Manbar altawhid issue 59

Page 1

‫العدد ‪ 59‬ــ كانون أول ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫«منتخب‬ ‫األرز» ‪..‬‬ ‫«ڠول»‬ ‫لصالح‬ ‫لبنان‬

‫أميركا و«إسرائيل»‬ ‫والحرب المستحيلة على إيران‬ ‫سفير الصين‪:‬‬ ‫المشهد اللّيبي‬

‫لن يتك ّرر‬ ‫في‬ ‫سوريا‬

‫‪1‬‬

‫قانصوه‪:‬‬ ‫سوريا َ‬ ‫تعاقب‬ ‫على دورها‬ ‫القومي‬ ‫وستخرج‬ ‫من أزمتها أقوى‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫يتألف املستشفى‬ ‫االقسام التالية‪:‬‬

‫من‬

‫‪ -1‬االدارة العامة‬ ‫اإلدارة (املدير التنفيذي‪ ،‬واملدير املالي‪،‬‬ ‫والسكريتاريا‪)...‬‬ ‫اإلستشفاء (املعلومات والوثائق والغرف‪)...‬‬ ‫اإلستشفاء اخلارجي (غرفة الطوارئ‬ ‫واخملتبرات واألشعة‪)...‬‬ ‫الفواتير‪.‬‬ ‫احملاسبة (الصندوق واحملاسبة‪)...‬‬ ‫املطالبات (تسليم الفواتير الى الطرف‬ ‫الثالث املسدد للفواتير ‪ +‬اإلستيراد)‬ ‫مكتب املشتريات (املواد الطبية املساعدة‬ ‫ومواد الطب احليوي واملطبخ واألدوية‪)...‬‬ ‫احملفوظات‬ ‫املوارد البشرية‬ ‫تكنولوجيا املعلومات‬ ‫مكتب املندوبني من قبل أي طرف ثالث‬ ‫يسدد الفواتير يراقب واألطباء املراقبني‪.‬‬

‫‪ - 2‬اإلدارة الطبية‬ ‫اإلدارة (املدير الطبي ‪ +‬جلنة األطباء ‪+‬‬ ‫السكرتاريا‪)... +‬‬ ‫مديرة العناية (مسؤولة رئيسات األقسام‬ ‫ومساعدي املمرضات واجلسم التمريضي)‪.‬‬ ‫املسؤول عن مراقبة اجلودة‪.‬‬ ‫مراقب رصد األمراض الداخلية‪.‬‬ ‫التغذية (املراقبة الغذائية)‪.‬‬ ‫الطب احليوي (مراقبة ومتابعة األجهزة‬ ‫الطبية)‪.‬‬

‫‪ -3‬الطوارئ‬ ‫غرف املعاجلة‬ ‫مكاتب األطباء ‪ +‬غرفة املمرضات ‪ +‬غرفة‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سكرتاريا)‬ ‫العمليات اجلراحية البسيطة‬ ‫الصيدلة ‪ +‬املستودعات‬ ‫قاعات اإلنتظار وغرفة اإلستراحة‬

‫‪ -4‬املشرحة‬

‫)ع(‬

‫وضغط الدم)‬ ‫قياس الضغط‬ ‫قياس حموضة املعدة‬

‫‪ -7‬غرفة التنظير‬

‫غرفة واحدة تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫منظار اجلهاز الهضمي‬ ‫التشريح‬ ‫‪( ERCP‬تشخيص وعالج البنكرياس‬ ‫الغرف املبردة‬ ‫باملنظار)‬ ‫تنظير القولون‬ ‫‪ -5‬التصوير الشعاعي‬ ‫تنظير املستقيم‬ ‫األشعة (مثالً‪ :‬تصوير املثانة الى الوراء‪ ،‬تنظير األلياف‬ ‫تصوير قرحة اجلهاز الهضمي‪ ،‬وجميع أنواع تنظير القصبات الهوائية‬ ‫التصوير الشعاعي)‬ ‫غرفة إستراحة ‪ +‬غرفة إنتظار‬ ‫غرفة تظهير األفالم‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن‬ ‫التصوير باملوجات فوق الصوتية‪ ،‬تخطيط التخزين‬ ‫القلب باملوجات فوق الصوتية‪)...‬‬ ‫املاسح ‪Scanner‬‬ ‫‪ -8‬القسطرة‬ ‫التصوير بالرنني املغناطيسي‬ ‫فحص التاجية‬ ‫فحص الثدي باألشعة‬ ‫تعديل الشرايني‬ ‫تصوير بانورامي‬ ‫القسطرة والدعامات‬ ‫املكتب الطبي ‪ +‬سكرتيرة (النتائج)‬ ‫فحص الشرايني‬ ‫مكتب سركتاريا إداري‬ ‫غرفة إستراحة ‪ +‬غرفة إنتظار‬ ‫غرفة احملفوظات‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن‬ ‫غرفة اإلستراحة ‪ +‬غرفة اإلنتظار‬ ‫التخزين‬

‫‪ -6‬اإلستكشاف الوظيفي‬

‫غرفة واحدة تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫‪( EMG‬مخطط كهربية العضل)‪.‬‬ ‫‪( EEG‬مخطط كهربية الدماغ)‬ ‫تخطيط السمع‬ ‫‪( ECG‬مخطط كهربية القلب)‬ ‫قياس التنفس (بسيط‪ ،‬كامل‪ ،‬شامل)‬ ‫اختبار اإلجهاد‬ ‫‪( PEA‬اجلهد السمعي)‬ ‫‪ ( PEV‬اجلهد البصري)‬ ‫فحص “هولتر” (إيقاع ضربات القلب‬

‫‪2‬‬

‫‪ -9‬اخملتبرات‬ ‫غرفة جمع الدم‬ ‫غرف اخملتبرات واآلالت (فحص البكتيريا‪،‬‬ ‫مسجالت األورام‪ ،‬الكيمياء احليوية‪ ،‬الفحص‬ ‫الكيميائي للبول ‪ 24‬ساعة‪ ،‬أمراض الغدد‬ ‫الصماء‪ ،‬أمراض الدم‪ ،‬أمراض املناعة‪ ،‬فحص‬ ‫احليوانات املنوية‪ ،‬فحص الطفيليات‪ ،‬فحص‬ ‫مصل الدم)‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات‬ ‫غرفة اإلستراحة وغرفة اإلنتظار‬


‫العدد‬

‫‪59‬‬

‫كانون أول ‪ 2011‬السنة اخلامسة‬

‫‪26‬‬

‫‪ 06‬لبنانيات‬

‫األب رويس األورشليمي‪:‬‬ ‫شعارات في سوريا‬ ‫تقلق مسيح ّييها‬

‫‪ 12‬حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 26‬عربيات‬

‫الحاج طه الحاج‪:‬‬ ‫نريد دولتنا الفلسطينية‬ ‫على كامل التراب‬

‫‪54‬‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 4 2‬دوليات‬ ‫‪ 5 3‬اقتصاد‬ ‫‪ 58‬منبر فني‬ ‫‪ 61‬ثقافة‬ ‫‪ 62‬اجتماعيات‬

‫د‪ .‬زياد الحافظ‪:‬‬ ‫أزمة هيكلية في‬ ‫االقتصاد األميركي‬

‫‪ 64‬منبر مرأة‬ ‫‪ 66‬قضية‬

‫إحسان المنذر‪:‬‬ ‫السيد نصر هللا ثأر‬ ‫لعبد الناصر‬ ‫منبر التوحيد‬

‫‪40‬‬

‫‪ 38‬فلسطينيات‬

‫‪58‬‬

‫‪ 74‬صحة‬ ‫‪ 76‬علوم‬ ‫‪ 78‬رياضة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫أي دور‬ ‫«لإلخوان‬ ‫المسلمين»‬ ‫وألي‬ ‫هدف؟‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يلعب “األخوان املسلمون” ومن انشق عنهم من تنظيمات وأحزاب‬ ‫وحركات إسالمية‪ ،‬دورا ً في خدمة أهداف خارجية غربية وأميركية‬ ‫وبريطانية حتديداً‪ ،‬حيث تتقاطع مصاحلهم‪ ،‬وفق مشاريع سياسية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وشكل “اإلخوان املسلمون” منذ تأسيس تنظيمهم في العشرينات‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬رأس احلربة في مواجهة احلركات القومية الناهضة‪،‬‬ ‫املنتفضة على االستعمار البريطاني والفرنسي‪ ،‬واخلارجة من زمن‬ ‫السلطنة العثمانية وموت الرجل املريض‪ ،‬وسقوط “اخلالفة اإلسالمية”‬ ‫التي حاولت حركة “اإلخوان املسلمني” إحياءها والتشبث بها‪.‬‬ ‫ففي عصر الرئيس جمال عبد الناصر وصعود احلركة الوحدوية‬ ‫العربية‪ ،‬التي مثلتها “الناصرية” في مطلع اخلمسينات مع انتصار‬ ‫“ثورة الضباط األحرار” في مصر واإلطاحة بامللك فاروق صنيعة‬ ‫االستعمار البريطاني‪ ،‬ناهض “اإلخوانيون” احلركة الناصرية التحررية‬ ‫الوحدوية‪ ،‬وبدأوا بالعمل على إسقاطها‪ ،‬وعرقلة عملها‪ ،‬وقد جاء‬ ‫حتركهم في وقت كانت مصر تواجه عدوانا ً ثالثيا ً في العام ‪1956‬‬ ‫من قبل فرنسا وبريطانيا و”إسرائيل”‪ ،‬بعد أن مّأم الرئيس عبد الناصر‬ ‫قناة السويس وحررها من الشركات األجنبية وأعادها الى السيادة‬ ‫الوطنية‪ ،‬فكانت احلرب الثالثية االستعمارية على مصر التي‬ ‫استقطبت العاملني العربي واإلسالمي‪ ،‬وظهر عبد الناصر كزعيم‬ ‫وطني وقومي عربي‪ ،‬وسطع جنمه كأحد أبطال حركات التحرير‬ ‫في العالم الى جانب الزعيم الهندي جواهر آل نهرو والرئيس‬ ‫ّ‬ ‫وشكل هذا الثالثي محورا ً في مواجهة‬ ‫اليوغوسالفي جوزف تيتو‪،‬‬ ‫الشرق والغرب حتت اسم “دول عدم اإلنحياز” واستقطب كل الدول‬ ‫واملنظمات الطامحة الى التحرر‪.‬‬ ‫ففي الوقت الذي كانت مصر بقيادة عبد الناصر تنهض في مواجهة‬ ‫االستعمار كان “اإلخوان املسلمون” يقفون في صف من يحاولون‬ ‫حتطيم هذه الظاهرة التي أرست أسس دولة تقوم على مفهوم‬ ‫املواطنية واالنتماء القومي‪ ،‬وليس على أسس دينية‪ ،‬فوقع الصدام‬ ‫نون ملبادئ ثورة ‪ 23‬يوليو (متوز)‬ ‫بني “ميثاق الثورة” وهو الكتاب الذي ُع ِ‬ ‫‪ ،1952‬وبني نهج “اإلخوان املسلمني” الذي دعا الى الدولة الدينية‪،‬‬ ‫وتكفير من ال يكون على رأيهم‪ ،‬وإشاعة أجواء ظالمية‪ ،‬مستندين‬ ‫الى فتاوى رجال دين‪ ،‬وقع خالف بني األئمة املسلمني حولها‪ ،‬للداللة‬ ‫على أن تنظيم “اإلخوان” ال ميثل الفكر اإلسالمي السليم‪ ،‬وال السير‬ ‫على السراط املستقيم‪ ،‬حيث وقعت معارك فكرية بينهم وبني‬ ‫مذاهب إسالمية أخرى لها اجتهادات فقهية مخالفة‪ ،‬ومستندة‬ ‫راق‪ ،‬يقدم اإلسالم على‬ ‫الى القرآن الكرمي وبتفسير موضوعي حضاري ٍ‬ ‫أنه دين التسامح واحملبة وعدم اإلكراه في الدين وقبول اآلخر واحترام‬ ‫رسل اهلل وتقديسهم‪ ،‬ال دين القتل والعنف وتكفير اآلخر‪ ،‬والتشنيع‬ ‫باألنبياء والرسل الكرام‪.‬‬ ‫ولقد قامت ونشأت من داخل حركة “اإلخوان املسلمني” تيارات‬ ‫إصالحية وأخرى تنويرية‪ ،‬ارتدت عنها‪ ،‬وجرت عمليات نقد ذاتي عند‬ ‫الكثير ممن انتموا إليها‪ ،‬وهذا ما حصل في مصر واجلزائر واألردن ودول‬ ‫أخرى‪ ،‬ألن هذه اجلماعة أظهرت اإلسالم على غير حقيقته‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك من أجل الوصول الى السلطة بأي ثمن ولو بالتعاون مع أجهزة‬ ‫استخبارية أو العمل ضد اجملتمع ومصاحله‪.‬‬ ‫فاستخدام حركات إسالمية من قبل مشاريع ومخططات خارجية‪،‬‬ ‫تكشفه وقائع ما كان عليه دور بعضها‪ ،‬في مواجهة املد القومي في‬ ‫اخلميسنات الذي كانت فلسطني قضيته املركزية ثم وحدة العرب‬

‫‪4‬‬


‫اجملتمع السوري‪.‬‬ ‫فاستخدام “اإلخوان املسلمني” ضد سوريا‪ ،‬كان من أجل أن‬ ‫تسقط من الداخل لتضعف بوجه “إسرائيل”‪ ،‬وتسمح بتمرير‬ ‫مشروعها لصهينة لبنان وتقسيمه‪ ،‬وضرب القوى الوطنية فيه‪،‬‬ ‫لكن القيادة السورية آنذاك‪ ،‬أفشلت املؤامرة‪ ،‬ومت اجتثاث التكفيريني‬ ‫من “اإلخوان املسلمني” في سوريا‪ ،‬واإلنعزاليني املتصهينني في لبنان‬ ‫عبر إسقاط إفرازات االجتياح اإلسرائيلي سياسيا ً وأمنيا ً واقتصادياً‪،‬‬ ‫وصمود املقاومة الوطنية واإلسالمية التي القت الدعم من سوريا‪،‬‬ ‫وانقلبت املعادالت الداخلية اللبنانية والعربية واإلقليمية والدولية‪،‬‬ ‫وبدأ يظهر محور مقاوم من إيران وسوريا ولبنان‪ ،‬وقد حاولوا إنهاء‬ ‫“الثورة اإلسالمية اإليرانية” ومحاصرتها في احلرب التي كلف بها‬ ‫صدام حسني من قبل دول اخلليج وأميركا‪ ،‬ملنع متدد “احلالة الثورية‬ ‫اإلسالمية” التي هي نقيض حلركات إسالمية ارمتت في أحضان‬ ‫الغرب‪ ،‬وقد فاجأتهم ثورة اإلمام اخلميني بإلغاء سفارة “إسرائيل”‬ ‫وإقامة سفارة لفلسطني‪.‬‬ ‫لقد جنحت سوريا في تكوين حالة وطنية وقومية مقاومة‪،‬‬ ‫واستفادت من السند اإليراني‪ ،‬كما من الدعم السوفياتي الذي جرى‬ ‫التركيز عليه إلخراجه من معركة فلسطني‪ ،‬فكانت احلرب العراقية‬ ‫على إيران املدعومة من أميركا وأنظمة اخلليج‪ ،‬إلسقاط نظامها‪،‬‬ ‫في الوقت الذي كانت حربا ً أخرى تخاض ضد الوجود السوفياتي في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬واستخدمت احلركات اإلسالمية في إسقاط النظام‬ ‫املوالي لالحتاد السوفياتي واملدعوم من جيشه في أفغانستان‪ ،‬وانتهت‬ ‫احلرب بخروجه من كابول مهزوماً‪ ،‬وكانت بداية تفكك املنظومة‬ ‫االشتراكية وعلى رأسها االحتاد السوفياتي في مطلع التسعينات‪،‬‬ ‫حيث تغ ّيرت اخلارطة اجليو ‪ -‬سياسية للعالم‪ ،‬ودخلنا فيما سمي‬ ‫“النظام العاملي اجلديد” وسيادة الليبرالية والرأسمالية‪.‬‬ ‫فهذا االستخدام لإلسالم السياسي‪ ،‬في مشاريع خارجية ضد‬ ‫النهوض القومي‪ ،‬والصمود الوطني‪ ،‬وانبالج فجر املقاومة‪ ،‬يطرح‬ ‫سؤاال ً عن هذا الدور لتنظيمات وأحزاب وحركات تتلطى باسم‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وتتظلل حتت رايته‪ ،‬وهذا ما أحدث لغطا ً وتضليالً بني‬ ‫اإلسالم كدين حترر وتسامح‪ ،‬وبني من يحمله كهوية سياسية‬ ‫للوصول الى السلطة في أدوار مشبوهة‪ ،‬ال بل في اختراق لنسيج‬ ‫اجملتمعات والتخريب عليه‪.‬‬ ‫فاإلسالم ثورة على الظلم واجلهل والقبلية والتفرقة‪ ،‬ونشأت‬ ‫منه دول وأنظمة وأحزاب‪ ،‬أدت أدوارا ً وطنية وقومية وعلمية‬ ‫وتقدمت مبجتمعاتها‪ ،‬ففي اإلسالم حضارات صنعها مسلمون‬ ‫عرفوا حقيقته وجوهره‪ ،‬ونطقوا به وعملوا على سراطه املستقيم‪،‬‬ ‫وها هي إيران دولة إسالمية متقدمة في السياسة والعلوم‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬وتقدم املرأة كشريكة‪ ،‬وال متنعها من ممارسة حقوقها‬ ‫الشرعية واملدنية‪.‬‬ ‫أما أن يتقدم من يحملون أسماء منظمات وأحزاب إسالمية‪،‬‬ ‫ليكونوا في خدمة مصالح خارجية‪ ،‬فهذا مرفوض‪ ،‬وهذا ما حصل‬ ‫في ليبيا‪ ،‬وهو ما يجري في تونس‪ ،‬وهو ما قد يحصل في مصر‪،‬‬ ‫وهذا ما ينتظر سوريا لو ُق ّيض “لإلخوان املسلمني” أن يصلوا الى‬ ‫السلطة‪ ،‬وكل ذلك يجري حتت عنوان تغييب فلسطني‪ ،‬وهذا هو‬ ‫عنوان املعركة على سوريا وفي سوريا‪.‬‬

‫الهدف األسمى‪ ،‬فكان “اإلخوان املسلمون” في مواجهة النهوض‬ ‫القومي‪ ،‬الذي هو بديل شرذمة اجملتمع وتفتيته‪ ،‬وإثارة نعرات‬ ‫طائفية ومذهبية فيه‪ ،‬وإلهاء الشعب عن معركة الوجود مع العدو‬ ‫اإلسرائيلي في صراعات هامشية حول مسائل فقهية وأخرى‬ ‫اجتماعية‪ ،‬حيث لم تكشف أدبيات بعض احلركات اإلسالمية عن‬ ‫اهتمام على قدر كبير من اجلدية حول فلسطني‪ ،‬وكان التوجه نحو‬ ‫قضايا تقف دون حترر اجملتمع وتطوره وتقدمه وتقف عائقا ً أمام حرية‬ ‫األفراد رجاال ً ونسا ًء وهذا ما كان محور صراع فكري وسياسي بني‬ ‫األنظمة ذات التوجه الوطني القومي والقائمة على أساس دستور‬ ‫مدني‪ ،‬وبني “اإلخوان املسلمني” الذين احنُضنوا أيضا ً من أنظمة‬ ‫ملكية دكتاتورية‪ ،‬وأخرى ذات البعد “الثيوقراطي” (الديني) وشكلت‬ ‫لهم حاضنة‪ ،‬وهذا ما فعله األردن املعروف بارتباط نظامه سياسياً‪،‬‬ ‫منذ اخلمسينات مع الغرب وحتديدا ً بريطانيا التي كانت وراء إنشاء‬ ‫إمارة األردن الهاشمية التي حتولت الى مملكة‪ ،‬وقد قدم العرش‬ ‫الهاشمي امللجأ “لإلخوان املسلمني” واملالذ اآلمن لهم‪ ،‬وقد شكلوا‬ ‫أداة املواجهة مع احلركات القومية‪ ،‬كما مع األحزاب الشيوعية‪،‬‬ ‫استخدمتهم أميركا في حربها الباردة مع االحتاد السوفياتي‬ ‫واملنظومة االشتراكية‪ ،‬كما أن دوال ً خليجية وجهتهم حملاربة‬ ‫الرئيس عبد الناصر الذي واجههم بقسوة ففروا الى السعودية‬ ‫صرفت عليهم األموال واملساعدات‪.‬‬ ‫ودول أخرى‪ ،‬حيث ُ‬ ‫ففي كل مرة تكون هناك معركة مصيرية مع االستعمار‬ ‫والصهيونية‪ ،‬يتم حتريك حركات إسالمية‪ ،‬من قبل أنظمة عربية‬ ‫وإسالمية‪ ،‬لها ارتباطات خارجية‪ ،‬هذا ما فعله “اإلخوان املسلمون”‬ ‫في سوريا‪ ،‬بعد حرب تشرين ‪ ،1973‬واالنتصار الذي حققه اجليش‬ ‫السوري في تغيير قواعد اللعبة‪ ،‬وإسقاط كل ما علق من هزمية‬ ‫حزيران ‪ ،1967‬بأن اجلندي العربي عموما ً والسوري خصوصا ً قادر‬ ‫أن يخوض حربا ً ويقوم هو بها في وجه العدو اإلسرائيلي‪ ،‬وكاد أن‬ ‫يحقق نصرا ً عليه‪ ،‬لوال التدخل العسكري األميركي املباشر وخيانة‬ ‫أنور السادات في أثناء املعركة وتراجعه عنها‪.‬‬ ‫ففي السبعينات‪ ،‬حترك “اإلخوان املسلمون” إلجهاض انتصار حرب‬ ‫تشرين التي كان وراءها التعاون العسكري مع االحتاد السوفياتي‪،‬‬ ‫الذي أرادته سوريا بقيادة الرئيس حافظ األسد إلقامة توازن‬ ‫استراتيجي مع “إسرائيل”‪ ،‬ولم يرق جلماعة اإلخوان أن يقدم النظام‬ ‫السوري هذا االنتصار‪ ،‬ويستقطب الشعب السوري من حوله‪،‬‬ ‫وتصبح سوريا الدولة القائدة في العالم العربي‪ ،‬ورقما ً صعبا ً في‬ ‫املعادلة اإلقليمية والدولية‪ ،‬إليها تأتي الوفود من أجل الوقوف على‬ ‫موقف الرئيس األسد الذي لم يقبل أن يقابل رئيس أميركي على‬ ‫أرض أميركية‪ ،‬طاملا أن الواليات املتحدة تدعم “إسرائيل” وتعتبر‬ ‫أمنها فوق مصاحلها‪.‬‬ ‫من هنا كان حتريك “اإلخوان املسلمني” في سوريا لضربها من‬ ‫الداخل‪ ،‬بعد أن استعصت على احلرب اخلارجية عليها‪ ،‬وبعد أن‬ ‫فشلوا من حتويل اخلاصرة اللبنانية سكينا ً في ظهرها‪ ،‬فكانت‬ ‫العمليات اإلرهابية ضد خبراء سوفيات‪ ،‬يعملون مع اجليش السوري‪،‬‬ ‫ثم في أعمال استهدفت ضباطا ً وعناصر من اجليش الى قتل مدنيني‬ ‫على الهوية الطائفية واملذهبية‪ ،‬وقد القى هؤالء اإلرهابيون دعما ً‬ ‫من أنظمة عربية‪ ،‬ال سيما من األردن الذي تسللوا منه الى الداخل‬ ‫السوري عبر درعا‪ ،‬التي شكلت الشرارة الثانية إلندالع احلرب على‬

‫‪5‬‬

‫«منبر التوحيد»‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫قانون االنتخاب حجر األساس لبناء دولة مدنية‬

‫النسبية خطوة أولى في اإلصالح يرفضها الخائفون‬ ‫على تحجيم كتلهم ومكاسبهم‬ ‫قانون االنتخاب‪ ،‬منه تتكون السلطات‬ ‫في الدول التي تعتمد النظام البرملاني‪ ،‬كما‬ ‫نصت مقدمة دستوره‬ ‫هو حال لبنان الذي ّ‬ ‫على أنه يعتمد النظام البرملاني‪ ،‬الذي عبره‬ ‫يتم انتخاب رئيس اجلمهورية‪ ،‬وتتشكل‬ ‫احلكومات البرملانية منه‪.‬‬ ‫ويعتبر قانون االنتخاب األساس في إصالح‬ ‫النظام السياسي‪ ،‬وعليه يتوقف تطور‬ ‫احلياة السياسية‪ ،‬ولو لم تشبه القوانني‬ ‫بعضها في الدول‪ ،‬إذ تختلف بني دولة وأخرى‪،‬‬ ‫حسب النظام الذي يحكم هذه الدول‪ ،‬من‬ ‫جمهوري الى ملكي الى احلزب الواحد الى‬ ‫تعددي الخ‪...‬‬ ‫وفي صيغة لبنان‪ ،‬فإن النظام فيه‪ ،‬ومنذ‬ ‫تكوينه‪ ،‬اعتمد عرفا ً طائفياً‪ ،‬لم يشر‬ ‫الدستور فيه بالنص الى أن نظامه طائفي‪،‬‬ ‫سوى في املادة ‪ 95‬من الدستور‪ ،‬حيث اعتبر‬ ‫احلالة الطائفية مؤقتة‪ ،‬وسيكون يوم‬ ‫صحوة وطنية‪ ،‬عندما يتم إلغاؤها‪ ،‬وقد أكد‬ ‫اتفاق الطائف على إنشاء الهيئة الوطنية‬ ‫إللغاء الطائفية‪ ،‬كأحد البنود اإلصالحية‬ ‫للنظام السياسي‪ ،‬الذي ال يؤكد على أن‬ ‫العرف‬ ‫السلطات فيه هي طائفية‪ ،‬بل أن ُ‬ ‫ك ّرس رئاسة اجلمهورية للموارنة ورئاسة‬ ‫مجلس النواب للشيعة ورئاسة مجلس‬ ‫الوزراء للسنة‪ ،‬بدليل أن أي مواطن لبناني‬ ‫يحق له الترشح ألي منصب من املناصب‬ ‫الثالثة‪ ،‬والى أية طائفة انتمى إذا توفرت فيه‬ ‫الشروط الدستورية والقانونية‪.‬‬ ‫فالدولة في لبنان‪ ،‬ككيان سياسي‪ ،‬ال دين‬ ‫لها‪ ،‬وال تعتمد نصوصا ً دينية للحكم‪ ،‬بل‬ ‫وزّع النظام بالتوافق السلطات مناصفة بني‬ ‫املسلمني واملسيحيني في مجلس النواب‪،‬‬ ‫ووظائف الفئة األولى في املؤسسات‪،‬‬ ‫وألغيت طائفية الوظيفة ما دون الفئة‬ ‫األولى باعتماد الكفاءة‪ ،‬وفق ما نص اتفاق‬ ‫الطائف‪ ،‬لكن لم يطبق هذا البند‪ ،‬واستمر‬ ‫تطييف ومتذهب الوظائف من الفئة الرابعة‬ ‫وما فوق‪ ،‬وهو ما ظهر في أكثر من دورة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وظيفية إدارية أو عسكرية أو قضائية أو‬ ‫دبلوماسية‪.‬‬ ‫وهذا االنقالب على الطائف‪ ،‬هو ما أخّ ر‬ ‫حتقيق اإلصالحات التي لو حصلت‪ ،‬لكان‬ ‫اللبنانيون انتقلوا فعليا ً الى دولة املؤسسات‬ ‫والقانون‪ ،‬والى اخلروج من واقعهم الطائفي‬ ‫الذي كلفهم مئات ألوف القتلى واجلرحى‬ ‫واملعاقني وعشرات مليارات الدوالرات‬ ‫من اخلسائر املادية واالقتصادية‪ ،‬ومازالت‬ ‫الطائفية التي أضيفت إليها املذهبية‪،‬‬ ‫تقبع فوق رؤوسهم‪ ،‬وتهدد أمنهم وحياتهم‬ ‫ووحدتهم الوطنية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وقانون االنتخاب‪ ،‬أحد وسائل إصالح‬ ‫النظام السياسي‪ ،‬ال بل أحد أركان قيام‬ ‫نظام مدني‪ ،‬وقد نص اتفاق الطائف على‬ ‫استصدار قانون انتخاب خارج القيد‬ ‫الطائفي‪ ،‬وينشأ مجلس شيوخ متثل فيه‬ ‫الطوائف‪ ،‬وحددت له صالحيات‪ ،‬لكن هذا‬

‫‪6‬‬

‫ما لم ينفذ‪ ،‬وقد خرق الطائف في أول‬ ‫انتخابات في العام ‪ ،1992‬عندما صدر قانون‬ ‫اعتمد احملافظات‪ ،‬وفق ما جاء في وثيقة‬ ‫الوفاق الوطني‪ ،‬وقد استثني جبل لبنان‬ ‫منه‪ ،‬العتبارات سياسية وطائفية تخص‬ ‫النائب وليد جنبالط الذي أبدى توجسا ً‬ ‫وقلقا ً من اعتماد جبل لبنان محافظة قد‬ ‫يطيح به انتخابيا ً الصوت املسيحي‪ ،‬على‬ ‫خلفية األحداث الدموية التي حصلت في‬ ‫اجلبل‪ ،‬وقد تفهم الرئيس السوري الراحل‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬تخوف جنبالط‪ ،‬وطلب‬ ‫استثناء جبل لبنان من احملافظات واعتماد‬ ‫القضاء وفق قانون ‪ 1960‬وهكذا كان هذا‬ ‫اخلرق إيذانا ً أن اإلصالحات لن تنفذ‪ ،‬وتوقفت‬ ‫منذ ذلك التاريخ‪ ،‬عند أهم بند فيها وهو‬ ‫قانون االنتخاب‪ ،‬ولو طبق‪ ،‬لكانت تشكلت‬ ‫الهيئة الوطنية إللغاء الطائفية‪ ،‬التي لم‬ ‫تبصر النور بالرغم من دعوة الرئيس نبيه‬


‫بري لقيامها‪ ،‬ورسالة من رئيس اجلمهورية‬ ‫األسبق املرحوم الياس الهراوي الى مجلس‬ ‫النواب إلصدار قانون فيها‪.‬‬ ‫وقبل أقل من عامني على االنتخابات‬ ‫النيابية في ربيع ‪ ،2013‬تعهدت احلكومة‬ ‫احلالية برئاسة جنيب ميقاتي بإصدار القانون‬ ‫أقله قبل عام‪ ،‬كي ال يبقى حتى آخر حلظة‪،‬‬ ‫ويصدر وفق معيار املصالح السياسية‬ ‫والطائفية لهذا الطرف أو ذاك‪ ،‬كما كان‬ ‫يحصل دائماً‪ ،‬ال سيما وأن آخر انتخابات‬ ‫في العام ‪ ،2009‬جرت وفق قانون ‪ 1960‬على‬ ‫أساس القضاء بعد اتفاق الدوحة في العام‬ ‫‪ ،2008‬الذي جاء إثر أحداث أيار من ذلك العام‪،‬‬ ‫وقد كان هذا القانون تكريسا ً ملرحلة ما قبل‬ ‫احلرب األهلية‪ ،‬جلهة اللجوء الى قانون يكرس‬ ‫الواقع الطائفي في النظام السياسي‪.‬‬ ‫ولقد تقدم وزير الداخلية مروان شربل‬ ‫مبشروع قانون الى مجلس الوزراء‪ ،‬اعتمد فيه‬ ‫على نظام النسبية وأسقط منه النظام‬ ‫األكثري‪ ،‬الذي لم يعد معتمدا ً في الكثير‬ ‫من الدول‪ ،‬ونص على الدوائر الوسطى وليس‬ ‫على احملافظة كما جاء في اتفاق الطائف‪.‬‬ ‫واعتماد النسبية خطوة إصالحية‪ ،‬حتظى‬ ‫بشبه إجماع حولها داخل احلكومة‪ ،‬إال‬ ‫موقف رئيس احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫النائب وليد جنبالط الذي انقلب على تراث‬ ‫حزبه وما كان والده املرحوم كمال جنبالط‬ ‫يطالب به‪ ،‬ال سيما في البرنامج املرحلي‬ ‫للحركة الوطنية اللبنانية‪ ،‬باعتماد لبنان‬ ‫دائرة انتخابية واحدة‪ ،‬على أساس النسبية‪،‬‬ ‫كتطوير للحالة السياسية‪ ،‬واالنتقال‬ ‫الى احلياة احلزبية الالطائفية‪ ،‬والقفز فوق‬ ‫اخلطاب الطائفي نحو خطاب وطني‪ ،‬على‬ ‫عكس ما اعتمد في قانون ‪ ،1960‬إذ كان‬ ‫التركيز على اخلطاب احمللي – الطائفي‪ ،‬وهو‬ ‫ما اعتبرته قوى سياسية وحزبية وطنية‪ ،‬أنه‬ ‫كان من أحد األسباب التي أشعلت احلرب‬ ‫الطائفية‪ ،‬مستذكرين “احللف الثالثي” بني‬ ‫األحزاب املسيحية ال بل املارونية الثالثة‬ ‫الكتائب واألحرار والكتلة الوطنية‪ ،‬في‬ ‫أججت اخلطاب‬ ‫انتخابات العام ‪ 1968‬التي ّ‬ ‫وجمعت املسيحيني في األقضية‬ ‫الطائفي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ذات األكثرية املسيحية‪ ،‬وراء قضايا طائفية‪،‬‬ ‫ومنها التخويف من الوجود الفلسطيني‬ ‫املسلح‪ ،‬ودعوة املسلمني الى املشاركة‬ ‫الفعلية في السلطة‪.‬‬ ‫فمعارضة جنبالط العتماد النسبية‪،‬‬

‫حاول أن يبررها بأن اإلصالح ال يكون جزئيا ً بل‬ ‫من ضمن مشروع متكامل‪ ،‬إذ ال يجوز اعتماد‬ ‫النسبية مع ارتفاع منسوب الطائفية ال‬ ‫بل املذهبية في اجملتمع‪ ،‬وهو ما دفعه الى‬ ‫رفض ذوبان الدروز في املساحة الطائفية‬ ‫الواسعة‪ ،‬وفقدان دوره كزعيم درزي يستفيد‬ ‫من النظام األكثري عبر احتكار التمثيل‬ ‫النيابي‪ ،‬وتكوين كتلة نيابية تدخله الى‬ ‫جنة احلكومات ومكاسب السلطة‪.‬‬ ‫وقد القى املوقف السلبي من النسبية‬ ‫جلنبالط‪ ،‬وغمزه من قناة إبقاء الوضع‬ ‫الطائفي‪ ،‬أن يلتقط “اللقاء األرثوذكسي”‬ ‫الذي كونه النائب السابق إيلي الفرزلي‪،‬‬ ‫ليدعو الى أن تنتخب كل طائفة نوابها‪ ،‬في‬ ‫اقتراح لقانون لم يلق الكثير من التجاوب‪،‬‬ ‫إال عند القوى الطائفية وهو تخريب على‬ ‫كل ما أجنز في الطائف من إصالحات‪ ،‬ولو لم‬ ‫تنفذ حيث يبرر الفرزلي وزمالؤه في اللقاء‬ ‫دعوتهم الى هذا القانون‪ ،‬بأن الواقع الطائفي‬ ‫فرض عليهم هذا التفكير‪ ،‬وهم من أصحاب‬ ‫التوجه العروبي الوطني العلماني‪.‬‬ ‫فهل تسير احلكومة في قانون النسبية‪،‬‬ ‫وتعتمده بالرغم من معارضة جنبالط‬ ‫له‪ ،‬وهو الذي يلقى دعم رئيس اجلمهورية‬ ‫الذي يريد أن يتوج عهده بإجناز إصالحي‬ ‫يراه في قانون االنتخاب‪ ،‬ويوافقه الرأي‬ ‫رئيس احلكومة جنيب ميقاتي الذي يكسر‬ ‫بالنسبية احتكار “تيار املستقبل” لتمثيل‬ ‫السنّة‪ ،‬وهو ما يرفضه الرئيس سعد احلريري‬

‫‪7‬‬

‫الذي يتفق مع جنبالط على اعتماد النظام‬ ‫األكثري خوفا ً من تقصير كتلته النيابية‪،‬‬ ‫بعكس حلفائه من مسيحي ‪ 14‬آذار الذين‬ ‫يؤيدون النسبية ال سيما “القوات اللبنانية”‬ ‫التي تعطيهم حجما ً أكبر في التمثيل‬ ‫املسيحي‪ ،‬إال أن القوات قد تساير حليفها‬ ‫احلريري‪ ،‬وترفض النسبية‪ ،‬وأن حزب الكتائب‬ ‫لم يعلن موقفا ً نهائياً‪ ،‬وإن كان دغدغ اقتراح‬ ‫“اللقاء األرثوذكسي” مشاعر النائب سامي‬ ‫اجلم ّيل الذي يتالقى مع طروحاته “لالمركزية‬ ‫السياسية”‪ ،‬بعكس تياري “املردة” و”الوطني‬ ‫احلر” اللذين يرفضان هذا القانون الطائفي‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬فإن معركة قانون االنتخاب‬ ‫فتحت‪ ،‬ويحاول جنبالط تأجيلها ألنها‬ ‫ليست مستعجلة كما يقول‪ ،‬ألنه قد‬ ‫يخسرها في داخل احلكومة التي إذا طرح‬ ‫املشروع على التصويت يفوز باألكثرية‪ ،‬وهو‬ ‫ال يرغب اخلروج منها‪ ،‬ألنه يحقق مكاسب‬ ‫سياسية فيها‪ ،‬سواء في التعيينات أو في‬ ‫اخلدمات التي تؤمنها الوزارات املسندة الى‬ ‫وزرائه‪.‬‬ ‫ولن يكون إصالح في لبنان دون قانون‬ ‫انتخابات‪ ،‬وهو أول اخلطوات‪ ،‬أو حجر األساس‬ ‫في بناء دولة مدنية‪ ،‬فيما لو اعتمد قانون‬ ‫خارج القيد الطائفي‪ ،‬وأنشئ مجلس‬ ‫شيوخ‪ ،‬وحتررت الوظائف من الطائفية‪،‬‬ ‫وبوشر بالالمركزية اإلدارية‪ ،‬واإلمناء املتوازن‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫نريد الحقيقة في اغتيال الحريري‪ ،‬لكن ليس من هذه المحكمة‬

‫علي قانصوه لـ «منبر التوحيد»‪ :‬سوريا َ‬ ‫تعاقب‬ ‫على دورها القومي وستخرج من أزمتها أقوى‬ ‫تخطى عمر احلكومة امليقاتية املئة‬ ‫يوم منذ تشكيلها في منتصف حزيران‬ ‫املاضي حتى اليوم‪ ،‬وهي مدة ميكن‬ ‫للمراقبني من خاللها احلكم على أدائها‬ ‫واإلجنازات التي حققتها‪ ،‬أضف الى تقلب‬ ‫في بعض املواقف التي فاجأت العديد من‬ ‫األطراف السياسية مبا فيها قوى ‪ 14‬آذار‬ ‫من ناحية موقف البطريرك املاروني مار‬ ‫بشارة بطرس الراعي الذي أعلن عنه خالل‬ ‫وبعد زيارته لفرنسا والواليات املتحدة‬ ‫والفاتيكان حيث التقى البابا وشارك في‬ ‫املؤمتر اخلاص الذي عقد هناك في حضور‬ ‫كرادلة وبعض البطاركة الشرقيني‬ ‫الذين شاركوا في اجملمع اخلاص الذي‬ ‫ترأسه البابا في الفاتيكان العام املاضي‬ ‫من أجل البحث في أوضاع مسيحيي‬ ‫الشرق األوسط بعد اجملازر التي تعرض لها‬ ‫مسيحيو العراق نتيجة االحتالل واحلرب األميركية التي شنت‬ ‫على هذا البلد‪ ،‬مظهراً هواجسه وقلقه من اخملاطر التي تتهدد‬ ‫لبنان وبعض دول املنطقة من جراء الطرق امللتوية املتبعة في‬ ‫استخدام العنف ونصرة فريق على آخر أو في اللجوء الى احلروب‬ ‫األهلية للتغيير في بعض األنظمة العربية‪ ،‬األمر الذي يتهدد‬ ‫املسيحيني في هذه الدول في وجودهم وتراثهم ومستقبلهم‪.‬‬ ‫هذا على صعيد موقف البطريركية أما على الصعيد‬ ‫السياسي فاجاً النائب وليد جنبالط اجلميع بـ “متوضعه اجلديد”‬ ‫كيف تنظر الى الوضع اليوم في سوريا؟‬ ‫قبل أن ننظر الى آخر مستجدات الوضع في‬ ‫سوريا ال بد من التركيز على نقطة األساس وهي‬ ‫أن ما تتعرض له سوريا يتجاوز حدود اإلصالحات‬ ‫التي نؤ ّيدها كما نؤ ّيد مطلب الشارع السوري في‬ ‫حتقيقها‪ ،‬والرئيس بشار األسد أعلن منذ األيام‬ ‫األولى للحراك الشعبي أنه مع هذه اإلصالحات‬ ‫وباشر بجملة خطوات تنفيذية على هذا الطريق‪.‬‬ ‫ما تتعرض له سوريا في األساس قرأناه على‬ ‫أنه مؤامرة تستهدفها‪ ،‬وتستهدف دورها املمانع‬ ‫واملقاوم ووحدتها وأمنها واستقرارها‪ ،‬وكل‬ ‫الضغوطات الدولية واإلقليمية والعربية وبكل‬ ‫الوسائل ومن خالل كل املنتديات التي متون عليها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الذي أعلن عنه في اجلمعية العمومية‬ ‫للحزب التقدمي االشتراكي في عاليه‪،‬‬ ‫وتبدل قراءته وخالصات تلك القراءة ملا‬ ‫ُّ‬ ‫يجري في سوريا من أحداث بالرغم من‬ ‫ثباته في موقعه مع األكثرية النيابية‬ ‫احلالية واحلاجة الى املقاومة وسالحها‪.‬‬ ‫أضف الى ما يقال حول إمكانية‬ ‫إسقاط احلكومة حتت بند متويل احملكمة‬ ‫الذي تستبعده األكثرية احلالية‪،‬‬ ‫والدعوات اجلديدة املتكررة للحوار برعاية‬ ‫فخامة رئيس اجلمهورية‪ ،‬ومباشرة درس‬ ‫قانون االنتخابات النيابية اجلديد في‬ ‫مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذا محلياً‪ ،‬أما إقليميا ال تزال األزمة‬ ‫السورية حتتل احليز األكبر من اهتمام‬ ‫كافة الدول العربية واإلقليمية والدولية‪،‬‬ ‫خاصة بعد قرار اجلامعة العربية بتعليق‬ ‫عضويتها‪ ،‬لكسر جسر املقاومة واملمانعة الذي مثلته ومتثله‬ ‫سوريا التي تُستهدف من قبل املشروع األميركي – الصهيوني‬ ‫الذي ّ‬ ‫تنفذه أدواتها من “عرب” أميركا تغطية لفشل اإلدارة‬ ‫األميركية في حربها على العراق وبالتالي انسحابها منه‪.‬‬ ‫كل هذه امللفات‪ ،‬وأمور كثيرة كانت محور لقائنا مع رئيس‬ ‫احلزب السوري القومي االجتماعي السابق‪ ،‬وزير الدولة علي‬ ‫قانصوه مبناسبة مرور ‪ 79‬عاماً على تأسيس احلزب‪ ،‬في حوار هنا‬ ‫نصه‪:‬‬

‫اإلدارة األميركية‪ ،‬تؤكد صحة ما قرأناه في األحداث‬ ‫السورية جلهة أنها مؤامرة تديرها اإلدارة األميركية‬ ‫لتحقيق األهداف التي ذكرناها سابقاً‪ ،‬وفي‬ ‫الطليعة شطب الدور القومي لسوريا أو معاقبتها‬ ‫على دورها القومي‪ ،‬كل ذلك قبيل انسحابها من‬ ‫العراق‪ ،‬وإشغال سوريا بنفسها وبالتالي إشغال‬ ‫باقي األقطار العربية مبشاكلها الداخلية لتغطي‬ ‫هزميتها في العراق‪ ،‬ألن انسحاب اجليش األميركي من‬ ‫العراق بعد أكثر من ‪ 8‬سنوات على احتالله هو فعالً‬ ‫وبكل املعايير هزمية لإلدارة األميركية وهي تريد أن‬ ‫تع ّوض من خالل األحداث السورية عن هذه الهزمية‪.‬‬ ‫هذا هو جوهر املشروع األميركي ‪ -‬الصهيوني ‪-‬‬ ‫الغربي – اإلقليمي ‪ -‬العربي ضد سوريا‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫لقد قطعت سوريا شوطا ً كبيرا ً على طريق‬ ‫استيعاب هذه الضغوط ومعاجلة بعض االهتزازات‬ ‫األمنية التي تتوالها عصابات مسلحة في أكثر من‬ ‫محافظة من احملافظات السورية‪ ،‬بحيث أسقطت‬ ‫سوريا محاولة إيجاد بنغازي ثانية فيها التي‬ ‫أسقطتها في درعا وحمص وحماة ودير الزور‪ ،‬لذلك‬ ‫سوريا اليوم باتت على قاب قوسني أو أدنى من بدء‬ ‫اخلروج من هذه األزمة وكلنا ثقة بأن سوريا ستخرج‬ ‫ّ‬ ‫تشكل منوذجا ً‬ ‫منها وستعود دولة قوية وحديثة‬ ‫لكل طالب اإلصالح في أقطارهم‪ ،‬لكن البعض ال‬ ‫يريد أن يقتنع مبا نراه ال حول أبعاد األحداث اجلارية‬ ‫في سوريا وال حول أن سوريا بدأت تتعافى من‬ ‫أزمتها‪ ،‬هذا شأنه لكننا نؤكد على موقفنا جلهة‬


‫أن سوريا ستبقى قاعدة املقاومة واملمانعة في‬ ‫بالدنا وستحقق بقيادة الرئيس بشار األسد جملة‬ ‫اإلصالحات التي وعد بها والتي يريدها الشارع‬ ‫السوري خالل التظاهرات املليونية التي عرفتها‬ ‫معظم احملافظات السورية‪.‬‬ ‫كيف تصفون قرار اجلامعة العربية بتعليق‬ ‫عضوية سوريا؟ وموقف لبنان من هذا القرار؟‬ ‫ّ‬ ‫يشكل‬ ‫إن موقف اجلامعة العربية منذ صدوره‬ ‫غطاء عربيا ً للمشروع األميركي ‪ -‬اإلسرائيلي ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬وهذا أمر مؤسف أن تقف اجلامعة العربية‬ ‫هذا املوقف لكنه ليس موقفا ً مفاجئا ً لنا‪ ،‬فعرب‬ ‫أميركا الذين ارمتوا عبر كل هذه السنوات الطوال في‬ ‫أحضان اإلدارة األميركية والتزموا سياساتها وهي‬ ‫سياسات كما نعرف جميعا ً مناهضة للمصالح‬ ‫العربية ولقضايا العرب احلقيقية وفي طليعتها‬ ‫قضية فلسطني‪ ،‬هؤالء العرب الذين ساروا في‬ ‫فلك السياسة األميركية املنحازة باملطلق الى‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬عدوة العرب‪ .‬من هنا لم نستغرب‬ ‫أن يقفوا من جديد ضد قضية ال تقل أهمية عن‬ ‫القضية الفلسطينية هي قضية ممانعة شعبنا‬ ‫ومقاومته من خالل استهداف الدولة املركزية في‬ ‫هذه املقاومة واملمانعة وعنيت بها سوريا‪.‬‬ ‫لبنان رفض القرار من خالل وزير اخلارجية اللبناني‬ ‫وهو في املوقف الذي اتخذه ضد قرار اجلامعة العربية‬ ‫بتعليق عضوية سوريا ّ‬ ‫نفذ سياسات احلكومة‬ ‫اللبنانية مجتمعة ونحن حييناه على هذا املوقف‬ ‫ألن أدنى واجبات لبنان جتاه سوريا التي تربطه بها‬ ‫عالقات مميزة حسب ما نص عليه الدستور اللبناني‬ ‫كما تربطه بها اتفاقيات عديدة في طليعتها‬ ‫اتفاقية معاهدة التعاون والتنسيق وهذه االتفاقات‬ ‫تنص صراحة على أن كل من الدولتني يدافع عن‬ ‫األخرى إذا ما تعرضت لسوء في احملافل العربية‬ ‫والدولية‪.‬‬ ‫هل ميكن اعتبار قرار اجلامعة العربية تغطية‬ ‫لتدخل قسري عسكري في سوريا؟‬ ‫قرار اجلامعة العربية يندرج في سياق الضغوط‬ ‫التي تديرها اإلدارة األميركية ضد سوريا‪ ،‬ولهذا‬ ‫القرار أكثر من غرض‪ :‬أوال ً عزل سوريا عربيا ً بعد‬ ‫أن عملت اإلدارة األميركية جاهدة لعزلها إقليميا ً‬ ‫ودوليا ً وهذا القرار يريد إيجاد غطاء عربي لكل عمل‬ ‫تخريبي في سوريا والذي تتواله بعض العصابات‬ ‫املسلحة‪ ،‬كما أن هذا القرار العربي يغطي اجمللس‬ ‫الوطني الذي بات يسمى بحق “مجلس اسطنبول”‪،‬‬ ‫وهذا القرار العربي أيضا ً أراد منه وزراء اخلارجية‬ ‫العرب الذين وقفوا وراءه التمهيد لعقوبات‬ ‫اقتصادية ضد سوريا تتناغم والعقوبات االقتصادية‬ ‫التي اتخذتها وستتخذها اإلدارة األميركية واالحتاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬ما يعني بكل املعايير أن هذا القرار هو‬ ‫قرار ظالم وأملته اإلدارة األميركية على النظام‬ ‫العربي الرسمي‪ ،‬لكن كما سوريا بدأت تستوعب‬ ‫الضغوطات الدولية واإلقليمية ستستوعب حكما ً‬ ‫هذه الضغوطات العربية ونأمل من االجتماع القادم‬ ‫جمللس وزراء اخلارجية العرب في القاهرة أن يعيد‬

‫موقف اجلامعة العربية منذ صدور قرارها بتعليق عضوية سوريا‬ ‫ّ‬ ‫يشكل غطاء عربياً للمشروع األميركي ‪ -‬اإلسرائيلي‬ ‫ميثل نفسه وال ّ‬ ‫هذا اجلناح ّ‬ ‫ميثل ال من قريب وال من بعيد املؤسسة‬ ‫احلزبية كما ال ّ‬ ‫ميثل القوميني االجتماعيني‬ ‫مواقف البطريرك الراعي مواقف حكيمة انطلقت من قراءة‬ ‫صحيحة ملا يُخطط للمنطقة العربية‬ ‫النظر في هذا القرار وأن يستجيب للتعديالت التي‬ ‫اقترحتها سوريا على بروتوكول إرسال مندوبني‬ ‫لتقصي احلقائق في سوريا‪.‬‬ ‫عرب‬ ‫ّ‬ ‫هناك جناح آخر في احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي يرأسه الد‪ .‬علي حيدر يتموضع مع‬ ‫املعارضة السورية‪ ،‬وأنتم مع النظام‪ ،‬ما هو‬ ‫تعليقكم على ذلك؟‬ ‫هذا اجلناح مي ّثل نفسه وال مي ّثل ال من قريب وال‬ ‫من بعيد املؤسسة احلزبية كما ال مي ّثل القوميني‬ ‫االجتماعيني‪ ،‬هذا اجلناح هو خارج احلزب بالكامل‬ ‫فمواقفه تخصه لوحده وال تخصنا أبداً‪ ،‬لذلك‬ ‫ال يعنينا هذا األمر في احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي‪ ،‬نحن مواقفنا واضحة وتنطلق من‬ ‫قراءة حقيقة ما يُدبَّر لسوريا‪ ،‬وطبيعي جدا ً أن‬ ‫يكون موقفنا الى جانب سوريا وشعبها وجيشها‬ ‫وقيادتها برئاسة الرئيس بشار األسد وأن ننخرط‬ ‫في مواجهة هذا املشروع املعادي لقضينا القومية‪.‬‬ ‫أظهر البطريرك الراعي قلقاً من تغيير األنظمة‬ ‫ومجيء أنظمة متشددة‪ ،‬كما حتدث الراعي عن‬ ‫هواجس على الوجود املسيحي في الشرق‪ ،‬كيف‬ ‫قرأمت مواقف البطريرك املاروني مار بشارة بطرس‬ ‫الراعي من ملفي سوريا وسالح “حزب اهلل”؟ وهل‬ ‫من خطر على مسيحيي الشرق برأيكم؟‬ ‫مواقف البطريرك الراعي هي مواقف حكيمة‬ ‫انطلقت من قراءة صحيحة ملا يُخطط للمنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬ونتفق معه في أن جوهر هذا اخملطط هو‬ ‫نشر فوضى في كل العالم العربي وخلق الظروف‬ ‫املؤاتية حلروب أهلية على قواعد مذهبية وطائفية‬ ‫وعرقية والغرض من وراء هذا اخملطط هو تفتيت‬ ‫املنطقة العربية وخاصة ما نسميه نحن مجتمع‬ ‫الهالل السوري اخلصيب إلقامة دويالت مذهبية‬ ‫ّ‬ ‫تشكل احلزام األمني االستراتيجي اآلمن‬ ‫وطائفية‬ ‫للعدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫البطريرك الراعي قرأ في هذا اخملطط خطرا ً على‬ ‫كل املكونات االجتماعية في هذه املنطقة‪ ،‬هو‬ ‫خطر على املسيحيني بقدر ما هو خطر على السنًة‬ ‫والشيعة‪ ،‬وما جرى في العراق قرأه البطريرك الراعي‬ ‫مليا ً ليستنتج بأن ما من مك ّون في العراق سلم من‬ ‫شرور االحتالل األميركي‪ ،‬وبالتالي إذا ما حدث سوء‬

‫‪9‬‬

‫لسوريا – ال سمح اهلل – أيضا ً لن يسلم أي مك ّون‬ ‫اجتماعي من هذا السوء‪ ،‬املسيحيون سيصابون‪،‬‬ ‫ولكن املكونات االجتماعية األخرى ستصاب أيضاً‪،‬‬ ‫كما أن لبنان لن يسلم منها‪ ،‬ما سيؤدي الى دخول‬ ‫لبنان في أتون حرب طائفية لذلك ن ّبه البطريرك‬ ‫الى خطورة ما يجري في سوريا والى االحتماالت‬ ‫التي قد تترتب عنه فيما لو جنح هذا اخملطط ضد‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق ميوقف البطريرك الراعي من‬ ‫ّ‬ ‫يشكل‬ ‫سالح املقاومة فهو لم يرَ أن هذا السالح‬ ‫املشكلة في لبنان‪ ،‬فسالح املقاومة هو نتيجة‬ ‫لالحتالل اإلسرائيلي لبعض األراضي اللبنانية في‬ ‫تالل كفرشوبا ومزارع شبعا وللقسم الشمالي‬ ‫من قرية الغجر‪ ،‬وقال للمجتمع الدولي إذا أردمت‬ ‫أن تعاجلوا مشكلة سالح “حزب اهلل” فعليكم أن‬ ‫تزيلوا أسباب هذه املشكلة وهي أن تضغطوا على‬ ‫العدو اإلسرائيلي لينسحب من األراضي اللبنانية‬ ‫ولعودة الفلسطينيني الى ديارهم فلسطني إذا‬ ‫كنتم تعتبرون أن الفلسطينيني مشكلة أيضا ً في‬ ‫لبنان‪ ،‬البطريرك في هذه املواقف انطلق من قراءة‬ ‫موضوعية أوصلته الى نتائج سليمة‪ ،‬ألن علم‬ ‫املنطق يقول إذا كانت املقدمات صحيحة فالنتائج‬ ‫تكون صحيحة‪.‬‬ ‫هل احلكومة ال زالت حتافظ على نهجها أم‬ ‫هناك تناقض اليوم خاصة في ما يتعلق ببند‬ ‫احملكمة؟‬ ‫احلكومة ليست حكومة حزب واحد لتكون‬ ‫متفقة على كل امللفات هي حكومة ائتالف بني‬ ‫مجموعة قوى سياسية‪ ،‬لذلك من الطبيعي أن‬ ‫تتمايز مكونات هذه احلكومة في موقفها من‬ ‫الكثير من امللفات منها‪ :‬ملف متويل احملكمة حيث‬ ‫هناك رأيان داخل احلكومة رأي يقول بالتمويل وآخر‬ ‫يقول بعدمه‪ ،‬نحن من القائلني بأن هذه احملكمة‬ ‫التي أثبتت بشكل قاطع بأنها مس ّيسة ونشأت‬ ‫خالفا ً لألصول الدستورية في لبنان وظهر جليا ً من‬ ‫خالل مسار جلان التحقيق التابعة لها وخاصة جلنة‬ ‫ميليس التي افتَرت واعتدت على الضباط األربعة‬ ‫وأوقفتهم في السجن ملدة ‪ 4‬سنوات ظلما ً وعدوانا ً‬ ‫من دون أي دليل أو إثبات‪ ،‬وكررت جلان التحقيق‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫املتعاقبة املسار نفسه جلهة أنها لم تعمل إال‬ ‫على فرضية اتهام “حزب اهلل” وتعامت عن فرضية‬ ‫احتمال تورط “إسرائيل” في جرمية اغتيال الرئيس‬ ‫احلريري وفي اجلرائم األخرى‪ ،‬هذه احملكمة التي في‬ ‫عداد موظفيها أكثر من اسم مرتبط بأجهزة‬ ‫استخبارات عاملية ال نثق بها وال نراها أداة ال لتحقيق‬ ‫العدالة وال لكشف احلقيقة املتصلة بهذه اجلرائم‪.‬‬ ‫نحن نريد احلقيقة في اغتيال الرئيس رفيق‬ ‫احلريري ونريد حتقيق العدالة في كل اجلرائم التي‬ ‫وقعت في لبنان‪ ،‬لكن ليس عن طريق هذه احملكمة‬ ‫ولذلك كيف يُراد منا أن نوافق على متويلها وهي‬ ‫التي لم يعد لها أي مصداقية لدى جمهور واسع‬ ‫من اللبنانيني‪.‬‬ ‫إن موضوع متويل احملكمة لم يُطرح بعد على‬ ‫مجلس الوزراء‪ ،‬ورأينا أن نحتكم الى املؤسسات‬ ‫الدستورية في بت هذا امللف حينما يُطرح على‬ ‫مجلس الوزراء سيناقش وسيقدم كل طرف رأيه‬ ‫في هذا املوضوع‪ ،‬إن اتفقنا كان به وإن لم نتفق‬ ‫سنذهب الى التصويت‪ .‬هذا هو منطق األمور وكل‬ ‫ما عدا ذلك ال أراه يخدم ال سير العدالة وال سير‬ ‫احلقيقة في موضوع االغتياالت التي جرت في‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫هل تعتقد أن احلكومة ستسقط حتت بند‬ ‫التمويل؟ أم سيكون هناك مخرج للنمويل؟‬ ‫حتى اآلن ليس هناك أي مخرج‪ ،‬وبرأينا اخملرج‬ ‫السليم أن يناقش هذا امللف في املؤسسات‬ ‫الدستورية أي في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب‬ ‫وما تقرره هذه املؤسسات سنلتزم به جميعاً‪ ،‬عدا‬ ‫ذلك مبا يعني أي التفاف خارج هذا املسار ال نراه‬ ‫يخدم منطق الدولة ومنطق املؤسسات‪.‬‬ ‫طالب قضاة جلسة غرفة الدرجة األولى‬ ‫في احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان‪ ،‬احلكومة‬ ‫اللبنانية باإلعالن عن أماكن املتهمني باغتيال‬ ‫الرئيس رفيق احلريري وإال ستصدر احلكم غيابياً‬ ‫بحقهم‪ ،‬هل سيتم التعاون بني لبنان واحملكمة‬ ‫في ذلك؟ وماذا لو رفض لبنان ذلك؟‬ ‫ما سمعته من رئيس احملكمة اجلديد أن احلكومة‬ ‫اللبنانية متعاونة الى أقصى درجات التعاون مع‬ ‫احملكمة ومدعي عام التمييز على تواصل في ما‬ ‫خص هذا امللف مع احملكمة اخلاصة بلبنان وبالتالي‬ ‫مقصر في‬ ‫ال ميكن اتهام لبنان الرسمي بأنه‬ ‫ّ‬ ‫تعاطيه مع احملكمة الدولية‪ .‬واملنحى الذي تذهب به‬ ‫احملكمة بهذا التعاون أو ال هو منحى احلكم الغيابي‬ ‫فليحاكموا غيابيا ً وليأخذوا قرارات التي يريدون‪،‬‬ ‫بالنسبة إلينا هذه احملكمة لم تعد تعنينا‪.‬‬ ‫هناك دعوات متجددة الى احلوار برعاية رئيس‬ ‫اجلمهورية ميشال سليمان‪ ،‬هل سينجح هذا‬ ‫احلوار؟‬ ‫نحن مع دعوة رئيس اجلمهورية الى احلوار‪ ،‬ألنه ال‬ ‫يجوز أن يبقى الوضع السياسي على ما هو عليه وأن‬ ‫تبقى اخلنادق ما بني القوى السياسية‪ ،‬وأهمية هذا‬ ‫احلوار أنه يفتح القنوات ما بني القوى السياسية ما‬ ‫ينعكس إيجابا ً على الوضع السياسي عامة وعلى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوضع األمني بوجه خاص‪ ،‬الطرف اآلخر في ‪ 14‬آذار‬ ‫هم الذين رفضوا هذه الدعوة الى احلوار واشترطوا‬ ‫أن يكون سالح “حزب اهلل” هو املوضوع الوحيد على‬ ‫طاولة احلوار‪ ،‬نحن من القائلني بأن املوضوع األهم‬ ‫تؤمن قوة لبنان‬ ‫هو أن نبحث في أي استراتيجية ّ‬ ‫وقدرته على حماية نفسه من األخطار اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وال نرى هكذا استراتيجية إال انطالقا ً من معادلة‬ ‫اجليش والشعب واملقاومة‪ ،‬لذلك كل مطالبة بنزع‬ ‫سالح املقاومة إمنا هي تصب في خانة إضعاف‬ ‫لبنان وكشفه أمام األخطار اإلسرائيلية واحلؤول‬ ‫دون متكنه من حترير ما تبقّ ى من أرضه احملتلة‪ ،‬ودون‬ ‫قدرته على ردع العدوانية اإلسرائيلية املتمادية على‬ ‫بالدنا‪.‬‬ ‫ما رأيكم في التموضع اجلديد للنائب وليد‬ ‫جنبالط؟‬ ‫ال أرى أن هناك متوضعا ً جديدا ً للنائب وليد‬ ‫جنبالط‪ :‬هو مازال في األكثرية النيابية احلالية‪،‬‬ ‫أما موقفه من األحداث اجلارية في سوريا نختلف‬ ‫معه حولها‪ ،‬إن في قراءتها وإن في اخلالصات وإن في‬ ‫املوقف‪ ،‬موقفه من املقاومة مازال على حاله إذ يرى‬ ‫أن املقاومة حاجة للبنان‪ ،‬لذلك ال أرى أن النائب وليد‬ ‫جنبالط اليوم في موضع جديد مختلف عن موضع‬ ‫األكثرية النيابية‪.‬‬ ‫مجلس الوزراء باشر درس قانون االنتخاب‪ ،‬فالى‬ ‫أي قانون سنصل أو سنبقى برأيك على القانون‬ ‫احلالي القائم على القضاء؟ وهل اعتماد الدوائر‬ ‫االنتخابية التي تضمنها قانون االنتخاب موضع‬ ‫البحث يحقق العملية اإلصالحية؟‬ ‫قطعا ً ال يجوز أن يبقى قانون االنتخابات احلالي‬ ‫ألنه ال يؤمن ال التمثيل الصحيح وال متثيل العدالة‬ ‫السياسية‪ ،‬وأنتج تشوهات ال تُعد وال حتصى على‬ ‫الواقع السياسي في لبنان‪ ،‬ونحن ضد أي نظام‬ ‫انتخابي أكثري مهما كان حجم الدائرة‪ ،‬أكانت‬ ‫الدائرة بحجم دائرة القانون ‪ ،1960‬أو كانت على‬ ‫مستوى احملافظة أو نصف محافظة‪.‬‬ ‫لقد ُج ّرب النظام األكثري منذ االستقالل الى‬ ‫اليوم على اختالف صيغ الدوائر وأثبت فشله‬

‫‪10‬‬

‫في تطوير احلياة السياسية‪ ،‬وش ّوه العملية‬ ‫الدميقراطية ألنه فسح اجملال أمام مؤثرات من‬ ‫خارج اللعبة الدميقراطية كتأثير املال السياسي‪،‬‬ ‫والوراثة السياسية‪ ،‬واخلدمات الشخصية‪ ،‬وتأثير‬ ‫العصبيات املذهبية والطائفية وهذا هو األخطر في‬ ‫يؤمن عدالة التمثيل‬ ‫مساوئ النظام األكثري ولم ّ‬ ‫بحيث يكفي أن يحصل مرشح على صوت أكثر من‬ ‫مرشح آخر لينجح هذا ويسقط ذاك‪ ،‬فأين عدالة‬ ‫التمثيل؟ ويكفي أن تفوز الئحة بعشرات األصوات‬ ‫على الئحة أخرى حصلت على تأييد واسع من‬ ‫يؤمن ال صحة‬ ‫الناخبني‪ ،‬إذا ً هذا النظام األكثري ال ّ‬ ‫وال عدالة التمثيل ناهيك أنه ال يساوي بني القوة‬ ‫االقتراعية للمواطنني مبعنى أن ينجح مرشح بـ‬ ‫‪ 8000‬صوت وآخر يحتاج لينجح الى ‪ 80‬ألف صوت‪،‬‬ ‫كما في بش ّري مثالً حيث ينجح املرشح بـ ‪8000‬‬ ‫آالف صوت في حني في البقاع يحتاج املرشح‬ ‫لينجح الى ‪ 80‬ألف صوت‪ ،‬أين العدالة؟ لذلك‬ ‫النظام األكثري هو نظام سيئ ال يؤدي الى تطور‬ ‫احلياة السياسية في لبنان‪ ،‬لذلك نحن مع النسبية‬ ‫ومع اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة ومن خارج‬ ‫القيد الطائفي ألن مثل هذا النظام يخلص‬ ‫العملية الدميقراطية من تشوهات النظام األكثري‪،‬‬ ‫ما يعني بأن إذا كان لبنان دائرة واحدة وعلى أساس‬ ‫النسبية يتراجع تأثير املال السياسي الى حد كبير‬ ‫إن لم يكن سينعدم‪ ،‬كذلك العصبيات الطائفية‬ ‫واملذهبية تتراجع الى حدود كبيرة‪ ،‬ال ينفع فيها‬ ‫اخلطاب الطائفي ألن نظام الدائرة الواحدة يضم‬ ‫جميع الطوائف واملذاهب والتيارات السياسية‪،‬‬ ‫لذلك ليس هناك مكانا ً للتحريض الطائفي كذلك‬ ‫عملية الوراثة السياسية يتراجع دورها الى حد‬ ‫كبير واخلدمات الشخصية يتراجع تأثيرها أيضاً‪،‬‬ ‫وهكذا نظام أيضا ً يؤمن عدالة التمثيل دون إقصاء‬ ‫أو تهميش لآلخر‪ ،‬كل كتلة تأخذ نوابا ً بحجم‬ ‫التأييد الشعبي لها إن كانت صغيرة أو كبيرة‪ ،‬وهذا‬ ‫النظام يعالج مشكلة اإللغاء ويحد من عملية‬ ‫االحتقان السياسي‪ ،‬وأيضا ً يؤدي الى تعزيز األحزاب‬ ‫الال طائفية‪ ،‬العابرة للطوائف واملناطق واملذاهب‬ ‫ويدفع الى تأسيس أحزاب جديدة أيضا ً من نفس‬ ‫الطبيعة‪ ،‬وهذا النظام االنتخابي يحقق معنى أن‬ ‫النائب هو نائب األمة وليس القضاء أو املنطقة كما‬ ‫يؤدي إليه النظام األكثري‪ ،‬ما يخدم املعنى الذي‬ ‫أعطاه الدستور للنائب اللبناني‪.‬‬ ‫لكل هذه االعتبارات نحن نطالب بأن يقوم‬ ‫النظام االنتخابي على لبنان دائرة واحدة والنسبية‬ ‫من خارج القيد الطائفي‪ ،‬وبهذا النظام نستطيع‬ ‫أن نثق بأنه ميثل خطوة على طريق تطوير النظام‬ ‫السياسي في لبنان باجتاه ال طائفي‪.‬‬

‫احلزب السوري القومي االجتماعي‬ ‫مازال يناضل‬ ‫احلزب القومي احتفل بالعام ‪ 79‬على تأسيسه‪،‬‬


‫أين دور احلزب اليوم؟‬ ‫إن دور احلزب السوري القومي االجتماعي هو‬ ‫مستمر‪ :‬على املستوى السياسي ‪ :‬احلزب موجود‬ ‫في احلياة النيابية واحلكومة وفي املوقعني احلزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي يحمل مشروعه‬ ‫اإلصالحي املعروف الى جانب مشروع الدولة‬ ‫باعتبار أن الدولة ضمانة للبنانيني جميعا ً على‬ ‫اختالف أحزابهم ومذاهبهم وطوائفهم‪ ،‬واحلزب‬ ‫على تفاعل دائم مع كل القوى السياسية التي‬ ‫يتفق معها في املوقف لتأليب أكبر قوة سياسية‬ ‫شعبية في معركة بناء الدولة واإلصالح السياسي‬ ‫وفي مواجهة العصبيات الطائفية وكل القوى التي‬ ‫تريد أن تهز االستقرار في لبنان أو التي تريد أن متس‬ ‫املقاومة أو تسيئ الى العالقات اللبنانية – السورية‪،‬‬ ‫فمع معركة احلزب السوري القومي االجتماعي في‬ ‫كل هذه امليادين هو مستمر‪.‬‬ ‫أما على املستوى الثقافي‪ ،‬للحزب دور معروف‬ ‫ولديه مؤسساته الثقافية واإلعالمية وفي كل هذه‬ ‫املؤسسات احلزب يقوم بدور نشر الوعي القومي‬ ‫بديالً لالنتماءات الطائفية واملذهبية وفي كل هذه‬ ‫هم احلزب في كيفية نشر ثقافة‬ ‫املواقع يكمن ّ‬ ‫الوالء الوطني بديالً للوالء الطائفي واملذهبي‪ ،‬كما‬ ‫من أولوياته التي ال تتقدم عليها أولوية أخرى هي‬ ‫كيفية حماية عوامل القوة في لبنان انطالقا ً من‬ ‫الثالوث الذي التزمنا به “اجليش والشعب واملقاومة”‬ ‫وفي كيفية املساهمة في إقامة أفضل عالقات‬ ‫التمثيل واألخوة مع سوريا‪ ،‬واحلزب مستمر على‬ ‫املستوى التبشيري أيضا ً في نشاطه وتواصله مع‬ ‫شرائح مجتمعنا وفي الطليعة شرائح الشباب‬ ‫اللبناني من خالل ندوات ومحاضرات واحتفاالت‬ ‫وحلقات‪.‬‬ ‫إذا ً احلزب السوري القومي االجتماعي الذي نشأ‬ ‫من أجل قضية قومية مازال يناضل النتصار هذه‬ ‫القضية من خالل نضاله في كافة امليادين املذكورة‬ ‫أو بعضها‪.‬‬ ‫هل أخفق احلزب في مكان ما؟‬ ‫ال يوجد حزب ال يخفق وإال يكون حزبا ً معصوما ً‬ ‫والعصمة لألحزاب خرافة‪.‬‬ ‫إذا ً نحن في مسيرتنا أخفقنا في أماكن وجنحنا‬ ‫في أخرى لكن على امتداد مسيرتنا لم نخفق في‬ ‫أمرين‪ :‬األول لم نخفق في تشخيصنا الدقيق خلطر‬ ‫“إسرائيل” على كل أمتنا ولم نتردد في مواجهة‬ ‫هذا اخلطر اإلسرائيلي بكل الوسائل والكل‬ ‫يعرف دور احلزب القومي في املقاومة الوطنية‬ ‫والتضحيات اجلسام التي قدمها في هذا املوقع‪،‬‬ ‫واألمر الثاني الذي لم نخفق فيه أيضا ً هو املوضوع‬ ‫الطائفي بحيث مت ّيز احلزب في أنه قرأ جيدا ً مخاطر‬ ‫الطائفية على القضية القومية وبشكل خاص‬ ‫مخاطر الطائفية في لبنان وأنطون سعادة له‬ ‫قول معروف في ذلك أن “لبنان يهلك بالطائفية‬ ‫ويحيي باإلخاء القومي”‪ ،‬احلزب خلق النموذج اجلديد‬ ‫املتنوع باملذاهب والطوائف وكل كيانات األمة‪ ،‬ما‬ ‫يعني أن النموذج القومي االجتماعي ومنوذج الدولة‬

‫القومية االجتماعية جسدها احلزب في بنيته‬ ‫يكتف‬ ‫واحلزب السوري القومي االجتماعي لم‬ ‫ِ‬ ‫بتجسيد هذا النموذج بل واجه في الشارع وفي‬ ‫كل األمكنة العصبيات الطائفية واملذهبية من‬ ‫خالل نشر ثقافة الوعي واالنتماء القومي‪ ،‬وأعتقد‬ ‫كل من قرأ تاريخ احلزب السوري القومي االجتماعي‬ ‫أكان صديقا ً أم خصما ً يقر باحلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي أنه لم يخطئ في هذين األمرين‪ :‬اخلطر‬ ‫الصهيوني على بالدنا وخطر الطائفية‪ ،‬واحلزب‬ ‫ّ‬ ‫يشكل ردا ً على كل الذين يدعون بأن جتاوز الطائفية‬ ‫ّ‬ ‫ويشكل رد‬ ‫أمر مستحيل ألن احلزب أثبت غير ذلك‪،‬‬ ‫احلزب على كل الذين يقولون بعدم إمكانية توحيد‬ ‫بالد الهالل السوري اخلصيب‪ ،‬كما أثبت بأنه قادر‬ ‫يوحد في صوفه اللبناني واألردني والشامي‬ ‫على أن ّ‬ ‫والعراقي والكويتي‪ ...‬لذلك احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي هو حاجة جملتمعنا ملا ميثله في بنيته‬ ‫وفي ما يحمله من عقيدة وحدوية ال يختلف اثنان‬ ‫في التأكيد على أنها هي اخلالص جملتمعنا من جملة‬ ‫املشاكل التي يعانيها‪.‬‬ ‫جرت انتخابات في احلزب ملندوبي اجمللس‬ ‫القومي‪ ،‬هل تتوقعون ربيعاً حزبياً في االنتخابات‬ ‫املقبلة‪ ،‬ال سيما وأن مسؤولني أساسيني في‬ ‫احلزب مضى على وجودهم في السلطة أكثر من‬ ‫ثالثة عقود؟‬ ‫من مزايا احلزب السوري القومي االجتماعي‬ ‫إضافة الى تلك املذكورة أعاله أنه حزب يعتمد‬ ‫الدميقراطية في عملية انبثاق السلطة‪ ،‬انتخابات‬ ‫مندوبي اجمللس القومي مت ّثل اجلانب األساسي من‬ ‫هذه الدميقراطية وكل القوميون ينتخبون ممثليهم‬ ‫في اجمللس القومي الذي سينتخب بدوره أعضاء‬ ‫اجمللس األعلى الذي بدوره ينتخب رئيس احلزب‪ ،‬إذا ً‬ ‫مشاركة القاعدة احلزبية في انبثاق السلطة تعتبر‬ ‫من معالم هذه الدميقراطية التي ميارسها احلزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الدميقراطية تعني تداول السلطة‪ :‬وعرف‬ ‫احلزب على امتداد تاريخه في تداول السلطة‪ ،‬كل‬ ‫أربع سنوات لدينا انتخابات رئاسية‪ ،‬ونالحظ أن عدد‬ ‫الذين تعاقبوا على رئاسة احلزب هم من مختلف‬ ‫الطوائف واملذاهب والكيانات‪ ،‬إذا ً تداول السلطة‬

‫‪11‬‬

‫في احلزب هي عالمة مضيئة في تاريخه ألنها ّ‬ ‫تؤكد‬ ‫على عمق التزام احلزب بالعمل الدميقراطي‪.‬‬ ‫أين أنتم من برنامجكم اإلصالحي للنظام‬ ‫السياسي في لبنان؟‬ ‫احلزب السوري القومي االجتماعي مازال على‬ ‫برنامجه اإلصالحي بحيث ّ‬ ‫يؤكد بكل أدبياته على‬ ‫أن هذا النظام السياسي الطائفي بات نظاما ً‬ ‫عقيماً‪ ،‬وسيبقى والّدة حروب ومنازعات داخلية ال‬ ‫ينب دولة وال ميكن‬ ‫تنتهي‪ ،‬هذا النظام الطائفي لم ِ‬ ‫ينب مؤسسات‪ ،‬واستضيع‬ ‫أن يبنيها‪ ،‬كما أنه لم ِ‬ ‫أن يؤمن املوازنات الكافية لتجهيز اجليش اللبناني‬ ‫مبا يحتاجه من سالح‪ ،‬ورعى تفتيت اجملتمع اللبناني‬ ‫الى مذاهب وطوائف‪ ،‬كما رعى ثقافة االنتماء‬ ‫الطائفي وليس االنتماء الوطني‪ ،‬لذلك إن استمر‬ ‫هذا النظام على ماهو عليه‪ ،‬ال ميكن أن نرى معه‬ ‫مستقبالً آمنا ً ومطمئنا ً للبنانيني‪.‬‬ ‫من هنا كان نضال احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي منذ تأسيسه في العام ‪ 1932‬لتغيير هذا‬ ‫النظام‪ ،‬وحكما ً إن عملية التغيير هي عملية تراكم‬ ‫جلملة إصالحات يُفترض ويجب أن تتحقق‪ ،‬واحلزب‬ ‫القومي على هذا املستوى قدم أكثر من مشروع‬ ‫إصالحي الى اجمللس النيابي منها مشروع جديد‬ ‫لالنتخابات النيابية يقوم على لبنان دائرة واحدة‬ ‫واعتماد النسبية من خارج القيد الطائفي‪ ،‬وذكرت‬ ‫أعاله أهمية هكذا مشروع في اإلصالح السياسي‬ ‫للنظام الى درجة أصبح لدينا قناعة أن بدون هكذا‬ ‫قانون لالنتخابات النيابية ال يوجد أي إصالح للنظام‬ ‫وبالتالي هناك تأبيد للنظام الطائفي‪ ،‬كما قدمنا‬ ‫مشروعا ً إصالحيا ً آخر حول ضرورة أن يكون هناك‬ ‫قانون اختياري لألحوال الشخصية والزواج املدني‬ ‫وقمنا ببرنامج تعبوي حول هذا املشروع وملسنا‬ ‫مدى تأييد املواطنني له ألنه باعتبارنا يشكل خطوة‬ ‫أيضا ً في تطوير النظام باجتاه ال طائفي‪ ،‬ولدى احلزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي أيضا ً صيغة مشروع‬ ‫لقانون جديد لألحزاب يبني احلياة احلزبية على‬ ‫أساس وطني وليس طائفياً‪ ،‬وال أعتقد أن هناك‬ ‫دولة في العالم ترخص ألحزاب تعمل على تفتيت‬ ‫بنيتها االجتماعية‪ ،‬نحن بحاجة الى قانون جديد‬ ‫لالنتخابات النيابية ومع قانون اختياري لألحوال‬ ‫الشخصية والزواج املدني ونحن بحاجة أيضا ً الى‬ ‫مشروع جديد لألحزاب الذي طرحناه في أكثر من‬ ‫منتدى ونأمل أن يكون هناك تواصل مع األحزاب‬ ‫خاصة الالطائفية منها لكي يبصر هذا املشروع‬ ‫أتوجه بدعوة من خالل منبركم لكل‬ ‫النور‪ ،‬وهنا ّ‬ ‫األحزاب الالطائفية الى ضرورة أن تتنادى وتتدارس‬ ‫إلنشاء جبهة سياسية تضم شخصيات األحزاب‬ ‫الالطائفني من أجل تزخيم عملية اإلصالح‬ ‫السياسي في لبنان بد ًءا بقانون جديد لالنتخابات‬ ‫النيابية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫لقاء مصارحة في دارة النائب جورج عدوان في دير القمر على‬ ‫خلفية الحادث الذي وقع مؤخراً خالل إحدى المباريات الرياضية‬ ‫ً‬ ‫ممثال وهاب‪ :‬وجود المسيحيين في الجبل يحمينا أكثر‬ ‫أبو ذياب‬ ‫“رفضا ً لكل محاوالت زعزعة االستقرار في‬ ‫اجلبل‪ ،‬وتأكيدا ً على الوحدة الوطنية والعيش‬ ‫املشترك في وجه كل محاوالت تخريب أمن‬ ‫املنطقة”‪ ،‬م ّثل رئيس بلدية اجلاهلية أمني أبو ذياب‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب في لقاء املصارحة الذي ُعقد في دارة النائب‬ ‫جورج عدوان في دير القمر‪ ،‬مبشاركة وفد مشترك‬ ‫من مشايخ وفاعليات بلدتي اجلاهلية وكفرحيم‪،‬‬ ‫وبحضور النائب دوري شمعون ومسؤول احلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي في الشوف رضوان نصر‪،‬‬ ‫واللواء محمود طي أبوضرغم‪.‬‬ ‫ويأتي هذا اللقاء على خلفية احلادث الذي وقع‬ ‫مؤخرا ً بني مجموعة من شباب بلدة دير القمر‬ ‫واجلاهلية خالل إحدى املباريات الرياضية ما تطور‬ ‫إلى إطالق نار ووقوع جريح‪.‬‬ ‫حتدث باسم الوفد الشيخ نسيب أبو دياب‪،‬‬ ‫فقال‪“ :‬نبدأ اللقاء بالذكر األفضل‪ ،‬ذكر السيد‬ ‫املسيح عليه السالم‪ ،‬الذي قال‪“ :‬أنا الراعي‬ ‫الصالح‪ ،‬وأنا عارف برعيتي‪ ،‬ورعيتي تعرفني‪،‬‬ ‫ونفسي أبذل دون الغنم”‪ .‬نحن جميعا ً غنم‬ ‫السيد املسيح‪ ،‬نؤمن باهلل مالك كل شيء صانع‬ ‫ما يري وما ال يرى»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬بدء احلكمة مخافة الرب‪ ،‬ومخافة الرب‬ ‫بغض الشر‪ .‬الصفح والتسامح أفضل من الثأر‪،‬‬ ‫الصفح من شيم الكرام‪ ،‬فنحن نعتبر أنفسنا‬ ‫جئنا الى بيتنا والى بلدنا‪ ،‬فالصفحة التي مررنا‬ ‫بها‪ ،‬نأمل أن تنفعنا للمستقبل‪ ،‬وتشدنا الى‬ ‫احملبة التي أمر بها األنبياء والرسل وأولهم السيد‬ ‫املسيح»‪.‬‬

‫نصر‬ ‫ثم حتدث مسؤول احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫في الشوف رضوان نصر‪ ،‬فرأى «أن كل لقاء يجمع‬ ‫األهل واحملبني ويقرب ما بني أبناء منطقة الشوف‬ ‫واجلبل‪ ،‬هو أمر مرحب به‪ ،‬ال سيما في الشوف‬ ‫واجلبل الذي كان لنا فيه شرف استقبال البطريرك‬ ‫صفير‪ ،‬حيث كنا جميعا ً في االستقبال لنؤكد‬ ‫طي صفحة املاضي واستقبال لبنان اجلديد‪ ،‬لبنان‬ ‫احملبة‪ ،‬والعيش الواحد ولبنان التسامح»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬إن هذا احلدث الذي طرأ في املنطقة‪،‬‬ ‫نأسف له جميعاً‪ ،‬لكننا وبعد هذا اللقاء اجلامع‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫دعونا نكرس جملة ثوابت أساسها أن الشوف‬ ‫واجلبل ولبنان هم الفسحة التي تتسع جلميع‬ ‫أبناء الوطن‪ ،‬وأن قدرنا ورغبتنا وإرادتنا وقرارنا معا‬ ‫أن نعيش معا ً وأن نبقى في هذه األرض متجذرين‬ ‫متراصني ومتعاونني من أجل حماية لبنان لتخطي‬ ‫املراحل اآلنية والقائمة حالياً‪ ،‬فعلى قاعدة‬ ‫احملبة نأمل من كبارنا جميعا ً ومن جميع القادة‬ ‫السياسيني التأكيد والوقوف بشكل رادع أمام‬ ‫أي جتاوز ملسيرة العيش املشترك”‪ ،‬مشددا ً على‬ ‫“ضرورة أن نغلب حكمة احلكماء قبل أن يقودنا‬ ‫اجلهل والتطرف الى إشكاالت ال حتمد عقباها»‪.‬‬

‫أبوذياب‬ ‫ثم حتدث رئيس بلدية اجلاهلية أمني أبوذياب‪،‬‬ ‫ممثالً رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب‪،‬‬ ‫شاكرا ً النائب جورج عدوان على «جمع شمل‬ ‫أبناء الشوف»‪ ،‬وقال‪« :‬ما يشهده هذا اليوم هو‬ ‫العيش املشترك احلقيقي‪ ،‬وهذا ليس بغريب‬ ‫علينا‪ ،‬وال أتصور أن إشكاال ً بسيطا ً قد يفرقنا‪،‬‬ ‫فاخلطأ قد يحصل»‪ ،‬مشددا ً على «الوحدة في‬ ‫اجلبل وتطوير العالقات»‪.‬‬ ‫كما شدد على “أهمية تواصل اللقاءات‪ ،‬من‬

‫‪12‬‬

‫رياضية واجتماعية وثقافية‪ ،‬مشيرا ً الى أهمية‬ ‫عودة املسيحيني الى اجلبل‪ ،‬ألنه بوجود املسيحيني‬ ‫نستطيع أن نحمي اجلبل معاً‪ ،‬متمن ًيا “أن ال يكون‬ ‫احلادث قد ترك أي أثر في النفوس»‪.‬‬ ‫وألقى اللواء املتقاعد محمود طي أبو ضرغم‬ ‫كلمة شدد فيها على “التمسك بالعيش‬ ‫املشترك والوحدة الوطنية»‪.‬‬ ‫من جهته شدد شمعون على “التواصل بني‬ ‫أبناء املنطقة لقطع الطريق على أي شرخ”‪،‬‬ ‫معتبرا ً “أننا اليوم في مرحلة جديدة تشهد‬ ‫تغييرات في املنطقة”‪ ،‬آمال “حصول تغييرات عند‬ ‫جيراننا وأن تعطي نتائج إيجابية”‪ .‬وإذ أكد على‬ ‫“الوحدة والتعاون في منطقة تربينا فيها سويا”‪،‬‬ ‫اعتبر احلادثة “سحابة ومرت”‪ ،‬داعيا ً اجلميع الى‬ ‫“القيام بكل شيء لعدم تكرار ما حدث”‪ ،‬مشددا‬ ‫على “تشابك األيدي لنصنع من الشوف املنطقة‬ ‫التي يستحقها أهلها»‪.‬‬

‫عدوان‬ ‫وفي اخلتام كانت كلمة للنائب جورج عدوان‬ ‫أكد فيها «أن دير القمر تعودت في أحلك الظروف‬ ‫أن تكون عنوانا ً للعيش معا ً عبر التاريخ‪ ،‬وأن‬


‫اللقاء هو مصارحة وأكثر من مصاحلة‪ ،‬كي‬ ‫نؤسس األفصل للمستقبل‪ ،‬فنحن في منطقة‬ ‫فيها تراكمات تاريخية جيدة وسيئة»‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬هناك تاريخ يولد حساسيات ورواسب‪.‬‬ ‫إن االستقالل الثاني بدأ من خالل املصاحلة في‬ ‫اجلبل‪ .‬وإننا منذ العام ‪ 2005‬ونحن نبني برموش‬ ‫العني جميعا ً من دروز ومسيحيني العيش‬ ‫املشترك حجرا ً بحجر‪ ،‬واحلادث الذي وقع يدل‬ ‫على وجود أجواء غير سليمة مازالت قائمة‬ ‫عندنا»‪.‬‬ ‫وإذ أوضح “أن هذا الصيف كان من أفضل‬ ‫الفصول من حيث االطمئنان واحلضور واملهرجانات‪،‬‬ ‫حتدث عن وجود “سر في قرى الشوف وبلداته‪،‬‬

‫وهو منع أي نشاط رياضي ال يكون مشتركا ً مع‬ ‫إخواننا الدروز»‪.‬‬ ‫وأكد “أن ما حصل ليس له عالقة ال بالرياضة‬ ‫وال باجلو العام”‪ ،‬داعيا ً الى “التوقف عنده مليا ً‬ ‫ومعاجلته‪ ،‬وعدم التعاطي مع احلادثة من منطلق‬ ‫احلقد أو قصر النظر‪ ،‬بل مبسؤولية‪ ،‬ملنع التكرار‬ ‫وتعميم الوعي لدى شبابنا»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬اجلميع في الشوف شجب ورفض‬ ‫وتصدى لهذه احلادثة‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬موقفكم‬ ‫هو الذي جعل هذه احلادثة تنتقل من حادثة بني‬ ‫املسيحيني والدروز‪ ،‬الى حادثة مسيحيني ودروز‬ ‫يتصدون لها ولكل خطأ غير سليم يحاول أن‬ ‫ميس بالعيش معاً»‪.‬‬

‫شدد على “صالبة العالقة ومتانتها بني‬ ‫وإذ ّ‬ ‫أبناء الشوف”‪ ،‬قال‪“ :‬نحن جنود للدفاع عن‬ ‫العيش معاً‪ ،‬وما نريده هو تعميم التوعية‪،‬‬ ‫ليعلم اجلميع أن اخلطأ سنرد عليه باملوقف‬ ‫والعقاب‪ .‬لقاؤنا هو لقاء أخوة لبناء العيش‬ ‫معا‪ ،‬وأن التاريخ أثبت أنه عندما يكون اجلبل‬ ‫بخير يكون لبنان بخير»‪.‬‬ ‫وختم عدوان‪“ :‬وجودنا في اجلبل عمره مئات‬ ‫السنني‪ ،‬وسنبقى ملئات السنني معا‪ ،‬فنحن‬ ‫نعمل سويا للمحافظة على البيت الكبير‬ ‫الذي اسمه اجلبل‪ ،‬ونشكر النائب جنبالط‬ ‫واملشايخ والفاعليات على جهودهم في‬ ‫تعزيز الوحدة والعيش املشترك»‪.‬‬

‫زار رئيس الحزب القومي على رأس وفد من حزب «التوحيد العربي»‬

‫وهاب أكد على أهمية التعاون بين جميع األطراف في الجبل‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬يرافقه مستشاره اخلاص‬ ‫ياسر الصفدي وأمني اإلعالم في احلزب هشام‬ ‫األعور‪ ،‬رئيس احلزب السوري القومي اإلجتماعي‬ ‫الوزير أسعد حردان‪ ،‬بحضور نائب رئيس املكتب‬ ‫السياسي في احلزب األمني قاسم صالح‪ ،‬ومدير‬ ‫الدائرة اإلعالمية م ْعن حم ّية‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء أكد وهاب أ ّن “لقاءه بالوزير حردان‬ ‫أتى في إطار التشاور الطبيعي خاصة وأننا‬ ‫“التوحيديون” نعتبر أنفسنا حزبا ً واحدا ً مع احلزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي ونتص ّرف على هذا‬ ‫األساس‪ ،‬لذلك نتشاور بكل املواضيع والتفاصيل‬ ‫بد ًءا من اجلبل على الساحة اللبنانية وصوال ً إلى‬ ‫املنطقة عامة»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬نحن متفقون مع احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي على ضرورة أن يكون اجلبل في موقعه‬ ‫املقاوم والعروبي الطبيعي‪ ،‬وطبعا ً متفاهمون‬ ‫على أهمية أن يبقى واحة أمن وأمان لكل أبنائه‪،‬‬ ‫وعلى أال ينعكس أي تناقض سياسي على األرض‬ ‫في املنطقة أل ّن الهدوء والتعاون ضرور ّيان من كل‬ ‫األطراف»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬تناقشنا في األوضاع العامة‬ ‫وبالتحديد ما يُثار اليوم حول متويل احملكمة‬ ‫الدولية اخلاصة بلبنان‪ ،‬وأمتنى أال يكون الرئيس‬ ‫جنيب ميقاتي قد وجد في الكالم عن التمويل‬ ‫من جيبه مخرجا ً في هذا األمر‪ ،‬ألنه إذا كان يريد‬ ‫تزكية أمواله فاألفضل أن ّ‬ ‫يزكيها لفقراء طرابلس‬ ‫خاصة في عيد األضحى املبارك‪ ،‬لذلك فإ ّن مبدأ‬ ‫احلديث عن هذه احملكمة والتجاوب معها هو مبدأ‬ ‫ُمخالف ألبسط حقوق املواطنني اللبنانيني خاصة‬ ‫وأنها تعتدي على قوى سياسية لبنانية مقاومة‪،‬‬ ‫وأصبح واضحا ً بأ ّن لديها معايير مزدوجة‪ ،‬فكلنا‬ ‫رأينا ما حصل في ليبيا وهي جرائم حرب بامتياز‬

