Manbar altawhid issue 57

Page 1

‫العدد ‪ 57‬ــ تشرين أول ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫الفرزلي‪:‬‬ ‫سوريا‬ ‫تجتاز المحنة‬ ‫والمسيح ّيون‬ ‫فيها بألف خير‬

‫أيلول‪...‬‬ ‫‪11‬‬ ‫على‬ ‫عقد‬ ‫أفغانستان‬

‫حروب أميركا‬ ‫اإلرهابية‬

‫العراق‬

‫لبنان‬

‫غزة‬

‫أردوغان العثماني‪ :‬صفر مصداقية‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫يتشرفان‬ ‫سماحة املرجع الشيخ أبو علي سليمان بو ذياب‬ ‫ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب‬ ‫بدعوتكم للمشاركة في حفل وضع حجر األساس وانطالق أعمال بناء‬

‫مستشفى الصحابي سلمان الفارسي‬

‫(ع)‬

‫املكان‪ :‬بيت البلدة – اجلاهلية‬

‫الزمان‪ :‬يوم األحد املوافق في ‪ 16‬تشرين األول الساعة احلادية عشرة صباحا ً‬ ‫برنامج االحتفال‪:‬‬ ‫كلمة سعادة سفير اجلمهورية اإليرانية في لبنان الدكتور غضنفر ركن أبادي‬ ‫كلمة مشايخ طائفة املوحدين الدروز‪ :‬سماحة املرجع الشيخ أبو علي سليمان بو ذياب‬ ‫كلمة رئيس حزب التوحيد العربي األستاذ وئام وهاب‬

‫يقدم احلفل األستاذ بهاء عبد اخلالق‬ ‫يتخلل احلفل منح قالدة التوحيد للسفير الدكتور غضنفر ركن أبادي‬ ‫بعد انتهاء الكلمات يتم االنتقال الى موقع املستشفى في دير دوريت لوضع حجر األساس‬ ‫مدة االحتفال‪ :‬ساعة واحدة‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪57‬‬

‫تشرين أول ‪ 2011‬السنة اخلامسة‬

‫‪14‬‬

‫‪ 06‬لبنانيات‬

‫عبدو سعد‪:‬‬ ‫اعتماد النسبية‬ ‫يعتمد على موقف بكركي‬

‫‪ 21‬حزب التوحيد العربي‬ ‫‪ 34‬عربيات‬

‫محمد خواجة‪:‬‬ ‫أستبعد حرباً اسرائيلية‬ ‫على لبنان‬

‫‪16‬‬

‫‪ 50‬دوليات‬ ‫‪ 60‬اقتصاد‬

‫‪41‬‬

‫‪ 64‬فن‬

‫أنور رجا‪ :‬بين سوريا‬ ‫والقضية الفلسطينية عالقة‬ ‫تحالفية عبر موقعها المقاوم‬

‫‪ 69‬ثقافة‬

‫‪75‬‬

‫إيزابيل فرنجية‪ :‬أتمنى أن‬ ‫آتي يوماً الى لبنان وأرى‬ ‫رئيسة للجمهورية اللبنانية‬ ‫منبر التوحيد‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 38‬فلسطينيات‬

‫‪ 73‬اجتماعيات‬ ‫‪ 75‬مرأة‬ ‫‪ 80‬رياضة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫ثورات‬ ‫توحدت‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫إسقاط‬ ‫النظام‬ ‫ّ‬ ‫وتفرقت‬ ‫على البديل!‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يعيش العالم العربي‪ ،‬مرحلة حتوالت وتغيرات‪ ،‬بدأت مع مطلع‬ ‫العام احلالي‪ ،‬لكنها ظهرت مع بداية القرن الواحد والعشرين‪،‬‬ ‫فجر إنتحاريون تبني‬ ‫الذي افتتح بأحداث ‪ 11‬أيلول األميركية‪ ،‬التي ّ‬ ‫أنهم من جنسيات عربية‪ ،‬مركزي التجاري العاملي في نيويورك‬ ‫إلى الهجوم على مقر وزارة الدفاع “البنتاغون”‪ ،‬إلى إخالء البيت‬ ‫األبيض‪ ،‬وهروب الرئيس األميركي جورج بوش واختبائه‪ ،‬والذي‬ ‫فجر حربا ً عاملية على ما أسماه “اإلرهاب” فاحتل أفغانستان‬ ‫ّ‬ ‫عام ‪ 2001‬ثم العراق عام ‪ ،2003‬وأمر “إسرائيل” بحرب على لبنان‬ ‫صيف ‪ ،2006‬وعلى غزة شتاء ‪ ،2009 – 2008‬وأعلن مشروعه‬ ‫“للشرق األوسط اجلديد” املبني على نظرية “الفوضى اخلالقة”‬ ‫املستندة إلى مفهوم عسكري قائم على احلروب االستباقية‪.‬‬ ‫فالقرن احلالي‪ ،‬كما القرن الذي سبقه‪ ،‬بدأ بانهيار “اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية” وحرب عاملية أولى ثم ثانية‪ ،‬ومت رسم خارطة للعالم‬ ‫العربي عموما ً ومشرقه خصوصاً‪ ،‬فقسمت فرنسا وبريطانيا‬ ‫بالد الشام إلى كيانات سياسية‪ ،‬بعد أن فشلت في قيام دويالت‬ ‫طائفية ومذهبية‪ ،‬بسبب النهوض الوطني والقومي والوحدوي‪،‬‬ ‫الذي واجه التتريك ورفض اإلستعمار اجلديد‪.‬‬ ‫فما تشهده دول عربية‪ ،‬حتت شعارات الثورات الشعبية‪ ،‬والنزوع‬ ‫الى الدميقراطية‪ ،‬وحتقيق اإلصالح‪ ،‬إمنا هو عمل مشروع وال بد منه‪،‬‬ ‫في أن حتكم الشعوب نفسها‪ ،‬وتدير شؤونها‪ ،‬وتنتخب ممثليها‪،‬‬ ‫وتكون سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬حتت‬ ‫سقف الدستور والقانون واملؤسسات‪ ،‬فيخرج املواطن العربي‬ ‫من حتت حكم القبائل واملشايخ واألمراء واإلقطاع السياسي‬ ‫سنة احلياة في التطور والتقدم‪،‬‬ ‫واجلشع الرأسمالي‪ ،‬وهذه ُ‬ ‫وبناء حياة سياسية دميقراطية تنتج عدالة إجتماعية وكرامة‬ ‫وطنية وحقوق إنسانية‪ ،‬فال ميكن جملتمع أن يتقدم ويرتقي‪ ،‬دون‬ ‫وجود دميقراطية‪ ،‬ألن الدميقراطية هي الثقافة واملعرفة والوعي‪،‬‬ ‫ففي أجوائها يشعر املواطن بحقوقه‪ ،‬ويتقدم نحو واجباته‪،‬‬ ‫ويلتقي مع أخيه املواطن على أساس اإلنتماء إلى األرض والهوية‬ ‫الوطنية‪ ،‬وليس الوالء الطائفي واملذهبي واملناطقي‪ ،‬وهو مفتت‬ ‫ومشرذم‪ ،‬ويخلق ثقافة كره اآلخر‪ ،‬وعدم احترام رأيه‪.‬‬ ‫فالثورات العربية املشروعة واحملقة‪ ،‬والتي رفعت شعارات‬ ‫اإلصالح احلقيقي‪ ،‬تطلع إليها املواطنون على أنها أدوات‬ ‫التغيير السلمي الدميقراطي‪ ،‬وهي فسحة للتعبير عن الرأي‬ ‫صم أذنيه كان مصيره السقوط‬ ‫وإسماع صوتها للحاكم‪ ،‬فمن ّ‬ ‫والزنزانة‪ ،‬ومن استمع إلى شعبه وحاوره ولبى مطالبه‪ ،‬فضمن‬ ‫لبالده اإلستقرار واإلزدهار‪ ،‬وهذا هو حال سوريا التي لم يكن‬ ‫رئيسها بشار األسد بحاجة إلى حادث أمني حصل في درعا‪ ،‬ومت‬ ‫استغالله‪ ،‬من أجل أن يقول نعم لإلصالح‪ ،‬فهو ومنذ سنوات‬ ‫طرح رؤيته اإلصالحية‪ ،‬وأدخل سوريا في عصر املعلوماتية‬ ‫واحلداثة‪ ،‬إال أن احملتجني في الشارع أضاع بعضهم البوصلة‪ ،‬ورأى‬ ‫في حتقيق النظام السوري لإلصالحات هو تنازل وضعف‪ ،‬فقرروا‬ ‫أن يستمروا في حتريك التظاهرات إلسقاطه‪ ،‬ومنهم من جترأ‬ ‫على طلب تدخل خارجي‪ ،‬باعتماد النموذج الليبي‪ ،‬وقد ظهر هذا‬ ‫التدخل عبر حترك السفيرين األميركي والفرنسي في دمشق‪،‬‬ ‫والتحريض على العمل املسلح‪ ،‬والذي بدأ مع زيارة السفير‬ ‫روبرت فورد إلى حماه‪ ،‬التي تعتبر التجمع األساسي لـ “األخوان‬

‫‪4‬‬


‫السنة والشيعة‪ ،‬وقبل ذلك االحتالل‬ ‫املذهبي الذي مت حتريكه بني ّ‬ ‫اإلسرائيلي لفلسطني الذي شرد الشعب‪ ،‬وسلبه أرضه‪ ،‬على‬ ‫أنها أرض “إسرائيل” التوراتية‪ ،‬وألغى الهوية الفلسطينية‪،‬‬ ‫وركز على طرد املسيحيني‪ ،‬للتأكيد أن السيد املسيح لم يأت‬ ‫الى هذه األرض‪ ،‬وليس له مؤمنني فيها‪.‬‬ ‫وقد ازداد القلق على الوجود املسيحي‪ ،‬مع األحداث التي بدأت‬ ‫في سوريا‪ ،‬وقبلها ما انتهت اليه الثورتان في تونس ومصر‪،‬‬ ‫وبعدهما في ليبيا‪ ،‬وظهور حضور “إسالمي متشدد” يتقدم‬ ‫كبديل‪ ،‬ال يخيف اجلماعات الدينية فقط‪ ،‬بل القوى السياسية‬ ‫الدميقراطية والعلمانية‪ ،‬وهو ال يفسر على أنه حتالف األقليات‬ ‫في سوريا ضد أكثرية‪ ،‬بل قلق أقليات من سيطرة أكثرية‬ ‫إسالمية متشددة‪ ،‬إذ مع حتريك النزاعات الطائفية واملذهبية‪،‬‬ ‫كما حصل في العراق‪ ،‬وما يجري في مصر‪ ،‬وما يحصل في‬ ‫تونس‪ ،‬وما قد يجري في ليبيا‪ ،‬فإن املسألة تتخطى موضوع‬ ‫األقلية واألكثرية‪ ،‬بل مسألة النظام السياسي البديل‪ ،‬حيث‬ ‫ثمة محاولة لدى “األخوان املسلمني” على تقدمي فريق منهم‬ ‫نفسه على أنه حالة مدنية‪ ،‬ويتخذ من النموذج التركي مثاالً‪،‬‬ ‫فبدأ استبدال األخوان املسلمني بتسمية “التنمية والعدالة”‬ ‫أو “احلرية والعدالة” وإن اإلسالم الذي يؤمنون به ال ميانع قيام‬ ‫دولة مدنية‪ ،‬وإنه “إسالميا ً معتدل” وليس “إسالمي” حركيا ً‬ ‫عنفيا َ وجهادياً‪.‬‬ ‫وإن هذه الضمانة التي يقدمها “األخوان املسلمون” ال‬ ‫تؤكد على أن الدولة املدنية‪ ،‬تعني فصلها عن الدين‪ ،‬بل هي‬ ‫ترتكز إليه في التشريع‪ ،‬وهو ما ال يطمئن القوى الدميقراطية‬ ‫والعلمانية وهيئات اجملتمع املدني‪ ،‬كما تترك اخلوف يتسرب إلى‬ ‫األقليات الدينية‪ ،‬التي قد تتجه الى الدعوة لإلنفصال وإقامة‬ ‫كيانات خاصة بها‪ ،‬وفي العالم مناذج عدة‪ ،‬ولدت منها دول‪،‬‬ ‫على أساس ديني أو عرقي‪ ،‬واألمثلة كثيرة‪.‬‬ ‫فهل ما يحصل في العالم العربي من ثورات‪ ،‬هي بدايات‬ ‫لزوال كيانات سياسية‪ ،‬واختفاء دول‪ ،‬ووالدة أخرى‪ ،‬بحيث يكون‬ ‫حل األقليات بإنشاء أوطان لها‪ ،‬تبرر وجود “إسرائيل” وتكريس‬ ‫يهوديتها‪.‬‬ ‫إن احلل لألقليات الذي جلأت إليه بعض الدول‪ ،‬على أساس‬ ‫تكريس خصوصياتها املذهبية والطائفية واإلثنية‪ ،‬إمنا هو‬ ‫حل “تيوقراطي” وليس حال ً دميقراطياً‪ ،‬وهو يصب في مصلحة‬ ‫الدول الطامحة لدور إستعماري ونهب ثروات الشعوب‪ ،‬وعدم‬ ‫متكني الشعوب من حكم أنفسها‪ ،‬وهذا ما قد يظهر رويدا ً‬ ‫في عدد من الدول‪ ،‬وإن احلل املدني الذي يجري استبعاده هو‬ ‫وينمي‬ ‫الذي يحمي األقليات‪ ،‬ويصون وجودها‪ ،‬ويعزز استقرارها‪ّ ،‬‬ ‫الدميقراطية فيها‪.‬‬ ‫لذلك تقع الشعوب العربية وتوراتها في أزمة البديل‪ ،‬وإن غير‬ ‫شعار إسقاط النظام‪ ،‬فإن البرامج إن وجدت فهي متناقضة‪،‬‬ ‫فكريا ً وعقائديا ً وسياسياً‪.‬‬ ‫فالثورات التي جمعها سقوط النظام‪ ،‬فرقتها البرامج‬ ‫والبدائل‪ ،‬وعاكسها أن استبدال اإلستبداد األمني بالديني‬ ‫املتطرف واملتشدد‪ ،‬هما وجهان لعملة واحدة‪.‬‬

‫املسلمني” ومنها انطلقت شرارة الفتنة في نهاية السبعينات‬ ‫من القرن املاضي ومطلع ثمانيناته‪ ،‬لكنها أُخمدت‪ ،‬وقد ذهب‬ ‫إليها الدبلوماسي األميركي‪ ،‬ليحركها‪ ،‬فخرجت بالسالح‬ ‫تواجه اجليش السوري وقوات األمن وتعتدي على املواطنني‪،‬‬ ‫حيث ظهر التناغم بني “األخوان املسلمني” وجهات سلفية‬ ‫وأصولية من جهة واإلدارة األميركية‪ ،‬وبرعاية تركية من‬ ‫جهة ثانية‪ ،‬قد أظهرت نتائج هذه الثورات‪ ،‬أن من يفوز فيها‬ ‫هم‪“ ،‬اإلسالميون املتشددون” الذين خطفوها من محركيها‬ ‫اإلصالحيني احلقيقيني لتقع في يد “إسالميني ظالميني” مما‬ ‫أقلق البطريرك املاروني مار بشارة بطرس الراعي من وصولهم‬ ‫الى السلطة‪ ،‬وأن يكونوا بديال ً عن أنظمة وإن كان بعضها‬ ‫مستبدا ً أو يقدم األمن على السياسة‪ ،‬فإنها تبقى أقل سوءا ً‬ ‫من نظام ديني متشدد‪ ،‬يك ِّفر اآلخر ويلغيه‪.‬‬ ‫مما طرحه البطريرك الراعي من هواجس حول الوجود‬ ‫املسيحي كجماعة دينية موجودة في الشرق ما قبل اإلسالم‪،‬‬ ‫ومن هذا املشرق انطلقت الرسالة املسيحية التي يخشى‬ ‫عليها سيد بكركي أن تختفي أو ينقرض املؤمنون بها‪ ،‬فطرح‬ ‫السؤال الوجودي في فرنسا وأمام رئيسها نيكوال ساركوزي‬ ‫الذي يساهم في رسم خارطة املنطقة منذ أن شاركت بالده‬ ‫أميركا في صياغة “الشرق األوسط اجلديد” واقتسامه جلهة‬ ‫مد النفوذ السياسي واألمني واإلقتصادي في عدد من دوله‪،‬‬ ‫فقال البطريرك املاروني للرئيس الفرنسي أين املسيحيني‬ ‫في هذا الشرق الذي ترسمون خارطته وتشجعون على قيام‬ ‫أنظمة دينية فيه‪.‬‬ ‫وقد أضاء البطريرك املاروني‪ ،‬على موضوع األقليات في املشرق‬ ‫العربي‪ ،‬وهذه املسألة املفتوحة منذ االحتالل العثماني‪ ،‬والتي‬ ‫انفجرت مع الصراع املاروني – الدرزي في اجلبل‪ ،‬في العام ‪،1840‬‬ ‫ومنه دخلت الدول السبع بقناصلها‪ ،‬حلماية األقليات التي‬ ‫ابتدعت في العام ‪ 1860‬حتت مسمى نظام املتصرفية‪ ،‬وأنتجت‬ ‫مشروع القائمقاميتني في جبل لبنان‪ ،‬يديرهما درزي وماروني‪،‬‬ ‫ومنذ ذلك الزمان‪ ،‬ظهرت الطائفية السياسية‪.‬‬ ‫فاألقليات في كل اجملتمعات تظهر كأزمة في التحوالت‪ ،‬وفي‬ ‫زمن احلروب‪ ،‬وتسعى إما الى حكم ذاتي أو إنفصال عن دولة‬ ‫ما‪ ،‬أو احللم بوطن‪ ،‬وهي تلجأ الى مراجع إقليمية ودولية تتبنى‬ ‫مشروعها‪ ،‬فاجته بعض قادة املوارنة في لبنان غربا ًَ مقدمني‬ ‫أنفسهم على أنهم “غربيون” في الثقافة واإلنتماء السياسي‬ ‫واحلضاري وامتداد ديني للكنيسة الكاثوليكية فكانت فرنسا‬ ‫“األم احلنون” التي تبنتهم وساعدتهم على أن يكون “لبنان‬ ‫الكبير” كامتياز سياسي لهم‪ ،‬يزيل عنهم اخلوف من احمليط‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬هذه اجلماعة الدينية األقلوية‪ ،‬التي ارتبطت بنظام‬ ‫حماية وفرها لها “بروتوكول” القناصل‪ ،‬كما أمنت بريطانيا‬ ‫احلماية للدروز‪ ،‬وروسيا لألرثوذكس وكان املسلمون السنّة‬ ‫يعتبرون أنفسهم من رعايا “اخلالفة اإلسالمية” التي متثلها‬ ‫السلطنة العثمانية‪.‬‬ ‫وما أثاره البطريرك الراعي من خوف األقليات في املشرق‬ ‫العربي‪ ،‬إمنا جاء في سياق ما حصل في العراق بعد االحتالل‬ ‫األميركي له‪ ،‬وما ّ‬ ‫حل باملسيحيني فيه وتهجيرهم‪ ،‬الى الصراع‬

‫‪5‬‬

‫«منبر التوحيد»‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫طرح أسئلة استراتيجية فانتقدوه بسطحية‬ ‫الراعي ير ّد كرة النار الى الغرب زارع «إسرائيل»‬ ‫عندما انتخب املطران بشارة الراعي‪،‬‬ ‫بطريركا ً “للموارنة”‪ ،‬قال رئيس الهيئة‬ ‫التنفيذية “للقوات اللبنانية” سمير‬ ‫جعجع‪ ،‬إن اللبنانيني ال سيما منهم قوى‬ ‫‪ 8‬آذار سيترحمون على سلفه البطريرك‬ ‫نصر اهلل صفير‪ ،‬ألن مواقفه ستكون‬ ‫أكثر تطرفاً‪ ،‬من سوريا وسالح “حزب اهلل”‬ ‫واملقاومة‪ ،‬وهو سيلتقي أكثر مع طروحات‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬وتوجهاتها “االستقاللية”‪.‬‬ ‫تنبؤات جعجع السياسية‪ ،‬كانت‬ ‫تدحضها الوقائع‪ ،‬فهو لم يصب مرة واحدة‬ ‫في قراءة سياسية‪ ،‬أو حتليل سياسي‪،‬‬ ‫فكانت تصدمه النتائج التي كان يتوقعها‬ ‫ّ‬ ‫تهكم السياسيني‬ ‫وكان دائما ً مدار‬ ‫واملواطنني لقراءاته اخلاطئة‪ ،‬فهو توقع أن‬ ‫الرئيس إميل حلود لن يكمل واليته‪ ،‬وفشل‬ ‫رهانه‪ ،‬كما متنى أن تخسر املقاومة في حرب‬ ‫متوز فذهبت متنياته أدراج الرياح وانهزمت‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وجزم بأن االنتخابات الرئاسية‬ ‫ستجري في النصف زائدا ً واحداً‪ ،‬وخسر في‬ ‫موقفه هذا‪ ،‬كما ّ‬ ‫أكد أن النظام في مصر‬ ‫لن يسقط‪ ،‬فسقط بعكس ما متنى وأصبح‬ ‫الرئيس حسني مبارك سجينا ً كما حصل‬ ‫معه‪.‬‬ ‫وتردد بني السياسيني واملواطنني قول‬ ‫شائع‪ ،‬بأن كل ما يقوله جعجع‪ ،‬يجب‬ ‫أن يحصل عكسه‪ ،‬وهذا ما حصل مع‬ ‫البطريرك الراعي ومواقفه الوطنية منذ‬ ‫أن وصل الى سدة البطريركية‪ ،‬وهي‬ ‫جاءت مغايرة ملا راهن عليه رئيس “القوات‬ ‫اللبنانية” إذ فاجأه كما فاجأ حلفائه‪ ،‬بأن‬ ‫أطلق تصريحات لم تتطابق مع قوى ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫ألن قراءته السياسية والتاريخية واجلغرافية‬ ‫واالستراتيجية مختلفة عنهم‪.‬‬ ‫ولقد ظن فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬أن الراعي سيكون‬ ‫الى جانبه سياسياً‪ ،‬لكنه فاجأه‪ ،‬ولم يكن‬ ‫مضى على انتخابه أياما ً قليلة‪ ،‬حتى أعلن‬ ‫أنه سيزور سوريا‪ ،‬التي رفض البطريرك‬ ‫صفير زيارتها حتى أثناء زيارة البابا الراحل‬ ‫يوحنا بولس الثاني‪ ،‬كما لم يقتنع أن يزورها‬ ‫لتفقد األبرشيات املارونية وكنائسها‪،‬‬ ‫وفيها ثالثة مطارنة موارنة‪ ،‬إضافة الى‬ ‫قبر مار مارون الذي ينحدر من بلدة براد‬ ‫قرب حلب‪ ،‬حيث زارها العماد ميشال عون‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فاسترجع تاريخ املوارنة على أنهم يعودون‬ ‫الى القديس مارون السوري املولد والهوية‪،‬‬ ‫فأحيا الهوية املشرقية للمسيحيني‪.‬‬ ‫لقد صدم املوقف اإليجابي للبطريرك‬ ‫من سوريا‪ 14 ،‬آذار عموما ً ومسيحييها‬ ‫خصوصاً‪ ،‬إذ كانوا يريدون منه أن يكون سلبيا ً‬ ‫في عالقته مع سوريا ويقاطعها‪ ،‬لكنه أصر‬ ‫على أن يزورها ويتفقد األبرشيات فيها‪ ،‬كما‬ ‫يزور أبرشيات لبنان ويجول في املناطق‪ ،‬وزار‬ ‫اجلنوب‪ ،‬الذي لم يزره البطريرك السابق‪،‬‬ ‫حتى بعد حتريره من االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫في عام ‪ ،2000‬وقد استغل التحرير ليطالب‬ ‫بانسحاب اجليش السوري من لبنان‪ ،‬وكان‬ ‫بيان املطارنة واملوارنة الشهير في أيلول‬ ‫عام ‪ ،2000‬وبعد ثالثة أشهر على خروج‬ ‫قوات االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬والذي لم يبذل‬ ‫صفير جهدا ً من أجل دعم املقاومة ضد‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬فكانت مواقفه ملتبسة حول‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬ووفق الظروف السياسية‪،‬‬ ‫بالرغم من محاوالت “حزب اهلل” االنفتاح‬ ‫عليه واحلوار معه‪ ،‬ونقل ما كان يعتبره‬ ‫هواجس أو مخاوف‪ ،‬وقد حصلت قطيعة‬ ‫بني بكركي واحلزب‪ ،‬إثر وصف صفير لسالح‬ ‫املقاومة‪ ،‬بأنه يخيف اآلخرين‪ ،‬وأطلق عبارته‬ ‫ما يسمى بـ “حزب اهلل” التابع إليران‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫فالبطريرك الراعي كان يشارك شهريا ً‬ ‫في اجتماع مجلس املطارنة املوارنة والذي‬ ‫كان يصدر عنه مواقف من قضايا ساخنة‪،‬‬ ‫كانت له بصمات على بعض البيانات التي‬ ‫كان يقال إن صفير كان يكتبها بخط يده‪،‬‬ ‫لكن العقل السياسي للمجلس كان‬ ‫الراعي الذي كان من أكثر املطارنة إطالال ً‬ ‫على اإلعالم‪ ،‬ويتحدث في السياسة وكان‬ ‫يقارب املسائل السياسية في كثير من‬ ‫املواقف‪ ،‬من منظور قريب من قوى ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫ال سيما في مسألة الوجود السوري‪ ،‬وفي‬ ‫الشأن الداخلي املتعلق بحقوق املسيحيني‪،‬‬ ‫أو في موضوع املشاركة في السلطة‪.‬‬ ‫كان مسيحيو ‪ 14‬آذار يعتبرون أن الراعي‬ ‫سيكون نسخة عن صفير‪ ،‬أو سيكمل‬ ‫مسيرته ويزيد‪ ،‬ولن يخرج عن “أدبيات‬ ‫بكركي السياسية” وال عن ثوابتها الوطنية‬ ‫التي سارت عليها في العقدين األخيرين ال‬ ‫سيما في عهد صفير‪.‬‬ ‫لكن املفاجأة أن البطريرك اجلديد كانت‬ ‫له مواقف مختلفة وجذرية‪ ،‬توقف عندها‬ ‫مسيحيو ‪ 14‬آذار أوال ً ثم حلفاؤهم في‬ ‫“تيار املستقبل”‪ ،‬فهو أ ّيد حكومة الرئيس‬ ‫جنيب ميقاتي‪ ،‬وهو ما لم يكن في حسابات‬ ‫الرئيس سعد احلريري الذي استغرب موقف‬


‫أمن التغطية السياسية واالقتصادية والتكنولوجية‪،‬‬ ‫سيد بكركي اجلديد الذي ّ‬ ‫املسيحية للحكومة التي يعتبرها وقد أثبت الرئيس األسد أنه منفتح على‬ ‫حكومة “حزب اهلل” وسوريا وإيران‪ ،‬وجاراه احلوار نحو نظام أفضل‪ ،‬وهو ما ترك الراعي‬ ‫صدم من يقول من باريس لنعطي فرصة للرئيس‬ ‫في ذلك حليفه جعجع الذي ُ‬ ‫موقف البطريرك الراعي‪ ،‬وحاول أن ميتص األسد لتحقيق اإلصالحات التي تتجاوب‬ ‫الصدمة التي أحدثها موقف الراعي في مع الشعب‪ ،‬وبقيت فئة متمردة ومسلحة‬ ‫صفوف ‪ 14‬آذار‪ ،‬وقرر مع احلريري أن يحاوراه تريد االستيالء على السلطة‪.‬‬ ‫مباشرة أو عبر الوسطاء لينتزعا موقفا ً‬ ‫فحديث الراعي عن فرصة لألسد‪ ،‬أزعج‬ ‫مناهضا ً للحكومة ففشال‪ ،‬وواجههم بعض اللبنانيني ال سيما قوى ‪ 14‬آذار‬ ‫الراعي بأنه يؤمن بتداول السلطة‪ ،‬وأن وحتديدا ً سعد احلريري الذي ربط توقيت‬ ‫يحكم على احلكومة من خالل تطبيق عودته الى لبنان ورئاسة احلكومة على‬ ‫ساعة سقوط النظام في سوريا‪ ،‬فكيف‬ ‫بيانها الوزاري‪.‬‬ ‫فبعد صدمة تأييد احلكومة امليقاتية‪ ،‬للبطريرك املاروني أن يعطيه فرصة‪،‬‬ ‫وقع زلزال على قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬عندما تخ ّوف وهو يعلن ذلك من أمام القصر الرئاسي‬ ‫البطريرك الراعي من أن تخدم ثورات بعض الفرنسي في االليزيه‪ ،‬ومعنى ذلك أنه أقنع‬ ‫الدول العربية مشروع “الشرق األوسط الرئيس نيكوال ساركوزي‪ ،‬أن ال يضغطوا‬ ‫اجلديد” لتعميم الفوضى اخلالقة حتت عليه كي يتنحى ألن البديل سيكون اسوأ‬ ‫شعار “الدميقراطية”‪ ،‬وإسقاط أنظمة ليس للمسيحيني في سوريا‪ ،‬بل في لبنان‪،‬‬ ‫القمع واالستبداد‪ ،‬وحتقيق اإلصالح‪ ،‬وأن وصول حكم إسالمي أصولي وهو‬ ‫وقد أ ّيد البطريرك حركات التغيير التي متوقع‪ ،‬يعني ترحيل املسيحيني من سوريا‬ ‫تقوم بها شعوب عربية إال أنه اصطدم وهي مهد املسيحية‪ ،‬وهناك جتربة العراق‬ ‫تهجر منه أكثر من مليون مسيحي‬ ‫مبا يطرح من بدائل‪ ،‬إذ أعلن عن إعطاء الذي‬ ‫ّ‬ ‫فرصة لإلصالحات التي أقرها الرئيس بعد االحتالل االميركي له‪ ،‬وحصول فوضى‬ ‫بشار األسد‪ ،‬ليكون االنتقال سلميا ً وليس وضعف السلطة املركزية‪ ،‬في ظل دستور‬ ‫بالسالح‪ ،‬ويتم عبر املؤسسات الدستورية‪ ،‬مفردل‪ ،‬وهو ما يقلق الراعي الذي يخشى‬ ‫وبأساليب دميقراطية‪ ،‬ومن خالل اللعبة أن يفرغ املشرق العربي من املسيحيني‪ ،‬وهو‬ ‫االنتخابية‪ ،‬بعد أن مت إقرار قانون أحزاب ما ورد في “مشروع الشرق األوسط اجلديد”‬ ‫وإعالم وانتخابات‪ ،‬واجتاه إللغاء املادة الثامنة لتقسيم املنطقة‪ ،‬وإذكاء نظرية الصراع‬ ‫من الدستور‪ ،‬التي تعتبر حزب البعث قائدا ً املذهبي السني – الشيعي‪.‬‬ ‫لقد أعلن البطريرك الراعي مواقفه‬ ‫للدولة واجملتمع‪.‬‬ ‫لقد نظر البطريرك الراعي الى الوضع انطالقا ً من قراءته ملا هو مخطط‬ ‫في سوريا وقرأ التطورات في املنطقة‪ ،‬للمنطقة من مشاريع‪ ،‬وهو ين ّبه الى‬ ‫ورحيل أنظمة في تونس ومصر وليبيا‪ ،‬ورأى خطورتها‪ ،‬إذ يجري رسم خرائط لها‪ ،‬ال‬ ‫أن البدائل التي تتقدم هي وصول جماعات يظهر أن للمسيحيني عموما ً واملوارنة‬ ‫دينية‪ ،‬أو منظمات إسالمية أصولية خصوصاً‪ ،‬وجود على خارطة املنطقة التي‬ ‫متشددة‪ ،‬وبعضها تكفيري‪ ،‬وقد راقب هذا رسمت قبل حوالي قرن‪ ،‬ومت اقتسامها في‬ ‫التحول الذي لم يراه يصب في الوصول اتفاقية سايس ‪ -‬بيكو‪ ،‬فحصل املوارنة‬ ‫الى نظام مدني‪ ،‬بل الى أنظمة دينية او على “لبنان الكبير” في عام ‪ ،1920‬أثناء‬ ‫تتكئ على الدين‪ ،‬وهو ما ترك سيد بكركي رسم اخلارطة في مؤمتر فرساي‪ ،‬بعد أن‬ ‫يطرح الهواجس عن مستقبل املسيحيني أجرى املطرانان احلويك وعريضة اتصاالت‬ ‫في الشرق‪ ،‬وتواجدهم فيه‪ ،‬بعد أن تراجع مع فرنسا‪ ،‬ملعرفة مصير املوارنة في لبنان‪،‬‬ ‫عددهم بسبب الهجرة التي كانت حتصل وأن البطريرك الراعي يعمل في هذا االجتاه‪،‬‬ ‫ألسباب اقتصادية أو سياسية او دينية‪ ،‬مع رسم خارطة “الشرق األوسط” وتغيير‬ ‫وسأل ماذا لو تغ ّير النظام في سوريا من انظمة‪ ،‬فإنه يريد معرفة ماذا سيحل في‬ ‫نظام مدني الى نظام ديني‪ ،‬ففي النظام لبنان ككيان‪ ،‬والى أين تتجه سوريا التي‬ ‫احلالي الذي يحتاج الى إصالحات‪ ،‬يعيش إذا جنحت املؤامرة عليها‪ ،‬فإنها ستدخل‬ ‫املواطن السوري الى أية طائفة أو مذهب في صراع مذهبي‪ ،‬قد ال يكون لبنان‬ ‫انتمى في دولة مدنية ال تف ّرق بني املواطنني بعيدا ً عنه‪ ،‬وسيصبح الوضع املسيحي‬ ‫وحتترم املواطنة‪ ،‬وإن كانت ثمة ثغرات ال بد مجهوالً‪.‬‬ ‫هذه الهواجس طرحها البطريرك الراعي‬ ‫من معاجلتها في داخل النظام عبر حتديث‬ ‫قوانني وتطويرها مبا يتالءم والتحوالت في فرنسا أمام ساركوزي ومسؤولني‬ ‫التي حتصل في العالم على املستويات فرنسيني آخرين‪ ،‬كما كان بحثها في‬

‫‪7‬‬

‫الفاتيكان الذي تفهم مخاوفه‪ ،‬عن‬ ‫الوجود املسيحي في الشرق‪ ،‬والذي شدد‬ ‫السينودس من أجل لبنان على ترسيخه‬ ‫فيه‪ ،‬ألن من دونه سينتفي مجيء املسيح‬ ‫الذي يعمل “املسيحيون املتصهينون” على‬ ‫نكران وجوده وأن عودة ثانية له ستحصل‬ ‫بعد قيام “إسرائيل الكبرى”‪ ،‬وهو ما يفهم‬ ‫احلروب التي تفتعلها أميركا و”إسرائيل” في‬ ‫املنطقة والصراعات الطائفية واملذهبية‬ ‫التي تشعلها‪ ،‬لتطهير املنطقة من‬ ‫املسيحيني وتفتيتها‪.‬‬ ‫ودق البطريرك الراعي ناقوس اخلطر‪ ،‬ون ّبه‬ ‫الى أن “إسرائيل” هي التي تسببت بأزمات‬ ‫املنطقة بسبب وجودها غير الطبيعي‪،‬‬ ‫واستيالئها على فلسطني وطرد شعبها‪،‬‬ ‫الذي ال ميكن أن يقبل عن حق العودة بديالً‪،‬‬ ‫وطاملا هذا غير مؤمن‪ ،‬واألمم املتحدة ال تقوم‬ ‫بتطبيق قراراتها ومنها القرار ‪ ،194‬فإن‬ ‫لبنان واملنطقة سيبقيان على فوهة بركان‬ ‫مشتعلة‪ ،‬وأن املقاومة تصبح مشروعة‬ ‫بوجود االحتالل‪ ،‬وهذا ما يفسر بقاء سالح‬ ‫“حزب اهلل” طاملا “إسرائيل” حتتل مزارع‬ ‫شبعا وتالل كفرشوبا واجلزء الشمالي‬ ‫من مدينة الغجر كما يقول الراعي والذي‬ ‫ّ‬ ‫يؤكد أنه ال يبقى للسالح من مبرر إذا‬ ‫زال االحتالل‪ ،‬كما تساعد عودة النازحني‬ ‫الفلسطينيني على إعالن لبنان بلدا ً منزوع‬ ‫السالح غير الشرعي‪ ،‬والكرة في ملعب‬ ‫الغرب الذي زرع “إسرائيل”‪ ،‬وعليه أن يجد‬ ‫البديل‪ ،‬ال أن يرمي كرة النار علينا‪ ،‬ويسألنا‬ ‫ملاذا حتترقون‪ ،‬كما أبلغ البطريرك الراعي‬ ‫الرئيس الفرنسي‪.‬‬ ‫هذا الكالم الوطني والقومي واملبدئي‪،‬‬ ‫الذي يصدر عن بطريرك ماروني بهذه‬ ‫اجلرأة‪ ،‬لذلك كانت احلملة عليه من أطراف‬ ‫سياسية مرتبطة مبشاريع خارجية‪ ،‬ال‬ ‫سيما أميركية‪ ،‬ألن الراعي كشف خطر‬ ‫املشروع األميركي للمنطقة املسمى‬ ‫“الشرق االوسط اجلديد”‪ ،‬وهو مشروع‬ ‫ابتدعه الرئيس اإلسرائيلي شيمون بيريز‬ ‫مطلع التسعينات وترافق مع انعقاد مؤمتر‬ ‫مدريد‪ ،‬وطرد القوات العراقية بقيادة صدام‬ ‫حسني من الكويت‪ ،‬إذ بدأ احلديث عن خارطة‬ ‫للمنطقة‪ ،‬منذ عقدين يجري تنفيذها اآلن‪،‬‬ ‫وهو ما أدركه البطريرك الراعي الذي حتدث‬ ‫في موضوع استراتيجي فكان الرد عليه‬ ‫سياسيا ً بعقلية سياسة الزواريب التي‬ ‫اعتاد عليها بعض السياسيني اللبنانيني‪،‬‬ ‫وهو رد على منتقديه بأن كالمهم سطحي‪،‬‬ ‫امام والدة دول وزوال أخرى”‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫الشريحة السنية غير المتطرفة ضد إلغاء الوجود المسيحي وحرق الكنائس‬

‫الفرزلي لـ «منبر التوحيد»‪ :‬ندعم توجه‬ ‫البطريرك الراعي أن المسيحيين في خطر‬ ‫نظرا ً للمتغيرات التي جتتاح املنطقة‪،‬‬ ‫هل صحيح أن اخلطر يحيط باملسيحيني‬ ‫في سوريا بعد تهجير مسيحيي العراق‬ ‫وفلسطني؟ ماذا عن اخملطط األميركي الذي‬ ‫يهدف الى تفريغ الشرق من مسيحييه؟‬ ‫هل ّ‬ ‫دق ناقوس اخلطر وبدأ العد العكسي‬ ‫لتنفيذ هذا املشروع الذي يهدف الى تدمير‬ ‫املنطقة؟ ملعرفة املزيد عن هذا املوضوغ‬ ‫التقت “منبر التوحيد” دولة الرئيس إيلي‬ ‫الفرزلي في حديث خاص وقد بدا قلقاً‬ ‫على مصير املسيحيني‪ ،‬وهذا التخوف‬ ‫يشعر به منذ العام ‪ 1995‬وقد كرره مرارا ً‬ ‫وتكرارا ً في وسائل اإلعالم وقبل وجود أي‬ ‫إنذار يشير الى ذلك‪ .‬وعن لقائه البطريرك‬ ‫هزمي وعن وضع املسيحيني في سوريا ّ‬ ‫أكد‬ ‫الفرزلي بأن البطريرك أعلن بالفم املآلن أن‬ ‫املسيحيني يعيشون بنعيم وهم ال يعانون‬ ‫مما تعاني منه بقية الدول‪ .‬وفيما يلي نص‬ ‫احلوار‪:‬‬

‫دولة الرئيس البطريرك الراعي قلق على‬ ‫مصير املسيحيني في سوريا نظرا ً ملا آل إليه‬ ‫وضع املسيحيني في العراق ومصر؟ برأيكم‬ ‫هل سيواجه مسيحيو سوريا املصير نفسه‬ ‫فيما لو سقط النظام؟‬ ‫غبطة البطريرك الراعي متخوف وتخوفه‬ ‫في محله وهذا التخوف أشعر به منذ العام‬ ‫‪ 1995‬وأتك ّلم عنه على شاشات التلفزة وعلى‬ ‫كل املنابر وكنت دائما ً أقول قبل وقوع األحداث‬ ‫في سوريا ولم يكن هناك أي إنذار بالنسبة الى‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬نظرا ً الى أن انتشاراملسيحيني في‬ ‫سوريا كبير وهم جزء من حالة واسعة وليسوا‬ ‫محصورين في منطقة جغرافية معينة إذا ال‬ ‫سمح اهلل ذهبت سوريا الى الفوضى لن يبقى‬ ‫لهم موطىء قدم يتكئون عليها‪ .‬هناك مناطق‬ ‫تتسم بسمة معينة يستطيعون العيش فيها‪،‬‬ ‫أما في باقي املناطق فماذا يفعلون؟ البطريرك‬ ‫الراعي يعتبر أن االنتقال من املعلوم الى اجملهول‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلدارة الصهيونية للصراع عبر الواليات املتحدة األميركية‬ ‫إدارة تفتيتية للكيانات‬ ‫البطريرك هزمي قالها بالفم املآلن‪:‬‬ ‫إننا في سوريا مرتاحون ونعيش بنعيم‬ ‫ونحن ال نعاني مما تعاني منه بقية الدول‬ ‫أمر ال يطمئن بدليل أن هناك انتقال جرى في‬ ‫العراق وكان من املفروض أن يكون معلوما ً‬ ‫خصوصا ً بظل وجود ‪ 180,000‬عسكري أميركي‬ ‫الذين لم مينعوا اجملازر والتهجير وإلغاء الوجود‬ ‫املسيحي وحرق الكنائس‪ .‬هذا يؤشر على ما‬ ‫ميكن أن يجري في سوريا وعلى الثقافة السائدة‬ ‫مع التأكيد بأن هناك شريحة أخرى محترمة‬ ‫ولكن من يستطيع أن يضمن أن هذه الشريحة‬ ‫األخرى التي ال تريد مثل هكذا تصرفات تستطيع‬ ‫أن حتمي هذا الوجود املسيحي‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫دولة الرئيس عن أية شريحة تتكلمون؟‬ ‫الشريحة السنية غير املتطرفة وغير‬ ‫املتشددة ويجب أن نعترف بذلك وهذا أمر‬ ‫مهم جداً‪ .‬كل التصرفات في املنطقة تدل‬ ‫على أن اإلدارة الصهيونية للصراع عبر الواليات‬ ‫املتحدة األميركية إدارة تفتيتية للكيانات‪ ،‬وإدارة‬ ‫تقسيمية حملت في طياتها إنهاء لوجود‬ ‫األقليات وعدم إعطائها أية قيمة‪ .‬كيف ميكن‬ ‫للبطريرك الراعي أن ال يقلق وأن ال يتطلع الى‬ ‫الغد في عملية حتديد مصيراملسيحيني وهو‬


‫رأس الكنيسة املارونية وبطريرك إنطاكيا وسائر‬ ‫املشرق‪ .‬من هنا كان موقف البطريرك املبرر‬ ‫تبريرا ً كامالً والذي ننتظم وراءه وندعم توجهه‬ ‫دعما ً ال لبس فيه‪.‬‬ ‫ما رأيكم في ما يقول البعض إن البطريرك‬ ‫قال ذلك لكي يحمي مسيحيي سوريا مما‬ ‫يجري؟‬ ‫البطريرك صرح ال لكي يحمي أو لكي يدعم‬ ‫املسيحيني‪ ،‬إنه أب يتطلع من فوق على مشكل‬ ‫قائم ويطرح الصوت عاليا ًلكي يسمعوا في‬ ‫العالم وال يتصرفوا في املنطقة تصرفا ً جافا ً‬ ‫وقاسياً‪ ،‬تصرفا ً ال رحمة فيه عبر دفع شعوبها‬ ‫الى االقتتال بدليل أنه قال لهم اذهبوا الى‬ ‫النصح واإلرشاد في عملية ترسيخ األنظمة‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬وليس أن تخلقوا كل ظروف‬ ‫الدكتاتورية وقد ثبت في ليبيا أن كل أنظمة‬ ‫االستخبارات والبنى التحتية أنشأها األوروبيون‬ ‫واألميركيون‪ .‬يساعدون القذافي لكي ميارس‬ ‫ديكاتوريته ثم يقولون للشعوب ثوروا عليه‬ ‫ويرسل اليهود سفراءهم لكي يقودوا الفتنة‬ ‫ضمن ليبيا بهدف توزيع ثرواتها وتقاسمها‪.‬‬ ‫لقد التقيتم البطريرك هزمي الذي ميثل أعلى‬ ‫سلطة كنسية في سوريا هل طمأنكم عن‬ ‫وضع املسيحيني هناك؟‬ ‫آالم البطريرك هي آالمنا وقراءته لآلالم هي‬ ‫قراءتنا ومعلوماته حول املوضوع هي نفس‬ ‫معلوماتنا ولكن البطريرك هزمي قالها بالفم‬ ‫املآلن‪ :‬إننا في سوريا مرتاحون ونعيش بنعيم‬ ‫ونحن ال نعاني مما تعاني منه بقية الدول‪،‬‬ ‫وبالتالي كأنه يريد أن يقول إن االنتقال الى حالة‬ ‫أخرى ال نستطيع أن نضبط إيقاعها وال حتمل‬ ‫ضمانات الستمرارية هذا الهناء هو أمر غير‬ ‫مقبول‪.‬‬ ‫هل نحن نسير نحو مجتمع يسوده التيار‬ ‫اإلسالمي املتشدد؟‬ ‫الشك أن بعض الدول ومن بينهم تركيا‬ ‫لعبت دورا ً سلبيا ً في هذا اجملال ألن فكرة اخلالفة‬ ‫راودتها‪ ،‬وباألمس أردوغان قال بالفم املآلن من‬ ‫مصر «أنا حفيد العثمانيني والسالجقة»‪ .‬وفي‬ ‫حوار جرى بينه وبني زعيم املعارضة التركية‬ ‫حتدث مبنطق أدار فيه الفتنة املذهبية في بالده‪.‬‬ ‫فإذا كان يدير الفتنة املذهبية داخل تركيا وهو‬ ‫رئيس وزرائها هل سيرحم سوريا؟ هل سيرحم‬ ‫مصر وليبيا؟ هو الذي بدأ بدعم القذافي وانتهى‬ ‫بالتحريض عليه؟ بدأ مبسايرة مبارك وانتهى‬ ‫باملطالبة برحيله؟ إنه رأس حربة للناتو‪ .‬لقد‬ ‫أقام الدرع الصاروخي لكي يحمي «إسرائيل»‬ ‫ويهدد املنطقة ويهدد جوارها‪ ،‬إنه يطمح أن‬ ‫يعيد إنتاج ما يسمى باالمبراطورية العثمانية‪.‬‬ ‫في حوار جرى بينه وبني زعيم املعارضة يقول له‬ ‫زعيم املعارضة أي زعيم احلزب اجلمهوري الذي‬ ‫ميثل ‪ % 40‬من تركيا «أنت فشلت في السياسة‬ ‫اإلسرائيلية وهذا أمر يجب ان تعترف فيه»‪،‬‬

‫أردوغان قال بالفم املآلن من مصر «أنا حفيد العثمانيني‬ ‫والسالجقة» وهو يخوض علناً كرئيس وزارة حوار مذهبي‬ ‫مع زعيم معارضة في بلده‬ ‫أردوغان رأس حربة لـ «الناتو»‬ ‫النظام في سوريا جتاوز احملنة وبقيت احلرب اخلارجية‬ ‫أجابه‪« :‬يبدو إنك بعثي تنتمي الى ‪ %15‬يعني‬ ‫العلويني»‪ .‬في بلده هناك ‪ 10‬الى ‪ 15‬مليون علوي‬ ‫وهو يخوض علنا ً كرئيس وزارة حوار مذهبي‬ ‫مع زعيم معارضة في بلده‪ .‬هل هذا يعني إنه‬ ‫سيحمي وسيرحم سوريا وغير سوريا من إدارة‬ ‫الفتنة املذهبية وإدارة االستهداف املذهبي‬ ‫للبالد وإسقاط العروبة مبذهبيات متعددة؟ هذا‬ ‫موضوع في غاية اخلطورة‪ .‬أستطيع أن أتقبل أي‬ ‫مسلم بصرف النظر عن تشدده وعدم تشدده‬ ‫أن يستلم السلطة بصورة دميقراطية ولكن‬ ‫بفعل التدخالت اخلارجية التي لها مصالح‬ ‫وغايات تتجاوز فيها حدود الدول وحدود العروبة‪،‬‬ ‫فهذا مرفوض ألن هذه البالد عربية‪ ،‬ونحن مع‬ ‫هذه العروبة وسوريا هي قلب العروبة النابض‬ ‫وستبقى في وجه هذا املد العثماني لتسقطه‪،‬‬ ‫وانشاء اهلل سيسقط على أبواب سوريا أردوغان‬ ‫وأمثاله‪ .‬هناك توجه جملتمع متشدد بفعل‬ ‫التدخل اخلارجي وتبينّ أن تركيا هي رأس حربة‬ ‫الغرب واإلرادة الصهيونية الغربية بتنفيذ هذا‬

‫‪9‬‬

‫اخملطط على األرض العربية‪.‬‬ ‫االضطهاد في الشرق يدفع املسيحيني‬ ‫الى الهجرة‪ ،‬فهل ستكون الهجرة خيارهم‬ ‫الوحيد لضمان مستقبلهم ومستقبل‬ ‫أوالدهم؟‬ ‫لسوء احلظ هذه الثقافة موجودة عند‬ ‫املسيحيني‪ .‬بعض الهجرة متت بسبب احلروب‬ ‫وبعضها بسبب الثورات وبعضها بسبب احلاجة‬ ‫االقتصادية‪ .‬إنهم يهاجرون الى أميركا وأوروبا‬ ‫وأستراليا وكندا ويغرقون في هذه اجملتمعات وال‬ ‫يعودون الى الوطن خالفا ً لغيرهم من الطوائف‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وبالتالي هذا يؤدي الى تناقصهم‬ ‫وضمور عددهم يوما ً بعد يوم‪ .‬هذه األوضاع‬ ‫القائمة تشجع على الهجرة وتخيفهم أكثر‪.‬‬ ‫يحاول صاحب الغبطة كما نحاول نحن أن‬ ‫نرسي في قلوبهم شعورا ً من الطمأنينة‬ ‫لكي يبقوا في أرضهم فتحافظ املنطقة على‬ ‫طبيعتها وحضارتها وتنوعها وتعدديتها‪ .‬وعندما‬ ‫نقول نظام األسد نعني سوريا التعدد‪ ،‬سوريا‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫الالطائفية‪ ،‬سوريا املدنية‪ .‬هذا ال يعني إننا ضد‬ ‫اإلصالح بل نحن مع اإلصالح ولكن هذه هي القيم‬ ‫واملبادىء األساسية التي نريد أن نركز عليها‪.‬‬ ‫هل تخافون على النظام في سوريا؟‬ ‫كال لقد مت ً جتاوز احملنة‪ .‬وبالتالي بقيت احلرب‬ ‫اخلارجية وهذه احلرب طويلة ألنها مرتبطة‬ ‫مبلفات إقليمية متعددة ‪.‬‬ ‫لقد قلتم سابقاً إذا جتاوز النظام احملنة‬ ‫سيعود أقوى من السابق فهل مازلتم عند‬ ‫رأيكم؟‬ ‫طبعا ً ألن الضربة التي ال تقتل تق ّوي‪.‬‬ ‫املسيحيون هم رواد النهضة ضد التتريك‬ ‫واالستعمار‪ ،‬ملاذا لم يشاركوا في انتفاضة‬ ‫الشعوب العربية ضد احلكام؟‬ ‫الكثير من املسيحيني شاركوا في املظاهرات‬ ‫في سوريا منهم ميشال كيلو‪.‬‬ ‫ولكن العدد قليل جداً؟‬ ‫نعم ألنهم مطمئنون وال يستطيعون ركوب‬ ‫مراكب خشنة أو الدخول الى اجملهول‪ .‬ولكن‬ ‫تاريخيا ً كانوا وراء كل فكر النهضة العربية‪،‬‬ ‫كل احلركات القومية والتقدمية واملاركسية‬ ‫من ميشال عفلق الى انطون سعاده الى جورج‬ ‫حبش كان روادها مسيحيني‪ .‬ولكن اليوم مع‬ ‫الوضع القائم وهذا الواقع لسوء احلظ ال يبشر‬ ‫باخلير وبالتالي يتخوفون من مراكب تنقلهم من‬ ‫املعلوم الى اجملهول‪.‬‬ ‫يعني املسيحيون ال يخافون من التغيير بل‬ ‫من البديل؟‬ ‫نعم البديل غير املعلوم‪.‬‬ ‫كيف ميكن للبنان أن يتج ّنب التجاذبات‬ ‫الطائفية واملذهبية وبالتالي يتج ّنب‬ ‫املسيحيون فيه مصير إخوانهم في الدول‬ ‫العربية؟‬ ‫لبنان لسوء احلظ أصبح كيانات مذهبية لها‬ ‫إعالمها وثقافتها وأدبياتها‪ ،‬لها مؤسساتها‬ ‫وعالقاتها في اخلارج‪ .‬الطريقة الوحيدة للخروج‬ ‫من املذهبية والطائفية هي االعتراف بخصوصية‬ ‫هذه الطوائف‪ .‬كم وكم من األصوات في كل‬ ‫الطوائف ارتفعت لتطالب باخلصوصية‪ .‬باألمس‬ ‫عندما كلف الرئيس ميقاتي اجتمعوا في اجمللس‬ ‫الشرعي اإلسالمي السني وأصدروا بيانا ً وحتدثوا‬ ‫فيه عن اخلصوصية السنية‪ ،‬وليد بك جنبالط‬ ‫وقف أمام قصر بعبدا وطلب احترام خصوصيته‪،‬‬ ‫وباألمس قال ال أريد أن أذوب في املساحات‬ ‫الكبرى‪ .‬إخواننا الشيعة عندما استقالوا من‬ ‫احلكومة وهم محقون في ذلك اعتبروها غير‬ ‫شرعية وغير ميثاقية ألن الطائفة غير موجودة‬ ‫فيها‪ .‬عندما سافر العماد عون الى باريس بعض‬ ‫املسيحيني لم يعترفوا بأن املوارنة املوجودين في‬ ‫السلطة ميثلونهم وبقي التشكيك في النظام‬ ‫كله ألن هناك خصوصية الطائفة املارونية‪.‬‬ ‫هذه اخلصوصيات هي سيدة املوقف لذلك يجب‬ ‫االعتراف بها‪ .‬شبلي متوز في مناقشات الدستور‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلصالح الذي بدأه الرئيس‬ ‫بشار األسد سيُخرج‬ ‫سوريا أكثر مناعة وقوة‬ ‫إذا ذهبت سوريا نحو‬ ‫الفوضى املطلقة‬ ‫فستنتقل الفوضى‬ ‫الى لبنان‬ ‫نص الدستور اللبناني سنة ‪ 1926‬يقول‪:‬‬ ‫وهو الذي ّ‬ ‫«إني أحتقر الطائفية ولكن إياكم أن تتجاوزوها‬ ‫لئال تقعوا فيها وتسقطوا وتتمزق الوحدة»‪.‬‬ ‫املساواة وعدم الغنب هما اللذان ينتجان املواطنية‬ ‫أو يضعنا على خطة إنتاج املواطنية‪ .‬هناك ‪64‬‬ ‫نائبا ً مسيحيا ً و ‪ 64‬نائبا ً مسلماً‪ ،‬من أصل ‪64‬‬ ‫نائبا ً مسيحيا ً هناك ‪ 35‬نائبا ً يُستولدوا في كنف‬ ‫الزعامات اإلسالمية وهذا أمر ال يجوز أن يستمر‪.‬‬ ‫هل سيؤئر الوضع في سوريا على لبنان؟‬ ‫سيؤثر من كل النواحي أمنيا ً واقتصاديا ً‬ ‫واجتماعيا ً وسياسيا ً ومصيريا ً ووجودياً‪ .‬سيؤثر‬ ‫على لبنان إذا ذهبت سوريا نحو الفوضى‬ ‫املطلقة فستنتقل الفوضى الى لبنان‪ ،‬وإذا‬ ‫ذهبت باجتاه احلروب األهلية والتفتيت ستنتقل‬ ‫الى لبنان‪.‬‬ ‫البعض يقول إنها تهويالت؟‬ ‫وإذا لم تكن كذلك ماذا نفعل؟ هذا كالم‬ ‫سياسي‪ ،‬هناك واقع حقيقي على األرض ثورة‬ ‫الـ ‪ 1925‬بدأت في سوريا وانتهت في لبنان‪.‬‬ ‫ولكن لغاية اليوم لم يتأثر لبنان باألوضاع‬ ‫في سوريا‪ ،‬ملاذا برأيكم؟‬ ‫ألن النظام السوري مازال متماسكاً‪ ،‬وألن‬ ‫حلفاء سوريا في لبنان ميسكون األرض وال‬ ‫يريدون مشاكل في لبنان‪ .‬عندما تذهب سوريا‬ ‫الى الفوضى أو عدم االستقرار وقوانني اللعبة‬ ‫لم تعد مضبوطة متتد الى لبنان‪ .‬وقعت أحداث‬ ‫في الضاحية نتيجة حادث فردي ذهب ضحيتها‬ ‫‪ 16‬جريحا ً فأخذ السيد حسن نصراهلل قرارا ً‬ ‫مبنع ردة الفعل‪ .‬أليس هذا دليل أنه ال يريد فتنة‬ ‫في البلد؟ هناك واقع مذهبي طائفي في لبنان‬ ‫يجب االعتراف به‪ .‬إذا استثنينا احلزب السوري‬

‫‪10‬‬

‫القومي االجتماعي وهو في طليعة األحزاب‬ ‫التي يجب أن تُرفع لها القبعة والتي جتاوزت‬ ‫حدود الطائفية ومعاقلها‪ ،‬ولكن لسوء احلظ‬ ‫ماذا ّ‬ ‫حل به في كل املناطق اللبنانية‪ ،‬وهو ال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يستطيع لوحده أن يؤمن حال بديال ألن الناس‬ ‫ذاهبة باجتاه اخلصوصيات الطائفية وليس باجتاه‬ ‫الفكر القومي‪.‬‬ ‫ما هو اإلصالح الذي ينادي به امليسحيون؟‬ ‫املسيحي يطالب مبنطق الدولة أن يسود ألنها‬ ‫ثقافته‪ .‬وفي سوريا اإلصالح الذي بدأه الرئيس‬ ‫بشار األسد س ُيخرج سوريا أكثر مناعة وقوة‪.‬‬ ‫وهذا ما نتمنى أن يتم بصورة جيدة وأن تتوقف‬ ‫املؤامرات اخلارجية التي تستهدفها لغايات ال‬ ‫عالقة لها باإلصالح إمنا بالصراع مع «إسرائيل»‪،‬‬ ‫وبصراع احملاور اإلقليمية الكبرى‪ ،‬في العالقة‬ ‫مع إيران ومنطق املقاومة ومنطق املمانعة‬ ‫إلسقاط دور سوريا وحتجيمها وتفريغها من‬ ‫مضمونها ولوي ذراعها وبالتالي تفريغ منطق‬ ‫املقاومة وثقافتها‪ .‬هذه هي الغاية‪ ،‬يحاولون‬ ‫إضعاف سوريا من الداخل‪ .‬فموضوع اإلصالح‬ ‫في سوريا لم يعد الهدف‪ ،‬اإلصالح أمر مسلم‬ ‫به عند احلكم ولكن الهدف تفتيت سوريا هذه‬ ‫هي املؤامرة احلقيقية‪ .‬منذ اليوم األول لألحداث‬ ‫في سوريا دعينا الى مؤمتر في الكومودور كان‬ ‫لي كلمة قلت فيها «ليس حبا ً ببشار األسد‬ ‫وإمنا دفاعا ً عن وحدة سوريا ملنع تفتيتها‪ ،‬ألنها‬ ‫مؤامرة صهيونية‪ .‬نحن مع بشار األسد في‬ ‫السراء والضراء»‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬


‫‪11‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫ألن الجيش خط أحمر‬ ‫في صيانة السلم األهلي‬ ‫وحماية المقاومة‬

‫الضاهر ومن يحالفه يفشلون في المس بوحدته‬ ‫لم يكن مفاجئا ً للبنانيني‪ ،‬أن يخرج النائب‬ ‫خالد الضاهر‪ ،‬بالهجوم على اجليش اللبناني‪،‬‬ ‫ودعوة الضباط والرتباء واجلنود من الطائفة‬ ‫السنية ال سيما أبناء منطقته‪ ،‬بالتمرد على‬ ‫قيادته‪ ،‬واالنشقاق عليه‪ ،‬بعد أن اتهم قائده‬ ‫العماد جان قهوجي بالفشل‪ ،‬وسعيه للوصول‬ ‫الى رئاسة اجلمهورية‪ ،‬وحاول تشويه صورة‬ ‫املؤسسة العسكرية التي يجمع اللبنانيون على‬ ‫أنها على مسافة واحدة من اجلميع‪ ،‬ولم تدخل‬ ‫في الصراعات الداخلية‪ ،‬التي كانت تتسبب‬ ‫بانقسامه الى ألوية مذهبية وطائفية‪ ،‬وابتعدت‬ ‫عن السجاالت والتجاذبات السياسية‪ ،‬فاكتسبت‬ ‫ثقة املواطنني أوالً‪ ،‬ولم يتمكن السياسيون من‬ ‫اختراقها ملآربهم الفئوية‪ ،‬حيث حاول النائب‬ ‫الضاهر‪ ،‬أن يلعب اللعبة اخلطرة‪ ،‬بالتحريض‬ ‫على اجليش‪ ،‬الذي منع وقوع احلرب األهلية من‬ ‫جديد‪ ،‬بسبب قرار قيادته‪ ،‬أن يبقى موحداً‪ ،‬مهما‬ ‫اشتدت الضغوط عليه‪ ،‬ألن ثمة مصلحة جلهات‬ ‫سياسية داخلية وأخرى خارجية‪ ،‬بتوريطه في‬ ‫حروب الداخل‪ ،‬وتكرار ما حصل مع إشعال الفتنة‬ ‫في العام ‪ ،1975‬واحملاوالت التي جرت من كل طرف‬ ‫سياسي أن يكون اجليش الى جانبه‪ ،‬الى أن تشظى‬ ‫وتشرذم في العام ‪ ،1976‬ثم في العام ‪ ،1983‬وأعاد‬ ‫توحيده في العام ‪ 1990‬بعد اتفاق الطائف ووقف‬ ‫احلرب األهلية‪ ،‬قائده آنذاك العماد إميل حلود‪ ،‬وجنح‬ ‫ألنه أبعد تدخل السياسيني في شؤونه‪ ،‬ووضع له‬ ‫عقيدة قتالية‪ ،‬ضد العدو اإلسرائيلي‪ ،‬ورفض زجه‬ ‫في أي اقتتال داخلي‪ ،‬ال سيما مع املقاومة التي‬ ‫فتح معها باب التنسيق والتعاون‪.‬‬ ‫هذا اجليش الذي حاول النائب ضاهر افتعال‬ ‫إشكال معه‪ ،‬وارتد عليه وجوبه برفض ملواقفه‬ ‫ودعوة لرفع احلصانة النيابية عنه ومحاكمته‪ ،‬ألن‬ ‫مخابراته أوقفت أحد مرافقيه‪ ،‬أثناء التحقيق‪،‬‬ ‫في حادثة إطالق نار على إفطار كان يقيمه‬ ‫الشيخ عبد السالم احلراش في بلدته ع ّيات‬ ‫– قضاء عكار‪ ،‬في حضور شخصيات نيابية‬ ‫وسياسية وحزبية ورجال دين من كل الطوائف‬ ‫واملذاهب وحشد من املواطنني‪ ،‬وأدى إطالق نار‬ ‫من مجموعة مسلحة الى مقتل الشيخ بسام‬ ‫احملمود ينتمي الى الطائفة العلوية‪ ،‬وكاد احلادث‬ ‫أن يوقع مجزرة‪ ،‬ويتسبب بفتنة‪ ،‬لوال تدارك األمر‬ ‫من املراجع األمنية والسياسية‪ ،‬وألن من قام بهذا‬ ‫العمل اإلجرامي إمنا قصد‪ ،‬إشعال صراع مذهبي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سني – علوي‪ ،‬يكون له تأثيره على األحداث في‬ ‫سوريا‪ ،‬التي ذكرت املعلومات التي تناقلتها‬ ‫شخصيات سياسية وحزبية لبنانية وسورية‪،‬‬ ‫وتقارير أمنية وأخرى إعالمية‪ ،‬أن النائب الضاهر‬ ‫وشقيقه ربيع ينسقان مع جهات حزبية وأخرى‬ ‫من جماعات إسالمية‪ ،‬ويقدمان لها املساعدة‬ ‫املالية والعسكرية‪ ،‬لتصعيد ما سمي حركات‬ ‫احتجاج في سوريا‪ ،‬والدعوة الى نزوح مواطنني‬ ‫سوريني الى املناطق احلدودية املتاخمة لسوريا في‬ ‫عكار‪ ،‬وإقامة مخيم لهم من أجل تسويق حملة‬ ‫إعالمية ضد النظام السوري‪ ،‬واستدرار عطف‬ ‫إنساني للنازحني‪ ،‬واستغاللهم في املعركة ضد‬ ‫احلكم السوري‪ ،‬إال أن اجليش اللبناني تصدى لهذه‬ ‫احملاولة‪ ،‬وقام بضبط احلدود‪ ،‬ملنع تسريب السالح‬ ‫الى سوريا‪ ،‬ووقف تسرب مسلحني الى لبنان‪ ،‬حتت‬ ‫عنوان إنساني‪ ،‬وقد لعب النائب الضاهر مع زمالء‬ ‫له من نواب عكار ومجموعات إسالمية أصولية‬ ‫دورا ً في أن تكون عكار خصوصا ً والشمال عموما ً‬ ‫مناطق ارتكاز‪ ،‬النطالق أعمال التخريب الى‬ ‫سوريا‪ ،‬ثم في تعطيل أي حترك حللفاء سوريا في‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكن اجليش الذي تربطه باجليش السوري‬ ‫معاهدة أمنية وعسكرية‪ ،‬سهّ ل مرور نازحني‬ ‫إنسانيا ً وواكب حركتهم‪ ،‬لكنه وقف باملرصاد‬ ‫ملن يتسلل الى سوريا لزعزعة االستقرار فيها‪،‬‬ ‫وقد جنح في مهتمه‪ ،‬ألنه يعتبر أن أمن لبنان من‬ ‫سوريا‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬وإذا ما تدهور الوضع‬ ‫األمني في سوريا‪ ،‬ودخلت في حرب أهلية وصراع‬ ‫مذهبي‪ ،‬فإن لبنان لن يكون مبنأى عن ذلك‪ ،‬كما‬ ‫أن إزكاء نار الفتنة املذهبية في لبنان‪ ،‬ستمتد‬ ‫الى سوريا التي دخلت بجيشها الى لبنان بعد‬ ‫اندالع احلرب األهلية فيه‪ ،‬وعملت على وقفها‪،‬‬ ‫وإطفاء احلريق اللبناني كي اليشتعل في الداخل‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫فاجليش الذي وعى دوره الوطني بإرساء السلم‬ ‫األهلي في لبنان‪ ،‬تنبه أيضا ً الى أنه عليه واجب‬ ‫قومي‪ ،‬هو املساعدة على وحدة سوريا‪ ،‬ومنع‬ ‫انزالقها نحو االحتراب الداخلي‪ ،‬فكان موقفه‬ ‫متشددا ً في مراقبة احلدود‪ ،‬وفي اعتقال شبكات‬ ‫تهريب سالح‪ ،‬بعض أفرادها ينتمون الى تيارات في‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬ومنها “تيار املستقبل”‪ ،‬وفق تقارير أمنية‬ ‫وإعالمية‪.‬‬ ‫هذه اإلجراءات للجيش لم ترق للضاهر الذي‬ ‫كان من أشد الداعني والساعني بكل الوسائل‬

‫‪12‬‬

‫إلسقاط النظام السوري‪ ،‬وقد سانده في موقفه‬ ‫النائب محمد كبارة وزميلهما معني املرعبي‪،‬‬ ‫حيث تعطلت محاوالتهم‪ ،‬واعتبروا أن اجليش‬ ‫يشكل حاجزا ً أمام التواصل بني املتمردين على‬ ‫النظام السوري والداعمني لهم في لبنان‪ ،‬فجاءت‬ ‫عملية إطالق النار على إفطار الشيخ احلراش‪،‬‬ ‫لنشر الفتنة والفوضى‪ ،‬وعدم متكني اجليش من‬ ‫السيطرة على الوضع‪ ،‬عبر التحريض املذهبي‬ ‫داخله‪ ،‬ودعوة السنة فيه للدفاع عن سنة عكار‬ ‫وسوريا‪ ،‬لكن هذه احملاولة املكشوفة انفضحت‬ ‫سريعاً‪ ،‬ولم يتمكن املعادون للسلطة في سوريا‬ ‫من تسويقها‪ ،‬إذ القت رفضا ً سياسيا ً ورسميا ً‬ ‫وشعبيا ً ودينياً‪ ،‬ومن مراجع سنية حتديدا ً وفي‬ ‫طليعتها املفتي محمد رشيد قباني‪ ،‬التي رأت‬ ‫في احلملة على اجليش وقائده وضباطه‪ ،‬إضعافا ً‬ ‫للثقة فيه‪ ،‬وإدخاله في صراع داخلي له عنوان‬ ‫مذهبي‪ ،‬من أجل فرطه لتعميم الفوضى التي‬ ‫من خاللها‪ ،‬تفرغ الساحة من أداة أمنية رسمية‬ ‫لصالح أدوات مسلحة ميليشاوية‪ ،‬ميكنها أن‬ ‫تكون نصيرا ً وظهيرا ً للمتمردين على النظام في‬ ‫سوريا‪ ،‬وال تقف املسألة عند هذا املوضوع فقط‪،‬‬ ‫بل أن التشكيك باجليش‪ ،‬وحتريك غرائز مذهبية‬ ‫داخله‪ ،‬إمنا يصل الى الهدف األساسي والرئيسي‬ ‫هو كسر أحد حلقات القوة الدفاعية في لبنان‪،‬‬ ‫وهو اجليش في ثالثية اجليش والشعب واملقاومة‪،‬‬ ‫التي هي عنوان الستراتيجية وطنية دفاعية‪،‬‬ ‫أثبتت جدواها الوطنية في الدفاع عن السيادة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وأنها تشكل رادعا ً للعدو اإلسرائيلي‬ ‫في أي عدوان على لبنان‪ ،‬وقد أظهرت نتائج احلرب‬ ‫اإلسرائيلية في صيف ‪ 2006‬التي استهدفت‬ ‫املقاومة واجليش واملرافق احليوية واخلدماتية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬عن هزمية للجيش الصهيوني الذي‬ ‫ال يقهر‪ ،‬وارتكز أصحاب الدعوة الى تعزيز هذا‬ ‫الثالوث الدفاعي‪ ،‬الى دعمه وتصليبه‪ ،‬في وقت‬ ‫يقف ضده فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬حتت شعار أن اجليش هو‬ ‫الوحيد الذي ميتلك السالح‪ ،‬ألنه هو الشرعي‪ ،‬أما‬ ‫املقاومة فال ضرورة لوجودها مع سالحها‪ ،‬وعندما‬ ‫سقط هذا الشعار ومتسك اجليش بتنسيقه‬ ‫وتعاونه مع املقاومة‪ ،‬بدأت احلملة عليه‪ ،‬وقد‬ ‫كان النائب الضاهر‪ ،‬أحد الرموز البارزة في هذه‬ ‫احلملة‪ ،‬التي يقودها “تيار املستقبل” حتت عنوان‬ ‫إسقاط السالح‪ ،‬وقد ازداد التصعيد بعد أن أُخرج‬ ‫سعد احلريري من رئاسة احلكومة‪ ،‬واتهم “حزب‬


‫اهلل” أنه بالتعاون مع سوريا ورئيسها بشار‬ ‫األسد‪ ،‬أخرجه من السلطة‪ ،‬وأن ال عودة إليها‪،‬‬ ‫إال بإسقاط النظام السوري وحليفه في لبنان‬ ‫“حزب اهلل” وأن الطريق الى ذلك‪ ،‬ال بد أن متر‬ ‫عبر ضرب اجليش وزعزته من الداخل‪ ،‬فيسقط‬ ‫الغطاء الشرعي عن املقاومة وسالحها‪ ،‬كما‬ ‫يسقط أيضا ً التنسيق مع اجليش السوري‪ ،‬الذي‬ ‫أشاد بهذا التعاون‪ ،‬حيث أكد الرئيس األسد‪،‬‬

‫أمام وزير الدفاع اللبناني فايز غصن‪ ،‬عن ارتياحه‬ ‫للدور الوطني للجيش اللبناني في املساهمة‬ ‫في تعزيز االستقرار في سوريا‪ ،‬من خالل‬ ‫محاصرة شبكات التخريب ومنعها من االنتقال‬ ‫الى الداخل السوري‪.‬‬ ‫لقد انكشفت احلملة على اجليش على أنها‬ ‫محاولة لكسر حلقة من حلقات املقاومة‪ ،‬ولكن‬ ‫اإلجماع السياسي والشعبي حول املؤسسة‬

‫العسكرية‪ ،‬فضح املؤامرة التي قضي عليها‬ ‫في مهدها‪ ،‬ألن اجليش خط أحمر عند اللبنانيني‪،‬‬ ‫ألن السلم األهلي خط أحمر‪ ،‬وصيانة الوحدة‬ ‫الوطنية أيضاً‪ ،‬وتعزيز املقاومة هي اخلط األحمر‬ ‫الذي لن يتمكن أحد من القفز فوقه‪ ،‬ألنه سيقع‬ ‫في شباك لن يتخلص منه‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫الضاهر وكيفية رفع الحصانة عنه بعد التطاول على الجيش‬ ‫أثارت مؤخرا ً مسألة رفع احلصانة عن النائب‬ ‫خالد الضاهر بعد هجومه على مؤسسة اجليش‬ ‫اللبناني الكثير من التساؤل حول ما إذا كانت‬ ‫حصانة النائب املنصوص عنها في املادة ‪ 39‬من‬ ‫الدستور اللبناني يبقى معموال ً بها حتى ولو‬ ‫استغلت من قبل صاحبها لتصبح أداة للتستر‬ ‫ومطية لالرتكابات ووسيلة لالستغالل الشخصي‬ ‫عبر انحراف من يتمتع بها عن اخلط السوي‪ ،‬أم‬ ‫يتوجب في هذه احلالة مالحقة البرملاني الذي‬ ‫انتهك وتعسف بحقه باحلصانة النيابية‪ ،‬وذلك‬ ‫إميانا ً وتطبيقا ً ملبدأ دولة القانون حيث يكون‬ ‫القانون فوق اجلميع فيصبح النائب عندئذ على‬ ‫قدم املساواة مع سائر املواطنني أمام كافة‬ ‫القوانني؟‬ ‫إن احلصانة هي االمتياز املعطى لبعض فئات‬ ‫األشخاص بسبب األعمال أو الوظائف املوكلة‬ ‫إليهم وهي تضعهم مبنأى عن تطبيق القانون‬ ‫العام‪ .‬ومن الناحية اجلزائية ميكننا اعتبار احلصانة‬ ‫من القيود على إقامة الدعوى العامة جلهة صفة‬ ‫الفاعل وميكن حصرها بخمس فئات‪ :‬احلصانة‬ ‫السياسية‪ ،‬احلصانة الدبلوماسية احلصانة‬ ‫القضائية او حصانة القاضي حصانة احملامي‬ ‫وأخيرا ً وليس آخرا ً احلصانة البرملانية التي هي‬ ‫موضوع بحثنا‪.‬‬ ‫وتع ّرف احلصانة النيابية بأنها مجموع األحكام‬ ‫الدستورية التي تؤمن للنواب نظام قانوني مختلف‬ ‫عن النظام العادي الذي يطبق على عامة الناس‬ ‫فيما خص عالقتهم مع العدالة وذلك بهدف‬ ‫احلفاظ على حريتهم واستقالليتهم‪.‬‬ ‫وبالعودة الى النصوص الدستورية اللبنانية‬ ‫نرى أنه مت اعتماد تقسيم احلصانة النيابية الى‬ ‫نوعني‪ :‬األولى وتعرف مببدأ الالمسؤولية او احلصانة‬ ‫السياسية (املادة ‪ 39‬من الدستور اللبناني) والثانية‬ ‫هي مبدأ الصيانة أو احلرمة الشخصية أو احلصانة‬ ‫اجلزائية (املادة ‪ 40‬من الدستور اللبناني)‪.‬‬ ‫واملقصود باحلصانة السياسية أنه يمُ نع‬ ‫محاسبة النائب عن آراء وأقوال وأفكار أدلى بها‬ ‫مدة نيابته وبعد أن تنتهي واليته النيابية‪ .‬وقد‬ ‫نصت املادة ‪ 39‬من الدستور أنه “ال يجوز إقامة دعوى‬ ‫جزائية على أي عضو من أعضاء اجمللس بسبب‬ ‫اآلراء واألفكار التي يبديها مدة نيابته”‪ .‬مبعنى‬ ‫أن النائب غير مسؤول عما يبديه من آراء وأفكار‬

‫قوال ً وكتابة وذلك طيلة مدة نيابته وسواء كان‬ ‫ذلك داخل البرملان أو خارجه‪ ،‬فالالمسؤولية حتمي‬ ‫أقوال النائب وأعماله البرملانية حتى ولو تضمنت‬ ‫هذه األقوال سبا ً أو قذفا ً أو إهانة‪ ،‬وشكلت جرمية‬ ‫يعاقب عليه القانون‪.‬‬ ‫لكن جتدر اإلشارة الى أنه وإن كانت الالمسؤولية‬ ‫متتد الى جميع ما يبديه النائب من أفكار أو آراء‬ ‫داخل اجمللس أو خارجه‪ ،‬فهي ال متتد بالطبع الى‬ ‫ما قد يرتكبه النائب من جرائم خارج نطاق هذه‬ ‫األفكار أو اآلراء فيسأل النائب عن أعمال العنف‬ ‫أو الضرب أو اإلهانة أو غير ذلك حتى ولو ارتكبها‬ ‫داخل اجمللس أو في إحدى جلانه‪ .‬ويقول أصحاب هذا‬ ‫الرأي بأن عدم مسؤولية النائب جزائيا ً عن آرائه‬ ‫وافعاله ال تتعارض مع إمكانية مساءلته تأديبيا ً‬ ‫أمام اجمللس النيابي عندما يتعدى حدوده املشروعة‬ ‫وينتهك القواعد املنظمة لسلوك النائب‪ ،‬وذلك‬ ‫وفقا ً لنظام مجلس النواب الداخلي (املواد ‪57 – 56‬‬ ‫– ‪.)109‬‬ ‫وفي اجتهاد حديث صادر عن محكمة استئناف‬ ‫اجلنح في جديدة املنت ناريخ ‪ 2000 – 02 – 12‬حيث‬ ‫رأت أن “احلصانة النيابية ال تخول صاحبها القدح‬ ‫والذم والتحقير والتهديد التي تنال من سمعة‬ ‫الغير ومكانته إذ يقتضي أن ننزّه املشترع من‬ ‫وضع نص يسمح بقذف الناس وشتمهم والنيل‬ ‫من مكانتهم وسمعتهم خصوصا ً إذا ما اتصلت‬ ‫مبصلحة شخصية‪.‬‬ ‫والى جانب احلصانة السياسية هناك كما‬ ‫أسلفنا مبدأ الصيانة أو احلرمة الشخصية‬ ‫أو احلصانة اجلزائية‪ .‬وقد نظمت املادة ‪ 40‬من‬ ‫الدستور احلرمة الشخصية بقولها‪“ :‬ال يجوز أثناء‬ ‫دور االنعقاد اتخاذ إجراءات جزائية نحو أي عضو‬ ‫من أعضاء اجمللس أو إلقاء القبض عليه اذا اقترف‬ ‫جرما ً جزائيا ً إال بإذن اجمللس ما خال حالة التلبس‬ ‫باجلرمية (اجلرم املشهود)”‪ .‬وبالعودة الى قانون أصول‬ ‫احملاكمات اجلزائية في املادة ‪ 29‬منه نستخلص‬ ‫احلاالت التي تكون فيها اجلرمية مشهودة وهي‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫اجلرمية التي تشاهد عند وقوعها‬ ‫اجلرمية التي يقبض على فاعلها أثناء أو فور‬ ‫ارتكابها‬ ‫اجلرمية التي يالحق فيها املشتبه فيه بناء على‬ ‫صراخ الناس‬ ‫اجلرمية التي مت اكتشافها فور االنتهاء من‬

‫‪13‬‬

‫ارتكابها في وقت تدل آثارها عليها بشكل واضح‬ ‫اجلرمية التي يضبط فيها مع شخص أو اسلحة‬ ‫أو اوراق يستدل منها على انه مرتكبها وذلك في‬ ‫خالل األربع والعشرين ساعة من وقوعها‪.‬‬ ‫وتأكيدا ً على ذلك ما حصل في محكمة اجلنايات‬ ‫حني وقعت مشادة في قاعة احملكمة بني النائب‬ ‫العام االستئنافي وأحد النواب الذي لوحق بجرم‬ ‫حتقير القضاء وذلك استنادا ً الى املواد ‪ 72‬و‪ 400‬من‬ ‫أصول احملاكمات اجلزائية واملادة ‪ 383‬عقوبات‪ .‬ولم‬ ‫يتمكن النائب املذكور يومها من التذرع ال باحلصانة‬ ‫النيابية وال بضرورة أخذ اإلذن باملالحقة من نقيب‬ ‫احملامني لكون اجلرم مشهوداً‪ ،‬ولكون النائب احملامي‬ ‫قد انتهى من مرافعته‪.‬‬ ‫فهذه احلالة توضح لنا أنه متى كان اجلرم‬ ‫مشهودا ً وال ريب فيه‪ ،‬ال تستطيع احلصانة من أي‬ ‫نوع كانت أن حتول دون املالحقة والتوقيف‪.‬‬ ‫وفي حالة النائب الضاهر فيمكن اعتبار هجومه‬ ‫على اجليش وقائده بالشتم واإلهانة لم يكن بصدد‬ ‫القيام بوظيفته النيابية أو التعبير عن آراء او اقوال‬ ‫متعلقة بالوكالة النيابية‪ ،‬فمتى أصبح الكالم‬ ‫قدحا ً وذما ً وحتقيرا ً بأحد األشخاص ميكن مالحقة‬ ‫النائب وكيف احلال إذا كان الكالم حتقيرا ً باجليش‬ ‫الوطني وبقائده؟ األمر الذي يقتضي في هذه‬ ‫احلالة اإلسراع مبالحقة الضاهر من خالل تقدمي‬ ‫وزير العدل طلب اإلذن باملالحقة مرفقا ً مبذكرة من‬ ‫النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على‬ ‫نوع اجلرم وزمان ومكان وقوعه وعلى خالصة عن‬ ‫األدلة التي تستلزم إجراءات عاجلة‪ .‬وفور استالمه‬ ‫طلب رفع احلصانة يدعو رئيس اجمللس هيئة مكتب‬ ‫اجمللس وجلنة اإلدارة والعدل الى جلسة مشتركة‬ ‫لدرس الطلب وعلى هذه الهيئة تقدمي تقرير‬ ‫بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان‪ .‬وإذا تأخرت‬ ‫الهيئة املشتركة من تقدمي تقريرها في املهلة‬ ‫احملددة وجب على رئاسة اجمللس إعطاء علم بذلك‬ ‫في أول جلسة يعقدها‪ ،‬وللمجلس أن يقرر منح‬ ‫مهلة إضافية أو البت بالطلب وأخذه القرار برفع‬ ‫احلصانة عن الضاهر باألكثرية النسبية وفقا‬ ‫للمادة ‪ 43‬من الدستور اللبناني‪.‬‬ ‫فهل ستتحرك النيابة العامة ملالحقة الضاهر‬ ‫كي ال تبقى القوانني كنسيج العنكبوت تقع فيه‬ ‫الطيور الصغيرة وتعصف به الطيور الكبيرة؟‬

‫هشام األعور‪ :‬كاتب سياسي‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫بعد تأخر ‪ 70‬سنة هل تطبق النسبية في انتخابات الـ ‪2013‬؟‬

‫عبدو سعد‪ :‬اعتمادها يعتمد على موقف بكركي‬ ‫الدوائر الصغرى المعتمدة من الوزير بارود تخدم زعماء الطوائف‬ ‫و”ألنها تعتبر بوليصة تأمني لألقوياء‬ ‫في البيان الوزاري الذي تقدمت‬ ‫والضعفاء”‪ ،‬مشيراً الى أن تطبيقها‬ ‫به حكومة الرئيس جنيب ميقاتي الى‬ ‫“يحد من فعالية شراء األصوات‬ ‫اجمللس النيابي لنيل الثقة على أساسه‬ ‫بنسبة ‪ .”% 95‬وهي “ال تغنب أحداً إال‬ ‫كان الفتاً تضمينه بنداً يتعلق بضرورة‬ ‫الذي يريد االنتفاخ” كما “تقلل من‬ ‫اعتماد “النسبية” في االنتخابات‬ ‫هيمنة اإلقطاع الطائفي”‪ .‬واعتقد‬ ‫النيابية املقبلة املقررة في العام ‪.2013‬‬ ‫ً‬ ‫عبدو أن هناك التباسا بالنسبة الى‬ ‫فكيف ستؤثر هذه “النسبية” على‬ ‫النائب وليد جنبالط فيما يخص‬ ‫واقع القوى السياسية في لبنان فيما‬ ‫النسبية‪ ،‬فالدائرة الصغرى تضعف‬ ‫لو اعتمدت؟ يؤكد رئيس مركز بيروت‬ ‫متثيله اما الدائرة الكبرى فتقوي متثيله‬ ‫لألبحاث واملعلومات عبدو سعد أن‬ ‫ومتثيل الدروز‪.‬‬ ‫مصلحة اجملتمع اللبناني تقتضي‬ ‫“منبر التوحيد” التقت‬ ‫تطبيق “النسبية” في االنتخابات‬ ‫النيابية املقبلة في العام ‪ 2013‬من أجل التمثيل األصح والعادل‪ ،‬األستاذ عبدو سعد وكان احلوار اآلتي‪:‬‬ ‫يواجه لبنان العديد من امللفات الضاغطة منها الوضع في سوريا‬ ‫واحملكمة الدولية وقد بدأ احلديث منذ فترة عن قانون االنتخابات وإمكانية‬ ‫اعتماد النسبية‪ .‬برأيك هل هذا هو الوقت املناسب للكالم عن هذا‬ ‫املوضوع؟ وماذا تخبرنا عن النسبية؟‬ ‫لقد تأخر املوضوع ‪ 70‬سنة‪ .‬أوال ً اعتماد القانون السابق أي األكثري هو‬ ‫مخالف للدستور يعني كل اجملالس النيابية التي أنتجتها تلك القوانني هي‬ ‫غير شرعية وبالتالي كل احلكومات التي انبثقت عن اجمللس النيابي هي غير‬ ‫شرعية وانتخاب الرؤساء هو غير شرعي أيضاً‪ ،‬هو قانوني ولكن غير شرعي‬ ‫ألنه مخالف للدستور‪ ،‬يعني لو تواجد عشر نواب للطعن بالقانون كان سقط‬ ‫أمام اجمللس الدستوري الن هناك شرط اساسي في قوانني االنتخابات إذا اردنا‬ ‫اعتماد األكثري يعني صوت واحد ونقطة على السطر‪ .‬ما كان يحصل في‬ ‫لبنان وماهو حاصل اآلن هو بدعة وهرطقة غير موجودة في أي بلد متحضر‬ ‫في العالم أي طريقة االقتراع ونظام االقتراع اللذان يعطيان احلق للناخب‬ ‫باختيار عدد املرشحني موازٍ لعدد املقاعد هو بدعة وهرطقة‪ .‬وإذا أردنا أن‬ ‫نطبق الدائرة الفردية يجب وجود أحزاب‪ .‬لقد قلت لغبطة البطريريك حيث‬ ‫يوجد زعماء ال يوجد دولة‪ .‬وهذا سؤال مرفوض هل الوقت مناسب للتكلم‬ ‫عن قانون النسبية؟ لقد تأخرنا كثيراً‪.‬‬ ‫هل توافق الوزير زياد بارود الرأي بأن كل الذين يعارضون النسبية هم‬ ‫ملمني بها؟‬ ‫تفاجأت بكالم معالي الوزير بارود إنه متأكد بأن كل الذين يقولون بأنهم ضد‬ ‫النسبية هم ملمني بها‪ ،‬أخالفه الرأي بالنسبة الى هذا املوضوع إذ أن البعض‬ ‫غير ملم بالنسبية وقد تأكدت من ذلك في االنتخابات البلدية التي جرت في‬ ‫العام ‪ 2010‬عندما طرح املوضوع بجدية وأُقر في مجلس الوزراء وذهب الى‬ ‫مجلس النواب وسقط في الهيئة العامة للجان‪ ،‬وقد تفاجأت بتصريحات‬ ‫بعض النواب وأحدهم من النواب اخملضرمني يصرح بأن هذا مشروع فتنة‬ ‫يقسم الناس‪ ،‬وكذلك أعلن النائب وليد جنبالط بأن النسبية تقضي‬ ‫وهو ّ‬ ‫على التعددية وفي الواقع إن النسبية هي من أجل تعزيز التعددية والتنوع‪.‬‬ ‫لقد دعيت الى ندوة بعنوان “أي قانون انتخاب نريد؟” ورفضت هذا الكالم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واشترطت لكي أحتدث يجب أن نضع ماذا نريد من قانون االنتخاب؟ سألت‬ ‫الوزير بارود على الهواء ملاذا اخترت ‪ 14‬دائرة؟ ماذا نريد من قانون االنتخاب؟‬ ‫إذا لم نحدد ماذا نريد من قانون االنتخاب نضيع‪ .‬واحد يقول الدائرة الصغرى‬ ‫وآخر الوسطى أو احملافظة‪ .‬ملصلحة من هذه التقسيمات؟ أوال ً نريد بناء دولة‬ ‫ومن شروط الدولة وجود أحزاب وطنية‪ .‬الذي اخترع النسبية هو فيلسوف‬ ‫بريطاني مشهور كان ميتعض جدا ً من الطغيان وهو صاحب مقولة “طغيان‬ ‫األكثرية “ كان يبحث عن نظام متثيلي ميثل أكبر شريحة ممكنة من الناس‬ ‫فاخترع النسبية من أجل عدالة التمثيل‪ ،‬كل واحد يتمثل بحسب حجمه‪.‬‬ ‫وهذا ال يتحقق إال من خالل الدائرة الواحدة‪ .‬يوجد أحزاب علمانية في البلد‬ ‫منتشرة على كافة األراضي اللبنانية إذا ُجزئ لبنان ال يحصلون على شيء‪.‬‬ ‫والواقع أنه لقد بات واضحا ً ومسلما ً به أن نظام االقتراع األكثري غير‬ ‫مالئم للبنانيني‪ ،‬ذلك انه كلما صغرت الدائرة تعاظمت أهمية العوامل غير‬ ‫السياسية مثل العشائرية والطائفية واملذهبية إليصال املرشحني الى‬ ‫البرملان‪ ،‬وكلما كبرت الدائرة ضاعت حقوق األقليات السياسية واإلجتماعية‬ ‫في التم ّثل في البرملان‪.‬‬ ‫ونرى أنه آن أوان الطبقة السياسية البدء بنقاش جدي إلقرار نظام االقتراع‬ ‫النسبي مع اعتماد الدائرة الواحدة وخصوصا َ أ ّن معظم القوى السياسية في‬ ‫لبنان وصلت الى قناعة بأهمية النسبية‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار أن التوجس‬ ‫من الدائرة الواحدة هو غير مبرر علميا َ بالنسبة الى الطائفة املسيحية‪،‬‬ ‫خصوصا َ في ظل وجود أحالف سياسية راسخة وغير مسبوقة بني مسلمني‬ ‫ومسيحيني بحيث يُفترض وفي أي انتخابات على مستوى الوطن ستقوم‬ ‫القوى املسيحية احلليفة للقوى املسلمة بتسمية مرشحيها املسيحيني‬ ‫في كل لبنان مما سيؤمن فوز نواب مسيحيني ممثلني لألمة مع تأييد مسيحي‬ ‫كبير‪ ،‬علما ً بأن األمر ذاته ينطبق على الطائفة الدرزية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الى األقليات السياسية فإن الدائرة األكبر حتفظ متثيلهم‬ ‫وخصوصا َ أن احلاصل االنتخابي في الدائرة الواحدة (معدل األصوات املطلوب‬ ‫للمقعد الواحد وهو يُستخرج بقسمة إجمالي عدد املقترعني على عدد‬ ‫املقاعد) ال يختلف كثيرا َ عن احلاصل االنتخابي للمحافظات (احلاصل‬

