Manbar altawhid issue 54

Page 1

‫العدد ‪ 54‬ــ تموز ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫وهاب يناصر‬

‫حزب‬

‫سوريا في حلب‬

‫التوحيد‬

‫وطرطوس‬

‫العربي‬

‫والسويداء ‪:‬‬

‫يفتتح‬

‫قلعة الصمود‬

‫مركزية‬

‫لن تسقط‬

‫في عاليه‬

‫سوريا‪ ...‬الجمهورية الثانية‬ ‫إدمون رزق‪:‬‬ ‫صالحيات رئيس‬ ‫الجمهورية ليست‬ ‫بحاجة الى تعديل‬

‫‪1‬‬

‫قرداحي‪ :‬مصلحة‬ ‫األطراف السياسية‬ ‫مالية وأمنية في‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬ ‫اإلتصاالت‬ ‫وزارة‬


‫العدد‬

‫‪54‬‬

‫متوز ‪ 2011‬السنة الخامسة‬

‫‪8‬‬

‫‪ 06‬الغالف‬ ‫عالمان من سوريا‪:‬‬

‫‪ 14‬لبنانيات‬

‫قوية بقائدها‬

‫‪ 28‬حزب التوحيد العربي‬

‫وإرادة شعبها‬

‫‪ 40‬اقتصاد‬

‫‪64‬‬ ‫نبيه األعور‪:‬‬

‫‪ 50‬عربيات‬

‫نعمل على إعادة‬

‫‪ 52‬دوليات‬

‫نشر الثقافة العربية وتراثها‬

‫‪66‬‬

‫‪46‬‬

‫فلسطينيات‬

‫‪ 58‬فني‬ ‫‪ 64‬ثقافة‬

‫ماري الدبس‪:‬‬ ‫النساء اللواتي وصلن‬

‫‪66‬‬

‫مرأة‬

‫ً‬ ‫الى البرلمان ّ‬ ‫«بديال عن ضائع»‬ ‫كن‬

‫‪68‬‬

‫تحقيق‬

‫‪68‬‬ ‫رائد محسن‪:‬‬ ‫األلعاب االلكترونية‬

‫‪ 76‬اجتماعيات‬ ‫‪ 78‬رياضة‬ ‫‪ 81‬صحة‬

‫ليست مربية أطفال‬

‫منرب التوحيد‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬

‫نرشة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف حزب التوحيد العريب‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي ــ املدير املايل ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL:manbar_altawhid@yahoo.com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫سوريا‪...‬‬ ‫الجمهورية‬ ‫الثانية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تجتاز سوريا طريق اإلصالح بتأنٍ وخطوات مدروسة‪ ،‬وهي تنزع‬ ‫األلغام التي ُوضعت أمامها‪ ،‬من أجل منعها من االنتقال اىل‬ ‫جمهورية جديدة‪ ،‬رسم مالمحها الرئيس الدكتور بشار األسد‪،‬‬ ‫الذي كان املبادر اىل طرح موضوع اإلصالح يف بنية الدولة‪ ،‬من‬ ‫دستورها اىل نظامها السيايس وقوانينها‪ ،‬عىل الحوار والنقاش‬ ‫أمام الشعب السوري ليقول كلمته‪ ،‬يف أي نظام يريد‪ ،‬وأية‬ ‫جمهورية يتجه نحوها‪.‬‬ ‫وقد وضع الرئيس األسد يف خطبه الثالثة التي ألقاها منذ بداية‬ ‫االحتجاجات‪ ،‬يف مجلس الشعب وبعد تشكيل الحكومة ويف‬ ‫جامعة دمشق‪ ،‬العناوين الرئيسية للحوار‪ ،‬بعد أن بادر اىل اتخاذ‬ ‫سلسلة قرارات وإجراءات تهدئ الوضع الداخيل‪ ،‬بوقف العمل يف‬ ‫قانون الطوارئ‪ ،‬والسامح بالتظاهر عرب ترخيص‪ ،‬وتخفيف سيطرة‬ ‫القوى األمنية‪ ،‬ومحاسبة املرتكبني ومالحقة الفاسدين‪ ،‬وفتح‬ ‫حواراً مبارشاً مع الفعاليات الشعبية يف كل املحافظات‪ ،‬والتقى‬ ‫ممثيل القطاعات املهنية‪ ،‬واستمع اىل الشباب‪ ،‬وتلقى عرشات‬ ‫وتبي له أن هناك َمن‬ ‫التقارير‪ ،‬حيث ك ّون تصوراً ملا يجري يف بالده‪ ،‬نّ‬ ‫يتحركون يف الشارع‪ ،‬لهم مطالبهم املحقة‪ ،‬كام أن يف املجتمع‬ ‫املدين مؤسسات وأفراداً لديهم تطلعات إصالحية‪ ،‬تتفق مع ما‬ ‫تطرحه القيادة السورية‪ ،‬لجهة تعديل الدستور مبا يتعلق باملادة‬ ‫الثامنة منه‪ ،‬والتي تشري اىل أن حزب البعث العريب االشرتايك‬ ‫هو القائد يف الدولة واملجتمع‪ ،‬وهي بنظر هؤالء احتكار للسلطة‬ ‫أو استئثار بها‪ ،‬وال يعطي فسحة من التنافس السيايس والحزيب‬ ‫للقوى األخرى‪ ،‬بالرغم من قيام جبهة وطنية تقدمية‪ ،‬تجمع أحزاباً‬ ‫وتيارات وقوى سياسية وشخصيات‪ ،‬وهي منوذجاً للمشاركة‬ ‫بالسلطة‪ ،‬قدمه الرئيس الراحل حافظ األسد‪ ،‬لكن هذه الصيغة‬ ‫كان يجب البناء عليها‪ ،‬ملزيد من تعميق الدميقراطية‪ ،‬وأن ال تذوب‬ ‫األحزاب يف حزب البعث‪ ،‬وهذه مسألة مطروحة للنقاش‪ ،‬وهي‬ ‫تعني تداول السلطة من خالل انتخابات تفرز مواالة ومعارضة يف‬ ‫إطار املؤسسات الدستورية‪.‬‬ ‫وأصبح لدى القيادة السورية ويف طليعتها الرئيس األسد‪،‬‬ ‫قناعة أن يتم الحوار حول موضوع تعديل الدستور‪ ،‬باتجاه تعميق‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬عرب إصدار قانون لألحزاب‪ ،‬ميكنه أن يوفر للسوريني‬ ‫حرية إنشاء أحزاب وتيارات‪ ،‬مبا ال يتناقض مع الدستور الذي يؤ ّكد‬ ‫عىل وحدة سوريا‪ ،‬ومينع تأسيس أحزاب عىل اساس ديني أو عرقي‬ ‫تم طرحه للمناقشة‪ ،‬ووضع عىل‬ ‫أو طائفي‪ ،‬وهذا هو املرشوع الذي ّ‬ ‫املوقع االلكرتوين لوزارة الداخلية‪ ،‬لتقديم االقرتاحات‪ ،‬وطرحها عىل‬ ‫لجنة الحوار الوطني‪.‬‬ ‫فقانون األحزاب‪ ،‬الذي سريافقه قانون انتخاب‪ ،‬وقانون إعالم‪،‬‬ ‫وهي كلها تؤسس ملرحلة جديدة‪ ،‬وتقدّم نظاماً سياسياً مختلفاً‪،‬‬ ‫يتيح للشعب السوري أن تكون له مساحة أكرب من الحرية‪ ،‬التي‬ ‫فرضت الظروف قوننتها‪ ،‬بسبب ما تع ّرضت له سوريا‪ ،‬من مؤامرات‬ ‫خارجية واستهدافات داخلية‪ ،‬لزعزعة االستقرار‪ ،‬ورضب املناعة‬ ‫الوطنية‪ ،‬هو ما فرض استصدار قوانني ومنها قانون الطوارئ‪ ،‬الذي‬ ‫مل يكن يط ّبق يف العقود األخرية‪ ،‬وكان صدر مع تويل حزب البعث‬ ‫للسلطة يف ‪ 8‬آذار ‪ ،1963‬وقد تخطته الحركة التصحيحية بقيادة‬ ‫الرئيس الراحل حافظ األسد‪ ،‬منذ العام ‪ ،1970‬لكن التحركات‬ ‫التي كانت تثار بوجه النظام يف سوريا‪ ،‬مل تسمح بإلغائه رسمياً‪،‬‬

‫‪4‬‬

‫السيام مع األحداث التي افتعلها “اإلخوان املسلمون” عام ‪،1981‬‬ ‫وروعوا سوريا بالتفجريات واالغتياالت‪ ،‬مام دفع بالسلطة اىل أن‬ ‫تواجه هؤالء بالحديد والنار‪ ،‬بعد أن اختاروا لهم توقيتاً كانت فيه‬ ‫سوريا تواجه نتائج زيارة رئيس النظام املرصي أنور السادات اىل‬ ‫“إرسائيل” وعقد معاهدة صلح وسالم معها يف اتفاقية “كامب‬ ‫دايفيد”‪ ،‬حيث تنكبت سوريا دور املواجهة مع نهج اإلستسالم‬ ‫الذي افتتحه الرئيس املرصي‪ ،‬وعزل مرص عن محيطها العريب‬ ‫وأبعدها عن القضية الفلسطينية‪ ،‬وهو ما فتح الطريق أمام‬ ‫العدو اإلرسائييل‪ ،‬اىل اجتياح لبنان مرتني يف العام ‪ 1978‬و‬ ‫‪ ،1982‬وقد شارك الجيش السوري يف التصدي للعدوانني‪ ،‬ومنع‬ ‫أثناء الغزو الصهيوين عام ‪ ،1982‬محاوالت التقدم اإلرسائييل‬ ‫يف محاور عدة يف عني زحلتا وبحمدون واملديرج وضهر البيدر‬ ‫والسلطان يعقوب‪ ،‬إضافة اىل ما أفرزه االحتالل اإلرسائييل‬ ‫للبنان‪ ،‬من وصول حكم كتائبي متحالف معه‪ ،‬فدعمت سوريا‬ ‫املقاومة الوطنية ضد االحتالل‪ ،‬وأ ّيدت قيام “جبهة خالص وطني”‪،‬‬ ‫أسقطت اتفاق ‪ 17‬أيار‪ ،‬بعد أن كانت املقاومة حررت أجزاء كبرية‬ ‫من لبنان‪ ،‬واستطاعت أن تحارص الحكم الكتائبي برئاسة أمني‬ ‫الجم ّيل‪ ،‬ومنعه من أن يستفرد بالقرار والهيمنة وإنهاء إفرازات‬ ‫االحتالل الصهيوين‪.‬‬ ‫فسوريا بدأت باإلصالح منذ عقود‪ ،‬ومل تتوقف قيادتها عنه‪ ،‬إال‬ ‫أن املؤامرات الخارجية عليها‪ ،‬واملخططات األمريكية واإلرسائيلية‬ ‫ضدها‪ ،‬كانت دامئاً تعمل عىل زعزعة االستقرار الداخيل‪ ،‬لحرف‬ ‫املسؤولني السوريني عن زيادة جرعات اإلصالح للنظام‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ظهر مؤخراً‪ ،‬إذ ويف الوقت الذي أعلن الرئيس األسد برنامجاً‬ ‫لإلصالح وتطوير النظام السيايس‪ ،‬والدفع بالوضع الداخيل نحو‬ ‫مزيد من التعددية الحزبية واإلعالمية‪ ،‬وإنتاج قوانني تحمي حرية‬ ‫املواطن‪ ،‬وتصون كرامة السوريني‪ ،‬من ضمن الحفاظ عىل وحدة‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬ظهرت مبواجهة املرشوع اإلصالحي أطرافاً‬ ‫داخلية‪ ،‬هي غري املعارضة السلمية والرشيفة‪ ،‬رأت أن الفرصة‬ ‫مناسبة لالنقضاض عىل الحكم يف سوريا‪ ،‬ورفع شعار “الشعب‬ ‫يريد إسقاط النظام” عىل غرار ما حصل يف تونس ومرص‪ ،‬وهناك‬ ‫عالمات استفهام حول تحريك الشارع و َمن يقف وراءه؟‬ ‫فاإلصالح عنوان استقطايب‪ ،‬سواء طرحه النظام أو املعارضة‪،‬‬ ‫وقد استطاع الرئيس األسد‪ ،‬بأن يتقدّم باإلصالح اىل األمام‬ ‫وذهب اىل أبعد مام أعلن عنه “اإلصالحيون”‪ ،‬إذ تحدّث عن إصالحات‬ ‫شاملة‪ ،‬وهو ما كشفه يف خطابه األخري‪ ،‬عن أنه ال ميانع من‬ ‫تكوين نظام سيايس جديد‪ ،‬تولد من رحمه جمهورية جديدة‪ ،‬قد‬ ‫تكون الثانية يف سوريا‪ ،‬حيث يأخذ املتحاورون حول اإلصالح‪ ،‬تجربة‬ ‫الجمهورية األوىل التي حكمها حزب البعث‪ ،‬وقد يخرج من الحوار‬ ‫الوطني‪ ،‬تقديم إصالحات دستورية‪ ،‬سيستفتى الشعب السوري‬ ‫حولها‪ ،‬إلنتاج ووالدة دولة دميقراطية يتساوى فيها الجميع أمام‬ ‫القانون وتحقق العدالة االجتامعية‪ ،‬ويحاسب فيها املقرصون‬ ‫وفق ما أعلن وزير الخارجية السورية وليد املع ّلم‪ ،‬الذي ر ّد عىل‬ ‫َمن يقول إن الرئيس األسد ليس جدياً يف اإلصالح‪ ،‬بالتأكيد عىل‬ ‫ُوضع عىل السكة‪ ،‬وقطار اإلصالح بدأ السري عليها‪ ،‬وعىل‬ ‫أنه‬ ‫اإلصالحيني أن يركبوا هذا القطار‪ ،‬الذي لن يتوقف‪ ،‬ألن الرئيس‬ ‫السوري مصمم عىل عدم الرتاجع‪ ،‬ألنه يعرف حتمية التاريخ‪،‬‬

‫ويدرك منطق األشياء‪ ،‬وأن التطور ُسنة الحياة اإلنسانية كام‬ ‫السياسية‪ ،‬وأن الجمود قاتل‪ ،‬وال ب ّد من السري مع حركة التاريخ‪،‬‬ ‫وهذه الحركة بدأت مع الشعب السوري الذي تجاوب رئيسه‬ ‫معه‪ ،‬وفتح له باب الحوار حول ما يريده لسوريا جديدة ولدولة‬ ‫دميوقراطية‪ ،‬وهذه الطروحات ال يرى الرئيس األسد أنها صعبة‬ ‫التحقيق‪ ،‬وحدّد لها فرتة زمنية‪ ،‬ال تصل اىل أبعد من نهاية‬ ‫العام الحايل‪ ،‬وهو سأل السوريني‪ ،‬هل يريدون تعديل الدستور قبل‬ ‫انتخابات مجلس الشعب الذي تقع عليه صالحية إجراء التعديل‪،‬‬ ‫أم يجري التعديل وعىل أساسه تحصل االنتخابات؟‬ ‫فام ميكن قوله‪ ،‬هو أن والدة الجمهورية الثانية‪ ،‬قد بدأت‪ ،‬وهي‬ ‫بالطبع ليست قامئة عىل أساس ديني أو طائفي أو مذهبي أو‬ ‫عرقي‪ ،‬بل هي دولة مدنية عىل صورة ما هو قائم اآلن‪ ،‬وليس عىل‬ ‫ما يدعو له التكفرييون والظالميون و”اإلخوانيون”‪ ،‬وهؤالء يخاف‬ ‫منهم السوريون‪ ،‬الذين حارصوهم مع الجيش والقوى األمنية‬ ‫ويعملون الجتثاثهم يف مدنهم وبلداتهم ويف الساحات عىل‬ ‫امتداد سوريا‪ ،‬التي خرجوا باملاليني يعلنون وقوفهم اىل جانب‬ ‫رئيسهم اإلصالحي والتغيريي‪ ،‬والذي قرن أقواله باألفعال‪ ،‬وهو‬ ‫الذي يواصل التصحيح يف النظام منذ أن توىل الرئاسة يف‬ ‫العام ‪ ،2000‬وقام بحركة تصحيحية ثانية‪ ،‬عندما فتح املنتديات‬ ‫للحوار‪ ،‬وخفف من القيود األمنية‪ ،‬وأرىس أسس اقتصاد السوق‬ ‫وشجع عىل االستثامرات‪ ،‬ورفع من الوضع االقتصادي‬ ‫االجتامعي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واالجتامعي للمواطنني‪.‬‬ ‫فام يحصل يف سوريا‪ ،‬ليس له عالقة باإلصالح بعد أن اعرتف‬ ‫برضورته الرئيس األسد‪ ،‬إمنا ما يجري من أحداث‪ ،‬هو اجتثاث‬ ‫لدور سوريا القومي يف مواجهة مخططات العدو اإلرسائييل‪،‬‬ ‫ومجابهة املشاريع األمريكية‪ ،‬وهذا ما يضع الرئيس السوري يف‬ ‫خضم معركة بدأت ضده منذ سنوات‪ ،‬عندما انحاز اىل املقاومة‪،‬‬ ‫ورفض السري باإلمالءات األمريكية‪ ،‬ولو أن الرئيس األسد قبل‬ ‫االنخراط يف مرشوع محارصة املقاومة ووقفها‪ ،‬مل يكن بحاجة‬ ‫اىل كل هذه الضغوط التي صمد بوجهها ال سيام الخارجية‬ ‫منها‪ ،‬والتي رفض أن ُيخرج سوريا من موقعها املامنع والداعم‬ ‫للمقاومة‪ ،‬بالرغم من العقوبات التي أصدرتها أمريكا ضده‪،‬‬ ‫وكذلك قرارات مجلس األمن‪ ،‬ومحاوالت عزلها‪ ،‬لكن كل هذه‬ ‫املؤامرات والضغوط فشلت‪ ،‬وعادوا اىل سوريا يحاورونها كرقم‬ ‫صعب يف معادلة املنطقة‪ ،‬بعد أن ظن الرئيس األمرييك السابق‬ ‫جورج بوش االبن‪ ،‬إنه سينزع من سوريا أوراقاً عربية وإقليمية‬ ‫ودولية‪ ،‬ويعيدها اىل حدودها السياسية‪ ،‬لكنه فشل‪ ،‬فجاء يف‬ ‫هذه املرحلة دور تحريك الداخل ضد النظام‪ ،‬فكان التكفرييون‪،‬‬ ‫هم “حصان طروادة”‪ ،‬إلشغال سوريا من الداخل‪ ،‬والعمل عىل‬ ‫التعبئة املذهبية‪ ،‬ومامرسة كل أشكال الجرائم ضد الجيش‬ ‫ّ‬ ‫وشل االقتصاد‪ ،‬واألخطر من‬ ‫والرشطة‪ ،‬وتخريب املؤسسات‪،‬‬ ‫كل ذلك‪ ،‬محاولة تدمري املناعة الوطنية‪ ،‬وتهديم الوالء الوطني‪،‬‬ ‫لصالح الوالءات املذهبية والعرقية‪ ،‬وهذا ما تتصدى له القيادة‬ ‫السورية‪ ،‬من أجل الحفاظ عىل سوريا موحدة ومستقرة‪ ،‬ليتحقق‬ ‫برنامج اإلصالح الذي بورش بتنفيذه لتقوم الجمهورية الثانية‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫«منرب التوحيد»‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫سوريا رقم صعب في المعادالت اإلقليمية الدولية‬ ‫الشعب يقف مع اإلصالحات فتحققت‬ ‫“األحداث يف سوريا” هي جملة تحتاج إىل “الفعل”‬ ‫إليضاح معناها‪ ،‬ولكن أي فعل‪ ،‬فنحن أمام سيل جارف‬ ‫من الفعل ورد الفعل‪ ،‬وهذا ما يشكل وقوداً إضافيا ً‬ ‫للدخول يف معارك لفظية وصوالً إىل حالة “الفوىض‬ ‫الخالقة”‪ ،‬األمريكية املصدر واملصدرة خصيصاً إىل‬ ‫املنطقة‪ ،‬واملو ّزع يحمل وكالة حرصية ولكنها خادعة‬ ‫ومضللة تحت مسمى” العدالة والتنمية” الرتكية‬ ‫واملروجة من خالل أبواق الدعاية املأجورة لعدد من‬ ‫الدول املسامة “عربية” وهي صنيعة ورهينة ملا ميليه‬ ‫عليها سيدها األمرييك املتصهني‪.‬‬ ‫بداية وقبل التطورات األخرية يف سوريا‪،‬‬ ‫استخدمت واشنطن وأنقرة سياسة االنخراط والحوار‬ ‫مع سوريا‪ ،‬يف محاولة منهام لتغيري سياستها‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬وبكالم أدق‪ ،‬حاولت العاصمتان أن تقنعا‬ ‫سوريا باالنفصال عن إيران ووقف دعمها لـ “حزب الله”‬ ‫الفلسطيني‬ ‫والقبول بالتسوية املفرتضة عىل املسار‬ ‫والغربية‪ ،‬ورشيك األمس “حزب العدالة والتنمية”‬ ‫الرشوط‬ ‫كانت‬ ‫دون أي عوائق أو اعرتاضات يف وقت‬ ‫الرتيك سمح بحصول تجمع للمعارضة السورية يف‬ ‫عرب‬ ‫بالجملة‬ ‫التنازالت‬ ‫األمريكية والصهيونية تحصد‬ ‫إنطاليا‪ ،‬لصياغة ميثاق معارض‪ ،‬وسمح الحزب الحاكم‬ ‫من‬ ‫مستمرة‬ ‫التنازالت‬ ‫مفاوضات ال تنتهي طاملا‬ ‫يف أنقرة لإلخوان املسلمني السوريني بالعمل علناً‬ ‫الطرف األضعف يف املعادلة‪ ،‬وكذلك سعت الواليات‬ ‫املتحدة وتركيا إىل إعادة ملف املفاوضات عىل املسار يف اسطنبول‪ ،‬والسؤال إىل متى تستمر سياسة‬ ‫االزدواجية لدى حكام أنقرة يف مثل هذا التعاطي الذي‬ ‫السوري‬ ‫عرب وساطة تركية غري مبارشة‪ ،‬ولكنها يحمل أكرث من داللة سلبية ومدانة‪ ،‬وليس واضحاً‬ ‫وصلت إىل طريق مسدود كام قيل‪ ،‬وهي يف واقع األمر‬ ‫كانت مبثابة لعبة من جميع األطراف لالستفادة من حتى اآلن ما أدى إىل ذلك التحول األخالقي املفاجئ يف‬ ‫عامل الوقت وكسب املزيد من النقاط‪ ،‬إىل أن وقع السياسة الخارجية الرتكية‪ ،‬يف آذار املايض أعلن رئيس‬ ‫العدوان الصهيوين عىل غزة أواخر عام ‪ 2008‬وبداية الوزراء الرتيك رجب طيب أردوغان أن (من املستحيل‬ ‫عليه البقاء صامتاً تجاه ما يحصل من أحداث)‪.‬‬ ‫‪ 2009‬فتوقف الرهان عىل تلك املفاوضات‪.‬‬ ‫ال يزال املوقف الرتيك عىل حاله منذ بداية “األحداث‬ ‫ويف تاريخ العالقات بني سوريا وتركيا‪ ،‬تحسنت‬ ‫العالقات الثنائية بني البلدين‪ ،‬بعد وصول حزب “العدالة يف سوريا”‪ ،‬ويف هذا املوقف بعض من التفسريات‬ ‫والتنمية” إىل السلطة يف تركيا يف ‪ ،2002‬وإطالقه الطائفية واملذهبية عىل حد قول معظم املحللني‬ ‫سياسة “صفر مشاكل مع الجوار”‪ ،‬وعملت تركيا عىل األمريكيني‪ ،‬وآخرون فرسوا األمر بأن تركيا مدفوعة‬ ‫تحسني العالقات مع سوريا‪ ،‬ومع وصول قيمة التبادل مبصلحتها الذاتية‪ ،‬وعبارة “ما يحصل يف سوريا شأن‬ ‫التجاري بينهام إىل ‪ 2.5‬مليار دوالر يف ‪ 2010‬أصبحت تريك داخيل” ال تعني التدخل الرتيك يف الشؤون‬ ‫تركيا أكرب رشيك تجاري لسوريا‪ ،‬وأقامت الدولتان السورية‪ ،‬بقدر ما ترمي إىل أن ما قد يحدث يف الجارة‬ ‫تدريبات عسكرية مشرتكة ومحادثات اسرتاتيجية سيؤثر عليها بكل الطرق‪.‬‬ ‫ولكن ديفيد شنكر رأى يف مجلة “كريستيان‬ ‫عىل مستوى الحكومات‪ ،‬وكانت الرسعة التي تطورت‬ ‫خاللها العالقات الفتة بني (‪ 2002‬و ‪ ،)2010‬وقعت تركيا ساينس مونيتور”‪ :‬أنه رمبا يكون “حزب العدالة‬ ‫وسوريا ما يقارب خمسني اتفاق تعاون‪ ،‬وأعلنتا إنشاء والتنمية” الرتيك‪ ،‬حزباً انتهازياً‪ ،‬يأمل أن تكون له‬ ‫مجلس التعاون االسرتاتيجي‪ ،‬ووقعتا اتفاقاً ملحاربة فرصة يف دمشق لوصول نظام إسالمي يشبهه إىل‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وميثاق مكافحة التمرد‪ ،‬وكانت العالقات السلطة يف بالد الشام”‪.‬‬ ‫عالمات استفهام كبرية عن املوقف الرتيك‪ ،‬تركيا‬ ‫واعدة جداً‪ ،‬ويف ‪ ،2009‬أعلن وزير الخارجية الرتيك‬ ‫أحمد داوود أوغلو “أن الدولتني تتشاركان مصرياً‪ ،‬مارد اقتصادي سيايس عسكري‪ ،‬مثانني مليون‪،‬‬ ‫ناتجهم يفوق أضعاف الناتج السوري‪ ،‬اقتصادها رقم‬ ‫وتاريخ ُاً مشرتكاً”‪.‬‬ ‫لكن “األحداث األخرية يف سوريا” وضعت تركيا (‪ )16‬يف العامل‪ ،‬واستثامراتها من بحر قزوين إىل‬ ‫ما بني املطرقة األمريكية وسندان الصمود الذي تركمستان‪ ،‬وأذربيجان وكازاخستان‪ ،‬وجورجيا واملغرب‬ ‫أبدته دمشق يف مواجهة الضغوط التي مورست والجزائر ومرص وليبيا‪.‬‬ ‫ولكن تركيا ال تستطيع أن توتر عالقاتها مع سوريا‬ ‫عليها إلضعافها من خالل إثارة “الفوىض األمريكية”‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪6‬‬

‫تأيت إجابات شافية عام يجري فعلياً عىل خط أنقرة‬ ‫ دمشق‪.‬‬‫وأنقرة التي تتحدث عن جملة اإلصالحات‪ ،‬من بينها‬ ‫تنظيم قانون األحزاب واالقتصاد ومحاربة الفساد‬ ‫واللجوء إىل الحوار لحل املشاكل العالقة‪ ،‬لكن الوقائع‬ ‫عىل األرض ال ترتك مجاالً للبحث الجاد يف هذا املسار‪،‬‬ ‫واملشاكل املتنقلة تدور يف مسار آخر هدفه إضعاف‬ ‫سوريا‪.‬‬

‫الفوىض الخالقة‬

‫إىل درجة القطيعة مع سوريا‪ ،‬فالرتكيبة الدميغرافية‬ ‫الواحدة تنعكس عليها يف داخلها‪ ،‬واالقتصاد الرتيك‬ ‫ميتص من سوريا أضعاف ما متتصه سوريا من األتراك‬ ‫الذين هم بحاجة لسوقنا وللمعرب العريب‪.‬‬ ‫وتركيا اليوم تحتضن “اإلسالم” الذي يعجب‬ ‫األمرييك‪ ،‬رمبا الحل الرتيك املنشود يكون بفتح سامء‬ ‫لهذا “اإلسالم”؟ ورمبا تكون تركيا جزءاً كبرياً من‬ ‫املؤامرة‪ ،‬ولكن خطوطنا الدبلوماسية مفتوحة‪ .‬تركيا‬ ‫تلعب السياسة حتى اآلن‪ ،‬وسوريا رقم صعب ال ميكن‬ ‫تجاوزه‪ ،‬وال يتم التوافق الخارجي عىل الحلول السورية‪،‬‬ ‫سوريا تس ّيس حلها وفقاً ملصالحها وقرارها ينبع من‬ ‫الداخل وهو نابع من ثوابتها الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫وواشنطن بدورها تنظر إىل أنقرة للعب دور‬ ‫سيايس مهم يف معالجة األزمة الحالية‪ ،‬ولكن من‬ ‫خالل الضغط عىل دمشق‪ ،‬وإدارة الرئيس باراك أوباما‬ ‫تتحدث عن الرشاكة “الثمينة” بني أنقرة وواشنطن‪،‬‬ ‫وتنظر إىل الدور الرتيك بأهمية بالغة ألن “لدى تركيا‬ ‫قدرة عىل التأثري عىل سوريا من خالل وسائل عدة”‬ ‫منها العالقات الجيدة والقوات األمنية باإلضافة إىل‬ ‫العالقات االقتصادية املهمة بني البلدين‪.‬‬

‫تركيا وأدوارها اإلقليمية الجديدة‬ ‫باألمس كان األتراك يتحدثون عن األبواب التي فتحت‬ ‫لهم والسجاد األحمر الذي فرش أمام مسؤوليهم يف‬ ‫كل عاصمة عربية طرقوا بابها‪ ،‬باسم السياسية‬ ‫والعالقة التاريخية ومصالح االقتصاد وروابط القرىب‪.‬‬ ‫إن تكلمت عن فلسطني ملعت عيون املسؤولني‬ ‫األتراك فخراً‪ ،‬وإن حكيت عن العراق‪ ،‬تستحرض املوقف‬ ‫الرتيك الرافض للمشاركة يف الغزو األمرييك‪ ،‬وعن‬ ‫سوريا‪ ،‬حدث وال حرج‪ ،‬آالم التاريخ طويت‪ ،‬وجسور‬

‫التواصل ُمدّت‪ ،‬يف السياسة واألمن واالقتصاد واملياه‬ ‫وروابط الدم التي تجدد جريانها‪.‬‬ ‫تركيا اليوم تبدو قلقة مرتبكة ومنفعلة‪ ،‬واألخطر‬ ‫متعرثة‪ ،‬بينام تشكل سوريا رمزاً ناجحاً ملا ميكن‬ ‫لرتكيا أن تجنيه يف املنطقة‪.‬‬ ‫ما الذي جعل الحلوى الرتكية تصبح مرة؟ وما الذي‬ ‫جعل املرارة حادة يف طعم الترصيحات الرتكية؟ وما‬ ‫الذي جعل أردوغان يتململ يف مقعده عندما يتحدث‬ ‫عن سوريا‪ ،‬بينام كانت ابتسامته عريضة؟‬ ‫التفسريات كثرية ومتنوعة‪ ،‬فيها السياسة‪ ،‬وفيها‬ ‫“املصالح الذاتية” واالنتخابية والتآمرية‪ ،‬واألمريكية‪،‬‬ ‫وفيها (خلوي تريك) مشبوه شاع لها دور يف “أحداث‬ ‫سوريا”‪.‬‬ ‫يقول مسؤول العالقات الخارجية يف حزب‬ ‫الشعب الجمهوري املعارض أوغوز ساليجي منتقداً‬ ‫التبدالت الرسيعة التي تقوم بها حكومة أردوغان يف‬ ‫سياساتها الخارجية “إن انفتاح حزب العدالة والتنمية‬ ‫عىل جامعة األخوان املسلمني يف سوريا ومرص‪،‬‬ ‫يحسن صورتها يف املنطقة”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أما جوست ال جيديك عضو سابق يف الربملان‬ ‫األورويب‪ ،‬وخبري يف شؤون السياسة الخارجية الرتكية‬ ‫قال‪“ :‬إن استياء أنقرة الكبري مام يجري يف سوريا‪ ،‬هو‬ ‫أن الرئيس بشار األسد مل يستمع إىل “النصائح”‬ ‫الرتكية‪ ،‬وهو ما يقوض ادعاءات تركيا بأنها خالل‬ ‫األعوام املاضية‪ ،‬أصبحت الالعب اإلقليمي األقوى‪،‬‬ ‫تحسن عالقاتها مع‬ ‫وهي التي كانت تقول دامئاً‪ ،‬أن ّ‬ ‫سوريا والعراق‪ ،‬أفضل منوذج عىل نجاح سياستها‬ ‫“صفر مشكالت”‪ ،‬واتضح أن تركيا ال تتمتع بالنفوذ‬ ‫القوي عىل جريانها‪ ،‬وتبني أن ما من دولة أخرى‪ ،‬لها‬ ‫نفوذها الحاسم عىل دمشق”‪.‬‬ ‫صارت سوريا الشغل الشاغل لرتكيا‪ ،‬تقول أنقرة‬ ‫أنها قضية تركية داخلها‪ ،‬متسها يف السياسة‬ ‫واالقتصاد واملجتمع‪ ،‬ومتسها يف ما تعتربه “هيبتها” ال‬ ‫كقوة صاعدة فحسب‪ ،‬وإمنا كدولة سوقت نفسها‪ ،‬أو‬ ‫تم تسويقها‪ ،‬عىل أنها متتلك مفاتيح الربط والحل‪ ،‬وأن‬ ‫سياستها “صفر مشكالت”‪ ،‬إن تجىل نجاحها‪ ،‬فهو يف‬ ‫أبهى صورة مع السوريني‪.‬‬ ‫هناك من يتحدث عن حرج تريك أو تخبط أو‬ ‫“مؤامرة” واألتراك يؤكدون أنه حرص عىل سوريا‬ ‫وقيادتها‪ ،‬بينام تدور التساؤالت يف حلقة مفرغة‪ ،‬وال‬

‫إن ما يجري عىل الساحة العربية يؤكد بوضوح‪،‬‬ ‫أن الواليات املتحدة تعمل عىل مصادرة االنتفاضات‬ ‫الشبابية العربية‪ ،‬وكذلك االحتجاجات وإثارتها‬ ‫وتكبريها‪ ،‬وهنا تربز أطامع ومواقف الدول الكربى عىل‬ ‫حقيقتها‪ ،‬فاإلدارة األمريكية ومعها القوى الفاعلة‬ ‫يف االتحاد األورويب‪ ،‬منحازة بالكامل إىل جانب الكيان‬ ‫الصهيوين‪ ،‬وتحاول مصادرة االنتفاضات واالحتجاجات‬ ‫مهام كان حجمها وإعادة إنتاجها إعالمياً وتعطي‬ ‫نفسها صفة املنقذ من الجالد‪ ،‬وهناك دول كربى‬ ‫كروسيا والصني‪ ،‬تعتمد أسلوب املامنعة يف مجلس‬ ‫األمن وترفض التدخل العسكري األمرييك يف سوريا‬ ‫واليمن وليبيا‪ ،‬وترفض تدابري “الناتو” العسكرية‪ ،‬وهي‬ ‫تنتظر اللحظة املواتية لتجديد دورها يف منطقة‬ ‫الرشق األوسط‪ ،‬ومنع تفرد األمريكيني واألوروبيني من‬ ‫التحكم مبصري دولها وشعوبها‪ ،‬أما الواليات املتحدة‬ ‫والدول األوروبية املساندة لها فهي تخطط لرشق‬ ‫أوسط جديد تلعب فيه “إرسائيل” دوراً مركزياً‪ ،‬يف‬ ‫حني ترفض روسيا والصني تغليب مصلحة “إرسائيل”‬ ‫عىل مصالح الشعوب العربية‪ ،‬وتعتربه ح ًال فاش ًال‬ ‫يخدم االسرتاتيجية األمريكية ويزيد من حدة الرصاع‬ ‫الداخيل والدويل يف هذه املنطقة‪ ،‬وهنا تكمن خطورة‬ ‫الخطاب األمرييك يف محاولته استيعاب االنتفاضات‬ ‫واالحتجاجات العربية التي أطاحت برموز سياسية‬ ‫كبرية موالية للواليات املتحدة وتعاونت بصورة معلنة‬ ‫أو مضمرة مع “إرسائيل”‪.‬‬ ‫وباملقابل ليس مبقدور االنتفاضات العربية القبول‬ ‫بالسالم اإلرسائييل املدعوم أمريكياً ألنه استسالم‬ ‫كامل للرشوط اإلرسائيلية‪ ،‬بينام تتحول “الفوىض‬ ‫الخالقة” إىل “فوىض مدمرة” ملستقبل األجيال العربية‬ ‫القادمة‪ ،‬وهذا هو املخطط األمرييك املدمر‪ ،‬الذي يحاول‬ ‫التأثري يف املنطقة من خالل إثارة االضطرابات يف‬ ‫أكرث من مكان‪ ،‬والظهور مبظهر املدافع عن املطالب‬ ‫االقتصادية واالجتامعية يف عدد من البلدان العربية‪.‬‬ ‫لقد اجتمع قادة مجموعة الدول الثامين الصناعية‬ ‫الكربى يف مدينة “دوفيل”‪ ،‬الفرنسية‪ ،‬بقيادة الواليات‬ ‫املتحدة يف شهر أيار املايض‪ ،‬وتعهدوا بتقديم قروض‬ ‫بقيمة ‪ 20‬بليون دوالر إىل مرص وتونس‪ ،‬ومل تكن‬ ‫هذه هبات بل قروضاً يجب إعادة تسديدها‪ ،‬فهي لن‬ ‫تساهم سوى يف زيادة عبء الدين العام عىل هذين‬ ‫البلدين‪ ،‬ويف مامرسة املزيد من الضغوط عىل امليزانيات‬ ‫املتضخمة إىل حد االنفجار‪ ،‬وترتافق املساعدات‬ ‫الغربية هذه برشوط والرشط الواضح هو “اعتامد‬ ‫الدميقراطية الغربية”‪ ،‬وبالتايل مصادرة قرار تلك‬

‫‪7‬‬

‫الدول‪.‬‬ ‫ومثة مشهد معقد يف املنطقة‪ ،‬هو لعبة حافة‬ ‫الهاوية يلعبها األطراف بعلنية وحزم ومل يشهد‬ ‫مثلها‪ ،‬وعبث دول عظمى تريد تقاسم املشهد‬ ‫إقليمياً‪.‬‬ ‫ورغم تتايل اإلصالحات يف سوريا واإلنفراجات‬ ‫السياسية وصوالً إىل إعالن العفو العام وتأسيس‬ ‫لجنة للحوار الوطني ولجنة صياغة لقانون اإلعالم‪ ،‬إال أن‬ ‫الترصيحات األمريكية مازالت تأخذ منحى تصاعدياً‬ ‫تجاه سوريا‪ ،‬وربط املسألة الداخلية السورية‪ ،‬بالذعر‬ ‫اإلرسائييل وهذا ما يفرس ويرتبط بإعالن “ إرسائيل”‬ ‫عن قيامها مبناورات يف الجوالن ملدة أسبوع‪ ،‬وهناك‬ ‫خطورة املشهد واحتامالت االنفجار يف املنطقة‪.‬‬ ‫أوروبا وأمريكا تريدان االنفراد باملنطقة وإعادة‬ ‫تقاسم النفوذ من جديد عىل حساب روسيا ودول‬ ‫لها مكانتها اإلقليمية وعصية عىل التجاوز كسوريا‪،‬‬ ‫ومن هنا نفرس املناوشات والضغط يف أكرث من اتجاه‬ ‫لزعزعة االستقرار يف هذا البلد الذي يحمل لواء‬ ‫املامنعة واملقاومة‪ ،‬يف عام ‪ 2003‬حاول كولن باول‬ ‫التهديد باحتياج سوريا بعد العراق‪ ،‬يف أبلغ ذروة قوة‬ ‫املحافظني الجدد‪ ،‬ومل تسعفه القدرة عىل التنفيذ‪،‬‬ ‫واليوم تحاول إدارة أوباما والبعض يف املنطقة املس‬ ‫بقواعد اللعبة‪ ،‬وهو بذلك يغامر بأمن العامل كله‪،‬‬ ‫ألن انفراط عقد االستقرار يف هذه املنطقة سيصيب‬ ‫العامل‪ ،‬خصوصاً الجوار األورويب‪ ،‬وتركيا عىل رأسه‪ ،‬إذا‬ ‫هي لعبة عض األصابع وحافة الهاوية‪ ،‬وهي املفتوحة‬ ‫عىل كافة االحتامالت وصوالً إىل حرب ستكون دولية‬ ‫إقليمية‪.‬‬ ‫وما هو معروف اآلن‪ ،‬أن اللعب انتقل إىل عمق‬ ‫الهاوية‪ ،‬وسوريا متلك أوراقاً اسرتاتيجية وهي تتحكم‬ ‫مبعادالت املنطقة‪ ،‬وهي مل تستخدم أي من أوراقها‬ ‫بعد‪ ،‬وميكن القول‪ ،‬أن الحسم عىل األرض قد يرسل‬ ‫رسالة أخرية ملن يريد الذهاب بعيداً يف أحالمه‬ ‫وتطلعاته‪ ،‬وسوريا اليوم تحمل الراية وهي متمسكة‬ ‫بكافة ثوابتها الوطنية والقومية وهي األكرث قوة‬ ‫ومتلك قرارها وتدافع عن وجودها‪ ،‬واملسألة مسألة وقت‬ ‫إلدراك حجم الهجمة التي استهدفت سوريا وحجم‬ ‫االنتصار الذي سيتحقق لقوى املقاومة واملامنعة يف‬ ‫أمتنا‪.‬‬ ‫يف خطابه األخري‪ ،‬حدّد الرئيس بشار األسد‪ ،‬خطة‬ ‫طريق واضحة عنوانها اإلصالحات والتجاوب مع‬ ‫تهم الشعب السوري وحدّد املواعيد‪،‬‬ ‫املطالب التي ّ‬ ‫وكان خطابه مفصلياً‪ ،‬حيث الرتكيز عىل الشأن‬ ‫الداخيل‪ ،‬واحتامل تعديل الدستور أو وضع دستور‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫وأ ّكد‪ ،‬إن “رأس األفعى قد قطع قبل أن تلدغ الجسد‬ ‫السوري ك ّله”‪ ،‬وأن سوريا بخري‪ ،‬وشدّد عىل أنه ال ّ‬ ‫حل‬ ‫سياسياً مع َمن يحمل السالح ويقتل‪ ،‬وقد ر ّد الشعب‬ ‫السوري بالتأييد للنهج اإلصالحي‪ ،‬وامتألت ساحات‬ ‫سوريا باملاليني من السوريني‪ ،‬للتأكيد عىل مواجهتهم‬ ‫للمؤامرة التي حدثهم عنها رئيسهم‪ ،‬وبأن املسألة‬ ‫ليست اإلصالح بل تخريب سوريا كدور يف املنطقة‬ ‫وكحجم عريب مامنع وموقع مقاوم لـ “إرسائيل”‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫عالِمان من سوريا‪ :‬يستهدفون الوطن إلضعافه‬

‫ضلع ‪ :‬القضية ليست قضية إصالح بل حياكة فتن‬ ‫حبش‪ :‬اإلستعانة باألميركي لتغيير النظام لون من الخيانة‬ ‫يتط ّلع الشعب العريب السوري اىل‬ ‫عملية إصالح حقيقي وتوسيع املفهوم‬ ‫الدميقراطي الذي يحلم به كل مواطن‬ ‫غيور‪ ،‬وقد بدأت عملية اإلصالح منذ‬ ‫فرتة‪ ،‬وهي بدأت تاخذ منحى تصاعدياً‬ ‫ومتسارعاً‪.‬‬ ‫فاإلصالح قوة وهو يزيد من منعة‬ ‫سوريا املقاومة واملامنعة يف مواجهة‬ ‫املؤامرة واملشاريع األمريكية والصهيونية‪.‬‬ ‫الوطنية الحقة‪ ،‬تعني اإللتزام باألولويات‬ ‫األساسية واملتمثلة يف تأمني أجواء تسمح‬ ‫بتنفيذ أجندة اإلصالحات‪ ،‬وهي أجندة بقرار‬ ‫وطني وخدمة لسوريا‪ ،‬وليس تلبية ملطالب‬ ‫وإمالءات خارجية‪ ،‬وهنا أهمية اإلستقرار‬ ‫ألنه البيئة املناسبة إلنجاح عملية اإلصالح‪،‬‬ ‫وسوريا اليوم بحاجة اىل جهود الجميع‪،‬‬ ‫أولئك الذين ينطلقون يف سعيهم اىل ما‬ ‫فيه مصلحة سوريا‪.‬‬ ‫وسوريا اليوم تتجاوز قطوع الفتنة‬ ‫وما تم إعداده من مشاريع الفنت واملؤامرات‪،‬‬ ‫والفضل يعود اىل وعي الشعب السوري‬ ‫واإلرادة والعزمية التي يتمتع بها‪ ،‬يف‬ ‫ظل القيادة الحكيمة للرئيس بشار‬ ‫األسد ستظل سوريا وفية لكل املبادئ‬ ‫العربية‬ ‫ألمتها‬ ‫وفية‬ ‫واملنطلقات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫واإلٍسالمية‪ ،‬وستنترص حتام‪ ،‬واإلصالحات‬ ‫ستقوي سوريا وستزيدها قوة ومنعة‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” كان لها لفاء مع‬ ‫عاملني من سوريا فكانت لها وقفة مع كل‬ ‫من الداعية اإلٍسالمي عبد الرحمن عيل‬ ‫ضلع‪ ،‬والدكتور محمد حبش‪ ،‬لتسليط‬ ‫الضوء عىل الوقائع والحقيقة ما يش ّكل‬ ‫مساهمة مهمة يف قراءة األحداث‪ ،‬وهنا‬ ‫نص الحوار‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ضلع‬ ‫كيف تنظرون كداعية إسالمي وطني لهذا‬ ‫األمر؟‬ ‫مع تطور األحداث والكشف عن مالمح مرشوع‬ ‫الفتنة الذي يستهدف قوة سوريا ألسباب‬ ‫واضحة‪ .‬أولها دعمنا للمقاومة املرشوعة املحقة‪.‬‬ ‫قامت االمربيالية األمريكية وحلفائها باالستعانة‬ ‫ببعض ضعفاء النفوس املوجودين يف الخارج ممن‬ ‫ادّعوا أنهم رجال دين وسياسة معارضة‪ ،‬وبدعم‬ ‫مادي منقطع النظري وتجييش إعالمي رهيب‬ ‫اتبعوا نهج التحريض للتظاهر خلف شعارات‬ ‫اإلصالح والحرية محرضني عىل القتل وسفك‬ ‫الدماء‪ .‬وال يخفى عىل قاصد ما تتعرض له سوريا‬ ‫جراء متسكها بالحقوق والثوابت وما يجري اليوم‬

‫‪8‬‬

‫هو جزء من مخطط خارجي تدعمه قوى خارجية‬ ‫للنيل من مواقف سوريا الثابتة وما تزال تستخدم‬ ‫ذات األسلحة ولكن بطرق مختلفة‪.‬‬ ‫ولوال تجاربنا املريرة مع الغرب اإلمربيايل منذ‬ ‫أكرث من قرنني من الزمن‪ ،‬والتي نعيش نتائجها‬ ‫بتقسيم العرب وزرع الشقاق فيام بينهم‪،‬‬ ‫واستمرار التدخل بشؤونهم‪ ،‬وفوق ذلك كله خلق‬ ‫الكيان الصهيوين‪ ،‬ومحاولة فرضه عىل أبناء‬ ‫املنطقة‪ ،‬لوال هذا وذاك لكنا صدقنا هذا التحول‪.‬‬ ‫ثم إن الواقع أصدق أنباء من الشعارات وأكاذيب‬ ‫الغرب حول حقوق اإلنسان العريب‪ ،‬باستثناء‬ ‫الفلسطيني حسب األهواء واملصالح‪ ،‬والواقع‬ ‫أصدق أنباء من الفضائيات املشبوهة التي‬ ‫تتبنى حدثا هنا‪ ،‬وتنفخ فيه وتحرض عىل أساسه‬ ‫وتتجاهل حدثا هناك‪ ،‬عىل الرغم من أنه كبري‪،‬‬ ‫رضوخاً ألوامر املمول‪ ،‬وما أدراك َمن املمول؟ الذي‬

‫يريد اللعب مع (الكبار) عن سوء النية‪ ،‬أو وهم‬ ‫نتيجة الشعور بتضخم الذات‪.‬‬ ‫ونحن لسنا ضد التظاهر السلمي‪ ،‬ولكن‬ ‫ندعو إىل التظاهر السلمي املرشوع املقونن‬ ‫بالقانون دون رفع شعارات ودون تخريب املؤسسات‬ ‫واملمتلكات العامة والخاصة‪ ،‬وأهيب بكافة فئات‬ ‫الشعب األيب بالصرب والوعي ملا يحاك تجاه بلدنا‬ ‫وأن نقف إىل جانب قيادتها ونحن نثق بقدراتهم‬ ‫عىل إحباط املخططات الخارجية‪ .‬وأقول لهؤالء‬ ‫الذين ي َّدعون باملعارضة املوجودين يف الخارج‬ ‫يدعون باإلسالم‪ ،‬ندعوهم العودة إىل الوطن األم‪.‬‬ ‫كام تعلمون أن من بني هذه األدوات من‬ ‫يصنفون أنفسهم عىل أنهم علامء دين‬ ‫مسلمون‪ ،‬كيف تردون عىل دعاة الفتنة‪ ،‬أولئك‬ ‫الذين نزلوا إىل درك التعامل مع أعداء األمة‬ ‫واإلسالم؟‬ ‫إن هؤالء الذين يصنفون أنفسهم عىل أنهم‬ ‫علامء دين مسلمون‪ ،‬واإلسالم عنهم بريء‬ ‫بأفعالهم كربيء الذئب عن دم ابن يعقوب‪،‬‬ ‫وكيف ال؟ واإلسالم يدعونا إىل الوحدة والتالحم‬ ‫واالعتصام وهم يدعون إىل بث الفنت التي ساقوها‬ ‫إلينا عمدا وأرادوها لنا قصداً‪ .‬وهم يريدون أن نكون‬ ‫عبيد الشهوات‬ ‫قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وا ْعت َِص ُمواْ ِب َح ْبلِ ال ّل ِه َج ِميعاً َوالَ‬ ‫َت َف َّر ُقواْ َوا ْذ ُك ُرواْ ِن ْع َم َت ال ّل ِه َع َل ْي ُك ْم إِ ْذ ُكنت ُْم أَ ْعدَاء‬

‫َفأَ َّل َف َبينْ َ ُق ُلو ِب ُك ْم َفأَ ْص َب ْحتُم ِب ِن ْع َم ِت ِه إِخْ َواناً‬ ‫َو ُكنت ُْم َعلىَ َ َش َفا ُح ْف َر ٍة ِّمنَ النَّا ِر َفأَن َق َذ ُكم ِّم ْنهَا‬ ‫َك َذلِ َك ُي َبينِّ ُ ال ّل ُه لَ ُك ْم آ َيا ِت ِه لَ َع َّل ُك ْم َت ْهتَدُ َ‬ ‫[‪/3‬‬ ‫ون‬ ‫آل عمران‪]103/‬‬ ‫فإذا كان هؤالء يجتمعون اليوم من أجل سوريا‪.‬‬ ‫فلامذا مل يجتمعوا من أجل من يقصف ليبيا‬ ‫والعراق وأفغانستان وكيف ال يرف لهم جفن‬ ‫عىل املسجد األقىص املهدد بالفناء والذي يدنس‬ ‫باستمرار من قبل الصهاينة‪ ،‬وكيف مل يرف‬ ‫لهم جفن لحرق القرآن الكريم‪ ،‬وملاذا مل يتحركوا‬ ‫ويغضبوا للصور السيئة التي تنال من شخصية‬ ‫وكرامة رسول الله‪.‬‬ ‫إذا كان هؤالء الذين يصنفون أنفسهم عىل‬ ‫أنهم علامء دين مسلمون يستندون أفكارهم‬ ‫من بعض مشايخهم هناك (يف قطر) وأمثاله‪،‬‬ ‫فهؤالء البعض أحوج أن يكون لهم قدرة بأن‬ ‫يخرجوا أكرب عدو اإلسالم وأمة اإلسالمية الذي‬ ‫يتمركز هناك بأكرب قاعدة عسكرية يف العامل‪،‬‬ ‫وإذا ال ينهون املنكر هناك فنقول لهم‪:‬‬ ‫عـار‬ ‫ال تنــه عن خلـق وتأيت مــثله‬ ‫علـيك إذا فعلـت عظـيم‬ ‫ملاذا ح ّول املطالبون باإلصالح مطالبهم‬ ‫إىل معركة تخريب استهدفت املؤسسات‬ ‫والعنارص األمنية والجيش؟‬ ‫القضية ليست قضية إصالح وال تقديم أكرث‪:‬‬

‫‪9‬‬

‫القضية أعظم من ذلك‪ ،‬هي حياكة فنت وتعتيم‬ ‫عىل حقائق األمة من أجل إضعاف سوريا األسد‬ ‫من الداخل وإبعادها عن خطها املامنع‪ .‬فإن من‬ ‫يسعى إىل اإلصالح يجب أن يؤمن بالدميقراطية‬ ‫ونحن رأينا ما حصل يف بلجيكا مغاير لذلك‬ ‫عندما خرج ‪ 50‬متظاهر من أبناء سوريا وأخذوا‬ ‫موافقة للتظاهر أمام املؤمتر فخرج عليهم ‪350‬‬ ‫شخص من املعارضني بالرضب والشتم وأمام‬ ‫مرأى ومسمع العامل فأي حرية ينشدها هؤالء‪.‬‬ ‫وكام أسلفت لسنا ضد التظاهر السلمي‬ ‫ومطالبة الحقوق املرشوعة‪ ،‬ولكن ما نراه من‬ ‫تخريب ورفع شعارات وبث الفتنة‪ ،‬وترهيب‬ ‫األطفال والنساء وترعيب الشيوخ‪ .‬واستهداف‬ ‫املؤسسات العامة والخاصة والعنارص األمنية‬ ‫والجيش‪ ،‬والتمثيل بعنارص األمن والجيش‪ ،‬هذا‬ ‫ليس من الوطنية‪ ،‬بل ليس من اإلسالم بيشء‪،‬‬ ‫وكيف ال؟ والله سبحانه وتعاىل ينهانا عن متثيل‬ ‫األعداء‪ ،‬وكيف ميثل إنسان مسلم بأخيه املسلم‪،‬‬ ‫وهذا من أشد الجرائم‪ ،‬بل حافظوا عىل وحدة‬ ‫األمة وجمعوا كلمة املسلمني‪ ،‬كام قال ال ّله‬ ‫َوا ْعت َِص ُموا ِب َح ْبلِ ال َّل ِه َج ِميعاً َوال َت َف َّر ُقوا‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫[‪/3‬آل عمران‪ ]103 /‬واحذروا التنازع واالختالف‪ ،‬كام‬ ‫يح ُك ْم‬ ‫قال عز وجل‪َ :‬وال َتنا َزعُ وا َف َت ْف َش ُلوا َو َت ْذهَ َب ِر ُ‬ ‫أي قوتكم [‪/8‬األنفال‪ ]46 /‬وقال صىل الله عليه‬ ‫وعىل آله وأصحابه وسلم يف حجة الوداع‪ :‬عن‬ ‫ابن عباس ريض الله عنه قال‪ :‬قال صىل الله عليه‬ ‫وعىل آله وأصحابه وسلم‪« :‬ال ترجعوا بعدي كفارا‬ ‫يرضب بعضكم رقاب بعض» أخرجه التلمذي‬ ‫وغريه يف سننه (‪ ،)486/4‬رقم الحديث (‪،)2193‬‬ ‫وأخرجه الطرباين يف املعجم الكبري (‪،)307/2‬‬ ‫رقم الحديث (‪.)2278‬‬ ‫وال تتبعوا طرق الشيطان يف التفرق يف الدين‬ ‫أو يف الخالف والتنازع‪ ،‬فهذه وسائله ووساوسه‬ ‫التي يزخرفها أو يزينها للناس‪ ،‬يس ّول لهم املنافع‬ ‫واملصالح‪ .‬ويرصف الشخص عن الحق والهداية‪،‬‬ ‫ويفرق بني الجامعة‪ ،‬كام حدث من أهل الكتاب‬ ‫الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات‪،‬‬ ‫وحرفوا وبدلوا‪ ،‬ونقصوا وزادوا‪ ،‬فتمزقت وحدتهم‪،‬‬ ‫َو ِم ْنهُم‬ ‫وس ّلط ال ّله عليهم األعداء‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫َّمن َي ُق ُ‬ ‫ول ا ْئ َذن ليِّ َوالَ َت ْف ِتنِّي أَالَ فيِ ا ْل ِف ْت َن ِة َس َق ُطواْ‬ ‫َوإِ َّن َج َهن َ​َّم لَ ُم ِح َ‬ ‫يط ٌة ِبا ْل َكا ِف ِرينَ [‪/9‬التوبة‪ ،]49/‬وقال‬ ‫أيضاً‪َ :‬ولَ ْو د ُِخ َل ْت َع َل ْي ِهم ِّمنْ أَ ْق َطارِهَ ا ُث َّم ُس ِئ ُلوا‬ ‫ا ْل ِف ْت َن َة لآَ َت ْوهَ ا َو َما َت َل َّب ُثوا ِبهَا إِلاَّ َي ِسرياً [‪/33‬‬ ‫األحزاب‪.]14/‬‬ ‫والحديث الذي أخرجه البيهقي يف سننه‬ ‫الكربى (‪ ،)21/8‬رقم الحديث (‪ ،)15639‬عن عبادة بن‬ ‫الصامت يحدث عن رسول الله صىل الله عليه‬ ‫وآله وأصحابه وسلم قال‪« :‬من قتل مؤمنا ثم‬ ‫اغتبط بقتله مل يقبل منه رصف وال عدل»‪ .‬وعن‬ ‫عبادة عن النبي صىل الله عليه وآله وأصحابه‬ ‫وسلم‪ ،‬قال‪ :‬ال يزال املؤمن صالحاً ما مل يصب‬ ‫دماً‪ ،‬قال‪ :‬قال راوي الحديث خالد‪ :‬سألت يحيى‬ ‫الغساين عن اغتباطه بقتله؟ قال‪ :‬هم الذين‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫العدد ‪ 54‬ــ‬

‫تموز ‪- 2011‬‬

‫الغالف‬ ‫هل ما يجري يف سوريا هو لرضب‬ ‫يقتلون يف الفتنة‪ ،‬فيقتل أحدهم فريى أنه عىل‬ ‫النظام املدين الذي يحتضن كل املذاهب‬ ‫هدى ال يستغفر الله منه أبداً»‪.‬‬ ‫هل نحن أمام مشهد يقارب ما حصل يف والطوائف؟‬ ‫ما يجري يف سوريا هو لرضب سياستها‬ ‫الثامنينات عندما تحرك اإلخوان املسلمني ضد‬ ‫وتحالفاتها‬ ‫والتحررية‬ ‫الوطنية‬ ‫ومواقفها‬ ‫النظام؟‬ ‫ما حصل يف الثامنينات عندما تحرك اإلخوان معقد آمال العرب يف الدفاع عن حقوقهم‬ ‫املسلمني ضد النظام ال يختلف عام يجري وتطلعاتهم ملستقبل حر ومرشق‪ ،‬وهذا‬ ‫حاليا‪ ،‬وبينام يف عرصنا هذا نرى ما يرتصد لنا بالضبط ما جلب عليها عداء الغرب والكيان‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ،‬وما يقدمه هؤالء الذين يدعون الصهيوين وبعض العرب‪ ،‬الذين تشوهت‬ ‫إىل اإلصالحات وهم يف تخريب ورفع شعارات لديهم الرؤية لجبهة األعداء واألصدقاء‪ ،‬ونحن‬ ‫وبث الفتنة‪ ،‬واستهداف املؤسسات‪ ،‬وهذا مبثل هذا الوقت وهذه الظروف أحوج إىل‬ ‫كله ليس من الوطنية‪ ،‬بل ليس من اإلسالم الوحدة والتالحم‪ ،‬وعدم بث الفتنة والشتات‪،‬‬ ‫بيشء‪ ،‬والفتنة أشد من القتل ولعن الله من بعد اإلصالحات التي أعلن عنها السيد الرئيس‬ ‫أيقظــها‪،‬‬ ‫وبدأنا نراه بأم أعيننا‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬يا أَ ُّيهَا ا َّل ِذينَ‬ ‫يعواْ ال َّر ُس َ‬ ‫وقال تعاىل أيضاً‪:‬‬ ‫ول َو ُأ ْوليِ األَ ْم ِر‬ ‫يعواْ ال ّل َه َوأَ ِط ُ‬ ‫هُ َو ا َّلذِيَ أَنز َ​َل َع َل ْي َك آ َمنُواْ أَ ِط ُ‬ ‫َاب َو ُأ َخ ُر ِم ُ‬ ‫نك ْم َفإِن َتنَا َز ْعت ُْم فيِ يَ ْ‬ ‫َاب ِم ْن ُه آ َي ٌ‬ ‫ش ٍء َف ُردُّو ُه إِلىَ ال ّل ِه‬ ‫ا ْل ِكت َ‬ ‫ات ُّم ْحكَماَ ٌت هُ نَّ ُأ ُّم ا ْل ِكت ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫اآلخ ِر‬ ‫ُمت َ​َشا ِبهَات فأ َّما ال ِذينَ يف قلو ِب ِه ْم ز ْيغ ف َي َّت ِب ُعون َوال َّر ُسولِ إِن كنت ُْم تؤ ِمنُون ِبالل ِه َوال َي ْو ِم‬ ‫ِ‬ ‫َما َت َشا َب َه ِم ْن ُه ا ْب ِت َغاء ا ْل ِف ْت َن ِة َوا ْب ِت َغاء َت ْأ ِوي ِل ِه َو َما َذلِ َك َخيرْ ٌ َوأَ ْح َسنُ َت ْأ ِوي ًال [‪/4‬النساء‪.]59/‬‬ ‫ون فيِ ا ْل ِع ْل ِم َي ُقو ُل َ‬ ‫َي ْع َل ُم َت ْأ ِوي َل ُه إِ َّال ال ّل ُه َوال َّر ِاس ُخ َ‬ ‫ونقول ألحبابنا يف وطننا الحبيب محذرين لهم‬ ‫ون‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اب عىل هؤالء الرواد الفتنة‪ ،‬قوله تعاىل‪ :‬لَ ْو َخ َر ُجواْ‬ ‫آ َمنَّا ِب ِه ُك ٌّل ِّمنْ ِعن ِد َر ِّبنَا َو َما َي َّذك ُر إِال أ ْولوا األل َب ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫[‪/3‬آل عمران‪/‬‬ ‫ِفيكم َّما زادُوك ْم إِال خ َباال وأل ْوض ُعوا ِخاللك ْم‬ ‫وع َِن سعيد بن جبري َق َال‪َ :‬خ َر َج إِلَ ْينَا ا ْبنُ عُ َم َر َي ْب ُغو َن ُك ُم ا ْل ِف ْت َن َة َو ِف ُيك ْم َسماَّ عُ َ‬ ‫ون لَه ُْم َوال ّل ُه‬ ‫يث ُي ْع ِج ُبنَا َف َب َد َر َنا إِلَ ْي ِه َع ِل ٌيم ِب َّ‬ ‫الظالِ ِم َ‬ ‫ني (‪ )47‬لَ َق ِد ا ْب َت َغ ُواْ ا ْل ِف ْت َن َة ِمن َق ْب ُل‬ ‫َو َن ْحنُ َن ْر ُجو أَ ْن ُي َح ِّد َثنَا ِب َح ِد ٍ‬ ‫ول فيِ ا ْل ِقتَالِ َو َق َّل ُبواْ لَ َك ُ‬ ‫َر ُج ٌل َف َق َال َيا أَ َبا َع ْب ِد ال َّر ْح َم ِن َما َت ُق ُ‬ ‫األ ُمو َر َحتَّى َجاء ا ْل َحقُّ َو َظ َه َر أَ ْم ُر الل ِهّ‬ ‫ون (‪َ )48‬و ِم ْنهُم َّمن َي ُق ُ‬ ‫ول ا ْئ َذن ليِّ َوالَ‬ ‫فيِ ا ْل ِف ْت َن ِة َفإِ َّن ال َّل َه َع َّز َو َج َّل َق َال َو َقا ِت ُلوهُ ْم َحتَّى لاَ وَهُ ْم َكارِهُ َ‬ ‫ون ِف ْتن ٌَة َق َال‪َ « :‬و ْي َح َك أَ َت ْد ِري َما ا ْل ِف ْت َن ُة إِنمَّ َا َك َان َت ْف ِتنِّي أَالَ فيِ ا ْل ِف ْت َن ِة َس َق ُطواْ َوإِ َّن َج َهن َ​َّم لَ ُم ِح َ‬ ‫يطةٌ‬ ‫َت ُك َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لىَّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َر ُسول الل ِه َص الل ُه َعل ْي ِه وعىل آله وأصحابه ِبالكا ِف ِرينَ [‪/9‬التوبة‪.]49-48-47/‬‬ ‫ني َو َك َان الدُّ ُخ ُ‬ ‫ُي َقا ِت ُل ا ْل ُمشرْ ِ ِك َ‬ ‫ول فيِ ِدي ِن ِه ْم ِف ْت َن ًة‬ ‫سوريا مستهدفة مبوقفها من الرصاع‬ ‫لىَ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َولَ ْي َس ِب ِقتَالِ ُك ْم َع ال ُمل ِك» أخرجه البخاري يف العريب اإلرسائييل ورفضها ملشاريع التسوية‬ ‫صحيحه (‪ ،)2598/6‬رقم الحديث (‪ ،)6682‬وأخرجه واحتضانها للمقاومة فهل ترون أن من يقوم‬ ‫أحمد يف مسنده (‪ ،)500/9‬رقم الحديث (‪.)5690‬‬ ‫بأعامل التخريب يهدف إىل رضب وطن سوريا؟‬ ‫من موقعكم كداعية ومفكر إسالمي‪ ،‬هل‬ ‫سوريا أصبحت بسياستها ومواقفها الوطنية‬ ‫ما جرى يف سوريا من قبل جهات تكفريية والتحررية وتحالفاتها معقد آمال العرب يف الدفاع‬ ‫تقول أنها تنتمي إىل اإلسالم‪ ،‬يصب يف اتجاه عن حقوقهم وتطلعاتهم ملستقبل حر ومرشق‪،‬‬ ‫قيام حكم إسالمي متشدد‪ ،‬السيام فيام قيل وهذا بالضبط ما جلب عليها عداء العرب والكيان‬ ‫أن هؤالء سيطرحون إقامة إمارة إسالمية يف الصهيوين وبعض العرب‪ ،‬الذين تشوهت لديهم‬ ‫بعض املحافظات؟‬ ‫الرؤية لجبهة األعداء واألصدقاء‪ ،‬وطبيعة الرصاع‬ ‫إن ما يجري يف سوريا من قبل جهات تكفريية يف املنطقة فانساقوا وراء األعداء الحقيقيني‪،‬‬ ‫تقول إنها تنتمي إىل اإلسالم‪ ،‬يصب يف اتجاه قيام ملحارصة سوريا يف الثامنينيات وبداية هذا القرن‪،‬‬ ‫حكم إسالمي متشدد‪ ،‬والسيام فيام قيل أن وكام يجري حالياً مستغلني احتجاجات البعض‪،‬‬ ‫هؤالء سيطرحون إقامة إمارة إسالمية يف بعض وكانت يف معظمها مطلبية ومحقة‪ ،‬واملسارعة‬ ‫املحافظات‪ ،‬إن هؤالء ال يفقهون وال يعرفون بيشء إىل النفخ فيها‪ ،‬والتحريض عىل النظام لصنع‬ ‫من الدين‪ ،‬وكيف ال وهم ي َّدعون مبثل هذه األفكار (األحداث) يأمل الغرب منها إسقاط النظام‪،‬‬ ‫ومعلوم أن بلدنا الحبيب والغايل يضم شتى وبالتايل رضب الدور الوطني والقومي التحرري‬ ‫طوائف األديان‪ ،‬فإذا كانوا كذلك فهم يدعون‬ ‫لسوريا‪ ،‬حتى لو غرقت سوريا بعدها يف أتون‬ ‫للتفرقة والشتات واالنقسام‪ ،‬وقال تعاىل ‪ :‬حرب أهلية تأكل األخرض واليابس‪ ،‬وتدمر ما بناه‬ ‫أَ َف ُح ْك َم ا ْل َج ِاه ِل َّي ِة َي ْب ُغ َ‬ ‫ون َو َمنْ أَ ْح َسنُ ِمنَ ال ّل ِه أبناؤها بتضحياتهم وكدهم وعرقهم‪ ،‬قال الله‬ ‫ُون (‪َ )9‬ولاَ ُت ِط ْع ُكلَّ‬ ‫ُح ْك ًام لِّ َق ْو ٍم ُيو ِقن َ‬ ‫ُون [‪/5‬املائدة‪ ،]50/‬وقال أيضاً ‪ :‬عز وجل‪َ :‬ودُّوا لَ ْو ُتد ِْهنُ َف ُيد ِْهن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لاَّ‬ ‫ماَّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يم [‪/68‬القلم‪-9/‬‬ ‫إِ ْذ َج َع َل ا َّل ِذينَ َكف ُروا فيِ قلو ِب ِه ُم ال َح ِم َّية َح ِم َّية َح ٍف َم ِه ٍ‬ ‫ني (‪ )10‬هَ ٍز َمشا ٍء ِب َن ِم ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ا ْل َج ِاه ِل َّي ِة َفأَنز َ​َل ال َّل ُه َس ِكي َن َت ُه َعلىَ َر ُسولِ ِه َو َعلىَ ‪ ،]11-10‬وقال تعاىل أيضا‪ :‬إِن َيثقفوك ْم َيكونوا‬ ‫ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ني َوأَ ْل َز َمه ُْم َك ِل َم َة ال َّت ْق َوى َو َكا ُنوا أَ َحقَّ لَ ُك ْم أَ ْعدَاء َو َي ْب ُس ُطوا إِلَ ْي ُك ْم أَ ْي ِد َيه ُْم َوأَ ْل ِس َن َتهُم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫يَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫السو ِء َو َودُّوا ل ْو تكف ُرون [‪/60‬املمتحنة‪.]2/‬‬ ‫ِبهَا َوأَهْ لهَا َوكان الل ُه ِبكل ش ٍء َع ِليام [‪ِ /48‬ب ُّ‬ ‫الفتح‪.]26/‬‬ ‫أال ترون أن ما يجري يف سوريا هو من ضمن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪10‬‬

‫مرشوع الفوىض لتقسيم املنطقة وسوريا من‬ ‫ضمنها؟‬ ‫نعم‪ ،‬بالتأكيد إن ما يجري يف سوريا هو من‬ ‫ضمن مرشوع الفوىض لتقسيم املنطقة من‬ ‫غربها إىل رشقها ومن الشامل إىل الجنوب‬ ‫وسوريا من ضمنها‪ ،‬ولو تخلت سوريا عن قضايا‬ ‫التسوية العربية مع الكيان الصهيوين وفتح‬ ‫األبواب للغربيني ليأخذوا الذهب األسود ملا رأينا‬ ‫كل هذه األحداث واالحتجاجات يف سوريا‪ ،‬وسبب‬ ‫هذا كله مواقف سوريا املرشفة تجاه قضايا‬ ‫العريب وموقفها القومي والتحرري‪ ،‬ولذلك‬ ‫ندعو املواطنني إىل الوعي التام مام يدبر علينا من‬ ‫املكيدة من الغرب‪ ،‬وبعض العرب الذين تشوهت‬ ‫لديهم الرؤية لجبهة األعداء واألصدقاء‪ ،‬بل علينا‬ ‫مع الجامعة والوحدة الوطنية والطاعة ألويل األمر‬ ‫بعد إعالن كل هذه اإلصالحات التي بدأنا نراها‬ ‫بأعيننا‪ ،‬يك ال تذهب قوتنا‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬وأَ ِط ُيعواْ‬ ‫يح ُك ْم‬ ‫ال ّل َه َو َر ُسولَ ُه َوالَ َتنَا َزعُ واْ َف َت ْف َش ُلواْ َو َت ْذهَ َب ِر ُ‬ ‫الصا ِب ِرينَ [‪/8‬األنفال‪.]46/‬‬ ‫اصبرِ ُ واْ إِ َّن ال ّل َه َم َع َّ‬ ‫َو ْ‬ ‫َوا ْعت َِص ُمواْ ِب َح ْبلِ ال ّل ِه َج ِميعاً َوالَ‬ ‫وقال أيضاً‪:‬‬ ‫َت َف َّر ُقواْ َوا ْذ ُك ُرواْ ِن ْع َم َت ال ّل ِه َع َل ْي ُك ْم إِ ْذ ُكنت ُْم أَ ْعدَاء‬ ‫َفأَ َّل َف َبينْ َ ُق ُلو ِب ُك ْم َفأَ ْص َب ْحتُم ِب ِن ْع َم ِت ِه إِخْ َواناً‬ ‫َو ُكنت ُْم َعلىَ َ َش َفا ُح ْف َر ٍة ِّمنَ النَّا ِر َفأَن َق َذ ُكم ِّم ْنهَا‬ ‫َك َذلِ َك ُي َبينِّ ُ ال ّل ُه لَ ُك ْم آ َيا ِت ِه لَ َع َّل ُك ْم َت ْهتَدُ َ‬ ‫ون [‪/3‬‬ ‫آل عمران‪.]103/‬‬ ‫ما هو رأيكم بالدور الرتيك امللتبس؟‬ ‫كان لرتكيا مواقف مرشفة وإيجابية وخاصة‬ ‫تجاه قضية غزة‪ ،‬وال يجوز لنا أن ننىس إطالقاً أن‬ ‫تركيا عضو يف حلف األطليس وينوي االنضامم‬ ‫إىل اإلتحاد األوريب‪ ،‬وتركيا لها سياستها ومصالحها‬ ‫تجاه الغرب خاصة يف هذا الجانب‪ ٍ،‬ولذلك نحن‬ ‫يف سوريا مل نضع هذا يف حسباننا وال ميكن‬ ‫لرتكيا أن تتجاهل وضعها يف الحلف األطليس‬ ‫ومصالحها مع أوروبا وأمريكا‪ .‬ولن نخوض حالياً‬ ‫برشح تفصييل عن مآرب بعض القادة األتراك‪ .‬إال‬ ‫أنني أستطيع أن أقول إن الشعب السوري صدم‬ ‫مبوقف أردوغان ألنه يتذكر كيف استقبل يف‬ ‫حلب ودمشق من كافة أطياف الشعب السوري‬ ‫يف املالعب الرياضية واإلستقباالت الرسمية أو‬ ‫الشعبية ولذلك كانت خيبة األمل كبرية بهذا‬ ‫املوقف‪.‬‬ ‫ما حصل يف جرس الشغور يأيت فيام كان‬ ‫الكثري من املحللني يعتقدون أن األزمة أوشكت‬ ‫عىل نهايتها‪ ،‬فام تعليقكم عىل ذلك؟ وهل‬ ‫برأيكم أنها ستكون آخر األوراق التي تفتح؟‬ ‫نرجو أن يكون آخر األوراق التي تفتح ويعي‬ ‫الشعب عىل أهمية ورضورة الوحدة الوطنية‬ ‫والتالحم‪ ،‬وهذا ما يقوينا تجاه األمام إىل الصحوة‬ ‫والتطور‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬والَ َت ِهنُوا َوالَ َت ْح َز ُنوا َوأَنت ُ​ُم‬ ‫األَ ْع َل ْو َن إِن ُكنتُم ُّم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ني [‪/3‬آل عمران‪]139/‬‬ ‫فإن من رأى املسريات وفعاليات السوريني يف‬ ‫كافة محافظاتهم يعرف أن سوريا ليس من‬ ‫السهولة أن تخرتق وحدتها الداخلية فمن وهب‬

‫ماله وحياته ودمه لوطنه‪ ،‬ليس من السهل‬ ‫عليه أن يهون هذا االنتامء املتجذر‪ .‬يف أرض‬ ‫مر عليها الرسل‪ ،‬ومن الذين بادروا بدعم اللرية‬ ‫السورية من رجال األعامل وهم كرث بارك الله‬ ‫فيهم أمثال‪ ،‬محمد حمشو‪ .‬وسليامن معروف‪،‬‬ ‫وأمين جابر‪ ،‬وعامد غريوايت‪ ،‬ورامي مخلوف‪ ،‬وعبد‬ ‫املعطي منصور‪ ،‬وعبد املنعم سعود‪ ،‬والكثري‬ ‫غريهم من أصحاب املليارات بعيدين عن اإلعالم‬ ‫واألضواء‪ .‬ولدوا وتربوا عىل تراب الوطن الغايل‬ ‫ونهلوا من قيم الوطنية وحب القائد‪ ،‬قائد سوريا‬ ‫بعاصمتها دمشق عاصمة األمويني التي منها‬ ‫إنشاء الله ستنطلق جيوش التحرير لتطهري‬ ‫القدس الجريحة من براثن الصهاينة املعتدمة‪.‬‬ ‫إىل أين يتجه الوضع يف سوريا بعد اإلصالحات‬ ‫التي أعلن عنها السيد الرئيس بشار األسد منذ‬ ‫بدء األزمة وحتى اآلن‪ ،‬وما رأيكم يف الخطاب‬ ‫األخيـر للسيد الرئيس؟‬ ‫شكلت اإلصالحات التي أعلن عنها الرئيس‬ ‫بشار األسد رؤية اسرتاتيجية مستقبلية من‬ ‫شأنها أن تشمل كل أطياف الشعب السوري ألن‬ ‫ميارسوا دورهم الوطني الخالق يف بناء املجتمع حيث‬ ‫قوانني األحزاب ومكافحة الفساد ولجان الحوار‬ ‫الوطني‪ ،‬وتحويل البلد إىل ورشة عمل حقيقية‬ ‫كام المس الخطاب كل التطلعات واآلمال التي‬ ‫يطمح إليها شعبنا وكل مفاهيم العدالة‬ ‫واملساواة والنزاهة والشفافية كون هذه املفاهيم‬ ‫عناوين واضحة لصنع خيارات املستقبل القريب‬ ‫باإلعتامد عىل طاقات الشعب القادر عىل تحويل‬ ‫الخسائر اىل أرباح وفق معطيات تعتمد الوعي‬ ‫السلويك إلصالح ما أفسدته األيدي املخربة‬ ‫واملتآمرة عىل هذا الوطن أرضاً وشعباً‪.‬‬ ‫كام أفهمت الكلمة من ال يرغب بالفهم أن‬ ‫سوريا بشعبها قادر عىل إسقاط كافة املؤامرات‬ ‫واملخططات التي تستهدف ومتزق وحدتها األمر‬ ‫الذي يتطلب حشد كافة الطاقات إلخراج هذا‬ ‫البلد املقاوم والصامد من دائرة الفنت‪.‬‬ ‫هذا الكالم نضعه برسم من يتآمر عىل‬ ‫الوطن يف الخارج ويعيش عىل األموال التي تدفع‬ ‫لهم مثناً لخراب الوطن‪ .‬وهنا نستطيع أن نقول‬ ‫لو وافقت سوريا عىل ما طلبه الغرب منا‪ ،‬هل‬ ‫كانوا يطلبون إصالحاً يف سوريا‪ ،‬وأن استهدافها‬ ‫حالياً هو استهداف لألمة العربية واإلسالمية‬ ‫جميعاً وكام أن سوريا أنقذت العروبة واإلسالم‬ ‫قدمياً وانترصت يف حطني وهزمت الترت واملغول‬ ‫فقدر سوريا قدمياً وحديثاً هو الدفاع عن العروبة‬ ‫واإلسالم وقدرها االنتصار دامئاً‪.‬‬ ‫وأبشرّ مجلة «منرب التوحيد» برشى ألبناء‬ ‫األمة أن هناك عزة وثبات وقوة من أبناء سوريا‬ ‫قيادة وشعباً‪ .‬فحينام أقول سوريا هذا رقم صعب‬ ‫ال ميكن تجاوزه يف الرشق األوسط والغرب‪ ،‬وأقول‬ ‫ألمريكا بحد ذاتها يكفي أننا ال نستورد أفكارنا‬ ‫من البيت األسود وال ننتظر طعامنا من اإلليزيه‬ ‫وال نريد ماءنا العذب الرقراق من داخل عروش‬

‫بريطانية‪ ،‬فنحن نغرس ونأكل مام نغرس ونصنع‬ ‫ونلبس مام نصنع وأقول ألمريكا أيضاً تيقني يقيناً‬ ‫عظي ًام إذا قرأيت مجلة «منرب التوحيد» بأن أبناء‬ ‫«منرب التوحيد» منرب ال إله إال الله لن يتخلوا عن‬ ‫بالد الشام وقلبها سوريا‪ .‬وليتذكر الخليج العريب‬ ‫ومن معه قول رسول الله صىل الله عليه وأله‬ ‫وأصحابه وسلم «إذا فسد أهل الشام فال خري‬ ‫فيكم»‪ ،‬وقال العلامء سوريا‪....‬سوريا هي األم‬ ‫التي تضم جميع املقاومني يف العامل‪ ،‬وبإذن‬ ‫الله خرجنا من هذه املحنة‪ .‬واملنتهى يف سوريا‬ ‫إىل الخري‪ .‬إىل فرحة عظيمة ال يخرتقها إنسان‬ ‫وال مارد من الشيطان وال قنوات مأجورة وموتورة‬ ‫فإن الحق بني الغرب أبلج والباطل لجلج‪ ،‬متى وقف‬ ‫الغرب وعرف من هم أبناء اإلسالم‪ ،‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫«إن الدين عند الله اإلسالم» وأبناء اإلنجيل الذي‬ ‫قيل فيه «طوىب لصانعي السالم»‪ ،‬اللهم يا‬ ‫حبيب الصادقني ويا محبوب املخلصني يا سامع‬ ‫كل شكوى يا صارف كل بلوى‪ .‬نسألك أن تحفظ‬ ‫سوريا وأهلها وعلامءها األجالء وجيشها األيب‬ ‫وأبناء شعبها قيادة وعقيدة‪.‬‬

‫نص الحوار‪:‬‬ ‫برأيكم إىل أين يتجه الوضع يف سوريا بعد‬ ‫بشار‬ ‫اإلصالحات التي أعلن عنها الرئيس‬ ‫األسد؟‬ ‫هناك مؤامرة كبرية عىل سوريا‪ .‬وهناك أيضاً‬ ‫احتقان يف الداخل‪ .‬يجب معالجة القضايا‬ ‫الداخلية لقطع الطريق عىل املؤامرة‪.‬‬ ‫وقد جاء الخطاب األخري للسيد الرئيس وأهم‬ ‫ما فيه االستجابة إىل املطلب الرئييس الذي‬ ‫خرجت الناس من أجله‪ ،‬وهو إلغاء املادة الثامنة‪.‬‬ ‫وقيام حياة سياسية متساوية وهذا ما وعد به‬ ‫السيد الرئيس خالل قانون األحزاب واالنتخاب‪.‬‬ ‫ونحن نتمنى أن تطبق هذه القوانني بالرسعة‬ ‫الكافية‪ ،‬مبا فيها قانون اإلعالم‪ ،‬وإنجاز العفو العام‬ ‫ألن العفو الذي طبق قبل شهر لألسف مل يطبق‬ ‫كام نحب ومل نعرف من هم املستفيدون وغري‬ ‫املستفيدون‪ .‬كان بإمكان وزارة الداخلية أن تفتح‬ ‫موقع عىل االنرتنيت ترشح فيه من هم الذين‬ ‫استفادوا‪.‬‬ ‫فالنظر يف املذكرات األمنية املوجودة يف‬ ‫املنافذ الحدودية وهي تتصل مبخالفات وجنح أو‬ ‫بقضايا إتهامية ليس فيها إدانة ومل ترفع‪ .‬فنحن‬

‫من جهته ر ّكز املفكر والداعية اإلسالمي‬ ‫الدكتور محمد حبش‪ ،‬عىل أبعاد (األحداث) يف‬ ‫سوريا وشعبيتها‪ ،‬وعن اللحظة الراهنة وقراءة‬ ‫آفاق املستقبل‪ ،‬كان الحوار واضحاً ومه ًام‪ ،‬وهنا‬

‫نأمل أن تحقق الوعود وتنجز اإلصالحات لتخفف‬ ‫من الفوىض وتحمل الناس عىل االستقرار‪ ،‬وهذا‬ ‫ما سينقل البلد إىل شاطىء األمان مرة أخرى‪.‬‬ ‫ملاذا حول بعض املطالبني باإلصالح‬ ‫مطالبهم إىل معركة تخريب استهدفت‬

‫حبش‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫العدد ‪ 54‬ــ‬

‫تموز ‪- 2011‬‬

‫الغالف‬ ‫املؤسسات والعنارص األمنية والجيش؟‬ ‫اإلصالحات التي طالب بها الناس هي مطالب‬ ‫محقة والسيد الرئيس قال أنها تأخرت سنتني‬ ‫وكان ممكن أن تأيت يف أواخر ‪ 2007‬عندما فكت‬ ‫العزلة عن سوريا وعادت إىل مكانها الطبيعي‪.‬‬ ‫لألسف مل يحصل‪ ،‬أما اآلن وبتحسني الحياة‬ ‫املدنية يف سوريا وإشعار الناس بالثقة واألمن‬ ‫يف العالقات بني الناس وبني الجيش وبني الدولة‪،‬‬ ‫كل ذلك سيأيت باآلمال املرجوة‪ ،‬نحن نشعر‬ ‫أن هناك من يريد تخريب اإلصالح وهؤالء بدون‬ ‫أي شك يتلقون دع ً‬ ‫ام مادياً ومعنوياً ويفضل‬ ‫هؤالء أن تنترش الفوىض يف سوريا حتى‬ ‫إسقاط النظام ونحن نقول لهؤالء الذين مل‬ ‫يستجيبوا لنداء اإلصالح عىل من تعولون‬ ‫وماذا تنتظرون‪ .‬األمرييك قدم كشفاً بخدماته‬ ‫يف الرشق األوسط وفق ما فعله يف التجربة‬ ‫األوىل يف العراق والثانية يف ليبيا‪ ،‬فهل يريد‬ ‫هؤالء لبلدهم وضعاً مشابهاً‪ ،‬يف العراق جاء‬ ‫األمريكيون بـ ‪ 160‬ألف مقاتل بأساطيلهم‬ ‫وأسلحتهم املتطورة وبوارجهم وبعد ‪ 8‬أعوام‬ ‫من االحتالل يقول األمريكيون ال تؤاخذونا لقد‬ ‫فشلنا‪.‬‬ ‫اآلن األمرييك والناتو يف ليبيا وبعد حوايل‬ ‫‪ 3‬أشهر من القصف الذي دمر الحياة فيها مل‬ ‫يستطع الليبيون أن ينعموا بالحرية وال باألمن‬ ‫مع أنني أمتنى أن يسعد الليبيون بذلك اليوم‬ ‫قبل غداً‪ ،‬لكن من الواضح أن اآللة العسكرية‬ ‫غري قادرة عىل إحضار األمن‪.‬‬ ‫التجربة الثالثة ستكون مريرة واالستعانة‬ ‫باألمرييك لتغيري النظام يف سوريا هو لون من‬ ‫الخيانة‪ ،‬األمرييك يؤسس سياسته يف الرشق‬ ‫األوسط عىل أساس التفوق االسرتاتيجي‬ ‫فعندما يصبح هذا األمرييك‬ ‫اإلرسائييل‪.‬‬ ‫حك ً‬ ‫ام وقاضياً وقناعته أن قيم أمريكا العليا‬ ‫تقتيض تفوق «إرسائيل»‪ ،‬فأي سوريا سيقدمها‬ ‫لهؤالء‪ ،‬من يشكك يف النوايا األمريكية‬ ‫فلرياقب خطاب نتنياهو يف الكونغرس عندما‬ ‫جمعت له الغرفتان مجلس النواب ومجلس‬ ‫الشيوخ وصفق له النواب األمريكيون ‪ 29‬مرة‬ ‫ومن يشاهده يتصور أنه يشاهد نبياً أو مخلصاً‬ ‫أمريكياً ويتحدث يف الكونغرس كأنه املسيح‬ ‫املنتظر فإذا كان هؤالء الذين يرسمون شكل‬ ‫سوريا الحديثة فبدون أي شك سريسمون‬ ‫صفحة من الذل واإلهانة‪ ،‬وهذا ما ال نريده‬ ‫لبالدنا لذلك ما نطالب به اآلن هو ترسيع‬ ‫عملية اإلصالح وقطع الطريق عىل أهل الفتنة‪،‬‬ ‫وتأمني عودة لكل املعارضني من الخارج إال من‬ ‫كان محكوماً بجرم قضايئ وأن نجلس جميعاً‬ ‫إىل طاولة الحوار وأن نصل إىل سوريا الجديدة‪.‬‬ ‫يجب أن يعلم اإلرسائييل أن الدولة واملعارضة‬ ‫مختلفون يف أشياء كثرية ولكنهم متفقون‬ ‫يف نقطة مهمة وهي أن «إرسائيل» عدو وال‬ ‫ميكن ألحد يف سوريا أن يقبل توطئة األرض‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لهذا العدو تحت أي غطاء‪.‬‬ ‫هل نحن أمام مشهد يقارب ما حصل يف‬ ‫الثامنينات عندما تحرك اإلخوان املسلمون‬ ‫ضد النظام يف سوريا؟‬ ‫آمل أن ال يكون‪ ،‬كذلك يف الثامنينات‬ ‫تعرضت سوريا لتنظيم له إيديولوجيا يريد‬ ‫تغري بنية املجتمع ومع أنه بدا سلمياً لكن خرج‬ ‫من الفصل طليعة الذي يؤمن بالقتال املسلح‬ ‫وأدخلوا البلد كلها يف فوىض من االغتيال‬ ‫والدماء والتفجريات‪ ،‬ومل يكن أمام الدولة‬ ‫خياراً آخر مع أن األداة كانت جارحة وقاسية‪.‬‬ ‫املشهد اآلن مختلف ال أعتقد أن هناك تنظيم‬ ‫بهذه القوة يريد أن يغري بنية املجتمع‪ .‬هناك‬ ‫احتجاجات واسعة‪ ،‬التنظيم محدود وسخيف‬ ‫يركب هذه االحتجاجات كام لو كانت هتافاً له‬ ‫ولكن السوريني أنفسهم يعلمون مبا فيهم من‬ ‫يخرجون باالحتجاجات أن سوريا ال يصلحها إال‬ ‫نظام علامين دميقراطي يؤمن بالتعدد‪.‬‬ ‫كداعية ومفكر إسالمي‪,،‬هل‬ ‫من موقعكم‬ ‫ما جرى يف سوريا من قبل جهات تكفريية‬ ‫تقول أنها تنتمي إىل اإلسالم يصب يف اتجاه‬ ‫قيام حكم إسالمي متشدد والسيام بعد‬ ‫أن قيل أن هؤالء سيطرحون إقامة إمارات‬ ‫إسالمية يف بعض املحافظات؟‬ ‫ال أعتقد أن هذا السيناريو قابل للتحقيق يف‬ ‫سوريا‪ ،‬ولن يحظى بأي دعم حقيقي يف الشارع‬ ‫السوري من املحتمل أن بعض املتطرفني لديهم‬ ‫أوهام كهذه ولكنها غري قابلة عىل اإلطالق‬ ‫للتحقيق‪ ،‬وحتى اآلن فإن كل من رأيناهم عىل‬ ‫التلفزيون السوري من الذين تم القبض عليهم‬ ‫ليسوا من هذا النوع التفكريي أو القاعدة أو‬ ‫السلفية الجهادية‪ ،‬فإن املجرمني واملرتزقة الذين‬

‫‪12‬‬

‫وذبحوا‬

‫وقبضوا‪،‬‬

‫ليسوا‬

‫رصحوا أنهم قتلوا‬ ‫أصحاب إيديولوجية‪.‬‬ ‫والجهات التي متدهم بالسالح ال أعتقد أنها‬ ‫جهات ذات خلفية إسالمية‪ .‬هناك جهات‬ ‫خارجية ترغب بنرش فوىض يف سوريا تتصل‬ ‫ببعض أصحاب السوابق واملرتزقة وتزودهم باملال‬ ‫وهم يفعلون هذه االعتداءات وهم محدودون‬ ‫جداً ولكنهم خطريون‪ .‬أعتقد أن الضامئر التي‬ ‫تم رشاؤها محدودة‪ ،‬فاملسلح يف هذا الحراك‬ ‫الحايل قليل لكن االحتجاج كثري واملسلح يريد‬ ‫أن يركب موجة االحتجاج‪ ،‬هؤالء ال أتخيل أنهم‬ ‫قادرون عىل إنتاج نظام بل قادرون عىل إنتاج‬ ‫فوىض‪ ،‬وال أقول إنه ال يوجد تجييش طائفي ضد‬ ‫النظام‪ ،‬الحقيقة هذا موجود وأوضح ظاهرة هي‬ ‫من اسمه يف الفضائيات «الشيخ عرعور» منذ‬ ‫سنتني أو ثالث وهو يتحدث ويكتب فوق رأسه‬ ‫عنوان الشيعة أكفر من اليهود والنصارى وفجأة‬ ‫يتحول إىل داعية من دعاة الدميقراطية والحرية‪،‬‬ ‫فعندما ما يكفر العرعور الشيعة ويطالب‬ ‫بقتلهم إذا فام هو رأيه بالدروز واإلسامعيلية‬ ‫واملرشدية‬ ‫والتيامنة‬ ‫والعلوية‬ ‫واملسيحيني‬ ‫والعلامنية بل إن موقفه من الصوفية نفس‬ ‫املوقف نحن إذ نتحدث عن أكرث من نصف‬ ‫الشعب السوري عىل أنه من أهل جهنم ثم‬ ‫بعد ذلك نتحدث عن الوحدة الوطنية فكيف‬ ‫ميكن أن نصدق ذلك‪.‬‬ ‫سوريا مستهدفة مبوقعها من الرصاع‬ ‫العريب اإلرسائييل ورفضها ملشاريع التسوية‬ ‫السلمية واحتضانها للمقاومة هل ترون أن‬ ‫من يقوم بأعامل التخريب يهدف لرضب‬ ‫وحدة سوريا؟‬ ‫يف مركز الدراسات اإلسالمية أصدرنا‬

