مخرج‬ ‫هذا النوع من البرامج إلى محطة تلفزيونية دون‬ ‫األخرى‪ ،‬وهل ينصبغ البرنامج بسياسة احملطة؟‬ ‫أحيان أخرى‪ ،‬البرنامج هو َمن يصبغ‬ ‫هذا ممكن‪ ،‬وفي‬ ‫ٍ‬ ‫احملطة التلفزيونية التي يُعرض عليها بهذا االجتاه أو‬ ‫ذاك‪ .‬أما بالنسبة الختياري لعرض البرنامج على قناة‬

‫حصلت على عروض كثيرة لتقدمي هذا‬ ‫اجلديد‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫النوع من البرامج على محطات متنوعة ومنها الـ‬ ‫“أم‪.‬تي‪.‬في”‪ ،‬والـ “أل‪.‬بي‪.‬سي”‪ ،‬وميكنني االنتقال إلى أي‬ ‫محطة تلفزيونية من هذه احملطات متى أشاء‪ ،‬إذ أ ّن‬ ‫العقد الذي نو ّقعه بيننا وقناة اجلديد هو مل ّدة سنة‬ ‫واحدة‪ ،‬لكن ملاذا أنتقل إلى محطة أخرى؟ أنا وفريق‬ ‫العمل مرتاحني في القناة؟ من هنا‪ ،‬فألنني مرتاح‬ ‫الزلت أعمل معها‪ ،‬خاصة‬ ‫مع القناة والعاملني فيها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأ ّن البرنامج حقق جناحا ً كبيرا ً على شاشة اجلديد‬ ‫ويستقطب نسبة مشاهدة عالية‪ ،‬وهذا ما ساهم‬ ‫في استمراره‪ ،‬فإذا لم يكن البرنامج ناجحا ً ال ميكن‬ ‫للمخرج فرض شروطه على احملطة التي يعرضه‬ ‫على شاشتها‪ ،‬في حني أنه إذا كان البرنامج ناجحاً‪،‬‬ ‫خرجه أكثر في احلصول على مطالب أكبر له‬ ‫يرتاح ُم َ‬ ‫بشكل أسرع‪.‬‬ ‫الشروط‬ ‫هذه‬ ‫وتأمني‬ ‫ولبرنامجه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولدي‬ ‫وبالتالي‪ ،‬طاملا أنني مرتاح في قناة اجلديد‬ ‫ّ‬ ‫مصلحة مادية ومعنوية لي ولفريق عملي‪ ،‬سأستمر‬ ‫فيها‪ ،‬هذا طبعا ً إضافة للمصلحة العائلية‬ ‫واإلنسانية التي تربطني بالقناة كوني أنتمي لهذه‬ ‫لدي أعماال ً‬ ‫الشركة منذ أكثر من ثماني سنوات وكان ّ‬ ‫سابقة معها‪ ،‬وربطتني عالقة ودية مع مسؤولي‬ ‫باق فيها‬ ‫اإلدارة وكذلك مع أصحاب احملطة‪ ،‬لذلك أنا ٍ‬ ‫ولست بصدد االنتقال ألي محطة أخرى وتأسيس‬ ‫ُ‬ ‫فريق عمل كفريق “إربت تنحل” من جديد‪.‬‬ ‫هل يوجد تدخل سياسي أو من إدارة احملطة في‬


‫املواضيع التي تتناولها في “إربت تنحل”‪ ،‬أو حتى‬ ‫في الشخصيات التي يتم متثيل أدوارها؟‬ ‫أستطيع اجلزم أنه منذ بدء البرنامج وحتى اليوم‬ ‫لم يحصل أي تدخل داخلي من إدارة احملطة أو خارجي‬ ‫سياسي‪ .‬أعتبر نفسي جز ًءا من احملطة وبالتأكيد‬ ‫سأحترم سياستها ألنها بالنتيجة تع ّبر عن رأي‬ ‫معني كما أعبر بنفسي وبرنامجي عن رأي معني‪،‬‬ ‫توجهاتي ورأيي‪ ،‬طبعا ً سأحترم‬ ‫وكما حتترم احملطة ّ‬ ‫رأيها والتزامها وسياستها‪ ،‬فهي بالنتيجة تع ّبر عن‬ ‫رأي معني متاما ً كما أعبر عن رأي آخر مشابه أو مغاير‪،‬‬ ‫شرط أال يؤدي رأيي هذا ألذ ّية احملطة ألنها األساس‪،‬‬ ‫وأنا مخرج فيها‪ ،‬وبالتالي أنا َمن ينتمي لها‪ ،‬وليست‬ ‫إلي‪.‬‬ ‫هي َمن ينتمي ّ‬

‫إفتعال املشاكل في الكوميديا‬ ‫مجرّد إعالن‬ ‫ّ‬ ‫املتعصب وكيفية تقبّله‬ ‫ماذا عن الشارع‬ ‫لبرنامج “إربت تنحل” كونه يأخذ صبغة سياسية‬ ‫معينة وعونية نوعاً ما؟‬ ‫ال شك بأ ّن الوقت يع ّلم اجلميع‪ ،‬ويعطي دروسا ً‬ ‫أنك متتلكني‬ ‫مهمة توصل ملرحلة تشعرين بها ِ‬ ‫شعرت‬ ‫وصلت إلى هذه املرحلة التي‬ ‫شهادة أهم‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصبحت أملك شهادة مهمة‪ ،‬جتعلني أرى‬ ‫فيها بأنني‬ ‫ُ‬ ‫األمور بشكل أوضح وال أكون منحازا ً لطرف معني‪.‬‬ ‫وصلت‬ ‫مثالً‪ ،‬جذبتني شخصية “مس أوروجن”‪ ،‬ولكني‬ ‫ُ‬ ‫إلى مرحلة أقنعتني بأنه ميكنني أن أكون على‬ ‫مسافة واحدة من اجلميع‪ ،‬بعد أن بدأت ُمعتقدا ً بأنني‬ ‫سأعبر عن وجهة نظري فقط‪ ،‬إال أنني أملك اليوم‬ ‫قناعة بأ ّن الطرف اآلخر أيضا ً لديه مطالب محقّ ة‬ ‫في بعض األحيان‪ ،‬وهذا ما يسمح لي باإلنتقاد األكبر‬ ‫وتوسيع دائرته لتطال فئة أوسع مع وجود األخطاء‬ ‫من كال الطرفني‪ ،‬فكل األطراف السياسية هي التي‬ ‫خ ّربت لبنان والزالت تسعى لذلك منذ السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬إذ أنني أذكر بأ ّن احلرب األهلية حصلت حني‬ ‫والزلت حتى اليوم‬ ‫كنت في احلادية عشر من عمري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أسمع بنفس األشخاص من متسلمي السلطة‬ ‫كعائالت “جعجع وعون واجلم ّيل وجنبالط وارسالن‪،‬‬ ‫واحلريري”‪ ،‬في حني أنظر من اجلهة املقابلة فأرى‬ ‫احلفريات متأل الطرقات وصفيحة البنزين تبلغ ‪40‬‬ ‫ألف ليرة‪ ،‬وغيرها من املشاكل اليومية للمواطنني‪،‬‬ ‫في حني أ ّن املسؤولني مرتاحني ومت ّلهني بصراعاتهم‪،‬‬ ‫فجعلونا عبارة عن كبريت يشعلونا في الوقت الذي‬ ‫يريدونه‪ ،‬وبالطبع ألننا كلبنانيني امتلكنا ثقافة من‬ ‫ثالثني سنة ع ّودتنا على التعامل مع بعضنا البعض‬ ‫أصبحت أنظر لكافة األطراف‬ ‫بهذه الطريقة‪ .‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫بالنظرة نفسها‪ ،‬وإذا كان هناك طرف محدد أح ّبه‬ ‫أو أميل له‪ ،‬فهذا ال يعني أ ّن بإمكانه امتالك عقلي‬ ‫وتفكيري وح ّريتي وإمضائي املهني‪.‬‬ ‫إذاً ماذا عن البرنامج‪ ،‬هل تعتبره اليوم إنتقاداً‬ ‫للسياسيني‪ ،‬أم للوضع املعيشي للمواطنني؟‬ ‫هذا النوع من البرامج يجب أن يكون عادة انعكاس‬ ‫للوضع الذي يعيشه املواطن‪ ،‬والذي ليس “شوازاً”‪ ،‬ال‬ ‫بل السياسيون في لبنان هم الـ “شواز”‪ ،‬وهم سبب‬