‫‪14‬‬


‫االنتخابيي في لبنان في انتخابات ‪ 2009‬كان‬ ‫حوالي ‪ 12800‬في البقاع ‪ 12345‬في اجلبل ‪12585‬‬ ‫في الشمال ‪.)13400‬‬ ‫ملاذا يخاف اجلميع من الدائرة الواحدة؟‬ ‫بسبب عدم اإلملام واملعرفة خصوصا ً عند الناس‬ ‫الذين يقبلون النسبية ويرفضون الدائرة الواحدة‪.‬‬ ‫أفهم السياسي الذي يخاف من النسبية باألساس‪،‬‬ ‫أما الذي يقبل النسبية على أساس الدائرة‬ ‫الصغرى فهو على خطأ ألنه من األفضل له الدائرة‬ ‫الكبرى‪ .‬فلنأخذ مثالً الوزير وئام وهاب على سبيل‬ ‫املثال إذا ترشح في الشوف عنده عدد محدود من‬ ‫األصوات‪ ،‬املعدل للمقعد الواحد في الشوف تقريبا ً‬ ‫حوالي ‪ 11,300‬صوت‪ ،‬أما إذا كان لبنان كله دائرة‬ ‫واحدة فهو بحاجة الى ‪ 12,300‬صوت‪ .‬من األفضل‬ ‫للمرشح أن يكون لبنان دائرة واحدة ألن لديه بعض األصوات املنتشرة في‬ ‫معظم املناطق اللبنانية وهذه األصوات جتمع‪.‬‬ ‫ال أقبل النسبية إال على الدائرة الواحدة من أجل مستقبل لبنان ألنها‬ ‫تؤسس لبناء دولة‪ ،‬وحتد من هيمنة اإلقطاع الطائفي في الوطن‪ .‬الدوائر الصغرى‬ ‫املقترحة من الوزير بارود من تخدم؟ إنها تخدم زعماء الطوائف‪ .‬هناك موضوع‬ ‫مهم نحن نقول في الدستور النائب هو نائب األمة ونريد تطبيقا ً ملفهوم نائب‬ ‫األم ًة يجب أن يكون فعالً نائب األمة وأن يطرح نفسه عليها‪.‬‬ ‫يعني هذا النظام يخدم األقليات؟‬ ‫بالضبط هو يخدم األقليات واألكثريات وال يغنب أحدا ً إال الذي يريد االنتفاخ‪.‬‬ ‫هذا القانون ال يسمح باالنتفاخ‪.‬‬ ‫ملاذ هاجم النائب جنبالط النسبية واعتبر أن هذا القانون يؤدي الى‬ ‫إضعاف متثيله وأن األقليات الدرزية تذوب في األقليات الكبيرة‪ ،‬فهل هذا‬ ‫صحيح؟‬ ‫هذا الكالم ليس صحيحا ً على اإلطالق‪ ،‬الطائفة الدرزية وكل الطوائف‬ ‫الصغيرة تتمثل بشكل عادل وصريح من خالل النسبية يعني هم ليسوا‬ ‫أكثرية في الشوف بل يحتاجون الى حتالفات محددة‪ ،‬فإذا حتالف السنة مع‬ ‫املسيحيني أين حماية التمثيل الدرزي؟ أعتقد أن هناك التباسا ً بالنسبة‬ ‫الى الوزير جنبالط فيما يخص النسبية‪ ،‬الدائرة الصغرى تضعف متثيله أما‬ ‫الدائرة الكبرى فتقوي متثيله ومتثيل الدروز‪ ،‬ملاذا؟ إذا اعتمد اقتراح الوزير بارود‬ ‫الشوف مبفرده وعاليه وبعبدا مبفردها هناك ‪ 2500‬صوت درزي موجودين في‬ ‫املنت ماذا يساوون؟ ال شيء سوف يذهبون هدرا ً لن تستفيد منهم الطائفة‬ ‫الدرزية مهما فعلوا؟ أما في الدائرة الكبرى فيتم جمعهم‪ .‬كلما صغرت‬ ‫الدائرة كلما تضررت األقليات الطائفية والسياسية وكلما اتسعت الدائرة‬ ‫كلما حتسن وضع األقليات السياسية والطائفية‪ .‬يوجد دروز في اجلنوب‬ ‫وحاصبيا‪ ،‬هناك ‪ 300‬درزي في جزين ماذا يفعلون مبفردهم؟ الدروز موجودون‬ ‫في جبل لبنان والبقاع واجلنوب وغير موجودين في الشمال إنهم يتوزعون‬ ‫في كل احملافظات باستثناء الشمال مثل الشيعة يوجد أقلية ضئيلة في‬ ‫الشمال‪ .‬الدائرة الكبرى هي التي حتسن وضعهم في االنتخابات‪ .‬إننا نضمن‬ ‫للوزير جنبالط إذا أقر لبنان دائرة واحدة سوف يتعزز متثيله السياسي ويقوى‬ ‫وتصان حقوق الطائفة الدرزية ‪ .%100‬الدائرة الكبرى هي التي حتمي وتعزز‬ ‫حقوق األقليات السياسية والطائفية‪ .‬فلنأخذ الطائفة العلوية الذين‬ ‫يتواجدون في عكار وطرابلس إذا أخذنا عكار دائرة مبفردها مثلما اقترح الوزير‬ ‫بارود سيضعفون كثيرا ً ولن يستطيعوا إيصال نائب الى البرملان بينما عندما‬ ‫تجُ مع طرابلس مع عكار يصبح وضعهم أفضل‪ .‬األقليات تعتمد دائما ً على‬ ‫التحالفات ألنه ال يوجد عندها أكثرية في مكان محدد‪ ،‬مثالً في الشوف‬ ‫األقلية الدرزية أقل من السنة ومن املسيحييني إذا افترضنا أن التحالفات‬ ‫تغيرت ماذا يحل بهم؟ الذي يهتم بشؤون طائفته ال ميكن أن يبني على قانون‬ ‫انتخابي يبقى لـ ‪ 100‬سنة ويكون رهينة حتالفات آنية‪ .‬ملاذا يكون مصير‬ ‫الطائفة رهينة التحالفات ملاذا ال نعطيهم الشعور بالطمأنينة من خالل‬ ‫النسبية؟‪ .‬من هنا هواجس الوزير جنبالط ليست في محلها على اإلطالق‪،‬‬

‫النسبية تعزز وجود التنوعات والذي يلغيها هو‬ ‫النظام األكثري ‪.‬‬ ‫كيف تكون النسبية “بوليصة تأمني لألقوياء‬ ‫والضعفاء” على حد قولكم؟‬ ‫تيار املستقبل في طرابلس كان رهينة حتالفات‬ ‫ألنه ال ميلك أكثرية شعبية مطلقة في طرابلس‪،‬‬ ‫كلهم أقليات في طرابلس ال أحد ميلك ‪ .%50‬ما‬ ‫هو األفضل لتيار املستقبل إذا بقي على خالف مع‬ ‫الوزير جنبالط؟ عنده ‪ 4‬نواب في البقاع الغربي‬ ‫وراشيا و‪ 5‬نواب في طرابلس و‪ 2‬في الدائرة الثانية‬ ‫في بيروت‪ .‬إذا لم يكن هناك حتالف مع وليد جنبالط‬ ‫يخسر األربعة في البقاع الغربي مع العلم أن له‬ ‫متثيالً جديا ً وال ميكن إلغاؤه في البقاع الغربي‪.‬‬ ‫في طرابلس عنده ‪ 5‬نواب إذا أجريت انتخابات‬ ‫على أساس األكثري ال يحصل على نائب واحد إذا لم يتحالف مع امليقاتي‬ ‫والصفدي وكل يوم يزداد الشرخ بينهم‪ ،‬سوف يخسر النائبان في بيروت ألن‬ ‫هناك التصويت الشيعي مع األرمني وهو أقوى من التصويت السني تيار‬ ‫املستقبل معرض خلسارة ‪ 11‬مقعداً‪ .‬لقد قمت بدراسة بكل قضاء في لبنان‬ ‫ملعرفة مدى قوة كل فريق سياسي من تيار املستقبل الى “حزب اهلل” الى‬ ‫التيار الوطني احلر وفقا ً لالنتخابات التي أجريت في الـعام ‪ 2009‬فأنا أعلم‬ ‫قوة كل فريق وأعرف أن تيار املستقبل له مصلحة بالنسبية مع العلم أن‬ ‫اجلميع يقول بأن يعارضها‪.‬‬ ‫هل صحيح أن النسبية حتد من فعالية شراء األصوات مع العلم أن‬ ‫األموال التي صرفت في السابق هي خيالية؟‬ ‫يساهم النظام النسبي في التخفيف إلى ح ٍد بعيد من احلالة املرضية‬ ‫التي نعاني منها في كل االنتخابات املتمثلة في آفة شراء األصوات‪ ،‬هذه‬ ‫بشكل أساسي على نتائج االنتخابات‪ ،‬حيث أن شراء بضعة‬ ‫اآلفة التي تؤثِّر‬ ‫ٍ‬ ‫آالف من األصوات‪ ،‬في القانون املعتمد‪ ،‬ستقلب النتائج بصورة كلية‪ ،‬وال‬ ‫سيما في دائرة متعددة املقاعد‪ .‬بينما في ِّ‬ ‫ظل النظام النسبي فإن أثر شراء‬ ‫األصوات‪ ،‬مهما كان حجمه‪ ،‬لن يتجاوز حصول الطرف الراشي على بضعة‬ ‫مقاعد نيابية فقط‪.‬‬ ‫كما يحد النظام النسبي من آثار التزوير على صعيد نتائج االنتخابات لألسباب‬ ‫ذاتها املتعلقة بشراء األصوات‪ ،‬وفوق ذلك كله إن اعتماد النسبية سيضعف‬ ‫حكما ً الهيمنة السياسية التي ميارسها زعماء الطوائف على أبنائها والذين‬ ‫أنتجهم قانون اإلنتخاب الذي طبق في لبنان منذ العام ‪ 1922‬والذي يعتمد على‬ ‫نظام االقتراع األكثري في دوائر متعددة املقاعد مع الصوت اجلمعي‪.‬‬ ‫برأيك هل ستقبل القوى السياسية باعتماد النسبية التي قد حترمها‬ ‫من عدد كبير من املقاعد النيابية؟‬ ‫لن حترمها من عدد كبير هذا ليس صحيحا ً على اإلطالق‪ .‬احلزب القومي‬ ‫السوري بتمثل ولكن من خالل حتالف محدد وسيبقى يتمثل بقوته الذاتية‪.‬‬ ‫احلزب الشيوعي غير ممثل اآلن ولكن في الدائرة الواحدة قد يتمثل ولكن من‬ ‫حساب أحد‪.‬‬ ‫اجمللس النيابي يضم ‪ 128‬نائباً‪ ،‬في حال طبقت النسبية كم تتوقع‬ ‫عدد النواب اجلدد الذين سيدخلون الى اجمللس؟‬ ‫دون الدائرة الواحدة‪ ،‬فعدد النواب اجلدد الذين يأتون من خالل حتالفات‬ ‫سيكون صغيراً‪ ،‬أما الدائرة الواحدة‪ ،‬فعددهم سيكون جيداً‪.‬‬ ‫هل تتوقع أن تطبق النسبية في االنتخابات املقبلة؟‬ ‫كل ذلك يعتمد على موقف بكركي مبعزل عن موقف النائب وليد جنبالط‪،‬‬ ‫إذا قبل بالنسبية وبكركي رافضة لها لن تطبق في االنتخابات النيابية‬ ‫املقبلة‪ .‬إذا اعتمدنا النسبية ضمن الدائرة الواحدة تكون اخلطوة الصلبة‬ ‫جدا ً لبناء الدولة واخلروج من دولة الطوائف واملزارع ‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬حسني عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫الصواريخ المنحنية مشكلة للكيان الصهيوني‬

‫محمد خواجة لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫أستبعد حرباً إسرائيلية على لبنان‬ ‫شهدت املنطقة في اآلونة األخيرة تزايد احلديث‬ ‫عن احتماالت شن “إسرائيل” حرباً جديدة في‬ ‫املنطقة‪ ،‬قد تستهدف إيران أو سوريا أو لبنان أو‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬وقد متتد على أكثر من جبهة في الوقت‬ ‫نفسه متخذة صورة احلرب الشاملة‪ .‬وقد غذى‬ ‫هذه التحليالت احلديث اإلسرائيلي املتصاعد عن‬ ‫احلرب‪ ،‬واتهامات “إسرائيل” لكل من إيران وسوريا‬ ‫بتسليح املقاومة في لبنان وغزة‪ ،‬وباإلخالل بتوازن‬ ‫القوى في املنطقة‪ ،‬إلى جانب “عرض القوة”‬ ‫املستمر من مختلف األطراف‪ ،‬واملتمثل بالتصعيد‬ ‫الكالمي واملناورات العسكرية واسعة النطاق‪.‬‬ ‫ولكن حتليالً متأنياً للظروف احلالية السائدة في‬ ‫املنطقة يُظهر أن احتماالت احلرب الشاملة ال تبدو‬ ‫عالية في املدى املنظور‪ ،‬وكذلك احتماالت توجيه‬ ‫ضربة عسكرية إسرائيلية محدودة ألي من إيران‬ ‫أو سوريا أو لبنان‪ .‬وفي حني يبقى احتمال توجيه‬ ‫ضربة كهذه إلى قطاع غزة هو األكثر ترشيحاً‪،‬‬ ‫إال أن الهدوء احلالي السائد في القطاع‪ ،‬بالرغم‬ ‫من خرقه بعملية إيالت‪ ،‬يوفران لـ”إسرائيل” ظرفاً‬ ‫مريحاً للمضي في تعزيز قدراتها وتثبيت الوقائع‬ ‫على األرض مبناوراتها‪ ،‬وبالتالي فمن املرجح أن‬ ‫يستمر الهدوء القائم في املدى املنظور‪ ،‬ما لم‬ ‫حتدث هناك مسارات حرجة مفاجئة‪ ،‬مع استمرار‬ ‫التجهيز للحرب‪ ،‬حيث شهدت اآلونة األخيرة تزايداً‬ ‫في استعراض القوة التي ميتلكها كل من الطرفني‪،‬‬ ‫فعلى اجلانب اإلسرائيلي استمرت سلسلة‬ ‫املناورات العسكرية املسماة “نقطة حتول”‪،‬‬ ‫والتي تتدرب خاللها “إسرائيل” على مواجهة‬ ‫حرب شاملة على كافة اجلبهات‪ :‬إيران‪ ،‬وسوريا‬ ‫ولبنان‪ ،‬وغزة‪ ،‬بالتزامن مع سقوط الصواريخ على‬ ‫اجلبهة الداخلية‪ ،‬وهجمات استشهادية انطالقاً‬ ‫من الضفة الغربية‪ .‬باإلضافة إلى حفر اخلنادق في‬ ‫اجلوالن والتدريبات العسكرية فيه‪ ،‬وتزايد النشاط‬ ‫االستخباري اإلسرائيلي في املنطقة‪ ،‬واملناورات‬ ‫اجلوية بعيدة املدى‪ ،‬وزيادة ترسانة األسلحة‬ ‫اخلارقة للتحصينات‪ ،‬األميركية الصنع‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫إلى جانب التهديدات اإلسرائيلية املتكررة لكل‬ ‫من إيران وسوريا ولبنان وغزة باحلرب‪ ،‬املترافقة‬ ‫مع اتهامات مختلفة لهذه األطراف على لسان‬ ‫السياسيني والعسكريني اإلسرائيليني بهدف‬ ‫إيجاد الذرائع‪ ،‬كان آخرها اتهام سوريا بتزويد‬ ‫“حزب اهلل” بصواريخ سكود‪ ،‬واإلخالل بـ “التوازن‬ ‫الدقيق” للقوى في املنطقة‪.‬‬ ‫وعلى اجلانب اآلخر فإن إيران تواصل مناوراتها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العسكرية في مياه اخلليج ومضيق هرمز‪ ،‬فبعد‬ ‫مناورة “النبي األعظم ‪ ،”5‬التي أجرتها أواخر‬ ‫نيسان املاضي‪ ،‬ومناورة “الوالية ‪ ”89‬التي أجرتها‬ ‫في أيار املاضي‪ ،‬والتي “تغطي مساحة متتد إلى‬ ‫‪ 250‬ألف كم‪.2‬‬ ‫وفي لبنان‪ ،‬فإن “حزب اهلل” يواصل تعزيز قدراته‬ ‫العسكرية والصاروخية‪ ،‬ملواجهة أي عدوان‬ ‫إسرائيلي محتمل‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬جاء تأكيد‬ ‫األمني العام للحزب حسن نصر اهلل أن املقاومة‬ ‫اليوم باتت أقوى مما كانت عليه قبل عدوان‬ ‫متوز ‪ ،2006‬مع التهديد بضرب البنى التحتية‬ ‫اإلسرائيلية في حال أقدمت “إسرائيل” على ضرب‬ ‫البنى التحتية في لبنان‪ ،‬وتشديده على معادلة‬ ‫“الضاحية مقابل تل أبيب”‪ ،‬والتي هدد مبوجبها‬ ‫بالرد على أي قصف تتعرض له الضاحية اجلنوبية‬ ‫مبان في تل أبيب‪.‬‬ ‫لبيروت بقصف ٍ‬ ‫أما سوريا فقد ركزت في السنوات األخيرة‪،‬‬ ‫وخصوصاً بعد حرب متوز ‪ ،2006‬في تطوير قدراتها‬ ‫العسكرية وتعزيز استعداداتها للحرب على‬ ‫جانبني‪ :‬أولهما امتالك قدرة صاروخية متوسطة‬ ‫وبعيدة املدى متنحها القدرة على تهديد العمق‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وثانيهما إعداد قوات خاصة تعتمد‬ ‫أسلوب قتال “حرب العصابات”‪ ،‬وتتميز باملرونة‬ ‫امليدانية‪ ،‬ملواجهة أي هجوم عسكري بري‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن التحذير السوري الصادر‬ ‫على لسان وزير اخلارجية وليد املعلم لـ “إسرائيل”‬ ‫كان قوياً وحازماً فوق العادة‪ ،‬ومفاده أن أي حرب‬ ‫تشنها “إسرائيل” على سوريا ستتحول إلى‬ ‫“حرب شاملة”‪ ،‬وستنتقل إلى املدن اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫من هنا ال مير يوم إال وتسمع فيه إشارة أو خبرا‬

‫‪16‬‬

‫أو حتليال عن احلرب والسالح والوضع السياسي‬ ‫والدولي‪ ،‬سواء تعلق األمر بالشأن الداخلي أو‬ ‫اخلارجي‪.‬‬ ‫“ثقافة احلرب” أصبحت اإلطار الوحيد لرؤية‬ ‫حركة الواقع في املنطقة‪ ،‬وذلك ضمن مجموعة‬ ‫من األحداث املتفرقة منذ حرب متوز ‪ 2006‬مروراً‬ ‫بالعدوان على غزة أواخر عام ‪ 2008‬وبداية عام ‪2009‬‬ ‫وصوالً الى الربيع العربي ما يخلق في كل مناسبة‬ ‫آلية جديدة للتكيف مع أي معطى مفاجئ أو‬ ‫تغير طارئ‪ ،‬ويرسي بني األطراف شكالً من أشكال‬ ‫التعايش السلمي احملفوف باحلذر بحكم حالة‬ ‫عدم الثقة السائدة‪.‬‬ ‫األمر الذي يقودنا إلى االعتقاد بأن اإلطار احلالي‬ ‫للعالقات الدولية واإلقليمية لن ينتهي عند حدود‬ ‫ما تروج له “ثقافة احلرب” السائدة حالياً‪ ،‬بل قد‬ ‫يتجاوزه إلى أبعد من ذلك ضمن محور الغرب‪ ،‬الذي‬ ‫يقصد به أميركا و”إسرائيل” والدول احلليفة لهما‪،‬‬ ‫لتفتيت الكيانات العربية اخمللة بتوازن القوى في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫كل هذا يدفعنا إلى طرح موضوع لم يعد‬ ‫خافياً على أحد‪ :‬هو احلرب املقبلة بني لبنان‬ ‫و”إسرائيل”‪ ،‬أو حتديداً بني “حزب اهلل” و”إسرائيل”‬ ‫أو على املنطقة ككل‪ .‬ولكن احلرب املقبلة حتتاج‬ ‫إلى ظرف موضوعي يحتضنها‪ ،‬ولكن هذه احلرب‬ ‫مرهونة بالظروف االقليمية املستجدة وقد تكون‬ ‫بعيدة على املدى املنظور او بني حلظة وأخرى‪.‬‬ ‫فاحتمال وقوع احلرب على املنطقة وغيرها من‬ ‫األمور كان محور لقائنا مع الباحث في الشؤون‬ ‫العسكرية وعضو في املكتب السياسي حلركة‬ ‫أمل األستاذ محمد خواجه في حوار‪ ،‬هنا نصه‪:‬‬


‫خمس سنوات على حرب متوز وهناك دراسة‬ ‫لإلخفاقات والنجاحات لهذه احلرب ولكن الثابت‬ ‫في هذه احلرب أن هناك رادع وهناك متغيرات‬ ‫سياسية وأمنية على املستويني اإلقليمي‬ ‫والدولي‪ ،‬السؤال كل هذه املعطيات منذ حرب‬ ‫متوز هل اجلو مناسب للحرب أم ال نتيجة‬ ‫الكالم عن أن استعدادت اجليش األسرائيلي‬ ‫ّ‬ ‫تشكل نقطة‬ ‫غير مكتملة واجلبهة الداخلية‬ ‫ضعف الكيان؟‬ ‫في ما يتعلق بهذا املوضوع يجب في بادئ األمر‬ ‫مناقشة في يد َمن قرار احلرب‪ ،‬وأعتقد أن قرار احلرب‬ ‫حتى اآلن هو في يد الكيان الصهيوني‪ ،‬الذي هو‬ ‫القوة الوحيدة التي تبادر الى احلرب وباقي القوى‬ ‫العربية مبا فيها املقاومة هي في موقع املتلقي‪،‬‬ ‫ويجب أن نرى اليوم ما إذا كان للكيان الصهيوني‬ ‫مصلحة في الوضع العربي‪ ،‬في هذا العصف‬ ‫الذي يلف العالم العربي مشرقا ً ومغرباً‪ ،‬هل‬ ‫يستطيع أن يقدم على حرب ال سيما بعد جتربته‬ ‫س ّجل في كل جلان‬ ‫في العام ‪ ،2006‬إذ باعترافه وما ُ‬ ‫التحقيق الداخلية وجلنة فينوغراد بأن احلرب لم‬ ‫تكن موفقة وفشلت في حتقيق أهدافها‪ ،‬من هنا‬ ‫نتساءل هل “إسرائيل” ستكرر جتربتها؟ ال شك أن‬ ‫هناك مجموعة من املعوقات‪ ،‬لكن فرضية احلرب‬ ‫اإلسرائيلية قائمة إالّ أنني ال أجد مسوغات لها‪،‬‬ ‫وال أجد ظروفها متوفرة‪ ،‬فالكيان الصهيوني لن‬ ‫يُقدم على حرب إذا لم يكن مطمئنا ً متاما ً الى‬ ‫نتائجها مسبقاً‪ ،‬هذا االطمئنان غير متوفر وذلك‬ ‫جلملة أسباب أهمها‪ :‬داخلية بحيث هناك أسئلة‬ ‫معقدة واجهتها آلة احلرب اإلسرائيلية في امليدان‬ ‫ولم توجد لها حلوال ً شافية حتى اآلن أهمها‬ ‫كيفية التعامل مع الصواريخ املضادة للدروع‬ ‫خاصة أن اإلسرائيلي يبشرنا بحرب تلعب فيها‬ ‫الذراع البرية دورا ً واسعاً‪ ،‬وصحيح أن لديه خطة‬ ‫طموحة بتزويد دباباته مبنظومات “سترة الريح” و‬ ‫«‪ »trovi active‬ولكن حتى بذلك يقول إنه نظريا ً‬ ‫أثبت جناحاته بذلك‪ ،‬ولكن أعتقد أن هذا األمر يبقى‬ ‫احلكم النهائي فيه مليدان املعركة‪ ،‬لكن املشكلة‬ ‫األشد وطأة على الكيان الصهيوني هي الصواريخ‬ ‫املنحنية‪ ،‬وقد اعترف اجلانبان (املقاومة والكيان‬ ‫الصهيوني) أن قدرات املقاومة تضاعفت أضعافا ً‬ ‫أضعاف خالل السنوات الفائتة‪ ،‬فاإلسرائيلي كان‬ ‫يعمل قبل العام ‪ 2006‬على إيجاد منظومة درع‬ ‫صاروخية إذا صح التعبير‪ ،‬ولكنه وجد أن أكثر‬ ‫أنواع من الصواريخ التي واجه فيها مشكلة هي‬ ‫الصواريخ القصيرة املدى‪ ،‬التي ال ميكن معاجلتها‬ ‫من خالل سالح اجلو‪ ،‬ألنها ميكن أن تطلق بطريقة‬ ‫فردية أو على محموالت صغيرة سريعة احلركة‬ ‫وميكن تخبئتها‪ .‬فاإلسرائيلي اليوم منذ بداية‬ ‫العام بدأ يركب منظومات “القبة احلديدية” التي‬ ‫تتعامل مع صواريخ دون ‪ 70‬كلم‪ ،‬ومتّ وضعها في‬ ‫خراج حيفا وخراج مدينتي عسقالن وسيديروت‬ ‫كما أن لديه خطة في حدود ‪ 21‬منظومة على‬ ‫كامل األرض الفلسطينية احملتلة‪.‬‬

‫الالفت كان أن في ‪ 8‬و‪ 9‬نيسان يوم العدوان‬ ‫الناري‪ ،‬إذا صح التعبير على قطاع غزة‪،‬‬ ‫الفلسطينيون رموا ما يقارب ‪ 140‬أو ‪ 150‬صاروخاً‪،‬‬ ‫وأعلن اإلسرائيليون أنهم أسقطوا ‪ 7‬أو ‪ 8‬صواريخ‬ ‫منها ‪ -‬وفق معلوماتهم ‪ -‬وتبينّ فيما بعد من‬ ‫خالل ما أفصح عنه الكتاب العسكريون في‬ ‫الكيان اإلسرائيلي أن هذه الصواريخ ك ّلفت ‪1,1‬‬ ‫مليون دوالر ما يعني أن كل إسقاط صاروخ واحد‬ ‫تصل كلفته الى ‪ 130‬ألف دوالر وهذا عليه نقاش‬ ‫ألن املعترضني على منظومات الصواريخ يقولون‬ ‫أن هذا نوع من احلروب مكلفة على االقتصاد‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬والشيء الالفت أكثر أنه بعد عملية‬ ‫إيالت االحترافية أصبح هناك تبادل نيران إذا صح‬ ‫التعبير‪ ،‬فالكيان الصهيوني أقدم على قصف‬ ‫قطاع غزة بالطائرات‪ ،‬والفلسطينيون استخدموا‬ ‫ذراعهم الصاروخية‪ ،‬لكن لم نسمع أن صاروخا ً قد‬ ‫أُسقط مع أن الكيان رمى أكثر من ‪ 200‬صاروخ‬ ‫على عدة أيام‪ ،‬وهذا موضوع جعلنا نتوقف عنده‬ ‫ونرى إذا كان هناك خلل في تلك املنظومة أم أن‬ ‫املاكنة اإلسرائيلية تعيد حساباتها‪ ،‬من هنا إن‬ ‫حديث الكيان الصهيوني السابق عن إسقاط‬ ‫صواريخ من بعيد‪ ،‬القادم من األيام ميكن أن يجاوبنا‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫هذان هما سببان أساسيان‪ ،‬أضف إليها‬ ‫االستعدادات امليدانية حيث يدرك الكيان‬ ‫الصهيوني أن أي حرب مقبلة سوف يتعرض‬ ‫العمق الفلسطيني احملتل الى مئات الصواريخ‬ ‫يوميا ً من كل األنواع‪ ،‬ألنه إذا قمنا مبقارنة بسيطة‬ ‫بني محاكاة واقعية مع ما حصل في العام ‪2006‬‬ ‫كان احلد األقصى لصواريخ املقاومة يصل الى‬ ‫بلدة اخلضيرة التي تبعد حوالي ‪ 70‬أو ‪ 75‬كلم عن‬ ‫احلدود اللبنانية‪ ،‬في حني ّ‬ ‫يؤكد اإلسرائيلي كالم‬ ‫السيد حسن نصر اهلل أن املقاومة قادرة أن تضرب‬ ‫كل نقطة في األرض الفلسطينية وأن ليس هناك‬ ‫أهدافا ً خارج رمايات املقاومة‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬لقد اتفق اإلسرائيليون على نتيجة احلرب‬ ‫اخمل ّيبة‪ ،‬واختلفوا على تصنيفها‪ ،‬فقد رأى بعضهم‬ ‫فيها مؤشرا ً على بداية النهاية‪ ،‬في حني اعتبرها‬ ‫آخرون جرس إنذار أيقظ الدولة العبرية‪ ،‬ون ّبهها‬ ‫إلى اخملاطر احملدقة بها‪ .‬وأن ما حصل مجرد إخفاق‬ ‫ناجت من نقص االستعداد وسوء اآلداء‪ ،‬وليس قصورا ً‬ ‫بنيويا ً يُبنى عليه‪.‬‬ ‫مبعزل عن تقومي اإلسرائيليني حلرب صيف ‪،2006‬‬ ‫ٍ‬ ‫فإن الدالالت تشير إلى أنهم لم يتق ّبلوا نتائجها‬ ‫العدة حملو آثارها‪ .‬فمنذ اليوم‬ ‫ويعدون‬ ‫املهينة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول لتوقف القتال على اجلبهة اللبنانية‪ ،‬بدأ‬ ‫ضر جلولة جديدة‪ ،‬فتبنى‬ ‫يتح ّ‬ ‫اجليش اإلسرائيلي ّ‬ ‫خالل السنوات الثالث املاضية برنامج تدريب‬ ‫طموحا ً شمل الوحدات العاملة‪ ،‬النظامية منها‬ ‫واالحتياطية‪ ،‬وال سيما الذراع الب ّرية‪ .‬ومن أجل‬ ‫اختبار القدرات ميدانياً‪ّ ،‬‬ ‫نفذ العديد من املناورات‬ ‫احل ّية على اجلبهتني اللبنانية والسـورية‪ .‬ونتساءل‪:‬‬ ‫هل االستعدادات والتدريبات كافي ًة للداللة على‬

‫‪17‬‬

‫أن احلرب اإلسرائيلية ضد لبنان واقع ًة ال محال؟‬ ‫بعيدا ً عن النوايا اإلسرائيلية‪ ،‬نعتقد أن حدوث‬ ‫ٌ‬ ‫مرتبط بتوافر عوامل رئيسية ثالثة‪:‬‬ ‫احلرب‬ ‫‪1‬ـ ليس من السهل بالنسبة إلى “إسرائيل”‪،‬‬ ‫توقيت احلرب وخوضها من دون التنسيق مع‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬لكي تتساوق أهدافها مع‬ ‫املصلحة األميركية‪ .‬إن تبنّي اإلدارة األميركية‬ ‫وبخاصة مع سوريا‬ ‫حللول تسووية في املنطقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫غض الطرف عن‬ ‫وإيران‪ ،‬ال يتعارض مع سياسة ّ‬ ‫ضربة عسكرية إسرائيلية ضد املقاومة اللبنانية‪،‬‬ ‫شرط أن تكون محدودة وسريعة ومضمونة‬ ‫النتائج‪ .‬عندها ميكن أن تو ّفر شروطا ً أفضل‬ ‫للمفاوض األميركي مع خصومه‪ .‬لكن قياسا ً على‬ ‫جتربة “حرب لبنان الثانية”‪ ،‬ال ميكن ضمان سرعة‬ ‫حسم احلرب ونتيجتها‪ .‬فاملقاومة التي واجهها‬ ‫اجليش اإلسرائيلي ما زالت هي هي‪ ،‬بل باتت أكثر‬ ‫وأشد بأساً‪ .‬هذا املعطى قد ال يسهّ ل احلصول‬ ‫قدر ًة‬ ‫ّ‬ ‫على الضوء األخضر األميركي‪.‬‬ ‫‪2‬ـ إن محفزّات احلرب اإلسرائيلية على لبنان‬ ‫متوافرة‪ ،‬فاجليش اإلسرائيلي ت ّواق حملو اإلهانة التي‬ ‫حلقت بسمعته على يد املقاومة اللبنانية‪ .‬أما‬ ‫بخصوص القدرة العسكرية‪ ،‬فقواته قادرة على‬ ‫تأمني مستلزمات احلرب وخوضها‪ ،‬لكن تبقى‬ ‫مسألتا الكلفة واحلسم السريع هما العائق‪.‬‬ ‫“فحربا لبنان األولى والثانية” برهنتا أن احلروب‬ ‫اإلسرائيلية السهلة واملتدنية الكلفة‪ ،‬باتت من‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫‪3‬ـ إذا كان العامالن األوالن يتع ّلقان بالظرف‬ ‫السياسي والقدرة العسكرية‪ ،‬فإن العامل األخير‬ ‫له جانب تقني بحت‪ .‬فقد واجه اجليش اإلسرائيلي‬ ‫جمل ًة من األسئلة الصعبة في امليدان‪ ،‬ال سيما‬ ‫في مجالي الصواريخ املنحنية‪ ،‬والصواريخ املض ّادة‬ ‫للد ّبا ّبات‪.‬‬ ‫في اجملال األول‪ :‬جنحت املقاومة “بإشعال” شمال‬ ‫فلسطني احملتّلة‪ ،‬بنيران الصواريخ املنحنية التي‬ ‫انهمرت على املدن واملستوطنات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫بوتيرة متصاعدة طيلة أيام احلرب‪ ،‬فألغت احلدود‬ ‫الفاصلة ما بني اجلبهة العسكرية‪ ،‬واجلبهة‬ ‫“املدنية”‪ .‬وبهذا هزّت أحد مرتكزات عقيدة العدو‬ ‫األمنية‪ ،‬القائمة على حصر النيران بأرض اخلصم‬ ‫وإبعادها عن الداخل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫أما في اجملال الثاني‪ :‬فقد تفاجأ اإلسرائيليون‬ ‫بالقدرة التدميرية للصواريخ املضادة للد ّبا ّبات‪،‬‬ ‫وبكفاءة رجال املقاومة في استعمالها‪ .‬وكان‬ ‫“حزب اهلل” قد استخدم أثناء االشتباكات الب ّرية‬ ‫صيف ‪ ،2006‬أنواعا ً عديدة من تلك الصواريخ‪،‬‬ ‫ال سيما صاروخ “كورنت أي” الروسي‪ ،‬الذي جنح‬ ‫بتدمير د ّبابة امليركافا ‪ ،4‬واعترف اجليش اإلسرائيلي‬ ‫مدرع (‪ 110‬د ّبا ّبات) ما بني أعطاب‬ ‫بخسارة لواء ّ‬ ‫وتدمير كامل‪.‬‬ ‫املضادة للدروع أكثر‬ ‫إن توفير حل للصواريخ ّ‬ ‫من ضروري‪ ،‬بالنسبة إلى اجليش اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫يقدر اخلبراء‬ ‫لتأمني مق ّومات احلرب املقبلة‪ .‬إذ ّ‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫جتددت املواجهة على احلدود‬ ‫اإلسرائيليون‪ ،‬بأنه إذا ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬فسوف حتتل املعارك الب ّرية ح ّيزا ً واسعاً‪،‬‬ ‫املدرعات دورا ً رئيسيا ً فيها‪ .‬بعدما‬ ‫وسيلعب سالح‬ ‫ّ‬ ‫تبني للقيادة اإلسرائيلية أثناء حرب متّوز‪ ،‬استحالة‬ ‫ربح احلرب بواسطة النار عن بعد ضد قوى غير‬ ‫نظامية مثل املقاومة اللبنانية‪ .‬وإن تأمني اجلبهة‬ ‫الداخلية يتطلب دفع القوات الب ّرية بسرعة داخل‬ ‫منصات‬ ‫العمق اللبناني‪ ،‬بهدف الوصول إلى‬ ‫ّ‬ ‫الصواريخ وتدميرها‪ .‬وتدرك “إسرائيل” أن أعداءها‬ ‫استفادوا من جتربة احلرب األخيرة‪ ،‬وعملوا خالل‬ ‫السنوات الثالث املاضية على تعزيز ترسانتهم‬ ‫احلربية بالصواريخ املنحنية واملضا ّدة للدروع‪.‬‬ ‫رغم أهمية العاملني األول والثاني‪ ،‬يبقى‬ ‫العامل الثالث هو احلاسم بتحديد توقيت احلرب‬ ‫اإلسرائيلية على لبنان‪ .‬فمن املستبعد اإلقدام‬ ‫على مغامرة جديدة من دون توفير احللول التقنية‬ ‫الالزمة لكبح النيران القوسية‪ ،‬والصواريخ املضا ّدة‬ ‫للد ّبابات‪ .‬وبنا ًء عليه ورغم التهويل اإلسرائيلي‪ ،‬ال‬ ‫نرى حربا ً إسرائيلية قريب ًة على لبنان‪ ،‬إالّ إذا طرأ‬ ‫برمتها‪،‬‬ ‫حدث إقليمي‪ ،‬أ ّدى إلى إشعال املنطقة ّ‬ ‫وماذا إذا متّ خرق جبهات ثانية كاجلبهة السورية‬ ‫اليوم‪ ،‬حيث تصاعد احلديث عن إقدام احلكم في‬ ‫سوريا على فتح جبهة – من باب االفتراضات – فإذا‬ ‫اإلسرائيلي الذي فتح اجلبهة هل سوريا سوف تبقى‬ ‫مبنأى عن احلرب؟ هنا أشك في ذلك وال ميكنني أن‬ ‫أعطي جوابا ً قاطعاً‪ .‬و َمن يضمن أن تفجير الوضع‬ ‫في لبنان ال يفجر وضع سوريا وغزة ومصر‪ ،‬فالوضع‬ ‫العربي كله متشابك‪ ،‬ومثال على ذلك بعد‬ ‫عملية إيالت النوعية لم ميررها اإلسرائيلي بهذه‬ ‫السهولة‪ ،‬فاجتمعت اللجنة الوزارية املصغرة (‪7‬‬ ‫وزارات)‪ ،‬وقرروا ضرب قطاع غزة ضربا ً مؤملا ً إذا صح‬ ‫التعبير فتبينّ أن الكيان الصهيوني لم يقم بذلك‪،‬‬ ‫كذلك من ضمن النقاش الذي يدور في القيادة‬ ‫اإلسرائيلية تفادي ثورة اجلمهور املصري الذي هو‬ ‫أساسا ً ثائر ويطالب بطرد السفير اإلسرائيلي‬ ‫وإعادة النظر في اتفاقيات «كامب ديفيد»‪ .‬فإذا‬ ‫أقدم الكيان الصهيوني على عدوان على غزة‬ ‫مماثل لعدوان ‪ 2009 – 2008‬من يتمكن من املعرفة‬ ‫سلفا ً بحجم ردة فعل الشارع املصري خاصة‬ ‫اليوم أن كنز «إسرائيل» االستراتيجي لم يعد عند‬ ‫املصريني الذين يتمتعون بنبض جديد ورغبة في‬ ‫استعادة لدور مصر تدريجيا ً شيئا ً فشيئاً‪ ،‬في ظل‬ ‫هذا الوضع هل لـ «إسرائيل» مصلحة في تفجير‬ ‫حرب غير مضمونة النتائج وهي ليست في منأى‬ ‫عن تداعياتها‪ ،‬بتقديري ال حرب في املدى القريب‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫ماذا تغير منذ حرب متوز حتى اآلن‪ ،‬وأميركا هل‬ ‫هي شريك في القرار مع «إسرائيل»؟‬ ‫في حروب “إسرائيل”‪ ،‬من وجهة نظر عسكرية‪،‬‬ ‫أقلها منذ حرب ‪ ،1967‬ألن ‪ 1956‬لم تكن الواليات‬ ‫املتحدة شريكة في القرار اإلسرائيلي بل اإلنكليز‬ ‫والفرنسيني وذلك أثناء العدوان الثالثي على مصر‪،‬‬ ‫ولكن منذ حرب ‪ 1967‬و‪ 1973‬و ‪ 1982‬على لبنان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واحلرب ‪ 2006‬كانت الواليات املتحدة حتى العام‬ ‫‪ 2006‬شريكة في احلروب اإلسرائيلية‪ ،‬وأنا أ ّدعي‬ ‫وأقول أنه في احلرب ‪ 2006‬كانت “إسرائيل”شريكة‬ ‫في القرار في احلرب األميركية ألن احلرب كانت‬ ‫مطلبا ً أميركيا ً أكثر مما هي مطلب إسرائيلي‬ ‫وهناك معلومات أعلنوها مستشاري أوملرت أنه‬ ‫كان هناك رغبة لدى اإلسرائيليني في وقف احلرب‬ ‫يوم ‪ 17 – 16‬متوز لكن كان هناك ضغط أميركي‬ ‫حال دون ذلك‪ ،‬وطالب باالستمرار في احلرب ألنه‬ ‫كان يتبني شيئا ً فشيئا ً أن مسار احلرب لم يكن‬ ‫ملصلحة “إسرائيل” واألهداف التي وضعتها كانت‬ ‫دون عقبات كبرى لتحقيقها‪ ،‬من هنا ميكننا القول‬ ‫أن الواليات املتحدة ليست شريكا ً استراتيجيا ً في‬ ‫املنطقة لـ “إسرائيل” بل على العكس “إسرائل”‬ ‫هي التي تشكل احلليف االستراتيجي في املنطقة‬ ‫ألن أميركا هي صاحبة املشروع األوسع‪ ،‬وصحيح أن‬ ‫“إسرائيل” هي الطفل املدلل لدى الغرب والواليات‬ ‫املتحدة حتديدا ً ولكن تبقى قاعدة من القواعد‬ ‫األميركية والغربية املزروعة في املنطقة‪ ،‬واحلرب‬ ‫اليوم ال تفيد أميركا ألنها منذ البداية لم تشارك‬ ‫في احلروب وقدراتها العمالنية بعد االستنزاف الذي‬ ‫حصل في العراق وقبلها في أفغانستان‪ ،‬ال أعتقد‬ ‫أن أميركا قادرة على فتح جبهات جديدة‪ ،‬وكذلك‬ ‫األمر بالنسبة لـ “إسرائيل” التي لديها حساباتها‬ ‫غير العنصر الداخلي والعنصر املستجد‪ ،‬الذي‬ ‫هو الوضع العربي‪ ،‬في سلبياته وإيجابياته‪ ،‬اليوم‬ ‫اإلسرائيلي يتطلع الى احلراك الذي يجري في العالم‬ ‫العربي في نقاطه السلبية واإليجابية‪ :‬السلبية‬ ‫في املنظور اإلسرائيلي تكمن في أنه خسر قاعدة‬ ‫كبيرة مثل مصر ويرى في مكان آخر نقطة إيجابية‬ ‫بالنسبة له وهذا كان موضع نقاش داخل احلكومة‬ ‫اإلسرائيلي وأصبح اإلسرائيلي ذات قناعة أن هذا‬

‫‪18‬‬

‫النظام السوري هو نظام معادٍ لهم ولعب دور‬ ‫“حبل الصرة” الرابط بني مقومات محور املمانعة‬ ‫أمن ووفر الدعم بكل‬ ‫وأن هذا النظام هو الذي ّ‬ ‫أشكاله في حركات املقاومة‪ ،‬إن كانت في لبنان‬ ‫أوفي فلسطني أو في العراق‪ ،‬طبعا ً “إسرائيل” مع‬ ‫إسقاط هذا النظام وإذا ّ‬ ‫تعذر ذلك فهي مع تغيير‬ ‫وظائفه وترى أن هذا النظام إذا ضعف أو أس ِقط‬ ‫فيه مصلحة استراتيجية لها‪ ،‬ألنه أزعجها وبذات‬ ‫الوقت أزعج الواليات املتحدة وكان خارج منظومة‬ ‫ما يسمى مبنظومة االعتدال العربي التي كانت‬ ‫متناسقة كليا ً مع املشروع األميركي ومهيدنة‬ ‫ألقصى حد مع املشروع اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫التعويض عن هذه اخلسارة باحلجم الذي نراه‬ ‫اليوم في املنطقة‪ ،‬كيف وأين ستكون املصلحة‬ ‫األميركية؟‬ ‫ّ‬ ‫يشكل زلزاال ً حقيقيا ً‬ ‫ما يجري في العالم العربي‬ ‫باعتقادي أنه بتداعياته النهائية سينعكس سلبا ً‬ ‫على املشروع األميركي – اإلسرائيلي وسوف يكونان‬ ‫اخلاسرين األكبرين‪ ،‬لكن هذا احلراك العربي لم‬ ‫يصل الى مداه األقصى‪ ،‬إذ هو في مراحل انتقالية‬ ‫وكي نتمكن من دراسته بطريقة علمية ال ميكننا‬ ‫رؤيته بأنه حراك واحد وذلك يعود الى أن البالد‬ ‫العربية قد تكون ظروفها الداخلية متشابهة من‬ ‫حيث الفساد واالستبداد وانعدام احلريات والكرامة‬ ‫اإلنسانية وغيرها ولكن يجب االعتراف أن هناك‬ ‫عناوين مشتركة وكذلك هناك متايز بني نظام‬ ‫وآخر وموقع دولة وآخر‪ ،‬ودليل على ذلك أن النظام‬ ‫املصري و ّفر لإلسرائيلي جز ًءا من أمنه القومي‬ ‫على حساب أمن العرب وأمن مصر‪ ،‬في املقابل‬ ‫كان النظام السوري في موقع املعارض واملمانع مع‬ ‫املشروع اإلسرائيلي‪ ،‬وأعتقد أن الهجمة الغربية‬ ‫اليوم على سوريا ليس هدفها الوصول الى احلريات‬ ‫وغيرها‪ ،‬فأميركا ال تقيم اعتبارا ً للدميقراطية في‬ ‫أي بلد عربي‪ ،‬كونها صانعة لدكتاتوريات العالم مبا‬ ‫فيها الدكتاتوريات العربية وإذا لم تكن صانعتها‬ ‫فهي راعيتها من أميركا الالتينية مرورا ً بالعالم‬ ‫العربي وأفريقيا وصوال ً الى شرق آسيا‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫ال يعني أن ليس هناك أسبابا ً موجبة لتفعيل‬ ‫احلراك العربي ومنها الداخلية‪ ،‬أميركا اليوم في‬ ‫وسط هذا احلراك حتاول أن تخطف هذا احلراك‬ ‫وتوظيفه في اجتاهات أخرى‪ ،‬فأميركا والغرب‬ ‫بشكل عام يحارب سوريا ليس على نقاط الغلط‬ ‫في سياستها بل يحاربها على النقاط الصحيحة‬ ‫من حتالفها مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫وتبنيها لقضايا املقاومة وقضية فلسطني‬ ‫كقضية مركزية‪ ،‬وعدم مصاحلتها لـ «إسرائيل»‬ ‫ال سرا ً وال عالنية كما فعل كل العرب دون استثناء‬ ‫حيث جزء منهم صاحلها علنا ً واجلزء األكبر صاحلها‬ ‫سراً‪ ،‬ونشهد لسوريا هذا األمر‪.‬‬ ‫من هنا عندما ندرس ظاهرة احلراك العربي يجب‬ ‫تفكيكه وبحثه في كل بلد على حدا‪ ،‬وداخل البلد‬ ‫الواحد أيضا ً ألنه حتى في مصر لم يكن هناك‬ ‫معارضة واحدة بل مجموعة معارضات وهذا‬


‫ناجم عن الوضع السائد في تلك الدول والعقود‬ ‫الطويلة من االستبداد ال تنتج معارضة ولنكن‬ ‫دقيقني في الكالم‪ ،‬اليوم «إسرائيل» والواليات‬ ‫املتحدة األميركية بشكل أساسي يحاوالن خطف‬ ‫هذا احلراك الى مكان يخدم من جديد املشروع‬ ‫األميركي – الصهيوني وحتديدا ً تركيزهم على مصر‬ ‫ألن مصر هي الدولة العربية األكبر وقاطرة األمة‬ ‫العربية إذا تعافت مصر تعافى العالم العربي‬ ‫وعندما مرضت مصر خالل الـ ‪ 40‬سنة املاضية‬ ‫أيام السادات ومبارك مرض العالم العربي‪ ،‬وعندما‬ ‫كانت مصر الناصرية كان العالم العربي معافى‬ ‫موحد ضد «إسرائيل» واليوم أصبح‬ ‫ولديه خطاب ّ‬ ‫لألسف الشديد معها والعداء مع «إسرائيل»‬ ‫ّ‬ ‫يشكل وجهة نظر وليس موقفا ً أو مبدأ‬ ‫أصبح‬ ‫قوميا ً وهذا أمر خطير جداً‪.‬‬ ‫اخللل االستراتيجي التي تعاني منه‬ ‫«إسرائيل» من خسارة مصر ومحور االعتدال‪،‬‬ ‫واستهداف أميركا اآلن لسوريا تعويضاً عن‬ ‫خسارتها للنظام املصري بعد حرب متوز‪،‬‬ ‫والضغط على املقاومة ومحاولة إلشغالها في‬ ‫لبنان باحملكمة الدولية‪ ،‬كل هذه العناصر هل‬ ‫من املمكن أن جتعل من احلرب الناعمة بديل عن‬ ‫خيار احلرب العسكرية؟ وبناء على هذه احلرب‬ ‫يتم حتديد بوصلة املعركة؟‬ ‫للمزيد من الدقة‪ ،‬أميركا لم تصنع هذا احلراك‬ ‫العربي بل حالة االستبداد والفساد السائدة في‬ ‫العالم العربي هي التي صنعته‪ ،‬ولألسف الشديد‬ ‫وقع في هذا الفخ العديد من الكتاب العرب بحيث‬ ‫اعتبروا أن أميركا هي التي صنعت هذا احلراك‬ ‫العربي‪ ،‬فإذا نظرنا الى الوضع العربي باستثناء‬ ‫سوريا الوحيدة التي لم تصالح «إسرائيل» والتي‬ ‫بقيت الظهير املساند حلركات املقاومة في لبنان‬ ‫وفلسطني‪ ،‬باستثناء سوريا باقي الوضع العربي‬ ‫كان يعمل وفقا ً لالستراتيجية األميركية في‬ ‫املنطقة‪ ،‬فما مصلحة أميركا من أن تسقط‬ ‫أنظمة مثل بن علي وحسني مبارك والقذافي‬ ‫وعلي عبد اهلل صالح‪ ،‬إنني أعطي دولة واحدة‬ ‫األميركيون ليسوا مرتاحني حلالة احلراك العربي‬ ‫ويحاولون رمي خطافتهم على احلراك وتوجيهه‬ ‫باجتاه بوصلتهم‪ ،‬دولة مثل مصر رأينا الهتافات‬ ‫تتحدث عن فلسطني بعد أربعني سنة عاد الشعب‬ ‫يتحدث عن فلسطني‪ ،‬وكون مصر الدولة العربية‬ ‫األقدر ليبيا وتونس بعيدة‪ ،‬النظام املصري في‬ ‫السنوات األخيرة حتى يؤمن عملية توريث جمال‬ ‫مبارك قدم أربع خدمات مجانية للعدو اإلسرائيلي‬ ‫لكسب رضاه‪ :‬أشهر العداء إليران وتزعم محور‬ ‫االعتدال العربي وح ّول الصراع الى صراع عربي –‬ ‫إيراني‪ ،‬حتول الى حارس للحصار اإلسرائيلي على‬ ‫قطاع غزة األمر الثالث عمل على مشاغلة سوريا‬ ‫وإرباكها خدمة خملطط أميركي يستخدم مع‬ ‫سوريا مخطط الترهيب والترغيب األمر الرابع وهو‬ ‫األخطر‪ ،‬النظام املصري خالل السنوات األخيرة‬ ‫عمل على إشعال فتنة بني املسلمني في لبنان‬

‫وأصبحت مصر الرسمية تستخدم مصطلحات‬ ‫ال متت الى مصر بصلة‪ ،‬جاء أبو الغيط يتحدث‬ ‫بسنة وشيعة وكانوا يعملون على إشعال فتنة‬ ‫في الداخل وجر املقاومة و»اسرائيل» الى زواريب‬ ‫املدن الداخلية‪ ،‬فما مصلحة أميركا بذلك‪ ،‬ومباذا‬ ‫أزعجها نظام مبارك‪ ،‬لنعد الى كالم أليعاز‬ ‫عندما توجه لألميركيني في عز األزمة قال لهم‪:‬‬ ‫«مصر أو النظام املصري هو كنز استراتيجي لـ‬ ‫«إسرائيل» وأنتم ترتكبون خطيئة بعدم احملافظة‬ ‫عليه القصة لم تكن بيدهم‪ ،‬إذا رصدنا حركة‬ ‫األميركيني في مصر حاولوا عندما رأوا أن رأس‬ ‫النظام مهزوز أطاحوا به حفاظا ً على املؤسسة‪،‬‬ ‫ولكن كيف؟ بأن يطير حسني مبارك ويأتي عمر‬ ‫سليمان وهنا نكون هربنا من الدلف األميركي الى‬ ‫املزراب اإلسرائيلي لكن الشباب في امليدان أكملوا‬ ‫ومتت عملية إسقاط النظام املصري‪ ،‬طبعا ً بعد‬ ‫عقبات أي نظام مهما كان شكله لن يكون أسوأ‬ ‫من نظام حسني مبارك ولكن كلنا أمل بالشعب‬ ‫املصري أن يكون هناك نظام يستعيد بوصلة‬ ‫مصر‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬بذلك أميركا حاولت أن تقول لنا أن هناك‬ ‫متايزا ً بني القرارين األميركي واإلسرائيلي وهذا‬ ‫صحيح لكن إذا نظرنا الى االستراتيجية األميركية‬ ‫في الشرق األوسط جندها تقوم على دعامتني‬ ‫أساسينت‪ :‬تأمني النفط وأمن “إسرائيل”‪ ،‬من هنا‬ ‫قدم‬ ‫إسقاط نظام مثل نظام حسني مبارك الذي ّ‬ ‫الكثير لـ “إسرائيل” في السنوات العشر األخيرة‬ ‫مقابل توريث جمال مبارك‪ ،‬فلماذا تريد الواليات‬ ‫املتحدة إسقاطه وما مصلحتها في ذلك؟‬ ‫أما فيما يتعلق بسوريا فأميركا حتاول أن تط ّوع‬ ‫سوريا وتستفيد من احلراك الداخلي فيها الذي قد‬ ‫يكون في اجلزء األكبر منه موجها ً ولكن األجزاء‬ ‫األخرى لها أسبابها كالفساد وغيره والقيادة‬ ‫السورية ّ‬ ‫تؤكد ذلك‪ ،‬من هنا أرى أن ال خالص لسوريا‬ ‫إال مبشروع حتديثي إصالحي بقيادة الرئيس بشار‬ ‫األسد ألن هناك جز ًءا كبيرا ً من الشعب السوري‬ ‫حتى اآلن مازال يؤمن ويثق بشخص الرئيس الشاب‪،‬‬ ‫وهذه الشخصية قادرة على القيام بعملية نقل‬ ‫نوعية لسوريا التي نريدها كما نريد لبنان والعالم‬ ‫العربي مدينة مضاءة على تل مرتفع ومنارة‪.‬‬ ‫الوضع في سوريا والهجمة عليها مختلف‬ ‫متاماً‪ ،‬الغرب يهجم على سوريا ليحاسبها على‬ ‫مواقفها القومية كما سبق وذكرت وليس على أي‬ ‫شيء آخر‪ ،‬والقيادة السورية وحتديدا ً الرئيس بشار‬ ‫استوعب املؤامرة التي حتاك ضد سوريا من اللحظة‬ ‫األولى وعمد الى طرح العديد من اإلصالحات بحيث‬ ‫رأى أن هناك مطالب محقة للناس وقال بأنه كان‬ ‫من األفضل لو ّ‬ ‫بكر بتلك اإلصالحات‪ ،‬من هنا يجب‬ ‫أن يكون هناك تفهم من اجلهات املعارضة التي‬ ‫يرتبط بعضها بأميركا مباشرة ولكن ذلك ال ينفي‬ ‫أن يكون هناك معارضة لها مطالب حقيقية‪،‬‬ ‫وأعتقد أن التسوية التاريخية في سوريا ستعيد‬ ‫سوريا الى أفضل ما كانت عليه في السابق وتلك‬

‫‪19‬‬

‫التسوية ال تتم إال بالتفاهم ما بني السلطة وبني‬ ‫القوى الفاعلة في املعارضة الداخلية السورية‪،‬‬ ‫وال ميكن أن تكون إال بقيادة الرئيس بشار األسد‬ ‫كونه الضمانة الوحيدة للقيام بهذه النقلة‬ ‫النوعية في سوريا‪ ،‬وهذا أمر إذا رصدنا حقبات‬ ‫الرئيس بشار خالل ‪ 4‬أو ‪ 5‬مقابالت وخطابات قام‬ ‫بها خالل األحداث في سوريا كلها تصب في‬ ‫هذا املسار‪ ،‬مسار إحداث نقلة نوعية في سوريا‪،‬‬ ‫وأي كالم أو جهد آخر ميكن أن يجرنا الى أماكن‬ ‫خطرة ومشاكل داخلية أكثر في سوريا واحتراب‬ ‫إلخ‪ ...‬ونحن في لبنان من أكثر الذين يتمسكون‬ ‫باالستقرار واألمن السوريني ألننا أول املتضررين‪،‬‬ ‫ألنه إذا كانت سوريا ضعيفة وممزقة لبنان ممزق‬ ‫وضعيف‪ ،‬وإذا كانت سوريا قوية ومنيعة لبنان قوي‬ ‫ومناعته عالية‪ ،‬ألنه إذا نظرنا الى اخلريطة جند أن‬ ‫سوريا بالنسبة الى لبنان ليست موقعا ً جغرافيا‬ ‫وإمنا دور وموقع تاريخي‪ ،‬وخط التماس األول مع‬ ‫فلسطني وأم خطوط التماس األخرى خاصة بعد‬ ‫استقالة مصر من هذا العمل املقاوم منذ أكثر‬ ‫وحتملت سوريا عبء صراع عريق ونحن‬ ‫من ‪ 35‬سنة ّ‬ ‫ال ميكننا أن ننكر هذه النقاط املضيئة إذا صح‬ ‫التعبير لسوريا في تاريخ القيادة السورية‪ ،‬فهذا‬ ‫أمر محسوم ونتمنى كل اخلير لسوريا‪.‬‬ ‫ماهي معادلة الردع القائمة حالياً وماذا عن‬ ‫دخول الصراع على املوارد الطبيعية البحرية‬ ‫في معادلة الصراع اجلديدة؟‬ ‫املعادلة القائمة اليوم بني لبنان والكيان‬ ‫الصهيوني هي نفس املعادلة‪ ،‬اليوم لدينا‬ ‫معادلة ماسية في الداخل تتمثل بالشعب‬ ‫واجليش واملقاومة التي لديها مشروعيتها أننا‬ ‫في موقع املظلوم وليس الظالم‪ ،‬كذلك لدينا‬ ‫شيء من القوة‪ ،‬هذه املقاومة راكمت منذ أوائل‬ ‫ّ‬ ‫شكلت من خاللها‬ ‫التسعينات قوة صاروخية‬ ‫ذراعا ً ردعية مقابل ذراع الردع اإلسرائيلي املتمثل‬ ‫بسالح اجلو‪ ،‬وحتى ال نتكلم عن التوازن بالكامل‬ ‫ولكن ميكننا القول أننا صنعنا شيئا ً ما من هذا‬ ‫ّ‬ ‫يفكر أكثر من‬ ‫التوازن الذي يجعل اإلسرائيلي‬ ‫مرة في اإلقدام على حرب ألنه يدرك أن أي حرب‬ ‫لها كلفة واإلسرائيلي حساس جدا ً جتاه أي كلفة‬ ‫خاصة إذا كانت تلك الكلفة بشرية وهو يدرك أنه‬ ‫يستطيع أن يجتاح لبنان بأكمله لكنه سيخسر‬ ‫الكثير مقابل هذا االجتياح‪ ،‬وهنا نتساءل هل هو‬ ‫جاهز لدفع هذه الفاتورة؟ إذا العامل املستجد هو‬ ‫عامل النفط والصراع حول موضوع ترسيم احلدود‬ ‫النفطية ما بني لبنان وفلسطني احملتلة وقبرص‪،‬‬ ‫وهذا العامل لم ينشئ معادلة جديدة بل أصبح‬ ‫جز ًءا من املعادلة األولى وقد يكون فتيل تفجير كما‬ ‫أنه من املمكن أن يكون فتيل ردع‪ ،‬واإلسرائيلي تواق‬ ‫الستخدام واستخراج النفط الذي ال ميلكه والذي‬ ‫يعد ثروة نفطية‪ ،‬وأعتقد أن هذا املوضوع يخضع‬ ‫للتسوية‪ ،‬أما إذا فكرت «إسرائيل» بسرقة ‪360‬‬ ‫كلم‪ 2‬املتنازع عليها أعتقد أننا لن نسكت على‬ ‫هذا األمر إن كان على صعيد اجليش أواملقاومة‪.‬‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫إن حكومة أنقرة تتحدى اآلن «إسرائيل»‬ ‫وتعلن على املأل عن طرد سفيرها وتقليص‬ ‫عالقاتها االقتصادية والعسكرية معها‪ ،‬كما‬ ‫تتحدث علنا عن إمكانية وقوع مواجهة بني‬ ‫الدولتني بسبب تنقيبات الغاز التي تقوم بها‬ ‫«إسرائيل» في البحر األبيض املتوسط‪ ،‬وال تتردد‬ ‫في أن تهدد في الطريق بلداً عضواً في االحتاد‬ ‫األوروبي هو قبرص‪.‬‬ ‫وحني تواجه “إسرائيل” أزمة من النوع احلاصل‬ ‫حالياً مع تركيا التي هي عضو كبير في حلف‬ ‫الناتو وقوة إقليمية عظمى‪ ،‬فإن ذلك يعنى‬ ‫أن ثمة متغيرات إستراتيجية‪ ،‬ترسم صورة‬ ‫للضعف والتآكل في مكانتها‪ ،‬ماهي أسباب‬ ‫هذا الضعف؟‬ ‫فيما يتعلق باجلانب التركي‪ ،‬هناك متغيرات‬ ‫وهذا صحيح ولكن تلك املتغيرات ال تندرج ضمن‬ ‫املتغيرات االستراتيجية ألنه إذا استعرضنا تاريخ‬ ‫العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬تلك العالقات‬ ‫أنشئت عام ‪ ،1949‬أي بعد قيام الكيان الصهيوني‬ ‫بعام واحد‪ ،‬وتعرضت تلك العالقات مرتني لهذا‬ ‫النوع من الهزات‪ :‬في املرة األولى عام ‪ 1956‬بعد‬ ‫العدوان الثالثي على مصر وتركيا كما هو معروف‬ ‫بلد إسالمي ال ميكنه أن يغيب عن محيطه خاصة‬ ‫أن تركيا ُوجدت في تلك املنطقة منذ ‪ 500‬سنة‬ ‫وليس منقطعا ً عنها كإسالم كوسوفو‪ ،‬فاألتراك‬ ‫عام ‪ 1956‬جمدوا عالقاتهم الدبلوماسية مع‬ ‫«إسرائيل» واقتصرت على طرد القنصل وجمدوا‬ ‫الكثير من االتفاقيات بني البلدين وكذلك األمر‬ ‫وحد الكيان الصهيوني القدس‬ ‫عام ‪ 1980‬بعد أن ّ‬ ‫حتت الراية الصهيونية حيث كان لألتراك ردة فعل‬ ‫يومها وخفضوا من التمثيل الدبلوماسي وقلصوا‬ ‫في العالقات العسكرية‪ ،‬ولكن عادت هذه العالقات‬ ‫الى سابق عهدها وقويت‪.‬‬ ‫أما املشهد اليوم فهو يشبه املشهدين األولني‪،‬‬ ‫من هنا ال ميكننا القول أن هناك مرحلة تغيير‬ ‫استراتيجي على صعيد البلدين‪ ،‬وكنت أظن‬ ‫أن الرئيس أردوغان وما صدر عنه من موقف ضد‬ ‫«إسرائيل» أثناء عدوانها على غزة كان يستأهل‬ ‫كل الترحيب‪ ،‬وليكون هذا املوقف جديا ً يجب أن‬ ‫أبحث أين حكومة العدالة والتنمية والدور التركي‬ ‫من الدور الغربي حتديدا ً من أميركا؟ فال أستطيع‬ ‫أن أهضم موضوع خصام تركيا مع «إسرائيل» في‬ ‫مقابل تصاحله مع أميركا التي تعتبر «إسرائيل»‬ ‫من أهم شركائها‪.‬‬ ‫من جهة صعدت تركيا لهجتها الكالمية مع‬ ‫«إسرائيل» ولكنها من جهة ثانية قبلت بتركيب‬ ‫الدرع الصاروخي األميركي في تركيا وبالتحديد‬ ‫في الوسط التركي‪ ،‬وهي على علم بأن هذا األمر‬ ‫يزعج إيران وروسيا االحتادية بالتحديد ويعرض‬ ‫تركيا باملقابل الى حرب وضرر كبير‪ ،‬هناك إضعاف‬ ‫لعالقة تركيا و»إسرائيل» ولكن هناك توثيق أكبر‬ ‫للعالقة بني أميركا وتركيا‪ ،‬من هنا ميكن اعتبار‬ ‫املوقف التركي موقفا ً إشكاليا ً بحاجة الى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مقاربة‪.‬‬ ‫كما أن اللهجة التي يتحدثون بها هي لهجة‬ ‫غير مشجعة‪ ،‬ونحن نقول ومازلنا أن هذه املنطقة‬ ‫ال ميكن أن تكون إال إذا قامت على مثلث ثالثي‬ ‫عربي‪ -‬تركي‪ -‬إيراني يرتكز على تأمني مصاحله‬ ‫االقتصادية واألمنية وعلى العالقات الندية مع‬ ‫ّ‬ ‫تشكل‬ ‫الغرب وبالتحديد الواليات املتحدة التي‬ ‫احلليف االستراتيحي لـ «إسرائيل»‪ ،‬وال أرى‬ ‫تقليص بالعالقات بني تركيا والواليات املتحدة‪،‬‬ ‫وهنا نتساءل هل أميركا والناتو يسمحان لتركيا‬ ‫بإيذاء «إسرائيل»؟ ال ألنهم معها باملطلق وهذا‬ ‫احلراك في موقف أردوغان سيولد أزمة حتى في‬ ‫الداخل التركي‪.‬‬ ‫أضيفي الى طريقة تعامل تركيا مع سوريا‪،‬‬ ‫فالنظام في سوريا أقام مع تركيا أطيب العالقات‬ ‫وفتح أبواب سوريا منذ العام ‪ 2004‬للمنتجات‬ ‫التركية الى حد أن بعض الصناعات السورية‬ ‫تضررت‪ ،‬والرئيس األسد كان يريد تلك اخلاصرة‬ ‫الشمالية لتكون خاصرة مريحة وأصبح هناك‬ ‫عالقات وثيقة وتركيا اليوم حتى بهجومها‬ ‫العنيف على النظام السوري فقدت دورها‬ ‫في املنطقة من باب أن تصبح الوسيط في‬ ‫املفاوضات املباشرة‪ .‬القيادة السورية مشهود لها‬ ‫أنها ال تخضع لإلمالءات اخلارجية وال تفاوض وهي‬ ‫ضعيفة‪ ،‬كل هذا الكالم وذهاب أردوغان الى مصر‬ ‫وموقفه من املعارضة املصرية نحن نأخذها بعني‬ ‫االعتبار أما أن يأخذ مصر كي تكون بؤرة للهجوم‬ ‫منها على سوريا تثير الكثير من التساؤالت غير‬ ‫الدقيقة‪ .‬فما مصلحة تركيا بذلك‪.‬‬ ‫على أردوغان أن يكون في مصلحة الندية مع‬ ‫الغرب وبالتحديد الواليات املتحدة واليابان إذا‬ ‫كانت مصلحة أردوغان في أن يستغل الفراغ‬ ‫العربي ليمأل املساحة‪ ،‬كما عليه أن يعمل‬ ‫ضمن املثلث العربي التركي – السوري – اإليراني‬ ‫ويتحالف مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫عال جتاه األتراك‬ ‫خاصة وأن إيران تتكلم بو ّد‬ ‫ٍ‬ ‫ودائما ً يدعونهم الى أفضل العالقات والتنسيق‬ ‫اإلسالمي – اإلسالمي‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق في موضوع سوريا هناك‬ ‫فقدان ثقة من قبل الطرفني السوري والتركي‪،‬‬ ‫خاصة بعد دعم تركيا للمعارضة السورية‪ ،‬من‬ ‫هنا هناك عالمات استفهام للدور التركي في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وحلركة أردوغان وحزبه وحول طموحات‬ ‫تركيا وحول الى أي مدى الصراع بني أنقرة وتل‬ ‫أبيب سيصل‪ ،‬كما أن هناك عالمات شبهة‬ ‫حول عالقات تركيا باحملور الغربي واحملور األميركي‬ ‫حتديداً‪.‬‬ ‫نحن بحاجة لدور تركي قوي متكامل مع الدور‬ ‫اإليراني والعربي املمانع كي يكون الوضع العربي‬ ‫متكامالً‪ ،‬ما يجعل املنطقة مبنأى عن أخطار‬ ‫املشاريع األميركية الصهيونية التي حتاك لها‪.‬‬ ‫في «اخلطة ج» التركية أعلنت أنقرة عن نيتها‬ ‫فعل كل ما يزعج الدولة العبرية‪ ،‬كتقدمي الدعم‬

‫‪20‬‬

‫املطلق ملشروع قرار االعتراف بدولة فلسطني‬ ‫في اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬والضغط في‬ ‫األمم املتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية‬ ‫لفرض عقوبات على «إسرائيل» جراء عدم‬ ‫االلتزام باملواثيق الدولية‪ ،‬واألهم‪ ،‬رفض تركيا‬ ‫التصديق على عضوية «إسرائيل» في حلف‬ ‫شمال األطلسي‪ ،‬في حال استمرار «إسرائيل»‬ ‫في رفض االعتذار والتعويض‪ ،‬كيف تقرأ هذه‬ ‫اخلطة‪ ،‬هل هي عبارة عن مناورة تركية جديدة؟‬ ‫إن ما يلفت النظر في هذا اإلطار هو سوء‬ ‫العالقة التركية الظاهرة مع تل أبيب في مقابل‬ ‫توثيق عالقتها مع احملور الغربي وبالتحديد‬ ‫األميركي‪ ،‬واأليام املقبلة سوف جتيبنا على الكثير‬ ‫من األسئلة في مرحلة خلط األوراق التي تعيشها‬ ‫املنطقة اليوم‪.‬‬ ‫مع ما حمله العام ‪ 2011‬من متغيرات على‬ ‫املستويني الدولي واإلقليمي من خالل الربيع‬ ‫العربي واألزمة املالية األميركية واألوروبية‪ ،‬هل‬ ‫ميكننا القول أن العدة اكتملت للحرب املقبلة‬ ‫عاملياً وإقليمياً؟‬ ‫هناك خوف دائما ً من األنظمة ذات الطبيعة‬ ‫الرأسمالية املتواجدة في الدول الكبرى التي‬ ‫تهرب من أزماتها االقتصادية الى احلروب‪ ،‬وكثير‬ ‫من اخلبراء يقولون أن احلرب التي قامت في أواخر‬ ‫الثالثينات‪ ،‬احلرب الكونية الثانية كانت بداياتها‬ ‫في العام ‪ 1929‬حتى العام ‪ 1933‬عندما خرجوا‬ ‫من األزمة االقتصادية العاملية‪ ،‬ال شك أن تلك‬ ‫الفرضية قائمة‪ ،‬لكن بسبب احلروب التي قامت‬ ‫بها أميركا في السنوات العشر املاضية حتت‬ ‫عنوان االنتقام والهرب الى اإلرهاب في العالم‪ ،‬كان‬ ‫من املمكن أن تصح تلك الفرضية‪ ،‬ولكن اليوم‬ ‫حظوظ تلك الفرضية منخفضة كثيرا ً وبنفس‬ ‫الوقت ال ميكننا أن ننفيها‪ ،‬لكن ال أرى حربا ً أقله‬ ‫في املدى املنظور وذلك يعود لعدم جهوزية الواليات‬ ‫املتحدة خاصة بعد التراجعات االقتصاية الكبرى‬ ‫التي تنعكس سلبا ً على التقدميات االجتماعية‬ ‫ما جعل أوباما يجاري اجلمهوريني بسياساتهم‬ ‫املنغلقة التي مت ّثل الشركات العابرة للقارات‪.‬‬ ‫العالم اليوم ليس محكوما ً بواسطة دول‬ ‫بل محكوم مبجموعة شركات قابضة وعابرة‬ ‫للقارات‪ ،‬من شركات نفط ودواء وسالح‪ ،‬لذلك‬ ‫أمام هذا املشهد املعقد وتدخّ ل تلك الشركات‬ ‫في إدارة األنظمة الدولية من الطبيعي أن نتخ ّوف‬ ‫دائما ً من حصول اضطرابات قد تؤدي الى حروب‪.‬‬ ‫تقدم‪ ،‬يُظهر حجم االستعدادات للحرب‪،‬‬ ‫ما ّ‬ ‫لكن السياق املنطقي لألمور‪ ،‬يحتم التفكير مليا ً‬ ‫قبل الشروع بحرب جديدة غير مضمونة النتائج‪،‬‬ ‫عدتها لم تكتمل بعد‪،‬‬ ‫والتي نرى‪ ،‬من جهتنا‪ ،‬أن ّ‬ ‫أق ّله في املنظور القريب‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬


‫حضر افتتاح دورة أولمبية في ال ّدوير بريف دمشق‬

‫وهاب‪ :‬نطمح لدور مهم للمسيحيين‬ ‫في المنطقة عبر البطريرك ال ّراعي‬

‫وجه رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫ّ‬ ‫السابق وئام وهاب من سوريا حتية لبطريرك‬ ‫أنطاكية وسائر املشرق مار بشارة بطرس الراعي‪،‬‬ ‫الذي “يجعل من بطرك ّية املوارنة في لبنان‬ ‫بطركية أنطاكية وسائر املشرق بحقّ ‪ ،‬نتيجة‬ ‫مواقفه الوطنية والقومية ألننا نطمح عبره‬ ‫لدورٍ مهم للمسيحيني ليس على مستوى لبنان‬ ‫وسوريا فقط‪ ،‬بل على مستوى كل املشرق العربي‬ ‫ليعيدوا له شيئا ً من نضارته وعروبته وقوميته‬ ‫كما كان عبر التاريخ”‪.‬‬ ‫وجه حتية لألمني العام لـ “حزب اهلل”‬ ‫كما ّ‬ ‫الس ّيد حسن نصر اهلل الذي “حتامل عليه الصغار‬ ‫كثيرا ُ في األشهر املاضية معتبرين أ ّن شتمه‬ ‫يساهم في تدميره‪ ،‬ولكن يجب أن يعلموا أننا‬ ‫أمة قدرُها الهزمية باستمرار‬ ‫قبل املقاومة كنا ّ‬ ‫مع “إسرائيل”‪ ،‬ولكن أتى هذا الرجل ليغ ّير كل‬ ‫أمة قوية قادرة على اإلنتصار وال‬ ‫مفاهيمنا بأننا ّ‬ ‫إمكانية لـ “إسرائيل” أن تهزمها بعد اآلن‪ ،‬وألنه‬ ‫غ ّير مفاهيمنا خافوا منا‪ ،‬وبدأت املؤامرة على‬ ‫سوريا واملقاومة تأخذ هدف تشويه صورة الس ّيد‬ ‫نصر اهلل واملقاومة‪ ،‬وإيران التي ستساعدنا في‬ ‫استرجاع فلسطني”‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء أثناء حضوره افتتاح دورة أوملبية‬ ‫يشارك فيها العبون من كافة احملافظات السورية‬ ‫الدوير في ريف دمشق‪ ،‬حضرها رئيس‬ ‫في منطقة ّ‬ ‫اإلحتاد الرياضي العام اللواء مو ّفق جمعة‪ ،‬وعدد‬ ‫حتدث وهاب حول‬ ‫من الشباب الرياضي‪ ،‬بحيث ّ‬ ‫أملح مظاهر القلق‬ ‫الوضع في سوريا قائالً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫“كنت ُ‬ ‫على وجوه ّ‬ ‫عدة فئات‪،‬‬ ‫من‬ ‫آت‬ ‫وهو‬ ‫السوريني‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫أهمها الفئة اخلائفة على سوريا‪ ،‬ورمبا هناك ق ّلة‬ ‫قليلة لم تكن تدرك ما سيحصل في سوريا لو‬

‫ُق ِّدر لهذه املؤامرة التي خيضت ضدها أن تنجح‪.‬‬ ‫أملس‬ ‫أما اآلن‪ ،‬وبعد أشهر من هذه األزمة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بدأت ُ‬ ‫راحة أكثر وثقة باملستقبل على وجوه السوريني‪،‬‬ ‫وأستطيع القول بأ ّن املؤامرة على سوريا سقطت‬ ‫وما بقي من جيوب صغيرة سينتهي خالل‬ ‫األسابيع املقبلة”‪.‬‬ ‫وتوجه للحضور بالقول‪“ :‬لم تسقط املؤامرة‬ ‫ّ‬ ‫على سوريا صدفة‪ ،‬فالعامل األساس في‬ ‫حتملتم من‬ ‫إسقاطها هو أنتم السوريون الذين ّ‬ ‫الدعاية الكاذبة ومحاولة ج ّركم للفتنة‪ ،‬ومن‬ ‫فقدان األمن في بعض املناطق ما يكفي‪ ،‬ولكنكم‬ ‫كنتم أوعى من كل الذين عملوا حلياكة ثوب‬ ‫املؤامرة على سوريا‪ ،‬وتخرجون اليوم لتقولوا‪ :‬ال لن‬ ‫نسير في عملية تدمير سوريا ولن نقبل بتفتيتها‬ ‫وإضعافها”‪ ،‬لتؤكدوا أ ّن خياركم هو ق ّوة سوريا‬ ‫ومنعتها‪ .‬وقد شاهدمت الدميقراطية الكاذبة التي‬ ‫أتت إلى العراق‪ ،‬وعملية حترير الشعب الليبي‪ ،‬وما‬ ‫أدراكم ما التحرير الذي حصل هناك‪ ،‬والذي أ ّدى‬ ‫إلى ‪ 50‬ألف قتيل؟ وما النهب الذي نراه هناك إال‬ ‫نهب َّ‬ ‫منظم من الفرنسيني والبريطانيني”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬العامل اآلخر في حماية سوريا‬ ‫كان تص ّرف الرئيس بشار األسد‪ ،‬وهو الذي عانى‬ ‫كثيرا ً وكان دائما ً يقول فلنعطي فرصة‪ ،‬وليأخذ‬ ‫اإلصالح مداه‪ ،‬وكان أ ّول من أطلق مشروع‬ ‫لكن ذلك لن يتم بلحظة‪،‬‬ ‫اإلصالح في سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومع ذلك بقيت احملاوالت الفاشلة لبعض‬ ‫الفئات التي ال تريد اإلصالح بل تدمير البلد‬ ‫الستالم السلطة‪ ،‬ولم يعلموا بأننا سنقاتل‬ ‫حتى اللحظة األخيرة‪ ،‬حتى لو وقفت كل الدول‬ ‫ضدنا‪ ،‬فسوريا ب ُ ِنيت بدماء عشرات الشهداء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولن نقبل بتخريبها”‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫وأشار وهاب إلى أ ّن “القرار باإلكمال باملشروع‬ ‫اإلصالحي قد اتُخذ‪ ،‬وستشهدون خطوات‬ ‫يأت حتت‬ ‫متطورة بهذا اإلطار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن اإلصالح لم ِ‬ ‫مطالب أردوغان وال كلينتون‪ ،‬بل هو قرار ذاتي‬ ‫حد لكل‬ ‫سوري‪ ،‬وفي الوقت نفسه سيتم وضع ّ‬ ‫محاوالت تخريب سوريا‪ ،‬ولن يتم التهاون مع أحد‬ ‫بعد اليوم‪ ،‬و َمن يعتقد أ ّن باستطاعته إقامة إمارة‬ ‫في كل بلدة‪ ،‬فهو مخطئ ألنه ال يوجد سوى إمارة‬ ‫واحدة هي إمارة سوريا”‪.‬‬ ‫ولفت وهاب أنه “على اجلميع أن يعلموا أ ّن قرار‬ ‫إسقاط سوريا هو قرار إلسقاط كل املصالح‬ ‫الغربية في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬بهدف حتويل‬ ‫مكان آخر وتناسي‬ ‫الصراع العربي ‪ -‬اإلسرائيلي إلى‬ ‫ٍ‬ ‫القضية املركزية لعودة فلسطني واجلوالن‪ .‬لذلك‬ ‫ق ّرر محور املقاومة القيام بالهجوم املضاد ر ّدا ً‬ ‫شن اآلن على سوريا‪ ،‬وقد بدأ‬ ‫على الهجوم الذي يُ ّ‬ ‫تصويب مسار هذا الصراع من مصر‪ ،‬وبإسم كل‬ ‫الشباب العربي‪ ،‬نقول لهم‪ :‬نحن معكم يا ث ّوار‬ ‫وأبطال مصر الذين حرقتم السفارة اإلسرائيلية‬ ‫في القاهرة”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬هناك قضية على متاس‬ ‫بقضية فلسطني هي قضية اجلوالن وهي‬ ‫مقدسة وال ميكن أن متوت في يوم من‬ ‫قضية‬ ‫ّ‬ ‫وأوجه حتية ملئات األخوة واملشايخ الذين‬ ‫األيام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منعتهم “إسرائيل” من العبور إلى سوريا ألنها‬ ‫ال تريد لهم البقاء على رابط بوطنهم‪ ،‬فهم‬ ‫ومنذ ‪ 42‬عاما ً لم يخونوا بلدهم ولم يتخ ّلوا‬ ‫وأمتهم العربية‪ ،‬لكنني أؤكد أ ّن‬ ‫عن سوريا ّ‬ ‫بشار األسد لن يتخلى عن فلسطني واجلوالن‬ ‫وعن حتالفاته مع حلف املقاومة املمتد من‬ ‫فلسطني إلى طهران”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫السويداء ك ّرمته‬ ‫وهاب‪ :‬أخطأوا بالعدوان على سوريا فهي ليست ليبيا‬ ‫أقيم لرئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير وئام‬ ‫تكرميي في مضافتي آل أبو عساف وآل‬ ‫وهاب‪ ،‬لقا ٌء‬ ‫ٌ‬ ‫الشاعر في كل من بلدت َي «عتيل» و»بوسان» في‬ ‫محافظة السويداء السورية‪ ،‬بحضور عدد كبير‬ ‫من مشايخ ووجهاء احملافظة‪ ،‬خاصة بعد إ ّدعاءات‬ ‫يسمى بـ «املعارضة السورية» بقيام وهاب‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫بتسليح أبناء احملافظة ّضدها‪.‬‬ ‫وكرر وهاب في كلماته في كل من املضافتني‬ ‫القول إنه «ليس وسيطا ً بني الناس والدولة في‬ ‫سوريا وال مع أي طرف ضد آخر‪ ،‬سوى مع جبل العرب‬ ‫وأهله ومع مصلحة سوريا وكرامتها‪ .‬فهذا اجلبل‬ ‫ساهم بجهد كبير ببناء سوريا‪ ،‬ودفع دما ً لتحقيق‬ ‫استقاللها‪ ،‬وال ميكنه أن يكون إال مع وحدة سوريا‬ ‫ورئيسها‪ .‬هكذا اعتدنا على موقف اجلبل‪ ،‬لذلك‬ ‫فأنا حارس للمواقف التي ورثناها من أجدادنا وأهلنا‬ ‫وفي طليعتهم سلطان باشا األطرش»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬نطمئن اجلميع أ ّن سوريا بخير بالرغم‬ ‫من كل التهويل اإلعالمي الذي نسمعه‪ ،‬وتأكدوا‬ ‫أ ّن هؤالء الذين يحاولون التخريب عليها من‬ ‫اخلارج‪ ،‬سيبقون هناك حتى مع مئة مجلس‬ ‫إنتقالي‪ ،‬فقد أخطأوا بالعدوان‪ ،‬أل ّن سوريا ليست‬ ‫ليبيا وال تونس وال أي دولة أخرى‪ ،‬بل هي قلب‬ ‫هذه األمة ومحور املقاومة فيها‪ ،‬لذلك ال ميكن‬ ‫ألحد التهويل بالعدوان عليها أل ّن ذلك يعني‬ ‫تفجير املنطقة بالكامل‪ ،‬وفتح أبواب اجلحيم‬ ‫عليها‪ ،‬وأي دولة ستقوم بتسليح أي مجموعات‬ ‫لتخريب سوريا‪ ،‬ستُعامل كدولة عد ّوة‪ ،‬فكلنا‬ ‫منلك السالح وميكننا املواجهة‪ ،‬في حال جتاوزهم‬ ‫للخطوط احلمراء»‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب للحضور‪« :‬أنتم في املوقع الصحيح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ونحن لم نتآمر يوما ً على لبنان أو سوريا أو غيرهما‬ ‫بل شاركنا في بناء كرامتهما وشموخهما‪،‬‬ ‫وحتما ً اليوم لن يتمكن أحد من أخذنا للتآمر على‬ ‫سوريا واملساهمة في تفتيتها‪ .‬فليعتبرني اجلميع‬ ‫حاميا ً لهذا اجلبل‪ ،‬خاصة بعد البيانات الكاذبة‬ ‫حتدثت عن تسليحي ألبناء اجلبل‪ ،‬علما ً أنني‬ ‫التي ّ‬ ‫أؤكد بأنه إذا تهدد اجلبل‪ ،‬لن آتي بالسالح فقط‪،‬‬ ‫بل سأكون متط ّوعا ً وأبنائي حلمايته قبل اآلخرين‪،‬‬ ‫ولكننا نعتبر أنه ال يزال يوجد جيش سوري يحمي‬ ‫سوريا اليوم كما حمى الكثير من املواقع في‬ ‫األمة ومنها وحدة لبنان‪ ،‬وطاملا هو موجود‪ ،‬فكل‬ ‫سوريا ستبقى مطمئنّة‪ ،‬ولكن ‪ -‬عندما يحتاجنا‬ ‫هذا اجلبل ‪ -‬لن أترك أي وسيلة إلستعمالها في‬ ‫يوجه ضد أي عربي‪،‬‬ ‫خدمته‪ .‬ليس لدينا سالح ّ‬ ‫موجه فقط ضد طرفني‪َ :‬من يعتدي على‬ ‫فسالحنا ّ‬ ‫كرامتنا وأرضنا وعرضنا‪ ،‬وضد العدو‪ .‬هذا هو تاريخ‬ ‫التوجه”‪.‬‬ ‫الدروز‪ ،‬ولن نخرج عن هذا‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وختم وهاب‪“ :‬نخاف على سوريا ألننا نح ّبها‪،‬‬ ‫لذلك نقول لكل َمن يركب سيارات اخلارج ويحاول‬ ‫التخريب في سوريا‪ :‬ال يدوم لكم سوى وحدة‬ ‫التحدث عن أنني أقوم‬ ‫سوريا واألمان فيها‪ .‬أما‬ ‫ّ‬ ‫وبعض األخوان بتسليح أبناء اجلبل‪ ،‬فنر ّد عليه‬ ‫بالقول أ ّن سالحنا هو مح ّبتكم‪ ،‬وهو كرامتنا‬ ‫وكرامتكم‪ ،‬ولسنا بحاجة أل ّن نتس ّلح ضد أي‬ ‫طرف‪ ،‬فسالحنا هو الدولة السورية ورئيسها د‪.‬‬ ‫تهدد اجلبل لن أخجل من‬ ‫بشار األسد‪ ،‬لكن إذا ّ‬ ‫أحد وسأكون أ ّول َمن يحمل السالح للدفاع عنه‪.‬‬ ‫أما اآلن‪ ،‬فكلنا خلف اجليش العربي السوري الذي‬ ‫قام بحرب تشرين اجمليدة واستعاد جز ًءا من اجلوالن‬ ‫وحتما ً سيستعيد اجلزء اآلخر منه في وقت قريب‪،‬‬ ‫والذي يحمي اليوم كل الناس”‪.‬‬

‫أبو عساف‪ :‬كلنا مع حماية‬ ‫الوطن‬ ‫وكانت كلمات مرحبة بوهاب في املضافتني‪،‬‬ ‫بحيث ألقى كلمة آل أبو عساف‪ ،‬أبو فراس غالب‬ ‫أبو عساف‪ ،‬الذي أكد أ ّن «زيارة الوزير وهاب جمعت‬ ‫الوجوه الط ّيبة لنؤكد أننا مع اإلصالح وحماية‬ ‫الوطن وضد التخريب وكلنا إلى جانب األخ‬ ‫الرئيس بشار األسد»‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫األطرش‪ :‬ننطلق من الوحدة‬ ‫الوطنية حلماية وطننا‬ ‫وقال األمير غازي األطرش‪« :‬نح ّيي املناضل‬ ‫الكبير الوزير وهاب الذي كان الصوت الصادق ألبناء‬ ‫خندق‬ ‫هذه احملافظة منذ سنوات‪ ،‬ونحن وإياه في‬ ‫ٍ‬ ‫واحد‪ ،‬ونؤيد توجيهاته للحفاظ على مبادئنا‪ ،‬إذ‬ ‫أننا في جبل العرب ننطلق من الوحدة الوطنية‬ ‫املبن ّية على أساس الشهادة والنضال اللذين‬ ‫تعلمناهما من آبائنا وأجدادنا حلماية وطننا‪ .‬ونحن‬


‫ كما وصفنا الرئيس األسد ‪ -‬الصخرة األقوى في‬‫القلعة األقوى «سوريا»‪ ،‬لذلك نحن إلى جانبه‬ ‫ولن نقبل باملؤمترات التي تُعقد خارج البالد من‬ ‫أولئك املتآمرين على الوطن‪ ،‬والذين ّ‬ ‫ينفذون ما‬ ‫رسمته أجندة أميركا و»إسرائيل»‪.‬‬ ‫وختم األطرش‪« :‬إننا من باب وعينا وحرصنا‬ ‫على هذا الوطن‪ ،‬نؤكد على وقوفنا إلى جانب‬ ‫الس ّيد الرئيس بشار األسد»‪.‬‬

‫وهاب والشيخ احمد الهجري‬

‫نصر لوهاب‪ :‬مؤمنون بثقة‬ ‫الرئيس األسد َ‬ ‫بك‬

‫‪....‬وشيخ عقل املوحدين الدروز في‬ ‫السويداء محمود احلناوي‬

‫أما سيطان نصر‪ ،‬فقال لوهاب في كلمة له‪:‬‬ ‫«عالقتنا َ‬ ‫بك خدمت سوريا بالكامل‪ ،‬لذلك اقتنع‬ ‫َ‬ ‫الس ّيد الرئيس بأنك من الرجال العرب املؤمنني‬ ‫األقوياء‪ ،‬إذ أننا نعتبر كل زياراتك هي زيارة لبنان‬ ‫لنا‪ ،‬وطاملا وثق الرئيس األسد َ‬ ‫بك‪ ،‬سنبقى مؤمنني‬ ‫بهذه الثقة ومؤمنني بوطن ّيتك وعروبتك‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫فإنّك تش ّرف كل البيوت في السويداء واجلبل‬ ‫قدم الشهداء ألجل وطننا»‪.‬‬ ‫أجمع والذي ّ‬

‫القلعاني‪ :‬مدرسة سلطان‬ ‫األطرش ال زالت موجودة‬ ‫كما كانت كلمة لـ»شاهر القلعاني» الذي‬

