Manbar altawhid issue 58

Page 1

‫جورج قرم‪ :‬خارطة للشرق األوسط الجديد فشلت‬ ‫غازي وزني‪ :‬موازنة ‪ 2012‬تستنسخ ‪2011‬‬ ‫وليست إصالحية‬ ‫المطران لوقا الخوري‪ :‬إصالحات الرئيس األسد‬ ‫قا َبلوها بالتخريب والقتل‬ ‫العدد ‪ 58‬ــ تشرين الثاني ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫الشيخان الحم ّيد والخبيل‪ :‬ستكون سوريا مقبرة‬ ‫لكل َمن يتج ّرأ عليها‬

‫مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫للفقراء‪...‬‬

‫)ع(‬

‫‪1‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الحلم أصبح حقيقة‬

‫يتألف املستشفى‬ ‫االقسام التالية‪:‬‬

‫من‬

‫‪ -1‬االدارة العامة‬ ‫اإلدارة (املدير التنفيذي‪ ،‬واملدير املالي‪،‬‬ ‫والسكريتاريا‪)...‬‬ ‫اإلستشفاء (املعلومات والوثائق والغرف‪)...‬‬ ‫اإلستشفاء اخلارجي (غرفة الطوارئ‬ ‫واخملتبرات واألشعة‪)...‬‬ ‫الفواتير‪.‬‬ ‫احملاسبة (الصندوق واحملاسبة‪)...‬‬ ‫املطالبات (تسليم الفواتير الى الطرف‬ ‫الثالث املسدد للفواتير ‪ +‬اإلستيراد)‬ ‫مكتب املشتريات (املواد الطبية املساعدة‬ ‫ومواد الطب احليوي واملطبخ واألدوية‪)...‬‬ ‫احملفوظات‬ ‫املوارد البشرية‬ ‫تكنولوجيا املعلومات‬ ‫مكتب املندوبني من قبل أي طرف ثالث‬ ‫يسدد الفواتير يراقب واألطباء املراقبني‪.‬‬

‫‪ - 2‬اإلدارة الطبية‬ ‫اإلدارة (املدير الطبي ‪ +‬جلنة األطباء ‪+‬‬ ‫السكرتاريا‪)... +‬‬ ‫مديرة العناية (مسؤولة رئيسات األقسام‬ ‫ومساعدي املمرضات واجلسم التمريضي)‪.‬‬ ‫املسؤول عن مراقبة اجلودة‪.‬‬ ‫مراقب رصد األمراض الداخلية‪.‬‬ ‫التغذية (املراقبة الغذائية)‪.‬‬ ‫الطب احليوي (مراقبة ومتابعة األجهزة‬ ‫الطبية)‪.‬‬

‫‪ -3‬الطوارئ‬ ‫غرف املعاجلة‬ ‫مكاتب األطباء ‪ +‬غرفة املمرضات ‪ +‬غرفة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سكرتاريا)‬ ‫العمليات اجلراحية البسيطة‬ ‫الصيدلة ‪ +‬املستودعات‬ ‫قاعات اإلنتظار وغرفة اإلستراحة‬

‫‪ -4‬املشرحة‬

‫وضغط الدم)‬ ‫قياس الضغط‬ ‫قياس حموضة املعدة‬

‫‪ -7‬غرفة التنظير‬

‫غرفة واحدة تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫منظار اجلهاز الهضمي‬ ‫التشريح‬ ‫‪( ERCP‬تشخيص وعالج البنكرياس‬ ‫الغرف املبردة‬ ‫باملنظار)‬ ‫تنظير القولون‬ ‫‪ -5‬التصوير الشعاعي‬ ‫تنظير املستقيم‬ ‫األشعة (مثالً‪ :‬تصوير املثانة الى الوراء‪ ،‬تنظير األلياف‬ ‫تصوير قرحة اجلهاز الهضمي‪ ،‬وجميع أنواع تنظير القصبات الهوائية‬ ‫التصوير الشعاعي)‬ ‫غرفة إستراحة ‪ +‬غرفة إنتظار‬ ‫غرفة تظهير األفالم‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن‬ ‫التصوير باملوجات فوق الصوتية‪ ،‬تخطيط التخزين‬ ‫القلب باملوجات فوق الصوتية‪)...‬‬ ‫املاسح ‪Scanner‬‬ ‫‪ -8‬القسطرة‬ ‫التصوير بالرنني املغناطيسي‬ ‫فحص التاجية‬ ‫فحص الثدي باألشعة‬ ‫تعديل الشرايني‬ ‫تصوير بانورامي‬ ‫القسطرة والدعامات‬ ‫املكتب الطبي ‪ +‬سكرتيرة (النتائج)‬ ‫فحص الشرايني‬ ‫مكتب سركتاريا إداري‬ ‫غرفة إستراحة ‪ +‬غرفة إنتظار‬ ‫غرفة احملفوظات‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن‬ ‫غرفة اإلستراحة ‪ +‬غرفة اإلنتظار‬ ‫التخزين‬

‫‪ -6‬اإلستكشاف الوظيفي‬

‫غرفة واحدة تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫‪( EMG‬مخطط كهربية العضل)‪.‬‬ ‫‪( EEG‬مخطط كهربية الدماغ)‬ ‫تخطيط السمع‬ ‫‪( ECG‬مخطط كهربية القلب)‬ ‫قياس التنفس (بسيط‪ ،‬كامل‪ ،‬شامل)‬ ‫اختبار اإلجهاد‬ ‫‪( PEA‬اجلهد السمعي)‬ ‫‪ ( PEV‬اجلهد البصري)‬ ‫فحص “هولتر” (إيقاع ضربات القلب‬

‫‪2‬‬

‫‪ -9‬اخملتبرات‬ ‫غرفة جمع الدم‬ ‫غرف اخملتبرات واآلالت (فحص البكتيريا‪،‬‬ ‫مسجالت األورام‪ ،‬الكيمياء احليوية‪ ،‬الفحص‬ ‫الكيميائي للبول ‪ 24‬ساعة‪ ،‬أمراض الغدد‬ ‫الصماء‪ ،‬أمراض الدم‪ ،‬أمراض املناعة‪ ،‬فحص‬ ‫احليوانات املنوية‪ ،‬فحص الطفيليات‪ ،‬فحص‬ ‫مصل الدم)‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات‬ ‫غرفة اإلستراحة وغرفة اإلنتظار‬


‫العدد‬

‫‪58‬‬

‫تشرين الثاني ‪ 2011‬السنة اخلامسة‬

‫‪57‬‬

‫‪ 0 6‬الغالف‬

‫جورج قرداحي‪:‬‬

‫‪ 24‬لبنانيات‬

‫أعطوا الفرصة للرئيس األسد‬ ‫ليصل بالسفينة الى شاطئ األمان‬

‫‪ 25‬حزب التوحيد العربي‬

‫‪64‬‬

‫علي برو‪:‬‬

‫‪ 41‬عربيات‬ ‫‪ 5 0‬دوليات‬

‫سالمة الغذاء تتطلب‬ ‫تضافر الجهود‬

‫‪70‬‬

‫‪ 38‬فلسطينيات‬

‫‪ 6 0‬اقتصاد‬ ‫‪ 68‬ثقافة‬

‫األب فادي ثابت‪:‬‬

‫‪ 72‬علوم‬

‫المسرح والمذبح يحمالن‬ ‫الرسالة اإلنسانية ذاتها‬

‫‪ 74‬مرأة‬ ‫العميد بنان وهاب‪:‬‬

‫‪74‬‬

‫‪ 76‬اجتماعيات‬ ‫‪ 80‬رياضة‬

‫ّ‬ ‫نف ُ‬ ‫ذت ثالثين مداهمة‬ ‫من بين الضباط اإلناث‬

‫منبر التوحيد‬

‫نشرة شهرية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫حجر األساس‬ ‫لمستشفى‬ ‫سلمان الفارسي‬ ‫أنسنة العمل‬ ‫السياسي‬ ‫والحزبي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫)ع(‬

‫لم تكن فكرة تأسيس وإطالق تيار سياسي‪ ،‬عند وئام وهاب‬ ‫ومن واكبه من أصدقائه وتشاور معه‪ ،‬زيادة تيار أو حزب جديد على‬ ‫الئحة األحزاب واملنظمات الكثيرة في لبنان‪ ،‬بل التوجه الى أنسنة‬ ‫العمل السياسي واحلزبي‪ ،‬والعمل فعالً ال قوال ً في سبيل اإلنسان‪،‬‬ ‫ألن املبادئ والعقائد واألفكار إذا لم تكن من أجل اإلنسان‪ ،‬فلمن‬ ‫تكون‪ ،‬فاملبادئ لإلنسان وليس اإلنسان للمبادئ‪.‬‬ ‫فاألحزاب تنشأ لهدف سام‪ ،‬هو تطوير اجملتمعات‪ ،‬ولغاية‬ ‫أساسية‪ ،‬حتقيق القيم اجملتمعية‪ ،‬وتفعيل دور اإلنسان في اجملتمع‬ ‫ونزع احلالة الفردية منه‪ ،‬وتوعيته نحو الوحدة االجتماعية وقطع‬ ‫عالقاته بكل ما يفتت احلياة الواحدة بني املواطنني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫و”حزب التوحيد العربي” الذي تأسس تيارا ً لبنانيا قبل أكثر من‬ ‫خمس سنوات‪ ،‬كان من أهدافه إخراج املواطن من انتمائه الطائفي‬ ‫والعشائري والعائلي‪ ،‬ووالئه الى زعامات إقطاعية سياسية وعائلية‬ ‫ومالية‪ ،‬وحتريره من التبعية واالستزالم‪ ،‬ولتمكينه من ذلك ال بد‬ ‫من إخراجه من حالة البؤس والعوز والفقر التي يعيشها‪ ،‬والتي‬ ‫تدفعه الى أن يكون إنسانا ً ذليالً أو مستحقرا ً عند أبواب مسؤولني‬ ‫أو سياسيني‪ ،‬لطلب املعونة املالية أو التربوية او الصحية وفي‬ ‫بعض األحيان الوظيفية‪.‬‬ ‫ومن أ ّذل املواطن‪ ،‬هو النظام السياسي اللبناني‪ ،‬الذي تأسس‬ ‫على الطائفية السياسية‪ ،‬وتوزعت عائالته السياسية وأحزابه‬ ‫الطائفية واحتكاراته الرأسمالية السلطة‪ ،‬واستفادت منه طبقة‬ ‫سياسية حتكم لبنان منذ عقود ال بل قرون‪ ،‬فلم تتقدم به نحو‬ ‫بناء املؤسسات وتطبيق القانون‪ ،‬وال في تعزيز املواطنة‪ ،‬أو في‬ ‫توفير األمان االجتماعي والصحي‪ ،‬أو في حتضير الكفاءات واخلبرات‬ ‫وأصحاب األدمغة في أن يخدموه‪ ،‬ويقيموا نظاما ً سياسياً‪ ،‬قاعدته‬ ‫الدميقراطية احلقيقية والفعلية‪ ،‬ال التي ابتدعوها حتت اسم‬ ‫“الدميقراطية التوافقية” التي هي حكم أمراء الطوائف وزعمائها‪.‬‬ ‫ويقوم عمل األحزاب ومبادئها وبرامجها وأفكارها على نقض‬ ‫ما هو قائم‪ ،‬من خالل عرض البديل – اجلديد‪ ،‬ونسف القدمي –‬ ‫الفاسد‪ ،‬ويكون االمتحان في األداء من خالل إقران القول بالفعل‪،‬‬ ‫ووضع النظرية موضع التطبيق‪ ،‬واخلروج من التنظير الى املمارسة‬ ‫الفعلية‪ ،‬من أجل أن تظهر للمواطن احلقائق ويقتنع مبا هو مطروح‬ ‫عليه من أفكار بأنها ستغير من واقعه السياسي واالقتصادي‬ ‫واالجتماعي واإلمنائي‪ ،‬ويؤمن أن هذا احلزب أو التيار هو ما ميثل‬ ‫تطلعاته الوطنية وطموحاته التقدمية‪ ،‬ورؤاه التغييرية‪ ،‬ويقوم‬ ‫اجملتمع اجلديد يقوده إنسان جديد‪.‬‬ ‫هذا ما قصده وئام وهاب عندما أراد أن يؤطر السياسة في تيار ثم‬ ‫في حزب وقد درس واقع اجملتمع اللبناني عموما ً وفي اجلبل خصوصاً‪،‬‬ ‫واستفاد من جتارب خاضها هو شخصيا ً سياسية وحزبية‪ ،‬او من‬ ‫بد ان يكون‬ ‫ممارسات آخرين‪ ،‬ليصل الى قناعة أن العمل احلزبي ال ّ‬ ‫في خدمة اإلنسان كفرد في اجملتمع‪ ،‬ووضع كل اإلمكانات الفكرية‬

‫‪4‬‬


‫احللم الذي أصبح واقعا ً هو للفقراء دون النظر الى انتمائهم‬ ‫السياسي واحلزبي والطائفي واملذهبي‪ ،‬ألن االستشفاء ليس‬ ‫هوية سياسية وحزبية وطائفية‪ ،‬بل هو رسالة إنسانية‪ ،‬تخدم‬ ‫اإلنسان ولهذا كان املستشفى الذي ميأل فراغا ً يعانى منه اجلبل‬ ‫عموما ً والشوف خصوصاً‪ ،‬إذ ثمة نقص في املستشفيات‪ ،‬وفي‬ ‫أقسام ستضمها “قرية التوحيد” التي على أرضها التي قدمها‬ ‫وهاب‪ ،‬ستبنى املستشفى‪ ،‬ومعها قسم ملعاجلة مدمني اخملدرات‪،‬‬ ‫الى دار املسنني والعجزة‪ ،‬وآخر للسياحة الصحية‪ ،‬وهذه األقسام‬ ‫حتتاجها منطقة جبلية تعتبر محرومة في املؤسسات ومغبونة‬ ‫في اخلدمات‪.‬‬ ‫ويؤمن هذا املشروع الصحي – االجتماعي‪ ،‬حوالي ‪ 500‬فرصة‬ ‫عمل ألبناء املنطقة‪ ،‬ويطبق اإلمناء املتوازن‪ ،‬ويعزز الالمركزية‬ ‫اإلدارية واخلدماتية‪ ،‬ويث ّبت ابن اجلبل في أرضه‪ ،‬ويوقف الهجرة من‬ ‫الريف الى املدينة التي لم يعد لدى متوسطي احلال ماديا ً قدرة‬ ‫على السكن فيها بسبب ارتفاع أسعار الشقق‪.‬‬ ‫وال يجب أن ينظر الى بناء املستشفى الذي سيدشن في مهلة‬ ‫قد ال تتعدى عامني‪ ،‬على أنه مشروع سياسي أو هو اختراق إيراني‬ ‫أو فارسي للجبل أو لطائفة‪ ،‬كما حاول البعض أن يحلل لهذا‬ ‫احلدث‪ ،‬الذي وضعه وهاب في إطاره الطبيعي من ضمن عمل‬ ‫“حزب التوحيد العربي” الذي يعمل في السياسة واإلعالم‪ ،‬وفي‬ ‫الشأن االجتماعي‪ ،‬ووضع في برنامجه االجتماعي إنشاء شبكة‬ ‫مستوصفات وقد باشر فيها‪ ،‬كما يتطلع الى شبكة مدارس‬ ‫وبناء جامعة في “قرية التوحيد”‪ ،‬وهو لم يبخل في تقدمي املنح‬ ‫التربوية‪ ،‬واملساهمة في مساعدة الطالب‪ ،‬ولم يتأخر عن دعم‬ ‫جمعيات ذات طابع خيري او اجتماعي‪.‬‬ ‫هذه اإلجنازات هي في خدمة اإلنسان الذي بعد حتريره اقتصاديا ً‬ ‫واجتماعياً‪ ،‬يستطيع أن يختار موقعه السياسي‪ ،‬بعيدا ً عن‬ ‫الضغط االقتصادي واالجتماعي الذي يدفعه نفسيا ً على أن ال‬ ‫يخرج على انتمائه السياسي التقليدي املعروف في لبنان عموما ً‬ ‫واجلبل خصوصاً‪.‬‬ ‫لقد كان وضع حجر األساس لبناء مستشفى هو وضع حجر‬ ‫األساس ألنسنة العمل السياسي واحلزبي‪ ،‬وأيضا ً لتعميم منوذج‬ ‫جديد‪ ،‬في كيف تكون احلياة احلزبية والسياسية‪ ،‬التي هي حركة‬ ‫صراع أفكار تهدف الى توعية املواطن‪ ،‬وتعزيز قدراته‪ ،‬وتأمني‬ ‫صموده االجتماعي‪ ،‬فيكون إنسانا ً حراً‪ ،‬وعندما يتحرر اإلنسان‪،‬‬ ‫يصبح قراره حراً‪ ،‬وال تتحقق احلرية دون حترر اقتصادي واجتماعي‪،‬‬ ‫ومن له مصلحة في ذلك‪ ،‬يعمل كما فعل “حزب التوحيد العربي”‬ ‫في بناء مستشفى تشفي اإلنسان من أمراض جسدية‪ ،‬وشفائه‬ ‫من أمراض اجتماعية وهذا هو الهدف‪.‬‬

‫واإلعالمية ملساعدته على التحرر‪ ،‬واالنطالق معه نحو اجلماعة‬ ‫املنظمة والواعية التي منها وعبرها‪ ،‬ميكن بناء مجتمع متحرر‪.‬‬ ‫وللوصول الى ذلك‪ ،‬ال بد من مأسسة العمل احلزبي‪ ،‬واخلروج‬ ‫من احلالة الفردية‪ ،‬وعدم البقاء على احلالة التقليدية السياسية‬ ‫التي هي ثقافة اعتاد املواطن عليها بأن يلجأ الى السياسي مع‬ ‫اللقب الذي يحمله‪ ،‬من أجل أن يعرض له واقع حاله الفقيرة‬ ‫وظروفه املعدمة من فرص العمل‪ ،‬أو احلاجة الى الطبابة‬ ‫واالستشفاء وتعليم أبنائه‪ ،‬دون أن يلقى التجاوب جلهة السعي‬ ‫الى حل أزماته الفردية التي يتم تعزيزها ليبقى مربوطا ً باملراجع‬ ‫السياسية‪ ،‬وليس تعزيز املؤسسات‪ ،‬واولها الرسمية‪ ،‬وأن تكون‬ ‫الدولة هي الراعية‪ ،‬والتي عندما تغيب أو يجري تغييبها‪ ،‬حتل‬ ‫محلها الزعامات وتتقدم األحزاب واجلمعيات والهيئات لتسد‬ ‫الفراغ مبا أمكن‪.‬‬ ‫وما حدث وضع حجر األساس لبناء مستشفى الصحابي‬ ‫سلمان الفارسي في بلدة ديردوريت الشوفية‪ ،‬إال أحد أوجه العمل‬ ‫االجتماعي بادر إليه رئيس حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬ومبساهمة من‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وبرعاية أحد املراجع الروحية في‬ ‫الطائفة الدرزية الشيخ أبو علي سليمان أبو ذياب الذي شجع‬ ‫وهاب على املشروع الصحي – االجتماعي‪ ،‬وباركته مراجع روحية‬ ‫درزية‪ ،‬والتفاف شعبي حوله‪ ،‬ظهر في احلضور املم ّيز‪ ،‬ألكثر من‬ ‫عشرة آالف مواطن وألف شيخ توحيدي ومشاركة رسمية‬ ‫وسياسية وحزبية‪ ،‬ودبلوماسية‪ ،‬حيث استقطب هذا احلدث‬ ‫الصحي – االجتماعي األنظار‪ ،‬ولفت انتباه قوى سياسية في‬ ‫اجلبل وخارجه‪ ،‬أن يتقدم حزب ناشئ على ذلك‪ ،‬ويقتحم بناء‬ ‫مؤسسات تعنى بشؤون املواطنني‪ ،‬فإنه يؤسس ملرحلة جديدة‪،‬‬ ‫عنوانها التنافس على العمل االجتماعي وخدمة اإلنسان‪ ،‬وليس‬ ‫انتصاره السياسي مبعناه الضيق‪ ،‬وإن الساحة السياسية هي‬ ‫في ما يقدمه هذا احلزب أوالتيار وحتى هيئات اجملتمع املدني‬ ‫للمواطن‪.‬‬ ‫فمستشفى الصحابي سلمان الفارسي‪ ،‬فكرة راودت وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬وإن تعزيز عمله السياسي واحلزبي‪ ،‬يكون أيضا ً في إطار‬ ‫اخلدمة االجتماعية واإلنسانية وكل ما ميت الى تنمية اإلنسان‬ ‫وتطوير اجملتمع‪ ،‬وأحداث انقالب في مفهوم العمل السياسي‪،‬‬ ‫الذي هو في لبنان‪ ،‬مكاسب ومغامن‪ ،‬وتقاسم حصص‪ ،‬وتعزيز‬ ‫مواقع األزالم واحملاسيب واحلاشية‪ ،‬مبا يخدم فئة قليلة على‬ ‫حساب مجموع املواطنني‪.‬‬ ‫وقرر وهاب من موقعه كرئيس حزب‪ ،‬أن تكون السياسة فن في‬ ‫خدمة األهداف االجتماعية والقضايا الوطنية‪ ،‬وليس العكس‪،‬‬ ‫وقد جنح في تقدمي منوذج يعنيه هو مع حزبه‪ ،‬ولم يكن موجها ً‬ ‫ضد أحد‪ ،‬أكان طرفا ً سياسيا ً أو حزبا ً أو هيئة أو مرجعية‪ ،‬بل‬ ‫هو اعتمد نهجا ً قارب فيه الشأن االجتماعي واإلمنائي والصحي‬ ‫والتربوي‪ ،‬وأعلن في حفل وضع األساس للمستشفى‪ ،‬أن هذا‬

‫‪5‬‬

‫«منبر التوحيد»‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫تحول الى واقع شاهده ألف شيخ وعشرة آالف مواطن‬ ‫الحلم الذي ّ‬

‫«قرية التوحيد» تحتفل بوضع حجر األســـــــ‬ ‫وهاب‪ :‬مشروع بناء إنســان جــــــــــ‬

‫إنها أحال ٌم تتحقق‪ ،‬وعو ٌد باإلمناء‪ ،‬وعهو ٌد تُوفى‬ ‫بالوقوف إلى جانب كل احلاالت الصعبة وكل‬ ‫احملتاجني الذين لطاملا وقفوا أمام أبواب هذا‬ ‫إذن‬ ‫الزعيم أو ذاك الستجداء مساعدات صحية أو ٍ‬ ‫بالدخول إلى مستشفى ما‪.‬‬ ‫تنحن هذه املرة للكسارات أو‬ ‫هي اجلبال لم‬ ‫ِ‬ ‫ملشروع ضد البيئة‪ ،‬بل تنحني إجالال ً واحتراما ً‬ ‫ٍ‬ ‫ملشروع إنساني إمنائي اجتماعي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حزب سياسي توحيدي‪،‬‬ ‫ففي العام ‪ ،2006‬نشأ ٌ‬ ‫صراعات سياسية‪.‬‬ ‫في ظل‬ ‫ٍ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واليوم‪ ،‬وبعد أكثر من خمس سنوات على‬ ‫تأسيس حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬ومع احللم الذي‬ ‫راود رئيسه وئام وهاب والرفاق فيه‪ ،‬بإمناء متكامل‬ ‫من جميع اجلهات‪ ،‬ومع النشاطات البيئية التي‬ ‫قام بها ناشطو احلزب‪ ،‬ارتعدت أودية الشوف‬ ‫مشروع‬ ‫واجلبل معلنة استعدادها الستقطاب‬ ‫ٍ‬ ‫ذات أهمية‪ ،‬فكانت بلدة ديردوريت الشوفية‬ ‫احلضن الدافىء له‪ ،‬و”احللم أصبح حقيقة”‪،‬‬ ‫بالسعي إلنشاء “قرية التوحيد” ليس للموحدين‬ ‫فقط بل لكل أبناء اجلبل والشوف وكافة املناطق‬

‫‪6‬‬

‫اللبنانية‪.‬‬ ‫إنه املكان الصحي الذي سيعالج كل مريض‪،‬‬ ‫سن‪ ،‬ولن يسمح ألي مواطن أن‬ ‫وسيأوي كل ُم ّ‬ ‫“يشحذ” دواءه أو عمليته اجلراحية من أحد‪ ،‬كائنا ً‬ ‫َمن كان‪.‬‬ ‫حضورٌ شعبي كثيف فاق العشرة آالف مواطن‬ ‫وألف شيخ موحد ك ّرر الوقوف إلى جانب مشروع‬ ‫كهذا يهدف للتنمية والتطوير والتقدميات‬ ‫اإلجتماعية وليس إليجاد نفوذ خارجي بني مناطق‬ ‫اجلبل كما حاول البعض تشويهه‪ .‬فعلى مساحة‬


‫وحضور رسمي وحزبي وســياســي ودبلوماســي وديني ونقــابي‬

‫ــــــاس لمستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫ـــــــــديد ال ُي ّ‬ ‫ذل على أبواب مستشفى‬

‫)ع(‬

‫‪ 32‬كلم مر ّبع‪ ،‬ستتر ّبع “قرية التوحيد” مبراكزها‬ ‫املتنوعة‪ ،‬بني أحضان البيئة اجلبلية‪ ،‬لتؤكد نظافة‬ ‫العمل‪ ،‬وصدق اإلميان بأحقية املشاريع اإلمنائية في‬ ‫منطق ٍة لطاملا ُحرِ َمت من االهتمام الالزم‪.‬‬ ‫مشروع “قرية التوحيد” سيبدأ ببناء مستشفى‬ ‫الصحابي سلمان الفارسي‪ ،‬وسيضم في مرحلته‬ ‫الثانية مركزا ً متخصصا ً ملعاجلة مدمني اخملدرات‪،‬‬ ‫وفي مرحلة ثالثة مركزا ً متخصصا ً لطب األطفال‬ ‫ومستشفى ألمراض القلب‪ .‬أما في املرحلة‬ ‫فسيضم مأوى للعجزة‪.‬‬ ‫الرابعة‪،‬‬ ‫ّ‬

‫التحدي والنضال‪ ،‬ومعا ً‬ ‫معا ً بدأنا مشوار‬ ‫ّ‬ ‫سنكمل يدا ً بيد توحيد ّيني ومناصرين من أجل‬ ‫نصرة احلق ومواجهة الظلم واحلرمان‪ .‬من هنا‪،‬‬ ‫بات حقيقة»‪،‬‬ ‫وحتت عنوان «قرية التوحيد ‪ -‬احللم َ‬ ‫وضع رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير وئام‬ ‫وهاب حجر األساس لـ «مستشفى الصحابي‬ ‫سلمان الفارسي» ضمن مشروع «قرية التوحيد»‬ ‫احتفال حاش ٍد‬ ‫في بلدة ديردوريت الشوفية‪ ،‬بعد‬ ‫ٍ‬ ‫أقامه احلزب في بلدة اجلاهلية‪ ،‬بحضور سفير‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في لبنان د‪ .‬غضنفر‬

‫‪7‬‬

‫ركن أبادي‪ ،‬ورعاية املرجعية الروحية في طائفة‬ ‫املوحدين الدروز الشيخ أبو علي سليمان أبو‬ ‫ذياب‪ ،‬وهو مشروع تساهم في متويله اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية من ضمن مشاريعها‬ ‫التنموية واإلنسانية في لبنان‪ .‬وحضر االحتفال‬ ‫ممثالً عن الرؤساء الثالثة باإلضافة الى شخصيات‬ ‫ووفود سياسية وشعبية ودينية وحزبية من‬ ‫كافة املناطق اللبنانية ومن جبل العرب وجبل‬ ‫الشيخ وطرطوس والسويداء وجرمانا في سوريا‪،‬‬ ‫وعدد كبير من مشايخ طائفة املوحدين الدروز‪،‬‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫آمنت بتحقيق احللم‪ ،‬وسعت للمشاركة بالرغم‬ ‫من كثافة احلضور وامتالء ساحات دار البلدة‬ ‫باحلشود‪.‬‬

‫حجر األساس‪ ..‬للخدمات‬ ‫احلقيقية‬ ‫ويتألف مستشفى الصحابي سلمان‬ ‫الفارسي من األقسام التالية‪ :‬اإلدارة العامة‪،‬‬ ‫اإلدارة الطبية‪ ،‬الطوارىء‪ ،‬املشرحة‪ ،‬التصوير‬ ‫الشعاعي‪ ،‬االستكشاف الوظيفي‪ ،‬غرفة‬ ‫التنظير‪ ،‬القسطرة‪ ،‬اخملتبرات‪ ،‬اخملبرات املرضية‪،‬‬ ‫الصيدلية‪ ،‬إضافة إلى اقسام‪ :‬الوالدة‪ ،‬طب‬ ‫األطفال‪ ،‬الطب العام‪ ،‬اجلراحة‪ ،‬العناية الفائقة‪،‬‬ ‫العالج الكيميائي‪ ،‬اجلراحة التجميلية‪ ،‬غسيل‬ ‫الكلى‪ ،‬تفتيت احلصى‪ ،‬العالج الفيزيائي‪.‬‬

‫عبد اخلالق‪ :‬أصبح احللم حقيقة‬ ‫واجبة التحقيق‬ ‫وقدم مع ّرف احلفل الرفيق بهاء عبد اخلالق هذه‬ ‫ّ‬ ‫املناسبة في كلمة قال فيها‪« :‬إلى الذين يعرفون‬ ‫خلق وارتباط‪ ،‬ومعنى‬ ‫معنى احلرية‪ ،‬وما فيها من‬ ‫ٍ‬ ‫االنتماء‪ ،‬وما فيه من ّ‬ ‫جتذر وهو ّية‪ ..‬إلى الذين‬

‫يعشقون عبق التضحية األزلي‪ ،‬وشمس التحرير‪،‬‬ ‫ورجولة املقاوم العاشق للكرامة والعزّة واألرض‪..‬‬ ‫إلى الذين رايتهم يد التوحيد اخلضراء‪ ،‬ويوقظهم‬ ‫حلم احلقيقة‪ ،‬على مدى ذاكرة التاريخ‪ ..‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫ويتنكروا لإلنسان‪،‬‬ ‫الذين لم ينكروا اإلنسانية‬ ‫ولم تنسهم لعبة األمم وضجيج الصراع أ ّن هناك‬ ‫بصمت وكبرياء عودة أبنائه‬ ‫شعبا ً كرميا ً ينتظر‬ ‫ٍ‬ ‫فلك يا جراحنا الصابرة البشرى‪،‬‬ ‫عن العقوق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صدق الوعد‪ ،‬وحقّ العهد وبات احللم حقيقة‪.‬‬ ‫الصحة االجتماعية تهدف إلى رعاية‬ ‫ملّا كانت‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪8‬‬


‫وترقية صحة اإلنسان‪ ،‬باعتبار أ ّن الصحة وسعادة‬ ‫الفرد ال تنفصل مؤثرة ومؤشرة عن صحة وسعادة‬ ‫اجملتمع‪ ،‬كما يؤكده احلديث الشريف‪« :‬إمنا املؤمنون‬ ‫في توا ّدهم وتراحمهم كمثل اجلسد الواحد‬ ‫إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر األعضاء‬ ‫بالسهر واحلمى»‪ ،‬من ذلك يتبينّ أ ّن اإلسالم جدير‬ ‫باالعتناء بالصحة االجتماعية‪« ،‬ليحفظها‬ ‫حاصلة ويستر ّدها زائلة»‪.‬‬ ‫كما أ ّن من ن ِ َعم اهلل علينا في هذا اجلبل‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫متسكنا‬ ‫ظل مرجع ّيتنا الرشيدة وقيادتنا احلكيمة‪ّ ،‬‬ ‫مببدأ العمل باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬لذا‬ ‫س ِّمينا بوج ٍه من األوجه بني معروف‪ ،‬هذا املعتقد‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫يحث على مكارم األخالق ويدعو إلى الترابط‬ ‫الذي‬ ‫بني الناس‪ ،‬بعد أن أرشدهم إلى الطرق والسبل‬ ‫التي تعينهم على ذلك‪ .‬ومن مكارم األخالق‪ :‬املو ّدة‬ ‫والرحمة وقضاء حوائج احملتاجني‪.‬‬ ‫لقد أصبح هذا احللم الذي راود قيادتنا الروحية‬ ‫والسياسية بإنشاء قرية ط ّبية حقيقة واجبة‬ ‫التحقيق‪ ،‬ولم يتحقق ذلك إال من خالل دعم وتبنّي‬ ‫األخوة القادة في اجلمهورية اإلسالمية في إيران‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لنتمكن من توفير الرعاية‬ ‫لهذا املشروع احللم‬ ‫الطبية لشريحة من املواطنني ال تتوفر لديهم‬ ‫املتقدمة‪.‬‬ ‫التقنيات املتطورة والرعاية الطبية‬ ‫ّ‬ ‫وننتهز الفرصة لنرفع أسمى آيات الشكر‬ ‫والتقدير ملقام السيد اخلامنئي ولسماحة‬ ‫السيد حسن نصراهلل‪ ،‬وجلميع القادة واملسؤولني‬ ‫في اجلمهورية اإلسالمية في إيران الشقيقة‪،‬‬ ‫نتوجه‬ ‫وللشعب اإليراني الكرمي‪ .‬كما يس ّرنا أن‬ ‫ّ‬ ‫بالشكر والثناء لسعادة السفير د‪ .‬غضنفر ركن‬ ‫قدمه لهذا املشروع من اهتمام‬ ‫أبادي‪ ،‬على ما ّ‬ ‫ومتابعة ورعاية معنوية‪ ،‬فجزاكم اهلل أحسن‬ ‫اجلزاء»‪.‬‬

‫أبو ذياب‪ :‬سلمان الفارسي يجمع‬ ‫بيننا وإيران العزيزة النجيبة‬ ‫وألقيت في احلفل كلمات عدة استهلت بكلمة‬ ‫املرجع الروحي الشيخ أبوعلي سليمان أبو ذياب‪،‬‬ ‫جاء فيها‪:‬‬ ‫«إنها مناسبة كرمية مباركة مو ّفقة‪ ،‬بتوفيق‬ ‫اهلل وكرَمه ودوام حمده‪ .‬هي وضع حجر األساس‪،‬‬ ‫لبناء مركز صحي‪ ،‬تك ّر َمت به اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية الكرمية‪ ،‬ممثلة بحضور سفيرها ّ‬ ‫الشهم‬ ‫الهمة‪ ،‬س ّيد‬ ‫الغضنفر‪ ،‬مبساندة الس ّيد العالي‬ ‫ّ‬ ‫املقدر‪،‬‬ ‫وبهمة الوئام الشجاع الوفي‬ ‫األمة املو ّقر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكل عمل صحيح صالح‪.‬‬ ‫هذا املركز مؤسسة للرعاية الصحية‪،‬‬ ‫وبلسم للجراح‪ ،‬وواحة لألمن واالستشفاء‪ ،‬في‬ ‫قلب الشوف احلبيب املعطاء‪ ،‬مش ّرعة أمام كل‬ ‫محتاج‪ ،‬نهجا ً في الرعاية والعناية والعالج على‬ ‫أحسن منهاج‪ .‬وقد أطلق عليه‪« :‬مركز الصحابي‬ ‫سلمان الفارسي الصحي‪ ،‬تش ّرفا ً وتب ّركا ً بإسم‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫درع تقدير للسفير االيراني من وهاب والشيخ ابو ذياب‬

‫الشيخ ابو ذياب‬

‫وصلة وصل حبيبة‪ ،‬جتمع‬ ‫الصحابي الكرمي اجلليل‪ِ ،‬‬ ‫بيننا وبني بالد إيران العزيزة النجيبة‪ ،‬بالد العلم‬ ‫والتقوى واملعرفة‪ ،‬املعززة املش ّرفة‪ ،‬ك ّرمها اهلل‬ ‫تعالى‪ ،‬وك ّرم سلمانها وأهل سلمانها وأحسن‬ ‫عنا إحسانها‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫وحيث أنكم تك ّرمتم وش ّرفتم‪ ،‬فقد ُ‬ ‫ق ِدمتم يا ضيوف اجلُودِ أهال ‬ ‫املكان‬ ‫أزا َن قدومكم صدر‬ ‫ِ‬ ‫سلم ا ً‬ ‫حملتم من ندى إيران ِ‬ ‫َّ‬ ‫يعط ُر طيبه ركن املباني‬ ‫أال يا قرية التوحي ِد ضيئي‬ ‫املكارم والتهاني‬ ‫بأنوار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرصعة بإسم فارسي ‬ ‫ّ‬ ‫صرح الهداية خي ُر باني‬ ‫بنى‬ ‫َ‬ ‫أع ّز احلقَّ واإلسال َم ع ّز ا ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الهوان‬ ‫سقى أحزابهم ذل‬ ‫ِ‬ ‫أمنوه ‬ ‫شيوخ اجلاهلية ّ‬ ‫أمان‬ ‫عليهم فاستم ّروا في ِ‬ ‫وأموا س ّيد اإلسالم ُجندا ‬ ‫ّ‬ ‫فوافاهم بأحضان احلنان‬ ‫أسدا ً أباة ‬ ‫وكانوا حول ُه ُ‬ ‫بنجدتهم صحيح الدين هاني‬ ‫وفاء‬ ‫جزا اإلحسان إحسان ٍ‬ ‫امتنان‬ ‫ألهل اجلودِ في أوفى‬ ‫ِ‬ ‫فإ ّن اجلود مرقاة املعالي‬ ‫وحس ُن اجلودِ من أسمى املعاني‬ ‫ُ‬ ‫مباركة مكارمكم كرمتم ‬ ‫صان‬ ‫ستُبنى في حمى ِّ‬ ‫الرب امل ُ ِ‬ ‫فنشكر جودكم شكرا ً وفير ا ً‬ ‫الزمان‬ ‫العلى طول‬ ‫ونحم ُد ذا ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تبارك بيته دوما ً وص ّلى ‬ ‫آن‬ ‫على هادي ال َبر ّي ِة كل ِ‬ ‫نسأل اهلل تبارك وتعالى أن يبارك هذا العمل‬ ‫الكرمي‪ ،‬ويجعله مباركا ً مسهّ الً مو ّفقا ً ُمصاناً‪،‬‬ ‫ونح ّيي القيادة اإليرانية الرفيعة‪ ،‬شاكرين لها‬ ‫كثيرا ً حسن صنيعها‪ ،‬في هذا الزمن الكثير‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ .....‬وعباءة من جبل العرب‬

‫‪...‬ودرع من رئيس بلدية اجلاهلية امني ابو ذياب‬

‫صورة سلطان باشا االطرش من وفد سوريا الى وهاب‬

‫‪10‬‬


‫امللحة إلى‬ ‫الباليا والصعوبات‪ ،‬الشديد احلاجة‬ ‫ّ‬ ‫املستشفيات واملعنويات‪ .‬ونشكر جميع احلاضرين‬ ‫املك ّرمني‪ ،‬على هذه املساهمة النبيلة»‪.‬‬ ‫«قدمت إيران الكرمية للبنان‬ ‫وختم أبو ذياب‪ّ :‬‬ ‫الغالي املعونة والدعم واملساندة الوفيرة‪ ،‬بال‬ ‫وسخَ ت سخا ًء‬ ‫طلب عوض وال شرط وال منّة‪َ .‬‬ ‫غزيرا ً في البذل والعمران‪ ،‬كي يبقى لبناننا‬ ‫صامدا ً صاعدا ً قويا ً عزيزاً‪ ،‬في وجه الظلم والتآمر‪،‬‬ ‫والدمار والتقهقر‪ .‬ف ُق ُدما ً ق ُدما ً يا لبنان‪ ،‬بجيشك‬ ‫ومقاومتك وشعبك إلى األمام‪ ،‬مبعاضدة سوريا‬ ‫وقيادتها احلكيمة‪ ،‬واألشقاء العرب وإيران‪ ،‬وكل‬ ‫َمن ه ّز قلبه في هذا العالم مشاعر الشهامة‬ ‫واملروءة واإلباء والعنفوان‪ .‬ق ُدما ً على مواجهة‬ ‫ظلم العدوان‪ ،‬وخم ْد نيران الطغيان‪ ،‬دفاعا ً واعتزازا ً‬ ‫للبنان خير األوطان‪ ،‬وصيانة لكرامة اإلنسان في‬ ‫لبنان وكل مكان»‪.‬‬

‫ُور َكت مساعيكم لهذا‬ ‫أبو فخر‪ :‬ب ِ‬ ‫املشروع اخليري‬ ‫كما كانت كلمة ملشايخ سوريا ألقاها‬ ‫الشيخ ياسر أبو فخر‪ ،‬قال فيها‪« :‬يقول اهلل‬ ‫سبحانه في محكم تنزيله‪« :‬إ ّن الذين ينفقون‬ ‫فلهم‬ ‫أموالهم بالليل والنهار س ّرا ً وعالنية‬ ‫ُ‬

‫الشيخ ابو فخر‬

‫ٌ‬ ‫خوف عليهم وال هم‬ ‫أجرهم عند ر ّبهم وال‬ ‫يحزنون»‪.‬‬ ‫من محاسن األمور أن نلتفت قليال ً إلى الوراء‬ ‫لنحمل زادا ً للمستقبل‪ ،‬وأظنكم تعلمون بأن‬ ‫س ّيدنا سلمان الفارسي رضي اهلل عنه لم‬ ‫يفته زيارة لبنان وهذه البقعة لطيبة املباركة‪،‬‬ ‫بل لم ي ُفت هذه الدوحة أن تتشرف بزيارة سيدنا‬ ‫سلمان أحد الصحابى األبرار للرسول األعظم‬ ‫(ص)‪ .‬كم جميل أن جنتمع في هذه املناسبة‬ ‫على اخلير واإلحسان ونقتفي دربه ونقتات من‬ ‫زاده ونتف ّيأ حتت ظالله في دوحة إميانية غنّاء»‪.‬‬

‫وضع حجر االساس ‪ :‬الشيخ بو ذياب‪ ،‬اخلليل‪ ،‬ابادي‪ ،‬الداوود‪ ،‬وهاب‬

‫وتابع‪« :‬إ ّن وضع حجر األساس لهذا املشروع‬ ‫والب ّر‬ ‫اخليري النبيل لِبن ٌة ط ّيب ٌة من لِبنات اخلير ِ‬ ‫والفالح‪ .‬ب ُ َ‬ ‫وركت مساعيكم وأنتم حتملون هذه‬ ‫املناقب في جوانحكم ومتهرون بسواعدكم‬ ‫وإميانكم معلما ً إنسانيا ً في ربوع لبنان ورياضه‬ ‫دأب أفاضل‬ ‫املتألقة عقيد ًة ومسلكاً‪ .‬فهذا ُ‬ ‫الناس‪ ،‬وكرام احملسنني وسير األتقياء العارفني‪،‬‬ ‫وإنني أمتثل منكم ما قاله شاعر من شعراء‬ ‫العربية‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫كل اخلصال التي فيكم محاسنكم‬ ‫فتشابَهت منكم األخالق واخلُلقُ‬ ‫كأنكم شج ٌر طابَت منابته‬ ‫حمال ً وزهرا ً وطاب العود والور ُق‬ ‫ْ‬ ‫وتوجه أبو فخر بالشكر «للجمهورية‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية اإليرانية على مساعدتها في إمتام‬ ‫املشروع‪ ،‬ولوهاب «الذي دأب وإخوانه لدعوة‬ ‫أهلهم في سوريا العربية التي آلت على‬ ‫نفسها أن تبقى سياجا ً لهذه األمة وحصنا ً‬ ‫منيعا ً للعروبة واحملبة والسالم في ظل القيادة‬ ‫الرشيدة للس ّيد الرئيس بشار األسد»‪.‬‬

‫أبادي‪ :‬إيران حتمل رسالة خير‬ ‫ومحبة لكل شعوب العالم‬ ‫كما كان كلمة لسفير اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية في لبنان د غضنفر ركن أبادي‪ ،‬قال‬ ‫فيها‪« :‬جنتمع اليوم من أجل أن نضع حجر‬ ‫األساس إلنطالق أعمال بناء مستشفى‬ ‫احملمدي‬ ‫الصحابي اجلليل سلمان الفارسي‬ ‫ّ‬ ‫رضوان اهلل تعالى عليه‪ ،‬الذي قال فيه رسول‬ ‫الرحمة والهدى محمد (ص)‪« :‬سلمان منّا‬ ‫أهل البيت»‪ ،‬الذين أذهب اهلل عنهم الرجس‬

‫‪11‬‬

‫السفير ابادي‬

‫وطهرهم تطهيراً‪ .‬فجعلهم حبل اهلل املمدود‬ ‫وكتابه الناطق وسفينة النجاة وأحد الثقلني‬ ‫بعد كتاب اهلل‪ ،‬فإنهما لن يفترقا حتى ير ّدا‬ ‫س ِئل اإلمام‬ ‫َ‬ ‫احلوض على النبي محمد (ص)‪ُ .‬‬ ‫علي (ع) عن سلمان الفارسي‪ ،‬فقال‪« :‬ذلك امر ٌؤ‬ ‫من أهل البيت َمن لكم مبثل لقمان احلكيم‬ ‫ّ‬ ‫علم العلم األول والعلم اآلخر وقرأ الكتاب األول‬ ‫َ‬ ‫واآلخر وكان بحرا ً ال ينزف»‪.‬‬ ‫«مستشفى الصحابي سلمان الفارسي»‪،‬‬ ‫يؤ َمل أن تكون واحة حضارية في هذه املنطقة‬ ‫العزيزة من لبنان‪ ،‬تؤمن اخلدمات الصحية‬ ‫والرعاية الطبية للشعب اللبناني ال سيما‬ ‫سكان هذا اجلبل األشم‪ .‬ومساهمتنا في‬ ‫بناء هذه املستشفى يأتي في سياق املشارع‬ ‫اإلمنائية واإلنسانية التي تدعمها اجلمهورية‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫اإلسالمية اإليرانية التزاما ً منها بالنهج الذي‬ ‫أرساه باعث النهضة اإلسالمية في العصر‬ ‫احلديث ومؤسس اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫اإلمام روح اهلل املوسوي اخلميني (ق)‪ ،‬بالوقوف‬ ‫إلى جانب لبنان وشعبه العزيز ومقاومته‬ ‫الشريفة الباسلة التي صنعت مجد لبنان‬ ‫والعرب واملسلمني عندما حققت نصر أيار‬ ‫األول عام ‪ 2000‬على العدو الصهيوني الذي‬ ‫اندحر من لبنان يج ّر أذيال اخليبة واالنكسار‪.‬‬ ‫وحققت نصرا ً إلهيا ً آخر في متوز عام ‪،2006‬‬ ‫عندما تآمر العالم بأجمعه على لبنان وشعبه‬ ‫مع العدو الصهيوني املنهزم مرة أخرى ومعه‬ ‫مشروع الشرق األوسط اجلديد الذي ّ‬ ‫بشر به‬ ‫أسياده األميركيني الذين تتهاوى مشاريعهم‬ ‫أمام صمود شعوب املنطقة ومقاومتهم في‬ ‫لبنان وسوريا والعراق وفلسطني ولن تنجح كل‬ ‫مؤامراتهم وخططهم في زرع الفنت بني شعوب‬ ‫أمتنا اإلسالمية وحتويل األنظار عن مأزقهم‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادية والسياسية واتّهام اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية باتهامات باطلة كاذبة زائفة‬ ‫وهي احلريصة على وحدة األمة اإلسالمية وعلى‬ ‫أفضل روابط األخ ّوة واحملبة والصداقة مع الدول‬ ‫العربية واإلسالمية وفي الطليعة مع اململكة‬ ‫العربية السعودية الشقيقة‪ ،‬التي ندعوها‬ ‫للتمييز بني العدو الشقيق احلريص على وحدة‬ ‫األمة واتحّ ادها في مواجهة ما يُراد لها من فتنة‬ ‫وشقاق لن حترق إال ُمشعليها‪ .‬فاجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية ومنذ قيام ثورتها املباركة‬ ‫لم تكن إال داعية محبة وحدة في مواجهة‬ ‫وحماته الدول ّيني»‪.‬‬ ‫العدو الصهيوني ُ‬ ‫وتابع أبادي‪« :‬إننا في اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬وفي ظل القيادة احلكيمة للولي‬ ‫القائد اإلمام الس ّيد علي اخلامنئي دام ظ ّله‪،‬‬ ‫وحكومة الرئيس الدكتور محمود أحمدي جناد‪،‬‬ ‫نحمل رسالة اخلير واحملبة لكل شعوب العالم ال‬ ‫أمتنا اإلسالمية‪ ،‬داعمني الثورات العربية‬ ‫سيما ّ‬ ‫من أجل السيادة واحلرية والتحرر من الهيمنة‬ ‫األميركية الصهيونية وعمالئهم‪ ،‬داعني إلى‬ ‫اليقظة والوعي ملؤامرات األعداء حلرف هذه‬ ‫الثورات عن مسارها وعن أهدافها الوطنية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬وعدم االستسالم أمام االستبداد‬ ‫واالستعمار ورفض التمييز القومي والعنصري‬ ‫واملذهبي ورفض الصهيونية رفضا ً صريحا ً وعدم‬ ‫الثقة إطالقا ً بأميركا والغرب‪ ،‬وإ ّن أولئك الذين‬ ‫يثيرون نيران التفرقة املذهبية أو يعمدون إلى‬ ‫وجنده‬ ‫تكفير هذا وذاك هم عمالء الشيطان ُ‬ ‫حتى لو لم يعلموا هم بذلك‪ ،‬وإ ّن هدفنا جميعا ً‬ ‫التوجه نحو األمة الواحدة‬ ‫يجب أن يتم ّثل في‬ ‫ّ‬ ‫وبناء احلضارة اإلنسانية اجلديدة على أساس‬ ‫القيم اإللهية والعقالنية والعلم واألخالق‪.‬‬ ‫نتوجه إلى العلي القدير أن يأخذ بأيدينا جميعا ً‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫خير‪ ،‬ونحن اليوم نؤسس للخير من خالل‬ ‫لكل ٍ‬ ‫املساهمة في بناء هذا الصرح الطبي املبارك‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ليكون على الدوام خيرا ً في خدمة اإلنسان»‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬قرية التوحيد لكل‬ ‫احملتاجني وليس للموحّ دين فقط‬ ‫واختتم احلفل بكلمة لرئيس حزب «التوحيد‬ ‫العربي» الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬فقال‪« :‬نضع‬ ‫يدنا اليوم مع سفير اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية وممثل الرؤساء الثالثة واملشايخ األجالء‬ ‫لبدء أعمال هذا املشروع وأمتنى أن نفتتح املرحلة‬ ‫األولى منه كذلك بوجود الدكتور غضنفر‬ ‫ركن أبادي الذي كانت له األيادي البيضاء مع‬ ‫املسؤولني في طهران لتأمني املساهمة في‬ ‫إطالق املشروع وهي مساهمة تسمح ببدء‬ ‫األعمال خالل األيام املقبلة»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬ال نلتقي اليوم لوضع حجر األساس‬ ‫لقرية التوحيد فقط رغم أهمية املناسبة‪ ،‬بل‬ ‫نلتقي لنضع حجر االساس ملشروع بناء إنسان‬ ‫جديد ال ي ُ ًّذل على أبواب مستشفى وال يقف‬ ‫شحاذا ً من أجل خدمة أو حاجة‪ .‬نلتقي وك ّلني‬ ‫أمل أن أصل الى الوقت الذي ال ميوت فيه إنسان‬ ‫غير قادر على دخول مستشفى أو عاجز عن‬ ‫مسن ألن ال دار للعجزة تهتم‬ ‫تأمني دواء أو يُرمى‬ ‫ّ‬ ‫به أو يهمل مدمن عالجه غير متوفر»‪.‬‬ ‫وأكد وهاب أنه «مشرو ٌع لكل فقير في هذا‬ ‫اجلبل من إقليم اخلروب الى الشوف وعاليه‬ ‫واملنت وراشيا وحاصبيا وبيروت والسويداء وجبل‬ ‫الشيخ ولن يُقفل بابه يوما ُ بوجه فقير‪ .‬هو‬ ‫مشروع ليس فقط للتوحيدي بل للتقدمي‬ ‫االشتراكي وللسوري القومي االجتماعي‬ ‫وللشيوعي وللبعثي وللدميقراطي وللعوني‬ ‫وطبعا ً للرفاق في حركة النضال الذين هم‬ ‫أصحاب هذا املشروع الى جانبنا‪ ،‬وكذلك أبوابه‬ ‫مفتوحة أمام الكتائبي والقواتي في املنطقة‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫هذه وصيتي لنفسي أوال ً ولرفاقي وأوالدي ثانياً‪،‬‬ ‫وهذه رغبة اجلمهورية اإلسالمية وسعادة‬ ‫السفير‪ ،‬أن يكون املشروع للمسيحي كما‬ ‫للدرزي وللسني كما للشيعي ولن نفرق بني‬ ‫ُمحتاج وآخر»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬قرية التوحيد هي سري ٌر للمريض‬ ‫وبيت للعاجز ومركز للمدمن لعالجه‪ ،‬وإنشاء‬ ‫ٌ‬ ‫اهلل ستكون في املستقبل جامعة ومدرسة‬ ‫لطالب العلم ومالذا ً لكل مظلوم‪ .‬وهل ميكن أن‬ ‫حمى سلمان الفارسي؟»‪.‬‬ ‫يُظلم أحد وهو في َ‬ ‫وتوجه للسفير اإليراني بالقول‪« :‬إ ّن احلجر‬ ‫ّ‬ ‫الذي ستقوم بوضعه اليوم على هذه األرض‬ ‫اجلبلية الط ّيبة سيبقى مرصوصا ً في مداميك‬ ‫هذا اجلبل العربي املقاوم‪ ،‬وستبقى بعهدة‬ ‫املوحدين‬ ‫الفارسي سلمان‪ ،‬حتميها سواعد‬ ‫ّ‬ ‫وشموخ ُجند املقداد والصحابى أجمعني»‪.‬‬ ‫وتط ّرق وهاب ملا يحصل في املنطقة والعالم‪،‬‬ ‫فقال‪« :‬إ ّن كل القرارات الدولية هي أميركية‬ ‫ صهيونية بد ًءا بالقرار ‪ 1559‬حتى إنشاء ما‬‫املتحمس‬ ‫يُسمى بـ «احملكمة الدولية» املز ّورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعضهم لتمويلها ولديه عقارات وأموال كبيرة‪،‬‬ ‫فليم ّولها من جيبه وليس من جيوب اللبنانيني‬ ‫ولكن حتى لو دفعتم مليارات الدوالرات فقد‬ ‫أصبحت حتت أقدامنا»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪« :‬وحدها قرارات املقاومة في لبنان‬ ‫وفلسطني والعراق‪ ،‬استطاعت تغيير وتبديل‬ ‫املعادالت‪ ،‬وأعادت لنا األرض في لبنان‪ ،‬وأعادت لنا‬ ‫األسرى واملعتقلني في لبنان وفلسطني‪ ،‬وأجبرت‬ ‫جيوش االحتالل على مغادرة العراق بعد شهرين‬ ‫بجهود اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية وكل محور‬ ‫املمانعة في املنطقة‪ .‬إنها املعادلة اجلديدة التي‬ ‫فرضت نفسها‪ ،‬بدعم من اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬واجلمهورية العربية السورية‪ ،‬والتي‬ ‫يحاول العالم اليوم مبَن فيهم عرب الردَّة‬ ‫ّ‬ ‫وفك‬ ‫واخليانة النيل من صمودها وممانعتها‬ ‫ارتباطها العضوي مع اخلط املقاوم‪ ،‬فما يجري‬ ‫في سوريا ليس إصالحا ً وال حريات‪ ،‬بل محاولة‬ ‫لضرب هذا احملور اجملاهد واملؤمن مبواجهة التنني‪،‬‬ ‫والذي استطاعت سوريا قطع رأسه‪ ،‬و َمن ينتظر‬ ‫تركيا أقول له إ ّن َمن يحكمها حزب عاجز لن‬ ‫يتمكن من تخليص مشاكله الداخلية واذا فكر‬ ‫في تصدير املشكلة الى اخلارج سيدفع الثمن»‪،‬‬ ‫مؤكدا ً أ ّن «ايران ستبقى رغم كل التهديدات‬ ‫واثقة من املواجهة املكشوفة‪ ،‬فال تعني لها‬ ‫االتهامات شيئاَ‪ ،‬وستبقى في موقعها وموقفها‬ ‫بقيادة اإلمام اخلامنئي وبرئاسة الرئيس محمود‬ ‫أحمدي جناد»‪.‬‬ ‫وتوجه للسيد حسن نصر اهلل بالقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫«أعرف كم بذلتم من اجلهد ملساعدتي في هذا‬ ‫املشروع ونحن على عهدنا معكم ومع املقاومة‬ ‫ما حيينا‪ ،‬فهي عزّنا وفخرنا وكرامة هذه األمة‪،‬‬ ‫وهي التي أعادت لهذه األمة مجدا ً افتقدته»‪.‬‬ ‫وأثنى وهاب على املوقف األخير لروسيا‬


‫والصني في مجلس األمن معتبرا ً أنه «أعاد‬ ‫شيئا من التوازن للموقف الدولي وأوقف اجلنون‬ ‫أمتنا ونتمنى أن‬ ‫دمر جزءا ً من ّ‬ ‫األميركي الذي ّ‬ ‫يستمر هذا املوقف الرافض للتدخل في شؤون‬ ‫دول املنطقة»‪.‬‬ ‫أما لشركاء حزب «التوحيد العربي» في اجلبل‬ ‫والطائفة الدرزية‪ ،‬قال وهاب‪« :‬إ ّن اجلبل بحاجة‬ ‫لكل جهودنا لننهض به‪ ،‬فقد دفع طويال ً ثمن‬ ‫إهمال الدولة‪ ،‬من هنا فلنبدأ بناء املؤسسات‬ ‫فيه‪ .‬ولشريكنا املسيحي نقول‪ :‬عودوا بكثافة‬ ‫فاجلبل بحاجة إليكم ونحن بحاجة لكم‬ ‫لنبني اجلبل معا ً وأحداث املاضي األليمة دُ ِفنت‬ ‫إلى غير رجعة»‪ ،‬مخاطبا ً احلضور اآلتي من‬ ‫سوريا‪« :‬موقفكم هو الصحيح‪ ،‬فليرضى َمن‬ ‫يرضى وليزعل َمن يزعل‪ ،‬فأنتم لستم أصحاب‬ ‫هذا املوقف فحسب‪ ،‬ال بل ح ّراسه الذي كان‬ ‫لسلطان باشا األطرش الفضل فيه‪ .‬وألهلنا‬ ‫في اجلوالن احملتل نقول‪ :‬قريبا ً سنكون معكم‬ ‫إلى جانب اجليش العربي السوري‪ ،‬وسنق ّبل‬ ‫عمائمكم الطاهرة أيها الصامدون املقاومون‪،‬‬ ‫لقد بقيتم إلى جانب سوريا‪ ،‬وهذه األمة‬ ‫معكم وإلى جانبكم»‪.‬‬ ‫وتوجه للتوحيديني‪« :‬كونوا فوق الصراعات‬ ‫ّ‬ ‫الصغيرة وال تتدخلوا بها‪ ،‬فنحن ال نؤمن‬ ‫بكل الصراعات التقليدية بل نؤمن باإلنسان‬ ‫التوحيدي من كل املناطق والطوائف‪ ،‬نحن ال‬ ‫نؤمن بصراعات الناطور واخملتار فلنتركها ملَن‬ ‫يحبها ولنعلو الى فوق حيث الصراع احلقيقي‬ ‫لعزّة األمة وكرامتها»‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول‪« :‬أعد أبناء اجلبل بأننا لن‬ ‫نو ّفر جهدا ً ملساعدة كل ُمحتاج أو يتيم أوعاجز‬ ‫أو طالب‪ ،‬وسأجعل من قرية التوحيد منوذجا ً‬ ‫يحفظ كرامة اإلنسان ألنكم كرام وأهل كرامة‬ ‫وكرم‪ .‬ولن نقبل بعد انتهاء مشروعنا بأن يقف‬ ‫إنسان ليشحذ اخلدمة وال أن ت ُهان كرامة إنسان‬ ‫ليحصل على دواء»‪.‬‬

‫أبادي ُمك َّرماً من وهاب والبلدية‬ ‫ووفود سوريا‬ ‫وس ّلم وهاب السفير اإليراني د‪ .‬غضنفر ركن‬ ‫أبادي قالدة التوحيد تقديرا ً جلهوده في تأمني‬ ‫وقدمت بلدية اجلاهلية‬ ‫املساعدة لبناء املشروع‪ّ ،‬‬ ‫له «درع األرز»‪ ،‬كما ألبسه وفد مشايخ السويداء‬ ‫مقدما ً درعني تقديريني لكل‬ ‫عباءة اجلبل العربية‪ّ ،‬‬ ‫من أبادي ووهاب‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬سالي نوفل‬

‫احلضور الرسمي‪:‬‬ ‫وزير الصحة علي حسن خليل ممثالً للرؤساء الثالثة‪ :‬رئيس اجلمهورية اللبنانية ميشال‬ ‫سليمان‪ ،‬رئيس مجلس النواب نبيه بري‪ ،‬ورئيس مجلس الوزراء جنيب ميقاتي‪ ،‬الرئيس‬ ‫السابق إميل حلود ممثالً بالنائب إميل إميل حلود‪ ،‬األمني العام لـ «حزب اهلل» سماحة السيد‬ ‫حسن نصر اهلل ممثالً باحلاج محمود قماطي‪ ،‬رئيس تكتل التغيير واإلصالح النائب ميشال‬ ‫عون ممثالً بالوزير ماريو عون على رأس وفد من التيار‪ ،‬املفتي محمد علي املقداد ممثالً نائب‬ ‫رئيس اجمللس اإلسالمي الشيعي األعلى الشيخ عبد األمير قبالن‪ ،‬الشيخ نزيه العريضي َ‬ ‫ممثال‬ ‫شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب‪ ،‬السيدة سميرة سريدار ممثلة‬ ‫لوزير االتصاالت نقوال صحناوي‪ ،‬قائمقام الشوف جورج صليبي ممثالً وزير الداخلية والبلديات‬ ‫مروان شربل‪ ،‬العقيد مجدي أبو ضرغم ممثال املدير العام ألمن الدولة اللواء جورج قرعة‪ ،‬ممثل‬ ‫قيادة حركة أمل د‪ .‬محمد داغر وأحمد احلاج مسؤول حركة أمل في منطقة الشوف‪ ،‬الوزير‬ ‫علي قانصو ممثالً لرئيس احلزب السوري القومي اإلجتماعي الوزير السابق أسعد حردان على‬ ‫رأس وفد من الرفاق في احلزب (منفذية الشوف)‪ ،‬د‪ .‬بشار األسعد ممثالً للسفير السوري في‬ ‫لبنان‪ ،‬احملامي فادي يونس ممثالً النائب أنور اخلليل‪ ،‬الشيخ مرسل نصر الرئيس السابق حملكمة‬ ‫االستئناف الدرزية العليا‪ ،‬الوزير األسبق زاهر اخلطيب‪ ،‬األمني العام حلركة النضال اللبناني‬ ‫العربي النائب السابق فيصل الداوود‪ ،‬النائب زياد أسود‪ ،‬النائبني السابقني عدنان عرقجي‬ ‫ووجيه البعريني‪ ،‬هالل شهيب ممثالً األميرة حياة أرسالن‪ ،‬وفد من جتمّ ع العلماء املسلمني‪،‬‬ ‫وفد من احلركة الس ّنية لدعم املقاومة اإلسالمية برئاسة الشيخ ماهر مزهر‪ ،‬العميد رياض‬ ‫أبو خزام‪ ،‬وفد من تيار اجملتمع املدني املقاوم‪ ،‬رئيسات القطاع النسائي في التيار الوطني احلر‬ ‫وتيار املردة نينا سليم وميرنا زخريا‪ ،‬د‪ .‬ميساء بركات ممثلة جمعية شؤون املرأة اللبنانية‪،‬‬ ‫وممثلي الفصائل الفلسطينية في لبنان‪ :‬حسن زيدان أمني سر فتح اإلنتفاضة‪ ،‬احلاج طه‬ ‫احلاج أمني عام تكتل حق العودة‪ ،‬محمود صالح املسؤول اإلعالمي في فتح االنتفاضة‪ ،‬وليد‬ ‫جمعة ممثالً جلبهة التحرير الفلسطينية يرافقه السيد محمد ياسني‪ ،‬الشيخ نزيه مكارم‬ ‫والشيخ عز الدين مكارم‪ ،‬رئيس بلدية املِشرف يوسف عون‪ ،‬رئيس بلدية اجلاهلية أمني بو‬ ‫ذياب‪ ،‬وفد من نقابة إحتاد املصارعني احملترفني في لبنان‪ ،‬إضافة لرؤساء بلديات ومخاتير من‬ ‫كافة املناطق اللبنانية‪.‬‬

‫التمثيل الدبلوماسي‪:‬‬ ‫سفيرة اجلمهورية الفنزويلية في لبنان سعاد كرم‪ ،‬سفير جمهورية كوبا مانويل سرانو‪،‬‬ ‫ممثل السفارة الروسية في لبنان إيغور بوزيشن‪ ،‬مستشار السفارة الصينية في لبنان تشاو‬ ‫قوانغ لينغ‪ ،‬السيد جمال عيسى ممثالً لسفارة فلسطني في لبنان يرافقه السيد سعيد‬ ‫عيسى‪ ،‬قنصل لتوانيا د‪ .‬معن هنيدي‪.‬‬

‫احلضور الديني‪:‬‬ ‫الشيخ نزيه العريضي ممثالً شيخ عقل طائفة املوحدين الشيخ نصر الدين الغريب‪ ،‬املرجع‬ ‫الروحي لدى طائفة املوحدين الدروز الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين ممثالً بالشيخ حامت‬ ‫أبوضرغم‪ ،‬الشيخ أكرم الصايغ ممثالً املرجع الروحي الشيخ أمني الصايغ‪ ،‬مؤسسة العالمة‬ ‫املرحوم السيد ابو حسن عارف حالوي برئاسة الشيخ بهجت حالوي على رأس وفد من الهيئة‬ ‫اإلدارية للمؤسسة‪ ،‬وفد من مشايخ هيئة العمل التوحيدي‪ ،‬إضافة لوفود دينية وشعبية‬ ‫من سوريا‪ :‬عطوفة األمير غازي األطرش عى رأس وفد من مشايخ ورجال السويداء‪ ،‬وفد من‬ ‫مشايخ جبل العرب‪ ،‬محافظ طرطوس د‪ .‬سليم كبّول على رأس وفد من جبل الشيخ‪ ،‬مختار‬ ‫اجلوالن عصام شعالن يرافقه فرحان وأنور شعالن‪ ،‬ووفد من جرمانا برئاسة الشيخ أبو وجيه‬ ‫صالح فاهمي‪.‬‬ ‫إضافة لوفود وحشود شعبية وحزبية ومناطقية مناصرة وغير مناصرة لـ «حزب التوحيد‬ ‫العربي»‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫مواكبة إعالمية للحدث اإلنمائي‬ ‫واكبت وسائل اإلعالم املرئية واملسموعة واملكتوبة وااللكترونية‪ ،‬حدث وضع حجر األساس لبناء مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫(ع) ونقلته بعضها مباشرة‪ ،‬وقد ش ّددت على أهمية أن يقوم رئيس “حزب التوحيد العربي”‪ ،‬بهذه اخلطوة‪ ،‬واعتبرتها أنها تأتي في إطار تأكيد‬ ‫الوجود السياسي لوئام وهاب‪ ،‬وااللتفاف الشعبي حول احلزب‪ ،‬ومباركة وتأييد لهذا املشروع اإلمنائي‪ ،‬وهنا أبرز ما جاء في وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫إبرة وهاب «املغبغبي» وعشاء جنبالط‬ ‫الباريسي‬

‫جان عزيز ـ االخبار‬

‫كتب الزميل جان عزيز في االخبار مقاالً حول‬ ‫وضع حجر االساس للمستشفى هنا نصه‪:‬‬

‫حني كان وئام وهاب يفتتح مشروعه اخلدماتي في‬ ‫الشوف قبل يومني‪ ،‬كان ثمة فصل أساسي من تاريخ‬ ‫لبنان املعاصر‪ ،‬وفصل آخر من مستقبله القلِق واحملت َمل‪،‬‬ ‫ينفتحان على صفحة ذلك احلجر األساس‪.‬‬ ‫كأن ابن قرية اجلاهلية املتواضعة‪ ،‬وهو يدشن‬ ‫شراكته اخلدماتية مع أبناء البكوات‪ ،‬من الن ّد الى‬ ‫«الن ّدين»‪ ،‬كان يستذكر واقعة ذهاب كمال جنبالط‬ ‫للتعزية بوفاة زلفا كميل شمعون‪ .‬يروى أن سيد اخملتارة‬ ‫كان متأثرا ً حزيناً‪ .‬غير أن ما فاجأ مرافقيه أنه أطال‬ ‫اجللوس‪ ،‬كأنه من أهل بيت خصمه اللدود‪.‬‬ ‫حتى لفته أحدهم الى ذلك‪ ،‬فأجابه‪ :‬للسيدة زلفا‬ ‫دين علينا‪ .‬عقب انتخابات عام ‪ ،1957‬وحدها سعت مع‬ ‫زوجها الرئيس إلى التريث في إعالن النتائج‪ ،‬سعيا ً إلى‬ ‫ما يجنبنا ظهور الهزمية‪ ...‬علما ً أننا كنا قد سقطنا‬ ‫يومها أوال ً بأصوات الناس الذين ابتعدنا عنهم‪ ،‬فتقرب‬ ‫منهم نعيم مغبغب بخدماته وحقيبة األشغال التي‬ ‫لم يشغلها ألكثر من سنة‪ ،‬بني أيلول ‪1954‬وأيلول‬ ‫‪.1955‬‬ ‫وكأن اجلنبالطيني كانوا يدركون في سرهم تلك‬ ‫احلقيقة‪ .‬وهو ما و ّلد‪ ،‬رمبا‪ ،‬في نفوسهم هذا احلقد‬ ‫الدفني‪ ،‬الذي جعلهم تلك العشية من متوز ‪،1959‬‬ ‫ينقضون على نعيم مغبغب باخلناجر واملِدى على أبواب‬ ‫ّ‬ ‫بيت الدين‪ ،‬فيقتلونه ببربرية‪ ،‬على مرأى من قائد اجليش‬ ‫ورئيس أركانه‪ ،‬و«في حمى األمير»‪ ،‬كما ّ‬ ‫سطر تلك الليلة‬ ‫ميشال أبو جودة‪ ،‬بحبر قلمه‪ ،‬واألكثر بدم يديه الالحق‪.‬‬ ‫بعدها صارت حقيبة األشغال‪ ،‬أو ما يوازيها‪ ،‬شرطا ً‬ ‫ملشاركة سيد اخملتارة في احلكومة‪ .‬وصار الزعيم‬ ‫«التقدمي االشتراكي» مدمنا ً الئحته املعروفة في‬ ‫زياراته األسبوعية لقصر الرئاسة‪ .‬الالئحة التي تبدأ‬ ‫باملطالبة باالعتراف بالصني الشعبية‪ ،‬وتنتهي بتعيني‬ ‫شاويش في آخر «مخفر درزي»‪ .‬حتى شاعت مقولة‬ ‫فؤاد شهاب له‪ ،‬فور سحبه الئحته من جيبه‪ :‬األفضل‬ ‫أن تبدأ من البند األخير‪...‬‬ ‫غير أن جنبالط االبن ذهب أبعد في اللعبة‪ ،‬بعدما‬ ‫توافرت له كل مقتضيات احتكارها‪ :‬احلرب‪ ،‬وتراجع‬ ‫الزعامات الدرزية األخرى‪ ،‬واخلدمات اجلليلة التي‬ ‫أسداها إليه أخصامه املسيحيون‪ ،‬والتي كرسته‬ ‫زعيما ً أوحد للدروز‪ ،‬وسيدا ً مطلقا ً النتشار جغرافي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫متواصل‪ ،‬يتحكم في لبنان وفي نظامه‪ .‬غير أن األخطر‬ ‫في لعبة جنبالط‪ ،‬هو ما يستسهل ارتكابه لتأبيد‬ ‫تفجر كل الوطن‪.‬‬ ‫زعامته اإلقطاعية‪ ،‬من عوامل قد ّ‬ ‫منها إصراره على ضرب الوجود املسيحي في اجلبل‪.‬‬ ‫وهو ما ّ‬ ‫نفذه على نحو منهجي مدروس ومستمر‪ ،‬من‬ ‫دون أي فهم للحقائق التاريخية للجبل نفسه وللبنان‪.‬‬ ‫حتى انتهى بعد ثالثني عاما ً ونيف الى الكارثة‪ .‬فبني‬ ‫آذار ‪ 1977‬وأيار ‪ ،2008‬أجهز جنبالط بالكامل على‬ ‫«احلزام» املسيحي اجلبلي‪ .‬فوجد نفسه مباشرة في‬ ‫مواجهة جبهية مع املكونات األخرى جلبل لبنان‪ ،‬فكان‬ ‫‪ 7‬أيار وكانت الكارثة‪ .‬ال لشيء‪ ،‬إال ألن هناك من يجهل‬ ‫طبيعة حراك اجلماعات اللبنانية املؤسسة للكيان‪:‬‬ ‫كيف تتآلف وكيف تتنافر‪ ،‬ومن القادر على أداء دور‬ ‫عامل التوفيق والتوليف في ما بينها؟‬ ‫ارتكاب آخر دأب عليه جنبالط االبن منذ ثالثة عقود‬ ‫أيضاً‪ ،‬هو «السكوت» عن واقع إفقار اجلماعة الدرزية‪،‬‬ ‫مع ما ينتج عن هذا اإلفقار‪ .‬حتى إن دراسات سوسيو‬ ‫ـــــ اقتصادية تشير إلى أن الدروز‪ ،‬في ظل الزعامة‬ ‫اجلنبالطية احلالية‪ ،‬حت ّولوا الى اجلماعة األكثر فقرا ً في‬ ‫لبنان‪( .‬يليهم الروم الكاثوليك امللكيون‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫الهدف األقسى نسبيا ً للتهجير اجلنبالطي!) واألهم‬ ‫أن الدروز حت ّولوا في هذه الفترة من كونهم مجتمعا ً‬ ‫يعيش على االقتصاد املنتج‪ ،‬كبيئة قائمة على الزراعة‬ ‫أو احلرف العائلية أو الصغيرة‪ ،‬إلى االقتصاد الريعي‪ ،‬ال‬ ‫بل النفعي‪ ،‬على قاعدة «االعتياش» من املال العام‪ ،‬عبر‬ ‫أبوابه اجلنبالطية املعروفة واحملتكرة‪ .‬هكذا‪ ،‬صادر جنبالط‬ ‫في كل اجلبل اخملفر واملدرسة واملستشفى والتنظيم‬ ‫املدني وكل أنشطة الدولة وموارد احلياة العامة كافة‪،‬‬ ‫من أجل أن يضمن زعامة ترافقت طيلة ثالثني عاماً‪ ،‬مع‬ ‫استدامة توليد األزمات واحلروب في لبنان‪...‬‬ ‫كان يحلو جلوزف سماحه تكرار رواية عن عشاء‬ ‫باريسي جمعه ذات يوم مع «رفيقه» وليد جنبالط‪.‬‬ ‫كانت مضيفتهما سيدة فرنسية جليلة‪ ،‬من احلرس‬ ‫القدمي في احلزب الفرنسي االشتراكي‪ .‬رافقت أيام‬ ‫وتضمخت بفكر فالسفته‬ ‫ميتران وروكارد والرفاق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من سان سيمون الى جوريس‪ .‬خالل العشاء كانت‬ ‫«املناضلة» حتاول التعرف الى جوانب «دميوقراطيتنا‬ ‫اللبنانية» والسمات املشتركة بني ثقافتها‬ ‫و«اشتراكيتنا اخلاصة»‪ ،‬وذلك عبر أسئلة توجهها الى‬ ‫جنبالط‪ .‬غير أنها لم جتد إال أجوبة تراوح بني العبثية‬ ‫وبعض النزق‪ .‬حتى سألته بعصبية ظاهرة‪ :‬وماذا تفعل‬ ‫أنت في احلياة؟ فأجابها‪ :‬عمليا ً ال شيء‪ .‬تابعت بدهشة‪:‬‬ ‫وكيف تعيش؟ فرد هازئاً‪ :‬ورثت عن والدي حزبا ً اشتراكياً‪،‬‬ ‫يكفيني مع عائلتي لنعتاش منه!‬ ‫كل هذا كان حاضرا ً في احتفال وئام وهاب‪ ،‬ولو على‬ ‫طريقة حفر اجلبل‪ ،‬برأس إبرة‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫إنقالب املعادلة في اجلبل من يزبكيّة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جنبالطية «توحيديّة»‬ ‫جنبالطية الى‬ ‫ما يُقلق أخصام َ‬ ‫وهاب الدروز‬ ‫أنه بات حجر الزاوية في املعادلة‬ ‫السورية االيرانية‬

‫اسكندر شاهني ـ الديار‬

‫وجاء في مقال اسكندر شاهني في الديار ‪:‬‬

‫هل بدأ «الربيع الدرزي» في اجلبل اثر هبوب رياح‬ ‫الوزير وئام وهاب‪ ،‬التي قلبت املعادلة في اجلبل مبا‬ ‫يشبه االنقالب الذي فرضته املتغيرات املتعلقة باحلراك‬ ‫السوري‪ ،‬لتنحسر الى حدود انقراض الثنائية اليزبكية‬ ‫اجلنبالطية لصالح معادلة جديدة تتمثل بثنائية‬ ‫جنبالطية و«حزب التوحيد العربي»‪.‬‬ ‫كثيرة هي االسئلة التي تتمحور حول املتغيرات‬ ‫اجلذرية على الساحة الدرزية‪ ،‬ويأتي في طليعتها ملاذا‬ ‫انقلب وليد جنبالط على دمشق بعدما احرق كل اوراقه‬ ‫للوصول الى «قصر الشعب» في سوريا ليتلو فعل‬ ‫الندامة طالبا ً الغفران‪ ،‬خصوصا ً وانه تناول في احدى‬ ‫مناسبات «ثورة االرز» الرئيس السوري بشار االسد‬ ‫واصفا ً اياه باقذع النعوت مجافيا ً ابن املقفع في كتابه‬ ‫«كليلة ودمنة»‪ ،‬هل فوجىء جنبالط «بالربيع العربي»‬ ‫وباحلراك السوري‪.‬‬ ‫يجيب املراقبون ان جنبالط لم يفاجأ بل صدم‬ ‫باملتغيرات املتسارعة خصوصا ً وانه في عز عالقته‬ ‫احلميمة باالدارة االميركية وبصداقته «للرفيق جيف»‬ ‫ان واشنطن كانت تريد تغيير سلوك النظام السوري‬ ‫ال االطاحة به كما ابلغته كونداليزا رايس في تلك‬ ‫املرحلة‪ ،‬ولعل صدمة جنبالط ان االميركيني كانوا اكثر‬ ‫منه باطنية فلم يفصحوا عن اهدافهم احلقيقية‬ ‫جتاه سوريا‪ ،‬واذا كان بعض املراقبني يرى ان الثورات‬ ‫العربية فاجأت االدارة االميركية التي التحقت بركابها‬ ‫لتسييرها وفق مصاحلها فان هذا الكالم يفتقر‬ ‫الى الكثير من الدقة واملصداقية كون االميركيني‬ ‫يحصون انفاس الشارع العربي وشوارع العالم ثانية‬ ‫بثانية بحيث ال تفوتهم شاردة او واردة‪ ،‬من هذه‬ ‫الزاوية سؤال آخر يبرز‪ ،‬هل خدع االميركيون جنبالط‬ ‫المتحانه كونهم يعرفون ان مواقفه غالبا ً ما تطغى‬ ‫عليها املزاجية املمزوجة بالزئبق‪ ،‬ورمبا هذا االمر دفع‬ ‫بأبي تيمور الى االلتفاف ‪ 180‬درجة في عالقته الفتية‬ ‫مع دمشق‪ ،‬لعله يحصل قليالً مما اهدره من تضحيات‬ ‫على حساب سمعته السياسية العادة متوضعه في‬ ‫اخلندق الدمشقي في التوقيت اخلاطىء وفق احلسابات‬


‫اجلنبالطية‪ ،‬وما موقفه في بيت الدين عند نهاية حفلة‬ ‫طرب كان سيدها «القدود احللبية» تناوله املايكروفون‬ ‫في نهاية احلفلة ليقول بالفم املآلن «يا حيف على دروز‬ ‫سوريا» مهاجما ً طغيان النظام ووصفه «باجملرم» اال‬ ‫اثبات على الالعودة‪.‬‬ ‫واذا كانت هذه االسئلة تتمحور حول جنبالط فان‬ ‫ما يدور من اسئلة حول الوزير وهاب تفوق ذلك بكثير‪،‬‬ ‫ومنها على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬هل اعطي دور البيدق‬ ‫املتقدم للدفاع عن النظام السوري ام انه انتزع هذا‬ ‫الدور عن قناعة في ظل غياب السياسيني احملسوبني‬ ‫على سوريا اوالذين صنعتهم دمشق ايام الوصاية‪،‬‬ ‫وهل يريد وهاب ان يوازن درزيا ً السيما وان جوالته في‬ ‫جبل الدروز وحضوره اغلب املناسبات في احملافظات‬ ‫السورية خطيباً‪ ،‬اراد من خاللها ان ينبه طائفته الى‬ ‫ان ما يحصل في سوريا فتنة قد تتحول مذهبية‪ ،‬وال‬ ‫يشرف الدروز التورط فيها النهم صناع ثورات وليسوا‬ ‫وقود فنت ال يعلم اهلل كيف ستنتهي وماذا ستكون‬ ‫عليها النتائج‪ ،‬وهل بات وهاب حجر زاوية في املعادلة‬ ‫السورية االيرانية التي توجت بوضع حجر االساس‬ ‫«لقرية التوحيد»‪.‬‬ ‫االوساط الضليعة بايقاع الساحة الدرزية ترجح‬ ‫هذا االمر في ظل غياب اي دور الفت للمير طالل ارسالن‬ ‫يواكب فيه االحداث السورية‪ ،‬في وقت يقضي وهاب‬ ‫وقته متجوال ً في سوريا اكثر من اقامته في لبنان‪،‬‬ ‫يجري االتصاالت مع القوى احمللية السورية ميدانيا ً‬ ‫ويقف خطيبا ً الى جانب مسؤولني في القيادة السورية‪،‬‬ ‫في الوقت الذي كان يتوقع فيه البعض ان يلعب ارسالن‬ ‫هذا الدور لعالقته الشخصية مع الرئيس االسد والتي‬ ‫وصلت الى حدود الصداقة العائلية ‪.‬‬ ‫وفي احملصلة ان ابرز املستجدات في اجلبل تؤكد‬ ‫استقالة جنبالط من رئاسة احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫نهاية اجلاري وافساح اجملال امام مرحلة انتقالية‪ ،‬ليرأس‬ ‫جنله تيمور احلزب في محاولة للقوطبة على املفاجاءت‬ ‫ونتائج احلراك السوري سلبية كانت ام ايجابية وفق‬ ‫احلسابات اجلنبالطية كون االستمرارية تبقى لها‬ ‫االولوية في دفتر الشروط اجلنبالطي السيما وان‬ ‫الرئيس االسد ابلغ عبر مستشاريه املعنيني ان ال عودة‬ ‫كليا ً جلنبالط الى احلضن الدمشقي كون املؤمن ال يلدغ‬ ‫من اجلحر مرتني‪.‬‬

‫ـ أكثر من ‪ 10‬آالف شخص بينهم‬ ‫‪ 1000‬رجل دين حضروا احتفال األحد‬ ‫في اجلاهلية‬ ‫ـ انقالب تاريخي في معادلة اجلبل‬ ‫وثورة “عامية الشوف” قادها وهاب‬ ‫عبر احلدث الكبير‬

‫رضوان الديب ـ الديار‬

‫ونقل رضوان الديب في الديار وقائع ما جرى‬ ‫في اجلاهلية وكتب التحليل اآلتي‬

‫يبدو أن الربيع العربي لفح الطائفة الدرزية باكرا ً عبر‬ ‫“البوابة الوهابية” وسجل خط املمانعة “خرقاً” الفتا ً في‬ ‫الربيع العربي من بوابة اجلبل الشوفية “اجلاهلية” حيث‬

‫شكل مهرجان وضع حجر األساس ملستشفى سلمان‬ ‫الفارسي في ديردوريت في الشوف‪ ،‬املقدمة من إيران‬ ‫للوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬انقالبا ً تاريخيا ً في معادلة‬ ‫اجلبل الثنائية القائمة على اجلنبالطية ‪ -‬االرسالنية‪،‬‬ ‫لصالح الثالثية‪ ،‬حيث كرس هذا االحتفال الوزير وهاب‬ ‫فريقا ً ثالثا ً ال ميكن ألي كان جتاهل هذه املعادلة اجلديدة‬ ‫مبا فيهم جنبالط وأرسالن‪.‬‬ ‫فحضور االحتفال الذي فاق ‪ 10‬آالف مواطن فاجأ‬ ‫اجلميع في اجلبل وخارجه‪ ،‬وكما أن حضور أكثر من‬ ‫‪ 1000‬شيخ دين أذهل قيادات اجلبل ملا لرجال الدين‬ ‫من أهمية بارزة والفتة في املعادالت الدرزية الداخلية‪،‬‬ ‫كما أن مباركة املرجع الروحي األعلى لطائفة املوحدين‬ ‫الدروز الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين لالحتفال‬ ‫ولهذا اإلجناز كان له األثر البالغ‪ ،‬كما ّ‬ ‫شكل حضور‬ ‫ممثلني عن املرجع الروحي للشيخ أمني الصايغ وشيخ‬ ‫عقل طائغة املوحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب‬ ‫إشارة الفتة ومميزة‪ ،‬كذلك فإن حضور الشيخ العالمة‬ ‫أبو علي سليمان أبوذياب وإلقائه كلمة أعطى لالحتفال‬ ‫رونقاًُ‪ ،‬وبالتالي فإن الغطاء الروحي تأمن لالحتفال رغم‬ ‫غياب أي ممثل عن شيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم‬ ‫حسن الذي التزم باملقاطعة وعدم احلضور رمبا تضامنا ً‬ ‫مع مقاطعة وليد جنبالط وطالل إرسالن‪.‬‬ ‫وال شك بأن مهرجان األحد ّ‬ ‫شكل انتفاضة حقيقية‬ ‫“لعامية اجلبل” بقيادة وهاب ضد اإلقطاع بكافة‬ ‫أشكاله وهناك من شبهها بانتفاضة طانيوس شاهني‬ ‫ضد العائالت واملشايخ والبكوات وحديثي النعمة‪.‬‬ ‫أسئلة كثيرة ستُطرح بعد االحتفال‪ ،‬كيف استطاع‬ ‫وهاب تأمني هذا احلشد وفي قلب الشوف‪ ،‬حيث يحاذر‬ ‫كبار رجال الدولة بكل مؤسساتها “إزعاج جنبالط”‬ ‫واإلصرار على “أخذ خاطره” في كل شاردة وواردة في‬ ‫اجلبل‪ ،‬وخصوصا ً في الشوف‪ ،‬حيث ال يستطيع أي‬ ‫كان تعيني حاجب في الدولة أو أي وظيفة إال برضى‬ ‫جنبالط‪ ،‬ورغم ذلك حقق وهاب “اخلرق” بإمكانيات‬ ‫بسيطة وضئيلة قياسا ً بخدمات اآلخرين وأموالهم‬ ‫وقصورهم وغرورهم‪.‬‬ ‫وإذا كان البعض يقول إن الدعم اإليراني والسوري‬ ‫وحزب اهلل شكل له الغطاء للعمل‪ ،‬فإن هذه القوى‬ ‫قدمت الدعم للجميع مبا فيهم جنبالط وارسالن‬ ‫والكثرين‪ ،‬لكن وهاب “حفر في الصخر” وجنح في‬ ‫طائفة “تقدس” الزعامة وتعيش اخلوف على الوجود‪،‬‬ ‫والعمل فيها صعب جداً‪ ،‬وهذه العوامل الصعبة غير‬ ‫متوافرة في الطوائف األخرى‪ ،‬خصوصا ً وأن العمل في‬ ‫الساحة اجلبلية‪ ،‬يعتبر “مغامرة” ورمبا اختار وهاب خيار‬ ‫املقاومة وجنح‪.‬‬ ‫وال شك أن مهرجان األحد سيدفع بجنبالط وارسالن‬ ‫الى التفكير مليا ً مبا حدث‪ ،‬ودرس األسباب الكثيرة‬ ‫قسم الشوف الى محورين‪ ،‬الشوف العالي‬ ‫الذي ّ‬ ‫ومحور االعتدال‪ ،‬والشوف السفلي بقيادة محور‬ ‫املمانعة‪ ،‬حيث تصدرت صور السيد حسن نصر اهلل‬ ‫وبشار األسد وأحمدي جناد مهرجان اجلاهلية‪ ،‬وهتف‬ ‫احلضور للمقاومة‪ ،‬ورمبا للمرة األولى ومنذ غياب اخلصم‬ ‫التاريخي آلل جنبالط املرحوم كميل شمعون يحصل‬ ‫هكذا احتفال في الشوف وبهذا احلجم والضخامة‬ ‫ورمبا ألغى هذا االحتفال معادلة “كمال وكميل” في‬ ‫الشوف لصالح معادلة “وليد ووئام”‪ ،‬وطبعا ً مبضامني‬