‫بد ًءا من مقتل الرئيس معمر القذافي وقبل ذلك‬ ‫من خالل عمليات القصف التي مارسها الناتو‬ ‫حتى أصبح ساركوزي وكاميرون ُمجرمي حرب‬ ‫يحاسب أو‬ ‫بامتياز‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬ال أحد يتحرك أو ُ‬ ‫يحاكم‪ ،‬فمئات آالف الضحايا سقطت في ليبيا‬ ‫في حني نتصارع هنا حول متويل احملكمة أم ال‪ .‬ما‬ ‫نؤكده أنه لن يتم متويل هذه احملكمة ولن نسمح‬ ‫باتخاذ أي إجراءات ضد بعض اللبنانيني‪ ،‬ويكفي‬ ‫تهويالً في هذا األمر‪ ،‬فقد قلنا سابقا ً أن هذه‬ ‫وحتدثنا عن الدور اإلسرائيلي‬ ‫احملكمة إسرائيلية‬ ‫ّ‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬لكن املهم أن يرى البعض ‪ -‬ممّن‬ ‫متحمسون للمحكمة أكثر من أصحابها ‪-‬‬ ‫هم‬ ‫ّ‬ ‫أهمية هذا الدور»‪.‬‬ ‫وتناول وهاب ما يتم احلديث عنه حول‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬فاعتبر أ ّن‬

‫‪13‬‬

‫“البلبلة التي تفتعلها “إسرائيل” والغرب‬ ‫حول اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬تستهدف‬ ‫الدور اإليراني املتنامي في دعم املقاومات‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وتأتي على أبواب االنسحاب‬ ‫األميركي من العراق خاصة وأ ّن األميركيني‬ ‫في العراق لم يستطيعوا حتقيق أي شيء قبل‬ ‫هذا االنسحاب‪ ،‬لذلك يحاولون العودة لفتح‬ ‫امللف النووي اإليراني”‪ ،‬معتبرا ً أنه “في حال‬ ‫بادرت “إسرائيل” للهجوم على إيران‪ ،‬سنكون‬ ‫قد اختصرنا مسافة زمنية طويلة لزوال هذا‬ ‫الكيان الغاصب‪ ،‬وأعتقد أنها ستكون مبثابة‬ ‫عملية ذبح جديدة في املنطقة وحتما ً ستضع‬ ‫إيران حدا ً لهذا الكيان ألنها حتما ً لن تتهاون‬ ‫في ضرب كل املصالح اإلسرائيلية واألميركية‬ ‫في املنطقة إذا متّ االعتداء عليها»‪.‬‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫زار خلوة الشيخ أبو سلمان حسين دربية في عين جرفا‬ ‫وهاب ناشد ميقاتي ّ‬ ‫بحل مشكلة كساد موسم الزيت في قضاء حاصبيا‬ ‫ناشد رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب الرئيس جنيب ميقاتي إليجاد‬ ‫ّ‬ ‫حل سريع ملشكلة كساد مواسم الزيت في‬ ‫منطقة حاصبيا‪ ،‬قائالً‪“ :‬لقد حصلت أخطاء‬ ‫كثيرة سابقا ً في مواسم الزيت في هذه املنطقة‪،‬‬ ‫ونحن اليوم على أبواب هذا املوسم‪ ،‬لذلك أدعو‬ ‫الرئيس ميقاتي التخاذ خطوة شجاعة عبر‬ ‫الهيئة العليا لإلغاثة وإعادة النظر في قرارها‬ ‫السابق لتصريف موسم الزيت من منطقة‬ ‫حاصبيا وتوزيعه للجيش والقوى األمنية وأي‬ ‫مكان آخر بعد أن استفحل سماسرة الدولة في‬ ‫منع عمليات التصريف»‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪“ :‬أمتنى من الوزراء الدروز خاصة‬ ‫الوزير مروان خير الدين وهو إبن هذه املنطقة‪،‬‬ ‫إلثارة هذا املوضوع في مجلس الوزراء ووضعه‬ ‫على جدول األعمال التخاذ قرار سريع به‪ ،‬أل ّن‬ ‫املواسم كاسدة‪ ،‬والناس هنا بحاجة للكثير من‬ ‫املستلزمات مع بدء فصل الشتاء»‪.‬‬ ‫وأكد وهاب خالل لقائه عدد من مشايخ‬ ‫طائفة املوحدين الدروز في خلوة الشيخ أبو‬ ‫سلمان حسني دربية‪ ،‬في بلدة عني جرفا في‬ ‫أن األخيرة يجب “أن تكون‬ ‫قضاء حاصبيا‪ّ ،‬‬ ‫في قلوب اجلميع خاصة وأنها عانت كثيرا ً‬ ‫من االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬وأيضا ً من الدولة‬ ‫اللبنانية بعد هذا االحتالل‪ ،‬إذ بدل أن تقوم‬ ‫هذه الدولة باحتضان املنطقة بعد معاناتها‬ ‫عشرين سنة من االحتالل والظلم‪ ،‬مارست‬ ‫هي الظلم عليها أكثر فأكثر وكأنها عد ّوة‪،‬‬ ‫أن أبناء هذه املنطقة شرفاء‪ ،‬وكانوا في قلب مشاريع‬ ‫لكننا نؤكد ّ‬ ‫لكن الدولة لم تلتفت إلى منطقتهم يوما ً وهذا‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫الدفاع عن‬ ‫ّ‬ ‫ما يظهر جل ّيا ً على الطرقات إضافة لكساد املواسم‪ ،‬وغيرها من‬ ‫االحتياجات»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬نريد أن تبقى “خلوة البياضة” فوق كل السياسيني‬

‫وأكبر منّا جميعاً‪ ،‬كما كانت سابقا ً مع املشايخ األجالء الذين سبقَ‬ ‫وتو ّلوا أمورها‪ ،‬آمال ً أال يتم إدخالها في الصراعات السياسية الصغيرة‪،‬‬ ‫باستثناء القضايا الوطنية الكبرى التي لم يتخاذل الدروز يوما ً أمامها”‪،‬‬ ‫متمنيا ً “أن يكون مشايخ الطائفة الدرزية إلى جانب كل أبنائها بدون‬ ‫موحد ليس في لبنان فقط بل في‬ ‫أي تفرقة‪ ،‬وأن تبقى “البياضة” لكل‬ ‫ّ‬ ‫كل املنطقة العربية»‪.‬‬

‫‪ ....‬ورد على كالم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على موقع «تويتر»‪:‬‬ ‫السنيورة خبيث جداً والحريري بريء أكثر منه‬ ‫رد رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب‬ ‫على كالم رئيس احلكومة السابق سعد احلريري‬ ‫على موقع «تويتر» بشأن عدم انتخاب رئيس‬ ‫اجمللس النيابي نبيه بري مرة جديدة‪ ،‬فقال‪« :‬إذا‬ ‫ربح االنتخابات صحتني على قلبه»‪ ،‬واعتبر في‬ ‫حديث تلفزيوني أن «ال قيمة مضافة في ما لو‬ ‫عاد احلريري الى بيروت أو بقي خارج البلد‪ ،‬فرئيس‬ ‫احلكومة األسبق فؤاد السنيورة يقوم بالواجب”‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واصفا ً األخير بالـ “خبيث جدا”‪“ ،‬وهو مرتبط‬ ‫باملشروع املشبوه ومكلف ويعتمدون عليه‪ ،‬بينما‬ ‫احلريري بريء أكثر منه”‪.‬‬ ‫وأشار وهاب الى أن “اجلامعة العربية مهمتها‬ ‫إفشال مبادرتها وكل همها إيصال القتلى الى‬ ‫عدد ‪ 5‬آالف اعتقادا ً منها أنه بذلك حترج الروس‬ ‫والصينيني في مجلس األمن‪ ،‬ليمتنعا عن‬ ‫استعمال الفيتو مرة جديدة ضد العقوبات على‬

‫‪14‬‬

‫سوريا‪ .‬ولكن كل ذلك محسوب حسابه”‪.‬‬ ‫ورأى أن “األزمة السورية ستطول وهناك مرحلة‬ ‫طويلة تستمر فيها العمليات األمنية ولكن‬ ‫الدولة السورية مازالت متماسكة وقوية”‪.‬‬ ‫يخص احملكمة الدولية رأى وهاب‬ ‫وفي ما‬ ‫ّ‬ ‫أنها “باتت وراءنا وستدخل في غياهب النسيان‬ ‫بعد فترة”‪ .‬أما احلملة على اجليش‪ ،‬فاعتبر أنها‬ ‫“مدفوعة سلفاً”‪.‬‬


‫‪ ...‬وزار الرئيس لحود‪ :‬قرار لبنان في مجلس وزراء الجامعة العربية صائب‬ ‫التقى الرئيس إميل حلود‪ ،‬في دارته في اليرزة‪،‬‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب ونائبه سليمان الصايغ‪ ،‬في حضور النائب‬ ‫السابق إميل إميل حلود‪ ،‬وجرى عرض للتطورات‬ ‫في لبنان واملنطقة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء أوضح وهاب أن القرار اللبناني‬ ‫في مجلس وزراء اخلارجية العرب كان صائباً‪ .‬وال‬ ‫نستطيع إال أن نحيي معالي وزير اخلارجية على‬ ‫هذا القرار وهو باسم لبنان‪ ،‬ولكن الحظت أن‬ ‫بعض املسؤولني اللبنانيني بعد هذا القرار بدأوا‬ ‫يجدون املبررات له‪ .‬واملسؤولون اللبنانيون‪ ،‬إن‬ ‫كانوا طويلي القامة أو قصيرين‪ ،‬فهذا القرار‬ ‫صحيح‪ ،‬وال أحد يوجد مبررات لهذا القرار الذي‬ ‫كان يجب أن يتخذ في مجلس األمن ويتكرر‬ ‫هذا القرار في اجلامعة العربية‪ .‬وعلى األقل‪،‬‬ ‫فليسجلوا مرة أنهم كانوا رجاال ً في مواجهة‬ ‫قرار جائر من هذا النوع في مجلس وزراء‬ ‫اخلارجية العرب‪ ،‬معتبرا ً أن “مجلس اجلامعة‬ ‫العربية أصبح مجلس تعاون خليجي”‪ ،‬تديره‬ ‫بعض الدول ملصالح معروفة‪ ،‬ولبنان بهذا القرار‬ ‫استطاع أن ينظف نفسه من لوثة مجلس وزراء‬ ‫اجلامعة العربية»‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬بالنسبة الى البكاء املستمر على‬

‫موضوع الالجئني السوريني‪ ،‬املواطنون السوريون‬ ‫عام ‪ 2005‬كنا نعتبرهم إخوتنا واآلن نعتبرهم‬ ‫إخوتنا‪ ،‬كلهم ومن كل االجتاهات وكل البيوت في‬ ‫لبنان مفتوحة إن كانت معارضة أو مواالة‪ ،‬وجيد‬ ‫هذا التحرك الذي قام به الشباب في الفريق‬ ‫اآلخر‪ ،‬متمنيا ً أن يكون قد خفف من عنصريتهم‬

‫إن كان جتاه السوري أو الفلسطيني‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الى اخمليم‪ ،‬فالذي يريد أن يبني‬ ‫مخيما ً في لبنان فليبنه في بيته‪ .‬مخيم‬ ‫للشحاذة للتجارة بهم فهذا لن ينفذ‪ .‬هذا قرار‬ ‫الدولة اللبنانية وسيبقى قرارها وقرار أكثرية‬ ‫اللبنانيني‪.‬‬

‫السيدة لين وهاب تشارك في تكريم‬ ‫عوائل الشهداء في معرض «أرضي»‬ ‫نظمت مؤسسة جهاد البناء اإلمنائية لقا ًء‬ ‫تكرمييا ً في معرض “أرضي” لعوائل شهدائها‬ ‫بحضور والدي الشهيد القائد اجلهادي احلاج‬ ‫عماد مغنية‪ ،‬زوجة السفير اإليراني في لبنان‪،‬‬ ‫والسيدة لني وهاب على رأس وفد من املؤسسة‬ ‫التوحيدية للخدمات االجتماعية‪ ،‬ووفد من‬ ‫سفينة فك احلصار عن غزّة برئاسة السيدة‬ ‫سمر احلاج‪ ،‬ووفد نسائي من “تيار املردة” فضال ً‬ ‫عن حشد كبير من عوائل الشهداء‪.‬‬ ‫تخ ّلل االحتفال كلمة لعوائل الشهداء ألقتها‬ ‫والدة الشهيد مغن ّية حتدثت فيها عن معنى‬ ‫الشهادة مشيدة بتضحيات عوائل الشهداء‬ ‫الذين صنعوا الوعد الصادق وأعطوا العزّة‬ ‫والكرامة لهذا الوطن‪ .‬بعد ذلك مت توزيع رموز‬ ‫تذكارية على عوائل الشهداء‪.‬‬ ‫ومن اجلدير ذكره أن املؤسسة التوحيدية‬ ‫للخدمات االجتماعية شاركت في معرض أرضي‬ ‫‪.2011‬‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫وهاب إلذاعة النور‪:‬‬ ‫الح ّد األساسي لألزمة السورية‬ ‫سيكون في نهاية شهر شباط‬ ‫ملفات عديدة تناولها رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام‬ ‫ٍ‬ ‫وهاب خالل مقابلة له ضمن برنامج “السياسة اليوم” عبر أثير إذاعة‬ ‫“النور”‪ ،‬بحيث كان امللف األساس مجموعة الـ ‪ CIA‬التي متّ اعتقالها‬ ‫في لبنان‪ ،‬بحيث قال‪“ :‬أعتقد أن هناك معركة معينة مت فيها هزمية‬ ‫إحدى احللقات األساسية‪ ،‬فعمل الـ ‪ CIA‬في لبنان محصور بـ “حزب‬ ‫اهلل” وهي تنفذ ما ال تستطيع “إسرائيل” القيام به في لبنان‪ .‬إنها‬ ‫مهمتها األساسية هي‬ ‫تنسق مع األجهزة األميركية‪ ،‬ولكن‬ ‫حتما ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن السياسة األميركية في لبنان‬ ‫تر ّقب “حزب اهلل”‪ ،‬وكلنا نعلم ّ‬ ‫تهتم فقط بحماية “إسرائيل”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬لقد بدأ العمل فعال ً على ضرب اخللية الرئيسية‬ ‫املؤلفة من حوالي ‪ 12‬شخص‪ ،‬يعودون طبعا ً للـ ‪ ،CIA‬وعلى لبنان‬ ‫اليوم إتخاذ موقف مهم من أجل كرامته‪ ،‬لكن السفيرة األميركية‬ ‫كونيللي تقوم والسفير الفرنسي في لبنان بتحريض اللبنانيني‬ ‫للمشاركة في الفتنة السورية وجعل لبنان ساحة تابعة ملا يحصل‬ ‫حتمل تداعياته‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يجب‬ ‫في سوريا‪ ،‬وهذا ما ال يستطيع لبنان ّ‬ ‫أن يكون هناك حتذير لبناني شديد اللهجة لعدم ج ّره إلى فتنة‬ ‫تابعة لألحداث السورية‪ ،‬إذ ال ميكن أن يكون لبنان على احلياد في‬ ‫امللف السوري مهما ازدادت الضغوطات علينا‪ ،‬وال يجوز أن نكون‬ ‫جز ًءا من احلصار على سوريا في أول أزمة تتعرض لها”‪.‬‬ ‫وعن مشاركة بعض اللبنانيني فيما يحصل في سوريا‪ ،‬قال‬ ‫أن هناك فريقا ً سياسيا ً لبنانيا ً يغامر في الدخول‬ ‫وهاب‪ :‬من الواضح ّ‬ ‫كطرف في امللف السوري‪ ،‬ولكن برأيي سيدفع الثمن ويدفع لبنان‬ ‫الثمن معه”‪.‬‬ ‫أن السعودية تدعم األمن في لبنان‪ ،‬أما األميركي‬ ‫وقال‪“ :‬من الواضح ّ‬ ‫والفرنسي فيريدان اليوم استخدام كل الساحات العربية لتخريب‬ ‫احلد األساسي لألزمة هو حتى نهاية‬ ‫الساحة السورية‪ .‬وأعتقد ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫بأن املطلوب‬ ‫أن “تصريح كلينتون كان واضحا ً ّ‬ ‫شهر شباط”‪ ،‬معتبرا ً ّ‬ ‫تدخل تركي عسكري وسعودي مادي في امللف السوري”‪.‬‬ ‫وفي ملف احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان‪ ،‬أكد وهاب أنه “لن يتم‬ ‫متويل احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان من مجلس الوزراء وهذا أمر‬ ‫محسوم‪ ،‬إال إذا بحث الرئيس جنيب ميقاتي عن س ُبل أخرى‪ ،‬من‬ ‫خالل تعديل البروتوكول أو غير ذلك‪ .‬لكن يجب خوض معركة عدم‬ ‫ألن استهدافات احملكمة واضحة”‪.‬‬ ‫التمويل ّ‬ ‫أن “ميقاتي انتهى بالنسبة لسعد احلريري وتيار املستقبل‬ ‫وشدد ّ‬ ‫ولن يكون لديه مكان في التيار‪ ،‬أما إذا أراد اعتزال السياسة فهذا‬ ‫بأن خطوة االستقالة من رئاسة مجلس‬ ‫أمر يعود له‪ ،‬ولكن أعتقد ّ‬ ‫الوزراء‪ ،‬تعني استقالته من كل احلياة السياسية”‪ ،‬معتبرا ً أنه من‬ ‫بجزء‬ ‫بأن فريق ‪ 8‬آذار قد أمسك بالسلطة‪ ،‬بل أمسك‬ ‫“اخلطأ القول ّ‬ ‫ٍ‬ ‫منها‪ ،‬علما ً أن األقلية ميكنها استخدام حق الفيتو”‪.‬‬ ‫وفي امللف السوري‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬برأيي‪ ،‬لم يصل امللف السوري إلى‬ ‫أن ال خوف حقيقي على‬ ‫طريق مسدود‪ ،‬فطاملا إيران قوية أعتقد ّ‬ ‫سوريا واملنطقة‪ ،‬حتى مع العقوبات التي يحاولون بها الضغط‬ ‫أن املوقف العراقي داعم للسوري‪،‬‬ ‫اجلدي عليها‪ .‬وكذلك فقد تبينّ ّ‬ ‫أن العرب لديهم مواقف‬ ‫وليس كما فعل بعض العرب‪ ،‬و َمن يعتبر ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مهمتهم تطبيق‬ ‫داعمة للقضايا العربية فهو مخطئ‪ ،‬فالعرب‬ ‫ّ‬ ‫القرارات الدولية ال غير”‪.‬‬ ‫بأن “هناك عوامل داخلية تبقي الرئيس األسد صامدا ً‬ ‫وأكد وهاب ّ‬ ‫وهي الدعم الشعبي له”‪ ،‬الفتا ً إلى أنه “ليس هناك نقاش يتم خالل‬ ‫اجتماعات ما يسمى بـ “اجلامعة العربية”‪ ،‬فـ “حمد بن جاسم”‬ ‫يأتي بالبيان منتهياً‪ ،‬وكل األطراف املوجودة توافق صاغرة عليه بكل‬ ‫جوانبه”‪.‬‬ ‫أن “الرئيس األسد بدأ بإجناز عدد من اإلصالحات‬ ‫وأثنى وهاب على ّ‬ ‫منذ بداية التح ّركات في سوريا‪ ،‬ولكنه وصل إلى مرحلة وجد‬ ‫بأن املطلوب‬ ‫بأن املطلوب هو تغيير كل الدستور‪ ،‬إلى أن أيقن ّ‬ ‫فيها ّ‬ ‫وأن هناك‬ ‫األساس هو رأسه وبالتالي إسقاط حكمه‪ ،‬خاصة ّ‬ ‫لكن الشعب السوري‬ ‫سعي إلحداث فتنة طائفية في سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن‬ ‫واع لهذه املؤامرة‪ ،‬وال يفكر بهذه الطريقة الطائفية‪ .‬وكذلك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫والتلطي‬ ‫الغرب يعلم بأنه ال ميكن شن حرب دولية على سوريا‪،‬‬ ‫خلف الستار اإلنساني لن ينفع لدخول سوريا‪ ،‬وتغيير آراء الشعب‬ ‫السوري الواعي”‪.‬‬ ‫أن “الوضع في حمص لم ينت ِه حتى اآلن إذ هناك‬ ‫ولفت وهاب إلى ّ‬ ‫محصنني‬ ‫حوالي ‪ 2000‬مس ّلح بني سوريني وعرب ومنهم لبنانيني‬ ‫ّ‬ ‫في ثالث أحياء مدنية‪ ،‬وبالتالي يجب مواجهتهم ولكن بالطريقة‬ ‫األسلم حلماية املدنيني‪ ،‬وليس هناك ما يسمى باجليش السوري احل ّر‪،‬‬ ‫فاجليش الوحيد في سوريا هو اجليش العربي السوري”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬هناك البعض في لبنان ينتظرون سقوط سوريا‪،‬‬ ‫فبعض الواهمني اللبنانيني يعتقدون بأنه إذا سقطت سوريا‪،‬‬ ‫حلرب إسرائيلية على املقاومة‬ ‫سيكونون قادرين على التمهيد‬ ‫ٍ‬ ‫في لبنان‪ ،‬ولكن عليهم أن يعلموا أن انتظارهم سيطول كثيراً”‪،‬‬ ‫أن “كل ما يحصل في العالم العربي هو صفقة عربية –‬ ‫معتبرا ً ّ‬ ‫غربية‪ ،‬فاألخوان املسلمون من صنع اخملابرات األجنبية‪ ،‬حتى ولو‬ ‫أن جمهورهم هو جمهور جيد‪ ،‬ولكن هناك صفقة اليوم إلعطاء‬ ‫ّ‬ ‫األخوان احلكم في بعض الدول العربية”‪.‬‬

‫وهاب للـ «أم‪ .‬تي‪ .‬في»‪ :‬ال أؤمن‬ ‫بالديمقراطية التي ّ‬ ‫تعذب وتقتل‬ ‫وتن ّكل بالجثث وفي النهاية تقبل‬ ‫بالتدخل الخارجي‬

‫ ‬ ‫أن‬ ‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب ّ‬ ‫“كالم النائب وليد جنبالط في اجلمعية العمومية للحزب التقدمي‬ ‫اإلشتراكي لم يحمل جديداً‪ ،‬إذ لم يكن هناك تصعيد كما توقع‬ ‫كثيرون‪ ،‬لكننا لم نلمس من حديثه أي تغييرات في الواقع السياسي‬ ‫أو التحالفات‪ ،‬أما موضوع اجلبل فال بد من مناقشته”‪ ،‬مؤكدأ ً أنه ال‬ ‫لكن “غيري هو‬ ‫يزال “مؤمنا ً بفكر كمال جنبالط ومبادئه‪ ،‬ولم يتغ ّير‬ ‫ّ‬ ‫بأن سجون الطوائف هي أصعب بكثير من سجون‬ ‫َمن تغ ّير‪ ،‬وال شك ّ‬ ‫األوطان‪ ،‬لذلك علينا تغيير أنفسنا قبل اآلخرين»‪.‬‬ ‫وعن زيارة النائب جنبالط إلى ليبيا قال وهاب‪“ :‬لم تعجبني زيارته‬ ‫ودعم احلركة الوطنية‪،‬‬ ‫ألن القذافي كان صديقا ً له طيلة ‪ 25‬سنة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وكنت قد اقترحت تشكيل جلنة من سوريا وإيران وليبيا لكشف‬ ‫ُ‬ ‫قضية اإلمام املغ ّيب موسى الصدر‪ ،‬خالل زيارتي للقذافي منذ ثالث‬

‫‪16‬‬


‫سنوات‪ ،‬لكنني لم أفلح»‪.‬‬ ‫وأكد وهاب أنه “ال يوجد عدالة دولية ترى مبعيارين‪ ،‬وال أؤمن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتنكل باجلثث‪ ،‬وفي النهاية تقبل‬ ‫تعذب وتقتل‬ ‫بالدميقراطية التي‬ ‫بالتدخل اخلارجي»‪.‬‬ ‫أما في الوضع اللبناني‪ ،‬وخالل مقابلة أجراها معه اإلعالمي وليد‬ ‫ع ّبود ضمن برنامج “مبوضوعية” على شاشة الـ “أم‪ .‬تي‪ .‬في”‪ ،‬تساءل‬ ‫وهاب‪“ :‬ملاذا لم تتم حتى اآلن التعيينات اإلدارية؟ هل اخلالف هو‬ ‫قلت سابقا ً أنه على‬ ‫على احملاصصة أم على مبدأ التعيينات؟ لذلك‬ ‫ُ‬ ‫مجلس القضاء األعلى تس ّلم العديد من ملفات التعيينات‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن هناك َمن يعرقل خطوات العماد ميشال عون ضمن احلكومة في‬ ‫ّ‬ ‫هذا اإلطار‪ .‬لذلك أعتقد أنه ال بد من تفاهم بني العمادين سليمان‬ ‫أن “شيئا ً لم يتغير في أداء‬ ‫وعون لتحسني سير األمور”‪ ،‬مؤكدا ً ّ‬ ‫املؤسسات بظل احلكومة احلالية”‪ ،‬معتبرا ً “أنه في حال لم تستطع‬ ‫احلكومة القيام بأي شيء في ملف القضاء فهي ستكون فاشلة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬املطلوب من رئيس احلكومة جنيب ميقاتي عدم توريط نفسه‬ ‫كتعهده متويل‬ ‫بوعود خارجية ال يستطيع تنفيذها في الداخل‬ ‫ّ‬ ‫احملكمة الدولية‪ ،‬التي انتهت وأصبحت إجرا ًء شكلياً‪ ،‬ولبنان لن‬ ‫يكون أسيرا ً لها»‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪“ :‬لبنان لن يستقر بدون عودة التفاهم السوري ‪-‬‬ ‫السعودي في ملفاته‪ ،‬وكل ما يحصل في العالم العربي يؤثر عليه‪،‬‬ ‫ألن‬ ‫لذلك ال بد من عالقات جيدة عربية – عربية‪ ،‬وعربية – إيرانية‪ّ ،‬‬ ‫غياب الدور العربي األساس ينعكس سلبا ً على لبنان‪.‬‬ ‫وأكد وهاب أنه إلى جانب رئيس اجلمهورية ميشال سليمان‬ ‫أن األخير “س ُيحدث إجنازا ً عظيما ً في حال ّ‬ ‫متكنه من تغيير‬ ‫معتبرا ً ّ‬ ‫قانون االنتخاب واعتماد النسبية‪ ،‬إضافة لنجاحه في تعيينات إدارية‬ ‫جدية»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واعتبر وهاب أنه “حصل خطأ في مجلس الشورى‪ ،‬إذا ال بد من أن‬ ‫تشمل الزيادة على األجور جميع الفئات‪ ،‬وليس واحدة دون األخرى‪ ،‬وال‬ ‫بد من وقف مزاريب الهدر في كل قطاعات الدولة»‪.‬‬ ‫أما في ملف األوقاف الدرزية‪ ،‬فقال‪“ :‬ال أشكك بالشباب الدرزي‬ ‫املوجود في جلنة األوقاف‪ ،‬ولكن هناك الكثير من األخطاء التي ترتكب‪،‬‬ ‫مثال ً بحق دروز بيروت او غيرهم‪ ،‬إضافة إلى أنه ال يجوز إدخال جزء من‬ ‫دار الطائفة الدرزية والوقف الدرزي ضمن مشاريع استثمارية”‪ ،‬الفتا ً‬ ‫إلى أنه “ال بد من توحيد مشيخة العقل ضمن طائفة املوحدين‬ ‫أن سماحة الشيخ‬ ‫الدروز وعدم إبقائها على ما هي عليها‪ ،‬الفتا ً ّ‬ ‫نصر الدين الغريب هو األكفأ للبقاء في منصب مشيخة العقل»‪.‬‬ ‫“أن كل ما‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬وحول األحداث في سوريا‪ ،‬أكد وهاب ّ‬ ‫يُقال عن األحداث في سوريا كذب‪ .‬ال أقول أن الوضع األمني مستتب‪،‬‬ ‫فالوضعني االقتصادي والسياحي يعانيان من مشكلة حقيقية‪،‬‬ ‫ولكن ليس كما يتم تصويره على بعض وسائل اإلعالم‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن التظاهرات املؤ ّيدة للرئيس بشار األسد بدأت صغيرة وأصبحت‬ ‫اليوم ضخمة جدا ً في حني انخفضت أعداد املتظاهرين ضد النظام‬ ‫السوري»‪.‬‬ ‫واستطرد قائالً‪“ :‬هناك عمليات أمنية جدية ت ُقام ضد اجليش‬ ‫ومن ِق َبل مجموعات أمنية‪ ،‬ولكن اجليش العربي السوري ال يزال‬ ‫متماسكاً‪ ،‬وحاالت اإلنشقاق عنه محدودة جدا ً وهي حاالت ال تتمتع‬ ‫بالكفاءة متاما ً كما هرموش واالسعد وغيرهما»‪.‬‬ ‫وتط ّرق وهاب إلى قضية اختفاء القيادي السابق في حزب البعث‬ ‫العربي االشتراكي شبلي العيسمي‪ ،‬فقال‪“ :‬هو ليس مع السوريني‬ ‫ألنهم ال يريدونه وليس لديهم مشكلة معه»‪.‬‬ ‫وتعليقا ً على مداخلة ألحد أعضاء اجمللس الوطني السوري‬ ‫عمر إدلبي‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬العصابة ليست التي حتكم سوريا اليوم‪،‬‬ ‫بل هي التي تطلب التدخّ ل الدولي لتخريب سوريا‪ .‬وفي املقابل‪،‬‬

‫يريدون ضرب اجليش السوري وتخريبه‪ ،‬ومع هذا يدعونه للوقوف إلى‬ ‫جانبهم‪ .‬لكننا مع أن تنتقل سوريا إلى اإلصالح وتغيير أنظمتها‬ ‫ولكن بالطريقة السلمية»‪.‬‬ ‫س ّمي بـ “الربيع العربي” على حدود‬ ‫ما‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬لقد توقف‬ ‫ُ‬ ‫بأن اململكة العربية السعودية تدخّ لت لدعم‬ ‫اليمن‪ ،‬ومن الواضح ّ‬ ‫بأن الوضع األمني‬ ‫القول‬ ‫وميكن‬ ‫صالح‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫عبد‬ ‫الرئيس اليمني علي‬ ‫ّ‬ ‫بشكل عام غير ُمريح»‪.‬‬

‫وهاب للـ «إل‪ .‬بي‪ .‬سي»‪ :‬جوبيه‬ ‫متورط بتهريب األسلحة الى سوريا‬ ‫عبر تركيا وهذا يه ّدد المصالح‬ ‫الفرنسية في المنطقة‬ ‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب أن‬ ‫الرئيس سعد احلريري ميلك حيثية سياسية في املعادلة اللبنانية‬ ‫وهو ال يزال ميثل غالبية سنية لها وزنها ومن الطبيعي أن يكون‬ ‫للحريري موقفا ً حيال ما يحصل حولنا من تطورات‪ ،‬لكنه استعجل‬ ‫كثيرا ً حول ما قاله جتاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سيبقى‬ ‫رئيسا ً للمجلس مهما كانت نتائج االنتخابات في عام ‪2013‬‬ ‫ولفت وهاب خالل حديث مع اإلعالمية دميا صادق في برنامج‬ ‫“نهاركم سعيد” على شاشة الـ “ال‪.‬بي‪.‬سي” الى أن كل ما يحكى‬ ‫عنه اليوم في لبنان بدءا ً مبوضوع احلوار الوطني‪ ،‬الى السجال‬ ‫الداخلي و غيرها من األمور األخرى كلها تفاصيل تأتي في الوقت‬ ‫الضائع‪ ،‬في ظل ما يجري اليوم في املنطقة من تغييرات والتي‬ ‫ستكون تداعياتها بحجم تداعيات احلادي عشر من أيلول‪.‬‬ ‫ورأى وهاب في الضجة األميركية حول امللف النووي واحلملة‬ ‫األميركية على إيران إمنا يعود سببها الى االنسحاب األميركي من‬ ‫العراق‪ ،‬خاصة وأن إيران بحكم حجمها ودورها مرشحة مللء هذا‬ ‫الفراغ في ظل تخوف خليجي وإسرائيلي من هذا األمر في حني أن‬ ‫تركيا غير قادرة على لعب أي دور في هذا اجملال وهذا يعود بالطبع الى‬ ‫قدراتها احملدودة على هذا الصعيد‪.‬‬ ‫ون ّبه وهاب من أي خطوة أميركية أو إسرائيلية تهدف الى ضرب‬ ‫إيران‪ ،‬تشكل إذا ما حصلت زلزاال ً كبيرا ً في املنطقة‪ ،‬وبالطبع سيكون‬ ‫الرد اإليراني موجعا ً في فلسطني احملتلة‪ ،‬باإلضافة الى تهديد كامل‬ ‫القواعد العسكرية األميركية املمتدة من تركيا الى قطر‪.‬‬ ‫وفي ضوء ما يشاع عن اهتزاز في العالقات السعودية ‪ -‬اإليرانية‪،‬‬ ‫أكد وهاب حرص طهران على استقرار السعودية التي قد تكون‬ ‫مستهدفة في املرحلة املقبلة‪ ،‬معتبرا ً أن أحدا ً ال يستطيع أن‬ ‫يدفع السعودية الى مواجهة مع إيران وهذا ما تبينّ بعد االتهامات‬ ‫األميركية إليران حول محاولة اغتيال السفير السعودي في‬ ‫واشنطن‪ ،‬مشددا ً على الطابع السلمي للملف النووي االيراني‬ ‫واصفا ً تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بـ “السخيف”‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬البعض يعتبر أن أمام إيران حلني ال ثالث لهما‪ ،‬فإما أن‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً أن إيران‬ ‫تخضع لإلمالءات األميركية‪ ،‬وإما أن تذهب للحرب‪،‬‬ ‫ستتخذ خيار احلرب على الرغم من أن رأيه هو “صفر” حول احتماالت‬ ‫احلرب في ظل كل املعطيات األخرى التي تشير الى أن االحتماالت‬ ‫قاربت نسبة الـ ‪ %80‬حول إمكانية ضرب إيران‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫ولفت وهاب الى أن إيران لديها أذرع قادرة أن تضرب في كل مكان‬ ‫في أوروبا وأميركا‪ ،‬وقال إنني كعربي أمتنى أن حتصل طهران على‬ ‫قنبلة نووية خللق نوع من التوازن في املنطقة‪ .‬لكن إيران تتحدث‬ ‫اليوم عن شرق أوسط خال من القنابل النووية وهذا كالم منطقي‬ ‫يقابله موقف غربي منحاز لـ “اسرائيل” وترسانتها النووية‪.‬‬ ‫وحول األزمة السورية‪ ،‬كشف وهاب عن استعجال إلسقاط‬ ‫نظام الرئيس بشار األسد قبل مطلع السنة اجلديدة من خالل‬ ‫قدمه الشيخ “حمد” ألحد األشخاص بإسقاط الرئيس‬ ‫وعد كان ّ‬ ‫األسد‪ ،‬والفتا ً الى أن الوضع في سوريا أربك القيمني على النظام‬ ‫في الشهرين األولني من األزمة إال أن السلطة متكنت من املبادرة من‬ ‫خالل استحداث شرطة مكافحة الشغب التي متكنت في البداية‬ ‫من ضبط الوضع دون سفك يذكر للدماء‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب أنا ضد منطق القتل لسبب سياسي كما أدين كل‬ ‫املمارسات التي تؤدي الى تخريب سوريا‪ .‬لكن ما حصل في مدينة‬ ‫حمص هو أمر غير طبيعي‪ ،‬فهناك العشرات من النساء اللواتي مت‬ ‫تقطيعهن وقتلهن‪ ،‬ففي هذه احلالة يصبح من الضروري وضع حد‬ ‫أمام كل هذه التصرفات بحق املدنيني العزّل‪.‬‬ ‫واستغرب وهاب محاوالت وزير اخلارجية الفرنسي آالن جوبيه‬ ‫توريط بالده في مغامرات غير محسوبة ستنعكس سلبا ً على‬ ‫مصالح فرنسا في املنطقة من خالل العمل على تزويد تركيا‬ ‫بأسلحة ثقيلة حصلت عليها فرنسا من ليبيا ويتم اآلن تهريبها‬ ‫الى سوريا‪ ،‬مشيرا ً الى خطورة هذا األمر‪ ،‬واضعا ً ا ّياه في خانة إعالن‬ ‫حرب على سوريا سيدفع األتراك والفرنسيني ثمنه‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل حتدث وهاب عن عشرات التجار في إدلب الذين‬ ‫اتصلوا به لتأمني تراخيص سالح لهم من أجل حماية مصاحلهم‬ ‫وعائالتهم بعد تلقيهم سيل من التهديدات من قبل من يطلقون‬ ‫على أنفسهم باملعارضني للنظام‪.‬‬ ‫وفي ضوء ما يشاع من أخبار عن احتمال سقوط النظام في سوريا‬ ‫كشف وهاب عن اجتماع عقده الرئيس األسد مع ضباطه وأبلغهم‬ ‫أن أي ضربة عسكرية حتصل على سوريا يجب أن يكون الرد فوري‬ ‫ومن دون احلصول على قرار سياسي يؤذن بذلك‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال حول وقوع عدد كبير من القتلى في سوريا قال‬ ‫وهاب‪ :‬أحترم كل شهيد سقط في مصر وتونس وليبيا وسوريا ولكن‬ ‫ليس البديل عن القذافي مثال ً هؤالء اجملرمني من أمثال مصطفى‬ ‫عبد اجلليل او أن يكون البديل عن الرئيس األسد هؤالء “الزعران”‬ ‫الذين رأيناهم باألمس يتبادلون التهم والضرب أمام مقر اجلامعة‬ ‫العربية في القاهرة‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬الوضع في سوريا سينتهي الى كارثة إذا ما استمر‬ ‫على ما هو عليه اليوم لكن يبدو أن أميركا أدركت اتفاق املعارضة‬ ‫بعد جلوئها الى استعمال العنف والسالح ما يعني أن النظام ال‬ ‫يزال قويا ً والدليل على ذلك اعتراف “فيلتمان” أن املعركة في سوريا‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫وعن رأيه حول دور محتمل لإلخوان املسلمني في املنطقة على‬ ‫ضوء نتائج االنتخابات في تونس قال وهاب‪ :‬اإلخوان املسلمون ال‬ ‫يخيفون أميركا بل هم اختراع بريطاني مت تشغيلهم في السابق‬ ‫ضد جمال عبد الناصر واليوم يستخدمهم الغرب إللغاء القومية‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬شخصيا ً نحن ضد حكم اإلخوان املسلمني وضد‬ ‫حكم أي حزب ديني ألن الدين هو عالقة اإلنسان بخالقه وليس من‬ ‫أجل تلويثه بأنظمة سياسية وآبار النفط‪.‬‬ ‫أما عن موضوع الالجيئني السوريني الى لبنان اعتبر وهاب أن هناك‬ ‫مئات األالف من السوريني الذين يتواجدون في كل قرية أو منطقة‬ ‫في لبنان سواء كانوا من املواالة أم املعارضة وال أحد يتعرض لهم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لكنه حذر في الوقت عينه مما يجري من نية لدى البعض بإقامة‬ ‫مجتمعات لالجئني السوريني في الشمال واستغالل هذا في البازار‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬معتبرا ً أنه في حال حتولت هذه اجملتمعات الى نقطة‬ ‫انطالق لعمليات عسكرية ضد سوريا فحتما ً سيتدخل اجليش‬ ‫السوري ويقيمها‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب ليعلم اجلميع أن املسألة اإلنسانية ليست موسمية‬ ‫وفي العام ‪ 2005‬كنت ضد االعتداء على أي عامل سوري في لبنان‬ ‫وهذا هو رأيي اليوم مهما كان احلكم في سوريا لكنني ضد افتعال‬ ‫قصص ال صحة لها وهي شبيهة بالتلفيقات التي تفبرك اليوم‬ ‫وليس آخرها بيان القوات اللبنانية التي اتهمت من دون أي وجود‬ ‫مستند قضائي القاضي سعيد ميرزا بخطف السوريني وفي هذا‬ ‫اجملال أكد وهاب أنه ال يوجد معطيات عند القاضي ميرزا أو عند فرع‬ ‫املعلومات حول ملف شبلي العيسمي الذي يعتبر من كبار رجاالت‬ ‫الطائفة الدرزية في سوريا وهذا ما أكد لي شخصياً”‪.‬‬ ‫وختم وهاب حديثه بالتأكيد على أن اخلالف داخل اجلبل وداخل‬ ‫طائفة املوحدين الدروز قد طوي الى غير رجعة‪ ،‬معتبرا ً عدم تأييد‬ ‫النائب وليد جنبالط لبناء مستشفى الصحابي سلمان الفارسي ال‬ ‫يفسد في الود قضية مشيدا ً في الوقت عينه مبوقف جنبالط الذي‬ ‫أكد فيه عدم استعمال لبنان كمنصة ضد سوريا ودعا فيه الى‬ ‫احتضان الالجئني السوريني‪.‬‬ ‫أما عن موضوع قانون االنتخابات أكد وهاب على خياره الثابت‬ ‫في تأييد قانون النسبية ألنه حق دميقراطي‪ ،‬وأضاف نحن كفريق‬ ‫سياسي نقف الى جانب سوريا وإيران واملقاومة‪ ،‬وإذا اختلفنا بالرأي‬ ‫مع النائب جنبالط بالطبع لن يكون هناك فتنة في اجلبل ألن املعركة‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً أنه مع حماية لبنان‬ ‫الوحيدة في اجلبل هي من أجل التنمية‪،‬‬ ‫في مواجهة هذه العاصفة الكبيرة ونحن “أصغر وأضعف من أن‬ ‫نضع أنفسنا في قلب هذه العاصفة”‪.‬‬

‫وهاب للـ «أو تي في»‪ :‬مجلس‬ ‫«بروستات» العرب فتح المعركة‬ ‫وليتح ّمل نتائجها‬ ‫أن‬ ‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب ّ‬ ‫“مجلس “بروستات” العرب ‪ -‬أي الوزراء العرب ‪ -‬فتح املعركة باألمس‬ ‫وليتحمل نتائجها‪ ،‬فلقد ّ‬ ‫بأن إسقاط سوريا‬ ‫حذرنا منذ البداية ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيؤدي إلى حرب متوزّعة في املنطقة‪ ،‬وهذا ما أكده سابقا ً الرئيس‬ ‫بشار األسد والسيد حسن نصر اهلل والرئيس اإليراني محمود‬ ‫لكن رأينا باجلامعة العربية معروف‪ ،‬فهي دخلت في‬ ‫أحمدي جناد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العناية الفائقة منذ تأسيسها أي منذ “الءات السودان”‪ ،‬الفتا ً إلى‬ ‫أنه “يجب أال يخرج الشعب السوري من الشارع بعد اليوم‪ ،‬بل يجب‬ ‫قمع أي متظاهر معارض‪ ،‬فمن السهل تدمير البلد ولكن يصعب‬ ‫جدا ً إعادة إعماره”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد وهاب خالل مقابلة أجراها معه اإلعالمي رواد ضاهر ضمن‬ ‫أن “الرئيس بشار‬ ‫برنامج “حوار اليوم” على شاشة الـ “أو تي في”‪ّ ،‬‬ ‫األسد مواطن من سوريا وليس غريبا ً عنها‪ ،‬واملطلوب من كل املدن‬ ‫السورية النزول إلى كل الشوارع لدعمه‪ ،‬وأي مظاهرات معارِضة هي‬ ‫حت ّركات إسرائيلية‪ ،‬علما ً أنني مع املطالبة باحلقوق ولكن املسألة‬ ‫اليوم أصبحت تتعلق بتدمير سوريا”‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫َ‬ ‫فأنت من‬ ‫“ألنك من بني متيم‬ ‫وتوجه وهاب ألمير قطر بالقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫“أسفل” سفالء العرب”‪ ،‬متسائالً‪َ “ :‬من هم أولئك الذين اجتمعوا‬ ‫سمى بـ “اجلامعة العربية”‪ ،‬وهم ممَن لطاملا تغاضوا‬ ‫باألمس في ما ي ُ ّ‬ ‫عما يحصل في الدول العربية من لبنان وفلسطني والعراق والسودان‬ ‫ّ‬ ‫لكن التاريخ س ُيحاسبهم حتماً‪ ،‬كما حاسب قاتلي اخللفاء‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الراشدين‪ ،‬ومصيرهم لن يكون أفضل من مصير اخلونة الذين‬ ‫سبقوهم”‪.‬‬ ‫ومتنى وهاب على اململكة العربية السعودية “أن يكون موقفها‬ ‫ُمغايرا ً للمواقف التي صدرت‪ ،‬ألنها واجلزائر ضمن الئحة التح ّركات‬ ‫واملؤامرات القادمة في حال جناح املؤامرة احلاصلة اليوم على سوريا‪،‬‬ ‫إذ أننا سنشهد تط ّورات كثيرة حتاول استهداف السعودية واجلزائر”‪،‬‬ ‫مؤكدا ً أنه “على الرئيس األسد اخلروج إلى العلن وإعالن براءته من‬ ‫أن “اإلستقبال األخير لألمير‬ ‫تلك اجلامعة العربية‪ ،‬مشددا ً على ّ‬ ‫القطري حمد بن جاسم في سوريا كان خاطئاً”‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬لقد متّ فتح الباب أمام تدخّ ل دولي في سوريا‪ ،‬ولكنني أدعو‬ ‫للمواجهة وبدء الر ّد‪ ،‬فما املانع من إطالق عشرات الصواريخ على‬ ‫قاعدة سيليا في قطر في حال التدخل الدولي في سوريا؟ لن يقبل‬ ‫أحد منا بتسليم العرب جلاسوس كـ “حمد بن جاسم”‪.‬‬ ‫أن “اإليراني جتهّ ز بكل‬ ‫وحتدث وهاب في امللف اإليراني‪ ،‬فاعتبر ّ‬ ‫ّ‬ ‫االستعدادات لضربات موجعة من “إسرائيل” وأميركا‪ ،‬ولكن ميكنه‬ ‫الصمود حتى النهاية وتدمير كل القواعد العسكرية فيهما‬ ‫ّ‬ ‫متعذرة‪،‬‬ ‫أن هذه الضربة الكبيرة إليران‬ ‫وحتى في تركيا‪ .‬ولكن طاملا ّ‬ ‫حاولوا توجيه ضربة لها من خالل التآمر على سوريا‪ ،‬وفي هذا تهيأة‬ ‫ألن حزب اهلل –‬ ‫الجتياح إسرائيلي في حال متكنوا من إسقاط سوريا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫أن ذلك‬ ‫ا‬ ‫مؤكد‬ ‫بحسب حساباتهم – سيضعف في حال سقوطها”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن الرئيس سعد‬ ‫“سيؤدي إلى تطورات هائلة في لبنان‪ ،‬وال أعتقد ّ‬ ‫احلريري سيعود إلى لبنان في حال سقوطها”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬هناك احتمال لتدمير سوريا ولكن سقوطها مستحيل‪.‬‬ ‫لذلك أدعو الرئيس األسد الرتداء بزّته العسكرية خلوض العمليات‬ ‫العسكرية مباشرة‪ ،‬وإعالن حالة الطوارىء والبدء برزمة إصالحات‬ ‫متعددة االجتاهات”‪.‬‬ ‫أما في إطار املوقف الروسي من األزمة في سوريا‪ ،‬فقال وهاب‪:‬‬ ‫“برأيي الفيتو الروسي ال يزال قائما ً وإذا غ ّيرت روسيا مواقفها أعتقد‬ ‫ألن الورقة السورية هي الوحيدة بيدها في‬ ‫أن موقعها سيتغير ّ‬ ‫منطقة الشرق األوسط”‪ ،‬وح ّيا “موقف الكنيستني األورثوذكسية‬ ‫همه وحدة‬ ‫والكاثوليكية وخاصة موقف البطريرك هزمي الذي ّ‬ ‫سوريا”‪.‬‬ ‫وع ّلق على املظاهرات احلاصلة في سوريا اليوم رفضا ً لقرارات‬ ‫اجلامعة العربية‪“ :‬هذا دليل على محبة الشعب السوري للرئيس‬ ‫بشار األسد‪ ،‬وتنديدا ً بالدور القذر لألمير “حمد بن جاسم”‪ ،‬وصمود‬ ‫سوريا يتعلق مبوقف الشعب السوري وجيشه”‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬تناول وهاب امللف اللبناني‪ ،‬فقال‪“ :‬لقد أعلن قائد‬ ‫اجليش العماد جان قهوجي موقفا ً مميزا ً فيما يتعلق بامللف السوري‪،‬‬ ‫نصدر أزمات ألحد وال يجوز استيراد أخرى‬ ‫خاصة وأنه أكد أننا لن‬ ‫ّ‬ ‫إلى بلدنا”‪.‬‬ ‫وتعليقا ً على زيارة بعض الشخصيات السياسية إلى منطقة‬ ‫بحجة استقبال الالجئني السوريني‪ ،‬قال‪“ :‬كان األجدر‬ ‫وادي خالد‬ ‫ّ‬ ‫بهم أخذ موقف متوازن وليس الدعوة املتكررة إلسقاط سوريا”‪.‬‬ ‫كما ع ّلق وهاب على كلمة رئيس اجلمهورية ميشال سليمان خالل‬ ‫رعايته ليوم طرابلس مدينة خالية من السيارات‪“ :‬أطالب بفتح فروع‬ ‫بالتوسع الستقبال‬ ‫للجامعة اللبنانية في كل املناطق‪ ،‬فهي ُملزمة‬ ‫ّ‬ ‫جميع الطالب بدون حجج امتحانات الدخول‪ ،‬خاصة في منطقة‬ ‫اجلبل مع وجود العديد من الطالبات امللتزمات دينيا ً واللواتي ال‬

‫التوجه يوميا ً إلى بيروت”‪.‬‬ ‫ميكنهن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما في ملف احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬هناك‬ ‫حديث عن السعي لتمويل احملكمة الدولية مببلغ ‪ 50‬مليون دوالر‬ ‫وهذا لن يتم”‪ ،‬متسائال ً “هل يجوز االهتمام بهذه الشعارات الكاذبة‬ ‫حتدثنا عنه في السابق حول كساد موسم الزيت في‬ ‫وتناسي ما ّ‬ ‫منطقة حاصبيا مثالً؟‪ .‬من هنا‪ ،‬على احلكومة السعي ّ‬ ‫حلل ملفات‬ ‫داخلية بعيدا ً عن احملكمة الدولية‪ ،‬ولكنني أرى أن سياسة هذه‬ ‫احلكومة تافهة‪ ،‬ألنها ّ‬ ‫تنفذ الطريقة نفسها حلكم الرئيس فؤاد‬ ‫السنيورة”‪ ،‬معتبرا ً “أنه من اإلهانة ألي لبناني قاضيا ً كان أو مواطنا ً‬ ‫عاديا ً الذهاب إلى احملكمة الدولية‪ ،‬ونقول لهم‪ :‬لن تلمسوا شعرة‬ ‫واحدة من مصطفى بدر الدين أو رفاقه املقاومني ألنهم ميلكون من‬ ‫الشرف أكثر بكثير من ميليس وبلمار واحملكمة الدولية”‪.‬‬ ‫أن احلملة على الرئيس األسد‬ ‫وتابع‪“ :‬املقاومة في لبنان تعلم جيدا ً ّ‬ ‫هي حملة عليها‪ ،‬ولكن كما سقط العمالء واملعتدين في العام‬ ‫‪ ،2006‬سيسقطون مجددا ً ألننا نثق بوعد السيد حسن نصر اهلل‬ ‫بالنصر اجلديد والدائم”‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالعودة إلى امللف السوري‪“ :‬أعتقد أننا ذاهبون إلى‬ ‫املواجهة وهناك خط مفتوح لذلك وهو خط إيراني – أميركي‪،‬‬ ‫وأعتقد أن العرب سيدفعون ثمنا ً كبيرا ً نتيجة هذا املوقف ضد‬ ‫سوريا وخاصة دول اخلليج”‪ ،‬داعيا ً السلطة السورية للحسم‬ ‫ألن أي حت ّرك‬ ‫باجتاهني‪ :‬اإلصالحات احلقيقية‪ ،‬ومنع أي حت ّرك في الشارع ّ‬ ‫معارِض للنظام السوري هو في خدمة تدويل األزمة السورية”‪.‬‬

‫وهاب لـ «الدنيا»‪ :‬أشجّ ع على‬ ‫تأسيس جيش شعبي لدعم الجيش‬ ‫العربي السوري من أجل حماية‬ ‫سوريا‬ ‫وجه رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب “حتية‬ ‫ّ‬ ‫لكل العرب الشرفاء وليس “عرب الر ّدة” الذين نراهم اليوم‪ ،‬بالقول‪:‬‬ ‫األمة احل ّية في هذا العالم والتي متثل فعال ً‬ ‫حتيا األمة السورية ألنها ّ‬ ‫العرب الشرفاء‪ ،‬فالهالل اخلصيب هو نبض األمة‪ ،‬أما الباقي فهم‬ ‫الجئون إلى منطقتنا ومنهم اخلليجيني الذين نراهم اليوم يجتمعون‬ ‫ضد النظام السوري وشعبه”‪ ،‬الفتا ً إلى “أننا لم نعد بانتظار ردود‬ ‫الفعل‪ ،‬فقد بدأنا اليوم باإلعداد للفعل‪ ،‬سنكون نحن الفعل من‬ ‫اآلن وصاعداً‪ ،‬فقد انتهت املرحلة املاضية‪ .‬فليصدروا القرارات التي‬ ‫يريدون‪ ،‬وإذا قرروا أن يحكم هذه األمة ذاك اجلاسوس اإلسرائيلي‬ ‫حمد بن جاسم‪ ،‬سنحرقها بالكامل”‪.‬‬ ‫وأكد وهاب خالل مقابلة ضمن برنامج “الساعة احل ّرة” على قناة‬ ‫أن “سوريا‬ ‫“الدنيا” السورية‪ ،‬أجرتها معه اإلعالمية هناء الصالح‪ّ ،‬‬ ‫التي متلك هذا الشعب‪ ،‬لن تسقط‪ ،‬ولن يتمكن أحد من الغرب أو‬ ‫بأن “إسرائيل”‬ ‫غيرهم من ضربها أو الدخول إليها‪ ،‬ألنهم يعرفون ّ‬ ‫لن تكون مبعزل عن القصف في حال اجتياحهم لسوريا”‪ ،‬مشددا ً‬ ‫أن “سوريا ال تستحق احلياة إذا كان “الواوي” حمد بن جاسم‬ ‫على ّ‬ ‫أمته”‪ ،‬متسائالً‪“ :‬هل أصبح‬ ‫على‬ ‫التآمر‬ ‫ه‬ ‫هم‬ ‫كل‬ ‫والذي‬ ‫سيحكمها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫“املقامر” بن جاسم في موقع يسمح له بتهديد اجلزائر أو غيرها؟‬ ‫َمن هو ليقوم بالتهديد والوعيد؟ وكم ميثل من الشعب العربي؟‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫احلي املعتصم في هذا الطقس‬ ‫وهل ميكن لهذا الشعب السوري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالذل‬ ‫البارد ‪ -‬تنديدا ً بالقرارات العربية والدولية‪ ،‬أن ينهزم ويقبل‬ ‫وبإسقاط بلده؟”‪.‬‬ ‫فهم ال‬ ‫وتوجه للسوريني‪“ :‬سوريا بخير‪ ،‬ال‬ ‫تصدقوا التهويل‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يستطيعون فعل أي شيء على األرض‪ ،‬لذلك يريدون هدم القلعة‬ ‫بقرع الطبول‪ ،‬لكنهم خسئوا ما دام شعب سوريا هو انتم الشعب‬ ‫األبي الواعي”‪ ،‬مؤكدا ً أنه “هناك مئات وآالف اإلستشهاديني ضمن‬ ‫الشعبني السوري واللبناني‪ ،‬فكثير من العرب مع سوريا وإلى جانب‬ ‫شعبها‪ ،‬ولن يقبلوا بضربها وتخريبها‪ ،‬مطمئنا ً اجلميع بأنه ال يوجد‬ ‫أي ضربة أميركية أو إسرائيلية ضد سوريا وذلك وفقا ً حلسابات دقيقة‬ ‫ولكن الهدف اليوم هو إنشاء منطقة عازلة في‬ ‫متنعهم من ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تركيا قريبة من سوريا‪ ،‬وهذا ما قد أخذته سوريا في احلسبان‪ ،‬وهناك‬ ‫عديد من القوى في املنطقة القادرة على ردع الطمع العثماني»‪،‬‬ ‫ضدنا في لبنان في العام ‪،2006‬‬ ‫متابعا ً «لقد اجتمع العالم أجمع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومتكنا عبر ‪ 3000‬مقاتل من هزميتهم وهزمية العالم بالكامل عبر‬ ‫الصوارخ الذي ز ّودنا بها اجليش العربي السوري‪ ،‬لذلك إذا تضامنتم‬ ‫وآمنتم بوطنكم ستتمكنون من املواجهة واإلنتصار»‪.‬‬ ‫ولفت وهاب إلى أنه «سيكون إليران الكثير من املوفدين إلى‬ ‫الدول العربية خالل األيام املقبلة إلبالغهم بقراراتها اجلديدة التي‬ ‫وأن إيران بدأت بعالج الكثير‬ ‫تؤكد وقوفها إلى جانب سوريا‪ ،‬خاصة ّ‬ ‫من القضايا السورية‪ ،‬وستقوم بشراء كل املنتجات الزراعية‬ ‫والصناعية من التجار السوريني‪ ،‬ولن تقبل بتر ّدي الوضع االقتصادي‬ ‫في سوريا»‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬ناشد وهاب الرئيس السوري بشار األسد «للنزول‬ ‫إلى الشارع والدعوة لقيام اجلامعة الشعبية العربية‪ ،‬أما تلك‬ ‫ُّ‬ ‫فكل فرد منها مرتبط بالوزارات‬ ‫املسماة بـ «اجلامعة العربية»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الغربية اخلارجية‪ ،‬وسوريا ال يش ّرفها أن تكون متواجدة مع هكذا‬ ‫عمالء‪ ،‬لذلك أدعو الشعب السوري إلى الوقوف بوجه حمد بن‬ ‫جاسم في حال زيارته لسوريا‪ ،‬ومنع دخوله إلى اراضيها»‪.‬‬ ‫وتساءل وهاب‪« :‬ملاذا لم نبدأ حتى اآلن بخوض املعركة ضد سارقي‬ ‫ثروات األمة العربية‪ ،‬والثروات النفطية في ظل وجود آالف اجلائعني‬ ‫من املواطنني العرب؟ نحن النريد إال مواجهة هؤالء اللصوص أمثال‬ ‫متوجها ً للملك األردني عبد اهلل الثاني‪:‬‬ ‫حمد وغيره من العاهرين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«سنضحك عليك كثيرا ً أيها اجلاسوس إبن اجلاسوس عندما‬ ‫ستسقط حتت األقدام»‪.‬‬ ‫وحول احلديث عن إرسال مراقبني إلى سوريا من ِق َبل اجلامعة‬ ‫العربية‪ ،‬قال وهاب‪« :‬يجب أال يدخل أحد منهم إلى سوريا‪ ،‬وعلى‬

‫الشعب السوري البقاء في الشارع والتضامن مع جيشه‪ .‬فلنبدا‬ ‫املواجهة‪ ،‬ولنتضامن جميعا ً معارضة ومواالة حلماية سوريا‪ ،‬وإذا لم‬ ‫يقم النظام السوري باإلصالحات بعد انتهاء هذه املواجهة‪ ،‬سأكون‬ ‫بني املطالبني بالقيام بها‪ .‬لهذا أقول للرئيس األسد‪ :‬فلتعلن احلركة‬ ‫التصحيحية اجلديدة حلماية سوريا‪ ،‬وهناك العديد من املسؤولني‬ ‫السوريني املتآمرين على مصالح الناس عبر التقاعس عن تلبية‬ ‫حاجاتهم‪ ،‬والذين يجب محاسبتهم»‪ ،‬و»ال تعطي أولئك العرب‬ ‫العمالء شرف السالم عليهم‪ ،‬ألنهم جواسيس مك ّلفني بالتآمر‬ ‫ألن لديك صفة أخرى هي أن‬ ‫علينا‪ ،‬وال تقيم وزنا ً لهذه األنظمة‪ّ ،‬‬ ‫أتوجه للعرب‬ ‫تكون قائدا ً على مستوى األمة وحاميا ً لها‪ .‬لذلك‬ ‫ّ‬ ‫الشرفاء‪ :‬سوريا احتضنتكم جميعا ً في األيام الصعبة‪ ،‬ومنكم‬ ‫ّ‬ ‫مظفر النواب واجلواهري وخالد مشعل وغيرهم وحتى املقاومات‬ ‫واألحزاب العربية‪ ،‬لإلحتماء بها‪ ،‬ولم يقبل الرئيس بشار األسد‬ ‫باملساومة إلى أحد منكم‪ ،‬فحان الوقت لوقوفكم إلى جانب سوريا‬ ‫ونوجه حتية لكل العشائر العربية‪ ،‬الداعمة لسوريا‬ ‫ودعم شعبها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والواعية للمؤامرة عليها ‪ -‬أنتم ال حتمون نظاما ً في سوريا‪ ،‬بل حتمون‬ ‫موقفا ً وطنياً‪ ،‬فسوريا حضن لكل املقاومات العربية»‪ ،‬الفتا ً إلى أننا‬ ‫ألن الرئيس بشار األسد اتخذ قراره‬ ‫«لم ننت ِه من املسلحني حتى اآلن ّ‬ ‫بعدم السماح بتدمير األحياء السورية لقتل املسلحني وتعريض‬ ‫اآلمنني للخطر‪ .‬ونحن كقوى موالية لسوريا في لبنان‪ ،‬لن نعتدي‬ ‫على القوات الدولية «اليونيفل» العاملة في لبنان‪ ،‬ولن نقبل بذلك‪،‬‬ ‫عمت الفوضى في سوريا ولبنان‪َ ،‬من سيحمي هذه‬ ‫ولكن في حال ّ‬ ‫القوات؟ و َمن سيحمي أيضا ً املدن الفلسطينية احملتلة من صواريخ‬ ‫سوريا؟ من هنا‪ ،‬املطلوب التن ّبه للمؤامرة‪ ،‬فـ «النصر هو صبر‬ ‫الساعة»‪ ،‬ومتنياتنا كلها هي حماية سوريا‪ ،‬وسنراهم جميعا ً إلى‬ ‫جانب سوريا بعد تيقّ نهم بأنها قلب هذه األمة»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬أشجع على تأسيس جيش شعبي سوري في كل‬ ‫احملافظات لتو ّلي حماية سوريا إلى جانب اجليش العربي السوري‪.‬‬ ‫فسوريا سترى أياما ً جميلة وهادئة وخاصة بعد اخلروج األميركي من‬ ‫العراق‪ ،‬وليس مع اجتماع وزارء اخلارجية العربية للتآمر عليها‪ .‬لذلك‬ ‫على احلزبيني في حزب البعث العربي اإلشتراكي وكافة املواطنني‬ ‫الشرفاء الذين يح ّبون وطنهم‪ ،‬النزول إلى الشارع وتشكيل جلان‬ ‫في جميع القرى واملدن السورية‪ ،‬للسعي إلعالن تأسيس اجليش‬ ‫الشعبي في سوريا حلماية احلدود السورية وكافة املناطق»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪« :‬سوريا ليست كـ «ليبيا»‪ ،‬فهي متلك ‪ 50‬ألف جندي‬ ‫متقدم ال‬ ‫سوري عقائدي ميلك روحا ً وطنية قوية‪ ،‬وهي في موقع‬ ‫ّ‬ ‫ميكن إسقاطه»‪.‬‬

‫المكتب السياسي في حزب «التوحيد العربي» جال على قرى المتن األعلى‬ ‫وشكر فعالياتها حضور وضع حجر األساس لمستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫في إطار جوالته على القرى والبلدات اجلبلية‪،‬‬ ‫قام وفد من املكتب السياسي حلزب “التوحيد‬ ‫ضم كل من نائب رئيس املكتب‬ ‫العربي”‬ ‫ّ‬ ‫السياسيي الدكتور شفيق باز وأعضائه‪ :‬حافظ‬ ‫أبو املنى‪ ،‬جواد زرقطة‪ ،‬ضياء األعور‪ ،‬عصمت‬ ‫العريضي بزيارة الى املنت األعلى شملت بلدات‬ ‫قرنايل – كفرسلوان – ورأس املنت‪ ،‬حيث ُعقدت‬ ‫لقاءات مع عدد من الفعاليات االجتماعية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والدينية والتربوية‪ ،‬وتط ّرق البحث الى األوضاع‬ ‫في املنطقة بشكل عام واجلبل بشكل خاص‪،‬‬ ‫وقد كانت وجهات النظر متطابقة من حيث‬ ‫التأكيد على وحدة املوقف ورص الصفوف‬ ‫ملواجهة محاوالت األعداء املتربصني شرا ً بالوطن‬ ‫واألمة‪.‬‬ ‫وقدم الوفد الشكر بإسم احلزب ورئيسه‬ ‫هذا‪ّ ،‬‬ ‫لكل من ساهم في املشاركة بوضع حجر‬

‫‪20‬‬

‫األساس ملستشفى الصحابي سلمان الفارسي‪،‬‬ ‫ملا لهذا اإلجناز من أهمية في تقدمي املساعدات‬ ‫ألهلنا‪ ،‬آملني أن تأخذ مثل هذه األعمال طريقها‬ ‫الى التنفيذ من قبل جميع القوى وجعل اجلبل‬ ‫يتمتع بكل مقومات االكتفاء الصحي والتربوي‬ ‫والصناعي والزراعي وتأمني فرص العمل للشباب‪،‬‬ ‫للبقاء في أرضهم ووطنهم مبا يضمن لهم احلياة‬ ‫احلرة الكرمية‪.‬‬


‫وهاب يشارك في صالة الجمعة‬ ‫في الجامع األموي‬

‫وهاب مشاركا ً في صالة اجلمعة‬

‫شارك رئيس حزب «التوحيد العربي»‬ ‫الوزير وئام وهاب في صالة اجلمعة في اجلامع‬ ‫األموي في دمشق حيث أ ّم املصلني العالمة‬

‫اجلماهير املرحبة بوهاب‬

‫الدكتور الشيخ محمد سعيد رمضان‬ ‫البوطي‪.‬‬ ‫وعند انتهاء الصالة جتمع آالف السوريني‬

‫مسؤولو اجلامع األموي يلبسون وهاب عباءة اجلامع‬

‫أمام اجلامع للترحيب بالوزير وهاب كما‬ ‫ألبسه مسؤولو اجلامع عباءة اجلامع األموي‬ ‫ومنحته وزارة األوقاف وسام اجلامع األموي‪.‬‬

‫وزارة األوقاف متنح وهاب وسام اجلامع األموي‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫استطالع للرأي حول مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬

‫صمود ألهالي الجبل في مواجهة حاالت الفقر والحرمان‬

‫أجرت مجلة “منبر التوحيد” في األيام املاضية‬ ‫استطالع رأي شمل عددا ً من املناطق والقرى في‬ ‫اجلبل وسؤال املقيمني فيها عن رأيهم حول بناء‬ ‫“مستشفى الصحابي سلمان الفارسي” في‬ ‫بلدة ديردوريت الشوفية‪.‬‬ ‫وشمل استطالع الرأي شرائح وأمناطا ً مختلفة‬ ‫من مجتمع املوحدين الدروز ما بني موظفني‬ ‫وأصحاب مهن حرة وعمال وفالحني وطالب مدارس‬ ‫وجامعيني وبعضا ً من رجال الدين‪.‬‬ ‫اآلراء واملطالب التي سمعناها باجلملة خالل‬ ‫جولتنا امليدانية حول “قرية التوحيد” التي أراد‬ ‫ّ‬ ‫تشكل‬ ‫لها صاحب الفكرة الوزير وئام وهاب أن‬ ‫جسرا ً من احملبة والوئام بني شرائح اجملتمع وتعزيز‬ ‫صمود أهالي وأبناء اجلبل داخل بلداتهم في‬ ‫مواجهة حاالت الفقر واحلرمان وإغاثة امللهوف‬ ‫وذوي احلاجات‪.‬‬ ‫كثيرة هي اآلمال املعقودة على بناء القرية‬ ‫التوحيدية التي جاءت وبحسب الكثيرين لتنقذ‬ ‫اجلبل من كبوته الطويلة بعد أن كاد يقتصر دوره‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الى مقصد للعصافير التي نسجت أعشاشها‬ ‫في نواحي القرى وزوايا احليطان‪ ،‬وفي بقعة‬ ‫جغرافية ال تزال على حالتها املزرية وتهجير‬ ‫أهلها على الرغم السنوات الطويلة على نهاية‬ ‫احلرب األهلية‪.‬‬ ‫هناك فئة قليلة ممن شملهم االستطالع‬ ‫تعيش حالة من القلق الدائم إزاء واقع اجلبل‬ ‫املأزوم من ناحية غياب اإلمناء‪ ،‬وقد اندهشوا جملرد‬ ‫سماعهم اإلعالن عن بناء مستشفى الصحابي‬ ‫في منطقة هجرتها منذ زمن خطط التطوير‪،‬‬ ‫فيما هم يستبشرون اليوم خيرا ً بإمكان تشغيل‬ ‫مثل هذا املستشفى املنشود‪.‬‬ ‫أمام إصرار هؤالء طالعنا سؤال أناس آخرين‬ ‫بأسى ولوعة عن تاريخ بدء تشغيل هذا الصرح‬ ‫الطبي اجلديد خاصة وأن املرضى يعانون ويهانون‬ ‫على أبواب املستشفيات‪ ،‬وأكثرهم ال يجد‬ ‫يسدد ولو بجزء يسير من فاتورة‬ ‫في جيبه ما‬ ‫ّ‬ ‫االستشفاء حتى في أصغر املستشفيات وأقلها‬ ‫تطوراً‪ .‬هذا دون أن ننسى برأيهم البعد اجلغرافي‬

‫‪22‬‬

‫عن العاصمة والذي من املفترض أيضا ً أن‬ ‫تساهم مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫في تخفيف األعباء عن كاهل املواطنني الذين‬ ‫يتكبدون مسافات طويلة ودفع املزيد من األموال‬ ‫لالنتقال الى مستشفيات العاصمة‪.‬‬ ‫ولفت املستطلعون الى أنهم أصحاب حقوق‬ ‫في مواجهة الفساد ورجاالته‪ ،‬كما يريدون حياة‬ ‫حرة وكرمية كحق مشروع لهم وليس منة أو‬ ‫عطايا ومكارم من أحد‪.‬‬ ‫وخلص املستطلعون في نهاية اجلولة الى‬ ‫ّ‬ ‫شكلت نتيجة االستطالع وجاءت‬ ‫حقيقة‬ ‫كتعبير صادق عما شاهدوه على مر العهود من‬ ‫حرمان وتقاعس الدولة عن إمناء مناطقهم في‬ ‫حني تقزمت أنشطة البلديات احمللية لتنحصر في‬ ‫شؤون محدودة أوهمت املواطن أن بلديته أصبحت‬ ‫مجرد آداة بروتوكولية منزوعة الصالحيات وتخضع‬ ‫إلرادة املتزعمني أصحاب الشأن والسلطة العامة‬ ‫في دولة الكانتونات واملزارع‪.‬‬

‫أمني اإلعالم هشام األعور‬


‫حجكم مبرور وال سعيكم مشكور‬ ‫ال ّ‬ ‫قافلة “املستعربة” حتج الى بالد الشام‪ ،‬فيما الغرب‬ ‫الذي سبق وغزاها مبس ّوغ من عصابة األمم املتحدة‪..‬‬ ‫يعود أدراجه مجرجرا ً أذيال “الفخار!” فهو أعدم‬ ‫“الطاغية!” وقتل وجرح وش ّرد املاليني‪ ،‬ومزق العراق‬ ‫أو كاد الى إرب‪ ،‬بعدما هدم ود ّمر مدنه وقراه‪ ،‬وسرق‬ ‫نفطه وثرواته‪ ،‬وداس كرامة إنسانه بعدما إفتأت‬ ‫وح ّرض وسهّ ل قتل وتهجير أقليات‪ ...‬كل ذلك من أجل‬ ‫عراق خال من “سالح دمار شامل مزعوم”‬ ‫حجيج “املستعربة” يحاول يائسا ً دخول الشام‪،‬‬ ‫حامالً شعارات الغرب الطنانة والرنانة‪ ..‬أي نشر احلرية‬ ‫وإقامة الدميقراطية وتعزيز العدالة واملساواة‪ ،‬ومنع‬ ‫القمع‪ ،‬وإتاحة الفرص للنخب الثقافية والسياسية‬ ‫املعارضة أو املعترضة على سلوكية النظام القائم!!‬ ‫سبق لي وقلت‪“ :‬إن الغرب يرفع شعار حقّ ‪ ..‬يريد‬ ‫منه باطالً” أجل‪ ..‬ما من إنسان عاقل إال وينشد احلرية‬ ‫والدميقراطية والعدالة واملساواة وتكافؤ الفرص‪..‬‬ ‫ويناضل من أجل هذه احلقوق (املكتسبات) هذا أمر‬ ‫مشروع‪ ..‬لكن أن يتحول هذا اإلنسان الى رأس حربة‬ ‫أو الى جسر لعبور “االستعمار” بصوره وأشكاله‬ ‫املتعددة‪ ،‬فهذا ماال يرضاه عاقل البتة‪..‬‬ ‫فيا مستعربة “الغرب” في الداخل وفي اخلارج عودوا‬ ‫الى ضمائركم وتعلموا العبر‪ ،‬مما جناه هذا “الغرب” احلر‬ ‫واملتحضر على اقطارنا وعلى أمتنا من ويالت ومآس‬ ‫ودمار وخراب ونهب وسرقة وسفك لدماء بريئة‪..‬‬ ‫يا مستعربة‪ ..‬آقرأوا وتبصروا مليا ً وجليا ً وعميقاً‪..‬‬ ‫الواليات املتحدة االميركية على وشك السقوط املالي‬ ‫واالقتصادي‪..‬والصهيو – نورانية تفتش لها عن مخرج‬ ‫لهذا املأزق‪ ..‬اخملرج هو شن حرب ما‪ ،‬على بلد ما‪ ..‬لتدور‬ ‫عجلة املصانع وتزدهر عملية االجتار بالسالح!!‬

‫ناهيكم عن أن احلرب التي تبحث عنها أميركا‬ ‫في املنطقة ضرورية لبقاء ودميومة الكيان املسخ‬ ‫“اسرائيل”‬ ‫في هذا السياق‪ ..‬أتوجه الى الصني وروسيا‬ ‫والبرازيل والهند وفنزويال وسائر الدول التي تقف ضد‬ ‫االستكبار الدولي والغطرسة األحادية التي متارسها‬ ‫الواليات املتحدة ال سيما جتاه شعوب أمتنا التي ترى‬ ‫إليها اإلدارات األميركية الصهيو – نورانية أنها العدو‬ ‫اللدود الذي يتهدد مصاحلها وبالتالي مصيرها‪ ،‬وهي‬ ‫إن شاء اهلل كذلك‪.‬‬ ‫فالتعومي املالي الذي درجت عليه نواطير النفط‪،‬‬ ‫ونفقات احلروب التي خاضتها وتخوضها دول‬ ‫االستكبار لن يستمر الى ما ال نهاية‪ ..‬فالشعوب‬ ‫العربية مبعظمها باتت تدرك مكمن العلة والداء‪..‬‬ ‫وعليه نتمنى على الدول الكبرى التي متد الواليات‬ ‫املتحدة األميركية بأمصال االستمرارية والبقاء لو‬ ‫تتخذ خطوة إيجابية أخرى جتاه اإلنسانية جمعاء بأن‬ ‫متتنع عن تعومي هذه الشمطاء‪ ...‬لتسقط الى غير‬ ‫رجعة‪.‬‬ ‫أجل! إن إرهاصات اخليبة األميركية وبعض أوروبا‬ ‫بدأت تتوضح معاملها لكل من ينعم النظر في‬ ‫التطورات اجلارية‪ ،‬جراء حت ّول مواقف بعض الدول‬ ‫الفاعلة من مثل املانيا و‪ ...‬وتراجع وتيرة النبرة التركية‬ ‫باستثناء “أردوغان” إزاء جارتها سوريا‪ ..‬كل هذا يحفزنا‬ ‫على دعوة املستعربة مرة جديدة الى قراءة الواقع‬ ‫بتعقل وروية بعيدا ً عن الكيدية واحلقد والكراهية‪..‬‬ ‫نعم جميعنا معنيون باإلصالحات داخل‬ ‫مجتمعاتنا‪ ..‬فنحن بأمس احلاجة الى مثل هذه‬ ‫اإلجراءات العملية من أجل رفاه وسعادة واستقرار‬

‫شعوبنا مبا فينا األقطار التي تتصدر اليوم حمل لواء‬ ‫اإلصالح في غيرها من اجملتمعات والدول‪ ..‬وهي أشبه‬ ‫ما تكون بالنعامة التي تدفن رأسها بالرمال‪ ..‬أو باجلمل‬ ‫الذي ال يرى “حردبته” أي سنمه!! فهاتوا اليد البناءة‬ ‫تعلي مداميك التقدم واالزدهار واملنعة‪ ،‬بدل تلك التي‬ ‫تعمل على تقويض اإلجنازات‪ ،‬ومتعن في تقطيع اوصال‬ ‫االوطان جغرافياً‪ ،‬ومتزيق مكوناتها االثنية الى قبائل‬ ‫وشراذم متحاقدة متنابذة‪ ..‬وحت ّولها الى مطايا لهذا‬ ‫الغرب الكافر بالقيم واملناقب اإلنسانية‪..‬‬ ‫أسابيع قليلة ويخرج الغزاة من بالد الرافدين‪ ،‬وتعود‬ ‫السيادة الى أهلها‪ ،‬وتنشرح صدور العراقيني وتنفرج‬ ‫أساريرهم‪ ،‬فيما فرائص اخلونة ترتعد وترجتف خوفا ً‬ ‫على سوء العاقبة واملصير‪ ..‬أسابيع قليلة تنجلي‬ ‫الغيمة السوداء التي غطت سماء العراق زهاء سبع‬ ‫سنوات‪ ،‬أذاقت العراقيني الذل والهوان‪ ..‬غيمة على‬ ‫عكس الغيوم احملببة التي كانت تعبر سماء العراق‬ ‫زمن هارون الرشيد‪ ..‬والذي كان يتوجه إليها مخاطبا ً‬ ‫“بورك فيك فأينما أمطرت فعلى أرضي!! “أسابيع‬ ‫قليلة تنزاح الصخرة عن صدور الشرفاء من بني‬ ‫قومي فيتنفسون الصعداء أما الزبانية فما عليهم‬ ‫إال ش ّد الرحال خلف أسيادهم‪ ..‬فليسمع من به‬ ‫صمم وليتعض أولو األلباب أينما وجدوا!!‬ ‫فيا أمني عام جامعة الدول العربية املنقوط العني‬ ‫“نبيل الغربي” املتصهني‪ ..‬كفى شرذمة وتفسخا ً‬ ‫وعمالة‪ ،‬لقد ضاق صدرنا بتجار الهيكل من أصحاب‬ ‫العروش املهزوزة والنفوس املهزومة‪ ..‬فالشعوب‬ ‫باملرصاد‪..‬‬

‫نبيه األعور‬

‫تابعت أمانة اإلعالم في «حزب التوحيد العربي» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتماعية‪ ،‬في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات تعكس موقف احلزب السياسي‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت على الشكل اآلتي‪:‬‬

‫تهنئة شعبة «المعلومات»‬ ‫على توقيف القتلة‬ ‫ودعت الى كشف مالبسات الحادث‬ ‫تقدمت أمانة اإلعالم بالتهنئة من قوى األمن الداخلي وفــرع املعلومات على‬ ‫كشف مرتكبي اجلرائم في منطقة املنت وأعتبرته إجنازا ً سريعا ً قبل استفحال‬ ‫األمر وأخذه منـحى آخــر‪.‬‬ ‫وطالبت األمانة اإلسراع في التحقيق مع املوقوفني من أجــل كشف‬ ‫املالبسات احمليطة بهم وما إذا كان هناك خلفيات معيــنة غير السرقة وراء‬ ‫املوضوع وإتخاذ اإلجراءات املناســبة‪.‬‬

‫محاولة قرصنة من قبل مجموعة من‬ ‫شبيحة أنصار حلف الناتو للموقع‬ ‫االلكتروني لحزب «التوحيد العربي»‬ ‫تعرض املوقع االلكتروني حلزب “التوحيد العربي” حملاولة قرصنة من قبل‬ ‫مجموعة من شبيحة أنصار حلف الناتو ودعاة احلرب األهلية في سوريا‪ ،‬الذين‬ ‫تضرروا على األرجح من املواد الصحفية واإلعالمية التي ينشرها املوقع في‬ ‫الدفاع عن كرامة وعزة األمة التي ستبقى عصية على كل املؤامرات التي حتاك‬ ‫ضدها‪ .‬وأكدت األمانة أن موقع التوحيد االلكتروني قد عاد الى وضعه الطبيعي‬ ‫بعد ساعة على محاولة اخلرق التي نفذتها مجموعة تتألف من ‪ 55‬شخصا ً‬ ‫متكنت إدارة املوقع من التعرف على بروتوكوالت االنترنت التي استخدموها‬ ‫وغالبيتها العظمى من اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫خواطر‬ ‫في السياسة‬ ‫سأل الولد أباه‪“ :‬متى يصبح األحرار‬ ‫مواطنني يا أبي؟”‪ ،‬أجاب أبوه‪“ :‬عندما ميوت‬ ‫املواطنون جميعا ً يا ولدي”‪...‬‬ ‫هل فعال ً نحن بحاجة الى أن منوت جميعا ً‬ ‫لنصبح أحراراً؟ ومتى منلك نحن حق تقرير‬ ‫مصيرنا‪ ،‬أي بلد نريد أن نعيش فيه‪ ،‬أي دولة‪،‬‬ ‫أي أمة‪ ...‬أسئلة سألتها لنفسي‪ ،‬فأجابتني‪:‬‬ ‫“عندما نصبح مواطنني حقاً”‪.‬‬ ‫ما معنى املواطنة‪ ،‬هل سألنا أنفسنا‬ ‫نحن اللبنانيون‪ ،‬وما مغزى كلمة لبناني‪ ،‬مباذا‬ ‫توحي‪ ،‬أين تبدأ وأين تنتهي‪ ،‬وما هي حدودها‪،‬‬ ‫ومقوماتها‪ ،‬وأين مبداها ومنتهاها؟‬ ‫دعوني أوصف احلالة أيها األعزاء‪ ،‬كما أراها‬ ‫مبنظاري الض ّيق‪ ،‬وعلى قدر طاقتي‪ ،‬فلقد‬ ‫ُع ِّودت أال أتك ّلم‪ ،‬هم يتكلمون عني‪ ،‬أال أفكر‪،‬‬ ‫هم عني يفكرون‪ ،‬حسبي أن أتنفس وآكل‬ ‫وأشرب‪ ،‬ماذا بعد أريد‪ ،‬علموني أني قاصر‬ ‫جاهل‪“ ،‬ما بفهم بالسياسي”‪ ،‬وك ّرسوا‬ ‫أنفسهم أربابا ً وآلهة‪ ،‬ال يخطئون‪.‬‬ ‫هم دائما ً على حق‪ ،‬أينما ذهبوا‪ ،‬فمعذورون‪،‬‬ ‫أينما حلت مصاحلهم يحلون‪ ،‬يوالون ذاك‪،‬‬ ‫وذلك يعادون‪ ،‬ثم على من والوا ينقضون‪،‬‬ ‫ويلعنون ويشتمون‪ ،‬ومن كان لهم عدواً‪،‬‬ ‫له يضحكون‪ ،‬ويديه يق ّبلون‪ ،‬و َمن شتموا‬ ‫يصاحلون‪.‬‬ ‫أليس هذا واقع ساستنا‪ ،‬سؤال سألته‪،‬‬ ‫هل هذه هي السياسة‪ ،‬أهي فن اخلديعة‬ ‫واملراوغة والكذب‪ ،‬واإلظهار عكس اإلبطان‪،‬‬ ‫والتقلب في املواقف؟ أم هي فعال ً فن إدارة‬ ‫شؤون الناس‪ ،‬وحتقيق ما يصبون إليه من‬ ‫عيش رغيد؟‬ ‫ال أ ّيها األصدقاء‪ ،‬السياسة ليست ضربا ً‬ ‫من احللج واملشي على احلبال‪ ،‬ولف األرجل‬ ‫خلف العنق‪ ،‬وليست وباء عضاال ً ال يدخل‬ ‫في شيئ إال أفسده‪ ،‬كما يطيب للبعض‬ ‫أن يروج‪ .‬وإال فما كان حلكيم اليونان الكبير‬ ‫سقراط‪ ،‬وأفالطون أن يكتبا في السياسة ما‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كتبا‪ .‬وإمنا أبصم معكم‪ ،‬كما ُع ّودنا‪ ،‬إن كان‬ ‫املقصود بهذا التعريف هو ما يقوم به بعض‬ ‫الساسة‪ ،‬من فنون الكذب واخلداع التي‬ ‫أمقت‪ ،‬ويسمونه سياسة‪ ،‬وهو باحلقيقة‬ ‫تسويس‪( ،‬مشتق من السوس)‪...‬‬ ‫خالل دراستي في االحتاد الكونفدرالي‬ ‫السويسري‪ ،‬كنت أستعمل النقل العام ‪ ،‬وفي‬ ‫يوم مشرق‪ ،‬جلس بجانبي رجل صبيح الوجه‪،‬‬ ‫وجتاذبنا أطراف احلديث عن أنظمة احلكم‬ ‫واخلدمة العامة‪ ،‬فوجدته يتك ّلم بلسان‬ ‫العارف‪ .‬سألته عندها عن مهنته‪ ،‬فأجابني‬ ‫أنه رئيس الكونفدرالية السويسرية! يا اهلل‪،‬‬ ‫هو رئيس الدولة أيها األصدقاء‪ ،‬يستعمل‬ ‫النقل العام‪ ،‬كغيره من املواطنني!‬ ‫باهلل عليكم‪ ،‬هل صدف وشاهدمت مثل‬ ‫هذا األمر في لبنان‪ ،‬أو في العالم العربي‬ ‫كله؟ ملا ال‪ ،‬ملاذا ال يكون الوزير والنائب‬ ‫موظفا ً عادياً‪ ،‬يذهب بعد انتهاء خدمته الى‬ ‫منزله‪ ،‬وال يعتبر احلكم غنيمة‪ ،‬وال الكرسي‬ ‫وكالة حصرية‪ ،‬يجلس عليها ما حيي‪ ،‬ثم‬ ‫يُجلس عليها من يشاء‪ ،‬وتكون برعاية فاري‬ ‫‪ ،Fairy‬أي تدوم وتدوم وتدوم‪ ،‬لهم وألوالدهم‬ ‫وأحفادهم‪.‬‬ ‫َمن يجرؤ على اقتحام اإلقطاعات‪َ ،‬من‬ ‫يجرؤ على كلمة ال‪ ،‬ال أحد‪ ،‬فلقد صدر صك‬ ‫من ملك امللوك بتولية فالن‪ ،‬وفرمان آخر‬ ‫بوجوب تنصيب فالن!‪ ...‬أيها الشعب‪ ،‬عليك‬ ‫بالطاعة‪ ،‬وإال‪...‬‬ ‫ماذا يجعل منا تبعيني لألشخاص‪ ،‬وهل‬ ‫يختصر األربعة ماليني لبناني بستة أو‬ ‫سبعة؟ يقررون عنهم‪ ،‬ويتقاتلون ويتشامتون‪،‬‬ ‫ويتصاحلون ويتراضون‪ ،‬عنهم‪ ،‬وباسمهم‪،‬‬ ‫ملاذا؟‬ ‫وماذا عن األحزاب اللبنانية‪ ،‬فتلك‬ ‫الهيكليات‪ ،‬املفترض بها القيام بدور وسائط‬ ‫التنشئة االجتماعية‪ ،‬فيما يتعلق باإلعداد‬ ‫السياسي واإليديولوجي احلزبي للمناصرين‬

‫‪24‬‬

‫واحملازبني‪ ،‬والرأي العام‪ ،‬أضحت برأيي‪ ،‬شركات‬ ‫أشخاص (إذا استثنينا “حزب اهلل” والقوات‬ ‫اللبنانية التي ترفع لكليهما القبعة في‬ ‫مجال التنظيم احلزبي‪ ،‬وبعض األحزاب‬ ‫الناشئة)‪ ،‬عدا ذلك‪ ،‬جند انشغال األحزاب‬ ‫بشؤونها وصراعاتها الداخلية‪ ،‬بتحولها‬ ‫الى دوائر نفوذ‪ ،‬يلهيها عما يفترض بها أن‬ ‫تفعله‪.‬‬ ‫جتربة العمل احلزبي في لبنان غير مشجعة‪،‬‬ ‫وستبقى كذلك‪ ،‬إذ غاب العقل املؤسسي‪،‬‬ ‫وحلول ما يسمى ‪ ،nepotism‬أو األقربية‪،‬‬ ‫مبعنى محاباة األقارب‪ ،‬إذا صحت الترجمة‪.‬‬ ‫وفي لبنان هي متطرفة جداً‪ ،‬إذ قد حت ّولت‬ ‫الى إقطاعية صريحة‪ ،‬ال فارق إن أتى التوريث‬ ‫بالتصريح أو بالتلميح‪.‬‬ ‫أيها اللبنانيون‪ ،‬أغفروا لي جرأتي‪،‬‬ ‫وسامحوني‪ ،‬فلقد تطاولت على املقامات‬ ‫ذات الدم األزرق‪ ،‬ودمي لونه أحمر‪ ...‬أعذروني‬ ‫فلقد جتاوزت حدودي‪ ،‬إذ لست من “‪ ...‬أولئك‬ ‫التافهني الذين يقال عنهم أنهم والد عيلي”‪،‬‬ ‫والكالم هنا ألحد الزعماء!‪ ...‬كيف لي أن‬ ‫أتك ّلم عنهم‪ ،‬وأنا املواطن املسكني‪ ،‬وهم‪،‬‬ ‫والة األمر‪ ،‬وأولياء النعمة‪.‬‬ ‫هم يشرقون علينا كل يوم‪ ،‬نعيش‬ ‫ألجلنا‪ ،‬ال‬ ‫بفضلهم‪ ،‬ويعيشون ْ‬ ‫ألجلنا‪ ،‬أو َ‬ ‫أعلم‪ .‬يقصفوننا بالتصريحات‪ ،‬يصمون‬ ‫آذاننا بالـ “مواقف”‪ ،‬يصرخون‪ ،‬يهددون‪ ...‬من‬ ‫أجلنا‪ ،‬وفي سبيلنا! من أجل مصاحلنا‪ ،‬وخيرنا‬ ‫وسعادتنا!‬ ‫أيها الزعماء العظماء‪ ،‬من الطبقة‬ ‫“املدعوسة حتت أقدامكم”‪ ،‬املمرغة عند‬ ‫أعقاب أحذيتكم‪ ،‬التي ال جترؤ حتى على‬ ‫النظر الى أعينكم املقدسة التي تشع بنور‬ ‫القداسة‪ ،‬إليكم‪ ،‬كل احملبة‪ ،‬ومن صميم‬ ‫القلب‪ ،‬شكراً‪ ...‬وللحديث تتمة‪...‬‬

‫سيف عبد الباري‬


‫معنى التغيير عند وئام وهاب‬ ‫يشغل الدور الذي ميكن أن يلعبه الوزير وئام‬ ‫وهاب مكانة بارزة في اجلدل السياسي ملرحلة‬ ‫ما بعد وضع حجر األساس لـ “قرية التوحيد”‬ ‫ومستشفى الصحابي سلمان الفارسي (ع)‪.‬‬ ‫فهنالك أطراف مختلفة تطرح هذا اجلدل‪،‬‬ ‫سواء داخل طائفة املسلمني املوحدين الدروز‬ ‫أو خارجها‪ .‬ويطرح هذا اجلدل من جانب –‬ ‫التساؤل األهم وهو‪ :‬كيف ميكن حلركة رئيس‬ ‫حزب “التوحيد العربي” أن تتعاطى مع مرحلة‬ ‫اخملاض السياسي عند طائفة املوحدين الدروز‬ ‫في ظل الثورات العربية؟ ال تبدو اإلجابة‬ ‫عن هذا التساؤل يسيرة‪ ،‬ال سيما وأننا أمام‬ ‫مشهد بدأ يتشكل ونحن هنا نسعى لوضع‬ ‫جملة من املقدمات التي يجب التذكير بها‬ ‫والتي برأينا تعتبر مبثابة “معالم الطريق” نحو‬ ‫التغيير املنشود‪.‬‬ ‫أوالً‪ :‬إن السياسات التي حتكمت باجملتمع‬ ‫الدرزي لعقود من الزمن واحملتكمة للقراءة‬ ‫التسلطية وسيادة منطق التخوين واإلقصاء‬ ‫لكل صاحب رؤية تختلف عن رؤية السياسة‬ ‫التقليدية داخل الطائفة‪ .‬التقليد‪ ،‬كلها‬ ‫مفردات طالت الوزير وهاب ودفعت مثل هذه‬ ‫ُ‬ ‫تخل‬ ‫األفكار الى محاولة تطويقه في بيئة لم‬ ‫من التعصب الذميم وعدم الشفافية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن احلديث عن الوزير وئام وهاب بوصفه‬ ‫طارئا ً على الثنائية اجلنبالطية ‪ -‬اليزبكية هو‬ ‫خطاب تقليدي يعود بالطائفة الدرزية الى‬ ‫فترة زمنية منصرمة حني جنحت هذه الثنائية‬ ‫في جذب املوحدين الدروز نحو التخلف‪ ،‬وسعت‬ ‫الى تأخير مسيرة اجملتمع الدرزي الذي هو قادر‬ ‫برأي وهاب على صنع مستقبله والتحرر أكثر‬ ‫من صراعاته وانقساماته الداخلية التي‬ ‫قادت الى ظهور تشوهات فكرية واجتماعية‪،‬‬ ‫األمر الذي دفع الى تصنيفات ال تزال متداولة‬ ‫حتى اليوم مثل جنبالطي‪ ،‬إرسالني‪ ،‬يزبكي ‪...‬‬ ‫وغيرها من الهويات الفئوية األخرى التي هي‬ ‫في حقيقة األمر كلمات صنعت كلها في بيئة‬ ‫االستبداد التي ال تؤمن بـ “مترد” اآلخر عليها‪،‬‬ ‫وهي استراتيجية أضعفت اجملتمع الدرزي‬ ‫وأحدثت وقيعة حقيقية في بنياه‪ ،‬فيما بقيت‬ ‫البيوتات التقليدية الرابح األول واألخير من كل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن تكرار احلديث عن وئام وهاب‬ ‫والتخويف من حضوره في املشهد السياسي‬ ‫االجتماعي الدرزي ما هو في احلقيقة إال تكرار‬ ‫إلنكار دام طويالً للتغيير بوصفه مكونا ًَ بات‬ ‫ضروريا ً للسياسة واالقتصاد والقيم في اجملتمع‬ ‫الدرزي‪ .‬لذلك فإن االستمرار في مسلسل‬ ‫التخويف ما هو في احلقيقة إال تكرار ألخطاء‬