‫فتوة تحرم استخدام السالح يف أي شكل‬ ‫من االحتجاج كام تحرم السكوت عىل أعامل‬ ‫العنف والتخريب‪ ،‬بهذا املنطق يجب أن يعلم‬ ‫كل من يحب سوريا أن العنف ليس وجهة نظر‬ ‫ال ميكن أن يناضل معاً‪ ،‬إذا كان رأيي أن النضال‬ ‫يجب أن يكون سلمياً يف حني أن زمييل يرى أن‬ ‫النضال يجب أن يكون مسلحاً‪ ،‬فالعنف ليس‬ ‫وجهة نظر وهنا أروي هذا الحديث املهم من‬ ‫كالم النبي صىل الله عليه وسلم يقول فيه‬ ‫مثل القائم عىل حدود الله والواقع فيها كمثل‬ ‫قوم اشرتكوا يف سفينة فأصاب بعضهم‬ ‫أعالها وأصاب بعضهم أسفلها كان الذين يف‬ ‫أسفلها يقولون لو أننا خرقنا يف نصيبنا خرقاً‪،‬‬ ‫فلن نؤذي من فوقنا‪ ،‬فإن تركوهم وما أرادوا هنا‬ ‫فإن الواجب الديني عىل املواطن ليس فقط‬ ‫عدم استخدام السالح بل إبالغ عن أي سالح‬ ‫يخزن أو يستخدم ضد الناس وهذه املسؤولية‬ ‫الرشعية هي التي نص عليها القرآن الكريم‬ ‫بقوله «وال تكتم الشهادة فمن يكتمها فإنه‬ ‫آثم قلبه»‪.‬‬ ‫هل ما يجري يف سوريا هو لرضب‬ ‫النظام املدين الذي يحتضن كل املذاهب‬ ‫والطوائف؟ أم هو ضمن مرشوع الفوىض‬ ‫الخالقة لتقسيم املنطقة العربية وسوريا‬ ‫من ضمنها؟‬ ‫املرشوع األمرييك لنرش الفوىض الخالقة‬ ‫مرشوع قديم‪ ،‬أعلنته كونداليزا رايس منذ أكرث‬ ‫من ‪ 7‬سنوات وهم يعتقدون أن الطريق الوحيد‬ ‫لزوال أنظمة املامنعة واملقاومة هي نرش‬ ‫وإثارة النعرات الطائفية إلضعاف‬ ‫الفوىض‬ ‫سوريا من الداخل وإنتاج أنظمة ضعيفة ال‬ ‫تفكر بتحدي الكبار‪ ،‬ولذلك ستنخرط يف‬ ‫عمليات السالم بالرشط اإلرسائييل هكذا‬ ‫يتصور األمريكيون ولكن يجب أن يعلموا أن‬ ‫املشكلة ليست يف الحكام‪ ،‬املشكلة يف‬ ‫الشعوب هي التي ترفض الربنامج األمرييك‬ ‫واملرشوع الصهيوين‪ ،‬وذلك لسبب بسيط ألننا‬ ‫برش والله خلقنا أحراراً وألن اإلنسان وواجبه أن‬ ‫يدافع عن كرامته واملقاومة هي فعل شعبي‬ ‫تدعمه حكومات ألنها وطنية وألنها تفكر‬ ‫املستقبليةن وأعتقد أن ما يخيط‬ ‫مبصالحها‬ ‫به األمريكيون هو مسلة فاسدة ال تستطيع‬ ‫تغيري شكل الرفض للمرشوع اإلرسائييل يف‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫ما هو رأيكم بالدور الرتيك امللتبس؟‬ ‫قام األتراك بدور الوسيط بني سوريا‬ ‫و»إرسائيل» وكانوا أقدر عىل القيام بدور‬ ‫الوسيط بني النظام واملعارضة بدل أن تعقد‬ ‫تركيا مؤمترات متتالية للمعارضة السورية‬ ‫وتنحاز إىل موقعها كعضو يف الناتو بخالف‬ ‫موقعها كإدارة للشعب الرتيك وأعتقد أن‬ ‫الشعب الرتيك غاضب وهو يعلم أن انتشار‬ ‫الفوىض عىل الرشيط الحدودي الذي ميتد ‪725‬‬

‫كم وفيه لهيب كردي ولهيب أرمني وعلوي‬ ‫أيضاً‪ .‬وهذه املخاطر مقلقة جدا لكل الشعب‬ ‫الرتيك‪ .‬وال أظن أن يف الشعب الرتيك من‬ ‫يرىض بنرش الفوىض عىل حدوده الجنوبية ألن‬ ‫الجميع سيحرتق بها‪.‬‬ ‫اآلن أنجز أردوغان االنتخابات ونحن نتوقع أن‬ ‫ينحاز إىل خيار شعبه وليس لخيار موقعه يف‬ ‫الناتو‪.‬‬ ‫فالرغبة يف االلتحاق باالتحاد األورويب عن‬ ‫طريق الحامس يف دعم الناتو واملشاركة يف‬ ‫فعالياته العسكرية يبدو أنه شهي إىل الحد‬ ‫الذي يؤثر يف القرار الرتيك‪ .‬فام نطالب به اآلن‬ ‫أن يتخذ األتراك موقفاً متوازناً ال نريد بالطبع أن‬ ‫يكون املوقف موالياً للنظام يف سوريا‪ ،‬ولكن‬ ‫أن يكون محايداً معتدالً‪ .‬وأن يعتذر األتراك عن‬ ‫إقامة مؤمتر مؤيد للنظام أو للمعارضة‪...‬أعقدوا‬ ‫مؤمترات للمصالحة؟ هذه هي املسؤولية التي‬ ‫نتمنى أن يدركها األتراك‪.‬‬ ‫ما رأيكم فيام يقال إن هناك مجموعات‬ ‫مسلحة أو أسلحة دخلت عن طريق تركيا؟‬ ‫ال أعتقد هذا وإن جرى‪ ،‬فأتوقع أنه يجري يف‬ ‫إطار الجرمية املنظمة وليس يف إطار سلوك‬ ‫الدولة‪ .‬ال أعتقد أن تركيا كدولة لها أي مصلحة‬ ‫يف إشعال الفوىض يف حدودها الجنوبية‪ ،‬لكن‬ ‫هذه التنظيامت لها مصالح أبعد من الدولة‬ ‫الرتكية فنحن نعلم أن «إرسائيل» لديها‬ ‫حضور قوي للموساد يف تركيا رمبا أقوى من‬ ‫لبنان أو األردن ولذلك فمن الوارد أن يقوم املوساد‬ ‫املتغلغل يف تركيا باالندفاع باتجاه تنظيم‬ ‫عصابات مسلحة‪.‬‬ ‫ما حصل يف جرس الشغور أىت فيام‬ ‫كان الكثريون من املحللني يعتقدون أن األزمة‬ ‫أوشكت عىل نهايتها فام تعليقكم عىل‬ ‫ذلك؟‬ ‫املجزرة التي وقعت يف جرس الشغور هي‬ ‫جرمية بشعة بكل املقاييس وكانت ضحيتها‬ ‫شباب من عنارص الجيش والقوى األمنية‪،‬‬ ‫وهم إخواننا وأبناؤنا وأن الذين مارسوا الدور‬ ‫اإلجرامي يف العدوان واإلساءة والقتل املتعمد‬ ‫ال نشك أنهم مجرمون ينبغي أن تواجههم‬ ‫كل قوات العدالة يف العامل حتى اآلن هناك‬ ‫احتامالن‪:‬‬ ‫االحتامل األول أن يكون بعض املنشقني‬ ‫بدوافع مادية قاموا بهذه الجرائم‪ ،‬وبالتايل هناك‬ ‫أفراد وجدوا مالذاً آمنا يهربون إليه ألنه ال يوجد‬ ‫انشقاق‪ .‬ففي سوريا اآلن هناك أفراد فروا من‬ ‫الخدمة ومن املحتمل أنهم قاموا ببعض الجرائم‪.‬‬ ‫االحتامل الثاين وهو األضعف أن تكون‬ ‫عصابات منظمة قامت بذلك فمن العسري أن‬ ‫نتصور أن هذه العصابات بلغت فجأة هذه القوة‬ ‫بحيث تحارص كتائب بحالها وتقتلها‪ .‬فعندما‬ ‫تكون املسائل بهذا الشكل‪ ،‬األمر يحتاج اىل‬ ‫قرار لتحقيق فيه حتى نفهم متاماً ما الذي‬

‫‪13‬‬

‫جرى‪ .‬والظاهر أن هناك انشقاقاً مسلحاً أو‬ ‫عصابة مسلحة بأهداف إجرامية بحتة وليس‬ ‫ألهداف إيديولوجية‪ .‬نتيجة مامرسة اإلجرام‬ ‫وقع االشتباك ولألسف كان الجيش يف املكان‬ ‫الخطأ‪ .‬ووقعت الكارثة وهذا التمثيل بالجثث‬ ‫الذي رأيناه ال يعرف بأدبيات أشد املنظامت‬ ‫التكفريية تطرفاً‪ .‬فام جرى هو أعامل إجرامية‬ ‫مدفوعة الثمن‪ .‬وذات يوم سيقف الدافع متاماً‬ ‫كالقاتل أمام قضبان املحكمة ألن الرسول صىل‬ ‫الله عليه وسلم يقول‪ :‬قسمت النار مئة قسم‬ ‫فللقاتل واحد ولآلمر ‪ 99‬من املسؤولية يف وقوع‬ ‫الجرمية‪.‬‬ ‫هل ما حصل يف جرس الشغور هو آخر‬ ‫األوراق التي تفتح؟‬ ‫أعتقد أنه بعد خطاب السيد الرئيس‬ ‫واإلرساع باإلصالحات واقتناع الناس أن هناك‬ ‫مسلحني يركبون موجة االحتجاجات وحصول‬ ‫الناس عىل حقوقها السياسية‪ ،‬ما سيؤدي إىل‬ ‫انحسار هذه املوجة من االحتجاج‪ ،‬ولكن لن‬ ‫تنتهي ألننا دخلنا الدميقراطية وسوريا الجديدة‪.‬‬ ‫ستستمر بعض االحتجاجات‪ ،‬ولكنها لن‬ ‫تكون مرعبة نفرتض أنه يف كل جمعة يخرج‬ ‫من ‪ 20‬اىل ‪ 30‬ألف يف محافظات سوريا هذا ال‬ ‫يشكل قلقاً عىل حياتنا‪ ،‬ألن سوريا مستقرة‪،‬‬ ‫قال الله تعاىل الفتنة أشد من القتل لعن الله‬ ‫من أيقظها‪.‬‬ ‫من بني أدوات كثرية استخدمت للضغط‬ ‫عىل سوريا ظهر من يصنفون أنفسهم عىل‬ ‫أنهم علامء دين مسلمون‪ .‬فكيف تردون عىل‬ ‫دعاة الفتنة الذين نزلوا إىل درك التعامل مع‬ ‫أعداء األمة واإلسالم؟‬ ‫الحقيقة وصل إىل سوريا بشكل خاص‬ ‫فتوى الشيخ الحيدان وقال فيها يجب الخروج‬ ‫عىل الدولة السورية وقال لو أدى ذلك إىل‬ ‫قتل ثلث الناس فال بأس إلسعاد الثلثني‪ ،‬وهذه‬ ‫فتوى إجرامية ال ميكن أن تكون مشابهة ألي‬ ‫يشء باإلسالم‪ .‬فاإلسالم دين رحمة وتسامح‬ ‫ولو أن أحدكم هدم الكعبة حجراً حجراً كان‬ ‫أهون عىل الله من قتل املؤمن فكيف قتل ثلث‬ ‫الناس‪ .‬فهذا اللون من اإلفتاء املتهور ال يعكس‬ ‫أي موقف يف الفقه اإلسالمي‪ .‬ذات يوم أفتى‬ ‫الحيدان بكفر قناة روتانا فأقيل من منصبه‬ ‫وال أدري هل قناة روتانا أهم من ثلث الشعب‬ ‫السوري‪ .‬وإذا كانت الحكومة السعودية طردته‬ ‫من وظيفته من أجل تكفري روتانا فهي اآلن‬ ‫مل تفعل شيئاً بالنسبة لفتواته بقتل ثلث‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫وأعتقد أن الناس قرأت الفتوى وخرجت منها‬ ‫بأحد اإلنطباعني لألسف إما أن اإلسالم يسء‬ ‫أو أن هذا الشيخ جاهل بقيم اإلسالم الرائعة‬ ‫بالتسامح‪...‬‬

‫حوار‪ :‬سامح عبد السالم‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫هل حكومة «كلنا للوطن كلنا للعمل» ستقرن القول بالفعل؟‬ ‫ميقاتي أمام امتحان حماية المقاومة‬

‫ُولدت الحكومة الثانية للرئيس نجيب ميقايت‬ ‫بعملية قيرصية‪ ،‬بعد خمسة أشهر من‬ ‫تكليفه تشكيل الحكومة‪ ،‬وهو الوقت الذي‬ ‫استغرقته والدة الحكومة السابقة برئاسة‬ ‫سعد الحريري بسبب التعقيدات الداخلية‪،‬‬ ‫والضغوطات الخارجية‪.‬‬ ‫فلم يكن اختيار ميقايت لرئاسة الحكومة‬ ‫من قبل املعارضة السابقة‪ ،‬إال ألسباب تتعلق‬ ‫بتقديم شخصية سنية مقبولة عربياً ودولياً‪،‬‬ ‫وتؤمن أكرثية نيابية عمودها الفقري النائب‬ ‫وليد جنبالط‪ ،‬الذي مل يكن يستطيع تقديم‬ ‫تربير لعدم تسمية الحريري‪ ،‬إال اختيار ميقايت‬ ‫ألنه ميثل الوسطية التي اختارها رئيس الحزب‬ ‫التقدمي االشرتايك‪ ،‬بعد خروجه من ‪ 14‬آذار‪.‬‬ ‫فتسمية ميقايت فرضتها ظروف داخلية‪،‬‬ ‫وأخرى خارجية‪ ،‬لطأمنة دول عربية ال سيام‬ ‫السعودية‪ ،‬بأن إسقاط الحريري ال يعني الذهاب‬ ‫بلبنان إىل املواجهة مع املجتمع الدويل‪ ،‬كام‬ ‫ير ّوج فريق األكرثية النيابية السابقة‪ ،‬الذي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫فقد صوابه مع خسارته السلطة‪ ،‬واعترب‬ ‫أن ما حصل هو انقالب عىل “ثورة األرز”‬ ‫وشعاراتها‪ ،‬وفرض هيمنة “حزب الله” عىل‬ ‫الدولة ومؤسساتها‪.‬‬ ‫فالرضورة ألزمت املعارضة السابقة‪ ،‬أن‬ ‫يكون ميقايت رئيساً للحكومة‪ ،‬ومل يكن‬ ‫هو مرشحها بل الرئيس عمر كرامي‪ ،‬الذي‬ ‫مل تتوفر له األكرثية النيابية التي توصله‬ ‫إىل رئاسة الحكومة‪ ،‬ألن النائب وليد جنبالط‬ ‫مل يتمكن من أن يأيت بكامل كتلته “اللقاء‬ ‫الدميقراطي” إىل جانب خياره السيايس‪،‬‬ ‫فانقسم اللقاء إىل جناحني‪ ،‬نال رئيسه‬ ‫سبعة نواب سموا ميقايت‪ ،‬وذهب أربعة منه‬ ‫إىل تسمية الحريري‪.‬‬ ‫واعترب أطراف يف املعارضة السابقة أن‬ ‫اختيار ميقايت كان خطأ‪ ،‬بعد أن امتنع عن‬ ‫تشكيل حكومة تتمثل فيها كل أطيافها‪،‬‬ ‫التي استطاعت أن تقلب املوازين الداخلية‬ ‫لصالحها‪ ،‬وتعطل املرشوع األمرييك يف‬

‫‪14‬‬

‫لبنان‪ ،‬والتصدي للعدوان اإلرسائييل‪ ،‬ومتنع‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار من السيطرة عىل السلطة‬ ‫واالستئثار الفئوي بالحكم‪ ،‬إىل أن متكنت من‬ ‫الوقوف بوجه تسييس املحكمة الدولية يف‬ ‫قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬وكشف‬ ‫شهود الزور‪ ،‬الذين ُفربكوا من قبل سعد‬ ‫الحريري وفريقه السيايس واألمني واإلعالمي‪،‬‬ ‫ومل يعد من مجال االستمرار يف التعاون يف‬ ‫حكومة واحدة يرأسها الحريري‪ ،‬الذي رفض‬ ‫تقديم تسوية‪ ،‬ومحاكمة شهود الزور ومن‬ ‫‬‫فربكهم‪ ،‬والخروج عىل االتفاق السوري‬ ‫السعودي (س‪.‬س)‪.‬‬ ‫فإسقاط الحريري من رئاسة الحكومة‪ ،‬مل‬ ‫يسمح لألكرثية الجديدة أن تشكل الحكومة‬ ‫كام ترغب‪ ،‬أو فاجأها ميقايت بأنه سيحاور‬ ‫‪ 14‬آذار لتشارك يف الحكومة‪ ،‬وكانت هذه‬ ‫أول إشارة إىل املعارضة السابقة أنها “أكلت‬ ‫الرضب” بتسمية ميقايت الذي اشرتط أن‬ ‫ّ‬ ‫يشكل حكومته هو ال حكومة ‪ 8‬آذار‪ ،‬وعندما‬

‫خاب أمله بإقناع ‪ 14‬آذار أن تتعاون معه بعد‬ ‫أن اشرتطت عليه إعالن موقف واضح من‬ ‫املحكمة الدولية‪ ،‬لجأ إىل تسويق حكومة‬ ‫تكنوقراط‪ ،‬وسعى إىل تكرار حكومته للعام‬ ‫‪ ،2005‬واندفع نحو حكومة من ‪ 24‬وزيراً‬ ‫مك ّونة من تكنوقراط‪ ،‬ثم تنازل إىل تطعيمها‬ ‫بسياسيني إىل أن قبل بحكومة ثالثينية تحت‬ ‫ضغط املعارضة السابقة‪ ،‬استبعد منها من‬ ‫أسامهم “وجوه أو شخصيات استفزازية”‪،‬‬ ‫كام رفض إعطاء املعارضة السابقة ثلثي‬ ‫الحكومة‪ ،‬واشرتط أن ال يحصل “تكتل اإلصالح‬ ‫والتغيري” عىل وزارة الداخلية التي يريدها أن‬ ‫تبقى مع الدفاع من حصة رئيس الجمهورية‬ ‫إال أن التسوية حصلت بالقبول بشخصية‬ ‫مشرتكة وهي العميد املتقاعد مروان رشبل‬ ‫للداخلية وبقيت الدفاع مع تكتل اإلصالح‬ ‫والتغيري ‪.‬‬ ‫فاألشهر الثالثة من قبل والدة الحكومة‪،‬‬ ‫كانت املفاوضات واالتصاالت تدور حول حل‬ ‫عقد الوزارات‪ ،‬حيث ذللت عقدة املاروين‬ ‫السادس‪ ،‬مبا ال يشكل تحدياً للعامد ميشال‬ ‫عون وتياره السيايس‪ ،‬فكان أن اختار الرئيس‬ ‫سليامن مستشاره ناظم الخوري‪ ،‬بعد أن‬ ‫أقفلت أمامه أبواب توزير صهره وسام بارودي‬ ‫الذي اعتربه رئيس “التيار الوطني الحر” خص ً‬ ‫ام‬ ‫سياسياً وانتخابياً يف دورة ‪.2013‬‬ ‫وكانت العقدة األبرز هي عقدة توزير‬ ‫فيصل كرامي بعد حل عقدة حصص الرئيس‬ ‫سليامن و”تكتل اإلصالح والتغيري” الذي تنازل‬ ‫عن ‪ 12‬وزيراً إىل عرشة وزراء‪ ،‬ومع ذلك خرج‬ ‫عون متنرصاً إذ نال أكرثية مطالبه‪.‬‬ ‫فمقابل طرح املعارضة إلسم نجل الرئيس‬ ‫عمر كرامي‪ ،‬تقدّ م النائب أحمد كرامي‪ ،‬طارحاً‬ ‫اسمه هو‪ ،‬ووقف الرئيس ميقايت إىل جانب‬ ‫حليفه‪ ،‬فاقرتح أن ال يكون أي من “الكراميني”‬ ‫يف الحكومة‪ ،‬أو أن يسمي الرئيس كرامي‬ ‫شخصية أخرى من الشامل‪ ،‬ألن الحكومة ال‬ ‫تحمل وجود أربعة وزراء‪ ،‬لكن “حزب الله” أرص‬ ‫عىل متثيل آل كرامي بفيصل‪ ،‬ألنه ال يريد لهذا‬ ‫البيت الوطني والقومي‪ ،‬أن ُيقفل‪ ،‬وهو الذي‬ ‫وقف مع املقاومة وسوريا تاريخياً‪ ،‬ويحمل‬ ‫قضية العرب فلسطني‪.‬‬ ‫أمام مأزق توزير اثنني من آل كرامي‪ ،‬قرر‬ ‫ميقايت أن يشكل حكومة دونهام‪ ،‬لكن إرصار‬ ‫الرئيس نبيه بري أن تتضمن اسم فيصل‬ ‫حتى ولو كان معه أحمد‪ ،‬سأل ميقايت عن‬ ‫متثيل العاصمة بريوت‪ ،‬إذ ينقص وزير منها‪،‬‬ ‫عندها كرس بري العرف وامليثاق‪ ،‬وتنازل عن‬ ‫مقعد وزاري من حصته‪ ،‬فشكل ذلك مفاجأة‬ ‫للجميع يف سابقة مل تحصل يف تاريخ لبنان‬ ‫السيايس‪ ،‬وقد كان ملوقف رئيس مجلس‬

‫النواب صدى وطنياً بالتضحية التي قدمها‪،‬‬ ‫فأوجد حكومة‪ ،‬كانت لن تتشكل أمام‬ ‫تشبث كل طرف مبوقفه‪ ،‬ويف ظل اإلحباط‬ ‫الذي أصاب قادة األكرثية الجديدة وجمهورها‬ ‫من هذا التأخري الذي ال مربر له سوى‪ ،‬مطالبة‬ ‫كل فريق بحقائب له‪ ،‬ومنها ما طرحه النائب‬ ‫طالل ارسالن‪ ،‬عندما طالب بحقيبة وزارة‬ ‫الدفاع لتعود إىل خلدة‪ ،‬واستعادة حقيبة‬ ‫تبوأها والده لسنوات‪ ،‬لكن طلبه هذا مل‬ ‫يلق التجاوب عند حلفاء ارسالن‪ ،‬إذ طالب‬ ‫بها النائب سليامن فرنجية‪ ،‬وسمى لها فايز‬ ‫غصن‪ ،‬وقد ُصدم رئيس الحزب الدميقراطي‬ ‫اللبناين‪ ،‬من أن أ ّيا من حلفائه‪ ،‬ال يتنازل له‬ ‫عن حقيبة‪ ،‬وقد رفض جنبالط إعطاءه حقيبة‬ ‫من الحقيبتني للوزيرين غازي العرييض ووائل‬ ‫أبو فاعور (األشغال والشؤون االجتامعية)‬ ‫وجه سهامه إىل‬ ‫وبعد أن ووجه بهذا الرفض‪ّ ،‬‬ ‫الرئيس ميقايت بعد أن صدرت التشكيلة‬ ‫واسمه فيها مع حقيبة وزير دولة‪ ،‬وقد نعت‬ ‫رئيس الحكومة بنعوت غري الئقة‪ ،‬مام استفز‬ ‫ميقايت الذي طالبه باالعتذار‪ ،‬حيث دخل‬ ‫وسطاء بينهام‪ ،‬لحل “العقدة االرسالنية”‬ ‫التي اصطنعها ارسالن دون مربر‪ ،‬ألنه كان‬ ‫االقرتاح أن يسمي شخصاً آخر غريه‪ ،‬إذا‬ ‫رفض حقيبة وزير دولة‪ ،‬إال أنه أكد عىل عدم‬ ‫قبوله بذلك‪ ،‬بعد أن رفع سقف مطالبه وأنزل‬ ‫أنصاره إىل الطرقات يقطعونها باإلطارات‬ ‫والرمول والحجارة ويطلقون النار‪ ،‬فكان هذا‬ ‫العمل الالحضاري مدار استنكار حلفاء‬ ‫ارسالن والنائب جنبالط والوزير وئام وهاب‬ ‫الذين رأوا يف أسلوب اعرتاضه السلبي‪ ،‬مبا ال‬ ‫ميثل التقاليد التي يتحىل بها “بني معروف”‪.‬‬ ‫قفزت الحكومة فوق العقدة اإلرسالنية‪،‬‬ ‫التي انحرص حلها بتوزير اسم آخر غري‬ ‫ارسالن‪ ،‬وهو مروان خري الدين‪ ،‬وأخذت لها‬ ‫الصورة التذكارية‪ ،‬وعقدت لجنة البيان الوزاري‬ ‫اجتامعاتها‪ ،‬حيث تم الرتكيز عىل تأمني‬ ‫أولويات املواطنني االقتصادية واالجتامعية‬ ‫واملعيشية‪ ،‬وتحفيز النمو االقتصادي وتحقيق‬ ‫إصالحات إدارية‪ ،‬وملء الشواغر يف وظائف‬ ‫الفئة األوىل‪ ،‬وااللتزام بالقرارات الدولية‪،‬‬ ‫والتعاطي مع املحكمة الدولية خارج إطار‬ ‫التسييس‪ ،‬لتحقيق العدالة‪ ،‬واعتبار مقولة‬ ‫الجيش والشعب واملقاومة يف الدفاع عن‬ ‫لبنان صالحة يف اعتامدها لكل زمان ومكان‪.‬‬ ‫فالحكومة امليقاتية الثانية‪ ،‬لن تكون‬ ‫نسخة عن األوىل‪ ،‬التي تشكلت يف العام‬ ‫‪ ،2005‬وجاءت ملهمة محددة تأمني حصول‬ ‫االنتخابات النيابية‪ ،‬ومواكبة خروج القوات‬ ‫السورية من لبنان‪ ،‬ومتابعة سري التحقيق‬ ‫الدويل باغتيال الحريري‪ ،‬حيث فرضت الظروف‬

‫‪15‬‬

‫السياسية‪ ،‬أن تتشكل حكومة تلك الفرتة‪،‬‬ ‫يف مرحلة انتقالية‪ ،‬لتأمني عودة “الحريرية‬ ‫السياسية” إىل الحكم‪ ،‬وهذا ما فعله ميقايت‬ ‫بناء لرغبات خارجية‪ ،‬ال سيام األمريكية التي‬ ‫كانت ترى يف لبنان مخترباً للدميقراطية التي‬ ‫كان الرئيس جورج بوش األب يسوق لها من‬ ‫ضمن مرشوعه للرشق األوسط الجديد‪.‬‬ ‫أما الحكومة الثانية مليقايت‪ ،‬فهي مختلفة‬ ‫عن األوىل‪ ،‬التي كانت مرغوبة أمريكيا ومن‬ ‫“ثورة األرز”‪ ،‬أما الحالية فهي نقيض لألوىل كام‬ ‫تقول قوى ‪ 14‬آذار وكتلة املستقبل النيابية‪،‬‬ ‫وتعتربها أنها حكومة سوريا و”حزب الله”‬ ‫وستطيح‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫الكيدية‬ ‫وستامرس‬ ‫مبنجزات “ربيع لبنان” وستعيد الوصاية‬ ‫السورية وستسمح “لحزب الله” بالسيطرة‬ ‫عىل الدولة ومؤسساتها‪ ،‬وقد ّ‬ ‫بكرت هذه‬ ‫القوى مبعارضة الحكومة والتصويب عليها‪،‬‬ ‫منذ صدور مراسيمها‪ ،‬والتقت مع ما صدر‬ ‫من مواقف أمريكية‪ ،‬تعترب الحكومة “مخيبة‬ ‫ّ‬ ‫وحذرت الرئيس ميقايت من أن لبنان‬ ‫لآلمال”‬ ‫سيتعرض إلجراءات قانونية دولية‪ ،‬إذا ما وقف‬ ‫بوجه القرارات الدولية‪ ،‬أو اقتص من مسؤولني‬ ‫يف اإلدارة واملؤسسات الرسمية‪ ،‬وهو تحذير‬ ‫له معانيه‪ ،‬من أن املس بأي مسؤول أمني أو‬ ‫قضايئ أو إداري من املرحلة السابقة‪ ،‬سيواجه‬ ‫مبحارصة الحكومة‪ ،‬حيث يتم التهديد‬ ‫بالتخريب عىل القطاع املرصيف واملايل‪ ،‬وهو‬ ‫أسلوب لجأت إليه إدارات أمريكية سابقة‪ ،‬يف‬ ‫التسعينات مبنع املساعدات عن لبنان‪ ،‬ألنه‬ ‫تبنى املقاومة وتحالف مع سوريا‪ ،‬وهو ما تحاول‬ ‫أمريكا أن تفرضه من جديد‪ ،‬إذا عاد لبنان إىل‬ ‫الحقبة السورية‪ ،‬وهو ما كشفت عنه أيضاً‬ ‫مواقف ‪ 14‬آذار‪.‬‬ ‫فالوضع الحكومي دقيق‪ ،‬والحكومة أمام‬ ‫امتحان‪ ،‬كيف ستواجه فرض إمالءات عليها‪،‬‬ ‫والرئيس ميقايت‪ ،‬ال يستطيع أن يبقى‬ ‫رمادياً ووسطياً‪ ،‬ألنه يف الرصاع عىل دور‬ ‫لبنان املقاوم‪ ،‬ال وجود لوسطية وهو أعلن‬ ‫أنه سيحمي املقاومة‪ ،‬وعليه أن يقرن القول‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫فحكومة “كلنا للوطن كلنا للعمل” عليها‬ ‫أن تثبت ذلك فعلياً‪ ،‬وأن أداءها سيظهر يف‬ ‫األشهر الثالثة من نيلها الثقة‪ ،‬وأول ما‬ ‫سيكشفه املواطنون‪ ،‬هو كل ما يتعلق‬ ‫بشؤونهم الحياتية والخدماتية‪ ،‬بد ًءا من‬ ‫تنظيم السري إىل محاربة الفساد وتعيني‬ ‫األشخاص الكفوئني يف الوظائف‪ ،‬ومواجهة‬ ‫الفقر والحد من البطالة‪ ،‬إىل العنوان األبرز‬ ‫وهو تعطيل املؤامرة عىل لبنان التي قد تطل‬ ‫من املحكمة الدولية‪.‬‬

‫سامر الشويف‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫النظام السياسي في لبنان أزمة حكم أم حاجة‬ ‫الى نظام سياسي جديد ؟‬ ‫معضلة تاريخية تتمثل يف أن لبنان لديه‬ ‫دولة ليربالية غري سلطوية ومجتمع مفتوح‪،‬‬ ‫وعليه أن يتكامل مع نظام إقليمي عريب‬ ‫يتشكل من دول سلطوية‪ ،‬وبالتايل فإن لبنان‬ ‫الذي يتميز باإلنفتاح وبصيغة العيش املشرتك‬ ‫مل يكن قادراً يف أوقات األزمات عىل مواجهة‬ ‫تحديات النظام اإلقليمي العريب السيام يف ما‬ ‫يتعلق بالرصاع العريب ‪ -‬اإلرسائييل وتداعيات‬ ‫نشوء الدولة العربية‪.‬‬ ‫هذه املعطيات برزت بعد حرب العام‬ ‫‪ 1967‬حني بدأ لبنان يتلقى تداعيات الرصاع‬ ‫الفلسطيني اإلرسائييل‪ ،‬وبعد حرب ‪1973‬‬ ‫حيث كان لبنان هو الجبهة العربية الوحيدة‬ ‫املفتوحة مع “إرسائيل”‪ ،‬وبعد أحداث عام‬ ‫‪ 2005‬حيث حصلت تحوالت جذرية يف لبنان‪،‬‬ ‫وأن العوامل التي أدت إىل تغيري املعادلة مل‬ ‫تكن داخلية بل خارجية ومتثلت باعتداءات‬ ‫‪ 11‬أيلول واجتياح العراق وتردي العالقات بني‬ ‫سوريا والواليات املتحدة‪ ،‬ما نقل لبنان من‬ ‫مرحلة إىل أخرى‪.‬‬ ‫فالنظام السيايس مل يكن مهيئًا للتعامل‬ ‫مع هذه التحديات املتسارعة يف موازاة‬ ‫التحديات الخارجية التي أنتجت مشاكل‬ ‫داخلية عملت عىل إذكاء التنافس يف داخل‬ ‫الطوائف ونشوء تحالفات سياسية وانتخابية‬ ‫عابرة للطوائف كام كان يحصل قبل الحرب‪،‬‬ ‫ومرد ذلك كله اىل عدم اإلحتكام إىل القانون‬ ‫ومؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫فاللبنانيون رغم انقسامهم‪ ،‬أثبتوا يف‬ ‫بعض األوقات قدرة عىل التوافق‪ ،‬أبرزها كان‬ ‫يف صيغة ‪ 1943‬حني حققوا استقالل لبنان‬ ‫وعروبته‪ ،‬ويف صيغة الطائف ‪ 1989‬حني‬ ‫أقروا باملناصفة فطأمنوا قس ً‬ ‫ام منهم إىل‬ ‫هواجسه‪ ،‬ورفعوا الغنب عن القسم اآلخر‪،‬‬ ‫وبدأوا بالكالم الجدي عىل إلغاء الطائفية‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫النظام اللبناين مل يوضع عىل املحك مرة‬ ‫واحدة فحسب خالل تاريخ لبنان السيايس‬ ‫الحديث‪ ،‬وإمنا تعرض مراراً إىل أزمات مصريية‪.‬‬ ‫البعض يرى التاريخ اللبناين رحلة تن ّقل بني‬ ‫األزمات مثل األزمة التي مير بها لبنان اليوم‪،‬‬ ‫أزمة متثيل الطوائف‪ ،‬حيث اعترب أحد الباحثني‬ ‫أن بعض املجتمعات القامئة عىل قاعدة‬ ‫متثيل الطوائف ومنها لبنان‪ ،‬تتصف بالجمود‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫اللبناين‬ ‫سياسياً‬

‫املتداعي‪ ،‬وبإعادة تقدميه‬ ‫يحظى برشعية دولية‪-‬‬

‫النظام‬ ‫نظاماً‬ ‫عربية‪.‬‬ ‫وبعد كل ما تقدّ م نجد أن «الوثيقة» قد‬ ‫وحملته‬ ‫وضعت كوابح للعمل اإلصالحي‬ ‫ّ‬ ‫أثقاالً قد ينوء بحملها‪ ،‬فض ًال عن النهوض‬ ‫بها‪.‬‬ ‫فمنذ قيام الجمهورية اللبنانية وبزوغ فجر‬ ‫االستقالل‪ ،‬كانت الحكومات املتعاقبة ومازالت‬ ‫جيباً لتنفيس الخالفات واالحتقان السيايس‪،‬‬ ‫وشهد لبنان استقالة حكومات وسقوط‬ ‫بعضها تحت وطأة الضغط الشعبي واألزمات‬ ‫السياسية أو بسبب استقالة رئيسها‪ ،‬حتى‬ ‫صار من املستغرب كيف أن الحكومات يف‬ ‫لبنان وحدها دوماً تدفع مثن األزمات وفاتورة‬ ‫الرصاعات السياسية املحلية واإلقليمية‪.‬‬

‫استقاالت بالجملة‬

‫السيايس‪ ،‬إذ تصطدم مطالب فئة برفض فئة‬ ‫أخرى والعكس بالعكس ويتطور تبادل الرفض‬ ‫اىل مقاطعة سياسية تؤدي اىل تعطيل عمل‬ ‫األجهزة الحكومية وتجميد النظام‪.‬‬ ‫ففي تاريخه السيايس الحديث‪ ،‬شهد لبنان‬ ‫أزمات حكومية كانت انعكاسات ألزمات‬ ‫إقليمية ودولية‪ ،‬وكانت هذه األزمات واحداً من‬ ‫األسباب التي أدّت اىل عرقلة مسرية اإلمناء‬ ‫واالقتصاد‪ ،‬واىل زيادة املشاكل والتعقيدات‬ ‫السياسية يف لبنان‪ ،‬حتى يف فرتة ما بعد‬ ‫وثيقة الطائف‪ ،‬التي مل يكن هدفها إقامة‬ ‫نظام جديد للكيان اللبناين‪ ،‬بقدر ما كان إجراء‬ ‫تعديالت موضعية عىل الدستور اللبناين‪.‬‬ ‫عىل أن اإلصالحات السياسية التي‬ ‫اعتمدتها «الوثيقة» مل تنطلق من هاجس‬ ‫إقامة نظام غري طائفي‪ ،‬وإمنا انطلقت يف‬ ‫الحقيقة‪ ،‬من مرتكزين‪:‬‬ ‫األول‪ :‬اإلبقاء عىل املضمون الطائفي للنظام‬ ‫السيايس‪ ،‬واإلبقاء عىل جوهر الصيغة‬ ‫الطائفية التي حكمت ذاك النظام‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬الحفاظ عىل املوقع املمتاز للطائفة‬ ‫املارونية‪ ،‬وموازنة اإلصالحات التي مست‬ ‫مبوقعها‪ .‬فلوحظ أن يتم التعويض عىل ما‬ ‫تفقده من جهة‪ ،‬بجهات أخرى‪.‬‬ ‫وأن إصالحاً كهذا تقدمه الوثيقة ال ميكن أن‬ ‫ّ‬ ‫يشكل استجابة فعلية للمطلب اإلصالحي‬

‫‪16‬‬

‫الذي تلتقي عليه القوى اإلسالمية والوطنية‪،‬‬ ‫وهو إلغاء الطائفية السياسية‪.‬‬ ‫وبغري تحقيق هذا املطلب‪ ،‬ال ميكن‪ ،‬حتى‬ ‫للعدالة الطائفية أن تتحقق‪ .‬فإذا ُق ّيم اإلصالح‬ ‫يف الوثيقة عىل أساسه الطائفي‪ ،‬نجد أن‬ ‫الغنب واإلجحاف قد بقيا الحقني بالطوائف‬ ‫التي عانت منهام‪ ،‬ومل تقدّ م «الوثيقة»‬ ‫ترضية مقبولة لها‪.‬‬ ‫ومن هنا فأياً كان عليه ما حملته الوثيقة‬ ‫من إصالح‪ ،‬فإنه يبقى متخلفاً عن تحقيق‬ ‫العدالة التي ال تتحقق خطوتها األوىل إال‬ ‫بإلغاء الطائفية السياسية‪.‬‬ ‫بل أن «الوثيقة» باعتامدها تلك الصيغة‬ ‫اإلصالحية غري الكافية واملغلقة تعترب رضبة‬ ‫للمطلب اإلصالحي الساعي اىل تعديل‬ ‫النظام أو تغيريه‪ ،‬أكرث مام تعترب تقدماً يف‬ ‫سعيه‪ ،‬ذلك أن «الوثيقة» مبضمونها‪ ،‬ستكون‬ ‫قد وضعت حداً ضيقاً بعد ما يقارب النصف‬ ‫قرن من العمل اإلصالحي‪ ،‬وبحيث ال ميكن تجاوز‬ ‫هذا الحد إال بعد فرتة طويلة ستكون مثخنة‬ ‫باملعاناة والتضحيات‪.‬‬ ‫من هنا تكون التغطية الدولية والعربية‬ ‫شبه اإلجامعية‪ ،‬قد ك ّرست من جديد النظام‬ ‫اللبناين الذي كان العمل السيايس اإلصالحي‬ ‫قد نجح‪ ،‬اىل حد ما‪ ،‬يف فرض رضورة تغيريه‪.‬‬ ‫وهكذا تكون الوثيقة قد قامت بإعادة إنتاج‬

‫ففي ‪ 26‬كانون األول من العام ‪ 1968‬نفذت‬ ‫مجموعة فدائية تابعة للجبهة الشعبية‬ ‫لتحرير فلسطني هجوماً عىل طائرة ركاب‬ ‫تابعة لرشكة العال اإلرسائيلية يف مطار‬ ‫أثينا‪ ،‬وسارعت «إرسائيل»‪ ،‬وكعادتها اىل‬ ‫اإلعالن بأن الفدائيني انطلقوا من قواعد لهم‬ ‫يف لبنان‪ ،‬فكان الرد بهجوم للكومندوس‬ ‫اإلرسائييل عىل مطار بريوت وتفجري ‪13‬‬ ‫طائرة ركاب مدنية تابعة لرشكة طريان‬ ‫الرشق األوسط (‪ .)MEA‬ويف ‪ 30‬كانون األول‬ ‫قدمت حكومة لبنان برئاسة عبد الله اليايف‬ ‫شكوى ضدّ “إرسائيل” لدى مجلس األمن‪ ،‬هذه‬ ‫استدعت‬ ‫اإلرسائيلية‬ ‫االنتقامية‬ ‫العملية‬ ‫استنكارات وتنديدات من أنحاء العامل كافة‪.‬‬ ‫أما يف لبنان‪ ،‬فوصف كامل جنبالط العملية‬ ‫وحمل الرئيس شارل‬ ‫بـ “فضيحة الفضائح”‬ ‫ّ‬ ‫حلو مسؤولية ما جرى ألنه مل يعزز قدرات‬ ‫البالد الدفاعية معترباً أن هدف “إرسائيل”‬ ‫من عمليتها كان دفع القوى املعرتضة عىل‬ ‫وجود املقاومة الفلسطينية يف لبنان نحو‬ ‫الرصاع معها‪ ،‬وبالتايل إشعال النزاع بني‬ ‫اللبنانيني أنفسهم‪ .‬ويف ‪ 31‬كانون األول ‪1968‬‬ ‫رصح الوزير رميون إده بأنه “ن ّبه اىل الحادث فلم‬ ‫ّ‬ ‫تتخذ التدابري الالزمة ملقاومته كام طالب‬ ‫الرئيس صائب سالم “مبحاسبة املسؤولني‬ ‫ومعاقبتهم”‪.‬‬ ‫نتيجة لهذه البلبلة ويف ‪ 3‬كانون الثاين‬ ‫‪ 1969‬أعلن طالب الجامعات يف لبنان إرضاباً‬ ‫عاماً احتجاجاً عىل العدوان طالبوا خالله‬ ‫“مبعاقبة املقرصين علناً”‪ .‬اتسع اإلرضاب شيئاً‬ ‫فشيئاً حتى شمل صور وصيدا ومدناً أخرى‪،‬‬ ‫وأصدر وزير الداخلية رميون إده يوم ‪ 25‬كانون‬ ‫الثاين بياناً “منتقداً بيان وزير الدفاع الوطني‬

‫حسني العويني الذي ر ّد بدوره عىل ترصيح‬ ‫الوزير إده معترباً إياه تجريحاً له‪ .‬واتصل‬ ‫برئييس الجمهورية والحكومة وأبلغهام أنه‬ ‫“ال يستطيع البقاء يف الحكم ويعترب نفسه‬ ‫مستقي ًال‪ .”..‬ثم أعلن رئيس الحكومة عبد الله‬ ‫اليايف تضامنه مع العويني وقدّ م استقالته‬ ‫اىل الرئيس حلو الذي قبلها وك ّلف يوم ‪8‬‬ ‫كانون الثاين ‪ 1969‬رشيد كرامي تشكيل‬ ‫الحكومة الجديدة‪.‬‬

‫حكومة اللون الواحد‬ ‫ّ‬ ‫شكل الرئيس رشيد كرامي حكومته‬ ‫ً‬ ‫من ‪ 16‬وزيرا كانوا من أعضاء املجلس النيايب‪،‬‬ ‫وفور إعالن التشكيلة سارع الوزيران بيار‬ ‫الجميل ورميون إده اىل تقديم استقالتيهام‬ ‫احتجاجاً عىل استبعاد الوطنيني األحرار عن‬ ‫الحكومة‪ .‬وبعد أيام قليلة تبعهام الوزيران‬ ‫حسني منصور ونرصي املعلوف‪ .‬عندها عُ دلت‬ ‫فعي ‪ 4‬وزراء جدد لتتحول الحكومة‬ ‫الحكومة‬ ‫نّ‬ ‫الجديدة اىل حكومة ذات لون واحد وطابع‬ ‫واحد تعتمد عىل ما كان للنهج الشهايب من‬ ‫عالقات وثيقة يف الداخل ويف العامل العريب‪،‬‬ ‫ومن كلمة مسموعة لدى الفلسطينيني‬ ‫ولدى العرب‪.‬‬

‫سبعة أشهر بال حكومة‬ ‫يف أجواء متوترة نتيجة الرصاع بني الجيش‬ ‫نظمت‬ ‫الفلسطينيني‪،‬‬ ‫والفدائيني‬ ‫اللبناين‬ ‫أحزاب وقوى وطنية مؤيدة للثورة الفلسطينية‬

‫‪17‬‬

‫تظاهرة مسلحة ضخمة يف ‪ 23‬نيسان‬ ‫‪ 1969‬رغم عدم منحها الرتخيص من الجهات‬ ‫املختصة‪ ،‬وحدثت خالل التظاهرة صدامات بني‬ ‫املتظاهرين والقوى األمنية أدى اىل سقوط‬ ‫عرشات القتىل والجرحى‪ ،‬فارتفعت أصوات‬ ‫التنديد واالستنكار يف لبنان ولدى العديد‬ ‫من الحكومات العربية التي سارعت للتبايك‬ ‫عىل الفلسطينيني محملة الدولة اللبنانية‬ ‫مسؤولية ما جرى‪ ،‬وقدم الرئيس رشيد كرامي‬ ‫استقالته أمام مجلس النواب خالل جلسة‬ ‫صاخبة يف ‪ .1969/4/25‬كانت استقالة‬ ‫حكومة كرامي منطلقاً ألزمة سياسية طالت‬ ‫ملدة سبعة أشهر عاش فيها لبنان دون حكومة‬ ‫رغم إعادة تكليف كرامي الذي عاد لالعتذار‪،‬‬ ‫ويرى الباحثون أن هذه األزمة السياسية كانت‬ ‫مقررة سلفاً لتوقيع اتفاقية القاهرة يف ‪3‬‬ ‫ترشين الثاين ‪ 1969‬برعاية الرئيس جامل‬ ‫عبد النارص‪ ،‬بني الحكومة اللبنانية املمثلة‬ ‫بقائد الجيش إميل البستاين‪ ،‬ومنظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية ممثلة برئيسها يارس‬ ‫عرفات‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫رشع الباب واسعاً أمام األزمة‬ ‫الحكومية الثانية التي اندلعت يف نيسان‬ ‫‪ ،1973‬مع تكليف الرئيس أمني الحافظ‪ ،‬بعدما‬ ‫استقال رئيس الحكومة السابق صائب سالم‪،‬‬ ‫احتجاجاً عىل عدم إقالة قائد الجيش اللبناين‬ ‫آنذاك العامد اسكندر غانم‪ ،‬إثر تنفيذ جهاز‬ ‫املخابرات اإلرسائييل مجزرة فردان يف بريوت‬ ‫يف ‪ 1973/4/10‬بحق ثالثة من قادة املقاومة‬ ‫هم‪ :‬كامل عدوان‪ ،‬وكامل نارص وأبو يوسف‬ ‫النجار‪ ،‬وأرشف عىل هذه العملية إيهود‬ ‫بارك رئيس الوزراء اإلرسائيىل السابق ومعه‬ ‫أمنون شاحاك وزير السياحة السابق وسميت‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬ ‫بعملية ربيع فردان ويعتربها اإلرسائيليون‬ ‫أشهر عملية اغتيال ن ّفذت يف عهد غولدا‬ ‫مئري رئيسة مجلس الوزراء اإلرسائيىل يف‬ ‫ذلك الوقت‪ ،‬وكان الحافظ قد أصدر مع رئيس‬ ‫الجمهورية سليامن فرنجية مراسيمها يف‬ ‫‪ 25‬نيسان ‪ .1973‬إال أنها أخفقت يف املثول‬ ‫أمام مجلس النواب تشكيل الحكومة يف ‪25‬‬ ‫نيسان ‪ ،1973‬لكن حكومته مل تنل الثقة‬ ‫واستقالت إثر حوادث أيار ‪ 1973‬التي اندلعت‬ ‫بني الجيش والقوى األمنية اللبنانية يف أثناء‬ ‫محاولتها فرض سلطة القانون وسيادة‬ ‫الدولة عىل األرايض اللبنانية يف مواجهة‬ ‫ميليشيات املنظامت الفلسطينية املسلحة‪.‬‬ ‫ويف تلك األيام ردت السلطات السورية‬ ‫عىل تحرك السلطات اللبنانية بقفل الحدود‪.‬‬ ‫وانتهى األمر بالحافظ اىل تقديم استقالته‬ ‫بعد ترصيف األعامل ملدة ثالثة أشهر‪ ،‬وك ّلف‬ ‫الرئيس سليامن فرنجية بعده الرئيس تقي‬ ‫الدين الصلح تأليف الحكومة‪.‬‬ ‫هكذا عاشت حكومة ترصيف األعامل‬ ‫سبعة أشهر تحت وطأة أزمة دستورية مل‬ ‫ّ‬ ‫ظل صالحياته‬ ‫يسع رئيس الجمهورية‪ ،‬يف‬ ‫الدستورية الواسعة النطاق‪ ،‬ح ّلها من دون‬ ‫التفاهم مع خصمه يف الحكم‪.‬‬

‫حكومة تقي الدين الصلح‬ ‫يف متوز ‪ُ 1973‬ك ّلف الرئيس تقي الدين‬ ‫الصلح تشكيل حكومة كل لبنان‪ ،‬ومنذ‬ ‫بداية التأليف برزت عقبة تعيني الزعيم كامل‬ ‫جنبالط كوزير للداخلية‪ ،‬الذي كان يلقى‬ ‫معارضة من أقطاب السياسة اللبنانية بيار‬ ‫الجميل‪ ،‬صائب سالم‪ ،‬وكميل شمعون‪ ،‬فكان‬ ‫الحل بتسليم حقيبة الداخلية لزميله يف‬ ‫جبهة النضال الوطني بهيج تقي الدين‪،‬‬ ‫مقابل عدم توزير سالم والجميل وشمعون بل‬ ‫وزراء محسوبني عليهم ومن ضمن أحزابهم‬ ‫فكان توفيق عساف وزيراً للصناعة (من كتلة‬ ‫جنبالط)‪ ،‬ميشال ساسني وكاظم الخليل‬ ‫(األحرار)‪ ،‬ونزيه البزري وعثامن الدنا (كتلة‬ ‫صائب سالم)‪ .‬طوين فرنجية (نجل الرئيس‬ ‫سليامن فرنجية)‪ ،‬إضافة اىل الوزراء فؤاد نفاع‪،‬‬ ‫صربي حامدة‪ ،‬فؤاد غصن‪ ،‬مجيد ارسالن‪،‬‬ ‫جوزف سكاف‪ ،‬نرصي املعلوف‪ ،‬ألبري مخيرب‪،‬‬ ‫إميل روحانا صقر‪ ،‬فهمي شاهني‪ ،‬عيل الخليل‪،‬‬ ‫سورين خان أمرييان وحسن خالد الرفاعي‪.‬‬

‫حرب ترشين ‪1973‬‬ ‫كان قدر حكومة الصلح أن تعيش ترددات‬ ‫حرب ترشين ‪ 1973‬التي خاضتها مرص وسوريا‬ ‫لتحرير أراضيهام املغتصبة عام ‪ 1967‬يف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫قمة إسالمية حرضها عبد الحليم خدام بعد‬ ‫اجتامعه مع يارس عرفات وقادة املنظامت‬ ‫ُ‬ ‫وأجمع فيها عىل تسمية‬ ‫الفلسطينية‬ ‫رشيد كرامي ليكون رئيساً لحكومة جديدة‪،‬‬ ‫فقدمت حكومة الرفاعي استقالتها يف أول‬ ‫وآخر جلسة لها يف ‪ 26‬أيار ‪ 1975‬بعد موجة‬ ‫اضطرابات سقط بنتيجتها عدد من القتىل‬ ‫والجرحى باإلضافة اىل عدم رضا دار الفتوى‬ ‫وعدد كبري من زعامء األقطاب يف لبنان‪ .‬فكانت‬ ‫هذه الحكومة أقرص حكومات االستقالل عمراً‬ ‫كونها عاشت ‪ 65‬ساعة فقط‪.‬‬ ‫سيناء والجوالن‪ ،‬وعىل الرغم من حياد لبنان يف‬ ‫هذه الحرب‪ ،‬إال أنه مل ينج من تداعياتها عىل‬ ‫وضعه الداخيل خصوصاً يف ظل االنقسام‬ ‫العريب حيال الخطة األمريكية لتسوية‬ ‫مشكلة الرشق األوسط‪ ،‬وتصاعدت قوة التيار‬ ‫اليساري العرويب الداعي لتكريس الءات عبد‬ ‫النارص التي أطلقها يف الخرطوم‪ :‬ال صلح ال‬ ‫تفاوض ال اعرتاف بـ “إرسائيل”‪.‬‬ ‫وبدأت النار يف لبنان تشتعل بهدوء تحت‬ ‫رماد الرصاعات العربية‪ ،‬وانقسم املجتمع‬ ‫اللبناين بني تيار يساري ــ عرويب يدعو لتأييد‬ ‫الكفاح املسلح ونرصة الثورة الفلسطينية‬ ‫وحركات التحرر‪ ،‬وتيار مييني مسيحي الطابع‪،‬‬ ‫يعيش حالة من القلق والخوف من تزايد‬ ‫النفوذ الفلسطيني املسلح عىل أرض لبنان‬ ‫وقد باركه الرئيس عبد الله اليايف‪ ،‬واملفتي‬ ‫حسن خالد‪ ،‬وبدأ املسيحيون باالستعدادات‬ ‫العسكرية والتدريب والتسلح بدعم من‬ ‫أنظمة عربية مسامة لدى البعض باألنظمة‬ ‫الرجعية‪ .‬وما زاد يف الطني بلة ارتفاع األسعار‬ ‫وتفيش الغالء وزيادة التناقضات واملشكالت‬ ‫االجتامعية التي ترافقت مع إرضابات‬ ‫عمت املناطق يف لبنان شارك فيها‬ ‫وتظاهرات ّ‬ ‫العماّ ل والط ّالب مطالبني بإصالحات سياسية‬ ‫واقتصادية وبرزت فيها “حركة املحرومني”‬ ‫التي أسسها اإلمام موىس الصدر‪ .‬هذا الجو‬ ‫املشحون والضاغط والذي ينوء تحت حمل‬ ‫واألوضاع‬ ‫اإلقليمية‬ ‫السياسية‬ ‫الرصاعات‬ ‫االقتصادية املرتدية وبعد تظاهرة ضخمة‬ ‫لالتحاد العاميل العام مطالبة بتصحيح‬ ‫األجور‪ ،‬دفع بالرئيس تقي الدين الصلح اىل‬ ‫تقديم استقالة حكومته‪.‬‬

‫حكومة رشيد الصلح ولعنة‬ ‫الحرب األهلية‬ ‫يف يوم األحد ‪ 13‬نيسان ‪ 1975‬كانت حادثة‬ ‫البوسطة يف عني الرمانة ومنها تدحرجت‬ ‫كرة املوت والقتل لتشمل لبنان كله لسنوات‬

‫‪18‬‬

‫طويلة‪ .‬كانت الحكومة اللبنانية برئاسة رشيد‬ ‫الصلح‪ ،‬عندما استعرت الحرب وانترشت حواجز‬ ‫الخطف والقتل واملوت‪ ،‬وتنقلت االشتباكات بني‬ ‫املناطق‪ ،‬لرتتفع األصوات مطالبة باستقالة‬ ‫الحكومة واملجيء بحكومة فاعلة تنقذ البالد‬ ‫من هذه املؤامرة الكبرية‪ ،‬وكان أول الغيث‬ ‫تجىل بتقديم الوزراء مالك سالم وعباس خلف‬ ‫وخالد جنبالط استقاالتهم‪ .‬ثم ويف ‪ 17‬أيار‬ ‫انضم إليهم الوزيران الكتائبيان جورج‬ ‫‪1975‬‬ ‫ّ‬ ‫سعادة‪ ،‬ولويس أبو رشف كام تضامن معهام‬ ‫وزراء حزب الوطنيني األحرار ميشال ساسني‪،‬‬ ‫نديم نعيم ومحمود عماّ ر وتبعهم األمري‬ ‫مجيد ارسالن‪ .‬وبات نصف أعضاء الحكومة‬ ‫مستقيلني‪ ،‬ولكن الرئيس الصلح رفض‬ ‫وأرص املثول أمام املجلس النيايب‬ ‫االستقالة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حمل فيه حزب الكتائب‬ ‫ا‬ ‫خطاب‬ ‫ألقى‬ ‫حيث‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولية “مجزرة عني الرمانة” وما سبقها‬ ‫من احتقان وشحن النفوس‪ ،‬لحزب الكتائب‬ ‫اللبنانية‪ ،‬رافضاً تكليف الجيش مهمة حفظ‬ ‫األمن‪.‬‬

‫نور الدين الرفاعي‪ :‬حكومة الـ ‪65‬‬ ‫ساعة‬ ‫ضغط الكتائب واألحرار عىل الرئيس فرنجية‬ ‫لتشكيل حكومة يرتأسها سنّي يرغب‬ ‫“بإنزال” الجيش لحرص األزمة بـ “أزمة حاكم”‪،‬‬ ‫يف حني رأى جنبالط واألحزاب والقوى الوطنية‬ ‫والتقدمية بأن األزمة هي “أزمة حكم ونظام”‪،‬‬ ‫عي الرئيس فرنجية‬ ‫انطالقاً من هذا كله‪ ،‬نّ‬ ‫العميد املتقاعد نور الدين الرفاعي يف ‪ 23‬أيار‬ ‫ّ‬ ‫وتشكلت الحكومة‬ ‫‪ 1975‬رئيساً ملجلس الوزراء‬ ‫من ‪ 6‬وزراء فقط جميعهم عسكريون ومن أبرز‬ ‫الطوائف واملذاهب يف لبنان‪.‬‬ ‫رحب كميل شمعون وبيار الجميل بهذه‬ ‫الحكومة فيام متثل أبرز املواقف املعارضة يف‬ ‫الوثيقة الرباعية التي و ّقعها كامل جنبالط‬ ‫وصائب سالم ورشيد كرامي ورميون إده‬ ‫مطالبني باستقالة املرشح‪ ،‬إثر ذلك عقدت‬

‫الوجود السوري‬ ‫وحكومات األمر الواقع‬ ‫إن دخول القوات السورية لبنان منذ‬ ‫عام ‪ 1976‬الذي اعترب البعض من القوى‬ ‫السياسية أن دخولها أدّى اىل إمساكها‬ ‫بجزء كبري من القرار اللبناين يف تشكيل‬ ‫الحكومات‪ ،‬وإذا كان التأثري السوري محدوداً‬ ‫مع الرئيس الياس رسكيس وخلفه الرئيس‬ ‫أمني الجميل‪ ،‬إال أنه كان يتزايد وترتفع وتريته‬ ‫مع تآكل سلطات الدولة اللبنانية وانحسار‬ ‫قدرتها عىل اإلمساك بالقرار‪ ،‬وخصوصاً عىل‬ ‫مستوى تشكيل الحكومات املتعاقبة منذ‬ ‫العام ‪ .1976‬وعند انتخاب الياس رسكيس‬ ‫رئيساً للجمهورية تبلغ دعم سوريا له‬ ‫ولـ”الجبهة اللبنانية” إال أنها يف نزاع مفتوح‬ ‫ضد كامل جنبالط والفلسطينيني‪ ،‬وقرر‬ ‫الرئيس رسكيس القيام بأول زيارة لدمشق‬ ‫معترباً أن نتائج هذه الزيارة يتوقف عليها‬ ‫مستقبل رئاسته طوال أعوامها الستة‪“ ،‬الن‬ ‫سوريا مفتاح الحل والرئيس حافظ األسد سيد‬ ‫اللعبة”‪ ،‬وعندما تلقى دعوة لزيارة القاهرة‬ ‫خيش أن تستاء سوريا من استجابتها‪ ،‬فارتأى‬ ‫أن يسافر من مطار دمشق بعد لقاء األسد‬ ‫للتأكيد له حياد لبنان يف النزاع الصامت بني‬ ‫دمشق والقاهرة‪.‬‬ ‫بعدها توجه الرئيس رسكيس لتشكيل‬ ‫حكومة اتحاد وطني تضم كل األطراف‬ ‫السياسية اللبنانية باعتبار أن ال حل لألزمة‬ ‫اللبنانية من غري اجتامع كل أطياف املجتمع‬ ‫اللبناين‪ ،‬وإن كان دون ذلك عقبة كبرية‬ ‫هي سوريا التي كانت منغمسة يف نزاع‬ ‫دموي قاس مع العديد من القوى اليسارية‬ ‫والفلسطينية‪ .‬واستمرت عقدة التأليف بعد‬ ‫مرور اكرث من شهرين‪ ،‬ألن سوريا ال تقبل متثيل‬ ‫“الحركة الوطنية” فيها وهي غري متحمسة‬ ‫لفكرة تشكيل حكومة من غري السياسيني‬ ‫يغيب عنها ممثلون عن “الجبهة اللبنانية”‪،‬‬ ‫وكام استقبلت سوريا عهد الرئيس رسكيس‬ ‫بعرقلة تشكيل حكومة اتحاد وطني ألنها‬

‫أرصت عىل عدم متثيل “الحركة الوطنية”‬ ‫فيها‪ ،‬وتحديداً كامل جنبالط‪ ،‬فاضطر الرئيس‬ ‫رسكيس اىل استخدام صالحياته الدستورية‬ ‫التي كان ال يزال يتمتع بها‪ ،‬وشكل حكومة من‬ ‫غري السياسيني‪ ،‬فإنها ودعت والية رسكيس‬ ‫مبحاولة تغيري رئيس الحكومة شفيق الوزان‬ ‫وذلك رداً عىل موقفه يف مؤمتر بيت الدين‬ ‫لوزراء الخارجية العرب إذ طرح فيه جدوالً زمنياً‬ ‫النسحاب القوات السورية من لبنان‪ ...‬لكن‬ ‫الرئيس رسكيس أبلغ اىل سوريا أنه سيعيد‬ ‫تكليف شفيق الوزان تشكيل حكومة جديدة‪،‬‬ ‫وقد شهدت فرتة توليه رئاسة الوزراء اإلجتياح‬ ‫اإلرسائييل للبنان عام ‪ 1982‬ومغادرة قوات‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية بريوت‪ ،‬كام‬ ‫تعرض النتقاد شديد بعد توقيع لبنان معاهدة‬ ‫‪ 17‬آيار مع “إرسائيل” التي ما لبثت أن ألغيت‬ ‫بعد مظاهرات شعبية ورضبات عسكرية‬ ‫قامت بها امليليشيات املناوؤة للرئيس أمني‬ ‫الجميل‪ .‬عندها الح يف األفق أن سوريا اتخذت‬ ‫قرار املواجهة‪ ،‬وبالفعل كان الدعم السوري‬ ‫للقوى املناهضة لالتفاق غري محدود‪ .‬وليد‬ ‫جنبالط يف الجبل ونبيه بري (رئيس الربملان‬ ‫الحايل) يف الضاحية الجنوبية التي انطلقت‬ ‫منها أوىل رشارات املعركة يوم توقيع االتفاق‪،‬‬ ‫ومن مسجد اإلمام الرضا حيث كان املرجع‬ ‫الشيعي الشيخ محمد حسني فضل الله‬ ‫معتص ً‬ ‫ام مع مئات املصلني الذين تصادموا‬ ‫مع الجيش فسقط قتيل و‪ 6‬جرحى واعتقل‬ ‫العرشات‪.‬‬ ‫االشتباكات تطورت إىل حرب واسعة‬ ‫انغمست فيها القوات األمريكية والفرنسية‬ ‫فدفعتا الثمن‪ ،‬عرب هجومني انتحاريني أديا‬ ‫إىل مقتل ‪ 24‬فرنسياً (يف مقر قيادتهم يف‬ ‫بريوت) و‪ 145‬أمريكياً (يف مقر قيادتهم يف‬ ‫مطار بريوت)‪ .‬الواليات املتحدة شنت غارات‬

‫‪19‬‬

‫عىل البقاع والجبل‪ ،‬ودكت معاقل جنبالط عرب‬ ‫أطنان املتفجرات من البارجة “نيوجريس” لكن‬ ‫جنود مشاتها كانوا تحت رحمة نريان جنبالط‬ ‫املدعوم من سوريا بالعديد والعتاد‪ ،‬فاضطرت‬ ‫إىل سحب قواتها وخذلت الرئيس الجميل‪،‬‬ ‫بعدما كانت “إرسائيل” قد خذلته قبل ذلك‬ ‫عندما انسحبت برسعة من الجبل قبل وصول‬ ‫وحدات الجيش‪ ،‬فسقطت معظم مناطقه بيد‬ ‫جنبالط‪.‬‬ ‫ويف ‪ 6‬شباط رضب تحالف بري ـ جنبالط‬ ‫رضبته الكربى بالسيطرة عىل معظم بريوت‬ ‫التي كانت بيد قوات الجيش املوالية للجميل‪،‬‬ ‫ما اضطره إىل طلب التفاوض خصوصاً بعدما‬ ‫فقد الغطاء اإلسالمي فأقدم رئيس حكومته‬ ‫شفيق الوزان عىل االستقالة‪.‬‬ ‫وتعاقب عىل رئاسة الحكومة منذ عام ‪1976‬‬ ‫كل من الرئيس سليم الحص والرئيس رشيد‬ ‫كرامي الذي قدم استقالته يف ‪ 4‬أيار ‪1987‬‬ ‫ويعي‬ ‫ليسقط شهيداً يف أول حزيران ‪1987‬‬ ‫نّ‬ ‫سليم الحص رئيساً للحكومة بالوكالة‪.‬‬ ‫وكان يفرتض أن يؤدي اللقاء بني الرئيس الحص‬ ‫والرئيس كميل شمعون‪ ،‬اىل إعادة تفعيل‬ ‫العمل الحكومي‪ ،‬لكن شيئاً من ذلك مل يحدث‬ ‫وقدم الحص استقالته الحقاً اىل الرئيس أمني‬ ‫الجميل ليعود عنها يف ‪ 2‬أيلول ‪ ،1988‬األمر‬ ‫الذي رفضه الجميل‪.‬‬ ‫عني الجميل يوم ‪ 22‬أيلول ‪ 1988‬قائد الجيش‬ ‫ميشال عون رئيساً للحكومة االنتقالية‪ ،‬فكان‬ ‫العامد ميشال عون ثاين جرنال يرتأس حكومة‬ ‫عسكرية‪ ،‬إذ كان الجرنال األول قائد الجيش فؤاد‬ ‫شهاب الذي ترأس حكومة انتقالية يف نهاية‬ ‫عهد الرئيس بشارة الخوري وتحديداً بني ‪18‬‬ ‫أيلول ‪ 1952‬و‪ 30‬منه وتخللها انتخاب كميل‬ ‫شمعون رئيساً للبالد يف ‪ 23‬أيلول‪.‬‬ ‫األمر الذي رد عليه الحص بالرفض معلناً‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬ ‫استمرار حكومته يف مهامتها‪ ،‬وكان سجال‬ ‫دستوري وقانوين أدى الحقاً اىل ما يشبه‬ ‫املراسيم الجوالة بني الحكومتني‪ ،‬يف ظل الشلل‬ ‫الناجم عن األوضاع األمنية املضطربة التي‬ ‫كانت البالد غارقة فيها‪ ،‬إضافة اىل االزدواجية‬ ‫يف عمل مؤسسات الدولة وخصوصاً يف‬ ‫الجبايات واألموال الحكومية التي كانت أيضاً‬ ‫موضوع سجال عنيف واتهامات بالرسقة‪.‬‬ ‫وحسمت حكومة الرئيس سليم الحص‪ ،‬وهي‬ ‫األوىل يف عهد الرئيس الياس الهراوي‪ ،‬األمر‬ ‫يف ‪ 13‬ترشين األول ‪ 1990‬من خالل إنهاء مت ّرد‬ ‫الحكومة العسكرية عىل الرشعية ولجوء‬ ‫العامد عون اىل السفارة الفرنسية لتبدأ‬ ‫مرحلة جديدة‪.‬‬

‫حكومة عمر كرامي‬ ‫استع ّرت الخالفات بني الرئيس الياس الهراوي‬ ‫ورئيس الحكومة الدكتور سليم الحص الداعي‬ ‫دوماً لحكومة تكنوقراط تساهم يف تحسني‬ ‫الوضع االقتصادي واإلمنايئ يف البلد‪ ،‬فيام‬ ‫كان الهراوي مرصاً عىل حكومة أقطاب تضم‬ ‫معظم الزعامات‪ ،‬فتمسك الحص بصالحياته‬ ‫املحفوظة يف اتفاق الطائف‪ ،‬أما الهراوي‬ ‫فترصف من منطلق روحية صالحيات رئيس‬ ‫ّ‬ ‫الجمهورية التي كانت له قبل “الدستور الجديد”‪.‬‬ ‫وهذا ما أدى رسيعاً اىل تو ّتر يف العالقات بني‬ ‫الرئيسني الهراوي والحص‪ ،‬ورأى وزير الدفاع‬ ‫ألبري منصور أنه مل يعد الرئيس الهراوي يف ّوت‬ ‫فرصة واحدة تسنح دون أن يثري وينتقد متلمل‬ ‫الرئيس الحص من “رحالت فخامته املنفردة اىل‬ ‫دمشق ومقابلته املسؤولني السوريني” إذ كان‬ ‫الهراوي يكثف زياراته اىل دمشق بغية التشاور‬ ‫يف املوضوع األسايس وهو “الحكومة الجديدة”‪،‬‬ ‫متجاه ًال رئيس مجلس النواب حسني الحسيني‬ ‫ورئيس الحكومة سليم الحص‪ .‬ويف ‪ 15‬كانون‬ ‫األول ‪ 1990‬قصد الهراوي دمشق مبفرده دون‬ ‫الحص والحسيني وبعد ‪ 4‬أيام استقال الحص‪،‬‬ ‫ويف ‪ 24‬كانون األول ‪ُ 1990‬ك ّلف عمر كرامي‬ ‫بتشكيل الحكومة الجديدة املؤلفة من ‪ 30‬وزيراً‬ ‫فكانت أوسع حكومة عرفت حتى ذلك الوقت‬ ‫يف تاريخ لبنان‪ .‬ومتثلت فيها كل األحزاب‬ ‫واالتجاهات السياسية باستثناء “حزب الله”‬ ‫وحزب الوطنيني األحرار وأنصار العامد عون‬ ‫والشيوعيني‪.‬‬ ‫أ ّلف الرئيس عمر كرامي حكومته يف أواخر‬ ‫العام ‪ .1990‬وكان عنوانها “الوفاق الوطني”‬ ‫الذي مل يتحقق بالكامل‪ ،‬فقد ضم الرئيس‬ ‫كرامي اىل حكومته سليامن فرنجية أبرز حلفاء‬ ‫سوريا وسمري جعجع قائد “القوات اللبنانية”‬ ‫التي كانت قد خاضت حرباً ضد عون‪ ،‬باإلضافة‬ ‫اىل الوزراء بري وجنبالط وإييل حبيقة‪ .‬غري أن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫جعجع مل يحرض أي جلسة للحكومة ثم‬ ‫استقال منها بعد نحو ‪ 3‬أشهر‪.‬‬ ‫تفاقم الوضع االقتصادي وتدين قيمة النقد‬ ‫الوطني بشكل مريع يف الفرتة الواقعة بني‬ ‫‪ 19‬شباط ‪ 1992‬و ‪ 4‬أيار ‪ ،1992‬وعىل أثر ذلك‬ ‫اجتمع أركان االتحاد العاميل ومكتب املعلمني‬ ‫ورابطة أساتذة الجامعة اللبنانية يف ‪ 5‬أيار‬ ‫‪ 1992‬وأعلنوا اإلرضاب العام ملدة ‪ 4‬أيام “من‬ ‫أجل تأليف حكومة قادرة”‪ .‬وقد ترافق مع ذلك‬ ‫قيام مجموعة كبرية من املواطنني بتظاهرات‬ ‫شعبية وجرى إحراق إطارات يف عدد من شوارع‬ ‫بريوت وضواحيها وجونيه وجبيل ‪ ..‬وتصاعدت‬ ‫وترية التظاهرات يف اليوم التايل أي يف ‪ 6‬أيار‬ ‫‪ 1992‬رافقتها أعامل شغب وتكسري محال‬ ‫ومهاجمة منازل وزراء ومسؤولني يف بعض‬ ‫املناطق اللبنانية‪.‬‬ ‫سقطت حكومة الرئيس كرامي تحت وطأة‬ ‫اضطرابات شعبية وضغوط غري شعبية يف ‪6‬‬ ‫أيار ‪ ،1992‬بسبب األوضاع االقتصادية وانهيار‬ ‫اللرية اللبنانية‪ ،‬إذ بلغ سعر رصف الدوالر‬ ‫آنذاك نحو ‪ 3000‬لرية‪.‬‬

‫حكومات متعاقبة‬ ‫ويف ‪ 26‬أيار أ ّلف الرئيس رشيد الصلح‬ ‫تعمر طوي ًال أرشفت عىل‬ ‫حكومة مل‬ ‫ّ‬ ‫االنتخابات النيابية ومهّدت لوصول الرئيس‬ ‫رفيق الحريري اىل الحكم ألول مرة‪ .‬وقد استقال‬ ‫ضم الرئيس‬ ‫جعجع من هذه الحكومة أيضاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحريري اىل حكومته األوىل ذراعه اليمنى‪ ،‬فؤاد‬ ‫السنيورة‪ ،‬فيام بقيت فيها رموز التحالف‬ ‫السابق املؤلف من نبيه الرئيس بري (عرب وزراء‬ ‫ممثلني له بعد انتخابه رئيساً للربملان) وجنبالط‬ ‫وفرنجية وحبيقة‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ ،1995‬شكل الرئيس الحريري‬

‫‪20‬‬

‫استقالة‬ ‫قدم‬ ‫بعدما‬ ‫الثانية‬ ‫حكومته‬ ‫الحكومة األوىل عقب متديد والية الرئيس‬ ‫الياس الهراوي يف ترشين األول من العام‬ ‫نفسه‪ .‬ويف العام ‪ 1996‬عاد الرئيس الحريري‬ ‫اىل الحكومة بعد االنتخابات النيابية التي‬ ‫دخل فيها اىل الربملان للمرة األوىل نائباً عن‬ ‫بريوت‪ .‬ويف العام ‪ 1998‬خرج الرئيس الحريري‬ ‫من الحكم مع انتخاب الرئيس إميل لحود‬ ‫رئيساً للجمهورية‪ ،‬بعد أزمة االستشارات‬ ‫النيابية‪ ،‬إذ احتج الرئيس الحريري عىل تفويض‬ ‫بعض النواب رئيس الجمهورية تسمية رئيس‬ ‫الحكومة رغم أنه تم اختياره من غالبية النواب‪،‬‬ ‫وسمي الرئيس الحص‬ ‫فأعيدت االستشارات‬ ‫ُ‬ ‫من قبل الغالبية النيابية‪.‬‬

‫حكومة عمر كرامي الثانية‬ ‫يف ‪ 14‬من شهر شباط ‪ 2005‬كان لبنان‬ ‫عىل موعد مع الزلزال الكبري الذي نجم عن‬ ‫اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬فتح ّرك الشارع‪،‬‬ ‫وعقد املجلس النيايب جلسته الشهرية يوم‬ ‫االثنني الواقع يف ‪ 28‬شباط ‪ ،2005‬ملساءلة‬ ‫الحكومة عن االغتياالت‪ ،‬وسط ضغط شعبي‬ ‫وهتافات مناوئة تتصاعد من خيم االعتصام‬ ‫التي نصبتها املعارضة يف ساحة الشهداء‪،‬‬ ‫وكانت املفاجأة إعالن الرئيس عمر كرامي‬ ‫استقالة حكومته وسط هتافات الفرح التي‬ ‫أطلقها نواب ‪ 14‬آذار داخل املجلس النيايب‪.‬‬

‫حكومة السنيورة‬ ‫بعد فوز األكرثية يف االنتخابات النيابية‬ ‫ُكلف الرئيس فؤاد السنيورة بتشكيل‬ ‫الحكومة عىل الرغم من أن حكومته األوىل‬ ‫اتهمت من قبل تحالف ‪ 8‬آذار املوايل لسوريا‬

‫وإيران بأنها غري دستورية وذلك بعد استقاله‬ ‫وزراء الشيعة بتاريخ ‪ 11‬ترشين الثاين ‪2006‬‬ ‫بسبب قلقهم من تعاون الحكومة مع املحكمة‬ ‫الدولية التي تنظر يف االغتياالت لسياسيني‬ ‫عارضوا سياسة سوريا وإيران يف لبنان‪ ،‬وقد‬ ‫ظل السنيورة رئيساً للحكومة ومل تؤثر فيه‬ ‫االعتصامات الشعبية التي نظمتها املعارضة‬ ‫حول القرص الحكومي ملدة سنة وأكرث‪ ،‬فيام‬ ‫دافع مؤيدوه بأن غالبية أعضاء الربملان ال زالوا‬ ‫يؤيدونه وهذا يعطيه الرشعية الدستورية‬ ‫للبقاء يف منصبه‪ ،‬بالرغم من أن وزراء الطائفة‬ ‫الشيعية‪ ،‬الذين استقالوا أفقدوها ميثاقيتها‬ ‫ورشعيتها الدستورية‪ ،‬ألنها تناقض مقدمة‬ ‫الدستور والفقرة (ي) منه‪.‬‬ ‫واعترب السنيورة هذه االعتصامات نوعاً‬ ‫من الخروج عىل القانون ألنها أغلقت الوسط‬ ‫التجاري لبريوت وألحقت الرضر بتجارة‬ ‫املواطنني التي ّ‬ ‫عطلت متاماً‪ .‬ال بل أن حكومة‬ ‫الرئيس السنيورة تسلمت مجتمعة مهام‬ ‫رئيس الجمهورية مع بداية يوم ‪ 24‬ترشين‬ ‫الثاين ‪ 2007‬وذلك بعد نهاية والية الرئيس‬ ‫إميل لحود وعدم انتخاب خلف له عىل الرغم‬ ‫من االعرتاضات عليها‪ ،‬لكن اعترب تسلمها‬ ‫للرئاسة أمراً واقعاً يؤيده الدستور الذي ينص‬ ‫عىل تويل مجلس الوزراء مجتمعاً مهام‬ ‫رئيس الجمهورية يف حالة فراغ املنصب إىل‬ ‫حني انتخاب رئيس جديد‪ .‬وقد استمرت مده‬ ‫تسلم الحكومة ألعامل الرئاسة ستة أشهر‪،‬‬ ‫وهي طوال فرتة الفراغ يف سدة الرئاسة‪،‬‬ ‫إنتهت مع انتخاب قائد الجيش اللبناين‬ ‫العامد ميشال سليامن رئيساً للجمهورية‬ ‫سبقها التوقيع عىل اتفاق الدوحة بني‬ ‫ّ‬ ‫السنيورة‬ ‫وشكل‬ ‫السياسيني‪.‬‬ ‫األفرقاء‬ ‫حكومته الثانية وحصلت املعارضة فيها‬ ‫عىل الثلث الضامن‪.‬‬

‫حكومة سعد الحريري والقرار‬ ‫الظني‬ ‫ومع وصول الرئيس سعد الحريري اىل رئاسة‬ ‫الحكومة بعد فوزه باألكرثية يف االنتخابات‬ ‫النيابية عام ‪ ،2009‬وتشكيله ما سمي‬ ‫بحكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬واجهته أزمة‬ ‫“املحكمة الدولية” وما رسب عن قرارها الظني‬ ‫واتهامه لعنارص من “حزب الله” باغتيال‬ ‫الرئيس الشهيد رفيق الحريري‪ ،‬وبات الجو‬ ‫السيايس يف أعىل درجات تشنجه وتأزماته‪،‬‬ ‫تسوده االتهامات وارتفاع الخطاب التخويني‬ ‫والخطاب السيايس الذي خال من اللياقة‬ ‫واملخاطبة السياسية الراقية التي كانت سمة‬ ‫كبار رجال السياسة يف لبنان اىل أن سقطت‬ ‫حكومة الحريري وسط حاالت من الضغط ‪.‬‬

‫فهل ينجح الرئيس املكلف نجيب ميقايت‬ ‫يف تشكيل حكومة وطنية جامعة تريض‬ ‫الجميع وتساهم يف تحقيق األمن السيايس‬ ‫واالجتامعي واالقتصادي وتضع لبنان من‬ ‫جديد عىل سلم التطور والتقدم‪ ،‬أم أن أزمة‬ ‫سياسية أخرى‪ ،‬تنتظر هذه الحكومة‪ ،‬حتى‬ ‫يتأكد فع ًال أن الحكومات يف لبنان ما زالت‬ ‫بريد رسائل يف الرصاعات املحلية واإلقليمية‬ ‫والدولية التي ال تتوقف يف منطقة الرشق‬ ‫األوسط؟‬ ‫ليست األزمة السياسية التي مير بها لبنان‬ ‫اليوم األوىل يف تاريخه بعد اإلستقالل‪ ،‬فلقد‬ ‫مر لبنان بأزمات سياسية كثرية مبا فيها‬ ‫األزمة التي تفجرت حرباً أهلية عام ‪،1975‬‬ ‫واستمرت إىل عام ‪ ،1990‬كذلك األزمة التي‬ ‫تحولت أيضاً إىل حرب أهلية عام ‪ .1958‬هذا‬ ‫عدا عن األزمات السياسية العديدة التي‬ ‫شهدها لبنان والتي يطول تعدادها‪ ،‬غري أن‬ ‫الجديد اليوم يف هذا األزمة أنها أخطر من أية‬ ‫أزمة سبقت‪ ،‬ولعلها املرة األوىل التي يتهدد‬ ‫فيها الكيان اللبناين بشكل جدي‪ ،‬بدليل‬ ‫حدة اإلنقسامات التي نشهدها والتي ميكن أن‬ ‫تعرب عن أطراف الرصاع اإلقليمي ‪ -‬الدويل يف‬ ‫املنطقة‪ :‬الواليات املتحدة‪“ ،‬إرسائيل”‪ ،‬النظم‬ ‫العربية الرجعية التابعة للواليات املتحدة من‬ ‫جهة‪ ،‬ويف املقابل هناك سوريا وإيران وتركيا‪،‬‬ ‫هناك أيضاً قوى دولية بدأت تنجر إىل رصاع‬ ‫الرشق األوسط بدرجة أو بأخرى منها روسيا‬ ‫والصني‪.‬‬ ‫إذاً هناك رصاع دويل كبري يف املنطقة‪ ،‬رمبا‬ ‫هو األعنف يف كل تاريخ املنطقة منذ أمد‬ ‫طويل‪ ،‬وهذا الرصاع يجد له يف لبنان مخترباً‬ ‫من خالل الجبهات القامئة‪ ،‬ومام ال شك فيه أن‬ ‫هناك تبعية كاملة من فريق يف لبنان للواليات‬ ‫املتحدة إما مبارشة أو عرب الدول التابعة‬ ‫للواليات املتحدة كاململكة العربية السعودية‬ ‫مث ًال‪ .‬وهناك يف املقابل تحالف بني معظم‬ ‫أطراف املعارضة السابقة مع سوريا وإيران‪.‬‬ ‫هذا الرصاع الدويل الكبري الذي يجري يف هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬يتخذ يف لبنان شك ًال طائفياً حاداً‬ ‫وهذا جزء من تكوين لبنان السيايس‪.‬‬ ‫هذه اإلنقسامات الطائفية واملذهبية الحادة‬ ‫جداً تهدد يف حال انفجارها بحرب أهلية لن‬ ‫تقترص أثارها هذه املرة عىل دمار البيوت وقتل‬ ‫الناس‪ ،‬ولكنها تحمل تهديداً ملصري ووحدة‬ ‫لبنان‪ .‬وحسبنا أن نذكر أن الكونغرس األمرييك‬ ‫ص ّوت بأغلبية ساحقة عىل تقسيم العراق‪.‬‬ ‫ولكن الذي جرى بالنسبة للعراق هو النموذج‬ ‫الذي تريده الواليات املتحدة لكل املنطقة‪ ،‬وهذا‬ ‫واضح يف وثائق عدة معروفة ومنشورة حول‬ ‫سياسة واسرتاتيجية أمريكا يف إعادة رسم‬ ‫جغرافيا املنطقة عرب ما يسمى “الفوىض‬ ‫البناءة” أي الحروب األهلية‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫إذاً‪ ،‬األزمة السياسية الراهنة والتي يجري‬ ‫السجال حولها من خالل تفسريات دستورية‬ ‫ وهذا يعكس أيضاً أزمة النظام السيايس‬‫يف لبنان ‪ -‬ليست مجرد أزمة سياسية عابرة‬ ‫أو عادية كمثل األزمات التي شهدها لبنان‬ ‫يف تاريخه‪ ،‬وليست فقط أزمة نظام ولكنها‬ ‫أيضاً أزمة كيان‪.‬‬ ‫إن األزمات املتتالية التي أصابت لبنان منذ‬ ‫نشأته ووضعته عىل حافة الهاوية سببها‬ ‫أن ليس يف لبنان دولة‪ .‬بل دولة طوائف وأمراء‬ ‫طوائف ومال‪ .‬دولة لبنان عبارة عن رشكة‬ ‫محاصصة مالية سياسية طائفية‪ ،‬قوامها‬ ‫تحالف املال مع اإلقطاع السيايس مع الطوائف‬ ‫مع املخابرات الدولية‪ ،‬تعاقب هذا التحالف‬ ‫عىل حكم لبنان منذ نشأته‪ ،‬تقاسم موارده‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عطل مؤسساته‪ ،‬أفسد إدارته‪ ،‬منع تطوره‪،‬‬ ‫بنى مؤسساته املالية والرتبوية واإلعالمية‬ ‫والصحية والخدماتية عىل حساب مؤسسات‬ ‫الدولة‪ ،‬وجعل نظامه السيايس طائفياً‬ ‫دميقراطياً توافقياً هجيناً قامئاً عىل توازنني‬ ‫داخيل وخارجي مام جعله عرضة للتوترات‬ ‫الدامئة عند أي متغري إقليمي أو دويل‪ ،‬وجعل‬ ‫نظامه االقتصادي ريعياً احتكارياً مضارباً‬ ‫مر تكزاً عىل الخدمات‪ ،‬وأهملت القطاعات‬ ‫اإلنتاجية من صناعية وزراعية بغية إلغاء‬ ‫الدورة االقتصادية االجتامعية املتكاملة بني‬ ‫لبنان ومحيطه العريب وصوالً لعزل لبنان عن‬ ‫هذا املحيط اقتصادياً وسياسياً وربطه بالغرب‪،‬‬ ‫وفق وظيفته األساسية منذ تكوينه كوسيط‬ ‫للغرب‪ ،‬ونقطة انطالق للمشاريع الغربية إىل‬ ‫الرشق‪.‬‬ ‫يبدو بوضوح أن الحكومات اللبنانية مل‬ ‫تستخرج الدروس الالزمة من الفشل الذريع‬ ‫يف بناء الدولة العرصية عىل قاعدة اتفاق‬ ‫الطائف لعام ‪ ،1989‬الذي أوقف الحرب دون أن‬ ‫يحصن الساحة اللبنانية من منع تجددها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفشل يف تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية‪.‬‬ ‫مام استدعى مراراً تدخالت إقليمية ودولية‬ ‫ملعالجة وملنع انفجار نظام الحكم يف لبنان‬ ‫الذي تعيش مؤسساته نوعاً من الشلل‬ ‫العام عىل مختلف الصعد الحكومية‪،‬‬ ‫والربملانية‪ ،‬واإلدارية‪ ،‬والرتبوية‪ .‬فزعامء املواالة‬ ‫واملعارضة هام اليوم وجهان لعملة واحدة‬ ‫من حيث التجاذب السيايس املعطل لنظام‬ ‫الحكم‪ ،‬وكالهام يبحث عن تحقيق مصالح‬ ‫شخصية أو حزبية أو طائفية ضيقة عىل‬ ‫حساب بناء الدولة ومؤسساتها – من وجهة‬ ‫نظر البعض عىل االقل‪ -‬وال مانع لدى زعامء‬ ‫الطوائف من تعطيل عجلة الحكم وشل‬ ‫مؤسسات الدولة ألشهر طويلة بانتظار‬ ‫التوافق من الخارج‪.‬‬

‫ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫النصوص ليست «كيمياء» تمنح الرجولة‬

‫إدمون رزق لـ «منبر التوحيد»‪ :‬رئيس الجمهورية‬ ‫لديه صالحيات وأكثر وليست بحاجة لتعديل‬ ‫يف ظروف صعبة‪ ،‬بل مستحيلة‪ ،‬سياسياً‬ ‫واقتصادياً‪ ،‬أمنياً ومعيشياً‪ ،‬ويف ظل اختالل‬ ‫كبري للتوازنات‪ ،‬وتفكك داخيل وفراغ غري‬ ‫مسبوق ألكرث من سنة يف رئاسة الجمهورية‪،‬‬ ‫انعقد الطائف‪ ،‬للنواب اللبنانيني‪ ،‬من جميع‬ ‫الطوائف وسائر املناطق‪ ،‬برعاية عربية ومواكبة‬ ‫دولية‪.‬‬ ‫بعد اثنني وعرشين سنة من إقرارها يف‬ ‫الطائف تظل “وثيقة الوفاق الوطني” إشكالية‬ ‫متعددة األوجه‪:‬‬ ‫فثمة من يعتربها حجر الزاوية‪ ،‬لبناء دولة‬ ‫املؤسسات الدميقراطية يف كيان تعددي‬ ‫موحد‪ ،‬و ّمثة من يح ّملها مسؤولية تردي‬ ‫ّ‬ ‫األوضاع العامة‪ ،‬يف خضم رصاعات سياسية‪،‬‬ ‫محلية وإقليمية ودولية‪.‬‬ ‫اليشء األكيد هو أن الوثيقة مل تطبق بالرغم‬ ‫من إدخال بنودها‪ ،‬التي سميت “إصالحات‬ ‫سياسية”‪ ،‬يف صلب الدستور اللبناين‪ ،‬مبوجب‬ ‫القانون رقم ‪ 18‬تاريخ ‪1990-9-21‬‬ ‫وأبرز دليل عىل عدم التطبيق‪ ،‬هو مجاهرة‬ ‫املسؤولني‪ ،‬يف شتى املناسبات‪ ،‬بوجوب العودة‬ ‫اىل “اتفاق الطائف”‪ ،‬وقد سمعنا البعض‬ ‫منهم يقول‪“ :‬تطبيق الطائف هو الحل”‪.‬‬ ‫سمعنا كثرياً يف اآلونة األخرية كالماً عن‬ ‫صالحيات رئاسة الجمهورية اللبنانية وما‬ ‫فعله الطائف فيها‪ .‬إال أن الحقائق يف لبنان‬ ‫تبقى وجهة نظر‪ ،‬فال نقاش موضوعي وال‬ ‫حوار عقالين بل مج ّرد مواقف تستند اىل‬ ‫خلفيات طائفية ومذهبية ومصالح ضيقة‪ .‬ال‬ ‫شك يف أن أي اتفاق يلزمه تقييم عىل ضوء‬ ‫طريقة تطبيقه‪ ،‬ليصار اىل س ّد الثغرات التي‬ ‫ظهرت بعد إدخاله ح ّيز التنفيذ‪ ،‬فكم بالحري‬ ‫اتفاق جرى تحت وطأة حرب وأىت ليوقفها‬ ‫وو ّقع عليه نواب قىض نصف من انتخبهم‬ ‫وولد جيلني كاملني بعد دخولهم اىل الربملان‪.‬‬ ‫ليس الطائف كتاباً منزالً وال تشكل عملية‬ ‫تعديله جرمية أو سابقة‪ ،‬بل أن االستمرار‬ ‫بتطبيقه أو عدم تطبيقه يف ظل هذه الثغرات‬ ‫هو الجرمية‪ .‬فقد أدخل الطائف تعديالت كثرية‬ ‫أبرزها طال صالحيات رئاسة الجمهورية‪ .‬بعض‬ ‫تلك التعديالت جاء ليضع ح ّداً لتف ّرد الرئيس‬ ‫املاروين بالحكم‪ .‬إال أن التدقيق فيام أدخلته‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫كامل‬ ‫مجلس‬ ‫أصبح‬ ‫األكرب‬

‫تلك التعديالت يظهر بوضوح نقل‬ ‫الصالحيات من رئاسة الجمهورية اىل‬ ‫الوزراء واىل رئيس مجلس الوزراء الذي‬ ‫عىل أرض الواقع صاحب الصالحيات‬ ‫واألوسع يف الجمهورية الثانية‪.‬‬ ‫إن استعادة جزء من صالحيات رئاسة‬ ‫الجمهورية هي رشط أسايس الستعادة التوازن‬ ‫يف لبنان واالستقرار اىل السلطة وبدون ذلك‬ ‫ستبقى دولة قيد الدرس ولن تقوم لها قامئة‪.‬‬ ‫كام أن استعادة جزء من صالحيات الرئاسة‬ ‫ال يعني بأنه سيكون عىل حساب طوائف أخرى‬ ‫وبالتحديد عىل حساب الطائفة السنية‪ ،‬لكن‬ ‫ال يجوز أن تكون صالحيات رئيس الجمهورية‬ ‫عملياً أقل من صالحية الوزير‪ .‬كام ّأن تجربة‬ ‫حكم آل الحريري ومعاونيهم أظهرت أنهم‬ ‫استغلوا تعديل اتفاق الطائف لجهة مأسسة‬ ‫السلطة اإلجرائية‪ ،‬وحاولوا إحكام السيطرة‬ ‫عىل البالد‪.‬‬ ‫ّإن طرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي‬ ‫ورئيس تكتل “التغيري واإلصالح” العامد‬ ‫ميشال عون حول تعديل اتفاق الطائف هي‬ ‫مواقف وطنية وليست لالنتقاص من صالحيات‬

‫‪22‬‬

‫سلطات أخرى‪.‬‬ ‫وبقراءة متأنية للدستور ميكننا استخالص‬ ‫أبرز النقاط واملواضيع التي طاولها التعديل‬ ‫فيام يتعلق مبوضوع صالحيات الرئيس وفق‬ ‫الجدول املرفق‪:‬‬

‫الطائف ليس منزالً‬ ‫هذه أبرز التعديالت التي أدخلها الطائف‬ ‫عىل صالحيات رئيس الجمهورية‪ .‬وإللقاء الضوء‬ ‫أكرثعىل هذا املوضوع‪“ ،‬منرب التوحيد” التقت‬ ‫الوزير السابق إدمون رزق الذي كان له حضور‬ ‫فاعل يف مؤمتر الطائف‪ ،‬ويف لجنة الصياغة‪،‬‬ ‫والذي عهد إليه مجلس الوزراء األول‪ ،‬بعد‬ ‫الطائف‪ ،‬مهمة وضع مرشوع تعديل الدستور‪،‬‬ ‫بصفته وزيراً للعدل‪ .‬وكان الحوار التايل‪:‬‬ ‫يقول البطريرك الراعي‪“ :‬الطائف ليس منزالً‬ ‫وفيه الكثري من الثغرات ويجب إدخال تعديالت‬ ‫عليه وال سيام يف ما خص صالحيات رئيس‬ ‫الجمهورية‪ .‬ما هو تعليقك عىل ذلك؟‬ ‫ال أريد التعليق عىل كالم غبطة البطريرك ألن‬ ‫موضوع من هذا النوع يحتاج اىل الكثري من الدقة‬

‫والتدقيق وتحايش الحساسيات وأي موقف رسمي‬ ‫يصدر عن مقام البطريركية املارونية يحتاج اىل‬ ‫املزيد من التحضري واإلحاطة‪ ،‬وال أعتقد أن هذه‬ ‫العبارات التي ذكرتها تؤدي املعنى املقصود فعلياً‬ ‫أو النية الحافزة ألخذ موقف جازم‪ .‬وأود تجاوز ظاهر‬ ‫العبارة ألنها ال تستند اىل توثيق يف مستوى ما‬ ‫ميكن أو يجوز أن يصدر عن بكريك‪ .‬وأفضل بل‬ ‫أرص عىل تحايش إقحام البطريركية املارونية يف‬ ‫جدلية سياسية غري موثقة وتحتمل اإلشكاالت‪.‬‬

