Manbar altawhid issue 53

Page 1

‫«حزب التوحيد العربي»‬ ‫في عامه الخامس‬ ‫وهاب‪ :‬من التأسيس‬ ‫إلى بناء المؤسسة‬

‫العدد ‪ 53‬ــ حزيران ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫سوريا تعبر المؤامرة‬ ‫وشعبها يمانع التخريب‬

‫أميركا تح ِّرك‬ ‫«إخوانها»‬

‫‪1‬‬

‫العودة‬ ‫إلى فلسطين حق‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪53‬‬

‫حزيران ‪ 2011‬السنة اخلامسة‬

‫‪17‬‬

‫‪ 06‬الغالف‬

‫ميشال سليمان‪:‬‬ ‫عهد الال إنجازات‬

‫‪ 17‬لبنانيات‬ ‫‪ 29‬حزب التوحيد‬

‫‪48‬‬ ‫مصالحة الضرورة‬

‫‪ 69‬اقتصاد‬

‫‪72‬‬

‫ليون زكي‪:‬‬ ‫العقوبات على سوريا‬ ‫تأثيرها محدود‬

‫‪ 74‬ثقافة‬ ‫‪ 76‬اجتماعي‬

‫‪74‬‬ ‫علي عباس‪ :‬شعراء‬ ‫المقاومة ال يموتون‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 60‬عربيات‬ ‫‪ 66‬دوليات‬

‫الفلسطينية‬

‫منبر التوحيد‬

‫‪ 4 8‬فلسطينيات‬

‫‪ 78‬رياضة‬ ‫‪ 80‬تربوي‬ ‫‪ 81‬صحة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫المقاومة‬ ‫في معادلة‬ ‫تحرير‬ ‫األرض‬ ‫واإلنسان!‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سخر األمني العام لـ “حزب اهلل” السيد حسن نصر اهلل من قادة‬ ‫العدو اإلسرائيلي‪ ،‬عندما حتدثوا عن امتالك املقاومة لـ ‪ 12‬ألف صاروخ‪،‬‬ ‫وقال في كلمة له بعيد املقاومة والتحرير احلادي عشر‪“ ،‬يبدو أن‬ ‫معلوماتهم قدمية”‪ ،‬ولم يكشف عن العدد الفعلي للصواريخ‪ ،‬التي‬ ‫اعتبرها الرئيس األميركي باراك أوباما‪ ،‬في كلمة له أمام مؤسسة‬ ‫“ايباك”‪ ،‬أن وجودها مع “حزب اهلل” عمل إرهابي‪ ،‬وهذا احلزب متهم‬ ‫باالغتياالت السياسية‪ ،‬وتفجير السيارات‪ ،‬وإطالق الصواريخ‪ ،‬وهو بذلك‬ ‫أعطى إشارة مرور‪ ،‬للمحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق‬ ‫احلريري‪ ،‬أن تطلق قرارها الظني واالتهامي املعلوم منذ سنوات‪ ،‬أنه موجه‬ ‫سياسيا ً ضد “حزب اهلل”‪ ،‬وفي مكان ما ُو ّجه ضد سوريا‪ ،‬وأعيد إحياء‬ ‫االتهام السياسي‪ ،‬الذي اعترف سعد احلريري‪ ،‬أنه تو ّرط به ضد سوريا‬ ‫مرة وضد “حزب اهلل”‪ ،‬ومثله ّ‬ ‫أكد النائب وليد جنبالط الذي قال مؤخرا ً‬ ‫ً‬ ‫إن القرار االتهامي هو غب الطلب سياسيا‪ ،‬بعد أن أجرى املدعي العام‬ ‫في احملكمة القاضي دانيال بيلمار‪ ،‬تعديالً مرتني على قراره الذي سلمه‬ ‫منتصف كانون الثاني املاضي إلى قاضي اإلجراءات التمهيدية واإلثبات‬ ‫القاضي دانيال فرنسني‪.‬‬ ‫فاملقصود من تسييس احملكمة‪ ،‬ومن جترمي “حزب اهلل” ووضعه أميركيا ً‬ ‫ّ‬ ‫يشذ على‬ ‫على الئحة “اإلرهاب” وفق املفهوم األميركي للمقاومة‪ ،‬وهو‬ ‫ما تعلمه األميركيون من جورج واشنطن كبطل للحرية‪ ،‬ومقاومة‬ ‫االستعمار‪ ،‬ويقوم على إنهاء املقاومة ضد “إسرائيل”‪ ،‬وإزالة صواريخها‬ ‫التي تهدد أمنها‪ ،‬احملفوظ استراتيجيا ً من أميركا‪ ،‬والذي أكد عليه أوباما‬ ‫في خطابه حول سياسته للشرق األوسط‪ ،‬ثم أمام جلنة العالقات‬ ‫األميركية – اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫فأمن “إسرائيل”‪ ،‬مصلحة استراتيجية ألميركا‪ ،‬شاء العرب أم‬ ‫أبوا‪ ،‬ولضمانه تعطل اإلدارات األميركية املتعاقبة‪ ،‬القرارات الدولية‪،‬‬ ‫ال بل ترفض كل قرار يدين “إسرائيل”‪ ،‬وتعمل على إسقاط أي قرار‬ ‫يصفها بالدولة العنصرية‪ ،‬أو يتهمها بارتكاب مجازر‪ ،‬كما في تقرير‬ ‫“غولدستون”‪ ،‬وقبله في مجزرتي قانا الشهيرتني‪ ،‬اللتني ارتكبتهما‬ ‫قوات االحتالل اإلسرائيلي أمام مرأى ومسمع القوات الدولية‪.‬‬ ‫فصواريخ املقاومة التي تزعج أميركا‪ ،‬ألنها تهدد أمن “إسرائيل”‪،‬‬ ‫رفع السيد حسن نصر اهلل من مدى استخدامها‪ ،‬كحماية للبنان‪،‬‬ ‫والدفاع عنه‪ ،‬وردع أي عدوان عليه ووضعها في معادلة املنطقة‪،‬‬ ‫وهذه رسالة واضحة‪ ،‬إلى من يعملون للسالم منذ عقود‪ ،‬بأن الدولة‬ ‫العبرية ال تقيم معنى ووزناً‪ ،‬ملا يسميه بعض العرب سالماً‪ ،‬ويلهثون‬ ‫نحوه‪ ،‬إمنا هو باملفهوم اإلسرائيلي واألميركي استسالماً‪ ،‬وقد أسقط‬ ‫قادة العدو‪ ،‬شعار مؤمتر مدريد للسالم الذي انعقد حتت عنوان “األرض‬ ‫مقابل السالم”‪ ،‬فأصبح “األمن مقابل السالم” وقد مت نسف املعادلة‬ ‫األولى لصالح املعادلة الثانية‪ ،‬التي تقفز فوق القرارات الدولية‪ ،‬التي‬ ‫بُنيت عليها نظرية السالم‪ ،‬التي ابتدعت في عهد الرئيس األميركي‬ ‫األسبق جورج بوش منذ عشرين عاماً‪ ،‬وقد متّ تقويض كل عملية السالم‪،‬‬ ‫التي حاولت القمة العربية في بيروت عام ‪ ،2002‬تعوميها عبر مبادرة ولي‬ ‫العهد السعودي آنذاك األمير عبد اهلل‪ ،‬والتي حاولت فتح طريق السالم‬ ‫عبر التنازل عن حق العودة للفلسطينيني‪ ،‬لكن الرئيس اللبناني إميل‬ ‫حلود الذي ترأس القمة‪ ،‬تصدى لهذه احملاولة ورفض إسقاط حق العودة‬ ‫املستند إلى قرار األمم املتحدة ‪.194‬‬ ‫فأهمية ما طرحه السيد نصر اهلل‪ ،‬في ذكرى املقاومة والتحرير‬ ‫هذا العام‪ ،‬إنه وضع استراتيجية بعيدة املدى‪ ،‬تقوم على ما يستفاد‬ ‫منها في الصراع مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬الذي بات يتخذ شكل الصراع‬ ‫القومي‪ ،‬بانخراط اللبنانيني والفلسطينيني والسوريني واألردنيني فيه‪،‬‬