‫قال‪« :‬الرئيس األسد س ّيد التغيير واإلصالح‪،‬‬ ‫والس ّيد األول في معارضة كل املُفسدين‪،‬‬ ‫لذلك يجد كل الشرفاء في هذا الوطن إلى‬ ‫جانبه‪ ،‬ألنه اإلنسان املقاوم الذي أعطى كل‬ ‫مواطن حقه‪ ،‬وقد خاطبنا كالم العائلة حني‬ ‫زيارتنا له‪ ،‬وليس ككالم مسؤول‪ ،‬إذ قال لنا‪:‬‬ ‫«هذا الوطن لن يبقى مستقرا ً آمناً‪ ،‬بل سيم ّر‬ ‫مبراحل خطيرة لكن هذا اخلطر سيزول ما دام‬ ‫هناك مدرسة للقائد سلطان األطرش في هذا‬ ‫القطر»‪ ،‬فهي مدرسة إنسانية وطنية‪ ،‬ليست‬ ‫بحجم محافظة واحدة‪ ،‬إمنا بحجم الوطن‬ ‫العربي كامالً‪ .‬لقد كانت ثورة إنسانية وطنية‬ ‫عروبية عندما قال سلطان األطرش‪« :‬الدين هلل‬ ‫والوطن للجميع»‪ ،‬وهذا ما سنر ّدده حتى قيام‬ ‫الساعة‪ ،‬أل ّن ما يجمعنا هو نسيجا ً وطنيا ً‬ ‫عروبيا ً وليس نسيجا ً طائفياً»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫فأنت‬ ‫وتوجه القلعاني لوهاب‪ :‬أهال بك بيننا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫تسليحك‬ ‫جز ٌء منا‪ ،‬وكل األمور التي قيلت عن‬ ‫ألبناء احملافظة ضد أخوانهم في الوطن ال‬ ‫أساس لها‪ ،‬وإذا كان هناك أي خطأ‪ ،‬سنتحدث‬ ‫عنه»‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫الشاعر ّ‬ ‫لوهاب‪ :‬نعاهدكم‬ ‫مواصلة النضال‬ ‫وقال زيد الشاعر صاحب الدعوة لدى آل الشاعر‬ ‫نرحب بكم‬ ‫لوهاب‪« :‬هذا بلدكم املتواضع الذي ّ‬ ‫فيه‪ ،‬وما لقاؤنا سوى سبيالً لنعاهدكم مبواصلة‬ ‫النضال‪ ،‬ضد االستعمار والتخريب»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫وهاب بعد زيارته عون‪ :‬المحكمة وراءنا وتمويلها لن يق ّر‬ ‫استقبل رئيس “تكتل التغيير واإلصالح” النائب العماد ميشال‬ ‫عون‪ ،‬في دارته في الرابية‪ ،‬رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب الذي صرح على األثر‪“ :‬بحثنا مع دولة الرئيس في موضوع‬ ‫الكهرباء‪ ،‬وهو إجناز كبير حققه العماد عون‪ ،‬واإلنتصار كان للبنانيني‪.‬‬ ‫مشروع الكهرباء وضع على السكة‪ ،‬وبدأنا نعرف متى ستصل إلينا‬ ‫الكهرباء‪ ،‬بعد سنة أو اثنني أو أربع‪ ،‬ألنه بعد ‪ 20‬سنة على انتهاء احلرب‬ ‫لم يستطع أحد أن يقول لنا متى سيكون لدينا كهرباء‪ .‬اليوم يقول‬ ‫لنا أحد متى سنحصل عليها‪ ،‬ونتمنى على احلكومة أن تستمر في‬ ‫التمويل في السنوات املقبلة لننتهي من هذا امللف»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬ال شك أن التاريخ سيسجل للعماد عون أنه خاض معركة‬ ‫رائعة في هذا املوضوع تخص كل اللبنانيني مبعزل عن مواقفهم‬ ‫السياسية واملناطقية والطائفية‪ .‬واألمر اآلخر الذي حتدثنا عنه هو‬ ‫ملف القضاء الذي فيه جزء كبير سائب‪ .‬فالرزق السائب يعلم الناس‬ ‫احلرام‪ ،‬كما يقول املثل‪ .‬القضاء يحتاج الى مشروع إصالحي جدي‪ .‬واليوم حتسنت‬ ‫رواتب القضاة ولم يعد هناك مبرر لكثير من األمور التي كانت حتصل‪ .‬ننتظر‬ ‫تشكيالت جديدة‪ ،‬وهناك قضاة يجب أن يذهبوا الى بيوتهم‪ ،‬ويجب أال يسلموهم‬ ‫أمور الناس ومصيرهم‪ ،‬وهناك قضاة يجب أن يحالوا على التحقيق‪ ،‬وقضاة‬ ‫يجب أن يقال لهم إنهم غير صاحلني‪ ،‬وهم كثر‪ .‬يجب أال نتساهل في هذا امللف‪،‬‬ ‫فالقاضي يحكم على الناس بشدة‪ ،‬ومن املمكن أن يظلم‪ ،‬وهناك أشخاص في‬ ‫السجون يجني عليهم القضاة وهم مظلومون‪ ،‬هناك كثر من القضاة يتصرفون‬ ‫بحقد على الناس وال يحققون العدالة»‪ .‬وتابع‪“ :‬أعتقد أن دولة الرئيس مقتنع‬ ‫بإصالح القضاء‪ ،‬وكثر من الوزراء كذلك‪ ،‬ونتمنى في األسابيع املقبلة أن تترجم‬ ‫األمور بعمل جدي على هذا املوضوع األساسي‪”.‬‬ ‫وحتدثنا أيضا ً عن قانون االنتخاب‪ ،‬نحن مع النسبية والدوائر الكبرى ألن هذا ما‬ ‫سيحفظ كل الناس‪ ،‬أي أنه باملنطق الطائفي حتفظ الطوائف وتلغي سيطرة املال‬ ‫واحليتان السياسية املالية‪ ،‬ويفسح مجال لكثير من الشباب ليدخلوا الى اجمللس‬ ‫النيابي ويطوروا احلياة السياسية‪.‬‬

‫سنسير مبوضوع النسبية‪ ،‬وعلى الفريق اآلخر أن يسير به ألن لديه مصلحة‬ ‫في ذلك‪ ،‬رغم أننا نفتقد اليوم معارضة حقيقية تراقب بشكل جدي‪ ،‬وهي تنتظر‬ ‫الترياق من سوريا‪ .‬وأريد أن أطمئنهم‪ ،‬إذا انتظروا بواخر األطلسي لتأتي الى سوريا‬ ‫فستأتي لتأخذهم هم‪ ،‬ألنها لن تأتي الى سوريا‪ ،‬فسوريا جتاوزت مرحلة اخلطر‬ ‫وجتاوزت جزءا كبيرا من املؤامرة التي حيكت ضدها‪ ،‬واليوم محور املقاومة في‬ ‫املنطقة سيكون لديه خطة وهجوم مضاد في كل االجتاهات‪ ،‬ولن يسمح بسقوط‬ ‫سوريا‪ ،‬فالذي يتحمس للموضوع السوري ويطمح الى دور في حال سقطت فلن‬ ‫يكون له دور»‪ .‬وردا ً على سؤال تفسيره ملوقف النائب وليد جنبالط اليوم‪ ،‬أجاب‪:‬‬ ‫“اسألوه‪ .‬نحن مع إحراق السفارة االسرائيلية في القاهرة‪ ،‬ومصر يجب أن تستعيد‬ ‫كرامتها‪ ،‬فال يتندم النائب جنبالط كثيرا على إحراق السفارة»‪.‬‬ ‫وعن متويل احملكمة الدولية‪ ،‬أشار الى أنه ليس هناك متويل للمحكمة‪ ،‬الفتا ً الى‬ ‫أنه من يريد أن ميولها فليمولها من جيبه‪ ،‬ولن يقر مبدأ التمويل‪ .‬احملكمة أصبحت‬ ‫وراءنا‪ ،‬فال يهددنا أحد باجملتمع الدولي‪ ،‬نحن بلد دميوقراطي وسنترك األمور جمللس‬ ‫الوزراء‪ ،‬وهناك أصول‪ .‬التصويت بحاجة الى أكثرية‪ ،‬وإذا أخذوا األكثرية كان به‪ ،‬وإال‬ ‫فلن نعطيهم شيئا بالقوة»‪.‬‬

‫‪..‬ووزير الصحة‪ :‬مواقف البطريرك ثورة عابرة للمناطق والطوائف‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب وزير الصحة‬ ‫العامة علي حسن خليل وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬بحثنا مع الوزير‬ ‫خليل في مواضيع صحية‪ ،‬وفي مواضيع سياسية‪ ،‬فبالنسبة‬ ‫للموضوع الصحي تناولنا الوضع في املناطق النائية‪ ،‬وفي‬ ‫موضوع املستشفيات اخلاصة التي يعتاش العديد منها على‬ ‫تقدميات الدولة التي تصل الى خمسمئة مليار ليرة سنويا‪،‬‬ ‫وال تقدم خدمة صحية الئقة تراعي كرامة االنسان وحتترمها”‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬ملست لدى معالي الوزير خليل تصميما ً على إيجاد‬ ‫معاجلات وحلول جذرية لكل القضايا املرتبطة بصحة اإلنسان‪،‬‬ ‫ونحن نقدر جهوده في هذا اجملال»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬في املواضيع السياسية‪ ،‬يهمني أن أشير الى كالم‬ ‫البطريرك مار بشاره بطرس الراعي ألقول بأن كالمه هو كالم عابر‬ ‫للمناطق والطوائف واملذاهب‪ ،‬وهو كالم لو أجمع عليه اللبنانيون‬ ‫يستطيع أن ميثلهم جميعا»‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬بصراحة إن كالم صاحب الغبطة يحدث ثورة في أكثر من اجتاه‪.‬‬ ‫منذ البداية كنا نراهن على مواقفه كي يشكل مبادرة ما يجمع عليها‬ ‫الكثير من اللبنانيني‪ ،‬واليوم أصبح هذا احللم وهذا الرهان حقيقة‪ ،‬فصاحب‬ ‫الغبطة مبا يقوله ومبا يطرحه اليوم يحاول حتريك املياه الراكدة على الساحة‬ ‫اللبنانية باجتاه أفضل وتوافقي أكثر بني اللبنانيني‪ ،‬وفي اجتاه يجمع عليه‬ ‫الكثير من اللبنانيني بعيدا عن كل العقد التي كانت موجودة»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬حتدثنا أيضا في موضوع االنتخابات‪ ،‬ونحن كفريق سياسي نصر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على النسبية وعلى الدائرة الواحدة ألنها حتمي اجلميع‪ ،‬كل الطوائف‬ ‫واملذاهب واألطراف‪ .‬فالدائرة الواحدة تخرجنا من الشرنقات املذهبية‬ ‫والطائفية ومن الشرنقات املالية ومن املتاريس املذهبية والطائفية وهو‬ ‫أمر يجب أن يكون اجلميع متجاوبا معه إذا ما أردنا أن نبني نظاما َ سياسيا ً‬ ‫حقيقياً‪ ،‬فالتغيير يبدأ مبوضوع قانون االنتخاب»‪.‬‬ ‫وعن موقف النائب وليد جنبالط من النسبية ّ‬ ‫أكد وهاب أن “موقع النائب‬ ‫جنبالط هو موقع أساسي‪ ،‬ال أحد يقدر على إلغائه‪ ،‬والنسبية جتعل من‬ ‫املشاركة في اجلبل أمرا واقعا ً وال أعتقد أن الوزير جنبالط هو ضد املشاركة‬ ‫التي أصبحت عمليا ً موجودة على األرض‪ ،‬لذلك فإن تكريسها في قانون‬

‫‪24‬‬


‫االنتخاب يجب أال يزعج أحداً‪ ،‬فالقانون على أساس النسبية يحفظ اجلميع‬ ‫ويدخل اجلميع الى البرملان ويدخل قوى جديدة الى اجمللس النيابي‪ ،‬ألنه كما‬ ‫ترون اليوم فهناك في اجمللس النيابي غياب لألصوات الوطنية‪ ،‬وأصبحت‬ ‫األصوات مناطقية الى حد كبير وهناك قلة قليلة متارس دورها الوطني»‪.‬‬ ‫وعن تغيير النائب جنبالط موقفه من النسبية‪ ،‬أشار وهاب الى أنه سيتم‬ ‫مناقشة املوضوع معه بحيث لن نختلف ال على القانون وال على غيره‪ ،‬وال‬ ‫ننسى أن هذا املشروع هو في النهاية مشروع كمال جنبالط»‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال‪ :‬أشدمت مبواقف البطريرك الراعي في حني أن قوى ‪ 14‬آذار‬ ‫املسيحية وغير املسيحية شنت هجوما عنيفا ضده بسبب هذه املواقف‬ ‫ما هو تعليقكم؟ أجاب‪“ :‬إن ‪ 14‬آذار هي قوى لم يبق منها كما ذكرنا سابقا ً‬ ‫سوى الزمور‪ ،‬مشبها إياها بالسيارة التي تدهورت ولم يبق منها إال الزمور‪.‬‬

‫يوما ً يهاجمون البطريرك الراعي ويوما ً آخر الرئيس بري‪ ،‬لقد أحتاروا بأي اجتاه‬ ‫يصوبون‪ ،‬وأي من املؤسسات الوطنية يضربون‪ ،‬فهؤالء الشباب ينتظرون‬ ‫الوضع في سوريا‪ ،‬ليلموا (يجمعوا) من وراء النظام السوري إذا سقط‪،‬‬ ‫وأعتقد أنهم سينتظرون طويال‪ .‬فالوضع في سوريا لن يتغير»‪.‬‬

‫‪ ...‬و قائد اجليش‬ ‫العماد جان قهوجي‬

‫ ‬ ‫هذا وزار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب‪ ،‬قائد اجليش العماد‬ ‫جان قهوجي في اليرزة‪ ،‬حيث جرى البحث في األوضاع العامة‪.‬‬

‫‪ ...‬وبعد استقباله الصغ ّير‪ :‬على الشعوب العربية ر ّد الجميل‬ ‫للرئيس تشافيز لوقوفه إلى جانب قضايانا المحقة‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق‬ ‫سوري”‬ ‫وئام وهاب عضو مجلس النواب الفنزويلي “من أصل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عادل الصغ ّير يرافقه‬ ‫ورئيس مؤسسات “أف آراب” النائب‬ ‫سعادة سفيرة فنزويال في لبنان سعاد كرم‪ ،‬رجل األعمال‬ ‫الفنزويلي متروك ال ّلوص‪ ،‬رجل األعمال اللبناني نبيل عزيز‪،‬‬ ‫والشاعر السوري باسم عمرو‪ ،‬واألستاذ مروان أبوذياب‪،‬‬ ‫بحضور أمينة العالقات اخلارجية في حزب “التوحيد العربي”‬ ‫فريال أبو ذياب‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬تباحثنا مع سعادته في كافة‬ ‫قضايا املنطقة العربية‪ ،‬إذ لدينا تقدير دائم ملوقف فنزويال‬ ‫من كل القضايا العربية خاصة وأنها كانت في طليعة من اليمني مروان أبو ذياب‪ ،‬عمرو‪ ،‬عزيز‪ ،‬اللوص‪ ،‬كرم‪ ،‬الصغ ّير‪ ،‬وهاب وأبوذياب‬ ‫الدول التي وقفت إلى جانب فلسطني ودعمت كل قضايا‬ ‫ّ‬ ‫فليكفوا‬ ‫وأفغانستان‪ ،‬وكما حصل معه في هذه الدول‪ ،‬سيحصل مع غيره‪.‬‬ ‫له‬ ‫نتمنى‬ ‫الذي‬ ‫الشعوب العربية‪ ،‬والرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز ‪-‬‬ ‫عن إعطائنا الدروس‪ ،‬وال أحد يستعمل “املراجل” علينا في الوقت الذي‬ ‫احملقة‬ ‫القضايا‬ ‫كل‬ ‫دوام الصحة والشفاء العاجل ‪ -‬كان له دور مميز في‬ ‫يستجدي به إعتذار من “إسرائيل”‪.‬‬ ‫عامليا ً وليس على الصعيد العربي أو على صعيد أميركا الالتينية فقط‪.‬‬ ‫ونقدر هذا الدور باستمرار‪ ،‬ونتمنى أن تستطيع كل الشعوب العربية ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصغيّر‪ :‬الهدف من اللعبة التركية‬ ‫وأركز على كلمة “الشعوب” ألنني أعتقد أنها أوفى من “األنظمة” في‬ ‫قضايانا‬ ‫جانب‬ ‫إلى‬ ‫باستمرار‬ ‫وقف‬ ‫الذي‬ ‫الرجل‬ ‫لهذا‬ ‫اجلميل‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫‬‫العالقات‬ ‫ّ‬ ‫في املنطقة انكشف‬ ‫احملقّ ة”‪.‬‬ ‫الرئيس‬ ‫وبالطبع‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫سوريا‬ ‫في‬ ‫الوضع‬ ‫حول‬ ‫ثنا‬ ‫حتد‬ ‫“كذلك‬ ‫وهاب‪:‬‬ ‫وتابع‬ ‫ّ‬ ‫حتدث سعادة النائب الصغ ّير‪ ،‬قائالً‪ “ :‬جئنا برسالة تضامنية مع‬ ‫كما ّ‬ ‫تشافيز كان من أوائل الذين اكتشفوا املؤامرة التي جتري ّ‬ ‫ضد سوريا منذ شعوب املنطقة العربية‪ ،‬بإسم البرملان الفنزويلي وبإسم إحتاد األندية‬ ‫البداية ّ‬ ‫في‬ ‫وخاصة‬ ‫العربية‬ ‫وحذر منها ومن التدخّ ل األجنبي في كل البالد‬ ‫العربية في فنزويال والذي ميثل ‪ 46‬مؤسسة عربية‪ ،‬بحيث زرنا في األسبوعني‬ ‫األجنبي‬ ‫التدخل‬ ‫هذا‬ ‫نتيجة‬ ‫ها‬ ‫تعم‬ ‫التي‬ ‫الفوضى‬ ‫اليوم‬ ‫نشهد‬ ‫ليبيا والتي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتأكدنا بأ ّن القيادة‬ ‫املاضيني سوريا‪ ،‬ورأينا كيف تتطور األوضاع فيها‪،‬‬ ‫ن‬ ‫بأ‬ ‫ار‬ ‫و‬ ‫الز‬ ‫األخوة‬ ‫ّا‬ ‫ن‬ ‫طمأ‬ ‫وقد‬ ‫الغرب‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫من‬ ‫وأراضيها‬ ‫لسيادتها‬ ‫واإلستباحة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫احلقيقية لإلصالح تكمن في يد الدكتور بشار األسد‪ ،‬بحيث أثبتت بأنها‬ ‫الوضع في سوريا‬ ‫ّ‬ ‫سيتجه نحو األفضل‪ ،‬و َمن يعتقد بأ ّن بإمكانه إسقاطها القيادة التي تبحث موضوع اإلصالح احلقيقي‪ ،‬وما يحدث من خالل املؤامرة‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫الوضع‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫مخطئ‪،‬‬ ‫فهو‬ ‫األخرى‪،‬‬ ‫الدول‬ ‫إسقاط‬ ‫بها‬ ‫مت‬ ‫بالطريقة التي‬ ‫ّ‬ ‫يخص‬ ‫التي أُحيكت ضد سوريا إمنا تهدف إلى ضرب املوقف السوري مبا‬ ‫ّ‬ ‫كبير‬ ‫محور‬ ‫هناك‬ ‫إذ‬ ‫غيرها‪،‬‬ ‫مع‬ ‫هي‬ ‫مما‬ ‫أخطر‬ ‫معها‬ ‫واللعبة‬ ‫سوريا مختلف‬ ‫منطقة الشرق األوسط وقضية فلسطني”‪.‬‬ ‫إليها‬ ‫الفوضى‬ ‫نقل‬ ‫وسيمنع‬ ‫ويحميها‬ ‫عنها‬ ‫وسيدافع‬ ‫جانبها‬ ‫يقف إلى‬ ‫واعتبر الصغ ّير بأ ّن “الهدف من اللعبة التركية في املنطقة انكشف‪،‬‬ ‫منذ‬ ‫تقفه‬ ‫الذي‬ ‫املوقف‬ ‫على‬ ‫بقائها‬ ‫ومنع‬ ‫إذاللها‬ ‫املطلوب‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫وإذاللها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتبينّ بأ ّن هناك مؤامرة عظمى تحُ اك ضد املنطقة‪ ،‬وهم يحاولون حذف‬ ‫القضايا‬ ‫كل‬ ‫جانب‬ ‫وإلى‬ ‫فلسطني‬ ‫املركزية‬ ‫القضية‬ ‫جانب‬ ‫إلى‬ ‫سنوات‬ ‫األنظار عن األزمة احلقيقية التي تعيشها أوروبا في الوقت احلالي وخصوصا ً‬ ‫احملقة”‪.‬‬ ‫العربية‬ ‫الواليات املتحدة‪ .‬نحن نعتقد من فنزويال وأميركا الالتينية بأنه يجب على‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬سمعنا بعض الكالم التركي الذي يقول بأ ّن وقت احلوار الوطنيني في العالم توحيد صفوفهم أمام هذه املؤامرة الكبرى‪ ،‬وال شك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قد انتهى‪ .‬هل يعني ذلك بأ ّن وقت احلرب قد حان؟ أهال وسهال باحلرب إذا‪ ،‬بأنها ستفشل بشكل كامل في سوريا‪ ،‬مع الدور الكبير الذي تلعبه‬ ‫هذا‬ ‫ن‬ ‫بأ‬ ‫يفهموا‬ ‫أن‬ ‫فهم لم يعودوا سالطني وال نحن رعايا لديهم‪ .‬يجب‬ ‫ّ‬ ‫املنظمات الوطنية‪ ،‬وخاصة الوزير وهاب الذي هو من إحدى الشخصيات‬ ‫العراق‬ ‫في‬ ‫اليوم‬ ‫األميركي‬ ‫العصر هو عصر املقاومة‪ ،‬وكلنا نرى كيف يتخ ّبط‬ ‫رص هذه الصفوف في لبنان”‪.‬‬ ‫الوطنية التي تلعب دورا ً مهما ً في ّ‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫رعى تخريج طالب مدارس األمين في بلدة السلطانية‬ ‫وهاب ‪َ :‬من يريد تمويل المحكمة فل ُيز ِّكي بأمواله الكثيرة‬ ‫برعاية رئيس حزب “التوحيد العربي» الوزير وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬أقامت مدارس «األمني» احتفاال ً تكرمييا ً‬ ‫لطالبها الناجحني في الشهادات الرسمية في‬ ‫املرحلتني املتوسطة والثانوية‪ ،‬في باحة مدرسة‬ ‫األمني في بلدة السلطانية اجلنوبية‪ ،‬بحضور‬ ‫مؤسس املدارس رئيس جمعية علماء الدين في‬ ‫لبنان العالمة السيد أحمد شوقي األمني‪ ،‬وفد‬ ‫من ضباط «اليونيفيل»‪ ،‬رئيس دائرة وزارة الشؤون‬ ‫االجتماعية في منطقتي مرجعيون وحاصبيا‬ ‫علي حمزة‪ ،‬رئيس مركز األمن العام في بنت جبيل‬ ‫املالزم أول جمال خاتون‪ ،‬إضافة ملديري مدارس‬ ‫ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من الهيئة‬ ‫التعليمية وأولياء الطالب املتخرجني وفاعليات‬ ‫تربوية واجتماعية‪ .‬وكان عريف االحتفال الشاعر‬ ‫يوسف قانصو قد ألقى قصائد من وحي املناسبة‪،‬‬ ‫جاء في إحداها‪:‬‬

‫منلبس من تيابو احلرير ّيي‬ ‫بس الشهيد األكثر بينأ ّز‬ ‫بيلبس من تياب األلوه ّيي‬ ‫وبعدو الضمير العاملي ما اهت ّز‬ ‫عالصار فيك وعاجلرى فيي‬ ‫كل ما شهيد استشهد منعت ّز‬ ‫من اجلاهلية هالبطل بيكون‬ ‫ميّا من األرض اجلنوب ّيي‬

‫نعد بخطة تربوية مميزة‬ ‫األمني‪ِ :‬‬ ‫ثم كانت كلمة مدارس األمني ألقاها مدير‬

‫معالي الوزير وهاب حزّورة‬ ‫من فوق منها جوانح نسورة‬ ‫عاخلدين‬ ‫وصورة عليها وشم‬ ‫ّ‬ ‫وحتت الوشم باجملد ممهورة‬ ‫ويا ريت عمري ّ‬ ‫ضل شي سنتني‬ ‫واقشع الصورة كتير مسرورة‬ ‫واقعد أنا وعمري ولو يومني‬ ‫بركي صرت للشعر أسطورة‬ ‫وتوعى عيوني من احللم َع تنني‬ ‫ّ‬ ‫يحطو قبالي صورتك واجملد‬ ‫بض ّيع ما بني اجملد والصورة‬ ‫وما أجملِك يا هيك عصريي‬ ‫مناظر جميلي متل ما هيي‬ ‫ود ّم البطوليي اللي فينا ف ّز‬ ‫َح ّرك مشاعرنا البطول ّيي‬ ‫قالوا بغزل خيطان دود الق ّز‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ثانوية الهداية األستاذ حسني األمني بحيث‬ ‫حتدث عن «إجنازاتها على املستويني التربوي‬ ‫ّ‬ ‫والتعليمي»‪ ،‬واعدا ً بـ «خطة تربوية مميزة للعام‬ ‫القادم»‪ ،‬ومشيرا ً الى «النتائج الباهرة التي‬ ‫حققتها املدارس»‪ ،‬بحيث قال‪« :‬نفخر في مدارس‬ ‫األمني بأننا من الرفوف العليا بني املدارس األوائل‬ ‫وطنيا ً وتربوياً‪ ،‬خاصة وأ ّن مدرستنا األ ّم كانت أول‬ ‫مدرسة احت ّلت من قبل «إسرائيل» وعمالئها أثناء‬

‫‪26‬‬

‫مستعدون‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي‪ .‬مؤكدا ً أنهم‬ ‫ّ‬ ‫للمساومة على األرواح لكن ال مساومة على‬ ‫اجليش اللبناني وسالح املقاومة اليوم»‪ ،‬بعد أن‬ ‫«أنت سنَد وحارس املقاومني‪ ،‬فأهالً‬ ‫توجه لوهاب‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بك من اجلبل‪ ،‬في جبل املقاومني»‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية كانت في طليعة مَن‬ ‫وقف مع اجلنوب‬ ‫ثم كانت كلمة لوهاب قال فيها‪« :‬يأتي بعض‬ ‫يدعون أنهم ن ّواباً‪ ،‬ليعطوننا‬ ‫املوظفني الذين ّ‬ ‫تنظيرات بكيفية دعم احملكمة الدولية التي‬ ‫ٍ‬ ‫تعتدي علينا‪ ،‬لكننا نقول لهم‪َ :‬من يريد متويلها‪،‬‬ ‫فل ُي ّ‬ ‫زكي أمواله الكثيرة ومي ّولها‪ ،‬فنحن لن نقوم‬ ‫وتهدد كل‬ ‫بذلك ألنها مشروع تخريب للبنان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شيء فيه‪ ،‬إذ لطاملا اعتبرنا أ ّن الهدوء الذي‬ ‫يشهده اجلنوب اليوم يقوم على أربعة أمور‪ :‬وجود‬ ‫قوات اليونيفل واجليش اللبناني‪ ،‬اإلحتضان الذي‬ ‫متارسه قوى املقاومة في اجلنوب لهما‪ ،‬إضافة‬ ‫حمل ّبة األهالي‪ .‬لذلك قلنا لهم‪ :‬عندما تستخدمون‬ ‫نزاع داخلي لبناني‪ ،‬أو‬ ‫مؤسسة دولية خلدمة‬ ‫ٍ‬ ‫طرف لبناني‪ ،‬عندها تكونون أنتم َمن‬ ‫لإلعتداء على ٍ‬ ‫تهددون قوات اليونيفل وليس نحن‪ ،‬في حني أننا‬ ‫ّ‬ ‫نريد سالما ً دائما ً وعادالً‪ ،‬إذ هناك اعتداء إسرائيلي‬ ‫على لبنان عبر استمرار تهجير خمسمائة ألف‬ ‫فلسطيني على أرضه‪ ،‬وعندما تقولون لنا متى‬ ‫يعود الفلسطين ّيون إلى فلسطني‪ ،‬نخبركم‬ ‫كيف سنعالج سالح املقاومة»‪.‬‬ ‫عما يحصل‬ ‫واعتبر وهاب أ ّن «لبنان كان‬ ‫مبعزل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫لوال محاولة البعض إدخاله في العصفورية التي‬ ‫يدخلونه فيها اليوم‪ ،‬بعدما فقدوا السيطرة‬ ‫على ألسنتهم وأرشيفهم املز ّور‪ ،‬املُعطى لهم‬ ‫من أسيادهم‪ ،‬وقد بدأ الهريان يصيب جسدهم‪،‬‬


‫بعد مواقف دار الفتوى والكنيسة املشرقية‪،‬‬ ‫فقاموا بالصراخ والعويل ولم يو ّفروا أحدا ً ليبقى‬ ‫إلى جانبهم‪ ،‬بد ًءا من موقع رئاسة اجلمهورية‬ ‫إلى مواقع الرئاسة الثانية والثالثة‪ ،‬إلى اجليش‬ ‫اللبناني املقاوم‪ ،‬إلى رفض كل مبادرات احلوار‪ ،‬حتى‬ ‫وصلت بهم األمور إلى نبش األخبار ّ‬ ‫امللفقة خللق‬ ‫حالة من االنقسام تناولوا فيها أحد املُطلقني‬ ‫للمقاومة أي الرئيس نبيه بري‪ ،‬والذي أعطى دون‬ ‫تو ّقف للجنوب وملشروع املقاومة على مستوى‬ ‫األمة منذ ثالثني عاماً»‪ّ .‬‬ ‫وذكر بأنه «لوال لم‬ ‫كل ّ‬ ‫تدخل سوريا لبنان عام ‪ 1976‬بطلب من «اجلبهة‬ ‫اللبنانية» آنذاك لكنتم تعرفون ما وصلوا إليه‪،‬‬ ‫وها هم يردون اجلميل إليها»‪.‬‬ ‫وتناول وهاب “مدى غياب اإلمناء املتوازن عن‬ ‫اجلنوب‪ ،‬و َمن كانوا في السلطة ولم يلتفتوا‬ ‫للجنوب‪ ،‬وهم اليوم ينتقدون َمن وقف معنا‬ ‫ويحاولون تغيير وجهة العدو”‪ ،‬الفتا ً إلى “أ ّن‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية كانت في‬ ‫طليعة َمن وقف مع اجلنوب ودعم حتريره‬ ‫وصمود أبنائه‪ ،‬في حني يحاول البعض إقناعنا‬

‫مكان إلى آخر‪،‬‬ ‫أ ّن بضع كلمات أخذنا من‬ ‫ٍ‬ ‫لكننا سنبقى إلى جانب َمن وقف معنا ومع‬ ‫فلسطني”‪.‬‬ ‫وحتدث وهاب عن ق ّوات اليونيفل العاملة‬ ‫ّ‬ ‫في اجلنوب‪ ،‬قائالً لألهالي‪“ :‬هم أخوة لكم في‬ ‫اإلنسانية ويشهدون على احلرمان والقهر الذي‬ ‫يعاني منهما اجلنوب وعلى االعتداءات اإلسرائيلية‬ ‫املتكررة‪ ،‬وال بد من توجيه حتية لبعض الدول‬ ‫املشاركة في هذه القوات على مشاركتها في‬ ‫املشاريع اإلمنائية في اجلنوب”‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالتأكيد على “أ ّن الوضع في سوريا‬

‫ذاهب للمعاجلة ومشروع اإلصالح مستمر‪ ،‬في حني‬ ‫لعدوان عليها بعدما فشلوا بتغيير‬ ‫أ ّن البعض يس ّوق‬ ‫ٍ‬ ‫الواقع من الداخل السوري‪ ،‬وليعلموا أنه إذا أُطلق‬ ‫ٌ‬ ‫صاروخ واحد على سوريا‪ ،‬ستشتعل منطقة الشرق‬ ‫األوسط كلها‪ ،‬وهذا كالم كل قوى املمانعة من طهران‬ ‫إلى العراق وسوريا ولبنان وفلسطني”‪.‬‬ ‫وختم مهنئا مدارس األمني وطالبها على النجاح‬ ‫موجها التحية الى مؤسسها العالمة‬ ‫والتف ّوق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السيد أحمد شوقي األمني‪ ،‬وزّع بعدها والعالمة األمني‬ ‫الشهادات التقديرية على الطالب املُك ّرمني‪.‬‬

‫‪ ...‬وبعد زيارته الوزير كرامي‪:‬‬

‫النسبية هي األمل الوحيد لبناء لبنان حقيقي‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب وزير‬ ‫التربية والشباب فيصل كرامي في مكتبه‪ ،‬وبعد‬ ‫اللقاء قال وهاب‪“ :‬تناولنا مع معاليه عدد من امللفات‬ ‫املطروحة ومنها ملف الكهرباء واألهم فيه أن‬ ‫اللبنانيني يريدون الكهرباء وهذا امللف أساسي وهو‬ ‫حت ٍد أمام احلكومة بأن مير‪ ،‬ونتمنى ان مير بعيدا ً عن‬ ‫املزايدات ويطرح املوضوع ويناقش بشكل علمي ألن‬ ‫األسهل على الدولة الدفع ‪ 3‬سنوات من أن تدفع كل‬ ‫سنة لتغطية الكهرباء‪ ،‬وبعدها يصبح ربحاً»‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬هناك ملفات كثيرة أمام احلكومة‬ ‫يجب أن يتخذ فيها قرار حاسم كالتشكيالت‬ ‫القضائية واألمنية والعسكرية واإلدارية وهذه‬ ‫املسألة أساسية ألن هناك كثيرا ً من الناس ظلموا‬ ‫في السنوات املاضية بشكل غير مبرر‪ ،‬ونقلوا من‬ ‫مراكزهم بشكل غير مبرر‪ ،‬امللف القضائي يجب أن‬ ‫يعالج بشكل أساسي»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬تطرقنا الى موضوع قانون االنتخابات القادم‬ ‫والذي يجب أن يكون على اساس النسبية وهناك‬ ‫مجموعة من األحزاب والشخصيات بدأت التحرك‬ ‫وسيكون التحرك فاعالً لدعم مشروع النسبية‪،‬‬ ‫ألن معركة النسبية هي األمل الوحيد للوصول الى‬ ‫بناء بلد حقيقي وبدونها حتما سيظل لبنان مزرعة‬ ‫للطوائف واملذاهب وأصحاب رؤوس األموال»‪.‬‬ ‫وأشار وهاب الى الوضع في سوريا قائالً‪“ :‬إذا كان‬ ‫هناك من أحد يعمل على الساحة السورية سينتظر‬

‫طويالً قبل أن يصل الى نتيجة‪ ،‬فالوضع في سوريا‬ ‫مختلف عن كل ما نسمعه في وسائل اإلعالم‪ .‬في‬ ‫سوريا دعوة الى احلوار الذي أطلق في كل احملافظات‬ ‫السورية للتوصل الى تطوير احلياة السياسية‬ ‫والنظام السياسي ومن يعتقد بأنه قادر على أخذ‬ ‫سوريا باحلرب أو بالتهويل فهذا األمر ال أحد يقدر أن‬ ‫يحصد نتائجه‪ ،‬ولن يصل الى نتيجة وسيفجر كل‬ ‫املنطقة»‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال حول استهداف “حزب اهلل”‬

‫‪27‬‬

‫واملقاومة قال وهاب‪”:‬هناك مجموعة من السياسيني‬ ‫املكلفني برواتب مدفوعة يجب أن ال نعطيها أية‬ ‫قيمة ألنها تصدر عن أناس مهمتهم مدفوعة‬ ‫األجر سلفا ً حملاولة تشويه “حزب اهلل” وهذه ليست‬ ‫حملة محلية هي حملة عربية ودولية تبدأ باحملكمة‬ ‫الدولية املزورة ومتر ببعض الصحف الصفراء العربية‬ ‫وتنتهي عند بعض الصغار في لبنان‪ ،‬هذه احلملة ال‬ ‫قيمة لها‪“ ،‬حزب اهلل” واملقاومة أشرف وأكبر من أن‬ ‫يتناولهما هؤالء»‪.‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫رئيس حزب التوحيد العربي مكرماً في ينطا‪:‬‬

‫إلبعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة‬

‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب أ ّن “احلملة التي يتع ّرض لها‬ ‫اجليش اللبناني خاطئة‪ ،‬وهو الذي لطاملا حمى‬ ‫مختلف احلركات السياسية‪ ،‬وخاصة املعارضة‬ ‫منها‪ ،‬ويكفي أن يكون هذا اجليش حاميا ً لوحدة‬ ‫لبنان واحلريات السياسية فيه‪ ،‬لنحافظ عليه‬ ‫ونحميه”‪ ،‬داعيا ً إلى “إبعاد املؤسسة العسكرية‬ ‫عن التجاذبات السياسية وتركها مؤسسة‬ ‫عسكرية لكل اللبنانيني وضامنة للسلم‬ ‫األهلي‪ ،‬ألنها املؤسسة الوحيدة التي ال تزال‬ ‫موضع إجماع بينهم‪ ،‬في حني أ ّن كل املؤسسات‬ ‫األخرى أصبحت موضع إنقسام‪ ،‬وبالتالي يجب‬ ‫عدم تعميم هذا اإلنقسام على اجليش اللبناني‪،‬‬ ‫بل تعميم اإلجماع عليه على باقي املؤسسات”‪.‬‬ ‫لقاء تكرميي أقيم له في‬ ‫كالم وهاب جاء خالل‬ ‫ٍ‬ ‫عمار في بلدة ينطا‬ ‫منزل الس ّيد بدر الدين حسن ّ‬ ‫في قضاء راشيا‪ ،‬حضره عدد من فعاليات البلدة‬ ‫والقرى اجملاورة‪ ،‬حيث تناول في حديثه الوضع في‬ ‫احلساسة‬ ‫سوريا‪ ،‬معتبرا ً أ ّن “املطلوب في املراحل ّ‬ ‫وحدتنا إن في راشيا أو في اجلبل عموما ً أو في‬ ‫مدينة السويداء السورية أو غيرها‪ ،‬ألنها الوحيدة‬ ‫التي ستحمينا‪ ،‬وال يجوز للخالفات السياسية‬ ‫أن تؤثر على وحدتنا‪ ،‬خاصة وأ ّن الطائفة الدرزية‬ ‫تتوحد حول العروبة واملقاومة واملبادىء الوطنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وال شك أ ّن التن ّوع هو غنى وليس خالفا ً وإنقساما ً‬ ‫وتناحراً‪ ،‬وال يجوز اعتبار أي حالة تن ّوع على أنها‬ ‫ضرب للمجتمع‪ ،‬بل هي ق ّوة له”‪.‬‬ ‫وهاب إلى أ ّن “الساحة اللبنانية هادئة‬ ‫وأشار ّ‬ ‫اليوم‪ ،‬بعكس الساحة السورية‪ ،‬والبعض فهم‬ ‫عما يحصل فيها على أنه تدخّ ل في‬ ‫حديثنا ّ‬ ‫الشأن السوري الداخلي‪ ،‬ولكننا ال نعتبر حاجة‬

‫سوريا لنا تدخّ الً منّا‪ ،‬فنحن نتدخّ ل لبقائها‬ ‫وق ّوتها وليس لتحريض أحد على اآلخر‪ ،‬ألننا ال‬ ‫نؤمن بأن يتقاتل أي مواطن سوري مع اآلخر‪ ،‬أل ّن‬ ‫أي محاولة إلضعاف سوريا هي محاولة مرفوضة‬ ‫وهذا هو موقف الدروز في كل مكان‪ ،‬وال أعتقد‬ ‫بأ ّن الكالم عن الوحدة والق ّوة واملنعة واألمن في‬

‫‪ ...‬ويحضر‬ ‫عشاء السفارة الفنزويلية‬ ‫مبناسبة زيارة نائب وزير العالقات اخلارجية في‬ ‫فنزويال تيمير بوراس بونسيليون الى لبنان‪ ،‬شارك‬ ‫رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير وئام وهاب حفل‬ ‫عشاء أقامته سعادة السفيرة سعاد كرم‪ ،‬في فندق‬ ‫كورال بيتش في بيروت‪ ،‬بحضور مسؤولة العالقات‬ ‫اخلارجية فريال أبو ذياب مكتب العالقات اخلارجية‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪28‬‬

‫سوريا يتعارض مع احلرية والدميقراطية”‪.‬‬ ‫وطمأ َن وهاب احلضور إلى أ ّن الوضع في جبل‬ ‫العرب بخير‪ ،‬وال خوف أبدا ً أل ّن اجليش السوري قوي‬ ‫ومتماسك ‪ -‬وهذا أمر أساسي ‪ -‬وغالبية الشعب‬ ‫السوري مع األمن واألمان ومع أن تبقى سوريا‬ ‫مرفوعة اجلبني”‪.‬‬


‫لعبت دوراً سابقاً‬ ‫وهاب للـ «أن بي أن»‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫في ّ‬ ‫ورفيقيه لكنني لم‬ ‫حل ملف اإلمام الصدر‬ ‫أنجح بكشف مصيرهم‬ ‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب أ ّن “شهر رمضان في سوريا‬ ‫لم يكن كما توقعه اجلميع ‪ -‬ال السلطة وال املعارضة السورية ‪ -‬أل ّن أكثرية الشعب‬ ‫السوري تخاف من مشاهد الفوضى التي حصلت في الدول العربية اجملاورة‪ ،‬بد ًءا‬ ‫من العراق وصوال ً إلى ليبيا‪ ،‬فالسوري ليس مستعدا ً للذهاب إلى الفوضى املماثلة‬ ‫وتغيير منط حياته‪ ،‬و َمن يقول بأ ّن النظام في سوريا بدون جمهور‪ ،‬فهو يكذب وال‬ ‫ينقل الواقع‪ ،‬فاجليش السوري أثبت أنه من أفضل اجليوش العربية‪ ،‬خاصة وأن الرهان‬ ‫كان على إنقسامه”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد وهاب خالل مقابلة أجرتها معه اإلعالمية مهى شمس الدين ضمن برنامج‬ ‫“املشهد العربي”‪ ،‬على شاشة الـ “أن بي أن”‪ ،‬بأ ّن “ما يسمى باملعارضة السورية‬ ‫أخطأت باستعمال السالح ضد اجليش السوري وقوى األمن‪ ،‬ومتنّي التدخل اخلارجي‬ ‫وهذا ما أكده تصريح عبد احلليم خ ّدام الذي ميثل جز ًءا من هذه املعارضة‪ ،‬والتي لو‬ ‫حاورت النظام ألحرجته أكثر‪ ،‬علما ً أ ّن األخير أظهر استعداده للحوار وهذا ما شجع‬ ‫الطرف الروسي للوقوف إلى جانبه”‪.‬‬ ‫أما حول املوقف التركي جتاه ما يجري في سوريا‪ّ ،‬‬ ‫فأكد وهاب أ ّن “التحقيقات‬ ‫أثبتت أ ّن العمالء الذين متّ القبض عليهم في لبنان بتهمة التعامل مع “إسرائيل”‪،‬‬ ‫ُهرِّبوا عبر املطارات التركية”‪ ،‬داعيا ً لـ”إخراج تركيا للموساد اإلسرائيلي من‬ ‫مطاراتها”‪ ،‬ومعتبرا ً أ ّن “الدور التركي دورٌ مشبوه‪ ،‬وبرأيي سوريا أخطأت حني أدخلت‬ ‫تركيا سابقا ً للعب دور في القضايا العربية‪ ،‬ألننا كنا نعلم أ ّن التركي لديه هدف‬ ‫معني هو انتزاع القضية الفلسطينية من محور املقاومة ومحوها كلياً‪ .‬كما وأ ّن‬ ‫طرد السفير اإلسرائيلي من أنقرة متّ بتنسيق تركي ‪ -‬أميركي‪ ،‬وبالتالي فاملطلوب‬ ‫دور تركي يوازي الدور اإليراني القوي في املنطقة العربية لكنني حتما ً مع دور عربي‬ ‫أقوى مينع التدخل التركي في أي دولة عربية خاصة في املوضوع السوري‪ ،‬وأعتبر أ ّن‬ ‫دجال خُ لِق في هذه املنطقة”‪.‬‬ ‫أردوغان هو أكبر ّ‬ ‫وش ّدد في كالمه عن التدخّ ل اخلارجي في سوريا‪ ،‬على أ ّن “ الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد لن يخضع ألي مؤامرات”‪ ،‬وأ ّن أي “تدخل خارجي يعني حربا ً فورية في املنطقة‪،‬‬ ‫موجها ً نحو املدن التركية‪ ،‬فسوريا‬ ‫وإذا كانت الهجمة تركية‪ ،‬سيكون السالح ّ‬ ‫لن تُترك وحيدة من ِق َبل أحد ال في لبنان وال في إيران‪ ،‬حتى أ ّن املوقف العراقي‬ ‫واضح وكان من أفضل املواقف العربية جتاه األحداث في سوريا‪ .‬وبرأيي على النظام‬ ‫محاورة كامل الشعب السوري‪ ،‬ولكن ليس املعارضة اخلارجية ألنها معارضة غير‬ ‫حقيقية‪ ،‬خاصة وأ ّن الرئيس األسد أقرب إلى الشعب أكثر من كثير من املسؤولني‬ ‫في سوريا”‪.‬‬ ‫موقف‬ ‫واعتبر وهاب أ ّن “هناك ثالث أطراف جدية في الدول العربية جلهة إصدار‬ ‫ٍ‬ ‫واضح من األحداث في سوريا هي‪ :‬السعودية ومصر وسوريا‪ ،‬فمصر متلهية‬ ‫ٍ‬ ‫مبشاكلها‪ ،‬وكذلك السعودية التي لديها همومها الداخلية واخلارجية‪ ،‬علما ً أننا‬ ‫نتمنى لو أن هناك دورا ً سعوديا ً واضحا ً في هذا اإلطار‪ .‬أما قطر ‪ -‬فأحترم أميرها‬ ‫تثمن بشيء في حال أُقفل تلفزيون اجلزيرة‪ ،‬خاصة وأ ّن اجلميع يعلم أ ّن‬ ‫ ولكنها ال ّ‬‫ال دميقراطية فيها كالتي تتحدث عن وجوب إيجادها في سوريا‪ ،‬التي يوجد فيها‬ ‫العديد من احلريات الغائبة عن قطر‪ ،‬مؤكدا ً أ ّن “مجلس األمن الدولي هو “مجلس‬ ‫موقف سلبي ضد العدو الصهيوني ملا يحصل من‬ ‫إجرام دولي” ال يجرؤ على إتخاذ‬ ‫ٍ‬ ‫جرائم في فلسطني”‪.‬‬ ‫وعن زيارة األمني العام جلامعة الدول العربية نبيل العربي إلى سوريا‪ ،‬اعتبر‬ ‫مهما ً اليوم على الساحة‬ ‫“أ ّن زيارته ستكون مج ّرد متنيات فمصر ليس لديها دورا ً ّ‬ ‫العربية‪ ،‬وبالتالي فـ “العربي” ال يحمل مبادرة للحل في سوريا”‪ ،‬الفتا ً إلى أ ّن “الوضع‬ ‫ّ‬ ‫للحل”‪.‬‬ ‫فيها سيطول لفترة‪ ،‬لكنه حتما ً في طريقه‬ ‫وحت ّدث وهاب عن الوضع الليبي‪ ،‬معتبرا ً أ ّن “النفط الليبي من أنظف أنواع النفط‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وبالتالي يفتح شهية الدول األجنبية للدخول إلى ليبيا”‪ ،‬مؤكدا ً أنه‬

‫كان يجب “أن يتم توضيح مصير اإلمام املغ ّيب الس ّيد موسى الصدر ورفيقه‪ ،‬وقد‬ ‫لعبت دورا ً في مرحلة ما في هذا امللف‪ ،‬لكنني لم أجنح في كشف مصيرهم‪ ،‬علما ً‬ ‫ُ‬ ‫أ ّن العديد ممَّن هم ضمن السلطات الليبية اليوم كانوا شركاء سابقا ً مع الرئيس‬ ‫معمر القذافي في هذه القضية‪ ،‬وبالتالي يجب أن يكون لديهم معلومات حول‬ ‫ّ‬ ‫ذلك”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد أ ّن “ما كان اإلمام الصدر يقوم به في لبنان قبل تغييبه يُن َّفذ اآلن‪ ،‬فهو‬ ‫كان صاحب ثورة غ ّيرت كل الواقع الشيعي ونقلته ليكون واقعا ً‬ ‫مهما ً على‬ ‫ّ‬ ‫الساحة العربية‪ ،‬وضربَت اإلقطاع الشيعي وأنهته‪ ،‬وأوجدت احملور املقاوم‪ ،‬لذلك كان‬ ‫اإلسرائيل ّيون يعلمون أهمية تغييب اإلمام الصدر عن ساحتنا القومية”‪.‬‬ ‫وختم وهاب حديثه بتناول بعض امللفات على الساحة اللبنانية‪ُ ،‬معتبرا ً أ ّن‬ ‫“احلملة على اجليش اللبناني جاءت من بعض الذين ال يبلغ رأسمال ك ٍّل منهم سوى‬ ‫‪ 50‬صوتاً‪ ،‬ألنهم يريدون تغيير نهج اجليش ليصبح بحسب نهجهم”‪ ،‬مؤكدا ً أنه‬ ‫“على وزير العدل إزالة كل الفوضى التي كانت قائمة‪ ،‬وحتضير نفسه لتشكيالت‬ ‫ج ّدية في املراكز القضائية واألمنية”‪ ،‬الفتا ً إلى أنه يجب “تسهيل ّ‬ ‫حل ملف الكهرباء‬ ‫املطروح من الوزير جبران باسيل‪ ،‬ومناقشته ج ّدياً‪ ،‬إذ ال يجوز إيقاف املشاريع األخرى‬ ‫بسبب هذا امللف‪ ،‬متمنيا ً من احلكومة عدم التصويت على متويل احملكمة اخلاصة‬ ‫بلبنان‪ ،‬ألن هناك مشاريع أهم للتصويت عليها”‪.‬‬

‫‪ ...‬وللـ «أل بي سي»‪ :‬اللبنانيون‬ ‫ربحوا بإقرار خطة الكهرباء‬ ‫ال ُمقترحة من باسيل‬ ‫اعتبر رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب “أ ّن اللبنانيني هم َمن ربحوا‬ ‫بإقرار خطة الكهرباء املُقترحة من وزير الطاقة واملياه جبران باسيل‪ ،‬وإذا نُ ِّفذت‬ ‫اخلطة كما هو مرسوم لها‪ ،‬يجب أن نحصل على الكهرباء خالل السنوات األربع‬ ‫القادمة” مؤكدا ً أ ّن اإلحتدام بني األفرقاء السياسيني حصل أل ّن العماد ميشال عون‬ ‫كان على حق حني شعر بأ ّن البعض لن يقبلوا بأن يقوم بهذا اإلجناز‪ ،‬ولكن أعتقد أ ّن‬ ‫الرئيس ميقاتي تعاطى بشكل تقني في هذا امللف‪ ،‬وعلينا التن ّبه ملا يقوله حاكم‬ ‫عما ندفعه من خسارة في ملف الكهرباء تبلغ مليار‬ ‫مصرف لبنان رياض سالمة ّ‬ ‫دوالر ونصف‪ ،‬في حني أنه من األسهل على الدولة اإلستدانة ومن ثم تلقّ ي األرباح‬ ‫بدل الوقوع في ديون طويلة األمد”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬لقد ّ‬ ‫متكن األفرقاء السياسيون من إقرار مشروع الكهرباء‪ ،‬فالوزير باسيل‬ ‫ربح باحلصول على إقرار هذا امللف‪ ،‬والرئيس جنيب ميقاتي ربح بتأمني التمويل الالزم‬ ‫لهذا املشروع”‪ ،‬آمالً “أن نصل إلى الوقت الذي يحصل فيه اللبنانيون على الكهرباء‬ ‫بدون أي مشاكل”‪ ،‬معتبرا ً انه “سيحصل تناقض واحتدام على ملفات أخرى الحقاً‪،‬‬ ‫خاصة احملكمة الدولية التي – وبرأيي ‪ -‬لن حتصل على التوصيت الالزم‪ ،‬وقانون‬ ‫اإلنتخاب الذي سيخلط األوراق‪ ،‬وقد نتفق مع األطراف املغايرة لرأينا في هذا اإلطار‪،‬‬ ‫كالقوات اللبنانية مثالً أو غيرها‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل مقابلة أجرتها معه اإلعالمية دميا صادق ضمن برنامج‬ ‫“نهاركم سعيد” على شاشة الـ “أل بي سي”‪ ،‬حيث حت ّدث في ملف احملكمة الدولية‬ ‫اخلاصة بلبنان‪ ،‬قائالً‪“ :‬حزب اهلل يعتبر أ ّن احملكمة الدولية أصبحت خلفنا‪ ،‬فما كان‬ ‫يهمه هو أال حتدث فتنة سنّية – شيعية‪ ،‬وقد جتاوزنا هذا األمر بعد إقرار القرار الظني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نعم‪ ،‬التشويه املعنوي حلق بـ “حزب اهلل” من خالل اتهامه بعملية اإلغتيال لكنهم‬ ‫ال يستطيعون تشويهه فعلياً‪ .‬فاحلملة على “حزب اهلل” أتت أل ّن البعض في الداخل‬ ‫واخلارج يعتبر أنه بضربه وبتنفيذ رغبات اخلارج يقضي على كل أفرقائه‪ .‬لكن عليهم‬ ‫اإلقتناع بأ ّن سالح “حزب اهلل” يسلَّم بعد حترير فلسطني وعودة الفلسطينيني إلى‬ ‫أرضهم‪ ،‬وأعتقد أنه لوال وجود السيد حسن نصر اهلل لكانت األمور قد أصبحت‬ ‫في إطار آخر”‪ ،‬معتبرا ً أ ّن تشبيه النائب سامي اجلم ّيل لـ “حزب اهلل” بالصهاينة هو‬ ‫تشبيه ُمعيب وال يجوز”‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫ّ‬ ‫وأكد وهاب أ ّن “حزب اهلل” لم يستعمل سالحه في الداخل سوى في ‪ 7‬أيار ولوال‬ ‫أ ّن الفريق اآلخر أدار سالحه نحوه ألدخله في حرب إقليمية”‪.‬‬ ‫وفي إطار حديثه عن احملكمة الدولية‪ّ ،‬‬ ‫أكد وهاب أ ّن “هناك مجلس وزراء سيص ّوت‬ ‫على متويلها‪ ،‬وهو الذي يقرر إذا كان التمويل سيتم أم ال‪ .‬ولكن هناك مالحقة‬ ‫واضحة مللف املتهمني من “حزب اهلل” بجرمية إغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬وهناك‬ ‫مكتب كبير حملامي الدفاع عن املتهمني من “حزب اهلل”‪ ،‬لذلك فاحملكمة الدولية‬ ‫ستنفضح في النهاية‪ ،‬واملتهمون هم أبطال وأشرف من أن يتهمهم مجتمع دولي‬ ‫مزوَّر”‪.‬وفي تناوله موضوع العمالء مع “إسرائيل”‪ّ ،‬‬ ‫أكد وهاب أ ّن “حزب اهلل” مؤمن‬ ‫بوجود بعض القضاة النزهاء في القضاء اللبناني‪ ،‬ولذلك يقوم بتسليم أي عميل‬ ‫يتم القبض عليه”‪ ،‬مشيرا ً إلى أ ّن “اجلهاز األمني لـ”حزب اهلل”‪ ،‬يعمل ما بوسعه‬ ‫حلمايتنا‪ ،‬لذلك يتم القبض على العمالء املزروعني حول الشخصيات السياسية‬ ‫القريبة منه”‪.‬وتناول وهاب مشكلة دير القمر التي حصلت بني فريقني لكرة السلة‬ ‫من بلدتي اجلاهلية ودير القمر‪ ،‬مؤكدا ً “استنكاره لهذا اخلالف أل ّن أحد الشباب‬ ‫التابع لنا هو َمن بدأ به‪ ،‬في حني اعتبر البعض أنه كان مب ّيت”‪.‬‬ ‫أما حول األحداث في سوريا‪ ،‬اعتبر وهاب أ ّن “هناك أزمة حقيقية فيها‪ ،‬لكنها‬ ‫بدأت بشيء وأصبحت اآلن شيئا ً آخر‪ .‬نعم سوريا بحاجة لإلصالح والتطوير‪ ،‬وال‬ ‫لكن القمع السياسي‬ ‫ميكن الوقوف بوجه أي مواطن يطالب باحلرية والدميقراطية‪ّ ،‬‬ ‫الذي يتم احلديث عنه في سوريا‪ ،‬هو أقل بكثير من ذلك املوجود لدينا في لبنان‪ ،‬وهذا‬ ‫ما نعاني منه في العديد من املناطق”‪ ،‬مشيرا ً إلى أ ّن “كثر من املعارضني السوريني‬ ‫اليوم كانوا أعضاء في مجلس الشعب السوري‪ ،‬وهم َمن يشتمون النظام األمني‬ ‫اليوم متناسني أ ّن ذلك “النظام” هو َمن أوجدهم في اجمللس”‪.‬‬ ‫وختم‪“ :‬ما يحصل في سوريا ليس مطالبة باإلصالح بل هو تخريب خارجي‪،‬‬ ‫ولكن النظام واجليش أثبتا ق ّوتهما وأن كل اجل ّو الدولي لن يتمكن من التخريب في‬ ‫ّ‬ ‫الداخل السوري أكثر فأكثر‪ ،‬والرئيس بشار األسد سيستمر في اإلصالح والتطوير”‪،‬‬ ‫باق إلى جانب سوريا ألنها قو ّية بنظامها‬ ‫مؤكدا ً أ ّن “كل محور املقاومة في املنطقة ٍ‬ ‫وشعبها ورئيسها‪ ،‬وعلى املعارضة الدخول احلقيقي في احلوار مع النظام”‪.‬‬

‫‪..‬ولـ «تلفزيون لبنان»‪ :‬أتمنى أن يكون‬ ‫رئيس مجلس القضاء األعلى الجديد على‬ ‫قدر المسؤولية إلعادة ترتيب القضاء‬ ‫أعلن رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب عن قيام احلزب بـ “وضع حجر‬ ‫األساس ملستشفى الصحابي سلمان الفارسي في الشهر القادم‪ ،‬وهو ضمن قرية‬ ‫التوحيد التي ستتضمن عدة مراكز‪ ،‬بتمويل إيراني”‪ ،‬مؤكدا ً أنه “مشروع سيستفيد‬ ‫منه كل أبناء جبل لبنان”‪.‬‬ ‫وكرر وهاب تفاؤله بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي “منذ اللحظة األولى جمليئه‬ ‫إلى البطريركية املارونية‪ ،‬وقد دخل بكالمه األخير قلوب العرب أجمع‪ ،‬وميكن القول‬ ‫إنه بطريرك املشرق العربي وليس بطريرك لبنان فقط‪ ،‬فقد أعاد لهذا املوقع وهجه‬ ‫وتأثيره في امللف اللبناني والعربي‪ ،‬وهو يعيد االنتشار املسيحي على مستوى كل‬ ‫لبنان‪ ،‬بعد تقوقع املسيحيني في مناطق معينة ج ّراء احلروب”‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل مقابلة أجرتها معه اإلعالمية رانيا ص ّياح ضمن برنامج‬ ‫“صريح جداً” على شاشة تلفزيون لبنان‪ ،‬بحيث قال‪“ :‬عندما أرى أ ّن املقاومة والوطن‬ ‫مه ّددين أكون عنيفا ً وإذا تكررت األوضاع والظروف السابقة سأكون أعنف‪ ،‬أل ّن‬ ‫معطياتنا كفريق سياسي اليوم أقوى من األيام املاضية إذ أ ّن السلطة أصبحت معنا‪،‬‬ ‫لذلك اضطررنا خلوض معركة قاسية سابقاً‪ ،‬لكن الكل يعلم أ ّن محور املمانعة هو‬ ‫َمن ربح في حرب متوز ‪ ،2006‬خاصة وأن سوريا وإيران كانتا داعما ً أساسيا ً له‪ ،‬و َمن‬ ‫ربح حينها هم الشرفاء الذين قاتلوا وصمدوا ليحموا لبنان‪ ،‬ومنهم مصطفى بدر‬ ‫الدين الذي يتّهمونه اآلن زورا ً باغتيال الرئيس رفيق احلريري”‪.‬‬ ‫وحول رئاسة احلكومة‪ ،‬أشار وهاب إلى أ ّن “هناك بعض األطراف اعتبرت أ ّن الرئيس‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫جنيب ميقاتي سيكون حيادياً‪ ،‬إال أ ّن اعتباراتهم كانت خاطئة‪ ،‬أل ّن الفريق اآلخر يعتبر‬ ‫أيا ً َمن يأخذ السلطة عدواً”‪ ،‬مؤكدا ً “أ ّن أحدا ً لن يطلب من الرئيس ميقاتي ما هو‬ ‫زيادة على ما كان الرئيس سعد احلريري سيقوم به في ملف احملكمة الدولية اخلاصة‬ ‫بلبنان‪ ،‬إذ يحق له املوافقة على متويلها إال أ ّن مجلس الوزراء هو َمن سيص ِّوت على‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكن ميكن القول أنه ال مصلحة ألحد اآلن بإسقاط هذه احلكومة‪ ،‬ولكن أؤكد‬ ‫أنه على احلكومة البدء باخلطوات اجل ّدية لوقف الهدر والسرقة‪ ،‬إضافة للتعيينات‬ ‫اجل ّدية الكفوءة في املراكز اإلدارية واألمنية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬من هنا أمتنى أن يكون رئيس‬ ‫مجلس القضاء األعلى الذي سيتم تعيينه في األيام املقبلة على قدر املسؤولية‬ ‫كي يتم ترتيب القضاء وطرد الفاسدين منه”‪.‬‬ ‫وحول مشروع الكهرباء الذي يعمل عليه الوزير جبران باسيل‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬هذا‬ ‫املشروع اقتُرح في حكومة الرئيس سعد احلريري إال أنه لم يتم مناقشته‪ ،‬واحلديث‬ ‫عن رأي العماد ميشال عون فيه خاطىء‪ ،‬ألنه ال يفكر بشكل طائفي أو مذهبي بل‬ ‫بشكل وطني بحت‪ .‬أما النائب فؤاد السنيورة فهو آخر َمن يحق له الكالم عن هذا‬ ‫امللف بعد صرفه لـ ‪ 14‬مليار دوالر هدرا ً على الكهرباء”‪.‬‬ ‫سجله التاريخ لرئيس اجلمهورية ميشال سليمان إذا‬ ‫وأثنى وهاب على ما “س ُي ّ‬ ‫و ّقع على السير في قانون النسبية لإلنتخابات‪ ،‬وأقترح مترير األخيرة وفقا ً للدائرة‬ ‫الواحدة‪ ،‬لنؤكد َمن هم ن ّواب األمة بدل شراء األصوات لهم‪ ،‬إذ أ ّن املعارضة املوجودة‬ ‫اليوم ليست معارضة ج ّدية‪ .‬أما باملناقشة مبلف تسليم سالح املقاومة‪ ،‬فهو‬ ‫أمر ُمنت ٍه‪ ،‬وبإسمي وإسم الفريق الذي أنتمي إليه أقول أننا لن نط ّبق متنياتهم‬ ‫بدمج هذا السالح من ضمن سالح اجليش اللبناني‪ ،‬بغية حتقيق رغباتهم بإضعاف‬ ‫املقاومة واجليش معاً”‪ .‬وأكد أ ّن “سعد احلريري أخطأ بحساباته معتقدا ً أنه ميكنه‬ ‫اللعب على الدول الكبرى‪ ،‬لذلك أصبح خارج املعادلة السياسية‪ ،‬ونحن اليوم ال‬ ‫نحاول إلغاء الفريق السياسي املغاير لنا‪ ،‬بل نعمل على إلغاء املشروع الغربي الذي‬ ‫حاول مرارا ً الهيمنة على املنطقة”‪ .‬كما أشار وهاب إلى أنه “على لبنان أن يكون في‬ ‫مجلس األمن في مقدمة املطالبني ّ‬ ‫بحل امللف الفلسطيني سريعا ً من أجل حترير‬ ‫الدولة الفلسطينية كاملة وعودة الالجئني إليها‪ ،‬كما يجب عليه الوقوف بوجه أي‬ ‫تآمر دولي ض ّد سوريا خاصة بعد بدء انكشاف أهداف ما يجري فيها‪ ،‬إذ أننا انتقلنا‬ ‫من املطالبة باحلرية‪ ،‬إلى هدف إسقاط النظام واإلنتقام منه”‪ ،‬مؤكدا ً أ ّن “هناك‬ ‫متاسكا ً أكبر في النظام السوري بعد مرور كل هذه الفترة من األحداث في سوريا‪،‬‬ ‫مع وعي شعبي أكبر ملستوى املؤامرة‪ ،‬رغم كل الضغوط الدولية”‪ ،‬وقرأ وهاب تقريرا ً‬ ‫“ألحد السفراء األجانب الذين زاروا سوريا‪ ،‬وتيقّ نوا خلطورة املؤامرة عليها‪ .‬من هنا‪،‬‬ ‫ميكن القول أ ّن ‪ %80‬من األزمة في سوريا قد م ّر‪ ،‬وما تبقى هو نسبة ‪ %20‬فقط‪،‬‬ ‫لكن هذا ال يعني أن احلل األمني هو ّ‬ ‫احلل النهائي‪ ،‬إذ سيكون هناك حالً أمنيا ً قاسيا ً‬ ‫ّ‬ ‫ملعاجلة التخريب األمني احلاصل‪ ،‬فاملسألة فيها معقّ دة أكثر مما اعتقد البعض‪،‬‬ ‫لكنهم تفاجأوا بتماسك النظام والقيادة السورية”‪.‬‬

‫‪..‬واستنكر حادثة دير القمر الشخصية‬ ‫واعتبرها تافهة‬ ‫تعليقا ً على املشكلة التي وقعت في ملعب دير القمر صدر عن رئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب البيان التالي‪:‬‬ ‫نستنكر أشد االستنكار احلادثة املؤسفة التي وقعت في بلدة دير القمر والتي‬ ‫أدت الى سقوط بعض اجلرحى ألسباب شخصية وتافهة وهي مشكلة يتحمل‬ ‫مسؤوليتها بعض اجلهلة وهي ال تليق بأخالق أبناء الشوف وال بالعالقات القائمة‬ ‫بيننا خاصة وأننا كنا من دعا الى تعزيز العودة وتشجيعها الى املنطقة وهذه‬ ‫املشاكل تعاكس ذلك‪ .‬لذا نحن سنتخذ أقصى اإلجراءات جتاه شبابنا الذين شاركوا‬ ‫في هذه املسألة‪ ،‬كما نطالب األجهزة األمنية الرسمية إلتخاذ ما يلزم ملعاقبة‬ ‫اجلميع دون استثناء‪.‬وإننا نؤكد بأننا ال نف ّرق بني أبناء دير القمر وأي شخص من أبناء‬ ‫القرى اجملاورة فجميعهم أخوة لنا وأهل ولطاملا حضورهم في هذه املنطقة كان‬ ‫يشكل غنى لها‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫تابعت أمانة اإلعالم في «حزب التوحيد العربي» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتماعية‪ ،‬في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السياسي‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫مصر ستعود موئل العروبة‬ ‫والكرامة والعزة‬ ‫إستقبلنا بترحاب كبير خبر الهجوم على السفارة اإلسرائيلية في‬ ‫القاهرة على أيدي من حملوا فكرة التح ّرر مشعالً‪ ،‬بعد أن راعهم انحراف‬ ‫فتجددت عندهم‬ ‫السوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ساسة مصر السابقني عن النهج العروبي ّ‬ ‫الثقة في سبيل كرامة مصر العروبة ورفضهم تدنيس أرض الكنانة‬ ‫العص ّية على الذل واملهانة‪.‬‬ ‫وتابع البيان‪ ،‬إننا موقينون بأن مصر ستعود موئل العروبة والكرامة‬ ‫والعزة ما دام فيها رجال أخلصوا لهذه األرض‪ ،‬الساعني جاهدين لتصحيح‬ ‫أخطاء املاضي وأ ّولها إلغاء اتفاقية “كامب دايفيد” الس ّيئة الذكر من‬ ‫أجل إعادة فتح صفحات عربية مشرقة تعيد ملصر زمن جمال عبد الناصر‬ ‫مهما تط ّلب ذلك من تضحية وجهود‪.‬‬ ‫وختم البيان بتح ّية ألبناء مصر على هذه اخلطوة اجلريئة‪.‬‬ ‫ورأى فيها درعا ً منيعا ً لهذا البلد العربي الذي يحفظ له أطيب‬ ‫العالقات العربية وأوثقها‪ ،‬ويرد عنه سهام الدول الطامعة في السيطرة‬ ‫على مرافقه وموارده الطبيعية‪.‬‬

‫ال يسمح لموظفي «أوجي لبنان» بالتهجم‬ ‫على أمثال الرئيس بري‬

‫ ‬ ‫ليس الرئيس نبيه بري بحاجة للدفاع عنه خاصة في موضوعي املقاومة‬ ‫والعالقة مع سوريا‪ .‬فقد كان نبيه بري من أوائل الذين أطلقوا املقاومة‬

‫ضد العدو بدءا ً مبعركة خلدة‪ ،‬مرورا ً باالستشهادي بالل فحص وصوال ً الى‬ ‫مئات الشهداء من حركة أمل الذين سقطوا في مواجهة العدو‪.‬‬ ‫كما أن الرئيس بري ليس بحاجة لشهادة على صدق عالقته بسوريا‬ ‫منذ أكثر من ثالثني عاما ً وهي عالقة دفع الرئيس بري الكثير من األثمان‬ ‫للحفاظ عليها‪.‬‬ ‫لذا فإن مجموعة املوظفني في شركة “أوجي لبنان” املنكوبة اليوم‬ ‫ماديا ً وعقلياً‪،‬‬ ‫ليست هي في املوقع الذي يسمح لها باإلساءة للناس خاصة وان اكبر‬ ‫إساءة للرأي العام اللبناني ان يكون ملزما ً في حياته السياسية بوجود‬ ‫هكذا أشخاص‪.‬‬

‫استنكار حادث االعتداء‬ ‫على فرع المعلومات‬ ‫استنكرت أمانة اإلعالم في حزب “التوحيد العربي” حادث االعتداء‬ ‫الذي تعرضت له الدورية األمنية التابعة لفرع املعلومات واعتبرته اعتداء‬ ‫على أمن الدولة ومؤسساتها ومحاولة ملنع األجهزة األمنية من القيام‬ ‫بدورها‪.‬‬ ‫ودعت األمانة كافة األجهزة الى القيام بالدور املوكول لها وهي مطالبة‬ ‫مبتابعة اإلجراءات وتكثيفها حلني كشف الفاعلني ومحاسبتهم لدى‬ ‫القضاء اخملتص‪،‬‬ ‫إضافة الى ضرورة تعزيز الوجود األمني في بعض املناطق احلساسة‬ ‫التي تتكرر فيها مثل هذه احلوادث‪.‬‬ ‫وختمت األمانة بيانها بالتقدم من قيادة قوى األمن الداخلي بخالص‬ ‫الدعاء بالشفاء التام والعاجل للجرحى واملصابني‪.‬‬

‫نشاط العالقات الخارجية‬ ‫قدمت مسؤولة العالقات اخلارجية فريال أبو ذياب بإسم معالي الوزير وئام وهاب ومكتب‬ ‫السياسي في حزب “التوحيد العربي” التعزية بوفاة نائب رئيس مجلس الدولة في جمهورية‬ ‫كوبا‪ ،‬وزير القوات املسلحة الثورية‪ ،‬عضو املكتب السياسي للحزب الشيوعي الكوبي‪،‬‬ ‫واحلائز على أعلى وسام وطني “بطل جمهورية كوبا” اجلنرال هوليو كاساس ريغيرو‪.‬‬

‫‪ ...‬سفارة البرازيل‬ ‫مبناسبة يوم عيد استقالل البرازيل زارت أبو ذياب السفير باولو روبرتو د فونتورا في دارته في‬ ‫بعبدا‪ ،‬حيث قدمت التهنئة باملناسبة بإسم رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب‪.‬‬

‫‪...‬سفارة ماليزيا‬ ‫كما شاركت أبو ذياب ممثلة رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب في حفل‬ ‫العشاء الذي أقامته سفارة ماليزيا مبناسبة العيد الوطني ملاليزيا‪ ،‬في فندق موفينبيك‬ ‫في بيروت‪ ،‬حضره هيئات سياسية ودبلوماسية وإعالمية‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫الشيخ راتب نصرهللا‬ ‫رئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫بتكليف من جهازها اإلداري‬ ‫عقد اجلهاز اإلداري في هيئة العمل التوحيدي‬ ‫اجتماعا ً استثنائيا ً في مقره في وطى املصيطبة وقرر‬ ‫بأكثرية أعضائه تكليف الشيخ راتب أبو ذياب رئاسة‬ ‫الهيئة حلني حلول موعد انتخاب اجلهاز اإلداري اجلديد‬ ‫املقرر بتاريخ أيلول ‪. 2013‬‬ ‫وشكر اجلهاز اإلداري رئيس الهيئة املستقيل الشيخ‬ ‫صالح ضو على اجملهود الكبير الذي قام به على مدى أربع‬ ‫سنوات على كافة األصعدة خلدمة مشروع الهيئة بجوانبه‬ ‫الدينية‪ ،‬والتربوية‪ ،‬والتعبوية متمنيني له دوام السير في‬ ‫مسيرة اإلصالح اإلجتماعي التي هي جزء من مناقبيته‬ ‫وصفاته احلميدة‪.‬‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫دكتوراه للشيخ راتب حمود نصر هللا ألطروحته‬ ‫«الموحدون الدروز جذوة العروبة واإلسالم»‬ ‫“املوحدون الدروز جذوة العروبة واإلسالم”‬ ‫هو عنوان أطروحة الدكتوراه لرئيس هيئة‬ ‫العمل التوحيدي فضيلة الشيخ راتب حمود‬ ‫نصر اهلل‪ ،‬التي منحته إياها جامعة احلضارة‬ ‫اإلسالمية املفتوحة‪ ،‬بعد مناقشتها من قبل‬ ‫جلنة أشرفت عليها وضمت كل من‪:‬‬ ‫البروفيسور الشيخ مخلص أحمد اجلده ‪/‬‬ ‫املشرف العام على األطروحة‬ ‫البروفيسور الدكتور الشيخ محمد حسني‬ ‫علي الصغير ‪ /‬رئيسا ً‬ ‫القاضي الدكتور الشيخ يحي الرافعي ‪/‬‬ ‫عضوا ً‬ ‫املؤرخ الدكتور السيد جودت القزويني ‪/‬‬ ‫عضوا ً‬ ‫الدكتورة فيفيان شويري ‪ /‬مراقبة أكادميية‬ ‫الدكتور عاطف احلكيم ‪ /‬مراقـب‬ ‫أكــادميي‬ ‫وحضر املناقشة التي متت في قاعة‬ ‫املؤمترات في فندق الصخرة في بحمدون‬ ‫مساء السبت في ‪ 10‬أيلول املاضي كل من‬ ‫السادة ممثلي‪ :‬شيخ عقل طائفة املوحدين‬ ‫الدروز الشيخ نعيم حسن مدير عام مدارس‬ ‫العرفان الشيخ سامي أبي املنى‪ ،‬شيخ‬ ‫عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ ناصر‬ ‫الدين الغريب الشيخ نزيه العريضي‪ ،‬املرجع‬ ‫الروحي لطائفة املوحدين الدروز الشيخ أبو‬ ‫علي سليمان أبو ذياب الدكتور سلمان أبو‬ ‫ذياب‪ ،‬وحزب “التوحيد العربي” عضو املكتب‬ ‫السياسي حافظ أبي املنى‪ ،‬وهيئة العمل‬ ‫التوحيدي متثلت بوفد ضم املشايخ فاضل‬ ‫أبو ذياب‪ ،‬سامي أبو ذياب‪ ،‬جهاد عبد الباقي‪،‬‬ ‫حسام نصار‪ ،‬وطالل زهر الدين وناظم أبو‬ ‫ذياب‪ ،‬وممثل الشيخ بهجت غيث األستاذ‬ ‫مظهر مالك ومدير مدرسة اجلاهلية الرسمية‬ ‫األستاذ يوسف أبو ذياب وحشد من أنسباء‬ ‫وأصدقاء صاحب الدكتوراه‪.‬‬ ‫وبعد مناقشة األطروحة التي دامت نحو‬ ‫ساعتني‪ ،‬أصدر الرئيس املؤسس جلامعة‬ ‫احلضارة اإلسالمية املفتوحة في العالم‬ ‫البروفيسور الشيخ مخلص أحمد اجلدة قرارا ً‬ ‫منح مبوجبه الشيخ راتب نصر اهلل شهادة‬ ‫الدكتوراه بناء على اقتراح كلية التاريخ‬ ‫واالستشراق وبتوصية صادرة عن الهيئة‬ ‫املشرفة على مناقشة األطروحة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪32‬‬


‫إهداء الى جلنة مناقشة أطروحتي‬ ‫للدكتوراه (املوحدون الدروز جذوة العروبة‬ ‫واإلسالم بإشراف العالمة البروفسور‬ ‫الشيخ الدكتور مخلص أحمد اجلدة رئيس‬ ‫ومؤسس جامعة احلضارة اإلسالمية‬ ‫املفتوحة‬ ‫جهابذة الثقافة حاوروني ‬ ‫وردت بحارهم ارجو اكتسابا‬ ‫منارات ضياها ضاء فكراً‬ ‫وف ّتح فيه ابواباً وبابا‬ ‫ّ‬ ‫وصفاه بنور العلم حتى ‬ ‫ّ‬ ‫تصفى واستوى املنفي صوابا‬ ‫فنال البحث عندي من علوم واسقوه‬ ‫على ظمأ شرابا‬ ‫وزادوا صرحه مجداً وفخراً‬ ‫وقد رفعوا على النجم القبابا‬ ‫دخلت بقاربي بحراً جلاجاً‬ ‫وعدت مبركب ّ‬ ‫شق العبابا‬ ‫دليلي جلنة علماء عصر ‬ ‫مفاخر علمهم طالت سحابا‬ ‫فجاء معمرا ً نصحاً ورشداً‬ ‫كأضواء الثريا لن يصابا‬ ‫فان يبدو به وجع خفي‬ ‫ابانوه فأدركت اخلطابا‬ ‫ ‬ ‫واصبحت الغني على افتقار‬ ‫فصار احلمد والشكر اجلوابا‬ ‫ّ‬ ‫لعله صار للقراء ذخراً‬ ‫ولالجيال اشوقهم كتابا‬ ‫ ‬ ‫وبحر مراجع ابحرت فيه ‬ ‫موانئه لهم حتكي العجابا‬ ‫اضأت بشمعة ميالد بحث ‬ ‫واول ما اضأت له ثقابا‬ ‫فلوال الصبر ما عمرت بالد‬ ‫وال ضاءت بأمجاد شهابا‬ ‫ْ‬ ‫لينهج للمطامح كل جيل ‬ ‫فمجد العلم نكسبه غالبا‬ ‫عذابات احلياة تصير همّ ا ‬ ‫سوى في العلم قد طابت عذابا‬ ‫فصارت في مصابيحي زيتوناً‬ ‫أضاءت في توقدها الطالبا‬ ‫تنير بجذوة التوحيد دنيا ‬ ‫بغير ضيائها اضحت يبابا‬ ‫اضأت بشمعة منها كتابي‬ ‫ففاض غديره ميحو ّ‬ ‫السرابا‬ ‫فأشكر للحضور حماس علم‬ ‫اناروا وقتنا انساً فطابا‬ ‫وصار احلفل اقماراً لديه ‬ ‫فدرب العلم جمّ عنا صحابا‬

‫راتب حمود نصر اهلل‬

‫المؤلف في سطور‬ ‫راتب محمود نصر اهلل‬ ‫مواليد ‪ – 1942‬اخلالدية‬ ‫محافظة السويداء‪ -‬سوريا‬ ‫املنشأ واإلقامة‪ :‬جرمانا – ريف‬ ‫دمشق‬ ‫مدرس لغة عربية في دولة‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬ ‫ماجستير لغة عربية وآدابها‬ ‫عضو احتاد كتاب وأدباء‬ ‫اإلمارات‬ ‫عمل صحافيا ً متفرع في‬ ‫جريدة البيان في دبي وله‬ ‫مجموعة حتقيقات صحفية‬ ‫األعمال الشعرية املنشورة‬ ‫عندما تشرق الشمس (ط)‬

‫‪1985‬‬ ‫األرز يحرق ثوبه (ط) ‪1986‬‬ ‫له مخطوطات شعرية منها‬ ‫نقوش على بوابة الزمن‬ ‫أحلان الوطن‬ ‫شراعات اخلليج‬ ‫ثورة القدس واحلجارة‬ ‫حلن من الهند‬ ‫رموز على ضريح قائد الثورة‬ ‫السورية الكبرى (سلطان‬ ‫األطرش)‬ ‫أعمال الدكتور مانع سعيد‬ ‫العتيبة وما كتب عنه (مخطوط‬ ‫ثالث مجلدات)‬ ‫نشر الكثير من شعره في‬

‫بيروت ما بني (‪)1973 –1968‬‬ ‫وفي صحف اإلمارات منذ‬ ‫‪1978‬‬ ‫املتنبي بني شارحيه (بحث)‬ ‫مذكرات طالب في لبنان‬ ‫كفرشوبا في أربع ليال مع‬ ‫العدوان‬ ‫دراسة في قصة اآلي ليوسف‬ ‫ادريس‬

‫بعض األبحاث‬ ‫التربوية منها‬

‫‪ -1‬اإلمالء بني املهارة والعالج‬ ‫املستمر‬ ‫‪-2‬مقومات العملية التعليمية‬

‫الباحث العراقي أيوب كريم زار هيئة العمل التوحيدي‬ ‫محاوراً رئيسها الشيخ الدكتور راتب نصر هللا‬ ‫زار الباحث العراقي أيوب كرمي‬ ‫رئيس مركز هورمان الثقافي في‬ ‫العراق هيئة العمل التوحيدي‪،‬‬ ‫في مكتبها في بيروت‪ ،‬فالتقى‬ ‫رئيسها الشيخ الدكتور راتب نصر‬ ‫اهلل‪ ،‬وتناول اللقاء الشؤون الدينية‬ ‫اإلسالمية بشكل عام ومذهب‬ ‫املوحدين الدروز‪ ،‬وما هنالك من تطابق‬ ‫مع املذاهب اإلسالمية األخرى وما من‬ ‫ّ‬ ‫تشكل قناعات‬ ‫خصوصيات شكلية‬ ‫قائمة على حجج عقلية ونقلية على‬ ‫منهج القرآن الكرمي والسنة النبوية الشريفة بشكل خاص‪.‬‬ ‫واستعرض الباحث مذهب الكاكائية وطقوسه في العراق‪ ،‬إالّ أن رئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫ّ‬ ‫تشكل تفريقا ً بني املذاهب‬ ‫أوضح املفهوم العقيدي املشترك اجلامع لكل املذاهب وأن اخلصوصيات ال‬ ‫اإلسالمية التي يجمعها القرآن الكرمي ودعى الى جتاوز هذه الفوارق اخلاصة وأن تبقى كلمة اإلسالم‬ ‫واملوحدة خاصة بعد تقدمي بينّ عن تاريخ املوحدين الدروز باختصار شديد يربط‬ ‫والتوحيد هي اجلامعة‬ ‫ّ‬ ‫ماضيهم البعيد باحلاضر ومستقبل هذه األمة العربية اإلسالمية التي يشكلون فيها اجلذوة املتوقدة‬ ‫في تاريخ العروبة واإلسالم عبر املدارس اإلسالمية التوحيدية منذ زمن الرسول عليه الصالة والسالم‬ ‫حتى اآلن عقيدة وفقها ً وجهادا ً وحضارة وحوارا ً دينيا ً منفتحا ً على كافة املذاهب وكذلك على كافة‬ ‫األديان لكي نقدم احلياة على وجه صحيح وعيش مشترك وعلى قاعدة الدين هلل والوطن للجميع‪،‬‬ ‫في وقت تتعرض له األمة العربية واإلسالمية من خطط عدوانية شواهدها مائلة أمامنا ووراءها‬ ‫أميركا و”إسرائيل” وحلفائهما ومثلنا على ذلك ما حصل في العراق الشقيق والفتنة التي تواجهها‬ ‫سوريا بصمود وثبات ووعي يدرك فيه الشعب وعلى ضوئه كيف يقرر مصيره باحلوار والتفاهم ومنهج‬ ‫اإلصالح املنطلق وإخماد الفتنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد رئيس الهيئة التوحيدية على ضرورة التز ّود بالوعي والثقافة احلقيقية لدحر الفنت الزكية‬ ‫والعمل على وحدة الصف اإلسالمي والعربي واحلوار املنفتح على األديان واحلضارات لترسيخ دعائم‬ ‫احلضارة العربية واإلسالمية املعاصرة سليمة ساملة من كل عدوان ناهض لتحرير املقدسات بإذن‬ ‫اهلل‪.‬‬ ‫فلبى رئيس‬ ‫ووجه الباحث دعوة للهيئة للمشاركة مبهرجان مركز هورمان في الشهر اخلامس ‪،2012‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهيئة الدعوة على أمل التنسيق فيما بعد والتعاون الثقافي احلضاري‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫سوريا تسير في طريق الحوار واإلصالح‬ ‫وال للتعريب والتغريب والتخريب‬ ‫منذ أن بدأت األزمة السورية على شكل أحداث‬ ‫ثم اتسعت مروحة‬ ‫متفرقة وكحركة احتجاجية ّ‬ ‫املطالب املرفوعة متزايدة طردا ً مع حجم التضخيم‬ ‫املسخر لتنفيذ أجندة معينة‬ ‫اإلعالمي املأجور أو‬ ‫ّ‬ ‫ومشاريع مشبوهة تريد النيل من سوريا العربية‬ ‫وموقعها في خارطة املنطقة‪ ،‬سوريا مركز الثقل‬ ‫املقاوم في أمتنا‪ ،‬وهي رأس احلربة في مواجهة‬ ‫التحديات اخلارجية‪ ،‬وهي الركن األساسي في‬ ‫منظومة املقاومة واملمانعة املتشكلة في‬ ‫املنطقة ملنع سيطرة أصحاب املشروع الغربي‬ ‫عليها‪ ،‬وأهمية سوريا في كونها البوابة البرية‬ ‫ّ‬ ‫وتشكل مبوقعها اجلغرافي‬ ‫الوحيدة للبنان املقاوم‪،‬‬ ‫العمق االستراتيجي واجلسر الى العمق األبعد‬ ‫شرقاً‪ ،‬واملراقب لألحداث على املسرح السوري‪،‬‬ ‫عينه األخرى على تداعيات ما يحصل وتأثيره في‬ ‫معادالت الصراع في املنطقة‪ ،‬ولكن ماذا كانت‬ ‫نتيجة الهجوم على سوريا؟ فشل‪ ،‬وتبينّ عقم‬ ‫ما خطط له األعداء‪ ،‬وما يجري في سوريا منذ‬ ‫آذار املاضي هو قيام جماعات إرهابية تخريبية‬ ‫مسلحة قامت بالتعدي على املواطنني السوريني‬ ‫ومؤسسات الدولة مبا فيها اجليش العربي السوري‬ ‫بهدف زعزعة استقرار البلد وأمنه وفتح األبواب‬ ‫للتدخل اخلارجي‪ ،‬وجلأ هؤالء الى شعارات ال متت‬ ‫بالواقع بشيء في حملة تزوير لألوضاع واحلقائق‬ ‫وإثارة الفنت والنعرات الطائفية والتستر بالدين‬ ‫لتنفيذ مآرب ومشاريع بعينها‪ ،‬ورفعوا شعارات‬ ‫إلسقاط النظام وإقامة نظام آخر يؤمن مصالح‬ ‫أميركا والكيان الصهيوني وميهد بذلك لسقوط‬ ‫املنطقة لصالح القوى االستعمارية والتخلص من‬ ‫القضية الفلسطينية بتصفيتها نهائياً‪ ،‬وتأمني‬ ‫االستقرار للكيان الصهيوني كقاعدة متقدمة‬ ‫للقوى املتربصة بثروات هذه األمة ومستقبلها‪.‬‬

‫الفتنة سقطت – أما احلوار‬ ‫واإلصالح فهو من خالل أجندة‬ ‫عنوانها املقاومة‬ ‫أحداث املنطقة تتط ّور بسرعة‪ ،‬وطبيعة‬ ‫الصراع واضحة املعالم بات يجري على املكشوف‪،‬‬ ‫الهجمة التي تقودها الواليات املتحدة وينخرط‬ ‫فيها احللف األطلسي وحلفاء أميركا اإلقليميون‬ ‫وفي مقدمتهم تركيا (التي تتعامل بطريقة تثير‬ ‫الريبة‪ ،‬وهي إن سجلت إيجابية بقطع العالقة مع‬ ‫الكيان الصهيوني‪ ،‬فإنها وضعت هذه اإليجابية‬ ‫مبهب خطيئة جعلت تركيا قاعدة متقدمة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لألطلسي في وجه حقوق العرب وتهديد اجلوار)‬ ‫وتضاف إليها السعودية وقطر وأخواتها من عرب‬ ‫“االعتالل” تلك الدويالت املقايضة لوجودها بالثروة‬ ‫العربية األساسية املمنوحة ألميركا ولدول‬ ‫األطلسي‪ ،‬ويضاف إليهما بعض جتار السياسة‬ ‫في اخلارج الذين يركبون ركوب املعارضة‪ ،‬مطالبني‬ ‫بالتدخل األميركي واألطلسي ملساعدة (ثورتهم‬ ‫االفتراضية) وهي الواقع خدمة مذلة جللب‬ ‫األجنبي الى بالدنا وتدمير إجنازاتنا والقضاء على‬ ‫مستقبل أجيالنا‪.‬‬ ‫وصلت هذه املشاريع الى ذروتها وكان نصيبها‬ ‫الفشل في النيل من سوريا وموقعها الوطني‬ ‫والقومي املقاوم الذي جت ّلى في العراق وفلسطني‬ ‫ولبنان‪.‬‬ ‫وأعلنت سوريا برنامجا ً إصالحيا ً على املستوى‬ ‫السياسي انطالقا ً من قناعات راسخة بأن اإلصالح‬ ‫يقويها في موقعها الوطني ومواجهة ما يحاك‬ ‫ضدها من مؤامرات خارجية‪.‬‬ ‫اخملطط األميركي – الصهيوني يستهدف‬ ‫العالم العربي برمته من أجل حتقيق أمن‬ ‫“إسرائيل” ومصادرة الثروة العربية‪ ،‬وبعض قوى‬ ‫املعارضة وخصوصا ً في اخلارج‪ ،‬تستدرج التدخل‬ ‫األجنبي لتكرار سيناريو العراق وليبيا‪.‬‬ ‫لقد إلتزم الشعب العربي في سوريا باملوقف‬ ‫ّ‬ ‫وإلتف حول قيادته وحتمل‬ ‫الوطني والقومي‬ ‫احلصار االقتصادي العربي ومتسك بالثوابت في‬ ‫أحلك الظروف بعد الغزو األميركي أرض العراق‬ ‫عام ‪ ،2003‬ووقف الى جانب لبنان خالل العدوان‬ ‫ّ‬ ‫وشكل عمقا ً وسندا ً‬ ‫الصهيوني عام ‪2006‬‬ ‫للشعب اللبناني املقاوم‪ ،‬وهو اليوم يثبت رفضه‬ ‫للفتنة ويتصدى للمحاوالت التي تستدرج‬ ‫التدخل اخلارجي‪ ،‬وفي ظل األوضاع التي متر بها‬ ‫سوريا‪ ،‬أعلنت القيادة احلكيمة بقيادة الرئيس‬ ‫بشار األسد بدء احلوار الوطني الشامل من أجل‬

‫‪34‬‬

‫رسم وجه سوريا املقبل الذي يجمع قدرات هذا‬ ‫الشعب العظيم في بوتقة واحدة مستفيدا ً من‬ ‫اإلصالحات وواثقا ً كل الثقة بتحقيق ظروف أفضل‬ ‫من أجل كرامة الوطن واألمة ومتصديا ً للهجمة‬ ‫األميركية الصهيونية على سوريا وموقعها‬ ‫ودورها في معادلة الصراع في املنطقة‪.‬‬ ‫من حق شعبنا العربي وأمتنا في كل مكان أن‬ ‫حتلم مبستقبل واعد مستفيدة من كل قدراتنا‬ ‫وثرواتنا‪ ،‬وواجب علينا أن نساهم في بناء مرتكزات‬ ‫قوية سليمة والبناء عليها‪ ،‬ولكن في ذات الوقت‪،‬‬ ‫علينا أال نس ّوق الوهم بل احلقائق الساطعة إذا‬ ‫كنا نريد أن نخرج برؤية واضحة حلقيقة ما يجري‬ ‫في املنطقة‪ ،‬فاألمن بالنسبة للعالم العربي جزء‬ ‫ال يتجزّأ‪ ،‬حيث يتعرض هذا اجلسد ألعتى هجمة‬ ‫استعمارية غربية – صهيونية – غربية يساعدها‬ ‫في ذلك أدوات محلية متصهينة ورخيصة ربطت‬ ‫مصاحلها الصغيرة الضيقة باملصالح الكبرى‬ ‫ألسيادها ووصلت الى دونية ال مثيل لها من‬ ‫الهبوط األخالقي وباعت نفسها للشيطان‪ ،‬هذه‬ ‫األدوات يعز عليها أن ترى سوريا العروبة واألمة‬ ‫ّ‬ ‫تتحطم على صخرتها‬ ‫واملقاومة‪ ،‬شامخة صامدة‪،‬‬ ‫كل مؤامرات األعداء وحقدهم األسود‪.‬‬