‫داخلية مكلفة الثمن‪ .‬ثم إن عدم خروج‬ ‫املوحدين الدروز من مربع االستبداد الى مربع‬ ‫احلرية واالنفتاح ما هو في حقيقة األمر إال دعم‬ ‫للتقليد وأهله الذين يرددون دوما أن اجملتمع‬ ‫الدرزي ال ميكن أن يدار إال باألحادية!‬ ‫رابعاً‪ :‬إن االستثمار في اللحظة التاريخية‬ ‫التي تعيشها بعض اجملتمعات العربية يجب أن‬ ‫يكون هدفا ً بعينه للخالص من أدران االستبداد‬ ‫وأهله مبا في ذلك تغيير سبل النظر والعمل‬ ‫مع اآلخر وهي بالطبع محاولة لرسم صورة‬ ‫منوذجية تدخص فكرة أن احلل والتغيير ال يأتيان‬ ‫إال من اخلارج‪ .‬كما أن التغيير الذي ال يتم فيه‬ ‫التواصل مع اآلخر املر ّوج للتطوير إمنا هو تغيير‬ ‫ناقص غير سوي يرافق ذلك إفساد التغيير‬ ‫وجعل مساراته متناقضة في نهايتها مع ما‬ ‫يحتاجه اجملتمع الدرزي من مؤسسات تعليمية‬ ‫أو صحية الى غير ذلك من االستثمارات التي‬ ‫تعكس مدى الصدق في النوايا‪.‬‬ ‫من هنا فإنه قد صار من املهم التركيز‬ ‫على درجة املصداقية عند مخاطبة املوحدين‬ ‫الدروز ألنه بغياب االنسجام الداخلي وانعدام‬ ‫املصداقية فإن الفوضى هي النتيجة املتوقعة‪.‬‬ ‫هذه الرؤية لدى وئام وهاب متثل ثورة في طبيعة‬ ‫الثورات وتر ّوج ألسلوب احلياة ومنط احلكم الذي‬ ‫يريده‪ .‬فليس الهدف عنده حتويل االنقسام‬ ‫الدرزي من ثنائي الى ثالثي ال سمح اهلل‪ ،‬أو‬ ‫استبدال زعامة بأخرى بل إنهاء منط حكم‬ ‫وممارسة سياسية ومعاملة واستبدالها بشكل‬ ‫آخر عنوانها األصلي الكبير “الكرامة”‪ .‬تلك‬ ‫رسالة يجب أن ترسل بوضوح لآلخر الذي من‬ ‫املفترض أن يعي أن التغيير في اجملتمع الدرزي‬ ‫إمنا يتم حتت مظلة الوعي الكامل واالستعداد‬ ‫لكيفية التعامل مع املتغيرات اإلقليمية التي‬ ‫جتري من حولنا‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬قد بات من الضروري العمل على‬ ‫تعميق فكرتني أساسيتني طال تغييبهما‬ ‫وهما‪ :‬املواطنة الصحيحة ودولة احلق‪ .‬هاتان‬ ‫قاعدتان حفظتا جملتمعات غير قليلة نسيجها‬ ‫وأمنها وأعانتها على حتقيق االزدهار في كل‬ ‫اجملاالت‪.‬‬ ‫تلك رمبا يكون املدخل الصحيح لدور يؤدي‬ ‫فيه الوزير وئام وهاب على قدم املساواة مع‬ ‫اآلخرين دورا ً في بناء مجتمع ما بعد وضع حجر‬ ‫األساس لـ “قرية التوحيد”‪.‬‬

‫أمني اإلعالم‬ ‫في حزب «التوحيد العربي»‬ ‫هشام األعور‬

‫‪25‬‬

‫إطالل عيد األضحى‬ ‫على واقع جبل مأزوم‬ ‫“دق ناقوس اخلطر” ‪ ...‬هكذا يصف أبو شادي‬ ‫حلول عيد األضحى املبارك الذي أصبح وضعه‬ ‫ثقيالً على الفقراء في اجلبل وتابع‪ :‬ما إن حاولت‬ ‫تغاضي دموع أوالدي خالل األيام املاضية حتى‬ ‫أطل عيد األضحى‪ .‬يا رب سامحني على ما‬ ‫سأقوله‪ ...‬فالعيد مناسبة سنوية ثقيلة‬ ‫تذكرنا مبدى البؤس واحلرمان والتهميش الذي‬ ‫نعيشه منذ سنوات طويلة!‬ ‫أبو شادي هو واحد من مئات األسر التي‬ ‫تعيش حتت خط الفقر بأشواط كبيرة تالزمه‬ ‫الكآبة وميتلكه احلزن قبل قدوم األعياد‪ ،‬حيث‬ ‫يفتش عن العيد ألطفاله الثالثة وال يجده‪،‬‬ ‫يتمنى أن يسعد أطفاله لكنه ال يقوى‪ .‬وما‬ ‫أصعب تلك اللحظات على األب خاصة عندما‬ ‫يكسره ذل السؤال!‬ ‫كيف ميكن احلديث عن فرصة العيد عند‬ ‫املوحدين الدروز وثمة من هم غارقون في‬ ‫أحزانهم وآالمهم؟ كيف ميكن احلديث عن‬ ‫العيد وثمة جوعى يبحثون عن رغيف اخلبز وال‬ ‫يجدونه؟‬ ‫فرحتهم سرقها شيء اسمه البيوتات‬ ‫التقليدية حتى بات العيد مير عليهم وكأنه‬ ‫يوم عابر كباقي ايام السنة‪ .‬دروز ال يبالون‬ ‫مبتطلبات العيد ألن من ادعوا متثيلهم في‬ ‫الوزارات والندوات البرملانية جعلوا من بيوتهم‬ ‫تفتقر الى أدنى مقومات احلياة من مسكن‬ ‫ومأكل وملبس وطبابة‪.‬‬ ‫ولكن للحياة جانبها املشرق عبر أناس‬ ‫يعرفون أن العيد ليس مجرد مال وفير وطعام‬ ‫وحلوى وثياب جديدة وحفالت بل العيد هو‬ ‫مناسبة لزرع فكرة االنقالب على الواقع‬ ‫املأساوي ملن حولنا بكل ما منلك من عقيدة‬ ‫توحيدية في مواجهة التقليد العفن الذي‬ ‫يع ّول على عزل الناس وتهميشهم على‬ ‫مختلف مستوياتهم صغارا ً وكباراً‪.‬‬ ‫وتبرير كل ممارساتها وتسويقها بل وشرعنتها‬ ‫ألن للضرورة أحكامها‪ ،‬وللمصلحة قواعدها‬ ‫السياسية التي ال يفقهها إال العاملون! ولكن‬ ‫فات هؤالء أن هناك أناس من حولهم توقفوا‬ ‫عن أحالم اليقظة ويتمردون على واقعهم بعد‬ ‫أن حملوا لواء التغيير الذي يستجلبونه من‬ ‫عمق آالم االحتضار التي يعانيها اجملتمع الدرزي‬ ‫اليوم وقد باتوا على قناعة تامة أن بريق احللم‬ ‫بالتغيير الذي طال انتظاره قد حان استحقاقه‬ ‫متعاف من أمراض اجلسد‬ ‫من أجل إنسان‬ ‫ٍ‬ ‫وأمراض العقل معاً‪.‬‬

‫سليم فخر الدين‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫لماذا ال يحرقون كازينوهات شارع الهرم ً‬ ‫بدال من حرق الكنائس؟‬

‫رئيس الكنيسة القبطية األب رويس األورشليمي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫ما سمعناه من شعارات في سوريا جعلنا نقلق على مسيحييها‬ ‫يُعرف أقباط مصر اليوم على أنهم‬ ‫املسيحيون الذين يعيشون في مصر‪ ،‬ولكن‬ ‫كلمة «قبطي» كانت تعني «مصري» قبل‬ ‫أن يتحول اللفظ إلى تصنيفه املسيحي‪،‬‬ ‫وقد كانت هذه الروح القومية هي التي‬ ‫فصلت مصر واملصريني عن حكم وثقافة‬ ‫املستعمر الروماني والبيزنطي في عصر‬ ‫احتاللهما للبالد‪ ،‬فلفظ قبطي في األساس‬ ‫انعكاس وجتسيد للقومية املصرية أو‬ ‫مرادف لها في حقبة زمنية محددة‪ ،‬وهي‬ ‫القومية التي بنيت على اللغة القبطية‬ ‫املشتقة من الفرعونية القدمية وامتداد‬ ‫للروح الفرعونية التي ميزت الشخصية‬ ‫املصرية عن غيرها وأعطتها روحاً مختلفة‪.‬‬ ‫ولكن هذه القومية سرعان ما تغيرت خالل‬ ‫القرنني الثاني والثالث امليالديني بعد قدوم‬ ‫املسيحية الى مصر‪ ،‬فامتزجت القومية‬ ‫املصرية بالقومية املسيحية وجتسدتا‬ ‫معا‪ ،‬وهو أمر ليس مبستغرب على مصر‬ ‫فقد تكرر هذا في تاريخها في مناسبات‬ ‫كثيرة وليس فقط مع املسيحية‪.‬‬ ‫تشير أغلبية املصادر إلى أن املسيحية‬ ‫دخلت مصر مع قدوم القديس مرقس‬ ‫الرسول‪ ،‬أحد تالميذ السيد املسيح في‬ ‫حدود عام ‪44‬م‪ ،‬وقد كتب القديس مرقس‬ ‫إجنيله في اإلسكندرية‪ .‬والثابت تاريخياً‬ ‫هو أن كنيسة اإلسكندرية التي أسسها‬ ‫سبقت كنيسة روما‪ ،‬فهي أول كنيسة‬ ‫بالفعل‪ ،‬ويكاد يكون من املؤكد أن أسقف‬ ‫اإلسكندرية كان أول من حصل على لقب‬ ‫“بابا” قبل الكنيسة الكاثوليكية بعقود‪.‬‬ ‫واملرجح تاريخياً أيضاً أن املسيحية انتشرت‬ ‫في مصر بقوة خالل أواخر القرن األول‬ ‫والثاني امليالدي إلى أن اعتنقتها أغلبية‬ ‫عظمى من شعبها‪ ،‬وذلك رغم محاوالت‬ ‫كثيرة للتشكيك في هذه احلقائق من قبل‬ ‫مؤرخي فرق أخرى مسيحية‪.‬‬ ‫كما جترعت الكنيسة القبطية ألواناً‬ ‫من العذاب والعنف والتنكيل على أيدي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الدولة الرومانية ومن بعدها البيزنطية‬ ‫إضافة لبعض الكنائس األخرى في القرون‬ ‫األولى‪ ،‬من أشكال هذه املعارضة رفض‬ ‫كنيسة روما االعتراف بأول تسعة خلفاء‬ ‫للقديس مرقس‪ .‬بل أعلنت مسيحيي مصر‬ ‫“هراطقة”‪ ،‬أي خارجني عن الدين‪ .‬وسرعان‬ ‫ما شككت املصادر الكنسية األخرى في‬ ‫اعتناق أغلبية املصريني للديانة املسيحية‬ ‫حتى نهاية القرن الثاني امليالدي كمحاولة‬ ‫للنيل من الكنيسة املصرية ومحاربتها في‬ ‫معتقداتها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من محاوالت بعض املصادر‬ ‫التقليل من قيمة كنيسة اإلسكندرية‬ ‫فإن احلقائق التاريخية تعكس بكل وضوح‬ ‫أن هذه الكنيسة كان لها دورها احملوري في‬ ‫التطور التاريخي والعقائدي للمسيحية‬ ‫ذاتها خالل القرون اخلمسة األولى النتشار‬ ‫املسيحية‪ ،‬وهذه احلقائق تضيف قيمة‬ ‫عاملية والهوتية خاصة للكنيسة القبطية‬ ‫وجتعلها بالفعل مصدر فخر لكل املصريني‬ ‫والعرب على حد سواء‪.‬‬ ‫لم يقتصر دور الكنيسة املصرية واألقباط‬ ‫املصريني على التطور التاريخي للعقيدة‬ ‫املسيحية‪ ،‬بل إن الكنيسة القبطية‬

‫‪26‬‬

‫املصرية كان لها إسهاماتها الكبيرة في‬ ‫مصر وتاريخها وتكوين شخصيتها‪ ،‬كما‬ ‫أن أقباط مصر جزء متأصل فكرياً وثقافياً‬ ‫في احلضارة املصرية‪ ،‬وقيمة مضافة للفكر‬ ‫املسيحي العاملي‪ ،‬وهذه حقائق ثابتة ال‬ ‫مجال لالختالف حولها‪.‬‬

‫«الربيع العربي» ووضع املسيحيني‬ ‫في الشرق‬ ‫إن “الربيع العربي” لم يحسن وضع‬ ‫مسيحيي الشرق‪ ،‬بل العكس هو‬ ‫الصحيح‪ .‬ففي مصر‪ ،‬بلغ عدد األقباط‬ ‫الذين غادروا البالد منذ بداية التمرد ضد‬ ‫نظام حسني مبارك ما بني ‪ 60‬ألف و‪100‬‬ ‫ألف‪ ،‬وفق تقديرات املنظمات املسيحية‪،‬‬ ‫واالشتباكات الطائفية التي حصلت في‬ ‫شهر تشرين األول لم تساهم في تخفيض‬ ‫وتيرة الهجرة‪.‬‬ ‫وجهة الهجرة هي في املقام األول‬ ‫الواليات املتحدة األميركية وتتبعها كندا‪.‬‬ ‫تضاف هذه األعداد الى الذين غادروا العراق‬ ‫منذ سقوط نظام صدام حسني‪ .‬عدد‬


‫املسيحيني العراقيني بلغ ‪ 1,2‬مليون نسمة‬ ‫قبل سبع سنوات‪ .‬واليوم تدنى العدد الى‬ ‫‪ 500‬ألف‪ ،‬وتستمر الهجرة‪.‬‬ ‫كما أن التكهن مبصير املسيحيني في‬ ‫سوريا شبه مستحيل وموقف البطريرك‬ ‫املاروني‪ ،‬بشارة الراعي‪ ،‬املتعلق مبخاوفه‬ ‫إزاء تطور األحداث في سوريا وتصريحه‬ ‫عن ضرورة إعطاء الرئيس بشار األسد‬ ‫فرصة إلجراء اإلصالحات‪ ،‬هو صدى ملوقف‬ ‫الفاتيكان‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬تدعم روسيا النظام السوري‬ ‫بهدف الدفاع عن املسيحيني األورثوذكس‪.‬‬ ‫وخالل زيارة قام بها السفير الفرنسي في‬ ‫دمشق لطوائف مسيحية سورية‪ ،‬رحب‬ ‫به عدد كبير من األعالم الروسية‪ ،‬هذا األمر‬ ‫يشير الى خسارة فرنسا دور املدافع عن‬ ‫مسيحيي الشرق أمام روسيا‪.‬‬ ‫وإللقاء الضوء على وضع األقباط في‬ ‫مصر في ظل ما يتعرضون له من قتل‬ ‫وتشريد ومضايقات التقت “منبر التوحيد”‬ ‫األب رويس األورشليمي رئيس الكنيسة‬ ‫القبطية في لبنان وكان احلوار اآلتي‪:‬‬ ‫بني ما قبل الربيع العربي وما بعده‪ ،‬كيف‬ ‫تصفون وضع األقباط في مصر؟‬ ‫األقباط دائما ً في يد اهلل ألنهم دائما ً‬ ‫يعيشون في حماية اهلل وليس في حماية‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ولو كنا نطلب حماية اإلنسان ملا‬ ‫بقينا حتى اآلن ‪.‬فاألشخاص يأتون ويذهبون‬ ‫ولكن اهلل ثابت وحمايته دائما ً موجودة للناس‬ ‫الذين يتبعونه‪ .‬نحن دائما ً في حماية اهلل على‬ ‫مر العصور ولو كنا اعتمدنا على إنسان ملا‬ ‫بقينا حتى اآلن ألن الكتاب املقدس يقول لنا‬ ‫“ملعون من اتكل على ذراع بشر”‪.‬‬ ‫كيف هو الوضع اليوم‪ ،‬هل هو اسوأ مما‬ ‫كان عليه في السابق؟‬ ‫ال شك إن الوضع في البداية كان سيئاً‪.‬‬ ‫نحن نعاني منذ عهد الرئيس السادات لقد‬ ‫اختلفنا معه في اتفاقية كامب ديفيد وكانت‬ ‫لنا معاناة شديدة فقد ُوضع قداسة البابا‬ ‫شنودة في اإلقامة اجلبرية وسجن معظم‬ ‫املطارنة وكل قيادات الكنيسة‪ .‬لكن اهلل‬ ‫تدخل وخلصنا من الظلم‪ .‬ثم أتى نظام‬ ‫حسني مبارك وكان صعبا ً ولكن نظاما ً‬ ‫موجودا ً أفضل من ال نظام حتى وإن كان نظاما ً‬ ‫سيئاً‪ .‬وما يسمى بـ “الربيع العربي” هو حالة‬ ‫فوضى عامة وليست ربيعاً‪ .‬اذا كان ربيعا ً فال‬ ‫بد أن يكون هناك نظام وترتيب خاصة اذا تولى‬ ‫اجليش إدارة األمور فهو قادر على تخطي هذه‬ ‫املراحل ولكن ال جند تفسيرا ً للفوضى العامة‬ ‫املوجودة‪.‬‬ ‫ما هي األسباب وراء تكرار األحداث‬ ‫واالعتداءات‪ ،‬هل هي سياسية‪ ،‬عقائدية أم‬ ‫اختالف باحلضارات؟‬

‫هل إذا سقط رمز النظام سقط النظام؟‬ ‫كل اجملتمع كان تابعا ً له فهل سنأتي بشعوب‬ ‫اخرى؟ غير معقول‪ .‬ال بد من تغيير داخل‬ ‫االنسان نفسه‪ .‬لم نطمح الى مناصب بالرغم‬ ‫من الظلم الواقع علينا على مر العصور‬ ‫خاصة في الدولة‪ ،‬لكن ال أجد تفسيرا ً اال‬ ‫الفوضى‪ .‬من هو املستفيد من هدم كنيسة‬ ‫أو من أحرقها؟ وملاذا ال يذهبون ويحرقون‬ ‫كازينوهات ومالهي شارع الهرم اذا كانوا‬ ‫متدينني مثلما يقولون؟ لم يتم أي اعتداء‬ ‫على هذه األماكن‪ .‬أماكن الفساد لم يتم أي‬ ‫اعتداء عليها وكانت االولى باخلراب اذا كانوا‬ ‫يريدون التطهير‪ .‬لم نسمع عن اي اعتداء على‬ ‫كازينو او ملهى ليلي إمنا كل االعتداءات كانت‬ ‫على الكنائس‪ .‬ملاذا؟‬ ‫هل ما يحصل مع األقباط يطال باقي‬ ‫األقليات في مصر؟ وهل أرض الفراعنة لم‬ ‫تعد تتسع لهم؟‬ ‫كال إنه يطال األقباط فقط‪ .‬إنها أيدي‬ ‫صهيونية تعبث في املنطقة ألننا رفضنا‬ ‫اتفاق كامب ديفيد في أيام الرئيس السادات‪.‬‬ ‫رفضنا التطبيع مع “اسرائيل” وقد حرَم قداسة‬ ‫البابا شنودة على األقباط زيارة القدس إال‬ ‫بعد حتريرها وبذلك أخفق ما يسمى بالتبادل‬ ‫السياحي ما بني مصر و”اسرائيل” فأصبحت‬ ‫اتفاقية كامب ديفيد حبرا ً على ورق من دون‬ ‫آلية تنفيذ‪ .‬من الذي أبطل التنفيذ؟ الكنيسة‬ ‫القبطية‪ .‬ألن الرئيس السادات كان يتوقع أن‬ ‫يقوم األقباط بالتبادل السياحي لزيارة األرض‬ ‫املقدسة‪.‬‬ ‫ولكن هذا املوضوع يجب أن يعزز موقع‬ ‫األقباط في مصر؟‬ ‫يجب أن يعزز لدى من؟ النظام مع “اسرائيل”‪،‬‬

‫‪27‬‬

‫والشعب ال يفقه حقيقة الصراع العربي –‬ ‫االسرائيلي واجلميع في مصر كان مع االتفاقية‬ ‫ما عدا األقباط‪ .‬اآلن بعد رحيل السادات الكل‬ ‫يتكلم عن االتفاقية املشؤومة‪ .‬أين كانوا‬ ‫وماذا فعلوا ضد اتفاقية كامب ديفيد؟ كانوا‬ ‫موالني للنظام ومصفقني له‪ .‬اآلن يظهرون‬ ‫شجاعة وقوة‪ .‬نظام “مبارك” أيد اتفاقية‬ ‫كامب ديفيد‪ ،‬وكذلك اجمللس العسكري أما‬ ‫الشعب فلم نسمع له صوتاً‪ .‬يسكتوه دائما ً‬ ‫بالفنت الطائفية بالرغم أنه ال يوجد أي خالف‬ ‫بني املسلمني واألقباط‪ .‬فهم يعيشون مع‬ ‫بعضهم البعض ولكن يحركونهم باسم‬ ‫الدين‪ ،‬إنه حتريك سياسي وليس ديني‪.‬‬ ‫ملاذا يقولون إن أقباط مصر هم األكثر‬ ‫تشددا ً بني مسيحيي الشرق؟‬ ‫هم أكثر تدينا ً وليس تشدداً‪ .‬إنهم‬ ‫متمسكون بدينهم ومعتقداتهم‪ .‬وهذا‬ ‫مطلوب من كل إنسان أيا ً كانت ديانته لكن في‬ ‫حدود سيادة الوطن‪ .‬نحن لم نعت ِد على أحد‪.‬‬ ‫عندما خرجت مسيرة في ماسبيرو خرجت‬ ‫سلمية ولم نر أي متظاهر يحمل سالحا ً‬ ‫كانوا يحملون عصي الالفتات واستخدموها‬ ‫عندما وجدوا املدرعات تسحقهم‪.‬‬ ‫تقولون إن هذا الشيء مدبّر ألنكم‬ ‫أعطيتم خبر للجيش؟‬ ‫أعطينا خبرا ً بأن هناك مسيرة سلمية‬ ‫ستخرج من الساعة اخلامسة حتى الساعة‬ ‫الثامنة‪ .‬لم يصل املصلني الى ميدان ماسبيرو‬ ‫ومت االعتداء عليهم في الطريق‪.‬‬ ‫ولكن مت إعدام أحد املعتدين ؟‬ ‫هذا الذي أعدم قتل سبعة في ليلة عيد‬ ‫امليالد‪ ،‬قتل ستة مسيحيني وواحد مسلم من‬ ‫حرس األمن‪.‬‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫أال يطمئن هذا اإلجراء أقباط مصر؟‬ ‫هذا الشخص الذي قتل سبعة اتخذ فيه‬ ‫القرار بعد سنتني من احلادث وأعدم قبل‬ ‫املظاهرة‪ .‬إنه تنفيذ حكم وليس إجراء خاص‪.‬‬ ‫لم يتخذ أي إجراء بحق املعتدين؟‬ ‫لغاية اليوم لم يُكشف عن هويتهم‪.‬‬ ‫هناك نية إلخفاء ذلك؟‬ ‫اهلل اعلم‪.‬‬ ‫بعد الثورة اجته اجمللس العسكري الى‬ ‫إعطاء بعض االمتيازات الى األقباط ومت‬ ‫تعيني محافظ مسيحي لم يستطع‬ ‫استالم مهامه‪ .‬ملاذا؟ هل هو التهميش‪،‬‬ ‫أم رفض اآلخر‪ ،‬أم عملية مبرمجة للقضاء‬ ‫على أقباط مصر؟‬ ‫في أيام الرئيس حسني مبارك كان احملافظ‬ ‫ومتت إقالته ألنه كان من أتباع النظام‪،‬‬ ‫قبطيا ً ّ‬ ‫فعني مكانه قبطيا ً آخر ولم يستطع أن‬ ‫يستلم مهامه‪.‬‬ ‫يعني الوضع أسوأ مما كان عليه؟‬ ‫هذا هو الواقع‪ُ .‬فقد منصب من األقباط‪.‬‬ ‫برأيكم هل هناك منظمات أصولية‬ ‫متطرفة تعمل على إشعال نار الفتنة بني‬ ‫الطوائف في مصر؟‬ ‫نعم يوجد وعلناً‪ .‬وقد أحرقت كنيسة‬ ‫السيدة العذراء في أمبابا وصور من حرقوا‬ ‫الكنيسة موجودة على الكاميرات‪ ،‬هم من‬ ‫السلفيني‪ .‬في استطاعة النظام من خالل‬ ‫الصور ان يطالهم ولكنهم ظهروا على قنوات‬ ‫التلفاز يبررون هذه األفعال‪.‬‬ ‫هل هناك تواطؤ؟‬ ‫اذا كان لم يتم القبض على أي مجرم ماذا‬ ‫نقول؟ متى ستطبق العدالة؟ نحن ال نريد‬ ‫شيء سوى العدالة‪ .‬ولتطبق على اجلميع‪.‬‬ ‫يخرج مصلني يُقتلوا ويُسحقوا بالدبابات‬ ‫ويعتقل منهم ناس وفي املقابل يحرق‬ ‫أشخاص الكنائس وتظهر صورهم على‬ ‫شاشات التلفزة وهم يستعملون املعاول‬ ‫لهدمها ولم يتخذ اي إجراء بحقهم‪.‬‬ ‫على عكس كل الدول العربية ملاذا يحتاج‬ ‫األقباط الى تصريح لترميم الكنائس؟‬ ‫هذا النظام منذ أيام العثمانيني‪ .‬كل‬ ‫بناء أو ترميم ال بد أن يصدر له مرسوم من‬ ‫السلطان‪ .‬ذهب العثمانيون ومازال النظام‬ ‫يستخدم القوانني العثمانية وهذا مؤسف‪.‬‬ ‫الدولة احلديثة تستخدم قوانني عفا عليها‬ ‫الزمن حتى األتراك تركوها وهم يتسارعون‬ ‫الى الدخول في االحتاد األوروبي‪ .‬تركوا كل‬ ‫قوانينهم ونحن متمسكون بها‪.‬‬ ‫هل ما يحصل لألقباط في مصر هو‬ ‫جزء آخر من االضطهاد الذي يتعرض له‬ ‫مسيحيو العراق أم أن الوضع مختلف؟‬ ‫الوضع في مصر يختلف عن الوضع‬ ‫في العراق‪ .‬الوضع في العراق تسبب به‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االميركيون والصراعات السياسية املوجودة‬ ‫في البالد‪ .‬لكن في مصر ال توجد صراعات‬ ‫سياسية وال يوجد مبرر لهذه االعمال‪ .‬االقباط‬ ‫من اصل البالد ومتجذرين فيها وال نية عندهم‬ ‫لترك وطنهم الن هذه االرض رويت بدماء أجدادنا‬ ‫واإلنسان يفرط في كل شيء إال بتراب أجداده‪.‬‬ ‫ماض ليس له حاضرا ً وال مستقبل‪.‬‬ ‫من ليس له‬ ‫ٍ‬ ‫نحن باقون مهما حدث وصامدون وانشاهلل‬ ‫سيغير اهلل قلوب الكثيرين‪.‬‬ ‫هل األحداث املتكررة من بلد الى آخر تدق‬ ‫ناقوس اخلطر للوجود املسيحي املشرقي في‬ ‫سوريا والعراق ومصر‪ ،‬وهل نحن امام تفريغ‬ ‫الشرق من مسيحييه بهدف القضاء على‬ ‫التنوع؟‬ ‫طبعا ً هناك مخططات صهيونية لتفريغ‬ ‫الشرق من مسيحييه‪ .‬حتى يكون شرق‬ ‫اسالمي وغرب مسيحي يعطي فرصة لـ‬ ‫“اسرائيل” ان تقيم دولة يهودية دينية وهذا هو‬ ‫هدف “اسرائيل” اقامة دولة يهودية‪ .‬االنسان‬ ‫العاقل والواعي يعي ويرى اليد الصهيونية في‬ ‫هذا العمل‪ .‬ولكن نحن بكل اسف احيانا ً نعمي‬ ‫اعيننا عن الواقع ونعطيها تصريحات اخرى‪ ،‬فنت‬ ‫مذهبية طائفية وعرقية لكن هناك واقع ال احد‬ ‫يستطيع إنكاره أن هذه األيادي هي صهيونية‪.‬‬ ‫من الذي أخرج املسيحيني من العراق؟ من‬ ‫املتسبب؟ اذا قلنا االميركيني ومن الذي يقودهم؟‬ ‫أليست الصهيونية؟ من الذي يزرع الفنت في‬ ‫كل مكان؟ حتى وإن كانت بأموال عربية فاأليدي‬ ‫صهيونية‪ .‬ولذلك أتساءل ملاذا األقباط بالذات؟ ال‬ ‫يوجد اضطهاد على الطوائف األخرى‪ ،‬ملاذا؟ ألن‬ ‫االقباط رفضوا كل انواع التطبيع مع “اسرائيل”‪،‬‬ ‫وهذا هو العقاب‪ .‬وال احد يعي ذلك فالثقافة‬ ‫اعدمت في مصر‪ .‬قليلون هم املثقفون الذين‬ ‫يعلمون حقيقة االمور ولكن عامة الشعب‬

‫‪28‬‬

‫يجهلون ما يحدث ويضعون انفسهم أداة في‬ ‫ايدي الصهيونية دون ان يدروا‪ .‬والنتيجة واحدة‪.‬‬ ‫حضرة األب هل يوجد اقباط في سوريا؟‬ ‫نعم‪ .‬يوجد قلة في سوريا ‪ 15‬عائلة واقيم‬ ‫لهم الصالة في كنيسة للسريان االرثوذكس‬ ‫في الشام في منطقة القصور كل سبوعني‪.‬‬ ‫ما هو وضع املسيحيني في سوريا وهل‬ ‫تشارك البطريرك الراعي هواجسه؟‬ ‫اخلوف لم يكن موجودا ً لو لم يسمعوا اقاويل‬ ‫التظاهرات ضد النظام وضد املسيحيني‪.‬‬ ‫الشعارات التي اعلنت في بداية التظاهرات‬ ‫“املسيحي الى بيروت والعلوي الى التابوت”‪ .‬وقد‬ ‫سمعتها من الناس في سوريا‪ .‬هذا القلق وجد‬ ‫عندما سمعوا هذه العبارات‪ .‬لكن من قبل ذلك‬ ‫لم يكن عندهم مشكلة في تأدية طقوسهم‬ ‫وشعاراتهم على العكس‪ .‬كانوا ومازالوا يجدون‬ ‫في احلكومة السورية كل ترحيب وكل مودة‬ ‫وكل احترام ‪.‬‬ ‫هل تخاف على مسيحيي سوريا؟‬ ‫الشعارات التي سمعناها جعلتنا نقلق‬ ‫ألنها تعبير عن النية‪ .‬النظام املوجود يحترم‬ ‫معتقداتهم وال احد آخر يستطيع ان يوفر لهم‬ ‫االمان اكثر من احلكومة احلالية‪.‬‬ ‫ماهو عدد االقباط في لبنان؟ وما هو‬ ‫وضعهم؟‬ ‫هناك اكثر من ‪ 5‬آالف قبطي‪ .‬حوالي االلفني‬ ‫يحملون اجلنسية اللبنانية‪ .‬وضعهم في‬ ‫لبنان احسن من وضعهم في اي بلد آخر‪ ،‬بل‬ ‫افضل من وضعهم في بلدهم االصلي‪ .‬ولبنان‬ ‫اكتسب خبرة من املاضي‪ .‬فكل يعرف حدوده‬ ‫وكل يحترم اآلخر‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬


‫منبر عربي‬

‫مصر ومرحلة انتقالية بالغة األهمية‬ ‫ثورة (‪ 25‬يناير) تواجه استحقاق انتخابات مجلس الشعب‬ ‫بعد ثورة يناير في مصر يدور حوار حول احلقوق والدستور والعسكر‪ ،‬وأهمية ما‬ ‫يجري “أنه يؤسس ملرحلة جديدة مختلفة في اجملاالت الثقافية والسياسية عما‬ ‫كانت عليه مصر خالل مراحل سابقة‪ ،‬ومن خالل نتائج هذا احلوار وحتويله الى‬ ‫ممارسة عملية سيتحدد وجه مصر اجلديدة ومستقبلها‪ ،‬لقد ورث املصريون دولة‬ ‫مبؤسسة عسكرية قوية ودستور مخضرم‪ ،‬وساحة متوج فيها تيارات متعددة‪ ،‬وهم‬ ‫بكل تأكيد ال يريدون أن يشاهدوا حاكما ً جديدا ً على شاكلة “مبارك” يتربع على‬ ‫كرسي الرئاسة‪ ،‬وخاصة أن ثورة يناير انطلقت للتخلص من هذا النموذج الذي‬ ‫قاد مصر الى مراتب أقل ما ميكن أن يقال عنها‪ ،‬أنها ذهبت مبصر بعيدا ً وفصلتها‬ ‫عن عروبتها بعد أن كبلت مصر مبعاهدات مذلة‪ ،‬واتفاقيات غير متكافئة وشرعن‬ ‫لألجنبي أن يتدخل في شؤون مصر الداخلية بعد اتفاقية كامب ديفيد املشؤومة‬ ‫التي تسببت في شرخ عظيم رأسيا ً وأفقيا ً في جسد األمة العربية‪ ،‬سمحت‬ ‫للكيان الصهيوني أن يتحرك كما يشاء‪ ،‬وسمحت للبعض أن يقيم اتفاقيات‬ ‫سرية وعلنية مع “إسرائيل” فكانت النتائج وخيمة على األمن القومي العربي‪.‬‬ ‫في هذه املرحلة االنتقالية الهامة من تاريخ مصر‪ ،‬بدأت مرحلة من اجلدل‬ ‫وهي أمر طبيعي‪ ،‬وهناك تعدد في اآلراء‪ ،‬وكل فريق يتوجس من اآلخر‪ ،‬الليبراليون‬ ‫يخشون اإلسالميني‪ ،‬واإلسالميون يخشون من حكم العسكر‪ ،‬والعسكر بدورهم‬ ‫قلقون من انفالت الوضع على ضوء اختالف القوى السياسية حول آليات احلكم‪،‬‬ ‫على الرغم من اتفاقهم على مفهومه الدميقراطي‪ ،‬وهذا ما يجعل االحتكام‬ ‫الى دستور عادل هو احلل الوحيد‪ ،‬ومن هنا تأتي املطالبة بالضمانات الدستورية‬ ‫لتكون هي السقف األعلى من احلكومة ومن البرملان ومن اجللس العسكري‪.‬‬

‫حتدد حجمها احلقيقي‪ ،‬وخصوصا ً أن التصويت سيكون بحسب الرقم القومي‪،‬‬ ‫وليس البطاقة االنتخابية‪ ،‬واالنتخابات ستمثل نقطة محورية في الطريق الوعر‬ ‫الذي تسير فيه املرحلة االنتقالية‪ ،‬ذلك أن املهمة األولى للبرملان املقبل ستكون‬ ‫وضع دستور جديد للبالد جتري على أساسه انتخابات الرئاسة‪ ،‬وفق نظام سياسي‬ ‫سيحدده هذا الدستور‪ ،‬وقد يكون رئاسيا ً أو برملانيا ً أو نصف رئاسي‪.‬‬

‫وثيقة إعالن املبادئ األساسية للدستور‬

‫ما هو املتوقع من نتائج االنتخابات؟‬

‫كثيرة هي األفكار التي طرحت إليجاد الناظم األساسي لتحقيق االستقرار‬ ‫واالنطالق نحو البناء‪ ،‬والوثيقة التي طرحها نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية‬ ‫علي السلمي‪ ،‬سميت “وثيقة إعالن املبادئ األساسية للدستور” لتصبح مبثابة‬ ‫امتحان لقادة العمل السياسي‪ ،‬هذه الوثيقة أغضبت اإلسالميني وبعض القوى‬ ‫الليبرالية‪ ،‬اإلسالميون ال يريدون تغييرا ً في الدستور إال بعد االنتخابات أي عندما‬ ‫يصبحون في احلكم‪ ،‬وهناك فرقاء اعترضوا على نقاط معينة‪ ،‬مثل تسمية الدولة‬ ‫“بالدولة املدنية ال الدينية” وهناك من يرفض السلطات املمنوحة للعسكر في‬ ‫الوثيقة ويصر على مناقشة موازنة اجليش بتفصيالتها‪ ،‬إيجابيات هذا اجلدل أنه‬ ‫يرفع من ثقافة املواطن السياسية وهو أمر مرغوب في احلقبة اجلديدة‪ ،‬واحلوار‬ ‫يتسع لكل وجهات النظر‪.‬‬ ‫حراسة اجليش أمر إيجابي كما يراه البعض في املرحلة االنتقالية في مجتمع‬ ‫متعدد مليء بالشكوك والتجارب الكارثية في بعض البلدان ماثلة للعيان وهذا‬ ‫ال يعني أن مؤسسة اجليش مرجعية للحكم وإمنا حامية للدستور‪.‬‬ ‫ويحتاج الليبراليون في زمن حكم اإلخوان املسلمني الى اجليش لردع احلكومة‬ ‫اجلديدة من تضييق احلريات باسم الدين‪ ،‬ويحتاج اإلسالميون لوقف االشتباك‬ ‫فيما بينهم‪.‬‬ ‫والوثيقة ال تخلو من انتقادات‪ ،‬عندما تتحدث عن احلقوق األساسية في البند‬ ‫الرابع‪“ :‬حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ووسائل اإلعالم مكفولة‪ ،‬مبا ال‬ ‫ميس حرمة احلياة اخلاصة وحقوق الغير واملقومات األساسية للمجتمع املصري”‬ ‫وكلمة املقومات األساسية مطاطية‪ ،‬وحول ماذا سيعني هذا إغالق الصحف‬ ‫أو ما شابه؟ ومنع التعبير في قضايا معينة‪ ،‬والسؤال أيضاً‪ ،‬ما هي الضمانات‬ ‫الصريحة لألقليات‪ ،‬وما هي آلية التحكيم‪ ،‬الوثيقة تنهي عن استخدام الدين‬ ‫في العمل السياسي‪ ،‬كيف ميكن تطبيق ذلك‪ ،‬إذا كان البعض يستغل الدين‬ ‫كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية؟‬ ‫انتخابات مجلس الشعب املصري مقررة في ‪ 28‬من تشرين الثاني وتعتبر حجر‬ ‫الزاوية في عملية التحول السياسي بعد ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬ولعل ما يضفي طابعا ً‬ ‫حساسا ً على االنتخابات يكمن في نواح عديدة‪ ،‬أبرزها‪ :‬أن هامش احلرية النسبية‬ ‫الذي جتري في إطاره هذه االنتخابات سيمنح فرصة فريدة للقوى السياسية لكي‬

‫تظاهرات ميدان التحرير تسقط حكومة عصام شرف‬

‫في اجلانب السياسي‪ ،‬فإن شباب الثورة والقوى املدنية من ليبراليني ويساريني‬ ‫يبدون األكثر توجسا ً جتاه املرحلة االنتقالية‪ ،‬وخصوصا ً أن مخاوف جدية تنتاب‬ ‫هؤالء بشأن حسابات املؤسسة العسكرية في ضوء ما يتردد عن صفقات جانبية‬ ‫بني العسكر واإلسالميني برعاية أميركية‪ ،‬ونوايا مبينة لدى اجمللس العسكري‬ ‫لإلمساك بالسلطة‪ ،‬وإنتاج نظام شبيه بالنظام السابق مع بعض اإلجراءات‬ ‫التجميلية‪.‬‬ ‫وثمة انطباعا ً عاما ً لدى النخب السياسية واإلعالمية بأن التيار اإلسالمي‬ ‫وخصوصا ً جماعة (اإلخوان املسلمني) ستتصدر املشهد السياسي في مرحلة‬ ‫ما بعد االنتخابات‪ ،‬ذلك أن إمكاناتها املادية والتنظيمية‪ ،‬ستسمح لها باحلصول‬ ‫على احلصة األكبر في البرملان اجلديد‪ ،‬لكن أمرا ً كهذا يشكل مصدر قلق جململ‬ ‫القوى السياسية التقليدية والناشئة‪ ،‬وسيتحول الى شعور باخلطر الداعم‬ ‫عندما يتم احلديث عن املرشحني احملسوبني على “احلزب الوطني” املنحل‪ ،‬ويرى‬ ‫البعض أن هذه الفلول ميكن أن تشكل القوة الثانية في البرملان‪.‬‬ ‫إن االنتخابات املقبلة‪ ،‬لن تعكس حقيقة موقف املصريني وخياراتهم‬ ‫السياسية على املدى البعيد‪ ،‬خاصة أن معظم القوى السياسية (لم حتدد‬ ‫موقفها من القضايا السياسية واالقتصادية الكبرى)‪ ،‬ولذلك فإن هناك حالة‬ ‫من التر ّقب لدى املصريني‪ ،‬وعندما تكشف تلك القوى حقيقة برامجها‪ ،‬عندها ال‬ ‫يستبعد أن يثور الشعب ضد اجمللس اجلديد‪ ،‬ورمبا يقتحمونه ويحرقونه‪.‬‬ ‫حسابات االنتخابات تختلف عن حسابات الثورة وهذا واقع لن تستطيع الثورة‬ ‫كسره قبل فترة طويلة‪ ،‬ومن املتوقع أن يفوز اإلسالميون وفلول احلزب الوطني‬ ‫بأكثر من ‪ % 70‬من مقاعد البرملان‪ ،‬عندها ستطرح السؤال ما الذي تغ ّير في‬ ‫مصر؟ لكن أحداث األيام األخيرة ومع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب‪،‬‬ ‫أظهرت بأن احلراك الشعبي في مصر‪ ،‬مازال في عنفوانه‪ ،‬حيث خرجت تظاهرات‬ ‫حاشدة في ميدان التحرير‪ ،‬أسقطت حكومة عصام شرف وبعثت برسالة الى‬ ‫اجمللس العسكري األعلى بأن الثورة في مصر لم حتقق أهدافها‪ ،‬ومازال هناك‬ ‫الكثير‪ ،‬الذي يجب إجنازه‪.‬‬ ‫االحتماالت مفتوحة على تطورات جديدة في مصر وحتى إشعار آخر‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫الجامعة «العربية» تدير مؤامرة دولية واضحة المعالم‬ ‫و ُت ّ‬ ‫نفذ بأدوات مشبوهة تستهدف سوريا العروبة‬ ‫سوريا العروبة بل هي قلب العروبة النابض‬ ‫في شرايني العالم العربي‪ ،‬سوريا التي قدمت‬ ‫التضحيات الغالية وقوافل الشهداء واجلرحى‬ ‫دفاعا ً عن قضايا أمتها العربية يتم استهدافها‬ ‫بأبشع ما ميكن أن يتصوره اي عقل! اليوم تعلن‬ ‫قوى االستعمار وأعوانه وأدواته حربها من أجل‬ ‫إخضاع سوريا ومصادرة قرارها‪ ،‬سوريا قلعة‬ ‫العروبة وعمق املقاومة تقف اليوم بحزم وإرادة في‬ ‫مواجهة طغاة العالم ومستكبريه‪ ،‬واملستهدف‬ ‫اليوم هو شعب سوريا العظيم الذي يقف‬ ‫خلف قيادته احلكيمة والشجاعة‪ ،‬هم يحاولون‬ ‫مصادرة القرار وقد أغوتهم أحالمهم الواهمة في‬ ‫غفلة من الزمن وتصوروا بأن بعض األدوات احمللية‬ ‫امللحقة بأجندات استعمارية واملمولة بأموال‬ ‫النفط العربي املنهوب من قبل “حفنة” ميكنها‬ ‫أن تغ ّير خارطة ومعادالت املنطقة‪ ،‬بئس التصور‬ ‫وأدواته الرخيصة‪ ،‬وهم تصوروا بأن إعالمهم‬ ‫املوصوف بتبعيته األميركية الصهيونية ميكنه أن‬ ‫يحاصر سوريا التاريخ واحلاضر واملستقبل اآلتي‪.‬‬ ‫أصبحت جسدا ً بال قلب‬ ‫وأنت يا جامعة “العرب”‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبال روح‪ ،‬جسد بل ركام بعد أن استبيحت األرض‬ ‫املنهوبة وثم مصادرة إرادة أولئك “العرب” بحيث‬ ‫باتت العروبة لديهم ليس إال شكل بل مضمون‬ ‫ومن احملزن حقا ً أن يبقى االسم دون مضمون في‬ ‫هذا الزمن الرديء‪ ،‬وبعد أن باع البعض ضمائرهم‬ ‫واسترخصوا الدم العربي وعملوا وكالء للتدخل‬ ‫األجنبي‪ ،‬أليست هي سوريا العروبة التي وقفت‬ ‫الى جانب لبنان ومنعت تقسيمه ووقفت الى‬ ‫جانب املقاومة اللبنانية بكل ما متلك؟ وسوريا‬ ‫التي وقفت ضد اتفاقية كامب ديفيد التي‬ ‫أضعفت العرب‪ ،‬ووقفت الى جانب فلسطني‬ ‫لتبقى القضية حية ومتسكت بكل قضايا‬ ‫العرب؟‬ ‫سوريا حتارب اليوم وهي تواجه املشروع‬ ‫االستعماري بقراره األميركي‪ ،‬وقرار اجلامعة‬ ‫“العربية” هو قرار أميركي ‪ -‬صهيوني بإمتياز ألنه‬ ‫مقدمة للتدويل وتوجيه جميع الضغوط واحلصار‬ ‫ضد سوريا بهدف تدميرها وخرابها‪ ،‬ماذا فعلتم‬ ‫يا “عرب” أميركا‪ ،‬ملاذا تخسرون ذاتكم ومستقبل‬ ‫أجيالكم؟ ملاذا تبيعون ضمائركم وكرامتكم‬ ‫وقراركم لألجنبي؟ ملاذا تتخلون عن أنفسكم؟‬ ‫عضوية سوريا في اجلامعة العربية ليس حبرا ً على‬ ‫ورق كما هي جامعتكم ورؤيتكم‪ ،‬إنها تضحيات‬ ‫كبيرة وتاريخ عظيم تعطر بدماء الشهداء‬ ‫واجلرحى‪ ،‬وهي مسيرة طويلة حافلة بالعطاء‬ ‫وواعدة مبستقبل أفضل ألجيالنا القادمة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األسد يتوسط احلشود املؤيدة للنظام‬

‫الصراع على مستقبل املنطقة‬ ‫املتتبع لتطورات األوضاع في سوريا وما حولها‬ ‫والضغوط والتدخالت التي تستهدف سوريا‬ ‫وتطوير التدابير العدائية مثل قرار اجلامعة‬ ‫“العربية” تعليق عضوية سوريا‪ ،‬كلها خطوات‬ ‫تندرج في إطار أوسع يدور حول السؤال األساسي‪،‬‬ ‫ما شكل املواجهة املنظورة في املنطقة خالل‬ ‫مرحلة االنسحاب األميركي من العراق وما بعده؟‬ ‫وهنا نشير الى العامل احلاسم في حتديد شكل‬ ‫النتائج املترتبة وهي الشعب السوري ووالؤه‬ ‫احلاسم لدولته الوطنية وجليشه ولقائد مسيرته‬ ‫الرئيس بشار األسد‪ ،‬والشعب السوري البطل‬ ‫يع ّبر في كل يوم عن أصالة انتمائه القومي‬ ‫والوطني وعلى متسكه بخيار املقاومة واستنفاره‬ ‫يجسد البعد االستراتيجي‬ ‫حلماية بالده‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫األعمق واالهم الذي يشير الى حتمية انتصار‬ ‫سوريا العروبة في اجملابهة اجلارية في املنطقة‬ ‫مهما تعددت أشكالها‪.‬‬ ‫سوريا متثل نقطة االرتكاز الفاصلة في‬ ‫صياغة التوازنات الدولية اجلديدة‪ ،‬وهذا ما أكدته‬ ‫املواقف الدولية الداعمة للموقف السوري‬ ‫واملتمثلة مبواقف روسيا والصني والهند وجنوب‬ ‫إفريقيا والكتلة الالتينية بجميع أطيافها‪ .‬أما‬ ‫التقارير السياسية واإلعالمية الغربية فقد‬ ‫أشارت أيضا ً الى اعترافات صريحة تفيد‪ ،‬أنه من‬

‫‪30‬‬

‫الوهم إمكانية شن احلرب على سوريا واحتماالت‬ ‫التدخل العسكري الغربي تواجه استحالة‬ ‫شديدة بسبب طبيعة توازن القوى انطالقا ً من‬ ‫التماسك الداخلي وقوة سوريا وبفعل مكانتها‬ ‫في قلب منظومة املقاومة في املنطقة‪.‬‬ ‫الصراع في املنطقة واملعركة اجلارية بأشكالها‬ ‫كافة تؤكد على حقيقة واحدة‪ ،‬وهي أن سوريا‬ ‫مستهدفة في وجودها ومن هنا تأتي احلملة‬ ‫والهجوم االستخباري الشرس الذي يستهدفها‬ ‫من أجل تعويض املشروع املعادي عن انكساراته‬ ‫في أكثر من مكان في أفغانستان والعراق وما‬ ‫يحصل في مصر من جدل بعد خلع “مبارك”‪.‬‬ ‫وتسعى سوريا مع حلفائها إقليميا ً ودوليا ً‬ ‫لتثبيت واقع عاملي متوازن بعد االختالل اخلطير‬ ‫الذي أحدثته مغامرات االمبراطورية األميركية‬ ‫وحروبها منذ انتهاء احلرب الباردة وقد تركزت تلك‬ ‫احلروب على غاية محورية في تفتيت منطقة‬ ‫املشرق العربي واإلسالمي وسحق قوى املقاومة‬ ‫لغرض الهيمنة اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫أما اإلدارة األميركية التي كلفت دول مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي إدارة احلملة ضد سوريا‪ ،‬فهي‬ ‫تعرف متاما ً إمكانيات تلك “الدول” الدائرة في‬ ‫فلكها‪ ،‬أولئك ال ميلكون القدرة على شن هجوم‬ ‫عسكري ضد سوريا‪ ،‬ولذلك فهم يستخدمون‬ ‫أموالهم وأنفسهم إلرضاء األميركي‪ ،‬وهم حتركوا‬ ‫وع ّلقوا عضوية سوريا في اجلامعة العربية‪ ،‬وع ّولوا‬


‫على احلصار االقتصادي والقطيعة السياسية‪.‬‬

‫تركيا‪ :‬الدور املأجور‬ ‫وانخرط “عرب” أميركا في مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي في الهجوم على سوريا عبر متويل‬ ‫ميليشيات مجلس اسطنبول وتسليحهم‪ ،‬وفي‬ ‫تأمني مرتكزات احلملة اإلعالمية‪ ،‬وهم يع ّولون‬ ‫أيضا ً على تعميم العدوان العسكري ضد سوريا‬ ‫عبر احلدود مع تركيا عبر إعطاء أردوغان دورا ً‬ ‫يخشاه ويحسب له ألف حساب وخاصة جلهة‬ ‫اخلسائر اجلسيمة احملتملة جراء أي مغامرة ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬وخاصة بعد أن تبينّ مدى صالبة املوقف‬ ‫السوري الذي كان حاضرا ً وقويا ً في أحداث جسر‬ ‫الشغور وما تبعها‪ ،‬وفي ذات الوقت تتواصل‬ ‫داخل تركيا التفاعالت السياسية واالقتصادية‬ ‫واألمنية املناهضة ملغامرات أردوغان ضد القيادة‬ ‫السورية وهو ما أظهرته املعارضة التركية في‬ ‫حتذيراتها ومواقفها داخل البرملان وفي وسائل‬ ‫اإلعالم وأشارت الى اخلسائر االقتصادية التركية‬ ‫جراء االنخراط في مشاريع مشبوهة لن تعود‬ ‫على تركيا إال بالضرر واخلسارة‪.‬‬ ‫وثبتت األحداث يوما ً بعد يوم‪ ،‬أن فكرة النموذج‬ ‫التركي كانت وهمية الى درجة كبيرة وال تتعدى‬ ‫بعض النخبة املهتمة باجلار التركي‪ ،‬وكل الوقائع‬ ‫أثبتت أن تركيا تبحث عن مصاحلها اخلاصة‪ ،‬وترى‬ ‫حساب األرباح على حساب خسائر اجلوار‪ ،‬وهي‬ ‫وكيل أميركي بامتياز جاهز ألي مغامرة مدفوعة‬ ‫الثمن‪ ،‬وليس أدل على ذلك‪ ،‬املنتدى العربي‬ ‫التركي الذي انعقد في الرباط على مستوى‬ ‫وزراء اخلارجية‪ ،‬اتخذ طابعا ً أكادميياً‪ ،‬وسط سوء‬ ‫الفهم املتبادل بني اجلانبني‪ ،‬ألن غياب سوريا‬ ‫أفرغ املنتدى من محتواه ّ‬ ‫وعطل دوره املفترض‪ ،‬أن‬ ‫شركاء النقاش في هذا املنتدى ليسوا أصحاب‬ ‫احلل‪ ،‬وإذا كان رفض التدخل األجنبي الذي نادى‬ ‫به العرب يشمل تركيا‪ ،‬فإن تركيا كانت تنظر‬ ‫برؤيتها هي التي سبق ألردوغان وأعلنها بقوله‪:‬‬ ‫“األزمة في سوريا شأنا ً تركيا ً داخلياً”‪ ،‬وهذا ما أثار‬ ‫حفيظة العرب آنذاك‪ ،‬وفي واقع احلال فإن تركيا‬ ‫ضيفا ً طارئا ً وثقيالً على واقع املنطقة‪ ،‬واألتراك‬ ‫يكتشفون هذه األيام‪ ،‬أن دورهم في سوريا يواجه‬ ‫الكثير من التحديات واملبالغات التي حتول حتى‬ ‫دون إقامة حزام أمني أو فرض حظر جوي في‬ ‫األجواء السورية‪ ،‬وسوريا لن تسمح ألحد بأن‬ ‫يغامر في التدخل في أزمة داخلية يجري تكبيرها‬ ‫واستثمارها من قبل اخلارج املتربص‪.‬‬

‫مجلس «تعاون» خليجي في حالة‬ ‫إفالس يستدعي التدخل الدولي؟!‬ ‫حتاول “الدول” التي تدور في الفلك األميركي‬

‫جاهدة التعويض عن خسارتها لنظام “مبارك”‬ ‫في مصر‪ ،‬وهي تعمل لتحقيق إجناز ما‪ ،‬من‬ ‫خالل محاولتها مناوءة سوريا وإسقاط النظام‬ ‫العربي املقاوم فيها‪ ،‬وهي استهلكت معظم‬ ‫أوراقها وبعد مؤامراتها تعليق عضوية سوريا في‬ ‫اجلامعة العربية‪ ،‬وبعد أن تعي ذاتها ستكتشف‬ ‫بأن االستثمار في اخلراب ال يولد إال املصائب‪،‬‬ ‫ستجد تلك الدول أنها خاسرة بامتياز‪ ،‬بعد أن‬ ‫أجهضت احلل العربي احلقيقي وهو الوقوف الى‬ ‫جانب سوريا وليس التآمر عليها‪ ،‬وأنقرة أيضا ً تريد‬ ‫إسقاط النظام في سوريا‪ ،‬واإلمساك بالساحة‬ ‫السورية وهي أيضا ً استهلكت أوراقها في دعم‬ ‫اجلماعات املسلحة والتضييق على سوريا‪ ،‬أنقرة‬ ‫هذه ماذا بإمكانها أن تفعل بعد‪ ،‬غير إقامة‬ ‫منطقة عازلة إليواء املسلحني؟ وهو ما ستعتبره‬ ‫القيادة السورية عمالً عدوانياً‪ ،‬يستدعي منها‬ ‫الرد بطريقة تؤدي الى تغيير مسار األزمة برمتها‪.‬‬ ‫وكذلك أميركا ومن معها من األوروبيني‬ ‫الذين ال يعنيهم من األزمة السورية سوى أمن‬ ‫“إسرائيل” ومصاحلها ولذلك هم يتحدثون عن‬ ‫اخليار العسكري ولكنهم مك ّبلون‪ ،‬ألن الفيتو‬ ‫الروسي والصيني يقف عائقا ً أمام تطلعاتهم‪.‬‬ ‫أما املعارضة الداخلية وما يسمى باملعارضة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬فهناك انقسام واضح في الرؤى الى‬ ‫درجة الضياع‪ ،‬حيث تتسارع األحداث وعجز ما‬ ‫يسمى باملعارضة اخلارجية عن مواكبتها ودورها‬ ‫في األزمة يكاد يقتصر على الظهور اإلعالمي‬ ‫املم ّول من محطات مشبوهة‪ ،‬ومأجورة ومتأمركة‬ ‫وهي تعقد مؤمترات ولقاءات ال طائل منها سوى‬ ‫إضفاء الشرعية على تدخل اخلارج والتذكير بأنها‬ ‫مازالت موجودة طرفا ً في األزمة السورية‪.‬‬ ‫و”اسرائيل” تعلم أن معركة الغرب ضد سوريا‬ ‫إمنا تخاض من أجلها وهي تلوذ بالصمت خوفا ً من‬ ‫إفساد اخملطط والهدف النهائي من األزمة وهو‬

‫‪31‬‬

‫إزاحة النظام املقاوم واملتمسك بالثوابت الوطنية‬ ‫والقومية واإلتيان ببديل حاضر للدخول معها في‬ ‫معاهدة سالم على طريقة اتفاقات كامب ديفيد‬ ‫ووادي عربة وغيرها‪...‬‬ ‫وفي املشهد املرسوم وتوضحه الوقائع‪ ،‬خصوم‬ ‫سوريا واألعداء اتفقوا على مخطط متكامل‬ ‫يظهر فيه كل شي ما عدا خيار املواجهة‬ ‫العسكرية‪ ،‬وهم يعمدون الى تصفير احللول‪،‬‬ ‫بحيث لن يعود أمامهم سوى هذه املواجهة‬ ‫بتداعياتها‪ ،‬والسؤال هل هم جاهزون حقا ً‬ ‫للدخول في احلرب املتدحرجة؟ أم هم مستمرون‬ ‫باملراهنة على سياسة العقوبات ودعم املسلحني‬ ‫التائهني بانتظار أوراق خبيثة جديدة يلعبونها؟!‬ ‫املعادون لسوريا والعروبة احلقيقية‪ ،‬استنفذوا‬ ‫معظم أوراقهم‪ ،‬فيما سوريا ومعها كل الشرفاء‬ ‫في أمتنا مازالت متلك جميع أوراق القوة‪ ،‬وهي‬ ‫حتما ً سيتم ترجمتها ولن تنتظر طويالً‪.‬‬ ‫وكان األجدى ملن ارمتوا في أحضان التركي‬ ‫املتربص بسوريا أن يفكروا مليا ً مبدى خطورة‬ ‫خياراتهم وأن يعودوا الى صوابهم‪ ،‬وأن تكون‬ ‫معارضتهم حقيقية نابعة من احلرص على كل‬ ‫حبة تراب مقدسة من أرض سوريا‪ ،‬أرض العروبة‬ ‫التي رويت بدماء الشهداء‪ ،‬وكان على قادة تلك‬ ‫املعارضة‪ ،‬أن تكون قائدة آلمال شباب سوريا‬ ‫في التغيير واإلصالح ورعايتهم‪ ،‬لألسف‪ ،‬أن جند‬ ‫طيفا ً من املعارضة ارمتى وارتضى أن يحظى من‬ ‫دون غيره بالرعاية “العربية” والدولية‪ ،‬بأن يسلم‬ ‫أمره السياسي الى دول‪ ،‬أغلب الظن كما أكدته‬ ‫الوقائع‪ ،‬أن امر الشعب السوري ال يعنيها بقدر ما‬ ‫يعنيها رأس سوريا الدولة الوطن واألمة‪ ،‬والبوابة‪،‬‬ ‫ولكن هذه البوابة لن تكون معبرا ً لألعداء واإلجهاز‬ ‫على حاضر األمة ومستقبلها‪ ،‬وإمنا العبور الذي‬ ‫نعنيه هو نحو املستقبل املشرق ألجيالنا بعيدا ً‬ ‫عن الهيمنة االستعمارية وحشد كل طاقات‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬ ‫األمة “املهدورة واملنهوبة” في سبيل نهضة األمة‬ ‫وعزتها وكرامتها وليس استخدامها لهدم كل‬ ‫ركائز القوة واملنعة‪.‬‬ ‫قرار اجلامعة العربية ليس صائبا ً في شيء‪،‬‬ ‫إنه مدمر للغاية‪ ،‬سيدفع بكل املغ ّرر بهم الى‬ ‫اجملهول‪ ،‬وتكبيدهم خسائر فادحة‪ ،‬ومزيد من الدم‬ ‫املهدور‪ ،‬الستدرار مزيدا ً من “التعاطف” الدولي‪،‬‬ ‫أمالً في استجالب التدخل الدولي وخلط األوراق‪،‬‬ ‫ونحن اليوم على أبواب صراع دولي على سوريا‬ ‫باتت عناصره متكاملة‪ ،‬واملستفيد الوحيد هو‬ ‫الكيان الصهيوني الذي ينتظر الفرصة لتوجيه‬ ‫ضربة أخرى الى جسد أمتنا الذي تكالبت عليه‬ ‫مصائبه من الذين ربطوا مصاحلهم الضيقة‬ ‫باألجنبي املستعمر‪.‬‬ ‫لقد حاولت اجلامعة العربية شرعنة التدخل‬ ‫الدولي في سوريا‪ ،‬التي لم تفاجأ مبوقف‬ ‫اجلامعة التي تنفذ “إمالءات أميركية) ولكن‬ ‫املفاجأة كانت في التوقيت وسرعة تطور‬ ‫األحداث‪ ،‬وكانت سوريا تتوقع موقفا ً “سلبياً”‬ ‫في ختام املهلة التي حددت لتحقيق شروط‬ ‫اجلامعة العربية‪ ،‬وهناك من دخل على اخلط‬ ‫إلجبار اجلامعة على تنفيذ أسوأ األدوار‪ ،‬وسبق‬ ‫ذلك تصريح لوزير اخلارجية الفرنسي آالن‬ ‫جوبيه يقول‪“ :‬إن املبادرة العربية ماتت” وبني هذا‬ ‫التصريح وذاك صدر التصريح األميركي الذي‬ ‫يدعو املسلحني السوريني الى عدم تسليم‬ ‫سالحهم‪ ،‬ثم سارعت أنقرة الى إعالن دعمها‬ ‫لقرار اللجنة العربية تعليق عضوية سوريا‬ ‫في اجلامعة العربية‪ ،‬واتخاذ عقوبات اقتصادية‬ ‫وسياسية ضدها‪ ،‬حيث حتدت أحمد داوود أوغلو‬ ‫وزير اخلارجية التركية مع أمني عام اجلامعة‬ ‫وأعلن تأييده للقرارات وقال إنها “خطوة في‬ ‫االجتاه الصحيح وندعمها”‪.‬‬ ‫في حسابات األطراف “العربية” والدولية‬ ‫املتورطة في األزمة السورية‪“ ،‬إن النظام لن‬ ‫يكون قادرا ً على الصمود” في وجه احلملة‬ ‫الدبلوماسية املترافقة مع عقوبات اقتصادية‪،‬‬ ‫وأعمال تخريب وفوضى أمنية وهم يراهنون على‬ ‫قيام مجموعات يجري إعدادها لتنفيذ عمليات‬ ‫عسكرية على احلدود مع تركيا‪ ،‬من أجل إجناز‬ ‫ملف املنطقة العازلة ويكفي حصول اشتباك‬ ‫حدودي حتى يتقرر‪ ،‬من دون انتظار مجلس‬ ‫األمن بناء املنطقة العازلة‪ ،‬لكن أصحاب‬ ‫القرار ينتظرون القرار التركي النهائي‪ ،‬بشأن‬ ‫ما إذا كانت ظروف أنقرة تسمح بهذه اخلطوة‬ ‫أو ال‪ ،‬ولكن أصحاب هذه الشراكة املسرحية‬ ‫(األميركي والفرنسي والقطري) لم يحسبوا‬ ‫بعد الرد املتوقع على فعلتهم وكل همهم‬ ‫إشعال احلرائق للتغطية على عملية انسحاب‬ ‫القوات األميركية من العراق والثمن هو هدر‬ ‫املزيد من الدماء السورية والعربية‪.‬‬ ‫إن مشروع قرار تعليق عضوية سوريا من‬ ‫اللجنة الوزارية العربية هو مشروع قدمه رئيس‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الشيخ حمد بن جبر وأمني اجلامعة العربية نبيل العربي‬

‫الوزراء القطري ويحتوي ‪ 6‬بنود هي التالية‪:‬‬ ‫“تعليق عضوية سوريا في اجلامعة‪ ،‬والطلب من‬ ‫اجليش عدم التدخل في عمليات “القتل” ودعوة‬ ‫املعارضة لالجتماع في مقر اجلامعة خالل ‪ 3‬أيام‬ ‫ودعوة املنظمات الدولية لزيارة سوريا وسحب‬ ‫السفراء العرب منها‪ ،‬ودعوة مجلس وزراء اخلارجية‬ ‫العرب لالجتماع مع املعارضة بعد توحدها”‪.‬‬ ‫إن تعليق العضوية باطل قانونيا ً كما قال‬ ‫املندوب السوري في اجلامعة العربية‪ ،‬وشرح‬ ‫األسباب وقال‪“ :‬حذار السماح بتأجيج النار التي‬ ‫لن توفر أحداً‪ ،‬وسوف تلتهم اجلميع‪ ،‬حذار من‬ ‫ترك سوريا من دون الوقوف بحزم حيال ما يحصل‬ ‫من مؤامرات مكشوفة وحتريض مغرض وحمالت‬ ‫إعالمية شرسة جتاوزت كل احلدود ودعوات‬ ‫أجنبية علنية إلسقاط النظام”‪ ،‬وأشار الى “أن‬ ‫البند الثاني من مشروع القرار يشكل سابقة‬ ‫خطيرة للتدخل اخلارجي في الشؤون الداخلية‬ ‫لدولة عضو في اجلامعة‪ ،‬ويقوض أسس السالم‬ ‫واالستقرار في املنطقة”‪.‬‬ ‫إن القرار الذي اتخذته اجلامعة العربية‬ ‫“مسرحية هزلية” والبيان الذي صدر كان معدا ً‬ ‫سلفا ً من قبل مجلس التعاون اخلليجي الذي‬ ‫أصبح مكتبا ً سياسيا ً للجامعة العربية يجتمع‬ ‫قبل يوم من اجتماع مجلس اجلامعة العربية‬ ‫ويحضر القرارات التي يريدون اتخاذها ويحاولون‬ ‫فرضها بشكل أو بآخر من خالل عالقتهم مع‬ ‫اآلخرين وإن الغرب وخصوصا ً أميركا‪ ،‬يدفع باجتاه‬ ‫تفتيت العالم العربي‪ ،‬وخاصة سوريا‪ ،‬ألهداف‬ ‫واضحة ومعروفة‪ ،‬ومثال ذلك الرئيس السوداني‬ ‫عمر البشير كان مطلوبا ً للمحاكمة اجلنائية‬ ‫الدولية ولكن عندما مت تقسيم السودان ال نسمع‬ ‫عن هذا القرار‪.‬‬

‫واملوقف السوري حازماً في رده‬ ‫سفير سوريا ومندوبها الدائم لدى اجلامعة‬

‫‪32‬‬

‫العربية يوسف األحمد‪ ،‬شن هجوما ً على اجلامعة‬ ‫العربية التي شاركت في قرار تعليق عضوية‬ ‫سوريا‪ ،‬في اجلامعة العربية وخص منها دولة‬ ‫قطر التي قال‪“ :‬إنها تريد أن تلعب دورا ً أكبر منها‪،‬‬ ‫ولكنها واجلامعة سيواجهان عاصفة ليست‬ ‫ببعيدة‪ ،‬ووصف قرار تعليق عضوية سوريا في‬ ‫اجلامعة ال يساوي احلبر الذي ُكتب به‪ ،‬وأن الذين‬ ‫صاغوا هذا القرار سيحاسبون أشد حساب‪ ،‬وأن‬ ‫حمد بن جاسم آل ثاني‪ ،‬أنهى جلسة االجتماع‬ ‫األخير للجنة الوزارية العربية‪ ،‬بطريقة سافرة‪،‬‬ ‫ألن دولته “قطر” ومبساعدة “دول عربية” أخرى‬ ‫تنفذ أجندات أميركية‪ ،‬وخصوصا ً مع االنسحاب‬ ‫األميركي من العراق‪ ،‬وأن ما يصيب سوريا من شر‬ ‫سيطال اجلميع ولن ينجو منه أحد وخاصة دول‬ ‫اخلليج”‪.‬‬ ‫والقيادة السورية رمت الكرة في امللعب‬ ‫“العربي” وكانت تصريحات وزير اخلارجية السورية‬ ‫وليد املعلم واضحة متاماً‪ ”:‬إذا أردمت املشاركة في‬ ‫مد‬ ‫املؤامرة‪ ،‬فهذا شأنكم لكننا سنواجه ونواصل ّ‬ ‫يدنا لكم وثقتنا بكم كبيرة بالتعاون‪ ،‬لعلمكم‬ ‫إن األمن السوري يؤثر على األمن القومي العربي”‬ ‫وأكد‪“ :‬أن التآمر على سوريا مصيره الفشل”‪.‬‬ ‫وص ّوب املعلم سهامه حتديدا ً على األمني العام‬ ‫للجامعة العربية نبيل العربي من باب تصريح‬ ‫األخير بأنه سيتشارو مع أطياف املعارضة‪ ،‬ال‬ ‫احلكومة السورية واصفا ً ذلك بأنه يدعو الى‬ ‫“اخلزي والعار” ووضع املعلم النقاط على احلروف مبا‬ ‫يتعلق بقرارات اجلامعة العربية واجتاهات الوضع‬ ‫في سوريا‪ ،‬فأكد أن قرار تعليق عضوية سوريا‬ ‫مشني وخبيث وخطوة بالغة اخلطورة وأنه غير‬ ‫شرعي وغير ميثاقي داعيا ً الى عدم القلق حيال‬ ‫املستقبل ألن سوريا ستخرج أقوى بفضل وعي‬ ‫شعبها وحلمته الوطنية‪ ،‬ووجه املعلم رسائل‬ ‫مزدوجة باجتاه تركيا قائالً‪“ :‬إذا أرادوا االستمرار‬ ‫بالعالقة فنحن جاهزون‪ ،‬وإذا أرادوا التوقف نحن‬ ‫جاهزون” وأكد‪“ :‬أن سوريا دولة ذات سيادة على‬ ‫كل شبر من أراضيها‪ ،‬وسندافع عن سيادتنا وعن‬


‫كل شبر من أرضنا”‪.‬‬

‫احلوار واإلصالح كما تراه سوريا‬ ‫سوريا تعاملت وتتعامل مع ملفات اإلصالح‬ ‫واحلوار وحقن دماء املواطنني بانفتاح تام ألنها تدرك‬ ‫حجم املؤامرة من جهة وتدرك أيضا ً أهمية وحدة‬ ‫شعبها بكل مكوناته في مواجهتها‪ ،‬ورأت القيادة‬ ‫السياسية السورية أن احلوار واإلصالح يتم في‬ ‫املناخ السلمي األهلي‪ ،‬هو أساس احلياة الكرمية‬ ‫التي نريدها‪ ،‬وسوريا بناء على ذلك تعمل بكل‬ ‫انفتاح مع أي جهد شقيق او صديق للمساهمة‬ ‫في تفعيل احلوار ودعم مسيرة اإلصالح‪ ،‬واألزمة‬ ‫تتجه نحو نهايتها واجلهود السورية منصبة على‬ ‫معاجلتها‪ ،‬وفي اجتماع اللجنة الوزارية العربية‪،‬‬ ‫أصر اجلانب السوري على أن يجري احلوار الوطني‬ ‫في سوريا “ألن احلوار ليس فقط بني السلطة‬ ‫واملعارضة‪ ،‬هناك سوريون لديهم مطالب‪ ،‬وهم‬ ‫ليسوا جزءا ً من السلطة وال املعارضة يجب‬ ‫متثليهم‪ ،‬ما نفكر به هو مؤمتر للحوار الوطني‬ ‫موسع ليكون احلوار شامالً يضمن الوصول‬ ‫والشراكة الى سوريا املستقبل” نعم هناك “أزمة‬ ‫في سوريا” وتهب عليها عواصف وتآمر من جهات‬ ‫عدة‪ ،‬وسوريا الدولة بكل مكوناتها تدفع ثمن‬ ‫صالبة مواقفها وصدق عروبتها‪ ،‬وهي لن تلني‬ ‫وستخرج من أزمتها قوية بفضل اإلصالحات‬ ‫الشاملة التي ستطال كافة مناحي احلياة”‪.‬‬ ‫لقد وافقت سوريا على تنفيذ خطة العمل‬ ‫العربية منذ البداية “ألن هذه اخلطة تنسجم مع‬ ‫موقف القيادة السورية‪ ،‬التي تريد وقف العنف‬ ‫من أي مصدر كان”‪ ،‬وهذه العبارة كانت موضع‬ ‫نقاش حيث طالب اجلانب السوري بـ “آليات”‬ ‫لوقف العنف تتضمن (منع تهريب السالح من‬ ‫الدول اجملاورة ووقف احلواالت للجماعات املسلحة‬ ‫ووقف التحريض اإلعالمي)‪ ،‬لكن تصاعدت وتيرة‬ ‫الهجمات املسلحة وكذلك التحريض اإلعالمي‪،‬‬ ‫وسوريا التي وافقت على الورقة العربية كرديف‬ ‫للجهد السوري حلل األزمة وهي تؤمن أن احلل‬ ‫سوري وال يستورد من اخلارج‪ ،‬وهي تتمسك‬ ‫بالعمل العربي املشترك بحكم موقعها‪ ،‬ولن‬ ‫يكون هناك عمل عربي مشترك من دون سوريا‬ ‫لذلك أعطت الفرصة‪ ،‬وبنفس الوقت خرج‬ ‫الشعب العربي السوري في مسيرات رافضة‬ ‫لقرارات اجلامعة العربية بتعليق عضوية سوريا‪،‬‬ ‫وبكل مكوناته وأعطى رسالة مهمة بأنه موحد‬ ‫وضد قرار اجلامعة وجاهز للصمود‪.‬‬ ‫إن اإلصرار الذي أبدته القيادة السورية من‬ ‫خالل ترك الباب مفتوحا ً أمام املبادرة العربية هو‬ ‫مبثابة ممارسة صريحة ألسلوب إلقاء احلجة الذي‬ ‫اعتمدته سوريا‪ ،‬منذ اجتماع الرئيس بشار األسد‬ ‫بالوفد الوزاري العربي في دمشق‪ ،‬هذا األسلوب‬ ‫في اإلدارة السياسية‪ ،‬يؤمن مناخا ً مريحا ً ملواصلة‬

‫مندوب سوريا في اجلامعة العربية يوسف األحمد‬

‫التعاون مع بعض الدول العربية‪ ،‬التي اعترضت‬ ‫على القرار داخل اجلامعة‪ ،‬أو التي حتاول استدراك‬ ‫موقفها بعد صدوره‪ ،‬كما أنه يساعد على‬ ‫احتفاظ سوريا مبتانة الدعمني الروسي والصيني‬ ‫ملوقفها في األمم املتحدة‪ ،‬بالشراكة مع مجموعة‬ ‫الدول املستقلة‪ ،‬التي ساندت الفيتو املزدوج‬ ‫في وجه احلملة األميركية الفرنسية السابقة‬ ‫الستصدار قرار دولي ضد سوريا‪.‬‬

‫سوريا تُسته َدف‪ ،‬ما العمل؟‬ ‫إن اخلطة األميركية والغربية عموما ً الستنزاف‬ ‫سوريا وتدميرها‪ ،‬هي خطة طويلة األمد وهي‬ ‫تقع في دائرة السعي األميركي ملنع قيام أي قوة‬ ‫إقليمية عاصية على الهيمنة االستعمارية‬ ‫الغربية‪ ،‬وهي تعكس حقيقة التصميم األميركي‬ ‫والغربي واإلسرائيلي على استعمال جميع‬ ‫الوسائل املمكنة لتصفية احلساب مع الدولة‬ ‫العربية الوحيدة التي منعت منذ اتفاقية كامب‬ ‫ديفيد جناح مشاريع الهيمنة “اإلسرائيلية” على‬ ‫املنطقة‪ ،‬وتصفية قضية فلسطني‪ ،‬وسوريا تدفع‬ ‫ضريبة مواقفها الوطنية والقومية وحتالفها‬ ‫القوي مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية واملقاومة‬ ‫التي ميثلها “حزب اهلل” في لبنان املقاوم‪.‬‬ ‫كلفة العدوان الذي ميثله الغرب االستعماري‬ ‫على سوريا ستكون باهظة التكاليف‪ ،‬أمام خطر‬ ‫حتول العدوان العسكري الى حرب شاملة قد‬ ‫تنتهي بتدمير الكيان الصهيوني “إسرائيل”‪ ،‬بفعل‬ ‫متاسك منظومة املقاومة في أمتنا‪ ،‬وسوريا متثل‬ ‫حلقة هامة وركيزة صلبة في منظومة التوازن‬ ‫الدولي املناهض لألحادية األميركية‪ ،‬ولذلك‬ ‫يستخدم احللف املعادي جميع أدوات التخريب‬ ‫واإلرهاب في الداخل السوري‪ ،‬الى جانب الضغوط‬ ‫االقتصادية والسياسية واإلعالمية‪ ،‬ومن هنا‬ ‫على جميع القوى احلية من سائر الكتل واألحزاب‬ ‫املناهضة للهيمنة االستعمارية والرافضة‬ ‫تتحمل مسؤوليتها‬ ‫للمشروع الصهيوني‪ ،‬أن‬ ‫ّ‬ ‫وأن تكون معنية بالنهوض الى مستوى مواجهة‬ ‫العدوان على سوريا‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫وسوريا التي رضيت باملبادرة التي تقدمت بها‬ ‫اجلامعة العربية إليجاد حل لألزمة وطلبت إدراج‬ ‫تعديالت موضوعية في مضمونها ولكن اجلامعة‬ ‫مدعية بأنه ميس‬ ‫رفضت أي تعديل في بنود املبادرة ّ‬ ‫اجلوهر‪ ،‬فعلى أي جوهر يتحدثون؟‪.‬‬ ‫كشفت صحيفة “صباح” التركية عما قالت‪:‬‬ ‫“إنه مشروع مشترك بني املعارضة السورية‬ ‫وتركيا واجلامعة العربية إلطاحة النظام‬ ‫السوري‪ ،‬يقضي بإقامة منطقة عازلة تضم‬ ‫مدينة حلب وتكون مبثابة “بنغازي سورية” لكن‬ ‫بعد حتقيق ‪ 3‬شروط تركية أبلغها وزير اخلارجية‬ ‫التركي أحمد داوود أوغلو لوفد “اجمللس الوطني”‬ ‫في أنقرة لتسير بالده في اخلطة املوضوعة‪ :‬أوالً‪،‬‬ ‫أن تتوحد املعارضة السورية‪ ،‬وثانياً‪ ،‬أن يصدر‬ ‫قرار عن مجلس األمن يش ّرع منطقة احلظر‬ ‫اجلوي “ألن االلتزام بالشرعية الدولية واجب”‪،‬‬ ‫ثالثاً‪ ،‬أن تدعم اجلامعة العربية تركيا بنحو‬ ‫كامل‪ ،‬وأن تؤدي الواليات املتحدة واالحتاد األوروبي‬ ‫دور اجلهة الضامنة لتنفيذ هذه اخلطوات‪،‬‬ ‫ورأى مراقبون أتراك‪ ،‬أن النفي التركي لصحة‬ ‫التقرير هو “أمر منطقي” مرجحني أن يكون‬ ‫نشر التقرير في صحيفة “صباح” املقربة جدا ً‬ ‫من احلكومة‪ ،‬هدفه “تهيئة الرأي العام التركي‬ ‫ملثل هذا السيناريو احملتمل‪ ،‬وخصوصا ً أن الرأي‬ ‫العام التركي غير املهتم‪ ،‬بشق كبير منه‬ ‫بالشؤون اخلارجية‪ ،‬بعيدا ً جدا ً عن مصطلح‬ ‫منطقة عازلة أو حظر جوي‪ ،‬وهناك من يرى أن‬ ‫اشتراط أنقرة صدوره وفق قرار مجلس األمن‬ ‫يعني رفضا ً غير مباشر له‪ ،‬ولكن صحيفة‬ ‫“صباح” كانت قد كشفت في تقريرها األول‬ ‫من نوعه والذي نشر في صدر صفحتها األولى‪:‬‬ ‫“إن أنقرة غير متحمسة لفكرة املنطقة اآلمنة‬ ‫املرفقة باحلظر اجلوي‪ ،‬وغير تواقة أصال ً الى فكرة‬ ‫تدخّ لها العسكري في سوريا‪ ،‬كما الى أي تدخل‬ ‫عسكري مباشر مهما كان عنوانه وهدفه‪،‬‬ ‫ألنها كانت والتزال تعتقد أن األزمة داخلية جداً‪،‬‬ ‫وميكن أن حتسم في الداخل السوري مع معونة‬ ‫خارجية‪ ،‬فاملنطقة األمنية ومعها احلظر اجلوي‬ ‫هما إعالن حرب ال ترغب تركيا أو أي دولة أخرى‬ ‫مجاورة أو بعيدة في خوضها مع سوريا”‪.‬‬ ‫األزمة السورية تقترب من حلظتها احلاسمة‪،‬‬ ‫واملنطقة عموما ً تدنو من ساعتها احلرجة‪،‬‬ ‫ومعركة الدفاع عن مستقبل األمة وكرامتها‬ ‫فوق كل اعتبار‪ ،‬القرار هو القرار وليس مجرد‬ ‫خيار مصدره اخلارج “العربي” واإلقليمي والدولي‪،‬‬ ‫وسوريا التي جمعت كل أوراق املقاومة واملمانعة‬ ‫سيكون النصر حليفها وسوريا ليست وحدها‬ ‫في معركة املصير وستظل قلب العروبة النابض‬ ‫بالعطاء وستثبت األحداث إن وحدة املسار واملصير‬ ‫هي ما يجمع كل املقاومني في أمتنا‪.‬‬ ‫وساعة االنتصار باتت قريبة‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫قطر الشيخ حمد‪ :‬لماذا كل هذا الدور واألداة‬ ‫والتفاني في خدمة األعداء؟‬ ‫رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جبر آل‬ ‫ثاني‪ ،‬بات اليوم حديث الناس في عاملنا العربي ورمبا‬ ‫في العالم بأسره‪ ،‬هذه الشخصية املثيرة للجدل‬ ‫لدى البعض والواضحة متاما ً لدى بعضهم اآلخر‪،‬‬ ‫و”الرجل” كما يبدو ذاع صيته في أرجاء املعمورة‪،‬‬ ‫ال ألنه امتلك براءة اختراع جديدة وال جنح في‬ ‫امتالك ناصية اجملد لدى أبناء جلدته في أرض‬ ‫“العروبة” ال سمح اهلل‪ ،‬وال ألنه قال كلمة حق‬ ‫عند سلطان جائر”‪ ،‬وال ألنه تبرع ألهل الصومال‬ ‫املنكوبني باجملاعة وفقدان املعيل “العروبي” من آل‬ ‫ثاني‪ ،‬و”الرجل” كما يبدو حقق أرقاما ً قياسية لم‬ ‫يصل إليها أحد من قبله في تفانيه في خدمة‬ ‫املشروع األميركي وتنفيذ إمالءاته‪ ،‬وهو أول من‬ ‫فتح أبواب قطر للصهيوني حتت عنوان التطبيع‪،‬‬ ‫بدأ في ظلمة الليل يضع اخلطط لتهدمي كل ما متّ‬ ‫إجنازه في دنيا العرب واملسلمني خالل عقود طويلة‬ ‫من الزمن‪ ،‬وذهب أكثر من ذلك بعد أن جعل من‬ ‫قطر املعروفة مبساحتها قاعدة أميركية أو قواعد‬ ‫أطلسية متعددة ومستودعات ذخائر متنوعة‪.‬‬ ‫وفي اآلونة األخيرة‪ ،‬اتّضحت معالم “الرجل”‬ ‫الغيور إال من حرصه على عروبته ليصبح موفدا ً‬ ‫من قبل األميركيني يصول ويجول في طول األرض‬ ‫وعرضها‪ ،‬حيث وجدناه يساهم في تدمير ليبيا‬ ‫مسخرا ً أموال نفطه وطائراته في قتل الليبيني‬ ‫وتسهيل مهمة حلف “الناتو” الطامع بثروات‬ ‫ليبيا وكل ثورات “العرب”‪ ،‬وهو الذي ساعد في‬ ‫طلب التدخل الدولي وتأمني التغطية الالزمة من‬ ‫جامعة “العرب” األشاوس ومن مكتبها السياسي‬ ‫“مجلس التعاون اخلليجي” الذي يشرعن التلطي‬ ‫باألجنبي واالنصياع الى كل طلباته لدرجة‬ ‫العبودية‪.‬‬ ‫لقد حت ّولت قطر الى أداة طيعة في تخريب‬ ‫وتدمير العالم العربي‪ ،‬وهنا أهمية الشهرة التي‬ ‫نالها “الرجل” الشيخ حمد بن جبر آل ثاني‪.‬‬ ‫وفي ‪ 26‬تشرين األول املاضي‪ ،‬خاطب الرئيس‬ ‫بشار األسد رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بأنه‬ ‫ّ‬ ‫ينفذ إمالءات أميركية‪ ،‬وقال‪“ :‬لو أنكم جئتم الى‬ ‫دمشق كوفد جامعة الدول العربية فأهالً بكم‪،‬‬ ‫أما إذا كنتم موفدين من قبل األميركيني فمن‬ ‫األفضل أال نناقش شيئاً”‪ ،‬ور ّد املسؤول القطري‬ ‫قائالً‪“ :‬لو كنت أميركيا ً فسوف ألتزم الصمت”‪،‬‬ ‫وبالفعل إلتزم الشيخ حمد الصمت ثم راحت‬ ‫األجواء تترطب شيئا ً فشيئا ً وانتهى اللقاء بخطة‬ ‫عربية إلنهاء األزمة‪.‬‬ ‫كانت دمشق تشعر منذ البداية في التحرك‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العربي دورا ً مشبوهاً” وسعت لاللتفاف عليه من‬ ‫خالل القبول باملبادرة العربية‪ ،‬ثم عادت دمشق‬ ‫تفتح أبوابها للجنة‪ ،‬ال بل وتقبل بأن يكون الشيخ‬ ‫حمد هو رئيس الوفد الزائر‪.‬‬ ‫وتقول املصادر السورية‪“ :‬إنهم شعروا أن فخا ً‬ ‫كان ينصب”‪ ،‬ولكن العالقة القوية مع موسكو‬ ‫فرضت قبوال ً بشروط عربية لم تكن دمشق‬ ‫لترفضها في ظروف أخرى‪ ،‬وأرادت دمشق بعث‬ ‫رسالة واضحة ملوسكو مفادها‪ ،‬أن هذه القيادة‬ ‫منفتحة على احلوار وعلى كل املبادرات العربية‪،‬‬ ‫فهذا وحده كفيل بتقوية دائمة للموقف الروسي‬ ‫في مجلس األمن بغية الوقوف في وجه املساعي‬ ‫األميركية والفرنسية واألوروبية إلتخاذ مواقف‬ ‫صارمة أو لتشريع التدخل الدولي‪.‬‬ ‫كان بند “سحب املسلحني” هو األكثر خطورة‬ ‫على القيادة السورية‪ ،‬فكيف لها أن تسحب‬ ‫اجليش من مناطق (باتت مسرحا ً حلرب أهلية)‪.‬‬ ‫ومنذ ذاك اللقاء بات واضحا ً أن قطر تستكمل‬ ‫هجومها على سوريا‪ ،‬الذي كانت قد بدأته عبر‬ ‫قناة “اجلزيرة” وعبر التحرك حيال املعارضة‬ ‫واإلخوان املسلمني وبالتعاون مع عواصم قرار‬ ‫غربية‪ ،‬وكان ذلك واضحا ً في لقاء اللجنة العربية‬ ‫مع الرئيس األسد‪ ،‬والضغط القطري على الوزير‬ ‫السوداني دفع باألخير الى القول‪“ :‬إن التفاوض مع‬ ‫الغرب هو الطريق األسلم للخروج من أزماتنا”‪،‬‬

‫‪34‬‬

‫فقال أحد أعضاء الوفد السوري‪“ :‬إن التفاوض‬ ‫أدى الى اقتطاع جنوب السودان ورفع األعالم‬ ‫اإلسرائيلية فيه”‪.‬‬ ‫قطر حتولت الى أداة طيعة بيد األميركي‬ ‫ومخططاته في املنطقة والشيخ حمد جعل من‬ ‫قطر رأس حربة في تنفيذ تلك األجندات‪ ،‬وسوريا‬ ‫اليوم أصبحت في مواجهة الدول اخلارجية التي‬ ‫قررت اللعب على املكشوف وهو يحصد الفشل‬ ‫يوما ً بعد يوم‪ ،‬وهذا الفشل يوازي فشل اإلمساك‬ ‫األميركي بالعراق‪ ،‬وأن مهمة إسقاط النظام باتت‬ ‫توازي إسقاط االحتالل األميركي‪ ،‬ويتص ّرف اخلارج‬ ‫بعربه وغربه على أساس‪ ،‬أن بقاء األنظمة املوالية‬ ‫ألميركا في املنطقة صار يحتاج الى التخلص من‬ ‫محور مقابل‪ ،‬وما صدر عن اجلامعة العربية ليس‬ ‫إال جزء يسير وأولي من حزمة القرارات املفترض‬ ‫صدورها خالل وقت قريب‪.‬‬ ‫إنه السيناريو الذي يستهدف تغيير النظام في‬ ‫سوريا ويشمل دور سوريا وموقعها في املنطقة‪،‬‬ ‫ويستهدف تغيير سياساتها العامة الداخلية‬ ‫واخلارجية‪.‬‬ ‫واملهمة املركزية لدى “عرب” أميركا هي احتالل‬ ‫سوريا بأي طريقة ممكنة ولو على حساب دماء‬ ‫السوريني‪ ،‬وحتقيق أهداف أميركية وصهيونية‪.‬‬