‫هذا الوضع املتر ّدي الذي يعيشه كل لبناني‪ ،‬والذي يقوم‬ ‫بأخطاء ومخالفات كثيرة ألنه اعتاد على ذلك‪ ،‬في حني‬ ‫أنه يط ّبق قانون السير أو البناء أو غيره حني وجوده خارج‬ ‫بلده‪ .‬نأخذ مثاال ً بسيطا ً على مخالفاتنا الشرقية‪ ،‬من‬ ‫خالل الشهيد علي شعبان‪ ،‬وهو الشاب إبن الثالثني‬ ‫ربيعاً‪ ،‬والذي رمبا لو خُ لِق في دولة غير لبنان‪ ،‬ملا كان‬ ‫حصل له ما حصل‪ .‬لذلك علينا السعي بجميع الطرق‬ ‫ليعترف السياسيون بأننا لسنا “قطيعاً” ينزلونه إلى‬ ‫الشارع ساعة شاؤوا‪ ،‬وإجبارنا على احملاربة عنهم في‬ ‫حني يختبأون في قصورهم‪ ،‬وهذا ما عايشناه سابقا ً‬ ‫خالل احلرب بحيث كنا نذهب للمحاربة عنهم في حني‬ ‫يختبأون في مالجئهم‪ ،‬وكانت النتيجة أن أصبحوا‬ ‫زعماء وحكاما ً للبلد ونحن بقينا الشعب الذي دفع‬ ‫ثمن أخطائهم وأفعالهم‪ ،‬وسياستهم الس ّيئة‪.‬‬ ‫هل تؤمن بحريّة اإلعالم من خالل برنامج “إربت‬ ‫تنحل”‪ ،‬أو أ ّن اخلوف يكون موجوداً في تقدمي بعض‬ ‫الشخصيات أو التعليق على أمور محددة؟‬ ‫بداية‪ ،‬ال أؤمن بحرية اإلعالم في لبنان‪ ،‬ألنه لألسف‬ ‫ال وجود فيه لإلعالم احلر‪ ،‬فهو مس ّيس ويسير كما تريد‬ ‫اخملابرات واملعلومات‪ ،‬وتبعا ً إلدارة احملطة أو السياسي‬ ‫الذي “ميون” على هذه احملطة أو تلك‪ ،‬فنسبة قليلة‬ ‫من اإلعالميني متلك الكلمة احلرة‪ ،‬أما باقي اإلعالميني‬ ‫ف ُمس ّيسون ويسيرون وفقا ً ملصاحلهم وإلرادة السياسي‬ ‫الذي يتبعون‪ ،‬ويتكلمون بلسانه‪ ،‬وبالتالي فال حاجة‬ ‫للمطالبة بإعالم ح ّر في لبنان‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للخوف من تقدمي بعض االسكتشات‪،‬‬ ‫فذلك نوع من الـ “‪ ،”Propaganda‬أي نوع من اإلعالن‪،‬‬ ‫وأعتبرها مدروسة وليست كما يعتقد البعض أنها‬ ‫ضت‬ ‫عبارة عن “اسكتش” أو فكرة سقطت سهوا ً أو ُعرِ َ‬ ‫بغير غاية‪ ،‬وهذا ما يسعى إليه البعض للفت أنظار‬ ‫اإلعالم إليه‪ ،‬متاما ً كما يسعى السياسي أو الفنان‬ ‫التباعه من خالل احلديث عن محاولة اغتياله أو تع ّرضه‬ ‫لوعكة صحية أو ما شابه‪ .‬من هنا‪ ،‬عندما أق ّدم شيئا ً‬ ‫ما قد يُحدث بلبلة ما‪ ،‬سأكون قد ق ّدمته بقناعة وليس‬ ‫لهذه األسباب‪.‬‬

‫«الوحش اجلميل» عمله الدرامي‬ ‫اجلديد‬ ‫ماذا عن الدراما وأين َ‬ ‫أنت بينها والبرامج الكوميدية‬ ‫خاصة َ‬ ‫َ‬ ‫أخرجت عدداً من املسلسالت الدرامية‬ ‫وأنك‬

‫والتي القت إعجاباً كبيراً؟ وماذا عن شركتك»‪pro -‬‬ ‫‪production‬؟‬ ‫‪ pro - production‬هي التي تنتج “إربت تنحل”‪،‬‬ ‫واملسلسالت الدرامية واملسرحيات التي أق ّدمها مع‬ ‫أسست هذه الشركة كي أشعر‬ ‫فريق عملي‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫بأنني حقا ً أق ّدم شيئا ً خاصا ً بي وأكثر انتظاماً‪ ،‬وقابلية‬ ‫آت‬ ‫للتعاطي مع أصحاب اإلعالنات وغيرها‪ ،‬علما ً أنني ٍ‬ ‫ولكن مجال اإلخراج في‬ ‫من خلفية درامية سينمائية‬ ‫ّ‬ ‫وقررت اإلكمال به‪.‬‬ ‫مجال البرامج الساخرة جذبني‬ ‫ُ‬ ‫ففي تنفيذ املسلسالت الدرامية‪ ،‬أوصل فكرة كاتب‬ ‫السيناريو‪ ،‬في حني أنني في البرامج الساخرة أوصل‬ ‫فكرتي اخلاصة‪ ،‬حتى ولو أ ّن طريقة اإلخراج في الدراما‬ ‫أفضل وأجمل وأكثر جاذبية‪.‬‬ ‫هل من احتكار للدراما من قبَل عدد محدد من‬ ‫املخُ رجني‪ ،‬كما تعتبر بأن كتابة الدراما مُحتكرة بعدد‬ ‫قليل جداً من ُ‬ ‫الك ّتاب؟‬ ‫ال ميكن احلديث عن االحتكار‪ ،‬فالنجاح هو ما يُحدد‬ ‫مدى فاعلية هذا البرنامج أو ذاك في املشاهد‪ ،‬كما‬ ‫يفعل العمل الدرامي‪ ،‬وهذا ما يجعل من البرنامج‬ ‫قابالً لإلستمرارية والتجدد والتط ّور‪ ،‬وبالتالي فنجاح‬ ‫إيلي فغالي أو شربل خليل أو غيرهما هو ما يساهم‬ ‫في تط ّور أعمالهم بدون أن يحتكروا هذا اجملال أو ذاك‪.‬‬ ‫ختاماً‪ ،‬ماذا عن العمل الذي قمتم بتصويره في‬ ‫منزل الوزير وئام وهاب في اجلاهلية؟‬ ‫هو مسلسل درامي بعنوان “الوحش اجلميل”‪،‬‬ ‫تفاصيله مأخوذة عن كتاب “الوحش اجلميل” للكاتب‬ ‫جورج إبراهيم اخلوري الذي كان ينشر أجزاءه في مجلة‬ ‫الشبكة‪ ،‬وهذا العمل من كتابة الشاب روي بدران‪،‬‬ ‫الذي كتب سابقا ً مسلسل “ملا انقطعت الكهربا”‬ ‫وكان من إخراجي أيضاً‪ ،‬والقى استحسانا ً كبيراً‪ .‬اليوم‪،‬‬ ‫مسلسل “الوحش اجلميل” أصبح في نهايات عمليات‬ ‫حتضيره‪ ،‬وهو مؤلف من ‪ 22‬حلقة‪ ،‬وتدور محاوره حول‬ ‫رجل لبناني عاش في لبنان منذ األربعينات حتى العام‬ ‫‪ ،1975‬ولكن طبعا ً متّ التصوير على الطريقة املُعاصرة إذ‬ ‫ال ميكن التصوير بنفس املَشاهد التي كانت أيام احلرب‪.‬‬ ‫هذا الرجل كان أفقر إنسان في لبنان فأصبح األغنى‪،‬‬ ‫مع كل املشاكل التي واجهها ويواجهها‪ ،‬فيحمل‬ ‫توصل املشاهد إلى نتيجة بأ ّن كل‬ ‫احلقد واألخطاء التي ِ‬ ‫َمن سار في هذه األخطاء لم تكن طريقه سليمة‪.‬‬ ‫يشغل بطولته‪ :‬الفنان عمار شلق‪ ،‬والفنان فيصل‬ ‫أسطواني‪ ،‬إضافة ملمثلة شا ّبة جديدة في عالم‬ ‫التمثيل هي نانسي ياسني‪ ،‬وهي تعمل في مجال‬ ‫اإلعالم ك ُمذيعة‪ .‬إذ ال شك بأنني أسعى في كل عمل‬ ‫أعطيت‬ ‫تلفزيوني‪ ،‬لتقدمي الفرصة ملمثلني جدد‪ ،‬بحيث‬ ‫ُ‬ ‫الفرصة مثالً لـ “سيرين عبد النور” في “غدا ً يو ٌم آخر”‪،‬‬ ‫احلب”‪ ،‬ولـ “دارين شاهني”‬ ‫ولـ “داليدا خليل” في “ألنه ّ‬ ‫في سلسلة “صحن يومي”‪ ،‬و”جويل داغر” في مسلسل‬ ‫“دقة قلب”‪ .‬أح ّبذ دائما ً إعطاء الفرص للموهوبني‬ ‫ليتمكنوا من إثبات أنفسهم‪.‬‬ ‫املسلسل يحمل مشاهد مش ّوقة جداً‪ ،‬تتنقل من‬ ‫طريقة “الفالش باك” ‪ ،flash back‬إال انها ترتبط بواقع‬ ‫املسلسل‪ ،‬وسيتم عرضه على شاشة قناة “اجلديد”‬ ‫حني يصبح جاهزا ً بالكامل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬


‫منبر ثقافي‬

‫إصداره الجديد «ذكريات صبي المحلة» ك ّرس ُه أديباً‬

‫مازن ع ّبود‪ :‬العروبة تستبدل بـ «اإلسالم المتط ّرف»‬ ‫الناصري‬ ‫والميالد تناسى الطفل‬ ‫ّ‬ ‫استقبل عالم الكتابة األدبية‬ ‫والروائية كاتباً جديداً‪ ،‬ليس بعيدا ً عن‬ ‫قلم الكتابة إال أ ّن قراءه عرفوه بكتابته‬ ‫الصحفية النقدية السياسية والبيئية‬ ‫بأغلبيّتها‪ ،‬فكان أن أغنى باكورته األدبية‬ ‫بكتاب “ذكريات صبي احمللة” والذي جمع‬ ‫ذكريات عايشها وتعايش‬ ‫بني صفحاته‬ ‫ٍ‬ ‫معها‪ّ ،‬‬ ‫أحب بعضها وانزعج من غيرها‪ ،‬إال‬ ‫أنها صنعت شاباً مقداماً مثقفاً ال يزال‬ ‫طموحات تسعى‬ ‫يحمل منذ الطفولة‬ ‫ٍ‬ ‫يوم ما‪.‬‬ ‫ألن تصبح‬ ‫ٍ‬ ‫إجنازات في ٍ‬ ‫مواضيع عديدة‪ ،‬نقلها كاتبها من‬ ‫كلمات يتبادلها‬ ‫ذكريات في البال‪ ،‬إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مكنونات حزينة في بعضها‪ ،‬وسعيدة‬ ‫اليوم مع القرّاء‪ ،‬ليعبّر عن‬ ‫ٍ‬ ‫في جزئها األصغر‪ ،‬فلقد أيقن مازن عبود مثالً أ ّن كل ما عايشه من‬ ‫أجواء امليالد في صغره‪ ،‬ما هي إال بهرجات تناست املعنى احلقيقي‬ ‫مليالد الطفل الناصري “يسوع”‪ ،‬بحيث كتب في قصة “ميالد‬ ‫رجاء” ضمن كتابه اجلديد ومن ضمن قصص متعددة ّ‬ ‫خطها عبّود‬ ‫من بني ذكرياته الطفولية والتي بعثرها الزمان وغيّرها الناس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وغنى وجتاهلت أن الغنى هو غنى الروح‪،‬‬ ‫فحش وثرا ُء‬ ‫فأصبحت‬ ‫ً‬ ‫ما سبب كتابتك املُبكرة لذكرياتك‪ ،‬واختيار‬ ‫جو امليالد بالتحديد للحديث عنه في معظم‬ ‫صفحات الكتاب؟‬ ‫طبعا ً هناك قضايا ومغامرات شخصية أوردتها‬ ‫في الكتاب‪ ،‬ولكن ميكن لكل شخص أن يكون‬ ‫هذا “الصبي”‪ ،‬وال وقت محدد للموت وبالتالي ال‬ ‫أحببت‬ ‫شيء ُمبكر على كتابة الذكريات‪ ،‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫تسجيل أشياء أح ّبها وحفظتها كي تبقى‪ ،‬ألنني‬ ‫أعتقد بأ ّن الكتاب والكلمة فيه أبقى من اإلنسان‪،‬‬ ‫واإلنسان إذا لم يكن كلمة‪ ،‬سرعان ما يتالشى‬ ‫وينتهي ويصبح حيواناً‪ ،‬ألنه باألساس حيوان‬ ‫اجتماعي يفكر‪ ،‬والكلمة هي نتيجة الفكر‪،‬‬ ‫وأساس الكون‪.‬‬ ‫أسجل هذه التجربة‬ ‫لذلك‪ ،‬كان من الضروري أن‬ ‫ّ‬ ‫البسيطة من حياتي‪ ،‬بإطار قصصي‪ ،‬كي أمتكن‬ ‫من تقدميها للناس‪ ،‬وللمجتمع أكثر فأكثر‪ ،‬إمنا‬ ‫ليست كل القصص الواردة في الكتاب قصصا ً‬ ‫واقعية‪ ،‬فبعضها يحتوي تكثيف للحبكة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ُ‬ ‫والفحش ليس من‬ ‫والثراء هو ثراء النفس‬ ‫شيم اإلنسان العاقل‪ ،‬ومما كتبه‪“ :‬علّ‬ ‫معاني أيقونة امليالد تلملم دمعنا ودمنا‪،‬‬ ‫فتعيد وصلنا بدنيا سيد امليالد‪ ،‬إذ نحن‬ ‫غربة عنه منشغلني في قضايانا‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫وأحزاننا‪ .‬فندرك‪ ،‬أنه يبقى حتى في‬ ‫الزمن األسود ومضات وفسحات ملَن أراد‬ ‫أن يرخي اذنيه ألصوات مالئكة التسبيح‬ ‫ّ‬ ‫فمجدوه‪،‬‬ ‫تهتف وتقول‪“ :‬املسيح ُو ِل َد‬ ‫املسيح أتى من السموات فاستقبلوه‪،‬‬ ‫املسيح على األرض فارتفعوه‪ ،”...‬وفتح‬ ‫ّ‬ ‫التجسد‪ .‬هذا كان في‬ ‫عيناه وقلبه إلدراك‬ ‫القدمي‪ ،‬زمن ميالد الطفل امل ِلك الذي لن‬ ‫يرتقي لدرجته رئيس أو وزير حتى لو ل ِّق َب بامل ِلك!!”‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فيض من غيض مما رسمته أصابع مازن عبّود‬ ‫كلمات هي‬ ‫إنها‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ميدح به النقاد‪ ،‬ويفرح قارؤه‬ ‫بحروف األبجدية‪ ،‬وجعلته كاتبا‬ ‫ّ‬ ‫لتصفح كتابته ومتابعة أعماله‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬التقت “منبر التوحيد” الكاتب والصحافي مازن‬ ‫عبود بعد صدور كتابه “ذكريات صبي احمللة”‪ ،‬وكانت جولة بني‬ ‫طيّاته‪ ،‬ومختلف املواضيع الراهنة‪ ،‬وهنا ّ‬ ‫نص احلوار‪:‬‬