‫‪15‬‬

‫سياسية وليست طائفية‪ ،‬ورمبا للمرة األولى أيضا ً‬ ‫يحصل احتفال في الشوف وتتصدره صور وهاب ونصر‬ ‫اهلل وليس صور آل جنبالط‪.‬‬ ‫فوليد جنبالط الذي تابع احتفال اجلاهلية مباشرة‬ ‫على املنار‪ ،‬وا‪ .,‬تي‪ .‬في‪ ،‬وتابع “قفشات” ممثل الرؤساء‬ ‫الثالثة علي حسني خليل‪ ،‬و”ضحكاته وغمزاته” مع‬ ‫السفير اإليراني وممثل السيد حسن نصر اهلل وممثل‬ ‫العماد عون واملفتي قبالن وممثل املردة‪ ،‬وسفراء روسيا‬ ‫والصني‪ ،‬وسوريا وفلسطني وكوبا وفنزويال‪.‬‬ ‫وأدرك فعليا ً حجم ما يجري وهاله املشهد‪ ،‬ورفع‬ ‫من مستوى حركات رجليه وعينيه وتنقالته في أرجاء‬ ‫القصر‪،‬‬ ‫ووقف على الشرفة املطلة على اجلاهلية حيث‬ ‫كان أصداء الكلمات تصدح في اخملتارة‪ ،‬وكان االعتماد‬ ‫على الطقس وتبدالته إلفشال املهرجان وبعد نشرات‬ ‫األرصاد التي تنبأت بطقس عاصف وماطر وكانت‬ ‫املفاجأة طقس مشمش خالفت كل التوقعات‪.‬‬ ‫فهل يرد جنبالط على ذلك باستقبال كونيللي‬ ‫وبييتون وسفيري قطر وتركيا‪ ،‬لكن جنبالط سيحاذر‬ ‫حتما ً الدخول في لعبة احملاور من منطقته‪ ،‬وهي‬ ‫معادلة فرضت عليه وال ميكن جتاوزها بعد أن أصبحت‬ ‫سوريا وإيران مع حلفائها العبني أساسيني في معادلة‬ ‫اجلبل‪.‬‬ ‫ويبقى السؤال هل يرد جنبالط على ما جرى في‬ ‫اجلاهلية بتبدالت جذرية في هيكلية احلزب تراعي‬ ‫للتطورات العربية قوال ً وفعالً‪ ،‬خصوصا ً وأن بعض‬ ‫املمارسات من املاشية ال تختلف مطلقا ً عن ممارسات‬ ‫الذين ينتقدهم جنبالط في العالم العربي‪ ،‬وهو يدرك‬ ‫فعالً أن الصف األول عنده شكل طبقة برجوازية أين‬ ‫منها برجوازيات الدول الكبرى في مواجهة بروليتاريا‬ ‫مسحوقة وتعيسة وهؤالء ال ميلكون على صدورهم إال‬ ‫قميصا ً وهم الذين سيحررون هذا العالم على حد قول‬ ‫الشهيد كمال جنبالط‪ ،‬وهذا ما أدى الى زيادة النقمة‬ ‫في اجلبل من هؤالء الذين سيحررون هذا العالم على‬ ‫حد قول الشهيد كمال جنبالط‪ ،‬وهذا ما أدى الى زيادة‬ ‫النقمة في اجلبل من هؤالء والذين أثبتوا أنهم في‬ ‫ساعات الشدة تغلبت مصاحلهم على مواقف كان‬ ‫يجب أن يتخذونها وتتطلب التضحية‪ ،‬كما أن حركات‬ ‫البعض األمنية لم تعد تخيف احداً‪ ،‬وال تغير في قناعة‬ ‫احد ورمبا استفاد وهاب من ذلك‪ ،‬فاحتضن كل من غادر‬ ‫صفوف االشتراكي والذين كانوا في طليعة مهرجان‬ ‫اجلاهلية وهم من أشد األوفياء لكمال جنبالط‪ ،‬ومن‬ ‫أشد املتمرسني االنقياء في حرب اجلبل‪.‬‬ ‫ومهما قيل فإن الالفت بأن العديد من سفراء الدول‬ ‫الكبرى ميينا ً ويسارا ً طلبوا تقريرا ً مفصالً عما جرى في‬ ‫اجلاهلية جلهة احلضور وأعداد املشاركني وحتصيلهم‬ ‫العلمي وتأثيرهم في اجملتمع مع معلومات عن كيفية‬ ‫الدعم الذي تلقاه وهاب وحجمه‪.‬‬ ‫فاملعادلة اجلديدة في الشوف باتت واضحة وقائمة‬ ‫واذا كان جنبالط يقول إن الهيبة واخلوف سقطا في‬ ‫العالم العربي ضد األنظمة فإن هذه املعادلة تسري‬ ‫بكل حيثياتها في اجلبل‪ ،‬ومن كان يتج ّرأ قبل سنوات‬ ‫أن يقيم احتفاال ً في اجلبل إال وهاب‪ ،‬لكن اآلخرين‬ ‫كانوا يتعاملون معه بعدم االكتراث وبوصفه “ظاهرة‬ ‫صوتية” وتنتهي‪.‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫كما أن ملهرجان اجلاهلية وللحضور الواسع عالقة‬ ‫أيضا ً بالتبدالت السياسية تارة وطورا ً هناك‪ ،‬ومن‬ ‫يضمن أن تأتي األمور كل مرة بشكل سليم‪ ،‬كذلك‬ ‫أثبت احلضور اجلماهيري في اجلبل أن الناس ايضا ً‬ ‫أفوياء خلط سياسي ومنحازون الى سوريا واملقاومة‬ ‫وفلسطني والعروبة رغم كل احلصار والتبدالت‬ ‫ويدركون أن كمال جنبالط لم ينتصر بخدماته وال‬ ‫بحصر الدولة بشخصه بل انتصر بعروبته وبانحيازه‬ ‫الى فلسطني فتحول الى مارد عربي لم تلغه كل‬ ‫التبدالت‪ .‬فيما االنحياز الى “التتريك والعثمانية على‬ ‫حساب العروبة لن يجني شيئاً‪ ،‬فوهاب تقدم بقناعاته‬ ‫وخياراته السياسة وجنح بعد أن أصبح العبا ً اساسيا ً‬ ‫في معادلة اجلبل واملستقبل لن يكون إال ألصحاب‬ ‫اخليارات السياسية الصحيحة في وقت ال مجال فيه‬ ‫للخطأ وإلنصاف احللول‪.‬‬ ‫أما جنبالط فقد قرأ الرسالة جدياً‪ ،‬ألنه كان يعتقد‬ ‫بأنه ال أحد يتجرأ على القفز فوق حضوره في الشوف‬ ‫وأن يتجرأ على افتتاح أي مشروع‪ ،‬لكن عندما وقع‬ ‫احملظور وحصل االحتفال ضده وضد حضوره‪ ،‬وهو يدرك‬ ‫أن مهرجان اجلاهلية لم يكن ليحصل ويتم افتتاح‬ ‫املستشفى لوال دعم حزب اهلل وبالتالي الرسالة‬ ‫وصلت ورمبا ستعمق الشر بني جنبالط وإيران وسوريا‬ ‫وحزب اهلل واأليام القادمة ستثبت ذلك‪ ،‬رغم أن‬ ‫جنبالط عاش هذا الرهان واثبت انه غير صحيح أثناء‬ ‫تشكيل حكومة عمر كرامي األخيرة حيث كان يعتقد‬ ‫ان السوريني لم يذهبوا بعيدا ً في املعركة ضده بتوزير‬ ‫وهاب وأن عمر كرامي لن يوافق على توزير وهاب كي ال‬ ‫يكسر اجلرة معه‪ ،‬لكن التطورات أثبتت عكس ذلك ومت‬ ‫توزير وهاب وإدخاله الى معادلة البلد واآلن الى معادلة‬ ‫الشوف واملعادلة الدرزية هي األخطر”‪.‬‬

‫وهاب جنح في فرض معادلة جديدة‬ ‫في البيت الدرزي‬

‫أحمد درويش ‪ -‬عربي برس‬

‫وكتب الصحافي احمد درويش في العربي‬ ‫برس حتليالً حول احلدث جاء فيه‪:‬‬

‫على وقع التصريح الشهير الذي أطلقه رئيس حزب‬ ‫التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب “الشعب يريد‬ ‫إسقاط اإلقطاع”‪ ،‬توافد اآلالف من مناصري ومحازبي‬ ‫حزب التوحيد العربي باإلضافة إلى حشد كبير من‬ ‫رجال الدين إلى دار بلدة اجلاهلية التي شهدت مهرجانا ً‬ ‫حاشدا ً سيلقي بظالله على احلياة السياسية في‬ ‫اجلبل مستقبالً‪ ،‬املهرجان كان مبناسبة وضع حجر‬ ‫األساس‪ ،‬وإنطالق أعمال بناء مجمع الصحابي “سلمان‬ ‫الفارسي” الصحي‪.‬‬ ‫اجملمع الصحي الذي تكفلت اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية ببنائه له دالالت كثيرة‪ ،‬وبحسب أوساط‬ ‫جنبالطية فإن إيران وحزب اهلل اتخذا قرار الشروع‬ ‫ببناء اجملمع إميانا ً منهم بأن توبة جنبالط األخيرة جتاه‬ ‫ذاكرته القومية والعروبية والوطنية قد استنفذت‪ ،‬وأن‬ ‫جنبالط قد أعطي فرصة كبيرة عقب عودته إلى حضن‬ ‫املقاومة وسورية بعد اإلنتخابات النيابية األخيرة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولكنه لم يستفد منها بل وأعاد متوضعه السياسي‬ ‫في املوقع الضبابي ولم يتوان عن توجيه سهام النقد‬ ‫باجتاه تعامل سورية مع سير األحداث التي جتري فيها‬ ‫ودعوته املفاجئة إلى عدم ربط سالح املقاومة بتحرير‬ ‫فلسطني‪ ،‬وكأنه عاوده احلنني إلى رفع شعار”لبنان أوالً”‪،‬‬ ‫خالصة املوضوع برأي أوساط جنبالط تشير إلى فشل‬ ‫العالقة القدمية اجلديدة بني جنبالط ومحور املمانعة‬ ‫واملقاومة‪ ،‬على الرغم من أن مصادر مقربة من حزب اهلل‬ ‫تؤكد أن وليد جنبالط يعتبر حليف أساسي للمقاومة‬ ‫وسوريا وأنه يتعرض لضغوط من قبل قطر والسعودية‬ ‫لتغيير مواقفه‪ ،‬وزيارته األخيرة للسيد حسن نصراهلل‬ ‫تث ّبت بقاءه ضمن قوى األكثرية التي يبدو أنها تفهمت‬ ‫الوضع الصعب الذي مير به جنبالط والذي لم يرضخ في‬ ‫الفترة األخيرة ملطلب األميركيني املتمثل في إسقاط‬ ‫احلكومة‪.‬أما على صعيد حزب التوحيد العربي فيعتبر‬ ‫املشروع عربون وفاء وتقدير لوهاب وملواقفه الصاخبة‬ ‫جتاه قوى الرابع عشر من آذار والتي حتمل وزرها وحيدا ً‬ ‫في الفترة املاضية‪ ،‬إضافة إلى أن وهاب أثبت من خالل‬ ‫مهرجان اجلاهلية تصاعد قوته الشعبية الكمية‬ ‫والنوعية‪ ،‬وبينّ أن احلراك السياسي حلزب التوحيد ال‬ ‫يقتصر على منطقة أو قضاء معني‪ ،‬فاحلشود التي‬ ‫أمت اجلاهلية كانت من الشوف وعالية واملنت وراشيا‬ ‫وحاصبيا‪ ،‬مما يؤكد أن وهاب لن يكتفي باإلنتشار في‬ ‫قضاء الشوف فقط بل سيتعداه ليشمل األقضية‬ ‫التي يحق فيها للدروز بالتمثيل اإلنتخابي‪.‬‬ ‫كان الفتا ً غياب أي ممثل لوليد جنبالط عن املهرجان‬ ‫رغم أن ناصر زيدان كان يقيم بصورة شبه دائمة في‬ ‫دارة وهاب كممثل عن جنبالط بعيد أحداث آيار‪ ،‬ويبدو‬ ‫أن رفض وهاب عرض جنبالط األخير والقاضي بإعطائه‬ ‫حصة معينة في مستشفى “عني وزين” مقابل العدول‬ ‫عن الشروع في إطالق املشروع الصحي قد أثار امتعاض‬ ‫جنبالط‪.‬‬ ‫جنح وهاب في فرض معادلة جديدة داخل البيت‬ ‫الدرزي بفضل امرين اثنني‪ :‬مواقفه السياسية وتقدمياته‬ ‫اإلجتماعية التي استطاع من خاللها كسب تعاطف‬ ‫اإلشتراكيني وهو كان واضحا ً حينما أكد في خطابه‬ ‫أمس أن اجملمع الصحي هو للجميع دون أن يستثني‬ ‫حتى الكتائب والقوات اللبنانية‪.‬‬ ‫واألمر الثاني يتمثل بدعم اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية له من خالل تشييد الصرح الطبي‪ ،‬وال يخفى‬ ‫أن إيران كانت قد ساهمت في املاضي بدعم النائب‬ ‫وليد جنبالط في عدد من املشاريع الصحية والتربوية‬ ‫وايضا ً دعم النائبني طالل أرسالن وفيصل الداوود بإقامة‬ ‫مستوصفات طبية‪.‬‬

‫وئام و ّهاب يضع حجر‪ ...‬اإلنقالب‬

‫بسام القنطار‪ :‬األخبار‬

‫ورأى الصحافي بسام القنطار في جريدة‬ ‫االخبار ‪:‬‬

‫جنح وئام وهاب في حشد آالف الدروز في حفل وضع‬ ‫احلجر األساس ملشروع سلمان الفارسي الصحي‪.‬‬ ‫التسمية ــ املفتاح في مشروع وهاب حتمل دالالت‬

‫‪16‬‬

‫عاطفية وسياسية عند جماعة الدروز‪ ،‬في مرحلة‬ ‫شديدة التشويش عند زعيمهم التقليدي وليد‬ ‫جنبالط‪.‬‬ ‫أع ّد وئام وهاب نفسه جيدا ً الحتفال اجلاهلية‬ ‫أمس‪ .‬احلدث بالنسبة إليه أبعد من وضع احلجر‬ ‫األساس ملستشفى‪ ،‬ال بل إنه االنطالقة الثانية حلركته‬ ‫السياسية التي أطلق عليها تسمية “حزب التوحيد‬ ‫العربي”‪ .‬حرص وهاب على توجيه أكثر من عشرة آالف‬ ‫دعوة شخصية في القرى الدرزية‪ ،‬من الشوف الى عاليه‬ ‫واملنت‪ ،‬مرورا ً براشيا وحاصبيا‪ .‬زار املرجعيتني الدرزيتني‬ ‫الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين في بعقلني‪ ،‬والشيخ‬ ‫أمني الصايغ في شارون وسمع مباركتهما ملشروع‬ ‫بناء مستشفى الصحابي اجلليل سلمان الفارسي‪.‬‬ ‫التسمية ـــــ املفتاح في مشروع وئام وهاب الصحي‬ ‫حتمل دالالت عاطفية عند جماعة املوحدين الدروز قبل‬ ‫أي شيء‪“ .‬سلمان منا أهل البيت” حديث نبوي شريف‬ ‫مسند عن بطل معركة اخلندق‪ ،‬و”إمام العقل” عند‬ ‫املوحدين الدروز‪ ،‬الذين تلهج ألسنتهم بالدعاء باسمه‬ ‫في الشدائد واحملن‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حمالت املقاطعة الواسعة التي‬ ‫توالها طاقم وليد جنبالط داخل الوسط الشعبي‬ ‫والديني الدرزي‪ ،‬وعلى رأسهم الشيخ علي زين الدين‪،‬‬ ‫جنح وهاب في استقطاب أكثر من ‪ ٠٠٠١‬عمامة درزية‪،‬‬ ‫بينهم راعي احلفل املرجع الروحي الشيخ أبو علي‬ ‫سليمان أبو دياب‪ ،‬والشيخ نزيه العريضي ممثالً شيخ‬ ‫العقل الثاني املعينّ في خلدة الشيخ نصر الدين‬ ‫الغريب‪ ،‬وممثل عن املرجع الروحي الشيخ أمني الصايغ‪،‬‬ ‫واملرجع الروحي الشيخ أبو سليمان حسيب الصايغ‪.‬‬ ‫وانضمت الى هؤالء وفود شعبية ودينية من جبل‬ ‫ّ‬ ‫العرب وجبل الشيخ وطرطوس والسويداء وجرمانا في‬ ‫سوريا‪ .‬ويؤكد املراقبون أن هذا احلشد الديني والشعبي‬ ‫لم يجتمع منذ عقود خارج مظلة آل جنبالط‪.‬‬ ‫وحدهما وليد جنبالط وطالل إرسالن كانا غائبني‬ ‫عن احتفال اجلاهلية أمس‪ .‬األول أرسل إشارات واضحة‬ ‫ألكثر من طرف‪ ،‬بينها حزب اهلل والسفارة اإليرانية‬ ‫في بيروت‪ ،‬برفضه لهذا املشروع‪ ،‬ولم يتوان عن تقدمي‬ ‫نصيحة لوهاب‪ ،‬حني زاره أخيراً‪ ،‬بأن يتم حتويل أموال‬ ‫هذا املشروع لبناء جناح خاص في مستشفى عني‬ ‫وزين يحمل اسمه‪ .‬أما إرسالن فمعلوم أن قطيعته‬ ‫السياسية مع وهاب املستمرة منذ سنوات‪ ،‬رغم‬ ‫وساطات العديد من احللفاء‪ ،‬فسوف يزيدها مشروع‬ ‫دير دوريت‪ ،‬ويضاف إليها عتب على حزب اهلل والسفارة‬ ‫اإليرانية‪ ،‬ال من إرسالن فقط‪ ،‬بل من العديد من احللفاء‪،‬‬ ‫من طرابلس الى البقاع الى العرقوب‪ ،‬مرورا ً ببيروت‪.‬‬ ‫احلضور الدبلوماسي في حفل اجلاهلية لم يقتصر‬ ‫على سفير اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في لبنان‬ ‫د‪ .‬غضنفر ركن أبادي‪ ،‬بل إن احملور الدولي املناهض‬ ‫للسياسة األميركية كان حاضرا ً أيضا ً عبر سفراء‬ ‫روسيا وكوبا وفنزويال‪ ،‬وممثلني عن سفارات الصني‬ ‫وسوريا وفلسطني‪ .‬كما حضر ممثلون عن حلفاء‬ ‫رئيسيني لوهاب‪ ،‬بينهم حزب اهلل والتيار الوطني احلر‬ ‫واحلزب السوري القومي االجتماعي وتيار املردة وحركة‬ ‫أمل والنائب زاهر اخلطيب‪ .‬أما في املشهد السياسي‬ ‫الدرزي‪ ،‬فكان الفتا ً أيضا ً حضور النائب السابق فيصل‬ ‫خصه وهاب بتحية “شراكة”‪ ،‬وممثلني عن‬ ‫الداوود الذي ّ‬


‫النائب أنور اخلليل واألميرة حياة إرسالن‪.‬‬ ‫وجهها وهاب في خطابه أمس‪ .‬في‬ ‫رسائل عديدة ّ‬ ‫موضوع احملكمة‪ ،‬غمز من قناة رئيس احلكومة جنيب‬ ‫ميقاتي‪ ،‬داعيا ً “املتحمس لتمويل احملكمة ولديه‬ ‫عقارات كثيرة الى أن مي ّولها من جيبه ال من جيوب‬ ‫اللبنانيني”‪ ،‬مؤكدا ً أنه “لو مت التمويل ودفعتم مئات‬ ‫املليارات‪ ،‬فهذه احملكمة أصبحت حتت أقدامنا”‪ .‬أما في‬ ‫فوجه وهاب رسالة غير مباشرة الى‬ ‫املوضوع السوري‪ّ ،‬‬ ‫جنبالط عبر ‪ 4‬وفود من سوريا‪ ،‬حضرت الى اجلاهلية‪،‬‬ ‫قائالً “أنتم لستم أصحاب موقف الى جانب الرئيس‬ ‫بشار األسد‪ ،‬بل أنتم حراس هذا املوقف‪ ،‬رضي من رضي‬ ‫وأبى من أبى”‪.‬‬ ‫وهاب‪ ،‬في اتصال مع “األخبار”‪ ،‬أكد أنه سعى الى‬ ‫هذا املشروع منذ سنوات‪ ،‬فاشترى األرض التي سيقام‬ ‫عليها مبئتي ألف دوالر‪ ،‬فيما هي اليوم باتت تساوي‬ ‫أكثر من ثالثة ماليني دوالر‪ .‬ولفت الى أن املشروع‬ ‫سيبدأ ببناء مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‪،‬‬ ‫وسيضم في مرحلته الثانية مركزا ً متخصصا ً ملعاجلة‬ ‫مدمني اخملدرات‪ ،‬وفي مرحلة ثالثة سيضم مركزا ً‬ ‫متخصصا ً لطب األطفال ومستشفى ألمراض القلب‪.‬‬ ‫فسيضم مأوى عجزة‪ .‬وشكر‬ ‫أما في املرحلة الرابعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وهاب اجلمهورية اإلسالمية في إيران التي م ّولت جزءا ً‬ ‫من املشروع‪ ،‬واألمني العام حلزب اهلل السيد حسن نصر‬ ‫اهلل‪ ،‬الذي أعرف كم بذل من اجلهد ملساعدتي‪ ،‬معلنا ً‬ ‫أنه سوف يطلق حملة استكتاب الستكمال مشروع‬ ‫قرية التوحيد‪ ،‬وليكون “مشروع بناء إنسان ال يُ َذل على‬ ‫أبواب مستشفى وال يقف شحاذا ً من أجل خدمة أو‬ ‫حاجة”‪.‬‬ ‫ولفت وهاب الى أن العديد من الوفود الذين حضروا‬ ‫الى اجلاهلية كانوا يوجهون رسالة حت ّد وإصرار‪ ،‬ومنهم‬ ‫من يحضر للمرة األولى‪ ،‬الفتا ً الى أن حمالت التخويف‬ ‫من ظاهرة وئام وهاب السياسية لم جت ِد نفعا ً في‬ ‫املاضي‪ ،‬ويأتي هذا املشروع اليوم ليؤكد للجميع أننا‬ ‫نحمل مشروعا ً إمنائيا ً يؤسس ملرحلة جديدة في اجلبل‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬أكد السفير ركن أبادي أ ّن “مساهمة إيران‬ ‫في بناء املستشفى تأتي في سياق املشاريع اإلمنائية‬ ‫واإلنسانية التي تدعمها اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪،‬‬ ‫التزاما ً منها بنهج مؤسس اجلمهورية اإليرانية‪ ،‬اإلمام‬ ‫املوسوي اخلميني‪ ،‬بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه‬ ‫ومقاومته الشريفة”‪.‬‬ ‫وأثنى أبادي على املقاومات العربية‪ ،‬مؤكدا ً أ ّن‬ ‫“مؤامرات األميركيني وخططهم لن تنجح في زرع الفنت‬ ‫بني شعوب أ ّمتنا اإلسالمية وحتويل األنظار عن مآزقهم‬ ‫االقتصادية والسياسية واتهام إيران اتهامات باطلة‬ ‫كاذبة”‪ .‬بعد انتهاء االحتفال‪ ،‬وضع احلجر األساس في‬ ‫موقع املشروع في دير دوريت‪ ،‬بعد تقليد وهاب ألبادي‬ ‫“قالدة التوحيد”‪ ،‬وتس ّلم األخير دروعا ً تقديرية من بلدية‬ ‫اجلاهلية ومحافظة السويداء السورية‪.‬‬

‫احملكمة حتت أقدامنا!‬

‫ـ سانا‬

‫ونقلت وكالة سانا السورية احلدث واوردت‬ ‫اآلتي‪:‬‬

‫هو وئام وهاب مجدداً‪ .‬الرجل الذي هاجم احملكمة‬ ‫الدولية بعنف منذ إنشائها‪ .‬هو صاحب املقولة‬ ‫الشهيرة‪“ :‬احملكمة وصرمايتي سوا”‪ .‬لم يتراجع عن‬ ‫موقفه رغم كل شيء‪ .‬ال بل إن التطورات دفعته إلى‬ ‫تعزيز املعادلة‪ ،‬فأطلق على أبواب املستشفى الفارسي‬ ‫الذي رعى افتتاحه في بلدته اجلاهلية معادلة جديدة‪.‬‬ ‫احملكمة باتت حتت أقدامنا‪ ،‬قال وهاب‪ ،‬دون أن يأبه‬ ‫لـ”اخلطوط احلمراء” املرسومة حول هذه احملكمة‪ .‬أما‬ ‫أولئك املص ّرين على متويل هذه احملكمة‪ ،‬فدعوة صريحة‬ ‫لهم بفعل ذلك من “جيوبهم”‪.‬‬ ‫وئام وهاب ليس وحيدا ً في “املعركة” ض ّد احلكومة‪.‬‬ ‫ميشال عون سبقه في اتخاذ املواقف نفسه‪“ .‬اجلنرال”‬ ‫واجه رئيس احلكومة‪ ،‬الذي قطع الوعود وااللتزامات إلى‬ ‫ما يُسمى اجملتمع الدولي‪ .‬هو قال بكل وضوح أنه لن‬ ‫يوافق على متويل احملكمة‪ ،‬حتى لو وافق حزب اهلل‪.‬‬ ‫وافتتح في بلدة دير دوريت الشوفية مستشفى‬ ‫سلمان الفارس وهو مقدم من ايران الى تيار التوحيد‬ ‫العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬وهي اول مرة‬ ‫في تاريخ اجلبل والشوف يتم افتتاح مشروع صحي‬ ‫خارج رعاية آل جنبالط‪.‬‬ ‫وعلم ان اخلطوة االيرانية مثار دراسة ليس من‬ ‫جنبالط فقط بل من الوزير السابق طالل ارسالن‪.‬‬ ‫ندد وئام وهاب رئيس حزب التوحيد العربي مبا تتعرض‬ ‫له سورية من محاوالت للنيل من صمودها وممانعتها‬ ‫وفك ارتباطها مع اخلط املقاوم منوها مبواقف روسيا‬ ‫والصني إزاء الضغوط اخلارجية على سورية‪.‬‬ ‫وقال وهاب خالل وضعه حجر األساس ملشروع قرية‬ ‫التوحيد في بلدة دير دوريت الشوفية اليوم إن مواقف‬ ‫الدولتني في مجلس األمن الدولي أعادت شيئا من‬ ‫التوازن للموقف الدولي وأوقفت اجلنون األميركي الذي‬ ‫دمر جزءا من أمتنا‪.‬‬

‫الرسالة االبلغ من الشوف‬ ‫مقدمة نشرة أخبار «أو تي في»‬ ‫واستهلت محطة الـ أو تي في نشرة االخبار‬ ‫مساء االحد حول املعاني السياسية لبناء‬ ‫املستشفى وجاء فيها‪:‬‬

‫رسائل كبيرة يجري تبادلها على الساحة اللبنانية‬ ‫من خالل امللف املتعلق بتمويل احملكمة الدولية‪ .‬في‬ ‫أول موقف رسمي ل”حزب اهلل” على مستوى قيادي‪،‬‬ ‫طالب الشيخ نعيم قاسم باعتماد التصويت داخل‬ ‫مجلس الوزراء حيث تلتزم احلكومة برأي األغلبية‪ .‬هذا‬ ‫املوقف يعكس االقرار ضمنا بوجود صعوبة في تأمني‬ ‫أغلبية الثلثني حلسم هذا امللف بعدما التزم وليد‬ ‫جنبالط مبوقفه الى جانب املؤيدين للتمويل‪ .‬يأتي ذلك‬ ‫فيما احلكومة التي ستنعقد في أول جلسة ملناقشة‬ ‫مشروع املوازنة‪ ،‬ستعمد إلى تأجيل التطرق لهذا البند‬ ‫إلى أطول فترة ممكنة‪.‬‬ ‫أما الرسائل األبلغ فجاءت باجلملة من الشوف مع‬ ‫املهرجان الذي أقامه حزب “التوحيد العربي” لوضع‬ ‫حجر االساس ل”قرية التوحيد” املمولة من ايران‪ ،‬هذا‬ ‫االحتفال الذي يشكل اختراقا كبيرا في املنطقة‬

‫‪17‬‬

‫املعتبرة تقليديا معقل وليد جنبالط‪ ،‬حضره مئات‬ ‫مشايخ الدروز ووفد من دروز سوريا اضافة الى السفير‬ ‫االيراني ومندوبني عن روسيا والصني‪ ،‬فيما غاب عنه اي‬ ‫ممثل لوليد جنبالط رغم توجيه الدعوة اليه‪ ،‬في إشارة‬ ‫واضحة إلى اعتراضه الشديد‪ .‬رغم ان وئام وهاب حاذر‬ ‫في كلمته تناول جنبالط مباشرة‪ ،‬اال انه رد بقوة على‬ ‫املواقف االخيرة للرئيس التقدمي‪ ،‬مشيرا الى ان دروز‬ ‫سوريا هم حراس الدولة وان من يريد احملكمة فليمولها‬ ‫من جيبه اخلاص السيما إذا كان ميلك املليارات والعقارات‬ ‫“وحتى لو تأمن التمويل لها فان هذه احملكمة أصبحت‬ ‫حتت اقدامنا”‪.‬‬

‫أمانة اإلعالم‪ :‬مستشفى الصحابي‬ ‫سلمان الفارسي هي خلدمة الناس‬ ‫وضرب احلرمان التاريخي في اجلبل‬ ‫تابعت أمانة اإلعالم في حزب “التوحيد العربي” كل‬ ‫التحليالت واملقاالت التي رافقت وضع حجر األساس‬ ‫ملستشفى الصحابي سلمان الفارسي (ع) وتعليقا ً‬ ‫على كل ما قيل تؤكد األمانة على اآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬نطمئن اخلائفني واملشككني بأن املساهمة‬ ‫اإليرانية ومساهمة أصدقاء آخرين أصبحت مؤمنة‬ ‫بالكامل إلمتام املرحلة األولى من املشروع‪ .‬هذا ردا ً على‬ ‫الذين يقولون إن املشروع لن ينفذ وبعد أيام بإمكانهم‬ ‫االطالع على أعمال التنفيذ ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إننا نأسف بأن يعتبر البعض أن هذا املشروع‬ ‫موجه ضد هذا أو ذاك فنحن نحترم كل القوى في‬ ‫اجلبل وخاصة االستاذ وليد جنبالط الذي قام بدور‬ ‫امنائي وعمراني كبير في منطقة اجلبل ال يستطيع‬ ‫أحد نكرانه‪ .‬وما هذا املشروع واملشاريع املستقبلية لنا‬ ‫إال في إطار التكامل وليس التنابذ خلدمة الناس وضرب‬ ‫احلرمان التاريخي في اجلبل ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬إن هذا املشروع ليس بديال عن مؤسسة “عني‬ ‫وزين” بل يلبي زيادة اخلدمات في املنطقة بعد أن أصبح‬ ‫العبء على مستشفى “عني وزين” وحدها‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬انتهى الزمان الذي كان فيه البعض يحدد‬ ‫احجام الناس فمن يحدد احجام القوى هي الناس التي‬ ‫تقاطرت باآلالف الى اجلاهلية وكان بينهم أكبر جتمع‬ ‫لرجال الدين الدروز منذ سنوات طويلة ‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬نحن لسنا مؤمنني ال بثنائية وال بثالثية‬ ‫وال برباعية بل مؤمنني بالتغيير واحلرية والدميقراطية‬ ‫ونرفض أي تصنيف إال في إطار قوة تغييرية شاملة‬ ‫هدفها تطوير اإلنسان ‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬نحن نعتبر أن دعاء شيخنا وحبيب قلوبنا‬ ‫الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين وشيخنا وحبيب‬ ‫قلوبنا الشيخ أمني الصايغ ومراجعنا الشيخ أبو‬ ‫سليمان حسيب الصايغ والشيخ أبو علي سليمان‬ ‫أبوذياب وبعض مراجع البياضة دعاء هؤالء كاف ليكون‬ ‫املشروع على أفضل ما يرام ‪.‬‬ ‫إننا نتمنى على اجلميع أن يعرفوا بأننا لن نكون‬ ‫جز ًءا من صراع داخلي في اجلبل حتت أي ظرف فهذا من‬ ‫املمنوعات بالنسبة إلينا وال نؤمن إال بالتنافس نحو‬ ‫األفضل خلدمة شعبنا وجبلنا ‪.‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫سيرة الصحابي سلمان الفارسي‬

‫(ع)‬

‫هو الذي بشر به املسيح‪ ،‬وهو الذي قال عنه‬ ‫النبي محمد (ص) أن اجلنة أشوق إلى سلمان منه‬ ‫إليها وأ ّن اهلل ليرضى لرضى سلمان ويغضب‬ ‫لغضب سلمان‪ ،‬وهو الذي عظ َم ُه املعز(ع) في‬ ‫معظم في كتب‬ ‫كتاب دعائم اإلسالم‪ ،‬وكذا هو‬ ‫ٌ‬ ‫أهل التأويل‪ .‬سلمان إسم عربي يشتق من‬ ‫السالمة كسليمان وبينهما من األعوام نحو ألف‬ ‫وستمئة عام‪ ،‬والفارسي‪ :‬نسبة إلى بالد فارس‬ ‫وسميت باسم‬ ‫وتسمى بالد الفرس وديار الفرس‬ ‫ّ‬ ‫فارس بن األشور بن سام بن نوح؛ ومن مدنها‪ ،‬رام‬ ‫ُهر ُمز سميت باسم بانيها هرمز بن سابور ومنها‬ ‫سلمان الفارسي(ع) الذي أعطي علم األولني‬ ‫واآلخرين أما ذكر اسمه ونسبه الشريف‪.‬‬ ‫كما ورد في املؤلف املذكور “روى عبد الواحد بن‬ ‫زيد بن مجاهد بن جبر – عن عبد اهلل بن عباس‬ ‫أنه قال كنا جلوسا ً في مسجد رسول اهلل في‬ ‫أيام عمر بن اخلطاب نتذاكر األحاديث وكان في‬ ‫جماعتنا سلمان الفارسي رضي اهلل عنه وأرضاه‬ ‫فأقبلنا عليه بأجمعنا فقلنا له “يا أبا عبد اهلل‬ ‫حدثنا عن بدو أمرك وإسالمك”‪ ،‬فقال إلن في‬ ‫إسالمي عجب واجمللس يطول”‪ ،‬فقلنا “يا أبا عبد‬ ‫اهلل ها نحن سامعون لكالمك فال تنشغل بغيره”‪،‬‬ ‫فقال لهم “اسمعوا رحمكم اهلل‪ ،‬إن أبي كان‬ ‫ملكا ً عظيما ً من ملوك فارس وكان ابراهيميا ً وكان‬ ‫عمر طويالً وتزوج بعدة نسو ٍة فلما تزوج بأمي‬ ‫قد ّ‬ ‫ُ‬ ‫ش ِغ َ‬ ‫ف بها فقال يوماً‪“ :‬طوبى ملن رزق منك ولد‬ ‫يكون له سيفاً”‪ ،‬فدخل يوما ً إلى بيت ربه تعالى‬ ‫فخرَّ له ساجداً‪ ،‬وقال‪“ :‬يا إلهي ارزقني سلمان”‬ ‫فلم متر عليه بعد ذلك إال أيام قليلة حتى حملت‬ ‫أمي فلما وضعتني راح البشير إلى أبي ففرح‬ ‫بي ّ‬ ‫ً‬ ‫فرحا ً‬ ‫وسماني‬ ‫الطعام‬ ‫وأطعم‬ ‫اخللع‬ ‫وخلع‬ ‫ا‬ ‫شديد‬ ‫ّ‬ ‫“روزبة” وملا نشأت اختار لي معلما ً يعلمني اخلير‬ ‫ويجنبني الشر ويعلمني أفصح اللغات‪ ،‬ووافقني‬ ‫ووافقته على التوحيد(‪ )1‬وعلمني التوراة واإلجنيل‪،‬‬ ‫فنظر يوما ً أبي إلى حسني وجمالي فقلت له يا‬ ‫أبت اآلن ما تريد مني‪ ،‬فإني أريد أن تتركني حتى‬ ‫أخرج من بني يديك فال أراك وال تراني‪ .‬فقال لي‬ ‫«يا روزبة رضيت بذلك؟» قلت «نعم‪ ،‬رضيت»‪،‬‬ ‫فلما ُجن الليل قال لغلمانه «أتوني بروزبة» فلما‬ ‫أوقفوني بني يديه قال ألحدهم «خذ بيده وأخرجه‬ ‫فسرت تلك الليلة ودعوت اهلل تعالى‬ ‫من املدينة»‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫محجة واضحة فأدركت قبل الصبح‬ ‫إلى‬ ‫فأرشدني‬ ‫ّ‬ ‫صومعة راهب يذكر اهلل وأنبياءه فجلست حتت‬ ‫صومعته وقلت مثل ما قال فلما سمعني أشرف‬ ‫علي وقال «من أنت»‪ ،‬فقلت «رجل من بالد فارس»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فقال لي «أال تكن أنت روزبة»‪ ،‬قلت «فمن أين لك‬ ‫علم بذلك»‪ ،‬فقال «وكيف ال أعلم وقد بشرني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بذلك املسيح» ثم نزل إلي وفتح باب الصومعة‬ ‫وألقى لي جبة من صوف ونعالً فلبست اجلبة‬ ‫والنعل ثم أصعدني إلى الصومعة فأقمت بها‬ ‫ما شاء اهلل‪ ،‬أقرأ عليه التورات فبينما نحن يوما ً‬ ‫نتذاكر شيئا ً بكى فقلت‪« :‬ممِ َّ بكاؤك‪ ،‬ال أبكى اهلل‬ ‫لك عيناً»‪ ،‬فقال «يا روزبة قد قرب املوت وما بقي‬ ‫من عمري غير ثالثة أيام ولكن لك عندي بشارة ولي‬ ‫إليك حاجة»‪ ،‬فقلت‪« :‬وما حاجتك حتى أسرع إلى‬ ‫«أما بشارتك عندي فإن اهلل يطيل‬ ‫قضائها» فقال ّ‬ ‫عمرك حتى تلحق بالدين املبعوث في آخر الزمان‬ ‫فتكون له صاحباً‪ ،‬وأما حاجتي إليك فوديعة‬ ‫أوصيك بها»‪ ،‬ثم أخرج لوحا ً من نحاس فيه سطور‬ ‫وقال «إذا لقيت محمدا ً فاقرِه مني السالم وادفع‬ ‫إليه هذا اللوح» ثم نام ثالثة أيام وقضى نحبه‬ ‫رضي اهلل عنه فأدرجته في أثوابه ودفنته حتت‬ ‫صومعته ثم أتيت إلى بلد قرنوسيا وكان فيها‬ ‫بطريقة الروم وقد ركب إلى الصيد فلقيني في‬ ‫الب ّر منه فأنكر شأني واعتقل علي فبينما أنا ذات‬ ‫يوم أقرأ شيئا ً من اإلجنيل والتوراة فإذا بابن عم‬ ‫امللك أتى وسلم علي وقال «أحتسن تالوة اإلجنيل‬ ‫«أمض معي إلى ابن‬ ‫والتوراة»‪ ،‬فقلت «نعم» فقال‬ ‫ِ‬ ‫عمي حتى أستوهبك منه وأحملك إلى أنطاكية‬ ‫تُعلم ولدي األجنيل»‪ ،‬فقلت «نعم»‪ ،‬فاستوهبني‬ ‫منه وحملني إلى أنطاكية فلم أزل عنده مدة أيام‬ ‫ثم قصدت راهبا ً في أنطاكية وكان الراهب األول‬ ‫ن ّوه لي بذكره فلما أقبلت على صومعته سألني‬ ‫كسؤال األول فأجبته كجوابه وسألته كسؤاله‬ ‫فأجابني كجوابه ثم قال لي «يا فارسي لقد‬ ‫كنت مشتاقا ً إليك» ثم صعدت إلى الصومعة‬ ‫فسألني عن الراهب فأخبرته مبا كان منه فاغتم‬ ‫لذلك فأقمت عنده سنني ضعف ما أقمت عند‬ ‫األول فبينما أنا ذات يوم بني يديه إذا اشتد بكاؤه‬ ‫فسألته كسؤال األول وأجابني كجوابه إال أنه‬ ‫أجل ملوته يومني وبشرني كبشارة األول وأوصاني‬ ‫ّ‬ ‫كوصيته ثم ملا مات كفنته كتكفينه ودفنته‬ ‫كدفنه ثم سرت أقصد راهبا ً بيت املقدس وكان‬ ‫قد قرأ التوارة واإلجنيل والصحف والزبور فأقبلت‬ ‫أج َّد في املسير حتى أتيت إلى ساحل غزة وإذا‬ ‫بقوم من أصحاب الباليا كثير من ينتظرون راهبا ً‬ ‫يسمونه وصي املسيح وخليفته ليبريهم فبينما‬ ‫هم كذلك إذ أقبل شيخ عليه مدرعة صوف وليس‬ ‫له صومعة وإمنا هو آخذ مبنهج التوكل على اهلل‬ ‫فلما نظر إلي قال‪« :‬يا فارسي لقد سرني قدومك‬ ‫وقد كنت مشتاقا ً إليك» فقلت له‪« :‬ومن أين لك‬ ‫علم بي»‪ ،‬فأجابني كجواب األولني ثم نظرت إليه‬ ‫وقد م َّد يديه إلى أعمى فارت َّد بصيراً‪ ،‬وإلى أصحاب‬ ‫العلل فبرأوا بإذن اهلل تعالى ثم قال لي عن‬

‫‪18‬‬

‫البشارة والوصية كمن قبله فأجبته كجوابهم‬ ‫ثم أنه و ّدعني»‪.‬‬ ‫ويتابع قوله سلمان عليه السالم‪« :‬فجعلت‬ ‫أجد السير إلى أن وصلت إلى البيت املقدس فإذا‬ ‫بصومعة راهب فناديته «يا راهب» فإذا به قد‬ ‫أشرف علي وهو شيخ كبير فقال كاألُوَل وأجبته‬ ‫كجوابهم إال أنه قد قال لي «قد قرب أجلي فاعبد‬ ‫اهلل عندي حتى يحكم اهلل بحكمه وهو خير‬ ‫احلاكمني»‪ ،‬فجلست إلى جنب صومعته سنة‬ ‫أعبد اهلل تعالى وكان يشرف علي بها كل يوم مرة‬ ‫ويسلم علي ثم إنه ّ‬ ‫بشر في ليلة مبعث النبي‬ ‫محمد بن عبد اهلل وقال‪« :‬ما بقي من عمري إال‬ ‫ساعة واحدة» ثم بشرني وأوصاني كمن مضى‬ ‫فأجبته كجوابهم وقضى نحبه‪ ،‬فأقمت بعده‬ ‫سبع سنني وتسعة أيام فلما كان اليوم العاشر‬ ‫مضيت إلى بيت املقدس فإذا بوف ٍد من العرب‬ ‫علي‬ ‫فدنوت من‬ ‫شاب منهم فس ّلمت عليه فر ّد َّ‬ ‫ٍ‬ ‫السالم‪ ،‬فقلت‪« :‬من أي الناس أنتم وأين تكون‬ ‫بلدتكم» فقال «بلدنا مكة ونحن من قريش»‬ ‫فقلت له‪« :‬هل ظهر فيكم رجل يدعوكم»‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫«نعم قد ظهر فينا رجل من نسل عبد املطلب‬ ‫يزعم أن له في السماء إلها ً وقد جحد آلهتنا‬ ‫ّ‬ ‫وسفه أحالمنا»‪ ،‬فقلت له‪« :‬يا أخا العرب من‬ ‫السيد فيكم»‪ ،‬فأومأ بيده إلى شيخ وقال‪« :‬هذا‬ ‫سيدنا وسيد بني مخزوم» فأقبلت على الشيخ‪،‬‬ ‫وقلت له‪« :‬أنعمت صباحا ً يا سيد بني مخزوم إني‬ ‫أحب أن أكون لك صاحباً»‪ ،‬فقال‪« :‬كرام ًة»‪ .‬فسرت‬ ‫معهم حتى نزلوا وادي تيماء ثم سرت معهم إلى‬ ‫وادي القرى فأقاموا بها فبينما أنا ذات يوم أقرأ‬ ‫التوراة إذا قبل حب ٌر من أحبار اليهود فسلم علي‬ ‫ثم قال لي «يا فارسي حتسن تالوة التوراة» فقلت‬ ‫«نعم»‪ ،‬فقال «وما تصنع مع هؤالء القوم اخملالفني‬ ‫لك» فأخذني وأتى بي إلى بستان كبير فخرج علي‬ ‫بنقل كثيب منه في تلك الليلة وته َّدد في إن لم‬ ‫أنقله وأنصرف وتركني فخطيت لي محرابا ً ولم‬ ‫أزل راكعا ً وساجدا ً حتى أصبح ثم دعوت اهلل تعالي‬ ‫على الكثيب فما أمتمت الدعاء حتى أمر اهلل الرياح‬ ‫األربع َفنَسخَ ْت ُه وإذا باليهودي قد أقبل ومعه إثنان‬ ‫فنظروا إلى الكثيب فلم يروه فبقوا متعجبني من‬ ‫ذلك فقال لهما اليهودي «أنتما تعلمان أن الكثيف‬ ‫الذي في بستاني ال تَقْدر جمال احلج سنني عدة‬ ‫على نقله وقد نقله هذا الفارسي في ليلة واحدة»‬ ‫ثم قال لي «من أعانك على نقله» فقلت «أعانني‬ ‫عليه رب املشرق واملغرب» ثم سرت مع ابن عم له‬ ‫إلى يثرب وأقمت بحديقة امرأة يهودية احفظ لها‬ ‫بها نخلها وأعلِّم ابنها التوراة فأقمت أ ّياما ً كذلك‬ ‫فبينما أنا ذات يوم على باب احلديقة وإذا برسول‬


‫اهلل على ناقته وعليه قميص وعمامة مثقل‬ ‫بسيف ومعه أبو بكر الصديق فنزل على باب‬ ‫أبي أيوب األنصاري ودخل على القوم فدخلت في‬ ‫وتأملني بعينيه‬ ‫آثارهم فسلمت عليه فرد السالم ّ‬ ‫وقال‪« :‬أهالً وسهالً مبن آمن بي وصدق رسالتي‬ ‫من قبل أن تلدني أمي بأربعمئة سنة» و»إن اجلنة‬ ‫تشتاق إلى سلمان أكثر من تشوق سلمان اجلنّة»‪،‬‬ ‫فتطاول الناس باإلعناق وشخصوا باألحداق وقالوا‬ ‫«من هذا الرجل الفارسي» فناولته األلواح‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫«جزاك اهلل عني خيراً»‪ ،‬ثم قال‪« :‬يا فارسي أحب‬ ‫أن أسميك بغير هذا اإلسم» فسماني سلمان‬ ‫وكنّاني أبا عبد اهلل فلم أزل عنده‪ ،‬فقال لي‪« :‬يا‬ ‫سلمان إن اهلل أمر في أن أشاور أصحابي وأنت‬ ‫علي «‪ ،‬فقلت‪« :‬مباذا يا رسول اهلل»‪،‬‬ ‫منهم فأشر ّ‬ ‫فقال‪« :‬قد ورد إلينا خبر بعض العرب بأنهم يريدون‬ ‫أن يخرجونا من أرضنا وديارنا»‪ ،‬فقلت‪« :‬يا رسول‬ ‫اهلل إني ملا كنت عند والدي بأرض فارس صغيرا ً‬ ‫ورد علينا من يريد أن يخرجنا من ديارنا فتحصنّا‬ ‫بخندق»‪ ،‬فقال لي‪« :‬يا‬ ‫في املدينة التي كنا فيها‬ ‫ٍ‬ ‫سلمان وكيف»‪ ،‬فقلت «علي مبعول وزنبيل» فلما‬ ‫أحضره أخذت املعول وجعلت أخط كما أراد اهلل‬ ‫سبحانه وتعالى»‪.‬‬

‫أما عن زهده وتقواه‬ ‫ويذكر األشرفاني في كتابه “عمدة العارفني” عن‬ ‫زهد سلمان (ع) وتقواه باختصار‪“ :‬كان زاهداً‪ ،‬عابدا ً‬ ‫قانعا ً باليسير‪ ،‬ال يأكل من صدقات الناس وكان‬ ‫يعمل في اخلوص بيده ورأس ماله‪ ،‬درهم يتصدق‬ ‫به ودرهم ينفقه لقوته ودرهم يعيده في صندوقه‪،‬‬ ‫وكان يسكن الص َّفة‪ ،‬أي مصطبة اجلامع ويستظل‬ ‫بالظل كيفما دار ولم يكن له بيت وكان إذا سئل‬ ‫عن اسمه قال‪“ :‬عبد اهلل” وعن نسبه قال‪“ :‬ابن‬ ‫اإلسالم”‪ ،‬وعن لباسه قال‪“ :‬التواضع”‪ ،‬وعن طعامه‬ ‫قال‪“ :‬اجلوع”‪ ،‬وعن شرابه قال‪“ :‬الدموع”‪ ،‬وعن وساده‬ ‫قال‪“ :‬السهر”‪ ،‬وعن فخره قال‪“ :‬سلمان منّا”‪ ،‬وعن‬ ‫قص ِده قال‪“ :‬يريدون وجه اهلل”‪ ،‬ومن شعره‪:‬‬ ‫إذا افتخروا‬ ‫أب لي سواه‬ ‫“أبي اإلسالم ال َ‬ ‫بقيس أو متيم”‬ ‫وإلى ذلك اإلشارة من آيات الكهف واألنعام‬ ‫وهي وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي‬ ‫يريدون وجهه (اآلية)‪ ،‬التفسير “نزلت هذه اآلية في‬ ‫الص َّفة وهم “سلمان وأبو ذر‪،‬‬ ‫فقراء املؤمنني من أهل َ‬ ‫نح هؤالء‬ ‫وأشباههم ملا قالت رؤساء الكفر للنبي ِّ‬ ‫عنك لنجالسك ونؤمن بك‪ ،‬ومعنى يدعون ربهم‬ ‫العشي أي يعبدونه‪ ،‬ومعنى يريدون وجهه‬ ‫بالغداة‬ ‫ّ‬ ‫أي يطلبون ثواب اهلل‪ ،‬وما عليك من حسابهم‬ ‫أي رزقهم‪ ،‬من شيء‪ :‬فتم ّلهم وتطردهم‪ ،‬وما من‬ ‫حسابك عليهم من شيء أي ليس رزقك عليهم‬ ‫وال رزقهم عليك وإمنا يرزقك وإياهم الرزاق فدعهم‬ ‫يدنون منك وال تطردهم تكون من الظاملني لهم‬ ‫بطردهم”‪.‬‬

‫ومن ِح َك ِمه(ع)‬ ‫قال‪« :‬عليكم بصلة األرحام‪ ،‬وحسن اجلوار‬ ‫ومجاورة أهل العلم واحملبة للمساكني‪ .‬وجاهدوا‬ ‫أنفسكم حق اجلهاد»‪ .‬وقال «أكثر الناس ذنوبا ً يوم‬ ‫القيامة أكثرهم كالما ً في معصية اهلل تعالى»‪.‬‬ ‫السخي قالت األرض «واحلَ َف َظ ُة‬ ‫وقال‪« :‬إذا مات‬ ‫ُّ‬ ‫رب جتاوز عن عبدك بسخائ ِ ِه في الدنيا»‪ ،‬وإذا مات‬ ‫ِّ‬ ‫البخيل قالت «اللهم أحجب هذا العبد عن اجلنّة‬ ‫كما حجب عبدك عما جعلت في يديه من الدنيا»‪.‬‬ ‫مريض‬ ‫وقال «إمنا مثل املؤمنني في الدنيا كمثل‬ ‫ٍ‬ ‫معه الذي يعلم داءه ودواه فإذا اشتهى ما يض ّره‬ ‫منعه»‪ ،‬وقال «إن أكلته هلكت‪ ،‬وكذلك املؤمن‬ ‫يشتهي أشياء كثيرة فيمنعه اهلل عز وجل منها‬ ‫حتى ميوت فيدخله اجلنة»‪ .‬وقال‪« :‬ليكن بُلْ َغ ُة‬ ‫أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب فإن في اآلخرة‬ ‫عقبة ال يقطعها إال احملقون»‪.‬‬ ‫وقال النبي‪« :‬عن َد سلمان علم ال يُدرَك»‪ .‬وكان‬ ‫يقال له «سلمان اخلير» وكان الرسول وصحابته‬ ‫يعظمونه جدا ً وهو مع هذا التعظيم كان يخفي‬ ‫فضيلته ال ُعظمى‪ .‬ومن تعظيمهم له (ع) تولية‬ ‫عمر له على املدائن والنهروان وكان أميرا ً على‬ ‫تالثني ألفا ً من املسلمني‪.‬‬

‫تواضعه ومكارمه‬ ‫إنه حني حكمه كان يركب احلمار بال برذعه‬ ‫وبغير كاف‪ .‬وكان يأكل خبز الشعير ويلبس‬ ‫العباءة واألثواب اخلشنة‪ .‬حتى أنه كان ال يعرف من‬ ‫بني غلمانه‪.‬‬ ‫روي أنه مر ببعض أزقة املدائن فرآه جندي من‬ ‫غلمانه فقال له أحمل هذا العدل التّنب إلى‬ ‫البيت فحمله على ظهره فقيل له (أي للجندي)‬ ‫إنه األمير‪ .‬فأتى إليه معتذرا ً يقبل رأسه ويسأله‬ ‫أن يرمي ما عليه‪ .‬فقال (ع) “ملا حملته نويت على‬ ‫وصوله إلى البيت”‪ ،‬ولم يرْم ِه عنه حتى وصل إلى‬ ‫مكانه‪ .‬كان يعطي نحو خمسمئة دينار جمل ًة أو‬ ‫خمسة آالف وكان ال يتناول من مال الرعية شيئاً‪.‬‬

‫نبذة عن سيرته‬ ‫وميده‪ ،‬وللشيعة عنه روايات‬ ‫إنه كان مييل إلى علي ّ‬ ‫كثيرة ولهم به غرام شديد ويعدونه أول الصحابة‬ ‫وأعظمهم ويصلون عليه كما يصلون على األنبياء‬ ‫فتعظيمه عند «علي وشيعته» عظيم‪.‬‬ ‫ومن ذلك أن النبي كان مير على فاطمة الزهراء‬ ‫(ر) وهي تطحن بيدها ال ّرحى وسلمان يساعدها‬ ‫فال ينهاها‪“ ،‬وكانت فاطمة تناديه يا أبتي سلمان”‬ ‫وروي عن علي(ع) أنه دخل يوما ً بيت فاطمة فرأى‬ ‫سلمان سالم اهلل عليهما ينفش لها الصوف وهي‬ ‫تغزله وليس عندهما ثالث‪ ،‬فقال لها‪“ :‬يا كرمية‬

‫‪19‬‬

‫النساء أعندكم شيء من الطعام”‪ ،‬فقالت‪“ :‬ال يا‬ ‫ابن عم رسول اهلل”‪ ،‬فسألها إن كان معها شيء‬ ‫من الدراهم‪ ،‬فقالت‪“ :‬معي ستة دراهم باع لي‬ ‫بهم أبي سلمان غزال ً ا ّدخرتهم ألشتري للحسن‬ ‫واحلسني بهم طعاماً”‪ .‬فقال‪“ :‬اعطني هم يا ابنة‬ ‫رسول اهلل فناولته إياهم”‪ ،‬فلما صار في السوق‪،‬‬ ‫الوفي”‬ ‫فإذا سائل يقول‪“ :‬من يقرض اهلل الو ّلي‬ ‫ّ‬ ‫فناوله هم ثم عاد صفر اليدين ل ِعن ِد ِها فسألته‬ ‫عما كان منه فأخبرها فقالت له‪ُ “ :‬و ِّفقت”‪ .‬ثم‬ ‫ّ‬ ‫خرج وإذا بإعرابي معه ناقة فقال له‪“ :‬تشتري يا أبا‬ ‫احلسن”‪ ،‬فقال‪“ :‬ليس معي ثمن”‪ .‬فقال “أمهلك”‪،‬‬ ‫فشراها منه مبئ ٍة صبرا ً ثم ساومه فيها آخر فباعه‬ ‫إياه بثالثمئة قبضاً‪.‬‬

‫وفاته ودفنه ومدفنه (ع)‬ ‫ثالث وثالثني‪ ،‬ودفن‬ ‫توفي سالم اهلل عليه سنة ٍ‬ ‫باملدائن‪ ،‬وله بجبل الطور مقام شريف‪.‬‬ ‫وملا زرناه كان برؤوسنا نوع من صداع السفر‬ ‫س ْحنا جبا َهنا بزيت من قناديله فحصل لنا‬ ‫َف َم َ‬ ‫الشفاء‪ .‬ببركته كما قيل‪:‬‬ ‫وبت في ضيق‬ ‫إذا أعثـرتك من األيام نازل ٌة‬ ‫َّ‬ ‫عيش ض ِّي ٍق َحرِ ِج‬ ‫ٍ‬ ‫أقصد مقامي وال تبغ به بدال ً‬ ‫وابسط‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الفرج‬ ‫يديك جتد نوعا ً من‬ ‫ِ‬ ‫وجاء في كتاب نشأة الفكر الفلسفي اإلسالمي‬ ‫قول الرسول(ص) لسلمان(ع)‪:‬‬ ‫“دخل سلمان على الرسول فرحب به وقربه‬ ‫إليه” وقال‪“ :‬أصبحت يا سلمان موضع سرِّ علمنا‬ ‫ومعدن سرِّنا ومجمع أمرنا ومؤمن املؤمنني بآدابنا‪،‬‬ ‫أنت واهلل الباب يأوي علمنا وفيك يبدأ علم التأويل‬ ‫والتنزيل وباطن السر وسر السر فبوركت أوال ً وآخرا ً‬ ‫وظاهرا ً وباطنا ً وح ّيا ً وميتاً”‪.‬‬

‫نصرتُه آلل البيت‬ ‫حتمس أنصار علي ضد خالفة أبو بكر‬ ‫حينما ّ‬ ‫الصديق قال علي من شاء نصرتي فليحضر غدا ً‬ ‫حالقا ً رأسه‪ ،‬فكان سلمان واملقداد والزبير ثالثة‬ ‫فقط الذين حضروا حالقي رؤوسهم منتضني‬ ‫سيوفهم‪.‬‬ ‫وكان سلمان أحد اخمللصني الذين دفنوا فاطمة‬ ‫ليالً ومعهم علي (ع) ويرجع إليه الفضل في إسالم‬ ‫زعيم بني عبد القيس في العراق وإظهارا ً حلُ ّب زيد‬ ‫لسلمان فقد اتّخذ لنفسه كنية “أبي سلمان”‪.‬‬ ‫ويقول الطبري (ج‪-4‬صفحة ‪ )88‬أن املسلمني الذين‬ ‫انتصروا على الفرس في معركة القادسية كان‬ ‫داعيهم ورائدهم سلمان الفارسي‪.‬‬ ‫وقد فاوض سكان العاصمة (املدائن) من أجل‬ ‫أن يسلموا ثم قادهم الهجوم عابرا ً دجلة سابحاً‪،‬‬ ‫وهو الذي اختار املكان الذي أقيمت عليه الكوفة‪.‬‬ ‫ثم والَّه عمر املدائن فكان يتصدق براتبه ويصنع‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫السالل ويبيعها ملصروفه الشخصي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ويقول املؤرخ الدكتور عبد الرحمن بدوي (‪ :)3‬آن‬ ‫لنا أن ن َ ْن َف َذ إلى صميم احلياة الروحية في اإلسالم‬ ‫ممُ َ َّثلة في أولئك الذين أشاعوا ثورة التوتُّر احلي وهم‬ ‫في هذا كله لم يكونوا معبرين عن أنفسهم‬ ‫سدون نوازع‬ ‫اخلصبة وحدها بقدر ما كانوا يت َ​َج َّ‬ ‫األمة املؤمنة‬ ‫عا َّمة يسري تيارها العنيف في ّ‬ ‫كلها‪.‬‬ ‫والدين احلي احلق هو ذلك املتحقق في الشعور‬ ‫لألمة املؤمنة به وآية خصبة في‬ ‫ّ‬ ‫املتجدد املتط ّور ّ‬ ‫تلك الصور املتعددة املتغ ِّورة التي يتّخذها وفقا ً‬ ‫لألزمان وتبعا ً للطبع العنصري املركب في هذه‬ ‫األمة ولهذا فكل دين في أصله رمز قابل ملا ال‬ ‫نهاية له من أنواع التفسير التي يبلغ الفارق بني‬ ‫بعضها وبعض حد التناقض‪.‬‬ ‫وللشيعة أكبر الفضل في إغناء املضمون‬ ‫الروحي لإلسالم وإشاعة احلياة اخلصبة القوية‬ ‫العنيفة التي وهبت هذا الدين (اإلسالم) البقاء‬ ‫قويا ً غنيا ً على إشباع النوازع الروحية للنفوس‬ ‫وإيجاد قيم روحية مؤولة عن نصوصه الظاهر في‬ ‫توغل مطلعه ملضمونه الباطن‪.‬‬ ‫كان سلمان أول مؤمن وبشر بالنزعة الروحية‬ ‫في اإلسالم‪.‬‬ ‫وكان خليقا ً أن يناديه زائر قبره في املدائن قائالً‪:‬‬ ‫خصك بصدق الدين أن يحييني‬ ‫أسأل اهلل الذي ّ‬ ‫حياتك ومييتني مماتك إنك لم تنكث عهداً‪.‬‬ ‫ومنذ القرن األول للهجرة كان لتلك العبارة التي‬ ‫قالها الرسول(ص) “سلمان منا آل البيت” قيمة‬ ‫دينية لدى الشيعة وأيضا ً ظهور إسناد سلماني‬ ‫السنّية‪.‬‬ ‫لدى بعض الطرق الدينية ُ‬ ‫وبغض النظر عن كل تأثير للشيعة يعتبر‬ ‫سلمان شفيع الصناع وهو لم يتزوج وكان عاريا ً‬ ‫عن الشهوات ويضيف الدكتور البدوي‪:‬‬ ‫الضحاك كما جاء في تفسير الطبري (ح‬ ‫إننا لنرى‬ ‫ّ‬ ‫‪ / 14‬صفحة ‪ )111‬يفسر اآلية من سورة النحل “ولقد‬ ‫تعلم إنهم يقولون إمنا يعلمه بشر” قائالً أن أستاذ‬ ‫محمد الوارد في هذه اآلية يقصد بها سلمان‪.‬‬ ‫الضحاك‬ ‫وقال بهذا من بعد البيضاوي‪ ،‬فكأن‬ ‫ّ‬ ‫كان يعتقد أ ّن سلمان أعان النبي على معرفة‬ ‫الكتب الدينية السابقة على ما أنزل عليه وهذا‬ ‫محتمل جدا ً من الناحية التاريخية وقد صاحب‬ ‫سس والرهبان سنينا ً طويلة وتبحر بالعلوم‬ ‫ال ِق َ‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫وقد قالت اإلسماعيلية من بعد أن سلمان هو‬ ‫في الواقع حمل القرآن ك ّله إلى محمد وإن “امللك‬ ‫جبريل” لم يكن إالّ اإلسم الذي أطلق على سلمان‬ ‫بوصفه حامل هذه الرسالة اإللهية‪.‬‬ ‫وقد ذكر بعض املؤرخني عن عائشة أنها أ ّ‬ ‫حلت‬ ‫على النبي بأن يصف لها الوحي الذي ينقل إليه‬ ‫الدار‪ ،‬فقال لها إنّه‬ ‫القرآن‪ ،‬وكان سلمان في صحن ّ‬ ‫يشبه سلمان‪.‬‬ ‫ومن افتخار عائشة على غيرها من نساء‬ ‫الرسول‪ ،‬قولها إنها رأت جبريل ولم يَرَه أح ٌد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫غيرها‪.‬‬ ‫ومما يذهب إليه اإلمامية املعتدلة وعددها نحو‬ ‫مئة مليون نسخة أن سلمان أحد احلواريني الثالثة‪،‬‬ ‫والثاني هو املقداد والثالث هو أبو ذر وقد كان موضع‬ ‫س ّره ومستشاره املفضل‪.‬‬ ‫ويقول‪ :‬مما يذهب إليه مذهب اإلمامية املعتدلة‬ ‫وقد كان في البدء روح األمر (متم ّثلة أو غير‬ ‫متمثلة في جبريل‪ ،‬كان يدعى في حياة علي باسم‬ ‫سلمان‪ .‬والثاني هو املقداد والثالث أبو ذر)‪ .‬وهكذا‬ ‫نرى أنه منذ بداية القرن الثاني أدْمجت شخصية‬ ‫سلمان التاريخية في النموذج اإللهي األعلى الذي‬ ‫جتسدته زمناً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وسلمان هو سلسلة املسجد األقصى اخلاصة‬ ‫ْسم الناس وهو الذي يقبض‬ ‫وهي التي عندها يق ُ‬ ‫قبور‬ ‫بإقامة‬ ‫للشيعة‬ ‫مح‬ ‫س َ‬ ‫األرواح وبعد أن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ألوليائهم‪ ،‬ذلك في القرن الثالث للهجرة كان‬ ‫الشيعة كما كان أصحاب النقابات املهنية من‬ ‫السنّة يزورون قبر سلمان في املدائن‪ ،‬وفي القدس‬ ‫يوجد جامع سلمان الفارسي‪.‬‬ ‫وسلمان هو املعني الذي يضع اهلل في مركز‬ ‫اجلماعة واحلجاب املستور الذي يكشف عن حضرة‬ ‫خف ّية‪.‬‬ ‫وهو اجلذر الدائم لرسالة اإلمامة وأصلها اإللهي‬ ‫اخلالد واجلسد املتوارث للجنس اخملتار لإلمامة‬ ‫وهو األصل الذي ينتقل من ذكر إلى ذكر على مر‬ ‫األجيال‪ ،‬ولكي ميوت املرء على اإلسالم الصحيح‬ ‫فمن الضروري اإلعتراف به ومحبته في جتليات‬ ‫ظهوره امل ُ ِّ‬ ‫تقطعة املتواترة هذه التي تبدو بطريقة‬ ‫دورية كعودة الهالل الذي ينظم وحده األعمال‬ ‫الشرعية‪.‬‬ ‫وفي اعتقاد بعض الفرق اإلسالمية أن سلمان‬ ‫هو املالك جبريل حامل الرسالة اإللهية‪ ،‬ويحاول‬ ‫علماء الشيعة كما يقول الدكتور النشار أن‬ ‫يثبتوا أن الصحابة «سلمان الفارسي‪ ،‬املقداد‪ ،‬أبو‬ ‫ذر‪ ،‬وعمار بن ياسر وهم احلكماء العلماء ال ُذ ّبل‬ ‫الشفاه األخيار يعرفون بالرهبانية من آثار العبادة”‪.‬‬ ‫(نشأة الفكر الفلسفي ج‪ ، 3‬صفحة ‪.)12‬‬ ‫ستَقر لها ذلك‬ ‫فتقول اآليات “والشمس جتري لمِ ُ ْ‬ ‫قدرناه منازل حتى‬ ‫تقدير العزيز احلكيم”‪“ ،‬والقمر ّ‬ ‫رج ْو ِن القدمي”‪.‬‬ ‫عاد ال ِع َ‬ ‫وكان يظن أن اهلل لن ينصره في الدنيا واآلخرة‬ ‫فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينتظر‬ ‫هل يذهنب كيده ما يغيظ‪ .‬خصوصا ً أسباب‬ ‫سلمان وهو أعني السني‪ :‬سبب الشد والتلقني‬ ‫تدعو إلى سبيل اهلل باحلسنى واإلقتناع كما أ َّن‬ ‫نداء املؤذن يزكي القلب بالصالة وهو “الباب” الذي‬ ‫يدخل منه النور الشعشعاني‪ ،‬ومنه يتصل املؤمن‬ ‫باحلضرة اإللهية ويحقق عمل اهلل ينفخ الروح‬ ‫مولدا ً األبدان ومعلما ً النفوس وهو “املقدرة” التي‬ ‫متنح الوجود‪ .‬وفي سورة احلجج يرمز إلى سلمان‬ ‫بالشهر احلرام الذي يضيء في ليلة املزدلفة‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 33‬ﻫ‪ ،‬كانت وفاة سلمان في عل ّية ألبي‬ ‫قرة الكندي باملدائن‪ ،‬وأبو قرة كان قاضيا ً للكوفة‬

‫‪20‬‬

‫سنة ‪ 17‬ﻫ وقبل وفاته طلب أن يترك وحده وأن‬ ‫تترك األبواب مفتوحة على مصاريعها وكأنه في‬ ‫انتظار ر ّواد مستورين الروايات‪ .‬والشيعة تذكر‬ ‫بالتحديد أن هؤالء ليسوا مالئكة‪ ،‬وقد حضر اإلمام‬ ‫علي من املدينة وقام بغسله قبل الدفن‪ ،‬وقب ُره في‬ ‫املدائن غربي الدجلة عليه قبب من ذهب‪ ،‬يزار في‬ ‫شعبان‪ ،‬ومشهور باسم “سلمان باك” أي املقدس‬ ‫الطاهر‪.‬‬

‫حتليل‬ ‫قصدنا من هذه اإلطالة التي شملت سيرة‬ ‫سلمان (ع) كما وردت في املرجعني اللذين‬ ‫ذكرناهما كامل ًة إملاما ً مبكانة سلمان (ع) أحد‬ ‫أقطاب املدرسة التوحيدية في اإلسالم وسنذكر‬ ‫باختصار سيرة األقطاب التي تلي سلمان ونضيف‬ ‫ذكر فاطمة الزهراء أم احلسنني وزوجة علي (ع)‬ ‫وابنة الرسول (ص) لنستوفي التعرف إلى هذه‬ ‫املدرسة في التوحيد ولنا غرض في التعرف إلى‬ ‫امتدادها ونحوها إلى أن مرَّا مبنهجها وعقائدها‬ ‫اإلسالمية التوحيدية في دور اإلمامة املستورة ثم‬ ‫الظاهرة إلى أن ظهرت مذهبا ً هو مذهب التوحيد‬ ‫في عهد اخلليفة الفاطمي احلاكم بأمر اهلل ومن‬ ‫هنا وجدنا ذكر فاطمة الزهراء(ر) أم احلسنني وصوال ً‬ ‫إلى أن اخلليفة الفاطمي بل اإلمامة الفاطمية‬ ‫نسبة إلى فاطمة الزهراء ابنة الرسول (ص) من‬ ‫جهة تتكون واصلة بنسبها إلى رسول اهلل (ص)‬ ‫جد اإلمامة الفاطمية والد فاطمة (ر) ومن جهة‬ ‫ّ‬ ‫أخرى أن فاطمة من أصحاب مدرسة التوحيد في‬ ‫اإلسالم زمن الرسول (ص) وعلي (ع)‪ .‬لذا وجب أن‬ ‫نتعرف على شخصيات هذه املدرسة إلدراك دورها‬ ‫في نشوء اإلمامة وبزوغ دعوة احلق (التوحيد)‪.‬‬

‫رئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫الدكتور الشيخ راتب نصر اهلل‬

‫‪ -1‬عمدة العارفني‪ ،‬للشيخ أبي زين الدين‪ ،‬محمد‬ ‫األشرفاني‪ ،‬صفحة ‪411‬‬ ‫أنظر سعيد الصغير‪ ،‬بنو معروف في التاريخ‬ ‫صفحة ‪137 -127‬‬ ‫أنظر سليمان سليم علم الدين (تذكر يا مروان)‪،‬‬ ‫صفحة ‪55 -517‬‬ ‫‪ -2‬عمدة العارفني‪ ،‬للشيخ أبي زين الدين‪ ،‬محمد‬ ‫األشرفاني‪ ،‬صفحة ‪404‬‬ ‫أنظر سعيد الصغير‪ ،‬بنو معروف في التاريخ‬ ‫صفحة ‪137 -127‬‬ ‫أنظر سليمان سليم علم الدين (تذكر يا مروان)‪،‬‬ ‫صفحة ‪55 -517‬‬ ‫‪ -3‬عبد احلمن بدوي‪ ،‬شخصيات قلة في اإلسالم‪،‬‬ ‫صفحة ‪130‬‬ ‫سعيد الصغير‪ ،‬بنو معروف في التاريخ صفحة‬ ‫‪130 - 129‬‬


‫وهاب سلّم الرئيس سليمان دعوة للمشاركة‬ ‫في وضع حجر األساس لمستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب رئيس اجلمهورية العماد‬ ‫ميشال سليمان‪ ،‬في القصر اجلمهوري في‬ ‫بعبدا‪ ،‬وجرى عرض لألوضاع الراهنة‪ ،‬وخالل‬ ‫وجه الوزير وهاب دعوة للرئيس ميشال‬ ‫الزيارة ّ‬ ‫سليمان الى حفل وضع حجر األساس‬ ‫ملستشفى الصحابي سلمان الفارسي الذي‬ ‫أقيم في ‪ 16‬تشرين األول في بلدة ديردوريت في‬ ‫الشوف‪.‬‬

‫‪...‬وزار المرجع ّيتين أبو محمد جواد ولي الدين وأمين الصايغ‬ ‫وأطلعهما على مشروع «القرية التوحيدية»‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام‬ ‫وهاب املرجع ّيتني الروح ّيتني للطائفة الدرزية‬ ‫الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين والشيخ‬ ‫أمني الصايغ وأطلعهما على مشروع‬ ‫املستشفى الذي سيبدأ العمل به بالتعاون‬ ‫مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬حيث بارك‬ ‫املشايخ لوهاب هذا املشروع‪.‬‬ ‫وقد أكد وهاب بعد الزيارتني على وحدة‬ ‫اجلبل وصيانة الوحدة واألمن فيه خاصة في‬ ‫هذه الظروف الدقيقة‪ ،‬وعلى ضرورة التعاون‬ ‫بني كل القوى املوجودة ملا فيه مصلحة‬ ‫الناس‪.‬‬

‫‪...‬وزار الصايغ والغريب ودعا المرجعيات السياسية الدرزية ّ‬ ‫لحل إشكالية ملف األوقاف‬ ‫الغريب‪ :‬هناك الماليين المك ّدسة من الدوالرات والذهب في األوقاق الدرزية‬ ‫أكد رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام‬ ‫وهاب على “ضرورة أن يبقى اجلبل على وحدته‬ ‫السياسية وفقا ً للمبادىء التي ُح ِّددت أكان‬ ‫جلهة املقاومة أو املوقع العربي املُتحالف مع‬ ‫توجهات كل‬ ‫قلب العروبة “دمشق”‪ .‬هذه هي ّ‬ ‫املوحدين الدروز‪ ،‬وليكن التنافس‬ ‫أبناء طائفة‬ ‫ّ‬ ‫على إمناء اجلبل وتأمني عيش كرمي لكل أبنائه”‪،‬‬ ‫مشددا ً على “أننا مع وحدة املوقف ونعتبر‬ ‫أن الوحدة في اجلبل هي خط أحمر وسنقف‬ ‫بوجه أي فتنة‪ ،‬ولكننا نعتقد بأ ّن التشاور بني‬ ‫اجلميع أساسي‪ ،‬وهناك أمور عالقة في الوضع‬ ‫الدرزي ال بد من وضع ح ٍّل لها”‪ ،‬داعيا ً “جنبالط‬

‫وأرسالن والداوود وكل املرجعيات السياسية‬ ‫ّ‬ ‫حلل كل‬ ‫في الطائفة الدرزية إلى املبادرة‬ ‫األمور العالقة على الصعيد الدرزي خاصة‬ ‫قال وقيل حول ملف األوقاف‬ ‫ما نشهده من ٍ‬ ‫الدرزية وما يجري في دار الطائفة ووقف الدروز‬ ‫في بيروت‪ .‬فهؤالء هم أهلنا‪ ،‬ولهم حقوق وهم‬ ‫مع أي مشاريع استثمارية لكن ضمن حفظ‬ ‫الكرامة‪ ،‬إذ ال أعتقد أ ّن أي طائفة كرمية تقبل‬ ‫أن يكون في حرم مق ّرها الرئيسي‪ ،‬أي مشاريع‬ ‫نوع معني”‪ ،‬متسائال ً “هل يقبل‬ ‫استثمارية من ٍ‬ ‫أحد أن تكون هذه املشاريع في خراج بكركي أو‬ ‫دار الفتوى أو اجمللس اإلسالمي الشيعي األعلى‬

‫‪21‬‬

‫لنقاش هادىء‪ ،‬ولسنا‬ ‫أو غيرها؟ هذا أمر بحاجة‬ ‫ٍ‬ ‫بحاجة للتوتر والتحامل على بعضنا‪ ،‬فاجلميع‬ ‫يريد املصلحة العامة”‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل زيارته لكل من املرجعية‬ ‫الروحية في طائفة املوحدين الدروز الشيخ أبو‬ ‫سليمان حسيب الصايغ‪ ،‬وشيخ العقل املعينّ‬ ‫الشيخ نصر الدين الغريب‪ ،‬بحيث قال بعد‬ ‫لقائه الصايغ‪“ :‬قمنا بزيارة هذه الدار للقاء‬ ‫املرجع الروحي الشيخ أبو سليمان حسيب‬ ‫الصايغ‪ ،‬وهي دارٌ لطاملا جمعت كل ابناء اجلبل‪،‬‬ ‫صمام األمان و ُقبلَة‬ ‫وكانت في األيام الصعبة ّ‬ ‫كل أبناء الطائفة”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬جئنا ألخذ البركة من الشيخ‬ ‫الصايغ‪ ،‬لـ “مستشفى الصحابي سلمان‬ ‫الفارسي” الذي بدأنا بتنفيذه في الشوف‪ ،‬وهو‬ ‫ُملك لكل أبناء اجلبل وسيكون مفتوحا ً أمام‬ ‫اجلميع خاصة احملتاجني والفقراء في املنطقة‪،‬‬ ‫وطبعا ً ال ميكننا اإلقدام على أي خطوة بدون‬ ‫أخذ بركة مرجع ّيتنا الروحية”‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪“ :‬زرنا سماحة شيخ عقل طائفة‬ ‫املوحدين الدروز ألخذ بركته للمشروع الصحي‬ ‫الذي بدأنا العمل لتنفيذه في الشوف‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن سماحته يهتم جلميع أبناء الطائفة‬ ‫الدرزية دون أي اعتبار سياسي‪ .‬وقد تباحثنا‬ ‫في مختلف األمور‪ ،‬خاصة وأن الشيخ الغريب‬ ‫يضع النقاط على احلروف في القضايا الوطنية‬ ‫األساسية ويحدد الدور األساسي لطائفة‬ ‫املوحدين الدروز في أكثر من موقع”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬حتدثنا مع سماحته حول الوضع‬ ‫الدرزي العام في املنطقة وليس في لبنان‬ ‫فقط‪ ،‬ونحن مرتاحون للموقف الذي يتّخذه‬ ‫أبناء الطائفة الدرزية في سوريا‪ ،‬والذي‬ ‫يدل على وطنية كبيرة لهؤالء الناس الذين‬ ‫ما تخاذلوا يوما ً في الدفاع عن سوريا‪ ،‬بل‬ ‫يتخاذلون فقط عندما يكون هناك مشاريع‬ ‫فتنة فيها‪ ،‬أما عندما تستدعي كرامة‬ ‫سوريا واألمة التح ّرك‪ ،‬فلم ولن يبخلوا يوما ً‬ ‫ال بشبابهم وال بأموالهم‪ ،‬وما املوقف في‬ ‫اجلوالن إال خير دليل على أصالة هؤالء الناس‪،‬‬ ‫وموقفهم خاصة وأنهم يعانون منذ اثنني‬ ‫وأربعني عاما ً من اإلحتالل اإلسرائيلي وال زالوا‬ ‫أمتهم‪ .‬لذلك ال بد من توجيه حتية‬ ‫إلى جانب ّ‬ ‫لهم على موقفهم الثابت إلى جانب سوريا‬ ‫وإلى جانب احلق”‪.‬‬ ‫وتناول وهاب اإلشكالية حول منصب‬ ‫مشيخة العقل ضمن الطائفة‪ ،‬فقال‪“ :‬ال‬ ‫يجوز أن نتفق في الكثير من األمور السياسية‪،‬‬ ‫في حني أن هناك انقسام بني شرعية دينية‬ ‫نالتها مشيخة العقل التي متثلنا‪ ،‬وبني أخرى‬ ‫ُمرِّرَت في ظروف معينة‪ .‬لذلك األمر بحاجة‬ ‫إلى نقاش للوصول إلى ما يبتغيه أبناء هذه‬ ‫الطائفة”‪.‬‬

‫الغريب‬ ‫كما كانت كلمة للشيخ الغريب قال‬ ‫فيها‪“ :‬نبارك لكم خطوتكم الق ّيمة في‬ ‫بناء مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‪،‬‬ ‫ونعتبر هذا املركز الصحي لكل أبناء اجلبل‬ ‫وليس للطائفة الدرزية فحسب”‪ ،‬مؤكدا ً أنه إذا‬ ‫“كان القصد من هذا املشروع إنسانيا ً فمرحبا ً‬ ‫باإلنسانية‪ ،‬أما إذا كان سياسيا ً فال بأس من أن‬ ‫ت ُفتَح نافذة في ذلك اجلدار املقفل منذ سنني”‪.‬‬ ‫وعن األوقاف قال الغريب‪“ :‬رمبا تخاذل األوقاف‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والتي قد أمحلت في العطاء في احلقل‬ ‫الصحي واالجتماعي‪ ،‬فتّحت العيون واألذهان‬ ‫امللحة في الطائفة الدرزية‪.‬‬ ‫ملثل هذه املشاريع‬ ‫ّ‬ ‫فاليوم مستشفى في الشوف‪ ،‬ورمبا غدا ً أخرى‬ ‫الشحار‪ .‬إذ يجب علينا مساعدة‬ ‫في منطقة‬ ‫ّ‬ ‫كل هذه املشاريع اإلمنائية أكانت صحية أو‬ ‫اجتماعية أو غير ذلك”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬لقد أبوا إال أن يكونوا ضد هذه‬ ‫املشاريع‪ .‬فمنذ خمس سنوات لم نرَ إجنازا َ‬ ‫واحداً‪ ،‬بل ابتاعوا مبنى في منطقة كركول‬ ‫الدروز في بيروت ال يصلح لشيء‪ ،‬في حني‬ ‫كنا بحاجة ملستشفى في منطقتنا‪،‬‬ ‫املكدسة من الدوالرات‬ ‫وهناك املاليني‬ ‫ّ‬ ‫والذهب التي يحتفظون بها إلى أجل غير‬ ‫مسمى”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وحول األحداث العربية‪ ،‬قال الغريب‪:‬‬ ‫لرؤساء عرب‬ ‫“نأسف ملا نراه من مشاهد‬ ‫ٍ‬ ‫يُعلَّقون على املشانق‪ ،‬وهذا ليس أسفا ً‬ ‫عليهم‪ ،‬بل أسفا ً على القيمة العربية‬

‫‪22‬‬

‫قيادات‬ ‫تتجسد في‬ ‫واألصالة التي كانت‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ن ُفاخر بها”‪ ،‬متسائال ً “أين قيمة اإلسالم‬ ‫واملسلمني؟ وأين الذين يدافعون عن‬ ‫اإلسالم ويحملون السالح في سوريا لقتل‬ ‫رجال األمن واجليش؟ هل هذا هو الهدف‬ ‫األساسي من تلك االحتجاجات في سوريا‬ ‫أن “هذه القيادة السورية‬ ‫العربية؟”‪ ،‬مؤكدا ً ّ‬ ‫استحدثت اإلمناء املتوازن بني كل الطوائف‬ ‫بدون متييز‪ .‬وقد أعلنت سعيها لإلصالح‪،‬‬ ‫يصح ذلك في ظل البنادق‬ ‫ولكن هل‬ ‫ّ‬ ‫وعمليات القتل؟‪.‬‬ ‫ومتنى الغريب “أن مت ّر هذه العاصفة بخير‪،‬‬ ‫وتعود سوريا بعافية كاملة إلى أوضاعها‪،‬‬ ‫بحكمة القيادة‬ ‫وتتخ ّلص من هذه األزمة ِ‬ ‫وحكمة أبنائها وخاصة أهلنا في‬ ‫السورية ِ‬ ‫جبل العرب‪ ،‬الذين استمروا كما عهدناهم‬ ‫ثائرين ضد األجنبي وليس ضد األخ أو اجلار‪.‬‬ ‫فبوركوا بهذه املواقف‪ ،‬وبوركت سوريا‬ ‫بقيادتها”‪.‬‬


‫اإلستفتاء الذي أسقط الحرم‬ ‫الظالم والخاطئ‬

‫باألمس في ‪ 16‬تشرين األول من العام ‪ ،2011‬ومن‬ ‫بوابة الشوف احلبيب‪ ،‬من قرية جميلة‪ ،‬كانت لعبت‬ ‫مرة دورا ً في رسم أحداث العام ‪ ،1983‬بدا أن مشهدا ً‬ ‫جبليا ً جديداً‪ ،‬كان قيد التشكل‪ ،‬باألمس وفي أثناء‬ ‫وضع حجر األساس لصرح‪ ،‬أريد منه تكليل جبني‬ ‫الناس الطيبني مبستشفى يحفظ صحتهم‬ ‫وكرامتهم بدا أن عصرا ً جبليا ً ووطنياُ جديدا ً بدأت‬ ‫ترتسم مالمحه‪.‬‬ ‫منذ العاشرة صباحا ً بدأت املقاعد البيضاء‪ ،‬تلك‬ ‫الصفوف الطويلة منها‪ ،‬بدأت تكتسب األلوان‪،‬‬ ‫وكان الناس من يلونها‪ ،‬من كل حدب وصوب جاؤوا‪،‬‬ ‫بثقة وهدوء فبدت عيونهم البراقة والصاخبة‬ ‫الى املشهد اجلديد‪ ،‬كما أضواء القرى تزين اللوحة‬ ‫وتنيرها‪ ،‬وعند احلادية عشر كان املشهد قد اكتمل‬ ‫معنا بداية استعادة اجلبل لذاكرة رائعة طاملا‬ ‫صنعها بالعرق والدم والدموع‪.‬‬ ‫ما كان قد باشره أبناء اجلبل في العام ‪ 1982‬وما‬ ‫كان قد صنعوه في كل تاريخهم‪ ،‬بدا في ‪ 16‬تشرين‬ ‫األول مستعاداً‪ ،‬كان احتفال قبول هدية ثمينة‬ ‫وصادقة من أهل املقاومة‪ ،‬وكان الوفاء للذاكرة‬ ‫وللمقاومة‪ ،‬وكانت الصحوة التي تلت بلبلة لم‬ ‫تدم طويالً‪ ،‬والتي يعلن فيها العودة‪ ،‬عودة أهلنا الى‬ ‫مقعدهم في التاريخ‪ ،‬والى دورهم في حماية الثغور‬ ‫العربية في وجه الغزاة‪.‬‬ ‫باألمس استحال خريف الطبيعة اجلميل ربيعاً‪،‬‬ ‫هو ربيع هادئ ومدرك‪ ،‬يعلن احتضان اجلبل وأبنائه‬ ‫للون سياسي‪ ،‬هو فعليا ً قدمي جديد‪ ،‬كان الشوف‬ ‫يحتضن حق شبابه وشيوخه‪ ،‬وحق نخبه بالتنوع‬ ‫وبالترقي وباخليار السياس َيني‪ ،‬لقد كان ذلك اليوم‬ ‫املشهود استقباال ً حاشدا ً حلقنا في اختيار املقاومة‬ ‫واملمانعة سبيالً لبقاء وطننا وأمتنا وحضارتنا‪،‬‬ ‫وأصدقائنا وحلفائنا‪ ،‬الذين بدورهم اختاروا وعلى‬ ‫الرغم من األعباء الكبيرة ملهام املقاومة‪ ،‬إهداء‬ ‫اجلبل هدية‪ ،‬تخدم الناس‪ ،‬كل الناس‪ ،‬فما قيمة‬ ‫العون إذا ما تكدس في اخلزائن وما أثمنه حني يحال‬ ‫خدمة وبلسما ً للجميع‪.‬‬ ‫وباألمس كان مهرجان الوفاء للمقاومة وألهل‬ ‫املقاومة ولقائد املقاومة‪ ،‬وكل قادتها‪ ،‬وهو مهرجان‬ ‫دفن تلك الثقافة التي حاولت تصويرها كفعل لعب‬ ‫على توازنات الداخل السخيفة‪ ،‬حاولت إزاحة العيون‬ ‫عن كونها الكرامة والنصر على العدو واستعادة‬ ‫الثقة بقدراتنا وحكمتنا ومكونات عقلنا وقلوبنا‪،‬‬ ‫باألمس لم تكن املقاومة فعل تدمير الغطرسة‬ ‫في عيتا أو في سهل مرجعيون‪ ،‬فقد كانت فعل‬ ‫التنمية وضمان الصحة لكل أبناء الوطن‪..‬‬ ‫باألمس قال أبناء اجلبل أهالً باملقاومة وشكرا ً‬ ‫للمقاومة‪.‬‬ ‫باألمس‪ ،‬حضرت إيران الى اجلبل‪ ،‬حضرت نقيضا ً‬

‫لكل حملة التشويه التي عملت عليها أضخم آلة‬ ‫إعالمية غربية وعربية خبيثة‪ ،‬حضرت إيران وفي‬ ‫يد سفيرها وردة عطرة‪ ،‬ومالبس طبيب ومبضع‬ ‫جراح‪ ،‬وحضر أهلنا باآلالف كي يقولوا شكرا ً إليران‪،‬‬ ‫فللصداقة بني الشعوب أصول‪ ،‬وللوفاء أيضا ً أصول‪،‬‬ ‫فكل الوفاء ملن جاء من بعيد كي يعيد رفع راية‬ ‫املسلمني‪ ،‬وراية كل حق ضائع‪.‬‬ ‫باألمس‪ ،‬كانت مناسبة وضع الوسام على صدر‬ ‫قائد جديد يسطع من تالل الشوف‪ ،‬إنه وأرغب في‬ ‫القول الرفيق األول‪ ،‬إذ أن من رآه باألمس شريكا ً عامالً‬ ‫على أدق التفاصيل‪ ،‬من رآه مناضالً يستقبل الناس‬ ‫وينظم األمور يعرف أنه صنف جديد من القادة‪،‬‬ ‫القادة الشعبيون الذين خرجوا من آالم الناس ومن‬ ‫املثل والقيم‪ ،‬واألخالق‪.‬‬ ‫إن رئيس احلزب احلبيب وئام وهاب‪ ،‬كان باألمس‬ ‫العريس في عرس اجلبل‪ ،‬كان عرس تتويج مسيرة‬ ‫شاقة ومليئة باخملاطر‪ ،‬عرس تزف فيه عروس من‬ ‫زيتون‪ ،‬وحب وكفاح الى من يستأهل الوسام‪ ،‬من‬ ‫يعرف وئام وهاب يعرف أن أسعد حلظات عمره هو‬ ‫عندما يبلغ العطاء ذروته‪ ،‬وعندما يصبح معمماً‪،‬‬ ‫إنه الذي خرج من بيوت القرية مناضالً ثم صحافياً‪،‬‬ ‫ثم قائدا ً في معركة العروبة التقدمية املقاومة‪ ،‬لم‬ ‫يغادرها في حلظات الصعاب ولم يأبه ملوازين القوى‬ ‫التي اختلت في حلظات‪ ،‬إنه القائد الذي يتقن احلرب‬ ‫كما يتقن السالم واملصاحلة والوحدة والتنمية‬ ‫واخلدمة العامة‪ ،‬إنه القارئ املصيب الجتاه األحداث‪،‬‬ ‫لم يكن مغامرا ً ولم يكن قاسياً‪ ،‬إمنا مجاهدا ً‬ ‫شرساً‪.‬‬ ‫باألمس أيضا ً كان االستفتاء الذي أسقط احلرم‬ ‫الظالم واخلاطئ الذي كاد أن يتشكل عليه وعلينا‪،‬‬ ‫باألمس أعتق الصقر من أسر التقديرات القاصرة‬ ‫ليحلق عاليا ً ومن حوله ومن حولنا اآلالف يعلنون‬ ‫حقنا في االختيار وحقنا في التغيير‪.‬‬ ‫بعد انتهاء املهرجان بدا العبء كبيراً‪ ،‬فثقة‬ ‫الناس أمانة‪ ،‬إن أمام احلزب مهام شاقة‪ ،‬إنها‬ ‫نقطة التحول الى مفهوم املؤسسة السياسية‬ ‫الديقمراطية البرنامجية التي تصبح بيئة صاحلة‬ ‫الستقطاب النخب التي تستطيع قيادة اجملتمع‬ ‫بقيم وبأساليب جديدة‪ ،‬إنها حلظة دعوة كل‬ ‫النخب واملناضلني لالنتساب الى احلزب مبا هو‬ ‫منصة عصرية دميقراطية حاملة ألهداف سياسية‬ ‫متكاملة جتعل من التغيير والتجديد حقيقة‪،‬‬ ‫وفارقا ً عن أمناط صارت ولم تعد تخدم املستقبل‬ ‫ومستلزماته‪.‬‬ ‫كان باألمس حفل التخ ّرج‪ ،‬فالى العمل أيها‬ ‫الرفاق‪.‬‬

‫خالد خداج‬

‫‪23‬‬

‫«قرية التوحيد»‬ ‫واألهداف المرجوة‬ ‫حت ّول احلديث عن قرية التوحيد ومستشفى‬ ‫سلمان الفارسي الى حدث سياسي بامتياز‬ ‫بعد أن صدرت حولها حتليالت ومواقف سياسية‬ ‫باجلملة عكست في جزء كبير منها هواجس‬ ‫وقلقا ً واضحني من هذا املشروع اإلمنائي الضخم‬ ‫في منطقة الشوف‪ .‬وقد جنحت «قرية التوحيد»‬ ‫حتى قبل تدشينها في حتقيق الهدف املرجو من‬ ‫وراء إمتامها أي إطالق دينامية سياسية تخرج‬ ‫البيئة الدرزية من محليتها التقليدية الى آفاق‬ ‫احلراك التغييري‪ ،‬والدليل‪ ،‬النقاش املتجدد عند‬ ‫األوساط الدرزية حول اخليارات اجلديدة واملتاحة‬ ‫ودور املوحدين الدروز ضمن إطار هذه اخليارات‪.‬‬ ‫ليس الغاية من «قرية التوحيد» اإلعالن عن‬ ‫ثالثية جديدة على حساب الثنائية الدرزية كما‬ ‫شاء للبعض أن يسميها‪ ،‬فهذه بالطبع ليست‬ ‫رغبة الوزير وئام وهاب‪ ،‬وال حتى العودة الى أطر‬ ‫تقليدية وترسيمات ضيقة‪ ،‬إمنا املطلوب هو‬ ‫التفاعل قدر اإلمكان مع حاجات أهلنا واحلد قدر‬ ‫اإلمكان من حاالت البؤس واحلرمان التي طبعت‬ ‫سبل العيش في اجلبل لسنوات طويلة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي جعل من هذه القرية حاجة ملحة تصنع‬ ‫بإرادات وطنية وبنية خ ّيرة صافية ‪.‬‬ ‫إن أحدا ً ال ينكر أن “قرية التوحيد” ال متلك عصا‬ ‫سحرية تقدر على تلبية جميع اخلدمات في‬ ‫منطقة الشوف‪ ،‬وهذا أمر بديهي وطبيعي‪ ،‬وواهم‬ ‫من يظن خالف ذلك‪ ،‬فاألمر يحتاج الى تكاتف‬ ‫جميع املؤسسات املوجودة في املنطقة في إطار‬ ‫التكامل وليس التنابذ من أجل تطوير اإلنسان‬ ‫والرد قدر اإلمكان على احلاجات األساسية بعد‬ ‫احلرمان التاريخي في اجلبل‪.‬‬ ‫إال أن ثمة حقيقة ال ميكن جتاهلها بعد‬ ‫اليوم ومفادها أن التغيير افتتح عصرا ً جديدا ً‬ ‫في اجلاهلية وهذه احلقيقة التاريخية تؤكد‬ ‫أن األحوال داخل اجلبل لن تعود الى الوراء على‬ ‫الرغم ما قد يعتريها من تهديدات تصدر من هنا‬ ‫وهناك بل هي محكومة بالسير الى األمام مهما‬ ‫طال الزمن أو قصر‪ .‬ومن تنشق طعم احلرية‬ ‫والتغيير لن يرضى بعد اليوم العودة الى حياة‬ ‫الذل واحلرمان‪.‬‬ ‫ومن هنا إن تخويف بعض القوى من مشروعنا‬ ‫اإلمنائي أوالتحذير منه يجعل هذه القوى خارج‬ ‫سياق العصر أو التغيير وبالتالي جتاهل االعتراف‬ ‫من قبلها بأن معادلة جديدة بدأت ترتسم على‬ ‫أرض اجلبل وستكشفها األيام القادمة ‪.‬‬ ‫يبقى املهم في “ قرية التوحيد” إنها أطلقت‬ ‫نقاشا ً سياسيا ً أظهر معه قسم من أبناء الدروز‬ ‫بأنهم في صلب التحوالت السياسية اجلارية‬ ‫داخل البيئة الدرزية ال على هامشها‪ .‬واخليارات‬ ‫في هذا السياق تخطت بالطبع االنقسام‬ ‫اليزبكي – اجلنبالطي التقليدي الى مجال أرحب‬ ‫من املنافسة بني َمن مع التغيير و َمن ضده وال‬ ‫مكان للحلول الوسطى في هذا اجملال على‬ ‫طريقة مع التغيير ولكن‪...‬‬