‫أدهم محمود‬


‫نتائج االنتخابات التونسية ما بين الواقع والتطلعات‬ ‫فوز النهضة لن يوقف نهضة تونس‬ ‫فاز حزب النهضة اإلسالمي التونسي في‬ ‫االنتخابات التي جرت يوم ‪ 2011/10/23‬وفاز فيها‬ ‫بـ ‪ 90‬مقعدا ً من أصل ‪ 217‬مقعدا ً للجمعية‬ ‫التأسيسية متقدما ً على مجموع ما حصلت‬ ‫عليه األحزاب الليبرالية واليسارية األربعة‪ ،‬التي لم‬ ‫حتصل على أكثر من ‪ 73‬مقعداً‪ ،‬وفاجأ حزب النهضة‬ ‫املسؤولني التونسيني انفسهم‪ ،‬ال سيما رئيس‬ ‫الوزراء احلالي الباجي السبسي الذي كان قد صرح‬ ‫بان احلزب لن يحصل على اكثر من ‪ 20‬في املئة‪.‬‬ ‫هذه النتائج وضعت حزب النهضة في قلب‬ ‫أول جتربة من نوعها في التاريخ العربي املعاصر‪،‬‬ ‫ولم يكن فوز النهضة بهذه النسبة العالية‬ ‫هو املفاجأة الوحيدة‪( ،‬فقد فازت في االنتخابات‬ ‫‪ 49‬امرأة و‪ 42‬منهن على الئحة حزب النهضة)‪،‬‬ ‫واإلقبال على التصويت جتاوز ‪ 80‬في املئة‪ ،‬واملفاجأة‬ ‫األخرى متثلت في التقدم النسبي لتيارات االعتدال‬ ‫العلماني واليساري‪ ،‬ويرمز لألول حزب املؤمتر من أجل‬ ‫اجلمهورية بزعامة الدكتور املنصف املرزوقي الذي‬ ‫حصل على ‪ 30‬مقعدا ً كما مثل الثاني حزب التكتل‬ ‫من أجل العمل واحلريات بزعامة الدكتور مصطفى‬ ‫بن جعفر الذي حصل على ‪ 21‬مقعداً‪ ،‬وحصل حزب‬ ‫العريضة الشعبية على ‪ 19‬مقعداً‪ ،‬ولكن جلنة‬ ‫االنتخابات استبعدته بعدما تبينت عالقته بحزب‬ ‫الرئيس بن علي املنحل “التجمع الدستوري” وكانت‬ ‫املفاجأة في تدني عدد املقاعد التي حصل عليها‬ ‫احلزب الدميقراطي التقدمي الذي يقوده أحمد جنيب‬ ‫الشبابي‪ ،‬إذ فاز بـ ‪ 17‬مقعداً‪ ،‬أما احلزب الدميقراطي‬ ‫احلداثي فلم يحصل إال على ‪ 5‬مقاعد فقط وحزب‬ ‫العمل الشيوعي حصل على ‪ 3‬مقاعد‪.‬‬

‫ما الذي تعنيه نتائج االنتخابات؟‬

‫لقد صوتت اجلماهير التونسية لالعتدال بشقيه‬ ‫اإلسالمي والعلماني‪ ،‬ذلك أن تونس يحكمها منذ‬ ‫االستقالل عام ‪ 1956‬نظام علماني متشدد‪ ،‬لم‬ ‫يقف عند حد محاربة مظاهر التدين وإغالق جامعة‬ ‫الزيتونة‪ ،‬وإمنا عمد النظام التونسي الى مالحقة‬ ‫احلركات اإلسالمية‪ ،‬األمر الذي اضطر البعض للنزوح‬ ‫خارج البالد‪ ،‬وهذه األجواء لم تتغير كثيرا ً بعد ثورة‬ ‫‪ 14‬يناير‪ ،‬وعديدة هي أوجه التشابه بني احلالتني‬ ‫التونسية واملصرية‪ ،‬حيث الثورة السلمية جنحت‬ ‫في البلدين‪ ،‬اجليش في مصر انحاز الى الثورة وشكل‬ ‫مجلسا ً عسكريا ً إلدارة البالد ولكنه وقف محايدا ً‬ ‫في تونس وتولى السلطة بعد رئيس مجلس النواب‬ ‫طبقا ً للدستور‪ .‬وفي تونس سلكوا بعد الثورة النهج‬ ‫نفسه الذي اتبعوه بعد إعالن االستقالل عام ‪1956‬‬ ‫فقرروا أوال ً انتخاب جمعية تأسيسية متثل القوى‬ ‫احلية في اجملتمع لتتولى تعيني الرئيس وتشكيل‬ ‫احلكومة وإصدار القوانني ووضع الدستور اجلديد‪.‬‬ ‫ويسلم بعض قياديي حزب النهضية اإلسالمي‬ ‫الفائز بأنه لم يبدأ من فراغ‪ ،‬من منطلق أن التجربة‬

‫زعيم «املؤمتر» منصف املرزوقي‬

‫راشد الغنوشي‬

‫التركية ستكون أساس تعاطيه السياسي‬ ‫معمختلف امللفات‪ ،‬ولكنهم يعلنون بأنهم‬ ‫سيكونون عامل بناء سياسي ال عامل هدم‪ ،‬وأن‬ ‫جتربتهم ستكون رائدة‪ ،‬وأنهم يبنون أمالً على‬ ‫الشراكة التي جتمعهم مع أحزاب صاحبة رؤى‬ ‫متقاطعة‪.‬‬ ‫نتائج االنتخابات التونسية هي األولى في‬ ‫األحداث العربية التي خلقت انطباعا ً عاما ً بأن‬ ‫املستقبل القريب قد يكشف عن تقدم واضح‬ ‫للحركات اإلسالمية التي تدعمها الواليات املتحدة‬ ‫األميركية والدول الغربية‪ ،‬ومثل هذه احلركات‬ ‫ستكون مقطوعة الصلة باإلسالم اجلهادي‪ ،‬ودليل‬ ‫ذلك التسابق بني الرئيس األميركي باراك أوباما‬ ‫ووزيرة خارجيته من أجل الترويج لهذه احلركات‪ ،‬ويتم‬ ‫الترويج لفوز اإلسالميني املعتدلني‪ ،‬في االنتخابات‬ ‫عبر بيانات رسمية لدول غربية عديدة‪.‬‬ ‫إن موجة الترحيب الدولي بفوز حزب النهضة‬ ‫اإلسالمي ال تتعامل مع تاريخه النضالي بل هي‬ ‫تفترض أن فترة زمنية من النفي وإعادة التثقيف‬ ‫والتعرف الى دميقراطية الغرب‪ ،‬كانت كافية‬ ‫لتدجينه بحيث يغادر التطرف الى الدميقراطية‪ ،‬أي‬ ‫على حساب وطنيته وعروبته وقضايا أمته‪ ،‬ولذلك‬ ‫لم نسمع كلمة “العروبة” تنطلق بها حناجر‬ ‫اجلماهير الثائرة ّ‬ ‫لتؤكد حتمية التالقي‪ ،‬ولم نر أعالم‬ ‫العروبة ترفرف في امليادين ومن املالحظ أن فلسطني‬ ‫كانت غائبة عن أفكار الثوار وعن أجهزة التواصل‬ ‫االلكتروني فيما بينهم‪.‬‬ ‫لقد لعب املال دوره في املعركة االنتخابية (رصدت‬ ‫النهضة ‪ 30‬مليون دوالر) وبعد التفسير جنده في‬ ‫قانون االنتخابات‪ ،‬الذي اعتمد الدائرة النسبية‪ ،‬ولم‬ ‫يعتمد تونس دائرة واحدة‪ ،‬مما حرم األحزاب الصغيرة‬ ‫(في معظمها يسارية وليبرالية) من األصوات التي‬ ‫لم تصل الى عتبة احلسم‪.‬‬ ‫وبينما التقطت النهضة احللقة املركزية في‬

‫هموم الشباب‪ ،‬وركزت على اجلانب االقتصادي لتقدم‬ ‫إجابات ملسألة البطالة والتخلف وغياب التنمية‬ ‫املتوازنة جهويا ً واجتماعياً‪ ،‬وراشد الغنوشي ذهب‬ ‫الى أبعد من ذلك حيث زعم أن جتربة رجب طيب‬ ‫أردوغان هي التطبيق العملي ألفكار “النهضة” وإذا‬ ‫كان التلميذ (أردوغان) قد جنح في صنع ما صنعه‬ ‫(اقتصاد متنوع من سياحة وصناعة وزراعة ومنو‬ ‫وازدهار وموقع إقليمي لبالده) فكيف سيكون عليه‬ ‫احلال حني يتولى إدارة الدفة املعلم نفسه؟‪.‬‬ ‫إن وصول حزب “النهضة” الى موقع متقدم‬ ‫في املشهد السياسي التونسي هو مرحلة‪ ،‬وفوز‬ ‫النهضة في تونس لن يوقف نهضتها‪ ،‬وستليها‬ ‫مراحل عدة‪ ،‬لدى القوى السياسية اخملتلفة القدرة‬ ‫على التأثير إذا استفادت من جتاربها السابقة‬ ‫وراجعت حساباتها‪.‬‬ ‫ما ميكن قوله‪ :‬لقد متّ االتفاق بني أطراف التحالف‬ ‫الثالثي الذي يحظى بغالبية املقاعد في اجمللس‬ ‫التأسيسي‪ ،‬بعد التوافق على تنظيم السلطات‪،‬‬ ‫وتشكيل حكومة ائتالفية تعد النتخابات بعد مدة ال‬ ‫تتجاوز السنة‪ ،‬إضافة لتوزيع املناصب الرئاسية الثالثة‬ ‫بني أحزاب “النهضة” و”املؤمتر من أجل اجلمهورية”‬ ‫و”التكتل الدميقراطي من أجل العمل واحلريات” واتفق‬ ‫ممثلو األحزاب الثالثة على “مقترح” مشروع يتعلق‬ ‫بالتنظيم املؤقت للسلطات العمومية في املرحلة‬ ‫ويتم عرضه على اجمللس التأسيسي على أن‬ ‫املقبلة ّ‬ ‫يتولى زعيم “التكتل” مصطفى بن جعفر رئاسة اجمللس‬ ‫التأسيسي‪ ،‬وزعيم “املؤمتر” منصف املرزوقي لرئاسة‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬واألمني العام “للنهضة” حمادي اجلبالي‬ ‫لرئاسة احلكومة‪ ،‬ومن أهداف احلكومة االئتالفية حتقيق‬ ‫أهداف الثورة وفي مقدمة أولوياتها القضايا العاجلة‬ ‫وإصالحات سياسية واقتصادية واجتماعية وأن ينجز‬ ‫اجمللس التأسيسي دستورا ً جديدا ً خالل عام‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫أدهم محمود‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫ليبيا ت ّم إستهدافها من قبل حلف األطلسي‬ ‫ألسباب سياسية واقتصادية وعسكرية‬ ‫منذ عقد من الزمن‪ ،‬كشف أحد قادة البنتاغون‬ ‫عن خطط أميركية إلجتياح دول عربية وإسالمية‬ ‫خالل خمس سنوات‪ ،‬وكان اجتياح ليبيا ضمن تلك‬ ‫اخلطط‪ ،‬ورغم الفشل الذريع الذي ُم ِنيت به قوى‬ ‫حلف األطلسي في أفغانستان والعراق‪ ،‬لم يتم‬ ‫إسقاط هذا اخملطط والتخلي عنه‪ ،‬ورغم األزمة‬ ‫االقتصادية البنيوية الطويلة األمد التي ضربت‬ ‫النظام الرأسمالي العاملي في مراكزه األساسية‪،‬‬ ‫ورمبا دفعت هذه األزمة مراكز النظام الى مزيد من‬ ‫املغامرات‪ ،‬كسابقاتها إبان األزمات الكبرى‪ ،‬حيث‬ ‫تعتقد أن بإمكانها كبح تراجعها النسبي في‬ ‫موازين القوى العاملية‪ ،‬عبر املزيد من نهب ثروات‬ ‫الدول الناشئة الصغيرة والسيطرة على الثروات‬ ‫ّ‬ ‫يشكل النفط‬ ‫النفطية بشكل خاص‪ ،‬حيث‬ ‫السلعة االستراتيجية األهم في العالم‪.‬‬ ‫أما النتائج السلبية لهذه املغامرات على‬ ‫اقتصادات تلك الدول وأمنها الداخلي‪ ،‬فلم تشكل‬ ‫رادعا ً لها‪ ،‬فاحلروب “الرابحة” كما “اخلاسرة” التي‬ ‫تخوضها مراكز النظام الرأسمالي العاملي‪،‬‬ ‫وعلى رأسها أميركا‪ ،‬تخدم مصالح الشركات‬ ‫الكبرى املهيمنة اقتصادياً‪ ،‬ومن ثم سياسيا ً في‬ ‫تلك الدول‪ ،‬وخاصة شركات األموال واجملمعات‬ ‫الصناعية العسكرية والنفطية‪ ،‬قد حققت هذه‬ ‫الشركات منذ وصول احملافظني اجلدد الى رأس‬ ‫النظام العاملي عند بداية الثمانينات‪ ،‬مكاسب‬ ‫اقتصادية وسياسية كبيرة في مجتمعاتها‪ ،‬ومنت‬ ‫سيطرتها السياسية على احلكومات كما على‬ ‫االقتصاد وأصبح لها نصيب متزايد من التوابع‬ ‫الوطنية والعاملية‪.‬‬ ‫ونتيجة تلك السياسات ارتفعت الديون‬ ‫العامة واخلاصة ودخل النظام الرأسمالي العاملي‬ ‫في أزمة دورية بنيوية جديدة وطويلة األمد‪،‬‬ ‫منذرة بإحداث متغيرات جوهرية وعميقة في‬ ‫النظام العاملي‪ ،‬على كافة األصعدة االقتصادية‬ ‫والثقافية والعسكرية وانزياح مراكز الثقل فيه‬ ‫من الغرب األوروبي األميركي الى الدول الناشئة‬ ‫وخاصة الكبيرة منها‪.‬‬

‫ما هي األسباب التي أ ّدت‬ ‫إلستهداف ليبيا؟!‬ ‫وكان استهداف ليبيا في هذا املناخ من قبل‬ ‫احللف األطلسي وفي هذا املناخ الدولي‪ ،‬ألسباب‬ ‫سياسية واقتصادية وعسكرية‪ ،‬فعلى صعيد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫رئيس احلكومة االنتقالية الليبية عبد الرحمن الكيب‬

‫االقتصاد ومتلك ليبيا احتياطا ً نفطيا ً كبيراً‪ ،‬هو‬ ‫الرابع بني الدول العربية يبلغ أكثر من ‪ 40‬مليار‬ ‫برميل من النفط اخلفيف‪ ،‬الذي يتالءم مع الطلب‬ ‫األوروبي وقدرات معامل التكرير فيها‪ ،‬وحجم‬ ‫االحتياط يقارب احتياطات بحر قزوين‪ ،‬ويتم ّيز‬ ‫بقربه من السوق األوروبية وسهولة حماية‬ ‫خطوط نقله نسبياً‪.‬‬ ‫ويعتقد بعض اخلبراء أن أحد أهداف احلرب‬ ‫األساسية على ليبيا كانت طرد الصني من‬ ‫توظيفاتها النفطية في شرق ليبيا‪ ،‬وعند‬ ‫بداية الغزو األطلسي لليبيا‪ ،‬حتركت الشركات‬ ‫الفرنسية لتأمني مصاحلها من خالل “مركز‬ ‫التخطيط وإدارة العمليات” التابع لـ” قيادة أركان‬ ‫اجليوش الفرنسية‪ ،‬وبعد ثالثة أسابيع من بداية‬ ‫الغزو اندفع مندوبو أربع شركات فرنسية كبرى‪،‬‬ ‫تعمل في قطاعات النفط والبناء وااللكترونيات‬ ‫واالتصاالت لعقد صفقات مع ما سمي بـ‬ ‫“الثوار” الليبيني‪ ،‬واشتدت املنافسة بني الشركات‬ ‫الفرنسية والبريطانية واإليطالية على اقتسام‬ ‫“الغنيمة” الليبية والنفطية واملالية والتجارية‪.‬‬ ‫فقد متّ إبرام صفقة مع “ثوار بنغازي” في‬ ‫شهر نيسان‪ُ ،‬منحت مبوجبه فرنسا ‪ % 35‬من‬ ‫صادرات النفط الليبي‪ ،‬كما متّ إبرام صفقة مماثلة‬ ‫مع شركة “أيني” اإليطالية‪ ،‬وشركة “بيسول”‬ ‫االسبانية‪ ،‬وصرح وليم هيغ‪ ،‬وزير خارجية بريطانيا‬ ‫بتاريخ ‪ 2011/9/1‬أن بريطانيا “لن تضيع فرصتها‬ ‫في احلصول على نصيبها من العقود الليبية”‪.‬‬ ‫والغنيمة الليبية ال تقتصر على النفط‪ ،‬فهناك‬ ‫حديث عن اليورانيوم املوجود في جنوب ليبيا‪،‬‬

‫‪36‬‬

‫كما االحتياطات املالية الضخمة التي تقدر ما‬ ‫بني ‪ 200-150‬مليار دوالر‪ ،‬ثم حجزها وجتميدها من‬ ‫قبل دول احللف األطلسي‪ ،‬لنهبها و”إعادة إعمار‬ ‫البنية التحتية الليبية عبر الشركات األوروبية‪،‬‬ ‫وكان التدمير ضروريا ً لتلزميات “إعادة اإلعمار”‪،‬‬ ‫فقد طالب رئيس أركان اجليش البريطاني حينها‬ ‫“توسيع نطاق غاراته اجلوية لتشمل البنية‬ ‫التحتية في ليبيا”‪.‬‬ ‫وقد متّ تدمير البنية التحتية عبر القصف‬ ‫الكثيف بشتى أنواع القنابل والصواريخ‪ ،‬منها‬ ‫القنابل اخلارقة للتحصينات‪ ،‬و”القنابل الذكية”‬ ‫وقذائف اليورانيوم املستنفذ‪ ،‬والذي سبب كما في‬ ‫العراق‪ ،‬تلوثا ً إشعاعيا ً واسعاً‪ ،‬سيستمر الى مئات‬ ‫السنني‪ ،‬ويشوه أجياال ً عديدة قادمة من الليبيني‪،‬‬ ‫ويلوث املياه واملزروعات‪ ،‬ومتّ قصف الواحات في‬ ‫الصحراء الليبية بهذه القنابل املشعة‪.‬‬ ‫واالحتياطات املالية التي متّ وضع اليد عليها‪،‬‬ ‫كافية لدفع فاتورة كلفة احتالل ليبيا وتدميرها‬ ‫يتحمل حلف األطلسي أية‬ ‫مرات‪ ،‬ومن دون أن‬ ‫ّ‬ ‫أعباء مادية‪ ،‬وعائدات النفط الليبية املقبلة‬ ‫كفيلة بتمويل “إعادة اإلعمار”‪.‬‬ ‫وهناك استهدافات استراتيجية وسياسية‬ ‫من وراء احتالل ليبيا‪ ،‬فقد ازدادت أهمية القارة‬ ‫اإلفريقية بالنسبة لدول حلف األطلسي مع‬ ‫إخفاقات احللف في أفغانستان والعراق وانتصار‬ ‫الثورة اإليرانية وصمودها وتوسع دورها في املشرق‬ ‫العربي وسط آسيا والقارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫واملتغيرات الدولية الى جانب صد الهجمة‬ ‫األطلسية للتمدد شرقا ً في أوروبا عبر أوكرانيا‬


‫خصوصاً‪ ،‬يدفع بعض دول حلف األطلسي للبحث‬ ‫عن بدائل للنفط واملواد اخلام في منطقة يرتفع‬ ‫فيها منسوب الكره ألميركا وحلفائها الغربيني‪،‬‬ ‫والتركيز على القارة اإلفريقية القريبة من أوروبا‪.‬‬ ‫وكانت ليبيا تلعب دورا ً مهما ً في إطار وحدة‬ ‫الدول اإلفريقية ودعم سياساتها التحررية‬ ‫ونهضتها االقتصادية‪ ،‬وكان من املهم إنهاء هذا‬ ‫الدور‪ ،‬كما طرد النفوذين الروسي والصيني وإزالة‬ ‫مصاحلهما االقتصادية من السوق الليبية‪ ،‬ويتيح‬ ‫احتالل ليبيا وإقامة نظام تابع للحلف األطلسي‬ ‫فيها‪ ،‬بناء قواعد عسكرية أميركية آمنة نسبياً‪،‬‬ ‫في أرض شاسعة قليلة السكان‪ ،‬وإقامة قيادة‬ ‫لقواتها في إفريقيا‪ ،‬وهناك أسباب عسكرية أو‬ ‫منطق عسكري‪ ،‬من وراء اختيار ليبيا كهدف‬ ‫لالحتالل‪ ،‬وإقامة قاعدة ثابتة حللف األطلسي في‬ ‫شمال القارة اإلفريقية‪ ،‬فاحللف األطلسي بأمس‬ ‫احلاجة الى مغامرة عسكرية ناجحة بعد فشله‬ ‫في أفغانستان‪ ،‬تعيد الثقة بقواته العسكرية‬ ‫واستراتيجيته اجلديدة‪.‬‬ ‫إن متويل احلرب ستتكفل به ليبيا احملتلة‪،‬‬ ‫وس ُيدفع الثمن لكل طلعة جوية وصاروخ وكل‬ ‫رصاصة وقذيفة متّ إطالقها في ليبيا وراتب كل‬ ‫مرتزق متّ جتنيده من لقمة عيش الشعب الليبي‬ ‫ومستقبل أجياله‪.‬‬

‫ليبيا استنساخ للتجربة‬ ‫األميركية في العراق‬ ‫التجربة الليبية هي استنتساخ للتجربة‬ ‫األميركية في العراق وأفغانستان‪ ،‬وسيكون هناك‬ ‫“برمير” جديد في ليبيا‪ ،‬كما “كرازاي” أفغانستان‪،‬‬ ‫ولكن الشعب الليبي بتراثه النضالي وحسه‬ ‫العروبي احلقيقي ليس أقل قدرة من شعب العراق‬ ‫املقاوم الذي طرد احملتل وأعوانه‪ ،‬األيام املقبلة‬ ‫ستكون كفيلة بإجهاض نشوة “االنتصار”‬ ‫األطلسي املزعوم‪.‬‬ ‫حتاول وزيرة اخلارجية األميركية هيالري كلينتون‬ ‫إعطاء الدروس للشعب الليبي‪“ :‬إنهم يواجهون‬

‫مصفاة رأس النوف أكبر مصفاة في ليبيا‬

‫مهمة سياسية في غاية‬ ‫التعقيد‪ ،‬وال يتمتعون بخبرات‬ ‫كبيرة في السياسة‪ ،‬ولذا‬ ‫فإننا نقدم كل أنواع الدعم‬ ‫واملساعدة التقنية”‪ ،‬وتقول‪:‬‬ ‫“عليهم التوحد قبل كل شيء‬ ‫وسيكون هذا حتديا ً هائالً”‪ ،‬نعم‬ ‫سيكون حتدياً‪ ،‬ألنهم موحدون‬ ‫أصالً وجاء من ف ّرقهم‪ ،‬ووحدة‬ ‫الشعب لن تكون إال من خالل‬ ‫مقاومة احملتل‪.‬‬ ‫ليبيا حتت االحتالل وتعيش‬ ‫حلظات الفوضى‪ ،‬ال دولة‬ ‫باملعنى احلقيقي‪ ،‬ما يسمى‬ ‫“اجمللس الوطني االنتقالي”‬ ‫ليس كيانا ً متجانساً‪ ،‬واإلعالم‬ ‫الغربي يشبهه بتحالف الشمال األفغاني‪،‬‬ ‫عشرات آالف املسلحني في الشوارع‪ ،‬بعضهم‬ ‫قاتل في أفغانستان مثل عبد احلكيم بلحاج‬ ‫ولآلخرين مرجعيات أخرى‪ ،‬وال غرفة أمنية موحدة‬ ‫لطرابلس كي جتمع السالح‪ ،‬مواجهات محلية‬ ‫في أكثر من مكان‪ ،‬وثمة جانب ديني للفوضى‬ ‫السائدة هناك‪ ،‬جلان لألمر باملعروف والنهي عن‬ ‫املنكر تهدد صالونات التجميل وقاعات األعراس‬ ‫وفتاوى بإلزامية النقاب وحترمي عمل املرأة وقيادة‬ ‫السيارة “كما حتدثت جريدة عروس البحر” وحتطيم‬ ‫ضرائح األولياء على أيدي سلفيني ووهابيني‪.‬‬ ‫نقلت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية عن‬ ‫ديبلوماسي أوروبي في طرابلس‪“ ،‬أن على الدوحة‬ ‫وقف التدخل في الشؤون الليبية” غير أن ثمة‬ ‫من يعتقد أن إمارة قطر متارس دور الواليات احملتدة‬ ‫بالوكالة‪ ،‬ويستدعي االنتباه ارتياح مساعد وزير‬ ‫اخلارجية األميركية لشؤون الشرق األدنى جيفري‬ ‫فيلتمان الى “املسار الوسطي” الذي تنتهجه‬ ‫ليبيا‪.‬‬ ‫املشهد الليبي مختلف بعد سقوط طرابلس‬ ‫بأيدي مقاتلني جدد هم خليط غير متجانس من‬ ‫املرتزقة والشركات األمنية األجنبية والفلتان‬ ‫األمني الذي تستفيد منه عصابات السطو‪،‬‬ ‫طرابلس تعيش اخلوف في ظل ظاهرة‬ ‫جديدة لم تألفها‪ ،‬وجنون اقتصادي‬ ‫ورصاص يخترق السماء بني الفينة‬ ‫واألخرى والسبب مجهول‪ ،‬ثمة‬ ‫فوضى إدارية وأمنية تعيشها‬ ‫طرابلس‪ ،‬وأزمة مالية اقتصادية‬ ‫تضرب بالد النفط رغم “التحرير”‬ ‫والى جوار ساحة الشهداء لن‬ ‫يكون مستغربا ً أن نشاهد أسلحة‬ ‫ثقيلة يُجمع أهالي العاصمة على‬ ‫أنها لزوم ما ال يلزم‪ ،‬وهناك من دخل‬ ‫مع “الثوار” وبات اليوم يفرض األمر‬ ‫الواقع بقوة السالح‪ ،‬ويروي األهالي‬ ‫أن املسلحني يقدمون على اعتقال‬

‫‪37‬‬

‫من يشاؤون وإبقائه رهن التوقيف وفق مزاجهم‬ ‫والتهمة بالطبع جاهزة‪ ،‬ليس هذا فحسب بل‬ ‫هناك تسع شركات أمنية أجنبية معظمها‬ ‫أميركي دخلت البالد وأقامت قواعدها مستغلة‬ ‫غياب سلطة فعلية‪ ،‬ما دفع اجمللس العسكري‬ ‫إبالغ األمم املتحدة عنه‪.‬‬ ‫في ظل العملية “السياسية” املفترضة والتي‬ ‫تدور وقائعها في ظل االحتالل األجنبي‪“ ،‬ليبيا”‬ ‫اليوم حتت االحتالل الذي يفرض ما يشاء وعامل‬ ‫الوقت ليس الناظم ألي حترك داخلي‪ ،‬األوراق ترتب‬ ‫ّ‬ ‫يتحكم بخيوط‬ ‫حسب مشيئة االحتالل وهو الذي‬ ‫اللعبة‪ ،‬واملناخ الداخلي الذي تسوده الفوضى الى‬ ‫حني هو التربة اخلصبة لإلمالءات اخلارجية‪.‬‬ ‫وخارطة الطريق التي أعلنها ما يسمى “اجمللس‬ ‫االنتقالي” تنص على تشكيل حكومة مؤقتة‬ ‫بعد شهر كوعد أقصى من إعالن ما سموه‬ ‫“التحرير” في ‪ 23‬تشرين األول‪ ،‬وهو في واقع األمر‬ ‫احتالل مباشر لقوى أجنبية بقوة السالح‪ ،‬واتفق‬ ‫أن جتري انتخابات تأسيسية في مهلة ال تتعدى‬ ‫ثمانية أشهر تتبعها انتخابات عامة بعد سنة‪،‬‬ ‫ومت اختيار األكادميي عبد الرحمن الكيب كأول‬ ‫رئيس للحكومة االنتقالية الليبية من جانب ما‬ ‫يسمى “اجمللس الوطني االنتقالي”‪ ،‬والكيب هذا‬ ‫عمل في قطر والواليات املتحدة وكلتاهما من‬ ‫التحالف الذي شارك في احلرب على ليبيا‪ ،‬وهو‬ ‫بارع في اإلنصات الى ما يريدون‪.‬‬ ‫في كل األحوال انتهى اجلدال اإلداري‪ ،‬حيث‬ ‫لم يكن صعبا ً أن يفوز الكيب من الدورة األولى‪،‬‬ ‫وسائل اإلعالم التي جاءت بها قوات االحتالل هي‬ ‫الشاهد على “دميقراطية” الغرب االستعماري‪ ،‬أما‬ ‫الشعب العربي في ليبيا أمام مشوار جديد من‬ ‫خيار املقاومة ونهج التحرير وهدف حترير البالد‬ ‫من السيطرة االستعمارية وهذه هي خارطة‬ ‫الطريق نحو حتقيق احلرية واحلفاظ على الكرامة‬ ‫الوطنية‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫فلسطين عضو كامل في «اليونيسكو»‪ :‬إنجاز وطني‬ ‫هل من استراتيجية فلسطينية جديدة بعد أوهام التفاوض؟‬ ‫ذهب أيلول واستحقاقه وأصبحنا أمام احلقيقة وجها ً لوجه‪ ،‬لن نقول‬ ‫“خُ دعنا”‪ ،‬احلقيقة واضحة وضوح الشمس‪ ،‬ومسار املفاوضات “السلمية”‬ ‫كما يقال عنها وصلت الى طريق مسدود‪ ،‬والرهان على الوسيط االميركي‬ ‫ذهب مع رياح اخلريف‪ ،‬علينا أن نضع النقاط فوق احلروف في عملية تقييم‬ ‫شاملة وموضوعية‪ ،‬اوسلو كانت فخا ً اميركيا ً وصهيونياً‪ُ ،‬‬ ‫“ط ِبق” منها ما‬ ‫يناسب االحتالل الصهيوني وما يساهم في تكريسه على حساب احلقوق‬ ‫الفلسطينية املتعلقة بحق العودة‪ ،‬هم اصطنعوا لنا كيانا ً محدودا ً اسموه‬ ‫“سلطة فلسطينية” ووعدوا بتوسيعه وصوال ً إلقامة الدولة الفلسطينية‬ ‫على حدود عام ‪ 1967‬اي الضفة والقطاع ومت تأجيل القضايا األساسية التي‬ ‫اسموها (احلدود‪ ،‬والقدس‪ ،‬والالجئني واملياه واملستوطنات) الى املرحلة النهائية‬ ‫من مسار املفاوضات‪ ،‬وخالل سنوات طويلة منذ اوسلو ‪ 1993‬وحتى يومنا هذا‬ ‫أواخر ‪ 2011‬لم تتحقق األهداف املوعودة‪ ،‬هم حتدثوا عن “خمس سنوات”‪.‬‬ ‫والصهاينة قالوا يومها سنماطل في املفاوضات وحتى لو وصلت الى‬ ‫عشرين سنة‪ ،‬االحتالل الصهيوني استفاد من عامل الوقت لكي يوسع‬ ‫مستوطناته في ارجاء االراضي الفلسطينية احملتلة‪ ،‬واالستيطان توسع‬ ‫بسرعة كبيرة‪ ،‬بحيث بات إقامة مناطق متواصلة جغرافيا ً في الضفة مبثابة‬ ‫االمر املستحيل‪ ،‬وعندما وصلت املفاوضات الى طريق مسدود عام ‪ ،2010‬قيل‬ ‫أن اوباما وعد بإقامة الدولة الفلسطينية في ايلول وستعلن في األمم املتحدة‪،‬‬ ‫عندها‪ ،‬بنى املفاوض الفلسطيني رؤيته على اوهام املفاوضات والوعود‬ ‫االميركية‪ ،‬او كان عليه ان يصدق ألنه ال ميلك أيا ً من اخليارات األخرى‪ ،‬ألن خيار‬ ‫املفاوضات هو االول والثاني والثالث كما تراه السلطة الفلسطينية‪ ،‬ولم‬ ‫يكن السقف الذي تطالب به السلطة عاليا ً فهو ميثل ‪ % 22‬من فلسطني‬ ‫التاريخية‪ ،‬بينما تراه “اسرائيل” سقفا ً عاليا ً وتعتبر هذه النسبة من االراضي‬ ‫(أراض متنازع عليها)‪.‬‬ ‫طلب عضوية دولة فلسطني الكاملة في األمم املتحدة على حدود عام ‪1967‬‬ ‫كان متواضعا ً ورغم ذلك رفضه االميركي قبل االسرائيلي‪ ،‬واحلديث اليوم‬ ‫يجري حول املطالبة برفع مكانة فلسطني في اجلمعية العامة عن طريق‬ ‫رفع مكانة متثيل منظمة التحرير الفلسطينية من “مراقب دائم” الى “دولة‬ ‫مراقب غير عضو” بشكل مماثل للفاتيكان‪.‬‬ ‫وحاولت اللجنة الرباعية الدولية‪ ،‬إيجاد مخارج لألفق املسدود بعد‬ ‫“استحقاق ايلول” الواهم‪ ،‬وتقدمي عرض جديد ملوقفيها من موضوعي احلدود‬ ‫واألمن في محاولة للبحث عن أرضية مشتركة إلعادة إطالق املفاوضات‬ ‫من جديد‪ ،‬وعرض املبعوث االميركي على الرئيس الفلسطيني استئناف‬ ‫املفاوضات املباشرة بوجود “الرباعية”‪ ،‬وبقي املطلب الفلسطيني ممثالً في‬ ‫وقف االستيطان وأن يشمل القدس أيضا ً والقبول مببدأ حل الدولتني على‬ ‫حدود عام ‪ 1967‬وهما مفتاح استئناف املفاوضات كما يراه وأبقى على كافة‬ ‫اخليارات مفتوحة في املستقبل‪ ،‬ومنها “املقاومة الشعبية”‪.‬‬

‫فلسطني تنال العضوية الكاملة في اليونيسكو‬ ‫لم تنفع التهديدات االميركية واالسرائيلية والتحفظات االوروبية في‬ ‫ثني املؤمتر العام لليونيسكو عن التصويت لصالح انضمام فلسطني كدولة‬ ‫كاملة العضوية الى منظمة التربية والثقافة والعلوم‪ ،‬وأصيبت الدبلوماسية‬ ‫االميركية بنكسة كبرى في املنظمة الدولية‪ ،‬حيث ألقت بكامل ثقلها‬ ‫ملنعها من التصويت لصالح الطلب الفلسطيني‪ ،‬ومل ّوحة بقطع املساعدات‬ ‫عن اليونيسكو‪ ،‬وجاءت نتيجة التصويت كاسحة‪ ،‬إذ أ ّيد انضمام فلسطني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ 107‬اعضاء وعارضه ‪ 14‬عضوا ً ابرزهم الى جانب الواليات املتحدة وأملانيا‬ ‫وكندا وهولندا وغاب عن اجللسة ‪ 52‬بلداً‪ ،‬وكانت عالمات اخليبة بادية على‬ ‫وجوه البعثة االميركية التي سارع مندوبها الى التلويح بالعقوبات املالية‬ ‫على اليونيسكو حيث تساهم واشنطن بـ ‪ % 22‬من ميزانية اليونيسكو (‪70‬‬ ‫مليون دوالر لعامني) اما املندوب االسرائيلي فقد اعترف سلفا ً وقبل التصويت‬ ‫بالهزمية الدبلوماسية‪ ،‬فقد اعتبر ان قرار املؤمتر العام “مأساة لليونيسكو وال‬ ‫يخدم قضية السالم” وتوجه للمؤمترين قائالً لهم‪“ :‬لقد قبلتم في املنظمة‬ ‫دولة ال وجود لها وهي افتراضية”‪ ،‬سيمكن انضمام فلسطني الى اليونيسكو‬ ‫الى الدفاع عن تراثها التاريخي والثقافي وعن آثارها واالستفادة من كل‬ ‫البرامج التي تقدمها املنظمة الدولية‪.‬‬ ‫والتزمت الواليات املتحدة مبوقفها الرافض النضمام فلسطني كعضو‬ ‫رسمي لدى األمم املتحدة واملنظمات املرتبطة‪ ،‬وصوتت كما متوقع ضد انضمام‬ ‫فلسطني الى منظمة “اليونيسكو” وبعد ساعات من عملية التصويت‬ ‫أعلنت واشنطن وقف مساهمتها املالية في اليونيسكو بدءا ً من صدور‬ ‫القرار‪ ،‬وهذا التصويت ينقص من اجلهود األوسع إلحياء مفاوضات السالم كما‬ ‫تراه اخلارجية االميركية‪ ،‬وهي ال تعتقد أن هذه الطريقة ستتحقق من خاللها‬ ‫الدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫لقد اصبحت فلسطني يوم ‪ 2011/10/31‬دولة كاملة العضوية في منظمة‬ ‫األمم املتحدة للتربية والعلوم الثقافية األونيسكو‪ ،‬في خطوة تشكل انتصارا ً‬ ‫دبلوماسيا ً رمزيا ً وذات دالالت على طريق االعتراف بها دولة كاملة السيادة‬ ‫على كامل ترابها الوطني‪ ،‬والغالبية الواسعة املؤيدة لقرار االنضمام الى‬ ‫األونيسكو حتمل في طياتها وال شك تعاطفا ً واسعا ً تبديه دول كثيرة حول‬ ‫العالم إزاء املساعي النتزاع اعتراف بفلسطني دولة كاملة العضوية في األمم‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وفي ظل الدفع الغربي القوي باجتاه املتغيرات التي تشهدها املنطقة‪ ،‬متضي‬ ‫االستراتيجية الفلسطينية اجلديدة للحصول على اعتراف بالدولة مبوازاة‬ ‫رفض العودة الى املفاوضات العقيمة املتعثرة في ظل استمرار االستيطان‬ ‫وتأكيد حقوقها على رغم االعتراضات االميركية‪.‬‬ ‫وفي مجال التزام الواليات املتحدة الدائم املستمر والعميق بأمن “اسرائيل”‬

‫‪38‬‬


‫اكد اندرو شابيرو‪ ،‬مساعد وزير اخلارجية للشؤون العسكرية‬ ‫“التزام الواليات املتحدة الدائم واملستمر والعميق بأمن “اسرائيل”‬ ‫واحلفاظ على تفوقها العسكري‪ ،‬وأعلن أن إدارة الرئيس اوباما‬ ‫تضغط على الكونغرس للموافقة على تخصيص مبلغ ‪ 30‬مليار‬ ‫دوالر كمساعدات لـ “اسرائيل” خالل السنوات العشر القادمة‪،‬‬ ‫وقال شابيرو أن “اسرائيل” هي الدولة الوحيدة املسموح لها‬ ‫باالشتراك في األبحاث العسكرية االميركية خارج البالد”‪.‬‬

‫فشلت العملية السياسية‪ ،‬ما هي اخليارات؟‬ ‫العملية السياسية التي راهن عليها البعض لفترة طويلة من الزمن‬ ‫باتت عاجزة عن الوصول الى عمل يحفظ للفلسطينيني احلد االدنى من‬ ‫مطالبهم كما تراه السلطة ويحقق بعض حقوقهم املشروعة‪ ،‬علما ً بأن‬ ‫احلد األدنى مرفوض من غالبية الشعب الفلسطيني‪ ،‬وحتاول اللجنة الرباعية‬ ‫الدولية العمل من اجل حتقيق هدفها املركزي وهو استئناف املفاوضات‪،‬‬ ‫بغض النظر عن احتماالت وصولها الى حلول لقضايا الصراع‪ ،‬وال يشكل‬ ‫السقف الزمني املرصود في االقتراح كفترة محددة للمفاوضات‪ ،‬اي إغراء‬ ‫للسلطة الفلسطينية فأيلول املاضي الذي رصد كنهاية عام من املفاوضات‬ ‫لم يسفر عن شيء يذكر وهو االستحقاق الذي وعدت به الرباعية الدولية‪،‬‬ ‫ووقفة الرئيس محمود عباس كانت مؤشرا ً واضحاً‪ ،‬انه لم يعد ميلك رصيدا ً‬ ‫سياسيا ً ميكنه من خالله الذهاب في اي مغامرة تفاوض جديدة في اللعبة‬ ‫السياسية تديرها الرباعية الدولية “العملية التفاوضية”‪ ،‬وخاصة على ضوء‬ ‫ضعف صدقية الرئيس االميركي باراك اوباما وانحيازه التام لصالح “اسرائيل”‬ ‫وكذلك املواقف اللعوبة من قبل الرباعية الدولية‪.‬‬ ‫وفي سياق اخليارات املتاحة أمام السلطة الفلسطينية‪ ،‬يطرح خيار الذهاب‬ ‫الى مجلس األمن للمطالبة بتطبيق القرار ‪ 242‬وباقي القرارات الدولية ذات‬ ‫الصلة مبوجب الفصل السابع مع احتمال مؤكد أن يجهض الفيتو االميركي‬ ‫هذه اخلطوة‪ ،‬مبا يدفع الفلسطينيني خليار اعالن بسط السيادة الوطنية مبا‬ ‫يشبه اعالن شن حرب االستقالل ضد االحتالل واالستيطان‪ ،‬ومثل هذه اخلطوة‬ ‫تتطلب انهاء االنقسام وترتيب البيت الفلسطيني‪ ،‬واعادة بناء حتالفات جديدة‬ ‫وإدارة الظهر للواليات املتحدة االميركية وألصحاب املنح املشروطة‪ ،‬والسؤال‪،‬‬ ‫هل وصلت القيادة الفلسطينية الى مثل هذا املستوى من القناعات؟ أم أن‬ ‫اإلعالن عن املراجعة هو شكل من اشكال االعتراف باألزمة التفاوضية‪ ،‬ودعوة‬ ‫جديدة لألميركيني ملعاجلة األمور قبل فوات اآلوان‪ ،‬وخاصة في ظل التطورات‬ ‫اجلارية في املنطقة واملفتوحة على احتماالت كثيرة والتي رمبا لن تسمح‬ ‫للسلطة الفلسطينية بإعادة ذات السيناريو الذي قاد الى مفاوضات عدمية‬ ‫اجلدوى سمحت لإلسرائيليني االستفادة القصوى من عامل الوقت وتكريس‬ ‫وقائع جديدة‪ ،‬في اللحظة التي كان االنقسام يتزايد في الصف الفلسطيني‬ ‫على خلفية اختالف الرؤى‪.‬‬

‫هل من استراتيجية فلسطينية جديدة في لعبة‬ ‫الشرق األوسط اجلديد؟‬ ‫يقول ديفيد اغناتيوس في صحيفة “الواشنطن بوست”‪“ :‬تبدو الصورة‬ ‫الدبلوماسية من الضربات الثالثية في لعبة البلياردو خطيرة‪ ،‬دعنا نفترض‬ ‫انه ميكن حتقيق جميع االهداف التالية‪ :‬رفع مكانة احلكومة االنتقالية الهشة‬ ‫في مصر‪ ،‬وحتقيق رغبة “اسرائيل” في اعتراف العرب فيها‪ ،‬واحياء عملية‬ ‫السالم الفلسطينية من جديد وتوجيه ضربة موجعة إليران”‪ ،‬ويقول‪“ :‬هذه‬ ‫االهداف ميكن حتقيقها تدريجيا ً اذا ما استطاعت مصر إقناع حركة حماس‬ ‫الفلسطينية باالعتراف بأن ثمة رياحا ً جديدة تهب على العالم العربي‪،‬‬ ‫وتغيير نهجها‪ ،‬إذا اعتبرنا جماعة االخوان املسلمني العبا ً في “العالم العربي‬

‫الدميقراطي” اآلن‪ ،‬فرمبا يكون نظيرها االيديولوجي حركة حماس‪ ،‬كذلك في‬ ‫نهاية املطاف”‪.‬‬ ‫ويقول أغناتيوس‪“ :‬هناك تطور في تقدم مسار املفاوضات بني املصريني‬ ‫واالسرائيليني حول السيطرة على شبه جزيرة سيناء‪ ،‬وتعد هذه مشكلة خطيرة‬ ‫بالنسبة للطرفني‪ ،‬وكذلك فإن مصر تواصل حوارها مع حركة “حماس” جزئياً‪ ،‬الن‬ ‫املسؤولني هنا يعتقدون ان السياسية القدمية املتمثلة في جتاهل احلركة‪ ،‬واالعتماد‬ ‫بدال ً عنها على الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية رمبا تؤول الى‬ ‫نتائج عكسية‪ ،‬ان عباس (ضعيف جداً) على املستوى السياسي الى حد انه يحذر‬ ‫العرب رمبا يستسلم ويترك الضفة الغربية لالسرائيليني‪ ،‬االمر الذي من شأنه ان‬ ‫يؤدي الندالع انتفاضة هناك وموجة عنف يحتمل ان تكتسح االردن بسرعة‪ ،‬ولهذا‬ ‫فان املصريني مستمرون في العمل من اجل الضغط على حماس التخاذ مواقف‬ ‫اكثر اعتداالً”‪.‬‬ ‫وتتمثل احدى مزايا (هذه املناورات الدبلوماسية في أنها ميكن أن تعزز مكانة مصر‬ ‫في العالم العربي في فترة حتول حاسمة‪ ،‬ويعتمد مستقبل املنطقة على جناح‬ ‫الثورة الدميقراطية في مصر‪ ،‬واحلوار املصري مع حماس ( يقوض ايران) لكن اذا رغبت‬ ‫حركة حماس وحلفاؤها من االسالميني في لعب دور في املستقبل‪ ،‬يجب ان تلتزم‬ ‫مصر والغرب بإصرارها على ان تتخلى حماس عن الشعارات الرافضة ونبذ العنف”‪.‬‬ ‫لقد خرجت القيادة الفلسطينية من مسار املفاوضات الثنائية ولكنها ال تزال‬ ‫تقف على الباب‪ ،‬وتعلق اآلمال على حدوث ما ميكن ان يؤدي الى استئنافها‪ ،‬فهي‬ ‫تعتمد سياسة انتظارية‪ ،‬ادت الى الذهاب الى االمم املتحدة والوقوف على ابواب‬ ‫مجلس االمن وتوقيع اتفاق املصاحلة دوت تطبيقه وطرح املقاومة الشعبية كشعار‬ ‫دون خطط تكفل تطبيقها‪ ،‬ولوحت بحل السلطة او باعادة النظر بها‪ ،‬مع بقاء‬ ‫التنسيق االمني وكل شيء على حاله‪ ،‬وأُس ِدل الستار على هذا احلديث بتصريح‬ ‫الرئيس عباس مؤخرا ً بان حل السلطة غير مطروح مهما كانت نتيجة التصويت‬ ‫في االمم املتحدة‪.‬‬ ‫لذا ال بد من حسم مسألة االستراتيجية السياسية البديلة عن استراتيجية‬ ‫الوهم بان هناك حالً سياسيا ً وطنيا ً من خالل املفاوضات الثنائية كأسلوب وحيد في‬ ‫ظل االختالل الفادح في موازين القوى‪.‬‬ ‫سقف االتفاق بني حركة حماس والسلطة الفلسطينية في موضوع تشكيل‬ ‫احلكومة واجراء االنتخابات وتأجيل االتفاق على البرنامج السياسي‪ ،‬النه يحتاج‬ ‫الى املزيد من احلوار وانتظار رؤية نتائج التغيرات العربية واالقليمية‪ ،‬واذا مت االكتفاء‬ ‫باالتفاق على احلكومة واجراء اإلنتخابات‪ ،‬فانها ستكون حكومة احلفاظ على االمر‬ ‫الواقع (اي االقتسام) ولكن دول الوصول الى االنتخابات‪ ،‬و”اسرائيل” لن تسمح بها‪،‬‬ ‫وفتح وحماس تنتظران من اجل معرفة اجتاه االحداث في املنطقة وخارطة املنطقة‬ ‫اجلديدة التي لن تكون فلسطني جزءا ً فاعالً فيها ما لم يكن الفلسطينيون موحدين‬ ‫وفاعلني‪ ،‬لكن اللقاء الذي متّ في القاهرة مؤخرا ً بني الرئيس محمود عباس ورئيس‬ ‫املكتب السياسي حلركة حماس كان مبثابة اجتماع الضرورة الوطنية في ظل‬ ‫التحديات املاثلة ومن هنا أهمية ترتيب البيت الفلسطيني‪.‬‬ ‫مصر ما زالت تواجه حتديات داخلية وتهديدات خارجية وخارطة الطريق اجلديدة‬ ‫لن تاتي مبا يشتهي االميركي واالسرائيلي والتركي ومن لف لفهم‪ ،‬وامام الشعب‬ ‫الفلسطيني وقواه احلية بكافة اطيافها الفرصة وتقع على عاتقهم املسؤولية‬ ‫التاريخية في االسراع الى اعادة تقييم شاملة واعادة االعتبار لنهج وخيار الثورة‬ ‫الفلسطينية واالهداف التي انطلقت من اجلها‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫نبيل مرعي‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫األمين العام لتكتل أبناء فلسطين ‪« 1948‬أبناء العودة» الحاج طه الحاج لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫مع دولة فلسطينية على كامل التراب الوطني‬ ‫هم أبناء فلسطني على كافة أرجاء املعمورة‪ ،‬ينشدون‬ ‫العودة الى ديارهم في فلسطني من نهرها الى بحرها‪ ،‬إنه وطن‬ ‫الفلسطينيني وأرض العروبة احلقة‪ ،‬عروبة كل مقاوم في أمتي‪.‬‬ ‫هم أرادوا أن يعبّروا عن تطلعاتهم املشروعة في هذا الزمن‬ ‫الصعب الذي تختلط فيه األوراق وتضيع البوصلة لدى البعض‪،‬‬ ‫ولكنهم في “تكتل أبناء فلسطني ‪ ”1948‬قدموا الكثير من‬ ‫اإلجنازات ومعظمهم كان ناشطاً أو مناضالً أو مجاهدا ً في صفوف‬ ‫الثورة الفلسطينية‪ ،‬ولكنهم اليوم ينشدون العمل املؤسساتي‬ ‫والنضالي من خالل االستفادة من كل إمكانيات شعبهم‪ ،‬وهم‬ ‫يعلنون العمل بوعي والتزام مع الفصائل الفلسطينية املناضلة‬ ‫من أجل التحرير والعودة وهم ال مييّزون بني فصيل وآخر إال مبقدار ما‬ ‫يقدم لفلسطني وعروبتها من الوالء‪.‬‬ ‫هم أبناء اخمليمات أينما تواجدوا‪ ،‬جمعوا صفوفهم في عمل‬ ‫مؤطر‪ ،‬اجتماعي وخدماتي ونضالي‪.‬‬ ‫إنهم “أبناء العودة”‬ ‫وبهدف املساهمة الدائمة في جعل القضية الفلسطينية في‬ ‫مكان الصدارة‪ ،‬سلطنا الضوء على هذا التكتل الوطني‪ ،‬في لقاء هو إبراز احلق الفلسطيني في كل فلسطني وليس جزئيا ً في منطقة دون‬ ‫مع األمني العام لتكتل أبناء فلسطني ‪“ 1948‬أبناء العودة”احلاج أخرى‪ ،‬الهدف هو إعادة تأكيد واستنهاض احلق الفلسطيني املتمثل في‬ ‫حق العودة الكاملة والناجزة في األراضي الفلسطينية‪ .‬وعندما وجدنا أن‬ ‫طه احلاج وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫بداية هل ميكننا التعرف أكثر على ماهية تكتل ‪( 1948‬أبناء العودة)‪،‬‬ ‫الفكرة والواقع والتوجهات والتوقيت واألهداف؟‬ ‫بداية نشكر دعوتكم الكرمية للحضور الى هذه املؤسسة الطيبة التي‬ ‫هي اسم على مسمى «منبر التوحيد»‪ ،‬في هذا التوجه السياسي الذي‬ ‫يقوده رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬هذا العروبي‬ ‫التوحيدي‪ ،‬هذا اإلنسان الذي أعطى قيمة للعمل الوطني في لبنان وزاده‬ ‫غنى‪.‬‬ ‫ولنعود لسؤالنا‪ ،‬نحن حقيقة جزء من الشعب الفلسطيني‪ ،‬وأينما‬ ‫كنا‪ ،‬كان لنا مساهمة في الثورة الفلسطينية منذ بداية نشاطها‪ ،‬ومع‬ ‫تطور العمل السياسي الفلسطيني بدأنا نلمس حتديات خطيرة قادمة‬ ‫على مجتمعنا الفلسطيني وبالتالي على قضيتنا الفلسطينية‪ ،‬تتلخص‬ ‫في البرنامج املرحلي الذي طرحته إحدى أهم الهيئات الفلسطينية التي‬ ‫كانت متثل األمل والرؤية الوطنية الفلسطينية القادمة للتحرير والعودة‬ ‫الى فلسطني‪ ،‬وعندما بدأ هذا البرنامج املرحلي يظهر لنا على حقيقته‬ ‫خالل فترات متالحقة حتت مسمى العملية السلمية بد ًءا من أوسلو‬ ‫وخارطة الطريق ومؤمتر أنابوليس وصوال ً ملفاوضات مباشرة وغير مباشرة‬ ‫تأت بشيء إال استفادة العدو منها لفرض وقائع جديدة ونهب األرض‬ ‫لم ِ‬ ‫ّ‬ ‫شكل خطرا ً حقيقيا ً بدأ يهدد أساس املشروع‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫الوطني الفلسطيني أال وهو حق العودة الكاملة الناجزة الى كل فلسطني‬ ‫وبالتالي نحن كجزء من أبناء الشعب الفلسطيني وكجزء من حالة الثورة‬ ‫الفلسطينية كان ال بد لنا من موقف يفرضه علينا الواقع والتاريخ والواجب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬فتداعينا وبعض اإلخوة والشباب من مختلف الشرائح‬ ‫العمرية في اجملتمع الفلسطيني الى فكرة تكون مجددة ملا آملنا به عندما‬ ‫انطلقت الثورة الفلسطينية فتم االتفاق على تشكيل هيئة سياسية‬ ‫أطلق عليها اسم تكتل أبناء فلسطني ‪ 48‬وهدفنا من هذا االسم بالتحديد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االستمرارية في الوضع الذي كنا فيه سابقا ً لم يعد ممكنا ً بل مستحيالً‪،‬‬ ‫فكان ال بد من عمل نوعي ملتزم وقادر بالتعاون مع كافة الفصائل املؤمنة‬ ‫بخيار املقاومة والتحرير ترجمة حلق العودة‪.‬‬ ‫أما التوقيت فقد كان مهما ً بالنسبة لنا‪ ،‬ألننا اخترنا أهم ذكرى‬ ‫فلسطينية‪ ،‬هي ذكرى النكبة في ‪ 15‬أيار ‪.2008‬‬ ‫ما هي مشاريعكم وخططكم لزيادة مستوى اآلداء في عملكم‪ ،‬في‬ ‫مساركم نحو الهدف األسمى «العودة»؟ هل توجهاتكم ثقافية تعبوية‪،‬‬ ‫أم هناك تنسيق مع الفصائل الفلسطينية التي تتبنى خيار التحرير‬ ‫طريقاً الحقاق حق العودة؟‬ ‫نحن تكتل ناشئ‪ ،‬وبالتالي ال ميكننا أن نكون بحد ذاتنا هيئة مؤثرة من دون‬ ‫االتفاق على الرؤية مع إخوة لنا في املشروع الوطني الفلسطيني‪ ،‬وهناك‬ ‫الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني فصائليا ً ومجتمعيا ً يتفقون معنا‬ ‫في الرؤية التي نطرحها فكان ال بد من التنسيق معهم‪ ،‬ونحن من خالل‬ ‫عملنا ارتأينا العمل التثقيفي واالستنهاضي مع التمسك بهدف حترير‬ ‫فلسطني‪ ،‬مبا يعني أننا نحمي الهدف االستراتيجي وهو حترير فلسطني‬ ‫والعودة إليها‪ ،‬أما القضية الثانية فهي قضية شعبنا الفلسطيني‬ ‫وحقوقه املدنية واالجتماعية والصحية والبيئية واجملتمعية في مجتمعنا‬ ‫الفلسطيني واستنهاضه مع إعادة تأكيد روح العودة والتمسك باحلق‬ ‫الوطني الفلسطيني الذي تعرض عبر السنوات املاضية الى الكثير من‬ ‫التهتك والقسوة نتيجة الظروف التي كانت محيطة بشعبنا‪.‬‬ ‫نحن اآلن متم ّيزون بعالقتنا مع إخوتنا في القوى الوطنية الفلسطينية‬ ‫حتديدا ً في حتالف القوى الفلسطينية‪ ،‬وهنا أو ّد أن أن ّوه بالعالقة املميزة جدا ً‬ ‫مع إخوتنا في حركة فتح االنتفاضة‪ ،‬وأخص األخ أبو موسى‪ ،‬الذين رعونا‬ ‫وفتحوا لنا قلوبهم ومكاتبهم وكانوا لنا السند واألخوة احلقّ ة ضمن الرؤية‬ ‫الفلسطينية اجلامعة نحن وإياهم مع كثير من اإلخوة الفلسطينيني‪،‬‬

‫‪40‬‬


‫لذلك نقول في الوضع الفلسطيني ال ميكن أن تقوم أي مجموعة مهما‬ ‫بلغت من القوة لوحدها في ظل املشروع املضاد املدعوم من جهات كبيرة‬ ‫جداً‪ ،‬وال بد أن يكون هناك تناسق في الوضع الفلسطيني‪ ،‬وفي املشروع‬ ‫الفلسطيني املقاوم‪ ،‬مشروع املقاومة والتحرير والعودة والتمسك باحلقوق‬ ‫الوطنية الفلسطينية الثابتة‪.‬‬ ‫كيف تقرأون اليوم طلب عضوية فلسطني في األمم املتحدة؟‬ ‫نحن مع قيام دولة فلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني‪،‬‬ ‫وكيف لي كفلسطيني أن أتنازل عن ‪ % 80‬من فلسطني التاريخية مقابل‬ ‫دولة ال تلبي طموحات شعبنا في العودة الى أرضه ودياره؟ االعتراف بالدولة‬ ‫الفلسطينية أنت تصنعه بجهدك بعرقك ودم شهدائك ومحيطك املقاوم‪،‬‬ ‫هذا هو الذي يصنع االعتراف وليس األمم املتحدة وليس العالم كله‪ ،‬أنت‬ ‫متمسك بحق وتدافع عنه عندها يعترف العالم كله بذلك‪ ،‬ونحن نأسف‬ ‫أن أخوتنا في السلطة الفلسطينية دائما ً يحاولون أن يكونوا مرحليني‬ ‫ولوحدهم دون االتفاق مع شرائح اجملتمع الفلسطيني والطيف الفلسطيني‬ ‫املوجود واملؤثر والفاعل‪ ،‬فعندما يصبح لنا اختالف في الرؤية الفلسطينية‬ ‫الوطنية أعتقد أن ذلك يلحق أكبر ضرر بالقضية الفلسطينية‪ ،‬وآن اآلوان‬ ‫بعد ‪ 63‬عاما ً من النكبة أن يكون للفلسطينيني مشروع وطني توحيدي‬ ‫يتفقون عليه‪ ،‬مشروع ّ‬ ‫يؤكد على الثوابت الوطنية وإعادة تقييم شاملة‬ ‫للمرحلة السابقة والعودة الى األساس الذي انطلقت من أجله ثورتنا‬ ‫الفلسطينية املعاصرة‪ ،‬اآلن يجب أن يكون هدفنا هو التحرير والعودة الى‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫على ماذا تراهنون في حتقيق تطلعاتكم املستقبلية؟‬ ‫نراهن على شعبنا الفلسطيني‪ ،‬هذا الشعب الذي ضحى‪ ،‬هذا الشعب‬ ‫املعطاء الشريف احلر األبي‪ ،‬ثانيا ً نحن نراهن على القوى الوطنية الفاعلة‬ ‫املقاومة في أمتنا‪ ،‬أمثال «حزب اهلل» والقوى الوطنية والقومية املؤمنة‬ ‫بخيار التحرير والعودة والتي يدعمها رأس الهرم املقاوم سوريا الذي يجب‬ ‫أن نحافظ عليه ألن سوريا اآلن هي اليوم قلعة الصمود والتصدي وستظل‬ ‫حتما ً منتصرة‪ ،‬وإن سقطت هذه القلعة – ال سمح اهلل ‪ -‬فكلنا خاسرون‬ ‫وأولهم الشعب الفلسطيني وأقولها بكل صراحة وقوفنا مع سوريا هو‬ ‫وفاء ملا قدمته‪ ،‬وهو يعني الوقوف الى جانب فلسطني ولبنان وكل مقاوم في‬ ‫أمتنا‪ ،‬نقف معها ألننا نقف مع قضيتنا‪ ،‬نحن نثق بقوة سوريا وصمودها‬ ‫واحملور املقاوم قوي وصامد ومنتصر بإذن اهلل‪ ،‬وهنا أريد أن ّ‬ ‫أؤكد على كلمة‬ ‫السيد حسن نصر اهلل بأن زمن الهزائم قد و ّلى وجاء زمن االنتصارات الذي‬ ‫نعيشه اليوم‪ ،‬ونحن نثق متاما ً أن هذه األزمة احلالية ستمر وسنخرج منها‬ ‫منتصرين مهما كان حجم التضحيات‪.‬‬ ‫كيف قرأمت قرار جامعة الدول “العربية” بتعليق عضوية سوريا؟‬ ‫يؤسفني أن نقول جامعة الدول العربية‪ ،‬أي عربية وأي جامعة وأي دول‪،‬‬ ‫هؤالء أنظمة رُ ّكبت على رقاب شعوبنا وأمتنا العربية لتكون أداة بيد‬ ‫االستعمار ومطية لهم‪ ،‬فعندما يحني الوقت الستخدامها تستخدمهم‬ ‫وعندما تنتهي ورقتها يتم رميها كما رأينا في كثير من األنظمة التي‬ ‫سقطت‪ .‬نحن نقول أن ما تتعرض له سوريا اليوم هو آخر الهجمات‬ ‫وحدنا جهودنا وقاومنا ووحدنا صفوفنا باملعنى‬ ‫االستعمارية علينا‪ ،‬فإن ّ‬ ‫احلرفي والفعلي لهذه اللحظة التاريخية فنحن منتصرون وأقوياء ولسنا‬ ‫ضعفاء‪ ،‬لدينا محور مقاومة ميتد من سوريا الى إيران مرورا ً بالعراق‪ .‬نحن‬ ‫في زمن الفعل وزمن احلدث‪ ،‬ونحن اآلن نتع ّرض لهجمة ال تُرد إال بهجمة‬ ‫ضدها‪ ،‬والهجوم برأينا هو أفضل أنواع الدفاع‪ ،‬كفانا انتظار أخالقيات من‬ ‫الغرب والعرب‪ ،‬اليوم نحن نثق بالشعوب العربية وليس األنظمة وهنا أريد‬ ‫التوضيح أنه عندما نتحدث بالسوء عن الدول العربية إمنا نتحدث عن‬ ‫أنظمتها وليس شعوبها ألن األخيرة تؤيدنا ورأينا الشعوب العربية عندما‬ ‫انتفضت في حرب ‪ 2006‬دعما ً للمقاومة‪ ،‬وعندما انتفضت في حرب غزة‬ ‫ورأيناها عندما انتفضت في أي حدث مهم وكبير مع القضية الفلسطينية‬ ‫ومع املقاومة بشكلها العام وبالتالي نحن نثق بشعوبنا العربية واإلسالمية‬ ‫ونثق بأن محور املقاومة سينتصر‪.‬‬

‫هل من رسالة الى شعبنا الفلسطيني‪ ،‬وأمتنا العربية؟‬ ‫نتوجه الى شعبنا الفلسطيني الذي قدم دروسا ً كبيرة في التضحية‬ ‫والوفاء والتحدي‪ ،‬لنقول له ثق بنفسك وقدراتك وأنت اآلن لست وحدك‬ ‫في امليدان بل هناك محور كبير جدا ً الى جانبك‪ ،‬و ُعد الى ما انطلقت‬ ‫منه من مبادئ أساسية انطالقا ً من الثورة الفلسطينية وندعوه للعودة‬ ‫الى التمسك باألساس الذي انطلقنا منه‪ ،‬العودة الى الثوابت الوطنية‪،‬‬ ‫وال تراهن يا شعبي على األميركي والغربي فهو لن يعيد احلقوق ألنه كان‬ ‫السبب األساس في نكبتنا‪ .‬والعمل املقاوم هو الفعل احلقيقي للرد على ما‬ ‫جرى لنا من اغتصاب وتهديد وتغريب لشعبنا في اخلارج‪.‬‬ ‫أما ألمتنا العربية فأمتنى أن تفهم أن هذا املشروع اإلسرائيلي ما هو إال‬ ‫واجهة ورأس حربة ملشروع استعماري امبريالي عاملي يريد حتطيم هذه األمة‬ ‫العربية العظيمة وتفتيتها وإخراجنا الى طوائف وزواريب وأزقة وإلغاء فكرة‬ ‫الدولة العربية الواحدة ألنهم يعلمون أن هذه األمة هي أمة حية وإن أتيح‬ ‫لها أن تتماسك فهي من أعظم األمم‪.‬‬ ‫وأتوجه الى إخواننا في سوريا‪ ،‬شعبا ً قبل القيادة ألننا نعرف موقف‬ ‫ّ‬ ‫القيادة السورية وندعمها ونقف الى جانبها‪ ،‬ولكن أمتنى على الشعب‬ ‫السوري الصامد أن يأخذوا منا ال ِعبر ألننا دفعنا الثمن غالياً‪ ،‬إذ ال زلنا ندفع‬ ‫الدم لبناء دولتنا وللعودة إليها‪ ،‬وثقوا بقيادتكم وثقوا بأن سوريا لوال أنها‬ ‫قلعة الصمود والتصدي واإلباء والعزة والرفعة ملا تعرضت ملا تعرضت له‪،‬‬ ‫وثقوا أن قيادتكم مبواقفها الوطنية والقومية هي التي تتعرض اآلن حتت‬ ‫احلجج الواهية لهذه اخلضة‪ ،‬ويؤملنا أن نرى ما يحدث في بعض املناطق املغرر‬ ‫بهم‪ ،‬وأقول لكم إن سوريا تتعرض ملا تتعرض له فقط ألنها تدعم خيار‬ ‫املقاومة في هذه األمة‪.‬‬ ‫هناك تهديدات وأقاويل بحرب متوقعة على إيران‪ ،‬هل تتوقعون حرباً‬ ‫على إيران وما هو مدى تأثيرها على املنطقة؟‬ ‫ال أتوقع حربا ً أي حرب في املدى املنظور‪ ،‬ولكنني أمتناها ألننا نشعر أننا‬ ‫اآلن في موقف قوة‪ ،‬اخلائف من احلرب هو الضعيف‪ ،‬اليوم نحن نتمنى أن‬ ‫يكون هناك حرب كما نتمنى أن يبلغ الغرور والعنجهية والغباء السياسي‬ ‫والعسكري واالستراتيجي لدى العدو وحلفائه للقيام مبغامرة مجنونة‪،‬‬ ‫وثقوا أن هذه احلرب ستكون بداية مرحلة العودة وحترير فلسطني‪ ،‬بعد هذه‬ ‫املعركة التي نتوقعها ونراها كبيرة في كل املنطقة نستطيع أن نتحملها‬ ‫ونتحمل خسائرها مهما بلغت لكن هل يستطيع العدو الصهيوني أن‬ ‫يتحملها؟ هذه املعركة ستكون بداية انحالل الدولة الصهيونية وبداية‬ ‫عودة الشعب الفلسطيني الى فلسطني‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫التهديدات األميركية واإلسرائيلية ضد إيران‬ ‫عاصفة رملية أو دخانية في حرب اإلرادات‬ ‫التسريبات اإلعالمية في الكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫أشارت مؤخرا ً عن مناقشات داخلية جتري‬ ‫هناك حول إمكان توجيه ضربة عسكرية‬ ‫إليران وبرنامجها النووي‪ ،‬باالعتماد على أن‬ ‫هناك مزيدا ً من األدلة التي ستظهر عن‬ ‫طابعه العسكري‪ ،‬خالفا ً ملا تؤكده طهران عن‬ ‫الطابع املدني والسلمي لبرنامجها النووي‪،‬‬ ‫واملتتبع للنشاطات التدريبية والتجريبية التي‬ ‫تقوم بها املؤسسة العسكرية اإلسرائيلية‬ ‫يستنتج أمرا ً واحدا ً هو أن املواجهة العسكرية‬ ‫بني العدو الصهيوني وإيران لم تعد بعيدة‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل النقاش الداخلي في‬ ‫“إسرائيل” في شأن توجيه ضربة عسكرية‬ ‫للمنشآت النووية اإليرانية والتحضيرات‬ ‫التي يتم احلديث عنها‪ ،‬وهل هي مبعزل عن‬ ‫موافقة أميركية وخطة معينة؟ وهل هناك‬ ‫اشتراك أميركي فعلي بضربة كهذه؟ اجلواب‬ ‫الطبيعي هو النفي‪ ،‬ألن “إسرائيل” غير قادرة‬ ‫على استيعاب تداعيات العمل العسكري‬ ‫ضد إيران‪ ،‬وحتتاج الى التدخل األميركي في‬ ‫مواجهة الرد اإليراني‪.‬‬ ‫ال أحد ميلك األجوبة اجلازمة‪ ،‬ولكن مصادر‬ ‫دبلوماسية غربية تؤكد أن “إسرائيل” وعلى‬ ‫رغم التعبئة التي تقوم بها لم تتخذ قرارا ً بعد‬ ‫بأمر مهم كهذا‪ ،‬العتقادها أن هدف التعبئة‬ ‫استنهاض اإلسرائيليني بعد العزلة الدولية‬ ‫احمليطة‪ ،‬أما أميركا فكانت وال تزال ضد ضربة‬ ‫إسرائيلية إليران علما ً بأن اخليار العسكري‬ ‫وضع منذ فترة بعيدة على طاولة البيت األبيض‬ ‫تتهدد‬ ‫واليزال عليها‪ ،‬وهو لن ينفذ إال عندما‬ ‫ّ‬ ‫املصالح األميركية احليوية واالستراتيجية في‬ ‫الشرق األوسط‪.‬‬ ‫تشير املعطيات عن منط التفكير الراهن‬ ‫في اإلدارة األميركية وحسب املناقشات‬ ‫والتسريبات في واشنطن على املستويني‬ ‫الديبلوماسي والسياسي‪ ،‬أو من خالل‬ ‫مراكز األبحاث األميركية القريبة من اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬بأن احلرب مستبعدة ضمن‬ ‫املعطيات احلالية‪ ،‬وأن واشنطن لن تستطيع‬ ‫أن تسمح لـ “إسرائيل” مبغامرة كهذه في ظل‬ ‫الصعوبات التي تواجهها الواليات املتحدة‬ ‫اقتصاديا ً وعسكريا ً في أفغانستان والعراق‬ ‫وسياسيا ً في مواجهة التضامن الدولي مع‬ ‫طلب السلطة الفلسطينية االعتراف بالدولة‬ ‫الفلسطينية في األمم املتحدة فضال ً عن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التداعيات املتوسطة والبعيدة املدى لألحداث‬ ‫واألزمات العاصفة في العالم العربي وما ميكن‬ ‫أن تقود إليه في النهاية وتأثيرها على املوقف‬ ‫من “إسرائيل” في عدد من الدول العربية التي‬ ‫كانت أنظمتها مجرد أدوات مطواعة لدى‬ ‫واشنطن وملصلحة “اسرائيل”‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً‪ ،‬إيران القوة اإلقليمية القادرة‬ ‫واملؤهلة والتي تتابع حشر أميركا في العراق‪،‬‬ ‫حيث صار لها الكلمة األفعل هناك‪ ،‬على الرغم‬ ‫من عدم اكتمال انسحاب القوات األميركية‬ ‫منه‪ ،‬واخلوف األميركي تزداد وتيرته مع بدء العد‬ ‫العكسي لالنسحاب من العراق‪ ،‬وهناك عامل‬ ‫واحد يجعل من تهيؤ أميركا خليار عسكري‬ ‫حيال إيران وارداً‪ ،‬بالتعاون مع “إسرائيل” وهو‬ ‫حترر القوات األميركية من إمكان استهدافها‬ ‫وذلك بعد انسحابها‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون إذا كان االنسحاب األميركي‬ ‫في املنطقة يسهل احلركة العسكرية‬ ‫لواشنطن ضد إيران‪ ،‬إال أن هذه احلجة لها‬ ‫ما يقابلها في استبعاد اخليار العسكري‪ ،‬ألن‬ ‫االنسحاب األميركي من العراق يأتي في سياق‬ ‫تراجعي لسياسة واشنطن في املنطقة ال‬ ‫في سياق هجومي‪ ،‬وهو انسحاب سيؤدي‬

‫‪42‬‬

‫عمليا ً الى التسليم بنفوذ طهران في العراق‬ ‫واملنطقة عموماً‪ ،‬وباجتاه إيران نحو إحكام‬ ‫إمساكها بخيوط اللعبة من بغداد الى دمشق‬ ‫وبيروت وغزة وبالتالي فإن واشنطن ستكون‬ ‫أكثر ميال ً للتفاوض رغم الضجيج املفتعل في‬ ‫أكثر من مكان‪ ،‬وهو ضجيج استعراضي‪ ،‬ولكن‬ ‫األمر الذي يثير الريبة والتساؤالت هو موقف‬ ‫اجلامعة “العربية” الذي اتخذ قرارا ً بتعليق‬ ‫عضوية سوريا في اجلامعة‪ ،‬ومثل هذا القرار‬ ‫وتوقيته ال ينفصل عما يجري في املنطقة من‬ ‫أحداث جسام‪ ،‬وهو يؤشر الى أي مدى وصل‬ ‫اليه “عرب” أميركا في تقدمي اخلدمات اجملانية‬ ‫لسيدهم األميركي‪ ،‬مثل هذا القرار يفتح‬ ‫النار على منظومة املقاومة في األمة العربية‪،‬‬ ‫ويؤشر ملرحلة جديدة من الصراع‪ ،‬ويلقي‬ ‫الضوء على املسار احملتمل للتطورات التي جتري‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫وهنا تفسير آخر للعبة قرع طبول احلرب‬ ‫اإلسرائيلية – األميركية وهي تعني تصدير‬ ‫األزمات الداخلية االقتصادية واملعيشية في‬ ‫الكيان الصهيوني ومحاولة اختراق جدار‬ ‫العزلة الدولية جراء االعتراف الدولي املتنامي‬ ‫بالدولة الفلسطينية وبحقوق الشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬

‫تهديدات إسرائيلية فارغة‬ ‫إنه مجرد عاصفة رملية أو دخانية يثيرها‬ ‫األميركيون واإلسرائيليون‪ ،‬من أجل تغطية‬ ‫االنسحاب األميركي من العراق‪ ،‬والذي يراد‬ ‫له أن يتم بأقل قدر ممكن من التهديد األمني‪،‬‬ ‫وليس صدفة أن يتحول التهديد اإلسرائيلي‬ ‫باحلرب على إيران الى هوس جماعي‪ ،‬واملؤكد‬ ‫أن العلنية تسحب من خيار‪ ،‬احلرب وظيفته‬ ‫وجدواه‪ ،‬وهي حترم عنصر املفاجأة في حكومة‬ ‫مترددة خائفة‪ ،‬وإال كانت شنت احلرب دون أن‬ ‫تسأل اجلمهور رأيه‪ ،‬ال فرق إذا كان النقاش‬ ‫حول احلرب ُف ِتح في تل أبيب أو واشنطن‪ ،‬وفي‬ ‫هذا السياق جاء تقرير صحيفة نيويورك تاميز‬ ‫األميركية‪ ،‬عن إعادة توزيع القوات األميركية‬ ‫املقاتلة في مختلف دول اخلليج وفي مواقع‬ ‫مقابلة إليران وجاهزة لضرب أهداف إيرانية أو‬ ‫ملنع قوات إيرانية من التقدم نحو سد الفراغ‬ ‫األميركي املرتقب في العراق‪ ،‬وهي عملية‬


‫بدأت بالفعل ويشارك فيها كما يبدو اجليش‬ ‫اإلسرائيلي الذي وضع في حالة استعداد‬ ‫الحتمال احلرب على إيران‪ ،‬ما استدعى فتح‬ ‫النقاش العلني العام في “إسرائيل”‪.‬‬ ‫لقد وقفت إيران الى جانب العراق في‬ ‫محنته وخلقت الظروف املناسبة التي جعلت‬ ‫االحتالل األميركي بكلفة عالية‪ ،‬هي دعمت‬ ‫املقاومة وشكلت كابوسا ً لكل محتل‪ ،‬العراق‬ ‫اليوم يعاني من جراحه‪ ،‬وإيران تستعد لليوم‬ ‫التالي وهي أكثر عزمية وإصرارا ً وغير آبهة‬ ‫بالتهديدات األميركية واإلسرائيلية التي‬ ‫حتذر طهران‪ ،‬تلك التهديدات خائبة مندحرة‬ ‫خائفة لدرجة القلق من يوم النصر اإليراني‬ ‫والعراقي‪ ،‬وهنا نقول‪ ،‬الصراع يحتمل اندالع‬ ‫احلرب ولكن مؤشراته واضحة‪ ،‬وشبه مباشرة‪،‬‬ ‫اخليار العسكري قائم ومحط نقاش إسرائيلي‪،‬‬ ‫مع بعض اإليحاءات بإمكان استخدامه‪ ،‬وما‬ ‫يعزز ذلك اخلروج األميركي من العراق‪ ،‬وفشل‬ ‫الرهان على إسقاط النظام السوري املتس ّلح‬ ‫بإرداة وعزمية واملتمسك بخيار املقاومة والذي‬ ‫يشكل النواة الصلبة في منظومة املقاومة‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫“إسرائيل” هي الدولة النووية الوحيدة في‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬وهي تريد أن تبقى كذلك‬ ‫مهما كلفها ذلك‪ ،‬وبخاصة مهما كلف‬ ‫ذلك األميركي وغيره‪ ،‬ولكنها تبدو اليوم‬ ‫خائفة ومذعورة من مشروع إيران النووي ألن‬ ‫هذا املشروع سيخلق في الشرق األوسط‬ ‫توازنا ً نوويا ً يستحيل معه أن يصبح باإلمكان‬ ‫استخدام هذا السالح من جانب أي طرف‪،‬‬ ‫وفي وقت حتتفظ فيه إيران بكامل قوتها‬ ‫العسكرية فيما وراء هذا الهدف‪ ،‬هنا ستبدو‬ ‫احلرب في بدايتها‪ ،‬عندما تصل “إسرائيل” الى‬ ‫نقطة إقناع الواليات املتحدة بفشل قدرة إيران‬ ‫العسكرية عن طريق استخدام السالح النووي‬ ‫ضد إيران‪.‬‬ ‫ويضاف الى ذلك مخاوف “إسرائيل” من‬ ‫التطورات احملتملة في املنطقة وما ميكن أن‬ ‫تتمخض عنه وهي ستحاول القيام بإجراء‬ ‫استباقي وتظهر قدرتها الرادعة‪ ،‬لقد أطلق‬ ‫بنيامني نتنياهو رئيس وزراء العدو‪ ،‬تصريحا ً‬ ‫عبر فيه عن نواياه‪”:‬إن “إسرائيل” تنتهج اآلن‬ ‫استراتيجية أن تكون قاتلة أو مقتولة”‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني أن “إسرائيل” ال ترى أي احتمال في الوضع‬ ‫الراهن ألن تتخلى عن أهدافها البعيدة‪ ،‬فهي ال‬ ‫ترى أبدا ً إمكانية ألن تعيش دون أن تكون قاتلة‬ ‫أو مقتولة‪.‬‬ ‫إن “إسرائيل” احلالية‪ ،‬حتى وهي حتتل‬ ‫مساحات كبيرة من األرض العربية‪ ،‬ليست‬ ‫“إسرائيل” النهائية‪ ،‬وإن املشروع اإلسرائيلي‬ ‫لدولة صهيونية ينطوي على توسعات تتجاوز‬ ‫احلدود الراهنة بكثير‪ ،‬بل إن صورة املنطقة التي‬ ‫تسيطر عليها سياسيا ً واستراتيجيا ً ال حتتمل‬

‫وجود نوايا أو حتى أحالما ً عربية تتعلق بالتحرر‬ ‫والوحدة‪.‬‬ ‫اخلطر النووي اإلسرائيلي موجه اليوم صوب‬ ‫إيران ولكنه ال يقصد إيران وحدها‪ ،‬إمنا يقصد‬ ‫إخضاع املنطقة العربية بأكملها لقبول‬ ‫خطط “إسرائيل” املدعومة أميركيا‪ .‬إن ارتكاب‬ ‫“إسرائيل” لهذه اجلرمية‪ ،‬إذا وقعت سينطوي‬ ‫على أخطار جسيمة‪ ،‬وبنفس الوقت سيحيط‬ ‫منطقة الشرق األوسط بحريق هائل يغ ّير‬ ‫مالمحها وتكوينها‪.‬‬

‫ما الذي يعنيه تقرير وكالة‬ ‫الطاقة الذرية؟‬ ‫إن تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي صدر‬ ‫مؤخراً‪ ،‬أشار الى وجود مؤشرات “واضحة” تدل‬ ‫على أن البرنامج اإليراني يحمل بعدا ً عسكرياً‪،‬‬ ‫وهو ما رفضته إيران في رد فعل سريع‪ ،‬أكدت أن‬ ‫برنامجها أغراضه سلمية بحتة‪ ،‬وأن للوكالة‬ ‫الدولية جدول أعمال موال للواليات املتحدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الرئيس اإليراني محمود أحمدي جناد‪“ ،‬أن‬ ‫إيران ال حتتاج الى القنبلة النووية” ملواجهة‬ ‫الواليات املتحدة وحلفائها‪ ،‬وأن الواليات‬ ‫املتحدة متتلك ‪ 5‬آالف قنبلة ذرية وتتهمنا‬ ‫بإنتاج السالح النووي‪ ،‬لكن يجب أن يعرفوا أننا‬ ‫إذا أردنا قطع اليد التي أطالوها على العالم‪،‬‬ ‫فلن نحتاج الى القنبلة النووية”‪ ،‬وقال الرئيس‬ ‫جناد‪“ ،‬إن املدير العام للوكالة يوكيا أمانو‪،‬‬ ‫ينتهك قواعد الوكالة وهو دمية في يد أميركا‪،‬‬ ‫فهو لم ينشر تقارير عن ترسانات األسلحة في‬ ‫الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬ ‫وبدوره أعلن الرئيس الروسي دميتري‬ ‫ميدفيديف أن التهديدات اإلسرائيلية مبهاجمة‬

‫‪43‬‬

‫املواقع النووية اإليرانية تنطوي على “نبرة بالغة‬ ‫اخلطورة” وميكن أن تؤدي الى كارثة في الشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬ ‫وتلقفت “إسرائيل” تقرير الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية لتواصل من خالله احلملة التي‬ ‫تشنها إلعادة املوضوع اإليراني الى صدارة‬ ‫األحداث الدولية‪ ،‬وأحد املعلقني اإلسرائيليني‬ ‫أشار الى أن الكرة في ملعب اجملتمع الدولي‪،‬‬ ‫في ظل تشكيل بجدوى العقوبات‪ ،‬وفي موازاة‬ ‫الترحيب اإلسرائيلي مبضمون التقرير‪ ،‬رأى‬ ‫الكثير من املعلقني في “إسرائيل”‪“ :‬أن املعضلة‬ ‫النووية اإليرانية التزال مطروحة على طاولة‬ ‫املستوى السياسي اإلسرائيلي‪ ،‬معتبرا ً انتصار‬ ‫املوقف اإلسرائيلي محبط للغاية‪ ،‬ألن املسدس‬ ‫يُدخن‪ ،‬لكن من املشكوك فيه أن يطلق النار”‪.‬‬ ‫وهاجم وزير الدفاع اإلسرائيلي من وصفهم‬ ‫“زارعي اخلوف” في إشارة الى إحدى الصحف‬ ‫األساسية التي حتدثت عن خراب “إسرائيل”‪ ،‬وأن‬ ‫املقابر لن تتسع لألموات في “إسرائيل”‪ ،‬ويأمل‬ ‫باراك أن يسارع ما سماه اجملتمع الدولي لفرض‬ ‫“عقوبات قاتلة” ضد إيران‪ ،‬ولكنه في نفس‬ ‫الوقت ع ّبر عن خيبة أمله بقوله‪“ :‬إن موقف‬ ‫اجملتمع الدولي ال يبعث على التفاؤل”‪ ،‬وقال وزير‬ ‫اخلارجية اإلسرائيلية أفيغدور ليبرمان‪“ :‬إن عدم‬ ‫مبادرة الواليات املتحدة األميركية على تشديد‬ ‫العقوبات على إيران” يعني أنها ودول الغرب‬ ‫تس ّلم بكون إيران دولة نووية”‪.‬‬ ‫وفي ذات السياق قال مسؤول أميركي‪“ :‬إن‬ ‫إيران أكبر تهديد للواليات املتحدة في الشرق‬ ‫األوسط” وقال املرشح الرئاسي اجلمهوري ريك‬ ‫بيري‪“ :‬إنه إذا أصبح رئيسا ً للواليات املتحدة‬ ‫فسيؤيد ضربة جوية إسرائيلية الى إيران إذا‬ ‫كانت هناك أدلة على أن طهران تقترب من‬ ‫امتالك سالح نووي”‪.‬‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫ما الهدف «اإلسرائيلي» من رفع‬ ‫وتيرة التهديدات ضد إيران؟‬ ‫والسؤال ما الذي يدعو قادة “إسرائيل” الى‬ ‫إطالق التصريحات احلربية ضد إيران في اآلونة‬ ‫األخيرة علما ً بأن الفرق ما بني األقوال واألفعال‬ ‫مايزال شاسعا ً كما يبدو؟ يرى املراقبون أن‬ ‫تزامن التهديدات اإلسرائيلية مع اقتراب‬ ‫انسحاب القوات األميركية من العراق‪ ،‬يعني‬ ‫أن أميركا تسعى حلرمان إيران من استغالل‬ ‫الفراغ الناشئ عن االنسحاب لتوسيع نفوذها‬ ‫اإلقليمي وخصوصا ً في العراق واخلليج‪،‬‬ ‫وليس غريبا ً ما صرح به رئيس وزراء العدو‬ ‫بنيامني نتنياهو‪ ،‬بأن االنسحاب األميركي‬ ‫من العراق يشكل تهديدا ً ألمن “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وكذلك فإن إعادة التصويب على إيران تتعدى‬ ‫املوضوع العراقي ومنها ما يتعلق باحلركات‬ ‫االحتجاجية التي تنهش الكيان الصهيوني‬ ‫من داخله وفشل ما سمي عملية املفاوضات‬ ‫والتغطية على رد الفعل الهستيري األميركي‬ ‫على منظمة األونيسكو عقابا ً لها على قبول‬ ‫فلسطني عضوا ً كامال ً فيها‪ ،‬وفي طليعة‬ ‫االهتمام اإلسرائيلي التصويب على إيران‬ ‫الستعادة الثابت في السياسة الصهيونية‬ ‫وهو استبدال األعداء‪ ،‬بتحوير العداء العربي من‬ ‫عداء للدولة الصهيونية الى عداء للجمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية‪.‬‬ ‫كل املؤشرات والدالئل تؤكد‪ ،‬ليس هناك ما‬ ‫يدل على وجود قرار أميركي بصدد توجيه ضربة‬ ‫للمنشآت النووية اإليرانية‪ ،‬ولعل السبب‬ ‫الرئيسي هو التشكيك في جدوى النتائج‬ ‫قياسا ً الى كلفة املغامرة بجوانبها املتعددة‪.‬‬ ‫وحول اخلطوات التي تتخذها الواليات‬ ‫املتحدة إزاء النشاط النووي اإليراني في ظل‬ ‫أجواء التهديد بشن هجوم عسكري إسرائيلي‬ ‫ضد إيران‪ ،‬مصادر اخلارجية األميركية‪“ :‬في‬ ‫ظل غياب الشفافية وامتثال إيران لاللتزامات‬ ‫الدولية فإننا سوف نستمر في التشاور‬ ‫والعمل مع شركائنا العتماد قرار مجلس‬ ‫األمن رقم ‪ 1929‬وغيرها من التدابير املتعددة‬ ‫األطراف لعزل إيران وفرض نظام العقوبات‬ ‫املدمر عليها”‪.‬‬ ‫وثمة من يرى في “إسرائيل” أن عملية‬ ‫تسريب خبر اإلعداد لهجوم عسكري على‬ ‫إيران‪ ،‬كان الهدف منه عودة التهويل بهجوم‬ ‫عسكري سيكون له تأثير رادع على اإليرانيني‬ ‫ورمبا دفعهم الى تعليق مشروعهم‪ ،‬مما يجعل‬ ‫الكالم عن الهجوم مجرد “حرب نفسية”‪،‬‬ ‫وكذلك فإن عودة اجلدل حول إيران تتعلق أيضا ً‬ ‫بعملية إعادة التقومي االستراتيجية التي‬ ‫يجريها املسؤولون في “إسرائيل” لوضع بلدهم‬ ‫في ظل املتغيرات الكبيرة التي قلبت موازين‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫القوى في املنطقة وحتديدا ً في مصر‪ ،‬رغم‬ ‫احلالة الضبابية الراهنة السائدة هناك بفعل‬ ‫الضغوط األميركية والغربية للمحافظة على‬ ‫قواعد اللعبة ذاتها‪.‬‬ ‫ولهذا كانت تصريحات وزير الدفاع األميركي‬ ‫ليون بانيتا حذرة عندما أشار الى‪“ :‬أن أي نشاط‬ ‫لوقف البرنامج النووي اإليراني يجب أن يتم‬ ‫بالتوافق والتنسيق مع اجملتمع الدولي وأن‬ ‫أي خطوة إسرائيلية يجب أن تكون منسقة‬ ‫مع دول املنطقة”‪ ،‬وكذلك كان وزير الدفاع‬ ‫األميركي السابق روبرت غيتس قد صرح مراراً‪،‬‬ ‫بأنه يعارض هجوما ً إسرائيليا ً ضد املنشآت‬ ‫النووية اإليرانية‪ ،‬مشددا ً على أن لهجوم‬ ‫كهذا عواقب خطيرة‪ ،‬ومن جهة ثانية أوضح‬ ‫األدميرال مايكل مولن الذي أنهى مهماته‬ ‫رئيسا ً لألركان املشتركة للجيش األميركي‪ ،‬أن‬ ‫الواليات املتحدة تعارض شن هجوم على إيران‪،‬‬ ‫وأبلغ القيادة اإلسرائيلية بوضوح‪ ،‬أن أميركا ال‬ ‫متنحها “ضو ًءا أخضراً” لشن هجوم‪.‬‬ ‫ويدور اجلدل في “إسرائيل” حول ما إذا كانت‬ ‫قد قررت مهاجمة املنشآت النووية اإليرانية‪،‬‬ ‫وهناك من يرى بأن خروج النقاش الى العلن‬ ‫يحقق غايات داخلية أو خارجية مزدوجة‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫وتؤكد‪“ :‬أن‬ ‫أصوات تتعالى وتتحدث بذعر‬ ‫هناك‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫الهجوم على إيران يلحق بـ “إسرائيل” ضررا ال‬ ‫ميكن إصالحه”‪.‬‬ ‫واخملاطر التي ستلحق بـ “إسرائيل” ستكون‬ ‫كبيرة‪ ،‬وأي ضربة جوية لن تلغي اخلبرات التي‬ ‫راكمتها إيران في هذا الشأن‪ ،‬وال يقل أهمية‬ ‫أن إيران سوف ترد أوال ً باخلروج من نظام الرقابة‬ ‫الدولية ملشروعها النووي وستعمل على الوفاء‬ ‫بتهديداتها بالرد على “إسرائيل”‪ ،‬ومعروف‬ ‫أن إيران ال متتلك فقط قدرات صاروخية بل‬ ‫هي جزء من منظومة متكاملة في املنطقة‬ ‫تؤمن بخيار املقاومة في مواجهة املشاريع‬

‫‪44‬‬

‫االستعمارية التي تستهدف املنطقة‪.‬‬ ‫كابوس الضربة اإلسرائيلية على إيران يرهق‬ ‫الرئيس األميركي باراك أوباما‪ ،‬رغم أن املعركة‬ ‫مازالت على مستوى التصريحات ورمبا ستبقى‬ ‫كذلك‪ ،‬بحسب ما يرى أيوين ماكاشيل‪ ،‬الكاتب‬ ‫في صحيفة “الغارديان”‪ ،‬وذلك نظرا ً لكون “احلرب‬ ‫مع إيران آخر ما قد يحتاجه باراك أوباما على‬ ‫مشارف انتخابات رئاسية مقررة العام املقبل‪،‬‬ ‫فيما يظهر االقتصاد األميركي في مأزق كبير‪،‬‬ ‫عاجزا ً عن تغطية حرب قد حتمل الرقم ‪ 4‬خالل‬ ‫عقد من الزمن‪ ،‬رمبا سيدعو أوباما الى عقوبات‬ ‫اقتصادية مهما اشتدت وطأتها على اخلصم‬ ‫اإليراني‪ ،‬وذلك لتجنب أي فعل عسكري‪ ،‬غير‬ ‫أنه سيكون صعبا ً عليه الوقوف خارجا ً في ما‬ ‫لو سبقه اإلسرائيليون الى احلرب‪.‬‬ ‫اعتبرت التقارير الغربية‪ ،‬أن تهرب واشنطن‬ ‫من الضربة العسكرية التي قد تكون موجعة‬ ‫لها أكثر من طرف آخر ظهر جليا ًَ في تعاطي‬ ‫اإلدارة األميركية مع ما سمي بـ “املؤامرة‬ ‫اإليرانية” الغتيال السفير السعودي في‬ ‫واشنطن قبل عدة أسابيع‪ ،‬إذ لم يستغل‬ ‫األميركيون األمر ولم يلبوا رغبة “إسرائيل”‬ ‫ورغبة السعودية أيضا ً التي لطاملا دعت لضربة‬ ‫عسكرية ضد إيران حسب وثائق “ويكيليكس”‬ ‫املسربة‪ ،‬وظهر الحقا ً أن استراتيجية أوباما‬ ‫جتاه إيران تتكئ على تقرير الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية التي أثارت اجلدل وبقوة حول‬ ‫امللف النووي اإليراني‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون في “إسرائيل”‪ ،‬أنه في الوقت‬ ‫الراهن ليس هناك قرارا ً مبهاجمة إيران‪ ،‬ليس‬ ‫فقط بسبب معارضة الوزراء وقادة املؤسسة‬ ‫األمنية‪ ،‬بل أيضا ً بسبب معارضة الواليات‬ ‫املتحدة التي تخشى من تبعات الرد اإليراني‬ ‫على حلفائها في اخلليج‪ ،‬ما قد يؤدي الى‬ ‫زعزعة استقرارهم‪ ،‬إضافة الى تعريض إنتاج‬