‫جامعة الدول العربية الى أين!؟‬ ‫اتفق العرب في “جامعتهم” على ما سمي‬ ‫“مبادرة” حتمل تصورا ً محددا ً حيال األزمة السورية‪،‬‬ ‫وهذه املبادرة كانت عبارة عن مجموعة من األفكار‬ ‫حازت قبوال ً من الدول اخلليجية‪ ،‬قالت املصادر‪“ :‬إن‬ ‫هذه “املبادرة”‪ ،‬كانت أسوأ من تلك التي تضمنها‬ ‫مشروع قرار مجلس األمن املعد أوروبياً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وشكلت أفكارها تدخالً سافرا ً في الشأن‬ ‫الداخلي السوري‪ ،‬وهذه “املبادرة” كانت معدة‬ ‫سلفا ً لتنال رضا طرف معني فقط‪ ،‬وبني أفكارها‬


‫العمل النتخاب برملان انتقالي يتعهّ د بنقل‬ ‫السلطة رسمياً‪ ،‬وهو األمر الذي استدعى ردا ً‬ ‫عنيفا ً من املندوب السوري في اجلامعة العربية‪.‬‬ ‫لقد كانت سوريا مع مطالب اإلصالح ورأت في‬ ‫املطالب التي تقدم بها املواطنون السوريون‪ ،‬بأنها‬ ‫تعكس لغة إيجابية تستدعي التجاوب معها في‬ ‫توفير مناخ أوسع من احلريات األساسية وحتسني‬ ‫واقع احلياة االقتصادية واالجتماعية وقد جتاوبت‬ ‫القيادة واحلكومة مع املطالب الشعبية من خالل‬ ‫سلسلة من اإلجراءات وعبر إصدار حزمة من‬ ‫القوانني اجلديدة‪ ،‬وهي بدأت في حوار وطني شامل‬ ‫يجمع أطياف ومكونات الشعب السوري وبدأت‬ ‫العمل على ترسيخ املزيد من احلريات السياسية‬ ‫واالقتصادية واإلعالمية واحلزبية وتوفير فرص عمل‬ ‫جديدة وحتسني ظروف العمل واألجور ومحاربة‬ ‫الفساد‪.‬‬ ‫الالفت للنظر‪ ،‬أن دعوات اإلصالح التي جاءت‬ ‫من (بعض) العرب وخاصة دول اخلليج تثير الكثير‬ ‫من التساؤالت عن األسباب والدوافع‪ ،‬لقد كان من‬ ‫املفترض أن تأتي دعوات اإلصالح من دول حترص‬ ‫فعالً على األمن واالستقرار في سوريا‪ ،‬ومتلك في‬ ‫ذات الوقت جتربة عملية ودستورية وقانونية عريقة‬ ‫في مجال احلريات العامة واألساسية واإلعالمية‬ ‫وفي مجال املمارسة االنتخابية الشفافة‬ ‫والنزيهة واحلياة البرملانية الفاعلة‪ ،‬ولكن أتت‬ ‫من دول ال ميلك بعضها دستوراً‪ ،‬وبعضها أصدر‬ ‫فتاوى شرعية بتحرمي التظاهر واالحتجاج‪ ،‬وذلك‬ ‫الستغالل الوضع في سوريا‪.‬‬ ‫املوقف السلبي الذي تتخذه جامعة الدول‬ ‫العربية من األزمة السورية‪ ،‬من شأنه أن يعبد‬ ‫الطريق أمام التدخل األجنبي في دولة هي عضو‬ ‫في اجلامعة‪ ،‬ورغم ضعف موقف اجلامعة حتى‬ ‫ينحن‬ ‫اآلن‪ ،‬لكن البيان الذي أصدرته اجلامعة لم‬ ‫ِ‬ ‫أمام ضغوط الواليات املتحدة والدول الغربية‪،‬‬ ‫وحتاول اجلامعة أن ترضي جميع األطراف الداخلة‬ ‫في ائتالفها‪ ،‬وهذا املوقف في حد ذاته يعكس‬ ‫رغبة بعض األطراف املرتبطة باألجنبي وتستدرج‬ ‫تدخله‪ ،‬وهنا خطورة املواقف التي تصدر عن‬ ‫اجلامعة العربية‪.‬‬ ‫أما السبيل الوحيد املمكن والواقعي حلل‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬هو سياسي عن طريق حوارات‬ ‫داخلية وإقليمية‪ ،‬أما تلك املفروضة من اخلارج‬ ‫فهي عاجزة عن تذليل األزمة‪ ،‬ويجب التفكير‬ ‫في اخليارات السياسية وإصالحات اجتماعية‬ ‫واقتصادية‪.‬‬ ‫سوريا اليوم على جدول أعمال جامعة الدول‬ ‫العربية‪ ،‬واخلطوة مبدئية وشكلية ومؤقتة‪ ،‬وهي‬ ‫تسد فراغا ً يربك اجملتمع الدولي‪ ،‬ولكن هذه اخلطوة‬ ‫ليست ثابتة في ظل األوضاع الدولية احلالية‬ ‫والضغوط التي توجه الى بعض الدول العربية‬ ‫التي تربطها عالقات مع الدول الغربية والواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬ومن املفترض أن يكون احلرص العربي‬ ‫أكبر على سوريا‪ ،‬من خالل فتح قنوات االتصال‬

‫اإليجابية التي تقدم املساعدة للخروج من هذه‬ ‫األزمة‪ ،‬وهناك مخاوف حقيقية من دور اجلامعة‬ ‫العربية في األزمة السورية‪ ،‬ألن العرب ال ميثلون‬ ‫جسدا ً سياسيا ً واحداً‪ ،‬وهم ليسوا مؤهلني أو‬ ‫محايدين للخوض في غمار جتربة حتديث وإصالح‬ ‫في سوريا ومؤسساتها‪.‬‬ ‫واجملتمع الدولي الذي دفع العرب في اجتاه مثل‬ ‫هذه “املبادرة” املتزامنة مع تطور األوضاع في ليبيا‪،‬‬ ‫لم يكن يطلب إال خطوة واحدة أخيرة لتدخله‬ ‫في سوريا ويستدل على ذلك من خالل الشكوك‬ ‫املتبادلة بني أعضائه حول أفضل السبل ملقاربة‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬سالح العقوبات متّ استخدامه‬ ‫الى احلد األقصى املمكن‪ ،‬وال يرغب في استخدام‬ ‫بقية األسلحة التي تتط ّلب مب ّررا ً كافياً‪ ،‬والنظام‬ ‫في سوريا لم يوفر هذه الذريعة للدول الراغبة في‬ ‫التدخل في شؤون سوريا‪ ،‬فاألوضاع جيدة على‬ ‫كافة مستويات الدولة ومستوى الوعي والرؤية‬ ‫عند السوريني نعمة مازالت تف ّوت كل الفرص‬ ‫لدى املتربصني ببالدهم‪ ،‬وسوريا التي متلك من‬ ‫القوة واألوراق الكثير لم تستخدمها بعد‪ ،‬وهي‬ ‫تنم عن حكمة بالغة تعرف حجم االستهداف‬ ‫ّ‬ ‫وتتعامل مع احلدث بقدر ما يحتاجه من عالج وهذا‬ ‫مكمن آخر للقوة عند القيادة السورية‪ ،‬والغرب‬ ‫يفضل أن يغرق السوريون في حرب أهلية‬ ‫ال يزال ّ‬ ‫وهو يضخ كل سمومه ومؤامراته في هذا االجتاه‪،‬‬ ‫ألنه يعتقد بأن تكلفة هذا اخليار ستكون مناسبة‬ ‫لديه‪ ،‬فهو ال يريد أن يخاطر بجنوده ويضعهم عل‬ ‫جبهة أخطر مبا ال يقاس من كل اجلبهات األخرى‪.‬‬ ‫ومن هنا ميكن القول أيضاً‪ ،‬إن تعريب األزمة‬ ‫السورية هي خطة أميركية – تركية – غربية‪،‬‬ ‫ليست خطة للتدويل وإمنا خللط األوراق في‬ ‫املنطقة ولوضع عرب “االعتدال” حاجز إضافي‬ ‫جديد ملواجهة إيران التي تدعم سوريا وتتعامل مع‬ ‫األزمة وكأنها تستهدف موقعها ونفوذها وبنفس‬ ‫الوقت تشجيع تركيا للقيام بدورها مبساعدة‬ ‫احللفاء أو االستغناء عن تركيا وجر “العرب”‬ ‫الفتعال مواجهة مع إيران والهدف إضعاف سوريا‬ ‫للنيل منها‪.‬‬

‫ما الذي تريده تركيا من سوريا؟‬ ‫تريد احلكومة التركية أن تبقى هي املاسكة‬ ‫األولى دون سواها بالوضع السوري‪ ،‬وال تريد إخالء‬ ‫الساحة ألي طرف آخر‪ ،‬وال حتى للواليات املتحدة‪،‬‬ ‫ذلك أن سوريا بالنسبة الى أنقرة والى الرأسمالية‬ ‫التركية بالدرجة األولى‪ ،‬هي كنز ال يجوز التفريط‬ ‫به‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫لقد نُظر الى تركيا طويالً كمخلب أميركي في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وكحليف للكيان الصهيوني كذلك‪،‬‬ ‫وكان ذلك واقعا ً صحيحا ً لعقود طويلة‪ ،‬لكن‬ ‫اليوم ال ميكن قول األمر نفسه‪ ،‬ألن األزمة الضاربة‬ ‫في الواليات املتحدة أسست لوضع جديد فرض‬ ‫على البورجوازية التركية إعادة بناء أولوياتها‪،‬‬ ‫بعدما ظ ّلت لعقود ملحقة بالرأسمال األميركي‪،‬‬ ‫وعملت طويالً كي تصبح جز ًءا من أوروبا ولكن‬ ‫األخيرة كانت متانع دوماً‪ ،‬هذا الوضع هو الذي فرض‬ ‫التحول في مزاج الشعب التركي نحو “الشرق”‬ ‫من خالل انتخاب حزب العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫وفي ظل التنافس التركي على مواقع جديدة‬ ‫وأسواق مناسبة‪ ،‬كانت سوريا بوابة األتراك نحو‬ ‫املشرق‪ ،‬وفي إطار هذه االستراتيجيا اجلديدة‪،‬‬ ‫كانت سوريا معرضة دوما ً حلصار أميركي ووضع‬ ‫سوريا في محور مع إيران‪ ،‬هكذا متّ توفير فرص‬ ‫جديدة لألتراك في سوريا‪.‬‬ ‫لقد حصلت البورجوازيات التركية على‬ ‫اتفاقيات اقتصادية مهمة مع السوريني‪ ،‬وتعزز‬ ‫وضع سوريا ممرا ً للسلع التركية‪ ،‬هو ما أدى الى‬ ‫جملة من التداعيات في االقتصاد السوري بسبب‬ ‫منافسة السلع التركية‪ ،‬هذا األمر دفع تركيا‬ ‫لتكون معنية بالشأن الداخلي السوري وباستقرار‬ ‫النظام فيه‪ ،‬وهي تريد أن تغ ّير ال التغيير‪ ،‬حفاظا ً‬ ‫على مصاحلها وهي تشعر مبخاوف ماثلة تخرجها‬ ‫من املعادلة‪.‬‬ ‫إن ما يهم احلكومة التركية هو استمرار‬ ‫السلطة القائمة مع تعديلها مبا يسمح بتحقيق‬ ‫“دولة تعددية” وتوازن يرضي األتراك ولكن األمور‬ ‫لم تذهب في هذا االجتاه ألن حسابات دمشق لها‬ ‫أولوياتها اخلاصة والتزاماتها الوطنية والقومية‪،‬‬ ‫وتعمل وفق أجندة تخدم املصالح العليا للشعب‬ ‫السوري‪ ،‬وسوريا ليست منطقة نفوذ لآلخرين‪،‬‬ ‫ولم ولن تسمح لآلخرين بالوصاية عليها‪.‬‬ ‫إن أصحاب املشاريع املشبوهة واخملططات‬ ‫املعادية ماضون في سياساتهم الرامية الى تفتيت‬ ‫دول املنطقة وشرذمة شعوبها بهدف نهب ثرواتها‬ ‫والسيطرة على مقدراتها عبر تعميم الفوضى‬ ‫وعدم االستقرار وباستخدام شعارات براقة تدعو‬ ‫حلرية كاذبة ودميقراطية مزعومة مستخدمني في‬ ‫ذلك أساليب وأدوات رخيصة تسهل عليهم تنفيذ‬ ‫مآربهم الدنيئة‪ ،‬وأن استهداف سوريا ألنها ممثلة‬ ‫للنهج القومي العروبي املقاوم الذي يقف في وجه‬ ‫أطماعهم ومشاريعهم في املنطقة‪.‬‬ ‫سوريا ماضية ببرنامج اإلصالح الوطني الشامل‬ ‫انطالقا ً من كونه يعبر عن حاجة اجملتمع وليس‬ ‫استجابة لضغوط ُفرضت من اخلارج‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫اللواء إبراهيم مصطفى المحمود لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫تجاوزنا سقف األزمة في سوريا ولدينا أوراق للعبها مع تركيا‬ ‫ملعرفة األشياء ال بد من معاينتها بكليتها‬ ‫ومن ثم الدخول في اجلزئيات‪ ،‬ذلك أدنى الستيعاب‬ ‫ما يجري من حولنا وفهمه‪ ،‬وانطالقا من هذه‬ ‫القاعدة العلمية قررنا إعادة قراءة العالم احمليط‬ ‫بنا‪ ،‬واسترجاع تفاصيل القرارات األميركية‬ ‫وخفايا “البنتاغون” والبيت األبيض التي يتعمد‬ ‫إعالمنا العربي تغييبها عن ساحة العقل‬ ‫واملنطق‪ ،‬لصالح هذه القوة املهيمنة على العالم‬ ‫بسالحها‪ ،‬واألخطر بامتالكها دوائر القرار في‬ ‫أغلب مراكز اإلعالم املؤثرة في العالم‪ .‬وبالطبع‬ ‫إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في سوريا أو مصر أو‬ ‫تونس وحتى الصومال والسودان وليبيا اجلرح احلي‬ ‫في شهامتنا العربية‪ ،‬يجب أن نعود دائماً إلى‬ ‫أميركا وماذا تريد أميركا وأين هي حدود مصاحلها‪،‬‬ ‫وبالطبع مصالح ربيبتها الكيان العبري الذي‬ ‫يجثم على صدور الشرفاء من هذه األمة‪.‬‬ ‫لنعرف أين نحن؟ اآلن وما الذي ينتظرنا كأمة‬ ‫عربية‪ ،‬وما املراد لنا وللمنطقة عموماً وإلسالمنا‬ ‫خصوصاً‪ ،‬استضفنا على صفحات مجلتنا‬ ‫الكاتب واحمللل السياسي والعسكري اللواء‬ ‫الدكتور ابراهيم مصطفى احملمود‪.‬‬ ‫كيفما اجتهنا‪ ،‬وفي أي زاوية وقفنا‪ ،‬جند الظل‬ ‫األميركي يقف وراءنا‪ ،‬ومن بني أيدينا ومن حتت‬ ‫أقدامنا‪ ،‬جنده محيط بنا‪ ،‬بكل تفاصيل أمتنا‪ ،‬ماذا‬ ‫تريد أميركا الغارقة في وحول أفغانستان والعراق‪،‬‬ ‫من اختالق بؤر توتر جديدة في العالم؟‬ ‫لكل دولة من الدول سلوك يتمثل بإستراتيجية‬ ‫ما‪ ،‬وهذه االستراتيجية لها عوامل حتددها‪ ،‬فالواليات‬ ‫املتحدة لها استراتيجية معلنة وغير معلنة تنبع‬ ‫من دستور البالد الذي يحدد التوجه العام للدولة‪،‬‬ ‫وسياسة األحزاب احلاكمة املتمثلة بالدميقراطي‬ ‫واجلمهوري‪ ،‬وهما متفقان على كل شيء إال من‬ ‫يستلم السلطة‪ ،‬ومن ثم الكتلة احليوية للدولة‬ ‫األرض والسكان‪ ،‬السكان هل هم شباب أم كهول‬ ‫فالعدد ليس مهماً‪ ،‬إمنا النوع ونسبة الثقافة‬ ‫والتعلم واملرضى واملعافني‪ ،‬ويأتي بعد ذلك النواحي‬ ‫االقتصادية والزراعية والتجارية والقدرة على‬ ‫صناعة اإلعالم بكل مندرجاته وبالطبع أميركا‬ ‫تتربع على هذا العرش عاملياً‪ .‬أما القدرة العسكرية‬ ‫فتقسم إلى قسمني قدرة نووية وأخرى تقليدية‪،‬‬ ‫وأي دولة متتلك السالح النووي تأخذ ‪ % 50‬واخلمسني‬ ‫األخرى لكل أنواع األسلحة التقليدية‪ .‬فأميركا حتدد‬ ‫سلوكها مصاحلها‪ ،‬ولكي نعرف ماذا تريد بشكل‬ ‫حقيقي يجب أن نعرف من هو احلاكم الفعلي في‬ ‫أميركا‪.‬‬ ‫من هو احلاكم الفعلي برأيكم ألميركا؟‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الذي يحكم أميركا مجموعة من “الكارتالت”‬ ‫و”التروستات” املالية التي ميلكها اللوبي الصهيوني‬ ‫وبالطبع ملصلحة من يقوم بتأسيس “الكارتل”‬ ‫الصناعي أن يبيع أكبر قدر ممكن من إنتاجه ليحقق‬ ‫أكبر نسبة ربح من أجل االستمرارية‪ ،‬وأكبر “كارتل”‬ ‫صناعي في العالم هو “الكارتل” األميركي لصناعة‬ ‫السالح‪ ،‬وأكبر مشتر للسالح في العالم هو اجليش‬ ‫األميركي‪ ،‬وهذا إذا “الكارتل” ال يخضع للدولة‪ ،‬بناء‬ ‫عليه‪ ،‬القيادة األميركية أول ما تسرق هو الشعب‬ ‫األميركي‪ ،‬والسبب أن القيادة السياسية األميركية‬ ‫من الرئيس األميركي احلالي والذي سبقه إلى وزيرة‬ ‫اخلارجية ومن سبقها جميعهم لهم أسهم في‬ ‫هذه الشركات‪ ،‬وليس من مصلحتهم أن يحل‬ ‫السالم في العالم‪ ،‬ولذلك هي تختلق بؤر حرب وتوتر‬ ‫لبيع هذا السالح‪ .‬فالوطن األميركي هو الذي يعاني‬ ‫وليست القيادة السياسية األميركية‪ ،‬فهم عبارة‬ ‫عن مجموعة من اللصوص تسرق وطنها والعالم‪،‬‬ ‫ويفتعلون األزمات في سبيل الضغط على بقية‬ ‫الدول‪.‬‬ ‫إذا كانت أميركا ستقوم بخلق بؤر أخرى للتوتر‬ ‫وتبيع فيها السالح‪ ،‬ملاذا ال تبقي على بؤرتي‬ ‫العراق وأفغانستان بدالً من الذهاب إلى مواقع‬ ‫جديدة ومجهولة؟‬ ‫“جورج بوش” االبن كان يستخدم القوة اخلشنة أي‬ ‫القوات املسلحة‪ ،‬ونفذ ذلك في العراق وأفغانستان‬ ‫وكان من ضمن اخملطط احتالل سوريا‪ ،‬الذي منعه من‬ ‫إكمال مشروعه املقاومة العراقية التي استقبلتهم‬

‫‪36‬‬

‫بالنار ال بالورد‪“ .‬أوباما” أكثر خبثا‪ ،‬فهو يستخدم‬ ‫القوة الناعمة والتي تعني وصول “أميركا” ملا تريده‬ ‫بخسائر أقل‪ ،‬فاخلسائر التي وقعت في العراق وغيرها‬ ‫أرقام كبيرة جداً‪ ،‬إذا يجب عليهم أن يضربوا الضربة‬ ‫القاضية لدولة منهكة‪ ،‬والعدو احلالي سوريا‪“ ،‬حزب‬ ‫اهلل”‪ ،‬حماس‪ ،‬واألحداث في سوريا خدمة مباشرة‬ ‫وغير مباشرة للمخطط األميركي‪ ،‬مخطط التآمر‬ ‫واالفتعال ليس فقط في سوريا بل هو مخطط‬ ‫عاملي‪ ،‬بحيث أينما مير مدار السرطان وما حوله‬ ‫سيضرب‪ ،‬وكذلك ستضرب املناطق اجلنوبية لروسيا‬ ‫وأينما ُوجد اإلسالم مبختلف مذاهبه‪ ،‬فالعدو اليوم‬ ‫هو اإلسالم‪ ،‬واألميركيون يحاولون الوصول إلى‬ ‫ما يريدون بأقل خسارة‪ ،‬يشعلون الدول العربية‬ ‫وغير العربية‪ ،‬ويزرعون الفنت بني الدول‪ ،‬ويشعرون‬ ‫السعودية باخلطر من إيران وبالعكس‪ ،‬وفي هذا‬ ‫إضعاف للدول وخدمة للمشروع األميركي‪.‬‬ ‫هل يعني ذلك أن إسقاط األنظمة احلالية‬ ‫وبعض الدول بات مشروعا قيد التنفيذ في‬ ‫األجندة األميركية؟‬ ‫خطة القيادة األميركية احلالية هي وجوب‬ ‫إسقاط األنظمة من خالل سبع طرق‪ -1 :‬اختالق‬ ‫شقاق بني األنظمة والشعوب‬ ‫‪ -2‬بني املذاهب واألديان‬ ‫‪ -3‬شقاق بني اإلثنيات مبعنى األعراق‪.‬‬ ‫‪ -4‬االغتياالت وليس أولها احلريري ولن يكون آخرها‬ ‫اغتيال العلماء في إيران‬ ‫‪ -5‬رشوة السياسيني ومعروف ما فعله “سترفيلد”‬ ‫في لبنان‬ ‫‪ -6‬حرف الرأي العام العربي واإلسالمي عن قضاياه‬ ‫اجلوهرية مثال التظاهرات التي خرجت ضد الدامنارك‬ ‫وكان من املفروض أن تكون وجهتها “إسرائيل”‬ ‫‪ -7‬حرف الرأي العام إلى أشياء مضحكة‬ ‫“كانفلونزا” الطيور‪ ،‬وأمراض هم يخترعونها‬ ‫وهم ميلكون أدويتها‪ ،‬وهذه كلها من طرائق القوة‬ ‫الناعمة‪.‬‬ ‫ماذا عن روسيا وماذا بني الروس واألميركيني؟‬ ‫األميركيون والروس تبنوا في مراكز أبحاثهم‬ ‫والتي فيها كل العلماء واالختصاصات‪ ،‬نظرية‬ ‫“ماكندر” التي تقول بأن من يريد السيطرة على‬ ‫العالم عليه أن يسيطر على جبال “األورال” لكن‬ ‫مع البحث وجدوا أن “ماكيندر” أخطأ فطوروا‬ ‫نظريته إلى نظرية ركزت على أفغانستان‬ ‫وسموها “ستر الند” أي مركز العالم‪ ،‬وأقامت‬ ‫حكم شيوعي فيها‪ ،‬فالحظ األميركيون أن الروس‬ ‫وصولوا إلى “ستر الند” فطوروا نظرية أكثر أكثر‬ ‫وقسموها إلى “ستر الند” وهي أفغانستان‬ ‫تطورا ّ‬


‫“وهيرد الند” العراق وسوريا ونصف الهند ونصف‬ ‫الصني وجنوب السوفييت” و”ريد الند” أي كل‬ ‫سواحل العالم‪ ،‬وبذلك توصلت أميركا إلى ضرورة‬ ‫إخراج السوفييت من “ستر الند” إلعادة احتالله‪،‬‬ ‫ولينطلقوا منه إلى قلب العالم واحتالله أي‬ ‫العراق سوريا‪ ،‬فاختلقوا أحداث ‪ 11‬أيلول‪ .‬ودليل‬ ‫أنهم اختلقوا تلك األحداث “هي اللجنة” التي‬ ‫تشكلت بعد ‪ 11‬أيلول شكلت جلنة من ‪ 98‬عاملا‬ ‫مبختلف االختصاصات ورئيس ونائب رئيس جلنة‪،‬‬ ‫وصدر تقرير اللجنة وترجم إلى العربية‪ ،‬وجاء في‬ ‫تقرير هذه اللجنة أن الرئيس األميركي “بوش” االبن‬ ‫علِم علم اليقني من اخملابرات األميركية بأن هناك‬ ‫أشخاصا ً يتدربون على اإلقالع والطيران وال يتدربون‬ ‫على الهبوط‪ ،‬وذلك يعني أنهم يحضرون للقيام‬ ‫بعملية انتحارية‪ ،‬وكان الرئيس األميركي حتى‬ ‫بداية أيلول يعلم بكل هذه التقارير وبدال من اتخاذ‬ ‫أي إجراء حماية كان يكتب عليها للحفظ وذلك‬ ‫لتحقيق غايات أفضل‪ ،‬والذهاب إلى أفغانستان‪،‬‬ ‫التي اتخذت منها أميركا موقفا ً إيجابيا ً في‬ ‫السابق وأطلقت اسم اجملاهدين على من كانوا‬ ‫يحاربون احلكم الشيوعي فيها‪ ،‬ومولتهم‬ ‫باألسلحة‪ ،‬وكانت املعادلة في أفغانستان‬ ‫السالح أميركي‪ ،‬والدم عربي إسالمي‪ ،‬والقتل من‬ ‫السوفييت‪ ،‬وهكذا ربحت أميركا وخسر االحتاد‬ ‫السوفييتي‪ ،‬على األقل زهاء ألف طائرة وأكثر‬ ‫من ‪ 14‬ألف مدرعة‪ ،‬ومئات األلوف قتلى‪ ،‬وحققوا‬ ‫الهدف واحتلوا أفغانستان‪ ،‬ثم جربوا تطبيق اجلزء‬ ‫الثاني من النظرية وهي “الهارد الند” وهي العراق‪.‬‬ ‫حسب ما تقدم فإن سوريا كانت الهدف املرافق‬ ‫للعراق كونها من قلب العالم في نظريتهم ملاذا‬ ‫توقف األميركان عن االقتراب منها؟‬ ‫بعد احتالل العراق اقترح على سوريا بعض‬ ‫العروض منها إعطائها لبنان واعتبارها محافظة‬ ‫تابعة لها مقابل ترك اجلوالن‪ ،‬وأن تأخذ العراق و‪%50‬‬ ‫من نفطه شرط أن حتمي القوات األميركية من أي‬ ‫شخص يعتدي عليها وضرب املقاومة العراقية‬ ‫فكان قرار الرئيس رفض العروض‪ ،‬وقال أنا ال أدخل‬ ‫العراق إال في حال خروج آخر جندي محتل‪ ،‬وقيام‬ ‫انتخابات نزيهة وصدور سلطة تشريعية حتدد‬ ‫السلطة التنفيذية التي بدورها تطلب مني عن‬ ‫طريق اجلامعة العربية الدخول ملساعدة الشعب‬ ‫العراقي عند ذلك نفكر بأن نقول نعم أو ال‪ ،‬هذا‬ ‫أوال ثانيا أن الشعب العراقي ومنذ اللحظات األولى‬ ‫للدخول األميركي أعلن مقاومته واستقبله بالنار‬ ‫والقتلى‪.‬‬ ‫على ماذا استند الرئيس بشار األسد في‬ ‫رفضه لهذه العروض وما هي معامالت القوة التي‬ ‫ميلكها؟‬ ‫الرئيس ال يتخذ قراره من فراغ فهو سوري أوال‪،‬‬ ‫وابن حافظ األسد ثانيا‪ ،‬واألمني القطري حلزب‬ ‫البعث ويحمل إيديولوجية هذا احلزب وفكره‪ ،‬ومن‬ ‫ثم إذا قرروا ذلك عليهم أن يحسبوا جيدا أن اإلنسان‬ ‫السوري ال يقبل الذل‪ ،‬واألميركيون تورطوا في العراق‬

‫فهل من مصلحتيهم توسيع ورطتهم؟‬ ‫إذا كانت هذه احلسابات موجودة في الفكر‬ ‫األميركي ملاذا هذه احلملة التي نشهدها على‬ ‫سوريا‪ ،‬وتشجيع الثورة فيها؟‬ ‫ال يوجد ثورات إمنا اختالق الشروخ بني األنظمة‬ ‫والشعوب‪ ،‬واختالق للشقاق بني األديان واملذاهب‬ ‫وهذا ما يحصل من تونس وصوال ً إلى سوريا‪.‬‬ ‫حسب ما تقدم من حديثكم ما يجري خطة‬ ‫أميركية مدروسة ومنذ زمن ويجري تنفيذها‪،‬‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه ملاذا لم نقم بتحصني‬ ‫الساحة الداخلية على األقل للتخفيف من حدة‬ ‫ما يجري؟‬ ‫التحصني مهما كان نوعه لن يجدي‪ ،‬هناك مؤامرة‬ ‫كونية ضد سوريا اليوم‪ ،‬ودول املمانعة‪ ،‬فعدد احملطات‬ ‫التي تهاجم سوريا أصبح أكثر من ‪ 50‬محطة‪ ،‬وليس‬ ‫كل الناس في سوريا على سوريا فكرية واحدة‪ ،‬وقد‬ ‫تأثر هؤالء الناس الطيبون والبسطاء باإلعالم الذي‬ ‫أدى إلى تهيئة األجواء‪ ،‬إضافة إلى األموال التي‬ ‫دفعت من العدو املعلن واخملفي‪ ،‬ونقصد باخملفي‬ ‫األحزاب احمليطة والرافضة للحكم واألنظمة التي ال‬ ‫تريد لسوريا أن تبقى كما هي‪.‬‬ ‫تركيا والوضع في سوريا واالنتخابات؟‬ ‫األتراك اآلن أقل حدة مما كانوا عليه ألن انتخاباتهم‬ ‫قد انتهت‪ ،‬بعكس الفرنسيني الذين لم تنتهي‬ ‫انتخاباتهم بعد‪ ،‬وتصريحاتهم اآلن بأقصى درجات‬ ‫الغليان لكسب اليمني الفرنسي‪ ،‬هنالك أوراق‬ ‫متبادلة بني األيدي السورية والتركية‪ ،‬فإذا لعبت‬ ‫تركيا بأوراق‪ ،‬فنحن لدينا كذلك أوراق‪ ،‬واألتراك لن‬ ‫يستطيعوا أن يتقدموا أكثر مما فعلوا‪ ،‬ويجب أن ال‬ ‫ننسى أن تركيا عضو في حلف “الناتو” وترغب في‬ ‫الدخول إلى السوق املشتركة لالحتاد األوروبي‪ ،‬لكن‬ ‫احلزب احلاكم هناك اآلن لديه رغبة كبيرة جدا أن‬ ‫يكون له دور في الشرق األوسط‪ ،‬وبنفس الوقت أن‬ ‫يحافظ على عالقته مع األوروبيني‪.‬‬ ‫هذا التناقض في املصالح أال يحسم لصالح‬ ‫حلف “الناتو” وقراراته؟‬ ‫ال‪ ،‬فلحلف “الناتو” كذلك مصلحة بأن يكون‬ ‫لتركيا مصالح جيدة مع سوريا‪.‬‬ ‫أما من قرار تهدئة؟‬ ‫هناك عدو ال يقبل إطالقا ً التهدئة وقد أخذ‬ ‫قرارا ً بإسقاط النظام في سوريا‪ ،‬ولكن نحن جتاوزنا‬ ‫سقف األزمة والذروة‪ ،‬أما طريقة املعاجلة للوضع‬ ‫هي من ستحدد مستقبل سوريا‪.‬‬ ‫ملاذا لم تسهم حزمة اإلصالحات التي وضعت‬ ‫في تهدئة الوضع ولو نسبيا؟‬ ‫لو قدم حزب البعث واحلكومة السورية كل ما‬ ‫يريده هؤالء املسلحون لن يقبلوا إال بإراقة الدماء‬ ‫واالستيالء على السلطة مبا يخدم معلميهم الذين‬ ‫يدفعون لهم املال والسالح‪ ،‬فهم يريدون اجتثاث‬ ‫البعث فكرا ً ورجاال ً من سوريا‪ ،‬وقلب نظام احلكم‪،‬‬ ‫ولديهم فتاوى بقتل ومحاسبة كل من ينتسب‬ ‫حلزب البعث‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫سيحاكم ويحاسب ويقتل‬

‫لكن الكثير يطرح فكرة أن األخطاء األمنية‬ ‫التي تؤدي إلى مزيد من الدماء هي حجر الزاوية‬ ‫في استمرار ما تشهده سوريا؟‬ ‫هناك جتنيا على احلكومة السورية‪ ،‬حيث بقيت‬ ‫األوامر ألكثر من شهرين ونيف مبنع إطالق النار‪ ،‬ولكن‬ ‫هذا التنظيم املسلح بقي يطلق النار على املتظاهرين‬ ‫واجليش إلشعال الفتنة‪ ،‬وصدر بعد ذلك أوامر تسمح‬ ‫بحمل العصى وبعدها بفترة بحمل السالح‪ ،‬على‬ ‫أن ال يطلق النار إال على من يطلقه أوال‪ ،‬وذلك دفاعا ً‬ ‫عن النفس ألنه حق مشروع‪ ،‬وقد كنت ضد كل ما‬ ‫اتخذته القيادة السورية في هذا اجملال‪ ،‬ألن حق الدفاع‬ ‫عن النفس حق مشروع لكنه حرص القيادة على كل‬ ‫الشعب‪ ،‬وفي املقابل الطرف اآلخر لم يكن حريصا ً‬ ‫على هذا الدم السوري‪ ،‬فاملعاجلة التي متت سواء كانت‬ ‫أمنية أو سياسية ليست تامة‪ .‬وأؤكد حصول أخطاء‪،‬‬ ‫وأمتنى االستفادة من هذه األخطاء‪.‬‬ ‫سوريا اليوم على أي مفترق تقف وهل‬ ‫ستستمر األزمة؟‬ ‫سوريا اليوم على مفترق أساسي وخطير واألزمة‬ ‫ستستمر من الطرف املعادي حتى إسقاط النظام‬ ‫والسيطرة على السلطة‪.‬‬ ‫واحلل؟‬ ‫نحن لدينا عدد من العصابات وال بد من املعاجلة‪.‬‬ ‫وماذا عن أجواء احلرب احمليطة بنا والتي تقترب‬ ‫أكثر فأكثر؟‬ ‫نعم احلرب قادمة شئنا أم أبينا‪ ،‬ففي العقيدة‬ ‫العسكرية األميركية واإلسرائيلية مادة واضحة‬ ‫نصها يقول يجب علينا أن نحول دون امتالك السالح‬ ‫النووي ألي دولة باستثناء الباكستان لكونها حتت‬ ‫اجلناح األميركي‪ ،‬وهناك قرار متخذ بضرب سوريا‬ ‫وإيران و”حزب اهلل” وحماس‪ ،‬حتى لو صلينا على‬ ‫أذيالهم‪ .‬ولكن مينعهم ثالث عوامل‪:‬‬ ‫‪ -1‬القيادة اإلسرائيلية تقوم بتجارب حول القبة‬ ‫الفوالذية في “إسرائيل” فهم لن يستطيعوا ضرب‬ ‫سوريا ومحور املمانعة إال بعد وصولهم إلى تدمير‬ ‫أربعة من سبع صواريخ تسقط على “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وهم فشلوا في ذلك فقرروا زيادة اجلهد‪ ،‬وستقوم‬ ‫احلرب فور تدمير الصواريخ األربعة‪ .‬ثانيا‪ :‬يحسبون رد‬ ‫الفعل اإليراني السوري وحزب اهلل وحماس‪ ،‬ويعلم‬ ‫اإلسرائيليون أكثر من غيرهم أن سوريا قادرة على‬ ‫إحداث تأثيرات كثيرة جدا وتدميرية في “إسرائيل”‬ ‫في حال حصول ذلك‪ ،‬ومتتلك القدرة العسكرية‬ ‫على الرد‪“ .‬إسرائيل” حتسب حساب القوة الكامنة‬ ‫لسوريا‪ ،‬ومن هنا جاء ما يحدث في سوريا ومصر‪،‬‬ ‫إضعافا ً للقدرة السورية‪ ،‬أنا ال أقول أن اجليش‬ ‫السوري أقوى من “إسرائيل” إمنا أقول أن “إسرائيل”‬ ‫حتسب حسابا لسوريا‪.‬‬ ‫هل من مدى زمني يحسب لهذه احلرب؟‬ ‫من اآلن حتى كانون األول من العام ‪ ،2012‬في هذه‬ ‫الفترة ستقع احلرب وال ندري في أي حلظة منها‪.‬‬

‫دمشق ‪ -‬هدى مطر‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫اإلعتراف بالدولة الفلسطينية‬ ‫بين اآلمال والوقائع‬ ‫خاض الشعب الفلسطيني نضاله الطويل في‬ ‫مواجهة املشروع الصهيوني االستعماري الذي‬ ‫استهدف اقتالع الشعب الفلسطيني من أرضه‬ ‫وتهجيره قسرا ً وارتكاب أبشع اجملازر الدموية في تاريخ‬ ‫البشرية‪.‬‬ ‫هذا الكيان زرع في فلسطني‪ ،‬قلب األمة العربية‬ ‫و ُكلف مبهمة حماية مصالح الدول االستعمارية‬ ‫الكبرى التي وفرت له الدعم باستمرار ومدته مبختلف‬ ‫أنواع األسلحة املتطورة وشكلت مظلة حماية له‬ ‫في احملافل الدولية‪ ،‬لكن الشعب الفلسطيني لم‬ ‫يستكني لسياسة األمر الواقع التي حاول االحتالل‬ ‫فرضها فانطلقت الثورة الفلسطينية في عام ‪1965‬‬ ‫رافعة شعار التحرير والعودة‪ ،‬وكان هناك عملية‬ ‫تراكم طويلة في اإلجنازات التي حتققت خالل عقود من‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫وشكل عام ‪ 1991‬ومنذ مؤمتر مدريد الذي رفع شعار‬ ‫“األرض مقابل السالم” محطة ومفصل تاريخي كان‬ ‫له تداعياته السلبية على مجمل النضال الوطني‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬حيث بدأ عمليا ً الرهان على ما سمي‬ ‫“عملية السالم” ومرورا ً باتفاق أوسلو ‪ 1993‬واملبادرة‬ ‫العربية للسالم ‪ 2002‬وخطة خارطة الطريق ومؤمتر‬ ‫أنابوليس واملفاوضات الثنائية‪.‬‬ ‫وثبت بالدليل القاطع‪ ،‬أن الشرعية الدولية ال حتمي‬ ‫حقوق شعب فلسطني ال في القانون الدولي وال في‬ ‫الواقع‪ ،‬حيث جرى اجتياح الضفة الغربية ومن ثم‬ ‫قطاع غزة وارتكبت أبشع اجملازر امام صمت العالم‬ ‫وعجز النظام الرسمي العربي‪.‬‬ ‫وبعد فشل عملية التفاوض من حتقيق إجناز ما‪،‬‬ ‫قررت السلطة الفلسطينية التي نشأت عن اتفاق‬ ‫اوسلو التوجه الى األمم املتحدة أو مجلس األمن الدولي‪،‬‬ ‫في ظل واقع عربي مأزوم ومستهدف وضعيف للغاية‪،‬‬ ‫وواقع دولي اختل توازنه تسيطر الواليات املتحدة على‬ ‫القرار فيه‪ ،‬والسؤال ملاذا هذا التوجه رغم املعرفة‬ ‫املسبقة أن الواليات املتحدة لن تتخلى عن “إسرائيل”‬ ‫وكيلها املدلل في املنطقة‪.‬‬ ‫لقد حتققت إجنازات كبيرة خالل مسيرة الكفاح‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬إال أن الرهان على “عملية التسوية”‬ ‫أضاع معظم اإلجنازات‪ ،‬فتوسع االستيطان الصهيوني‬ ‫أضعافا ً مضاعفة مستغالً املفاوضات العبثية‬ ‫التي ال جدوى منها إال إضاعة الوقت‪ ،‬بعد أن غيب‬ ‫الدعم العربي الرسمي والشعبي في دعم القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وباتت معظم دول العالم تدعم خيار‬ ‫التفاوض الذي أنتج حالة من اليأس واإلحباط حيث‬ ‫ضياع األرض واستمرار املعاناة دون أفق منظور‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من هنا ميكن القول ودون الدخول في التفاصيل‪،‬‬ ‫إن األميركيني يرتبون األوضاع اإلقليمية تسهيالً‬ ‫ملهمة حل قضية فلسطني‪ ،‬دول اخلليج تراهن هذا‬ ‫الرهان‪ ،‬كما وعدوها األميركيون في احلرب على العراق‬ ‫واحتاللها‪ ،‬ولكن احلل كان تصفويا ً بالتأكيد وبدأنا‬ ‫نحصد نتائجه وإال فلماذا هذه الهجمة الشرسة التي‬ ‫تستهدف أمتنا وإثارة الفنت واملؤامرات في كل مكان‬ ‫وركوب موجة االنتفاضات لتدمير ما أجنز في مراحل‬ ‫سابقة‪ ،‬حيث كشفت الثورات العربية عن بضع‬ ‫حقائق مهمة‪ ،‬تتصرف أميركا والدول الغربية بالنفط‬ ‫وجتارته وأرصدته‪ ،‬كما تتصرف مبدخرات الدول والزعماء‬ ‫والنخب واملليارات التي تصادرها أميركا واالحتاد األوروبي‬ ‫والنشاطات االقتصادية والتي تفرض عليها العقوبات‬ ‫تدل على حجم التبعية والترابط بني معظم النظام‬ ‫الرسمي العربي واالمبريالية العاملية‪ ،‬نفط العرب‬ ‫وأموالهم تستخدم ضدهم‪ ،‬فكيف سيساهم هؤالء‬ ‫في استرجاع فلسطني‪.‬‬ ‫في أيلول ‪ 2011‬الضجيج في ذروته وهناك من ينفخ‬ ‫في األبواق‪ ،‬الذهاب الى األمم املتحدة وإعالن “الدولة”‬ ‫الفلسطينية باستجداء من بان كي مون‪ ،‬هذه الهيئة‬ ‫الدولية لم تعط طوال تاريخها أي حق من حقوق‬ ‫شعبنا ولم تنفذ أي قرار بحق “إسرائيل” بل بالعكس‬ ‫تراجعت عن قرارات تدين “إسرائيل” ومنها قرار إدانة‬ ‫الكيان الصهيوني بالعنصرية‪.‬‬

‫ما الذي يعنيه اعتراف العالم بدولة‬

‫‪38‬‬

‫فلسطينية ليست مجسدة على‬ ‫أرض الواقع‬ ‫إن احلصول على اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية‬ ‫بحدود عام ‪ ،1967‬هو اعتراف ضمني أمام األمم املتحدة‬ ‫من الطرف الفلسطيني للطرف اآلخر‪ ،‬مبا تبقى من‬ ‫أرض فلسطينية‪.‬‬ ‫إن زيادة عدد الدول املعترفة بفلسطني‪ ،‬هذا لن‬ ‫يغير من واقع احلال الفلسطيني وهو ميثل رمزية ما‬ ‫ألن منظمة التحرير موجودة ومتارس دورها في اجلمعية‬ ‫العامة ولها سفراء في أكثر دول العالم أو ممثليات‪.‬‬ ‫وخطورة الذهاب الى األمم املتحدة تتمثل في‬ ‫اليوم التالي‪ ،‬وال نستبعد أن يلتقط اجلانب األميركي‬ ‫هذه اخلطوة في اللحظة املناسبة ويجبر الطرف‬ ‫الفلسطيني الى العدوة الى املفاوضات مبعنى “نوافق‬ ‫على دولتكم ولكن مع بعض التعديالت على األراضي”‬ ‫ومبقابل موافقتكم على يهودية “إسرائيل” واستبدال‬ ‫هذه اخلطوة ببيان يصدر عن الرباعية الدولية يؤكد‬ ‫اهمية العودة الى املفاوضات‪ ،‬ومثل هذا األمر وارد في‬ ‫ظل التصريحات األميركية بهذا الشأن‪.‬‬ ‫وفي حال قبول الطرف الفلسطيني مبا هو معد‬ ‫أميركيا ً سنكون أمام خسارة جديدة ال ميكن تعويضها‬ ‫أو تنازل مذل‪ ،‬فالعالم كله لم يعترف بالكيان‬ ‫الصهيوني كدولة يهودية‪ ،‬واالنزالق في هذه اخلطيئة‬ ‫سيشطب كل القرارات الدولية املتراكمة في أدراج األمم‬


‫املتحدة والداعية لعودة فلسطني وتعويضهم‪.‬‬ ‫وإذا كانت السلطة الفلسطينية ال تدرك حتى اآلن‬ ‫صعوبة حتقيق مطلب الدولة على حدود ‪ ،1967‬فلماذا‬ ‫التمسك بهذه احلدود في الوقت الذي يصر فيه قادة‬ ‫الكيان الصهيوني بأن “حدودهم هي من الفرات الى‬ ‫النيل”‪ ،‬وهم يتكرمون على الفلسطينيني بإعطاء جزء‬ ‫من أرضهم في الضفة إلقامة الدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫ومن يقول ببقاء حق العودة بعد االعتراف بالدولة‬ ‫الفلسطينية واهم أيضا ً ويجافي احلقائق القانونية‪،‬‬ ‫ألن االعتراف سيلغي ما سبق من قرارات تتعلق بحق‬ ‫العودة‪ ،‬والتحاق الفلسطينيني سيكون بدولتهم التي‬ ‫اقرت رسمياً‪.‬‬

‫مسرحية ما بعد أيلول! العودة الى‬ ‫املفاوضات‬ ‫ملاذا على الفلسطيني أن يصدق الوعود وما أكثرها‪،‬‬ ‫هل بسبب حلم العودة الى دياره التي ُشرِّد منها‪ ،‬أم‬ ‫الن االمل ال يفارقه بقدرة شعبه الذي قدم الكثير من‬ ‫التضحيات ومازال في سبيل يوم التحرير والعودة؟ مثل‬ ‫هذا نفهمه وهو مغروس في وجدان كل فلسطيني‬ ‫غيور‪.‬‬ ‫ولكن الشيء الوحيد الذي ال ميكن فهمه أو هضمه‬ ‫أن يصدق الفلسطيني بأن الذهاب الى مجلس األمن‬ ‫سيأتي بالدولة الفلسطينية املوعودة كما وعد‬ ‫الرئيس األميركي جورج بوش في مؤمتر أنابوليس‪ ،‬اما‬ ‫وعدنا اليوم‪ ،‬هو ما وعده اوباما قبل عام ولم يصدقه‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬ولكن القيادة الفلسطينية هي‬ ‫التي رأت في وعد أوباما شبكة اخلالص واملالذ‪ ،‬فماذا‬ ‫كانت النتيجة؟ حق العودة مضمون بالعودة الى ديارنا‬ ‫األصلية في حيفا ويافا وصفد وطبريا والناصرة وغيرها‬ ‫من املدن والبلدات األصلية‪ ،‬بالطبع هذا األمر ممنوع‬ ‫من النقاش حسب األعراف األميركية ومن يدور في‬ ‫فلكها‪.‬‬ ‫والسؤال ملاذا على الفلسطيني أن يفرح ويطبل‬ ‫ويحتفل بالذهاب الى األمم املتحدة؟ شعبنا تعلم‬ ‫بالتجربة الكثير – الكثير الذي لم يقال بعد‪.‬‬ ‫نعم عملت القيادة الفلسطينية من أجل مبادرتها‬ ‫الدبلوماسية في التوجه الى األمم املتحدة ولكن ماذا‬ ‫كانت النتيجة؟ هل حصلنا على العضوية الكاملة‬ ‫من خالل مجلس األمن وعلى دولة مراقبة من خالل‬ ‫اجلمعية العامة‪ ،‬وهل كان الفيتو األميركي باملرصاد‬ ‫هذه املرة أيضاً؟‬ ‫اين توحيد املوقف الفلسطيني والرؤى واألهداف‬ ‫وتقييم املرحلة السابقة؟ وأين اتفاق املصاحلة؟ بعد أن‬ ‫ُعلق تنفيذه؟ وملاذا لم يشكل رافعة جديدة ونهوض‬ ‫للعمل الفلسطيني املشترك وإلجناح استحقاق أيلول‬ ‫إذا كان هناك جدوى أصالً؟‬ ‫مشروع القرار الفلسطيني لم يقدم إال في‬ ‫اللحظات األخيرة وهذا يعكس مراهنات خاسرة‬ ‫ويقلل من فرض الدعم السياسي والشعبي‪ ،‬ألن‬ ‫الصورة غير واضحة ومتى كانت واضحة؟ وهل‬

‫سيشكل استحقاق أيلول نقطة حتول تاريخية كما‬ ‫روج لها طويالً؟ وفي الواقع ال شيء تغير‪ ،‬واألمور‬ ‫بعد أيلول ستبقى كما كانت‪ ،‬ورمبا تتراجع الى‬ ‫الوراء وذلك بفضل الدعم األميركي الالمحدود لـ‬ ‫“إسرائيل”‪..‬‬ ‫ما جرى ال يغير من واقع احلال‪ ،‬االحتالل ما زال جاثما ً‬ ‫على األرض الفلسطينية‪ ،‬وما مت إجنازه على الصعيد‬ ‫الفلسطيني دون أي توقعات وهو مجرد وسيلة‬ ‫للوصول الى نقطة انعطاف تتمثل في العودة الى‬ ‫املفاوضات بواجهة جديدة‪ ،‬وهو أمر محكوم عليه‬ ‫بالفشل‪ ،‬وكل االحتماالت واردة ‪ ،‬الذهاب الى األمم‬ ‫املتحدة سيفتح الطريق الحتماالت وخيارات أخرى‬ ‫ومسالك صعبة وإجبارية لن تعود الى قضية الشعب‬ ‫الفلسطيني إال بخسائر جديدة‪ ،‬ومن جديد ستجد‬ ‫القيادة الفلسطينية نفسها فريسة سهلة وسيتم‬ ‫الضغط عليها من جديد لتقدمي تنازالت أخرى‪.‬‬ ‫لقد مت العمل بالتحضير الستحقاق أيلول من‬ ‫جانب القيادة الفلسطينية في الغرف املغلقة ومع‬ ‫املستشارين الدوليني الذين تعتمدهم ومبعوثي‬ ‫اإلدارة األميركية ديفيد هيل ودنيس روس وعن الرباعية‬ ‫الدولية طوني بلير‪ ،‬وغاب عن هذا االستحقاق الطرف‬ ‫الفلسطيني الشعبي والسياسي املنظم من فصائل‬ ‫وأحزاب أو املؤسسات الفلسطينية او ما ميثلها‪ ،‬وهذه‬ ‫نقطة ضعف إذا لم نقل انها عمل مقصود‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫يفقد القيادة الفلسطينية دائما ً قوة ضاغظة تتسلح‬ ‫بها في معاركها السياسية‪ ،‬ونالحظ باستهجان‬ ‫غياب حقيقة املوقف الذي ستطرحه السلطة‬ ‫الفلسطينية على األمم املتحدة‪ ،‬ويثير هذا الغموض‬ ‫شكوكا ً ومخاوف من صيغة ما متثل تنازال ً أيضا ً في‬ ‫اللحظات األخيرة‪.‬‬ ‫إن إعالن دولة فلسطني في األمم املتحدة‪ ،‬لن يحقق‬ ‫للفلسطينيني مرادهم‪ ،‬ولكن من املؤكد أن ما بعد‬ ‫ذلك ليس ما قبله‪ ،‬فلن يكون بوسع الواليات املتحدة‬ ‫بعد أن تستخدم حق النقض (الفيتو) أو أن حتبط‬ ‫اخلطوة الفلسطينية في األمم املتحدة بأن تواصل ادعاء‬ ‫رعاية العملية السياسية في املنطقة‪.‬‬ ‫وإذا جنح إعالن الدولة الفلسطينية فإن “إسرائيل”‬ ‫من الناحيتني السياسية والقانونية تكون في مأزق‪،‬‬ ‫فهذا النجاح يعني أن اإلدارة االميركية لم تعد‬ ‫صاحبة السطوة في العالم‪ ،‬األمر الذي سيفيد انصار‬ ‫املقاومة ويعزز مكانتهم‪ ،‬وال يقلل أهمية عن ذلك أن‬ ‫الدولة الفلسطينية على الورق ستبدأ معركتها من‬ ‫اجل الوجود في كل احملافل الدولية‪ ،‬وليس صدفة ان‬ ‫“إسرائيل” ال تعارض منح الفلسطينيني مكانة دولة‬ ‫شرط أن ال ينالوا حق إبرام اتفاقيات أو التوقيع على‬ ‫معاهدات دولية واخلشية من احملكمة الدولية‪.‬‬

‫الفيتو األميركي يغلق طريق‬ ‫الفلسطينيني الى االستقالل‬

‫إن معركة تدويل القضية الفلسطينية كان ميكن‬ ‫أن تبدأ منذ فترة طويلة‪ ،‬منذ أن بدا‪ ،‬أن اتفاق أوسلو‬ ‫لم يصل بالفلسطينيني الى حقوقهم حتى باحلد‬

‫‪39‬‬

‫األدنى‪ ،‬بل الى الكارثة‪ ،‬لدرجة أنه لم يقدم لهم حتى‬ ‫الدولة مقابل “حق العودة” (فرضا ً من الناحية النطرية‬ ‫واجلدلية)‪.‬‬ ‫لقد ارتُكبت أخطاء كثيرة في الطريق الى األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬مثل‪ ،‬االعتقاد بأن عضوية فلسطني الكاملة‬ ‫في األمم املتحدة ستتم بفضل الوعود األميركية‬ ‫والدولية من خالل اللجوء الى بند “االحتاد من أجل‬ ‫السالم” وأيضا ً عرض املوقف للمساومة‪ ،‬واالنتظار الى‬ ‫آخر حلظة‪ ،‬وتسليم األمر الى االحتاد األوروبي واجلامعة‬ ‫العربية وترديد القيادة الفلسطينية‪ ،‬بأنها ستعود الى‬ ‫املفاوضات الثنائية مهما كانت النتيجة التوجه الى‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬وإنه ال يتناقض مع املفاوضات‪ ،‬وإننا ميكن‬ ‫أن نتخلى عنه إذا عرضت صيغة مقبولة الستئناف‬ ‫املفاوضات‪ ،‬ولكن السير الى االمم املتحدة بتردد واضح‪.‬‬ ‫أمام الشعب الفلسطيني فرصة تاريخية في ظل‬ ‫املتغيرات العربية واإلقليمية والدولية وتدهور مكانة‬ ‫وعزلة “إسرائيل” املتزايدة‪ ،‬والسؤال هل كان األداء‬ ‫مقبوال ً ضمن هذه الفرضيات‪ ،‬بالتأكيد ال‪ ،‬والسبب‬ ‫غياب قيام وحدة وطنية حقيقية‪ ،‬وليس مجرد مصاحلة‬ ‫تكتيكية مع وقف التنفيذ وحتى موضوع املصاحلة‬ ‫فهو أمر جزئي كانت له أهدافه اخلاصة بعيدا ً عن الهم‬ ‫الوطني الذي يتطلب وحدة وطنية شاملة وإعادة‬ ‫تقييم املرحلة السابقة وإعادة بناء منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية على أسس كفاحية تعيد االعتبار خليار‬ ‫املقاومة احلقيقي بدال ً من استجداء احللول من الدول‬ ‫االستعمارية التي كانت أصل البالء وتشريد الشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫إن هذا التحرك باجتاه األمم املتحدة هو نتاج‬ ‫السياسات األميركية والغربية عموماً‪ ،‬وهي اليوم‬ ‫تتنصل من وعودها للسلطة الفلسطينية وكل‬ ‫على طريقته‪ ،‬أوباما ابتلع وعده واآلخرون يناورون‪،‬‬ ‫وبعد أن دفعوا بالسلطة الفلسطينية بعيدا ً عن‬ ‫استراتيجية وطنية فاعلة للتحرير واملقاومة وخيارات‬ ‫شعبنا وثوابته الوطنية‪ ،‬وهذا التحرك يهدف إلعادة‬ ‫استنساخ املفاوضات بعد الفشل الذريع الذي منيت‬ ‫بها وسلسلة التنازالت والتفريط باحلقوق‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يتطلب إجراء مراجعة شاملة وتقييم جاد والعودة‬ ‫خليارات شعبنا الوطنية مما يؤكد إصرار السلطة على‬ ‫مواصلة ذات النهج‪ ،‬لكن هذا االستحقاق فضح‬ ‫جميع األوراق على حقيقتها‪.‬‬ ‫إن أي حراك فلسطيني وخاصة حق العودة وتقرير‬ ‫املصير والقدس‪ ،‬وشعبنا الفلسطيني ناضل من أجل‬ ‫إقامة دولة فلسطينية حقيقية على أرض محررة‬ ‫بعيدا ً عن االتفاقيات واملعاهدات التي تنقص من‬ ‫حقوق شعبنا الوطنية والتاريخية‪ ،‬وأليس ابلغ مما‬ ‫يصرح به قادة الكيان الصهيوني‪ ،‬بأن التحرك نحو‬ ‫األمم املتحدة هو إجراء أحادي اجلانب واالتفاقيات‬ ‫املوقعة مع السلطة الفلسطينية تقول عكس‬ ‫ذلك؟ العدو إذا يتذرع باالتفاقيات يأخذ منها ما‬ ‫يناسبه ويستمر في احتالله واستيطانه ويحاسب‬ ‫الطرف اآلخر ألنه يطالب جزء من حقوقه وهو ال‬ ‫يلبي أصالً طموحات أي فلسطيني‪ ،‬ما الذي يدفعنا‬ ‫لنكون في موقع الضعف ونحن اصحاب احلق إال‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫تلك االتفاقيات املذلة‪.‬‬ ‫إن الطريق لتحقيق األهداف الوطنية تتم من‬ ‫خالل اجلهاد واملقاومة ومواصلة النضال ضد الكيان‬ ‫الصهيوني وال يترتب عليها أي اعتراف بالعدو‪،‬‬ ‫وإن ما تقوم به السلطة من حترك سيستغل‬ ‫لتكريس يهودية الدولة واملساس مبنظمة التحرير‬ ‫ومرحلة التحرير الوطني‪ ،‬وخاصة أن هذه اخلطوة‬ ‫املنفردة للسلطة الفلسطينية تأتي مبعزل عن أي‬ ‫توافق وطني فلسطيني وأن هذا التحرك املسمى‬ ‫“استحقاق أيلول” يقوم على أساس مفهوم التسوية‬ ‫انطالقا ً من مسار أوسلو‪ ،‬مما ينذر مبخاطر حقيقية‬ ‫على مستقبل القضية الفلسطينية‪.‬‬

‫ما هو املتوقع من األمم املتحدة؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬إن ال شيء ينبع من ال شيء‪ ،‬من توقيع‬ ‫اتفاق املصاحلة الفلسطينية وحتى تاريخه لم يطبق‬ ‫أي شيء‪ ،‬ومهزلة املفاوضات دامت ثمانية عشر عاما ً‬ ‫أيضا ً وهي تراوح بينما كان املستفيد دوما ً العدو‬ ‫الصهيوني ومت حتديد موعد إلجراء االنتخابات احمللية‬ ‫ولكن لم يلتزم بها‪.‬‬ ‫لو فرضنا جدال ً بأن الطلب الفلسطيني سيقدم الى‬ ‫مجلس األمن للحصول على العضوية الكاملة‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني جتاهل اجلهود األميركية والدولية رغبتها الرامية‬ ‫الى استئناف املفاوضات‪ ،‬أو االجتاه الى اجلمعية العامة‬ ‫للحصول على (عضو مراقب) للدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫يرى املراقبون أنه ميكن جمللس األمن ان يؤجل النظر‬ ‫في الطلب الفلسطيني حلني تطور عملية السالم‪ ،‬اذ‬ ‫يكتفي ببيان يحدد األسس العامة “لعملية السالم”‬ ‫وهذه صفعة كبيرة ال يقلل من وقعها اجلرأة في تقدمي‬ ‫الطلب الى مجلس األمن على الرغم من املعارضة‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫ال بد من احلصول على أغلبية مريحة في مجلس‬ ‫األمن حتى تضطر اإلدارة األميركية استخدام الفيتو‪،‬‬ ‫وليمهد ذلك الطريق للذهاب الى اجلمعية العامة‪،‬‬ ‫فعدم اضطرار الواليات املتحدة استخدام الفيتو‬ ‫أو عدم التصويت في مجلس األمن يجعل الطرف‬ ‫الفلسطيني ضعيف وإمكانية جناحه في اجلمعية‬ ‫العامة أقل بكثير‪.‬‬ ‫مبعوثا الرئيس األميركي “هيل” و”روس” حمالً تهديدا ً‬ ‫للرئيس محمود عباس أقوى من السابق‪ ،‬وصلت حد‬ ‫نقل رسالة له “بان التوجه الى مجلس األمن سيعتبره‬ ‫الرئيس باراك أوباما مبثابة صفعة واعتداء شخصي‬ ‫على رئيس الواليات املتحدة”‪ ،‬وكان طرح مبعوث اللجنة‬ ‫الرباعية طوني بلير وكاترين اشتون ممثلة االحتاد األوروبي‬ ‫قريبا ً من الطرح األميركي‪ ،‬حيث طالبوا بعدم التوجه‬ ‫الى األمم املتحدة‪ ،‬وإذا ذهب الفلسطينيون فليذهبوا‬ ‫الى اجلمعية العامة‪ ،‬واوروبا ستصوت لصاحلهم إزاء‬ ‫نص مشروع القرار على ما يأتي‪:‬‬ ‫“أال تذهب القيادة الفلسطينية قبل أو بعد‬ ‫حصولها على العضوية املراقبة لدولة فلسطينية‬ ‫الى مجلس األمن للحصول على العضوية الكاملة‪ ،‬أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تلتزم بالعودة الى املفاوضات الثنائية من دون شروط‪ ،‬أال‬ ‫تقدم طلبا ً للدخول الى محكمة اجلنايات الدولية”‪.‬‬ ‫هذا ما جاء في البيان األوروبي في كانون االول ‪،2009‬‬ ‫وخطاب الرئيس أوباما في ايار ‪.2011‬‬ ‫الفيتو األميركي باملرصاد في مجلس األمن وما‬ ‫ميكن أن يؤدي اليه من تدهور في العالقات األميركية‬ ‫– الفلسطينية‪ ،‬وتصويت أوروبا لصالح القرار‬ ‫الفلسطيني ليس مضمونا ً في مجلس االمن وال في‬ ‫اجلمعية العامة إال إذا أخذت مطالبها‪.‬‬ ‫وهذا يقود الى تقييد اليد الفلسطينية وتفريغ‬ ‫اإلجناز الفلسطيني املمكن “الدولة غير العضو” من‬ ‫معظم إيجابياته‪ ،‬وهذا يجعلها مدخالً للمفاوضات‬ ‫من دون شروط‪ ،‬وهذا أسوأ ما ميكن حدوثه للسلطة‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫القيادة الفلسطينية التي قادت املفاوضات أمام‬ ‫احلقيقة‪ ،‬إما مواصلة اعتبار املفاوضات اخليار األول‬ ‫والثاني والثالث‪ ،‬كما قال الرئيس محمود عباس وهو‬ ‫الذي تصور إمكانية حتسني شروطها‪ ،‬أو أن يعتبر‬ ‫الذهاب الى األمم املتحدة نهاية مرحلة وبداية مرحلة‬ ‫جديدة وجز ًءا من استراتيجية جديدة متكاملة تسند‬ ‫الى عدالة القضية والى املتغيرات اإلقليمية والدولية‬ ‫والى ضرورة إنهاء االنقسام واستعادة الوحدة ومقاومة‬ ‫شاملة وعمق عربي ودعم دولي‪.‬‬ ‫أمران أحالهما مر األول‪“ :‬استمرار السير وراء وهم‬ ‫املفاوضات الثنائية‪ ،‬يعني استمرار الكارثة مع استبعاد‬ ‫املواجهة مع الواليات املتحدة بحيث يكون عدم‬ ‫التصويت في مجلس األمن وارد”‪.‬‬ ‫الثاني‪“ :‬نقل ملف القضية الفلسطينية الى مسار‬ ‫جديد‪ ،‬الى األمم املتحدة وهنا الفيتو األميركي وتدهور‬ ‫العالقات األميركية مع السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫وقد يكون من املناسب واحلالة هذه التوجه في‬ ‫هذه الظروف القائمة الى اجلمعية العامة أوالً‪ ،‬مع‬ ‫عدم اخلضوع ألضعف املواقف األوروبية‪ ،‬أوروبا ال‬ ‫يستطيع عدد كبير من بلدانها إال أن يؤيد القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬على أن يتم الذهاب فيما بعد في الوقت‬ ‫املناسب الى مجلس األمن‪ ،‬ضمن استراتيجية شاملة‬ ‫مثابرة متعددة الفصول واملراحل واألبعاد وطويلة األمد‪،‬‬ ‫وتفتح كل اخليارات والبدائل األخرى‪ ،‬مبا فيها خيار حل‬ ‫السلطة أو إعادة النظر في شكلها ووظائفها ومكانها‬ ‫في النظام السياسي الفلسطيني كأداة بيد منظمة‬ ‫التحرير وعلى طريق التحرير والعودة‪.‬‬ ‫خطاب الرئيس باراك أوباما الى اجلمعية العامة‬ ‫القى ترحيبا ً فوريا ً من رئيس احلكومة اإلسرائيلية‬ ‫بنيامني نتنياهو‪ ،‬وعارض فيه بوضوح التوجه‬ ‫الفلسطيني الى األمم املتحدة لطلب العضوية‬ ‫وشدد على التزام أميركي “ال يهتز” بأمن “إسرائيل”‬ ‫متجاهالً عقود املعاناة الفلسطينية حتت االحتالل‪،‬‬ ‫فيما اقترح الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي قبول‬ ‫فلسطني كدولة “بصفة مراقب” مستغالً األزمة‬ ‫الدبلوماسية للتشديد على ضرورة إشراك أوروبا‬ ‫في عملية السالم‪.‬‬ ‫وأوباما أعلن أن السالم ال ميكن فرضه ولن يأتي‬ ‫من خالل بيانات األمم املتحدة ولو كان سهالً لتحقق‬

‫‪40‬‬

‫ويجب على اإلسرائيليني والفلسطينيني اجللوس سويا ً‬ ‫لالتفاق على التسوية وأكد أوباما أنه ال سبيل لتقصير‬ ‫الطريق نحو الدولة الفلسطينية‪ ،‬وأوباما بذلك تبنى‬ ‫التكتيك “اإلسرائيلي” الرافض لعرض القضية على‬ ‫األمم املتحدة واملطالبة بالعودة الى طاولة املفاوضات‪،‬‬ ‫وهو بذلك ارتكز على اعتبارات أميركية داخلية‪ ،‬املوقف‬ ‫معروف سلفا ً وأوباما يعيش أضعف حلظاته في‬ ‫مواجهة اليمني اجلمهوري‪.‬‬

‫ما النتائج؟‬

‫في ‪ 2011/9/23‬آلقى الرئيس محمود عباس خطابه‬ ‫أمام اجلمعية العامة وطلب رسميا ً «العضوية الكاملة‬ ‫لدولة فلسطينية في األمم املتحدة»‪ ،‬وحت ّدث عن قيام‬ ‫دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وحل‬ ‫قضية الالجئني وفق املبادرة العربية وقرار األمم املتحدة‬ ‫رقم ‪ 194‬واإلفراج عن األسرى واملعتقلني‪ ،‬ورفض العنف‬ ‫واإلرهاب مبا فيها إرهاب الدولة والتمسك باملفاوضات‬ ‫التي قال إنها لن تستأنف دون وقف االستيطان ودون‬ ‫مرجعية لهذه املفاوضات‪ ،‬وحتدث عن املقاومة الشعبية‬ ‫ملواجهة االحتالل‪.‬‬ ‫بينما طالب رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو من‬ ‫الفلسطينيني االعتراف بـ «إسرائيل» دولة يهودية‪ ،‬وقال‪« :‬إن‬ ‫السالم لن يتحقق من خالل قرارات األمم املتحدة‪ ،‬وينبغي أن‬ ‫تتوصل السلطة الفلسطينية الى سالم مع «إسرائيل» أوال ً‬ ‫وبعدها سيحصلون على دولتهم‪.‬‬ ‫والسؤال ماذا بعد استحقاق أيلول الذي لم‬ ‫يتحقق؟‬ ‫الرئيس محمود عباس أبلغ الرئيس األميركي باراك أوباما‬ ‫على هامش دورة األمم املتحدة‪ ،‬أن الوضع الراهن ال ميكن أن يظل‬ ‫قائماً الى ما ال نهاية وأنه ال بد من حدوث تغيير‪.‬‬ ‫وحسب مصادر السلطة الفلسطينية فإن اخليارات‬ ‫املوضوعة اآلن لدى اجلانب الفلسطيني في مجال البحث‬ ‫والدراسة تتمحور حول دراسة خطة فلسطينية جديدة‬ ‫للتحرك‪ ،‬ومنها مواصلة معركة العضوية في األمم املتحدة‬ ‫وفي حال عدم حصول دولة فلسطينية وبعضوية كاملة‬ ‫سيتم العمل على تقدمي طلب لرفع مكانة فلسطني في‬ ‫منطقة مراقبة في اجلمعية العامة الى دولة مراقبة‪.‬‬ ‫أما العودة للمفاوضات فإن هذا خيار شبه معدوم حالياً‬ ‫بسبب رفض «إسرائيل» وقف االستيطان وعدم مرجعيته‬ ‫واضحة للمفاوضات‪.‬‬ ‫وأحد اخليارات التي يجري احلديث بشأنها‪« ،‬تسليم مفاتيح‬ ‫السلطة الفلسطينية لـ «إسرائيل» وحتمل مسؤولياتها‬ ‫كدولة محتلة‪ ،‬وهنا فإن انهيار السلطة الفلسطينية في‬ ‫هذه احلالة سيكون أمرا ً واقعياً‪.‬‬ ‫في استحقاق أيلول الذي لم يتحقق كما تشتهي السلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬حقق نتنياهو مكسباً هاماً‪ ،‬الدعم األميركي‬ ‫مت ّثل في خطاب أوباما الذي كان مفاجئاً لـ «إسرائيل» في‬ ‫حتذيره لها وبقوة‪ ،‬أما الرباعية الدولية فقد دعت بنداء الى‬ ‫الطرفني الستئناف املفاوضات من دون أن تطرح شرط جتميد‬ ‫االستيطان أو شرط املفاوضات على آسس مرجعية حدود‬ ‫‪.1967‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫أنور رجا لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫القضية الفلسطينية تراجعت مع «الربيع العربي»‬ ‫املؤسف هو رد الفعل العربي من فضائيات وساسة عرب منشغلني‬ ‫بالتآمر على هذه األمة العربية في أكثر من ساحة ورمبا األبرز سوريا‪.‬‬ ‫الثورة‪ ،‬هذا املصطلح الرنان املتوهج املتألق‪ ،‬هذا املصطلح الذي‬ ‫ال يكتب إال باألحمر‪ ،‬وعبثا نحاول أن نقنع أنفسنا أو اآلخرين أن ثمة‬ ‫ثورة تكتب باحلياد والاللون‪ ،‬ولكن السؤال هو هل ما يجري في الشارع‬ ‫العربي من أقصاه إلى أقصاه ثورات‪ ،‬هذا السؤال يريد معياراً‪ ،‬واملعيار‬ ‫كان ولم يزل وسيبقى قدس األقداس‪ ،‬واألقصى الشريف‪ ،‬وبيت حلم‬ ‫قبة الصخرة ويافا وحيفا وعكا واللد والرملة‪ ،‬املعيار هو فلسطني‪،‬‬ ‫وكل ما يوصل إلى فلسطني‪ ،‬وأي ثورة ال توصل إلى فلسطني ال‬ ‫تستحق اسم الثورة‪ ،‬وأي حراك شعبي تبدو فيه األصابع األميركية‬ ‫واضحة يحق لنا أن نشكك فيه ونسأله إلى أي هاوية تأخذ البالد‬ ‫والعباد؟! إذا فلسطني هي األصل‪ ،‬وكل فرع ال يتصل مع األصل فهو‬ ‫على األقل مطالب بتقدمي هويته‪.‬‬ ‫ومن هنا يحق لنا السؤال أين هي فلسطني في “أجندات” ما‬ ‫يسمى “بالثورات” العربية‪ ،‬وملاذا الهجوم على عملية أم الرشراش‬ ‫وتفريغها من معناها‪ ،‬وجعلها محض انتحار دفاعاً عن النظام‬ ‫في سوريا‪ ،‬ملاذا هذا االصطفاف العربي الرهيب ضد كل ما يعني‬ ‫فلسطني‪ ،‬وملاذا ال نقرأ املضمر املعلن من رايات حرب رفعت بيارقها‬ ‫واهلل وحده الراسخون في املقاومة يعرفون أين منتهاها‪.‬‬ ‫تساؤالت وعالمات استفهام نلج تفاصيلها في حوار مع عضو‬ ‫املكتب السياسي للجبهة الشعبية القيادة العامة السيد أنور‬ ‫رجا‪ ،‬هنا نصه‪:‬‬ ‫ضجيج يلف العالم بأسره وشرق أوسط يرقص على أكثر من‬ ‫إيقاع‪ ،‬بني ثورات وثورات مضادة ومؤامرات وإسقاط أنظمة‪ ،‬وتعومي‬ ‫أخرى‪ ،‬والسؤال ضمن كل هذا الضجيج وهذه الفوضى أين هي‬ ‫فلسطني؟‬ ‫لألسف رغم أن كل ما يجري يتم حتت عنوان الربيع العربي غير أن‬ ‫القضية الفلسطينية جندها قد تراجعت إلى زوايا معتمة‪ ،‬بل إنها لم‬ ‫تعد العنوان الرئيسي‪ ،‬فكل قطر مشغول بهمومه الذاتية‪ .‬واقع احلال‬ ‫أن مؤامرة كبرى تتم لاللتفاف على مستقبل الثورات العربية‪ ،‬فثمة‬ ‫محاولة لسرقة الواقع الثوري واحلقيقة الثورية في بعض الساحات‬ ‫العربية حتت عنوان التغيير وإرادة التغيير‪ .‬فما يجري في سوريا يختلف‬ ‫من حيث الشكل واجلوهر عما جرى في تونس ومصر‪ ،‬ولكن حتت العنوان‬ ‫البراق ذاته مت التسلل إلى الساحة السورية‪ ،‬وكل الوقائع على األرض‬ ‫توحي مبحاولة مصادرة إرادة الشعب السوري ودور القيادة السورية التي‬ ‫تسير في االجتاه نفسه مع شعبها نحو اإلصالح‪ .‬وبدأت تتضح منذ‬ ‫بداية األحداث أن هنالك من يريد قطع الطريق على احلكومة السورية‬ ‫في برنامجها اإلصالحي‪ ،‬ومن يتآمر على مصلحة الشعب السوري‪ ،‬ألن‬ ‫اإلصالح قوة لسوريا ولشعبها‪ ،‬لكنها ليست من مصلحة أعدائها‪ ،‬من‬ ‫هذه الزاوية نعود لإلجابة عن السؤال املطروح‪ ،‬ألن استهداف سوريا جاء‬ ‫على خلفية موقفها وهويتها ودورها االستراتيجي الذي جتلى واقعيا ً‬ ‫بدعم مطالب هذه األمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقضايا‬ ‫احلرية والتحرير ومواجهة األعداء انطالقا من “واشنطن” وصوال إلى “تل‬ ‫أبيب”‪ .‬فرحنا كثيرا ً ملا جرى في مصر ألن ذلك يجب أن يشكل عودة مصر‬ ‫إلى فلسطني‪ ،‬ولكننا نقلق ملا يجري في سوريا ونتألم كثيراً‪ ،‬ألن املعادلة‬

‫جاء التحرك الشعبي املصري متناقضاً مع الرد‬ ‫الرسمي البطيء والضعيف والذي ال يتناسب مع‬ ‫مصر ما بعد الثورة وكرامة مصر‪ ،‬وجيش مصر‬ ‫الذي يجب أن يكون له رأيه في السياسة‬ ‫حماس حركة مقاومة تعمل في السياسة‬ ‫ولها حساباتها اإلقليمية والدولية بل إنها تزاوج‬ ‫ما بني حساباتها وبني طبيعة التحرك امليداني‬ ‫وطريقة الرد حيث يجب‬ ‫معكوسة متاماً‪ ،‬فما يجري في سوريا سيوجد جدارا ً أو حفرة بيننا وبني‬ ‫القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫فرحنا بالثورة املصرية وتأملنا وبنينا أحالما‪ ،‬لكن الثورة إلى اليوم‬ ‫لم تقم بخطوة نقول فيها “عادت مصر” وال زال في اجمللس العسكري‬ ‫احلاكم اليوم من هم من أتباع أميركا ومخلفات النظام السابق؟‬ ‫املؤكد أن تغييرا ً جذريا ً قد حصل في املفاهيم األساسية والشكل‬ ‫املباشر للصورة‪ ،‬وهذا التغيير هام جدا وهو الذي يبنى عليه أو ميكن أن‬ ‫يبنى عليه‪ .‬إمنا كل الوقائع تشير إلى أن هذا التغيير الدراماتيكي لنظام‬ ‫“كامب ديفيد” الذي لم يكن محصنا ً شعبيا ً أكد على الصعوبات‬ ‫املفترضة أمام عملية التغيير‪ ،‬ألن هذا االنهيار لم يكن قد أعد له‪،‬‬ ‫وثمة حركة الستثمار اإلرادة الشعبية في االجتاه الوطني والقومي‬ ‫واالستراتيجي بعيدا ً عن املغالبات التي جتري بني هذا التنظيم أو ذاك‪،‬‬ ‫ومحاولة أن يسطو هذا التنظيم على جهد الناس أو ذاك احلزب بشكل‬ ‫عام‪ .‬مبعنى أن هذه الثورة الشعبية كان ميكن أن تسير بخطوات مدروسة‬ ‫وواضحة لو وجدت قيادة ثورية متجانسة ومتناغمة على الساحة‪ .‬إمنا‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫وجود قوى متضاربة من السلفيني إلى األخوان إلى اليسار إلى القوى‬ ‫القومية‪ ...‬جعل األمر يبدو وكأن هناك تناحرا ً وتنافسا ً غير شرعي على‬ ‫من يقود املرحلة التالية‪ .‬وفي ظل هذا االرتباك دخلت أميركا بقوة على‬ ‫اخلط وجاءت كلينتون وجتولت بردائها األحمر مزهوة في ساحة احلرية‬ ‫وكأنها تقول أنهم هم الذين ساهموا بهذا التغيير‪ ،‬وهم الذين ميارسون‬ ‫في األساس القهر على الشعب املصري من خالل القيادة التي تدعمها‬ ‫لتذهب بعيدا ً عن خيارات الشعب املصري‪ ،‬وهذا الدخول األميركي‬ ‫“اإلسرائيلي” ما كان ليتم لو أن هنالك تناغما ً وجتانسا ً بني مجلس قيادي‬ ‫حقيقي في مواجهة مجلس عسكري هو امتداد لنظام ببعض وجوهه‬ ‫فاملؤسسة العسكرية لها كل االحترام والتقدير‪ .‬اخملاوف الكبرى على‬ ‫هذه الثورة بدأت تتضح مع العدوان اإلسرائيلي على غزة حيث قتل عدد‬ ‫من اجلنود املصريني‪ ،‬وسجلت هيئة املراقبة التابعة لقوى الطوارئ لألمم‬ ‫املتحدة اخلرق الفاضح للعدوان على اتفاقية “كامب ديفيد” وجاء التحرك‬ ‫الشعبي املصري متناقضا ً مع الرد الرسمي البطيء والضعيف والذي ال‬ ‫يتناسب مع مصر ما بعد الثورة وكرامة مصر وجيش مصر الذي يجب‬ ‫أن يكون له رأيه في السياسة‪ ،‬فاجلماهير املصرية خرجت للمطالبة‬ ‫بطرد السفير وهذا أول حراك لتطالب بإلغاء معاهدة “كامب ديفيد”‪.‬‬ ‫ولكن ما جرى أن وسائل اإلعالم حتدثت عن تسلق متظاهر للسفارة‬ ‫وإنزال العلم “اإلسرائيلي” وال ندري أصال كيف استطاع هذا املتظاهر‬ ‫الوصول إلى السطح مع الوجود األمني املكثف حول السفارة!!‪ .‬هذه‬ ‫اآللية تسخيف للواقع واملسألة اجلوهرية هي احتالل لسيناء‪ ،‬فسيناء‬ ‫عمليا ً محتلة والصهاينة يسوحون فيها كيفما شاؤوا‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫مسألة املوارد االقتصادية التي تعتبر قضية سيادة بالنسبة ملصر‪.‬‬ ‫ماذا عن عملية أم الرشراش “إيالت” التي ضربت الكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫ماذا عن توقيتها وأهدافها التي رأى فيها الكثير من احملللني أنها‬ ‫أتت خدمة للنظام في سوريا وأنها أضرت مبصالح مصر‪ ،‬واملستفيد‬ ‫األكبر منها هو “نتنياهو” حيث صرفت األنظار عما يحدث في داخل‬ ‫الكيان من هزات اجتماعية واقتصادية كادت أن تودي باحلكومة‪،‬‬ ‫ناهيك عن عدم تبني أحد لها؟‬ ‫برأيي إنها عملية واضحة جداً‪ ،‬مبعنى آخر وبغض النظر عن هوية‬ ‫املنفذين السؤال أكانوا سلفيني أم جنود مصريني أو فلسطينيني‪،‬‬ ‫أعتقد ألسباب تكتيكية لم يعلنوا عن تبنيهم لها‪ ،‬إمنا من الواضح‬ ‫جدا أن العملية أوجعت “إسرائيل”‪ ،‬وأعتقد مع األيام القادمة ستتضح‬ ‫بعض التفاصيل لهذه العملية‪ ،‬إمنا هذه العملية بهذا الظرف بالذات‬ ‫وبالطريقة التي حدثت فيها أوجعت “إسرائيل” وجعلتها تقوم بردود‬ ‫قاسية‪ ،‬البعض قال إن “إسرائيل” قامت بالرد مستفيدة من انشغال‬ ‫العالم مبا يجري في املنطقة العربية‪ ،‬واحلقيقة أنها تقوم مبا تشاء في‬ ‫أي وقت تشاء وال حتتاج لذرائع‪ .‬ومن ثم دائما ً في أي عمل يقع سواء‬ ‫كان زلزاال ً أو أي كان من الكوارث الطبيعية أو السياسية هنالك من‬ ‫يقرأ فيه من تضرر منه ومن استفاد‪ ،‬هذه القرارات ليس بالضرورة‬ ‫تكون مبنية على ارتباط عضوي بني هذه الظروف وما حصل من فعل‬ ‫معني لالستفادة منه‪ ،‬وبكل األحوال القراءة املباشرة ملثل هذه األحداث‬ ‫والتي تنحي جانبا ً مسألة جوهر الصراع هي قراءات صحفية عابرة‪،‬‬ ‫وليست معمقة‪ ،‬فهذه العملية تأتي في سياق املواجهة املفتوحة‬ ‫أصال‪ ،‬والتي تبدو نائمة أحيانا ً أو كامنة أحيانا ً أخرى‪ .‬إمنا املؤسف هو رد‬ ‫الفعل العربي على هذه العملية من فضائيات وساسة عرب منشغلون‬ ‫بكيفية التآمر على هذه األمة في أكثر من ساحة ورمبا األبرز سوريا‪،‬‬ ‫فخبر اجملزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق الفلسطينيني بالكاد‬ ‫مير عليه مرور الكرام‪ ،‬والوقت كل الوقت مفتوح للتعبئة والتحريض‬ ‫وبإعالم مضلل ضد سوريا‪.‬‬ ‫أين حماس من العملية وهل اتفاقية الصلح مع سلطة رام اهلل‬ ‫جعلتها تلتزم عدم الرد؟‬ ‫الرد ليس بالضرورة أن يكون مباشرا ً مبعنى أن التكتيك العسكري له‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كل املعطيات تقول أنها أجواء حرب‬ ‫إمنا هذه احلرب هي حرب الدمار الشامل للخارطة‬ ‫مع العلم أنها لن تكون في مصلحة‬ ‫أميركا و «إسرائيل»‬ ‫القيادة السورية تسير في االجتاه نفسه‬ ‫مع شعبها نحو اإلصالح‬ ‫حساباته‪ ،‬أما األمر املهم هو سياسي‪ ،‬هل هناك قرار بعدم الرد أم قرار‬ ‫بالتر ّوي؟! نحن على قناعة كاملة بكل األحوال بأن حماس لها تكتيكاتها‬ ‫وإستراتيجيتها التي ال تنفصل عن قناعة وثقافة ومبدأ املقاومة‪ ،‬لكن‬ ‫ظروف املنطقة اآلن وتغييب القضية الفلسطينية سيتيح املناخ للعدو‬ ‫ومينحه فرصة للذهاب بعيدا ً في عدوانه وممارساته النازية دون رقيب أو‬ ‫حسيب‪ ،‬لهذا السبب رمبا كان من باب التكتيك امليداني والسياسي أن‬ ‫ال يبدو الرد مباشرا ً وسريعاً‪ ،‬وأنا أعتقد أن حماس في هذا االجتاه تنطلق‬ ‫من حسابات امليدان وليس من التزامات معينة تتقاطع مع ما تريده‬ ‫رام اهلل‪ .‬فحماس حركة مقاومة تعمل في السياسة ولها حساباتها‬ ‫اإلقليمية والدولية بل إنها تزاوج ما بني حساباتها وبني طبيعة التحرك‬ ‫امليداني وطريقة الرد حيث يجب‪.‬‬ ‫ما بني سوريا وفلسطني حكاية يطول شرحها ويصعب على‬ ‫البعض فهم منعرجاتها‪ ،‬حيث اعتبر الكثير من احملللني أن‬ ‫سوريا تستغل الفلسطينيني في الدفاع عن وجودها والهروب من‬ ‫أزماتها كما حدث في اجلوالن في يوم العودة‪ ،‬وما يحدث في الرمل‬ ‫الفلسطيني في الالذقية‪ ،‬والبعض يسأل ملاذا اآلن استفقنا على‬ ‫جبهة اجلوالن؟‬ ‫الذين يحللون ويتحدثون عن العالقة ما بني سوريا وفلسطني والعراق‬ ‫وبني الفصائل يسيئون لكرامة الفلسطينيني وإلرادتهم السياسية‪،‬‬ ‫فهنالك عالقة حتالفية سياسية ما بني سوريا والقضية الفلسطينية‬ ‫عبر موقعها املقاوم‪ ،‬وعالقة دعم سياسي مطلق‪ ،‬هذا الدعم يأخذ‬ ‫شكله املادي من خالل النتائج على األرض التي أثمرت الصمود واالنتصار‬

‫‪42‬‬


‫في جنوب لبنان وغزة‪ .‬عندما نتحدث عن أشياء لها عالقة بالثقافة هي‬ ‫بالنهاية خللق التوازن املادي على األرض حتى ال تكون مواقف اإلنسان‬ ‫متأرجحة وبالتالي نفقد األرضية املادية التي ميكن االنطالق منها‬ ‫للمواجهة‪ ،‬فاإلنسان هو األساس في املعادلة وهناك ثقافة مصالح‪،‬‬ ‫وتقاطع للمصالح على أرضية املوقف الوطني القومي‪ .‬فسوريا لها‬ ‫مصلحة بقوة املقاومة حتى عندما تفاوض‪ ،‬ال تفاوض على مبدأ “أوسلو”‬ ‫الذي ال ميلك حتى أوراق خريف وليس أوراق قوة‪ .‬هذه العالقة املتبادلة‬ ‫القائمة على تبادل املصالح العليا‪ ،‬هي بالضبط ما جرى في اجلوالن‬ ‫في مسيرة العودة‪ ،‬هذا أمر نسقه الفلسطينيون مع محيطهم ومع‬ ‫من ميكن أن يدعم هذا األمر‪ ،‬بدليل أن هذا احلراك لم يكن على جبهة‬ ‫اجلوالن فقط‪ ،‬بل كان على جبهة اجلنوب من خالل مارون الراس‪ ،‬وعلى‬ ‫األردن الذي منعته السلطات األردنية وحاصرته في بلدة الكرامة‪ ،‬حيث‬ ‫جرت معركة الكرامة وعلى بعد كيلو مترات عن احلدود مع فلسطني‪،‬‬ ‫أما في مصر منع اجمللس العسكري املصري أي حترك باجتاه سيناء‪ .‬إذا‬ ‫األمر لم يكن حراكا ً سوريا ً بأمر سوري‪ ،‬بل جاءت فرصة تقاطعت فيها‬ ‫إرادة الشعب الفلسطيني مع حلفائه في أكثر من مكان ومن ضمن‬ ‫ذلك جاءت جبهة اجلوالن في ‪ 15‬أيار‪.‬‬ ‫هذا السؤال التشكيكي املبني على عقلية االتهام وفرضية التآمر‬ ‫وليس املؤامرة الدائمة يقود إلى أن أي فعل جميل تقوم به سوريا‬ ‫الغاية منه اإليحاء بأن سوريا ال تقوم بأي عمل إال في إطار مصلحتها‪،‬‬ ‫واستغالل القوى الفلسطينية‪ ،‬علما ً أن ما حصل في يوم العودة هو‬ ‫انتصار شعبي حتقق على جبهة مارون الراس واجلوالن وأجهض في‬ ‫األردن ومصر‪ ،‬هذا االنتصار حسب لنا ولسوريا ولكل املقاومني‪ ،‬وحفر‬ ‫عميقا ً في مفهوم حق العودة‪ ،‬وأكد على هذه الثقافة التي أصبحت‬ ‫معاشة‪ .‬وسقوط اجلرحى والشهداء دليل آخر على أن األمر غير مدبر‪،‬‬ ‫وحقيقة قمنا باإلعالن عن تأجيل هذه املسيرة حتى ال نسمح للعدو‬ ‫مبمارسة لعبة االقتناص والقتل‪ ،‬ولكن ما حصل هو اندفاع شعبي وكل‬ ‫التعليقات هي من باب اإلساءة إلى هذا االنتصار الشعبي في يوم العودة‬ ‫وكذلك إرباك الوضع الداخلي في سوريا‪ .‬هذا مسلسل لن ينتهي بدليل‬ ‫الزوبعة التي أثيرت مبا يتعلق مبخيم الرمل الفلسطيني في الالذقية‪،‬‬ ‫وظنوا أنهم حققوا ضربة كبرى في إثارة ضجيج إعالمي وزوبعة كبرى‪،‬‬ ‫هجر اخمليم‪ ،‬وقصفت البيوت من البحر والبر باملدفعية‪ ،‬واجلزيرة‬ ‫وقالوا‪ّ :‬‬ ‫اتصلت بشاهد عيان من تركيا يصف ما يجري في الرمل الفلسطيني!‪،‬‬ ‫هذا االفتراء على العقل وعلى احلقيقة واالستخفاف بالعقول البسيطة‬ ‫يدلل على حجم التآمر‪ .‬ملاذا لم يكن هذا الشاهد في اخمليم وكيف‬ ‫استطاع الهرب بسرعة قياسية ووصل إلى تركيا؟! من الواضح أن الغاية‬ ‫من كل ذلك وضع الفلسطيني في مواجهة مع السوري إليجاد شرخ‪،‬‬ ‫وضربنا في الصميم‪ ،‬وضرب مفهوم حق العودة وإخراج الفلسطيني‬ ‫عن طبيعة نضاله‪ ،‬وتصبح سوريا احلاضنة غير ما هي عليه‪ .‬وفي هذا‬ ‫إساءة للموقف السوري في أعز ما يعبر عنه من هوية‪ ،‬متناسني وضع‬ ‫الفلسطينني املنهك في لبنان نتيجة السياسة العنصرية التي متارس‬ ‫بحقه‪ ،‬وكذلك تهجيره من اخلليج‪ ،‬ومحاولة جتنيس ثالثة ماليني في‬ ‫األردن‪ ،‬لكن الرد جاء من شعبنا في سوريا وخروج املسيرات املؤيدة‬ ‫واملتضامنة مع سوريا شعبا ً وقيادة رافضة للفتنة واملؤامرة‪.‬‬ ‫رددت كثيرا ً كلمة حق العودة‪ ،‬العودة إلى أي فلسطني الـ ‪ ،48‬أم الـ‬ ‫‪ ،67‬وماذا عن اعتراف سوريا بدولة حدودها حزيران ‪ ،1967‬وهي التي‬ ‫كانت تقف حجر عثرة دائم في وجه اختزال القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫كيف نفسر هذا االعتراف؟‬ ‫العودة إلى كل فلسطني من بحرها وبرها وسنطالب بحق التعويض‬ ‫عن كل سنوات التشرد‪ ،‬وكلمة احلقوق تشمل كل ما يتضمنه هذا‬ ‫العنوان‪ ،‬وقبل اإلعالن عن موافقة سوريا‪ ،‬اتصل وزير اخلارجية وليد‬ ‫املعلم بالسيد خالد مشعل ليبلغه باعترافه بأي دولة فلسطينية تقوم‬ ‫على احترام كامل احلقوق الفلسطينية وتشمل كل ما يتضمنه هذا‬