‫فتنة طائفية‬ ‫هناك انقسام لجهة هذه املطالبة‪ ،‬والبعض‬ ‫يتحدث عن فتنة طائفية يف حال حصلت هذه‬ ‫اإلصالحات‪ .‬ما هو تعليقكم عىل ذلك؟‬ ‫لست من هذا الرأي إطالقاً ألنني أعترب أن رئيس‬ ‫الجمهورية وإن كان مارونياً يف انتامئه الطائفي‬ ‫فرئاسة الجمهورية ليست للموارنة‪ ،‬ورئاسة‬ ‫مجلس النواب ليست للشيعة ورئاسة الحكومة‬ ‫ليست للسنة‪ .‬إنه تحوير وتزييف لنية املشرتع‬ ‫اللبناين الذي حاول التوفيق بني واقع التعددية‬ ‫املذهبية يف لبنان وبني وجوب قيام مؤسسات‬ ‫قادرة وقابلة للعمل ولإلنتاج‪ .‬إن الذين ميذهبون‬ ‫هذا املوضوع هم عىل خطأ و ضالل ويوقعون أفدح‬ ‫األرضار بالبنية الوطنية‪ .‬إذا كان تعزيز صالحيات‬ ‫رئيس الجمهورية مطلباً مارونياً فهو ساقط وأنا‬ ‫ضده‪ .‬وإذا كانت هيمنة رئاسة مجلس النواب‬ ‫مطلباً شيعياً فذلك ينتقص من االنتامء الوطني‬ ‫وال ميكن أن يؤدي اىل أي نتيجة إيجابية وإذا كان‬ ‫موقع رئاسة الحكومة هو مرجعية سنية فيعترب‬ ‫ذلك فش ًال ذريعاً للبنان‪ .‬نحن نحاول استلحاق‬ ‫الدميقراطية يف لبنان بد ًءا باالعرتاف املتبادل‬ ‫واملساواة يف املواطنية بني املنتمني اىل مختلف‬ ‫الطوائف واملذاهب وهذه حالة غري موجودة يف‬ ‫باقي البلدان‪ .‬لذلك أشجب وأستنكر وأرفض‬ ‫مقوالت مارونية أو سنية أو شيعية‪ .‬إذا كنا نريد‬ ‫جمهورية حقيقية فيجب أن تكون لها رئاسة‬ ‫مكتملة أسوة بالدول ذات النظم الدميقراطية‬ ‫الحقيقية‪ .‬أرفض مقولة إن املوارنة “مغبونون” ألن‬ ‫رئاسة الجمهورية منتقصة الصالحيات أو نزعت‬ ‫منها صالحيات معينة مل تكن قابلة للمامرسة‬ ‫ومل متارس يوماً‪.‬‬

‫ثقافة العيش املشرتك‬ ‫ما رأيك مبقولة “إن الطائف مسامر دقوه يف‬ ‫نفوس املسيحيني متهيداً لتهجريهم”؟‬ ‫ال أعرف من قال هذا الكالم ولكن كان هناك‬ ‫مسببات للذهاب اىل الطائف معظمها مسببات‬ ‫مسيحية ومارونية تحديداً‪ ،‬منها تفريغ رئاسة‬ ‫الجمهورية‪ ،‬وجود حكومتني‪ ،‬تشليع املؤسسات‬ ‫وطفرة امليليشيات‪ .‬عندما طغت رشيعة الغاب‬

‫وبرزت أنياب الذئاب‪ ،‬عندما تقسمت اإلدارات وأقفل‬ ‫املطار وفقدت السلع واملحروقات وعمت الظلامت‪.‬‬ ‫ال أريد الغوص يف جدلية عقيمة أن الطائف‬ ‫مسامر دق لتهجرياملسيحيني‪ .‬املسيحيون وجدوا‬ ‫يف لبنان منذ آالف السنني‪ ،‬مروا بعهود كثرية‬ ‫كام شهدوا فتوحات عربية وإسالمية وفرعونية‬ ‫وفارسية ويونانية وبقوا صامدين ومل يهجروا‬ ‫ألنهم كانوا مؤمنني بانتامئهم اىل هذه األرض‪،‬‬ ‫وكذلك املسلمني‪ .‬لقدعاشوا معاً مئات السنني‬ ‫وبالطبع تخللت تلك السنني أحداث ومجازر‬ ‫ولكن ثقافة العيش املشرتك بقيت سائدة يف‬ ‫جميع النفوس ‪.‬‬

‫الجمهورية ليست للموارنة‬ ‫ما الذي تغيرّ قبل الطائف وبعده من‬ ‫صالحيات رئيس الجمهورية؟‬ ‫نقلت بعض صالحيات رئيس الجمهورية اىل‬ ‫مجلس الوزراء مجتمعاً‪ .‬من الشخص اىل‬ ‫املؤسسة مكتملة‪ .‬صحيح أن رئيس الجمهورية‬ ‫ماروين‪ ،‬لكن الجمهورية ليست للموارنة‪ ،‬بل‬ ‫للبنانيني‪ .‬لقد ألغت الوثيقة صالحيات غري قابلة‬ ‫للمامرسة‪ ،‬ومل يسبق أن مارسها أي رئيس يف‬ ‫لبنان‪ ،‬منذ االستقالل حتى الطائف‪ ،‬ألنها تدخل‬ ‫يف دساتري األنظمة الرئاسية ال الربملانية‪ .‬أي‬ ‫تصنيف للرئيس ضمن مجموعة أو فريق ينتقص‬ ‫من الرئاسة ويشكل خرقاً ذريعاً للدستور‪ .‬إنه‬ ‫“فوق” وكل محاولة لجعله جز ًءا من تركيبة أو بنية‬ ‫“تحتية”‪ ،‬تب ّيت إساءة مزدوجة‪ ،‬للشخص وللموقع‪،‬‬ ‫وترتد عىل كرامة الوطن‪.‬‬ ‫إن لرئيس الجمهورية جميع الصالحيات الالزمة‬ ‫ملامرسة مهامه املحددة يف املادة ‪ 49‬من الدستور‪،‬‬ ‫فض ًال عن القيام بسائر الترصفات املبينة حتى‬ ‫املادة ‪ .63‬موقعه فوق الحصص وأكرب منها جميعاً‪.‬‬ ‫إنه صاحب القرار النهايئ يف تأليف الحكومة‪ ،‬وما‬ ‫من قوة يف العامل تلزمه عىل توقيع أي اقرتاح‬

‫‪23‬‬

‫تشكيلة وزارية ال يرى فيها ضامناً أكيداً ملصلحة‬ ‫البالد العليا‪.‬‬ ‫تقول “إن الفشل مسؤولية األشخاص ال‬ ‫النصوص”‪ .‬كيف يرتجم هذا القول؟‬ ‫اليوم‪ ،‬بعد مرور ‪ 22‬سنة كاملة عىل تصديقها‪،‬‬ ‫التزال “وثيقة الوفاق الوطني” الصيغة الوحيدة‬ ‫الجدية إلعادة بناء الوطن النهايئ‪ ،‬اللبناين‬ ‫العريب‪ ،‬السيد الح ّر املستقل‪ ،‬وطن املساواة‬ ‫وحقوق اإلنسان واحرتام القوانني‪.‬‬ ‫إن الفشل مسؤولية األشخاص ال النصوص‪ ،‬ألن‬ ‫النصوص ليست “كيمياء” متنح الرجولة‪ ،‬والصدق‬ ‫والشجاعة واإلخالص والحزم‪ .‬مثة من يحمل اتفاق‬ ‫الطائف‪ ،‬والدستور مسؤولية فشله الشخيص‬ ‫وتقصريه ويستغل جهل الناس والوقائع والحقائق‬ ‫إليهامهم بأن الذين ذهبوا اىل الطائف “باعوا‬ ‫لبنان” و”ج ّردوا” رئاسة الجمهورية من صالحياتها‪،‬‬ ‫و”بدّلوا” املارونية السياسية بالسنية السياسية‪،‬‬ ‫ورويداً بالشيعية العسكرية‪ ...‬ورمبا غداً بالدرزية‬ ‫التاريخية امليثاقية‪ .‬هؤالء القوم يقبعون يف‬ ‫سلطة األمر الواقع‪ ،‬منذ عقدين‪ ،‬ميارسونها‬ ‫كيفياً وتعسفياً ويعيدون إنتاج طاقمهم تحت‬ ‫ستار الطائف وهم املستفيدون من تجهيله‬ ‫واملتآمرون عليه مع الطامعني به‪.‬‬ ‫ملاذا يح ّمل الرئيس أمني الجميل مسؤولية ما‬ ‫جرى من تعديالت يف الطائف؟‬ ‫كانت املطالبة بتعديل الدستور بالنسبة‬ ‫اىل الصالحيات منذ أيام بشارة الخوري وليس‬ ‫يف عهد أمني الجميل‪ .‬وكان البعض يتململ من‬ ‫وجود صالحيات كانت سابقاً للمفوض السامي‬ ‫ألنه ليس من الطبيعي أن يأخذ رئيس الجمهورية‬ ‫صالحيات املفوض السامي‪ .‬اتفاق الطائف‬ ‫كان مخرجاً من حالة مأساوية أمنية وطنية‬ ‫واجتامعية واقتصادية‪ .‬يجب البدء بتطبيق‬ ‫اتفاق الطائف من خالل إنتاج سلطة عىل أساس‬ ‫انتخابات ومن خالل قانون يتيح اختيار املمثلني‬ ‫الحقيقيني والرشعيني للشعب اللبناين‪ ،‬ومن‬ ‫هذا املجلس تنبثق حكومة وطنية عىل أسس‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬ ‫دميقراطية وينتخب رئيس جمهورية مبعزل عن أي‬ ‫ضغوط أو تدخالت سواء كانت أجنبية أو ميدانية‪،‬‬ ‫أي سلطة لبنانية رشعية متثل الشعب اللبناين‬ ‫حقيقة‪.‬‬ ‫يعني إذا طبق الطائف لسنا بحاجة اىل‬ ‫تعديله؟‬ ‫نحن بحاجة اىل تطوير الطائف لتوحيد‬ ‫الشعب اللبناين الذي يعاين من الترشذم وهو‬ ‫مقسم ومفتت‪ .‬املطلوب إعادة بناء الدولة‬ ‫اللبنانية بد ًءا بتطبيق اتفاق الطائف‪ .‬عندما‬ ‫نطالب بالصالحيات يعني ذلك التنصل من‬ ‫املسؤولية‪.‬‬ ‫تقول”إن رئيس الجمهورية لديه كامل‬ ‫الصالحيات التي متكنه من مامرسة دوره وبالتايل‬ ‫ال حاجة لتعديل صالحياته ألن لديه ما يكفيه‬ ‫وأكرث”‪ .‬كيف تفرسون ذلك؟‬ ‫املادة ‪ 49‬من الدستور تقول‪“ :‬رئيس الجمهورية‬ ‫هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر عىل‬ ‫احرتام الدستور واملحافظة عىل استقالل لبنان‬ ‫ووحدته وسالمة أراضيه وفقاً ألحكام الدستور‪.‬‬ ‫يرأس املجلس األعىل للدفاع وهو القائد األعىل‬ ‫للقوات املسلحة التي تخضع لسلطة مجلس‬ ‫الوزراء‪.‬‬ ‫القائد األعىل للقوات املسلحة وال ميكنه أمر‬ ‫أو نهي مدير عام مثلام حصل مؤخراً مع اللواء‬ ‫أرشف ريفي؟‬ ‫يستطيع أن يأمر ولكن مبوجب قرار سلطة‬ ‫مجلس الوزراء‪ .‬رئيس الجمهورية ليس دكتاتوراً أو‬ ‫مفوضاً سامياً‪ .‬من يعني مجلس الوزراء؟ إن رئيس‬ ‫الجمهورية هو مسؤول عن تعيني كل وزير‪.‬‬ ‫وملاذا يتكلمون عن حصة الرئيس ما دام هو‬ ‫مسؤؤل عن تعيني كل الوزراء؟‬

‫دعوة مجلس النواب‪:‬‬ ‫كان لرئيس الجمهورية أن يدعو‬ ‫المجلس الى عقود إستثنائية وفق المادة‬ ‫‪ 33‬في الدستور إال أن الطائف قيّد هذه‬ ‫الصالحيات إذ جعل رئيس الجمهورية‬ ‫مضطراً لإلتفاق مع رئيس الحكومة‬ ‫ليتمكن من دعوة مجلس النواب الى‬ ‫عقود إستثنائية‪ .‬فماذا لو لم يوافق رئيس‬ ‫الحكومة على ذلك؟‬

‫ألنهم ال يفهمون‪ .‬كل الذين يتعاطون‬ ‫مبوضوع املحاصصة “صغار” وهم أصغر‬ ‫من املسؤولية‪ .‬من الصغارة والجهالة‬ ‫التكلم عن الحصص‪ .‬ال أحد يحق له شيئا‪.‬‬ ‫فقط يحق للشعب اللبناين أن يكون‬ ‫عنده حكومة مؤهلة أن تدير شؤونه‪ .‬إن‬ ‫املامرسات هي املدانة‪ ،‬وهي القارصة‪ ،‬وليس‬ ‫ما يزعمونه نقصاً أو غموضاً يف النصوص‬ ‫إال ذريعة وتغطية للعجز والفشل‪ .‬يجب‬ ‫املبادرة بتطبيق الطائف أوالً ليك تكتشف‬ ‫الثغرات يف ضوء املامرسة‪ ،‬فتعد النصوص‬ ‫وتبدل‪.‬‬

‫أو الذين سيجتمعون إذا كانوا أربعة أو أربعني‪،‬‬ ‫الذي يهمني هو محتوى العمل املشرتك‪ .‬ال أعرف‬ ‫إذا متت املصالحة وال يهمني ذلك‪ .‬يجب أن يكفوا‬ ‫األذى عن الوطن‪ .‬ال يختزل املوارنة من خالل أربعة‬ ‫أو اربعني مارونياً‪ .‬ال ميكن اختزالهم بزعامات أو‬ ‫قيادات‪ .‬بكريك هي املرجعية الوحيدة التي ميكن‬ ‫أن تكون جامعة وأما اآلخرون فيمثلون الرشذمة‪.‬‬ ‫عىل ماذا يختلف املسيحيون وعىل ماذا‬ ‫يتفقون؟‬ ‫يختلفون عىل الحصص وهذا دليل خيانة‬ ‫للوطن‪ .‬أستغرب املطالبة بالحصص كأننا نعود‬ ‫من غزو وكل واحد يريد حصته‪ .‬هذا معيب‪ .‬وأدعو‬ ‫اىل تطبيق اتفاق الطائف روحاً ونصاً وامليض‬ ‫قدماً يف عملية بناء الدولة الحضارية‪.‬‬

‫ما رأيك بلقاء بكريك الذي جمع القادة‬ ‫املوارنة األربعة؟ وهل متت املصالحة برأيك؟‬ ‫ال يهمني األشخاص الذين اجتمعوا يف بكريك‬

‫تحقيق لور عقل‬ ‫تصوير عدنان عبد الله‬

‫بكريك هي املرجعية واآلخرون‬ ‫ميثلون الرشذمة‬

‫صالحيات رئيس الجمهورية قبل تعديلها وكما وردت في الطائف‬ ‫المواد كما وردت في‬ ‫المواد قبل تعديلها‬ ‫صالحيات الرئيس‬ ‫الطائف‬ ‫في الطائف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السلطة اإلجرائية‪:‬‬ ‫سحب الطائف من رئيس الجمهورية السلطة اإلجرائية التي كان‬ ‫يتوالها بمعاونة الوزراء كما كانت تنص المادة ‪ 17‬من الدستور‬ ‫والتي جرى تعديلها‪ ،‬فأنيطت السلطة اإلجرائية بمجلس الوزراء‪.‬‬ ‫فبعد أن كان الرئيس هو رأس السلطة اإلجرائية جاء الطائف ليمنعه‬ ‫حتى من أن يكون شريكاً‪.‬‬

‫المادة ‪:17‬‬ ‫السلطة‬ ‫تناط‬ ‫اإلجرائية برئيس‬ ‫وهو‬ ‫الجمهورية‬ ‫بمعاونة‬ ‫يتوالها‬ ‫ً‬ ‫الوزراء وفقا ألحكام‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫المادة ‪:17‬‬ ‫تناط السلطة اإلجرائية‬ ‫بمجلس الوزراء‪ .‬وهو‬ ‫يتوالها وفقاً ألحكام هذا‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫إقتراح القوانين‪:‬‬ ‫كان حق اقتراح القوانين يعود لرئيس الجمهورية أو لمجلس النواب‪،‬‬ ‫وفق المادة ‪ 18‬من الدستور‪ ،‬إال أن الطائف سحب هذه الصالحية من‬ ‫رئيس الجمهورية وحصرها بمجلس الوزراء ومجلس النواب فقط‪.‬‬ ‫فلم يعد باستطاعة الرئيس أن يقترح قانون على المجلس النيابي وهذه‬ ‫من بديهيات األمور‪.‬‬

‫المادة ‪:18‬‬ ‫لرئيس الجمهورية‬ ‫ومجلس النواب حق‬ ‫اقتراح القوانين‪.‬‬

‫المادة ‪:18‬‬ ‫لمجلس النواب ومجلس‬ ‫الوزراء حق اقتراح‬ ‫القوانين‪ .‬وال ينشر قانون‬ ‫ما لم يقره مجلس النواب‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫المعاهدات الدولية‪:‬‬ ‫كانت صالحية المفاوضة‬ ‫في عقد المعاهدات الدولية‬ ‫لرئيس‬ ‫تعود‬ ‫وإبرامها‬ ‫ً‬ ‫الجمهورية حصرا وفق‬ ‫المادة ‪ 52‬من الدستور‪ ،‬إال‬ ‫أن الطائف جعل من رئيس‬ ‫الحكومة شريكاً لرئيس‬ ‫الجمهورية في هذا الملف‪.‬‬

‫تشكيل الحكومة‪:‬‬ ‫كان لرئيس الجمهورية السلطة‬ ‫المطلقة في تعيين الوزراء‬ ‫وتسمية رئيس من بينهم وفق‬ ‫المادة ‪ 53‬من الدستور‪ ،‬إال‬ ‫أن الطائف قيّد حق رئيس‬ ‫الجمهورية في تسمية رئيس‬ ‫الحكومة المكلف إذ جعل‬ ‫التشاور مع رئيس المجلس‬ ‫النيابي وإجراء استشارات‬ ‫نيابية ملزمة شرطين أساسيين‪.‬‬ ‫أما تعيين الوزراء‪ ،‬فأصبح‬ ‫رئيس الحكومة شريكاً في‬ ‫عملية التشكيل وتوقيعه على‬ ‫مرسوم التشكيل ضرورة‬ ‫دستورية‪.‬‬

‫المادة ‪:33‬‬ ‫إن افتتاح العقود العادية واختتامها يجريان حكماً في‬ ‫المواعيد المبينة في المادة ‪ 32‬ولرئيس الجمهورية‬ ‫أن يدعو مجلس النواب الى عقود استثنائية‪ .‬أما‬ ‫مواعيد افتتاح العقود االستثنائية وختامها فتحدد‬ ‫بموجب مرسوم ويعين برنامج العقد االستثنائي في‬ ‫مرسوم الدعوة‪ .‬وعلى رئيس الجمهورية‪ ،‬دعوة‬ ‫المجلس الى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك األكثرية‬ ‫المطلقة من مجموع أعضائه‪.‬‬

‫المادة ‪:52‬‬ ‫يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد‬ ‫المعاهدات الدولية وإبرامها ويطلع المجلس‬ ‫عليها حينما تمكنه من ذلك مصلحة البالد‬ ‫وسالمة الدولة‪ .‬أما المعاهدات التي تنطوي‬ ‫على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات‬ ‫التجارية وسائر المعاهدات التي ال يجوز‬ ‫فسخها سنة فسنة فال تعد مبرمة إال بعد‬ ‫موافقة المجلس عليها‬

‫المادة ‪:53‬‬ ‫رئيس الجمهورية‬ ‫يعين الوزراء‬ ‫منهم‬ ‫ويسمي‬ ‫رئيساً ويقيلهم‬ ‫ويولي الموظفين‬ ‫مناصب الدولة‬ ‫ما خال التي‬ ‫القانون‬ ‫يحدد‬ ‫شكل التعيين لها‬ ‫على وجه آخر‬ ‫ويرأس الحفالت‬ ‫الرسمية‪.‬‬

‫المهل التي يخضع لها الرئيس‪ :‬إن رئيس الجمهورية‬ ‫هو الوحيد الذي يعتبر خاضعاً للمهل التي أدخلها‬ ‫الطائف في المواد ‪ 56‬وما يليها‪ .‬فيمكن ألي وزير‬ ‫أن يرمي مرسوماً في درجه لسنوات وسنوات‪ ،‬أما‬ ‫رئيس الجمهورية قتقيدت سلطته بموجب المادة ‪56‬‬ ‫من الدستور بأن يحق له الطلب إلى مجلس الوزراء‬ ‫إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها‬ ‫المجلس خالل خمسة عشر يوماً‪ ،‬من تاريخ إيداعه‬ ‫رئاسة الجمهورية‪ .‬وإذا أصر مجلس الوزراء على‬ ‫القرار المتخذ أو انقضت المهلة دون إصدار المرسوم‬ ‫أو إعادته يعتبر القرار أو المرسوم نافذاً حكماً ووجب‬ ‫نشره‪.‬‬

‫المادة ‪:33‬‬ ‫إن افتتاح العقود العادية واختتامها يجريان حكماً‬ ‫في المواعيد المبينة في المادة ‪ .32‬ولرئيس‬ ‫الجمهورية‪ ،‬باالتفاق مع رئيس الحكومة أن‬ ‫يدعو مجلس النواب الى عقود استثنائية بمرسوم‬ ‫يحدد افتتاحها واختتامها وبرنامجها‪ .‬وعلى‬ ‫رئيس الجمهورية‪ ،‬دعوة المجلس الى عقود‬ ‫استثنائية إذا طلبت ذلك األكثرية المطلقة من‬ ‫مجموع أعضائه‪.‬‬

‫المادة ‪:52‬‬ ‫يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات‬ ‫الدولية وإبرامها باالتفاق مع رئيس الحكومة‪ .‬وال‬ ‫تصبح مبرمة إال بعد موافقة مجلس الوزراء‪ .‬وتطلع‬ ‫الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك‬ ‫مصلحة البالد وسالمة الدولة‪ .‬أما المعاهدات التي‬ ‫تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات‬ ‫وسائر المعاهدات التي ال يجوز فسخها سنة فسنة‪ ،‬فال‬ ‫يمكن إبرامها إال بعد موافقة مجلس النواب‬

‫المادة ‪:53‬‬ ‫يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء عندما يشاء دون أن يشارك في‬ ‫‪ - 1‬‬ ‫التصويت‪.‬‬ ‫يسمي رئيس الجمهورية الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس‬ ‫‪ - 2‬‬ ‫النواب استناداً الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها‪.‬‬ ‫يصدر مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء مجتمعاً‪.‬‬ ‫‪ - 3‬‬ ‫يصدر باالتفاق مع مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم‬ ‫‪ - 4‬‬ ‫قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم‪.‬‬ ‫يصدر منفرداً المراسيم بقبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬‬ ‫يحيل مشاريع القوانين التي ترفع إليه من مجلس الوزراء الى مجلس‬ ‫‪ - 6‬‬ ‫النواب‪.‬‬ ‫يعتمد السفراء ويقبل اعتمادهم‪.‬‬ ‫‪ - 7‬‬ ‫يرأس الحفالت الرسمية ويمنح أوسمة الدولة بمرسوم‪.‬‬ ‫‪ - 8‬‬ ‫يمنح العفو الخاص بمرسوم‪ .‬أما العفو الشامل فال يمنح إال بقانون‪.‬‬ ‫‪ - 9‬‬ ‫‪ - 10‬يوجه عندما تقتضي الضرورة رسائل الى مجلس النواب‪.‬‬ ‫‪ - 11‬يعرض أي أمر من األمور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج‬ ‫جدول األعمال‪ .‬‬ ‫‪ - 12‬يدعو مجلس الوزراء استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً باالتفاق مع رئيس‬ ‫الحكومة‪.‬‬

‫المواد ‪ 56‬وما يليها‪:‬‬ ‫رئيس الجمهورية ينشر‬ ‫القوانين التي تمت عليها‬ ‫الموافقة النهائية في خالل‬ ‫شهر بعد إحالتها الى‬ ‫الحكومة‪ .‬أما القوانين‬ ‫التي يتخذ المجلس قراراً‬ ‫خاصاً بوجوب استعجال‬ ‫نشرها فيجب عليه أن‬ ‫ينشرها في خالل خمسة‬ ‫أيام‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫المواد ‪ 56‬وما يليها‪:‬‬ ‫يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي تمت الموافقة عليها في‬ ‫خالل شهر بعد إحالتها الى الحكومة ويطلب نشرها‪ .‬أما القوانين‬ ‫التي يتخذ المجلس قراراً بوجوب استعجال إصدارها‪ ،‬فيجب عليه‬ ‫أن يصدرها في خالل خمسة أيام ويطلب نشرها‪.‬‬ ‫وهو يصدر المراسيم ويطلب نشرها‪ ،‬وله الحق في الطلب الى‬ ‫مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي‬ ‫يتخذها المجلس خالل خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة‬ ‫الجمهورية‪ .‬وإذا أصر مجلس الوزراء على القرار المتخذ أو‬ ‫انقضت المهلة دون إصدار المرسوم أو إعادته يعتبر القرار أو‬ ‫المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره‪.‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫إعتداء أميركي جديد على لبنان‬ ‫قانون في الكونغرس لمحاسبته يشعل الفتنة فيه‬ ‫ماذا تحرض اإلدارة األمريكية للبنان‪ ،‬وهل يستعاد‬ ‫سيناريو عام ‪ ،2004‬عندما أصدر مجلس األمن الدويل‬ ‫القرار ‪ ،1559‬بطلب من الرئيس األمرييك جورج بوش‬ ‫االبن‪ ،‬والرئيس الفرنيس جاك شرياك‪ ،‬حيث التقت‬ ‫مصالحهام عىل تقاسم النفوذ يف لبنان‪ ،‬عرب إخراج‬ ‫سوريا منه‪ ،‬واملجيء بقوى سياسية مؤيدة ملشاريعهام‪،‬‬ ‫ال سيام مرشوع بوش “للرشق األوسط الجديد”‪.‬‬ ‫هذا ما بدأ يظهر‪ ،‬منذ أن تقدم ثالثة نواب يف‬ ‫الكونغرس األمرييك من أصل لبناين هم‪ :‬تشارلز‬ ‫بستاين وداريل عيىس ونيك رحال مبرشوع قانون جديد‬ ‫عنوانه “حزب الله” ملكافحة اإلرهاب”‪ ،‬ملنع أي مساعدات‬ ‫مالية أمريكية أن تصل إىل الحكومة اللبنانية‪.‬‬ ‫وجاء هذا املرشوع بعد تشكيل حكومة الرئيس‬ ‫نجيب ميقايت‪ ،‬التي يعتربها هؤالء النواب وغريهم‬ ‫أنها حكومة “حزب الله” وسوريا وإيران‪ ،‬وهو التوصيف‬ ‫نفسه لقوى ‪ 14‬آذار للحكومة‪ ،‬التي اعتربها رئيس‬ ‫“القوات اللبنانية سمري جعجع أنها حكومة ضد‬ ‫املجتمع الدويل وفاقدة للتأييد العريب والدويل‪ ،‬وال‬ ‫تحظى إال بدعم سوريا وإيران‪.‬‬ ‫ومن هنا بدأ التحرك من ما يسمونه “اللويب‬ ‫اللبناين” يف أمريكا‪ ،‬واملسمى مجلس “ثورة األرز”‪،‬‬ ‫واملؤلف من “القوات اللبنانية” والكتائب “واألحرار”‬ ‫ويضاف إليهم “تيار املستقبل”‪ ،‬وهم يسعون مع‬ ‫أعضاء من الكونغرس إلصدار قانون ضد لبنان‪ ،‬عىل‬ ‫غرار قانون محاسبة سوريا‪ ،‬وقد بورش العمل عليه‪،‬‬ ‫وسيشكل أداة ضغط عىل الحكومة التي تضم يف‬ ‫صفوفها وزيرين لـ “حزب الله” كام يف حكومات‬ ‫سابقة دخلها الحزب من العام ‪ 2005‬ويف الحكومة‬ ‫األوىل التي رأسها ميقايت‪ ،‬وكانت تلقى دع ًام أمريكياً‬ ‫وأوروبياً‪ ،‬ألنها ُولدت بعد خروج الجيش السوري من لبنان‬ ‫وكانت مهمتها اإلرشاف عىل االنتخابات النيابية التي‬ ‫كان يريدها بوش للتأكيد أنه يعمم الدميقراطية يف‬ ‫رشق أوسطه الجديد‪.‬‬ ‫ففي العام ‪ 2005‬وما سبقه من إجراءات وقرارات‬ ‫ضد سوريا‪ ،‬كان الهدف‪ ،‬هو تعاونها مع االحتالل‬ ‫األمرييك يف العراق‪ ،‬ووقف دعمها للمقاومة يف‬ ‫لبنان وفلسطني وهذا ما رفضه الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد‪ ،‬فاستمر الضغط عليه‪ ،‬وكان اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق الحريري وتوجيه االتهام إىل النظام السوري وأداته‬ ‫األمنية يف لبنان لفرض خروجه من لبنان‪ ،‬وفقاً ما جاء‬ ‫يف أحد بنود القرار‪.1559‬‬ ‫ويف العام ‪ ،2011‬ومنذ خروج النفوذ األمرييك من‬ ‫السلطة مع فرض االستقالة عىل سعد الحريري‪،‬‬ ‫باستقالة ‪ 11‬وزيراً من الحكومة‪ ،‬هم وزراء املعارضة‬ ‫السابقة‪ ،‬وأثناء لقائه الرئيس األمرييك باراك أوباما‬ ‫يف البيت األبيض‪ ،‬كانت الرسالة واضحة‪ ،‬أن حكومة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫جعجع مستقب ًالعضوي الكونغرس‬

‫جديدة ستولد يف لبنان‪ ،‬ليست حكومة جيفري‬ ‫فيلتامن التي شكلها الرئيس فؤاد السنيورة عام‬ ‫‪ ،2005‬وهي جاءت لتكرس التحالف الرباعي داخلها‪،‬‬ ‫لكن تم االنقالب عليه من فريق ‪ 14‬آذار الذي استطاع‬ ‫ضم الوزراء املحسوبني عىل الرئيس إميل لحود اىل فريقه‬ ‫وهم الياس املر وشارل رزق وطارق مرتي‪ ،‬فاختل التوازن‬ ‫داخل الحكومة‪ ،‬وامتلك “ثوار األرز” الثلثني‪ ،‬مام اضطر‬ ‫وزراء “حزب الله” وحركة “أمل” والوزير يعقوب الرصاف‬ ‫اىل االستقالة منها‪ ،‬وتم الرد عىل االستئثار بالحكم يف‬ ‫اعتصام بساحة رياض الصلح وعصيان مدين‪ ،‬واىل‬ ‫مواجهة مسلحة يف ‪ 7‬أيار ‪ ،2008‬أسقطت الحكومة‪،‬‬ ‫وأنتجت اتفاق الدوحة الذي أعاد التوازن الداخيل‬ ‫بانتخاب رئيس جمهورية توافقي وأعطى املعارضة‬ ‫الثلث الضامن‪ ،‬وهو ما حصل بعد االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫التي جاءت لصالح قوى ‪ 14‬آذار وتشكلت حكومة‬ ‫سعد الحريري األوىل بعد مخاض والذي مل يقبل أن‬ ‫يحاكم شهود الزور‪ ،‬فأخرج من الرئاسة الثالثة‪ ،‬فرد‬ ‫عىل ذلك بتحريك الشارع بعد تكليف الرئيس نجيب‬ ‫ميقايت‪ ،‬وقد شكل ذلك مفاجأة أن يكون ميقايت‬ ‫مع الوزير محمد الصفدي والنائب وليد جنبالط‬ ‫ونوابه السبعة‪ ،‬األكرثية الجديدة التي متكنت من‬ ‫تشكيل حكومة اعتربها فريق املعارضة الجديدة‪ ،‬أنها‬ ‫حكومة اللون الواحد‪ ،‬التي يسيطر عليها “حزب الله”‬ ‫وضعتها سوريا وباركتها إيران‪ ،‬وهي قررت معارضتها‬ ‫إلسقاطها بشتى الوسائل‪ ،‬وكانت أحداث طرابلس‬ ‫الدموية النموذج الذي سيتبعه “تيار املستقبل” الذي‬ ‫بدأ يتحدث عن كيدية سياسية سيامرسها األكرثيون‬ ‫الجدد‪ ،‬ال سيام “التيار الوطني الحر” الذي سيثأر من‬ ‫فريق الحريري يف اإلدارة‪ ،‬بعد السجال مع املدير العام‬ ‫لقوى األمن الداخيل اللواء أرشف ريفي‪ ،‬ورئيس شعبة‬ ‫املعلومات العقيد وسام الحسن ومدعي عام التمييز‬ ‫سعيد مريزا (هؤالء سعى الحريري لحاميتهم يف‬ ‫اتفاق س‪ .‬س) ومدير عام االستثامر وأوجريو يف وزارة‬ ‫االتصاالت عبد املنعم يوسف وأمني عام مجلس الوزراء‬ ‫سهيل بوجي إىل آخرين الذين تغلغلوا يف املؤسسات‪،‬‬

‫‪26‬‬

‫من املس‬ ‫املحاسبة‬ ‫األمريكية‪،‬‬ ‫بالتدريب‬

‫وهو ما دفع باإلدارة األمريكية إىل التحذير‬ ‫بأي مسؤول حكومي‪ ،‬ألن من ستطالهم‬ ‫القانونية‪ ،‬هم من املتعاونني مع السلطات‬ ‫التي ترعى بناء مؤسسة قوى األمن الداخيل‬ ‫والتأهيل والتجهيز‪.‬‬ ‫وتحاول اإلدارة األمريكية استباق الحكومة الجديدة‬ ‫بوضع اليد عىل اإلدارة‪ ،‬بإجراءات عقابية‪ ،‬وهي أوصلت‬ ‫رسالة إىل الرئيس ميقايت‪ ،‬من أنها ستقوض النظام‬ ‫املرصيف يف لبنان‪ ،‬وهذا يعني تدمري مرفق استطاع‬ ‫تأمني صمود اللبنانيني مبواجهة الصعاب االقتصادية‬ ‫واالجتامعية‪ ،‬وهو ما برز مع تحريك قضية البنك‬ ‫اللبناين – الكندي‪ ،‬وما يطرح عن تورط مصارف يف‬ ‫تبييض أموال‪ ،‬وعن منع وصول األموال إىل املصارف‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وهو ما سيكون عليه مرشوع القانون الذي‬ ‫سيدرسه الكونغرس األمرييك‪ ،‬إذ سيكون بني يديه‬ ‫أقوى سالح للضغط عىل القطاع املرصيف اللبناين‪.‬‬ ‫إن لبنان أمام مرحلة اعتداء أمرييك عليه‪ ،‬يتمثل‬ ‫يف فرض عقوبات متس كيانه ومصري شعبه‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫من أجل هدف واحد‪ ،‬هو نزع سالح “حزب الله”‪ ،‬والذي مل‬ ‫يتمكن األمريكيون واإلرسائيليون ومن يحالفهم يف‬ ‫لبنان والعامل العريب والعامل من اجتثاث املقاومة يف‬ ‫لبنان التي هزمت “إرسائيل” مرتني يف ‪ 2000‬بتحقيق‬ ‫التحرير‪ ،‬و‪ 2006‬بتعزيز الصمود ومنع اجتياح لبنان‪،‬‬ ‫كام فشلوا يف زج املقاومة وحلفائها يف رصاع داخيل‪،‬‬ ‫وتشويه صورتها واعتبار سالحها سالحاً ميليشاوياً‬ ‫واستخدم يف الداخل‪ ،‬كام كان يراد له يف ‪ 7‬أيار ‪،2008‬‬ ‫عندما رد عىل قرار حكومة السنيورة بتفكيك شبكة‬ ‫اتصاالت املقاومة‪.‬‬ ‫إن توجه اإلدارة األمريكية إىل قانون محاسبة لبنان‪،‬‬ ‫إلجباره عىل إسقاط سالح املقاومة‪ ،‬ليس إال قانون –‬ ‫فتنة‪ ،‬يتقاطع مع أهداف قوى ‪ 14‬آذار التي رفعت شعار‬ ‫إسقاط السالح‪.‬‬

‫زهري العياش‬

‫اإلستهداف الرابع للقوات الدولية رسالة ل َمن؟‬ ‫منذ أن وطأت القوات الدولية أرض الجنوب‪ ،‬يف آب‬ ‫‪ ،2006‬لتنفيذ قرار مجلس األمن الدويل ‪ ،1701‬الذي‬ ‫قىض بوقف األعامل العسكرية‪ ،‬دون اإلعالن عن وقف‬ ‫إلطالق النار‪ ،‬خرج الرجل الثاين يف تنظيم القاعدة‬ ‫(قد يكون أصبح األول بعد مقتل أسامة بن الدن)‪،‬‬ ‫أمين الظواهري‪ ،‬ليعلن عن بدء الجهاد ضد القوات‬ ‫الصليبية‪ ،‬التي قدمت لحراسة الحدود مع “إرسائيل”‬ ‫وفق وصفه‪ ،‬وأن لبنان أصبح أرض جهاد ‪،‬للقوات‬ ‫الغازية وهدّد بعمليات ضد “القبعات الزرقاء”‪.‬‬ ‫مل يطل الوقت‪ ،‬حتى نفذت عملية ضد الوحدة‬ ‫اإلسبانية العاملة يف قوات الطوارئ يف سهل الخيام‬ ‫منتصف العام ‪ 2007‬يومها صدرت تعليقات من‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار و”إرسائيل” تتّهم “حزب الله” أنه يعمل‬ ‫لطرد هذه القوات من جنوب الليطاين‪ ،‬ألنها تؤخر‬ ‫بناء قواته العسكرية‪ ،‬ومتنع تواجده املسلح‪ ،‬وقد‬ ‫تبني من التحقيقات األمنية‪ ،‬أن مجموعة إسالمية‬ ‫أصولية قامت بعملية التفجري يف محلة الدردارة‬ ‫يف سهل الخيام ضد الجنود اإلسبان الذين قتل منهم‬ ‫سبعة عنارص‪ ،‬ثم نفذت عملية ثانية يف منطقة أبو‬ ‫األسود قرب القاسمية وأخرى ضد دورية إيرلندية يف‬ ‫مطلع ‪ 2008‬يف الرميلة قرب نهر األويل عند مدخل‬ ‫صيدا الشاميل‪ ،‬وهي املنطقة نفسها التي ّتم فيها‬ ‫تفجري عبوة ناسفة بدورية إيطالية كانت قادمة من‬ ‫بريوت تنقل معدات وأغراض خاصة بالضباط والجنود‬ ‫اإليطاليني الذين يبلغ عددهم ‪ 1780‬عنرصاً‪.‬‬ ‫ففي التفجري الذي استهدف اإليرلنديني‪ ،‬اعتقلت‬ ‫مخابرات الجيش عنارص إسالمية أصولية‪ ،‬تابعة‬ ‫“لعصبة األنصار”‪ ،‬والتي لها وجود يف مخيم عني‬ ‫الحلوة الفلسطيني‪ ،‬وقد ّتم تقديم هؤالء اىل املحكمة‬ ‫العسكرية وتجري محاكمتهم‪ ،‬وهم تابعون لتنظيم‬ ‫“القاعدة” الذي قتل رئيسه عبد الرحمن عوض يف‬ ‫شتورا‪ ،‬بكمني ملخابرات الجيش‪ ،‬والذي خلف شاكر‬ ‫العبيس يف مركزه‪ ،‬بعد فرار األخري من مخيم نهار‬ ‫البارد‪ ،‬بعد توقف املعارك فيه بني “فتح اإلسالم”‬ ‫والجيش اللبناين‪.‬‬ ‫فاستهداف القوات الدولية‪ ،‬قرار اتخذه “تنظيم‬ ‫القاعدة”‪ ،‬وأن التفجري الذي أصاب الدورية اإليطالية‪،‬‬ ‫قد يكون هو وراءها‪ ،‬ويأيت من ضمن سلسلة عمليات‬ ‫يقوم بها يف العامل‪ ،‬ثأراً ملقتل رئيسه بن الدن عىل‬ ‫يد القوات األمريكية يف باكستان‪ ،‬وقد تم الرد عىل‬ ‫العملية‪ ،‬بسلسلة من الهجامت بدأت يف باكستان‬ ‫حيث ُقتل “عدو أمريكا” االول وفق التوصيف الرسمي‬ ‫للبيت األبيض‪.‬‬ ‫ومل تتوصل التحقيقات األمنية والقضائية التي‬ ‫تجريها السلطات اللبنانية‪ ،‬بالتنسيق مع قيادة القوة‬ ‫الدولية‪ ،‬ووفد إيطايل أمني وقضايئ‪ ،‬حرض اىل لبنان‬ ‫ملتابعة التحقيقات‪ ،‬إال أن الشبهات تدور حول جامعة‬ ‫أصولية إسالمية متشدّدة‪ ،‬إذ عادت مخابرات الجيش‬ ‫اىل أرشيفها واىل ما لديها من معلومات‪ ،‬بأن جهة‬ ‫ما‪ ،‬قد تستهدف القوات الدولية‪ ،‬دون النظر اىل‬ ‫جنسيتها‪ ،‬وأن مثة مراقبة لتحرك هذه القوات عىل‬ ‫خط الساحل‪ ،‬بني بريوت والجنوب‪ ،‬وقد أبلغت قيادة‬ ‫الجيش قيادة القوات الدولية باحتامل حصول عملية‬ ‫ضد وحداتها‪.‬‬

‫وحاولت أطراف سياسية وحزبية لبنانية من قوى‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬ربط عملية التفجري األخرية بالعقوبات التي‬ ‫فرضت عىل سوريا‪ ،‬بسبب األحداث داخلها‪ ،‬لكن هذا‬ ‫االتهام والذي يتكرر دامئاً مع أي حادث يقع يف لبنان‪،‬‬ ‫مل تثبت له صحة‪ ،‬كام سقطت أيضاً محاولة توجيه‬ ‫االتهام اىل “حزب الله” الذي دان العملية اإلجرامية‪،‬‬ ‫وأ ّكد عىل وجود تنسيق مع القوات الدولية عرب الجيش‬ ‫اللبناين‪ ،‬والتي ينسج األهايل يف الجنوب عالقات‬ ‫اجتامعية معها‪ ،‬وهي مل تتعرض ألي هجوم أو عملية‬ ‫ضدها‪ ،‬منذ أن وصلت اىل الجنوب يف آذار ‪ 1978‬بعد‬ ‫االحتالل اإلرسائييل ألجزاء منه وقد فوضها مجلس‬ ‫األمن الدويل عرب القرار ‪ 425‬فرض االنسحاب عىل‬ ‫الجيش اإلرسائييل‪ ،‬الذي وضع الحتالله قناعاً اسمه‬ ‫“جيش لبنان الحر”‪ ،‬الذي قاده الرائد يف الجيش اللبناين‬ ‫سعد حداد بتغطية ودعم من “الجبهة اللبنانية”‬ ‫التي كانت تضم أحزاب الكتائب واألحرار “حراس األرز”‬ ‫والرهبانية املارونية وشخصيات‪.‬‬ ‫فالعملية‪ ،‬كام يبدو وفق املراقبني السياسيني‬ ‫والقريبني من مراكز القرار يف لبنان وجهات دولية‪،‬‬ ‫هي للضغط عىل القوات الدولية لتخفيض عديدها‪،‬‬ ‫إذ أعلنت إيطاليا أنها ستسحب ‪ 600‬عنرص‪ ،‬من‬ ‫وحدتها‪ ،‬وأن من له مصلحة يف خروج هذه القوات‪ ،‬هي‬ ‫“إرسائيل” بالدرجة األوىل‪ ،‬والتي تتهمها بأنها مل متنع‬ ‫“حزب الله” من إعادة بناء قدراته العسكرية‪ ،‬وتكديس‬ ‫السالح يف منطقة عمليات قوات الطوارئ‪ ،‬بالرغم من‬ ‫محاوالت قام بها أفراد من هذه القوات ملراقبة املنازل‬ ‫واملستودعات والتو ّغل يف بعض األحياء واألماكن‬ ‫البعيدة عن املنازل والوصول اىل أماكن ليست من‬ ‫اختصاصهم ودون التنسيق مع الجيش اللبناين الذي‬ ‫يستعني بالقوات الدولية إذ اضطر‪ ،‬وليس من مهامها‬ ‫أن تقوم بأعامل الدورية دون إذن من الجيش‪.‬‬ ‫فلـ “إرسائيل” مصلحة يف وضع القوات الدولية‬ ‫مبواجهة “حزب الله” وأهايل الجنوب‪ ،‬وهي حاولت مرات‬ ‫عدة دفعها بهذا االتجاه‪ ،‬وقد جوبهت برفض أبناء‬ ‫الجنوب لتغيري قواعد اللعبة‪ ،‬وفق ما ترغب الدولة‬ ‫العربية‪ ،‬التي كانت تطمح ومازالت تعمل لتحويل‬ ‫عمل هذه القوات من الفصل السادس اىل الفصل‬

‫‪27‬‬

‫السابع وفق ميثاق األمم املتحدة لتتح ّول اىل قوة ردع‬ ‫وتحويل جنوب الليطاين منطقة منزوعة السالح‬ ‫ووصوله إليها‪ ،‬لكن هذه املحاولة باءت بالفشل أثناء‬ ‫العدوان اإلرسائييل صيف ‪ ،2006‬وما بعده‪.‬‬ ‫واىل جانب “إرسائيل” فإن تنظيم القاعدة الذي قرر‬ ‫أن يكون لبنان أرض جهاد ملقاتلة القوات الصليبية ألنها‬ ‫متنع مقاتلة اليهود‪ ،‬ح ّول حربه اىل الجيش اللبناين يف‬ ‫مخيم نهر البارد واعتربه جيشاَ صليبياً أيضاً‪ ،‬ألن قيادته‬ ‫مسيحية وقامت “فتح اإلسالم” بهذه املهمة التي قدم‬ ‫رئيسها العبيس أوراق اعتامده لـ “تنظيم القاعدة” بعد‬ ‫أن قاتل يف العراق مع “أبو مصعب الزرقاوي” وجاء اىل‬ ‫لبنان يف صيف ‪ ،2006‬بعد أن غ ّرر مبسؤولني يف “فتح ‪-‬‬ ‫االنتفاضة” يف لبنان‪ ،‬واستوىل عىل مراكزها يف بعض‬ ‫املخيامت تحت عنوان‪ ،‬أنه سينتقل اىل الجنوب ليتخذ‬ ‫منه قاعدة لالنطالق ملقاومة االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬وأن‬ ‫الطريق اىل ذلك تبدأ من اجتثاث القوات الدولية التي‬ ‫تنسق مع الجيش اللبناين‪ ،‬الذي ق ّرر تنظيم “القاعدة”‬ ‫توجيه الرضبات إليه لزعزعته وشق صفوفه‪ ،‬وهذا ما‬ ‫مل يحصل‪ ،‬ألن ذبح العسكريني يف مراكزهم‪ ،‬وأغلبهم‬ ‫من قضاء عكار ذات األغلبية السنية‪ ،‬انعكس سلباً‬ ‫عليه‪ ،‬ومل يتمكن من استغالل الواقع املذهبي داخل‬ ‫ّ‬ ‫والتف‬ ‫الجيش ومحاولة فرطه‪ ،‬إذ متاسك العسكريون‪،‬‬ ‫اللبنانيون حولهم‪ ،‬ومت ّكنت املؤسسة العسكرية‬ ‫من القضاء عىل مرشوع إقامة “إمارة إسالمية” يف‬ ‫الشامل‪ ،‬عاد الحديث عنها مع األحداث التي تشهدها‬ ‫سوريا‪ ،‬وفرار عنارص تكفريية منها اىل بعض مناطق‬ ‫عكار وأحياء طرابلس‪ ،‬إلعادة إحياء هذه اإلمارة التي كان‬ ‫سيقيمها اإلسالميون يف تل كلخ‪ ،‬وأفشلهم الجيش‬ ‫السوري‪ ،‬وقد يقيمونها يف الشامل‪ ،‬عىل غرار ما حاولوا‬ ‫أن يفعلوه يف مثانينات القرن املايض‪ ،‬بعد أحداث مدينة‬ ‫حامه‪ ،‬التي هرب منها اإلسالميون اىل طرابلس‪.‬‬ ‫فام حصل للوحدة اإليطالية ليس مرتبطاً مبا‬ ‫يجري يف سوريا‪ ،‬وال عالقة له بالتطورات التي رافقت‬ ‫تحرك فلسطينيني باتجاه الخط األزرق‪ ،‬يف يوم النكبة‬ ‫يف ‪ 5‬أيار تحت شعار “حق العودة”‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫حزب «التوحيد العربي» في سنويّته الخامسة يفتتح مركزية عاليه‬

‫وهاب للتوحيديين‪ :‬كونوا صوت الحق الصارخ‬ ‫لتستحقوا اإلنتماء لحزبكم‬ ‫وطن‬ ‫زمن أصبحت فيه املراكز والزعامات موروثات عائلية‪ ،‬ويف‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كثرُ َت فيه األحزاب وق َّلت فيه الضامئر الوطنية‪ُ ،‬ولِدت حركة سياسية‬ ‫حزب توحيدي‬ ‫وطنية عربية يف العام ‪ ،2006‬بدأت بـ”تيار” لتتح ّول إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الذل واإلنكسار واملهانة ألي من أعضائه أو منارصيه أو أي‬ ‫يأىب رئيسه‬ ‫مواطن لبنا ّين كان أو عريب‪.‬‬ ‫إقطاع تغلغل يف قلب املحسوبيات‬ ‫من رحم معاناة الشعب‪ ،‬من‬ ‫ٍ‬ ‫واإلنتامءات‪ ،‬كانت اإلنطالقة‪ ،‬ومعها كانت املواجهات والوقوف بوجه‬ ‫كل َمن حاول محاربة الكلمة الح ّرة والرأي السديد واإلرادة الصلبة‪ .‬يدٌ‬ ‫بيد‪ ،‬وبحكمة رئيس الحزب الرفيق وئام وهاب‪ ،‬انطلق التوحيديون‪ ،‬ثابروا‪،‬‬ ‫جاهدوا‪ ،‬ووصلوا اليوم الستكامل بناء الحزب‪ .‬نعم‪ ،‬هي انطالقة بطيئة‪،‬‬ ‫خطوات ثابتة نحو التقدم والنمو‪.‬‬ ‫لكنّ التوحيديون أرادوها‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫أطل شهر أيار لهذا العام‪ ،‬مع عبق ذكرى االنتصارات وكرس حواجز‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الذل العريب بوصول الشباب العريب وتحديدا الفلسطيني إىل مجدل‬ ‫شمس والرشيط الشائك عند الحدود الفلسطينية اللبنانية يف مارون‬ ‫الراس‪ ،‬ليحتفل التوحيد ّيون بالذكرى الخامسة لتأسيس حزبهم يف‬ ‫العام ‪ ،2006‬ويعيدوا قسم اليمني الذي أطلقوه أمام رئيس الحزب بالبقاء‬ ‫ي ٍد واحدة واستمرار نشاطهم الحزيب والوطني والعريب‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬كان االحتفال يف مدينة عاليه‪ ،‬بحيث افتتح رئيس حزب‬

‫العرييض‪ :‬حزب التوحيد حركة‬ ‫من صلب اإلميان‬ ‫بدأ االحتفال بكلمة ُملع ِّرف الحفل‪ ،‬عضو‬ ‫املكتب السيايس وأمني العالقات السياسية‬ ‫يف مجلس األمناء عصمت العرييض الذي قال‪:‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫“التوحيد العريب” الوزير وئام وهاب مركزية عاليه يف الحزب مع جهو ٍد‬ ‫نشاطات‬ ‫توحيدية عملت فأنجزت‪ ،‬وزرعت مح ّبة وطنية فأمثرت‬ ‫ٍ‬ ‫متميزة‪ ،‬وكان االحتفال الذي حرضه وفد من رجال الدين املسلمني‬ ‫واملسيحيني‪ ،‬قائد الرشطة القضائية السابق العميد سمري صبح‪،‬‬ ‫رئيس بلدية عاليه السابق سعيد شهيب‪ ،‬ممثل “حزب الله” الحاج‬ ‫محمد الحكيم‪ ،‬عضو القيادة القطرية يف حزب البعث العريب‬ ‫االشرتايك أسد سويد‪ ،‬ممثل التيار الوطني الح ّر املحامي فادي حداد‪،‬‬ ‫منفذ عام املنت األعىل يف الحزب السوري القومي االجتامعي عادل‬ ‫حاطوم‪ ،‬ممثل الحزب الشيوعي د‪ .‬خليل حداد‪ ،‬رئيس حركة لبنان‬ ‫الشباب وديع حنّا‪ ،‬وفد من تيار املجتمع املدين املقاوم‪ ،‬وفود بلدية‬ ‫واختيارية وممثلني لألحزاب الوطنية والقومية‪ ،‬والهيئات الثقافية‬ ‫واالجتامعية‪ ،‬إضافة ألعضاء املكتب السيايس ومجلس األمناء‬ ‫ووفود حزبية يف حزب “التوحيد العريب”‪.‬‬ ‫مركزية جديدة افتتحها وهاب وجال مع الحضور بني املكاتب بعد‬ ‫تأكيده عىل أنها “لكل مظلوم ومناضل ومثقف ولكل مؤمن بوجود‬ ‫الجبل ووحدة لبنان”‪ ،‬اقتطع الرشيط األحمر لإلفتتاح ليؤكد أن املقاومة‬ ‫تم تهديده‪ ،‬واللون‬ ‫ستبقى خطاً أحمر‪ ،‬والوطن سيل َّون بالدم األحمر إذا ّ‬ ‫األحمر سيبقى رمزاً لعلم “حزب التوحيد العريب”‪.‬‬

‫“لقد عدنا إىل نفس املوقع ومبرشوع واحد لن‬ ‫يتبدّل‪ ،‬مرشوع الوحدة والتوحيد‪ ،‬مرشوع االنتامء‬ ‫للوطن‪ ،‬وال ِعداء ألعداء الله والوطن‪.‬‬ ‫ليس سه ًال عىل اإلنسان منّا‪ ،‬أن يتخذ املواقف‬ ‫الصعبة والقرارات الجريئة‪ ،‬يف أزمنة امل َِحن‬ ‫والصعاب‪ ،‬وليس سه ًال عندما تجتاح النريان قلب‬ ‫الوطن‪ ،‬أن يخرج منا َمن ُيالعب النار ل ُيطفىء‬ ‫جمرها ويح ّولها إىل رماد‪.‬‬ ‫وليس أصعب من خوض املخاطر‪ ،‬إال َمن ميتلك‬ ‫إرادة الصمود واملقاومة‪ ،‬ويح ّول ذاته رسالة عىل‬ ‫طريق الجلجلة والفالح‪ .‬هي حركة من صلب‬ ‫اإلميان‪ ،‬ومن رحم املعاناة‪ ،‬ومن قهر زمننا العريب‬ ‫الرديء‪ ،‬لكنها حركة استمدّت شعاعها من فجر‬ ‫االنتصارات‪ ،‬وسقوط أزمنة اإلنكسارات‪.‬‬ ‫هي صورة جميلة لقيامة‬ ‫وطن آمنّا به‪ ،‬خالٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لوطن‬ ‫من املوروثات والتلقيامت واملبيدات القاتلة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫عشقنا فيه الحرية‪ ،‬ومعه ذهبنا لحمل معاناة‬ ‫ّ‬ ‫املرشدين من ديارهم‪ ،‬واحتضان الهموم القومية‬ ‫التي جلبت لنا كل هذه املآيس والويالت‪ ،‬والتي‬ ‫هي مرشوع سيايس متكامل‪ ،‬يرتبط بداخله‬ ‫وخارجه‪ ،‬كام يرتبط الرد بإميانه واملجتمع بأرضه‬ ‫والوطن وأ ّمته وعامله”‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫وهاب‪ :‬سالح املقاومة أكرث من‬ ‫رضوري لحامية لبنان‬ ‫أما رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب فأكد يف كلمته “أ ّنه وأعضاء الحزب مع‬ ‫حكومة األكرثية‪ّ ،‬‬ ‫وأن “املوقف من الرئيس نجيب‬ ‫ميقايت كان للضغط لإلرساع يف التشكيل”‪،‬‬ ‫الفتاً إىل عدم “املواالة (عىل العمياين)‪ ،‬وإذا كان‬ ‫لدى الحكومة مرشوع إصالحي إمنايئ وأعدّت‬ ‫قانون انتخاب عىل أساس نسبي‪ ،‬فنحن معها‬ ‫وإال فلن نساهم يف تغطية أحد‪ ،‬ولن نتح ّول‬ ‫مص ّفقني ألحد”‪ ،‬مشدداً أنهم “ممثلون فيها‬ ‫بكثري من الحلفاء واألصدقاء‪ ،‬ونحن ال ننظر من‬ ‫باب ضيقّ شخيص أو فردي لهذا التمثيل‪ّ ،‬‬ ‫ألن‬ ‫املسألة أكرب من مسألة فردية أو شخصية”‪،‬‬ ‫الفتاً إىل رضورة اقتناع جميع املشاركني يف هذه‬ ‫الحكومة ّ‬ ‫بأن “املقاومة وسالحها هو خط أحمر ال‬ ‫ميكن ألحد تجاوزه داخل الحكومة أو خارجها‪ ،‬وما‬ ‫يجري من تطورات يف فلسطني واملنطقة كاملة‪،‬‬ ‫يثبت ّ‬ ‫بأن هذا السالح هو أكرث من رضوري لحامية‬ ‫لبنان ومواجهة “إرسائيل”‪ ،‬وعىل الحكومة أن‬ ‫تعلم ّ‬ ‫بأن املحكمة الدولية هي مرشوع إرسائييل‬

‫بامتياز‪ ،‬أىت لتخريب لبنان‪ ،‬لذلك يجب التن ّبه‬ ‫من الشعارات التي ُتطلق تحت ستار التجاوب مع‬ ‫القرارات الدولية واحرتام املجتمع الدويل”‪.‬‬ ‫وشدد وهاب أ ّنه “ويف إطار مرشوعيتنا‬ ‫املستمدة منكم‪ ،‬نأيت إىل إفتتاح مركزنا الجديد‬ ‫يف هذه املنطقة الحبيبة من لبنان‪ ،‬حيث تش ّكل‬ ‫قلب الجبل النابض وطنية وعروبة ومقاومة‪ ،‬فهي‬ ‫تحتضن ِمعْبرَ َ العاصمة والضاحية إىل البقاع‬ ‫ودمشق‪ ،‬وهي ترفرف بجناحيها املتني والشويف‬ ‫شاهدة عىل متسكها الوثيق بأوصال الوطن‬ ‫واملجتمع‪ ،‬وتعمل بوعي مسؤوليها الروحيني‬ ‫والسياسيني واملفكرين واملبدعني وكافة املنتجني‪،‬‬ ‫عىل ربط جنوب الوطن بشامله وساحله‪ ،‬وتأخذ‬ ‫دورها التاريخي يف بناء هذا البلد واستمراريته‬ ‫القامئة عىل حفظ الحقوق والواجبات‪ ،‬فليس بيننا‬ ‫من ُيخالف هذا اإلعتقاد التوحيدي‪ ،‬وليس منا َمن‬ ‫قوم نستمد ثقافتنا‪ ،‬من عراقة‬ ‫ُيخالفه‪ .‬فنحن‬ ‫ٌ‬ ‫األمة وأنبيائها و ُرسلها امللهمني‪ ،‬ومن إمياننا بالله‬ ‫الواحد األحد‪ ،‬ودور الرساالت يف اإلرتقاء بالناس‬ ‫من حاالت التخلف وعبادة األوثان واألصنام‪ ،‬لعبادة‬ ‫الخالق ومخلوقاته عىل إمتداد ألوانهم‪ .‬لذلك إن‬ ‫كانت لنا مواقف متشددة من بعض املستغلني‬ ‫للدين‪ ،‬فألننا ندرك بأن اإلميان بابه واحد وهو محبة‬ ‫الله “فأقربهم إليه أنفعهم لعياله”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬إذا كنا يف التكتيك السيايس‪،‬‬ ‫نحاور ونناور ونجادل‪ ،‬ونطلق بعض املداخالت التي‬ ‫ُتصيب هذا أو ذلك‪ ،‬فتلك من مقومات العمل‬ ‫السيايس الذي ال بد منه وخاصة يف بلد كلبنان‬ ‫قائم عىل العنعنات والنكايات والكيديات‪ .‬لكننا‬ ‫وعندما نالمس املرشوع األكرب ُنسقط تلك‬ ‫املفاهيم وتذهب من قاموسنا ومفرداتنا‪ ،‬بحيث‬ ‫نرتقي إىل مصاف القضية والشهادة وعزة الوطن‬ ‫وانتصار األمة”‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب للتوحيديني‪“ :‬ال تتأثروا بكل صوت‬ ‫ّ‬ ‫يأيت من هنا أو هناك‪ ،‬فأؤلئك خدم األنظمة‪ ،‬وتجار‬ ‫الدين‪ ،‬وسامرسة الفتنة‪ ،‬ودعاة الكفر واإللحاد‪،‬‬ ‫أؤلئك شأنهم‪ :‬شأن الذين باعوا املسيح عليه‬ ‫السالم بفض ٍة لليهود‪ ،‬شأن الذين حاربوا الرسول‬ ‫من آل بيته وعشريته‪ ،‬شأن الذين حجبوا دعاة‬ ‫التوحيد عن ديارهم‪ .‬وأما أنتم شأنكم‪ :‬شأن الذين‬ ‫عرفوا العزة الوطنية يف دحر اإلحتالل اإلرسائييل‬ ‫عن لبنان بفعل املقاومة‪ ،‬شأن الذين يؤمنون‬ ‫بعودة املقدسات‪ ،‬املسجد األقىص وكنيسة‬ ‫القيامة‪ ،‬شأن الذين آمنوا بأنه لن يدخل أحداً‬ ‫الجنة إال من ُيشرّ ف ذاته عىل األرض‪ ،‬فهي الوديعة‬ ‫وهي األمانة وهي األم والكرامة‪ ،‬وهي وحدها‬ ‫تحمي أوالدها وتطعمهم وتأويهم وتحميهم من‬ ‫كل املكاره والرشور”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬إننا يف حزب “التوحيد العريب”‪،‬‬ ‫ننتهج سياسة ثابته راسخة‪ ،‬قامئة عىل‬ ‫عمق التمسك بالثوابت الوطنية والقومية‪،‬‬ ‫وهذا هو شعارنا منذ التأسيس‪ ،‬وسوف يبقى‬ ‫خيارنا وقدرنا إىل ما ال نهاية‪.‬‬

‫أما أنتم أيها التوحيديني‪ ،‬أقول لكم‪ :‬نحن آمنا‬ ‫بالناس كل الناس‪ ،‬ونحن وجدنا لنكون يف خدمة‬ ‫مجتمعنا‪ ،‬فأنتم القدوة يف كل ترصفاتكم‪،‬‬ ‫فكونوا أقوياء مببادئكم يقرتب منكم الجميع‪،‬‬

‫‪29‬‬

‫وال تخافوا الصعاب‪ ،‬فأنتم ولدتم من رحم‬ ‫النريان املقاومة‪ ،‬وما ذلك إ َّال ليزيدكم صفا ًء‬ ‫وإمياناً ونضاالً‪ ،‬ويعطيكم القدرة عىل التحدي‬ ‫واإلستمرار‪ .‬أنتم الشعلة التي ارتضيناها يف‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫الفرمانات العثامنية اىل غري رجعة‪ ،‬وال نستطيع‬ ‫إال أن نقف وقفة العز مع األبطال الرشفاء‪ ،‬مع‬ ‫وئام وهاب قاهر العمالء واملراوغني والفاسدين”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬نحن نطلق رصخة وئام وهاب “بعدم‬ ‫إغراق املركب مبن فيه‪ ،‬فإذا غرق املركب لن ينج َو‬ ‫أحد منا”‪ ،‬فلنستجيب لهذه الدعوات العقالنية‬ ‫التي تحمي لبنان وشعبه‪ ،‬و ُمن ّد أيدينا لجميع‬ ‫القوى الرشيفة يف هذا الوطن للتالقي والتحاور‬ ‫ألن الحقد ال يجلب إال الحقد ّ‬ ‫وأن الدمار والخراب‬ ‫دمار لنا جميعاً‪ .‬دعونا نتفق عىل تأمني مصالح‬ ‫الشعب والقضاء عىل الفاسدين والفساد‬ ‫املسترشي يف جميع إدارات الدولة والبلديات‬ ‫وبعض األجهزة‪ ،‬أن الفاسد ال دين له وال مبدأ‪،‬‬ ‫فهو عدو للشعب وللوطن لتكن هذه معركتنا‬ ‫الحقيقية‪ .‬لقد تضايق البعض من وئام وهاب‬ ‫رحلة التغيري‪ ،‬واالنتقال من الوالءات واإلنتامءات‬ ‫الفئوية والطائفية‪ ،‬إىل الوالء ملجد الوطن الذي‬ ‫يبقى هو الهدف وهو الغاية وهو شعار الطريق‪.‬‬ ‫وختم وهاب كلمته متوجهاً اىل التوحيديني‪:‬‬ ‫ّإن جبلكم يناديكم‪ ،‬ووطنكم يرصخ إلنقاذه من‬ ‫براثن املتآمرين عىل سيادته واستقالله‪ّ ،‬‬ ‫وإن أ ّمتنا‬ ‫رغم هذا الليل القاتم‪ ،‬تنعم بشعلة املقاومة من‬ ‫لبنان إىل فلسطني والعراق‪ ،‬متكئة عىل سواعد‬ ‫الرجال الذين ما بدلوا تبدي ًال‪ ،‬فكونوا صوت الحق‬ ‫الصارخ‪ ،‬وكونوا رسل البناء‪ ،‬تستحقون نعمة‬ ‫اإلنتامء لحزبكم التوحيدي‪ ،‬الذي استطاع أن‬ ‫يخرتق املوازين ويبدل املعادالت‪ ،‬ويدخلكم إىل‬ ‫حيث معادلتكم الوجودية الجديدة يف وجه كل‬ ‫الصعوبات واإلعرتاضات‪ ،‬بوركتم جميعاً‪ ،‬عىل‬ ‫أمل أن يكون هذا املركز التوحيدي صلة الوصل‬ ‫والعبور إىل كل أرجاء الوطن”‪.‬‬

‫باز شكر الشيخ أحمد أبو الحسن‬ ‫للمساعدة فيام يتعلق باملركزية‬ ‫كام كانت كلمة لنائب رئيس املكتب‬ ‫السيايس يف الحزب الدكتور شفيق باز‪ ،‬الذي قال‪:‬‬ ‫“لقد تأسست ثالثة مفوضيات للحزب يف مدينة‬ ‫عاليه عدا املفوضية العامة‪ ،‬وكذلك مفوضيات‬ ‫يف جميع قرى املنطقة‪ ،‬وسنعلن قريبا عن افتتاح‬ ‫سبعة مراكز حزبية لتشمل املناطق واملحافظات‬ ‫موجهاً التحية “اىل الرفاق الذين‬ ‫اللبنانية كافة”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مازالوا يشاركوننا املسرية مع ابن الشعب القائد‬ ‫وئام وهاب بكل فخر واعتزاز‪ ،‬فتحيتي لكم أيها‬ ‫األبطال الرشفاء واىل غد مرشق عزيز”‪.‬‬ ‫وتابع باز‪“ :‬أقدّم شكري وتقديري اىل الشيخ‬ ‫أحمد أبو الحسن ملا قدّم لنا من مساعدة يف ما‬ ‫يتعلق مبركز الحزب وهو أج ّد املناضلني الذين الزالوا‬ ‫يواكبون مسرية الرفيق وئام وهاب‪ ،‬رمز التاريخ‬ ‫والنضال‪َ ،‬من حطم القيود ّ‬ ‫وفك أرس األسود ومزّق‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ألنه صادق وألنه يكشف السارقني واملتآمرين‪،‬‬ ‫ألنه يحارب الفساد والتسلط والهيمنة وألنه‬ ‫كاشف أرسار االلتزامات والرسقات واللفلفات‪.‬‬ ‫يتضايقون من وئام وهاب ألنه الصوت العريب الحر‬ ‫املدوي عىل الساحة العربية فإنه ح ّذر ويحذر من‬ ‫التطبيع وتطويع الوجدان العريب‪ ،‬وهو من ألقى‬ ‫الضوء عىل لعبة الدول االستعامرية يف تقويض‬ ‫لبعض‬ ‫والسياسية‬ ‫االجتامعية‬ ‫املقومات‬ ‫األنظمة لتحقيق نظرية اجتياح الالعسكر‬ ‫والهيمنة بدون احتالل مبارش وجميعها لخدمة‬ ‫مصلحة الدولة الصهيونية‪.‬‬ ‫يا أبناء هذا الوطن الجريح أفيقوا من النعاس‬ ‫قبل فوات األوان‪ ،‬والنرص املؤزر لنا”‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬سايل نوفل‬

‫لتبقى «عاليه» دوماً رمزاً لمقاومة نحن فيها‬ ‫عندما تحدث رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام وهاب خالل تدشني مركز الجبل املركزي‬ ‫للحزب يف مدينة عاليه عن أصحاب العزة الوطنية يف دحر االحتالل اإلرسائييل عن لبنان بفعل‬ ‫مقاومته‪ ،‬وعن املؤمنني بعودة املقدسات‪ ،‬إمنا قصد من وراء ذلك متسك حزبه بالثوابت الوطنية‬ ‫والقومية‪ ”،‬مهام اشتدت األزمات وعصفت أعاصري خدّام األنظمة‪ ،‬وتجار الدين‪ ،‬وسامرسة الفتنة‬ ‫الراغبني ببيع أوطانهم عىل مذبح املؤامراة الخارجية”‪.‬‬ ‫يف ذلك اليوم من نهار الجمعة ‪ 17‬حزيران ‪ 2011‬خطى التوحيديون خطوتهم إىل مدينة عاليه‪،‬‬ ‫قلب الجبل النابض وطنية وعروبة ومقاومة‪ ،‬الذين افتتحوا فيها أوىل مراكزهم يف منطقة الجبل‪،‬‬ ‫حيث كست جدران بنيانهم الجديد صورة كبرية للمؤسس رفعت عىل مدخل وتحيطها ألوان‬ ‫التوحيد العريب حتى ال تكاد تجد موضعاً ملزيد‪.‬‬ ‫إنها الخطوة الجريئة التاريخية باتجاه مدينة تحتضن معرب العاصمة والضاحية اىل البقاع ودمشق‪،‬‬ ‫وترفرف بجناجيها املتني والشويف‪ ،‬والتي متفصلت مع حوادث وتآريخ مرت عىل هذه البقعة‬ ‫الجغرافية الشامخة وع ّلمت يف وجدان أجيال بأكملها كل معاين الحياة السعيدة للمواطن‪،‬‬ ‫والحفاظ عىل البيئة القومية املامنعة واملقاومة‪.‬‬ ‫إنه هاجس ومرشوع التوحيديني الذين حملوا مفرداته وتعابريه اىل أهلهم وأبنائهم يف مدينة‬ ‫عاليه وجوارها‪ ،‬وقد امتزج بإحساس ممهور بالعزة والكرامة تخرج منه عبارات كتبت بأقالم تعاند‬ ‫العذاب والهوان والتضليل والتجهيل‪ ،‬يف صرب وتحد‪ ،‬وإذ باألمل يرتسم مجدداً عىل جبني املؤمنني‬ ‫بالتغيري‪ ،‬فكان هذا اليوم اإلحتفايل الذي احتضن يومها عقوالً وأقالماً لها حضورها ومصداقيتها يف‬ ‫ضمري الناس‪ ،‬يف محاولة منا السرتداد من ميكن اسرتداده من أولئك الذين غادروا حلم التغيري ألسباب‬ ‫عدة‪ ،‬لكنهم اليوم بدأوا يشعرون بإحساس جديد يزاحم ما به من أحاسيس سابقة مألت أنفسهم‬ ‫واحتشدت فيها‪ ،‬يف مواجهة أي متوضع آخر مختلف عن متوضعهم القومي الرائد والتاريخي‪.‬‬ ‫وإذا كانت السياسة هي فن املمكن يف بعض اإلجتهادات‪ ،‬ومصالح عند الكثري من السياسيني‪،‬‬ ‫لكنها انطوت عند وئام وهاب عىل منظومات تتعلق بالحياة واملصري‪ ،‬باليومي واملستقبيل‪ ،‬يف آن‬ ‫معاً‪ ،‬وفيها الكثري من أساليب التعبري عن الثوابت‪ ،‬عىل الصعيد القومي بكل املؤثرات واملؤرشات‬ ‫واإلنذارات املستقبلية‪.‬‬ ‫قضايا كبرية وقضايا أخرى صعد بها وهاب اىل املنرب وقد استجلبت من أكف املشاركني ومن‬ ‫بينهم وفد من رجال الدين املسلمني واملسيحيني مزيداً من التصفيق يف لحظة مصريية من تاريخ‬ ‫األمة‪ ،‬منخورة بالتبعية والغزوات الخارجية‪ ،‬ورشاسة التآمر عىل الحسابات اإلسرتايجية واإلرتباط‬ ‫السيايس لبعض الساسة العرب مع جهات معادية أو حليفة للعدو اإلرسائييل ال سيام بعد‬ ‫تأكيد وهاب عىل أن أعشاش التغيري مليئة بالفراخ التي تحفظ وجوداً متطوراً‪ ،‬وتحقق حضوراً فاع ًال‬ ‫يف كل مجاالت الحياة‪ ،‬ونحن نستكملها اليوم من مدينة عاليه التي أردناها دوماً رمزاً للمامنعة‬ ‫واملقاومة‪ ،‬عنواناً للتحديث يف السياسة واالقتصاد والثقافة واملجتمع‪ ،‬ومنوذجاً عن الوحدة الوطنية‬ ‫يف مواجهة العصبيات املذهبية والطائفية والقوى الظالمية املتطرفة‪.‬‬

‫أمني اإلعالم هشام األعور‬

‫‪30‬‬

‫‪ ...‬وأمام كوادر التيار الوطني الح ّر‪:‬‬

‫عندما ُ‬ ‫ض ِرب الجبل خفنا على لبنان‬

‫ل ّبى رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬يرافقه مستشاره السيايس يارس الصفدي‪،‬‬ ‫دعوة هيئة الضب ّية يف التيار الوطني الح ّر إىل أوتيل‬ ‫«‪ ،»France de Residence‬بحيث التقى كوادر هيئة‬ ‫الضبية – عوكر – الذوق‪ ،‬وهئية قضاء املنت‪ ،‬بحضور‬ ‫األب جوزيف أبو نارض‪ ،‬وعدد من اإلعالميني‪.‬‬ ‫وقال وهاب محارضاً‪“ :‬لطاملا كان لدي هاجس إسمه‬ ‫“جبل لبنان”‪ ،‬ألنني مل أعترب يوماً ّأن لبنان قد يكون‬ ‫بخري إذا مل يكن جبله كذلك‪ ،‬فالجبل مل ُيرضب خالل‬ ‫الحرب األهلية يف ‪ ،1975‬بل ّإن الرضبة الحقيقية له‬ ‫كانت بعد ما ُس ِّمي بـ”حرب الجبل”‪ .‬لقد دفعنا مثناً‬ ‫كبرياً بخطة إرسائيلية معينة كانت تهدف لتسقيم‬ ‫لبنان‪ ،‬وكل فريق منا اعترب أنه ميكنه الربح واالنتصار‬ ‫لطائفته‪ ،‬لكن خرجنا يف النهاية خارسين جميعأً‪،‬‬ ‫تهجر املسيحي من الجبل وبقي الدرزي فيه‪ ،‬لكنه‬ ‫فقد ّ‬ ‫ً‬ ‫مهجراً داخل أرضه‪ ،‬ألنه فقد الرشيك الذي‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫بقي‬ ‫ّ‬ ‫تعايش معه طيلة مئات السنوات‪ .‬وعندما ضرُ ب الجبل‬ ‫أصبح لدينا خوفاً حقيقياً عىل لبنان‪ ،‬وذهبت األمور‬ ‫لألسوأ‪ ،‬بحيث حاول كل فريق إقامة إدارته ودويلته‬ ‫الذاتية»‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪“ :‬كنا دامئاً نحارب بعضنا بعضاً‪ ،‬من‬ ‫أجل أشخاص مل يقاتلوا بعضهم يوماً‪ ،‬ونحن اليوم‬ ‫أمام تحديات كبرية هي تحدّيات عودة الجبل كام كان‪،‬‬ ‫وهو تحدي درزي كام هو مسيحي عىل حد سواء‪ ،‬إذ‬ ‫تهجروا من الجبل‪،‬‬ ‫هناك جزء كبري من املسيحيني الذي ّ‬ ‫وسكنوا يف منطقة ذات حركة اقتصادية جيدة‪،‬‬ ‫فأصبحت لديهم أعاملهم الخاصة‪ ،‬أما الدروز الذين‬ ‫بقوا يف الجبل فقد حملوا آثار التهجري وهم اليزالون‬ ‫يف أرضهم‪ ،‬وبالتايل الفريقان دفعا مثن التهجري‪.‬‬ ‫التحدي األسايس اليوم‪ ،‬هو كيف ميكن استعادة‬ ‫الجبل‪ ،‬وبالتحديد جبل لبنان الجنويب؟ هذا هاجس‬ ‫كبري‪ ،‬تحدثت فيه مع الكثري من القيادات املسيحية‪،‬‬ ‫التي ميكن أن تلعب دوراً يف هذا املوضوع‪ .‬وطبعاً‬ ‫هناك شخص أسايس يتح ّمل عبء هذا األمر هو‬ ‫العامد عون ألنه يحاول دامئاً حرص الخالفات ضمن‬ ‫حدود معينة يك ال ينعكس هذا األمر عىل موضوع‬ ‫التعايش يف الجبل”‪ ،‬مؤكداً أنه “لطاملا تحدثنا عن‬ ‫استثامرات مسيحية يجب أن تحصل يف الجبل‪ ،‬مام‬ ‫قد يعيد جزءاً كبرياً من املسيحني إىل الجبل للنهوض‬ ‫به‪ .‬لكن‪ ،‬وألسباب تواجد الثقل االقتصادي يف بريوت‬ ‫ال يعود املسيحي اليوم إىل الجبل‪ ،‬ولنفس األسباب‬ ‫يهاجر الدرزي منه»‪.‬‬ ‫وأكد وهاب تفاؤله بالبطريرك الراعي‪ ،‬و”ديناميكيته‬ ‫وطرحه لألمور بطريقة رصيحة‪ ،‬خاصة لجهة طرحة‬ ‫لرضورة تعديل الطائف‪ ،‬فكلنا نعيش يف كذبة‬ ‫ّ‬ ‫يخص‬ ‫بأن الطائف مشكلة‪ ،‬وكأنه‬ ‫كبرية‪ ،‬ونعلم‬ ‫ّ‬

‫طائفة معينة‪ ،‬وكام قال سامحة السيد نرص الله‪:‬‬ ‫“لقد أصبح هذا الطائف دستوراً لكل اللبنانيني”‪.‬‬ ‫هذا الدستور ُخلق لخدمتنا‪ ،‬وليس لنكون عبيداً عنده‪،‬‬ ‫لذلك إذا كان بحاجة لتعديل فلنقم بذلك‪ ،‬ونبحث‬ ‫بهذا امللف‪ .‬فقبل ست سنوات‪ ،‬كان هناك إدارة سورية‬ ‫للملف اللبناين‪ ،‬وبعد خروجها‪ ،‬مل نعرف كيف ندير‬ ‫دولتنا‪ ،‬لذلك يلزمنا اليوم تطوير الدستور‪ ،‬فقد كانت‬ ‫املشكلة سابقاً تتم عىل الحكومة‪ ،‬من ثم عىل‬ ‫الوزير‪ ،‬فأصبحت عىل املدير العام‪ ،‬وال أحد يعلم ما‬ ‫قد يحصل‪ ،‬فقد يتم الخالف الحقاً عىل الحاجب يف‬ ‫الوزارة‪ .‬ال نريد استهداف امتيازات اي طائفة‪ ،‬ولكن‬ ‫لنفكر ملرة واحدة كلبنانيني‪ ،‬وليس كدروز ومسيحيني‬ ‫وسنّة وشيعة»‪.‬‬ ‫أما مبوضوع االتصاالت‪ ،‬فقال وهاب‪“ :‬عبد املنعم‬ ‫يوسف‪ ،‬مل يرتك موبقة منذ خمس سنوات مل‬ ‫يقم بها‪ .‬وال يوجد وزير ميكنه محاسبته أو تحويله‬ ‫إىل القضاء‪ .‬فحت ًام السنّة ليسوا مستفيدين من‬ ‫ارتكابات عبد املنعم يوسف‪ .‬فهل وصلت بنا األمور إىل‬ ‫أن يكون موظف ما‪ ،‬أقوى من الدولة؟»‬ ‫وأضاف‪“ :‬اعتربنا سابقاً أن عهد رئاسة الجمهورية قد‬ ‫انتهى‪ ،‬ألننا اعتربنا أنه كان هناك دور أكرب ميكن لرئيس‬ ‫الجمهورية أن يقوم به‪ .‬اآلن فخامة الرئيس‪ ،‬ممتاز‪ ،‬بعد‬ ‫أخذه موقفاً جدّياً‪ ،‬ولكن هل تص ّور أحد أن يكون هناك‬ ‫مدير عام يف الدولة يتم ّرد عىل رغبة رئيس الجمهورية‪،‬‬ ‫وال ين ّفذ أوامره بالخروج من وزارة االتصاالت؟ أما حول‬ ‫األحداث يف سوريا‪ ،‬فقال وهاب‪“ :‬النظام يف سوريا‬ ‫قوي‪ ،‬وهو قادر عىل اإلمساك باللعبة‪ ،‬ولديه أوراق كثرية‬ ‫مهمة ميكن استعاملها يف وقت معني‪ ،‬ومن املمكن‬ ‫للضغط الدويل أن يؤدي إىل مشكلة اقتصادية معينة‬

‫‪31‬‬

‫لكن النظام قادر عىل تجاوزها‪ ،‬وأعتقد ّأن النظام قادر‬ ‫عىل تجاوز املشكلة ككل‪ ،‬ولكن ليس مع املعارضة‬ ‫السورية املوجودة يف الخارج ألنها ُمرب َمجة ولن تقبل‬ ‫بأي تسوية”‪ ،‬مؤكداً أنه ليس مع األنظمة الدينية “‬ ‫التي متارس الظلم عىل اآلخر ألسباب دينية واجتامعية‪.‬‬ ‫وال أعلم بأي منوذج يخيرّ ون السوريني للتهدئة‪ ،‬هل هو‬ ‫النظام السعودي‪ ،‬حيث املرأة مقموعة؟ أو بالنظام‬ ‫املرصي الذي يخرج فيه بعض السلفيني للقول ّ‬ ‫بأن‬ ‫النبي محمد (ص) علامين؟ كيف ميكن إذاً العيش تحت‬ ‫رحمة تفكري كهذا والقبول بأنظمة أصولية تكفريية؟‬ ‫من هنا أعتقد ّأن وقفتنا اليوم هي إىل جانب سوريا‪،‬‬ ‫ألنها ضامنة أساسية لألمن عىل مستوى املنطقة‬ ‫ككل‪ ،‬وخاصة لألقليات فيها»‪.‬‬ ‫ووصف وهاب يف رده عىل أسئلة الجمهور عن‬ ‫الثورات العربية‪“ ،‬بأن باطنها فوضوي‪ ،‬ومل نعرف إىل‬ ‫أين سيصل؟ وهذا ما رأيناه من فوىض بعد ثورتيَ تونس‬ ‫ومرص‪ ،‬خاصة مرحلة الفوىض الطويلة يف مرص‪،‬‬ ‫وإذا نجحوا يف سوريا‪ ،‬أعتقد أننا ذاهبون إىل مرحلة‬ ‫خطرية عىل مستوى املنطقة وحت ًام ستشمل لبنان‪،‬‬ ‫مع مرشوع دويالت متتد من العراق إىل فلسطني‪ .‬فإذا‬ ‫متكنت سوريا من الصمود‪ ،‬أعتقد ّأن املرشوع ككل‬ ‫سيتغري‪ ،‬وإذا مل تتمكن من الصمود فنحن ذاهبون‬ ‫إىل تطورات خطرية جداً‪ ،‬ولبنان ضحية أساسية يف‬ ‫ذلك»‪.‬‬ ‫ويف الختام لفت وهاب اىل ّأن الحكومة لن تتشكل‬ ‫قبل شهر ترشين‪ ،‬إال إذا استج ّد يشء جديد يف‬ ‫اليومني املقبلني»‪.‬‬ ‫بعد اللقاء‪ ،‬زار وهاب رئيس رعية الضب ّية األب‬ ‫جوزيف أبو نارض‪.‬‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫وهاب رعى تخريج طالب الحارة انترناسيونال كولدج‪:‬‬

‫على الحكومة إطالق يد الجيش لضبط األمن‬

‫جدّد رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب “رفض الثأر والتشفي يف الدولة من أنصار‬ ‫الفريق اآلخر مهام كانت هو ّيتهم السياسية”‪،‬‬ ‫وقال‪“ :‬بعد أيام من تشكيل الحكومة الجديدة‪ ،‬نقول‬ ‫ال للثأر والتشفي ولكن نعم للمحاسبة‪ ،‬والتي‬ ‫ستتم وفقاً للقوانني اللبنانية ودون مراعا ٍة ألحد‪،‬‬ ‫وهنا وتعليقاً ملا جرى خالل الساعات املاضية يف‬ ‫أوجه ندا ًء للحكومة‬ ‫عاصمة الشامل طرابلس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الجديدة برضورة إطالق يد الجيش اللبناين دون أي‬ ‫رشط لرضب كل َمن تس ِّول له نفسه اللعب‬ ‫باألمن اللبناين‪ ،‬إىل أي فريق انتمى ودون تغطية‬ ‫سياسية من أحد‪ّ ،‬‬ ‫ألن سالمة أبناء طرابلس وكل‬ ‫اللبنانيني أهم من أي حسابات سياسية أخرى‪،‬‬ ‫سيايس كب ٌري إلطالق يد‬ ‫لذلك املطلوب قرا ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫الجيش لضبط األمن يف طرابلس وغريها‪ ،‬كونه‬ ‫صماّ م األمان عىل الساحة اللبنانية»‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وأضاف وهاب‪“ :‬هنا‪ ،‬ونحن عىل أبواب تعيينات‬ ‫إدارية جديدة نقول لحكومتنا‪ ،‬التي نؤ ّيدها طاملا‬ ‫ب ِق َيت يف الخط السيايس الذي من ّثل‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أننا سنحكم عليها يف املستقبل وفقاً إلنجازاتها‪:‬‬ ‫افتحوا أبواب اإلدارات أمام الكفاءات الشا ّبة‬ ‫وأوقفوا هجرتها‪ ،‬أسقطوا الحسابات السياسية‬ ‫واملذهبية والطائفية واملحسوبيات”‪ ،‬متسائ ًال‪:‬‬ ‫“هل يجوز أن يستفيد كل العامل من كفاءاتنا‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وإداراتنا متخ ّلفة بهذه الطريقة؟»‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل رعايته لحفل تخريج‬ ‫طالب ثانوية الحارة انرتناسيونال كولدج يف‬ ‫حارة حريك‪ ،‬بحضور ممثل قائد الجيش العقيد‬ ‫نصار‪ ،‬ومم ّثيل األجهزة األمنية‪ :‬العقيد‬ ‫طعان ّ‬ ‫فؤاد عثامن والعقيد عيل قانصوه والعقيد فؤاد‬ ‫الهادي والعقيد سميح زيتوين والرائد محمد‬ ‫مرتىض والرائد ماهر رعد‪ ،‬والنائب السابق بيار‬

‫‪32‬‬

‫دكاش باإلضافة إىل نقيب املدارس الخاصة‬ ‫الدكتور حسني يتيم ومدير عام ثانويتي «الحارة‬ ‫أنرتناشيونال كولدج» و»الرائد» األستاذ جواد‬ ‫الحاج والهيئة اإلدارية يف الثانوية عىل رأسها‬ ‫مديرة الثانوية الحاجة صفية الحاج‪ ،‬ومديرة‬ ‫مدرسة الرائد األستاذ جهاد الحاج وأهايل الطالب‬ ‫توجه للطالب والحضور بالقول‪:‬‬ ‫املتخ ّرجني‪ ،‬بحيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫«إن قيامة الوطن مسألة باتت بني أيدينا‪ ،‬وزمن‬ ‫الضعف والوهن والخوف قد سقط لألبد‪ ،‬وما‬ ‫علينا سوى اإلتجاه الصحيح لتثبيت سلمنا‬ ‫الداخيل وإعداد القوانني الضامنة لحقوقنا‪ .‬أما‬ ‫صيانة الوطن‪ ،‬فهي املوضوع األساس يف صلب‬ ‫عملنا السيايس‪ ،‬وكل ما يجري عىل ساحتنا‬ ‫العربية‪ ،‬ليس سوى تدمري إنساننا يف أرضه‪،‬‬ ‫واإلستيالء عىل خرياته وموارده‪ ،‬بعد أن استولوا‬ ‫عىل مقدّساته‪ ،‬وما يستهدف املنطقة اليوم‪ ،‬هو‬ ‫ٌ‬ ‫إستكامل ملا استُهدفت به من إحتالل فلسطني‬ ‫حتى غزو العراق‪ ،‬وليس لنا من سبيل سوى‬ ‫اإللتفاف حول املقاومة واإلنخراط فيها‪ ،‬وحاميتها‬ ‫من مخالب يهود الداخل والخارج‪ ،‬فقد «عقدنا‬ ‫املؤمترات‪ ،‬وأجرينا اإلتفاقيات»‪ ،‬وما زادنا كل ذلك ا ّال‬ ‫متسكاً مبا نحن عليه اليوم مع منظومة العمل‬ ‫املقاوم بد ًءا من لبنان إىل فلسطني والعراق وصوالً‬ ‫إىل إيران»‪.‬‬ ‫توجه وهاب للطالب املتخ ّرجني‪:‬‬ ‫الختام‬ ‫ويف‬ ‫ّ‬ ‫“أحيي نجاحكم وأمتنى تحقيق النجاحات القادمة‬ ‫لكم جميعاً‪ ،‬وأشكر إدارة املدرسة بصاحبها‬ ‫وهيئتها التعليمية وكل العاملني فيها‪ ،‬عىل‬ ‫استضافتي يف تخ ّرجكم‪ ،‬متمنياً لكم السعادة‬ ‫والتوفيق‪ ،‬وللوطن اإلنتصار‪ ،‬وتحقيق اإلزدهار‬ ‫لكافة أبناء وطننا الحبيب لبنان»‪.‬‬

‫‪ ...‬وحاضر في حلب بدعوة من تج ّمع شباب سوريا‬ ‫ّ‬ ‫بالتدخل األجنبي‬ ‫بالدكم قوية وال تخافون من التهديد‬ ‫اعترب رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب ّأن “ الجغرافيا‪ ،‬بقدر ما هي مه ّمة‪ ،‬بقدر ما‬ ‫تكون أحياناً كثرية قاتلة‪ ،‬وقدر سوريا أن تكون يف‬ ‫هذا املوقع الجغرايف املهم والقاتل أحياناً‪ ،‬فهي‬ ‫عىل حدود فلسطني املحتلة‪ ،‬والعراق املحتل‪ ،‬وعىل‬ ‫حدود لبنان الذين يحاولون نقله من مكان إىل آخر‪.‬‬ ‫لذلك املطلوب منها العودة بالسياسة إىل داخل‬ ‫حدودها‪ ،‬والتنازع فيام بينها لتتحول إىل عشائر‬ ‫ومذاهب وطوائف متناحرة‪ ،‬بينام بشار األسد‬ ‫يريدها سوريا الكبرية والقادرة والالعبة عىل ساحة‬ ‫متوجهاً ل ّلذين يتحدثون يف سوريا بلغة‬ ‫األ ّمة”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مل نألفها من قبل‪ ،‬يف محاولة للتفرقة املذهبية‬ ‫والطائفية‪“ :‬أيها الخبثاء‪ ،‬عندما دعم بشار األسد‬ ‫املقاومة العراقية‪ ،‬هل نظر إىل هويتها ومذهبها؟‬ ‫هل كانت تلك املقاومة سنّية أو علوية وشيعية‪،‬‬ ‫يك تقولوا أنه ينتمي ملذهب معني؟ وعندما‬ ‫دعم املقاومة يف فلسطني‪ ،‬هل كانت املقاومة‬ ‫ّ‬ ‫فإن بشار‬ ‫الفلسطينية شيعية أم سنّية؟ لذلك‪،‬‬ ‫األسد ليس سنّياً وال شيعياً وال علوياً‪ ،‬وليس‬ ‫قائداً سورياً فقط‪ ،‬بل قائد عريب عابر للحدود يف‬ ‫هذه األمة‪ ،‬وال يفكر إال بهذه الطريقة‪ ،‬ومل يفكر‬ ‫يوماً ال مبذهب وال بطائفة وال حتى فقط بوطن‪،‬‬ ‫بل كان يعترب ّأن األمة كلها هي من مسؤوليته‪،‬‬ ‫لذلك تح ّمل بقاء املقاومة الفلسطينة والعراقية‬ ‫يف سوريا‪ ،‬رغم كل الضغوط‪ ،‬وتح ّمل بقاء ودعم‬ ‫املقاومة اللبنانية رغم كل ذلك”‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل محارضته يف محيط‬ ‫قلعة حلب ضمن فعاليات تج ّمع شباب سوريا‬ ‫يرافقه عدد من أعضاء املكتب السيايس يف‬ ‫الحزب‪ ،‬والتي دامت طيلة الخمسة أيام‪ ،‬بحيث‬ ‫قال وهاب‪“ :‬ايتها املدينة التي مل تغيرّ ي عهدك‬ ‫قلعتك هذه كل‬ ‫أبداً عرب التاريخ‪ ،‬فكام هز َمت‬ ‫ِ‬ ‫أنت تجددين العهد اليوم بهزمية‬ ‫مستعمر وغا ٍز‪ ،‬ها ِ‬ ‫كل َمن يقرتب من سوريا ويعتدي عليها”‪.‬‬ ‫وتوجه ألبناء حلب‪“ :‬أنتم اليوم يف حلب‬ ‫ّ‬ ‫تجدّدون العهد للوطن‪ ،‬وتهزمون هذه املؤامرة‬ ‫التي ُتحاك ضد سوريا‪ ،‬وتعطون منوذجاً صادقاً‬ ‫للوحدة الوطنية فيها‪ ،‬وتقولون نعم لق ّوة‬ ‫سوريا ومنعتها‪ ،‬ونعم لوحدة الجيش العريب‬ ‫السوري‪ .‬ومن خالل وقوفكم إىل جانب رئيسكم‬ ‫الدكتور بشار األسد‪ ،‬تأخذون سوريا التي وقفت‬ ‫عىل املفرتق خالل األسابيع املاضية‪ ،‬إىل املكان‬ ‫الصحيح‪ ،‬الستمرارها يف موقعها العريب‪ .‬أنتم‬ ‫تثبتون بأنكم كنتم منذ اللحظة األوىل واعني ملا‬ ‫يحصل حول سوريا‪ ،‬وكنتم تعرفون ّأن املطلوب‬ ‫ليس إصالحاً أو تطويراً‪ ،‬بل شيئاً آخر‪ ،‬هو رزنامة‬ ‫خضع سوريا‪ ،‬وتغيرّ موقعها‪ .‬لقد‬ ‫سياسية ُت ِ‬