‫القصصية‪ ،‬إذ ال ميكن اليوم نقل األمور كما هي‪،‬‬ ‫أل ّن القارىء حينها لن يستفيد منها‪ ،‬لذلك يجب‬ ‫مبنطق محلي‬ ‫اعتماد التكثيف‪ ،‬كما وأ ّن الكالم‬ ‫ٍ‬ ‫ال يوصل إلى نتيجة‪ ،‬فيجب اإلنطالق منه إلى‬ ‫املنطق العاملي‪ ،‬وبالتالي من اخلاص إلى العام‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬يتناول “ذكريات صبي احمللة” مواضيع‬ ‫متعددة مسكوبة بالنمط املعيشي‪ ،‬يكتسي‬ ‫لون ونكهة وطعمة‪ ،‬ولكن ميكن أن يع ّبر عن أي‬ ‫إنسان في كل زمان ومكان‪ ،‬وأعتقد أنّها األهمية‬ ‫التي يكتسيها هذا العمل‪.‬‬ ‫تقول في إحدى عبارات في الكتاب‪“ :‬مَن‬ ‫َ‬ ‫أمسه‪ ،‬ال يخشى حاضره”‪ .‬هل هذه‬ ‫يدرك‬ ‫طريقتك لتجسيد الذكريات للجيل اجلديد‬ ‫مآس‬ ‫الصغير‪ ،‬والطالعهم على ما حصل من‬ ‫ٍ‬ ‫سابقة ليتعلموا منها؟‬ ‫زلت‬ ‫في‬ ‫لست‬ ‫ذكرت‪،‬‬ ‫كما‬ ‫عمر متقدم‪ ،‬فال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫في الثامنة والثالثني من عمري‪ ،‬إمنا إذا لم يعرف‬ ‫اإلنسان ماضيه ويتصالح معه‪ ،‬ال ميكنه أن‬

‫‪78‬‬

‫يبني حاضره ومستقبله‪ ،‬وإال فسيغرق في هذا‬ ‫املاضي‪ ،‬إذا لم يحلله ويفهمه جيداً‪ ،‬ويبقى في‬ ‫دائرة مغلقة‪ ،‬وهذه مشكلة كبيرة جدا ً في عاملنا‬ ‫الثالث والشرقي خاصة‪ ،‬إذ لم نخرج من ذاك‬ ‫املاضي‪ ،‬ألننا لم نستطع حتليله كما يجب ولم‬ ‫نتمكن من أن نتصالح مع ذواتنا‪ ،‬كي نتمكن من‬ ‫أن نعيش احلاضر لكي نبني املستقبل‪.‬‬ ‫“ذكريات صبي احمللة”‪ ،‬الكتاب الثالث بعد‬ ‫كتابَيك‪“ :‬دوما حكاية قصبة مشرقية”‪،‬‬ ‫و“‪«Seeds of change‬ما الفرق بالنسبة لك‬ ‫فيما بينها؟‬ ‫ٌّ‬ ‫كل منها يع ّبر عن جانب معني من شخصيتي‪،‬‬ ‫فـ “‪ »Seeds of change‬يعبر عن نضاالت في‬ ‫اجملتمع املدني وفهم لطبيعة اجملتمع اللبناني‪ ،‬هو‬ ‫دراسة اجتماعية سياسية استراتيجية نوعا ً ما‪،‬‬ ‫في حني أ ّن الكتاب اجلديد “ذكريات صبي احمللة”‪،‬‬ ‫يحتوي على “مازن عبود الكاتب”‪ ،‬ومن جهة أخرى‬ ‫“دوما حكاية قصبة مشرقية” هو قراءة للتاريخ‬


‫وتبسيطه وتالوته على الناس لتتمكن من‬ ‫استيعابه‪ ،‬ألن كتب التاريخ تبقى على الرفوف‪،‬‬ ‫إذا ُك ِتب باملنطق العلمي واألكادميي‪ ،‬لذلك يجب‬ ‫حتويل التاريخ لقص ٍة تاريخية‪ .‬من هنا‪ ،‬فكل‬ ‫ينم عن ناحية معينة من‬ ‫كتاب من هذه الكتب ّ‬ ‫شخصيتي‪ ،‬واجلامع بينها هو فقط “مازن عبود”‪.‬‬

‫نسي الصعاب املاضية لينجح‬ ‫َ‬ ‫في احلاضر واملستقبل‬ ‫من خالل بعض ما أوردته من ذكريات أليام‬ ‫احلرب األهلية في لبنان‪ ،‬ما الذي ال يزال قابعاً‬ ‫في تفكيرك من تلك األيام الصعبة واملأساوية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حاولت توعية اجليل اجلديد لتفاديها‬ ‫وكيف‬ ‫خاصة من خالل توجّ هك إلبن أخيك “جان‬ ‫ميشال”؟‬ ‫هناك الكثير من الذكريات األخرى الصعبة‬ ‫أكثر والتي لم أح ّبذ ذكرها في هذا الكتاب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يوم من األيام‪،‬‬ ‫ولكن حتما يجب أن أنشرها في ٍ‬ ‫أردت أن تطغى الناحية الوردية أكثر من‬ ‫ألنني ُ‬ ‫تلك السوداوية على هذا الكتاب‪ ،‬مع أن هناك‬ ‫الكثير من الناحية الثانية م ّرت في حياتي‪،‬‬ ‫فبالنهاية “صبي احمللة” لم يكن يعيش في‬ ‫محيط معزول‪ ،‬إمنا هذا الكتاب أوجدته‬ ‫لينقل الناحية اإليجابية من ذكرياتي‬ ‫ويريح القارىء‪ ،‬وهذا ما مييز “ذكريات صبي‬ ‫احمللة” عن “‪ »Seeds of change‬فاألول‬ ‫مييل إلى اخليال والناحية الوردية واآلخر‬ ‫إلى الواقع‪.‬‬ ‫طبعاً‪ ،‬أحاول إيصال رسالة ما‪،‬‬ ‫وخاصة أ ّن ما يختلط في “ذكريات صبي‬ ‫احمللة” هو احمللي بالعاملي‪ ،‬والفلسفة‬ ‫بالواقع‪ ،‬والبساطة بالفلسفة‪ .‬أعتقد‬ ‫أ ّن هناك مزيج غريب أوجدته في هذا‬ ‫وحتدثوا‬ ‫الكتاب‪ ،‬وكثر كتبوا عن تلك العناصر‬ ‫ّ‬ ‫عدة ليفهمها أي‬ ‫عن مضامينها‪ ،‬خاصة وأنها ُم ّ‬ ‫شخص‪ ،‬ففيها نوع من السهل املمتنع‪ ،‬وميكن‬ ‫قراءته على عدة مستويات‪ ،‬وكل مستوى يسبح‬ ‫على عمق معني‪ ،‬أما هذا الكتاب فيكمن في كل‬ ‫املستويات‪ ،‬كما كتب النقّ اد عنه‪ ،‬مع حفالت‬ ‫التوقيع كلها التي أقيمت‪ ،‬وال زالت الردود تتوالى‬ ‫عليه‪ ،‬وكثر اعتبروا أن هذا العمل ك ّرسني إلى ح ٍّد‬ ‫ما كـ “كاتب”‪.‬‬ ‫أعتبر هذا الكتاب هادفاً‪ ،‬ألنه صرخة للمحافظة‬ ‫على القيم واألخالق‪ ،‬إذ ال نريد للحضارة اجلديدة أن‬ ‫تقضي على األخالق‪ ،‬فإذا لم يخدم العلم والتطور‬ ‫القيم والقضايا األخالقية‪ ،‬سنجد أنفسنا‬ ‫في وضع صعب جداً‪ .‬وما يعانيه العالم اليوم‬ ‫تصدع أخالقي وتدهور بيئي وأزمات‬ ‫هو نتيجة‬ ‫ّ‬ ‫اقتصادية‪ ،‬وأعتقد أن نهاية البشرية ستكون‬ ‫التصدع‪ ،‬الذي أتى أيضا ً نتيجة احلرية‬ ‫نتيجة لهذا‬ ‫ّ‬ ‫الفردية على حساب احلرية املسؤولة‪.‬‬