‫مطالبة اجلماهير املصرية‬ ‫بطرد السفير اإلسرائيلي أول حراك‬ ‫للمطالبة بإلغاء معاهدة «كامب ديفيد»‬ ‫ما بني سوريا والقضية الفلسطينية‬ ‫عالقة حتالفية سياسية‬ ‫عبر موقعها املقاوم‬ ‫ما حصل في يوم العودة انتصار شعبي‬ ‫حتقق على جبهة مارون الراس واجلوالن‬ ‫وأجهض في األردن ومصر‬ ‫العنوان‪ ،‬إن النقاش الدائر حول أي دولة فلسطينية نريد هو ثمرة الواقع‬ ‫السياسي والعربي والدولي‪ ،‬حيث يحاول البعض انتهاك حق العودة‪،‬‬ ‫ولكننا نقول أننا مع أي دولة تفتح آفاق اخلطوة القادمة وال تنتقص من‬ ‫حقنا في املقاومة والعودة‪.‬‬ ‫أخيرا ً تتواتر األحاديث عن حرب محتملة ورمبا األكثر دقة في‬ ‫التعبير أن حظوظ احلرب تتضاعف نتيجة ملا يجري في العالم أجمع‬ ‫وخاصة في محيطنا العربي واإلقليمي‪ ،‬ماذا ترون أنتم في القيادة‬ ‫العامة‪ ،‬على ماذا نحن مقبلون؟‬ ‫بصراحة كل املعطيات تقول إنها أجواء حرب‪ ،‬هذه اإلشارات املباشرة‬ ‫تقول أن احلرب ممكنة واحتماالتها أكبر وتتضاعف مع ازدياد هذا التوتر‪،‬‬ ‫وهذا الدخول األميركي املباشر على املنطقة حملاولة السطو عليها من‬ ‫باب التعاطف مع الثورات والدميقراطية‪ ،‬والتناقض العميق بني مصالح‬ ‫هذه األمة والدخول األميركي السافر‪ .‬إمنا هذه احلرب هي حرب الدمار‬ ‫الشامل للخارطة‪ ،‬وال ندري على أي شكل أو خارطة سترسو‪ ،‬هذا أمر‬ ‫يصعب التنبؤ به‪ ،‬مع العلم أن تلك الضربة لن تكون في مصلحة‬ ‫أميركا و”إسرائيل”‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫دمشق ‪ -‬هدى مطر‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫وليد محمد علي رئيس مركز باحث للدراسات لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الذهاب الى األمم المتحدة صيغة جديدة الستمرار دوامة المفاوضات‬ ‫الذهاب الى األمم املتحدة كان ميكن أن ينتح‬ ‫عنه بعض النتائج اإليجابية لصالح القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬مبا لو كانت األمم املتحدة سيدة‬ ‫العالم في قرارها‪ ،‬ولكن في ظل السيطرة‬ ‫األميركية على القرار‪ ،‬لم يكن ألحد أن يتوقع أي‬ ‫نتائج تعود باخلير لصالح الشعب الفلسطيني‬ ‫وتعيد له حقوقه‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” حاورت األستاذ وليد علي مدير‬ ‫مركز باحث للدراسات‪ ،‬فتناول آخر املستجدات‬ ‫التي تتعلق بتطورات القضية الفلسطينية‬ ‫وآخرها الذهاب الى األمم املتحدة‪ ،‬وهي بذلك تلقي‬ ‫الضوء على حقيقة احلدث ونتائجه‪.‬‬ ‫ماهي تقديراتكم حول هذا االستحقاق وما‬ ‫الفائدة املرجوة التي ميكن أن تنعكس لصالح‬ ‫القضية الفلسطينية؟‬ ‫ميكن القول أن ما يطلق عليه استحقاق أيلول‬ ‫(الذهاب الى األمم املتحدة وطلب االعتراف بالدولة‬ ‫الفلسطينية) له الكثير من إمكانات التحقق‬ ‫وعوامل القوة‪ ،‬فيما لو توفرت اإلرادة السياسية‪ ،‬ومت‬ ‫جتنيد كافة عوامل القوة‪ ،‬وإعادة صياغة التحالفات‬ ‫تأسيسا ً على كون فلسطني قضية وطنية‬ ‫فلسطينية لها أبعاد وعمق عربي وإسالمي وإنساني‪.‬‬ ‫فالشعب وهو العامل األهم في نظر فقهاء القانون‬ ‫الدولي إلقامة الدول موجود وأثبت تصميمه على‬ ‫حترير وطنه وتقرير مصيره‪ ،‬وهيئات اجملتمع الدولي‬ ‫اعترفت لهذا الشعب باحلق في تقرير املصير‪،‬‬ ‫والتمتع بدولة مستقلة على حدود أوسع من حدود‬ ‫الضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬والقدس الشرقية وفقا ً‬ ‫لقرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة رقم ‪ 181‬الذي‬ ‫ينص على حق الشعب الفلسطيني بدولة على زهاء‬ ‫‪ %44‬من فلسطني االنتدابية ‪..‬بينما ال تتعدى مساحة‬ ‫األرض التي تطالب بها السلطة الفلسطينية ‪%22‬‬ ‫من مساحة فلسطني (نصف املساحة املنصوص‬ ‫عليها في القرار ‪.)181‬‬ ‫وإنطالقا ً من كون الكيان الصهيوني تأسس فوق‬ ‫أرض فلسطني بالقوة‪ ،‬بعد أن اقتلع اجلزء األكبر‬ ‫من أبنائها‪ .‬ودون مراعاة للحد األدنى من حقوق‬ ‫الفلسطينني ورغما ً عن العرب واملسلمني والكثير‬ ‫من شعوب العالم‪ .‬ومت تغطية تلك اجلرمية بقرارين‬ ‫مشروطني من قبل اجلمعية العامة (‪)194 ،181‬؛ فإننا‬ ‫نرى‪:‬‬ ‫أن السعي النتزاع إعتراف من األمم املتحدة بدولة‬ ‫فلسطني أمر مشروع‪ ،‬يساهم ايجابا ً في إطار الصراع‬ ‫املفتوح مع املشروع الصهيوني‪ ،‬وهي خطوة ال تفترض‬ ‫إجراء مفاوضات مع الكيان الصهيوني وال يؤثر في‬ ‫مشروعيتها وقانونيتها موقف الكيان الصهيوني‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة أنذرت باستخدام حق الفيتو في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مجلس األمن أمام املطلب الفلسطيني كما هدد‬ ‫الكيان الصهيوني السلطة الفلسطينية بالويل‬ ‫والثبور وعظائم األمور‪ ،‬األمر الذي يؤكد صحة وجهة‬ ‫النظر القائلة أن الواليات املتحدة ليست وسيطا ً بأي‬ ‫شكل من األشكال بل هي على رأس القوى املعادية‪،‬‬ ‫فهي حليف عضوي وحيوي قوي للمشروع الصهيوني‬ ‫املعادي لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية‪.‬‬ ‫هناك مخاوف مشروعة تتحدث عن تنازالت‬ ‫فلسطينية جديدة في املفاوضات القادمة تعقب‬ ‫الذهاب الفلسطيني الى األمم املتحدة‪ ،‬هل تتوقع‬ ‫أن تتغيّر شروط التفاوض أو على األقل تتغيّر‬ ‫مرجعيات التفاوض؟‬ ‫فلسطينيا ‪ -‬تختلف االجتهادات إزاء التوجه لألمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬فهناك من يعتبر ذلك ملهاة وهدرا ً للوقت‪،‬‬ ‫بينما يتوجب تفعيل خيارات فلسطينية أخرى‪،‬‬ ‫ويتساءلون عن اجلدوى قائلني‪ :‬حتى لو اعترفت األمم‬ ‫املتحدة بالدولة الفلسطينية فإنها ستكون وهمية‬ ‫وعلى الورق‪!...‬‬ ‫وهناك رؤية فلسطينية مختلفة‪ ،‬تعتبر أن‬ ‫التوجه لألمم املتحدة‪ ،‬إمنا هو عودة للمرجعية األممية‬ ‫واستحضارا ً للقرارات الدولية املؤيدة للحقوق‬ ‫الفلسطينية املشروعة‪ ،‬وتشكل رصيدا ً هائالً‬ ‫للفلسطينيني والعرب‪ ،‬إذا ما جد اجلد لدى األمم‬ ‫املتحدة والعرب والعالم‪!...‬‬ ‫وال شك أن إفالس عملية املفاوضات ووصولها الى‬

‫‪44‬‬

‫طريق مغلق متاما ً بسبب الءات واشتراطات نتنياهو‬ ‫و»إسرائيل»‪ ،‬هو الذي يقود الفلسطينيني الى العودة‬ ‫الى القرارات الدولية واملرجعية األممية بعد أن فرض‬ ‫اتفاق أوسلو أحادية املسارات واملفاوضات التي كان‬ ‫من نتيجتها الكارثية هدر نحو عشرين عاما ً من عمر‬ ‫القضية‪ ،‬ناهيكم عن إقامة االحتالل جلملة هائلة من‬ ‫حقائق األمر الواقع االستيطاني على امتداد مساحة‬ ‫القدس والضفة‪.‬‬ ‫هل االعتراف بدولة فلسطينية سيغيّر من واقع‬ ‫احلال في األراضي الفلسطينية احملتلة‪ ،‬أم سيعاود‬ ‫اجلانبان املعزوفة القدمية ومفاوضات الوضع النهائي‬ ‫من جديد؟‬ ‫إن جناح إعالن دولة فلسطينية كدولة عضو في‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬لن يحمل على األغلب دالالت عملية على‬ ‫األرض‪ ،‬حيث سيبقى االحتالل الصهيوني‪ ،‬مستعينا ً‬ ‫بلغة القوة‪ ،‬وبالدعم األميركي‪ ،‬وبالتعامل الدولي مع‬ ‫«إسرائيل» كدولة فوق القانون‪ .‬غير أنه قد يتسبب‬ ‫بزيادة العزلة «اإلسرائيلية»‪ ،‬وانخفاض حجم التأييد‬ ‫في الوسط الدولي مقابل ارتفاع حجم التأييد‬ ‫للقضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫وفي حال رفض القيادة الفلسطينية للضغوط‬ ‫األميركية‪ ،‬والتقدم باملشروع لألمم املتحدة قد‬ ‫يعرضها لعقوبات اقتصادية قاسية‪ ،‬فقد طرح‬ ‫الكونغرس األميركي مشروع قرار لوقف املساعدات‬ ‫عن السلطة‪ ،‬واملقدرة بنحو ‪ 500‬مليون دوالر سنوياً‪.‬‬


‫كما أن استخدام الفيتو األميركي إلفشال اخلطوة‬ ‫الفلسطينية سيقدم دليالً جديدا ً صارخا ً على‬ ‫االنحياز األميركي للكيان الصهيوني‪ ،‬وسيؤكد ما‬ ‫هو معروف مسبقا ً أن أميركا ال تصلح وسيطا ً أمينا ً‬ ‫في العملية السلمية‪.‬‬ ‫فشل القيادة الفلسطينية في االنضمام إلى األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬سيزيد من ضعف تيار التسوية في الساحة‬ ‫الفلسطينية لصالح قوى املقاومة‪.‬‬ ‫من املثير لإلستغراب والريبة قول أبو مازن املكرر‬ ‫أن البديل عن املفاوضات اال استمرار املفاوضات‪ .‬أي أن‬ ‫هذه اخلطوة ال تعدو بالنسبة ألبو مازن صيغة جديدة‬ ‫الستمرار دوامة املفاوضات بعد أن وصلت اتفاقية‬ ‫أوسلو الى طريق مسدود‪.‬‬ ‫الفيتو األميركي أمر متوقع في مجلس‬ ‫األمن في مواجهة استحقاق االعتراف بالدولة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬هل سيؤثر هذا األمر على عالقات‬ ‫واشنطن بالسلطة الفلسطينية؟ أم ستظل‬ ‫واشنطن الراعي الوحيد للمفاوضات؟‬ ‫تتربع الواليات املتحدة األميركية على عرش الدول‬ ‫واألطراف املنحازة تاريخيا ً ملصلحة دولة الكيان‪ ،‬وهذا‬ ‫األمر الذي بدا واضحا ً وبشكل فاضح في التراجع‬ ‫املستمر من الرئيس باراك أوباما عن مواقفه منذ‬ ‫دخوله البيت األبيض كأول رئيس أسود يحكم‬ ‫الواليات املتحدة مطلع عام ‪.2009‬‬ ‫آخر مواقف أوباما التي عكست انحيازه لدولة‬ ‫الكيان ‪ -‬كأسالفه من اجلمهوريني والدميقراطيني‬ ‫ كانت خالل اجتماع اللجنة الرباعية الدولية قبل‬‫نحو أسبوعني‪ ،‬إذ أخفق هذا االجتماع في فتح‬ ‫االنسداد أمام عملية التسوية السياسية‪ ،‬رغم‬ ‫املرونة املفرطة التي اتبعها أعضاء اللجنة (الواليات‬ ‫املتحدة واألمم املتحدة واالحتاد األوروبي وروسيا) جلذب‬ ‫رئيس وزراء االحتالل املتطرف بنيامني نتنياهو إلى‬ ‫طاولة املفاوضات‪.‬‬ ‫أوباما أوضح موقفه من احلدود التي ستأخذ في‬ ‫االعتبار الوقائع االستيطانية على األرض كأمر واقع‪،‬‬ ‫وشدد على االعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة‪،‬‬ ‫وإلغاء القيادة الفلسطينية مشروع الذهاب إلى‬ ‫األمم املتحدة للتصويت على دولة فلسطينية‪ .‬األمر‬ ‫الذي يشير إلى أن الواليات املتحدة ستستخدم حق‬ ‫الفيتو ملصلحة الكيان الصهيوني ولكن لألسف فإن‬ ‫طبيعة القيادة الفلسطينية الراهنة ستجعلها‬ ‫خاضعة ملتطلبات املفاوضات التي تتحكم في‬ ‫مسارها الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ما هو مصير اتفاقات أوسلو فيما بعد أيلول؟‬ ‫في أكثر من مناسبة أعلن الرئيس أبو مازن وكرر‬ ‫كما حاشيته أن سبب الذهاب الى األمم املتحدة هو‬ ‫وصول مسار التسوية وفق مسار أوسلو الى طريق‬ ‫مسدود‪ ،‬فالكيان الصهيوني بعد أن حقق مبتغاه‬ ‫وأهدافة من اتفاقية أوسلو وملحقاتها‪ ،‬لم يعد‬ ‫يجد من ضرورة لها‪ ،‬وهي في طور االحتضار النهائي‬ ‫لتدخل في طيات النسيان‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫هدم جدار وكر الموساد‬ ‫لعل ما قام به إخوتنا املصريون في القاهرة من‬ ‫هدم جلدار السفارة اإلسرائيلية واقتحامها‪ ،‬ميثل‬ ‫الشعور الشعبي لألمة العربية الواحدة من احمليط‬ ‫إلى اخلليج جتاه “إسرائيل”‪ ،‬الدولة واحلركة الصهيونية‬ ‫بشكل عام‪ ،‬فإقامة هذه الدولة املصطنعة في قلب‬ ‫اجلغرافيا العربية جاء للتآمر عليها‪ ،‬وملنع وحدتها‬ ‫وتكاملها على كافة األصعدة واملستويات الرسمية‬ ‫وغير الرسمية‪ ،‬فالسفارات اإلسرائيلية في اخلارج‬ ‫وحتديدا ً في بعض الدول العربية تعتبر وكرا ً للتآمر‪،‬‬ ‫ومركزا ًُ لالستخبارات‪ ،‬ومقرا ً لرسم اخملططات‪،‬‬ ‫ومتابعة ذوي النفوس الضعيفة ممن يحتلون مراكز‬ ‫من أجل شرائهم بحفنة من الدوالرات‪ ،‬مقابل‬ ‫التجسس على أوطانهم وأهلهم وبلدانهم‪ ،‬ومد‬ ‫اإلسرائيليني باملعلومات كما كشفت بعض الوثائق‬ ‫التي متت مصادرتها من وكر التجسس واإلرهاب‬ ‫الصهيوني األسود في عاصمة عبد الناصر‪ ،‬عاصمة‬ ‫التحرر العربي والعاملي‪ ،‬والتي كانت مركزا ً لألحرار‬ ‫من كل دول العالم‪ ،‬ومقرا ً حلركات التحرر الوطني‬ ‫في القارات الثالث‪ :‬آسيا وإفريقيا وأميركا الالتينية‪،‬‬ ‫وكانت محجا ً للباحثني عن احلرية‪ .‬جاء السادات‬ ‫ليضيع كل هذا التاريخ وليوقع اتفاقية كامب ديفيد‬ ‫ّ‬ ‫وليفتح هذا الوكر في قاهرة املعز‪.‬‬ ‫لقد فشل التطبيع الذي حاولته “إسرائيل”‬ ‫وعمالئها منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد وحتى‬ ‫اللحظة‪ ،‬وبدال ً من قبول “إسرائيل” كدول ًة من دول‬ ‫املنطقة‪ ،‬زادت حدة عداء اجلماهير العربية للحركة‬ ‫الصهيونية وتعبيرها اإلسرائيلي‪ ،‬الذي انفطر على‬ ‫التآمر والعدوان‪ ،‬وارتكاب املذابح ومنها مذبحة بحر‬ ‫البقر‪ ،‬وقتل اجلنود املصريني أحيا ًء في سيناء في حرب‬ ‫عام ‪ ،1967‬والتآمر على النسيج االجتماعي للشعب‬ ‫املصري بتخطيط الدسائس وحياكة املؤامرات‪ ،‬وإثارة‬ ‫املذهبية والطائفية‪ ،‬ونشر اخملدرات والدعارة وزرع‬ ‫اجلواسيس‪ ،‬والتهديد بقصف السد العالي‪ ،‬ومنع‬ ‫مصر من امتالك األسلحة التي تعتبر خطرا ً على‬ ‫األمن اإلسرائيلي‪ ،‬ومنع اجليش املصري من دخول‬ ‫سيناء‪ ،‬واستباحة الشواطئ املصرية على البحر‬ ‫األحمر بأفواج السياحة اإلسرائيلية‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫انطالقا ً من خلفية الصلف والعنجهية واالستعالء‬ ‫والنظر بدونية مطلقة إلى العرب “األغيار”‪ ،‬واجليد‬ ‫منهم “ال يستحق سوى القتل” وفق األساطير‬ ‫واألضاليل الصهيونية وفتاوي احلاخامات (بجواز‬ ‫قتل نسائهم وأطفالهم حتى ال يلدن وال يكبرون‬ ‫خوفا من أن يصبحوا خطرا ً على شعب اهلل اخملتار‪،‬‬ ‫الذي اختار شعبا ً بال أرض ألرض بال شعب‪ ،‬وهؤالء‬ ‫العرب ليسوا أكثر من صراصير وثعابني وأفاعي‪،‬‬ ‫وهم دكتاتوريون وقمعيون ال يجوز التعامل معهم‬ ‫إال من خالل القوة باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي‬ ‫يفهمونها‪ )....‬إضافة إلى كل التعاليم الشبيهة‬ ‫األخرى‪ ،‬التي (أكرم اإلسرائيليون العرب بها) بعد‬ ‫اتفاقيات ما يسمى بالسالم مع العدو الصهيوني‪.‬‬ ‫إضافة إلى كل ما سبق‪ ،‬التنكر املطلق‬

‫‪45‬‬

‫لكل احلقوق الوطنية الفلسطينية والعربية‪،‬‬ ‫واالستيطان‪ ،‬وبناء الشرق األوسط اجلديد باملال‬ ‫العربي والعقلية اليهودية (باعتبارها األعلى وال‬ ‫ميكن لعقلية بشرية من جنس آخر أن ترقى إلى‬ ‫مستوياتها املتقدمة!) ألم نسمع كل ذلك منذ ما‬ ‫قبل تشكيل الدولة الصهيونية وأثناءها وما بعد‬ ‫وخاصة في مرحلة اتفاقيات (السالم) مع العدو‬ ‫يفت احلاخامات اإلسرائيليون بهذه‬ ‫الصهيوني؟ ألم ِ‬ ‫الفتاوى؟ ألم يقل شمعون بيريز ما ذكرناه عن تزاوج‬ ‫املال والعقلية في كتابه الشرق األوسط اجلديد؟ ألم‬ ‫يورد بنيامني نتنياهو جز ًءا مما ذكرناه في كتابه” مكان‬ ‫حتت الشمس”؟ ألم متارس “إسرائيل” املذابح في‬ ‫فلسطني ولبنان ومصر وغيرها من الدول العربية؟‬ ‫وغير ذلك وغير ذلك من أشكال العدوان والهجمات‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬ألم تقم “إسرائيل” ورغم اتفاقيات ما‬ ‫يسمى بالسالم مع بعض الدول العربية بالهجوم‬ ‫على لبنان في عام ‪ 1982‬وفي عام ‪2006‬؟ وإعادة‬ ‫اجتياح الضفة الغربية والعدوان على غزة رغم‬ ‫اتفاقيات (السالم) املزعوم ومن بينها جهة رسمية‬ ‫فلسطينية؟‪.‬‬ ‫هذا غيض من فيض من (بركات “إسرائيل”‬ ‫السالمية) على الوطن العربي! وبعد هدم جدار‬ ‫السفارة اهتزت واشنطن وكل العواصم الغربية‬ ‫حرصا ً على حياة بعض الدبلوماسيني اإلسرائيليني‬ ‫من املتواجدين في السفارة اإلسرائيلية في القاهرة‪،‬‬ ‫بينما شعب يُذبح في األراضي الفلسطينية احملتلة‬ ‫صباح مساء‪ ،‬ويحاصر للعام الرابع على التوالي‬ ‫في غزة وممنوع على املتضامنني معه إرسال أية‬ ‫مساعدات إليهم‪ ،‬وإذا ما فعلوا ستهاجمهم‬ ‫“إسرائيل” وتقتلهم كما حدث مع السفينة مرمرة!‬ ‫نعم‪ ،‬مسموح لـ “إسرائيل” أن ترتكب العدوان في‬ ‫كل يوم وبكافة أشكاله على الفلسطينيني والعرب‪،‬‬ ‫وممنوع على هؤالء قول (أخ) وممنوع عليهم الرد (عملية‬ ‫إيالت مثالً) وإن ردوا ستقوم “إسرائيل” بقتل عناصر‬ ‫من املتواجدين في سيناء من اجليش املصري‪ ،‬والقيام‬ ‫بالقصف على غزة في كل يوم‪ ،‬و”إسرائيل” ال تعتذر‬ ‫ولن تعتذر ملصر عن قتل اجلنود وإمنا تعرب عن أسفها‬ ‫للحادثة‪.‬‬ ‫أليس كل ذلك هو ما يحصل؟ أليس هذا ما تقوم‬ ‫به “إسرائيل” في مرحلتنا الراهنة احلالية؟ أليس كل‬ ‫هذا يجري على سمع وبصر كل اجلماهير العربية‬ ‫من احمليط إلى اخلليج؟ أليس من ضمنهم هؤالء‬ ‫اإلخوة املصريون الذين قاموا بهدم جدران السفارة‬ ‫واقتحامها؟ جهات عديدة محلية وإقليمية ودولية‬ ‫استنكرت احلادثة‪ ،‬لكنها لم تستنكر ما تقوم به‬ ‫“إسرائيل” من جرائم بحق كل العرب ومن ضمنهم‬ ‫الفلسطينيني‪....‬أليس اجلزاء من جنس العمل؟ أليس‬ ‫مساو له في املقدار ومعاكس له‬ ‫لكل فعل رد فعل‬ ‫ٍ‬ ‫في االجتاه؟ أسئلة نطرحها برسم كل مستنكري‬ ‫هدم اجلدار؟؟‪.‬‬ ‫د‪ .‬فايز رشيد‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫مصر تحرق اتفاق «كامب ديفيد»‬ ‫وتهدم سور العالقة مع العدو اإلسرائيلي‬ ‫يشعر الكيان الصهيوني بقلق متزايد من‬ ‫التطورات اجلارية في املنطقة بشكل عام‪ ،‬وحدثان‬ ‫بارزان أنتجا دالالت ومؤشرات لها أهمية بالغة‪ :‬األول‬ ‫العملية العسكرية الواسعة “عملية أم الرشراش”‬ ‫في قطاع غزة في منطقة إيالت (يوم ‪ ،)8/19‬والثاني‬ ‫عملية اقتحام السفارة اإلسرائيلية في القاهرة‪،‬‬ ‫في العملية األولى‪ ،‬بدا دوي انفجارات الصواريخ هنا‬ ‫وهناك إيذانا ً ببدء مرحلة جديدة واعقبها حالة من‬ ‫الهلع الصهيوني ورد فعل بائس ومهزوم محكومة‬ ‫بالظروف املستجدة‪ ،‬أوقع عددا ً من الشهداء في‬ ‫اجلانبني الفلسطيني واملصري‪ ،‬وخرجت تظاهرات‬ ‫الغضب العربي املصري املنادية بالثأر‪ ،‬وهنا جتليات‬ ‫اخلطر بالنسبة للصهاينة واخلوف من تغيير الوضع‬ ‫االستراتيجي في اجلبهة املصرية‪ ،‬وهنا أظهر األداء‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬أن الواقع أشد تعقيداً‪ ،‬وأغلب الوزراء‬ ‫وافقوا على عدم تأجيج الصراع‪ ،‬ويبدو أن “إسرائيل”‬ ‫فهمت املعادلة وأقتنعت أن بالوسع تأجيل النظر‬ ‫في خطر استراتيجي من أجل معاجلة مشكلة‬ ‫تكتيكية‪.‬‬ ‫ولم متض أيام قليلة حتى كان احلدث الثاني‪ ،‬حيث‬ ‫انتهت جمعية احلسم في القاهرة باقتحام السفارة‬ ‫اإلسرائيلية هناك‪ ،‬ولم يكن السور الذي يحيط مبقر‬ ‫السفارة يوحي بأنه سهل الهدم‪ ،‬ورمبا كان يحتاج‬ ‫ألسلحة ثقيلة القتالعه‪ ،‬إالّ أن عزمية الثوار حولت‬ ‫اجلدار الى أنقاض خالل ساعات قليلة‪.‬‬ ‫لقد عملت املطارق املصرية في هدم السور وأزيل‬ ‫بالكامل‪ ،‬ولم يتوقف األمر عند هذا احلد‪ ،‬وبعدها‬ ‫بدا سباق الصعود لعدد من الشباب لتسلق املبنى‪،‬‬ ‫وما هي إال ساعات حتى وصل أحدهم وانتزع العلم‬ ‫اإلسرائيلي وأرسله منكسا ً للمتظاهرين في‬ ‫األسفل‪.‬‬ ‫إن عملية هدم السور وانتزاع العلم واقتحام‬ ‫السفارة الصهيونية في القاهرة هي حدث رمزي‪،‬‬ ‫ال يساوي حتى ما قامت به آلة احلرب الصهيونية‬ ‫عندما اقتحمت قوات نظامية احلدود املصرية وقتلت‬ ‫ستة من القوات املصرية‪..‬‬ ‫لكن رمزية احلدث تعني‪ ،‬أن “إسرائيل” فقدت‬ ‫بالفعل خط دفاعها األول‪ ،‬بل األقوى‪ ،‬وهي لم تعتمد‬ ‫طوال عقود في تأمني (حدودها) على قدراتها الذاتية‬ ‫فقط‪ ،‬بل اعتمدت على ثقتها بنظام “مبارك” الذي‬ ‫مثل أداة طبيعية وكنزا ً استراتيجيا ً هاما ً بالنسبة‬ ‫للصهاينة‪.‬‬ ‫قلق الصهاينة والقوى االستعمارية اليوم يبدو‬ ‫ماثالً للعيان في مواجهة مصر العروبة وأصبح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النظام وجها ً لوجه أمام إرادة شعبية ال تخضع‬ ‫حلسابات كامب ديفيد‪ ،‬لقد فقدت “إسرائيل”‬ ‫درعها الذي حماها لسنوات طويلة بل لعقود‪ ،‬هذا‬ ‫الدرع تهاوى اليوم أمام أبطال العبور‪ ،‬هم عبروا‬ ‫مبصر من حالة الى حالة جديدة مختلفة‪ ،‬إن أحد‬ ‫مظاهر الثورة األساسية هي أنها تنهي مرحلة رفع‬ ‫املطالب والدفاع عنها‪ ،‬لصالح مرحلة الفعل املباشر‬ ‫للجماهير‪.‬‬

‫الشعب لديه القدرة لتحقيق‬ ‫املفاجآت‬ ‫الثورة املصرية مستمرة‪ ،‬اجلماهير طالبت بطرد‬ ‫السفير اإلسرائيلي‪ ،‬فرد النظام ببناء سور خرساني‬ ‫حلمايتها‪ ،‬فهجمت اجلماهير وفعلت فعلها‪ ،‬هو‬ ‫منطق الثورة الذي يتكرر‪ ،‬وقدرة اجلماهير على‬ ‫الفعل املباشر‪ .‬وما حقتته الثورة حتى اآلن فاق كل‬ ‫التوقعات‪ ،‬لكن تصاعد االحتجاجات االجتماعية‬ ‫وتنامي الغضب الشعبي من العالقات بالكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬يعني أن قطاعات واسعة من جماهير‬ ‫ثورة (‪ 25‬يناير) ال يزال لديها ما تريده‪ ،‬وهي أثبتت أنها‬ ‫قادرة على حتقيق املفاجآت وفرض ما تريده‪.‬‬ ‫أحرِق العلم الصهيوني بعد أن وصلت اجلماهير‬ ‫ُ‬ ‫ودخلت السفارة‪ ،‬أحرق العلم اخملطط من النيل الى‬

‫‪46‬‬

‫الفرات باللون األزرق والنجمة السوداء‪ ،‬ثم قذفت‬ ‫هذه اجلماهير ما في السفارة من أوراق وأصيب‬ ‫النظام اجلديد الذي مازال مترددا ً بالهلع من غضب‬ ‫الشعب اجلارف فأعاد قانون طوارئ الفراعنة‪ ،‬البعض‬ ‫لم يفهم بعد‪ ،‬بأن الشعب احلر األبي يريد العودة‬ ‫الى عروبته وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬اتفاقية‬ ‫الذل والعار التي كانت مبثابة املرض الذي انتشر في‬ ‫أجسام بعض أنظمة (العرب) مخترقا ً في البدء‬ ‫عقولهم الضعيفة‪ ،‬إرضاء لسيدهم األميركي في‬ ‫البيت األبيض‪ ،‬وصارت طريق أميركا متر بـ “إسرائيل”‬ ‫الضامنة لبقاء تلك األنظمة‪.‬‬ ‫السفارة ليست في العمارة فقط‪ ،‬فهي موجودة‬ ‫في اخلليج كله من خالل الوجود األميركي هناك في‬ ‫وسط هذا الذهب‪ ،‬وهي موجودة في أحالم يقظة‬ ‫بعض األنظمة التي اعترفت بـ “إسرائيل” سرا ً‬ ‫وعالنية أو عن طريق مكاتب مموهة بتسميات مضللة‬ ‫وفي ظنها أن هذا التصرف سيشفع وسيشكل‬ ‫دعامة لبقائها‪ ،‬خاب ظنها لم تتعلم الدرس بعد‪.‬‬ ‫شعب مصر العروبة عاد الى عروبته وأصالته‪ ،‬ملاذا‬ ‫ال يسارع (العرب) إللغاء اتفاقيات كامب ديفيد وهي‬ ‫اتفاقيات استسالم مذل فيتم بذلك حرق علمها‪،‬‬ ‫قبل أن تسارع هي وتلطخ بهذا اإللغاء املفاجئ ما‬ ‫بقي من كرامة عند بعضهم‪ ،‬ولنعلم أن حترير مصر‬ ‫من سفارة “إسرائيل” إمنا هو اخلطوة األولى نحو حترير‬ ‫فلسطني‪.‬‬


‫في مصر أعلنت ‪ 21‬حركة وتيارا ً سياسيا ً‬ ‫مسؤوليتها عن اقتحام السفارة اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫مؤكدة أن الشعب املصري واحلركات السياسية‬ ‫قرروا استرداد جز ًءا من هيبة الدولة وكرامة الوطن‪.‬‬ ‫لكن األمر السلبي الذي يعطي مؤشرات سلبية‬ ‫هو ما أعلنه مصدر رسمي مصري‪ ،‬تفعيل بنود قانون‬ ‫الطوارئ مؤخراً‪ ،‬ومت اعتبار اخلطوة مؤقتة ارتبطت‬ ‫باألحداث التي وقعت أمام السفارة وهذا األمر ّ‬ ‫شكل‬ ‫جرس إنذار جديد يشير الى اخملاطر احملدقة بالثورة‪.‬‬ ‫أما في اجلانب الصهيوني‪ ،‬فكانت الرسالة‬ ‫التي ع ّبرت عنها عملية إيالت واقتحام السفارة‬ ‫اإلسرائيلية قد وصلت واضحة متاماً‪ ،‬واعتبرت‬ ‫مصادره أن سبب رد الفعل اإلسرائيلي غير احلاد‬ ‫على عملية إيالت في غزة‪ ،‬هو تلك الرسالة املصرية‬ ‫القاطعة التي ال لبس فيها من القاهرة‪ ،‬تفيد بأنه‬ ‫إذا ضرب اجليش اإلسرائيلي غزة بيد من حديد فإن‬ ‫احلكومة في مصر ستجد صعوبة في التصدي للرأي‬ ‫العام االنتقادي ضدها‪ ،‬وأن عملية عسكرية واسعة‬ ‫ضد أهداف في القطاع من شأنها أن تؤدي باحلكومة‬ ‫في القاهرة الى درجة جتميد العالقات مع “إسرائيل”‬ ‫واملس الشديد باتفاق السالم”‪.‬‬ ‫وهذا ما تؤكده صحيفة “معاريف” اإلسرائيلية‬ ‫التي نقلت حديثا ً جرى بني مسؤول مصري وآخر‬ ‫إسرائيلي أعلن “أوقفنا التصعيد بسببكم”‪.‬‬

‫في مصر «املرحلة انتقالية» الى‬ ‫أين االجتاه؟‬ ‫إن ثورة يناير “كانون الثاني ‪ ”2011‬انطلقت من‬ ‫دون ايديولوجية وبرنامج ومن دون قيادة وتنظيم‪،‬‬ ‫وقد ع ّبرت هذه احلقبة عن مدى التطور السياسي‬ ‫ومدى نضج النخب السياسية واجملتمع املدني‪ ،‬أي‬ ‫انها كانت معطى واقعيا ً ال ميكن القفز فوقه أو‬ ‫تعديله‪ ،‬وهو يحمل عناصر قوة وضعف متصارعة‬ ‫ومتناقضة‪ ،‬كان أبرزها عجز النخبة السياسية‬ ‫وائتالفات الثورة عن االتفاق على قيادة مشتركة‬ ‫تعمل وفق إطار خريطة طريق واضحة‪ ،‬هذا األمر‪،‬‬ ‫جعل اجمللس العسكري ميسك بالسلطة‪ ،‬ويتسع‬ ‫دوره مع زيادة اخلالفات والصراعات بني قوى الثورة”‪،‬‬ ‫وكان اجلدل هل الدستور أوال ً أم االنتخابات وغيرها؟‬ ‫أو حول مكانة اإلسالم ودوره في الدولة؟‬ ‫وفي إطار هذا االنقسام بني النخبة حول مدنية‬ ‫الدولة أو اسالموية الدولة تضخم دور اجمللس‬ ‫العسكري‪ ،‬وجاء هذا على حساب استحقاقات‬ ‫املرحلة االنتقالية‪.‬‬ ‫وفي الواقع ميكن حتديد عدة قوى أساسية ‪ ،‬مع‬ ‫وجود انقسام واضح يتجاوز االنقسام الثنائي “بني‬ ‫قوى مدنية وإسالموية”‪.‬‬ ‫هناك “االخوان املسلمون” والسلفيون‪ ،‬الذين‬ ‫لم يوافقوا على جمعة احلسم وبدت في كثير من‬ ‫األحيان‪ ،‬مواقفهم قريبة ومتفاهمة مع اجمللس‬ ‫العسكري‪.‬‬

‫وهناك القوى الليبرالية واليسارية والقومية‪،‬‬ ‫التي تلتزم بالثورة السلمية‪ ،‬وتطالب باستكمال‬ ‫حتقيق أهداف الثورة وتنتقد صراحة بعض مواقف‬ ‫اجمللس العسكري واحلكومة‪.‬‬ ‫يضاف الى ذلك قوى أخرى من أقصى اليسار‪،‬‬ ‫وبعض من املواقف السياسية املتنافرة التي دفعت‬ ‫باجمللس العسكري لالقتراب من (اإلخوان املسلمني)‪.‬‬ ‫أما غالبية املصريني فهم أيدوا الثورة على أمل‬ ‫حتقيق تغيير شامل في بنية النظام السياسي‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬لكن هذا الدعم الالمحدود الذي قدمته‬ ‫الغالبية الصامتة‪ ،‬بدأ يتراجع نتيجة انقسامات‬ ‫النخب وانتهازية بعض رموزها‪ ،‬وبالتالي فإن افتقار‬ ‫الثورة الى القيادة إضافة الى مشاكل النخب‬ ‫السياسية والدينية‪ ،‬قلص من سيطرة النخب على‬ ‫الشارع‪ ،‬وقدرتها على السيطرة والتوجيه وخاصة‬ ‫في ظل عدم حل املشكالت االجتماعية وغياب األمن‬ ‫وارتفاع األسعار والتباطؤ في محاكمة رموز النظام‪،‬‬ ‫وتوالت املطالب الفئوية واتخذت طابعا ً يهدد سلطة‬ ‫الدولة والقانون‪.‬‬ ‫وفي اخلطاب العام في مصر‪ ،‬يجري احلديث عن‬ ‫سيطرة “فكرة املؤامرة” لدى اجمللس العسكري‬ ‫واحلكومة والقوى السياسية والشارع‪ ،‬فالثورات‬ ‫العربية مؤامرة تستهدف تفكيك الدول العربية‬ ‫وإشاعة الفوضى والهدف خلط األوراق ومن هنا‬ ‫حاول البعض تفسير اقتحام السفارة اإلسرائيلية‬ ‫بأنه مؤامرة‪ ،‬دون تقدمي دالئل واضحة وربط األمر‬ ‫بأطراف خارجية محرضة‪ ،‬وهذا في حد ذاته يقلل من‬ ‫قدرة وحجم التضحيات لدى شعب مصر العروبة‪.‬‬ ‫مصر أمام مفترق طرق في ظل أجواء اخلوف‬ ‫وانعدام الثقة واألمن‪ ،‬هناك حالة من العجز في‬ ‫اختيار الطريق الذي يوصل البالد الى سكة السالمة‬ ‫وحتقيق االستقرار‪ ،‬نظرا ً الختالف الرؤى وتضارب‬ ‫املصالح وحالة االنقسام السائدة! والبعض يطلق‬ ‫ذرائع ال تستقيم مع الواقع كقولهم “الليبراليون”‬ ‫قلة واذا حاولوا طرح أفكارهم سيعاقبهم الشعب‬ ‫“أشد العقاب وستظهر مليونيات جديدة”‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫ندين هؤالء الذين يريدون بيع أمالك الشعب لألجانب‬ ‫وارتهان مصر وحاضرها ومستقبلها‪ ،‬أو طريق‬

‫‪47‬‬

‫االقتصاد احلر مسدودا ً متاما ً وغير مسموح عبوره‪،‬‬ ‫طريق الفروض واملعونات واملنح‪ ،‬ثم متويل ذلك‬ ‫بالسندات التي تشتريها البنوك‪ ،‬هكذا يتحول‬ ‫التضخم الذي يتزايد في كل حلظة الى حقيقة‬ ‫ثابتة‪ ،‬ويدفع املواطن الثمن من خالل زيارة األسعار‬ ‫وهذا ميثل خطوات أخرى الى الوراء‪.‬‬

‫محاكمة مبارك ال تكفي وحدها‬ ‫املطلوب إرادة واعية وعزمية ال تلني للخروج من‬ ‫هذه احلال‪ ،‬وعدم املراوحة أو التراجع‪ ،‬ألن القوى‬ ‫التي تتربص مبصر مازالت موجودة إلفشال الثورة‪،‬‬ ‫واملراوحة تعني الفشل‪.‬‬ ‫وإن محاكمة مبارك ومن حوله ال تكفي وحدها‬ ‫بينما يستمر آخرون بذات النهج وحتت أسماء جديدة‬ ‫وذرائع مختلفة في إيصال البالد الى أوضاع اقتصادية‬ ‫واجتماعية وسياسية أشد إيالماً‪.‬‬ ‫وإن مسرحية محاكمة مبارك ستستمر فصولها‬ ‫الى حني‪ ،‬وإذا بقيت األوضاع في مصر على ما هي‬ ‫عليه من حال ضبابية‪ ،‬فهي توحي بأن شيء لم‬ ‫يتغير في بنية النظام‪ ،‬ولكن الذي تغ ّير هو الشعب‬ ‫العربي في مصر العروبة‪ ،‬انتفض من غفوته التي‬ ‫طالت‪ ،‬كسر قيوده ومترد على حكامه الذين جلبوا‬ ‫له الكوارث منذ أن وقعوا على اتفاقية الكامب حتت‬ ‫مسمى “معاهدة السالم” وهم بذلك جعلوا مصر‬ ‫رهينة بيد الواليات املتحدة وآداتها الصهيونية‪.‬‬ ‫اليوم تنهض مصر من جديد وحالة اجلدل لن تطول‬ ‫طويالً‪ ،‬أراد األعداء ملصر أن تكون مغلولة بأصفادها‪،‬‬ ‫ولكن شعب مصر‪ ،‬يحطم أغالله ويصبو الى حتقيق‬ ‫غاياته ويتطلع الى أمته‪ ،‬لتكون مصر كما كانت في‬ ‫املاضي طليعة العرب في التحرر وهي مركز الثقل‬ ‫في قوة العرب وتوحدهم‪.‬‬ ‫خريطة الطريق تبدأ بالتخلص من إرث االتفاقيات‬ ‫التي وقعها النظام البائد‪ ،‬مصر تنهض بإمكانيات‬ ‫وتضحيات أبطالها‪.‬‬ ‫اقتربت حلظة العبور اجلديد‪.‬‬

‫أدهم محمود‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫اإلستعمار الغربي في ليبيا‪:‬‬

‫حرب النفط والحصص والغنائم‬ ‫الصراع الذي بدأ في ليبيا قبل أشهر لم ينته بعد‪ ،‬ولكن بدأ يتكشف‬ ‫بوضوح أبعاد هذا الصراع‪ ،‬اللعبة االستعمارية معروفة وقد بدأت مع صدور‬ ‫القرار ‪ 1973‬في مجلس األمن وبدء عمليات األطلسي العسكرية‪ ،‬وفي‬ ‫املشهد اليوم تقاسم احلصص النفطية وفواتير إعادة اإلعمار في ليبيا‪،‬‬ ‫وحتويل الشاطئ الليبي الى قاعدة أميركية – أطلسية في الشمال اإلفريقي‬ ‫واستكمال الهيمنة على املساحة الواقعة بني أفريقيا والشرق األوسط‪ ،‬أن‬ ‫تهافت الدول االستعمارية على عقد املؤمترات والتدخل في الشؤون الداخلية‬ ‫للدول هي صفة مالزمة الى عودة االستعمار القدمي بأشكاله اجلديدة‪.‬‬ ‫من الصعب القول‪ ،‬إن املرحلة انتهت‪ ،‬وإن ليبيا باتت مفتوحة فقط‬ ‫القتسام احلصص والغنائم ألن األمر يتوقف على املقاومة الليبية للمشروع‬ ‫االستعماري اجلديد‪ ،‬وفي ليبيا ليس ما يدل ان املقاومة ستسلم باألمر الواقع‪،‬‬ ‫والالفت أن وزير اخلارجية البريطاني ديفيد أوين‪ ،‬دعا في مقال نشرته صحيفة‬ ‫“تلغراف” الى إنشاء قوة تدخل سريع في ليبيا وكتب “هناك فرصة كبيرة اآلن‬ ‫أمام بريطانيا وفرنسا لتكون على مستوى مسؤولياتها في مجلس األمن‪،‬‬ ‫عبر إنشاء نواة قوة تدخل سريع مجهزة جيداً‪ ،‬حتت لواء األمم املتحدة وتأمني‬ ‫طائرات أو حامالت طائرات إذا لزم األمر‪ ،‬والسؤال ماذا يعني هذا كله‪ ،‬أن ليبيا‬ ‫باتت مستهدفة في ثرواتها وموقعها وتاريخها وهي التي ناضلت على مدى‬ ‫أربعة قرون من أجل إنهاء حركة االستعمار‪ ،‬ليس في ليبيا فقط بل على‬ ‫امتداد أفريقيا والعالم‪ ،‬جتد نفسها اليوم محاصرة بالدول الغربية الطامعة‬ ‫والتي تصر على العودة الى حقبة االستعمار بأشكال جديدة من التدخل‬ ‫االستعماري وعودة االحتالل األجنبي في ثياب “احملرر” زورا ً وبهتاناً‪.‬‬ ‫في هذا الزمن الرديء‪ ،‬يتبدى احللف األطلسي بقيادته األميركية وظلها‬ ‫الصهيوني وكأنه “مجلس قيادة للثورة العربية املعاصرة” ومفوضا ً الى نفسه‬ ‫قيادة عملية التغيير! ولكن أي تغيير ذاك الذي يأتي باألساطيل االستعمارية‪،‬‬ ‫هذا االنقالب في املفاهيم واملعايير يجد القبول عند بعض العرب” رغم املهانة‬ ‫وجترع اخلديعة مرة أخرى‪ ،‬تاركني مصيرهم للغرب يقرر لهم ما يتناسب مع‬ ‫مصاحله‪ ،‬عبر استعادة فاضحة ملا جرى “للثورة العربية الكبرى” التي انتهت‬ ‫بتوزيع املشرق العربي غنائم حرب بني بريطانيا وفرنسا‪ ،‬متهيدا ً لزرع الكيان‬ ‫الصهيوني في القلب منه على أرض‬ ‫فلسطني العربية‪.‬‬

‫الدول ذات التاريخ‬ ‫االستعماري تدعي نصرة‬ ‫ليبيا‬ ‫إنه ألمر مذهل‪ ،‬تلك السرعة‬ ‫القياسية التي جاءت في ظل أزمة‬ ‫اقتصادية تتعاظم‪ ،‬تالقت الدول ذات‬ ‫التاريخ االستعماري‪ ،‬قدمية وحديثة‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على اإلدعاء بنصرة الشعب العربي في ليبيا‪ ،‬وبتأييد ودعوة خرقاء مشبوهة‬ ‫من جامعة الدول العربية‪ ،‬وهكذا ارتدى الفرنسيون والبريطانيون والبلجيك‬ ‫واألملان واليونانيون واألسبان والطليان واألتراك الذين وصلوا متأخرين ارتدوا‬ ‫ثوب احملررين‪ ،‬وجلسوا حتت املظلة األطلسية يتقاسمون خيرات ليبيا‪ ،‬واألمر‬ ‫اخملزي والذي يدعو لالستغراب‪ ،‬أن يصل األمر لدى بعض أنظمة النفط‬ ‫(العربية)‪ ،‬التي أصرت على املشاركة عسكريا ً في احلرب الغربية على ليبيا‪،‬‬ ‫فأرسلت بعض طائراتها احلربية‪ ،‬وتكفلت مبحاولة شراء والء بعض القبائل‬ ‫الليبية وسخرت إعالمها للترويج للعمليات العسكرية الغربية وإن حتت‬ ‫مسميات واهية لدعم (الثورة)‪ ،‬وهذه األنظمة النفطية ذاتها تبذل قصارى‬ ‫جهدها اآلن لشراء انتفاضة تونس أو أقله تلطيف ثورتها وتغذيتها‪ ،‬ببعض‬ ‫أجنحة اإلسالم السياسي بذريعة ضمان اعتدالها وحتى ال تستعدي‬ ‫عليها الغرب والشرق معاً‪ ،‬وهذه األنظمة ذاتها حاولت بالوعود قبل اجلهود‬ ‫أن تسترهن ثورة مصر‪ ،‬وأن تصادر ميدانها‪ ،‬ملوحة باملساعدات املؤثرة التي‬ ‫تدرك أن عهد ما بعد مبارك بأمس احلاجة إليها‪ ،‬فلما أصر “الثوار” على حرية‬ ‫قرارهم تناقضت التعهدات حتى صارت املساعدات قروضا ً بفوائد‪.‬‬ ‫في ليبيا اليوم تتوضح الصورة أكثر من ذي قبل‪ ،‬هناك حالة من الفوضى‬ ‫والتشتت أشبه ما تكون بتلك احلالة‬ ‫غداة دخول القوات األميركية الى‬ ‫العراق‪ ،‬املأزق السياسي الراهن في‬ ‫البالد‪ ،‬اخلالفات في أوجها‪ ،‬وما سمي‬ ‫باجمللس االنتقالي الذي حاول االحتالل‬ ‫فرضه بتركيبته الفريدة لم يعد‬ ‫مقنعا ً للكثير وهو أصالً غير قادر‬ ‫على لعب دور السلطة وإدارة البالد‪،‬‬ ‫فضالً عن أن قوات االحتالل الغربية‬ ‫اخلاصة املوجودة على األرض باتت‬ ‫تتدخل في توجيه الوضع‪ ،‬ويكفي أن‬ ‫نعرف بأن الهجوم على طرابلس يوم‬ ‫‪ 22‬آب املاضي مت بإدارة غربية كاملة‪،‬‬

‫‪48‬‬


‫ومشاركة شركات أمنية خاصة كالتي كان لها‬ ‫دور في العراق‪.‬‬ ‫اجلانب األهم في الوضع الليبي هو الصراع‬ ‫على النفط لهذا أصبح احلسم السياسي كما‬ ‫العسكري رهنا ً بحسم معركة النفط وتوزيع‬ ‫غنائم إعادة اإلعمار التي تقدر بنحو مئة بليون‬ ‫دوالر خالل السنوات اخلمس املقبلة‪.‬‬ ‫صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية نشرت رسالة‬ ‫تضمنت وعدا ً من املتمردين خالل قمة لندن بإعطاء‬ ‫فرنسا ‪ % 35‬من النفط اخلام في البالد‪ ،‬مقابل‬ ‫الدعم العسكري‪ ،‬وأكد رئيس شركة النفط‬ ‫الفرنسية “توتال” ووزير اخلارجية أالن جوبييه‬ ‫علمها بالرسالة واعتبرا أن من “املنطقي” أن تتمتع‬ ‫الدول التي دعمت املتمردين بأكبر الفرص‪.‬‬ ‫ليبيا تعيش صراعا ً أشرس من الصراع العسكري‬ ‫بني مكوناته الداخلية‪ ،‬وهو صراع أطماع الدول الغربية املتدخلة في شؤونه‬ ‫بغطاء عسكري متاما ً كما حصل في املشهد العراقي‪ ،‬فرنسا حتاول أن تأخذ‬ ‫النصيب األكبر من قضية إعادة اإلعمار بأموال ليبية والفوز بتوقيع عقود‬ ‫تنقيب جديدة‪ ،‬لكن الطمع الفرنسي يقابله قلق من بقية أعضاء (الناتو)‬ ‫خصوصا ً الواليات املتحدة التي أنفقت مئات الباليني على احلرب حتى اآلن‪،‬‬ ‫وهناك بريطانيا وإيطاليا وأسبانيا‪ ،‬اجلميع ينتظر تقاسم غنائم احلرب وما‬ ‫بعدها‪.‬‬

‫وحدة ليبيا معرضة للخطر‪ ،‬وثرواتها النفطية‬ ‫وآثارها تُنهب‬ ‫رئيس حترير صحيفة “االكسبرس” الفرنسية كريستوف باربيي يقول‪:‬‬ ‫“األصعب يبدأ اآلن‪ ،‬واألكثر إيالما ً ينجز حالياً‪ ،‬واملستقبل سيكون مليئا ً‬ ‫بخيبات األمل وسيكون الغد برميل بارود‪ ،‬وبدأ زمن االبتذال‪ ،‬حيث ستفرض‬ ‫احلياة إيقاعا ً لعد التفاهمات‪ ،‬قبائل ليبيا في أيامنا هذه‪ ،‬تواجه حتدي احلفاظ‬ ‫على الوحدة وإعادة بناء البالد‪ ،‬اخملاطر متعددة في حني سيظهر في الصحراء‬ ‫هيكل سياسي هش على قدر هشاشة رمالها‪ ،‬إذا تالشى االهتمام الدولي‪،‬‬ ‫ولم يستتبع العمل العسكري املساعدة على إحقاق السالم‪ ،‬سيحدث‬ ‫انقالب آخر وتتحول االنقسامات الى انشقاقات ويصبح القضاء تصفية‬ ‫حسابات‪”....‬‬ ‫النفط ليس الثروة الوحيدة للشعب الليبي املهددة بالنهب والسلب‪ ،‬بل‬ ‫هناك ثروة كبيرة ومهمة من اآلثار التاريخية‪ ،‬التي تتعالى األصوات لصيانتها‬ ‫ومنع السطو عليها في عتبة الفوضى احلاصلة في ليبيا‪ ،‬وهذا ما دفع‬ ‫الوكالة الدولية للثقافة والعلوم “اليونسكو” إلصدار إعالن موجه الى جتار‬ ‫التحف واآلثار القدمية في العالم حتذرهم من املتاجرة بالتحف الليبية التي‬ ‫ميكن أن تنهب في ظل الفوضى التي تعم ليبيا حالياً‪ ،‬وكانت التقارير قد‬ ‫ذكرت‪ ،‬أن الفوضى التي حصلت في طرابلس بعد سقوط باب العزيزية في‬ ‫طرابلس‪ ،‬كانت مصحوبة بعمليات سلب ونهب‪ ،‬من ضمنها نهب بعض‬ ‫التحف واآلثار التاريخية‪.‬‬ ‫احلرب الغربية التي شنت على ليبيا مستهدفة احتاللها ونهب ثرواتها‬ ‫حتت مسميات وذرائع ال تستقيم مع احلقيقة والوقائع‪ ،‬هي حرب من أجل‬ ‫النفط والهيمنة الغربية وعودة االستعمار بطرق جديدة مبتكرة وحتت شعار‬ ‫“الدميقراطية وحماية املدنيني” والى ما هنالك من فنون الدهاء واخلبث‪ ،‬وهي‬ ‫تؤشر النحسار النفوذ األميركي أيضا ً وعودة االستعمار القدمي الى أفريقيا‬ ‫والعالم العربي‪.‬‬ ‫وهل يصدق العرب الليبيني وكثيرون غيرهم أن ديفيد كامرون (بريطانيا)‬ ‫وساركوزي (فرنسا) أطلقا أعتى قواتهما العسكرية لضرب ليبيا حلماية‬

‫املدنيني وبناء ليبيا جديدة على أسس من احلرية‬ ‫والدميقراطية واحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬يؤسفنا‬ ‫أن نرى بعض من املعلقني (العرب) وهم يروجون‬ ‫لبضاعة فاسدة ويشرعنون االحتالل ويخلقون له‬ ‫املبررات‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬ألم يسأل بعض (العرب) أنفسهم‬ ‫ملاذا ينفق الفرنسيون والبريطانيني ماليني الدوالرات‬ ‫وهم في أوضاع اقتصادية وخيمة حيث األزمة‬ ‫املالية تنخر جذورهم ومشاريعهم‪ ،‬إنها دفعات‬ ‫على احلساب ستسددها ليبيا بعد احلرب أضعافا ً‬ ‫مضاعفة‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬إن فرنسا وبريطانيا وجدتا الفرصة‬ ‫مناسبة لغزو ليبيا وهذا ما وفرته األحداث واألزمات‬ ‫(واالنتفاضات) العربية‪ ،‬والدوافع األساسية متوفرة‬ ‫وهي مركبة بعدة عوامل ومن بينها الثأر من الواليات‬ ‫املتحدة في لعبة التنافس والتسابق على اقتسام ثروات الشعوب‪.‬‬ ‫فالواليات املتحدة دمرت العراق وحصرت كل عائدات إعماره في الشركات‬ ‫األميركية‪ ،‬مع ترك شيء من الفتات للبريطانيني وحرمان تام للفرنسيني‬ ‫عقوبة لهم على معارضتهم تدمير العراق‪ ،‬لقد رأى ساركوزي وكامرون في‬ ‫ليبيا فرصة ذهبية نفطية النتزاع املبادرة من أميركا والعودة الكتساب النفوذ‬ ‫واستغالل الطاقات في العالم العربي وإفريقيا‪ ،‬وكانت سرعة ساركوزي في‬ ‫الهجوم على ليبيا مفاجأة حتى حللفائه‪ ،‬وقد استغل تردد أوباما الغارق‬ ‫في أزماته في أكثر من مكان ومجال‪ ،‬وانطلق ساركوزي لكي يفرض فرنسا‬ ‫بوصفها القوة الرقم واحد في تدمير ليبيا ثم إعادة إعمارها‪ ،‬وأما احلديث‬ ‫عن (التحرير) فهو الذريعة ذاتها التي استخدمت في العراق أيضاً‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يؤمن لفرنسا السيطرة على االمتيازات النفطية التي ستأتي بعد احلرب‬ ‫وعلى التبادل التجاري‪ ،‬وأدرك البريطانيون ذلك بسرعة وشاركوا فوراً‪ ،‬ونسبوا‬ ‫ألنفسهم الفضل في احلصول على دعم األمم املتحدة‪ ،‬وسارعوا بعد أن‬ ‫تعلموا من الكوارث التي أحدثها األميركيون في العراق وحتدثوا عن “الدعم‬ ‫واملساندة والقيادة والتخطيط والشركات األمنية اخلاصة وإنشاء مؤسسات‬ ‫وهمية” والهدف تغيير األوضاع واحتالل البالد وتدميرها‪ ،‬واالستمرار في‬ ‫تطبيق املبادئ السياسية التي حتكم العالم األوروبي – األميركي‪ ،‬وأهمها‬ ‫عمر”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫“دمر ثم ّ‬ ‫وراء احلروب األوروبية احلديثة أطماع ومشكالت اقتصادية‪ ،‬تغطيها شعارات‬ ‫براقة وإيهامات باحلرص على القيم األخالقية والفكرية وينطبق هذا على‬ ‫احلروب األميركية‪ ،‬مع فارق أن الواليات املتحدة تعمل لفرض هيمنتها عامليا ً‬ ‫وانتزاع النفوذ‪ ،‬واحلرب بالنسبة ألوروبا وسيلة ضرورية للحفاظ على أكبر‬ ‫مؤسساتها الصناعية والتجارية‪ ،‬وقدرتها على املنافسة التجارية العاملية‪.‬‬ ‫ليعمر من أجل أن ينقذ اقتصاده ويجد عمالً وأسواقأ ً لشركاته‬ ‫يدمر‬ ‫الغرب ّ‬ ‫ّ‬ ‫وملاليني العاطلني عن العمل فيه‪ ،‬ولذلك يختار بلدانا ً متلك من الثروات ما‬ ‫يجعلها قادرة على تسديد فواتير إعادة اإلعمار‪.‬‬ ‫وفي العديد من البلدان التي ارتكبت فيها مجازر‪ ،‬وكانت تلك البلدان‬ ‫فقيرة نسبياً‪ ،‬وكانت إعادة اإلعمار تقتضي أن ينفق الغرب من أمواله عليها‬ ‫مثل (الصومال‪ ،‬ساحل العاج‪ ،‬غزة – اليمن) وكلها أمثلة جديدة‪.‬‬ ‫لم يكد مؤمتر باريس “ملساندة ليبيا اجلديدة” ينتهي من التقاط الصور‬ ‫االستعراضية األخيرة للمشاركني فيه حتى قال وزير اخلارجية البريطاني‬ ‫وليم هيغ‪“ :‬إن الشركات البريطانية لن تنحى جانبا ً في العقود الليبية التي‬ ‫ُعقدت في ‪ 1‬أيلول ‪ ”2011‬أي أنها لن تخرج صفر اليدين أو بنصيب الثعلب‬ ‫من الغنيمة وتترك احلصة الكبرى لفرنسا‪ ،‬كما حدث في العراق ويحدث في‬ ‫عمر” واقبض األثمان أضعافا ً مضاعفة‪ ،‬الدرس‬ ‫ليبيا‪ ،‬إنه االستعمار ّ‬ ‫“دمر ثم ّ‬ ‫لم ينته بعد‪ ،‬ما العمل؟!‬

‫‪49‬‬

‫نبيل مرعي‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫عقد على أحداث ‪ 11‬أيلول‪:‬‬ ‫حروب أميركا اإلرهابية‬ ‫متر اليوم الذكرى العاشرة لهجمات ‪ 11‬أيلول‬ ‫التي تهاوى فيها برجا مركزي التجارة العاملي في‬ ‫قلب نيويورك ومعهما تهاوت العالقة بني الغرب‬ ‫واإلسالم‪.‬‬ ‫وبعد مضي عقد من الزمن على أحداث ذهب‬ ‫ضحيتها نحو ثالثة آالف شخص هم ضحايا‬ ‫الهجمات االنتحارية‪ ،‬وتبعهم أكثر من مليون قتيل‬ ‫في “احلرب على االرهاب” في أفغانستان والعراق‪،‬‬ ‫ومتكن األميركيون من النيل من زعيم “القاعدة”‬ ‫أسامة بن الدن في أيار املاضي‪ ،‬يرى مراقبون وخبراء أن‬ ‫العالقة بني اجلانبني حتسنت ولكنها بحاجة للمزيد‬ ‫من العمل‪.‬‬ ‫ويعتقد اخلبراء ان إيجاد حلول للمشكالت‬ ‫السياسية في منطقة الشرق األوسط من شأنه‬ ‫املساهمة في تخفيف التوتر بني اجلانبني‪ ،‬ولفت‬ ‫الباحثون إلى أن على اجلميع التعلم من الدروس‬ ‫السابقة القاسية وأن منطق القوة قد فشل ويجب‬ ‫اللجوء إلى قوة املنطق في فتح صفحة جديدة‬ ‫للتعايش ألن في التعايش سالم وفي السالم أمن‬ ‫والتجربة املاضية أثبتت أنها كانت مخالفة لكل‬ ‫تلك القواعد ومت عسكرة العالقات بني املسلمني‬ ‫وغير املسلمني وبني أميركا وبني العالم اإلسالمي‪،‬‬ ‫وبذلك مت فقدان الثقة بني الطرفني‪.‬‬ ‫فهل كانت أحداث ‪ 11‬أيلول ‪ 2001‬بداي ًة حلقب ٍة‬ ‫زمني ٍة جديدة في العالم؟ وهل من قبيل الصدفة‬ ‫أن تكون املنطقة العربية‪ ،‬ومنطقة اخلليج العربي‬ ‫ّ‬ ‫محط تفاعالت ما بعد أحداث ‪ 11‬أيلول‪،‬‬ ‫حتديداً‪ ،‬هي‬ ‫حيث قادت اإلدارة األميركية السابقة حربها على‬ ‫أفغانستان ثم العراق بذريعة الر ّد على ما جرى‬ ‫إرهاب ضد أميركا؟! وكل ذلك بهدف بناء شرق‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫أوسط جديد ساهم فيه أدوات عربية استخدمتها‬ ‫أميركا كحجر دومينو للسيطرة على املنطقة‬ ‫وإجناح أهدافها فيها‪ ،‬والذي حت َّدث عنه الرئيس جورج‬ ‫بوش األب في مطلع عقد التسعينات‪ ،‬بعد انهيار‬ ‫االحتاد السوفييتي‪.‬‬ ‫وجرى في عموم أوروبا الشرقية تغيير اقتصادي‬ ‫وسياسي وأمني‪ ،‬بل وثقافي أحياناً‪ ،‬في ظ ِّل رعاي ٍة‬ ‫أميركية لك ِّل هذه التغييرات‪ .‬وكانت حرب اخلليج‬ ‫الثانية حلقة في سلسلة متغ ّيرات أرادت واشنطن‬ ‫فرضها على العالم‪ ،‬كما كان من املؤ َّمل أميركيا ً‬ ‫أن تنسحب هذه املتغ ّيرات األوروبية على املنطقة‬ ‫العربية أيضاً‪ ،‬وعلى جوارها اإلقليمي في آسيا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وإفريقيا‪ ،‬أي تغييرات أمنية وسياسية واقتصادية‬ ‫وثقافية‪ ،‬وربمّ ا في أنظمة احلكم أيضاً‪.‬‬ ‫وكانت إدارة بوش األب حريصة على إنهاء ملف‬ ‫الصراع العربي ‪ -‬اإلسرائيلي وفق صيغة مؤمتر‬ ‫مدريد‪ ،‬وما كان يجب أن يترت َّب عليه من بناء‬ ‫شرق أوسطي جديد‪ ،‬يسوده التطبيع الكامل‬ ‫ٍ‬ ‫بني العرب و”إسرائيل”‪ ،‬ومن ح ٍّل نهائي للمشكلة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬من خالل توظيف نتائج غزو الكويت‬ ‫وتفاعالته السلبية العربية‪ ..‬لكن هذه ّ‬ ‫اخملططات‬ ‫تع َّثرت‪ ،‬وخرجت “مجموعة اخلبراء” من البيت األبيض‬ ‫بعد ‪ 12‬سنة‪ ،‬ودخل البيت األميركي طاقم جديد‪،‬‬ ‫ال يحمل الرؤية نفسها وال اخلبرة نفسها أيضاً‪.‬‬ ‫فكانت فترة عهد كلينتون (‪ 8‬سنوات) حالة تعامل‬ ‫باالضطرار مع أوضاع عاملية‪ ،‬أكثر منها مبادرات‬ ‫محددة‪.‬‬ ‫تخدم رؤي ًة‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا ساد اجلمود السياسي منطقة الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬فلم تسقط أنظمة‪ ،‬ولم حتدث تغييرات‬ ‫كالتي حدثت في أوروبا الشرقية‪ ،‬وتو َّقفت “احملدلة”‬ ‫األميركية عن العمل حتى عودة “مجموعة اخلبراء”‬ ‫من جديد إلى احلكم‪ ،‬مع فوز الرئيس بوش االبن‬ ‫بصعوب ٍة بالغة‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫ثم جاءت أحداث ‪ 11‬أيلول ‪ 2001‬لتنقل إدارة بوش‬ ‫ّ‬ ‫مشكوك بشرعيتها وبشعبيتها األميركية‪،‬‬ ‫من حال ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫إلى حالة التضامن األميركي الكامل معها ومع‬ ‫سياستها الراهنة في احلرب ض َّد اإلرهاب‪.‬‬ ‫وفتحت أحداث ‪ 11‬أيلول األبواب ك ّلها أمام “الرؤية‬ ‫رات في الشرق‬ ‫األميركية”‪ ،‬التي‬ ‫ّ‬ ‫تتضمن إحداث متغ ّي ٍ‬ ‫بشكل‬ ‫واإلفريقي‪،‬‬ ‫اآلسيوي‬ ‫جواره‬ ‫األوسط وفي‬ ‫ٍ‬ ‫مشاب ٍه ملتغ ّيرات أوروبا الشرقية‪.‬‬ ‫لقد كان ما حدث في نيويورك وواشنطن في‬ ‫العام ‪ ،2001‬حتما ً عمالً إرهابيا ً كبيراً‪ ،‬ولم جتد‬ ‫واشنطن من يختلف معها على ذلك‪ ،‬لكنها وجدت‬ ‫من اختلف معها في ّ‬ ‫ظل إدارة بوش السابقة‪ ،‬حول‬ ‫كيف ّية الر ّد وحدوده وأمكنته‪ ،‬وأيضا ً حول مدى‬ ‫شمولية مفهوم اإلرهاب لدى السلطات األميركية‪.‬‬ ‫عمل عسكر ٍّي‬ ‫فالواليات املتحدة مازالت تعتبر أ َّي‬ ‫ٍ‬ ‫ض َّد اجليش اإلسرائيلي هو عمل إرهابي! وقد دخلت‬ ‫أميركا بعد ‪ 11‬أيلول حربها ض َّد “اإلرهاب” كعد ّو‪،‬‬ ‫دون حتديد ماه َّية “العدو” ومفهوم “اإلرهاب” نفسه‪،‬‬ ‫فاختلطت تسمية اإلرهاب مع حقّ املقاومة لدى‬ ‫الشعوب اخلاضعة لالحتالل‪ ،‬وهو حقٌّ مشروع بكا ّفة‬ ‫املعايير الدولية‪.‬‬


‫‪ 10‬سنوات على ‪ 11‬أيلول‪ :‬اليوم‬ ‫الذي ه ّز العالم وغيّر أميركا‬ ‫في ‪ 11‬أيلول ‪ ،2001‬ارتطمت ثالث طائرات مدنية‬ ‫محملة بالركاب مببنيي مركز التجارة العاملي في‬ ‫نيويورك والبنتاغون في ضواحي واشنطن في‬ ‫هجمات انتحارية أدت في محصلتها الى مقتل‬ ‫أكثر من ثالثة آالف شخص معظمهم أميركيون‪.‬‬ ‫طائرة رابعة كانت تستهدف مبنى الكونغرس ولكن‬ ‫ركابها صارعوا اخلاطفني االنتحاريني وأسهموا في‬ ‫إسقاطها في حقل في بنسلفانيا‪.‬‬ ‫ومتلك األميركيون الغضب‪ ،‬فأمروا جيوشهم بشن‬ ‫حرب ضد تنظيمي القاعدة وطالبان في أفغانستان‬ ‫في تشرين األول‪ ،‬وواحدة أخرى ضد العراق في آذار‬ ‫‪.2003‬‬ ‫وكانت تكلفة احلربني باهظة جدا ً على الواليات‬ ‫املتحدة وناهزت اخلمسة تريليونات دوالر‪ ،‬من أصل ‪15‬‬ ‫تريليونات دينا ً عاما ً بدأت البالد مبراكمتها منذ تولي‬ ‫رونالد ريغان الرئاسة في العام ‪.1980‬‬ ‫في العامني ‪ 2001‬و‪ ،2003‬اجتاح اجليش األميركي‬ ‫أفغانستان والعراق‪ ،‬وتكبد خسائر بشرية كانت‬ ‫األولى من نوعها منذ حرب فيتنام في السبعينات‪،‬‬ ‫إال أن ال العراق وال أفغانستان حتوال الى مستنقع كما‬ ‫فيتنام من حيث عدد اخلسائر‪ ،‬فمجموع ما خسره‬ ‫األميركيون في حربي العقد املاضي بالكاد جتاوز الـ‬ ‫‪ % 10‬مما تكبدوه في فيتنام حيث قارب عدد القتلى‬ ‫في صفوف األميركيني ما يزيد عن الـ ‪ 58‬ألفا‪.‬‬ ‫ويبدو أن التقليص من نفقات احلربني هي الدافع‬ ‫األول كي تقوم واشنطن بالعمل على إنهائهما‪ ،‬إذ‬ ‫يتوقع “مجلس املوازنة التابع للكونغرس” أن يؤدي‬ ‫إنهاء احلربني الى توفير تريليون و‪ 100‬مليون دوالر‬ ‫على اخلزينة األميركية في العقد املقبل‪ .‬ثم أن‬ ‫إنهاء احلربني أصبح ضرورة‪ ،‬على األقل من وجهة‬ ‫نظر الرئيس باراك أوباما الذي قال في أحد خطاباته‬ ‫إنه “حان الوقت لنا لإلنصراف عن بناء الدولة في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬والتفرغ لبناء أميركا”‪.‬‬ ‫ولذلك على الرغم من سعة انتشار مراسم‬

‫هم األزمة االقتصادية مازال‬ ‫ذكرى ‪ 11‬أيلول‪ ،‬إال أن ّ‬ ‫يتصدر االهتمام العام ويلقي بظالله على احلوارات‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬خصوصا ً على خطب املرشحني الى‬ ‫الرئاسة والكونغرس للعام املقبل‪.‬‬ ‫هل فازت أميركا في حربها ضد اإلرهاب لتجد‬ ‫نفوذها العاملي واالقتصادي يتراجع أمام الصني؟ وهل‬ ‫تستطيع الواليات املتحدة وقف انحدارها االقتصادي‬ ‫واستعادة تفوقها؟‬ ‫اإلجابة ال ترتبط حتما ً بعقد ‪ 11‬أيلول وحروبه‪،‬‬ ‫بل يعزو بعض احملللني تقهقر أميركا الى اعتقاد‬ ‫اقتصادي خاطئ سيطر على أهل القرار في البالد‬ ‫خالل النصف الثاني من القرن املاضي‪ .‬هذا االعتقاد‬ ‫مفاده أن اميركا كانت وصلت الى مرحلة “ما‬ ‫بعد الثورة الصناعية”‪ ،‬وأنه من األجدى أن يتحول‬ ‫اقتصادها الى اخلدمات‪ ،‬وهو ما حدا الشركات الى‬ ‫إقفال مصانعها األميركية وفتحها في الصني‪.‬‬ ‫إن عودة أميركا الى “الصناعة” هي الوسيلة‬ ‫الوحيدة إلصالح اقتصادها واستعادة بريقه‪ ،‬وهو‬ ‫ما يبدو أن أوباما عكف على فعله منذ انتخابه‪،‬‬ ‫والدليل كان باألرباح التي حققتها شركات السيارات‬ ‫األميركية أخيراً‪ ،‬بعد أن قاربت اإلفالس لوال تدخل‬ ‫احلكومة األميركية في العام ‪.2008‬‬ ‫عودة الصناعة األميركية واإلصالح في املوازنة‬ ‫يبدوان عنواني املرحلة في العقد التالي لعقد‬ ‫‪ 11‬أيلول‪ ،‬وأول الغيث حدوث فائض في املوازنة إذ‬ ‫أظهرت األرقام انخفاضا في العجز املتوقع للعام‬ ‫‪ 2011‬بواقع ‪ 300‬مليون دوالر ليصبح تريليون و‪200‬‬ ‫مليون‪.‬‬ ‫قد يكون االقتصاد األميركي مضعضعاً‪ ،‬وقد‬ ‫تكون أميركا مازالت جريحة بعد مرور عقد على‬ ‫هجمات ‪ 11‬أيلول‪ ،‬إال أن املؤشرات تشير الى أن‬ ‫املارد األميركي غلب خصومه فيما هو في طريقه‬ ‫الى استعادة قوته االقتصادية‪ .‬هكذا‪ ،‬بعد مرور‬ ‫عقد على هجمات ‪ 11‬أيلول‪ ،‬وعلى الرغم من املزاج‬ ‫األميركي القامت والتساؤالت حول مستقبل القوة‬ ‫العظمى‪ ،‬يبدو أن املراهنة على سقوطها أو انهيارها‬ ‫مازاال مبكرين‪ ،‬واإلجابة مخبأة ال شك في أحداث‬ ‫العقد املقبل‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫احتالل بوسائل أخرى‬ ‫وبينما تبدو ظاهريا ً سياسات إدارة أوباما الذي‬ ‫استبشر بوصوله إلى البيت األبيض كثير من‬ ‫املسلمني‪ ،‬وبينما تبدو هذه السياسات أكثر إيجابية‬ ‫مقارنة بسياسات إدارة بوش ‪ -‬تشيني املوصومة‬ ‫بالدموية‪ ،‬إال أن الرصد الواقعي ملا يحدث منذ‬ ‫وصول أوباما إلى احلكم على أرض تلك احلروب يأتي‬ ‫بنتيجة معاكسة متاماً‪ ،‬فخارجيا ً وجدناه يعلن‬ ‫سحب جنود من أفغانستان بجداول زمنية‪ ،‬كذلك‬ ‫في العراق‪ ،‬بينما الواقع يؤكد أنه باق في العراق من‬ ‫خالل القواعد والترسانات العسكرية التي شيدت‬ ‫ألجل غير مسمى‪ ،‬وكان ما يجري سحبه هو القوات‬ ‫املقاتلة والكوماندوز لتحويل معظمها إلى أماكن‬ ‫أخرى كأفغانستان‪ ،‬وفي أفغانستان مت توسعة‬ ‫الهدف اجلغرافي ليشمل باكستان مع االستعداد‬ ‫ملواجهات في اليمن‪ ،‬وحيث يتم حاليا ً توفير ممرات‬ ‫جوية آمنة ملسار عمليات تنفذ بطائرات من دون‬ ‫طيار هناك‪ ،‬وكذلك في الصومال وصحراء جنوب‬ ‫شمال إفريقيا‪ ،‬مع الفارق أنه في كل هذه التوسعات‬ ‫العسكرية واألمنية األميركية مت استحداث طرق‬ ‫جديدة تقلل من االعتماد على القوات األميركية‬ ‫على األرض‪ ،‬وضاعفت من االعتماد على املرتزقة‬ ‫وشركاتهم وعلى رأسها شركة “زي” أو “بالك ووتر”‬ ‫سابقا ً وهي شركة مرتزقة قائمة على أفكار صليبية‬ ‫متطرفة‪ .‬وهذه التوجهات برمتها ستخدم صانع‬ ‫القرار األميركي‪ ،‬فهو من ناحية سيقلل من الغضب‬ ‫الشعبي بينما هو مستمر في سياساته‪.‬‬ ‫لم تكن تفجيرات ‪ 11‬أيلول ‪ 2001‬مجرد عمل‬ ‫إرهابي‪ ،‬مهما كانت خطورته‪ ،‬بقدر ما شكلت‬ ‫منعطفا ً حادا ً ومفاجئا ً في مسار السياسة اخلارجية‬ ‫األميركية وفي تاريخ العالقات الدولية املعاصرة‪.‬‬ ‫ولم يجر استثمار حادثة في هذا التاريخ احلافل بقدر‬ ‫استغالل الواليات املتحدة لهذا احلدث الذي أسست‬ ‫عليه مشروعا ً متكامالً للهيمنة على نظام دولي‬ ‫سعى احملافظون اجلدد لبنائه وفقا ً لتصوراتهم‬ ‫األيديولوجية املسبقة‪ .‬ولسوف تنقضي سنوات بل‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫عقود طويلة قبل أن تنكشف أسرار ومكامن غموض‬ ‫كثيرة حتيط بهذا احلدث اجللل‪.‬‬ ‫في تسعينات القرن املاضي وخالل حكم الرئيس‬ ‫كلينتون نشر احملافظون اجلدد دراسات ومقاالت‬ ‫تتضمن أفكارهم‪ ،‬احملافظة والثورية في آن معاً‪ ،‬عن‬ ‫مستقبل الواليات املتحدة والنظام الدولي والداعية‬ ‫إلى سياسة خارجية عمادها القوة واإلكراه بهدف‬ ‫منع انبعاث القوة الروسية من سباتها وصد الصعود‬ ‫الصيني والسيطرة على منابع وممرات النفط في‬ ‫الشرق األوسط وتطويع األمم املتحدة وتوسيع حلف‬ ‫األطلسي ومهامه ومساندة “إسرائيل” إلى حدود‬ ‫أقصى واحتالل العراق وتغيير اخلريطة اجليوسياسية‬ ‫العربية واإلسالمية ‪. . .‬الخ‪ ،‬بغية تكريس سيطرة‬ ‫الواليات املتحدة على النظام الدولي لفترة ممتدة‪.‬‬ ‫وقد أجمع احملافظون اجلدد على أن الظروف الدولية‬ ‫املؤاتية بعد زوال القطبية ‪ -‬الثنائية قد ال تتكرر أبدا ً‬ ‫وبأنه ينبغي العمل بسرعة وفعالية خللق نظام دولي‬ ‫حتتل الواليات املتحدة قمرة قيادته‪.‬‬ ‫لقد هبطت هذه التفجيرات على احملافظني اجلدد‬ ‫كـ “النعمة اإللهية”‪ ،‬كما يقول ستانلي هوفمان‪،‬‬ ‫أستاذ العلوم السياسية األميركي‪ ،‬ألنها أتاحت‬ ‫لهم فرصة الشروع في وضع مخططاتهم اجلاهزة‬ ‫موضع التطبيق‪ .‬حظي الهجوم األميركي على‬ ‫أفغانستان بتأييد دولي غير مسبوق‪ .‬حتى الرئيس‬ ‫بوتني وافق على نشر قوات وقواعد أميركية في جوار‬ ‫روسيا املباشر (في مقابل إطالق يده في الشيشان)‬ ‫والصني أيدت احلرب األميركية على اإلرهاب (في‬ ‫مقابل غض النظر عن قمعها للمسلمني األويغور‬ ‫في إقليم كسنجيانغ) وكان عنوان جريدة “لوموند”‬ ‫الفرنسية الفتا ً ومعبراً‪“ :‬كلنا أميركيون”‪ .‬وما عدا‬ ‫قلة قليلة مثل صدام حسني وتشافيز وكاسترو فإن‬ ‫كل زعماء العالم تقريبا ً حتلقوا حول الرئيس بوش‬ ‫الذي صار زعيما ً أوحد للعالم على أنقاض برجي‬ ‫التجارة العاملية في نيويورك ومبنى البنتاغون في‬ ‫واشنطن‪ .‬ومت احتالل أفغانستان بسهولة ليبدأ‬ ‫اإلعداد للحرب على العراق والهادفة إلى صياغة‬ ‫هندسة جديدة إلحدى أهم وأغنى مناطق العالم‬ ‫بالنفط واجليوستراتيجيا‪.‬‬ ‫بيد أن واشنطن لم حتظ في خطتها العراقية مبا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حظيت به من إجماع دولي‬ ‫خلطة التوجه صوب جبال تورا بورا األفغانية الوعرة‪.‬‬ ‫حتى أن بعضا ً من حلفائها عارضوها وترجموا‬ ‫معارضتهم حراكا ً دبلوماسيا ً فاعالً في حلف‬ ‫األطلسي ومجلس األمن في رفض منح واشنطن‬ ‫الضوء األخضر لغزو العراق‪ .‬لكن احملافظني اجلدد‬ ‫املتلهفني لتنفيذ مشاريعهم أداروا ظهورهم لكل‬ ‫املؤسسات الدولية التي كان لبالدهم املساهمة‬ ‫األكبر في إنشائها‪ ،‬فكان احتاللهم للعراق وما كلفه‬ ‫من دمار ودماء ومآس حلت بشعب عربي ال ذنب له‬ ‫سوى أن أراضيه تضم في أحشائها ذهبا ً أسود وتقبع‬ ‫في منطقة تريدها “إسرائيل” مسرحا ً لنفوذها‪.‬‬ ‫لم يطل األمر قبل أن ينجلي االحتالل األميركي‬ ‫للعراق عن كارثة حقيقية حلت بالعراقيني أوال ً‬ ‫وبالشرق األوسط عموما ً من دون أن توفر الواليات‬ ‫املتحدة نفسها‪ ،‬التي حت ّول نصرها العسكري‬ ‫الساحق خسارة كبرى بكل املعايير السياسية‬ ‫واملالية واالقتصادية واالستراتيجية وانهيارا ً للهيبة‬ ‫واملصداقية‪ .‬غرق اجليش األميركي في وحول العراق‬ ‫فصارت “العرقنة” مرادفا ً لـ “الفتننة” في قاموس‬ ‫مفردات العالقات الدولية اجلديدة‪ .‬وبسرعة مذهلة‬ ‫انقلب الطموح األميركي من إعادة تشكيل النظام‬ ‫الدولي انطالقا ً من الشرق األوسط إلى البحث عن‬ ‫مخرج آمن من هذه املنطقة‪ .‬أما عن أفغانستان‬ ‫فبعد عقد كامل على احتاللها جتمع التحليالت‬ ‫الغربية قبل غيرها على أن الفوز في هذه احلرب أمر‬ ‫غير ممكن واملطلوب اخلروج بأقل قدر من اخلسائر‬ ‫وليس أكبر قدر من املكاسب‪ ،‬كما تكون عليه احلروب‬ ‫الرابحة في العادة‪ .‬وفي نهاية العام اجلاري سيخرج‬ ‫األميركيون من العراق على األرجح سواء جنحت‬ ‫مساعيهم لإلبقاء على بضعة آالف من جنودهم‬ ‫فيه أم لم تنجح‪.‬‬

‫تداعيات ‪ 11‬أيلول على السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية‬ ‫إن الواليات املتحدة استغلت أحداث ‪ 11‬أيلول‬ ‫لكي تكون القوة العظمى الوحيدة في العالم‬

‫‪52‬‬

‫من خالل تبنيها لدور امبراطوري لقيادة العالم‪،‬‬ ‫مبينا ً أن واشنطن جنحت في جعل العالم العربي‬ ‫مسرحا ً لعملياتها لتصفية احلساب مع تنظيم‬ ‫القاعدة واجلماعات املتطرفة‪ ،‬لكن هذا كله من أجل‬ ‫مصاحلها وإعادة ترتيب منطقة الشرق األوسط مبا‬ ‫يخدم مصاحلها ويخدم مشاريعها‪.‬‬ ‫ويعتقد العديد من املراقبني أن هزمية املشروع‬ ‫األميركي في العراق وأفغانستان وما يترتب عليها‬ ‫من تداعيات‪ ،‬يستدعي من واشنطن أن تعيد النظر‬ ‫في سياستها اخلارجية واحترام إرادة الشعوب‬ ‫والتعاون معها وليس مع احلكام الذين يخدمون‬ ‫مصلحة واشنطن اخلاصة ألن الشعوب هي الباقية‬ ‫أما احلكام فإنهم إلى زوال خصوصا ً بعد ما أثبتت‬ ‫الشعوب العربية قدرتها على اإلطاحة بحكامها‬ ‫الذين يستغلون هذه الشعوب ويحرمونها من كل‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫اذا كانت هجمات ‪ 11‬سبتمبر قد ارتدت بالسلب‬ ‫على العراق‪ ،‬فإن تداعياتها قد ارتدت باإليجاب على‬ ‫دول أخرى مثل اجلزائر التي ما انفكت تنادي منذ عام‬ ‫‪ ،1992‬تاريخ اندالع العمليات اإلرهابية فيها على يد‬ ‫اجلماعات املتشددة‪ ،‬بضرورة مواجهة اإلرهاب وخطره‬ ‫على العالم‪.‬‬ ‫وساعدت التحالفات التي دخلت فيها اجلزائر‬ ‫باخلصوص مع الواليات املتحدة األميركية والدول‬ ‫الغربية األخرى الى جانب التنسيق وتبادل املعلومات‬ ‫وشراء األسلحة اخملصصة في مكافحة اإلرهاب‬ ‫على بسط سيطرتها شبه الكلية على اجلماعات‬ ‫اإلرهابية وتقليص دورها وحصرها في اجلبال واملناطق‬ ‫النائية بعدما كانت تهدد املدن الكبرى‪.‬‬ ‫اكتوت اجلزائر بنار اإلرهاب لسنوات‪ .‬وبحسب‬ ‫اإلحصاءات الرسمية اجلزائرية فإن آالف املواطنني‬ ‫قضوا في الفترة ما بني عامي ‪ 1992‬و‪ 2000‬على‬ ‫يد اجلماعات اإلرهابية‪ ،‬حتديدا “اجلماعة اإلسالمية‬ ‫املسلحة” أخطر وأكبر اجلماعات اإلرهابية في‬ ‫تسعينيات القرن املاضي‪ ،‬الى أن اضمحلت بفعل‬ ‫ضربات اجليش واألمن لتأتي بعدها “اجلماعة السلفية‬ ‫للدعوة والقتال” التي انشقت عنها بعد أن رفضت‬ ‫نهج التكفير وعدم التفريق بني احلكومة واجملتمع‪.‬‬ ‫وكان أخطر ما قام به هذا التنظيم التفجيرات‬


‫االنتحارية التي استهدفت مقر احلكومة اجلزائرية‬ ‫ومكاتب األمم املتحدة عام ‪ 2007‬والتي أودت بحياة‬ ‫العشرات‪.‬‬ ‫وبالتوازى مع الشق األمني‪ ،‬تبنت اجلزائر فى عام‬ ‫‪ 2005‬سياسة السلم واملصاحلة إلقناع بقايا هذه‬ ‫اجلماعات بإلقاء السالح والعودة على اجملتمع‪ .‬ومببادرة‬ ‫من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة زكى اجلزائريون في‬ ‫‪ 29‬أيلول ‪ 2005‬ميثاق السلم واملصاحلة الوطنية‬ ‫الذي مينح العفو لإلرهابيني مقابل استسالمهم‬ ‫طواعية فضال عن إطالق سراح آالف املشبوهني في‬ ‫القضايا اإلرهابية والسماح آلالف آخرين بالعودة إلى‬ ‫اجلزائر بعدما فروا الى اخلارج خوفا من املتابعات‪.‬‬ ‫ويرى محللون جزائريون أن اجلزائر أثبتت قدرتها على‬ ‫إدارة وحتييد اجلماعات اإلرهابية بعد أن اعتمدت حزمة‬ ‫من اإلجراءات األمنية القائمة على محاصرة هذه‬ ‫اجلماعات في معاقلها مع تنفيذ هجمات مباغتة‬ ‫ضدها واالستفادة من املعلومات التي تقدمها‬ ‫العناصر اإلرهابية التي تسلم نفسها لقوات األمن‬ ‫مع توجه احلكومة نحو سياسة تضييق املتنفس‬ ‫الدعائي من خالل تكييف قوات األمن ملواجهة‬ ‫شبكة اإلرهاب‪ ،‬وهي السياسة التي تطالب اجلزائر‬ ‫بضرورة تطبيقها على املستوى اإلقليمي‪.‬‬ ‫واعتبر احملللون أن بناء قوة الدولة اجلزائرية في‬ ‫اإلطار العسكري‪ ،‬ظهر من خالل مشروعني أساسيني‬ ‫للرئيس بوتفليقة وضعهما في برنامجه االنتخابي‪.‬‬ ‫املشروع األول هو حتديث القدرات الدفاعية‪ ،‬مبا‬ ‫يخدم املصالح األمنية والوطنية للدولة اجلزائرية‬ ‫باعتبارها من أكبر املساحات اجلغرافية في إفريقيا‪.‬‬ ‫أما املشروع الثاني فيتعلق باحترافية املؤسسة‬ ‫العسكرية في إطار آليات التعاون العسكري‬ ‫الدولي‪ ،‬من خالل انخراط اجلزائر في احلوار األطلسي‬ ‫املتوسطي‪ ،‬والتعاون في إطار مجموعة ( ‪ 5‬زائد ‪)5‬‬ ‫لدول غرب املتوسط‪ ،‬وهو ما يجعل من اجلزائر تعطي‬ ‫أولوية لتقاسم أعباء التحديات األمنية اجلديدة مثل‬ ‫اإلرهاب واجلرمية املنظمة العابرة للدول‪ ،‬وتقتضي‬ ‫كلها مناورات بحرية وبرية مشتركة ملواجهة هذه‬ ‫التحديات‪.‬‬

‫تداعيات أحداث ‪ 11‬أيلول‬ ‫و «الربيع العربي»‬ ‫وتالشت تداعيات أحداث ‪ 11‬أيلول عن العالم‬ ‫العربي وعن املنظومة الدولية‪ ،‬وذلك يعود الى‬ ‫أسباب عدة منها ما هو مرتبط بتغيير اإلدارة‬ ‫األميركية وقدوم إدارة جديدة برئاسة أوباما‪ ،‬حتمل‬ ‫أجندة مختلفة عن أجندة احملافظني اجلدد الذين‬ ‫استثمروا في تلك األحداث ووظفوها لصالح‬ ‫رؤيتهم املتطرفة‪ ،‬بيد أن إدارة أوباما أعادت السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية إلى املدرسة الواقعية وأنهت‬ ‫مفهوم احلرب الكونية على اإلرهاب‪ ،‬وتراجعت معها‬ ‫مصطلحات صدام احلضارات‪ ،‬فيما يبدو السبب‬ ‫األهم اليوم ممثالً بالثورات الدميقراطية الشعبية‬