‫هشام األعور‬

‫أمني اإلعالم في حزب «التوحيد العربي»‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫حكومة المئة يوم المه ّددة دائماً باإلنفراط‬ ‫رئيسها يستظل «الحريرية» كوكيل بعد أن غاب األصيل‬ ‫إجتازت املئة يوم حكومة “كلنا للوطن كلنا‬ ‫للعمل” برئاسة جنيب ميقاتي‪ ،‬وهي املهلة التي‬ ‫تعطى عادة كفرصة إلثبات الوجود أوالً‪ ،‬ووضع البيان‬ ‫الوزاري موضع التنفيذ‪ ،‬وإحداث صدمة إيجابية لدى‬ ‫املواطنني‪ ،‬تنقلهم الى واقع سياسي واقتصادي‬ ‫واجتماعي وإمنائي أفضل وأفعل‪.‬‬ ‫فثالثة أشهر حلكومة ُولدت منهكة بعد حوالي‬ ‫ستة أشهر على تكليف رئيسها‪ ،‬وما رافق تشكيلها‬ ‫من تعقيدات‪ ،‬وخالفات على توزيع احلقائب‪ ،‬فإنها‬ ‫فقدت صورتها اجلميلة‪ ،‬وأحبطت َمن راهن عليها‪ ،‬ال‬ ‫سيما وإنها حكومة معقود عليها اآلمال‪ ،‬في نقل‬ ‫لبنان من املرحلة السياسية التي‬ ‫خضعت لـ “وصاية حريرية” سياسية‬ ‫ثم ربطها في‬ ‫ومالية واجتماعية‪ّ ،‬‬ ‫حقبة أميركية دخلت الى لبنان في‬ ‫العام ‪ ،2005‬مع مشروع “للشرق‬ ‫األوسط اجلديد”‪ ،‬كان اخملططون له‬ ‫يريدونه أن ينطلق مع “ثورة األرز” لكنه‬ ‫فشل في السيطرة على مفاصل‬ ‫القرار الرسمي‪ ،‬وانهزم مع العدوان‬ ‫اإلسرائيلي في صيف ‪ ،2006‬وبدأ‬ ‫التحول عنه منذ ذلك الزمان باجتاه‬ ‫ثتبيت لبنان في املوقع املقاوم‪ ،‬بعد أن كان فريق ‪ 14‬آذار‬ ‫يدفعه الى أن يكون في احملور األميركي – اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فالفترة التي قضتها احلكومة‪ ،‬لم تثبت إنها‬ ‫موحدة التوجه السياسي‪ ،‬وهذه سلبية ضدها‪،‬‬ ‫وإن كانت إيجابيتها هي بإسقاط وصف املعارضة‬ ‫اجلديدة لها بأنها حكومة “حزب اهلل” ومعه سوريا‬ ‫وإيران‪ ،‬بل ّ‬ ‫أكدت املمارسة احلكومية أنها حكومة‬ ‫“ائتالف وطني”‪ ،‬جتمع قوى الوسطية التي ميثلها‬ ‫رئيس اجلمهورية ميشال سليمان ورئيس احلكومة‬ ‫جنيب ميقاتي والنائب وليد جنبالط‪ ،‬مع حتالف “حزب‬ ‫اهلل” وحركة “أمل” و”التيار الوطني احلر” وتيار “املردة”‬ ‫وحلفائهم‪ ،‬ولقد اجتاز هذا االتئالف قطوعات تتعلق‬ ‫باملوقع الذي احتله لبنان في مجلس األمن الدولي‬ ‫واالجتاه الذي سيسلكه في التصويت على قرارات ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬حاولت أميركا وحلفاؤها متريرها وطلبت من‬ ‫لبنان السير معها‪ ،‬ليكشف عن “التذبذب” السياسي‪،‬‬ ‫بني فريق حكومي يريد أن يكون موقف لبنان مماثالً‬ ‫للموقف الروسي والصيني في رفض التصويت على‬ ‫عقوبات ضد سوريا‪ ،‬في حني أن الفريق الوسطي وعلى‬ ‫رأسه ميقاتي طلب من مندوب لبنان في األمم املتحدة‬ ‫السفير نواف سالم‪ ،‬االمتناع عن التصويت‪ ،‬وكاد هذا‬ ‫التباين في الرأي واملوقف‪ ،‬أن يطيح باحلكومة بعد أن‬ ‫هدد رئيسها باالستقالة‪ ،‬لتلقيه ضغوطا ً أميركية‬ ‫وفرنسية وحتى عربية (لبنان ميثل اجملموعة العربية‬ ‫في مجلس األمن) أن يص ّوت لبنان الى جانب القرار‪.‬‬ ‫وكشف هذا التباين السياسي‪ ،‬أن احلكومة ليست‬ ‫على ذات املوقف السياسي‪ ،‬وهي أيضا ً أمام امتحان‬ ‫متويل احملكمة الدولية‪ ،‬وبعد أن انقسمت الى موقفني‬ ‫متناقضني‪ :‬األول يؤيد التمويل وميثله سليمان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وميقاتي وجنبالط‪ ،‬حتت عنوان رفض املواجهة مع‬ ‫اجملتمع الدولي‪ ،‬وعدم قدرة لبنان على تغيير قرار إنشاء‬ ‫احملكمة التي أصبحت أمرا ً واقعاً‪ ،‬وفريق ال يعترف‬ ‫باحملكمة ألنها ليست دستورية وأنشئت في ظرف‬ ‫سياسي كانت فيه احلكومة برئاسة فؤاد السنيورة‬ ‫تخضع للشروط واإلمالءات األميركية‪ ،‬وأن أداء‬ ‫احملكمة أثبت أنها أميركية – إسرائيلية‪ ،‬ألنه منذ أن‬ ‫وضعت قضية اغتيال الرئيس رفيق احلريري انكشفت‬ ‫وظيفتها السياسية في استهداف املقاومة والسلم‬ ‫األهلي ووحدة لبنان‪ ،‬عبر جلنة التحقيق الدولية التي‬ ‫ز ّورت الشهود وح ّرفت الوقائع وأعلنت عن املتهمني‬

‫قبل بدء التحقيق‪.‬‬ ‫فدفع لبنان لالستحقاق املالي للمحكمة‪ ،‬يضع‬ ‫احلكومة أمام مفترق استمرارها أو رحيلها‪ ،‬بعد أن‬ ‫أعلنت أطرافها عن مواقفها من هذا املوضوع الدقيق‬ ‫واحلساس والذي يهدد ليس بانفراط احلكومة‪ ،‬بل وضع‬ ‫لبنان أمام فتنة‪ ،‬وهذا هو الهدف من قيام احملكمة‪،‬‬ ‫وفي خلق شرخ داخلي‪ ،‬بني اللبنانيني حول أدائها‪ ،‬ال‬ ‫سيما بعد أن أعلنت عن املتهمني األربعة باغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬وهم ينتمون الى “حزب اهلل”‪.‬‬ ‫هذا في الشأن السياسي‪ ،‬أما في الشأن اإلمنائي‪،‬‬ ‫فإن مشروع الكهرباء الذي قدمه وزير الطاقة جبران‬ ‫باسيل أمام مجلس الوزراء‪ ،‬والذي كان أُقر في احلكومة‬ ‫السابقة برئاسة سعد احلريري‪ ،‬كشف عن التناقض‬ ‫داخل احلكومة‪ ،‬إذ تصدى وزراء “جبهة النضال‬ ‫ّ‬ ‫وشككوا فيه ماليا ً حتت عنوان‬ ‫الوطني” للمشروع‬ ‫مراقبة صرف مبلغ مليار و‪ 200‬مليون دوالر كلفة‬ ‫إنتاج ‪ 700‬ميغاوات من الكهرباء ملنع دخول لبنان في‬ ‫العتمة‪ ،‬وللدخول منه في مشروع ميتد الى سنوات‬ ‫ويكلف حوالي خمسة مليارات دوالر يعيد النور الى‬ ‫اللبنانيني على مدى الساعات الـ ‪ 24‬اليومية‪ .‬وبالرغم‬ ‫من محاولة عرقلة املشروع الكهربائي‪ ،‬لتكتل‬ ‫“اإلصالح والتغيير” فإنه أُقر بعد مخاض عسير‪ ،‬كاد‬ ‫أن يطيح باحلكومة‪ ،‬وهو إجناز يحسب للوزير باسيل‪،‬‬ ‫الذي تش ّبث بصالحياته كوزير جرت محاوالت حملاصرته‬ ‫وفرض رقابة عليها‪ ،‬وتسريب أخبار عن أنه يسعى الى‬ ‫صفقة في هذا املشروع‪ ،‬إال أن الرد العلمي واملوضوعي‬ ‫ووضع الرقابة على النفقات بعهدة الهيئات الرقابية‬ ‫كما ينص القانون‪ ،‬دحض هذه املزاعم‪.‬‬ ‫فكهربة احلكومة‪ ،‬كشف عن أنها تعاني انقساما ً‬

‫‪24‬‬

‫في صفوفها‪ ،‬ظهر أيضا ً في معاجلة موضوع الغالء‬ ‫وتصحيح األجور‪ ،‬ورفع احلد األدنى‪ ،‬بعد تهديد االحتاد‬ ‫العمالي العام باإلضراب واالعتصام والتظاهر‪ ،‬وقد‬ ‫خرجت احلكومة بقرار بعد مفاوضات‪ ،‬وحتت ضغط أن‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار ستستغل التحرك النقابي في الشارع‬ ‫عبر أعمال تخريب وهز االستقرار األمني‪ ،‬ومحاصرة‬ ‫الرئيس ميقاتي في طرابلس‪ ،‬لدفعه الى االستقالة‪،‬‬ ‫واستعادة مشهد ‪ 6‬أيار ‪ ،1992‬الذي حترك فيه االحتاد‬ ‫العمالي آنذاك سياسياً‪ ،‬إلسقاط حكومة الرئيس‬ ‫عمر كرامي‪ ،‬وقد اتخذت احلكومة امليقاتية قرارا ً برفع‬ ‫حد األجور ‪ 200‬ألف ليرة‪ ،‬ليصبح ‪ 700‬ألف ليرة حتى‬ ‫سقف املليون‪ ،‬وبني املليون واملليون‬ ‫و ‪ 800‬الف ليرة‪ ،‬يرفع الراتب ‪300‬‬ ‫ألف ليرة‪ ،‬أي لم تنل الشطور‬ ‫األخرى زيادات‪ ،‬مما خلق شرخا ً نقابياً‪،‬‬ ‫وامتناع الهيئات االقتصادية عن‬ ‫تنفيذه والطعن فيه أمام مجلس‬ ‫شورى الدولة‪.‬‬ ‫وبالرغم ما رافق موضوع األجور‪،‬‬ ‫املوروث من حكومات سابقة‬ ‫كما هو وضع الكهرباء وقضايا‬ ‫اجتماعية واقتصادية وإمناية أخرى‪،‬‬ ‫إال أنه يسجل للحكومة هذين اإلجنازين االجتماعيني‪،‬‬ ‫مع متكنها من إصدار ‪ 1400‬قرار‪ ،‬ومن بينها تعيينات‬ ‫في أجهزة أمنية وتربوية وخدماتية‪ ،‬لكنها لم‬ ‫تستكمل بانتظار تقدمي امللفات من الوزراء املعنيني‬ ‫وفق آلية متخذ قرار بها في احلكومة السابقة‪ ،‬لكن‬ ‫ما يحرك هذا امللف هو القرار السياسي‪ ،‬ألن موظفي‬ ‫الفئة األولى محكوم تعيينهم مبراجع سياسة في‬ ‫الطوائف واملذاهب‪.‬‬ ‫فحكومة املئة يوم‪ ،‬املهددة دائما ً باإلنفراط‪،‬‬ ‫واملتناقضة في املواقف السياسية‪ ،‬واملتعارضة في‬ ‫املشاريع واخلطط‪ ،‬فإن استمرارها مرهون بقرار له‬ ‫عالقة بحماية املقاومة والعالقة مع سوريا والسلم‬ ‫األهلي ومواجهة مخطط تفتيت املنطقة‪.‬‬ ‫فهل ينطبق على احلكومة شعار أنها شرعية‬ ‫وضرورية ومؤقتة‪ ،‬ريثما تنجلي صورة الوضع في‬ ‫سوريا‪ ،‬واملشهد العربي مع التحوالت التي حتصل في‬ ‫املنطقة؟‬ ‫هذه احلكومة عمرها مرتبط بقدرة رئيسها على‬ ‫التكيف مع التغيير الذي حصل في لبنان‪ ،‬وأنهى‬ ‫“احلريرية السياسية” وعليه أن يعمل على اجتثاثها‪،‬‬ ‫ال أن يعمل على تثبيتها‪ ،‬وهو ما يأخذه عليه حلفاؤه‬ ‫اجلدد‪ ،‬ألنه ال ميكن أن تستمر عبره‪ ،‬فيكون هو وكيلها‬ ‫بعد أن غاب األصيل‪ ،‬وهو لم يتعلم من أول جتربته‬ ‫كرئيس للحكومة في العام ‪ ،2005‬حيث م ّثل مرحلة‬ ‫انتقالية‪ ،‬بعد اغتيال احلريري ودفنه‪ ،‬ليشرف على‬ ‫انتخابات نيابية‪ ،‬لتنتقل السلطة الى “تيار املستقبل”‬ ‫وآل احلريري‪.‬‬

‫انطوان خير اهلل‬


‫وهاب حاضر في العين البيضا ‪ -‬الالذقية‪:‬‬ ‫علينا التن ّبه جيداً للمؤامرة من أجل حماية سوريا‬

‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب بأ ّن “سوريا انتصرت في عدة مواقع‬ ‫ومواجهات‪ ،‬وكسبت العديد من املعارك‪ ،‬وحتى‬ ‫اآلن لم تحُ سم احلرب‪ .‬فقد استُهدفت سوريا‬ ‫ألن هناك محورا ً ممتدا ً من طهران إلى فلسطني‪،‬‬ ‫وأصبح مخيفا ً لألميركيني واألوروبيني وغيرهم‪.‬‬ ‫لكن لن يتم سقوط سوريا حتى لو دفعوا ماليني‬ ‫الدوالرات ولو اتخذوا قرارهم بإسقاطها في‬ ‫ستتفجر كل‬ ‫مجلس األمن الدولي أو غيره‪ ،‬وإال‬ ‫ّ‬ ‫املنطقة”‪ .‬وقال خالل ندوة له في بلدة عني البيضا‬ ‫في محافظة الالذقية السورية‪“ :‬أزور هذه البلدة‬ ‫وسوريا متر في مرحلة خطيرة ودقيقة‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يعني بأ ّن الذين يتآمرون اليوم عليها سينجحون‪.‬‬ ‫أبسط عملية استهداف سوريا اليوم‪ ،‬ولكن‬ ‫ال ّ‬ ‫لدي قناعة مستمرة بأنها مولودة في ليلة القدر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لذلك ستنتصر مرة جديدة‪ ،‬وستتجاوز املؤامرة‬ ‫التي حتصل على أراضيها”‪.‬‬ ‫وتوجه للحضور‪“ :‬هناك عدة عوامل ساهمت‬ ‫ّ‬ ‫في صمودكم‪ ،‬وأهمها أنتم الشعب السوري‬ ‫تشن على بلدكم‪،‬‬ ‫الواعي لطبيعة املؤامرة التي‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن أصبحت شوكة في أفواههم‪ ،‬يريدون‬ ‫اقتالعها‪ .‬لذلك فأنا متأكد بأن الشعب السوري‬ ‫يقف اليوم إلى جانب بشار األسد وسوريا وهذه‬ ‫أحد أسباب صمودها‪.‬‬ ‫أما العامل الثاني فهو دول اجلوار‪ ،‬فتركيا‬ ‫لديها رئيس وزراء حالم بأن يكون سلطانا ً جديدا ً‬ ‫يعطي املواعظ والدروس‪ ،‬ويعتقد بأن إرادته‬

‫إجتماع بني‬ ‫وهاب والداوود واألعور‬ ‫ُعقد اجتماع بني الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب والنائب السابق فيصل‬ ‫الداوود والنائب فادي األعور حيث تداول‬ ‫اجملتمعون موضوع أمالك الوقف الدرزي‬ ‫في بيروت وبقية املناطق‪،‬‬ ‫وبحسب “الديار” فقد كلف‬ ‫الداوود باالتصال ببعض الفاعليات‬ ‫الدرزية واملشايخ لوضع األمور في‬ ‫ّ‬ ‫بكف يد النائب وليد‬ ‫نصابها القانوني‬ ‫جنبالط الذي يهيمن عليها خصوصا ً‬ ‫بيت الطائفة الدرزية في بيروت الذي‬ ‫يسعى جنبالط الى بيـعه خلليجيــني‬ ‫إلنشـــاء “مول” جتاري ضخم فوق‬ ‫أرضه‪.‬‬

‫ال تُر ّد‪ .‬وقد حاولوا دفعه إلقامة سيناريو في‬ ‫سوريا كالسيناريو الليبي‪ .‬من هنا نرى الوسائل‬ ‫تشن هجومها على‬ ‫“العبرية” وليس “العربية”‬ ‫ّ‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ .‬لكن ال شك بأ ّن‬ ‫األتراك أعادوا حساباتهم جيداً”‪.‬‬ ‫واعتبر وهاب بأ ّن “موقف احلكومة العراقية من‬ ‫أحداث سوريا كان شريفا ً ألنه رفض التآمر عليها‪،‬‬ ‫وكان موقفها مغايرا ً لبعض املواقف العربية‬ ‫التي تآمرت على سوريا‪ ،‬خاصة وأنهم حاولوا‬ ‫إشراك األردن في مهمة قذرة‪ ،‬وال شك بأن امللك‬ ‫مستعد لتنفيذها‪ ،‬شرط تأمني األموال والسالح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واع‬ ‫املقاومة‬ ‫محور‬ ‫بأن‬ ‫القول‬ ‫أستطيع‬ ‫ولكن‬ ‫ٍ‬

‫لكل االحتماالت وقادر على إحباطها‪ .‬ولكن‬ ‫علينا التنبه للمواجهة‪ ،‬حتى لو طالت املؤامرة‬ ‫ومحاوالت التخريب‪ ،‬وأول سيناريو لها سيبدأ‬ ‫في اجلامعة العربية حيث سيدعون لتح ّرك دولي‬ ‫معني ضد سوريا‪ ،‬لذلك انتقلوا اآلن إلى عمليات‬ ‫االغتيال والقتل بعد سقوط محاوالت مت ّلك‬ ‫الساحات‪ ،‬واتجّ هوا للتخريب االقتصادي أيضاً‪.‬‬ ‫وبعد كل ما رأيناه من بعض “العرب” أصبح لدينا‬ ‫احلق بالقول بأنهم “أعداء”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬تأكدوا بأ ّن كل ما يحصل‬ ‫وسيحصل خالل األشهر املقبلة سيكون كما‬ ‫األشهر السابقة ولن ينجح”‪.‬‬

‫وهاب يعزي السفير السعودي بوفاة‬ ‫األمير سلطان بن عبد العزيز‬

‫قدم رئيس “حزب‬ ‫التوحيد العربي‬ ‫“وئام وهاب يرافقه‬ ‫مستشاره ياسر‬ ‫الصفدي وأمني‬ ‫االعالم في احلزب‬ ‫هشام االعور‬ ‫واجب التعزية في‬ ‫السفارة السعودية‬ ‫للسفير علي ع ّواض‬ ‫العسيري‪ ،‬بوفاة ولي‬ ‫العهد األمير سلطان‬ ‫بن عبد العزيز‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫وهاب بعد لقائه بري‪ :‬قانون االنتخاب مدخل أساسي لكل تغيير وإصالح جدي‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب رئيس اجمللس‬ ‫النيابي نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عني التينة‪ ،‬وبعد اللقاء قال‬ ‫وهاب‪“ :‬بحثنا مع دولته أمورا ً عامة عدة ومنها موضوع قانون االنتخاب‪ ،‬اليوم‬ ‫هناك طروحات كثيرة حول قانون االنتخاب‪ ،‬واألهم هو أن تثبت احلكومة‬ ‫صدقيتها بنقاش جدي لقانون االنتخاب ألننا نعتقد بأنه ليس وزارة الداخلية‬ ‫وحدها قادرة على صياغة هذا القانون‪ ،‬فالوزارة في حاجة الى توافق ما‬ ‫وبعدها تستطيع أن تصيغ قانون االنتخاب‪ ،‬ولكن األهم أال يكون تكليف‬ ‫وزارة الداخلية بهذا األمر محاولة للتسويف أو محاولة لإلبقاء على القانون‬ ‫احلالي”‪.‬‬ ‫ورأى وهاب “أن الوقت أصبح يدهمنا رغم أنه ال يزال هناك سنة ونصف‬ ‫إلجراء االنتخابات‪ ،‬ولكن من الضروري أن ننجز القانون في وقت مبكر‪ ،‬وأال‬ ‫ننتظر الى ما قبل أسبوعني أو ثالثة كما في كل مرة”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬نحن نتمسك بقانون االنتخاب النسبي‪ ،‬ويتمسك به كثير‬ ‫من أطراف فريقنا السياسي‪ ،‬ويجب أن يعلم اجلميع بأن هذا القانون فيه‬ ‫مصلحة للجميع إالّ بعض الذين يريدون االستمرار في سياسة احملادل‬ ‫التي لن توصلنا الى مكان‪ ،‬نحن نشهد ما يجري في الوطن العربي‪ ،‬أو كل‬ ‫مشاريع القهر التي ميكن أن تصل‪ ،‬وأعتبر أن هناك قوانني انتخابية كثيرة‬ ‫صدرت في السابق‪ ،‬كانت قوانني قاهرة لكثير من اللبنانيني ولكثير من‬ ‫األحزاب والقوى والفاعليات‪ ،‬وكانت تأتي مبجلس نيابي ميثل النصف زائدا ً‬ ‫نسبة بسيطة للغاية من الشعب اللبناني‪ ،‬والنسبية تستطيع أن متثل‬ ‫الكثير من اللبنانيني أو أكثرية اللبنانيني‪ ،‬لذلك يجب أن يتم اإلسراع في إجناز‬ ‫قانون لالنتخاب على أساس النسبية‪ ،‬و َمن يعتبر أن النسبية تلغي بعض‬

‫الطوائف‪ ،‬هو كالم لتضليل للناس‪ ،‬والرأي العام ليس بهذا السخف لكي‬ ‫يحاول البعض أن يعتبر أن هناك طوائف تلغى بالنسبية‪ّ ،‬‬ ‫مؤكدا ً أن أحدا ً لن‬ ‫يلغي بالنسبية‪ ،‬فالطوائف تبقى ويحصل االختبار بني املرشحني من داخل‬ ‫الطوائف أو باللوائح‪ ،‬لذلك فإن قانون االنتخاب هو املدخل األساسي لكل‬ ‫تغيير وإصالح جدي في البلد‪ ،‬من دون قانون انتخاب على أساس النسبية‬ ‫ستستمر املعاناة بالسياسة وبامللفات األخرى االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬ ‫قانون االنتخاب على أساس النسبية يدخل جيالً جديدا ً الى اجمللس‪ ،‬ويدخل‬ ‫كل القوى السياسية الى اجمللس ويلغي سياسة “البوسطات” التي أظهرت‬ ‫في النهاية إنها لم توصل الى مكان»‪.‬‬

‫‪...‬وبعد استقباله وفداً سورياً‪ :‬أي حرب على سوريا تعني حرباً على «إسرائيل»‬ ‫ّ‬ ‫أكد رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب الى طبيعة املعاناة‬ ‫والصعوبات التي متر على سوريا في الوقت احلاضر‪ ،‬والى أهمية احلالة‬ ‫املوجودة لدى غالبية أبناء الشعب السوري والتي تتلخص بالتمسك‬ ‫بوحدة سوريا وقوتها وكرامتها‪.‬‬ ‫واستقبل وهاب وفدا ً من شباب الوحدة الوطنية في سوريا الذي زاره‬ ‫في مكتبه‪ ،‬وقال أمامه‪ :‬أدرك جيدا ً حجم معاناتكم اليوم من كذب‬ ‫اإلعالم وتدجيله وافتراءاته‪ ،‬من هنا تداعيتم اليوم وجئتم الى الساحة‬ ‫اللبنانية التي هي قادرة أن تعكس صوتكم على وسائل اإلعالم‬ ‫ومؤسساتها كي تقولوا أنه ليس من الصحيح ما يحكى اليوم عن‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬من الصحيح أن هناك مشكلة في سوريا‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫املشكلة ال تستدعي أن تضرَب سوريا أو أن تدمر وتقسم الى دويالت أو‬ ‫تضعف بالطريقة التي تدل على استهداف سوريا‪ .‬واعتبر وهاب أن‬ ‫ان‬ ‫ّ‬ ‫لوال وجود مشكلة “إصالح” في سوريا ملا كان الرئيس بشار األسد قد‬ ‫طرح هذا املوضوع منذ حلظة وصوله الى احلكم ‪.‬‬ ‫ووصف وهاب جامعة الدول العربية باملؤسسة “التافهة” متهما ً‬ ‫وزراء اخلارجية العرب الذين حتركوا ضد سوريا بـ “الدمى” فيما لم يتحرك‬ ‫ضميرهم يوما ً من أجل فلسطني أو العراق أو ليبيا أو يوم محاصرة غزة وقتل‬ ‫أطفالها‪ .‬وسأل وهاب هؤالء الذين وصفهم بالدجالني والكذابني‪ :‬من منكم‬ ‫يأتي من دولة فيها انتخابات نيابية أو بلدية كي يدعي باإلصالح؟ من منكم‬ ‫ينتمي الى دولة ال يسرق فيها األمير أو الرئيس نصف موازنة الدولة؟‬ ‫كما رأى رئيس حزب “التوحيد العربي” في اجتماع وزراء اخلارجية العرب‬ ‫الذي ينطبق عليهم قول الشاعر‪“ :‬ما أفضح القحباء وهي حتاضر في‬ ‫العفاف” متهيدا ً للقول بأن النظام الرسمي العربي غير قادر على فعل أي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫شيء وهذه إشارة واضحة للتدخل األجنبي‪ ،‬وقال وهاب‪“ :‬ولكن لتعلم هذه‬ ‫القرى العربية التي هي ليست ببلدان عربية مكتملة وإمنا هي كناية عن آبار‬ ‫نفط تتجمع من حولها عائالت مالكة تقوم بنهب الثروات‪ ،‬مشددا ً على أن‬ ‫أي اعتداء على سوريا سيصيبهم أكثر مما سيصيب سوريا وسننظر إليهم‬ ‫كشركاء في العدوان‪.‬‬ ‫واعتبر وهاب أنه من الواضح أن األميركي يشن أكثر من حملة في أكثر‬ ‫من اجتاه ولقد كان واضحا ً باتهامه الكاذب جتاه إيران مبحاولة اغتيال السفير‬ ‫السعودي في واشنطن ومتنى وهاب على األخوة اإليرانيني والسعوديني ان‬

‫‪26‬‬


‫يزيدوا التعاون فيما بينهم نظرا ً ألهمية هذا‬ ‫التعاون على مستوى كل املنطقة وكل العالم‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫وكشف وهاب عن محاوالت توريط أميركية‬ ‫لكل من اجلمهورية اإلسالمية في إيران واململكة‬ ‫العربية السعودية باعتبارهما القوتني الكبيرتني‬ ‫على الساحة اإلسالمية‪ .‬ومتنى وهاب أن يكون‬ ‫هذا االتهام هو فاحتة حلوار جدي بني الدولتني ال‬ ‫فاحتة ملشكلة بينهما‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب امام وفد الشباب السوري الذي‬ ‫يزور قيادات لبنانية‪ :‬املشروع هو الثروة‪ ،‬املشروع‬ ‫هو “إسرائيل”‪ ،‬وكالهما قد شكال املشروعني‬ ‫األساسيني للمنطقة وكل اتهام هو يصب في‬ ‫هذا اإلطار‪ .‬ون ّبه وهاب الى اخملاطر التي حتوم فوق‬ ‫سوريا وهي ستزول بالتأكيد إذا ما بقي الشعب‬

‫السوري موحدا ً ومتضامنا ً ومستمعا ً للصوت‬ ‫اإلصالحي اجلدي من الداخل واحلريص على‬ ‫سوريا ضد التدخالت اخلارجية‪ .‬فيما قلل وهاب‬ ‫من أهمية االدعاءات التي تزعم بقدرات تركيا أو‬ ‫احللف األطلسي على شن هجوم عسكري ضد‬ ‫سوريا ألن أي حرب على سوريا تعني إعالن حرب‬ ‫على “إسرائيل” دون هوادة من كل محور املمانعة‬ ‫واملقاومة في املنطقة‪.‬‬ ‫وتابع وهاب متوجها ً الى الوفد‪ :‬لقد قطعتم‬ ‫أكثر من منتصف الطريق للخروج من هذه األزمة‬ ‫واحملنة وعلينا جميعا ً كقوى حية في املنطقة أن‬ ‫نكون متضامنني ملواجهة األزمة في سوريا التي‬ ‫قد تطول ألشهر عدة ألن هناك محاولة للتفتيش‬ ‫عن بدائل لدول سقطت من يد األميركيني‪ .‬وفي‬ ‫هذا السياق استشهد وهاب مبصر التي وعلى‬

‫الرغم من كل احملاوالت لم تعد بيد األميركيني‬ ‫والصهاينة كما كانت في السابق في عهد‬ ‫مبارك بل ان مصر تشهد اليوم ثورة حقيقية‬ ‫وتعيش تغيير حقيقي في االقتراب السياسي‬ ‫من املوقف السوري واملقاوم في املنطقة‪ .‬وكذلك‬ ‫األمر في العراق على الرغم من احتالله فقد‬ ‫بدأ يتحرر من سلطة األميركيني واملطلوب اآلن‬ ‫بحسب وهاب حرب للتعويض على خسارة مصر‬ ‫والعراق‪ ،‬املطلوب رأس سوريا‪ ،‬فبقدر ما تقوموا‬ ‫على حماية سوريا بقدر ما تكون سوريا قوية‬ ‫وممانعة‪ ،‬وكل ما ازدادت قوة سوريا قوي معها‬ ‫محور املمانعة‪ ،‬وبقدر ما يكون الشعب السوري‬ ‫مفتت بقدر ما يكون هذا الشعب خائن‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول‪ :‬إذا خفتم سقطتم إما إذا‬ ‫بقيتم أقوياء فال يقدر أحد على إسقاطكم‪.‬‬

‫‪...‬وخالل زيارته كرامي‪ :‬للتوقف عن تمويل المحكمة ال بل فك البروتوكول معها‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب الرئيس عمر كرامي في دارته في‬ ‫بيروت‪ ،‬وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬حتدثنا مع دولة‬ ‫الرئيس في عدة مواضيع‪ ،‬أولها موضوع قانون‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وخصوصا ً أنه بدأ النقاش اجلدي حوله‬ ‫ونحن متمسكون بالنسبية‪ .‬اليوم‪ ،‬التقيت‬ ‫رئيس اجلمهورية‪ ،‬وكنا مرتاحني كثيرا ً لتمسكه‬ ‫مبشروع النسبية ودعمه له‪ ،‬ألنه مشروع أساسي‬ ‫بالنسبة له‪ ،‬ليس من منطلق حسابات خاصة‬ ‫أو حسابات سياسية‪ ،‬بل ألن قانون النسبية‬ ‫سيدخل الى مجلس النواب عنصرا ً جديدا ً ويلغي‬ ‫الكثير من االصطفافات الطائفية واملذهبية‪،‬‬ ‫متمنيا ً على احلكومة مناقشة قانون االنتخاب‬ ‫باكرا ً وأن ال تصل الى وقت تضع الناس فيه أمام‬ ‫أمر واقع وجتبرهم على أن يعودوا الى القانون احلالي‬ ‫الذي فيه تكريس للكراهية واملذهبية والطائفية‬ ‫واملناطقية ومحاولة إلغاء اآلخرين وتغليب املال‬ ‫واإلقطاعات املالية على كل املبادىء السياسية‬ ‫األخرى‪ .‬لذلك نحن نتمسك بقانون النسبية”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬بحثنا أيضا ً في موضوع احملكمة الدولية‬ ‫واستهدافاتها وموضوع متويلها‪ ،‬فنحن عند‬ ‫رأينا‪ ،‬وهنا ال أدري على ماذا يستند الرئيس جنيب‬ ‫ميقاتي حتى يعلن من اخلارج عن كل هذه الوعود‬ ‫عن احملكمة‪ .‬نحن كفريق‪ ،‬نرفض متويل احملكمة‪.‬‬ ‫وسمعنا أنه مت التجديد لقاضيني لبنانيني في‬ ‫احملكمة الدولية‪ ،‬وهذا األمر مستغرب‪ .‬وهنا ال أدري‬ ‫إذا كانت احلكومة على علم بهذا األمر وقد يكون‬ ‫متّ التجديد بشكل روتيني ومت تهريبه‪ .‬ولكننا كنا‬ ‫وقبل أن نكون أكثرية قلنا أن املطلوب سحب‬ ‫القضاة ووقف التمويل وحتى وقف التعامل مع‬ ‫هذه احملكمة الدولية‪ .‬وال أدري في أي حسابات مر‬ ‫موضوع التجديد للقضاة»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬في كل األحوال‪ ،‬يجب التوقف عن متويل‬ ‫احملكمة‪ ،‬ال بل الذهاب أكثر الى فك البروتوكول‬

‫معها عندما يحني وقت جتديده والذي نعتبره‬ ‫مخالفا ً لكل األعراف والقوانني اللبنانية حيث‬ ‫لم يوقعه رئيس اجلمهورية ولم مير على مجلس‬ ‫النواب‪ ،‬وقد مت تهريبه في مرحلة كانت الواليات‬ ‫املتحدة األميركية وبعض القوى في اخلارج بحاجة‬ ‫لتمرير هذا القانون»‪.‬‬ ‫قدر وهاب‬ ‫سوريا‪،‬‬ ‫في‬ ‫االغتياالت‬ ‫وحول موضوع‬ ‫ّ‬ ‫أن املوضوع السوري انتهى‪ ،‬والوضع في سوريا‬ ‫يوحي باالطمئنان بعد أن جتاوزت سوريا اخلطر‬ ‫الذي كانت عليه منذ ثالثة أشهر ولم يعد هناك‬ ‫من خطر لسقوط سوريا‪ ،‬وإمنا اخلطر اآلن هو من‬ ‫أمرين‪ ،‬محاولة التخريب األمني في سوريا كما‬ ‫حصل مع مفتي اجلمهورية العربية السورية‬ ‫الشيخ أحمد حسون الذي نعتبره مفتي بالد‬ ‫الشام واألمة وليس مفتي سوريا‪ ،‬في انفتاحه‬ ‫وعقله املنفتح ونوعه وطرحه لإلسالم احلقيقي‬ ‫املتسامح‪ ،‬وليس فقط في سوريا وفي أمتنا‬

‫‪27‬‬

‫العربية‪ ،‬فقد لعب دورا ً مع األوروبيني والغرب‬ ‫في النقاش حتى أظهر الوجه اجلميل لديننا‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬لذلك استُهدف موقفه الثابت‪ ،‬ولكن‬ ‫اعتقد أنه سيكون أكبر من هذا االستهداف»‪.‬‬ ‫ورأى أن الوضع في سوريا مستقر بنسبة‬ ‫‪ 85‬أو ‪ % 90‬وأن املوضوع الداخلي أصبح وراءنا”‪،‬‬ ‫وقال‪“ :‬كما يقول السوريون فانهم انتقلوا الى‬ ‫املرحلة اخلامسة من االستهداف وهي األخيرة‪،‬‬ ‫عبر التفجيرات واالغتياالت‪ ،‬وقد تأخذ وقتا ً‬ ‫معينا ً للعالج‪ ،‬ولكن عالجها حتما سيكون‬ ‫طويالً وسهالً‪ ،‬ألنها ستحصر في عصابات‬ ‫مسلحة تقطع الطرقات‪ .‬أما املرحلة الثانية‬ ‫فهو االستهداف االقتصادي وأعتقد أن القيادة‬ ‫السورية بدأت مبعاجلة هذا املوضوع بشكل جدي‬ ‫بالتعاون مع كثير من احللفاء في هذا احملور الذي‬ ‫لن يقبل أن تسقط سوريا حتت أي ظرف من‬ ‫الظروف»‪.‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫شارك في مليونية حلب‬ ‫وهاب ‪ :‬أردوغان سيدفع الثمن إذا اعتدى على سوريا‬ ‫احتشد ماليني السوريني في تظاهرة مليونية‬ ‫مؤ ّيدة للرئيس السوري بشار األسد في ساحة‬ ‫سعد اهلل اجلابري في مدينة حلب السورية‬ ‫بتح ّية منهم ُ‬ ‫لشكر روسيا والصني على‬ ‫مواقفهما في مجلس األمن الدولي‪ ،‬وتأكيدا ً‬ ‫على الوقوف بوجه املؤامرة التي تهدف لزعزعة‬ ‫أمن واستقرار سوريا‪.‬‬ ‫ورحب رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير‬ ‫ّ‬ ‫السابق وئام وهاب خالل كلمة له أمام احلشود‬ ‫الغفيرة‪« ،‬بكل األوفياء لسوريا ولكل األمة»‪،‬‬ ‫قائالً‪« :‬هذه هي الشرعية وهذا هو االستفتاء‪،‬‬ ‫هنا نقول لهذا «شرعي» ولذاك «غير شرعي»‬ ‫وليس في مجلس املعتوهني في اجلامعة‬ ‫العربية‪ .‬هنا في حلب نحدد الشرعية في هذه‬ ‫األمة‪ ،‬حلب التي ما تركت موقعا ً قوميا ً إال‬ ‫وشاركت به‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪« :‬يقولون بأ ّن حلب لم تتجاوب‬ ‫معهم بعد‪ ،‬وأقول لهم‪ :‬هي لن تتجاوب معكم‬ ‫أبدا‪ ،‬ألنها جتاوبت مع كرامة األمة‪ ،‬فعندما‬ ‫كنتم أيها اخلونة تتف ّرجون على العراق يحترق‪،‬‬ ‫كانت حلب ترسل املقاتلني واالستشهاديني‬ ‫إليه‪ ،‬وت ُطلِق النار على املشروع األميركي فيه‪،‬‬ ‫في حني كنتم تتف ّرجون على العرب في العراق‬ ‫ميوتون على أيدي األميركيني»‪.‬‬ ‫واستطرد وهاب بالقول‪« :‬هذه احلشود اليوم‬ ‫في حلب تقول نعم لـ «بشار األسد» ألنه مع‬ ‫املقاومة‪ ،‬تقول له نعم ألنه عزّة األمة وشموخها‪،‬‬ ‫وهي لن تكون يوما ً إال مع املقاومة»‪.‬‬ ‫وتوجه للمتواطئني على سوريا بالقول‪« :‬يا‬ ‫ّ‬ ‫َمن تتحدثون عن حلب من اخلارج‪ ،‬اطمئنّوا‬ ‫ستبقون في فنادق اخلارج‪ ،‬وهؤالء سيحمون‬ ‫سوريا ومينعون الضيم عنها وسيقاتلون من‬ ‫متوجها ً بتحية «للجيش العربي‬ ‫أجلها»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السوري وض ّباطه وجنوده وقادته‪ ،‬وهو الذي‬ ‫رفع رأس سوريا واألمة‪ ،‬والذي سيحرر اجلوالن‬ ‫وسيشارك قريبا ً مع املقاومات العربية بتحرير‬ ‫فلسطني»‪.‬‬ ‫وتوجه للمحتشدين‪« :‬طاملا هذه الروح‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية موجودة لديكم‪ ،‬ال تخاوفوا إال من اهلل‬ ‫العلي القدير»‪.‬‬ ‫أما لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فقال‪« :‬ستدفع الثمن الكبير يا أردوغان‪ ،‬وإذا‬ ‫متر واح ٍد من األراضي السورية‪.‬‬ ‫دخلت تركيا إلى ٍ‬ ‫وجهتم رصاصة‬ ‫إنه قرار محور املقاومة‪ ،‬فإذا ّ‬ ‫واحدة إلى سوريا‪ ،‬ستشتعل املنطقة كاملة‪،‬‬ ‫وعندها فليربح األقوى‪ ،‬ونحن سنكون األقوى»‪.‬‬ ‫وشكر وهاب «روسيا والصني وجنوب‬

‫‪28‬‬

‫افريقيا والبرازيل‪ ،‬التي ألغت التف ّرد األميركي‬ ‫في العالم‪ ،‬وأوقفت اجملنون األميركي بعد أ ّن‬ ‫دمر العراق وليبيا واعتقدوا أ ّن سوريا ستكون‬ ‫ّ‬ ‫لُقمة سائغة كغيرها‪ .‬ال لقد أخطأمت بالعنوان‪،‬‬ ‫هنا سوريا‪ ،‬هنا العزّة والكرامة‪ ،‬هنا مجد كل‬ ‫العرب»‪.‬‬


‫حسون عمل إرهابي‬ ‫وهاب‪ :‬اغتيال نجل المفتي ّ‬ ‫صدر عن املكتب اإلعالمي لرئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب البيان التالي ‪:‬‬ ‫بأسى بالغ وحزن عميق تلقينا نبأ استشهاد‬ ‫جنل املفتي العام للجمهورية العربية السورية‬ ‫الشيخ أحمد بدرالدين حسون الذي امتدت إليه يد‬ ‫التحريض والغدر واإلجرام من قبل عناصر مرتزقة‬ ‫وإرهابية أرادت بهذا العمل اإلجرامي استهداف‬

‫اسرة املفتي حسون املعروف مبواقفه القومية‬ ‫الثابتة والشجاعة الى جانب الوطن ووحدته وأمنه‬ ‫واستقراره‪.‬‬ ‫واعتبر البيان أن هذا العمل اإلرهابي جرمية ال يقرها‬ ‫دين وال شرع وال عادات وتقاليد أبناء سوريا‪ ،‬وهو ينم‬ ‫عن حقد دفني ملن خطط ودبر له في محاولة يائسة‬ ‫للنيل من وحدة الشعب السوري وترويع املواطنني‬

‫وتنفيذ عمليات االغتياالت اإلجرامية‪.‬‬ ‫وأضاف البيان‪ :‬إننا إذ نشاطر املفتي حسون أحزانه‬ ‫باستشهاد جنله سارية نعبر له عن احر التعازي‬ ‫واملواساة سائلني اهلل سبحانه وتعالى أن يتغمد جنله‬ ‫بواسع رحمته ويسكنه مع رفاقه الشهداء الذين‬ ‫سقطوا في معركة الذود عن الوطن فسيح جنانه‬ ‫وأن يلهمه الصبر والسلوان‪.‬‬

‫‪ ...‬ويعزي وهيئة العمل التوحيدي بالفقيد‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب على‬ ‫ضم رئيس وأعضاء هيئة‬ ‫رأس وفد كبير من املشايخ ّ‬ ‫العمل التوحيدي والعالمة البروفسور الدكتور‬ ‫محمد سعيد الطريحي والعالمة سماحة الشيخ‬ ‫مرسل نصر رئيس محكمة االستئناف العليا سابقا ً‬ ‫سماحة مفتي اجلمهورية العربية السورية أحمد‬ ‫بدر الدين مقدمني التعازي بنجله سارية الذي ذهب‬ ‫ضحية يد اإلجرام من قبل عناصر إرهابية أرادت بهذا‬ ‫العمل اإلجرامي استهداف أسرة املفتي حسون‬ ‫املعروف مبواقفه القومية الثابتة‪.‬‬ ‫وباملناسبة وجه رئيس هيئة العمل التوحيدي‬

‫الدكتور الشيخ راتب نصر اهلل كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫يا سماحة مفتي اجلمهورية العربية السورية‬ ‫نحن إذ نتقدم إليكم بالعزاء فإننا نتقدم الى األمة‬ ‫اإلسالمية والعربية التي قلدتك األمانة ووضعتها في‬ ‫عنقك وسوريا العصية بوحدتها واحتادها شعبا ً وقياد ًة‬ ‫وهي القوية الصامدة املنتصرة املتحدة بفضل الوعي‬ ‫احلضاري املتميز وحكمة القيادة والصبر الذي فتحتم‬ ‫به دربا ً لألجيال في التضحية واحلكمة واإلميان‪ .‬وما‬ ‫الشهداء بأفضل ثوابا ً من الذين يصبرون في مواقع‬ ‫البالء الثابتني على ثوابتهم وتضحياتهم في سبيل‬ ‫وحدة الوطن وحمايته من كل عدوان ومؤامرة وفتنة‪.‬‬

‫فاخللود للشهداء بقوله تعالى }ال حتسنب الذين‬ ‫قتلوا في سبيل اهلل أمواتا ً بل أحياء عند ربهم‬ ‫يرزقون{‪.‬‬ ‫ري في حقل التضحية واجلود‬ ‫وإن دمعة من عينك ّ‬ ‫حيث قيل اجلود بالنفس أسمى غاية اجلود‪.‬‬ ‫لكم من بعده طول البقاء والصبر ومزيد الثواب‪.‬‬ ‫وإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬ ‫ثم زار وهاب املفتي حسون في منزله في حلب‬ ‫ترافقه عقيلته السيدة لني وهاب وقدما التعازي‬ ‫للمفتي وعائلته‪.‬‬

‫‪ ...‬ويشكر روسيا على موقفها في مجلس األمن‬ ‫نظرا ً لتواصل اجلهود الروسية املبذولة في مجلس‬ ‫األمن ملنع فرض العقوبات على سوريا وجه رئيس‬ ‫“حزب التوحيد” وئام وهاب رسالة شكر الى السفير‬ ‫الروسي في لبنان‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬ ‫سعادة السفير الروسي في لبنان الكسندر‬ ‫زاسبيكني احملترم‪،‬‬

‫حتية طيبة وبعد‪،‬‬ ‫إننا نتوجه منكم ومن وزارة اخلارجية الروسية‬ ‫والرئيس الروسي بالشكر العميق للجهود التي‬ ‫تبذلونها في مجلس األمن ملنع استعمال هذا اجمللس‬ ‫كقوة قهر للشعوب والدول‪ ،‬بعد ما استعملته‬ ‫الواليات املتحدة األميركية وبعض الدول لتخريب‬

‫األمن واالستقرار في دول عدة‪.‬‬ ‫إن موقف روسيا يا سعادة السفير يعيد التوازن الى‬ ‫السياسة الدولية بعد أن أدى فقدان هذا التوازن الى‬ ‫حروب وإرهاب ال تنتهي على يد مجانني جدد يحاولون‬ ‫قيادة املنطقة العربية ومناطق أخرى نحو اخلراب‬ ‫الكبير‪.‬‬

‫األعراف الطائف ّية والمذهب ّية في لبنان‬ ‫‪...‬غالبا ً ما يقال أ ّن الطائف ّية هي ع ّلة لبنان‪،‬‬ ‫لكن إذا ما نظرنا الى هذه احلالة االجتماع ّية من‬ ‫كأي‬ ‫زاوية مغايرة‪ ،‬سنرى أن الطائفية قد تكون‪ّ ،‬‬ ‫عقيدة أخرى متصلبة‪ ،‬منبع يولد الطاقة داخل‬ ‫اإلنسان بشكل مستم ّر وبالتالي قد تشكل هذه‬ ‫األخيرة دافعا ً قو ّيا ً لتحريك اإلنسان اللبناني باجتاه‬ ‫يفعل التنافس احمللي البناء ضمن اللبنانيني‬ ‫خيار ّ‬ ‫ويسمو بهم الى مستوى عقد اتفاق سياسي‬ ‫ اجتماعي محلي يرسم شكل النظام ويحدد‬‫أسس املنافسة وأسس التفاعل بني مختلف‬ ‫مك ّونات اجملتمع اللبناني‪ .‬مبعنى أ ّن علينا حتويل‬

‫النزعة الطائف ّية واملذهب ّية الى حب للجماعة‬ ‫جماعي وبالتعاون مع اآلخر‬ ‫للسم ّو بها بشكل‬ ‫ّ‬ ‫بانفتاح الى حالة من االزدهار تساهم في النم ّو‬ ‫العام‪ .‬فإذا سعت كل جماعة الى بذل اجلهود‬ ‫على الذات باالنسجام مع البق ّية على قاعدة‬ ‫االنتماء للبنان‪ ،‬مبجمل هذه اجلهود وبالتنسيق‬ ‫املشترك نستطيع بناء الدولة التي نريد‪ ،‬الدولة‬ ‫احلاضنة لكل اللبنان ّيني وللمشروع املقاوم الرادع‬ ‫بد منه في‬ ‫للعد ّو‪ .‬واذا كانت الطائف ّية ش ّر ال ّ‬ ‫األعراف اللبنان ّية‪ ،‬فعلينا حتويل هذه اآلفة التي‬ ‫حالت دون حتقيق حلم الدولة‪ ،‬الى الق ّوة احمل ّركة‬

‫‪29‬‬

‫والى الدافع الذي يحقق عمل ّية التجسيد لهذا‬ ‫احللم‪ ،‬بعد تنظيمها ووضعها في األطر التي‬ ‫تُتيح لها حتقيق املنفعة للبنان ّيني‪ .‬فهذه الثقافة‬ ‫أو احلضارة املنشودة تك ّرس مبدأ التنسيق احمللي‬ ‫بني الطوائف كضرورة لصون تاريخنا وضمان‬ ‫مستقبلنا‪.‬‬

‫فيصل حيدر‬ ‫وكيل اإلعالم في مفوضية‬ ‫الساحل العامة‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫وفد من المكتب السياسي لحزب «التوحيد العربي» زار شيخ عقل طائفة‬ ‫الموحدين الدروز نصر الدين الغريب شاكراً له مشاركته في وضع حجر األساس‬ ‫قام وفد من حزب “التوحيد العربي”‬ ‫برئاسة نائب رئيس املكتب السياسي‬ ‫الدكتور شفيق باز واألعضاء حافظ أبي‬ ‫املنى‪ ،‬عصمت العريضي‪ ،‬ضياء األعور‪،‬‬ ‫وهيئة العمل التوحيدي ممثلة بأمني س ّرها‬ ‫نصار‪ ،‬بزيارة سماحة‬ ‫العام الشيخ حسام ّ‬ ‫شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ‬ ‫نصر الدين الغريب في دارته في كفرمتى‪،‬‬ ‫شاكرين له مشاركته في وضع حجر األساس‬ ‫ملستشفى الصحابي سلمان الفارسي في‬ ‫ديردوريت‪ ،‬عبر ممثله الشيخ نزيه العريضي‪.‬‬ ‫وأثنى الوفد على املواقف الوطنية للشيخ‬ ‫ملشروع إمنائي في منطقة‬ ‫الغريب‪ ،‬ومباركته‬ ‫ٍ‬ ‫اجلبل والشوف بضخامة مشروع “قرية‬ ‫التوحيد” والذي هو لكافة اللبنانيني وليس‬ ‫فقط ألبناء الطائفة الدرزية‪.‬‬ ‫وبدوره أثنى الشيخ الغريب على الدور‬ ‫الذي يلعبه حزب “التوحيد العربي” في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وسعيه املستمر لإلمناء والقيام‬

‫وتقدم‬ ‫مبشاريع تخدم املصلحة العامة‬ ‫ّ‬ ‫خدمات متنوعة‪.‬‬ ‫بعدها انتقل الوفد إلى بلدة بيصور‪ ،‬وزار‬ ‫شيخ عائلة مالعب الشيخ أبو نبيل أديب‬

‫مالعب‪ ،‬ومختار قرية بيصور السيد أبو‬ ‫أركان نايف مالعب شاكرا ً لهما حضورهما‬ ‫في مهرجان وضع حجر األساس ملستشفى‬ ‫“الصحابي سلمان الفارسي (ع)”‪.‬‬

‫تابعت أمانة اإلعالم في «حزب التوحيد العربي» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتماعية‪ ،‬في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السياسي‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت على الشكل اآلتي‪:‬‬

‫دعوة الى طرد السفيرة األميركية من لبنان‬

‫ ‬ ‫لم نسمع بعد أي تعليق رسمي على تهديد السفيرة األميركية كونيللي‬ ‫لبنان بأوخم العواقب وهي التي تتصرف وكأن البلد ملك لها ولغيرها من‬ ‫املسؤولني األميركيني‪.‬‬ ‫وتابع البيان بالقول‪ :‬ال نعلم كيف تريدنا كونيللي أن من ّول احملكمة إذا‬ ‫رفضت املؤسسات الشرعية لدينا هذا التمويل وهي مؤسسات دستورية إال‬ ‫إذا كانت كونيللي تريد تعليق الدساتير وإلغاء القوانني عندما يتعلق األمر‬ ‫مبصالح بلدها‪.‬‬ ‫وختم البيان‪ :‬لذا ننتظر من معالي وزير اخلارجية استدعاء هذه السفيرة‬ ‫وإبالغها احتجاجا ً شديد اللهجة وحتذيرها ردا ً على تهديداتها‪ ،‬كما ندعو‬ ‫احلكومة الى اتخاذ قرار بطردها من لبنان اذا استمرت على نهجها‪ ،‬فيوما ً‬ ‫نراها تهدد ويوما ً تزور احلدود ويوما ً املرفأ كأنها مكلفة بالوصاية على بالدنا‪.‬‬

‫إمتناع األسرى الفلسطينيين عن الطعام‬ ‫شكل من وسائل الضغط والمقاومة‬

‫ ‬ ‫يخوض األسرى املناضلون في السجون الصهيونية إضرابا ً عن الطعام‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من ُذ أكثر من أسبوع‪ ،‬وتأتي هذه اخلطوة في ظل التصعيد املُستمر من‬ ‫ني في ظروف تنكيل‬ ‫ِقبل اإلدارة األمنية اإلسرائيلية ضد األسرى القابع َ‬ ‫وتعذيب وعزل في زنازين صغيرة انفرادية تفتقر إلى أبسط حقوق‬ ‫األسير‪.‬‬ ‫واعتبر البيان أن هذا اإلضراب عن الطعام يشكل عالمة فارقة في هذه‬ ‫اللحظة التي وصل فيها النضال الفلسطيني واحدا ً من أدنى مستوياته‬ ‫منذ عام ‪ 1948‬سواء من حيث البرنامج السياسي أو من حيث املمارسة‬ ‫على األرض‪.‬‬ ‫وتابع البيان‪ :‬إن هذا القرار الشجاع يعيد إلى واقع الصراع مفهوم الرفض‬ ‫واملواجهة وانتزاع احلقوق عبر وسائل الضغط واملقاومة‪ ،‬ويعيد توجيه بوصلة‬ ‫النضال الفلسطيني بعد أن تكبد من اخلسائر ما لم تنله منه املعارك‬ ‫جراء ممارسات التنسيق األمني مع االحتالل والتفاوض العبثي املترافق مع‬ ‫املد االستيطاني الذي ال يتوقف‪ ،‬األمر الذي شجع العدو على التمادي في‬ ‫عنجهيته ووحشيته‪.‬‬ ‫وأضاف البيان‪ :‬رمبا ال تكون مصادفة أن تأتي خطوة األسرى في نفس‬ ‫األسبوع الذي وقعت فيه مهزلة األمم املتحدة التي قطعت فيها خطبة‬ ‫الرئيس األميركي باراك أوباما قول كل خطيب في مشروع الدولة‬ ‫الفلسطينية في أراضي الـ ‪ ،67‬وأعلنت إفالس مشروع السالم أي إفالس من‬ ‫ميثله من القيادة الفلسطينية‪.‬‬ ‫وختم البيان بالتأكيد على أن التضامن مع األسرى في إضرابهم يجب أن‬ ‫يترافق مع رفض املشروع التفاوضي االنهزامي واملطالبة بالعودة إلى مشروع‬ ‫االنتفاضة واملقاومة‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫‪31‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫مشاريع رسم خارطة للشرق األوسط الجديد فشلت‬

‫جورج قرم لـ «منبر التوحيد»‪ :‬الراعي وعون أقاما س ًّدا ضد الفتنة الطائفية‬ ‫المسيحيون ضحية الحروب في المنطقة ألنهم عنصر ديمغرافي‬ ‫«إن فاجعة طرد أو هروب عدد كبير من‬ ‫العراقيني املسيحيني وجلوئهم الى سوريا‬ ‫والسياسة األميركية الصهيونية الطابع‬ ‫في إفراغ منطقة الشرق األوسط من التنوع‬ ‫الديني وتكريس ثنائية يهودية إسالمية‬ ‫هو ما أدى الى بروز موضوع األقليات الى‬ ‫الواجهة” هذا ما ّ‬ ‫أكده الوزير جورج قرم في‬ ‫حديث خاص الى “منبر التوحيد” مؤكداً‬ ‫أن األدبيات السياسية الصهيونية حتلم‬ ‫بتفتيت دول اجلوار الى كيانات طائفية‬ ‫مذهبية الطابع تضفي شرعية على‬ ‫كيانها اليهودي أي كيان ديني الطابع‪.‬‬ ‫وعن اخلوف املسيحي اعتبر قرم بأنه‬ ‫ليس جديدا ً فكلما دخلت قوى غربية الى‬ ‫املنطقة ابتدا ًء من السلطنة العثمانية‬ ‫وصوالً الى االنتداب الفرنسي وغزو العراق‬ ‫كان الضحية املسيحيني‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫أكد بان الثورات العربية بدأت مدنية‬ ‫‪ %100‬ولكن عنصر احلركات اإلسالمية بكل‬ ‫أطيافها‪ ،‬من املعتدلني الدميقراطيني الى‬ ‫اجلماعات التكفيريني دخلوا عليها‪ .‬وفيما‬ ‫يلي نص احلوار‪:‬‬ ‫ملاذا انفجر موضوع األقليات في هذه املرحلة؟‬ ‫وهل له عالقة مبا يحصل في املنطقة؟‬ ‫ال أح ّبذ استعمال كلمة أقليات ألن هذا املفهوم‬ ‫مستورد من الثقافة السياسية الغربية التي‬ ‫أساسا ً هي كلمة مدلولها صحيح‪ ،‬إنها األقلية‬ ‫السياسية الطابع في اجمللس النيابي‪ .‬بينما أصبح‬ ‫هناك حتريف ملعنى الكلمة بالثقافة السياسية‬ ‫األوروبية نفسها عند حركة القوميات في القرن‬ ‫التاسع عشر‪ ،‬بحيث أصبح مفهوم األقلية‬ ‫يستعمل أيضا ً في املوضوع الدميغرافي لتوصيف‬ ‫مجموعة معينة يقل سكانها أو ليسوا أغلبية‬ ‫سكان بلد أو مجتمع ما‪.‬‬ ‫في ثقافتنا العربية واإلسالمية كلمة م ّلة‬ ‫هي الكلمة الصحيحة‪ .‬نحن مجتمعات تعددية‬ ‫الطابع في األساس وحتى كلمة م ّلة موجودة‬ ‫في القرآن الكرمي وأيضا ً كانت موجودة في‬ ‫التنظيمات العثمانية‪ .‬نظام امللل هو الذي كان‬ ‫يؤمن االستقالل الذاتي للطوائف املسيحية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واليهودية بالنسبة الى احملاكم‬ ‫الروحية واملؤسسات التعليمية‬ ‫والى سلطة البطاركة على‬ ‫أبناء الطائفة‪ .‬يجب أن نتحدث‬ ‫عن حالة التعددية في العالم‬ ‫العربي ألن املوضوع ليس فقط‬ ‫ملالً مسيحية هناك أيضا ً‬ ‫مذاهب إسالمية وتوترات‬ ‫ورغبة في إثارة فنت بني املذاهب‬ ‫اإلسالمية نفسها‪ ،‬يجب أن ال‬ ‫ننساها‪ .‬أما التركيز بشكل‬ ‫حصري على قضية الطوائف‬ ‫املسيحية هو غلط‪ .‬وهنا السؤال‬ ‫يطرح على الشكل التالي ما هو‬ ‫مدى قبول التيارات السياسية‬ ‫احلالية على الساحة العربية‬ ‫مببدأ التعددية سواء كانت‬ ‫التعددية دينية الطابع أقباطا ً‬ ‫ومسلمني في مصر أو مسيحيني ومسلمني‬ ‫في لبنان أو مذهبية الطابع سنة وشيعة دروز‬ ‫وعلويني واسماعليني ‪ ...‬هكذا تطرح القضية‪ .‬أما‬ ‫االستفراد فقط بامللل املسيحية فهذا يخدم الى‬ ‫حد ما املشاريع التفتيتية للمنطقة‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫الى طرح املوضوع في هذه املرحلة فهناك سببان‬ ‫أساسيان‪ ،‬السبب األول هو فاجعة طرد أو هروب‬ ‫عدد كبير من العراقيني املسيحيني وجلوئهم الى‬ ‫سوريا‪ ،‬أما السبب الثاني فهو سبب مغرض وهو‬ ‫سياسة صهيونية أميركية الطابع تهدف الى‬ ‫إفراغ منطقة الشرق األوسط من التنوع الديني‬ ‫وتكريس ثنائية يهودية إسالمية حتى تبرر الوجود‬ ‫الصهيوني الذي ال ميكن ألي إنسان عاقل أن يقبل‬ ‫به‪.‬‬ ‫هل احلراك الشعبي الذي تشهده الدول‬ ‫العربية هو بداية تغيير دميقراطي أو تكوين‬ ‫جغرافي لدويالت دينية وإثنية وعرقية؟‬ ‫ال يوجد عندي أدنى شك بذلك‪ .‬وقد كتبت‬ ‫الكثير حول هذا املوضوع بأن هناك مشاريع‬ ‫تفتيتية للمنطقة‪ .‬االستعمار الفرنسي كان‬ ‫له مشروع تفتيتي وكان بدأ بتفتيت سوريا أيام‬ ‫االنتداب من خالل إنشاء دولة علوية ودولة درزية‬ ‫باإلضافة الى دولتني سنيتني في حلب والشام‪.‬‬ ‫كما أن األدبيات السياسية الصهيونية حتلم‬ ‫بتفتيت دول اجلوار الى كيانات طائفية مذهبية‬ ‫الطابع تضفي شرعية على كيانها اليهودي‬

‫‪32‬‬

‫أي كيان ديني الطابع‪ .‬ومما ال شك فيه أن غزو‬ ‫«إسرائيل» للبنان في العام ‪ 1982‬كان الهدف‬ ‫منه تقسيم لبنان‪ .‬وينسى العديد من اللبنانيني‬ ‫أن سوريا منعت تقسيم لبنان‪ .‬كما أن غزو أميركا‬ ‫للعراق حيث متّ تقسيمها الى واليات عرقية‬ ‫بالنسبة الى األكراد ومذهبية بالنسبة الى‬ ‫احملافظات السنية والشيعية‪ .‬والسؤال هل هناك‬ ‫إمكانيات لتأسيس حاالت دميقراطية في العالم‬ ‫العربي؟ نعم إمنا القوى املعادية للثورة تستعني‬ ‫بالقبليات واملذهبيات وبصراع األديان واحلضارات‬ ‫الخ‪ ...‬ولسوء احلظ نرى العديد من املثقفني‬ ‫العرب أو اإلعالميني يساهمون في نبسيط حاالت‬ ‫معقدة مثل احلالة السورية واحلالة اليمنية‬ ‫واحلالة السعودية البحرينية واختزالها مبشكلة‬ ‫مذهبية أو طائفية بينما األمور معقدة للغاية‪.‬‬ ‫في سوريا اليوم أيضا ً تُبسط األمور الى حد بعيد‬ ‫وكأن هناك فئة واحدة هي التي كانت مستفيدة‬ ‫من النظام احلالي بينما النظام كان قائما ً على‬ ‫حتالفات مع فئات اجتماعية غير علوية‪ .‬كل‬ ‫هذه املعطيات تُغفل في التحليالت لتبسيطها‬ ‫واختزالها بحالة مذهبية‪ .‬والهدف هو مشروع‬ ‫تفتيت املنطقة الى كيانات مذهبية‪ .‬اجلماعات‬ ‫املسيحية تذهب الى أميركا وأوروبا ويُفرغ الشرق‬ ‫من تنوعه‪ .‬مشكلة الغرب هي في تنوع الشرق‪.‬‬ ‫الغرب يرى القوميات بأنها مبنية على جتانس تام‬ ‫بني كل املواطنني ‪.‬‬ ‫ملاذا تكلم البطريرك الراعي عن اخلوف‬


‫املسيحي‪ ،‬وهل توافقونه الرأي؟‬ ‫اخلوف املسيحي ليس بجديد فالذي ينظر الى‬ ‫تاريخ الـ ‪ 200‬سنة املاضية يرى أن كل ما دخلت‬ ‫قوى غربية في املنطقة ابتدا ًء من السلطنة‬ ‫العثمانية وصوال ً الى أيام االنتداب الفرنسي وغزو‬ ‫أميركا للعراق كان الضحية املسيحيني ألنهم‬ ‫عنصر دميغرافي قليل العدد أساسا ً وله تسهيالت‬ ‫أكثر للهجرة خارج املنطقة‪ .‬لهذا السبب رأينا‬ ‫أن عدد املسيحيني في فلسطني تدنى من ‪%15‬‬ ‫الى ‪ %2‬وهذا بفعل الصهاينة ثم رأينا عدد‬ ‫املسيحيني في العراق تضاءل الى حد بعيد وفي‬ ‫لبنان مع احلرب األهلية تضاءل العدد أيضاً‪ .‬وهناك‬ ‫سبب إضافي للخوف غير اخملزون الدميغرافي هو‬ ‫صعود حركات سلفية حادة الطابع منذ أربعني‬ ‫خمسني سنة آتية من رياح اخلليج من الوهابية‬ ‫التي ألهمت العديد من احلركات اجلهادية مع‬ ‫العلم أن كلمة جهاد كلمة نبيلة ولكن أقصد‬ ‫احلركات التكفيرية التي تقتل املسلمني اآلخرين‪.‬‬ ‫وهذا ال يجعل فقط املسيحيني في حالة اخلوف‬ ‫بل يجعل فئات واسعة من املسلمني أنفسهم‬ ‫بحالة قلق‪.‬‬ ‫يقول البعض إن املسلم هو املتضرر األكبر‬ ‫من تفريغ الشرق من مسيحييه؟‬ ‫ال شك في ذلك وقد أ ّرخت له في «تعدد األديان‬ ‫وأنظمة احلكم» و «انفجاراملشرق العربي»‪ .‬ميزة‬ ‫الشرق كانت دائمأ التنوع والتفاعل مع احلضارات‬ ‫األخرى ‪.‬‬ ‫ما هو املقصود من حتالف األقليات؟‬ ‫احلريات الفردية تلغي مشكلة األقليات سواء‬ ‫كانت أقليات إسالمية من مذاهب إسالمية أو‬ ‫أقليات من الديانة املسيحية‪ .‬احلريات الفردية هي‬ ‫أهم شيء حتى يرتاح اجملتمع‪ .‬وفي كل كتاباتي‬ ‫أقول إن أم احلريات هي حرية االجتهاد الديني‪ ،‬حرية‬ ‫التعامل مع النصوص املقدسة‪ .‬طاملا سنرجع الى‬ ‫حرية االجتهاد مثلما كانت موجودة في القرنني أو‬ ‫الثالثة قرون األولى بعد ظهور النب ّوة اإلسالمية‬ ‫سنبقى متخلفني وستبقى الدول الغربية تهيمن‬ ‫علينا وسنبقى نحن العرب ضائعي الهوية‪ .‬فإذا‬ ‫صنفنا أنفسنا فقط كمسلمني نضيع في بحر‬ ‫مكون من مليار و‪ 400‬مليون مسلم ونحن أقلية‬ ‫فيها ‪ 300‬مليون عربي‪ ،‬ما هي هويتنا؟ وماذا‬ ‫يجمعنا مع أناس ال يتكلمون نفس اللغة وال‬ ‫يشاركوننا نفس العادات والتاريخ؟ على العرب أن‬ ‫يحسموا أمرهم بالنسبة الى هذا املوضوع‪ .‬إمنا‬ ‫بطبيعة احلال هناك أنظمة رجعية عربية عانت‬ ‫منها احلركة الناصرية الثورية وتعاني منها اليوم‬ ‫الثورات العربية ال تود التغيير وتود أن تكمل وتدور‬ ‫في فلك مصالح الدول الغربية وتكمل مهادنة‬ ‫الكيان الصهيوني الغاصب‪.‬‬ ‫هل سنشهد رسم خارطة جديدة لشرق‬ ‫أوسط جديد بعد الفوضى اخلالقة؟‬ ‫ال أتصور ذلك‪ .‬لقد فشلت كل املشاريع سواء‬ ‫في لبنان بعد الغزو اإلسرائيلي في العام ‪1982‬‬

‫واحلمد هلل وطبعا ً املقاومة قدمت الكثير لطرد‬ ‫احملتل الصهيوني واالنتصار عليه في العام ‪.2006‬‬ ‫والعراق لم تتفتت لغاية اآلن‪ .‬إمنا اخلطر الكبير‬ ‫هو مزيد من الهجرة الى اخلارج وطبعا ً املوضوع‬ ‫الرئيسي اليوم هو التوتر السني الشيعي أو ال‬ ‫سمح اهلل غدا ً العلوي السني وهذا ما يجب أن‬ ‫نتنبه اليه‪.‬‬ ‫هل سيمتد هذا التوتر الطائفي في حال‬ ‫حصوله في سوريا الى لبنان؟‬ ‫أوال ً يجب أن نقدم التحية ملواقف البطريرك‬ ‫املاروني الذي ساهم مساهمة كبيرة بعد‬ ‫مساهمة اجلنرال عون في تهدئة األوضاع أو في‬ ‫بناء سد ضد فتنة طائفية عامة ‪.‬‬ ‫هل موقفه يحمي مسيحيي سوريا؟‬ ‫كنت أضفت الى كالمه أن احلل على املدى‬ ‫الطويل لكل اجملموعات ولكل امللل أو املذاهب هو‬ ‫في احلريات الفردية ‪.‬‬ ‫يقول البعض أن ما نشهده اليوم هو إعادة‬ ‫إحياء النسخة األولى من سايكس – بيكو‬ ‫وهي إقامة دويالت مذهبية وطائفية وإثنية‪.‬‬ ‫هناك كيانات ودول ستزال وتنشأ دول أخرى‪ .‬ما‬ ‫هو تعليقكم على ذلك؟‬ ‫هذه النبوة تكلموا عنها ‪ 50‬مرة وجربوها‬ ‫ميدانيا ً في لبنان ولم ولن تنجح‪ .‬ولكن اخلوف من‬ ‫الكلفة الدميغرافية ألن هناك مزيدا ً من العرب‬ ‫أكانوا مسيحيني أو غير مسيحيني يئسوا من‬ ‫هذا الوضع ويفكروا بالهجرة‪ .‬وهناك استطالعات‬ ‫تقول بأن ‪ % 50‬من العنصر الشاب يفضل أن‬ ‫يهاجر‪ .‬هذه مأساة عربية شاملة ألن هناك‬ ‫بطالة وعدم مساواة وقد أتت الثورات العربية‬ ‫لكي تعطي روح للشباب العربي‪ .‬ولكن هناك‬ ‫ثورة مضادة اليوم تقوم بالتهويل حول أوضاع‬ ‫األقليات وأيضا ً إنني ال أفصل بني قضية األقليات‬ ‫املسيحية وقضية املذاهب اإلسالمية‪ .‬يجب أن‬ ‫يعالج املوضوع برمته‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫ما هو احلل لألقليات؟‬ ‫احلريات الفردية وحرية االجتهاد واحلريات‬ ‫الدينية‪ .‬املوضوع يتعلق باحلريات الدينية املطلقة‬ ‫في العالم العربي‪.‬‬ ‫بعد عام من الثورات‪ ،‬هل ننتقل من أنظمة‬ ‫ديكتاتورية الى أنظمة تيوقراطية؟‬ ‫من دون شك هناك قوى معادية للتغيير منذ‬ ‫أيام عبد الناصر‪ .‬هذا منط مازلنا نعيش فيه ويبرز‬ ‫اليوم مع الثروة النفطية التي هي موجودة في‬ ‫إمارات دول اخلليج العربي‪ .‬طبعا ً هناك متويالت‬ ‫ضخمة تذهب الى كل احلركات اخملتلفة التي‬ ‫حتمل راية املرجعية الدينية‪ .‬هذا مخيف‪.‬‬ ‫هل من محرك للثورات العربية؟‬ ‫كان احملرك خارجا ً عن أي إطار أو مرجعية‬ ‫دينية‪ .‬كان الهدف إعادة الكرامة‪ ،‬القضاء على‬ ‫الديكتاتوريات والفساد والرشوة وإيجاد فرص‬ ‫عمل‪ .‬بدأت هذه الثورات مدنية ‪ %100‬وكان غائبا ً‬ ‫عنها العنصر اإلسالمي متاما ً في البداية‪ .‬إمنا‬ ‫يبدو أن عنصر احلركات اإلسالمية بكل أطيافها‬ ‫اخملتلفة من املعتدلني الدميقراطيني الى اجلماعات‬ ‫التكفيريني عادوا وظهروا على الساحة في مصر‬ ‫وتونس واليمن‪ .‬هناك متويالت كبيرة‪ ،‬كما أن هناك‬ ‫وسائل إعالم عربية تدعم هذه الثورات‪ .‬واآلن‬ ‫أحتفتنا الدول الغربية بالنموذج التركي الذي ال‬ ‫ميكن أن يطبق في الدول العربية إذ اليوجد أي‬ ‫نوع من املرجعية الدينية في الدستور التركي‪،‬‬ ‫وليس هناك من دولة عربية إال ويعود نظامها‬ ‫الى املرجعية الدينية‪ .‬وهذا يدل على ضعف‬ ‫الدميقراطية في الدول العربية‪.‬‬ ‫كيف ترى مستقبل الوضع في سوريا؟‬ ‫من دون شك أن الدول الغربية وبعض الدول‬ ‫العربية املتحالفة معها تضغط الى أقصى‬ ‫احلدود على احلكم في سوريا‪ .‬بطبيعة احلال لو‬ ‫انفصل النظام عن إيران و»حزب اهلل» لم يكن‬ ‫هناك مشكلة‪ .‬ومن دون شك دخل احلكم في‬ ‫سوريا بنوع من احللقة املفرغة ألنه يصعب‬ ‫تطبيق اإلصالحات السياسية املقررة في ظل‬ ‫أجواء العنف السائدة في بعض املناطق‪.‬‬ ‫ملاذا تراجعت حركة إسقاط النظام الطائفي‬ ‫في لبنان؟‬ ‫هناك عدة عوامل أطفأت احلركة‪ :‬العنصر‬ ‫األول هو دخول بعض األحزاب السياسية في‬ ‫املظاهرات والتي لها طابع طائفي وهذه شكلت‬ ‫إرباكا ً للمنظمني‪ ،‬العنصر الثاني هو املسيرة‬ ‫الفلسطينية الكبيرة التي انطلقت الى احلدود‬ ‫مع الكيان الصهيوني في اجلليل واجملزرة التي‬ ‫حصلت‪ ،‬ومن ثم العنصر الثالث هو انفجار‬ ‫األوضاع في سوريا‪ .‬وأعتقد أن احلركة ستعود‬ ‫وستكمل‪ ،‬ولكن ال نعلم‬ ‫الى البروز مع الوقت‬ ‫ّ‬ ‫متى وهي حركة توالها العنصر الشاب ألنه ال‬ ‫يوجد حل في لبنان إال بقيام دولة مدنية بكل ما‬ ‫للكلمة من معنى‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫المسلمون براء م َّمن يصدرون فتاوى لقتل ثلث الشعب السوري‬

‫المطران لوقا الخوري لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫إصالحات الرئيس األسد قابلوها بالتخريب والقتل‬ ‫في األزمات تُعرف الرجال‪ ،‬وتظهر القامات‪،‬‬ ‫ويُدل على الوطني من املستزلم واخلائن‪ ،‬واملطران‬ ‫لوقا اخلوري‪ ،‬هو رجل الدين األرثوذكسي‪ ،‬الذي‬ ‫فصل السياسة عن الدين‪ ،‬لكنه ربط الدين‬ ‫بالوطنية والقومية‪ ،‬عندما يكون الوجود في‬ ‫خطر‪ ،‬وكيف وأن سوريا معرضة خلطر حرب‬ ‫أهلية‪ ،‬وعدوان خارجي ومشروع تقسيمي؟‬ ‫فاإلصالح هو دعوة حق ومطلب إنساني‪ ،‬أما‬ ‫التخريب فهو عمل باطل جبان‪ ،‬ولقد وقف‬ ‫املطران اخلوري الى جانب اإلصالح واحلق‪ ،‬ومارس‬ ‫دوره في إطالق الوعي الشعبي‪ ،‬وانخرط في‬ ‫حوارات ملنع انزالق سوريا الى ما يريده أعداؤها‬ ‫لها‪ ،‬وفي هذا احلوار يتح ّدث لـ “منبر التوحيد”‪،‬‬ ‫فجاء احلوار على الشكل التالي‪::‬‬ ‫أصبح اليوم اخملطط الكبير الذي أحيك‬ ‫ضد سوريا واضحاً ومكشوفاً للعيان‪ ،‬بكل‬ ‫ما أستخدم فيه من أدوات ووسائل التجييش‬ ‫اإلعالمي والتسليح‪ ،‬فكيف تنظرون من‬ ‫موقعكم ملا تعرضت له سوريا خالل األشهر‬ ‫املاضية وحتى يومنا هذا؟‬ ‫الشك أن ما تعرضت له سوريا هو مخطط‬ ‫كبير ومدروس‪ .‬ليس فقط على سوريا بل على‬ ‫الوطن العربي بأكمله‪ .‬لكن املقصود األول هو‬ ‫سوريا ألنها تسير في مقدمة اخلط املمانع وتدعم‬ ‫املقاومة وتسعى لتحرير األراضي املغتصبة من‬ ‫الوطن العربي‪ ،‬لهذه األسباب تكاتفت أميركا‬ ‫وأوروبا وفرنسا إرضاء لـ “إسرائيل” وخدمة ألمنها‬ ‫مستعينة ببعض الدول العربية التي باعت‬ ‫عروبتها‪ ،‬ووقفت موقفا ً سلبيا ً جتاه سوريا‪ ،‬التي‬ ‫كانت ومازالت وفية ألشقائها العرب فهي التي‬ ‫احتضنت إخوانها الفلسطينيني والعراقيني‬ ‫واللبنانيني في ظروفهم الصعبة‪ ،‬فقاموا بدعم‬ ‫اخملربني في سوريا باألموال واألسلحة‪ ،‬ووجهوا‬ ‫وسائلهم اإلعالمية للترويج للفتنة بفبركة‬ ‫األمور بكذب ونفاق وال أخالقية مهنية‪ .‬نحن‬ ‫نشكوهم هلل ملا قاموا به من دور كبير وبث الفتنة‬ ‫في هذا البلد اآلمن ونحملهم دماء شهدائنا من‬ ‫مدنيني وعسكريني‪ ،‬ونحن كمسيحيني نشكل ‪8‬‬ ‫‪ %‬من سكان سوريا نعيش اليوم مطمئنني مع‬ ‫إخواننا املسلمني متآخني متحابني ونحصل على‬ ‫كافة حقوقنا الصحية واالجتماعية والتعليمية‪،‬‬ ‫وكلنا يد واحدة ومن هذا املنطلق فنحن واثقون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وتآخ بني‬ ‫أنهم سيفشلون ملا رأينا من متاسك‬ ‫ٍ‬ ‫أفراد شعبنا‪ ،‬وما منر به اليوم هو امتحان لسوريا‬ ‫وشعبها وسوف نخرج منه أقوى بإذن اهلل‪.‬‬ ‫أطلق ساركوزي دعوة إلى هجرة املسيحيني‬ ‫من سوريا ولبنان إلى أوروبا‪ .‬كيف تنظرون من‬ ‫موقعكم إلى هذه الدعوة؟‬ ‫أوالً‪ ،‬عندما يطلق ساركوزي هكذا دعوات‬ ‫للمسيحيني ال بد أن يكون مسيحيا ً يحترم‬ ‫ديانته ونحن ال نعتبره كذلك‪ .‬فأوروبا املسيحية‬ ‫مهانة أكثر من أي دولة في العالم‪ .‬وال بد أن يكون‬ ‫شخصا ً عادالً‪ ،‬فهل هو يعامل شعبه بعدل‪،‬‬ ‫بالتأكيد ال‪ ،‬فنحن رأينا مظاهر القتل والقمع‬ ‫لديهم عندما خرج الشعب مبظاهرات مطالبني‬ ‫بحقوقهم‪.‬‬ ‫ونحن كمسيحيني نقول لساركوزي ولندن‬ ‫وإيطاليا وأميركا‪ .‬أنتم ال تدركون مدى متسك‬ ‫وتشبث مسيحيي الشرق بأرضهم فهم‬ ‫متجذرون فيها وهم األساس وال يغادرونها إال‬ ‫مبوتهم‪.‬‬ ‫فاهتموا بأنفسكم ودعونا في بالدنا مع‬ ‫إخواننا من كافة الطوائف فنحن وإياهم أخوة‬ ‫متماسكون ومواطنون صاحلون نحيا في بلد‬ ‫مليء باحملبة والتضحية من أجل اآلخر والتسامح‬ ‫واأللفة فالكل في سوريا أخوة ال فرق بني مسلم‬ ‫ومسيحي‪.....‬فسوريا بلد حتب نفسها لذلك حتب‬

‫‪34‬‬

‫اآلخرين وتضحي من أجل أرضها لذلك تضحي‬ ‫من أجل أراضي العرب‪.‬‬ ‫هل كان طردكم للسفيرين األميركي‬ ‫والفرنسي ردا على هذه الدعوة؟‬ ‫لقد اتخذت هذا املوقف جتاه السفيرين‪ ،‬ألنهم‬ ‫تصرفوا بعدم احترام لقوانني البلد املوجودين فيه‪.‬‬ ‫ولم يتصرفوا حسب القوانني الدولية التي تفرض‬ ‫عليهم أن يبلغوا السلطات اخلارجية عن أي‬ ‫حترك يقومان به خارج سفارة بالدهم‪ .‬وكلنا رأينا‬ ‫كيف ذهب السفير األميركي إلى حماه واجتمع‬ ‫مع اإلرهابيني واملتآمرين على شعب سوريا‬ ‫وأرضها‪ .‬وكان مقصده حماه نظرا ً حلساسيتها‬ ‫التاريخية والهدف من ذلك حتويلها إلى قاعدة‬ ‫النطالق املؤامرة‪ .‬وأيضا إطالق النار الذي أطلق‬ ‫من داخل السفارتني على املتظاهرين ووقوع‬ ‫عدد من الضحايا‪ ،‬كل هذا أوضح لدينا اخملطط‬ ‫التآمري من فرنسا وأميركا‪ ،‬كما كان هدفه من‬ ‫زيارة الكنيسة تأجيج الفوضى بيننا وبني إخواننا‬ ‫املسلمني‪ .‬فهو أصبح يتنقل من مكان آلخر إلثارة‬ ‫النعرات الطائفية وهذا الشيء ال نسمح به أبدا‬ ‫ألي كان‪ ،‬و َمن أراد اخلير لهذا البلد فأهال به فنحن‬ ‫نستقبل من يأتي إلينا مبحبة وسالم ونضعه في‬ ‫قلوبنا‪ .‬فسوريا بلد الضيافة واحملبة والعطاء‪.‬‬ ‫لقد اتخذ البطريرك بشارة الراعي موقفاً‬ ‫مشرفاً فاجأ به أعداءه قبل أصدقائه‪ ،‬ما‬ ‫الكلمة التي توجهونها بهذا اخلصوص؟‬ ‫نحن كلنا إجالل وتقدير لغبطة البطريرك‬ ‫بشارة الراعي‪ .‬فالبطريرك هو أب للجميع‬ ‫ويريد صالح شعبه بأكمله ومن بينهم رعيته‬ ‫املسيحيني‪ ،‬لهذا فهو يتعامل بعقالنية مع كل‬ ‫القضايا ولديه مفهوم حقيقي ملا يجري حوله‪،‬‬ ‫فكانت تصريحاته نابعة من مفهوم حقيقي‬ ‫ومنطقي ملا يجري على أرض الواقع‪ ،‬وهو يسير‬ ‫بخطه الكنسي الوطني اللبناني الصحيح‬ ‫واملشرف‪ ،‬وهو من خالل لبنان ميتد لكل الدول‬ ‫األخرى‪ .‬ونحن هنا في سوريا نستقبله بقلوبنا‬ ‫وأعيننا‪.‬‬ ‫املراسيم التي أصدرت أليست كافية ملن‬ ‫ينادون باإلصالح واحلرية؟‬ ‫إن الرئيس بشار األسد منذ أن استلم احلكم‬ ‫وضع في أولوياته العمل على اإلصالح والتطوير‬ ‫في الداخل ومواجهة التحديات اخلارجية وقام‬


‫بجوالت على احملافظات واطلع على مطالب‬ ‫الشعب عن كثب‪ .‬ووضعت مخططات لتطبيق‬ ‫كل اإلصالحات وكل ما يحتاجه الناس‪ ،‬والكم‬ ‫الكبير من املراسيم التي صدرت لدينا لم تصدر‬ ‫في أي بلد آخر‪ ،‬لكن اإلصالحات حتتاج لوقت وهم‬ ‫يعرقلونها بالتخريب والقتل‪.‬‬ ‫ما تعليقكم على اجمللس الوطني السوري‬ ‫الذي يعقد خارج سقف الوطن‪ .‬وما ردكم على‬ ‫ما ينادون به من تدخل خارجي بحجة حماية‬ ‫املدنيني؟‬ ‫هؤالء ال يريدون التفاوض على أساس اإلصالح‪.‬‬ ‫بالرغم من أنهم ينادون مبحاربة الفساد والقيام‬ ‫بإصالحات‪ .‬أنتم الذين تنادون باحلرية الوطنية‬ ‫تعالوا إلى وطنكم وكونوا طرفا ً في احلوار‪،‬‬ ‫واطرحوا ما تريدون فالرئيس األسد قدم الكثير‬ ‫من اإلصالحات وهو على استعداد لتقدمي املزيد‬ ‫من أجل خير هذا البلد‪ ،‬فبقاؤكم في اخلارج ال‬ ‫يعني انتماؤكم لهذا البلد فعندما تكونون أنتم‬ ‫واسطة للمتآمرين على سوريا ويستغلوكم‬ ‫بإرسال األموال واألسلحة لتدمير هذا البلد‪.‬‬ ‫وهذا الشيء أصبح مؤكدا ً بعد اعتراف وأحدكم‬ ‫بإرسال ‪12‬مليون دوالر وأسلحة‪ ،‬ونقول لكم من‬ ‫ميلك منكم قاعدة شعبية في سوريا فليتفضل‬ ‫إلى احلوار باسمها داخل سوريا‪ .‬والرئيس بشار‬ ‫األسد رحب بكم وأعطى أوامر بعدم التعرض‬ ‫ألحد منكم‪ ،‬أما إذا كنتم ال تريدون احلوار فابقوا‬ ‫عند من يغذيكم باإلجرام والقتل واألموال‪ ،‬فنحن‬ ‫شعب آمن نعيش بسالم ومحبة وال نريد أحدا ً‬ ‫امتأل عقله وقلبه بالغضب واحلقد‪.‬‬ ‫ونحن في سوريا نرفض أي نوع من التدخل‬

‫اخلارجي ألننا قادرون على تخطي أزماتنا‪ .‬فنحن‬ ‫رأينا التدخل اخلارجي في البلدان اجملاورة وما نتج‬ ‫عنه‪ ،‬ونحن كشعب واثقون بقيادتنا احلكيمة‬ ‫وقدرتها على حل األمور بعقالنية ونقف يدا ً‬ ‫واحدة خلفها ومعها ونبذل كل ما بوسعنا إلنقاذ‬ ‫بلدنا من هذه املؤامرة الدنيئة‪.‬‬ ‫من املعروف أن الكنيسة في سوريا وطنية‬ ‫عبر التاريخ‪ .‬ما هو الدور الذي جسدمتوه خالل‬ ‫هذه الظروف الصعبة التي مرت بسوريا؟‬ ‫نحن دائما مع الوطن ونضحي من أجل أمنه‬ ‫واستقالله وعزته وكثر من رجاالتنا الذين حاربوا‬ ‫االستعمار في املاضي وقدموا تضحيات كبيرة‬ ‫في سبيل هذا الوطن “ألن من ليس له وطن فال‬ ‫شيء لديه في هذه الدنيا” ونحن اليوم صف‬ ‫واحد مسيحيني ومسلمني‪ ،‬قمنا بعقد مؤمترات‬ ‫وفعاليات بهدف مجابهة اخملطط التآمري الذي‬ ‫يستهدفنا وقمنا بإيضاح وتفسير األمور بشكل‬ ‫دقيق للرأي العام عما يجري في بلدنا من تآمر‬ ‫دولي خارجي تقوده أميركا وأوروبا وبعض الدول‬

‫ما تعرضت له سوريا هو مخطط كبير ومدروس ألنها تسير‬ ‫في مقدمة اخلط املمانع وتدعم املقاومة‬ ‫وتسعى لتحرير األراضي املغتصبة‬ ‫نحن كمسيحيني نقول لساركوزي ولندن وإيطاليا وأميركا أنتم ال‬ ‫تدركون مدى متسك وتشبث مسيحيي الشرق بأرضهم‬ ‫جنل ونق ّدر غبطة البطريرك بشارة الراعي لتعامله بعقالنية‬ ‫مع كل القضايا‬ ‫نرفض أي نوع من التدخل اخلارجي ألننا قادرون‬ ‫على تخطي أزماتنا‬ ‫نحن دائما مع الوطن ونضحي من أجل أمنه واستقالله‬ ‫إذا حدث شيئ لسوريا فلن يسلم أحد من الدول العربية‬