‫كنتم أ ّول َمن واجه الهجمة التي انطلقت عىل‬ ‫هذه األمة منذ سنوات‪ ،‬ألنكم كنتم تعرفون ما‬ ‫هو موقف سوريا والرئيس األسد منذ اللحظة‬ ‫األوىل‪ ،‬وتعرفون بأنها اليوم تدفع مثن وقفتها تلك‬ ‫طوال السنوات املاضية‪ ،‬خاصة وأنكم ساهمتم‬ ‫يف دعم املقاومة العراقية منذ اللحظة األوىل‬ ‫النطالقها‪ ،‬وش ّكلتم الحاضن للمقاومة العراقية‬ ‫التي أطلقت الرصاصة األوىل عىل املرشوع‬ ‫األمرييك يف املنطقة‪ ،‬ومنذ ذلك الحني وسوريا مل‬ ‫تر َتح‪ ،‬والقرار ا ُتخذ برضبها وإضعافها‪ ،‬ألنها كانت‬ ‫الحاضنة األوىل للمقاومة يف هذه املنطقة”‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪“ :‬سوريا اآلن عىل املفرتق‪ ،‬وأنتم‬ ‫الشعب السوري تق ّررون مستقبلها‪ ،‬فإذا كنتم‬ ‫تريدون سوريا القوية والشامخة والعزة والكرامة‪،‬‬

‫‪33‬‬

‫ما عليكم إال الوقوف إىل جانب رئيسكم وبلدكم‪،‬‬ ‫فلو قيلت الكلامت املطلوبة من الرئيس األسد‪،‬‬ ‫ملا بقيت سوريا كام هي‪ ،‬ولتغيرَّ كل الوضع يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬ولكن هذا يعني التنازل عن موقع سوريا‬ ‫وموقفها وكرامتها وشموخها‪ .‬وألنكم مع سوريا‬ ‫كام عرفتموها‪ ،‬أقول لكم‪ :‬عليكم اإللتفاف حول‬ ‫الجيش العريب السوري‪ ،‬الذي دافع عن كرامة كل‬ ‫العرب منذ حرب ترشين وحتى اآلن‪ ،‬والذي حت ًام‬ ‫سيدافع عن كرامة سوريا والشعب السوري‪ ،‬وعن‬ ‫كرامة كل هذه األمة”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬يحاولون اليوم‪ ،‬تحريض البعض‬ ‫عىل املقاومة يف لبنان‪ ،‬وأنا أقول لكم‪ ،‬بأنه عندما‬ ‫انترصت هذه املقاومة يف العام ‪ 2006‬وقبل ذلك‪،‬‬ ‫انترصت نيابة عن كل األمة ومل تنترص لطائفة‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫او مذهب‪ ،‬وهي لن تكون لطائفة أو مذهب أو دولة‬ ‫يف هذه األمة‪ ،‬فهذا هو قرار املقاومة وقائدها‬ ‫السيد حسن نرصالله”‪ ،‬مؤكداً ّأن “سوريا قوية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بتدخل‬ ‫بتدخل أجنبي‪ ،‬او‬ ‫ولكل َمن يهدد سوريا‬ ‫أطليس‪ ،‬أقول بأنه بيد سوريا عرشات األوراق‬ ‫للعبها‪ ،‬إذا تجاوز أحد الخط األحمر معها‪ .‬ال تخافوا‬ ‫من التهويل اإلعالمي وال السيايس‪ ،‬فبالنهاية‬ ‫الربح هو ملَن يكسب األرض‪ ،‬و َمن كان مثلكم‬ ‫ميتلك هذه اإلرادة لن يستطيع أحد هزميته”‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب للشعب السوري‪“ :‬مصري كل‬ ‫ّ‬ ‫األمة يف يدكم اليوم‪ ،‬فإذا خرجت سوريا سليمة‬ ‫نجت كل األمة‪ ،‬فاملهم أن‬ ‫من هذه املعركة‪َ ،‬‬ ‫يبقى القلب بخري‪ ،‬يك تعود أ ّمة شامخة كبرية‬ ‫مبقاومتها وشعبها وقادتها الذين من أمثال بشار‬ ‫االسد‪ ،‬لذلك ال تخذلوا رشفاء هذه األمة الذين‬ ‫راهنوا عليكم باستمرار عندما رفعتم رأسهم‬ ‫يف حرب ‪ 1973‬عىل قرى الجوالن‪ ،‬مع الجيش‬ ‫العريب السوري‪ ،‬وعندما أوقفتم الحرب يف لبنان‬ ‫وعندما دعمتم املقاومة العراقية ومل تدعوا املحتل‬ ‫األمرييك يرتاح يوماً يف العراق‪ .‬هذه األمة تراهن‬ ‫عليكم وأثق بأنكم لن ترتكوها ُتح َكم من ِق َبل‬ ‫هؤالء الناس ملئة عام‪ ،‬وأن تكون دويالت صغرية‬ ‫متناحرة يتحكم بها اإلرسائييل‪ ،‬فاملعركة كلها‬ ‫هي لحامية “إرسائيل”‪ .‬سوريا اليوم قادمة عىل‬ ‫معركة اقتصادية ّ‬ ‫ألن احتامالت التدخل األجنبي‬ ‫سقطت فيها‪ ،‬فقد أدركوا خطورة اللعبة‪ ،‬وبدأت‬ ‫محاوالت التخريب الداخيل تتالىش‪ ،‬أمام حكمة‬ ‫الجيش العريب السوري‪ ،‬الذي أرادوا منه ومن‬ ‫النظام يف سوريا القيام بردّة فعل عىل املجزرة‬

‫التي حصلت يف منطقة جرس الشغور‪ ،‬لكن هذا‬ ‫الجيش أحبط تلك الخطة ودخل يف عملية نظيفة‬ ‫لحامية املنطقة‪ ،‬ومل ينج ّر إىل املخطط الذي كانوا‬ ‫يرسمونه لسوريا‪ ،‬كام ّ‬ ‫وإن هذا اإللتفاف الشعبي‬ ‫اليوم حول الرئيس بشار األسد‪ ،‬سيأخذهم إىل‬ ‫معركة اقتصادية‪ .‬وكام أشار الرئيس األسد‪ ،‬فقد‬ ‫ت ّربع الفقراء من الشعب السوري‪ ،‬لدعم اللرية‬ ‫السورية‪ ،‬لذلك املطلوب من الفئة املقتدرة يف‬ ‫سوريا أن تتحمل هذه األزمة‪ ،‬فإما أن نخرس كل‬ ‫يشء‪ ،‬وإ ّما أن نحافظ عىل جزء مام منلكه اآلن‬ ‫ونع ّوض ما يتم خسارته‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬أنتم اليوم تشكلون صماّ م األمان‬ ‫لسوريا‪ ،‬وقد راهن عليكم املتآمرون‪ ،‬فخرسوا‬

‫الرهان‪ ،‬وها هي األمة العربية اليوم تربح الرهان‬ ‫معكم لحامية سوريا بعد رهانها عليكم‪ ،‬لذلك‪،‬‬ ‫اخرجوا باملاليني إىل ساحات حلب‪ ،‬لحامية سوريا‬ ‫وفلسطني والقدس ولحامية كل األمة‪ ،‬اخرجوا‬ ‫ووجهوا الشكر إىل كل‬ ‫وقولوا نعم لسوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الذين وقفوا إىل جانبها يف مجلس األمن من‬ ‫روسيا والصني‪ ،‬والذين منعوا تحويله إىل دمية يف‬ ‫مواجهة سوريا‪ ،‬اخرجوا لتقولوا للعامل كله‪ :‬هنا‬ ‫تولد الكرامة والعزة يف سوريا‪ ،‬قولوا لهم سوريا‬ ‫لن تسقط ألنها مولودة يف ليلة القدر”‪.‬‬ ‫هذا وشارك وهاب يف التظاهرة التي أقامها‬ ‫تم تلوين العلم‬ ‫الشعب السوري يف حلب حيث ّ‬ ‫السوري‪.‬‬

‫‪...‬ومن طرطوس والسويداء‪:‬‬ ‫مخطىء من يعتقد أنه سيتم ّكن من تدمير القلعة السورية‬ ‫شدد رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب ّ‬ ‫“أن املؤامرة عىل سوريا مل تنت ِه حتى اآلن‪،‬‬ ‫والشعب العريب السوري وجيشه ورئيسه هم‬ ‫األقدر عىل إنهائها‪ ،‬فالرئيس األسد ين ّفذ اإلصالح‬ ‫ألنه مقتنع برضورة التطوير يف سوريا‪ ،‬لكنّ‬ ‫املحاوالت كانت تهدف لج ّرها إىل مكان آخر هو‬ ‫الفتنة‪ ،‬وما أحداث جرس الشغور سوى خري دليل‬ ‫عىل ذلك”‪ ،‬مؤكداً أنه ويف ظل األزمة اإلقتصادية‬ ‫املقبلة عىل سوريا‪ ،‬عىل الشعب السوري تفهّم‬ ‫هذه األزمة‪ ،‬وعىل الدولة واملسؤولني القيام‬ ‫بواجباتهم تجاه هذا الشعب‪ ،‬وهذا هو قرار‬ ‫الرئيس األسد‪ ،‬كذلك عىل حلفاء سوريا الوقوف‬ ‫إىل جانبها يف هذا الوقت‪ .‬فكل األمة اليوم‬ ‫تتساقط أمام أعيننا مع ما يحصل من تقسيم‬ ‫لكل دولة عربية”‪ ،‬متسائ ًال “أي منوذج يريدون يف‬ ‫سوريا”‪ ،‬ورافضاً “أن ُتفرض الدميقراطية عىل‬ ‫الشعب السوري عرب التخريب‪ ،‬فسوريا لن تصبح‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫دولة عادية وتتخىل عن ق ّوتها ودورها العريب‬ ‫واإلقليمي واملحوري‪ ،‬وتقبل بتصغري الدول العربية‬ ‫لتصبح كيانات صغرية عىل حدود فلسطني”‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل محارضته يف محافظة‬ ‫طرطوس بدعوة من بلدية وأهايل بلدة الشيخ‬ ‫سعد يف املحافظة بحضور رجال دين ومحافظ‬ ‫السويداء د‪ .‬مالك محمد عيل وأمني فرع حزب‬ ‫البعث العريب اإلشرتايك شبيل جنود‪ ،‬ومفوض‬ ‫عام حزب التوحيد للمنطقة الجنوبية يف سوريا‬ ‫تيسري حاطوم‪ ،‬يرافقه عدد من أعضاء املكتب‬ ‫السيايس يف حزب “التوحيد العريب”‪ ،‬بحيث‬ ‫توجه ألبناء املدينة‪“ :‬أنتم الذين ح َميتم بلدكم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأنتم الذين تحمونه اليوم بوقفتكم الرشيفة‬ ‫إىل جانب بشار األسد‪ ،‬فعىل موقفكم اليوم‬ ‫يتقرر مصري كرامة هذه األمة ورشفها ورفعتها‪،‬‬ ‫وإذا كنتم تريدون أ ّمة رشيفة عالية الجبني‪ ،‬ما‬ ‫عليكم إال الوقوف إىل جانب بلدكم ورئيسكم‬

‫‪34‬‬

‫وجيشكم‪ ،‬وإال سنُحكم ملئة عام من ِق َبل‬ ‫“إرسائيل” وانصارها يف املنطقة‪ ،‬فقد حاولوا‬ ‫مقايضة الرئيس األسد باملوقف القومي لسوريا‪،‬‬ ‫وكانوا ميهّدون للهجمة عىل املنطقة‪ ،‬خاصة‬ ‫وأنه مل يبقَ أحد إال وخضع للمعادلة الجديدة‬ ‫بعد احتالل العراق واستسلم لإلرادة األمريكية‪،‬‬ ‫أما بشار األسد فبقي وحده يقول نيابة عن كل‬ ‫يكتف فقط‬ ‫رشفاء األمة‪ :‬ال إلحتالل العراق‪ ،‬ومل‬ ‫ِ‬ ‫بعدم اإلستسالم بل دعم أيضاً املقاومة العراقية‬ ‫والفلسطينية‪ ،‬يف حني وقف كل زعامء السنّة‬ ‫يتفرجون عىل ما يحصل يف العراق‬ ‫يف هذه األمة‬ ‫ّ‬ ‫وفلسطني‪ .‬من ثم دعم املقاومة يف لبنان ّ‬ ‫ألن‬ ‫هناك آالف األبطال الذين قاتلوا نيابة عن كل األمة‬ ‫وهزموا “إرسائيل” إنتقاماً لكل األمة التي كانت‬ ‫خاضعة طيلة ستني عاماً لإلحتالل الصهيوين”‪،‬‬ ‫مؤكداً “أن كل املقايضات مع بشار األسد فشلت‪،‬‬ ‫خاصة مع استخدام سالح الجيش‬

‫العريب السوري يف مساعدة املقاومة اللبنانية‬ ‫أثناء حرب متوز”‪.‬‬ ‫وتساءل وهاب “عماّ إذا كان الشعب السوري‬ ‫يريد من سوريا الذهاب إىل تسويات خارجية عن‬ ‫متوجهاً للشباب املشارك‪:‬‬ ‫نطاقها الوطني”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫“إمألوا كل ساحات سوريا وعبرّ وا عن موقفكم‬ ‫الوطني‪ ،‬ولتكن تلك الساحات لكم بدل أن‬ ‫تكون للمخ ّربني الذين يريدون إسقاط سوريا‪ ،‬فإذا‬ ‫خرسمتوها ستبكون دماً عليها‪ ،‬ألنها ستحمي‬ ‫املنطقة كاملة ببقائها‪ ،‬وإذا انتهت‪ ،‬ينتهي‬ ‫العرب إىل أجل غري مس ّمى‪ ،‬من هنا التحدّي‬ ‫تح ٍّد لكم‪ ،‬وإذا كنتم عىل قدره‪ ،‬تربحون سوريا‪،‬‬ ‫وإذا مل تكونوا كذلك سنخرسها جميعاً‪ ،‬فقد‬ ‫بنى الرئيس حافظ األسد موقعاً مه ًام لسوريا‬ ‫يف الساحة اإلقليمية والدولية وأصبحت ممراً‬ ‫إجبارياً لكل دول العامل‪ ،‬لذلك قفوا مع دولتكم‬ ‫ورئيسكم وجيشكم لحاميتها”‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬كانت محارضة لوهاب‬ ‫بدعوة من محافظة السويداء يف املركز‬ ‫الثقايف فيها‪ ،‬حيث قال‪“ :‬أفتخر مبوقف أبناء‬ ‫السويداء أينام ذهبت‪ ،‬ألنه يحمل باستمرار‬ ‫الربح األكيد لكل سوريا‪ .‬وملَن يقول ّ‬ ‫بأن هذا‬ ‫املوقف متط ّرف‪ ،‬أقول‪ُ :‬خلقنا ال نخاف وال‬ ‫نحسب حساباً ألحد إال ل ّله‪ ،‬ولطاملا وقفنا‬ ‫بوجه من حاول إخضاعنا‪ .‬وهذا الجبل الذي وقف‬ ‫ام لن يحسب حساباً‬ ‫صامداً يف السابق‪ ،‬حت ً‬ ‫اليوم لحفنة من بعض الذين يعملون عىل‬ ‫ويرسبون اإلشاعات عن أبناء‬ ‫املواقع اإللكرتون ّية‬ ‫ّ‬ ‫السويداء‪ ،‬الذين يقفون اليوم إىل جانب األ ّمة‬ ‫ليؤكدوا من جديد أنهم الصخرة األساسية يف‬ ‫هذه القلعة “سوريا”‪ ،‬فهُم يقاتلون اليوم كام‬ ‫كثري من أبناء املحافظات السورية نيابة عن كل‬ ‫العرب‪ ،‬ألنهم وعندما يقفون إىل جانب الرئيس‬ ‫بشار األسد‪ ،‬إمنا يقفون إىل جانب َمن بقي‬ ‫صامداً وشامخاً نيابة عن كل األمة”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬إذا استعرضنا ما حصل خالل‬ ‫السنوات املاضية‪ ،‬لرأينا ّ‬ ‫أن هناك حرباً كبرية‬ ‫من املجتمع الدويل باتجاه سوريا‪ ،‬ألنها وضعت‬ ‫ثوابت قومية منذ البداية‪ ،‬ومل متارس الخضوع‬ ‫السيايس كام فعل الحكام العرب‪ ،‬لذلك‬ ‫هي اليوم عالقة بني وضعها كدولة تلتزم‬ ‫باملواثيق الدولية‪ ،‬وبني موقفها القومي الذي‬ ‫ال تستطيع التنازل عنه‪ ،‬وما الحديث عن تدخل‬ ‫الحرس الثوري اإليراين يف قمع الشعب السوري‪،‬‬ ‫سوى إشاعات بعد تأكيد إيران عىل وقوفها‬ ‫إىل جانب سوريا‪ .‬لذلك‪َ ،‬من يعتقد أنه ميكنه‬ ‫تدمري القلعة السورية‪ ،‬مخطىء”‪ ،‬متسائ ًال‪:‬‬ ‫“هل يخيرّ ون الشعب السوري اليوم بني مرشوع‬ ‫ديكتاتوري وآخر دميقراطي‪ ،‬كام فعلوا يف باقي‬ ‫الدول العربية؟ فتقسيم السودان مث ًال مل يكن‬ ‫إستهدافاً لها بل ممراً لوصولهم إىل مرص”‪،‬‬ ‫مؤكداً “أن َمن يراهن عىل أن سوريا ستتآمر عىل‬ ‫ّ‬ ‫وتفك تحالفاتها يف محور املامنعة‪ ،‬أو‬ ‫املقاومة‪،‬‬

‫َمن يعتقد بأنها ستستلم نتيجة الضغط الذي‬ ‫يمُ ارس عليها‪ ،‬مخطىء‪ ،‬ألنني أعرف أن الرئيس‬ ‫األسد يراهن عىل صمود الشعب السوري‬ ‫ووقوفه إىل جانبه‪ .‬لذلك إذا كنتم تريدون أن‬ ‫تبقى سوريا يف املوقع القومي الذي بقيت فيه‬ ‫منذ سنوات طويلة‪ ،‬عليكم الوقوف إىل جانبها‪،‬‬ ‫فبشار األسد اليوم هو امتداد للثورة العربية‬ ‫الكربى التي قادها سلطان باشا األطرش‪ ،‬وكل‬ ‫املناضلني الكبار”‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫ُ‬ ‫“أتيت إىل سوريا ألقول بأنها أمانة‬ ‫وختم وهاب‪:‬‬ ‫بني أيديكم‪ ،‬وسأبقى واحداً من أبناء هذا الجبل‬ ‫ومقات ًال إىل جانبكم‪ ،‬وتأكدوا أنكم يف املوقف‬ ‫الصحيح ألنكم حملتم باستمرار راية هذه األمة‬ ‫وتدفعون الثمن نيابة عنها”‪.‬‬ ‫وكان وهاب قد و ّقع عىل الوثيقة التي سيتم‬ ‫إرسالها إىل األمم املتحدة‪ ،‬والتي قامت بها لجنة‬ ‫حامية الوطن‪ ،‬تتطالب مبحاكمة أربعني شخصية‬ ‫وقناة فضائية وشيخ‪.‬‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫وهاب متضامناً معها في حمص‬ ‫سوريا الوحيدة القادرة على استعادة األ ّمة‬ ‫أقامت الفعاليات االقتصادية والنقابية‬ ‫يف مدينة حمص السورية‪“ ،‬خيمة الوحدة‬ ‫الوطنية” التي حرضها رئيس حزب “التوحيد‬ ‫العريب” الوزير وئام وهاب مبشاركة الهيئات‬ ‫وكبار‬ ‫والنقابية‬ ‫واالجتامعية‬ ‫االقتصادية‬ ‫رجال الدين املسلمني واملسيحيني‪ ،‬وشيوخ‬ ‫العشائر يف املحافظة‪ ،‬إضافة ألهايل املدينة‪.‬‬ ‫ويف املناسبة ألقى وهاب كلمة حي ّيى فيها‬ ‫“الشعب السوري‪ ،‬وأرواح الشهداء يف الجيش‬ ‫العريب السوري‪ ،‬واملواطنني الذين سقطوا‬ ‫عىل أرض سوريا الحبيبة”‪ُ ،‬مستثنياً من تح ّيته‬ ‫“الذين حاولوا التخريب يف سوريا”‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪“ :‬سوريا لها علينا وعليكم‪ ،‬وعىل‬ ‫كل هذه األمة‪ ،‬لذلك أريد أن أسأل‪“ :‬هل تريدون‬ ‫حامية سوريا وعزّتها وكرامتها؟ وأسأل هذا‬ ‫كلبناين‪ّ ،‬‬ ‫ألن عزّة سوريا وكرامتها ورفع ِتها‪ ،‬هي‬ ‫رفعة لألمة وعزة وكرامة لها‪ .‬وإذا سقطت‪ ،‬لن‬ ‫يبقى رأس مرتفع يف هذه األمة‪ .‬نحن نعرف ّ‬ ‫أن‬ ‫الهدف هو أن يسقط الرمح العريب الوحيد‬ ‫الصامد يف هذه األمة والذي هو بشار األسد‪،‬‬ ‫وكل املطلوب منه بضع كلامت‪ ،‬لتنتهي‬ ‫املسألة‪ ،‬فتسكت التلفزيونات‪ ،‬وتقفل وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬ويمُ نع املعارضون من الكالم كام ُم ِنعوا‬ ‫يف السنوات املاضية يف إحدى العواصم‬ ‫األوروبية عندما بدأت تنفتح عىل سوريا‪ .‬هذه‬ ‫الكلامت تعني رهن سوريا‪ ،‬وإضعافها ورضب‬ ‫كرامتها‪ ،‬والتخيل عن فلسطني واملقاومة يف‬ ‫العراق ولبنان‪ .‬إذا كنتم تريدون هذا‪ ،‬فل ُيكمل‬ ‫َمن ُيكمل فيام يفعله اليوم‪ .‬أما إذا كنتم ال‬ ‫تريدون ذلك‪ ،‬فعليكم بحامية سوريا”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬هذه املؤامرة هي ذاتها بدأت عىل‬ ‫حميتموها‬ ‫سوريا بعد احتالل العراق‪ ،‬وأنتم‬ ‫ُ‬ ‫مع قيادتكم بوقوفكم إىل جانب رئيسكم‪،‬‬ ‫ومهّدتم لحامية العراق وح َم ْيتم لبنان‪ ،‬وأيضاً‬ ‫فلسطني والتي هي ‪ -‬رغم اغتصابها – قضية‬ ‫محم ّية اآلن‪ ،‬ولن تسقط رغم اعتقادنا جميعاً‬ ‫متوجهاً للحضور “إذا‬ ‫بأنها قد سقطت”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كنتم تريدون كرامة سوريا‪ ،‬يجب أن تكونوا‬ ‫ص ّفاً واحداً أنتم ودولتكم ورئيسكم‪ .‬ونعلم‬ ‫بأنه عندما بدأت تتضاءل فرص نجاح املؤامرة‬ ‫نوع آخر‪،‬‬ ‫داخل سوريا‪ ،‬انتقلوا إىل مؤامرة من ٍ‬ ‫لتجويعكم‬ ‫ُمستهدف‪،‬‬ ‫اقتصادكم‬ ‫فاآلن‬ ‫وإقفال مؤسساتكم‪ .‬املطلوب إفالس دولتكم‬ ‫واستمرار الفوىض فيها ألشهر‪ ،‬ليك ترفع‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫سوريا يديها وتستسلم لألزمة االقتصادية‬ ‫املالية‪ .‬لذلك أيها األخوة‪ ،‬عليكم أنتم أن تحموا‬ ‫سوريا‪ ،‬إذ ال يكفي أن يحميها رئيسها وقيادتها‪،‬‬ ‫مهمة وطنية‬ ‫بل املطلوب من كل فرد منكم‬ ‫ّ‬ ‫يف بيته وح ِّيه وقريته ويف كل مكان يتواجد‬ ‫فيه‪ ،‬فإذا سقطت سوريا سقطنا جميعاً‪،‬‬ ‫والبحبوبة‪،‬‬ ‫بالدميقراطية‬ ‫ي ِعدونكم‬ ‫و َمن‬ ‫وعدوا غريكم سابقاً‪ .‬هذه أفغانستان‪ ،‬أتوا‬ ‫إليها ووعدوها مبليارات‪ ،‬وبعد سنوات تح ّول‬ ‫رئيسها ملتس ّول يشحذ مصاريف قرصه‬ ‫الرئايس‪ .‬تص ّوروا ما هي هذه الدميقراطية؟‬ ‫أسألكم وأسأل كل أبناء الشعب السوري‪ :‬أي‬ ‫منوذج يجب أن تختاروا؟ األفغاين أو السوداين‬ ‫أو اليمني‪ ،‬أو الليبي؟ ما هي النامذج التي‬ ‫واملالية‬ ‫االقتصادية‬ ‫املشكلة‬ ‫يطرحونها؟‬ ‫ستواجهكم أنتم إذا استم ّرت هذه الحالة‬

‫يف سوريا‪ .‬هذا جرس إنذار وأنا أقرأ من الخارج‬ ‫ما يحصل‪ ،‬وما هو الذي ُي ِعدّ ونه لسوريا‬ ‫اليوم‪ .‬بدأت املعركة االقتصادية لرضب البلد‬ ‫وش ِّله ورضب كل املؤسسات الناشطة فيه‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬أنا هنا بينكم‪ ،‬ألنني مؤمن بدور سوريا‬ ‫ومركز ّيتها‪ ،‬وألنها الوحيدة التي مازالت قادرة‬ ‫عىل استعادة كل األ ّمة‪ ،‬وإذا سقطت سوريا‬ ‫تسقط هذه األمة‪ ،‬وإذا بقيت‪ ،‬فنحن قادرون‬ ‫عىل استعادة كل األطراف‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬قلوبنا وعقولنا معكم‪،‬‬ ‫ومح ّبتنا لكم‪ ،‬وأنتم الذين كنتم إىل‬ ‫جانبنا رغم كل التشويش اإلعالمي الذي‬ ‫يض ضد الدور السوري يف لبنان”‪ ،‬مؤكداً‬ ‫ِخ َ‬ ‫ّ‬ ‫أن “سوريا ح َمت وحدة لبنان وأوقفت الحرب‬ ‫ووحدت الجيش اللبناين واملؤسسات‪،‬‬ ‫األهلية‬ ‫ّ‬ ‫وجيشها دفع آالف الشهداء لحامية لبنان‪،‬‬

‫فتأكدوا بأنه سيدفع آالف الشهداء لحامية‬ ‫وحدة سوريا‪ ،‬وحامية السالم والسلم‬ ‫األهيل فيها‪ ،‬ومنع رضبها‪ ،‬فتحية إىل كل‬ ‫أفراد الجيش العريب السوري‪ ،‬جنوداً ورتباء‬ ‫وض ّباطاً وقيادة”‪.‬‬ ‫وختم‪“ :‬إذا أكملوا باللعبة‪ ،‬فاألوراق كثرية‪،‬‬ ‫و َمن يعتقد نفسه بأنه سيخرج ساملاً من‬ ‫ّ‬ ‫بأن‬ ‫هذه املعركة‪ ،‬هو ُمخطىء‪ ،‬و َمن يعتقد‬ ‫إسقاط سوريا هو كإسقاط تونس أو ليبيا أو‬ ‫اليمن أو غريها‪ ،‬فهو أيضاً مخطىء‪ ،‬فسوريا‬ ‫لن تسقط‪ .‬و َمن ينتظر قراراً من مجلس األمن‪،‬‬ ‫تدخ ًال أوروبياً‬ ‫سينتظر طوي ًال‪ ،‬و َمن ينتظر أيضاً‬ ‫ّ‬ ‫أو أمريكياً سينتظر مدّ ة أطول وأطول‪ ،‬فهذا‬ ‫لن يحصل يف سوريا‪ ،‬وإذا حصل‪ ،‬سيكون يوم‬ ‫القيامة يف الرشق األوسط‪ ،‬ولينتظروا هذا‬ ‫اليوم”‪.‬‬

‫‪ ...‬وبعد تكريمه من مؤسسة بالد الشام لإلعالم‪:‬‬ ‫هناك فرق بين اإلصالح والتخريب‬ ‫إمياناً مبسريته الحافلة بالنجاحات‪ ،‬وتقديراً‬ ‫لوقوفه مع القضايا ا ُملح ّقة للشعب العريب‬ ‫عموماً والسوري خصوصاً‪ ،‬ك ّرمت مؤسسة بالد‬ ‫الشام لإلعالم يف سوريا‪ ،‬رئيس حزب “التوحيد‬ ‫العريب” الوزير وئام وهاب يف دارته يف الجاهلية‪،‬‬ ‫وق ّلدته درعاً تكرميياً‪.‬‬ ‫وتحدث وهاب بعد اللقاء‪ ،‬عن األحداث يف‬ ‫سوريا‪ ،‬فقال وهاب‪“ :‬ما يعنينا هو كل سوريا‬ ‫بجميع أطيافها يك تبقى سليمة وآمنة‪ ،‬ألنها‬ ‫إذا سقطت تسقط كل األمة‪ .‬فحرصنا هو عىل‬ ‫قوة سوريا ومنعتها‪ ،‬ألنها إذا سقطت‪ ،‬تسقط‬ ‫فلسطني والعراق ولبنان‪ ،‬وكل مواقع املقاومة يف‬ ‫هذه األمة‪ .‬بالتأكيد‪ ،‬اإلصالح والتطوير مطلوبان‬ ‫يف كل الوطن العريب‪ ،‬ولكن هناك فرق بينهام‬ ‫وبني التخريب”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بأن الرئيس‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬الكل يعلمون‬ ‫بشار األسد مع مرشوع إصالحي متط ّور‪ ،‬وكان‬ ‫قد بدأ بهذه العملية‪ ،‬لكن يبدو ّ‬ ‫أن اآلخرين‬ ‫ال يريدون اإلصالح يف سوريا‪ ،‬حتى ولو أعطى‬ ‫األسد الكثري من األمور‪ .‬هناك أجندة دولية‬ ‫تريد لسوريا السقوط يف ّ‬ ‫فخ التنازالت‪ ،‬فام‬ ‫يريدونه من الرئيس األسد ليس إصالحاً داخلياً‪،‬‬ ‫وال أن يقوم بإنجازات مع ّينة للشعب السوري‪،‬‬ ‫بل يريدون منه تنازالت عىل مستوى املنطقة‪.‬‬ ‫هناك مرشوع واضح لرتتيب يشء ما داخل‬ ‫فلسطني‪ ،‬واملطلوب من سوريا باملقابل أن‬ ‫تبصم عىل ذلك لوصول هذه التسوية‪ ،‬يف‬ ‫حني يجعلون سوريا ُمتعبة‪ ،‬وغري قادرة عىل‬

‫‪36‬‬

‫الوقوف بوجه هذه التسوية‪ ،‬لذلك أعتقد‬ ‫ّ‬ ‫بأن األزمة قد تطول نوعاً ما‪ ،‬ولكن الشعب‬ ‫السوري هو الوحيد القادر عىل حامية وطنه‪،‬‬ ‫وكلام تضامن مع قيادته كان قادراً أكرث عىل‬ ‫حامية وطنه‪ ،‬وكام أدرك أهمية أن يحمي‬ ‫سوريا عندما ُخ ِّرب العراق‪ ،‬من املهم اليوم أن‬ ‫يدرك أهمية أن يحمي بلده مرة جديدة‪ ،‬فاآلن‬ ‫هناك مرشوع سايكس بيكو ‪ ،2‬حتى لو أننا‬

‫‪37‬‬

‫مل نكن معرتفني بسايكس بيكو واحد‪ ،‬ألننا ال‬ ‫نؤمن بالحدود يف هذه األمة‪ ،‬لذلك لن نؤمن تحت‬ ‫أي ضغط ّ‬ ‫بأن علينا مترير سايكس بيكو ‪ ،2‬بل‬ ‫سنقف بوجهه ّ‬ ‫ألن املطلوب منه تجزئة الوطن‬ ‫العريب أكرث مام هو ُمجزّأ‪ ،‬إلراحة “إرسائيل” ّ‬ ‫ألن‬ ‫النظرية تقول ّ‬ ‫بأن هذه الكيانات أكرب من أن‬ ‫ُتريحها‪ .‬هذا هو املرشوع الحقيقي الذي يتم‬ ‫بسببه الضغط عىل سوريا”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫في حفل نقابة الفنانين في دمشق‬ ‫وهاب ‪ :‬يستهدفون سوريا ألنها صامدة‬

‫أشار رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب اىل أنه “ال بد من رؤية مسار عمل الحكومة‬ ‫للحكم عليها‪ ،‬إذ هناك َمن‬ ‫اللبنانية الجديدة‬ ‫ُ‬ ‫يقول وجوب التزام لبنان بالقرارات الدولية‪ ،‬لكنني‬ ‫أعترب أنه يجب أن يلتزم مبصالح شعبه قبل هذه‬ ‫القرارات السخيفة‪ ،‬ومنها املحكمة الدولية والتي‬ ‫هي مرشوع لتخريب لبنان‪ ،‬والتي لن نلتزم بها وال‬ ‫بقرارات مجلس األمن املتعلقة بها‪ ،‬ولن نسمح‬ ‫لها باستهداف أحد”‪ ،‬مؤكداً ّأن “أي حكومة‬ ‫يف لبنان تلتزم الرشوط السياسية الرافضة‬ ‫الستباحة سيادة لبنان وكرامة اللبنانيني‪،‬‬ ‫ستكون قادرة عىل النجاح‪ ،‬أما إذا فتحت لبنان‬ ‫أمام مزاجية القرارات الدولية التي نعلم كيف‬ ‫كانت تستهدف الوطن العريب بأكمله‪ ،‬فلن‬ ‫ُيكتب لها النجاح»‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل ندوة أقامتها نقابة‬ ‫الفنانني السوريني يف مدينة دمشق بعنوان “ملاذا‬ ‫سوريا”‪ ،‬بحضور نقيب الفنانني الفنانة فاديا‬ ‫خطاب‪ ،‬ونائب نقيب الفنانني محسن غازي ورئيس‬ ‫العالقات العامة يف النقابة كامل الحريري وأمني‬ ‫رس النقابة أمين الناظر‪ ،‬واملشايخ‪ :‬أحمد شيخو‪،‬‬ ‫وكميل نرص‪ ،‬واألب جان حنا‪ ،‬وعدد من رجال الدين‬ ‫املسلمني واملسيحيني‪ ،‬وكبار املمثلني السوريني‪.‬‬ ‫وبعد تعريف من رئيس مكتب الثقافة واإلعالم‬ ‫يف النقابة سعد عيد‪ ،‬وترحيب من نقيب الفنانني‬ ‫فاديا خطاب‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬سوريا مستهدفة ألنها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ال تساوم عىل مبادئها”‪ ،‬مستعرضاً الضغوط‬ ‫التي مرت عىل سوريا عرب السنوات العرش‬ ‫املاضية‪“ ،‬بحيث استطاعت سوريا إسقاط كل‬ ‫املخططات واملؤامرات‪ ،‬بق ّوتها والتفاف شعبها‬ ‫حول قيادته»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬يستهدفون سوريا‪ ،‬ألنها بقيت‬ ‫الحلقة الوحيدة الصامدة يف هذه األمة‪ .‬ال ألوم‬ ‫َمن يستهدفها‪ ،‬بل ألوم أي سوري ال يعرف ملاذا‬ ‫يستهدفون سوريا‪ .‬فسوريا دولة أتعبت كل َمن‬ ‫حاول الهيمنة عىل هذه املنطقة‪ ،‬وليس بشار‬ ‫األسد إال استكامالً لثورات حصلت يف سوريا‪،‬‬ ‫هو ليس سليل حافظ األسد فقط‪ ،‬بل أيضاً‬ ‫سليل سلطان باشا األطرش وصالح العيل‬ ‫وإبراهيم هنانو وأحمد مريود وكل هؤالء الذين‬ ‫ناضلوا لحامية سوريا وقاتلوا دفاعاً عنها‪ .‬هو‬ ‫سليل يوسف العظمة‪ ،‬الذي ذهب إىل القتال‬ ‫وكان مدركاً أنه سيخرس املعركة‪ ،‬ولكنه أكمل‬ ‫وهو يقول ّ‬ ‫“إن القوة يجب أن تعلم ّأن فيها مكمن‬ ‫وأن الضعف يجب أن يعلم ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن فيه‬ ‫للضعف‬ ‫نقاط كثرية من القوة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بأن‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬حاولوا تخويف سوريا‬ ‫تركيا قد تخرتق الحدود السورية بدعم من الحلف‬ ‫ّ‬ ‫بأن هذا الخيار‬ ‫األطليس‪ ،‬لكنني أقول لكم‬ ‫ّ‬ ‫وأن الحملة التي يقوم بها‬ ‫ُمست َبعد بالكامل‪،‬‬ ‫البعض اليوم عىل إيران عرب ا ّتهامها باالنتشار‬ ‫ألن إيران أبلغت الجميع ّ‬ ‫يف سوريا‪ ،‬تحصل ّ‬ ‫بأن أي‬

‫‪38‬‬

‫اخرتاق لألرايض السورية هو اخرتاق ألراضيها‪،‬‬ ‫وهذا يعني حرب إقليمية كبرية”‪ ،‬الفتاً إىل أنه‬ ‫“كان عىل الجميع أن يعلم ّ‬ ‫بأن استسهاله لألمر‬ ‫ّ‬ ‫وأن عرص اعتقاده بأنه السلطان عبد‬ ‫خاطىء‪،‬‬ ‫الحميد أو السلطان سليم ونحن رعايا يف هذه‬ ‫السلطنة‪ ،‬قد انتهى»‪.‬‬ ‫وشدد وهاب عىل ّأن “كل الدول لديها مشاكل‬ ‫داخلية‪ ،‬ومشاكل أخرى مع قوميات معينة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بأن كل جيوش العامل‪ ،‬وعندما يحصل‬ ‫وأعتقد‬ ‫مت ّرد مس ّلح عىل أراضيها‪ ،‬تكون مضطرة ملعالجته‬ ‫وهذا ما نشهده اليوم”‪ ،‬من ّوهاً بـ”دور الجيش‬ ‫العريب السوري‪ ،‬الذي مازال يحفظ ما تبقى من‬ ‫كرامة عربية يف هذه األمة بعد أن استُبيحت”‪،‬‬ ‫متسائ ًال “ملاذا يشتم البعض اليوم “حزب الله”‬ ‫بسبب وقوفه إىل جانب سوريا؟”‪ ،‬مؤكداً ّ‬ ‫بأن‬ ‫“الشعب السوري إىل جانب الرئيس بشار األسد‬ ‫وأثبت ذلك خالل تظاهرة دمشق باألمس‪ .‬سوريا‬ ‫بحاجة إلصالح كغريها من الدول ومنها لبنان»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬أهمية سوريا هي باحتضانها‬ ‫املستمر لألمة وليس للطوائف‪ ،‬ومل أفقد األمل‬ ‫حتى اليوم باستعادة األمة ّ‬ ‫ألن سوريا ال تزال‬ ‫سليمة‪ ،‬فهي القلب وال ب ّد من اإلهتامم به»‪.‬‬ ‫ونوه وهاب بدور الفنانني يف املحافظة عىل‬ ‫الثقافة العربية والرتاث القومي‪ ،‬بعد ّأن ق ّلدته‬ ‫نقيب الفنانني الفنانة فاديا ّ‬ ‫خطاب شهادة تقدير‬ ‫بإسم النقابة‪.‬‬

‫حزب «التوحيد العربي» شارك في المؤتمر الدولي لوزارة التجارة الصينية‬ ‫شارك حزب “التوحيد العريب” ممث ًال مبسؤولة‬ ‫العالقات الدولية يف الحزب فريال أبوذياب يف‬ ‫املؤمتر الدويل لوزارة التجارة الصينية الذي‬ ‫عُ قد يف جامعة نانتشانغ يف مقاطعة‬ ‫جيانغيش يف جمهورية الصني الشعبية‬ ‫الذي استمر ملدة شهر مبشاركة دولية واسعة‬ ‫(‪ 47‬دولة مشاركة)‪.‬‬ ‫افتتح املؤمتر مدير عام وزارة التجارة يف‬ ‫مقاطعة جيانغيش السيد يل وي ياو بكلمة‬ ‫أشار فيها اىل سبل التط ّور واالبتكار يف‬ ‫مجال التنمية االقتصادية يف الصني‪.‬‬ ‫بعدها كانت كلمة لرئيس الجامعة‬ ‫الربوفسور زهو وي نبني‪ ،‬تحدّ ث عن برامج‬ ‫التعليم العايل املايض والحايل‪ ،‬والتطلعات‬ ‫املستقبلية لإلنجازات الثقافية والرتبوية يف‬ ‫جمهورية الصني الشعبية‪ ،‬ثم كانت كلمة‬ ‫ملديرة كلية التبادل الدويل السيدة إكزو‬ ‫مايوين تناولت فيها العالقات الدولية املتبادلة‬ ‫بني الصني وسائر دول العامل‪ ،‬وسبل التعاون‬ ‫والتنسيق يف مختلف املجاالت‪ ،‬بعدها تحدّ ثت‬ ‫مسؤولة العالقات الدولية يف حزب “التوحيد‬ ‫العريب” فريال أبوذياب باسم الوفود الدولية‬ ‫املشاركة‪ ،‬موجهة تحية شكر باسم رئيس‬ ‫الحزب الوزير وئام وهاب اىل القيمني عىل املؤمتر‬ ‫يف سفارة الصني الشعبية يف بريوت‪ ،‬مشرية‬ ‫اىل أهمية الصني وتاريخها الطويل يف نرش‬ ‫الثقافة يف عرص العوملة الجديد‪ ،‬واقتصادها‬ ‫الذي غزا العامل ما أكسبها أهمية كربى‬ ‫واهتامم عاملي‪ ،‬ما دفع العديد من دول العامل‬ ‫اىل السعي للتعاون وتبادل الطاقات يف كافة‬ ‫املجاالت فيام بينها‪ ،‬لتكون مبثابة جرس بينها‬ ‫وبني الصني‪.‬‬

‫أمانة اإلعالم تدين حملة االعتقاالت في الجوالن السوري المحتل‬ ‫أدانت أمانة اإلعالم يف حزب “التوحيد العريب”‬ ‫إقدام قوات االحتالل اإلرسائييل عىل القيام‬ ‫بحملة اعتقاالت يف الجوالن السوري املحتل‬ ‫شملت قارصين‪.‬‬ ‫ولفتت األمانة “أن قيام أجهزة األمن‬ ‫اإلرسائيلية بهذه الحملة يعترب خطوة‬ ‫خطرية عىل طريق اإلرهاب البولييس‬ ‫ومالحقة الشباب السوري املنتفض بوجه‬ ‫آلة القمع الصهيونية التي ارتكبت جرمية‬ ‫حرب متامدية يومي ‪ 15‬أيار و ‪ 5‬حزيران‬ ‫عند خط وقف إطالق النار يف عني التينة‬ ‫والقنيطرة‪.‬‬

‫وأضاف البيان‪“ :‬إن االعتداء عىل حرية شباب‬ ‫الجوالن هو اعتداء عىل حق كل عريب يريد العيش‬ ‫ّ‬ ‫وشل أي‬ ‫لكم األفواه‬ ‫بحرية وكرامة‪ ،‬وهي محاولة ّ‬ ‫نشاط أو تحرك هدفه املحافظة عىل وجود وكرامة‬ ‫الجوالنيني‪.‬‬ ‫وتابع البيان‪”:‬إن هذا االعتقال دليل واضح‬ ‫عىل مدى العنرصية التي تتعامل بها أجهزة‬ ‫األمن الصهيونية‪ .‬وإن من يدّ عي وحدانية‬ ‫الدميقراطية يف املنطقة يثبت يف كل يوم‬ ‫سقوطه باالمتحان من خالل سياسته‬ ‫املجحفة‪ ،‬وكيف يضيق ذرعاً ببعض الشباب‬ ‫الذين تظاهروا سلمياً ضد من يحتل أرضهم‬

‫‪39‬‬

‫ويصادر ممتلكاتهم‪.‬‬ ‫وكانت قوات االحتالل اإلرسائييل قد قامت‬ ‫بحملة اعتقاالت عىل خلفية االشتباكات التي‬ ‫حصلت بينها وبني األهايل‪ ،‬حيث أطلقت هذه‬ ‫السلطات الغاز املسيل للدموع عىل حشود‬ ‫املواطنني‪ ،‬فقام الشباب برشق جنود االحتالل‬ ‫بالحجارة‪.‬‬ ‫ومن بني املعتقلني دانيال أبو زيد‪ ،‬سليم سامرة‪،‬‬ ‫يامن إبراهيم‪ ،‬باسل شكيب أبو صالح‪ ،‬نشأت‬ ‫شكيب أبو صالح‪ ،‬يارس خنجر‪ ،‬محمود محمود‪،‬‬ ‫بيان عويدات‪ ،‬ثائر مداح‪ ،‬أنس الشاعر‪ ،‬ومكرم‬ ‫خنجر‪.‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫خزان أمني معلوماتي وخزنة مالية للدولة‬ ‫قطاع اإلتصاالت في لبنان وخالف أهل السلطة عليه‬ ‫إن قطاع االتصاالت يف لبنان يواجه عدوانا من‬ ‫«إرسائيل»‪ ،‬من خالل التجسس عىل لبنان عرب‬ ‫اخرتاق شبكات االتصاالت املوجودة فيه‪ ،‬حيث‬ ‫نرشت عىل طول حدودها مع لبنان أبراجاً يف‬ ‫أكرث من عرشين موقعا مجهزة بأحدث أجهزة‬ ‫التجسس واالتصاالت‪ ،‬كام أن االحتالل اإلرسائييل‬ ‫متكن من الولوج إىل شبكات االتصاالت اللبنانية‬ ‫بعدة طرق منها الشبكة االفرتاضية أو عرب‬ ‫تقنية «جي يب أر أس»‪ ،‬أو عرب زرع بعض املعدات‬ ‫وإدخال أخرى يف الشبكات اللبنانية‪.‬‬ ‫كام أن “إرسائيل” استنسخت رشائح هاتف‬ ‫لبنانية‪ ،‬وفكت قبل عام ‪“ 2004‬شيفرات” عديدة‬ ‫لهويات كثري من املشرتكني‪ ،‬ومتكنت أيضاً من‬ ‫تعطيل بعض أجزاء شبكة االتصاالت‪ ،‬وتنصتت‬ ‫عىل الشبكات وجمع املعلومات عن أشخاص‬ ‫يريد مالحقتهم‪.‬‬ ‫كام أن التحكم اإلرسائييل يف شبكات‬ ‫االتصاالت اللبنانية م ّكن اإلرسائيليني من تحديد‬ ‫مواقع األشخاص الذين يريدون استهدافهم‪ ،‬كام‬ ‫م ّكنهم من قدرة عىل التعطيل والتنصت إىل‬ ‫درجة اختالق اتصاالت ورسائل وتغيري مسارات‬ ‫واختالق معلومات وتبديل يف أخرى وإلغاء‬ ‫معلومات أخرى‪.‬‬ ‫فقضية التجسس عىل االتصاالت يف لبنان‪،‬‬ ‫هي قضية أثريت يف متوز ‪ ،2010‬بدأت بالقبض‬ ‫عىل ثالث عاملني رشكة ألفا اللبنانية للهاتف‬ ‫املحمول‪ ،‬لالشتباه بتعاملهم مع “إرسائيل”‪.‬‬ ‫وقامت السلطات اللبنانية منذ نيسان عام‬ ‫‪ 2009‬بحملة واسعة ضد شبكات تجسس‬ ‫تم خاللها توقيف أكرث من ‪ 70‬شخصاً‬ ‫إرسائيلية ّ‬ ‫بينهم عنارص من الرشطة والجيش كانوا مزودين‬ ‫بأجهزة تكنولوجية متقدمة‪ .‬وصدر حكامن‬ ‫باإلعدام يف حق اثنني من املتهمني‪.‬‬

‫«االتصاالت» و «الداخلية» توأمان‬ ‫فوزارة االتصاالت هي وزارة أمن ولكن ليس أمناً‬ ‫ميدانياً بل سياسياً واقتصادياً واجتامعياً‪ ،‬إذ أن‬ ‫هذه القطاعات تكون عرضة ملخاطر التجسس‬ ‫عن طريق التنصت مث ًال‪ .‬كام أنها وزارة يف خدمة‬ ‫العدل ألنها تقدم القرائن واألدلة يف عملية‬ ‫البحث عن الجرمية واإلدانة وال تقل أهميتها عن‬ ‫الداخلية والدفاع والعدلية يف هذا املجال‪ .‬إضافة‬ ‫اىل ذلك‪ ،‬فإن وزارة االتصاالت تتقدم عىل بعض‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الوزارات من ناحية املس‬ ‫بالحياة الخاصة للمواطن‬ ‫فاإلتصاالت‬ ‫وماليته‪،‬‬ ‫الحديثة أصبحت مالزمة‬ ‫للحقوق الخاصة‪ ،‬فـالهاتف‬ ‫الخليوي أصبح اليوم يف‬ ‫متناول أي مواطن‪.‬‬ ‫ولذلك فإن الوزارة إن مل‬ ‫تكن وطنية موثوقاً بها فإن‬ ‫أمن األشخاص ال بل الوطن‬ ‫برمته يكون يف دائرة الخطر‬ ‫والريبة‪.‬‬ ‫وزارة االتصاالت اختلفت‬ ‫منذ أيام الوزير مروان حامدة‬ ‫الذي كان يحاول وفريق ‪14‬‬ ‫آذار من خالل الهيئة الناظمة لقطاع االتصاالت‪،‬‬ ‫التحكم مستقب ًال بخصخصة القطاع وكان‬ ‫السعر املعروض حواىل ملياري دوالر‪ ،‬عل ًام أن‬ ‫الدولة تجني من عائدات هذا القطاع نحو مليار‬ ‫ونصف مليار دوالر سنوياً‪ ،‬فالقطاع الذي كان عىل‬ ‫مدى أكرث من عرش سنوات مدار خالف يف البلد‪،‬‬ ‫مثل مورداً هاماً لبعض من العائالت السياسية‬ ‫املتمولة من فريق ‪ 14‬آذار‪.‬‬ ‫ليس هذا فقط بل تعدى األمر إىل الشأن‬ ‫الوطني من خالل تزويد حامدة بعض الدوائر‬ ‫الغربية خارطة مفصلة لشبكة اتصاالت‬ ‫املقاومة التي تستخدمها يف الرصاع العسكري‬ ‫مع العدو الصهيوين‪ ،‬حسب ما ورد يف وثائق‬ ‫ويكيليكس الفضائحية‪.‬‬ ‫الوزارة التي حصل عليها خالف منذ سنوات‬ ‫ملن ستُسند من التيارات السياسية استعادها‬ ‫رئيس التيار الوطني الحر العامد ميشال عون‬ ‫ليتوالها من جديد يف حكومة الرئيس نجيب‬ ‫ميقايت‪ ،‬لكن مل تعد للوزير رشبل نحاس الذي‬ ‫أثبت جدارته ونزاهته يف إدارة هذه الوزارة ال عىل‬ ‫الصعيد املايل فحسب بل كذلك عىل الصعيد‬ ‫األمني‪ .‬ففي عهده اكتشف الخرق “اإلرسائييل”‬ ‫لهذا القطاع‪ ،‬عىل مستوى الشبكة الثابتة‬ ‫كام عىل صعيد الشبكة الخلو ّية‪ .‬وأوقف عدد‬ ‫من املشتبه يف تعاملهم مع استخبارات العدو‬ ‫من داخل القطاع‪ ،‬إضاف ًة إىل كشف وضبط عدد‬ ‫من األجهزة واملعدّات التي كان “اإلرسائيل ّيون”‬ ‫للتنصت عىل اإلتصاالت يف لبنان‬ ‫يستخدمونها‬ ‫ّ‬ ‫يف الباروك والبياضة‪.‬‬ ‫كام أن نحاس أعد خطة لتحسني خدمة قطاع‬

‫‪40‬‬

‫اإلتصاالت أبرزها االنتقال اىل الجيل الثالث يف‬ ‫مجال الهاتف الخلوي‪ ،‬بدءا من العام املقبل حيث‬ ‫مايزال لبنان من الدول القليلة يف املنطقة التي‬ ‫مل تدخل بقوة اىل الجيل املذكور‪ .‬كام أنه وضع‬ ‫نظام تعرفات جديدة‪ ،‬ساعد يف خفض التعرفة‬ ‫وهذا ما رفع عدد املشرتكني يف الهاتف النقال‬ ‫من مليونني و‪ 288‬ألفاً يف ترشين األول ‪ 2009‬اىل‬ ‫مليونني و‪ 720‬ألفاً اليوم أي بزيادة تقارب الـ ‪.% 17‬‬ ‫وعمد الوزير نحاس إىل تجميد أموال البلديات‬ ‫يف حساب مرصف لبنان بعدما كان الوزراء‬ ‫املتعاقبون يعمدون إىل تحويل كل إيرادات الهاتف‬ ‫الخليوي الرضيبية وغري الرضيبية إىل حساب وزارة‬ ‫املال‪ ،‬بوترية شبه شهرية‪ ،‬لتدخل كإيرادات إىل‬ ‫املوازنة من دون اقتطاع ما يستحقّ للبلديات منها‬ ‫مبوجب القوانني املرع ّية اإلجراء‪ ،‬وهذا ما أدى اىل‬ ‫تراكم للديون منذ عام ‪ 2002‬حتى اآلن‪ ،‬ال سيام أن‬ ‫اإلحصاءات األولية املتاحة تظهر ّأن للبلديات نحو‬ ‫‪ 2000‬مليار لرية يف ذ ّمة وزارة املال‪.‬‬ ‫مل يحظ الوزير نحاس برتحيب من الحريرية‬ ‫السياسية بسبب سياسته وإدارته لوزارة‬ ‫اإلتصاالت‪ ،‬ومعروف عنه معارضته لنهجها‬ ‫االقتصادي منذ توليها السلطة يف لبنان‪ ،‬لذلك‬ ‫كانت الحملة عليه إلخراجه من هذه الوزارة‬ ‫الحساسة‪ ،‬وقد استجاب ميقايت لذلك‪ ،‬وكان‬ ‫يحاول أن تكون من حصته الوزارية‪ ،‬لكن إرصار‬ ‫عون عليها‪ ،‬نقلها من نحاس اىل نقوال صحناوي‬ ‫بعد كل هذه املعطيات التي تربز أهمية وزارة‬ ‫اإلتصاالت عىل مستوى الوطن واملواطن وخزينة‬ ‫الدولة ورضورة صونها من الذين يسعون إىل‬ ‫التفريط بها خضوعاً إلمالءات البنك الدويل ومن‬

‫ورائه الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬مل يتخل العامد‬ ‫ميشال عون عن هذه الوزارة األساسية والسيادية‬ ‫حقاً وبالفعل وليس بالتوصيف والكالم فقط‪،‬‬ ‫لذلك تخىل عن الداخلية ومل يرتك االتصاالت‬ ‫ألنهام وبحسب الخرباء‪ ،‬مرتبطتان ببعضهام‬ ‫أمنياً‪ ،‬فال يصح أن تكونا إ ّال بيد فريق واحد خشية‬ ‫التغلغل بينهام أو عىل هوامشهام ألطراف‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫ليس غريباً أن تتح ّول وزارة بعينها إىل مطلب‬ ‫للجميع‪ .‬فعند التدقيق باألدوار التي تؤديها وزارة‬ ‫يتبي أن تصنيفها يجب أن يكون وزارة‬ ‫االتصاالت نّ‬ ‫سياد ّية‪ ،‬لتن ّوع دورها من تزويد الخزينة باألموال‬ ‫إىل كونها قادر ًة عىل أن تخرق خصوص ّية ّ‬ ‫كل‬ ‫مواطن إذا أيسء استخدام إمكاناتها‪.‬‬ ‫يف األساس‪ُ ،‬تع ّد وزارة االتصاالت من أهم‬ ‫مصادر الدخل للدولة اللبنان ّية‪ ،‬خصوصاً منذ‬ ‫أصبح القطاع كام ًال بإدارة الدولة اللبنان ّية يف‬ ‫عام ‪ .2004‬وقد بلغت إيرادات الدولة اللبنان ّية من‬ ‫قطاع االتصاالت العام املايض ملياراً وستامئة‬ ‫(حصة البلد ّيات منها مليار‬ ‫مليون دوالر أمرييك‬ ‫ّ‬ ‫دوالر)‪ ،‬ووصلت نسبة الرضيبة عىل االتصاالت إىل‬ ‫‪ .% 60‬إذاً‪ُ ،‬تعد وزارة االتصاالت مصدراً أساسياً من‬ ‫مصادر الدخل للحكومة اللبنان ّية‪.‬‬ ‫ويف السنوات السابقة‪ ،‬أفيد من هذه الوزارة‬ ‫ومن اإلدارة الرديفة املوجودة بجانبها (هيئة‬ ‫أوجريو) استفادات مال ّية ألغلب القوى السياس ّية‬ ‫اللبنان ّية‪ ،‬خصوصاً عرب قطاعي االتصاالت الخلو ّية‬ ‫واإلنرتنت‪ ،‬اللذين شهدا فضائح يف عمل ّية رسقة‬ ‫املال العام‪.‬‬ ‫لكنّ أهم ّية وزارة االتصاالت مل تعد محصورة‬ ‫بالجانب املايل‪ ،‬ففي السنتني املاضيتني‪ ،‬برز ُبعد آخر‬ ‫للوزارة‪ ،‬هو ال ُبعد األمني عىل ثالثة صعد‪ :‬األول‪،‬‬ ‫هو الخرق اإلرسائييل لهذا القطاع‪ ،‬عىل مستوى‬ ‫الشبكة الثابتة كام عىل صعيد الشبكة‬ ‫الخلو ّية‪ .‬وقد اكتُشف يف السنة املاضية توقيف‬ ‫عدد من املشتبه يف تعاملهم مع االستخبارات‬ ‫اإلرسائيل ّية من داخل القطاع‪ ،‬إضاف ًة إىل كشف‬

‫وضبط عدد من األجهزة واملعدّات التي كان‬ ‫للتنصت عىل‬ ‫اإلرسائيل ّيون يستخدمونها‬ ‫ّ‬ ‫االتصاالت يف لبنان والخرتاق الشبكات‬ ‫اللبنان ّية تقنياً‪.‬‬ ‫أ ّما الصعيد الثاين فهو املتع ّلق بعمل‬ ‫األجهزة األمن ّية اللبنان ّية ومدى قانون ّية‬ ‫استخدامها بيانات الهاتفني الخلوي والثابت‬ ‫فض ًال عن االلتزام بقانون اعرتاض االتصاالت‬ ‫(التنصت)‪ .‬ويف ما يتع ّلق بالصعيد الثالث الصحون الالقطة يف األبراج اإلرسائيلية للتنصت عىل شبكات الهاتف‬ ‫تربز طلبات املحكمة الدول ّية للحصول عىل‬ ‫واملعطيات‬ ‫بيانات شبكتي الخلوي والثابت‬ ‫فتح اإلسالم بعدما عاشوا يف دالل املستقبل‪..‬‬ ‫رشكات‬ ‫يف‬ ‫املوجودة‬ ‫واملعلومات واملل ّفات الفرد ّية‬ ‫وقد تعاوده الحالة ويسحق رشبل نحاس ويطيح‬ ‫لجميع‬ ‫والعائدة‬ ‫أنواعها‬ ‫االتصاالت عىل مختلف‬ ‫كل من حوله حتى ولو كان أمنا تحت رعايته‪ .‬أما‬ ‫اتهامات‬ ‫املاضية‬ ‫الفرتة‬ ‫خالل‬ ‫اللبنانيني‪ .‬وقد برزت‬ ‫وزير الداخلية زياد بارود فلم يتحمل البقاء‪ ،‬فال‬ ‫بقوننة‬ ‫مطالبته‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫خلف‬ ‫عىل‬ ‫لوزير االتصاالت‬ ‫ّ‬ ‫السياسية ساعدته عىل تقليم أظافر اللواء‬ ‫لهم‬ ‫الذين‬ ‫باألشخاص‬ ‫وحرصها‬ ‫هذه الطلبات‬ ‫والعقيد وال هو مستعد إلضفاء مظلة رسمية‬ ‫الطلبات‬ ‫هذه‬ ‫لرتك‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫الدول‬ ‫للمحكمة‬ ‫أهم ّية‬ ‫ّ‬ ‫عىل تجاوزاتهام‪.‬‬ ‫مفتوحة‪.‬‬ ‫مل تستطع الدولة اللبنانية بشخص وزير‬ ‫يف الدولة ضمن الدولة كشف عن دويلة االتصاالت رشبل نحاس البقاء مبوقع املتف ّرج‬ ‫يرتطم فعلها بالسامء وتالمس األقامر الصناعية بعد حرص األرضار الالحقة بقطاع االتصاالت‪،‬‬ ‫وتحتوي عىل شبكة خلوية ثالثة ورمبا عىل أجهزة سواء جراء االخرتاق اإلرسائييل‪ ،‬أو نتيجة االهرتاء‬ ‫تنصت‪ ،‬يف فراغ الدولة يتضح أن ال فراغ إال عند والتس ّيب وسوء اإلدارة يف القطاع‪ ،‬التي تراكمت‬ ‫الناس البسطاء‪ ..‬وكل يصنع جمهوريته ضمن نتائجها طوال أكرث من عرش سنني‪.‬‬ ‫الجمهورية ويحرسها مبا أويت من قوة‪.‬‬ ‫الرتدّي يف واقع االتصاالت يبدأ من اإلهامل‪،‬‬ ‫سطوح‬ ‫فوق‬ ‫من‬ ‫تخابر‬ ‫أهو أنقالب أم قرصنة أم‬ ‫ليصل إىل حقيقة مفادها أن الدولة تركت القطاع‬ ‫عىل‬ ‫وتنطبق‬ ‫األوصاف‬ ‫الدولة؟ قد تصح كل هذه‬ ‫ّ‬ ‫التجسس التقني اإلرسائييل‪ .‬فمنذ‬ ‫مرشعاً أمام‬ ‫ّ‬ ‫فرع‬ ‫دخول‬ ‫من‬ ‫ممنوع‬ ‫الوزير‬ ‫حادث أغرب ما فيه أن‬ ‫بدء توقيف املشتبه يف تعاملهم مع االستخبارات‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫من‬ ‫أقوى‬ ‫آخر‬ ‫لوزارته ألن هناك فرعا‬ ‫اإلرسائيلية يف رشكتي الهاتف الخلوي وهيئة‬ ‫وزارة‬ ‫خرباء‬ ‫أجرى‬ ‫عندما‬ ‫الرواية‬ ‫بدأت فصول‬ ‫أوجريو‪ ،‬بدأت وزارة االتصاالت والهيئة املنظمة‬ ‫هناك‬ ‫كانت‬ ‫إذا‬ ‫ما‬ ‫لتبيان‬ ‫فنيا‬ ‫أختبارا‬ ‫االتصاالت‬ ‫للقطاع ما يشبه املسح األويل لشبكات الهاتف‪.‬‬ ‫االتصاالت‬ ‫وزارة‬ ‫وراء‬ ‫من‬ ‫تعمل‬ ‫ثالثة‬ ‫خلوية‬ ‫رشكة‬ ‫وقد س ّلمت الهيئة وزي َر االتصاالت تقريراً عن‬ ‫وعندما‬ ‫القانون‪،‬‬ ‫وخارج‬ ‫الدولة‬ ‫ومؤسسات‬ ‫اإلجراءات الكفيلة بتوفري الحامية األولية للقطاع‪،‬‬ ‫تحققوا األمر قرر الوزير رشبل نحاس ومبؤازرة أمنية سواء يف االتصاالت الهاتفية املحلية والدولية‪ ،‬أو‬ ‫الكشف عىل املعدات يف مبنى املتحف‪ ،‬فوجد اإلنرتنت‪ ،‬أو يف املعامالت املرصفية التي تعتمد‬ ‫فهود املعلومات يف االنتظار يتسلحون بأمر من أنظمة مقفلة أو مفتوحة لإلتصاالت‪.‬‬ ‫اللواء أرشف ريفي لحراسة األجهزة‪ ..‬ووقع املشهد‬ ‫وبحسب معن ّيني بالقطاع‪ ،‬فإن الدولة‬ ‫املهني‪ ..‬وزير يصارع للدخول وقوى أمنية ترفض‪ ،‬اللبنانية‪ ،‬خالل أكرث من عرش سنوات‪ ،‬مل تتّخذ‬ ‫ومن خالل الدفاع املستميت أي إجراءات لحامية رسية التخابر يف لبنان‪،‬‬ ‫لفرع املعلومات عن األجهزة وخاصة عند الحديث عن التعديات اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫تعززت الشكوك يف أن وراء ففي الجنوب‪ ،‬ومبارش ًة عىل الحدود اللبنانية‬ ‫الشبكة ما وراءها وما زاد الفلسطينية‪ ،‬أقامت االستخبارات اإلرسائيلية‬ ‫الشك يقينا أن املدير العام مراكز للتجسس عىل االتصاالت اللبنانية‪.‬‬ ‫لقوى األمن الداخيل اللواء وهذه املراكز واضحة للعيان‪ ،‬وميكن َمن يسري‬ ‫أرشف ريفي رفض تنفيذ عىل الحدود أن يشاهد الصحون الالقطة مزروعة‬ ‫أمر من وزير الداخلية بإخالء يف الجانب الفلسطيني من الحدود‪ .‬وبعض‬ ‫املبنى‪ ،‬حيث مل يسمع هذه األجهزة مزروع بعيداً عن مواقع محددة‪،‬‬ ‫األمنيون يف املتحف سوى فيام البعض اآلخر يقع داخل مواقع خاصة‬ ‫صوت اللواء أرشف ريفي باالستخبارات اإلرسائيلية‪ .‬ويقع أبرز هذه املراكز‬ ‫ً‬ ‫منذرا بعدم االمتثال‪ ،‬فوقع قبالة بلدة الناقورة‪ ،‬وآخر قبالة علام الشعب‪،‬‬ ‫ألن‬ ‫صفوفهم‬ ‫يف‬ ‫الخوف‬ ‫مهم قرب موقع العباد‪ ،‬وصوالً‬ ‫إضاف ًة إىل مركز‬ ‫ّ‬ ‫الداعي ذا سوابق حازمة ويف إىل جبل الشيخ‪ .‬وبحسب مصادر رفيعة يف‬ ‫التجسس اإلرسائييل‪،‬‬ ‫سجله التاريخي أنه سحق وزارة االتصاالت‪ ،‬فإن مراكز‬ ‫ّ‬ ‫شاكر العبيس وقىض عىل‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫تتمكن يف الوقت الحايل من التجسس عىل‬ ‫جميع االتصاالت الخلوية التي ُتجرى يف الجنوب‪ .‬إذ‬ ‫بإمكان أيّ مهندس اتصاالت أن يجول عىل الحدود‪،‬‬ ‫لريى التجهيزات اإلرسائيلية‪ ،‬فيعرف مبارش ًة ما‬ ‫باستطاعة الهوائيات الكبرية املوجهة إىل داخل‬ ‫األرايض اللبنانية فعله‪ .‬فهي األذن اإلرسائيلية‬ ‫التي تسرتق السمع إىل ما تشاء من مكاملات‬ ‫الهواتف الخلوية يف الجنوب‪ .‬ومن املعروف عاملياً‪،‬‬ ‫بحسب خرباء لبنانيني‪ ،‬أن اإلرسائيليني ط ّوروا‬ ‫قدرتهم عىل اعرتاض االتصاالت الخلوية‪ ،‬هوائياً‪.‬‬ ‫وهذه التقنية باتت متوافرة يف العامل‪ ،‬وميكن‬ ‫تص ّفح مواقع اإلنرتنت التي تعرض للبيع “حقائب”‬ ‫مت ّكن حاملها من تسجيل مكاملات عدد محدود‬ ‫من الهواتف الخلوية‪ ،‬وهي الحقائب التي يؤكد‬ ‫مسؤولون أمنيون لبنانيون أنها متوافرة لدى عدد‬ ‫من األجهزة األمنية اللبنانية التي تستخدمها‬ ‫يف التنصت األمني والسيايس‪ ،‬لكن عىل‬ ‫نطاق ضيق‪ ،‬بسبب محدودية قدرة هذه الحقائب‪،‬‬ ‫ورضورة بقائها قرب الهاتف املنويّ استخدامه‪.‬‬ ‫ويؤكد الخرباء أنفسهم أن القدرة اإلرسائيلية‬ ‫عىل التنصت تفوق بآالف األضعاف ما هو متاح‬ ‫لألفراد يف السوق السوداء (الحقائب)‪.‬‬ ‫إضاف ًة إىل أجهزة التنصت الواضحة‪ ،‬زرع‬ ‫اإلرسائيليون‪ ،‬عىل املأل‪ ،‬فوق أعمدة يصل ارتفاع‬ ‫بعضها إىل أكرث من ‪ 40‬مرتاً‪ ،‬أجهزة لتحديد‬

‫اتجاه االتصاالت‪ .‬فهذه األجهزة التي تظهر عىل‬ ‫طول الحدود اللبنانية ـــــ الفلسطينية‪ ،‬تحدد‬ ‫املكان الدقيق ألي اتصال السليك (خلوي‪ ،‬أجهزة‬ ‫السلكية‪ ،‬أجهزة هاتف ثابت منزلية محمولة‪)...‬‬ ‫عرب رصد هذا االتصال من ثالث زوايا مختلفة‪.‬‬ ‫و ُتع َرف هذه التقنية عاملياً بـ “‪.”finding direction‬‬ ‫لكنّ األخطر من ذلك ك ّله‪ ،‬هو توزيع محطات‬ ‫الهاتف الخلوي داخل األرايض اللبنانية‪ .‬وعىل سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬خط ّ‬ ‫بث الشبكة التي تش ّغلها رشكة ألفا‪،‬‬ ‫من بلدة عبيه إىل صفاريه فدردغ ّيا‪ ،‬ومن دردغ ّيا‬ ‫باتجاه منطقة صور‪ .‬وإىل صور‪ ،‬يصل ّ‬ ‫بث ألفا من‬ ‫طريق آخر‪ ،‬ليك ّون حلقة تبدأ من عبيه‪ .‬فإن هذا‬ ‫الواقع يعني أن بإمكان اإلرسائيليني التقاط ّ‬ ‫بث‬ ‫األجهزة الخلوية مبارشة‪ ،‬فض ًال عن توافر إمكانية‬ ‫تقنية ألن يكون أحد العمالء قد جهز عمود‬ ‫دردغيا بواسطة جهاز ّ‬ ‫بث مايكروويف‪ ،‬ما يسمح‬ ‫لإلرسائيليني بالدخول إىل الشبكة اللبنانية‪،‬‬ ‫والوصول إىل داخل “عقل” رشكة ألفا‪ ،‬من دون‬ ‫أي عوائق تذكر‪ .‬ويجري الحديث عىل نطاق واسع‪،‬‬ ‫يف أوساط وزارة االتصاالت واألجهزة األمنية‪ ،‬عن‬ ‫دور أدّاه املوقوف طارق الربعة‪ ،‬املدعى عليه بجرم‬ ‫التجسس لحساب االستخبارات اإلرسائيلية‪ ،‬يف‬ ‫توزيع هذه األعمدة‪ ،‬وخاص ًة أنه كان أحد واضعي‬ ‫خطط نرش أعمدة اإلرسال يف “ألفا”‪.‬‬ ‫كذلك فإن وزارة االتصاالت مل ّ‬ ‫تطلع بعد عىل‬

‫التفاصيل التقنية لنتائج التحقيقات التي‬ ‫أجرتها مديرية استخبارات الجيش مع موقويف‬ ‫قطاع االتصاالت‪ ،‬ملحاولة تحديد الخروق التقنية‬ ‫التي حققها اإلرسائيليون يف الشبكة الخلوية‬ ‫والثابتة‪ .‬واقترصت املعالجة عىل الجانب األمني‪،‬‬ ‫وعىل اإلجراءات التي اتخذتها الوزارة من تلقاء‬ ‫نفسها بعد توقيف موظف ألفا رشبل قزي‪،‬‬ ‫إذ قطعت رشكتا الهاتف الخلوي أي إمكان‬ ‫للدخول إىل الشبكة من الخارج‪ ،‬بواسطة شبكة‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬وهو ما كان متاحاً لعدد من املوظفني‪،‬‬ ‫ولبعض املو ّردين األجانب الذين ُيس َمح لهم‬ ‫أحياناً بالدخول إىل الشبكة اللبنانية ملساعدة‬ ‫التقنيني اللبنانيني عىل معالجة بعض املشاكل‪.‬‬ ‫وعىل املنوال ذاته‪ ،‬تتعامل السلطة السياسية‬ ‫بتجاهل تام مع واقع أن إحدى الرشكات املو ّردة‬ ‫ألجهزة ّ‬ ‫بث الخلوي يف لبنان‪ ،‬أي رشكة نوكيا‬ ‫ــــ سيمنز‪ ،‬هي الزبون األول لرشكة سرياغون‬ ‫اإلرسائيلية‪ .‬واألخرية‪ ،‬تصنع أجهزة ورشائح‬ ‫إلكرتونية تدخل يف تصنيع األجهزة واملعدّات‬ ‫التي تبيعها نوكيا ـــــ سيمنز‪ .‬وميلك رشكة‬ ‫سرياغون ويتوىل إدارتها مجموعة من األفراد‪،‬‬ ‫معظمهم ضباط إرسائيليون متقاعدون من‬ ‫خدمة عسكرية أمضوا الجزء األكرب منها يف‬ ‫وحدات التجسس التقني الخاص‪ ،‬يف االستخبارات‬ ‫العسكرية وهيئة األركان‪.‬‬

‫جان لوي قرداحي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫كل األطراف السياسية لديها مصلحة مالية أو أمنية داخل وزارة االتصاالت‬ ‫لطاملا ش ّكل قطاع اإلتصاالت وتحديداً منذ مطلع التسعينات‪،‬‬ ‫وبعد عودة االستقرار اىل لبنان وإطالق ورشة اإلعامر وتأهيل البنى‬ ‫التحتية‪ ،‬عامل اضطراب وتجاذب عىل مستوى السلطات السياسية‬ ‫التي مل تنظر اىل هذا القطاع انطالقاً من أهميته يف النشاط‬ ‫االقتصادي وإمنا من موقعه كمصدر متويل رئييس للخزينة‪.‬‬ ‫وقد دخل قطاع اإلتصاالت عملياً حلبة الرصاع السيايس‬ ‫منذ إقرار رخصتي الهاتف الخليوي عام ‪ 1995‬وحرصهام برشكتي‬ ‫تشغيل من القطاع الخاص‪ ،‬ليدخل هذا امللف يف صلب التجاذب‬ ‫السيايس وال سيام عىل مستوى رئاستي الجمهورية والحكومة‬ ‫حول جدوى االستمرار بإبقاء هذا القطاع يف يد القطاع الخاص‬ ‫والتوجه أكرث نحو خصخصته عرب فتح باب املنافسة وإدخال‬ ‫رشكاء جدد إليه وتوسيع قاعدة الشبكة لكرس حرصية‬ ‫الرشكتني املشغلتني أو إعادته اىل كنف الدولة إلدارته‪.‬‬ ‫وبعدما نجح الكباش السيايس الذي قام بني رئييس الجمهورية‬ ‫السابق إميل لحود وحكومة الراحل رفيق الحريري‪ ،‬ملصلحة رأي‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لحود القائل باستعادة القطاع‪ ،‬شهد قطاع الخليوي تراجعاً كبريا‬ ‫يف خدماته بفعل غياب أي خطة تطوير بعدما اقترص هم الدولة‬ ‫يف هذا املجال عىل تحصيل الواردات من دون النظر اىل مستقبل‬ ‫القطاع‪.‬‬ ‫وكانت الحكومة التزمت‪ ،‬يف تحسني الخدمة وتطويرها‬ ‫وتوسيعها‪ ،‬خفض فاتورة الخليوي التي تعترب األعىل يف املنطقة‬ ‫مقارنة مع كلفتها يف الدول املحيطة مبا ينعكس سلباً عىل زيادة‬ ‫عدد املشرتكني من جهة‪ ،‬ويدخل بنداً مه ًام يف أكالف اإلنتاج‬ ‫والخدمات للمؤسسات‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي اليزال جوهر التجاذب السيايس عىل‬ ‫الخصخصة مفهوماً وتطبيقاً وجدوى‪ ،‬يغفل البعض ممن هم يف‬ ‫دائرة القرار السيايس يف البالد عن قصد أو غري قصد عىل خلفية‬ ‫مصالح خاصة لها عالقة باملشاركة يف املحاصصة‪.‬‬ ‫وألهمية هذا القطاع كان لـ “منرب التوحيد” حوار مع وزير‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫االتصاالت األسبق جان لوي قرداحي‪ ،‬هنا ّ‬

‫‪42‬‬

‫يتم توصيف «هيئة أوجريو» عىل أنها دولة‬ ‫ّ‬ ‫ضمن الدولة‪ ،‬فكيف تصفونها من خالل‬ ‫تجربتكم؟‬ ‫لن أقوم بتوصيف «هيئة أوجريو» من خالل‬ ‫تجربتي‪ ،‬وإمنا من خالل واقع القانون‪ ،‬هيئة‬ ‫أوجريو هي هيئة ترتبط بوزير االتصاالت كوزير‬ ‫وصاية عليها‪ ،‬ويف مستوى آخر ترتبط الهيئة‬ ‫بوزارة االتصاالت مبوجب عقود خدمات مبعنى أن‬ ‫الهيئة تعمل لصالح وزارة االتصاالت كمقاول‪،‬‬ ‫تكلفها الوزارة بالقيام مبهام لصالحها وتدفع‬ ‫لها تكاليفها شهرياً‪ ،‬وهي بذلك تقوم بخدمات‬ ‫معينة وتؤمن االتصاالت مبوجب عقد خدمات‬ ‫يربطها كأي مقاول خاص أو عام بوزارة االتصاالت‪،‬‬ ‫وبالتايل عليها االلتزام بتوجيهات وأوامر صاحب‬ ‫العمل أي وزارة االتصاالت وتنفذها‪ ،‬وعىل أساس‬ ‫عملها تقبض مثن أعاملها‪.‬‬ ‫هذا هو مبدأ التعاقد‪ ،‬فبدل أن تلزّم وزارة‬ ‫فتم‬ ‫االتصاالت املشاريع اىل رشكات خاصة‬ ‫ّ‬ ‫اتخاذ القرار بتلزيم هيئة أوجريو لتقوم بدور املقاول‬ ‫لصالح وزارة االتصاالت‪ ،‬إضافة اىل ذلك هي‬ ‫كهيئة عامة‪ ،‬لديها وزير وصاية هو وزير االتصاالت‬ ‫الذي يرشف عىل أعاملها ضمن القانون‪.‬‬ ‫الخطأ الذي حدث‪ ،‬هو بعدم تنفيذ هيئة أوجريو‬ ‫ألوامر العمل الصادرة عن وزارة االتصاالت‪ ،‬أي‬ ‫أن الخلل يكمن عىل مستوى التعاقد‪ ،‬وليس‬ ‫عىل مستوى الرقابة‪ ،‬بحيث أن أوجريو أصبحت‬ ‫تتعامل وكأنها صاحبة املبنى وصاحبة امللك‬ ‫وليست مقاوالً يعمل لصالح صاحب امللك‪.‬‬ ‫إضافة اىل ذلك هناك مستوى آخر مل يتم‬ ‫التطرق إليه‪ ،‬اعتربه بعض املدافعني عن هيئة‬ ‫أوجريو أن الوزير ليس له صالحات‪ ،‬وصالحياته‬ ‫ال تتعدى الوصاية‪ ،‬ولكن كرب عمل وصاحب‬ ‫مؤسسة يش ّغل لديه مقاول يدعى أوجريو‬ ‫مبوجب عقود خدمات قامئة وموقعة‪ ،‬عىل املقاول‬ ‫أن يلتزم بتوجيهات صاحب العمل وليس أن‬ ‫يترصف وكأنه هو صاحب العمل‪.‬‬ ‫ّمتت خالل توليكم وزارة االتصاالت نقل قطاع‬ ‫الهاتف الخلوي اىل ملكية الدولة‪ ،‬وإخراجه من‬ ‫الخصخصة‪ ،‬هل كان القرار صائباً‪ ،‬وماذا أفاد‬ ‫الخزينة؟‬ ‫يف هذا اإلطار يجب طرح األمور عىل مستويني‪:‬‬ ‫لقد كان قطاع االتصاالت يف األساس ملزّماً‬ ‫مبوجب عقد الـ ‪ BOT‬ما يعني أن الدولة تبقى‬ ‫املالكة‪ ،‬والرشكات الخاصة تؤسس وتش ّغل‬ ‫وتس ّلم الدولة عند انتهاء عقدها‪ ،‬الذي حصل‬ ‫أنه عندما أىت الرئيس رفيق الحريري ق ّرر فسخ‬ ‫العقد وفتح الباب للرشكات أمام االعرتاض عىل‬ ‫الفسخ من باب التعسف‪ ،‬وأن يطالبوا بعطل‬ ‫ورضر‪ ،‬يف وقت كان ميكننا االنتظار سنتني دون‬ ‫دفع العطل والرضر‪ ،‬وأكرث من ذلك أن الرشكات‬ ‫متنّعت حينها عن تسليم القطاع للدولة اللبنانية‬ ‫تم التصادم معهم ومع الرئيس رفيق الحريري‪،‬‬ ‫وهنا ّ‬ ‫ألنه ال يجوز أن نتح ّمل سلبيات فسخ العقد‬

‫بفتح شكوى عىل الدولة ملطالبتها بتعويضات‬ ‫فسخ العقد دون األخذ بإيجابياته بحيث نستلم‬ ‫املداخيل‪ ،‬انطالقاً من هذا املبدأ قامت هناك‬ ‫معركة فيام بيننا والرشكات و َمن هو داعم لها‬ ‫لتستلم الدولة مداخيل القطاع ويتم نقله من‬ ‫يد الرشكات اىل يد الدولة‪ ،‬إلعادة تلزميه لرشكات‬ ‫أخرى قادرة أن تدير القطاع‪ .‬وبذلك أصبح القطاع‬ ‫بيد الدولة وبدل أن نأخذ استنسابياً ‪ 30‬أو ‪%40‬‬ ‫من املداخيل أصبحت املداخيل ‪ %100‬للدولة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يدخل قطاع االتصاالت ‪ 300‬أو‬ ‫وبالتايل بدل أن‬ ‫‪ 400‬مليون أصبح ّ‬ ‫يدخل تقريباً مليار لرية‪ ،‬وتط ّور‬ ‫األرقام حتى اليوم خري دليل عىل ذلك‪.‬‬ ‫السجال بني وزاريت االتصاالت واملال مستمر‪،‬‬ ‫وال حظنا موقف رئيس الجمهورية يف هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬ملاذا هذا الغمز املستمر عىل رشكتي‬ ‫الهاتف النقال‪ ،‬أضف إليهام الرشكة الثالثة‪،‬‬ ‫يتم الدفاع عن مصالحها من أشخاص‬ ‫وملاذا‬ ‫ّ‬ ‫داخل الدولة؟‬ ‫فيام يتع ّلق يف هذا املوضوع إن األمور التي‬ ‫حصلت عندما كنت أشغل منصب وزارة‬ ‫االتصاالت كانت أخطر مام هي عليه اليوم‪ ،‬حيث‬ ‫كانت الرشكات الخاصة التي كانت تستلم‬ ‫مداخيل قطاع الخليوي ومستفيدة منه‪ ،‬كان‬ ‫لديها دعم سيايس واسع‪ ،‬وكان هناك أطراف‬ ‫عديدة داخل الحكم وخارجه داعمة لها‪ ،‬وكانوا‬ ‫عملياً أقوى من الدولة‪ ،‬وللتذكري عندما صعد‬ ‫الوزير فضل شلق وقال لهم الكلمة الشهرية‬ ‫يوجه الدولة» كلفته‬ ‫«بياع التلفونات ال ميكنه أن ّ‬ ‫طرده من الحكومة‪ ،‬مبعنى أن تلك الرشكات‬ ‫كانت أقوى من الدولة‪ ،‬أما يف املرحلة التي كنت‬ ‫أشغلها كوزير اتصاالت‪ ،‬واجهت نفس املشكلة‪،‬‬ ‫فواجهتهم بصالبة ومت ّكنت من السيطرة عىل‬ ‫تلك الرشكات ألن رئيس الجمهورية حينها‬ ‫(العامد إميل لحود) كان داع ًام ملوقفي ما جعلني‬ ‫أمت ّكن من اسرتجاع حقوق الدولة من براثن تلك‬ ‫الرشكات‪.‬‬ ‫املشكلة اليوم مع وزارة املالية هي من نوع آخر‪،‬‬ ‫ففي املرحلة التي شغلت فيها وزيراً لالتصاالت‬ ‫كانت رشكات قطاع الخليوي‪ ،‬بشكل دائم‬ ‫ومستمر تتك ّلم بأرقام قطاع الخليوي بشكل غري‬ ‫صحيح وتكذب بشكل مستمر األرقام التي كنا‬ ‫نضعها‪ ،‬والهدف كان أنه عندما ُطرح موضوع‬ ‫خصخصة قطاع االتصاالت أتت بعض الرشكات‬ ‫لتقديم عروض للمجلس األعىل للخصخصة‬ ‫لبيع كل رخصة مببلغ أقصاه ‪ 800‬مليون دوالر‬ ‫ما يعني بيع القطاع بكامله مببلغ مليار و‪600‬‬ ‫مليون دوالر‪ ،‬عندها قدمت دراسة تفصيلية‬ ‫وتبي أنه إذا أخذنا‬ ‫عن أرقام قطاع الخليوي‬ ‫نّ‬ ‫أرقام القطاع عىل ‪ 20‬سنة وقدمنا لها حس ًام‬ ‫بحسب الفوائد املرصفية بـ ‪ 7‬أو ‪ % 8‬تكون قيمة‬ ‫القطاع ال تقل عن ‪ 10‬مليارات وبالتايل ال يجوز‬ ‫بيعهم مبليار و‪ 600‬يف وقت ميكننا بيعهم بـ ‪10‬‬ ‫مليارات دوالر‪ ،‬هنا كل الذين كانوا راغبني برشاء‬

‫‪43‬‬

‫هذا القطاع أو بوضع اليد عليه أبدوا انزعاجهم‬ ‫من تلك األرقام التي وضعتها مبوجب رشكة‬ ‫تم تسليمه اىل‬ ‫تدقيق حسابات دولية ضمن تقرير ّ‬ ‫مجلس النواب والحكومة ورئيس الجمهورية حيث‬ ‫وضعت القيمة الفعلية لهذا القطاع الذي منع‬ ‫كل األشخاص الذين هم بانتظار الفرصة لوضع‬ ‫اليد عىل هذا القطاع بأبخس األمثان من التمكن‬ ‫من هذا املوضوع‪ ،‬وبالتايل خلق انزعاجاً كبرياً لدى‬ ‫أصحاب املصالح‪.‬‬ ‫املفصل الثاين هو مفصل تحويل األموال لوزارة‬ ‫املالية‪ :‬وزارة االتصاالت لديها ما يسمى بقانونها‬ ‫موازنة ملحقة‪ ،‬أي موازنة وزارة االتصاالت ليست‬ ‫يف صلب املوازنة العامة وإمنا هي ملحقة بها‪،‬‬ ‫إضافة اىل أن وزارة االتصاالت لديها حسابات‬ ‫مستقلة عن حسابات الخزينة العامة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫جميع مداخيلها تذهب اىل حساب مستقل يف‬ ‫يتم الترصف‬ ‫مرصف لبنان‪ ،‬ومن هذا الحساب ّ‬ ‫بدفع مبالغ لوزارة املالية والبلديات ولالستثامر‬ ‫والصيانة ولتنفيذ مشاريع جديدة كل ذلك من‬ ‫ما يسمى الحساب املستقل‪ ،‬وكان هناك دامئاً‬ ‫مسعى من وزارة املالية لدمج هذه الحسابات‬ ‫والحد من استقاللية وزارة االتصاالت حتى تظل‬ ‫مداخيل القطاع مندمجة ضمن مداخيل املوازنة‬ ‫العامة أو ضمن حساب الـ ‪ 36‬الذي هو حساب‬ ‫الخزينة العامة‪.‬‬ ‫ولكن املشكلة األساسية يف ذلك كانت مع‬ ‫سياسات الرئيس السنيورة املتعاقبة منذ عام‬ ‫‪ 1992‬حتى اليوم‪ ،‬إن كان من خالل توليه وزارة‬ ‫املالية أو من خالل توليه رئاسة الحكومة حيث‬ ‫كان يك ّلف أحداً ما من قبله يف وزارة املالية‪،‬‬ ‫التي كانت تعمل عىل أن تضع وزارة املالية‬ ‫يدها عىل كل مفاصل اإلدارة وعدم االعرتاف‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫باستقاللية بعض اإلدرات من الناحية‬ ‫راض‬ ‫اإلدارية واملالية بشكل أنه إذا كان ٍ‬ ‫عن وزير ما يدفع كل الحواالت واملبالغ‬ ‫املتوجبة‪ ،‬أما إذا كان يريد معاقبة أحد‬ ‫الوزراء فكان باستطاعته منع تنفيذ أي‬ ‫برنامج إصالحي حقيقي من قبل ذلك‬ ‫الوزير ويحجب املال عن وزارته ألنه يعرف‬ ‫أن عصب املعركة هو املال‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫مل ينجح مع وزارة االتصاالت ألن لديها‬ ‫موازنة مستقلة‪ ،‬من هنا كان الرصاع‬ ‫الدائم عىل أداء وزارة املالية أكرث مام هي‬ ‫عىل العمل الحكومي والربهان عندما‬ ‫كان الوزير إلياس سابا وزيراً للاملية يف‬ ‫حكومة الرئيس عمر كرامي يف نهاية‬ ‫‪ 2005 - 2004‬مل يكن هناك أي إشكال‬ ‫ألنه يف أدائه كان رجل مؤسسات‬ ‫ودولة ورج ًال يحرتم استقاللية باقي‬ ‫اإلدارات والوزارات ويلتزم مبوازنة واضحة وشفافة‬ ‫ورصيحة‪.‬‬ ‫من ك ّون الرشكة الخلوية الثالثة التي تعمل‬ ‫يف مقر رسمي عرب ‪ 50‬ألف خط‪ ،‬ومن رعاها‬ ‫ولحساب من تعمل؟ أين هي الرقابة املالية‬ ‫عليها‪ ،‬وأين تذهب عائداتها برأيكم؟ وبرأيكم‬ ‫ملاذا مل يرث نحاس قضية الشبكة الصينية‬ ‫قبل استقالة الحكومة؟‬ ‫لست يف مكان الوزير نحاس وال أملك معطاياته‬ ‫يف ذلك املوضوع‪ ،‬ولكن من خالل متابعتي‬ ‫للموضوع‪ ،‬نجد أن هناك مغالطات جوهرية صدرت‬ ‫من أشخاص أرادوا أن يدافعوا وقتها عن أجريو‬ ‫والفريق املتعاون معها‪ ،‬أوالً الهبة هي ملك وزارة‬ ‫االتصاالت مبوجب املرسوم وبشكل واضح ورصيح‪،‬‬ ‫وبالتايل الشبكة أيضاً هي ملك وزارة االتصاالت‬ ‫وتم تكليف هيئة أوجريو برتكيبها‪ ،‬وحتى من‬ ‫ّ‬ ‫املحتمل أنه ُطلب منها تشغيلها‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يعني بأنه تنازل عن ملكيتها‪ ،‬وبالتايل صاحب‬ ‫امللك يحق له الترصف مبلكه‪ ،‬فهو مسؤول عن‬ ‫ملكه‪ ،‬التالعب بالنصوص لزرع الشك يف نفوس‬ ‫املواطنني هو شيئ غري مقبول‪ ،‬وبالتايل صاحب‬ ‫هذه الرشكة هي الدولة اللبنانية‪.‬‬ ‫النقطة الثانية هو كيف تعمل هذه الرشكة‪،‬‬ ‫وعندما تعمل عليها أن تستويف رسوماً ما‪ ،‬هنا‬ ‫السؤال الذي ُيطرح هل هناك مرسوم ما حدّد‬ ‫تلك الرسوم؟ ال ميكن البيع يف الدولة اللبنانية‬ ‫أي خدمة إال باستيفاء الرسم الذي ليصدر يجب‬ ‫تم‬ ‫أن يكون هناك مرسوم بالتعرفة من هنا كيف ّ‬ ‫تم تشغيلها خالفاً‬ ‫تشغيلها؟ وبذلك يكون قد ّ‬ ‫للقانون‪.‬‬ ‫تم استخدامها من طرف‬ ‫النقطة الثالثة إذا ّ‬ ‫داخل الدولة دون دفع أي رسوم‪ ،‬هذا األمر ممكن‬ ‫إمنا يجب أن يكون هناك ما يسمى بالتخصيص‪،‬‬ ‫فهل يوجد قرار بالتخصيص؟ وعىل حد علمي إن‬ ‫وزير االتصاالت نحاس مل يقم بتخصيصها ألي‬ ‫طرف‪ .‬ما يعني أن هناك مشكلة قانونية كبرية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫من املفروض عىل وزير االتصاالت الجديد والحكومة‬ ‫يتم محاسبة أي شخص‬ ‫الجديدة إيضاحه وأن‬ ‫ّ‬ ‫خالف القانون يف هذا املوضوع‪.‬‬ ‫كيف تق ّيمون عمل وزير االتصاالت السابق‬ ‫رشبل نحاس‪ ،‬هل نجح يف إصالح هذه الوزارة؟‬ ‫نعم لقد نجح الوزير نحاس يف عمله كوزير‬ ‫لالتصاالت من خالل إجراء خطوات جريئة يف‬ ‫الوزارة عىل مستوى تطوير الخدمة وضبط الوضع‬ ‫املايل‪ ،‬وعىل مستوى اإلشارة اىل الخلل اإلداري‬ ‫القائم‪.‬‬ ‫كل شخص لديه أسلوبه يف العمل‪ ،‬وكنت‬ ‫متنيت عىل الوزير نحاس أن يعني مجلس إدارة‬ ‫رشكة اتصاالت لبنان «‪ »telecom liban‬ويجمع‬ ‫أوجريو ومديرية االستثامر والصيانة ومديرية‬ ‫اإلنشاء والتجهيز ضمن «‪ »telecom liban‬كام‬ ‫يقول القانون ويكون هو رئيس مجلس إدارتها‬ ‫ليتمكن من إدارة املوضوع ونتخلص من هذا‬ ‫التباين والغموض والتالعب حول العالقة بني‬ ‫وزارة االتصاالت وأوجريو وموظفي وزارة االتصاالت‬ ‫املندوبني لدى أوجريو‪ ،‬الذي يش ّكل وضع إداري غري‬ ‫سليم‪ ،‬وكنت أتأمل من الوزير نحاس أن يقوم‬ ‫ويعي مجلس‬ ‫بهذه الخطوة ويط ّبق القانون ‪431‬‬ ‫نّ‬ ‫اإلدارة‪ ،‬وكنت قد قمت بكل املراسيم إال تعيني‬ ‫مجلس اإلدارة ألن ظروف البلد مل تكن تسمح‬ ‫بذلك خاصة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري‬ ‫واستقالة حكومة عمر كرامي‪.‬‬ ‫قطاع االتصاالت مخزون مايل ومعلومايت‪،‬‬ ‫كيف تصنّف هذا القطاع؟‬ ‫وزارة اإلتصاالت لديها ثالث أنواع من األعامل‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬العمل التقني حيث يجب االستمرار‬ ‫بالتطوير التقني‬ ‫ثانياً‪ :‬العمل االقتصادي ألن هذا القطاع لديه‬ ‫مداخيل ومردود كبري عىل الدولة والخزينة وعىل‬ ‫متويل الدولة اللبنانية ويجب ضبطه وبهذا‬ ‫املفصل نجح الوزير نحاس أكرث من غريه‪.‬‬ ‫أما املفصل الثالث هو ما يسمى مفصل أمني‪،‬‬ ‫ألنه ال ميكننا اليوم فصل االتصاالت عن األمن‬