‫العربية أو مبا يسمى الربيع العربي‪ ،‬وهذه الثورة‬ ‫تعد مبثابة الضربة القاصمة إليديولوجيا القاعدة‬ ‫التي سادت خالل السنوات املاضية‪ ،‬بحيث إن الثورة‬ ‫الدميقراطية أثبتت فشل الفرضيات التي بنت‬ ‫القاعدة عليها استراتيجيتها العملية‪.‬‬ ‫ولم يعد في احملصلة وجود خليار القاعدة لدى‬ ‫الشباب العربي‪ ،‬فقد شكلت الثورات اجلديدة‬ ‫خيارا ً ثالثا ً له بني خيار األنظمة الديكتاتورية وخيار‬ ‫االيديولوجيا الدينية املتطرفة‪ ،‬متجها ً نحو خيار‬ ‫التغيير السلمي املدني وصوال ً لدولة الدميقراطية‪،‬‬ ‫وأصبح هذا العنوان يتجلى في سوريا اآلن وقبلها‬ ‫كانت تونس ومصر واليمن وليبيا‪ ،‬فأصبح عنوانا ً‬ ‫ميثل شهادة الوفاة احلقيقية لتادعيات حقبة أحداث‬ ‫‪ 11‬أيلول‪.‬‬ ‫فإن أحداث ‪ 11‬أيلول أثبتت هشاشة النظام الدولي‬ ‫املعاصر‪ ،‬فبعد حتول النظام إلى األحادية القطبية‬ ‫اعتقد الكثيرون أن هذا النظام سيشهد فترة من‬ ‫السالم العاملي واالجتاه نحو تفعيل الشرعية الدولية‬ ‫وتسوية املنازعات بالطرق السلمية‪ ،‬لكن أحداث ‪11‬‬ ‫أيلول كشفت عن حتول الصراع في العالقات الدولية‬ ‫إلى صراع بني الدول العظمى وهي الواليات املتحدة‬ ‫وبني ظاهرة اإلرهاب وهي ظاهرة غير محددة املعالم‬ ‫وليس لها وطن محدد‪ ،‬وقد أظهرت األحداث بصورة‬ ‫جلية ضعف النظام الدولي عن طريق جتاوز أميركا‬ ‫ألطر هذا النظام وعدم االعتماد على الشرعية‬ ‫الدولية في إدارتها للصراع أو ترتيبها للنظام الدولي‬ ‫وجلوئها للقوة الساحقة في محاربة أعدائها أو‬ ‫تهديد مصاحلهم‪.‬‬ ‫فخضوع املنطقة العربية حلربني في وقت واحد‬ ‫من جانب “إسرائيل” والواليات املتحدة عزز انحياز‬ ‫أميركا لـ “إسرائيل” وبالتالي قلل من إمكانية قيام‬ ‫أميركا بدور نزيه في حتقيق السالم في املنطقة‪،‬‬ ‫وحال في الوقت نفسه دون وجود دور فعال لألمم‬ ‫املتحدة والشرعية الدولية‪ ،‬ما عزز موقف الرأي العام‬ ‫العربي الرافض للهيمنة األميركية‪.‬‬ ‫إن ما شهده العالم العربي من اندالع ثورات‬ ‫سلمية‪ ،‬كشف عن العجز احلقيقي لإلدارة‬ ‫األميركية الدولية‪ ،‬وبرهن على عجزها في إدارة‬ ‫األنظمة السياسية العربية داخلياً‪.‬‬ ‫فاملسألة ليست مؤامرة وأن العالم ال يتشكل‬ ‫نتيجة مؤامرة أو حدث تاريخي مفاجئ ومعزول‬ ‫بالرغم من أهميته الكبيرة‪ ،‬بل نتيجة حركة‬ ‫تاريخية وقوانني تاريخية وسياسية ناجتة عن فعل‬ ‫الشعوب وحركاتها‪ ،‬أكثر مما هو نتيجة إلرادة أفراد أو‬ ‫فئات سياسية محددة‪.‬‬

‫«إسرائيل» املستفيد األول‬ ‫إن “إسرائيل” هي املستفيد األول من أحداث‬ ‫‪ 11‬أيلول‪ ،‬وكذلك اللوبي الصهيوني في الواليات‬ ‫املتحدة األميركية‪ ،‬كون “اسرائيل” معنية بأن‬ ‫تظهر العرب واملسلمني بصورة اإلرهابيني وهي التي‬

‫‪53‬‬

‫متارس إرهاب الدولة وأوجدت في أحداث أيلول فرصة‬ ‫للتغطية على إرهابها احلقيقي‪ ،‬مبا ينعكس سلبا ً‬ ‫على القضية الفلسطينية وعدالتها في اإلعالم‬ ‫الدولي‪ ،‬ما يظهر عالقة تلك األحداث بالتعاطي‬ ‫الغربي مع اإلعالم وكيف يقدمون صورة العرب التي‬ ‫تضررت نتيجة التشويه اإلعالمي الذي أظهرهم‬ ‫بصورة اإلرهابيني‪ ،‬بحيث انعسكت أحداث احلادي‬ ‫عشر من سبتمبر سلبا ً على اجلاليات العربية في‬ ‫الغرب‪ ،‬وتعرضت في الساحتني األميركية واألوروبية‬ ‫الى مضايقات كثيرة‪ ،‬رافقتها حملة شرسة ضد‬ ‫التواجد العربي واإلسالمي في أميركا وأوروبا مبرور‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫وقد أثمرت التطورات املذهلة التي شهدها الوطن‬ ‫العربي مؤخرا ً من جناح للثورات السلمية العربية‬ ‫بخاصة ثورتي تونس ومصر واالنتفاضات العربية‬ ‫املطالبة بالدميقراطية واإلصالح‪ ،‬عن تطور جديد‬ ‫في نظرة اإلعالم الدولي للعالم العربي واإلنسان‬ ‫العربي‪ ،‬بحيث أصبحت الصورة لإلنسان العربي‬ ‫أنه بطبعه ال ميكن أن يكون إرهابيا ً وإمنا هو ضحية‬ ‫ظروف معقدة عاشها النظام العربي‪ ،‬وتعرض فيها‬ ‫طويالً ألشكال من القمع والديكتاتورية‪ ،‬وجاءت‬ ‫الثورات العربية السلمية كي تقدم للعالم أفكارا ً‬ ‫جديدة عن اإلنسان العربي‪ ،‬مفند ًة بقوة كل املقوالت‬ ‫اخلاطئة التي حاول اإلعالم الدولي أن يلصقها به‪،‬‬ ‫بخاصة مقولة اإلرهاب‪ ،‬معتبرا ً أن اإلنسان العربي‬ ‫هو من يجب عليه أن يكون غاضبا ً على اإلعالم‬ ‫الدولي الذي أساء إليه كثيرا ً وجعله يخسر الكثير‬ ‫من تطلعاته وطموحاته وثرواته بخاصة أن من‬ ‫تأثيرات تلك األحداث احتالل العراق وأفغانستان‪ ،‬وما‬ ‫نتج عن ذلك من خسائر فادحة على صعيد أرواح‬ ‫البشر واألموال‪ ،‬حيث جاء كل ذلك بحجة القضاء‬ ‫على اإلرهاب‪.‬‬

‫تداعيات أحداث أيلول على‬ ‫االقتصاد العاملي‬ ‫متيزت الفترة السابقة ألحداث ‪ 11‬أيلول بسيطرة‬ ‫نظام العوملة االقتصادي والذي تقوم فلسفته على‬ ‫الربح السريع واقتصاد السوق والهيمنة الشاملة‬ ‫للقوى االقتصادية العظمى‪ ،‬فقد كشفت التقارير‬ ‫االقتصادية بأن حوالي ‪ %20‬من سكان العالم الذين‬ ‫يعيشون في الدول املتقدمة يسيطرون على حوالي‬ ‫‪ %86‬من االستثمارات في حني يحصل حوالي ‪%20‬‬ ‫من سكان العالم الذين يعيشون في الدول األكثر‬ ‫فقرا ً على ‪ % 1‬فقط من االستثمارات‪ ،‬وأن هناك ‪358‬‬ ‫شخصا ً من أغنياء العالم ميلكون ثروة تضاهي ما‬ ‫ميلكه ‪ 2.5‬مليار شخص من الناس يشكلون ‪%50‬‬ ‫من سكان العالم‪ ،‬وأن هناك ‪ %20‬من دول العالم‬ ‫تستحوذ على ‪ %85‬من الناجت اإلجمالي العاملي في‬ ‫حني هناك ‪ %80‬من سكان العالم يصنفون ضمن‬ ‫السكان الفائضني عن احلاجة من الفقراء الذين‬ ‫يعتمدون على املساعدات‪ ،‬وظهر اجتاه واضح ضمن‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫النظام الدولي اجلديد نحو تغيير وظيفة الدولة‬ ‫االقتصادية خاصة في دول العالم الثالث فبدال ً من‬ ‫التركيز على حتقيق التنمية االقتصادية وعدالة‬ ‫توزيع الدخل أصبح التركيز على اإلصالح االقتصادي‬ ‫الذي يعني زيادة نصيب القطاع اخلاص على حساب‬ ‫القطاع العام‪ ،‬وذلك في مختلف اجملاالت من‬ ‫استثمارات وتشغيل وإطالق آلية السوق لتحقيق‬ ‫إنتاجية أكبر وحتقيق التوازن على املستوى الكلي‪.‬‬ ‫وكان ينظر للواليات املتحدة باعتبارها القائدة‬ ‫لهذا النظام االقتصادي العاملي القائم أساسا ً على‬ ‫العوملة واخلصخصة في الوقت نفسه وأن هذا النظام‬ ‫يعطي أهمية للشركات العمالقة ومؤسسات‬ ‫التمويل الدولية إلدارة النظام االقتصادي العاملي‪.‬‬ ‫وجاءت أحداث ‪ 11‬أيلول لتشكل نقطة فاصلة في‬ ‫حتدي نفوذ الواليات املتحدة بوصفها القوة العظمى‬ ‫والعمالق االقتصادي املهيمن على النظام االقتصادي‬ ‫العاملي وتعرضها لهجوم واسع استهدف رموز‬ ‫عظمتها االقتصادية‪.‬‬ ‫وقد أدت تلك األحداث إلى زعزعة الثقة في‬ ‫االقتصاد األميركي‪ ،‬وأدت إلى انهيارات في سوق‬ ‫األسهم والسندات األميركية وتراجع قيمة الدوالر‬ ‫مقارنة بالعمالت العاملية األخرى‪ ،‬وتزايد نسبة‬ ‫البطالة وإعالن بعض الشركات عن إفالسها وما‬ ‫تبع ذلك من ظهور فضائح في ميزانيات الشركات‬ ‫الكبرى‪ .‬وقد قدرت قيمة اخلسائر املادية نتيجة تلك‬ ‫الهجمات على أميركا بأكثر من ‪ 60‬مليار دوالر هذا‬ ‫باإلضافة إلى اخلسائر الناجتة عن النفقات األخرى‬ ‫املتعلقة بالعمليات العسكرية الالحقة‪.‬‬ ‫وتركزت جهود الواليات املتحدة في اجملال االقتصادي‬ ‫بعد تلك األحداث على تأمني النفقات العسكرية‬ ‫للمجهودات احلربية األميركية وتقدمي الدعم للدولة‬ ‫املؤيدة للجهود األميركية والتي تشمل باكستان‬ ‫ودول آسيا الوسطى وحتى روسيا التي حتاول احلصول‬ ‫على مساعدات اقتصادية غربية كعائد ملساندة‬ ‫أميركا في حربها على اإلرهاب‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬ ‫بعض دول العالم العربي مثل األردن ومصر‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه تعاظمت اجلهود األميركية‬ ‫لتقييد الدعم االقتصادي للمنظمات “اإلرهابية”‬ ‫عبر جتميد حسابات عدد من املنظمات واجلمعيات‬ ‫واألشخاص املتهمني بأن لهم عالقات مالية بتنظيم‬ ‫القاعدة وغيرها‪ ،‬وفرض نوع من القيود والرقابة على‬ ‫حركات األموال عبر العالم‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك كله عانى االقتصاد األميركي‬ ‫من التباطؤ في النمو وظهور املشاكل االقتصادية‬ ‫على السطح بعد تراجع حجم االستثمارات مما دفع‬ ‫الدولة األميركية للتوسع في مجال اإلنفاق العام‪،‬‬ ‫خاصة اجملال العسكري وتصاعد االجتاه نحو عسكرة‬ ‫االقتصاد‪ ،‬وفتح اجملال إلسهام القطاع اخلاص‬ ‫في اجلهود األميركية ملكافحة اإلرهاب لتنشيط‬ ‫العملية االقتصادية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫شكلت أحداث ‪ 11‬أيلول نقطة حت ُّول في‬ ‫السياسة اخلارجية األميركية‪ ،‬وإذا كان العديد من‬ ‫احملللني يجادل بأن أحداث أيلول ليست إالّ استمرارا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لسياق السياسة األميركية اخلارجية قبلها‪ ،‬فإ ّن‬ ‫هذه األحداث على األقل و ّلدت فعالية وزخما ً كبيرا ً‬ ‫في السياسة األميركية جتاه العالم‪ ،‬وكشفت‬ ‫بشكل كبير عن اعتقادات وأفكار احملافظني اجلدد في‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وأحالمهم اإلمبراطورية الدفينة‪،‬‬ ‫وعقيدتهم املنبثقة عن مزيج من املسيحية‬ ‫واليهودية والنبوءات احلدسية الغريزية‪ ،‬ورؤاهم‬ ‫حول نهاية العالم والكون املؤثرة بشكل كبير على‬ ‫البيت األبيض وسياساته؛ األمر الذي حت َّدث عنه عدد‬ ‫كبير من احملللني والسياسيني‪ .‬ويرى بعض الباحثني‬ ‫أن التغير الذي طرأ على السياسة األميركية جتاه‬ ‫الشرق األوسط مؤخرا ً هو نتاج عاملني رئيسني‪:‬‬ ‫وصول احملافظني اجلدد إلى اإلدارة األميركية بقوة‬ ‫وسيطرتهم على مقاليد األمور هناك‪ ،‬وأحداث أيلول‬ ‫والتي شكلت “احمل ِّفز االستراتيجي” إلظهار عقيدة‬ ‫وأفكار احملافظني وإيجاد املسوغ العملي لها‪.‬‬ ‫ولم تتباطأ اإلدارة األميركية في توظيف األحداث‬ ‫لتمرير أحالمها وخطابها الذي تؤمن به‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫املرة في التعامل مع ما يسمى باإلرهاب‪ ،‬وأعلنت‬ ‫حربها عليه لتجد بذلك الوعاء االستراتيجي‬ ‫الذي يشكل ناظما ً لكل طموحاتها التوسعية‬ ‫واإلمبراطورية‪.‬‬ ‫لقد جاءت أحداث ‪ 11‬أيلول لتكشف عن رؤية‬ ‫متطرِّفة في التعامل مع اآلخر تسيطر على قادة هذا‬ ‫البلد‪ ،‬وكما يالحظ عدد من الباحثني فإنه من الصعب‬ ‫تصور بلورة رؤية كاملة واستراتيجية باحلجم الذي‬ ‫رأيناه بعد أيلول‪ ،‬إال إذا كان لها مؤشرات وإرهاصات‬ ‫ومقدمات سابقة عليها‪ .‬وكل ذلك متوافر فعال في‬ ‫تصورات ورؤية احملافظني اجلدد وهو ما كشف عنه‬ ‫السلوك األميركي بعد أحداث ‪ 11‬أيلول‪.‬‬ ‫أما بخصوص الشرق األوسط فمن الواضح‬ ‫أن التعامل معه كان في إطار املصالح واألهداف‬ ‫االستراتيجية األميريكية املعروفة‪ :‬الطاقة‪ ،‬إسرائيل‪،‬‬ ‫دعم األنظمة احلليفة‪ ،‬إالّ أن التحول الكبير في هذه‬ ‫السياسة األميركية أثبت خطأ واشنطن الوحيد في‬ ‫الشرق األوسط املتمثل بدعم نظم فشلت على نحو‬ ‫مستمر في تلبية االحتياجات األساسية لشعوبها‪،‬‬ ‫فضلت التعامل مع مشكلة حرية‬ ‫إن هذه النظم َّ‬ ‫التعبير عن الرأي السياسي في بلدانها عن طريق‬ ‫توجيه املعارضة ضد املشروع األميركي‪ .‬فهذه الرؤية‬ ‫األميركية باتت تنظر إلى أن دعم الواليات املتحدة‬ ‫لألنظمة العربية القمعية في املرحلة السابقة‬ ‫كان خطأ كبيرا ً دفعت واشنطن ثمنه في احلادي‬ ‫عشر من أيلول‪ ،‬وفي هجوم احلركات اجلهادية على‬ ‫مصاحلها في أنحاء العالم‪ .‬ووفقا لرؤية وتفسير‬ ‫احملافطني اجلدد فإن أحداث احلادي عشر من أيلول هي‬ ‫نتيجة للصراع احملتدم بني األنظمة العربية املستبدة‬ ‫الفاسدة وبني شعوبها‪ ،‬وقد أصبح هذا الصراع‬ ‫قضية أميركية بعد أن حت ّول اإلحباط لدى الشباب‬ ‫العربي الذي فشلت أنظمته في تعليمه وتوظيفه‬ ‫تفجر‪.‬‬ ‫إلى غضب مضغوط ما لبث أن ّ‬ ‫إن سياسة الواليات املتحدة جتاه منطقة الشرق‬ ‫األوسط لم تتغير حتى وإن غيرت التكتيك‪ ،‬ولكن‬

‫‪54‬‬

‫يبقى الهدف واحدا ً بإحكام السيطرة على هذه‬ ‫املنطقة لضمان إحكام السيطرة على مصادر‬ ‫النفط وأمن دولة “إسرائيل” ورسم خريطة املنطقة‬ ‫مبا يضمن حتقيق تلك األهداف‪ ،‬والواليات املتحدة ال‬ ‫تخفي ذلك في تصريحاتها الرسمية‪ .‬فما بني ضرب‬ ‫األنظمة غير املتجاوبة مع السياسة األميركية‪،‬‬ ‫وتقدمي الدعم لدول التعاون تبقى الواليات املتحدة‬ ‫غير متنازلة عن حتقيق أهدافها في هذه املنطقة‬ ‫حتى وإن اضطرت خلوض حربا ً جديدة في املنطقة‪،‬‬ ‫أو تقدمي العون واملساندة حلليفتها “إسرائيل” لشن‬ ‫هذه احلرب‪ ،‬خصوصا ً وأن أحداث احلادي عشر من‬ ‫أيلول وتقلد احملافظني اجلدد السلطة في تلك الفترة‬ ‫قد أرسى قواعد تكتيكية جديدة اتسمت بعسكرة‬ ‫السياسة اخلارجية األميركية جتاه منطقة الشرق‬ ‫األوسط والتي توصف بالشراسة‪ .‬تلك املرحلة من‬ ‫الشراسة األميركية جتاه منطقة الشرق األوسط‬ ‫بات التراجع عنها أمرا ً بعيد املنال حتى بالنسبة‬ ‫لإلدارة األميركية اجلديدة التي ال تستطع إال أن تسير‬ ‫قدما ً في تنفيذها‪ ،‬رغم كل تصريحاتها الناعمة‪،‬‬ ‫فاألفعال هي املقياس احلقيقي لتوجه السياسة‬ ‫اخلارجية وال ميكن األخذ باألقوال فقط‪ .‬وعليه‬ ‫فترجيح ضربة عسكرية قريبة لردع املقاومة في‬ ‫العالم العربي وعلى رأسها إيران يكون أكثر ترشيحا ً‬ ‫في ظل تصريحات الواليات املتحدة حادة اللهجة‪،‬‬ ‫وأفعالها الشرسة ضد ما تنعته باإلرهاب في محاور‬ ‫أخرى‪ ،‬حتى وإن خفضت إيران من لهجتها أو قلصت‬ ‫من نشاطاتها النووية‪ ،‬ألنها تبقى الهاجس الوحيد‬ ‫والعائق األخير أمام الرسم األميركي خلريطة منطقة‬ ‫الشرق األوسط‪.‬‬ ‫إن جناح املشروع األميركي أو عدمه ال يرتبط فقط‬ ‫باخملططات األميركية‪ ،‬وإمنا يرتبط بنا نحن الشعوب‬ ‫ُفشل هذا املشروع سنفشله‪،‬‬ ‫ابتدا ًء‪ ،‬فإذا أردنا أن ن ِ‬ ‫وإذا تواطأنا على جناحه فسينجح‪ ،‬ومواجهة املشروع‬ ‫األميركي ال تعتمد فقط على جانب املقاومة‬ ‫املسلحة كما هو احلال في العراق وفي فلسطني‪،‬‬ ‫وإمنا تعتمد أيضا ً على القراءة املوضوعية النقدية‬ ‫حلالتنا احلضارية الراهنة واللحظة التاريخية احلرجة‬ ‫التي ما زلنا أسرى لها‪ ،‬والعمل على املضي قدما في‬ ‫جتاوز نقاط الضعف في هذا الواقع من خالل االعتراف‬ ‫ابتداء مبناطق احلرج فيه‪ ،‬وتعديها إلى حاالت كثيرة‬ ‫وعلى مستويات متعددة سياسيا ً وتنمويا ً وثقافيا ً‬ ‫واقتصادياً‪..‬الخ‪.‬‬ ‫إ ّن أمام القوى واملثقفني واخمللصني في العالم‬ ‫العربي واإلسالمي وبالتحديد في هذه املنطقة‬ ‫واجبات كبيرة ومهام خطيرة أولها املراجعة‬ ‫احلضارية النقدية املوضوعية للذات وملواطن‬ ‫العلل‪ ،‬والعمل على احلوار اجلاد والعميق في بناء‬ ‫استراتيجية النهوض والتنمية والتحرر‪ .‬وما يدريك‪:‬‬ ‫فلعل املشروع األميركي االستعماري يكون محفزا ً‬ ‫حضاريا ً الستنهاض همم الشعوب‪.‬‬

‫إعداد مليس داغر‬


‫ضيف العدد‬

‫من «تصفير المشكالت» الى «تصفير الحلول»؟‬ ‫عيون العرب‪ ،‬كما الصهاينة‪ ،‬شاخصة الى رجب‬ ‫طيب أردوغان‪ .‬فقد ش َّد الزعيم التركي الرحال الى‬ ‫مصر‪ ،‬فماذا يريد منها‪ ،‬ومن جار ّيها الفلسطيني‬ ‫(الغزاوي ) واإلسرائيلي؟‬ ‫يدرك أردوغان أن سياسة «تصفير املشكالت» التي‬ ‫أقنعه بتبنيها وزير خارجيته أحمد داود أوغلو‪ ،‬لم تؤدِ إالّ‬ ‫الى تصفير احللول املرجتاة لها‪ .‬فال هي جنحت مع أرمينيا‬ ‫وال مع العراق وال مع سوريا وال مع إيران‪ ،‬وها هي تتهاوى‬ ‫– حلسن احلظ – مع «إسرائيل»‪ .‬‬ ‫سياسة «تصفير املشكالت» هي‪ ،‬في األصل‪ ،‬من‬ ‫وحي الرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال الذي كان‬ ‫يحلم بإحياء «العالم التركي» وقيادته من شواطىء‬ ‫األدرياتيك األوروبية الى سور الصني اآلسيوية‪ .‬داود‬ ‫أوغلو استوعب احللم وم َّده الى العالم العربي‪ ،‬وأشار‬ ‫على بالده بأن تلعب دور الوسيط بني دول اجلوار املتنافرة‬ ‫واملتحاربة من أجل محو املشكالت العالقة بينها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكل‬ ‫املطلوب «صفر مشكالت» بني الدول التي‬ ‫املدى احليوي لتركيا ذات املوقع اإلستراتيجي احلاكم‬ ‫بني اوروبا وآسيا‪ ،‬واملؤهلة لقيادة «العالم التركي» من‬ ‫بر األناضول وجبال البلقان غربا ً الى سور الصني شرقاً‪،‬‬ ‫ومن جمهوريات آسيا الوسطى شماال ً الى هضاب‬ ‫العراق وسوريا جنوباً‪.‬‬ ‫املدخل الى العالم العربي هي سوريا‪ .‬لذلك طرق‬ ‫اردوغان أبوابها وأقنع قيادتها بجدوى دوره كوسيط‬ ‫بينها وبني «اسرائيل» من أجل استعادة اجلوالن احملتل‪.‬‬ ‫كانت تركيا‪ ،‬آنذاك‪ ،‬على عالقة جيدة مع «اسرائيل»‪ ،‬غير‬ ‫أن حربها العدوانية على غزة أواخرَ ‪ 2008‬ومطالع ‪2009‬‬ ‫‪ ،‬ثم اعتداءها على «أسطول احلرية» وهو في طريقه‬ ‫ملساعدة اهالي القطاع احملاصر‪ ،‬ومقتل ‪ 9‬على متنه‬ ‫من املناصرين األتراك للقضية الفلسطينية‪ّ ،‬‬ ‫عكرت‬ ‫العالقات بني أنقرة وتل أبيب‪ .‬ثم ما لبث أردوغان‪ ،‬إزاء‬ ‫َصلَف «اسرائيل» وإصرارها على عدم اإلعتذار بعد صدور‬ ‫صعد تدابيره العقابية ضدها بطرد‬ ‫قرار جلنة «بلمار»‪ ،‬أن ّ‬ ‫السفير اإلسرائيلي‪ ،‬وخفض التمثيل الديبلوماسي الى‬ ‫ثان‪ ،‬ووقف التبادل التجاري في قطاع‬ ‫مستوى سكرتير ٍ‬ ‫الصناعة الدفاعية‪ ،‬وتعليق االتفاقات العسكرية‪.‬‬ ‫غير أن عدم رضوخ «اسرائيل» للمطلب التركي‬ ‫باإلعتذار دفع أردوغان الى اإلعالن عن اجملموعة «ج» من‬ ‫اإلجراءات التي تنوي بالده فرضها عقابا ً لـ «إسرائيل»‪،‬‬ ‫سفن حربي ٍة مبرافقة أي بواخر مساعدات‬ ‫وأهمها قيام‬ ‫ٍ‬ ‫تركية الى قطاع غزة‪ ،‬مشددا ً على أن أنقرة ستمنع‬ ‫«اسرائيل» من استغالل موارد البحر املتوسط بشكل‬ ‫منفرد‪ ،‬وذلك في إشارة الى حقول الغاز املمتدة الى املياه‬ ‫اإلقليمية للبنان وسوريا وقبرص التركية‪.‬‬ ‫الى ذلك‪ ،‬ذكرت صحيفة «أكشام « التركية أن‬ ‫اخلطة «ج» تتضمن أيضا ً خطوات أخرى مؤملة ضد‬ ‫«اسرائيل» ‪ ،‬ومنها تقدمي الدعم املطلق ملشروع قرار‬ ‫اإلعتراف بالدولة الفلسطينية‪ ،‬وممارسة ضغوط على‬ ‫األمم املتحدة ووكالة الطاقة الذرية لفرض عقوبات‬

‫د‪ .‬عصام نعمان‬ ‫على «اسرائيل» ج ّراء عدم اإللتزام بالتعليمات‪ ،‬وأخيرا ً‬ ‫رفض تركيا املصادقة على عضوية «اسرائيل» في حلف‬ ‫شمالي األطلسي‪.‬‬ ‫هكذا جتد تركيا نفسها في خضم مشكالت جديدة‬ ‫ومعقدة مع «اسرائيل»‪ .‬صحيح أن العرب يستفيدون‬ ‫بالتأكيد من اتساع فجوة اخلالفات بني الدولتني‪ .‬لكن‬ ‫أي فائدة يجنوها في هذا اجملال تبددها خالفات متزامنة‬ ‫ومتصاعدة مع سوريا ورمبا مع العراق أيضاً‪ .‬ففي مقابلة‬ ‫مع قناة «اجلزيرة» جرى توقيتها‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬بالتزامن‬ ‫مع كشف إجراءات اجملموعة «ج»‪ ،‬أشار اردوغان الى أن‬ ‫ظالال ً تخيم على شرعية الرئيس بشار األسد ونظامه‪،‬‬ ‫مؤكدا ً أنه ليس على إتصال باألسد وال يعتزم االتصال‬ ‫به بعد اآلن‪ .‬أكثر من ذلك‪ ،‬خاطب اردوغان األسد قائالً‪:‬‬ ‫«ال ميكن بناء احلكم على الدم ألن الذين يبنون حكمهم‬ ‫على الدم‪ ،‬يذهبون بالدم»‪.‬‬ ‫املوجهة الى قادة «اسرائيل»‬ ‫تهديدات اردوغان احلادة ّ‬ ‫وسوريا‪ ،‬هل املقصود بها الضغط على تل أبيب أم‬ ‫التق ّرب من القاهرة؟ أم تهديد دمشق بتدخل عسكري‬ ‫كان ل ّوح به بعض أوساط املعارضة السورية من خالل‬ ‫إطالق شعار «جمعة احلماية الدولية»؟‬ ‫يبدو أن أردوغان يقصد هذه األغراض مجتمعة‪ .‬فهو‬ ‫ّ‬ ‫يضغط على «اسرائيل» سياسيا ً‬ ‫ليغطي أمام العرب‬ ‫عموما ً والفلسطينيني خصوصا ً اي خطوات سلبية‬ ‫ميدانية يتخذها ضد سوريا‪ .‬وهو جاد في الضغط‬ ‫على «اسرائيل» اقتصاديا ً للحؤول دون استئثارها‬ ‫باملوارد البحرية‪ ،‬وأهمها الغاز‪ ،‬التي تزخر بها منطقة‬ ‫شرقي البحر املتوسط التي تضم لبنان وسوريا وقبرص‬ ‫التركية‪ .‬فوق ذلك‪ ،‬ال مصلحة لتركيا في أن تنجح‬ ‫«اسرائيل» في اإلستئثار بعائدات فلكية من الغاز‬ ‫والنفط في البحر املتوسط ألنها ّ‬ ‫متكنها من التح ّول‬ ‫الى قو ًة إقليمية كبرى منافسة لتركيا في املنطقة‬

‫‪55‬‬

‫ومناوئة لها ورمبا حائلة دون حتقيق حلمها في قيادة‬ ‫العاملني العربي و»التركي»‪.‬‬ ‫ماذا يريد أردوغان من مصر؟‬ ‫لعله يريد‪ ،‬أوالً‪ ،‬تأخير ورمبا تعويق ترميم العالقات‬ ‫املصرية – اإليرانية‪ .‬ويريد‪ ،‬ثانياً‪ ،‬إقامة تفاهم استراتيجي‬ ‫بني تركيا ومصر جملابهة حتالف طهران – دمشق واحل ّد‬ ‫من نفوذه‪ .‬ويريد‪ ،‬ثالثا ً بناء محور إقليمي يكون حاميا ً‬ ‫للدول العربية املنتجة للنفط وبالتالي بديالً من األمن‬ ‫املستعار الذي تتيحه لها‪ ،‬حالياً‪ ،‬الواليات املتحدة‬ ‫املتجهة الى سحب قواتها من العراق وافغانستان‪ ،‬ورمبا‬ ‫من مناطق أخرى في املستقبل‪.‬‬ ‫الى ذلك‪ ،‬يريد أردوغان تشديد عزمية مصر في‬ ‫تصحيح عالقتها بقطاع غزة‪ ،‬وفتح املعابر إليه إلضعاف‬ ‫احلصار اإلسرائيلي متهيدا ً لرفعه كلياً‪ .‬مع العلم أن‬ ‫التعاون بني أنقرة والقاهرة يُسهم في الضغط على‬ ‫«اسرائيل» واحل ّد من نفوذها ويساعد تركيا على تنفيذ‬ ‫استراتيجيتها الكبرى في العاملني العربي و»التركي»‪.‬‬ ‫ماذا عن إيران والعراق؟‬ ‫أثارت تركيا خشية إيران مبوافقتها على توضيع رادار‬ ‫الدرع الصاروخي األميركي في أراضيها ما استوجب‬ ‫انتقادا ً حادا ً لها من وزير دفاعها‪ .‬خشية إيران مردها‪،‬‬ ‫في الغالب‪ ،‬الى تصريحات ذات داللة أدلى بها أخيرا ً وزير‬ ‫الدفاع األميركي ليون بانيتا‪ .‬فقد أعلن أن أيام الرئيس‬ ‫بشار األسد في السلطة باتت معدودة وأن «الثورة في‬ ‫إيران تبدو مسألة وقت»‪.‬‬ ‫قد تكون الغاية املتوخاة من وراء هذه التصريحات‬ ‫رفع معنويات حلفاء أميركا في املنطقة عشية قرارها‬ ‫املرتقب بسحب قواتها من العراق قبل نهاية العام احلالي‪.‬‬ ‫لكن صفة بانيتا كمدير سابق لوكالة اإلستخبارات‬ ‫املركزية األميركية «سي آي إي» ّ‬ ‫تذكر املراقبني بأن ثمة‬ ‫كل من سوريا وإيران ‪،‬‬ ‫حربا ً ناعمة تشنها واشنطن على ٍ‬ ‫تدخل عسكري في‬ ‫وإنها قد تأخذ في قابل األيام شكل‬ ‫ٍ‬ ‫سوريا واضطرابات أمنية أثنية في إيران‪.‬‬ ‫أما العراق‪ ،‬فإن قيام تركيا بتصعيد هجماتها البرية‬ ‫واجلوية على مقاتلي حزب العمال الكردستاني (التركي)‬ ‫املتمركزين في إقليم كردستان العراقي قد أحرج‬ ‫حكومة بغداد‪ ،‬كما حكومة طهران‪ ،‬واستثار شكوكا ً‬ ‫في العاصمتني العراقية والسورية من احتمال افتعال‬ ‫تركيا أحداثا ً دراماتيكية في سوريا تُخرج شمالها‬ ‫الكردي من سيطرتها‪ ،‬وتفسح حلكومة أنقرة مجال‬ ‫التدخل عسكريا ً لفرض سيطرتها على الشريط الكردي‬ ‫السوري بدعوى احلؤول دون تشكيل بؤرة تهديد لتركيا‬ ‫بالتواصل والتعاون مع أكراد جنوب تركيا وشمال العراق‪،‬‬ ‫وبالتالي ملنع ظهور شريط كردي ميتد من شمال العراق‬ ‫مرورا ً بجنوب تركيا وصوال ً الى شمال سوريا والبحر‬ ‫املتوسط‪.‬‬ ‫ال تصفير للمشكالت‪ ،‬إذاً‪ ،‬في احلاضر املأزوم‪ .‬أليس‬ ‫كذلك؟‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫تركيا‪ -‬أردوغان‪:‬‬

‫صفر‬ ‫مصداقية‬ ‫املتتبع جملريات األحداث والتطورات في املنطقة‬ ‫ال يحتاج الى عناء كبير ليلحظ املوقف الرسمي‬ ‫التركي اجلديد واملعلن من “إسرائيل”‪ ،‬وهذا‬ ‫املوقف الذي ميثله رئيس الوزراء التركي رجب‬ ‫طيب أردوغان يشكل عالمة بارزة في أحداث‬ ‫املنطقة في ظل الدعم والضخ اإلعالمي‪،‬‬ ‫وهذا يقودنا الى حقيقة واضحة‪ ،‬أردوغان ميارس‬ ‫انتهازية مفرطة يهدف من خاللها الى كسب‬ ‫املزيد من الشعبية في بالده وفي العاملني العربي‬ ‫واإلسالمي‪ ،‬من خالل صدامه العلني املفنوح مع‬ ‫حلفاء األمس في الكيان الصهيوني‪ ،‬هذا األمر‬ ‫خلق جدال ً واسعا ً حول حقيقة ما يجري وما‬ ‫الذي تغ ّير‪ ،‬هل هو املشهد املعروض على مسرح‬ ‫األحداث في املنطقة‪ ،‬أم أن هناك حتوالت جذرية‬ ‫في السياسة التركية جتاه “إسرائيل”؟‬ ‫هذه الصورة يقابلها رواجا ً رسميا ً من قبل‬ ‫بعض عرب “الردة” الذين ربطوا مصيرهم‬ ‫وشعوبهم بأسيادهم في الدول الغربية عامة‬ ‫والواليات املتحدة األميركية خاصة‪ ،‬وهم ال‬ ‫يعرفون أو ال يريدون معرفة حقيقة اإلشتباك‬ ‫الدبلوماسي احلالي بني تركيا و”إسرائيل”‪،‬‬ ‫ودوافعه ومحركاته األساسية‪ ،‬الذي متليه‬ ‫املصالح املتقاطعة حينا ً واملتناقضة أحياناً‪،‬‬ ‫والدور املرسوم لكل طرف‪ ،‬والهدف دائما ً‬ ‫السيطرة على املنطقة وفرض الهيمنة عليها‬ ‫وصوال ً الى الوصاية السياسية‪.‬‬ ‫لقد صعد جنم الـ “نيو عثمانية” التركية في‬ ‫املعادلة اإلقليمية والدولية‪ ،‬وجتاوزت االختبارات‬ ‫الداخلية بنجاح والسؤال‪ :‬ماذا وراء السياسة‬ ‫اخلارجية اجلديدة ألنقرة؟ وحسب الوقائع‪ ،‬إن‬ ‫هذه السياسة تشكل بال شك نقلة نوعية في‬ ‫سياسات احلكومة السابقة‪ ،‬التي أصبحت ّ‬ ‫تركز‬ ‫على العالم اإلسالمي وتقاليدها اإلسالمية في‬ ‫سياستها اخلارجية‪ ،‬وهي أيضا ً لن تتخلى عن‬ ‫توجهها الغربي التقليدي‪ ،‬وهي ستبقى خليطا ً‬ ‫معقدا ً بني مؤسسات وكفاءات وتوجهات‪ ،‬من‬ ‫مستوى عاملي وطابع غربي‪ ،‬وثقافة وديانة شرق‬ ‫ّ‬ ‫ويشكل احللف االطلسي نواة هذا‬ ‫أوسطية‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التوجه إضافة الى عملية االنضمام الى االحتاد‬ ‫األوروبي‪.‬‬ ‫لقد بدت سياسة “صفر صراعات” بأنها أكثر‬ ‫مالءمة للمصالح األميركية واألوروبية‪ ،‬من النهج‬ ‫التركي السابق‪ ،‬وكانت املبادرات التركية “مثيرة‬ ‫لإلعجاب” في ظل حكومة العدالة والتنمية‬ ‫وفي العديد من امللفات الشائكة‪ ،‬كانت النتائج‬ ‫إيجابية واإلجناز املميز كان مع سوريا‪.‬‬ ‫وتعتبر وثيقة أميركية‪ ،‬أن اإلجنازات التركية‬ ‫النهائية والعملية قليلة‪ ،‬وتوصف السياسة‬ ‫اخلارجية التركية بأنها تقوم على جتاوز األنظمة‬ ‫العربية للتواصل مع “الشارع العربي” على أساس‬ ‫“نظرية داوود أوغلو بان األنظمة في املنطقة غير‬ ‫دميقراطية وغير شرعية”‪ ،‬ومثل هذه السياسة‬ ‫تؤدي الى االحتكاك مع الكثيرين من املستفيدين‬ ‫من عودة احلكم العثماني‪ ،‬إضافة الى أنها لم‬ ‫حتقق جناحا ً حقيقياً‪ .‬أما أسباب التحول في‬ ‫السياسة اخلارجية التركية‪ ،‬فيرى الدبلوماسيون‬ ‫األميركيون‪ ،‬أنه ناجت عن األسلمة املتمثلة بتصاعد‬ ‫موجة التدين في تركيا‪ ،‬وجناح التجربة والنمو‬ ‫االقتصادي الذي تبحث تركيا لتعزيزه في أسواق‬ ‫جديدة خاصة في العالم العربي الغني بالنفط‪،‬‬ ‫والتشاؤم إزاء عضوية االحتاد األوروبي وغيرها‪.‬‬ ‫والوثيقة األميركية‪ ،‬تقول‪“ :‬إن الشارع العربي‬ ‫قد يصفق لسياسة تركيا الشعبوية واجملانية‬ ‫في دعم العناصر‪ ،‬ولكن هذه السياسة ليست‬ ‫منظورة إيجابيا ً من قبل األنظمة‪ ،‬وستضطر‬ ‫تركيا الى الدخول في مخاطرات واتخاذ قرارات‬ ‫صعبة لتعزيز مثل هذه السياسة‪ ،‬زيارات ال‬ ‫تنتهي وعدد ال يحصى من مذكرات التفاهم ذات‬ ‫األهمية شبه املعدومة‪.‬‬ ‫ومكامن اإلشكالية في السياسة اخلارجية‬ ‫التركية بالنسبة لواشنطن‪ ،‬تعتبر أن سياسة‬ ‫تركيا اجلديدة تقدم لها عوامل مختلطة ولكنها‬ ‫تنقل املسؤولية اإلقليمية الى دول كبرى وهذا‬ ‫ّ‬ ‫وشكل هدفا ًَ لها مع بعض‬ ‫يريح الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫اخلسائر في السيطرة‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫تركيا متورطة في األزمة السورية‬ ‫أما املشكلة االستراتيجية األكبر بالنسبة‬ ‫للواليات املتحدة‪ ،‬فهي التموضع “النيو عثماني”‬ ‫لألتراك حول الشرق األوسط والبلقان ومفهوم‬ ‫العودة الى املاضي‪ ،‬هذا إضافة الى نزعة األتراك‬ ‫نحو تطبيقه عبر حتالفات مع جهات مقلقة‬ ‫وإسالمية في املنطقة‪ ،‬وهذا يخلق مشاكل‬ ‫جديدة‪ ،‬والواليات املتحدة مضطرة لسلوك هذا‬ ‫اخليار‪ ،‬بسبب أزمتها املالية وخسائرها الفادحة‬ ‫في حروبها في أفغانستان والعراق‪ ،...‬وهذه‬ ‫اإلشكاليات تبقى مقبولة التكاليف‪ ،‬رغم الضرر‬ ‫املتآتي في العالقات التركية – اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫والتعويل هنا على مدى قدرة تركيا في جذب‬ ‫سوريا بعيدا ً عن حتالفاتها مع إيران‪ ،‬عندها‬ ‫سيكون األمر مقبوال ً لواشنطن‪ ،‬ولكن مثل‬ ‫هذه األحالم الوردية سقطت أمام صمود سوريا‬ ‫ومتسكها بثوابتها وخياراتها وإفشالها جميع‬ ‫اخملططات واملؤامرات والفنت التي أرادت مصادرة‬ ‫دورها‪ ،‬وجنحت سوريا في منع سقوط املنطقة‬ ‫حتت الوصاية التركية – األميركية من خالل‬ ‫عناوين جديدة خادعة أصبحت اآلن مكشوفة‬ ‫ومهزومة‪ ،‬ورئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫أردوغان لم يتردد في وصف األزمة السورية بأنها‬ ‫قضية تركية داخلية‪ ،‬متذرعا ً باحلدود الطويلة بني‬ ‫البلدين وبالقرابة بني الشعبني والتاريخ املشترك‪،‬‬ ‫وقد قرأ هذا التصريح حينها مبثابة حتذير‪ ،‬وهذا ما‬ ‫تفسره املواقف التركية والوقائع واللغة املزدوجة‬ ‫أحيانا‪ ،‬من استضافة مؤمتر “لألخوان” قبل األزمة‪،‬‬ ‫ثم استضافة مؤمتر إنطاليا وفي ما بعد مؤمتر‬ ‫اسطنبول‪ ،‬وبني التفهم النسبي الذي تبديه‬ ‫القيادة التركية جتاه النظام‪ ،‬وهذا ال يعني أن األتراك‬ ‫يلتزمون احلياد ألنهم ضالعون في األزمة منذ‬ ‫بدايتها وال يقدرون على التزام احلياد ألنه ال يلبي‬ ‫مصاحلهم االستراتيجية التي تتطلب اإلمساك‬ ‫بكافة اخليوط واللعب على التناقضات وافتعال‬ ‫املبررات للتدخل بكافة مستوياته وبنفس الوقت‬


‫حزب العدالة والتنمية في عملها بالشريعة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫ولكن ماذا كانت النتيجة؟‬

‫التذرع‪ ،‬بلعب دور الشقيق األكبر‪ ،‬ودور الشرطي‬ ‫والقاضي‪ ،‬والهدف إضعاف جميع األطراف حتى‬ ‫تسهل الوصاية ويصبح دور الوصي مطلباً‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني إدخال “اإلخوان” الى احللبة السياسية‬ ‫عبر اإلصالحات والهدف تعاظم النفوذ التركي‪،‬‬ ‫واستهداف الدور اإلقليمي لسوريا‪.‬‬

‫نصب الدرع الصاروخي األطلسي‬ ‫على األراضي التركية‬

‫ما موقع تركيا على املسرح‬ ‫االستراتيجي للمنطقة؟‬ ‫يرى املراقبون‪ ،‬أن حتديد املوقع الصحيح لتركيا‬ ‫على املسرح االستراتيجي‪ ،‬وربطه باملسرح‬ ‫األوسع دولياً‪ ،‬هو موقف زئبقي أو يحمل معايير‬ ‫متناقضة‪ ،‬وتركيا‪ ،‬حزب العدالة والتنمية برعت‬ ‫في السنوات اخلمس األخيرة في إطالق املواقف‬ ‫املتناقضة في الزمان واملكان ذاته‪ ،‬تلغي مناورات‬ ‫مع الناتو ألن “إسرائيل” ستشارك فيها ثم تنفذ‪،‬‬ ‫وجتري مناورات مع “إسرائيل” وتشترط حجبها عن‬ ‫اإلعالم‪ ،‬وتركيا التي أعلنت استراتيجيتها “صفر‬ ‫مشاكل” وصلت الى “صفر ثقة” تؤدي الى شل‬ ‫عالقاتها بدول املنطقة ومكوناتها السياسية‬ ‫واإلثنية‪ ،‬وجتميدها خالفا ً ملتقضيات استراتيجية‬ ‫االنخراط في املنطقة واالقتران االستراتيجي‬ ‫بدولها مع ما يفرضه من نسف املشاكل القائمة‬ ‫وبناء الثقة الثابتة والتراكمية‪.‬‬ ‫والسؤال أين املوقع احلقيقي لتركيا؟ بعد‬ ‫املواقف التركية من سوريا وإيران والقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وموقفها املعلن من “إسرائيل” يثير‬ ‫الكثير من التساؤالت عن مداه وحدوده وخاصة‬ ‫في ظل العالقة القائمة بني الكيان الصهيوني‬ ‫والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬لقد أظهرت تركيا اهتماما ً كبيرا ً‬ ‫معلنا ً بالقضية الفلسطينية‪ ،‬وكانت مواقفها‬ ‫الدولية في األروقة الدولية‪ ،‬توحي بانتفاضة‬ ‫تركية على التاريخ التركي في العالقة مع‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬ولكن تركيا من جهة ثانية تراخت‬ ‫طويالً عن املطالبة بدماء أبنائها الذين قتلوا‬

‫بيد إسرائيلية على سفينة “مرمرة” التركية‪،‬‬ ‫ولم تطرد سفيرا ً أو تقطع عالقة دبلوماسية‪،‬‬ ‫أو سواها ولكنها امتنعت الحقا ً عن تكرار جتربة‬ ‫أسطول “احلرية” لتوحي عمليا ً بأنها استوعبت‬ ‫العملية اإلسرائيلية وبعدم تكرارها‪ ،‬ثم تعود‬ ‫وتطرد السفير اإلسرائيلي‪ ،‬وانفتحت تركيا‬ ‫على سوريا التي شرعت األبواب وتناسق التاريخ‬ ‫معولة على أن تصبح تركيا عمقا ً استراتيجياً‪،‬‬ ‫ولكن ماذا كانت النتيجة؟ انقلبت تركيا أمام‬ ‫أول اختبار وكأنها وجدت فرصتها وحاولت أن‬ ‫متارس دور “األستذة” وأفرطت سوريا في التحمل‬ ‫واستيعاب املواقف التركية ولم تتسرع في‬ ‫خسارة جار صديق أو حليف محتمل‪ ،‬ولكن تركيا‬ ‫استمرت في لعب دور عدائي من خالل ما سمي‬ ‫بـ “معارضة”‪ ،‬ولم تتورع عن دعم املسلحني الذين‬ ‫هددوا أمن واستقرار املواطنني السوريني من خالل‬ ‫افتعالهم للمشاكل وإثارة الفنت وعمليات القتل‬ ‫املتعمد‪ ،‬ولوحت تركيا بالتدخل العسكري ولكن‬ ‫حساباتها اصطدمت بجدار قوي من املمانعة‬ ‫ألن سوريا كانت جاهزة دوما ً ألي اختراق من هذا‬ ‫النوع وكان املوقف اإليراني مميزا ً في وقوفه الى‬ ‫جانب سوريا ووصلت الرسالة الى تركيا بأن كل‬ ‫املساحة التركية وما عليها‬ ‫من قواعد أميركية وأطلسية‬ ‫ستكون هدفا ً مباشرا ً ويأتي هذا‬ ‫أيضا ً بفعل الصمود السوري‬ ‫والتعامل بحكمة وبعد نظر‬ ‫في تناول األزمة من خالل وضع‬ ‫وترتيب سلم األولويات‪.‬‬ ‫وكانت تركيا قد انفتحت‬ ‫على “إيران” أيضاً‪ ،‬الى احلد الذي‬ ‫اتخذتها إيران فيه‪“ ،‬وسيطا ً‬ ‫مأموناً” في املباحثات الدولية‬ ‫حول ملفها النووي‪ ،‬وكانت‬ ‫تركيا تغالي في حرصها على‬ ‫األمن اإليراني وكون إيران‬ ‫دولة إسالمية تتقاطع مع‬

‫‪57‬‬

‫املوقف العملي الذي اتخذته تركيا بقبولها‬ ‫نصب الدرع الصاروخي حللف األطلسي على‬ ‫أراضيها‪ ،‬نسف كل الكالم املعسول‪ ،‬إذ أنه في‬ ‫الوقت الذي رفضت فيه دول عدة في أوروبا الشرقية‬ ‫املنضوية في احللف األطلسي استقبال منظومة‬ ‫الرادارات العمالقة كجزء من الدرع الصاروخية‪،‬‬ ‫قبلت تركيا إقامة تلك املنظومة على أراضيها‪،‬‬ ‫وجلأت الى حركة مسرحية حلجب األنظار عن هذا‬ ‫القرار االستراتيجي البالغ األهمية واخلطورة على‬ ‫أمن املنطقة‪ ،‬واملثير لالستغراب والسخرية في‬ ‫آن‪ ،‬قامت تركيا من خالل قرار تكتيكي متثل في‬ ‫طرد السفير اإلسرائيلي من أنقرة وتزامن ذلك مع‬ ‫قرارها في نصب الدرع الصاروخية ضد كل من‬ ‫إيران وسوريا وروسيا حلماية “إسرائيل” واملصالح‬ ‫الغربية‪ ،‬وتعلم تركيا أن هذه الدرع عندما تكتمل‬ ‫ويتم تفعيلها ستشكل دافعا ً للغرب ملهاجمة‬ ‫إيران‪ ،‬وأعلنت اخلارجية التركية حتديد منطقة‬ ‫نصب الرادارات اخلاصة بالدرع في منطقة‬ ‫كوريجيك قرب مالطية على أن تبدأ العمل قبل‬ ‫نهاية العام‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬ما هي حقيقة تركيا ومواقفها وأهدافها‬ ‫انطالقا ً من السلوك العملي‪ ،‬تركيا عضو أساسي‬ ‫فاعل في احللف األطلسي “الناتو” تنفذ ما يقرره‬ ‫احللف بقناعة تامة‪ ،‬ونظام احللف قائم على‬ ‫مبدأ القرار باإلجماع‪ ،‬ما يعني‪ ،‬أنه يكفي الرفض‬ ‫التركي حتى يتوقف صدور أي قرار‪ ،‬من هنا‪ ،‬فإن‬ ‫تركيا وافقت على ما ُطلب منها في إطار احللف‬ ‫األطلسي مبا في ذلك املفهوم االستراتيجي العام‬ ‫للحلف واملعتمد لعقد من الزمن يبدأ في ‪2010‬‬ ‫مع العلم بأن هذا املفهوم يعتمد استراتيجية‬ ‫التدخل في الشرق األوسط بالقوة الناعمة التي‬ ‫تتضمن إنتاج األزمات والفنت الداخلية للبلدان‬ ‫املعارضة للسياسة الغربية وصوال ً الى تغيير‬ ‫األنظمة‪ ،‬أو جتميدها أو حملها على االنكفاء الى‬ ‫الداخل بعيدا ً عن قضايا املنطقة‪ ،‬وبالتالي تلعب‬ ‫تركيا في هذا اجملال دور الطليعة أو رأس القوى‬ ‫املتدخلة وبهذا يفهم دورها في جسر الشغور‬ ‫وتلويحها بالتدخل العسكري في سوريا‪.‬‬ ‫إن تركيا التي استطاعت أن حتدث خرقا ً كبيرا ً‬ ‫في العامني املاضيني مستغلة الثقة واملصداقية‬ ‫التي تعاملت بها سوريا‪ ،‬ولكن افتضاح أمرها‬ ‫في سوريا سيرتدان عليها خسائر استراتيجية‬ ‫ألن سوريا ليست وحدها‪ ،‬وبالتالي فإن قافلة‬ ‫منظومة املقاومة ستبقى مستمرة في‬ ‫مسيرتها ملنع املشروع الغربي الذي يعتبر تركيا‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫إحدى أدواته‪ ،‬ولتمنعه من حتقيق أهدافه‪.‬‬ ‫والسؤال أيضاً‪ :‬كيف يستقيم األمر‪ ،‬عندما‬ ‫تدعي تركيا أنها تقطع عالقاتها مع “إسرائيل”‬ ‫وتطرد السفير اإلسرائيلي في الوقت الذي تزرع‬ ‫فيه على األراضي التركية رادارا ً أميركيا ً هدفه‬ ‫حماية “إسرائيل”؟‬ ‫لقد اثارت التدابير التركية ضد “اسرائيل”‬ ‫جملة من النقاشات والتساؤالت داخل تركيا‬ ‫وخارجها وخاصة بعد تسريبات تقرير “جلنة باملر”‬ ‫حول العدوان اإلسرائيلي على أسطول “احلرية”‪،‬‬ ‫واألكثر اهتماما ً كان موضوع التزامن بني اإلعالن‬ ‫عن التدابير التركية واإلعالن عن اتفاق لنشر‬ ‫الدرع الصاروخية في تركيا‪.‬‬ ‫وتوقفت صحيفة “ميلليت” عند تزامن اخلطوة‬ ‫وقالت‪“ :‬ليس مصادفة تزامن القرارين‪ ،‬فالضجيج‬ ‫والتركيز اآلن على اخلطوة ضد إسرائيل” فيما كان‬ ‫يفترض أن يتم التركيز على العالقات التركية مع‬ ‫إيران وسوريا‪ ،‬وبالتالي فإن ردة الفعل التركية ضد‬ ‫“إسرائيل” في هذه اللحظة بالذات‪ ،‬كان للتغطية‬ ‫على قرار نشر الدرع الصاروخي ومتريره بأقل قدر‬ ‫من الضجيج‪ ،‬وأن عدم إيجاد حل للمشاكل‬ ‫الراهنة في املنطقة‪ ،‬فإن مشاكل جديدة ستنشأ‬ ‫على هامشها‪.‬‬

‫تصعد ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحتذر‬ ‫وإيران‬ ‫وإيران بدورها صعدت لهجتها إزاء قرار‬ ‫تركيا السماح بنشر رادارات الدرع الصاروخية‬ ‫للحلف األطلسي على أراضيها في انتقاد جديد‬ ‫للدبلوماسية التركية‪ ،‬ومثل هذا التصرف يؤدي‬ ‫الى التوتر في املنطقة ويزيد األوضاع تعقيدا ً وال‬ ‫يخدم مصالح الشعوب وال يؤدي الى استتاب األمن‬ ‫واالستقرار‪ ،‬والدروع الصاروخية مشروع أميركي‪،‬‬ ‫كانت الواليات املتحدة‪ ،‬تنفذه في دول اوروبا‬ ‫الشرقية واآلن جاء هذا املشروع حتت مسميات‬ ‫أخرى‪ ،‬وهذا األمر يعد استمرارا ً لسياسات اميركا‬ ‫االستكبارية‪ ،‬وقال املتحدث باسم اخلارجية‬ ‫اإليرانية رامني مهما نبرست‪“ :‬إن استمرار الوجود‬ ‫العسكري األطلسي في املنطقة يؤدي الى‬ ‫زعزعة االستقرار وانعدام األمن‪ ،‬وإيران تدعو دول‬ ‫املنطقة التخاذ احليطة واحلذر من هذه التحركات‬ ‫املشبوهة والتي تعرض املنطقة ألخطار جسيمة‬ ‫ودفع األمور الى ما حتمد عقباه”‪.‬‬ ‫وأعلن العضو في جلنة العالقات اخلارجية‬ ‫التابعة جمللس الشورى اإلسالمي النائب اسماعيل‬ ‫كوثري‪“ :‬بينما أثارت املواقف السابقة لتركيا‬ ‫آمال األمم املسلمة‪ ،‬فإن قرارها حول األطلسي‬ ‫يثير الشكوك والقلق‪ّ ،‬‬ ‫وحذر من أن دول املنطقة‬ ‫ً‬ ‫لن تسكت عن مثل هذا التناقض‪ ،‬داعيا أنقرة‬ ‫الى إعادة النظر في قرارها حتت طائلة اخملاطرة‬ ‫مبصاحلها”‪.‬‬ ‫ورأى العضو في رئاسة مجلس الشورى محمد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ديغان‪ ،‬أن قرار تركيا يكشف “تواطؤا ً سرياً” بني‬ ‫أنقرة والغرب‪ ،‬وأن تصعيد تركيا أخيرا ً لهجتها‬ ‫إزاء النظام السوري احلليف الرئيسي إليران‬ ‫يدعو لألسف‪ ،‬وانضمام أنقرة الى جهود الواليات‬ ‫املتحدة والصهاينة لضرب جبهة املقاومة لـ‬ ‫“إسرائيل” التي تعد سوريا محورها األساسي‬ ‫يتناقض مع ما تعلنه تركيا من دعم للقضية‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫تركيا‪ ،‬باتت اليوم متورطة وقلقة واملراقبون‬ ‫يروون أن طريق النجاة الذي حمله داوود أوغلو‬ ‫الى دمشق‪ ،‬كان يهدف إلنقاذ أنقرة من ورطتها‬ ‫نفسها‪ ،‬وما يجري في املنطقة له عالقة بانهيار‬ ‫سلم الصعود التركي اإلقليمي الذي بني مؤخرا ً‬ ‫مدعوما ً بأحجار تصغير املشكالت وسط معادالت‬ ‫على الشيء ونقيضه بذات األدوات‪ ،‬وهي قلقة ألن‬ ‫أحالمها بدأت بالتالشي‪ ،‬وتركيا مترددة وخائفة ألن‬ ‫سلم صعودها حطمته بقراراتها املرتهنة للغرب‪،‬‬ ‫وهي قلقة من الورقة اإليرانية وانعكاساتها‬ ‫السلبية عليها‪ ،‬وإيران ليست وحدها ومعها‬ ‫منظومة كاملة وقوية متتد من إيران الى العراق‬ ‫الى سوريا ولبنان وفلسطني ولكل مكان مقاوم‬ ‫للنفوذ الغربي وللوصاية التركية على املنطقة‪،‬‬ ‫وتركيا بسوء تصرفها مع سوريا تضع نفسها‬ ‫على فوهة بركان‪ ،‬وهي حتاول القفز الى األمام عبر‬ ‫مناورة مكشوفة‪ ،‬ولن تفيدها عبارات التشدق‬ ‫بدعم القضية الفلسطينية واملواقف املعلنة‬ ‫ذات الطبيعة التكتيكية في الوقت الذي تتآمر‬ ‫فيه على مركز املقاومة واملمانعة في أمتنا ضاربة‬ ‫بذلك أرقاما ً قياسية جديدة في حجم االزدواجية‬ ‫واالنتهازية‪.‬‬ ‫والسؤال هنا‪ ،‬ملاذا تغامر تركيا مبوقفها ودورها‬ ‫وشبكة العالقات املهمة واملتداخلة الني بنتها‬ ‫خالل سنوات مع شركاء وحلفاء إقليميني‬ ‫ومحليني‪ ،‬وما هو الثمن الذي ستقبضه تركيا في‬ ‫االجنرار الى دور تهرب منه أصحابه الذين غامروا‬ ‫في حروبهم؟‬ ‫إن تسريبات تقرير “باملر” كان جز ًءا من خطة‬

‫‪58‬‬

‫مدروسة‪ ،‬تهدف إلمتصاص النقمة التركية‬ ‫واالستعداد للصدمة‪ ،‬وال ينفع أن تقول تركيا‪،‬‬ ‫إنها حتفظت على الكثير من مواد التقرير‬ ‫املس ّيس‪ ،‬وإنها لن توقعه‪ ،‬والتقرير يتناقض‬ ‫مع استراتيجية تركيا في محاصرة “إسرائيل”‬ ‫وإلزامها بالتعويضات واالعتذار‪ ،‬وكان على‬ ‫تركيا أن تعرف‪ ،‬أن واشنطن لن تتخلى مبثل هذه‬ ‫السهولة عن حليفها اإلقليمي األول‪ ،‬وأميركا هي‬ ‫الشريك في إيصال األمور الى ما هي عليه اليوم‬ ‫من تصعيد وعربدة إسرائيلية‪ ،‬وتركيا أخطأت‬ ‫أيضا ً في التراجع عن املشاركة في أسطول احلرية‬ ‫رقم ‪ 2‬إرضاء للغرب وعلى منح “اسرائيل” فرصة‬ ‫أخرى‪.‬‬

‫زيارة أردوغان ملصر هي استعراض‬ ‫تركي‬ ‫في القاهرة‪ ،‬دعا اردوغان الى صياغة مستقبل‬ ‫عربي – تركي مشترك يقوم على احلرية‬ ‫والدميقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬واعتبر أن االعتراف‬ ‫بالدولة الفلسطينية ليس خيارا ً بل واجباً‪ ،‬وشدد‬ ‫على ضرورة دفع “إسرائيل” ثمنا ً جلرائمها‪ ،‬وأمام‬ ‫مجلس اجلامعة العربية على مستوى وزراء‬ ‫اخلارجية العرب‪ ،‬قال أردوغان‪“ :‬حان الوقت لرفع‬ ‫علم فلسطني في األمم املتحدة”‪.‬‬ ‫وكان اردوغان في مستهل كلمته قد خاطب‬ ‫الشعوب العربية قائال‪“ :‬سنشارككم العقيدة‬ ‫والدين والقيم والثقافة نفسها‪ ،‬وإننا شعبان‬ ‫مت رسم قدرنا بشكل مشترك‪ ،‬ودعا الى إجراء‬ ‫اإلصالحات في املنطقة على املستوى السياسي‬ ‫واالجتماعي واالقتصادي”‪.‬‬ ‫وتعهد اردوغان بأن بالده ستقف الى جوار‬ ‫مصر في األفراح واالحزان‪ ،‬وأبدى تفاؤله مبستقبل‬ ‫العالقات بني البلدين‪ ،‬ودعا املصريني الى السير‬ ‫يدا ً بيد نحو إقرار السالم في منطقة الشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬


‫ودعا العرب واملصريني الى اعتماد النظام‬ ‫العلماني في الدستور املصري اجلديد‪ ،‬وبأن‬ ‫العلمانية ليست معادية للدين‪ ،‬فوصفها‬ ‫“اإلخوان املسلمني” دعوة للتدخل في الشؤون‬ ‫الداخلية ملصر‪.‬‬ ‫وأثارت زيارة اردوغان الى القاهرة مخاوف‬ ‫عميقة لدى القيادة اإلسرائيلية‪ ،‬هذه الزيارة التي‬ ‫تقررت في وقت سابق وفي ظروف مختلفة‪ ،‬جرت‬ ‫وكأن مصر وتركيا تعمالن في طاقم واحد‪ ،‬تركيا‬ ‫توتر عالقاتها مع “إسرائيل” وتطرد سفيرها من‬ ‫هناك‪ ،‬والسفير اإلسرائيلي في مصر يضطر حتت‬ ‫ضغط الشارع املصري لترك مقر عمله وطاقمه‬ ‫بعد اقتحام السفارة‪.‬‬ ‫واخلوف اإلسرائيلي من تراجع الدور العاملي‬ ‫ألميركا‪ ،‬والواليات املتحدة سعت طوال عشرات‬ ‫السنني‪ ،‬من أجل اال يصيب “إسرائيل” أي ضرر‪،‬‬ ‫والرعاية االستراتيجية األميركية قد تكون اهم‬ ‫الذخائر االستراتيجية لـ “إسرائيل”‪.‬‬ ‫وترى املصادر اإلسرائيلية أن زيارة السلطان‬ ‫“أردوغان” الى القاهرة تشير “أنه كلما اظهر‬ ‫اردوغان استخفافا ً أكبر بـ “إسرائيل” ارتفعت‬ ‫أسهمه في املنطقة‪ ،‬ولكن هل من حلف ما بني‬ ‫الطرفني؟‬ ‫ليس كما يبدو‪ ،‬ولكن أردوغان حاول استخدام‬ ‫مصر كمنصة قريبة‪ ،‬وهذه الزيارة هدفها زيادة‬ ‫نفوذه بعد أيام من طرد السفير اإلسرائيلي‪ ،‬ومن‬ ‫املؤكد أن املصريني ال يتلهفون على مطامح‬ ‫أردوغان أن يكون قائد املنطقة‪ ،‬واحلديث عن حلف‬ ‫استراتيجي أكثر من استعراض تركي‪.‬‬

‫تداعيات املوقف التركي من‬ ‫«إسرائيل»‬ ‫التداعيات السياسية للموقف التركي‬ ‫متواصلة من خالل احلراك التركي املستمر‬ ‫الذي يحاول تضخيم اخلالفات خدمة ألهداف‬ ‫ودوافع مختلفة تتعلق بالدور اإلقليمي لتركيا‬ ‫والسياسات اجلديدة وهي تداعيات ال ميكن‬ ‫البناء عليها على األمد الطويل مهما عال حجم‬ ‫الضجيج املفتعل من الطرفني‪ ،‬وما يجمعهما‬ ‫مصالح استراتيجية على درجة كبيرة من‬ ‫األهمية‪ ،‬ولكن تناقض املصالح اآلنية هو نوع‬ ‫من التنافس جللب أكبر قدر من املكاسب بأقل‬ ‫ما ميكن من التكاليف وخاصة في ظل االحداث‬ ‫واألزمات التي تلف املنطقة‪ ،‬وبعيدا ً عن األضرار‬ ‫االستراتيجية احملتملة للخالف اإلسرائيلي –‬ ‫التركي‪ ،‬فتركيا كانت أكثر من حليف استراتيجي‬ ‫لـ “إسرائيل” وشريكا ً في العمل االستخباري‬ ‫وقاعدة تدريب واسعة لسالحي اجلو والبحرية‬ ‫ثنائيا ً وضمن مناورات جيوش أخرى‪.‬‬ ‫ومنحى الهبوط في العالقات بني الطرفني بدأ‬ ‫منذ أربع سنوات‪ ،‬مع انتخاب رئيس الوزراء رجب‬

‫طيب اردوغان لوالية ثانية‪ ،‬وقد انكشفت األزمة‬ ‫بكامل شدتها مع بدء احلرب اإلسرائيلية على‬ ‫غزة أواخر وبداية عام ‪ 2009‬وعملية الرصاص‬ ‫املسكوب‪ ،‬حيث قلص األتراك العالقات األمنية‬ ‫ومت جتميد التقدم في سلسلة صفقات امنية‬ ‫مشتركة‪ ،‬والضرر األمني نتيجة للقرار التركي‬ ‫االخير بطرد السفير اإلسرائيلي هو ضرر محدود‪،‬‬ ‫ألن العالقات فقدت منذ زمن بعيد معظم قيمتها‬ ‫إال أن الضرر االقتصادي هو األبرز‪ ،‬و”إسرائيل”‬ ‫هي املتضررة بشدة وأن تفاقم اخلالف مع تركيا‬ ‫سيلحق بـ”إسرائيل” أضرارا ً فادحة بالصناعة‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬وإذا قررت تركيا املساس بالعالقات‬ ‫التجارية مع “إسرائيل” فسوف تخسر “اسرائيل”‬ ‫شريكا ً جتاريا ً ممتازاً‪ ،‬وحجم العالقات االقتصادية‬ ‫‪ 4‬مليارات دوالر بني الطرفني‪ ،‬وأن القرار التركي‬ ‫لم يزعزع الصناعات العسكرية اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫فالصيانة اإلسرائيلية للمعدات التركية‬ ‫ستتواصل‪ ،‬ويذكر أيضا ً عن ‪ % 10‬من السيارات‬ ‫املبيعة في “اسرائيل” تنتج في تركيا‪.‬‬ ‫إن تركيا التي قررت خفض التمثيل‬ ‫الديبلوماسي االسرائيلي في عاصمتها‪ ،‬الى‬ ‫مستوى السكرتير الثاني وجمدت عدة اتفاقيات‪،‬‬ ‫كانت تعرف ما تريد‪ ،‬وكانت قد حسبت منذ‬ ‫البداية حدود التصرف‪ ،‬وكانت تعرف أنها‬ ‫ستكسب في كل األحوال‪ ،‬ولن تخسر شيئا ً له‬ ‫قيمة‪ ،‬بل أن رئيس وزراء “اسرائيل” ووزير دفاعه قاال‬ ‫معاً‪ ،‬إن تركيا تركت الباب بينهما موارباً‪ ،‬وان ذلك‬ ‫يعني سهولة إصالح ما طرأ على العالقة من‬ ‫تصدعات مستقبالً‪.‬‬ ‫ويرى بعض املراقبني أن ما جرى هو أمر مشبوه‬ ‫متفق عليه بني البلدين‪ ،‬ال لشيء‪ ،‬إال أن تركيا‪،‬‬ ‫منذ وقع الهجوم االسرائيلي في العام املاضي‬ ‫على سفينة “مرمرة” كانت تريد اعتذارا ً اسرائيليا ً‬ ‫واضحاً‪ ،‬وكانت تركيا تعلم أن “اسرائيل” لن‬ ‫تعتذر‪ ،‬وكانت تل أبيب تدرك أن حكومة أردوغان ال‬ ‫ميكن أن تواجه شعبها دون اعتذار في يدها‪ ،‬وكان‬ ‫ال بد من حل من نوع ما‪ ،‬وكان قرار طرد السفير‬ ‫االسرائيلي هو احلل‪.‬‬ ‫وكان ال بد أن يتصرف الطرفان أثناء القرار وبعده‬ ‫وكأنه “طارئ” فعالً‪ ،‬ومن مقتضيات التصرف‪ ،‬أن‬ ‫ميارس كل طرف حقه في الغضب أو السخط‬ ‫الى أن تأخذ القضية حجمها الطبيعي ويتراجع‬ ‫االهتمام‪.‬‬ ‫إن السياسة اخلارجية التركية باتت لها‬ ‫حساباتها املتصلة بالدور التركي في املنطقة‬ ‫وغير املرتبطة بثوابت العالقة مع “أعماق‬ ‫استراتيجية” بل باملصالح التي افترض النظام‬ ‫في أنقرة أنها تقتضي التعاون مثالً مع األطلسي‬ ‫ومع واشنطن ضد سوريا‪ ،‬ومع الغرب لنصب‬ ‫الدرع الصاروخي ضد إيران وسوريا وروسيا‪.‬‬ ‫ولعل أخطر ما تسرب من تفاصيل العالقة‬ ‫السرية بني تركيا و”إسرائيل” أن حكومة حزب‬ ‫العدالة والتنمية كانت مستعدة مقابل اعتذار‬

‫‪59‬‬

‫“اسرائيل” لتوقيع اتفاقية لها طابع دولي معها‬ ‫تلحظ تعزيز العالقات التركية – اإلسرائيلية على‬ ‫الصعيدين العسكري واالقتصادي‪ ،‬أي أن أنقرة‬ ‫كانت مستعدة بخالف ما يظهر من شائعات‬ ‫الستمرار حتالفها وتعاونها مع “اسرائيل”‪ ،‬ولو‬ ‫حتقق ذلك ماذا كانت ستقول بعض أجهزة‬ ‫اإلعالم املتأمركة في عاملنا العربي‪ ،‬ومن هنا ما‬ ‫كان ميكن قوله في حال االعتذار من تصرفات‬ ‫وعالقات وحتالفات هو جوهر السياسة اخلارجية‬ ‫منذ سنة ونيف‪ ،‬وهو أن الدور التركي في املنطقة‬ ‫لم يعد قائما ً على أساس عالقات حسن اجلوار‬ ‫واملسافة الواحدة من اجلميع‪ ،‬بل على أساس‬ ‫سياسات جديدة قائمة على التنسيق الكامل‬ ‫مع السياسات الغربية التي تستهدف قوى‬ ‫معينة في املنطقة‪ ،‬ومن أبرز عالمات ذلك نصب‬ ‫الدرع الصاروخي على األراضي التركية وهذا ما‬ ‫يفسر املوقف احلاد غير املسبوق من النظام في‬ ‫سوريا واملشاركة العملية في عمليات األطلسي‬ ‫ضد ليبيا‪.‬‬ ‫ال ميكن لتركيا أن تكون جزءا ً من بنية السياسات‬ ‫الغربية في املنطقة وأن تكون في الوقت نفسه‬ ‫ضد “اسرائيل” ويالتالي فإن التوتر احلالي بني أنقرة‬ ‫وتل أبيب ال يعكس حقيقة التموضع التركي‬ ‫اجلديد‪ ،‬الذي حسم خياره في أن تكون تركيا جزءا ً‬ ‫من السياسات الغربية واألميركية حتديدا ً في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وتركيا ال تزال تبحث عن مصاحلها من‬ ‫النافذة الغربية‪.‬‬ ‫وإذا فرضنا جدال ً أن تركيا فكت ارتباطها البنيوي‬ ‫باملشروع الغربي في املنطقة‪ ،‬على كل املستويات‪،‬‬ ‫هذا األمر وحده يقنع اإلنسان العربي العادي بأن‬ ‫تدابير أنقرة األخيرة من “اسرائيل” جزء من مسار‬ ‫جدي لعودة تركيا الى عمقها االستراتيجي‬ ‫احلقيقي‪ ،‬ومثل هذا ال يبدو في األفق ألن أنقرة‬ ‫متارس جميع أالعيب وخبث االستعمار وهي لن‬ ‫تغير جلدها بعد أن باعت نفسها للشيطان‬ ‫األكبر‪ .‬ومن هنا فإن سفن أردوغان احلربية التي‬ ‫جتول وتناور بشكل متزايد في شرق البحر األبيض‬ ‫املتوسط لن تكون موجهة لـ “إسرائيل” بالطبع‪،‬‬ ‫وعرض العضالت في عرض البحر له رسائل أخرى‪،‬‬ ‫“إسرائيل” هي محمية أميركية في املنطقة‬ ‫وتركيا بوابة حلف األطلسي بقيادة أميركية‪.‬‬ ‫كنا نأمل من تركيا‪ ،‬تلك الدولة اإلقليمية‬ ‫الكبرى أن تشكل بالتعاون مع جوارها انقالبا ً‬ ‫تاريخيا ً في املوازين الدولية واالنطالق من معايير‬ ‫واحدة وواضحة وأهداف نبيلة‪ ،‬لكن اخلطيئة‬ ‫رافقت اردوغان أينما حل‪ ،‬والصبغة املذهبية في‬ ‫أدبيات قادة حزب العدالة والتنمية وتكرارها في‬ ‫أكثر من مناسبة‪ ،‬مسألة تفاقمت في اآلونة‬ ‫األخيرة‪ ،‬وهي تسيء الى صورة تركيا “النموذج”‪.‬‬ ‫وهذا التكرار وصل الى حد التحريض والتهييج‬ ‫يستدرج الفتنة‪ ،‬أن األوهام االمبراطورية لن جتلب‬ ‫سوى الويالت والعداوات‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫األزمات المالية‬ ‫العالمية‪:‬‬ ‫أسبابها‬ ‫ونتائجها‬ ‫* الدكتور بشير املر‬ ‫كثر الكالم في اآلونة األخيرة عن أسباب‬ ‫األزمة املالية التي مير بها العالم وعن تبعاتها‬ ‫على الدول املتطورة والناشئة منها على حد‬ ‫سواء‪ .‬وقد تصور للبعض للوهلة األولى‪ ،‬نتيجة‬ ‫ضخامة اخلسائر احملققة واملتوقعة‪ ،‬بأنها‬ ‫جاءت بشكل مفاجئ لم يكن باإلمكان توقع‬ ‫مسارها وبالتالي حصولها‪ .‬وقد عزا البعض‬ ‫اآلخر حصولها إلى “اإلخفاق الثاني” لليبرالية‬ ‫كنظام اقتصادي بأكمله‪ ،‬بعد “اإلخفاق األول”‬ ‫الذي سجل في القرن املاضي مع أزمة ‪.1929‬‬ ‫ومن املمكن تبرير “اإلخفاق األول” بوجود عاملني‬ ‫أساسيني‪ ،‬أولهما ندرة الثروات الطبيعية‬ ‫والتفاوت في متركزها على البسيطة‪ ،‬حيث أدى‬ ‫التسابق والتصارع بهدف الهيمنة عليها إلى‬ ‫االستعمار املباشر وإلى “حرب عاملية ثانية”‪،‬‬ ‫وثانيهما عدم صواب فرضية توازن األسواق‬ ‫املعمول بها في حينه وبطالن األساس النظري‬ ‫التي أشيدت عليه املدرسة الكالسيكية والذي‬ ‫يتباهى مبقولة “دعه يعمل‪ ،‬دعه مير” حيث أدى‪،‬‬ ‫بغياب “تدخل الدولة”‪ ،‬إلى شوائب عديدة أهمها‬ ‫التمييز الفاضح بني العمل والرأسمال جلهة‬ ‫كيفية توزيع عوائد اإلنتاج‪ ،‬وإلى تعميق التفاوت‬ ‫في توزيع الثروات بني شرائح اجملتمعات كافة‪ .‬وإذا‬ ‫كان لالستعمار املباشر ولغياب الضوابط نتيجة‬ ‫عدم “تدخل الدولة” األثر األهم على حصول‬ ‫“اإلخفاق األول”‪ ،‬فلالستعمار السياسي واألمني‬ ‫غير املباشر وللتغاضي عن العمل بالنظم‬ ‫والضوابط واملعايير املستحدثة ضمن إطار‬ ‫“تدخل الدولة” الدور األهم في وقوع “اإلخفاق‬ ‫الثاني”‪ ،‬حيث مت التراخي املتعمد في تطبيق‬ ‫املعايير التقنية و”أخالقيات األعمال” املوضوعة‬ ‫لهذا الغرض‪ .‬فبالرغم من إنشاء منظمات األمم‬ ‫املتحدة بهدف إدارة الشؤون الدولية في جميع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫امليادين احلياتية بطريقة سلمية تتفادى التصارع‬ ‫املباشر على الثروات الطبيعية واألسواق‪،‬‬ ‫وبالرغم من استحداث أرقى النظم والقوانني‬ ‫واملعايير التقنية والفنية بهدف ضبط إيقاع‬ ‫جميع الشؤون الداخلية والدولية وفي طليعتها‬ ‫الشؤون النقدية واملالية‪ ،‬فلم يتمكن العالم من‬ ‫تفادي “اإلخفاق الثاني” وذلك ألسباب عديدة لعل‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫ اإلستنساب والتمييز في املعاملة بني‬‫الدول‪ ،‬فقد يُفرَض بالقوة احترام النظم الدولية‬ ‫ض الطرف عن تطبيقها في دول‬ ‫على دول وي ُ َغ ُ‬ ‫أخرى‪ ،‬ال بل قد يتم معاقبة بعض الدول والتأثير‬ ‫على اقتصادياتها باسم هذه النظم واملعايير‪،‬‬ ‫ملواقفها السياسية غير املتناغمة مع املصالح‬ ‫الدولية للدول الكبرى‪.‬‬ ‫ هيمنة لوبي مالي سياسي على قرارات‬‫ومقدرات بعض الدول الكبرى واملنظمات‬ ‫الدولية ومن خاللها على مقدرات العالم أجمع‪،‬‬ ‫وذلك نتيجة هيمنته على مراكز السلطة في‬ ‫الدول واملنظمات الدولية التي من شأنها حتديد‬ ‫السياسات املالية ومراقبة صحة تطبيقها أكان‬ ‫على املستوى الداخلي أم على املستوى العاملي‪.‬‬ ‫فقد وقع ضحية ممارسات هذا اللوبي الدولي‬ ‫حكومات ومواطنو هذه الدول كغيرهم من‬ ‫مواطني الدول األخرى التي يتم الضغط والتأثير‬ ‫عليها باسم الدول الكبرى واملنظمات‪ .‬فانتقل‬ ‫بذلك القرار من إطار الدولة إلى إطار اللوبي الذي‬ ‫يتحكم بسياسات الدول الداخلية واخلارجية‪.‬‬ ‫ عدم الشفافية في تطبيق القوانني املرعية‬‫اإلجراء في داخل الدول الكبرى‪ ،‬التي تعلن نظريا ً‬ ‫متسكها بأسس النظام الليبرالي وتعمل فعليا ً‬ ‫في أطر النظام املوجه‪.‬‬ ‫ استحداث األدوات واألوراق املالية بشكل‬‫مفرط بحجة تنويع احملفظات وتوزيع وتقليص‬ ‫مخاطر التوظيف واالستثمار‪ ،‬األمر الذي أدى‬ ‫إلى عكس املبتغى منه وبالتالي إلى وجود‬

‫‪60‬‬

‫اقتصاد وهمي هائل يتخطى حجمه أضعاف‬ ‫حجم االقتصاد احلقيقي‪ ،‬ال ميكن التحكم به‬ ‫إال من قبل منظميه‪ ،‬حيث ميكنهم استغالله‬ ‫في أي زمان ومكان إلحداث أزمة مالية الهدف‬ ‫منها إعادة تدوير األموال في العالم لصالح‬ ‫اللوبي الدولي املتمركز في بعض الدول الكبرى‪.‬‬ ‫فقد جنح هذا اللوبي في إرساء ذهنية الربح‬ ‫الوهمي السريع وفي تغليب السوق املالية على‬ ‫القطاعات األخرى بحجة متويلها‪ ،‬وذلك بإلهاء‬ ‫املتمولني عن التوظيف املباشر في القطاعات‬ ‫اإلنتاجية احلقيقية وتوظيف أموالهم في أدوات‬ ‫مالية وهمية ال قيمة واقعية لها‪ ،‬ميكن شطبها‬ ‫بقلم في حال حصول أزمة مالية‪.‬‬ ‫ غض النظر املتعمد واملمنهج عن تطبيق‬‫معايير التدقيق التي من شأنها حتديد وتقييم‬ ‫عامل مخاطر األعمال واألوراق املالية املستحدثة‪،‬‬ ‫وعن مراقبة االلتزام بالضوابط القانونية‬ ‫املوضوعة بالرغم من فعاليتها وكثرتها‪ .‬وقد‬ ‫أعزيت في هذا اجملال‪ ،‬على سبيل املثال ال احلصر‪،‬‬ ‫أزمة الرهن العقاري إلى سوء تقدير درجات‬ ‫اخملاطرة في املعامالت املعقدة التي حصلت‪،‬‬ ‫كما أعزيت أزمة سوء اإلمتان واالختالس داخل‬ ‫مؤسسة «يو بي أس» السويسرية إلى عدم‬ ‫اعتماد معايير التدقيق الداخلي بشكل جدي‬ ‫وإلى هيكلية القطاع املصرفي في بريطانيا كما‬ ‫في العديد من الدول التي ال تفصل بني عمليات‬ ‫املصارف التجارية ومصارف االستثمار‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يعرض حسابات زبائن املصارف التجارية‬ ‫إلى مخاطر عالية مشابهة بل مترتبة عن تلك‬ ‫الناجتة عن عمليات االستثمار في األوراق املالية‪.‬‬ ‫ التراخي التاريخي في احترام التوازنات‬‫النقدية واملالية للدول الكبرى‪ ،‬من خالل إصدارات‬ ‫مفرطة لكميات النقد وسندات الدين العام‬ ‫خاص ًة في الواليات املتحدة األميركية والدول‬ ‫األوروبية وذلك بهدف متويل اإلنفاق الداخلي‬ ‫والتدخل اخلارجي لهذه الدول‪ .‬وقد أدى هذا التعومي‬


‫النقدي واملالي‪ ،‬إلى جانب عامل فقدان الثقة‬ ‫بفعل األزمات املالية املتالحقة وما نتج عنه من‬ ‫ركود اقتصادي في الواليات املتحدة األميركية‬ ‫ومن انخفاض حاد في االستهالك والطلب‬ ‫احمللي‪ ،‬إلى هبوط القدرة الشرائية وتدني سعر‬ ‫صرف الدوالر عاملياً‪ .‬وقد آزر عامل دعم تنافسية‬ ‫السلع األميركية في األسواق األجنبية‪ ،‬تعويضا ً‬ ‫عن انخفاض الطلب احمللي‪ ،‬عامل محاولة احتواء‬ ‫مفاعيل املعضلة التي متر بها الواليات املتحدة‬ ‫األميركية بفعل األزمات الداخلية املتعاقبة‬ ‫فيها بدءا ً من القطاع العقاري إلى السوق املالي‬ ‫إلى تراكم الدين العام‪ ،‬في ترسيخ الهبوط‬ ‫الهيكلي في سعر صرف الدوالر األميركي‪.‬‬ ‫وقد أدى الهبوط الهيكلي لسعر صرف الدوالر‬ ‫األميركي جتاه العمالت األخرى‪ ،‬إضافة إلى عامل‬ ‫زيادة الطلب على املواد األولية بفعل النمو في‬ ‫الصني وباقي االقتصادات الناشئة‪ ،‬إلى زيادة‬ ‫األسعار والتضخم ليس فقط في الواليات‬ ‫املتحدة األميركية بل على املستوى العاملي‪،‬‬ ‫وذلك نظرا ً للموقع التي حتتله الواليات املتحدة‬ ‫األميركية على اخلارطة االقتصادية والسياسية‬ ‫العاملية‪ ،‬وإلى حجم التعامل بالدوالر األميركي‬ ‫في األسواق التجارية واملالية العاملية‪.‬‬ ‫فإذا كان لإلحتاد األوروبي من مصلحة في‬ ‫انخفاض قيمة الدوالر لصالح اليورو‪ ،‬بالرغم‬ ‫من تأثيرها السلبي على التجارة اخلارجية للدول‬ ‫األوروبية‪ ،‬وذلك لدعم السوق املالية األوروبية في‬ ‫الوقت الذي هي في أمس احلاجة إليه دعما ً لثبات‬ ‫العملة املوحدة في ظل األزمات املالية املتالحقة‬ ‫أكانت ناجتة عن أزمات املديونية املتفاقمة في‬ ‫العديد من دول االحتاد األوروبي والتي من شأنها‬ ‫رفع مستوى الضغوط على متاسك وبقاء العملة‬ ‫املوحدة‪ ،‬أم كانت ناجتة عن تفشي عدوى انحسار‬ ‫السيولة الرتباط املؤسسات املالية األوروبية‬ ‫الوثيق باملؤسسات ذات الصلة باألزمة العقارية‬ ‫واملالية واملديونية في الواليات املتحدة األميركية؛‬ ‫وإذا كان للصني من مصلحة في تفاقم الوضع‬ ‫املالي واالقتصادي في الواليات املتحدة األميركية‬ ‫وذلك لعدة أسباب أهمها اإلفادة من األزمة التي‬ ‫متر فيها الواليات املتحدة األميركية في اجتذاب‬ ‫األموال االستثمارية إليها‪ ،‬ومن انعكاس هذه‬ ‫األزمة على تدني سعر صرف الدوالر األميركي‬ ‫لدعم جتارتها اخلارجية‪ ،‬حيث أن معظم التبادل‬ ‫التجاري للصني يتم بالدوالر األميركي وليس‬ ‫بالعملة الصينية‪ ،‬وبالتالي تسجيل معدالت‬ ‫منو اقتصادي مطردة لسنني عديدة تسمح لها‬ ‫على املدى البعيد برفع مستوى اإلمناء االقتصادي‬ ‫فيها‪ ،‬إضافة إلى رفع املنسوب االستراتيجي‬ ‫من العمالت األجنبية والذهب لديها بفعل‬ ‫الفائض التجاري احملقق‪ ،‬األمر الذي يسمح لها‬ ‫بتبوأ املرتبة األولى في االقتصاد العاملي؛ وإذا كان‬ ‫لبعض الدول العربية ومنها لبنان من إفادة في‬ ‫استقطاب رؤوس األموال‪ ،‬كونها بقيت على‬

‫منأى من مفاعيل هذه األزمة لصغر اقتصادها‬ ‫وللضوابط املصرفية املفروضة فيها (حتديد‬ ‫مستوى التوظيف في األوراق املالية العالية‬ ‫اخملاطر واقتصار التوظيفات املصرفية فيها على‬ ‫األوراق احمللية وأهمها سندات اخلزينة اللبنانية)؛‬ ‫وإذا كان للبعض اآلخر من الدول العربية‬ ‫املصدرة للبترول من مصلحة في ارتفاع أسعار‬ ‫املواد النفطية نتيجة حال القلق واإلرباك الذي‬ ‫تعيشه األسواق العاملية‪ ،‬من أجل تعويض جزء‬ ‫من اخلسائر الهائلة احملققة نتيجة حتقق اخملاطر‬ ‫على توظيفاتها املفرطة في اجملاالت العقارية‬ ‫واملالية موضوع األزمة املالية العاملية؛ يبقى‬ ‫احلذر قائما ً في جميع الدول األوروبية واآلسيوية‬ ‫والعربية ليس فقط من جراء مخاطر تصدير‬ ‫األزمة األميركية إلى األسواق املالية لهذه الدول‪،‬‬ ‫وخاصة إلى الصني كونها حتتل موقع الدائن األول‬ ‫لالقتصاد األميركي‪ ،‬بل من جراء حتقق مخاطر‬ ‫تصدير التضخم نتيجة االنخفاض احلاصل‬ ‫بسعر الدوالر وإمكانية انعكاسه على األسعار‬ ‫العاملية نتيجة حصة سوق الواليات املتحدة‬ ‫األميركية في السوق العاملية وموقع الدوالر‬ ‫في التبادل التجاري العاملي‪ .‬إن عملية تصدير‬ ‫التضخم إلى هذه الدول لها تداعيات كبيرة‬ ‫على العجلة االقتصادية احمللية فيها‪ ،‬من شأنها‬ ‫التأثير املباشر على الشؤون التنموية واألوضاع‬ ‫االجتماعية‪ .‬ولعل ما يحصل في لبنان من‬ ‫فورة تضخمية في جميع القطاعات اخلدماتية‬ ‫والعقارية منها وكذلك االستهالكية نتيجة‬ ‫تدني قيمة الدوالر في اقتصاد مدولر معتمد‬ ‫على حد كبير على االستيراد لكفاية حاجاته‬ ‫من االستهالك السلعي‪ ،‬خير مثال على جدية‬ ‫هذه اخملاوف‪ ،‬خاصة إذا لم يُع َمد إلى تصحيح‬ ‫الفارق بالقطع بني الليرة اللبنانية والدوالر بقدر‬ ‫تطور الفارق ما بينه وبني العمالت األجنبية‬ ‫األخرى‪ ،‬وإلى تثبيته على سعر يتيح امتصاص‬ ‫«عامل التضخم بفارق القطع» وكذلك بإعطاء‬ ‫الليرة اللبنانية قيمتها الشرائية التي تستحق‬ ‫مما يسمح بتالفي أزمة معيشية باتت محتمة‬ ‫وباالستغناء عن زيادة جديدة لألجور اإلسمية‬ ‫من شأنها الدخول في حلقة تضخمية مقفلة‬ ‫من زيادة أجور تليها‪ ،‬بل تسبقها‪ ،‬زيادة أسعار‪.‬‬ ‫فإذا كانت الرأسمالية الكالسيكية قد باءت‬ ‫بالفشل في بداية القرن املاضي نتيجة «غياب‬ ‫الدولة» وفقدان آليات الضوابط‪ ،‬فإن رأسمالية‬ ‫التوجه حتتضر في بداية األلفية الثانية وحتاول‬ ‫بائسة جاهدة بكل ما أوتيت من قوة العمل‬ ‫على تطبيق اجلزء اليسير من أحدث املعايير‬ ‫والضوابط املستحدثة في إطار «تدخل الدولة»‪،‬‬ ‫مصارعة مظاهر العوملة والفوضى االقتصادية‬ ‫االجتماعية التي عمت باسم الليبرالية‬ ‫بفعل قبضة اللوبي املالي السياسي على‬ ‫استراتيجيات التحكم بالسياسات االقتصادية‬ ‫االجتماعية جلميع الدول واملنظمات الدولية‬