‫‪35‬‬

‫العربية واخلليجية خدمة ملصالح “إسرائيل”‬ ‫وأمنها‪ ،‬ومدى حجم األموال التي تدفع للتغرير‬ ‫بأبنائنا في الداخل ممن حملوا السالح على أبناء‬ ‫بلدهم‪ ،‬وقتلوا األبرياء من املدنيني واجليش الذي‬ ‫هو من املفروض أن يتواجد على احلدود إلعادة‬ ‫أراضينا املغتصبة‪..‬‬ ‫ما تعليقكم على مجالس احلوار الوطني‬ ‫التي عقدت حتت سقف الوطن؟‬ ‫نحن نقدر هذه األعمال بدأوا بها من خالل‬ ‫احلوار الوطني‪ .‬وبعده سيأتي احلوار املركزي‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك سيتم دراسة الدستور العام وطرحت في‬ ‫هذه اجملالس أمور كثيرة توصلنا إلى حلول‪ .‬حضر‬ ‫الكثيرون من املعارضة وقدموا طروحات وكانت‬ ‫مفيدة وأخذت بعني االعتبار‪ .‬فباحلوار وحده نصل‬ ‫إلى شاطىء األمان مع قائدنا بشار األسد‪ .‬هذا‬ ‫الرجل املنفتح على احلوار واحملب لكل أبناء سوريا‬ ‫وكل عربي في هذا الوطن‪.‬‬ ‫من أدوات الفتنة من ادعوا أنهم رجال دين‬ ‫وأصدروا فتاوى بالقتل والتدمير‪ .‬كيف تردون‬ ‫على هؤالء‪ ،‬وكل من ينساق وراءهم؟‬ ‫إن الديانتني املسيحية واإلسالمية ترفضان‬ ‫القتل “وهؤالء الذين يدعون أنهم رجال دين‬ ‫مسلمني‪ ،‬فإن إخواننا املسلمني بريئون من مثل‬ ‫هؤالء الذين يصدرون فتاوى للقتلة بقولهم “ال‬ ‫مشكلة أن يقتل ثلث الشعب السوري‪ ،‬من أجل‬ ‫أن يعيش من يبقى بسالم” فكيف لنا أن نكون‬ ‫آمنني على حياتنا إذا أستلم مثل هؤالء السلطة؟‬ ‫واألبرياء التي تسفك دماؤهم بال ذنب‪ ،‬وتذكروا أن‬ ‫هناك يوما ً للحساب ستقفون فيه بني أيدي اهلل‪،‬‬ ‫وملن اتبعوا هؤالء نقول لهم فلتفكروا بعقولكم‬ ‫التي وهبكم اهلل إياها وفرقوا بني اخلير والشر وال‬ ‫تصبحوا عبيدا ً للمال‪.‬‬ ‫وختم حديثه‪ :‬إذا حدث شيئ لسوريا فلن‬ ‫يسلم أحد من الدول العربية‪ .‬لكن بقدرة اهلل‬ ‫وحكمة قائدنا وقوة جيشنا وأمننا سنخرج من‬ ‫هذه احملنة ونكون أقوى في املستقبل‪.‬‬ ‫ونحن مسيحيون ومسلمون نصلي ليحفظ‬ ‫اهلل سوريا وقيادتها احلكيمة لتبقى حاضنة لنا‬ ‫ولكل مواطن عربي‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سماح عبد السالم‬ ‫منبر التوحيد – دمشق‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫نرفض رفضاً قاطعاً ما يسمى المجلس الوطني السوري‬

‫الشيخان الحم ّيد والخبيل يتحدثان لـ «منبر التوحيد» عن دور عشائر‬ ‫سوريا في حماية االستقرار والوحدة الوطنية‬ ‫تثبت عشائر سوريا مرة بعد مرة مواقفها‬ ‫الوطنية القومية واإلنسانية واالجتماعية‬ ‫والسياسية‪ ،‬التي ترفض النهج الذي س ّنه‬ ‫الغرب وأميركا والصهاينة‪ ،‬من خالل شيوخهم‬ ‫وأمرائهم‪ ،‬وللعشائر والقبائل العربية دور كبير‬ ‫في تعزيز الوحدة الوطنية واحلفاظ عليها وعلى‬ ‫وحدة الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته‬ ‫حتت سقف الوطن‪ ،‬والقبائل العربية هم أهل‬ ‫النخوة واملروءة والكرامة والعزة وهم سيبذلون‬ ‫الغالي والنفيس في وجه أي عمل يهدف إلى‬ ‫خراب هذا البلد والوطن العزيز‪ ،‬وهم يدعمون‬ ‫برنامج اإلصالح والتطوير في سوريا بقيادة‬ ‫السيد الرئيس بشار األسد واستنكارهم للفنت‬ ‫واملؤامرات التي تستهدف حلمتها الوطنية‬ ‫وأمنها‪ ،‬مؤكدين وقوفهم صفاً واحداً بوجه من‬ ‫يتآمر على سوريا وأرضها وشعبها‪ ،‬وهم يثقون‬ ‫بأن سوريا ستتجاوز هذه املرحلة وهي أكثر قوة‬ ‫وإن أبناء العشائر مستعدون للتصدي للفتنة‬ ‫وبذل األرواح والدماء للحفاظ على تراب الوطن‬ ‫والوحدة الوطنية والوقوف ضد التخريب والقتل‬ ‫واإلجرام‪.‬‏‬ ‫وهذه قبيلة العقيدات عشيرة البكيير تثبت‬ ‫يوماً بعد يوم التزامها القومي والعربي األصيل‬ ‫ورفضها كل أشكال التدخل اخلارجي السافر‬ ‫في شؤون سوريا والتي تصب في خدمة أعداء‬ ‫سوريا رافضني رفضاً قاطعاً كل أشكال التدخل‬ ‫األجنبي أو الوصاية اخلارجية على الشأن‬ ‫السوري أو أي عمل من شانه أن يؤدي إلى زعزعة‬ ‫أمن واستقرار الوطن‪“ ،‬منبر التوحيد” التقى‬ ‫وجهني بارزين من وجهاء هذه العشيرة وهما‬ ‫الشيخ مهند أحمد حمود احلميد الذي يحمل‬ ‫دكتوراه في العلوم السياسية والشيخ محمد‬ ‫حامد اخلبيل حيث حتدثا عن تاريخ هذه القبيلة‬ ‫األصيل وما تقدمه على الساحة السياسية‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫الكثير من الدول التي ساهمت بإذكاء الفتنة‬ ‫في سوريا قد راهنت على مواقف بعض القبائل‬ ‫العربية املتواجدة في سوريا‪ ،‬فما هو تعليقكم‬ ‫على هذه املوقف؟‬ ‫هناك دول عربية لألسف نسميها شقيقة‬ ‫ساهمت في عدم استقرار قطرنا العربي السوري‬ ‫ويوجد بعض القبائل في سوريا على امتداد مع‬ ‫هذه الدول ولكن بفضل الشرفاء في هذه القبائل‬ ‫مت تعريف شباب الشرح لهم عن حجم املؤامرة‬ ‫التي تتعرض لها سوريا نتيجة املواقف العربية‬ ‫األصيلة التي وقفتها القيادة احلكيمة في سوريا‬ ‫جتاه القضية الفلسطينية‪ّ ،‬‬ ‫ونؤكد لدول الرهان أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الشيخ مهند أحمد حمود احلم ّيد‬

‫الشيخ محمد حامد اخلبيل‬

‫سوريا ستبقى صامدة كصمود قاسيون وشامخة‬ ‫كشموخ الصقر في السماء بقيادة الرئيس بشار‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫كيف تنظرون كعشائر عربية حتملون الهوية‬ ‫السورية إلى مجمل األوضاع السائدة؟‬ ‫إن املواقف السورية نأتي بها من حرب العراق‬ ‫إلى حرب متوز إلى حرب غزة كانت كلها مواقف‬ ‫عربية أصيلة وكانت سوريا شوكة في قلب هؤالء‬ ‫املعتدين‪ .‬ونحن كعشائر نعتز بالقيادة احلكيمة‬ ‫التي يقودها الدكتور بشار األسد‪ ،‬مدركني حجم‬ ‫املؤامرة التي نتعرض لها وواعني إلى مدى التزييف‬ ‫والتضليل اإلعالمي الذي متارسه بعض القنوات‬ ‫الفضائية‪ ،‬وهذا التمسناه خالل تواجدنا في‬ ‫الشارع في الفترة املاضية لردع الناس وتهدئتهم‪.‬‬ ‫فنجد أن اإلعالم يقول خرج أكثر من ‪ 100‬ألف‬ ‫متظاهر وهم ال يتجاوزون املائة شخص‪ ،‬ومت تدمير‬ ‫جامع في قرية احلميدية واجلامع على ما هو عليه‪،‬‬ ‫ونحن نحمل القنوات املغرضة التي عاثت فسادا ً‬ ‫في املنطقة دماء كل الشهداء األبرياء من اجليش‬ ‫والشعب السوري‪ ،‬ونقول لهم إذا كانوا هم اجلزيرة‬ ‫فنحن البحر وإذا كانوا هم العربية فنحن األبجدية‬ ‫وإذا كانوا هم “أل بي بي سي” فنحن “األلف الم‬ ‫ميم” وإذا كانوا هم األوربيت أي املشرق فنحن‬ ‫اجلهات األربعة وإذا كانوا هم آل سعود فنحن آل‬ ‫األسود‪.‬‬ ‫ما شهدته سوريا من تدخل سافر في‬ ‫شؤونها الداخلية من قبل هذه الدول يضع إشارة‬ ‫استفهام‪ ،‬كيف تنظرون من منظار تخصصكم‬ ‫لهذه التدخالت؟‬

‫وجدنا في اآلونة األخيرة أن هناك دول عربية‬ ‫وأجنبية كثيرة تدخلت في شؤوننا الداخلية‪ ،‬نحن‬ ‫ال نطلب من أحد التدخل نحن كسوريني قادرون‬ ‫على إصالح الوضع الداخلي لدينا ونحن لسنا‬ ‫بحاجة ال للواليات املتحدة األميركية وال للدول‬ ‫العربية التي نسميها شقيقة وال لدميقراطيتهم‪،‬‬ ‫نحن من نصدر لهم الدميقراطية واحلرية‪.‬‬ ‫لقد قام دعاة الفتنة باستخدام كل وسائل‬ ‫التجييش والعمل على تسليح بعض املضللني‪،‬‬ ‫كيف تعاملتم في نطاق العشائر من أجل‬ ‫السيطرة على هذه األوضاع الناشئة‪ ،‬وهل‬ ‫استطعتم رأب مكامن الفنت داخل القبيلة؟‬ ‫اقتدينا بحكمة الرئيس األسد وتعاملنا‬ ‫بعقالنية لتهدئة األمور وقمنا بشرح مجمل‬ ‫األوضاع األولية وتكالب الدول الغربية على هذا‬ ‫الوطن وشرحنا دور سوريا احملوري بتهدئة الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬وعملنا أيضا ً على جمع مقاطع الفيديو‬ ‫التي بثتها قناة الدنيا العتيدة والتي نعتز بها عن‬ ‫التزييف اإلعالمي الذي متارسه بعض الفضائيات‪،‬‬ ‫وقمنا بشرحها حيث كنا نلتقي يوميا ً في املضافة‬ ‫لدينا بأكثر من ‪ 500‬شخص ونقوم بشرح هذه‬ ‫املقاطع‪ ،‬فمن املمكن أن ال يصدق البعض ما‬ ‫يعرضه التلفزيون لكنهم بالتأكيد يصدقوننا‬ ‫نحن كوجهاء للمنطقة والناس تكن لنا كل‬ ‫التقدير واالحترام‪ ،‬وكانت لنا أيضا ً عدة جوالت‬ ‫في دير الزور على أبناء قبيلة العقيدات وخاصة‬ ‫عشيرة البكيير فوجدنا وعيا ً كبيرا ً في الريف أكثر‬ ‫من املدينة فالريف مدرك أن هناك مؤامرة متارس‬ ‫ضد سوريا وهذا كله بفضل الوجهاء املوجودين‬

‫‪36‬‬


‫في قراهم مهما كانت صفتهم مخاتير أو شيوخ‬ ‫تأت‬ ‫أو أئمة مساجد‪ ،‬والقدرة على تهدئتهم لم ِ‬ ‫من فراغ ألن الشعب املوجود في هذه املنطقة‬ ‫متشبث باألرض‪.‬‬ ‫هل حدث شرخ بني أفراد العشيرة الواحدة في‬ ‫هذه الظروف التي منر بها؟‬ ‫سبق وقلنا إن ما يحصل هو فتنة حقيقية‬ ‫فالفتنة ليست بالضرورة أن تكون من خالل الدين‪،‬‬ ‫أيضا ً في العالقات االجتماعية‪ ،‬نعم أصبح هناك‬ ‫شرخ اجتماعي كبير في املنطقة بني األخ وأخيه‬ ‫والصديق وصديقه‪ ،‬ونحن استطعنا أن نعالج هذا‬ ‫الشرخ احلاصل باملنطقة بنسبة ‪ % 90‬وإنشاء اهلل‬ ‫نستطيع معاجلة ما تبقى خالل الفترة القادمة‬ ‫وتلتئم اجلراح على مر الزمن وسوف نعود كما كنا‬ ‫وأفضل بإذن اهلل ‪.‬‬ ‫كونكم تنتمون إلى أحد القبائل العربية‬ ‫املقيمة في سوريا هل حاولت بعض دول اجلوار‬ ‫الضغط عليكم عن طريق امتدادكم العشائري‬ ‫في هذه الدول التخاذ مواقف معارضة للنظام؟‬ ‫نعم تعرضنا لضغوطات ليس فقط من خالل‬ ‫االمتداد العشائري بل من خالل من يعملون في‬ ‫اخلارج أيضاً‪ ،‬حيث حاولوا الضغط علينا باألموال‬ ‫والكذب وبعض املغريات من أجل أن نكون ضد‬ ‫النظام فكانت إجابتي لهم أي مؤسسة يوجد‬ ‫فيها نظام يقودها والدولة أيضا ً فيها نظام وعندما‬ ‫ننادي بإسقاطه كأننا ننادي بعدم االستقرار‬ ‫والفوضى ونحن نحافظ على هذا النظام ألنه ال‬ ‫بديل له وال بديل لهذا القائد ونحن نسعى من أجل‬ ‫احلفاظ على هذا البلد واستقراره وأمنه ونحافظ‬ ‫على ابن الرجل الذي له دين في “رقابنا” الرئيس‬ ‫الراحل حافظ األسد فهو الذي بنى هذا البلد من‬ ‫ومشاف‪ ،‬فهل يجوز أن نكافئ‬ ‫مؤسسات وجامعات‬ ‫ٍ‬ ‫الرئيس بشار األسد بهتافنا الشعب يريد إسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬واملفروض منا أن نضعه على العني والرأس‬ ‫فهذا الرجل يحمل طيبة وأخالق األنبياء والرسل‬ ‫وشخص بهذه املواصفات لن جند بديالً له‪.‬‬ ‫وهنا أريد أن أذكر موقف سيدنا احلسني عليه‬ ‫السالم وهو قادم إلى الكوفة فالتقى الشاعر‬ ‫املعروف الفرزدق فسأله ما شأنك يا فرزدق فقال‬ ‫له‪ :‬قلوبنا معك وسيوفنا عليك أما نحن نقول‬ ‫لسيد الوطن قلوبنا معك وسيوفنا معك وإما‬ ‫الشهادة أو النصر‪.‬‬ ‫ما هي الطروحات التي قمتم بطرحها في‬ ‫جلسات احلوار التي عقدت في كافة احملافظات؟‬ ‫قمنا بطرح موضوع املنطقة الشرقية واجلفاف‬ ‫احلاصل فيها وموضوع الطوق العربي الذي تفتت‬ ‫ونحن يجب أن منشي نهر اخلابور ليرجع الطوق‬ ‫العربي‪ ،‬والتخفيض من قيمة السماد وتصدير‬ ‫األغنام للخارج حتى تصبح لدينا أسعار رخيصة‬ ‫في الداخل من أجل معيشة املواطن‪ ،‬وكانت‬ ‫استجابة احلكومة بشكل سريع توقف تصدير‬ ‫األغنام‪ ،‬والسيد الرئيس وعد أنه خالل سنتني‬ ‫سيكون نهر اخلابور جاري ويعود احلال إلى ما كان‬ ‫عليه منذ ‪ 15‬سنة‪.‬‬ ‫برأيكم ما يصدر من مراسيم وقرارات تصب‬ ‫في خانة اإلصالحات أليس كاف لهدوء الشارع‬

‫نبذة عن تاريخ العشيرة‬ ‫قبيلة العقيدات من القبائل العربية‬ ‫األصيلة املقيمة في سوريا تعود جذورها‬ ‫إلى بني قحطان من أصل العرب وأي‬ ‫تواجد للعشائر في دير الزور والتي ال تكون‬ ‫أصولها زبيدية ومينية قحطانية يكون‬ ‫هناك شكوك في عروبتها ولنا الفخر أن‬ ‫قبيلة العقيدات في املنطقة من الزبيدية‬ ‫والتي يعود تاريخها إلى قحطان جد العرب‪،‬‬ ‫وقبيلة العقيدات أربعة أخوة كامل وكمال‬ ‫وزامل وزمال‪ ،‬وحربة العقيدات هم عشيرة‬ ‫البكيير يسمونهم فرسان العقيدات‪،‬‬ ‫ونذكر من رجالها األشراف الذين قاتلوا‬ ‫الفرنسيني‪ ،‬اجملاهد حمود احلمادة قائد‬ ‫ثورة العقيدات وخبيل اجلالل وعبد الرحمن‬ ‫اجلدعان وسطيم الوزعل وعربيد وعبد اهلل‬ ‫شحيتر وعاصي الشاهني وغيرهم كثير ممن‬ ‫وقفوا وقفة عز وقدموا بطوالت كبيرة أيام‬ ‫احملتل الفرنسي والعثماني وردعوا طوابير‬ ‫االنكليز التي قدمت من العراق من أجل‬ ‫احتالل املنطقة بجانب البوكمال‪ ،‬والتاريخ‬ ‫اليوم يعيد نفسه ونحن اآلن نقف وقفة عز‬ ‫لندافع عن أرض الوطن ضد هؤالء اخملربني‬ ‫الذين باعوا وطننا باملال وما أشد ندم الذين‬ ‫يبيعون وطنهم باملال ألنهم سيضطرون‬ ‫لشرائه بدمائهم‪.‬‬ ‫وإعطاء فرصة لتنفيذ هذه املراسيم على أرض‬ ‫الواقع؟‬ ‫من قبل أن تصدر هذه املراسيم نحن لدينا نِعم‬ ‫كثيرة ال متلكها شعوب كثيرة غيرنا‪ ،‬فمثال لدينا‬ ‫الطبابة واالستشفاء مجاني‪ ،‬والتعليم مجاني‬ ‫فطالب االبتدائي يكلف الدولة في السنة ‪ 20‬ألف‪،‬‬ ‫واإلعدادي ‪ 35‬الف والثانوي ‪ 60‬ألف‪ ،‬أما رب األسرة‬ ‫فال يكلفه ابنه أكثر من ألف ليرة في السنة‪ .‬ففي‬ ‫منطقتنا فقط رواتب املدرسني شهريا ً ‪ 37‬مليون‪.‬‬ ‫واملراسيم اجلديدة التي صدرت لم تصدر مثلها‬ ‫في أي دولة‪ ،‬انظروا إلى تونس لهذه اللحظة يوجد‬ ‫فيها عدم استقرار ولم يستفيدوا شيئا ً من الثورة‬ ‫ومصر كذلك األمر وليبيا قتل وتدمير واليمن‬ ‫كذلك ولم يستفيدوا شيء‪ ،‬املراسيم التي صدرت‬ ‫كثيرة وكافية لكن هؤالء الذين يحملون السالح‬ ‫ضد أبناء بلدهم ويقومون بالقتل والتدمير يعوقون‬ ‫تنفيذها‪.‬‬ ‫ما هو تعليقكم على مجالس احلوار الوطني‬ ‫التي تقوم بها املعارضة خارج القطر؟‬ ‫نحن من مكاننا هذا نرفض ما يسمى اجمللس‬ ‫الوطني السوري وهو ال ميت للوطنية بصلة‪ .‬نحن‬ ‫نعرف ثالثة أخوة من منطقتنا من الشدادة‪ :‬األول‬ ‫يعمل مبطعم والثاني “عطال بطال”‪ ،‬والثالث ميارس‬

‫‪37‬‬

‫النصب‪ .‬أحمد ومتام ومحمد احلمادة‪ .‬هذا محمد‬ ‫كان يسرق موتورات وغنم وسيارات ‪ ...‬أخذوه إلى‬ ‫تركيا وجعلوا منه ثوري وعضو باجمللس االنتقالي‪.‬‬ ‫حواس العالوي كان موظفا ً في اخملابرات‪ُ ،‬‬ ‫وطرد‬ ‫ألنه كان ميارس النصب واالحتيال باسم اخملابرات‬ ‫ثم ذهب خارج سوريا وأصبح معارضا ً مع اخلائن‬ ‫عبد احلليم خدام‪ ،‬أما خالد اخللف كان سمسارا ً‬ ‫وميارس السحر والشعوذة وقد سجن ملدة ثالثة‬ ‫أشهر ألنه انتحل شخصية ضابط وقام مبالحقة‬ ‫طالبة جامعية بشارع احلمرا وعندما خرج ذهب‬ ‫إلى لبنان وتزوج من أميركية وسافر لباريس‪ ،‬هذه‬ ‫هي املعارضة التي تطالب باحلرية ونقول لهم بأي‬ ‫حرية تطالبون؟ كانت بناتنا تنتقل من محافظة‬ ‫ألخرى في البوملان وال أحد يتعرض لهم‪ ،‬هذه هي‬ ‫احلرية هي ما كنا عليه قبل ما يسمونها بالثورة‪،‬‬ ‫أما اآلن أصبحنا عندما نذهب بسياراتنا من مكان‬ ‫آلخر يجب أن نكون مدججني بالسالح ألننا لم نعد‬ ‫نؤمن على حياتنا ‪..‬‬ ‫ماذا تقول ملن ينادون بالتدخل اخلارجي؟‬ ‫نحن نرفض التدخل األجنبي بكافة أشكاله‬ ‫وأوروبا وبريطانيا والواليات املتحدة األميركية ليس‬ ‫لها خبز في بالدنا‪ ،‬والتاريخ يحكي أن العثمانيني‬ ‫لم يستطيعوا احتالل اليمن بسبب قوة شعبها‬ ‫وسمي اليمن مقبرة األناضول‪.‬‬ ‫وستكون سوريا مقبرة لكل َمن يتجرأ عليها‪.‬‬ ‫لن تدخل أي دولة إلى سوريا إال على جثثنا نحن يد‬ ‫واحدة ونحمل السالح في خندق واحد للدفاع عن‬ ‫هذا البلد‪ ،‬وأقول للعرعور وأمثاله الذين برقبتهم‬ ‫كل دماء الشهداء التي أريقت من عسكريني‬ ‫ومدنيني‪ ،‬أقول لهم “الوطن ناموس للي خجل”‬ ‫كلمة ألبناء العشائر وأبناء الشعب السوري‬ ‫كافة؟‬ ‫أوجه كلمة للشرفاء في هذا البلد املعطاء‬ ‫وأقول لهم يجب أن نكون يدا ً واحدة من أجل‬ ‫مواجهة كل التحديات للحفاظ على هذا الوطن‪،‬‬ ‫وهنا سؤال يطرح نفسه ملاذا سوريا؟ أألنها معقل‬ ‫شامخ من معاقل العروبة‪ .‬سوريا قلعة للصمود‬ ‫العربي‪ ،‬ناضل أبناؤها من أجل القضية القومية‬ ‫في كل مراحل التاريخ‪ ،‬ومن هذا البلد ارتفعت‬ ‫الصيحات والقبضات التي تعلن العزم والتصميم‬ ‫واإلرادة‪ ،‬ومع هذا البلد قامت أول جتربة وحدوية‬ ‫عربية في التاريخ احلديث‪ .‬سوريا ضد الصهيونية‪،‬‬ ‫سوريا ضد الرجعية واإلمبريالية واملاسونية وألنها‬ ‫كذلك ُص ّبت عليها حمم املؤامرات الصهيونية‪،‬‬ ‫لكن ستبقى سوريا صامدة بقيادة رئيسها‪ .‬ونحن‬ ‫أبناء قبيلة العقيدات عشيرة البكيير نكمل معك‬ ‫املشوار يا سيد الوطن حتى نبني سوريا الغد‪،‬‬ ‫وعشائر سوريا هم درع الوطن وسياج الوحدة‬ ‫الوطنية وال طعم وال لون للحياة في هذا البلد‬ ‫من دون شيخ مشايخ سوريا الرئيس بشار األسد‬ ‫وقبائل سوريا كلهم صف واحد خلف قيادته‬ ‫احلكيمة ونحن معه قلبا ً وقالباً‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سماح عبد السالم‬ ‫منبر التوحيد – دمشق‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫دعوة اللجنة الرباعية للمفاوضات لإللتفاف عليها‬

‫طرح الدولة الفلسطينية لتحويل الصراع على‬ ‫الوجود الى آخر على الحدود‬ ‫اإلعتراف بعضوية الدولة الفلسطينية في‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬معركة تخوضها السلطة الوطنية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬هذا ما أثبتته الوقائع في األمم‬ ‫املتحدة خالل شهر أيلول املاضي‪ ،‬وأبرز األهداف‬ ‫املتوخاة كانت ترسيخ الوعي بالطابع االحتاللي‬ ‫والتمييزي وغير الشرعي للدولة اإلسرائيلية‬ ‫الغاصبة كقاعدة للمجابهة‪ ،‬بالرغم من القناعة‬ ‫الكاملة أن العملية السلمية املزعومة لم حتقق‬ ‫شيئاً‪ ،‬بل على العكس كانت ملصلحة “إسرائيل”‬ ‫التي استفادت منها لتوطيد وتوسيع االحتالل‬ ‫وبناء املستوطنات وقضم األراضي‪ ،‬وصورة احلدث‬ ‫وتداعياته في أيلول املاضي‪ ،‬كان الهدف منها‬ ‫أيضا ً حتسني املوقف التفاوضي الفلسطيني‬ ‫وال ميكن اعتباره إظهارا ً للحق الفلسطيني‪،‬‬ ‫وبالتالي فهو مبثابة احتفال شكلي لن يقدم‬ ‫للقضية الفلسطينية شيئا ً ملموساً‪ ،‬ولكنه‬ ‫ساهم في تعريف أكثر وضوحا ً للحقيقة وللنوايا‬ ‫اإلسرائيلية وتعرية املوقف األميركي وإظهاره‬ ‫على حقيقته الداعم األكبر لـ “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وكذلك املوقف الفرنسي حيث دعا وزير خارجية‬ ‫فرنسا “آالن جوبيه” الفلسطينيني الى االعتراف‬ ‫بـ “إسرائيل” كدولة للشعب اليهودي كشرط‬ ‫لكي تصوت فرنسا بـ “نعم” على طلب االعتراف‬ ‫بالدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫والغريب في األمر‪ ،‬أن بعضا ً من “األعراب” ال يزال‬ ‫يراهن على كالم الرئيس األميركي باراك أوباما‬ ‫ومبادراته في إقامة دولة فلسطينية علما ً بأنه‬ ‫قال في األمم املتحدة كالما ً واضحا ً تراجع فيه عن‬ ‫طروحاته السابقة بسبب االنتقادات التي تعرض‬ ‫لها من رئيس وزراء العدو‪.‬‬ ‫وكانت حكومة االحتالل قد ردت على الطلب‬ ‫الفلسطيني املقدم الى مجلس األمن بشأن‬ ‫العضوية الكاملة لفلسطني في األمم املتحدة‪،‬‬ ‫بإعالن موافقتها على بناء أكثر من ألف وحدة‬ ‫استيطانية في القدس احملتلة‪.‬‬ ‫إن املقايضة التي حاولت الواليات املتحدة القيام‬ ‫بها في كواليس اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪،‬‬ ‫بالنيابة عن العدو الصهيوني لثني الرئيس‬ ‫الفلسطيني محمود عباس عن قرار املطالبة‬ ‫بعضوية كاملة تعكس استمرار تلك املنهجية‬ ‫التي لم يتغير أي من قواعدها االستراتيجية او‬ ‫التكتيكية القائمة على الدعم املطلق للعدو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واالنحياز الكامل له‪ ،‬وكذلك فإن الصهيوني‬ ‫األميركي جيفري فيلتمان صرح في بروكسل‬ ‫قائالً‪“ :‬إن عرض قضية فلسطني على األمم املتحدة‬ ‫هو مجرد لهو وتسلية لن يجدي شيئا ً ولن يحل‬ ‫املشكلة‪ ،‬رغم الضجيج والصخب اإلعالمي‬ ‫ولن يغ ّير شيئا ً على أرض الواقع”‪ ،‬وهنا نتذكر ما‬ ‫كرره رئيس وزراء العدو بنيامني نتنياهو في كتابه‬ ‫“مكان حتت الشمس”‪ ،‬بأنه ال يجدي مع العرب‪،‬‬ ‫وخصوصا ً الفلسطينيني سوى استخدام القوة‪،‬‬ ‫والسالم الوحيد املقبول معهم هو “السالم‬ ‫االقتصادي”‪.‬‬

‫هل عادت فلسطني الى اخلارطة‬ ‫الدولية؟‬ ‫بعد خطاب الرئيس محمود عباس أمام األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬واخلطاب الثاني في رام اهلل‪ ،‬أورد أهمية‬ ‫املصاحلة الوطنية‪ ،‬وإعادة إحياء منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية وإحياء شرعيتها على أسس‬ ‫الدميقراطية والشفافية والقرار املؤسساتي‪،‬‬ ‫واألهم وقف التفاوض العبثي والعودة الى‬ ‫اخليارات النضالية‪ ،‬والسؤال هل يفعل ذلك؟ بعد‬ ‫أن ربح الفلسطينيون معركة إعادة فلسطني‬ ‫على اخلريطة الدولية‪ ،‬واألسئلة التي تتكرر‪ ،‬ما‬

‫‪38‬‬

‫هو البديل لدى السلطة الفلسطينية بعد الذي‬ ‫جرى في “استحقاق أيلول”؟ هل هناك عودة الى‬ ‫طاولة املفاوضات عينها وبأي شروط مع استمرار‬ ‫االستيطان والتهويد؟ وهل يظل اإلنفصام احلالي‬ ‫بني الضفة وغزة وبني الدولة والثورة‪ ،‬وهل يبقى‬ ‫خيار التفاوض خيارا ً وحيدا ً السترجاع احلق‬ ‫املسروق على حساب النضاالت األخرى؟‬ ‫لقد راهن البعض على إمكانية تغيير “إسرائيل”‬ ‫من خالل الدخول في ما سمي عملية السالم‬ ‫وذهب في هذا اخليار الى أبعد نقطة‪ ،‬وجازف‬ ‫بتطبيق االلتزامات املترتبة من جانب واحد مبا في‬ ‫ذلك التنسيق األمني‪ ،‬والدخول في اختبار إثبات‬ ‫اجلدارة وبناء املؤسسات حتت االحتالل كطريق‬ ‫إلنهائه‪ .‬وكلما تعثرت املفاوضات أو واجهت مأزقاً‪،‬‬ ‫كانت السلطة الفلسطينية تؤكد أن ال بديل عن‬ ‫املفاوضات إال املفاوضات واملزيد منها‪ ،‬وهي اخليار‬ ‫األول والثاني والثالث‪...‬‬ ‫وكانت سنوات املفاوضات الطويلة فرصة‬ ‫ذهبية لـ “إسرائيل” وظفتها لتعميق االحتالل‬ ‫وتوسيع االستيطان‪ ،‬والستكمال تهويد القدس‬ ‫وعزلها‪ ،‬وإن أقصى ما ميكن أن تقدمه “إسرائيل”‬ ‫هو “االنسحاب” من جزء من األراضي اآلهلة‬ ‫بالسكان في الضفة الغربية‪ ،‬بعد ضم أجزاء‬ ‫كبيرة منها‪ ،‬وحتويل الكيان الفلسطيني الى‬ ‫محمية إسرائيلية حتى لو أخذ اسم الدولة‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫وعندما أعلن الرئيس محمود عباس عن عزمه‬ ‫التوجه الى األمم املتحدة في ظل معارضة أميركية‬ ‫شديدة‪ ،‬وحسم األمر بإلقاء خطابه هناك‪ ،‬وكان‬ ‫خطابه قويا ً قياسا ً على تكتيكاته السابقة‬ ‫واستمد اخلطاب قوته من عدالة القضية‬ ‫الفلسطينية ومن تصميم الشعب على البقاء‬ ‫في أرضه وعلى حتقيق أهدافه في العودة الى‬ ‫فلسطني‪ ،‬وكان تقدمي طلب العضوية الكاملة‬ ‫لدولة فلسطني في مجلس األمن‪ ،‬على الرغم‬ ‫من الضغوط والتهديدات األميركية واإلسرائيلية‬ ‫والنصائح التي قدمها “العرب”‪.‬‬ ‫هناك جملة من األسباب التي دعت السلطة‬ ‫الفلسطينية وجعلتها ترفض الرضوخ الستئناف‬ ‫املفاوضات إذا لم يتم وقف االستيطان وموافقة‬ ‫احلكومة اإلسرائيلية على حدود عام ‪ ،1967‬وألنها‬ ‫أدركت أن املفاوضات وفقا ً للقواعد القدمية هي‬


‫مجرد تكرارا ً للخطأ ذاته‪ ،‬بل جرمية ال تغتفر‪ ،‬وهذا‬ ‫املوقف ميثل صفعة وخسائر للرئيس األميركي‬ ‫الذي لم “يعد شريكا ً للسالم” حتى في نظر‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫لقد وصلت املفاوضات الى طريق مسدود‬ ‫بسبب تعنت حكومة العدو ورفضها تقدمي أي‬ ‫شيء يغطي عيوب تلك املفاوضات البائسة‪ ،‬وهذا‬ ‫معناه فشل تلك املفاوضات وعقم الرهان عليها‪،‬‬ ‫وخاصة أن اإلدارة األميركية تراجعت عن مطالبتها‬ ‫بوقف االستيطان وعن وعودها باالنتقال الى حل‬ ‫الصراع بدال ً من إدارته وإقامة الدولة املوعودة في‬ ‫أيلول ولدرجة أن الرئيس األميركي باراك أوباما‬ ‫في خطابه في األمم املتحدة كان أكثر انحيازا ً لـ‬ ‫“إسرائيل” أكثر من أي فترة سابقة‪ ،‬وبدا صهيونيا ً‬ ‫بامتياز‪ ،‬وسط تقديرات بأنه سينحاز أكثر مع‬ ‫تزايد حمى التنافس لالنتخابات الرئاسية في‬ ‫أواخر العام املقبل‪ .‬وإذا كنا أمام موقف يعني‬ ‫إغالق طريق املفاوضات الثنائية العقيمة مهما‬ ‫كانت الضغوط والتهديدات واألثمان‪ ،‬نكون بذلك‬ ‫قد وفرنا ظروفا ً جديدة أفضل للعبور نحو حتقيق‬ ‫األهداف الوطنية وفرصة إلنهاء حالة االنقسام‪.‬‬ ‫ما بعد قمة اجلمعية العامة‪ ،‬فالذي يتلوها‬ ‫سيكون هو النزول الى املسارب القدمية في‬ ‫السلوك السياسي ودليل ذلك‪ ،‬اخلطب الثالثة‬ ‫األساسية في املشهد‪ ،‬لم تكن موجهة الى الرأي‬ ‫العام العاملي‪ ،‬بل أن كل خطيب وجه رسائله الى‬ ‫جمهوره‪ ،‬وهنا ما يفهم منه‪ ،‬إن قضية السالم‬ ‫املزعوم باتت مؤجلة بالفعل‪ ،‬واللجنة الرباعية‬ ‫التي ظلت شكالً فهي لم تعد مقبولة من‬ ‫حيث املضمون‪ ،‬وآليات العمل من أجل استئناف‬ ‫املفاوضات لم تعد مقبولة ألنها ال تتضمن‬ ‫مرجعيات حقيقية وألن الوقائع على األرض‬ ‫تنسف أي توجه نحو املفاوضات في ظل استمرار‬ ‫االستيطان اإلسرائيلي وتوسعه‪.‬‬ ‫ما بعد القمة ونتائجها‪ ،‬أطاح بكل قواعد‬ ‫اللعب التي سبقت ملصلحة حالة من الغموض‬ ‫من كل النواحي‪ ،‬وال يقني في رؤية أو استنتاج‬ ‫كيف سيكون األمر بعد الفيتو األميركي وطرق‬ ‫أبواب اجلمعية العامة من جديد ويقابل ذلك‬ ‫استخفاف إسرائيلي باملعركة ومكانها وزمانها‬ ‫ونتائجها‪ ،‬وحني تفرض “إسرائيل” على أوباما أن‬ ‫يتنحى جانبا ً عن رعاية عملية “السالم” وترفض‬ ‫أي دور أوروبي فاعل وهذا يعني انتهاء فرص‬ ‫الرباعية في العمل املنتج وهو األمر الذي راهنت‬ ‫عليه السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫الشيء الوحيد والقريب املمكن توقعه‪ ،‬هو‬ ‫الفراغ السياسي‪ ،‬فلن متأله الزيارات واملؤمترات‬ ‫واملبادرات هذه املرة‪ ،‬بل رمبا تنبثق منه املفاجأت‬ ‫وهو العنوان األكثر اختصارا ً واألشد بالغة‬ ‫وجتسيداً‪ ،‬فالشعب الفلسطيني لن يستكني‬ ‫ولن يقبل إال بحقوقه كاملة‪ ،‬الشرق األوسط‬ ‫الذي يسمونه يعيش حالة مخاض كبير‪ ،‬أما‬ ‫شاكلة القادم فالذي يقررها هو إرادة الشعوب‬

‫التواقة الى فجر احلرية والتخلص من‬ ‫االحتالل بكل أشكاله‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه االعتراف بدولة‬ ‫فلسطني على حدود عام ‪1967‬؟ هذا‬ ‫السؤال يتكرر كثيرا ً وخاصة بعد فشل‬ ‫املفاوضات وانطالق احلراك الشعبي‬ ‫العربي‪ ،‬وهناك احتجاج تام‪ ،‬بأن ال قيمة‬ ‫ألي اعتراف دولي من دون السيطرة‬ ‫والسيادة على األرض‪ ،‬وهناك مخاطر‬ ‫كبيرة بينها حتويل املسألة الى صراع‬ ‫حدود بني دولتني وليس صراعا ً على اللجنة الرباعية‬ ‫احلقوق والوجود وهذا من شأنه أن‬ ‫يؤدي الى احتمال التفريط بحق العودة‪،‬‬ ‫على اخملطط االستيطاني لبناء ‪ 1100‬وحدة‬ ‫لقد كانت خطوة الذهاب الى األمم املتحدة استيطانية في مستوطنة “غيلو” قالت مصادر‬ ‫مبثابة تعبير عن فشل خيار املفاوضات وكان من السلطة الفلسطينية أن اقتراح الرباعية‬ ‫املفترض‪ ،‬العودة الى الشعب الفلسطيني وقواه يتضمن الدعوة الى جتنب خطوات استفزازية متنع‬ ‫السياسية لالتفاق على استراتيجية جديدة‪ ،‬جتديد املفاوضات‪.‬‬ ‫تبدأ بالتحرير وبسط السيادة على األرض‪ ،‬وهذان‬ ‫وكانت “جلنة العضوية” التابعة جمللس األمن‬ ‫يسبقان االعتراف الدولي‪.‬‬ ‫الدولي قد عقدت اجتماعها على مستوى‬ ‫لقد مت تقدمي التضحيات الغالية على مدى املندوبني للنظر في طلب السلطة الفلسطينية‬ ‫عقود طويلة ولم يبخل الشعب الفلسطيني احلصول على العضوية الكاملة لدولتهم في‬ ‫رغم احلروب والدمار واملوت وال يزال الشعب األمم املتحدة وإحالة الطلب الى جلنة من اخلبراء‬ ‫متمسكا ً بأرضه ومستعدا ً للكفاح ومصمما ً الستخالص االستنتاجات حول مدى انطباقه مع‬ ‫على حتقيق أهدافه الوطنية وللداللة على أصالة معايير ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬ ‫الشعب وعدم متكن اإلحباط واليأس منه نورد ما‬ ‫وأكدت مصادر فلسطينية أن أعضاء مجلس‬ ‫جاء في استطالع أخير أجراه املركز الفلسطيني األمن سيعطون رأيهم في عضوية دولة فلسطني‬ ‫للبحوث السياسية عشية التوجه الى األمم في األمم املتحدة في ‪ 11‬تشرين الثاني وإن جلنة بت‬ ‫املتحدة “حيث أفاد ‪ % 75‬من املستطلعني أنهم عضوية فلسطني في األمم املتحدة قدمت تقريرها‬ ‫يريدون من السلطة الفلسطينية فرض السيادة الى مجلس األمن في ما يتعلق باملسائل اإلجرائية‬ ‫على كافة الضفة الغربية حتى لو أدى ذلك الى والقانونية وسأل مجلس األمن اللجنة عن الكثير‬ ‫صدام مع االحتالل واملستوطنني”‪.‬‬ ‫من القضايا وسيكون مطلوبا ً تقدمي تقرير يحدد‬ ‫موقف الدول من طلب عضوية فلسطني هل‬ ‫الرباعية الدولية وإقتراح استئناف استوفت املعايير أم ال؟‬ ‫إن دعوة اللجنة الرباعية الى استئناف‬ ‫املفاوضات‬ ‫املسيرة التفاوضية بني “إسرائيل” والسلطة‬ ‫الفلسطينية ومن دون شروط مسبقة‪ ،‬ليست‬ ‫كان إقتراح الرباعية الدولية جاهزا ً عشية قمة إال جز ًءا من األساليب االلتفافية ملواجهة طرح‬ ‫األمم املتحدة في ‪ 23‬أيلول املاضي‪ ،‬ومت ترجمته إعالن الدولة الفلسطينية في األمم املتحدة علما ً‬ ‫على شكل بيان يدعو الستئناف املفاوضات من بأن الرباعية نفسها كانت طوال األشهر األخيرة‪،‬‬ ‫جديد ووضع مهل زمنية لتحقيق بعض اإلجنازات قد أخفقت في إصدار بيان عنها‪ ،‬يدعو الى‬ ‫الشكلية في محاولة جديدة للدخول في دوامة استئناف املفاوضات‪ ،‬وكان واضحا ً أن مسارعة‬ ‫املفاوضات‪ ،‬ورحب قادة العدو باقتراح وبيان احلكومة اإلسرائيلية الى إعالن موافقتها على‬ ‫الرباعية الستئناف املفاوضات املباشرة ولكنها الدعوة‪ ،‬ليست إال محاولة لرمي الكرة في امللعب‬ ‫وضعت حتفظني‪ :‬األول يتعلق باجلدول الزمني وأن الفلسطيني وإظهار السلطة طرفا ً معرقالً‬ ‫مهلة ‪ 3‬شهور اخملصص إلجراء مفاوضات حول للمفاوضات‪ ،‬بينما ستحاول “إسرائيل” تخليد‬ ‫احلدود والترتيبات األمنية‪ ،‬والثاني يتعلق بقضايا املفاوضات بال طائل وصوال ً الى مكاسب أكثر‬ ‫مثل الالجئني واالعتراف بالدولة اليهودية وإنها في ظل التعنت اإلسرائيلي‪ ،‬وتأتي دعوة الرباعية‬ ‫ستتأجل الى مراحل متأخرة من املفاوضات‪.‬‬ ‫الدولية إلغراء اجلانب الفلسطيني وتأمني مخرج‬ ‫وانتقدت السلطة الفلسطينية غياب للتراجع عن مطلب الدولة الفلسطينية‪ ،‬عبر‬ ‫بند واضح في االقتراح يؤكد ضرورة جتميد حتديد جدول زمني للمفاوضات واإلعالن عن إمكان‬ ‫البناء االستيطاني‪ ،‬وغياب بند آخر حول حدود الطرفني التوصل الى اتفاق نهائي قبل نهاية عام‬ ‫‪ 1967‬كأٍساس للدولة الفلسطينية العتيدة‪ 2012 ،‬على أن تتوصل “إسرائيل” والسلطة الى‬ ‫وفي أعقاب اإلعالن اإلسرائيلي عن املصادقة حزمة “إقتراحات كاملة” خالل ثالثة أشهر‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫إذا وافق اجلانب الفلسطيني على اقتراح‬ ‫الرباعية الدولية‪ ،‬فإن االلتزام الطبيعي منه في‬ ‫املقابل‪ ،‬هو التخلي عن طلب ضم فلسطني‬ ‫كدولة كاملة العضوية لألمم املتحدة والدخول‬ ‫في عملية التفاوض عدمية اجلدوى‪ ،‬ولكن مصادر‬ ‫السلطة الفلسطينية ّ‬ ‫أكدت أنه لم يحن بعد‬ ‫الوقت املناسب للبدء مبفاوضات مع اإلسرائيليني‪،‬‬ ‫واحملادثات ليست جدية حتى اآلن وال جدوى منها‬ ‫إذا لم يتم وضع مرجعية واضحة‪.‬‬

‫أميركا ودعمها الالمحدود لـ‬ ‫«إسرائيل»‬ ‫لم يعد خافيا ً على أحد‪ ،‬أميركا تقف الى جانب‬ ‫“إسرائيل” في كل شيء‪ ،‬حتى ذلك الذي يخالف‬ ‫اعتقادها ومبادئها ومصاحلها‪ ،‬والرئيس أوباما‬ ‫يقدم الدليل في أكثر من مناسبة‪ ،‬وكانت خطة‬ ‫الرئيس أوباما بدعم الرباعية الدولية إلنشاء دولة‬ ‫فلسطينية خالل عام‪ ،‬قد أعادت ألنصار املفاوضات‬ ‫الفلسطينيني بعض األمل‪ ،‬ولكن مع أول صدام‬ ‫ألوباما مع نتنياهو حول جتميد االستيطان تراجع‬ ‫أوباما الى اخللف وهرب من وجه نتنياهو املتسلح‬ ‫باللوبي الصهيوني‪ ،‬فاملسألة الفلسطينية هنا‬ ‫ينظر إليها أنها ستعرقل أوباما للفوز بوالية‬ ‫انتخابية ثانية‪.‬‬ ‫وخطاب أوباما أمام األمم املتحدة هو “شهادة‬ ‫فقر” الرئيس أمام العالم‪ ،‬حاول أن ميالئ “اسرائيل‬ ‫وأن يجد لها مبررا ً لعدم التقدم في العلمية‬ ‫السياسية‪ّ ،‬‬ ‫وأكد التزامه بالرواية اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وكان أوباما قد سلم قيادة سياسته الشرق‬ ‫أوسطية للمسؤول السابق عن استراتيجيات‬ ‫“الشعب اليهودي” في العالم دينيس روس‪،‬‬ ‫ومعروف أن روس من أصحاب النظرة الليكودية‬ ‫جتاه العملية السياسية وهذا ما قاد السلطة‬ ‫الفلسطينية الى التصادم جبهويا ً مع السياسة‬ ‫األميركية في خطوتهم التوجه لألمم املتحدة‪.‬‬ ‫أوباما نزل عن شجرة خالفه مع احلكومة‬ ‫اإلسرائيلية واستعان بها داخل أميركا ملعاونته‬ ‫على مترير سياسته اخلارجية‪ ،‬حدث هذا عندما‬ ‫طلب البيت األبيض من نتنياهو مساعدته لدى‬ ‫أعضاء الكونغرس من أصدقائه اجلمهوريني‬ ‫للحيلولة دون معاقبة السلطة الفلسطينية‬ ‫على جترؤها في التوجه الى األمم املتحدة ولكن‬ ‫نتنياهو لم يستجب لطلب أوباما‪ ،‬إذ صوت‬ ‫الكونغرس على جتميد مساعدة للسلطة‬ ‫الفلسطينية بقيمة ‪ 200‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫وقالت مصادر إسرائيلية‪“ :‬خطاب أوباما فاجأ‬ ‫بإيجابيته حتى املسؤولني اإلسرائيليني على‬ ‫رأسهم نتنياهو الذين أحيطوا علما ً بخطوطه‬ ‫العريضة” واختارت كبرى الصحف اإلسرائيلية‬ ‫“يديعوت أحرونوت” أن تصف خطاب أوباما‬ ‫في عنوانها الرئيس بأنه “خطاب صهيوني”‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وقالت‪“ :‬أوباما سفيرنا في‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬ولم يسبق‬ ‫أبدا ً أن ألقي خطاب مؤيد لـ‬ ‫“إسرائيل” بهذا القدر من على‬ ‫منبر األمم املتحدة‪ ،‬أوباما تبنى‬ ‫احلجج االسرائيلية”‪ .‬وأوضحت‬ ‫اخلبيرة في شؤون أميركا ياعيل‬ ‫شترنهل في “هآرتس”‪“ :‬أوباما‬ ‫عاجز عن مواجهة واقع الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬وهو في وضعه احلالي‬ ‫ال يستطيع أن يسمح لنفسه بإصدار تصريحات‬ ‫جريئة تعرض للخطر عالقاته باجلماعات اليهودية‪،‬‬ ‫وتضعضع السياسة األميركية التقليدية‪ ،‬وأن‬ ‫فقر دم خطبة نتنياهو يثير أسئلة أوسع‪ ،‬بل هو‬ ‫ضعف دولة كاملة تدخل السنة الرابعة في ركود‬ ‫شديد ويحكمها جهاز سياسي شبه مشلول‪،‬‬ ‫دولة متورطة في حروب ال ميكن االنتصار فيها‬ ‫وتغالب انهيار ثقتها بنفسها”‪.‬‬

‫حترير األسرى من سجون االحتالل‬ ‫وفي خضم البحث عن دولة فلسطينية حصل‬ ‫استحقاق حترير ‪ 1027‬أسيرا ً من سجون االحتالل‬ ‫دخل حيز التنفيذ ومت إطالق سراح ‪ 477‬أسير‬ ‫مبوجب إبرام صفقة بني حركة حماس وحكومة‬ ‫العدو الصهيوني وبوساطة مصرية‪.‬‬ ‫وتوقيت إبرام هذه الصفقة وعالقة ما مت‬ ‫باألوضاع واملستجدات على الساحة الفلسطينية‬ ‫خاصة والعربية عموما ً هو أحد العوامل التي‬ ‫ساعدت على إجناز تلك الصفقة‪ ،‬ولكن العامل‬ ‫األساسي والهام‪ ،‬أن إجناز الصفقة ما كان ليتم‬ ‫لوال صمود املقاومة الفلسطينية ومنها حركة‬ ‫حماس والتمسك برؤية تقول‪“ :‬إن هذه العملية‬ ‫متت بفعل املقاومة وبإرادة اجملاهدين وعدم اإلذعان‬ ‫لتهديدات العدو‪ ،‬والصفقة متت بعد أن فشل‬ ‫احملتل في العثور على مكان اجلندي اإلسرائيلي‬ ‫جلعاد شاليت رغم اجلهود التي بذلها االحتالل‬ ‫ومنها‪ :‬اجتياح غزة عام ‪ 2009 – 2008‬حسب‬ ‫املراقبني إن حترير األسرى مت بالرغم من موقف‬ ‫اإلدارة األميركية الرافض على إمتام الصفقة‪،‬‬ ‫خوفا ً من ارتفاع أسهم حركة حماس في‬ ‫الشارع الفلسطيني وإضعاف موقف السلطة‬ ‫الفلسطينية املرتبطة مبفاوضات سابقة بالرعاية‬ ‫األميركية‪ ،‬ولكن بعد توجه اجلانب الفلسطيني‬ ‫الى مجلس األمن بطلب قبول فلسطني دولة في‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬سحب األميركيون اعتراضهم على‬ ‫تلك الصفقة ومنحوا “إسرائيل” الضوء األخضر‪.‬‬ ‫وهناك من يقول‪ :‬إن التطور اجلديد الذي أدى‬ ‫الى إجناح هذه الصفقة‪ ،‬هو سلسلة تطورات‬ ‫وتغييرات في املوقف اإلسرائيلي‪ ،‬ومن هذه‬ ‫املتغيرات هو وضع “إسرائيل” بعد حادثة السفارة‬ ‫اإلسرائيلية في القاهرة‪ ،‬ولوحظ أن القيادة‬

‫‪40‬‬

‫املصرية اجلديدة معنية بإنهاء ملف شاليط‬ ‫ضمن سلسلة تطورات أخرى تريدها تلك القيادة‬ ‫لتقوية مكانتها في مصر وفي العالم‪ ،‬ومن شأن‬ ‫الصفقة أن تخفف من حدة األزمة بني مصر‬ ‫و”إسرائيل” بعد مقتل عدد من اجلنود املصريني‬ ‫برصاص اإلسرائيليني في سيناء‪ ،‬وكذلك من شأن‬ ‫الصفقة أن تخفف من حدة األصوات التي ارتفعت‬ ‫منادية بإلغاء اتفاقيات كامب ديفيد‪ ،‬من هنا رأت‬ ‫“إسرائيل” ضرورة التجاوب مع الرغبة املصرية‬ ‫فأبدت استعدادها لتقدمي عدد من التنازالت تتيح‬ ‫التوصل الى صفقة تبادل األسرى‪.‬‬ ‫وهناك تطور آخر في اجليش اإلسرائيلي‪ ،‬وفيه‬ ‫أشد املتحمسني للصفقة طوال الوقت‪ ،‬هذه‬ ‫القيادة بذلت كل جهودها إلطالق شاليط بالقوة‬ ‫العسكرية وفشلت‪.‬‬ ‫لقد شكل حترير األسرى في هذه الصفقة‬ ‫التي ستتم على مراحل ونفذت منها في املرحلة‬ ‫األولى حترير ‪ 477‬أسيرا ً إجنازا ً وطنيا ً عكس وحدة‬ ‫الشعب وهي لم تفرق بني فصيل فلسطيني‬ ‫وآخر‪ ،‬وهي أيضا ً إجناز تراكمي في نضال الشعب‬ ‫الفلسطيني ويضاف الى سلسلة اإلجنازات التي‬ ‫حتققت سابقاً‪.‬‬ ‫أما في الكيان الصهيوني فقد انفجرت نقاشات‬ ‫حادة حول أبعاد الصفقة وخطر اختطاف جنود‬ ‫آخرين في املستقبل وتتردد عبارات “كيف نواجه‬ ‫معركة شاليط آخر” وهذه الصفقة هي األسوأ‬ ‫واألخطر في تاريخ “إسرائيل”‪.‬‬ ‫وميكن البحث أيضا ً في األسباب احلقيقية‪،‬‬ ‫والبدء في األوضاع الداخلية‪ ،‬فإجناز الصفقة في‬ ‫“إسرائيل” حتول الى قضية إجماع فغالبية ساحقة‬ ‫تؤيد إبرام الصفقة‪ ،‬وهذا ما دفع أصحاب القرار‬ ‫في الكيان إلجناز الصفقة‪ ،‬وسط حراك اجتماعي‬ ‫ينذر بعودة محتملة للتحركات االحتجاجية وهذا‬ ‫من شأنه وضع حكومة االحتالل في زاوية حرجة‬ ‫على املستويني الداخلي والدولي‪.‬‬ ‫وهناك البعد اإلقليمي وحالة العزلة التي‬ ‫يعيشها الكيان وهو بحاجة الى تعومي العالقة‬ ‫مع احلليف القدمي (مصر) التي تتعرض لضغوط‬ ‫خارجية أميركية وغربية للتعاون مع ملفات‬ ‫عدة‪ ،‬وما كان على اجلانب اإلسرائيلي إال أن يحاول‬ ‫التسريع في إجناز هذا امللف‪ ،‬قبل أن يصل احلراك‬ ‫الشعبي في مصر الى ذروته‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫منبر عربي‬

‫إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تونس‬ ‫مجلس «متعدد األلوان» السياسية‬ ‫‪ 2011/10/23‬يوم تاريخي من أيام تونس اخلضراء‪،‬‬ ‫إنه يوم انتخابات اجمللس الوطني التأسيسي‬ ‫حيث اجتمعت أطياف كثيرة في يوم واحد في‬ ‫العاصمة وضواحيها وأنحاء البالد‪ ،‬الثورة هناك‬ ‫فتحت األبواب أمام تعدد الرؤى وتنوعها في إطار‬ ‫بعيد عن الفوضى ومصادرة الرأي اآلخر‪ ،‬والشيء‬ ‫الوحيد املميز والذي يتردد على ألسنة اجلميع هو‬ ‫اسم “حركة النهضة” ورئيسها راشد الغنوشي‬ ‫ألن أفرادها هم أكثر من عانى في عهد بن علي‪،‬‬ ‫وهم يحصدون النتائج‪.‬‬ ‫شهدت االنتخابات إقباال ً فاق كل التوقعات‪،‬‬ ‫وأعلن رئيس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات‬ ‫أن نسبة املشاركة تقارب ‪ % 80‬وبذلك يحتفل‬ ‫التونسيون بالثورة اليوم حيث لم يتمكنوا في ‪14‬‬ ‫كانون الثاني املاضي عند فرار الرئيس اخمللوع بن‬ ‫علي‪ ،‬ولكنهم يقومون بذلك من خالل التصويت‬ ‫بكثافة‪ ،‬ودعي أكثر من سبعة ماليني ناخب‬ ‫الختيار ‪ 217‬عضوا ً في مجلس تأسيسي من بني‬ ‫أكثر من ‪ 11‬ألف مرشح موزعني على ‪ 1517‬قائمة‬ ‫متثل ثمانني حزبا ً سياسيا ً ومستقلني‪ ،‬تعود‬ ‫بانتخابهم الشرعية ملؤسسات الدولة ولوضع‬ ‫دستور جديد “للجمهورية الثانية”‪ ،‬في تاريخ‬ ‫تونس املستقلة ليحل محل ذلك الذي تالعب‬ ‫به بن علي لترسيخ سلطته وتشكيل حكومة‬ ‫مؤقتة وإجراء انتخابات رئاسية وبرملانية جديدة‪.‬‬ ‫وتظهر غالبية املؤشرات أن “حزب النهضة”‬ ‫تقدم على األحزاب األخرى بحصوله على نحو‬ ‫‪ %40‬من مقاعد اجمللس ولكنه لم يحصل على‬ ‫ما يكفي من املقاعد للحصول على غالبية في‬ ‫اجمللس التأسيسي‪ ،‬مما سيجبره على الدخول‬ ‫في ائتالف يؤدي الى تقلص نفوذ اإلسالميني في‬ ‫حكومة وحدة وطنية‪.‬‬ ‫لقد وصفت الدائرة االنتخابية الثانية في‬ ‫العاصمة التونسية بأنها “دائرة املوت” في‬ ‫انتخابات اجمللس التأسيسي التاريخية التي جرت‬ ‫معركة الكبار فيها من قادة مختلف القوى‬ ‫السياسية‪ ،‬ويتنافس في هذه الدائرة‪ ،‬كل من‬ ‫جنيب الشابي “احلزب الدميقراطي التقدمي”‬ ‫وأحمد ابراهيم “القطب احلداثي الدميقراطي”‬ ‫وعبد الفتاح مورو “احد مؤسسي النهضة”‬ ‫(قائمة مستقلة) وسعاد عبد الرحيم “النهضة”‬ ‫وراضية النصراوي “قائمة البديل الثوري” املدعومة‬ ‫من حزب العمال الشيوعي وخليل الزاوية “التكتل‬ ‫الدميقراطي”‪.‬‬ ‫ومن أبرز األحزاب املتنافسة في انتخابات اجمللس‬

‫راشد الغنوشي‬

‫الوطني التأسيسي‪.‬‬ ‫حزب النهضة‪ :‬وهو حزب إسالمي فاز بأوفر‬ ‫حظ‪ ،‬ويرأس احلزب الباحث اإلسالمي راشد‬ ‫الغنوشي وقد اسسه عام ‪ 1981‬مع مجموعة من‬ ‫املفكرين الذين استلهموا فكر جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬وأقام الغنوشي ‪ 22‬عاما ً في املنفى في‬ ‫لندن بعدما حظرت تونس احلزب وسجنت آالفا ً‬ ‫من أعضائه‪.‬‬ ‫احلزب الدميقراطي التقدمي‪ :‬األبرز بني‬ ‫مجموعة من األحزاب التي تطرح نفسها بديالً‬ ‫علمانيا ً حلزب النهضة وأسس احلزب جنيب الشابي‬ ‫وهو محام قناعاته تنتمي ليسار الوسط‪.‬‬ ‫حزب التكتل‪ :‬حزب اشتراكي أسسه عام‬ ‫‪ 1994‬مصطفى جعفر وهو طبيب‪ ،‬ومثل الشابي‬ ‫كان ضمن معارضي بن علي‪ ،‬حظي حزبه بوضع‬ ‫قانوني في عام ‪ 2002‬ولكن احلكومة أعاقت‬ ‫حركته‪.‬‬ ‫التجديد‪ :‬يرأسه أحمد ابراهيم وهو منبثق عن‬ ‫احلزب الشيوعي‪ ،‬وقد فاز بثالثة مقاعد فقط في‬ ‫انتخابات سابقة وكان وزيرا ً للتعليم العالي‪.‬‬ ‫املؤمتر من أجل الدميقراطية‪ :‬يرأسه مصطفى‬ ‫املرزوقي وهو طبيب علماني يساري‪ ،‬وتأسس‬ ‫املؤمتر من أجل اجلمهورية في عام ‪ 2001‬وحظر‬ ‫بعد وقت قصير من قيامه‪.‬‬ ‫ومن مهام اجمللس الوطني التأسيسي‪:‬‬ ‫املهمة الرئيسية ألعضاء اجمللس التأسيسي‬ ‫هي صياغة دستور جديد هو الثاني في تاريخ‬ ‫تونس املستقلة عام ‪ 1956‬وإقامة سلطات‬ ‫تنفيذية جديدة واالضطالع مبهام التشريع خالل‬ ‫الفترة االنتقالية التي ستمتد حتى تنظيم‬

‫‪41‬‬

‫انتخابات عامة وفق الدستور اجلديد‪.‬‬ ‫وأثارت فترة عمل اجمللس التأسيسي الكثير‬ ‫من اجلدل في تونس‪ ،‬وع ّبر األطراف عن القلق من‬ ‫احتمال استمرار سيطرة اجمللس املنتخب املطلق‬ ‫السيادة لسنوات على البالد‪ ،‬وفي منتصف أيلول‬ ‫املاضي و ّقع ‪ 11‬حزبا ً سياسيا ً تونسيا ً وثيقة‬ ‫تشدد على أن والية اجمللس ال يجب أن تزيد عن‬ ‫عام على أقصى تقدير‪ ،‬غير أن فقهاء القانون‬ ‫الدستوري يؤكدون أنه ال ميكن تقييد مجلس‬ ‫وطني تأسيسي منتخب بأي نص وأنه سيد قراره‬ ‫مبوجب جتسيده سلطة الشعب‪.‬‬ ‫وباإلضافة الى مهمة وضع دستور جديد ونظام‬ ‫جديد لتونس‪ ،‬فسيكون على اجمللس الوطني تولي‬ ‫مهام التشريع وحتديد سلطات تنفيذية جديدة‪،‬‬ ‫وميكن أن يختار اجمللس رئيسا ً من بني أعضائه أو‬ ‫من خارج اجمللس‪ ،‬وسيتولى الرئيس اجلديد تعيني‬ ‫رئيس وزراء لتشكيل حكومة انتقالية‪.‬‬ ‫وكان زعيم حركة النهضة اإلسالمية في‬ ‫تونس راشد الغنوشي‪ ،‬قد تعهد بدعم قيم‬ ‫احلداثة وتعزيز حرية املرأة وإقامة عالقات جيدة‬ ‫مع الغرب وخاصة عالقات اقتصادية مميزة‪ ،‬وهو‬ ‫يعتبر النموذج التركي هو أقرب منوذج حلركة‬ ‫النهضة مشيرا ً الى أن هناك نقاط تشابه كثيرا ً‬ ‫بني “النهضة”و”حزب العدالة والتنمية” وقال‪ :‬ال‬ ‫غرابة في هذا التشابه مع تركيا فكتبي هي من‬ ‫أبرز مراجع حزب “العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫نتائج االنتخابات ّ‬ ‫تؤكد‪ ،‬أن أولى استحقاقات‬ ‫الدميقراطية التونسية أسفرت عن والدة مجلس‬ ‫تأسيسي “متعدد األلوان” وإن بصبغة إسالمية‪،‬‬ ‫ألن حركة النهضة اإلسالمية حققت فوزا ً هاما ً‬ ‫في تلك االنتخابات وستكون احلكومة التي‬ ‫ستشكلها انتقالية في انتظار اعتماد الدستور‬ ‫اجلديد‪.‬‬ ‫املفاجأة حضرت بخسارة ساحقة لـ “احلزب‬ ‫الدميقراطي التقدمي”‪ .‬ومن الفائزين البارزين‪:‬‬ ‫حزب املؤمتر من أجل اجلمهورية ألمينه العام‬ ‫منصف املرزوقي (يسار وسط)‪.‬‬ ‫بان كي مون األمني العام لألمم املتحدة قال‪:‬‬ ‫“هذه االنتخابات هي تقدم كبير في عملية‬ ‫االنتقال الدميقراطي في شمال أفريقيا والشرق‬ ‫األوسط”‪ ،‬أما وزير اخلارجية البريطاني وليام هيغ‬ ‫رأى أن جناح الربيع العربي سيقاس الى حد كبير‬ ‫مبا سيحدث في تونس‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫سوريا ليست ملعباً للغزاة ومسرحاً للفتنة‬ ‫«الفيتو» الروسي والصيني ّ‬ ‫يعطل المؤامرة عليها‬

‫ّ‬ ‫شكلت سوريا مبوقعها وعقيدتها ودورها منذ‬ ‫عقود‪ ،‬قاعدة للتوازنات وبات استقرار املنطقة‬ ‫يُعقد عليها‪ ،‬واألهم أنها بقيت متمسكة‬ ‫بكل ما يقوي مناعة األمة ويعزز خيار الصمود‬ ‫واملقاومة واملمانعة‪ ،‬وبقيت بوابة العبور الى‬ ‫النصر ومواجهة مشاريع الهيمنة االستعمارية‬ ‫خالل تاريخها الطويل‪.‬‬ ‫لقد كان هدف الغزاة ومايزال استهداف هذه‬ ‫القلعة الشامخة من الداخل بعدما عجزوا من‬ ‫خرقها من اخلارج‪ ،‬لقد تعرضت الساحة السورية‬ ‫لكل أشكال االستهداف املعادي من أجل زعزعة‬ ‫البيئة الداخلية‪ ،‬وتعرضت سوريا للحصار‬ ‫ومحاولة فرض العزلة عليها بهدف تغيير سلوك‬ ‫النظام ومحاولة إجبارها على التخلي عن ثوابتها‬ ‫الوطنية والقومية وحتالفاتها الوطيدة مع‬ ‫منظومة محور املقاومة في هذه األمة ممثالً بإيران‬ ‫ولبنان املقاوم والعراق وفلسطني‪.‬‬ ‫ويحاول األعداء اليوم استهداف سوريا املقاومة‬ ‫التي هي مالمة ومحارية على سياساتها بدعم‬ ‫خيار املقاومة‪ ،‬لقد أصبح هؤالء أكثر انكشافا ً‬ ‫بعد األوضاع اجلديدة واحلراك في عاملنا العربي‪،‬‬ ‫جاء أردوغان إللقاء الدروس واملواعظ والنصائح‬ ‫وخطبا ً بالدميقراطية واحلرية‪ ،‬وحتدثوا عن حقوق‬ ‫اإلنسان بذات الطريقة األميركية والغربية‬ ‫وينسون أنفسهم وما اقترفته أفعالهم في أكثر‬ ‫من مكان وفي بلدانهم من مجازر وأزمات وحروب‬ ‫مدمرة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سقطت الفتنة وانتصرت سوريا‬ ‫وفي خضم التطورات وما قبلها سعت‬ ‫القيادة احلكيمة في سوريا العروبة الى جملة‬ ‫من مشاريع اإلصالح التنموي في كافة اجملاالت‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية وانطالقا ً‬ ‫من رؤية وطنية صائبة‪ ،‬تضع مصالح الشعب‬ ‫والوطن بأكمله في أولوية االهتمام‪ ،‬وكان هناك‬ ‫العديد من املراسيم واملراجعة الدستورية‬ ‫وتوسيع مجال احلريات وترسيخ الطابع التعددي‬ ‫للمجتمع السوري وتعزيز آليات مكافحة الفساد‬ ‫والى ما هناك من إجراءات‪ ،‬لكن األعداء ال يريدون‬ ‫ذلك في حقيقة األمر‪ ،‬فاملطلوب لديهم رأس‬ ‫سوريا املقاومة‪ ،‬ومتزيق جسدها الى مناطق‬ ‫طائفية وعرقية وتدمير حضارة الشعب السوري‬ ‫كما فعلوا بالعراق وصوال ً الى رأس املقاومة في‬ ‫لبنان وفلسطني وأخيرا ً إيران عمق أمتنا وسندها‬ ‫وسيفها في مواجهة الطغاة واملستكبرين‪.‬‬ ‫سوريا تُستهدف مبؤامرة تحُ اك في العلن‪ ،‬أمام‬ ‫سمع وبصر العالم أجمع‪ ،‬وهذه ليست تهمة‪،‬‬ ‫بل هي يقني واضح‪ ،‬وتكفي مالحظة التصريحات‬ ‫التي يدلي بها (أردوغان وأوباما وساركوزي‬ ‫وغيرهم) و َمن يدور في فلكهم من (عرب) باعوا‬ ‫أنفسهم للشيطان‪ ،‬ويحاول هؤالء قتل األمن‬ ‫واألمان وزعزعة االستقرار‪ ،‬بهدف رسم تاريخ‬ ‫جديد للمنطقة العربية املمتدة من اخلليج الى‬ ‫املتعمد جملد سوريا وأتباع‬ ‫احمليط‪ ،‬حاولوا عبر القتل‬ ‫ّ‬

‫‪42‬‬

‫سياسة التهديد والوعيد بعقوبات تطاول لقمة‬ ‫عيش الشعب السوري بهدف إفقاره وتفكيك‬ ‫وحدته‪.‬‬ ‫انهزم احملتل األميركي في العراق ويستعد‬ ‫لالنسحاب الى غير رجعة‪ ،‬ونقل مهمته في‬ ‫املنطقة الى الوكيل أردوغان بعد أن أغري بحكم‬ ‫الشرق املتوسطي‪ ،‬عبر عثمنة أحبطها سابقا ً‬ ‫شهداء سوريا ولبنان الذين ُعلقوا على خشبة‬ ‫في ساحات احلرية‪ ،‬ودعوا بخالفة عثمانية جديدة‪،‬‬ ‫رفعوا شعار اإلصالح تزويرا ً وكانت ممارساتهم في‬ ‫أعمال التخريب مشهودة للعيان‪.‬‬ ‫انكشف هؤالء وفشلوا في حتقيق ما‬ ‫خططوا لتنفيذه من إخضاع سوريا لشروطهم‬ ‫املتصهينة عبر تفتيت وحدة الشعب والنظام‬ ‫بعد أن سوقوا عبر اإلعالم املرتهن‪ ،‬أن ما يجري‬ ‫في سوريا ثورة شعبية ال مؤامرة‪ ،‬ركبوا الصور‬ ‫وز ّيفوا احلقيقة وه ّربوا السالح واشتروا الضمائر‬ ‫الرخيصة وأرهبوا الناس وأخرجوهم من بيوتهم‬ ‫وبلداتهم اآلمنة وأباحوا القتل والتخريب وتدمير‬ ‫املنشآت الرسمية واالعتداء على املؤسسات‬ ‫والناس وعزل األبرياء ورجال األمن‪ ،‬رتبوا بعقلهم‬ ‫املزيف الفوضى اخلالقة‪ ،‬وحاولوا النيل من كرامة‬ ‫سوريا وفشلوا‪.‬‬ ‫أوعزوا لعمالئهم من (عرب) االعتالل والردة‬ ‫بالطاعة العمياء والصمت املطبق صمت‬ ‫اخلانعني‪ ،‬وأطلق هؤالء بيانات اإلصالح وشعارات‬ ‫الدميقراطية املفقودة في دولهم‪ ،‬وأمروهم‬ ‫بالتعتيم على تأييد شعوبهم لسوريا في‬


‫مجلس األمن الدولي‬

‫مواقفها الداعمة للقضايا العربية في فلسطني‬ ‫والعراق ولبنان‪.‬‬ ‫وفشلوا أيضاً‪ ،‬واختلقوا معارضة تدين بالوالء‬ ‫لهم من دعاة الثقافة والفكر الذين ش ّوهوا‬ ‫القيم الثقافية بعد أن استخدموا أقالما ً أميركية‬ ‫الصنع وباعوا ضمائرهم وفرح أبنائهم‪.‬‬ ‫حاول أردوغان وعربه زعزعة الصمود واملقاومة‬ ‫في األمة العربية عبر استهداف سوريا وإنشاء‬ ‫ما سمي “اجمللس الوطني” في تركيا‪ ،‬املؤطر‬ ‫بتوصيات ال تستبعد تدخالً أجنبياً‪ ،‬وهيأوا لهم‬ ‫املنابر والطائرات تنقلهم من بلد الى آخر‪ّ ،‬‬ ‫عل‬ ‫لغتهم الطافحة باحلقد والضغينة حترك بعضا ً‬ ‫من جماهير الشعب السوري وفشلوا‪.‬‬ ‫سخروا كل إمكانياتهم وإغراءاتهم وحيلهم‬ ‫جلر العالم في مجلس األمن الى اتخاذ قرارات‬ ‫تدين سوريا وفشلوا بعد أن ضغطوا على‬ ‫روسيا والصني مبختلف الوسائل والشعارات‬ ‫الزائفة وأساليب اخلداع واملكر‪ ،‬وبتزوير احلقائق‬ ‫بهدف عدم استعمال الفيتو ضد مؤامراتهم‬ ‫وفشلوا‪ ،‬والسؤال‪ ،‬أين هم من العدالة واحلرية‬ ‫والدميوقراطية واإلصالحات املعلبة التي يطالبون‬ ‫سوريا بها‪ ،‬ويحرمونها على شعوبهم املستاءة‬ ‫من تسلط األغنياء على حقوق الفقراء‪.‬‬ ‫الهدف األكبر من التحركات األميركية‬ ‫واألوروبية والتركية ومن يدور في فلكها القضاء‬ ‫على املقاومة في األمة العربية وحماية الكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬ولكنهم نسوا أن املقاومة في لبنان‬ ‫وفلسطني هزمت “إسرائيل” في جنوب لبنان وغزة‬ ‫وكانت سوريا الداعم األساسي لكل مقاومة في‬ ‫وجه العدو ومعاهداته ونسي هؤالء الدرس في‬ ‫أفغانستان والعراق‪.‬‬ ‫لقد أقفل الفيتو الروسي والصيني الطريق‬ ‫ومنع املغامرة الغربية‪ ،‬وانتفى التدخل األجنبي‬ ‫في املدى املنظور‪ ،‬وميكن القول ال أحد يجرؤ اآلن‬ ‫على التدخل في الشأن الداخلي السوري‪ .‬ألن‬ ‫املنطقة برمتها ستشتعل من اخلليج الى غزة‬ ‫واجلوالن‪.‬‬ ‫أما “اجمللس الوطني السوري” الذي مت تأليفه في‬ ‫تركيا (اسطنبول) فهذا اجمللس جاء تلبية حلاجة‬ ‫تركية وكرأس حربة في املشروع األميركي والغربي‪،‬‬ ‫هذا اجمللس فرط باستقاللية احلراك السوري‬ ‫الداخلي عندما أعلن على لسان قادته رفضهم‬ ‫اخلجول للتدخل األجنبي‪ ،‬عندما حتدث عن الردع‬ ‫وحظر الطيران‪ ،‬أليس هكذا بدأت مأساة ليبيا‪،‬‬ ‫قبل أن يتدخل الناتو‪ ،‬ألم يطالب رياض الشقفة‬ ‫“إخوانا ً مسلمني” في رسم التسهيالت للتدخل‬ ‫العسكري بأن يتدخل طيران (الناتو) إلسكات‬ ‫املدفعية السورية والدبابات رغم عدم إطالق أي‬ ‫قذيفة من هذه األنواع في مالحقة فلول اخملربني‪،‬‬ ‫وقد خرج بعض آخر من اجمللس الوطني ليطالب‬ ‫صراحة األمم املتحدة والقوى الدولية اتخاذ ما يلزم‬ ‫من إجراءات رادعة ضد النظام سواء كان ذلك‬ ‫بشكل مالي أو عسكري إذا تطلب األمر‪.‬‬

‫لكن املطالبني بالتدخل األجنبي‪ ،‬نسوا أو‬ ‫تناسوا أن سوريا ليست ملعبا ً أو مسرحا ً ميكن‬ ‫أن يصول ويجول فيه أي غازٍ أو دخيل مهما‬ ‫بلغت قوته‪ ،‬ألم تقف سوريا بقوة وصالبة في‬ ‫دعم املقاومة العراقية غداة الغزو األميركي‬ ‫ووقفت الى جانب املقاومة في لبنان وفلسطني‬ ‫وحتالفت بعمق مع إيران‪ ،‬ألم يدركوا أن أسلوب‬ ‫التهديد والوعيد االستعماري ال يجدي نفعا ً‬ ‫أمام إرادة املقاومة التي متثل سوريا عنوانها في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وسوريا ليست وحدها وهي جزء من‬ ‫منظومة متكاملة لقوى املقاومة واملمانعة في‬ ‫األمة العربية‪ ،‬هذه هي سوريا اليوم فعلى ماذا‬ ‫يراهنون؟‬

‫بكارثة فعلية‪ ،‬إذ أنها ستؤدي الى توترات ورمبا‬ ‫حروب لن يسلم منها العالم نتيجة ارتداداتها‬ ‫األمنية‪.‬‬ ‫روسيا راهنت وكان لها موقف واضح وقد‬ ‫استنتجت بأن سوريا قوية وهي متسك بجميع‬ ‫اخليوط وزمام األمور بيدها‪ ،‬وستخرج منتصرة‬ ‫وأكثر قوة وبأبعاد استراتيجية أوسع من املاضي‪،‬‬ ‫ولذلك استخدمت (الفيتو)‪ ،‬والسفير الروسي‬ ‫لدى األمم املتحدة فيتالي تشوركني أوضح وأصر أن‬ ‫“شرعية احلكم في دمشق ليست في يد واشنطن‬ ‫ولندن وباريس‪ ،‬وأن استخدام الفيتو لم يكن‬ ‫بسبب نص مشروع القرار‪ ،‬بكلمة هنا أوهناك‪،‬‬ ‫وإمنا قرار سياسي وألسباب استراتيجية”‪.‬‬

‫أهمية «الفيتو» الروسي والصيني‬

‫ما الذي يريده احللف املعادي؟‬

‫حاولت الواليات املتحدة في فترة انعقاد‬ ‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة أواخر أيلول املاضي‬ ‫إجراء اتصاالت مكثفة وشارك فيها أكثر من‬ ‫مسؤول (عربي) قدموا اإلغراءات الى روسيا‪،‬‬ ‫شملت عقودا ً مبليارات الدوالرات في مجاالت‬ ‫عدة مقابل عدم استخدام (الفيتو) ضد قرار في‬ ‫مجلس األمن الدولي إلدانة سوريا‪ ،‬ولم يقتنع‬ ‫الروس وال الصينيون مبا عرضته الواليات املتحدة‬ ‫من خالل مجموعة “احملفزات االقتصادية” ألن هذا‬ ‫العمل سيحدث خلالً مؤكدا ً في ميزان القوى‬ ‫على مستوى الشرق األوسط برمته‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن مجموعة املنح املوعودة لن تعوض ما ميكن‬ ‫أن تخسره الدولتان الكبيرتان على الصعيدين‬ ‫السياسي واالقتصادي‪ ،‬ألن روسيا أجرت حسابات‬ ‫دقيقة ملوازين القوى‪ ،‬وخصوصا ً في ظل التحول‬ ‫الكبير الذي طرأ على املوقف التركي‪ ،‬والذي ينذر‬ ‫بتداعيات خطيرة في املنطقة‪ ،‬وآخرها املناورات‬ ‫التركية على احلدود مع سوريا‪ ،‬وكذلك فإن سوريا‬ ‫لن تسكت ال هي وال حلفاؤها على أي انتهاكات‬ ‫متس بسيادتها‪ ،‬في حني املوقف التركي يبدو‬ ‫مستندا ً الى دعم أوروبي وأميركي كما يحظى‬ ‫بتأييد (عربي) رمبا يكون مدخالً ملشكلة كبرى في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫من هنا يتضح السبب احلقيقي الذي يقف‬ ‫خلف الفيتو الروسي والصيني في هذه املرحلة‪،‬‬ ‫هو الشعور بأن خطوة واحدة إضافية ستتسبب‬

‫أنشئ ما يسمى “اجمللس الوطني السوري”‬ ‫في أيلول املاضي في اسطنبول‪ ،‬ويتألف من ‪140‬‬ ‫شخصية يعيش نصفهم في سوريا ولم يكشف‬ ‫عن أسماء (املعارضني) في الداخل‪ ،‬وكانت تركيا‬ ‫وراء إعالن تشكيل “اجمللس”‪ ،‬واالهداف واضحة‪،‬‬ ‫وهي التي تقف خلف املشروع‪ ،‬بانتظار اللحظة‬ ‫املناسبة لإلنقضاض كرأس حربة ملشاريع‬ ‫الهيمنة االستعمارية اجلديدة‪.‬‬ ‫سوريا بدورها أوضحت وبلسان وزير خارجيتها‬ ‫وليد املعلم‪ ،‬أن ال شرعية لهذا اجمللس‪ ،‬وحذر أي‬ ‫دولة سوف تعترف به‪ ،‬حيث سيتم اتخاذ إجراءات‬ ‫مشددة ضدها‪.‬‬ ‫وخطوة إعالن “املعارضة” تأسيس “اجمللس‬ ‫الوطني” إطارا ً لها تزامنت مع ما كان يعد له في‬ ‫مجلس األمن من مشرع قرار اصطدم بالفيتو‬ ‫الروسي والصيني وسقط‪ ،‬وخطوة (املعارضة)‬ ‫ترمي الى احلصول على اعتراف دولي بوجود بديل‬ ‫عن النظام من ذات الدول التي تتآمر على سوريا‪،‬‬ ‫ولكن عجز تلك الدول دفعها للمراوحة‪ ،‬وأحجمت‬ ‫عن االعتراف باجمللس املذكور كما فعل االحتاد‬ ‫األوروبي‪.‬‬ ‫وبعد الفيتو الروسي والصيني‪ ،‬ال بد من العودة‬ ‫الى احلوار الوطني في سوريا‪ ،‬بعد أن أغلق الطريق‬ ‫أمام التدخل األجنبي في سوريا‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫أميركا تنسحب منه بعد نهب ثرواته‬ ‫العراق يعود الى جواره الطبيعي‬ ‫في اللحظة السياسية املضطربة في املنطقة‬ ‫عموما ً تتفاوت املواقف بني طرف وآخر وتبدو‬ ‫عملية تبادل األدوار وقد اهتزت هي األخرى مع‬ ‫اقتراب موعد اإلنسحاب املقرر للقوات األميركية‬ ‫من العراق‪ ،‬الكل يدلي بدلوه في هذه اللحظة‬ ‫احلرجة‪.‬‬ ‫ال تبدو األمور عادية‪ ،‬ألن العراق مت احتالله عام‬ ‫‪ 2003‬من قبل القوات األميركية في أبشع عملية‬ ‫غزو في العصر احلديث‪.‬‬ ‫حالة اجلدل التي تفاعلت في اآلونة األخيرة‬ ‫وتصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي‬ ‫حول موضوع االنسحاب األميركي ورفضه‬ ‫التمديد لقوة أميركية على أراضي العراق‪،‬‬ ‫وتأكيداته القاطعة واحلازمة‪ ،‬أنه لن يبقى على‬ ‫أرض العراق أي جندي أميركي بعد املوعد املتفق‬ ‫عليه سلفا ً جلالء القوات األميركية عن بالد‬ ‫الرافدين نهاية السنة اجلارية هي رسائل واضحة‬ ‫وفي أكثر من اجتاه‪.‬‬ ‫وفي زمن األحداث واحلراك املتواصل في عاملنا‬ ‫العربي يحتاج املتابع لتطورات املشهد في‬ ‫الساحة العراقية أن يلحظ تداعيات ما يحصل‬ ‫في املنطقة عموما ً على واقع احلال في العراق‪.‬‬ ‫اإلدارة األميركية سعت منذ فترة وجيزة وعبرت‬ ‫مرارا ً وبأشكال وسبل متعددة عن متنياتها بأن‬ ‫تبادر احلكومة العراقية الى توجيه طلب رسمي‬ ‫إليها تطلب فيه أن تبقي على جزء ولو محدود‬ ‫مما تبقى من عسكرها في العراق في فترة ما بعد‬ ‫مطلع العام املقبل‪.‬‬ ‫وإيران من جهتها تريد أن ترى العراق وقد‬ ‫تخلص نهائيا ً من االحتالل األميركي‪ ،‬وهي تبذل‬ ‫جهودها باقتدار‪ ،‬وحتاول أن تعكس رغبتها الى‬ ‫واقع من خالل عالقاتها الوثيقة مع العراق وهذا‬ ‫ال يتقاطع مع الرغبات األميركية‪ ،‬ألن رؤية طهران‬ ‫بعيدة املدى وحساباتها ذات طبيعة استراتيجية‬ ‫تختلف عن احلسابات األميركية ومن محدداتها‬ ‫ورغبتها رؤية العراق وقد صار قراره الوطني‬ ‫مستقالً والوضع فيه مستقراً‪.‬‬ ‫واألمر األهم والعامل املوضوعي اجلديد الذي‬ ‫فرض نفسه على واقع األحداث في املنطقة‪،‬‬ ‫األزمة السورية الناشئة واملوقف العراقي الذي‬ ‫ينظر إليهما باهتمام كبير وكل املؤشرات‬ ‫العملية تؤكد بأن العراق يقف الى جانب سوريا‬ ‫وبقوة من أجل أن تتجاوز األزمة‪ ،‬ألن ما يحدث‬ ‫في سوريا ينعكس على العراق بطريقة ما‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االنسحاب األميركي من العراق‬

‫وخاصة أن الوضع في العراق مايزال هشا ً في‬ ‫بلد أرهقته احلرب واستنزفت قدراته وأشعلت‬ ‫نار الفتنة بني مكوناته‪ ،‬وهناك مخاوف عراقية‪،‬‬ ‫من أن يستغل أحد األطراف هشاشة الوضع في‬ ‫العراق ويحول العراق الى ساحة خلفية بالنسبة‬ ‫ألحد فرقاء النزاع في الساحة السورية‪ ،‬وهذا‬ ‫ليس في مصلحة االستقرار في العراق‪ ،‬بسبب‬ ‫االنقسامات احلادة املتجذرة هناك‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬فإن األنظار ستظل شاخصة باجتاه‬ ‫الساحة العراقية بشكل أكبر من ذي قبل في‬ ‫ضوء التطورات واملستجدات وخاصة كالم املالكي‬ ‫ورفضه القاطع بقاء أي جندي أميركي على أرض‬ ‫العراق بعد املوعد احملدد خلروج األميركيني نهاية‬ ‫السنة اجلارية‪.‬‬ ‫والالفت أيضا ً تصريحات املالكي وحتذيره من‬ ‫الفتنة الطائفية التي اعتبرها سالحا ً في يد‬ ‫“االستكبار العاملي” أو “دول االستكبار”‪ ،‬وهذا‬ ‫التعبير يحمل في طياته وسائل سياسية واضحة‪،‬‬ ‫وحدد حاجة العراقيني الى مدربني أميركيني فقط‬ ‫على استخدام السالح الذي “اشتراه” العراق‬ ‫من األميركيني أو الذي سيقدم “كهدية” بعد‬ ‫االنسحاب األميركي‪ ،‬واحلديث اآلن عن موضوع‬ ‫حصانة املدربني أو عدمه واألمر سيبحث في أعلى‬ ‫مستوى من القيادات الرسمية والسياسية وكل‬ ‫املؤشرات تدل على أن هناك حزما ً عراقيا ً في منع‬ ‫احلصانة عن اجلنود األميركيني في العراق‪ ،‬في حني‬ ‫يتحدث األميركيون أن هنالك اتفاقا ً غير معلن‪ ،‬مت‬ ‫التوصل إليه يضمن املوافقة على ما هو أبعد من‬

‫‪44‬‬

‫احلصانة‪ ،‬ورمبا يكون فوق إرادة السلطات العراقية‬ ‫كما يقول املراقبون‪.‬‬

‫العراق ومرحلة ما بعد اإلنسحاب‬ ‫األميركي‬ ‫تزداد التساؤالت حول مستقبل العالقات‬ ‫األمنية العراقية – األميركية في املرحلة املقبلة‪،‬‬ ‫مع اقتراب موعد انتهاء اتفاقية وضع القوات‬ ‫األميركية في العراق نهاية ‪ ،2011‬ومبوجب‬ ‫االتفاقية التي وقعها العراق مع الواليات املتحدة‬ ‫عام ‪ ،2008‬يجب سحب كل القوات األميركية من‬ ‫العراق بنهاية العام احلالي‪ ،‬بينما اتفاقية اإلطار‬ ‫االستراتيجي التي مت توقيعها في الوقت نفسه‪،‬‬ ‫تنص على عالقات استراتيجية وأمنية بعيدة‬ ‫األمد بني البلدين‪.‬‬ ‫السفير األميركي لدى بغداد جيمس جيفري‪،‬‬ ‫أوضح “التفكير وراء إبقاء أي قوات أميركية في‬ ‫العراق‪ ،‬إنها ستقدم التدريب العسكري األبعد‬ ‫للعراق‪ ،‬والتنسيق والتعاون بني القوات العسكرية‬ ‫العراقية وأن جوهر احملادثات مع املسؤولني‬ ‫العراقيني حاليا ً تتعلق باالمتيازات واحلصانات‬ ‫اخلاصة ألية قوات عسكرية أميركية”‪.‬‬ ‫وبعد أن أرسل األميركيون عدة رسائل توحي‬ ‫بالرغبة على إبقاء ما بني (‪ )30 – 20‬الف جندي‬ ‫في العراق‪ ،‬تراجعوا عن هذه املواقف مع تصاعد‬ ‫احلديث بدال ً من ذلك عن مدربني أميركيني لتدريب‬


‫اجليش العراقي على استخدام أسلحة أميركية‬ ‫وعن قوات مسلحة ضخمة حلماية السفارة‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫من الواضح أن تراجعهم كان مرتبطا ً بإيحاءات‬ ‫عراقية غير راغبة للتمديد لعدد كبير من اجلنود‪،‬‬ ‫وضغط قوي من التيارات الرافضة ألي وجود‬ ‫أميركي في العراق بعد ‪ 2011‬ال سيما التيار‬ ‫الصدري‪.‬‬ ‫وفي النظر الى االحتماالت السياسية الناجتة‬ ‫عن االنسحاب وفي الكيفية التي ستجري‬ ‫عليها األمور في العراق ما بعد االنسحاب‪،‬‬ ‫هذا االنسحاب سيترجم من األطراف اخلارجية‬ ‫والداخلية بوصفه غيابا ً سياسياً‪ ،‬مما قد يدفع الى‬ ‫السطح مشكالت جديدة كانت في حالة احتواء‪،‬‬ ‫مثل مشكلة األراضي املتنازع عليها بني حكومة‬ ‫إقليم كردستان من جانب وحكومة املركز وبعض‬ ‫ّ‬ ‫يحذر من أن‬ ‫احملافظات من جانب آخر‪ ،‬والبعض‬ ‫الغياب األميركي قد يدفع الفرقاء السياسيني‬ ‫الى تصعيد صراعاتهم وجتاوز سقوفها السابقة‬ ‫وهذا ما يؤشر الى نسف العملية السياسية‬ ‫التي مت ترتيبها في ظل االحتالل‪ ،‬وهناك خشية‬ ‫أيضا ً أن تلجأ بعض األطراف الى زعزعة االستقرار‪،‬‬ ‫وفي املقابل هناك من ينظر بتفاؤل أكبر الى خروج‬ ‫القوات األميركية من العراق الذي من شأنه خلق‬ ‫أجواء تصاحلية بني العراقيني‪.‬‬ ‫وبعض املراقبني لديه قراءة ملستقبل العراق‬ ‫تراوح ما بني الغموض والتشاؤم‪ ،‬فالوضع األمني‬ ‫ومنذ أكثر من ثالثة شهور آخذ بالتدهور‪ ،‬مع‬ ‫وجود القوات األميركية‪ ،‬ومثال ذلك مجزرة‬ ‫النخيب في وسط العراق الذي ذهب ضحيتها ‪22‬‬ ‫شخصا ً كانوا في عداد قافلة متوجهة من كربالء‬ ‫الى زيارة العتبات املقدسة في سوريا والتداعيات‬ ‫اخلطيرة للحدث‪ ،‬جسدت الى حد كبير واقع احلال‬ ‫السياسي واألمني في العراق مع اقتراب اجلالء‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي ّ‬ ‫حذر من‬ ‫أن العراق ال يزال في “الدائرة احلمراء” ودعا جميع‬ ‫شركائه السياسيني الى مواجهة ذلك والتصدي‬ ‫له‪ ،‬وقال‪“ :‬إن الطريق ما زال طويالً أمامنا ويحتاج‬ ‫الى عمل إصالحي تعبوي مستمر بالشكل الذي‬ ‫يضمن عدم العودة الى الوراء”‪.‬‬

‫القوات األميركية سرقت أموال‬ ‫العراقيني‬ ‫ينظر األميركي الى العراق بعد االنسحاب على‬ ‫أنه مصدر هام لتغذية اخلزينة األميركية عبر‬ ‫عقود النفط وربط العراق باتفاقيات اقتصادية‬ ‫ملزمة‪ ،‬وينظر الى العراق على أنه أحد حلفاء‬ ‫الواليات املتحدة وكقوة جيدة نسبيا ً في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬كما يقوم العراق بشراء أسلحة أميركية‬ ‫مبقدار ‪ 12‬مليار دوالر‪ ،‬كذلك طلب باستمرار‬