‫اليوم‪ ،‬يُسمح ألي شخص باستعمال جسده‬ ‫هدف يريده‪ ،‬حتت إطار احلرية الفردية‪ ،‬وأعتقد‬ ‫ألي‬ ‫ٍ‬ ‫أ ّن الكتاب هو صرخة في هذا اإلطار‪ ،‬ل ُيفهمنا بأ ّن‬ ‫لألخالق والتراث موقعا ً في احلضارة والتطور‪.‬‬ ‫تقول في إحدى عبارات الكتاب‪“ :‬هذا زمن‬ ‫أحادية االجتاه نحو األمام”‪ .‬هل ذلك دليل أل ّن ما‬ ‫يعيشه مازن عبود اليوم هو سبب ما عايشه‬ ‫سابقاً حتى الفترات الصعبة منها؟‬ ‫ال شك في ذلك‪ ،‬فشخصية اإلنسان هي‬ ‫تراكمات متكررة‪ ،‬وهنا متكن أهمية أن يفهم‬ ‫املاضي ويحلله ويتصالح معه‪ ،‬كي يتمكن‬ ‫من تخطيه وحتويله إلى‬

‫ماض قصصي‪ ،‬ف َمن‬ ‫ٍ‬ ‫ال يستطيع فهم نفسه وتأثير األحداث‬ ‫عليه‪ ،‬هو غير قادر على بناء حاضره وتط ّوره ليبني‬ ‫مستقبله‪.‬‬ ‫ماذا عن حياة مازن عبود‪ ،‬فقد حت ّد َ‬ ‫ثت عن أحالم‬ ‫َ‬ ‫صغرك؟ ما الطموحات التي‬ ‫وخياالت رأيتها في‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫تراودك حتى اليوم بعيدا عن األحالم‬ ‫ال زالت‬ ‫التي تالشت سابقا؟ً‬ ‫ال يبقى سوى األساس‪ ،‬وهناك طموحات أخرى‬ ‫تبقى زوائد أي “إكسسوار” كأحالم السلطة‬ ‫والثراء‪ ،‬أما ما يبقى فهو أن يعمل اإلنسان على‬ ‫نفسه‪ ،‬إذ ميكن للمقعد النيابي أو الوزاري مثالً‬ ‫أن يزول‪ ،‬أما لقب “الكاتب” فال ميكن ألحد إنتزاعه‬ ‫منك‪ ،‬لذلك فاحللم األساسي الذي كان مازن‬ ‫ِ‬ ‫عبود يحلم به هو أن يصبح “كاتباً”‪ ،‬واليوم حقق‬ ‫ذلك وأصبح “كاتباً”‪ .‬هذا هو أساس طموحاتي‪،‬‬ ‫أما باقي األحالم واألفكار‪ ،‬فبعضها حتقق وكان‬