‫‪61‬‬

‫واملعطلة ألي خطوة من شأنها إعادة سيطرة‬ ‫األمم على سياساتها الداخلية واخلارجية وعلى‬ ‫كامل مقدراتها املادية والبشرية‪.‬‬ ‫على ضوء هذه املعطيات‪ ،‬يخطئ إذا ً من‬ ‫يعتقد أن األزمة املالية العاملية احلالية هي‬ ‫نتيجة حادثة مفاجئة لم تتنبه لها الدول‬ ‫الكبرى واملنظمات الراعية لالقتصاد الدولي في‬ ‫مرحلة كانت موصوفة بالثبات املالي واالزدهار‬ ‫االقتصادي العاملي وبضبط حال التضخم‪ .‬إنها‬ ‫نتيجة الترسبات التاريخية للنظام العاملي‬ ‫القائم وللممارسات االقتصادية املشبوهة‬ ‫التراكمية التي أخذت الليبرالية االقتصادية‬ ‫ستارا ً لها‪.‬‬ ‫ولعل ما حصل في الواليات املتحدة‬ ‫األميركية وسرعان ما انتقلت عدواه إلى‬ ‫القارات األخرى نتيجة تشابك مصالح‬ ‫املؤسسات املالية العاملية خير مثال على ما‬ ‫تقدم‪ ،‬بحيث شكلت أزمة الرهن العقاري في‬ ‫الواليات املتحدة األميركية عامل الصاعق‪،‬‬ ‫وليس السبب األساس‪ ،‬النطالق األزمة املالية‬ ‫العاملية‪ .‬حيث أتت هذه األزمة املالية كإحدى‬ ‫النتائج لتفاقم أزمة سوء إدارة األسواق املالية‬ ‫والنظام االقتصادي العاملي‪ ،‬التي كان من شأنها‬ ‫إبراز الفجوات واخللل املتراكم في «مؤسسات‬ ‫الدولة»‪ .‬ولم يكن إفالس ليمان براذرز‪ ،‬رابع‬ ‫أكبر بنك استثمار في أميركا وما تبعه من‬ ‫إفالس مؤسسات مالية سويسرية وبريطانية‬ ‫وأوروبية وأميركية أخرى‪ ،‬أول هذه اإلخفاقات‪،‬‬ ‫ولن تكون إخفاقات بعض البورصات العاملية‬ ‫نتيجة الصفقات الوهمية‪ ،‬وال عملية سوء‬ ‫االئتمان التي تعرضت لها مؤخرا ً مؤسسة‬ ‫«يو بي أس» السويسرية في بريطانيا من قبل‬ ‫أحد موظفيها‪ ،‬كالذي حصل مع مؤسسة‬ ‫«السوسييتيه جنرال» في فرنسا في العام‬ ‫‪ 2008‬وغيرها من العديد من املؤسسات‬ ‫املالية‪ ،‬وال تفاقم املديونية في الواليات املتحدة‬ ‫األميركية وفي بعض الدول األوروبية (اليونان‪،‬‬ ‫ايرلندا‪ ،‬بولونيا‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬اسبانيا‪ ،)...،‬آخر مظاهر‬ ‫األزمات العاملية الناجتة عن سوء إدارة األسواق‬ ‫املالية والنظام االقتصادي العاملي القائم هذا‪.‬‬ ‫فهل ستنجح جهود احلكومات واملصارف‬ ‫املركزية األميركية واألوروبية في تغطية نتائج‬ ‫هذه األزمة واستنهاض الوضع االقتصادي العاملي‬ ‫من دون إعادة النظر بأسس وقواعد التعامل في‬ ‫األسواق املالية واإلمساك بزمام األمور ضمن‬ ‫هيكلية جديدة للنظام االقتصادي العاملي؟‬

‫*خبير اقتصادي‬ ‫وبروفيسور في اجلامعة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬كلية العلوم‬ ‫االقتصادية وإدارة األعمال‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫حتقيق‬

‫هل ّ‬ ‫يحل اإلعالم اإللكتروني مكان المكتوب؟‬ ‫مع ظهور اإلنترنت مت إعادة توزيع األدوار‪ ،‬فمع‬ ‫كل ظهور لوسيلة إعالمية جديدة‪ ،‬يتكاثر‬ ‫حديث اإللتهام واالنقراض‪ ،‬فالراديو سيقضي‬ ‫على الصحافة‪ ،‬والتليفزيون سيقضى على‬ ‫الراديو والسينما‪ ،‬أما اإلنترنت فستحيل وسائل‬ ‫اإلعالم إلى متحف التاريخ‪.‬‬ ‫وكما يرى البعض فإن تعدد الوسائل اإلعالمية‬ ‫لن يؤدي إلى إنقراض أى منها بل سيعيد‬ ‫توزيع األدوار فيما بينها وعلى كل وسيلة تقع‬ ‫مسؤولية البحث عن دور جديد للصمود في‬ ‫وجه املتغيرات والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫مهما اختلفت التعريفات في حتديد مفهوم‬ ‫اإلعالم‪ ،‬إال أنها تلتقي في نقطة واحدة وهي‬ ‫أنه ال ميكن حتديد مفهوم دقيق لإلعالم دون‬ ‫ربطه بطبيعة اجملتمع الذي يتوجه إليه‬ ‫بجميع مقوماته السياسية واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية‪.‬‬ ‫ولعل الضجة اإلعالمية التي أثيرت حول شبكة‬ ‫االنترنت لم تأت من فراغ‪ ،‬حيث تشكل االنترنت‬ ‫إحدى إجنازات الثورة التكنولوجية وقد ساد اإلعالم‬ ‫ووسائله االلكترونية احلديثة ساحة الثقافة‬ ‫ويؤكد على محورية اإلعالم في حياتنا املعاصرة‬ ‫ذلك االهتمام الشديد التي حتظى به قضايا الفكر‬ ‫والتنظير الثقافي املعاصر‪ ،‬حتى جاز للبعض أن‬ ‫يطلق عليها ثقافة التكنولوجيا‪ ،‬ثقافة امليديا‪.‬‬ ‫وميكن القول إن اإلعالم االلكتروني هو عبارة عن‬ ‫نوع جديد من اإلعالم يشترك مع اإلعالم التقليدي‬ ‫في املفهوم واملبادئ العامة واألهداف‪.‬‬ ‫وما مييزه عن اإلعالم التقليدي أنه يعتمد على‬ ‫وسيلة جديدة من وسائل اإلعالم احلديثة وهي‬ ‫الدمج بني كل وسائل االتصال التقليدي‪ ،‬بهدف‬ ‫إيصال املضامني املطلوبة بأشكال متمايزة‪،‬‬ ‫ومؤثرة بطريقة أكبر‪ ،‬وتتيح االنترنت لإلعالميني‬ ‫فرصة كبيرة لتقدمي موادهم اإلعالمية اخملتلفة‬ ‫بطريقة الكترونية بحتة دون اللجوء إلى الوسائل‬ ‫التقليدية كمحطات البث‪ ،‬املطابع وغيرها بطرق‬ ‫جتمع بني النص والصورة والصوت والتي ترفع احلاجز‬ ‫بني املتلقي واملرسل وميكن أن يناقش املضامني‬ ‫اإلعالمية التي يستقبلها‪ ،‬إما مع إدارة املوقع أو‬ ‫مع متلقني آخرين‪.‬‬

‫ما هو الفرق بني اإلعالم االلكتروني‬ ‫وبني اإلعالم التقليدي؟‬ ‫املساحة اجلغرافية‪ :‬ميكن للموقع اإلعالمي أن‬ ‫يصل عن طريق االنترنت إلى مختلف أنحاء العالم‬ ‫جدا من وسائل اإلعالم‬ ‫على عكس عدد كبير ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التقليدية التي تكون مقيدة في أغلب األحيان‬ ‫بحدود جغرافية محددة‪ .‬وحتى إذا متكنت بعض‬ ‫وسائل اإلعالم التقليدية من جتاوز «محليتها «‬ ‫فإنها ال تضمن نشر رسائلها اإلعالمية إال على‬ ‫عدد محدود من املتلقني في العالم‪ ،‬لذلك تسعى‬ ‫غالبية الوسائل اإلعالمية إلى شق طريقها‬ ‫واستحداث نسخة الكترونية لها في االنترنت‪.‬‬ ‫عامل الكلفة‪ :‬يبرز هذا العامل خاصة على‬ ‫مستوى الصحافة املكتوبة‪ ،‬وبشكل أكبر عندما‬ ‫يتم تأسيس موقع إعالمي إلكتروني من حيث أنه‬ ‫يوفر على صاحب جريدة ما جز ًءا من تكاليف طبع‬ ‫وتوزيع النسخة الورقية للجريدة ويضمن له في‬ ‫الوقت نفسه عددا ً أكبر من القراء‪.‬‬ ‫وهنا نالحظ عامل الكلفة بالنسبة للصحيفة‪،‬‬ ‫فالصحيفة الناجحة حتاول أن توافق بني إصدار‬ ‫أعداد ورقية‪ ،‬وفي نفس الوقت حتاول إنشاء موقع‬ ‫لها على شبكة االنترنت‪.‬‬ ‫عنصر التفاعلية‪ :‬إن أحد أهم الفروق التي متيز‬ ‫الصحيفة االلكترونية عن الصحيفة الورقية‪ ،‬بل‬ ‫ومتيز اإلعالم اجلديد عن اإلعالم التقليدي القدمي‪،‬‬ ‫هي ميزة التفاعل‪ ،‬والذي يكون في بعض األحيان‬ ‫مباشراً‪ ،‬ويتيح عنصر التفاعلية للزائر وإمكانية‬ ‫التحاور املباشر مع مصممي املوقع وعرض آرائه‬ ‫بشكل مباشر‪ ،‬وكذلك املشاركة في منتديات‬ ‫احلوار بني املستخدمني‪ ،‬واحملادثة حول مواضيع‬ ‫يتناولها املوقع‪.‬‬ ‫فرض اإلعالم اإللكتروني واقعا ً إعالميا ً جديدا‬ ‫بكل املقاييس‪ ،‬حيث انتقل باإلعالم إلى مستوى‬ ‫السيادة املطلقة من حيث االنتشار‪ ،‬واختراق كافة‬ ‫احلواجز املكانية والزمنية والتنوع الالمتناهي في‬ ‫الرسائل اإلعالمية واحملتوى اإلعالمي‪ ،‬ملا ميلكه من‬ ‫قدرات ومقومات الوصول والنفاذ للجميع‪ ،‬وامتداده‬ ‫الواسع بتقنياته وأدواته واستخداماته‪.‬‬ ‫ويبقى السؤال‪ :‬اإلعالم املكتوب الى أين؟ وهل‬ ‫سنشهد وفاته في املدى املنظور؟‬

‫سيمون أبي فاضل‪ :‬كل جيل له‬ ‫وسيلة تتكامل مع ظروفه‬ ‫أكد األستاذ سيمون أبو فاضل رئيس حترير موقع‬ ‫«الكلمة أون الين» أن اإلعالم االلكتروني أصبح‬ ‫يشكل حاجة نظرا ً لسرعته بتقدمي اخلبر‪ ،‬بينما‬ ‫اإلعالم املكتوب بحاجة الى ترقب وانتظار وإذا لم‬ ‫يكن اخلبر في اإلعالم املكتوب حتليالً أو معلومات‬ ‫خاصة فهناك مخاطر تهدده‪ ،‬إذ يوجد أجيال وأنا‬ ‫من بينهم تفضل أن تقرأ اجلريدة وأن تتصفحها‬ ‫وتعتبر نفسها بأنها تتابع اخلبر وتعيش األحداث‪،‬‬

‫‪62‬‬

‫ولكن مع ضيق الوقت أصبح الناس يفتشون عن‬ ‫اخلبر السريع‪.‬‬ ‫واعتبر أبو فاضل أن اإلعالم االلكتروني حركته‬ ‫سريعة وحيوية‪ ،‬أما اإلعالم املكتوب فيوجد فيه‬ ‫نكهة للقارىء‪ .‬هناك أجيال واكبت اجلرائد حتى‬ ‫األمس القريب وهناك قراء يرتاحون للجريدة‬ ‫ويعتبرونها مازالت تقدم اخلبر‪ ،‬إمنا الفرق أن‬ ‫اخلبر االلكتروني هو خبر سريع وأصبح بإمكان‬ ‫الشخص أن يقرأ على هاتفه األخبار وهذه‬ ‫التسهيالت املتوفرة هي التي تشد القارىء نحو‬ ‫اإلعالم االلكتروني‪.‬‬ ‫وعن سبب إنشائه موقع الكتروني أكد أبو‬ ‫فاضل أنه مثل أي إعالمي عنده توجه أن يديرموقعا ً‬ ‫مستقالً‪ ،‬ومعظم املواقع االلكترونية تعود لقوى‬ ‫سياسية معينة لذلك كان موقع “الكلمة أون‬ ‫الين” مساحة لكل القوى السياسية تظهر فيها‬ ‫مواقفها بعيدا ً عن التشويق بحيث يتمكن القارىء‬ ‫أن يدخل على املوقع ويرى معلومات بعيدة عن‬ ‫التوجيه وهي تعكس الواقع واملعطيات احلاصلة‬ ‫على الساحة‪ .‬على الصحافي أن يحترم املعلومات‬ ‫ويضع رأيه في الكتابة بعيدا ً عن املعلومات‪ ،‬حتى‬ ‫في اإلعالم املوجه الصحافي ال يستطيع أن يلغي‬ ‫الفريق اآلخر‪ .‬وهناك أحيانا ً معلومات ينتقدها فريق‬ ‫‪ 14‬آذار وأخرى ينتقدها فريق ‪ 8‬آذار‪ ،‬وبذلك تصبح‬ ‫جز ًءا من النتيجة اإليجابية للموقع‪ .‬فال يوجد في‬ ‫املوقع شخص يعطي رأيه بشخص آخر ويهشمه‬ ‫أو ينتقده‪ .‬وتابع أبو فاضل “مع مرور الوقت سيأتي‬


‫جيل ليقول لن نقرأ جريدة يكفينا االنترنت ملعرفة‬ ‫األخبار‪ ،‬كل جيل له وسيلة تتكامل مع طبيعة‬ ‫ظروفه وعمله»‪.‬‬ ‫أما فيما يخص الكلفة املادية ّ‬ ‫فأكد أبو فاضل‬ ‫أن كلفة املوقع أقل من كلفة الصحيفة ولكن‬ ‫يجب أن تتوازن بني حركة إعالنات وبني فريق العمل‬ ‫ألنها عملية توازن باملصروف واملدخول للحفاظ‬ ‫على استقاللية املوقع‪.‬‬ ‫وختم أبو فاضل “إذا استطاعت الصحافة‬ ‫املكتوبة أن تطور ذاتها بالطبع عندها نكهتها‬ ‫وميزتها والقارىء عنده لذة أن يقرأ اخلبر في اجلريدة‬ ‫والدليل على ذلك أننا نقرأ اجلريدة كل يوم وجند‬ ‫البعض لديهم شغف في مجلة أسبوعية أو‬ ‫شهرية عودت القارىء على مواضيع معينة لها‬ ‫اهميتها وميزتها»‪.‬‬

‫ربيع الهبر‪ :‬العام ‪ 2020‬سيشهد‬ ‫انقراض الصحافة املطبوعة‬

‫اعتبر األستاذ ربيع الهبر رئيس حترير موقع‬ ‫«ليبانون فايلز» أن «اإلعالم املكتوب يتراجع في كل‬ ‫العالم ويتقدم اإلعالم االلكتروني وهناك صحف‬

‫ورقية في أميركا وفي فرنسا أقفلت وحلت مكانها‬ ‫الطبعات االلكترونية» ‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬اإلعالم االلكتروني يتقدم بسرعة ال‬ ‫يستطيع اإلعالم املكتوب ان يواكبها فتصبح‬ ‫األحداث قدمية عند صدور اجلريدة في اليوم التالي‪.‬‬ ‫أما اإلعالم االلكتروني فيتم حتديثه حلظة بلحظة‬ ‫يعني ال يوجد عدد قدمي وعدد جديد يوجد عدد هذه‬ ‫اللحظة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الهبر ان “موقع ليبانون فايلز يتميز‬

‫باستقالليته إذ ال يوجد متييز بني االفرقاء‬ ‫السياسيني أو موقف سياسي معني ضد أحد‪،‬‬ ‫عنده موقف إخباري مما يعني السرعة واملصداقية”‬ ‫‪.‬‬ ‫وأضاف بانه “ال يوجد امية الكترونية بشكل‬ ‫كبير في العالم العربي مثالً في لبنان اجليل القدمي‬ ‫ال يحب االنترنت أما اجليل اجلديد فيعشق االنترنت‪.‬‬ ‫وتابع “هناك مراقبة ذاتية على موقع الـ “ليبانون‬ ‫فايلز” كما ال يوجد أية دعوى بحق املوقع‪ ،‬باقي‬ ‫املواقع عليها ‪ 20‬او ‪ 30‬شكوى مما يثبت شفافيتنا‬ ‫في نقل األخبار والوقائع‪.‬‬ ‫وختم الهبر قائالً “اإلعالم املكتوب الى انقراض‬ ‫هناك عصر اإلعالم االلكتروني واألقوى سيبقى‬ ‫وسيصمد‪ .‬مهنة اإلعالم املكتوب الى زوال سيبقى‬ ‫عندهم قراء لغاية العام ‪ 2020‬أو ‪ 2025‬ولكن‬ ‫العصر والتطور هو لإلعالم االلكتروني”‪.‬‬

‫مرمي مهنا‪ :‬الصحف لها املاضي‬ ‫واملستقبل‬

‫أعلنت مسؤولة النشر االلكتروني في جريدة‬ ‫السفير مرمي مهنا أن «اإلعالم املكتوب وااللكتروني‬ ‫يكمالن بعضهما البعض‪ ،‬فاإلعالم االلكتروني ال‬ ‫يلغي املكتوب ولكن ما يزيد من انتشاره أنه التدرج‬ ‫الطبيعي ملسار اإلعالم»‪.‬‬ ‫واعتبرت ان البعض ذهب الى القول إن اإلعالم‬ ‫املكتوب الى زوال وهذا تطرف ولكن تدريجيا ً‬ ‫سيخف انتشاره ملصلحة اإلعالم االلكتروني‪.‬‬ ‫وتابعت “إذا تبنت اجلريدة اإلعالم االلكتروني لكي‬ ‫توسع آفاقها ال تكون قد خسرت مكانتها حلساب‬ ‫االلكتروني‪ ،‬فعليها أن تطور نفسها لكي تتماشى‬ ‫مع اإلعالم االلكتروني”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكدت مهنا أن بيع الصحف قد ّ‬ ‫خف ألن الناس‬ ‫لم يعد لديها الوقت للمطالعة وهي تبتعد عن‬ ‫املطوالت‪ .‬وعندما يخف التوزيع يخف املدخول‬ ‫اإلعالني فأصبح على الصحف ان تفتش على‬

‫‪63‬‬

‫كيفية االستفادة من هذه التكنولوجيا التي‬ ‫اضرتها وفي الوقت نفسه فتحت لها آفاقا ً‬ ‫جديدة‪ ،‬إذ أصبح االنتشار أوسع‪ .‬في السابق كانت‬ ‫جريدة “السفير” تغطي لبنان وعدد قليل من‬ ‫الدول العربية بكمية محدودة‪ ،‬اما اآلن فقد ازداد‬ ‫عدد القراء على “األون الين” بنسبة هائلة فصار‬ ‫هناك مصدر ثاني لإلعالن يتوجه الى جمهور جديد‬ ‫حدوده العالم بأكمله‪.‬‬ ‫واعتبرت مهنا أن اجلريدة لها جمهورها‬ ‫ومكانتها فهناك أشخاص ال يتقنون العمل على‬ ‫الكومبيوتر وبعض األشخاص يجدون لذة في‬ ‫تصفح اجلريدة‪ .‬ال اعتقد ان “االون الين” يغني عن‬ ‫املطبوع أقله على املدى املنظور‪.‬‬

‫ماذا عن األمية االلكترونية؟‬ ‫أما عن وجود عدد كبير من األم ّية االلكترونية‬ ‫في العالم العربي‪ّ ،‬‬ ‫أكدت مهنا أنه ال يجوز ان نتكل‬ ‫على هذا املوضوع ونطمئن بأن الصحافة مازالت‬ ‫بخير ألن هناك أمية الكترونية في العالم العربي‪.‬‬ ‫ميكن أن نطور الصحافة املكتوبة وأن نطيل عمرها‬ ‫وكل جريدة حسب نقاط قوتها‪ .‬املستقبل لإلعالم‬ ‫االلكتروني ولكنه ال يلغي املؤسسات التي لها‬ ‫تاريخها وخبرتها وقراؤها‪.‬‬ ‫وشددت مهنا بأن اإلعالم املكتوب واملرئي ليسا‬ ‫منفصلني عن بعضهما البعض‪ .‬فاملؤسسة‬ ‫الواحدة تستطيع أن جتمع بني املكتوب‬ ‫وااللكتروني‪ ،‬في لبنان اإلعالم املكتوب تأخر‬ ‫لكي ينضم الى اإلعالم االلكتروني‪ .‬كما أتت‬ ‫بعض املواقع اإلخبارية من دون أن تتمتع بخلفية‬ ‫اإلعالم املكتوب فقطفت القراء الذين يبحثون عن‬ ‫سهولة االطالع التي يوفرها االلكتروني ولكن‬ ‫املسار الصحيح أن املكتوب يستفيد من إرثه‬ ‫وتاريخه ومن كتّابه وبنقلهم الى االنترنت‪ .‬اإلعالم‬ ‫املكتوب له األفضلية على باقي املواقع ألن له‬ ‫التاريخ االحترافي‪ .‬املواقع اإلخبارية عندما بدأت‬ ‫عملها اخذت جتمع مقاالت من الصحف وهي ال‬ ‫متلك التحاليل واملعلومات‪ ،‬لذلك فإن الصحف‬ ‫لها املاضي واملستقبل في هذا اجملال شرط أن‬ ‫تطور نفسها‪ .‬لقد مرت الصحف خالل التاريخ‬ ‫بكثير من اخلصال وهذه خضة جديدة واجلرائد التي‬ ‫لها تاريخها تستطيع مواكبة هذا التطور‪.‬‬ ‫وختمت مهنا مؤكدة أنه ميكن للجرائد أن تتحول‬ ‫الى مواقع الكترونية بحتة ولكن على األقل تكون‬ ‫قد حافظت على مكانتها وتاريخها وهي مختصة‬ ‫في هذا اجملال بدال ً من املواقع اإلخبارية التي جتمع‬ ‫أخبارا ً فقط‪ .‬فإذا كان احلل أن نستغني عن املطبوع‬ ‫وتبقى اجلريدة تعطي نفس احملتوى بتقنية ثانية‬ ‫فال مانع من ذلك‪.‬‬

‫حتقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير عدنان عبداهلل‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فني‬

‫دخل «غينيس» فبادلته دولته «القياسية» بالمباالتها‬

‫الفنان فارس مالعب لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الكتابات الدقيقة موهبة ال يمكن تعلُّ ِمها‬

‫ّ‬ ‫والتعلم فارق شاسع‪ ،‬يظهر‬ ‫بني املوهبة‬ ‫من خالل تأدية الوظيفة املرجوّة‪ ،‬وهي ما‬ ‫ميّزت الفنان فارس مالعب الذي تأقلم‬ ‫مع الكتابة حفرا ً أو نقشاً على أحجام‬ ‫وأشكال صغيرة‪ ،‬كما ويُعرف باهتمامه‬ ‫الكبير باخلط العربي خاصة مع ما نراه‬ ‫لديه من لوحات باألنواع املتعددة من اخلط‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُع ِرف عامليا من خالل نقشه على أشياء‬ ‫ذات أحجام صغيرة‪ ،‬كحبوب الرزّ والقمح‬ ‫والسمسم وغيرها‪ ،‬والتي استبدلها‬ ‫كحبوب طبيعية بأخرى فضيّة حتمل‬ ‫نفس احلجم والشكل‪ ،‬نظراً إلى أ ّن األشياء‬ ‫الطبيعية “ال تعمّ ر طويالً” – كما يقول‪،‬‬ ‫بحيث متيز بنقش اآليات القرآنية (وخاصة‬ ‫الفاحتة)‪ ،‬إضافة لألناشيد الوطنية مما‬ ‫جعله يُك َّرم في كندا وحتى في دولته‬ ‫التي ال تبالي كثيرا ً “لبنان”‪ ،‬وهذا ما أدخله‬ ‫موسوعة غينيس لألرقام القياسية ضمن‬ ‫إسم “الكتابات الدقيقة”‪.‬‬ ‫وما مييزه حتى اليوم ومع التق ّدم عمرياً‬ ‫عاماً بعد عام‪ ،‬هو القوّة التي متتلكها يداه‬ ‫لتحفر بدقة باهرة على األحجام الصغيرة‬ ‫ُ‬ ‫سهال‬ ‫التي يحتاجها‪ ،‬والتي أصبح إجنازها‬ ‫لديه مع تطوّر خبرته في هذا اجملال‪ .‬ويتميز‬ ‫هذا النوع من الكتابات الدقيقة والذي‬ ‫يُعرف بإسم‌ “املنمنمات‌“ بخصائص‌ مميزة‌‬ ‫تشمل‌ كافة اجلوانب‌ التقنية‌ واألسلوبية‪،‬‬ ‫هذا باإلضافة إلى املشغل الذي يقضي فيه‬ ‫معظم أوقاته لتصنيع اآلالت املوسيقية‪،‬‬ ‫كونه عازفاً وصانعاً ألدوات العزف‪.‬‬ ‫«منبر التوحيد» زارته في منزله‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واطلعت على كافة أعماله‪ ،‬فكان معه‬ ‫احلوار التالي‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫خالل نقشه على إحدى حبات الر ّز‬ ‫َمن هو فارس مالعب وكيف وصل إلى موسوعة‬ ‫غينيس العاملية؟‬ ‫فارس حليم مالعب‪ ،‬خطاط اجلمهورية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وصاحب رقم قياسي عاملي في الكتابات‬ ‫الدقيقة ضمن موسوعة غينيس العاملية لألرقام‬

‫خامت من الذهب مع القطعة‬ ‫السوداء احملفور عليها الفاحتة‬ ‫و”سورة الناس”‬

‫‪64‬‬

‫كنت‬ ‫القياسية منذ العام ‪ ،1988‬إذ أنني عندما‬ ‫ُ‬ ‫في لبنان لم أكن أعلم كيفية اإلتصال بإدارة هذه‬ ‫املوسوعة‪ ،‬إلى حني مهاجرتي إلى كندا‪ ،‬بحيث‬ ‫قدمت أحد أعمالي للمتحف الوطني الكندي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأخرى ملتحف مدينة فانكوفر‪ ،‬وكان األول عبارة‬ ‫عن النشيد الوطني الكندي (مؤلف من ‪148‬‬ ‫حرف أجنبي) محفور على اجلهة األولى من ح ّبة‬ ‫ٍ‬ ‫حفرت‬ ‫الفضة‪ ،‬في حني‬ ‫قمح مصنوعة من‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫على اجلهة األخرى خريطة كندا وحتتوي أسماء‬ ‫اإلثني عشر والية املوجودة فيها‪ ،‬بحيث أقامت‬ ‫احلكومة الكندية حفالً تكرمييا ً لي‪ ،‬وشجعتني‬ ‫مت‬ ‫قد ُ‬ ‫على املشاركة في “غينيس”‪ ،‬وكان أن ّ‬ ‫نشرَ في الصفحة ‪485‬‬ ‫عمالً مميزا ً في العام ‪ِ 1988‬‬ ‫ُ‬ ‫من كتاب غينيس‪ ،‬وبحسب ما طلِ َب مني فكان‬ ‫ش ْعر مؤلف من ‪ 200‬صفحة‪ ،‬عدد‬ ‫عبارة عن كتاب ِ‬ ‫كلماته ما بني ‪ 17‬و ‪ 20‬ألف كلمة‪ ،‬محفور على‬ ‫جهة واحدة من لوحة فض ّية بقياس (‪ 7 × 5‬سم)‪،‬‬ ‫“محمدي” يُدرج إسمه في “غينيس”‪.‬‬ ‫وكنت أ ّول‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ماذا عن احلوافز واجلوائز التي ُق ّدمت لك من‬ ‫إدارة املوسوعة؟‬ ‫ال حوافز مادية‪ ،‬لكن يكفي إدراج إسمي في‬ ‫كتابهم‪ ،‬في حني أنني تلقيت تهاني ومديح من‬ ‫العديد من املسؤولني في كندا‪ ،‬بعد إدراج إسم‬ ‫والية ألبرتا «‪ ”Alberta‬إلى جانب إسمي في‬ ‫كنت أعيش في تلك الوالية‪.‬‬ ‫“غينيس”‪ ،‬ألنني‬ ‫ُ‬


‫قدمه‬ ‫فص خامت من العاج ّ‬ ‫صورة لـ ّ‬ ‫مالعب للرئيس حلود حفر عليه النشيد‬ ‫مذهبة باخلط العربي بعيار ‪ 22‬قيراط‬ ‫الوطني اللبناني بقياس (‪ 3 × 2‬مم)‬ ‫لوحة ّ‬

‫متّ تكرميي حينها من رئيس اجلمهورية اللبنانية‬ ‫أقدم عمالً‬ ‫الياس الهراوي‪ ،‬وال ُ‬ ‫زلت منذ ذلك الوقت ّ‬ ‫جديدا ً لكل رئيس جديد للجمهورية اللبنانية‪،‬‬ ‫قدمت للرئيس العماد إميل ّ‬ ‫حلود مثالً خامتا ً‬ ‫بحيث ّ‬ ‫من العاج محفور عليه النشيد الوطني اللبناني‪.‬‬ ‫سأقدم عمالً جديدا ً للرئيس العماد‬ ‫واليوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ميشال سليمان‪ ،‬وهو تقليد بدأه أستاذي الشيخ‬ ‫قدم أحد‬ ‫نسيب مكارم منذ العام ‪ ،1922‬بحيث ّ‬ ‫أعماله هدية ألول رئيس للجمهورية اللبنانية‬ ‫حبيب باشا السعد‪ ،‬وتوالت أعماله وهداياه لكل‬ ‫رئيس جديد إلى حني وفاته في العام ‪ ،1971‬وكان‬ ‫ٍ‬ ‫حينها خطاط اجلمهورية اللبنانية‪.‬‬ ‫ماذا عن تتلمذك لدى الشيخ نسيب مكارم‪،‬‬ ‫وهل ميكن القول أ ّن التلميذ فاق أستاذه؟‬ ‫تعلمت اخلط العربي لدى الشيخ مكارم منذ‬ ‫العام ‪ ،1959‬لكنه دائما ً كان يقول لي حول سؤالي‬ ‫عن كيفية تع ّلم الكتابة الدقيقة (املنمنمات)‪:‬‬ ‫هذه موهبة ال ميكن تع ّلمها‪ ،‬عليك أن تكتشفها‬ ‫بنفسك”‪ ،‬في حني أنه علمني قواعد اخلط‬ ‫العربي‪ ،‬وهو سبع أنواع‪ .‬وكان هناك من كتب‬ ‫قبله منذ ‪ 700‬سنة‪ ،‬على حبة الر ّز قبل الشيخ‬ ‫نسيب مكارم‪ ،‬وهو ع ّز الدين جواد التنوخي‬ ‫لكن الشيخ مكارم تف ّوق على‬ ‫(‪.)1358 – 1305‬‬ ‫ّ‬

‫“التنوخي” بكتابة “‪ 63‬كلمة” على ح ّبة الر ّز في‬ ‫حني كتب األخير “‪ 60‬كلمة”‪ .‬ثم تط ّورت كتابة‬ ‫الشيخ نسيب مكارم على حبوب “الرزّ” حيث‬ ‫أصبح بإمكانه كتابة “‪ ”287‬على ح ّبة الرزّ‪.‬‬ ‫من هنا أعد لعمل‬

‫مذهبة باخلط العربي بعيار ‪22‬‬ ‫لوحة‬ ‫ّ‬ ‫قيراط‬

‫قدمه‬ ‫جديد مميز أكثر من أعمالي السابقة‪ ،‬ولم يُ ّ‬ ‫أحد من قبل‪.‬‬ ‫ما اجلوائز والتكرميات التي أقيمت َ‬ ‫لك أثناء‬ ‫هجرتك إلى كندا؟‬ ‫كان يتم اختيار والية من واليات كندا ل ُيقام‬ ‫وكنت أستفيد‬ ‫فيها معرضا ً سنويا ً ألعمالي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫منه معنويا ً وماديا ً وكانت تقام بدعم وإشراف‬ ‫يسمى “تقديراً” ماديا ً‬ ‫احلكومة الكندية‪ .‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫ومعنوياً‪ ،‬ما ال جنده من حكومتنا اللبنانية‪.‬‬ ‫عتبي على كل وسيلة إعالمية لعدم مباالتها‬ ‫ويقدم أشياء‬ ‫ألعمال من جاء للبنان بجائزة عاملية‬ ‫ّ‬ ‫جديدة باستمرار ومميزة‪ ،‬وخاصة تلك التي تصدر‬ ‫ويكون لها عالقة مبؤسسات وجمعيات ضمن‬ ‫املوحدين‪.‬‬ ‫طائفة‬ ‫ّ‬ ‫مت هدية حني إقامتي ملعرض في دبي‪،‬‬ ‫قد ُ‬ ‫ّ‬ ‫هدية ألمير دبي محمد بن راشد آل ثاني عبارة عن‬ ‫قطعة من الذهب بحجم “خصلة من َ‬ ‫الش ْعر”‬ ‫حفرت عليها خمسة أبيات من الشعر‪ ،‬وتكون‬ ‫ُ‬ ‫معارضي مؤلفة من قسمني‪ :‬األول يتضمن‬ ‫لوحات من اخلط العربي‪ ،‬واآلخر أعمالي الدقيقة‬ ‫أي املنمنمات‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم باخلط الديواني اجللي‬

‫شعرة خيل ن َ‬ ‫ُقشت عليها الفاحتة‬

‫‪65‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فني‬

‫ُجهدها ال ُمضاعف وشخصيتها المح ّببة أوصالها إلى نجاح يكبر يومياً‬ ‫ٍ‬

‫الفنانة السورية ليليا األطرش‪ :‬مستمرون فنياً‬ ‫بال لمحاوالت إيخافنا عبر مؤامرتهم‬ ‫ولم ُن ِ‬ ‫إنها املوهبة املميزة التي ُ‬ ‫ص ِقلت في‬ ‫ُشهد لها تاريخياً ونضالياً‬ ‫كنف عائلة ي َ‬ ‫وفنياً وثقافياً‪ ،‬تطوّرت يوماً بعد يوم بجهد‬ ‫صاحبتها بدءًا من “طمرايا” وصوالً إلى‬ ‫“باب احلارة” و”الدبّور” و”العشق احلرام”‬ ‫وغيرها من األعمال الباهرة والتي جند من‬ ‫خالل متابعتها‪ ،‬أنها كانت مبثابة درجات‬ ‫ساللم سلكتها ليليا األطرش فأعطتها‬ ‫شخصيات محبّبة وقريبة للمشاهد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫احلقة والتي‬ ‫وأخذت منها رونق الشهرة‬ ‫تستأهلها بجدارة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بشخصيات كثيرة أطلت على‬ ‫الشاشات‪“ ،‬لطفية” في باب احلارة‪،‬‬ ‫و”زهرية” في “الدبّور”‪ ،‬و”سلمى” في‬ ‫العشق احلرام وغيرها‪ ،‬فكانت أن ّ‬ ‫جسدت‬ ‫ًّ‬ ‫كال منها بتفاصيل حياتية قرّبتها أكثر‬ ‫إلى الناس‪ ،‬حتى جعلتها محط أنظار‬ ‫اجلميع أينما ّ‬ ‫حتل‪ ،‬وهذا ما الحظناه خالل‬ ‫تواجدها في بيروت بعد شهر رمضان‬ ‫املبارك‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” التقت الفنانة‬ ‫السورية ليليا األطرش‪ ،‬وكان لقاء مميزا ً‬ ‫طغت عليه معاني القربى والطيبة‬ ‫والتواضع‪ ،‬وهنا ّ‬ ‫نص احلوار‪:‬‬ ‫غزت الدراما السورية الشاشات خاصة‬ ‫في شهر رمضان‪ ،‬هل هو حتدٍّ لألوضاع‬ ‫احلاصلة في سوريا اليوم‪ ،‬أم أنه استكمال‬ ‫لنجاحات سابقة؟‬ ‫ٍ‬ ‫عام آخر‪،‬‬ ‫كأي‬ ‫العام‬ ‫هذا‬ ‫عملنا‬ ‫ال أبداً‪ ،‬فقد‬ ‫ٍ‬ ‫فالدراما السورية أصبحت منذ فترة طويلة‪،‬‬ ‫رائدة وتنافس بق ّوة وشراسة كل الدراما‬ ‫العربية‪ .‬هذه السنة كانت كأي سنة أخرى‪،‬‬ ‫فكل فرد كان يعمل ألنه مجتهد وال عالقة‬ ‫لذلك بالوضع السياسي‪ ،‬خاصة وأنه ال يوجد‬ ‫يسمونه في اإلعالم بـ‬ ‫لدينا في سوريا ما‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من مسلسل «الد ّبور»‬

‫“الثورات”‪ ،‬لدينا حالة من الفوضى التي حتصل‬ ‫للتخريب وهي على عالقة وطيدة مبؤامرة‬ ‫خارجية ‪ -‬إعالمية‪ ،‬أكثر بكثير مما هو موجود‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬وما حاولوا إيخافنا به‪ .‬مما‬ ‫ال شك فيه أ ّن هناك بعض املناطق امللتهبة‪،‬‬ ‫وحاالت من الفوضى العارمة فيها‪ ،‬لكن هذا ال‬ ‫يعني أنها “ثورات”‪ ،‬لكننا في كل هذه الفترات‪،‬‬ ‫ومن خالل األزمة طيلة خمسة أشهر في‬ ‫سوريا‪ ،‬لم نتوقف يوما ً عن التصوير ولم نبقَ‬ ‫ليوم واحد في بيوتنا خوفا ً من اخلروج‪ ،‬ال بل كنا‬ ‫ٍ‬ ‫وقت آخر‪.‬‬ ‫نعمل باستمرار كأي ٍ‬

‫من ليليا‪ ...‬إلى اجليش العربي‬ ‫السوري‬ ‫باحلديث عن سوريا‪ ،‬ماذا عن مشاركتك في‬ ‫األغنية التي ق ّدمتموها للجيش السوري‪،‬‬ ‫وماذا تقول ليليا األطرش ‪ -‬إبنة السويداء ‪-‬‬ ‫اليوم جليش وطنها؟‬ ‫كنت من املشاركني في‬ ‫فرحت جدا ً أنني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نشيد “هذا جيش الوطن” وأشكر الق ّيمني‬

‫‪66‬‬

‫عليها‪ ،‬إذ كانت عربون محبة منا كسوريني‪،‬‬ ‫جليشنا ولكل جندي يقوم بحمايتنا ويع ّرض‬ ‫نفسه للخطر ألجلنا‪ ،‬أل ّن من بني هؤالء اجلنود‬ ‫أبي وأخي وأقربائي‪ ،‬وقد يكون من بينهم أعمام‬ ‫وأقرباء كل مواطن سوري‪ .‬لقد كان هذا العمل‬ ‫حتية بسيطة منا لهم من خالل كل فرد من‬ ‫أفراد هذا اجملتمع‪ .‬من هنا‪ ،‬أقول‪“ :‬فليحمي اهلل‬ ‫جيشنا العظيم”‪.‬‬

‫اإلنتاج الفني السوري‪..‬‬ ‫في القمّ ة‬ ‫كيف تقيّمني اإلنتاج الدرامي في سوريا‬ ‫والرأسمال الذي يُصرف له؟ وهل ميكن القول‬ ‫أنه متفوّق على اإلنتاج العربي عامة؟‬ ‫اإلنتاج الفني موجود في كل العالم العربي‪،‬‬ ‫وخاصة في بيروت التي عادت لتدخل من‬ ‫جديد في عجلة اإلنتاج‪ .‬وأل ّن الدراما السورية‬ ‫عملت على نفسها لتنافس بق ّوة‪ ،‬ترونها اليوم‬ ‫لكن اإلنتاج موجود إن‬ ‫متف ّوقة‪ ،‬وهذا ما مي ّيزها‪ّ .‬‬ ‫في سوريا أو لبنان أو أي بلد عربي آخر‪ ،‬ويبقى‬


‫للنص والديكور واإلخراج واملمثلني والفنيني‪،‬‬ ‫ما يجعل العمل أكثر تكامالً‪ ،‬ويجعل الدراما‬ ‫السورية تتفوق على مثيالتها‪ .‬إذا ً الفضل ال‬ ‫يعود لفريق على آخر‪ ،‬فأعمالنا دائما ً جماعية‪،‬‬ ‫وال شيء منها فردياً‪ ،‬إذ أننا لم نكتب يوما ً‬ ‫مسلسال ً لبطل معني كما يحصل في مصر‬ ‫مثالً‪ ،‬نحن دائما ً نكتب نص وال نسأل ملَن هذا‬ ‫الدور أو ذاك‪ ،‬وال يأتون بليليا األطرش أو جمال‬ ‫سليمان أو غيرهما ويكتبون النص على أساس‬ ‫قوي‬ ‫املمثل وشخصيته‪ .‬وأعتقد أ ّن ذلك‬ ‫سبب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫من أسباب جناح الدراما السورية‪.‬‬ ‫أين تقيّمني موقع اخملرجني السوريني بني‬ ‫وأنك تتحدثني كثيرا ً‬ ‫اخملرجني العرب خاصة‬ ‫ِ‬ ‫عن اخملرج ّ‬ ‫بسام املال (مخرج مسلسل باب‬ ‫احلارة)؟‬ ‫بدون مجاملة‪ ،‬كل مخرج لديه تفصيل‬ ‫وأفكار وخصائص معينة‪ ،‬وبالتالي ك ٍّل منهم‬ ‫ميلك شخصية مت ّيزه عن غيره من زمالئه‪ ،‬ولكن‬ ‫بسام املال‪ ،‬ومبج ّرد أن يضع‬ ‫أعتقد أ ّن األستاذ ّ‬ ‫“روحه” في أي عمل حول البيئة الشامية‪،‬‬ ‫يخرج العمل مميزا ً ومختلفا ً عن كل األعمال‬ ‫املماثلة‪ .‬كذلك هناك كثر من اخملرجني الشباب‬ ‫اجلدد‪ ،‬لديهم تطور هائل بأدواتهم وأفكارهم‬ ‫وكيفية رؤيتهم للكادر واملمثل‪ ،‬إذ أنني مثال ً‬ ‫أتعامل منذ أربع سنوات مع اخملرج الشاب تامر‬ ‫إسحاق‪ ،‬وال نشعر كممثلني أبدا ً أنه بعيد‬ ‫عمريا ً عنا‪ ،‬وهذا ما يجعل أفكاره متشابهة‬ ‫مع أفكارنا‪.‬‬ ‫هل هذا يساعدكم أكثر؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬وقد أصبح هناك لغة خاصة بيني‬ ‫واألستاذ تامر إسحاق‪ ،‬ال عالقة لها باحلوار‪ ،‬فقد‬ ‫أصبحت على ثقة بكيفية رؤيته للمشهد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وهو يعرف شخصيتي‪ ،‬وبالضبط ميكنني‬ ‫القول كما قال أحد املمثلني‪“ :‬هو يعرف عيوبي‬ ‫كممثلة‪ ،‬وأنا أعرف قدراته كمخرج”‪ .‬لذلك‬ ‫أصبح هناك متعة باحلالة الفنية التي نعمل‬ ‫بها سوياً‪.‬‬

‫أعمال البيئة الشامية‪ ..‬تتجدد‬ ‫سنوياً‬ ‫شاركت في العديد من املسلسالت التي‬ ‫ِ‬ ‫تتناول البيئة الشامية‪ ،‬برأيك هل كثرتها‬ ‫يجعلها مستهلكة؟‬ ‫عندما قدمنا مسلسل “باب احلارة” في‬ ‫جزئيه األول والثاني‪ ،‬كنا متوقعني النجاح‬ ‫له‪ ،‬إال أن النجاح الذي القاه فاق توقعاتنا‪ ،‬إذ‬ ‫أننا كنا نعمل على التجلي – كما يقولون‪،‬‬ ‫وجاءت بعدهما األجزاء األخرى‪ .‬عندما جنح‬ ‫العمل التاريخي‪ ،‬كنا نرى أعمال مشابهة‬ ‫تتوالى بعد األخرى‪ ،‬وهذا نفسه ما يحصل‬ ‫من خالل مسلسالت البيئة الشام ّية‪ ،‬ال‬

‫من مسلسل «العشق احلرام»‬

‫للمشاهد‪،‬‬ ‫أعلم إن كان ذلك يسبب امللل ُ‬ ‫أن كل مسلسل منها له قصته‬ ‫ولكن أعتقد ّ‬ ‫وأشخاصه حتى ولو تناولت جميعها محور‬ ‫أن املُشاهد‬ ‫“البيئة الشامية”‪ .‬لذلك ال أجد ّ‬ ‫قد ّ‬ ‫وأن‬ ‫مل هذا النوع من املسلسالت‪ ،‬خاصة ّ‬ ‫الناس كلها افتق َدت ملسلسل “باب احلارة”‬ ‫في شهر رمضان لهذا العام ملا تركه من‬ ‫فراغ‪ ،‬و َمن كان ضد أن يكون للمسلسل‬ ‫جزءا َ سادساً‪ ،‬أصبح هو َمن يطالب به‪ ،‬بعد‬ ‫أن دخلنا خلمس سنوات إلى بيوت الناس‬ ‫وتواجدنا على موائدهم الرمضانية‪.‬‬ ‫ماذا أضاف دور “لطفية” في باب احلارة‬ ‫للرصيد الفني لليليا األطرش‪ ،‬خاصة مع‬ ‫ما القاه من إعجاب إذ رأيناكي حيناً تلك‬ ‫الفتاة الضعيفة‪ ،‬وأحياناً املرأة اجلريئة‬ ‫القوية؟‬ ‫أقدم أية أعمال‬ ‫على الرغم من أنني لم ّ‬ ‫أخرى خالل تصويري للجزأين األول والثاني‬ ‫من “باب احلارة”‪ ،‬وبالرغم من أن املَشاهد التي‬ ‫ظهرت فيها في كافة األجزاء كانت قليلة‪،‬‬ ‫أن سلسلة “باب احلارة”‬ ‫ولكن احلق يُقال ّ‬ ‫هي َمن أوجدت لي هذه اللمعة العربية‪ .‬ال‬ ‫أن “باب‬ ‫ميكنني أن أنكر أعمالي السابقة‪ ،‬إال ّ‬ ‫احلارة” أوجد تلك اللمعة ‪ -‬ليس لي فقط ‪-‬‬ ‫بل لكل املمثلني الذين شاركوا في أجزائه‬ ‫بحيث أوجد لنا جميعا ً شهرة واسعة في‬ ‫العالم العربي‪ .‬لذلك‪ ،‬أعتبر أنه كان محطة‬ ‫مهمة جدا ً في حياتي‪ ،‬ومنه انطلقت أكثر‬ ‫وأسرع خلارج سوريا‪.‬‬ ‫ماذا عن حاجات املمثل السوري اليوم؟‬ ‫أعتقد أ ّن لكل مجتهد نصيب‪ ،‬لذلك أمتنى‬ ‫يترسخ أكثر فأكثر في عقول‬ ‫تقدمي دور جديد‬ ‫ّ‬

‫‪67‬‬

‫الناس‪ ،‬من بعد سلسلة “باب احلارة” ومن ثم‬ ‫هذا العام مسلسل “العشق احلرام” الذي أوجد‬ ‫لي ج ّوا ً مميزاً‪ ،‬لذلك أعتقد أنني بحاجة أكثر‬ ‫لنص ودور مم ّيزين‪ ،‬إضافة خملرج مميز وشركة‬ ‫إنتاج تنصفني ماديا ً بحسب أعمالي وجهودي‪،‬‬ ‫أعتقد أ ّن هذه حاجات أي ممثل آخر‪.‬‬ ‫حتدثت عن األعمال التاريخية التي أخذت‬ ‫ِ‬ ‫أوجها في فترة‪ ،‬ومن ثم اليوم تأخذ أعمال‬ ‫البيئة الشامية ذلك؟ ما السبب الذي جعل‬ ‫األعمال الدرامية تصبح أقوى أكثر في حني‬ ‫ال نرى أعماالً تاريخية سوى بشكل محدود‬ ‫وكذلك الكوميدية منها؟‬ ‫األعمال الكوميدية عادت هذا العام بشكل‬ ‫لكن سبب عودة األعمال‬ ‫ملحوظ أيضاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتحمس‬ ‫الدرامية‪ ،‬هو أن الناس أصبحت‬ ‫ّ‬ ‫ملشاهدة أعمال البيئة الشامية واألعمال‬ ‫املتحررة واملتطورة أكثر واالجتماعية املعاصرة‪،‬‬ ‫وتتحمس للذهاب إلى األعمال الكوميدية‬ ‫ّ‬ ‫الناقدة كـ”بقعة ضوء” و”مرايا” وغيرهما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ليحل‬ ‫أعتقد أ ّن جميعها “موضة” تأتي وتذهب‬ ‫ً‬ ‫نوع آخر‪ ،‬لكن أعتقد أن‬ ‫مكانها أعماال من ٍ‬ ‫الناس أصبحوا أقرب إلى األعمال اإلجتماعية‬ ‫القريبة من واقعهم املُعاش‪ ،‬حتى أنني‬ ‫كممثلة ومع االستمتاع الرهيب الذي أشعر‬ ‫به خالل تأديتي لعمل بيئة شامية ‪ -‬ألنني‬ ‫أشعر بأنني من داخل هذا البيت العربي القدمي‬ ‫أحب‬ ‫الذي يحتوي كل ما هو تراثي‪ ،‬إال انني‬ ‫ّ‬ ‫األعمال ذات الطابع اإلجتماعي أيضاً‪ ،‬وهذا‬ ‫يفضله‪ ،‬وما هو أقرب لواقعنا‬ ‫ما أصبح الناس‬ ‫ّ‬ ‫ومحيطنا‪.‬‬ ‫أين األعمال السينمائية في سوريا اليوم؟‬ ‫اإلنتاج السينمائي لدينا يكاد يكون شبه‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر فني‬ ‫شاركت‬ ‫معدوماً‪ ،‬أما بالنسبة لي فقد‬ ‫ُ‬ ‫فيلم سينمائي‪ ،‬وهو ُمذهل بتفاصيل‬ ‫بتصوير‬ ‫ٍ‬ ‫محوره‪ ،‬كونه من‪ :‬إنتاج وإخراج إيراني‪ ،‬يتناول‬ ‫قدمه ممثلني سوريني‬ ‫القضية الفلسطينية‪ ،‬وي ُ ّ‬ ‫ولبنانيني‪ ،‬لذلك هو مؤلف من خليط رائع‪،‬‬ ‫موحد‪ .‬لقد كانت جتربة رائعة حقاً‪،‬‬ ‫ذات هدف‬ ‫ّ‬ ‫فت على‬ ‫واستمتعت بها‪ ،‬خاصة وأنني تع ّر ُ‬ ‫ُ‬ ‫أدوات غير أدواتنا التي نعمل بها‪ ،‬وعلى حالة‬ ‫أقدم‬ ‫غير احلالة التي‬ ‫ُ‬ ‫اعتدت عليها بحيث ّ‬ ‫حوالي العشرين مشهد أو أكثر يوميا ً في‬ ‫املسلسالت‪ ،‬في حني أننا كنا ننجز مشهدا ً أو‬ ‫مشهدين أثناء تصوير الفيلم‪ .‬أعتبرها حالة‬ ‫غريبة وجميلة في نفس الوقت وأمتنى أن ت ُعاد‪،‬‬ ‫وأمتنى لو أن السينما السورية تتطور أكثر‬ ‫كما تطورت الدراما لدينا‪ ،‬ألنني أعتقد بأننا‬ ‫إذا عملنا أكثر لتطويرها‪ ،‬سنخوض منافسة‬ ‫قوية مع األعمال املشابهة‪.‬‬ ‫ما رأيك بدبلجة املسلسالت التركية‬ ‫باللهجة السورية‪ ،‬وهل تعتبرين أ ّن هذا‬ ‫استهالك لألخيرة؟‬ ‫بكل صراحة‪ ،‬لم أتابع أي مسلسل تركي‬ ‫منذ بدء عرضها على شاشاتنا‪ ،‬أعرف عنها من‬ ‫حديث الناس‪ ،‬ومتابعتهم لها‪ .‬ما أح ّبه الناس‬ ‫في العمل التركي هو اجلديد‪ ،‬من مالبس وديكور‬ ‫ومناظر طبيعية لم يرونها سابقا ً وغيرها‪،‬‬ ‫خاصة مع قصص احلب التي هي أجرأ رمبا من‬ ‫القصص التي ترونها في مسلسالتنا العربية‪.‬‬ ‫علي كثيرا ً املشاركة بوضع‬ ‫كممثلة‪ُ ،‬عرِض‬ ‫ّ‬ ‫صوتي لبعض الشخصيات خالل عمليات‬ ‫أحب الظهور‬ ‫الدبلجة‪ ،‬لكني رفضت ألنني‬ ‫ّ‬ ‫للناس صوتا ً وصورة وليس من خالل صوتي‬ ‫على شخصية وشكل إنسان آخر‪ ،‬ولكن ما‬ ‫حتب هذه املسلسالت التركية هي‬ ‫جعل الناس ّ‬ ‫اللهجة السورية التي أصبحت قريبة منهم‬ ‫ودخلت بيوتهم طيلة أيام السنة‪.‬‬ ‫لست مع املسلسالت التركية‪ ،‬وأعتقد‬ ‫ُ‬ ‫أننا أصبحنا متمكنني من تقدمي مسلسالت‬ ‫بحلقات مط ّولة كتلك التركية املؤلفة من‬ ‫أكثر من ‪ 90‬حلقة‪ ،‬لكن تلك األخيرة “موجة‬ ‫من املوضة” وتنتهي قريباً‪.‬‬ ‫شاركت في مسلسل خليجي‬ ‫لكنك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثت باللهجة اخلليجية‪ .‬هل تعتبرين‬ ‫وحت ّد ِ‬ ‫ذلك جناحاً َ‬ ‫أنك‬ ‫لك وإضافة لرصيدك‪ ،‬أم ِ‬ ‫لهجتك األم؟‬ ‫خرجت من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحب جتربة جميع اللهجات‪ ،‬وال مشكلة‬ ‫ّ‬ ‫لدي بالتكلم باملصرية أو اخلليجية أو اللبنانية‬ ‫ّ‬ ‫أو املغربية ‪ -‬إذا استطعت ‪ -‬أو غيرها‪ ،‬وبذلك‬ ‫عملت ليس فقط على دور الشخصية‬ ‫أكون قد‬ ‫ُ‬ ‫املوجودة‪ ،‬وال على مظهرها اخلارجي بل أيضا ً على‬ ‫طريقة كالمها ولهجتها‪ .‬لذلك يكون اجلهد‬ ‫يقدم الفنان جميع‬ ‫ُمضاعفاً‪ ،‬ومن اجلميل أن ّ‬ ‫اللهجات العربية‪ ،‬فتبادل الثقافات رائع ومفيد‪،‬‬ ‫لذلك أضع نفسي في املكان الذي أراه مناسبا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من مسلسل «باب احلارة»‬

‫ثت بغير لهجتي السورية‪.‬‬ ‫حتد ُ‬ ‫لي‪ ،‬حتى لو ّ‬

‫أتابع النقد الب ّناء حتى لو كان‬ ‫سلبياً‬ ‫أين تقيّم ليليا األطرش نفسها بدءًا من‬ ‫سلسلة “مرايا” وصوالً إلى “العشق احلرام”‬ ‫اليوم‪ ،‬وغيرها من األعمال التي متيّزت بها؟‬ ‫كنت ال أزال صغيرة‬ ‫عندما بدأت بالتمثيل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وال أيقن ما معنى كاميرا وما معنى هذا‬ ‫املسلسل أو ذاك‪ ،‬وما مدى أهمية املمثلني‬ ‫العمالقة الذين أشاركهم األدوار‪ .‬إذا ً كانت‬ ‫موهبتي وح ّبي للظهور على الشاشة هو ما‬ ‫يأخذني إليها‪ ،‬بعد فترة بدأت أتيقّ ن أكثر ملدى‬ ‫أهمية ذلك‪ ،‬ثم أصبحت أخاف من الكاميرا‬ ‫واملمثلني والدور نفسه الذي سألعبه‪ ،‬حتى‬ ‫كنت أخاف من اليوم األول للتصوير‪،‬‬ ‫أنني‬ ‫ُ‬ ‫من ثم توالت األمور‪ ،‬فأصبحت أشعر مبدى‬ ‫مسؤولية ما أقوم بتأديته للجمهور‪ .‬هذا‬ ‫كان تط ّورا ً مهما ً بشخصيتي‪ ،‬فأصبحت‬ ‫املسؤولية كبيرة جتاه ما أقرأه من نصوص وما‬ ‫أختاره وما أقوم بتأديته‪ .‬اليوم‪ ،‬كل هذه احلاالت‬ ‫ال تزال مجتمعة بداخلي‪ ،‬لذلك في اليوم األول‬ ‫للتصوير أكون متوترة جداً‪ ،‬إذ أكون جديدة‬ ‫على موقع التصوير وأحتاج ألن أتعرف عليه‬ ‫وعلى املمثلني املشاركني‪ ،‬وألن أدخل بالدور‬ ‫الذي سأؤ ّديه وأُخرج هذه الشخصية املكتوبة‬ ‫على األوراق لتجسيدها في شخصية متثيلية‬ ‫أصبحت أنتظر الرأي‬ ‫جديدة ومميزة‪ ،‬بحيث‬ ‫ُ‬ ‫الناقد أكثر من املديح ألعرف مدى تأثير الدور‬ ‫قدمته على املشاهدين واملتابعني‪.‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫هل تتقبلني النقد السلبي؟‬

‫‪68‬‬

‫إذا جاء من أشخاص يح ّبونني ويريدونني‬ ‫أن أتط ّور‪ ،‬أقبله‪ ،‬ولكن إذا جاء ممّن يريدون‬ ‫“حتطيم معنوياتي” فال أقبله ال بل ال أسمح‬ ‫لهم بإعطاء رأيهم‪ .‬أمتنى أن أبقى كما ع ّودت‬ ‫نفسي وأهلي و َمن هم بجانبي وحولي‪ ،‬أقوم‬ ‫بأشياء جديدة أفضل من السابقة‪ ،‬ليتحدث‬ ‫اجلميع عني بإيجابية‪ .‬أشعر بسعادة كبرى‬ ‫عندما أكون في بيروت وأجد اجلميع يقولون‬ ‫لي‪“ :‬نتابعك في هذا املسلسل أو ذاك‪ ،‬وتبدين‬ ‫رائعة”‪ ،‬وهذا دليل على متابعة الناس لي‬ ‫ومحبتهم الكبيرة ألعمالي‪.‬‬ ‫ماذا عن مشاركتك في األعمال اخليرية؟‬ ‫إذا دُعيت ألي عمل خيري‪ ،‬ال أتر ّدد وال أتوانى‬ ‫للحظة‪ ،‬ألنني أعتبر أنه جزء من حياة الفنان‪،‬‬ ‫فهو ليس فنانا ً للشاشة فقط‪ ،‬بل يجب أن‬ ‫يشعر بوجع وألم الناس ويالمس واقعهم‪.‬‬ ‫دُعيت منذ فترة إلى جمعية للمع ّوقني‪،‬‬ ‫بقمة سعادتي‬ ‫وشاركت في احتفالهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكنت ّ‬ ‫ورقصت معهم‪،‬‬ ‫عندما شاركتهم فرحتهم‬ ‫ُ‬ ‫وأحسست مبدى مح ّبتهم لي‪.‬‬ ‫كلمة أخيرة للشعب السوري‪:‬‬ ‫سأحتدث من موقعي كمواطنة سورية‬ ‫ّ‬ ‫وليس كفنانة‪ :‬أمتنى أن مت ّر هذه األزمة التي‬ ‫طالت خمسة أشهر على خير‪ ،‬والتي أثبت‬ ‫الشعب السوري خاللها وعيه‪ ،‬مع التضليل‬ ‫اإلعالمي الكبير‪ ،‬خاصة وأ ّن هناك بعض‬ ‫َمن كانوا ضعفاء النفوس ومتّ التأثير عليها‪،‬‬ ‫فتغ ّيرت مبادئهم ومواقفهم‪ ،‬لكنني مؤمنة‬ ‫بالشعب السوري الذي أنتمي إليه‪ ،‬وبقائدنا‪،‬‬ ‫وضد الفساد‪ ،‬وكلنا‬ ‫وبسوريا‪ .‬كلنا مع اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫نتمنى اخلير لسوريا‪ ،‬ولكن كل ذلك حتت قيادة‬ ‫الدكتور بشار األسد‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬


‫منبر ثقافي‬

‫يحضر لمجموعته الشعرية الثانية «عرس ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالشام» بعد «أصل الحكي»‬ ‫سليم عالء الدين‪ّ :‬‬ ‫أفضل مناداتي بـ «الحكوجي» بدل لقب «الشاعر»‬ ‫“أصل احلكي”‪ ..‬حرف فكلمة فبيت‬ ‫شعري فقصائد ذات دالالت ومكنونات‬ ‫تبرزها معاني كل كلمة‪ ،‬لتؤدي رسالتها‬ ‫املطلوبة ولتصل إلى الشخص املقصود‪.‬‬ ‫كتب‪“ :‬أصل احلكي فكرة‬ ‫كلمة مسمّ ة وطعمتا ُمرّة‬ ‫ّ‬ ‫بتحسها خمرة‬ ‫والثانية‬ ‫بتحوّلك موّال‬ ‫وما أطيب السكرة‪”...‬‬ ‫هي أفكار ُو ِلدت من محيطه االجتماعي‬ ‫ّ‬ ‫فتجسدت بقوالب شعرية مميزة‪،‬‬ ‫والعربي‪،‬‬ ‫خاصة وأ ّن بعضها جاء بطريقة السخرية‬ ‫على الكثير مما يحيط بنا‪.‬‬ ‫إنه من الشباب العربي الثائر على‬ ‫األنظمة اجلائرة‪ ،‬واملناضل من أجل حترير‬ ‫األراضي احملتلة من براثن العدو الغاصب‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫بحيث كتب‪ُ ...“ :‬‬ ‫معة (أي صديقه‬ ‫إسماعيل)‪ /‬حياتو تعبان فيها‪ /‬مص ّدق كل‬ ‫ّ‬ ‫وشطو ورمالتو‪/‬‬ ‫كلمة بيحكيها‪ /‬من البحر‬ ‫للنهر احللوة ميّاتو‪ِ /‬ب ْ‬ ‫سمعها بتهدر كلماتو‪/‬‬ ‫فلسطني عربيّة ورح تبقى‪ /‬ولن نعترف‬ ‫بـ”إسرائيل”‪ .‬وهي قصيدة غ ّناها الفنان‬ ‫وليم ّ‬ ‫نصار إال أ ّن إدارة املوقع اإللكتروني‬ ‫“اليوتيوب” أوقفت عرضها عبر موقعها‬ ‫بحجة أنها “أغنية مُعا ِدية ّ‬ ‫للسامية”‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وبعد إصداره جملموعته الشعرية‬ ‫األولى “أصل احلكي”‪ ،‬يتابع سليم عالء‬ ‫الدين نشاطه األدبي والفني بحماس‬ ‫ملحوظ‪ ،‬وكل أمله كأمل كل شاب عربي‬ ‫زوال “إسرائيل”‪ ،‬وحتقيق السالم في‬ ‫املنطقة”‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” التقت الشاعر والفنان‬ ‫سليم عالء الدين‪ ،‬فكان اللقاء نوعاً من‬ ‫“الدردشة” اجلميلة‪ ،‬وهنا ّ‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫بني الشعر واملسرح‪ ،‬أين سليم عالء الدين؟‬ ‫بدأت حياتي الفنية واألدبية بعمر مبكر‬ ‫بحيث كانت مشاركتي األولى في إحدى حفالت‬ ‫الزجل في عمر ‪ 7‬سنوات مع فرقة كان شعراؤها‬ ‫يفوقونني عمرا ً بحوالي األربعني عاما ً من جوزيف‬ ‫عون وغيرهم‪ ،‬ومع الوقت تط ّورت كتابة الشعر‬

‫لدي وأصبحت اهتم بالشعر العامودي والفصيح‬ ‫والتفعيلة إلى أن اعتمدت مؤخرا ً التفعيلة احملكية‬ ‫فكانت اللون الذي وجدته األنسب لكتاباتي‪ ،‬إذ‬ ‫كتبت جميع أنواع الشعر حتى يكون لي‬ ‫أنني‬ ‫ُ‬ ‫حق اختيار املدرسة الشعرية التي أود الكمال‬ ‫بها وبرأيي أن أي شاعر ال يكون شاعرا ً إال إذا عرف‬ ‫كيف يكتب كل أنواع الشعر وبعدها يختار النوع‬ ‫الذي سيتم ّيز به‪ .‬أما املسرح والتمثيل فهناك‬ ‫تشدني إليها‪ ،‬و”احلكوجي األخوت” هو‬ ‫عدة أمور‬ ‫ّ‬ ‫عودة إلى املسرح والتمثيل لدى الشاعر‪ ،‬إذ أنه‬ ‫وفي فترة بدايتي في هذا اجملال منذ حوالي السبع‬ ‫سنوات وحتى تخ ّرجي من اجلامعة‪ ،‬كان اجلميع‬ ‫يقول أ ّن أسلوبي متثيلي ومسرحي باآلداء واإللقاء‬ ‫وال زال حتى اليوم لكنه طبعا ً أصبح أكثر احترافاً‪،‬‬ ‫درست التمثيل وتخ ّرجت من معهد الفنون‬ ‫لذلك‬ ‫ُ‬ ‫اجلميلة وبدأت بالتمثيل قبل التخ ّرج وحتى منذ‬ ‫مقاعد الدراسة‪ ،‬بحيث تشكلت شخصيتي‬ ‫الفنية األولية‪.‬‬ ‫يقولون عنك “احلكوجي األخوت”‪ ،‬هل أ ّن‬ ‫الشاعر بطبعه مجنون‪ ،‬وهل املسرح يعزز هذا‬ ‫اجلنون؟‬ ‫هناك َمن يستهجن ذلك‪ ،‬لكنهم يتناسون‬ ‫املثل القائل‪“ :‬الزائد أخ الناقص”‪ ،‬وبالتالي إذا كانت‬ ‫“ق ّلة العقل جنوناً”‪ ،‬ماذا تكون زيادة العقل؟‬ ‫ال تعنيني كثيرا ً هذه التوصيفات “الشاعر”‬ ‫والفنان” وغيرها‪ ،‬فالشاعر إنسان كغيره من‬ ‫الناس الذين ميتلكون مهنا ً أخرى كالطبيب‬

‫‪69‬‬

‫والنجار واملهندس وغيره‪ ،‬هو مجتمع‬ ‫واللحام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتشكل منّا جميعاً‪ ،‬لكن أعتقد أن الشاعر يأخذ‬ ‫رهجته أكثر بني الناس كونه حتت األضواء ويُعتبر‬ ‫أكثر إحساسا ً بنفسه ومبَن حوله وبالطبيعة‬ ‫واجملتمع عام ًة‪ ،‬نظرا ً لكتاباته في هذا اإلطار‪،‬‬ ‫لكن بالطبع يختلف كل شاعر عن اآلخر جلهة‬ ‫املشاعر واألحاسيس وطريقة توظيفها في كتابة‬ ‫القصيدة‪ ،‬لكنه يبقى إنسانا ً عاديا ً ال أكثر‪ .‬لذلك‬ ‫أحب أن ينادونني بلقب “شاعر”‪ ،‬فـ”احلكوجي”‬ ‫ال ّ‬ ‫بالنسبة لي أفضل‪.‬‬ ‫هل وقوف بعض الشعراء الكبار إلى جانبك‬ ‫َ‬ ‫أعطاك هذا الدافع للتق ّدم؟‬ ‫هو الذي‬ ‫أشكر اهلل على تواجد بعض الشعراء واألدباء‬ ‫الكبار إلى جانبي‪ ،‬كـ”غسان مطر‪ ،‬عصام العبد‬ ‫اهلل‪ ،‬بالل شرارة وشوقي بزيع” وغيرهم‪ ،‬ممّن وقفوا‬ ‫إلى جانبي وجانب مجموعة من الشباب الشعراء‬ ‫ملكان‬ ‫اجلدد‪ ،‬ألنّهم تن ّبهوا إلى محاوالت أخذنا‬ ‫ٍ‬ ‫بعيد عن الشعر بوجود املز ّيفني الكبار عمرياً‪،‬‬ ‫الذين يفتحون املنابر للمز ّيفني الصغار‪ ،‬الذين ال‬ ‫ميكن معرفة ما يقولونه إن كان تعاويذ أو طالسم‬ ‫أو غيرها حتت إسم الشعر‪ .‬لذلك وجد َمن ذكرتهم‬ ‫من شعراء وأدباء وغيرهم طبعاً‪ ،‬أنفسهم أمام‬ ‫مجموعة من الشباب واعتبروا أننا إمتداد لهم‪،‬‬ ‫فبالنهاية جيلنا هو إمتداد جليلهم‪ ،‬إذ أننا وخالل‬ ‫أحد األحاديث التي دارت بيني واألستاذ غسان‬ ‫حدثني عن عالقته باألخطل الصغير‪ ،‬من‬ ‫مطر‪ّ ،‬‬ ‫هنا جند اإلستمرارية في العالقة بني الشعراء‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫الذين يكتبون ما هو حقا ً “شعر”‪.‬‬ ‫جاءت مجموعتك الشعرية األولى “أصل‬ ‫احلكي”‪ ،‬باللهجة احملكية‪ .‬ألم يراودك اخلوف من‬ ‫َ‬ ‫نقدك سلبياً كونها اجملموعة األولى‬ ‫إمكانية‬ ‫والتي ال تراعي التفعيلة العامودية للشعر؟‬ ‫ال أعتقد أ ّن الشعر هو فقط عبارة عن القصيدة‬ ‫العامودية املوزونة‪ ،‬خاصة وأ ّن هناك كثر ممّن ال‬ ‫يعلمون القواعد الصحيحة للغة العربية‪ ،‬بحيث‬ ‫استُب ِدل مثالً حرف “الكاف” بحرف “القاف” في إحدى‬ ‫الفترات في كلية اآلداب في اجلامعة اللبنانية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما الحظته عبر الطالب واألساتذة حتى‪ .‬لكنني‬ ‫أتق ّبل “الرأي” ممّن يفقهون في هذا اإلطار‪ ،‬بدل‬ ‫َمن يس َّمون “نقّ اداً”‪ .‬بصراحة‪ ،‬لم يكن لدي رغبة‬ ‫افضل‬ ‫بنشر قصائدي في مجموعة شعرية‪ ،‬ألنني ّ‬ ‫التماس املباشر مع الناس والشعور مبدى تفاعلهم‬ ‫لكن تشجيع الكثر‬ ‫معي خالل إلقائي للقصائد‪ّ ،‬‬ ‫علي هو َما دفعني لذلك‪.‬‬ ‫من احمل ّبني وضغطهم ّ‬ ‫وليعلم أهل “التشاؤم” ا ّن هناك عودة كبيرة للق ّراء‬ ‫إلى الشعر والندوات الشعرية‪ ،‬وهناك مجموعة‬ ‫من الشعراء اجلدد الذين يعطون الشعر حقّ ه‪.‬‬ ‫أحضر اآلن لكتابي الثاني‪“ ،‬عرس‬ ‫كما وأنني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالشام”‪ ،‬الذي سيصدر في معرض الكتاب‬ ‫القادم‪ ،‬وس ُيقام له حفل توقيع‪ .‬أعتبر أ ّن ما‬ ‫يهم الناس هو طريقة تقدمي القصيدة كتابة‬ ‫ّ‬ ‫وإلقا ًء‪ ،‬أل ّن الشاعر حني يكتب القصيدة ال يفكر‬ ‫يهمه ويعنيه‪،‬‬ ‫مبا س ُيعجب هذا أو ذاك‪ ،‬ال بل مبا ّ‬ ‫فعندما يعتبر َمن يسمع إلقاء القصيدة أنها‬ ‫تنتمي له وليس للشاعر‪ ،‬عندها تكون القصيدة‬ ‫قد جنحت‪ ،‬ويكون كاتبها “شاعراً” بحقّ ‪ .‬لذلك‪ ،‬ال‬ ‫يهم إن كتب الشاعر باللغة احملك ّية أو وفقا ً لنظام‬ ‫التفعيلة أو ذلك النظام احلديث‪ ،‬لكنني حتما ً مع‬ ‫ضرورة أن يكون لدى للشاعر دعوة للثقافة وعلى‬ ‫معرفة بالتط ّور األدبي وحتى السياسي‪ ،‬فالشعر‬ ‫واألدب قضية ورسالة أيضاً‪ ،‬إذ عندما أكتب مثالً‬ ‫عن “املقاومة” أكتبها ألنها تعنيني كـ “سليم”‪،‬‬ ‫وتعني غيري من الق ّراء واألدباء‪.‬‬ ‫هل َ‬ ‫ألنك إبن اجلنوب؟‬

‫َ‬ ‫ناظري‬ ‫صادف انني إبن اجلنوب‪ ،‬وأفخر أ ّن مدى‬ ‫ّ‬ ‫من قريتي يصل إلى اجلوالن من الشرق‪ ،‬وإلى‬ ‫اجلليل األعلى في فلسطني جنوباً‪.‬‬ ‫تقول دائماً‬ ‫َ‬ ‫“أنك ستزور فلسطني قريباً”‪،‬‬ ‫وكأنه لم يعد أمالً بزيارتها بل أصبح واقعاً؟‬ ‫أصبحت على يقني أ ّن ذلك سيحصل‬ ‫نعم ألنني‬ ‫ُ‬ ‫قريبا ً وقريبا ً جداً‪ ،‬وسنزورها جميعا ً إذ لن يبقى‬ ‫هذا الكيان الصهيوني في أرضنا الفلسطينية‪،‬‬ ‫همنا‬ ‫ألنها قضيتنا األم التي لطاملا كانت ّ‬ ‫األساس‪ ،‬وحتريرها هو األهم بالنسبة لنا خاصة‬ ‫كشباب عربي‪.‬‬ ‫هل عملك املسرحي يساعد في عملية‬ ‫إلقاء الشعر؟‬ ‫ما أخذني منذ البداية إلى التمثيل واملسرح‬ ‫هو الشعر‪ ،‬وبالتالي فإ ّن هذه الطريقة في إلقاء‬ ‫الشعر‪ ،‬هي وليدة هذا “املسرحي” الكائن داخلي‪.‬‬ ‫فاألهم هو الكلمة وإعطاؤها حقها من خالل‬ ‫تقدمي القصيدة‪ .‬لذلك‪ ،‬قررت اإلنتهاء من زمن‬ ‫األمسيات الشعرية إلى العروض الشعرية‪ ،‬كـ‬ ‫يتضمن قصائدي‬ ‫“احلكوجي األخوتس” والذي‬ ‫ّ‬ ‫إضافة لقصص واقعية ُمعاشة في منطقة‬ ‫سوريا الطبيعية‪ ،‬من خالل تقدميها بشكل آدائي‬ ‫متثيلي يتخلله الغناء االرجتالي لبعض املقطوعات‬ ‫حتدثنا‬ ‫الشعرية‪ ،‬ورواية القصص الشعبية التي ّ‬ ‫قمت بتقدمي‬ ‫عنها‪ ،‬إضافة لعروض الرقص‪ .‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫هذا العرض في َع ّمان‪ ،‬وبيروت سابقاً‪ ،‬وسيكون‬ ‫لي عرض قريب أيضا ً في بيروت في منطقة احلمرا‪،‬‬ ‫إضافة ألعمال أخرى‪ ،‬كما سيكون لنا جولة عربية‬ ‫تبدأ من تونس ومصر في العام القادم‪.‬‬ ‫ماذا عن السخرية في قصائدك كقصيدة‬ ‫“عيد األضحى”؟‬ ‫نعم وهي من القصائد التي تن ّبأت بسقوط‬ ‫احلكام العرب “العظماء”‪ ،‬والتي تقول‪“ :‬خليك نامي‪/‬‬ ‫إصحك تصحى‪ /‬الصحوي ما بتسوى للصحة‪/‬‬ ‫خليك غافي بخاف عليك‪ /‬أ ّول ما تفتح عينيك‪/‬‬ ‫تقرا من تاريخك حملة‪ /‬تصيبك دبحة‪ /‬وما ينعاد‬ ‫عليك األضحى”‪.‬‬

‫«قاوم»‪:‬‬ ‫كتب في قصيدته‬ ‫ِ‬

‫قاوِم ‪ /‬خ ّلي قبضة ّ‬ ‫رمانة‬ ‫كفك تسنُد ق ّوة إصبع حازم‪ /‬قاوِم‪ /...‬خ ّلي كتفك يبعث زن ْ َدك‪ ..‬ير ِمي ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫السكت ويا ويلك‪ /‬لو ف ّيقتو‪ ..‬احلاكم نايمِ ‪ /‬لو قتلوا‬ ‫وال تساوِم‪ /‬قاوِم‪ /‬لكن حيلك حيلك‪ /‬قاوِم‪َ ..‬ع َّ‬ ‫أس ُروا خالَك أو ع َّمك‪ /‬لو زادوا ببالدَك ه َّمك‪ /‬أكلوا حل َمك‪ ..‬شربُوا د َّمك‪ِ /‬مح ُيوا‬ ‫ب َّيك أو إ َّمك‪ /‬لو َ‬ ‫إسمك‪ ..‬كت ُبوا رق َمك‪ /‬قاوِم‪ ..‬لكن ِّ‬ ‫سكر مت َّك‪ /‬رَح بيفيق‪ ..‬احلاكم نامي‪ /‬ملّا إبنَك يرسم بيت‪ ..‬وح ُّدو‬ ‫فراشة ووردة وشجرة‪ /‬ويقلَّك “يابا روَّحني لبيت ج ِّدي املزروع بيافا‪ /..‬وغ ِّفيني حتت الزيتونة”‪ /‬ملّا‬ ‫إما تقلاّ “يمُ َّا‪ ..‬أنا فارس أحالمي عودة‪ /‬ورفاقي إميان ودُرَّة‪ ..‬ب ِ ِّدي شو ُفن ويشوفوني‪/”...‬‬ ‫بنتَك حتكي ّ‬ ‫السكت تقاوِم‬ ‫ّرح تبقى َع َّ‬ ‫حاكمها اللي مديِّنها‪/‬‬ ‫ال واهلل ب ِّدي ّ‬ ‫فجرها‪ /‬ثورة َت بالدي حرِّرها‪ /‬من احملتل و ِمن خاينها‪ /‬ومن ِ‬ ‫قا‬ ‫المي‬ ‫حاكم‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫وآخر‬ ‫رها‪/‬‬ ‫بيعم‬ ‫إبني‬ ‫بكرا‬ ‫خايف‪/‬‬ ‫ِّي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫رها‬ ‫فج‬ ‫رح‬ ‫الزايف‪/‬‬ ‫بالكرسي وباملُلك‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يمِ‬ ‫بدي قاوِم‬ ‫نايمِ ‪ /‬بأعلى صوتي‪ ..‬ب ِّدي قاوِم‪ /..‬ب ِّدي قاوِم‪ّ ..‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪70‬‬

‫هذا النوع من القصائد عبارة عن كوميديا‬ ‫سوداء‪ ،‬أي الضحكة ّ‬ ‫املتأملة بالفعل‪ ،‬والتي تدفع‬ ‫بالغضب للخروج إلى العلن‪ .‬والسخرية في‬ ‫القصائد هي التي ّ‬ ‫حتث على التغيير والتم ّرد‪ ،‬لذلك‬ ‫قلت في قصيدتي‪“ :‬خ ّليك نامي”‪ ،‬ألنهم (أي احلكام)‬ ‫ُ‬ ‫قد ناموا عن القضية املركزية لألمة العربية أال‬ ‫وهي “فلسطني”‪ ،‬ومن ثم “خليك غافي بخاف‬ ‫عليك أ ّول ما تفتح عينيك (أي حني تستيقظ‬ ‫ضمائرهم)‪ ،‬تقرا من تاريخك حملة‪ ،‬تصيبك ذبحة‬ ‫(ملا أوجدوا من مصائب وويالت)‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫حتضر لها‬ ‫ماذا عن املشاريع اجلديدة التي‬ ‫أيضاً‪ ،‬إضافة للـ “احلكوجي األخوت”؟‬ ‫باإلضافة لهذا العرض‪ ،‬وللمجموعة الشعرية‬ ‫سأقدم بالتعاون‬ ‫حتدثنا عنها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلديدة التي ّ‬ ‫مع الفنانة التشكيلية اللبنانية ميادة نزهى‬ ‫ املُقيمة في أوروبا‪ ،‬والتي تقوم بالتحضير‬‫سيتضمن عالقة‬ ‫ملعرضها األ ّول في بيروت‪ ،‬والذي‬ ‫ّ‬ ‫بني الشعر والرسم‪ ،‬بحيث جاءت بعض لوحاتها‬ ‫بعد أخذها وحيا ً مع ّينا ً من قصائدي‪ ،‬أو كتابتي‬ ‫في املقابل للقصائد عبر رؤيتي إلحدى لوحاتها‬ ‫التشكيلية‪ .‬من هنا‪ ،‬سيكون التعاون فيما بيننا‬ ‫بحيث تُكتَب كل قصيدة على اللوحة التابعة‬ ‫لها‪ .‬هذا باإلضافة إلى عمل مشترك ما بني‬ ‫الشعر واملوسيقى مع الفنانة الفلسطينية رمي‬ ‫بنّا حتت عنوان “عندما يلتقي الشاعر واملغنّية‪..‬‬ ‫يرقصان”‪ ،‬وهو مشروع يتم التحضير له‪ ،‬على‬ ‫أن يكون التنفيذ في َع َّمان‪ ،‬ويتم تقدميه في‬ ‫دول عربية وأوروبية‪ .‬كما سيتم التحضير لعمل‬ ‫وامللحن العراقي‬ ‫غنائي مشترك فيما بيني‬ ‫ّ‬ ‫كوكب حمزة‪.‬‬ ‫ماذا عن األغنية التي ق ّدمتها لـ “مصر” من‬ ‫خالل “مجموعة غضب”؟‬ ‫هي أغنية تقول‪“ :‬يا مصر إحنا انتصرنا‪ ،‬يا مصر‬ ‫إنت السالح”‪ ،‬وجاءت مع بدء األحداث في مصر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كنت حينها في مدينة “الشام” السورية‪.‬‬ ‫إذ‬ ‫ُ‬ ‫و”مجموعة غضب” هي فرقة شبابية تع ّبر عن‬ ‫قمت بتأسيسها في‬ ‫صوت الشباب الصارخ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫العام ‪ ،2002‬فكانت هذه األغنية لهذا العام‬ ‫مبثابة حتية لشباب الثورة املصرية بعد أن بدأ‬ ‫خوفنا على ثورتهم يزول مع سقوط النظام‬ ‫املصري‪ .‬ونأمل كشباب لبناني بقطع مباشر‬ ‫للعالقات مع “إسرائيل”‪ ،‬خاصة وأنني كشاب‬ ‫مؤمن بضرورة حرب إبادة ضد العدو‪ ،‬وهذا‬ ‫وشاعر‬ ‫ٌ‬ ‫ما سيجعلنا نزور فلسطني قريباً‪ ،‬مع أننا نعلم‬ ‫أ ّن كل التح ّركات التي حصلت في الدول العربية‬ ‫تدخلت يد املؤامرة بها وكانت الدافع‬ ‫وال تزال‪ّ ،‬‬ ‫إلستمراره‪ .‬ولكن أهمية هذه الثورات برأيي‪ ،‬أنها‬ ‫لم تنتج أبطاال ً أحاديني‪ ،‬بل كانوا مجموعة واحدة‬ ‫من أبطال الشباب العربي‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬


‫منبر رأي‬

‫حي قائم‪ ...‬اإلمام موسى الصدر!‬ ‫ٌّ‬ ‫‪ ....‬ولكن العظماء ال يموتون!‪...‬‬ ‫‪ ....‬كان االمام الصدر متواضعا ً على عزم‬ ‫هم أحياء عند ربهم يُرزقون‪ ،‬ذلك‬ ‫قائد‪ ،‬حازما ً على بسمة دائمة‪ ،‬ينزل الى‬ ‫مبفهوم إنساني‪ ،‬وبتنزيل قرآني‪ .‬كذلك هم‬ ‫االرض مع الفالح الكادح‪ ،‬والعامل املتعب‪،‬‬ ‫فالسفة اليونان‪ ،‬وأباطرة الرومان‪ ،‬وأكاسرة‬ ‫والفقير املدقع‪ ،‬واحملروم واملكلوم واملظلوم‪،‬‬ ‫الفرس‪ ،‬وفراعنة الكنانة‪ ،‬وملوك سبأ‪،‬‬ ‫واجملروح واملقروح‪ ،‬واالرمل واليتيم‪ ،‬والباكي‬ ‫وحموراب ّيو النهرين‪ ،‬وسالطني بني عثمان‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والشاكي‪ ،‬والوحيد الذي ال معيل له وال‬ ‫هؤالء وآخرون‪ ،‬جاؤوا تعبيرا ً حلضارات األرض‬ ‫كفيل‪ .‬لقد جعل من االميان باهلل إميانا ً‬ ‫ملن ملك األرض‪ .‬وأما موسى وعيسى‬ ‫َ‬ ‫فعل‬ ‫باالنسان‪ ،‬فجاء االميان على يديه‬ ‫ومحمد‪ ،‬إمنا جاؤوا غيثا ً من السماء الى‬ ‫حياة‪ .‬لقد شارك هؤالء جميعا ً وجدانهم‬ ‫األرض‪ ،‬حتى ميألوا األرض عدال ً ونوراً‪ ،‬بعد‬ ‫ومشاعرهم وتطلعاتهم الى حياة‬ ‫أن ملئت جورا ً وديجوراً‪ .‬وهكذا َملَ َك هؤالء‬ ‫افضل‪ .‬كان حركة ال تهدأ‪ ،‬نقل عبرها‬ ‫االرض والسماء! ‪...‬‬ ‫أفكاره وإميانه من االفق املنظور الى الواقع‬ ‫‪ ....‬واإلمام موسى الصدر‪ ،‬وهو سليل‬ ‫احملسوس وامللموس‪ ،‬وهو واقع الناس في‬ ‫الهاشميني من قريش‪ ،‬وحفيد إمام املتقني‬ ‫د‪ .‬حسني يتيم مع السيد موسى الصدر‬ ‫لبنان‪ ،‬من جنوبه الى شماله‪ ،‬ومن أقصاه‬ ‫علي‪ ،‬هو أحد هؤالء احلكماء‪ ،‬الذين جادت‬ ‫الى أقصاه‪ ،‬بل هو واقع االمة من مشرقها‬ ‫بهم السماء‪ ،‬فجاء مج ِّددا ً في مجتمع‬ ‫الى املغرب‪ ،‬وهو واقع املعذبني ممن حتدث‬ ‫ج ِّده اإلمام احلسني‪ ،‬كما جاء هذا بدوره‬ ‫عنهم طه حسني في كتابه “املعذبون في‬ ‫مجددا ً في مجتمع أبيه علي وجده محمد‪.‬‬ ‫االرض”‪ ،‬وفيكتور هوغو في كتابه “ البؤساء”‪.‬‬ ‫وهكذا يكو َن الغمام الصدر‪ ،‬احد اجملددين اإلصالحيني في العصر احلديث‪.‬‬ ‫‪ ....‬وعندما كان يعتلي املنبر ليخطب في الناس‪ ،‬كان كمن يصعد‬ ‫ففي “صبح اإلسالم”‪ ،‬وهو كتاب للمفكر املصري قاسم أمني‪ ،‬ما معناه‪،‬‬ ‫أن مسيرة الغصالح في اإلسالم لم تكتمل فصوال ً بفعل الصراع احملتوم بني باالرض الى السماء‪ ،‬أو كمن يهبط بالسماء الى االرض‪ ،‬ليستوحي من هذه‬ ‫الدين والدنيا‪ ،‬بني الهاشمية والسفيانية‪ .‬فكانت السقيفة‪ ،‬وكانت الردة‪ ،‬احلركة‪ ،‬احلكمة‪ ،‬وقيم االنسان في احلق والعدالة واالمان‪ .‬وهو بذلك فاق‬ ‫وجرى اغتيال اخللفاء الراشدين تباعاً‪ ،‬عمر وعثمان وعلي‪ ،‬ثم جاءت الفتنة اجمل ِّددين في االسالم أمثال الشيخ محمد عبده وجمال الدين االفغاني وعبد‬ ‫الكبرى بقميص عثمان‪ ،‬وعادت الردة بانتصار السفيانية وحتويل اخلالفة الى الرحمن الكواكبي والسيد محسن االمني والسيد عبد احلسني شرف الدين‪.‬‬ ‫ملكية أموية‪ ،‬فقُتل اإلمام احلسني‪ ،‬وكانت مجزرة كربالء‪ .‬ومذ ذاك استقرت لقد جعل من الكلمة حركة حياة‪ ،‬ومن االميان فعل جهاد‪ ،‬ومن االنسان‬ ‫عقل واخالق‪ .‬وهو من دفع باحلوار املسيحي اإلسالمي الى األمام‪،‬‬ ‫كربالء واستمرت على الزمن تحُ ْيي دم الشهادة‪ ،‬وتأخذ من ذكراها دفعا ً إلحياء مخلو َق‬ ‫ٍ‬ ‫بصوالته املعروفة في الندوة اللبنانية‪ ،‬مع مؤسسها ميشال األسمر‪ ،‬ومع‬ ‫العدالة وقيامة احلق‪ ،‬ومكاسرة الباطل ومناصرة املغلوبني‪.‬‬ ‫هنا يكمن الدور الرسالي لإلمام الصدر‪ ،‬وهو قام به‪ ،‬محاوال ً جتديد غسان تويني واملطران جورج خضر واالب يواكيم مبارك وبيار حلو والدكتور‬ ‫مفاهيم اجملتمع في القرن العشرين‪ ،‬حامالً قوس العدالة الى احملرومني‪ ،‬والى صبحي الصالح واالب التور وتقي الدين الصلح وزهير عسيران ونصري‬ ‫أمته املأزومة‪ .‬وفي رسالة اإلمام الصدر ما هو من رساالت عيسى بن مرمي سلهب ويوسف ابو حلقة‪ .‬وكنا بدورنا نصغي الى هؤالء كتالمذ ٍة صغارٍ‬ ‫ومحمد بن عبد اهلل‪ ،‬وما هو من تقوى علي بن أبي طالب‪ ،‬وصالبة احلسنني‪ ،‬يتعلمون على كبار‪ .‬فهؤالء وآخرون هم الذين و ّقعوا بيان الثامن من متوز‬ ‫وعدل العمرين‪ ،‬مرورا ً بأئمة اإلصالح والصالح‪ ،‬وصوال ً الى اإلمام عبد الرحمن في العام ‪ 1965‬في إطار محاضرات “الندوة اللبنانية” عن حوار املسيحية‬ ‫واالسالم‪ .‬وملا كنا أحداثا ً يحضرون‪ ،‬فقد كنا شهودا ً لتلك الشعلة التي‬ ‫األوزاعي‪ ،‬املدافع عن أهل الكتاب في عهد اخللفاء العباسيني‪.‬‬ ‫مؤمن‪ ،‬حازم عازم جازم‪ .‬خَ َب ْت وخفت نورها‪ ،‬بتواري هؤالء العمالقة عن مسرح احلياة‪.‬‬ ‫مصلح مستني ٌر‬ ‫مجدد‪ ،‬هو موسى الصدر‪،‬‬ ‫‪ ....‬إما ٌم‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ....‬لقد بادر االمام الصدر الى خطوات لم يجرؤ عليها قبله رجل دين‬ ‫ولج الى مجتمعه العربي من جبل عامل في جنوب لبنان‪ .‬وجبل عامل‪ ،‬هو‬ ‫خزان الفكر واالميان‪ ،‬وموئل الفقه والشعر والنثر‪ .‬وجبل عامل‪ ،‬كان نارا ً على مسلم‪ .‬فلقد أقام الصالة في بكركي عند اول زيارة لها‪ ،‬ثم ما عتّم ان‬ ‫جبل‪ ،‬بعلمائه وأدبائه وشعرائه وفقهائه‪ ،‬فقد اقام للعلم مدارسه ومقاماته أقامها في روما‪ ،‬أثناء زيارة حلاضرة الفاتيكان‪ .‬وهو اإلمام الشيعي الذي ص ّلى‬ ‫وحوزاته في ربوع لبنان وبالد الشام وارض العراق وصحارى العرب‪ ،‬وصوال ً الى في دار الفتوى خلف إمامة املفتي حسن خالد‪ ،‬للصالة! أفليست الصالة هي‬ ‫إياها والقرآن هو إياه‪ ،‬ما يجمع بني مسلم سني ومسلم شيعي!‬ ‫ايران الصفوية‪ ،‬وبالد الهند والسند انتها ًء بأسوار الصني‪.‬‬ ‫ثم هو من أرسل خطابا ً مدويا ً في التوحيد إميانا ً باهلل والوطن واالمة‪،‬‬ ‫إنخرط اإلمام الصدر في العمل من أجل االنسان احملروم واملتعب في لبنان‪.‬‬ ‫يكتف ان يكون ِّ‬ ‫منظرا ً في مجلس‪ ،‬وال مص ّليا ً في محراب‪ ،‬وال خطيبا ً وكان ذلك في كنيسة الكبوشيني في بيروت‪ ،‬حتت قبة الصليب ومتثال السيد‬ ‫وهو لم‬ ‫ِ‬ ‫على منبر‪ ،‬وال داعي ًة في كتاب‪ ،‬وال سائحا ً في االرض‪ ،‬وال زائرا ً في اجلامعات املسيح‪ .‬وهو املعتصم االول في جامع الصفاء في رأس النبع‪ ،‬احتجاجا ً على‬ ‫واملدارس‪ ،‬وال واعظا ً في اجلوامع والكنائس‪ ،‬وال رجل دين تغويه العمامة‪ ،‬وال التذابح الوطني في بداية احلرب االهلية‪ ،‬وهي ليست بأهلية‪ .‬وهو القائل‬ ‫رجل دنيا يسعى إلى الدنيا‪ ،‬بل كان أكثر من هذا‪ .‬لقد ترجم القول الى االول‪“ :‬السالح زينة الرجال”‪ ،‬كداعي ٍة الى مقاومة اسرائيل بسالح البندقية‬ ‫الفعل‪ ،‬حتى اصبحت مسيرتُه ُكلها سير َة قائ ٍد مليئ ًة بالعمل‪ ،‬ومقرون ًة مقرونا ً بسالح الفكر‪ .‬فكانت افواج املقاومة اللبنانية (امل)‪.‬‬ ‫وهو من كان ضيفا ً على موائد احلوار والطعام عند أهل الكنيسة في‬ ‫بحركة احلياة‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫موروث جامد‪ .‬فاإلصالح‬ ‫الشرق والغرب‪ ،‬قافزا ً فوق كل اعتبار محنط‪ ،‬وكل‬ ‫ٍ‬ ‫كان ضالته‪ ،‬والتجديد وسيلته‪ ،‬واالجتهاد نوره‪ ،‬واالقدام سيفه‪ ،‬والتحدي‬ ‫عصاه؛ وعلى عصاه توكأ‪ ،‬وكانت له فيها مآرب أخرى‪ ،‬وهي إعادة قيم‬ ‫االنسان لإلنسان‪ ،‬في اخلير واحلق والعدالة والصالح‪.‬‬ ‫وفي ذلك قال في الكنيسة إياها‪ “ :‬جنتمع من اجل االنسان الذي قامت‬ ‫من أجله االديان‪ ،‬واالنسان هذا محروم ومستضعف ومسحوق‪ ،‬فوجب علينا‬ ‫االصالح‪ ،‬ولذلك نلتقي هنا”‪.‬‬ ‫وفي املقاربة الدينية عن االنسان قال االمام‪:‬‬ ‫“ االنسان مخلوق على صورة اهلل ومثاله” كما ورد في سفر التكوين‬ ‫(‪ .)261‬وهو اعتقاد مسيحي‪“ .‬واالنسان خليفة اهلل في االرض” كما ورد في‬ ‫سورة البقرة (‪ .)30‬وهذا اعتقاد اسالمي‪.‬‬ ‫ويحتل املسيح في فكر االمام الصدر مكانة مثالية عالية‪.‬‬ ‫ ‬ ‫والظلم‬ ‫يهوذا‪،‬‬ ‫ومثاله‬ ‫اليهودي‬ ‫الفساد‬ ‫على‬ ‫ثائر‬ ‫اإلمام‪،‬‬ ‫اميان‬ ‫في‬ ‫فاملسيح‬ ‫ِ‬ ‫الروماني ومثاله بيالطس‪ ،‬فكان ان ذهب ابن مرمي فدا ًء لالنسان‪ .‬وهنا مياثل‬ ‫اإلمام الصدر ما بني املسيح واإلمام احلسني‪ ،‬في الفداء والشهادة من أجل‬ ‫اخلالص‪ .‬فاملسيح الذي حمل سوطه على جتار اليهود حينما أفسدوا في‬ ‫الهيكل‪ ،‬رفع صوته مع سوطه ليقول لهم‪“ :‬يا أبناء االفاعي لقد دنستم‬ ‫هيكل الرب وافسدمت االمر‪ ،‬فاخرجوا ملعونني الى االبد”‪ .‬هو كاحلسني الذي‬ ‫جئت‬ ‫طراً‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫أشرا ً وال ب َ ِ‬ ‫خرج الى قوم يزيد ليقول لهم‪“ :‬واهلل ما جئت ِ‬ ‫لالصالح في أمة جدي”‪.‬‬ ‫‪ ....‬واليوم‪ ،‬في زمن العوملة العاتية التي تلتهم القيم والشرائع واالميان‪،‬‬ ‫باحلديد والنار‪ ،‬من اجل الكسب والربح ورأس املال‪ ،‬وفي زمن االصوليات‬ ‫اخلارجة من اليهودية واملسيحية واالسالم‪ ،‬على اليهودية واملسيحية‬ ‫واالسالم‪ ،‬وفي الوقت الذي يصيب وطننا لبنان ما يصيبه من أورام‪ ،‬وما يُحاك‬ ‫حوله من فنت‪ ،‬إمنا ذلك مبعثه قيام اسرائيل على ارض فلسطني‪ ،‬خالفا ً‬ ‫لكل حقيقة في التاريخ واجلغرافيا واالجتماع‪ .‬إنها الصهيونية القاتلة التي‬ ‫تأخذ بناصية العالم كله‪ ،‬وبقرار االمم املتحدة الى قعر التردي في العدالة‬ ‫االنسانية واالخالق السياسية‪.‬‬ ‫وفي املنعطف اخلطير الذي تستيقظ فيه الفتنة بني مسلم ومسلم‪،‬‬ ‫وبني مسيحي ومسيحي‪ ،‬ثم بني مسلم ومسيحي‪ ،‬وبني شرق وغرب‪ ،‬إمنا‬ ‫يحاك ذلك بأصابع صهيونية مكشوفة‪ .‬وهنا نتذكر قول االمام الصدر‪“ :‬‬ ‫لبنان وطن نهائي جلميع أبنائه” ونصدق معه قوله‪ “ :‬اسرائيل شر مطلق‪،‬‬ ‫والتعامل معها حرام”‪ .‬وهنا نتوقف عند قول أدعياء الفلسفة امثال‪:‬‬ ‫هانتنغتون وفوكوياما ولويس‪ ،‬وكلهم يهود اميركيون بقولهم‪“ :‬الصدام‬ ‫بني الشرق والغرب قادم‪ ،‬فهي حروب احلضارات القادمة”‪ .‬هؤالء والرئيس‬ ‫االميركي السابق بوش يبشرون بحروب صليبية جديدة‪ ،‬على ما نطقت به‬ ‫اصولية بوش مهما حاول عنها االعتذار‪ .‬وفي هذا قال إمام البلغاء علي‪:‬‬ ‫“واهلل ما أضمر انسان أمرا ً اال وظهر على فلتات لسانه”‪.‬‬ ‫‪ ...‬واليوم‪ ،‬من حيث استكانت نظم سياسية عربية للنظام الدولي‬ ‫الظالم‪ ،‬فتعاملت مع اسرائيل‪“ ،‬والتعامل معها حرام” ‪ ،‬فإن لبنان شعبا ً‬ ‫ومؤسسات لم يستكن ولم ينكسر‪ ،‬وان الناس في هذا الوطن الصغير‪،‬‬ ‫صنعوا مقاومة شعبية انزلت باسرائيل (التي ال تقهر) هزائم ال تنكر‪،‬‬ ‫أصابت غطرستها الصهيونية‪ ،‬كما أصابت اجلبروت االميركي الروماني‪.‬‬ ‫وهذا امر لم يستطعه النظام العربي كله‪ ،‬ولم يتحمله‪ ،‬فوضع هذا النظام‬ ‫نفسه امام امتحان عسير‪ .‬واالمام الصدر هو الذي وضع للمقاومة في لبنان‬ ‫ناموسها‪ ،‬وهو الذي اطلق دروسها‪ ،‬وهو الذي أخرج آمال الناس من جحور‬ ‫الهزمية والهوان‪ ،‬الى آفاق النصر واحالم األمان‪.‬‬ ‫أفيكون اإلمام مبا حقق وما صدق‪ ،‬دفع الثمن عندما حبكوا حول‬ ‫ ‬ ‫حياته مؤامرة دولية صهيونية‪ ،‬لم ُ‬ ‫تخل من اصابع عربية مشبوهة‪ ،‬فجعلوا‬ ‫منه إماما ً مغ ّيباً‪ ،‬ال تراه االبصار ولكن تدركه العقول والقلوب؟‪.‬‬ ‫وكما الشمس ال تغيب‪،‬‬ ‫فالعظماء ال ميوتون!‬