‫‪44‬‬

‫وبالتايل هناك ما يسمى تعاون مع‬ ‫الطرف األمني‪ ،‬لكن الطرف املك ّلف‬ ‫بالتنصت هو وزارة الداخلية حسب‬ ‫القانون لكن بحسب معلومايت‬ ‫مل يتحدّد أي فرع أو أي شعبة يف‬ ‫وزارة الداخلية تكون مسؤولة عن‬ ‫هذا املوضوع وهنا أعتقد أن هناك‬ ‫مسؤولية عىل وزير الداخلية‬ ‫لتوضيح هذا املفصل‪.‬‬ ‫ويف ذلك كل األطراف لديهم إما‬ ‫مصلحة مالية وإما مصلحة أمنية‬ ‫داخل وزارة االتصاالت ومن هنا دقة‬ ‫وصعوبة إدارة هذه الوزارة حتى ميكن‬ ‫التعاطي مع هذه األطراف ضمن‬ ‫اإلطار القانوين من دون التامدي‬ ‫عىل حقوق وزارة االتصاالت بشكل‬ ‫أن نضع كل طرف أمام مسؤوليته‬ ‫اإلدارية والقانونية‪.‬‬ ‫تم العمل عليها‬ ‫هل استكملت الخطوات التي ّ‬ ‫من قبلكم يف الوزارات املتعاقبة؟ وكيف تصف‬ ‫الخلل فيها وصوالً اىل فضيحة اليوم؟‬ ‫ليس بإمكان أي وزير أن يعمل خارج القوانني‬ ‫القامئة‪ ،‬ألن قانون االتصاالت صدر يف املجلس‬ ‫النيايب استناداً اىل رؤية حديثة لتطوير هذا‬ ‫القطاع‪ ،‬والهدف من هذا القانون التخيل عن‬ ‫التناقضات القامئة داخل اإلدارة وتطوير القطاع‬ ‫بشكل ميكننا أن نستقطب املوظفني والكوادر‬ ‫الشبابية ذات القدرات الجديدة ونوظفها ضمن‬ ‫رشكات االتصاالت التي متلكها الدولة‪ ،‬وتكبري‬ ‫حجم هذا القطاع‪ ،‬بحيث إذا كان حجم مدخوله‬ ‫مليار ونصف أو مليارين دوالر‪ ،‬كان يجب أن يصل‬ ‫اىل ‪ 3‬أو ‪ 4‬أو ‪ 5‬مليار دوالر‪ ،‬مبعنى كلام كرب وتوسع‬ ‫حجم القطاع كلام ساهم بنمو حجم االقتصاد‬ ‫الوطني من ناحية وكلام أ ّمن فرص عمل أوسع‬ ‫للشباب اللبناين خاصة املتخصصة فيهم‪ ،‬نحن‬ ‫بحاجة ليس فقط لتحويل قطاع االتصاالت اىل‬ ‫برميل نفط أو خزان من املوارد املالية‪ ،‬بل اىل قانون‬ ‫نوسع من خالله قطاع االتصاالت ليؤمن فرص‬ ‫عمل أكرث للبنانيني ويساهم يف منو االقتصاد‬ ‫الوطني أكرث وأكرث‪ ،‬وبالتايل يساهم بتخفيض‬ ‫الدين العام وبخلق عجلة اقتصادية أفضل‬ ‫اىل ما هنالك‪ ،‬ما يخلق التحدي يف االقتصاد‬ ‫االجتامعي‪.‬‬ ‫فالرؤية التي ُوضعت يف قطاع االتصاالت‬ ‫تجسدت يف قانون االتصاالت كانت رؤية‬ ‫والتي‬ ‫ّ‬ ‫صائبة وكان هدفها إخراج هذا القطاع من الروتني‬ ‫اإلداري للدولة اىل ديناميكية القطاع الخاص لكن‬ ‫مبلكية الدولة‪ ،‬لتطوير هذا القطاع وفتح مجال‬ ‫التوظيف أمام فئات جديدة وخلق فرص عمل‬ ‫جديدة للشباب اللبناين‪ ،‬ونتأمل بأن يتم تنفيذ‬ ‫األمور التي التزال متوقفة منذ مغادريت للوزارة‬ ‫بشكل رسيع وعاجل من قبل هذه الحكومة‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫عضو مكتب اتحاد غرف التجارة السورية ليون زكي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫نساهم بتشريعات لتحديث المنظومة التجارية‬ ‫أ ّكد رئيـس مجلس األعامل السـوري‬ ‫األرميني وعضو مكتب اتحاد غرف التجارة‬ ‫السورية‪ ،‬وعضـو مجلـس إدارة غرفة تجارة‬ ‫حلـب السيد ليون زيك مساهمة اتحاد غرف‬ ‫التجارة يف سوريا عرب ممثلني له بصياغة‬ ‫الترشيعات التجارية واالقتصادية الجديدة‬ ‫املتطورة إىل جانب الفريق الحكومي املختص‬ ‫للتعبري عن مصالح أعضائه يف إطار تحديث‬ ‫وللقطاع‬ ‫التجارية‪،‬‬ ‫الترشيعية‬ ‫املنظومة‬ ‫الخاص الحق باقرتاح تعديل القوانني واملراسيم‬ ‫الصادرة التي تخص الجانب التجاري وتقديم‬ ‫املشورة عرب اتحاد الغرف الذي ينوب عنه‬ ‫يف العملية‪ ،‬وتتخطى مهام غرفة تجارة‬ ‫حلب الدور االقتصادي إىل االجتامعي عرب‬ ‫املشاريع التي تنهض باملجتمع مثل تأسيس‬ ‫األسواق الشعبية التي توفر فرص العمل‬ ‫ألبناء الشهداء وذوي االحتياجات الخاصة‬ ‫وتقيض عىل املظاهر السلبية مثل إشغال‬ ‫األرصفة يف املدينة‪ ،‬موضحاً أهداف مجلس‬ ‫األعامل السوري األرميني يف تعزيز العالقات‬ ‫اإلقتصادية لزيادة حجم التبادل التجاري‬ ‫واإلستثامري بني سوريا وأرمينيا‪ ،‬وإقامة‬ ‫املعارض وعقد املؤمترات والندوات العلمية‬ ‫النشاطات‬ ‫كافة‬ ‫ورعاية‬ ‫واإلقتصادية‬ ‫املختلفة التي من شأنها أن تخدم يف تعزيز‬ ‫التعاون بني البلدين»‪.‬‬ ‫كالم زيك جاء يف حوار مع مجلة «منرب‬ ‫التوحيد» هنا نصه‪:‬‬

‫ما هو الدور الذي يقوم به اتحاد غرف التجارة‬ ‫السورية بشكل عام وغرفة تجارة حلب بشكل‬ ‫خاص؟‬ ‫يساهم اتحاد غرف التجارة عرب ممثلني له بصياغة‬ ‫الترشيعات التجارية واالقتصادية الجديدة املتطورة إىل‬ ‫جانب الفريق الحكومي املختص للتعبري عن مصالح‬ ‫أعضائه يف إطار تحديث املنظومة الترشيعية التجارية‪،‬‬ ‫وللقطاع الخاص الحق باقرتاح تعديل القوانني واملراسيم‬ ‫الصادرة التي تخص الجانب التجاري وتقديم املشورة عرب‬ ‫اتحاد الغرف الذي ينوب عنه يف العملية‪.‬‬ ‫والتحاد غرف التجارة عالقة بالدراسة األولية‬ ‫للترشيعات بغية تفسري اصطالحاتها الفنية‬ ‫وأبعادها االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬ثم تقويم تطبيقها‬ ‫بعد نفاذها لسد الخلل الحاصل يف التنفيذ‪ ،‬وهو يعبرّ‬ ‫ويوجه الكتب للجهات‬ ‫عن مصالح غرف التجارة‬ ‫ّ‬ ‫املعنية يف أي قضية أو مسألة تستدعي املتابعة وحل‬ ‫اإلشكاالت وتطوير آلية العمل‪.‬‬ ‫وتتخطى مهام غرفة تجارة حلب الدور االقتصادي‬

‫إىل االجتامعي عرب املشاريع التي تنهض باملجتمع مثل‬ ‫تأسيس األسواق الشعبية التي توفر فرص العمل‬ ‫ألبناء الشهداء وذوي االحتياجات الخاصة وتقيض عىل‬ ‫املظاهر السلبية مثل إشغال األرصفة يف املدينة‪.‬‬ ‫وتسعى الغرفة‪ ،‬التي تأسست سنة ‪ ،1885‬إىل‬ ‫إنشاء نادي اجتامعي ألعضاء الغرفة عىل أرض‬ ‫مساحتها ‪ 30‬كلم‪ 2‬سيوضع يف الخدمة قبل نهاية‬ ‫الدورة الحالية للغرفة‪ .‬وأسس املرسوم الجمهوري رقم‬ ‫‪ 13‬لعام ‪ 2009‬صندوق تقاعد التجار وبدأت الغرفة‬ ‫بتأسيس صندوق الضامن الصحي ووضعت الدراسة‬ ‫األولية إلنشاء مقر جديد للغرفة عبارة عن مجمع فيه‬ ‫مركز لألعامل ومعرض وصاالت ومول تجاري وفندق‪.‬‬ ‫وتقيم الغرفة ضمن نشاطها الدوري مؤمترات‬ ‫وندوات ومهرجانات من أبرزها مهرجان املرأة واألرسة‬ ‫الذي أمىض ست سنوات من عمره‪ ،‬وللغرفة عالقات‬ ‫طيبة مع مختلف غرف التجارة العربية واألجنبية‬ ‫وخصوصاً غرف التجارة الرتكية وال تكف عن استقبال‬ ‫الوفود عىل اختالف أنواعها عىل مدار العام باإلضافة‬ ‫إىل لقاء املسؤولني كالوزراء لطرح املشاكل التي يعاين‬ ‫منها التجار‪.‬‬ ‫دعوتم الوزير وئام وهاب عدة مرات‪ ،‬ما هي شعبية‬ ‫الوزير يف حلب؟‬ ‫يحرص أبناء مدينة حلب من مثقفني وفعاليات‬ ‫اقتصادية واجتامعية ودينية عىل متابعة املحارضات‬ ‫التي يلقيها الوزير وهاب يف حلب التي يكن لها كل‬ ‫حب وتقدير واحرتام من خالل تلبيته لجميع الدعوات‬ ‫التي توجه له من املعنيني يف حلب فال يفوت أي فرصة‬ ‫للقاء أهل حلب‪.‬‬ ‫والالفت أن الشباب الحلبي عىل معرفة ودراية‬ ‫بأفكار ورؤية الوزير وهاب ملختلف القضايا املصريية‬ ‫التي تستأهل الحديث عنها‪ ،‬ويسعى هؤالء إىل حضور‬ ‫جميع محارضاته وكلهم أمل بأن يطل عليهم يف‬ ‫املناسبات واألحداث التي تستدعي توضيح أبعادها‬ ‫وفهم مكنوناتها‪.‬‬ ‫هل تعطينا فكرة عن مجلس األعامل السوري‬ ‫األرميني وأهدافه؟‬ ‫تأسس مجلس األعامل السوري األرميني مبوجب‬ ‫قرار من رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬وهو مجلس مهني يتمتع‬ ‫بالشخصية اإلعتبارية ذات استقالل مايل وإداري‪،‬‬ ‫ال يهدف إىل ربح أو منفعة خاصة‪ ،‬وليس منظمة‬ ‫حكومية أو سياسية‪ ،‬ومن أهداف املجلس‪ :‬تعزيز‬ ‫العالقات اإلقتصادية لزيادة حجم التبادل التجاري‬ ‫واإلستثامري بني سوريا وأرمينيا‪ .‬وإقامة املعارض وعقد‬ ‫املؤمترات والندوات العلمية واإلقتصادية ورعاية كافة‬ ‫النشاطات املختلفة التي من شأنها أن تخدم يف تعزيز‬ ‫التعاون بني البلدين‪ .‬وكان للزيارات املتبادلة لرئييس‬ ‫جمهورية البلدين أثراً كبرياً يف تطوير العالقات‬ ‫اإلقتصادية‪.‬‬ ‫وحرض أبرهميان رئيس برملان أرمينيا افتتاح املنتدى‬ ‫الرابع ملجلس األعامل السوري – األرميني املشرتك‬ ‫ومعرض املنتوجات األرمينية الثاين يف سوريا‪ ،‬وجرى‬

‫‪45‬‬

‫التشديد خالل املنتدى تفعيل ما تم التوصل إليه للبناء‬ ‫عليه يف املرحلة املقبلة‪ ،‬حيث تم توقيع ‪ 54‬إتفاقية‬ ‫وبروتوكول تعاون بني البلدين يف املجاالت التجارية‬ ‫والصناعية والزراعية والسياحية واإلعالمية‪ ،‬ولذلك‬ ‫أطلقنا شعار “العمل معاً لتنفيذ اإلتفاقيات” عىل‬ ‫املنتدى‪.‬‬ ‫كونك رجل أعامل سوري من الجالية األرمنية‪،‬‬ ‫كيف تجد التعايش يف سوريا؟‬ ‫تذكر املصادر التاريخية املختلفة أن الشعب األرمني‬ ‫كان موجودأ يف سوريا منذ أكرث من ألفي عام‪،‬‬ ‫وهو موجود يف سوريا قبل الفتوحات اإلسالمية‪،‬‬ ‫فحت ًام ليس جالية بل هو نسيج من صميم هذا‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫لذلك أرفض صيغة التعايش ألنه ضمناً تعني‬ ‫تصنع العيش املشرتك‪ ،‬الذي منارسه أص ًال وبامتياز‪،‬‬ ‫فلامذا نتكلم عنه‪ .‬مبدأي قبول اآلخر بدون حرف‬ ‫الراء ‪ ...‬أي قبوله كأخ‪ ،‬مثل أخاك الذي تقبله كام‬ ‫هو‪ ،‬بنقاط قوته وضعفه ‪ ...‬بإيجابياته وسلبياته ‪.‬إنني‬ ‫ضد الخالف‪ ،‬لكن أقبل اإلختالف‪ ،‬ألن اللحمة الوطنية‬ ‫تتجسد بأروع صورها بني مختلف املواطنني بحيث‬ ‫يكونون نسيجاً واحداً من الشعب السوري‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل مشاركتهم يداً بيد يف بناء مستقبل هذا الوطن‬ ‫الذي نحبه جميعاً‪.‬‬ ‫وأخرياً ماذا تحدثنا عن مؤسستكم ليزاكو؟‬ ‫تم إنشاء مؤسسة ليزاكو عام ‪ ،1973‬وتقوم باسترياد‬ ‫وتوزيع املعدات واألجهزة الصناعية‪ ،‬املستوردة من‬ ‫أوروبا والرشق األقىص تحت ماركة ليزاكو وغريها‬ ‫من العالمات التجارية املسجلة‪ ،‬حيث متثل رشكات‬ ‫عاملية مبوجب وكاالت حرصية‪ .‬تعمل املؤسسة بنظام‬ ‫مؤسيس متوازن بني اإلدارة والتسويق والدعاية‪.‬‬ ‫يرشف عىل نظام املبيعات نخبة من الفنيني ذوي‬ ‫الخربة والكفاءة املتميزة‪ ،‬ومن أهم أهداف سياسة‬ ‫املؤسسة خدمة ما بعد البيع‪ ،‬حيث كافة قطع‬ ‫التبديل متوفرة والصيانة مؤمنة واملنتج مكفول‪ .‬توفر‬ ‫املؤسسة خدمة التوريد الفوري لكافة العمالء يف‬ ‫سوريا والدول املجاورة‪ ،‬حيث متتلك الرشكة السيارات‬ ‫الخاصة بها لتوصيل املنتجات إىل عمالئها يف كل‬ ‫مكان وغالباً بذات اليوم‪.‬‬ ‫شعارنا “الدقة يف األداء” إىل جانب التميز املستمر‬ ‫الذي هو عملية مستمرة وال تتوقف عند حد معني ألن‬ ‫التجارة نوع من أنواع الفن وتحتاج إىل موهبة‪.‬‬ ‫وللمؤسسة أسس استخلصتها من خالل عملها‬ ‫الطويل والتزمت بها مثل التنظيم ألنها األساس‬ ‫لكل عمل ناجح‪ ،‬وهي تؤمن بأن املنافسة تعترب قوة‬ ‫دفع لألفضل‪ ،‬وتبنى عىل الجودة والخدمة الجيدة التي‬ ‫نقدمها للسوق‪ ،‬وأن النجاح ليس رشطاً أن يبنى عىل‬ ‫خسارة اآلخرين‪.‬‬

‫حوار‪ :‬عبد السالم األحمد‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب فلسطيني‬

‫هل نحن أمام أوسلو رقم ‪ 2‬في أيلول ي ّتجه إليه محمود عباس؟‬ ‫المصالحة الفلسطينية متوقفة في محطتها األولى‬ ‫شكلت التغيريات التي حصلت يف املنطقة‬ ‫العربية وبالتحديد يف مرص وتونس فرصة مناسبة‬ ‫ومناخاً إيجابياً لتغليب العامل املوضوعي عىل ما‬ ‫عداه من العوامل األخرى‪ ،‬وساهمت يف الخروج من‬ ‫دائرة العامل الذايت لصالح املوقف الوطني ورضورة‬ ‫وضع حد لحالة االنقسام والتفرقة التي رضبت وحدة‬ ‫الصف الفلسطيني والناتجة عن اختالف الرؤى‪ ،‬ومن‬ ‫هنا كانت املصالحة الفلسطينية يف القاهرة يف أوائل‬ ‫شهر أيار املايض التي ُنظر إليها كنقطة مضيئة‬ ‫وخطوة يف االتجاه الصحيح بعيداً عن التموضع‬ ‫الجهوي باعتبار فلسطني هي األصل والبوصلة‪ ،‬ورغم‬ ‫تواضع الخطوة وجملة املالحظات التي أدلت بها‬ ‫معظم األطراف الحريصة والتواقة للخروج بنتائج‬ ‫أفضل والتي انطلقت من معايري وطنية حقيقية ورأت‬ ‫يف تلك الخطوة مقدمة ملا هو أشمل وأعم إال أنها‬ ‫أكدت وجهة نظرها القائلة‪ ،‬بأن خطوة املصالحة تلك‬ ‫بني حركتي فتح وحامس‪ ،‬إمنا كانت جزئية ومبتورة ومل‬ ‫تصل إىل حد املصالحة الشاملة التي تعيد تصويب‬ ‫األهداف ضمن رؤية واضحة‪ ،‬تؤكد عىل الثوابت‬ ‫الوطنية الفلسطينية‪ ،‬وطبيعة الرصاع الجاري يف‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫ورأى املراقبون أن ثورة يناير يف مرص سيكون لها‬ ‫تداعياتها عىل الحالة الفلسطينية يف مجمل‬ ‫أطرافها‪ ،‬وقد طرح مشهد وحدة الشارع املرصي سؤاالً‬ ‫يف وجه القوى الفلسطينية التي عاشت منذ سنوات‬ ‫حالة من االنقسام السيايس نتيجة رهانات البعض‬ ‫عىل الحلول “السلمية” والتي شكلت كارثة حقيقية‬ ‫ودفع الشعب الفلسطيني أمثان كل الرهانات تلك‬ ‫ومازال الرهان األعمى متواصل دون انقطاع‪.‬‬ ‫لقد اعتقد البعض بأن مؤمتر إنهاء االنقسام‬ ‫هو مبثابة عودة الوعي إىل الحالة السياسية‬ ‫الفلسطينية وعىل نحو خاص طريف االنقسام‬ ‫“حركتي فتح وحامس” األساسية وأن إدراكا‬ ‫ايجابياً جاء متأخرا الستحقاقات مواجهة االحتالل‬ ‫الصهيوين‪.‬‬ ‫لكن الوقائع عىل األرض أظهرت شيئاً آخر‬ ‫مغايراً متاماً‪ ،‬واستعادة الوحدة الوطنية عملياً‬ ‫مل تتحقق‪ ،‬ودخلت األطراف يف دهاليز جديدة‪،‬‬ ‫والبحث يف آليات تنفيذ االتفاق دخل يف إطار‬ ‫املفاوضات بني حركتي فتح وحامس من أجل تأمني‬ ‫التوافق بينهام حول تفاصيل العناوين الرئيسية‬ ‫يف نص االتفاق‪ ،‬وكانت االجتامعات الثنائية املليئة‬ ‫بالخالفات والتجاذبات‪.‬‬ ‫ومن هنا ميكن القول‪ ،‬أين العلة يف األمر‪ ،‬ونسأل‬ ‫عن مستوى نضوج الظرف الذايت‪ ،‬أم هي العوامل‬ ‫املوضوعية‪ ،‬وهل كان التعامل مع املتغريات العربية‬ ‫من زاوية احتواء هذه التغريات أو تجاوباً معها‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الخالفات تتعمق‬ ‫وإذا كان االتفاق عىل رئيس الحكومة‬ ‫يف “حكومة الوحدة” تطلب كل هذا‬ ‫الوقت‪ ،‬فام هو الوقت الذي يتطلبه‬ ‫االتفاق عىل باقي البنود؟ ولنفرتض أن‬ ‫األطراف توافقت من جديد‪ ،‬ما الذي‬ ‫يضمن أن هذا التوافق من شأنه أن‬ ‫يولد حالة استقرار‪ ،‬ومن هي املرجعية‬ ‫الفلسطينية املعنية باإلرشاف عىل‬ ‫تطبيق اتفاق املصالحة الذي جرى توقيعه‬ ‫يف القاهرة‪ ،‬ومتابعة تنفيذ ما يتم‬ ‫االتفاق عليه‪ ،‬وهل تنحرص املرجعية يف‬ ‫رئيس السلطة الفلسطينية محمود‬ ‫عباس أم غريه؟‬ ‫وميكن القول من حيث املبدأ‬ ‫ووفقاً لنظام عمل منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬إن اللجنة التنفيذية‬ ‫تصلح قانونياً‪ ،‬لتكون مرجعية املباحثات‬ ‫الثنائية لتنفيذ اتفاق املصالحة‪ ،‬فهي‬ ‫الهيئة السياسية األعىل‪ ،‬وهي القيادة‬ ‫ألن‬ ‫الفلسطيني‬ ‫للشعب‬ ‫اليومية‬ ‫منظمة التحرير هي املمثل الرشعي والوحيد للشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وهذا كله صحيح نظرياً‪ ،‬لكن الواقع‬ ‫العميل‪ ،‬ينفي هذا األمر‪ ،‬ويؤكد عكسه‪ ،‬فاللجنة‬ ‫التنفيذية ال متارس دورها كقيادة‪ ،‬فدورها يخضع‬ ‫حرصاً الستقطاب من قبل رئيس السلطة محمود‬ ‫عباس حيث سياسة االستفراد‪ ،‬بعد أن حول هذه‬ ‫اللجنة‪ ،‬إىل مجرد ورقة سياسية‪ ،‬يستقوي بها يف‬ ‫وجه خصومه السياسيني‪ ،‬وكلام احتدمت الخالفات‪،‬‬ ‫أعاد الحياة إىل اللجنة‪ ،‬ليجدد رشعيته كرئيس‬ ‫للشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫لقد تم إفراغ القيادة السياسية األوىل للشعب‬ ‫الفلسطيني من مضمونها‪ ،‬وتحولت اىل يد فرد‪،‬‬ ‫وباتت رهينة سياسة معينة بذاتها‪ ،‬وتخدم رؤى أثبتت‬ ‫فشلها ومل تجلب إال الكوارث التي لحقت بالشعب‬ ‫الفلسطيني‪ .‬فمنظمة التحرير تحتاج اليوم اىل إعادة‬ ‫البناء من جديد عىل أسس وطنية تؤكد عىل ثوابت‬ ‫الشعب الفلسطيني وهدف التحرير والعودة وااللتزام‬ ‫بامليثاق الوطني‪.‬‬

‫املصالحة معلقة‬ ‫توقفت االجتامعات بني حركتي فتح وحامس قبل‬ ‫اإلعالن عن اسم رئيس الحكومة‪ ،‬وتأجل االجتامع اىل‬ ‫أجل غري مسمى‪ ،‬وطرأ يشء جعل هذا االجتامع‬

‫‪46‬‬

‫القادمة لرشوط اللجنة الرباعية‪.‬‬ ‫بالتأكيد وكام تقوله الوقائع‪ ،‬تحقيق املصالحة‬ ‫مرتبط باملفاوضات‪ ،‬فإذا كانت هناك مفاوضات فمن‬ ‫الصعب أن يكون هناك مصالحة‪ ،‬ألن هناك خالف يف‬ ‫الرؤى السياسية أص ًال‪ ،‬وألن املصالحة كانت حاجة‬ ‫ماسة لألطراف ولكل سببه‪ ،‬لقد غاب املضمون‬ ‫السيايس يف اتفاق املصالحة‪.‬‬ ‫وإذا فرضنا جدالً‪ ،‬بأن الحكومة الجديدة التزمت‬ ‫برشوط اللجنة الرباعية ووافقت عىل استمرار‬ ‫التنسيق األمني‪ ،‬وتم استئناف املفاوضات‪ ،‬عندها‬ ‫سيكون‪ ،‬ليس مه ًام من هو رئيس الحكومة‪ ،‬واذا مل‬ ‫تلتزم برشوط اللجنة الرباعية وأوقفت التنسيق‬ ‫األمني ومل تستأنف املفاوضات‪ ،‬لن يتم تحويل‬ ‫العائدات وستوقف املساعدات أو جزء أسايس منها‬ ‫حتى لو كانت الحكومة برئاسة فياض‪.‬‬

‫حامس حاولت تقديم تنازالت‬ ‫ولكن‪....‬‬

‫املفرتض يف مهب الريح‪ ،‬ويرى املراقبون‪ ،‬أن هناك‬ ‫أحداثاً ميكن أن تكون قد أدت اىل تأجيل عقد االجتامع‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ قدوم ديفيد هيل ودنيس روس املبعوثني عن‬‫الرئيس االمرييك اللذين اكدا عىل رفض اتفاق‬ ‫املصالحة والتوجه الفلسطيني اىل األمم املتحدة‪،‬‬ ‫ووسط معلومات عن تقديم ضامنات أمريكية اىل‬ ‫السلطة الفلسطينية والتشجيع عىل استئنتاف‬ ‫املفاوضات‪.‬‬ ‫ ومن ثم تهديد وزير املالية اإلرسائييل‪ ،‬بأن‬‫“إرسائيل” ستمتنع عن تحويل العائدات الفلسطينية‬ ‫اذا ُشكلت الحكومة‪ ،‬وقال‪ ”:‬ال ميكن لـ “إرسائيل”‬ ‫أن تتعامل مع حكومة تشارك حامس فيها أو‬ ‫تشكيلها”‪ ،‬األمر الذي جعل املتحدث باسم الحكومة‬ ‫الفلسطينية يقول‪ ”:‬إن تنفيذ هذا التهديد سيمنع‬ ‫تسديد الحكومة للرواتب‪ ،‬ألن ثلثي موازنة الرواتب‬ ‫تعتمد عىل هذه العائدات”‪.‬‬ ‫ وكذلك استمر متسك الرئيس بتعيني سالم‬‫فياض‪ ،‬بينام تتمسك “حامس” بالقرار الصادر عن‬ ‫مكتبها السيايس الرافض لتعيني فياض‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فإن تأجيل االجتامع أقل سوءاً من فشله‪ ،‬وما ميكن‬ ‫أن يؤدي اليه‪.‬‬ ‫القضية تبدو أكرث تعقيداً مام تبدو عليه‪ ،‬ألنها‬ ‫مرتبطة بالتسوية والجهود املبذولة الستئناف‬ ‫املفاوضات‪ ،‬وبقبول أو عدم قبول الحكومة الفلسطينية‬

‫حاولت حركة “حامس” أن تقلل من مستوى‬ ‫املعارضة األمريكية واإلرسائيلية التفاق القاهرة‬ ‫وملشاركتها يف السلطة‪ ،‬فوافقت عىل تشكيل‬ ‫حكومة غري سياسية من املستقلني من دون مشاركة‬ ‫أعضاء منها‪ ،‬وحاول رئيس املكتب السيايس لحركة‬ ‫حامس خالد مشعل‪ ،‬منح مهلة جديدة للمفاوضات‬ ‫مدتها عام كامل‪ ،‬وتأييد حامس لتشكيل حكومة‬ ‫مقبولة من الغرب واللجنة الرباعية وال تخضع‬ ‫للحصار‪ ،‬وكذلك موافقتها عىل تهدئة مفتوحة‪،‬‬ ‫وهي بذلك ال تطرح مسألة الحاجة امللحة لتغيري‬ ‫املسار واختيار مسار جديد قادر عىل تحقيق األهداف‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫املطلوب من حامس أكرث بكثري مام قدمت‪ ،‬مطلوب‬ ‫منها االعرتاف بحق “ارسائيل” يف الوجود‪ ،‬وااللتزام‬ ‫باالتفاقات السياسية واألمنية واالقتصادية‪ ،‬ونبذ‬ ‫العنف‪ ،‬وإال ستبقى يف العرف األمرييك ضمن قامئة‬ ‫املنظامت “اإلرهابية” وخارج السلطة الفلسطينية‬ ‫املعرتف بها دولياً‪.‬‬ ‫ورغم ذلك “إرسائيل” مازالت ترفض كل املبادرات‬ ‫الرامية الستئناف املفاوضات وتضع رشوطها التي‬ ‫تعني مزيداً من املكاسب اإلرسائيلية والتنازالت من‬ ‫قبل السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬تتحدث السلطة الفلسطينية عن‬ ‫تشكيل حكومة وفاق وطني‪ ،‬وما دام هناك احتامل‬ ‫جدي بوقف العائدات التي تجمعها “إرسائيل”‪ ،‬وهناك‬ ‫احتامل أن تقطع الواليات املتحدة مساعداتها‬ ‫للسلطة ورمبا بعض الدول األوروبية “املانحة”‪ ،‬فكيف‬ ‫تعلن السلطة أنها أصبحت جاهزة إلقامة الدولة‪ ،‬وأن‬ ‫االقتصاد الفلسطيني مزدهر؟‬ ‫هل يعني هذا‪ ،‬أن نبقى تحت رحمة أوسلو ‪1993‬‬ ‫والتزاماته األمنية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬أم آن‬ ‫األوان إلعالن نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة‪ ،‬ووقف‬ ‫العمل بااللتزامات وتغيري املسار السيايس‪.‬‬

‫خيار العودة اىل املفاوضات هو‬ ‫املرجح‬ ‫إن إرصار الرئيس محمود عباس عىل التحرك نحو‬ ‫األمم املتحدة يف أيلول‪ ،‬مل يسقط من حساباته خيار‬ ‫العودة اىل املفاوضات‪ ،‬وبالتايل ال يشكل خيار األمم‬ ‫املتحدة بدي ًال عن خيار املفاوضات‪ ،‬بل ميكن اعتباره‬ ‫مج ّرد مناورة‪ ،‬لاللتفاف حول طاولة املفاوضات‬ ‫والوصول اليها‪ ،‬وهو الذي ح ّمل الرئيس األمرييك باراك‬ ‫اوباما مسؤولية توريط الفريق الفلسطيني املفاوض‬ ‫يف التمسك بوقف االستيطان كرشط للعودة اىل‬ ‫املفاوضات‪ ،‬ثم اسقطت واشنطن هذا الرشط ومل‬ ‫تعد تراه ملزماً لإلرسائيليني‪ ،‬يومها قال عباس إنه‬ ‫صعد اىل الشجرة مع اوباما‪ ،‬لكن أوباما نزل وحده‬ ‫وترك عباس فوقها وحيداً‪.‬‬ ‫ولكن خطاب أوباما يف الخارجية األمريكية‪ ،‬الذي دعا‬ ‫فيه اىل استئناف املفاوضات‪ ،‬واعتامد خطوط الرابع‬ ‫من حزيران أساساً لرسم حدود الدولتني‪ ،‬الفلسطينية‬ ‫واإلرسائيلية‪ ،‬بدا وكأنه خشبة الخالص للرئيس عباس‪،‬‬ ‫حني سارع مع كبار معاونيه اىل اإلعراب عن االستعداد‬ ‫للذهاب اىل املفاوضات باالستناد اىل هذا الخطاب‪.‬‬ ‫لقد أعلن الرئيس محمود عباس‪ ،‬أن خطة اعالن‬ ‫الدولة ليست من باب الخدعة او املناورة‪ ،‬وهي ليست‬ ‫“املرسح السيايس” ومن وجهة نظره سيؤدي اعالن‬ ‫الدولة واالعرتاف الدويل بها‪ ،‬اىل تدويل الرصاع قانونياً‬ ‫وسياسياً‪ ،‬وسيفتح الطريق ملالحقة “ارسائيل” يف‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬واملحافل الدولية ومحكمة العدل الدولية‪،‬‬ ‫ولكن دراسة مرتوية ومعمقة لخطوة كهذه‪ ،‬تشري اىل‬ ‫أن احتامل تحقق النتائج املنشودة ضعيف جداً‪ ،‬بل‬ ‫هناك مخاطر عدة‪ ،‬قد تكون نتائجها أفدح من نتائج‬ ‫أوسلو ‪ ،1993‬ألن االعرتاف الدويل لن يقيم الدولة‬ ‫ويحتاج اىل قرار من الجمعية العامة بناء عىل توصية‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬وهناك الفيتو األمرييك‪.‬‬ ‫ولو فرضنا جدالً‪ ،‬أن إعالن الدولة الفلسطيني‬ ‫تحققت وتم االعرتاف بها دولياً‪ ،‬فاملكاسب السياسية ال‬ ‫يبدو أنها ستكون كبرية‪ ،‬لن يؤثر التغيري االسمي‪ ،‬من‬ ‫“سلطة الحكم الذايت” اىل “دولة” عىل الواقع امليداين‬ ‫او السيايس‪ ،‬وليس من املتوقع أن يؤدي اعالن الدولة‬ ‫اىل انسحاب “ارسائيل” او تسليم املعابر الحدودية‬ ‫اىل الفلسطينيني‪ ،‬او سيطرة الدولة عىل املوارد‬ ‫الطبيعية‪ ،‬او ضامن حرية الحركة‪ ،‬ميدانياً سيبقى‬ ‫األمر عىل ما هو عليه‪ ،‬ودولياً لن تتأثر صورة “ارسائيل”‬ ‫كثرياً‪ ،‬فقد احتلت “ارسائيل” مناطق تابعة لدول‬ ‫أخرى‪ ،‬لفرتات طويلة كاحتاللها لسيناء وجنوب لبنان‬ ‫وهضبة الجوالن‪ ،‬ومل تكن لتلك األفعال أي تداعيات‬ ‫باستثناء االستنكار والشجب‪.‬‬ ‫لعل األثر األكرب إلعالن الدولة الفلسطينية‬ ‫سيكون إعادة تعريف الرصاع مبا يعود بنتيجة سلبية‬ ‫عىل الفلسطينيني‪ ،‬فإعالن الدولة يف مثل هذه‬ ‫الظروف سيؤدي اىل املزيد من التشويه يف رؤية العامل‬ ‫للرصاع‪ ،‬فقبل اوسلو ‪ ،1993‬كانت األمور واضحة‬ ‫نسبياً “ارسائيل” رشدت الفلسطينيني يف ‪،1948‬‬

‫‪47‬‬

‫واحتلت ما بقي من األرايض يف ‪ ،1967‬اما بعد اوسلو‬ ‫وقيام السلطة‪ ،‬فقد أدت املناصب الرمزية الخالية من‬ ‫السيادة الفعلية اىل تعقيد الوضع‪ ،‬الفلسطينيون‬ ‫شعب تحت االحتالل‪ ،‬ويطالب بحق تقرير املصري من‬ ‫جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك رئيس ورئيس وزراء وحكومة‬ ‫وسفارات وبرملان وتعلن قيادتها مراراً “ارسائيل” ليست‬ ‫شكلياً يقوم الفلسطينيون بحكم أنفسهم‪،‬‬ ‫العدو‪،‬‬ ‫لكن عملياً األمور بيد “ارسائيل”‪.‬‬ ‫أدت تلك الصورة املشوهة والواقع املربك اىل تعقيد‬ ‫األمور‪ ،‬وفتح املجال “إلرسائيل” للتنصل من التزاماتها‬ ‫كدولة محتلة‪.‬‬ ‫هنا متكن خطورة اعالن الدولة يف مثل هذه الظروف‪،‬‬ ‫الخطوة ستؤدي اىل اعادة تعريف الرصاع عىل املستوى‬ ‫الدويل من رصاع بني دولة احتالل وشعب نصفه واقع‬ ‫تحت االحتالل ونصفه اآلخر يف الشتات اىل رصاع‬ ‫عادي عىل الحدود بني دولتني‪ ،‬ستزداد الصورة تشوهاً‪،‬‬ ‫وسيزداد الواقع ارتباكاً‪ ،‬ليصبح للفلسطينيني دولة‪،‬‬ ‫لكن بدون سيادة‪ ،‬رئاسة ومؤسسات لكن بدون‬ ‫سلطة او سيطرة‪ ،‬رموز سيادية بدون قدرة عىل اتخاذ‬ ‫قرارات سيادية‪ ،‬مام يعني إعادة السيطرة اإلرسائيلية‬ ‫بوسائل أخرى‪.‬‬ ‫ومع هذا التحول ستفقد القضية الفلسطينية‬ ‫متيزها كآخر الرصاعات ضد االستعامر‪ ،‬وستفقد‬ ‫قدراتها عىل تجنيد التضامن الدويل‪ ،‬كحركة تحرر‬ ‫وطني‪ ،‬ستصبح خالفاً حدودياً‪ ،‬وسيحمل اعالن الدولة‬ ‫تداعيات سلبية كثرية عىل الالجئني الفلسطينيني‪.‬‬ ‫“ارسائيل” ترفض حق العودة‪ ،‬بل وأي مسؤولية عن‬ ‫تهجري الفلسطينيني‪ ،‬وسيبقى حق العودة وقضية‬ ‫الالجئني مسألتني هامشتني‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬ملاذا ترفض “ارسائيل” إعالن الدولة؟‬ ‫تقوم سياسة الكيان الصهيوين عىل تجنب املخاطر‬ ‫والتشبث باألمر الراهن التي تستطيع هي تغيريه‬ ‫تبعاً ملصالحها‪ ،‬بدون إثارة الكثري من الضجة‪ ،‬لتؤ ّكد‬ ‫“إرسائيل” بذلك‪ ،‬أنها َمن ميلك القرار ويرسم قواعد‬ ‫اللعبة‪.‬‬ ‫فالوضع الحايل يف الضفة الغربية هو األمثل‬ ‫اىل “إرسائيل” األمن مستتب بتمويل فلسطيني –‬ ‫عريب – دويل‪ ،‬والضفة الغربية تحت سيطرتها شبه‬ ‫املطلقة‪ ،‬وهي مفتوحة كسوق للبضائع اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫ف ِل َم التغيري اذاً‪ ،‬األفضل لـ “إرسائيل” هو الوصول اىل‬ ‫“دويلة فلسطينية” أو كيان سيايس يسمى “دولة”‬ ‫ويقبل به الفلسطينيون‪ ،‬تظهره للعامل كتنازل كبري‬ ‫من جانبها وليس انتزاعاً منها‪.‬‬ ‫لقد باتت الدولة الفلسطينية املحددة السيادة‬ ‫عىل جزء من الضفة الغربية وغزة‪ ،‬موضع اإلجامع‬ ‫الصهيوين بل إنها مصلحة إرسائيلية‪ ،‬إذ ستحل‬ ‫هذه الدولة (مشكلة) “إرسائيل” الدميوغرافية من‬ ‫ناحية إنهاء السيطرة املبارشة عىل الفلسطينيني‪،‬‬ ‫ويف الوقت نفسه‪ ،‬تحل بعض التناقضات الداخلية‬ ‫لتعريف “إرسائيل” كـ “دولة يهودية”‪ ،‬وتطبيع مكانتها‬ ‫السياسية والدولية‪ ،‬ومنحها املزيد من الرشعية‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬

‫حرب حزيران ‪1967‬‬ ‫إعادة تعريف حاسمة لدور الكيان الصهيوني في السياسة األميركية‬ ‫كثرية هي األضاليل والخرافات املنترشة حول‬ ‫الرصاع العريب اإلرسائييل‪ ،‬حيث ساهمت الدعاية‬ ‫الصهيونية بدور كبري يف التأثري عىل الرأي العام‬ ‫العاملي بأن “إرسائيل” خاضت “معركة دفاعية”‬ ‫لتأمني وجودها يف العام ‪ ،1948‬أما يف العام ‪1956‬‬ ‫فقد كانت “مضطرة” لشن حملة السويس بسبب‬ ‫االعتداءات العربية املتواصلة عىل “حدودها”‪ ،‬وأنها‬ ‫يف العام ‪ 1967‬كانت أمام “خطر داهم” يهددها‬ ‫“بتدمري وشيك” عىل أيدي القوات العربية املتفوقة‬ ‫بصورة هائلة‪ ،‬وبهذا كانت مضطرة و”مجربة” مرة‬ ‫أخرى عىل شن حرب دفاعية‪ ،‬أما يف السنوات‬ ‫التالية بعد ‪ ،1967‬فلقد كانت تخوض الحرب ضد‬ ‫“اإلرهاب”‪.‬‬ ‫أما يف عام ‪ ،1973‬فال جدال يف أن مرص وسوريا‪،‬‬ ‫هام من امتلكا قرار الحرب وسجال نرصاً مهام أثبت‬ ‫قدرة الجندي العريب عىل تحقيق النرص‪ ،‬وهنا حاول‬ ‫الصهاينة دفع العرب “بالعدوان” بسبب سعيهم‬ ‫لتحرير أرضهم املحتلة‪.‬‬ ‫أما الحقيقة‪ ،‬فهي أن الصهيونية كانت الطرف‬ ‫املعتدي عىل الدوام‪ ،‬وحتى قبل تأسيس الكيان يف‬ ‫حرب ‪ ،1948‬حيث كان هدف العدوان الصهيوين أن‬ ‫يوسع بالقوة املجردة‪ ،‬وأن يحاول منع إقامة الدولة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وبني العام ‪ 1949‬والعام ‪1956‬‬ ‫استهدفت سياسة “إرسائيل” العسكرية “تعديل”‬ ‫حدودها مع البلدان العربية املتاخمة‪ ،‬مستخدمة‬ ‫القوة‪ ،‬ولجأت إىل سياسة االنتقام الجامعي‬ ‫والوحيش لقمع أي محاولة من الشعب العريب‬ ‫الفلسطيني املرشد واملطرود من وطنه‪ ،‬الستعادة‬ ‫حقوقه الوطنية‪.‬‬ ‫أما حرب سيناء يف ‪ 1956‬فلقد كانت نتيجة‬ ‫مبارشة ألطامع الصهاينة‪ ،‬واستهداف ضم وإلحاق‬ ‫سيناء بكاملها أو السيطرة عليها عسكرياً أو‬ ‫سياسياً‪.‬‬ ‫بيد أن حرب ‪ 1967‬متثل النموذج الصارخ عىل‬ ‫العدوان اإلرسائييل الذي يستهدف الغزو والتوسع‪،‬‬ ‫وأن هدف هذه الحرب كام عبرّ عنه الصهاينة‬ ‫أنفسهم يف العديد من املناسبات‪ ،‬هو تحقيق‬ ‫“إرسائيل التاريخية العظمى”‪ ،‬من خالل احتالل‬ ‫مرتفعات الجوالن باإلضافة إىل ما تبقى من فلسطني‬ ‫والقطاع وسيناء بأكملها‪ ،‬وكذلك مناطق واسعة‬ ‫من جنوب لبنان‪ ،‬وقامت قوات االحتالل الصهيوين‬ ‫يف الفرتة الفاصلة بني حريب ‪ 1967‬وترشين أول‬ ‫‪ 1973‬بشن اعتداءات متكررة عىل البلدان العربية‬ ‫املجاورة‪ ،‬متذرعة باالنتقام من أعامل املقاومة التي‬ ‫يقوم بها العرب يف املناطق املحتلة‪ ،‬وم ّثل العدوان‬ ‫اإلرسائييل العسكري خالل هذه الفرتة جهداً‬ ‫منظ ًام إلرغام الدول العربية‪ ،‬عىل قبول األمر‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الهزائم العسكرية يف نكسة حزيران ‪1967‬‬

‫الرئيس جامل عبد النارص‬

‫وزير الدفاع اإلرسائييل مويش دايان‬

‫الواقع للغزو اإلرسائييل‪ ،‬وذلك باستخدام الوسائل‬ ‫العسكرية الفظة‪.‬‬ ‫وبفضل الدعاية الصهيونية‪ ،‬اليزال هناك من‬ ‫يعتقد بأن البلدان العربية هي التي بدأت حرب‬ ‫‪ ،1967‬ووفقاً لهذا املعتقد‪ ،‬مل يكن الهجوم‬ ‫اإلرسائييل صبيحة الخامس من حزيران سوى رضبة‬ ‫إجهاضية استباقية جرى توقيتها لدحر الخطر‬ ‫الداهم عىل “إرسائيل” من جانب القوات العربية‬ ‫املشرتكة التي كانت عىل وشك شن الحرب لتدمري‬ ‫“إرسائيل” وإزالتها والقضاء عىل سكانها‪.‬‬ ‫لكن الحقيقة غري ذلك متاماً‪ ،‬فالكيان الصهيوين‬ ‫مل يكن يواجه أي خطر جدي يف األيام التي سبقت‬ ‫اندالع الحرب‪ ،‬وكانت أكرث الترصيحات كشفاً‬ ‫للحقيقة ما قاله الجرنال متتياهو بيلد يف ذلك‬ ‫الحني‪:‬‬ ‫“لقد استغلت املؤسسة اإلرسائيلية املخاوف يف‬ ‫أوساط الجمهور التي خلقتها هي بنفسها‪ ،‬ليس‬ ‫للدفاع عن وجود “إرسائيل”‪ ،‬وإمنا إلعطاء مصداقية‬ ‫لقدرة “إرسائيل” عىل الردع‪ ،‬ولخدمة أهدافها‬ ‫التوسعية”‪.‬‬ ‫ويؤكد الجرنال عيزر وايزمن‪ ،‬رئيس شعبة العمليات‬ ‫خالل حرب حزيران‪“ :‬مل يكن هناك أي خطر إبادة‪،‬‬ ‫ولقد كان املحتم أن تقوم “إرسائيل” مبهاجمة مرص‪،‬‬ ‫ولو أن املرصيني أخذوا املبادرة وقاموا بالهجوم‪ ،‬ملا‬ ‫واجهنا خطر إبادة‪ ،‬إمنا من املقدر أن خسائرنا كانت‬ ‫سرتتفع”‪.‬‬ ‫وحقيقة إن تهديدات الحرب األصلية يف األيام‬ ‫التي قادت إىل اندالع القتال‪ ،‬جاءت من جانب‬ ‫“إرسائيل” وليس من جانب العرب‪ ،‬ويف وقت مبكر‪،‬‬ ‫يف نيسان ‪ ،1967‬حيث هدّدت الحكومة اإلرسائيلية‬ ‫باتخاذ عمل عسكري رئييس ضد سوريا‪ ،‬بحجة‬ ‫أنها تنظم غارات فدائية عرب الحدود‪ ،‬وتعمد‬ ‫الصهاينة إثارة التوتر يف الجبهة الشاملية‪.‬‬

‫ويف الحادي عرش من أيار أعلن رئيس وزراء‬ ‫“إرسائيل” ليفي أشكول أن “إرسائيل” مستعدة‬ ‫للذهاب إىل الحرب‪ ،‬وأن القوة املسلحة بد ًءا بحرب‬ ‫العصابات وانتهاء بغزو دمشق‪ ،‬تبدو الطريقة‬ ‫الوحيدة للتعامل مع املشكلة”‪.‬‬ ‫جميع هذه التهديدات اإلرسائيلية كانت‬ ‫محسوبة ومدروسة لتقنع الزعامء العرب بأن‬ ‫هناك هجوماً إرسائيلياً وشيكاً‪ ،‬فتستفزهم التخاذ‬ ‫خطوات وتدابري ميكن لـ “إرسائيل” أن تتذرع بها وأن‬ ‫تكون حجة أكرث إقناعاً من تلك الحجة الواهية التي‬ ‫تذ ّرعت بها يف عدوان ‪.1956‬‬ ‫واعرتف أشكول غداة الحرب‪“ ،‬أن عرشات اآلالف‬ ‫من خرية جنود مرص كانت يف اليمن الشاميل‪،‬‬ ‫والحشد املرصي يف سيناء عشية نشوب األعامل‬ ‫العدائية كان دفاعياً محضاً”‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬متكن اإلرسائيليون‪ ،‬بالتحريف‬ ‫والتشويه‪ ،‬من تصوير األمور بحيث تبدو أن الرئيس‬ ‫جامل عبد النارص كان يستعد إلزالة “إرسائيل”‪،‬‬ ‫وذلك بإخراج ترصيحه من سياقه األصيل يف‬ ‫الخطاب الذي ألقاه يف اتحادات النقابات العربية‪،‬‬ ‫حني قال‪:‬‬ ‫“إن املشكلة التي تواجهنا ليست مشكلة‬ ‫“إرسائيل” وحدها‪ ،‬بل أولئك الذي يقفون وراء‬ ‫“إرسائيل” وإذا ما بادرت “إرسائيل” بشن عدوان عىل‬ ‫سوريا أو مرص‪ ،‬فإن حربنا ضدها ستكون شاملة‪،‬‬ ‫وإن هدفنا سيكون عندئذ تدمري “إرسائيل”‪.‬‬ ‫وهكذا أنجزت “إرسائيل” حربها عام ‪ 1967‬ويف‬ ‫حمى الغزو‪ ،‬بعد أن هاجمت ودمرت القوة الجوية‬ ‫املرصية عىل األرض‪ ،‬وما إن أطل العارش من حزيران‬ ‫حتى كانت القوات اإلرسائيلية قد استكملت‬ ‫احتالل شبه جزيرة سيناء بالكامل‪ ،‬والضفة‬ ‫الغربية لنهر األردن كاملة‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل مرتفعات الجوالن السورية ومل‬

‫‪48‬‬

‫تحقق القوات اإلرسائيلية الهدف األخري إال بانتهاك‬ ‫وقف إطالق النار الذي أمرت به األمم املتحدة‪.‬‬ ‫وبعد انتهاء الحرب بشهرين قال وزير الدفاع‬ ‫اإلرسائييل مويش دايان يف ذلك الحني‪“ ،‬ينبغي أن‬ ‫يدرك الناس يف الخارج أن سيناء ومرتفعات الجوالن‪،‬‬ ‫ومضائق تريان‪ ،‬والتالل غريب األردن‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫ماهيتها االسرتاتيجية‪ ،‬فإنها تقع يف قلب التاريخ‬ ‫اليهودي‪ ،‬ثم إن استعادة “إرسائيل” التاريخية مل‬ ‫تنبه بعد‪ ،‬ومنذ العودة إىل صهيون منذ مائة عام‪،‬‬ ‫سارت العملية ذات الشقني‪“ :‬االستيطان وتوسيع‬ ‫الحدود معاً‪ ،‬وإننا مل نصل إىل محطة النهاية‪ ،‬فإن‬ ‫شعب “إرسائيل” هو الذي سيقرر حدود دولته”‪.‬‬ ‫أدّت حرب حزيران ‪ 1967‬إىل إعادة تعريف حاسمة‬ ‫لدور “إرسائيل” يف السياسة األمريكية يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬ففي نظر الواليات املتحدة بني انتصار‬ ‫“إرسائيل” الساحق عىل جريانها العرب مدى قوتها‪،‬‬ ‫وجعلها قوة مهيمنة يف املنطقة‪ ،‬وبينت مدى‬ ‫فائدتها للواليات املتحدة كحليف ميكن أن يخوض‬ ‫معاركه الخاصة‪ ،‬ويحمي يف الوقت نفسه املصالح‬ ‫األمريكية يف قلب املنطقة العربية‪.‬‬ ‫لقد كانت نكسة حزيران عام ‪ 1967‬خرباً‬ ‫ساراً إلدارة الرئيس األمرييك جونسون املحارصة‬ ‫واملستنزفة يف فيتنام والعاجزة عن إحراز نرص‬ ‫حاسم‪ ،‬فحليف أمريكا وهو “إرسائيل” أحرز انتصاراً‬ ‫واضحاً عىل ثالثة بلدان عربية‪ ،‬هي مرص وسوريا‬ ‫واألردن‪ ،‬ويف هذا السياق رأى صناع السياسة‬ ‫األمريكية أن الرصاع العريب – اإلرسائييل هو‬ ‫امتداد للرصاع الرشقي – الغريب أكرث من كونه‬ ‫رصاعاً محلياً‪ ،‬ولذلك شعر املسؤولون األمريكيون‬ ‫بالنشوة لنجاح “إرسائيل”‪ ،‬وطالبوا بإعادة هيكلية‬ ‫رئيسية للسياسة األمريكية حيال “إرسائيل”‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬واملنطقة بشكل عام‪.‬‬ ‫وجاءت الفرصة الذهبية للواليات املتحدة ليك‬ ‫تتخلص من قومية جامل عبد النارص وثوريته‬ ‫بشكل نهايئ‪ ،‬ليك تدعم هيمنتها‪.‬‬ ‫لقد زعم مسؤولو إدارة جونسون أن النرص‬ ‫اإلرسائييل قد خلق أوضاعاً جديدة‪ ،‬دعت الحكومة‬ ‫األمريكية التحرك برسعة الستغاللها‪ ،‬ففي‬ ‫نظرهم هزمية العرب فرصة ذهبية التخاذ إجراءات‬ ‫كبرية يف املنطقة‪ ،‬واعتربت وكاالت االستخبارات‬ ‫األمريكية أن أيام عبد النارص قد أصبحت معدودة‪،‬‬ ‫وبدأت التفكري بجدية يف مرحلة جديدة‪ ،‬ال تقود‬ ‫إىل تغيري العالقات األمريكية مع مرص فقط‪ ،‬ولكن‬

‫أيضاً إىل إحياء املصالح األمريكية يف املنطقة‬ ‫العربية بأكملها‪ ،‬وأصبحت العالقات األمريكية –‬ ‫وتم دعم “إرسائيل” مادياً‬ ‫االرسائيلية وثيقة للغاية‪ّ ،‬‬ ‫وسياسياً وعسكرياً‪ ،‬وبذلك أصبحت “إرسائيل”‬ ‫حلقة مركزية مهمة بالنسبة للسياسة األمريكية‬ ‫يف املنطقة العربية‪.‬‬ ‫وحد النرص الجهود املؤيدة لـ “إرسئيل”‬ ‫لقد ّ‬ ‫أيضاً يف الواليات املتحدة حيث استقوى ستة‬ ‫ماليني يهودي بهيمنة “إرسائيل” اإلقليمية‪ ،‬وبعد‬ ‫عام ‪ 1967‬بدأ اللويب الصهيوين مامرسة تأثري‬ ‫حاسم يف دوائر السياسة األمريكية الرسمية‪،‬‬ ‫وهذا انعكس يف صور الدعم األمرييك الالمحدود‬ ‫للكيان الصهيوين‪ ،‬الذي استمر بعد الحرب يوسع‬ ‫استيطانه ليشمل الجوالن والضفة الغربية‪ ،‬كام‬ ‫بدأ يخطط إللحاق تلك املناطق باقتصاده‪ ،‬ورشع منذ‬ ‫البداية يف استغالل طاقة العمل املتوفرة فيها‪،‬‬ ‫ومن موقع الشعور بالقوة‪ ،‬والطأمنينة لها كرادع‬ ‫لدول املواجهة العربية‪ ،‬واملبالغة يف تقدير القوة‬ ‫الذاتية والحجم الحقيقي‪ ،‬ومن منطلق االستخفاف‬ ‫بالهيئات الدولية وقراراتها‪ ،‬وانتهج الكيان سياسة‬ ‫جعلت مشاريع التسوية التي طرحت بعد حرب‬ ‫حزيران ‪ 1967‬أمراً مستحي ًال‪ ،‬وذلك انطالقاً من أن‬ ‫نتائج الحرب تتيح للكيان مجاالً إلنجاز تسوية تلبي‬ ‫أطامعه التوسعية املرحلية‪.‬‬ ‫ورغم دأب العدو الصهيوين عىل تغييب الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬فقد بقي هذا الشعب حارضاً‬ ‫وبكل ما تعنيه هذه الكلمة‪ ،‬عىل صعيد الصمود‬ ‫والتمسك باألرض واملواجهة رغم األوضاع الصعبة‬ ‫ومحاوالت التضييق والحصار ومنع محاوالت‬ ‫التذويب‪ ،‬وصحيح أن األرض محتلة كلها‪ ،‬والشعب‬ ‫إما تحت االحتالل‪ ،‬وإما مرشد‪ ،‬غري أن الرصاع مع‬ ‫العدو مازال مفتوحاً‪ ،‬والنضال من أجل تحرير األرض‬ ‫اليزال مستمراً‪ ،‬والشعب متمسك بوحدة هويته‬ ‫ومصريه ونضاله‪.‬‬ ‫وخالل مرحلة بناء الكيان الصهيوين واىل يومنا‬ ‫هذا‪ ،‬يتقدم االستيطان وراء االحتالل‪ ،‬وحيث تصل‬ ‫حدود االحتالل يتمدد االستيطان‪ ،‬الذي يأخذ يف‬ ‫البداية طابعاً عسكرياً‪ ،‬وعىل الصعيد االستعامري‬ ‫فإن دور اآللة العسكرية يتعدى حدود فلسطني‬ ‫ومواجهة الجيوش العربية‪ ،‬إىل حد يهدد برضب‬ ‫تطور شعوب املنطقة ومنوها‪ ،‬بحيث يحول دون‬ ‫امتالكها لزمام أمورها وتقرير مصريها بنفسها‪،‬‬ ‫فتبقى راضخة إلمالءات املخططات األمريكية‬

‫‪49‬‬

‫والصهيونية‪.‬‬ ‫وكان طبيعياً كلام تعاظمت قوة تلك اآللة‪،‬‬ ‫وازدادت نجاعة فاعليتها‪ ،‬كلام توطد ارتباطها‬ ‫باملرشوع االستعامري‪ ،‬ومن ثم تفرغت أكرث ألداء‬ ‫مهمتها العدوانية خارج رقعة استيطانها يف‬ ‫فلسطني املحتلة لتشمل املنطقة بأرسها‪ ،‬وبحيث‬ ‫بات األمن االسرتاتيجي األمرييك‪ ،‬يتعلق برتسيخ‬ ‫وجود الكيان الصهيوين وتكريس مربر ذلك الوجود‪.‬‬ ‫لقد كانت حرب ترشين عام ‪ 1973‬رداً مبارشاً‬ ‫عىل نكسة حزيران ‪ ،1967‬وأثبتت أن الجندي العريب‬ ‫قادر عىل تحقيق النرص وهو املتسلح باإلرادة والوعي‬ ‫الوطني والقومي‪ ،‬والقادر عىل التعامل مع التقنيات‬ ‫العسكرية الحديثة‪ ،‬إذا ما توفرت ويف ظل قيادة‬ ‫حكيمة متتلك رؤية اسرتاتيجية واضحة‪ ،‬فكانت‬ ‫حرب ترشين بداية ملسح أثار النكسة‪ ،‬وأثبت‬ ‫املقاتل العريب أنه تواق إىل يوم التحرير واستعادة‬ ‫األرض وهزمية الكيان الصهيوين‪ ،‬وبعدها كان‬ ‫النرص الذي حققته املقاومة اللبنانية التي أرغمت‬ ‫العدو إىل االندحار عام ‪ 2000‬وتحرير معظم الجنوب‬ ‫اللبناين املحتل‪ ،‬وصوالً إىل النرص الكبري والحاسم‬ ‫الذي تحقق عام ‪ ،2006‬انتصار الوعد الصادق الذي‬ ‫شكل محطة هامة وأساسية أثبتت قدرة املقاومة‬ ‫يف لبنان عىل ردع العدوان الصهيوين وإفشاله‪،‬‬ ‫وتحقيق النرص املبني‪.‬‬ ‫ولكن عام ‪ 2011‬هذا العام حمل تباشري فجر‬ ‫جديد‪ ،‬حيث تحولت ذكرى نكبة ‪ 1948‬ونكسة‬ ‫حزيران ‪ ،1967‬إىل نكبة أصابت العدو الصهيوين‬ ‫وس ّببت له القلق والذعر‪ ،‬ومشاهد الشباب الذي‬ ‫عربوا الحواجز واألسالك الشائكة يف مارون الرأس‬ ‫ومجدل شمس‪ ،‬تؤكد أن جي ًال جديداً يتمسك بحب‬ ‫األرض‪ ،‬أرض اآلباء واألجداد وهو مستعد للتضحية‬ ‫يف سبيل التحرير والعودة‪ ،‬إذا ما توفرت له الظروف‬ ‫املناسبة‪ ،‬هذه تباشري النرص القادم وهي الكفيلة‬ ‫مبسح ذل نكسة حزيران ونكبة ‪ ،1948‬الحق يعود‬ ‫بالقوة التي تعني املقاومة‪ ،‬هذا الدرس تتعلمه‬ ‫األجيال‪ ،‬ومن هنا يتم استهداف أمتنا يف كل‬ ‫مكامن قوتها‪ ،‬لكن النرص سيكون حليف الشعوب‬ ‫املكافحة يف سبيل استعادة حقوقها مهام‬ ‫كربت املؤامرات والفنت‪ ،‬إنه زمن املعادالت الصعبة‪،‬‬ ‫واملقاومة هي الوحيدة القادرة عىل اجرتاح الحلول‬ ‫املناسبة‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬

‫أميركا تخ ّير العراقيين ‪ :‬بقاء قواتنا أو حرب أهلية!‬ ‫األسئلة كثرية وهي تتعلق بأوضاع منطقة‬ ‫الرشق األوسط وما تحتويه من أحداث وتداخلها‬ ‫مع بعضها البعض‪ ،‬أصبحت تدور يف حلقة‬ ‫إقليمية مرتبطة مبوعد اإلنسحاب األمرييك من‬ ‫العراق‪ ،‬وتشري التقارير‪ ،‬أن األشهر التي تفصل‬ ‫املنطقة والعامل عن هذا االنسحاب وتطورات‬ ‫كثرية رمبا تغيرّ وجه املنطقة‪ ،‬فالواليات املتحدة‬ ‫فوجئت برسعة التغيريات يف الدول العربية‬ ‫ودراماتيكيتها‪ ،‬ما أربك صانع القرار األمرييك‬ ‫وجعل تعامل واشنطن مختلفاً‪.‬‬ ‫ولكن السؤال األكرث إلحاحا هو‪ :‬هل يريد‬ ‫األمريكيون فع ًال االنسحاب من العراق؟ االتصاالت‬ ‫األخرية بني واشنطن وبغداد توحي بأن اإلدارة‬ ‫األمريكية تحاول إقناع العراقيني بأن بالدهم عىل‬ ‫وشك الدخول يف حرب أهلية مدمرة إذا هم‬ ‫سلموا بهذا االنسحاب‪ ،‬وهي تدعي أن القوات‬ ‫األمريكية وحدها القادرة عىل رعاية شؤونهم‬ ‫ومصالحهم ودرء األخطار الداخلية والخارجية‬ ‫عنهم‪ ،‬وتلوح واشنطن بأن هناك تطورات وأحداث‬ ‫متالحقة يف املنطقة‪ ،‬ومن مصلحة العراق بقاء‬ ‫القوات األمريكية عىل أراضيه وبخالف املوعد‬ ‫املقرر نهاية العام ‪.2011‬‬ ‫ومن هنا فإن إقدام اإلدارة األمريكية عىل اتخاذ‬ ‫القرار باالنسحاب أو البقاء الجزيئ‪ ،‬مرتبط بعوامل‬ ‫داخلية أمريكية واستقطابات سياسية حول‬ ‫املوقف من عملية االنسحاب‪ ،‬وهذه الظاهرة‬ ‫تشري إىل وجود قوى داعمة الستمرار الوجود‬ ‫العسكري األمرييك‪ ،‬ويقود هذا التيار املتشدد‬ ‫صقور اليمني األمرييك املوجودين يف الحزبني‬ ‫الجمهوري والدميقراطي‪ ،‬إضافة إىل عنارص اللويب‬

‫مقتدى الصدر‬

‫املاليك وعالوي‬

‫اليهودي يف أروقة الكونغرس وهم ميلكون توجيه‬ ‫مركب السياسة األمريكية يف االتجاه الذي يخدم‬ ‫املصالح الصهيونية‪.‬‬ ‫ويف ضوء هذه التوجهات تشري التقارير‬ ‫األمريكية‪ ،‬بأن هناك جهوداً كبرية تبذل وهي‬ ‫تدفع باتجاه تجنب االنسحاب يف نهاية العام‬ ‫الحايل‪ ،‬وهي تعمل عىل بلورة صفقة يف هذا‬ ‫الشأن بني نوري املاليك وإياد عالوي تسمح‬ ‫بتمديد مهمة القوات األمريكية‪ ،‬من خالل إحالة‬ ‫“مرشوع التمديد” عىل املجلس النيايب‪ ،‬بعد ضامن‬ ‫أغلبية برملانية‪.‬‬ ‫والعقبة األساس أمام هذا السيناريو هي موقف‬

‫الصدريون يف استعراضهم العسكري‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪50‬‬

‫القوى العراقية التي تطالب برضورة االنسحاب‬ ‫يف املوعد املحدد وموقف القوى اإلقليمية الداعمة‬ ‫لهذا التوجه واملرصة عىل رضورة طي هذا امللف‬ ‫نهائياً‪.‬‬ ‫ويحاول رئيس الوزراء نوري املاليك إقامة نوع‬ ‫من التوازن بني واشنطن وطهران عىل مستوى‬ ‫القرار العراقي‪ ،‬أما الحسابات األمريكية يف‬ ‫العراق تتصل بطبيعة االستحقاقات األمريكية‬ ‫الداخلية بقدر ما تتصل باألحداث الجارية يف‬ ‫العامل العريب والرهان األمرييك عىل ركوب موجة‬ ‫األحداث طمعاً يف تحقيق إنجاز ما‪ ،‬وهو لن يتحقق‬ ‫ألن املنطقة تتجه نحو تعزيز خيار املقاومة الذي‬ ‫يحقق تقدماً يف أكرث من مكان‪..‬‬ ‫وهناك تقارير أخرى‪ ،‬تقول‪ ،‬إن خروج األمريكيني‬ ‫ميكن أن يعيد خلط األوراق داخل العراق يف لحظة‬ ‫إقليمية حرجة‪ ،‬واملصالح األمريكية لن تكون يف‬ ‫مأمن من الرضر بفعل التأثري اإليراين يف العراق‬ ‫واملنطقة عموماً‪ ،‬ويف هذه األحوال سيكون األمن‬ ‫اإلرسائييل األكرث ترضراً‪ ،‬ألن إيران ستسارع إىل‬ ‫سد الفراغ وقلب املعادالت يف املنطقة ودعم‬ ‫املقاومة يف أكرث من مكان وإفشال املخططات‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫ويف ظل هذه األجواء‪ ،‬تحاول الحكومة العراقية‬ ‫تحسني األداء عىل مستوى الخدمات‪ ،‬من أجل‬ ‫إحداث تغيري حقيقي‪ ،‬ولكن دون جدوى واضحة‪،‬‬ ‫ويبدو أن األحداث اإلقليمية شكلت عامل تفجري‬ ‫داخيل‪ ،‬فحرب التصفيات تتواصل‪ ،‬والخلل يف‬ ‫العملية السياسية يتسع والربملان العراقي‬ ‫مشلول‪ ،‬والخالفات تتصاعد حول التمديد للقوات‬ ‫األمريكية‪ ،‬والفوىض بكل أشكالها تهيمن عىل‬ ‫املشهد العراقي‪ ،‬والغضب الشعبي يتنامى‬

‫يف الشارع بعد مثاين سنني أكرث من االحتالل‬ ‫والفساد وبعناوين عدة أهمها “الدميقراطية”‪.‬‬ ‫كل املؤرشات املتوفرة تؤكد‪ ،‬أن قراراً أمريكياً‬ ‫بتمديد مهمة القوات (‪ 50‬ألفا) املوجودة فع ًال‬ ‫يف العراق قد اتخذ يف ضوء التطورات اإلقليمية‪،‬‬ ‫وحملة الرتويج الجارية هناك لتمهد للقرار‬ ‫األمرييك‪ ،‬ويف ظل حركة من الشلل األمني‬ ‫والسيايس بكل مظاهره‪ ،‬ويف محاولة للتعبري‬ ‫عن اإلحباط‪ ،‬نزل العراقيون إىل الشوارع‪ ،‬واهتز‬ ‫االئتالف الحاكم‪ ،‬وموجة االحتجاجات التي‬ ‫تصاعدت يف محاولة الحتواء هذه املوجة‪ ،‬أدّت‬ ‫اىل تفجر الوضع األمني‪.‬‬ ‫واالحتجاجات التي أدت إىل تصدع سيايس يف‬ ‫بغداد‪ ،‬وصلت عدواها إىل كردستان‪ ،‬هذه األحداث‬ ‫يف املركز كام يف األطراف‪ ،‬أظهرت أن االئتالف‬ ‫العراقي الحاكم منقسم عىل نفسه‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يفرس ضعفه‪ ،‬والنظام الذي سمي دميقراطياً هو‬ ‫يف النهاية نظام تعددي يقوم عىل املحاصصة‬ ‫السياسية‪.‬‬

‫تزايد قلق العراقيني‬ ‫حالة القلق لدى العراقيني تزداد كلام اقرتب‬ ‫موعد االنسحاب النهايئ للقوات األمريكية‬ ‫يف الوقت الذي تشهد فيه البالد وضعاً أمنياً‬ ‫هشاً وتصاعداً يف الخالفات السياسية‪ ،‬ويخىش‬ ‫العراقيون من عدم وجود رؤية واضحة من‬ ‫قبل القادة السياسيني رمبا ميهد لبقاء القوات‬ ‫األمريكية لفرتة جديدة‪ ،‬ابتداء من مطلع العام‬ ‫‪ ،2012‬بسبب عدم جاهزية القوات العسكرية‬ ‫واألمنية العراقية‪ ،‬فض ًال عن الوضع األمني غري‬ ‫املستقر‪ ،‬بينام ال يزال رئيس الوزراء املاليك عاجزاً‬ ‫عن تسمية أشخاص لقيادة الحقائب األمنية‬ ‫يف البالد‪ ،‬وهي وزارة الدفاع والداخلية واألمن‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫ووفق ما يجري يف العراق‪ ،‬فإن فرص بقاء‬ ‫القوات األمريكية يف العراق أكرب من خروجها‬ ‫يف الوقت املحدد‪ ،‬وأبرزها أن الكتل السياسية ال‬ ‫تزال متخوفة من إعالن موقفها بشكل واضح‬ ‫ورصيح‪ ،‬ألن الوضع يف البالد اليزال مرتبكاً‪ ،‬والخط‬

‫احتجاج الصدريون الرافض للبقاء األمرييك يف العراق‬

‫البياين للخالفات السياسية اليزال يف تصاعد‬ ‫مام يعني أن الكتل السياسية ستعلن موقفها‬ ‫يف الوقت الضائع‪ ،‬مام يجرب العراقيني عىل القبول‬ ‫بها‪.‬‬ ‫ولسان حالة العراقيني كأنه يقول‪ ،‬كيف‬ ‫يتسنى لنا الطلب من القوات األمريكية الخروج‬ ‫من العراق والحكومة التزال عاجزة عن تسمية‬ ‫أشخاص لقيادة وزارات الداخلية والدفاع واألمن‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫وحده التيار الصدري‪ ،‬الذي يقوده مقتدى‬ ‫الصدر أعلن موقفه بوضوح برفض بقاء القوات‬ ‫األمريكية‪ ،‬من خالل الترصيحات املتكررة‬ ‫والتلويح بإعادة نشاط جيش املهدي‪ ،‬الذي نظم‬ ‫استعراضاً عسكرياً كبرياً شارك فيه اآلالف‬ ‫من أتباعه‪ ،‬لإلشارة إىل استعداد جيش املهدي‬ ‫للعودة من جديد إىل مرسح األحداث ملواجهة‬ ‫القوات األمريكية ‪.‬‬ ‫واقع الحال عىل األرض يتعارض مع أمنيات‬ ‫العراقيني‪ ،‬يف ظل غياب شكل الدولة‪ ،‬وغياب دور‬ ‫الحكومة يف ضبط إيقاع عمل الوزارات‪ ،‬مام تسبب‬ ‫يف تفيش حاالت الفساد والرسقة‪ ،‬واتساع دائرة‬ ‫العنف والقتل بشكل يدعو إىل الرعب‪.‬‬ ‫وحول موضوع انسحاب القوات األمريكية من‬ ‫العراق‪ ،‬قال رئيس القامئة العراقية إياد عالوي‪”:‬ال‬ ‫اعتقد أن القوات األمريكية سوف تنسحب ألن‬ ‫العراق غري مهيأ النسحاب هذه القوات‪ ،‬أتصور‬ ‫حدوث حرب إقليمية يف املنطقة‪ ،‬وهذا وارد‪،‬‬ ‫وإذا حلقت طائرات حربية غريبة يف األجواء‬ ‫العراقية واتجهت نحو دول أخرى وقصفتها‪،‬‬ ‫فالقوات العراقية ال متلك راداراً ميكنه اكتشاف‬ ‫هذه الطائرات وال متلك القوات الجوية العراقية‬ ‫طائرات اعرتاضية أو مقاتلة لصد هذه الطائرات‬ ‫وبذلك سوف يكون العراق مشاركاً يف الحرب ألنه‬ ‫سمح لطائرات دولة باملرور بأجوائه‪ ،‬هذا سيناريو‬ ‫محتمل‪ ،‬العراق سيعترب رشيكاً يف العدوان‬ ‫وسندخل الحرب رغ ًام عنا ونتحمل تبعاتها‪.‬‬ ‫لقد فشل العراق يف تحقيق عاملني مهمني‪:‬‬

‫‪51‬‬

‫أوال‪ ،‬استقراره ومن ثم استقرار دول املنطقة‪ ،‬ألن‬ ‫استقرار املنطقة من استقرار العراق‪ ،‬والثاين هو‬ ‫ربط العراق مبصالح اقتصادية حقيقية مع دول‬ ‫املنطقة‪ ،‬وتحقيق التكامل االقتصادي‪.‬‬

‫العراق ليس مستعمرة أمريكية‬ ‫ويف شأن آخر أبعد من متديد بقاء القوات‬ ‫األمريكية يف العراق‪ ،‬طالب ستة من أعضاء‬ ‫الكونغرس األمرييك خالل مؤمتر صحايف يف‬ ‫مقر السفارة األمريكية يف بغداد‪ ،‬الحكومة‬ ‫العراقية بدفع تعويضات خسائر الجيش األمرييك‬ ‫يف العراق‪ ،‬وأشاروا إىل أن الحكومة األمريكية ال‬ ‫تستطيع أن تتك ّبد مبالغ طائلة يف ظل الوضع‬ ‫االقتصادي الحرج‪ ،‬لكن الحكومة العراقية أعلنت‬ ‫من جانبها أنها أبلغت السفارة األمريكية يف‬ ‫بغداد بوجوب مغادرة عدد من أعضاء الكونغرس‬ ‫األمرييك بسبب مواقف أطلقوها من بغداد‪،‬‬ ‫وقال وزير الدولة العراقي عيل الدباغ‪ :‬إن “ما أثار‬ ‫االستغراب هو ما صدر من ترصيحات عن أعضاء‬ ‫الكونغرس بصدد مطالبتنا بدفع التعويضات‪،‬‬ ‫بينام نحن من ينبغي أن يطالب بها ألبنائنا‬ ‫وأهالينا الذين ترضروا جراء االحتالل وسياساته‬ ‫يف العراق‪ ،‬وهذه الترصيحات ال متثل شيئاً وال‬ ‫قيمة لها بأي حال من األحوال‪ ،‬وأبلغنا السفارة‬ ‫األمريكية‪ ،‬أن وجودهم يف بلدنا غري مرحب به ألن‬ ‫العراق ليس مستعمرة أمريكية ليك تصدر مثل‬ ‫هذه الترصيحات االستفزازية عىل أرضه”‪.‬‬ ‫االنسحاب األمرييك من العراق يف هذه الحالة‪،‬‬ ‫سيكون عنواناً ملرحلة جديدة مختلفة متاماً‪ ،‬هذا‬ ‫ما يريده الشعب العراقي وجامهري أمتنا العربية‪،‬‬ ‫أما ما يريده األمريكيون فهو شأن آخر يتع ّلق‬ ‫بإدامة االحتالل بأشكال وأساليب استعامرية‬ ‫مبتكرة‪ ،‬ولكن إرادة الشعوب التواقة اىل التحرر‬ ‫هي املنترصة يف نهاية األمر‪ ،‬واالحتالل اىل زوال‪.‬‬

‫أدهم محمود‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب دويل‬

‫االنتخابات التشريعية التركية‬ ‫حزب العدالة والتنمية األقل انتصاراًُ‪ ...‬وبطعم الهزيمة‬ ‫ال ميكن رؤية “املعركة” االنتخابية النيابية‬ ‫الرتكية التي جرت يوم ‪ 2011/6/12‬إال من خالل‬ ‫نظرة موضوعية إىل مراحل سابقة تعود إىل عام‬ ‫‪ ،1993‬حني عبرّ الرئيس الرتيك توركت أوزال عن‬ ‫سعيه إىل (بناء عامل تريك ميتد من بحر إيجه‬ ‫إىل تركستان الصينية باتجاه العامل العثامين‬ ‫القديم) بعد أن مارست األتاتوركية القطيعة‬ ‫مع هذا العامل‪ ،‬وبعدها ومنذ عام ‪ 2004‬كانت‬ ‫دمشق البوابة التي نفذ منها األتراك و”نزعتهم‬ ‫العثامنية الجديدة” إىل العامل العريب‪ ،‬ويف تلك‬ ‫الفرتة كانت الواليات املتحدة يف خضم حقبة ما‬ ‫بعد ‪ 11‬أيلول تخوض حرباً عاملية ضد ما تسميه‬ ‫“اإلرهاب اإلسالمي”‪.‬‬ ‫ومل يكن األتراك يومها متعاونني مع واشنطن‬ ‫حني رفض الربملان الرتيك فتح جبهة شاملية‬ ‫قبيل الغزو األمرييك أرض العراق يوم ‪ 19‬آذار ‪،2003‬‬ ‫وطبعاً هذا األمر حصل بخالف رغبة أردوغان الذي‬ ‫مترد عليه نصف نواب حزبه لينضموا يف تصويت‬ ‫الربملان للنواب األتاتوركيني‪.‬‬ ‫هذا األمر مل يع ّكر صفو العالقات مع واشنطن‪،‬‬ ‫ألن العالقات بني الطرفني متينة وتحكمها أولويات‪،‬‬ ‫روابط (الناتو) ورؤية اسرتاتيجية أمريكية ترى يف‬ ‫أنقرة حاجزاً أمام الروس واإليرانيني مللء الفراغ‬ ‫ثم تط ّورت الرؤية األمريكية‬ ‫الجديد يف املنطقة‪ّ ،‬‬ ‫مع فشل واشنطن يف أفغانستان والعراق‪ ،‬مام‬ ‫دفعها إىل تلمس “منوذج إسالمي اعتدايل” كان‬ ‫أردوغان مثاله املتبلور‪.‬‬ ‫ومنذ عام ‪ 2007‬توضح اعتامد واشنطن عىل‬ ‫أنقرة‪ ،‬وبهدف تشكيل كابح إقليمي لطهران‪،‬‬ ‫وباتجاه تشكيل “مخفر أمامي أمرييك” يف‬ ‫املنطقة بعد تناقص وزن “إرسائيل” عند واشنطن‬ ‫يف مرحلة ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬وازداد هذا مع‬ ‫تجربة حرب متوز ‪ 2006‬مع لبنان‪ ،‬وكذلك بعد فشل‬ ‫أمريكا يف تجربتها العسكرية املبارشة يف عراق‬ ‫‪ 2003‬ومحاولتها عرب بالد الرافدين “إعادة صوغ‬ ‫املنطقة” وفقاً لتعبري وزير الخارجية األمريكية‬ ‫كولن باول عشية غزو العراق‪.‬‬ ‫ومل يرتجم هذا عسكرياً عىل الصعيد‬ ‫اإلقليمي خالل السنوات املاضية‪ ،‬وإمنا سياسياً‬ ‫عرب دور إقليمي لعبته أنقرة‪ ،‬ومل تتجاوز الخطوط‬ ‫الحمر األمريكية يف امللف العراقي وملف‬ ‫الرصاع العريب – اإلرسائييل عامة والقضية‬ ‫الفلسطينية خاصة التي هي جوهر الرصاع‪،‬‬ ‫وعندما رعت تركيا مع الربازيل اتفاقاً يف طهران‬ ‫حول امللف النووي اإليراين‪ ،‬استغلت “إرسائيل”‬ ‫هذه الخطوة‪ ،‬ليك ترضب “غرميتها تركيا” عرب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ديفيلت باتشييل‬

‫أردوغان وعقيلته أثناء االنتخابات الترشيعية الرتكية‬

‫حادثة سفن املساعدات لغزة‪ ،‬ولكن أردوغان فهم‬ ‫الرسالة وعاد للتناغم مع واشنطن‪.‬‬ ‫ويف تحركات الشارع العريب خالل هذا العام‬ ‫بدا التناغم األمرييك – الرتيك واضحاً من خالل‬ ‫املصالحة بني واشنطن والتنظيم العاملي لجامعة‬ ‫اإلخوان املسلمني عندما طالب أردوغان الرئيس‬ ‫املرصي بالتنحي قبل أن يقوم أوباما بذلك‪ ،‬ثم‬ ‫ظهرت ترجمتها مرصياً عرب اتجاه القاهرة إىل‬ ‫منوذج أنقرة بني العسكر واإلسالميني تحت الخيمة‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫وفيام بعد استضافت إحدى املنظامت القريبة‬ ‫من حزب أردوغان يف اسطنبول املراقب العام‬ ‫لجامعة األخوان املسلمني يف سوريا يف ‪ 2‬نيسان‬ ‫‪ ،2011‬ثم رعت أوساط قريبة من هذا الحزب‪،‬‬ ‫مؤمترين يف اسطنبول وإنطاليا‪ ،‬وذلك بالتزامن‬ ‫مع ترصيحات ألردوغان اعترب فيها “الشأن‬ ‫السوري قريب من أن يكون شأناً تركياً داخلياً)‪،‬‬ ‫مع سعي أنقرة إىل معادلة يف دمشق كالتي‬ ‫هي يف مرحلة ما بعد ‪ 11‬شباط يف القاهرة ما‬ ‫بني املجلس العسكري واألخوان املسلمني‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني أن الدور اإلقليمي الرتيك يكاد يتوافق مع‬ ‫واشنطن متاماً وهو النموذج الذي يسعى إليه‬ ‫حكام البيت األبيض األمرييك وينفذه أردوغان‬ ‫“الطامح” إىل تحويل تركيا إىل جمهورية بنظام‬ ‫رئايس‪ ،‬بدالً من جمهورية نصف برملانية‪ ،‬وهو‬ ‫يسعى إىل أن يكون أول رئيس للجمهورية‬

‫‪52‬‬

‫الرتكية بدستورها الجديد‪ ،‬الذي يشبه نظام‬ ‫الحكم الرئايس يف الواليات املتحدة‪ ،‬وهنا متكن‬ ‫األهمية واآلمال التي علق عليها أردوغان بتحقيق‬ ‫فوز ساحق يف االنتخابات الرتكية الترشيعية‬ ‫األخرية التي جرت يوم ‪.2011/6/12‬‬

‫نتائج االنتخابات الرتكية‬ ‫الترشيعية‬ ‫ص ّوت يف االنتخابات أكرث من خمسني مليون‬ ‫تريك من أصل ‪ 74‬مليون نسمة‪ ،‬هم عدد سكان‬ ‫تركيا‪ ،‬وقد ص ّوت أكرث من ‪ % 50‬من الناخبني‬ ‫ملصلحة أعضاء حزب “العدالة والتنمية” بزعامة‬ ‫رجب طيب أردوغان‪ ،‬بينام جاء أعضاء حزب‬ ‫الشعب الجمهوري بزعامة كامل كيلجدار أوغلو‬ ‫يف املرتبة الثانية بنسبة ‪ ،% 26‬بينام فاز حزب‬ ‫“الحركة القومية” بزعامة دولت باهشيل بنسبة‬ ‫‪ ،% 13‬يف الربملان الجديد ‪.‬‬ ‫وعىل رغم زيادة عدد األصوات التي نالها الحزب‬ ‫الحاكم يف الربملان الجديد‪ ،‬تراجعت مقاعده من‬ ‫‪ 341‬مقعداً إىل ‪ 326‬مقعداً‪ ،‬بينام ارتفعت عدد‬ ‫مقاعد حزب الشعب الجمهوري من ‪ 112‬إىل ‪135‬‬ ‫مقعداً ‪ ،‬أما حزب “الحركة القومية” اليميني فقد‬ ‫تراجع عدد مقاعده من ‪ 70‬إىل ‪ 54‬مقعداً يف‬ ‫الربملان الجديد‪ ،‬وحقق األكراد رق ًام قياسياً بفوز ‪36‬‬

‫من مرشحيهم يف االنتخابات بصفة مستقلني‪.‬‬ ‫وفشل الحزب الحاكم من نيل ‪ 330‬مقعداً‪،‬‬ ‫تخوله وضع دستور جديد وطرحه عىل استفتاء‬ ‫عام إذا مل يقر يف الربملان‪ ،‬وتعمد أردوغان بـ‬ ‫“التواضع” يف “خطاب النرص” وخصوصاً أن‬ ‫خصومه يتهمونه بالتسلط والسعي إىل‬ ‫الرتشح للرئاسة يف إطار نظام رئايس‪ ،‬وقال‬ ‫أنصاره يف أنقرة‪“ :‬الشعب أبلغنا رسالة بوضع‬ ‫الدستور الجديد من خالل التوافق والتفاوض مع‬ ‫املعارضة واألحزاب خارج الربملان”‪.‬‬ ‫يف االنتخابات النيابية الرتكية الجميع خرج‬ ‫منترصاً مع فارق أن حزب “العدالة والتنمية” كان‬ ‫األقل انتصاراً‪ ،‬والناخب الرتيك مل يصوت ملن‬ ‫ليس له أمل بالنجاح‪ ،‬وحزب “العدالة والتنمية”‬ ‫رفع نسبة التأييد الشعبي له من ‪ % 47‬إىل ‪%50‬‬ ‫ولكنه فقد زمام املبادرة يف الربملان بفشله يف‬ ‫املحافظة عىل عدد نوابه‪ ،‬فقد فشل أردوغان‬ ‫يف ما سعى إليه بقوة خالل الحملة االنتخابية‬ ‫للحصول عىل ثلثي املقاعد أي ‪ 367‬نائباً من أصل‬ ‫مقاعد املجلس ‪ 550‬مقعداً‪ ،‬وكان فشله أكرب‬ ‫عندما مل يستطع أن يصل عدد نوابه إىل الرقم‬ ‫‪ 330‬الرضوري جداً ليحافظ عىل زمام املبادرة داخل‬ ‫الربملان‪ ،‬وهو العدد الرضوري من النواب يك يذهب‬ ‫أردوغان إىل استفتاء شعبي كلام فشل يف مترير‬ ‫تعديل دستوري يف الربملان‪ ،‬وهذا سيجعله مكبل‬ ‫اليدين يف كل القضايا األساسية التي تحتاج إىل‬ ‫موافقة الثلثني أو اإلحالة إىل استفتاء شعبي‪.‬‬ ‫وفشل أردوغان يف حملته ملنع الحركة القومية‬ ‫من الدخول إىل الربملان عندما نجح حزب “الحركة‬ ‫القومية” يف تجاوز عتبة الـ ‪ %10‬وإفشال خطط‬ ‫حزب “العدالة والتنمية”‪ ،‬ونجح حزب الشعب‬ ‫الجمهوري يف تعزيز موقعه قياساً إىل العام‬ ‫‪ ،2007‬وعزز املرشحون األكراد املستقلون عددهم‬ ‫من ‪ 20‬إىل ‪ 36‬وهذه النتيجة سوف تص ّعب عىل‬ ‫أردوغان تجاوز املطالب الكردية‪.‬‬

‫قراءة يف نتائج االنتخابات‬ ‫أردوغان اليوم أمام امتحانني مهمني‪ ،‬كتابة‬ ‫دستور جديد وحل القضية الكردية‪ ،‬وإذا نجح يف‬

‫كامل كليجدار أوغلو‬

‫االمتحانني هذين‪ ،‬يدخل تاريخ تركيا من أوسع‬ ‫أبوابه‪ ،‬وهو يطمح يف أن يختم حياته السياسية‬ ‫الربملانية بإنجاز كبري مهم يخلد هذه التجربة وال‬ ‫يسع أردوغان إرجاء إنجازاته إىل حني بلوغه القرص‬ ‫الرئايس فهو ال يضمن الحال التي سيكون عليها‬ ‫حزبه يف ضوء املؤرشات الجديدة لنتائج االنتخابات‬ ‫الترشيعية‪.‬‬ ‫ولكن هذا الوضع يفتح شهية املعارضة‬ ‫للضغط عىل أردوغان أكرث‪ ،‬وحمله عىل املساومة‬ ‫لقاء تحقيق حلمه‪ ،‬وأبرز الضاغطني املحتملني عىل‬ ‫أردوغان هو حزب “السالم والدميقراطية” الكردي‬ ‫الذي زاد عدد نوابه إىل ‪ 36‬وهو رقم كبري شجع‬ ‫قياداته عىل تحدي رئيس الوزراء والقول أنهم‬ ‫ميثلون حزب “العامل الكردستاين” ومطالبه‪،‬‬ ‫وحري باألكراد ان يتخلوا بدورهم عن حساباتهم‬ ‫الحزبية واإليديولوجية الضيقة‪ ،‬ليس لتحقيق‬ ‫حلم أردوغان الشخيص‪ ،‬بل من أجل اغتنام هذه‬ ‫الفرصة التاريخية لحل قضيتهم القومية‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون‪ ،‬أن رهانات أردوغان عىل الشباب‬ ‫الرتيك كانت يف محلها املناسب‪ ،‬فقد عمل يف‬ ‫التعديالت الدستورية عام ‪ 2009‬عىل خفض سن‬ ‫املرشحني إىل خمسة وعرشين عاماً بدل خمسة‬ ‫وثالثني عاماً‪ ،‬األمر الذي م ّكن الكثري من الشباب‬ ‫الرتيك من أن يرشح نفسه يف معارك انتخابية‪،‬‬ ‫وهذا يتوافق مع تطلعات الشعب الرتيك‪.‬‬ ‫ونتائج االنتخابات أثبتت أن الشعب ص ّوت‬ ‫ملن صنع التقدم االقتصادي‪ ،‬وخفض معدالت‬ ‫التضخم والدين والبطالة لدرجة غري مسبوقة‬ ‫يف التاريخ الرتيك الحديث‪ ،‬وصنع زيادة يف الدخل‬ ‫الفردي والنمو االقتصادي العام‪.‬‬ ‫والشعب الرتيك أدرك وجوب ترتيب األولويات‬ ‫يف اإلصالح الداخيل‪ ،‬وهذا ما تؤكده نتائج‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وباألخص املؤسسة العسكرية التي‬ ‫يتم العمل عىل وضعها يف املكانة الالئقة‬ ‫بها خارج العمل السيايس وتقلباته الداخلية‬ ‫وتأثرياته االنتخابية والحزبية‪.‬‬ ‫يفرتض أن تدفع نتائج االنتخابات بحزب‬ ‫“العدالة والتنمية” إىل وقفة جدية ومراجعة‬ ‫جذرية لكل سياساته تجاه املسألة الكردية وكل‬ ‫األقليات الدينية املسلمة وغري املسلمة‪ ،‬مل يعد‬

‫‪53‬‬

‫بإمكان أردوغان أن يستمر يف السعي إىل تركيا‬ ‫حديثة من دون حداثة تحرتم املكونات املتعددة‬ ‫للمجتمع الرتيك‪ ،‬االقتصاد لوحده ال يصنع‬ ‫هوية‪ ،‬وزيادة الدخل الفردي ال تستأًصل انكسار‬ ‫هويات اآلخرين‪.‬‬ ‫باألمس خرج األكراد عن بكرة أبيهم إىل‬ ‫شوارع ديار بكر‪ ،‬وأطلقوا العنان لقهر كامن منذ‬ ‫تأسيس الجمهورية الرتكية يف العام ‪ ،1923‬ويا‬ ‫لها من نهاية بائسة لثامين سنوات من حكم‬ ‫حزب “العدالة والتنمية” من سياسة “تعميق‬ ‫املشكالت” ال تصغريها مع الداخل‪.‬‬ ‫التحدي الداخيل صار أكرب‪ ،‬لن يقبل أردوغان‬ ‫التحالف مع خصومه من القوميني والسياسيني‬ ‫من أجل تشكيل الحكومة املقبلة‪ ،‬ومن أجل تعديل‬ ‫الدستور‪ ،‬ومرة أخرى سيكون الخارج الذي خاطبه‬ ‫باألمس وسيلته الرئيسية للدفاع عن منجزاته‬ ‫السياسية واالقتصادية‪ ،‬وستصبح تركيا بزعامة‬ ‫أردوغان يف السنوات األربع املقبلة أشد اضطراباً‬ ‫يف الداخل‪ ،‬يف الربملان والشارع‪ ،‬وأكرث جرأة يف‬ ‫سياستها الخارجية املتعددة الجبهات‪ ،‬وليس هناك‬ ‫تعويضاً عن الخذالن املحيل وليس هناك مجاالً إلعادة‬ ‫فتح الباب األورويب سوى باملزيد من املكاسب يف‬ ‫العامل العريب ويف آسيا الوسطى‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل سيتمكن أردوغان من النجاح مرة‬ ‫أخرى يف الخارج‪ ،‬بعد أن انكشف القناع وظهر‬ ‫مدى اندفاعه من أجل أن ينال الرىض األمرييك‪.‬‬ ‫لقد اتضح مدى املؤامرة التي استهدفت سوريا‬ ‫يف استقرارها وهي التي فتحت أبواب التعاون‬ ‫واملشاركة يف هذه املنطقة خدمة لألهداف‬ ‫املشرتكة وتطلعات الشعبني يف تركيا وسوريا‪،‬‬ ‫ولكن تركيا مضت يف خدمة املرشوع األمرييك‬ ‫غري آبهة مبدى انعكاسات وارتدادات أعاملها عىل‬ ‫املصالح املشرتكة لكال البلدين‪.‬‬ ‫من املؤكد‪ ،‬أن معادالت املنطقة تتغري باستمرار‬ ‫لصالح قوى املقاومة يف منطقتنا‪ ،‬ومواجهة‬ ‫قوى االستكبار والظلم‪ ،‬ما يشري اىل أن العد‬ ‫العكيس قد بدأ إلعادة ترتيب األوراق الرتكية‬ ‫وخاصة بعد أن انتهت االنتخابات الترشيعية‬ ‫الرتكية اىل هذه النتيجة‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب دويل‬