‫النفط ونقله للخطر‪ ،‬واستهداف اجلنود‬ ‫األميركيني ومواطنيها في املنطقة”‪ ،‬ورأى أن‬ ‫لـ “إسرائيل”مصلحة واضحة في إعادة وضع‬ ‫املوضوع اإليراني على رأس جدول األعمال‬ ‫الدولية‪ ،‬بعد أن أزيح عن الواجهة بفعل‬ ‫األحداث في املنطقة‪ ،‬ولهذا هناك استعراض‬ ‫للقوة من جانب “إسرائيل” من خالل تدريبات‬ ‫عسكرية خارجية وداخلية وحديث عن قرار‬ ‫ّخذ وأن الهجوم على إيران قادم وأن املسألة‬ ‫ات ِ‬ ‫مسألة وقت‪.‬‬ ‫وبعد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية‪ ،‬الذي أشار الى بعد عسكري للمشروع‬ ‫النووي اإليراني‪ ،‬ظل االهتمام اإلسرائيلي منص ّبا ً‬ ‫على األسباب اآليلة الى وقف هذا املشروع‪ ،‬في‬ ‫ضوء خيبة األمل التي أصيبت بها املستويات‬ ‫السياسية واألمنية في الدولة العبرية جراء‬ ‫ردود الفعل “املعتدلة” للمجتمع الدولي‪ ،‬وعاد‬ ‫احلديث عن السيناريوات احملتملة واملتاحة أمام‬ ‫الصهاينة ملواجهة املشروع النووي اإليراني‪.‬‬ ‫ويظهر من هذه السيناريوات عمق املعضلة‬ ‫التي تواجهها “إسرائيل” في محاولتها‬ ‫التصدي للمشروع النووي اإليراني بسبب‬ ‫كثرة التعقيدات التي تنطوي عليها وتدني‬ ‫معقولية حتقيقها‪ ،‬وهي تتحدث عن “عقوبات‬ ‫شا ّلة” بحيث تخسر إيران مصدر دخلها‬ ‫الرئيس‪ ،‬النفط‪ ،‬وتشديد العقوبات على إيران‬ ‫من مجلس األمن‪ ،‬وسيناريو هجوم إسرائيلي‬ ‫منفرد على املنشآت النووية اإليرانية ثم‬ ‫انضمام الواليات املتحدة وبريطانيا الى هذا‬ ‫الهجوم‪ ،‬وهناك سيناريو العودة الى املفاوضات‬ ‫ّ‬ ‫التأكد من فشل اخليارات‬ ‫مع إيران بعد‬ ‫األخرى‪ ،‬وألن روسيا والصني طلبت استئناف‬ ‫املفاوضات‪.‬‬ ‫ومن هنا فأي عقوبات ت ُفرض سيكون دون‬ ‫جدوى في ظل اإلصرار اإليراني احلازم على دخول‬ ‫“نادي الذ ّرة” واملسألة مسألة وقت‪ ،‬ألن فشل‬ ‫السياسة الهجومية لألطراف املعادية سيؤدي‬ ‫الى تآكل ردعها املزعوم‪.‬‬

‫على الواليات املتحدة أن تفكر‬ ‫بعواقب مهاجمة إيران‬ ‫ّ‬ ‫تؤكد اإلدارة األميركية على كافة مستوياتها‬ ‫على خيار العقوبات والدبلوماسية‪ ،‬لكن‬ ‫احتماالت الضربة العسكرية فهي موضع‬ ‫نقاش‪ ،‬وفي هذا الشأن حدد أرون ديفيد ميلر في‬ ‫موقع «فورين بوليسي» خمسة أسباب تكفي‬ ‫جلعل الواليات املتحدة و»إسرائيل» تفكران‬ ‫مطوال ً قبل توجيه أي ضربة استباقية ملنشآت‬ ‫إيران النووية‪ ،‬ويرى ميلر‪« :‬أن «إسرائيل» قد‬ ‫تتخذ هذه اخلطوة في وقت الحق وليس اآلن‪،‬‬ ‫والرئيس األميركي لن يكون في موقف ميكنه‬

‫ثنيهم عنها‪ ،‬والسبب األول أن الضربة ميكنها‬ ‫تأجيل املسار النووي اإليراني لسنتني أو ثالث‬ ‫سنوات فقط‪ ،‬والبديل هو توجيه ضربة كل‬ ‫سنتني ما يترك املنطقة في حالة دائمة من‬ ‫املواجهة والسبب الثاني هو أن أحدا ً ال ميكنه‬ ‫منع إيران من احلصول على سالح نووي باستثناء‬ ‫إيران‪ ،‬والسبب الثالث‪ ،‬أن هناك تكاليف‬ ‫شديدة التأثير على املصالح األميركية على‬ ‫خلفية من الركود االقتصادي‪ ،‬والرابع أن هذه‬ ‫الضربة العسكرية ستعطي شرعية وستزيد‬ ‫شعبية إيران في الشرق األوسط‪ ،‬والسبب‬ ‫اخلامس أنه‪ ،‬إذا ضربت «إسرائيل»‪ ،‬ستشارك‬ ‫الواليات املتحدة بالضرورة‪ ،‬ورأى ميلر‪ ،‬أن هذا‬ ‫األمر الواقع يترك خيارين ال ثالث لهما‪« ،‬عمل‬ ‫عسكري خطير‪ ،‬ويحتمل أن يكون كارثياً‪ ،‬أو‬ ‫تعلم العيش مع إيران نووية ميكن أن تعيد‬ ‫بشكل كبير صياغة ميزان القوى في الشرق‬ ‫األوسط»‪.‬‬ ‫الكونغرس األميركي يضغط لعقوبات‬ ‫شاملة على إيران واإلدارة متريثة حتى اآلن‪،‬‬ ‫والسيناتور اجلمهوري مارك كيرك كتب‪ :‬إذا‬ ‫لم يسع البيت األبيض النهيار املصرف املركزي‬ ‫اإليراني‪ ،‬فإن الكونغرس سيتصرف‪ ،‬ووصف‬ ‫تعامل أوباما مع تقرير وكالة الطاقة بأنه‬ ‫«إهمال لألمن القومي»‪.‬‬ ‫احلرب األميركية – اإلسرائيلية على إيران‬ ‫تكاد تكون مستحيلة‪ ،‬احلرب حتتاج الى قدرات‬ ‫غير متوفرة‪ ،‬وهم ال ميلكون األدوات والوسائل‬ ‫وال حتى اإلمكانات املالية خلوض صراع يتعدى‬ ‫األسبوعني‪ ،‬إذا ما احتفظ اإليرانيون بإرادة القتال‬ ‫وبعض أساليبه غير التقليدية‪ ،‬وثمة معادلة‬ ‫بسيطة تفيد بأن دول مفلسة أو مهددة‬ ‫باإلفالس ال تستطيع أن تخرج الى احلرب‪ ،‬إال إذا‬ ‫كانت تضمن أنها ستحقق مكاسب اقتصادية‬ ‫هائلة‪ ،‬وهو ما الينطبق على إيران‪.‬‬ ‫العنوان النووي مفتعل واستند الى تقرير‬ ‫الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى معلومات‬ ‫قدمية تعود الى ما قبل غزو العراق‪ ،‬وكان الرئيس‬ ‫محمود أحمدي جناد قد ذهب الى نيويورك في‬ ‫أيلول املاضي حامال ً رسالة علنية صريحة‬ ‫ومباشرة الى األميركيني ونشرتها صحيفة‬ ‫«نيويورك تاميز» ومفادها‪ ،‬أن إيران مستعدة‬ ‫لوقف تخصيب اليورانيوم نهائيا ً إذا ما توصلت‬ ‫الى صفقة لشراء اليورانيوم اخملصب ملفاعالتها‬ ‫النووية‪ ،‬ولم تلق تلك الرسالة آذانا ً مصغية‬ ‫من أميركا أو الغرب عامة‪ ،‬حيث أثارت حالة من‬ ‫اجلدل في إيران‪ ،‬وحققت أهم األهداف الغربية‬ ‫من إطالق حملة على معسكر البرنامج النووي‬ ‫اإليراني من الداخل‪ ،‬وغاية الغرب أنه ال يريد أن‬ ‫يعطي االنطباع بأن خروجه من العراق ميكن أن‬ ‫يوضع في خانة االنتصارات إليران‪.‬‬ ‫البشرية أمام مفترق طرق‪ ،‬فالتحضيرات‬ ‫احلربية ملهاجمة إيران بلغت حالة متقدمة‬

‫‪45‬‬

‫من اجلاهزية‪ ،‬حيث متّ نشر منظومات األسلحة‬ ‫العالية التقنية على نحو شامل‪ ،‬والواليات‬ ‫املتحدة وحلفاؤها يقرعون طبول احلرب كالعادة‬ ‫في ذروة كساد اقتصادي عاملي االنتشار‪.‬‬ ‫لقد أصبحت ثقافة القتل والعنف راسخة‬ ‫لدى دول الغرب االستعماري بوصفها جز ًءا‬ ‫من املسار االجتماعي‪ :‬ينبغي حماية الوطن‬ ‫والدفاع عنه‪ ،‬وتؤيد دميقراطيات الغرب «العنف‬ ‫املشرعن»‪ ،‬والتعبئة العسكرية التي تقوم‬ ‫بها «إسرائيل» والناتو والواليات املتحدة‪ ،‬ومن‬ ‫ضمنها التدريبات واملناورات التي لها صلة‬ ‫ّ‬ ‫وتشكل‬ ‫مباشرة باحلرب املفترضة على إيران‪،‬‬ ‫هذه التهديدات املبطنة‪ ،‬وضمن ذلك تقويتها‬ ‫إشارة واضحة للقوى السابقة في فترة احلرب‬ ‫الباردة بأال تتدخل بأي طريقة إلعاقة هجوم‬ ‫تقوده الواليات املتحدة على إيران‪ ،‬والهدف‬ ‫االستراتيجي في املدى املتوسط هو استهداف‬ ‫إيران وحتييد حلفائها من خالل دبلوماسية‬ ‫القوة‪.‬‬ ‫ومن هنا محاولة الواليات املتحدة الضغط‬ ‫على «عربها» من السعودية ودول اخلليج‬ ‫وجتميد عضوية سوريا في جامعة الدول‬ ‫العربية وتغذية الفتنة ومحاولة إضعاف سوريا‬ ‫وإشغالها في األوضاع الداخلية‪ ،‬بهدف زعزعة‬ ‫منظومة املقاومة واملمانعة في املنطقة‪ ،‬وفي‬ ‫غضون ذلك أيضا ً قرر البيت األبيض متديد حال‬ ‫الطوارئ جتاه إيران ملدة سنة إضافية والتي‬ ‫كانت قد أعلنت في ‪ 14‬تشرين الثاني ‪،1979‬‬ ‫وأعلن الرئيس األميركي حال طوارئ وطنية جتاه‬ ‫إيران‪ ،‬للتعامل مع التهديد الغريب واالستثنائي‬ ‫لألمن القومي والسياسة اخلارجية واقتصاد‬ ‫الواليات املتحدة بسبب الوضع في إيران‪.‬‬ ‫إيران متمسكة ببرنامجها النووي‪ ،‬وهي لن‬ ‫تتراجع «قيد أمنلة» عن برنامجها‪ ،‬وهي حصلت‬ ‫على دعم قوي من روسيا التي عارضت تشديد‬ ‫العقوبات عليها‪ ،‬وتوعد مساعد رئيس أركان‬ ‫القوات اإليرانية اجلنرال مسعود جزايري بتدمير‬ ‫«إسرائيل» إذا هوجمت بالده‪ ،‬وقال إن محطة‬ ‫دميونا «النووية اإلسرائيلية» هي أسهل موقع‬ ‫قد نستهدفه‪ ،‬واليزال لدينا املزيد من القدرات‪،‬‬ ‫وإذا حصل أدنى حترك للكيان اإلسرائيلي ضد‬ ‫إيران‪ ،‬فإننا سنشهد تدميره‪ ،‬ردنا على هجوم‬ ‫لن يقتصر على الشرق األوسط‪ ،‬بل لدينا‬ ‫مخططات جاهزة للتحرك‪.‬‬ ‫بقي أن نذكر بأن املنظمة اليهودية األميركية‬ ‫كانت قد نشرت استطالعا ً للرأي في الواليات‬ ‫املتحدة تفيد نتائجه بأن غالبية األميركيني‬ ‫يؤيدون أن تقوم “إسرائيل” بتوجيه ضربة ضد‬ ‫إيران وهذا ما دفع أحد املعلقني اإلسرائيليني‬ ‫للقول ساخراً‪“ :‬األميركيون يحبوننا لدرجة‬ ‫أنهم يشجعونا على االنتحار عوضا ً عنهم”‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫المشهد الليبي لن يتك ّرر في سوريا والتدخل الخارجي سيؤ ّزم الوضع في المنطقة‬

‫السفير الصيني في لبنان ووتسيشيان لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫نأمل عودة الهدوء واالستقرار واالزدهار إليها‬ ‫ندعم تطلعات شعوب العالم لتحقيق‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬ولكل دولة أن تختار طريقها في‬ ‫سبيل حتررها‪ ،‬وليس للقوى اخلارجية حق بأن‬ ‫تكون صاحبة قرار‪.‬‬ ‫لم جتلب التدخالت اخلارجية أية فائدة‪ ،‬بل على‬ ‫العكس جلبت فقط الكوارث‪.‬‬ ‫لذا نتطلع إلى كل شعب يختار طريقه بنفسه‬ ‫ويرفض التدخل اخلارجي‪ .‬هذه التدخالت ال حتل‬ ‫مشكلة بل تعزز االضطرابات في هذه الدول‬ ‫وتزيد من اخلسائر املادية والروحية‪ .‬قد ال يستطيع‬ ‫اجلميع حتقيق ما يطمحون إليه‪ ،‬لكننا نتطلع‬ ‫وبكل إخالص للدول التي تعاني من اضطرابات‬ ‫أن تصل إلى حالة االستقرار وجتد طريقها عبر‬ ‫احلوار‪.‬‬ ‫الصني ال تسعى من أجل حتقيق مصاحلها‬ ‫اخلاصة‪ ،‬سواء في املنطقة أو في غيرها من بقع‬ ‫العالم‪ ،‬بل تتطلع إلى سعادة وإزدهار كل شعوب‬ ‫العالم‪ ،‬وتعزيز عالقات الصداقة مع كافة دول‬ ‫العالم‪ .‬بهذا املعنى‪ ،‬أي بتعزيز عالقات التعاون‬ ‫والصداقة‪ ،‬ال نسعى إلى حتقيق مصالح ذاتية‬ ‫فقط بل مصالح مشتركة‪ .‬هذا مبدأ أساسي‬ ‫في السياسة اخلارجية للصني‪.‬‬ ‫سالم وتنمية‪ ،‬حتقيق التنمية بشكل جيد‬ ‫وحتسني مستوى املعيشة‪ ،‬هذا ما نتمنى أن‬ ‫تعيشه كل الشعوب‪ .‬وهذا هو موقف الصني‬ ‫بكل وضوح وبساطة‪.‬‬ ‫شدد عليها السفير الصيني في لبنان‬ ‫عبارات ّ‬ ‫وو تسيشيان القادم من جتربة دبلوماسية مرموقة‬ ‫أمضى قسما كبيرا منها في باريس‪ ،‬خالل حديثه‬ ‫لـ «منبر التوحيد»‪ ،‬في حوار هنا نصه‪:‬‬

‫ّ‬ ‫نترقب بقلق األحداث‬ ‫ومبدأنا عدم التدخل‬ ‫في الشؤون الداخلية ألي بلد‬

‫ما هي القراءة الصينية ملا يجري من ثورات‬ ‫في العالم العربي وما تأثيرها على عالقاتها‬ ‫بالشرق األوسط وشمالي إفريقيا سياسياً‬ ‫وإقتصاديّا؟‬ ‫في ما يتعلق بهذا اإلطار أود إلقاء الضوء على‬ ‫عدة نقاط‪ :‬أوال‪ ،‬مبدأنا في الدبلوماسية الصينية‬ ‫كان وال يزال ّ‬ ‫يؤكد عدم التدخل في الشؤون‬ ‫الداخلية ألي بلد‪ ،‬وذلك استمرارا ً لعالقاتنا مع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سوف منتنع عن التصويت ألي قرار يؤدي الى التدخل‬ ‫في الشؤون الداخلية لسوريا ألنه يتعارض مع مبدئنا‬

‫جميع بلدان العالم‪.‬‬ ‫النقطة الثانية هي أننا نتر ّقب بقلق األحداث‬ ‫التي وقعت في العديد من البلدان العربية في‬ ‫الفترة املمتدة بني نهاية العام املاضي وبداية هذا‬ ‫العام ألن لدينا عالقات طيبة مع جميع البلدان‪،‬‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬فإن مصر هي أول دولة في الشرق‬ ‫األوسط وأفريقيا أنشأت عالقات دبلوماسية مع‬ ‫الصني عام ‪ ،1956‬وهذا يثبت أهمية العالقات بني‬ ‫الصني ومصر‪ ،‬أضف الى وجود منتدى التعاون‬ ‫الصيني ‪ -‬العربي الذي يشمل جميع البلدان في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وهناك اجتماعات دورية وندوات‪ ،‬ولدينا‬ ‫العديد من املشاريع في كل من بلدان اخلليج‬ ‫واملغرب العربي‪.‬‬ ‫فعندما بدأ االضطراب في مصر‪ ،‬اضطرت الصني‬ ‫إلجالء ‪ 3‬آالف سائح صيني بشكل طارئ كانوا‬ ‫موجودين في القاهرة يوم انطالق الثورة املصرية‬ ‫في كانون الثاني املاضي‪ .‬في ليبيا ايضا اضطررنا‬ ‫إلجالء ‪ 30‬ألف مواطن صيني كانوا يعملون في‬ ‫هذا البلد أي اجلالية الصينية بأكملها! كذلك‬ ‫علقنا مشاريع التعاون مع ليبيا‪ ،‬وبالتالي إن لهذه‬ ‫االنتفاضات انعكاساتها األكيدة على العالقات‬ ‫مع العالم العربي‪ ،‬كما نواصل تعاوننا مع احلضور‬ ‫املكثف في كل من أميركا ودول اخلليج وغيرها‪.‬‬ ‫لذلك لدينا عالقات مكثفة للغاية مع جميع‬

‫‪46‬‬

‫البلدان‪ .‬ونأمل بشدة أن تعيش جميع دول العالم‬ ‫في سالم واستقرار وازدهار‪.‬‬ ‫والصني تتابع عن كثب كل املشاكل واألزمات‬ ‫األخيرة التي وقعت في بعض البلدان العربية‪،‬‬ ‫وتعمل على إعادة التعاون فيما بينها ألن هذا‬ ‫هو مبدأ الدبلوماسية الصينية لتعزيز السالم‬ ‫واحلوار‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بالوضع في سوريا‪ ،‬تأمل‬ ‫الصني أن يهدأ الوضع فيها وتعود الى سابق‬ ‫عهدها من الهدوء واالستقرار واالزدهار‪.‬‬ ‫نحن مع أن يكون لدول العالم آراء سياسية‪،‬‬ ‫ومبجرد أن يتوقف العنف في سوريا هناك حل‬ ‫لتقييم األمور من أجل اإلصالح وهذا ما نسعى‬ ‫إليه اليوم لتعزيز اجلهود لوقف العنف وحتقيق‬ ‫االستقرار‪.‬‬ ‫أما على املستوى الدولي‪ ،‬نحن نتابع كل‬ ‫احللول السلمية حلل األزمة السورية‪ ،‬وليس عن‬ ‫طريق التدخل القسري من اخلارج التي ميكن أن‬ ‫تسبب كوارث ال مخرج منها‪ .‬ونحن أيضا نتابع‬ ‫النتائج في نيويورك مع جميع أعضاء مجلس‬ ‫األمن للتعبير عن أفضل وضعية ونستمع الى‬ ‫اآلخرين‪ ،‬مع استمرار رفضنا في التدخل في‬ ‫الشؤون الداخلية لسوريا‪ ،‬ملنع تفاقم الوضع‬ ‫هناك وإيجاد السالم‪ ،‬وهناك جهود كثيرة في‬


‫اجلامعة العربية إليجاد حل لتسوية األزمة‬ ‫في سوريا‪ .‬من حيث املبدأ نحن ندعم جميع‬ ‫اإلجراءات للمجتمع الدولي من أجل حل األزمة‬ ‫ونحن نعارض باستمرار احللول عن طريق القوة‪،‬‬ ‫وأعتقد أن جامعة الدول العربية أوضحت أن أحدا‬ ‫لم يتحدث عن أي تدخل عسكري من اخلارج‪ ،‬ما‬ ‫يظهر إيجابية واضحة للغاية‪ ،‬لذلك يجب وضع‬ ‫جميع العوامل في سوريا على طاولة احلوار‪ .‬من‬ ‫هنا نتطلع الى جميع بلدان املنطقة‪ ،‬وخصوصا‬ ‫سوريا لتحقيق الهدوء والسالم والرخاء من خالل‬ ‫الوسائل السلمية والسياسية التي تؤدي إلى‬ ‫تنفيذ اإلصالح وتلبية تطلعات الناس للسالم‬ ‫واالستقرار واالزدهار والوئام في مجتمع متناغم‪.‬‬ ‫كيف تقرأون التناقض في التعـاطي الصيني‬ ‫مع ليبيا ومع سوريا‪ ،‬خاصة وأن الصني الزالت‬ ‫ّ‬ ‫سهلت‬ ‫تقف الى جانب سوريا في حني أنها‬ ‫اتخاذ قرار في مجلس األمن ضد ليبيا وقبلت‬ ‫بإعالن اجمللس الوطني الليبي االنتقالي؟‬ ‫ال نستطيع أن نقول أن هناك تناقضا ً في‬ ‫التعاطي الصيني في القضيتني الليبية‬ ‫والصينية‪ :‬الصني عارضت والتزال تعارض أي تدخل‬ ‫أجنبي‪ ،‬ما حدث في مجلس األمن كان قرارا ً حلظر‬ ‫الطيران وأسيء استخدام اجملال اجلوي لليبيا من‬ ‫أجل حماية السكان‪ .‬وسوف منتنع عن التصويت‬ ‫ألي قرار يؤدي الى التدخل في الشؤون الداخلية‬ ‫لسوريا ألنه يتعارض مع مبدئنا‪ ،‬أما بالنسبة ملا‬ ‫حصل في ليبيا لم يكن بإمكاننا التصويت ضد‬ ‫هألننا نعتقد أن جميع البلدان قد أعربت عن رغبة‬ ‫إلنشاء منطقة حظر الطيران لغرض بسيط عدم‬ ‫تفاقم الوضع اإلنساني في البالد‪ ،‬لذلك وافقنا‬ ‫بعد التشاور مع جميع بلدان املنطقة‪ .‬ما حدث‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬الدول الغربية استفادت من هذا القرار‬ ‫في وقت الحق الذي منح ألنفسهم ذريعة ملنح‬ ‫السلطة للتدخل عسكريا ً من خالل هذا القرار‪،‬‬ ‫ومن املؤسف أنه تسبب بالكثير من الضرر‪.‬‬ ‫هل تعتقدون بأن مجلس األمن الدولي‬ ‫سينجح باتخاذ املوقف ذاته من سوريا خاصة‬ ‫بعد صدور قرار اجلامعة العربية؟‬ ‫جامعة الدول العربية لم تذكر أي تدخل‬ ‫عسكري أجنبي في سوريا‪ ،‬لذلك سنرى أوال ألن‬ ‫هناك حالة مماثلة ملا حصل في ليبيا بسبب ما‬ ‫يحصل من أعمال عنف‪ ،‬وبالرغم من ذلك أعتقد‬ ‫أن املشهد الليبي لن يتكرر في سوريا‪.‬‬ ‫هل تنسق الصني وروسيا موقفيهما مما‬ ‫يحدث عربياً وبالتحديد في سوريا؟‬ ‫إن العقوبات على سوريا ال تساعد في حل‬ ‫املشكلة‪ ،‬بل تزيدها تعقيداً‪ ،‬وأي تدخل خارجي‬ ‫في سوريا قد يؤدي الى تأزمي الوضع في املنطقة‪،‬‬ ‫كما أن األعمال الدولية كافة ال بد من أن تكون‬ ‫لصالح احلوار‪ ،‬والعملية السياسية للبلد املعني‪،‬‬ ‫والسالم واإلستقرار في املنطقة‪.‬‬ ‫إن أساس دبلوماسيتنا يقوم على معارضة‬ ‫كل تدخل خارجي في شؤون البلدان الداخلية‪،‬‬

‫العقوبات على سوريا ال تساعد في حل املشكلة‪ ،‬بل‬ ‫تزيدها تعقيدا ً‬

‫والشراكة االستراتيجية بني الصني وروسيا‬ ‫وكذلك جميع أعضاء مجلس األمن الدائمني‬ ‫تريد تطوير نقاط مشتركة‪ ،‬وهي ليست بهدف‬ ‫املواجهة مع اآلخرين‪.‬‬ ‫ما هو موقف مجلس األمن من قرار اجلامعة‬ ‫العربية؟‬ ‫حتى اآلن لم يناقش مجلس األمن قرار جامعة‬ ‫الدول العربية‪ ،‬ونحن نتطلع كما سبق وذكرت الى‬ ‫جميع اإلجراءات التي سيتخذها اجملتمع الدولي‬ ‫التي ميكن أن تدعم نتائج األزمة السورية‪ ،‬خارج‬ ‫نطاق التدخل العسكري اخلارجي‪.‬‬ ‫هل سيتكرر السيناريو الليبي في سوريا؟‬ ‫أعتقد أن جامعة الدول العربية بعد صدور‬ ‫قرارها بتعليق عضوية سوريا أوضحت أن أحدا‬ ‫لم يتحدث عن أي تدخل عسكري دولي‪ ،‬وأعتقد‬ ‫أنها إيجابية في هذا القرار خاصة وأنه ال يجوز‬ ‫استدعاء التدخل اخلارجي في كل مرة يحدث‬ ‫فيها مشكلة داخل بلد ما‪.‬‬

‫مليار و‪ 700‬مليون دوالر‬ ‫حجم االستيراد اللبناني من الصني‬

‫ماذا عن لبنان والعالقات معه؟‬ ‫تصادف هذه السنة الذكرى الـ ‪ 40‬إلقامة‬ ‫عالقات دبلوماسية بني جمهورية الصني‬ ‫الشعبية واجلمهورية اللبنانية‪ ،‬وهذا دليل على‬ ‫مدى عمق العالقات الطيبة التي تربط البلدين‪.‬‬ ‫فمنذ وصولي إلى لبنان أشعر مبحبة الشعب‬ ‫اللبناني ومشاعر الصداقة جتاه الصني‪.‬‬ ‫هنالك دوما تبادل وعلى املستوى السياسي‬ ‫تسير األمور بشكل جيد ونحن نناقش دوما‬ ‫امللفات الكبرى مع بعثة لبنان في نيويورك‬ ‫وخصوصا تلك املتعلقة بالشرق األوسط ومنها‬ ‫سوريا‪ ،‬ألن لبنان هو اليوم عضو في مجلس األمن‬ ‫الدولي‪ .‬بالنسبة الى التعاون االقتصادي فلبنان‬ ‫هو البلد الذي يحوي أقل مشاريع تعاون مع الصني‪،‬‬ ‫وهذا واقع‪ ،‬ألن لبنان ال ميتلك في الوقت الراهن‬ ‫مشروعا تنمويا كبيرا للبنى التحتية في تناقض‬

‫‪47‬‬

‫مع البلدان العربية األخرى حيث املشاريع اإلمنائية‬ ‫كثيرة‪ .‬ال يوجد أي مشروع مع لبنان باستثناء‬ ‫أفكار وتوقعات والسبب يعود الى أنكم في لبنان‬ ‫جدا‪ ،‬وقد شهدت‬ ‫ملدة طويلة ّ‬ ‫بقيتم في حرب ّ‬ ‫الفترة األخيرة تطورا ً ملحوظا ً في العالقات بني‬ ‫البلدين‪ .‬واآلن تبحث الشركات الصينية كيفية‬ ‫التعاون مع احلكومة اللبنانية من أجل املساهمة‬ ‫في بناء وتأهيل البنى التحتية‪ .‬ونعمل من هنا‬ ‫على تشجيع الشركات الصينية للمساهمة‬ ‫في هذه املشاريع‪ ،‬خاصة وأن الشركات الصينية‬ ‫نشيطة جدا ً في الدول اجملاورة للبنان‪ ،‬لذلك إذا‬ ‫كان للدولة اللبنانية برنامج بهذا اإلجتاه سوف‬ ‫ندفع هذا التعاون فيما بيننا وتطوير العالقات‬ ‫االقتصادية وحتقيق عالقات متبادلة على كل‬ ‫املستويات‪.‬‬ ‫أما في مجال التجارة بني الصني ولبنان فاألمور‬ ‫تسير بشكل جيد جدا ً ألن رجال األعمال اللبنانيني‬ ‫ديناميكيون‪ .‬وبالتالي إن التبادل اإلقتصادي بني‬ ‫الصني ولبنان قد تضاعف في األعوام اخلمسة‬ ‫األخيرة حتى بلغ حجم اإلستيراد اللبناني من‬ ‫الصني في العام املاضي مبلغا قدره مليار و‪700‬‬ ‫مليون دوالر‪ .‬بالطبع إن الصادرات اللبنانية الى‬ ‫الصني هي أقل بكثير حوالي ‪ 50‬مليون دوالر‬ ‫ليس أكثر‪ ،‬وهو كما أعتقد ال يكفي للجانبني‬ ‫كذلك األمر بالنسبة للجانب االستثماري‪ ،‬إذ‬ ‫ليس هناك الكثير من االستثمارات الصينية في‬ ‫لبنان وهو ما نحاول العمل عليه اليوم من خالل‬ ‫التعاون املشترك في مشاريع البنية التحتية‬ ‫كما نفعل مع دول أخرى في املنطقة‪ ،‬هذا ونعمل‬ ‫على مزيد من التعاون في مجاالت أخرى مثل‬ ‫الثقافة والتعليم على سبيل املثال لدينا معهد‬ ‫كونفوشيوس الذي يعمل بنشاط في شراكة‬ ‫مع جامعة القديس يوسف‪ ،‬وهو مؤسسة‬ ‫ومركز ثقافي‪ ،‬ولدينا خمسة مدرسني جاؤوا من‬ ‫الصني إلعطاء دورات باللغة الصينية في جامعة‬ ‫القديس يوسف‪ ،‬وفي كل عام هناك أيضا ً منح‬ ‫دراسية في كافة اجملاالت وخاصة الطبية للطالب‬ ‫ما مينح التبادل بني طالب البلدين لذلك كل شيء‬ ‫يسير على ما يرام ولكن عندما يكون هناك‬ ‫تبادل يتم جذب املزيد من السائحني الصينيني‬ ‫الى لبنان‪ ،‬والسائح الصيني يسخو أثناء سفره‬ ‫ويشتري املنتجات الفاخرة‪ .‬وبالتالي فإن السياحة‬ ‫هي قطاع يجب تنميته‪ ،‬ويجب محاولة القيام‬ ‫مبهمة الدليل للسياح الصينيني الذين يأتون‬ ‫الى املنطقة عبر توجيههم الى ما يحوي لبنان‬ ‫من معالم سياحية تاريخية جميلة‪ ،‬وخصوصا‬ ‫أن لبنان هو تقاطع للحضارات القدمية وهو وجه‬ ‫غير معروف بعد في الصني‪ ،‬والقطاع السياحي‬ ‫يسهم في إعادة التوازن الى امليزان التجاري بني‬ ‫البلدين‪ ،‬وقد استضاف لبنان وفد من دوائر األعمال‬ ‫فى السياحة الصينية هنا في بيروت‪ ،‬حيث ُع ِقد‬ ‫مؤمترا ً نظمته نقابات السياحة في لبنان ملناقشة‬ ‫وتقدمي املهنيني الصينيني في هذا اجملال‪ ،‬وخالل‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫هذا العام كان هناك ست مجموعات‪ ،‬ومؤخرا‬ ‫ستكون هناك مجموعة أخرى‪.‬‬ ‫ما هو موقف بكني من العقوبات الدولية‬ ‫التي ستتخذ بحق لبنان في حال متنعه عن‬ ‫متويل احملكمة؟‬ ‫الصني ال حتبذ العقوبات على لبنان في حال‬ ‫عدم متويله احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان‪ ،‬فهذا‬ ‫شأن داخلي لبناني وعلى جميع الدول أن توقف‬ ‫تدخالتها في شؤون هذا البلد الداخلية كما‬ ‫تفعل الصني‪ ،‬ألن هذه العقوبات ال جتدي نفعا ً‬ ‫وجتعل األمور معقّ دة وأشد خطورة‪ ،‬وال تسهم‬ ‫في حل املشكلة‪.‬‬ ‫متنياتنا أن تعيش كل البلدان بهدوء وبصفاء‪،‬‬ ‫وبالتالي نحن مع احلل الهادئ الذي ال يسبب‬ ‫أضرارا ً إضافية‪ ،‬وأعتقد أن جميع اللبنانيني‬ ‫يتمنون أن يعيش البلد بسالم وصفاء‪ ،‬وأال تتح ّول‬ ‫املشكالت إلى أحقاد متبادلة‪ ،‬تؤدي إلى صراعات‪،‬‬ ‫فالصني تتفهم هذا املوضوع وتتمنى أن يتوصل‬ ‫اللبنانيون الى إيجاد حل‪.‬‬ ‫هل تعتبر الصني أن ثمة مخاطر أمنية جديدة‬ ‫على لبنان بسبب احملكمة؟‬ ‫األمر يتوقف على العوامل السياسية املتجددة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬ويعتمد على مدى استعداد كل‬ ‫اللبنانيني لذلك‪ ،‬على الرغم من أنهم يريدون‬ ‫السالم والهدوء في البالد‪.‬‬

‫إدخال فلسطني عضوا ً في األمم‬ ‫املتحدة اعتراف سياسي من قبل‬ ‫اجملتمع الدولي‬

‫ما هي نقاط التالقي واالختالف بني النظرتني‬ ‫األميركية والصينية الى القضايا العربية‬ ‫وخصوصا قضية فلسطني؟‬ ‫الصني دائما ً تدعم القضية الفلسطينية‬ ‫العادلة‪ ،‬خاصة وأن هناك عالقات قوية وطيبة جدا ً‬ ‫تربط بني الصني ومنظمة التحرير الفلسطينية‪،‬‬ ‫وأذكر بأنه في صغري زار املرحوم ياسر عرفات‬ ‫الصني‪ .‬عندما أنشأ عرفات حكومته في تونس‬ ‫فورا ً إعترفت الصني بها وأرسلت سفيرا ً إلى هناك‬ ‫ليمثلها‪ .‬من بعدها انتقل عرفات إلى الضفة‬ ‫الغربية فأرسلت الصني ممثالً على مستوى سفير‬ ‫لديها‪.‬‬ ‫تبقى القضية الفلسطينية عقدة املنطقة‪.‬‬ ‫ال ميكن حتقيق السالم في الشرق األوسط إال‬ ‫بحل القضية الفلسطينية وهذا يكون في بناء‬ ‫دولة فلسطينية مستقلة‪ ،‬وذات سيادة كاملة‪.‬‬ ‫لتعيش الدولتني في سالم وهو الطريق حلل هذه‬ ‫املسألة نهائياً‪.‬‬ ‫إن موقف الصني ثابت في هذا االجتاه‪ ،‬ونبذل‬ ‫جهودنا في كل املناسبات لتحقيق هذا احلل‪.‬‬ ‫كما ندعم الشعب الفلسطيني وقضيته‬ ‫العادلة‪ ،‬وباختصار نؤيد كل احلقوق القانونية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ال يجب احلديث عن حرب‪ ،‬ألن ذلك ال مينح‬ ‫لشعوب املنطقة إال مزيدا ً من األلم واجلوع والفقر‬ ‫واملعاناة‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة لشعوب البلدان‬ ‫التي تدين املتورطني‪ ،‬وخير دليل على ذلك ما جرى‬ ‫في أفغانستان والعراق‪ ،‬من هنا إن فكرة احلرب‬ ‫مرفوضة‪.‬‬

‫نحن ال نسعى للسيطرة‬

‫فكرة احلرب على إيران مرفوضة‬

‫للفلسطينيني‪.‬‬ ‫هل انضمام فلسطني الى عضوية منظمة‬ ‫األمم املتحدة سيخفف من وطأة االستيطان‬ ‫الصهيوني والعدوان على قطاع غزة والضفة؟‬ ‫في احلقيقة إن إدخال فلسطني عضوا ً في األمم‬ ‫املتحدة هو اعتراف سياسي من جانب اجملتمع‬ ‫الدولي‪ ،‬ولكن ذلك ليس سهالً بسبب الضغوط‬ ‫اإلسرائيلية واستمرار “إسرائيل” في بناء‬ ‫املستوطنات ومواصلة اعتداءاتها وانتهاكاتها‬ ‫لألراضي الفلسطينية‪ ،‬ما جعل الفلسطينيون‬ ‫يرفضون االستمرار في العيش في ظروف قاسية‪،‬‬ ‫لذلك يجب على اجملتمع الدولي أن يبذل اجلهود‬ ‫إلقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة‬ ‫في األراضي احملتلة‪ ،‬وإال لن يكون هناك سالم في‬ ‫هذه املنطقة‪.‬‬

‫احلوار واملناقشة للوصول الى‬ ‫حلول ترضي اجلميع‬

‫بكني وطهران ترتبطان بعالقات مشتركة‬ ‫على الصعيدين العسكري واالقتصادي‪،‬‬ ‫هل لبكني موقف حاسم جتاه امللف النووي‬ ‫اإليراني؟‬ ‫موقفنا واضح منذ البداية قلنا أننا ضد انتشار‬ ‫أوضح ْت لم تكن‬ ‫األسلحة النووية‪ ،‬وإيران كما‬ ‫َ‬ ‫تنوي أن تصبح قوة نووية من الناحية العسكرية‪،‬‬ ‫فمن الواضح جدا اآلن أن هناك الكثير من املشاكل‪،‬‬ ‫ونحن نعتقد عندما تكون هناك مشاكل يجب أن‬ ‫ال تصدر تهديدات‪ ،‬سواء كان التهديد بالتدخل‬ ‫العسكري أو فرض عقوبات‪ ،‬فمن األفضل احلوار‬ ‫واملناقشة للوصول الى حلول ترضي اجلميع‪.‬‬ ‫على أي حال يجب علينا حل النزاعات ال فرض‬ ‫عقوبات‪ ،‬والتهديد ال يؤدي إال إلى عواقب سلبية‪.‬‬ ‫ذلك هو موقفنا‪.‬‬ ‫هل تتوقعون حرباً إيرانية – أميركية‪-‬‬ ‫إسرائيلية في املنطقة؟‬

‫‪48‬‬

‫يرى املراقبون واخلبراء اإلقتصاديون أن الصني‬ ‫ستشكل “قوة عظمى” في املستقبل القريب‪،‬‬ ‫هل من مؤشرات حقيقية وواقعية على ذلك؟‬ ‫الصني ال حتاول أن تصبح “قوة عظمى”‪ ،‬باملعنى‬ ‫احلقيقي للكلمة أو كما يعتقد بعض احملللني‪،‬‬ ‫وبالعودة الى تاريخ الصني فهي عانت آلالف‬ ‫السنوات‪ ،‬حيث عاش الشعب الصيني في كثير‬ ‫من األحيان ومنذ آالف السنني في ظروف قاسية‪،‬‬ ‫فمنذ منتصف القرن ‪ 19‬حتى منتصف القرن‬ ‫املاضي مر الصينيون بفترة مؤملة جداً‪ ،‬ليس فقط‬ ‫بسبب الكوارث الطبيعية‪ ،‬كالفقر املدقع واجلوع‪،‬‬ ‫فضالً عن احلروب األهلية التي دمرت الصني متاماً‪ ،‬ثم‬ ‫في منتصف القرن املاضي‪ ،‬حيث كان متوسط ​​العمر‬ ‫املتوقع للصينيني لم يكن سوى ‪ .50-30‬كذلك احلالة‬ ‫االقتصادية كانت سيئة للغاية‪ ،‬خصوصا في العقود‬ ‫الثالثة األخيرة‪ ،‬والناجت احمللي اإلجمالي للصني هو نحو‬ ‫‪ 4400‬ما جعل الصني يحتل املركز اخلامس في العالم‪،‬‬ ‫وها نحن اليوم نتخطى تلك األزمات خاصة االقتصادية‬ ‫منها‪ ،‬ولكن هناك مناطق في الصني ال تزال متخلفة‬ ‫اقتصادياً‪ ،‬لذلك ال ينبغي أن نتناول هذا املوضوع من‬ ‫ناحية جزئية‪ ،‬بل علينا أن نفهم السياسة األساسية‬ ‫للصني‪ ،‬التي تتمثل في تعزيز السالم والتنمية‬ ‫املشتركة‪ ،‬ونحن لم نكن ننوي مطلقا أن نصبح “قوة‬ ‫عظمى” في معنى الهيمنة على اآلخرين‪ ،‬وال منلك هذه‬ ‫العقلية‪ ،‬أو القدرة على ذلك‪.‬‬ ‫تشهد الصني اليوم منواً متسارعاً في كافة‬ ‫اجملاالت‪ ،‬فإلى أين تطمح؟ وهل يشكل هذا النمو‬ ‫قلقاً أو خطراً على بعض الدول خاصة بعد األزمة‬ ‫االقتصادية العاملية التي متر بها الواليات املتحدة‬ ‫وأوروبا؟‬ ‫الذي يرى في الصني تهديدا فهو مخطئ متاماً‪ ،‬وذلك‬ ‫ألنه يجب علينا أن نفهم في البداية أن أميركا وأوروبا‬ ‫ال تزال من البلدان املتقدمة على الرغم من كل األزمات‬ ‫االقتصادية التي متر بها‪ ،‬فال يوجد سبب للخوف من أي‬ ‫شيء على اإلطالق حتى إذا كانت الصني تنمو وتزدهر‬ ‫أكثر‪ ،‬فنحن ال ننوي التنافس‪ ،‬فسياستنا “هي أن نعيش‬ ‫في سالم مع اجلميع‪ ،‬ونحن ال نسعى للسيطرة‪ ،‬لذلك‬ ‫نحن ندعو دائما للسالم والتنمية املشتركة‪ .‬والصني‬ ‫تط ّورت وتخلينا عن فكرة املواجهة منذ فترة طويلة‬ ‫ونأمل أن يتخلى عنها اآلخرون‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪:‬حسني جعفر‬


‫منبر دولي‬

‫الفرنسيون أنذروا نيكوال ساركوزي أنها بداية النهاية؟‬

‫اليسار الفرنسي يحقق فوزاً تاريخياً‬ ‫في االنتخابات اإلقليمية ّ‬ ‫تمهداً للرئاسية‬ ‫االنتخابات اإلقليمية الفرنسية جاءت‬ ‫مبثابة صدمة عنيفة لليمني احلاكم وحلزب‬ ‫االحتاد من أجل حركة شعبية‏‪،‬‏ حزب الرئيس‬ ‫نيكوال ساركوزي‪ .‬فقد حقق احلزب االشتراكي‬ ‫واليسار املعارض فوزا ً كبيرا ً وتقدما ً فاق كل‬ ‫التوقعات وكل استطالعات الرأي السابقة‬ ‫على االنتخابات‪،‬‏ بل رمبا ال نبالغ إذا قلنا إن هذه‬ ‫النتيجة فاقت توقعات االشتراكيني أنفسهم‪،‬‏‬ ‫حيث حقق احلزب االشتراكي واليسار املعارض‬ ‫نسبة ‏‪% 53‬‏ بينما حصل حزب ساركوزي على‬ ‫نسبة‏‪% 35‬‏ و‏‪ 17,5‬‏‪ %‬حلزب اجلبهة الوطنية الذي‬ ‫ميثل اليمني املتطرف‏‪.‬‏‬ ‫وهذه الهزمية غير املتوقعة أثارت مخاوف‬ ‫حقيقية لدى قيادات اليمني وشخصياته‬ ‫ودفعت الرئيس ساركوزي إلى عقد اجتماع‬ ‫عاجل مع رئيس الوزراء فرانسوا فيون إلجراء‬ ‫تعديل وزاري سريع يشمل الوزراء الذين لقوا‬ ‫هزمية ساحقة في االنتخابات‏‪.‬‏‬ ‫الالفت للنظر أن هذه الهزمية املريرة لليمني‬ ‫وأيضا ً لساركوزي ألنه ليس بعيدا ً عنها بل رمبا‬ ‫هو املقصود بها تأتي بعد أقل من ثالث سنوات‬ ‫على الفوز الساحق الذي حققه اليمني وأيضا ً‬ ‫ساركوزي في االنتخابات الرئاسية والتشريعية‬ ‫عام‏‪.. 2007‬‏ فماذا حدث؟‬ ‫في البداية ال بد من القول إن االنتخابات‬ ‫اإلقليمية واحمللية ليست هي االنتخابات‬ ‫الرئاسية أو التشريعية ويجب على املراقب‬ ‫واملتابع أن يكون حريصا ً في ربط ما يحدث في‬ ‫االنتخابات اإلقليمية مبا ميكن أن يحدث في‬ ‫الرئاسية والتشريعية‪،‬‏ خاصة مع وجود هذه‬ ‫النسبة املرتفعة وغير املسبوقة في الغياب أو‬ ‫االمتناع عن التصويت بنسبة‏‪،% 63‬‏ كما أنه في‬ ‫استطالع للرأي قال الفرنسيون إنهم صوتوا أوال‬ ‫وقبل كل شيء وفق اعتبارات وحتديات محلية‏‪،‬‏‬ ‫واملسرح السياسي احمللي ينفصل أكثر وأكثر‬ ‫عن املسرح السياسي القومي على املستوي‬ ‫الوطني‪،‬‏ فعالقات القوى ليست هي نفسها‬ ‫على اإلطالق‏‪.‬‏‬ ‫كما أنه كثيرا ً ما حدث ويحدث أن انتخابات‬ ‫منتصف الفترة الرئاسية كثيرا ً ما تكون‬ ‫في مصلحة األغلبية احلاكمة وقد رأينا ذلك‬ ‫في انتخابات ‏‪ 992‬‏‪ 1‬في عهد الرئيس الراحل‬

‫مرشح اليسار فرانسوا هوالند‬

‫فرانسوا ميتران وفي منتصف رئاسته الثانية‬ ‫لفرنسا‏‪.‬‏‬ ‫ولكن هذا ال مينع حقيقة أن نتائج االنتخابات‬ ‫كانت واضحة فيها نسبة غياب قياسية‬ ‫رمبا تؤكد عدم االكتراث ال باالنتخابات وال‬ ‫بالسياسة‏‪.‬‏‬ ‫األمر إذن يتعلق برسالة حتذير وإنذار يبعث‬ ‫بها الرأي العام الفرنسي الى الرئيس ساركوزي‬ ‫وحكومته وأغلبيته بل يعتبره بعض املراقبني‬ ‫واحملللني عقابا ً موجها ً إلى الرئيس خاصة أن‬ ‫احلزب االشتراكي لم يصل إلى هذه الدرجة‬ ‫من التوحد وتقدمي املشروع البديل الذي يجعله‬ ‫يحقق هذه النتيجة املمتازة‏‪.‬‬ ‫في االنتخابات‪ ،‬التصويت إذن لم يكن حبا ً‬ ‫في زيد االشتراكيني وإمنا كراهية في معاوية‬ ‫اليمني احلاكم‏‪.‬‏‬ ‫وإن كان الرئيس ساركوزي يرفض هذا‬ ‫التحليل ويقول وفق التقارير إننا ال ميكن أن‬ ‫نتحدث عن رقم قياسي تاريخي في الغياب‬ ‫واالمتناع عن التصويت وفي الوقت نفسه‬ ‫عن تصويت عقابي وهو يدلل على ذلك مبا‬ ‫حققه واحد من الساركوزيني املتحمسني ألن‬ ‫جويانديه وزير الدولة للتعاون حصل في اجلولة‬

‫‪49‬‬

‫األولى على نسبة‏‪،% 32.13‬‏ وهي نتيجة قوية‏‪.‬‏‬ ‫ومع ذلك وبرغم تصريحات املسؤولني‬ ‫اليمينيني ورغم محاوالت ساركوزي للتقليل‬ ‫من شأن النتيجة وانعكاساتها حيث يرى أنه ال‬ ‫يجب اخللط بني األمور‪ ،‬فاالنتخابات اإلقليمية‬ ‫تظل عواقبها وانعكاساتها إقليمية‏‪.‬‏‬ ‫واالنتخابات القومية تشريعية ورئاسية‏‪،‬‏‬ ‫تكون عواقبها وانعكاساتها قومية‏‪ ،‬وإن كان‬ ‫البعض يرد بأنه مع وجود ‏‪20‬‏ وزيرا ً يخوضون‬ ‫هذه االنتخابات ال ميكن استبعاد البعد‬ ‫القومي فهي من هذا املنطلق أيضا ً ميكن أن‬ ‫متثل استثناء على الرئيس وحكومته وإن لم‬ ‫تنعكس بشكل مباشر على عالقات القوى‪،‬‏‬ ‫مبعنى أنها ال تسقط اليمني احلاكم وال تأتي‬ ‫باليساراملعارض إلى السلطة‏‪.‬‏‬ ‫ولكن شعور الشارع باملرارة والسخط وعدم‬ ‫الرضا أمر واضح ال لبس فيه وذلك انطالقا ً‬ ‫من تزايد املعاناة واإلحساس بأن ما وعد به‬ ‫ساركوزي لم يتحقق‏‪.‬‏‬ ‫‏فالبطالة وصلت إلى مستوى قياسي لم‬ ‫تشهده منذ أكثر من عشر سنوات‏‪ ،‬ومستوى‬ ‫املعيشة والقوة الشرائية في تراجع‏‪ ،‬كما أن‬ ‫مستوى اخلدمات من عالج وتعليم ومعاشات‏‪..‬‏‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫كلها تتدهور‪ ،‬وشارك ساركوزي مبؤامرة دولية‬ ‫للتضييق على املسلمني في أوروبا‪ ،‬حيث‬ ‫متّ املصادقة رسميا ً على حظر النقاب في‬ ‫فرنسا على الرغم من أن فرنسا ال يتعدى‬ ‫عدد املنقبات فيها ‪ 1300‬منقبة‪ ،‬وأغلبهم‬ ‫فرنسيات عن سابع جد‪ ،‬مع ذلك متت املصادقة‬ ‫على قانون سوف يطارد النقاب في كل مكان‪،‬‬ ‫بل واألدهى أنه سوف يعرض املنقبات إلى كل‬ ‫أنواع اإلهانة عبر إجبارهن على نزعه بالقوة‬ ‫في الشارع‪ ،‬ثم دفع غرامة مالية‪ ،‬حسب ما‬ ‫ذكرته مواقع فرنسية على االنترنت‪ ،‬كتخويف‬ ‫صريح للمنقبات بأنهن ال ميلكن حال‪ ،‬لكن‬ ‫احلقيقة املؤملة أن النقاب نفسه ليس أكثر‬ ‫من حجة لتمرير قوانني أكبر وأكثر وأخطر‪،‬‬ ‫وما وعد به من إصالحات تعطي دفعة قوية‬ ‫لفرنسا واقتصادها وصناعتها ومكانتها لم ير‬ ‫منه املواطن الفرنسي أي شيء‏‪ ،‬بل هو يرى في‬ ‫املقابل املزيد من االمتيازات لألغنياء والطبقات‬ ‫املرفهة واملزيد من الضغوط وااللتزامات على‬ ‫الفقراء الذين يعانون األمرين من أجل احلد األدني‬ ‫من املعيشة‏‏‪ .‬حتى أن بعض املراقبني يصل إلى‬ ‫حد اعتبار أن ساركوزي قد فشل في سياساته‬ ‫ومشروعاته حيث الوعود الكثيرة واألعمال‬ ‫واملردودات قليلة‏‏‪ .‬إضافة إلى أنه قد أغرق فرنسا‬ ‫في الديون بشكل جتاوز كل احلدود‏‪..‬‏ مما سيكون‬ ‫له أثاره وانعكاساته السلبية على األجيال‬ ‫القادمة حتى أن البعض يرى أن فرنسا في‬ ‫دينها العام ال تبعد كثيرا ً عن إسبانيا وإيطاليا‬ ‫والبرتغال ولكن الذي يحميها من نفس‬ ‫املصير الذي تتعرض له اليونان هو سمعتها‬ ‫ومكانتها الدولية واألوروبية فالبعض يرى‬ ‫أنه يرهن مستقبل األجيال‏‪ ،‬لكي يدير عجلة‬ ‫االقتصاد ولكي يؤمن لنفسه وحلزبه النجاح‬ ‫في االنتخابات املقبلة‪.‬‏‬ ‫وإن كان في هذا شيء من املبالغة حيث‬ ‫أن األزمة املالية االقتصادية العاملية لم تترك‬ ‫سبيال ً آخر ال حد له سوى املزيد من االقتراض‬ ‫لضخ األموال وإبعاد الشبح حتى وإن كان‬ ‫وهميا ً في نظر البعض‏‪.‬‏‬ ‫واألزمة االقتصادية التي ال يرى لها‬ ‫الفرنسيون نهاية قد زادت من قلق الفرنسيني‬ ‫وغضبهم ومعاناتهم وساركوزي منذ‬ ‫أشهر يبدو في نظر البعض ضعيفا ً عاجزا ً‬ ‫ومصداقيته في تراجع وليس بعيدا ً عن استياء‬ ‫الشارع وسبب هبوط شعبية ساركوزي‬ ‫سلوكه الشخصي والعائلي وما سعي إليه‬ ‫جنله من رئاسة مجلس إدارة ضاحية الرفانس‪،‬‏‬ ‫وهو لم يتجاوز بعد اخلامسة والعشرين‏‪ ،‬أضف‬ ‫الى فقاعات الفضائح التي توالت واحدة تلو‬ ‫األخرى وحتمل شوائب متشابهة فيها بعض‬ ‫احملاباة وجتاوز القوانني وفرض إيقاع وتوجه‬ ‫للتغيير بحجة “تنفيذ ما وعد به املرشح‬ ‫عام ‪ .”٢٠٠٧‬إال أ ّن هذا التراكم بدأ يك ّون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اليسار الفرنسي يراقب جولة االنتخابات الثانية‬

‫لطخة تتوسع وتزيد من تراجع صورة اليمني‬ ‫احلاكم في فرنسا‪ .‬لنضع جانبا ً فضيحة وزير‬ ‫العمل إيريك فورت‪ .‬ففي فضيحة التجسس‬ ‫على صحيفة “لوموند” لطمس فضيحة‬ ‫فورت‪ ،‬برز اسم مدير الشرطة املقرب جدا ً‬ ‫من ساركوزي فرديريك بنشار والدور الذي‬ ‫أداه في تبرير مالحقة التسريبات‪ .‬إال أ ّن “ردة‬ ‫فعل الصحافة” لم تطل لترد على نحو غير‬ ‫مباشر‪ ،‬إذ كشفت صحيفة “لو باريزيان” عن‬ ‫“لفلفة قضية ابن بنشار” الذي أوقف بحالة‬ ‫السكر الشديدة منذ سنة فتعرض لرجال‬ ‫األمن بالتهديد بالويل والثبور قبل نقله إلى‬ ‫مركز الشرطة حيث حضر والده وأخرجه من‬ ‫دون أي مالحقة‪ .‬وكشفت مصادر مقربة عن‬ ‫“اختفاء أوراق الدعوى والتقارير امللحقة” وأ ّن‬ ‫رجال اخملفر أُن ِّبوا وقيل لهم “اعتبروا أ ّن احلادثة‬ ‫لم حتصل”‪ ،‬كما متّ توقيف مدير مكتب رئيس‬ ‫الوزراء فرانسوا فيون وهو ويقود سيارة بحالة‬ ‫سكر شديدة فتهجم على رجال الشرطة‬ ‫قبل أن يعتذر ويستقيل‪.‬‬ ‫فاجلولة الثانية من االنتخابات‏‪ ،‬حددت مدى‬ ‫االختراقية التي حققها اليسار ومدى جناحه‬ ‫في اكتساح آخر معاقل اليمني خاصة في‬ ‫جزيرة كورسيكا وفي منطقة األلزاس‏‪.‬‏ ويجب‬ ‫أال ننسى أن ساركوزي نظره يذهب إلى أبعد‬ ‫كثيرا ً من هذه االنتخابات اإلقليمي ‏ة‪.‬‏ ومن اجلولة‬ ‫الثانية‏‪ ..‬إن عينه على االنتخابات التشريعية‬ ‫واالنتخابات الرئاسية في ربيع عام‏‪.2012‬‏‬ ‫والسؤال املهم واحلاسم اآلن يتمحور حول‬ ‫الدرس الذي ميكن أن يستخلصه ساركوزي من‬ ‫هذه الصفقة االستراتيجية االنتخابية التي‬ ‫يتبعها اليمني غير املنتجة وغير املثمرة‪،‬‏ وهي‬ ‫تواجه تهديدات واضحة سواء بنجاح اليسار أو‬

‫‪50‬‬

‫ف‪.‬‏ إضافة إلى التساؤل‬ ‫بانبعاث اليمني املتطر ‏‬ ‫املرير الذي يواجه جميع القوى السياسية هذا‬ ‫الغياب التاريخي غير املسبوق‏‪ .‬في‏‪14‬‏ آذار ‪2012‬‬ ‫هل سيتكرر وهل سيتزايد؟‬ ‫وفي ظل هذه األجواء والظروف‏‪.‬‏‪ .‬يرى البعض‬ ‫أن الرئيس ساركوزي ليس أمامه سوى واحد من‬ ‫خيارين‏‪:‬‏‬ ‫إما ان يواصل أسلوب احلزم السياسي‏‪..‬‏‬ ‫اإلرادة السياسية التي أقنع بها الناخبني‬ ‫الفرنسيني في عام‏‪،2007‬‏ وحقق من خاللها‏‪..‬‏‬ ‫مع اآللة احلزببة القوية واملنظمة واملعبأة‬ ‫انتصارا ً كبيراً‪،‬‏ ولكن مع اخملاطرة هذه املرة‬ ‫بأن يواجه باملزيد من استياء الفرنسيني‬ ‫ورفضهم خصوصا ً بعد أن شعروا بأن أيا ً مما‬ ‫حتمسوا للتصويت من أجله عام ‏‪2007‬‏ عن‬ ‫قطيعة مع املاضي وإصالحات حتقق وثبة في‬ ‫االقتصاد الفرنسي وفي املستوى املعيشي‏‪.‬‏‬ ‫لم يكن سوى مجرد وهم انتخابي لم يتحقق‬ ‫منه على أرض الواقع سوى القليل القليل إن‬ ‫كان قد حتقق شيء على اإلطالق‪.‬‏‬ ‫وإما تهدئة إيقاع وحجم اإلصالحات‬ ‫املعلنة مع اخملاطرة بأن يبدو كأنه قد فشل‬ ‫في حتقيق اإلصالحات التي كثيرا ً ما الم‬ ‫أسالفه في إهمال حتقيقها أو أنه تخلى عن‬ ‫هذه اإلصالحات وفي كلتا احلالتني سيكون‬ ‫قد خيب آمال الناخبني الذين صوتوا له وحلزبه‬ ‫بكثافة عام‏‪.2007‬‏‬ ‫وإذا كان ساركوزي يشعر حاليا ً بأنه ال توجد‬ ‫بني اليسار املشتت شخصية جتمعه وتنافس‬ ‫على الرئاسة فماذا إذا جاء فرانسوا هوالند خان‬ ‫الذي اعتبرته استطالعات الرأي الشخصية‬ ‫التي حتظى باملكانة األولى في االنتخابات‬ ‫الرئاسية؟‏‬


‫على غرار النموذج األميركي‬ ‫اإلشتراكيون الفرنسيون‬ ‫اختاروا مرشحاً ملنافسة‬ ‫ساركوزي في انتخابات الرئاسة‬ ‫توجه الناخبون االشتراكيون في فرنسا إلى‬ ‫صناديق االقتراع الختيار مرشح عن حزبهم‬ ‫اليساري لينافس الرئيس الفرنسي نيكوال‬ ‫ساركوزي في االنتخابات الرئاسية املقررة في‬ ‫نيسان القادم‏‪.‬‬ ‫ويتنافس فرنسوا هوالند ‪ 57-‬عاما‪ -‬الذي‬ ‫شغل رئاسة احلزب االشتراكي سابقا ً مع وزيرة‬ ‫العمل السابقة مارتني أوبري ‪ 62-‬عاما‪ -‬في‬ ‫الدورة الثانية من أول انتخابات متهيدية على‬ ‫منط االنتخابات األولية في الواليات املتحدة‬ ‫الختيار مرشحي األحزاب خلوض االنتخابات‬ ‫الفرنسية‪ .‬وأظهرت استطالعات الرأي أن‬ ‫هوالند رمبا هو املرشح األوفر حظا ً إذ تقدم على‬ ‫منافسته أوبري بفارق ست نقاط‪ ،‬كما عزز‬ ‫موقفه على منافسته بضمان تأييد املرشحني‬ ‫األربعة اآلخرين الذين خرجوا من اجلولة األولى‪.‬‬ ‫وكان هوالند قد حصل على نسبة تأييد ‪%39‬‬ ‫خالل اجلولة األولى مقابل ‪ %30‬ملنافسته‬ ‫أوبري‪ .‬من جانبها‪ ،‬وجهت أوبري انتقادات الذعة‬ ‫ملنافسها الذي تتهمه بأنه يتبني مصطلحات‬ ‫اليمني ويفتقد للصالبة التي متكنه من هزمية‬ ‫ساركوزي‪ ،‬فضال ً عن كونه غامضا بشأن‬ ‫االلتزامات والتعهدات السياسية‪ .‬ويؤكد‬ ‫احملللون أنه على الرغم من محاوالت أوبري‬ ‫لتصوير الصراع على أنه بني اليسار املتشدد‬ ‫ممثال ً في شخصها في مواجهة اليسار املائع‬ ‫ممثال في شخص هوالند‪ ،‬إال أن كالهما ينتميان‬ ‫للتيار الوسطي في احلزب االشتراكي‪.‬‬ ‫وشارك في االقتراع نحو عشرة آالف مركز‬ ‫اقتراع عبر البالد على مدى عشر ساعات‬ ‫متواصلة‪ ،‬ويود االشتراكيون من مرشحهم ‪-‬‬ ‫أي كان الفائز‪ -‬أن يستغل زخم اللحظة الراهنة‬ ‫في هزمية مرشح اليمني نيكوال ساركوزي‪.‬‬ ‫وتشير استطالعات الرأي أن الناخبني‬ ‫الفرنسيني مستعدون إلعادة اليسار الى‬ ‫السلطة بعد خمس سنوات من حكم ساركوزي‬ ‫احملافظ الذي ال يحظى بشعبية وإن كان من‬ ‫املعتقد على نطاق واسع أنه سيسعى للفوز‬ ‫بفترة رئاسية أخرى مدتها خمس سنوات‪.‬‬ ‫وكان املرشح املفضل لليسار خلوض‬ ‫انتخابات الرئاسة هو الرئيس السابق لصندوق‬ ‫النقد الدولي دومنيك ستروس كان لكن آماله‬ ‫الرئاسية تبددت بعد اعتقاله في نيويورك في‬ ‫أيار املاضي بسبب اتهامه بالتحرش اجلنسي‬ ‫بخادمة في فندق‪ .‬وأسقطت محكمة في‬ ‫نيويورك بعد ذلك هذه االتهامات‪.‬‬

‫اجتماع اليسار الفرنسي النتخاب مرشحه للرئاسة‬

‫ومتكن هوالند وأوبري بسهولة من ملء‬ ‫املكان الشاغر الذي خلفه ابتعاد ستروس كان‬ ‫عن السباق في ظل إصابة كثير من الناخبني‬ ‫بالضجر من ساركوزي وسياساته االقتصادية‪.‬‬ ‫وفي اجلولة األولى من االنتخابات كان أداء‬ ‫احلزب االشتراكي أفضل بحصوله على ‪ % 25‬من‬ ‫األصوات تاله احلزب احلاكم بنسبة ‪ % 17‬وخلفه‬ ‫بفارق بسيط اجلبهة الوطنية بحصولها على‬ ‫‪ % 15‬وهي نسبة قياسية بالنسبة لها‪.‬‬

‫أبعاد الفوز‪..‬‬

‫شخصيات الدولة ويتولى مهام الرئاسة‬ ‫بالوكالة في حال كان الرئيس عاجزا ً عن ذلك‬ ‫لسبب ما‪ ،‬وميلك صالحيات تعيني مهمة‪.‬‬ ‫ولن يتمكن مجلس الشيوخ برغم هيمنة‬ ‫اليسار من تعطيل خطط ساركوزي التشريعية‬ ‫لكن فقدان اليمني ملعقل يسيطر عليه منذ‬ ‫فترة طويلة ميثل انتكاسة رمزية خاصة عندما‬ ‫يؤخذ جنبا ً الى جنب مع التراجع املستمر في‬ ‫شعبية ساركوزي الذي مازال واحدا ً من أقل‬ ‫الرؤساء شعبية في فرنسا في فترة ما بعد‬ ‫احلرب ويتوقع أن يجد صعوبة في الفوز في‬ ‫انتخابات الرئاسة التي جترى على جولتني في‬ ‫نيسان وأيار ‪.2012‬‬

‫رغم أن مجلس الشيوخ ال ميكنه إسقاط‬ ‫حكومة‪ ،‬لكنه يستطيع منع إدخال تعديالت‬ ‫على الدستور‪ .‬كما أن رئيس مجلس الشيوخ قراءة في االنتخابات اإلقليمية‬ ‫هو ثاني أرفع شخصية سياسية في البالد‪،‬‬ ‫الفرنسية‬ ‫ووفقا ً للدستور فإنه في حالة استقالة رئيس‬ ‫الدولة أو وفاته خالل توليه منصبه‪ ،‬فإن رئيس‬ ‫اجتاحت شوارع باريس وساحاتها الهامة‬ ‫مجلس الشيوخ يتولى املنصب حلني إجراء‬ ‫عشرات اآلالف من املتظاهرين واملضربني في‬ ‫انتخابات جديدة‪.‬‬ ‫حقلي العمال ‏والتعليم‪ ،‬والتي دعت إليها‬ ‫وميثل مجلس الشيوخ الفرنسي الذي يهيمن‬ ‫كل النقابات‪ ،‬وما حمل هؤالء وشجعهم على‬ ‫عليه الذكور واملسنون‪ ،‬الكيانات الريفية‬ ‫اخلروج وشحن القدرة على ‏مواجهة سياسة‬ ‫الفرنسية الصغيرة احملافظة تقليدياً‪ .‬وينتخب‬ ‫سيد األليزيه “ساركوزي”‪ ،‬هو النجاح الكاسح‬ ‫أعضاؤه وفق طريقة اقتراع معقدة وغير مباشرة‪،‬‬ ‫الذي حققه جتمع اليسار ممثال ً بتحالف كال من‬ ‫باألغلبية أو بالنسبية‪ .‬وال ينتخب الشعب‬ ‫“‏احلزب االشتراكي‪ ،‬حزب اخلضر‪ ،‬وجبهة اليسار”‬ ‫أعضاء مجلس الشيوخ مباشرة‪ ،‬بل ينتخب‬ ‫ً في اجلولة الثانية من االستحقاق االنتخابي‪،‬‬ ‫أعضاء اجمللس من قبل ‪ 71951‬مندوبا ً منتخبا‬ ‫خاصة وأن جناح ‏اليسار قام على أهم امللفات‬ ‫معظمهم من اجملالس احمللية واإلقليمية‪ ،‬وهذا‬ ‫وأكثرها حساسية وتقف وراءها كل النقابات‬ ‫النظام االنتخابي املعقد الذي يعتمد النسبية‬ ‫الفرنسية بكل انتماءاتها واملتعلقة بإصالح‬ ‫او الغالبية بحسب املقاطعات‪ ،‬سبق أن أعطى‬ ‫‏مخططات التوظيف في حقل التعليم‬ ‫األفضلية لليمني‪.‬‬ ‫والعمال وإعادة النظر في تقليص الكثير‬ ‫وقد يحتم انتصار اليسار في االنتخابات‬ ‫من الوظائف وفي سن التقاعد‪ ،‬الذي ‏رفعته‬ ‫تغيير رئيس مجلس الشيوخ الذي يعتبر ثاني‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫حكومة ساركوزي للخامسة والستني من‬ ‫العمر‪ ،‬األمر الذي ترفضه النقابات ويرفضه‬ ‫معظم أبناء الشعب ‏الفرنسي‪ ..‬وفي ايجاد‬ ‫فرص جديدة للقضاء على النسبة املرتفعة‬ ‫لعطالة العمل بني فئات الشباب خاصة‪.‬‏‬ ‫لقد عودنا هذا الشعب أنه ال ينام على‬ ‫ظلم أو انتقاص حلق من حقوقه‪ ،‬وأنه ال‬ ‫يخاف سلطة ‏انتخبوها ونصبوها بأيديهم‬ ‫حني تخرق متطلباتهم وتغامر مبستقبلهم‬ ‫ولقمة عيشهم‪ ،‬فهم من فسح اجملال النطالق‬ ‫‏ساركوزي نحو القمة‪ ،‬لكنهم كفيلني بإعادته‬ ‫إلى مكانه الطبيعي بينهم‪...‬حني يخلف مبا‬ ‫وعد ويخطيء في حساباته ‏ويضع مخططات‬ ‫غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع‪ ،‬سواء من‬ ‫خالل من وضعوها أو من خالل من وافقوا ووقعوا‬ ‫‏عليها‪...‬لذا كان الفشل مصير اليمني ‪...‬إمنا أدى‬ ‫لقيام نار قال عنها يوما ً ساركوزي نفسه في‬ ‫عام ‪ 2007‬إنها “تدهورت ‏وانهزمت ولن تعود ملا‬ ‫كانت عليه” ‪ ...‬وكان يقصد “اجلبهة الوطنية “‬ ‫بزعامة جان ماري لوبني اليميني‏املتطرف‪ ،‬والتي‬ ‫صعدت لتصبح في هذه االنتخابات القوة‬ ‫الثالثة وحتصل على نسبة ‪ %17.9‬ــ حسب‬ ‫تقرير وزير ‏الداخلية الصادر عن استحقاقات‬ ‫الدورة الثانية لالنتخابات (عن اللوموند ولو‬ ‫باريسيان) أي هنا يكمن اخلطر على مستقبل‬ ‫فرنسا‪ ،‬وجاء على لسان صحيفة الفيغارو ما‬ ‫مفاده أن “جناح ‏اليمني املتطرف أحد املعالم‬ ‫الهامة لالستحقاقات ومؤشر على التطور‬ ‫الذي ستشهده الساحة السياسية ـــ‬ ‫واملقصود هنا‏االنتخابات الرئاسية والتشريعية‬ ‫القادمة”‪ ،‬وهذا يعيدنا لذاكرة غير بعيدة‪ ،‬حني‬ ‫استطاعت اجلبهة الوطنية في ‏انتخابات‬ ‫الرئاسة ‪ 5‬أيار عام ‪ 2002‬أن تصل للمرتبة‬ ‫الثانية بعد تشرذم اليسار وهزالة طرحه‬ ‫وخاصة االشتراكيني‏بقيادة جوسبان آنذاك‪ ،‬مما‬ ‫دفع الشعب الفرنسي اليقظ امللدوغ من ميني‬ ‫متطرف وتاريخ حمل له مجازرا ً وأدى ‏الحتالل‬ ‫بالده أثناء احلرب العاملية الثانية إلى أن يصطف‬ ‫بكل قوته يسارا ً وميينا ً “معتدال” إلى جانب‬ ‫شيراك وينقذ‏فرنسا من مخالب السيد لوبني‪..‬‬ ‫ويحصل شيراك على معجزة تاريخية ويُنتخب‬ ‫حينها ألكثر من ‪ % 80‬من ‏أصوات الفرنسيني‬ ‫في دورة ثانية كرئيس لفرنسا‪...‬‏‬ ‫بقدر ما فرح العمال وغيرهم من األصول‬ ‫الغريبة وكل طبقة العمال والفالحني وصغار‬ ‫الكسبة النتصار يساري‏يحمل أمالً في التخلص‬ ‫من أوضاعهم املزرية وتدني القدرة الشرائية‬ ‫وغالء األسعار إلى جانب سقف البطالة املريع‬ ‫‏بعد األزمة املالية العاملية‪ ،‬التي طالت كل‬ ‫الشرائح اإلجتماعية وكل مفاصل االقتصاد‬ ‫الفرنسي وألقت بظاللها على ‏احلياة اليومية‬ ‫وزرعت في عيون الفرنسي خوفا ً من الغد‪ ،‬بل‬ ‫وسحبت ثقة املواطن بحكومة ساركوزي‪ ،‬فلو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قارنا ‏انتخابات املناطق عام ‪ 2004‬وقد تضامن‬ ‫اليسار فيها كذلك‪ ،‬لكنه لم يحصل إال على‬ ‫أكثرية نسبية وصلت إلى‏‏‪ %50,34‬بينما حصدت‬ ‫في نهاية الدورة الثانية هذا العام على أكثرية‬ ‫‪.. %54,08‬وفي املقابل حصل اليمني “احتاد‏احلركات‬ ‫الشعبية” على ‪ %35,37‬هذا العام مقابل ‪%36,84‬‬ ‫عام ‪ 2004‬ومع هذا جاء ساركوزي وانتصر في‬ ‫‏الرئاسيات األخيرة‪ ،‬إمنا السؤال الذي يطرح‬ ‫نفسه بحدة عن السبب الذي دفع بساركوزي‬ ‫إلى اإلسراع في عقد ‏اجتماع هام مع رئيس‬ ‫وزرائه السيد فرانسوا فيون ومع نواب حزبه في‬ ‫البرملان‪ ،‬ثم اتخاذ إجراءات إسعافية أدت ‏لتغيير‬ ‫في حقائب وزارية هامة بحكومته‪ ..‬طالت أهم‬ ‫البارزين واحملسوبني على (الساركوزية)‪ ..‬وسحب‬ ‫الثقة من “‏اكزافييه داركوس” وزير العمل ومنح‬ ‫حقيبته لِـ “إيريك ويرث”‪ ،‬واضطراره لتعيني‬ ‫أشخاص محسوبني على غرميه ‏شيراك ومن‬ ‫املقربني له أي “فرانسوا باريون” وتسليمه حقيبة‬ ‫املالية واملوازنة العامة‪ ...‬ومن ثم طال التعديل‬ ‫وزارة ‏اإلدارة العامة ومت تعيني “جورج ترون”‬ ‫سكرتير دولة لإلدارة العامة واحملسوب على عدوه‬ ‫يكتف بذلك‪ ،‬بل‬ ‫اللدود دومينيك دوفيلبان‪ ،‬‏ولم‬ ‫ِ‬ ‫قام بتعيني السيد “مارك فيليب دوبريس” بدال ً‬ ‫من مارتان إيرش كوزير للشباب ويعتبر مارك‬ ‫‏فيليب من احملسوبني على رئيس الوزراء السابق‬ ‫“جان بيير رافاران”‪ .‬هذه احلقائب التي انقلبت‬ ‫على رأس حامليها ‏ممن فشلوا في مناطقهم‬ ‫النيابية وأدت إلى سحب بساط الوزارة من‬ ‫حتتهم‪ ،‬تعني أن ساركوزي يحاول خلط األوراق‬ ‫‏وكسب ثقة آخرين من غير املوالني كليا ً له‬ ‫واحتوائهم‪ ،‬كما فعل حني قرب منه يساريني من‬ ‫أوساط احلزب االشتراكي ‏‏”وزير اخلارجية السيد‬ ‫كوشنير ووزير الثقافة السيد فريدريك ميتران‪،‬‬ ‫وجاك النغ الوزير اليساري السابق للثقافة‏‏”‪.‬‬ ‫ولم يتم تغيير هؤالء‪ ،‬لكن األوساط السياسية‬ ‫تقول‪ ،‬إن كوشنير لن تطول مدة إقامته أكثر من‬ ‫بضعة ‏أشهر‪ .‬حيال هذه التغييرات يحتار املرء‬ ‫ويسأل كيف ميكن ألعضاء في حزب واحد أن‬ ‫يختلفوا وي ُ َّكونوا تكتالت‏داخل نفس احلزب‪ ،‬وهذا‬ ‫بالضبط ما جعل ساركوزي يدني إليه بعض‬ ‫احملسوبني على خصومه داخل حزبه‪ ،‬لكن‏ألدهم‬ ‫دومينيك دوفيلبان ــ الذي أرسله ساركوزي‬ ‫للمحاكم بقضية “ كليرسترمي”‪ ،‬قام بتشكيل‬ ‫“حركة خلدمة الفرنسيني”‪،‬‏والذي أبدى استطالع‬ ‫قامت به “سي إس إيه” لصالح صحيفة فرانس‬ ‫سوار أظهر أن ‪ %16‬من الفرنسيني يرغبون بأن‬ ‫ميثل دوفيلبان حزب “او‏أم بيه”‪.‬‏‬ ‫في الرئاسيات القادمة عام ‪ 2012‬وفي‬ ‫املقابل ‪ %14‬فقط رأوا في ساركوزي ممثلهم‬ ‫للحزب في انتخابات ‪ !2012‬‏كل هؤالء الرؤساء‬ ‫السابقني للوزارة يختلفون مع ساركوزي حول‬ ‫ملف الضرائب على احملروقات‪ ،‬وضريبة ‏الدخل‪،‬‬ ‫والهوية الوطنية‪ ،‬ومع أنه حاول استمالة‬

‫‪52‬‬

‫“جوبيه” ممثل منطقة بوردو‪ ،‬ورافاران‪ ،‬لكنهما‬ ‫اكتفيا باملراقبة‏واالنتظار والنقد‪.‬‏‬ ‫هذه القراءة فيما أوردته الصحف الفرنسية‬ ‫بقدر ما متنحنا بعض األمل في تقدم اليسار‬ ‫تدخل التوجس لقلوبنا جميعا ً حني ‏ننظر ملا‬ ‫آلت إليه حال األحزاب اليسارية على مستوى‬ ‫أوروبا‪ ،‬ففي هولندا خسر اليسار وصعد اليمني‪،‬‬ ‫وفي أملانيا‏جاء مبيركل ممثلة اليمني‪ ،‬وفي ايطاليا‬ ‫تقدم برلسكوني رغم كل ما يثار حوله وما أثير‬ ‫من أقاويل متس االقتصاد ‏واألخالق والتالعب‬ ‫تنج من هذا التصنيف‬ ‫في املال العام‪ .‬ولم ُ‬ ‫سوى إسبانيا‪ ،‬لكن األوضاع الراهنة تشير إلى‬ ‫صعود‏واضح لليمني بعد فشل اليسار في حل‬ ‫املشكالت االقتصاية احلادة التي طالت البالد‬ ‫بعد الهزة املالية العاملية‪ ،‬وبعد ‏التفجيرات‬ ‫اإلرهابية سواء القادمة من القاعدة أم من‬ ‫حركات الباسك‪ ،‬وأما انكلترا فحكومة عمالها‬ ‫تتأرجح وتقف على‏مفترق طرق ولم حتسم بعد‬ ‫أمرها فيما يخص اإلحتاد األوروبي‪ ،‬وكل هذا وذاك‬ ‫يتعلق بشكل كبير باألزمة املالية ‏وبالعملة‬ ‫املوحدة “اليورو” ومدى جدواها وصالحياتها في‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬خاصة بعد أزمة اليونان وانهيار‬ ‫‏اقتصادها أمام مديونيتها للسوق األوروبية‬ ‫وعدم وفائها بالتزاماتها‪ ،‬وألن الكثير من‬ ‫األصوات االقتصادية تنتقد النسبة ‏املرتفعة‬ ‫للفوائد ــ مقارنة بفوائد صندوق النقد الدولي‬ ‫ــ امللقاة على عاتق األعضاء في هذه السوق‬ ‫مع التفاوت في ‏قوة االقتصاد بني دولة وأخرى‪،‬‬ ‫وخاصة بعد أن طرح مدير هذا الصندوق السيد‬ ‫“دومينيك ستراوس”‪ ،‬على اليونان‏قرضا ً بفوائد‬ ‫ال تتجاوز ‪ % 1,5‬بينما فوائد السوق األوروبية‬ ‫تفوق الـ ‪ ،% 5‬ويعتقد أنه سيلعب دورا ً هاما ً‬ ‫في ‏االنتخابات الرئاسية القادمة باعتباره ابن‬ ‫احلزب االشتراكي الفرنسي واخلبير باقتصاده‬ ‫واالقتصاد العاملي‪ ،‬وتصدر ‏بني فترة وأخرى‬ ‫أصوات ترشحه أو تقول بأنه ينوي ترشيح‬ ‫نفسه لرئاسيات ‪.2012‬‏‬ ‫بعد هذا امللخص السريع ملا جرى على‬ ‫الساحة الفرنسية‪ ،‬هل نعتقد أن العقد القادم‬ ‫سيكون يساريا ً في فرنسا؟ وهل‏ميكنها حينها‬ ‫أن تغير من ميزان القوى السياسية األوروبية؟‬ ‫هذا يعتمد على مدى استيعاب اليسار‬ ‫لدرس الفشل عام ‏‏‪ 2007‬وتوحيد صفوفهم‬ ‫في مواجهة خصم عنيد وقوي ال يستهان‬ ‫بقدرته‪ ،‬وكي ال يفسح اجملال مجددا ً لصعود‬ ‫اليمني ‏املتطرف‪ ،‬وبنفس الوقت يضع برنامجا ً‬ ‫مدروسا ً بعناية يهتم بشؤون املطالب امللحة‬ ‫من قوة ‏الشراء‪ ،‬إلى عطالة العمل‪ ،‬إلى سن‬ ‫التقاعد‪ ،‬إلى إعادة النظر باحلقائب الوظيفية‬ ‫التي قلصها ساركوزي في املدارس ‏واملعاهد‬ ‫واملستشفيات‪.‬‏‬

‫إعداد مليس داغر‬


‫منبر اقتصادي‬

‫«الدولة ح ّدك وإنت وين؟»‬ ‫هل يمكن للفقراء أن يثقوا بحكومتهم مرة واحدة؟‬

‫“وين الدولة”؟ السؤال الشهير الذي يطرحه اللبنانيون في ظل غالء‬ ‫معيشي وتقصير وزارات تُعنى بالوضع االجتماعي حيث األولوية دائماً‬ ‫للشأن السياسي‪ % 28 .‬منهم يعيشون في فقر‪ ،‬و ‪ % 8‬في فقر مدقع‬ ‫والى ازدياد‪ ،‬فكان برنامج دعم األسر األكثر فقرا‪ ،‬الذي أطلقته وزارة‬ ‫الشؤون االجتماعية وكأنه حلم يصعب تصديقه بالنسبة الى العائالت‬ ‫الفقيرة‪.‬‬ ‫وهنا يوجد مبادرة على عاتق املواطن الذي يسأل دائماً “وين الدولة”‪،‬‬ ‫فإذا كان يعتبر نفسه يستحق املساعدة فليذهب الى أحد املراكز‬ ‫املوجودة في كل املناطق اللبنانية وليمأل استمارته‪.‬‬ ‫‪ 96‬مركزا ً ستكون جاهزة الستقبال استمارات املواطنني في كل املناطق‬ ‫اللبنانية لتصنيف العائالت وفق معدالت الرفاهية من األكثر فقرا الى األقل‬ ‫فقرا‪ ،‬لتُقدم على أساسها سلة من التقدميات االجتماعية بعدما رصد‬ ‫مجلس الوزراء مبلغ ‪ 28‬مليون دوالر أميركي لهذه الغاية‪.‬‬ ‫ويشمل البرنامج حوالى ‪ 80‬ألف أسرة حتت خط الفقر (أي حوالى ‪400‬‬ ‫ألف لبناني)‪ ،‬يبدأون باالستفادة من سلة املساعدات غير النقدية بدءا‬ ‫من منتصف الربيع املقبل‪ ،‬بعدما يتقدمون بطلباتهم بدءا من تاريخ‬ ‫اإلعالن‪ ،‬إلى ‪ 96‬مركزا لوزارة الشؤون االجتماعية في املناطق كافة‪ ،‬على أن‬ ‫تخضع الطلبات للتدقيق والتحقيق امليداني من قبل ‪ 400‬عامل ومحقق‬ ‫اجتماعي‪.‬‬ ‫وفي املرحلة الثانية تنتقل هذه املعلومات الى وزارة الشؤون االجتماعية‬ ‫من أجل التأكد من صحتها لتح ّول الحقا الى “وحدة اإلدارة املركزية لبرنامج‬ ‫دعم األسر األكثر فقرا في لبنان في رئاسة مجلس الوزراء” التي تدقق‬ ‫باملعلومات الواردة في اللوائح على املستوى الوطني‪ ،‬وذلك عبر الدوائر‬ ‫الرسمية كافة‪ .‬وبعد إدخال احتساب املعدل الرقمي اإلجمالي لكل عائلة‬ ‫وارد ذكرها على اللوائح‪ ،‬يرفع املعدل مرفقا ً باللوائح إلى اللجنة الوزارية‬ ‫املشتركة للشأن االجتماعي ومنها إلى مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫ويستفيد من البرنامج‪ ،‬األسر األكثر فقرا في مواجهة ظروفها املعيشية‬ ‫املتعثرة‪ ،‬مع احلرص على أن ال تخلق هذه املساعدات حافزا ً لعدم العمل‬ ‫واالعتماد املطلق عليها‪ ،‬إمنا تسهيل بناء اإلمكانيات وخلق فرص عمل‬ ‫مناسبة لهذه الشرائح االجتماعية‪ .‬كما يعطي احلق لكل أسرة لبنانية‬ ‫للتقدم من الدولة طلبا ً للمساعدة‪ ،‬عمالً مببدأ املساواة‪ ،‬العدالة ومساعدة‬ ‫األسر األكثر حاجة‪.‬‬ ‫واملساعدات ستكون شهرية وتتركز حول املساعدات اخلدماتية كاملشاركة‬ ‫في دفع نسبة معينة من كلفة فاتورة االستشفاء ورسوم التسجيل في‬ ‫املدارس وفاتورة الكهرباء‪ ،‬على أن تواكبها متابعة لتطور األسرة اقتصاديا‪.‬‬ ‫وستكون الئحة املستفيدين األوائل جاهزة ابتداء من شهري نيسان وأيار‬ ‫من العام القادم‪ ،‬وعلى كل مواطن يسأل “وين الدولة” أن يستفيد من اخلطة‬ ‫املطروحة ويعيد ثقته املفقودة فيها وينتظر الى حني ظهور النتائج للتأكد‬ ‫من جدية العمل واالستفادة منه‪.‬‬ ‫وفي حني تنتظر العديد من األسر لفتة صغيرة من أي مسؤول تكون كبادرة‬ ‫أمل صغيرة تنتشلها من العوز الذي تغرق فيه‪ ،‬يبقى األمل كبيرا ً في أن ال‬ ‫تُستعمل هذه اللوائح في غير مكانها وألسباب ال تشبه أبدا ً األهداف التي‬ ‫ُوضعت من أجلها‪ ،‬فتنتقل من مساعدة األسر األكثر فقرا ً الى املتاجرة بها‪.‬‬ ‫لكن هل ميكن للفقراء أن يثقوا مرة واحدة بالدولة ويتقدموا‬ ‫بطلباتهم الى وزارة الشؤون اإلجتماعية إلحصاء أعدادهم وتقدمي ما‬ ‫يلزم حلاالتهم؟‬