‫إلى الرئيس الدكتور بشار األسد‬ ‫أكرِ ْم دِمشقَ ‪ ،‬وبارك ثورة الن ُ​ُّج ِب ‬ ‫وح ِّي‪ ،‬وبار ِ ْك َمن غدا َعلَ َما‬ ‫أكرِ ْم َ‬ ‫ب َ َّ‬ ‫شارُ نِعم ُة هذا ال َّدهر في ز َ َم ٍن‬ ‫َّ‬ ‫بشارُ َم ْن َحرَّر َ اإلنسان من ُعق ٍد‬ ‫واليوم‪ ،‬اَمسى‬ ‫ُ‬ ‫شباب ال ُعرْ ِب في َحرَزٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ص ٌن ‬ ‫ح‬ ‫ُهم‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫ة‬ ‫با‬ ‫ا‬ ‫ش ُّم النّفوس‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِل ناكرَ ُه‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫خاصم ي َ ُك ْن لِل َف ْ‬ ‫وَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ ‬ ‫سبب‬ ‫دمشق شاءت‪ ،‬و َمن عادى بال‬ ‫أمسى ذليالً‪ ،‬وذُ ُّل النَّفس ي َ ْح ِملُ ُه‬ ‫واهلل لو يعلم اجلُهَّ ال ما ارتكبوا ‬ ‫لكا َن معظ ُمهم في النَّار‪ ،‬تجَ ْ َم ُع ُهم‬ ‫سعى ب ِ َغ ْير ُهد ًى‬ ‫عارٌ على املَرْ ِء أن ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫بئس نائلُه‬ ‫س ٍب‬ ‫رخيص َ‬ ‫جل َك ْ‬ ‫ٍ‬ ‫من أ ِ‬ ‫قعها‬ ‫هذي دمشقُ ‪ ،‬وفي التَّاريخ َم ْو ُ‬

‫الدكتور عبد احلافظ شمص‬

‫كنا نظن بأننا نحلم‬ ‫فإذا بالحقيقة أجمل من الحلم‬ ‫السادس عشر من تشرين األول من عام ‪ ،2011‬تاريخ لن ينساه التوحيدون‬ ‫وال مناصروهم وأصدقاؤهم‪ ،‬في هذا التاريخ سيتم وضع حجر األساس‬ ‫للمدينة التوحيدية التي تضم عددا ً من املراكز ومنها مستشفى الصحابي‬ ‫اجلليل سلمان الفارسي‪ ،‬هذا التاريخ هو انتقال الطرح التوحيدي من حالة‬ ‫كان يظنها البعض عائدة الى مشروع لم يستطيع أحد إيقافه بعد اليوم‪.‬‬ ‫فنحن أنفسنا كنا نسأل ماذا بعد وئام وهاب “ال سمح اهلل” ونظن بأن‬ ‫إنشاء املؤسسات في ظل هذا الوضع السياسي القائم حولنا هو حلم‪،‬‬ ‫لكن احلقيقة ظهرت أجمل من احللم‪ .‬ها هو وئام وهاب ينطلق مبشروعه‬ ‫التوحيدي حوله فرقة خيالة قلوبهم قلوب أمهات حينا ً وقلوبا ً من صخر‬ ‫أحياناً‪ :‬قلوب أمهات على الفقراء واملستضعفني واملظلومني‪ ،‬وقلوب من‬ ‫صخر بوجه كل من يعترض سبيلهم للوصول الى هدفهم وهو حترير‬ ‫اإلنسان من اجلهل واملرض والتبعية واالستزالم ويبني مجتمعا ً سليما ً ذات‬ ‫قيم عالية‪ ،‬ونهجهم هو املقاومة بالكلمة احلرة والرأي السديد واملوقف‬ ‫الصلب‪ ،‬وال يتوانوا في الدفاع عن حقوق هذه األمة التي ال يرون حدودا ً لها‪،‬‬ ‫فكل مقاوم للظلم أخ لنا حتى في آخر األرض‪ ،‬فما بالكم إذا كان هذا املقاوم‬ ‫على أرض وطننا يدافع بوجه كل قوى الظالم واالستكبار واالحتالل ألرضنا‬ ‫وخيراتنا ومقدساتنا فدا اهلل باألرواح نفتديه ونقف جانبه بسالحنا‪ ،‬نقاتل‬ ‫بأظافرنا‪ ،‬نقاتل بعظامنا‪ ،‬نقاتل ال يرهبنا قوة عدو‪ ،‬وال لوحة الئم‪ ،‬وفي نهاية‬ ‫الكالم لن ننسى أن نتقدم بالشكر لكل من قال كلمة طيبة لدعمنا في‬ ‫هذا املشروع وخاصة األخوة في حزب اهلل‪.‬‬ ‫والشكر األكبر هو لقيادة وشعب اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية الكرمية‬ ‫على تقدميهم هذا املشروع الكبير وسنكون إنشاء اهلل أوفيا ًء للجميع‬ ‫واحلمد اهلل على كل شيء‪.‬‬

‫الدكتور حسني يتيم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أهل َّ‬ ‫الشهامة والعرفان واألدَ ِب‬ ‫ِ‬ ‫رب بل في أ َّم ِة ال َعرَ ِب‬ ‫الع‬ ‫في دولة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يَهوا ُه فيه الورى في َّ‬ ‫غرب‬ ‫رق والَ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َب!‬ ‫َّ‬ ‫شب الرِّجا ُل عليها في مدى احلِق ِ‬ ‫ص َن ال ُّدنيا بال ت َ َع ٍب‪...‬‬ ‫ب ِ َف ْ‬ ‫ض ِل َمن َح َّ‬ ‫س ِب‬ ‫سالل ُة املجَ ْد َفخْ ُر ال َق ْدر ِ واحلَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سلَ ْم ِم َن ال ُّن َو ِب‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ضل‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫نك‬ ‫َ ْ‬ ‫َمن ي َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫س باألوهام والك ِذ ِب‬ ‫وح َّ‬ ‫ص َن ال ّنف َ‬ ‫َ‬ ‫لمِ َ ْوضع الرِّ ْجس واأل َ‬ ‫ص ِب‪...‬‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ناس وال َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّجب‬ ‫من ُموبقات ب ِ َحقِّ األهل والن ِ‬ ‫ض َّ‬ ‫والطلَ ِب‪...‬‬ ‫َعمالة ال َغ ْدرِ‪ ،‬ره ُن ال َعرْ ِ‬ ‫وي َ ْت َب ُع َّ‬ ‫ّ‬ ‫الش ّر َم ْح ِنيًّا على ال ُّرك ِب‬ ‫َ‬ ‫السوء ترمي املَرْ َء في ال َع َ‬ ‫ط ِب‬ ‫وشلَّة ُّ‬ ‫َّ‬ ‫حبيب اللهّ ِ في ال َعرَ ِب‪...‬‬ ‫بشار فيها‬ ‫ُ‬

‫‪72‬‬

‫مفوض عام املناصف‬ ‫أجود ابو ذياب‬


‫منبر اجتماعي‬

‫جمعية تنظيم األسرة ُتعَقلِن الزوجين في إنجابهم وأن يكون باإلرادة ال بالصدفة‬

‫توفيق عسيران لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫نهجنا يرتكز على إثارة الوعي دون التدخل‬ ‫األسرة هي جماعة اجتماعية صغيرة‪ ،‬تتكون‬ ‫عادة من األب واألم وواحد أو أكثر من األطفال‪ ،‬يتبادلون‬ ‫احلب ويتقاسمون املسؤولية‪ ،‬وتقوم بتربية األطفال‬ ‫حتى ميكنهم من القيام بتوجيهم وضبطهم‬ ‫ليصبحوا أشخاصاً يتصرفون بطريقة اجتماعية‪.‬‬ ‫وتساهم األسرة في النشاط االجتماعي في كل‬ ‫جوانبه املادية والروحية والعقائدية واالقتصادية‪،‬‬ ‫كما أن األسرة هي اجلماعة اإلنسانية التنظيمية‬ ‫املكلفة بواجب استقرار وتطور اجملتمع‪ .‬وتؤثر أيضاً‬ ‫على منو األفراد وأخالقهم منذ املراحل األولى من‬ ‫العمر وحتى يستقل اإلنسان بشخصيته ويصبح‬ ‫مسؤوالً عن نفسه وعضوا ً فعاالً في اجملتمع‪.‬‬ ‫يس ّر مجلة “منبر التوحيد” أن تستضيف في‬ ‫منبرها االجتماعي رئيس جمعية “تنظيم األسرة”‬ ‫في لبنان الدكتور توفيق عسيران لنسلط الضوء‬ ‫على هذه اجلمعية‪ ،‬وما تقوم به‪ ،‬وذلك في حوار‬ ‫شامل وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫متى تأسست جمعية تنظيم األسرة”‪ ،‬وما الهدف من‬ ‫إنشائها؟ وكيف جاءت الفكرة؟ ملاذا أطلق عليها اسم جمعية “تنظيم‬ ‫األسرة”؟‬ ‫تأسست اجلمعية عام ‪ ،1969‬إثر ندوة اقيمت مبناسبة أسبوع الطفل‬ ‫وكان عنوانها «األمومة الواعية واألبوة املسؤولة» وخرجت بتوصية بضرورة‬ ‫االهتمام مبسألة التنظيم العائلي‪ ،‬فكانت اجلمعية ثمرة املتابعة‪.‬‬ ‫أما االسم‪ ،‬فكان للمسمى‪ ،‬بحيث رغنب في أن نعتمد الشفافية فال‬ ‫نختار إسما ً ومنارس نشاطا ً مختلفا ً خصوصا ً أن املوضوع كان له خلفيات‬ ‫عدة أبرزها احلساسية الطائفية واملذهبية ولكننا جنحنا في التعامل معها‬ ‫بطريقة صحيحة ‪.‬‬ ‫من هم األسر الذين يستفيدون من جمعيتكم؟ وماذا تقدم هذه‬ ‫اجلمعية‪ ،‬ومبن تعنى مبعنى بأي نوع من األسرة؟ وماذا تختلف عن غيرها‬ ‫من اجلمعيات؟‬ ‫قد يتبادر الى الذهن أن اجلمعية أسوة بجمعيات أخرى عدة حتترم جهودها‬ ‫وعملها على األرض هي جمعية مساعدات ‪..‬‬ ‫نحن نختلف من حيث سعينا الى التغيير‪ ،‬خصوصا أننا نتعامل مع‬ ‫العقل والوجدان‪ ،‬ونريد من األسرة وخصوصا الزوجني عقلنة إجنابهم وان‬ ‫يكون األجناب باإلرادة وليس بالصدفة او الغلط)‪( ،‬تبني من الدراسة امليدانية‬ ‫األولى التي قمنا بها أن ‪ %55‬من االسر لديها أوالد أكثر مما ترغب به) سألنا‬ ‫الزوجني عن عدد األوالد املرغوب إجنابه وعدد األطفال األحياء فعلياً‪ ،‬فتبني أن‬ ‫اإلجناب غير مخطط وغير مدروس‪.‬‬

‫االجتماعية‬ ‫الدراسات‬ ‫وأكدت‬ ‫واإلنسانية أن الطفل غير املرغوب به‬ ‫يعاني كثيرا ً في إطار األسرة وهو ما دفعنا‬ ‫الى التوعية من أجل تفادي الوقوع في هذا‬ ‫اخلطأ ‪.‬‬ ‫هل هناك من شروط معينة ملساعدة‬ ‫األسر‪ ،‬مبعنى آخر‪ ،‬ما هي البيئة‬ ‫االجتماعية التي تعملون لها (البيئة‬ ‫الفقيرة أم كافة البيئات‪ ،).....‬وهل‬ ‫تقدمون مساعدات لألسر مجاناً أم‬ ‫مقابل بدل مادي؟‬ ‫عطفا ً على ما سبق اإلشارة اليه‪،‬‬ ‫نحن نعمل في كل لبنان ومع كل الفئات‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ولكن تركيزنا أكثر على‬ ‫املناطق الفقيرة واملناطق احملرومة من‬ ‫التنمية‪ ،‬ألنهم أكثر حاجة وتنقصهم‬ ‫اخلدمات وال تزال ‪.‬‬ ‫اخلدمات التي تقدم من خالل عياداتنا‬ ‫أو من خالل برنامج اخلدمة اجملتمعية‪ ،‬هي‬ ‫ببدل رمزي‪ ،‬ومسألة البدل أساسية رغم‬ ‫أن مردودها املالي محدود جداً‪ ،‬ولكن حتى‬ ‫ال يفسر وكأنه نوع من الترغيب العتماد‬ ‫نهج عقالني في االجناب‪ ،‬فلسفتنا في العمل أن ال ترهيب وال ترغيب في‬ ‫الدعوة الى عقلنة اإلجناب وجعله إراديا ً بل يجب بلوغ قرار ذاتي وجداني لدى‬ ‫الوالدين معا ً من خالل التوعية واحلوار ‪..‬‬ ‫هل تتلقون مساعدات وتبرعات مالية‪ ،‬ومبعنى آخر من أين متويلكم؟‬ ‫وما هي أماكن انتشار جمعية “تنظيم األسرة في لبنان”؟ وعلى ماذا‬ ‫يرتكز نشاط اجلمعية‪ ،‬وأين‪ ،‬ومن هم املستفيدون؟ ما هي النشاطات‬ ‫التي قمتم بها‪ ،‬وما هي مشاريعكم املستقبلية؟‬ ‫لقد كنا أعضاء في االحتاد الدولي لتنظيم األسرة‪ ،‬لفترة ناهزت الـ ‪35‬‬ ‫سنة‪ ،‬ثم فصلنا من االحتاد ألننا رفضنا استراتيجية نادى بها وهي تدعو‬ ‫الى “االجهاض اآلمن” وكذلك ألنه أراد أن يطبق علينا قوانني متعارضة مع‬ ‫قوانينا الوطنية جلهة تداول املهل في إطار عضوية الهيئة اإلدارية ‪.‬‬ ‫ولكي نضمن االستمرارية ونحن نعمل على األرض منذ ‪ 42‬سنة دون‬ ‫توقف‪ ،‬فإننا نعتمد على املشاريع التي نتقدم بها للهيئات املانحة مثل‬ ‫االحتاد األوروبي‪ ،‬أوكسفام كيبك‪ ،‬وسفارتي كندا وهولندا ومنظمة الصحة‬ ‫العاملية واألمم املتحدة للمرأة وصندوق األمم املتحدة للسكان وغيرها ‪.‬‬ ‫كما أن اجلمعية متعاقدة مع وزارة الشؤون االجتماعية حيث يوفر العقد‬ ‫بعض العناصر البشرية للعمل‪ .‬ومن املؤسف أننا ال نتلقى سوى دعما ً‬ ‫محليا ً أو وطنيا ً محدودا ً جدا ً جداً‪ ،‬ألن مفهوم اجلمعية “غير اخليرية” لم‬ ‫يحظ حتى الساعة بالتفهم املطلوب‪ ،‬وخصوصا ً أن بعض الفتاوى اعتبرت أن‬ ‫الزكاة غير مطبقة على هذا النوع من اجلمعيات‪ ،‬كما أن املرسوم االشتراعي‬

‫‪73‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬ ‫ولكن طاملا أن هناك قوانيني أحوال شخصية متعددة‬ ‫فإن هذا األمر غير وارد في املنظور القريب‪.‬‬ ‫بالنسبة إليكم‪ ،‬ما هي األفكار التي تعطى‬ ‫لألسرة لتنظيمها‪ ،‬على ماذا تركز‪ ،‬على اإلجناب أم‬ ‫أمور أخرى؟‬ ‫نحن ندرك أن اخللل الذي كان قائما ً في إطار موضوع‬ ‫اإلجناب هو نتيجة لواقع وليس هو الواقع‪ ،‬فاإلجناب ليس‬ ‫ترفا ً ‪...‬‬ ‫إذ بينت الدراسة عالقة عكسية بني التعلم‬ ‫واإلجناب‪ ،‬واملستوى االجتماعي واإلجناب والدخل واإلجناب‬ ‫ومستوى الصحة واإلجناب ‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬نادينا وال زلنا بأهمية التعامل مع أساس‬ ‫املشكلة وليس مع نتائجها‪ ،‬ومما ال شك فيه أن األوضاع‬ ‫الصعبة التي واجهها لبنان منذ العام ‪ 1975‬حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬واالجتياحات واحلروب واالقتتال الداخلي والهجرة‬ ‫وارتفاع سن الزواج وغيرها من العوامل‪ ،‬تضافرت وأ ّدت‬ ‫الى انخفاض حجم األسرة (دون الـ ‪ 4‬أفراد حالياً) والى‬ ‫تراجع النمو السكاني الى أقل من (‪ )% 2‬وهذا املستوى‬ ‫الذي ينفرد فيه لبنان عن سائر الدول العربية وبعض الدول اآلسيوية‪ ،‬نخشى‬ ‫أن يكون ظرفيا ً ويجب عدم االطمئنان له‪ ،‬إمنا مواصلة اجلهود للحفاظ على‬ ‫إجناب مم ّيز نوعي وكمي حسب رغبة الزوجني وتطلعاتهما ‪.‬‬ ‫من خالل سنوات خبرتكم وتعاملكم مع اجملتمع‪ ،‬هل متكنتم من أن‬ ‫تغيروا في الواقع االجتماعي والتربوي ملن تلقوا مساعدات وخدمات‪،‬‬ ‫وكيف‪ ،‬وهل من عينات؟‬ ‫نعتقد أننا حققنا تقدما ً ‪....‬‬ ‫ونرفق ربطا ً نشرة أعددناها مبناسبة صدور ‪ 40‬سنة على تأسيس اجلمعية‪،‬‬ ‫وفيها آراء طيبة من قادة الرأي في لبنان حول جهودنا ‪ ...‬وقد تكون آراؤهم بنا‬ ‫أفضل من أن نقيم ذلك بأنفسنا ‪.‬‬

‫اخلاص باجلمعيات ذات املنفعة العامة‪ ،‬غير واقعي طاملا‬ ‫أن الضرائب ال تدفع أو ال جتبى بالشكل الصحيح حتى‬ ‫حتسم منها التبرعات للجمعيات ‪....‬‬ ‫بعد كل هذا النشاط‪ ،‬ماذا كان تأثيركم في اجملتمع‪،‬‬ ‫وما هي النتائج التي حصلتم عليها‪ ،‬وهل من عوائق‬ ‫تعترض عملكم كجمعية؟‬ ‫لقد حققنا في مسيرتنا الطويلة إجنازات كبيرة نشير‬ ‫الى أهمها‪:‬‬ ‫أ‌‪ -‬إلغاء املادتني ‪ 537‬و‪ 538‬من قانون العقوبات اللبناني‬ ‫الذي كان مينع أي دعوة أو توعية في إطار موضوع تنظيم‬ ‫األسر (وهو تشريع ورثناه عن املستعمر الفرنسي) وال‬ ‫يزال ساريا ً في بعض دول املنطقة ‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬النجاح في تبني الدولة عبر وزارتي الصحة والشؤون‬ ‫االجتماعية لبرامج التوعية واخلدمات في مجال الصحة‬ ‫اإلجنابية واجلنسية وتنظيم األسرة ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬النجاح في إدخال مادة تنظيم األسرة في املناهج‬ ‫الدراسية وهناك فصل كامل في كتب التربية املدنية‬ ‫حول املوضوع ‪.‬‬ ‫د‌‪ -‬إجناز مجموعة واسعة من الدراسات امليدانية التي سدت النقص في‬ ‫املعطيات العلمية حول مواضيع شتى ومن ضمنها موضوع األسرة ‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬احتالل مراكز إقليمية ودولية مرموقة في حركة تنظيم األسرة‬ ‫العاملية‪ ،‬واحتل ممثل اجلمعية منصب أمني املال الدولي في االحتاد (وهو‬ ‫العربي الوحيد الذي احتل هذا املنصب حتى تاريخه منذ تأسيس االحتاد عام‬ ‫‪)1952‬‬ ‫و‪ -‬اإلضاءة على قضايا السكان والتنمية من خالل املؤمترات السكانية‬ ‫الوطنية (في األعوام ‪ 1977‬و ‪ 1982‬و‪ )1987‬وكذلك املؤمترات البرملانية‬ ‫للسكان والتنمية بالتعاون مع اجمللس النيابي في العامني ‪ 1986‬و ‪،1992‬‬ ‫وأدى هذا اجلهد الى تشكيل اللجنة الوطنية الدائمة للسكان واللجنة‬ ‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫البرملانية للسكان والتنمية‪ ،‬وال تزال اجلمعية ترفد اللجنتني باخلبرة‪.‬‬ ‫ومن أبرز نشاطاتنا احملققة ‪:‬‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫ برامج التوعية واخلدمات مع اجليش اللبناني‬‫ خدمات تنظيم األسرة اجملتمعية املرتكزة على‬‫جهود عاملة ميدانية متطوعة من نساء الريف‬ ‫ولدينا حاليا ً ‪ 110‬عامالت ميدانيات متطوعات‪.‬‬ ‫ برامج تثقيف األقران‪ ،‬ملكافحة اخملاطر التي‬‫ّ‬ ‫تضمن مقابلة ملدير عام جمعية املبرات اخليرية‬ ‫اطلعنا على العدد ‪ 56‬من مجلتكم الغراء والذي‬ ‫ّ‬ ‫يتعرض لها الشباب في مجال اإلدمان والتدخني‬ ‫الدكتور محمد باقر فضل اهلل‪ ،‬وال يسعنا إال أن نتقدم منكم بالشكر والتقدير على ما افردته‬ ‫واملمارسات غير السوية‪.‬‬ ‫تقدمه‬ ‫مجلتكم من صفحات جلمعية املبرات اخليرية إلبراز الدور اإلنساني التنموي اخلدماتي الذي‬ ‫ّ‬ ‫ البرامج املوجهة لتمكني املرأة‪ ،‬ثقافيا ً‬‫للمجتمع واإلنسان‪ ،‬شاكرين في هذا اإلطار جهودكم املبذولة في سبيل التعريف مبنظمات اجملتمع‬ ‫وسياسيا ً واقتصاديا ً ‪.‬‬ ‫املدني وإيصال صوتها وتعميم خيراتها االجتماعية ونشر قيمها اإلنسانية‪.‬‬ ‫من هم األسر الذين يستجيبون اليكم؟‬ ‫إننا وإذ نثمن عاليا ً اهتمامكم بجمعية املبرات اخليرية على وجه اخلصوص‪ ،‬نلفت عنايتكم‬ ‫ال شك أن لدينا سجالً ناصعا ً من العالقات‬ ‫الكرمية الى ما بعض ما ورد في املقابلة مع مدير عام اجلمعية ال سيما جلهة اإلجابة على السؤال‬ ‫الوثيقة مع النساء والرجال والشباب في لبنان‬ ‫“هل هناك دعم رسمي من الدولة اللبنانية للجمعية وما هو”؟ والذي وردت إجابته كالتالي “ليس‬ ‫وجميع األسر متعاونة خصوصا ً أننا نعمل‬ ‫هناك أي دعم مادي رسمي من الدولة اللبنانية‪ ،‬الدولة تقوم بتقدمي املساعدات للمؤسسات‬ ‫بشفافية بالغة‪ ،‬ونهجنا يرتكز كما سبق وأشرت‬ ‫املماثلة ولكن ليس للمبرات‪ ،‬ويهمنا في جمعية املبرات أن يكون الدعم معنوياً‪ ،”...‬فتصحيحا ً‬ ‫على إثارة االهتمام والوعي‪ ،‬دون التدخل في القرار‬ ‫ينف تلقي مساعدات من الدولة اللبنانية‪ ،‬ال سيما‬ ‫لهذه اإلجابة‪ ،‬نفيدكم علما ً أن املدير العام لم ِ‬ ‫إمنا تسهيل بلوغه ملن يقرر ‪.‬‬ ‫من وزارة الشؤون االجتماعية‪ ،‬ولكنه حتدث عن أمله في حتسني نوعية هذه املساعدات وكذلك‬ ‫هل لديكم دور في مجلس النواب في تقدمي‬ ‫ذكر التصنيفات التي يأمل أن تخصصها احلكومة اجلديدة للمؤسسات الرعائية‪ ،‬كأن يكون هناك‬ ‫قوانني تتعلق بتنظيم األسرة؟‬ ‫اعتماد للمؤسسات الرعائية بحجم التقدميات التي تقدمها‪.‬‬ ‫لدينا تعاون وثيق مع اجمللس النيابي الكرمي‪ ،‬وال‬ ‫حلرصنا على عدم ورود أي التباس ولثقتنا مبجلة “منبر التوحيد” التي جنل ونحترم‪ ،‬اقتضى منا‬ ‫سيما من خالل مشاركتنا في أنشطة اللجنة‬ ‫هذا التوضيح‪.‬‬ ‫البرملانية للسكان‪ ،‬ولكن لم نتدخل حتى اآلن في‬ ‫مسألة التشريعات‪ ،‬بالرغم من أهمية أن يكون‬ ‫مدير الدائرة اإلعالمية فاروق رزق‬ ‫هناك مدونة لألسرة أسوة بعدد من دول العالم‪،‬‬

‫توضيح من جمعية المبرات الخيرية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪74‬‬


‫منبر مرأة‬

‫تح ّدثت عن اإلغتراب ودور المرأة فيه ونضالها القومي‬

‫إيزابيل فرنجيه لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫المرأة العاملة في فنزويال ُتعطى حق األمومة‬ ‫ال شك أن املرأة حققت الكثير من التقدم‬ ‫والتطور من خالل انخراطها في العديد من‬ ‫مجاالت احلياة‪ ،‬رغم الصعوبات والعوائق‬ ‫اجلمّ ة التي اعترضتها ووقفت في طريقها‪..‬‬ ‫نعم املرأة حققت الكثير‪ ..‬ولكن هذا الكثير‬ ‫هل حققته لنفسها أم جملتمعها؟ ومبعنى‬ ‫أصح هل حققت املرأة ذاتها؟‬ ‫إن اغتراب املرأة يتجسد في شعورها‬ ‫بعدم الفعالية وتهميش الدور التي ميكن‬ ‫أن تقوم به وكذلك بالنظرة املتدنية إليها‬ ‫من قبل مجتمعاتنا الشرقية املعاصرة‬ ‫باملظهر ال باجلوهر‪ ،‬مما يعكس هذا شعوراً‬ ‫خال من‬ ‫لديها بأن السلوك الذي تقوم به‬ ‫ِ‬ ‫املعنى واألهمية‪ ،‬وهذا األمر يدفعها دفعاً‬ ‫ألن تظهر نفسها املرأة املقاومة املناضلة‬ ‫في كل بلدان العالم‪ ،‬وأنها تستطيع أن‬ ‫توصل صوتها ورسالتها حتى في بالد‬ ‫االغتراب‪.‬‬ ‫وال يفوتنا في هذا املضمار أن ننوه إلى‬ ‫الدور الذي يجب أن تلعبه املرأة من أجل‬ ‫إحداث تغيير في املعيار القيمي بالنظرة‬ ‫إليها وأن تزيح عن نفسها شباك االغتراب‪،‬‬ ‫وهذا يكون في حقيقة األمر من خالل‬ ‫عملها اجلاد واملثمر في هذا االجتاه‪ ،‬والناظر‬ ‫إلى حقيقة األمور ال إلى القشور من أجل‬ ‫أن يكون عطاؤها متميزاً باحليوية والبناء‬ ‫والتطور‪.‬‬ ‫إن املرأة العربية اليوم مطالبة بأن حتقق‬ ‫توازنها في مجتمعها وأن تدرك حقيقة‬ ‫دورها فيه بني ما حق لها من حقوق ووجب‬ ‫عليها من واجبات فهي شريكة للرجل‪ .‬إن‬

‫ما نحتاج إليه في هذه األمة أن تشعر املرأة‬ ‫أنها شريكة فاعلة في مصير مجتمعها‬ ‫وال ميكن لها ذلك إال إذا شاركت فيه فعال‪،‬‬ ‫فاجملتمع اليوم في حاجة إلى اجلنسني‬ ‫ليخرج من حالة اخلمول إلى اإلنتاج وال‬ ‫يكون ذلك إال من خالل تغيير عميق في‬ ‫العقلية والتربية‪ ،‬والتركيز على إنسانية‬ ‫املرأة والرجل وعلى ضرورة أن يعطى لكل‬ ‫فرد حقه في أن يعبر عن ذاته ويطور نفسه‪.‬‬ ‫ويجب أن تفتح أمامها األبواب وحتترم‬ ‫اِختياراتها مهما كانت‪ ...‬ال ميكن أن تنهض‬ ‫املرأة بدورها الريادي ما لم يدعمها الرجل‬ ‫في هذه املعركة املشتركة ضد كل القوانني‬ ‫التمييزية ضد النساء‪.‬‬ ‫فال فرق بني املرأة والرجل في احلاجة‬ ‫إلى العلم واالنتفاع به وال فرق بينهما في‬

‫‪75‬‬

‫حتمية اإلشتباك مع مشكالت الواقع‬ ‫بغية تغييرها باعتبار اإلنسان مهما كان‬ ‫جنسه هو القائد الوحيد حلركة التطور‬ ‫من أجل مستقبل أفضل‪ ...‬كالهما تواق‬ ‫للحرية واإلنعتاق وللبناء والفعل في‬ ‫النسيج االجتماعي‪ ...‬وبالتالي فإن حتقيق‬ ‫املساوات التامة قوالً وفعالً بني الرجل واملرأة‬ ‫هي أولى محطات النضال االجتماعي في‬ ‫وطننا العربي حتى التحرر واإلنعتاق‪.‬‬ ‫ولتسليط الضوء على دور املرأة في‬ ‫االغتراب‪ ،‬هل نالت حقوقها‪ ،‬وأمور أخرى‬ ‫تتعلق باملرأة‪ ،‬كان جمللة “منبر التوحيد”‬ ‫لقاء مع ممثلة تيار املردة في فنزويال‬ ‫ورئيسة التنظيم العربي الفنزويلي‬ ‫السيدة إيزابيل فرجنية‪ ،‬وكان احلوار على‬ ‫الشكل التالي‪:‬‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر مرأة‬ ‫ما هو موقفك كمرأة ناشطة في اإلغتراب‪ ،‬في‬ ‫احلقل السياسي أم اإلجتماعي؟‬ ‫احلقالن يكمالن بعضهما البعض‪ ،‬السياسي‬ ‫واالجتماعي ال ينفصالن‪ ،‬وخاصة في االغتراب‪ ،‬دائما ً‬ ‫االجتماعي بحاجة لتغطية سياسية والسياسي‬ ‫بحاجة لتغطية اجتماعية‪ ،‬لكي يكتمل البانوراما‬ ‫عندنا‪ ،‬ولكنني شخصيا ً كإمراة ناشطة في‬ ‫االغتراب أوفر كل طاقاتي وإمكانياتي في سبيل‬ ‫خدمة مجتمعنا وحاجاته وشجونه‪ ،‬طبعا ً‬ ‫السياسة هي عمل نقوم به يوما ً بعد يوم‪ ،‬ألننا‬ ‫ذات قناعات ناشطة في احلزب احلاكم “البيسوق”‬ ‫هو حكم احلزب املوحد االجتماعي الفنزويلي‪،‬‬ ‫وكناشطة سياسية ومن املدافعني عن قضيتا‬ ‫العربية وخاصة القضية الفلسطينية التي هي‬ ‫أساس حتركنا السياسي وصلب موضوعنا دائماً‪،‬‬ ‫وعملنا السياسي يخص احلزب وامتداد احلزب‬ ‫االشتراكي على الصعيد االجتماعي في فنزويال‪،‬‬ ‫هذا هو نوعا ً ما‪ ،‬عملنا في هذا اجملال‪.‬‬ ‫ما هو دور املرأة في االغتراب بشكل عام‪ ،‬وفي‬ ‫أميركا الالتينية بشكل خاص حيث الوجود‬ ‫الكثيف لإلغتراب اللبناني والعربي؟‬ ‫من االيجابي التصرف كإمراة شرقية في مجتمع‬ ‫غربي‪ ،‬ألن الغرب دائما ً لديه نظرة جتاه املرأة‪ ،‬وهناك‬ ‫تساوي في التعاطي مع املرأة‪ ،‬دور املرأة في أميركا‬ ‫الالتينية وخاصة فنزويال أمر مهم جداً‪ ،‬الرئيس‬ ‫تشافيز يقول “إنه خلق من رحم امرأة‪ ،‬الثورة‬ ‫ولدت من رحم امراة‪ ،‬إمنا طابع املرأة يطغى على‬ ‫هذه الثورة اجلميلة في فنزويال‪ ،‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫مت مؤخرا ً تكرمي املناضلة الصديقة سيمون بوليفر‪،‬‬ ‫واستحدثت “وزارة املرأة” في فنزويال‪ ،‬من أجل احلفاظ‬ ‫على حقوقها‪ ،‬ألنها نواة العائلة في مجتمع فنزويال‪،‬‬ ‫وفي عهد الرئيس تشافيز أعطيت املرأة حقوقها‬ ‫أكثر من أي وقت مضى في اجملال االجتماعي وفي‬ ‫اجملال السياسي‪ ،‬اليوم املرأة تتبوأ أكبر املراكز في‬ ‫فنزويال ويقول دائما ً الرئيس تشافيز إن املرأة بطبعها‬ ‫وفية فكيف إذا وصلت الى خط سياسي وهي التي‬ ‫لها التأثر الكبير في اجملتمع‪ ،‬من خالل التربية وإمناء‬ ‫العائلة وتوجيه اجملتمع‪ .‬لهذا السبب دائما ً يقول‬ ‫املرأة مهمة جدا ً في فنزويال‪.‬‬ ‫ما هي القضايا التي تنشط بها املرأة اللبنانية‬ ‫خصوصاً والعربية عموماً؟‬ ‫نشاهد املرأة في كل اجملاالت‪ ،‬في فنزويال‪ ،‬تعتلي‬ ‫املناصب العليا‪ ،‬املرأة العربية جتدينها تخوض‬ ‫في التجارة‪ ،‬في القضايا السياسية‪ ،‬هي قومية‪،‬‬ ‫متواجدة‪ ،‬إنها املرأة الثورية‪ ،‬املقاومة واملناضلة‪،‬‬ ‫مثالً‪ ،‬املظاهرات التي نقوم بها تكون املرأة هي‬ ‫املترئسة لهذه النشاطات‪ ،‬أمثال‪ ،‬الصديقة‬ ‫العزيزة هنيدى العنداري وسوسن اخلليل‪ ،‬املرأة هي‬ ‫التي تقوم بدور القيادي الثوري اليوم الالفت للنظر‬ ‫وخصوصا ً بالقضية العربية‪.‬‬ ‫وبالرغم من ذلك‪ ،‬سأتعاطى مع هذا املوضوع‬ ‫بشيء من القساوة‪ ،‬الرجل العربي يلجأ الى‬ ‫االغتراب وهمه الوحيد جمع األموال واالستثمار‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أمتنى أن آتي يوماً الى‬ ‫لبنان وأرى أن هناك رئيسة‬ ‫للجمهورية اللبنانية‬ ‫املرأة الفنزويلية تثير إعجابي‬ ‫كثيراً‪ ،‬فهي أوالً إمرأة مناضلة‬ ‫مسؤولة‪ ،‬إمرأة رافعة على‬ ‫كتفيها أعباء حياتها وبيتها‬ ‫يجب أن ال ينبهر أوالدنا‪،‬‬ ‫بشيء اسمه غرب‪ ،‬إمنا بثقافة‬ ‫بلدنا ونحن نحاول أن نسلط‬ ‫الضوء عليه في فنزويال‬ ‫نشاطنا اليوم قائم على‬ ‫املقاومة الثقافية التي تخص‬ ‫فلسطني بحد ذاتها‬ ‫فهو ال يتعاطى العمل القومي ألن لديه خوفا ً‬ ‫على مصاحله اخلاصة‪ ،‬مع أنه في فنزويال وأميركا‬ ‫الالتينية تتاح الكثير من الفرص أكثر من أي وقت‬ ‫مضى أن نعمل من أجل قضيتنا وثورتنا بكل قوة‬ ‫وشجاعة‪ ،‬في الوقت الذي عندما كان أكثرية‬ ‫الصهاينة هم املتحكمون في الوضع السياسي‬ ‫واالقتصادي واالجتماعي في فنزويال‪ ،‬والذي يلفت‬ ‫نظرنا في هذا األمر بحد ذاته‪ ،‬أنه إذا خ ّير الرجل‬ ‫بني العمل املقاوم‪ ،‬وبني صورة جورج واشنطن فهو‬ ‫يفضل جورج واشنطن‪ ،‬ألنه يعتبر بأن االغتراب هو‬ ‫الهروب من الوضع االجتماعي او السياسي الذي‬ ‫يعانيه في بلده‪ ،‬واللجوء الى جمع األموال بعيدا ً‬ ‫عن العمل السياسي‪ ،‬حتى في مجاالت دعم‬ ‫املظاهرات ودعم العمل املقاوم جند أن هناك نوعا ً‬ ‫من الشعور باجلنب من الرجل جتاه هذا العمل على‬ ‫أساس أن ال ينخرط اسمه في أي الئحة او أي عمل‬ ‫ميكن أن يعتبر من (املتغطرسني حتديدا ً الواليات‬ ‫املتحدة األميركية و”اسرائيل” والكيان الصهيوني‬ ‫وأنه طليع في الئحة اإلرهاب) بعكس شجاعة املرأة‬ ‫التي ال مثيل لها في فنزويال اليوم‪.‬‬ ‫ما هو دور املرأة في احلفاظ على الهوية الوطنية‬ ‫والقومية ألبنائها ال سيما وإن أجياالً من املغتربني‬ ‫قد اندمجوا في اجملتمعات التي هاجروا إليها؟‬ ‫كبرت وترعرعت على ما كان يردده والدي من كالم‬ ‫األديب أحمد شوقي‪:‬‬ ‫ ‬ ‫األم مدرسة إذا اعددتّها‬ ‫أعددت شعبا ً طيب األعراق‬

‫‪76‬‬

‫مبعنى أن املرأة كما يقول الرئيس تشافيز هي نواة‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ورحم الثورة‪ ،‬إذا لم تستطع املرأة أن تربي‬ ‫األجيال على قناعتها وحسب وعيها السياسي‬ ‫واالجتماعي ميكن أن تفشل مع عائلتها‪ ،‬ولذلك‬ ‫نقول إن املرأة هي أساس اجملتمع بحد ذاته وأساس‬ ‫أي عمل ممكن أن نقوم به وأي فكر ينمو عليه الطفل‬ ‫ضمن البيت ومحيطه االجتماعي‪ ،‬املرأة العربية‬ ‫تندمج مع اجملتمع الغربي وأميركا الالتينية وخاصة‬ ‫فنزويال حيث جتدين بأن املرأة مازالت متمسكة‬ ‫بعاداتها وتقاليدها وانتماءاتها وجذورها العربية‪.‬‬ ‫املرأة العربية تسافر الى اخلارج‪ ،‬ولكنها تبقى‬ ‫املرأة احملافظة على تربية ولدها ضمن البيئة التي‬ ‫نشأت وترعرت عليها‪ ،‬هذا ما يؤثر جدا ً على التنمية‬ ‫وحس االنتماء‪ ،‬ألن االنتماء في االغتراب سيف ذو‬ ‫حدين‪ ،‬إما ان تنقلني مشاكلك الى االغتراب وإما‬ ‫االنتماء في االغتراب يجعلك تتعلقني أكثر ببلدك‬ ‫وترسيم هويته وأكرر ليس خصوصية‪ ،‬وهنا يكتمل‬ ‫الوعي عند املرأة والعائلة بحد ذاتها‪ ،‬وأعتقد بأن دور‬ ‫املرأة في هذا األمر مهم جداً‪ ،‬ونشكر اهلل ونحمده‬ ‫أننا مازلنا نرى في فنزويال هذا التمسك‪ ،‬وأعتقد‬ ‫أن هذا يظهر دائماً‪ ،‬إذا عدنا الى اإلحصاءات في‬ ‫السفارة الفنزويلية كم لدينا من املغترب الذي‬ ‫يقضي الصيف ويهتم ليكون لديه منزل في‬ ‫ضيعته‪ ،‬لديه حس التملك بالرزق والعقارات‪ ،‬في‬ ‫بلده‪ ،‬دائما ً لدى اللبناني الذي هاجر الى فنزويال‬ ‫امتداد مع وطنه‪ ،‬هذا االمتداد موجود ولكن أعتقد‬ ‫أنه يتيم‪ ،‬ملاذا يتيم؟ ألنه من حاسة فردية وليست‬ ‫مرعية من دولة‪ ،‬وال من وطن‪ ،‬الوطن موجود‬ ‫ولكن الوزارات املعنية التي من املفترض أن تكون‬ ‫التواصل والراعي له ليبقى ويزور وطنه ويتواجد‬ ‫دائماً‪ ،‬وخاصة أن يحافظ على لغته العربية التي‬ ‫نفتقدها‪ ،‬إمنا االسم والهوية موجودين ولكننا أيتام‬ ‫من ناحية الرعاية‪.‬‬ ‫كيف يتم التعاطي مع اجلالية اللبنانية؟‬ ‫نتعاطي مع اجلالية اللبنانية حسب قدراتنا‪،‬‬ ‫وعلينا أن ال ننسى أن العمل في االغتراب يكون‬ ‫مشتتاً‪ ،‬ألن املغتربني مشتتون في املناطق‪ ،‬والسفارة‬ ‫لم تأخذ املبادرة األساسية على أساس أن جتمع‬ ‫وتسهل العمل بني دولة ودولة وترعى هذه اجلالية‬ ‫مصاحلها‪ ،‬وترعى شؤونها وشجونها مع بعضهم‪،‬‬ ‫يجب أن يكون هناك تواصل وخاصة خالل العشر‬ ‫سنوات املاضية ألننا في حكم مؤيد خلطنا العربي‪،‬‬ ‫مؤيد لبلدنا العربي‪ ،‬ليس لديه تطلعات أجنبية‬ ‫وال تطلعات على الواليات املتحدة األميركية إمنا‬ ‫على الشرق‪ ،‬هذا أمر جيد جداً‪ ،‬ولألسف الشديد‬ ‫اليوم‪ ،‬الدولة اللبنانية موجودة وغير موجودة‪ ،‬إنها‬ ‫في غياب تام في التعاطي واالستفادة من العالقات‬ ‫املتواجدة مع العالم‪ ،‬إن نائب رئيس اجلمهورية إيلي‬ ‫حوا لبناني اجلنسية ومن الشوف ومن أم لبنانية‪،‬‬ ‫ووزير الداخلية طارق وليم صعب والدته درزية ‪-‬‬ ‫لبنانية‪ ،‬ووالده من السويداء من سوريا‪ ،‬وغيرهم‬ ‫الكثيرون‪ ،‬الذين يشغرون أعلى املراكز والتي من‬ ‫املفترض أن تهتم ألمرهم الدولة اللبنانية نستغرب‬


‫جدا ً عدم االهتمام بهذا األمر‪.‬‬ ‫املفروض أن يكون هناك خطة عمل‪ ،‬خارطة‬ ‫طريق بني الدولتني‪ ،‬ليس فقط مع فنزويال بل أيضا ً‬ ‫مع كل رعاياها في كل دول العالم‪ ،‬ألنهم مصدر‬ ‫رزق لهذا البلد‪ ،‬ليس فقط ‪ 7‬مليار دوالر يدخلون الى‬ ‫لبنان‪ ،‬إنهم طاقة اجتماعية سياسية اقتصادية‪،‬‬ ‫ملاذا الدولة غير مبالية؟ ٌ‬ ‫وكل يغني على لياله!‬ ‫نحن نحاول أن نوصل الفكرة بكل الطرق‪ ،‬ألنه‬ ‫ليس لدينا اإلمكانيات الكافية ولكن لألسف‬ ‫الشديد التقسيمات والتجاذبات السياسية‬ ‫تؤثر نوعا ً ما‪ ،‬فيصبح الشعب أكثر انغالقا ً وليس‬ ‫انفتاحا ً على أساس أن يكون هناك دولة واحدة‬ ‫وبالتالي هذا يعرقل مسار أن يكون لدينا الشجون‬ ‫والشؤون التي نريدها وأن على أقلها تطبق ولكن‬ ‫سيبقى صوتنا عال لكي نوصله‪.‬‬ ‫وتابعت‪ :‬لدينا ‪ 1500‬ألف عائلة لبنانية أو مليون‬ ‫ونصف عربي في االغتراب‪ ،‬ولكن لألسف ليس‬ ‫لدينا مدرسة عربية‪ ،‬أين هو الوطن العربي؟ هل‬ ‫هو في غيبوبة تامة يا ترى! نرى أن االموال تصرف‪،‬‬ ‫يطالبوننا احلفاظ على اللغة العربية وأن نعلم‬ ‫أطفالنا أصول اللغة في االغتراب‪ ،‬أحتدث عن فنزويال‬ ‫بالتحديد ألنني أقيم فيها وأعيشها يوما ً بيوم‪ ،‬في‬ ‫فنزويال ليس لدينا مدرسة عربية هناك مدارس‬ ‫لكل الدول للطليان واألملان واإلسبان والفرنسيني‪،‬‬ ‫وحتى لليهود إمنا ليس هناك مدرسة للغة العربية‪،‬‬ ‫كيف سأحافظ على لغتي؟ دائما ً أسأل نفسي هذا‬ ‫السؤال؟‬ ‫أرى ابنتي تسمع أغاني وطنية أو عربية او أشعار أو‬ ‫قصائد تتأثر نوعا ً ما من ذلك ألن اجلو العربي موجود‬ ‫في املنزل‪ ،‬هذا اجلو الثقافي دائما ً موجود‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫في كل منزل في االغتراب‪ ،‬إمنا أقول كيف ألي طفل‬ ‫أن يفهم طاملا أنه لم يتعلم اللغة العربية؟ كيف‬ ‫أترجم له مثالً قصيدة شعر لنزار قباني ام محمود‬ ‫درويش إذا لم يقرأ اللغة العربية‪ ،‬مهما ترجمت لن‬ ‫يفهمها بعمقها وال بروحانيتها؟ كيف سأشرح‬ ‫لهذا الطفل عن قضيتنا؟ ملاذا لبنان رسالة وليس‬ ‫حدود؟ ملاذا القضية الفلسطينية؟ كل هذا إذا‬ ‫لم أفسره بلغتي لن يفهمها‪ ،‬هل سيفهمها من‬ ‫ويكيبيديا أم من ناشونال جيوغرافيك الذي يح ّرف‬ ‫تاريخنا‪ ،‬إذا لم يدرس اللغة العربية‪ ،‬إذا لم يقرأ لغة‬ ‫بالدنا كيف سيفهم تاريخه؟ هذا السؤال أطرحه‬ ‫كثيراً‪ ،‬وأمتنى أن يكون سؤاال ً يغزو ضمير الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬اليوم والعربية عامة‪.‬‬ ‫كيف تقدم املرأة اللبنانية قضيتها في اجملتمع‬ ‫التي تقيم فيه وحتديداً في موضوع الصراع‬ ‫العربي – اإلسرائيلي؟‬ ‫أتكلم عن نفسي وعن أخواتي الناشطات في‬ ‫فنزويال‪ ،‬أؤمن بالعمل املقاوم‪ ،‬نشأت في جو سياسي‬ ‫معني مع آل فرجنية وكنا دائما نسمع الرئيس‬ ‫فرجنية يقول‪ :‬ال تستطيع اجللوس مع العدو ابداً‪،‬‬ ‫ألنك ستتنازل عن أمور عديدة‪ ،‬عندما تكون حقوقي‬ ‫مهدورة من غير املمكن ان اجلس واتساهل مع أي‬ ‫إنسان‪ ،‬ولهذا السبب اقول إن احلرية تنتزع‪ ،‬احلق‬

‫ينتزع‪ ،‬ولهذا السبب اليوم وفي قضيتنا القومية ال‬ ‫أعتقد باحلوار بل بالعمل املقاوم ألنه أثبت أوال ً بأنه‬ ‫العمل الفعال حلفظ كرامتي في املنطقة‪ ،‬وثانيا ً إذا‬ ‫حتدثنا مبوازاة هذا العمل املقاوم‪ ،‬هناك عمل مقاوم‬ ‫في جميع اجملاالت وأولها املقاومة الثقافية‪ ،‬أنظر‬ ‫اليوم الى أن ثقافتنا تضمحل‪ ،‬كل عام أزور لبنان‬ ‫وأملس هذا الشيء‪ ،‬ال اجد اجلو العربي في بلدي‬ ‫بل اجد اننا نستورد من الغرب‪ ،‬لقد أصبحنا مثل‬ ‫اخلوارج‪ ،‬ذكرونا بفقرة اخلوارج وانه بتاريخ العرب‬ ‫أصبح يتكلم الفارسي املكسر باحلقبات األدبية‪،‬‬ ‫كما أجد أننا نفتقد ثقافتنا التي هي ليس فقط‬ ‫املأكوالت اللبنانية‪ ،‬ليس لبنان الغن ّية‪ ،‬والفولكلور‬ ‫ولكن هناك مقاومة ثقافية‪ ،‬عندما أرفع صوتي أمام‬ ‫املنابر العليا وأتكلم عن حضارتي‪ ،‬ما هي حضارتي‬ ‫وأفتخر فيها يقول فيكتور هوغو‪:‬‬ ‫هذا يعني أن اإلنسان ليس لديه جذوره التاريخية‬ ‫وماضيه لن يزهر في املستقبل‪ ،‬قالئل هم الذين‬ ‫يعرفون ما هو ماضينا‪ ،‬ليس املاضي القريب الذي‬ ‫يزرعونه فينا كاحلرب األهلية‪ ،‬نتعلم منها ولكن‬ ‫ثقافتنا أثمرت احلرف األول الذي أصبح نبع هذه‬ ‫احلضارات العريقة التي أعطت العالم الكثير من‬ ‫الضوء والعلم واملعرفة‪.‬‬ ‫ويجب أن ال ينبهر أوالدنا‪ ،‬بشيء اسمه غرب‪ ،‬إمنا‬ ‫بثقافة بلدنا ونحن نحاول أن نسلط الضوء عليه في‬ ‫فنزويال‪ ،‬حيث نقوم مبحاضرات ومعارض ونشاطنا‬ ‫كله اليوم قائم على املقاومة الثقافية التي تخص‬ ‫فلسطني بحد ذاتها‪ ،‬ونحاول أن جنعل من إعالم‬ ‫الغرب مسحورا ً ضمن معاناة الطفل املعذب‬ ‫باملقاومة اليومية واجملاهدة اليومية نحن بجانبهم‪،‬‬ ‫ولكن لم يعد أحد يتكلم عن تاريخ فلسطني التي‬ ‫قدمت الكثير‪ ،‬لم يعد أحد يتكلم عن الفن‪ ،‬لم يعد‬ ‫أحد يتكلم عن الزراعة الفلسطينية وعن الزيتون‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬لم يعد يذكروا تاريخ فلسطني‪،‬‬ ‫عندما كانت تنضج أول برتقالة في حيفا أين كانت‬ ‫كاليفورنيا؟ أذكر أن املؤرخني الذين تكلموا قالوا إن‬ ‫برتقال حيفا كان مثالً حتذو عليه الواليات املتحدة‬ ‫األميركية في حني كانت تزرع كاليفورنيا كلها‬

‫‪77‬‬

‫برتقال‪ ،‬ولكن اليوم ولألسف جند برتقالة فلسطني‬ ‫مصدرة من حيفا بصناعة صهيونية وليست‬ ‫صناعة فلسطينية‪ ،‬اليوم تأخذ اهتمامنا الثقافة‬ ‫الفلسطينية ولكن في الوقت نفسه نحن بكامل‬ ‫اجلهوزية أن نتكلم عن ثقافتنا وحضارتنا واملرأة‬ ‫يجب أن تكون ناشطة في هذا األمر ودائما ً رافعة‬ ‫العلم علم بلدها وأمتها في األعالي‪.‬‬ ‫هل نالت املرأة حقوقها في فنزويال؟‬ ‫املرأة الفنزويلية تثير إعجابي كثيراً‪ ،‬فهي أوال ً إمرأة‬ ‫مناضلة مسؤولة‪ ،‬إمرأة رافعة على كتفيها أعباء‬ ‫حياتها وبيتها‪ ،‬ال ترين امرأة فنزويلينية تنوح وتبكي‬ ‫كيف ستطعم أوالدها بل ترينها ناشطة حتمل أعباء‬ ‫بيتها‪ ،‬مناضلة بحد ذاتها ويعود الفضل جملتمعها‬ ‫الذي سمح لها أن تفرض نفسها في اجملتمع وتنال‬ ‫حقوقها‪ .‬املرأة الفنزويلينية نالت حقوقها نعم‪،‬‬ ‫هناك اإلعجاب التام في الثورة الدميقراطية والثورية‬ ‫السلمية التي يقودها الرئيس تشافيز أعطى املرأة‬ ‫حقها‪ ،‬يكفي أنه فتح وزارة للمرأة‪ ،‬تعطيها كامل‬ ‫حقوقها وتعنى بأمور املرأة وقضاياها العائلية وهذا‬ ‫يعطيها الشعور باالستقرار العملي للمرأة‪ ،‬ليس‬ ‫هناك أحدا ً يستطيع أن يضحك على املرأة‪ ،‬املرأة‬ ‫التي تعمل تعطى لها حق األمومة‪ ،‬وليس فقط‬ ‫املطالبة بحقها باملساواة مع الرجل‪ ،‬وأن تبقى الى‬ ‫جانب طفلها طوال الفترة األولى التي متتد الى أكثر‬ ‫من ‪ 40‬يوم أي الى حوالي ‪ 3‬شهور‪ ،‬لرعاية طفلها‬ ‫وإعطائه احلنان‪ ،‬واحترام الوقت الرائع الذي يجب أن‬ ‫متضيه األم مع طفلها‪ ،‬وأن تشعر به ويشعر بها‪،‬‬ ‫الرئيس تشافيز يعمل على احلفاظ على حق املرأة‬ ‫من خالل مشروعه السياسي الذي يطبق اليوم في‬ ‫فنزويال‪.‬‬ ‫املرأة في أعلى مستوياتها هي مبستوى الرجل‬ ‫في التعامل معها‪ ،‬ال تنتقص حقوقها أبداً‪ ،‬املرأة‬ ‫تعمل وتناضل وتعطي طاقاتها بأكمل وجوهها‪،‬‬ ‫هناك نضج في التعاطي‪ ،‬إن املرأة تنتقل عن الرجل‬ ‫ال لتكون مبستواه إمنا لتتكامل معه على نفس‬ ‫الوتيرة والتفكير هذه العقدة لم تعد موجودة‪،‬‬ ‫وذهبت الى الزوال في فنزويال‪ ،‬املؤمتر الرابع عشر‬ ‫لنساء اليساريات في العالم كنا على طاولة‬ ‫النقاشات الدائرة حول اهتمام نساء العرب ونساء‬ ‫اليسار حتى أن األجانب تختلف جدا ً عن اهتمامات‬ ‫املرأة الالتينية‪ ،‬وفي فنزويال خصوصاً‪ ،‬مازال هناك‬ ‫دول تطالب بحقوقها حتى أن املرأة تطالب بأن تقود‬ ‫سيارة أو باإلرث‪ ،‬في الوقت الذي ترى فيه الدولة‬ ‫الفنزويلية أنها منوذج حلقوق املرأة في العالم أجمع‬ ‫مبشاريعها السياسية واالجتماعية املفروضة أن‬ ‫تطرح في الدول الصهيونية‪.‬‬ ‫كيف تنظرين الى حقوق املرأة اللبنانية في‬ ‫لبنان؟‬ ‫أمتنى أن آتي يوما ً الى لبنان وأرى أن هناك رئيسة‬ ‫للجمهورية اللبنانية‪ ،‬من بديهيات األشياء ومن‬ ‫العار علينا ونحن في القرن الواحد والعشرين املرأة‬ ‫ال تستطيع أن تعطي جنسيتها لولدها‪ ،‬وهذا من‬ ‫حقها قبل غيرها وحقها بالوراثة أيضاً‪ ،‬ومن أهم‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر مرأة‬ ‫متنياتي أن أرى املرأة في منصب رئاسة اجلمهورية‪.‬‬ ‫الرئيس الفنزويلي تشافيز يقف الى جانب‬ ‫احلقوق العربية‪ ،‬كيف تتعامل اجلالية العربية‬ ‫عموماً مع مواقفه؟‬ ‫الرئيس تشافيز هو األب احلاضن للقضية‬ ‫العربية‪ ،‬هو أب للقضايا اإلنسانية‪ ،‬اإلنسان‬ ‫االشتراكي دائما ً لديه حس اإلنسانية‪ ،‬السياسي‬ ‫الذي ليس لديه هذا احلس اإلنساني أعتقد انه ال‬ ‫يستطيع أن يكون اشتراكياً‪ ،‬وال يكون يساريا ً أبداً‪،‬‬ ‫اإلنسان ينادي بُعيد اهتماماته األولوية بحفظ‬ ‫حقوقه‪ ،‬وال تصان كرامته كلها‪ ،‬فمن القضايا‬ ‫العادلة لإلنسان أن تكون مصانة ومحفوظة‪.‬‬ ‫الرئيس تشافيز ينظر الى هذه األمور جميعها‬ ‫بكل عطف ودقة قبل أن أتكلم عن حضانته‬ ‫لألمر السياسي‪ ،‬هو مع القضية العربية‪،‬‬ ‫والقضية الفلسطينية ألنها قضايا عادلة‪ ،‬وضد‬ ‫الطغيان‪ ،‬نحن نقاوم وال نحارب‪ ،‬ألن احلرب يشنها‬ ‫اجلبان املتغطرس‪ ،‬إمنا املقاومون هم الشجعان‪،‬‬ ‫اليوم نعمل كمقاومة دولية مبعنى حفظ حقوق‬ ‫اإلنسان التي تطبق وليست مكتوبة ومنسية‬ ‫على رفوف ومكاتب وجوارير األمم املتحدة‪ ،‬وإمنا‬ ‫ُفعل وتُطبق في العالم‪.‬‬ ‫يجب أن ت ّ‬ ‫الرئيس تشافيز ينظر الى هذا األمر كأب‬ ‫وراع لهذه احلقوق‪ ،‬وهو صمام األمان‬ ‫حاضن‬ ‫ٍ‬ ‫دوليا ً لهذه احلقوق‪ ،‬اليوم يتساءل الكثيرون ملاذا‬ ‫هذا املوقف الصارم مع الدولة الليبية‪ ،‬البعض‬ ‫يستاؤون ملواقفه‪ ،‬إمنا هو ينظر من منظار آخر‪،‬‬ ‫يقول إنه يحق لي كدولة وشعب أن أقرر مصيري‬ ‫ليس من املفروض على أي دولة أخرى أن تتدخل‪،‬‬ ‫سيادة الدول يجب أن تكون مصانة ومحفوظة‬ ‫من األمم املتحدة وجميع الدول بغض النظر عن‬ ‫التضاربات أو عدم االنسجام السياسي مع‬ ‫شخص القذافي‪ ،‬يكون هذا من األساسيات التي‬ ‫يدعو اليها الرئيس تشافيز‪.‬‬ ‫شرائع حقوق اإلنسان املكتوبة على الورق يجب‬ ‫أن تطبق‪ ،‬وأن ال تطبق في األمم املتحدة بل تطبق‬ ‫على األرض‪ ،‬أما من ناحية جاليتنا هناك تضارب‬ ‫في املواقف‪ ،‬سأتكلم بصراحة ولدي القناعة‬ ‫الكاملة بالرئيس تشافيز ومواقفه وهو قائد‬ ‫ألن لديه نظرة هائلة جتاه إعادة برمجة صفوف‬ ‫الدول في العالم‪ ،‬اليوم كلبنانيني نراه عندما‬ ‫يتكلم بقضايا قومية ننسجم ونتعاطف معه‬ ‫ونحبه ونتماشى معه‪ ،‬ولكن عند تطبيق األمور‬ ‫اإلصالحية التي تصل بها الى جيبة اللبناني جتد‬ ‫أن هناك امتعاض من اجلالية اللبنانية هذه األمور‬ ‫بنظري من املستحيل أن يجتمعوا مع بعضهم‪،‬‬ ‫وقد قال السيد املسيح‪“ :‬ال تعبدوا ر ّبني‪ ،‬املال‬ ‫واالله”‪ ،‬ال تستطيع أن جتمع املال مع الروحانية‬ ‫والفكر واملنطق والعدالة‪ ،‬والقومية‪ ،‬ألنهم‬ ‫يتضاربان‪ ،‬هم يقولون دائما ً مصالح متضاربة‬ ‫وواقعنا يقول نحن معه‪ ،‬ولكن ال تقترب من‬ ‫أموالنا‪ ،‬والقانون يطبق على املغتربني عامة لن‬ ‫أقول اللبنانيني‪ ،‬دولة الفوضى هي امللذ اجلميل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املرأة العربية تسافر الى‬ ‫اخلارج‪ ،‬ولكنها تبقى املرأة‬ ‫احملافظة على تربية ولدها‬ ‫ضمن البيئة التي نشأت‬ ‫وترعرت عليها‬ ‫في عهد الرئيس تشافيز‬ ‫أعطيت املرأة حقوقها‬ ‫أكثر من أي وقت مضى في‬ ‫اجملال االجتماعي وفي اجملال‬ ‫السياسي‬ ‫الرئيس تشافيز هو األب‬ ‫احلاضن للقضية العربية‬ ‫القائد الشاب الدكتور بشار‬ ‫األسد‪ ،‬قائد املمانعة في‬ ‫الشرق‬ ‫لكل مغترب على أساسه يعمل ثروة‪ ،‬إمنا تفرض‬ ‫عليك القوانني لدفع الضرائب‪ ،‬لتسوية األمور‬ ‫ويشعر املغترب وكما قال ماكيافيل “تستطيع أن‬ ‫تكون امللك العظيم املثالي في دولتك وال تلمس‬ ‫جيبة أحد”‪.‬‬ ‫هذه الدولة تطبق القوانني‪ ،‬ترفع وتبني‬ ‫مؤسسات وهذا يتعلق مبصالح معينة‪ ،‬إمنا إذا‬ ‫تكلمنا عن املاكرو‪ ،‬هناك من يتكلم عن التأمني‬ ‫وعن أمور من املمكن أن تكون إعالميا ً غير واضحة‬ ‫ويأخذونها من رؤوس أقالمها وال يتحدثون عن‬ ‫واقعها‪ ،‬ولكن نشكر اهلل لم يتعدوا على اجلالية‬ ‫اللبنانية في هذا األمر‪ ،‬وإذا متّ العمل تكون الغاية‬ ‫خدمة الشؤون االجتماعية وأكرر أنه على الدولة‬ ‫اللبنانية أن حتفظ رعاياها‪.‬‬ ‫وعلى سبيل املثال‪ :‬القائد الشاب الدكتور‬ ‫بشار األسد‪ ،‬قائد املمانعة في الشرق‪ ،‬ويقومون‬ ‫بتظاهرات ضده في سوريا “‪ ،‬في الوقت نفسه‬ ‫كان راعي مصالح اجلالية السورية في قلب‬ ‫فنزويال وقد قال للرئيس تشافيز بأن أبناء اجلالية‬ ‫السورية “هم أوالدك كما هم أوالدي”‪ ،‬ملاذا لم‬ ‫نسمع اليوم هذا اخلطاب من رئيس الدولة‬ ‫اللبنانية التي تعلم بأن مصالح رعاياها في‬ ‫“خطر” أم هم في ضيقة من األوضاع أو القوانني‬ ‫املفروضة عليهم في هذه البالد‪ ،‬ملاذا ال تتدخل‬

‫‪78‬‬

‫الدولة اللبنانية لترعى أبناءها وتوصل صوتها‬ ‫للرئيس تشافيز بالقول بأنهم أبناؤك ومتواجدون‪،‬‬ ‫كما تفعل الدول البرتغالية والفرنسية تتدخل‬ ‫حلماية حقوق رعاياها‪ ،‬العتب ليس على الرئيس‬ ‫الذي يعمل ملصلحة وطنه ومصلحة بالده التي‬ ‫يجب أن حتترم ألننا ننعم بخيراتها ونسكن في‬ ‫أراضيها ويجب أن نحافظ على قوانينها‪ ،‬وماذا‬ ‫تختار شعوبهم؟ عتبنا إذا على الدولة اللبنانية‬ ‫التي هي ليست الراعية لنا‪.‬‬ ‫ما هو الدور الذي تؤدينه كمرأة لبنانية‬ ‫وعربية في ترجمة مواقفك الوطنية‬ ‫واالجتماعية؟‬ ‫جلأت الى دول االغتراب بسن مبكر‪ ،‬تزوجت‬ ‫سافرت الى هذه الدولة ففتحت لي أبوابها‬ ‫وحضنتني ووظفت فيها أوسع وأكبر نشاطاتي‬ ‫وطاقاتي‪ ،‬فتحت اجملال أمامي ألعطي صورة بلدي‬ ‫بكل حرية‪ ،‬في اليوم الذي كانت فيه العهود‬ ‫السابقة ال تسمح أن يتكلموا عن الدول العربية‬ ‫بأي حرف‪ ،‬ألن اإلعالم كان دائما ً بيد الصهاينة‪،‬‬ ‫كوني لبنانية‪ ،‬كيف أرفع صوت بلدي وصورته‪،‬‬ ‫إذا لم أحترم هذه الدولة التي مدت لي يد العون‬ ‫وأعطتني الكثير‪ ،‬وأنا منوذج لبلدي وأمثله وأنقل‬ ‫صورته‪ ،‬أقول دائما ً أنني مضياف كرمي األخالق‬ ‫يعرف كيف يرد اجلميل‪ ،‬ربيت وترعرعت هكذا هو‬ ‫وطني وهذا هو لبنان‪ ،‬إني هذا الشخص الذي‬ ‫أمثل به وطني‪ ،‬إنني لبنانية االنتماء وفنزويلية‬ ‫اجلنسية بقلب فنزويال واذا تصرفت عكس هذا‬ ‫أكون قد نقلت صورة خاطئة عن بلدي‪.‬‬ ‫اليوم كامرأة ناشطة أحاول أن أعطي الصورة‬ ‫املثالية للمرأة وكان دائما ً الرئيس تشافيز يقول‬ ‫لي‪ :‬أحبذ فيك صورة املرأة املثقفة ومن بالدي‬ ‫الصورة النموذجية عن بلده‪ ،‬هذا عبء على‬ ‫أكتاف كل امرأة‪ ،‬تشتغل في الشأن العام‪.‬‬ ‫درست في جامعة كاراكاس “أوسيفا” وهي من‬ ‫أعرق اجلامعات في فنزويال درست احلقوق‪ ،‬عندما‬ ‫كنت أنال عالمات جيدة لم ينادونني بإيزابيال بل‬ ‫كانوا يدلون علي بأصابعهم هذه اللبنانية هي‬ ‫التي نالت تقديراً‪ ،‬هذه اللبنانية هي التي جنحت‪،‬‬ ‫وهنا تشعرين مبدى كبر العبء الذي حتملينه بأن‬ ‫تعكسي صورة بلدك‪ ،‬صورة نساء بلدك‪ ،‬وليس‬ ‫اسمك‪ ،‬فهذا عبء كبير علينا أعطينا القليل في‬ ‫تعاطينا بالشأن العام ونتمنى أن نعطي أكثر‪.‬‬ ‫فنشاطنا وجهدنا وعملنا املقاوم يعد عمالً‬ ‫يوميا ً ألننا نقابل قوى جبارة ماديا ً ومعنوياً‪ ،‬نعمل‬ ‫بكل جهدونا ونكافح من أجل هذا العمل املناضل‬ ‫واملقاوم في اخلارج‪ ،‬ولعل القليل الذي قمنا به‬ ‫يجعل بلدنا فخورا ً بنا‪ ،‬ونكون قد قمنا برد اجلميل‬ ‫لهذا الوطن الذي نشأنا فيه وحملنا هويته وأمتنى‬ ‫أن يبقى لبنان على قمة املرابع واملراكز‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬


‫مجتمع‬

‫أبو ذياب – قرضاب‬

‫أبو ذياب ــ أبو ذياب‬

‫الوزير وهاب وعقيلته يحيطان بالعروسني مع والدي العريس‬

‫ضم األهل واألقارب واألصدقاء عقد عبادي‬ ‫في حفل ّ‬ ‫قرانه على عبير أبو ذياب في بلدة اجلاهلية – الشوف‪.‬‬ ‫مبروك للعروسني‪.‬‬

‫مرجي – مرشود‬

‫ضم األهل‬ ‫احتفل بالل أبو ذياب وصفاء قرضاب بزواجهما في احتفال ّ‬ ‫واألقارب واألصدقاء في بلدة اجلاهلية ‪ -‬الشوف‪ .‬مبروك للعروسني‬

‫جاد هشام‬ ‫األعور‬

‫ضم األهل واألصدقاء‪ُ ،‬عقد قران اآلنسة مال‬ ‫في حفل بهيج ّ‬ ‫محمد مرجي والشاب علي موسى مرشود‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫رُزق الرفيق‬ ‫هشام األعور‬ ‫والسيدة تغريد‬ ‫األعور مبولدهما‬ ‫األول أسمياه‬ ‫“جاد”‪ ،‬مبروك‪.‬‬ ‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬

‫كرة القدم اللبنانية ترفض اإلستسالم ‪ ...‬والمنتخب يمنحها فرصة جديدة للحياة‬ ‫هل يكون الفوز على اإلمارات (‪ )1-3‬في تصفيات آسيا بداية عصر جديد؟‬ ‫على رغم املشاكل واخلالفات البغيضة‪ ،‬التي حتولت في معظمها الى‬ ‫تصرفات صبيانية‪ ،‬والتي عصفت بكرة القدم اللبنانية‪ ،‬فاللعبة التي كانت‬ ‫محط أنظار اجلميع رفضت االستسالم‪ ،‬حيث شهد شهر أيلول نقطة حتول‬ ‫في مسار اللعبة في لبنان عندما استعاد املنتخب اللبناني الوجه احلقيقي‬ ‫له ومتكن من صنع إجناز كبير بتغلبه على املنتخب اإلماراتي (‪ )1-3‬في اجلولة‬ ‫الثانية من تصفيات آسيا ملونديال ‪.2014‬‬ ‫الفوز لم يكن متوقعا ً خصوصا ً بعدما تقدم اإلماراتيون (‪ )0-1‬في الربع‬ ‫الساعة األول‪ ،‬بيد أن عزمية اللبنانيني وإصرارهم على اخلروج من املباراة‬ ‫بنتيجة مشرفة على األقل كانا قويني‪.‬‬ ‫فسجل محمد غدار هدف التعادل في الدقيقة ‪ 36‬من ضربة جزاء‪ ،‬ثم‬ ‫منح أكرم مغربي التقدم للمنتخب اللبناني في الدقيقة ‪ ،52‬قبل أن يوجه‬ ‫رضا عنتر العائد ضربته القاضية بتسجيله الهدف الثالث للبنان في‬ ‫الدقيقة ‪.83‬‬ ‫ويبدو أن القدر رفض اإلمعان في تدمير اللعبة في لبنان ليمنح اللبنانيني‬ ‫فرصة جديدة للتكاتف وتناسي اخلالفات الطائفية واملذهبية البغيضة‬ ‫واملقيتة التي دمرت الوطن وأمعنت خرابا ً في كل أرجائه‪.‬‬ ‫الالعبون اللبنانيون كانوا أبطاال ً ألنهم لعبوا بروح قتالية عالية متناسني‬ ‫متاما ً خسارتهم القاسية أمام كوريا اجلنوبية (‪ )6-0‬قبل ‪ 4‬أيام فقط من‬ ‫مباراتهم مع اإلمارات‪.‬‬ ‫لعبوا للبنان فقط ‪ ...‬للعلم اللبناني ‪ ...‬ال لطوائف ومذاهب ‪ ...‬بل جملموعة‬

‫لبنانية واحدة متثل الوطن ‪...‬‬ ‫راعوا حرمة اجلمهور الوفي الكبير الذي أبى أال يض ّيع فرصة دعم املنتخب‬ ‫اللبناني على أرضه مجددا ً فزحف الى ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية‬ ‫(وإن بأعداد قليلة نسبيا ً وهو بال شك سيكون أكثر بكثير في املباريات‬ ‫املقبلة) ليشد أزر الالعبني ويقول لهم‪ :‬أنا معكم في السراء والضراء ‪...‬‬ ‫اجلمهور اللبناني كان كتلة واحدة فعالة طوال املباراة‪ ،‬وهذا ما كان‬ ‫متوقعاً‪ ،‬ألن اإلصرار كان كبيرا ً على نسيان األحداث األليمة السابقة التي‬ ‫حصلت في املالعب اللبنانية‪ ،‬وهذا ما أعطى وجها ً مشرقا ً للعبة في لبنان‪.‬‬ ‫ال خالفات ‪ ...‬ال شتائم ‪ ...‬وال هتافات خارج إطار املنتخب اللبناني ‪ ...‬هذا ما‬ ‫كنا نريده من اجلمهور اللبناني ‪ ...‬وهذا ما نتمنى املواظبة عليه في مباريات‬ ‫املنتخب‪.‬‬

‫املطلوب قفزة نوعية‬

‫املنتخب اللبناني منح كرة القدم اللبنانية فرصة جديدة للحياة‪،‬‬ ‫واملطلوب استثمارها واستغاللها إلعادة الروح الى اللعبة في لبنان ‪ ...‬ال‬ ‫بد من مراجعة صادقة بكل شفافية وضمير حي لكل ما حصل سابقا ً‬ ‫والتخلي عن األنانيات والعنتريات والتصرفات الصبيانية ‪ ...‬الطريق صعبة‬ ‫وشاقة‪ ،‬لكن إذا كان التصميم على إيجاد حل موجوداً‪ ،‬فإن احلل لن يكون‬ ‫بعيدا ً ‪ ...‬املهم العمل بصدق ونية طيبة وبشفافية ‪ ...‬على أمل إيجاد الدعم‬ ‫املناسب من الدولة والشركات اخلاصة لتغليب الروح الرياضية على الروح‬ ‫اخلالفية املقيتة ‪...‬‬

‫لبنان – اإلمارات‬

‫حقق منتخب لبنان لكرة القدم فوزا ً غاليا ً على نظيره اإلماراتي ‪1 - 3‬‬ ‫ضمن منافسات اجملموعة الثانية من التصفيات اآلسيوية املؤهلة لنهائيات‬ ‫كأس العالم في البرازيل عام ‪.2014‬‬ ‫وحصد املنتخب اللبناني أول ثالث نقاط له في اجملموعة بينما ظل املنتخب‬ ‫اإلماراتي بال رصيد من النقاط في املركز الرابع األخير بعدما مني بالهزمية‬ ‫الثانية له‪ ،‬إذ كانت األولى أمام الكويت ‪ 3 – 2‬على أرضه وبني جماهيره‪.‬‬ ‫تقدم املنتخب اإلماراتي بهدف سجله محمود خميس برأسه بعد ‪15‬‬ ‫دقيقة من بداية املباراة‪ .‬وبعدها قال املنتخب اللبناني املضيف كلمته بثالثة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪80‬‬


‫أهداف تناوب على تسجيلها محمد غدار (‪ 36‬من‬ ‫ضربة جزاء) وأكرم مغربي (‪ )52‬وكابنت املنتخب‬ ‫رضا عنتر ‪.83‬‬ ‫وقدم العبو املدرب األملاني ثيو بوكير مباراة‬ ‫رجولية كبيرة وسط عدد البأس به من املتفرجني‬ ‫الذين حضروا ملؤازرة “مغاوير” لبنان الكرويني في‬ ‫مدينة كميل شمعون الرياضية‪ ،‬قدروا بنحو ‪ 7‬آالف‬ ‫مشاهد‪ ،‬وكان رضا عنتر العائد بعد غياب ورفاقه‬ ‫أشاوس املباراة وأحرجوا ضيفهم اإلماراتي الذي‬ ‫حضر وهو يفتش عن النقاط الثمينة التي تبقيه‬ ‫في دائرة املنافسة‪ .‬وقد تكون هذه اخلسارة مبثابة‬ ‫القشة التي قسمت ظهر البعير وأعادت خلط‬ ‫األوراق‪ ،‬على حني أن فوز لبنان يكون مبثابة جرعة‬ ‫أمل رغم تواضع اإلمكانات بل ميكن القول عدمها‬ ‫في لبنان وليست العبرة دوما ً في الفوارق املادية أو‬ ‫التجهيزية أو معسكرات اإلعداد‪ ،‬فالضعف يولد‬ ‫القوة واإلرادة تصنع املعجزات‪.‬‬ ‫وبهذه اخلسارة امل ّرة يكون املدرب السلوفيني‬ ‫كاتانيتش الضحية األولى في التصفيات إذ خرج “بخُ في ُحنني” وهزميتني‬ ‫ثقيلتني وأصبح أمل املنتخب اإلماراتي ضعيفا في املنافسة‪ ،‬على حني أحيا‬ ‫املنتخب اللبناني أمله‪ ،‬ولكن تبقى األوراق مختلطة بالرغم من تفوق كوريا‬ ‫اجلنوبية وعودة قوية لألزرق الكويتي الى ميدان تصفيات كأس العالم‪.‬‬

‫كوريا اجلنوبية – لبنان‬

‫سجل فوزا ً كاسحا ً على نظيره اللبناني‬ ‫وكان منتخب كوريا اجلنوبية ّ‬

‫بستة أهداف نظيفة في سيئول ضمن اجملموعة‬ ‫الثانية من منافسات الدور الثالث للتصفيات اآلسيوية املؤهلة إلى كأس‬ ‫العالم البرازيل ‪.FIFA 2014‬‬ ‫وسجل بارك تشو يونغ (‪ 7‬و‪ 45‬و‪ )67‬وجي دونغ وون (‪ )82 66‬وكيم جونغ وو‬ ‫(‪ )82‬األهداف الستة‪.‬‬ ‫وتبحث كوريا اجلنوبية عن املشاركة في كأس العالم ‪ FIFA‬للمرة الثامنة‬ ‫على التوالي‪ ،‬في حني لم يسبق للبنان أن بلغ النهائيات‪.‬‬ ‫ويبقى املنتخب الكوري اجلنوبي صاحب أفضل إجناز آسيوي في كأس‬ ‫العالم ‪ FIFA‬حتى اآلن ببلوغه نصف نهائي النسخة التي استضافها مع‬ ‫اليابان عام ‪ 2002‬قبل أن يخسر أمام نظيره األملاني وحلوله رابعاً‪.‬‬ ‫ويستهل املنتخب الكوري اجلنوبي مشاركته في تصفيات الدور الثالث‬ ‫بعد أن صنف أحد أفضل خمسة منتخبات في القارة اآلسيوية‪ ،‬في حني أن‬ ‫منتخب لبنان اجتاز الدور الثاني بتخطيه بنغالديش بفوزه عليها ‪ 0-4‬ذهابا ً‬ ‫في بيروت‪ ،‬وخسارته أمامها ‪ 0-2‬إيابا ً في دكا‪.‬‬ ‫وصنفت كوريا اجلنوبية مع اليابان وأستراليا وكوريا الشمالية والبحرين‬ ‫في املركز األول آسيوياً‪ ،‬وتخوض بالتالي التصفيات بد ًءا من الدور الثالث‪.‬‬ ‫وكان املنتخبان التقيا من قبل ‪ 4‬مرات في التصفيات‪ ،‬ففازت كوريا ‪ 3‬مرات‬ ‫في تصفيات كأس العالم البرازيل الواليات املتحدة ‪ FIFA 1994‬بنتيجة ‪0 -1‬‬ ‫ذهابا ً في بيروت و‪ 0 -2‬إيابا ً في سيئول‪ ،‬ثم في تصفيات كأس العالم أملانيا‬ ‫‪ FIFA 2006‬بنتيجة ‪ 0-2‬في سيئول‪ ،‬بعد أن تعادال في بيروت ‪.1-1‬‬

‫جورج عون‬

‫‪81‬‬

‫العدد ‪ -57‬تشرين أول ‪2011‬‬


‫منبر حر‬

‫ألف‬ ‫مرة‬ ‫بكركي‬ ‫حافظ أبي املنى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫شكلت املؤامرة الصهيو ‪ -‬أميركية الداعمة للتأليب املذهبي والطائفي‬ ‫في املنطقة صدمة أيقظت الوعي القومي بني أبناء هذه األمة ورسمت له‬ ‫متلهيا َ باملناكفات‬ ‫مسارا َ جديداَ‪ ،‬بعد أن كان إلى حني منطويا َ على نفسه‬ ‫ّ‬ ‫السياسية الداخلية والعصبيات القاتلة التي أفرزتها احلرب البشعة‪.‬‬ ‫رب ضا ّر ٍة نافعة‪ ...‬فقد ساهم التحريض اإلعالمي‬ ‫وبذلك حتقق املثل القائل‪ّ ...‬‬ ‫املوجه الذي تشنه بعض احملطات الفضائية لتسويق املؤامرة على إضفاء‬ ‫عنصري الشك والتساؤل لدى الناس الذين طغت على عقولهم الشعارات‬ ‫وأعياهم الركض وراء مناكفات رجال السياسة‪ .‬أما الذين كانوا إلى سن ٍة‬ ‫خلت‪ ،‬ينظرون إلى النظام السوري نظرة حقد وعداء‪ ،‬فقد أصبحوا اليوم‬ ‫وعلى أثر تداعيات هذه املؤامرة‪ ،‬يدركون أن املسألة أكبر بكثير من تغيير‬ ‫نظام وأخطر من استبدال حاكم‪ ،‬ألن هذه املوجة إذا ما تفاقمت فإنها حتما َ‬ ‫ستصل إلى مدننا وقرانا فتعيث الفساد وتسبب اخلراب‪.‬‬ ‫ومن منا نحن في لبنان ال يعرف مدى هول هذه الفنت املتنقلة ويدرك‬ ‫مراميها وأبعادها البشعة‪ .‬وهي األسباب التي دفعت بغبطة البطريرك‬ ‫الراعي إلى تسجيل هذا املوقف الوطني املميز‪ ،‬ذلك ألن بكركي في قيادتها‬ ‫الروحية ألكبر الطوائف اللبنانية طاملا كانت تشكل صمام أمان للوطن‬ ‫وسلمه األهلي‪ .‬فموقف غبطة البطريرك الراعي يأتي في سياق ما اعتادت‬ ‫عليه بكركي وما هي عليه اآلن‪ .‬ليس ذلك خوفا َ على املسيحيني بقدر ما هي‬ ‫خوف على بقاء هذا الوطن وحفاظا ً على سلمه األهلي وعيشه املشترك‪.‬‬ ‫إننا نأمل أن يأخذ رجال دين الطوائف األخرى من موقف غبطة البطريرك‪،‬‬ ‫منوذجا َ يحتذى به عند مقاربة األحداث القومية ألن فصل الدين عن السياسة‬ ‫يعطي بعدا َ منطق ّيا َ ملقاربة األحداث‪ ،‬ويساهم بتعميم اخلير العام وتفضيل‬ ‫مصلحة اجملتمع على مصلحة الفئة‪ .‬فنحن في احملصلة نعيش في بلد‬ ‫قائم على نظام طائفي سريع التأثر بالدعايات واألفكار اإلنعزالية املغرضة‪،‬‬ ‫فبرجال الدين تناط مسؤولية الدعوة إلى وحدة الصف والتسامح اللذين‬ ‫بهما يتأمن السلم األهلي ويتجذر العيش املشترك‪.‬‬ ‫لقد أطلق بعض الظرفاء إبان القرن املاضي مقولة “التركي وال بكركي”‬ ‫تعبيرا َ عن املماحكات واإلصطفافات التي كانت تسود الساحة السياسية‬ ‫آنذاك‪ .‬واليوم وما دام الشيئ بالشيء يذكر وباملقارنة مع املوقف التركي‬ ‫الذي ال يزال يحلم بالسيطرة على هذه املنطقة بإسم الدين‪ ،‬وجب تغيير‬ ‫هذه املقولة لكي تصبح “ألف مرة بكركي وال مرة التركي”‪.‬‬

‫‪82‬‬


żś ů ůƺŤƫř ǀ Ŷ ř ƫ Ƙ ź ŝ ƾ

2011 ‫ تشرين أول‬-57 ‫العدد‬

83


‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ 16‬تشرين األول ‪2011‬‬ ‫الحدث في الشوف‬ ‫وضع حجر األساس‬ ‫لمستشفى الصحابي‬ ‫(ع)‬ ‫سلمان الفارسي‬ ‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.