‫أوباما يخضع إلمالءات اللوبي الصهيوني‬ ‫إلعادة انتخابه لرئاسة ثانية‬ ‫الرئيس األمرييك باراك أوباما أصبح جاهزاً متاماً‬ ‫لتقديم خدماته للصهاينة‪ ،‬ولسان حاله يقول‬ ‫“نعم إرسائيل”‪ ،‬ويف عملية ما يسمى “السالم”‪،‬‬ ‫الحكومات اإلرسائيلية تدّعي أنها تسعى اىل حل‬ ‫الدولتني‪ ،‬والواليات املتحدة تدّعي أنها تصدقها‪،‬‬ ‫وهذا األمر تجلىّ يف خطاب أوباما األخري يف ‪19‬‬ ‫أيار املايض‪.‬‬ ‫“إرسائيل” تدّعي أنها تعمل واإلدارة األمريكية‬ ‫تدّعي أنها تصدقها وتدفع لها الثمن يف لعبة‬ ‫مكشوفة ماكرة‪ ،‬تتجاهل عذابات شعب‬ ‫بأكمله يتوق اىل العدالة الدولية يك تأخذ‬ ‫مجراها يف إحقاق الحقوق وصون كرامة اإلنسان‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫ولجنة الشؤون العامة األمريكية – اإلرسائيلية‬ ‫“إيباك”‪ ،‬الجهاز الدعايئ األول لهذا املكر األمرييك‪،‬‬ ‫والتي تقوم رشعيتها عىل شعار التحدث‬ ‫باسم املجتمع اليهودي األمرييك‪ ،‬فيام الحقيقة‬ ‫ليست كذلك‪ ،‬ما يهم مجموعة الضغط هذه‪،‬‬ ‫هو التزامها الكامل مع الحكومات اإلرسائيلية‬ ‫واليمينية منها تحديداً‪ ،‬و”إيباك” اليوم تعطي‬ ‫دعمها الكامل واملفرط للحكومة اإلرسائيلية‬ ‫التي ترفض بغالبيتها وبقوة حل الدولتني‪ ،‬فريد‬ ‫نتنياهو وليربمان‪ ،‬عىل مثل هذه الخدمة‪ ،‬بحامية‬ ‫أهداف حكومتهم األسمى من خطر اإلحباط‪.‬‬ ‫من هنا َمن يظن أننا نستطيع أن نستميل اإلدارة‬ ‫األمريكية إىل جانبنا فهو مخطئ‪ ،‬أو أن نتمكن‬ ‫من تغيري مواقفها التاريخية املؤيدة واملساندة لـ‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬أو أننا نستطيع أن نحملها عىل اإلميان‬ ‫بعدالة قضايانا العربية‪ ،‬ومساندتنا يف مطالبنا‬ ‫وهم وخيال‪ ،‬وحلم‬ ‫وحقوقنا املرشوعة‪ ،‬فهذا‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وغاية لن ندركها‪ ،‬فالواليات املتحدة‬ ‫صعب املنال‪،‬‬ ‫األمريكية لن تتخىل بحالٍ عن “إرسائيل”‪ ،‬ولن‬ ‫تقف مكتوفة األيدي إزاء التحديات الكربى التي‬ ‫تواجهها‪ ،‬وستبقى تتصدى معها أو نياب ًة عنها‬ ‫ملواجهة املخاطر التي تحدق بها‪ ،‬وتعرض أمنها‬ ‫ومستقبلها للخطر‪ ،‬وسيكون من السهل عىل‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية التضحية بحلفائها‬ ‫“العرب” واملسلمني إذا تعارضت مصالح‬ ‫“إرسائيل” معها‪ ،‬فالوفاء للمرشوع الصهيوين‬ ‫لدى اإلدارات األمريكية عهدٌ متوارث‪ ،‬وعقدٌ‬ ‫رئيس أمرييك أن يتحلل منه‪،‬‬ ‫مقدس‪ ،‬ال يقوى أي‬ ‫ٍ‬ ‫أو أن يخل ببنوده وأصوله‪ ،‬سواء إمياناً منه بواجب‬ ‫حامية “إرسائيل”‪ ،‬وتحقيق أمنها وتفوقها‪ ،‬أو‬ ‫خوفاً من سيفها املسلط يف الحمالت االنتخابية‬ ‫األمريكية املتعددة‪ ،‬وحرصاً عىل الصوت اليهودي‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ونفوذ اللويب الصهيوين النشط‬ ‫واملؤثر يف نتائج االنتخابات‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫ويخطئ كثرياً َمن يظن أن‬ ‫األمرييك‬ ‫السيايس‬ ‫الخطاب‬ ‫تجاه العرب واملسلمني قد تغري‪،‬‬ ‫وأن نربة اإلدارة األمريكية إزاء‬ ‫«إرسائيل» قد تغريت‪ ،‬وأن الرئيس‬ ‫األمرييك باراك أوباما قد أبدى‬ ‫غضبه وسخطه تجاه الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية‪ ،‬وأنه أعرب مراراً عن‬ ‫عدم رضاه عن سياسة الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية‪ ،‬وأن إدارته غري راضية‬ ‫عن املامرسات اإلرسائيلية يف‬ ‫مدينة القدس‪ ،‬ضد سكانها آوباما أمام حائط املبىك يف القدش الرشقية‬ ‫مقدساتها‬ ‫وضد‬ ‫وممتلكاتهم‪،‬‬ ‫وحقوق أهلها‪ ،‬والذين راهنوا كثرياً‬ ‫الصهيونية منذ مرحلة الحرب العاملية األوىل‪،‬‬ ‫عىل برودة استقبال ووداع الرئيس األمرييك باراك و “وعد بلفور”‪ ،‬وقد ر ّكز الصهاينة بصورة‬ ‫أوباما لضيفه بنيامني نتنياهو رئيس الحكومة خاصة عىل “الدور األمرييك” ابتدا ًء من أواخر‬ ‫اإلرسائيلية يف زيارته قبل األخرية إىل واشنطن‪ ،‬الثالثينيات والحرب العاملية الثانية‪ ،‬إثر التأزم الذي‬ ‫قد أصيبوا بنكسة أمام االستقبال الحار والالفت طرأ عىل عالقتهم بربيطانيا بعد ثورة ‪1936‬‬ ‫الذي حظي به نتنياهو من قبل مضيفه يف البيت الفلسطينية‪.‬‬ ‫يكتف بحفاوة االستقبال‪ ،‬بل‬ ‫األبيض‪ ،‬الذي مل‬ ‫ِ‬ ‫ال أحد ينكر دور بريطانيا الحاسم يف تبني‬ ‫بالغ يف وداعه راج ًال معه حتى باب سيارته‪ ،‬يف الحركة الصهيونية انطالقاً من “وعد بلفور”‪،‬‬ ‫رسال ٍة واضحة إىل اللويب الصهيوين‪ ،‬والحكومة ولكن ال أحد ينكر أيضاً دور الرئيس األمرييك‬ ‫اإلرسائيلية أن موجة الغضب التي استعرت من “ويلسون” يف حسم األمر ملصلحة هذا الوعد‬ ‫قبل اإلدارة األمريكية ضد «إرسائيل» كانت أكرب إثر املشاورات الهامة التي متت بني حكومة “لويد‬ ‫من الحقيقة‪ ،‬وأنها مل تكن تعرب عن جوهر عالقة جورج” الربيطانية والرئاسة األمريكية‪ ...‬فبعد‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية بـ «إرسائيل»‪ ،‬كام أن تأكدت نهائياً هزمية تركيا قال ويلسون يف آب‬ ‫كانت رسالة واضحة إىل كل الذين راهنوا عىل ‪“ :1918‬أعتقد أن األمم الحليفة قد قررت وضع حجر‬ ‫توتر العالقات األمريكية اإلرسائيلية‪ ،‬وعىل تغري األساس للدولة اليهودية يف فلسطني”‪ ،‬ومام ال‬ ‫لهجة الخطاب األمرييك تجاه «إرسائيل»‪ ،‬مفادها شك فيه أن الجد األعىل للويب الصهيوين يف‬ ‫أن الواليات املتحدة األمريكية لن تتخىل عن واشنطن لويس براندايز قد لعب دوراً بارزاً يف هذا‬ ‫«إرسائيل»‪ ،‬ولن تنقلب عليها‪ ،‬ولن تسمح ألح ٍد األمر عندما أعلن هذا املحامي اليهودي بطريقة‬ ‫بأن يهددها‪ ،‬أو يعرض أمنها للخطر‪.‬‬ ‫مفاجئة اعتناقه العقيدة الصهيونية‪ ،‬وأصبح‬ ‫واحداً من أعضاء املجموعة الصهيونية األوىل‬ ‫الفاعلة يف واشنطن‪ ،‬والتي تضم جاكوب دوهاس‪،‬‬ ‫السياسة األمريكية تخدم أهداف‬ ‫والحاخام ستيفن وايز‪ ،‬وفيليكس فرانكفورتر‪.‬‬ ‫الصهاينة‬ ‫لقد أخذ الصهاينة يراهنون عىل “الورقة‬ ‫ ‬ ‫األمريكية” ابتداء من عام ‪ 1939‬عىل حساب‬ ‫ومع أن تشكيل اللويب اإلرسائييل ومنظامته الورقة الربيطانية‪ ..‬وعندما أعلنت بريطانيا‬ ‫عىل نحو فعال يف الواليات املتحدة األمريكية (يف شباط ‪ )1947‬أنها ستحيل القضية‬ ‫هو حديث العهد نسبياً إال أن سعي الحركة الفلسطينية إىل املنظمة الدولية ألنها مل‬ ‫الصهيوينة للتأثري عىل القرارات األمريكية تعد قادرة عىل إيجاد حل لهذه القضية بات‬ ‫مبختلف الوسائل هو سعي قديم مالزم للفكرة مصري املرشوع الصهيوين‪ ،‬وال يزال يتقرر يف‬

‫‪54‬‬

‫موقعني هام‪ :‬أرض فلسطني نفسها‪ ،‬والواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬ومنذ انعقاد مؤمتر “بلتيمور”‬ ‫يف نيويورك عام ‪ ،1942‬وانطالقاً من هذا املؤمتر‪،‬‬ ‫ومن زعامة آبا هلل سلفر الفعلية للصهيونية‬ ‫األمريكية (مل تصبح زعامته رسمية إال يف العام‬ ‫‪ ،)1946‬وبالرغم من التناقضات التي سادت مؤمتر‬ ‫بتسربغ مطلع عام ‪ ،1943‬ومن هيمنة الرصاع‬ ‫بني املتشددين واملعتدلني فيه‪ ،‬وعدم حسم األمور‬ ‫بصورة نهائية بني تيار سلفر وتيار وايز‪ ،‬فقد عزز‬ ‫ذلك اللقاء موقع سلفر كزعيم فعيل للصهيونية‬ ‫األمريكية‪ ،‬ذلك أن حاييم وايزمن نفسه وهو‬ ‫“األب التاريخي “للحركة الصهيونية‪ ،‬ومهندس‬ ‫“وعد بلفور” مل يلبث أن دفع “مثن اعتداله” حني‬ ‫خيش من اإلرساع يف إقامة “الدولة اليهودية”‬ ‫وطالب بتحرك أكرث مرحلية مام أدى إىل انقالب‬ ‫داخل الحركة قام به بن غوريون وسلفر‪ ،‬مام أدى إىل‬ ‫إقصاء وايزمن عن رئاسة “املنظمة الصهيونية‬ ‫العاملية” بنتيجة “املؤمتر اليهودي العاملي” الذي‬ ‫عقد عام ‪ 1946‬حيث حل آبا هلل سلفر رسمياً‬ ‫محل ستيفن وايز يف رئاسة الفرع األمرييك‪.‬‬ ‫وهكذا انطلقت التحركات املنظمة للويب‬ ‫الصهيوين يف أمريكا‪ .‬ويف أواخر عام ‪1945‬‬ ‫احتلت الجامعات اليهودية التي يحركها‬ ‫اللويب الصهيوين ساحة (مديسون سكوير‬ ‫غاردن) احتجاجاً عىل السياسة الربيطانية يف‬ ‫فلسطني‪ .‬وخالل يوم واحد ُأرسل يف الربيد ‪250‬‬ ‫ألف بيان‪ ،‬وسارت مظاهرات يف ثالثني مدينة‬ ‫أمريكية‪ ،‬واستمرت حركة البيانات والرسائل عىل‬ ‫نطاق واسع‪ ،‬وانعكس ذلك عىل أجواء الكونغرس‬ ‫حيث ألقى ‪ 27‬عضواً فيه خطباً حول مسألة‬ ‫اليهود وفلسطني خالل يومني‪.‬‬

‫سيناريو استغالل األزمات لغايات‬ ‫انتخابية‬ ‫من هنا منذ قيام الدولة اإلرسائيلية مل يصعد‬ ‫إىل السلطة العليا يف الواليات املتحدة رئيس إال‬ ‫وكان أشد والء والتزاماً من سلفه نحو اليهود‬ ‫األمريكيني‪ ،‬وبالتايل نحو «إرسائيل»‪.‬‬ ‫فقبل موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي‬ ‫للكونغرس‪ ،‬عملت أمريكا عىل اخرتاع “سيناريو”‬ ‫جديد يدور حول طرود بريدية يشك يف حملها‬ ‫متفجرات يف املطارات األمريكية ما أثار الرعب‬ ‫يف أمريكا‪.‬‬ ‫ومخرج هذا السيناريو الرئيس األمرييك باراك‬ ‫ٌ‬ ‫أوباما‪ ،‬الذي أىت من وحي “القلق” من فقدان‬ ‫أصوات ناخبني مؤيدين لـ “إرسائيل” يف انتخابات‬ ‫التجديد النصفي للكونغرس املاضية والتي ُمني‬ ‫فيها حزبه “الدميقراطي” بخسارة كبرية‪ .‬والحل‬ ‫عند أوباما استاملة األصوات اليهودية‪.‬‬ ‫والهدف اآلخر للسيناريو الجديد “تعظيم‬ ‫الخطر” القادم من اليمن و”قاعدته” ألن املسؤولني‬

‫األمريكيني يسعون خالل يوم واحد اىل استغالل‬ ‫األزمة األمنية والتي يعتقد الكثري من الخرباء‬ ‫أنها أكرب وسيلة ميكن أن ترتك أثرها عىل الناس‬ ‫يف أمريكا ونسبت هذه القضية اىل تنظيم‬ ‫القاعدة يف اليمن‪ ،‬واستقدام القوات األمريكية‬ ‫اىل هذا البلد للتهيئة لحرب جديدة يف املنطقة‪،‬‬ ‫أو لتكرار “نسخة” وزير ستان الباكستانية يف‬ ‫اليمن‪ ،‬بحيث تقوم الطائرات األمريكية وبكامل‬ ‫الحرية يف قصف من تراه يهدد “األمن القومي‬ ‫األمرييك”‪.‬‬ ‫ويف هذا السياق شككت املنظامت املناهضة‬ ‫للحرب يف الواليات املتحدة يف نوايا إدارة أوباما‬ ‫من إثارة موجة الطرود املفخخة وعودة الحديث‬ ‫عن تنظيم القاعدة‪ ،‬محذرة من تدخل مبارش‬ ‫يف اليمن قد يفيض اىل حرب جديدة يف الرشق‬ ‫األوسط‪ .‬وتزامن هذا التصعيد مع تراجع شعبية‬ ‫أوباما قبل أيام من انتخابات التجديد النصفي‬ ‫للكونغرس‪.‬‬ ‫خطاب أوباما والذي جاء بعد أيام عىل خطابه‬ ‫األول الذي حدد موقف الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫من الثورات العربية يف ‪ 2011/5/19‬والذي ر ّكز‬ ‫فيه‪ ،‬بشكل أسايس‪ ،‬عىل املوقف األمرييك‬ ‫من الثورات واإلنتفاضات الشعبية يف املنطقة‬ ‫العربية الجارية منذ أواخر العام املايض‪ ،‬وع ّرج‬ ‫فيه بشكل مقتضب عىل موضوع الرصاع‬ ‫الفلسطيني والعريب‪ -‬اإلرسائييل‪ ،‬كان موجهاً‬ ‫بدرجة رئيسية‪ ،‬من جهة‪ ،‬اىل الرأي العام الداخيل‬ ‫األمرييك وأصحاب املصالح اإلقتصادية الكربى‬ ‫يف البلد‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬اىل األنظمة‪ ،‬الجديدة‬ ‫والقدمية‪ ،‬يف املنطقة العربية والرشق أوسطية‪،‬‬ ‫والرأي العام فيها‪ ،‬وأخرياً اىل رأي عام عاملي أوسع‪،‬‬ ‫يتعاطف اىل حد كبري مع هذه اإلنتفاضات‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫فمن الجهة األوىل‪ ،‬بات الرئيس األمرييك يف‬ ‫اآلونة األخرية يترصف‪ ،‬بشكل رئييس‪ ،‬كمرشح‬ ‫النتخابات تجديد واليته الرئاسية‪ ،‬وهو اإلستحقاق‬ ‫املفرتض حلوله يف الشهر ما قبل األخري من‬

‫‪55‬‬

‫العام القادم‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فكل ما يقوله أوباما‬ ‫تقريباً‪ ،‬وببالغته الخطابية املشهود له بها‪ ،‬ومبعزل‬ ‫عن هوية وكفاءة الشخص الذي يح ّرر خطاباته‪،‬‬ ‫وعن املناسبات واملنابر التي يتحدث فيها‪ ،‬كل ما‬ ‫محكوم‪ ،‬اىل حد كبري‪،‬‬ ‫يقوله الرئيس األمرييك‬ ‫ٌ‬ ‫بهذا اإلعتبار‪ ،‬أي بتعزيز فرص إعادة انتخابه رئيساً‬ ‫يف أواخر العام ‪ ،2012‬هذا الخطاب الذي جاء مبثابة‬ ‫إعالن انطالق الحملة االنتخابية للرئيس أوباما‬ ‫لدورة رئاسية ثانية‪ ،‬حقق يف بدايتها انتصاراً‬ ‫عسكرياً واستخباراتياً متميزاً متثل باغتيال زعيم‬ ‫تنظيم القاعدة أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫وبانتظار رد رئيس الوزراء اإلرسائييل بنيامني‬ ‫نتنياهو عىل مواقف الرئيس أوباما‪ ،‬فإن الحراك‬ ‫الفلسطيني بعد املصالحة التاريخية واحتفاالت‬ ‫ذكرى النكبة أصبحت أكرث تصمي ًام عىل طلب‬ ‫اعرتاف املجتمع الدويل بفلسطني كدولة عضو‬ ‫يف األمم املتحدة يف شهر أيلول املقبل‪ ،‬وخيار‬ ‫الذهاب إىل األمم املتحدة كان قبل مبادرة أوباما‪،‬‬ ‫الخيار الفلسطيني االسرتاتيجي مل يتغري‪،‬‬ ‫لقد عطلت “إرسائيل” املبادرات السلمية كافة‬ ‫بإرصارها عىل بناء املستوطنات واستمرارها يف‬ ‫قضم األرايض‪ ،‬و”إرسائيل” اليوم تواصل تحديها‬ ‫إلرادة املجتمع الدويل‪ ،‬وتتنكر لقواعد القانون‬ ‫الدويل ولقرارات الرشعية الدولية‪ ،‬وتواصل العمل‬ ‫عىل تهويد األرض الفلسطينية وتفريغها من‬ ‫سكانها األصليني‪ ،‬وتغرق القدس باملستوطنات‬ ‫واملستوطنني‪.‬‬ ‫وبانتظار موعد عقد الجمعية العامة يف أيلول‬ ‫املقبل‪ ،‬عىل الفلسطينيني إنجاز استحقاقاتهم‬ ‫الوطنية التي تم إقرارها يف اتفاق املصالحة يف‬ ‫القاهرة‪ ،‬من حكومة وحدة وطنية اىل قانون‬ ‫االنتخابات الترشيعية والرئاسية اىل الرتتيبات‬ ‫األمنية وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫وعىل الفلسطينيني الوعي التام ملخاطر‬ ‫تلك املرحلة االنتظارية‪ ،‬وما تحمله من تحديات‬ ‫إقليمية وعربية‪ ،‬ومن أزمة إرسائيلية داخلية قد‬ ‫يتطلب الخروج منها افتعال أزمات أخرى‪ ،‬إلبعاد‬ ‫الفلسطينيني عن خيارهم الوحدوي عىل أسس‬ ‫وثوابت وطنية ال ُيفرط بها وال يتنازل عنها‪،‬‬ ‫وتأكيد نهج املقاومة بكافة أشكاله لتحرير‬ ‫األرض وعودة الحقوق‪.‬‬ ‫وما من شك أن العامل العريب ومنطقة‬ ‫الرشق األوسط بشكل خاص‪ ،‬أمام خارطة‬ ‫سياسية جديدة مختلفة جذرياً عن واقعها‬ ‫الحايل‪ ،‬فالثورات التي اندلعت بدءا من تونس‬ ‫ومرص‪ ،‬دفعت بالواليات املتحدة األمريكية‬ ‫والدول املتحالفة معها اىل التدخل عىل أساس‬ ‫استيعاب ما حصل ومحاولة استبدال السلطة‬ ‫للمحافطة عىل النظام‪ ،‬أو مبعنى آخر تغيري‬ ‫املجموعة الحاكمة واستبدالها بأخرى تحافظ عىل‬ ‫التوجهات السياسية واالقتصادية التي تحمي‬ ‫املصالح الحيوية للواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب دويل‬ ‫لكن األهم ما تتناقله مراكز الدراسات‬ ‫األمريكية التي هي عىل ارتباط وثيق بوزاريت‬ ‫الخارجية والدفاع‪ ،‬ذلك أنها تبدي قلقها من عدم‬ ‫وجود خطة واضحة للمرحلة الالحقة‪ ،‬سوى‬ ‫مامرسة املزيد من الضغوط عىل سوريا وإيران‬ ‫واملقاومة يف لبنان وفلسطني من خالل إثارة‬ ‫املشاكل والفنت يف املنطقة ومحاوالت خلط‬ ‫األوراق كسباً للوقت ودع ًام للكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫وهذا يعني من دون أدىن شك أن عىل الرئيس‬ ‫األمرييك الطامح اىل التجديد والذي يعيش‬ ‫حزبه وضعاً يف بالغ الصعوبة عىل الصعيد‬ ‫الشعبي بسبب األزمات االقتصادية املتالحقة‪ ،‬أن‬ ‫يقدم شيئاً أساسياً لـ “إرسائيل” يساعده عىل‬ ‫استاملة اللويب اليهودي الفاعل يف الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬إذ من املعروف أن حوايل ‪80‬‬ ‫‪ %‬من أصوات هؤالء األمريكيني اليهود ذهبت يف‬ ‫انتخابات العام ‪ 2008‬لصالح أوباما‪ ،‬بالرغم من‬ ‫كل ما أشيع عنه أثناء الحملة اإلنتخابية من‬ ‫صداقات سابقة مع بعض األوساط الفلسطينية‬ ‫والعربية يف الواليات املتحدة‪ ،‬وما هو معروف من‬ ‫كون والده من أصل إفريقي مسلم‪ .‬وكسيايس‬ ‫يتقن املهنة ودهاليزها‪ ،‬قام أوباما‪ ،‬عشية‬ ‫اإلنتخابات الرئاسية السابقة‪ ،‬بكل ما يجب‬ ‫من إعالنات تأييد وانحياز لـ “إرسائيل” وملطالب‬ ‫حكوماتها ليك يضمن عدم نزوح أصوات أنصار‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬من اليهود أو غري اليهود‪ ،‬اىل خصمه‬ ‫الجمهوري‪ ،‬املعروف بشدة منارصته لـ “إرسائيل”‬ ‫وعدائه للعرب وقضاياهم‪.‬‬ ‫وأوباما يك ّرر اآلن املسلك ذاته‪ .‬حيث بات من‬ ‫الواضح أنه لن يقوم بأي عمل‪ ،‬من اآلن وحتى‬ ‫انتخابات العام القادم‪ ،‬ميكن أن يعترب مزعجاً‬ ‫ألنصار “إرسائيل”‪ ،‬أو حتى يبدو فيه أي ابتعاد‪،‬‬ ‫ولو كان محدوداً‪ ،‬عن مواقف التأييد املطلق‬ ‫لـ “إرسائيل” املتبعة من قبل كافة اإلدارات‬ ‫األمريكية السابقة منذ العام ‪ .1948‬وهو ما‬ ‫ميكن أن يفسرّ استخدامه إلجراء النقض (فيتو)‬ ‫يف مجلس األمن الدويل لتعطيل أي قرار يدين أو‬ ‫ينتقد “إرسائيل”‪ ،‬حتى ولو ص ّوت كافة األعضاء‬ ‫اآلخرين الـ ‪ 14‬يف املجلس لصالح القرار‪ ،‬كام‬ ‫جرى مؤخراً‪ ،‬ويف العديد من املرات السابقة‪.‬‬ ‫كام يفسرّ دعوته يف خطابه إياه للمسؤولني‬ ‫الفلسطينيني بعدم اإلقدام عىل طرح فكرة‬ ‫دخول فلسطني عضواً كام ًال يف الجمعية العامة‬ ‫لألمم املتحدة يف الخريف القادم‪.‬‬

‫أوباما املنحاز لـ «إرسائيل»‬ ‫وليزيد األمر وضوحاً‪ ،‬قام‬ ‫الالحق أمام مؤمتر اللويب‬ ‫املوايل لـ «إرسائيل»‪« ،‬إيباك»‪،‬‬ ‫بإعادة التذكري بكل مواقفه‬ ‫املنارصة واملؤيدة للسياسات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أوباما يف خطابه‬ ‫األمرييك الرئييس‬ ‫يوم ‪،2011/5/22‬‬ ‫وخطواته األخرية‬ ‫اإلرسائيلية‪ ،‬ونفى‬

‫شعر‬

‫بأن يكون قد طالب يف خطاب ‪ 5/19‬بعودة‬ ‫إرسائيل اىل حدود ‪ ،1967/6/4‬وهو ما كان قد أثار‬ ‫بعض اإلنزعاج لدى رئيس الحكومة اإلرسائيلية‬ ‫بنيامني نتنياهو وأوساط إرسائيلية أخرى‪ .‬حيث‬ ‫حرص أوباما يف خطابه الجديد أن يذ ّكر بإشارته‬ ‫يف الخطاب السابق اىل كون الحدود املفرتضة بني‬ ‫دولة «إرسائيل» والدولة الفلسطينية املوعودة‬ ‫تتضمن إمكانية «تبادل األرايض» بصيغة متفق‬ ‫عليها بني طريف النزاع يف إطار الحل‪ ،‬ومفرساً‬ ‫ذلك بأنه يتيح لـ «إرسائيل» إجراء تعديالت‬ ‫مهمة عىل الحدود تخدم مصالحها األمنية وإبقاء‬ ‫املستوطنات الرئيسية تحت سيطرتها‪.‬‬ ‫وهنا يترصف أوباما أيضاً كسيايس يف موقع‬ ‫املسؤولية األوىل يف الواليات املتحدة وكمرشح‬ ‫لإلنتخابات‪ ،‬يحتاج‪ ،‬باإلضافة اىل دعم أنصار‬ ‫“إرسائيل” الكرث يف الواليات املتحدة‪ ،‬من يهود‬ ‫ومسيحيني صهاينة‪ ،‬أو جمهور واسع متأثر‬ ‫بوسائل اإلعالم الكربى املنارصة تقليدياً لـ‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬اىل دعم أرباب املال والرشكات الكربى‬ ‫يف البلد‪ ،‬وهي التي تلعب دوراً كبرياً يف العمليات‬ ‫اإلنتخابية هناك‪ ،‬سواء من خالل املال الذي‬ ‫تقدمه‪ ،‬أو تحجبه‪ ،‬عن املرشحني لإلنتخابات‪ ،‬أو‬ ‫من خالل سيطرتها عىل وسائل اإلعالم والدعاية‬ ‫الرئيسية املؤثرة يف البلد‪.‬‬ ‫واىل جانب كل هؤالء‪ ،‬كان ال بد من بعض اإلرضاء‬ ‫(ولو لفظياً) للجمهور األمرييك العادي‪ ،‬الذي‬ ‫يطيب له سامع الكالم عن “القيم األمريكية”‪،‬‬ ‫واملقصود عاد ًة قيم الحرية والدميقراطية وحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والتي هي يف قاموس املسؤولني‬ ‫األمريكيني‪ ،‬يف واقع الحال‪ ،‬مجرد كلامت‬ ‫لإلستهالك وللتغطية عىل حقيقة آليات عمل‬ ‫القائم‬ ‫النظام‬ ‫األمرييك‪،‬‬ ‫السيايس‬ ‫النظام‬ ‫أساساً عىل خدمة مصالح كبار األثرياء وأصحاب‬ ‫النفوذ واملال والرشكات الكربى‪ .‬فهم الناخبون‬ ‫الكبار الفعليون يف البلد‪ ،‬وهم أولياء النعمة‬ ‫بالنسبة لكل املرشحني‪ ،‬أو لغالبيتهم الساحقة‪،‬‬ ‫ملواقع املسؤولية السياسية والترشيعية‪ ،‬يف‬ ‫ظل نظام التمويل اإلنتخايب املتبع يف الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وهنا ينبغي أال ننىس أن معظم األنظمة‬ ‫اإلستبدادية والفاسدة يف منطقتنا العربية‪،‬‬ ‫ويف مناطق أخرى من العامل‪ ،‬بقيت لفرتة‬ ‫طويلة تلقى دع ًام واسعاً وتغطية غري محدودة‬

‫‪56‬‬

‫من اإلدارات األمريكية املتعاقبة‪ ،‬الدميقراطية‬ ‫والجمهورية عىل حد سواء‪ ،‬وكذلك دعم حلفائها‬ ‫األوروبيني‪ ،‬طاملا ترصفت هذه األنظمة مبا يخدم‬ ‫ويتوافق مع املصالح االسرتاتيجية واالقتصادية‬ ‫للواليات املتحدة‪ ،‬والدول الرأساملية الغربية‬ ‫عموماً‪ ،‬خاصة يف ما يتعلق بالنفط‪ ،‬وكذلك‬ ‫باملوقف من “إرسائيل” كحليف وركيزة محلية‬ ‫أوىل لحامية هذه املصالح يف املنطقة‪.‬‬ ‫أوباما الطامح إلعادة تجديد واليته حريص‬ ‫عىل تأكيد دوره‪ ،‬يف قمة السلطة السياسية‬ ‫األمريكية‪ ،‬يف خدمة الحكام الفعليني للبلد‪،‬‬ ‫أرباب املال وأصحاب اإلحتكارات والرشكات‬ ‫األمريكية الكربى‪ ،‬التي يهمها متاماً أال تخرج‬ ‫املنطقة العربية‪ ،‬منطقة النفط الرئيسية يف‬ ‫العامل وإحدى مناطق الغاز الطبيعي الهامة‪ ،‬من‬ ‫نطاق نفوذ هذه اإلحتكارات والرشكات‪ ،‬وسيطرة‬ ‫الدولة أو الدول التي تعرب عن مصالحها‪.‬‬ ‫فأوباما يعتزم ترشيح نفسه لوالية جديدة‬ ‫يف العام القادم‪ ،‬وبالنظر إىل أهمية دور اللويب‬ ‫اليهودي يف تحديد نتائج الفوز والخسارة يف‬ ‫هذه االنتخابات بحكم تأثريه البالغ يف الدوائر‬ ‫االنتخابية وعىل أعضاء املجالس الترشيعية‬ ‫املؤثرة بدورها عىل مجرى العملية االنتخابية‪،‬‬ ‫كان خطاب أوباما أمام “اإليباك” مبنزلة الرشوة‬ ‫للويب اليهودي مقابل تصويته ألوباما يف وجه‬ ‫أي مرشح جمهوري وتكريس ضغوطه وتأثرياته‬ ‫عىل دوائر الناخبني يف كل الواليات يك تصوت‬ ‫ألوباما نظري ما قدمه لـ “إرسائيل” من رؤية‬ ‫للتسوية تقوم عىل حساب الفلسطينيني‬ ‫ووحدتهم الوطنية وحقهم التاريخي بالعودة‬ ‫والضغط عليهم ليك يقبلوا بها‪ ،‬وتعد بدعم ال‬ ‫محدود لـ “إرسائيل” يجمع بني االلتزام القاطع‬ ‫بأمنها املزعوم وحقها بالوجود وحاميتها من أي‬ ‫عزلة دولية قد تتعرض إليها وبني ضامن تفوقها‬ ‫العسكري النوعي عىل العرب ودول املنطقة‬ ‫مجتمعة بالرغم مام متلكه من أسلحة التهديد‬ ‫االسرتاتيجي ليس لألمن العريب واإلقليمي‬ ‫فقط‪ ،‬وإمنا أيضاً لألمن الدويل برمته‪ ،‬ونقصد‬ ‫بذلك السالح النووي الذي تنفرد بامتالكه دون‬ ‫سائر دول الرشق األوسط‪.‬‏‬ ‫بهذه املقايضة الفاضحة قد يستطيع أوباما‬ ‫كسب الصوت اليهودي إىل جانبه‪ ،‬لكن النتائج‬ ‫الخطرية لها والتي ال يحسبها بدقة هي أن‬ ‫صورته وصورة بالده وسياسته ستزداد كراهية‬ ‫من جانب الشعب العريب‪ ،‬وسيظهرعىل أنه‬ ‫يقدم الوعود املعسولة للعرب بعالقات متوازنة‬ ‫مع بالده وبسالم ودولة فلسطينية عىل حدود ‪،67‬‬ ‫ثم رسعان ما ينقلب عليها ملجرد تكتيك انتخايب‬ ‫رخيص أو ضغط من “إرسائيل” ولوبيها وداعميها‪،‬‬ ‫ناسياً أن حقوق الشعوب ال تباع وال تشرتى يف‬ ‫بازار االنتخابات ومقايضاته الرخيصة‪.‬‏‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬

‫ْ‬ ‫قــل لــي‬

‫قـل لــي إذا َّ‬ ‫ْ‬ ‫الجـنـ ُـ ُ‬ ‫ون بـأمــ ٍة‬ ‫حــل ُ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوجـــدان‬ ‫ــب‬ ‫والعـقـل ضــاع وغ ُـ ِّي َ‬

‫ُ‬ ‫الـثــروات ِمـنْ أمصارنا‬ ‫ـب‬ ‫ولِت ُـنهـَ َ‬

‫وت ُـجـَــــزَّأ األقــطــــا ُر واألوطـــــان‬

‫َّ‬ ‫واختـل يف اإلنصاف ُح ُ‬ ‫كم عـدالــة ٍ‬

‫والقــوس َّ‬ ‫ضـل وعُـطــِ َل املِيـــزان‬ ‫ُ‬

‫ـذهـب‬ ‫هي ل ُـعـبـة ُ التفريق‪،‬ل ُـعـبـ ُة َم ٍ‬

‫ويركــب َر ْحـلـَهـــا ِصبيـان‬ ‫يـمــيش‬ ‫ُ‬

‫واضـــح‬ ‫إســـال ُمنـا يــا قــو ُم ديـنٌ‬ ‫ٌ‬

‫إســــم واحــــدٌ ‪ ،‬عُن ْـــوان‬ ‫واإلســم‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫كـأنهـم‬ ‫والناس فـي بح ْــر ال ُوج ُـود‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫ســَـ َم ٌـك ت ُـصــادر رزقـَهــا ِحيـتــان‬

‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫أعــراف أمـتـنـــا التــي‬ ‫وتهالكـت‬

‫بأمـس بالـ ِدمـــاء ت ُـصــــان‬ ‫كــانــت ٍ‬

‫مــذهــب‬ ‫لـم ُيــدل ِأحم ُد بالحـديث لِ‬ ‫ٍ‬

‫ـس ســـــاد ٍة أعْــفـــَان‬ ‫ونـَمــَ ْت بـأن ْـف ُـ ِ‬

‫ُ‬ ‫غــايـات ديـــن الله َب ْســـط ُمـَحب َّـــ ٍة‬

‫وتــرن َّـ ْ‬ ‫ــم الحيــاة مبعـشـَـ ٍر‬ ‫حـت ِقـ َي ُ‬ ‫والقلب يـَـذوي ِمنْ َمـواجـِع ِعـلــ ٍة‬ ‫ُ‬ ‫فالحـقـــ ُد تـَن ْـف ُـث ُـ ُه الصـدو ُر كــأنـه‬ ‫وال ُكــ ْرهُ أف ْــ َر َخ بالقلــوب عـــدواة ً‬

‫وتـَـــزيــــد ِمــــنْ ورم ٍ بــــه أدران‬

‫للخري ُيــدعـى ‪،‬للـوفــاق ‪ ،‬إللـفــ ٍة‬ ‫لـِيـَ َ‬ ‫وحـد ٌة‬ ‫كـون يف َد ْر ِء املَخـَ ِاطر ْ‬

‫ُحــ َم ٌـم ُيـطـ ِّيـ ُر َجـ ْمـــ َرهـــا ُبــركــان‬ ‫َيـنـأى الـصـديــقُ و َي ْبـ ُعــ ُد الخ ُــــالن‬

‫َ‬ ‫ــم قــــرآن‬ ‫وكـــــذاك جـــاء بـِ ُم ْحـ َك ٍ‬ ‫وه ُـــدًى ُيجــــدِّد َن ْشـــ َرهـا أعْـــوان‬ ‫ــرفــع ‪،‬لـلن ُـهــَى إعـــالن‬ ‫للحـــق ُي ُ‬ ‫ـــب الث َّــ َرى إخــوان‬ ‫ويـَـذو ُد يف ُح ِّ‬

‫إميــا ُنـنــا بالـدين ليــس شــعائــراً‬

‫ـس َي ْرتيض الـ َد َّيـــان‬ ‫َبصــالة خم ْـ ٍ‬

‫أو ْأن ُيـــزَك ّـى ُ‬ ‫بعـض ِر ْزقٍ ُجـلـ ُّـه‬

‫ٌ‬ ‫مـــال َحــــرا ٌم‪َ ،‬وف ْـــــ ُره ن ُـقـصــان‬

‫الكــريم لدى اللــئـيـم ُمـحـَـك َّـ ٌم‬ ‫فـإذا‬ ‫ُ‬

‫الشــــقي ُمـــــدان‬ ‫الــوفــي لدى‬ ‫وإذا‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫أو ْأن َن ُصـو َم ِمنَ الشهور كـرميَها‬

‫و َي ُح ُّ‬ ‫ــل يف شـَــ َر ٍف لـنـا َر َمضـان‬

‫يـف ُمسـ َّيـ ٌر‬ ‫وإذا البصـ ُري لدى الكـفـِ ِ‬

‫وإذا الكـبيــ ُر لدى الصغــ ِري م ُــهــــان‬

‫الصيا َم ت َعـ ُّفـفــــاً‬ ‫وكـال ُمـنــا يأبـى ِّ‬

‫ُ‬ ‫الجمـيـل فلـيـس ِمنْ أثــ ٍر لـــه‬ ‫أمـا‬

‫عـنـــد الـبخـيــــل‪ ،‬وردُّه الـن ُـكــــران‬

‫ملبـس‬ ‫أو ْأن ُيــراعى بالظ َّـواهــر ٌ‬

‫بعـض يظ ُـنُّ تــَـ َوهُّ ــمــاً‬ ‫ولـَ ُربمَّ ـــا ٌ‬

‫َّأن الكـــرامــة بـِالـــ َو َرى عُـم ْــــران‬

‫إميـان ُـنـا قـبــل الـث ِّـيــاب نــزاهـــة ٌ‬

‫واملـا َل أن َّـى كــان مصد ُر جـمعـِه‬

‫مـجـــدٌ ي ُـعــــز ُز قـيمـــة ً و ِكــيـــــان‬

‫وتبـد ْ‬ ‫َّلـت بالخ ُـل ْـ ِق ِمنْ ِســ ْيماَ ئـهـــا‬

‫الـحـيــا ِء وخـف َّـــت األوزان‬ ‫شــِــ َي ُـم َ‬

‫مبوقف‬ ‫بالصفاء‪ٍ ،‬‬ ‫قلــب‪َّ ،‬‬ ‫بـِ ُخـشوع ٍ‬

‫قـل لـي إذا َّ‬ ‫ْ‬ ‫حــل الـبــال ُء بـمـ ْو ِط ٍن‬

‫وتـَ َحـك َّـمــَ ْ‬ ‫ــت بـِـقــــراره األك ْــــوان‬

‫اإلنسـان إنـ َّــك ٌ‬ ‫ُ‬ ‫زائـــل‬ ‫يـا أيـهــــا‬

‫واستحضرَ تْ َ‬ ‫بعض الصغار دوائ ٌر‬ ‫ْ‬

‫واسـتثمـ َرتْ َ‬ ‫بعـض الـقـِـوى بـلــــدان‬

‫أولسـت ت ُـ ُ‬ ‫درك َّأن عُـم ْـ َر َك ٌ‬ ‫َ‬ ‫راحل‬

‫كت َ‬ ‫ومتلـ َّـ ْ‬ ‫بعض الـنفوس غــرائــ ٌز‬ ‫ُ‬ ‫وغـدا‬ ‫الحديث عـن املذاهب ِمتعـة ً‬ ‫ولـِ ِفـت ْـنـ ٍة َحـ ْمـقـــا َء ُجـن ِّـــ َد ِفـتـيـــة ٌ‬ ‫لـِ ُيمــَ َ‬ ‫ُ‬ ‫التـفـتـيـت يف أجســـادنـا‬ ‫زق‬

‫حـتـى ْاســتـَ َبـ َّد بشـخ ْـ ِصهـا الش َّـ ْيطـان‬

‫َّ‬ ‫وبــأن رب َّــك ال ُيـنـَـزِّل رحـمــــة ً‬

‫ــم والكـــــال ُم بــيــــان‬ ‫نـغـَمــاً ُيــ َرن َّـ ُ‬

‫الفواح ِش آي ٌة‬ ‫كــم ذا نـَـهَت ْـ َـك عــن ِ‬

‫مــألتْ‬ ‫قـلــوب صدورهـم أضـغــان‬ ‫َ‬

‫ـيــس بـِجـِ ٍـن ُمــف ْـتـِ ٍـن‬ ‫مـا كــان إ ْبـ ِل ٌ‬

‫بالــــزُّور ُيطلـَـقُ لِـلســـان ِعـنـــان‬ ‫والنفــس َخـض َّـب ثوبهــا الـ ُبهْـتــان‬ ‫ُ‬ ‫روح َيـ ْبـتــَـدى الـب ُـن ْـيــان‬ ‫بجـمـــال ٍ‬ ‫بـِنـَقــاء فـِك ْـــ ٍر تـَ ْسـتـوي األركـــان‬ ‫أولسـت تـَ ْع ِص ُـم مــا ُ‬ ‫َ‬ ‫يقـول لِســـان؟‬ ‫َّ‬ ‫وبــأن َع ْيشـَ َـك فـي الـحــيــاة أوان‬ ‫للـظ َّــالـمـ َني ومـــا لـَهُـــ ْم غ ُــفـــران‬ ‫ما َ‬ ‫كـنـت تـَع ْـ ِق ُـل‪،‬مـا غـَ َوت ْـ َـك جـِنان‬ ‫لــو لـم يكــنْ فـي قلـبـــه إنســــان‬

‫غازي مراد‬

‫عـِ َ‬ ‫ــرق الوصـــال و ُيقطــ َع الشـ ِّـ ْريان‬

‫‪57‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب فني‬

‫تحول من التمثيل إلى الدبلجة بعدما وصلت إليه حالة الفن اللبناني‬ ‫ّ‬ ‫الفنان عفيف شيا‪ :‬أخجل بتكلم اللغة العربية مع هذا الخبث العربي‬ ‫منذ أكرث من خمسني سنة كانت‬ ‫البداية‪ ،‬من إبن القرية الجبلية‪ ،‬إىل مطرب‬ ‫وممثل يف األفالم واملسلسالت اللبنانية‪،‬‬ ‫واللبنانية – العربية املشرتكة‪ ،‬حتى وصل‬ ‫به الحال اليوم‪ ،‬للتح ّول من التمثيل إىل‬ ‫الدوبالج‪ ،‬ومن بعدها يف الفرتة املقبلة إىل‬ ‫افتتاح ميني ماركت يف بلدته صوفر‪ ،‬لتأمني‬ ‫احتياجات عائلته‪ ،‬فالفن كام قال ال ُيغني‬ ‫َمن فقر‪ ،‬وال يؤمن الخبز اليومي‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وهو يف الخامسة والستني من‬ ‫عمره‪ ،‬يستكمل درباً بدأه بصعوبة وحت ًام‬ ‫سيكون كذلك مع ما يالقيه الفنان اللبناين‬ ‫من ال مباالة رسمية بوضعه وهمومه‪ ،‬وبس ُبل‬ ‫تطوير اإلنتاج املحيل لنقل العادات والتقاليد‬ ‫اللبنانية إىل كافة شعوب العامل‪.‬‬ ‫هو الفنان عفيف ش ّيا‪ ،‬الذي غنّى‬ ‫لـ”األمرية”‪ ،‬فكان أمرياً بالكلمة والحركة‬ ‫والصوت‪ ،‬ليبقى مع كل العقبات الفنية‪،‬‬ ‫مثابراً ومتألقاً باستمرار‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد”‪ ،‬التقت املمثل واملطرب‬ ‫واملنتج الفنان عفيف شيا‪ ،‬عضو نقابة‬ ‫املمثلني اللبنانيني‪ ،‬للحديث عن مسرية‬ ‫ناجحة بجه ٍد كبري‪ ،‬مع ما تناولناه من‬ ‫حديث عن الفيلم الذي ُم ِنع من العرض‬ ‫نص الحوار‪:‬‬ ‫“الهولوكست”‪ ،‬وهنا ّ‬

‫ماذا عن بدايات عفيف شيا؟‬ ‫بدايات الفنان اللبناين ككل كانت صعبة‬ ‫جداً‪ ،‬حتى ّأن العمالق وديع الصايف ومع خامته‬ ‫الصوتية العريقة‪ ،‬فشل ثالث مرات يف امتحان‬ ‫اإلذاعة اللبنانية‪ ،‬إذ كانت تتم بصعوبة كبرية‬ ‫لقبولنا ضمنها‪ .‬كانت بدايايت ككل ها ٍو للفن‪،‬‬ ‫من خالل املدرسة خاصة مع ح ّبي للتمثيل وإلقاء‬ ‫الشعر وكان ذلك حوايل العام ‪ ،1960‬عل ًام ّأن أخي‬ ‫َ‬ ‫عارض‬ ‫كان أيضاً فناناً وهو توفيق شيا‪ ،‬مع أنه‬ ‫أرصيت عىل‬ ‫فكرة دخويل عامل الفن ومع ذلك‬ ‫ّ‬ ‫الغناء وحضور فريد األطرش وعبد الحليم حافظ‪،‬‬ ‫وكان هرويب من املنزل للدخول يف طريق الفن‪ ،‬مع‬ ‫ُ‬ ‫ودخلت يف معهد موسيقي‬ ‫هم وحيد هو الغناء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف حوايل العام ‪ .1967‬بعدها‪ ،‬قد ُ‬ ‫ّمت األغنية‬ ‫األوىل بعنوان “غصن الزيتون” للجيش اللبناين يف‬ ‫العام ‪ ،1967‬من كلامت الشاعر سمري صعب‪ ،‬إىل‬ ‫حني لقايئ بالكاتبة واملخرجة جونفييف عطالله‬ ‫حيث كانت البداية الحقيقية‪ ،‬عرب مهرجانات أرز‬ ‫الباروك – الشوف يف العام ‪ ،1970‬ومن ثم اغنية‬ ‫“بلحظة ف ّلوا” مع فريال كريم‪ ،‬وبعدها فيلم “أمواج”‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ملصطفى حامد‪ ،‬مع ناديا الجندي‪ ،‬وشمس البارودي‬ ‫وسمري شمص وفريال كريم‪ ،‬وك ّرت السبحة مع‬ ‫عدة مهرجانات‪ ،‬إىل حني مشاركتي يف العام‬ ‫‪ 1982‬يف فيلم “سامحني حبيبي”‪ ،‬من إخراج‬ ‫تيسري ع ّبود‪ ،‬وسيناريو جونفييف عطالله‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬جاءت أغنية “األمرية”‪ ،‬والتي أدّيتها يف‬ ‫مسلسل مع املمثلة سناء حامد‪ .‬مسرييت مكللة‬ ‫بأكرث من ‪ 60‬مسلسل‪ ،‬كان آخرها “زمن األوغاد”‪،‬‬ ‫والذي يتحدث عن العدو اإلرسائييل‪ ،‬و”رجل من‬ ‫املايض”‪ ،‬و”الطريق املسدود” وهو من إنتاج إيراين‪،‬‬ ‫إضافة ملا أنجزناه مؤخراً من إنتاج لبناين لـ”إييل‬ ‫معلوف”‪ ،‬بعنوان “الحب القديم” سيتم عرضه يف‬ ‫شهر رمضان‪.‬‬ ‫ماذا عن فيلم “الهولوكست” الذي منعت‬ ‫السفارة األمريكية والسفارات األوروبية عرضه؟‬ ‫توجهت السفارة األمريكية‬ ‫هو من إنتاج إيراين‪ّ ،‬‬ ‫والسفارات األوروبية برسائل للدول لعربية مبنع‬ ‫عرض أي فيلم ضد “إرسائيل”‪ ،‬وكان هذا الفيلم‬ ‫بني األفالم املمنوع عرضها‪ ،‬لذلك ُم ِنع من ِق َبل‬ ‫األمن العام يف لبنان‪ ،‬عل ًام أنه عُ ِرض يف إيران‬ ‫وضواحيها‪.‬‬ ‫وعن هموم الفنان اللبناين‪ ،‬قال ش ّيا‪“ :‬الفن‬ ‫ال ُيغني من فقر‪ ،‬ولذلك تح ّو ُ‬ ‫لت إىل العمل يف‬ ‫الدوبالج‪ .‬ال يوجد أي بلد أجمل من لبنان لجهة‬ ‫املناخ واملياه والهواء‪ ،‬أما اللبناين فال صالحية له‪،‬‬ ‫كلنا عمالء‪ ،‬فكل فرد منا يرتدي زيّ دولة أخرى‪،‬‬

‫‪58‬‬

‫إن للسعودية أو إيران أو سوريا أو مرص أو غريها‪،‬‬ ‫والعدد األكرب عمالء لـ”إرسائيل”‪ .‬أعترب أنني ال‬ ‫أنتمي ألي زعيم إال لـ”جامل عبد النارص وكامل‬ ‫جنبالط”‪ ،‬فعبد النارص اغتيل وهو يعتقد أنه‬ ‫سيتمكن من إستعادة الكرامة العربية”‪.‬‬ ‫وعن أعامله‪ ،‬قال شياّ‪“ :‬أما اليوم وبعد سنة‬ ‫ونصف تقريباً‪ ،‬سأستلم رئاسة البلدية مناصفة‬ ‫بعد الرئيس الحايل الدكتور يوسف شيا‪ ،‬ألقوم‬ ‫بواجبي البلدي كام أحلم‪ .‬أعتقد ّأن لبنان أصبح‬ ‫بلد الشياطني‪ ،‬وقد غن ُ‬ ‫ّيت سابقاً لعبد النارص‬ ‫وللمقاومة الفلسطينية واللبنانية‪ ،‬أما اليوم‪،‬‬ ‫ومع ما نراه من خبث عريب‪ ،‬فآسف أن أصبح‬ ‫خجوالً بالقول أنني أتكلم اللغة العربية‪ .‬أميل‬ ‫الوحيد هو باملقاومة‪ ،‬والتي لوال اسرتجاعها‬ ‫قيمة الشعب العريب كثقافة ودم‪ ،‬ملا استُعيدَت‬ ‫الكرامة العربية‪ ،‬التي حلم بها عبد النارص الذي‬ ‫مل يرسق أموال شعبه‪ ،‬ومل ينهب ثروات أ ّمته‪،‬‬ ‫كام يفعل السياس ّيون اليوم يف لبنان‪ ،‬وكام‬ ‫يفعل الحكام العرب يف كل الدول‪ .‬ليس هناك من‬ ‫شخص يعمل بضمري لوطنه أكرث من سامحة‬ ‫السيد حسن نرص الله الذي غيرّ معادلة املنطقة‪،‬‬ ‫وفرض باملجاهدين املؤمنني معه‪ ،‬توازن الرعب مع‬ ‫العدو األساس “إرسائيل”‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬

‫مات وحلمه إنشاء دار لألوبرا في لبنان‬ ‫بعد أن حكم الكونسرفاتوار ‪ 20‬عاماً وأنشأ ‪ 3‬أوركسترات‬ ‫وليد غلمية جعل من الموسيقى حياة ومن بيروت حاضرة موسيقية‬ ‫رحل وليد غلمية بعد أن نرث فروع‬ ‫املعهد املوسيقي الوطني يف كل مناطق‬ ‫لبنان‪ ،‬انطالقاً من مبدأ حق الجميع بتعلم‬ ‫املوسيقى‪ ،‬واألهم أنه بعد الحرب األهلية‬ ‫راح يعمم فكرة تقول بأن يحمل الشباب‬ ‫اللبناين الكامن والناي بدل البندقية‪.‬‬ ‫الدكتور وليد غلمية غاب مؤخراً عن‬ ‫الساحة املوسيقية وعن قيادة األوركسرتا‬ ‫الوطنية الفلهارمونية يف برامجها الدورية‪،‬‬ ‫وكذلك غاب عن األوركسرتا العربية‬ ‫الرشقية‪ ،‬فظننا أنه يف راحة‪ ،‬إىل أن كان‬ ‫خرب رحيله املفاجئ بعد رصاع مع املرض‪.‬‬ ‫صنع الكثري من املوسيقى يف حياته‬ ‫فغنى له الكثريون من املطربني خصوصاً‬ ‫فدوى عبيد (للحلوة احالال) وجوزيف عازار‬ ‫وغريهام يف مهرجان بعلبك‪ ،‬جبيل‪ ،‬األرز‬ ‫ونهر الوفا‪ ،‬وصوالً اىل مرسح فينيسيا الذي‬ ‫كان نتاج تفاهمه مع الفنان روميو لحود‪،‬‬ ‫وقدم موسيقى ألكرث من ‪ 35‬عم ًال مرسحياً‬ ‫إضافة اىل موسيقى تصويرية ألفالم كثرية‬ ‫منها‪ :‬بريوت يا بريوت (ملارون بغدادي عام‬ ‫‪ )1975‬وكفر قاسم (لربهان علوية) وأعامل‬ ‫أخرى ملحمد سلامن وغريه‪.‬‬ ‫وإضافة اىل تعاونه وعىل مدى عدة دورات‬ ‫من “استديو الفن” مع املخرج سيمون أسمر‪،‬‬ ‫فهو يسهم يف عضوية اللجنة التنظيمية‬ ‫ملهرجان البستان املوسيقي‪ ،‬الذي أعطاه‬ ‫مجاالً رائعاً يف آخر دوراته من خالل إطاللة‬ ‫األوركسرتا السيمفونية اللبنانية يف ليال‬ ‫عدة من املهرجان الدويل‪.‬‬ ‫يحسب له أنه أول من اشتغل عىل‬ ‫التأليف السيمفوين موقعاً ‪ 6‬مقطوعات‬ ‫أصدرها أخرياً يف مجلد واحد قال فيه‬ ‫إنه بدعم من أحد أصدقائه الذي يحب‬ ‫املوسيقى ويدعمها وال يحب أن يعلق عن‬ ‫نفسه وهي‪ :‬القادسية‪ ،‬املتنبي‪ ،‬الريموك‪،‬‬ ‫الشهيد‪ ،‬املواكب‪ ،‬والقطار األخرض (عن‬ ‫شعر لسليامن العيس)‪.‬‬ ‫وصحيح أن األوركسرتا اللبنانية ستظل‬ ‫تحيي حفالت موسيقية مجانية أسبوعية‪،‬‬ ‫وأن موسيقاه ستظل تسمع‪ ،‬لكن ماذا‬ ‫نفعل وقد مات ويف نفسه طموح واحد مل‬ ‫يتحقق‪ :‬دار لألوبرا‪ .‬طلب ليس مستحي ًال‪.‬‬ ‫أجل‪ ،‬غادر املوسيقى يف عيدها‪ ،‬وانكفأ‬

‫إىل صمت النوم األبدي‪ .‬الرجل الذي كان‬ ‫ليبدو أبداً‪ ،‬مهموماً برتتيب البيت املوسيقي‬ ‫اللبناين‪.‬‬ ‫ابن مرجعيون الراحل ليل ‪ ،2011/6/9‬هو‬ ‫أحد أبرز األسامء املوسيقية وأهمها يف‬ ‫العامل العريب‪ .‬األهمية هنا متأتية عن كونه‬ ‫صاحب مرشوع موسيقي‪ ،‬وليس ملحناً‬ ‫أو موسيقياً فحسب‪ .‬قلة تعرف‪ ،‬أن وليد‬ ‫غلمية‪ ،‬كان أحد أهم صانعي املرسحية‬ ‫الغنائية يف لبنان يف أواخر الستينيات‬ ‫والسبعينيات‪ .‬قدم يف مهرجانات نهر‬ ‫الكلب مرسحية الفتة “فينيسيا” عاشت‬ ‫ّ‬ ‫انفض عن‬ ‫طوي ًال‪ ،‬لكنه مل يلبث أن‬ ‫اشتغاالته باملرسح‪ ،‬ألسباب بقيت غري‬ ‫معروفة ومل تعن سوى صاحبها‪.‬‬ ‫تفرغ غلمية ألعامله املوسيقية الخاصة‪.‬‬ ‫هكذا وجدناه يف أكرث من تأليف سيمفوين‪،‬‬ ‫استدعت جدالً واسعاً‪ ،‬ونقداً حول أهميتها‪،‬‬ ‫وكاملها‪ ،‬ومراعاتها الخصوصية املوسيقية‬ ‫الرشقية ملا تصدت له الكثري من األقالم‪،‬‬ ‫سلباً وإيجاباً مثرية أيضاً املعارك التي‬ ‫كان يخوضها الراحل‪ ،‬آخذة عليه تغريبه‬ ‫املوسيقي ومحاولته إفراغ املعهد املوسيقي‬ ‫من روحه الرشقية بإلغاء العود والقانون‬ ‫والطبلة‪ ،‬وكلها عامد املوسيقى الرشقية‬

‫‪59‬‬

‫وروحها‪.‬‬ ‫مزاوجة غلمية سيمفونياً بني الرتاث‬ ‫والحداثة‪ ،‬وبني الغريب والرشقي أمثرت عنده‬ ‫“مواكب” و”الريموك” و”املتنبي” و”القطار‬ ‫األخرض” و”القادسية” حيث قدم فيها‬ ‫مجموعة من الحلول األوركسرتالية ـ‬ ‫بحسب تعريفه لها ـ مبفاهيم عربية‪.‬‬ ‫أهدى للمطربة الكبرية صباح‪ ،‬إحدى‬ ‫أجمل أغانيها قاطبة‪ ،‬وهي بعنوان‪“ :‬شو بدي‬ ‫أعمل قليل‪ /‬شو بخيل وشو ما بخيل”‪ ،‬ذات‬ ‫اللحن الحساس الذي ميس الدواخل‪ ،‬ويزهر‬ ‫الحال الرومانسية يف قلب املستمع‪.‬‬ ‫أهم ما قدمه غلمية الذي سوف نفتقد‬ ‫حضوره الرقيق يف كافة املهرجانات‬ ‫الجارية حالياً‪ ،‬هو نجاحه يف إنشاء فروع‬ ‫للكونرسفاتوار الوطني العايل للموسيقى‪،‬‬ ‫يف العديد من املناطق اللبنانية‪ ،‬كام لو‬ ‫يف رغبته يف إغراق لبنان كله‪ ،‬باملوسيقى‬ ‫والجامل‪.‬‬ ‫وضع املوسيقى التصويرية لعدد من‬ ‫األفالم‪“ :‬مملكة الفقراء” لفيليب عقيقي‪.‬‬ ‫“موال” ملحمد سلامن‪“ ،‬جواز سفر” وهو فيلم‬ ‫بريطاين من متثيل ديفيد نيفني‪“ ،‬كفرقاسم”‬ ‫لربهان علوية‪“ ،‬بريوت يا بريوت” ملارون بغدادي‬ ‫و”القادسية” لصالح أبو سيف‪ ،‬كام وضع‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب فني‬ ‫املوسيقى التصويرية ملرسحيات “مجدلون”‬ ‫لهرني حامايت و”الستارة” لرضا كربيت‬ ‫و”أعرب ما ييل” ليعقوب الشدراوي و”رشبل”‬ ‫لرميون جبارة‪ ،‬و”الطرطور” و”بال لعب يا ولد”‬ ‫و”يا اسكندرية بحرك عجايب” و”فرقة كركال‬ ‫للرقص”‪.‬‬ ‫طلبت منه فريوز أن يقود فرقتها يف‬ ‫مهرجان جرش ثم يف جولتها األسرتالية‪.‬‬ ‫حاز الجائزة األوىل يف مسابقة دولية يف‬ ‫“رس‬ ‫مونرتيال كندا ‪ -‬لتأليفه املوسيقى‬ ‫ّ‬ ‫الحياة”‪ ،‬وتسلم يف ‪ 1991‬إدارة الكونرسفاتوار‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫لديه مكتبة موسيقية تحتوي عىل ‪24‬‬ ‫ألف مادة موسيقية‪.‬‬ ‫شارك يف اللجنة التحكيمية لربنامج‬ ‫“استوديو الفن”‪ ،‬واشرتك مع توفيق كرباج‬ ‫وانطوان فرح يف تأليف كتاب “نظريات‬ ‫املوسيقى الرشقية”‪.‬‬

‫وليد غلمية‬ ‫قائد األوركسرتا السيمفونية‬ ‫اللبنانية‬ ‫املايسرتو‪ ،‬قابض عىل عصاه‪ ،‬يرسم يف‬ ‫الهواء دوائر ونجوماً ومطراً‪ .‬نوتات موسيقى‬ ‫رشقية وعربية تتطاير يف الفضاء‪ ،‬وليد‬ ‫غلمية‪ ،‬يرتدي بزته “التوكسيدو” السوداء‪،‬‬ ‫املتهدلة من الخلف كستارة مرسح ثنياتها‬ ‫املترسبلة تاريخاً طوي ًال من الفن‪ ،‬ويقف‬ ‫ممشوقاً فوق مثانية وستني عاماً‪ ،‬هي عمره‪،‬‬ ‫قىض جلها يف تأليف املوسيقى (من بينها‬ ‫ست سمفونيات) وتأسيس ثم إرساء مكانة‬ ‫“األوركسرتا اللبنانية الوطنية للموسيقى‬ ‫الرشقية – العربية”‪ ،‬إضافة إىل قيادته‬ ‫أوركسرتا بغداد والقاهرة واليونان وبولندا‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫كان‪ ،‬عىل الخشبة‪ ،‬يشاركه أكرث من أربعني‬ ‫عازفاً يف عزف مقطوعته املؤثرة “كريستال”‬ ‫صمت القاعة املهيب‪،‬‬ ‫التي كانت تكسرّ‬ ‫تنتهي املقطوعة‪ ،‬يصفق الجمهور‪ ،‬وكعادته‬ ‫يشري املايسرتو اىل عازيف “السولو” الذين‬ ‫شاركوا فيها‪ ،‬دعوة إليهم لنيل حصتهم‬ ‫من الحفاوة‪ .‬هكذا يفعل دوماً‪ ،‬حتى مع باقة‬ ‫تحمله إياها الجميالت يف اختتام‬ ‫الزهور التي‬ ‫ّ‬ ‫الحفلة‪ .‬يحضنها ويدور بها‪ ،‬من مكانه‪ ،‬عىل‬ ‫كل العازفني‪ ،‬كأنه يقول‪“ :‬هذه لكم أيضاً‪،‬‬ ‫فاهنئوا بطيبها وطيب الحفاوة”‪ .‬يد ّور الزهور‬ ‫فوق رؤوس عازفيه (بعضهم من تالمذته)‪،‬‬ ‫كام يد ّور عصاه دامئاً فوقها‪ ،‬فيبدو كساحر‬ ‫ويبدون‪ ،‬بفعل سحره‪“ ،‬كمن عىل رؤوسهم‬ ‫طري معبد املوسيقى األسطوري”‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫غلمية يف شهادات‬ ‫لبنانية وعربية‬ ‫بعد رصاع طويل مع املرض رحل الدكتور‬ ‫وليد غلمية‪ ،‬إال أن رحيله لن يسدل الستار‬ ‫عىل ‪ 48‬عاماً من اإلنجازات الضخمة‪ ،‬بل‬ ‫ستستم ّر ال محالة مع أجيال الشباب التي‬ ‫رباها عىل األصالة والفن الرفيع‪ ،‬من بينها‪:‬‬ ‫تطوير املناهج والربامج التعليمية يف‬ ‫الكونرسفاتوار بعدما كان يعاين من فراغ‬ ‫كبري يف هذا املجال‪ ،‬إبداع أجمل األنغام سواء‬ ‫يف املوسيقى التصويرية أو ألحان األغاين أو‬ ‫االستعراضات يف املرسحيات الغنائية…‬ ‫عىل رغم هذا اإلنتاج الضخم الذي مل‬ ‫يتو ّقف حتى لحظة مفارقته الحياة‪ ،‬عاش‬ ‫الدكتور غلمية يف السنوات األخرية يف‬ ‫حرسة وأمل عىل املستوى املرتدّي الذي بلغه‬ ‫الفن يف لبنان والعامل العريب‪.‬‬ ‫فيه قال العديد من الفنانني واملوسيقيني‪،‬‬ ‫فكان مثال الفن والصداقة وحب للعمل‬ ‫والوطن‪.‬‬

‫روميو لحود‪ :‬خسارة فنية‬ ‫حقيقية ال تعوض‬

‫يضيف لحود‪“ :‬وليد غلمية رجل إداري من‬ ‫طراز رفيع‪ ،‬عندما استلم إدارة الكونرسفاتوار‬ ‫كان مؤلفاً من غرفتني فط ّوره إىل أن أصبح‬ ‫جامعة لها فروع يف املناطق اللبنانية‪،‬‬ ‫كذلك ط ّور املناهج والربامج وأسس شهادات‬ ‫جديدة إضافة إىل تأسيس األوركسرتا‬ ‫الرشق‪-‬عربية”‪،‬‬ ‫واألوركسرتا‬ ‫الفيلهارمونية‬ ‫واستقطب أساتذة من لبنان وخارجه…‬ ‫فرسم صورة جميلة عن الفن وغيرّ نظرة‬ ‫الناس إليه‪ ،‬ما دفع األهل إىل إدخال أبنائهم‬ ‫إىل الكونرسفتوار لتع ّلم املوسيقى‪ ،‬هكذا‬ ‫فاق عدد الطالب األربعة آالف طالب”‪.‬‬ ‫وأضاف لحود‪ :‬بداياتنا معاً كانت يف العام‬ ‫لحن‬ ‫‪ 1963‬يف مهرجانات بعلبك حيث‬ ‫ّ‬ ‫“الشالل”‪ ،‬وكذلك “مسبحة ستي” ملهرجان‬ ‫إهدن – الزاوية‪ ،‬كام قدّ م “موال” و “ميجانا”‬ ‫عىل مرسح فينيسيا (وهو أول مرسح‬ ‫موسيقي دائم يف املرشق العريب)‪ .‬ويف‬ ‫العام ‪ 1967‬قدم “عتابا” يف نطاق مهرجانات‬ ‫بعلبك‪.‬‬ ‫يكشف لحود عدم رىض غلمية عن وضع‬ ‫ويحمله مسؤولية‬ ‫اإلعالم العريب اليوم‬ ‫ّ‬ ‫تراجع الذوق املوسيقي لدى الجمهور‪ ،‬يف‬ ‫املقابل يؤمن بأن تذ ّوق املوسيقى الجيدة يبدأ‬ ‫من البيت واملدرسة وير ّكز عىل رضورة تربية‬ ‫األوالد عىل املوسيقى الراقية والجميلة‪.‬‬

‫الفيلهارمونية‬ ‫األوركسرتا‬ ‫مؤسس‬ ‫اللبنانية واألوركسرتا الرشق‪-‬عربية‪ ،‬رئيس‬ ‫الكونرسفاتوار الوطني يف لبنان… غاب‬ ‫بالجسد وتعزّز حضوره نابضاً بقوة يف‬ ‫موسيقى َمن تتلمذوا عىل يده ويحافظون‬ ‫عىل إنجازاته الضخمة…‬ ‫إنجاز املعهد الوطني العايل للموسيقى‬ ‫يف لبنان ‪ -‬الكونرسفاتوار كان حل ً‬ ‫ام‬ ‫رافقنا نحن االثنان منذ عهد الصبا ألن‬ ‫املوسيقى كانت تجمعنا دامئاً‪.‬‬ ‫موسيقى‬ ‫أغنت‬ ‫الرحباين‪:‬‬ ‫وأضاف‬ ‫غلمية الرتاث املوسيقي العريب من لبنان‬ ‫إىل سوريا والعراق وغريها‬ ‫وأسف الرحباين عىل أن غلمية مل‬ ‫يك َّرم بشكل صحيح يف لبنان‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أن مثة وجوهاً فنية رسمت هوية‬ ‫هذا الوطن غابت من دون أي لفتة من‬ ‫الدولة تجاهها‪ ،‬متمنياً أن يبقى املعهد‬ ‫كام أراده وأن نح ّقق مزيداً من التقدّ م‬ ‫والتط ّور يف مجال املوسيقى اىل أن‬ ‫نصل اىل تحقيق حلمه وهو تأسيس دار‬ ‫لألوبرا اللبنانية “‪.‬‬

‫جورج وديع الصايف‪:‬‬ ‫كبري من لبنان‬

‫الياس الرحباين‪:‬‬ ‫رحيل موجع‬

‫يعترب الفنان روميو لحود أن رحيل غلمية‬ ‫خسارة للفن ال تع َّوض‪ ،‬وخسارة له شخصياً‬ ‫نظراً إىل الصداقة التي كانت تربطه بالراحل‬ ‫الكبري‪ ،‬خصوصاً أنهام اجتمعا يف أعامل‬ ‫فنية مشرتكة‪ ،‬يقول‪“ :‬مل يعرف غلمية‬ ‫يف حياته سوى املوسيقى وكان هدفه‬ ‫األسايس رفع شأن املوسيقى الرشقية‬ ‫إمياناً منه برتاثنا الرشقي الزاخر باألنغام‬ ‫واإليقاعات‪ ،‬الذي يستطيع من خالله تطوير‬ ‫الحضارة اإلنسانية”‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫املوسيقار السوري‬ ‫هاين مهنى‪:‬‬ ‫متح ّيز للموسيقى‬ ‫األوركسرتالية‬

‫للخروج‬

‫أثار غلمية إشكالية حول تحيزه‬ ‫للموسيقى األوركسرتالية‪ ،‬وكان رمزاً‬ ‫للطموح املوسيقي والتطور يف عاملنا‬ ‫العريب‪ ،‬ومل يقف عند منط واحد‪ ،‬فحلم‬ ‫بنرش املوسيقى العربية‪ ،‬خصوصاً يف‬ ‫الغرب‪ ،‬وهو مؤلف موسيقي َب ْص َمتُه‬ ‫جلية ونغامته واضحة ومؤثرة‪.‬‬ ‫شخصية‬ ‫لقاءات‬ ‫مهنى‬ ‫يتذكر‬ ‫مع املوسيقي الراحل‪ ،‬إذ كانت تدور‬ ‫بينهام نقاشات حول مستقبل تطور‬ ‫املوسيقى العربية وأساليبه ومناهجه‪،‬‬ ‫ويراه إنساناً مهذباً ومثقفاً‪ ،‬ومل‬ ‫َت ُحدّ ه الدراسة األكادميية عن التحليق‬ ‫يف آفاق املوسيقى وعواملها‪ ،‬لكن‬ ‫أحداث الحرب يف لبنان‪ ،‬ثم مرضه يف‬ ‫السنوات األخرية مل متكنه من تحقيق‬ ‫كل آماله‪.‬‬

‫املخرج املرسحي املرصي‬ ‫وليد عوين‪ُ :‬‬ ‫سأخرج‬ ‫من موسيقاه مرسحية‬ ‫الدكتور وليد غلمية‪ ،‬مؤلف موسيقي‬ ‫ومبدع سمفونيات من بينها سمفونيته‬ ‫السابعة التي أطلقها أخرياً‪ ،‬صاحب‬ ‫حضور مميز يف مهرجانات بعلبك الدولية‬ ‫منذ ستينيات القرن املايض ومهرجانات‬ ‫بيبلوس الدولية ومهرجان البستان وغريها…‬

‫وليد غلمية أول من عمل عىل املوسيقى‬ ‫الكالسيكية يف لبنان‪ ،‬حيث تعاونا يف‬ ‫مهرجان «نهر الوفا» يف نهر الكلب‪ ،‬وكان‬ ‫تعاوناً مثمراً وجيداً‪.‬‬ ‫من‬ ‫جعل‬ ‫ومجتهد‪،‬‬ ‫موهوب‬ ‫موسيقياً‬ ‫رصحاً‬ ‫يخ ّرج‬ ‫الكونرسفاتوار‬ ‫أجياالً كثرية وعدداً كبرياً من املحرتفني‪.‬‬

‫ِّ‬ ‫املؤطرين للحس‬ ‫يعترب وليد غلمية أحد‬ ‫اللبناين املوسيقى‪ ،‬وهو أحد أعمدة جيل‬ ‫ستينات القرن العرشين‪ ،‬الذي أشبعنا‬ ‫موسيقياً‪ ،‬إىل جانب الرحابنة ووديع‬ ‫الصايف وصباح وزيك ناصيف‪.‬‬ ‫برحيل غلمية خرس لبنان موسيقياً‬ ‫مه ً‬ ‫ام‪ ،‬سأعمل قدر اإلمكان عىل دراسة‬

‫‪61‬‬

‫بعمل‬

‫موسيقاه بشكل مكثف‪،‬‬ ‫مرسحي من وحي نغامته‪.‬‬ ‫عن الوطن كان يرى أن لبنان هو دوماً‬ ‫«طائر فينيق يغدر الزمان السلبي‪،‬‬ ‫فينطلق ويطري»‪:‬‬ ‫وكان يؤمن أن لبنان تاريخياً كان‬ ‫مسؤوالً ثقافياً وموسيقياً يف املنطقة‬ ‫وأنه سيبقى مبادراً‪ ،‬رغم كل السلبيات‬ ‫واملآيس واإلخفاقات”‪ .‬سياسيا مل يجيرّ‬ ‫نفسه ألية فئة أو أي سيايس‪ ،‬فام‬ ‫مـن مثقف يجري نفسه ألية سياسة‪،‬‬ ‫بل أن السياسة هي التي تجيرّ له‪،‬‬ ‫مبعنى أن املثقف هو الذي يضفي عىل‬ ‫السياسة مسارها‪ ،‬بالتايل فهو مل‬ ‫يكن يرىض مطلقاً بأن يقرر السيايس‬ ‫مصري الثقافة‪ ،‬بل بالعكس‪ “ ،‬لذا ما‬ ‫زلنا نتخبط يف حلقة طويلة من‬ ‫النكبات”‪.‬‬ ‫وداعاً وليد غلمية‪ ،‬مايسرتو اإلبداع‬ ‫املوسيقي وعاشق طائر الفينيق رمز‬ ‫لبنان‪ .‬معك رحل أحد عاملقة الفن يف‬ ‫وطن األرز الذي طاملا حملت أجنحته إىل‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫سنفتقد كثرياً وليد غلمية‪ .‬لكن رهانه‬ ‫مل يخرس‪ ،‬وهو احتفظ بلحظات عالية‬ ‫ورشاكات وصداقات وعداوات أحياناً‪..‬‬ ‫جسد مرحلة مهمة رائعة يبدو أنها‬ ‫لكنه‬ ‫ّ‬ ‫بدأت تتبدد بكثري من روافدها ومكوناتها‬ ‫وأسامئها وتطلعاتها وخرباتها ومنصاتها‬ ‫ومشاعرها وعىل مساحة مع اإلرث العريب‬ ‫الثقايف‬ ‫واملخزون‬ ‫الرشقي‬ ‫املوسيقي‬ ‫الكبري‪ ،‬اىل االنفتاح عىل اإلبداعات‬ ‫العاملية من دون حدود‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب فني‬

‫الفرقة العربية األولى إلى مهرجان «ألماغرو» اإلسباني‬ ‫اسطنبولي لـ «منبر التوحيد»‪ :‬نعمل على نقل الحضارة العربية إلى شعوب العالم‬ ‫هي اإلرادة العربية مرة جديدة تخرتق‬ ‫حدود الدول‪ ،‬لتصل إىل إسبانيا‪ ،‬حيث‬ ‫مرسحية “تجربة الجدار”‪ ،‬التي ستشارك‬ ‫فرقة “اسطنبويل” من خاللها يف مهرجان‬ ‫“أملاغرو” يف إسبانيا بني ‪ 10‬مشاريع عاملية‬ ‫من أصل ‪ 62‬مرشوع جاء من ‪ 12‬بلداً مبا‬ ‫يف ذلك إسبانيا‪ ،‬كولومبيا‪ ،‬األرجنتني‪،‬‬ ‫إيطاليا‪،‬‬ ‫بريطانيا‪،‬‬ ‫شييل‪،‬‬ ‫املكسيك‪،‬‬ ‫الربتغال‪ ،‬أملانيا وهولند وأمريكا‪ ،‬ليمثل‬ ‫عربها الفريق كعمل لبناين – عريب‪ ،‬الرشق‬ ‫األوسط كام ًال‪ ،‬حتى بدون توفر الدعم‬ ‫الرسمي‪ ،‬الذي يتخ ّبط بوحول السياسة‬ ‫ّ‬ ‫مغضاً النظر عماّ يكمن يف‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫هذه املشاركة من نقل الحضارة والثقافة‬ ‫العربية إىل شعوب العامل‪.‬‬ ‫هي مشاركة‪ ،‬اعتاد اللبنانيون منذ‬ ‫عقود القيام بها‪ ،‬يف كل املجاالت‪ ،‬والدولة‬ ‫الغائب الوحيد‪ .‬هذه املرة‪ ،‬تقوم فرقة‬ ‫«اسطنبويل» بجهود فردية‪ ،‬بهذا التمثيل‬ ‫العريب‪ ،‬كالفرقة العربية الوحيدة يف‬ ‫املهرجان منذ تأسيسه منذ ‪ 34‬عاماً‪.‬‬ ‫«منرب التوحيد»‪ ،‬وكإحدى الوسائل‬ ‫اإلعالمية الداعمة لهذا العمل املرسحي‪،‬‬ ‫«اسطنبويل»‬ ‫فرقة‬ ‫صاحب‬ ‫التقت‬ ‫املخرج قاسم اسطنبويل‪ ،‬وكان حوارها‬ ‫حول مرسحية «تجربة الجدار»‪ ،‬واألعامل‬ ‫نص الحوار‪:‬‬ ‫السابقة‪ ،‬وهنا ّ‬

‫ماذا عن مشاركتكم كالفرقة العربية األوىل‬ ‫يف هذا املهرجان؟‬ ‫مهرجان «أملاغرو» هو مهرجان يتم منذ ‪34‬‬ ‫سنة‪ ،‬بحيث يهتم باملرسح املعارص‪ ،‬وقد قد ُ‬ ‫ّمت‬ ‫وتم اختياره من ِق َبل اللجنة‬ ‫مرشوع املرسحية‬ ‫ّ‬ ‫من بني ‪ 62‬مرشوعاً‪ .‬أهمية هذا املهرجان ليس‬ ‫فقط أننا العرب األوائل الذين يشاركون يف هذا‬ ‫املهرجان منذ ‪ 34‬سنة‪ ،‬بل ألننا أيضاً منثل الرشق‬ ‫األوسط أجمع يف هذا املهرجان‪.‬‬ ‫«تجربة الجدار» هو عمل عريب‪ ،‬عل ًام أننا ال‬ ‫منلك نصوصاً عربية ُو ِجدت يف القرن السابع‬ ‫عرش‪ ،‬وهذا املهرجان يتناول يف كل مرسحياته‬ ‫ا ُملشاركة‪ ،‬نصوصاً تعود للقرن السابع عرش‪،‬‬ ‫ومبا أننا ال منلك نصوصاً‬ ‫ُ‬ ‫اخرتت قصيدة حمد بن‬ ‫عيل بن حمد بن هادي آل جابر املري‪ ،‬لتحويلها‬ ‫إىل مرسحية عرب رقص درامي وموسيقى عربية‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يبي فقط الثقافة والحضارة‬ ‫طبعاً هذا العرض ال نّ‬ ‫العربية‪ ،‬ما بني بالد الحجاز وبالد الشام‪ ،‬بل ُيظهر‬ ‫أيضاً دور املرأة يف ذلك العرص والفروسية العربية‬ ‫واملفاخرة والغزل والصوفية‪ .‬كل هذه املواضيع‬ ‫تظهر من خالل «تجربة الجدار» والتي هي تجربة‬ ‫ُمعارصة‪.‬‬ ‫و ُيضيف اسطنبويل‪ :‬التذ ّوق املرسحي يف‬ ‫هذا العرض مختلف‪ ،‬فنحن نعمل أيضاً عىل أن‬ ‫يتذوق الجمهور طعم ورائحة القهوة العربية مث ًال‬ ‫والياسمني والبخور‪ ،‬ألن املرسحية ليست مجرد‬ ‫عرض مرسحي بل هي أيضاً تجربة بكل املقاييس‪.‬‬ ‫التامرين ّمتت يف الجامعة اللبنانية مع ممثلني‬ ‫وراقصني وموسيقيني لنتمكن من تجسيد سامت‬ ‫الحضارة العربية يف القرن السابع عرش من خالل‬ ‫الزيّ العريب‪ .‬أهمية العرض تكمن يف إمكانية‬ ‫تقديم الكالسيك بطريقة حديثة من خالل تجربة‬ ‫ُ‬ ‫قمت‬ ‫معارصة عن طريق البحث العلمي‪ ،‬لذلك‬ ‫وقبل تقديم وجهة املرسحية ببحث حول الشعر‬ ‫العريب األندليس‪.‬‬ ‫هل من صعوبة برأيك أنكم الفرقة العربية‬ ‫الوحيدة بني الفرق األجنبية؟‬ ‫كثري من الناس يراهنون عىل عملنا‪ ،‬إذ لدينا‬ ‫غنى يف ثقافتنا وحضارتنا ولباسنا العريب‪ ،‬حتى‬ ‫ّأن اإلسبان متأثرون بحضارتنا العربية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ميكن أن يعطي تالقي حضاري أكرب بني الشعوب‬ ‫ويساعدنا أكرث‪ .‬اللجنة ستكون مؤلفة من عرش‬ ‫أهم مخرجني يف العامل‪ ،‬والعمل الرابح يعرض‬

‫‪62‬‬

‫ثالثة عروض مختلفة يف «أملاغرو»‪ ،‬وهناك إمكانية‬ ‫أن نقيم عرضاً يف مدريد‪ ،‬عل ًام أننا ذهبنا يف‬ ‫ذكرى النكبة لهذا العام وعرضنا مرسحية «قوم‬ ‫يابا» يف مدريد‪ ،‬وهي مرسحية قامئة عىل النص‬ ‫أكرث من التعبري الجسدي‪ ،‬وحصل نقاش بعد‬ ‫العرض حول القضية الفلسطينية‪ ،‬إذ أن البعض‬ ‫يعترب ّأن الخالف بيننا و»إرسائيل» هو عبارة عن‬ ‫مساحة من األرض‪ ،‬إال ّأن املرسحية تكلمت عن‬ ‫معاناة الشعب الفلسطيني منذ ما قبل العام‬ ‫‪ 1948‬وحتى اليوم‪ ،‬فكانت هذه األهمية أن نوصل‬ ‫للغرب معاناة هذا الشعب ونوصل الحقيقة‪ ،‬هذه‬ ‫هي أهمية الفن‪ :‬إيصال القضايا العربية إىل‬ ‫الشعوب التي ال تعرف حقيقة األمور‪« .‬تجربة‬ ‫الجدار» اليوم توصل الحضارة واللغة والثقافة‬ ‫العربية من خالل عمل عريب يتم ألول مرة يف‬ ‫مهرجان «أملاغرو»‪.‬‬ ‫تم فهم عنوان املرسحية عىل أنه حديث عن‬ ‫ّ‬ ‫«الجدار الفاصل» ما بني مرص وفلسطني‪ .‬ماذا‬ ‫عن هذا املوضوع؟‬ ‫إنها تجربة من حيث كل املقاييس‪ ،‬خاصة من‬ ‫خالل اآلداء والرقص واللباس واللغة‪ ،‬من هنا‬ ‫نعمل عىل تقديم ظل الحركة‪ ،‬وهو الجدار الذي‬ ‫يفصل الشعوب ويك ّون ح ّداً فاص ًال بني أي دولة‬ ‫وأخرى‪ ،‬وبالتايل له عالقة نوعاً ما مبوضوع الجدار‬ ‫الفاصل حتى لو مل يكن املقصود كذلك‪ ،‬من‬ ‫هنا نعمل عىل اإليحاء بتدمري هذا الجدار للتالقي‬ ‫بني الدول والشعوب والحضارات‪ ،‬عرب التعبري عن‬

‫تاريخ الحركة العربية من خالل استعامل مختلف‬ ‫األصوات واآلالت العربية‪.‬‬ ‫هل ستكون هذه املرسحية محاولة لرواية‬ ‫التاريخ واستعادة الرثات العريب؟‬ ‫نبي اللغة العربية‬ ‫طبعاً من خالل هذا العرض‪ ،‬نّ‬ ‫والزيّ العريب‪ ،‬والعادات والتقاليد واملوسيقى‬ ‫العربية‪ ،‬هو عمل عريب بكل معنى الكلمة‪ ،‬إذ‬ ‫ُيظهر العرب يف القرن السابع عرش بطريقة‬ ‫حديثة‪ ،‬من خالل الرقص الدرامي وقراءة الشعر‬ ‫واإلضاءة‪ ،‬حتى ّأن أرضية عرض املرسحية ستكون‬ ‫من الرتاب‪ ،‬دلي ًال عىل صحرائنا العربية‪ .‬ال شك‬ ‫ّأن وصولنا للمشاركة يف هذا املهرجان هو إنجاز‬ ‫بح ّد ذاته قبل تقديم مرسحيتنا‪ ،‬ومعرفة الفائز‪،‬‬ ‫وبالتايل حققنا نجاح مميز بذلك‪.‬‬ ‫وعن صعوبات املشاركة‪ ،‬قال اسطنبويل‪:‬‬ ‫«صعوبة هذه املشاركة تكمن يف ّأن اللجنة‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة للمهرجان تعطي مبلغ معني لكل فريق‬ ‫مشارك وهو عبارة عن كلفة هذه املشاركة‪،‬‬ ‫والكلفة املتب ّقية تأخذها كل فرقة من دولتها‬ ‫عرب مساعدات خاصة لها‪ ،‬أما نحن فال جهة‬ ‫داعمة لنا يف لبنان‪ ،‬وبالتايل ال يوجد أي مساعدة‬ ‫مادية يف هذا اإلطار‪ ،‬من هنا لديّ خوف من عدم‬ ‫القدرة عىل أخذ كامل الفريق‪ ،‬حتى أننا سنجد‬ ‫صعوبة يف املكوث هناك طيلة فرتة املهرجان‪،‬‬ ‫فإدارة املهرجان تعطي فقط مبلغ قدره خمسة‬ ‫آالف يورو لكل فريق مشارك‪ .‬لذلك‪ ،‬من املفروض‬ ‫أن نحصل عىل الدعم من وزارة الثقافة لكنّ‬ ‫قبول الطلب يتأخر‪ ،‬وقد ال يتم املوافقة عليه‪،‬‬ ‫فأعاميل املرسحية السابقة كانت مبعظمها‬ ‫مجانية ُتع َرض يف الشارع‪.‬‬ ‫وعن األمل بالفوز‪ ،‬قال‪« :‬طبعاً يف حال فوزنا‬ ‫يف املهرجان‪ ،‬سيكون ذلك نجاحاً للبنان حتى مع‬ ‫التقصري الرسمي‪ ،‬ولكن هناك شعب يستحق‬ ‫هذا النجاح وهذا الفخر‪ ،‬خاصة وأن مرسح ّيتنا‬ ‫هي العرض الوحيد املشارك يف املهرجان بدون أن‬ ‫يكون معروض سابقاً‪ .‬الصعوبة يف هذا العمل‪،‬‬ ‫هي يف البحث العلمي من خالل املوسيقى‬ ‫واللباس والعادات‪ ،‬وكل ما سيصدر عنا هو تجريبي‪،‬‬ ‫وكله مبحاولة لتجسيد الحضارة والثقافة والنخوة‬ ‫العربية‪ .‬أشعر أن «تجربة الجدار» لديها الكثري من‬ ‫الحظوظ بأن تربح جائزة املهرجان‪ ،‬وهذا شعور‬ ‫خاص بنا كفريق‪ ،‬واملؤلف من‪ :‬قاسم اسطنبويل‪،‬‬ ‫ماجد زغيب‪ ،‬محمد عساف‪ ،‬هادي دعيبس‪ ،‬عمر‬ ‫مالعب‪ ،‬واليسار نافع‪ ،‬إضافة لراقصة من املغرب‬ ‫العريب‪.‬‬

‫مرسح الشارع‪ :‬من الشعب وإىل‬ ‫الشعب‬ ‫ماذا عن مرسحياتك التي تعرضها عادة يف‬ ‫الشارع‪ ،‬هل تعترب أنها تكون أقرب للجمهور؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬فاملرسح هو فن يتكلم لغة الناس‪،‬‬

‫ُ‬ ‫عرضت مث ًال‬ ‫يخرج من الشارع ويعود إليه‪ .‬لقد‬ ‫مرسحية «قوم يابا» التي تتحدث عن ذكرى‬ ‫النكبة الفلسطينية‪ ،‬أمام السفارتني املرصية‬ ‫واألمريكية ويف الجامعات واألسكوا واملخيامت‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وسوريا وإسبانيا‪ .‬وكذلك مرسحية‬ ‫تم‬ ‫«عرس النرص» التي تتحدث عن انتصار متوز‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت أذهب‬ ‫عرضها يف جميع املناطق بحيث‬ ‫أللتقي الجمهور يف أي منطقة من لبنان‪ّ ،‬‬ ‫ألن ذلك‬ ‫الشعب هو صاحب تلك القضية‪ ،‬وعرضتها أيضاً‬ ‫يف مهرجان الجامعات التي ّ‬ ‫نظمته وزارة الثقافة‬ ‫يف العام ‪ ،2009‬ويف مهرجان نقابة الفنانني يف‬ ‫سوريا يف العام ‪ ،2010‬ومن ثم يف بريوت – ساحة‬ ‫الشهداء يف ذكرى الحرب األهلية يف ‪ 13‬نيسان‪،‬‬ ‫تحت عنوان «إمسحها من قلبك‪ ..‬ما بتنعاد»‪.‬‬ ‫يخص قضايا العنف ضد املرأة‪ ،‬قد ُ‬ ‫ّمت‬ ‫فيام‬ ‫ّ‬ ‫مرسحية «هوامش» والتي تتناول العنف ضد‬ ‫املرأة‪ ،‬وعُ ِرضت يف املناطق التي وجدنا فيها‬ ‫ُ‬ ‫واستكملت هذا املوضوع مع‬ ‫تهميشاً لوضعها‪،‬‬ ‫حملة «جنس ّيتي» يف عني املريسة للمطالبة‬ ‫بحق املرأة يف إعطاء الجنسية ألوالدها وزوجها‪،‬‬ ‫من خالل تقديم مرسحية «محكمة الشعب»‪،‬‬ ‫ومن ثم مؤخراً قد ُ‬ ‫ّمت مرسحية «نساء بال هوية»‬ ‫والتي تتحدث عن العنف ضد املرأة ولكن من ِق َبل‬ ‫االحتالل ال سيام املرأة الفلسطينية والعراقية‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬بدأت الثورات العربية‪ ،‬فكان عمل‬ ‫«رصخة غضب» الذي عرضته أمام السفارة‬ ‫ُ‬ ‫أعدت متثيل مشهد من التعذيب‬ ‫املرصية‪ ،‬بحيث‬ ‫داخل السجون املرصية يف الستينات عرب تجسيد‬ ‫صلب الشعب املرصي‪ ،‬كام ُيص َلب الشعب‬ ‫العريب كله اليوم عىل يد الجالد نفسه‪ .‬والعمل‬ ‫األخري كان «زنكة زنكة» والذي كان األقرب للناس‪،‬‬ ‫وعُ رض يف الشارع ضمن فريق عريب متن ّوع من‬ ‫السودان وفلسطني ولبنان وليبيا‪ ،‬ليتحدث عن‬ ‫كل معاناة الشعب العريب والثورات العربية‪.‬‬ ‫تقول يف مرسحية «قوم يابا»‪ :‬إحنا شعب‪،‬‬ ‫إذا ما فينا نعيش بكرامي‪ ،‬منموت بكرامي»‪،‬‬ ‫أين كرامة الشعب العريب اليوم بعد الثورات‬ ‫العربية؟‬ ‫طبعاً اليوم‪ ،‬الرؤساء العرب يرفضون التنازل عن‬ ‫عروشهم‪ ،‬وكل َمن يتنازل عن منصبه الرئايس‪،‬‬

‫‪63‬‬

‫ال بد لشعبه أن يقدّم الدماء‪ ،‬لكن هناك استغالل‬ ‫لهذه الثورات العربية‪ ،‬وقد أرشت يف مرسحية‬ ‫«زنكة زنكة» إىل أهمية هذه الثورات‪ ،‬مع رضورة‬ ‫التن ّبه لعدم تح ّولها إىل حروب أهلية‪ ،‬كام يحصل‬ ‫يف بعض الدول كليبيا والبحرين ومرص‪ ،‬إضافة ملا‬ ‫يحصل يف سوريا‪ ،‬بحيث أصبح هناك إستغالل‬ ‫للوضع يف األخرية بحيث تح ّولت ملحاوالت والدة‬ ‫الفنت األهلية والطائفية‪.‬‬ ‫نحن كشعب عريب مع املطالب املحقة‪ ،‬ولكن‬ ‫بدون وصول هذه الثورات لحروب أهلية وتقسيم‬ ‫مذهبي طائفي‪ .‬هذه هي ثقافة الهيمنة‬ ‫واإلستعامر من خالل استغالل هذه املطالب‬ ‫لتحقيق أهدافها‪ ،‬وال بد من التن ّبه إىل ّأن عد ّونا‬ ‫الوحيد هو «إرسائيل»‪ ،‬وال بد أيضاً من تج ّمعنا‬ ‫تحت راية واحدة هي مواجهة هذا العدو‪.‬‬ ‫أما املرسح‪ ،‬فال بد من استكامل طريقه يف‬ ‫ظل كل هذه الصعوبات‪ ،‬حتى مع الحاجة لتو ّفر‬ ‫اإلمكانيات الالزمة للفريق ككل‪ .‬من هنا‪ ،‬ومع‬ ‫حاجتنا للدعم يف مسريتنا ومشاركتنا يف‬ ‫مهرجان «أملاغرو»‪ ،‬ال بد من وجود دعم السلطات‬ ‫املعنية يف لبنان لنا‪.‬‬ ‫هل تعتقد أن الكوميديا السوداء هي‬ ‫األجدر عىل اإلشارة لقضايا الشعوب خاصة‬ ‫ّ‬ ‫القضية‬ ‫تتناول‬ ‫مرسحياتك‬ ‫معظم‬ ‫وأن‬ ‫الفلسطينية وغريها؟‬ ‫الكوميديا السوداء هي أسلوب معني من الفن‬ ‫املرسحي‪ ،‬فكل مرسحية لها أسلوبها الخاص‪.‬‬ ‫أحياناً تحمل الجملة نفسها كوميديا ودراما‪،‬‬ ‫حيث أقول يف مرسحية «قوم يابا»‪« :‬ابني محمد‬ ‫شاطر باملدرسة‪ ،‬حافظ جدول الرضب كلو‪ ،‬من‬ ‫أ ّولو آلخرو‪ ،‬ما ه ّوي عاش وتربىّ عليه‪ ،‬وقضىّ‬ ‫حياتو كلها رضب برضب‪ ،‬حتى مات بالرضب»‪ ،‬من‬ ‫هنا نرى الكوميديا والدراما يف نفس املشهد‪.‬‬ ‫وتوجه اسطنبويل يف النهاية بالقول‪ :‬أي‬ ‫ّ‬ ‫جهة‪ ،‬ميكن أن تدعم عملنا الستكامل جهدنا‬ ‫يف الذهاب إىل مهرجان أملاغرو‪ ،‬تكون قد دعمت‬ ‫الشعب اللبناين والعريب أجمع‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫أحد مؤسسي نادي اإلحياء العربي يتح ّدث لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫نبيه األعور‪ :‬نعمل على إعادة نشر الثقافة العربية وتراثها‬ ‫هو العقل العريب الذي انشغل بالقشور‬ ‫تراث عريق أورثه األجداد‪ ،‬وطمع به‬ ‫ٍ‬ ‫خاصة مع علم األخري مبا لدى املواطن‬ ‫من ق ّلة إدراك ملا ميتلك من إرث غنّي‬