‫إعداد‪ :‬لور عقل‬

‫‪53‬‬

‫مراكز وزارة الشؤون االجتماعية‬ ‫في مختلف المحافظات‬ ‫يتوزع ‪ 96‬مركزا لوزارة الشؤون االجتماعية في املناطق كافة‪ ،‬لتلقي‬ ‫طلبات املواطنني‪ ،‬وتوزيعها هو كما يلي‪:‬‬ ‫محافظة بيروت‬ ‫ االدارة املركزية السرايا ‪ -‬االدارة املركزية الوزارة ‪ -‬االشرفية ‪ -‬طريق‬‫اجلديدة ‪ -‬املصيطبة ‪ -‬املزرعة‪.‬‬ ‫محافظة جبل لبنان‬ ‫ عني الرمانة ‪ -‬الشياح ‪ -‬الغبيري ‪ -‬حي السلم ‪ -‬احلدث ‪ -‬برج البراجنة‬‫ صاليما ‪ -‬عاليه ‪ -‬حمانا ‪ -‬كفرحيم ‪ -‬اخملتارة ‪ /‬بقعاتا ‪ -‬جون ‪ -‬دير القمر‬‫ عانوت ‪ -‬الدامور ‪ -‬الكحالة ‪ -‬سن الفيل ‪ -‬بعبدات ‪ -‬بكفيا ‪ -‬البوشرية‬‫ برج حمود ‪ -‬يحشوش ‪ -‬جونية ‪ -‬غزير ‪ -‬عشقوت ‪ -‬جبيل ‪ -‬ميفوق ‪-‬‬‫اهمج ‪ -‬قرطبا ‪ -‬بحمدون ‪ -‬عني زحلتا‪.‬‬ ‫محافظة الشمال‬ ‫ زغرتا ‪ -‬مرياطة ‪ -‬باب التبانة ‪ -‬املينا ‪ -‬سير الضنية ‪ -‬بخعون ‪-‬‬‫القبيات ‪ -‬ببنني ‪ -‬دنبو‪ /‬عكار ‪ -‬رحبة ‪ -‬احليصة ‪ -‬حلبا ‪ -‬مشمش ‪ -‬وادي‬ ‫خالد ‪ -‬أميون‪ /‬دار بعشتار البلدية ‪ -‬كفرحزير ‪ -‬زان ‪ -‬دوما ‪ -‬البترون ‪-‬‬ ‫بشري ‪ -‬البيرة‪ /‬عكار‪.‬‬ ‫محافظة البقاع‬ ‫ بعلبك ‪ -‬راس بعلبك ‪ -‬شمسطار ‪ -‬الهرمل ‪ -‬حوش االمراء ‪ -‬صغبني‪-‬‬‫قب الياس ‪ -‬مشغرة ‪ -‬جب جنني ‪ -‬راشيا الوادي ‪ -‬الرفيد ‪ -‬اللبوه ‪ -‬املرج‬ ‫ّ‬ ‫ عني عطا ‪ -‬عرسال‪.‬‬‫محافظة اجلنوب‬ ‫ صيدا‪ -‬حارة صيدا‪ -‬برجا‪ -‬لبعا‪ -‬جزين‪ -‬الصرفند‪ -‬اخلرايب‪ -‬البيسارية‪-‬‬‫صور‪ -‬جبال البطم‪.‬‬ ‫محافظة النبطية‬ ‫برج رحال‪ -‬الشهابية‪ -‬اخليام‪ -‬العديسة‪ -‬بليدا‪ -‬عيتا‪-‬الشعب ‪-‬‬ ‫رميش‪ -‬بنت جبيل‪ -‬تبنني – النبطية – عربصاليم ‪ -‬جبشيت‪ -‬شبعا‪-‬‬ ‫مرجعيون‪ -‬حاصبيا‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫عولمة إحتجاجات وول ستريت‬ ‫‪ % 99‬من الشعب األميركي يرسم ربيعه ضد ‪% 1‬‬ ‫االحتجاجات الشعبية التي شهدتها بعض شوارع‬ ‫نيويورك وباألخص منطقة «وول ستريت» العصب‬ ‫املالي األميركي‪ .‬مرشحة للتوسع في واليات أميركية‬ ‫أخرى وقد ظهرت بوادر ذلك في بوسطن‪ ،‬وشيكاغو‪،‬‬ ‫وسان فرانسيسكو‪ ،‬ولوس أجنلس‪ ،‬وهذا ما أقلق اإلدارة‬ ‫األميركية بشدة‪ .‬فانعكاسات إشعاعات الربيع العربي‬ ‫قد جتاوزت حدود أميركا وأن منظمو احلركة االحتجاجية‬ ‫ال يخفون اعتزازهم وتعلقهم بالربيع العربي‪.‬‬ ‫واملثير للدهشة والتساؤل هو التعامل القاسي‬ ‫للشرطة األميركية في مواجهة املتظاهرين املساملني‬ ‫الذين ال يحملون سوى يافطات وال يطالبون إال باحلقوق‬ ‫املشروعة ألبناء الشعب وسط صمت وسائل اإلعالم‬ ‫األميركية وتعتيمها على ما يجري في «وول ستريت»‬ ‫وهذا ما يذكرنا بالسياسة االزدواجية لساسة أميركا‪.‬‬ ‫إن «احتالل وول ستريت» ليس أمرا ً مستجدا ً تشهده‬ ‫أميركا‪ ،‬إذ تعود جذور الشعوبية األميركية إلى أيام‬ ‫إعالن االستقالل في عهد الرئيس توماس جفرسون‪.‬‬ ‫وبالرغم ما يشاع في أميركا اليوم من أن ما يجري‬ ‫حدث عابر ومألوف‪ ،‬فإن الغضب والعواطف احلالية من‬ ‫شأنها أن تقف عائقا ً في وجه جتاهل احلركة االحتجاجية‬ ‫التي بدأت تتسع في أميركا منذرة بربيع أميركي قادم‪،‬‬ ‫إذ بعد أن أخذت احلركة االحتجاجية في «وول ستريت»‬ ‫باالنتشار في األيام األخيرة‪ ،‬من شرقي البالد إلى غربها‪،‬‬ ‫ومن شمالها إلى جنوبها‪ ،‬وفي ظل غياب أي هرم قيادي‬ ‫فيها‪ ،‬كثرت التحليالت حول طبيعة هذه احلركة حيث‬ ‫ُوصفت بنموذج يساري حلركة حفلة الشاي اليمينية‪ ،‬أو‬ ‫حتى بنموذج أميركي لربيع الثورات العربي ومستقبلها‬ ‫وإلى أي حد قد تكون ذات فعالية؟ ومن سير ّد أولئك‬ ‫الذين يحملون شعار نحن الـ ‪% 99‬؟ وما هي الدروس‬ ‫التي ميكن أن يستقيها «شباب وول ستريت»‪ ،‬الذين‬ ‫يواجهون حاليا ً أزمة «صورة»‪ ،‬من «رفاقهم» الشباب في‬ ‫ميدان التحرير الذين جنحوا في إطاحة الرئيس حسني‬ ‫مبارك‪.‬‬ ‫وامتد تأثير احلركة‪ ،‬ليصل إلى أنحاء مختلفة‬ ‫من العالم‪ ،‬في عشرات املدن في أميركا الشمالية‪،‬‬ ‫واجلنوبية‪ ،‬وأوروبا‪ ،‬وآسيا‪ ،‬وأستراليا‪ ،‬على شكل‬ ‫مظاهرات واعتصامات سلمية في الغالب‪ ،‬وأعمال‬ ‫شغب واشتباكات مع الشرطة في بعض األحيان‪.‬‬ ‫وكان من أكثرها حشدا ً وعنفا ً مظاهرات روما يوم‬ ‫السبت ‪ 15‬تشرين األول‪ ،‬حني جتمع آالف املتظاهرين‪،‬‬ ‫سلمياً‪ ،‬ولكن مجموعات صغيرة من الشباب حولتها‬ ‫إلى أعمال شغب‪ :‬أضرموا النار في بعض املباني‬ ‫ومركبات األمن‪ ،‬واشتبكوا مع الشرطة‪ ،‬مما أدى إلى جرح‬ ‫العشرات من اجلانبني‪.‬‬ ‫وقد عكست املظاهرات رسائل مختلفة في‬ ‫ظاهرها‪ .‬ولكن ما يجمع بينها‪ ،‬بصرف النظر عن‬ ‫مكانها‪ ،‬ولغتها وحجمها‪ ،‬هو التعبير عن اإلحباط‬ ‫بسبب الفجوة املتزايدة بني األغنياء والفقراء‪ ،‬والبطالة‪،‬‬ ‫وانعدام األخالقيات في إدارة االقتصاد‪ ،‬واتهام القطاع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املالي باملساهمة في ذلك‪ ،‬إن لم يكن السبب األساسي‬ ‫لها‪ .‬فكما هو واضح من اسم احلركة‪ ،‬هي موجهة‬ ‫أساسا ً ضد هذا القطاع‪ ،‬حيث يصب احملتجون جام‬ ‫غضبهم على رموزه‪ .‬ففي روما هاجم احملتجون بعض‬ ‫البنوك وأضرموا النار فيها‪ ،‬وفي ‪،Village Greenwich‬‬ ‫اعتصم احملتجون في ساحة سيتيبانك‪ ،‬إلى أن أخلتها‬ ‫الشرطة بالقوة‪ ،‬مع إغالق البنك فترة من الوقت‪ .‬أما‬ ‫في جنوبي منهاتن‪ ،‬فقد دخل بعض احملتجني إلى بنك‬ ‫“تشيس” وسحبوا أرصدتهم وأغلقوا حساباتهم في‬ ‫حركة رمزية‪ ،‬في حني كان املئات متظاهرين أمام البنك‬ ‫يقرعون الطبول وينشدون األناشيد العدائية‪.‬‬ ‫وكان أحد أكبر احلشود تظاهرة أمام البنك املركزي‬ ‫األوروبي في فرانكفورت‪ .‬ولهذا داللته الرمزية‪ ،‬فالكثيرون‬ ‫في أوروبا يلومون العملة األوروبية املوحدة (اليورو)‪ ،‬التي‬ ‫يشرف عليها هذا البنك‪ ،‬على األزمة في أوروبا‪.‬‬ ‫وفي واشنطن أخذت االحتجاجات طابعا ً سياسيا ً‬ ‫مصاحبا ً للطابع االقتصادي‪ ،‬فتظاهر احملتجون أمام‬ ‫البيت األبيض ووزارة اخلزانة‪ ،‬واعتصموا في احلدائق‬ ‫العامة‪ .‬ولكن احلركة ظلت مركزة على القطاع املالي‪،‬‬ ‫الذي اتهمه املتظاهرون بأنه من يتحكم في القرار‬ ‫األميركي‪ ،‬بصرف النظر عمن يتم انتخابه في البيت‬ ‫األبيض أو الكوجنرس‪.‬‬ ‫وهناك تطور جديد هذا األسبوع وهو أن بعض‬ ‫أقطاب القطاع املالي بدأوا في تأييد احلركة‪ ،‬خاصة‬ ‫لو استطاعت دفع صانعي القرار إلى إعادة التقييم‪،‬‬ ‫والعمل على حتقيق مكاسب حقيقية لالقتصاد‪ ،‬مثل‬ ‫تخفيض البطالة‪ .‬وما لم يتم ذلك‪ ،‬فقد تصبح احلركة‬ ‫سلبية‪ ،‬محبطة‪ ،‬ورمبا عنيفة‪.‬‬ ‫وكان واضحا ً أن إصالح القطاع املالي ليس الوحيد‪ .‬إذ‬ ‫أن سبب األزمة التي أفرزت حركة االحتجاج‪ ،‬هو التشوه‬ ‫في ثالث أسواق رئيسية‪ ،‬أولها‪ :‬سوق اإلسكان‪ ،‬حيث‬

‫‪54‬‬

‫تصادر البنوك كل يوم املنازل املرهونة‪ ،‬وهي أزمة مالية‬ ‫في جوهرها‪ .‬والثاني‪ :‬البطالة الهيكلية‪ ،‬أو الدائمة‪،‬‬ ‫في سوق العمل‪ ،‬وهذا هو النوع اخمليف من البطالة‪،‬‬ ‫التي تق ّدر بنحو ‪ ،%20‬والثالث هو سوق االئتمان‪ ،‬حيث‬ ‫يحصل الكبار على التمويل‪ ،‬في حني ال تستطيع‬ ‫الشركات املتوسطة والصغيرة احلصول عليه‪.‬‬ ‫ويشير اخلبراء‪ ،‬إلى أن ثمة فجوة سحيقة بني صانعي‬ ‫السياسة واملواطن العادي‪ .‬فصانعو القرار يعتمدون‬ ‫على منطق الدورة االقتصادية‪ ،‬ويعتقدون أنهم لو‬ ‫انتظروا وقتا ً كافيا ً مل ّرت األزمة‪ ،‬وعاد االقتصاد إلى وضع‬ ‫النمو واالزدهار‪ .‬أما املواطن‪ ،‬بعد مرور عدة سنوات منذ‬ ‫بدء الركود االقتصادي في عام ‪ ،2008‬فقد بدأ يعتقد‬ ‫أن املشكلة ليست دورية‪ ،‬بل إن هناك أزمة هيكلية‬ ‫في االقتصاد‪ ،‬وال يستطيعون االنتظار إلى أن يصحح‬ ‫االقتصاد نفسه بنفسه‪ ،‬ألنهم لم يعودوا مؤمنني‬ ‫بإمكانية ذلك في املستقبل القريب‪.‬‬ ‫وفي كندا قام أكثر من عشرة آالف شخص بإطالق‬ ‫الهتافات املناهضة للشركات في تظاهرات سلمية في‬ ‫مدن في انحاء البالد‪.‬‬ ‫وفي العاصمة البرتغالية خرج نحو ‪ 50‬ألف شخص‬ ‫في تظاهرات‪ ،‬وجرت تظاهرات اصغر وأكثر سلمية في‬ ‫جنيف وميامي ومونتينيغرو وسراييفو وصربيا وفيينا‬ ‫وزيوريخ حيث هتف املتظاهرون بشعارات معادية‬ ‫للراسمالية‪.‬‬ ‫وفي املكسيك والبيرو وتشيلي خرج اآلالف في‬ ‫تظاهرات احتجاجا ً على ما وصفوه بأنه نظام مالي غير‬ ‫نزيه وبطالة مرتفعة‪.‬‬ ‫وانضم مواطني استراليا ونيوزيلندا إلى االحتجاجات‬ ‫العاملية التي تندد بجشع الشركات الرأسمالية‪ ،‬وفي‬ ‫ماليزيا‪ ،‬جذبت احلركة نحو ‪ 200‬في كواالملبور‪.‬‬ ‫وفي كوريا اجلنوبية‪ ،‬لم يشارك سوى عدد قليل‬


‫في االحتجاجات في هونغ كونغ جنوب الصني‪ ،‬في‬ ‫حني جتمع بضع مئات من “الغاضبني” في العاصمة‬ ‫الفرنسية باريس‪.‬‬ ‫وشهدت جنوب أفريقيا مظاهرات مماثلة في مدن‬ ‫رئيسة منها جوهانسبرغ ودوربان وكيب تاون‪ ،‬وفي آسيا‬ ‫خرج املئات في العاصمة اليابانية طوكيو مبشاركة‬ ‫محتجني مناهضني للطاقة النووية‪ ،‬وفي مانيال عاصمة‬ ‫الفلبني نظم بضع عشرات مسيرة إلى السفارة‬ ‫األميركية‪ ،‬رافعني الفتات تقول “تسقط اإلمبريالية‬ ‫األميركية” و”الفلبني ليست للبيع”‪.‬‬ ‫وفي جاكرتا جتمع عشرات األشخاص‪ ،‬وبعضهم‬ ‫على وجهوهم أقنعة‪ ،‬قرب مبنى السفارة األميركية‬ ‫للمطالبة بالقضاء على السلطة األميركية والنظام الد‪ .‬زياد احلافظ‪ :‬ارباك عند النخب احلاكمة في أميركا‬ ‫االمبريالي‪.‬‬ ‫فصعوبة “استيعاب” ما يجري في “وول ستريت” محرجة بااللتزام بقيود ضابطة لسلوكها االقتصادي‬ ‫حالياً نقله اخلبير االقتصادي الدكتور زياد احلافظ في واملالي والنقدي‪ ،‬وبالتالي استم ّرت في سياسة اعتماد‬ ‫االستهالك كاحمل ّرك األساسي للعجلة االقتصادية‪،‬‬ ‫حوار هنا نصه‪:‬‬ ‫وفرضت ذلك النموذج على معظم دول العالم‪ .‬ومما زاد‬ ‫احلافظ‪ :‬حتوّل االقتصاد األميركي الطني ب ّلة حت ّول االقتصاد األميركي من اقتصاد منتج‬ ‫إلى اقتصاد ريعي مالي على حساب اإلنتاج‪ .‬ففي بداية‬ ‫من اقتصاد منتج إلى اقتصاد‬ ‫الستينيات من القرن املاضي كانت الواليات املتحدة‬ ‫الدولة املنتجة األولى واملص ّدرة للسلع واخلدمات‪ .‬أما‬ ‫ريعي مالي‬ ‫اليوم فأصبحت تستورد معظم حاجاتها بعد أن أعادت‬ ‫توطني قاعدة إنتاجها الصناعي في الدول الناشئة‬ ‫خالل األسابيع القليلة املاضية‪ ،‬أصاب الكثير لالستفادة من اليد العاملة الرخيصة وق ّلة أو ضعف‬ ‫من السياسيني والصحفيني رعب شديد بسبب ما القيود الضابطة‪ ،‬وخاصة في ما يتع ّلق بالضرائب‬ ‫العمال والبيئة‪.‬‬ ‫يحدث للحالة االقتصادية‪ ،‬فهل لهذه التخوفات ما وبحقوق ّ‬ ‫يبررها وما هو عمق األزمة احلالية؟‬ ‫فتراجع اإلنتاج الصناعي األميركي واكبه تق ّدم‬ ‫هو‬ ‫للنظر‬ ‫وامللفت‬ ‫ما نراه في حتركات وول ستريت‬ ‫اإلنتاج الصناعي اخلارجي وخاصة في االقتصادات‬ ‫حالة اإلنكار من النخب احلاكمة سواء من احلزب الناشئة كالصني وكوريا اجلنوبية والهند‪ ،‬وقبلها‬ ‫الدميقراطي أو اجلمهوري حلجم األزمة‪ ،‬كل ما يقدمون اليابان وتايوان وأوروبا الغربية‪ .‬أ ّدى ذلك األمر إلى تراجع‬ ‫عليه حتى اآلن هو معاجلة ظواهر األزمة وليس أسباب الصادرات األميركية رافقها تقدم الواردات وبالتالي إلى‬ ‫األزمة‪ ،‬فالدين بحد ذاته والنفقات هي نتائج وأسباب ال تفاقم العجز في امليزان التجاري‪ .‬وهذا التفاقم في‬ ‫يريدون التكلم عنها‪.‬‬ ‫العجز في امليزان التجاري رافقه عجز آخر في املوازنة‬ ‫الذي حصل بالفعل في وول ستريت هو انهيار العامة أ ّدى إلى تراكم الديون على احلكومة االحتادية‬ ‫لنموذج العمل «‪ ”model business‬الذي يرتكز على األميركية‪.‬‬ ‫قاعدة بسيطة جداً‪ :‬أوال ً النمو ال يحصل إال عبر زيادة‬ ‫والسؤال الذي يُطرح دائما هو ما هي عالقة الدين‬ ‫االستهالك‪ ،‬الذي ال ميكن أن يحصل دون الدخل الفردي العام األميركي مع العجز في امليزان التجاري؟ فإذا‬ ‫وهنالك ثقافة متجذرة في هذا املوضوع لتشجيع انطلقنا من خانة االستيراد مثال فال بد من متويل لذلك‬ ‫يتم من‬ ‫االستهالك تبدأ باملدارس االبتدائية بحيث يعطون االستيراد‪ ،‬أي مبعنى آخر إيجاد العملة التي ّ‬ ‫الطلبة بطاقات االئتمان ليتعودوا على الصرف خاللها دفع قيمة الواردات‪ .‬فإذا أخذنا على سبيل املثال‬ ‫واالستهالك‪ ،‬هذا األمر امتد على صعيد األسرة التي التجارة مع اليابان فال بد للواليات املتحدة أن جتد كمية‬ ‫تريد أن حتقق نصيبها من ما يسمى باحللم األميركي كافية من الني لدفع قيمة مستورداتها من اليابان‪.‬‬ ‫لتحقيق حاجاتها‪ ،‬بحيث تصبح نفقات األسرة تفوق ومبا أن اخملزون األميركي من الني محدود فال بد للواليات‬ ‫الدخل وكذلك األمر بالنسبة للشركات التي تعتبر املتحدة أن تشتري الني في األسواق اخلارجية وخاصة‬ ‫أنه عبر االستدانة تقوم بعملية الرافعة االقتصادية من اليابان‪ .‬وهنا بيت القصيد‪ :‬فالواليات املتحدة تعرض‬ ‫وبالتالي حتقق مردودا ً أكثر على الرأسمال األصغر‪ ،‬وهذه‬ ‫كمية من الدوالر األميركي مقابل الني الذي تشتريه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أيضا ً سياسة الدولة التي تريد أن تقوم بدور الرعاية أي مبعنى آخر على اليابان أن تقبل بالدوالر املعروض لها‬ ‫وحماية االمبراطورية عبر نفقات موازنة الدفاع وإما لتسديد قيمة صادراتها للواليات املتحدة‪ .‬أي مبعنى آخر‬ ‫عبر االستدانة‪.‬‬ ‫على العالم أن يثق بالواليات املتحدة بقيمة عملتها‪،‬‬ ‫من هنا وبسبب نظام املدفوعات الدولية املعمول بغض النظر عما تقوم به من سياسات إقتصادية‬ ‫به منذ أوائل السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬حيث كان ومالية ونقدية تؤ ّثر في قيمة الدوالر‪.‬‬ ‫الدوالر وما زال العملة املعيارية أصبحت دول العالم‬ ‫وقبلت دول العالم أن تبيع سلعها وخدماتها‬ ‫التي تتعامل بالدوالر وتقبل به كمعيار أساسي للقيمة للواليات املتحدة مقابل دوالرات‪ ،‬ال تدعمها إال دوالرات‬ ‫اخملزونة للتعامل الدولي‪ ،‬رهينة تق ّلبات السياسة تدعمها ثقة العالم مبتانة وضخامة االقتصاد‬ ‫االقتصادية واملالية والنقدية األميركية‪.‬‬ ‫األميركي‪ .‬أي مبعنى آخر‪ ،‬قبل العالم أن يعطي قيمة‬ ‫فالسلطات األميركية لم تكن في يوم من األيام‬

‫‪55‬‬

‫فعلية (منتوجها) مقابل قيمة وهمية (قيمة الدوالر)!‬ ‫وهنا يُطرح السؤال‪ :‬إذا القاضي راضي فأين املشكلة؟‬ ‫أوال القاضي (أي العالم وحتى اجلمهور األميركي) غير‬ ‫راض ولكن ظروفه السابقة واحلالية لم تسـمح له‬ ‫باالعتراض‪ .‬ثانياً‪ ،‬القبول بتزايد الدين العام األميركي‬ ‫إلى ما ال نهاية لم يعد مقبوال حتى داخل الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬فحجم الدين العام األميركي أصبح موازيا‬ ‫للناجت الداخلي األميركي أي تقريبا ‪ 14‬ترليون دوالر ما‬ ‫عدا الفراطة والعداد ّ‬ ‫شغال‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬بغض النظر حول احلصول على اتفاق حول‬ ‫رفع ســقف الدين العام فهناك مشكلة كبيرة تواجه‬ ‫الواليات املتـحدة وكل من يحمل سنــدات اخلزينة‬ ‫األميـركية‪ .‬فاألسواق املالية ومؤسسات التصنيف‬ ‫كانت تعتقد أن الدولة األميركية ال ميكن أن تصبح في‬ ‫حالة إفالس أو على األقل إعالن تلك احلالة وبالتالي هي‬ ‫حتمل‬ ‫ضامنة لعدم خسارة قيمتها اإلسمية‪ ،‬ولكن مع ّ‬ ‫تلك الكميات الكبيرة من سندات اخلزينة أصبحت‬ ‫الصناديق السيادية مهددة بالتالشي‪ ،‬قد ال يحصل‬ ‫ذلك في املدى القصير بسبب التداعيات الكارثية على‬ ‫االقتصاد العاملي الذي مازال يتـعامل ويتص ّرف وفقا‬ ‫لتوجهات اإلدارات األميركية املتعاقبة‪ .‬كما أنه ليس‬ ‫ّ‬ ‫هناك في الوقت احلاضر من نظام للمدفوعات بديال من‬ ‫النظام املعمول به حتى اآلن والذي أشرنا إليه أعاله‪.‬‬ ‫كميات‬ ‫وهناك سبب آخر أن الدول الكبيرة التي حتمل ّ‬ ‫كبيرة من الدوالر ومن سندات اخلزينة‪ ،‬كالصني مثال‪،‬‬ ‫ما زالت حتتاج إلى األسواق األميركية لتصدير إنتاجها‬ ‫واحلفاظ على مع ّدالت النمو القياسية التي أحرزتها‬ ‫حتى اآلن‪ .‬غير أن في املدى املتوسط هناك تباشير‬ ‫بأن األمور ستتغير‪ ،‬ومن تلك التباشير منو االقتصاد‬ ‫الصيني‪ ،‬ألن الصني كان لها مصلحة حتى اآلن في‬ ‫ّ‬ ‫يشكل‬ ‫حتمل هذا النموذج ألن السوق األميركي كان‬ ‫ّ‬ ‫املصدر األساسي لصادراتها‪ ،‬حيث يُتو ّقع أن يتف ّوق‬ ‫باحلجم على االقتصاد األميركي بحلول ‪ 2016‬وفقا‬ ‫لتو ّقعات صندوق النقد الدولي‪ .‬أي املرتبة األولى في‬ ‫الناجت الداخلي ستكون من حصة الصني وبالتالي تراجع‬ ‫الواليات املتحدة إلى املرتبة الثانية‪ .‬فعندما يصبح‬ ‫السوق الداخلي الصيني بحجم السوق األميركي‬ ‫للمنتوجات الصينية تنتفي أو تتق ّلص احلاجة للسوق‬ ‫األميركي وبالتالي التسامح مع السياسات احلمقاء‬ ‫في السياسة واالقتصاد لإلدارات األميركية‪ .‬عند ذلك‬ ‫احلني يصبح الدوالر في خطر مباشر للزوال من التداول‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫ولكن الدخل الفردي الصيني ال يتناسب مع الدخل‬ ‫الفردي في الواليات املتحدة ولكن كحجم اقتصاد‬ ‫كلي أصبحت الصني أقوى من الواليات املتحدة ورمبا‬ ‫بعد بضع سنوات سيصبح السوق الداخلي الصيني‬ ‫والطبقة الوسطى األكثر استهالكا ً أفضل سوق في‬ ‫العالم وبالتالي قد تستغني الصني عندئ ٍذ عن الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬ما سيؤدي الى التنافس واالحتكار‪.‬‬ ‫القيادات في الواليات املتحدة والنخب احلاكمة اليوم‬ ‫تعي حجم املشكلة ولكن ال تريد أن تعالج األسباب‬ ‫ألن ذلك يتطلب منها إجراءات جذرية في البنية‬ ‫االقتصادية وبالتالي في البنية السياسية‪ .‬فالبنية‬ ‫االقتصادية والنظام السياسي في منتهى الهشاشة‬ ‫ولم يُكشف ذلك إال بعد إخفاق املشروع األميركي في‬ ‫العراق وأفغانستان وفي املنطقة‪ ،‬ما أدى الى تراكم‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫الدين إلخ‪...‬‬ ‫اليوم‪ ،‬ما حصل في هذا الصيف أن شركة «ستاندر‬ ‫آند بورز» خفضت درجة التصنيف اإلئتماني للواليات‬ ‫املتحدة ليس بسبب األداء االقتصادي للواليات املتحدة‬ ‫ولكن بسبب سوء األداء السياسي للواليات املتحدة‪،‬‬ ‫إذا يجب مراجعة النظام السياسي وهذا ما ال تتجرأ‬ ‫النخب احلاكمة أن تواجهه حتى اآلن‪.‬‬ ‫من يقف وراء االنهيار األميركي املالي األخير؟‬ ‫وهل ميكننا القول أن الربيع العربي وصل إلى وول‬ ‫ستريت؟ وهل سنشهد “ميدان حترير أميركي” في‬ ‫مانهاتن احتجاجاً على دكتاتورية وول ستريت؟ أم‬ ‫أن هذا االحتجاج يشكل سبباً من أسباب دكتاتورية‬ ‫النظام الرأسمالي؟‬ ‫حركة «احتالل وول ستريت» لها دالالت واضحة‬ ‫يصعب جتاهلها رغم محاوالت التقليل من أهميتها‬ ‫سمى باإلعالم الرسمي‪ ،‬الذي متلكه شركات‬ ‫في ما يُ ّ‬ ‫تنتسب إلى اجملمع العسكري الصناعي األمني املالي‪.‬‬ ‫باملقابل هناك إعالم بديل يرتكز على العالقات الشبكية‬ ‫التي ّ‬ ‫مكنتها الوسائل احلديثة للتواصل‪ ،‬والتي قفزت‬ ‫فوق األقنية التقليدية إلنتاج وتوزيع املعلومة واملعرفة‪.‬‬ ‫فنقل املعلومة جزء من التعبئة والوسائل احلديثة‬ ‫تعمم الوعي وترشد اجلمهور العام‬ ‫تستطيع أن ّ‬ ‫دون اللجوء إلى من كان يحتكر املعلومة‪ .‬والتجربة‬ ‫التونسية واملصرية أوضحت قدرة التعبئة والتنظيم‬ ‫والتنفيذ لتلك الشبكة التي ال ميلكها أحد وال تسيطر‬ ‫عليها أي جهة‪.‬‬ ‫وهذا احلراك فاجأ كالعادة كل من يعتقد أن الواليات‬ ‫املتحدة مازالت في حالة ازدهار وأن األزمة القائمة‬ ‫ليست إال أزمة عابرة‪ .‬إننا أشرنا مرارا ً الى أن البنية‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية ّ‬ ‫هشة ومهد ّدة‬ ‫بالتفكك واالنهيار‪ .‬فخالل زيارتنا للواليات املتحدة‬ ‫هذا الصيف لفت انتباهنا مدى حالة اإلرباك واإلنكار‬ ‫عند النخب احلاكمة للمشهد األميركي سواء على‬ ‫الصعيد الداخلي أو على صعيد اخلارجي‪ .‬فالباحث في‬ ‫الشؤون األميركية ال ميكن أن يتجاهل طبيعة اخلطاب‬ ‫السياسي املنبثق عن النخب احلاكمة عامة وعن مراكز‬ ‫األبحاث وخزّانات الفكر التي تساهم مباشرة في‬ ‫توجهات اإلدارات األميركية املتتالية‪ ،‬سواء كانت‬ ‫بلورة ّ‬ ‫للحزب الدميوقراطي أو للحزب اجلمهوري‪ .‬وأتيحت لنا‬ ‫الفرصة حلضور ع ّدة حلقات نقاشية في معهد بروكنز‬ ‫نوقشت فيها تداعيات أزمة الدين العام على املستقبل‬ ‫السياسي واالقتصادي في الواليات املتحدة وعلى‬ ‫صعيد السياسة اخلارجية األميركية‪.‬‬ ‫واحملاضرون في تلك الندوات من أهم وأبرز النخب التي‬ ‫تساهم في صنع القرار في الواليات املتحدة وجميعهم‬ ‫كانوا مسؤولني بارزين في إدارات متعاقبة‪ ،‬ومن خالل‬ ‫املناقشات واألسئلة واألجوبة تبينّ أن هناك التباسا ً في‬ ‫ذهن تلك النخب بني ظواهر األزمة واألسباب احلقيقية‪.‬‬ ‫فأزمة الدين العام التي يُق ّرون بها هي بالفعل ليست‬ ‫سببا بل نتيجة لسياسات وتوجهّ ات مبنية على‬ ‫فلسفة وسياسة سائدة في أميركا وناجتة من تاريخها‪.‬‬ ‫واملقصود هنا فلسفة الدولة ودورها في رسم معالم‬ ‫السياسة في الداخل واخلارج وبالتالي قواعد اللعبة‬ ‫إلنتاج الثروة‪ .‬فالرخاء والرفاهية للمجتمع األميركي‬ ‫حتت شعار “احللم األميركي” لم يكونا إال نوعا ً من‬ ‫الرشوة للطبقات العاملة لتبرير سياسات متركز الثروة‬ ‫بيد الق ّلة‪ ،‬حتت شعار التنافس احلر وح ّرية املبادرة التي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تفجر الطاقات‪ .‬غير أن العقود األربعة األخيرة شهدت‬ ‫ّ‬ ‫حت ّوالت في “قوانني اللعبة” حيث أصبحت الثروة تأتي‬ ‫بنمو باالستهالك وليس عبر االدخار واإلنتاج‪ .‬أما‬ ‫االستهالك ف ُيم ّول عبر االستدانة‪ .‬فكانت الدولة‬ ‫والشركات واألفراد أركان االستهالك املفرط املبني على‬ ‫الدين‪ .‬فعندما حتاول النخب معاجلة الدين العام أو حتى‬ ‫اخلاص دون مراجعة منوذج النمو املبني على االستهالك‬ ‫كمك ّون أساسي للطلب الفعلي‪ ،‬تخفق هذه النخب‬ ‫في إعداد احللول الواعدة‪ّ .‬‬ ‫جل ما استطاعت تلك النخب‬ ‫أن تأتي بها هي س ّلة اقتراحات خلفض نفقات الدولة من‬ ‫أجل خفض العجز في املوازنة املك ّون الرئيسي للدين‬ ‫العام وليس مراجعة منوذج العمل‪.‬‬ ‫وأتاح ذلك األمر الفرصة للقيادات السياسية لبلورة‬ ‫نظرة سياسية مختلفة في عهد فرانكلن روزفلت‬ ‫لتشريع الضمان االجتماعي حتى ظهور النيوليبرالية‬ ‫في مطلع الثمانينيات مع ثاتشر وريغن‪ .‬قضت هذه‬ ‫األخيرة على اإلرث الكينزي واستبدلته بس ّلة من‬ ‫اإلجراءات ُف ّككت من خاللها القيود الناظمة بحجة‬ ‫إطالق الطاقات واحلريات االقتصادية‪ .‬فكانت النتيجة‬ ‫البقاء على مبدأ االستهالك كمح ّرك أساسي للعجلة‬ ‫االقتصادية ولكن عبر االستدانة ومع نظم رقابية‬ ‫ّ‬ ‫مخففة للنشاط االقتصادي إلى أن وصلنا إلى األزمة‬ ‫التي تتخبط بها الواليات املتحدة ومعها العالم‪.‬‬ ‫لكن مبدأ االستهالك كمح ّرك للطلب الفعلي ومن‬ ‫ثمة لعجلة االقتصاد هو لتبرير التح ّوالت في قاعدة‬ ‫ّ‬ ‫اإلنتاج التي متّ توطينها خارج الواليات املتحدة‪ .‬فالتح ّول‬ ‫من اقتصاد إنتاجي مبني على الزراعة والصناعة إلى‬ ‫اقتصاد خدماتي وخاصة اخلدمات املالية لم يكن‬ ‫ليستدمي لوال التشجيع على االستهالك‪ ،‬وإن كان فوق‬ ‫طاقات الدخل للفرد‪ .‬فكانت صناعة بطاقات االئتمان‬ ‫تشجع الفرد على النفقات االستهالكية وبفوائد‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫ربوية تصل إلى أكثر من ثالثني باملئة سنويا واحلبل على‬ ‫يفسرها هو‬ ‫يفسر ك ّليا األزمة بل ما ّ‬ ‫اجل ّرار‪ .‬لكن هذا ال ّ‬ ‫النظام السياسي واإلقتصادي التي اتبعته الواليات‬ ‫املتحدة والتي أ ّدت إلى حتويل االقتصاد األميركي من‬ ‫اقتصاد إنتاجي إلى اقتصاد ريعي مالي يقوم على‬ ‫االستهالك والدين واملضاربات املالية‪.‬‬ ‫وأشرنا في بحوث سابقة إلى أسباب هشاشة‬ ‫االقتصاد األميركي وتداعياته على اجملتمع األميركي يعود‬ ‫الى عسكرة متزايدة ومتركز السلطة والثروة بيد اجملمع‬ ‫العسكري الصناعي‪ ،‬واجملمع املالي‪ ،‬واجملمع األمني‪ .‬ومبا‬ ‫أن الواليات املتحدة تعاني من تفاقم الدين العام الناجت‬ ‫من تراكم العجز في املوازنة العامة بدأت النخب تطالب‬ ‫بخفض النفقات إلعادة التوازن‪ .‬األولوية ليست للنمو‬

‫‪56‬‬

‫والبطالة ولكن ملعاجلة الدين العام والعجز في املوازنة‪.‬‬ ‫غير أن النفقات املطلوب خفضها هي نفقات الضمان‬ ‫االجتماعي والصحي بحجة أن اإلنفاق العام واالستدانة‬ ‫أ ّديا إلى اختفاء األموال واالحتياط‪ ،‬أي لن تكون هناك‬ ‫أي إمكانية لتقدمي خدمات الضمان‪ .‬لكن باملقابل فإن‬ ‫احلديث عن خفض نفقات الدفاع واألمن شبه غائب‪.‬‬ ‫فالنخب احلاكمة تدعم متكني القوات املسلحة وقوى‬ ‫األمن إلى أقصى احلدود‪ .‬فاخليار الذي تريد فرضه النخب‬ ‫هو تغليب االعتبار األمني على االعتبار االجتماعي‪.‬‬ ‫وهذه الفجوة املتزايدة تتالزم مع تكاثر حملة السالح‬ ‫في الواليات املتحدة‪ّ .‬‬ ‫ونذكر القارئ أن دستور الواليات‬ ‫املتحدة يضمن حمل السالح جلميع مواطنيه وأن‬ ‫أقوى لوبي في الواليات املتحدة هو اجلمعية الوطينية‬ ‫للبندقية‪ .‬أي مبعنى آخر يستطيع املواطن األميركي‬ ‫الذي يحمل السالح أن يتم ّرد على السلطة املركزية‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن امليليشيات العنصرية البيضاء‬ ‫وامليليشيات املناهضة للسلطة اإلحتادية تتكاثر‬ ‫وتتعاظم وإن لم تصل حتى اآلن إلى النقطة التي تهدد‬ ‫فيها بشكل مباشر السلطة املركزية‪ .‬غير أنها ّ‬ ‫تشكل‬ ‫قنابل موقوتة جاهزة لإلنفجار في “الوقت املناسب”‪،‬‬ ‫ولكن يبقى حتديد “الوقت املناسب” لإلنفجار وهذا‬ ‫يعود إلى املدى الذي وصل إليه تفتّت اجملتمع األميركي‬ ‫حتت وطأة األزمات االقتصادية واالجتماعية املتصاعدة‪.‬‬ ‫هذه األزمات اإلجتماعية املتصاعدة تكمن أسبابها‬ ‫في تفكيك أسس دولة الرعاية عبر مراجعة إلتزامات‬ ‫الدولة املركزية وحتى إلتزامات الواليات جتاه املواطنني‬ ‫في تأمني الرعاية الصحية والتعويض عن البطالة وعن‬ ‫نهاية اخلدمة‪ .‬الميكننا حتديد أفق زمني ولكن املؤشرات‬ ‫تشير أن ذلك الزمن لن يكون بعيدا‪ .‬هناك عدد كبير‬ ‫من الواليات قامت بتخفيض اخلدمات الصحية مما‬ ‫يؤكد املسار الذي نشير إليه‪ .‬فعلى سبيل املثال نشير‬ ‫هنا أن املقيمني بوالية وسكنسن في شمال الوسط‬ ‫الواليات املتحدة أقاموا مسيرات احتجاج على قرارات‬ ‫حاكم الوالية التي ترمي إلى تخفيض اخلدمات املقدمة‪.‬‬ ‫احملتجني رفعوا يافطات‬ ‫الطريف في هذا املوضوع أن‬ ‫ّ‬ ‫تطالب املصريني مبؤزارتهم في مطالبهم في إسقاط‬ ‫حاكم الوالية! فالتجربة املصرية على ما يبدو أثارت‬ ‫اهتمام العديد من األميركيني‪.‬‬ ‫وطبيعة األزمة املزمنة التي تواجهها الواليات‬ ‫املتحدة هي بنيوية ونظامية‪ ،‬والتي قد تؤدي إلى‬ ‫تفكيكها‪ ،‬إن لم تقم النخب احلاكمة مبراجعة جذرية‬ ‫لبنيتها السياسية واالقتصادية‪ .‬فكما أشرنا في عدد‬ ‫من األبحاث‪ ،‬فاإلقتصاد ليس إالّ السياسية‪ ،‬لكن بلغة‬ ‫األرقام‪ .‬والبنية اإلقتصادية في الواليات املتحدة مرآة‬ ‫للبنية والنظام السياسي القائم‪ .‬فالقرار السياسي‬ ‫على كافة املستويات من احلكم وفقا ملا يعتبرونه‬ ‫“دولة املؤسسات” يؤثر به مجموعات الضغط التي‬ ‫تقود احلراك السياسي عبر تدخّ لها في متويل احلمالت‬ ‫االنتخابية للحزبني اللذين يتحكمان باحلياة السياسية‪.‬‬ ‫أشرنا مؤخرا أن تقديرات احلملة الرئاسية القادمة قد‬ ‫تصل تكاليفها إلى ما يوازي ‪ 750‬مليون دوالر لكل من‬ ‫املرشحني‪ .‬هذا يعني أن الشركات الكبرى وخاصة تلك‬ ‫التابعة للمجمع العسكري الصناعي واملؤسسات‬ ‫املالية‪ ،‬هي التي ستم ّول تلك احلملة بشكل يجعل‬ ‫املرشح‪/‬املنتخب خاضعا إلمالءاتها ومصاحلها‪ .‬ما يعني‬ ‫أن احلياة السياسية في الواليات املتحدة أصبحت‬ ‫خاضعة لسيطرة رأس املال‪.‬‬


‫ّ‬ ‫تتحكم بها‬ ‫فإفساد األجندة السياسية التي‬ ‫اجملموعات الضاغطة أفسدت صحة العملية اإلنتخابية‪.‬‬ ‫وال بد للقارئ أن يعي أن أن متركز ملكية وسائل اإلعالم‬ ‫للمجمع العسكري الصناعي‬ ‫بيد الشركات التابعة‬ ‫ّ‬ ‫يساهم بشكل مباشر في تكوين الرأي العام‬ ‫والتوجهات السياسية‪ .‬ومبا أن احملكمة الدستورية‬ ‫العليا أق ّرت أن املال هو وسيلة للتعبير وأن الدستور‬ ‫يضمن حرية التعبير أصبح املال مسيطرا على صناعة‬ ‫القرار السياسي‪.‬‬ ‫غير أن صعود اإلعالم البديل كاملد ّونات في الشبكة‬ ‫العنكبوتية والتواصل عبر الفاسبوك والتويتر‪ ،‬ساهم‬ ‫سمى‬ ‫في تكوين رأي عام مضاد‪ ،‬تبل ّور في إقامة ما يُ ّ‬ ‫يضم الغاضبني على سياسات‬ ‫بحزب الشاي الذي‬ ‫ّ‬ ‫اإلنفاق املفرطة للدولة اإلحتادية وما تسببه من هدر‬ ‫ألموال املك ّلفني الذين يدفعون الضرائب‪ .‬إن تنامي‬ ‫الشعور الغاضب جتاه احلكومة اإلحتادية وإنفاقها‬ ‫يساهم في تنمية النزعات اإلنفصالية في عدد من‬ ‫الواليات األميركية‪ .‬فاملرشح اجلمهوري للرئاسة النائب‬ ‫رون بول يكتب في مد ّونته على الشبكة العنكبوتية أنه‬ ‫يحق للواليات االنفصال عن الدولة االحتادية‪ .‬من جهة‬ ‫أخرى ه ّدد مؤخرا أكثر من مرة حاكم والية تكساس ريك‬ ‫بري باالنفصال إن لم تكف احلكومة اإلحتادية عن التدخّ ل‬ ‫بشؤون الواليات‪ .‬وهناك بعض استطالعات للرأي العام‬ ‫تفيد أن ‪ 21‬باملئة من األميركيني يعتبرون أنه يحق‬ ‫للواليات اإلنفاصال إذا ما اقتضت مصلحتها بذلك‪.‬‬ ‫أما أسباب تنامي ذلك الشعور أو الرغبة باالنفصال‬ ‫فهي عديدة‪ .‬أوال نذكر تراجع الرابطة القومية املبنية‬ ‫ليست على تاريخ مشترك بل على املصلحة املشتركة‬ ‫سمى بـ “احللم األميركي”‪.‬‬ ‫وخاصة ذلك الوهم الكبير امل ُ ّ‬ ‫ذلك “احللم” الذي يعطي لكل فرد في الواليات املتحدة‬ ‫إمكانية حتقيق طموحاته في حياة مر ّفهة‪ .‬ومن عالمات‬ ‫تلك “الرفاهية” اإلستهالك املفرط عبر تزويد املواطن‬ ‫منذ صغره بثقافة اإلستدانة واستعمال بطاقات‬ ‫التأمني التي ّ‬ ‫متكنه من امتالك آخر السلع وإن كان دخله‬ ‫ال يمُ ّكنه من ذلك‪.‬‬ ‫إضافة إلى التراجع املستمر في الوضع االقتصادي‬ ‫الذي ميكن تفصيله في بحث منفصل‪ ،‬هناك حت ّوالت‬ ‫اجتماعية حاصلة قد تؤدي إلى تغيير اخلارطة‬ ‫الدميوغرافية في الواليات املتحدة‪ .‬وفقا لإلحصاءات‬ ‫املنشورة من قبل السلطات األميركية فإن مع ّدل‬ ‫النمو السكاني في تراجع أي أن الواليات املتحدة دخلت‬ ‫مرحلة الشيخوخة‪ ،‬والتعويض عن النقص في الزيادة‬ ‫الطبيعية للسكان هو في الهجرة الوافدة إلى الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬في هذا السياق جند أن معظم واليات اجلنوب‬ ‫الغربي للواليات املتحدة شهدت هجرة وافدة من‬ ‫أصول التينية (أو إسبانية) خاصة في الواليات الكبرى‬ ‫كتكساس وأريزونا ونيو مكسيكو وكولورادو وجنوب‬ ‫كاليفورنيا‪ .‬تشير اإلحصاءات أن سكان املدن الكبرى‬ ‫في تلك الواليات أن السكان املنحدرين من أصول‬ ‫اسبانية سيصبحون األكثرية قبل نهاية العقد‪ .‬كما‬ ‫أن املدن والقرى احلدودية مع املكسيك شهدت تراجع‬ ‫اللغة اإلنكليزية ملصلحة اللغة اإلسبانية‪.‬‬ ‫يبقى حتديد الوصول إلى نقطة االنفجار‪ .‬ال ميكننا‬ ‫القول إن الواليات املتحدة وصلت إلى تلك النقطة بل‬ ‫تقترب منها على وتيرة متسارعة خاصة أن النخب‬ ‫احلاكمة‪ ،‬سواء كانت في السلطة أو في املعارضة‪،‬‬

‫عاجزة عن اتخاذ اإلجراءات الالزمة لتسديد الثغرات‬ ‫وإعادة بناء البنية التحتية والثقافية للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫هل احللول التي وُضعت إلى اآلن كرفع سقف الدين‬ ‫وخفض اإلنفاق كافية؟‬ ‫في هذا اإلطار ال يسعنا القول إال أن االتفاق بني إدارة‬ ‫الرئيس أوباما والكونغرس األميركي حول رفع سقف‬ ‫الدين العام يأتي لوضع فاصلة في مسلسل األزمة‬ ‫املزمنة الهيكلية والنظامية للمشهد األميركي‬ ‫سواء على الصعيد السياسي أو االقتصادي‪ .‬ونقول‬ ‫«فاصلة»‪ ،‬ألن األزمة مستم ّرة وأن «االتفاق» الذي متّ‬ ‫يؤجل في أحسن األحوال االستحقاق‬ ‫ّ‬ ‫التوصل إليه ّ‬ ‫ما دامت اإلجراءات اجلذرية ملعاجلة األزمة لم تتخذ‪،‬‬ ‫وعلى ما يبدو ال تستطيع اإلدارة أو الكونغرس اتخاذها‬ ‫للكلفة السياسية واالجتماعية الباهظة التي ال بد أن‬ ‫ترافقها‪.‬‬ ‫هل سيصمد لبنان أمام هذه األزمة كما صمد في‬ ‫األزمة السابقة؟‬ ‫لبنان دولة ضعيفة على الصعيد االقتصادي‪ ،‬حجمه‬ ‫االقتصادي يصل الى ‪ 30‬أو ‪ 35‬مليار دوالر ال ينتج بل‬ ‫يستودر معظم حاجياته‪ ،‬وتخ ّلف النظام املالي فيه‬ ‫هو الذي حمى اقتصاده‪ ،‬كما أن االقتصاد اللبناني يتأثر‬ ‫بالتحوالت االقتصادية في املنطقة وليس بالعالم‪ ،‬وال‬ ‫يتأثر بالعالم إال مبقدار الصادرات ولكن هناك بدائل‬ ‫لتلك الصادرات األوروبية أو األميركية‪ ،‬نحن اليوم في‬ ‫مرحلة حتول لم يعد الغرب املصدر الوحيد لصادراتنا‬ ‫الذي ال ميكن جتاوزه بحيث أصبح هناك مصادر أخرى‬ ‫لتزويد لبنان بالسلع‪ ،‬أضيفي الى ذلك أن لبنان أو أي‬ ‫قطر عربي يستطيع أن يقوم بحماية نفسه بعيدا ً‬ ‫عن التفكير القومي الوحدوي‪ ،‬وذلك ألن االقتصادات‬ ‫العربية اقتصادات ريعية وغير منتجة والتحول الى‬ ‫اقتصاد إنتاجي ال ميكن أن يتم ضمن حدود القطر بل‬ ‫يلزمه االستعمار وما عليه إال أن يتبلور التفكير على‬ ‫الصعيد القومي خاصة في البنى التحتية من شبكات‬ ‫طرق وكهرباء ونفط وغاز إلخ‪ ...‬وهذه املشاريع لها طابع‬ ‫قومي أو على األقل إقليمي وال ميكن إعادة النظر في‬ ‫البنية التحتية في لبنان مبعزل عن ما ميكن أن يكون في‬ ‫سوريا والعراق وفلسطني واألردن‪ ،‬ولكن لألسف لبنان‬ ‫مازال بعيدا ً عن التفكير بهذا املوضوع وبالتالي كل ما‬ ‫سيحصل هو أننا سننتقل من أزمة الى أخرى دون حلول‬ ‫جذرية منها ما سنواجهه الحقا ً من إضراب للعمال‪،‬‬ ‫فاحللول التي تطالب بها النقابات ليست حلوالً‪ ،‬وزيادة‬ ‫األجور ليست حالً‪ ،‬والهيئات االقتصادية ليس لديها أي‬ ‫تصور وال تريد أن تقدم أي تصور بل كل ما تريد أن حتتفظ‬ ‫به هو اجلشع‪ ،‬وهناك أولويات أخرى للحكومة غير الهم‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وصراعات كبيرة في املنطقة تطغى على‬ ‫الشأن االجتماعي وبالتالي أعتقد أنه في املرحلة احلالية‬ ‫ستكون ثورة ولكن لن تستمر ألن ال يوجد أحد حاضرا ً‬ ‫ملعاجلة موضوع تصحيح األجور إذ أن النقابات ضعيفة‬ ‫واحلكومة ومقوماتها في مكان آخر أو لها اهتمامات‬ ‫أخرى والهيئات االقتصادية ليس لديها أي استعداد‬ ‫لتقدمي أي تنازل‪ ،‬ألن ما يسمى مؤسسات اجملتمع املدني‬ ‫ال زالت خاضعة ملشيئة النخب احلاكمة‪.‬‬

‫ال أستبعد أن ينفجر االحتاد‬ ‫األوروبي من داخله‬

‫‪57‬‬

‫هناك خلل في األساس في اعتماد السياسة‬ ‫املالية في منطقة اليورو‪ ،‬ألن كل دولة تتمتع بسياسة‬ ‫مالية مستقلة‪ ،‬فما هو احلل األمثل ملنطقة اليورو‬ ‫لتفادي الوقوع في املزيد من األزمات؟‬ ‫ال أستبعد أن ينفجر االحتاد األوروبي من داخله نتيجة‬ ‫اله ّوة املتباعدة بني رغبته في التوسع جغرافيا ً وبني‬ ‫قدرته على مواجهة كلفة ذلك التوسع اقتصادياً‪.‬‬ ‫فالدول األوروبية األربع من الصف الثاني في أوروبا‬ ‫والتي يطلق عليها اسم ‪ ،PIGS‬نسبة إلى األحرف‬ ‫األولى من أسمائها (البرتغال‪ ،‬ايرلندا‪ ،‬اليونان‪ ،‬واسبانيا)‪،‬‬ ‫تعاني من أزمات اقتصادية ضخمة‪ ،‬بعضها متفجر‬ ‫في الوقت احلاضر (اليونان والبرتغال)‪ ،‬وبعضها ينتظر‬ ‫االنفجار (كإسبانيا وإيرلندا وصوال ً إلى إيطاليا)‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن أزمات دول أوروبا الشرقية التي لم يستطع االحتاد‬ ‫األوروبي الكبير أن يستوعب حاجاتها‪.‬‬ ‫هذه األزمات االقتصادية واالجتماعية املتجولة في‬ ‫بلدان أوروبا‪ ،‬شمالها وجنوبها‪ ،‬شرقها وغربها‪ ،‬والواردة‬ ‫من خلف األطلسي واملتجهة إليه‪ّ ،‬‬ ‫تشدد اخلناق على‬ ‫هذه املنظومة القا ّرية وتضعها أمام ح ّلني ال ثالث لهما‪:‬‬ ‫إما الغرق في رمال أزمتها االقتصادية واالجتماعية‬ ‫املتحركة‪ ،‬وإما الهروب إلى اخلارج ع ّلها جتد حلوال ً لهذه‬ ‫األزمات على حساب أمم وشعوب أخرى‪.‬‬ ‫فضال‬ ‫ويبدو أن باريس ومعها لندن‪ ،‬ومن يلحق بهما‪ّ ،‬‬ ‫اللجوء إلى احلل الثاني حتى اآلن‪ ،‬وإن كانت أملانيا‪ ،‬ورمبا‬ ‫عواصم أوروبية أخرى‪ ،‬لم تشاركهما متاما ً االندفاع ذاته‬ ‫ولكن بقيت تراعيهما بسبب ترابط املصالح واملصائر‬ ‫بني هذه الدول جمعاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكل اليوم‬ ‫هل احلروب االقتصادية في أميركا‬ ‫البديل من احلروب العسكرية للسيطرة على بعض‬ ‫البلدان العربية ومواردها خاصة البترولية منها؟‬ ‫الواليات املتحدة األميركية محكومة من زمر ال متثل‬ ‫مطالب شعبها‪ ،‬واملشكلة سياسية وليس هناك إطار‬ ‫حملاسبة هذه النخب‪ ،‬النظام السياسي القائم ال ميكن إال أن‬ ‫ينتج هذه النخب واليوم أي موقع سياسي من رئيس بلدية‬ ‫الى رئيس حاكم والية وغيره إذا لم يكن لديه إمكانيات مالية‬ ‫ليقود حملته ال يستطيع أن يصل‪ ،‬من هنا يصبح مرتهناً‪ ،‬ما‬ ‫يفرض عليه أن يتماشى مع مصاحله‪ ،‬واملؤسسة العسكرية‬ ‫اليوم تعي جدا ً أن هذه احلروب خاسرة ولكن لها مصلحة في‬ ‫أن تستمر ألنها تشكل للقائد امليداني نوعاً من املمر ليدخل‬ ‫خزان الفكر ومجالس اإلدارة إلخ‪ ...‬ما يعني أنه أصبح هناك‬ ‫مصلحة فكرية للواليات املتحدة وليس مصلحة استراتيجية‪.‬‬ ‫وأعتقد أن الواليات املتحدة ستصل الى اجملابهة الداخلية‪.‬‬ ‫األزمة املالية العاملية‪ ،‬هل هي نهاية النظام‬ ‫الرأسمالي؟‬ ‫ال أعتقد أن النظام الرأسمالي قائم‪ ،‬ما يحصل هو نوع‬ ‫لتحويل النظام الرأسمالي‪ ،‬ولكن ما يحدث أن النظام‬

‫الرأسمالي الذي كان ينتج سلعاً وخدمات حت ّول الى‬ ‫نظام رأسمالي مالي فقط وريعي ينتج الثروة عبر‬ ‫النضال وليس عبر اإلنتاج‪ ،‬إذا مت تصحيح ذلك قد يستمر‬ ‫النظام ولكن النظام الرأسمالي خالفاً ملا يشاع بحاجة‬ ‫الى ضوابط كمنع االحتكار أو تخفيض من املمارسات‬ ‫اإلحتكارية إليجاد التنافس بهدف التطوير‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪:‬‬ ‫ليديا أبو درغم‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫على الفنان أال يغيب عن قضايا وطنه وآالمه‬ ‫المايسترو إحسان المنذر‪ :‬السيد نصر هللا ثأر لعبد الناصر‬ ‫هي النوتات املوسيقية تناغمت في‬ ‫عقله الفني الرصني‪ ،‬فخرجت أحلاناً ناجحة‬ ‫لتصل إلى آذان اجلمهور موسيقى أصيلة‬ ‫قريبة للسمع‪ ،‬رقيقة‪ ،‬تدخل القلوب بدون‬ ‫استئذان‪.‬‬ ‫سنوات ّ‬ ‫َ‬ ‫خلت‪ ،‬فتدرك أنّ‬ ‫يح ّدثك عن‬ ‫ٍ‬ ‫فناناً بحجم إحسان املنذر‪ ،‬تربّع فعالً‬ ‫على عروش النجاح واإلبداع‪ ،‬حتى أصبح‬ ‫ّ‬ ‫بحق فنياً وإنسانياً‪.‬‬ ‫“مايسترو”‬ ‫دخل عالم التلحني‪ ،‬ومن ثم التوزيع‬ ‫ً‬ ‫صاعدة صعود‬ ‫املوسيقي‪ ،‬فبقيت أغنياته‬ ‫ّ‬ ‫املتسلق للجبال‪ ،‬وال زالت حتى اليوم‬ ‫تُر َّدد عبر األجيال املتالحقة‪ .‬فمن قيادته‬ ‫لفرقة “استديو الفن” إلى مواكبته لكبار‬ ‫الفنانني‪ ،‬ال زال املنذر‪ ،‬بإحساسه الفني‬ ‫املرهف‪ ،‬وإبداعاته املوسيقية اخلالقة‪ ،‬يذخر‬ ‫بالعطاء بدون ملل‪ ،‬فتراه دائم النشاط‬ ‫يتنقل بني أقسام االستديو اخلاص به في‬ ‫نيو روضة ‪ -‬الدكوانة‪ ،‬ليسكب أفكاره‬ ‫املميزة بني قوالب اآلالت املوسيقية‪ ،‬فيزيد‬ ‫عطاءه عطاءً‪ ،‬ويضيف على ّ‬ ‫سلم إبداعاته‬ ‫إبداعاً أكثر متيّزاً‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” زارت املايسترو إحسان‬ ‫املنذر في استديو “املنذر سوبر ساوند”‪،‬‬ ‫فكان لقا ٌء عفوي‪ ،‬تنوّع بني الفن والسياسة‪،‬‬ ‫وهو الذي ال يتوانى عن احلديث عن آالم‬ ‫الفنان ومعاناته‪ ،‬وفي املقابل ال ينسى مترير‬ ‫آرائه حول ما يجري في منطقتنا العربية‪،‬‬ ‫ليؤكد بني كل جملة وأخرى‪ ،‬على أهمية‬ ‫التعايش والسالم‪ّ ،‬‬ ‫عل زمن “جمال عبد‬ ‫الناصر” يعود‪ ،‬لتعود معه العزة والكرامة‬ ‫العربية”‪ ،‬كما يقول‪.‬‬ ‫ومع كل اجملاالت التي تناولناها‪ ،‬كان الفن‬ ‫هو احملور األساس‪ ،‬عبر مسيرة طويلة متي ّزت‬ ‫بالنجاحات املستمرة‪ ،‬وال تزال‪ ،‬وهذا أكثر‬ ‫ما يفخر به جيلنا الشاب بذاك املستوى‬ ‫الفني الذي وصل إليه “املايسترو” املؤمن‬ ‫بالوطن والقضية وتالزم الفن معهما‪،‬‬ ‫وفيما يلي ّ‬ ‫نص احلوار‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ماذا عن بدايات املايسترو إحسان املنذر‪ ،‬وما‬ ‫س ّر النجاحات للوصول إلى هذا املستوى من‬ ‫اإلبداع‪ ،‬هل هي املوهبة أم اإلختصاص؟‬ ‫التخصص‪ ،‬ألن الذي‬ ‫أؤمن باملوهبة ومن ثم‬ ‫ّ‬ ‫يتخصص باملوسيقى بدون أن ميلك املوهبة‪،‬‬ ‫لن يصل إلى أي مكان‪ .‬فإذا استعرضنا طالب‬ ‫الكونسرفاتوار اليوم‪ ،‬جند آالف املتخرجني من‬ ‫العازفني وقائدي الفرق واملوزّعني‪ ،‬ولكننا في‬ ‫املقابل هناك عد ٌد قليل منهم ممّن كان لديهم‬ ‫ضروري‬ ‫ص ِقلت بالعلم‪ ،‬أل ّن األخير‬ ‫ٌّ‬ ‫املوهبة التي ُ‬ ‫للموهبة‪ ،‬التي إن لم تتوفر فالعلم ال يستطيع‬ ‫يقدم شيئاً‪ ،‬ملتع ّلمه باستثناء ممارسة مهنة‬ ‫أن ّ‬ ‫التعليم‪.‬‬ ‫لقد تالزمت موهبتي مع موهبة الرسم‪ ،‬خاصة‬ ‫شجعني والدي‬ ‫وأنني أحببتهما منذ الصغر‪ ،‬وقد ّ‬ ‫وأدخلني الكونسرفاتوار‪ ،‬ومن ثم غادرت إلى مصر‬ ‫ونلت الشهادة التوجيهية التي كانت تعادل‬ ‫شهادة البكالوريا – القسم الثاني لتهيئتي‬ ‫درست في كونسرفاتوار الهرم‬ ‫للجامعة‪ ،‬بحيث‬ ‫ُ‬ ‫عدت إلى‬ ‫في القاهرة‪ .‬بعدها ‪ -‬وبرغبة من والدي ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫ودرست السياسة واالقتصاد في اجلامعة‬ ‫لبنان‬ ‫ُ‬ ‫اللبنانية ‪ -‬الصنائع‪ ،‬وعندما غل َبت موهبة‬ ‫توقفت عن دراستي‬ ‫املوسيقى على حياتي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫غادرت‬ ‫وكنت في السنة الثانية‪ ،‬بحيث‬ ‫اجلامعية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ودرست التوزيع املوسيقي‪ ،‬وبقيت‬ ‫إلى إيطاليا‬ ‫ُ‬ ‫فيها حوالي العشر سنوات‪ .‬في سن الثالثني‪،‬‬ ‫وعزفت في فنادق الكومودور‪،‬‬ ‫عدت إلى لبنان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فت إلى سيمون أسمر وروميو حلود‪ ،‬اللذين‬ ‫فتع ّر ُ‬ ‫علي قيادة فرقة “استديو الفن” في العام‬ ‫عرضا ّ‬

‫‪58‬‬

‫فت إلى ماجدة الرومي وراغب‬ ‫‪ ،1980‬حيث تع ّر ُ‬ ‫عالمة‪ ،‬وبدأت مسيرتي الفنية‪ ،‬توزيعا ً ثم تلحيناً‪،‬‬ ‫وقيادة فرقة موسيقية‪.‬‬ ‫بالنسبة َ‬ ‫لك‪ ،‬ما الفرق بني عملك في التوزيع‬ ‫ومن ثم في التلحني؟‬ ‫كالهما مهنتان مختلفتان‪ ،‬فاملواهب قد جتتمع‬ ‫في شخصية واحدة كما اجتمعت في األخوين‬ ‫الرحباني‪ ،‬وفي زياد الرحباني‪ ،‬واليوم في الياس‬ ‫الرحباني‪ ،‬بحيث ميتلكون ملكوت الكتابة شعرا ً‬ ‫ومن ثم تلحني ما يكتبون‪ .‬هذا أيضا ً ما جنده في‬ ‫الفنان مروان خوري من اجليل الشاب اليوم‪ .‬ولكن‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬فاإلنسان دائما يتبع اجملال الذي‬ ‫قت الشعر‪ ،‬بدون كتابته‪،‬‬ ‫يبرع به‪ .‬لطاملا تذ ّو ُ‬ ‫أعجبت طبعا ً بكلمات األغنيات التي‬ ‫لكنني‬ ‫ُ‬ ‫قمت بتلحينها‪ ،‬وإال ما كانت أحلانها لتخرج بهذا‬ ‫ُ‬ ‫اجلمال‪.‬‬ ‫أما التوزيع املوسيقي‪ ،‬فهو كيفية ترجمة اللحن‬ ‫وإيصاله إلى الناس‪ ،‬فاملوزّع يأخذ اللحن ويختار‬ ‫له اآلالت والسرعة املعينة التي ستسير بها‪،‬‬ ‫املقدمات املوسيقية‪،‬‬ ‫كما ويحق له التدخل في‬ ‫ّ‬ ‫موحد لألغنية‪ ،‬ليتم‬ ‫وبالتالي يقوم ببناء هيكل ّ‬ ‫قبولها من الناس وحتقق جناحها الالزم‪ .‬إذا ً للموزع‬ ‫امللحن‬ ‫امللحن‪ ،‬ولكن يبقى‬ ‫دور مهم إلى جانب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأتأسف عندما‬ ‫هو صاحب الفكرة لوالدة األغنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫امللحن عند جناح األغنية‪،‬‬ ‫أرى موزّعا ً يتطاول على ّ‬ ‫ويهرع للقول‪“ :‬أنا سبب جناحها”‪ ،‬وهذا ما لم نعتد‬ ‫ّعت أشهر‬ ‫على القيام به‪ .‬فمنذ العام ‪ ،1980‬وز ُ‬ ‫األحلان للفنان نور املالح منها “عم يسألوني عليك‬ ‫كنت‬ ‫الناس” و”خدني حبيبي”‪ ،‬ولم أقل يوما ً إنني‬ ‫ُ‬


‫سبب جناح هذه األغنيات أو غيرها من األعمال‪،‬‬ ‫قمت بواجبي بتوزيعي لهذه‬ ‫ال بل أعتبر أنني‬ ‫ُ‬ ‫األغاني بالشكل الذي يُرضي ضميري‪ ،‬لذلك أقدم‬ ‫أصبحت‬ ‫امللحنني فيما بعد‪ ،‬حتى‬ ‫ُ‬ ‫علي الكثير من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ناجحا ً في مجال التوزيع املوسيقي‪ ،‬إلى جانب‬ ‫التلحني‪.‬‬ ‫حت ّد َ‬ ‫ثت عن دراستك للسياسة في اجلامعة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬كيف ميكن التوفيق بني مجالني‬ ‫مختلفني‪ :‬السياسة والفن؟‬ ‫ِّ‬ ‫لكل منهما اجتاه معاكس‪ .‬أؤمن بفن‬ ‫طبعاً‪،‬‬ ‫السياسة وسياسة الفن‪ ،‬فالسياسي يحافظ‬ ‫على مركزه بعالقاته مع الشعب وإفساح اجملال‬ ‫اخملتصة‪،‬‬ ‫لهم للتعبير عن رأيهم ونقله إلى اجلهات‬ ‫ّ‬ ‫أما الفنان ف ُيرضي أذواق الناس‪ ،‬ويجمع حوله‬ ‫ومشجعني‪ ،‬وبالتالي ميتلك الشعبية‬ ‫مح ّبني‬ ‫ّ‬ ‫متاما ً كالسياسي‪ .‬أعتبرهما وجوه مجتمع‪ ،‬وجنوم‬ ‫شاشة‪ ،‬ألننا كفنانني وسياسيني نتواصل مع‬ ‫الناس‪ ،‬من هنا أقول‪ :‬يخطئ الفنان إذا لم يكن له‬ ‫رأي سياسي‪ ،‬أو لم يهتم مبا يجري حوله‪ ،‬فنحن‬ ‫لسنا منفصلني عن هذا اجملتمع وبالتالي نتفاعل‬ ‫أسخر‬ ‫معه ونؤ ّيد فكرة على أخرى‪ ،‬ولكنني لم‬ ‫ّ‬ ‫قمت داخل‬ ‫فني يوما ً للسياسة‪ ،‬حتى ولو أنني‬ ‫ُ‬ ‫االستديو اخلاص بي بتنفيذ العديد من األغاني‬ ‫تناولت فيها وطني‬ ‫واألناشيد الوطنية‪ ،‬ولكنني‬ ‫ُ‬ ‫لبنان وليس “األشخاص”‪ ،‬ألنني ال أح ّبذ فكرة‬ ‫“تأليه” القائد السياسي‪ ،‬ومحمد عبد الوهاب‬ ‫خير مثال على ذلك‪ ،‬فبعد خمسني سنة من‬ ‫عطائه في الفن‪ ،‬ظهر أحمد عدوية الذي اشتهر‬ ‫وأصدر األغاني في فترة قصيرة جداً‪ ،‬ولدى سؤال‬ ‫عبد الوهاب عن رأيه مبا أجنزه عدوية من ثروة‬ ‫وشهرة في خمس سنوات والذي يفوق ما أجنزه‬ ‫األول في خمسني سنة‪ ،‬قال‪“ :‬إني أحترم كل فنان‬ ‫يستقطب جمهوراً”‪ ،‬لذلك أقول هذه اجلملة‬ ‫بطريقتي‪ :‬إني أحترم كل سياسي يستقطب‬ ‫جمهوراً‪ .‬فإذا نظرنا إلى أي سياسي يخطب في‬ ‫جمهور معني‪ ،‬نرى بني هذا اجلمهور مثقفني وأدباء‪،‬‬ ‫وبالتالي ال ميكن القول بأن هذا السياسي غير‬ ‫جدير باالحترام‪ ،‬ال بل أحترمه ألنه استطاع كسب‬ ‫ثقة الناس وخلق شعبية حوله‪ .‬ولكن في مجال‬ ‫ّ‬ ‫التنكر ملا تر ّبى عليه‬ ‫احلرية الفكرية‪ ،‬يجب عدم‬ ‫الفرد‪ ،‬فبالنسبة إلحسان املنذر الطفل‪ ،‬تر ّبيت‬ ‫على أفكار القائد جمال عبد الناصر‪ ،‬فقد كان رمز‬ ‫العرب أجمع‪ ،‬وقوله بعد كل فترة االستعمار الذي‬ ‫عانينا منه‪“ :‬إرفع رأسك يا اخي‪ ،‬فقد مضى عهد‬ ‫االستعباد” جعل عبد الناصر مختلفاً‪ ،‬أضف‬ ‫إلى أنه ُولِد في زمن مختلف عن زمن أوتو إدوارد‬ ‫وحد أملانيا‪ ،‬وفيكتوريو‬ ‫ليوبولد فون بسمارك الذي ّ‬ ‫وحد إيطاليا‪ .‬أما عبد الناصر‪ ،‬فلم‬ ‫عمانوئيل الذي ّ‬ ‫يتمكن من توحيد الدول العربية حتت لواء قضية‬ ‫واحدة‪ ،‬وخسر معركته ضد «إسرائيل»‪ ،‬وأراد‬ ‫لكن الشعب العربي لم يقبل ذلك‪.‬‬ ‫االستقالة‬ ‫ّ‬ ‫إلي شخصية أخرى أح ّبها وأحترمها‬ ‫بالنسبة ّ‬ ‫هي السيد حسن نصراهلل‪ ،‬إذ أملك حرقة كبيرة‬

‫في داخلي‪ ،‬منذ العام ‪ ،1967‬أل ّن حوالي ‪ 50‬سنة‬ ‫م ّرت ولم يتمكن أحد من األخذ بثأر عبد الناصر‬ ‫باستثناء السيد حسن نصر اهلل‪ ،‬لذلك أحمد‬ ‫أمد بعمري ألرى انتصارنا على عدونا‬ ‫اهلل أنه ّ‬ ‫«إسرائيل»‪ ،‬وأتيقّ ن بأن حت ّركاتنا املطلبية طوال‬ ‫تلك السنوات لم تذهب هدراً‪ .‬من هنا‪ ،‬أعتبر‬ ‫أن الشخصني األكثر بروزا ً في صراع العرب ضد‬ ‫«إسرائيل» والقضية األم فلسطني‪ ،‬هما الرئيس‬ ‫عبد الناصر والسيد نصراهلل‪.‬‬ ‫أين دور الفنان في مثل هذه القضايا؟‬ ‫بدأت مسيرتي الفنية في العام ‪،1980‬‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫بأغنية وطنية على وتر الترتيلة‪ ،‬وكانت بعنوان «يا‬ ‫نبع احملبة» للفنانة ماجدة الرومي‪ ،‬والتي مازالت‬ ‫تُغنَّى حتى يومنا هذا‪ ،‬وكنا حينها كقائمني على‬ ‫فكنت ملحنا ً‬ ‫هذه األغنية من طوائف مختلفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مسلماً‪ ،‬وكان كاتبها الشاعر مارون كرم مسيحياً‪،‬‬ ‫وكانت أغنيتنا معاً‪ ،‬تلعن احلرب األهلية التي‬ ‫ف ّرقت األخ عن أخيه‪ ،‬وقلنا حينها‪« :‬بلد الشمس‬ ‫الفي أكلته النار»‪ .‬وبالتالي فهدفنا األساس‬ ‫وبلد‬ ‫ّ‬ ‫من خالل عملنا كان وطنيا ً بامتياز‪ .‬لذلك‪ ،‬على‬ ‫الفنان تقدمي أعمال وطنية باستمرار‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫نت‬ ‫حل ُ‬ ‫فيما بعد أغنية للجيش الوطني اللبناني أيضا ً‬ ‫للفنانة ماجدة الرومي بعنوان «القسم»‪ ،‬ألنني‬ ‫أعتبر أن الفنان يجب أال يغيب عن قضايا وطنه‬ ‫قدمه أيضا ً األخوان الرحباني ووديع‬ ‫وآالمه‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫الصافي وفيروز وصباح وغيرهم‪ .‬ولكن يخطئ‬ ‫الفنان برأيي‪ ،‬عندما تتجاذبه اجملاالت السياسية‬ ‫وأهواؤها‪ ،‬وتنعكس كثرتها عليه وعلى أعماله‪،‬‬ ‫لذلك عليه أن يكون ِم ٌ‬ ‫لك لكل الوطن وليس حلزب‬ ‫سياسي دون آخر‪ ،‬أل ّن الوالء هو للوطن فقط‪ ،‬ومن‬ ‫خلف هذا الوالء أؤمن بالتعايش ألنني ملسم‬ ‫وقمت بتربية اوالدي‬ ‫ومتز ّوج من امرأة مسيحية‬ ‫ُ‬ ‫على أساس التعايش والسالم والوطنية‪.‬‬ ‫بالعودة ملسيرتك الفنية‪ :‬بني مواكبتك لتلك‬ ‫احلقبة الذهبية مع عبد الوهاب وأم كلثوم‬ ‫واألخوين الرحباني وغيرهم وما نشهده اليوم‪،‬‬ ‫كيف ترى مستوى الفن‪ ،‬خاصة ّ‬ ‫وأنك تصفه بـ‬ ‫«املستوى الرديء»؟‬

‫‪59‬‬

‫طبعا ً ال بد من ثورة األجيال‪ ،‬فعندما بدأ‬ ‫عبد الوهاب مبسيرته الفنية‪ ،‬اتهمه البعض‬ ‫بأنه يريد تغيير املوسيقى الشرقية وجعلها‬ ‫غربية‪ ،‬وهوجم‪ ،‬ولكننا حتى اليوم نذكر أعماله‬ ‫اجلميلة واملبدعة‪ .‬ففي كل عصر‪ ،‬هناك فن‬ ‫يسجله التاريخ‪ .‬هل تعتقدون أنه لم‬ ‫هابط ال‬ ‫ّ‬ ‫فن هابط في زمن عبد الوهاب وام‬ ‫يكن هناك ٌ‬ ‫كلثوم واسمهان وليلى مراد؟ بلى‪ ،‬ولكنه لم يبقَ ‪،‬‬ ‫ولم ي َ ُدم سوى األغنية الدسمة املؤلفة بضمير‬ ‫مهني أصيل‪ ،‬وهي األعمال التي يحافظ عليها‬ ‫التاريخ‪ .‬أما ما يجري اليوم‪ ،‬فهو مماثل ولكنه‬ ‫أسوأ‪ ،‬أل ّن وسائل اإلعالم واالستديوهات أصبحت‬ ‫وسيلة سهلة جدا ً للوصول إلى العلن‪ ،‬في حني‬ ‫كانت اإلذاعة اللبنانية وامتحاناتها اجلد ّية أمام‬ ‫جلنة مهنية‪ ،‬هي السبيل الوحيد للظهور إلى‬ ‫اجلمهور والنجاح فنياً‪ ،‬وهذا ما كان يحصل أيضا ً‬ ‫في امتحانات جلنة إذاعة القاهرة‪ .‬نحن اليوم‬ ‫في زمن فوضى عارمة في الوسط الفني‪ ،‬فقد‬ ‫كلفني االستديو ما يقارب ‪ 250‬ألف دوالر حني‬ ‫قمت بتأسيسه‪ ،‬في حني نراها اليوم تتكاثر وال‬ ‫ُ‬ ‫تكلف أكثر من ‪ 10‬آالف دوالر لتصبح جاهزة‬ ‫لتسجيل أغنيات هابطة‪ .‬كذلك فوسائل الغناء‬ ‫أصبحت أسهل‪ ،‬ألن بإمكان جهاز الكومبيوتر‬ ‫تصحيح الصوت وإزالة النشاز منه‪ ،‬وهذا يتم‬ ‫فقط بدفع األموال وليس بالصوت اجلميل‪ .‬ولكن‬ ‫سنوات‬ ‫املواجهة‪ ،‬هي مبَن سيبقى من هؤالء بعد‬ ‫ٍ‬ ‫على ظهورهم‪ ،‬لذلك من الصعب التمييز بني‬ ‫موهبة سوف تبقى وأعمال غير موهوبة ستذهب‬ ‫هباء‪ .‬أنظر اليوم‪ ،‬وأتساءل‪َ :‬من من هذه الوجوه‬ ‫سيبقى؟ ولكنني أفاجأ بعد سنوات بأ ّن األسماء‬ ‫نفسها اجتهت نحو األغنية الشعبية الرخيصة‬ ‫التي يبحثون فيها عن كلمة تأخذ صداها في‬ ‫األجواء الشعبية كـ»الواوا» و»ترشرش» وغيرها‪.‬‬ ‫من هنا أقول‪ :‬التاريخ يحكم على َمن يستطيع‬ ‫البقاء والصمود لعشرين سنة ضمن املستوى‬ ‫نفسه من العطاء واجلماهيرية والنجاحات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وصفت األغنية الشعبية بـ «الرخيصة»‪ ،‬أي‬ ‫نوع منها تقصد؟‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫طبعا ً هناك أغاني شعبية أصيلة‪ ،‬فعندما‬ ‫غنّت السيدة فيروز «هالسيارة مش عم متشي»‪،‬‬ ‫لم تكن أغنيتها رخيصة‪ ،‬بل القت جناحا ً باهرا ً وال‬ ‫تزال‪ .‬وكذلك عندما ّ‬ ‫نت أغنية شعبية بعنوان‬ ‫حل ُ‬ ‫«لو ش ّباكك َع ش ّباكي»‪ ،‬كانت ذات طابع شعبي‬ ‫ولكنها تتناول موضوع الطائفية وبُعد األح ّبة‬ ‫بسبب الطائفية واملناطقية‪ .‬لذلك‪ ،‬ال ضير على‬ ‫أغنية شعبية حتمل معاني وشعور وتفاعالت‬ ‫اجملتمع‪.‬‬ ‫ما املشكلة إذاً؟‬ ‫املشكلة أ ّن اإلذاعات اللبنانية فقدت ضميرها‪،‬‬ ‫وأصبحت تبث فقط األغنيات املدفوعة‪ ،‬وال تبحث‬ ‫في األرشيف عن األغنيات القدمية التي جنحت‬ ‫والقت صداها لدى اجلمهور‪ .‬لألسف‪ ،‬ال يوجد‬ ‫ق ّيمون وجلان متخصصة في اإلذاعات الختيار النوع‬ ‫األفضل من األعمال الفنية‪ ،‬حتى أصبحنا نرى‬ ‫أغان مدفوعة‪ ،‬وفوضى في األذواق التي ال تسمع‬ ‫ٍ‬ ‫سوى هذه األغنيات املدفوعة حيث أصبح لدينا‬ ‫إسفافا ً في الفن في ظل غياب الرقابة اإلعالمية‬ ‫واإلعالنية‪ .‬من هنا‪ ،‬جند اجليل اجلديد يتّجه نحو‬ ‫أغان‬ ‫األغاني الغربية في ظل ما يسمعه من‬ ‫ٍ‬ ‫شعبية هابطة بدون ركائز فنية أساسية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما أجده لدى أبنائي الذين يسمعون فقط األغاني‬ ‫األجنبية واملوسيقى الكالسيكية‪ .‬لذلك يجب أال‬ ‫ن ُغفل الفئات املثقفة من هذا اجليل الشاب والتي‬ ‫جندها غالبا ً في اجلامعات‪ ،‬وبالتالي يجب إرشادها‬ ‫للنوع األفضل من الفن‪ ،‬بحيث تلفتهم موسيقى‬ ‫اجلاز والكالسيك‪ ،‬ويرون الفنانني في العالم العربي‬ ‫يق ّلدون بعضهم البعض‪ ،‬وفي كثير من األحيان‬ ‫يسمون أنفسهم بـ»امللحنني»‪ ،‬ال‬ ‫جند بعض َمن‬ ‫ّ‬ ‫يفقهون شيئا ً من النوتات املوسيقية‪.‬‬ ‫ما سبل التثقيف الفني لهذا اجليل اجلديد؟‬ ‫التربية املنزلية هي األهم‪ ،‬والسعي لتثقيفهم‬ ‫وتوعيتهم على ما هو األفضل واألكثر أصالة‪ ،‬بدون‬ ‫إجبارهم على اختيار هذا النوع من الفن دون غيره‪.‬‬ ‫ولكن ما نفتقر إليه هو وجود ثقافة موسيقية‬ ‫في «وزارة الثقافة»‪ ،‬إذ لطاملا ذهبنا كنقابيني في‬ ‫وامللحنني وموزّعي املوسيقى‪،‬‬ ‫جمعية املؤلفني‬ ‫ّ‬ ‫لشرح حقوق امللكية األدبية الفكرية للشعراء‬ ‫وامللحنني للعديد من الوزارء الذين تناوبوا على‬ ‫مهام الوزراة‪ ،‬لكننا لم نلقَ َمن يفهمنا‪ ،‬في حني‬ ‫أننا نتلقى حقوقنا السنوية من الدول الغربية‬ ‫مقابل كل أغنية من كلماتنا أو أحلاننا يتم عزفها‬ ‫في أي مكان‪ .‬وبالتالي فإ ّن حقوقنا تذهب هدرا ً مع‬ ‫غياب أي قوانني حتمي ملكيتنا الفكرية واألدبية‬ ‫والفنية‪ ،‬لذلك يذهب تراثنا القدمي هبا ًء وال يتم‬ ‫اإلضاءة عليه‪ ،‬من هنا يعيش أبناؤنا اليوم في‬ ‫حلقة ُمفرغة بدون توعية‪.‬‬ ‫أهي‬ ‫مَن يتحمّ ل مسؤولية هذا الفن الهابط‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫امللحن الذي يقبل بتلحني‬ ‫شركات اإلنتاج أو‬ ‫تلك الكلمات السخيفة؟‬ ‫عصر جتاري بحت‪ ،‬فاملطرب‬ ‫نعيش اليوم في‬ ‫ٍ‬ ‫يسعى بأي شكل من األشكال جلمع املال‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وشركات اإلنتاج في املقابل أيضا ً تسعى للربح‬ ‫الوفير‪ ،‬وبالتالي كالهما يسعى لكسب األموال‬ ‫حتى مع انخفاض اجلودة‪ .‬فشركة اإلنتاج ال تهتم‬ ‫ألغنية تتناول حقوق اإلنسان والتفاوت الطبقي‬ ‫جلان‬ ‫وغيرها‪ ،‬ولكنها تسعى باملقابل ‪ -‬مبا فيها من ٍ‬ ‫وهمية ‪ -‬إلنتاج األغنيات التي حتقق أرباحا ً طائلة‪.‬‬ ‫فاملنتج عادة هو شخص ميلك املال وق ّلما ميلك‬ ‫الذوق املوسيقي‪ ،‬لذلك يصبح اخلصم واحلكم‬ ‫آن معاً‪ ،‬وهذا ما حصل مع شركة روتانا التي‬ ‫في ٍ‬ ‫بأموال‬ ‫سنوات‬ ‫منذ‬ ‫الفني‬ ‫الوسط‬ ‫إلى‬ ‫دخلت‬ ‫ٍ‬ ‫فنان وفنانة‪ ،‬وجندها اليوم‬ ‫وفيرة‪ ،‬وتعاقدت مع ‪ٍ 120‬‬ ‫تقدم سوى األغنيات التي‬ ‫قد اكتشفت أنها لم ّ‬ ‫هي للرمي مبا نسبته ‪ ،% 95‬وذلك ألنها لم تكن‬ ‫اخملتصة لتحكم على اإلنتاج‪ ،‬لذلك‬ ‫متلك اللجان‬ ‫ّ‬ ‫خسرت مليارات الدوالرات‪.‬‬ ‫ماذا عن جمعية املؤلفني وامللحنني وموزّعي‬ ‫املوسيقى‪ ،‬أين هي حقوقكم؟‬ ‫نحن آخر َمن يأخذ حقوقه من الدولة اللبنانية‪،‬‬ ‫لكننا واحلمد هلل نأخذها من الدول الغربية‪،‬‬ ‫ضع َفي ما تقاضيته‬ ‫زلت أتقاضى ُ‬ ‫فحتى اليوم ال ُ‬ ‫ثمن حلن أغنية «كلمات» للسيدة ماجدة الرومي‬ ‫في العام ‪ ،1990‬من كافة دول العالم وفي أي‬ ‫يتم غناؤها فيه‪ .‬في حني‬ ‫مكان تستعمل أو ّ‬ ‫أننا في لبنان ال نتقاضى شيئا ً من هذه احلقوق‪،‬‬ ‫قدم العديد من األغاني‬ ‫فزياد الرحباني مثالً الذي ّ‬ ‫املميزة‪ ،‬يلتزم بيته اليوم في حني يُتاجر أصحاب‬ ‫اإلذاعات بأعماله ويتقاضون األرباح عليها‪ .‬لو‬ ‫وس َعت‬ ‫حت ّركت وزارة الثقافة ملثل هذه األعمال َ‬ ‫جلمع أرباح أغنيات زياد الرحباني وملحم بركات‬ ‫وغيرهما‪ ،‬ملا اشتكيا من قلة التقدير املعنوي‬ ‫واملادي وهدر حقوقهما وحقوق كافة الفنانني‬ ‫الذي ساهموا في بناء تاريخ الفن األصيل‪.‬‬ ‫لقد توالى على رئاسة جمعية املؤلفني‬ ‫وامللحنني «ساسيم»‪ ،‬العديد من النقابيني‪،‬‬ ‫ولكن ال ميكن اتهامهم بالالمباالة أو التقصير‪،‬‬ ‫أل ّن الدولة هي التي ال تساعد في جمع حقوقنا‬ ‫من املقاهي وصاالت السهر وغيرها‪ .‬وبالتالي‪،‬‬

‫‪60‬‬

‫فاملطلوب إقرار قانون امللكية الفكرية من ِق َبل‬ ‫يسمى «حق اآلداء العلني»‪،‬‬ ‫وزراة الداخلية وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫في جميع األمكنة التي تستعمل أعمالنا فيها‪،‬‬ ‫إذ يبلغ املردود اليومي لإلذاعات اخلاصة ‪ 30‬إلى ‪40‬‬ ‫ألف دوالر لكل منها‪ ،‬وهو مبلغ يعود إليها من‬ ‫دعم األغنيات لعرضها‪ ،‬في حني ال تدفع أي من‬ ‫هذه املبالغ جلمعية املؤلفني وامللحنني مما هي‬ ‫حقوق ألعضائها‪.‬‬ ‫مع مَن تقبل التعامل لتقدمي أحلانك أو التوزيع‬ ‫املوسيقي؟‬ ‫مت‬ ‫قد ُ‬ ‫أتعامل مع العديد من املوهوبني فقد ّ‬ ‫عمل «طريق اإلنسانية» للفنانة ألني حلود وهي‬ ‫أحضر اليوم‬ ‫مقدمة للصليب األحمر‪ ،‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحلانا ً وتوزيعا ً ملسرحيات الشاعر أنطوان جبارة‪،‬‬ ‫وغيرهما من الفنانني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫شاركت في تلحني موسيقى مق ّدمات‬ ‫العديد من البرامج اإلذاعية والتلفزيونية‪ ،‬ما‬ ‫الفرق بينها وتلحني أو توزيع أغنيات عادية؟‬ ‫أملك إنتاجا ً موسيقيا ً كبيرا ً ومعزوفات متعددة‪،‬‬ ‫كمعزوفة «رباب» و»السهل األخضر» وغيرها‪،‬‬ ‫أقدمها للبرامج تتح ّرك‬ ‫وبالتالي فاملوسيقى التي ّ‬ ‫وفق أنواعها بني البرامج الدرامية والكالسيكية‬ ‫وغيرها‪ .‬لكننا نتبع املوضة‪ ،‬فبعد موجة املسلسالت‬ ‫املكسيكية‪ ،‬ومن بعدها التركية‪ ،‬أعتقد أ ّن‬ ‫املسلسالت الهندية في طريقها إلينا مع إنخفاض‬ ‫كلفتها‪ ،‬بعد أن ارتفعت كلفة املسلسالت التركية‬ ‫بسبب دفع شركة ‪ MBC‬أمواال ً باهظة ملنع احملطات‬ ‫األخرى من شرائها‪.‬‬ ‫ملحن وشاعر ومغنّي‪،‬‬ ‫وختم املنذر‪ :‬أنصح كل ّ‬ ‫أي كل َمن يُعنى مبجال اخللق واإلبداع‪ ،‬التفكير‬ ‫بدميومة األغنية‪ ،‬وبالتالي مبوضوع مهم وبكلمة‬ ‫لها وقعها الفني وغير عابرة‪ ،‬وأن يكون التلحني‬ ‫خلدمة الكلمة وبالتالي لنجاح األغنية‪ ،‬خدم ًة‬ ‫لهذا اجليل وتقديرا ً للتراث الفني األصيل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬


‫الشاعر المهجري ّ‬ ‫معذى العريضي‪ :‬ال ُمغترب اللبناني دائماً في الطليعة‬ ‫هو اللبناني من جديد‪ ،‬ومنذ مئات السنني‪ ،‬ال‬ ‫يرى دافعاً يبقيه في موطنه مع عدم ّ‬ ‫توفر سبُل‬ ‫العيش الكرمي‪ ،‬فتحضنه بالد الغرب وتؤ ّمن له‬ ‫كافة االحتياجات مع وصوله إلى ّ‬ ‫سن التقاعد‪.‬‬ ‫من مواليد العام ‪ُ ،1926‬و ِلد في بلدة بيصور‬ ‫اجلبلية‪ ،‬فامتلك منها صالبة املواقف الوطنية‪،‬‬ ‫إضافة ملوهبته الفنية والشعرية‪.‬‬ ‫تنسه سنوات االغتراب وطنه األم‪ ،‬فكان‬ ‫لم ِ‬ ‫أن كتب باستمرار جلبالها وسهولها واستقاللها‬ ‫وكافة جوانب احلياة اللبنانية والعربية معاً‪ ،‬حتى‬ ‫كتب‪:‬‬ ‫يا بالدنا من حولك اجليران ‬ ‫ملوك الشفط والنفط باخللجان‬ ‫بحر اخلليج اتب ّدل ببحرين ‬ ‫البحرين مسبَح صهيَنو العدوان‬ ‫موّتو ببغدادنا النهرين‬ ‫بدَجلة وفرات تسبّحو احليتان‬ ‫ ‬ ‫بعمّ ان مات البحر من أمرين ‬ ‫أمر الغريب ولوط والشيطان‬ ‫ببحر األرز عبيسبحو حوتني ‬ ‫حوت العروبة وحوت أمريكان‬ ‫فلسطني موط ّنا انشطر شطرين ‬ ‫داخل وخارج ّ‬ ‫ركت احليطان‬ ‫بيروتنا انتصرت على َ‬ ‫احلالني ‬ ‫مبقاومة داست عا م ّ‬ ‫ُخ الغرب‬ ‫بجيش وشعب اهلل حمى لبنان‬ ‫يسكن اليوم في والية كاليفورنيا األميركية‪،‬‬ ‫ليتواجد في كافة مناسبات أبناء طائفة املوحدين‬ ‫الدروز خاصة عقود الزواج وحاالت الوفاة‪ ،‬كونه‬ ‫القائم بأعمال مشيخة عقل طائفة املوحدين في‬ ‫الواليات املتحدة األميركية‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” زارته في بلدته بيصور‪ ،‬بعد‬ ‫قدومه من أميركا بإجازة قصيرة وهو الذي مضى‬ ‫في بداية اغترابه ‪ 40‬عاماً بدون زيارته للبنان‪ ،‬وتنوّع‬ ‫احلوار بني الشعر والدين وغيرها من جوانب احلياة‪،‬‬ ‫وهنا ّ‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫ح ّدثنا عن سنوات االغتراب وأسبابه؟‬ ‫في العام ‪ 1955‬ومع عدم وجود مجال للعمل‬ ‫سافرت إلى‬ ‫كنت أقتات منه‪،‬‬ ‫الفني الغنائي الذي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت في‬ ‫فنزويال‪،‬‬ ‫بدأت بالعمل الفني منذ ُ‬ ‫وكنت قد ُ‬ ‫ُ‬ ‫اخلامسة عشر من عمري‪ ،‬عبر الغناء في اإلذاعات‬ ‫مت االمتحان األول في اإلذاعة‬ ‫وعلى املسارح‪ ،‬وق ّد ُ‬ ‫اللبنانية حيث كان ضمن جلنة التحكيم األستاذ‬ ‫وجنحت‬ ‫حليم الرومي والد الفنانة ماجدة الرومي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حينها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬ومع الراتب الزهيد من الغناء في اإلذاعة‬ ‫اضطررت بداية للسفر إلى الكويت‪ ،‬بحيث‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عملت في مجال البناء ‪ -‬أي بعيدا ً عن موهبتي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫هاجرت إلى فنزويال‪،‬‬ ‫عدت إلى لبنان ومنه‬ ‫وبعدها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عملت في كافة املهن التي تساهم في تأمني‬ ‫بحيث‬ ‫ُ‬

‫أسست عائلتي التي تألفت من‬ ‫س ُبل العيش‪ ،‬وهناك‬ ‫ُ‬ ‫أربعة أبناء‪.‬‬ ‫وفي نبذة عن الشعب الفنزويلي قال العريضي‪:‬‬ ‫شعب لطيف‪ ،‬ويحب التفاعل مع اجلميع‪ ،‬كما وأنه‬ ‫إنه‬ ‫ٌ‬ ‫ميلك أصالة من التربية العربية والعادات والتقاليد‪،‬‬ ‫حتى وأ ّن ‪ %20‬من اللغة الفنزويلية مأخوذة من اللغة‬ ‫انتقلت‬ ‫أمضيت ‪ 25‬سنة في فنزويال‪ ،‬بعدها‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ديوان‬ ‫في‬ ‫الشعرية‬ ‫منظوماتي‬ ‫لطباعة‬ ‫البرازيل‬ ‫إلى‬ ‫ٍ‬ ‫واحد‪ ،‬بسبب عدم وجود مطابع في فنزويال لكنني لم‬ ‫أفلح في تأمني التمويل الالزم‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬انتقلت من‬ ‫البرازيل إلى سان فرانسيسكو في أميركا‪ ،‬وكذلك‬ ‫عملت في كافة اجملاالت وكان ذلك في العام ‪.1980‬‬ ‫ُ‬ ‫أخبرنا عن أوضاع املغترب اللبناني إن في فنزويال‬ ‫أو في أميركا؟‬ ‫املغترب اللبناني أينما ّ‬ ‫حل هو في الطليعة إن في‬ ‫األدب أو في التجارة أو غيرهما‪ ،‬وخاصة في تعاطيه‬ ‫مع األفراد هناك إن حكوميا ً أو شعبياً‪.‬‬ ‫ماذا عن تولّ َ‬ ‫يك مهام متثيل مشيخة عقل‬ ‫طائفة املوحدين الدروز في أميركا؟‬ ‫كنت مف ّوضا َ بالقيام بأعمالها أثناء وجودي في‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫بشكل رسمي بل من اجلالية‬ ‫ليس‬ ‫ولكن‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫فنزويال‬ ‫ٍ‬ ‫الدرزية فيها‪ ،‬حتى وصولي إلى سان فرانسيسكو‪،‬‬ ‫وطلبت اجلالية الدرزية في أميركا مني الذهاب إلى‬ ‫لوس أجنلوس‪ ،‬مكان تواجد مق ّر اجلالية‪ .‬وقد تلقّ يت‬ ‫رخصة من شيخ العقل املرحوم محمد أبو شقرا‪،‬‬ ‫تتضمن‪“ :‬نك ّلف الشيخ مع ّذى العريضي القيام‬ ‫ّ‬ ‫بالطقوس الدينية الدرزية في كاليفورنيا” وهذا في‬ ‫العام ‪ 1983‬وحتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫ماذا عن أوضاع اجلالية الدرزية في أميركا؟‬ ‫احلمد هلل‪ ،‬ال زال املوحدون الدروز في أميركا‬ ‫يحافظون على العادات والتقاليد ويحترمون‬ ‫الطقوس الدينية‪ ،‬كما وأ ّن بينهم رجال دين وشعراء‬ ‫وأدباء وغيرهم من أصحاب العلم‪.‬‬ ‫بالعودة إلى موهبتك الشعرية‪ ،‬ح ّدثنا عن‬ ‫الشاعر خالد زهر؟‬