‫‪79‬‬

‫جميالً‪ ،‬وغيرها لم يتحقق وال آبه إذا متّ أم ال‪.‬‬

‫ّ‬ ‫الناصري و «بابا‬ ‫امليالد ما بني‬ ‫نويل»‬ ‫َ‬ ‫تناولت تفاصيله‬ ‫ماذا عن امليالد الذي‬ ‫القدمية‪ ،‬والتي َ‬ ‫أردت إظهار تغيّرها ما بني املاضي‬ ‫واحلاضر؟‬ ‫طبعا ً امليالد هو أهم مناسبة بالنسبة لألطفال‬ ‫وبالتالي لـ “صبي احمللة”‪ ،‬أي لـ “مازن عبود”‪ ،‬لكنه‬ ‫حت ّول أكثر لعيد “بابا نويل”‪ ،‬الذي أتى ليغلق الباب‬ ‫على االهتمام بالناصري املولود في بيت حلم‪،‬‬ ‫بحيث أصبح امليالد مجرد هدايا وجتارة‪،‬‬ ‫وضاعت قيمته احلقيقية‪ .‬أعتبر أ ّن‬ ‫أهمية امليالد هي قدومه في فصل‬ ‫الشتاء‪ ،‬و َمن يعيش في قرية كقريتي‬ ‫ّ‬ ‫يتعطل عن العالم اخلارجي‬ ‫“دوما”‬ ‫مع وجود العواصف والثلوج‪ ،‬والتواجد‬ ‫في غرفة واحدة يساعد بإطالق العنان‬ ‫للخيال‪ .‬والقصص التي تترافق مع تلك‬ ‫تنمي لدى‬ ‫املرحلة‪ ،‬أي قصص امليالد‪ّ ،‬‬ ‫الطفل كل تلك اخمليالت واألحالم‪.‬‬ ‫طبعاً‪ ،‬امليالد يعنينا كثيراً‪ ،‬وعندما يكبر‬ ‫األوالد‪ ،‬يكون عيد الفصح األهم‪ ،‬فبالنسبة‬ ‫لنا كمسيحيني مؤمنني بالقيامة‪ ،‬يصبح‬ ‫نتقدم‬ ‫لدينا املوت هو الهم الغالب حني‬ ‫ّ‬ ‫بالعمر ونكبر‪ ،‬وهذا ما يفكر به اإلنسان‬ ‫ويبدأ بالتفتيش عما ّ‬ ‫ميكنه من هزمية املوت‪،‬‬ ‫مع موت الكثير من أصحابه ومعارفه‪ ،‬وتتطور‬ ‫ليحب عيد الفصح ألنه يعني التغلب‬ ‫األمور‬ ‫ّ‬ ‫على املوت‪ .‬أعتقد أن هناك نوعا ً من التطور‪،‬‬ ‫ولكن تبقى الوالدة هي األجمل‪ ،‬لذلك يحتل‬ ‫امليالد املناسبة األساسية في عقول الناس‪ ،‬وهنا‬ ‫لدي تركيز كبير عليه‪،‬‬ ‫تكمن أهميته‪ ،‬لذلك كان ّ‬ ‫ألنه يكتسي مفهوما ً خاصا ً باألصقاع اجلبلية‬ ‫والعادات القروية‪.‬‬ ‫هل كانت إذاً محاولة لتأريخ حكايا امليالد‬ ‫التي تغيّرت معاملها اليوم؟‬ ‫أردت إعادة كتابة هذه األمور كلها‪،‬‬ ‫بالفعل‪ ،‬لقد ُ‬ ‫بسبب خوفي من زوالها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يناديك بـ “سعد اهلل” َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كنت‬ ‫ألنك‬ ‫والدك‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫حتب الترتيل وممارسة عاداتك الدينية‪ .‬أين‬ ‫أصبحت تراتيلك الدينية اليوم؟‬ ‫ال زال مازن عبود قريب جدا ً من ر ّبه وال ميكنه أن‬ ‫يبتعد ومفهوم هذا القرب هو محبة كل الناس‪.‬‬ ‫بد من فهم ذلك على أنه وسيلة توصل‬ ‫طبعا ً ال ّ‬ ‫إلى احلقيقة الكبرى أي “اهلل”‪ ،‬و َمن يفهم معنى‬ ‫“اهلل” عليه أن يعي أنه ال يجوز أن مي ّيز‪ ،‬ويعتقد‬ ‫أنه ميتلك احلقيقة دون غيره‪ .‬أما بالنسبة للتراتيل‬ ‫زلت حتى اليوم أغني و”أرندح” بعضا ً‬ ‫الدينية‪ ،‬فال ُ‬ ‫منها‪ ،‬وأعتبر أ ّن اإلنسان يجب أال يهمل أبدا ً‬ ‫العجوز وال الشاب وال الطفل اللذين فيه‪ ،‬فإذا‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫عاش اإلنسان وبقي الطفل يعيش بداخله‪ ،‬يكون‬ ‫في دنيا اخليال‪ ،‬وإذا افتقد الشاب بداخله‪ ،‬يكون‬ ‫قد افتقد الطموحات التي يحققها تلو األخرى‬ ‫ويبتعد عن حتقيق اإلجنازات‪ ،‬وكذلك إذا افتقد‬ ‫العجوز بداخله‪ ،‬سيتوقف عن التفكير بالذكريات‬ ‫واالستفادة من املاضي لبناء احلاضر واملستقبل‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬تتواجد هذه املراحل الثالث بداخل مازن‬ ‫عبود ليتمكن من املضي قدما ً وتقدمي أفضل‬ ‫األعمال‪.‬‬ ‫ما تاثير الشخصيات املُس ّنة التي تناولتها‬ ‫في كتابك “ذكريات صبي احمللة” وحاورتها‪،‬‬ ‫وحت ّد َ‬ ‫ثت عنها‪ ،‬مع اجليل اجلديد‪ ،‬خاصة جلهة‬ ‫العادات والتراث؟‬ ‫هدفت من خالل هذا الكتاب ّ‬ ‫حث الناس‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫على أن تسمع أكثر للطبيعة‪ ،‬وألولئك البسطاء‬ ‫كي تتعلم منهم‪ ،‬ومن جتاربهم‪ ،‬ألنهم حقا ً‬ ‫يعلمون أكثر بكثير مما نعلم‪ ،‬حتى لو أنهم ال‬ ‫يعلمون أشياء أخرى‪ ،‬ولكن املطلوب من اإلنسان‬ ‫يدعي الفهم أكثر‬ ‫أن يسمع لإلنسان اآلخر‪ ،‬وال ّ‬ ‫من غيره‪ ،‬وهنا تكمن أهمية هذا الكتاب الذي‬ ‫يعلم القارىء كيفية أن يسمع ويحلل أيضاً‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تناولت الكهنة واآلباء وعادات الكنيسة‪ ،‬ما‬ ‫رأيك في وقتنا احلاضر مبواقف رجال الدين التي‬ ‫تغيرت وأصبحت سياسية أكثر منها دينية إن‬ ‫على الصعيد املسيحي أو اإلسالمي؟‬ ‫ال شك بأ ّن انخراط رجال الدين بالسياسة‬ ‫مشكلة كبيرة جداً‪ ،‬ففي املسيحية فصل تام بني‬ ‫اجلانبني‪“ :‬أعطوا ما لقيصر لقيصر‪ ،‬وما للهّ للهّ ”‪،‬‬ ‫ومن هنا ُوجد مبدأ العلمنة‪ ،‬وال أقصد بالعلمنة‬ ‫تلك التي تنكر األديان‪ ،‬ال بل العلمنة املتقبلة لها‪.‬‬ ‫أما تدخل رجال الدين في أمور الناس اليومية‬ ‫وفي السياسة خاصة هو خطر على الدين وعلى‬ ‫صورتهم بالذات ألنهم لن يستطيعوا جمع‬ ‫الناس حتت راية الدين‪ ،‬ال بل يع ّثرونهم‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فاملطلوب اليوم روحانيني وليس طائفيني‪،‬‬ ‫وكي يصل اإلنسان إلى مرحلة من الروحانية‬ ‫ويتخلى عن الطائفية‪ ،‬فذلك يستلزم الكثير من‬ ‫عما ميكن فعله وتنفيذه في‬ ‫النضال‪ ،‬والتفتيش ّ‬ ‫هذا اجملال‪ .‬أحياناً‪ ،‬يتطلب الوضع العام التدخل‬ ‫من رجال الدين‪ ،‬خاصة في مجتمع كمجتمعنا‬ ‫الشرقي‪ ،‬وما جعل األمور تستاء أكثر وأكثر في‬ ‫هذا الشرق‪ ،‬هو وجود كيان “إسرائيل” التي خلقت‬ ‫نوعا ً من التطرف وجعلت كل الناس تخاف من‬ ‫بعضها البعض‪ ،‬وح ّولت الصراع في املنطقة‬ ‫إلى صراع أديان ما بني املسيحية واليهودية‬ ‫واإلسالم‪ ،‬خاصة وأننا لسنا ضد اليهود ال بل ضد‬ ‫الصهيونية‪ ،‬في حني أساء إنشاء هذا الكيان‬ ‫لليهودية نفسها‪ ،‬فاليهود هو دين سماوي‪ ،‬كما‬ ‫املسيحية واإلسالم‪ ،‬كما وأ ّن هذا الكيان يسيء‬ ‫لكيان‬ ‫اليوم للصهيونية نفسها ألنه حت ّول‬ ‫ٍ‬ ‫“متطرف جداً”‪ ،‬وأصبح اخلطر اليوم هو خطر‬ ‫من التطرف الديني املتغلغل في منطقتنا‪ ،‬وبدأ‬ ‫يتزايد أكثر فأكثر‪ ،‬وبدأ العالم العربي يتحول‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لعالم “إسالمي” أكثر‪ ،‬فاختفت ما كنا نسميها‬ ‫بـ “العروبة”‪ ،‬حتى أن العالم بأكمله انقسم‬ ‫ما بني دول إسالمية في الشرق وأخرى يهودية‬ ‫وثالثة مسيحية نوعا ً ما في الغرب‪ .‬ومشكلتنا‬ ‫األساس‪ ،‬أن “العروبة” بدأت بالتالشي مع األحداث‬ ‫التي تشهدها منطقتنا‪ ،‬ويتم تبادلها مبفهوم‬ ‫“اإلسالم املتطرف”‪.‬‬ ‫أين املثقفني من هذا التطرف؟ وما دورهم في‬ ‫هذا اإلطار؟‬ ‫هم أقليات‪ ،‬وهم أ ّول َمن سيتم استهدافهم‪،‬‬ ‫فاإلعتدال اإلسالمي بخطر قبل أن يكون املسيحيون‬ ‫أو الدروز أو غيرهم بخطر‪ ،‬لقد دخلنا في مراحل‬ ‫صعبة ودقيقة في تاريخ العالم‪ ،‬وأصبحت الدول‬ ‫أكثر جتانسا دينيا وعرقيا واكثر دميقراطية‪ ،‬ولكن‬ ‫أقل تن ّوعا ً واكثر تطرفاً‪ ،‬وهذا ما أثبتته األحداث‬ ‫احلاصلة مؤخراً‪ .‬وال شك بأنه على املدى املنظور‪،‬‬ ‫سيكون هناك سطوة للتيارات السلفية واملتطرفة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬ولكن أعتقد أنها ستفشل‪ ،‬وأمتنى أن‬ ‫لعالم أفضل‪.‬‬ ‫تفضي األحداث‬ ‫ٍ‬ ‫تتحدث في كتابك أ ّن حلمك األكبر هو أن‬ ‫تتوقف الدماء في العالم‪ ،‬ماذا عن هذا احللم‪،‬‬ ‫ومتى يصبح واقعاً برأيك؟‬ ‫سيبقى حلماً‪ ،‬ألننا قادمون إلى فترات أسوء‪،‬‬ ‫خاصة مع تزايد األزمات االقتصادية وتزايد عدد‬ ‫السكان بحيث لن تستطيع األرض استيعابهم‪،‬‬ ‫لذلك أعتقد أن هناك هزّة كبيرة ستحصل‬ ‫لإلنسانية وستعيد ترتيب كل األمور‪ ،‬لتتمكن‬ ‫فيما بعد رمبا من اإلستقرار‪.‬‬