‫االنسحاب األميركي من العراق‬

‫وجود قوات تدريب أميركية في البالد حتى العام‬ ‫القادم‪ ،‬واألميركي (يرى في العراق منوذجا ً للشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬وأن كل ذلك حدث ألن الواليات املتحدة‬ ‫غزت دولة)‪.‬‬ ‫لقد سرقت القوات األميركية أموال الشعب‬ ‫العراقي‪ ،‬والسلطات العراقية شكلت مؤخرا ً‬ ‫جلنة خاصة ملتابعة اختفاء ‪ 17‬مليار دوالر من‬ ‫أموال صندوق إعادة إعمار العراق الذي تشرف‬ ‫عليه سلطة االئتالف املؤقتة برئاسة احلاكم‬ ‫املدني األميركي بول برمير‪.‬‬ ‫أقامت القوات األميركية في العراق “مشاريع‬ ‫وهمية” وإجناز أمور كلها حبر على ورق‪ ،‬وقالت‬ ‫مصادر عراقية‪ ،‬إن الواليات املتحدة بدأت التدخل‬ ‫لغلق ملفات الفساد‪ ،‬ولكن جلنة النزاهة في‬ ‫البرملان العراقي وجهت رسالة الى مكتب األمم‬ ‫املتحدة في العراق في ‪ 11‬أيار املاضي وقالت‬ ‫اللجنة‪ ،‬إن مؤسسات الواليات املتحدة “قوات‬ ‫االحتالل” التي تعمل في العراق ارتكبت فسادا ً‬ ‫ماليا ً وسرقت أموال الشعب العراقي التي كانت‬

‫‪45‬‬

‫مخصصة للتنمية في العراق‪.‬‬ ‫ولم تكتف قوات االحتالل بسرقة األموال‬ ‫اخملصصة للتنمية في العراق‪ ،‬بل قام احلاكم‬ ‫املدني األميركي في العراق برمير واإلدارة األميركية‬ ‫بـ “إفساد السياسيني العراقيني من خالل ضخ‬ ‫كميات كبيرة من األموال واإلنفاق على عقود‬ ‫مباليني الدوالرات لم ينتج عنها سوى الفساد”‪ ،‬وإن‬ ‫أبرز ما قام به برمير إلفساد السياسيني والرؤساء‬ ‫هو تخصيص رواتب عالية جدا ً لهم واختراع ما‬ ‫يسمى باملنافع االجتماعية إلفساد العراقيني”‪.‬‬ ‫إن آلية الصراع السياسي الداخلي القائم‬ ‫راهنا ً في البالد سببها االحتالل األميركي الذي‬ ‫يعمل إلدارة العملية السياسية حتى بعد‬ ‫رحيله املفترض‪ ،‬وهو اآلن يحاول فتح مسارات‬ ‫صغيرة إلضعاف تفاقمات الصراعات ومحاولة‬ ‫استخدامها منصة مؤقتة ملرحلة انتقالية‬ ‫مطلوبة تشمل فترة االنسحاب العسكري‬ ‫األميركي والبقاء السياسي له وألعوانه في‬ ‫اإلقليم والعناصر املزكاة من النخب السياسية‬ ‫واملتنفذة في احلكومة‪.‬‬ ‫السلطة في املثال العراقي تعني تأمني‬ ‫سلطة تعني بالضبط تشييد احلد األدنى من‬ ‫حكومة حتتكر السالح من أجل تصليب قوتها‬ ‫املركزية وفرض القانون ومنع االنفالت االجتماعي‬ ‫والسياسي ودحض فكرة عدم القدرة على حتقيق‬ ‫األمن واالستقرار في البالد‪.‬‬ ‫ال خوف على العراق في املرحلة القادمة‪،‬‬ ‫ألن اجلميع دخلوا من باب واحد وإدارة الصراع‬ ‫خالل املرحلة السابقة تؤشر خلبرة كبيرة‪ ،‬وفي‬ ‫بلد النفط واحملاصصة السياسية‪ ،‬هناك حالة‬ ‫انتظار لـ “القرار الدولي – اإلقليمي” إلعادة تثبيت‬ ‫السكة للقطار العراقي‪ ،‬وهنا تبدو حاجة العراق‬ ‫الى جواره وعمقه ونقصد سوريا وإيران ومنظومة‬ ‫املقاومة في هذه األمة‪.‬‬

‫أدهم محمود‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫قرار أميركي بقتل القذافي‬ ‫ودعوة دولية لمحكمة تدين القتلة‬ ‫رحل العقيد معمر القذافي في ‪ 20‬تشرين األول ‪ 2011‬وبرحيله‬ ‫تطوى صفحة أخرى من صحفات ذلك الرعيل من الزعماء الذين‬ ‫استلهموا ثورة “يوليو” املصرية‪ُ ،‬ق ِتل الرجل بطريقة وحشية‬ ‫وبربرية وغير إنسانية بعد آن كانت وزير اخلارجية األميركية هيالري‬ ‫كلينتون قد زارت ليبيا قبل ‪ 48‬ساعة من القبض على القذافي‬ ‫وغادرتها قبل وقوع عملية قتل العقيد القذافي‪ ،‬وبعض اإلعالم‬ ‫الغربي أشار الى أنها من أصدر األمر األساسي بقتل القذافي‬ ‫وعدم اإلبقاء عليه حيًّا ليساق الى احملكمة‪ ،‬وهي التي كانت قد‬ ‫طالبت بالقبض عليه‪ ،‬ومفهوم أن محاكمة القذافي لم تكن‬ ‫تالئم الدول األطلسية وبخاصة الواليات املتحدة وفرنسا‪ ،‬والرجل‬ ‫يعرف أسرارا ً هامة عن تلك الدول‪.‬‬ ‫وهذا يدل‪ ،‬بأن هناك إصرارا ً أميركياً واضحاً سبق عملية قتل‬ ‫القذافي والطريقة والظروف التي قتل فيها تدفعنا الى أكثر من‬ ‫سؤال‪ .‬وتقودنا الى التساؤل عن الطريقة التي سيتعامل بها‬ ‫النظام اجلديد في ليبيا مع خصومه‪ ،‬ومثل هذا القتل ال يصلح‬ ‫كبداية لعهد جديد يعلن الدميقراطية واحلرية على الطريقة‬ ‫املتعمد لتحقيق غايات‬ ‫الغربية‪ ،‬بينما يتم ممارسة القتل‬ ‫ّ‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫والسؤال أيضاً‪َ ،‬من الذي قتل العقيد القذافي و َمن الذي أصدر‬ ‫األوامر في اللحظات األخيرة بعد أن ذاق الرجل التعذيب على أيدي‬ ‫أسيرته في مدينة سرت‪ ،‬واستُخدمت ضده كل ألوان اإلهانة من‬ ‫ضرب وشتم‪ ،‬وفي احلقيقة فإن جنراالت األطلسي هم من أصدروا‬ ‫أمر إطالق الرصاص بعد أن كانت لهم السيطرة الكاملة من اجلو‬ ‫على كل جزء من التراب الليبي‪ ،‬وكانوا هم َمن قادوا قوات اجمللس‬ ‫االنتقالي الى املكان وإصدار األوامر والتعليمات والتوجيهات‬ ‫إليهم ومشاركة رجال اخملابرات من حلف األطلسي‪.‬‬ ‫صحيفة «برافدا» الروسية وضعت خمس جهات في خانة‬ ‫املسؤولية‪ ،‬األفراد الذين أساؤوا اليه جسدياً أو ضغطوا على الزناد‪،‬‬ ‫أو وحدة خاصة من مقاتلي اجمللس الوطني أو قادة اجمللس‪ ،‬أو قوات‬ ‫حلف شمال األطلسي ملشاركتهم أو تواطئهم في الهجوم‪ ،‬أو‬ ‫بعض قادة الدول الغربية الذين قدموا الدعم للمجلس‪.‬‬ ‫خرق القانون الدولي بالقتل‪ ،‬ما هو إال نتيجة خلروفات سابقة‪،‬‬ ‫وهناك انتهاكات خطيرة للقانون الدولي‪ ،‬يتعلق األول باتفاقية‬ ‫جنيف الثالثة عام ‪ 1929‬التي متنح بعض احلقوق ألسرى احلرب‪،‬‬ ‫والثاني انتهاك قرار مجلس األمن رقم ‪ 1973‬إقامة منطقة حظر‬ ‫طيران فوق ليبيا من دون أن تأذن لقوات شمال األطلسي بشن‬ ‫هجوم‪.‬‬ ‫لقد كان هناك إصرار رترصد ومطاردة استهدفت القتل‪،‬‬ ‫وبعد أن متّ أسره ُقتل على عجل‪ ،‬وهذه جرمية حرب موصوفة كما‬ ‫وصفتها منظمة العفو الدولية واملفوضية العليا حلقوق اإلنسان‬ ‫التابعة لألمم املتحدة استنادا ً للتقارير ومتاشياً مع معايير القانون‬ ‫اإلنساني الدولي والقانون اجلنائي الدولي‪.‬‬ ‫هذه األجواء التي متّت بها عملية القتل هي من اختصاصات‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية التي سترفع إليها دعاوى ملقاضاة حلف‬ ‫الناتو على ارتكابته اجلرمية حيث أن مروحياته هي َمن أطلق النار‬ ‫في عملية قتل مخطط أمام نظر العالم أجمع‪.‬‬ ‫حاول العقيد القذافي أن يتصدى ملن ركبوا موجات احلراك‬ ‫العربي‪ ،‬وخاض حرب ممانعة ومقاومة على طريقته دامت أكثر من‬ ‫ثمانية أشهر‪ ،‬لم يكن مستعدا ً ملواجهة املفاجأت في هذا الزمن‬ ‫العربي الرديء بامتياز‪.‬‬ ‫لم يكن ألحد أن يتوقع املوقف الذي اتخذته جامعة الدول‬ ‫العربية مبعظمها‪ ،‬عندما سهلت عملية الغزو التي قام بها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حلف “الناتو” ضد ليبيا بحجة التخلص من نظام القذافي‪ ،‬ماذا‬ ‫فعلت اجلامعة؟ أعطت الضوء األخضر والتغطية املناسبة والزمن‬ ‫الدقيق وإشارة البدء وأكثر من ذلك بعض “العرب” من أعضاء‬ ‫اجلامعة لم يبخل بتقدمي األموال والسالح للمساهمة في تلك‬ ‫احلرب‪ ،‬من أين جاءت كل هذه النخوة “العربية”؟‬ ‫ولكن األمور لم تنته برحيل القذافي‪ ،‬ليبيا اليوم هي األهم‬ ‫واألبقى من الصدى الواسع والضجيج الذي يفتعله دعاة حقوق‬ ‫اإلنسان في الدول ذات التاريخ االستعماري وهي ليست بحاجة‬ ‫الى تعريف في بلداننا العربية‪ ،‬وهي لن ترضخ الحتالل جديد حتت‬ ‫أي مسمى‪.‬‬ ‫الدول االستعمارية التي تتسابق اليوم جلني الغنائم من‬ ‫حربها املسعورة على ليبيا لم يكن هدفها جلب الدميقراطية‬ ‫وال الدفاع عن حقوق اإلنسان‪ ،‬بل هي حتاول إعادة عقارب الساعة‬ ‫الى الوراء بعد أن أغوتهم فكرة سرقة ثروات ليبيا ومصادرة الثورة‬ ‫احلقيقية التي تنهض بالبالد وتهدف الى التغيير نحو مستقبل‬ ‫أفضل وحتقيق العدالة االقتصادية واالجتماعية والسياسية بكل‬ ‫ما تعنيه من التزام بالقضايا التي تهم الشعب الليبي واألمة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫لقد أخاف األعداء سقوط حسني مبارك الذي كان مبثابة‬ ‫“كنز استراتيجي” للكيان الصهيوني وبالرغم من أنه حافظ على‬ ‫املعاهدات التي تخدم مصالح العدو وتسبب في شرخ قوي في‬ ‫بنيان األمة وسمح لألعداء بالتطاول‪ ،‬لكن في اليوم الذي سقط‬ ‫فيه قالوا لقد انتهت صالحيته ومنذ تلك اللحظة ركب األعداء‬ ‫املوجة‪ ،‬في محاولة منهم لتعديل املوازين في املنطقة من جديد‪،‬‬ ‫وخلطوا ما بني الثورة احلقيقية والتخريب املمنهج‪.‬‬ ‫املرحلة اجلديدة محفوفة باألخطار واحملاذير‪ ،‬والعناوين متعددة‪،‬‬ ‫مشاريع إعادة اإلعمار‪ ،‬عقود النفط تقسيم الغنائم‪ ،‬محاصصة‬ ‫وتقاسم الثروة‪ ،‬واألوضاع األمنية‪ ،‬هناك من سيحاول تأجيج‬ ‫العنف واحلرب األهلية بني القبائل الليبية‪ ،‬انطالقاً من “سياسة‬ ‫فرق تسد”‪.‬‬ ‫وأمام الشعب الليبي مسيرة طويلة من العمل املضني إلعادة‬ ‫بناء الدولة وسلطتها من الصفر بعد أن دمرتها احلرب في األشهر‬ ‫الثمانية املاضية‪ ،‬وإعادة بناء العالقات مع دول اجلوار وقطع الطريق‬ ‫على تهريب السالح واخملدرات‪ ،‬وهناك مشاكل أخرى مقلقة مثل‬ ‫حركات التطرف اإلسالمي التي جتد مالذا ً آمناً على احلدود املتاخمة‬ ‫للنيجر ومالي وجنوب اجلزائر وليبيا‪.‬‬ ‫وسيحاول حلف “الناتو” التالعب باالنقسامات القبلية‬

‫‪46‬‬

‫مصطفى عبد اجلليلي يتوسط مسلحي اجمللس الوطني‬

‫واجلغرافية ووضع نظام سياسي أو إطار عمل سياسي ميكن من‬ ‫خالله بناء شكل حكومي‪ ،‬أي أن العملية السياسية في ليبيا‬ ‫ستدار من قوى خارجية حتتل إرادة الليبيني وستظل موجودة حتت‬ ‫مسميات جديدة بعد رحيل القذافي‪ ،‬والهدف سرقة النفط‬ ‫الليبي ومصادرة القرار هناك‪.‬‬ ‫إن صعوبة التحوالت السياسية في مرحلة ما بعد تغيير‬ ‫النظام حتتاج الى وقت طويل وسيكون هناك حالة من اجلدل حول‬ ‫اجتاه تلك التحوالت وخاصة إذا ما أخذنا العامل األمني باالعتبار‪.‬‬ ‫وإذا جلأ حكام ليبيا اجلدد االستعانة باألميركي سنكون أمام‬ ‫مشهد مكرر مثلما حصل في العراق وفي هذا الشأن يقول بول‬ ‫برمير احلاكم املدني األميركي للعراق غداة االحتالل في ‪“ :2003‬إن‬ ‫إحداث تغيير سياسي كبير في ليبيا‪ ،‬يتطلب حتمل مقدار من‬ ‫مسؤولية معينة في مساعدة احلكومة على النجاح‪ ،‬وسوف‬ ‫تكون املهمة األولى توفير األمن حتى ميكن تدريب قوة وطنية‬ ‫جديرة بالثقة ومجهزة‪ ،‬وهذا قد يتطلب قوة خارجية‪ ،‬رمبا حلف‬ ‫الناتو أو دول اوروبية مختارة”‪.‬‬ ‫وبينما صرح وزير النفط واملالية الليبي “أن ليبيا لن متنح أية‬ ‫عقود نفط جديدة إال بعد انتخاب حكومة جديدة‪ ،‬واحلكومة‬ ‫الوحيدة التي ميكن أن متنح هذه العقود النفطية هي حكومة‬ ‫منتخبة بعد وضع دستور للبالد”‪ ،‬ويسعى الصناعيون الفرنسيون‬ ‫للعودة سريعاً الى السوق الليبية للحصول على حصة في‬ ‫“كعكة” إعادة اإلعمار‪ ،‬في مواجهة طموحات منافسيهم‬ ‫الصينيني واألتراك واألملان‪ ،‬من دون أن ينتظروا حتى تشكيل‬ ‫حكومة مؤقتة مستقرة في هذا البلد‪.‬‬ ‫الى ذلك‪ ،‬أعلنت شركة النفط والغاز اإليطالية العمالقة “إيني”‬ ‫أنه متت إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز “غرينسترمي” الذي يربط بني‬ ‫ليبيا وإيطاليا‪ ،‬ووصل وفد فرنسي الى طرابلس يضم ممثلني عن ‪80‬‬ ‫مؤسسة كبرى وشركة متوسطة وصغيرة معظمها كان ينشط‬ ‫في ليبيا ملقابلة السلطات اجلديدة لتنسيق أعمالهم الصناعية‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫وهناك استثمارات صينية وأملانية وتركية تقدر مبليارات‬ ‫الدوالرات في ليبيا‪ ،‬والصني لوحدها كانت توظف ‪ 36‬ألف من‬ ‫مواطنيها وهناك ‪ 110‬شركة تركية وغيرها‪.‬‬ ‫بدأت أنظار الليبيني تتجه الى تشكيل احلكومة املؤقتة بعد أن‬ ‫أعلن مصطفى عبد اجلليل رئيس اجمللس الوطني االنتقالي الليبي‬ ‫“حترير ليبيا” بالكامل في تأكيد على انتهاء حكم العقيد معمر‬ ‫القذافي‪ ،‬وتعهد باحترام الشريعة اإلسالمية وقال‪ “ :‬نحن‬ ‫كدولة إسالمية اتخذنا الشريعة اإلسالمية املصدر األساسي‬ ‫للتشريع‪ ،‬ومن ثم فإن أي قانون يعارض املبادئ اإلسالمية للشريعة‬ ‫اإلسالمية فهو معطل قانونياً”‪.‬‬ ‫ويدور اجلدل في ليبيا حول موعد تشكيل احلكومة االنتقالية‬ ‫اجلديدة التي سيكون على عاتقها تهيئة البالد لنظام دميقراطي‬ ‫كامل ومازالت فرص الترشح لرئاسة احلكومة اجلديدة تنحصر‬ ‫بني أربعة اسماء هم‪ :‬محمود جبريل رئيس املكتب التنفيذي‬ ‫التابع للمجلس االنتقالي “حكومة تسيير األعمال‪ ،‬وذو توجه‬ ‫ليبرالي)‪ ،‬وعبد الرحمن السويحلي (ذو توجه إسالمي)‪ ،‬ومحمد‬ ‫احلريزي (عضو اجمللس االنتقالي‪ ،‬ذو توجه إسالمي) والهادي شلوف‬ ‫وهو رجل قانون دولي (ذو توجه مستقل)‪ ،‬ويقول املراقبون إن فرص‬ ‫شلوف في تولي رئاسة احلكومة زادت عن ذي قبل بعد تعهد رئيس‬ ‫احلكومة احلالي محمود جبريل بعدم الترشح مرة أخرى‪.‬‬

‫أدهم محمود‬


‫ضيف العدد‬

‫إيران واإلحتضان الكبير لفلسطين‬ ‫انعقد في طهران بني األول والثاني من تشرين‬ ‫األول ‪ 2011‬املؤمتر الدولي اخلامس لدعم االنتفاضة‬ ‫الفلسطينية‪ .‬حضر املؤمتر وفودا ً من أكثر من ‪85‬‬ ‫ضمت رؤساء‬ ‫دولة عربية وإسالمية وصديقة‬ ‫ّ‬ ‫وممثلي برملانات وشخصيات سياسية وثقافية‬ ‫ودينية بارزة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد السيد خامنئي على حق الفلسطينيني‬ ‫في العودة وإقامة دولتهم فوق كامل التراب‬ ‫الفلسطيني من النهر الى البحر‪ ،‬ورفض كل‬ ‫ما يُطرح من صيغ حلل القضية وآخرها سعي‬ ‫محمود عباس لدى األمم املتحدة لالعتراف‬ ‫بفلسطني دولة مستقلة على حدود ‪ .1967‬وقال‬ ‫اخلامنئي مخاطبا ً عباس‪ :‬إن سعيكم لدى األمم‬ ‫املتحدة هذا هو االعتراف بعينه بدولة الصهاينة‬ ‫في فلسطني وهو خيانة بحق كل الفلسطينيني‬ ‫واملسلمني‪ ،‬وتوقع فشل كل هذه املساعي ألن‬ ‫الصهاينة لن ولم يذعنوا للقرارات الدولية وما‬ ‫شابهها‪ ،‬واستشهد بنموذج املقاومة في لبنان‬ ‫وغزة كحل ال بد منه الستعادة احلقوق وهزمية‬ ‫احملتلني‪.‬‬ ‫أضاف السيد اخلامنئي‪ ،‬أن احلل املنطقي‬ ‫واإلنساني والطبيعي لقضية فلسطني هو‬ ‫في استفتاء الشعب الفلسطيني في الداخل‬ ‫والشتات على مستقبله ودولته ومصيره‪ ،‬ثم يأتي‬ ‫بعد ذلك دور من هاجر الى فلسطني إلعادتهم‬ ‫الى بلدانهم األصلية‪ .‬في هذه الدولة يستطيع‬ ‫الفلسطينيون بكل مذاهبهم وأطيافهم العيش‬ ‫معاً‪ ،‬لكن الصهاينة وكما اعتادوا منذ أكثر من‬ ‫‪ 63‬عاماً‪ ،‬لن يقبلوا هذا احلل‪.‬‬ ‫وجدد السيد اخلامنئي حتذيره لهم قائالً‪ :‬إن الزمن‬ ‫ّ‬ ‫ال يعمل ملصلحة املستعمرين واملستكبيرين وأن‬ ‫زوال الغدة السرطانية في فلسطني أمر حتمي‬ ‫وليس أكثر من مسألة وقت‪.‬‬ ‫وأدان دور أميركا الظاملة ودعاها لالستفادة من‬ ‫دروس التاريخ خصوصا ً أن الهزائم املتالحقة في‬ ‫داخل أميركا وخارجها تالحق األميركيني وعقارب‬ ‫الساعة لن تعود الى الوراء في منطقتنا‪.‬‬ ‫ثم تط ّرق السيد اخلامنئي ملا يجري في البالد‬ ‫ّ‬ ‫العربية من حتركات شعبية فرَ ّحب بثورة مصر‬ ‫التي أطاحت بعميل “إسرائيل” األول في املنطقة‬ ‫حسني مبارك ودعا املصريني ألخذ احليطة واحلذر‬ ‫من محاوالت أميركا وااللتفاف على ثورتهم‬ ‫إلجهاضها وحرفها عن مسارها الطبيعي‪ ،‬ودعا‬ ‫األنظمة العربية لولوج طريق اإلصالح والتغيير‬ ‫وتلبية رغبات شعوبها في التخلص من القمع‬ ‫والفساد وإغالق كل النوافذ والثغرات التي تعطي‬ ‫ينس‬ ‫األجنبي حجة للتدخل في شؤونها‪ .‬ولم‬ ‫َ‬ ‫السيد اخلامنئي توجيه رسالة واضحة للمقاومني‬ ‫في فلسطني خصوصاً‪ّ ،‬‬ ‫فذكرهم بالبعد اإلمياني‬

‫للثورة اإليرانية ودعاهم العتماد خيار اإلسالم‬ ‫كطريق حاسم لتحقيق االنتصار على املعتدين‬ ‫الصهاينة‪ ،‬وأعاد التأكيد أنه ومنذ سنوات طويلة‬ ‫طرح هذا اخليار على الفلسطينيني وعلى أحد‬ ‫زعمائهم وهو يعود ليكرر اليوم على مسامع‬ ‫احلاضرين أن النصر على “إسرائيل” حتمي لكن‬ ‫هذا يتط ّلب عودة الى ديننا احلنيف مصدر عزة‬ ‫وقوة املسلمني ‪.‬‬ ‫وختم السيد اخلامنئي كلمته بدعوة الشعوب‬ ‫والبلدان اإلسالمية لنصرة فلسطني وحترير‬ ‫القدس قائالً إن قوة إيران العسكرية يجب أن‬ ‫ال تخيف أحدا ً من جيراننا فهي للدفاع عن كل‬ ‫املستضعفني‪ ،‬وطمأن الفلسطينيني أن إيران لن‬ ‫تتخلى عنهم وعن قضيتهم ودعاهم لتوحيد‬ ‫جهودهم وطاقاتهم لتحقيق النصر النهائي‬ ‫على الغزاة الصهاينة وحلفائهم األميركيني‪.‬‬ ‫تال كلمة السيد اخلامنئي كلمات رؤساء‬ ‫الوفود ثم كانت كلمة جامعة للرئيس محمود‬ ‫أحمدي جناد في ختام أعمال املؤمتر ّ‬ ‫أكد فيها على‬ ‫العناوين التي تضمنها خطاب السيد اخلامنئي‬ ‫وشكر املؤمترين على جهودهم ودعاهم ملتابعة‬ ‫ّ‬ ‫تشكلت‬ ‫نتائج مؤمترهم من خالل اللجان التي‬ ‫لهذه الغاية‪ ،‬ثم قام بنفسه بتوزيع هدايا تذكارية‬ ‫على جرحى وذوي شهداء مسيرات العودة في‬ ‫لبنان وسوريا‪.‬‬ ‫أهمية مؤمتر طهران تكمن في هذا احلشد‬ ‫الكبير الذي جتاوز الـ ‪ 700‬مندوب‪ ،‬مثلوا أكثر الدول‬ ‫اإلسالمية والعربية والصديقة لفلسطني‪ ،‬وفي‬ ‫التفاعل الرائع بني املؤمترين الذين حملوا معهم‬ ‫تأييد شعوبهم واستعدادها لتقدمي كل ما يلزم‬ ‫وثم في توقيته‪ ،‬حيث‬ ‫من أجل القدس وفلسطني‪ّ ،‬‬ ‫جاء انعقاده في ظل حراك شعبي عربي أثمر هزمية‬

‫‪47‬‬

‫جديدة للصهاينة من خالل سقوط نظام مبارك‬ ‫في مصر وعودة احلياة تدريجيا ً الى العالقات بني‬ ‫مصر وقطاع غزة الذي عمل مبارك على خنقه‬ ‫واستكمال محاصرته ألكثر من خمس سنوات‪،‬‬ ‫ثم في ظل استعدادات فلسطينية وعربية‬ ‫ّ‬ ‫وإسالمية ودولية لتنظيم مسيرات مليونية‬ ‫جديدة نحو احلدود مع فلسطني احملتلة في‬ ‫السنة القادمة بعد املسيرات األخيرة في لبنان‬ ‫وسوريا التي وضعت الصهاينة ألول مرة منذ‬ ‫أكثر من ‪ 60‬عاما ً أمام حتمية زوال كيانهم بفعل‬ ‫إصرار أصحاب األرض على حتريرها واستعدادهم‬ ‫للتضحية في سبيلها‪.‬‬ ‫ثم إن هذا املؤمتر يأتي لتذكير بعض من أضاع‬ ‫ّ‬ ‫البوصلة من العرب فراح ينفخ في بوق الفتنة‬ ‫املذهبية بني شيعة وسنة متناسيا ً اخلطر‬ ‫الصهيوني على أمنه ومستقبله ومسخرا ً‬ ‫جهوده وإمكاناته املادية والبشرية خلدمة املصالح‬ ‫األميركية في املنطقة لتمكينها من إبقاء‬ ‫قبضتها على ثرواتها النفطية واستكمال دورها‬ ‫في قمع الشعوب العربية وكبح تطلعاتها في‬ ‫احلرية والوحدة وإزالة كل آثار االحتالل عن ترابها‬ ‫الوطني منذ فلسطني الى سوريا والعراق ولبنان‬ ‫وكل شبر وطأته القدم األميركية والصهيونية‪.‬‬ ‫لقد احتضنت إيران فلسطني وقضيتها منذ‬ ‫انتصار ثورتها عام ‪ 1979‬ولم تتوا َن عن تقدمي الدعم‬ ‫املادي واملعنوي للمقاومني الفلسطينيني ودفعت‬ ‫ثمن ذلك حصارا ً “لم تنت ِه فصوله بعد” وتهديدات‬ ‫باالعتداء على مرافقها العسكرية واالقتصادية‪،‬‬ ‫يثن إيران عن دورها‪ ،‬بل لعل التطور‬ ‫لكن ذلك لم ِ‬ ‫التكنولوجي والنووي الذي أذهل العالم وجعل‬ ‫من إيران دولة يُحسب لها حساب كان الرد األبلغ‬ ‫على حصارهم وتهديداتهم وعقوباتهم‪ ،‬كما‬ ‫أن عودة إيران للعب دور استراتيجي في املنطقة‬ ‫واحتضانها حلركات املقاومة في لبنان وفلسطني‬ ‫أفشل كل مخططاتهم وتهديداتهم ووضعهم‬ ‫في موقف الدفاع بعد أن كانوا لعقود خلت‬ ‫ويدمرون دون وازع من خُ لق أو ضمير‪.‬‬ ‫يهاجمون‬ ‫ّ‬ ‫فهل يستفيد العرب من قوة إيران بدل‬ ‫استعدائها؟ وهل يدرك العرب‪ ،‬ولو متأخرين‪ ،‬أن‬ ‫العدو الدائم لهذه األمة هم الصهاينة ومن‬ ‫واالهم‪ ،‬وأن إيران اإلسالمية هي الضمانة ألمنهم‬ ‫فيعيدوا النظر بسياساتهم الراهنة التي ال تخدم‬ ‫إالّ أعداء األمة من املستعمرين اجلدد – الصهاينة‬ ‫واألميركيني؟‪.‬‬

‫أمني سر اجمللس الثوري حلركة فتح‬ ‫االنتفاضة‬ ‫حسن زيدان‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫في اليمن «السعيد» صراع وتنافس على السلطة‬ ‫واالنتفاضة الشعبية «الديمقراطية» تم اختطافها‬ ‫وسط حالة الفوضى والصراع التي اجتاحت‬ ‫اليمن‪ ،‬يبدو أن هناك جملة من احلقائق أصبحت‬ ‫ثابتة بعدما تبني أن الالعب األساسي في الصراع‬ ‫الدائر هناك‪ ،‬هو مجموعة من العوامل اإلقليمية‬ ‫والدولية يضاف إليها احلراك األساسي وتعدد‬ ‫األطراف الداخلية املتصارعة‪.‬‬ ‫الرئيس اليمني علي عبد اهلل صالح‪ ،‬كان قد وعد‬ ‫ّ‬ ‫وأكد مرارا ً أنه سيقبل باخلطة األصلية التي ُسميت‬ ‫باملبادرة اخلليجية لتخليه عن السلطة حلكومة‬ ‫انتقالية‪ ،‬والتي متنحه احلصانة هو وعائلته‪ ،‬بينما‬ ‫الدعوة اجلديدة التي يتبناها احلزب احلاكم هي “بقاء‬ ‫الرئيس في منصبه حتى موعد إجراء “االنتخابات‬ ‫املبكرة”‪.‬‬ ‫وقد اتسمت خطة التحول السياسي التي‬ ‫اقترحها مجلس التعاون اخلليجي “املبادرة‬ ‫اخلليجية” بالغموض منذ البداية حيث مت وضعها‬ ‫إليجاد وسيلة خروج آمن لصالح من منصبه بعدما‬ ‫أخذت االحتجاجات املناهضة للحكومة في اليمن‬ ‫شكل مواجهات دامية‪ ،‬وقد وافق احلزب احلاكم‬ ‫وكذلك الرئيس صالح‪ ،‬مبدئيا ً على نقل سلطة‬ ‫الرئاسة لنائب الرئيس فور التوقيع على املبادرة‪،‬‬ ‫إال أن الرئيس تراجع في اللحظة األخيرة عن وعده‬ ‫بتوقيع االتفاقية‪.‬‬ ‫ويحتدم اجلدل منذ ذلك احلني بني املعتدلني في‬ ‫احلكومة واملعارضة حول تفاصيل اخلطة‪ ،‬التي‬ ‫مت تعديلها عدة مرات بتوجيه من اجملتمع الدولي‬ ‫والواليات املتحدة بشكل خاص‪.‬‬ ‫ولكن حتى اآلن‪ ،‬ال يوجد أي تدبير ميكن أن يلبي‬ ‫طلب الرئيس صالح األساسي‪ ،‬غير القابل للتفاوض‪،‬‬ ‫إال وجود خطة تضمن عدم وجود سبيل واضح‬ ‫أعد‬ ‫لوصول املعارضة الى السلطة‪ ،‬ويبدو أن َمن ّ‬ ‫اخلطة أراد لها أن تأخذ وقتها الكافي وسط حالة‬ ‫اجلدل املستمرة ريثما يتم تأمني اخلطط األخرى التي‬ ‫تخدم املصالح اإلقليمية ملعدي اخلطة واملوافقة‬ ‫األميركية عليها‪.‬‬ ‫وحسب مسؤول حكومي‪ ،‬فإن مخاوف الرئيس‬ ‫صالح الرئيسية تتمحور حول السالم‪ ،‬هل تعرفون‬ ‫ماذا يعني التنحي بالنسبة له؟ إنه يعني االستسالم‬ ‫لعلي محسن األحمر وحميد األحمر‪ :‬األول‪ ،‬لواء‬ ‫انشق وانضم الى املعارضة والثاني ملياردير في‬ ‫مجال االتصاالت وسليل قبيلة األحمر ذات املكانة‬ ‫في البالد‪.‬‬

‫علي عبد اهلل صالح‬

‫االحتجاجية للتنافس على السلطة وحتملها‬ ‫احلكومة مسؤولية الهجوم بالقنابل على الرئيس‬ ‫وإصابته في حزيران املاضي‪.‬‬ ‫لقد كانت تكلفة الفشل في الوصول الى اتفاق‬ ‫باهظة التكاليف‪ ،‬حيث هزّت املظاهرات املناهضة‬ ‫للحكومة املدن الكبرى في جميع أنحاء اليمن ودُ ّمر‬ ‫االقتصاد وانتشرت أعمال العنف‪ ،‬وخرجت احملافظات‬ ‫النائية عن سيطرة احلكومة التي سقطت في بعض‬ ‫احلاالت بيد املتشددين اإلسالميني الذين يرتبط‬ ‫بعضهم بتنظيم القاعدة في اجلزيرة العربية‪.‬‬ ‫وعالوة على ذلك فإن خيبة أمل املعارضة‬ ‫السياسية في الرئيس صالح قد ازدادت‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أنهم قد أبدوا استعدادهم للتفاوض‬ ‫مع احلكومة‪ ،‬وخالفا ً للمتظاهرين في الشوارع‪ ،‬فإن‬ ‫القوى السياسية‪ ،‬مثل احلكومة مدججة بالسالح‬

‫اإلنتفاضة الشعبية اخ ُتطفت‬ ‫ويعتقد الكثيرون‪ ،‬أن الرجلني يستغالن احلركة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪48‬‬

‫ومستعدة للقتال ولكن الرئيس مايزال متشبثا ً‬ ‫مبنصبه‪ ،‬على الرغم من خطر احلرب األهلية‪ ،‬حتى ال‬ ‫يترك البالد لقمة سائغة ملنافسيه كما يعتقد‪ ،‬وقد‬ ‫تراجع حزبه عن التنازالت التي كان على استعداد‬ ‫لتقدميها عندما كان الرئيس في السعودية بعد‬ ‫عودته‪.‬‬ ‫ويقول حتالف املعارضة السياسي في اليمن‬ ‫واملعروف بـ “أحزاب اللقاء املشترك” أن عودة صالح‬ ‫كان لها أثر سلبي على محاولة التوصل الى حل‬ ‫سياسي‪.‬‬ ‫لقد قدم الرئيس علي عبد اهلل صالح تنازالت‬ ‫شفهية كثيرة خالل االحتجاجات التي بدأت في‬ ‫كانون الثاني املاضي‪ ،‬منها وعد بالتنحي مقابل‬ ‫منحه حصانة من املالحقة القضائية‪ ،‬ووافقت‬ ‫املعارضة على خطة سالم توسطت فيها دول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي ولم توافق بعدها على أي‬ ‫خطة‪ ،‬وتراجع مرات من اللحظة األخيرة عن توقيع‬ ‫اتفاق‪ ،‬وأطلق في أيار الشرارة القتتال بشوارع صنعاء‬ ‫بني قواته واحتاد قبائل حاشد القوي‪.‬‬ ‫وأجبر القتال آالف السكان على الفرار من صنعاء‬ ‫وزاد من احتماالت الفوضى وهو ما يفيد تنظيم‬ ‫“القاعدة” ويهدد السعودية التي ترغب وهي مصدر‬ ‫متويل رئيسي للحكومة اليمنية في السيطرة على‬ ‫عملية اخلالفة مثله متاماً‪ ،‬وصالح كان ملتزما ً باتفاق‬ ‫مع السعودية لتسليم السلطة‪.‬‬


‫اللواء علي محسن األخمر‬

‫أحمد علي عبد اهلل صالح‬

‫حميد األحمر‬

‫لقد أتقن الرئيس صالح لعبة وسياسة حافة‬ ‫الهاوية حيث أمضى وقت األزمة وهو يعلن مرارا ً‬ ‫وتكرارا ً أنه على وشك التنحي‪ ،‬وقال مؤخراً‪”:‬أنا‬ ‫أرفض السلطة وسأرفضها في األيام املقبلة‪،‬‬ ‫سأتخلى عنها” ولكنه كرر شرطه‪ ،‬أنه لن يتخلى‬ ‫عن السلطة ملنافسيه من أحزاب املعارضة الذين‬ ‫يقول عنهم‪“ ،‬اختطفوا احتجاج نشطاء الشباب‬ ‫ويهدفون الى هدم العملية الدستورية”‪.‬‬ ‫وترى املعارضة اليمنية “اللقاء املشترك”‪ ،‬أن كالم‬ ‫صالح عن التنحي هو التفاف على مشاورات مجلس‬ ‫األمن إلنهاء حالة اجلمود‪ ،‬ولكن أنصاره يؤكدون‪“ :‬أنه‬ ‫أظهر التزامه باخلطة ولكن ال توجد نية لالستقالة‬ ‫أو نقل الصالحيات قبل املوافقة على اتفاق والتوقيع‬ ‫عليه‪ ،‬حتى ال تسقط البالد في حالة من الفوضى‬ ‫أو احلرب”‪.‬‬ ‫يعيش اليمن حاليا ً أوضاعا ً سياسية شبه‬ ‫منهارة وأوضاعا ً أمنية وإدارية شبه مغيبة وظروفا ً‬ ‫معيشية معطلة الى حد كبير‪ ،‬فضالً عن واقع‬ ‫اجملتمع املسلح‪ ،‬وقد خابت توقعات املراقبني في‬ ‫الداخل واخلارج عندما حتول الوضع من ثورة سلمية‬ ‫شبابية دميقراطية الى مواجهة من العنف والثأر‬ ‫وسط انقسام اجتماعي في البالد‪.‬‬ ‫وعالقات اليمن مع اخلارج وخاصة الواليات املتحدة‬ ‫يسودها التوتر والسبب تنامي خالف حول كيفية‬ ‫محاربة فرع تنظيم القاعدة في اليمن‪ ،‬وفي حني‬ ‫ينسب كل طرف الفضل إليه في عملية قتل رجل‬ ‫الدين األميركي املولد أنور العولقي بهجوم لطائرة‬ ‫أميركية من دون طيار‪ ،‬جندهما يتجادالن بشأن‬ ‫أولويات مختلفة‪ ،‬ويتهم مسؤولون مينيون الواليات‬ ‫املتحدة بعدم مساعدة القوات احلكومية في‬ ‫محاربتها املعارضني داخل اليمن‪ ،‬ويقولون إن الكثير‬ ‫منهم متمردون مرتبطون بتنظيم “القاعدة” وينوون‬ ‫مهاجمة الغرب‪ ،‬وفي املقابل ال يبدي مسؤولون‬ ‫أميركيون اهتماما ً كبيرا ً بالتمرد داخل اليمن‪،‬‬ ‫ويرفضون جذب الواليات املتحدة الى فوضى داخل‬ ‫اليمن‪ ،‬ويظهر اخلالف معضلة تواجه إدارة أوباما‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أنها تعتمد على تعاون في مجال مكافحة‬ ‫اإلرهاب مع حكومة صالح الستهداف زعماء تنظيم‬ ‫“القاعدة” في شبه اجلزيرة العربية الذي يتخذ من‬ ‫اليمن مقرا ً له‪ ،‬فإنها ترغب في استقالة صالح في‬ ‫إطار ما يسمى “الربيع العربي” املؤيد للديقمراطية‪،‬‬ ‫وهذا يعني أن هناك حالة من اجلدل واخلصام‪ ،‬أيضا ً‬ ‫على الرغم من مزاعم أميركية‪ ،‬بأن العالقات قوية‬ ‫وقائمة على التعاون‪ ،‬ويقول أحد املقربني من الرئيس‬ ‫صالح “إن اجلانب األميركي يهتم بالوضع السياسي‬ ‫أكثر من اهتمامه مبحاربة اإلرهاب”‪.‬‬

‫التي بلغت أكثر من تسعة أشهر الى العنف‪ ،‬بينما‬ ‫تتقاتل قوات عسكرية متنافسة وميليشيات قبلية‬ ‫ضد بعضها داخل العاصمة صنعاء وفي مدن أخرى‪،‬‬ ‫وقد فشلت مساع ديبلوماسية في إقناع الرئيس‬ ‫اليمني بالتوقيع على اتفاق لنقل السلطة صاغة‬ ‫جيران اليمن في منطقة اخلليج “مجلس التعاون”‬ ‫ودعمته الواليات املتحدة وأوروبا‪ ،‬وجند أن االضطراب‬ ‫أضعف من سيطرة احلكومة على الكثير من اليمن‪،‬‬ ‫وال سيما في اجلنوب‪ ،‬حيث سيطرة مسلحني‬ ‫إسالميني‪ ،‬الكثير منهم مرتبط بتنظيم “القاعدة”‪،‬‬ ‫على مساحة كبيرة وخاصة في محافظة أبني‪،‬‬ ‫ويخشى الكثير من اليمنيني والدبلوماسيني أن هذه‬ ‫الدولة الفقيرة على شفا انزالق الى معترك حرب‬ ‫أهلية وانهيار اقتصادي‪.‬‬ ‫إن ملف “القاعدة” ومواجهة هذا التنظيم من‬ ‫قبل الواليات املتحدة بهدف احليلولة دون تفاقم‬ ‫خطورته‪ ،‬في دولة يزداد تفككها يوما ً بعد يوم‬ ‫وتفقد الكثير من سيطرتها عن بعض املناطق‪،‬‬ ‫يشكل عامالً رئيسا ً لتحديد التوجهات السياسية‬ ‫األميركية في اليمن وأسلوب تعاطيها مع الثورة‬ ‫وموقفها منها‪ ،‬ومن طرفي األزمة في السلطة‬ ‫واملعارضة‪ ،‬ولذلك اتسم املوقف األميركي جتاه ما‬ ‫يحدث في اليمن‪ ،‬وبالتقلب حينا ً وعدم الوضوح‬ ‫حينا ً آخر‪ ،‬والقيام بدور الوسيط احملايد الذي يسعى‬ ‫دون انهيار البالد‪ ،‬ويعتقد مراقبون “أن استقرار اليمن‬ ‫يهم واشنطن‪ ،‬وأنها تعمل حتى ال يتجه الى احلرب‬ ‫األهلية‪ ،‬ولكنها لم تاخذ موقفا ً واضحا ً خملاوفها من‬ ‫تنظيم “القاعدة” وشكوكها في السلطة وعدم‬ ‫ثقتها باملعارضة والقوات الداعمة للثورة‪.‬‬ ‫وألن الرئيس صالح يعرف حجم اخملاوف األميركية‬ ‫والغربية‪ ،‬من هذا التنظيم فقد عمل على تعزيزها‪،‬‬ ‫ويؤكد خبراء‪ ،‬أن املواجهات األخيرة في محافظة أبني‬ ‫(جنوب البالد) بني مسلحي “القاعدة” وقوات اللواء‬ ‫‪ 25‬ميكا املستمرة منذ أواخر شهر أيار املاضي وحتى‬ ‫اللحظة‪ ،‬كشفت الكثير من احلقائق بتوظيف‬ ‫الرئيس اليمني مللف “القاعدة” بهدق التأثير في‬ ‫املوقف األميركي والسعودي من األحداث التي‬ ‫تشهدها البالد‪.‬‬

‫قوية بأن اليمن يفتح صفحة جديدة هي التوقيع‬ ‫على الوثيقة ثم اتفاق مبجرد التوقيع حول كيفية‬ ‫التحول الدميقراطي‪.‬‬ ‫في هذا الوقت يؤكد الرئيس صالح التزامه أيضا ً‬ ‫واستعداده للتنازل على شرط أال يكون ذلك في صورة‬ ‫“انقالب عسكري” ضده وقال املراقبون‪ :‬إن اخلارجية‬ ‫األميركية تريد من املعارضة وضع اعتبار لشروط‬ ‫صالح‪ ،‬ومجلس األمن دعا بدوره الرئيس صالح‬ ‫الى توقيع املبادرة اخلليجية من أجل انتقال سلمي‬ ‫للسلطة‪ ،‬وأعلنت احلكومة اليمنية ترحيبها بقرار‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬ورغم الترحيب اندلعت اشتباكات‬ ‫عنيفة في صنعاء بني أنصار صالح ومناوئيه‬ ‫خصوصا ً أتباع الزعيم القبلي صادق األحمر‪.‬‬ ‫االنتفاضة الشعبية التي اندلعت منذ أشهر‬ ‫ورفعت لواء الدميقراطية اختطفها الصراع‬ ‫والتنافس للسيطرة على احلكم من قبل فصائل‬ ‫نخبوية وزادت األمور تعقيدا ً عودة الرئيس علي عبد‬ ‫اهلل صالح‪.‬‬ ‫موجات العنف األخيرة هي احللقة األحدث في‬ ‫املسلسل الطويل وهي انطلقت من صراع داخلي‬ ‫على السلطة يتعاظم منذ سنوات عدة‪.‬‬ ‫وخالل فترة نقاهة الرئيس صالح‪ ،‬فإن أحمد‬ ‫صالح الذي كان مرشحا ً لوالده وهو خصم قدمي‬ ‫للواء األحمر‪ ،‬شن احلرس اجلمهوري بقيادته العديد‬ ‫من الهجمات التي استهدفت املتظاهرين‪ ،‬وأدت‬ ‫املعارك الضارية بني النخب ممثلة “باللواء محسن‬ ‫األحمر الذي انشق عن اجليش وكان مؤمتنا ً على أسرار‬ ‫الرئيس من قبل‪ ،‬وحميد األحمر‪ ،‬وجنل صالح األكبر‬ ‫أحمد‪ ،‬الى تقويض التحالف للشباب والناشطني‬ ‫الذين مارست تظاهراتهم في البداية ضغوطا ً‬ ‫على صالح وتسببت بتهميش األحزاب السياسية‬ ‫والبرملان‪ ،‬وهي هيئات تعاني أصالً من الضعف‬ ‫لكنها تعمل‪ ،‬وكذلك تهميش اجملتمع املدني املتسم‬ ‫بطواعيته‪ ،‬مع العلم أن هذه اجملموعات الثالث‬ ‫تشكل ركائز محتملة لبناء مين دميقراطي جديد‪،‬‬ ‫كما شكل التناحر الداخلي حتديا ً إضافيا ً للسلطة‬ ‫املركزية في بلد حيث سلطة القانون فيه ضعيفة‬ ‫أصالً وحيث وجد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب‬ ‫مالذا ً آمناً‪.‬‬ ‫اليمن يسير بسرعة على خطى الصومال في‬ ‫اجلهة األخرى من خليج عدن حيث فرض املسلحون‬ ‫اإلسالميون حكما ً على مساحات شاسعة من‬ ‫البالد‪ ،‬وحتصد اجملاعة والقتال عددا ً كبيرا ً من‬ ‫الضحايا‪ .‬سيناريو من هذا النوع ينتظر اليمن إذا‬ ‫لم تسارع قوى وازنة للمساعدة في إيجاد حل ما‪،‬‬ ‫يوقف الفوضى ويعود جميع األطراف الى العقل‬ ‫وحتمل مسؤولياتهم في حماية البلد من اخلراب‪ ،‬وإال‬ ‫فالوقت مير بسرعة نحو خيارات مفتوحة على كل‬ ‫االحتماالت احلالكة السواد‪.‬‬

‫خطة مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫املعروض الوحيد‬ ‫وتأتي التوترات مع حتول الثورة الشعبية اليمنية‬

‫احلرب األهلية ‪ ...‬اخلطر القادم‬ ‫تقول مصادر ديبلوماسية غربية في صنعاء‪ :‬إن‬ ‫واشنطن تعمل على أن ال تنجر اليمن الى حرب‬ ‫أهلية من خالل الوساطة والضغوط التي متارسها‬ ‫على طرفي األزمة في اليمن‪ ،‬ألن االنفجار في مثل‬ ‫هذه احلرب‪ ،‬قد يجعل اليمن يغرق في الفوضى‪ ،‬ما‬ ‫سيتيح لتنظيم “القاعدة” الفرصة املواتية للعمل‬ ‫على تعزيز تواجده وتنفيذ مخططاته‪.‬‬ ‫وتؤكد الواليات املتحدة التزامها باملبادرة‬ ‫اخلليجية‪ ،‬وترى فيها الطريق األسرع إلرسال إشارة‬

‫‪49‬‬

‫نبيل مرعي‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫‪ 10‬سنوات على احتالل أفغانستان واألهداف ما زالت غير واضحة‬ ‫أوباما يسحب القوات واألميركيون ‪ :‬لماذا كانت الحرب الطويلة؟‬ ‫اعتبارات وتفسيرات عدة طرحت لتبرير قرار‬ ‫الرئيس األميركي باراك أوباما بدء االنسحاب‬ ‫من أفغانستان بداية من شهر متوز‪ ،‬متهيدا‬ ‫لنقل كامل للسلطة إلى احلكومة األفغانية‬ ‫بحلول عام ‪ .2014‬ركزت هذه التفسيرات على‬ ‫احلسابات االنتخابية‪ ،‬خاصة في ضوء تصاعد‬ ‫االجتاهات الداخلية املعارضة الستمرار الوجود‬ ‫العسكري األميركي في أفغانستان‪ .‬كما نشأ‬ ‫جدل آخر حول تداعيات بدء هذا االنسحاب‪،‬‬ ‫سواء فيما يتعلق مبستقبل املشروع السياسي‬ ‫اجلاري تطبيقه في أفغانستان‪ ،‬أو فيما يتعلق‬ ‫بالعالقة مع طالبان‪ .‬ومع أهمية عامل احلسابات‬ ‫االنتخابية‪ ،‬والعوامل الداخلية األميركية بشكل‬ ‫عام‪ ،‬في قرار االنسحاب‪ ،‬وتداعياته‪ ،‬إال أن هذا‬ ‫القرار يتجاوز احلسابات الداخلية األميركية‪ -‬دون‬ ‫نفي كامل ألهميتها ‪ -‬ويكتسب أبعادا ً هيكلية‬ ‫تتعلق بطريقة إدارة عملية االحتالل وعالقتها‬ ‫بتطبيق املشروع السياسي‪.‬‬ ‫ومبعنى آخر‪ ،‬فإن طول فترة االحتالل قد يؤدي‬ ‫إلى جناح قوات االحتالل في حتقيق االستقرار‬ ‫وغياب العنف الداخلي‪ ،‬ولكنه قد يؤدي في الوقت‬ ‫نفسه إلى تراجع مصداقية خطاب االحتالل‬ ‫حول االنسحاب‪ ،‬ومن ثم تعميق الشكوك حول‬ ‫نوايا االحتالل في إعادة السيادة إلى الشعب‬ ‫احملتل‪ ،‬األمر الذى قد يؤدي إلى تصاعد التيار‬ ‫القومي الرافض ملشروع االحتالل‪ ،‬على نحو قد‬ ‫يؤدي إلى اضطرار قوات االحتالل إلى االنسحاب‬ ‫قبل اكتمال مشروعها السياسي‪ .‬أيضاً‪ ،‬فإن‬ ‫االنسحاب املبكر قد يؤدي إلى عدم ظهور التيار‬ ‫القومي الرافض للمشروع السياسي لالحتالل‪،‬‬ ‫ولكنه قد يؤدي في الوقت ذاته إلى انتكاس‬ ‫العملية السياسية وعودة احلرب األهلية‬ ‫(الطائفية‪ ،‬أو العرقية) قبل استقرار التسوية‬ ‫السياسية التي أرسيت في ظل االحتالل‪.‬‬ ‫وهناك ثالث مهام أساسية يجب أن ينتهي‬ ‫منها أي احتالل قبل االنسحاب‪ :‬األولى‪ :‬تشكيل‬ ‫حكومة محلية قادرة على القيام بالوظائف‬ ‫األساسية وتتمتع بدرجة معقولة من الشرعية‬ ‫لدى قطاع مهم من الشعب‪ .‬الثانية‪ ،‬ضمان‬ ‫األمن الداخلي واخلارجي للدولة احملتلة في‬ ‫مرحلة ما بعد التدخل‪ ،‬سواء مت ذلك من خالل‬ ‫االعتماد على اجليش وأجهزة الشرطة الوطنية‬ ‫أو من خالل قوات االحتالل ذاتها‪ ،‬أو من خالل‬ ‫توافقات إقليمية ميكن االعتماد عليها‪ .‬املهمة‬ ‫الثالثة هي ضرورة إيجاد إطار يسمح باستمرار‬ ‫عالقة بني الطرفني في مرحلة ما بعد االحتالل‪،‬‬ ‫ميكن من خالله تقدمي الدعم‪ ،‬السياسي واألمني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االنسحاب األميركي من أفغانستان‬

‫واالقتصادي‪ ،‬لدولة ما بعد االحتالل‪ ،‬فعملية بناء‬ ‫الدولة قد ال تنتهي مبجرد االنسحاب‪ .‬ولكن يظل‬ ‫التحدي الرئيس هنا هو إجناز االحتالل لهذه املهام‬ ‫الثالث في وقت مناسب قبل االنسحاب‪ ،‬كما ال‬ ‫يجب أن يظل فترة طويلة بعد اكتمالها‪.‬‬ ‫وال ميكن حتديد املستويات املثلى حلجم قوات‬ ‫االحتالل ومستوى العنف املستخدم مبعزل‬ ‫عن معضلة الوقت‪ ،‬وذلك بالنظر إلى العالقة‬ ‫القوية بني املتغيرات الثالثة‪ ،‬فإعطاء أولوية‬ ‫أكبر لتجنب معضلة الوقت قد يعني التوسع‬ ‫في حجم قوات االحتالل ومستوى العنف‬ ‫املستخدم‪ .‬والعكس صحيح‪ ،‬فاعتماد مستوى‬ ‫أقل من قوات االحتالل والعنف املستخدم قد‬ ‫يجنب قوات االحتالل تطور التوجهات العدائية‪،‬‬ ‫ولكن هذا قد يعني احلاجة لبقاء االحتالل لفترة‬ ‫طويلة‪ ،‬كما قد يعني صعوبات في إدارة تنفيذ‬ ‫املشروع السياسي مبختلف مكوناته‪.‬‬ ‫ففي هذا الشهر‪ ،‬تستهل الواليات املتحدة‬ ‫طي احلرب بأفغانستان بعد نحو عشرة أعوام من‬ ‫شنها‪ ،‬وهي أطول احلروب األميركية‪ .‬ويفترض أن‬ ‫ينسحب ‪ 30‬ألف جندي أميركي في الصيف‬ ‫املقبل‪.‬‬ ‫وانسحاب القوات األميركية من أفغانستان‬ ‫يعيد الى األذهان ذكرى صدمة أكبر عصفت‬ ‫باآلسيويني وهي ذكرى االنسحاب األميركي‬ ‫السريع من سايغون في ‪ .1975‬فيومها بدا أن‬ ‫االنسحاب هذا يؤذن بانسحاب أميركي أوسع‬

‫‪50‬‬

‫من آسيا استجابة للرأي العام األميركي املتعب‬ ‫من احلرب وامل ّيال الى العزلة والتيار االنعزالي‪.‬‬ ‫وال شك في أن األميركيني تقوقعوا على‬ ‫أنفسهم إثر سقوط سايغون‪ .‬وإهمالهم‬ ‫املسألة األفغانية بعد االنسحاب السوفياتي‬ ‫في ‪ 1989‬أسهم في انزالق أفغانستان الى‬ ‫الفوضى وفي إحكام “القاعدة” قبضتها على‬ ‫البلد‪ .‬ولذا‪ ،‬يتساءل القادة اآلسيويني عن وجه‬ ‫االلتزامات األميركية في آسيا بعد انسحاب‬ ‫القوات األميركية من أفغانستان‪.‬‬ ‫وطمأن وزير الدفاع األميركي‪ ،‬روبرت غيتس‬ ‫الذي غادر منصبه ليتواله ليون بانيتا‪ ،‬أصدقاء‬ ‫وحلفاء الواليات املتحدة في آسيا الى مستقبل‬ ‫عالقات التعاون األميركية في هذه املنطقة من‬ ‫العالم‪ ،‬في منتدى حوار شانغريال بسنغافورة‪،‬‬ ‫وهو منتدى أمني حكومي دولي شارك فيه‬ ‫وزير الدفاع الصيني‪ ،‬اجلنرال ليانغ غوانغلي‪.‬‬ ‫وتعهد غيتس رفع عدد السفن احلربية‬ ‫األميركية املرابطة في سنغافورة نزوال ً على‬ ‫االتفاق االستراتيجي مع البلد املضيف‪ ،‬وزيادة‬ ‫عدد زيارات السفن احلربية األميركية املرافئ‬ ‫اآلسيوية‪ ،‬وزيادة التدريبات البحرية املشتركة‪،‬‬ ‫وتوطيد التعاون العسكري املتعدد األطراف‪.‬‬ ‫وذهب غيتس الى أن االستراتيجية األميركية‬ ‫املقبلة في آسيا تلتزم رفع القيود عن التبادالت‬ ‫التجارية ودعم إرساء احلقوق ودولة القانون‬ ‫وتأييد سيادة الدول اآلسيوية‪ ،‬واحلرص على بقاء‬


‫املمرات البحرية واجلوية مفتوحة أمام حركة‬ ‫املالحة وعلى رفع القيود عن اجملال االفتراضي‬ ‫في آسيا والعالم‪ ،‬والبحث عن حلول سلمية‬ ‫للنزاعات احملتملة‪.‬‬ ‫ولكن مبغادرة غيتس ملنصبه تبدو تطميناته‬ ‫في مهب الرياح‪ ،‬في وقت يبدو النهج األميركي‬ ‫ملتبسا ً في آسيا‪ .‬ولذا‪ ،‬يطعن بعض القادة‬ ‫اآلسيويني في قدرة الواليات املتحدة على احلفاظ‬ ‫على هيمنتها العسكرية‪ ،‬في وقت تواجه‬ ‫مشكالت اقتصادية وتقلص نفقات التزاماتها‬ ‫اخلارجية‪.‬‬ ‫وبذلك ميتحن مآل األمور في أفغانستان‬ ‫إثر االنسحاب األميركي إرادة الدول اآلسيوية‬ ‫في التعاون إلرساء نظام إقليمي‪ .‬ومصالح‬ ‫الدول هذه البعيدة األمد تتقاطع‪ .‬فالدول هذه‪،‬‬ ‫ومنها الصني‪ ،‬ال ترغب في حتول أفغانستان‬ ‫مالذا ً لالرهابيني‪ .‬ووحده اإلجماع على مصير‬ ‫أفغانستان يجنب البلد هذا نزاعات السيطرة‬ ‫عليه‪ .‬ومثل هذا اإلجماع ميهد لصوغ نظام‬ ‫آسيوي ركنه التوافق وليس القوة العسكرية‪.‬‬ ‫والتزاما منه بوعوده‪ ،‬حدد أوباما في خطاب‬ ‫ألقاه في ‪ 22‬حزيران ‪ 2011‬من البيت األبيض‬ ‫بدء االنسحاب األميركي في متوز ‪ 2011‬متعهدا‬ ‫بإعادة ‪ 10‬آالف عنصر إلى الديار هذه السنة من‬ ‫أصل التعزيزات التي أرسلها إلى أفغانستان‬ ‫للحد من تصعيد النزاع على أن يتم سحب‬ ‫‪ 23‬ألف عنصر بحلول الصيف املقبل‪ ،‬على‬ ‫أن تتواصل عمليات سحب القوات وصوال ً إلى‬ ‫حتمل القوات األفغانية املسؤوليات األمنية عام‬ ‫‪.2014‬‬ ‫وفي منعطف في السياسة اخلارجية‬ ‫األميركية‪ ،‬أعلن أوباما في اخلطاب الذي استغرق‬ ‫نحو ‪ 13‬دقيقة احلد بشكل كبير من أهداف احلرب‬ ‫األميركية موضحا ً أن واشنطن لن حتاول من اآلن‬ ‫فصاعدا ً بناء أفغانستان “مثالية” في هذا البلد‬ ‫الذي عرف تاريخا ً من النزاعات الدامية‪.‬‬ ‫وأكد أن القوات األميركية حققت تقدما‬ ‫كبيرا نحو األهداف التي حددت إلستراتيجية‬ ‫التعزيزات التي أقرها في ديسمبر ‪ ،2009‬الفتا ً‬ ‫إلى أنها جنحت في وقف تقدم طالبان وضرب‬ ‫القاعدة وتدريب قوات أفغانية جديدة‪.‬‬ ‫باملقابل رفض الرئيس األميركي دعوات‬ ‫البنتاغون إلى انسحاب أبطأ للقوات حفاظا ً‬ ‫على املكاسب التي حتققت ضد طالبان في‬ ‫موقف يعد مبثابة نكسة سياسية لقائد‬ ‫العمليات العسكرية في أفغانستان اجلنرال‬ ‫ديفيد بترايوس‪ .‬وقال في بيان إن خطة االنسحاب‬ ‫“تعطي قادتنا ما يكفي من املوارد والوقت‪،‬‬ ‫وخصوصا ً املرونة من أجل إجناح إستراتيجية‬ ‫التعزيزات”‪.‬‬ ‫ويأتي إعالن إوباما خطته لالنسحاب من‬ ‫أفغانستان في وقت تطرح تساؤالت ملحة داخل‬ ‫الواليات املتحدة حول هدف احلرب في أفغانستان‬

‫فاتورة اخلسائر املادية والبشرية في أفغانستان‪.‬‬ ‫ويدرك أوباما ضعف الدعم الشعبي للحرب مع‬ ‫تطلعه حلملة إعادة انتخابه في العام ‪.2012‬‬ ‫ويرى البعض في الكونغرس الذين ضاقوا ذرعا ً‬ ‫بحرب تتكلف أكثر من ‪ 110‬مليارات دوالر سنويا ً‬ ‫ويفترض أن تخصص لها واشنطن ‪ 107‬مليارات‬ ‫دوالر عام ‪ 2012‬فيما تواجه البالد أزمة موازنة‬ ‫يريدون سحب عدد أكبر من القوات في البداية‪،‬‬ ‫بعد أن صادقت قمة احللف األطلسي في‬ ‫لشبونة مع نهاية العام ‪ 2010‬على مبدأ تسليم‬ ‫املسؤوليات األمنية لقوات األمن األفغانية في‬ ‫العام ‪.2014‬‬

‫أهداف غير واضحة‬ ‫بعد تصفية زعيم القاعدة أسامة بن الدن‬ ‫في عملية شنتها وحدة كومندوس أميركية‬ ‫في باكستان الشهر املاضي‪ ،‬وفي وقت جتري‬ ‫واشنطن إضافة إلى دول أخرى محادثات أولية‬ ‫مع حركة طالبان لتسهيل عملية املصاحلة‪.‬‬ ‫وفي وقت ال يزال التوتر يخيم على العالقات‬ ‫بني واشنطن وإسالم آباد حليفتها في احلرب‬ ‫على اإلرهاب بعد عملية تصفية بن الدن على‬ ‫أراضيها‪ ،‬حذر أوباما من أنه سيطالب باكستان‬ ‫بااللتزام بتعهداتها بالتصدي ملا وصفه “سرطان”‬ ‫التطرف العنيف‪.‬‬ ‫اجلدير بالذكر أنه بالرغم من هذه اجلدولة‬ ‫لالنسحاب‪ ،‬سيبقى هناك أكثر من ‪ 65‬ألف‬ ‫عسكري في أفغانستان بحلول استحقاق‬ ‫االنتخابات في نوفمبر ‪ 2012‬حني يتقدم أوباما‬ ‫لوالية رئاسية ثانية‪.‬‬ ‫من جهة أخرى أدرج أوباما املهمة في‬ ‫أفغانستان في إطار سياسته اخلارجية‬ ‫وإستراتيجيته احلربية‪ ،‬مذكرا بأنه أمر بسحب‬ ‫مئة ألف عسكري من العراق على أن يتم‬ ‫سحب كامل القوات من هذا البلد بحلول نهاية‬ ‫السنة‪ ،‬معلنا ً عن عقد قمة للحلف األطلسي‬ ‫في أيار ‪ 2012‬في شيكاغو مبوازاة قمة مجموعة‬ ‫الثماني لدرس التطور املسجل في أفغانستان‪.‬‬ ‫وتعد هذه املرحلة األولى من خطة االنسحاب‬ ‫من أفغانستان التي يتواجد بها حاليا نحو‬ ‫‪ 100‬ألف جندي أميركي بعد أن أرسل الرئيس‬ ‫األميركي في العام ‪ 2009‬نحو ‪ 30‬ألف جندي‬ ‫إضافي لقتال حركة طالبان‪.‬‬ ‫وقال الناطق باسم البيت األبيض جاي كارني‬ ‫إن الرئيس أجرى مشاورات دورية مع فريقه لألمن‬ ‫القومي قبل اتخاذ قراره في هذا الصدد‪.‬‬ ‫ويواجه الرئيس األميركي ضغوطا ً داخلية‬ ‫متزايدة من “الكونغرس” ووسائل اإلعالم لسحب‬ ‫أكبر عدد من اجلنود األميركيني نتيجة ارتفاع‬

‫‪51‬‬

‫ومبرور ‪ 10‬سنوات‪ ،‬فقدت العملية في‬ ‫أفغانستان وضوح أهدافها‪ .‬وبرغم استمرار‬ ‫متسك الناخبني وصناع القرار في الواليات‬ ‫املتحدة وفي أماكن أخرى‪ ،‬مبنع القاعدة من‬ ‫احلصول على مالذ آمن في أفغانستان مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬فإن هؤالء بدأوا يشككون فيما إذا كان‬ ‫تولي طالبان السلطة من جديد سيعني عودة‬ ‫القاعدة إلى األراضي األفغانية‪ ،‬وفيما إذا كانت‬ ‫القاعدة ال تزال تسعى بحق إلى احلصول على‬ ‫مالذ في أفغانستان‪.‬‬ ‫مثلما فعلت قبل عقد من الزمان‪ ،‬وفيما إذا‬ ‫كانت القوات األميركية قادرة على احتواء أي‬ ‫وجود مستقبلي للقاعدة‪ ،‬من خالل هجمات‬ ‫من نوع الهجمات بطائرات من دون طيار‪ ،‬التي‬ ‫تستخدم على نطاق شائع في باكستان حالياً‪.‬‬ ‫السؤال األكثر إحلاحاً‪ ،‬هو ما إذا كانت‬ ‫اإلستراتيجية األميركية ميكن أن تنفذ‪ ،‬وبصفة‬ ‫خاصة‪ ،‬ما إذا كان الوجود العسكري بقيادة‬ ‫حلف شمال األطلسي “الناتو” الذي يقترب من‬ ‫‪ 150‬ألف جندي‪ ،‬يناسب احتياجات أفغانستان‬ ‫للمزيد‪ ،‬وما إذا كانت حكومة الرئيس األفغاني‬ ‫حامد قرضاي على قدر التحدي املتمثل في‬ ‫ممارسة احلكم وحفظ النظام في مثل هذه األرض‬ ‫ذات التعددية الواسعة والصلف الشديد‪.‬‬ ‫مثل هذه الشكوك التي حتدث بشأنها جو‬ ‫بايدن نائب الرئيس األميركي‪ ،‬واعترف بعدم‬ ‫وجود استراتيجية بديلة‪ ،‬لم تكن لتصبح بهذه‬ ‫األهمية‪ ،‬لو لم يكن الرئيس األميركي باراك‬ ‫أوباما يبدو شاعرا ً بها هو اآلخر‪.‬‬

‫جوانب سلبية‬ ‫محاولة أوباما للحصول على هذه الكعكة‬ ‫والتهامها‪ ،‬كانت له جوانبه السلبية أيضاً‪.‬‬ ‫فبالنسبة لألفغان بدت كلمات أوباما‪ ،‬في‬ ‫خطابه الذي أعلن فيه استراجتيته اجلديدة‪،‬‬ ‫وكأنها تعني أن القوات األميركية ميكن أن‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫ترحل‪ ،‬قبل أن تكون قد أكملت بناء قوات‬ ‫األمن األفغانية‪ ،‬أو حققت أهدافا ً أساسية‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫مثل هذه الرسالة ميكن أن حتفز بعض‬ ‫األفغان على تسريع اإلصالحات‪ ،‬مثلما تأمل‬ ‫إدارة أوباما‪ ،‬ولكنها ستجعل كثيرين آخرين‬ ‫يخفون رهاناتهم‪ ،‬حتسبا ً مما سيأتي الحقاً‪.‬‬ ‫كما كان خلطاب أوباما‪ ،‬في كانون األول‬ ‫املاضي‪ ،‬األثر نفسه في باكستان‪ ،‬التي تقلص‬ ‫التأييد التقليدي لطالبان األفغانية فيها‬ ‫ببطء أكبر مما كان ميكن أن يحدث في غياب‬ ‫مثل ذلك اخلطاب‪.‬‬ ‫بعض قادة اجليش الباكستاني يعتبرون أن‬ ‫وجود طالبان األفغانية هو خير استعداد أمام‬ ‫العواقب املنتظرة النسحاب أميركي مبكر‪،‬‬ ‫والتي ميكن أن تأتي في شكل فوضى‪ ،‬أو نفوذ‬ ‫هندي كبير في الشؤون الباكستانية‪ .‬وكون‬ ‫الكثير من تلك اخملاوف مبالغا ً فيه بشدة‪ ،‬ورمبا‬ ‫غير صحيح‪ ،‬ال يقلل من أهميتها‪.‬‬ ‫ولكن تصريحات إدارة أوباما بشأن‬ ‫االنسحاب في متوز ‪ ،2011‬والتقديرات الواقعية‬ ‫للفترة التي ستستغرقها العملية تشير إلى‬ ‫أنه لن يكون هناك انسحاب مفاجئ‪.‬‬ ‫ومع األخذ في االعتبار طبيعة التنامي‬ ‫الكبير لقوة حركة التمرد األفغاني‪ ،‬منذ‬ ‫العام ‪ ،2005‬واألسباب التي دفعت الرئيس‬ ‫أوباما في املقام األول إلى زيادة عدد القوات‬ ‫بنسبة كبيرة‪ ،‬فإن االنسحاب سيكون في‬ ‫الغالب تدريجياً‪ ،‬وسيبقى ما ال يقل عن ‪50‬‬ ‫ألف جندي في أفغانستان‪ ،‬إلى أواخر العام‬ ‫‪.2012‬‬ ‫وبينما يبقى أوباما على فرصة للتراجع‬ ‫وسحب القوات بسرعة‪ ،‬لتقليل اخلسائر‪ ،‬في‬ ‫حال ارتأى فشل االستراتيجية احلالية‪ ،‬فإن‬ ‫كل التصريحات العامة تقريبا ً تؤكد أن هذه‬ ‫ليست خطة للتنفيذ‪ ،‬وأن خفض القوات‬ ‫سيتم بشكل مسؤول‪ ،‬وفي ضوء األوضاع‬ ‫على األرض‪ ،‬وبشكل تدريجي على مدى‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫كما أن اإلشارة إلى أن مهمة “إيساف”‬ ‫ستنتهي في متوز ‪ 2011‬ال تتسق مع الظروف‬ ‫احلالية في أفغانستان‪.‬‬ ‫ثمن النجاح‪ ،‬سيكون باهظاً‪ ،‬لكن الواليات‬ ‫املتحدة وشركاءها ميكنهم حتقيق قدر كبير‬ ‫من النجاح بإيجاد دولة أفغانية قادرة على‬ ‫السيطرة على أراضيها وحتسني معيشة‬ ‫األفغان تدريجياً‪ ،‬بشرط متكن “إيساف”‬ ‫والالعبني األساسيني اآلخرين من احتواء‬ ‫الفساد املستشري في أفغانستان‪ ،‬وإظهار‬ ‫التصميم لسنوات أخرى عدة في ما بات‬ ‫أطول حرب أميركية على اإلطالق‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مراجعة احلرب‬ ‫كانت نتيجة مراجعة إدارة أوباما للحرب في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬في خريف ‪ ،2009‬هي ضرورة إيجاد‬ ‫استراتيجية جديدة‪ .‬الذين عارضوا زيادة القوات‬ ‫داخل اإلدارة‪ ،‬كانت لهم حتفظات معقولة‪ .‬وبعد‬ ‫أشهر قليلة من إرسال ‪ 30‬ألف جندي إضافي‬ ‫كان اجليش يطلب املزيد‪.‬‬ ‫وكان من بني التحفظات أن أفغانستان لم‬ ‫تكن مكانا ً مناسبا ً لشن عملية مكافحة مترد‬ ‫تقليدية‪ ،‬نظرا ً لطبيعتها القبلية وضعف الوالء‬ ‫للدولة‪ .‬واحتج هؤالء بأن أهداف تلك العملية ال‬ ‫تتفق وتاريخ أفغانستان وثقافتها ومجتمعها‪.‬‬ ‫في النهاية رأى الرئيس أن املتحفظني وبينهم‬ ‫نائبه‪ ،‬جو بايدن‪ ،‬لم يقدموا استراتيجية بديلة‪.‬‬ ‫لقد جربت إدارة بوش من قبل سياسة‬ ‫التعامل بلطف التي أسفرت عن عودة طالبان‪،‬‬ ‫وزيادة العنف أكثر خمس مرات من السابق‪.‬‬ ‫وأصبحت طالبان بطرق مختلفة‪ ،‬قوة مترد أكثر‬ ‫ذكاء‪ ،‬وجتنبت مهاجمة املدنيني‪ ،‬بينما تزايدت‬ ‫خطورتها على قوات التحالف‪ ،‬وقوات األمن‬ ‫واملسؤولني األفغان‪.‬‬ ‫كما طورت طالبان حكومة ظل متكنت من‬ ‫تشكيل نظام قضائي بديل في جنوب البالد‪،‬‬ ‫وخاصة املناطق الريفية‪ .‬وتعلمت طالبان أن‬ ‫تظهر وجها ً أكثر لطفا ً مما ظهر منها أيام كانت‬ ‫حتكم البالد‪.‬‬ ‫وقد دفع ذلك إدارة أوباما إلى استخالص أن آفاق‬ ‫حدوث مصاحلة مع املتمردين األفغان‪ ،‬ليست‬ ‫جيدة‪ ،‬وقررت تطبيق توجه تقليدي ملكافحة‬ ‫التمرد‪ .‬ورأت أن أرجح االحتماالت هو املساعدة‬ ‫في إعادة بناء محدودة للدولة األفغانية وبناء‬ ‫قوات أمن وطنية‪ ،‬ملنع طالبان من العودة إلى‬ ‫السلطة‪ ،‬ومعها القاعدة‪.‬‬ ‫فمع إعالن أوباما ّ‬ ‫خطة التخفيف التدريجي‬ ‫لق ّواته في أفغانستان بدءا من شهر متوز القادم‪،‬‬ ‫على أن يصل العدد إلى ‪ 33‬ألف جندي بحلول‬ ‫صيف ‪ ،2012‬لتكتمل عملية االنسحاب عام‬ ‫‪ ،2014‬وتس ّلم املسؤولية األمنية إلى القوات‬ ‫األفغانية‪ ،‬بدأت التساؤالت تطرح هنا وهناك‬ ‫عن األسباب الكامنة وراء قرار اإلدارة األميركية‬ ‫الشروع في سحب قواتها من أفغانستان‪ ،‬بعد‬ ‫أن عزّزتها السنة املاضية فقط بنحو ثالثني‬ ‫مهمتها في‬ ‫ألف جندي‪ ،‬فهل أكملت أميركا‬ ‫ّ‬ ‫أفغانستان وجنحت في حتقيق هدفها املنشود‬ ‫وهو القضاء على طالبان؟ وإقامة نظام دميقراطي‬ ‫قادر على إقرار األمن واحلفاظ عليه كما وعد‬ ‫الرئيس جورج بوش ذات مرة قبل عشر سنوات؟‬ ‫وهل أصبحت قوات اجليش والشرطة األفغانيتني‬ ‫قادرتني على تولي املسؤولية األمنية في دولة‬ ‫تنام على العنف وتستيقظ عليه؟ ثم وهو‬ ‫األهم هل فعال أميركا عازمة على االنسحاب‬

‫‪52‬‬

‫الكامل أم أنها ستحافظ على وجودها هناك؟‬ ‫وفي حالة انسحابها الكامل هل ستستعيد‬ ‫أفغانستان استقرارها وأمنها؟‬

‫مبررات للفرار من الفخ األفغاني‬ ‫لم يُخْ َ‬ ‫ف الرئيس األميركي باراك أوباما‬ ‫خالل حملته االنتخابية معارضته للحروب‬ ‫“الدونكيشوتية” التي أعلنها الرئيس السابق‬ ‫جورج بوش باسم مكافحة اإلرهاب‪ ،‬ووعد بأنه‬ ‫سيعمل على إطفائها وعلى سحب قوات بالده‬ ‫من العراق وأفغانستان‪.‬‬ ‫وملّا اعتلى مقاليد السلطة في البيت األبيض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سطر استراتيجية اخلفض التدريجي لهذه‬ ‫القوات‪ ،‬وقد شرع في تنفيذها بالعراق‪ ،‬وها هو‬ ‫اليوم يضع رزنامة إلنهاء احتالل أفغانستان‬ ‫قاهرة االمبراطوريات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بتمكن‬ ‫وإذا كان أوباما يب ّرر قرار االنسحاب هذا‬ ‫قوات بالده مرفوقة بقوات أجنبية عديدة بعد‬ ‫عشر سنوات من احلرب من إضعاف طلبات‬ ‫وتطوير قدرات القوات األفغانية‪ ،‬بحيث أصبحت‬ ‫جاهزة لتولي مسؤولياتها األمنية‪ ،‬وأيضا بعزم‬ ‫أميركا على االنضمام إلى مبادرات تهدف‬ ‫لتحقيق املصاحلة بني فئات الشعب األفغاني‬ ‫مبا في ذلك حركة طالبان‪ ،‬أي اجلنوح نحو اخليار‬ ‫السلمي واالبتعاد عن اخليار العسكري‪ ،‬فإن‬ ‫ّ‬ ‫تشكك ليس فقط في الدوافع‬ ‫أطرافا ً عديدة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تسميه قرارا أميركيا دون‬ ‫احلقيقية وراء ما‬ ‫ّ‬ ‫املهمة‪ ،‬بل وفي االنسحاب بشكل عام‪،‬‬ ‫اكتمال‬ ‫ّ‬ ‫إذ جتزم بأن االحتالل سيحافظ على بقائه في‬ ‫أفغانستان بشكل أو بآخر‪.‬‬ ‫وتسوق هذه األطراف مجموعة أسباب‬ ‫تعتبرها الدوافع احلقيقية وراء بداية القرار‬ ‫األميركي من الفخ األفغاني‪ ،‬وتقول بأن ّ‬ ‫خطة‬ ‫االنسحاب مرتبطة في األساس بالوضع‬ ‫األميركي الداخلي‪ ،‬أي أ ّن خلفياتها تتع ّلق‬ ‫باالنتخابات الرئاسية التي ستجرى العام القادم‪،‬‬ ‫والقصد منها حتسني صورة أوباما لتمكينه من‬ ‫الفوز بوالية ثانية‪.‬‬ ‫كما يأتي االنسحاب تلبية لرغبة الشعب‬ ‫األميركي‪ ،‬الذي ترفض أغلبيته هذه احلرب وال‬ ‫يهمها هو‬ ‫تعتبرها قضيتها األولى‪ ،‬فكل ما‬ ‫ّ‬ ‫املصاعب االقتصادية التي تواجهها أميركا‬ ‫وكيفية مواجهتها‪.‬‬ ‫وقد أبدت غالبية األميركيني في العديد‬ ‫من املناسبات رفضها الستمرار هذه احلرب‬ ‫االستنزافية‪ ،‬التي ك ّلفت أميركا خسائر مادية‬ ‫كبيرة‪ ،‬حيث تصل كلفتها املالية يوميا ً إلى‬ ‫نحو ‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬وأن فاتورة احلرب وصلت‬ ‫في العقد األخير إلى ‪ 450‬بليون دوالر‪ ،‬علما ً أن‬ ‫مبلغ ‪ 120‬بليونا ً منها كان قد أُنفق خالل السنة‬ ‫الفائتة وحدها‪ .‬وجتدر اإلشارة إلى أن النفقات‬


‫على احلرب تبلغ حاليا ً بليوني دوالر أسبوعياً!‬ ‫وقد أوردت صحيفة “واشنطن بوست” في‬ ‫‪ 31‬أيار املاضي أن اجليش األميركي بصدد إنفاق‬ ‫‪ 113‬مليار دوالر على العمليات التي يشنّها‬ ‫في أفغانستان خالل هذا العام املالي‪ ،‬ويسعى‬ ‫للحصول على ‪ 107‬مليار دوالر للعام املالي التالي‪.‬‬ ‫وهذا املبلغ كما تضيف الصحيفة مرتفع جدا‪،‬‬ ‫خاصة مع األخذ في االعتبار العجز الفدرالي‬ ‫الكبير الذي يتط ّلب املزيد من التخفيضات‬ ‫في البرامج الداخلية‪ ،‬وزيادة العجز في اإلنفاق‪،‬‬ ‫وأيضا ً عدم قدرة الناجت احمللي اإلجمالي السنوي‬ ‫األفغاني على تغطية نفقات احلرب‪.‬‬

‫إقتناع تام باستحالة النصر‬ ‫ّ‬ ‫تشكله حرب‬ ‫االستنزاف املالي الذي‬ ‫أفغانستان كان سببا ً قويا ً لرفض األميركيني‬ ‫استمرارها‪ ،‬وبالتالي دافعا قويا ً لقرار أوباما‬ ‫الشروع في سحب قوات بالده‪ ،‬لكن لهذا القرار‬ ‫دوافع أخرى غير معلنة‪ ،‬أهمها وصول أميركا إلى‬ ‫االقتناع التام باستحالة النصر في أفغانستان‪،‬‬ ‫وقد قالها قائد القوات األميركية هناك اجلنرال‬ ‫ديفيد بترايوس صراحة‪“ :‬لم نخسر ولكننا لم‬ ‫نكسب”‪.‬‬ ‫وقد برهنت ضربات طالبان بأن الوقت مازال‬ ‫بعيدا ً قبل أن يعلن االحتالل تفوقه‪ .‬وكتبت‬ ‫صحيفة “دايلي تلغراف” البريطانية استنادا ً‬ ‫إلى قادة عسكريني‪ :‬أن طالبان تستعيد مجدها‬ ‫وقوتها‪ ،‬وأن حالها أقوى ممّا كانت عليه عندما‬ ‫أطيح بها وأبعدت عن السلطة عام ‪ ،2001‬بل‬ ‫وهناك مناطق انسحبت منها القوات احملتلة‬ ‫آلت إلى طالبان‪.‬‬ ‫ومن دوافع االنسحاب غير املعنلة أيضاً‪ ،‬اقتناع‬ ‫االحتالل األميركي باستحالة ّ‬ ‫متكنه من ترويض‬ ‫الشعب األفغاني‪ ،‬الذي يرفض وجوده جملة‬ ‫ويتمسك مبحاربته وخروجه‪.‬‬ ‫وتفصيالً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لهذا قررت القوات األميركية الفرار بجلدها‪،‬‬ ‫خاصة وأن الكلفة البشرية لهذه احلرب باهظة‪،‬‬ ‫ولم يعد أحد يطيقها‪ ،‬ففي العام املنصرم مثال‬ ‫ُق ِتل ما ال يقل عن ‪ 309‬جنديا ً أميركيا ً مقابل‬ ‫‪ 711‬جنديا ً عام ‪.2010‬‬

‫مقتل بن الدن وعالقته‬ ‫باإلنسحاب‬ ‫ربط البعض قرار االنسحاب من أفغانستان‬ ‫مبقتل زعيم القاعدة أسامة بن الدن‪ ،‬وقالوا بأن‬ ‫ّ‬ ‫شكلت أكبر انتصار على اإلرهاب‪،‬‬ ‫تصفيته‬ ‫األمر الذي ّ‬ ‫خفف شعور اخلوف الذي كان يعتري‬ ‫األميركيني من إمكانية انتقام القاعدة في‬ ‫بالدهم‪ ،‬وسهّ ل على القاعدة الشروع في تنفيذ‬

‫خطة اخلروج التدريجي‪ ،‬خاصة وأنهم أصبحوا‬ ‫مقتنعني ــ كما أوردوا ــ بأن القوات اإلرهابية‬ ‫فضلت االبتعاد عن‬ ‫الدولية وبعد مقتل زعيمها ّ‬ ‫أفغانستان‪.‬‬ ‫لكن في املقابل هناك من ينفي أن يكون‬ ‫أي عالقة باستراتيجية‬ ‫ملقتل زعيم القاعدة ّ‬ ‫وحددت‬ ‫االنسحاب‪ ،‬ألنها وضعت العام املاضي‬ ‫ّ‬ ‫عام ‪ 2014‬لسحب القوات األجنبية من‬ ‫يقدر عددها بنحو ‪ 140‬ألف‪،‬‬ ‫أفغانستان‪ ،‬والتي ّ‬ ‫‪ 98‬ألف منها قوات أميركية‪.‬‬

‫ضغوط اقتصادية‬ ‫وفي ما يتع ّلق باألسباب الكامنة وراء القرار‬ ‫األميركي سحب جزء من الق ّوات املشاركة‬ ‫ضمن ق ّوات “الناتو” في أفغانستان‪ ،‬قال‬ ‫مراقبون للوضع األميركي إن العامل االقتصادي‬ ‫لعب الدور األبرز في قرار باراك أوباما االنسحاب‬ ‫التدريجي من أفغانستان‪ ،‬وذلك نتيجة ارتفاع‬ ‫الديون األميركية التي بلغت احلد األقصى‬ ‫املسموح به وهو ‪ 14‬تريليون دوالر‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى الركود االقتصادي الذي تشهده الواليات‬ ‫معدالت البطالة إلى‬ ‫املتحدة‪ ،‬واالرتفاع في‬ ‫ّ‬ ‫أكثر من ‪ ،%9‬وارتفاع العجز في امليزانية‬ ‫األميركية إلى ‪ 1.66‬تريليون دوالر في العام‬ ‫التضخم م ّرتني في‬ ‫احلالي‪ ،‬وتضاعف مستوى‬ ‫ّ‬ ‫السنوات السبع األخيرة‪.‬‬ ‫وفي اعتقاد املراقبني‪ ،‬السياسيني‬ ‫واالقتصاديني‪ ،‬إن هذا الوضع م ّثل عامل ضغط‬ ‫على باراك أوباما الذي لم يجد أمامه سوى‬ ‫االنصياع للضغوط التي تطالبه بسحب‬ ‫الق ّوات من أفغانستان‪ ،‬وإنهاء حرب تتجاوز‬ ‫تكلفتها السنوية ‪ 110‬مليارات دوالر‪ ،‬ما أثقل‬ ‫كاهل الواليات املتحدة بالعديد من األعباء‪،‬‬ ‫وأ ّثر بصورة سلبية في االقتصاد األميركي‪،‬‬ ‫لتحديات‬ ‫كما ع ّرض مكانة الواليات املتحدة‬ ‫ّ‬ ‫كبرى لم تتع ّرض ملثلها دوليا ً منذ أن خرجت‬ ‫كق ّوة عسكرية واقتصادية وسياسية عاملية‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية‪ ...‬في الوقت الذي‬ ‫يرى فيه األميركيون أنه كان يجب تخصيص‬ ‫امليزانية الهائلة التي رصدتها حلربها على‬ ‫يسمى “االرهاب”‪ ،‬من أجل دعم االقتصاد‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫األميركي وتنشيطه ووضع برامج اقتصادية‬ ‫مستقبلية‪ .‬في السياق ذاته‪ ،‬يشير احمل ّللون‬ ‫إلى أن قرار الرئيس األميركي باالنسحاب‬ ‫التدريجي من أفغانستان جاء أيضا ً نتيجة ملا‬ ‫يعانيه أوباما من ضغوط سياسية داخلية‪،‬‬ ‫ملحة لتسريع االنسحاب‬ ‫مت ّثلت في مطالب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫من أفغانستان‪ ،‬خصوصا بعد أن بلغ عدد‬ ‫الضحايا من املدنيني والعسكريني مستوى‬ ‫قياس ّيا ً في العام املاضي‪ ،‬الذي يتّفق اجلميع‬ ‫على أنه كان أشد األعوام قسوة منذ أن‬