‫‪61‬‬

‫كان خالد زهر صديقي في أميركا من كل النواحي‪،‬‬ ‫فقد كنا رفاق في الصيد‪ ،‬ومن ثم اكتشفنا أ ّن كالنا‬ ‫شاعراً‪ ،‬وجمعتنا صداقة عميقة خاصة وأنني أكتب‬ ‫القصيدة الوطنية بتج ّرد‪.‬‬ ‫ماذا عن كتابتك للشعر؟‬ ‫بدأت مسيرتي األدبية من بلدتي بيصور حيث‬ ‫ُ‬ ‫ألقيت قصيدة مبناسبة االنتخابات‪ .‬وتزايدت رغبتي‬ ‫ُ‬ ‫بالكتابة بعد سفري ومع معاناة الغربة والبعد عن‬ ‫الوطن‪ .‬أكتب كل أنواع الشعر من الشروقي والعتابا‬ ‫ولدي حتى اآلن ما ال يقل‬ ‫وامل ّوال وابو الزلف وغيرها‪ّ ...‬‬ ‫عن ‪ 4000‬بيت من العتابا‪ ،‬و‪ 300‬قصيدة وطنية‪،‬‬ ‫سجلتها بصوتي‪ ،‬ومسرحيات‬ ‫إضافة إلى أغنيات ّ‬ ‫شاركت بها‪.‬‬ ‫هزلية‬ ‫ُ‬ ‫أخبرنا عن لبنان الذي تزوره في فترات متباعدة؟‬ ‫ال أزال أذكر كل زاوية فيه خاصة ضمن بلدتي‬ ‫بيصور‪ ،‬وفي كثير من األحيان أشتاق إلى العودة‬ ‫لكن وضع املتقاعدين في أميركا أفضل منه‬ ‫إليه‪ّ ،‬‬ ‫هنا‪ ،‬وبالتالي كل شيء مؤ ّمن بالنسسبة إلينا في‬ ‫أميركا‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫ّ‬ ‫املوشحات‪:‬‬ ‫من نظمه في‬ ‫محالك يا صيفية ب َديرة لبنان‬ ‫ِ‬ ‫وصحة وكيفية ومنظر فتّان‬ ‫برود‬ ‫ّ‬ ‫احلي‬ ‫بلبنان‬ ‫محالك يا صيفية‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وفي‬ ‫برود‬ ‫ّ‬ ‫وصحة وكيفية وحر ّية ّ‬ ‫مي‬ ‫بتشفي الع ّلة اخملف ّية من قطرة ّ‬ ‫لسن الشباب‬ ‫وبتر ّدي اخلتيارية‬ ‫ّ‬ ‫وفي العتابا وامليجانا‪:‬‬ ‫يا نفس عا براج املعالي تطاولي ‬ ‫صفحات بيضا اجملد عندي طاوِلي‬ ‫ ‬ ‫في معهد األشعار حاجز طاوِلي‬ ‫وكرسي وقلم وكتاب في إسمي أنا‬ ‫وكتب‪:‬‬ ‫ ‬ ‫ديواني منبر اإللهام ِمنب ّر‬ ‫إلهامو بوعدو خير َمن ب َ ّر‬ ‫بحر د ّر الشعر ف ّياض َمن ب ّر‬ ‫القوافي سطور ش ِّعت بالكتاب‬

‫ومن أبياته الغزلية‪:‬‬

‫قالوا مريضة جنمتك وإنت احلبيب‬ ‫قلت يا ر ّبي إشفيها يا ُمجيب‬ ‫األسبرو‬ ‫بصبوص عيني يكون قرص‬ ‫ِ‬ ‫سماعة طبيب‬ ‫وعروق قلبي تكون ّ‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫رجال وخود موقف من العنف»‬ ‫«كون ّ‬ ‫هل يمكن للرجل أن يكون حليفاً للمؤسسات المناهضة للعنف ضد المرأة؟‬ ‫يعاني الرجال من نتائج التنشئة االجتماعية‬ ‫التي تضعهم حتت ضغوطات اجتماعية عديدة‬ ‫تفرض عليهم التماشي مع صفات “الرجولة”‬ ‫املقبولة اجتماعياً‪.‬‬ ‫إن إنهاء العنف ضد املرأة هو عملية اتخاذ‬ ‫موقف من العنف‪ ...‬وليس من الرجال‪ :‬إن رفض‬ ‫الرجال للعنف املوجه ضد النساء يجعل‬ ‫صورتهم االجتماعية أكثر إيجاباً‪ .‬فال ينظر الى‬ ‫الرجال على أنهم مجرد مرتكبي عنف ومتييز‪،‬‬ ‫بل يعتبرون شركاء فاعلني في عملية التغيير‪.‬‬ ‫الرجال والنساء شركاء في اجملتمع واحلياة‬ ‫ومبا أن العنف يؤذي اإلناث في األسرة من األم‬ ‫الى األخت واالبنة‪ ،‬على الرجال أن يكونوا أيضاً‬ ‫شركاء في حماية أسرهم من العنف‪.‬‬ ‫كما يؤدي التواصل الالعنفي في املنزل ومع‬ ‫الشريك الى بيئة سعيدة ومريحة وأكالف‬ ‫صحية واقتصادية أقل‪.‬‬ ‫أن لم يكن الرجال جزءاً من احلل ملشكلة‬ ‫العنف فهم جزء من املشكلة وبالتالي‬ ‫صمتهم يجعلهم متواطئني‪.‬‬ ‫إن العنف املوجّ ه ضد املرأة هو أحد االنتهاكات‬ ‫األساسية األكثر انتشاراً حلقوق اإلنسان في‬ ‫لبنان ومنطقة الشرق األوسط‪ .‬وهو يعد من‬ ‫أكثر االنتهاكات املهملة قانوناً واملقبولة‬ ‫اجتماعياً في املنطقة العربية‪.‬‬ ‫وإللقاء الضوء أكثر على هذا املوضوع التقت‬ ‫“منبر التوحيد” رئيسة مؤسسة “أبعاد”مركز‬ ‫املوارد للمساواة بني اجلنسني وكان احلوار‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫وسط زحمة اجلمعيات النسائية مباذا تتميز‬ ‫“أبعاد”؟‬ ‫نحن نركز على موضوع املساواة بني اجلنسني‪.‬‬ ‫عندما نعمل على القضايا التي لها عالقة‬ ‫باإلنصاف االجتماعي يجب التوجه الى الطرفني‬ ‫من هذه املعادلة لكي نصل الى نتيجة‪ .‬ال نعمل‬ ‫فقط على توعية النساء دون توعية أزواجهن‪.‬‬ ‫من جهة أخرى نتبنى إشراك الرجال في كل‬ ‫أعمالنا‪ ،‬تتألف املؤسسة من اجمللس االستشاري‬ ‫وهو ‪ % 50‬إناث و‪ %50‬ذكور واجلهاز التنفيذي يضم‬ ‫رجاالً‪ .‬وفي كل برامجنا نحاول ان نعيد الرجل‬ ‫الى صورة قضايا حقوق النساء ونظهره فاعالً‬ ‫ومعنياً‪ .‬فالنساء تطلب منا التكلم مع ازواجهن‬ ‫والرجال يقولون “خلصنا منكن” يجب أن نفتح‬ ‫جمعيات لنحمي الرجال من النساء‪ .‬هناك نظرة‬ ‫بأنه يوجد حرب عالم نساء ضد عالم رجال‬ ‫وبالتالي لن نحقق اية مكاسب‪ .‬نحن ال نركز على‬ ‫دعم الضحايا ولكن عندنا مركز خاص بتأهيل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرجال العنيفني‪ .‬هذا املركز يؤمن خدمة نفسية‬ ‫ويعطيهم ورش عمل عن إدارة الغضب‪ .‬نحاول أن‬ ‫نكمل ما هو موجود في هذا البلد‪ ،‬هناك اشخاص‬ ‫يعملون على دعم الضحايا في مراكز االستماع‬ ‫واإلرشاد لذلك نعمل على توعية الرجال وعلى‬ ‫إشراكهم وتأهليهم لكي نصل الى نتيجة‪.‬‬ ‫ماذا تعني كلمة “أبعاد”؟‬ ‫للكلمة أبعاد وللسلوك أبعاد وللمشاكل‬ ‫أبعاد وللحلول أبعاد أيضاً‪ .‬نحن ال نعمل على‬ ‫عوارض العنف بل على جذور املشكلة التي تأتي‬ ‫من الرجل ومن النظام االجتماعي الذي يربي‬ ‫هؤالء الرجال‪ .‬كما يأتي منا كأمهات كيف نربي‬ ‫الصبيان والبنات‪ ،‬ومن وسائل اإلعالم التي تعكس‬ ‫صورة “باب احلارة”‪ .‬هنا تكمن جذور املشكلة‪ .‬نحن‬ ‫ال نعمل على القشور وعلى حلول آنية بل على‬ ‫حل جذري على املدى بعيد‪.‬‬ ‫“كون رجّ ال وخود موقف من العنف” أال يعتبر‬ ‫هذا العنوان استفزازياً؟‬ ‫رجال”‪ ،‬مبعنى إذا كنت ضد‬ ‫لهذا هدفان “كون ّ‬ ‫العنف فهذا ال ينتقص من رجوليتك‪ .‬والرجل‬ ‫احلقيقي هو الذي ال يضرب امرأة وهذا التناقض‬ ‫موجود في مجتمعنا بشكل عام‪ .‬في البيت‬ ‫مسموح أن مند يدنا على امرأة‪ ،‬ولكن خارج البيت‬ ‫عيب‪ .‬نحاول أن نقول للرجل تستطيع أن تأخذ‬ ‫موقفا ً من العنف وتبقى رجالً فهذا ال ينتقص من‬ ‫رجوليتك‪ .‬وفي الوقت نفسه الرجل احلقيقي هو‬

‫‪62‬‬

‫الذي يرفض العنف ويتمتع بلغة احلوار واحلكمة‪.‬‬ ‫لقد كان هذا الشعار مستفزا ً لبعض الرجال‬ ‫ولبعض النساء اللواتي اعتبرن أننا نركزعلى‬ ‫رجال” وهذا مرفوض ألنهم لم يقرأوا‬ ‫عبارة “كون ّ‬ ‫باقي اجلملة‪.‬‬ ‫هل هناك حماس من الرجال أم أن العدد‬ ‫ضئيل جداً؟‬ ‫عدد الذين حضروا العمل على اليوتيوب ‪2300‬‬ ‫في خالل أربعة أسابيع وتبينّ أن الرجال شدتهم‬ ‫املقاربة وحضروا ولم يعلقوا بشكل سلبي‬ ‫باإلضافة الى عدد املنتسبني في صفحة أبعاد‬ ‫على الفايسبوك‪ .‬عندما بدأنا احلملة كانت بحدود‬ ‫الـ ‪ 400‬واآلن ‪ 2183‬منتسب‪ .‬في خالل شهر ارتفع‬ ‫العدد ونتكلم عن ‪ % 46‬من الرجال هذا باإلضافة‬ ‫الى املتطوعني‪ .‬لم يكن هناك ردود فعل سلبية‬ ‫ولكن تلقينا اتصال من شرطي قرأ رسالة “كون‬ ‫رجال وخود موقف من العنف” واتصل وعاتب وقد‬ ‫ّ‬ ‫استفزته الرسالة واعتبرها شخصية وقد يكون‬ ‫ميارس العنف في محيطه لذلك غضب كثيراً‪.‬‬ ‫هل ميكن للرجل أن يكون ناشطاً وحليفاً‬ ‫للمؤسسات املناهضة للعنف ضد املرأة؟‬ ‫أكيد ميكن أن يكون ناشطا ً ألن هناك انخراطا ً‬ ‫كبيرا ً للرجال في هذا العمل ليس فقط في‬ ‫“أبعاد” بل عند املؤسسات الزميلة‪ .‬بعض الرجال‬ ‫ينظمون مسيرات وجتمعات‪ .‬هذا يخدم القضية‬ ‫أكثر من عالم النساء إذ تُلغى فكرة مناهضة‬ ‫الرجال وتتحول الى مناهضة العنف‪ .‬والرجال هم‬ ‫الذين يقنعون رجاال ً آخرين والشباب اجلامعيني‬ ‫يتكلمون مع أصدقائهم الشباب ويجمعون‬ ‫التواقيع‪ .‬عندما يأتي الرجل ويطلب من زميل له‬ ‫أن يوقع عريضة إلقرار قانون أفضل من أن تأتي‬ ‫امرأة وتطالب بالتحرر فيأتي اجلواب أال يكفيكم ما‬ ‫حصلتم عليه؟ من هنا مكاسب العمل إذ يكون‬ ‫أسرع ويشمل الـ ‪ % 50‬املوجودة في اجملتمع‪.‬‬ ‫من استراتيجيات “أبعاد” تنظيم دعم‬ ‫للرجال الذين استخدموا العنف في عالقاتهم‬ ‫الزوجية واألسرية‪ .‬ما معنى ذلك؟‬ ‫إنه مركز خاص بالرجال وهو مؤلف من فريق‬ ‫عمل من الرجال والهدف هو العمل مع الرجال‬ ‫الذين يتبنون العنف في عالقاتهم األسرية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬العنف هو سلوك مكتسب من‬ ‫محيطنا‪ .‬هذا املركز يقدم عالجا ً سلوكياً‪ .‬نحن‬ ‫نطرح املوضوع من باب معاجلة الضغوطات‬ ‫واالضطرابات‪ .‬هناك سياسة “شيل عن ضهرك”‪،‬‬ ‫هذه الضغوطات التي نعيشها وال نريدها أن‬ ‫تتحول الى فشة خلق للمرأة والطفل‪ .‬هناك رقم‬ ‫خاص بالعيادة واملركز ويتم توزيعه في اجلامعات‬


‫ومراكز املستوصفات الصحية‪ .‬بعض الرجال‬ ‫الذين يأتون ويعاجلون من منطلق الضغوطات‪،‬‬ ‫يعترفون بأنهم “يفشون خلقهم” بعائالتهم‪.‬‬ ‫وفي خالل اجللسات يعترف بأنه عنيف‪ ،‬ومن هنا‬ ‫تبدأ مرحلة العالج‪.‬‬ ‫هل ميكن أن يتحول الى شخص غير عنيف؟‬ ‫نعم‪ ،‬ولكن هذا املوضوع يحتاج الى بعض الوقت‬ ‫وقد يصل بالعالج النفسي فيتبدل سلوكه‪ .‬إن‬ ‫حاالت العنف املعنوي تعالج أسرع من العنف‬ ‫اجلسدي‪ .‬ألنه ال يوجد انتقال الى الفعل‪ .‬عندما‬ ‫نصل الى الضرب واإليذاء هذا بحاجة الى وقت‬ ‫للسيطرة على اجلسد‪ .‬العنف اللفظي يعالج‬ ‫ألنه ال ينتقل الى الفعل‪ .‬العنف يبدأ بعنف‬ ‫معنوي وحتكمي وتسلطي‪ .‬ما هو العنف؟ هو‬ ‫حتكم‪ ،‬هو إحكام سلطة‪ .‬وأحيانا ً نقوم بتوعية‬ ‫الصبايا للتكلم عن مؤشرات العنف في العالقة‪.‬‬ ‫حتى إذا حتكم الرجل باملرأة بأبسط األمور مثالً‬ ‫لون الشعر‪ .‬البعض يعتبر هذه التصرفات دليل‬ ‫حب واهتمام ولكن عندما تتخطى احلدود وتصبح‬ ‫بدال ً من لون الشعر ً‬ ‫الشد بالشعر هنا املشكلة‪.‬‬ ‫ولكن طبعا ً في العنف ال يوجد غياب لدور أي من‬ ‫الطرفني‪.‬‬ ‫ملاذا العنف ضد املرأة من أكثر االنتهاكات‬ ‫املهملة قانوناً واملقبولة اجتماعياً في املنطقة‬ ‫العربية؟‬ ‫ألنه ليس موجودا ً على سلم األولويات‪ .‬وكلنا‬ ‫نعلم النقاش حول قانون حماية النساء من‬ ‫العنف األسري‪ .‬ال يوجد موازنة على مستوى‬ ‫الوزارات املعنية مثل باقي الدول برصد مبالغ‬ ‫لدعم النساء ضحايا العنف أو للوقاية من‬ ‫العنف‪ .‬وزارة الشؤون االجتماعية متلك دائرة‬ ‫شؤون مرأة وال متلك ميزانية‪ .‬الدولة لم تفكر‬

‫بخط جندة لشكوى املرأة املعنفة وملساعدتها‪.‬‬ ‫هل صحيح أن أول كف تتلقاه املرأة تكون‬ ‫ضحية والكف الثاني تكون شريكة فيه؟‬ ‫العنف هو خيار للفريقني‪ .‬هناك دور للمرأة‬ ‫أن تقول ال من أول مؤشرات العنف وترفض هذا‬ ‫األسلوب في التعاطي‪ .‬هذا رادع كبير وال يتفاقم‬ ‫املوضوع من كف الى “أتلة” الى حد القتل‪ .‬هي‬ ‫شريكة ولكن ليس بكل ما للكلمة من معنى‪،‬‬ ‫هي مسؤولة عن العنف الذي تتعر ض له مبعنى‬ ‫عدم قول كال ولكن املسؤولية الكبرى تقع على‬ ‫ثقافة الرجل وعلى تنشئته‪.‬‬ ‫أحياناً يقال إن املرأة تستفز الرجل لذلك‬ ‫يعنفها فهل صحيح أنها تتحمل مسؤولية؟‬ ‫هذه من املعتقدات اخلاطئة‪ .‬املرأة ال تستفز‬ ‫الرجل‪ ،‬وحتى لو حصل ذلك ال يوجد مبرر للعنف‪.‬‬ ‫ملاذا إذا استفزها ال يحق لها أن تضربه؟ املرأة غير‬ ‫مسؤولة عن العنف الذي تتعرض له هي تقوم‬ ‫بردود أفعال وهي متاحة لها اجتماعياً‪ ،‬وهو العنف‬ ‫املضاد‪ ،‬أحيانا ً ال تستطيع القيام مبسؤولياتها‬ ‫املنزلية ولكن هذه صرخة ملا تتعرض له‪.‬‬ ‫برأيك مَن املتضرر من إصدار قانون العنف‬ ‫األسري؟وما هو رأيك بقرار دار اإلفتاء؟‬ ‫املتضرر األساسي هم النساء بالدرجة األولى‬ ‫واألسرة بالدرجة الثانية‪ .‬نتائج العنف تقع على‬ ‫جميع األطراف‪ .‬اخلوف من الرجال والنساء معاً‪.‬‬ ‫لقد قرأنا في بعض األماكن أن بعض األمهات‬ ‫يخافون على أوالدههم من السجن في حال‬ ‫تعرضهم لزوجاتهم‪ .‬هناك خوف من التطبيق‬ ‫أكثر من اخلوف من املضمون وبالتالي النقاش‬ ‫يجب أن يكون على توضيح املضمون واآللية‬ ‫في تطبيقه‪ .‬اجلهة التي تنشط بقيادة “كفى”‬ ‫ستوضح ماذا يج ّرم هذا القانون وتوضح اآلليات‬

‫‪63‬‬

‫املعتمدة في تطبيقه‪ .‬لألسف نحن في دولة‬ ‫علمانية وغير علمانية‪ .‬هي دولة دينية قائمة‬ ‫على الطوائف ورؤساء الطوائف عندهم دور‬ ‫كبير في توقيف الكثير من األمور‪ ،‬أعتقد أنه ال‬ ‫ميكن أن تغفل التحاور مع هذه اجلهات إذا أردنا‬ ‫إكمال املوضوع‪ .‬والصدام لن يصل الى أي مكان‪.‬‬ ‫نحن كمؤسسات مجتمع مدني نطالب الزعماء‬ ‫بطاوالت حوار وغيرها‪ .‬أعتقد في حمالتنا املدنية‬ ‫قادرين أن ندعو هؤالء األطراف لكي نتناقش ونرى‬ ‫عمليا ً على الطاولة كيف نصل الى حلول وسطى‬ ‫ونوضح ما هو غير مفهوم‪.‬‬ ‫برأيك هل سيق ّر القانون؟‬ ‫ميكن أن يقر ولكن مف ّرغ من مضمونه وبالتالي‬ ‫مف ّرغ من فعاليته‪ .‬ولكن على األقل تكون هناك‬ ‫خطوة أولى‪.‬‬ ‫بانتظار إصدار القانون من يحمي املرأة؟‬ ‫هناك جهود جبارة تقدمها املؤسسات وكوني‬ ‫عملت ‪ 8‬سنوات في االستماع واإلرشاد للضحايا‬ ‫في “كفى” يتم البناء على ما هو موجود في‬ ‫القانون‪ .‬هناك مادة ضرب وإيذاء وتعهد بعدم‬ ‫التعرض وقوانني األحوال الشخصية‪.‬‬ ‫هل سنتوصل الى مجتمع يعيش فيه الرجال‬ ‫والنساء بفخر وكرامة جنباً الى جنب؟‬ ‫طبعا ً هذا حلم ويجب أن نضع هذه املقولة‬ ‫ونعمل باجتاهها بطريقة سليمة‪ .‬وأريد أن أثني‬ ‫على دور وسائل اإلعالم التي حولت العنف ضد‬ ‫املرأة من احملرمات الى قضية اجتماعية‪ .‬اخلطوة‬ ‫اإليجابية هي خروج العنف ضد املرأة من‬ ‫الظلمات داخل البيوت الى منبر عام يُحكى عنه‬ ‫بكل وضوح وعلنية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لورعقل‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر مرأة‬

‫فلسطين قضية حق لن يموت‬

‫سميرة درباج لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫المرأة الفلسطينية صاحبة إرادة قوية وعزيمة تتج ّدد‬ ‫وفي الشتات واملنافي كان دور املرأة‬ ‫ساهمت املرأة العربية الفلسطينية‬ ‫الفلسطينية أكثر صعوبة وضعها أمام‬ ‫في حتمل مسؤولياتها الوطنية منذ وقت‬ ‫التحدي الكبير‪ ،‬فقد أبقت شعلة األمل‬ ‫مبكر‪ ،‬ألن فلسطني كانت هدفاً للغزاة‬ ‫لدى األجيال الفلسطينية وحملت‬ ‫الصهاينة منذ ما قبل نكبة ‪ 1948‬بعقود‬ ‫ً‬ ‫مفاتيح البيوت إيذانا بيوم التحرير‬ ‫طويلة‪ ،‬لهذا كان إسهام املرأة العربية‬ ‫والعودة‪ ،‬وشاركت بقدر ما أتيح لها لتبقى‬ ‫الفلسطينية واضحاً ومميزاً في كافة‬ ‫القضية الفلسطينية حية وفي الصدارة‬ ‫أشكال النضال الوطني الفلسطيني‪،‬‬ ‫وفي األولويات رغم الصعاب وما أشدها‪،‬‬ ‫كيف ال وهي التي واكبت األب واجلد واألخ‬ ‫ً‬ ‫ولكنها دائما كانت تظل فلسطني هي‬ ‫واالبن واحلفيد والزوج في نضالهم الدؤوب‬ ‫العنوان وهي البداية والنهاية يستمر‬ ‫في مواجهة الغزاة الصهاينة‪ ،‬أحبت املرأة‬ ‫العطاء واألمل من خالل العمل املتواصل‪،‬‬ ‫الفلسطينية األرض وأعطتها كل ما متلك‬ ‫وفلسطني هي العروبة احلقة وهي قضية‬ ‫من قوة العمل‪ ،‬وألن األرض والشعب هما‬ ‫القضايا في أمتنا وهي قضية حق لن ميوت‪،‬‬ ‫حجر الزاوية‪ ،‬كان الصراع على أشده‪ ،‬ومن‬ ‫وما دام شرفاء األمة يحملون الراية مع‬ ‫مدرسة الكفاح اليومي من أجل البقاء‬ ‫أبناء فلسطني‪ ،‬ستبقى عيوننا شاخصة‬ ‫والصمود وإبقاء جذوة األمل‪ ،‬كانت املرأة‬ ‫الى هناك ولن نضل الطريق أبداً‪.‬‬ ‫الفلسطينية مدرسة ألجيال العودة‪،‬‬ ‫و «منبر التوحيد» تلقي الضوء على‬ ‫أحسنت التربية والتنشئة وحب األرض‬ ‫وااللتزام وتقدمت صفوف النضال وشاركت في عمليات عسكرية نضال املرأة الفلسطينية من خالل احلوار مع املناضلة سميرة‬ ‫نوعية على أرض فلسطني‪ ،‬وتعرضت لألسر واالعتقال واملطاردة قاسم درباج‪ ،‬مسؤولة احتاد املرأة الفلسطينية‪ ،‬وعضو اللجان‬ ‫ولكنها صمدت وبقيت حتمي التراث الوطني وتضيء الطريق أمام الشعبية في بيروت ومسؤولة العمل االجتماعي ورئيسة‬ ‫اجلمعية التنموية اجملتمعية‪ ،‬وهنا أسئلة احلوار‪:‬‬ ‫األجيال‪ ،‬فكانت دائماً وما تزال في مقدمة الصفوف‪.‬‬ ‫متى تأسس االحتاد العام للمرأة الفلسطينية‬ ‫وما هي اهدافه‪:‬‬ ‫تأسس االحتاد العام للمرأة الفلسطينية عام‬ ‫‪ 1965‬وهو جتمع جماهيري دميقراطي لكافة النساء‬ ‫الفلسطينيات‪ ،‬وإطار متثيلي لكافة النساء‬ ‫الفلسطينيات في الوطن والشتات‪ ،‬ولديه فروع‬ ‫في العديد من البلدان‪.‬‬ ‫أما أهداف االحتاد‪ ،‬فهي النهوض بوضع املرأة‬ ‫الفلسطينية لتحقيق مساواتها بالرجل باحلقوق‬ ‫والواجبات‪ ،‬ومتكينها من املشاركة احلقيقية في‬ ‫صنع القرار وحشد طاقاتها نحو التحرير وإجناز‬ ‫احلقوق الوطنية الثابتة وزيادة مساهمتها في‬ ‫عملية التنمية وإفساح اجملال لديها لتنمية‬ ‫قدراتها العملية واملهنية واكتساب املهارات‬ ‫واخلبرات الضرورية ملواجهة معركة احلياة اليومية‪،‬‬ ‫ومناصرة القضية الفلسطينية عبر توثيق‬ ‫العالقات واالتصاالت مع املؤسسات النسائية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والعربية والدولية‪ ،‬وتشكيل مجموعات ضغط‬ ‫للدفاع عن حقوق املرأة وحقوق اإلنسان‪ ،‬وتوثيق‬ ‫العالقات مع االحتادات الرديفة واملؤسسات العربية‬ ‫والدولية وتنسيق اجلهود في مختلف القضايا‬ ‫التي تهم املرأة في إطار األهداف املشتركة‪،‬‬ ‫واإلسهام في محو األمية‪ ،‬أمية املرأة األبجدية‬ ‫والقانونية والثقافية‪ ،‬وإنشاء مشاريع إنتاجية‬ ‫ذات جدوى اقتصادية تساهم في النهوض بوضع‬ ‫املرأة وتؤمن االكتفاء الذاتي‪.‬‬ ‫ما هي أبرز مشاريع احتاد املرأة الفلسطينية؟‬ ‫هناك العديد من املشاريع والبرامج التي مت‬ ‫تنفيذها‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪:‬‬ ‫ لدينا مشروع التراث الفلسطيني‪ ،‬حيث يعمل‬‫االحتاد العام للمرأة الفلسطينية فرع لبنان‪ ،‬ومنذ‬ ‫تأسيسه على هدف إبراز الهوية الفلسطينية من‬ ‫خالل مشاغل تعليمية وإنتاجية عبر إحياء التراث‬ ‫التي تشمل التطريز‪ ،‬واحلرف اليدوية واملعارض‪،‬‬

‫‪64‬‬

‫وتنظيم لقاءات تواتر الذاكرة عبر األجيال بواسطة‬ ‫النقل الشفوي من اجلدات واألحفاد‪ ،‬وكذلك إيجاد‬ ‫فرص عمل للنساء‪.‬‬ ‫ وهناك برنامج التثقيف احلقوقي‪ ،‬حيث ينظم‬‫االحتاد دورات وورش عمل لتوعية املرأة بحقوقها‬ ‫األساسية على الصعيد االجتماعي‪ ،‬الثقافي‬ ‫والقانوني‪ ،‬وقضايا النوع االجتماعي‪ ،‬والعنف‬ ‫املنزلي‪.‬‬ ‫ باإلضافة الى ذلك هناك مشروع القرض‬‫الدوار الذي بدأ االحتاد بالشراكة مع منظمة‬ ‫اليونيسف عام ‪ ،1997‬بتمويل مجموعة مشاريع‬ ‫عمل للنساء والرجال بهدف تأمني مورد مالي عبر‬ ‫مشاريع اقتصادية صغيرة‪ ،‬واستفاد حتى اآلن من‬ ‫مشروع القرض الدوار ‪ 2500‬حالة في مختلف‬ ‫اخمليمات والتجمعات الفلسطينية‪.‬‬ ‫ ومشاريع رياض األطفال‪ ،‬وأنشأ االحتاد ‪19‬‬‫روضة و‪ 4‬حضانات‪ ،‬تتوزع على اخمليمات والتجمعات‬


‫الفلسطينية في لبنان وتستوعب ‪ 3000‬طفل من‬ ‫عمر (‪ )5-3‬سنوات وكذلك النشاطات واخمليمات‬ ‫الصيفية‪ ،‬التعليمية والترفيهية التي تستوعب‬ ‫‪ 1800‬طفل من عمر (‪ )13-6‬سنة‪ ،‬وتعمل هذه‬ ‫الرياض وفق برامج تربوية لتنمية قدرات الطفل‬ ‫اإلدراكية واحلسية والعاطفية واالجتماعية‪ ،‬من‬ ‫خالل اللعب‪ ،‬املطالعة‪ ،‬الرحالت‪ ،‬حقوق الطفل‪،‬‬ ‫املسرح‪ ،‬الرسم‪ ،‬الرياضة‪ ،‬والتوعية الصحية‬ ‫والبيئية‪.‬‬ ‫ ومشروع التأهيل املهني‪ ،‬حيث ينظم االحتاد‬‫دورات لتأهيل املرأة وفق احتياجاتها اخلاصة‬ ‫في اجملاالت التالية‪ ،‬اخلياطة‪ ،‬التطريز واألشغال‬ ‫اليدوية‪ ،‬تنسيق الزهور‪ ،‬الرسم على احلرير‪،‬‬ ‫والزجاج‪ ،‬املعلوماتية واللغة االنكليزية‪.‬‬ ‫ وهناك مراكز العالج الفيزيائي لألطفال‬‫املعاقني‪ ،‬وتأسس هذا املركز بالشراكة مع‬ ‫اليونيسف‪ ،‬وجمعية الهالل األحمر الفلسطيني‬ ‫وجمعية اإلسعاف األولي الفرنسية عام ‪،2000‬‬ ‫ويعمل املركز على تطوير قدرات ذوي االحتياجات‬ ‫اخلاصة وتأمني دمجهم في اجملتمع‪.‬‬ ‫والعديد من املشاريع‪ ،‬مثل مشروع التقوية‬ ‫املدرسية وبرنامج التثقيف الصحي ومشروع‬ ‫نوادي األطفال‪ ،‬وفتح االحتاد بالشراكة مع أطفال‬ ‫الجيء العالم ‪ 6‬مراكز لألطفال من عمر (‪)12-6‬‬ ‫ومن (‪ )16-13‬في اخمليمات والتجمعات‪ ،‬ومشروع‬ ‫املكتبات العامة ومشروع الرعاية االجتماعية‪،‬‬ ‫حيث يقوم مركز الرعاية عبر الهيئة اإلدارية وجلانه‬ ‫بتطوير برامج رعاية األطفال األيتام واألرامل وذوي‬ ‫االحتياجات اخلاصة واملسنني وتقدمي املساعدات‬ ‫املادية والعينية‪.‬‬ ‫هل لكم في االحتاد العام للمرأة الفلسطينية‬ ‫مطالب معينة من اجملتمع الدولي؟‬ ‫كنا قد رفعنا الصوت والصرخة منذ زمن‬ ‫طويل منذ نكبتنا عام ‪ ،1948‬بأن يتحمل اجملتمع‬ ‫مسؤولية ما حصل من مجازر وانتهاكات حلقوق‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬واليوم نؤكد املطلب ذاته من‬ ‫اجملتمع الدولي ومجلس األمن‪ ،‬ومنظمات حقوق‬ ‫اإلنسان واألمم املتحدة بإدانة اجملازر التي يرتكبها‬ ‫العدو ضد شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض‬ ‫لعدوان صهيوني مستمر سواء باحلصار املفروض‬ ‫على شعبنا ونطالب بفك احلصار املفروض على‬ ‫شعبنا ووقف االستيطان‪ ،‬وهدم جدار الفصل‬ ‫العنصري‪ ،‬ووقف حملة التهويد الصهيونية في‬ ‫القدس ونطالب بتقدمي مجرمي احلرب اإلسرائيليني‬ ‫للمحكمة الدولية لينالوا القصاص العادل على‬ ‫جرائمهم‪.‬‬ ‫ما دور املرأة الفلسطينية في النضال‬ ‫الوطني؟‬ ‫التزمت املرأة الفلسطينية بقضايا النضال‬ ‫الوطني الفلسطيني مبكرا ً حتى وقبل انطالق‬ ‫الثورة الفلسطينية‪ ،‬وكانت صاحبة إجناز مميز‬ ‫وهذا أمر طبيعي‪ ،‬فهي التي عاشت النكبة‬ ‫وكانت الشاهد على املأساة التي تعرض لها‬

‫شعبنا الفلسطيني‪ ،‬ومن هناك كان ردة فعلها‬ ‫عفوية وهي مبثابة التزام بالعمل النضالي‪ ،‬وعندما‬ ‫انطلقت الثورة‪ ،‬كانت املرأة رافدا ً جيدا ً ومباشراً‪،‬‬ ‫استطاعت املشاركة في كافة أشكال النضال من‬ ‫العمل االجتماعي والتربوي الى العمل املسلح‪،‬‬ ‫وتكاد ال تخلو عائلة فلسطينية من شهيد أو‬ ‫جريح أو أكثر‪ ،‬هذه التضحيات كانت الثمن لتبقى‬ ‫فلسطني حية في قلوب الفلسطينيني وأحرار‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫وأنا شخصيا ً كنت وحيدة أهلي مع اخي طالل‬ ‫الذي كان مناضالً في جبهة التحرير الفلسطينية‬ ‫واختص بالهندسة العسكرية في دورات في روسيا‬ ‫واستشهد خالل االجتياح الصهيوني للبنان عام‬ ‫‪ ،1978‬وفي معارك التصدي البطولي للعدوان‪ ،‬ما‬ ‫جرى دفعني أكثر ألخذ دوري في العمل النضالي‪،‬‬ ‫بداية كمسؤولة الطالب في منطقة بيروت عام‬ ‫‪ ،1979‬ومسؤولة الطالب بني عامي (‪)2003 – 1987‬‬ ‫ثم مسؤولة املرأة الفلسطينية في منطقة بيروت‬ ‫التابعة لالحتاد العام للمرأة الفلسطينية‪.‬‬ ‫وعملي كرئيسة “اجلمعية التنموية اجملتمعية”‬ ‫أتاح لي التعرف على املصاعب والظروف التي‬ ‫تواجهها املرأة الفلسطينية‪ ،‬وعملي السابق‬ ‫أتاح لي ألكون من مؤسسي اجلمعية‪ ،‬والهدف‬ ‫تأمني مهنة عمل للمرأة وتأمينها قدر اإلمكان‬ ‫من الناحية االقتصادية‪ ،‬ولدى اجلمعية مشغل‬ ‫خياطة وتدريب مهني على اخلياطة‪ ،‬ودورات‬ ‫اكسسوار وعمليات التطريز ودورات في مجال‬ ‫التراث الفلسطيني‪ ،‬وفي تنفيذ مشروع القروض‬ ‫الذي تستفيد منه العائالت الفقيرة التي لديها‬ ‫أوضاع اجتماعية معينة أو لديها مشروع‬ ‫اجتماعي تنموي وبلغ املستفيدين من القروض‬ ‫نحو ‪ 500‬أسرة خالل سنتني‪.‬‬ ‫هل هناك تنسيق مع مؤسسات أخرى؟‬

‫‪65‬‬

‫هناك تعاون وثيق مع مؤسسات فلسطينية‬ ‫ولبنانية وبلدية الغبيري واالحتاد األوروبي‪ ،‬حيث‬ ‫حتولت فكرة مشروع تنموي في مخيم شاتيال‬ ‫الى واقع ملموس‪ ،‬والهدف حتسني أوضاع اخمليم‬ ‫ومشاريع مشتركة مع احلوار من خالل الكهرباء‬ ‫وبنية حتتية وخدماتية‪ ،‬حيث مت التنسيق‬ ‫والتناسق في تنفيذ مشروع متكامل في مجال‬ ‫توزيع األعمال املرتبطة‪ ،‬نحن في جمعيتنا‬ ‫أخدنا مشروع اخلياطة ومعداته فقط‪ ،‬ومت دعم‬ ‫مؤسسات أخرى مثل “النجدة” بأجهزة الكمبيوتر‪،‬‬ ‫وهناك مجمع “احلالقة” واألنشطة النسائية في‬ ‫مجال الفندقية‪.‬‬ ‫ما هي الصعوبات التي تواجهها املرأة‬ ‫الفلسطينية في مجال العمل والعالج؟‬ ‫هناك بطالة قاتلة في اخمليمات‪ ،‬الرجل ال يجد‬ ‫العمل وإذا وجد فهو محدود للغاية ومؤقت وال‬ ‫يلبي احتياجات األسرة وحتى في احلد األدنى‪،‬‬ ‫فكيف حال املرأة‪ ،‬األعمال تكاد ال تذكر واملردود املادي‬ ‫بسيط للغاية ال يلبي املتطلبات الكثيرة‪ ،‬ومن‬ ‫هنا كانت فكرة تأمني عمل للمرأة الفلسطينية‬ ‫داخل بيتها في أعمال التطريز‪ ،‬أما اخلياطة فهي‬ ‫تتم في مقر اجلمعية في مخيم شاتيال‪.‬‬ ‫أما في مجال العالج‪ ،‬األنروا ال تغطي‬ ‫معظم االحتياجات العادية من األدوية‪ ،‬واملرأة‬ ‫الفلسطينية ال يحق لها حتى عالج ذاتها في‬ ‫بعض املؤسسات وإذا وجد في بعض املؤسسات‬ ‫األخرى فهي ال تضمن عالج األوالد‪.‬‬ ‫إن أي تطوير في مجال نشاط املرأة‬ ‫الفلسطينية تلزمه اإلمكانيات املادية الالزمة‬ ‫لتطوير عمل املؤسسات واجلمعيات‪ ،‬ونحن من‬ ‫جهتنا في اجلمعية لم نتلق أي دعم من جهة‪،‬‬ ‫ولكن كما ذكرت فإن االحتاد األوروبي بالتنسيق‬ ‫مع بلدية الغبيري كان له مساهمة في إجناز‬ ‫مشغل اخلياطة‪ ،‬وتدار اجلمعية من إيرادات العمل‬ ‫واإلنتاج‪.‬‬ ‫هل من كلمة أو رسالة الى املؤسسات‬ ‫الفلسطينية في مجال عمل املرأة؟‬ ‫نقول للمؤسسات الفلسطينية املعنية عليها‬ ‫مهمة إيجاد خطط فاعلة وقابلة للتنفيذ من أجل‬ ‫تخفيف األعباء عن كاهل املرأة الفلسطينية التي‬ ‫تتحمل أعباء كبيرة في بناء األسرة الفلسطينية‬ ‫امللتزمة بالقضية الوطنية‪ ،‬وهذه مهمة عاجلة‬ ‫تستدعي وضع كل اإلمكانيات في إقامة مشاريع‬ ‫صغيرة تساهم في تخفيف البطالة ودعم‬ ‫إمكانيات الصمود في مواجهة املتاعب االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬وال بد من إيجاد مشاريع للرعاية‬ ‫االجتماعية وعلى املرأة الفلسطينية أيضا ً أن‬ ‫تبذل جهود إضافية رغم الظروف الصعبة‪ ،‬ألن‬ ‫االستمرار والصمود ضرورة مييلها البعد الوطني‬ ‫وحتى تظل القضية حية في نفوس األجيال‪ ،‬وهنا‬ ‫أهمية دور املرأة الفلسطينية‪.‬‬

‫مهيبة العسراوي‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫‪ 219‬ألف طفل يعانون من التحرش الجنسي في لبنان‬

‫«حماية»‪ :‬المعتدي س ُيعاقب والطفل لن يسكت بعد اليوم‬ ‫«كفى»‪ :‬بعض األمهات يتكتمن عن الموضوع خوفاً من الفضيحة‬ ‫لعل وقع كلمة “التحرش” ثقيلة على اآلذان ‪ ،‬لدرجة أن يستبعدها‬ ‫بعض اآلباء أو يعتقدوا أن أبناءهم بعيدون عنها‪ .‬لكن على كل حال‪،‬‬ ‫فتلك الكلمة رغم ثقل وقعها تفرض نفسها على واقعنا كما تستلزم‬ ‫وقفة إلعادة ترتيب األوراق‪ ،‬ومن ثم إعداد العدة حلماية أبنائنا من ذلك‬ ‫اخلطر‪.‬‬ ‫هل صحيح أن األطفال األكثرعرضة لإلساءة اجلنسية هم األطفال‬ ‫الذين ينتمون إلى عائالت مفككة؟‬ ‫وهل صحيح أن معظم حاالت اإلساءة اجلنسية لألطفال قد حدثت‬ ‫معتد ذكر لم يتم الكشف عن هويته؟‬ ‫بشكل متكرر في املنزل من قبل‬ ‫ٍ‬ ‫كما لوحظ أن نسبة انتشار حاالت اإلساءة اجلنسية ترتفع في املنازل‬ ‫التي تشهد عنفاً أو يتعرض فيها األطفال لعنف جسدي أو نفسي‬ ‫كما في أوساط األطفال الذين يشعرون بانعدام التعاطف األسري‪.‬‬ ‫وملاذا يعتبر احلديث عن هذا املوضوع من احملرمات في مجتمعاتنا‬ ‫الشرقية التي تفضل السكوت عن اجلرمية بدالً من معاجلتها؟‬ ‫الطفل في سن الثانية من العمر بل رمبا أقل ميكن أن يقع في براثن‬ ‫التحرش فهو يواجه هذا اخلطر في كل وقت ميكن أن يغيب فيه عن رقابة‬ ‫الوالدين‪ .‬ولعل تلك احلقيقة قد تذهل الكثيرين ويعتقدونها مبالغة‪ ،‬لكن‬ ‫ما أثبتته احلاالت احلقيقية لألطفال الذين تعرضوا لهذا األمر هو أن األمر‬ ‫ليس خيالياً‪.‬‬ ‫ميكن أن يتعرض الطفل في سن صغيرة لهذا اخلطر على يد أقرب من‬ ‫يتولون رعايته دون رقابة كاملربية والسائق واخلدم واملراهقني في العائلة‬ ‫الذين قد يترك معهم الطفل في خلوة‪.‬‬ ‫أما في السن من (‪ )12-5‬فقد يتعرض الطفل للتحرش من كل من ميكن‬ ‫أن يختلط بهم دون رقابة‪ ،‬من األصدقاء وأبناء اجليران واألقارب والسائقني‬ ‫واخلدم‪ .‬وإغواء الطفل في هذه السن قد يكون مصحوبا ً بتهديده بتعرضه‬ ‫للضرب أو العقاب أو القتل إذا باح ألحد‪ ،‬أو بتخويفه بأن الوالدين قد‬ ‫يعاقبانه أو يؤذيانه إذا علما باألمر‪ ،‬أو قد يتم إغراؤه باملال أو الهدايا أو‬ ‫احللوى‪ .‬كما أن حب الطفل للتجربة واملعرفة واكتشاف كل مجهول قد‬ ‫يكمن وراء إمكانية سقوط الطفل ضحية للمتحرشني في معزل عن‬ ‫والديه‪ .‬وغالبا ً ما يكون املتحرش هو شخص متحرَش به من قبل‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يدفعه للتحرش باآلخرين‪.‬‬

‫متى وكيف ميكن أن يتعرض الطفل للتحرش؟‬ ‫الولد الذي يتحرى غياب والديه ليفعل أو يُفعل به مثل هذه األمور هو‬ ‫طفل ال توجد عالقة قوية أو صداقة حميمة تربطه بوالديه أو أحدهما؛‬ ‫فصداقة الطفل لوالديه وشعوره باألمان معهما حتميه من الكثير من‬ ‫املشكالت وجتعل باب احلوار بينه وبني والديه مفتوحا ً دائما ً مبا ال يسمح‬ ‫بوجود أسرار بينهم‪.‬‬ ‫إن حمايتنا ألطفالنا تبدأ من التثقيف املوجه واملعلومة الصحيحة‬ ‫وكالهما لن يتم إال في جو حميم من الصداقة مع الطفل منذ أيامه‬ ‫األولى‪ ،‬ومنحه الثقة بنفسه وبوالديه‪ ،‬وإشعاره باألمان في أن يسأل‬ ‫ويعرف ويتطرق لكل املوضوعات مع والديه‪ .‬توعية الطفل بضرورة أن يروي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫للوالدين كل غريب يتعرض له‪ ،‬مع تعويده على مسألة رواية أحداث يومه‬ ‫ألسرته بانتظام وبصورة يومية في مرح وسعادة على مائدة الطعام‪ ،‬هذا‬ ‫بخالف األوقات اخلاصة التي يجب أن يخصصها األب واألم كل على حدة‬ ‫لكل طفل منفردا ً ليتحدث كل منهما معه عن آماله وأحالمه ومخاوفه‬ ‫ومشاكله دون حواجز‪ ،‬وذلك إن لم يكن بصورة يومية فعلى األقل كل‬ ‫يومني أو ثالثة‪ .‬كما يجب إشعار الطفل باألمان التام في أن يروي تفاصيل‬ ‫أي موقف دون عقاب‪.‬‬ ‫على األهل مالحظة الطفل باستمرار دون إشعاره بالرقابة اخلانقة‬ ‫ومتابعة ميوله في اللعب‪ ،‬وطريقة وأنواع لعبه‪ ،‬مع عدم السماح للخدم‬ ‫والسائقني باالنفراد به مطلقا‪ ،‬والسماح لهم بالتعامل معه حتت نظر‬ ‫الوالدين بعيدا ً عن األماكن املغلقة أو في عدم وجود الوالدين‪ ،‬وحماية‬ ‫الطفل من مشاهدة قنوات فضائية أو مجالت أو أي مواد إعالمية غير‬ ‫مناسبة‪.‬‬

‫ماذا بعد التحرش؟‬ ‫ال بد من عرضه على طبيب نفسي يقوم باسترجاع هذه التجربة املؤملة‬ ‫معه بالتفصيل‪ ،‬وذلك حتى ال تظل مختزنة بداخله‪ ،‬ويرى تصور الطفل‬ ‫لهذا احلادث‪ ،‬وأثره عليه‪ ،‬ومدى شعوره بالذنب أو الغضب أو حتى الشعور‬ ‫باملتعة من جراء تكراره ورغبته في حدوثه مرة أخرى؛ ألن كل حالة من‬ ‫ذلك تستدعي تدخالً نفسيا ً مختلفاً؛ فالشعور بالذنب وهو األغلب يجب‬ ‫أن يوضح لألطفال أنه ال داعي له‪ ،‬وأن عدم علمه بكيفية التصرف هي‬

‫‪66‬‬


‫التي أدت لذلك‪ ،‬وأن اخلوف شيء مقبول‪ ،‬وأما‬ ‫شعور الغضب فيجب أن يعرف في أي اجتاه؟‬ ‫وهل سيؤدي به ذلك إلى الرغبة في االعتداء على‬ ‫اآلخرين واالنتقام منهم مثال؟ وإذا كان هناك‬ ‫شعور املتعة فيجب توضيح شذوذ هذه العالقة‪،‬‬ ‫وأنه حتى بافتراض الشعور باملتعة فإنه شعور‬ ‫يجب التخلص منه‪.‬‬ ‫واجلدير ذكره أن التكتّم والتعتيم على تلك‬ ‫اجلرمية يساعد اجملرم لعلمه املسبق بتعاون األهل‬ ‫سر له أن‬ ‫معه في التعتيم على ما يرونه عاراً‪ ،‬وي ُ َي ّ‬ ‫يعاود فعل هذه الكوارث مرات ومرات في أماكن‬ ‫جديدة ومع آخرين‬

‫كيف تبدأ عملية التحرش؟‬ ‫إن محاوالت التحرش عادة تبدأ مبداعبة‬ ‫املتحرش للطفل‪ ،‬أو أن يطلب منه أن يلمس‬ ‫أعضاءه اخلاصة‪ ،‬محاوال ً إقناعه بأن األمر مجرد‬ ‫لعبة مسلية‪ ،‬وأنهما سيشتريان بعض احللوى‬ ‫عندما تنتهي اللعبة‪ ،‬وفيما يخص الطريقة‬ ‫التي تعتمد على العنف والتهديد يقوم املعتدي‬ ‫بتهديد الطفل بفضحه أو ضربه أو أحد أفراد‬ ‫أسرته ما لم يستجب لنزواته ورغباته‪ ،‬ومن هنا‬ ‫يستجيب الطفل للمتحرش به حتت ضغط‬ ‫هذا التهديد‪ ،‬ويظل األمر سرا ً دفينا ً يحتفظ‬ ‫به الطفل‪ ،‬وتظل التجربة حتمل له كل معاني‬ ‫اخلزي واأللم‪ ،‬وتكون سببا ً في مشكالت نفسية‬ ‫ال حصر لها‪.‬‬

‫ظاهرة اإلعتداء من خالل التكنولوجيا‬ ‫كما أن ظاهرة االعتداء من خالل التكنولوجيا احلديثة كاإلنترنت‬ ‫والهواتف احملمولة بات يشكل ظاهرة خطيرة والدليل على ذلك مدى‬ ‫انخراط فئة األطفال واملراهقني باملواقع االجتماعيه كالفايسبوك‬ ‫والدردشة اإللكترونية‪ ،‬وهذه املواقع تشكل خطورة على األطفال‪ ،‬فمن‬ ‫خاللها قد يستدرج الطفل‪ ،‬وقد يصل األمر إلى االعتداء اجلنسي‪.‬‬ ‫وتكمن خطورة شبكة اإلنترنت في أنها أصبحت وكرا ً للمجرمني‪ ،‬فعند‬ ‫دخول أطفالنا لإلنترنت يصبحون عرضة ليقعوا في فخ مجرمي اإلنترنت‪،‬‬ ‫والطفل نظرا ً لصغر سنه وحتى املراهقني أيضا ً ال ميتلكون رؤية واضحة‬ ‫للمخاطر التي من احملتمل أن يتعرضوا لها أثناء تصفحهم اإلنترنت‪ ،‬ولعل‬ ‫أخطر ما ميكن أن يتعرضوا له وهم على الشبكة هو (التحرش اجلنسي)‪.‬‬ ‫وعن أساليب مجرمي النت فهي تأخذ شكالً تدريجيا ً لإليقاع بالطفل فيبدأ‬ ‫األمر على شكل صداقة ومراسلة وميكن أن يوهم اجملرم الطفل بأنه طفل من‬ ‫سنهم وبعد مرحلة املراسلة يكون هناك محادثة مباشرة باستخدام غرف‬ ‫الدردشة أو من خالل املسنجر وجتري محادثة جنسية بالصوت والصورة وقد‬ ‫يطلب املتحرش من الطفل القيام بعدة أمور‪ ،‬منها التعري أمام الكاميرا ورمبا‬ ‫يطلب اللقاء به في وقت الحق من املعرفة بينهما وغيرها‪.‬‬

‫«حماية» ال تهملوا أوالدكم‬ ‫وملعرفة املزيد عن هذا املوضوع التقت “منبر التوحيد” املعاجلة النفسية‬

‫جانو مكرزل في “حماية” وهي مؤسسة تقوم‬ ‫بحملة واسعة ملكافحة هذا املوضوع وقد أعلنت‬ ‫أنه من خالل دراسة قامت بها “كفى” بالتعاون‬ ‫مع وزارة الشؤون االجتماعية تبينّ أن حوالي ‪885‬‬ ‫طفل يعانون من سوء معاملة نفسية‬ ‫ألف‬ ‫ٍ‬ ‫من بينهم ‪ 738‬ألفا ً يعانون من سوء معاملة‬ ‫جسدية و ‪ 219‬ألف من حترش جنسي‪ .‬لذلك‬ ‫تبلورت فكرة “حماية” التي تهدف الى نشر الوعي‬ ‫في اجملتمع لكسر احملرمات‪ ،‬وتوعية األطفال‬ ‫الكتساب املهارات احلياتية للدفاع عن أنفسهم‪،‬‬ ‫وإعادة تأهيل ضحايا العنف وعائالتهم وحتديث‬ ‫القوانني اللبنانية‪ .‬وإذا أردنا البناء للمستقبل‬ ‫على أنقاض مجتمع صغير معنَف يعني نتجه‬ ‫نحو مجتمع كبير مبني على العنف‪ .‬تأسست‬ ‫حماية بناء على إحصاءات أظهرت أن عددا ً كبيرا ً‬ ‫من االوالد يعنفون وأن واحدا ً على سبعة من‬ ‫األوالد يتعرضون الى حترش جنسي‪.‬‬ ‫وأكدت مكرزل أن هذه النسبة تدعو الى القلق‬ ‫لذلك كانت فكرة “حماية” وألن لبنان مثل باقي‬ ‫الدول يعتبر هذا املوضوع من احملرمات مع العلم‬ ‫أنه جزء من حياتنا وال ميكن التغاضي عنه‪ .‬ويجب‬ ‫على كل واحد منا من اجلار الى األخ واألخت أن‬ ‫ال يسكتوا بعد اليوم عند رؤيتهم أي اعتداء‬ ‫ألنهم يصبحون شركاء‪ .‬التحرش اجلنسي يبدأ‬ ‫من أبسط األمور من إغراء الولد الى ّ‬ ‫اطالعه‬ ‫على األفالم اإلباحية كما يُطلب منه أن تكون‬ ‫له عالقة غير سليمة مع جسمه وأحيانا ً نصوره‬ ‫بأوضاع غير مألوفة باإلضافة الى تعريضه الى‬ ‫البغاء‪.‬‬ ‫وتابعت مكرزل بأن هناك حاالت تعالج في “حماية” ال يتجاوز عمرها‬ ‫الثالث سنوات واألقرب الى الطفل هو األخطر عليه‪ .‬لذلك جاءت حملة‬ ‫التوعية‪ ،‬فاملتحرش يجب أن يعلم أن األمور لن تكون مغلقة من اآلن‬ ‫وصاعدا ً والولد عليه أن يعلم أن عليه أن ال يسكت أو يخاف بعد اليوم‪.‬‬ ‫وقالت مكرزل إذا سكتت األم عما يجري بهدف مللمة املوضوع تكون‬ ‫شريكة في اجلرم‪ ،‬وإذا كان األخ يعنف واألهل يسكتون فهم شركاء أيضاً‪.‬‬ ‫ال ميكن أن نقبل مبا يجري ألن هناك “جرصة” ‪ ،‬نحن ال نسعى الى “اجلرصة”‬ ‫ولكن العائلة تهمنا‪“ .‬حماية” ليس هدفها حماية الولد فقط ألننا نكون‬ ‫قد سلخناه عن محيطه بل يهمنا أن نعمل على الولد وعلى العائلة‬ ‫معاً‪.‬‬ ‫وأوضحت أن هناك حالة نتابعها يبلغ الولد من العمر خمس سنوات‪ ،‬األم‬ ‫مدمنة واألب في السجن والولد يعيش في حي مكتظ بالسكان والبيت‬ ‫مفتوح بشكل دائم دون رقابة واملعيل الوحيد لهذه العائلة هي اجلدة التي‬ ‫تذهب الى العمل بعد الظهر‪ .‬وصلتنا أخبار من أكثر من مصدر بأن هناك‬ ‫ولد يتعرض لتحرش جنسي‪ .‬في البدء نأكدنا من املعلومة وعندما رأينا‬ ‫أنه ال يستطيع املشي ويغيب عن املدرسة مت عرضه على طبيب أطفال‬ ‫الذي أكد أن هناك اعتداء من شخص كبير‪ ،‬لذلك أبلغنا محكمة احتاد‬ ‫األبحاث ووضع الولد في مكان أمني لكي نهتم باألم التي حتتاج الى عالج‬ ‫ومتت مساعدة اجلدة‪ .‬ومن خالل املتابعة النفسية استطاع الولد أن ميشي‬ ‫واستطعنا إقناعه بالعودة الى املدرسة‪.‬‬ ‫وأكدت مكرزل أن كل شخص تعرض الى حترش جنسي بحاجة الى‬ ‫عالج‪ .‬كما أن هناك عوارض تظهر على الولد جتعلنا نشك بتعرضه‬ ‫العتداء‪ ،‬منها غيابه املتكرر عن املدرسة‪ ،‬تبول ال إرادي‪ ،‬ممارسة العادة‬ ‫السرية بشكل مكثف‪ ،‬حترش باآلخرين‪ .‬هناك صدمة والولد ال ميكن أن‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫قضية‬ ‫يُشفى منها مبفرده لذلك يحتاج الى متابعة نفسية للوصول الى مرحلة‬ ‫يستطيع اإلفصاح عما جرى له لكي يكمل حياته بطريقة طبيعية‬ ‫وسليمة ألنه إذا تكتم عن املوضوع ميكن أن يصل الى مرحلة يشتبه فيها‬ ‫باملعتدي ويعتدي على غيره أو ينزوي طيلة حياته أو يعيش بفشل دائم‬ ‫ألنه يشعربالذنب مما جرى له‪.‬‬ ‫وتابعت مكرزل‪ ،‬في لبنان هناك ثقة بأن يذهب الولد مبفرده الى‬ ‫احلمام أثناء وجود األهل في أماكن عامة‪ ،‬بكل بساطة ميكن أن يكون‬ ‫هناك معنف بانتظاره لكي يؤذيه‪ .‬هناك إهمال من بعض األهل ألنهم‬ ‫يدفعون أبناءهم ليكونوا مبواجهة مع معت ٍد‪ .‬على األهل أن ال يتناسوا‬ ‫دورهم‪.‬‬ ‫وعن عقاب الفاعل أشارت مكرزل أن ال فائدة للعالج من دون عقاب‪،‬‬ ‫فاملعتدي لكي يصل الى هذه املرحلة هو شخص عنده مشاكل نفسية‬ ‫وإذا لم يعالج سيستمر باعتداءاته‪.‬‬ ‫وختمت مكرزل قائلة لألهل ال تلتهوا بالعمل كونوا موجودين‪ ،‬وكونوا‬ ‫األقرب الى أوالدكم بطريقة سليمة “ال نخنقوهم” وليكن وجودكم‬ ‫فعــال‪.‬‬

‫كفى‪ :‬األهل يستبعدون فكرة التحرش‬ ‫على أطفالهم‬ ‫وإللقاء الضوء أكثر على هذا املوضوع التقت “منبر التوحيد” األخصائية‬ ‫االجتماعية في جمعية “كفى”ميرا فضول التي أشارت أن التحرش‬ ‫اجلنسي يقسم الى قسمني‪ :‬اعتداءات مع ملس األعضاء التناسلية وصوال ً‬ ‫الى االغتصاب‪ .‬واالعتداءت من دون ملس وهي نظرة وإيحاءات جنسية من‬ ‫خالل الكالم‪.‬‬ ‫وأكدت فضول بأن األهل يعتقدون دائما ً بأن هذه األمور جتري خارج‬ ‫منزلهم ويستبعدون حصولها بالنسبة إليهم‪ .‬واملتحرش شخص ذكي‬ ‫وقريب من األطفال وغالبية املتحرشني هم أشخاص يعملون مع األوالد‬ ‫وال ميكن القول للطفل ال تثق بأحد ولكن نعطيه مؤشرات لكي ينتبه‬ ‫ويفكر‪.‬‬ ‫وأشارت بأن املعتدي يبني عالقة ممتازة مع الطفل ويشتري له ما‬ ‫يريد ويثني على تصرفاته وشكله‪ ،‬ألن الولد الذي ال يثق بنفسه يتعلق‬ ‫بالشخص الذي يعطيه معنويات‪ .‬لذلك نعمل على تقدير الذات عند‬ ‫الولد‪ .‬تبدأ مبرحلة التعارف ثم يذهب معه‪ .‬بعد ذلك يأتي دور الرفض‬ ‫عند الولد فيبدأ املعتدي بالتهديد بقتل نفسه ألن الولد يكون قد‬ ‫تعلق به وأحيانا ً الطفل يصل الى فترة يعتقد أن ما يقوم به هو أمر‬ ‫طبيعي‪ .‬على الولد أن يعرف أن هناك سرا ً مريحا ً وآخر غير مريح وفي‬ ‫موضوع التحرش هو سر غير مريح يجب البوح به وإخباره الى شخص‬ ‫تثق به‪.‬‬ ‫وعن عامالت املنازل‪ ،‬أكدت فضول أنه من املفروض أن ال تكون عاملة‬ ‫املنزل على عالقة مباشرة مع األوالد كما أن بعض األمهات يتكتمن على‬ ‫املوضوع خوفا ً من العار‪ ،‬فتصبح األم مشاركة في اجلرمية‪ .‬كما على‬ ‫الطفل أن يعلم أنه ال يحق ألحد أن يلمس جسمه أو ينظر إليه‪ .‬وبعمر‬ ‫حتممه ونعود الى اخلصوصية في البيت فأحيانا ً‬ ‫معني ال يجب على األم أن َ‬ ‫األم تبدل مالبسها أمام الطفل وهذا غير صحيح‪ .‬الولد الذي ال نعطيه‬ ‫هذه التعليمات يعتقد أن هذا املوضوع طبيعي‪.‬‬ ‫وختمت فضول على األهل إعطاء املعلومات والنصائح الكافية للولد‬ ‫لكي يحمي نفسه من خالل تقدير الذات ثم مهارة اتخاذ القرارات ومهارة‬ ‫الرفض وبذلك يطمئن األهل إذ يعلمون أن هذه املواضيع هو محمي‬ ‫منها‪.‬‬

‫حتقيق‪ :‬لور عقل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪68‬‬

‫نصائح لألطفال‬ ‫ لديك عني ترى بها وأذن تسمع بها وصوت تصرخ به وأقدام تركض‬‫بها وإحساس تثق به‪.‬‬ ‫ كن ذكيا ً أفضل من أن تكون قويا ً وكبيرا ً‬‫ في حالة االعتداء أصرخ حلماية نفسك‪ :‬هذا الصراخ سيمنح‬‫اآلخرين فرصة ملساعدتك واستخدم في صريخك كلمات معبرة مثل‬ ‫أحتاج ملساعدة‬ ‫ أكثر املسجونني املتهمني بالعنف ضد األطفال قالوا إنهم كانوا‬‫سيتركون الطفل لو أصدر صوتا ً عاليا ً‬ ‫إذا أحسست بعدم االرتياح بأن تكون وحيدا ً مع شخص ما ولو‬‫قريبك فال تفرض على نفسك البقاء مع أناس ال تشعر معهم‬ ‫باألمان وتبقى في أماكن ال تشعر باألمان فيها‬ ‫ ال تسكت ولو كان املعتدي هو أقرب الناس لك فقط اختار من‬‫تثق به وأحصل على مساعدة وإذا لم تستطع باللفظ أكتب له ما‬ ‫تريد‬ ‫ ما حصل ليس غلطتك‬‫ تذكر أنت لست وحيدا ً وفي جميع أنحاء العالم يتــعرض‬‫األطـــفال للتحرش اجلنسي يوميا ً ولكنهم لم تتح لهــم‬ ‫الفرصـــة ليعلموا ما ميكن فعله ولكن أنت أتيحت لك الفرصة‬ ‫لتعرف‬


‫ملف‬

‫إسكندرون لواء سليب لمن يتذ ّكر‪...‬‬ ‫آت‬ ‫تركيا تحتله وتحريره ال ب ّد ٍ‬ ‫لواء إسكندرون منطقة سورية في أقصى‬ ‫شمال غرب سوريا مت ضمها إلى تركيا في ‪29‬‬ ‫تشرين الثاني ‪ ،1939‬إال أن سوريا لم تعترف‬ ‫بذلك وال تزال تعتبره جز ًءا من أراضيها‬ ‫وتظهره كذلك على خرائطها‪.‬‬

‫جغرافياً‬

‫تبلغ مساحة اللواء ‪ 4800‬كيلومتر مربع‪،‬‬ ‫يطل على خليجي اسكندرون والسويدية‬ ‫في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر األبيض‬ ‫املتوسط‪ .‬أهم مدنه أنطاكية وإسكندرونة‬ ‫وجبل موسى والريحانية وأرسوز‪ .‬اللواء ذو‬ ‫طبيعة جبلية‪ ،‬وأكبر جباله أربعة‪ :‬جبال‬ ‫األمانوس‪ ،‬جبل األقرع‪ ،‬موسى‪ ،‬والنفاخ‪ ،‬وبني‬ ‫هذه اجلبال يقع سهل العمق‪ .‬أما أهم أنهاره‬ ‫فهي‪ :‬نهر العاصي الذي يصب في خليج‬ ‫السويدية ونهر األسود (يصب في بحيرات‬ ‫سهل العمق) ونهر عفرين (يصب في بحيرات‬ ‫سهل العمق)‪.‬‬

‫تاريخياً‬

‫وصل العرب املسلمون بزحفهم العسكري‬ ‫عام ‪ 16‬هـ إلى جنوب جبال طوروس وضموا‬ ‫املنطقة اجلنوبية من اللواء حلكمهم‪.‬‬ ‫في العهد العثماني كان اللواء والية‬ ‫مركزها مدينة أنطاكية‪.‬‬ ‫عام ‪ 1915‬احتوت مراسالت الشريف‬ ‫حسني مع مكماهون على إشارات واضحة‬ ‫بتبعية املناطق الواقعة جنوب جبال طوروس‬ ‫إلى الدولة العربية املوعودة (تعيني للحدود‬ ‫الشمالية للدولة على خط يقع شمال‬ ‫مرسني ـ أضنة املوازي خلط ‪ 37‬شماال ً الذي‬ ‫تقع عليه املدن والقرى بيره جوك‪ ،‬أورفة‪،‬‬ ‫ماردين‪ ،‬فديان‪ ،‬جزيرة ابن عمر‪ ،‬عمادية‪ ،‬حتى‬ ‫حدود إيران)‪.‬‬ ‫مع بدء االنتداب الفرنسي على سوريا‬ ‫ولبنان تبع اللواء والية حلب‪.‬‬ ‫كان لواء إسكندرون في اتفاقية سايكس‬ ‫بيكو داخل املنطقة الزرقاء التابعة لالنتداب‬ ‫الفرنسي مبعنى أن املعاهدة اعتبرته إذا ً‬ ‫سوريا ً وهذا يدل على أن هذه املنطقة هي‬ ‫جزء ال يتجزأ من أرض الوطن الغالي‪.‬‬ ‫في معاهدة سيفر عام ‪ 1920‬اعترفت‬ ‫الدولة العثمانية املنهارة بعروبة منطقتي‬ ‫االسكندرون وقيليقية (أضنة ومرسني)‬ ‫وارتباطهما بالبالد العربية (املادة ‪.)27‬‬

‫كان اللواء جزءا من اململكة السورية‬ ‫العربية التي قامت عقب نهاية احلرب العاملية‬ ‫األولى وسقطت بيد االحتالل الفرنسي في‬ ‫معركة ميسلون‪.‬‬ ‫بعد توحيد الدويالت السورية التي شكلها‬ ‫ضم لواء االسكندرون إلى‬ ‫االنتداب الفرنسي‪ُ ،‬‬ ‫السلطة السورية املركزية‪.‬‬ ‫في ‪ 29‬أيار ‪ 1937‬أصدرت عصبة األمم قرارا ً‬ ‫بفصل اللواء عن سورية و ُعني للواء حاكم‬ ‫فرنسي‪.‬‬ ‫في ‪ 15‬متوز ‪ 1938‬دخلت القوات التركية‬ ‫بشكل مفاجئ(اي غدرا) للرأي العام السوري‬ ‫إلى مدن اللواء واحتلتها‪ ،‬وتراجع اجليش‬ ‫الفرنسي إلى أنطاكية وكانت مؤامرة‬ ‫حيكت بني فرنسا وتركيا‪ ،‬أخذت مبوجبها‬ ‫فرنسا ضمان دخول تركيا إلى صف احللفاء‬ ‫في احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1939‬أشرفت اإلدارة الفرنسية‬ ‫على استفتاء حول االنضمام إلى تركيا فاز‬ ‫فيه األتراك وشكك العرب بنتائجه وخصوصا‬ ‫ان االتراك لعبوا باالصوات لصاحلهم‪ ،‬وكانت‬ ‫تلك املؤامرة حيكت علينا‪ ،‬وابتدأت سياسة‬ ‫تتريك اللواء وتهجير السكان (العرب) سكان‬

‫‪69‬‬

‫األرض االصليني إلى بقية الوطن السوري‪،‬‬ ‫ونشأت مشكلة االراضي‪ ،‬حيث انه سرقت‬ ‫كل ارضي السوريني الزراعية في تلك‬ ‫املنطقة دون أن تدفع تركيا أمواال ً للعرب‬ ‫املتضريني ثم قامت تركيا بتغيير كافة‬ ‫األسماء من (عربية) وهي اللغة االصلية إلى‬ ‫(تركية) وهي لغة الدولة احملتلة‪ ،‬وظل هذا‬ ‫األمر مصدرا ً للتوتر الشديد في العالقات‬ ‫بني تركيا وسوريا طيلة سبعة عقود وإلى‬ ‫يومنا هذا‪ .‬واليوم يشكل العرب األغلبية‬ ‫في أغلب محافظات االسكندرون (من أصل‬ ‫اثنتي عشرة قطعة قسمتها تركيا كي‬ ‫يصبح أصعب عودتها إلى سوريا) في (هاتاي‬ ‫وهو االسم التركي واسم املنطقة احلقيقي‬ ‫هو (لواء االسكندرون أو (االسكندرونة) أو‬ ‫االسكندرون)‪.‬‬ ‫كان اإلجراء الفرنسي بإعطاء اللواء إلى‬ ‫تركيا وكان ذلك مخالفا ً لصك االنتداب‬ ‫نفسه‪ ،‬حيث نصت املادة الرابعة من صك‬ ‫االنتداب على إلزام الدولة املنتدبة باحترام‬ ‫وحدة البالد املوكلة إليها واحلفاظ على سالمة‬ ‫أراضيها‪ ،‬وهو ما لم يتقيد به الفرنسيون‪ .‬و‬ ‫ما زالت سوريا تعتبر لواء االسكندرون جز ًءا‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫ملف‬ ‫من ترابها الوطني‪.‬‬

‫سكانياً‬

‫عام ‪ 1921‬كان األتراك يشكلون أقل من ‪20‬‬ ‫في املئة من سكان اإلقليم‪ ،‬إال أن السياسة‬ ‫الفرنسية املنحازة لألتراك‪ ،‬والتخطيط‬ ‫القدمي لسلخ اللواء إلرضاء أتاتورك‪( ،‬رغبة‬ ‫في التقليل من اخلسائر التركية في معاهدة‬ ‫سيفر) أرسى سياسة تتريك مقنعة خالل‬ ‫فترة االنتداب الفرنسي في العشرينات‬ ‫لإلقليم‪ ،‬ومع فصل اإلقليم حسب قرار‬ ‫عصبة األمم كان عدد سكان اللواء ‪ 220‬ألف‬ ‫نسمة‪ 105 ،‬آالف منهم من العرب‪ ،‬وتوزع‬ ‫الباقون حينها على العرق التركي (‪ 85‬ألفاً)‬ ‫والكردي (‪ 25‬ألفاً) واألرمني (‪ 5‬آالف)‪.‬‬ ‫قامت فرنسا بغض النظر عن دخول‬ ‫عشرات اآلالف من األتراك إلى اللواء بغرض‬ ‫االستفتاء‪ ،‬حيث أملت بأن يساهم ذلك في‬ ‫دخول تركيا إلى جانب احللفاء في احلرب على‬ ‫أملانيا النازية‪ .‬كما قامت تركيا بنشر جيشها‬ ‫داخل اللواء وطرد معظم سكانه من العرب‬ ‫واألرمن‪.‬‬ ‫يسكن اإلقليم حاليا ً حوالي مليون نسمة‪،‬‬ ‫وال يوجد أي تعداد للنسبة العربية من سكانه‬ ‫بسبب السياسة التركية القمعية لألقليات‬ ‫القومية‪ ،‬ويشكو سكان اإلقليم العرب‬ ‫من القمع الثقافي واللغوي والعرقي الذي‬ ‫متارسه تركيا عليهم والتمييز ضد األقلية‬ ‫العربية لصالح العرق التركي في كل اجملاالت‬ ‫وهو متابعة نحو التتريك الكامل للواء‪.‬‬ ‫وهناك تواصل مستمر في مناسبات خاصة‬ ‫كاألعياد بني سكان اللواء وبني أقربائهم في‬ ‫األراضي السورية اجملاورة‪.‬‬

‫مدن اللواء‪:‬‬ ‫أنطاكية‪ ،‬اسكندرون‪،‬‬ ‫أرسوز‪ ،‬الريحانية‬ ‫اقتصادياً‬

‫تعد مدينة االسكندرونة من أهم املوانئ‬ ‫البحرية التي تعتمدها تركيا لتصدير النفط‪،‬‬ ‫كما يعتمد لواء االسكندرون على السياحة‬ ‫نظرا ً الحتوائه على مدن تاريخية إلى جانب‬ ‫الطبيعة اخلالبة‪ .‬أما في الزراعة‪ ،‬فيشتهر‬ ‫اللواء بالقطن‪ ،‬احلبوب‪ ،‬التبغ‪ ،‬املشمش‪،‬‬ ‫التفاح‪ ،‬البرتقال والزيتون‪ .‬كما ويشهد حركة‬ ‫صناعية في قطاع النسيج والزجاج‪.‬‬ ‫ومازالت بعض اخلرائط السورية تظهر‬ ‫لواء اسكندرون (هاتاي) على أنه منطقة‬ ‫سورية محتلة‪ .‬عام ‪ 1998‬وبعد أزمة سوريا‬ ‫ تركيا كادت تتفجر صراعا ً عسكرياً‪ ،‬مت‬‫التوصل إلى تسوية سياسية في اتفاقية‬ ‫أضنة تخلت على أثرها سوريا عن دعمها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حلزب العمال الكردستاني‪ ،‬كما ع ّلقت‬ ‫مؤقتا ً املطالبة بلواء االسكندرون دون أن‬ ‫تعترف به كأرض تركية‪ ،‬فأوقفت احلمالت‬ ‫اإلعالمية املطالبة به‪ .‬املصادر السورية‬ ‫نفت أي تخل عن لواء االسكندرون‪ ،‬إال أنها‬ ‫أعلنت أن املصلحة السورية تقضي بتأجيل‬ ‫القضايا اخلالفية والتطلع إلى التعاون‬ ‫االقتصادي السياسي مع تركيا في املرحلة‬ ‫الراهنة‪ ،‬وبالرغم من ذلك ظلت األوساط‬ ‫الشعبية تطالب به‪.‬‬

‫مساحة لواء االسكندرون‬ ‫السوري الذي حتتله تركيا‬

‫لواء أو سنجق اإلسكندرون مساحته‬ ‫حوالي ‪ 500‬كم مربع وهو آخر ما استولى‬ ‫عليه كمال أتاتورك من األراضي العربية‬ ‫السورية‪ ...‬وكان قبل ذلك قد استولى على‬ ‫عدد كبير من األلوية العربية التابعة لوالية‬ ‫حلب ومنها‪:‬‬ ‫لواء مرعش‪ ،‬لواء عينتاب‪ ،‬لواء كلس‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ألوية أضنة ومرسني العربية‬ ‫التي كانت من ضمن سوريا حسب معاهدة‬ ‫سيفر عام ‪....1920‬‬ ‫املؤسف أن سكان والية حلب من العرب‬ ‫حاربوا مع كمال أتاتورك ضد فرنسا في‬ ‫احلرب التي استولى فيها على تلك املناطق‬ ‫في عام ‪ 1920‬وذلك عن طيب خاطر منهم‬ ‫حيث أنهم كانوا يعتبرون فرنسا عدوًا‬

‫‪70‬‬

‫مستعمرا ً بينما األتراك إخوان مسلمني‪...‬‬ ‫ومثلهم كان األكراد الذين حاربوا أيضا ً‬ ‫إلى جانب أتاتورك عن طيب خاطر وكانت‬ ‫مكافأتهم أن احتلهم اتاتورك واعتبرهم‬ ‫أتراكا ً وليسوا أكراداً‪.‬‬ ‫أما لواء اإلسكندرون فإن االستيالء عليه‬ ‫مت ضمن مؤامرة بني فرنسا وتركيا في نهاية‬ ‫الثالثينات‪ ...‬حيث أن فرنسا كانت في وضع‬ ‫ضعيف قبيل اندالع احلرب العاملية الثانية‬ ‫وأرادت أن ترضي تركيا حتى ال تنحاز إلى جانب‬ ‫أملانيا كما في احلرب العاملية األولى‪ ...‬ولذلك‬ ‫تنازلت لتركيا عن اإلسكندرون بعد إجراء‬ ‫استفتاء مزور ظهر فيه أن غالبية السكان‬ ‫يريدون االنضمام لتركيا رغم أن األتراك كانوا‬ ‫أقلية في اإلقليم كما أظهرت االحصاءات‬ ‫واالستفتاءت السابقة التي أظهرت بوضوح‬ ‫أن غالبية سكان اإلقليم من العرب ويرفضون‬ ‫التدخل التركي في شؤون إقليمهم‪ ...‬وبذلك‬ ‫ضربت فرنسا بعرض احلائط القوانني الدولية‬ ‫التي متنعها بوصفها سلطة انتداب من أن‬ ‫تتنازل عن األراضي السورية ألي بلد آخر ال‬ ‫باجراء استفتاء وال بغيره‪ ...‬وقد أحدث اإلجراء‬ ‫الفرنسي استنكارا دوليا في حينه وأشارت‬ ‫عصبة األمم إلى عدم قانونيته في قرار صدر‬ ‫عنها‪...‬‬ ‫واإلسكندرون يعتبر من أهم املناطق‬ ‫السورية وهو أكبر من اجلوالن وفيه ثروات أكبر‬ ‫ومير فيه نهر العاصي قبل أن يصب في البحر‬ ‫املتوسط‪ ...‬كما أن اإلسكندرون له أهمية‬ ‫تاريخية ومعنوية كبرى بالنسبة لسوريا‬ ‫ألن فيه مدينة أنطاكية عاصمة سورية في‬ ‫العصور قبل اإلسالمية‪ ...‬وما زالت مقرات‬ ‫الكنائس السورية إلى اليوم تقع في مدينة‬ ‫أنطاكية باعتبارها العاصمة السورية في‬ ‫العصور املسيحية‪...‬‬ ‫لم تعترف سوريا أبدا باستيالء تركيا على‬ ‫اإلسكندرون ويطلق على هذه املنطقة في‬ ‫سوريا اسم “اللواء السليب”‪ ...‬وقد انتهجت‬ ‫سوريا سياسة العداء مع تركيا طوال القرن‬ ‫املاضي بسبب هذه القضية وبسبب تصرفات‬ ‫تركيا العدوانية جتاه العرب خاصة قيامها‬ ‫ببناء السدود التي أدت إلى جفاف عشرات‬ ‫األنهار السورية ومنها على سبيل املثال نهر‬ ‫قويق الذي مير في مدينة حلب والذي جف‬ ‫متاماً‪ ...‬كما أن تركيا حتالفت مع “إسرائيل”‬ ‫عدو العرب وسوريا اللدود‪ ...‬وقد ردت سوريا‬ ‫بالتحالف مع أعداء تركيا وخاصة اليونان‬ ‫وقبرص كما قامت بدعم األكراد األتراك‪...‬‬ ‫وتوترت األمور بني سوريا وتركية عدة مرات‬ ‫خالل القرن املاضي وعزمت تركيا أكثر من‬ ‫مرة على غزو سوريا‪ ...‬وهذا ما أضعف موقف‬ ‫سوريا االستراتيجي في وجه “إسرائيل”‬


‫حيث أن سوريا كانت مضطرة لوضع جزء من‬ ‫قواتها على اجلبهة التركية باستمرار‪...‬‬

‫قضية اللواء‬

‫كانت في زمن الدولة العثمانية‬ ‫منطقة إدارية تابعة لوالية حلب وبعد‬ ‫خروج العثمانيني من سوريا‪ ،‬بقي سنجق‬ ‫االسكندرونة تابعا ً لوالية حلب إلى أن‬ ‫فصل عنها وأصبح مستقال ً استقالال ً‬ ‫إدارياً‪ ،‬و ُعرِّبت كلمة “سنجق” إلى كلمة لواء‬ ‫وصار يعرف “سنجق االسكندرونة” باسم‬ ‫“لواء االسكندرونة”‪ .‬وبقيت هذه التسمية‬ ‫مستعملة إلى أن صدر قانون التنظيمات‬ ‫اإلدارية رقم ‪ 5‬ل‪.‬ر تاريخ ‪10‬كانون الثاني ‪،1936‬‬ ‫فأصبح لواء االسكندرونة محافظة كبقية‬ ‫احملافظات السورية‪ ،‬غير أن كلمة سنجق أو‬ ‫لواء بقيت هي الغالبة في االستعمال‪ ،‬ألن‬ ‫قضية السنجق أثيرت في السنة نفسها‬ ‫بني فرنسا وتركيا‪.‬‬ ‫‪ 9‬أيلول عام ‪ :1936‬عندها‪ ،‬وقعت في‬ ‫جميع املدن السورية مظاهرات وإضرابات ضد‬ ‫فرنسا دامت أربعني يوماً‪ ،‬طالب فيها الشعب‬ ‫باالستقالل وإنهاء االنتداب على سوريا‪ .‬وقد‬ ‫أذعنت فرنسا لهذه املطالب وعقدت مع‬ ‫سوريا في ‪ 9‬أيلول عام ‪ 1936‬معاهدة تضمن‬ ‫لها احلرية واالستقالل والدخول في عصبة‬ ‫األمم‪.‬‬ ‫نصت هذه املعاهدة في املادة ‪ 3‬على‬ ‫نقل جميع احلقوق والواجبات الناجمة عن‬ ‫املعاهدات واالتفاقيات وجميع االتفاقيات‬ ‫الدولية التي عقدتها احلكومة الفرنسية‬ ‫فيما يخص سوريا أو باسمها‪ ،‬إلى احلكومة‬ ‫السورية بعد انتهاء االنتداب عنها‪ .‬وهذه‬ ‫املادة تضمن ألتراك اللواء في الوقت نفسه‬ ‫حق استعمال لغتهم في التعليم وإدارات‬ ‫الدولة‪ ،‬وإمناء ثقافتهم القومية‪ ،‬على النحو‬ ‫الذي نصت عليه املادة ‪ 7‬من اتفاقية أنقرة‪.‬‬ ‫ولكن تركيا رفضت إبقاء لواء االسكندرون‬ ‫ضمن الدولة السورية‪ ،‬واعتبرت النص الوارد‬ ‫في املعاهدة السورية الفرنسية غير كاف‬ ‫لضمان حقوق األتراك فيه‪ ،‬وطلبت حتويل‬ ‫هذه املنطقة إلى دولة مستقلة شأن دولتي‬ ‫سوريا ولبنان‪ ،‬وإنشاء احتاد فيدرالي بني الدول‬ ‫الثالث‪ .‬وقد رفضت فرنسا هذا الطلب‪،‬‬ ‫استنادا ً إلى صك االنتداب الذي مينع الدولة‬ ‫املنتدبة من التنازل عن أي جزء من األراضي‬ ‫املنتدبة عليها‪ ،‬دون موافقة عصبة األمم‪ ،‬وترك‬ ‫لتركيا حق رفع هذه القضية إلى عصبة األمم‪،‬‬ ‫صاحبة الشأن للنظر في تقرير مصير اللواء‬ ‫بعد استقالل سوريا‪.‬‬ ‫‪ 8‬كانون األول عام ‪ :1936‬أرسلت احلكومة‬ ‫التركية إلى السكرتير العام لعصبة األمم‬

‫مذكرة تطلب فيها تسجيل اخلالف بني‬ ‫فرنسا وتركيا على مصير لواء االسكندرونة‬ ‫بعد استقالل سوريا لبحثه في اجللسة‬ ‫القادمة جمللس العصبة‪ ،‬استنادا ً إلى املادة ‪11‬‬ ‫من ميثاق العصبة‪ ،‬التي تقضي بوجوب اتخاذ‬ ‫املساعي الودية في جميع الظروف التي من‬ ‫شأنها أن تؤثر في العالقات الدولية‪.‬‬ ‫‪10‬كانون األول ‪ :1936‬نظر اجمللس في‬ ‫اخلالف التركي‪ -‬الفرنسي على مصير لواء‬ ‫االسكندرونة بعد استقالل سورية‪ .‬وعرضت‬ ‫تركيا اقتراحها بإنشاء دولة مستقلة‬ ‫فيه شأن دولتي سوريا ولبنان‪ ،‬وإنشاء احتاد‬ ‫فيدرالي بينها‪ .‬وقد صرح وزير خارجية تركيا‬ ‫في هذه اجللسة بأن ليس لتركيا أي مطمع‬ ‫سياسي في بسط سيادتها على لواء‬ ‫االسكندرون‪ ،‬وهي ال تقصد من وراء إثارة هذه‬ ‫القضية سوى حماية حقوق أبناء جنسها‬ ‫واحملافظة على حياتهم وحرياتهم‪.‬‬ ‫‪ 15‬كانون األول عام ‪ :1936‬رد رئيس‬ ‫الوفد الفرنسي على طلب تركيا فقال عن‬ ‫مستقبل أتراك اللواء بعد عقد املعاهدة‬ ‫السورية الفرنسية‪« :‬إن مواد هذه املعاهدة‬ ‫ال تؤثر في وضع لواء االسكندرونة‪ ،‬وال في‬ ‫حقوق السكان األتراك ألن ذلك مضمون‬ ‫في اتفاقية أنقرة لعام ‪ 1921‬التي أقرتها‬ ‫املعاهدة السورية – الفرنسية»‪.‬‬ ‫كانت احلكومة التركية قد ادعت في‬ ‫املذكرة التي قدمتها إلى مجلس عصبة‬ ‫األمم‪ ،‬أن األتراك في اللواء مضطهدون من‬ ‫قبل السلطة احمللية‪ ،‬وطلبت سحب القوات‬ ‫الفرنسية منه‪ .‬وقد كذب مندوب فرنسا هذا‬ ‫االدعاء‪ ،‬واقترح مقرر اجمللس السيد ساندلر‬ ‫إرسال مراقبني دوليني إلى اللواء ملراقبة احلالة‬ ‫فيه‪ .‬وقد عارض مندوب تركيا هذا االقتراح‪.‬‬ ‫ولكن اجمللس وافق عليه بعد أن استنكف‬ ‫املندوب التركي عن التصويت‪.‬‬ ‫‪ 19‬كانون األول ‪ :1936‬عني رئيس اجمللس‬ ‫ثالثة مراقبني أحدهم هولندي‪ ،‬والثاني‬ ‫نرويجي‪ ،‬والثالث سويسري‪ ،‬وطلب إليهم‬ ‫السفر فورا ً إلى اللواء لالطالع على احلالة‬ ‫القائمة فيه‪.‬‬ ‫‪ 28‬كانون األول ‪ :1936‬وصلت اللجنة‬ ‫إلى أنطاكية وطافت في مختلف املناطق‬ ‫والنواحي‪ ،‬وتعرفت على فئات السكان‪،‬‬ ‫واجتمعت مع وجهاء الطوائف‪ ،‬وزعماء‬ ‫الهيئات السياسية والدينية واستمعت‬ ‫إلى مطالبهم‪ ،‬وعبرت كل فئة عن أمانيها‬ ‫ورغباتها‪.‬‬ ‫‪ 12‬كانون الثاني ‪ :1937‬قام عرب أنطاكية‬ ‫والقرى اجملاورة مبسيرة شعبية أمام اللجنة‬ ‫الدولية‪ ،‬مشى فيها ما ينوف على األربعني‬ ‫ألفا ً من العرب واألرمن‪ ،‬حملوا فيها األعالم‬ ‫السورية‪ ،‬واليافطات التي تعبر عن أمانيهم‬

‫‪71‬‬

‫ومطالبهم‪ ،‬باحملافظة على ارتباط اللواء‬ ‫بالوطن السوري‪.‬‬ ‫‪ 13‬كانون الثاني ‪ :1937‬زارت اللجنة مدينة‬ ‫الريحانية‪ ،‬فقام فيها العرب مبظاهرة‪ ،‬شارك‬ ‫فيها أكثر من عشرين ألفا ً من عرب سهل‬ ‫العمق‪ ،‬وكانوا يحملون األعالم السورية‬ ‫ويهتفون لسوريا والعروبة‪.‬‬ ‫وكذلك استقبلت اللجنة في مدينة‬ ‫االسكندرونة وبلدة السويدية وفي جميع‬ ‫القرى العربية‪ ،‬التي زارتها مبظاهرات عبر فيها‬ ‫املواطنون العرب عن متسكهم بعروبتهم‬ ‫وبوطنهم سوريا‪.‬‬