‫ربمّ ا‬ ‫متناسياً‬ ‫الغرب‪،‬‬ ‫العريب‬ ‫ومثني‪.‬‬ ‫من هناك‪ ،‬كانت البداية‪ .‬رفض املثقفون‬ ‫العرب املدركني لحقيقة ما يجري‪ ،‬اإلكامل‬ ‫يف مشاهدة ما يحصل من تهميش للتاريخ‬ ‫العريب‪ ،‬وتدمري لإلرث الثقايف الذي خ ّلفه آالف‬ ‫الشعراء والكتّاب‪ ،‬عىل أمل املحافظة عليه‪.‬‬ ‫“نادي اإلحياء العريب”‪ ،‬يعمل منذ سنوات‬ ‫وفقاً لإلسم الذي يحمل‪ ،‬يف محاولة إلعادة‬ ‫إحياء كل ما هو “عريب” الهوية‪ ،‬من تراث وتاريخ‬ ‫وأدب وثقافة وفنّ ووعي عريب فكري أصبح‬ ‫الكثري من الشباب العريب يفتقده اليوم‪ ،‬أو‬ ‫لربمّ ا ال يعرف مدى أهم ّيته‪.‬‬ ‫فرع له يف لبنان‪ ،‬كان ال بد من‬ ‫بعد إفتتاح‬ ‫ٍ‬ ‫اإلضاءة عىل بدايات النادي‪ ،‬أهدافه‪ ،‬مبادئه‪،‬‬ ‫وطريقة عمله وتنسيقه بني األقطار العربية‬ ‫كافة من هنا كان لقاؤنا مع األستاذ نبيه‬ ‫األعور‪ ،‬أحد مؤسيس النادي يف لبنان‪ ،‬وكان‬ ‫حوارنا التايل‪:‬‬ ‫لنقدِّم بداية تعريفاً حول النادي؟‬ ‫كانت بدايات العمل العريب املشرتك يف‬ ‫النادي عام ‪ 1994‬مع تأسيس لجنة التنسيق‬ ‫والتعاون القومية للمعلومات‪ .‬ومنذ إنعقاد‬ ‫مؤمتره العام الثالث يف القاهرة يف ‪،2006/5/15‬‬ ‫َ‬ ‫ينشط يف محاولة لتوسيع مجاالت‬ ‫بدأ النادي‬ ‫اهتاممه وأهدافه وأدواته ومهامه بهدف توسيع‬ ‫أطر النادي‪ ،‬لتشمل املجال الحضاري الثقايف‬ ‫العريب األوسع واألشمل‪ .‬وعىل هذا األساس‬ ‫تغيرّ إسمه من “النادي العريب للمعلومات” إىل‬ ‫“نادي اإلحياء العريب” بقرار من املؤمتر الرابع الذي‬ ‫انعقد يف مق ّر جامعة الدول العربية بالقاهرة‬ ‫يف ‪ ،2010/5/17‬وهو منظمة عربية غري حكومية‪،‬‬ ‫تعمل من أجل بناء أداة تنظيمية قو ّية متامسكة‬ ‫لدعم التنسيق والتعاون بني األفراد واملؤسسات‬ ‫واملراكز والجمعيات والجهات العربية الحكومية‬ ‫والخاصة العاملة يف مجال اللغة العربية‬ ‫والفكر والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والتوثيق‬ ‫واألبحاث والدراسات واألرشيف واإلعالم‪ ،‬بهدف‬ ‫اإلرتقاء بسو ّية العمل العريب وتبادل الخربات‬ ‫وبناء مرشوعات مشرتكة ذات أهمية اسرتتيجية‬ ‫عىل املستوى العريب سعياً لإلسهام يف مواكبة‬ ‫العرب إلنجازات العرص ومواجهة تحدّيات القرن‬ ‫الحادي والعرشين‪.‬‬ ‫ملاذا نادي اإلحياء العريب؟‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مقدمة تاريخية‪:‬‬ ‫يعود أ ّول استخدام لكلمة “اإلحياء العريب”‬ ‫إىل القرن التاسع عرش الذي استهدف إحياء‬ ‫اللغة والثقافة العربية‪ ،‬عىل يد الر ّواد األوائل كـ‬ ‫“محمود سامي البارودي ‪ ”1904 – 1839‬و”أحمد‬ ‫شوقي ‪ ”1932 - 1868‬و”حافظ إبراهيم ‪– 1872‬‬ ‫‪ ”1932‬وكثريون غريهم م ّمن أسهموا يف ّ‬ ‫بث روح‬ ‫التجديد‪ .‬كام ال ب ّد أن نشري إىل ّأن اإلمام محمد‬ ‫عبده ‪ 1905 - 1849‬قاد تجديد الفكر العريب‬ ‫وأسس عام ‪ 1900‬جمعية‬ ‫اإلسالمي يف مرص‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إحياء العلوم العربية‪ ،‬فكان من أوائل من استخدم‬ ‫مصطلح اإلحياء يف مجال العلوم العربية‪.‬‬ ‫كذلك كان خري الدين التونيس ‪1889 - 1820‬‬ ‫أحد كبار املصلحني واملجدّدين واإلحيائيني العرب‪،‬‬ ‫بحيث قامت حركته عىل دعامتني رئيستني‪:‬‬ ‫األوىل رضورة اإلحياء والتجديد واالجتهاد يف‬ ‫الرشيعة اإلسالمية مبا يتالءم مع ظروف العرص‬ ‫وأحوال املسلمني‪ ،‬والثانية رضورة األخذ باملعارف‬ ‫وأسباب العمران املوجودة يف أوروبا‪ ،‬ألنها طريق‬ ‫املجتمع إىل النهوض‪.‬‬ ‫ماذا عن تاريخ النادي يف لبنان؟‬ ‫تأسست الجمعية العلمية السورية يف بريوت‬ ‫عام ‪ ،1847‬وع ِملت عىل نرش العلوم وإحياء‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬وقد ض ّمت يف صفوفها سوريني‬ ‫ومرصيني‪ .‬كام تأسست جمعية اآلداب والعلوم‬ ‫يف بريوت عام ‪ 1847‬عىل يد الرائدَين ناصيف‬ ‫اليازجي وبطرس البستاين‪ ،‬كذلك ُأنشئت يف‬

‫‪64‬‬

‫طرابلس عام ‪ 1850‬الجمعية الرشقية‪ .‬كام ال بد‬ ‫لنا أن نشري إىل ّأن مصطلح “اإلحياء العريب” ظهر‬ ‫يف سوريا أيضاً يف عدة مراحل من تاريخها‪ ،‬فقد‬ ‫تأسست الجمعية التاريخية السورية يف دمشق‬ ‫يف مثانينات القرن التاسع عرش‪ ،‬كام أنشئت‬ ‫حلقة الشيخ طاهر الجزائري‪ ،‬وقد انبثقت عنها‬ ‫عام ‪ 1903‬حلقة عُ رفت بحلقة دمشق الصغرية‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ ،1906‬أنشأ اثنان من رجال حلقة دمشق‬ ‫الصغرية “جمعية النهضة الصغرية”‪ ،‬وعليه‬ ‫نهضت الدول الكامنة يف األ ّمة‪ ،‬وراحت تؤلف‬ ‫الجمعيات والنوادي األدبية والفكرية وأنشئت‬ ‫املكتبات العامة واملسارح ومجامع اللغة العربية‪.‬‬ ‫وما وزارة الثقافة يف الدول العربية إال انعكاساً‬ ‫لهذه النهضة الثقافية الفكرية‪.‬‬ ‫ماذا عن أهداف النادي واألدوات واملهام؟‬ ‫يعمل نادي اإلحياء العريب عىل تحقيق األهداف‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬يف مجال نرش الوعي العلمي‬ ‫دعم الوعي املعريف والعلمي والتقني يف جميع‬ ‫املجاالت وخاصة يف مجاالت الثقافة والعلوم‪.‬‬ ‫تشجيع اإلنتاج الفكري العريب يف شتّى‬ ‫املجاالت واألبحاث والدراسات املبن ّية عىل املعلومات‬ ‫املو ّثقة‪.‬‬ ‫نرش الوعي التوثيقي لتاريخ األ ّمة ووثائقها‪.‬‬ ‫نرش استخدام تكنولوجيا املعلومات‪.‬‬ ‫مواكبة مستجدّات التط ّورات العلمية يف‬ ‫مجال العلوم والتكنولوجيا والعلوم اإلنسانية‬

‫واللغة العربية‪.‬‬ ‫اإلسهام يف دراسة واقع العلوم والثقافة واللغة‬ ‫العربية يف الوطن العريب‪ ،‬وتقديم اإلقرتاحات‬ ‫الالزمة لبناء سياسات وطنية يف هذه املجاالت‪،‬‬ ‫ودعم التنسيق العريب بني هذه السياسات‪.‬‬ ‫إثارة اإلهتامم بالوثيقة العربية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬يف مجال العمل العريب‬ ‫ اإلسهام يف تعزيز حرية انسياب املعلومات‬‫يف البلدان العربية‪.‬‬ ‫ دعم املؤسسات العربية من االتحادات‬‫واملنظامت والجمعيات املهنية واللجان واملجالس‬ ‫العاملة يف مجال الثقافة والعلوم ضمن‬ ‫اإلمكانيات املتاحة‪.‬‬ ‫ املشاركة يف العمل عىل جمع الرتاث العريب‬‫وحفظه ومت ّثله ونرشه وتعميم اإلفادة منه بني‬ ‫الجامهري وإبراز الدور اإليجايب منه‪ ،‬ما يسهم يف‬ ‫بناء جسور التواصل بني األجيال‪ ،‬مبا يجعله عنرصاً‬ ‫من عنارص تكوين الثقافة العربية وتجديدها‪.‬‬ ‫ إبراز الدور الحضاري العريب ومواجهة اإلعالم‬‫املعادي أل ّمتنا العربية‪ ،‬من خالل تنفيذ املرشوعات‬ ‫العلمية املشرتكة يف شتّى املجاالت‪.‬‬ ‫ اإلسهام يف تطوير الطاقات البرشية العربية‬‫يف مجاالت اللغة العربية والثقافة والعلوم‪.‬‬ ‫ التعاون والتنسيق مع املنظامت واإلتحادات‬‫الدولية واإلقليمية املامثلة‪.‬‬ ‫ وضع الخطط والربامج املالمئة لإلحتفال بيوم‬‫الوثيقة العربية يف السابع عرش من ترشين‬ ‫األول من كل عام‪ ،‬وذلك بالتعاون والتنسيق مع‬ ‫املراكز واملؤسسات واملنظامت العربية واإلقليمية‬ ‫والدولية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬يف مجال اإلحياء العريب‬ ‫إحياء الرتاث العريب‬ ‫اإلسهام يف الحفاظ عىل الهوية العربية‬ ‫املشرتكة وترسيخها انطالقاً من اإلميان ّ‬ ‫بأن العرب‬ ‫أ ّمة واحدة‪.‬‬ ‫اإلسهام يف اإلنطالق عىل طريق اإلبداع العلمي‬ ‫واملعريف ما يساعد عىل النهضة العلمية‬ ‫والثقافية واإلقتصادية‪.‬‬ ‫العمل عىل تقديم مرشوع إحياء الفكر العريب‬ ‫بصورة عرصية متجددة‪ ،‬وذلك من خالل تجاوز‬ ‫فكرة التناقض بني الرتاث والحداثة تجاوزاً مبدعاً‬ ‫خالقاً‪ ،‬وقادراً عىل تقديم إجابات متّزنة ومنطقية‬ ‫عىل أسئلة النهضة العربية‪.‬‬ ‫اإلسهام يف توفري مناخ من الحرية الفكرية‪،‬‬ ‫تشجع عىل البحث والتع ّلم واإلبداع‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫واإلبتكار يف جميع املجاالت العلمية والثقافية‬ ‫واإلجتامعية والسياسية واإلعالمية‪.‬‬ ‫اإلسهام يف إطالق قوى العقل والحرية والخيال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن عملية إحياء الفكر العريب يف روحها وجوهرها‬ ‫عملية إنشائية إبداعية‪ ،‬ترمي لخلق عامل جديد‪،‬‬ ‫وأهم ما يتض ّمنه مفهوم اإلحياء‪ ،‬هو تحرير حركة‬ ‫إحياء الفكر العريب من فكرة النموذج‪.‬‬ ‫العمل بشكل مشرتك مع جميع املؤسسات‬

‫والجهات التي تتبنّى أهدافاً مشابهة‪ ،‬إلزالة‬ ‫السلبيات العالقة لصورة العرب يف العامل‪ّ ،‬‬ ‫ألن‬ ‫الصورة اإليجابية ال تأيت من نكران السلب ّيات‪ ،‬بل‬ ‫من العمل من أجل محوها فع ًال‪.‬‬ ‫اإلسهام يف توفري مناخ مناسب لحل مشكلة‬ ‫التنمية سياسياً وإقتصادياً وعلمياً‪.‬‬ ‫اإلسهام يف الحوار مع الغرب من موقع الغد‬ ‫املتكاىفء‪.‬‬ ‫التبادل املعريف والثقايف‪:‬‬ ‫تسهيل تبادل املواد الثقافية املطبوعة‬ ‫والرقمية من كتب ودوريات وتوزيعها يف جميع‬ ‫أنحاء الوطن العريب‪.‬‬ ‫واإلعالمية‬ ‫الثقافية‬ ‫املؤسسات‬ ‫تطوير‬ ‫املوجودة‪ ،‬وذلك بهدف العمل عىل إعادة الثقة يف‬ ‫إستمرارية اإلنتامء العريب‪ ،‬وشحذهم األجيال‬ ‫املعارصة إلستكشاف ما ميلكه العرب وما ميكن‬ ‫أن ميلكوه مستقب ًال‪.‬‬ ‫اللغة العربية‪:‬‬ ‫وضع املصطلح العلمي العريب وتوحيده‬ ‫ونرشه‪.‬‬ ‫دعم تعليم اللغة العربية ألبناء الجاليات‬ ‫العربية يف بالد املهجر‪ ،‬ولألجانب الراغبني‬ ‫يف تعليم العربية‪ ،‬بغية تحقيق التواصل بني‬ ‫الشعوب‪ ،‬وتأكيد قيمة الحوار مع اآلخر‪.‬‬ ‫اإلهتامم بتقييس استعامل اللغة العربية يف‬ ‫شتّى املجاالت العلمية‪.‬‬ ‫اإلرساع يف تكوين قواعد املعلومات باللغة‬ ‫العربية يف مختلف املجاالت العلمية والثقافية‪.‬‬ ‫اإلهتامم بالرتجمة العلمية من اللغات العاملية‬ ‫إىل اللغة العربية وبالعكس‪.‬‬ ‫اإلهتامم الجاد بتعليم العلوم باللغة العربية‬ ‫يف املدارس والجامعات عىل امتداد الوطن العريب‬ ‫مع اإلهتامم يف الوقت عينه بتعليم اللغات‬ ‫األجنبية وإتقانها‪.‬‬ ‫تشجيع النرش باللغة العربية ورقياً وإلكرتونياً‬ ‫واإلهتامم بنرش الوعي املعريف‪.‬‬ ‫اإلفادة من تبادل املعلومات بني البلدان العربية‪،‬‬ ‫مام يتطلب وجود هيئة مركزية عربية تش ّكل‬ ‫بالتوافق بني الدول العربية التي ترغب بالعمل من‬

‫‪65‬‬

‫خاللها‪.‬‬ ‫وتع ّد أدب ّيات النادي التي صدرت يف مجال‬ ‫اللغة العربية واإلحياء العريب هي املرجع األساس‬ ‫للمنطلقات الفكرية للنادي‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬يف مجال الحوار مع العامل‬ ‫يسعى نادي اإلحياء العريب إلقامة عالقات‬ ‫إيجابية مفيدة للعرب مع املؤسسات املوازية‬ ‫له يف البلدان املتقدمة‪ ،‬بهدف اإلستفادة من‬ ‫خرياتها‪.‬‬ ‫التأكيد عىل حوار الحضارات وتكاملها‪ ،‬من‬ ‫خالل السعي لتعريف العامل بالتاريخ العريب‬ ‫والثقافة العربية‪.‬‬ ‫إبراز دور البلدان العربية يف احتضان أقدم‬ ‫الحضارات املعروفة يف التاريخ‪ ،‬وهي الحضارات‬ ‫التي أسست للتطورات الثقافية والفكرية‬ ‫والعلمية واإلقتصادية الالحقة يف جميع أنحاء‬ ‫العامل وحملت رساالت األديان الساموية املعروفة‬ ‫ونرشتها‪.‬‬ ‫حدّثنا عن فرع النادي الذي أسستموه مؤخراً‬ ‫يف لبنان؟‬ ‫نادي اإلحياء العريب يف لبنان‪ ،‬تأسس وفقاً‬ ‫لقرار “علم وخرب رقم ‪ 357‬تاريخ ‪ .”2011/2/25‬أما‬ ‫املؤسسون‪ ،‬فهم‪ :‬د‪.‬سلوى الخليل األمني‪ ،‬د‪.‬غازي‬ ‫مراد‪ ،‬د‪.‬مصطفى دندشيل‪ ،‬املهندس واصف‬ ‫رشارة‪ ،‬د‪.‬ميشال كعدي‪ ،‬نبيه األعور‪.‬‬ ‫تأسسنا منذ شهرين‪ ،‬وكانت باكورة أعاملنا‬ ‫ندوة “ق ّوة األمة من ق ّوة لغتها” خالل إفتتاح فرع‬ ‫النادي يف قرص األونيسكو‪ ،‬للتأكيد عىل أن اللغة‬ ‫هي امل ّقوم األساس يف تقوية األمة‪.‬‬ ‫نحضرّ اليوم ملؤمتر لغوي عىل مستوى إقليمي‪،‬‬ ‫وال شك أنه ينضج وفقاً لتط ّور الظروف العربية‪،‬‬ ‫سيكون يف بريوت وقد يتم يف الخريف املقبل‪،‬‬ ‫لكننا حتى اآلن مل ن َر خري أو رش وزارة الثقافة‬ ‫لجهة الدعم املادي وخاصة أننا مل نطلب منها‬ ‫يشء حتى اآلن‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبدالله‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب مرأة‬

‫ال دور قيادي للمرأة اللبنانية طالما قوانين األحوال الشخصية تنظر إليها نظرة دونية‬

‫ماري الدبس لـ «منبر التوحيد»‪ :‬كل النساء اللواتي وصلن‬ ‫ً‬ ‫الى البرلمان َّ‬ ‫«بديال عن ضائع»‬ ‫كن‬ ‫تحتل املرأة مكاناً هاماً يف املجتمع‪،‬‬ ‫وتحظى مبكانة عظيمة‪ ،‬فهي أصل الحياة‪،‬‬ ‫ومنبع الحب وساقية الحنان‪ .‬إنها مدرسة‬ ‫الوداعة يزينها رقة الشعور‪ ،‬املرأة نصف‬ ‫املجتمع‪ ،‬فإذا أهملت سار النصف اآلخر‬ ‫يعرج عىل قدم وساق‪ .‬إن للمرأة أثراً كبرياً‬ ‫يف تقدم األمة وازدهار البالد ‪.‬‬ ‫املرأة وراء كل عمل عظيم فهي حياة‬ ‫القلوب وأساس التقدم‪ ،‬وبانية األمجاد‪.‬‬ ‫هي األرض الطيبة والفن والجامل‬ ‫والحياة‪ ،‬فهي تعطي‪ ،‬تهب‪ ،‬تبذل‪ ،‬تعلم‬ ‫وتريب وتنىشء‪ ،‬إنها صانعة األمجاد وبانية‬ ‫الحضارات‪.‬‬ ‫املرأة هي املدرسة األوىل التي يتلقى‬ ‫فيها الطفل دروس الحياة‪ ،‬وبها يتأثر‪ ،‬ومنها‬ ‫يكسب أخالقه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وعنها يأخذ‬ ‫عاداته‪ ،‬ومميزاته‪.‬‬ ‫وملا كان الطفل محط آمال أمته‪ ،‬والرجاء‬ ‫الذي ينتظره الوطن‪ ،‬لذلك وجب علينا أن‬ ‫نرعى طفولته ونتعهدها بالري واإلسقاء‬ ‫يك تعطي مثرة يانعة تؤيت أكلها يف كل‬ ‫حني‪ .‬ال بد لنا من تعليم الفتاة وتهذيبها‬ ‫إعدادا‬ ‫بإعدادها‬ ‫وتوجيهها‬ ‫وتربيتها‬ ‫صحيحاً من الوجهتني العقلية والخلقية‬ ‫يك تكون امرأة فاضلة‪ ،‬جميلة‪ ،‬متعلمة‪،‬‬ ‫وأماً واعية تقوم بواجباتها العائلية بيقظة‬ ‫تامة وعزم صادق‪“ .‬ليس الجامل بأثواب تزيننا‬ ‫‪....‬بل الجامل جامل العلم واألدب”‪.‬‬ ‫إن املرأة نصف املجتمع‪ ،‬بل قد تزيد‪،‬‬ ‫فنحن عندما نتحدث عن حقوق وواجبات‬ ‫املرأة فإننا نتحدث عن حقوق وواجبات‬ ‫املجتمع بأكمله‪ ،‬وإن مل يؤمن أحدنا بحقوق‬ ‫وواجبات املرأة أو مل ير لها أثراً فمن الذي‬ ‫يعمل ومن الذي ميلك حقوقاً وواجبات إذن؟‬ ‫ولتسليط الضوء عىل دور املرأة‬ ‫لقاء مع‬ ‫وحقوقها‪ ،‬كان لـ”منرب التوحيد”‬ ‫الدكتورة ماري الدبس نائبة األمني العام‬ ‫للحزب الشيوعي‪ ،‬وعضو يف لجنة حقوق‬ ‫املرأة اللبنانية‪ ،‬هنا نص اللقاء‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ويتحملون‬

‫يحىك دامئاً عن حقوق املرأة اللبنانية‪ ،‬ما هي‬ ‫القوانني التي مازالت تش ّكل عقبة أمام وصول‬ ‫املرأة إىل حقوقها؟‬ ‫هنالك قوانني كثرية التزال تقف يف وجه حقوق‬ ‫املرأة اللبنانية‪ ،‬إال أن األساس يف التمييز هو ذلك‬ ‫املرتبط باألحوال الشخصية‪ ،‬إذ أن التمييز الحاصل‬ ‫يف القوانني األخرى‪ ،‬من قانون الجنسية (الذي مينع عن‬ ‫املرأة اللبنانية املتزوجة من أجنبي إعطاء جنسيتها‬ ‫ألوالدها) اىل قانون العقوبات اىل قانون التنزيل‬ ‫الرضيبي اىل قانون الضامن واملرسوم ‪( 3950‬املتعلق‬ ‫بالتقدميات االجتامعية ملوظفي الدولة)‪ ،‬هو نتاج‬ ‫األحوال الشخصية‪.‬‬ ‫فاألحوال الشخصية يف لبنان‪ ،‬التي تش ّكل قاعدة‬ ‫املواطنة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وأساس املساواة بني املرأة والرجل‪،‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬تستند اليوم اىل ‪ 15‬قانون طائفي‬ ‫ومذهبي ويف كل من هذه القوانني رؤية مختلفة‬ ‫لحقوق الرجل وحقوق املرأة‪ .‬وهذا يعني بوضوح أن‬ ‫اللبنانيني موزعون اىل ‪ 30‬مجموعة من الرعايا‬ ‫التابعني اىل مؤسسات تعود اىل ما قبل وجود الدولة‬ ‫املوحدة طاملا أن الدولة‪ ،‬التي هي مصدر السلطات‪ ،‬قد‬ ‫تخلت عن حقها يف الترشيع اىل مجموعات ضمنها‪،‬‬ ‫مبا يعني أنها فقدت جزءا من صفتها كدولة وأفقدت‬ ‫القوانني‪ ،‬بالتايل‪ ،‬صفتي وحدة الترشيع وشموليته‪،‬‬ ‫وهام صفتان ال بد منهام إلنجاز حق املواطنة الذي‬ ‫تنص عليه مبدئيا املادة السابعة من الدستور “كل‬ ‫اللبنانيني سواء لدى القانون‪ .‬وهم يتمتعون بالسواء‬

‫‪66‬‬

‫الفرائض‬

‫بالحقوق املدنية والسياسية‬ ‫والواجبات العامة دومنا فرق بينهم”‪.‬‬ ‫هل استطاعت املرأة يف نضالها أن تفرض‬ ‫وجودها عىل املجتمع الذكوري من خالل انتزاع هذه‬ ‫الحقوق؟‬ ‫هنالك بعض التناقض بني السؤالني األول والثاين‪.‬‬ ‫أفضل أن نضيف كلمة “بعض” أمام حقوقها‪ ،‬إذ أن‬ ‫النضال النسايئ انتزع بعضاً من الحقوق املهمة التي‬ ‫نفخر بأننا حققناها‪ ،‬أولها حق املراة يف التعلم و يف‬ ‫االنتخاب والرتشح‪ ،‬إضافة اىل تعديل قانون العمل‬ ‫باتجاه إقرار املساواة يف األجر بني العاملة والعامل‪...‬‬ ‫هذا النضال وما حققه من تغريات يف مجال‬ ‫القوانني واألعراف انعكس بدون شك عىل واقع املرأة‪،‬‬ ‫خاصة من حيث وجودها يف مواقع انتاجية واجتامعية‬ ‫وإدارية وحتى سياسية مهمة‪ :‬يف املدارس والجامعات‬ ‫وكذلك يف القطاع اإلعالمي واملايل ونسبياً يف‬ ‫األحزاب‪ .‬إال أن هذا التغيري بقي كمياً نوعاً ما‪ :‬فتوسع‬ ‫دور املرأة اتجه أفقياً يف القطاعات وازداد عدد النساء‬ ‫املنتجات دون أن يتغري الدور‪ ،‬أي املشاركة يف صنع‬ ‫القرار‪.‬‬ ‫أين يقع التمييز ضد املرأة يف لبنان خاصة وأن‬ ‫املرأة اللبنانية استطاعت أن تنخرط يف الحقل‬ ‫السيايس فوصلت إىل النيابة‪ ،‬ثم شاركت يف‬ ‫الحكومة يف أكرث من وزارة‪ ،‬أال يعد هذا تطوراً‬ ‫إيجابياً؟‬ ‫إن التمييز ضد املرأة يف لبنان يقع يف عدة‬ ‫مستويات‪ :‬األول يف القوانني املشار إليها سابقا‪،‬‬ ‫وبالتحديد يف مجال األحوال الشخصية‪ ،‬كام أوردنا‪،‬‬ ‫وانعكاس ذلك عىل القوانني الوضعية‪ .‬أما املستوى‬ ‫الثاين فيتجسد يف األعراف والتقاليد التي حالت‬ ‫حتى اآلن دون وضع بعض التعديالت التي أدخلناها‬ ‫عىل القوانني موضع التنفيذ‪ ،‬مثال املساواة يف األجر‬ ‫التي تتطلب متابعة من قبل مراقبي وزارة العمل‬ ‫أو ترشيح املرأة اىل االنتخابات النيابية بناء عىل‬ ‫قانون يطرح املبدأ ونقيضه‪ .‬فقانون االنتخاب عندنا‬ ‫هو قانون مبني عىل توزيع مجلس النواب بحسب‬ ‫كوتا محددة بني الطوائف واملذاهب‪ ،‬وكلها متيز بني‬ ‫املرأة والرجل لغري صالح املرأة‪ ،‬كام أرشنا‪ ،‬فكيف‬ ‫ستسعى اىل ترشيح املرأة؟ وهنا ال بد من القول‬ ‫أن كل النساء اللوايت وصلن اىل الربملان حتى اآلن‬ ‫كن “بديال عن ضائع” أي أنهن عملن‪ ،‬بعد وفاة الزوج‬ ‫عموما‪ ،‬عىل حفظ املركز لالبن‪ .‬وحتى من مررن يف‬ ‫الحكومات املختلفة فلم يعطني دوراً كبرياً وال حقائب‬

‫أساسية‪ ...‬واألفظع من هذا وذاك هو تشكيل لجنة‬ ‫واحدة للمرأة والطفل يف مجلس النواب‪ ،‬مبا يعني أن‬ ‫نظرة السلطة الترشيعية اىل املرأة تنم عىل شئ‬ ‫من الدونية‪ ،‬إذ أن ربطها بالطفل هو إعالن ضمني‬ ‫عىل أنها ال تتمتع باستقاللية ذاتية بل هي تابعة‪.‬‬ ‫هناك حملة “جنسيتي” بأن تسمح للمرأة‬ ‫اللبنانية إعطاء الجنسية لزوجها وأوالدها‪ ،‬ما هو‬ ‫رأيك؟‬ ‫الحملة التي أسهمنا يف إطالقها يف مجال‬ ‫الجنسية كمناضالت يف الحقل العام كانت من‬ ‫خالل انخراطنا يف “اللقاء الوطني للقضاء عىل‬ ‫التمييز ضد املرأة” الذي أسسته لجنة حقوق املرأة‬ ‫اللبنانية يف العام ‪ .1999‬وقد أسهمت أنا شخصياً‬ ‫وال أزال من منطلقني‪ :‬األول كنقابية والثاين كسيدة‬ ‫شيوعية‪ .‬يف هذا “اللقاء الوطني” بحثنا القوانني‬ ‫ووضعنا العديد من املشاريع لتعديلها‪ ،‬ونفخر بأننا‬ ‫أسهمنا مبارشة يف التعديالت التي أدخلت‪ ،‬عىل‬ ‫وجه الخصوص‪ ،‬عىل قانون العمل وقوانني وأنظمة‬ ‫املوظفني‪ ،‬إن من خالل الصياغات التي اعتمدها‬ ‫مجلس النواب أم من خالل النقاشات التي أسهمنا‬ ‫فيها عرب اللجان االختصاصية التي شكلتها لجنة‬ ‫اإلدارة والعدل النيابية‪.‬‬ ‫بالنسبة لحق املرأة اللبنانية املتزوجة من أجنبي‬ ‫يف إعطاء جنسيتها ألوالدها‪ ،‬أطلقنا حملة “ألنهم‬ ‫أوالدي جنسيتي حق لهم” وتقدمنا عرب سعادة النائب‬ ‫غسان مخيرب مبرشوع قانون يف هذا الصدد سجله‬ ‫يف قلم املجلس ونظمنا العديد من االعتصامات‬ ‫والتظاهرات يف بريوت واملناطق وتحركنا كذلك دعام‬ ‫للسيدة سمرية سويدان يف معركتها من أجل‬ ‫حق أوالدها بعد وفاة زوجها‪ .‬إننا نرى أن االستمرارية‬ ‫واملثابرة تشكالن عنرصين حاسمني ونحن نتابع اليوم‬ ‫حملتنا ولن نتوقف قبل تعديل الفقرة األوىل من املادة‬ ‫األوىل من قانون الجنسية باتجاه يقول “يعد لبنانيا كل‬ ‫شخص مولود من أب لبناين أو من أم لبنانية”‪ ،‬وهذه‬ ‫الجملة األخرية هي مفتاح الحل‪ ،‬ألن إعطاء الجنسية‬ ‫للولد هو حق‪ ،‬وبعد ذلك نبحث يف مسألة أخرى هي‬ ‫تجنيس الزوج األجنبي‪.‬‬ ‫هل متكنت األحزاب أن تساوي بني الرجل واملرأة‬ ‫موقعك كمناضلة حزبية‪ ،‬كيف‬ ‫داخلها‪ ،‬ومن‬ ‫ِ‬ ‫تصفني الواقع؟‬ ‫إذا ما أردنا توصيف األحزاب السياسية اللبنانية نجد‬ ‫أن الطابع الغالب عىل معظمها هو الطابع الطائفي‬ ‫واملذهبي‪ .‬وهذا الطابع يشوه النظرة الواقعية اىل دور‬ ‫املرأة يف صنع القرار السيايس وبالتايل اىل املوقع‬ ‫السيايس الذي يجب أن تحتله داخل هذا الحزب أو ذاك‪،‬‬ ‫وبالتحديد يف الهيئات القيادية لألحزاب‪ ،‬كمقدمة‬ ‫لالنتقال اىل املشاركة يف صنع القرار عىل املستوى‬ ‫الوطني العام‪ .‬هذا الواقع نجده أيضاً‪ ،‬إمنا جزئياً‪ ،‬يف‬ ‫األحزاب السياسية غري الطائفية القليلة املوجودة‬ ‫يف لبنان‪ .‬من ضمن هذه األحزاب غري الطائفية الحزب‬ ‫الشيوعي اللبناين‪.‬‬ ‫ميكن القول أن حزبنا كان سباقاً يف مجال حقوق‬ ‫املرأة منذ نشأته‪ ،‬إذ طرح يف برنامجه السيايس األول‬

‫مسألة املساواة بني املواطنني وبالتحديد بني املراة‬ ‫والرجل؛ كام نلفت النظر اىل أن كل من يقرأ برامج‬ ‫مؤثرات الحزب ال بد وأن يالحظ الحيز املعطى يف كل‬ ‫منها لطرح قضية املرأة كقضية إنسانية وحقوقية‬ ‫وسياسية ومبدئية بامتياز‪ .‬غري أن الطروحات‬ ‫املتقدمة هذه تبقى جزئية إذا مل تقرتن بتدابري عملية‬ ‫لتقديم الكادر النسايئ داخل هيئات الحزب القيادية‬ ‫عىل كافة املستويات‪ .‬لذا طرحنا يف املؤمتر العارش‬ ‫بحدة مسالة اعتامد “كوتا” للنساء داخل الهيئات‬ ‫القيادية العليا (اللجنة املركزية عىل وجه الخصوص)‪.‬‬ ‫مل يتم التجاوب مع هذا الطرح‪ ،‬اذ أن أغلبية القيادة‬ ‫السابقة رأت أن النظام الداخيل للحزب ال يتضمن‬ ‫أي متييز باملبدأ وأن ما يجب القيام به هو الرتكيز عىل‬ ‫التنفيذ العميل‪ .‬بكل األحوال حققنا تقدما جزئياً‬ ‫مه ًام‪ ،‬وسنعمل عىل تطويره يف املؤمتر الحادي عرش‬ ‫القادم‪ ،‬علام أن النساء يف الحزب موجودات – وإن‬ ‫بنسب متفاوتة‪ -‬يف كل مجاالت العمل تقريباً وأن‬ ‫دور الشيوعيات يرتدي األهمية نفسها‪ ،‬إن يف “جبهة‬ ‫املقاومة الوطنية” لالحتالل الصهيوين أم يف العمل‬ ‫النقايب العاميل وغريه‪ .‬وشهيدتنا وردة بطرس‪ ،‬التي‬ ‫سقطت يف الدفاع عن حقوق عامل الريجي يف‬ ‫العام ‪ 1947‬كانت وال تزال مفخرة لكل اللبنانيني‬ ‫واللبنانيات‪ ،‬متاماً كام لوال عبود ووفاء نور الدين ويسار‬ ‫مروة ويرسى اسامعيل وإنعام حمزة‪ ...‬دون أن ننىس‬ ‫كل اللوايت دخلن السجون يف لبنان دفاعا عن الحرية‬ ‫والدميقراطية وكذلك األسريات يف معتقالت العدو‪.‬‬ ‫هل تعتربين أن املرأة اللبنانية أصبح لها دور‬ ‫قيادي يف املجتمع عىل مستويات عدة؟‬ ‫ال ميكن أن يصبح للمراة اللبنانية دور قيادي فعيل‬ ‫طاملا قوانني األحوال الشخصية هي عىل ما هي عليه‪،‬‬ ‫أي أنها تنظر اىل املرأة نظرة دونية وال ترى فيها إنساناً‬ ‫بكل معنى الكلمة ومواطناً قادرا عىل املشاركة يف‬ ‫صنع القرار السيايس‪.‬‬ ‫ماذا عن الكوتا النسائية‪ ،‬وملاذا مل تقر‪ ،‬أليست‬ ‫أيضاً هذه الكوتا هي استجداء من النساء طاملا‬ ‫أن القوانني تسمح لها بالرتشح يف االنتخابات‬ ‫النيابية أو البلدية أو االختيارية؟‬ ‫طرحت الكوتا النسائية للمرة األوىل يف لبنان بعد‬ ‫بضع سنوات عىل مؤمتر بيجينغ (بكني) الذي عقد يف‬ ‫العام ‪ 1995‬وكان الرتجمة العملية لالتفاقية الدولية‬ ‫للقضاء عىل التمييز ضد املرأة(سيداو)‪ .‬والهدف‬ ‫من الكوتا هو تشجيع الدول عىل امليض يف مبدأ‬ ‫املساواة‪ ،‬خاصة وأن املرأة‪ ،‬أي أكرث من نصف املجتمع‬ ‫اإلنساين‪ ،‬ال تزال مبعدة عن مواقع القرار السيايس‬ ‫ألسباب مختلفة‪.‬‬ ‫لن نتحدث عن الكوتا يف أوروبا ولن نتوقف عند‬ ‫تجربة بعض النساء األساسيات هناك‪ ،‬ويف مقدمتهم‬ ‫انجيال مريكل‪ ،‬معها‪ ،‬علام بأن نقل التجارب الناجحة‬ ‫مفيد عموماً‪ ،‬بل سنكتفي مبا هو موجود عندنا‪.‬‬ ‫لقد سبق لنا أن تحدثنا عن الدور السلبي لقوانني‬ ‫األحوال الشخصية التي ميكن أن نضيف اليها دور‬ ‫األعراف والتقاليد يف اإلبقاء عىل تخلف املرأة ودورها‬ ‫الهاميش حتى ولو نالت أهم الشهادات وبرعت يف‬

‫‪67‬‬

‫مجاالت متعددة‪ .‬وحتى إذا كانت القوانني املتعلقة‬ ‫باالنتخاب ال تتضمن رصاحة موقفا يحد من دور املرأة‪،‬‬ ‫إال أن قانون االنتخابات النيابية يستند اىل توزيع‬ ‫املجلس النيايب اىل حصص (أي كوتا) ما بني الطوائف‬ ‫(السنّة واملوارنة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بد ًءا باألقليات الكربى‬ ‫ُ‬ ‫والشيعة) ووصوالً اىل أصغر األقليات‪ .‬فإذا كانت‬ ‫الطوائف ال تعرتف باملساواة بني املرأة والرجل‪ ،‬فهل‬ ‫ميكن االعتقاد أنها ستوافق بسهولة عىل أن متثلها‬ ‫املرأة يف مركز تقاسم النفوذ السيايس؟‬ ‫يف الشأن االجتامعي‪ ،‬هل حصلت املرأة يف‬ ‫لبنان عىل حقوقها‪ ،‬ال سيام وأن القوانني أعطتها‬ ‫حق املرض وإجازة األمومة‪ ،‬كام أنها تستطيع أن‬ ‫تضمن أوالدها عىل اسمها؟‬ ‫هناك معركة مستمرة يف هذا املجال‪ .‬لقد استطعنا‬ ‫عرب “اللقاء الوطني للقضاء عىل التمييز ضد املرأة”‬ ‫ومن خالل انخراط روابط املعلمني واألساتذة يف‬ ‫التعليم الرسمي أن نحقق املساواة يف مجال املنافع‬ ‫والخدمات داخل أنظمة املوظفني بحيث أصبحت املرأة‬ ‫قادرة عىل ضامن عائلتها‪ ،‬مبن فيها الزوج‪ ،‬وعىل توريث‬ ‫من لهم الحق يف حال الوفاة ضمن الخدمة وخارجها‪.‬‬ ‫غري أنه تجدر اإلشارة اىل أن العرثات التي التزال تعرتي‬ ‫التطبيق‪ :‬فتعاونية موظفي الدولة التزال ترص عىل‬ ‫مطالب تعجيزية عندما يتعلق األمر باملوظفة دون‬ ‫املوظف‪ ،‬كالطلب اليها تأمني أوراق ثبوتية كل ستة‬ ‫أشهر بأن زوجها ال يتقاىض مساعدة مرضية عن‬ ‫أوالدها‪ ...‬اىل آخر املعزوفة‪ .‬أما يف القطاع الخاص‬ ‫فاليزال مبدأ األجر املتساوي للعمل املتساوي غري‬ ‫مطبق بشكل واسع وكذلك اليزال هنالك عدد كبري‬ ‫من النساء العامالت واملستخدمات غري مسجالت‬ ‫يف الصندوق الوطني للضامن االجتامعي‪.‬‬ ‫هناك العديد من الجمعيات النسائية يف لبنان‪،‬‬ ‫ما هي نظرتك إليها؟‬ ‫هناك نوعان من العمل النسايئ‪ :‬التقليدي الذي‬ ‫يعتمد عىل املساعدة املسامة “إنسانية” واملناضل‬ ‫ضمن جمعيات تعنى بتغيري الصورة النمطية للمرأة‪.‬‬ ‫وأنا مع النوع الثاين‪.‬‬ ‫كنائبة أمني العام للحزب الشيوعي‪ ،‬هل واجهت‬ ‫مشكلة للوصول إىل هذا املنصب؟ وكيف ينظر‬ ‫إليك داخل الحزب؟‬ ‫يف الحقيقة مل أواجه مشاكل تذكر انطالقاً من‬ ‫كوين امرأة مناضلة يف صفوف الحزب الشيوعي‬ ‫اللبناين‪ ،‬ال يف بداية حيايت السياسية داخل‬ ‫الحزب الشيوعي اللبناين وال اآلن‪ .‬فأنا استلمت‬ ‫مراكز سياسية وتنظيمية عدة غري قيادة العمل‬ ‫النسايئ‪ .‬وعندما تقدمت اىل موقع نائبة األمني‬ ‫العام‪ ،‬بعد املؤمتر العارش‪ ،‬انتخبت من قبل أغلبية‬ ‫الرفاق يف اللجنة املركزية عىل أساس دوري‬ ‫ونضايل وإمكانيايت‪ ،‬عل ًام أنني مل أكن املرشحة‬ ‫الوحيدة بل فزت عرب صندوق االقرتاع‪ .‬إمنا هذا‬ ‫ال يعني أن األمور سهلة والنظرة التمييزية قد‬ ‫اندثرت كلياً‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫تحقيق‬

‫خط وهمي رفيع يفصل بين الهواية واإلدمان‬

‫الدكتور رائد محسن لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫على األهل أن يعلموا أن األلعاب االلكترونية ليست مربية أطفال‬ ‫األلعاب االلكرتونية أصبحت تستحوذ‬ ‫عىل عقول أطفالنا وه ّمهم‪ .‬وقد انترشت‬ ‫هذه األلعاب برسعة هائلة بني األوالد‬ ‫واملراهقني‪ ،‬فال يكاد يخلو بيت منها حتى‬ ‫أصبحت جز ًءا من غرفة الطفل‪ ...‬بل أصبح‬ ‫معهم‬ ‫يصطحبونها‬ ‫واألمهات‬ ‫اآلباء‬ ‫أينام ذهبوا ليزيدوا األطفال إدما ًنا عىل‬ ‫مشاهدتها‪...‬‬ ‫بدأ العمل يف صناعة األلعاب اإللكرتونية‬ ‫يف القرن التاسع عرش وما إن حل عام ‪1981‬‬ ‫حتى انترشت األجهزة اإللكرتونية املشبعة‬ ‫باأللعاب املتنوعة يف كثري من املنازل ومراكز‬ ‫املالهي املختلفة‪ ،‬وازداد عدد املستخدمني لها‪،‬‬ ‫وتعتمد هذه األلعاب عىل رسعة االنتباه والرتكيز‬ ‫والتفكري وهي تلعب يف أي وقت وال تحتاج يف‬ ‫كثري من األحيان ألكرث من شخص واحد إىل‬ ‫جانب سهولة حملها‪.‬‬ ‫ثم انترشت يف السنوات األخرية محالت‬ ‫بيع األلعاب اإللكرتونية ومراكز وصاالت‬ ‫األلعاب بشكل كبري مبختلف أشكالها‬ ‫وأحجامها وأنواعها‪ ،‬وقابل هذا االنتشار طلباً‬ ‫متزايداً من قبل األطفال واملراهقني عىل‬ ‫اقتناء هذه األلعاب يف املنازل أو الذهاب إىل‬ ‫مراكز األلعاب التي اكتسبت شهرة واسعة‬ ‫وقدرة عىل جذب األطفال واملراهقني حيث‬ ‫أصبحت بالنسبة لهم هواية تستحوذ عىل‬ ‫معظم أوقاتهم‪.‬‬ ‫ويف ظل غياب أجهزة الرقابة الرسمية عىل‬ ‫محالت بيع األلعاب اإللكرتونية ومراكز األلعاب‬ ‫وعدم مراقبة األرسة ملا يشاهده أبناؤهم من‬ ‫األلعاب وعدم الوعي اىل مخاطر ذلك‪ ،‬أدى إىل‬ ‫ترسب ألعاب وبرامج تروج ألفكار وعادات تتعارض‬ ‫مع عادات وتقاليد مجتمعاتنا‪.‬‬ ‫الرابح يف هذا املجال هو الرشكات األمريكية‬ ‫واليابانية املنتجة واملسوقة لهذه األلعاب‬ ‫والربامج‪ ،‬فقد أعلنت رشكة “سوين” اليابانية‬ ‫املتخصصة يف صناعة اإللكرتونيات أنها تتوقع‬ ‫ارتفاع أرباح مجموعاتها بنسبة ‪ %108‬إىل ‪280‬‬ ‫مليار خالل السنوات املقبلة‪ ،‬وأرجعت الرشكة‬ ‫هذا االرتفاع يف أرباحها إىل نجاح لعبة البالي‬ ‫ستيشن‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫جميع هذه األرشطة فإن األمر سيكون متأخراً‬ ‫للغاية يف منع منو جيل ميارس أشد أنواع العنف‬ ‫تطرفاً يف التاريخ املعارص‪”.‬‬ ‫ويف دراسة يف كندا لثالثني ألف من هذه‬ ‫األلعاب اإللكرتونية تم رصد اثنني وعرشين ألفاً‬ ‫منها تعتمد اعتامداً مبارشاً عىل فكرة الجرمية‬ ‫والقتل والدماء‪.‬‬ ‫وذكرت دراسة أمريكية حديثة أن مامرسة‬ ‫األطفال أللعاب الكمبيوتر التي تعتمد عىل‬ ‫العنف ميكن أن تزيد من األفكار والسلوكيات‬ ‫العدوانية عندهم‪.‬‬ ‫وأشارت الدراسة إىل أن هذه األلعاب قد‬ ‫تكون أكرث رضراً من أفالم العنف التلفزيونية أو‬ ‫السينامئية ألنها تتصف بصفة التفاعلية بينها‬ ‫وبني الطفل وتتطلب من الطفل أن يتقمص‬ ‫الشخصية العدوانية ليلعبها وميارسها‪.‬‬

‫إشاعة الجنس بني األطفال‬ ‫واملراهقني‬ ‫وذلك من خالل انتشار األلعاب التي تروج‬ ‫لألفكار اإلباحية التي تدخل اىل عقول األطفال‬ ‫واملراهقني‪.‬‬

‫اآلثار الصحية‬ ‫حذر خرباء الصحة من أن ت ّعود األطفال عىل‬ ‫استخدام أجهزة الكمبيوتر واإلدمان عليها‬ ‫يف الدراسة واللعب رمبا يعرضهم إىل مخاطر‬ ‫وإصابات قد تنتهي إىل إعاقات أبرزها إصابات‬ ‫الرقبة والظهر واألطراف وأشاروا إىل أن هذه‬ ‫اإلصابات قد تظهر يف العادة عند البالغني‬ ‫بسبب استخدام تلك األجهزة لفرتات طويلة‬ ‫مرتافقاً مع الجلوس بطريقة غري صحيحة أمامه‪،‬‬ ‫وعدم القيام بأي متارين رياضية ولو خفيفة خالل‬ ‫أوقات الجلوس الطويلة أمام الكمبيوتر‪.‬‬ ‫كام حذر العلامء من االستخدام املتزايد‬ ‫أللعاب الكمبيوتر االهتزازية من قبل األطفال‬ ‫الحتامل ارتباطه باإلصابة مبرض ارتعاش األذرع‬ ‫واألكف‪.‬‬ ‫كام تشري األبحاث العلمية إىل أن حركة‬ ‫العينني تكون رسيعة جداً أثناء مامرسة ألعاب‬ ‫الكمبيوتر مام يزيد من فرص إجهادها إضافة‬ ‫إىل أن مجاالت األشعة الكهرومغناطيسية‬ ‫واملنبعثة من شاشات الكمبيوتر تؤدي إىل حدوث‬ ‫االحمرار بالعني والجفاف والحكة وكلها أعراض‬ ‫تعطي اإلحساس بالصداع والشعور باإلجهاد‬ ‫البدين وأحياناً بالقلق واالكتئاب‪.‬‬ ‫أكدت دراسة نرشت نتائجها مؤخ ًرا أن ارتفاع‬ ‫حاالت البدانة يف معظم دول العامل يعود إىل‬

‫‪68‬‬

‫متضية فرتات طويلة أمام التلفاز أو الكمبيوتر‪.‬‬ ‫فقد قام الباحثون بدارسة أكرث من ‪ 2000‬طالب‬ ‫ترتاوح أعامرهم بني ‪ 9‬سنوات و‪ 18‬سنة‪ ،‬وتبني أن‬ ‫معدالت أوزان األطفال ازدادت من ‪ 54‬كيلوغرا ًما‬ ‫ً‬ ‫انخفاضا حادًا‬ ‫إىل ‪ 60‬كيلوغرا ًما‪ ،‬كام أن هناك‬ ‫يف اللياقة البدنية‪ ،‬فاألطفال من ذوي ‪ 10‬سنوات‬ ‫يف العام ‪ 1985‬كانوا قادرين عىل الركض ملسافة‬ ‫‪ 1.6‬كيلو مرت ملدة زمنية ال تتجاوز ‪ 8.14‬دقيقة‪،‬‬ ‫أما أطفال اليوم فريكضون املسافة نفسها‬ ‫ولكن يف عرش دقائق أو أكرث‪.‬‬

‫اإلدمان عىل اللعب‬ ‫أدّت هذه األلعاب اإللكرتونية لبعض األطفال‬ ‫واملراهقني إىل حد اإلدمان املفرط مام اضطر بعض‬ ‫الدول إىل تحديد سن األشخاص الذين يسمح‬ ‫لهم مبامرسة هذه األلعاب يف األماكن العامة‪.‬‬ ‫كام أدّت اىل ضعف التحصيل الدرايس‬ ‫وإهامل الواجبات املدرسية والهروب من املدرسة‬ ‫أثناء الدوام املدريس واضطرابات يف التعلم‪.‬‬

‫وحدوث الكسل والخمول والعزلة االجتامعية‬ ‫لدى األطفال باإلضافة إىل التوتر االجتامعي‬ ‫وفقدان املقدرة عىل التفكري الحر وانحسار العزمية‬ ‫واإلرادة لدى الفرد‪.‬‬

‫املسافة بني الطفل وشاشة الكمبيوتر عن ‪70‬‬ ‫سم وأن يتم إبعاد األطفال عن ألعاب الكمبيوتر‬ ‫االهتزازية حتى يتجنبوا اإلصابة املبكرة بأمراض‬ ‫عضلية خطرية كارتعاش الذراعني‪.‬‬

‫كيفية تفادي مخاطر األلعاب‬ ‫اإللكرتونية‬

‫ماذا عن اإلنرتنت؟‬

‫عىل صعيد األرسة‬ ‫ينبغي عىل األهل أن يراعوا املوازنة بني أوقات‬ ‫الجد واللعب ألطفالهم وأن يعلموهم التوسط‬ ‫واالعتدال والتعود عىل أن لكل يشء وقت محدد‬ ‫خاص به‪ ،‬وال مانع لألهل من رشاء األلعاب التي‬ ‫يكون محتواها مفيداً‪ ،‬ومدة عرضها ومشاهدتها‬ ‫محدودة واالبتعاد عن رشاء األلعاب العنيفة‬ ‫واإلباحية‪.‬‬ ‫وعىل األهل تشجيع األوالد عىل مامرسة‬ ‫هواياتهم كالرسم والرياضة وغريها‪ .‬وتخصيص‬ ‫أوقات محددة للتسلية والرتفيه كزيارة الحدائق‬ ‫واملنتزهات العامة أو زيارة األقارب واألصدقاء‪.‬‬ ‫عىل صعيد املدرسة‬ ‫ويتمثل ذلك بتوعية التالميذ بأرضار استخدام‬ ‫األلعاب اإللكرتونية ذات املحتوى السلبي عىل‬ ‫الصعيد الصحي والسلويك والنفيس والرتبوي‬ ‫وإقناع الطلبة بعدم رشاء تلك األلعاب ومن ثم‬ ‫اإلكثار من النشاطات املختلفة للطلبة التي‬ ‫تساعد عىل تحويل املدارس إىل مراكز نشاطات‬ ‫ثقافية متنوعة أثناء العطل الصيفية‪.‬‬ ‫عىل الصعيد الصحي‬ ‫لتقليل األرضار الصحية لأللعاب اإللكرتونية‬ ‫وحامية األطفال ينصح خرباء الصحة بأن ال تزيد‬ ‫مدة اللعب عن ساعتني يومياً رشط أن يأخذ‬ ‫الشخص فرتات راحة كل ‪ 15‬دقيقة وأال تقل‬

‫تربية األطفال واملراهقني عىل‬ ‫العنف والعدوان‬ ‫إن نسبة كبرية من األلعاب اإللكرتونية تعتمد‬ ‫عىل التسلية واالستمتاع بقتل اآلخرين وتدمري‬ ‫أمالكهم واالعتداء عليهم‪ ،‬وتعلم األطفال‬ ‫واملراهقني أساليب ارتكاب الجرمية وفنونها وحيلها‬ ‫وتنمي يف عقولهم قدرات ومهارات آلتها العنف‬ ‫والعدوان‪.‬‬ ‫ويقول الدكتور “كليفورد هيل” املرشف العلمي‬ ‫يف اللجنة الربملانية الربيطانية لتقيص مشكلة‬ ‫األلعاب اإللكرتونية يف بريطانيا‪.‬‬ ‫“لقد اغتصبت براءة أطفالنا أمام أعيننا‬ ‫ومبساعدتنا بل وبأموالنا أيضاً‪ ....‬وحتى لو صودرت‬

‫إذا قلنا إن اإلنرتنت سيكون أعظم إنجاز برشي‬ ‫مفيد للناس عامة‪ ،‬يف نهاية هذا القرن‪ ،‬فلن‬ ‫نكون مبالغني‪ ،‬إذا قلنا‪ ،‬إنه أيضاً سيكون األخطر‬ ‫عىل البرشية وعىل األطفال خاصة يف املدى‬ ‫القريب فلن نكون مبالغني أيضاً‪.‬‬ ‫وعىل عكس ما كان متوقعاً‪ ،‬أصبح األطفال‬ ‫من أكرث رشائح املجتمع اهتامما بهذا االخرتاع‬ ‫الجديد‪ ،‬وقد متثل ذلك يف التفاعل الرسيع بني‬ ‫األطفال وبينه‪ ،‬مام أدى إىل أن تقوم مختلف‬ ‫املواقع مبحاوالت لتقديم ما يجذب هذه الفئة‬ ‫املهمة يف املجتمع‪ .‬اإلنرتنت اخرتاع حديث‪،‬‬ ‫سيكون يف وقت قريب كل من ال يتعامل معه‬ ‫خارج التاريخ‪.‬‬

‫األطفال واإلنرتنت‬ ‫من النصائح الشائعة للوالدين عدم السامح‬ ‫ألطفالهم بقضاء وقت طويل عىل اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ولكن ذلك ال ينطبق عىل كل الحاالت تلقائيا‪.‬‬ ‫فإذا كان الطفل منكباً عىل مطالعة موسوعة‬ ‫ثقافية يتنقل بينها وبني كتب أخرى للتعمق‬ ‫يف موضوع معني فهذا مسموح‪ .‬وتس ّمى‬ ‫هذه التجربة بالتعلم الذايت للطفل‪ .‬وهي من‬ ‫أفضل أنواع التعلم ألنها تو ّلد لديه شعوراً‬ ‫باملتعة والحيوية والقوة‪ .‬أما كونه يكتسبها عىل‬ ‫شاشة الكمبيوتر بدال من مكتبة ضخمة مليئة‬ ‫باملجلدات والكتب املص ّورة فذلك ال ينقص من‬ ‫أهميتها أوفائدتها يف يشء‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬فليست املشكلة يف الساعات الطويلة‬ ‫التي يقضيها الطفل عىل اإلنرتنت وإمنا يف‬ ‫جودة ما يطالعه من جهة ويف املوازنة بينه وبني‬ ‫النشاطات الحياتية األخرى كالنشاط الريايض‬ ‫والعالقات االجتامعية والعائلية واملسؤوليات‬ ‫الدراسية والنوم الكايف‪.‬‬

‫املخاطر الناجمة عن استخدام‬ ‫اإلنرتنت‬ ‫هناك مسألتان مغايرتان فيام يتعلق بسالمة‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬األوىل هي ما يتعرض له األطفال عىل‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬سواء عن قصد (كدخول مواقع ال ترغب‬ ‫يف إطالعهم عليها) أو عن غري قصد‪.‬‬ ‫أما املسألة الهامة الثانية فهي االتصال‬ ‫املبارش بني طفلك وشخص آخر عىل الشبكة‬

‫‪69‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫تحقيق‬ ‫قد تؤدي إىل كشف طفلك ملعلومات قد تع ّرضه‬ ‫إىل خطر شخيص‪.‬‬ ‫ولعل أكرث ما يعجب األفراد يف التواصل عرب‬ ‫شبكة اإلنرتنت هو عنرص املجهول‪ .‬فاألطفال‬ ‫ميكنهم التواصل مع أي أحد عرب اإلنرتنت ال‬ ‫يحدّهم يف ذلك مظهر وال عمر وال أية جوانب‬ ‫أخرى قد تؤثر عىل التواصل الواقعي‪ .‬وهو ما‬ ‫يضفي شعوراً بالحرية واالنطالق عىل العالقات‬ ‫الناشئة عرب االنرتنت‪ ،‬وكثرياً ما نقرأ تقارير عن‬ ‫أحاديث راقية ومواضيع ناضجة تدور بني بالغني‬ ‫وأشخاص آخرين عرب اإلنرتنت‪ ،‬يظنهم البالغون‬ ‫كباراً ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم مجرد أطفال‬ ‫أو مراهقني‪.‬‬ ‫ولكن هذه العالقات “اإلنرتنتية” تتسم‬ ‫بطابع أكرث شخصية وحميمية من العالقات‬ ‫الشخصية الخارجية بسبب عنرص التخفي‬ ‫الذي يح ّرر األفراد من الحاجة إىل التظاهر أو الحرج‬ ‫ويجعلهم ينطلقون بانفتاح ورصاحة أكرب يف‬ ‫هذه العالقات‪ .‬وقد تنشأ عالقات حميمة للغاية‬ ‫عرب أحاديث اإلنرتنت وحدها ويرتسخ معها‬ ‫شعور عميق بالثقة يف الطرف اآلخر املجهول‪.‬‬ ‫وهنا يكمن الخطر‪.‬‬ ‫فهذه العالقة الحميمة بكل تفاصيلها تنشأ‬ ‫مع شخص غريب‪ ،‬والحديث الذي يدور بني الغرباء‬ ‫عىل اإلنرتنت قد يكون كله صحيحاً أو كله‬ ‫وهمياً زائفاً‪ .‬وعندما تحني لحظة الثقة وقرار اتخاذ‬ ‫الخطوة التالية نحو معرفة هذا الصديق املجهول‬ ‫يكمن الخطر األكرب‪ .‬فاألطفال والكبار عىل حد‬ ‫سواء يجب أن يتوقفوا هنا ومي ّيزوا بني الحقيقة‬ ‫والوهم ويعرتفوا بالخطر الكامن يف الكشف‬ ‫عن شخصياتهم الحقيقية أو االتصال املبارش‬ ‫بالطرف اآلخر سواء عرب الربيد االلكرتوين أو‬ ‫الهاتف أو اللقاء املبارش‪ .‬وإذا كان للكبار حرية‬ ‫اتخاذ قرارهم بهذا الشأن‪ ،‬كام يقع عىل عاتقهم‬ ‫نتائج هذا القرار‪ ،‬فإن األطفال ليس لهم حرية‬ ‫اتخاذ مثل هذا القرار وال ينبغي تركها لهم بحال‬ ‫من األحوال‪.‬‬

‫السالمة عىل اإلنرتنت‬ ‫هناك الكثري من األساليب التي تهيئ لحامية‬ ‫األطفال من التعرض للمواقع اإلباحية والخالعية‬ ‫وغريها من املواقع غري املناسبة عىل اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ومنها التع ّرف عىل الربامج التي تتيح رقابة‬ ‫أبوية عىل االنرتنت واستخدامها ملنع برامج‬ ‫ومواقع معينة‪ ،‬وبإمكان األهل أيضاً استخدام‬ ‫خيار تخزين ملف بعناوين املواقع التي ُتزار عىل‬ ‫اإلنرتنت والتحقق منها مرة أسبوعياً عىل األقل‪.‬‬ ‫والتأكد من معرفتك للمواقع التي يدخلها‬ ‫أطفالك والوقت الذي يقضونه فيها‪.‬‬ ‫يكمن الخطر اآلخر من استخدام اإلنرتنت يف‬ ‫كشف الطفل ملعلومات تسمح لشخص ما‬ ‫بإرسال رسائل تتضمن تخويفا أو تحرشاً أو تهديداً‬ ‫أو قد تسمح لشخص ما باالتصال بالطفل أو‬ ‫بأرسته‪ .‬وكام أنك لن تقبل بإرسال طفلك إىل‬ ‫مدينة يقطنها ‪ 30‬مليون بدون إرشاف وقواعد‬ ‫أساسية‪ ،‬فإنك لن ترسله أيضا إىل مدن اإلنرتنت‬ ‫الشاسعة بدون قيود وقواعد مركزية‪.‬‬

‫املخاطرة عىل اإلنرتنت‬ ‫ميثل سلوك املخاطرة عىل اإلنرتنت جزءا من‬ ‫عملية النمو التي يواجهها الوالدان يف كافة‬ ‫الجوانب املتعلقة بسالمة الطفل مبا فيها‬ ‫اإلنرتنت‪ .‬وبسبب سمة التخفي والرسية التي‬ ‫يتميز بها اإلنرتنت‪ ،‬فإن كثريا من األطفال يف‬ ‫سن املراهقة وما قبل املراهقة يشاركون يف غرف‬ ‫الدردشة “املثرية” بالنسبة إليهم‪ .‬وهم ال يتوانوا‬ ‫عن املحادثة مع أشخاص يصفونهم بالـ”منحرفني”‬ ‫أو “الفاسدين” ويثريون معهم تحديات ومواجهات‬ ‫قد تبلغ التواعد معهم وغري ذلك‪.‬‬ ‫من األمور التي تتطلب منك التأمل هي عند‬ ‫مالحظتك االضطراب أو الرسية التي يظهرها‬ ‫الطفل عندما تفاجئه وهو يستخدم اإلنرتنت أو‬ ‫أنه يعمد اىل غلق الشاشة إذا ما اقرتبت منه‬ ‫فجأه أو أي سلوك يدل عىل أن الطفل ال يريد‬ ‫لك أن ترى ما يوجد عىل الشاشة‪ .‬فذلك ليس‬ ‫سلوكاً مقبوالً وال آمنا‪ .‬أوضح لطفلك بشكل‬ ‫قاطع إنها ليست مسألة مراقبة وال مسألة‬ ‫ثقة وإمنا مسألة سالمة فحسب‪ ،‬شأنها شأن‬ ‫منعه من قيادة الدراجة يف أماكن خطرة‪.‬‬

‫ال تواصل بني األهل واألطفال يف‬ ‫لبنان‬ ‫هدفت هذه الدراسة اىل‬ ‫والتواصل بني األهل واألوالد‬ ‫الربنامج األنسب الذي يتامىش‬ ‫عىل مختلف املستويات‪ .‬وقد‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫اىل أي مكان‪ ،‬فيبقى يف البيت ليك ميارس هذه‬ ‫الهواية فقط‪ ،‬عندئذ يجب عىل األهل التنبه‬ ‫اىل هذا املوضوع وإيجاد الحلول والبدائل لهذا‬ ‫اإلدمان‪ .‬إنه خط وهمي رفيع يفصل بني الهواية‬ ‫واإلدمان وعىل األهل أن يفرضوه عىل أوالدهم‪.‬‬ ‫وهنا يأيت دور السلطة مبعنى الرقابة وليس‬ ‫القمع‪ ،‬فاألهل يعلمون ماذا يرض وماذا يفيد‬ ‫األوالد”‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫تعزيز االتصال‬ ‫وذلك لوضع‬ ‫مع حاجاتهم‬ ‫خلصت هذه‬

‫وصلنا اىل اإلدمان ومل نصل اىل‬ ‫العالج بعد‬ ‫الدراسة أن االتصال والتواصل بني األهل واألطفال‬ ‫يف لبنان غائبان‪.‬‬

‫من يتابع األوالد يف املنزل؟‬ ‫تكشف الدراسات أن ‪ % 49‬من األطفال ال‬ ‫يتابعهم أهلهم يف املنزل خالل اليوم‪% 42 .‬‬ ‫تتابعهم أمهاتهم‪ % 6 ،‬يتابعهم آباؤهم‪ ،‬فيام ‪3‬‬ ‫‪ %‬يتابعهم كال الوالدين عىل السواء‪.‬‬ ‫‪ % 62‬يقولون إن أهلهم ال يراقبونهم و ‪ % 62‬من‬ ‫األوالد يقولون إن أهلهم ال يشاركونهم اللعب‪17 ،‬‬ ‫‪ %‬يلعبون مع أمهاتهم و‪ % 8‬مع آبائهم‪ % 13 ،‬مع‬ ‫كال الوالدين‪ .‬فيام ‪ % 67‬من األهل ال يستمعون‬ ‫اىل أطفالهم ‪ % 18‬من األطفال يجدون أن‬ ‫أمهاتهم يستمعون اليهم و‪ % 9‬من األطفال‬ ‫يقولون أن كال الوالدين يستمعان اليهم‪ % 6 ،‬من‬ ‫األطفال يجدون أن آباءهم يستمعون إليهم‪.‬‬

‫االهتامم بالطفل‬ ‫بالنسبة اىل موضوع يرتبط باالهتامم بالطفل‬ ‫تبني أن “‪ % 63‬من األطفال يجدون أن أهلهم ال‬ ‫يهتمون بهم‪ % 21 .‬من األطفال يجدون ان أهلهم‬ ‫يهتمون بهم‪ % 16 ،‬من األطفال يتوزع االهتامم‬ ‫بهم بني األب واألم‪.‬‬ ‫أما لجهة التواصل بني األطفال واألهل‪ ،‬فإن‬ ‫‪ % 25‬من األهل يتواصلون مع أهلهم‪ % 75 ،‬من‬ ‫األطفال ال يتواصلون مع أهلهم بينام ‪ % 32‬من‬ ‫األهل يتواصلون مع األهل بشأن ما يحدث معهم‬ ‫يف املدرسة‪.‬‬ ‫‪ %56‬يجدون أن أهلهم يعاملونهم بقسوة‪،‬‬ ‫و‪ % 32‬يؤكدون أن اهلهم يعاملونهم مبساواة بني‬ ‫األخوة و‪ %12‬يؤكدون أن أهلهم يعاملونهم برقة‬ ‫وحنان‪.‬‬ ‫وختاماً أظهرت الدراسة أن ‪ %72‬من األطفال ال‬ ‫تقدم لهم املساعدة من قبل األهل و ‪ % 28‬منهم‬ ‫تقدم لهم املساعدة من قبل األهل‪.‬‬

‫ونتيجة ملا تقدم نرى أن األهل مشغولون عن‬ ‫أوالدهم‪ ،‬لذلك فهم يدفعونهم بطريقة غري‬ ‫مبارشة إليجاد البديل عرب اإلنرتنت واأللعاب‬ ‫االلكرتونية دون االنتباه اىل الرضر الذي يصيب‬ ‫األطفال من جراء هذه الترصفات الالمسؤولة‪.‬‬ ‫وملزيد من التفاصيل عن هذا املوضوع “منرب‬ ‫التوحيد” التقت الدكتور رائد محسن الذي أ ّكد‬ ‫أن “األلعاب اإللكرتونية انترشت يف جميع دول‬ ‫العامل وهي خاصة من خصائص املجتمع الفردي‬ ‫لذلك نراها يف املجتمعات الغربية وهي تستعمل‬ ‫يف السيارة يف خالل الرحالت الطويلة‪ ،‬وكذلك‬ ‫األمر يف لبنان حيث أصبحت هذه األلعاب رفيقة‬ ‫األوالد أينام ذهبوا‪.‬‬ ‫وعن انتشارها برسعة يقول محسن إن‬ ‫“السبب هو انشغال األهل عن أوالدهم فالبعض‬ ‫منشغل يف املهنة والبعض اآلخر منشغل بأمور‬ ‫تافهة ويف كال الحالتني مشغولون‪ .‬فالذي ينشغل‬ ‫عن أوالده بأمور تافهة تقع عليه مسؤولية أكربمن‬ ‫الذي يعمل‪ ،‬وعىل األهل ان يدركوا ان األلعاب‬ ‫االلكرتونية ليست مربية أطفال وال تستطيع ان‬ ‫تراقب أوالدنا وتلهيهم”‪.‬‬ ‫ويضيف “هذه األلعاب تتطلب يف معظمها‬ ‫درجة عالية من الذكاء‪ ،‬إذا هي رضورية ولكن‬ ‫املطلوب هو الحد من استعاملها مثل استعامل‬ ‫اإلنرتنت فيمكن استعامله لألبحاث وللحصول‬ ‫عىل كمية كبرية من املعلومات بكبسة زر‪ .‬فإذا‬ ‫كان اإلنرتنت رضورة لألبحاث االجتامعية فعندما‬ ‫يتخطى اللزوم يصبح سلبياً وإدماناً عىل حساب‬ ‫الحياة االجتامعية‪ .‬واليشء نفسه ّ‬ ‫يطبق عىل‬ ‫األلعاب االلكرتونية فعندما يدخل الولد اىل‬ ‫البيت ويذهب فوراً اىل الكومبيوتر دون أن ينتاول‬ ‫الغداء أحياناً‪ ،‬ويقول ألهله اتركوين ال أريد الذهاب‬

‫واعترب الدكتور محسن أنه “يف خالل أيام‬ ‫األسبوع ال يجوز للولد أن ميارس هذه األلعاب‪.‬‬ ‫أما االنرتنت فيستعمل كوسيلة للتواصل‬ ‫مبعدل نصف ساعة كل يوم ‪ .‬ويف عطلة نهاية‬ ‫األسبوع يجب أن يكون هناك مرونة يف التعاطي‬ ‫إذ يستطيع الولد أن يعمل مبعدل ساعتني عىل‬ ‫اإلنرتنت وعىل األلعاب االلكرتونية” ‪.‬‬ ‫وأكد أننا “وصلنا يف لبنان اىل مرحلة اإلدمان‬ ‫ولكننا مل نصل اىل العالج فهناك الكثري من‬ ‫الشباب الذين يحتاجون اىل املعالجة وسيأيت‬ ‫الوقت الذين يذهبون فيه اىل العالج”‪.‬‬

‫التوفيق بني الحياة االجتامعية‬ ‫والكمبيوتر‬ ‫وعن التوفيق بني الحياة االجتامعية‬ ‫والكومبيوتر أ ّكد محسن بأن “الولد يستطيع‬ ‫أن يوفق بني حياته االجتامعية وبني الجلوس عىل‬ ‫الكومبيوتر‪ ،‬ولكن ذلك يتطلب مهارة وذكاء وال‬ ‫يجوز أن يأخذ الكومبيوتر كل وقته وأن يكون عىل‬ ‫حساب مهاراته االجتامعية وعالقاته مع اآلخرين‪.‬‬ ‫كام عليه أن يوفق بني الكومبيوتر والنشاطات‬ ‫الرياضية األخرى‪ .‬وعىل األهل مراقبة األلعاب‬ ‫بحيث ال تتضمن العنف يك ال تؤثر عىل سلوك‬ ‫الولد”‪.‬‬ ‫وعن البدانة التي يواجهها الكثري من‬ ‫األوالد بسبب الجلوس ساعات أمام شاشة‬ ‫الكومبيوتر فيعترب محسن “أنه إذا مل يتواجد‬ ‫الكومبيوتر فنحن نواجه نفس املشكلة مع‬ ‫التلفزيون‪ ،‬فالبدانة يف الواليات املتحدة سببها‬ ‫التلفزيون والكومبيوتر ونحن منيش عىل نفس‬ ‫الطريق وهي عدم االكرتاث اىل مسائل مهمة يف‬ ‫الحياة تتناسب مع عمر األوالد‪ .‬ليس من املطلوب‬ ‫يف عمر الـ ‪ 12‬سنة أن يكون عنده مهامت يف‬ ‫املجتمع ولكن من املمكن أن يهتم باألمور البيئية‪،‬‬ ‫وهي مواضيع غريبة عن مجتمعنا إذ كيف‬ ‫سيفكر يف العمل التطوعي إذا كان وقته ميلء‬ ‫بالكومبيوتر وتوابعه ‪ .‬فاملسؤولية تقع عىل‬ ‫األهل واملدارس واىل درجة التوعية واىل أي مدى‬

‫‪71‬‬

‫يستطيع األهل أن يفرضوا كلمتهم يف البيت‬ ‫من املمنوع اىل املسموح”‪.‬‬ ‫ويضيف “نحن ال نبحث عن بدائل للكومبيوتر‬ ‫والتلفزيون ولكن اىل جانب ذلك يوجد النشاطات‬ ‫الكشفية والرياضية التي تقوي الشخصية‪ .‬فأي‬ ‫نشاط جسدي أو فني ينمي ويطور الولد جسدياً‬ ‫ومعنوياً‪ .‬يجب الرتكيز عىل الصعيد األكادميي‬ ‫والفني والريايض واالجتامعي وعىل صعيد‬ ‫التكنولوجيا ولكن املوضوع أصبح محصوراً‬ ‫فقط باألكادميي والتكنولوجي” ‪.‬‬ ‫أما عن إيجابيات األلعاب االلكرتونية يؤكد‬ ‫محسن أن “اإليجابيات تكمن يف التحدي‬ ‫الذهني والربح والخسارة التي يعتاد عليها الولد‬ ‫من خالل مامرسته هذه األلعاب‪ .‬وميكن أن يطلع‬ ‫عىل مناطق يف العامل ال يعرفها‪ .‬وبعض األلعاب‬ ‫تتطلب درجة عالية من الذكاء وتشعر الولد‬ ‫باملنافسة والتحدي وهذا يدخل ضمن اإليجابيات‪.‬‬ ‫ويضيف “أما عن السلبيات فهي تستهلك‬ ‫الوقت وال يتعاطى الولد يف مختلف جوانب‬ ‫الحياة ويكون ذلك أحياناً عىل حساب التواصل‬ ‫مع أهل بيته وأصحابه‪ .‬فعندما يغيب التواصل ال‬ ‫يستطيع أن يفرق بني الج ّيد واليسء من األصحاب‬ ‫ويتفاجأ عندما يكرب بأمور الحياة التي مل يختربها‬ ‫منذ الصغر‪ .‬يجب أن يعتاد عىل الكريم والبخيل‬ ‫واليس والجيد وعىل حل النزاعات فإذا مل يحتك‬ ‫ْ‬ ‫مع اآلخرين منذ الصغر سيتفاجأ عندما يبدأ‬ ‫حياته املهنية بأمناط مختلفة من العامل مل‬ ‫يعرفها يف عامله الوهمي”‪.‬‬ ‫أما عن العوارض الصحية يؤكد محسن بأنها‬ ‫“مثل عوارض الجلوس طوي ًال أمام شاشة التلفزيون‬ ‫فعليه أن يجلس جيداً أمام الشاشة وهذا ال يطبق يف‬ ‫ظل الحامس أمام األلعاب االلكرتونية‪ ،‬إذ ال يعري الولد‬ ‫أي اهتامم لطريقة جلوسه‪ ،‬باإلضافة اىل البدانة‬ ‫نتيجة قلة الحركة”‪.‬‬ ‫ويؤكد محسن بأن “اإلنرتنت له مخاطر أكرث من‬ ‫األلعاب االلكرتونية إذ يدخل األوالد يف عالقات وهمية‬ ‫وافرتاضية كام يتعرف عىل األمور الجنسية يف عمر‬ ‫التسع سنوات وقبل أن يتلقاها من األهل أو من‬ ‫املدرسة بطريقة علمية وصحيحة‪ .‬أما من الناحية‬ ‫التثقيفية فيستطيع الولد أن يجلس عىل االنرتنت‬ ‫يف عمر الثامين سنوات إذا كان هناك مراقبة من‬ ‫األهل‪ .‬إذ ال يفرتض يف هذا العمر أن يكون وحده عىل‬ ‫اإلنرتنت ألن عدد األوالد الذين يتعرفون عىل الجنس يف‬ ‫هذا العمر عدد كبري والطريقة مغلوطة”‪.‬‬ ‫وختم قائ ًال “عىل األهل واملرشدين واملرشدات أن‬ ‫يعوا بأنهم ال يستطيعون منع هذا املوضوع ولكن‬ ‫ميكن مراقبته جيداً إذ يجب اإلرشاف عىل األوالد فال‬ ‫يكفي أن يجلسوا يف املنزل أمام أعني األهل بل يجب‬ ‫متابعتهم بدقة وانتباه‪.‬‬

‫تحقيق ‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫من يعرقل قانون منع التدخين في لبنان؟‬

‫رئيس جمعية «جاد»‪ :‬الدخان أول درجة نحو المخدرات‬ ‫سعادة‪ :‬معالجة اإلدمان بالليزر «أكبر تنصيبة على العالم»‬ ‫ضجر الناس من ترداد معزوفة “احذر التدخني”‪ ،‬بالرغم من وجود الخط‬ ‫الرفيع عىل علب السجائر‪ ،‬واإلعالنات املنترشة يف شوارع العاصمة‪ ،‬واملطالبة‬ ‫مبنع تام للتدخني يف األماكن الداخلية املغلقة‪ .‬فالتدخني يقيض عىل ‪5‬‬ ‫ماليني شخص عاملياً يف العام الواحد و‪ 3500‬لبناين يقضون ج ّراء أمراض‬ ‫ّ‬ ‫املدخنني يعيشون يف البالد النامية‪.‬‬ ‫سببها التدخني‪ ،‬إضافة إىل ّأن ‪ % 80‬من‬ ‫كام يحتوي التبغ عىل ‪ 4000‬مادة سامة موجودة داخل السيجارة الواحدة‪،‬‬ ‫وبحسب الدراسات ‪ 50‬مادة تتضمن أمراضاً رسطانية بامتياز!‬ ‫أين أصبح قانون حظر التدخني‪ ،‬وأين يرقد؟‬ ‫َمنْ املسؤول عن إبقائه لسنوات يف األدراج؟‬ ‫َمنْ يضع العراقيل أمام عدم إقراره؟‬ ‫وملاذا عدم احرتام لبنان لتوقيعه عىل االتفاقية للحد من التبغ عام ‪2005‬‬ ‫وإعالنات السجائر تدفع الشباب للتدخني؟‬

‫تخوض الجمعيات املناهضة للتدخني يف لبنان‪،‬‬ ‫منذ سنوات‪ ،‬معركة إقرار قانون منع التدخني‪ ،‬الذي‬ ‫يتأرجح بني مطرقة املرشع وسندان رشكات التبغ‪،‬‬ ‫علها تساهم يف التخفيف من اآلثار الناتجة عنه‪،‬‬ ‫مساهمة ال ميكن بالطبع أن تجدي نفعاً ما مل تقم‬ ‫الدولة والوزارات املختصة بدورها عىل صعيد إقرار‬ ‫القوانني وتطبيقها‪.‬‬

‫عراقيل مقصودة‬ ‫اليزال قانون مكافحة التدخني يراوح مكانه يف‬ ‫املجلس النيايب‪ .‬ال بل مثة أحاديث وشكوك حول‬ ‫عراقيل مقصودة ميكن أن تؤدي إما اىل تأجيل‬ ‫صدوره أو اىل صدوره مشوهاً خاضعاً آلراء تجار‬ ‫التبغ أو املستفيدين وأصحاب املصالح‪ .‬ويتحدث‬ ‫البعض عن “تضارب املصالح” لدى النواب امل ّ‬ ‫رشعني‪،‬‬ ‫وهو األمر الذي يتعارض مع املادة ‪ 53‬من االتفاقية‬ ‫اإلطارية ملنظمة الصحة العاملية بشأن مكافحة‬ ‫التبغ التي صدق عليها لبنان عام ‪ ،2005‬والتي تقف‬ ‫عائقاً أساسياً أمام إعداد وإصدار قانون قوي وصارم‬ ‫للحد من التدخني يف لبنان‪.‬‬ ‫تنص املادة ‪ 53‬عىل التايل‪“ :‬تترصف األطراف‪،‬‬ ‫عند وضع وتنفيذ سياساتها يف مجال الصحة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫العمومية‪ ،‬فيام يتعلق مبكافحة التبغ‪،‬‬ ‫عىل نحو يكفل حامية هذه السياسات‬ ‫من املصالح التجارية وأية مصالح‬ ‫راسخة أخرى لدوائر صناعة التبغ‪ ،‬وفقا‬ ‫للقانون الوطني”‪.‬‬ ‫أما املبادئ والتفاصيل التوجيهية املتعلقة‬ ‫بهذه املادة فتنص عىل “تجنب تضارب املصالح لدى‬ ‫املسؤولني واملوظفني الحكوميني” بأي شكل من‬ ‫األشكال‪ .‬لذلك فإن إرشاك املنظامت أو األفراد ذوي‬ ‫املصالح التجارية مع رشكات صناعة التبغ‪ ،‬يف‬ ‫سياسات الصحة العامة املتعلقة مبكافحة التبغ‬ ‫سيكون لها تأثري سلبي عىل األرجح‪ .‬إذ أن وجود‬ ‫قواعد واضحة بشأن تضارب مصالح املسؤولني‬ ‫الحكوميني والعاملني يف مجال مكافحة التبغ‪،‬‬ ‫من شأنها أن تشكل وسيلة هامة لحامية هذه‬ ‫السياسات من أي تدخل من جانب رشكات صناعة‬ ‫التبغ‪.‬‬

‫هدايا وخدمات نقدية‬ ‫“إن املدفوعات‪ ،‬والهدايا والخدمات النقدية منها‬ ‫والعينية‪ ،‬ومتويل البحوث التي تقدمها رشكات‬ ‫صناعة التبغ للمؤسسات الحكومية واملسؤولني أو‬ ‫املوظفني” من شأنها أن تخلق “تضارب املصالح”‪.‬‬ ‫ومن املعروف أن رشكات صناعة التبغ تستخدم‬ ‫نفوذها السيايس إلضعاف‪ ،‬وتأخري الترشيعات‬ ‫املتعلقة مبكافحة التبغ يف جميع أنحاء العامل‪،‬‬ ‫كام حاولت رشكات صناعة التبغ عرقلة عملية‬

‫‪72‬‬

‫“االتفاقية اإلطارية ملكافحة التبغ” منذ البداية‪.‬‬ ‫هذا األمر موثق يف تقرير صادر يف متوز عام ‪2000‬‬ ‫للجنة خرباء حول كشف وثائق ومستندات رشكات‬ ‫صناعة التبغ‪.‬‬ ‫كام أن هناك قصصاً من جميع أنحاء العامل‬ ‫تظهر أن رشكات صناعة التبغ تتبع اسرتاتجية‬ ‫ومنهجية استفراد كل بل ٍد عىل حدة‪ .‬فعندما‬ ‫تتجاوب رشكات صناعة التبغ مع أي حملة ضد‬ ‫التدخني‪ ،‬يجب أن تكون عىل قدر عالٍ من الوعي‬ ‫والحذر ألن ذلك يعني أنهم يحضرّ ون السرتاتيجيات‬ ‫بديلة وحيل وتكتيكات أكرث تحدياً إلفشال وإحباط‬ ‫التصديق عىل اتفاقية تتعلق بتطبيق أو تنفيذ‬ ‫مكافحة التبغ العاملية‪.‬‬

‫تضارب مصالح يف لجنة اإلدارة‬ ‫يف لبنان يتحدث البعض عن “تضارب مصالح”‬ ‫يف لجنة اإلدارة والعدل إذ أن ابن أحد النواب البارزين‬ ‫يف مناقشة القانون‪ ،‬يرتأس قسم التسويق لرشكة‬ ‫التبغ الربيطانية األمريكية ‪ BAT‬يف منطقة‬ ‫الرشق األوسط‪ ،‬عل ًام ّأن رشكة التبغ الربيطانية‬ ‫األمريكية هي ثاين أكرب رشكة لصناعة التبغ يف‬ ‫العامل من حيث األرباح‪ ،‬بعد رشكة فيليب موريس‬ ‫الدولية (األكرث ربحاً عاملياً)‪ ،‬إذ بلغت عائدات رشكة‬ ‫‪ BAT‬عام ‪ 2007‬ما يقارب ‪ 52‬بليون دوالر أمرييك‬ ‫(تشمل الرضائب) و‪ 20‬بليون دوالر أمرييك (بعد‬ ‫رفع الرضائب)‪ .‬أما نسبة األرباح فقد بلغت ‪5.79‬‬ ‫بليون دوالر أمرييك‪.‬‬

‫كام أن أحد النواب (يف اللجنة نفسها) ميلك‬ ‫فندقني وليس من مصلحته حظر التدخني بشكل‬ ‫شامل يف األماكن العامة املغـلقة كالفنادق‪ .‬ونائب‬ ‫آخر ال يريد أن يزعجه أحد يف مكتبه ومينعه من‬ ‫التدخني (أماكن العمل املغلقة)‪ .‬ونائب آخر اعترب‬ ‫أنه ال يجوز أن ال يكون هناك يف الفنادق أماكن‬ ‫مخصصة للتدخني‪ ،‬الفتاً إىل أنه دعا لتخصيص‬ ‫‪ %20‬من مجموع غرف الفندق من أجل املدخنني‪.‬‬

‫تجارب عاملية‬ ‫كام كان هناك محاوالت عديدة لرشكات صناعة‬ ‫التبغ من خالل عالقاتها مع بعض املنظامت العاملية‬ ‫للتأثري عىل التصويت من قبل الوفود الدبلوماسية‬ ‫املشاركة يف املنظامت الدولية يف جنيف‪ ،‬بهدف‬ ‫منع مرور الترشيعات غري املؤاتية التي تهدف إىل‬ ‫تقييد أو حظر اإلعالن والرتويج ملنتجات التبغ‪.‬‬ ‫لذا من الرضوري جداً التنبه ملوضوع “تضارب‬ ‫املصالح” ألنه كام قالت كاثرين مولفي‪ ،‬مديرة‬ ‫السياسة الدولية يف هذا الشأن‪“ ،‬لو كانت املبادئ‬ ‫التوجيهية املتعلقة باملادة ‪ 53‬قد وضعت ونفذت يف‬ ‫الـ ‪ 50‬سنة املاضية‪ ،‬لكانت ماليني األرواح قد أنقذت”‪.‬‬

‫التعرض للدخان غري املبارش‬ ‫يف لبنان التدخني يف األماكن العامة شائع‬ ‫جداً ونسب التعرض للدخان غري املبارش مرتفعة‬ ‫اىل حد كبري‪ .‬حوايل ‪ % 80‬من التالميذ يتعرضون‬ ‫لدخان التبغ غري املبارش يف منازلهم وأكرث من‬ ‫‪ % 53‬منهم يتعرضون لدخان التبغ بسبب تعاطي‬ ‫أهلهم تدخني السجائر أو الرنجيلة‪.‬‬ ‫‪ %60‬من املطاعم صنفت نسبة تلوث الهواء‬ ‫ضمن “الهامش الخطري” و‪ % 30‬منها صنف ضمن‬ ‫“الهامش غري الصحي”‪.‬‬ ‫ويقدر العلامء أن يف لبنان ‪ 150,000‬طفل و‬ ‫‪ 350,000‬بالغ سيموتون بسبب التدخني أو بسبب‬ ‫التعرض للدخان غري املبارش إال إذا تم تعزيز سياسات‬ ‫الحد من التدخني‪.‬‬

‫يعتقدون أن التدخني يزيدهم‬ ‫جاذبية كام أن هناك ‪ % 11‬من‬ ‫الطالب الذين ترتاوح أعامرهم بني‬ ‫‪ 13‬و ‪ 15‬عاماً قد عرض عليهم‬ ‫سجائر مجانية من قبل ممثل عن‬ ‫إحدى رشكات التبغ‪.‬‬

‫األماكن الخالية ‪%100‬‬ ‫من التدخني هي الحل‬ ‫الوحيد‬ ‫ال توجد نسبة آمنة للتعرض للدخان غري املبارش‬ ‫(الدخان الذي نتعرض له من اآلخرين) حتى التهوئة‬ ‫أو تنقية املكان ال تؤديان اىل تخفيض التلوث‬ ‫والتوصل اىل مستويات مقبولة منه‪ .‬األماكن‬ ‫الخالية ‪ %100‬من الدخان هي الحل الوحيد للحامية‬ ‫الفعالة من التدخني‪.‬‬ ‫ بعد ‪ 8‬دقائق من إشعال أول سيجارة‪ .‬يصل‬‫التلوث يف املكان املخصص لغري املدخنني اىل النسبة‬ ‫ذاتها املوجودة يف املكان املخصص للتدخني‪.‬‬ ‫ السبيل الفعال والوحيد لحامية األشخاص هو‬‫األماكن الخالية ‪ %100‬من الدخان‪ .‬فتحديد أماكن‬ ‫خاصة للتدخني وغريها من الوسائل األخرى ال تؤدي‬ ‫اىل نتيجة‪.‬‬ ‫ التعرض للدخان غري املبارش ملدة ‪ 30‬دقيقة تزيد‬‫من خطر اإلصابة بأمراض القلب لدى غري املدخنني‬ ‫حتى دخان الرنجيلة يعرض صحة غري املدخنني‬ ‫الجالسني معهم ألمراض الرسطان والقلب وجهاز‬ ‫التنفس وباألخص يرض بصحة املرأة الحامل وجنينها‪.‬‬ ‫ إذا أمضيت ساعتني فقط يف غرفة فيها‬‫مدخنون كأنك دخنت ‪ 4‬سجائر‪.‬‬ ‫ يف املنطقة‪ :‬كانت تركيا أول دولة نجحت‬‫يف إقرار وتطبيق قانون منع التدخني يف األماكن‬ ‫العامة وأماكن العمل بنسبة ‪ %100‬كام تواصل‬ ‫بعض الدول واملدن بذل جهودها بغية التوصل اىل‬ ‫منع التدخني يف األماكن العامة منها‪ :‬البحرين‪،‬‬ ‫ديب‪ ،‬العراق‪ ،‬مرص‪ ،‬األردن‪ ،‬سوريا وإيران‪.‬‬

‫من مكافحة املخدرات اىل‬ ‫مكافحة التدخني‬

‫مل يجب حظر اإلعالن عن‬ ‫منتجات التبغ؟‬ ‫لقد تم اإلثبات أن الحظر الشامل لإلعالن عن‬ ‫منتجات التبغ والرتويج لها ورعايتها يخفض نسبة‬ ‫استهالك منتجات التبغ‪ .‬شهدت بعض الدول‬ ‫تراجعاً يف استهالك منتجات التبغ بنسبة ‪%16‬‬ ‫بعد تطبيق حظر اإلعالن‪ .‬لبنان هو الدولة الوحيدة‬ ‫يف منطقة الرشق األوسط التي تسمح باإلعالن‬ ‫عن السجائر عرب التلفزيون‪ % 27 .‬من التالميذ‬ ‫الذين ترتاوح أعامرهم بني ‪ 13‬و‪ 15‬عاماً يعتقدون أن‬ ‫الشبان لديهم عدد أكرب من األصدقاء و ‪ % 17‬منهم‬

‫وإللقاء الضوء أكرث عىل هذا املوضوع التقت‬ ‫نسبة انتشار التدخين‬ ‫نسبة المدخنين في لبنان‬ ‫ذكور‬

‫إناث‬

‫‪% 45‬‬

‫‪% 31‬‬

‫معدل انتشار تدخين‬ ‫السجائر بين طالب‬ ‫المدارس الذين تتراوح‬ ‫أعمارهم بين ‪ 13‬و‬ ‫‪ 15‬عاماً‬ ‫إناث‬ ‫ذكور‬ ‫‪% 15‬‬

‫‪73‬‬

‫‪%6‬‬

‫“منرب التوحيد” رئيس جمعية “جاد” األستاذ جوزف‬ ‫حواط الذي أكد “أن الجمعية بدأت عملها يف العام‬ ‫‪ 1981‬بحملة ضد املخدرات ثم تطور نشاطها‬ ‫وأصبح ضد التدخني والكحول وضد مرض اإليدز‪.‬‬ ‫كل هذه املواضيع يتم التعاطي معها من خالل‬ ‫اإلرشاد والتوعية‪ ،‬أما مرض اإليدز فيقترص التعاطي‬ ‫معه بالتوعية فقط وال يوجد متخصصون بعالج‬ ‫مرىض السيدا يف الجمعية”‪.‬‬

‫أسباب التدخني‬ ‫وعن األسباب التي تدفع اللبناين اىل التدخني‬ ‫يعترب حواط “بأن املواطن يف لبنان يتأثر بالدعاية‬ ‫الكاذبة‪ ،‬عىل عكس املواطن الغريب الذي يريد أن‬ ‫يقرأ عىل املستحرض جميع املعلومات قبل رشائه‪.‬‬ ‫ورشكات التبغ متلك املليارات من الدوالرات وترصف‬ ‫الكثري من األموال عىل الدعاية الكاذبة‪ .‬ولبنان‬ ‫أرض خصبة وهو البلد العريب الوحيد الذي تسمح‬ ‫فيه الدعاية للدخان‪ .‬كل املنظامت العاملية مثل‬ ‫“الفيفا” و”الفورميال” منعت الدعاية يف املالعب‬ ‫وعىل السيارات ما عدا يف لبنان فنشاهدها عىل‬ ‫التلفزيونات وعىل الطرقات”‪.‬‬