‫احلراك الشعبي العربي مؤامرة‬ ‫أميركية‬

‫العربي”‪ ،‬سيؤدي ملزيد من هذه الدماء أم أنه‬ ‫حقاً ميثل صحوة الشعوب وسعيها للحرية؟‬ ‫إنه ليس فقط مؤامرة أميركية‪ ،‬فاألنظمة‬ ‫تتحمل مسؤوليتها أيضاً‪ ،‬أل ّن‬ ‫العربية احلالية‬ ‫ّ‬ ‫هذه األنظمة تعهّ دت مبحاربة “إسرائيل”‪ ،‬وتأمني‬ ‫تأت‪،‬‬ ‫التنمية في بالدها‪ ،‬إال أ ّن التنمية تلك لم ِ‬ ‫َرس‪.‬‬ ‫وفلسطني لم تتحرر‪ ،‬والدميقراطية لم ت ُ‬ ‫كل ذلك‪ ،‬أ ّدى إلى ما نشهده اليوم‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يعني بأن َمن سيأتي إلى احلكم في دولنا العربية‬ ‫ولكن حركة البشرية‬ ‫سيكون أفضل ممّن سبقه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تبقى كذلك‪ ،‬وكل حت ّرك يؤ ّدي إلى اآلخر‪ ،‬ولكن‬ ‫هذا ال يعني بأن التط ّرف هو البديل‪ ،‬ولكنها‬ ‫تبقى حتما ً حركة شعوب‪ ،‬وال ميكن ألحد منا‬ ‫الوقوف بوجه حركة التاريخ‪ .‬لذلك‪ ،‬ال شك‬ ‫بأ ّن هناك استغالل حلركة الشعوب‪ .‬بدأت بذور‬ ‫االنتفاضات تبان مع تداعي حائط برلني وسقوط‬ ‫االحتاد السوفياتي‪ .‬ولقد كان مفترضا ً باألنظمة‬ ‫في البلدان العربية أن تقرأ ما جرى وقتها بشكل‬ ‫جيد وجتري إصالحات بنيوية‪ .‬إال أنها لم تفعل‬ ‫ذلك‪ ،‬بشكل كاف‪ .‬وعندما أدركت تلك األنظمة‬ ‫تأثيرات العوملة وتداعيات نشء القرية الكونية‬ ‫بشكل جيد كانت األمور قد وصلت الى وضعها‬ ‫احلالي‪ .‬فما كان مسموح به في األمس وقابل‬ ‫للتطبيق‪ ،‬ما عاد مسموحاًُ وما عاد يسري اليوم‪.‬‬ ‫ولألسف لقد تخلفت األنظمة العربية عن إرساء‬ ‫إصالحات وتغييرات‪ .‬طبعا ً إ ّن خوفنا األكبر هو من‬ ‫الفوضى ومن الفترات اإلنتقالية التي تسودها‬ ‫والتي ستقضي على تنوع النسيج اإلجتماعي‪.‬‬ ‫“صبي احمللة” اليوم أصبح كاتباً كما َ‬ ‫قلت‪ ،‬ما‬ ‫َ‬ ‫مشاريعك في مجال الكتابة بعد هذا العمل؟‬ ‫لكتاب‬ ‫أحضر‬ ‫ثان وثالث وأكثر‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫طبعا ً هنا كتاب ٍ‬ ‫عن الدول واألماكن التي زرتها سابقاً‪ ،‬ولكنني لم أختر‬ ‫العنوان املناسب له حتى اآلن‪ ،‬هي سلسلة بدأت “مع‬ ‫ذكريات صبي احمللة” ومستمرة مع كتب أخرى حتماً‪.‬‬

‫هل ما يحصل اليوم مما يسمّ ونه “الربيع‬

‫ع ّبود وميدالية البطريركية‬ ‫المسكونية‬ ‫تقديرا ً لنشاطه األدبي والكنسي والبيئي‪ ،‬منح‬ ‫رئيس أساقفة القسطنطينية ‪ -‬قداسة البطريرك‬ ‫املسكوني برثلماوس (أعلى مرجعية اورثوذكسية)‬ ‫ الكاتب والناشط البيئي مازن عبود ميدالية‬‫البطريركية املسكونية‪ ،‬وقد عبر عبود عن عميق‬ ‫شكره وتقديره واحترامه للبطريرك برثلماوس الذي‬ ‫وصفه “بالبطريرك األخضر واملدافع الشرس عن إرث‬ ‫الكنيسة الديني واحلضاري”‪.‬‬ ‫واعتبر ع ّبود أن هذه امليدالية “تضع على عاتقه‬ ‫مسؤولية إضافية الستكمال ما بدأه في مشواره‪،‬‬ ‫وأهداها الى كل مناضل من أجل شرق أفضل وعالم‬ ‫أحلى وبيئة أسلم”‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬


‫منبر رياضي‬

‫كرة السلة اللبنانية على نار حامية ‪ ...‬والمطلوب الروح الرياضية والتعقل‬ ‫بطولة غرب آسيا لمهرام اإليراني ‪ ...‬والرياضي اللبناني أثبت أنه يستحق اللقب‬

‫فقد الرياضي اللبناني لقبه كبطل ألندية غرب‬ ‫آسيا في كرة السلة‪ ،‬بخسارته أمام مهرام اإليراني‬ ‫(‪ )3-2‬في مجموع مباريات الدور النهائي‪.‬‬ ‫وكان الرياضي أحرز اللقب عام ‪ ،2010‬بعدما‬ ‫انسحب اجلالء السوري من املباراة اخلامسة‬ ‫واحلاسمة على خلفية األجواء املشحونة التي‬ ‫ظهرت في املدرجات‪.‬‬ ‫وهذا املوسم‪ ،‬أثبت الرياضي أن فوزه باللقب العام‬ ‫املاضي لم يكن وليد صدفة‪ ،‬بل استحقه عن جدارة‪،‬‬ ‫بعدما قارع منافسه مهرام االيراني وخاض أمامه‬ ‫مباريات كبيرة في معقله ملعب “أزادي” في طهران‪،‬‬ ‫وجنح في إسقاطه في املباراة الرابعة (‪.)93-101‬‬ ‫ووصل الفريقان الى الدور النهائي‪ ،‬بعدما تصدرا‬ ‫مجموعتيهما في الدور األول‪ ،‬ثم فاز الرياضي على‬ ‫دهوك العراقي (‪ ،)0-2‬ومهرام على أرامكس األردني‬ ‫(‪ )0-2‬في مجموع مباريات ربع النهائي‪ ،‬قبل أن‬ ‫يتخطى الرياضي مواطنه الشانفيل (‪ ،)1-2‬ومهرام‬ ‫مواطنه ذوب أهان (‪ )1-2‬في الدور نصف النهائي‪.‬‬ ‫ومع انطالق الدور النهائي‪ ،‬حقق الرياضي اللبناني‬ ‫فوزا ً صعبا ً على ضيفه مهرام (‪ ،)87-91‬الربع األول‬ ‫(‪ )18-23‬والثاني (‪ )40-52‬والثالث (‪ )65-74‬في املباراة‬ ‫التي جرت في قاعة صائب سالم الرياضية في‬ ‫بيروت‪.‬‬ ‫لكن الظروف تغيرت في املباراة الثانية التي جرت‬ ‫في قاعة صائب سالم أيضاً‪ ،‬التي شهدت إصابة‬ ‫جنم الرياضي ديواريك سبنسر الذي كان جنم املباراة‬ ‫األولى بتسجيله ‪ 39‬نقطة‪ ،‬ما أضعف القدرة‬

‫الهجومية عند الرياضي‪.‬‬ ‫ورغم ذلك‪ ،‬حاول العبو الرياضي مجاراة‬ ‫منافسيهم املتفوقني بقيادة مهدي كمراني‬ ‫والصمد بهرامي‪ ،‬لكن االيرانيني خطفوا ‪ 8‬نقاط‬ ‫متتالية في آخر دقيقة قادتهم الى الفوز (‪.)59-67‬‬ ‫وبعد االنتقال الى ايران‪ ،‬استضاف مهرام املباراة‬ ‫الثالثة في ملعب “أزادي” في طهران‪ ،‬وسيطر عليها‬ ‫متاما ً من دون مقاومة تذكر من الرياضي وأنهاها‬ ‫بفارق ‪ 18‬نقطة (‪.)76-92‬‬ ‫ومع انطالق املباراة الرابعة‪ ،‬ظن اجلميع بأن‬ ‫مهرام سيحسم املواجهة بنتيجة (‪ )1-3‬في‬ ‫مجموع املباريات‪ ،‬لكن كان لالعبي الرياضي رأي‬ ‫أخر‪ ،‬إذ تفوقوا على االيرانيني‪ ،‬وحتى على أنفسهم‬ ‫مخالفني كل التوقعات والترجيحات‪ ،‬وحسموا‬ ‫اللقاء الرابع في طهران (‪ ،)93-101‬ليعادلوا‬ ‫السلسلة النهائية (‪ .)2-2‬وفي املباراة اخلامسة‪ ،‬بدا‬ ‫واضحا ً أن التحكيم يؤدي دورا ً سيئا ً في املباراة‪ ،‬من‬ ‫خالل األخطاء التحكيمية العديدة التي شهدها‬ ‫اللقاء‪ ،‬خصوصا ً ضد الرياضي‪ ،‬فاعترض املدرب فؤاد‬ ‫أبو شقرا بقوة وسحب العبيه في محاولة منه‬ ‫لالنسحاب من املباراة‪ ،‬لكن األمور عادت وسويت‬ ‫وأكمل الرياضي املباراة التي انتهت ملصلحة مهرام‬ ‫(‪.)86-96‬‬