‫إنطباعات جلنة املراقبني الدوليني‬ ‫عادت اللجنة إلى جنيف وهي حتمل‬ ‫االنطباعات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬إن األتراك ال يشكلون أكثرية السكان‬ ‫في لواء االسكندرونة‪.‬‬ ‫‪ -2‬إن الغالبية العظمى من سكان اللواء‪،‬‬ ‫مبا فيهم نسبة كبيرة من األتراك تعارض‬ ‫ضم اللواء إلى تركيا‪.‬‬ ‫‪3‬ـ إن األتراك في اللواء ليسوا مضطهدين‬ ‫من جانب السلطة احمللية (أرشيف وزارة‬ ‫اخلارجية الفرنسية‪ -‬مجلد ‪.)581‬‬ ‫وفي أثناء وجود جلنة املراقبني الدوليني‬ ‫في اللواء‪ ،‬جرت محادثات ثنائية بني فرنسا‬ ‫وتركيا‪ ،‬انتهت في ‪ 24‬كانون الثاني عام ‪1937‬‬ ‫إلى اتفاق بني الدولتني على جعل اللواء‬ ‫منطقة مستقلة ذاتيا ً في نطاق الوحدة‬ ‫السورية‪ ،‬على أن تكون مجردة السالح‪ ،‬وأن‬ ‫تضمن عصبة األمم استقالل كل منهما‪.‬‬ ‫وقد اتخذ مقرر اجمللس السيد “ساندلر” هذا‬ ‫االتفاق أساسا ً في وضع تقريره الذي رفعه‬ ‫إلى مجلس العصبة‪ ،‬متضمنا ً مقترحاته‬ ‫األساسية التي يجب أن يبنى عليها نظام‬ ‫اللواء وقانونه األساسي‪ .‬فأقره اجمللس في‬ ‫جلسة ‪ 29‬كانون الثاني ‪.1937‬‬ ‫وعهد بتاريخ ‪ 20‬شباط ‪ 1937‬إلى جلنة‬ ‫خبراء لصياغة النظام والقانون األساسي‪.‬‬ ‫وقد شكل رئيس اجمللس هذه اللجنة من‬ ‫ست خبراء‪ ،‬ينتسبون إلى الدول التالية‪:‬‬ ‫بلجيكا‪ ،‬هولندا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬السويد‪ ،‬فرنسا‪،‬‬ ‫تركيا‪ .‬وتقدمت هذه اللجنة إلى مجلس‬ ‫العصبة بنظام عام وقانون أساسي‪ .‬أقرهما‬ ‫في جلسة ‪ 29‬أيار ‪ ،1937‬وحدد يوم ‪ 29‬تشرين‬ ‫الثاني ‪ 1937‬موعدا ً لبدء تنفيذهما‪.‬‬ ‫‪ 29‬أيار ‪ :1937‬استقبلت تركيا التسوية‬ ‫التي متت في جنيف في ‪ 29‬أيار ‪ 1937‬بشأن‬ ‫قضية االسكندرونة باالرتياح التام‪ ،‬واعتبرته‬ ‫نصرا ً للسياسة التركية‪ ،‬وأقيمت األفراح‬ ‫والزينات في العاصمة والواليات التركية‪.‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫ملف‬ ‫وفي ‪ 29‬تشرين الثاني ‪ ،1937‬وهو اليوم‬ ‫الذي حدد نظام اللواء للبدء بتنفيذه‪ ،‬أقيمت‬ ‫حفلة صغيرة في دار احلكومة في أنطاكية‪،‬‬ ‫تلى فيها ممثل احلكومة بيانا ً باسم املفوض‬ ‫السامي الفرنسي «الكونت دو مارتيل»‪،‬‬ ‫أعلن فيه أنه استلم جميع السلطات في‬ ‫اللواء خالل املدة التي تنقضي من تاريخ‬ ‫هذا اليوم وحتى استالم حكومة اللواء‬ ‫مهامها‪ .‬ثم جرى إنزال العلم السوري‬ ‫عن دار احلكومة‪ ،‬إيذانا ً ببدء تطبيق نظام‬ ‫اللواء‪ .‬وقد قوبل هذا العمل الذي أقدمت‬ ‫عليه فرنسا بطلب من تركيا‪ ،‬باالستنكار‬ ‫الشديد من جانب سورية وعرب اللواء‪،‬‬ ‫وقامت اإلضرابات واملظاهرات ضده في‬ ‫جميع املدن السورية‪ ،‬كما اعتبرته املراجع‬ ‫القانونية عمال ً مخالفا ً لنظام اللواء الذي‬ ‫نص على أن اللواء هو جزء من سورية‪ ،‬وهي‬ ‫التي تدير شؤونه اخلارجية‪ ،‬وهو رمز ارتباط‬ ‫اللواء بسورية‪ ،‬وال يجوز إزالته إال إذا قرر‬ ‫مجلس اللواء علما ً بديال ً له‪.‬‬ ‫‪ 10‬كانون األول ‪ :1937‬انتهت اللجنة التي‬ ‫شكلها مجلس العصبة من وضع قانون‬ ‫االنتخابات‪ .‬وهو يقضي في جملة مواده‪،‬‬ ‫على كل ناخب أن يسجل نفسه أمام جلنة‬ ‫االنتخابات الدولية في الطائفة التي ينتسب‬ ‫إليها‪ ،‬وليس له أن يسجل نفسه في غير‬ ‫طائفته‪ .‬وقد اعترضت تركيا على هذه املادة‪،‬‬ ‫وطلبت أن يسمح لكل ناخب أن يسجل‬ ‫نفسه في الطائفة التي يختارها‪ ،‬فاستجاب‬ ‫اجمللس لهذا الطلب‪ .‬ومت تعديل هذه املادة على‬ ‫النحو الذي طلبته تركيا‪ .‬وكانت تبغي من‬ ‫وراء هذا التعديل التمكن من استمالة عدد‬ ‫كبير من الطوائف غير التركية وتسجيلهم‬ ‫في قائمة الطائفة التركية عن طريق الرشوة‬ ‫واإلغراء والضغط على الناخبني باالتفاق مع‬ ‫السلطة الفرنسية‪ .‬وقد لبت فرنسا جميع‬ ‫املطالب التركية التي من شأنها تسهيل‬ ‫الدعاية التركية‪ ،‬وقيام املوظفني الفرنسيني‪،‬‬ ‫وضباط االستخبارات بنشاط واسع في‬ ‫األوساط غير التركية لضمها إلى احلركة‬ ‫الكمالية‪.‬‬ ‫وقد سمحت فرنسا لتركيا بفتح قنصلية‬ ‫عامة لها في أنطاكية‪ .‬وقنصلية ثانية‬ ‫في مدينة االسكندرونة‪ .‬وأصبح القنصل‬ ‫العام في أنطاكية هو الذي يسير دفة األمور‬ ‫في كل ما يتعلق بشؤون االنتخابات‪ .‬كما‬ ‫سمحت فرنسا لتركيا بإدخال أكثر من‬ ‫خمسة وعشرين ألف ناخب من تركيا إلى‬ ‫اللواء‪ ،‬وقامت السلطة املنتدبة بتزويدهم‬ ‫بتذاكر هوية لوائية سورية‪ ،‬يستطيعون‬ ‫مبوجبها ممارسة حق االنتخاب‪.‬‬ ‫‪ 21‬نيسان ‪ :1938‬وصلت اللجنة الدولية‬ ‫التي شكلها مجلس العصبة إلى اللواء‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إلجراء االنتخابات فيه‪ .‬ويبلغ عدد أعضائها‬ ‫‪ 26‬عضواً‪ ،‬ينتمي جميعهم إلى دول أوروبية‬ ‫محايدة‪ ،‬ليس بينهم فرنسيون وال أتراك‪.‬‬ ‫ويقضي قانون االنتخابات بأن تقوم اللجنة‬ ‫الدولية في املرحلة األولى بتسجيل الناخبني‬ ‫الذكور الذين بلغوا العشرين من عمرهم‪.‬‬ ‫فإذا انتهت من إعداد اجلداول االنتخابية‬ ‫تباشر بعدها بإجراء العمليات االنتخابية‪.‬‬ ‫‪ 3‬أيار ‪ :1938‬افتتحت اللجنة الدولية‬ ‫عمليات تسجيل الناخبني في قضائي‬ ‫االسكندرونة وفرق خان‪ ،‬وانتهت منها في‬ ‫‪30‬أيار‪ ،‬وأغلقت مراكزها باستثناء مركز‬ ‫واحد في كل قضاء يبقى مفتوحا ً لقيد‬ ‫املتخلفني‪.‬‬ ‫لقد حقق العرب في قضائي االسكندرونة‬ ‫وقرق خان‪ ،‬تفوقا ً على األتراك في عدد الناخبني‬ ‫املسجلني من قبل اللجان االنتخابية الدولية‪.‬‬ ‫إذ حصل العرب واألرمن على ‪ 11364‬ناخباً‪،‬‬ ‫بينما حصل األتراك على ‪ 9914‬ناخبا ً (من‬ ‫تقرير اللجنة الدولية املرفوع إلى مجلس‬ ‫عصبة األمم)‪.‬‬ ‫‪ 23‬أيار ‪ :1938‬افتتحت اللجنة الدولية‬ ‫عمليات تسجيل الناخبني في قضاء‬ ‫أنطاكية‪ ،‬وهذا القضاء يزيد عدد سكانه‬ ‫على مجموع سكان قضائي االسكندرونة‬ ‫وقرق خان مجتمعني‪ .‬ويشكل األتراك فيه ربع‬ ‫السكان تقريباً‪ ،‬بينما يشكل العرب واألرمن‬ ‫الثالثة أرباع‪ .‬وبعد إعالن نتائج عمليات‬ ‫تسجيل الناخبني في قضائي االسكندرونة‬ ‫وقرق خان‪ ،‬وانتقالها إلى أنطاكية‪ ،‬أصبحت‬ ‫نتائج التسجيل في اللواء مضمونة ملصلحة‬ ‫العرب‪ ،‬وإن فشل األتراك باحلصول على‬ ‫األغلبية‪ ،‬أصبح مؤكدا ً الشك فيه‪.‬‬ ‫‪ 28‬أيار ‪ :1938‬وبعد الوصول إلى هذه‬ ‫املرحلة احلرجة بالنسبة لتركيا أذاع راديو‬ ‫استانبول في ‪ 28‬أيار ‪ 1938‬نبأ عن اتفاق‬ ‫سري بني فرنسا وتركيا‪ ،‬عقد في جنيف في‬ ‫‪ 10‬آذار ‪ 1938‬تعهدت فرنسا مبوجبه ضمان‬

‫‪72‬‬

‫أغلبية تركية في مجلس اللواء املقبل‪ ،‬ومبا‬ ‫أن هذا التعهد لم ينفذ فقد قامت تركيا‬ ‫بحشد قواتها على حدود اللواء‪ ،‬وأنذرت‬ ‫فرنسا باحتالله إن لم تف بتعهداتها‪.‬‬ ‫وقامت فرنسا بسرعة فائقة‪ ،‬إثر هذه‬ ‫التحركات بإجراءات لتنفيذ تعهدها هذا‪.‬‬ ‫فأعلنته صراحة على لسان السيد غارو‬ ‫مندوبها في اللواء في اجتماع عقده في دار‬ ‫بلدية أنطاكية لزعماء الطوائف العربية‬ ‫واألرمنية أنهم يرفضون طلبه‪ ،‬ما دامت‬ ‫مراكز التسجيل مفتوحة أمامهم‪ ،‬قامت‬ ‫فرنسا بإعالن األحكام العرفية والطلب إلى‬ ‫اللجنة الدولية لوقف عمليات تسجيل‬ ‫الناخبني ملدة خمسة أيام بحجة اضطراب‬ ‫حبل األمن‪ ،‬فاستجابت اللجنة لطلبها‬ ‫ثم مددت هذه املدة لثالثة أيام أخرى‪ .‬وقد‬ ‫اتخذت فرنسا خالل مدة وقف عمليات‬ ‫تسجيل الناخبني عدة إجراءات تعسفية‬ ‫تضمن غلبة العنصر التركي‪.‬‬ ‫‪ 9‬حزيران ‪ :1938‬تقدم املندوب الفرنسي‬ ‫السيد «روجيه غارو» باستقالته من منصبه‬ ‫وغادر املنطقة‪ ،‬وقد أسر إلى أصحابه أن‬ ‫ضميره ال يسمح له بتنفيذ سياسة دولته‪.‬‬ ‫فأسندت فرنسا وظيفته إلى الكولونيل‬ ‫«كوله»‪ .‬وعندما استأنفت اللجنة الدولية‬ ‫أعمال التسجيل بعد توقف دام تسعة‬ ‫أيام‪ ،‬قامت املليشيات التركية بتطويق‬ ‫مراكز التسجيل في األحياء والقرى العربية‪،‬‬ ‫ومنعت الناخبني من الوصول إليها‪ ،‬واعتقال‬ ‫كل من يحاول كسر الطوق الذي ضربته‬ ‫حولها‪ .‬فاحتجت اللجنة الدولية على هذا‬ ‫اإلجراء وأذاعت البالغ رقم ‪ 14‬تاريخ ‪ 9‬حزيران‬ ‫‪ ،1938‬جاء فيه أن اللجنة أوقفت أعمال‬ ‫التسجيل بقصد السماح باستتباب األمن‪،‬‬ ‫ولكنها حتققت أن قسما ً من األهالي كان‬ ‫خالل مدة التعليق موضع اعتقال وإرهاب‬ ‫وتخويف من جانب السلطة‪ ،‬وأنها احتجت‬ ‫بأقصى الشدة لدى املراجع املسؤولة على‬


‫هذه األعمال‪ .‬وأن اللجنة تذكر أصحاب‬ ‫العالقة أن نظام االنتخاب يعطي احلق لكل‬ ‫ناخب أن يقرر مبلء حريته الطائفة التي يرغب‬ ‫االنتماء إلينا‪.‬‬ ‫‪ 13‬حزيران ‪ :1938‬كما قامت اللجنة‬ ‫بإرسال برقية إلى السكرتير العام جمللس‬ ‫العصبة‪ ،‬أبلغت فيها عن أعمال الضغط‬ ‫التي مارستها السلطة ضد العرب‪ ،‬والتي‬ ‫ترمي إلى إرغامهم على التسجيل في‬ ‫القائمة التركية أو التخلي عنه‪ .‬وقد عمم‬ ‫السكرتير العام هذه البرقية في ‪ 13‬حزيران‬ ‫‪ 1938‬على أعضاء اجمللس‪.‬‬ ‫وعلى أثر هذا املوقف الذي وقفته اللجنة‪،‬‬ ‫والذي يفضح تآمر فرنسا وتركيا على‬ ‫حرية االنتخابات‪ ،‬وتزويرها ملصلحة األتراك‪،‬‬ ‫فقد أعلنت فرنسا وتركيا قطع عالقاتهما‬ ‫مع اللجنة وطلبتا من مجلس العصبة‬ ‫استدعاءها‪ ،‬وأخذت الصحافة واإلذاعة‬ ‫التركية تنتحل األكاذيب ضدها‪ ،‬وتتهمها‬ ‫بالتحيز للعرب ضد األتراك‪.‬‬ ‫وفي مثل هذه الظروف‪ ،‬وحتت وطأة‬ ‫األحكام العرفية املطبقة على العرب دون‬ ‫األتراك‪ ،‬استمرت اللجنة في أعمال تسجيل‬ ‫الناخبني‪ .‬فأقدمت السلطة على توقيف‬ ‫مخاتير القرى وممثلي الطوائف العربية لدى‬ ‫مكاتب التسجيل‪ ،‬كما أوقفت الزعماء‬ ‫والشباب العرب‪ ،‬ومألت السجون باملعتقلني‪،‬‬ ‫فاضطرت اللجنة الدولية إلى إغالق مراكز‬ ‫التسجيل‪.‬‬ ‫‪ 23‬حزيران ‪ :1938‬بتاريخ ‪ 23‬حزيران ‪1938‬‬ ‫اتفقت فرنسا وتركيا على إدخال ‪ 2500‬جندي‬ ‫تركي إلى اللواء للمشاركة في حفظ األمن‬ ‫مع القوات الفرنسية‪.‬‬ ‫‪ 29‬حزيران ‪ :1938‬غادرت اللجنة الدولية‬ ‫اللواء إلى لبنان ومكثت فيه ثالثة أسابيع‪،‬‬ ‫أعدت فيه تقريرها النهائي الذي يقع في ‪150‬‬ ‫صفحة ذكرت فيه جميع األعمال التي قامت‬ ‫بها‪ ،‬والنتائج التي حققتها في التسجيل‪،‬‬ ‫والتي أظهرت تفوق العرب عدديا ً على األتراك‪،‬‬ ‫كما ذكرت فيه أعمال الضغط واإلرهاب‬ ‫التي مارستها السلطة ضد العرب‪ .‬ورفعت‬ ‫تقريرها إلى السكرتير العام لعصبة األمم في‬ ‫‪ 30‬متوز ‪.1938‬‬ ‫‪ 4‬متوز ‪ :1938‬بعد رحيل اللجنة الدولية‬ ‫عن اللواء جرت مباحثات بني فرنسا وتركيا‪،‬‬ ‫انتهت بالتوقيع على معاهدة صداقة بينهما‬ ‫في ‪ 4‬متوز ‪ ،1938‬تضمنت تعهد الطرفني بأن‬ ‫ال يدخل أحدهما في حلف ضد اآلخر‪ ،‬وأن‬ ‫يعترف باستقالل لواء االسكندرونة‪ ،‬ويطبق‬ ‫النظام املوضوع له من قبل عصبة األمم‬ ‫مبفردها على أن يضمنا تفوق العنصر التركي‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫‪ 18‬متوز ‪ :1938‬شكلت جلنة عليا مشتركة‪،‬‬

‫فرنسية تركية‪ ،‬لإلشراف على االنتخابات‪،‬‬ ‫فقامت هذه اللجنة بإعادة النظر في اجلداول‬ ‫االنتخابية التي نظمتها جلنة عصبة األمم‪،‬‬ ‫فألغت قيد ‪ 2080‬ناخبا ً عربياً‪ ،‬وأضافت ‪947‬‬ ‫ناخبا ً إلى القائمة التركية وسمحت لـ ‪500‬‬ ‫ناخب بالتصويت للقائمة التركية‪.‬‬ ‫ولم جتر انتخابات ألن القائمة التي‬ ‫رشحها األتراك أعلن فوزها بالتركية‪.‬وقد‬ ‫نال األتراك مبوجبها ‪ 22‬مقعدا ً في اجمللس‬ ‫النيابي‪ .‬وأعطي لبقية عناصر اللواء ‪18‬‬ ‫مقعداً‪.‬‬ ‫‪ 2‬أيلول ‪ :1938‬عقد مجلس اللواء‬ ‫(املزور) جلسته األولى في ‪ 2‬أيلول ‪1938‬‬ ‫‪ ،‬انتخب فيها عبد الغني تركمان رئيسا ً‬ ‫للمجلس‪ ،‬وطيفور سوكمن لرئاسة‬ ‫الدولة‪ ،‬وتشكلت الوزارة برئاسة عبد‬ ‫الرحمن ملك وأربعة وزراء جميعهم من‬ ‫األتراك ليس بينهم عربي واحد‪ ،‬وأطلق‬ ‫على اللواء اسم «هاتاي»‪.‬‬ ‫وقد عملت “حكومة هاتاي” على إلغاء‬ ‫التعليم باللغة العربية وإلغاء كافة املعامالت‬ ‫احلكومية بهذه اللغة‪ ،‬وتبني الليرة التركية‬ ‫كعملة رسمية‪ ،‬خالفا ً للنظام الذي وضعته‬ ‫عصبة األمم‪ ،‬وجعلت العطلة األسبوعية يوم‬ ‫األحد بدال ً من يوم اجلمعة‪ ،‬وتبنت القوانني‬ ‫التركية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن فرنسا وتركيا عملتا‬ ‫على تتريك اللواء بصورة تامة‪ ،‬وفرض‬ ‫السيطرة التركية عليه‪ ،‬وقطع كل صلة‬ ‫له مع سورية والعرب‪ ،‬فإنه بقي من الوجهة‬ ‫القانونية والدولية منطقة مستقلة‪ ،‬وأنه‬ ‫جزء من سورية التي تدير شؤونه اخلارجية‪،‬‬ ‫ويرتبط معها في العملة واجلمارك والبريد‪،‬‬ ‫وأن عصبة األمم لم تعترف بكل اإلجراءات‬ ‫والتغييرات التي أحدثتها فرنسا وتركيا‬ ‫باللواء‪ ،‬واخملالفة للقوانني واألنظمة التي‬ ‫وضعتها‪ .‬وقد كان هذا الوضع غير املعترف‬ ‫به دولياً‪ ،‬يقلق تركيا‪ ،‬ويجعل وضع اللواء غير‬ ‫مستقر على املدى البعيد‪ .‬فاستغلت تركيا‬ ‫الوضع املتأزم في أوروبا لضم اللواء إليها‬ ‫بصورة نهائية‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ 1939‬أخذ شبح احلرب يخيم‬ ‫على أوروبا‪ .‬فقد احتلت أملانيا الهتلرية‬ ‫النمسا وتشيكوسلوفاكيا في آذار ‪1939‬‬ ‫وأصبح الرايخ األملاني مسيطرا ً على وسط‬ ‫أوروبا‪ ،‬وفي نيسان من هذا العام‪ ،‬احتلت‬ ‫إيطاليا ألبانيا وأصبحت اليونان مهددة‬ ‫باالحتالل‪.‬‬ ‫‪ 20‬متوز ‪ :1939‬استغلت تركيا هذا الوضع‬ ‫القائم في أوروبا‪ ،‬وحاجة احللفاء إليها‬ ‫لضمها إليهم‪ ،‬أو إلبقائها على احلياد في‬ ‫احلرب املقبلة‪ ،‬وبخاصة وأنها بعد معاهدة‬ ‫مونترو التي عقدت في ‪20‬متوز ‪ 1939‬أصبحت‬

‫‪73‬‬

‫تسيطر على املضائق في زمن احلرب‪.‬‬ ‫يقول املسيو “بونيه” رئيس وزراء فرنسا في‬ ‫مذكراته‪:‬‬ ‫“كانت احلكومة البريطانية حتاول جاهدة‬ ‫إلنشاء سلسلة من األحالف‪ ،‬تشمل بريطانيا‬ ‫وفرنسا واالحتاد السوفييتي وتركيا‪ .‬وكانت‬ ‫بريطانيا وفرنسا راغبتني في الوصول إلى‬ ‫اتفاقية مع تركيا‪ .‬ولكن تركيا كانت ترفض‬ ‫كل اتفاق مع فرنسا ما لم توافق على ضم‬ ‫هاتاي إليها”‪.‬‬ ‫‪ 12‬أيار ‪ :1939‬أعلنت بريطانيا وتركيا عن‬ ‫عقد اتفاقية بينهما‪ ،‬ترمي إلى إقامة تعاون‬ ‫مشترك في حال حدوث عدوان يقود إلى حرب‬ ‫في منطقة شرقي البحر املتوسط‪ .‬وتتضمن‬ ‫هذه االتفاقية فتح املضائق أمام األساطيل‬ ‫اإلنكليزية‪.‬‬ ‫قدمت بريطانيا إلى تركيا قرض طويل‬ ‫األجل مببلغ ‪ 16‬مليون جنيه استرليني‬ ‫لتسليحها‪ .‬وبسبب الضغط اإلنكليزي على‬ ‫فرنسا لالتفاق مع تركيا‪ ،‬وضغط الظروف‬ ‫الدولية القائمة في أوروبا أعطى “بونيه”‬ ‫لسفيره في أنقرة “رينيه ماسيفلي” صالحية‬ ‫التوقيع على اتفاقية مع تركيا تشمل قضية‬ ‫هاتاي‪.‬‬ ‫‪ 15‬أيار ‪ :1939‬بدأت املباحثات الفرنسية‬ ‫التركية بني ماسيفلي ووزير خارجية تركيا‬ ‫«سراج أوغلو» في ‪ 15‬أيار ‪ 1939‬وانتهت‬ ‫في ‪ 23‬حزيران ‪ 1939‬بالتوقيع على اتفاقية‬ ‫تقضي بإحلاق لواء االسكندرونة بتركيا‪.‬‬ ‫وأصبح يشكل الوالية ‪ 63‬من اجلمهورية‬ ‫التركية‪ .‬ولم تتضمن هذه االتفاقية أي‬ ‫نص يحفظ ألكثر من ‪ 130‬ألف عربي بقوا‬ ‫في اللواء حقوقهم اللغوية والثقافية‪،‬‬ ‫على النحو الذي نصت عليه املادة ‪ 7‬من‬ ‫اتفاقية أنقرة لعام ‪ 1921‬بالنسبة ألتراك‬ ‫اللواء‪.‬‬ ‫وقد سمح فقط ملن أرادوا الهجرة‪ ،‬بنقل‬ ‫أموالهم املنقولة معهم‪ ،‬وتصفية أمالكهم‬ ‫غير املنقولة خالل ثمانية عشر شهرا ً من تاريخ‬ ‫توقيع االتفاقية‪ .‬ولكن احلكومة التركية وضعت‬ ‫العراقيل التي من شأنها احليلولة دون تطبيق هذه‬ ‫املادة‪ ،‬فوضعت يدها على أمالك الذين هاجروا من‬ ‫اللواء وصادرتها‪.‬‬ ‫ولم تعترف احلكومة السورية بضم اللواء إلى‬ ‫تركيا استنادا ً إلى املادة ‪ 4‬من صك االنتداب الذي‬ ‫يحرم على الدولة املنتدبة التنازل عن أي جزء من‬ ‫األراضي املنتدبة عليها‪ ،‬وال يزال عدم االعتراف‬ ‫قائما ً حتى اليوم‪.‬‬ ‫ولقاء هذه الهبة التي قدمتها فرنسا لتركيا‬ ‫على حساب سورية‪ ،‬فقد عقد في ‪ 19‬تشرين‬ ‫األول ‪ 1939‬اتفاق فرنسي إنكليزي تركي ملدة ‪15‬‬ ‫عاماً‪ ،‬وهو يشكل حلفا ً في حال وقوع حرب في‬ ‫شرق البحر املتوسط‪.‬‬

‫إعداد قسم التحقيقات‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر صحة‬

‫أأللزهايمر‪ ...‬المرض األكثر خطورة في القرن الحادي والعشرين‬

‫‪ 36‬مليون مريض من بينهم ‪ 35‬ألف مصاب في لبنان‬ ‫كما في كل ‪ 21‬أيلول من كل عام‪ ،‬انطلق يوم عاملي‬ ‫جديد لأللزهامير‪.‬‬ ‫حكاية ذاك اليوم بدأت منذ عام ‪ ،1984‬من واشنطن‪،‬‬ ‫حيث ق ّدمت مجموعة من اخلبراء مبرض الزهامير حلما ً‬ ‫واحدا ً ورؤية هدفها‪“ :‬حياة أفضل لألشخاص الذين‬ ‫يعانون من اخلرف ولذويهم”‪.‬‬ ‫ومنذ ‪ 27‬سنة‪ ،‬لم تتغ ّير الرؤية‪ ،‬وال احلماسة‬ ‫تزعزعت‪ ،‬حيث تضاعف عدد أعضاء جمعية مرضى‬ ‫األلزهامير من ‪ 4‬أعضاء لتصل الى أكثر من ‪ 75‬جمعية‬ ‫لأللزهامير منتشرة في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬فيما‬ ‫آخر اإلحصاءات تشير الى أن ‪ 36‬مليون شخص‬ ‫يصارعون هذا املرض في مختلف دول العالم‪ ،‬وهو‬ ‫رقم سيتضاعف ليصل الى ‪ 66‬مليون مريض عام‬ ‫‪ 2030‬فالى ‪ 115‬مليونا ً عام ‪ ،2050‬طاملا كل ‪ 7‬دقائق‬ ‫تسجل حالة إصابة جديدة بهذا املرض في العالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وح ّذر بعض اخلبراء األميركيني من أن مرض األلزهامير‬ ‫سيلقي بثقله أكثر فأكثر خالل السنوات املقبلة على‬ ‫االقتصاد العاملي نظرا ً لكلفته العالية‪.‬‬

‫فماهو األلزهامير؟‬ ‫هو حالة مرضية تصيب اخلاليا العصبية في املخ‪،‬‬ ‫وتؤدي إلى تدميرها وإلى انكماش حجم املخ كما‬ ‫يصيب اجلزء املسؤول عن التفكير والذاكرة واللغة‬ ‫إلى درجه ميكن أن تؤثر في العمل واحلياة االجتماعية‪.‬‬ ‫ومرض األلزهامير يسوء مع الوقت لدرجه أنه ممكن أن‬ ‫يسبب الوفاة‪.‬‬ ‫نسب اسمه ملكتشفه الطبيب النفسي األملاني‬ ‫لويس ألزهامير الذي كان أول من وصفه عام ‪،1906‬‬ ‫حيث أطلق إسمه على املرض عند تشريحه ملريضة‬ ‫في اخلمسني من عمرها عقب موتها وقد كانت تعاني‬ ‫من فقدان الذاكرة‪.‬‬ ‫ويحتل مرض األلزهامير املرتبة السادسة من‬ ‫األسباب الرئيسية للوفاة بالواليات املتحدة وغالب‬ ‫من يصاب به فوق سن الستني ولكنه ميكن أن يصيب‬ ‫أشخاصا ً في سن األربعني‪.‬‬ ‫وهذا املرض ال يندرج في خانة أمراض الشيخوخة‬ ‫ألنه ليس مقدرا ً لكل من تقدم بالعمر أن يصاب به‪.‬‬

‫األحداث التي وقعت في وقت قريب‪.‬‬

‫مسببات مرض األلزهامير‬

‫عدم القدرة علي فعل أي شيء مبفرده‪.‬‬ ‫ويكون املريض باأللزهامير مشوش الذهن حيث أنه‬ ‫قد يقوم بأمور غريبة وينكر فعله لها حتى أنه يفقد‬ ‫قدرته على تنسيق املالبس املالئمة للجو‪ .‬وهناك‬ ‫أعرض أخرى تصاحب املرض مثل‪:‬‬ ‫االضطراب واإلكتئاب والهلوسة‬ ‫قد ينسى أين وضع أغراضه الشخصية‬ ‫اإلرتباك و تغير في السلوك والشخصية بحيث‬ ‫يصبح مزاج املريض متقلبا ً بدرجة كبيرة من الغضب‬ ‫إلى الفرح أو حتى البكاء‪..‬‬ ‫عدم القدرة على السيطرة على التبول والتبرز‬ ‫عدم القدرة على التركيز أو التواصل مع اآلخرين‬ ‫يستمر املرض بني ثمانية إلى عشر سنوات‪،‬‬ ‫بالرغم من أن بعض املصابني به‪ ،‬قد ميوتون في مرحلة‬ ‫مبكرة‪ ،‬أو قد يعيشون لفترة ‪ 20‬عاماً‪ .‬وميكن للعالج‬ ‫أن يساعد على إبطاء تطور الزهامير‪ ،‬ولكن ال ميكن‬ ‫الشفاء من املرض‪.‬‬ ‫ومن العجيب أن املصاب باملرض ‪..‬ال ينسى األحداث‬ ‫التي مرت عليه مبرحله مبكرة من عمره لكنه ينسى‬

‫أعراض األلزهامير‬ ‫أول أعراض املرض وأكثرها شيوعا ً كثرة النسيان‬ ‫لدرجة أن املريض قد ينسى تدريجيا ً عائلته وموقع‬ ‫بيته بل أن هذا النسيان يعيقه عن كثير من األمور‬ ‫احلياتية كقيادة السيارة مثالً‪..‬‬ ‫يبدأ الزهامير بإصابة املريض بفقدان غامض‬ ‫للذاكرة املتعلقة باألحداث القريبة‪ ،‬ويتطور سريعاً‪،‬‬ ‫ويبدأ بعدها املريض في املعاناة من صعوبة في‬ ‫الكالم واحلركة والقدرة على التعرف على األماكن‪،‬‬ ‫أو األشخاص إلى أن يصل في نهاية األمر إلى مرحلة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪74‬‬

‫لم يعرف حتى اآلن السبب الرئيسي للمرض وقد‬ ‫يحدث في صمت لسنوات عديدة قبل أن تظهر‬ ‫األعراض ولكن متكن العلماء من التعرف على العوامل‬ ‫التي من املمكن أن تتشارك لتؤدي في النهاية إلي‬ ‫اإلصابة مبرض األلزهامير‪ ،‬لكن السبب الذي أكده‬ ‫العلماء من أنه مع تقدم اإلنسان بالعمر والتدخني‬ ‫وارتفاع نسبة الكولستيرول باجلسم‪ ،‬تترسب‬ ‫بروتينات (البيتا أميلويد) “‪ ”A beta amyloid‬وهي التي‬ ‫تتراكم داخل اخلاليا العصبية املركزية مما يؤدي إلي‬ ‫تأخر التيارات العصبية أو يعطلها أو من املمكن أن‬ ‫يدمر املسارات نفسها‪..‬‬ ‫وميمكن أن ندرج من مسببات مرض األلزهامير‪:‬‬ ‫اإلصابه مبرض داون‪..‬‬ ‫سوء التغذية‪ .‬وخاصة الذي يحتوي على فيتامينات‬ ‫( ‪ ) B12‬و ( ‪ ) B1‬والزنك‬ ‫مشكل الهضم وسوء الهضم وخصوصا ً في كبار‬ ‫السن‬ ‫إصابات الرأس ومنهم املالكمني الذين يتعرضون‬ ‫بشكل مستمر لتلقي الضربات على الرأس‬ ‫تعاطي املشروبات الكحولية وبعض األدوية التي‬ ‫تستنزف الفيتامينات واملعادن‬ ‫طول فترة مشاهده التلفاز لها أثر كبير باإلصابة‬ ‫باملرض‪.‬‬ ‫ومن العوامل البيئيه لم يتم حتديدها حتى األن‪.‬‬ ‫لكن قبل عده سنوات كانت هناك مخاوف من أن‬ ‫التعرض لألملنيوم والزئبق قد يساهم في اإلصابة‬ ‫باملرض حيث ميكن أن تنتقل مادة األملنيوم من األواني‬ ‫املصنوعة من األملنيوم التي يتم فيها الطبخ أو‬ ‫أنابيب املياه التي تنتقل فيها املياه‪ ،‬وانتقال الزئبق‬ ‫يكون عن طريق حشو األسنان بالزئبق‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫يؤدي إلي اضطراب عمل جهاز املناعة في اجلسم‬ ‫وضمور خاليا اجلسم بتقدم العمر وتدني الصحة‬ ‫العامة لإلنسان‪..‬‬


‫أنواع األلزهامير‬ ‫ينقسم األلزهامير إلى نوعني‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬وراثي‪ ،‬وأعراضه وتطوره تظهر مبكرة‬ ‫وال تستغرق وقتا طويال‪ ،‬ويصيب املريض من عمر ‪35‬‬ ‫ـ ‪ 50‬عاماَ‪ ،‬ويظهر وراثة لدى بعض األسر «األلزهامير‬ ‫العائلي «‪ ”FAD‬الذي ينتقل عن طريق اجلينات‬ ‫الوراثية من أحد الوالدين‪ ،‬تتناقل الصبغيات الوراثية‬ ‫الالجنسية املورثة ـ وهو قليل االنتشار‪ ،‬وال يشكل‬ ‫إال حوالي ‪ 5‬ـ ‪ % 10‬من مجموع املصابني باأللزهامير‪،‬‬ ‫وتتمثل أعراضه في‪:‬‬ ‫تكرار نفس العبارات لعدة مرات ـ وتكرار النسيان‬ ‫ملواضع األشياء ـ وارتباك في ّ‬ ‫تذكر أسماء األشياء‬ ‫املعروفة‪ ،‬ونسيان طرق وممرات معتادة ـ تغيرات في‬ ‫السلوك الشخصي ـ الكسل وعدم االهتمام باألشياء‬ ‫التي كان يألفها من قبل‪.‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬فردي‪ ،‬ويصيب األفراد الكبار نسبياً‪،‬‬ ‫ويصيب كبار السن الذين هم فوق الـ ‪ 60‬عاما‪ ،‬وأيضا‬ ‫ينتشر في بعض األسر ويكون تأثير اجلينات غير‬ ‫مباشر في حدوث املرض «األلزهامير الفردي ‪ ”AD‬وهو‬ ‫الذي ال يحدث بتأثير املورثات بصورة مباشرة يكون‬ ‫نتيجة العوامل البيئية والغذائية وغيرها‪ ،‬حيث يزيد‬ ‫من احتماالت تكوين الصفائح املتشابكة في اخلاليا‬ ‫العصبية‪ ،‬وهي التي تتسبب في تكون األلزهامير‪،‬‬ ‫وأهم أعراضه هي‪:‬‬ ‫تناقص املعرفة باألحداث اجلارية‪ ،‬ونسيان األحداث‬ ‫التي وقعت خالل فترات من حياته‪ ،‬كما يحدث‬ ‫له اضطراب في اختيار املالبس املالئمة‪ ،‬ويحدث‬ ‫للمصاب إحساس بالكآبة واألوهام والتهيج‪،‬‬ ‫وتظهر صعوبات في إجناز املهام التي يقوم بها‬ ‫غير املصاب‪ ،‬في نفس الفترة العمرية مثل‪ :‬حتضير‬ ‫الطعام‪ ،‬وقيادة السيارات والتعامل املالي‪ ،‬وضعف‬ ‫بعض احلواس‪.‬‬

‫تشخيص مرض األلزهامير‬ ‫يرتكز التشخيص على ظهور األعراض وعلى القدرات‬ ‫العقلية‪ .‬كما يستطيع الطبيب تقدير حالة املريض‬ ‫اجلسدية والعقلية وحاجاته‪ .‬يصعب عادة تشخيص‬ ‫مرض األلزهامير بدقة‪ .‬فاألعراض ميكن أن تكون ناجمة‬ ‫عن عدد من أمراض أخرى مثل االنهيار العصبي‪ ،‬أو‬ ‫مشاكل في الغدة الدرقية‪ ،‬أو نقص في الفيتامينات‬ ‫أو مرض باركنسون‪ .‬لذلك يعمد الى إجراء فحص‬ ‫كامل مرفق بتحاليل دم وغيره وأحيانا ً سكانر للدماغ‪،‬‬ ‫الستبعاد اإلمكانيات األخرى‪ .‬إذا لم تظهر األدلة أي‬ ‫سبب آخر لظهور هذه األعراض يؤكد الطبيب إصابة‬ ‫املريض باأللزهامير‪ .‬وأحياناً‪ ،‬يتم التشخيص عبر مراقبة‬ ‫وتقومي تطور حالة املريض طوال أشهر عديدة‪.‬‬ ‫كما يطلب األطباء صور األشعة املقطعية وصور‬ ‫الرنني املغناطيسي للمخ ‪scans CT or MRIs brain‬‬ ‫والتي تظهر ضمور املخ في هذه احلاالت‪.‬‬

‫عالج األلزهامير‬ ‫األدوية ليست عالجاً‪ ،‬ولكنها ميكن أن حتقق‬ ‫االستقرار في بعض من أعراض مرض األلزهامير لفترة‬

‫محدودة من الزمن‪.‬‬ ‫بدأت شركات األدوية في دراسة العوامل‬ ‫البيولوجية التي تقود إلى هذا املرض‪ ،‬ومت إكتشاف‬ ‫قله مادة االستيلكولني في دماغ الشخص املُصاب‬ ‫مبرض األلزهامير‪ ،‬فبدأت الشركات تعمل على جتارب‬ ‫لزيادة مادة االستيلكولني في الدماغ‪ ،‬وبدأت جتربة هذه‬ ‫حتسن‬ ‫األدوية ووجد أنها تُساعد‬ ‫بشكل بسيط على ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حالة املريض مبرض األلزهامير‪ ،‬ونظرا ً حلاجة اجملتمع ألدوية‬ ‫أكثر فاعلية لتحسني حالة املريض مبرض األلزهامير‬ ‫فقد تنافست الشركات في اإلسراع في إنتاج أدوية‬ ‫تكون أكثر فاعلية في عالج املرض بشقيه املعرفي‬ ‫والسلوكي؛ أي أن تحُ ّسن الذاكرة والتدهور في القدرات‬ ‫املعرفية والعقلية للمريض وكذلك تُساعد على‬ ‫عالج اإلضطرابات السلوكية التي يُعاني منها مريض‬ ‫األلزهامير‪.‬‬ ‫املشكلة الكبرى التي تواجه العاملني في هذا اجملال‬ ‫هو أن املريض ال يأتي إال في مراحل ُمتأخرة وبالتالي‬ ‫يكون عالجه أكثر صعوب ًة‪.‬‬ ‫وقد اظهرت دراسة جديدة ان املسكنات مثل‬ ‫ايبوفرين (ادفيل و موتريل) ونابروكسني (اليف) قد تؤخر‬ ‫اإلصابة مبرض األلزهامير لكنها ال حتول دون ظهوره‪.‬‬ ‫اآلن ظهرت في األسواق أدوية جديدة مثل دواء‬ ‫‪“ Ebixa‬إبيكسا” وهو دواء جديد ملرض األلزهامير‪ ،‬وهو‬ ‫حسن القدرات العقلية‬ ‫دواء جيد ملرض األلزهامير حيث يُ ّ‬ ‫والسلوكية للمرضى في املرحلة املتوسطة والشديدة‪،‬‬ ‫وينُصح بإستخدامه مع أدوية مضادة لل ُذهان إذا كان‬ ‫هناك إضطرابات سلوكية‪.‬‬ ‫ومن طرق العالج أيضا اللعالج بالليزر‪ ،‬ونظريا ً في‬ ‫املستقبل سيكون الليزر وسيلة لالستغناء نهائيا ً عن‬ ‫األدوية إال أن تطبيقه على املرضى يحتاج إلى سنوات‪.‬‬ ‫ويقول العلماء إن أحد األشكال املعروفة للخرف‬ ‫قد تكون على صلة مع مرض آخر يصيب املسنني وهو‬ ‫الصنف الثاني من السكري‪ .‬ويعتقد أولئك العلماء‬ ‫أن معاجلة األلزهامير بهرمون اإلنسولني قد يساعد‬ ‫املصابني‪.‬‬

‫العالقة بني الفاكهة و اخلضروات‬ ‫و بني قوة الذاكرة‬ ‫الفاكهة واخلضروات ليست لقوة وحيوية اجلسد‬ ‫فقط بل أيضا ً حتافظ على قوة العقل والدراسات‬ ‫احلديثة أشارت إلى أن كبار السن من الرجال والنساء‬

‫‪75‬‬

‫الذين يأكلون كميات كبيرة من هذه النوعية من‬ ‫الطعام ميتلكون ذاكرة قوية أكثر من نظرائهم‪.‬‬

‫نصائح ملرضى األلزهامير‬ ‫ تنشيط املخ بنشاط فكري كممارسة لعبة‬‫الشطرجن‪ ،‬الكلمات املتقاطعة‪ ،‬أو املطالعة فهي‬ ‫تنشط املخ والذاكرة‪ ،‬وتخفض في املقابل تطور املرض‪.‬‬ ‫ جتنب التدخني واألكل من األغذية احملفوظة في‬‫املعلبات‬ ‫ اإلكثار من أكل نخالة األرز والشوفان واإلكثار من‬‫الفيتامينات‬ ‫‪ -‬ممارسة الرياضة تقي من مرض الزهامير‬

‫الضحك‪ ..‬أحدث عالج ملرض‬ ‫األلزهامير‬ ‫أثبت الضحك قدرته علميا ً على تقوية جهاز املناعة‬ ‫في جسم املرضى‪ ،‬فدقيقة واحدة من الضحك تعادل‬ ‫الفائدة التي تكتسبها أجهزة اجلسم اخملتلفة من‬ ‫ممارسة رياضة الركض ملدة ‪ 10‬دقائق وأن كل ضحكة‬ ‫حترق حوالي ‪ 3‬و ‪ 5‬سعرات حرارية مع احملافظة بالتأكيد‬ ‫على النظام الغذائي‪.‬‬ ‫وقد أظهرت أحدث األبحاث الطبية أن إخضاع‬ ‫مرضى األلزهامير للعالج بواسطة الضحك واملواقف‬ ‫الفكاهية تبدو فعالة مثل خضوعهم لتناول العقاقير‬ ‫النفسية فى تخفيض حدة تهييجهم والذي ما ينجم‬ ‫غالبا عن تكون الترسبات على خاليا املخ واملسببة‬ ‫لإلصابة باأللزهامير وخرف الشيخوخة‪.‬‬ ‫وأوضحت األبحاث التي أجراها فريق من العلماء‬ ‫األستراليني على مدى ثالثة أشهر على مجموعة من‬ ‫مرضى الزهامير في عدد من دور املسنني مت إخضاعهم‬ ‫جللسات مشاهدة أعمال كوميدية ونكات ملدة ساعتني‬ ‫أسبوعياً‪ ،‬حيث لوحظ حدوث حتسن ملموس في‬ ‫سلوكياتهم احلركية والنفسية وتراجع سلوكياتهم‬ ‫العنيفة وعنفهم اللفظي‪.‬‬ ‫كما الحظ الباحثون أن التحسن امللموس الذي‬ ‫طرأ على حالتهم النفسية وسلوكياتهم بفعل هذه‬ ‫اجللسات قد إستمر قرابة ‪ 14‬أسبوعا ً بعد خضوعهم‬ ‫للجلسات‪.‬‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫علوم‬

‫رواد صناعة «الكمبيوتر»‬ ‫السوري جوبز أحد ّ‬ ‫صرعه السرطان بعد تسجيل إنجازات خارقة‬ ‫أول عربي غ ّير العالم‪ ،‬فكان رائدا ً في صناعة أجهزة‬ ‫الكمبيوتر الشخصية‪ ،‬وأسهم إلى حد كبير في تغيير‬ ‫طريقة تفكير الناس حول التكنولوجيا‪.‬‬ ‫ال يوجد إال رجال قليلون غيروا مجرى التاريخ مثل‬ ‫نيوتن وشكسبير أو آينشتاين‪ ،‬وهو واحد منهم‪ .‬‬ ‫إنه ستيفن بول جوبز سوري األصل‪ ،‬والده عبد الفتاح‬ ‫اجلندلي (‪ 24‬شباط ‪ 5 - 1955‬تشرين األول ‪ )2011‬كان‬ ‫مختر ًعا وأحد أقطاب األعمال في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ُعرف بأنه املؤسس واملدير التنفيذي السابق لشركة‬ ‫أبل ورئيس مجلس إدارتها والتي أسسها بعد عودته‬ ‫من الهند وتركه لشركة أتاري‪ ،‬التي كان يشغل فيها‬ ‫مصمم ألعاب‪ ،‬بالتعاون مع صديقه ستيف فوزنياك‪،‬‬ ‫وكسرا احتكار شركة “اي بي ام” لصناعة الكمبيوتر‬ ‫حني ابتكرا الكمبيوتر الشخصي احملمول‪ ،‬وبفضل ذلك‬ ‫حتولت تلك الشركة الصغيرة فيما بعد امبراطورية تبلغ قيمة أصولها‪ ،‬وفقا‬ ‫لبورصة نيويورك ‪ 346‬مليار دوالر‪ .‬في العام ‪ 2011‬أصبحت “آبل” مرحليا أكبر‬ ‫شركة في العالم مع حوالي ‪ 350‬مليار دوالر في البورصة وهي تتنافس منذ‬ ‫ذلك احلني على هذه املرتبة مع شركة “اكسون موبيل” النفطية العمالقة‪.‬‬ ‫‪ .‬وكان الرئيس التنفيذي لشركة بيكسار ثم عض ًوا في مجلس إدارة‬ ‫شركة والت ديزني على أثر صفقة استحواذ انتقلت بيكسار مبوجبها إلى‬ ‫ملكية ديزني‪.‬‬ ‫في أواخر السبعينيات‪ ،‬قام جوبز مع شريكيه ستيف وزنياك ومايك‬ ‫ماركيوال‪ ،‬وآخرون بتصميم وتطوير وتسويق واحد من أوائل خطوط إنتاج‬ ‫احلاسب الشخصي التجارية الناجحة‪ ،‬والتي تُعرف باسم سلسة أبل ‪.II‬‬ ‫فيما بعد وفي أوائل الثمانينات كان جوبز من أوائل من أدركوا اإلمكانيات‬ ‫التجارية لفأرة احلاسوب وواجهة املستخدم الرسومية األمر الذي أدى إلى‬ ‫قيام أبل بصناعة حواسيب ماكنتوش‪.‬‬ ‫وبعد خسارة صراع على السلطة مع مجلس اإلدارة في ‪ ،1985‬استقال‬ ‫جوبز من أبل وقام بتأسيس “نكست” وهي شركة تعمل على تطوير منصات‬

‫احلواسيب في التعليم العالي واألسواق‬ ‫التجارية‪ .‬قامت أبل باالستحواذ على “نكست” في عام ‪ 1996‬وعاد جوبز إلى‬ ‫أبل وأصبح املدير التنفيذي في ‪.1997‬‬ ‫على جانب آخر‪ ،‬قام جوبز في عام ‪ 1986‬بشراء قسم رسوميات احلاسوب‬ ‫في شركة لوكاس فيلم القسم الذي عرف فيما بعد باسم َم ِفنَّات‬ ‫بيكسار للرسوم املتحركة‪ .‬بقي جوبز مديرا ً تنفيذيا ً لبيكسار حتى صفقة‬ ‫االستحواذ التي متت من قبل شركة والت ديزني وانتقل على إثرها ليكون‬ ‫عض ًوا في مجلس إدارة األخيرة‪.‬‬ ‫كان يعاني منذ عدة سنوات من مشاكل صحية بعدما أصيب في ‪2004‬‬ ‫بنوع نادر من سرطان البنكرياس وخضع في ‪ 2009‬لعملية زرع كبد‪ ،‬ومنذ‬ ‫كانون األول وحتى وفاته في ‪ 5‬كانون األول ‪ 2011‬كان جوبز في عطلة مرضية‬ ‫أعلن خاللها استقالته من منصبه كمدير تنفيذي لشركة أبل مع انتقاله‬ ‫للعمل كرئيس جمللس اإلدارة‪ .‬حرص جوبز في رسالة استقالته بالتوصية‬ ‫على وضع تيم كوك في منصبه الشاغر‪.‬‬ ‫وشكلت حياة جوبز قصة ملهمة ملعجبيه‪ .‬فقد حقق أهم جناحاته وأطلق‬ ‫أشهر ما عرفته البشرية من أجهزة في السنوات التي كان مصابا ً فيها‬ ‫بالسرطان‪ ،‬الذي تسلل إلى جسده قبل سبع سنوات‪ .‬وفي هذه السنوات‬ ‫بالتحديد كان جوبز يقطع إجازاته االستشفائية ليطلق منتجاته املبهرة‪،‬‬ ‫بعد أن اكتشف القيمة التجارية ألنظمة تشغيل الكومبيوتر بالرسومات‬ ‫والتصاميم والفأرة بدال ً من طباعة األوامر أو إصدارها باستخدام لوحة‬ ‫املفاتيح فأعاد ألبل مجدها بسلسلة “سحرية” بد ًءا من “ماك بوك” إلى‬ ‫“آيبود”‪ ،‬ومن بعدهما اجلهاز األشهر “آيفون”‪ ،‬مبختلف نسخه‪ ،‬واخمللوق اجلديد‬ ‫“آيباد”‪.‬‬

‫العودة‬ ‫لم تتمكن “أبل” من حتقيق الثبات فأخذت في االنهيار سريعا ً وتقلصت‬ ‫حصتها في السوق بشكل كبير‪ ،‬وتنقلت من مدير إلى أخر حتى استقرت‬ ‫رئاسة مجلس اإلدارة مع جيلبرت أميليو والذي لم يجد طوق للنجاة ينقذ به‬ ‫الشركة من االنهيار سوى ستيف جوبز‪ ،‬والذي قام أميليو بدعوته لالنضمام‬ ‫جملس إدارة “أبل” كمستشار لها عام ‪.1995‬‬ ‫وفي هذا العام متكنت شركة جوبز “نكست “ من حتقيق أرباحا ً بعد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪76‬‬


‫تأرجحها صعودا ً وهبوطاً‪ ،‬وبدأ تعاون مع قطبي‬ ‫التكنولوجيا بيل جيتس – الرئيس السابق‬ ‫ملايكروسوفت ‪ -‬وستيف جوبز لتصميم برنامج‬ ‫“ويندوز إن تي”‪ .‬في ديسمبر ‪ 1995‬قامت شركة‬ ‫“أبل” بشراء شركة “نكست” بـ ‪ 400‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫ومت تعني ستيف جوبز رئيسا ً تنفيذيا ً مؤقتا ً لـ “أبل”‬ ‫عام ‪ 1997‬براتب قدره دوالر واحد سنويا ً مما أدخله‬ ‫في مجموعة جينيس لألرقام القياسية كأقل‬ ‫الرؤساء التنفيذيني تقاضيا ً للراتب في العالم‪.‬‬ ‫وبعد أن أطلق جوبز كمبيوتر “‪ ”Mac I‬عادت‬ ‫شركة “أبل” مرة أخرى لتلتقط أنفاسها وتستعيد‬ ‫مكانتها في سوق الكمبيوترات الشخصية مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬وفي يناير ‪ 2000‬أصبح جوبز رئيسا ً تنفيذيا ً‬ ‫دائما ً للشركة‪ ،‬ومالكا ً لـ ‪ 30‬مليون سهم منها‪،‬‬ ‫وصعدت أرباحها سري ًعا‪ .‬واشتهر جوبز مبؤمتراته‬ ‫التي يستعرض فيها منتجات آبل اجلديدة مبهارة‬ ‫أصبحت منوذجا ً في مجال العرض والتسويق‪،‬‬ ‫ليأتي جناح آبل التالي في منتج بعيد عن مجال‬ ‫الكومبيوتر‪.‬‬

‫إبتكارات جوبز‬ ‫عقلية مثل جوبز ال تتوقف عند حد معني بل تسعى دائ ًما من أجل‬ ‫البحث عن اجلديد في التكنولوجيا‪ ،‬ومن االبتكارات التي يرجع الفضل‬ ‫فيها جلوبز هو ما قدمه عام ‪ 2001‬وهو جهاز “ األي بود” أو جهاز املوسيقى‬ ‫احملمول الذي يقوم بتحميل األغاني من نوع ‪ ،MP3‬وحقق هذا املنتج انتشار‬ ‫هائل في جميع األسواق العاملية‪ ،‬وبفكر جوبز التسويقي املميز متكن من‬ ‫إقناع معظم شركات األغاني مبنحه حقوق تسويق أغانيها على اإلنترنت‪،‬‬ ‫واستكماال ً البتكاراته قدم جوبز برنامج “أي تونز” وهو برنامج موسيقي‬ ‫رقمي يبيع األغاني ويحملها على “األي بود” عبر اإلنترنت‪.‬‬ ‫بعد عودة جوبز بقوة إلى شركة أبل عام ‪ 1996‬بعدما اشترت شركة‬ ‫نكست‪ ،‬ليبدأ تألق الشركة من جديد عبر تقدمي جهاز آمياك املصمم‬ ‫لالستفادة القصوى من اإلنترنت‪ ،‬وفي ‪ 2001‬قدم جوبز في جهاز آيبود‬ ‫بحجمه الصغير وتصميمه األنيق‪ ،‬ولكن اإلجناز األهم كان عام ‪ 2007‬باختراع‬ ‫جهاز آيفون األنيق واملتطور الذي أحدث انقالبا في عالم األجهزة النقالة‬ ‫من خالل شاشة اللمس املتطورة التي زود بها‪ ،‬وفي العام ‪ 2010‬ظهر جهاز‬ ‫احلاسوب اللوحي آيباد ثم آيباد‪.2‬‬ ‫ويعود الفضل إلى جوبز في اختراع فأرة احلاسوب في بدايات ظهور‬ ‫الكمبيوتر الشخصي ‪ ،‬ومؤخرا ً اخترع الشاشات التي تعمل باللمس وأجهزة‬ ‫الكمبيوتر اللوحية‪ ،‬تلك النجاحات جعلت “أبل” في الفترة األخيرة تتخطى‬ ‫شركة “إكسون موبيل” كأعلى شركات العالم من حيث القيمة رأس املال‬ ‫السوقي يزيد على ‪ 375‬مليار دوالر‪ ،‬حيث تبلغ القيمة السوقية للشركة‬

‫التي تنتج اي فون واي باد ‪ 346‬مليار دوالر‪ .‬وأصبحت الشركة بعالمتها‬ ‫الشهيرة “تفاحة” مؤقتا أغلى شركة في العالم في بداية اغسطس‬ ‫متقدمة على أكسون موبيل في بورصة نيويورك‪ ،‬قبل أن تعود مجددا الى‬ ‫املرتبة الثانية”‪ .‬ومن النجاحات التي حققتها الشركة في عهد جوبز‪ ،‬تطوير‬ ‫جهاز مشغل املوسيقى “آي بود” عام ‪ ،2001‬والهاتف الذكي “آي فون” عام‬ ‫‪ ،2007‬ثم احلاسوب اللوحي “آي باد” عام ‪.2009‬‬ ‫عندما سئل جوبز ذات مرة عن سر األفكار اخليالية التي تتمتع بها آبل‬ ‫قال “إن من يعمل في الشركة ليسوا فقط مبرمجني بل رسامني وشعراء‬ ‫ومهندسني ينظرون للمنتج من زوايا مختلفة لينتجوا في النهاية ما ترونه‬ ‫أمام أعينكم”‪ .‬ومن كالم جوبز السابق يظهر لنا السر وراء هذا النجاح املبهر‬ ‫الذي وصل إليه ووصلت إليه شركته “أبل”‪.‬‬ ‫استمر جوبز في سعيه من أجل التطور وابتكار التكنولوجيا‪ ،‬فأنتجت‬ ‫الشركة “أبل ‪ ”3‬ولكن لم يكتب له النجاح فتم استعادة الكمية األولى‬ ‫منه من السوق‪ ،‬بسبب بعض العيوب التقنية به‪.‬‬ ‫اختار ستيف جوبز التفاحة كرمز لشركته‪ ،‬ويعود ذلك الى أنه عمل‬ ‫في حقل تفاح في فترة من حياته‪ .‬في بادئ األمر قرر جوبز أن يكون شعار‬ ‫الشركة عبارة عن رسم لشجرة تفاح يجلس إسحق نيوتن في ظلها‪ .‬لكن‬ ‫بسبب صغر حجم الصورة وعدم وضوح تفاصيلها قرر استبداله بتفاحة‬ ‫مقضومة‪ ،‬ترمز الى ثمرة املعرفة‪ ،‬التي قضمها آدم في اجلنة‪ ،‬ملونة بألوان‬ ‫قوس قزح في إشارة الى قدرات آبل الشاملة‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬

‫لبنان يصنع العجائب ويحقق األحالم‬ ‫ّ‬ ‫يسطر أكبر إنجاز كروي في تاريخه ويقترب من‬ ‫«منتخب األرز»‬ ‫الدور النهائي لتصفيات آسيا لمونديال ‪2014‬‬

‫ّ‬ ‫سطر منتخب لبنان لكرة القدم مسيرته‬ ‫بأحرف من ذهب عندما جنح في إسقاط املارد‬ ‫الكوري اجلنوبي (‪ )1-2‬أمام ‪ 50‬ألف متفرج‬ ‫احتشدوا في ملعب مدينة كميل شمعون‬ ‫الرياضية‪ ،‬وتقدمهم رئيس اجلمهورية العماد‬ ‫ميشال سليمان‪ ،‬وذلك في اجلولة اخلامسة‬ ‫ما قبل األخيرة لتصفيات آسيا ملونديال‬ ‫‪.2014‬‬ ‫ويعد هذا الفوز أكبر إجناز في تاريخ كرة‬ ‫القدم اللبنانية‪ ،‬ألن املنتخب الكوري اجلنوبي‬ ‫هو أبرز منتخب في تاريخ القارة اآلسيوية‪ ،‬وهو‬ ‫حافظ على مشاركاته في كأس العالم منذ‬ ‫عام ‪ 1986‬ولم يغب عنها منذ ذلك الوقت‪ ،‬كما‬ ‫أنه بلغ نصف نهائي مونديال ‪ 2002‬حيث خسر‬ ‫أمام أملانيا (‪ )1-0‬وحل رابعا ً بخسارته أمام تركيا‬ ‫(‪.)3-2‬‬ ‫فرغم كل الصعوبات التي أعاقت الالعبني‬ ‫اللبنانيني األبطال منذ عدة مواسم‪ ،‬واملشاكل‬ ‫املتالحقة التي أدت الى غياب اجلمهور عن املالعب‬ ‫احمللية‪ ،‬جنح العبونا األبطال في إعادة الروح الى‬ ‫كرة القدم اللبنانية والبسمة الى اللبنانيني‪،‬‬ ‫ليصبح املنتخب اللبناني على أعتاب إجناز تاريخي‬ ‫كان في الوقت القريب من املستحيالت ومن‬ ‫األحالم التي راودتنا كثيراً‪ ،‬وهو بلوغ الدور النهائي‬ ‫احلاسم للتصفيات‪ ،‬والذي لم يسبق للبنان أن‬ ‫بلغه من قبل‪.‬‬ ‫لبنان كله كان شاخصا ً على املباراة ‪ ..‬رئيس‬ ‫اجلمهورية حضر وكان تشجيعه الفتا ً جداً‪،‬‬ ‫واجلمهور الهائل حتدى البرد واملطر ودوام العمل‬ ‫واملدارس واجلامعات وتهافت الى امللعب ليدعم‬ ‫شباب لبنان وأبطاله الشجعان الذين حتدوا‬ ‫بدورهم عمالقة آسيا وأثبتوا أن اللبناني إنسان‬ ‫مبدع وخالق وميلك القوة والذكاء ليصل الى‬ ‫هدفه‪.‬‬ ‫تاريخ الثالثاء ‪ 15‬تشرين الثاني ‪ 2011‬سيبقى‬ ‫عالقا ً في أذهان اللبنانيني ألنه شهد انتصارا ً‬ ‫نوعيا ً وفريدا ً لكرة القدم وللرياضة اللبنانية‬ ‫بشكل عام‪..‬‬

‫بداية القصة‬ ‫بداية القصة كانت قبل شهرين ونصف‬ ‫وبالتحديد يوم اجلمعة ‪ 2‬أيلول املاضي حني خسر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لبنان أمام كوريا اجلنوبية (‪ )6-0‬في سيول في‬ ‫اجلولة األولى‪ .‬فظن اجلميع أن املنتخب اللبناني‬ ‫سيكون جسر عبور للمنتخبات األخرى في‬ ‫اجملموعة‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫اإلنتفاضة أمام اإلمارات‬ ‫بيد أن العبونا األبطال حققوا انتفاضة أقرب‬ ‫الى احللم‪ ،‬ففازوا على اإلمارات (‪ )1-3‬في اجلولة‬


‫الثانية (سجل األهداف محمد غدار وأكرم مغربي‬ ‫ورضا عنتر في الدقائق ‪ 37‬من ضربة جزاء و‪53‬‬ ‫و‪.)83‬‬ ‫هذا االنتصار كان مفتاح عودة الروح القتالية‬ ‫وعقلية الفوز الى الالعبني‪ ،‬كما أنه فتح‬ ‫شهيتهم على حتقيق إجنازات أخرى وأكبر بكثير‬ ‫من ذلك ‪ ...‬وهذا ما حصل‪.‬‬

‫لبنان يتالعب بالكويت في بيروت‬ ‫ففي اجلولة الثالثة تالعب منتخب لبنان‬ ‫بنظيره الكويتي بطل اخلليج وأحرجه كثيرا ً‬ ‫عندما تقدم عليه مرتني (‪ )0-1‬و(‪( )1-2‬سجل‬ ‫هدفي لبنان حسن معتوق في الدقيقتني ‪ 15‬و‪85‬‬ ‫من ضربة جزاء) بيد أن املنتخب الكويتي جنح في‬ ‫إدراك التعادل في اللحظات األخيرة بفضل خطأ‬ ‫من املدافع اللبناني محمد باقر يونس‪.‬‬ ‫هذا األداء العالي املستوى من اللبنانيني كان‬ ‫مبثابة اإلنذار الذي يسبق العاصفة‪.‬‬

‫اإلعصار اللبناني في الكويت‬ ‫ومنتخب األرز يعزف أجمل‬ ‫اللقطات‬ ‫ففي اجلولة الرابعة استضافت الكويت لبنان‬ ‫في ملعب الصداقة والسالم‪ ،‬وظن اجلميع أن الفوز‬ ‫سيكون بالطبع من نصيب املنتخب الكويتي‪،‬‬ ‫ولم يكن أحد‪ ،‬حتى من اللبنانيني‪ ،‬يتوقع فوز‬ ‫املنتخب اللبناني‪.‬‬ ‫لكن الرسالة التي حاول املنتخب اللبناني‬ ‫تلقينها لنظيره الكويتي في مباراتهما السابقة‬ ‫في بيروت‪ ،‬لم يفهمها الكويتيون‪ ،‬فكان أن اجتاح‬ ‫اإلعصار اللبناني ملعب الصداقة والسالم مبؤازرة‬ ‫نحو ‪ 3‬آالف متفرج تقدمهم كبار املسؤولني في‬ ‫اللجنة األوملبية اللبنانية وفي االحتاد اللبناني‬ ‫لكرة القدم‪ ،‬وكاد منتخب لبنان يخرج بغ ّلة وافرة‬ ‫من األهداف لو مت استغالل الفرص الهائلة التي‬ ‫سنحت لالعبينا األبطال‪ ،‬بيد أن هدف محمود‬ ‫العلي والذي جاء من هجمة منسقة تعد من‬ ‫أجمل ما عزفه منتخب األرز في املباراة كان كافيا ً‬ ‫لتحقيق الفوز وبالتالي اإلجناز التاريخي‪ ،‬ليصل‬ ‫منتخب لبنان الى مرحلة متقدمة جدا ً قد تقوده‬ ‫الى الدور النهائي بعدما رفع رصيده الى ‪ 7‬نقاط‪،‬‬ ‫مقابل ‪ 5‬نقاط للكويتيني‪ ،‬و‪ 10‬نقاط للكوريني‪.‬‬

‫لبنان ي ّ‬ ‫ُلقن كوريا درساً‬ ‫بعد الفوز على الكويت‪ ،‬دخل اللبنانيون مرحلة‬ ‫حتقيق األحالم‪ .‬فاملباراة التالية كانت مع منتخب‬ ‫كوريا اجلنوبية املرعب والذي يعتبر الفوز عليه من‬

‫املستحيالت‪ ،‬لكن عزمية اللبنانيني وقوة ودهاء‬ ‫العبينا األبطال تفوقت على مهارة الكوريني‬ ‫وسرعتهم‪.‬‬ ‫لبنان انتصر ‪ ...‬لبنان يصنع التاريخ ‪ ...‬لبنان‬ ‫يقترب من كأس العالم ‪ ...‬حلم حت ّول الى حقيقة‬ ‫بني ليلة وضحاها‪ ...‬ماذا حصل؟ وكيف جرت‬ ‫يأت االنتصار من قبل وليس اآلن؟‬ ‫األمور؟ وملاذا لم ِ‬ ‫أسئلة كثيرة ‪ ...‬لكن اجلواب واحد‪ :‬لبنان انتصر‬ ‫‪ ...‬على الصعاب ‪ ...‬على املشاكل ‪ ...‬على األزمات‬ ‫السياسية واملعيشية ‪ ...‬انتصر على التفرقة‬ ‫والزواريب الطائفية الضيقة ‪...‬‬ ‫املنتخب “رفع راسنا” وجعلنا نفتخر ‪ ...‬صحيح‪:‬‬ ‫أفتخر بأني لبناني‪..‬‬

‫‪79‬‬

‫«التسونامي» يهز املدرجات‬ ‫الشعب اللبناني ك ّله توحد من أقصى الشمال‬ ‫الى أقصى اجلنوب ومن الشرق الى الغرب‪ ،‬خلف‬ ‫ّ‬ ‫وشكل على‬ ‫املنتخب‪ ،‬ورفع العلم اللبناني‬ ‫املدرجات “تسونامي” ه ّز امللعب فرحا ً عندما‬ ‫شاهد كرة علي السعدي “تنفجر” في الشباك‬ ‫الكورية معلنة هدف التقدم ملنتخب لبنان في‬ ‫الدقيقة اخلامسة من عمر اللقاء‪.‬‬

‫سيناريو ضربة اجلزاء الكورية‬ ‫كانت البداية مثالية للمنتخب اللبناني‪ ،‬لكن‬ ‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬ ‫سيناريو آخر كان بانتظاره في الدقيقة ‪ 21‬عندما‬ ‫احتسب احلكم السعودي خليل الغامدي ضربة‬ ‫جزاء ظاملة إذا لم نقل خيالية‪ ،‬في موقف ملتبس‬ ‫منه‪ ،‬ألنه في البداية رفع يده معلنا ً عن ضربة‬ ‫حرة غير مباشرة وهذا يعني في قانون كرة القدم‬ ‫عدم احتساب ضربة جزاء‪ ،‬بيد أن الغامدي تراجع‬ ‫بسرعة عن قراره األول ومنح الكوريني ضربة جزاء‬ ‫سجل بها كوو جا تشيول هدف التعادل‪.‬‬

‫لبنان ير ّد باملثل‬ ‫أصيب اللبنانيون باإلحباط من جراء الهدف‬ ‫الكوري خصوصا ً أنه جاء من خطا ً ال يبرر احتساب‬ ‫ضربة جزاء‪ ،‬بيد أن الرد اللبناني لم يتأخر ‪...‬‬ ‫وكانت الصدفة أن الرد جاء باملثل‪ ،‬أي من ضربة‬ ‫جزاء حصل عليها محمود العلي بذكاء‪ ،‬فانبرى‬ ‫عباس عطوي (أونيكا) للضربة وسجل بها بذكاء‬ ‫مفرط على يسار احلارس هدف التقدم للبنان‬ ‫(‪ )1-2‬وسط فرحة جنونية على املدرجات‪.‬‬

‫حضور رئيس اجلمهورية‬ ‫بني استراحة الشوطني‪ ،‬حصلت حركة غير‬ ‫عادية في املنصة الرئيسية‪ ،‬فظن البعض أن‬ ‫هناك إشكاالً‪ .‬بيد أن األمر توضح الحقا ً عندما‬ ‫أعلن عبر مكبرات الصوت وصول رئيس اجلمهورية‬ ‫العماد ميشال سليمان‪ ،‬فكانت حتية الفتة منه‬ ‫الى الالعبني واجلمهور الذين ردوا باملثل‪.‬‬ ‫في الشوط الثاني استبسل اللبنانيون في‬ ‫الدفاع عن مرماهم‪ ،‬وكانت نصيحة رضا عنتر‬ ‫لزمالئه باالنتباه جيدا ً الى الكوريني في الربع‬ ‫ساعة األخير‪ ،‬في محلها‪ ،‬ألن الكوريني اقتربوا أكثر‬ ‫من مرة من معادلة النتيجة مجدداً‪ ،‬لكن احلارس‬ ‫زياد الصمد وأمامه الدفاع الصلب املؤلف من علي‬

‫السعدي ورامز ديوب وبالل جنارين ووليد اسماعيل‪،‬‬ ‫ومبساعدة من العبي الوسط رضا عنتر وهيثم‬ ‫فاعور وعباس عطوي (أونيكا) (بديله كان هيثم‬ ‫شمص) وأحمد زريق خاضوا شوطا ً بطوليا وجنحوا‬ ‫في احملافظة على تقدم منتخب لبنان حتى نهاية‬ ‫املباراة بفوز لن ينساه اللبنانيون أبدا ً (‪.)1-2‬‬

‫فرحة هستيرية وسليمان يعانق‬ ‫الالعبني‬ ‫كيف كانت الفرحة عندما أطلق احلكم‬ ‫السعودي صافرته النهائية معلنا ً فوز لبنان؟‬ ‫إنه مشهد ال يوصف ‪ ...‬فرحة جنونية‬ ‫وهستيرية ‪ ...‬رئيس اجلمهورية نزل الى أرض‬ ‫امللعب وعانق الالعبني فردا ً فردا ً ‪ ...‬اللبنانيون‬ ‫احتفلوا في املدرجات وخارج امللعب بالرقص‬ ‫والدبكة واملفرقعات النارية‪ .‬كما حتولت شوارع‬ ‫بيروت الى ميدان كبير لالحتفال حيث أطلقت‬ ‫السيارات عنان أبواقها احتفاال ً بالنصر‪ ،‬فيما‬

‫عمت االحتفاالت معظم املناطق اللبنانية‪.‬‬

‫املكافآت تنهمر‬ ‫هذا النصر التاريخي‪ ،‬جعل الدولة اللبنانية‬ ‫تتحرك جدياً‪ ،‬فاستقبل رئيس مجلس الورزاء‬ ‫جنيب ميقاتي أعضاء املنتخب وأقر بصرف مكافأة‬ ‫سريعة لكل فرد منه بقيمة ‪ 10‬ماليني ليرة‪.‬‬ ‫كما انهمرت املكافآت على الالعبني األبطال‬ ‫من الشركات اخلاصة واملتمولني‪ ،‬ومن االحتاد‬ ‫اللبناني‪.‬‬

‫ماذا بعد ‪ ...‬؟‬ ‫ماذا بعد ‪ ...‬الفوز على كوريا اجلنوبية؟ لم‬ ‫يحسم تأهل لبنان الى الدور النهائي من‬ ‫التصفيات ألن الكويت جنحت في حتقيق فوز‬ ‫صعب على اإلمارات (‪ )1-2‬لتؤجل احلسم الى‬ ‫اجلولة األخيرة حيث سيتلقي لبنان مع اإلمارات‬ ‫في اإلمارات‪ ،‬وكوريا اجلنوبية مع الكويت‪.‬‬ ‫حظوظ لبنان كبيرة جدا ً في التأهل الى‬ ‫الدور النهائي‪ ،‬وهو بحاجة الى التعادل أو الفوز‬ ‫في مباراته األخيرة مع اإلمارات أواخر شهر‬ ‫شباط ‪ ،2012‬بغض النظر عن نتيجة مباراة‬ ‫كوريا والكويت‪ .‬أما في حال خسر أمام اإلمارات‬ ‫ففرصته في التأهل موجودة وهي محصورة‬ ‫بتعادل الكويت أو خسارتها أمام كوريا‪.‬‬ ‫أما في حال فوز الكويت على كوريا‪ ،‬وهو أمر‬ ‫مستبعد ألن املباراة ستقام في سيول‪ ،‬وخسارة‬ ‫لبنان أمام اإلمارات‪ ،‬فهذا األمر سيؤدي الى خروج‬ ‫لبنان من التصفيات‪.‬‬ ‫وفي حال فوز أو تعادل لبنان مع اإلمارات‪ ،‬وفوز‬ ‫الكويت على كوريا اجلنوبية‪ ،‬سيؤدي ذلك الى‬ ‫تأهل لبنان والكويت وخروج كوريا‪.‬‬

‫جورج عون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪80‬‬


‫منبر رأي‬

‫أنت فلسطيني‪....‬إذن أنت متهم!‬ ‫في إيطاليا‪ ،‬وفي معسكر لالجئني‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬تقوم عصابات املافيا باقتراف‬ ‫اعتداءات على ساكنيه‪ ،‬من أولئك الذين‬ ‫سكنوا احلدود السورية العراقية‪ .‬الفلسطيني‬ ‫متهم دائماً‪ ،‬فلو انفجرت أنبوية غاز في بيت في‬ ‫ٌ‬ ‫إحدى املدن السويدية‪ ،‬مثالً‪ ،‬فإن الفلسطيني‬ ‫يُتهم ويدفع الثمن‪ ،‬ولو قام أحدهم بتطليق‬ ‫زوجته في سيبيريا‪ ،‬فإن الفلسطينيني هم‬ ‫السبب‪ ،‬ففي إحدى املراحل فإن أي عمل‬ ‫تخريبي كان يرتكب في العالم كان يجري اتهام‬ ‫الفلسطينيني به‪ .‬هذا عدا عن االنتظار في‬ ‫مطارات العالم‪ ،‬فوثيقة السفر الفلسطينية‬ ‫الصادرة من هذه الدولة العربية أو تلك‪ ،‬ال‬ ‫تؤهل دخول حاملها إلى غالبية دول العالم‪،‬‬ ‫كثير من األحيان ورغم وجود فيزا على‬ ‫وفي‬ ‫ٍ‬ ‫وثيقة السفر الفلسطينية‪ ،‬يمُ نع صاحبها من‬ ‫الدخول أو يجري التحقيق معه لساعات طوال‬ ‫من قبل األجهزة األمنية التابعة لذلك البلد‬ ‫سمح له بالدخول‪.‬‬ ‫في املطار‪ ،‬ثم ال ي ُ ْ‬ ‫فلسطينيون ُكثر ناموا في مطارات‬ ‫العالم أسابيع وشهورا ً لعدم وجود دولة‬ ‫تقبل بدخولهم إلى أراضيها‪ .‬وقوانني دول‬ ‫كثيرة في العالم مبا فيها دول عربية تستثني‬ ‫الفلسطينيني من التسهيالت في السفر‬ ‫والدخول إليها‪ ،‬بعض الدول العربية التي‬ ‫ت ُصدر وثائق السفر للفلسطينيني فيها‪ ،‬متنع‬ ‫سفرهم منها إال بإذن‪ ،‬وتشترط في عودتهم‬ ‫إليها‪ :‬حصولهم على فيزا من سفارتها في‬ ‫البلد التي يتواجد فيه الفلسطيني‪ ،‬للدراسة‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬والفيزا ال ت ُعطى مباشرةً‪،‬‬ ‫وإمنا بعد استشارة األجهزة األمنية‪ ،‬وقد‬ ‫يستغرق اجلواب بنعم أو ال بضعة شهور‪.‬‬ ‫الفلسطيني ممنوع من العمل في مهن‬ ‫كثيرة في دول كثيرة في العالم العربي‪ ،‬فهو‬ ‫في نظر الكثيرين خطر على الوظائف املدنية‬ ‫حتى الفلسطيني يدفع أثمان التغيير في‬ ‫العالم العربي‪ ،‬فبعد تغيير النظام في العراق‬ ‫وبدء مرحلة جديدة من االحتالل األميركي‪ ،‬جرى‬ ‫اضطهاد للفلسطينيني وكأنهم املسؤولون‬ ‫صدام حسني وعن كل خطواته‪،‬‬ ‫عن نظام‬ ‫ّ‬ ‫وأقيمت لهم معسكرات على احلدود األردنية‬ ‫العراقية والعراقية السورية في الصحراء‪،‬‬ ‫وجرى تهجيرهم إلى بلدان العالم اخملتلفة‪،‬‬ ‫فلم تسمح لهم دولة عربية بدخولها‪ ،‬وفي‬ ‫ليبيا ز َّج بهم القذافي إلى الصحراء على‬ ‫احلدود الليبية ‪ -‬املصرية‪ ،‬ناموا وأطفالهم‬ ‫ونساؤهم وشيوخهم في العراء‪ ،‬والتحفوا‬ ‫برد الصحراء‪ ،‬وحاليا ً بعد انهيار نظام القذافي‬

‫يجدون أنفسهم في وضع صعب‪ ،‬فالعقيد‬ ‫قد س َّن قانونا ً يقول (البيت لساكنه)‪ :‬أي أن‬ ‫الليبي ال ميلك إالّ بيتا ً واحداً‪ ،‬أما تلك البيوت‬ ‫التي كان ميتلكها ويؤجرها‪ ،‬فاضطر املالك إلى‬ ‫دفع أجرتها للدولة وهو بدوره يؤجرها وغالبا‬ ‫للفلسطينيني‪ ،‬أي أن بيوتا ً كثيرة لليبيني‬ ‫جرت مصادرتها (بالطبع كل الفلسطينيني‬ ‫مستأجرون وليسوا ُم ّ‬ ‫الكاً)‪.‬‬ ‫من هذه النقطة بالذات بدأ حقد كبير يترعرع‬ ‫في نفوس بعض الليبيني على الفلسطينيني‬ ‫وكأنهم السبب في إصدار القذافي للقانون‪،‬‬ ‫وكأن الفلسطينيني هم الذين حرموا الليبيني‬ ‫من قبض أجرة بيوتهم املستأجرة‪.‬‬ ‫وعندما قرر القذافي إبعاد الفلسطينيني‬ ‫من ليبيا في عام ‪ ،1995‬اختلفت أساليب‬ ‫الليبيني في استالم بيوتهم املستأجرة من‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬فلجأ بعضهم للتفاهم مع‬ ‫الساكن الفلسطيني على تسليم املسكن‬ ‫بشكل ودي‪ ،‬وجلأ البعض اآلخر إلى اللجان‬ ‫الثورية إلبالغها بوجود عائلة فلسطينية‬ ‫تقيم في العقار وال تغادر‪ ،‬فتجيء هذه اللجان‬ ‫لترويع العائلة الفلسطينية وإلجبارها على‬ ‫املغادرة‪.‬‬ ‫بعد هذه احلاالت من املعاناة الطويلة‪ ،‬جلأت‬ ‫العائالت الفلسطينية إلى الذهاب خارج‬ ‫طرابلس وشراء قطع أراضي‪ ،‬وبناء بيوت‬ ‫عليها‪ .‬بالطبع ممنوع حق االمتالك والتملك‬ ‫للفلسطيني‪ ،‬فكان يضطر إلى تسجيل‬ ‫العقار باسم مواطن ليبي‪ :‬مبعنى أن الليبي‬ ‫قادر على االدعاء بأن البيت ملكه‪ ،‬وبعد انطالق‬ ‫ثورة فبراير‪ ،‬بدأ احلديث عن تورط فلسطينيني‬ ‫في أعمال اخلطف والتنكيل بالليبيني‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي تنفي فيه اجلالية الفلسطينية‬ ‫هذه االدعاءات جمل ًة وتفصيالً‪ ،‬األمر الذي حدا‬ ‫بالكثير من الليبيني (املسجلة بأسمائهم تلك‬ ‫البيوت) إلى طرد الفلسطينيني من بيوتهم‬ ‫التي بنوها بأموالهم‪ ،‬واضطر هؤالء حتت تهديد‬ ‫السالح الى اخلروج من بيوتهم إلى العراء‪.‬‬ ‫الزمن يعيد نفسه‪ ،‬ففي الكويت وبعد‬ ‫حرب اخلليج الثانية‪ ،‬وحني عودة السلطة‬ ‫الكويتية إلى بلدها‪ ،‬مت طرد الفلسطينيني‬ ‫وكل العرب من أصول فلسطينية من معظم‬ ‫دول اخلليج العربي‪ .‬يتهمون الفلسطيني‬ ‫بالتوطني والسعي إليجاد وطن بديل رغم‬ ‫أنه براء من التهمتني ألن بوصلته تؤشر دوما‬ ‫نحو فلسطني‪ .‬تراهم يق ّولونه ما ال يقول‪.‬‬ ‫يكذبون الكذبة ويصدقونها ألغراض في‬ ‫نفوسهم املريضة‪ .‬واملقالة ال تتسع لتعداد‬

‫‪81‬‬

‫العذابات التي م ّر بها الفلسطينيون على‬ ‫مدى ما يزيد عن الستة عقود‪ :‬أي حني إقامة‬ ‫الدولة الصهيونية‪ ،‬وما صاحبها من تهجير‬ ‫للفلسطينيني من مدنهم وقراهم وأراضيهم‬ ‫وحتى هذه اللحظة‪.‬‬ ‫الفلسطينيون من أكثر الشعوب العربية‬ ‫انتما ًء للعروبة‪ ،‬وحتمسا ً للقضايا الوطنية‬ ‫العربية‪ ،‬فهم اعتبروا ومايزالون أن أية‬ ‫تغييرات ثورية عربية ستعود على قضيتهم‬ ‫باخلير‪ ،‬وستصب في مجرى مقاومة املشاريع‬ ‫الصهيونية ‪ -‬اإلمبريالية في املنطقة‪.‬‬ ‫صحيح‪ :‬قد جتد بني الفلسطينيني بعض‬ ‫املسيئني الى اآلخرين‪ ،‬مثل كل شعوب األرض‪،‬‬ ‫لكنهم قلة وهم استثناء‪ ،‬ال يلغي السمات‬ ‫العامة الطيبة للفلسطينيني‪ ،‬مثل كل‬ ‫الشعوب العربية األخرى‪ .‬والفلسطينيون‬ ‫من أكثر الشعوب العربية ح ّبا ً للعلم‪ ،‬وتكاد‬ ‫األمية تنعدم بني صفوفهم وتصل إلى‬ ‫أدنى املستويات ليس على الصعيد العربي‬ ‫واإلقليمي فحسب‪ ،‬وإمنا على الصعيد العاملي‪،‬‬ ‫وذلك أيضا ً بسبب ظروف املعاناة التي م ّروا بها‬ ‫وانقطاع مصادر رزقهم‪ ،‬فأصبح احلصول على‬ ‫الشهادات العلمية والعمل بها هو املصدر‬ ‫األساسي للرزق‪.‬‬ ‫الفلسطينيون من أكثر الناس إخالصا ً‬ ‫ملهنهم ولذا جتد كفاءات فلسطينية كثيرة‬ ‫(كما هي العربية أيضاً) منتشرة في كل أنحاء‬ ‫العالم‪ ،‬وحتتل مستويات متقدمة من املهن‪ .‬ال‬ ‫نقول ذلك ال انطالقا ً من شوفينية أو قطرية‬ ‫بغيضة‪ ،‬وال انتقاصا ً من بعض شعوب األمة‬ ‫العربية الواحدة من احمليط إلى اخلليج‪ ،‬فاألمة‬ ‫العربية وفي مختلف أقطارها حتمل عبء‬ ‫القضية الفلسطينية على كاهلها منذ عام‬ ‫‪ 1948‬وحتى اللحظة‪ ،‬والعرب هم شديدو‬ ‫االلتصاق بالفلسطينيني‪ ،‬وإمنا اخللل يكمن في‬ ‫بعض احلكومات العربية التي تعمل من أجل‬ ‫إيجاد شرخ عميق في مجتمعاتها‪ ،‬فتضرب‬ ‫على أوتار اإلقليمية والشوفينية على قاعدة‬ ‫(ف ّرق تسد) وذلك من أجل حسابات بقائها‪،‬‬ ‫وبدال ً من مساعدة الفلسطيني يتم تصويره‬ ‫كبعبع جاء من أجل طرد الشعب املعني‬ ‫واحتالل أرضه‪ ،‬واحلل محله في املهن والوظائف‪،‬‬ ‫تناس مقصود ملا قدمه الفلسطينيون من‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫خدمات شتى لذلك البلد! فيجري تصويرهم‬ ‫كخصوم لشعب ذلك البلد لقد مللنا بالفعل‬ ‫من أسطوانة‪ :‬أنت فلسطيني‪....‬إذن أنت‬ ‫متهم!!‪.‬‬

‫د‪ .‬فايز رشيد‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫منبر حر‬

‫عنزة‬ ‫ولو‬ ‫طارت‬ ‫حافظ أبي املنى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وتوجهاتنا السياس ّية في اجملتمع‪ ،‬ما‬ ‫يدهشنا عند طرح أهدافنا‬ ‫ّ‬ ‫نالقيه من الرضى والقبول يصل في بعض األحيان إلى املديح واإلطراء‪.‬‬ ‫يفسرون ّ‬ ‫الط ُرح‬ ‫إالّ أننا نفاجأ مبواقف اعتراض ّية من بعض هؤالء الذين ّ‬ ‫على أنّها مواقف للنيل من الزعامات التقليد ّية حيث أنّها تتعارض‬ ‫بشكل أو بآخر مع مصالح الزعامة وهيبة دميومتها املو ّقرة‪ .‬ومع أن‬ ‫هؤالء يرون بوضوح ّ‬ ‫أحق ّية هذه املطالب ويصفقون لها مؤمنني بأن من‬ ‫الواجب تغ ّير احلال‪ .‬فالعالم يتغ ّير‪ ،‬والطبيعة تتغ ّير‪ ،‬ومع ذلك تراهم‬ ‫بحجة أن «تغيير العوايد صعب»‪ .‬واحلقيقة‬ ‫يرفضون مواكبة التغ ّير‬ ‫ّ‬ ‫أنهم ال يالمون‪ ،‬فقد ساهمت النعرات احلزب ّية وسياسة الناطور‬ ‫ّ‬ ‫تفشت في‬ ‫واخملتار في القرى‪ ،‬في خلق نوع من العصب ّية احملل ّية التي‬ ‫ّ‬ ‫فشكلت مع مرور الزمن حاجزا ً نفسيا ً هائالً حال‬ ‫مجتمعاتنا املغلقة‪،‬‬ ‫دون اإلنفتاح الذهني املطلوب ملسيرة التغيير‪.‬‬ ‫ولسنا نكشف س ّرا ً إذا قلنا إن معظم ما نعانيه من إساءة لفهم‬ ‫أهدافنا سببه هذا اإلنغالق الذهني الذي أصبح على العادة استمرارا ً‬ ‫رتيبا ً لغريزة الوالء غير املشروط لشخص الزعيم في نهج التقليد‬ ‫واإلقطاع املتوارث‪ .‬يدهشك مثل هؤالء عندما يتوافقون معك على‬ ‫بحجة اليأس‬ ‫الطرح ثم يحجمون عن املساهمة في مسيرة التغيير‬ ‫ّ‬ ‫من حتقيق املطالب‪ .‬فتستغرب كيف أنهم مقتنعني بعوارض املرض‬ ‫ومع ذلك يرفضون تناول العالج الكفيل بتحقيق الشفاء‪ ،‬يعترفون‬ ‫بأن النظام الطائفي هو أصل بالء الوطن‪ ،‬لكنّهم ال يبالون باملوافقة‬ ‫على قانون النسب ّية مع أنّه احلل الوحيد الذي ّ‬ ‫حدة اخلطاب‬ ‫يخفف من ّ‬ ‫السياسي املفروض لتأمني اإلستمرار والسلم األهلي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وجهل ال يحكمه‬ ‫وتعص ٌب‬ ‫وصيف على سطح واحد عند هؤالء‪،‬‬ ‫شتا ٌء‬ ‫ّ‬ ‫منطق وال يق ّر به عقل‪ .‬هؤالء أصبحنا نع ّرفهم بإسم جماعة عنزة ولو‬ ‫طارت‪ ،‬على رأي ذلك املثل الذي يحكي حكاية اثنني من الص ّيادين الذين‬ ‫رأى أحدهم بجعة رابضة على إحدى التالل فأخبر رفيقه بأمرها فنظر‬ ‫إليها مل ّيا ً ثم قال‪ :‬ليست هذه سوى عنزة ترعى في اجلرد‪ ،‬ومضى في‬ ‫سبيله بغير اكتراث‪ .‬ومع تأكيد رفيقه على أنها بجعة زاد إصراره على‬ ‫أنّها عنزة‪ ،‬رفرفت تلك بجناحيها وح ّلقت بعيدا ً في اجلو‪ .‬فعاتبه رفيقه‬ ‫فاحتد صاحبنا واقعا ً فريس َة‬ ‫قائالً‪ :‬إنّها بجعة ‪ ..‬ألم ترَ أنها طارت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تص ّلب الرأي وأجاب بنزق‪ :‬عنزة ولو طارت‪ .‬فذهبت مثالً يحتذى‪.‬‬ ‫إننا نأسف كثيرا ً حلال هؤالء‪ .‬ونتمنّى بإخالص أن يهدي اهلل عقولهم‬ ‫ليواكبوا معنا مسيرة التغيير هذه‪ ،‬فالتاريخ ال يرحم‪ ،‬واملستقبل ال‬ ‫ينتظر‪ ،‬فهل يعتبرون‪..‬؟‬

‫‪82‬‬


‫مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫‪ -10‬اخملبرات املرضية‬

‫‪ -15‬قسم اجلراحة‬

‫)ع(‬

‫‪ -21‬قسم اجلراحة‬

‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫غرف العمليات (نظام السمع‪ ،‬القلب‬ ‫غرفة املعدات‬ ‫وأماكن‬ ‫واملمرضات‬ ‫األطباء‬ ‫مكاتب‬ ‫واألوعية الدموية‪ ،‬اجلهاز الهضمي‪ ،‬الغدد‬ ‫غرفة حتضير الع ّينات‬ ‫للتخزين‬ ‫الصماء‪ ،‬اجلهاز التناسلي عند اإلناث‪ ،‬اجلهاز‬ ‫قاعة األطباء ‪ +‬سكرتيرة‬ ‫اإلنتظار‬ ‫غرفة‬ ‫التناسلي عند الذكور‪ ،‬الفتاق‪ ،‬تنظير البطن‪،‬‬ ‫النظام العضلي‪ ،‬اجلهاز العصبي‪ ،‬طب‬ ‫‪ -11‬الصيدلية‬ ‫العيون‪ ،‬اجلهاز البولي)‬ ‫‪ -16‬قسم العناية الفائقة‬ ‫غرفة التحضير‬ ‫قاعات الصيدلة (األدوية ‪ ،‬املصل‪ ،‬املستلزمات‬ ‫وحدة العناية بالقلب‬ ‫غرفة التخدير‬ ‫الطبية‪ ،‬السوائل والغازات الطبية)‪.‬‬ ‫وحدة العناية الفائقة‬ ‫مكاتب األطبـاء واملمرضات وأماكن‬ ‫غرفة التبريد‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن التخزين‬ ‫غرف للتخزين‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنعاش‬ ‫مكاتب صيدلي ‪ +‬مكتب السكريتارية‬ ‫غرفة اإلستراحة‬ ‫غرفة تبديل املالبس‬ ‫مدخل ‪ +‬غرفة جلوس‬ ‫‪ -12‬قسم الوالدة‬ ‫غرفة التعقيم‬ ‫‪ -17‬قسم العالج الكيميائي‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫غرف الوالدة‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن ‪ -22‬مركز العالج الفيزيائي‬ ‫احلضانة‬ ‫للتخزين‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن غرفة اإلنتظار‬ ‫غرف العالج الفيزيائي الطبيعي‬ ‫مكتب السكرتيرة‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬ ‫‪ -18‬اجلراحة التجميلية‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫‪ -13‬قسم طب األطفال‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫رعاية األطفال حديثي الوالدة‬ ‫حاضنات‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫‪ -14‬الطب العام‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫غرف (سرير واحد)‬ ‫مكاتب األطباء‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫واملمرضات‬

‫وأماكن‬

‫مكاتب األطباء وغرف املعاينات‬ ‫السكرتارية واحملفوظات‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫‪ -19‬غسيل الكلى‬ ‫غرفة غسيل الكلى‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن التخزين‬

‫‪ -20‬تفتيت احلصى‬ ‫غرفة تفتيت احلصى‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات‬ ‫للتخزين‬

‫‪83‬‬

‫‪ -23‬العيادات اخلارجية‬

‫وأماكن‬

‫مختلف‬ ‫الكافتيريا‬ ‫قاعة املسرح‬ ‫املكتبة‬

‫‪ -25‬الصيانة‬

‫غرفة الفنيني‬

‫العدد ‪ 59‬كانون أول ‪2011‬‬


‫مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬

‫)ع(‬

‫هو الزرع يأتي بالغالل‪...‬‬ ‫‪...‬واألرض تنداح‪ ،‬بعبق احلياة وفرح الوجود‪...‬‬ ‫هو احلصاد اآلتي من تعب األيام‪ ،‬وجهد التضحيات‪ ،‬وصدق املواقف‪...‬‬ ‫هو بداية لعمادة اإللتزام والوفاء‪ ...‬وصحوة جملتمع قادر‪،‬‬ ‫وأناس متعبون من جور السنني وظلم التاريخ‪...‬‬ ‫لقد طال بنا زمن اإلنتظار‪ ...‬وخرجنا من الشرانق لشعاع النور‪،‬‬ ‫وأجنحتنا عاصية على كل أمر مفعول‪ ،‬وما كانت اجلبال يوماً إال وسادة للمناضلني واملقاومني‪،‬‬ ‫والتراب ٌ‬ ‫فراش وثير يشتم عطره دم املتعبني واجملاهدين الصادقني‪...‬‬ ‫هي قرية صحية توحيدية‪ ...‬وموئ ٌل للمحتاجني واملساكني‪ ...‬وباب يدخله دون استنئذان كل صاحب حاجة‬ ‫من أي جهة وناحية ولون انتمى إليه‪...‬‬ ‫هو موقع للخروج من املرارات املزمنة واإللتهابات املضنية‪...‬‬ ‫هو مكان لكل والدة جديدة‪ ...‬وعالج لكل متألم‪ ...‬واستراحة لكل مسن عاجز‪...‬‬ ‫هو عط ٌر يندلق لبلسمة جراحات األجساد والنفوس‪...‬‬ ‫إنه عمل يضاف خلدمة أهلنا ومجتمعنا‪ ،‬املثقل بصعوبة العيش‪ ،‬واحلياة الالئقة‪...‬‬ ‫إنه وعد صادق‪ ،‬وعربون تقدير‪ ،‬من أهل اخلير والعطاء‪،‬‬ ‫“الذين عاهدوا اهلل وما بدلوا” لنصرة الشعوب املقهورة‪ ،‬في كل اجملاالت وامليادين‪...‬‬ ‫إنني وبإسمكم جميعاً‪ ،‬أجدد معكم عهد الوفاء لكل ما أقسمنا عليه‪،‬‬ ‫يوم قررنا املسير في الطريق املدافع عن حقوق شعبنا واستعادة أرضنا والتمسك بخيارنا املقاوم واملمانع‪...‬‬

‫إن عهدي بكم ووعدي لكم لن يتغيّر‪.‬‬

‫شكرا ً للجمهورية اإلسالمية اإليرانية قيادة وشعباً‪...‬‬ ‫شكرا ً لسيد املقاومة وكل من ساهم في حتقيق هذا املالذ اإلنساني ألهلنا في اجلبل والوطن‪...‬‬ ‫والشكر واحلمد هلل رب العاملني‪ ...‬عساه يوفقنا في كل ما نصبو إليه‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬ ‫‪ 16‬تشرين األول ‪2011‬‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي”‬ ‫وئام وهاب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.