‫‪53‬‬

‫أطاحت ق ّوات االحتالل نظام “طالبان” أواخر‬ ‫العام ‪ .2001‬يضاف الى ذلك أن ‪ 27‬من أعضاء‬ ‫الكونغرس األميركي (من احلزبني الدميقراطي‬ ‫وجهوا رسالة إلى أوباما تطالبه‬ ‫واجلمهوري) قد ّ‬ ‫باستراتيجية جديدة في أفغانستان‪ ،‬آخذا ً في‬ ‫االعتبار ضرورة االنسحاب من هذا البلد ولو‬ ‫بشكل تدريجي‪.‬‬ ‫كما رأى املراقبون‪ ،‬في الوقت ذاته‪ ،‬أن قرار‬ ‫االنسحاب من أفغانستان جاء أيضا ً نتيجة‬ ‫مساعي أوباما إلعادة انتخابه في االنتخابات‬ ‫الرئاسية املق ّررة العام املقبل‪ .‬ولفت هؤالء‬ ‫حتديدا ً إلى أن اجلدول الزمني الذي وضعه أوباما‬ ‫لالنسحاب‪ ،‬يفترض سحب تلك الق ّوات قبل‬ ‫موعد املناظرة األولى في احلملة االنتخابية‬ ‫للرئاسة األميركية في العام ‪.2012‬‬ ‫ورأى املراقبون‪ ،‬بشكل خاص‪ ،‬أن أوباما يريد‬ ‫أن يعطي لنفسه لقب “رئيس االنسحاب” من‬ ‫احلروب‪ ،‬وهو ما تعهّ د به لدى تو ّليه الرئاسة‬ ‫العام ‪ ،2008‬حيث ّ‬ ‫أكد عزمه على تصفية‬ ‫التركة الثقيلة التي خ ّلفها سلفه جورج دبليو‬ ‫بوش؛ وبالتالي فإن أوباما يسعى إلى كسب‬ ‫تأييد الرأي العام األميركي قبل االنتخابات‬ ‫الرئاسية املقبلة‪ ،‬حيث تشير استطالعات الرأي‬ ‫إلى أن عدد األميركيني الذين يؤ ّيدون االنسحاب‬ ‫السريع من أفغانستان يرتفع بصورة طرد ّية‬ ‫منذ العام ‪ ،2008‬وفاق استفتاء أجرته صحيفة‬ ‫“نويه تسوريشر تسايتونغ” السويسرية‪،‬‬ ‫“أمة أعيتها احلرب”‪ .‬وب ّيـن‬ ‫ونشرته حتت عنوان ّ‬ ‫هذا االستفتاء‪ ،‬أن نسبة األميركيني الذين‬ ‫يؤ ّيدون االنسحاب من أفغانستان ارتفعت في‬ ‫استطالعات الرأي من ‪ %48‬إلى ‪.%56‬‬ ‫لكن بعيدا عن كل هذه التناقضات والقراءات‬ ‫املتباينة‪ ،‬يبقى األمر املؤكد أن االحتالل األميركي‬ ‫ألفغانستان لم يحقّ ق النصر الذي أراده الرئيس‬ ‫جورج بوش‪ ،‬واالنسحاب التدريجي املعلن عنه‬ ‫هو في واقع األمر مج ّرد فرار من لعنة هذه‬ ‫األرض التي حت ّولت على م ّر العصور والقرون‬ ‫إلى مقبرة ألعتى األمبراطوريات‪ ،‬وآخرها االحتاد‬ ‫وتكسر‪ ،‬وحت ّولت شظاياه‬ ‫السوفياتي الذي انهار‬ ‫ّ‬ ‫إلى جمهوريات يجرفها التيار الغربي‪.‬‬ ‫لقد استنزفت حرب أفغانستان أميركا‬ ‫اقتصادياً‪ ،‬واستمرارها يعني انهيارها األكيد‪،‬‬ ‫لهذا استبق أوباما السقوط إلنقاذ ما ميكن‬ ‫إنقاذه‪.‬‬ ‫كما أن استمرار الواليات املتحدة األميركية‬ ‫في أفغانستان يُقلل من فرصها في التعامل‬ ‫مع العراق وإيران وكوريا الشمالية‪ .‬ولذا فإن‬ ‫هناك حاجة إلى احلد من املهام األميركية‬ ‫ومدتها في أفغانستان حتى ال ترى واشنطن‬ ‫ذاتها غير قادرة على مواجهة “حروب ضرورية”‬ ‫عندما تقع‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫السياسة التركية اإلقليمية الى أين؟‬ ‫الدور واألداة والمصالح والتوجهات‬ ‫التغ ّير في السياسة التركية مع أنظمة دول‬ ‫جوار تركيا بوتيرة متسارعة يدفعنا للتساؤل‬ ‫باستمرار عن املؤثرات والدوافع والغايات وهذا‬ ‫أمر ميكن اإلحاطة مبحدداته بقليل من التحليل‬ ‫املوضوعي‪.‬‬ ‫ولكن التغ ّير املفاجئ واحلاد في تلك السياسة‬ ‫ينذر بالكثير من اخملاطر والتساؤالت التي ال‬ ‫تنتهي‪ ،‬من “صفر مشكالت” الى مشكالت‬ ‫باجلملة‪ ،‬وبعد االنفتاح التركي الكبير على سوريا‬ ‫واآلمال العريضة الى “عدم الثقة” وتصريحات‬ ‫الغطرسة املمزوجة باحلقد األسود‪ ،‬وبعد االنفتاح‬ ‫على إيران‪ ،‬الى نصب الدرع الصاروخي األميركي‬ ‫واملوجه أساسا ً ضد طهران وسوريا‬ ‫على أراضيها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وملصلحة حماية الكيان الصهيوني‪ ،‬والسؤال‪ ،‬ما‬ ‫الذي يقود السياسة التركية‪ ،‬هل هو االقتصاد‪ ،‬ام‬ ‫محاولة لتسويق منوذج للحكم‪ ،‬أم محاولة إلعادة‬ ‫إحياء “االمبراطورية العثمانية” بشكل جديد‬ ‫يتناسب مع الوقائع اجلديدة‪ ،‬أم محاولة للقيام‬ ‫بدور ما خدمة للسياسة األميركية والغربية في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫إذا أخذنا سياسة احلكومة التركية حيال‬ ‫ليبيا‪ ،‬جند أن السياسة التركية تغيرت مع تطور‬ ‫األحداث على األرض‪ ،‬في البدء كانت االستثمارات‬ ‫هي احملدد األول لتلك السياسة ومع صدور القرار‬ ‫عن مجلس األمن الدولي تغيرت تلك السياسة‬ ‫وغيرت مسارها‪.‬‬ ‫وتركيا لم تقطع عالقاتها االقتصادية مع‬ ‫سوريا أو عبرها الى املنطقة‪ ،‬كما أن السياسة‬ ‫التركية تفضل االستفادة القصوى من “االزمة”‬ ‫الناشئة في سوريا وهي ترغب في فرض أجندة‬ ‫خاصة للتسوية املفترضة عبر إدخال اجلماعات‬ ‫املقربة منها الى السلطة وهي تؤكد بأن هذا‬ ‫املسار يعني حتقيق االستقرار‪ ،‬وعندما فشلت‬ ‫في حتقيق أهدافها جلأت الى تقدمي الدعم بكافة‬ ‫أنواعه من مؤمترات وتشكيل “مجالس” بهدف‬ ‫الضغط املباشر وإحداث الفنت وإثارة التناقضات‬ ‫وتكبيرها‪.‬‬ ‫أنقرة بذلك تتمسك مبصاحلها السياسية‬ ‫والدبلوماسية واالقتصادية في سوريا‪ ،‬ولكن‬ ‫أردوغان قرأ التطورات بطريقة خاطئة‪ ،‬معتقدا ً‬ ‫أنه يستطيع أن يفرض ما يخطط له وهو يرى‬ ‫اإلصالح على طريقته‪ ،‬ولم تنفعه تصريحاته‬ ‫الطنانة من حتقيق ما يبغي اليه‪ ،‬وهنا ساءت‬ ‫العالقات الى درجة غير مسبوقة‪.‬‬ ‫تركيا كانت قد بدأت بإعادة االنفتاح على‬ ‫املنطقة والعالم‪ ،‬وهذا أمر له عالقة باستكمال‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ملوقعها كقوة إقليمية‬ ‫نافذة‪ ،‬وهي تؤكد على أهمية‬ ‫مصاحلها االقتصادية أكثر‬ ‫من أي شيء آخر‪ ،‬وفرصتها‬ ‫السانحة اآلن متوفرة‪ ،‬وهي‬ ‫ترى املنطقة في مرحلة جديدة‬ ‫من إعادة التكون وهي تلقفت‬ ‫دورها بحماس شديد وتطمح‬ ‫في القيام بدور في الشرق‬ ‫األوسط اجلديد الذي صاغته‬ ‫واشنطن من قبل والتي باتت‬ ‫مفلسة ومنشغلة باحلملة‬ ‫االنتخابية واألزمات‪ ،‬وأوروبا‬ ‫مرهقة بالديون ولم تستطع‬ ‫بعد التكيف مع األحداث التي‬ ‫حصلت في املنطقة‪.‬‬ ‫لكن تركيا وعبر النمو االقتصادي السريع راغبة‬ ‫في القيام باستثمارات في املنطقة مستغلة‬ ‫األحداث لتحقيق شروط وجدوى أفضل‪ ،‬وهي‬ ‫تعلن صراحة إنها تقدم حافزا ً اقتصاديا ً كبيرا ً‬ ‫للتوصل الى حلول سياسية دائمة وتؤكد أنها‬ ‫تستطيع أن تقدم ملصر وتونس وليبيا ما تريده‬ ‫وبسرعة‪ ،‬وهي ترى الفرصة مواتية‪ ،‬واذا حتقق لها‬ ‫ما تريد‪ ،‬فهي بذلك ستتمكن من تعزيز عالقاتها‬ ‫مع أوروبا وأميركا والتي هي أهم بالنسبة اليها‬ ‫من العالقة مع العالم العربي‪ ،‬ألنها تريد الهيمنة‬ ‫على املنطقة‪ ،‬ولكنها ترى أمامها صعوبات‬ ‫وعوائق وممانعة من البوابة السورية‪ ،‬وهنا مكمن‬ ‫األزمة وبيت القصيد‪.‬‬ ‫وحسب احمللل كسيدات الشينر في املركز‬ ‫الدولي للدراسات االستراتيجية يرى في قراءاته‬ ‫للسياسة التركية إزاء سوريا “إنها تعكس بعض‬ ‫التغيير الطارئ على الشخصية التركية‪ ،‬إذ أن‬ ‫تركيا تعيش حاليا ً تضخما ً في الثقة بالنفس”‬ ‫أساسه اقتصادي‪ ،‬ويشير محلل سياسي‬ ‫هوسولي أوزيل‪“ :‬إن السياسة التركية اجلديدة‬ ‫جتاه سوريا ستأخذ وقتا ً لتتضح نتائجها‪ ،‬وقبل‬ ‫ظهور هذه النتائج لن نكون قادرين على معرفة‬ ‫إن كانت سياسة أردوغان إزاء سوريا صائبة أو أنه‬ ‫يخوض مغامرة كثيرة اخملاطر”‪.‬‬

‫تركيا وإعادة رسم خريطة‬ ‫املنطقة‬ ‫لقد كانت صورة تركيا في السنوات املاضية‬

‫‪54‬‬

‫تلك الواثقة من نفسها والقادرة على جتاوز احلدود‬ ‫والقيام بوساطات والتحدث مع اجلميع‪ ،‬وارتفعت‬ ‫شعارات مثل تعدد األبعاد وتصفير املشكالت‬ ‫والقوة الناعمة واالنتقال من بلد طرف الى بلد‬ ‫مركز‪ ،‬وباتت تركيا بلدا ً ينظر إليه بإعجاب في كل‬ ‫العالم لتنميته االقتصادية وحتوله الدميقراطي‬ ‫وحيوية مجتمعه املدني‪.‬‬ ‫ولكن منذ حوالي سنة ونصف السنة بدأت‬ ‫تهب رياح معاكسة لهذا املناخ تفسد اللوحة‬ ‫التي ارتسمت لتركيا على األقل في موضوعات‬ ‫السياسة اخلارجية‪ ،‬وبات العديد من الدول‬ ‫التي كانت حتسب في خانة النجاح للسياسة‬ ‫اخلارجية في خانة املعادي لها مثل (سوريا وايران‬ ‫واليونان وارمينيا واليونان وغيرها)‪.‬‬ ‫ومقالة الكاتب أحمد طوران في صحيفة‬ ‫“زمان التركية” مثلت انتقادا ً واضحا ً “للسياسة‬ ‫اخلارجية التركية التي اعتبرها سيارة تسير‬ ‫بسرعة ‪ 180‬كيلومترا ومن دون كوابح”‪.‬‬ ‫أما الكاتب علي بوالتش فهو يتساءل عن‬ ‫الذي حصل لكي ترفع تركيا من وتيرة خطابها‬ ‫ضد دمشق وقال‪“ :‬ألم يكن من األفضل التعامل‬ ‫بدبلوماسية ومن دون توتر بدال ً من رفع الصوت‪،‬‬ ‫واعتبر أن للواليات املتحدة والغرب دورا ً أسياسيا ً‬ ‫في رفض احللول السلمية والدفع باجتاه التصعيد‬ ‫في األزمة السورية ألن واشنطن تريد إنهاء‬ ‫التعاون بني تركيا وسوريا وايران‪ ،‬وإن ما يقلقنا أن‬ ‫البعض يريد أن يدفع تركيا الى تدخل عسكري‬ ‫في سوريا”‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬قال الرئيس بشار األسد لوفد‬ ‫حزب الشعب اجلمهوري “التركي” الذي زار سوريا‬ ‫مؤخراً‪“ :‬إن الذين يأتون إلينا من تركيا يتحدثون‬


‫كما لو أنهم ناطقون باسم الرئيس األميركي‬ ‫باراك اوباما‪ ،‬وهم يكررون ما يقوله لنا السفير‬ ‫األميركي في دمشق”‪.‬‬ ‫في الظاهر كانت تركيا تتحدث عن “تصفير‬ ‫املشكالت” و”تعدد األبعاد” و”السياسة الفاعلة”‬ ‫ولم يكن ذلك في العمق واملضمون‪ ،‬ألن سياسة‬ ‫تعدد األبعاد لم تهدف االندماج اإلقليمي مبركزية‬ ‫خاصة للشرق األوسط‪ ،‬بل حلظت “تعدد األبعاد‬ ‫مبحور غربي وأدى لتكون تركيا الى جانب الغرب‬ ‫و”ليس الى جانب شعوب الشرق األوسط”‪ ،‬ونصب‬ ‫الدرع الصاروخي في مالطيا مثال على انحياز‬ ‫تركيا للغرب‪ ،‬وهي تفعل ما يقوله الغرب واالحتاد‬ ‫األوروبي وحلف شمال األطلسي‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬ولفهم طبيعة ما يجري في املنطقة‬ ‫وحقيقة األوضاع‪ ،‬نرى أن تركيا انتلقت في‬ ‫سياستها من املوقف الى الدور‪ ،‬وهي كانت قد‬ ‫نأت بنفسها عن التورط في العراق عام ‪2003‬‬ ‫عند بداية احلرب األميركية هناك حتت حجج‬ ‫واهية كاذبة من وجود أسلحة الدمار الشامل‪،‬‬ ‫ولكن مغامرة احلرب فشلت‪ ،‬ورغم عضوية تركيا‬ ‫األطلسية وعالقاتها االستراتيجية بالواليات‬ ‫املتحدة منعت قوات التحالف حينها من الدخول‬ ‫من األراضي التركية الى العراق‪.‬‬ ‫لكن العالم اليوم يشهد حتوالت استراتيجية‬ ‫وانتقاال ً ملراكز القوة فيه‪ ،‬وإن هناك قوى صاعدة‬ ‫وأخرى متراجعة كما يقول مهندس السياسة‬ ‫التركية داوود أوغلو‪“ :‬وما علينا سوى قراءة‬ ‫املتغيرات ومعرفة دورنا في رسم خرائط املنطقة‪،‬‬ ‫واستراتيجيات التعامل مع املستجدات والبحث‬ ‫عن دور تركيا أساسا ً في هذه املتغيرات ودورها‬ ‫وموقعها في املستقبل”‪.‬‬ ‫وبني القناعات السورية واإليرانية والنظرة‬ ‫التركية وضمن تطابق معني‪ ،‬شاهدنا حراكا ً‬ ‫قويا ً خالل السنوات السابقة وتوقيع اتفاقيات‬ ‫لم تأخذ صورة الشبكة املتكاملة اقتصاديا ً‬ ‫وسياسيا ً ولم تأخذ اسما ً محدداً‪ ،‬والسبب هو‬ ‫التحفظ التركي الذي كان يفضل االتفاقيات‬ ‫الثنائية ويرفض تظهير ذلك بأي تفاهم إقليمي‬ ‫جامع‪ ،‬وكانت حجته أنه ال يريد أن يستفز باقي‬ ‫دول املنطقة وخاصة السعودية ومصر‪.‬‬ ‫وجاءت التطورات التي حصلت لتؤكد أن‬ ‫ّ‬ ‫حتفظ تركيا لم يكن لعدم استفزاز تلك الدول‬ ‫بقدر ما هو رغبته باالستفادة من االتفاقيات‬ ‫الثنائية مع تغيير موازين القوى في اإلقليم‪،‬‬ ‫ولهذا كان الهدف التركي اليزال‪ ،‬إضعاف سوريا‬ ‫كمدخل إلضعاف جميع دول املنطقة وطرح‬ ‫نفسه بصفته القوة اإلقليمية النموذج واألكثر‬ ‫استقرارا ً والتي تستحق بالتالي دور قائد اإلقليم‬ ‫فتصبح املنظومة بقيادته‪ ،‬ويستطيع أن يخاطب‬ ‫الغرب عموما ً والواليات املتحدة خصوصا ً من‬ ‫هذا املوقع‪ ،‬أي موقع الشريك األساسي‪ ،‬بالتالي‬ ‫يستطيع إضعاف الدور اإليراني‪ ،‬وبذلك يضمن ما‬ ‫تبقى من املصالح الغربية في املنطقة من موقع‬ ‫شرطي املنطقة والشريك األساسي فيها‪.‬‬ ‫ولكن التركي نسي أو تناسى أو أريد له أن‬

‫يقع في احملظور‪ ،‬أن منظومة املقاومة كقوة‬ ‫استراتيجية ممثلة مبحور (إيران – العراق‪ -‬سوريا‪-‬‬ ‫لبنان‪ -‬فلسطني) هي منظومة متكاملة‬ ‫فيما بينها بالرؤية السياسية االستراتيجية‬ ‫وبالتكامل االقتصادي والسياسي وأمامها أفق‬ ‫واسع‪ ،‬وبالتالي فإن موازين القوى االستراتيجية‬ ‫في املنطقة ال بد أن تأخذ باالعتبار عامل اإلرادة‬ ‫لدى هذه املنظومة واالستعداد للتضحية وفي‬ ‫ظل األزمة االقتصادية العاملية احلالية الضاربة‬ ‫في الواليات املتحدة والغرب عموماً‪ ،‬فإن موازين‬ ‫القوى ستكون في صالح الشعوب املناضلة‬ ‫ضد الظلم واالستعمار بأشكاله اخملتلفة وضد‬ ‫مشاريع الهيمنة االستعمارية‪.‬‬ ‫من املؤكد‪ ،‬أن وقائع األحداث وموازين القوى‬ ‫ال تترك مجاال ً لتركيا لتفكر كثيراً‪ ،‬أو لتضيع‬ ‫الفرصة‪ ،‬ومع واقع القيادة التركية احلالية من‬ ‫براغماتية ومع تلونها وتقلبها املتعدد من خالل‬ ‫مواكبة أحداث احلراك العربي‪ ،‬تركيا ستكون‬ ‫دوما ً مع الغالبني واملتفوقني حتى لو على حساب‬ ‫حلفائها السابقني‪ ،‬هذا ما أثبتته األحداث وهذا‬ ‫ما سيكون عليه املستقبل اآلتي‪.‬‬ ‫لقد تراجع دور تركيا األطلسي في املنطقة‬ ‫مع إلغاء املناورات اجلوية التركية – اإلسرائيلية‬ ‫التي كانت جتري بالقرب من احلدود اإليرانية‪ ،‬وهذا‬ ‫سهل عملية اندماج تركيا في اإلقليم‪ ،‬ولكننا‬ ‫اليوم ومع نصب الدرع الصاروخي األميركي على‬ ‫أراضيها‪ ،‬فقد أقدمت تركيا على نقض كل ما‬ ‫نسجته من خطوات إيجابية في السابق‪.‬‬

‫أوباما – أردوغان تطابق كامل في‬ ‫الرؤى‬ ‫لقد خرج رئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو بانطباعات‬ ‫رائعة بعد لقائهما الرئيس األميركي باراك أوباما‪،‬‬ ‫واعتبر اللقاء من أجنح اللقاءات وكان هناك تطابق‬ ‫كامل في كل املواضيع‪ ،‬أوغلو قال‪ ”:‬كان اللقاء‬ ‫مع أوباما االكثر حميمية منذ تسع سنوات‬ ‫وقد وضعنا العالقات بني البلدين على السكة‬ ‫الصحيحة”‪.‬‬ ‫وعن العقوبات التي تتخذها تركيا ضد سوريا‪،‬‬ ‫قال أردوغان بعد عودته من نيويورك‪“ :‬العقوبات‬ ‫تقتصر على منع نقل املواد العسكرية الى سوريا‬ ‫عبر تركيا‪ ،‬ولكنه سينتقل الى عقوبات أخرى لم‬ ‫يشأ الكشف عنها”‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫وبعد أن أبدى داود أوغلو أسف بالده للفيتو‬ ‫الروسي في مجلس األمن في مواجهة مشروع‬ ‫العقوبات ضد سوريا‪ ،‬هذا املوقف أغضب القيادة‬ ‫السورية التي كانت تراهن على تغيير املوقف‬ ‫التركي عن طريق مراجعة تركية ملواقفها حيال‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬ولكن السيناريو األقرب الذي‬ ‫كان يتردد في األوساط اإلعالمية والدبلوماسية‬ ‫في العاصمة التركية في هذه اآلونة‪ ،‬هو أن يلتزم‬ ‫األتراك بتحرك دولي يدعو لفتح احلدود وتقدمي‬ ‫العون اإلنساني واخلدماتي عندما يطلب منهم‬ ‫ذلك‪ ،‬وأن تكون أنقرة مستعدة ألي تدخل محدود‬ ‫“لتوفير احلماية للمدنيني في تلك املنطقة”‪.‬‬ ‫أما البيت األبيض فقد أفاد عن اتفاق بني‬ ‫الرئيس أوباما ورئيس الوزراء التركي أردوغان على‬ ‫ضرورة زيادة الضغط على سوريا‪ ،‬وفي بروكسل‬ ‫قرر االحتاد األوروبي فرض عقوبات جديدة‪ ،‬من‬ ‫حيث املبدأ تتضمن حظر االستثمار في القطاع‬ ‫النفطي السوري وعدم تغذية البنك املركزي‬ ‫السوري بالعمالت الورقية واملعدنية‪.‬‬ ‫إن إعالن أردوغان بأن “جغرافية الشرق األوسط‬ ‫تتغير”‪ ،‬وتوجيه االنتقادات الى سوريا وقوله‪:‬‬ ‫تصغ إلينا” هي اعتراف‬ ‫“إن القيادة السورية لم‬ ‫ِ‬ ‫ضمني بأن تركيا فشلت أمام هذه البوابة‬ ‫الصامدة‪ ،‬وطريقها الى الشرق األوسط اجلديد‬ ‫بحلته التركية بات بعيد املنال‪.‬‬ ‫وفي غفلة من هذا الزمن وبعد ‪ 63‬عاماً‪،‬‬ ‫يتذكر أردوغان بأن هناك قضية فلسطينية وهي‬ ‫قضية حق وعدل حاول اجملتمع الدولي طيه في‬ ‫ملفات اجملتمع الدولي احملكوم بالقرار األميركي‬ ‫واالستعماري الغربي‪ ،‬وكانت هناك انتقاداته لـ‬ ‫“إسرائيل” التي حتالف معها ومايزال‪ ،‬وجه انتقادات‬ ‫لها‪ ،‬وقال‪“ :‬إن الصراع العربي – اإلسرائيلي جار‬ ‫ألكثر من نصف قرن‪ ،‬وحقيقة أن هذه املشكلة‬ ‫لم حتل بعد‪ ،‬هي أكبر ضربة للعدالة الدولية حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬ولفت الى أهمية أن تلعب األمم املتحدة دورا ً‬ ‫في حل املعاناة اإلنسانية للشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫وأردوغان بهذا ينصب نفسه محاميا ً يرافع دفاعا ً‬ ‫عن قضية فلسطني بينما هو في حقيقة األمر‬ ‫ّ‬ ‫يتوكل لدى سيده األميركي في محاولة إلضعاف‬ ‫محور املقاومة واملمانعة واملنظومة املتشكلة‬ ‫والتي تضع في برامجها واستراتيجيتها هدف‬ ‫حترير فلسطني‪ ،‬بينما يعمل أردوغان حلماية‬ ‫الكيان الصهيوني من خالل نشر الدرع الصاروخي‬ ‫األميركي على أراضيه مستهدفا ً إيران وسوريا‬ ‫والعراق ولبنان وفلسطني وقوى املقاومة في األمة‬ ‫العربية‪.‬‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫ونشير الى أن العملية التي قام بها حزب‬ ‫“العمال الكردستاني” والتي تسببت في مقتل‬ ‫العشرات من اجلنود األتراك هي مؤشر ألزمة‬ ‫قدمية ومتجددة وحتتاج الى حل‪.‬‬ ‫وكان األجدى بحزب “العدالة والتنمية”‬ ‫والقيادة التركية التركيز على حل املشكالت‬ ‫الداخلية املتفاقمة في داخل تركيا بدال ً من‬ ‫خلق املشاكل مع اجلوار‪ ،‬ألن األحالم االمبراطورية‬ ‫والنزعة العثمانية ال مكان لها في هذا العصر‪،‬‬ ‫وألن تركيا ليست الالعب الوحيد في الساحة‪،‬‬ ‫هناك إرادة الشعوب التي جربت ودفعت الثمن‬ ‫في سبيل حريتها وكرامتها وهي لن تستكني‬ ‫للتهديد والوعيد‪.‬‬

‫السياسة التركية مكشوفة‬ ‫التطورات واألحداث املتالحقة والتطورات‬ ‫في عاملنا العربي‪ ،‬دفعت تركيا لركوب املوجه‬ ‫شأنها في ذلك شأن اإلدارة األميركية ومن يدور‬ ‫في فلكها‪ ،‬إن نيات أنقرة لتعزيز التقارب من‬ ‫دول اجلوار اإلفريقي وخاصة مصر بدأت منذ عام‬ ‫‪ 2002‬مستندة على ما تتوقع حكومة العدالة‬ ‫والتنمية من فرص ومغامن هائلة يحققها ذلك‬ ‫التقارب‪ ،‬كون مصر تعد سوقا ً واعدا ً للمنتجات‬ ‫واالستثمارات التركية املتنامية‪ ،‬كما تتمتع‬ ‫مصر مبوقع استراتيجي متميز يجعل منها بوابة‬ ‫مهمة لألسواق الشاسعة ومصادر املواد اخلام‬ ‫التي تعج بها القارة السمراء ومع ارتباك عالقات‬ ‫أنقرة بدمشق وطهران وبالتزامن مع سقوط‬ ‫نظام مبارك التقطت أنقرة الفرصة لتعبئة‬ ‫الفراغ الناشيء طامحة لتعزيز عالقات التعاون‬ ‫في كافة اجملاالت‪ ،‬ومت تدشني مجلسا ً للتعاون‬ ‫االستراتيجي املشترك أعاد إثراء اجلدل مجددا ً‬ ‫حول مستقبل العالقة بني البلدين‪.‬‬ ‫وأعلن وزير اخلارجية التركي داود أوغلو‪ ،‬أن بالده‬ ‫بصدد تدشني حتالف مع مصر اجلديدة لتأسيس‬ ‫ما سماه “محور دميقراطية‪ ،‬جديدا ً في الشرق‬ ‫األوسط”‪.‬‬ ‫إن خصوصية التكوين اجليواستراتيجي وكذلك‬ ‫التركيبة اإلثنية ملنطقة الشرق األوسط وما‬ ‫تستتبعه من سياسات وحتركات إقليمية ودولية‬ ‫إزاء املنطقة مضافا ً إليها التداعيات احملتملة‬ ‫لألحداث واألزمات واحلراك في العالم العربي‬ ‫تضافرت جميعها لوضع سقف محدود ألي تقارب‬ ‫تركي – مصري يجعله حبيس العالقات التجارية‬ ‫والوشائج الثقافية من دون أن يبلغ مستوى‬ ‫التعاون العسكري أو الشراكة االستراتيجية‪.‬‬ ‫وفي ما يتعلق مبصر أو من الصعب عليها خالل‬ ‫املرحلة االنتقالية التي تعيشها بلورة سياسة‬ ‫خارجية بعيدة املدى أو متوسطة حيال تركيا أو‬ ‫في أي اجتاه دولي أو إقليمي آخر‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون أن آليات وضع السياسة‬ ‫اخلارجية التركية إزاء دول احلراك العربي وفي‬ ‫القلب منها مصر‪ ،‬تبرر حقيقة مفادها‪ ،‬أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حكومة العدالة بلورت استراتيجيتها تصفير‬ ‫املشاكل وتعزيز االستقرار والتعاون مع دول‬ ‫احمليط اإلقليمي على افتراض بقاء الوضع داخل‬ ‫الدول العربية على ما هو عليه‪ ،‬غير أن التحوالت‬ ‫اجلارية‪ ،‬جعلت السياسة التركية تلك مكشوفة‬ ‫متاما ً أمام الوقائع واألحداث املتالحقة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫أربك االستراتيجية التركية‪ ،‬ال سيما محورها‬ ‫االقتصادي الذي يعد قاعدتها األساسية‪ ،‬إذ قفز‬ ‫حجم التبادل التجاري بني تركيا والعرب من ‪7‬‬ ‫باليني دوالر عام ‪ 2002‬الى قرابة ‪ 40‬بليون دوالر‬ ‫عام ‪ 2008‬مع توقعات لبلوغه ‪ 100‬بليون دوالر في‬ ‫غضون سنوات قليلة‪ ،‬وهو ما دفع محللني أتراكا ً‬ ‫وغربيني للتكهن بأن تداعيات ما يجري في عاملنا‬ ‫العربي تقود في النهاية الى حتمية عودة أنقرة‬ ‫الى محيطها الغربي و”إسرائيل” بسبب حالة‬ ‫الصيرورة التي تخيم على املنطقة والتي قد ال‬ ‫تصب مخرجاتها بالضرورة في مصلحة األتراك‬ ‫في املديني القصير واملتوسط‪.‬‬

‫ألردوغان‪ ،‬وأن وجود قرار خاص باجليش خارج القرار‬ ‫السياسي للحكومة أصبح من املاضي‪.‬‬ ‫أردوغان الذي أعلن عن مجموعة من العقوبات‬ ‫التركية ضد سوريا كان في حقيقة األمر ينتظر‬ ‫قرارا ً من مجلس األمن‪ ،‬ولكن الفيتو الروسي‬ ‫والصيني عطل خطته‪ ،‬وهذا ما دفع أردوغان الى‬ ‫التأكيد بأن عدم صدور قرار من مجلس األمن لن‬ ‫يحول دون اتخاذ تركيا عقوبات أحادية اجلانب ضد‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫وفي هذا الشأن يقول الكاتب التركي سامي‬ ‫كوهني في صحيفة “ميلييت”‪“ :‬أن قرار أردوغان‬ ‫اإلعالن عن ماهية العقوبات ضد سوريا من إقليم‬ ‫هاتاي (لواء االسكندرون) حني كان من املتوقع‬ ‫أن يطلق “موقفا ً نوعياً” يعلن فيه بدء مرحلة‬ ‫جديدة من العالقات مع سوريا‪ ،‬وتترجم بسلسلة‬ ‫عقوبات اقتصادية ومالية وسياسية مثل وقف‬ ‫التعامل مع املصارف السورية وحجز رساميل‬ ‫خاصة في تركيا وغير ذلك‪ ،‬وأن ترافق هذه التدابير‬ ‫مع مناورات عسكرية تركية في املنطقة على‬ ‫احلدود مع سوريا” هو أمر له دالالته‪.‬‬ ‫وتراهن تركيا على استمرار االحتجاجات‬ ‫الشعبية واتساعها‪ ،‬وانخراط تركيا في تشكيل‬ ‫“مجلس وطني” والوقوف خلف ما يسمى‬ ‫املعارضة يفضح التوجهات التركية متاماً‪.‬‬

‫إتفاق أميركي – تركي‬

‫إيران حتذر تركيا‬

‫إن زيارة أردوغان األخيرة الى نيويورك تقول املصادر‬ ‫التركية املطلعة‪ ،‬واملواقف التي أعلنت على أرض‬ ‫الواقع هي ذاتها الترجمة العملية التفاق شامل‬ ‫جرى بني أردوغان والرئيس األميركي باراك أوباما‬ ‫في لقائهما في نيويورك‪ ،‬ويقضي باملقايضة بني‬ ‫الدعم األميركي الكامل لتركيا في حربها املعلنة‬ ‫على حزب العمال الكردستاني‪ ،‬ومنها تغطية‬ ‫عمليات عسكرية تركية برية وجوية ضد املقاتلني‬ ‫األكراد في جبال قنديل في شمال العراق‪ ،‬مقابل‬ ‫تعهد أنقرة بالسير في خطط اإلدارة األميركية‬ ‫لتضييق اخلناق على سوريا انطالقا ً من األراضي‬ ‫التركية‪ ،‬واملناورات العسكرية التركية التي بدأت‬ ‫الشهر املاضي (تشرين األول) هي “أول التحركات‬ ‫املريبة”‪ ،‬وهذه املناورات جدية‪ ،‬جلهة أن اخلطة‬ ‫التركية – األميركية تقضي في املستقبل‪ ،‬وال‬ ‫سيما بعد الفيتو الروسي والصيني في مجلس‬ ‫األمن الى التدخل العسكري “لغايات إنسانية”‬ ‫وتقول هذه املصادر‪ :‬إن اخلطة تشمل احتالل شريط‬ ‫حدودي سوري من جسر الشغور الى شمال حلب‬ ‫يتم حصر الالجئني السوريني فيه‪ ،‬ويشكل في‬ ‫الوقت نفسه قاعدة النطالق “املعارضة” السورية‬ ‫اخلارجي ًة لـ “حترير” سائر األراضي السورية التي‬ ‫تكون حتت سيطرة النظام‪ ،‬وهذا ما يذكر‬ ‫بالسيناريو الليبي الذي انطلق من بنغازي‪.‬‬ ‫وترى هذه املصادر‪ ،‬أن اجليش التركي موافق‬ ‫على مثل هذه اخلطة لسبب بسيط وهو أن‬ ‫قيادته اجلديدة التي جاءت بعد استقاالت القيادة‬ ‫السابقة في نهاية متوز املاضي موالية بالكامل‬

‫تؤكد التصريحات الرسمية اإليرانية أنه يتعينّ‬ ‫على تركيا إعادة النظر جذريا ً في مسائل تتعلق‬ ‫بسياستها جتاه سوريا وكذلك الدرع الصاروخية‬ ‫حللف شمال األطلسي (الناتو) ومحاوالتها‬ ‫لترويج ما تدعوه (اإلسالم العلماني) في العالم‬ ‫العربي‪ ،‬أو حتمل العواقب ومواجهة املشكالت‬ ‫من شعبها ومن جيرانها‪ ،‬وكذلك فإن دعوة رئيس‬ ‫الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الدول العربية‬ ‫التي تبني دميقراطية على النهج التركي بأنها‬ ‫“غير متوقعة وال ميكن تصورها”‪.‬‬ ‫ووصف اللواء يحي رحيم صفوي‪ ،‬املستشار‬ ‫العسكري خلامنئي‪ ،‬سلوك رجال الدولة لألتراك‬ ‫جتاه سوريا وإيران خاطئ وهم يتصرفون مبا‬ ‫يتماشى مع أهداف أميركا‪ ،‬وقال‪”:‬إذا لم تنأ‬ ‫تركيا بنفسها عن هذا السلوك السياسي غير‬ ‫التقليدي فإن الشعب التركي سينصرف عنها‬ ‫داخليا ً وستقوم الدول اجملاورة لها‪ ،‬سوريا والعراق‬ ‫وإيران بإعادة تقييم روابطها السياسية معها”‪.‬‬ ‫وحذر صفوي من أن العالقات التجارية مع تركيا‬ ‫ستتعرض للخطر إذا لم تغ ّير أنقرة من سياستها‪،‬‬ ‫وإذا فشل القادة السياسيون األتراك أن تكون‬ ‫سياستهم اخلارجية وعالقاتهم مع إيران واضحة‬ ‫فسيواجهون مشكالت‪ ،‬إذا كانوا يعتزمون كما‬ ‫يدعون‪ ،‬زيادة حجم التعاقدات مع إيران لتصل الى‬ ‫‪ 20‬مليار دوالر‪ ،‬فإنه سيحتم عليهم في نهاية‬ ‫املطاف تغيير سلوكهم ليتوافق مع إيران‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫محمود صالح‬


‫مقابلة‬

‫أعطوا الفرصة للرئيس بشار األسد ليصل بالسفينة الى شاطئ األمان‬

‫جورج قرداحي لـ «منبر التوحيد»‪« :‬أنت تستاهل»‬ ‫لم يتوقف ولم يعرض علي العمل في «الميادين»‬ ‫“أنت تستاهل” لم يتوقف ولكن‬ ‫محطة الـ “أم‪ .‬بي‪ .‬سي” أصدرت بياناً‬ ‫صريحاً قررت فيه عدم عرض البرنامج‬ ‫مرحلياً وذلك مراعاة ملشاعر الشعب‬ ‫السوري‪ .‬هذا ما أعلنه اإلعالمي جورج‬ ‫قرداحي الذي لم يخف انزعاجه من‬ ‫هذه اجلملة وقدم اعتراضه لرئيس‬ ‫مجلس اإلدارة الذي ّ‬ ‫أكد له بأن هناك‬ ‫ضغوطات مورست على احملطة من قبل‬ ‫اإلعالم السعودي‪ .‬وأضاف “قد يكون‬ ‫هناك تنسيق بني املعارضة السورية‬ ‫واإلعالم السعودي لذلك فتحوا النار‬ ‫علي”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬عندما ُ‬ ‫سئلت عن رأيي حول‬ ‫ما يجري في سوريا لم أخف وأعلنته‬ ‫بكل صراحة مع العلم أن جمهوري من‬ ‫كل الفئات‪ ،‬املتظاهرون من جمهوري‬ ‫وأهل احلكم أيضاً من جمهوري‪.‬‬ ‫وأعلن قرداحي “عندما بدأت حوادث‬ ‫درعا حذرت الشعب السوري من‬ ‫السقوط في املؤامرة‪ ،‬ولكن بعض‬ ‫ّ‬ ‫وكفروني”‪.‬‬ ‫الناس لم يعجبهم كالمي‬ ‫ّ‬ ‫وأكد بأن لديه مآخذ كبيرة على بعض‬ ‫وسائل اإلعالم النافذة واملسموعة‬ ‫أكثر من غيرها وهي تستخدم هذه‬ ‫األفضلية في املشاهدة لدى اجلمهور‬ ‫العربي لتمرير سياسة معينة‪ .‬اإلعالم‬ ‫يؤدي أحياناً الى قتل الناس من خالل‬ ‫سياسة التحريض التي يتبعها‪.‬‬ ‫وشدد على “أن سوريا مقدسة ودورها‬ ‫مميز في املنطقة‪ ،‬إنها حجر الزاوية وإذا‬ ‫سقط هذا احلجر سيسقط اجلميع”‪.‬‬ ‫وقال بأن النظام يحتاج الى إصالح‬ ‫وبشار األسد هو الذي سيقود هذا‬ ‫اإلصالح‪ .‬ولكن أعطوه الفرصة لكي‬ ‫يصل بالسفينة الى شاطئ األمان‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” التقت اإلعالمي‬ ‫جورج قرداحي وكان احلوار التالي‪:‬‬

‫ملاذا توقف برنامجك اجلديد “أنت تستاهل”‬ ‫على الـ “أم‪ .‬بي‪ .‬سي؟‬ ‫لم يتوقف برنامجي والـ “أم‪ .‬بي‪ .‬سي” أصدرت‬ ‫بيانا ً واضحا ً وصريحا ً ومختصراً‪ .‬وذكرت بأن احملطة‬ ‫قررت عدم عرض البرنامج مرحليا ً مراعاة ملشاعر‬ ‫الشعب السوري ويرتبط ذلك مبواقفي مما يجري‬ ‫في سوريا‪ .‬لقد عبرت عن رأيي بكل صراحة‬ ‫ومحبة‪ .‬بكل محبة للشعب السوري وبكل‬ ‫صراحة جتاه األخوة العرب في جميع أنحاء الوطن‬ ‫سئلت عن رأيي مبا يجري في سوريا‬ ‫العربي‪ .‬عندما ُ‬ ‫ألن الناس يهمها أن تعرفه لم أخف وأعلنت ما‬ ‫أفكر به على املأل‪ .‬كان باستطاعتي االعتذار وعدم‬ ‫التكلم في املوضوع ألن جمهوري من كل الفئات‬ ‫والطوائف‪ .‬املتظاهرون من جمهوري وأهل احلكم‬ ‫أيضاً‪ .‬كان باستطاعتي التهرب ولكن وجدت أنه‬ ‫من اجلبانة التهرب‪ .‬وملاذا ال أعطي رأيي بصراحة‬ ‫مثلما أفهم املوضوع؟ قلت إنني خائف على‬ ‫سوريا وعلى وحدتها كما أخاف عليها من احلرب‬ ‫األهلية‪ .‬أعرف تركيبة اجملتمع السوري وأزورها‬ ‫باستمرار كما أعتبرها بلدي‪.‬‬ ‫يتالقى موقفك مع مواقف البطريرك‬ ‫الراعي؟‬ ‫لقد جاءت مواقف البطريرك الراعي لتؤكد‬ ‫كالمي وعندما بدأت أحداث درعا قلت أخشى أن‬ ‫تكون بداية مؤامرة على سوريا وحذرت الشعب‬ ‫السوري من السقوط فيها‪ .‬وقلت سوريا مقدسة‬

‫‪57‬‬

‫ودورها مميز في املنطقة إنها العامود الفقري‪ ،‬هي‬ ‫حجر الزاوية فإذا سقط احلجر سيسقط اجلميع‪.‬‬ ‫سيسقط لبنان وفلسطني واألردن وتصل النار‬ ‫الى دول اخلليج وتسقط مكة‪ .‬بعض األشخاص‬ ‫لم يعجبهم كالمي واعتبروني أؤيد النظام‪ .‬لم‬ ‫أؤيد النظام قلت إن الدكتور بشار األسد‪ ،‬هذا‬ ‫الشاب الطبيب الذي توسمنا به خيرا ً هو مفخرة‬ ‫للشعب السوري‪ .‬منذ أن تسلم احلكم في سوريا‬ ‫ومواقفه في القمم العربية كانت تدعو الى‬ ‫الفخر واالعتزاز‪ .‬هذا الشاب الواعد والذي في خالل‬ ‫العشر سنوات من فترة تسلمه لسدة الرئاسة‬ ‫نقل سوريا نقلة نوعية وعظيمة على الصعيد‬ ‫االقتصادي واالستقرار األمني‪ ،‬رغم الصعوبات‬ ‫التي واجهها‪ .‬الرئيس بشار يتجاوب مع مطالب‬ ‫الناس احملقة‪ .‬ألغى حالة الطوارىء وأعطى قانون‬ ‫أحزاب جديد ووضع قانون إعالم جديد من أحدث‬ ‫القوانني‪ .‬ماذا بقي؟ بقي تغييره والسؤال ملاذا؟‬ ‫إذا كان عنده مواصفات النجاج التي تستطيع‬ ‫أن حتمي نظام سوريا وأن حتافظ على وحدتها‬ ‫فلماذا الذهاب الى اجملهول؟ بعض األشخاص‬ ‫لم يعجبهم كالمي ّ‬ ‫وكفروني واعتبروني أدعم‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫هل خضعت احملطة التي تعمل لديها‬ ‫الى ضغوطات معينة لذلك أوقفت البرنامج‬ ‫مرحلياً؟‬ ‫نعم احملطة خضعت الى ضغوطات من اإلعالم‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫السعودي الذي تأثر ببعض اجلهات املعارضة‬ ‫للنظام السوري‪ .‬وقد يكون هناك تنسيق بني‬ ‫بعضهم لذلك فتحوا النار علي بشكل عنيف‬ ‫جدا ً وعلى الـ‪ .‬ام‪ .‬بي‪.‬سي‪ .‬وتساءلوا كيف يعمل‬ ‫جورج قرداحي في احملطة طاملا مواقفه ضد‬ ‫الشعب السوري‪ .‬لم أكن ضد الشعب السوري‬ ‫وال ميكن أن أكون كذلك‪ .‬أنا مع مطالب الناس‬ ‫ولكنني خائف على الناس ومن منطلق خوفي‬ ‫عليهم أدعوهم الى احلوار الدميقراطي‪ .‬الرئيس‬ ‫يقدم إصالحات أقبلوا بها وليكن التغيير عبر‬ ‫اللعبة الدميقراطية‪ .‬ولكن ال ميكن أن ندمر‬ ‫الهيكل على رؤوسنا ثم نبحث عن بديل‪.‬‬ ‫يعني املوضوع ليس إصالحاً وإمنا تغيير‬ ‫نظام؟‬ ‫الناس يريدون تغيير الرئيس األسد ألنهم‬ ‫يعتبرونه رأس النظام‪ .‬لست مع النظام أنا مع‬ ‫الرئيس بشار األسد كشخص‪ .‬النظام يحتاج الى‬ ‫إصالح واألسد أعرب عن استعداده للقيام بذلك‪.‬‬ ‫ال تخربوا بلدكم نحن بحاجة إليها‪.‬‬ ‫هل تخاف من حرب أهلية؟‬ ‫من دون شك‪ .‬هل تعتقدين أنه من السهل‬ ‫تغيير الرئيس بشار األسد؟ هذه احلرب سوف‬ ‫متتد الى لبنان والذي ال يراها يكون أعمى ألنه ال‬ ‫سمح اهلل إذا اهتز النظام في سوريا سينعكس‬ ‫على لبنان حربا ً مذهبية ال هوادة فيها‪ .‬ملاذا نريد‬ ‫الوصول الى ذلك؟ طاملا الرئيس موجود ويريد‬ ‫تنفيذ مطالب الناس‪ ،‬املوضوع بحاجة الى وقت‪.‬‬ ‫ثم يأتينا التركي وأطماعه العثمانية بهدف‬ ‫العودة الى املنطقة لكي تصبح سوريا حتت‬ ‫هيمنته‪ .‬ال يوجد عربي شريف يقبل بذلك‪ .‬لن‬ ‫نعود الى عهد السلطنة العثمانية‪ .‬ذقنا األمرين‬ ‫منهم على مدى ‪ 400‬سنة‪.‬‬ ‫أال تخاف من أن حتسب على فريق معني‬ ‫وجمهورك من الفريقني؟‬ ‫إنني أتكلم بلغتي ال بلغة ‪ 8‬آذار وال بلغة‬ ‫‪ 14‬آذار هناك الكثير من ‪ 14‬آذار يتكلمون لغتي‬ ‫وهناك أشخاص من ‪ 8‬آذار يتكلمون نفس اللغة‪.‬‬ ‫وقد تشرفت مبواقف غبطة البطريرك وأحسست‬ ‫بالفخر وأعطاني القوة والثقة بالنفس بإنني‬ ‫كنت أفكر بطريق سليمة وصحيحة‪ .‬عندنا‬ ‫مليون مأخذ على سوريا وعلى النظام السوري‬ ‫ولكني أفصل بني الرئيس بشار األسد كشاب لم‬ ‫نر منه أي شيء سيء لغاية اليوم وبني النظام‪.‬‬ ‫النظام بحاجة الى إصالح والرئيس بشار األسد‬ ‫هو الذي سيقود اإلصالح‪ .‬ولكن أعطوه الفرصة‬ ‫لكي يصل بالسفينة الى شاطئ األمان‪ .‬هناك‬ ‫تهريب سالح الى سوريا يعني نوع من ذر الفتنة‬ ‫إلشعال حرب أهلية‪.‬‬ ‫ما عالقة توقيف البرنامح بعبارة “إكراماً‬ ‫ملشاعر الشعب السوري”؟‬ ‫هذه العبارة أزعجتني “مراعاة ملشاعر الشعب‬ ‫السوري” وعندما التقيت رئيس مجلس اإلدارة‬ ‫قلت له ميكنكم إيقاف البرنامج هذا قراركم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولكن عبارة “مراعاة ملشاعر الشعب السوري”‬ ‫وكأنني ضد الشعب السوري أو ضد مشاعره‪،‬‬ ‫مع العلم أنني في جميع مداخالتي أعلنت‬ ‫تأييدي ملطالب الشعب ورفضي إراقة نقطة دم‬ ‫واحدة في الشارع السوري من أية فئة كانت هذا‬ ‫أوالً‪ ،‬وثانيا ً من قال أن الشعب السوري كله ضد‬ ‫بشار األسد‪ .‬حسب االستطالعات التي قام بها‬ ‫األميركيون فإن غالبية الشعب السوري بكل‬ ‫مذاهبه وطوائفه تؤيد الرئيس بشار األسد يعني‬ ‫هناك أكثر من ‪ % 65‬مؤيدة للرئيس ضد احلركات‬ ‫األخرى‪ .‬عاتبتهم على هذه العبارة وكان التبرير‬ ‫أنها فرضت عليهم وعندما علمت األسباب‬ ‫تفهمت موقف احملطة‪.‬‬ ‫هل صحيح أنه مت فصلك من العمل؟‬ ‫كال ال يوجد إقالة‪ .‬هناك لغط كبير من‬ ‫ضمن احلملة التي مورست ضدي‪ .‬بعضهم يريد‬ ‫التشفي‪ .‬عقدي مازال مستمرا ً والبرنامج مازال‬ ‫موجوداً‪ .‬كنت أريد االستقالة ولكن تفهمت‬ ‫موقف احملطة ألن املوضوع خارج عن إرادتها‬ ‫فاحلملة أتت من بعض اجلهات السعودية التي ال‬ ‫أريد تسميتها‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫هل‬

‫سيعرض البرنامج؟‬ ‫نعم قريباً‪ .‬دورة البرامج كانت بني عيد الفطر‬ ‫وعيد األضحى وكان مبرمجا ً أن يعرض بني‬ ‫العيدين وقد أجل مرحلياً‪.‬‬ ‫ما صحة خبر انتقالك الى محطة “امليادين”‬ ‫مع غسان بن جدو؟‬ ‫ال يوجد صحة لهذا الكالم‪ .‬ال “امليادين” اتصلت‬ ‫بي وال أنا اتصلت بها‪ .‬األستاذ غسان بن جدو‬ ‫صديق ويوجد تواصل دائم بيني وبينه ولم نناقش‬ ‫هذا األمر‪.‬‬ ‫كيف ترى دور اإلعالم في الثورات العربية؟‬ ‫عندي مآخذ كبيرة على بعض اإلعالم الرائج‬ ‫حاليا ً في الفضائيات العربية‪ .‬دور اإلعالم ال يجب‬ ‫أن يكون حتريضيا ً بل أن ينقل الصورة الى املشاهد‬ ‫مبوضوعية وأن يحافظ على الرأي والرأي اآلخر‪ .‬الذي‬ ‫يحصل اليوم أن بعض وسائل اإلعالم وهي النافذة‬ ‫واملسموعة واملرئية أكثر من غيرها تستخدم هذه‬ ‫األحقية واألفضلية في املشاهدة لدى اجلمهور‬ ‫العربي لتمرير سياسة معينة‪ .‬هناك حتريض‬ ‫وتزييف للحقائق واختالق لألخبار‪ .‬ال يوجد تدقيق‬


‫باملعلومات التي تصل إليها‪ .‬ما يصل إليها من‬ ‫صور عبر الفايسبوك واالنترنت تعرضها‪ .‬اإلعالم‬ ‫مسؤول ألنه يؤدي الى قتل الناس أحيانا ً من خالل‬ ‫التحريض‪ .‬عندما تحُ رض الناس للنزول الى الشارع‬ ‫وهم عراة الصدور وال ميلكون أسلحة ألن اإلعالم‬ ‫يجب أن يرى دم‪ ،‬هذا إعالم تخريبي‪.‬‬ ‫هل صحيح أنك تصنف اإلعالميني نوعان إذ‬ ‫أن بعض الصحافيني يقولون ما هو بعيد عن‬ ‫قناعاتهم ألنهم بحاجة الى العمل والبعض‬ ‫اآلخر يدخل في متاهات التحريض؟‬ ‫اإلنسان بحاجة الى عمل وأتفهم ذلك وال أريد‬ ‫أن أتفلسف على زمالئي وأحبابي الذين يعملون‬ ‫في مؤسسات إعالمية وقد يكونوا متضايقني‬ ‫ألنهم يعملون ضد قناعاتهم املهنية‪ .‬إنهم‬ ‫يختبرون طريقة في اإلعالم لم يتعلموها في‬ ‫اجلامعات وهي تتخطى مبادىء اإلعالم الصحيح‬ ‫والسليم هؤالء ال ألومهم وكان اهلل في عونهم‬ ‫وهم متضايقون أكثر من غيرهم‪.‬‬ ‫ولكن هناك فئة ثانية ومهمتها وضع وتنفيذ‬ ‫االستراتيجيات اإلعالمية التابعة لالستراتيجيات‬ ‫السياسية‪ .‬هؤالء ألومهم وأعتبرهم متآمرين‪.‬‬ ‫الكثير من الزمالء تضامنوا معك‪..‬‬ ‫هناك الكثيرون في احملطة رأيهم مثل رأيي‬ ‫ولكن لم يعلنوه واستنكروا الذي حصل وغضبوا‬ ‫وليس فقط في محطتي بل في كل احملطات‬ ‫العربية‪ ،‬حتى في “اجلزيرة”‪ ،‬ألن هذا أسوأ ما حصل‬ ‫في اإلعالم العربي الذي دخل في مرحلة ال متت‬ ‫الى املهنية بصلة‪.‬‬ ‫طاملا حتب السياسة ملاذا ال تقدم برنامجاً‬ ‫سياسياً؟‬ ‫العروض التي تأتيني هي ثقافية ترفيهية‬ ‫ألن احملطات بحاجة الى هذا النوع من البرامج‬ ‫ويعتبرونني جنحت بذلك كما أنني لست‬ ‫متحمسا ً لكي أقدم برامج سياسية‪.‬‬ ‫يحكى عن طموح سياسي تسعى إليه؟‬ ‫طموح سياسي؟ كال‪ .‬عندي طموح لبلدي‬ ‫ووطني الذي نستطيع أن جنعله د ّرة هذا الشرق‪.‬‬ ‫وهذا البلد على صغره وجماله وعلى املكونات‬ ‫املوجودة فيه يجب أن جنعله مركز إشعاع للشرق‪.‬‬ ‫هذا طموحي بالنسبة الى لبنان‪ .‬فإذا كان لي دور‬ ‫في املشاركة عمليا ً ال أتهرب منه‪ ،‬وإذا لم يكن لي‬ ‫دورعملي‪ ،‬أشارك فكريا ً وثقافيا ً واجتماعياً‪.‬‬ ‫ما هي أهم احملطات في حياتك املهنية؟‬ ‫كل محطة من محطاتي اإلعالمية مهمة في‬ ‫جتربتي‪ ،‬بد ًءا من “لسان احلال” التي بدأت فيها‬ ‫أول خطوة في العمل اإلعالمي وانتها ًء مبحطة‬ ‫الـ ام‪ .‬بي‪.‬سي‪“ .‬لسان احلال” كانت البدايات‪ ،‬وفي‬ ‫السبعينات كان اجلو الصحافي واإلعالمي في‬ ‫لبنان مزدهرا ً جدا ً وكنا محط أنظار كل العرب‪.‬‬ ‫هذه احملطة األولى شكلت بداية مشجعة وكانت‬ ‫األساس الذي بنيت عليه مهنتي اإلعالمية‪،‬‬ ‫كان رئيس حترير هذه الصحيفة األستاذ جبران‬ ‫احلايك وهو أستاذ كبير تعلمت على يده مفهوم‬

‫الصحافة‪ .‬لذلك كانت االنطالقة مبنية على‬ ‫أساس صلب من الروح املهنية‪ .‬واحملطة الثانية‬ ‫كانت “تلفزيون لبنان” وفي ذلك الوقت كان‬ ‫الرائد بني التلفزيونات العربية وكان املشرف‬ ‫على األخبار األستاذ جان خوري مع ما يتمتع به‬ ‫من خلفية غربية‪ .‬تتلمذت على يده هو القادم‬ ‫من إذاعة فرنسا الدولية‪ .‬ثم تتبعها احملطة‬ ‫األهم وهي إذاعة مونت كارلو ومركزها فرنسا و‬ ‫ضوابطها هي الضوابط التي تطبق على اإلعالم‬ ‫الفرنسي‪ .‬مكثت وقتا ً طويالً فيها أي ما يقارب‬ ‫الـ ‪ 12‬سنة ‪ .‬بعد هذه التجربة انتقلت الى إذاعة‬ ‫الشرق واستلمت األخبار وأدرتها مبعرفتي مع ما‬ ‫أحمله من خبرة من إذاعة مونت كارلو نقلتها‬ ‫الى هذه اإلذاعة الشابة احلديثة التي اسمها‬ ‫إذاعة الشرق‪ .‬وبعد إذاعة الشرق انتقلت الى‬ ‫مركز تلفزيون الشرق األوسط في لندن وتسلمت‬ ‫محطة إذاعية جديدة ناشئة اسمها الـ ام‪ .‬بي‪.‬‬ ‫سي‪ .‬أف‪ .‬أم واستطعت أن أجعلها أجنح محطة‬ ‫في التسعينات في دول اخلليج باعتراف اجلميع‪.‬‬ ‫هذه اإلذاعة حققت جناحات هائلة‪ .‬كل محطة‬ ‫من محطاتي مهمة جدا ً في جتربتي املهنية‪.‬‬ ‫ماذا عن محطة “من سيربح املليون”؟‬ ‫طبعا ً هذه هي احملطة األهم‪ .‬بعد كل اخلبرة‬ ‫التي مريت بها في مجال اإلعالم اإلذاعي واملسموع‬ ‫أتى برنامج “من سيربح املليون” وكان نقلة مهمة‬ ‫جدا ً في حياتي‪ .‬إنه انقالب أط ّليت من خالله على‬ ‫اجلمهور العربي وأعطاني ثقته ومحبته وتقديره‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫وفي الوقت نفسه اكتشفت نفسي ألني كنت‬ ‫أعمل في املكتوب واملسموع ولم أكن أعرف ما‬ ‫مدى تأثيري على الناس‪ .‬وكانت مفاجأة للناس‬ ‫أوال ً ثم مفاجأة بالنسبة لي‪.‬‬ ‫هل ترددت في تقدمي البرنامج؟‬ ‫عندما عرض علي البرنامج ترددت وأخذت وقتا ً‬ ‫للموافقة وكنت أعتبر أن برنامج مسابقات ليس‬ ‫من اختصاصي‪ ،‬باعتبار أنني أعمل في األخبار‬ ‫السياسية والقضايا الرصينة والرسمية ولكن‬ ‫الذين عرضوا البرنامج علي توقعوا جناحي فيه‬ ‫ثم قبلت بخوف ولكن عند عرض احللقات األولى‬ ‫ارحتت ‪.‬‬ ‫لم تكن تتوقع النجاح الذي حققه‬ ‫البرنامج؟‬ ‫بالعكس كنت خائف‪.‬‬ ‫في كل برنامج من أي نوع كان‪ ،‬من الذي يؤدي‬ ‫الى جناحه‪ ،‬فكرته أم شخصية اإلعالمي الذي‬ ‫يقدمه؟‬ ‫عندما تتفق صيغة البرنامج مع شخصية املقدم‬ ‫يحصل جناح مزدوج وكبير‪ ،‬وعندما يكون البرنامج‬ ‫ناجحا ً واملقدم فاشالً يفشل البرنامج‪ .‬هذه معادلة‬ ‫ذهبية‪ ،‬عندما تتطابق شخصية املقدم مع البرنامج‬ ‫يتحقق النجاح‪.‬‬ ‫انتقلت إلى املؤسسة اللبنانية لإلرسال في‬ ‫“إفتح قلبك” ولم يحقق البرنامج النجاح املطلوب‬ ‫ملاذا؟‬ ‫البرنامج ميلك كل مقومات النجاح ولكنه لم ينجح‬ ‫كثيرا ً ألننا لم نحصل على قصص مهمة‪ .‬البرنامج‬ ‫ليس قائما ً على املقدم والناس ال يريدون مشاهدتي‬ ‫بل يريدون متابعة قصصا ً مهمة‪ .‬عندما تكون القصة‬ ‫نادرة يتكلمون عنها ولكن هناك قصصا ً عادية ال‬ ‫تستحق الذكر‪ .‬جناح البرنامج قائم على جناح القصص‬ ‫املوجودة فيه‪ .‬في العالم العربي هناك خفر عند الناس‬ ‫إذ ال يكشفون أمورهم اخلاصة وخصوصياتهم على‬ ‫املأل يعني مازلنا وخصوصا في منطقة اخلليج العربي‬ ‫نطلي زجاج السيارات باألسود‪ ،‬مازلنا نتحجب ونتنقب‪،‬‬ ‫هناك أمور مازالت من احملرمات‪.‬‬ ‫تقول البلد بحاجة الى نسف وإعادة بناء‬ ‫من أين تبدأ النسف؟‬ ‫يجب نسف العقليات‪ .‬نحن ال نتعلم أن يكون لنا‬ ‫انتماء حقيقي لهذا الوطن مازلنا نعتبره فندقا ً نعيش‬ ‫فيه وعندما نريد نسافر‪ .‬يجب أن نبني وطنا ً على أسس‬ ‫جديدة وأؤيد كلمة غبطة البطريرك الراعي وشعاره‬ ‫الشراكة واحملبة ألن هاتني الكلمتني هما شعار مقدس‬ ‫بالنسبة الى لبنان‪ .‬يجب أن نبني ونضع أسسا ً لوطن‬ ‫مستقر يجد فيه كل لبناني حقوقه وذاته وطموحاته‬ ‫وفخره‪ .‬يجب إعادة هذا التعلق باألرزة وأن نفتخر بتاريخ‬ ‫هذا البلد وبجغرافيته وثقافته ‪.‬‬ ‫ماذا غيرت الشهرة في حياة جورج قرداحي؟‬ ‫لم تغير شيئأ على الصعيد اإلنساني‪ .‬لقدغيرت في‬ ‫وضعي االجتماعي ولكن شخصيتي لم تتغير أبداً‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫موازنة ‪ 2012‬تستنسخ ‪ 2011‬وتفتقد للرؤية االقتصادية وليست إصالحية‬

‫الخبير االقتصادي غازي وزني لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫تأمين الضمان الصحي ليكون لكل اللبنانيين خطوة قابلة للتنفيذ‬ ‫طوت حكومة الرئيس جنيب ميقاتي‪ 100 ،‬يوم‬ ‫من عمرها‪ ،‬بعد نيلها ثقة مجلس النواب‪ ،‬بذلت‬ ‫خاللها كثير من اجلهود من أهمها حتديد املنطقة‬ ‫االقتصادية اخلالصة ومسألة الكهرباء ونشر‬ ‫قانون األسواق املالية وإقرار نحو ‪ 144‬قراراً أدت الى‬ ‫تسهيل عمل املواطنني فضالً عن تفعيل جلنة‬ ‫الشأن االجتماعي‪ .‬وقد أولت احلكومة اهتماماً‬ ‫خاصاً باالستقرار األمني فضالً عن اهتمامها‬ ‫بتنمية العالقات مع دول العالم كافة وحضورها‬ ‫املميز في األمم وأطلقت موضوع دعم األسر‬ ‫الفقيرة وهذه مسألة مهمة تواجه العالم يوماً‬ ‫بعد يوم‪ ،‬وقدمت مشروع موازنة ‪ 2012‬الذي أجنزته‬ ‫وزارة املال ضمن املهل الدستورية وأحالته على‬ ‫مجلس الوزراء بهدف أساس “حتقيق التوازن بني‬ ‫الضريبة والتقدميات االجتماعية اإلضافية”‪ ،‬وفق‬ ‫التسمية التي أراد وزير املال محمد الصفدي أن‬ ‫يطلقها لتبرير التعديل الطارئ على السياسة‬ ‫الضريبية في مقابل التغيير في أمناط الدعم‬ ‫ونوعيته‪ ،‬ومنها التغطية الصحية الشاملة لكل‬ ‫اللبنانيني‪.‬‬ ‫وأعلنت احلكومة اللبنانية أن مشروع املوازنة‬ ‫املقترحة للعام ‪ 2012‬يحقق زيادة اإليرادات إلى‬ ‫الناجت احمللي ويتضمن رفع بعض الضرائب‪ ،‬من‬ ‫بينها رفع الضريبة على القيمة املضافة من ‪10‬‬ ‫إلى ‪ 12‬باملئة‪.‬‬ ‫وقال وزير املال محمد الصفدي‪ ،‬إن “لبنان يعتزم‬ ‫رفع ضريبة القيمة املضافة إلى ‪ 12‬باملئة في ‪2012‬‬ ‫من عشرة باملئة حالياً‪ ،‬وذلك لتعزيز اإليرادات‬ ‫وتفادي اقتراض املزيد من األسواق العاملية”‪.‬‬ ‫وأكد الصفدي أن مشروع املوازنة للعام ‪2012‬‬ ‫يحقق “زيادة اإليرادات إلى الناجت احمللي من ‪12.3‬‬ ‫باملئة إلى ‪ 22.7‬باملئة بعد سنتني من التراجع‬ ‫املطرد”‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن ذلك يتم “عبر زيادة نسبة الضريبة‬ ‫على القيمة املضافة من ‪ 10‬إلى ‪ 12‬باملئة‪ ،‬وإدخال‬ ‫رسم على املبيعات العقارية بنسبة ‪ 3‬باملئة‪،‬‬ ‫متهيداً إلدخال الضريبة على األرباح الرأسمالية‬ ‫وزيادة ضريبة الفوائد من ‪ 5‬إلى ‪ 8‬باملئة وغيرها من‬ ‫اإلجراءات”‪.‬‬ ‫وأضاف الصفدي أن ميزانية ‪ 2012‬تتوقع أن‬ ‫تتراجع نسبة الدين إلى الناجت احمللي اإلجمالي من‬ ‫‪ 135‬باملئة إلى ‪ 132‬باملئة‪ ،‬وهي نسبة جتعل لبنان‬ ‫أحد أكثر الدول ديوناً في العالم‪.‬‬ ‫ويبلغ الدين العام في لبنان نحو ‪ 51‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫ومن املتوقع أن يرتفع إلى ‪ 55‬مليار دوالر في ‪.2012‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ويحذر محللون من أنه قد يصل إلى ‪ 65‬مليار دوالر‬ ‫في الثالث إلى اخلمس سنوات املقبلة مع اتساع‬ ‫العجز‪.‬‬ ‫لكن حكومة رئيس الوزراء جنيب ميقاتي الذي‬ ‫تولى املنصب في وقت سابق العام اجلاري‪ ،‬بعد‬ ‫انهيار حكومة سعد احلريري‪ ،‬عازمة فيما يبدو‬ ‫على تفادي اتساع العجز أو زيادة الدين‪.‬‬ ‫ووافق البرملان اللبناني الشهر املاضي على‬ ‫تخصيص ‪ 1.2‬مليار دوالر لتعزيز إنتاج الكهرباء‪.‬‬ ‫وأضاف الصفدي أن وزارة املال قررت كذلك‬ ‫متابعة مشروع القانون اخلاص باألمالك العمومية‬ ‫البحرية‪ ،‬لتمكني الدولة من االستفادة بجزء من‬ ‫حقوقها في هذا اجملال‪.‬‬ ‫وقال إن ميزانية ‪ 2012‬ستتضمن فرض رسوم‬ ‫بنسبة ‪ 3‬باملئة على املبيعات العقارية‪ .‬وتتوقع‬ ‫امليزانية منواً اقتصادياً بنسبة ‪ 4‬باملئة العام‬ ‫املقبل‪ ،‬وتضخماً عند ‪ 5‬باملئة‪.‬‬ ‫وأوضح أن مسودة امليزانية تأتي في ظل وضع‬ ‫اقتصادي عاملي حرج‪ ،‬وتراجع في النمو اللبناني‬ ‫خالل النصف األول من ‪ ،2011‬لكن يبدو أن النمو‬ ‫في النصف الثاني من العام سيشهد حتسناً‬ ‫ملحوظاً‪.‬‬ ‫ويشتهر لبنان بقطاعاته اخلدماتية القوية‪ ،‬لكن‬ ‫كثيراً من املستثمرين يحجم عن االستثمار في‬ ‫البالد بسبب االنقطاع املتكرر للتيار الكهربائي‪،‬‬

‫‪60‬‬

‫وضعف شبكة الطرق خارج العاصمة وكذلك‬ ‫شبكة االتصاالت‪.‬‬ ‫وجتاوز لبنان الركود العاملي في ‪ 2008‬محققاً‬ ‫منواً قوياً بني ‪ 7‬و‪ 9‬باملئة في األعوام الثالثة املاضية‪،‬‬ ‫لكن االنقسامات السياسية عرقلت ميزانية‬ ‫‪ 2010‬في البرملان‪ ،‬لتمنع احلكومة من إنفاق ملياري‬ ‫دوالر خصصت ملشروعات بنية حتتية حتتاج إليها‬ ‫البالد بشدة‪ .‬وال تزال مسودة ميزانية ‪ 2011‬عالقة‬ ‫في مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫وقال الصفدي إن اإلنفاق االستثماري سيبلغ‬ ‫نحو ‪ 14.6‬باملئة من اإلنفاق االجمالي‪ ،‬أي نحو ‪4.5‬‬ ‫باملئة من الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬وأضاف أن ميزانية‬ ‫‪ 2012‬ستركز على توفير خدمات طال انتظارها‬ ‫مثل املياه والكهرباء والطرق واملوانئ واالتصاالت‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن مشروع موازنة ‪“ 2012‬يخفف‬ ‫كلفة املعيشة عن ذوي الدخل احملدود‪ ،‬إذ ينطوي‬ ‫على االنتقال من دعم الرغيف وغيره إلى دعم‬ ‫مالي مباشر لألسر احملتاجة‪ ،‬ويؤ ّمن ‪ 300‬مليار‬ ‫ليرة (‪ 199.5‬مليون دوالر) كخطوة أولى لتغطية‬ ‫صحية شاملة”‪ ،‬معلناً أن “املشروع يغطي جميع‬ ‫التزامات الدولة اللبنانية العاملية واحمللية”‪.‬‬ ‫مشروع املوازنة عرض في مؤمتر صحافي للوزير‬ ‫الصفدي‪ ،‬ويرمي الى تخفيف كلفة املعيشة عن‬ ‫ذوي الدخل احملدود مع انتقاله الى دعم األسر بدل‬ ‫الرغيف‪.‬‬


‫أوظهرت أرقام مشروع قانون املوازنة العامة‬ ‫للعام ‪ 2012‬التي رفعها وزير املالية محمد الصفدي‬ ‫إلى مجلس الوزراء‪ ،‬والتي سيطلب جلسة خاصة‬ ‫ملناقشتها وإقرارها خالل األسبوعني املقبلني‪،‬‬ ‫بعض التعديالت واالختالفات عن موازنة العام‬ ‫‪ 2011‬من حيث النفقات واإليرادات‪.‬‬ ‫وح ّدد مشروع قانون املوازنة الذي يقع في ‪109‬‬ ‫مواد في ‪ 81‬صفحة‪ ،‬النفقات بحوالى ‪21063‬‬ ‫مليار ليرة بزيادة حوالى ‪ 1236,2‬مليار ليرة عن‬ ‫موازنة العام ‪ 2011‬أي مبا نسبته ‪ 6,24‬في املئة‪ .‬أما‬ ‫إجمالي املوازنة مع املوازنات امللحقة (االتصاالت‬ ‫ومكتب احلبوب والشمندر السكري واليانصيب‬ ‫الوطني) فتصل نفقاتها الى ما مجموعه ‪23814,6‬‬ ‫مليار ليرة‪ ،‬في حني قدرت اإليرادات بحوالى ‪14816‬‬ ‫مليار ليرة بزيادة حوالى ‪ 500‬مليار ليرة عن العام‬ ‫‪ 2011‬أي مبا نسبته ‪ 3,17‬في املئة‪ .‬وهذا يعني أن‬ ‫عجز املوازنة العامة سيبلغ حوالى ‪ 6247‬مليار‬ ‫ليرة وما نسبته ‪ 29,66‬في املئة في مقابل عجز‬ ‫مقدر للعام ‪ 2011‬بحوالى ‪ 27,37‬في املئة‪.‬‬ ‫على صعيد الضرائب والرسوم جاءت املوازنة‬ ‫اجلديدة كما موازنة العام ‪ 2011‬من دون اجلدول‬ ‫الرقم ـ ‪ 9‬الذي يتضمن عادة الضرائب والرسوم‬ ‫اجلديدة‪ ،‬على اعتبار ان الضرائب املستحدثة‬ ‫واملعدلة جاءت ضمن تعديل املواد الواردة في‬ ‫مشروع قانون املوازنة العامة‪.‬‬ ‫الى ذلك‪ ،‬جاءت النفقات االضافية االساسية‬ ‫في موازنات االمن ال سيما في وزارتي الداخلية‬ ‫والدفاع‪ ،‬اضافة الى النفقات الكبيرة لوزارة‬ ‫الطاقة لتجهيز الكهرباء وقطاع املياه والطرق‬ ‫واالشغال العام‪ ،‬اضافة الى النفقات االجتماعية‬ ‫ودعم الزراعة والسياحة والصادرات‪ .‬أما عجز‬ ‫الكهرباء فقدرته املوازنة بحوالى ‪ 3028‬مليار ليرة‬ ‫أي ما يوازي ‪ 50‬في املئة من كلفة العجز الكلي في‬ ‫املوازنة العامة‪.‬‬ ‫وبقيت حصة الرواتب واالجور وتعويضاتها‬ ‫وملحقاتها تشكل حوالى ‪ 6594‬مليار ليرة أي‬ ‫ما نسبته حوالى ‪ 30‬في املئة من نفقات املوازنة‪.‬‬ ‫اما كلفة خدمة الدين العام فتقدر بحوالى ‪5812‬‬ ‫مليار ليرة بزيادة ‪ 36‬مليار ليرة فقط عن العام ‪2011‬‬ ‫وذلك على الرغم من تزايد حجم الدين العام بقدر‬ ‫عجز املوازنة الذي يفوق الـ‪ 4‬مليارات دوالر خالل‬ ‫العام ‪ .2012‬اما سبب تراجع كلفة الدين العام‬ ‫فيعود الى تراجع معدالت الفوائد بشكل عام‬ ‫على سندات الليرة واالصدارات بالعمالت االجنبية‬ ‫في شكل ملحوظ‪ ،‬ومع ذلك بقيت كلفة الدين‬ ‫العام تشكل حوالى ‪ 27,59‬في املئة من اجمالي‬ ‫النفقات‪.‬‬ ‫وبينما لم يلحظ مشروع قانون موازنة العام‬ ‫‪ 2012‬اعتمادات إلمكانية تصحيح االجور خالل‬ ‫العام ‪ ،2012‬كان الفتا لالنتباه ان مشروع املوزانة‬ ‫حلظ متويل احملكمة الدولية‪.‬‬ ‫املوازنة وتصحيح األجور وغيرها من األمور‬ ‫كانت محور لقائنا مع اخلبير االقتصادي الدكتور‬ ‫غازي وزني في حوار هنا نصه‪:‬‬

‫املوازنة إرتكزت على ضرائب تزيد من معاناة‬ ‫املواطن‬ ‫ال أؤيّد رفع الضريبة على القيمة املضافة‬ ‫ومواكبتها املساهمات االجتماعية‬ ‫مشروع موازنة ‪ 2012‬لم يلحظ موضوع تراجع‬ ‫النمو االقتصادي‬ ‫كيف تقرأون موازنة وزارة املال ‪ ،2012‬مقارنة‬ ‫باملوازنات السابقة؟ هل خرج مشروع تلك املوازنة‬ ‫عن سياسات احلكومات السابقة‪ ،‬خاصة في ما‬ ‫يتعلق ببند زيادة الضريبة على القيمة املضافة‬ ‫من ‪ 10‬الى ‪ % 12‬وغيرها من األمور؟‬ ‫إذا أردنا مقارنة تلك املوازنة باملوازنات السابقة‪،‬‬ ‫ميكننا القول إنها مماثلة ملوازنة ‪ ،2011‬بحيث تفتقد‬ ‫للرؤية االقتصادية الواضحة وليست إصالحية‪ ،‬إن‬ ‫كان على الصعيد االجتماعي أو الصعيد املؤسساتي‪،‬‬ ‫وفي الوقت نفسه نالحظ أنها كسابقاتها ال تلحظ‬ ‫اهتمام فعلي بالوضع امليعشي للمواطن اللبناني‬ ‫وبالتالي البطالة وما الى ذلك‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بسياستها الضرائبية نالحظ‬ ‫أنها ارتكزت على ضرائب تزيد من معاناة املواطن‬ ‫خاصة في ما يتعلق بزيادة الضريبة على القيمة‬ ‫املضافة من ‪ 10‬الى ‪.% 12‬‬

‫‪61‬‬

‫من هنا ميكن أن تستخلص أنها موازنة كاملوازنات‬ ‫السابقة دون زيادة أو نقصاناً‪ ،‬خالية من اإلصالحات‬ ‫االجتماعية والضرائبية‪.‬‬ ‫ماذا عن قطع حسابات األعوام املاضية‪ ،‬أي‬ ‫مخرج اعتمد لها؟‬ ‫في ما يتعلق مبوضوع قطع حسابات األعوام‬ ‫املاضية‪ ،‬القانون واضح في هذا اإلطار‪ ،‬بحيث يفرض‬ ‫على أن في مشروع موازنة ‪ 2012‬يجب أن يرفق معها‬ ‫قطع حساب موازنة ‪ ،2010‬وفي هذا اإلطار لدى وزارة‬ ‫املالية اخلبرة الكافية ملعاجلة هذا املطلب القانوني‬ ‫وإرسال في خالل ‪ 3‬أو ‪ 4‬أشهر القادمة قطع حساب‬ ‫موازنة ‪ 2010‬الى ديوان احملاسبة الذي ّ‬ ‫يتطلع عليها‪،‬‬ ‫ويبت فيها‪ ،‬من هنا ال أجد في موضوع قطع احلساب‬ ‫متطلبات كبيرة جداً‪ ،‬واملغالطة التي حتدث حاليا ً بأن‬ ‫هناك من يعتقد بأنه من اجليد أن يرفق أيضا ً قطع‬ ‫حساب أعوام ‪ 2006‬و‪ 2007‬و‪ 2008‬و‪ ،2009‬وهنا أقول‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫أن هذا األمر ال يقره القانون‪ ،‬وهذا بقدرة وزارة املالية‬ ‫في أن تقدمه خالل ‪ 3‬أو أربع أشهر‪.‬‬ ‫يقال أن فرض الضريبة قابله تعزيز املساهمات‬ ‫االجتماعية‪ ،‬كيف سيدفع املواطن اللبناني تلك‬ ‫الضريبة وماذا سيترتب عليه؟‬ ‫ال أؤ ّيد رفع الضريبة على القيمة املضافة‬ ‫ومواكبتها املساهمات االجتماعية‪ ،‬وال يوجد الدقة‬ ‫الكافية في هذا اإلطار‪ :‬الذي حصل أن رفع الضريبة‬ ‫على القيمة املضافة من ‪ 10‬الى ‪ % 12‬يؤدي الى زيادة‬ ‫في اإليرادات تصل تقريبا ً الى حدود الـ ‪ 400‬مليار ل‪.‬ل‪،‬‬ ‫على عكس التقدميات االجتماعية بحيث ال جند أي‬ ‫زيادات ملموسة أو استحقاقات فعلية عليها‪ ،‬إن‬ ‫من ناحية إصالح نظام التقاعد أو من ناحية إصالح‬ ‫الضمان االجتماعي حيث أنصف قليالً صندوق‬ ‫املرض واألمومة‪ ،‬من جهة إقرار لضمان الشيخوخة‪،‬‬ ‫اإلصالح الوحيد األساسي في ذلك هو الذي واقف‬ ‫عليه وزير العمل في موضوع حتقيق التأمني الصحي‬ ‫الشامل ورُصد في هذا اإلطار تقريبا ً ‪ 300‬مليار ل‪.‬ل‪،‬‬ ‫واإلجناز الثاني اإليجابي يكمن في إعفاء املتزوجني‬ ‫من لبنانيني وأوالدهم من نفقات أو اعتمادات إجازة‬ ‫العمل وما الى ذلك‪.‬‬ ‫هذا على الصعيد اإلجتماعي‪ ،‬وكان هناك كالم‬ ‫في مشروع موازنة ‪ 2012‬باتخاذ خطوات أولية في ما‬ ‫يتعلق باستهداف الفقر في لبنان ولكن ذلك مازال‬ ‫مشروعا ً لم تطبق عليه اخلطوات احلالية‪.‬‬ ‫بقيت حصة الرواتب واألجور وتعويضاتها‬ ‫ّ‬ ‫تشكل ‪ % 30‬من نفقات املوازنة‪ ،‬هل‬ ‫وملحقاتها‬ ‫ما حصل عليه عمال لبنان يتناسب مع مطالبهم‬ ‫احملقة؟‬ ‫دون شك إن الذي حصل عليه العمال في املبدأ‬ ‫كاف‪ ،‬ولكن إذا أخذنا في عني االعتبار‬ ‫العام غير‬ ‫ٍ‬ ‫وضع املالية العامة لدين الدولة‪ ،‬ووضع املؤسسات‬ ‫االقتصادية التي تعاني في عام ‪ 2012‬من تباطؤ‬ ‫اقتصادي وتراجع جميع مؤشرات القطاعات‬ ‫االقتصادية‪ ،‬أعتقد أن ذلك كخطوة أولية كافية‪،‬‬ ‫ولكن استكمال هذه اخلطوات يفترض أن يكون في‬ ‫السنوات الالحقة مع اتخاذ قرارات بأن تصحيح‬ ‫الرواتب واألجور يجب أن يكون سنويا ً وليس كل ‪10‬‬ ‫أو ‪ 15‬سنة‪.‬‬ ‫النمو هذا العام سيتراجع الى أقل من ‪ ،% 2‬ماذا‬ ‫عن مستقبل الوضع االقتصادي‪ ،‬وهل سنمر في‬ ‫حالة ركود؟‬ ‫من هذا املنطلق ميكننا القول إن مشروع موازنة‬ ‫‪ 2012‬لم يلحظ موضوع تراجع النمو االقتصادي ألن‬ ‫يقدر النمو في العام ‪ 2012‬بحوالى‬ ‫في هذا املشروع ّ‬ ‫‪ % 4‬ولم يؤخذ في عني االعتبار أن االقتصاد اللبناني‬ ‫يتأثر بانعكاسات الوضع الداخلي واالضطرابات‬ ‫املتنقلة في املنطقة‪ ،‬لذلك أتخ ّوف من أن يكون‬ ‫النمو االقتصادي في عام ‪ 2012‬متواضعا ً أي أقل من‬ ‫‪ % 4‬املقدرة في مشروع املوازنة ألن املعطيات احلالية‬ ‫تظهر على أن احلركة االستثمارية للعام ‪2012‬‬ ‫ستبقى ضعيفة خاصة في ما يتعلق بالقطاع‬ ‫العقاري الذي سيشهد نوعا ً من اجلمود والتباطؤ‬ ‫القوي جدا ً أو من ناحية احلركة السياحية التي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ما قدمه االحتاد العمالي‬ ‫العام لم تكن مقاربة‬ ‫اقتصادية أو مالية‪ ،‬بل طلب‬ ‫لتصحيح الرواتب واألجور‪،‬‬ ‫في حني أن الوزير نحاس‬ ‫قدم مقاربة علمية وتقنية‬ ‫واقتصادية واجتماعية‬ ‫اخلطوات التي اتخذت في‬ ‫مشروع موازنة ‪ 2012‬في ما‬ ‫يتعلق بالطبقة الفقيرة غير‬ ‫كافية‬ ‫انخفضت خاصة من جهة الرعايا العرب ما يعني‬ ‫أن استمرار التباطؤ في احلركة السياحية وأيضا ً في‬ ‫احلركة االستهالكية الداخلية‪ ،‬كل هذه األجواء تؤدي‬ ‫الى تقلص االستهالك في القطع النقدية‪.‬‬ ‫هل ميكن رفع الضريبة على فوائد الودائع (من ‪5‬‬ ‫الى ‪ )%8‬بدالً من خفض الفوائد وحتفيز االستثمار؟‬ ‫وكيف؟‬ ‫أوال ً إن رفع الضريبة على فوائد الودائع من ‪ 5‬الى‬ ‫‪ % 8‬مبالغ فيه وذلك لعدة أسباب‪ :‬أوال ً إن عائدات‬ ‫الفوائد خالل السنوات األخيرة شك ّلت ‪ ،% 3,50‬ثانيا ً‬ ‫منو القطاع املصرفي تراجع خالل السنوات األخيرة‬ ‫من ‪ %23‬في عام ‪ 2009‬الى ‪ % 11‬تقريبا ً في عام ‪2010‬‬ ‫والى أقل من ‪ % 8‬في العام ‪ ،2011‬ثالثا ً التدفقات‬ ‫املالية أيضا ً هي في تراجع حيث يتو ّقع استمرار هذا‬ ‫التراجع في العام ‪ 2012‬في املؤشرات املالية في لبنان‬ ‫والدولة تواجه استحقاقات مالية كبيرة جدا ً في‬ ‫العام ‪ 2012‬تتجاوز الـ ‪ 16‬مليار دوال‪ ،‬من هذا املنطلق‬ ‫أجد أن رفع الضريبة على فوائد الودائع من ‪ 5‬الى ‪% 8‬‬ ‫أي أكثر من ‪ % 60‬مبالغ فيه‪ ،‬حيث كان من املفترض‬ ‫تطبيق الزيادة نفسها التي ُط ّبقت في مشروع‬ ‫موازنة ‪ 2010‬و ‪ 2011‬أي من ‪ 5‬الى ‪.% 7‬‬ ‫كيف قرأمت ما أجنزه االحتاد العمالي العام لرفع‬ ‫احلد األدنى لألجور‪ ،‬وبالتالي مشروع الوزير نحاس‬ ‫الذي نادى بعودة االعتبار ملفهوم األجر االجتماعي‬ ‫في مسألة تصحيح األجور متجاوزاً مفهوم‬ ‫تصحيح األجر النقدي؟‬ ‫ما قدمه االحتاد العمالي العام لم تكن مقاربة‬ ‫اقتصادية أو مالية‪ ،‬بل طلب لتصحيح الرواتب‬ ‫واألجور‪ ،‬في حني أن الوزير نحاس قدم مقاربة علمية‬ ‫وتقنية واقتصادية واجتماعية تقارب بني زيادة الرواتب‬ ‫واألجور وبني انتاجية القطاعات االقتصادية وأهميتها‬

‫‪62‬‬

‫في خلق فرص عمل وتأثيراتها االجتماعية‪.‬‬ ‫من هنا ال ميكن املقارنة في ذلك‪ ،‬ويفترض في‬ ‫اخلطوة األولية والتي كانت ضرورية في التصحيح‬ ‫ألسباب تعود لهواجس ومخاوف وانعكاسات أمنية‬ ‫وسياسية في هذا اإلطار‪ ،‬الذي فرض هذه اخلطوة‬ ‫األولية التي جاءت ناقصة في ما يتعلق بالرواتب التي‬ ‫تتجاوز مليون و‪ 800‬ألف ويجب معاجلة هذه الثغرة‪،‬‬ ‫وهذه اخلطوة األولية من املفترض استكمالها‬ ‫بخطوات علمية تستند الى دراسة الدكتور شربل‬ ‫نحاس في ما يتعلق مبعاجلة أو مقاربة موضوع األجر‬ ‫في لبنان‪.‬‬ ‫هل من املمكن تأمني ضمان صحي لكل‬ ‫اللبنانيني كما في مشروع الوزير نحاس؟‬ ‫أكيد‪ ،‬إن تأمني الضمان الصحي بحيث يكون‬ ‫شامالً لكل اللبنانيني هو خطوة قابلة للتنفيذ‬ ‫وفي مشروع موازنة ‪ 2012‬قد رُصد لهذا القطاع‬ ‫حوالى ‪ 300‬مليار ل‪.‬ل وحسب الدراسات التي قدمها‬ ‫وزير العمل يقول إن احلاجة بعد إلغاء االعتمادات‬ ‫الصحية وما الى ذلك من الدولة حتتاج الى ما يقارب‬ ‫تقدمي ‪ 1100‬مليار ل‪.‬ل ستويا ً للتغطية الشاملة‪ ،‬أي‬ ‫هذه التغطية بدون شك قابلة للتنفيذ على أن ال‬ ‫يفترض االستناد الى عوامل متعددة منها‪ :‬املصادر‬ ‫الضرائبية كالضريبة على األرباح العقارية ومنها‬ ‫أيضا ً مصادر في كيفية ضبط اإلنفاق وكيفية‬ ‫وقف الهدر وخاصة في مؤسسة كهرباء لبنان‬ ‫التي تك ّلف الدولة سنويا ً أكثر من ملياري دوالر وفي‬ ‫الوقت نفسه من ناحية تعزيز انتاجية القطاع العام‪،‬‬ ‫أي خطوات تأمني مصادر ‪ 1100‬مليار ل‪.‬ل من أماكن‬ ‫متعددة‪.‬‬ ‫هل من املمكن التوصل آللية عملية تطبيقية‬ ‫أكثر للدعم االجتماعي املباشر لألسر احملتاجة ال‬ ‫سيما عند خط الفقر؟‬ ‫إن اخلطوات التي اتخذت في مشروع موازنة ‪2012‬‬ ‫في ما يتعلق بالطبقة الفقيرة هي غير كافية‬ ‫وحتتاج الى وقت ملعاجلتها بينما الطبقة الفقيرة‬ ‫حتتاج الى خطوات سريعة إن من ناحية تأمني فرص‬ ‫العمل أو من ناحية خطوات مباشرة في ما يتعلق‬ ‫بالطبابة والتعليم والشأن االجتماعي وباملساعدات‬ ‫الفورية‪ ،‬وهذه لم يلحظ لها أي زيادة في مشروع‬ ‫موازنة ‪.2012‬‬ ‫هل سيتمكن لبنان من احلفاظ على االستقرار‬ ‫املالي واالقتصادي دون االستدانة من اخلارج خاصة‬ ‫في ما يتعلق مبشروع الطاقة؟‬ ‫إذا أردنا التحدث في موضوع الطاقة التي تتجاوز‬ ‫كلفتها الـ ‪ 5‬مليار دوالر وموزعة حسب مشروع وزير‬ ‫الطاقة جبران باسيل‪ :‬بني التمويل الداخلي التي يبلغ‬ ‫تقريبا ً ‪ 200‬مليون من قبل الدولة ومتويل آخر تقريبا ً ‪2‬‬ ‫مليون ونصف دوالر مع القطاع اخلاص وأكثر من مليار‬ ‫هي من ناحية قروض وصناديق وهبات خارجية‪ ،‬وتنوع‬ ‫التمويل موجود في الدراسة‪ .‬حاليا ً الذي طرأ مؤخرا ً‬ ‫أن الدولة وجدت صعوبات في تطبيقها ما اضطرها‬ ‫الى االستعانة من اخلارج أي عبر االستدانة من‬ ‫صناديق تقدم قروضا ً بفوائد أقل كلفة وآجال أطول‪،‬‬ ‫وال مانع في ذلك إذا متكنت احلكومة من االستعانة‬


‫بنقود خارجي ما يخفف على اخلزينة العامة وعلى‬ ‫خدمة الدين العام وعلى متطلبات الدولة الفورية‪.‬‬ ‫هل من خطر على الضمان االجتماعي؟‬ ‫ال يوجد خطر على الضمان االجتماعي‪ ،‬من ناحية‬ ‫صندوق الضمان االجتماعي ال يوجد أي مخاطر‬ ‫عليها لكن ال ميكن أن يستمر العجز في فرعي‬ ‫املرض واألمومة‪ ،‬من هنا إلصالح صندوق الضمان‬ ‫االجتماعي خاصة في فرعي املرض واألمومة يجب أن‬ ‫يكون من أولويات احلكومة دفع متأخراتها وحتصيل‬ ‫الصندوق على مستحقاته من قطاعات متعددة‪.‬‬ ‫كيف ترون اآلداء احلكومي في امللف االقتصادي؟‬ ‫هل ستهتز أساساتها؟‬ ‫ال أعتقد أن احلكومة ستهتز أساساتها ألنه‬ ‫ال يوجد ملفات حاليا ً تؤدي الى ذلك‪ ،‬فامللف الذي‬ ‫سقط كان في موضوع ملف الكهرباء الذي أخذ‬ ‫سجاال ً كبيرا ً كان في البداية سجاال ً سياسياً‪،‬‬ ‫وعندما يتح ّول امللف اقتصادي الى ملف سياسي‬ ‫هذا يهدد باهتزاز وانفجار احلكومة‪ ،‬لكن عندما يعود‬ ‫هذا امللف االقتصادي الى مستواه التقني عندها ال‬ ‫يوجد أي انفجار حكومي‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بأداء احلكومة ميكننا القول إنها‬ ‫في املرحلة األولى وفي مرحلة املئة يوم احلكومة‬ ‫حققت إجنازات على صعيد ملف الكهرباء الذي يتم‬ ‫محاولة معاجلته منذ سنوات طويلة‪ ،‬وكذلك حصل‬ ‫إجناز على صعيد التنقيب عن النفط واخلطوات‬ ‫املتسرعة التي تقوم بها احلكومة في ما يتعلق‬ ‫بالتواصل في رسم احلدود االقتصادية البحرية وفي‬ ‫التواصل مع األمم املتحدة التخاذ اخلطوات احليوية‬ ‫املتعلقة بهذا امللف‪ ،‬وفي نفس الوقت هناك إجناز في‬ ‫اتخاذ خطوات من ناحية تهدئة املناخ الداخلي األمني‬ ‫والسياسي واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬والدليل على‬ ‫ذلك املؤشرات االقتصادية واملالية منذ حزيران حتى‬ ‫اليوم كانت أفضل بكثير من املؤشرات االقتصادية‬ ‫التي كنا نشهدها خالل النصف األول من العام‬ ‫احلالي‪ ،‬وفي نفس الوقت نالحظ أن احلكومة قدمت‬ ‫بشكل سريع جدا ً مشروع موازنة الـ ‪ 2012‬وضمن‬ ‫املهل الدستورية وتعالج أي مشكلة اجتماعية مثل‬ ‫مشكلة البنزين وتصحيح الرواتب واألجور كما أنها‬ ‫ال تتأخر في معاجلة املشاكل األمنية واالجتماعية‬ ‫واملعيشية التي تواجهها‪.‬‬ ‫هل لبنان قادم على مرحلة انهيار مالي في ظل‬ ‫املطالب الدائمة بتحسني األجور وتصحيحها؟‬ ‫ال أعتقد أن لبنان قد يقدم على انهيار مالي ألنه‬ ‫أوال ً إذا نظرنا الى وضع البنك املركزي نالحظ أن‬ ‫احتياطاته وموجوداته من عمالت أجنبية هي في‬ ‫تصاعد وصل الى مسافة قياسية تتجاوز الـ ‪32‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬واالحتياطات بالذهب أيضا ً بسبب ارتفاع‬ ‫الذهب أصبحت حاليا ً تتجاوز الـ ‪ 16‬مليار دوالر‪ ،‬من‬ ‫هنا وفي ما يتعلق بالوضع النقدي في لبنان ميكننا‬ ‫القول بأنه متني وقوي جدا ً ال يوجد أي مشكلة فيه‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق في وضع املالية العامة‪ ،‬فإنها‬ ‫بدون شك تعاني من عجز في املال العام مثل العام‬ ‫‪ 2012‬إذا أضفنا إليها الزيادات والتصحيحات بدون‬