‫السلة اللبنانية‬ ‫وعلى صعيد كرة السلة اللبنانية‪ ،‬فقد باتت‬

‫‪81‬‬

‫اللعبة على نار حامية‪ ،‬مع اقتراب البطولة من‬ ‫أدوارها احلاسمة‪ ،‬حيث يترقب اجلميع املواجهات‬ ‫النهائية التي من املتوقع أن جتمع الرياضي بيروت‬ ‫والشانفيل مرة جديدة‪.‬‬ ‫ولم يهضم املتحد خوض الشانفيل مباراته‬ ‫مع احلكمة من دون جنومه فادي اخلطيب وسام‬ ‫هوسكني وماركوس هاسليب بسبب اإلصابة‪،‬‬ ‫ليسهل من مهمة احلكمة في الفوز (‪،)84-93‬‬ ‫وهذا ما أدى الى خروج املتحد من املنافسة‬ ‫على مقعد في الفاينل فور‪ ،‬علما ً أن املباراة‬ ‫األخيرة بني املتحد واحلكمة هي التي كانت‬ ‫ستحدد مصير الفريقني لو خسر احلكمة أمام‬ ‫الشانفيل‪.‬‬ ‫هذا الفوز احلكماوي‪ ،‬أدى الى توتر أجواء‬ ‫كرة السلة اللبنانية‪ ،‬فشكا املتحد أمره الى‬ ‫وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي الذي‬ ‫تدخل شخصيا ً وأمر بفتح حتقيق بإشراف‬ ‫االحتاد اللبناني للعبة‪ ،‬فجاء التقرير الطبي‬ ‫الرسمي ليؤكد صحة إصابة الالعبني‬ ‫الغائبني‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬كرة السلة اللبنانية على نار حامية‬ ‫مع اقتراب اختتامها‪ ،‬واملطلوب دائما ً التحلي‬ ‫بالروح الرياضية والكف عن التشنجات‬ ‫والنكايات الصبيانية‪ ،‬التي لن تؤدي إال الى‬ ‫إضعاف اللعبة وتدميرها‪.‬‬

‫جورج عون‬ ‫العدد ‪ -64‬أيار ‪2012‬‬


‫منبر حر‬

‫الى‬ ‫عبقر‪..‬‬ ‫نبيه األعور‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عبقر هذا – حفظه اهلل‪ ،‬رأسه املزهو التّياه‪ ..‬مياس كما الصفصاف الفارع‬ ‫الطول يصفق خلل ّوه من الثمرة النعمة “العقل” قال‪ - :‬صلوات اهلل عليه‪-‬‬ ‫ربي من وهبته العقل فماذا حرمته؟! ومن حرمته العقل فماذا وهبته؟!‬ ‫مسكني عبقر‪ ..‬فهو ناصب القيم واملروءة والشهامة واملناقب العداء‬ ‫“ناسجاً” ملقامه ثلة صويحبات “فاضالت” من مثل‪“ :‬مع حفظ األلقاب”‬ ‫النرجسية‪ ،‬التعالي‪ ،‬الفوقية‪ ،‬القشور والبروتوكول‪ ..‬تصحبنه في ح ّله‬ ‫وترحاله وحتط َن به في مجالسه‪ ..‬حتى اذا ما هبط بك القدر وهاتفته تشعر‬ ‫بعهرهن في نبرات صوته‪..‬‬ ‫عبقر “لويس” مسكون بهاجس العظمة‪ ،‬لم يسبق له أن أنصت مرة الى‬ ‫التواضع واحللم‪ ،‬غاربا ً عن باله أن اإلنسان يدنو من العظمة بقدر ما يدنو‬ ‫من التواضع‪ ..‬فمن يرفع نفسه يتّضع‪ ،‬ومن يضع نفسه يرتفع‪ ،‬فتاج املروءة‬ ‫التواضع‪..‬‬ ‫حرام عبقر “الرابع عشر” هذا‪ ..‬لقد أطفأت عواصف نفسه الوضيعة‬ ‫شمعة العقل فيه‪ ..‬فركب اجلهالة‪ ،‬ساهياً‪ ،‬غافالً أن اجلهل مطية سوء من‬ ‫زل ومن صحبها ّ‬ ‫ركبها ّ‬ ‫ضل‪ ،‬وأصبح كما العربة الفارغة كثير اجللبة على‬ ‫قلة أدب وكياسة وتربية وحياء‪.‬‬ ‫عبقر “الفرعون” أُجلس خلف منصة النتمائه “املذهبي” ال لفرادته في‬ ‫عالم‪ ...‬أو خللقه السمح أو الكرمي‪ ..‬ناسيا ً املسكني أن في حياة االنسان‬ ‫ما هو أعظم من املنصب وأكبر من الكسب وأسمى من العبقرية‪ ،‬أال وهو‬ ‫األخالق‪ ..‬فاملواقع مضامير الرجال الرجال‪.‬‬ ‫أنا أشفق على عبقر هذا‪ ..‬ألنني أرى سقوطه بني سنابك خيول األدب‬ ‫واملعرفة والشرف والعنفوان بات وشيكاً‪ ..‬ألن الكبرياء أم الرذائل وفاحتة‬ ‫السقوط‪ ..‬فكيف إذا امتزجت باحلماقة والغرور والسفاهة والتفاهة ّ؟!‬ ‫وألنه أهون على الكرمي أن ينسى األذى من أن ينسى اإلهانة‪..‬‬ ‫نصيحة أسوقها الى حفيدي وليد‪ ..‬إحذر الوضيع الذميم على الدوام‪ ..‬أيا ً‬ ‫كان املنصب الذي يشغل والتاج الذي يضع والصوجلان الذي يحمل‪ ،‬والبردة‬ ‫التي يتّشح‪..‬‬ ‫وليدي‪ ..‬عليك بإنفاق االحتقار باقتصاد كبير‪ ،‬بسبب وفرة عدد احملتاجني‬ ‫ثمة ر ّد الذع على عبقر وأمثاله ومن ينتسبون الى مدرسته‬ ‫إليه‪ ..‬فليس ّ‬ ‫وجبلته مثل االحتقار‪.‬‬ ‫حفيدي‪ ..‬كلما ازددت معرفة ببعض الناس ازددت حبا ً لكلبي‪.‬‬ ‫بهدي وقول الفيلسوف ‪( Cante‬كانت)‪“ :‬شيئان‬ ‫وليد‪ ..‬إفقه‪ ،‬تع ّلم واعمل‬ ‫ّ‬ ‫يثيران اإلعجاب واالحترام في نفسي‪ :‬السماء ذات النجوم من فوقي والقانون‬ ‫األخالقي في داخلي”‪.‬‬ ‫وليد إذا ق ّيض اهلل وعلمك أن تشغل موقعا ً ما فأنره مبصابيح العقل‬ ‫ووسع على محتاجيك برحابة الصدر وعزة النفس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وحصنه بدماثة األخالق ّ‬ ‫ثم إياك ان تنحو بالالئمة على الزمان‪ ..‬فاإلنسان هو الزمان صالحه من‬ ‫وإياك ّ‬ ‫صالحه‪ ،‬وفساده من فساده‪ ..‬فكن اخلمير الصالح في مجتمعك ووطنك‪..‬‬ ‫وال تنسى عبقر!!‬

‫‪82‬‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫‪2011‬‬


‫صد‬ ‫ر‬ ‫ح‬

‫ديثا ً‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.