‫التنباك يف لبنان من أسوأ األنواع‬ ‫وعن خطر الرنجيلة يضيف حواط “أن الخطر‬ ‫يف الرنجيلة يكمن يف نوعية التنباك املوجود يف‬ ‫لبنان وهو من أسوأ األنواع املوجودة يف العامل ألنه‬ ‫غري مراقب‪ ،‬عىل عكس بعض الدول التي تراقب‬ ‫النوعية والجودة‪ .‬والخطر يف موضوع الرنجيلة هو‬ ‫إهامل األهل لهذ املوضوع‪ ،‬فرنى األم برفقة ابنتها‬ ‫التي ال يتجاوز عمرها أربعة عرش عاماً وهام‬ ‫يرشبان يف نفس الرنجيلة‪ ،‬فاألم تشجع االبنة عىل‬ ‫اإلدمان‪ ،‬وهنا يكمن الخطر فهذه الفتاة قد تتناول‬ ‫يف العرشين الكحول ويف الـ ‪ 22‬الحشيش ويف‬ ‫الـ ‪ 24‬تتعاطى الكوكايني ويف الـ ‪ 28‬تدمن عىل‬ ‫الهريويني ويف الثالثني تكون قد قضت عىل حياتها‪.‬‬ ‫هنا يكمن دور األهل يف التوعية‪.‬‬ ‫ويتابع حواط “إن خطورة املوضوع يتمثل بأن‬ ‫األهل يعرفون املضار ولكنهم ال يكرتثون اىل‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب تربوي‬

‫قضية‬ ‫يعصب‬ ‫صحة أوالدهم‪ .‬من هو اللبناين الذي ال ّ‬ ‫من جميع األمور املوجودة حوله؟ ولكن هذا ال‬ ‫يعني “أن نفش خلقنا بالرنجيلة”‪ .‬ويقول “مل يعد‬ ‫مقبوالً أن نأيت من العمل ليك ندخن الرنجيلة أو‬ ‫نجلس عىل االنرتنت ونتكلم بالسياسة ونتعارك‬ ‫مع بعضنا‪ .‬الرياضة هي خط الدفاع األول للفراغ‬ ‫الذي يؤدي اىل اآلفات واإلدمان‪ .‬لقد أطلقنا مع‬ ‫األستاذ جان أبو جودة الذي قدم لنا ملعباً واسعاً‬ ‫ملامرسة الرياضة شعار “رياضة ضد اإلدمان” كام‬ ‫افتتح ملعب نابيه الدكتور نبيل نقوال الذي قدم‬ ‫للجمعية ملعبني ونتمنى لو كل نائب يقدم‬ ‫ملعباً يف منطقته‪ ،‬فالرياضة متآل الفراغ الذي‬ ‫يودي اىل اإلدمان”‪.‬‬

‫معالجة املدمن عىل الهريويني‬ ‫أسهل من معالجة املدخن‬ ‫وعن عالج املدمن اعترب حواط أن “مدمن الدخان‬ ‫يتوقف من دون دواء ولكن هناك الكثري من األدوية‬ ‫التي تساعده عىل تخطي هذه املرحلة‪ .‬يف الصيام‬ ‫مث ًال يتوقف ‪ 50‬يوماً وال يأخذ سيجارة ولكن ويف‬ ‫اليوم الخمسني يدخن عن كل األيام‪ .‬ال يوجد مدمن‬ ‫ال يعلم أن السيجارة ترضه‪ ،‬وأؤكد أن معالجة ‪10‬‬ ‫أشخاص يتعاطون الهريويني أسهل من معالجة‬ ‫مدخن ألنه يقنعني بأن أدخن وال يرتك السيجارة‪.‬‬ ‫املفهوم الخاطىء للمدخنني يتعبنا يف عملية‬ ‫التوعية”‪.‬‬ ‫وعن قانون منع التدخني قال حواط “سوريا‬ ‫تطبق قانون منع التدخني يف األماكن العامة‬ ‫منذ سنة ونصف ولبنان الذي كان يرشع‬ ‫القوانني للعامل مل يصل اىل هذه املرحلة بعد‪.‬‬ ‫رشكات التبغ قوية ومتلك املال ولبنان أرض‬ ‫خصبة لألمور غري الصحية وغري السليمة وكل‬ ‫عام ننتظر الوعود وال يتحقق أي تقدم‪ .‬النقاط‬ ‫موضوعة والخطط العملية جاهزة‪ .‬لقد ذكر‬ ‫وزير الصحة الدكتور محمد جواد خليفة بأن‬ ‫‪ %40‬من الفاتورة الصحية يف لبنان ناتجة عن‬ ‫أمراض تتعلق بالدخان‪ .‬لقد سبقنا األمريكيون‬ ‫يف هذا املوضوع‪ .‬لبنان هو أغىل بلد يف العامل‬ ‫بالفاتورة الصحية‪ .‬هل يا ترى مثن الرنجيلة‬ ‫سيعوض علينا عمليات القلب املفتوح واألمراض‬ ‫الرسطانية؟ هناك دراسات يف كل دول العامل‬ ‫تؤكد بأن املطعم الذي يعلن توقف الدخان يعمل‬ ‫أكرث من السابق‪ ،‬فقسم كبري من اللبنانيني ال‬ ‫يسهرون بسبب الدخان”‪.‬‬ ‫وأضاف حواط‪“ :‬عند تشكيل الحكومة ينزل‬ ‫القانون يف الجريدة الرسمية وتعطى مهلة سنة‬ ‫ونصف لرشكات التبغ ليك يبيعوا املخزون الذين‬ ‫ميلكونه بعد ذلك نرى ‪ % 40‬من مساحة علبة التبغ‬ ‫مخصصة للتوعية‪.‬‬ ‫وختم قائ ًال “أح ّذر األهايل من الدخان ألنه إدمان‪،‬‬ ‫وهو أول درجة نحو عامل املخدرات”‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التربية الصحيحة في مواجهة تحديات العصر‬

‫الدخان كان متوفراً فقط للطبقة‬ ‫األرستقراطية‬ ‫واستكامالً ملوضوع التدخني يوضح طبيب‬ ‫القلب ومنسق “الربنامج الوطني للحد من‬ ‫التدخني” الدكتور جورج سعادة “أن مصطلح‬ ‫النيكوتني أخذ من اسم مكتشفه جون نيكوت‬ ‫سفري فرنسا يف لشبونة‪ .‬أما التبغ فقد انترش‬ ‫عىل يد كريستوفر كولومبوس الذي اكتشف‬ ‫النبتة يف خالل رحلته اىل االسكندنافية‬ ‫وحملها اىل أوروبا‪ ،‬ومل تحدث ثورة التدخني إال‬ ‫عندما صنّعت رشكة يف أمريكا الدخان وصدرته‬ ‫اىل العامل مع بداية العام ‪ .1900‬مل يكن هناك‬ ‫دراسات عن تأثري الدخان عىل صحة اإلنسان‪.‬‬ ‫الدخان كان متوفراً للطبقة االرستقراطية فقط‪.‬‬ ‫انترش عند األطباء يف انكلرتا وأوروبا انتشاراً‬ ‫واسعا‪ ً.‬هناك دكتور بريطاين تويف منذ خمس‬ ‫سنوات اكتشف أن معظم األطباء الربيطانيون‬ ‫يصابون برسطان الرئة أكرث من غريهم فأراد‬ ‫معرفة السبب‪ ،‬وقد بلغت نسبة اإلصابة ‪% 90‬‬ ‫عند عامة الشعب‪ ،‬فاكتشف الرابط بني التدخني‬ ‫والرسطان وبدأ البحث والدراسة عن األسباب‪.‬‬

‫علب دخان مجانية لألطفال‬ ‫ويضيف سعادة‪« :‬مادة النيكوتني هي مادة‬ ‫مدمنة واإلدمان صعب جداً التخلص منه‬ ‫وخصوصاً يف عمر مبكر وكلام بدأ اإلدمان باكراً‬ ‫كلام كان اإلقالع عنه صعباً‪ .‬وعندما يبدأ اإلنسان‬ ‫التدخني يف عمر متأخر من السهل التوقف عنه‪.‬‬ ‫يسمح لرشكات التدخني يف لبنان بأن تفعل ما‬ ‫تريد فهي تقدم علب مجانية لألطفال وهذا ليس‬ ‫مسموحاً يف أية دولة من العامل‪.‬‬ ‫ويتابع سعادة “يعتقد البعض بأن قطاع التدخني‬ ‫هوقطاع مربح‪ ،‬وهناك خسارة يف مكافحته‪ .‬من‬ ‫الغباء أن يقول البعض بأن االقتصاد يتأثر مبنع‬ ‫التدخني‪ .‬فنحن نعرف أن أصحاب الرشكات أو‬ ‫الوكالء عندهم نفوذ قوي وهم يؤثرون عىل الطبقة‬ ‫السياسية‪ .‬كام يعتقد أصحاب املطاعم واملقاهي‬ ‫والفنادق اللبنانية وليس العاملية‪ ،‬ألن الفنادق‬

‫‪74‬‬

‫العاملية تطبق القانون العاملي مبنع التدخني‪ ،‬بأنهم‬ ‫يخرسون الزبائن إذا مل يقدموا الرنجيلة للزبائن‪،‬‬ ‫مع العلم أننا ال مننعهم من تقدميها بل نطلب‬ ‫منهم تقدميها يف الخارج‪ .‬هناك غباء ومصالح‬ ‫وقلة مسؤولية عند املسؤولني‪.‬‬

‫ال يوجد قانون ليك يطبق‬ ‫ويضيف سعادة “ال يوجد يف لبنان قانون ليك‬ ‫يطبق‪ .‬لقد أنهينا دراسة القانون وهو حارض‬ ‫للتصويت يف الجلسة العامة‪ .‬نتمنى أن يتم‬ ‫ذلك يف أقرب وقت ممكن‪ .‬منذ سبع سنوات ال‬ ‫نستطيع إقرار القانون أي منذ العام ‪.2004‬‬

‫العالج هو اإلرادة‬ ‫أما عن معالجة اإلدمان بالليزر‪ ،‬أكد سعادة‬ ‫“أنها أكرب كذبة مثل كل يشء من دون رقابة‪.‬‬ ‫إنهم يرسقون األموال فهي “أكرب تنصيبة عىل‬ ‫العامل”‪ .‬وتابع “اإلرادة هي أهم عالج لإلدمان‬ ‫وهناك أدوية موجودة يف الصيدليات وهي فعالة‬ ‫من ‪ 10‬اىل ‪.% 30‬‬ ‫وعن التأثريات قال سعادة‪“ :‬لو كان هناك تأثري‬ ‫للدخان عىل املدى القريب كنا نرى الكثريين‬ ‫قد توقفوا‪ ،‬ولكن رضر التدخني هو عىل املدى‬ ‫ّ‬ ‫مرض‬ ‫الطويل‪ ،‬والشباب يعلم بأن التدخني‬ ‫للصحة ولكنهم يقولون “نتوقف عندما يرضنا”‪.‬‬ ‫والتدخني هو املسبب األول لرسطان الرئة بنسبة‬ ‫‪ % 90‬ورسطان الحنجرة بنسبة ‪ % 97‬ورسطان‬ ‫اللثة والفم بنسبة ‪ % 94‬ورسطان املبولة األكرث‬ ‫انتشاراً يف لبنان يشكل ‪ %50‬ورسطان املعدة‪ .‬إنه‬ ‫املسؤول عن ‪ % 30‬من أنواع الرسطانات‪.‬‬ ‫وختاماً من حق جميع الناس أن يعيشوا يف‬ ‫بيئة سليمة وهواء نظيف‪ ،‬خال من األرضار‬ ‫ورغم أن هذه الحقوق ال تحرتم يف معظم األحيان‪،‬‬ ‫عليهم أن يطالبوا بها والخطوة األوىل هي إقرار‬ ‫قانون صارم مينع التدخني يف األماكن العامة‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬

‫األبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم‪ ..‬بل هم‬ ‫ّ‬ ‫ومحل اهتاممه منذ أوجده الله تعاىل‬ ‫حديث اإلنسان‬ ‫يف هذه الحياة‪ ،‬يتمنى صالحهم ويدعو الله أن يح ّقق‬ ‫له فيهم ما يريد‪ ،‬وكلام بلغ اإلنسان قدراً من النضج‬ ‫أدرك قيمة نعمة أبنائه وطلب من الله إصالحهم‪.‬‬ ‫بهم تق ّر عيون اآلباء وتزدان الحياة‪ .‬ويف املقابل توجد‬ ‫صورة مفزعة لنمط من األبناء‪ ،‬ييسء اىل اآلباء‪،‬‬ ‫ويضيق بالتوجيه‪ ،‬ويجحد فضل الوالدين‪ ،‬وينكر قيم‬ ‫الدين واإلميان‪ .‬ومع هذا التأثري لألبناء عىل إسعاد اآلباء‬ ‫أو إشقائهم‪ ،‬فإن الحياة كلام تع ّقدت‪ ،‬وكلام خطت‬ ‫البرشية خطوات عىل س ّلم الحياة املادية‪ ،‬كلام زادت‬ ‫أعباء اآلباء يف تربية أبنائهم‪ ،‬وذلك ألنهم مصدر‬ ‫الرثوة الحقيقية بالنسبة للفرد والجامعة‪ ،‬فاملال ينضب‬ ‫والرثوات املادية تزيد وتنقص‪ ،‬وهم الرثوة األساسية‬ ‫التي تعتمد عليها األمم‪.‬‬ ‫وال شك يف أن املسؤولية كبرية عىل اآلباء‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن الدور الرتبوي لألرسة مل يعد له ذلك التأثري القوي‬ ‫عىل األبناء‪ ،‬والذي ميكن أن يوصف بالضعف أو ما ميكن‬ ‫تسميته بقصور الدور الرتبوي لألرسة بصفة عامة‪.‬‬

‫التحديات التي تواجه قصور الدور‬ ‫الرتبوي والتوجيه الديني لألرسة‬ ‫إن قصور الدور الرتبوي والتوجيه الديني لألرسة قد‬ ‫جعلها تواجه يف هذا العرص العديد من التحديات‪،‬‬ ‫ومن تلك التحديات ما يأيت‪:‬‬ ‫أ‪ -‬غلبة الطابع املادي عىل تفكري األبناء‪ ،‬فمطالبهم‬ ‫املادية ال تنتهي وال يجد فيهم اآلباء تلك الحالة من‬ ‫الرضا التي كانت لدى اآلباء أنفسهم‪ ،‬وهم يف نفس‬ ‫املراحل العمرية ألبنائهم‪.‬‬ ‫ب‪“ -‬سيطرة األبناء عىل اآلباء وعىل عكس ما ينبغي‬ ‫أن تكون عليه الحال‪ ،‬فقد درس عامل النفس “إدوارد لينت”‬ ‫هذه الظاهرة عىل اآلباء يف أمريكا وقرر أننا نعيش يف‬ ‫يوجه اآلباء أبناءهم‪،‬‬ ‫عرص يحكمه األبناء‪ ،‬فبدالً من أن ّ‬ ‫فإن األبناء هم الذين يوجهون سلوك آبائهم‪...‬‬ ‫ج‪ -‬روح التكاسل وعدم الرغبة يف القراءة‪ ،‬وتدنيّ‬ ‫املستوى العلمي لكثري من األبناء يف األرس‪.‬‬ ‫د‪ -‬ما يُسمى برصاع األجيال ويقصد به اتساع‬ ‫اله ّوة بني تفكري األبناء وتفكري اآلباء‪ ،‬وعزوف األبناء يف‬ ‫كثري من األحيان عن اإلستفادة من خربات جيل الكبار‪،‬‬ ‫إذ ينظرون اىل خرباتهم عىل أنها مل تعد ذات قيمة‬ ‫يف هذا العرص الذي نعيش فيه‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬ما يعرف بالغزو الفكري والثقايف املتمثل فيام‬ ‫يُشاهده األبناء‪ ،‬ويستمعون اليه عرب وسائل اإلعالم‬ ‫املختلفة من أفكار وقيم قد ال تكون يف كثري من‬ ‫األحيان متفقة مع قيم مجتمعاتنا‪.‬‬

‫مسؤولية الرتبية يف مواجهة‬ ‫هذه التحديات‬ ‫ال يكون اإلصالح والدواء إال بالبحث عن جذور‬

‫الداء‪ ،‬والتفتيش عن أصول الع ّلة‪ ،‬وعن املحرك األساس‬ ‫فالبيئة معينة للفرد ومح ّفزة‬ ‫للنهضة السليمة للمجتمع‪ ،‬والحقيقة أن أصل ذلك وبقدر تواجد الفرد يف البيئة‬ ‫كله‪ ،‬وبدؤه كان يف أول كلمة‬ ‫موجهة من الخالق الوقت فيها‪ ،‬ك ّلام ظهر أثرها‬ ‫ّ‬ ‫الحكيم اىل الرسول الكريم (ص) والبرش أجميعن (إقرأ املرتيب متلقياً منها ومتأثراً بها‬ ‫باسم ر ّبك) سورة العلق – اآلية‪1 :‬‬ ‫وأجوائها‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫وترق مع اإلرتباط باملعلم املريب‪ ،‬واملرشد‬ ‫وهنا تع ّلم‬ ‫فالتحدّيات ميكن أن تقسم إىل قسمني‪:‬‬ ‫املزيك‪ ،‬فاآلية تفيد معنى الرتبية والرعاية باإلضافة‬ ‫التحدّيات من جهة البيئة وفيها‪ - :‬كرثة وتن ّوع‬ ‫أ‪-‬‬ ‫اىل طلبها لزيادة العلم واملعرفة‪.‬‬ ‫املؤثرات‪.‬‬ ‫فالطابع املادي الذي تغ ّلب عىل األبناء‪ ،‬هو سمة‬ ‫ قوة وعمق التأثري‪.‬‬‫من سامت هذا العرص‪ ،‬فالتقدم املادي ينطلق برسعة‬ ‫ مخالفة واختالل البيئة‪.‬‬‫هائلة وال يواكبه إلتزام بالقيم اإلنسانية‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬التحدّيات من جهة املربني‪:‬‬ ‫فالرتبية مسؤولة عن توازن الجانبني‪ .‬فاملادة يجب‬ ‫ ق ّلة املربني‪.‬‬‫أن تكون معياراً نقيس به ما لدينا من قيم إنسانية‬ ‫ ضعف املربني مع قلة الدعاة املربني‪.‬‬‫ومبادئ خلقية‪ ،‬وديننا يع ّلمنا ذلك‪ ،‬فقد ربطت آيات‬ ‫فمهام تط ّور الزمن وزاد اإلنفتاح فهو ال يعدو أن‬ ‫القرآن الكريم بني الجانبني رباطاً منسج ًام‪.‬‬ ‫يكون حلقة متجددة مام عاش عليه أسالفنا‪ ،‬وبالتايل‬ ‫والذي يجب اإلنتباه اليه هو أن لهؤالء األبناء حقوقاً علينا أن نعي أن هناك رشائح من املجتمع الزالت متارس‬ ‫يجب أن تعطى لهم وال تنتقص‪ ،‬فمن حقهم أن يجدوا الرتبية الصحيحة يف زمن اإلنفتاح‪ ،‬وأن وعيها مبا‬ ‫آباءهم وأمهاتهم معهم وقتاً كافياً السيام يف تعيشه زادها إرصاراً يف امليض قدماً نحو الرتبية‬ ‫مرحلة الطفولة‪ ،‬ومن حقهم أن يعيشوا طفولتهم‪ ،‬الصحيحة‪.‬‬ ‫يتعجلهم اآلباء وكأنهم يريدون القفز بهم اىل‬ ‫فال‬ ‫ّ‬ ‫ولنجاح الرتبية الدينية يف زمن اإلنفتاح ال بد أن‬ ‫الرشد قبل أن يصلوا إليه حقيقة‪.‬‬ ‫تراعي ما ييل‪:‬‬ ‫أما وسائل اإلعالم املختلفة والتي قد ال ترىض عنها‬ ‫ تثقيف الدعاة والعاملني يف حقل الرتبية الدينية‪،‬‬‫األرسة يف كثري من األحيان‪ ،‬وتكون النتيجة أن ما وإقامة برامج وتدريب وتطوير مستفيدين من أصحاب‬ ‫تغرسه األرسة من قيم أخالقية تقتلعه تلك الوسائط الخربات والتجارب يف هذا املجال‪ ،‬وإصدار دوريات ونرشات‬ ‫األخرى‪ ،‬وهذا يستدعي املراقبة الشديدة واملتابعة حول املوضوع كسلسلة متتابعة يتزود بها العاملون‪،‬‬ ‫والتوجيه واإلرشاد‪ .‬والحقيقة أن هذا املوضوع يتطلب ويطرح فيها كل جديد‪.‬‬ ‫الوعي الكامل عىل مستوى األرسة‪ ،‬بل عىل مستوى‬ ‫ العمق اإلمياين‪ ،‬الذي مينح شفافية ال تسمح‬‫الدولة كذلك‪ ،‬فهذه الوسائل التي تحمل إلينا أفكار بالذوبان مهام عتت الظروف وكرثت العواصف‪.‬‬ ‫غرينا إمنا نحن الذين منلكها ونتح ّكم فيها‪ ،‬وهي أدوات‬ ‫ إن غرس معاين املراقبة الذاتية من أعظم املعاين‪،‬‬‫وأجهزة نأخذ منها ما نريد وندع ما نريد‪ ،‬فال يجب أن التي عىل املربني أن يتقنوها يف أنفسهم ويغرسوها‬ ‫تتحكم فينا‪ ،‬بل علينا أن نتح ّكم فيها‪ ،‬ونريب أبناءنا يف اآلخرين فهي العاصم بإذن الله‪.‬‬ ‫عىل ذلك‪ ،‬فال نرى أو نسمع إ ّال ما نريده واملعيار يف ذلك‬ ‫ عمل مسوحات ميدانية للوقوف عىل الحال الذي‬‫هو ميزان عقيدتنا‪.‬‬ ‫وصل إليه هذا الجيل واألسباب‪ ،‬ومن أين نبدأ وماذا‬ ‫ً‬ ‫املعارصة‬ ‫التحديات‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫كثري‬ ‫تواجه‬ ‫فاألرسة‬ ‫وهكذا‬ ‫نريد؟‪.‬‬ ‫قد تؤدّي اىل قصور دورها الرتبوي‪ ،‬ويف نفس الوقت‬ ‫ السعي للتجديد يف وسائل املحارضات والندوات‬‫فهي أيضاً القادرة عىل مواجهة تلك التحديات والرتبية وفق الضوابط الرشعية املرعية‪.‬‬ ‫والتغ ّلب عليها‪ ،‬حتى تستعيد دورها الرتبوي الف ّعال‪،‬‬ ‫ اإلستفادة من عوامل ووسائل اإلنفتاح‪ ،‬وتسخريها‬‫فالرتبية مفتاح التغيري‪.‬‬ ‫لصالح الرتبية الدينية ملا لها من أثر إيجايب عىل‬ ‫والسلويك‬ ‫والروحي‬ ‫الفكري‬ ‫والتهذيب‬ ‫إن الرتبية‬ ‫املجتمع‪.‬‬ ‫هي سفينة النجاح‪ ،‬ومفتاح الصالح‪ ،‬ألن تغيريها‬ ‫ الوصول اىل الرتبية الصحيحة يستلزم البذل‬‫ّ‬ ‫اإليجايب مؤذن بالتغيري العام‪:‬‬ ‫(‪...‬ان الله ال يغيرّ ما والعطاء‪ ،‬وتربية النفس قبل تربية اآلخرين‪ ،‬والثبات‬ ‫اآلية‬ ‫الرعد‪:‬‬ ‫سورة‬ ‫بأنفسهم‪)...‬‬ ‫بقوم حتى يغيرّ وا ما‬ ‫ٍ‬ ‫عىل طريق الرتبية الصحيحة مهام تراجع اآلخرون‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ إدراك حجم التحدّي وأن نعي أن ما هو قادم‬‫كام أن الرتبية مهمة مستمرة ال تتوقف عند زمن سيكون أكرث انفتاحاً وتط ّوراً وتأثريا‪ً.‬‬ ‫معي وال عند مستوى محدّد من العلم واإلدراك ‪.‬‬ ‫نّ‬ ‫أو سنّ‬ ‫وعليه تظل الرتبية الدينية اإلميانية هي الركيزة‬ ‫ّ‬ ‫فالطريق طويل واملهمة صعبة‬ ‫وكل ذلك يتوقف عىل األساسية لصياغة الداعية واملريب الناجح يف عرص‬ ‫عنارص الرتبية‪:‬‬ ‫اإلنفتاح‪ ..‬وتظل تربية املعابد واملجالس واملساجد هي‬ ‫املريب‬ ‫املنطلق األساس حيث الصالة واالستشعار والخضوع‬ ‫املرتيب‬ ‫والخشوع‪.‬‬ ‫مادة الرتبية‬ ‫بيئة الرتبية (املنزل – دائرة التعليم أو الوظيفة‬ ‫واملجتمع والبيئة الذاتية للفرد والتي يتعايش فيها مع‬ ‫نفسه)‪.‬‬ ‫له نحو الخري أو الرش‪،‬‬ ‫اإليجابية وقضاءه أكرب‬ ‫اإليجايب عليه‪ .‬ويبقى‬ ‫بحسب ق ّوة ّ‬ ‫كل بيئة‬

‫املربيّ الشيخ‬ ‫نابـغ يوسف ذبيان‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫مؤسسة «أطفال الصمود» ملتزمة بحقوق الشعب الفلسطيني‬

‫قاسم عينا لـ «منبر التوحيد»‪ :‬نشاطاتنا شاملة‬ ‫وفي كل المخيمات لتلبية حاجات الشباب‬ ‫واجتامعية‬ ‫إنسانية‬ ‫مؤسسة‬ ‫هي‬ ‫هادفة وملتزمة بقضية هامة‪ ،‬هي قضية‬ ‫فلسطني‪ ،‬من هنا يتجاوز دورها حدود‬ ‫الرعاية اىل ما هو أبعد منها‪ ،‬وهي تهتم‬ ‫بشؤون األطفال من الفلسطينيني الذين‬ ‫فقدوا الوالدين‪ ،‬أو من هم بحاجة للرعاية‬ ‫والتنشئة‪ ،‬واملؤسسة تعمل وفق برامج‬ ‫خاصة ومدروسة وهي تؤكد عىل الهوية‬ ‫الفلسطينية ورضورة بلورتها يف مواجهة‬ ‫التحديات ومحاوالت طمسها‪ ،‬وهي لذلك‬ ‫تركز عىل أهمية حفظ الرتاث الفلسطيني‬ ‫وإبرازه‪ ،‬وتقديم مشاريع الخدمات االجتامعية‬ ‫والرتبوية والصحية‪ ،‬وهي تتابع األجيال بعد‬ ‫تخرجها فهي تبني وتصون وتحقق اإلنجازات‬ ‫العظيمة‪ ،‬وهي جديرة أن تكون بني أبناء‬ ‫الصمود‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد”‪ ،‬كعادتها دامئاً يف‬ ‫تسليط الضوء عىل الجهود التي تبذل‬ ‫عىل كافة أماكن النشاط االجتامعي‬ ‫والتأهيل املهني مبا يعزز من صمود الشعب‬ ‫الفلسطيني وتقويته‪ ،‬وهو عىل طريق‬ ‫العودة اىل فلسطني‪ ،‬من هنا رأينا رضورة‬ ‫الحوار مع املدير العام للمؤسسة الوطنية‬ ‫للرعاية االجتامعية والتأهيل املهني “بيت‬ ‫األستاذ قاسم عينا‪ ،‬ملا‬ ‫أطفال الصمود”‬ ‫ميثله من التزام وجهد والذي يخدم هدفنا‬ ‫املشرتك يف تعزيز صمود أمتنا ومواجهة‬ ‫التحديات‪ ،‬وهنا نص الحوار‪:‬‬ ‫أرجو التعريف باملؤسسة وأبرز نشاطاتها‬ ‫يف خدمة الشعب الفلسطيني يف مجال‬ ‫الرعاية والتأهيل؟‬ ‫مؤسسة “بيت أطفال الصمود” هي مؤسسة‬ ‫اجتامعية وطنية ملتزمة بحقوق الشعب‬ ‫الفلسطيني وتعمل عىل تحقيق ذلك‪.‬‬ ‫تأسست يف ‪ 12‬أب عام ‪ 1976‬إثر سقوط‬ ‫مخيم تل الزعرت‪ ،‬مببادرة من األمانة العامة لالتحاد‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫العام للمرأة الفلسطينية وبعض االختصاصيني‬ ‫اللبنانيني والفلسطينيني‪ ،‬حيث أقيم “بيت‬ ‫أطفال الصمود” بيتاً رعائياً بدي ًال الحتضان‬ ‫األطفال الذين فقدوا ك ًال الوالدين يف مجازر تل‬ ‫الزعرت وجرس الباشا بغض النظر عن جنسيتهم‬ ‫أو دينهم‪ ،‬بلغ عدد األطفال الذين تولت املؤسسة‬ ‫مسؤولية رعايتهم ‪ 180‬طفل وطفلة لغاية‬ ‫حزيران ‪ 1982‬حني بدأ العدوان اإلرسائييل عىل‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫بعد مجزرة صربا وشاتيال توسع عملها وبدأت‬ ‫باالنتشار يف كافة املناطق اللبنانية داخل‬ ‫املخيامت الفلسطينية‪ ،‬حيث شملت املؤسسة‬ ‫ضمن رعايتها األطفال الذين فقدوا معيلهم‬ ‫خالل املجزرة ورسعان ما توسع املرشوع ليشمل‬ ‫األطفال يف كل املخيامت والحاالت الصعبة‪.‬‬ ‫ما هي أبرز برامج ومشاريع املؤسسة؟‬ ‫ميكن تعداد الكثري من الربامج واملشاريع التي‬ ‫أنجزت‪ ،‬أبرزها‪:‬‬ ‫برنامج “إسعاد األرسة” وهو برنامج التبني‬ ‫باإلنفاق “تكفل” يهدف إىل مساعدة ورعاية‬ ‫الطفل ضمن أرسته (األم‪ ،‬الجد‪ ،‬الجدة‪ ،‬أو أحد أقارب‬ ‫الطفل) وتقديم خدمات اجتامعية وتعليمية‬ ‫وعينية‪.‬‬ ‫برنامج التكفل املدريس لذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة‪ ،‬حيث تقوم املؤسسة باملساهمة يف دفع‬ ‫أقساط سنوية لألطفال الذين هم بحاجة إىل‬ ‫مدارس متخصصة من ذوي االحتياجات الخاصة‪...‬‬

‫‪76‬‬

‫وذلك بالتعامل والتنسيق مع مدارس لبنانية‬ ‫متخصصة لهذه الحاالت‪.‬‬ ‫مرشوع رياض األطفال‪ ،‬حيث يوجد ‪ 7‬روضات‬ ‫يف كافة مراكزها باملخيامت الفلسطينية‪،‬‬ ‫تتضمن حوايل ‪ 600‬طفل وطفلة من جنسيات‬ ‫مختلفة (فلسطينية‪ ،‬لبنانية‪ ،‬سورية‪ ،‬الخ‪)...‬‬ ‫وتشمل اهتاممها بالرياض من كل النواحي‬ ‫الرتبوية واالجتامعية وإرشاك األهل واألطفال يف‬ ‫معظم نشاطات املؤسسة الرتفيهية والثقافية‬ ‫وغريها‪ ،‬وتقدم لهم الرعاية الصحية والنفسية‬ ‫مجاناً‪.‬‬ ‫مرشوع عيادات األسنان لألطفال‪ ،‬حيث يوجد‬ ‫‪ 6‬عيادات أسنان موزعة عىل مراكز املؤسسة‬ ‫يف املخيامت (شاتيال‪ ،‬البداوي‪ ،‬البادر‪ ،‬عني الحلوة‪،‬‬ ‫الرشيدية‪ ،‬الربج الشاميل)‪ ،‬وهي تقدم العالج‬ ‫مجاناً لألطفال من كافة الروضات يف املخيامت‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل برنامج التوعية واإلرشاد‪ ،‬وكذلك‬ ‫فهي تقدم خدمات العالج ألطفال األرس التي‬ ‫تتكفلها املؤسسة‪ ،‬والعالج أيضاً يشمل البالغني‬ ‫من أبناء املخيم بأسعار رمزية‪.‬‬ ‫مرشوع الصحة النفسية‪ :‬حيث يوجد ‪ 5‬مراكز‬

‫إرشاد أرسي (يف بريوت‪ ،‬صيدا‪ ،‬مخيم البص‪،‬‬ ‫مخيم البداوي ومخيم البارد)‪ ،‬تقدم فيها خدمات‬ ‫نفسية وإرشادات أرسية لألطفال وذويهم‪ ،‬يتأ ّلف‬ ‫فريق العمل من اختصاصيني من ذوي الكفاءات‬ ‫العالية يف مجال الصحة النفسية والعقلية‪.‬‬ ‫مرشوع التدريب املهني‪ :‬حيث تعمل املؤسسة‬ ‫عىل تدريب الشباب والشابات وتأهيلهم لشق‬ ‫طريقهم العلمي والعميل من خالل توفري املنح‬ ‫لهم أو تنظيم برامج تنفذها املؤسسة داخل‬ ‫مراكزها‪.‬‬ ‫برنامج دروس تقوية‪ ،‬وصفوف للمترسبني من‬ ‫األطفال داخل املخيم‪ ،‬وصفوف لذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫مرشوع تعليم النساء التطريز الفلسطيني‬ ‫وتشغيلهن إلعالة أرسهن‪.‬‬ ‫أما أنشطة املؤسسة فهي تشمل‪:‬‬ ‫أنشطة ثقافية وفنية وتربوية‪( ،‬كالكشافة‬ ‫والغناء‬ ‫واملوسيقى‬ ‫الفلسطينية‬ ‫والدبكة‬ ‫والرسم واألشغال اليدوية والدراما واملرسح‬ ‫وغريها من األنشطة التي تنمي قدرات الطفل‬ ‫وتكسبه مهارات جديدة‪ )..‬وكلها تهدف‬ ‫للمحافظة عىل الهوية الفلسطينية‪.‬‬ ‫دورات متخصصة حول حقوق اإلنسان‪ ،‬الطفل‪،‬‬ ‫املرأة‪ ،‬تهدف إىل نرش الوعي والرتبية عىل حقوق‬ ‫اإلنسان واملطالبة بهذه الحقوق وتحقيقها‪.‬‬ ‫هل ملؤسستكم فروع عديدة يف لبنان‪،‬‬

‫وكيف يتم التنسيق فيام بينها‪ ،‬وما هي أبرز‬ ‫نشاطاتها الحالية؟‬ ‫يوجد ‪ 10‬مراكز يف كافة املخيامت الفلسطينية‬ ‫وكلها تعمل بنفس النهج‪ ،‬اجتامعي‪ ،‬تربوي‪،‬‬ ‫ثقايف‪ ،‬وطني‪ ،‬الخ‪...‬‬ ‫وتهدف هذه املراكز إىل تنمية املجتمع بكافة‬ ‫أطيافه‪.‬‬

‫خدمات مؤسسة بيت أطفال الصمود – عام ‪2010‬‬ ‫‪1400‬‬

‫تكفل أطفال‬

‫‪20‬‬

‫تكفل أطفال من ذوي االحتياجات الخاصة‬

‫‪600‬‬

‫طفال في رياض األطفال – ‪ 7‬رياض أطفال‬

‫‪6885‬‬

‫طفال خضعوا للفحص والعالج في ‪ 6‬عيادات أسنان‬

‫‪1521‬‬

‫مريضا في ‪ 5‬مراكز إرشاد اسري للعناية العقلية‬ ‫النفسية‬

‫‪785‬‬

‫مستفيدا من برنامج التدريب المهني‬

‫‪500‬‬

‫طفال في برنامج دروس التقوية‬

‫‪105‬‬

‫نساء عامالت في مشروع التطريز‬

‫‪90‬‬

‫تلميذا في ‪ 6‬صفوف للمتسربين من المدارس‬

‫‪46‬‬

‫فتاة في ‪ 3‬صفوف لذوي االحتياجات الخاصة‬

‫‪973‬‬

‫طفال في ‪ 46‬فرقة كشاف‬

‫‪160‬‬

‫طفال في ‪ 10‬فرق رياضة‬

‫‪162‬‬

‫طفال في ‪ 11‬فرقة دبكة‬

‫‪253‬‬

‫طفال في ‪ 23‬فرقة موسيقى وغناء‬ ‫طفال مشارك في ‪ 20‬مجموعة دراما وكوميديا‬ ‫ومسرح‬ ‫طفال مشارك في النشاطات الصيفية والمخيمات‬

‫‪265‬‬ ‫‪5499‬‬

‫عالقات‬ ‫تقيمون‬ ‫كيف‬ ‫مؤسساتكم مع العديد من‬ ‫الداعمني‬ ‫الدوليني‬ ‫النشطاء‬ ‫وقضيته‬ ‫الفلسطيني‬ ‫للشعب‬ ‫العادلة‪ ،‬هل يتم املتابعة يف هذا‬ ‫املجال والتنسيق مع املؤسسات‬ ‫الفلسطينية األخرى؟‬ ‫للمؤسسة شبكة عالقات مع‬ ‫الخارج من خالل برنامج التكفل‪،‬‬ ‫وحملة “يك ال ننىس صربا‬ ‫وشاتيال” التي تتم بالتنسيق‬ ‫مع عدد من املنارصين والداعمني‬ ‫من‬ ‫الفلسطينية‬ ‫للقضية‬ ‫مختلف الدول األوروبية واألجنبية‬ ‫مثل (بريطانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ماليزيا‪،‬‬ ‫اليابان‪ ،‬الرنوج‪ ،‬فنلندا‪ ،‬وبعض‬ ‫األصدقاء من أمريكا‪ ،‬الخ‪)...‬‬ ‫كام وأن املؤسسة عضو‬ ‫يف شبكة (األورو‪ -‬متوسطية)‬ ‫للتضامن‪ ،‬وعضو يف منظمة‬ ‫صحة الشعوب‪ ،‬وعضو يف‬ ‫شبكة “املوئل” (الحق يف السكن‬ ‫الالئق)‪ ،‬وتشارك أيضاً بأنشطة‬ ‫املنتدى االجتامعي العاملي‪.‬‬ ‫أما التنسيق فهو يتم عىل‬ ‫واإلقليمي‬ ‫الوطني‬ ‫املستوى‬

‫‪77‬‬

‫والدويل مع املؤسسات املحلية والعربية من خالل‬ ‫شبكات وهيئات محلية وعربية (كالشبكة‬ ‫العربية‪ ،‬هيئة تنسيق املؤسسات األهلية‬ ‫العاملة يف الوسط الفلسطيني‪ ،‬هيئة اإلعاقة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬لجنة إحياء الرتاث الفلسطينية‪،‬‬ ‫منظامت وجمعيات حقوق اإلنسان‪ ،‬األونروا‪،‬‬ ‫منظمة اليونيسيف‪ ،‬وعدد من املؤسسات األهلية‬ ‫االجتامعية والرتبوية (فلسطينية وعربية)‪.‬‬ ‫ما هي أبرز مشاريعكم وخططكم للمرحلة‬ ‫املقبلة؟‬ ‫تطمح املؤسسة إىل املحافظة عىل عملها‬ ‫الذي تقوم فيه تجاه شعبها الفلسطيني الالجئ‬ ‫يف املخيامت الفلسطينية‪ ،‬واىل تطوير املشاريع‬ ‫القامئة‪ ،‬والسعي لتوفري مشاريع تلبي احتياجات‬ ‫الشعب الفلسطيني خاصة قطاع الشباب‪.‬‬ ‫هل تودون إرسال أي رسالة عرب املجلة‪ ،‬وما‬ ‫هي‪ ،‬نحن معكم وقضيتكم هي قضية األمة‬ ‫جمعاء؟‬ ‫نتوجه بالشكر الجزيل إىل كل الداعمني‬ ‫وشعبها‪،‬‬ ‫الفلسطينية‬ ‫للقضية‬ ‫واملنارصين‬ ‫ونطلب من كل أحرار العامل دعم الشعب‬ ‫الفلسطيني يف حقه يف العودة إىل وطنه‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫كام نطالب األشقاء العرب بأن تحظى القضية‬ ‫الفلسطينية بدعم وتأييد فعال ملساندة‬ ‫الشعب الفلسطيني يف نضاله من أجل حقوقه‬ ‫املرشوعة‪ ،‬ونطالب الربملان اللبناين والحكومة‬ ‫اللبنانية مبنح الشعب الفلسطيني حقوقه‬ ‫املدنية واإلنسانية ليعيش بكرامة يف هذا البلد‪.‬‬ ‫فنحن هدفنا واضح‪ ...‬كلنا ضد التوطني ومع‬ ‫حق العودة إىل الوطن فلسطني وعاصمتها‬ ‫القدس الرشيف‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب ريايض‬

‫الرياضي بيروت يعيد كأس آسيا إلى لبنان‬ ‫بعد غياب دام ‪ 7‬سنوات‬ ‫أحرز النادي الريايض اللبناين لقب بطولة‬ ‫األندية اآلسيوية ألول مرة يف تاريخه‪ ،‬وذلك يف‬ ‫النسخة الـ ‪ 22‬التي اختتمت يف العاصمة‬ ‫الفيليبينية مانيال‪ ،‬بفوزه يف املباراة النهائية عىل‬ ‫مهرام اإليراين حامل اللقب بفارق ‪ 9‬نقاط (‪،)82-91‬‬ ‫األرباع (‪ 19-19 ،25-21 ،14-17‬و‪ )24-34‬وسط فرحة‬ ‫لبنانية عارمة يف امللعب واملدرجات‪.‬‬ ‫وهو اللقب الرابع للبنان يف املسابقة بعد ألقاب‬ ‫الحكمة أعوام ‪ 1999‬و‪ 2000‬و‪.2004‬‬ ‫ولقي النادي الريايض لدى عودته اىل بريوت‬ ‫استقباالً شعبياً ورسمياً‪ ،‬فانتظر الوفد الرسمي‬ ‫األبطال عىل سلم‬ ‫الطائرة يف باحة املطار‪ ،‬عىل وقع التصفيق‬ ‫الحار من الجميع‪ ،‬وكان أول “النازلني” رئيس‬ ‫النادي هشام الجارودي ومعه كابنت الفريق جان‬ ‫عبد النور حام ًال الكأس املرموقة‪ ،‬وخلفهام‬ ‫رئيس البعثة جودت شاكر فاملدير الفني‬ ‫فؤاد أبو شقرا وكابنت منتخب لبنان فادي‬ ‫الخطيب‪ ،‬ثم الالعبون اىل الجهاز الفني والطبي‪.‬‬

‫تفاصيل املباراة النهائية‬ ‫املباراة النهائية بني الريايض ومهرام بدأت بشكل‬ ‫متقارب مع تقدم الريايض (‪ ،)0-4‬وبتشكيلة غاب‬ ‫عنها رودريغ عقل بسبب اإلصابة وتألفت من عيل‬ ‫محمود‪ ،‬فادي الخطيب‪ ،‬اسامعيل احمد‪ ،‬جان عبد‬ ‫النور ولورين وودز‪ ،‬لكن مهرام ر ّد برسعة وعادل‬ ‫النتيجة (‪ ،)10-10‬وتقدم ألول مرة (‪ ،)10-12‬قبل أن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يعود الريايض وينهي الربع األول لصالحه (‪.)14-16‬‬ ‫وبدا واضحاً أن األمور أخذت طابعاً هجومياً‬ ‫وسط فقدان الرتكيز الدفاعي من الطرفني (‪12‬‬ ‫ترين أوفر عىل الريايض و‪ 10‬عىل مهرام يف ‪20‬‬ ‫دقيقة)‪ ،‬وكان الخطيب هو «الليدر» الهجومي‬ ‫يف الفريق األصفر‪ ،‬بينام لدى مهرام كان صمد‬ ‫نيكخا يف قمة التوفيق بالتسديد واإلخرتاق‪،‬‬ ‫فعمل املدرب فؤاد أبو شقرا بعد التعادل (‪)32-32‬‬ ‫يف الربع الثاين عىل إرشاك عمر الرتك ملراقبته‬ ‫بدالً من عبد النور‪ ،‬وزيادة الفاعلية يف الرميات‬ ‫الثالثية التي برع بها الخطيب واسامعيل يف الرد‬ ‫عىل نيكخا (‪ ،)34-38‬لكن النجم اإليراين سجل‬ ‫‪ 5‬نقاط متتالية فمنح فريقه التقدم (‪)38-39‬‬ ‫بنهاية الربع الثاين والشوط األول للمباراة ويف‬ ‫رصيده الشخيص (‪ 23‬نقطة)‪.‬‬ ‫ووسط تركيز أفضل‪ ،‬مع بداية الربع الثالث عاد‬ ‫عبد النور إىل تشكيلة الريايض وشيخ سامب‬ ‫اىل تشكيلة مهرام حيث كان قد خرج منتصف‬ ‫الربع الثاين ألرتكابه خطأين وفضل املدرب مهران‬ ‫شاهينتاب إراحته‪ ،‬وبعد ثالث دقائق عىل بداية‬ ‫الجزء تقدم الريايض (‪ ،)43-47‬عادل بعدها صمد‬ ‫وسامب األرقام (‪ ،)47-47‬قبل أن يرتكب األخري‬ ‫خطأه الرابع ويعود إىل مقاعد اإلحتياط‪ ،‬ويحاول‬ ‫كل فريق خطف التقدم لصالحه إىل أن بقي‬ ‫فارق النقطة إيرانياً بنهاية الجزء الثالث (‪،)57-58‬‬

‫‪78‬‬

‫ويذهب الفريقان إىل جزء أخري ناري‪ .‬‬ ‫وبالفعل اشتعلت املباراة جامهريياً وعىل‬ ‫أرض امللعب‪ ،‬ورضب الريايض مع الخطيب وعبد‬ ‫النور (‪ ،)61-66‬فيام استلم كريستوفر ويليامس‬ ‫مهمة الرد بدالً من نيكخا‪ ،‬وحاول الفريق اللبناين‬ ‫التمسك باملقدمة‪ ،‬لكن سامب عاد للمساندة‬ ‫تحت السلة اإليرانية‪ ،‬وتعادلت األرقام ( ‪،)75-75‬‬ ‫ومع تقدم الريايض (‪ )76-80‬خرج العمالق سامب‬ ‫باألخطاء الخمسة‪ ،‬وأمسك الريايض باملقدمة‬ ‫قبل دقيقتني (‪ ،)77-82‬ومل يسمح هذه املرة‬ ‫للفريق اإليراين باإلقرتاب حاس ًام املباراة (‪.)82-91‬‬ ‫وكان فادي الخطيب أفضل مسجل يف املباراة‬ ‫برصيد ‪ 41‬نقطة وأضاف جان عبد النور ‪ 21‬نقطة‬ ‫ومن الفريق اإليراين سجل محمد صمد نيكخا‬ ‫‪ 28‬نقطة وكريس ويليامس (‪ 21‬نقطة)‪.‬‬ ‫وبعد انتهاء املباراة قام الشيخ سعود بن عيل‬ ‫آل رئيس اإلتحاد اآلسيوي‪ ،‬ونائب رئيس اإلتحاد‬ ‫الفليبيني بتسليم كاس البطولة إىل العبي‬ ‫الريايض البطل الجديد آلسيا‪ ،‬فيام سلم أمني‬ ‫عام اإلتحاد اآلسيوي داتو يو وأمني عام اإلتحاد‬ ‫الفليبيني‪ ،‬بتسليم امليداليات الفضية وكأس‬ ‫املركز الثاين إىل العبي مهرام‪ ،‬واألمني العام‬ ‫املساعد يف اإلتحاد اآلسيوي أغوب خاتشرييان‬ ‫بتسليم امليداليات الربونزية وكأس املركز الثالث‬ ‫إىل العبي الريان القطري‪.‬‬

‫البداية أمام الشباب اإلمارايت‬ ‫مل يخرج النادي الريايض اللبناين عن دائرة الفرق‬ ‫املرشحة للفوز يف ختام اليوم األول للبطولة‬ ‫اآلسيوية بعدما تفوق عىل الشباب اإلمارايت (‪-109‬‬ ‫‪ ،)90‬األرباع (‪ 23-37 ،23-27 ،10-19‬و‪.)34-26‬‬ ‫بدأ املدير الفني للنادي الريايض فؤاد أبو شقرا‬ ‫اللقاء بالخاميس اسامعيل احمد‪ ،‬فادي الخطيب‪،‬‬ ‫جان عبد النور‪ ،‬عيل محمود ولورين وودز‪ ،‬يف‬ ‫مقابل خاميس الشباب املؤلف من كورتني فيلدز‪،‬‬ ‫ابراهيم الخلفان‪ ،‬جاسم حاجي‪ ،‬عبد الله املحرزي‬ ‫وعيل الحتاوي‪.‬‬ ‫البداية كانت إماراتية التقدم (‪ ،)6-10‬لكن‬ ‫الريايض ما لبث أن استلم زمام املبادرة بفضل‬ ‫التحركات الريعة لعيل محمود واستثامرها نقاطاً‬ ‫عرب الخطيب واسامعيل ليتقدم الفريق اللبناين‬ ‫ألول مرة (‪ )10-11‬ومع نتيجة (‪ )10-15‬طلب املدرب‬ ‫اإلمارايت أحمد عمر «تايم أوت» رسيع مل مينع‬ ‫فريقه عن اإلستمرار يف الصيام عن التسجيل‬ ‫لينهي الريايض الربع األول متقدماً (‪ ،)10-19‬وعاد‬ ‫التحسن يف الربع الثاين وبادل‬ ‫الفريق اإلمارايت إىل‬ ‫ُ‬ ‫الريايض التسجيل لكن من دون أن يتمكن من‬ ‫تقليص الفارق (‪ ،)23-33‬و(‪ ،)28-37‬إال قبل دقيقتني‬ ‫عىل نهاية الشوط األول (‪ ،)32-39‬فطلب أبو شقرا‬ ‫«تايم اوت» أعاد فريقه إىل السيطرة فأنهى الربع‬ ‫الثاين والشوط األول للمباراة بنتيجة (‪.)33-46‬‬ ‫واستم ّر الريايض يف تفوقه منتصف الربع‬ ‫الثالث (‪ )45-61‬عىل الرغم من جلوس اسامعيل‬ ‫احمد (‪ 17‬نقطة و‪ 7‬متابعات و‪ 9‬متريرات) وفادي‬ ‫الخطيب (‪ 29‬نقطة) عىل مقاعد اإلحتياط‪ ،‬ومع‬ ‫عودتهام ازدادت السيطرة اللبنانية حيث تألق‬ ‫معهام جان عبد النور(‪ 24‬نقطة)‪ ،‬كان كورتني‬ ‫فيلدز (‪ 39‬نقطة) الوحيد الذي يرد بفعالة عىل‬ ‫سالت الريايض‪ ،‬مستغ ًال جلوس لورين وودز عىل‬ ‫مقاعد اإلحتياط إىل أن انتهى الجزء (‪،)56-83‬‬ ‫واستخدم فؤاد ابو شقرا كافة اإلحتياطيني مع‬ ‫منتصف الربع األخري‪ ،‬وبقيت السيطرة للريايض‬ ‫(‪ ،)66-90‬الذي أنهى املباراة (‪.)90-109‬‬

‫الريايض ‪ -‬مهرام‬ ‫خطا الريايض اللبناين خطوة واسعة نحو‬ ‫صدارة املجموعة الثانية «الحديدية» بفوزه عىل‬ ‫حامل اللقب مهرام اإليراين بفارق ‪ 3‬نقاط (‪،)73-76‬‬ ‫األرباع (‪ 17-22 ،25-13 ،14-24‬و‪ ،)27-27‬يف أقوى‬ ‫مباريات البطولة اآلسيوية وأكرثها إثارة وتشويقاً‬ ‫حتى ثوانيها األخرية التي حسمت الفوز اللبناين‪.‬‬ ‫حاول الريايض أن يرضب بقوة مفاجئاً الفريق‬ ‫اإليراين عرب تحريك جان عبد النور مع الرتكيز‬ ‫الدفاعي الذي صمد يف الربع األول‪ ،‬وأنتج تقدماً‬ ‫ملحوظاً‪ ،)4-10( ،‬بتشكيلة غاب عنها عيل‬ ‫محمود املصاب‪ ،‬وتألفت من الخاميس األسايس‬

‫عبد النور‪ ،‬اسامعيل‪ ،‬وودز‪ ،‬عقل والخطيب‪ ،‬يف‬ ‫مقابل تشكيلة مهرام التي ارتكبت ‪“ 6‬ترين أوفر”‬ ‫يف هذا الجزء‪ ،‬ومل تتمكن من السيطرة وتألفت من‬ ‫كمراين‪ ،‬سامب‪ ،‬كريس‪ ،‬نيكخا وإسالمية‪ ،‬لتبقى‬ ‫السيطرة لصالح الفريق اللبناين بنتيجة (‪)14-24‬‬ ‫بنهاية الربع األول‪ ،‬لكن املفاجأة كانت يف الربع‬ ‫الثاين حيث تألق شيخ سامب هارباً من رقابة وودز‬ ‫ومستفيداً من الرتكيز الدفاعي القوي لزمالئه‪،‬‬ ‫واإلرتداد الرسيع يف الهجامت ليتق ّلص الفارق‬ ‫تدريجياً ويصل إىل سلة واحدة (‪ ،)22-24‬قبل أن‬ ‫يخطف الفريق اإليراين التقدم ألول مرة (‪،)29-32‬‬ ‫ثم تتعادل األرقام (‪ ،)37-37‬مع دخول شيخ سامب‬ ‫يف خطر “الفاول تربل”‪ ،‬ولكن فريقه أنهى الربع‬ ‫األول لصالحه (‪.)37-39‬‬ ‫واشتعلت املباراة يف الربع الثالث‪ ،‬حيث دخله‬ ‫الفريقان برتكيز كبري‪ ،‬ونجح الريايض يف استغالل‬ ‫بقاء شيخ سامب عىل مقاعد اإلحتياط ليتقدم‬ ‫(‪ ،)45-49‬لكن كريس ويليامس نجح يف الرد عىل‬ ‫الخطيب واسامعيل وعادل األرقام (‪ ،)49-49‬ليعود‬ ‫الريايض اىل التقدم (‪ ،)49-54‬فسارع املدرب اإليراين‬ ‫مهران شاهينتاب إىل إعادة العمالق السنغايل إىل‬ ‫أرض امللعب‪ ،‬وبقي الريايض محافظاً عىل تقدمه‬ ‫(‪ )56-59‬بنهاية الجزء‪ ،‬إضافة إىل أن مشاركة‬ ‫سامب ك ّلفته ارتكاب الخطأ الرابع بعد دقيقتني‬ ‫عىل بداية الربع األخري والنتيجة (‪ )56-63‬للفريق‬ ‫اللبناين الذي قام بأداء دفاعي كبري وسجل «‪7‬‬ ‫زيرو ران»‪ ،‬فعاد سامب إىل مقاعد اإلحتياط‪ ،‬واالمر‬ ‫نفسه تك ّرر مع جان عبد النور الذي ارتكب الخطأ‬ ‫الرابع والنتيجة فارق ‪ 10‬نقاط (‪ )58-68‬قبل ‪5‬‬ ‫دقائق عىل النهاية فأخرجه املدير الفني فؤاد أبو‬ ‫شقرا وارشك عمر الرتك‪ ،‬ومع نتيجة (‪ )65-70‬عاد‬ ‫عبد النور وسامب واشتعلت املباراة (‪ )69-72‬يف‬ ‫الدقيقة األخرية‪ ،‬ثم (‪ )73-74‬قبل ‪ 20‬ثانية ليمنح‬ ‫الخطيب الريايض التقدم (‪ )73-76‬من رميتني حرتني‬ ‫وبعد «تايم أوت» للفريق اإليراين يف آخر ‪ 15‬ثانية‪،‬‬ ‫حافظ الريايض عىل تقدمه وأنهى املباراة بفوز ثانٍ‬ ‫عىل التوايل‪.‬‬ ‫وكان كريس ويليامس من الفريق اإليراين أفضل‬ ‫مسجل يف املباراة برصيد ‪ 32‬نقطة‪ ،‬وأضاف صمد‬ ‫نيكخا ‪ 18‬نقطة‪ ،‬ومن الفريق اللبناين سجل‬ ‫فادي الخطيب ‪ 25‬نقطة وأضاف اسامعيل أحمد‬ ‫‪ 14‬نقطة و‪ 15‬متابعة متفوقاً عىل العمالقني‬ ‫لورن وودز (‪ 10‬نقاط و‪ 10‬متابعات) وسيخ سامب‬

‫‪79‬‬

‫(‪ 9‬نقاط و‪ 5‬متابعات)‪ ،‬كام سجل جان عبد النور‬ ‫‪ 15‬نقطة‪.‬‬

‫الريايض ‪ -‬الريان‬ ‫يف واحدة من أقوى وأجمل مباريات بطولة‬ ‫األندية اآلسيوية الـ ‪ 22‬متكن الريايض اللبناين من‬ ‫الفوز عىل الريان القطري (‪ )73-78‬بعد التمديد‪،‬‬ ‫األرباع (‪ ،13-20 ،22-21 ،20- 11 ،15-18‬و‪،)3-8‬‬ ‫ليضمن صدارة املجموعة الثانية التي أثبتت يف هذه‬ ‫املبارة بالذات أنها حديدية‪ ،‬وكان تفاعل الجمهور‬ ‫الفيليبيني رائعاً مع مجرياتها األخرية الحاسمة‪،‬‬ ‫وهو الذي كان ينتظر مباراة فريقه سامرت غيالس‬ ‫مع دهوك العراقي‪.‬‬ ‫البداية كانت متقاربة حيث تبادل الفريقان‬ ‫التسجيل هنا وهناك‪ ،‬حيث بدأ فؤاد أبو شقرا‬ ‫املدير الفني للريايض املباراة بالخاميس الخطيب‪،‬‬ ‫اسامعيل‪ ،‬عبد النور‪ ،‬وودز وعقل‪ ،‬يف مقابل‬ ‫تشكيلة الريان التي بدأها املدير الفني بالخاميس‬ ‫شونيس‪ ،‬نغومبو‪ ،‬ياسني‪ ،‬ندوور ومايكل كويف‪،‬‬ ‫وبعد ‪ 7‬دقائق عىل البداية والنتيجة للريايض (‪-12‬‬ ‫‪ )10‬أجرى مدرب الريان أول تبديل بإرشاكه عمر‬ ‫سامل مكان مامي ندوور ملحاولة اللعب تحت السلة‬ ‫أكرث وإيقاف لورن وودز املسيطر والذي سمح‬ ‫للريايض بحسم الربع األول (‪ )15-18‬كانت حصته‬ ‫منها ‪ 11‬نقطة مع ‪ 6‬متابعات‪.‬‬ ‫ولترسيع اللعب أكرث قام مدرب الريان بإرشاك‬ ‫عيل تريك مكان ياسني اسامعيل والنتيجة‬ ‫تشري إىل تقدم الفريق اللبناين (‪ ،)19-22‬لينجح‬ ‫من بعدها تريك نفسه مبنح فريقه التقدم (‪24‬‬ ‫‪ ،)22‬ما أجرب املدرب أبو شقرا عىل طلب «تايم‬‫أوت»‪ ،‬ولكن تريك رضب بثالثية ثانية وساهم برفع‬ ‫الفارق (‪ ،)22-29‬فيام بدأ نغومبو يواجه وودز بنجاح‪،‬‬ ‫وكان واضحاً الرتكيز القطري يف الدفاع الصارم‬ ‫عىل الخطيب فقام أبو شقرا بإراحته وأرشك عمر‬ ‫الرتك ولكن التقدم بقي قطرياً (‪ )29-35‬يف نهاية‬ ‫الشوط األول للمباراة‪.‬‬ ‫وأظهر الفريقان يف الربع الثالث مقدرة كبرية يف‬ ‫التحكم الدفاعي‪ ،‬وتبادل األدوار‪ ،‬وخطف األخطاء‬ ‫من بعضهام يف محاولة الستغالل الرميات‬ ‫الحرة يف ظل عدم قدرة أي منهام السيطرة عىل‬ ‫الثاين‪ ،‬والنتيجة بقيت متقاربة مع تقدم بسيط‬ ‫للريان (‪ ،)41-42‬و(‪ ،)48-50‬الذي استغل بالنهاية‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب صحة‬

‫منرب ريايض‬ ‫األخطاء الشخصية عىل اسامعيل احمد ولورن‬ ‫وودز ويتقدم (‪ )50-57‬بنهاية الجزء‪ ،‬لتشتعل املباراة‬ ‫يف الربع األخري يف حرب تكتيكية بني املدربني‪،‬‬ ‫ويتلقى الريايض رضبة بارتكاب اسامعيل احمد‬ ‫خطأه الرابع قبل ‪ 6‬دقائق عىل النهاية والنتيجة‬ ‫((‪ ،)58-64‬قبل أن يتالق الخطيب ويقلص الفارق إىل‬ ‫نقطة (‪ ،)65-66‬وكاد الريان يحسم املباراة لكن‬ ‫رودريغ عقل سجل ثنائية من فوق الجميع معادالً‬ ‫النتيجة (‪ ،)70-70‬ومل يتمكن الريان من اإلستفادة‬ ‫من التسديدة األخية فذهب الفريقان إىل الوقت‬ ‫اإلضايف‪ ،‬الذي متكن الريايض من السيطرة عليه‬ ‫وحسمه (‪ ،)3-8‬وبالتايل حسم املباراة (‪،)73-78‬‬ ‫عىل الرغم من كونه لعب آخر دقيقتني من دون‬ ‫بطل التعادل رودريغ عقل الذي ارتكب خطأه‬ ‫الخامس‪.‬‬ ‫وبهذا الفوز رفع الريايض رصيده إىل ‪ 6‬نقاط‬ ‫من ‪ 3‬انتصارات متتالية‪ ،‬أمام مهرام والريان ولكل‬ ‫منهام ‪ 5‬نقاط‪.‬‬ ‫وكان اسامعيل احمد أفضل مسجل يف املبارة‬ ‫مشاركة مع الب الريان نغومبو برصيد ‪ 24‬نقطة‪،‬‬ ‫مع ‪ 12‬متابعة لألول و‪ 11‬للثاين‪ ،‬كام سجل لورن‬ ‫وودز ‪ 18‬نقطة و‪ 17‬متابعة‪ ،‬وفادي الخطيب ‪13‬‬ ‫نقطة و‪ 9‬متابعات‪ ،‬وجان عبد النور ‪ 12‬نقطة‪ ،‬ومن‬ ‫الريان سجل إضافة إىل نغومبو‪ ،‬ليزيل شونيس‬ ‫(‪ 15‬نقطة)‪ ،‬عيل تريك (‪.)10‬‬ ‫الريايض ‪ -‬الجالء‬ ‫أكمل الريايض اللبناين انتصاراته يف بطولة‬ ‫األندية اآلسيوية بفوزه يف مباراته األخرية عىل‬ ‫حساب الجالء السوري بفارق ‪ 13‬نقطة (‪،)73-86‬‬ ‫األرباع (‪ 15-20 ،16-24 ،20-15‬و‪.)22-27‬‬ ‫بدأ مدرب الريايض فؤاد ابو شقرا املباراة بالصف‬ ‫اإلحتياطي كون نتيجتها غري مؤثرة فيام بدأها‬ ‫منصور بايراموفيتش بتشكيلة كاملة‪ ،‬تقدمت‬ ‫(‪ )15-20‬يف الربع األول‪ ،‬لكن العبي الريايض‬ ‫بقيادة الالعب الواعد أمري سعود نجح يف خطف‬ ‫التقدم يف الربع الثاين الذي شهد مشاركة بعض‬ ‫احتياطيي الجالء‪ ،‬ليتفوق الفريق اللبناين يف نهاية‬ ‫الشوط األول للمباراة (‪ ،36-39‬بفض الرميات‬ ‫الثالثية لعمر الرتك وويليام فارس وسعود‪.‬‬ ‫ويف الربع الثالث نجح الريايض يف املحافظة عىل‬ ‫تقدمه بالغم من محاوالت رامي مرجانة جامل‬ ‫ميلر (‪ ،)51-59‬ومل تتغري الصورة يف الربع األخري‬ ‫حيث انهى الفريق اللبناين املباراة ملصلحته (‪-86‬‬ ‫‪.)73‬‬ ‫وكان أمري سعود افضل مسجل يف املباراة‬ ‫برصيد ‪ 28‬نقطة وأضاف كل من عمر الرتك وويليام‬ ‫فارس ‪ 18‬نقطة‪ ،‬ومن الفريق السوري سجل جامل‬ ‫ميلر ‪ 16‬نقطة‪،‬‬

‫الدور ربع النهايئ‬ ‫البطاقة األوىل يف قطار الدور ربع النهايئ من‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تفشي جرثومة «إي كوالي»‬

‫‪........: H4‬‬ ‫‪O104‬‬

‫البطولة‪ ،‬مل يجد الريايض اللبناين أدىن صعوبة‬ ‫يف انتزاعها عىل حساب دهوك العراقي بفارق ‪26‬‬ ‫نقطة (‪ )80-106‬االرباع (‪ 14-25 ،15-35 ،19-25‬و‪-21‬‬ ‫‪ ،)22‬وينتظر منافسه يف نصف النهايئ‪ ،‬الفائز من‬ ‫مباراة الريان القطري والتطبيقية األردين‪.‬‬ ‫بدأ الفريق العراقي املباراة بحامس فاجأ‬ ‫به العبي الريايض ونجح يف التقدم (‪ ،)2-9‬مع‬ ‫الخاميس قتيبة‪ ،‬محمد ضياء‪ ،‬يس جاي‪ ،‬غراي و‪،‬‬ ‫فطلب املدير الفني للريايض فؤاد ابو شقرا الذي‬ ‫بدأ بالخاميس األسايس الخطيب‪ ،‬عبد النور‪،‬‬ ‫اسامعيل‪ ،‬وودز وعقل‪“ ،‬تايم اوت” رسيع‪ ،‬أعاد من‬ ‫خالله األمور إىل نصابها بالرتكيز الدفاعي‪ ،‬ومتكن‬ ‫من التعديل (‪ )9-9‬ومن ثم التقدم ألول مرة (‪-12‬‬ ‫‪ ،)11‬حاول من بعدها الفريق العراقي أن يرد‪ ،‬ولكن‬ ‫الفريق اللبناين‬ ‫برتجمة مميزة من جان عبد لجهود زمالئه‪ ،‬أنهى‬ ‫الربع األول (‪ ،)19-25‬ليسيطر الفريق اللبناين‬ ‫بشكل كبري عىل مجريات الربع الثاين‪ ،‬ويعمل‬ ‫عىل توسيع الفارق (‪ ،)27-42‬ليبدأ ابو شقرا بإراحة‬ ‫اساسييه تدريجياً‪ ،‬فأخرج لورن وودز جان عبد النور‪،‬‬ ‫وارشك عيل كنعان وعمر الرتك دون أن يتأثر التفوق‬ ‫اللبناين (‪ ،)30-50‬ومع انتهاء الشوط األول للمبارة‬ ‫(‪ ،)34-60‬كان جميع عنارص الريايض قد شاركوا‬ ‫يف اللقاء ماعدا عيل محمود وعيل فخر الدين ‪.‬‬ ‫ومع بداية الربع الثاين‪ ،‬شارك عيل محمود الذي‬ ‫غاب عن املباريات الثالث األخرية يف الدور األول‬ ‫بسبب اإلصابة يف ظهره‪ ،‬وأكمل الفريق اللبناين‬ ‫تفوقه املداين (‪ ،)44-73‬و(‪ ،)50-80‬قبل أن ينهي الجزء‬ ‫(‪ ،)58-85‬وبات عملياً الربع األخري لتأدية الواجب‪،‬‬ ‫حيث كانت النتيجة النهائية عىل (‪.)80-106‬‬ ‫وكان جان عبد النور أفضل مسجل يف الريايض‬ ‫(‪ 24‬نقطة)‪ ،‬واضاف فادي الخطيب (‪ 21‬نقطة)‬ ‫واضاف كل من اسامعيل أحمد وعيل فخر الدين‬ ‫(‪ 10‬نقاط)‪ ،‬عل ًام أنهام لعبا ‪ 16‬دقيقة‪ ،‬كام سجل‬ ‫محمد ابراهيم ‪ 9‬نقاط و‪ 9‬متابعات و‪ 6‬متريرات‬ ‫حاسمة‪ ،‬ومن الفريق العراقي سجل يس جاي‬ ‫جايلز ‪ 29‬نقطة و‪ 13‬متابعة‪.‬‬

‫الدور نصف النهايئ‬ ‫لحق النادي الريايض بفريق مهرام اإليراين إىل‬ ‫نهايئ بطولة األندية اآلسيوية‪ ،‬بعد فوزه عىل‬ ‫الريان القطري (‪ ،)52-71‬األرباع (‪-15 ،13-19 ،8-19‬‬

‫‪80‬‬

‫‪ 14‬و‪.) 17-18‬‬ ‫وهي املرة األوىل التي يصل فيها الفريق اللبناين‬ ‫إىل املباراة النهائية‪ ،‬بعد ان سبق له الخروج من‬ ‫الدور نصف النهايئ ‪ 3‬مرات‪ ،‬وإحرازه الربونزية يف‬ ‫املرات الثالث‪.‬‬ ‫بداية مخيفة قام بها النادي الريايض‪ ،‬مل يكن‬ ‫أحد يتوقعها‪ ،‬حيث تقدم (‪ ،)0-9‬عرب اسامعيل‬ ‫والخطيب الذين أجربا برايندقائق راوسون مدرب‬ ‫الريان عىل طلب “تايم أوت” أكمل من بعده جان‬ ‫عبد النور وعيل محمود املهمة (‪ ،)0-13‬وبعد ‪6‬‬ ‫دقائق عىل البداية سجل شونيس ليسيل أوىل‬ ‫نقاط الفريق القطري من رميتني حرتني‪ ،‬وكان الفتاً‬ ‫الدفاع املميز للفريق اللبناين الذي منع الريان من‬ ‫التسديد ‪ 3‬مرات خالل الفرتة القانونية‪ ،‬وبعد تبادل‬ ‫السالت انتهى الربع األول (‪ ،)8-19‬ويف الربع الثاين‬ ‫حاول الريان كسب املعنويات من خالل تقليص‬ ‫الفارق تدريجياً‪ ،‬وبادل الريايض التسجيل مع متكن‬ ‫تانغي نغومبو من اإلفالت‪ ،‬األمر الذي ساعد زميله‬ ‫شونيس‪ ،‬لكن الريايض كان يرد عرب تنويع اللعب‬ ‫من تحت السلة مع اسامعيل وإرشاك عيل كنعان‬ ‫مكان عبد النور نظراً للمعدل العايل للطول الذي‬ ‫يتمتع به القطريون‪ ،‬وأحياناً عرب الثالثيات مع الرتك‬ ‫والخطيب‪ ،‬ليبقى الريايض متفوقاً “دبل سكور”‬ ‫(‪ ،)19-38‬ويعمد ابو شقرا إىل إراحة عيل محمود‬ ‫العائد من اإلصابة ويرشك محمد ابراهيم قبل أن‬ ‫ينتهي الشوط األول للمباراة (‪.)21-38‬‬ ‫الفارق الكبري أراح العبي الريايض يف الربع‬ ‫فترسعوا‬ ‫الثالث ووضع العبي الريان تحت الضغط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بإنهاء الهجامت‪ ،‬وسط دفاع متني من جانب‬ ‫الفريق اللبناين‪ ،‬الذي واصل تقدمه (‪،)29-48‬‬ ‫وهاجم محاوالً الحفاظ عىل الفارق الذي رىس عند‬ ‫‪ 18‬نقطة بنهاية الربع (‪ ،)35-53‬وعىل الرغم من‬ ‫املحاوالت القطرية للتقليص (‪ ،)41-57‬إال ان «تايم‬ ‫أوت» من املدرب فؤاد ابو شقرا كان كافياً إلعادة‬ ‫األمور إىل نصابها‪ ،‬ويكمل الريايض تفوقه إىل أن‬ ‫حسم املبارة (‪.)52-71‬‬ ‫وكان اسامعيل احمد من الريايض افضل‬ ‫مسجل يف املباراة برصيد ‪ 25‬نقطة مع ‪12‬‬ ‫متابعة‪ ،‬وأضاف فادي الخطيب ‪ 18‬نقطة ومن‬ ‫الفريق القطري سجل ياسني اسامعيل ‪ 13‬نقطة‬ ‫وليسلس شونيس ‪ 12‬نقطة‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬جورج عون‬

‫تعترب جرثومة “إي كوالي” بشكل عام غري‬ ‫مؤذية‪ ،‬حيث أنها تشكل جز ًءا من الفلورا‬ ‫الطبيعية ألمعاء الثدييات إذ متنع منو البكترييا‬ ‫األخرى املسببة لألمراض يف األمعاء‪ ،‬كام ميكن‬ ‫االستفادة منها يف إنتاج فيتامني ‪ ،K‬ولكن بعض‬ ‫السالالت منها‪ ،‬وليس كلها‪ ،‬ميكن أن تسبب‬ ‫التسمم الغذايئ عند البرش‪ ،‬وأحياناً تكون هذه‬ ‫السالالت هي املسؤولة عن سحب املنتجات‬ ‫الغذائية امللوثة بها من األسواق‪ .‬قام طبيب أملاين‬ ‫باكتشاف هذه الجرثومة التي تعرف أيضاً باسم‬ ‫جرثومة األمعاء الغليظة‪.‬‬ ‫بدأت حالة تفيش بكترييا “إي كوالي” املعوية‬ ‫يف أملانيا يف أيار ‪ .2011‬واعترب االتحاد األورويب‬ ‫أن هذا الوباء هو من أخطر األوبئة التي ميكن أن‬ ‫يشهدها بلد ما ومن أخطر ما شهدته أملانيا‬ ‫من أوبئة مامثلة‪ .‬إن هذه النسخة من البكترييا‬ ‫هي شديدة املقاومة ملضادات االلتهابات‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس لكل املضادات‪ ،‬وهي تنتقل عادة عن طريق‬ ‫لحم العجل املفروم واألجبان والحليب النيء‪،‬‬ ‫وهنا يشتبه يف وجودها يف الخضار‪ ،‬ألن هذا ما‬ ‫قاد إليه التحقيق بشأن األطعمة التي تناولها‬ ‫املرىض األوائل يف أملانيا مقارنة مع أشخاص غري‬ ‫مرىض يعيشون يف املكان نفسه‪ ،‬وتم االشتباه‬ ‫بثالثة عنارص‪ :‬الخس والطامطم والخيار‪ ،‬وهذا‬ ‫يتوقف عىل السكان املصابني‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد دعت‬ ‫السلطات األملانية مواطنيها إىل تجنب استهالك‬ ‫هذا النوع من الخرضاوات‪.‬‬ ‫ووفقا لبيانات منظمة الصحة العاملية‪ ،‬ظهرت‬ ‫بكترييا “إي كوالي” يف ‪ 12‬دولة‪ ،‬وهي أملانيا‬ ‫والنمسا والتشيك والدمنارك وفرنسا وهولندا‬ ‫والرنويج واسبانيا والسويد وسويرسا وبريطانيا‬ ‫والواليات املتحدة‪ ،‬وكان معظم املصابني يف تلك‬ ‫الدول قادمني من أملانيا‪.‬‬ ‫إن هذا الوباء هو شكل رئييس من أشكال‬ ‫التسمم الغذايئ وقد بدأ اندالعه بعد أن أصيب‬ ‫عدة أشخاص ببكترييا “إي كوالي” التي تؤدي إىل‬ ‫متالزمة انحالل الدم اليورميي‬ ‫(‪.)SyndromeUremichemolytic‬تعتربهذه‬ ‫املتالزمة من حاالت الطوارئ الطبية وتتطلب‬ ‫معالجة عاجلة‪.‬‬ ‫تتمثل هذه الحالة بفقر الدم اإلنحاليل وقصور‬ ‫كلوي حاد‪ .‬غالباً ما يبدأ انحالل الدم اليورميي‬

‫بالقيء واإلسهال الدموي‪ ،‬حمى وخمول‪ .‬ويف‬ ‫غضون أسبوع‪ ،‬يصبح الشخص ضعيفاً ورسيع‬ ‫االنفعال‪ .‬أما يف املراحل املتقدمة‪ ،‬فتظهر‬ ‫كدمات عىل الجلد وتقل نسبة الوعي‪ ،‬كام ميكن‬ ‫لألشخاص الذين يصابون بهذه الحالة أن يتب ّولوا‬ ‫أقل من املعتاد ثم تتوقف عملية التبول كلياً‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬تظهر عالمات الشحوب‬ ‫والريقان والطفح الجلدي عىل املريض‪ .‬ثم تؤدي‬ ‫إىل الوفاة بعد فرتة من اإلصابة خاصة عند‬ ‫أصحاب املناعة الضعيفة‪.‬‬ ‫تأيت العدوى بجرثومة “إي كوالي” من أمعاء‬ ‫املاشية إذ تتلوث لحومها مبا يف أمعائها عندما‬ ‫تذبح‪ ،‬وتنتقل إىل اإلنسان مع اللحم‪ .‬ويعترب‬ ‫اللحم املفروم أكرث خطورة من اللحم غري املفروم‬ ‫كالستيك مث ًال‪ ،‬ألن عملية فرم اللحم تؤدي إىل‬ ‫اختالط الجرثومة معه مثل الهمربغر‪ .‬باإلضافة‬ ‫إىل اللحوم‪ ،‬هناك بعض املأكوالت التي ميكن أن‬ ‫تكون ملوثة بالـ “إي كوالي” كالحليب والعصري‬ ‫غري املبسرت‪ ،‬الجبنة‪ ،‬الخضار والفاكهة كالخيار‬ ‫والخس والسبانخ‪ .‬كام ميكن أن تصل إىل اإلنسان‬ ‫عند رشب املاء امللوث من روث املاشية أومصافحة‬ ‫يد ملوثة‪.‬‬ ‫تكون الوقاية من جرثومة “إي كوالي” بطبخ‬ ‫اللحوم عىل درجة حرارة عالية ملدة كافية وتجنب‬ ‫الوجبات الرسيعة والحليب والعصري غري املبسرت‪،‬‬ ‫كام يجب الحفاظ عىل النظافة الشخصية من‬ ‫عدد الحاالت حتى حزيران ‪2011‬‬ ‫عدد‬ ‫الوفيات‬

‫‪Confirmed‬‬ ‫‪cases‬‬

‫‪Suspected‬‬ ‫‪cases‬‬

‫الحاالت المشخصة‬

‫الحاالت المشتبه بها‬

‫‪ ‬ألمانيا‬

‫‪18‬‬

‫‪450‬‬

‫‪1,213‬‬

‫‪ ‬المملكة المتحدة‬

‫‪0‬‬

‫‪3‬‬

‫‪-‬‬

‫‪ ‬السويد‬

‫‪1‬‬

‫‪41‬‬

‫‪-‬‬

‫دانمارك‬

‫‪0‬‬

‫‪14‬‬

‫‪26‬‬

‫‪Country‬‬ ‫البلد‬

‫‪Deaths‬‬

‫هولندا‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪-‬‬

‫‪ ‬فرنسا‬

‫‪0‬‬

‫‪10‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ ‬إسبانيا‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪-‬‬

‫نمسا‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫‪ ‬سويسرا‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪-‬‬

‫فنلندا‬

‫‪0‬‬

‫‪-‬‬

‫‪1‬‬

‫البرتغال‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ ‬بولندا‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪-‬‬

‫‪ ‬الواليات المتحدة‬

‫‪0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪-‬‬

‫تشيك‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪7‬‬

‫‪Total‬‬

‫‪19‬‬

‫‪530‬‬

‫‪1,251‬‬

‫‪81‬‬

‫خالل غسل اليدين قبل التعامل مع الطعام‪ ،‬عند‬ ‫اإلنتقال من الطعام النيء إىل الطعام املطبوخ‬ ‫وعند الخروج من املرحاض‪ .‬إىل جانب ذلك يجب‬ ‫الحرص عىل رشب املاء املعالج املكرر‪ .‬ويقتيض‬ ‫غسل الفاكهة والخضار جيداً قبل تناولها‬ ‫وإذا أمكن تعقيمها بأقراص معقمة خاصة‬ ‫للفاكهة والخضار‪ .‬وعىل ربة املنزل تجنب انتقال‬ ‫التلوث عن طريق فصل اللحوم النيئة عن الخضار‬ ‫والفاكهة النظيفة والطعام املطبوخ‪ .‬ومن املهم‬ ‫جداً تخصيص ألواح تقطيع منفصلة لكل من‬ ‫اللحم‪ ،‬الدجاج والخضار وعدم استعامل لوح‬ ‫تقطيع وسكني مشرتك لكل األطعمة‪.‬‬ ‫وبالنسبة للعالج‪ ،‬ففي الحاالت األقل خطورة‪،‬‬ ‫تعالج أعراض اإلسهال من خالل تعويض السوائل‬ ‫واملراقبة‪ ،‬ولكن ال ينبغي عىل اإلطالق إعطاء‬ ‫املريض مضادات لإلسهال ألنه يجب مساعدة‬ ‫الجسم عىل التخلص من البكترييا وسمومها‪.‬‬ ‫أما يف الحاالت األكرث خطورة فيقوم العالج‬ ‫عىل التعويض عن القصور الذي يسببه سم‬ ‫البكترييا‪ ،‬أي انخفاض عدد كريات الدم الحمراء‪،‬‬ ‫والصفائح الدموية‪ ،‬والفشل الكلوي‪ .‬فيمكن‬ ‫نقل الدم‪ ،‬وغسل الكىل‪ ،‬ويف أسوأ الحاالت يتم‬ ‫تغيري البالزما‪.‬‬ ‫وبالنسبة للبنان‪ ،‬فقد أصدر وزير الزراعة‬ ‫اللبناين قراراً بحظر استرياد الخرضاوات من الدول‬ ‫األوروبية كإجراء احرتازي من أجل الحفاظ عىل‬ ‫صحة املواطنني اللبنانيني عىل الرغم من عدم‬ ‫تسجيل أي حالة إصابة بهذه البكترييا املعوية‬ ‫وحيث ال يعرف بعد حجم األخطار الناجمة عن‬ ‫هذه البكترييا املعوية ومدى انتشارها حتى يف‬ ‫البالد األوروبية‪.‬‬

‫أخصائية التغذية ليال رشيد‬ ‫‪Layal-r@hotmail.com‬‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫منرب حر‬

‫كي ال‬ ‫تسقط‬ ‫الضيعة‬ ‫حافظ أيب املنى‬

‫كانت قرى الجبل خالل الحرب العاملية منقسمة الوالء قسم يؤيد‬ ‫الحلفاء من خالل والئه لفرنسا املستعمرة‪ ،‬وقسم آخر يؤيد أملانيا‬ ‫النازية‪ ،‬وكال الفريقني مدفوع لتحقيق رغبة زعامته الطائفية‬ ‫ومؤمتِر مبا متليه عليه هذه الزعامة‪ ،‬من تحريك النعرة الحزبية‬ ‫للحفاظ عىل امتيازها‪.‬‬ ‫وقد حصل أن فالحني اثنني كانا يعمالن عىل حراثة األرض يف‬ ‫قطعتني متجاورتني‪ ،‬نادى أحدهم عىل اآلخر ليخربه أنه سمع‬ ‫عرب الراديو أن األملان أسقطوا عرش طائرات فرنسية‪ .‬فوقف اآلخر‬ ‫ليجيب بغضب أن هذه دعاية رخيصة‪ ،‬فالحقيقة أن الفرنسيني‬ ‫أسقطوا ستة عرش طائرة‪ ،‬وأن الخرب الذي يبثه الراديو عار عن‬ ‫الصحة وليس سوى دعاية وتشويش‪ .‬وكلمة من هذا وكلمة من‬ ‫ذاك‪ ،‬تحول الخرب إىل نقاش حاد فخالف سحب عىل أثره أحدهم‬ ‫“املنجل” وهجم اآلخر شاجاً رأسه بجرح بليغ سقط عىل أثره جثة‬ ‫هامدة‪.‬‬ ‫وتناهى الخرب إىل الضيعة فسحب كل فريق سالحه أو كانت‬ ‫معركة سقط عىل أثرها خمسة قتىل وعدد كبري من الجرحى‪ ،‬أدّت‬ ‫إىل هروب عدد كبري من أفراد الفريق الجاين إىل خارج الضيعة‪ ،‬كام‬ ‫ترك الكثري من الفريق اآلخر اىل خارج الحدود أو إىل املهاجر بعد أن‬ ‫بارت املواسم وانعدم األمان‪ ،‬فسقطت الضيعة تحت وطأة االنقسام‬ ‫“كرمال عني أملانيا وفرنسا”‪ ،‬ومع أن الحرب العاملية انتهت بانتصار‬ ‫فرنسا وحلفائها‪ ،‬لكن صورة هتلر بقيت تتصدر بيوت الفريق اآلخر‬ ‫ملدة ربع قرن من الزمن‪ ،‬حيث بقي الناس يف الضيعة عىل والئهم‬ ‫القديم يدعونه بأبو عيل هتلر وينكرون أنه مات ويقولون متباهني‪،‬‬ ‫بأنه سيعود يوماً ما ليقطع رقاب الفرنسيني األرشار‪.‬‬ ‫هذه الحادثة تذكرنا بفظاعة هذه النعرات الحزبية املستفحلة‬ ‫الدّاء‪ .‬وتحث كل املخلصني عىل العمل بجد للحد من انتشارها‪،‬‬ ‫حيث يجب أن ندرك أن عنرص املسامحة والغفران يشكالن سبي ًال‬ ‫داع ًام للفكر النهضوي املأمول من كل األحزاب والجمعيات املدنية‬ ‫التي تسعى إللغاء نظام الطائفية السياسية‪ .‬وهذا يرتب علينا‬ ‫جميعاً أن نخفف من حدة الخطاب السيايس الذي ال يؤدي إال إىل‬ ‫توتري األجواء وإذكاء نار الفتنة ليزيد من استعار نار هذه العصبيات‬ ‫البغيضة‪ ،‬وبغري ذلك سنبقى رهن مشيئة الزعامات وارتباطاتها‬ ‫الخارجية‪ ،‬فال ميكن أن ندعي بعد اليوم بأننا أصحاب فكر تغيريي‬ ‫شامل ما مل نعمل عىل تغيري ما بأنفسنا أوالً يك ال نسقط تحت‬ ‫وطأة االنقسام‪.‬‬

‫ً‬ ‫موحدة صامدة‬ ‫إلى سوريا الحبيبة بمحنتها العصية وستبقى‬ ‫النصر تاجك والسيوف ِحماك‬ ‫النصـ ُر تاجك والسـيوف حامك‬

‫لواك‬ ‫واألســ ُد ُجند ُِك والصمو ُد ِ‬

‫يا آي ًة يف الكون أشــرق فج ُرها‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أغنـاك‬ ‫الحضارات فمـا‬ ‫من ُه‬

‫َ‬ ‫ونهوضه‬ ‫را َمت سـعادة شـعبها‬

‫ُّ‬ ‫عطاك‬ ‫يقل‬ ‫يف كل خري ال‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫عازف‬ ‫فالقلب ســوريا ونبض ُه‬ ‫ُ‬

‫مج َد العروبـة شــادياً غن َّاك‬

‫َ‬ ‫أشـرق نورها‬ ‫فطالئع اإلصالح‬

‫لتكو َن أعظ َم ما يراه ُمناك‬

‫وأنت النـو ُر يف ُر َ‬ ‫ؤيـاك‬ ‫ِ‬

‫والقادمون مع العواصف أحرقوا‬

‫أكبادَهم ندماً‬

‫كاأل ّم يف شــعب ر َع ْت ُه يداك‬

‫والقادمون مع النّداء إىل الضحى‬

‫تأبـى لـه التفريـق أو تصنيف ُه‬

‫وحـي ُ‬ ‫بعض غذاك‬ ‫فرغي ُف ُه ال ُّر ُّ‬

‫فالحقّ‬ ‫نجح الدُّجا يف وج ِه‬ ‫وضـاح وما َ‬ ‫ٌ‬

‫أ ْر َض ْعتـ ِه ُح َّب البالد مع ال ِفدا‬

‫ما أظل َم ُ‬ ‫الليل وما ح َل َك الدُّجـا ‬ ‫الوعـي عندك وحد ُة‬ ‫ُ‬

‫إال‬

‫وطني ٌة‬

‫‪82‬‬

‫ِن َ‬ ‫داك‬

‫أبناؤه كل الطوا ِئ ِف يف الحمى ‬

‫أحيـاك‬ ‫َرجاك‬

‫إن القـرا َر قرا ُرك وبقـ َّوة ‬

‫يف أ ّم ٍة‬

‫تحيا‬

‫وفـا َز‬

‫بلواك‬

‫فـي‬

‫أســيادُها األعدا ُء حـول ِغالك‬

‫نفسـ ُه شــراً لها ‬ ‫يا من تسـ ِّو ُل ُ‬

‫شــ ّلت‬

‫لشــعب واح ٍد ‬ ‫الغاي ُة الكربى‬ ‫ٍ‬

‫ع ُّز‬

‫الصمود‬

‫طلق ‬ ‫قد ِن ِ‬ ‫بوعي ُم ٍ‬ ‫لت ســوريا ٍّ‬ ‫السالمة والنّجا‬ ‫ِ‬ ‫فمضيت يف ركب ّ‬

‫عىل صخو ِر ثراك‬ ‫ومنهـج‬ ‫ُ‬

‫َتال ُه‬

‫اإلدراك‬

‫ُ‬ ‫الكـون إ ْذ‬

‫هَ نّاك‬

‫بال ُّرغم من كل ِحبا ِل شــ َراك‬ ‫هدأت‬

‫ونو ُر الله‬

‫فـوق‬

‫ذراك‬

‫قد جا َء ْأخط َر هَ ْجم ًة لوالك‬

‫الشــ ّر أطبقَ بالعروبة جامثاً‬

‫بصمو ِدها ُخ ُ‬ ‫طط ال ِعدا‪ُ ،‬بشـراك‬

‫حيث ّ‬ ‫يا صخر ًة العربا ِء ُ‬ ‫تحط ْ‬ ‫مت‬ ‫الشـرق َ‬ ‫ُ‬ ‫أوسط لن يكون كام رأوا ‬

‫بل مثلمـا‬

‫أناب مجـاهداً‬ ‫الله ينرص من‬ ‫َ‬ ‫الفتْـ َن ُة النّكـراء أطفـأ نا َرها‬

‫بمِ ـا‬

‫الوطنـي‬ ‫قواه‬

‫وصل الشواطئَ سـاملاً ِمن عُصف ٍة ‬

‫رهـنُ‬

‫ُشــ َّل ْت أياديهم‬

‫َنصـراً‬

‫َت ْرضينَه‬

‫وأفـاك‬

‫فاسـتبشـري إن اإلله َحامك‬ ‫ ‬

‫ضاء‬

‫ُ‬ ‫والبيـرق العـريب ُ‬ ‫يخفق يف ال ُّذرا‬ ‫يا ُأ َّم ًة حـا َر العدا يف أمـرها‬ ‫إليك فيمـا ّ‬ ‫حملوا القـرار َ‬ ‫خططوا‬

‫فالقاتـل االنبا َء يخـدم‬

‫بدر‬

‫يف األفالك‬

‫الشـامي قد واسـاك‬ ‫ٌ‬

‫ُ‬ ‫البيت ســور ّيا وشع ُب ُه أســر ٌة‬

‫فتن ًة‬

‫شـاك‬ ‫وصلوا عىل درب اختبار ِ‬

‫فأىت بـ ِه ل ّب ْيك مـن آذاك؟‬ ‫وبناؤه األمجـاد ُ‬ ‫حيث خطـاك‬

‫الحجا بوال ِئه‬ ‫هي محن ٌة‬ ‫للشـعب تخت ُرب ِ‬ ‫ِ‬

‫َّ‬ ‫وحل‬

‫والشــرق صار تحالفاً متوحداً‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫وجحـافل‬ ‫برضاوة اآلســا ِد هَ ّبوا وانتخوا ‬

‫الفتن ُة الكربى دسـائسـها ال ِعدا ‬

‫َ‬ ‫صفـاك‬

‫أنت الفؤا ُد لـ ُه بنبض هواك‬

‫األبطـا َل‬

‫ُشــلت أيادي الد َّّس بني صفو ِفنا‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫فيك‬

‫القيادة حكمـ ٌة وطنيـ ٌة‬

‫تســتجيب ِّ‬ ‫لكل ما أرضاك‬ ‫كم‬ ‫ُ‬

‫َّ‬ ‫وضل َمنْ عاداك‬ ‫وعي الجموع‬ ‫ُ‬ ‫فقلو ُبنـا ه َت َف ْت‬

‫بحب‬ ‫ِّ‬

‫والك‬

‫‪83‬‬

‫ونسـي ُمه‬

‫خابوا وخابت َّ‬ ‫بشـباك‬ ‫خطة‬ ‫ِ‬ ‫ما كنت يوماً‬

‫رصك وهو قد أغناك‬ ‫بالله َن ُ‬

‫كم حضرَّ وا ُسـماَّ ً وقد شـربوهم والعاملـون‬ ‫أيسـاومون عىل كرامـ ِة أ ّمـة‬

‫طوعهم‬

‫بقضاك‬

‫لِ َف ّك‬

‫ِب ِه‬

‫عُـراك‬

‫وســمو ُمهم جاءت بإسم دواك؟!‬

‫مواطن ‬ ‫ثوابت‬ ‫أهل ال ّرباط عىل ِ‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫أبطال ســور ّيا‬

‫كم م َّر يف التاريخ واق َع محن ٍة فخرجت‬

‫دوماً‬

‫فســلمت يا أ ّم العروبة وال ِفدا‬

‫حياك‬ ‫ح ّياك ثـم حياك ثـم‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫والغيث أغرق َّ‬ ‫كل ما الذوا ب ِه‬ ‫ببت شـعبك طائعاً‬ ‫يا أ ُّم كـم ْأح ِ‬

‫ضـاك‬ ‫كذرائ ٍع فتوســلوا ل ِر ِ‬ ‫ّ‬ ‫للعـاق الذي أضنـاك‬ ‫وغفرت‬ ‫ِ‬

‫حلم وحكمـ ُة قائد وبشــائ ٌر‬ ‫ٌ‬

‫ّبشــار أطلق ضوءها بفضاك‬

‫أنت العص ّيـ ُة بالصمـو ِد ومنهج‬

‫سناك‬

‫يف‬

‫متحالف يف الشـرق‬

‫ّ‬ ‫بكل عـراك‬ ‫أع َّز‬

‫فيه‬

‫قواك‬

‫التحـرير يف آال ِئ ِه‬

‫القدس والجوالن ُ‬ ‫نبض دماك‬ ‫ُ‬

‫يعرب ورجا َءهـا‬ ‫قلب أ ّم ِة‬ ‫يا َ‬ ‫ٍ‬

‫شهداؤنا قد سـطروا نجواك‬

‫تيهي شــموخاً باتحا ِد ِك والوفـا‬

‫يا د ْر َع أ ّم ِتـنَا فام أبهـاك؟!!‬

‫ونداؤه‬

‫الشيخ راتب نرص الله‬ ‫العدد ‪ -54‬متوز ‪2011‬‬


‫قلعة حلب‬ ‫موقع‬ ‫أثري سياحي‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.