‫ال يوجد خطر على الضمان‬ ‫االجتماعي‬ ‫في مرحلة املئة يوم احلكومة‬ ‫حققت إجنازات على صعيد‬ ‫ملف الكهرباء‬ ‫ال أعتقد أن لبنان قد يقدم‬ ‫على انهيار مالي‬ ‫شك يصبح عجزها ما يقارب الـ ‪ % 10‬من الناجت احمللي‬ ‫الذي هو مرتفع كمستوى عجز في املعايير لكن‬ ‫عامليا ً الواليات املتحدة عجزها يشكل ‪ % 10‬من الناجت‬ ‫احمللي‪ ،‬وكذلك أوروبا‪.‬‬ ‫املشكلة الوحيدة التي تواجهها احلكومات هي‬ ‫هل تستطيع الدولة متويل هذا العجز ام ال ما يعني‬ ‫أن انهيار الدولة يتوقف على أمرين‪ :‬قدرتها وعدم‬ ‫قدرتها على متويل عجزها ثانيا ً قدرتها وعدم قدرتها‬ ‫على سداد االستحقاقات التي تواجهها‪ ،‬ففي عام‬ ‫‪ 2012‬وصل عجز املوازنة الى ‪ 4‬مليار دوالر تقريبا ً‬ ‫والدولة ليس لديها أي مشكلة في متويل عجزها‬ ‫ولديها استحقاقات مالية بالعمالت األجنبية‬ ‫وبالليرة اللبنانية تقريبا ً ‪ 12‬مليار دوالر لذا ليس لديها‬ ‫أي عقبات ملواجهة هذه االستحقاقات طاملا الدولة‬ ‫ال يوجد لديها صعوبات ملواجهة االستحقاقات‬ ‫التمويلية في موازنتها‪ ،‬أو االستحقاقات القادمة‬ ‫ال يوجد خطر على لبنان‪ ،‬خاصة أن جميع هذه‬ ‫االستحقاقات هي داخلية وأكثريتها من مصادر‬ ‫البنك املركزي أو القطاع املصرفي اللبناني‪.‬‬ ‫لتفادي األزمات املالية التي حتصل في العالم هل‬ ‫ميكن أن تلجأ احلكومات الى استخدام احتياطها‬ ‫من الذهب؟‬ ‫في لبنان ال ميكننا استعمال االحتياطي من‬ ‫الذهب ألن هناك قانونا ً واضحا ً مينع الدولة استخدام‬ ‫الذهب في احلاالت الطارئة وفي أي حالة من احلاالت‬ ‫ألنه اليوجد إمكانية لذلك‪ :‬فوجود الذهب وارتفاع‬ ‫أسعاره الى هذه املستويات املرتفعة جدا ً الذي‬ ‫وصل حاليا ً الى ‪ 16‬مليار دوالر تعزز الثقة باالستقرار‬ ‫النقدي في لبنان وبسعر صرف الليرة في لبنان وتعزز‬ ‫ثقة املستثمرين باالقتصاد اللبناني وبتحسن قطاع‬ ‫االستثمار في لبنان‪.‬‬ ‫ما هو تأثير األزمات املالية في العالم على‬ ‫لبنان؟‬ ‫إن التأثيرات املباشرة لتلك األزمات غير موجودة‪،‬‬

‫‪63‬‬

‫فبني لبنان والواليات املتحدة األميركية التأثيرات‬ ‫تكون محدودة ألن استناد لبنان على الصادرات كأحد‬ ‫عناصر النمو االقتصادي في لبنان ضعيفة من هنا‬ ‫التأثيرات من اخلارج ليست قوية كما أنه ليس لدينا‬ ‫توظيفات مالية في اخلارج ال مع الدول األوروبية التي‬ ‫تعاني أزمة ديون وال مع الواليات املتحدة األميركية‬ ‫وال القطاع اخلاص لديه هذا االستثمار لذلك تاثير‬ ‫تلك األزمات يكون محدودا ً جداً‪.‬‬ ‫البعض يتح ّدث عن استمرار النهج االقتصادي‬ ‫آلل احلريري داخل احلكومة‪ ،‬ما تعليقكم؟‬ ‫ليس من السهل االستمرار بالنهج السابق‪،‬‬ ‫خاصة وأن كل حكومة تأتي يكون قسم منها تابعا ً‬ ‫للنهج السابق وال أريد أن أقول نهج آل احلريري ألنه‬ ‫نهج اقتصادي عاملي‪ ،‬ألسباب االنفتاح الذي هو نهج‬ ‫االعتماد على القطاعات اخلدماتية خاصة املصرفية‬ ‫واملالية واالبتعاد أو التقليص من دور القطاعات‬ ‫اإلنتاجية من ناحية عدم االهتمام باإلمناء املناطقي‬ ‫وتركيز االستثمارات في املدن وما الى ذلك‪ ،‬هذه نظرة‬ ‫عدد كبير جدا ً من القوى السياسية يتبنى جز ًءا منها‬ ‫ولذلك احلكومة احلالية ليس مبقدورها التخلي كليا ً‬ ‫عن هذا النهج لكن بإمكانها تعديله أو تصحيحه‪،‬‬ ‫وهذا ما يحصل حاليا ً في اخلطوات التي تقوم بها‬ ‫بعض القوى السياسية وخاصة وزير العمل الدكتور‬ ‫شربل نحاس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سيتمكن لبنان من حتقيق سياسة‬ ‫هل‬ ‫اقتصادية كاملة؟ وكيق؟‬ ‫أوال كل بلد يُطبق عليها منوذج اقتصادي معينّ ‪:‬‬ ‫لبنان مبني على حتويالت االغتراب الذي يتجاوز‬ ‫تقريبا ً ‪ 8‬مليار دوالر في العام ‪ 2005‬وكان الرافعة‬ ‫للنمو االقتصادي في لبنان الذي كان في السنوات‬ ‫املاضية كان يستند كثيرا ً على أن يكون بلد خدمات‬ ‫في املنطقة ألنه يدرك أن القطاعات اإلنتاجة تعاني‬ ‫من ضعف بنيوي إن من ناحية مساحات األراضي‬ ‫التي ال تستطيع أن جتعل من القطاع الزراعي قطاع‬ ‫منافس وقوي جدا ً إال إذا ّ‬ ‫ركز على الزراعات البديلة‬ ‫واملتطورة وما الى ذلك وهذا الذي حصل‪ ،‬وفي نفس‬ ‫الوقت القطاعات الصناعية بقيت قطاعات قدمية‬ ‫مترهلة مع بعض التطور بالصناعات الغذائية ولم‬ ‫تقم بقفزات نوعية في تطوير القطاع الصناعي في‬ ‫لبنان وحتويله الى قطاع التكنولوجيا واملعلوماتية‬ ‫وما الى ذلك‪ ،‬من هنا من الصعب جدا ً أن ال نأخذ‬ ‫الواقع احلالي املوجود في االقتصاد مع أخذ االعتبار‬ ‫في إمكانية إصالح هذا النظام ألن النظام املطبق‬ ‫والنمط املوجود حاليا ً أحد مشاكله األساسية هو‬ ‫الهجرة وعدم خلق فرص العمل والوضع االقتصادي‬ ‫املرتبط بأية تطورات أمنية وسياسة في الداخل‬ ‫وفي اخلارج‪.‬‬ ‫نحن بحاجة الى اقتصاد مبني على أسس صلبة‬ ‫ومتينة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية‬ ‫واخلارجية التي ميكن أن تواجهها‪ ،‬وهذا يحتاج الى‬ ‫وقت‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫الغذاء يقتل لبنانيين ف َمن يحميهم من مجرميه؟‬ ‫علي برو لـ «منبر التوحيد»‪ :‬سالمة الغذاء تتطلب تضافر الجهود‬ ‫بعد عام على وفاة الشاب محمد طه الذي فارق‬ ‫احلياة يوم تخرجه نتيجة تناوله أطعمة فاسدة‪،‬‬ ‫كرت السبحة وبدأنا نسمع عن حاالت تسمم‬ ‫أخرى جابت كافة املناطق اللبنانية‪.‬‬ ‫من بعلبك حيث تسمم ‪ 17‬عشر شخصا ً‬ ‫من عائلة واحدة الى اجلنوب حيث تسمم ‪10‬‬ ‫أصدقاء ودخول حاالت عشرات احلاالت الفردية الى‬ ‫املستشفيات في بيروت والشمال سؤال واحد‬ ‫يطرح نفسه من املسؤول عن سالمة الغذاء؟‬ ‫من هي اجلهة اخملولة مراقبة األطعمة‪ ،‬ومن هي‬ ‫اجلهة اخملولة كشف احلقائق ومعاقبة املتسببني‬ ‫في عدم تطبيق شروط السالمة العامة؟‬ ‫أسئلة تدور في األفق دون الوصول الى إجابة‬ ‫واضحة ومحددة ولعل السبب في ذلك عائد الى‬ ‫كثرة اجلهات اخملولة واملعنية بفرض رقابتها على‬ ‫الغذاء من وزارة االقتصاد الى الزراعة والسياحة‬ ‫فالصحة فتحولت هذه النعمة الى نقمة بعدما‬ ‫تقاذفت كل جهة املسؤولية على غيرها فضاعت‬ ‫سالمة الغذاء‪.‬‬ ‫من املسؤول؟ محمد طه الشاب الذي قضى‬ ‫يوم تخ ّرجه بسبب تناوله أطعمة فاسدة لن‬ ‫يكون األول وليس هو األول الذي ميوت تسمما ً‬ ‫بطعام في لبنان وبطبيعة احلال ليس األخير في‬ ‫لبنان ألن املعنيني في كشف حقيقة وفاة محمد‬ ‫ومعاقبة املتسببني في تقدمي هذه األطعمة‬ ‫الفاسدة لم يقدموا حتى اليوم أي تقرير رسمي‬ ‫حول هذه احلالة األليمة ولم يعاقبوا املتسبب‬ ‫ال بإقفال مطعمه وال بكشفه أمام الرأي العام‬ ‫مما يعني أن الباب أصبح مفتوحا ً أمام املزيد من‬ ‫الضحايا خاصة وأن أ ّيا ً من املعنيني لم يقدم أي‬ ‫تفسير حول معطيات ما حصل‪.‬‬ ‫فمن هو املسؤول عن دخول لبنان دائرة اخلطر‬ ‫الغذائي ومن املسؤول عن حياة العديد من‬ ‫األبرياء؟ اهي وزارة االقتصاد املوجلة في مراقبة‬ ‫األغذية التي يتم بيعها في لبنان أم وزارة الصحة‬ ‫املوجلة مبراقبة صحة املواطنني أم وزارة السياحة‬ ‫املسؤولة عن فرض رقابتها على املطاعم‬ ‫واملنتجعات السياحية؟‬ ‫ال شك أن املسؤولية ال تقع على وزارة واحدة‬ ‫أو إدارة واحدة بل تقع على عاتق جميع الوزارات‬ ‫مجتمعة كون كل واحدة موجلة بالقيام بواجباتها‬ ‫جتاه املواطنني وأن الوزارات مجتمعة مسؤولة عن‬ ‫تقدمي تقرير حول ما يحصل في لبنان من جراء‬ ‫األغذية الفاسدة التي توقع مئات الضحايا‬ ‫يومياً‪.‬‬ ‫مسلسل مستمر‪...‬‬ ‫مسلسل األغذية الفاسدة ال يزال مستمرا ً في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بث حلقاته املتنوعة بعد شحنات القمح والذرة‬ ‫واخلضار الفاسدة واألجبان املنتهية الصالحية‬ ‫واملعدة لبيعها علف للحيوانات‪ ،‬والتي بيعت‬ ‫داخل األسواق الشعبية على خالف ما كانت‬ ‫معدة‪ ،‬مما يعني أن األسواق اللبنانية ال زالت‬ ‫مشرعة أمام جميع املواد السامة للدخول الى‬ ‫األسواق وخاصة الشعبية‪ ،‬لتتسلل بدورها الى‬ ‫داخل أجساد املواطنني‪.‬‬ ‫فاض سجل األمن الغذائي في لبنان منذ‬ ‫بداية العام بالنقاط السود وفضائح تلوث‬ ‫املواد الغذائية واالستهالكية والتي كان آخرها‬ ‫فضيحة محل معروف لبيع احللويات وله فروع في‬ ‫لبنان‪ ،‬حيث عاد معها احلديث عن مشروع قانون‬ ‫سالمة الغذاء‪ ،‬الذي حال تضارب الصالحيات ما‬ ‫بني الوزارات املعنية دون اإلفراج عنه‪.‬‬ ‫ملوثات وسموم كثيرة تكشفت عنها منذ عام‬ ‫حتى اليوم دراسات ب ّينت مدى انتشار الفوضى‬ ‫تهدد أمن املستهلك اللبناني‬ ‫في املنتجات التي ّ‬ ‫الغذائي والصحي‪ ،‬ما ّ‬ ‫شكل مادة لألخذ والرد في‬ ‫مسلسل فضائحي لم تنت ِه فصوله بعد ع ّلها‬ ‫تستفز املسؤولني فيسارعون الى إقرار قانون‬ ‫سالمة الغذاء وإنشاء الهيئة املوجلة مراقبة دورة‬ ‫اإلنتاج التي ينص عليها من املزرعة الى املصنع‬ ‫فاملستهلك‪ ،‬أو على األقل وضع آلية مؤقتة‬ ‫ملعاجلة األزمة ومنع اخلطر عنه‪.‬‬ ‫أزمة‪ ،‬شكلت اخلضار املش ّبعة باملبيدات‬

‫‪64‬‬

‫الزراعية الكيميائية باكورتها وامتدت الى‬ ‫اللحوم احلمراء في املسالخ واملالحم ومنها الى‬ ‫احلليب ومشتقاته من أجبان وألبان‪ ،‬ولم تنته عند‬ ‫املياه سواء تلك التي للدولة توزعها مصالح املياه‬ ‫الرسمية أو األخرى املعبأة واملنتشرة‪ ،‬وصوال ً الى‬ ‫مستحضرات األعشاب واألواني البالستيك وزيت‬ ‫الزيتون‪.‬‬ ‫وال يكفي ضياع املستهلك اللبناني في‬ ‫دهاليز السلع واملنتجات االستهالكية وأبرزها‬ ‫الغذائية التي تبني أن عددا ً كبيرا ً منها يبعد‬ ‫كل البعد عن األمن الغذائي‪ ،‬حتى يكتشف أن‬ ‫بعض املستلزمات واألوعية البالستيك التي‬ ‫يستعملها في حتضير طعامه وحفظه ال سيما‬ ‫بعض رضاعات احلليب لم تسلم من انعدام األمن‬ ‫الصحي فيها‪ .‬فقد ك ُثر الكالم في الفترة األخيرة‬ ‫عن املنتجات البالستيك وكثرت التحذيرات عن‬ ‫خطورة استعمالها بطريقة خاطئة خصوصا ً‬ ‫مع األطعمة الساخنة بسبب تس ّرب املواد‬ ‫الكيميائية منه إليها ال س ّيما مادة الـ ‪ BPA‬التي‬ ‫تتس ّرب الى احلليب في رضاعات األطفال‪ .‬ووسط‬ ‫ذلك هام املواطنون على وجوههم يستوضحون‬ ‫ويتابعون املوضوع عبر وسائل اإلعالم خصوصا ً‬ ‫أن املشكلة ليست فقط في الرضاعات إمنا في‬ ‫البالستيك ككل‪.‬‬ ‫ال يعلم املواطن ماذا سيكتشف بعد‪ ،‬وماذا‬ ‫ستتكشف عنه الدراسات املستقبلية من‬


‫جراثيم ومواد حافظة ونسب‬ ‫املضادات احليوية التي متنع اخلمائر‬ ‫واألعفان من إفساد األغذية‪ .‬ناهيك‬ ‫عن تاريخ انتهاء صالحية األغذية‬ ‫والتي يتم تغييرها من قبل بعض‬ ‫التجار بهدف حتصيل هامش ربح‬ ‫أكبر‪ ،‬وك ّله على حساب صحة‬ ‫املواطن‪ .‬نعم “ال للتعميم” ولكن‬ ‫الواقع مرير وبحاجة الى تصويب‪.‬‬ ‫فالتلوث الضارب في كل أنواع‬ ‫الغذاء ولم تسلم منه اللحوم‪ ،‬ما‬ ‫يهدد وبشكل أكبر أولئك الذين‬ ‫ّ‬ ‫يتواجدون خارج املنزل ويضطرون‬ ‫الى تناول الوجبات السريعة أو حتى‬ ‫وجبات الديليفري من املطاعم‪.‬‬ ‫فمن يضمن أن تكون هذه املأكوالت‬ ‫مستوفية الشروط الصحية‬ ‫والنظافة في التحضير؟ خصوصا ً‬ ‫وأن ال رقابة صحية على بعضها اخلارج عن‬ ‫اإلطار القانوني لعدم حيازته الرخص القانونية‬ ‫وعدم حيازة العاملني فيه للشهادات الصحية‪.‬‬ ‫مالحم كثيرة ال تراعي الشروط الصحية الالزمة‬ ‫خصوصا ً منها تلك اخملتبئة في الزواريب حتت عيون‬ ‫السلطات البلدية صاحبة الصالحية واملسؤولية‬ ‫املباشرة عن ضبط املوضوع‪ ،‬فلحوم األبقار التي‬ ‫تباع في لبنان‪ ،‬ميكن أن تكون خالية من الديدان‬ ‫واألمراض احليوانية‪ ،‬إذا صدقت شهادات األطباء‬ ‫البيطريني الذين يشرفون على املسالخ‪ ،‬وكذلك‬ ‫األمر بالنسبة للدجاج‪ .‬ولكن هل هناك من‬ ‫يقول للبنانيني‪ ،‬ما هي أنواع العلف الذي يقدم‬ ‫في مزارع األبقار املعدة للذبح‪ ،‬وهل هناك من‬ ‫يقول لهم كيف يصبح وزن عجل البقر في عمر‬ ‫األشهر القليلة مبئات الكيلوغرامات؟‬ ‫وهل هناك من يؤكد للمواطنني املستهلكني‬ ‫للدجاج‪ ،‬ما إذا كانت مزارع الدجاج تتبع الشروط‬

‫الصحية املفروضة بالقوانني‪ ،‬جلهة حجب العلف‬ ‫عن الفروج الذي يجعله بهذا احلجم الكبير في‬ ‫مدة شهر أو أقل‪ ،‬وتصومه عن هذا العلف ملدة ‪١٥‬‬ ‫يوما ً على األقل قبل ذبحه وبيعه للمستهلكني‪.‬‬ ‫أم أن املستهلك اللبناني يشتري مباله اللحم‬ ‫األحمر واألبيض مغمسا ً بالهرمون والكورتيزون‬ ‫منتهي الصالحية؟‬ ‫وماذا عن خبز اللبنانيني‪ ،‬وهو املادة التي تصنع‬ ‫الثورات في دول العالم‪ ،‬إما لتحسني نوعيته‬ ‫أو على مستوى أسعاره‪ ،‬ألنه هو غذاء الفقراء‬ ‫األساسي‪.‬‬ ‫كان بعض أصحاب األفران‪ ،‬في خالل نزاعاتهم‬ ‫عبر نقاباتهم مع الدولة على أسعار الطحني‬ ‫وأسعار اخلبز أو على الدعم الرسمي للطحني‬ ‫يلمحون‪ ،‬ضغطاً‪ ،‬للناس عن أي نوع من اخلبز‬ ‫يأكلون‪ ،‬من دون أن يكشفوا املستور بالنسبة‬ ‫للطحني املستخدم في صناعة الرغيف‪ ،‬اخلالي‬ ‫من العناصر األساسية حلبة القمح الفاسد الذي‬

‫‪65‬‬

‫يستورده التجار جلني األرباح الطائلة‬ ‫على حساب صحة املواطن‪.‬‬ ‫هذا الرغيف الذي ال ميكن أن يكون‬ ‫كما يشتريه اللبنانيون‪ ،‬إال بزيادة‬ ‫نسبة السكر في العجني وباستخدام‬ ‫أنواع احملسنات املصنوعة من املواد‬ ‫الكيميائية الضارة بالصحة‪ .‬هذا‬ ‫الرغيف املصنوع من قمح فاسد‬ ‫معفن مليء باحلشرات احلية وامليتة‪،‬‬ ‫واملصنوع من طحني مسحوب خيره‬ ‫وبإضافة عناصر محسنة لشكله‬ ‫وضارة بصحة اإلنسان بات مصدرا ً‬ ‫لشتى األمراض املزمنة التي يصاب‬ ‫بها الناس في لبنان‪ .‬والسبب فساد‬ ‫إداري متحالف مع فساد غذائي‪ .‬مبعنى‬ ‫أن مسؤولني إداريني يسهلون للتجار‬ ‫إدخال املواد الفاسدة الى السوق‪،‬‬ ‫وتغاض رسمي عن هذه الكوارث التي‬ ‫يعلم بها املسؤولون علم اليقني‪ ،‬فال هم ميلكون‬ ‫إرادة حماية الناس من هذا الفساد‪ ،‬وال هموم‬ ‫انشغالهم بالصراعات واملناكفات السياسية‬ ‫تسمح لهم بقليل من الوقت‪ ،‬للقيام بواجباتهم‬ ‫جتاه حياة الناس املهددة من جراء هذه الفوضى‬ ‫الغذائية‪ .‬وحتى حتت عيون املستهلك الذي ما‬ ‫عليه سوى اإلملام بالثقافة الصحية والبيئية‬ ‫الالزمة لضمان أمنه الصحي باختياره املستهلَك‬ ‫املستوفي للشروط‪.‬‬ ‫واذا كانت هذه هي حال اللحوم على انواعها‬ ‫واخلضار والفواكه واملياه واخلبز في لبنان فما هي‬ ‫حال مشتقات احلليب؟‬ ‫احلليب البودرة املستورد من اخلارج وخصوصا ً‬ ‫من الصني ثبت أنه يحتوي على نسبة عالية من‬ ‫سموم مادة امليالمني‪ .‬وهذا احلليب هو األوسع‬ ‫انتشارا ً في لبنان‪ ،‬وكذلك عثر على مادة امليالمني‬ ‫في رقائق الشوكوال املنتج من قبل مصانع في‬ ‫ماليزيا‪ ،‬وكذلك بسكويت كوكيز‪ .‬وتطورت هذه‬ ‫القضية عاملياً‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للحليب الطازج فإن طريقة‬ ‫حفظه ونقله بني املزارع ومصانع األجبان واأللبان‬ ‫ليست صحية‪ ،‬واألسوأ منه احلليب الطازج‬ ‫الذي يدخل تهريبا ً الى لبنان بواسطة سيترنات‬ ‫حيث يتعرض لالختضاض الذي يفسده‪ ،‬ويكمل‬ ‫على جعله من أسوأ أنواع احلليب بسبب سفره‬ ‫الطويل بني احلدود البرية‪.‬‬ ‫وتكتمل دائرة املؤامرة على صحة املواطن‬ ‫في مصانع األلبان واألجبان‪ ،‬حيث ال أحد يعلم‬ ‫ماذا يجري في هذه املصانع وكيف يتم حتضير‬ ‫هذه املشتقات التي تقدم طعاما ً على موائد‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬ال تكتمل فيه املواصفات املطلوبة‪.‬‬ ‫وهناك من يتحدث عن إقدام بعض املعامل على‬ ‫خلط احلليب الطازج مبواد أخرى من أجل تخفيض‬ ‫كلفة االنتاج بهدف تسهيل املنافسة باألسعار‬ ‫من جهة وجني األرباح العالية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫برو‪ :‬مهمّ ة برنامج اجلودة تقدمي‬ ‫الدعم واإلرشاد‬ ‫لتعزيز إدارة النوعية‬ ‫وبناء بنية حتتية لها في لبنان‬

‫إن موضوع سالمة الغذاء ليس باملوضوع‬ ‫اجلديد عاملياً‪ .‬فقد سبقتنا دول عديدة في‬ ‫العالم ووضعت القوانني والتشريعات الالزمة‬ ‫من أجل توفير غذاء سليم ملواطنيها‪ .‬شملت‬ ‫هذه التشريعات فيما شملت جودة املنتجات‬ ‫االستهالكية الغذائية والصناعية من مواصفات‬ ‫قياسية لكل منتج على حده ومواصفات قياسية‬ ‫للمنشآت التي تتعاطى إنتاج وتصنيع وتوضيب‬ ‫الغذاء إبتدا ًء من املزارع وإنتها ًء باملنتج املعروض‬ ‫لإلستهالك‪ .‬يأتي في مقدمة هذه التشريعات‬ ‫قانون سالمة الغذاء والهيئة الوطنية لسالمة‬ ‫الغذاء والتي في معظم الدول أصبحت هيئة‬ ‫مستقلة تشرف على وضع كل القوانني وتبدي‬ ‫مطالعة علمية في كل أمر يستجد‪ .‬والهيئة‬ ‫هذه تتعاون تعاوناً وثيقاً مع القطاعات املنتجة‬ ‫للغذاء فتوجه وترشد وتتشاور وتصدر التعليمات‬ ‫املمكن تنفيذها وليست املستحيلة‪ .‬وهي إن‬ ‫فعلت ذلك فألنها تعلم أن مهمة التنفيذ في‬ ‫النهاية تقع على القطاع اخلاص املنتج‪ .‬فال بد إذاً‬ ‫من العمل معه يداً بيد بروح التعاون للوصول إلى‬ ‫املبتغى وهو غذاء سليم للمواطنني‪.‬‬ ‫وحول موضوع اجلودة وأهميته أكد مدير برنامج‬ ‫اجلودة في وزارة االقتصاد والتجارة الدكتور علي‬ ‫برو أن مشكلة الغذاء ليست مشكلة فريدة في‬ ‫لبنان إال أن عدم االهتمام بها هو الشيئ املستغرب‬ ‫مشيرا ً الى أن سالمة الغذاء تتطلب تضافر جهود‬ ‫وزارات عدة وليست مسؤولية وزارة واحدة فكل‬ ‫مدعو وزارة الصحة والزراعة واالقتصاد والسياحة‬ ‫والداخلية فاجلميع مسؤولون وكل بحسب دوره‬ ‫في تأمني غذاء سليم للمواطن الذي يفقد يوميا ً‬ ‫وبشكل تدريجي حقوقه في املواطنية‪ ،‬موضحا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أهمية برنامج اجلودة أو “‪ ”QUALEB‬املمول من‬ ‫اإلحتاد األوروبي والذي أصبح قس ًما من أقسام‬ ‫ومهمته في تقدمي الدعم‬ ‫وزارة اإلقتصاد والتجارة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واإلرشاد لتعزيز إدارة النوعية وبناء بنية حتتية لها‬ ‫في لبنان‪.‬‬ ‫وأمل برو‪ ،‬أن “يصبح في إمكاننا القول أن لبنان‬ ‫حقق هذا الهدف نهاية عام ‪ ،”2013‬موضحا ً أن‬ ‫البرنامج “يندرج في إطار اتفاق الشراكة بني‬ ‫االحتاد األوروبي ولبنان”‪ .‬ولفت إلى أن هذا املشروع‬ ‫ّ‬ ‫“يشكل عامالً أساس‬ ‫املم ّول من االحتاد األوروبي‬ ‫في استكمال البنية التحتية للجودة في لبنان‬ ‫وتطويرها‪ ،‬لتنمية حركة التبادل بني االحتاد ولبنان‬ ‫وحتديدا ً في مجال تعزيز تصدير املنتجات اللبنانية‬ ‫إلى أسواقه وحماية املستهلك”‪ .‬إذ ميثل االحتاد‬ ‫“الشريك التجاري األول استيراداً‪ ،‬بفاتورة بلغت نحو‬ ‫‪ 5,5‬مليار دوالر عام ‪ ،2008‬مشكالً نسبة حوالي ‪40‬‬ ‫‪ %‬من فاتورة الواردات اإلجمالية للبنان البالغة أكثر‬ ‫من ‪ 16‬مليار دوالر‪ .‬فيما الصادرات الى االحتاد األوروبي‬ ‫التي كانت تشكل ‪ % 23‬من صادراتنا اإلجمالية عام‬ ‫‪ 1996‬تراجعت تدريجا ً ووصلت إلى حوالي ‪ % 9‬عام‬ ‫‪ .”2004‬وعزا هذا التراجع إلى “شروط التصدير التي‬ ‫باتت صعبة‪ ،‬بعد اعتماد االحتاد كما دول متقدمة‬ ‫أخرى معايير ومواصفات في اجلودة على املنتجات‬ ‫والسلع الداخلة إلى أسواقها‪ ،‬إضافة إلى عدم‬ ‫تطوير بنيتنا التحتية للجودة”‪.‬‬ ‫دفع هذا التراجع االحتاد األوروبي إلى إعداد دراسة‬ ‫بالتعاون مع القطاعني العام واخلاص‪ ،‬أظهرت في‬ ‫نتيجتها‪ ،‬بحسب ما أشار ب ّرو‪ ،‬إلى أن أسباب تراجع‬ ‫قيمة الصادرات يعود إلى “عدم التزام الصناعة‬ ‫اللبنانية في بعض قطاعاتها مبواكبة تطور شروط‬ ‫التصدير األوروبية املستحدثة‪ ،‬أو تلك املعتمدة في‬ ‫أسواق أخرى متقدمة في العالم‪ ،‬جلهة مواصفات‬ ‫اجلودة ومقاييسها”‪ .‬لذا وجد االحتاد أن “الوسيلة‬ ‫الفضلى ملساعدة القطاع اإلنتاجي في لبنان‬ ‫من ضمن اتفاق الشراكة‪ ،‬تطوير البنية التحتية‬ ‫للجودة‪ ،‬وهي تشمل املواصفات واملترولوجيا‬ ‫واخملتبرات واالعتماد والرقابة على األسواق‪ ،‬مبا يعني‬ ‫اعتماد املواصفات العاملية في التحاليل وتبنّي نظم‬ ‫إدارة اجلودة في اإلنتاج “شهادة أيزو”‪ .‬هذا ما يؤدي‬ ‫إلى تعزيز النشاط اإلقتصادي وإنشاء فرص عمل‬ ‫جديدة للبنان ّيني‪.‬‬ ‫ولفت ب ّرو إلى أن االحتاد األوروبي قرر تنفيذ‬ ‫البرنامج بالتنسيق مع وزارة االقتصاد والتجارة‪،‬‬ ‫“معتبرا ً أنها اإلدارة املناسبة لتوليه‪ ،‬ألن ثالثة عناصر‬ ‫تتعلق باجلودة من أصل خمسة هي من صالحياتها‬ ‫ومهماتها”‪.‬‬

‫‪ 15‬مليون يورو قيمة متويل‬ ‫البرنامج‬ ‫وم ّول االحتاد األوروبي هذا البرنامج ودعمه على‬ ‫مدى ‪ 38‬شهراً‪ ،‬الستكمال تكوين البنية التحتية‬ ‫في لبنان‪ ،‬على الصعد القانونية والتشريعية وبناء‬ ‫القدرات والتأهيل‪ ،‬ودعم القطاع اخلاص‪ ،‬بحيث‬

‫‪66‬‬

‫قدمت‬ ‫بلغت قيمة التمويل “‪ 15‬مليون يورو‪ ،‬فيما ّ‬ ‫الوزارة مساهمة عينية مببلغ ‪ 400‬ألف يورو مقابل‬ ‫املكاتب والتجهيز ورواتب موظفيها”‪ .‬بدأ تنفيذ‬ ‫املشروع في تشرين األول عام ‪ ،2004‬على أساس‬ ‫خطة عمل وافق عليها االحتاد األوروبي وانتهت في‬ ‫نهاية عام ‪ .2007‬ولكن رأى االحتاد متديد البرنامج‬ ‫ملدة ‪ 18‬شهرًا‪ ،‬مع موازنة إضافية تبلغ مليوني‬ ‫يورو‪ ،‬من كانون الثاني ‪ 2008‬حتى حزيران ‪،2009‬‬ ‫وذلك الستكمال البنية التحتية للجودة‪ .‬كما أق ّرت‬ ‫مرحلة دعم إضافية انطلقت في العام ‪.2010‬‬ ‫وأثمر هذا البرنامج في مرحلته األولى‪ ،‬إجنازات‬ ‫مهمة على الصعيد التشريعي‪ ،‬إذ أشار ب ّرو إلى‬ ‫“وضع ثمانية مشاريع قوانني جديدة تتصل مباشرة‬ ‫ّ‬ ‫وتنظم أحكامها وآلياتها”‪ ،‬ثالثة منها‬ ‫باجلودة‬ ‫موجودة لدى اجمللس النيابي بعد موافقة مجلس‬ ‫الوزراء عليها‪ ،‬وخمسة ال تزال لدى احلكومة‪ .‬واعتبر‬ ‫أن أهم مشروع هو “املتعلق بسالمة الغذاء بالتعاون‬ ‫مع “يونيدو” واإلدارات الرسمية ونقابات القطاع‬ ‫اخلاص املعنية‪ ،‬ومن شأنه تأمني الغذاء السليم‬ ‫املصدر اليها”‪ .‬لكن مناقشة املشروع‬ ‫وطمأنة الدول ّ‬ ‫لم تنت ِه‪ ،‬عازيا ً السبب إلى “مالحظات الوزراء‬ ‫املعنيني املستجدة على بعض بنوده على رغم‬ ‫إقراره في مجلس الوزراء‪ ،‬والتي تتصل بالصالحيات‪،‬‬ ‫ألن املشروع ينص على تشكيل هيئة سالمة غذاء‬ ‫علمية ومستقلة‪ ،‬مع العلم أن مهمة الهيئة‬ ‫تقتصر على اتخاذ القرار العلمي ومراقبة التنفيذ‪،‬‬ ‫الذي تتواله الوزارات”‪ .‬وينتظر املشروع انتخاب‬ ‫اللجان النيابية الستكمال النقاش‪ّ .‬‬ ‫وأكد “إيالء وزير‬ ‫االقتصاد والتجارة محمد الصفدي أهمية خاصة‬ ‫إلقرار مشروع سالمة الغذاء‪ ،‬نظرا ً إلى أثره في‬ ‫تنظيم قطاع الغذاء في لبنان‪ ،‬وتقدمي غذاء سليم‬ ‫للمستهلك‪ ،‬وبدوره يولي اليوم الوزير نقوال نحاس‬ ‫اهتماما ً كبيرا ً الستكمال البرنامج”‪.‬‬

‫«ليبنور» عضو في «أيزو»‬ ‫يُضاف إلى هذا املشروع آخر يط ّور مؤسسة‬ ‫املواصفات واملقاييس اللبنانية “ليبنور” إداريا ً وفنيا ً‬ ‫وتقنياً‪ ،‬وأفضى دعم البرنامج إلى “تثبيت عضويتها‬ ‫في املنظمة العاملية للتقييس “أيزو” كعضو دائم‪،‬‬ ‫وإلى انضمامها الى مؤسسة املقاييس واملواصفات‬ ‫األوروبية كعضو مشارك‪ ،‬إضافة الى تأسيس ثالث‬ ‫قواعد معلومات لها وتدريب موظفيها”‪.‬‬ ‫وأعلن ب ّرو “وضع سياسة وطنية عامة تتعلق‬ ‫باجلودة وتشمل كل لبنان بقطاعاته االجتماعية‬ ‫والصناعية واالقتصادية‪ ،‬وستُعرض بعد موافقة‬ ‫وزير االقتصاد والتجارة‪ ،‬على املعنيني في القطاعني‬ ‫العام واخلاص إلبداء املالحظات عليها‪ ،‬لتُحال‬ ‫بعد ذلك على مجلس الوزراء للمناقشة واإلقرار”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سيتمكن لبنان‬ ‫وأوضح أن “مبوجب هذه السياسة‬ ‫من االرتقاء بجودة سلعه وخدماته ليصبح قادرا ً‬ ‫أكثر على املنافسة واختراق أسواق جديدة‪ ،‬وتقدمي‬ ‫سلعة وخدمة أفضل للمستهلك”‪.‬‬


‫حتديث ‪ 16‬مختبراً‬ ‫وحقق البرنامج إجنازات أخرى على الصعيد‬ ‫املؤسساتي‪ ،‬إذ لفت ب ّرو إلى “دعم شبكة من ‪16‬‬ ‫مختبرا ً تتوزع مناصفة بني القطاعني العام واخلاص‪،‬‬ ‫لتحديث معداتها واتباع طرق الفحص والتحاليل‬ ‫املعتمدة دولياً”‪ .‬ومبوجب خطة عمل البرنامج لدعم‬ ‫هذه اخملتبرات‪ ،‬رُصد مبلغ ‪ 6‬ماليني يورو لتجهيزها‬ ‫باملعدات وتدريب الفنيني وتقدمي االستشارات من‬ ‫جانب خبراء محليني وأوروبيني‪ ،‬كما أشرك البرنامج‬ ‫معظم هذه اخملتبرات في برنامج املقارنات اخملبرية‬ ‫األوروبي‪ -‬املتوسطي”‪.‬‬ ‫وأوضح أن “الشرط كان حصول اخملتبرات على‬ ‫اعتماد دولي من هيئات اعتماد دولية‪ ،‬بحيث تصبح‬ ‫شهادة اخملتبر اللبناني معتمدة دولياً‪ ،‬وتنتفي بذلك‬ ‫احلاجة إلى االستعانة باخملتبرات الدولية إلعادة‬ ‫التحليل”‪ .‬ونتيجة العمل‪ ،‬أعلن ب ّرو أن “خمسة‬ ‫مختبرات تابعة للقطاع اخلاص حصلت على‬ ‫االعتماد الدولي‪ ،‬فيما يُتوقع حصول ثالثة أخرى‬ ‫(اثنني منها تابعة للقطاع العام) على االعتماد‬ ‫الدولي مع نهاية هذه السنة أو مطلع العام‬ ‫ُ‬ ‫تخل عملية دعم اخملتبرات الرسمية‬ ‫املقبل”‪ .‬ولم‬ ‫من املعوقات‪ ،‬بسبب البيروقراطية اإلدارية‪ ،‬إذ اعتبر‬ ‫ب ّرو أن “إجراءات إدارية بسيطة تع ّوق أحيانا ً عملية‬ ‫وتقدم أساسية ومهمة”‪..‬‬ ‫تطوير‬ ‫ّ‬ ‫وأعد برنامج اجلودة في إطار تأسيس البنية‬ ‫ّ‬ ‫التحتية للجودة وتطويرها‪ ،‬أنظمة مجلس االعتماد‬ ‫اللبناني (‪ )COLIBAC‬املنشأ مبوجب القانون الرقم‬ ‫‪ 572‬عام ‪ ،2004‬لكن أشار ب ّرو إلى أن عمل اجمللس‬ ‫يفعل نتيجة أسباب خارجة عن صالحيات‬ ‫“لم ّ‬ ‫مجلس اإلدارة‪ ،‬كتعيني املدير العام واملوظفني‪،‬‬ ‫وعدم رصد موازنة للمجلس منذ تأسيسه وحتى‬ ‫عام ‪ ،2008‬لكي يتمكن من العمل على رغم أنه‬ ‫جاهز قانونيا ً وفنياً”‪ .‬وأضاف “لو كان اجمللس يعمل‬ ‫ملا كان لبنان يحتاج إلى استقدام هيئات اعتماد‬ ‫دولية لتقومي اخملتبرات احمللية‪ ،‬وهي عملية مكلفة‬ ‫مالياً”‪ .‬ولفت إلى أن برنامج اجلودة ومن ضمن خطته‬ ‫لتجهيز البنية التحتية البشرية لعمل اجمللس‪،‬‬ ‫“أهل ‪ 30‬مق ّوما ً فنيا ً ود ّربهم‪ ،‬يتولون تقومي اخملتبرات‬ ‫ّ‬ ‫واملكاتب الهندسية وغيرها‪ ،‬كما دُ ّرب ‪ 20‬شخصا ً‬ ‫في مجال املصادقة على شهادة التصنيع وكفاءة‬ ‫األشخاص”‪.‬‬

‫‪ 38‬شركة حصلت على شهادة‬ ‫«أيزو»‬ ‫كما أجنز البرنامج خطوات كثيرة على صعيد‬ ‫القطاع اخلاص على رغم تردد بعض أصحاب األعمال‬ ‫بداية‪ ،‬عن املشاركة في مبادرة البرنامج املتعلقة‬ ‫بتأهيل الشركات واملصانع لتبنّي نظم إدارة اجلودة‬ ‫واحلصول على شهادة “أيزو” ذات الصلة‪ .‬لكن جنح‬ ‫البرنامج بإصرار فريق عمله في استقطاب ‪50‬‬ ‫شركة ومؤسسة لبنانية إنتاجية في قطاعات‬ ‫متنوعة‪ ،‬إذ لفت ب ّرو إلى أن “‪ 38‬شركة ومؤسسة‬

‫ومصنعا ً حازت نتيجة الدعم والتأهيل على‬ ‫شهادات أيزو‪ 19 ،‬منها تعمل في اجملال الغذائي‪،‬‬ ‫ساهمت في فتح آفاق جديدة لها في األسواق‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وانسحبت استفادة هذه املؤسسات‬ ‫على الشأن اإلداري وطريقة اإلنتاج‪ ،‬التي أفضت‬ ‫حتسنا ً في عملية التصدير إلى اخلارج”‪ .‬وأشار ب ّرو‬ ‫إلى “حصول مؤسستني رسميتني على شهادة أيزو‬ ‫للمرة األولى في لبنان‪ ،‬هما وحدة اجلودة في وزارة‬ ‫االقتصاد والتجارة ومؤسسة املقاييس واملواصفات‬ ‫اللبنانية “ليبنور”‪ ،‬من خالل دعم البرنامج”‪ .‬وأعلن‬ ‫“ورود طلبات من مؤسسات رسمية أخرى ترغب في‬ ‫املشاركة في البرنامج‪ ،‬ما يعني أن التوعية حول‬ ‫تتعمم أكثر”‪.‬‬ ‫أهمية اجلودة‬ ‫ّ‬ ‫وأوضح أن “ال صالحية للبرنامج بإلزام‬ ‫والتقدم‬ ‫املؤسسات اخلاصة بتطبيق مفاهيم اجلودة‬ ‫ّ‬ ‫للحصول على شهادات أيزو‪ ،‬ولكن تعميم ثقافة‬ ‫اجلودة بالتوعية واإلرشادات والنتائج احملققة في‬ ‫حمست املترددين على الطلب‬ ‫مؤسسات مشاركة ّ‬ ‫باالنضمام”‪ ،‬كاشفا ً عن “تلقي إدارة البرنامج طلبات‬ ‫جديدة كثيرة”‪.‬‬

‫املعنية مبراقبة األسواق‪ ،‬فضالً عن قطاع التفتيش‬ ‫واملصادقة الذي يعتمد أساليب حديثة”‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن البرنامج “يدعم خمس شركات‬ ‫تعمل في مجال املصادقة لتصبح معتمدة‬ ‫دولياً‪ ،‬واالستمرار في تعميم حملة التوعية على‬ ‫اجلودة‪ ،‬واستكمال دعم مجلس االعتماد اللبناني‬ ‫ومؤسسة “ليبنور”‪.‬‬ ‫وكشف ب ّرو عن أن البرنامج وبدعم من االحتاد‬ ‫األوروبي “ز ّود مختبر العلوم في جامعة القديس‬ ‫يوسف آلة قيمتها أكثر من مليون دوالر‪ ،‬قادرة‬ ‫على حتليل أصل الغذاء ومنشئه من خالل مكوناته‬ ‫وقياس املواد الداخلة فيها‪ .‬وهي الوحيدة املتوافرة‬ ‫في آسيا والشرق األوسط‪ ،‬ويتوقع أن تستقطب‬ ‫طلبات فحص كثيرة من الدول العربية واآلسيوية”‪.‬‬ ‫وأكد ب ّرو “جناح برنامج اجلودة في تنفيذ معظم‬ ‫بنود خطة العمل بقدرة استيعابية المست ‪90‬‬ ‫‪ ،%‬على رغم األزمة السياسية واألمنية التي‬ ‫وشدد على‬ ‫شهدها لبنان منذ العام ‪.“ 2004‬‬ ‫ّ‬ ‫أنه “بفضل دعم الوزير الصفدي ووزراء االقتصاد‬ ‫السابقني وتوجيههم‪ ،‬خالل السنوات اخلمس‬ ‫املاضية استطاع البرنامج أن يعمل خارج التجاذبات‬ ‫والتدخالت السياسية”‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ولم تقتصر عملية التوعية وتعميم مفاهيم‬ ‫اجلودة‪ ،‬على القطاعات التجارية والصناعية بل‬ ‫امتدت إلى املدارس واجلامعات ومعاهد التعليم‪،‬‬ ‫إذ أكد برو “ضرورة السعي إلى إدراج بعض مواد‬ ‫اجلودة في املناهج التعليمية في اجلامعات واملعاهد‬ ‫الفنية واملدارس الثانوية”‪.‬‬ ‫وفي سياق تعميم هذه الثقافة‪ ،‬وضع البرنامج‬ ‫‪ 12‬دليالً عن مختلف مجاالت اجلودة‪ ،‬تتناول في‬ ‫مبسط ما تعنيه وتأثير اعتمادها على‬ ‫شكل‬ ‫ّ‬ ‫املنتجات واخلدمات وعلى الصحة وسالمة الغذاء‪.‬‬ ‫وأعلن مدير البرنامج أن “عددا ً من املؤسسات في‬ ‫الدول العربية طلبت تزويدها بهذه الكت ّيبات”‪.‬‬ ‫وفي نتيجة املرحلة األولى‪ ،‬ومبراقبة البرنامج‬ ‫انخفضت وتيرة رفض املنتجات اللبنانية في‬ ‫األسواق اخلارجية منذ العام ‪ 2004‬وحتى اآلن‪ ،‬الحظ‬ ‫ب ّرو أن “رفض املنتجات اللبنانية تراجع حتى اآلن‬ ‫بحدود ‪ ،% 8‬كما ارتفعت نسبة الصادرات اللبنانية‬ ‫الى دول اجملموعة األوروبية الى ‪ % 12‬من صادراتنا‬ ‫اإلجمالية عام ‪ .”2008‬ورأى أن “الهوة الكبيرة ال تزال‬ ‫قائمة بني الصادرات والواردات”‪.‬‬ ‫ولن يتوقف البرنامج في مرحلته األولى‪ ،‬بل تابع‬ ‫املرحلة الثانية منتصف عام ‪ ،2010‬ورصد لها االحتاد‬ ‫األوروبي ‪ 4‬ماليني يورو لفترة ثالث سنوات‪ .‬وأعلن ب ّرو‬ ‫أن “هذه املرحلة ّركزت على خمسة محاور تتمثل في‬ ‫متابعة العمل مع اخملتبرات ليحصل العدد املتبقي‬ ‫منها على االعتماد الدولي‪ ،‬فضالً عن دعم مختبرات‬ ‫جديدة بالتدريب واالستشارات‪ ،‬واستمرار العمل‬ ‫باجلائزة اللبنانية لالمتياز‪ ،‬ا ّذ خُ صص لها حيز مهم‬ ‫في خطة عملنا املقبلة‪ ،‬وحتسني حماية املستهلك‬ ‫ومراقبة األسواق االستهالكية‪ ،‬وينسحب العمل‬ ‫أيضا ً على تطوير عمل املؤسسات الرسمية األخرى‬

‫مشروع تطبيق مواصفات «أيزو»‬

‫إدراج ثقافة اجلودة في التعليم‬

‫‪67‬‬

‫لفت التقرير النهائي لـ “برنامج اجلودة” في‬ ‫مرحلته األولى إلى أن التركيز الرئيس لـ “مك ّون‬ ‫املشاريع” لدى برنامج اجلودة “مت ّثل في تعزيز التوعية‬ ‫في القطاع اخلاص‪ ،‬حول أهمية اجلودة كقوة دافعة‬ ‫للتصدير وأداة لالمتثال للقواعد الفنية‪ ،‬وحماية‬ ‫صحة املستهلكني وسالمتهم‪ .‬وكان التطوير‬ ‫الرئيس في هذا االجتاه إطالق مشروع تطبيق‬ ‫مواصفات “أيزو” عام ‪ ،2006‬بتوفير وحدات التدريب‬ ‫والزيارات االستشارية الكثيفة إلى ‪ 50‬مؤسسة‬ ‫لبنانية خاصة في كل املناطق‪ ،‬وعدد من القطاعات‬ ‫اخلدماتية والصناعية بهدف حتديث “أنظمة ضمان‬ ‫اجلودة” لديها”‪ .‬وأشار إلى أ ّن البرنامج “استطاع‬ ‫إحراز وحتى جتاوز العدد األساس املنشود للشهادات‬ ‫املمنوحة‪ ،‬إذ وصل العدد إلى ‪ 38‬شركة ُمنحت‬ ‫شهادة “أيزو”‪ .‬كما اضطلع البرنامج في دور رئيس‬ ‫في ترويج ثقافة اجلودة ومبادئ سالمة الغذاء‬ ‫وتعزيزهما‪ ،‬في القطاعني العام واخلاص‪ ،‬فضالً عن‬ ‫املساهمة في زيادة مستويات فرص دخول املنتجات‬ ‫اللبنانية إلى األسواق الدولية”‪.‬‬ ‫وفي اخلالصة‪ ،‬إن اللبنانيني ال يعرفون ماذا‬ ‫يأكلون فهم قد سلموا حياتهم وصحتهم للقدر‬ ‫وللصدفة‪ ،‬طاملا أنه ليس هناك دولة ميكن أن تتسلم‬ ‫هذه املسؤولية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سيظل املواطن اللبناني يدفع ثمن‬ ‫وبذلك‬ ‫الفساد الغذائي من صحنه أوال ً ثم من ماله وأخيرا ً‬ ‫من حياته‪ ،‬وهو يقف عاجزا ً أمام مصائبه أعزال ً بال‬ ‫أي خيار‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫ٌ‬ ‫صنف واحد من طوائف مختلفة‬ ‫البشر‬

‫د‪ .‬مخلص الج ّدة لـ «منبر االتوحيد»‪:‬‬ ‫الغرب هو َمن ّ‬ ‫يتبنى صراع الحضارات والديانات‬ ‫الترابط الفكري واإللتزام الروحي‬ ‫هو املطلوب في إطار املساعي‬ ‫احلثيثة من مثقفي عاملنا العربي‬ ‫لبث روح األخوّة واحملبة والشراكة‬ ‫بني جميع خلق البشرية‪ ،‬إذ أنه‬ ‫وبالرغم من الظالم احلالك الّذي‬ ‫ساد األفق في ظل مظاهر العنف‬ ‫ّ‬ ‫والصراعات املستمرّة بني مختلف‬ ‫الديانات في العالم‪ ،‬إال أن العصبيات‬ ‫والتطرّفات الّتي كانت في وقت من‬ ‫ّ‬ ‫متأصلة في طبيعة اجلنس‬ ‫األوقات‬ ‫البشري‪ ،‬بدأت بال ّزوال شيئاً فشيئاً‬ ‫– طبعاً باستثناء ما نشهده‬ ‫من بعض العصابات املتطرّفة‬ ‫واملدعومة بأغلبها من التنني‬ ‫األميركي وغيره والهادف ملزيد من‬ ‫الهيمنة واالستعمار‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬ت ّتضح معالم القضيّة‬ ‫التي تواجهنا إذا أمع ّنا ال ّنظر‬ ‫في ما متّ إجنازه حتى اآلن من‬ ‫محاوالت تقريب في وجهات‬ ‫النظر واملعتقدات‪ ،‬إلبعاد النعرات‬ ‫الطائفية في بالدنا القومية‬ ‫والعربية‪ ،‬وبالتالي نفي أي خطر‬ ‫ميكن أن يهدد العيش املشترك‬ ‫والوحدة اإلنسانية وال شك بأن‬ ‫حفلت بالنجاح في‬ ‫هذه احملاوالت ِ‬ ‫معظمها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬ومع ما يتم احلديث‬ ‫عنه باستمرار والتشديد على‬ ‫أهمية احلوار الديني‪ ،‬زارت “منبر‬ ‫التوحيد” البروفيسور الشيخ‬ ‫مخلص أحمد اجل ّدة‪ ،‬رئيس جامعة‬ ‫احلضارة اإلسالمية املفتوحة في‬ ‫العالم‪ ،‬ورئيس املنظمة العاملية‬ ‫حلوار األديان واحلضارات في العالم‬ ‫“أويسكو”‪ ،‬وكان احلوار التالي‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ماذا تعني جامعة احلضارة اإلسالمية‬ ‫املفتوحة في العالم؟‬ ‫في العام ‪ ،2001‬قمنا بتأسيس جامعة احلضارة‬ ‫اإلسالمية املفتوحة في العالم‪ ،‬وذلك بتبنّي األمم‬ ‫املتحدة لشرعة حوار احلضارات واألديان‪ ،‬وهدف‬ ‫اجلامعة هو طرح الثقافة العربية واإلسالمية‬ ‫بوجهها احلضاري املشرق واملتسامح‪ .‬كذلك‪،‬‬ ‫قمنا بتأسيس املنظمة العاملية حلوار األديان‬ ‫واحلضارات في العالم “األويسكو”‪ ،‬والتي أعلنّا في‬ ‫هذا العام بيروت مق ّرا ً دائما لها‪ ،‬خالل مؤمترنا في‬ ‫“الغولدن توليب” في احلمرا بحضور شخصيات‬ ‫من كافة الطوائف واألديان وشخصيات أخرى‬ ‫عاملية‪ ،‬وكانت أيضا ً مشاركة للسيدة رندة ب ّري‬ ‫التي كانت على رأس املتكلمني في املؤمتر‪ .‬وكما‬ ‫قلنا‪ ،‬فإ ّن هدف اجلامعة هو طرح احلضارة العربية‬ ‫واإلسالمية بوجهها احلقيقي‪ ،‬بعد أن ش ّوه بعض‬ ‫املتط ّرفني وجه اإلسالم املتسامح وخصوصا ً بعد‬ ‫حوادث احلادي عشر من أيلول في ‪.2001‬‬ ‫باحلديث عن املنظمة العاملية حلوار األديان‪ ،‬ما‬ ‫أهدافها‪ ،‬ومباذا تخدم في قضايا األمة العربية‬ ‫واإلسالمية على ح ِّد سواء؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬أساس كل دين في العالم احملبة‬ ‫س ّمي حوار الثقافات‬ ‫واحلوار‪ ،‬والدين يدعو إلى ما ُ‬ ‫واحلضارات واألفكار‪ ،‬وحتى أ ّن القرآن الكرمي كان‬ ‫أول حوار بني اهلل تعالى وبني إبليس الشيطان‪،‬‬ ‫وهذا احلوار مذكور في أكبر سورة في القرآن‬ ‫الكرمي وهي “سورة البقرة”‪ .‬فإذا ً مبدأ احلوار‬ ‫مقدس في كافة األديان واحلضارات‪،‬‬ ‫هو مبدأ‬ ‫ّ‬

‫‪68‬‬

‫ونحن املشرق ّيون خصوصا ً بعثنا هذه الديانات‬ ‫واحلضارات التي ن ّورت العالم أجمع من أرضنا‪ ،‬فقد‬ ‫احتضنت هذه األرض احلضارات القدمية كاحلضارة‬ ‫السومارية والبابلية في العراق‪ ،‬واحلضارة‬ ‫الفرعونية في مصر‪ ،‬واحلضارة الفينيقية في‬ ‫لبنان وبالد الشام‪ ،‬وغيرها من احلضارات الكبرى‪.‬‬ ‫وكلها تُعتبر مترابطة ومتالزمة فيما بينها‪ ،‬ولها‬ ‫صفة التسامح واالنفتاح وقبول اآلخر‪ ،‬بحيث‬ ‫كان الشرق منبع الثقافات والعلوم واملعارف‬ ‫واحلضارات إلى العالم‪ ،‬في حني كانت أوروبا‬ ‫تعيش عصور اإلنحطاط والظالم والتناحر‪ ،‬وإلى‬ ‫عه ٍد قريب ما حدث في احلربني الكون ّيتني األولى‬ ‫والثانية من اقتتال بني األوروبيني ذهب ضح ّيتها‬ ‫عشرات املاليني من البشر األبرياء‪ ،‬أما الشرق‬ ‫فلم يشهد تلك احلروب الطاحنة كما شهدتها‬ ‫أوروبا والغرب‪ ،‬وهو (أي الشرق) في األساس يقوم‬ ‫على نشر املعرفة بواسطة العلم والثقافة‪،‬‬ ‫إضافة إلى أنه منبع الديانات السماوية الثالث‬ ‫مقدسة و ُمحترمة‪ .‬أما الغرب ‪ -‬مع‬ ‫وهي ديانات‬ ‫ّ‬ ‫األسف الشديد ‪ -‬فيتبنّى نظريات صراع الثقافات‬ ‫واحلضارات‪ ،‬وخصوصا ً العقلية الغربية املعاصرة‪،‬‬ ‫والتي هي عقلية إقصائية عدوانية‪ ،‬كما هي‬ ‫أفكار داروينية بصراع األنواع من أجل بقاء األقوى‬ ‫واألصلح‪ ،‬وتبنّاها املفكر األميركي صامويل‬ ‫هننغتون الذي أطلق نظرية صراع احلضارات‪ ،‬التي‬ ‫تبنّتها أميركا والعالم الغربي‪ ،‬بينما كان املفكر‬ ‫الفرنسي روجيه غارودي وهو أول مفكر غربي‬ ‫قد أطلق نظرية حوار احلضارات‪ ،‬وناقش الكثير‬ ‫من القناعات السائدة لدى الغربيني مما أدى إلى‬ ‫مضايقته ومنع بعض كتبه في فرنسا وغيرها‪.‬‬ ‫بشدة‬ ‫من هنا‪ ،‬نتبنّى نظرية حوار احلضارات وندين‬ ‫ّ‬ ‫نظرية صراع احلضارات التي يتبناها الغرب اليوم‪.‬‬ ‫بالعودة إلى منطقة الشرق األوسط‪ ،‬ما هي‬ ‫نظرة األديان لبعضها البعض؟‬ ‫إن منطقة الشرق وخصوصا ً الشرق األوسط‬ ‫أي العراق وفلسطني ولبنان وسوريا واألردن‬ ‫ومصر‪ ،‬وحتى الشرق اجملاور كاألناضول وفارس‪،‬‬ ‫هي مهد ومنبع الديانات‪ ،‬وقد عرَف املشرق‬ ‫حضارات عظيمة‪ ،‬ساهمت في تعزيز س ُبل‬ ‫املعرفة اإلنسانية ولم يكن هناك في احلقيقة‬ ‫صرا ٌع ديني‪ .‬قد يكون هناك صرا ٌع سياسي‪ ،‬في‬ ‫بعض األحيان‪ ،‬تنحشر فيه األديان والطوائف‬ ‫لكن هذا ال يعني أ ّن هناك صراع‬ ‫– ُمكرهة –‬ ‫ّ‬


‫بني الديانات‪ .‬وحتى اإلسالم‪ ،‬عندما جاء بدين‬ ‫التوحيد‪ ،‬تسامح مع املُشركني في اآلية الكرمية‪:‬‬ ‫استج َ‬ ‫فاستجرْه ‪.»...‬‬ ‫ارك‬ ‫«وإن أح ٌد من املُشركني‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فاهلل يخاطب النبي (ص) على «انك مسؤول عن‬ ‫َ‬ ‫وأنك‬ ‫إيواء املُشرك حتى لو كان يعبد األصنام‬ ‫مسؤول عن أمنه‪ ،‬وواجبك تبليغه عن طريق‬ ‫املعرفة‪ ،‬ومحاورته حول معتقداته»‪ .‬كذلك‪ ،‬فإ ّن‬ ‫أول مؤمتر للحوار املسيحي اإلسالمي ُع ِقد في‬ ‫املدينة املن ّورة برئاسة النبي (ص) وحضره بطاركة‬ ‫جنران‪ ،‬وقد أكرمهم النبي في مجسده الشريف‪،‬‬ ‫وع ّراهم من كونهم مسيح ّيني وحاورهم على‬ ‫أنهم سواء مع اإلسالم في اآلية الكرمية‪« :‬قل يا‬ ‫أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء»‪ .‬فالكلمة‬ ‫السواء هي شعار اإلسالم وشعار كل األديان‬ ‫ويجب أن نتّخذ هذا األساس خصوصا ً في بالدنا‪،‬‬ ‫كي نكون بعيدين عن الفنت الطائفية واملذهبية‪،‬‬ ‫كما تر ّوجها الدول اإلستعمارية الغربية التي‬ ‫بنت مصاحلها على تأجيج الصراعات الطائفية‬ ‫واملذهبية في منطقتنا‪.‬‬ ‫ماذا عن املسيحيني واألقليات في منطقتنا‬ ‫العربية‪ ،‬في حني يتح ّدث البعض عن محاولة‬ ‫تهجير املسيحيني في بعض الدول؟‬ ‫نعم‪ ،‬مع األسف الشديد‪ ،‬يتعرض أخواننا‬ ‫املسيح ّيون‪ ،‬وهم مواطنو هذه األرض‪ ،‬وسكانها‬ ‫األصل ّيون‪ ،‬لبعض املضايقات‪ .‬فكما هو معلوم‪،‬‬ ‫أ ّن الشرق كله كان نصرانيا ً سريانياً‪ ،‬وحتى‬ ‫العراق اآلن حاضرة النجف الكبرى هي باألساس‬ ‫حاضرة الكوفة‪ ،‬وحاضرة السريان الكبرى‪ .‬ونحن‬ ‫في العام القادم‪ ،‬مبناسبة إعالن مدينة النجف‬ ‫«عاصمة للثقافة اإلسالمية من ِق َبل األويسكو»‪،‬‬ ‫سنعقد مؤمترا ً عامليا ً في بيروت عنوانه «الكوفة‬ ‫عاصمة السريان الكبرى»‪ ،‬إذ أن املسيحية كانت‬ ‫الديانة السائدة في البلدان العربية‪ ،‬إلى أن جاء‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وهو أبدا ً لم يُكرِه في تشريعاته النصارى‬ ‫واليهود‪ ،‬فاليهود كانوا في البلدان العربية وهم‬ ‫قلة ولكن كانوا يتمتعون باحلريات فلم يقمعهم‬ ‫الدين اإلسالمي ولم يُكرههم ولم يُجبرهم على‬ ‫اإلنخراط في هذا الدين اجلديد‪ ،‬واآلية الكرمية‬ ‫تقول‪« :‬ال إكراه في الدين»‪ ،‬فإذا ً ليس هناك عملية‬ ‫إكراه وما تع ّرض له املسيحيون وغيرهم من‬ ‫اضطهاد وتشريد وتهجير‪ ،‬جاء من الدول الغازية‬ ‫لهذه املنطقة‪ .‬مثالً‪ ،‬بعد الغزو األميركي للعراق‬ ‫في العام ‪ ،2003‬جرت عمليات تهجير واختطاف‬ ‫وتقتيل للمسيحيني ‪ -‬وال تزال مع األسف‪ ،‬ولكن‬ ‫هذا األمر جرى على يد احملتل وعمالئه واملرتبطون‬ ‫به‪ ،‬والعراقيون أبعد ما يكون عن هذا التناحر‬ ‫والفنت الطائفية‪ ،‬ونحن ندين ذلك ونستنكره‬ ‫بشدة‪ .‬كما أن اليهود بالعراق في العام ‪1948‬‬ ‫وطن‬ ‫وعندما أصدر بلفور وعده املشؤوم باتخاذ‬ ‫ٍ‬ ‫لليهود وجمع شتاتهم من العالم في فلسطني‪،‬‬ ‫تع ّرضوا وغيرهم من يهود البلدان األخرى‬ ‫لإلضطهاد‪ ،‬لكن أيضا ً على يد عمالء الصهيونية‬ ‫العاملية وبريطانيا‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬ماذا عن تنامي التيارات‬ ‫املتطرفة في أوروبا والداعية الستهداف‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وبالتالي كيف يتبلور احلوار وشمولية‬ ‫املنهج في النظر إلى األديان األخرى؟‬ ‫نب من‬ ‫نحن مع األسف الشديد‪ ،‬نرى بأ ّن هناك ت ٍّ‬ ‫ِق َبل األنظمة الغربية لهذه اجلماعات املتطرفة‪،‬‬ ‫وهم يعطونهم صكوك األمان واملنابر اإلعالمية‬ ‫ويدعمونهم باملال‪ ،‬من أجل تأجيج هذه األفكار‬ ‫املتطرفة في عقول هؤالء اجلهلة‪ ،‬ويجنّدونهم‬ ‫ويرسلونهم إلى بالدنا‪ .‬فالغربيون عندما يقول‬ ‫بأنهم يحاربون اإلرهاب والتطرف‪ ،‬هم كاذبون‬ ‫ألنهم َمن يشجع اإلرهاب واملتطرفني‪ .‬اآلن يتم‬ ‫التعتيم إعالميا ً على كثير من املؤمترات التي‬ ‫تدعو للحوار في بالدنا وفي غيرها من العالم‪ ،‬في‬ ‫صوت ناشز من متط ّرف‪ ،‬فإن كل‬ ‫حني أنه إذا جاء‬ ‫ٌ‬ ‫وسائل اإلعالم تنحشر في تسجيل وتوثيق آرائه‪.‬‬ ‫وهناك أيضا ً دعم إعالمي من وسائل إعالم الغرب‬ ‫التي تكون بأغلبها بيد الصهاينة وهي تأجج‬ ‫األفكار املتطرفة كما يتبنّاها الكيان العنصري‬ ‫الطائفي املتطرف في فلسطني احملتلة أو ما‬ ‫سمى بـ»الكيان الصهيوني»‪.‬‬ ‫يُ ّ‬ ‫كيف ميكن التعاطي مع احلريات الدينية‪،‬‬ ‫وحماية الرموز الدينية‪ ،‬بالتعاون مع الفكر‬ ‫احلضاري الذي تهدفون إليه من خالل اجلامعة؟‬ ‫هناك واجبات واضحة على رجال الدين‪ ،‬فرجل‬ ‫علم واسع وثقافة‬ ‫الدين يجب أن يكون على‬ ‫ٍ‬ ‫عميقة ويجب أن يحمل منارة احلرية والتسامح‪،‬‬ ‫التعصب والتطرف‪ .‬لكن مع األسف‪ ،‬نرى‬ ‫وينبذ‬ ‫ّ‬ ‫بعض َمن ينتسبون إلى طبقة رجال الدين‪ ،‬لم‬ ‫يأخذوا قدرا ً كافيا ً من العلم والثقافة ويتبنّون‬ ‫هذا الفكر املتط ّرف الذي ّ‬ ‫يغذون به املتع ّبدين‬ ‫واملص ّلني في دور العبادة‪ ،‬وهذا أمر خطير‪ ،‬إذ يجب‬ ‫أن تكون هناك رقابة في دور العبادة من ِق َبل كافة‬ ‫الطوائف‪ ،‬ويجب أن يُحاسب كل رجل الدين في‬ ‫هذا املسجد أو في تلك الكنيسة‪ ،‬ممّن يسعون‬ ‫لنشر روح الكراهية والتط ّرف‪ .‬فرسالة الدين‬ ‫س ُبل‬ ‫هي احملبة‪ ،‬ويجب توعية رجال الدين لنشر ُ‬ ‫هذه احملبة‪ ،‬وتبني أسس احلوار احلضاري‪ .‬وهذا‬ ‫طبعا ً من أعظم واجباتنا في األويسكو واجلامعة‬ ‫بأننا نتبنى ركن وثقافة احلوار خاصة املسيحي –‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬واإلسالمي – اإلسالمي‪ ،‬وكذلك احلوار‬ ‫الديني بشكل عام مهما كان سواء مع الديانات‬ ‫السماوية أو غير السماوية‪ .‬ونحن نلتزم بوص ّية‬ ‫اإلمام علي بن أبي طالب (ع)‪ ،‬والقاعدة الذهبية‬ ‫التي يقول فيها‪« :‬الناس صنفان‪ ،‬أما ٌ‬ ‫أخ لك في‬

‫‪69‬‬

‫الدين‪ ،‬او نظي ٌر َ‬ ‫لك في اخللق»‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يوجد‬ ‫أخوك في الدين‪ ،‬وصحيح بأ ّن املسلم شقيق‬ ‫املسلم‪ ،‬واملسيحي شقيق املسيحي‪ ،‬ولكن‬ ‫الديانات اإلبراهيمية السماوية الثالث‪ ،‬هي‬ ‫أساس اإلميان‪ ،‬وكل أتباعها هم أخوة في الدين‪.‬‬ ‫أما نظراؤها في اخللق‪ ،‬فكثير من البشر ليس‬ ‫لهم إميان باخلالق ولهم ديانات وثنية‪ ،‬فهؤالء‬ ‫نتشارك معهم بأنهم بش ٌر مثلنا‪ ،‬وهم أخوة‬ ‫لنا في اإلنسانية‪ .‬وتبعا ً لوصية اإلمام علي (ع)‪،‬‬ ‫نتبنّى ركن احلوار بني احلضارات والديانات‪ ،‬واألخ ّوة‬ ‫بشكل عام‪.‬‬ ‫اإلنسانية‬ ‫ٍ‬ ‫برأيكم‪ ،‬هل سيُجدي حوار األديان نفعاً في‬ ‫ّ‬ ‫التعصبية إلى اإلسالم‬ ‫تغيير بعض النظرات‬ ‫أو إلى غيره من الديانات‪ ،‬وبالتالي القضاء على‬ ‫الصراعات الطائفية؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬خاصة وأ ّن حوار األديان تبنّته الفاتيكان وهي‬ ‫أعلى سلطة كنسية في العالم إضافة لتبنّيه من‬ ‫معظم الكنائس واألزهر الشريف والنجف األشرف‬ ‫ومشيخة العقل وغيرها من الزعامات اإلسالمية‬ ‫واملسيحية القانونية‪ .‬كلها تبنّت حوار الديانات وخاصة‬ ‫احلوار اإلسالمي – املسيحي‪ ،‬وهذا أمر مهم‪ ،‬أن يجتمع‬ ‫كل أصحاب الديانات على مفهوم احلوار والتالقي‪ ،‬مما‬ ‫يجعل محاوالت الصراع بني األديان واملذاهب واحلضارات‪،‬‬ ‫دعوات فارغة ال تلقى القبول‪ ،‬والتي يكون غالبا ً وراءها‬ ‫دول تسعى لتوسعة مساحة استعمارها‪.‬‬ ‫بالعودة للجامعة‪ :‬ملَن متنح شهاداتها األكادميية‬ ‫والفخرية إذا ّ‬ ‫صح التعبير‪ ،‬وعلى أي أساس؟‬ ‫يسمونه بـ «الشهادات الفخرية»‪،‬‬ ‫ال يوجد لدينا ما ّ‬ ‫وإمنا نسميها «شهادات اإلستحقاق والتقدير العالي»‪،‬‬ ‫وهي – حسب قانون اجلامعة العاملي – تمُ نح لكبار‬ ‫الشخصيات التي ساهمت في تعزيز روح احلوار والثقافة‬ ‫ونشرت البحوث والدراسات والكتب‪ ،‬وأسهمت في‬ ‫نشر املعرفة في العاملني العربي واإلسالمي‪ ،‬ونحن نقوم‬ ‫بترشيح العديد من الشخصيات العاملية ويُك ّرمون‬ ‫في مؤمترات اجلامعة مبنحهم شهادات اإلستحقاق‬ ‫والتقدير العالي نظيرا ُ جلهودهم في تعزيز احلضارة‬ ‫واحلوار في عاملنا‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للشهادات األكادميية‪ ،‬فاجلامعة‬ ‫تتبع نظام البحوث العلمية املفتوحة‪ ،‬ولديها طالب‬ ‫في كافة دول العالم وهي تتبع االعتماد البريطاني‬ ‫والكندي‪ ،‬وسيصدر لديها قريبا ً اإلعتماد األميركي‪،‬‬ ‫وتصدقها كافة‬ ‫وشهاداتنا ُمعتمدة في دول العالم‬ ‫ّ‬ ‫السفارات والوزارات‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫والتعصب الديني‬ ‫م ّيز بين التثقيف الديني‬ ‫ّ‬

‫األب فادي تابت‪ :‬المسرح والمذبح يحمالن الرسالة‬ ‫ذاتها وأعمالنا ألهداف إنسانية‬ ‫منظار إيجابي‬ ‫إنه الدين‪ ،‬يدخل هذه املرة في األمور العامة لكن من‬ ‫ٍ‬ ‫أعمال مسرحية تهدف فيما تهدف إليه لبث روح احملبة والسالم‪،‬‬ ‫عبر‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتحضر‬ ‫والسترجاع القضايا التاريخية‪ ،‬عل الشعوب تتعلم من ماضيها‬ ‫بامتياز ملستقبلها‪.‬‬ ‫هذا ما نراه من خالل املسرح اإلستعراضي املتميّز الذي يق ّدمه سنوياً‬ ‫األب فادي تابت بقصص عميقة املضمون واألسلوب وعبر عد ٍد كبير من‬ ‫املمثلني والراقصني احملترفني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫هي إذا ً أعمال مسرحية عالية االحتراف‪ ،‬تق ّدم ليعود ريعها لدعم‬ ‫إذاعة صوت احملبة وصوت جميع الناس‪ .‬من هنا كان لقاؤنا مبدير عام إذاعة‬ ‫“صوت احملبّة” األب فادي تابت الذي ح ّدثنا مطوّالً عن دور رجل الدين في‬ ‫جمع الناس على احملبة والتسامح إن عبر املقام الديني أو عبر املسرح‪،‬‬ ‫وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫أين صوت احملبة من أعمالك املسرحية‪ ،‬وهل‬ ‫يهدف االثنان إليصال الرسالة نفسها؟‬ ‫مما ال شك فيه‪ ،‬إ ّن إذاعة «صوت احملبة» هي إذاعة‬ ‫ال تبتغي الربح‪ ،‬وبالتالي ليس لديها مردودًا مادياً‪،‬‬ ‫وهي منتشرة في لبنان وسوريا واألردن وفلسطني‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬وكي تتمكن من اإلنتشار‪ ،‬فهي بحاجة‬ ‫ألن يكون لها مدخول مادي‪ ،‬وبالتالي يسير‬ ‫بخط موازٍ لإلذاعة‪ ،‬من ناحية الرسالة‬ ‫مسرحنا‬ ‫ٍ‬ ‫املُراد إيصالها‪ .‬من هنا فإ ّن املردود الذي يصدر عن‬ ‫يصب في موازنة اإلذاعة لكي‬ ‫أعمالنا املسرحية‬ ‫ّ‬ ‫تتمكن من البقاء واالستمرار‪.‬‬ ‫ملاذا توقيت أعمالكم املسرحية مرة واحدة‬ ‫كل سنة؟‬ ‫العمل املسرحي لديه موسم معني‪ ،‬يبدأ من‬ ‫شهر تشرين الثاني وينتهي في شهرَي أيار أو‬ ‫حزيران‪ .‬كما وأ ّن مسرحياتنا ُمكلِفة ألنها أعمال‬ ‫استعراضية‪ ،‬يشارك فيها ما يفوق ‪ 70‬أو ‪ 80‬ممثالً‬ ‫وراقصاً‪ ،‬وبالتالي ال حتتمل موازنتنا أكثر من عمل‬ ‫واحد كل سنة‪.‬‬ ‫هل هذه املسرحيات هي نوع من التثقيف‬ ‫الديني أو اإلنساني االجتماعي التاريخي؟‬ ‫لدي أعمال دينية‪ ،‬وأخرى اجتماعية‪ .‬لكن ما‬ ‫ّ‬ ‫يهمني في املسرح أن يكون هادفا ً ويسعى إليصال‬ ‫ّ‬ ‫رسالة مع ّينة‪ .‬صحيح أن بعض مسرحياتي‬ ‫حتتوي بعض الشخصيات الدينية املسيحية‪ ،‬إمنا‬ ‫هذه املسارح تطال كل الناس من جميع األديان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واملذاهب‪ ،‬خاصة وأ ّن اجلو العام الذي نعيش فيه‪،‬‬ ‫يحتوي على بعض الفنون الهابطة‪ ،‬لذلك ال‬ ‫بد من أن يكون هناك أعمال موازية من الفنون‬ ‫الراقية التي توصل معنى الفن احلقيقي‪ .‬و َمن‬ ‫يقول بأ ّن الفن هو رسالة يجب أن يكون على‬ ‫مستوى كلمته‪ ،‬ألنه لزرع اخلير وليس الشر‪ .‬فإذا‬ ‫نظرنا اليوم إلى بعض املسلسالت واملسارح‪،‬‬ ‫نرى بأنها ال تزرع اخلير والسالم‪ ،‬ال بل التفرقة‬ ‫وتوجد بالتالي نوعا من ال ِفنت‪ .‬من هنا‪،‬‬ ‫واخلالف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ملاذا سألتفت في أعمالي لإلضاءة على الشر‬ ‫كاملرأة التي تخون زوجها مثالً‪ ،‬أو املشاكل بني‬ ‫الزوجني؟ ملاذا ال أضيء في املقابل على البيوت‬ ‫الهانئة التي تعيش بسالم ومحبة؟ وهذا ما نراه‬ ‫في وسائل اإلعالم التي مبعظمها تسير نحو‬ ‫الشر‪ .‬فاجملمع الفاتيكاني الثاني‪ ،‬يقول بأ ّن وسائل‬ ‫حدين ميكن أن تبني وميكن‬ ‫اإلعالم هي سيف ذو ّ‬ ‫لها أن تهدم‪ .‬من هنا نرى األخبار السوداوية عبر‬ ‫شاشات التلفزة‪ ،‬في حني أن هناك العديد من‬ ‫األمور اجلميلة التي ميكن ب ّثها ولكنها ال تضيء‬ ‫لوطن أن يُبنى‬ ‫عليها‪ .‬ما نقوله هو أنه ال ميكن‬ ‫ٍ‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬إذ ال بد أن يكون هناك فسحة‬ ‫أمل‪ ،‬وهدفنا من خالل إذاعتنا اإلضاءة على هذه‬ ‫الفسحة‪ ،‬إليصال صوت وأمنيات اهلل‪ ،‬التي تدعو‬ ‫الناس إلى الوحدة وااللتفاف حول ثوابت البشرية‬ ‫واإلنسانية التي ندافع عنها جميعاً‪ .‬هذا ما‬ ‫نسعى إليصاله من خالل مسرحنا‪ ،‬إضافة إلى ما‬

‫‪70‬‬

‫قمنا بافتتاحه مؤخراً‪ ،‬وهو تلفزيون «احملبة»‪ ،‬الذي‬ ‫نؤكد من خالله أنه ال ميكننا فقط رؤية نصف‬ ‫الكوب إمنا النظر إلى كال احلالتني السوداوية‬ ‫والبيضاء‪ ،‬لنتأكد من أنه ميكننا أن نعيش سويا ً‬ ‫ونحب بعضنا البعض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حتدثت عن الرموز الدينية املسيحية في‬ ‫مسرحياتك‪ ،‬كيف تنظر ألوضاع املسيحيني‬ ‫اليوم في املشرق؟‬ ‫لم أدخل يوما ً في تاريخ الشرق في أعمالي‪،‬‬ ‫ولكن مسرحية «صاحب الغبطة والسلطان»‬ ‫تناولت البطاركة ودورهم في لبنان‪ .‬ما ميكن‬ ‫قوله‪ ،‬بأ ّن الشرق مماثل للغرب‪ ،‬واإلنسان هو‬ ‫إنسان وال ميكن ألحد أن يعيش وحيداً‪ .‬يقولون بأ ّن‬ ‫اإلنسان هو حيوا ٌن اجتماعي‪ ،‬وأرفض مصطلح‬ ‫«حيوان» وإمنا ال شك بأنه اجتماعي وال ميكن أن‬ ‫يعيش لوحده‪ ،‬وال أحد ميكن أن يُلغي اآلخر‪ ،‬فمعا ً‬ ‫نبني املستقبل‪ ،‬إذ أش ّبه املسيحي واملسلم‬ ‫بطائر ذو جناحني‪ ،‬واألمر ال يتعلق بالشرق والغرب‪،‬‬ ‫إمنا بالثقافة واحلضارة واملعتقد‪ ،‬وهذه الثقافة‬ ‫متبادَلة بني جميع األديان واملذاهب‪ .‬وإذا عدنا‬ ‫للتاريخ‪ ،‬نرى بأ ّن اإلنسان األبيض اضطهد مثيله‬ ‫األسود في أميركا‪ ،‬في حني جند اليوم بأن رئيسها‬ ‫أسود اللون‪ .‬وكان هناك أشخاص كثر اعتقدوا بأ ّن‬ ‫بقدرتهم إلغاء اإلنسان اآلخر‪ ،‬واكتشفوا أنهم‬ ‫لن يتمكنوا من ذلك‪ .‬وال شك بأ ّن املسيحيني في‬ ‫الشرق هم عنوان‪ ،‬وهذا العنوان ال ميكن إلغاؤه‬


‫بلحظة‪ ،‬ألنهم عنوان وسيبقون‬ ‫كذلك‪ ،‬وفي املقابل املسلمون‬ ‫في الغرب هم ايضا ً عنوان وال‬ ‫ميكن اضطهادهم هناك فقط ألن‬ ‫املسيحيني يتعرضون لالضطهاد‬ ‫في الشرق‪ .‬هذه هي الدعوة للبشر‬ ‫للعيش معاً‪ ،‬وللتفاهم على أننا «أنا‬ ‫وأنت» نبني مستقبالً واعداً‪ ،‬فالغد‬ ‫َ‬ ‫الذي سأبنيه وحدي سيكون ناقصاً‪،‬‬ ‫وكذلك الغد الذي ستبنيه وحدك‪.‬‬ ‫ولكن معا ً ميكن بناء املستقبل‬ ‫الكامل‪.‬‬ ‫ماذا عن «برامج التثقيف الديني»؟ إلى أي‬ ‫مدى تساهم برأيك في نبذ الفنت؟‬ ‫«التعصب‬ ‫هناك فرق بني «التثقيف الديني» و‬ ‫ّ‬ ‫الديني»‪ ،‬فاألول يعني العودة إلى كتابي ألقرأه‬ ‫كما هو ُمنزالً‪ .‬إذ أقرأ املسيح (ع) الذي يقول لي‪:‬‬ ‫أعط ِه رداءك»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«أحب عد ّوك»‪ ،‬و» َمن طلب ثوبك ِ‬ ‫َ‬ ‫خدك األمين دُر ْ له األيسر»‪ .‬وأقرأ‬ ‫و» َمن‬ ‫ضربك على ّ‬ ‫املسيح (ع) الذي يقول لي أيضاً‪َ « :‬من سخَّ َ‬ ‫رك ميالً‬ ‫إمش معه ميلني»‪ .‬واإلنسان الذي يعود إلى تاريخه‬ ‫ِ‬ ‫ويريد التثقيف دينياً‪ ،‬ال بد له من رؤية كتابه‪ .‬إذا‬ ‫يع ّلمني كتابي كما يع ّلمك كتابك فهذا يعني‬ ‫التعصب‬ ‫أردت‬ ‫خط واحد‪ ،‬لكن إذا ُ‬ ‫ّ‬ ‫بأننا نسير في ٍ‬ ‫من خالل كتابي‪ ،‬وأحقية التواجد وإلغاء اآلخر‪،‬‬ ‫فهذا يعني أنني ال أعرف كيف أقرأ كتابي بل‬ ‫أمسك به مقلوبا ً وأقرأه بحروف غير مفهومة‬ ‫ومتشابكة‪ .‬أما عندما أقرأه بجدية وبرحابة‬ ‫صدر‪ ،‬أعلم أنه يريدني أن أعيش مع اإلنسان اآلخر‬ ‫بسالم‪ .‬من هنا‪ ،‬أتساءل‪ :‬كيف ميكنني أن أتثقّ ف‬ ‫تعصبياً‪ ،‬فهذا لم يعد‬ ‫أردت أن أتثقف‬ ‫دينياً؟ إذا ُ‬ ‫ّ‬ ‫ثقافة ال بل جهل‪.‬‬ ‫بالعودة إلى الرموز الدينية‪ ،‬ما هي القواعد‬ ‫التي حتدد كيفية متثيل أدوارها؟ خاصة مع‬ ‫ردودكم السلبية على بعض «الفيديو كليب»‬ ‫ّ‬ ‫تقلد رموزا ً دينية كاملغنية األميركية‬ ‫التي‬ ‫«الليدي غاغا»؟‬ ‫س‪،‬‬ ‫كما هو معلوم‪ ،‬فالرموز الدينية ال تمُ ّ‬ ‫فاملسلم لديه رموز خاصة وكذلك املسيحي‪،‬‬ ‫من هنا يجب أن يكون العيش املشترك عبارة‬ ‫عن احترام لإلنسان اآلخر ولرموزه‪ .‬فعندما أحمل‬ ‫الصليب فألنه يعني لي الكثير‪ ،‬وبالتالي ال يحق‬ ‫لي إهانة املسجد أو اخللوة أو الكنيسة‪ ،‬ألنها‬ ‫مقدسة ومساكن لـ «اهلل»‪.‬‬ ‫رموزا ُ ّ‬ ‫من هنا‪ ،‬تسهر الدولة على حماية هذه الرموز‪،‬‬ ‫إضافة لألمن العام ومن هنا فأي أغنية أو مجلة أو‬ ‫غيرهما تدخل إلى لبنان مت ّر عبر مركز األمن العام‬ ‫الذي يقرر إمكانية دخوله أو عدمها‪ .‬لذلك‪ ،‬إذا‬ ‫شيخ مسلم في إحدى املسرحيات‪،‬‬ ‫اردت متثيل دور‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ال يحق لي ارتداء العمامة والزي الديني إال بإذن من‬ ‫ميس‬ ‫األمن العام‪ ،‬بعد معرفتهم بأ ّن هذا الدور لن ّ‬ ‫بقدسية الدور الذي يلعبه هذا الشخص‪ .‬واألمر‬ ‫نفسه ينطبق على متثيل دور الكاهن املسيحي‪.‬‬

‫عالم أصبح قرية‬ ‫وكوننا موجودون في‬ ‫ٍ‬ ‫صغيرة‪ ،‬هناك الفضائيات التي ال ميكن ألحد‬ ‫السيطرة عليها‪ ،‬وهي تأتي من الغرب وحتمل نوعا ً‬ ‫من التشويه للحقائق‪ .‬أما بالنسبة لـ «الليدي‬ ‫حتدثت في مقابلة سابقة لي عن‬ ‫غاغا»‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫تاريخ هذه الشخصية‪ ،‬التي تبتغي الشهرة‪.‬‬ ‫يسمى‬ ‫عما‬ ‫ّ‬ ‫واإلنسان الذي يبتغي الشهرة يبحث ّ‬ ‫س»‪ .‬في حني أنها اعتبرت‬ ‫«تابو» أي «الرمز الذي ال يمُ ّ‬ ‫مسها لهذه الرموز سيوصلها إلى الشهرة‪،‬‬ ‫أ ّن ّ‬ ‫ً‬ ‫زي الراهبة‪ ،‬ومن‬ ‫ارتدت‬ ‫وقد‬ ‫ا‬ ‫سابق‬ ‫رأيناها‬ ‫بحيث‬ ‫ّ‬ ‫ثم قامت بابتالع مسبحة الصالة‪ ،‬وكل هذا للفت‬ ‫األنظار إليها‪ ،‬متاما ً كاإليراني سلمان رُشدي الذي‬ ‫كتب كتابه عن النبي محمد (ص) بعنوان‪« :‬آيات‬ ‫شيطانية» ومتكن من خالل هذا «التابو» من أخذ‬ ‫املرجو وبيع املاليني من النسخ من كتابه‪.‬‬ ‫النجاح ُ‬ ‫وكل هذه اخلطوات ألخذ الشهرة والظهور على‬ ‫املأل‪ .‬من هنا‪ ،‬كنا ضد أغاني الليدي غاغا ألنها‬ ‫مقدسات معينة للظهور‪.‬‬ ‫ملست ّ‬ ‫ماذا عن تلفزيون احملبة الذي حت ّد َ‬ ‫ثت عنه في‬ ‫البداية؟‬ ‫تلفزيون احملبة بدأ عبر االنترنت‪ ،‬ومن ثم انتقل‬ ‫عبر األقمار االصطناعية إلى البيوت – التي‬ ‫ومعدينه من‬ ‫توجه ديني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تطلبه‪ .‬وتوجهه هو ّ‬ ‫جيل الشباب‪ ،‬حتى طريقة اإلخراج والتصوير‬ ‫واملواضيع املطروحة شبابية باميتاز‪ .‬إذ أننا نريد‬ ‫الوصول إلى الشباب اليوم‪ ،‬ألنه ولألسف‪ ،‬ال‬ ‫نفهمهم في كثير من األحيان‪ ،‬ومن هنا نحاول‬ ‫التقرب منهم وإخراجهم ممّا هم فيه للعودة إلى‬ ‫العمل الصالح عبر سلوك طريق اهلل‪.‬‬ ‫كرجل دين‪ ،‬أين العالقة بني الدين واملسرح‪،‬‬ ‫خاصة وأ ّن البعض قد ينتقد وجود رجل دين‬ ‫على خشبة املسرح؟‬ ‫َمن قال بأ ّن رجل الدين ال يحق له التمثيل؟ هذا‬ ‫هو كتابي الذي صدر مؤخرا ً بعنوان «بني املذبح‬ ‫واملسرح» والذي يشرح تاريخ املسرح‪ ،‬وكيف أن‬ ‫األخير ُولِ َد في قلب الدين‪ ،‬وأول بدايات املسرح‬ ‫كانت في مصر ثم في اليونان ولدى الرومان ومن‬ ‫ثم انتقاال ً إلى أوروبا‪ ،‬وكيف أ ّن الكنيسة هي التي‬ ‫احتضنته‪ ،‬بالوقت الذي كان فيه الكهنة هم َمن‬ ‫يقومون باألدوار التمثيلية على املسرح‪ ،‬ويكتبون‬ ‫النصوص التمثيلية باللغة الالتينية‪ ،‬في حني‬ ‫تضاربت اآلراء بني رجال الدين مع وضد املسرح‪،‬‬ ‫فـ «مار يعقوب الساروجي» كان ضد املسرح‪ ،‬في‬

‫‪71‬‬

‫حني قام «مار أفرام السرياني» بتطهير األغاني‬ ‫مع بدعة برديصان وماني ومرقيون الذين أدخلوا‬ ‫القدرية إلى كل األعمال‪ ،‬وهذه تعاليم تتنافى‬ ‫مع تعاليم الكنيسة‪ .‬من هنا متكن مار أفرام‬ ‫السرياني من التغيير من خالل التطهير الذي قام‬ ‫به‪ .‬كذلك في الغرب‪ ،‬كان املسرح يتواجد داخل‬ ‫الكنيسة‪ ،‬وفي فترة من الفترات لم يعد يُكتب‬ ‫باللغة الالتينية بحيث متّ االنفصال بني الكنيسة‬ ‫واملسرح ولم يعد األخير يتم في ساحات‬ ‫ضده هم البيوريتان ّيون ومن‬ ‫الكنيسة‪َ .‬من كان ّ‬ ‫كان إلى جانبه هم اليسوعيون الذين خلقوا نوعا ً‬ ‫جديدا ً من املسرح وهؤالء كلهم رهبانا ً وكهنة‬ ‫مثلوا وكتبوا‪ ،‬وصوال ً في النهاية إلى الفرنسي‬ ‫شارل بودلير مع ما كان يتواجد في القرن التاسع‬ ‫عشر من «عذرية التفكير»‪ .‬من هنا طهّ ر كل‬ ‫سماه «‪the‬‬ ‫ما كان حول «شكسبير» وكتب ما ّ‬ ‫‪ “ family Shakespeare‬ومن هنا فإذا أردنا العودة‬ ‫إلى تاريخنا‪ ،‬نرى أننا بحاجة ألن يكون لدينا عذرية‬ ‫التفكير التي توصل إلى عذرية اجلسد‪ ،‬ألن ‪-‬‬ ‫ولألسف ‪ -‬ما نراه عبر املسرح والتلفاز وغيرهما ‪ ،‬ال‬ ‫يعطي أي شيء من العذرية والتي تُفسد التربية‬ ‫واجملتمع‪ ،‬من هنا ال بد للكنيسة من موقف ثابت‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬وأن يكون لديها خط واضح من‬ ‫خالل الكهنة الذين يدعوهم اجملمع الفاتيكاني‬ ‫الثاني‪ ،‬للتخصص في املسرح‪ .‬من هنا لم‬ ‫أتخصص منفردا ً في هذا اجملال‪ ،‬بل الكنيسة هي‬ ‫التي أرسلتني إلى اميركا ومن ثم إيطاليا وبعدها‬ ‫إلى فرنسا لدراسة هذا اجملال‪ ،‬وإيصال الرسالة‬ ‫الصحيحة‪ .‬لذلك املسرح يُكمل رسالة املذبح‬ ‫من خالل األغنية واالستعراض وغيرهما‪.‬‬ ‫ماذا عن عملك املسرحي اجلديد؟‬ ‫أحضر ملسرحية جديدة بعنوان «أبو سمرة‬ ‫ّ‬ ‫سمرة معروفة‬ ‫والشيخ بشير»‪ ،‬وشخصية أبو َ‬ ‫في الثمانينات وقد لعبت دورا ً مهما ً وكان «أبو‬ ‫سمرة» من أحد الثوار ضد حكم إبراهيم باشا في‬ ‫منطقة بيروت‪ .‬وبالتالي هي مسرحية تاريخية‬ ‫نحضر لها بكل جهد أل ّن املستوى الذي وصلنا‬ ‫ّ‬ ‫إليه ال يسمح لنا بالعودة إلى الوراء إن من ناحية‬ ‫النص أو املوسيقى أو اآلداء املسرحي أو غيرها‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫علوم‬

‫مخترع «الجزيرة العائمة» يُواجَ ه بأطماع المسؤولين‬

‫المهندس د‪ .‬عبد هللا ضو‪ :‬بعض السياسيين‬ ‫وش ّبيحة االقتصاد اللبناني ُيعرقلون تنفيذ المشروع‬

‫مستم ّرون برغم الصعوبات والعوائق‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وتبقى إرادة حتقيق احللم أصلب من إرادات إفساده‬

‫إنه امتياز علمي بجدارة‪ ،‬في مجال هندسة السفن والبحار‬ ‫عبر منتجع سياحي ضخم ّ‬ ‫تنفذه شركة بيروت الدولية للصناعة‬ ‫ٍ‬ ‫البحرية والتجارة‪ ،‬عبر مشروع “اجلزيرة العائمة” الذي أخذ صاحبه‬ ‫براءة اختراعه منذ العام ‪ .1997‬إنه اخملترع اللبناني الدكتور عبد‬ ‫اهلل ضو‪ ،‬والذي تتركز فكرة مشروعه على دراسة هندسية معمّ قة‬ ‫إلنشاء جزيرة عائمة في خليج مدينة جونيه‪.‬‬ ‫مشروع بهذه الضخامة يتعرّض للعرقلة منذ العام‬ ‫إال أ َّن‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،1998‬بحيث يقول ضو‪“ :‬مَن يُعرقل تنفيذ مشروعي‪ ،‬هم األشاوس‬ ‫الطامحني ملقعد وزاري أو نيابي في الطائفة الدرزية‪ ،‬وجميعهم‬ ‫محكومني مبرض اخلوف من «خيالهم»‪ .‬هذا باإلضافة إلى شبّيحة‬ ‫االقتصاد اللبناني الذين يعتبرون أنفسهم «خطأً» رجال مال‬ ‫واقتصاد»‪ .‬أما شركائي في اململكة العربية السعودية الذين‬ ‫يتدخلوا في ّ‬ ‫ّ‬ ‫حل املؤامرة التي تُقام ض ّدنا من‬ ‫ميوّلون املشروع‪ ،‬فلم‬ ‫ّ‬ ‫ِقبَل البعض‪ ،‬كي ال يخلق تدخلهم أزمة سياسية في البلد»‪.‬‬ ‫إال أنه ومع هذه العرقالت‪ ،‬فقد قدمت بلدية جونية لـ «ضو»‬

‫بشخص رئيسها الشيخ جوان حبيش كل التسهيالت الالزمة‬ ‫في العام ‪ ،2004‬بعد أن ق ّدم السيد جوزيف عبود عقاراً خاصاً به‬ ‫على شاطئ املدينة ليكون بتصرف املشروع»‪.‬‬ ‫ُو ِلدت فكرة إنشاء اجلزيرة العائمة في ذهن عبد اهلل ضو‪ ،‬منذ العام‬ ‫‪ .1982‬اليوم‪ ،‬ومع كل الصعبوات التي تواجهه‪ ،‬إال أنه بلغ مراحل ج ّد‬ ‫متق ّدمة من إنشائه‪ ،‬ولكن مايزال ّ‬ ‫يؤخره هو انتظار صدور مرسوم‬ ‫جمهوري ملنح ترخيص الستثمار مساحة معينة من األمالك البحرية‬ ‫ّ‬ ‫مجسم اجلزيرة‪ ،‬بالرغم من أخذ ضو للموافقة من هيئة‬ ‫من أجل بناء‬ ‫تصنيف بحرية عاملية‪ .‬اليوم ال يزال ضو ومشروعه ينتظران صحوة‬ ‫ضمير من أصحاب السلطة‪ ،‬لكي يستقبل خليج مدينة جونيه‬ ‫جزيرة عامت منذ أشهر على آمال احلصول على ترخيص مع كل ما‬ ‫واجهه من املصالح الشخصية التي منعت تق ّدم املشروع بسرعة‪.‬‬ ‫«منبر التوحيد» زارت اخملترع اللبناني د‪ .‬عبد اهلل ضو‪ ،‬صاحب‬ ‫ّ‬ ‫وتنقلت بني أقسام ورشة العمل في‬ ‫مشروع «اجلزيرة العائمة»‪،‬‬ ‫جونيه‪ ،‬وكان هذا احلوار‪:‬‬

‫ما هي شركة‬ ‫؟‪Beirut international Marine industry and Commerce‬‬ ‫إنها شركتنا التي تقوم بتصميم وبناء اجلزر العائمة والسفن ذات‬ ‫األجسام املتعددة «‪ ،»Multihull‬تبعا ً لقواعد هندسية بحرية‪ .‬أما مشروع‬ ‫اجلزيرة العائمة في لبنان فهو املشروع األول من هذا النوع في العالم‪ ،‬طبعا ً‬ ‫بتمويل من شريكي الدكتور السعودي طالل علي الشاعر‪ .‬لكننا اليوم‬ ‫قدمناها وال زلنا‪ ،‬في ظل محاوالت‬ ‫نتحمل كافة اخلسائر والتضحيات التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫إقصائنا وعرقلة مشروعنا‪.‬‬ ‫لقد استغرقت دراستي وبحثي ‪ 15‬سنة حول إمكانية بناء مشروع بني‬ ‫تؤمن الراحة للركاب‪ ،‬وهذا مشروع يعود بأرباح‬ ‫أمواج البحر بطريقة ثابتة ّ‬ ‫مرتفعة تبلغ نسبتها حوالي ‪ %30‬من سعر البيع‪ ،‬ويساهم في تنشيط‬ ‫السياحة اللبنانية بشكل كبير‪ .‬إال أ ّن بعض «أصحاب الضمائر» يفعلون‬

‫ما بوسعهم لتأخير صدور املرسوم اجلمهوري للحصول على ترخيص بهدف‬ ‫استثمار أمالك بحرية لوضع اجلزيرة العائمة فيها‪ ،‬طبعا ً باإلضافة حلاجاتنا‬ ‫لتصريح قانوني من بلدية جونيه‪ .‬وال زلنا منذ أكثر من سنتني بانتظار وزارة‬ ‫االشغال إلعطاءنا هذا املرسوم‪ ،‬مع ما متارسه بلدية جونيه من محاوالت‬ ‫ضدنا ضمن حججها بوزارة األشغال‪.‬‬ ‫عرقلة ّ‬ ‫ملاذا متّ اختيار مدينة جونيه بالتحديد وليس غيرها من املناطق لتنفيذ‬ ‫املشروع في أمالكها البحرية؟‬ ‫ال شك بأ ّن جونيه هي من أكثر املدن اللبنانية اجلاذبة للس ّياح‪ ،‬مما يعني‬ ‫مشروع كاجلزيرة العائمة سيجتذب عددا ً أكبر منهم وبالتالي سيساهم‬ ‫أ ّن‬ ‫ٍ‬ ‫مساهمة كبرى بتنشيط القطاع السياحي إن في جونيه أو في لبنان‬ ‫بشكل عام‪.‬‬ ‫كما وأ ّن هذا املشروع كان من أحد املشاريع التي أراد الرئيس الفلسطيني‬

‫‪72‬‬


‫الدكتور عبد اهلل ضو‪:‬‬ ‫من مواليد بلدة بشتفني الشوفية‪ ،‬في العام‬ ‫‪ .1952‬متزوج من السيدة نوال شهيّب‪ .‬ولداه‪:‬‬ ‫املهندس املدني سومر‪ ،‬واملهندسة املعمارية‬ ‫ُ‬ ‫سوار‪ ،‬ويعمالن معاً على تنفيذ مشروع «اجلزيرة‬ ‫العائمة» مع والدهما‪.‬‬

‫ضو وورشة العمل‪ ..‬إلى األمام‬

‫الراحل ياسر عرفات إجنازها على ساحل غزة في العام ‪ ،2000‬بعد ّ‬ ‫تأكده من‬ ‫جناح املشروع وتوافيه القواعد واألصول الهندسية البحرية‪ ،‬إال أ ّن انتفاضة‬ ‫األقصى ووفاة الرئيس عرفات حالتا دون تنفيذه‪.‬‬ ‫ماذا عن مواصفات اجلزيرة؟‬ ‫متتد اجلزيرة العائمة على مساحة ‪ 3600‬متر مربع إضافة لـ ‪ 10‬آالف متر‬ ‫مربع من املساحات احمليطة بها والتابعة لها‪ ،‬وتبلغ كلفة بناءها وجتهيزها‬ ‫‪ 60‬مليون دوالر‪ .‬وحتمل اجلزيرة ‪ 4‬مح ّركات رئيسية في أسفل جسمها‪ ،‬مما‬ ‫يساعد في حت ّركها إلى الشاطىء أو ابتعادها إلى عرض البحر بسهولة‪.‬‬ ‫ويتألف جسم اجلزيرة من‪ 58 :‬غرفة فوق املاء‪ ،‬و‪ 80‬منها حتت سطح املاء‪،‬‬ ‫مطعم خمس جنوم يتسع حلوالي ‪ 300‬شخص‪ ،‬قاعة احتفاالت تتسع حلوالي‬ ‫‪ 1300‬شخص‪ ،‬نادٍ ليلي ُمغلق يتّسع ملئتَي شخص وآخر في الهواء الطلق‪،‬‬ ‫إضافة للجاكوزي وأحواض السباحة‪ ،‬وحدائق وأشجار‪ .‬وهي على درجة عالية‬ ‫من الثبات بالرغم من عدم وجود قواعد تثبيت لها في قعر البحر‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫ميكننا من االنتقال بها من مكان إلى آخر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فاجلزء الغاطس من اجلزيرة العائمة‪ ،‬مك ّون من شبكة كبيرة جدا من‬ ‫أنابيب الفوالذ املرِن‪ ،‬الذي يحتضن عددأ ً واسعا ً من غواطس الفايبرغالس‬ ‫(‪ )hulls fiberglass‬مثبتة في الهيكل الفوالذي‪ ،‬من أجل ّ‬ ‫متكنها من إبقاء‬ ‫اجلزيرة عائمة فوق سطح املياه‪ ،‬بحيث أ ّن تواصل األجزاء العائمة لسطح‬ ‫اجلزيرة مع نقطة ارتكاز أساسية في وسطها يجعلها متوازنة وقادرة أكثر‬ ‫على مواجهة أية خطورات مناخية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يجعلها في توازن ملحوظ‬ ‫السيء والعواصف‬ ‫مبيل قياسي قد يصل إلى ‪ 0.12‬درجة في حاالت املناخ‬ ‫ّ‬ ‫الكثيرة‪.‬‬ ‫هذا وتتضمن اجلزيرة مه َبطني لطائرات الهليكوبتر وأماكن رسو القوارب‬ ‫واليخوت إلى جانبها‪ ،‬مع ما تتضمنه داخلها من ‪ 22‬يختاً‪ .‬هذا مع ما يتناساه‬ ‫يؤمنه املشروع من فرص عمل حلوالي ‪ 15‬ألف لبناني‪.‬‬ ‫املعرقلون ملا ّ‬ ‫ماذا عن آليّات تنفيذ املشروع؟‬ ‫قمنا بتسليم خرائط املشروع منذ العام ‪ 2005‬لهيئة التصنيف الفرنسية‬ ‫صحته وسالمته والتأكد من إيجاب ّيته‪ .‬من‬ ‫‪ ،Bureau Veritas‬لإلطالع على ّ‬ ‫هنا‪ ،‬وملَن يُشكك للحظة بإمكانية عدم جناح مشروعنا‪ ،‬أعلِمه بأنه يتم حتت‬ ‫إشراف هذه الهيئة املُعت َمدة دولياً‪ ،‬كما وأنه ال خوف مطلقا ً من إمكانية‬ ‫إنقالب اجلزيرة‪ ،‬أل ّن مركز الثقل في جسد اجلزيرة يكون في مستوى منخفض‬ ‫عن مركز الفراغ املع ّوم‪ .‬وهي من إحدى اخلطوات املتطورة لهندسة اجلزيرة‬ ‫العائمة‪.‬‬ ‫حتاول الكثير من اجلهات عرقلة تنفيذ مشروع «اجلزيرة العائمة»‪ .‬ماذا‬ ‫عنها؟‬ ‫على اجلميع أن يعلم أننا (أي شريكي الدكتور السعودي طالل علي الشاعر‬ ‫وأنا) تك ّبدنا خسائر كبيرة حتى اآلن بسبب عرقلة تنفيذ هذا املشروع‪ ،‬كما‬ ‫مكدسة لدينا في ورشة العمل منذ سنتني‪ ،‬بحيث لدينا‬ ‫وا ّن مواد البناء‬ ‫ّ‬ ‫مواد بقيمة ‪ 5‬ماليني دوالر أميركي‪.‬‬ ‫كما وأ ّن هناك العديد من عروض العمل التي ُق ِّد َمت لي في اخلارج‪ ،‬إال‬

‫قوالب اليخوت كما هي في الورشة في جونيه‬

‫أنني مص ّر على تنفيذ املشروع في لبنان‪ ،‬بالرغم من كل العراقيل والضغوط‬ ‫املفتَعلة التي تع ّرضنا ونتعرض لها منذ العام ‪ ،1998‬وأهم املشاريع التي‬ ‫«جدة» من ِق َبل‬ ‫دُ ُ‬ ‫عيت لتنفيذها في اخلارج هي أيضا ً مشاريع جزر عائمة في ّ‬ ‫شريكنا د‪ .‬طالل علي الشاعر‪.‬‬ ‫وبخالف المباالة الرسميني اللبنانيني لهكذا اختراع ضخم ومهم‪ ،‬اقترح‬ ‫علي عرض أفكاري على اإلحتاد األوروبي لبناء مرافىء عائمة في حوض‬ ‫كثر ّ‬ ‫البحر األبيض املتوسط نظرا ً لإلزدحام احلاصل في املرافىء البحرية‪ .‬هذا وقد‬ ‫تفتح «اجلزيرة العائمة» آفاقا ً جديدة إلمكانية استثمار «مدن عائمة» في‬ ‫مياه البحار مؤلفة من أحياء وشوارع‪.‬‬ ‫ماذا عن فوائد هذا املشروع إضافة ملا يؤ ّمنه من فرص العمل؟‬ ‫ميكن استخدام اجلزيرة ألعمال صناعية كإنشاء منشآت عليها للتنقيب‬ ‫ضخه‪ ،‬أو استخدامها كي تك ّون مرافىء عائمة لشحن‬ ‫منصات ّ‬ ‫عن النفط أو ّ‬ ‫وتفريغ بضائع السفن العمالقة التي ال تستطيع الوصول إلى املرفأ على‬ ‫الشاطىء إما لتدنّي أعماق البحر أو الزدحام املرفأ‪ .‬كما وميكن استخدامها‬ ‫لتكون محطات تزويد وقود للسفن وتقدمي خدمات بحرية لوجستية أخرى‪،‬‬ ‫كاإلنقاذ من الكوارث وغيرها‪ ،‬فالعمل في اجلزيرة العائمة مستمر‪ ،‬وهي‬ ‫ستُبحر بإذن اهلل‪ ،‬شاء َمن شاء وأبى َمن أبى‪ ،‬ولن يتمكنوا من التخ ّلص مني‬ ‫شخصياً‪ ،‬وإفشال مشروع بهذه األهمية للبنان‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫إعداد‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني جعفر‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر مرأة‬ ‫العميد المتقاعد بنان وهاب تروي لـ «منبر التوحيد» تجربتها في األمن العام‬

‫ّ‬ ‫نف ُ‬ ‫ذت ثالثين مداهمة من بين الضباط اإلناث‬ ‫لألسف المؤسسة ال تحمي موظفيها إنما زعماء مذاهبهم‬ ‫املرأة العربية صاحبة الدور األساسي واملركزي في تكوين شخصية اإلنسان‬ ‫العربي ودوره في بناء احلضارة اإلنسانية‪ ،‬ويسجل تاريخنا أروع صفحات من االلتزام‬ ‫واملواقف‪ ،‬تؤكد مدى وأهمية هذا الدور في حياتنا كافة‪ ،‬وفي التطور الذي طرأ على‬ ‫مجتمعنا العربي‪ ،‬هذه حقيقة واضحة وناصعة‪ ،‬فاملرأة هي األم وهي عماد األسرة‬ ‫ومنطلق تكوينها السليم لبناء مجتمع أهلي متق ّدم ومتماسك‪.‬‬ ‫أما احلديث عن املرأة وعن دور املرأة في العمل العسكري بعد ان كان هذا‬ ‫اجملال من نصيب الرجل‪ ،‬هذا يستدعي منا التوقف وتقدمي حتية االحترام والتقدير‬ ‫والعرفان بهذا الدور املشرف والذي نحن بأمس احلاجة لالستفادة من جميع قدرات‬ ‫مجتمعنا العربي وفي لبنان خاصة‪ ،‬ألن أي عملية نهوض حقيقة ال بد أن تستوعب‬ ‫هذه القدرات النوعية لدى املرأة وهذا مؤشر هام سيكون له ما بعده‪ ،‬وينذر بالكثير‬ ‫من النتائج واجلدوى املتوخاة في كافة اجملاالت‪.‬‬ ‫اليوم تأخذ املرأة مجال العمل العسكري واألمني في لبنان وعلى مستوى‬ ‫القيادة‪ ،‬وهذا يشكل إضافة نوعية تعزز من دور املرأة‪ ،‬وتفسح اجملال في شق طريق‬ ‫جديد من العمل البناء في هذا اجملال ورغم الصعوبات‪ّ ،‬‬ ‫أكدت التجربة أن هناك‬ ‫جناحاً كبيراً حتقق في هذا اجملال ويؤكد على مبدأ تكافؤ الفرص وبناء اجملتمع العربي‬ ‫القادر على النهوض ومن أجل مستقبل أفضل ألجيالنا‪.‬‬ ‫في هذا اجملال‪ ،‬كان لـ “منبر التوحيد” اللقاء التالي مع العميد املتقاعد بنان‬ ‫وهاب‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫كيف تقوّمني جتربة املرأة في السلك‬ ‫العسكري؟‬ ‫أثبتت التجربة أو جتربة املرأة جناحها في‬ ‫السلك العسكري رغم مواجهتها لتحديات‬ ‫كثيرة خاصة في مجتمع ذكوري وفكر شرقي‪،‬‬ ‫املرأة أثبتت جدارتها من حيث املثابرة وقدرة‬ ‫التحمل واالنضباط وما يؤكد صحة هذا القول‬ ‫تزايد عدد الفتيات في السلك العسكري بحيث‬ ‫أصبح العدد اآلن يفوق ‪ 308‬فتاة في األمن العام‬ ‫اللبناني إضافة الى عدد كبير في اجليش وقوى‬ ‫األمن الداخلي‪.‬‬ ‫هل كنت تشعرين كمسؤولة في األمن العام‬ ‫بحرج في ممارسة التراتبية على مرؤوسني من‬ ‫الرجال؟‬ ‫أبدا ً لم أكن أشعر بحرج في ممارسة التراتبية‬ ‫على املرؤوسني من الرجال لكن طبيعة الرجل‬ ‫الشرقي تخلق عند البعض منهم عقدة تقضي‬ ‫في أن يأمتروا إلمرأة ولكن هذه العقدة إذا ما‬ ‫وجهت باستيعاب وحسن تصرف تتفكك شيئا ً‬ ‫فشيئا ً ويعتادون على هذا األمر‪ ،‬وفي جتربتي رأيت‬ ‫بعض احلاالت التي يصبح فيها املرؤوس قريبا ً جداً‪،‬‬ ‫مني بعد أن كان محرجا ً بالتعاطي معي‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هل كان هناك من إحراج أن تنخرطي كإمرأة‬ ‫من بيئة محافظة في وظيفة لها طابع أمني؟‬ ‫سأجيب على هذا السؤال بثالث نقاط‪:‬‬ ‫اوالً‪ :‬على الصعيد الشخصي إن تربيتنا البيتية‬ ‫احملافظة ال تتأثر بالوظيفة التي أمارسها مهما‬ ‫كانت‪ ،‬ولقد أحببت وظيفتي وأعطيتها من قلبي‬ ‫وانغمست فيها حتى نسيت نفسي‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬على صعيد العائلة‪ ،‬لقد شجعتني‬ ‫عائلتي ألن أخوض غمار هذه التجربة اجلديدة‬ ‫حينها وهي عائلة محافظة ومنفتحة في نفس‬ ‫وتفضل وظائف الدولة على غيرها من‬ ‫الوقت‬ ‫ّ‬ ‫الوظائف سيما وأن والداي كانا يعمالن في مجال‬ ‫التربية والتعليم وعمي كان يعمل في القضاء‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬على صعيد الدولة فالوظيفة العسكرية‬ ‫لإلناث تتم ّيز باالنضباط واحلشمة وحسن القيافة‬ ‫والسلوك القومي‪.‬‬ ‫ما هي املهام التي تبوأتيها‪ ،‬وفي أي منصب‬ ‫شعرت أنه يناسبك وقريباً من شخصيتك؟‬ ‫تنقلت طيلة حياتي العسكرية في عدة‬ ‫مناصب‪ ،‬فعملت في البداية في دائرة اجلوازات‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ثم انتقلت الى مطار بيروت وبعدها الى‬

‫‪74‬‬

‫مرفأ بيروت‪ ،‬ثم الى أمانة السر العامة فمركز‬ ‫الشوف‪ ،‬دائرة املطبوعات بعدها أصبحت رئيس‬ ‫مركز الشويفات اإلقليمي‪ ،‬رئيس دائرة ضبط‬ ‫اإلقامة‪ ،‬رئيس دائرة اجلوازات اللبنانية وأخيرا ً رئيس‬ ‫أمانة السر العامة‪.‬‬ ‫أما املنصب الذي شعرت أنه يناسبني فهو‬ ‫رئاسة مركز الشويفات حيث خدمت اثنا عشر‬ ‫عاما ً وكان العمل فيه متنوعا ً إداريا ً وميدانيا ً‬ ‫لدرجة أني انسجمت بطبيعة العمل ومارسته‬ ‫بحرفية عالية الى أن أصبح مركزا ً مثاليا ً يقتدى‬ ‫به في األمن العام‪.‬‬ ‫هل توليت أنت أو زميالتك مهاماً لها طابع‬ ‫أمني خطير؟‬ ‫ال شك أن العمل األمني يتسم باخلطورة‬ ‫خصوصا ً جلهة التعاطي مع املشبوهني واخلارجني‬ ‫عن القانون‪ ،‬لقد كنت األولى والوحيدة التي قادت‬ ‫مداهمات على األرض اللبنانية بني الضباط اإلناث‬ ‫حيث نفذت مبا ال يقل عن ثالثني مداهمة وكنت‬ ‫أترأسها كلها وأشكر اهلل ألنها متّت على خير‬ ‫وأحيي كل‬ ‫وسالمة وبنجاح باهر وأريد ان أشكر‬ ‫ّ‬ ‫الشباب الذين ساهموا معي (عسكريني وغير‬ ‫عسكريني) في إجناح هذه املهمات حيث كانوا‬


‫ميارسون عملهم بكل دقة وحماس‬ ‫واندفاع‪.‬‬ ‫ما هو املنصب الذي كنت تطمحني‬ ‫أن تصلي إليه ولم تتمكني‪ ،‬وما هي‬ ‫العوائق؟‬ ‫إن هرمية املناصب في األمن العام‬ ‫اللبناني من األعلى‪ :‬رئيس مكتب –‬ ‫رئيس دائرة – رئيس مركز – رئيس شعبة‬ ‫‪....‬‬ ‫لقد تركت األمن العام وكنت رئيسة‬ ‫دائرة فيما كان زمالئي برتبتي رؤساء‬ ‫مكاتب وهو املنصب الذي كان يجب أن‬ ‫أصل إليه لألسف‬ ‫اتبوأه كأعلى منصب ِ‬ ‫حسب التوزيع الطائفي‪ ،‬ولكن إلتهاء‬ ‫سياسيي الطائفة الدرزية باملناكفة‬ ‫واملزاجية السياسية حال دون احلفاظ‬ ‫على هذا املنصب للطائفة الدرزية‬ ‫فجرت العادة بأن يتبوأ منصب رئاسة‬ ‫مكتب ضابطا ً درزيا ً إذا كان مرضيا ً عنه‬ ‫وموافقا ً عليه من قبل زعيم الطائفة‪،‬‬ ‫وهذا األخير كان يُفضل شغور املركز‬ ‫على أن يتبوأه ضابطا ً من عائلة درزية‬ ‫ال تناصره‪.‬‬ ‫ملاذا قدمت استقالتك في األمن العام‪ ،‬هل‬ ‫من أسباب شخصية أو سياسية؟‬ ‫تعددت الظروف والعوامل التي أرغمتني على‬ ‫ّ‬ ‫االستقالة‪:‬‬ ‫اوالً‪ :‬تعدد املعايير والكيل مبكيالني في احتساب‬ ‫الترقية الى رتبة عميد‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن مالك األمن العام يتسع لعشرين‬ ‫عميد ولم يكن في حينه إال أربع عمداء في‬ ‫السلك ولو ُق ّدر لي أن أر ّقى الى رتبة عميد لكنت‬ ‫مازلت أمارس وظيفتي حتى اآلن ( وهنا تضحك‬ ‫‪ ........‬وتقول وما كنتو عملتو معي مقابلة)‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن التزامي بوظيفتي واعتبار القانون‬ ‫والدستور مرجعيتي لم يَعودا علي بأية نتيجة‪،‬‬ ‫لألسف في هذه الدولة املؤسسة ال حتمي‬ ‫موظفيها إمنا يحميهم زعماء مذاهبهم‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬إن عتبي على الدولة كبير‪ ،‬فبدال ً من‬ ‫أن تك ّرم املوظف في آخر حياته وحتذو حذو الدول‬ ‫ّ‬ ‫وتعطم كبارها تلجأ‬ ‫املتقدمة التي حتترم نفسها‬ ‫الى إصدار قوانني حتفيزية ملغومة وعصر نفقات‬ ‫وقضم مستحقات وسياسة ( ِفل ألقعد محلك)‬ ‫جتعل املوظف يغادر وظيفته قسرا ً متحسرا ً على‬ ‫سنني عمره التي قضاها في خدمة وطنه‪.‬‬ ‫هل كان ملوقع شقيقك الوزير وئام وهاب تأثير‬ ‫سلبي أم إيجابي على عملك؟‬ ‫بداية فيما يخص شقيقي لقد اتبعت مثالً‬ ‫يقول‪“ :‬إن خير هذا بِش ّر ذاك”‪ ،‬فعندما حتسدني‬ ‫الناس بأني شقيقة الوزير وئام وهاب‪ ،‬وأنا اعت ّز‬ ‫علي أن أتوقع أن أتلقى سلبيات‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫بهذا‪ّ ،‬‬ ‫كونه يتعاطى بالسياسة ولديه ُمحبني كما‬ ‫لديه ُمبغضني‪.‬‬

‫على الصعيد الوظيفي لم أتأثر بهذا املوضوع‬ ‫فقد تعاطيت مع الناس سواسية دون متييز وفقا ً‬ ‫ملا تفرضه القوانني املرعية اإلجراء‪ ،‬وتربيتنا البيتية‬ ‫وضميري اإلنساني‪ ،‬ويجدر بي الذكر بأن شقيقي‬ ‫الوزير وهاب كان يوصينا دائما ً أن نخدم املواطنني‬ ‫إنسانيا ً ال سياسياً‪.‬‬ ‫أما التعاطي اجلائر من قبل البعض على أساس‬ ‫أني شقيقة الوزير وهاب قد حصل لكنه لم‬ ‫يُثنيني عن متابعة عملي مبناقبية والتزام بل زاد‬ ‫من قناعتي بصوابية موقف شقيقي في القضايا‬ ‫استمد منه القوة‬ ‫الكبرى‪ ،‬وإني مازلت حتى اآلن‬ ‫ّ‬ ‫واملعنويات العالية‪ ،‬فعاطفته جتاهي وإطاللته‬ ‫املتألقة تُنسيني كل اإلساءات التي تلقيتها‪.‬‬ ‫هل من أحداث معينة طبعت في ذاكرتك‬ ‫ميكن سردها؟‬ ‫في العام ‪ 2007‬كنت أتولى رئاسة دائرة‬

‫‪75‬‬

‫في املديرية وعندما استلم الوزير فتفت وزارة‬ ‫الداخلية بالوكالة وألسباب سياسية أجرى‬ ‫تشكيالت عامة في املديرية وأعفاني من مهماتي‬ ‫حيث مت نقلي الى أحد مكاتب دون أية صفة وذلك‬ ‫ملدة سنة‪.‬‬ ‫بالطبع حتملني أسرارا ً من وظيفتك‪ ،‬هل ميكن‬ ‫أن نقرأها في كتاب مذكرات يوماً ما؟‬ ‫بالطبع كالً‪ ،‬فإني ملتزمة بكتمان أسرار‬ ‫وظيفتي فأنا احلمد اهلل بصحة جيدة وهي‬ ‫أصبحت من املاضي‪ ،‬وأنا اصبحت حرة‪.‬‬ ‫في حال عودتك الى ساحة العمل أي مجال‬ ‫تفضلني اليوم‪ ،‬السياسي أم االجتماعي؟‬ ‫االن ال أفضل أي شيء‪ ،‬افتقدت الى احلرية لزمن‬ ‫طويل‪ ،‬ولم استمتع بالراحة مبا فيه الكفاية‪،‬‬ ‫ولكني أقرب الى العمل االجتماعي‪ ،‬إذ تلقيت‬ ‫عدة دعوات لالنخراط في نشاطات اجتماعية‬ ‫واملوضوع قيد الدرس‪.‬‬ ‫ما هي مشاريعك املستقبلية كإمرأة‬ ‫متقاعدة في الوظيفة‪ ،‬هل تنصحني فتيات‬ ‫لبنان باالنخراط في هذا السلك العسكري؟‬ ‫بعدما نلت أثناء ممارستي لوظيفتي إجازتي‬ ‫احلقوق والتاريخ‪ ،‬قررت أن أتابع دراستي حيث‬ ‫انتسبت الى اجلامعة ملتابعة دراسات عليا في‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫ولفتيات لبنان أقول إن مشوار األلف ميل‬ ‫يبدأ باخلطوة األولى في أي عمل كان‪ ،‬وأنصحهن‬ ‫بااللتحاق بالسلك العسكري ملا فيه من حت ٍد‬ ‫للذات وإثبات للشخصية وشعور بالسلطة‬ ‫والقوة‪ ،‬ولكن حذار ِ من التخ ّلي عن األنوثة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫المنسق العام في هيئة اإلسعاف الشعبي عماد عكاوي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫المتطوعون في الهيئة يتمنون إحاطتهم بالرعاية الرسمية‬ ‫وانتسابهم للضمان االجتماعي إذا سقط منهم شهيد أو جريح‬ ‫تسلحوا بحب الوطن وبإرادة ووعي‬ ‫كبيرين‪ ،‬تقدموا في مسيرة العمل والبذل‬ ‫والعطاء وكانوا في مقدمة الصفوف‬ ‫يبلسمون اجلراح وهدفهم املنفعة العامة‪.‬‬ ‫لقد انطلقت هيئة اإلسعاف الشعبي‬ ‫حتت شعار “من أجل كل مواطن” ورسالة‬ ‫أمينة من املتبرع الى احملتاج‪ ،‬وأنشأت أول‬ ‫مستوصف لها في منطقة الزيدانية –‬ ‫عائشة بكار‪ُ ،‬‬ ‫وصنفت املؤسسة “ذات‬ ‫منفعة عامة” عام ‪.1995‬‬ ‫نالت الهيئة شهادات تقدير على‬ ‫تضحياتها من كل املراجع الدينية‬ ‫والسياسية‪ .‬كما حصلت الهيئة على أول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مذهب من الدولة اللبنانية‪،‬‬ ‫صحي‬ ‫وسام‬ ‫ّ‬ ‫وتسلمت مفتاح العاصمة بيروت ومفتاح‬ ‫العاصمة الثانية طرابلس وحازت قبل كل‬ ‫ذلك على ثقة املواطنني ومحبتهم ودعمهم‬ ‫جلهودها‪.‬‬ ‫قامت الهيئة بدور ّ‬ ‫فعال في مجال‬ ‫الدفاع عن سالمة البيئة وأثارت قضية‬ ‫النفايات السامة ومخاطرها وعقدت‬ ‫سلسلة ندوات ونظمت عدة نشاطات‬ ‫بيئية‪ .‬ومؤمترات متخصصة هادفة‪.‬‬ ‫كما حتتل الهيئة منصب عضو مراقب‬ ‫في رابطة جمعيات الهالل والصليب‬ ‫األحمر العربية‪ .‬وهي عضو في الشبكة‬ ‫العربية للمؤسسات األهلية وعضو في‬ ‫جتمع الهيئات األهلية التطوعية وعضو‬ ‫مؤسس في جهاز املتطوعني‪.‬‬ ‫وللهيئة مجلة فصلية‪ ،‬تأسست‬ ‫عام ‪ ،1979‬وهي تغطي نشاطات الهيئة‬ ‫ومراكزها‪ ،‬وتقوم اإلرشادات الصحية‬ ‫والوقائية والبيئية وسائر شؤون الواقع‬ ‫الصحي‪.‬‬ ‫وملعرفة املزيد عن هيئة اإلسعاف‬ ‫الشعبي كان لنا لقاء مع األستاذ عماد‬ ‫عكاوي املنسق العام في هيئة اإلسعاف‬ ‫الشعبي‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هيئة اإلسعاف الشعبي‪ ،‬من خالل التسمية‬ ‫هي مؤسسة تهتم بالشأن الصحي من خالل‬ ‫تقدمي خدماتها‪ ،‬متى مت إنشاء هذه املؤسسة‪،‬‬ ‫وما هي طبيعة اخلدمات التي تقدمها وحدود‬ ‫عملها؟‬ ‫بتوجيه من املشرف العام على الهيئة األخ‬ ‫كمال شاتيال تأسست هيئة اإلسعاف الشعبي‬ ‫عام ‪ 1979‬ونالت الترخيص الرسمي عام ‪ 1981‬من‬ ‫وزارة الداخلية مبوجب العلم واخلبر ‪/121‬أ‪.‬د وهي‬ ‫هيئة صحية اجتماعية إنسانية تقدم خدماتها‬ ‫الصحية للمواطنني بدون متييز‪.‬‬ ‫والهيئة تعمل ضمن األهداف األساسية‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫هيئة اإلسعاف الشعبي مؤسسة إنسانية‬ ‫شعبية لبنانية ذات اختصاصات صحية تقدم‬ ‫الطبابة والدواء للمواطنني بشكل شبه مجاني‪،‬‬ ‫ومتارس الهيئة أعمالها اإلنسانية من خالل‬ ‫املراكز الصحية التابعة لها وكذلك العيادات‬ ‫واملستشفيات املتعاونة معها وتقيم بشكل‬ ‫متواصل دورات للتمريض واإلسعاف والدفاع‬ ‫املدني وتصدر الدراسات واإلرشادات الطبية‬ ‫للتوعية الشعبية ‪.‬‬ ‫تهدف الهيئة الى حماية اإلنسان من الناحية‬ ‫الصحية دون تفرقة أو متييز بني جميع املواطنني‬ ‫وتعمل لتخفيف آالم اإلنسان في لبنان‪.‬‬ ‫وتتعاون الهيئة مع كافة الهيئات واإلدارات‬ ‫واملؤسسات املطابقة ألهدافها وخاصة وزارة‬ ‫الصحة العامة في لبنان والهيئات الصحية‬ ‫العربية والدولية ‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫وتتلقى الهيئة كل دعم مالي أو عيني من كل‬ ‫راغب في دعم هذا النشاط اإلنساني دون قيد أو‬ ‫شرط‪ .‬وتعتبر الهيئة ساحة لقاء لألطباء الراغبني‬ ‫في اخلدمة العامة من اجل اجملتمع والوطن‪.‬‬ ‫ما هي أبرز األعمال التي قامت بها الهيئة‪،‬‬ ‫وهل هناك فكرة لتوسيع أعمالها بحيث‬ ‫تغطي مساحات أكبر في اجملتمع اللبناني‬ ‫ونوعية خدمات أكبر؟‬ ‫من أبرز أعمالها وبرامجها الوطنية‪:‬‬ ‫توفير اخلدمات الصحية واالجتماعية واإلنقاذية‬ ‫عبر مستوصفاتها ومراكز الدفاع املدني الشعبي‬ ‫التابعة لها‪.‬‬ ‫على الصعيد الصحي‪:‬‬ ‫اإلختصاصات الطبية التي تقدمها‬ ‫املستوصفات من خالل أطباء أخصائيني في‬ ‫الصحة العامة ‪ /‬أمراض األطفال ‪ /‬األمراض‬ ‫النسائية ‪ /‬معاجلة أمراض األنف واألذن واحلنجرة‬ ‫‪ /‬أمراض العني ‪ /‬اجلهاز الهضمي‪ ،‬طب األسنان‬ ‫وجراحة اللثة‪ ،‬أمراض القلب والشرايني وتخطيط‬ ‫القلب‪ ،‬أجراء بعض اجلراحات البسيطة‪ ،‬التحاليل‬ ‫اخملبرية‪ ،‬العالج الفيزيائي‪.‬‬ ‫برامج وطنية‬ ‫تنفذ الهيئة عدة برامج وطنية بالتعاون مع‬ ‫وزارة الصحة العامة ووزارة التربية الوطنية‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫برنامج الطب املدرسي‪ ،‬التطبيب امليداني‬ ‫وخاصة في املناطق النائية‪ ،‬برامج التوعية‬ ‫الشعبية‪.‬‬ ‫على الصعيد االجتماعي‪ ،‬هناك برامج للرعاية‬


‫الصحية‪ ،‬وتوزع الهيئة املساعدات الغذائية‬ ‫للعائالت املستورة في شهر رمضان املبارك من‬ ‫خالل برنامج معونة رمضان‪ ،‬كما تقوم بحمالت‬ ‫نظافة كلما دعت احلاجة‪ ،‬وإعداد دورات تدريبية‬ ‫للممرضات واملسعفات وشباب الدفاع املدني‬ ‫وحماية البيئة‪ ،‬وتقوم أيضا ً بأعمال اإلغاثة‬ ‫واإلنقاذ واحلماية املدنية من خالل متطوعي‬ ‫األسعاف والدفاع املدني الشعبي‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لتوسيع دائرة العمل فهذا‬ ‫ما نتمناه‪ ،‬ولكنه مرتبط باإلمكانيات املادية‬ ‫املتواضعة جدا ً حيث اضطررنا في العام املاضي‬ ‫الى إقفال أحد مستوصفات اإلسعاف في صيدا‬ ‫لعدم توفر اإلمكانيات املادية لالستمرار‪.‬‬ ‫من الطبيعي‪ ،‬بأن رأسمال الهيئة هو ما‬ ‫تقدمه خدمة للشعب‪ ،‬ونسأل عن رأسمالها‬ ‫املادي ومتويلها وخططها املستقبلية؟‬ ‫أما متويل الهيئة فيعتمد على شهر رمضان‬ ‫املبارك من كل عام ألنه يعتبر الشهر املالي‬ ‫للهيئة حيث تقام عدة مآدب رمضانية في‬ ‫بيروت وكافة املناطق اللبنانية دعما ً للهيئة‬ ‫حيث يقدم أهل اخلير على التبرع إما مالياً‪ ،‬وإما‬ ‫عينيا ً من خالل تقدمي بعض التجهيزات الطبية‬ ‫وسيارات اإلسعاف وبعض األدوية الضرورية‬ ‫للمستوصفات‪.‬‬ ‫ما دور الهيئة التاريخي وخاصة في بدايات‬

‫النشوء وفي ظل الظروف الصعبة التي‬ ‫تعرضت لها العاصمة بيروت خالل احلصار‬ ‫اإلسرائيلي وما تبعه من عدوان همجي طيلة‬ ‫احلقبة املاضية؟‬ ‫كان للهيئة ومتطوعيها وأطبائها الدور‬ ‫األساسي في كل املراحل الصعبة التي مر‬ ‫بها لبنان خاصة أثناء االجتياح اإلسرائيلي‬ ‫للبنان وعاصمته بيروت‬ ‫عام ‪ 1982‬واالجتياح‬ ‫اإلسرائيلي الثاني عام‬ ‫جدول إحصائي بأهم األعمال واخلدمات في كافة املستوصفات‬ ‫‪ 2006‬حيث كانت الهيئة‬ ‫واملراكز الصحية التابعة للهيئة في لبنان‪ ،‬وتشمل اخلدمات‪:‬‬ ‫بحالة طوارئ دائمة‪،‬‬ ‫معاينات‪ ،‬عمليات جراحية‪ ،‬تصوير أشعة‪ ،‬تخطيط قلب‪ ،‬طب‬ ‫أنقذت وأسعفت املئات‬ ‫أسنان‪ ،‬تلقيح أطفال‪ ،‬مختبر‪ ،‬أدوية‪ ،‬تبرع بالدم‪ ،‬الصحة املدرسية‪،‬‬ ‫من املواطنني وسقط لها‬ ‫طوارئ وإسعاف‪ ،‬تصوير صوتي‪ ،‬خدمات مختلفة‪:‬‬ ‫ثالث شهداء وعدة جرحى‬ ‫وحصلنا على تنويه‬ ‫العدد‬ ‫اإلسم والمكان‬ ‫وتقدير ورسالة شكر‬ ‫من وزير الصحة املرحوم‬ ‫‪29248‬‬ ‫مراكز ومستوصفات بيروت‬ ‫دكتور نزيه البزري ثم من‬ ‫‪47604‬‬ ‫مراكز ومستوصفات الشمال‬ ‫وزراء الصحة الذين تولوا‬ ‫املسؤولية بعده‪.‬‬ ‫مراكز ومستوصفات جبل لبنان ‪6444‬‬ ‫ما هي النشاطات‬ ‫واألعمال التي تقوم بها‬ ‫‪818‬‬ ‫مراكز ومستوصفات الجنوب‬ ‫الهيئة في مجال حماية‬ ‫البيئة خالل مراحل‬ ‫‪3912‬‬ ‫مراكز ومستوصفات البقاع‬ ‫عملها اخملتلفة؟‬ ‫في مجال حماية‬ ‫‪1035‬‬ ‫الدفاع المدني الشعبي‬ ‫البيئة‬ ‫‪1300‬‬ ‫تلقيح اطفال وصحة مدرسية‬ ‫للهيئة عدة برامج في‬ ‫حماية البيئة ومواجهة‬ ‫‪90361‬‬ ‫المجموع‬ ‫التلوث منها‪:‬‬ ‫ املشاركة السنوية‬‫العدد اإلجمالي للخدمات الصحية واالجتماعية التي قدمتها‬ ‫في حماية الشاطىء‬ ‫مراكز الهيئة ومستوصفاتها في لبنان منذ التأسيس وخالل واحد‬ ‫اللبناني من خالل حملة‬ ‫وثالثني عاماً‪ 3.637.203 :‬خدمة صحية واجتماعية‪.‬‬ ‫األزرق الكبير بالتعاون مع‬ ‫وزارات الصحة العامة‬

‫‪77‬‬

‫والداخلية والبيئة واجليش اللبناني ومؤسسات‬ ‫أهلية ناشطة وخاصة مؤسسة سيدرز‪.‬‬ ‫ حمالت التوعية الشعبية على حماية‬‫البيئة ندوات – مؤمترات متخصصة توزيع بيانات‬ ‫وإرشادات وقائية‪.‬‬ ‫ نشاط مميز في اليوم العاملي للبيئة في‬‫اخلامس من حزيران املاضي واليوم العربي حلماية‬ ‫البيئة وذلك بالتنسيق والتعاون مع جمعيات‬ ‫بيئية ناشطة ومع املنظمة العربية للتنمية‬ ‫اإلدارية التابعة جلامعة الدول العربية‪.‬‬ ‫ما هو تقييمكم ألداء الهيئة‪ ،‬والنقاط‬ ‫اإليجابية في مسيرة عملها‪ ،‬وأبرز املالحظات‬ ‫حول إمكانية تطوير عمل الهيئة؟‬ ‫احلمد اهلل بعد ثالثني عاما ً من العمل اإلنساني‬ ‫امليداني نشكر اهلل على اإلميان العميق واإلرادة‬ ‫الطيبة واإلصرار عند كل األخوة املتطوعني في‬ ‫الهيئة على االستمرار في هذا العمل اإلنساني‬ ‫اخلالق الذي يرضى اهلل سبحانه وتعالى ويرضي‬ ‫املواطنني املتروكني مبعظمهم من العناية‬ ‫والرعاية الصحية الالزمة‪.‬‬ ‫بدايتنا كانت في بيروت ثم انطلقنا الى كافة‬ ‫احملافظات اللبنانية نقدم اخلدمات الصحية‬ ‫والطبية بقدر ما نتحمل ونستطيع في غياب‬ ‫أي دعم رسمي من الوزارات املعنية واإلدارات‬ ‫الرسمية ‪.‬‬ ‫هل هناك من تعاون وتكامل في األدوار‬ ‫من قبل مؤسستكم مع مؤسسات خاصة‬ ‫وحكومية؟‬ ‫املتطوعون في الهيئة ال يريدون ثنا ًء وال شكرا ً‬ ‫من الدولة ومؤسساتها إمنا يتمنون إحاطتهم‬ ‫بالرعاية الرسمية والضمان االجتماعي لهم‬ ‫ولعائالتهم إذا سقط منهم شهيد أو جريح أو‬ ‫إعاقة دائمة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫ولدان من كل ‪ 100,000‬يصابون به‬

‫الدكتور نبيل خوري لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫المتوحد ال يستطيع أن ينتحر أو يقتل‬ ‫ّ‬ ‫لم تتوصل البحوث العلمية‬ ‫التي أجريت حول التوحّ د إلى نتيجة‬ ‫قطعية حول سببه املباشر‪ ،‬رغم أن‬ ‫أكثر البحوث تشير إلى وجود عامل‬ ‫جيني ذو تأثير مباشر في اإلصابة‬ ‫بهذا االضطراب‪ ،‬حيث تزداد نسبة‬ ‫اإلصابة بني التوائم املطابقني أكثر‬ ‫من التوائم اآلخرين‪ ،‬ومن املعروف أن‬ ‫التوأمني املتطابقني يشتركان في‬ ‫نفس التركيبة اجلينية ونظرا ً ألن‬ ‫العامل اجليني هو املرشح الرئيس‬ ‫ألن يكون السبب املباشر للتوحد‪،‬‬ ‫فإنه جترى في الواليات املتحدة‬ ‫بحوثاً عدة للتوصل إلى اجلني املسبب لهذا‬ ‫االضطراب‪ .‬ولكن من املؤكد أن هناك الكثير‬ ‫من النظريات التي أثبتت البحوث العلمية‬ ‫أنها ليست هي سبب التوحد‪ ،‬كقول‬ ‫بعض علماء التحليل النفسي وخاصة في‬ ‫الستينيات أن التوحد سببه سوء معاملة‬ ‫الوالدين للطفل‪ ،‬وخاصة األم‪ ،‬حيث أن ذلك‬ ‫عار عن الصحة متاماً وليست له عالقة‬ ‫بالتوحد‪ .‬كما أن التوحد ليس مرضاً عقلياً‪،‬‬ ‫وال وجود لعوامل مادية في البيئة احمليطة‬ ‫بالطفل ميكن أن تكون هي التي تؤدي إلى‬ ‫إصابته بالتوحد‪ .‬إنه اضطراب عصبي‬ ‫يظهر كخلل في وظائف الدماغ يسبب‬ ‫إعاقة تطورية عند األطفال خالل السنوات‬ ‫الثالث األولى من العمر‪ .‬لوحظ أنه يصيب‬ ‫الذكور أكثر من اإلناث بنسبة ‪ 1,4‬وال يرتبط‬ ‫بعوامل عرقية أو اجتماعية ‪.‬‬

‫ذاتها‪ .‬وال يعني هذا أن الطفل مصاب أو سيصاب‬ ‫بشكل مؤكد وعليه فإن التشخيص في فترة‬ ‫احلمل غير ممكن ‪.‬‬

‫أعراض التوحّ د‬

‫عادة ال ميكن مالحظة التوحد بشكل واضح حتى‬ ‫سن ‪ 30 -24‬شهراً‪ .‬حينما يالحظ الوالدان تأخرا ً‬ ‫في اللغة أو اللعب أو التفاعل االجتماعي‪ ،‬وعادة ما‬ ‫تكون األعراض واضحة في اجلوانب التالية‪:‬‬ ‫التواصل‪ :‬يكون تطور اللغة بطيئاً‪ ،‬وقد ال تتطور‬ ‫بتاتاً‪ ،‬يتم استخدام الكلمات بشكل مختلف عن‬ ‫مبعان غير‬ ‫األطفال اآلخرين‪ ،‬حيث ترتبط الكلمات‬ ‫ٍ‬ ‫معتادة لهذه الكلمات‪ ،‬يكون التواصل عن طريق‬

‫مقياس مستويات التوحّ د لدى‬ ‫األطفال‬ ‫مقياس مستويات التوحد لدى األطفال تعتمد‬ ‫على عدد األعراض وشدتها وتأثير ذلك على‬ ‫الشخص املصاب بها ومما يجدر ذكره أن هناك‬ ‫التوحد ومن‬ ‫العديد من اإلضطربات تصاحب مرض‬ ‫ّ‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫صعوبات التعلم و التخلف العقلي ‪.‬‬ ‫اضطرابات فرط احلركة وتشتت االنتباه‪.‬‬ ‫اضطرابات الصرع‪.‬‬ ‫القلق بشكل عام والوسواس القهري كاضطراب‬ ‫أو كأعراض‪.‬‬

‫التوحد ال ميكن تشخيصه إال بعد الوالدة‬ ‫مرض‬ ‫ّ‬ ‫وقد يكون هناك بعض االضطرابات املصاحبة‬ ‫في فترة احلمل مثل احلصبة األملانية أو التليف‬ ‫العظمي التي ميكن تشخيصها مبكرا ً بحد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلشارات بدال ً من الكلمات ويكون االنتباه‬ ‫والتركيز ملدة قصيرة‪.‬‬ ‫التفاعل االجتماعي‪ :‬يقضي وقتا ً أقل‬ ‫مع اآلخرين‪ ،‬يبدي اهتماما ً أقل بتكوين‬ ‫صداقات مع اآلخرين وتكون استجابته‬ ‫أقل لإلشارات االجتماعية مثل االبتسامة‬ ‫أو النظر للعيون‪.‬‬ ‫املشكالت احلسية‪ :‬استجابة غير‬ ‫معتادة لألحاسيس اجلسدية‪ ،‬مثل أن‬ ‫يكون حساسا ً أكثر من املعتاد للمس أو‬ ‫أن يكون أقل حساسية من املعتاد لأللم‪،‬‬ ‫أو النظر‪ ،‬أو السمع‪ ،‬أو الشم ‪.‬‬ ‫اللعب‪ :‬هناك نقص في اللعب‬ ‫التلقائي أو االبتكاري‪ ،‬كما أنه ال يقلد‬ ‫حركات اآلخرين‪ ،‬وال يحاول أن يبدأ في عمل‬ ‫ألعاب خيالية أو مبتكرة‪.‬‬ ‫السلوك‪ :‬قد يكون نشطا ً أو حركا ً أكثر من‬ ‫املعتاد‪ ،‬أو تكون حركته أقل من املعتاد‪ ،‬مع وجود‬ ‫نوبات من السلوك غير السوي (كأن يضرب رأسه‬ ‫باحلائط‪ ،‬أو يعض) دون سبب واضح قد يصر على‬ ‫االحتفاظ بشيء ما‪ ،‬أو االرتباط بشخص واحد‪.‬‬ ‫هناك نقص واضح في تقدير األمور املعتادة‪ ،‬وقد‬ ‫يظهر سلوكا ً عنيفا ً أو عدوانيا‪ ،‬أو مؤذيا ً للذات‪ .‬قد‬ ‫تختلف هذه األعراض من شخص آلخر‪ ،‬وبدرجات‬ ‫متفاوتة‪.‬‬

‫‪78‬‬


‫التواصل مع املتوحّ د‬ ‫األصل في التواصل مع أي شخص على حسب‬ ‫قدراته وإمكانايته فإذا كانت قدرات املريض أو‬ ‫الشخص املرئية واملهارات االجتماعية جيدة‬ ‫فاألفضل معاملته على ذلك‪ ،‬أما إذا كان هناك‬ ‫صعوبات حسية أو معرفية فال بد من أخذها في‬ ‫االعتبار عند التواصل مع مريض التوحد‪ .‬مما يذكر‬ ‫عن مرضى التوحد أن لديهم بعض الصعوبات‬ ‫التوحد‬ ‫اللفظية‪ .‬ما يذكر في هذا اجملال أن مرض‬ ‫ّ‬ ‫يتم ّيز بصعوبات في التخاطب والتأخر في الكالم‬ ‫وهو من أكثر االضطرابات شيوعاً‪ ،‬تكرار الكالم‪،‬‬ ‫إعادة كالم املتحدث واستخدام الضمائر بشكل‬ ‫مقلوب بأن يستخدم أنت بدال ً من أنا أو العكس ‪.‬‬ ‫واجلدير ذكره أن معظم مرضى التوحد ميارسون‬ ‫حياتهم بنمط معني فعند اضطراب هذا النمط ألي‬ ‫سبب مثل تغير املكان‪ ،‬النوم ‪ ،‬تغير درجات احلرارة‬ ‫التوحد يصاب أو يظهر عليه اضطرابات‬ ‫فإن مريض‬ ‫ّ‬ ‫سلوكية أو عاطفية‪ .‬ومما ال شك فيه أن األرق من‬ ‫العوامل التي تؤدي إلى صعوبة تكيف املريض وأهله‬ ‫بسبب رغبة املريض وحرصه على العيش أو ممارسة‬ ‫احلياة بنمط معني مما يؤدي إلى مراقبة األهل بشكل‬ ‫مستمر لهذا املريض ‪.‬‬

‫كيف يعبر املتوحد عن مشاعره؟‬ ‫تعتمد املشاعر العاطفية لدى مريض التوحد‬ ‫على مستوى الذكاء‪ ،‬شدة مرض التوحد واألعراض‬ ‫املصاحبة‪.‬‬ ‫ومريض التوحد في كثير من األحيان يكون‬ ‫منعزال ً عاطفيا ً واجتماعيا ً ومتواصالً مع من حوله‬ ‫ولكن في العديد من احلاالت تظهر الغيرة (املشاعر‬ ‫والعاطفة) لدى بعضهم بسلوكيات غاضبة‪ .‬ومما‬ ‫يجدر ذكره أن إظهار مشاعر إيجابية من احلب‬ ‫والرعاية واحلنان والتواصل والقبول لها أثر في‬ ‫توجيه ومساعدة مريض التوحد ‪.‬‬

‫الدكتور خوري‪ :‬أسباب التوحّ د‬ ‫غير معروفة‬ ‫وملعرفة املزيد عن هذا املوضوع التقت «منبر‬ ‫التوحيد» الدكتور نبيل خوري االختصاصي في‬ ‫علم النفس العيادي والتوجيه العائلي واجلنسي‬ ‫التوحد‬ ‫الذي أكد أنه لم يعد هناك شيء اسمه‬ ‫ّ‬ ‫باملعنى الواسع للكلمة‪ ،‬إنها مجموعة مقومات‬ ‫تشخيصية تلتحم حول مبدأ أساسي هو وجود‬ ‫الشخص في عالم خاص به ال يلتقي باألعني مع‬ ‫محدثه‪ ،‬ال يرد على اسمه‪ ،‬ال يتفاعل مع محيطه‬ ‫املباشر وال يتمتع بقدرات إدراكية تخوله أن يفهم‬ ‫جدوى االلعاب أو وسائلها أو طرقها‪ .‬في املقابل‬ ‫يعاني من عملية وجود كنف عائلة وكأنه غير‬

‫بحاجة الى جواب علمي لم نحصل عليه بعد‪.‬‬

‫العنف عند املتوحد مكتسب‬

‫الدكتور نبيل خوري‬ ‫موجود فيها أي ال يتفاعل عاطفيا ً ال مع األشقاء وال‬ ‫مع األهل وال مع األقرباء‪ .‬كثيرا ً ما يتأخر في الكالم‬ ‫وهناك صنف من أصناف التوحد ميكنه أن يتكلم‬ ‫باكرا ً و يتأخر حتى في استيعاب املعلومة والقبض‬ ‫على القلم ليتمكن من صياغة األحرف ومن هنا‬ ‫جدوى املتابعة العالجية ‪.‬‬ ‫وعن انتشار املرض في لبنان أعلن خوري بأن‬ ‫للتوحد تصدر تقارير سنوية في‬ ‫اجلمعية اللبنانية‬ ‫ّ‬ ‫هذا املوضوع‪ .‬في لبنان هناك بحدود ولدان من كل‬ ‫‪ 100,000‬وفي أميركا ‪ 3‬أوالد من كل ‪100,000‬‬ ‫وعن أسباب التوحّ د قال خوري ال احد يعرف‬ ‫األسباب فهناك من يربطها بالتلوث وبحاالت‬ ‫احلمية التي تتبعها األمهات في فترة املراهقة وقبل‬ ‫الزواج أو حتى في أثناء الزواج أو احلمل‪ .‬وهناك من‬ ‫يربطها بنقص األوكسجني عن الطفل وهو في‬ ‫بطن أمه أو أثناء اإلجناب‪ .‬كما أن البعض يعتقد بأن‬ ‫هناك عادات سيئة ارتبطت بها األم أو األب ومنها‬ ‫اإلسراف في تناول الكحول أو اإلفراط بالتدخني أو‬ ‫اخملدرات الى ما هنالك من أسباب‪ ،‬ولكن ال يوجد‬ ‫سبب منطقي عقالني كامل مقنع يستند الى‬ ‫أمور طبية غير قابلة للدحض‪.‬‬ ‫وتابع «إنها مجرد نظريات وإذا سلمنا جدال ً إن‬ ‫واحدة منها تنطبق على حاالت التوحد فهي أيضا ً‬ ‫تنطبق على حاالت أخرى من التخلف العقلي أو‬ ‫ضعف القدرات اإلدراكية عند األطفال وهذا جزء‬ ‫ال يتجزأ من املنظومة االجتماعية التي ضغطتنا‬ ‫خالل األربعني سنة املاضية والتي أدت الى حاالت‬ ‫تشوهات خُ لقية وخلقية»‪.‬‬ ‫وعن العامل الوراثي تساءل خوري ما هو العامل‬ ‫فاملتوحد ال‬ ‫للتوحد‪،‬‬ ‫الوراثي؟ فإذا كان هناك جينات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ميكن أن ينجب وال ميكن أن يتمتع بقدرات جنسية‬ ‫متكاملة متكنه من ولوج هذا املسلك‪ ،‬واألم‬ ‫املتوحدة إذا ما استغلت تصبح العملية عملية‬ ‫ّ‬ ‫اغتصاب وليست زواج‪ .‬أما إذا كان القصد من أن‬ ‫يكون هناك في العائلة شخص يعاني من مشاكل‬ ‫نفسية حتديدا ً ذهنية ألن في املاضي كان التوحد‬ ‫يسمى حالة انفصام الشخصية عند األطفال‪.‬‬ ‫إذا كان هناك حاالت انفصام شخصية في العائلة‬ ‫بدرجة معينة سمحت لصاحب العالقة أن يتزوج‬ ‫وأن ينجب قد يكون هناك جينات ولكن هذا األمر‬

‫‪79‬‬

‫وعن أعراض التوحّ د اعتبر خوري بأن هناك‬ ‫متوحد انعزالي تقوقعي بعيد عن اجملتمع‪ ،‬ومتوحد‬ ‫قادر على التأقلم مع محيطه وحتى قادر على‬ ‫الوصول الى الصف اجلامعي‪ .‬وهناك حاالت يكون‬ ‫للمتوحد فيها ميل الى ضرب من هم في محيطه‬ ‫ّ‬ ‫ألنه يكون تدرب على العنف كوسيلة للتعبير‪ .‬فإذا‬ ‫كان يتعرض للعنف من قبل أهله يعتبر الضرب‬ ‫وسيلة تعبير‪ .‬العنف عنده مكتسب وليس فطري‪.‬‬ ‫وعن تشخيص حاالت التوحّ د وفي أي عمر‬ ‫ّ‬ ‫أكد خوري أنه في عمر السنتني ميكن أن نلحظ‬ ‫توحد عند الطفل من سلوكياته ومن تصرفاته‬ ‫ّ‬ ‫ومن عدم تأقلمه مع محيطه وهذه حاالت ال‬ ‫تختبئ كثيراً‪.‬‬ ‫وعن وسائل العالج وهل هناك حاالت شفيت‬ ‫متاماً ّ‬ ‫أكد خوري أنه حتى اآلن ال يوجد حاالت شفيت‬ ‫متاماً‪ .‬هناك حاالت متكنت من التأقلم اجملتمعي‬ ‫وبعضها متكن مبتابعة عالجية من أخصائية تقومي‬ ‫نطق وتقومي حركي ومن اختصاصي علم نفس عيادي‬ ‫توجيهي من التقدم على مستوى االستقاللية‬ ‫الذاتية يعني األكل والشرب واالستحمام والذهاب‬ ‫الى السوبرماركت وانتظار باص املدرسة مبفرده‪.‬‬ ‫يُعطى الطفل معلومات مقولبة بشكل طقوس‬ ‫يومية ميارسها ويتبعها بحذافيرها وهو بحاجة الى‬ ‫تدريب طويل األمد ومضني للطرفني‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬ميكن لألهل مساعدة الطفل بالعاطفة‬ ‫واالحتضان وبعدم التعنيف والبكاء أمامه وبعدم‬ ‫حتويل املوضوع الى قضايا هستيرية وبإحالته الى‬ ‫اختصاصيني يساعدونه بشتى الوسائل‪ .‬وهنا‬ ‫تذكير بسيط على أن األمر مكلف ومكلف للغاية‬ ‫لذلك ينبغي على الدولة واملعنيني باألمر أن يتدخلوا‬ ‫ويقيموا برامج خاصة للمتوحدين كما هي احلال‬ ‫في الواليات املتحدة األميركية وفي أوروبا بشكل‬ ‫ال يرهق األهل وال يثقل كاهلهم‪ .‬هناك اهتمام من‬ ‫وزارة الشؤون االجتماعية مشكور ولكن نأمل أن‬ ‫فعل‪.‬‬ ‫يُ ّ‬ ‫وعن إمكانية املتوحّ د أن يرتكب جرائم وأن‬ ‫ينتحر ش ّدد الدكتور خوري على أن هذا املوضوع‬ ‫غير ممكن وال ميكن تصنيفه على أنه حتليل علمي أو‬ ‫املتوحد ال يأخذ مبادرات وال‬ ‫منطقي أو مقبول طبياً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫يك ّرر املبادرة نفسها عدة مرات انطالقا من قاعدة‬ ‫انتقائية وال ميكنه أن يأخذ مبادرة انتحار أو إطالق نار‬ ‫على نفسه ألنه غير متمكن من قدراته التركيزية‬ ‫وغير متمكن من قدراته التكريرية التفاعلية‪.‬‬ ‫وختم خوري قائالً بأن على األهل أن يصبروا‬ ‫وأن يأخذوا أوالدهم الى اختصاصيني وأن ال يبخلوا‬ ‫عليهم ألن الهدف هو الوصول الى حالة معينة‬ ‫من االكتفاء الذاتي تمُ كن الولد من التأقلم مع‬ ‫مجتمعه ليريح نفسه وأهله‪.‬‬

‫ ‬

‫حتقيق‪ :‬لور عقل‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬

‫سلة آسيا ‪ :‬مشاركة ال ب ّد منها للبنان ‪...‬‬ ‫والنتيجة لم تكن على قدر اآلمال‬ ‫لم تكن مشاركة منتخب لبنان لكرة السلة في‬ ‫بطولة آسيا الـ ‪ 26‬على قدر اآلمال املنتظرة‪ ،‬إذ أنهى‬ ‫البطولة في املركز السادس بخسارته أمام إيران‬ ‫حاملة اللقب (‪.)87-65‬‬ ‫بيد أن هذه املشاركة كانت ضرورية الكتساب‬ ‫اخلبرة خصوصا ً أن معظم عناصر املنتخب ال ميلكون‬ ‫اخلبرة العالية خلوض منافسات بطولة آسيا‪ ،‬إضافة‬ ‫الى انعدام التحضير املناسب ملثل هذه البطوالت‬ ‫التي حتتاج الى معسكرات تدريبية في مجمعات‬ ‫مختصة‪.‬‬ ‫على صعيد املباراة مع إيران كان الالعب اللبناني‬ ‫اجملنس سام هوسكن أفضل مسجل في املباراة‬ ‫برصيد ‪ 37‬نقطة و‪ 12‬متابعة‪ ،‬وأضاف محمد ابراهيم‬ ‫‪ 11‬نقطة‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬جان عبد النور‪ ،‬رودريغ عقل‪ ،‬غالب رضا‪،‬‬ ‫ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد ابراهيم‪ ،‬ايلي اسطفان‪ ،‬باسل‬ ‫بوجي‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬شارل تابت‪ ،‬وسام هوسكني‪.‬‬

‫لبنان – الهند‬

‫وكانت البداية مثيرة وصعبة جدا ً حيث م ّر منتخب‬ ‫لبنان من قطوع الهند بصعوبة كبيرة وجتاوزه بفارق ‪3‬‬ ‫نقاط (‪ ،)68-71‬منقذا ً نفسه من فخ كان ليدفع ثمنه‬ ‫غاليا ً جداً‪ ،‬خصوصا ً أنه كان متقدما ً في الشوط‬ ‫األول بفارق مريح‪ ،‬فكان الربع الثالث بالنسبة اليه‬ ‫كارثيا ً (‪ ،)32-14‬قبل أن يستدرك األمور في الدقيقتني‬ ‫األخيرتني محرزا ً النقاط الثالث في أولى مبارياته في‬ ‫بطولة آسيا‪.‬‬ ‫واألمر املهم في اللقاء أنه جاء ليدون غياب جنم‬ ‫لبنان فادي اخلطيب عن بطولة آسيا للمرة الثانية‬ ‫في النسخات السبع األخيرة‪ ،‬واألولى كانت عام‬ ‫‪ 2003‬عندما تواجد في الواليات املتحدة في محاولة‬ ‫لإلحتراف مع لوس اجنلوس كليبرز‪ ،‬وكانت البطولة‬ ‫حينها في الصني ايضا ً في مدينة هاربني‪ ،‬ويومها ّ‬ ‫حل‬ ‫لبنان رابعاً‪.‬‬ ‫وسجل للبنان جان عبد النور (‪ 22‬نقطة) وأضاف‬ ‫غالب رضا (‪ 15‬نقطة)‪ ،‬وباسل بوجي ‪ 9‬نقاط‪ ،‬ومن‬ ‫الفريق الهندي سجل كاريش كوروث ‪ 20‬نقطة‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬رودريغ عقل‪ ،‬ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد‬ ‫ابراهيم‪ ،‬ايلي اسطفان‪ ،‬عبودي الفرخ‪ ،‬جان عبد النور‪،‬‬ ‫غالب رضا‪ ،‬باسل بوجي‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬شارل تابت‪ ،‬جاد‬ ‫بيطار وسام هوسكني‪.‬‬

‫لبنان ‪ -‬كوريا اجلنوبية‬

‫وفي املباراة الثانية وبعد أربع خسارات متتالية في‬ ‫املواجهات املباشرة فازت كوريا على لبنان بفارق ‪18‬‬ ‫نقطة (‪ ،)62-80‬األرباع (‪ 15-20 ،13-16 ،16-17‬و‪-27‬‬ ‫‪.)18‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اسطفان‪ ،‬باسل بوجي‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬شارل تابت‪،‬‬ ‫وسام هوسكني‪.‬‬

‫لبنان – أوزبكستان‬

‫وكان غالب رضا أفضل مسجل للبنان برصد ‪20‬‬ ‫نقطة‪ ،‬وأضاف رودريغ عقل ‪ 15‬نقطة‪ ،‬وسام هوسكن‬ ‫‪ 12‬نقطة و‪ 9‬متابعات‪ ،‬وباسل بوجي ‪ 10‬نقاط‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬رودريغ عقل‪ ،‬ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد‬ ‫ابراهيم‪ ،‬ايلي اسطفان‪ ،‬عبودي الفرخ‪ ،‬جان عبد النور‪،‬‬ ‫غالب رضا‪ ،‬باسل بوجي‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬شارل تابت‪ ،‬جاد‬ ‫بيطار وسام هوسكني‪.‬‬

‫لبنان – ماليزيا‬

‫وفي مباراته الثالثة فرض منتخب لبنان نفسه‬ ‫كثاني اجملموعة األولى خلف كوريا اجلنوبية‪ ،‬بفوزه‬ ‫على منتخب ماليزيا بفارق ‪ 28‬نقطة (‪ ،)59-87‬األرباع‬ ‫(‪ 13-24 ،19-16 ،8-27‬و‪ ،)20-19‬فرفع لبنان رصيده‬ ‫إلى ‪ 5‬نقاط من فوزين وخسارة‪ ،‬فيما تأهل املنتخب‬ ‫املاليزي كثالث اجملموعة (‪ 4‬نقاط) من فوز وخسارتني‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد ابراهيم‪ ،‬ايلي‬ ‫اسطفان‪ ،‬عبودي الفرخ‪ ،‬باسل بوجي‪ ،‬علي كنعان‪،‬‬ ‫شارل تابت‪ ،‬جاد بيطار وسام هوسكني‪.‬‬

‫لبنان – تايوان‬

‫املباراة مع تايوان كانت حاسمة بالنسبة لطريق‬ ‫املنتخب حيث شكلت اخلسارة بفارق سلة واحدة‬ ‫(‪ )60-58‬ضربة قاسية للمنتخب اللبناني ألنها‬ ‫وضعته مبواجهة املنتخب الصيني العمالق في الدور‬ ‫ربع النهائي‪.‬‬ ‫وكان سام هوسكن أفضل مسجل للبنان واملباراة‬ ‫برصيد ‪ 19‬نقطة مع ‪ 11‬متابعة‪ ،‬وأضاف جان عبد‬ ‫النور ‪ 12‬نقطة و‪ 9‬متابعات‪ ،‬وغالب رضا ‪ 9‬نقاط‪ ،‬وعلي‬ ‫كنعان ‪ 6‬نقاط و‪ 10‬متابعات‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد ابراهيم‪ ،‬ايلي‬

‫‪80‬‬

‫أكد منتخب لبنان مركزه الرابع في اجملموعة األولى‬ ‫للدور الثاني بفوزه على اوزبكستان بفارق ‪ 48‬نقطة‬ ‫(‪ ،)53-101‬األرباع (‪ 9-4،25-26 ،22-24‬و‪.)18-26‬‬ ‫وكان غالب رضا وسام هوسكن أفضل مسجلني‬ ‫للبنان في “نصف مباراة” برصيد ‪ 18‬نقطة مع ‪11‬‬ ‫متابعة للثاني‪ ،‬وأضاف جان عبد النور ‪ 16‬نقطة‪،‬‬ ‫ومحمد ابراهيم ‪ 11‬نقطة خالل الربع األخير‪،‬‬ ‫ومن الفريق األوزبكي سجل دنيزوف ‪ 19‬نقطة‬ ‫ويوغينيسوف ‪ 11‬نقطة‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬جان‪ ،‬عبد النور‪ ،‬رودريغ عقل‪ ،‬غالب‬ ‫رضا‪ ،‬ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد ابراهيم‪ ،‬ايلي اسطفان‪،‬‬ ‫عبودي الفرخ‪ ،‬باسل بوجي‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬شارل تابت‪،‬‬ ‫جاد بيطار وسام هوسكني‪.‬‬ ‫مثل أوزبكستان‪ :‬يفغيني شاتروف‪ ،‬هورماتون‬ ‫نورالييف‪ ،‬زينر خابيبولني‪ ،‬الكسندر كوزلوف‪،‬‬ ‫فياشيسالف دنيسون‪ ،‬نايل قاديروف‪ ،‬سمندر‬ ‫غينيسوف‪ ،‬غينادي زينوفيف‪ ،‬الكسندر ياهني‪،‬‬ ‫يفغيني بيريفيرزيف‪ ،‬فياشيسالف بيلوكوروف ودنيس‬ ‫تيموفييف‪.‬‬

‫لبنان – اليابان‬

‫متكن منتخب لبنان من تخطي عقبة اليابان في‬ ‫مباريات حتديد املراكز‪ ،‬وفاز عليه بفارق سلة واحدة‬ ‫(‪ ،)78-80‬األرباع (‪ 20-19،20-26 ،23-15‬و‪.)16-19‬‬ ‫اجلدير بالذكر أن ثالثة العبني لبنانيني متكنوا من‬ ‫تسجيل ‪ 16‬نقطة ايلي اسطفان ومحمد ابراهيم‬ ‫وسام هوسكن مع ‪ 16‬متابعة لألخير‪ ،‬فيما سجل‬ ‫تاكويا كاوامورا ‪ 20‬نقطة لليابان وأضاف أمينو تامو‬ ‫‪ 17‬نقطة وتاكوشي كوزوكي ‪ 15‬نقطة و‪ 13‬متابعة‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬جان عبد النور‪ ،‬رودريغ عقل‪ ،‬غالب رضا‪،‬‬ ‫ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد ابراهيم‪ ،‬ايلي اسطفان‪ ،‬علي‬ ‫كنعان‪ ،‬شارل تابت‪ ،‬وسام هوسكني‪.‬‬

‫لبنان ‪ -‬الصني‬

‫املباراة مع الصني كانت شبه محسومة ألصحاب‬ ‫األرض نظرا ً لتفوقهم البدني والذهني وفي احلجم‬ ‫فخسر املنتخب اللبناني بفارق ‪ 20‬نقطة (‪.)68-48‬‬ ‫وكان سام هوسكن أفضل مسجل في املباراة‬ ‫برصيد ‪ 20‬نقطة و‪ 10‬متابعات‪ ،‬وأضاف غالب رضا ‪15‬‬ ‫نقطة‪.‬‬ ‫م ّثل لبنان‪ :‬جان عبد النور‪ ،‬رودريغ عقل‪ ،‬غالب رضا‪،‬‬ ‫ميغيل مارتينيز‪ ،‬محمد ابراهيم‪ ،‬ايلي اسطفان‪ ،‬باسل‬ ‫بوجي‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬شارل تابت‪ ،‬وسام هوسكني‪.‬‬


‫المنتخب اللبناني أعطى فسحة األمل ‪ ...‬والجمهور تلقاها وفهمها‬ ‫لبنان يتعادل مع الكويت (‪ )2-2‬في تصفيات آسيا لمونديال ‪2014‬‬ ‫عادت الروح الى مالعب كرة القدم اللبنانية مع‬ ‫عودة اجلماهير الى املالعب‪ ،‬حيث لم تشهد املالعب‬ ‫اللبنانية منذ زمن طويل جدا ً حضورا ً جماهيريا ً‬ ‫كبيرا ً مثل العدد الذي تابع مباراة لبنان والكويت‬ ‫في تصفيات آسيا ملونديال ‪ 2014‬والتي جرت يوم‬ ‫الثالثاء ‪ 11‬تشرين األول املاضي على ملعب مدينة‬ ‫كميل شمعون الرياضية وانتهت بالتعادل (‪.)2-2‬‬ ‫الفرحة كانت عارمة جدا ً ‪ ..‬كيف ال واملباراة هي‬ ‫ملنتخب ميثل كل لبنان وليس فريقا ً معيناً‪ ،‬لذلك مت‬ ‫اإلعداد مسبقا ً للقاء‪ :‬إعالميا ً وتنظيمياً‪.‬‬ ‫على الصعيد اإلعالمي متّ إنتاج أغنية خاصة‬ ‫للمنتخب‪ ،‬حشدت لها كل اإلمكانيات إلجناحها‪.‬‬ ‫وعلى الصعيد التنظيمي كان القرار بالدخول‬ ‫اجملاني صائبا ً وذلك حلشد أكبر عدد من اجلماهير‬ ‫ملؤازرة املنتخب وإلظهار الصورة احلقيقية لكرة‬ ‫القدم اللبنانية‪.‬‬ ‫ما أثبته اجلمهور اللبناني هو أنه يستحق متابعة‬ ‫املباريات نظرا ً ملا أظهره من رقي في التشجيع‬ ‫وحماس وطني‪.‬‬ ‫املباراة كانت ضمن اجلولة الثالثة وفيها أثبت‬ ‫“مغاوير لبنان” عن قدرة قتالية عالية‪ ،‬حيث لعب‬ ‫املنتخب اللبناني بطريقة هجومية فوضع املدرب‬ ‫األملاني ثيو بوكير هيثم فاعور في مركز االرتكاز‬ ‫وأمامه الثنائي رضا عنتر وعباس أحمد عطوي‬ ‫وحسن معتوق في امليسرة ومحمود العلي في‬ ‫امليمنة ومحمد غدار كمهاجم صريح‪ ،‬فيما تشكل‬ ‫اخلط الدفاعي من الرباعي يوسف محمد “دودو”‬ ‫ورامز ديوب كظهير أيسر وبالل شيخ النجارين‬ ‫ومحمد باقر يونس كظهير أمين‪ ,‬مع زياد الصمد‬ ‫في حراسة املرمى‪.‬‬ ‫وبانت السيطرة للبنان في الدقائق األولى لكن‬ ‫دون أي خطورة أو فعالية أمام املرمى إلى أن جاءت‬ ‫الدقيقة ‪ 14‬عندما استلم حسن معتوق الكرة في‬ ‫اجلهة اليسرى وتوغل داخل املنطقة الكويتية ثم‬ ‫تبادل الكرة مع عباس عطوي وسددها رائعة إلى‬ ‫يسار احلارس الكويتي نواف اخلالدي‪.‬‬ ‫وأيقظ الهدف الالعبني الكويتيني الذين تخلوا‬ ‫عن حذرهم وحاولوا مباغتة الشباك اللبنانية نظرا ً‬ ‫للصعوبة البالغة في اختراق الدفاع املتماسك‪،‬‬ ‫وجلأوا الى التسديد البعيد‪.‬‬ ‫وسدد حسن معتوق كرة من خارج املنطقة‬ ‫مبحاذاة املرمى الكويتي (‪ ،)22‬ثم أرسل يوسف‬ ‫محمد واحدة من ركلة حرة التقطها اخلالدي (‪،)24‬‬ ‫ورد بدر املطوع بأول تسديدة للكويت في الدقيقة‬ ‫‪ 26‬لكن كرته مرت إلى جانب مرمى الصمد‪ .‬وقام‬ ‫حسن معتوق بفاصل مراوغة ومرر كرة بينية‬

‫وضعت غدار في حالة انفراد لكن األخير سدد خارج‬ ‫املرمى (‪ ،)43‬واخترق غدار من اجلهة اليمنى وسدد‬ ‫بقوة إلى جانب املرمى (‪.)45‬‬ ‫واستهل “األزرق” الشوط الثاني مهاجما‪ ،‬إذ بدل‬ ‫توفيدزيتش حسني موسوي بعبد العزيز املشعان‪،‬‬ ‫وتابع يوسف ناصر كرة برأسه أنقذها الصمد‬ ‫مبساعدة العارضة (‪ ،)49‬واخترق فهد العنزي‬ ‫املنطقة اللبنانية من اجلهة اليمنى وعكس كرة‬ ‫أمام املرمى أخطأ الدفاع في إبعادها لتجد رأس‬ ‫“مساعد ندا” الذي وضعها في الشباك (‪.)50‬‬ ‫وحاول بوكير ضخ دماء جديدة في صفوف‬ ‫“منتخب األرز” فأشرك أكرم املغربي بدال ً من محمد‬

‫‪81‬‬

‫غدار (‪ .)55‬وواصل الكويتيون ضغطهم على املرمى‬ ‫اللبناني وسدد فهد العنزي من خارج املنطقة فوق‬ ‫املرمى (‪ ،)65‬ثم دخل أحمد زريق بدال ً من محمود‬ ‫العلي لتنشيط اجلهة اليمنى (‪ )66‬فسدد األخير‬ ‫فور دخوله كرة من ركلة حرة أنقذها نواف اخلالدي‬ ‫بأطراف أصابعه الى ركنية (‪.)67‬‬ ‫وسدد املطوع مجددا ً إثر هجمة مرتدة سريعة‬ ‫إلى جانب القائم األمين (‪ ،)74‬وأرسل معتوق كرة‬ ‫من ركلة ركنية قابلها بالل جنار برأسه لكن نواف‬ ‫اخلالدي التقط كرته (‪.)80‬‬ ‫وحصل البديل أكرم مغربي على ركلة جزاء إثر‬ ‫إعاقة من حسني فاضل انبرى لها معتوق وسدد‬ ‫الكرة بنجاح في الزاوية اليسرى (‪ ،)86‬لتنفجر‬ ‫املدرجات اللبنانية عن بكرة أبيها مهللة للنتيجة‪.‬‬ ‫وساد االعتقاد بأن منتخب لبنان يتجه الى فوز‬ ‫صريح على الكويت لكن محمد باقر يونس أدرك‬ ‫التعادل للكويت بتسجيله هدفا ً عن طريق اخلطأ‬ ‫في مرمى بالده بعدما حول عرضية بدر املطوع الى‬ ‫الشباك (‪.)88‬‬ ‫ونفذ املطوع ركلة حرة في الدقيقة األخيرة من‬ ‫الوقت األصلي لكن زياد الصمد ح ّول الكرة ببراعة‬ ‫إلى ركنية من اجلهة اليسرى‪ ،‬وعاد لينقذ كرة‬ ‫البديل فهد الرشيدي (‪.)5+90‬‬ ‫وبهذا التعادل رفع لبنان رصيده الى ‪ 4‬نقاط‬ ‫في املركز الثالث‪ ،‬مقابل ‪ 7‬نقاط لكوريا اجلنوبية‬ ‫املتصدرة‪ ،‬و‪ 5‬للكويت الثانية‪.‬‬

‫جورج عون‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫منبر حر‬

‫التغيير‬ ‫في زمن‬ ‫الحرية‬ ‫المسلوبة‬ ‫عصمت العريضي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بكى العندليب‪ ،‬عندما سمع أصوات النشاز تنعق مع الصباح‪...‬‬ ‫ونسر القمم غادر ربوعه‪ ،‬وأعلن زمن الرحيل‪...‬‬ ‫أوصدت األبواب‪ ،‬وجوقة املط ّبلني للحرية عبأت الشاشات‪ٌّ ،‬‬ ‫وكل صار ميشي‬ ‫وراء قلمه املرتهن لرؤوس األموال‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫لتشكل‬ ‫القضية باتت تتالشى‪ ،‬فال مصادرة الثروات‪ ،‬واحتالل األوطان‪ ،‬عادت‬ ‫جوهر الصراع‪ ،‬وكأن احلرية تتك ّون بال مقومات‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫جميل أن نرسم لنا بيتاً‪ ،‬ووطنا ً ميتلك كل املقدرات‪...‬‬ ‫واألجمل أن منتلك األرض للبناء‪ ،‬ونقيم في وطن محرر ترابه‪ ،‬ونظامه‬ ‫ووحدة بنيه‪...‬‬ ‫غريب أمر أولئك الذين يتغنّون بحريات األمم‪ ،‬وأمتهم يتآكلها ثعابني‬ ‫ٌ‬ ‫االستعمار‪...‬‬ ‫واألغرب كيف يلجأون الى تلك الثعابني طالبني احلرية لشعوبهم النازفة‬ ‫رصعوها‪ ،‬في عودة لعبودية‬ ‫عمروها‪ ،‬والتيجان التي ّ‬ ‫ُ‬ ‫بس ّم األنظمة التي ّ‬ ‫األوثان واألصنام ومتاثيل الشمع‪...‬‬ ‫لم يعد لقراءة التاريخ من جدوى‪ ،‬ولم يعد للحروب العاملية التي جرت من‬ ‫تفسير!!!‬ ‫تتبدل كما األسماء‪ ،‬وصارت متيل كما تشتهي الريح‪ ،‬وهي‬ ‫صارت احلرية ّ‬ ‫ميتة في عقولنا التي أُخضعت للفساد مبساحيق تأكل املعدن‪ ،‬وتزخرف‬ ‫املظهر‪ ،‬ليفرغ من قيمته وقوته ومناعته‪...‬‬ ‫لقد باتت احلرية حمالً ثقيالً‪ ،‬وال لزوم لتتض ّرج بالدماء‪ ،‬وتُغتسل مباء‬ ‫احلقيقة والعقيدة واإلميان‪...‬‬ ‫بدلت عاداتها‪ ،‬فال بديل عن الطرب املقاوم‪،‬‬ ‫إن العنادل تغرد‪ ،‬والنسور ما ّ‬ ‫وال بديل عن اجلناح الذي استعاد األسرى واألرض‪ ،‬وأسقط مفاعيل السابع‬ ‫عشر من أيار وكل اتفاقيات الذل والهوان‪...‬‬ ‫ذات يوم قال جبران‪“ :‬ويل ألمة تأكل مما ال تزرع‪ ،‬وتلبس مما ال تنسج” وألف ويل‬ ‫ألمة تستجدي حريتها‪ ،‬وتطالب بسيادتها‪ ،‬وأنظمتها وحكامها يتقاسمون‬ ‫لبنها على موائد الطغاة واحملتلني واملستعمرين‪...‬‬ ‫لم تعد حكاياتهم تُقنع حتى األطفال فينا‪ ،‬فطفل احلجارة قام‪ ،‬وطفل‬ ‫املغارة يالقي الذين عاهدوه وعاهدوا اهلل‪ ...‬وساحات اللعب لديكم باتت‬ ‫ضيقة‪ ،‬وزمانكم بدأ باألفول‪ ،‬ألننا دخلنا زمن احلق في اجلولة األخيرة لقيام‬ ‫الساعة‪ ،‬وانتصار األمة‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫الحلم أصبح حقيقة‬

‫‪ -10‬اخملبرات املرضية‬

‫‪ -21‬قسم اجلراحة‬

‫‪ -15‬قسم اجلراحة‬

‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫غرف العمليات (نظام السمع‪ ،‬القلب‬ ‫غرفة املعدات‬ ‫وأماكن‬ ‫واملمرضات‬ ‫األطباء‬ ‫مكاتب‬ ‫واألوعية الدموية‪ ،‬اجلهاز الهضمي‪ ،‬الغدد‬ ‫غرفة حتضير الع ّينات‬ ‫للتخزين‬ ‫الصماء‪ ،‬اجلهاز التناسلي عند اإلناث‪ ،‬اجلهاز‬ ‫قاعة األطباء ‪ +‬سكرتيرة‬ ‫اإلنتظار‬ ‫غرفة‬ ‫التناسلي عند الذكور‪ ،‬الفتاق‪ ،‬تنظير البطن‪،‬‬ ‫النظام العضلي‪ ،‬اجلهاز العصبي‪ ،‬طب‬ ‫‪ -11‬الصيدلية‬ ‫العيون‪ ،‬اجلهاز البولي)‬ ‫‪ -16‬قسم العناية الفائقة‬ ‫غرفة التحضير‬ ‫قاعات الصيدلة (األدوية ‪ ،‬املصل‪ ،‬املستلزمات‬ ‫وحدة العناية بالقلب‬ ‫غرفة التخدير‬ ‫الطبية‪ ،‬السوائل والغازات الطبية)‪.‬‬ ‫وحدة العناية الفائقة‬ ‫مكاتب األطبـاء واملمرضات وأماكن‬ ‫غرفة التبريد‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن التخزين‬ ‫غرف للتخزين‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنعاش‬ ‫مكاتب صيدلي ‪ +‬مكتب السكريتارية‬ ‫غرفة اإلستراحة‬ ‫غرفة تبديل املالبس‬ ‫مدخل ‪ +‬غرفة جلوس‬ ‫‪ -12‬قسم الوالدة‬ ‫غرفة التعقيم‬ ‫‪ -17‬قسم العالج الكيميائي‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫غرف الوالدة‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن ‪ -22‬مركز العالج الفيزيائي‬ ‫احلضانة‬ ‫للتخزين‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن غرفة اإلنتظار‬ ‫غرف العالج الفيزيائي الطبيعي‬ ‫مكتب السكرتيرة‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬ ‫‪ -18‬اجلراحة التجميلية‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫‪ -13‬قسم طب األطفال‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫رعاية األطفال حديثي الوالدة‬ ‫حاضنات‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫‪ -14‬الطب العام‬ ‫غرف (سرير واحد وسريران وغرفة للعزل)‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫غرف (سرير واحد)‬ ‫مكاتب األطباء‬ ‫للتخزين‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫واملمرضات‬

‫وأماكن‬

‫مكاتب األطباء وغرف املعاينات‬ ‫السكرتارية واحملفوظات‬ ‫غرفة اإلنتظار‬

‫‪ -19‬غسيل الكلى‬ ‫غرفة غسيل الكلى‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات وأماكن التخزين‬

‫‪ -20‬تفتيت احلصى‬ ‫غرفة تفتيت احلصى‬ ‫مكاتب األطباء واملمرضات‬ ‫للتخزين‬

‫‪83‬‬

‫‪ -23‬العيادات اخلارجية‬

‫وأماكن‬

‫مختلف‬ ‫الكافتيريا‬ ‫قاعة املسرح‬ ‫املكتبة‬

‫‪ -25‬الصيانة‬

‫غرفة الفنيني‬

‫العدد ‪ -58‬تشرين الثاني ‪2011‬‬


‫قرية التوحيد‬ ‫الحلم أصبح حقيقية‬ ‫هو الزرع يأتي بالغالل‪...‬‬ ‫‪...‬واألرض تنداح‪ ،‬بعبق احلياة وفرح الوجود‪...‬‬ ‫هو احلصاد اآلتي من تعب األيام‪ ،‬وجهد التضحيات‪ ،‬وصدق املواقف‪...‬‬ ‫هو بداية لعمادة اإللتزام والوفاء‪ ...‬وصحوة جملتمع قادر‪،‬‬ ‫وأناس متعبون من جور السنني وظلم التاريخ‪...‬‬ ‫لقد طال بنا زمن اإلنتظار‪ ...‬وخرجنا من الشرانق لشعاع النور‪،‬‬ ‫وأجنحتنا عاصية على كل أمر مفعول‪ ،‬وما كانت اجلبال يوما ً إال وسادة للمناضلني واملقاومني‪،‬‬ ‫والتراب ٌ‬ ‫فراش وثير يشتم عطره دم املتعبني واجملاهدين الصادقني‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫وموئل للمحتاجني واملساكني‪ ...‬وباب يدخله دون استنئذان كل صاحب حاجة‬ ‫هي قرية صحية توحيدية‪...‬‬ ‫من أي جهة وناحية ولون انتمى إليه‪...‬‬ ‫هو موقع للخروج من املرارات املزمنة واإللتهابات املضنية‪...‬‬ ‫هو مكان لكل والدة جديدة‪ ...‬وعالج لكل متألم‪ ...‬واستراحة لكل مسن عاجز‪...‬‬ ‫هو عط ٌر يندلق لبلسمة جراحات األجساد والنفوس‪...‬‬ ‫إنه عمل يضاف خلدمة أهلنا ومجتمعنا‪ ،‬املثقل بصعوبة العيش‪ ،‬واحلياة الالئقة‪...‬‬ ‫إنه وعد صادق‪ ،‬وعربون تقدير‪ ،‬من أهل اخلير والعطاء‪،‬‬ ‫“الذين عاهدوا اهلل وما بدلوا” لنصرة الشعوب املقهورة‪ ،‬في كل اجملاالت وامليادين‪...‬‬ ‫إنني وبإسمكم جميعاً‪ ،‬أجدد معكم عهد الوفاء لكل ما أقسمنا عليه‪،‬‬ ‫يوم قررنا املسير في الطريق املدافع عن حقوق شعبنا واستعادة أرضنا والتمسك بخيارنا املقاوم واملمانع‪...‬‬

‫إن عهدي بكم ووعدي لكم لن يتغيّر‪.‬‬

‫شكرا ً للجمهورية اإلسالمية اإليرانية قيادة وشعباً‪...‬‬ ‫شكرا ً لسيد املقاومة وكل من ساهم في حتقيق هذا املالذ اإلنساني ألهلنا في اجلبل والوطن‪...‬‬ ‫والشكر واحلمد هلل رب العاملني‪ ...‬عساه يوفقنا في كل ما نصبو إليه‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ 16‬تشرين األول ‪2011‬‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي”‬ ‫‪84‬‬

‫وئام وهاب‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.