‫‪4‬‬


‫الهدنة‪ ،‬ليتحول إلى “حرس حدود” لـ “إسرائيل”‪ ،‬مينع قيام مقاومة‪،‬‬ ‫وينزع سالحها‪ ،‬حتت عنوان‪ ،‬أن ال سالح إال سالح الشرعية‪ ،‬وال جيش‬ ‫إال اجليش اللبناني‪ ،‬وأن الدولة وحدها متلك قرار احلرب والسلم‪ ،‬ولقد‬ ‫كان الوضع كما يريده منظرو “السيادة واالستقالل” قائما ً منذ العام‬ ‫‪ 1948‬حتى العام ‪ ،1968‬وكان لبنان عرضة لالعتداءات اإلسرائيلية‬ ‫وقضم أراضيه وسرقة مياهه‪ ،‬ونزوح أهل اجلنوب الذين كانوا يهربون‬ ‫من جحيم ناره‪ ،‬دون مالجئ‪ ،‬ولم يكن دور الدولة سوى تقدمي شكاوى‬ ‫جمللس األمن‪ ،‬دون توفير حماية دولية له‪ ،‬أو ردع “إسرائيل” التي وصلت‬ ‫إلى عاصمته فاغتالت ثالثة من قادة املقاومة الفلسطينية في العام‬ ‫‪ ،1973‬ودمرت ‪ 11‬طائرة لشركة طيران الشرق األوسط جاثمة في مطار‬ ‫بيروت عام ‪ ،1968‬كما الحقت الفدائيني الفلسطينيني الذين سمح‬ ‫لهم االنطالق من قواعد في لبنان لعمليات ضد العدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فمنذ حترير اجلنوب في ‪ 25‬أيار ‪ ،2000‬والتصويب في لبنان من قبل فئات‬ ‫سياسية وحزبية وروحية‪ ،‬هو على املقاومة وسالحها‪ ،‬وإن دورها انتهى‪،‬‬ ‫وعليها تسليم قرارها إلى الدولة‪ ،‬واالنخراط في احلياة السياسية‪ ،‬وكل‬ ‫بد من‬ ‫ذلك من أجل تطمني “إسرائيل”‪ ،‬أن جبهتها الشمالية هدأت وال ّ‬ ‫انتظار الوقت املناسب لعقد سالم معها‪ ،‬وأن ال مقاومة بعد اآلن في‬ ‫لبنان‪ ،‬بعد وقف العمل باتفاق القاهرة الذي سمح للفلسطينيني‪ ،‬أن‬ ‫تكون لهم قواعد في العرقوب في جنوب لبنان‪ ،‬كما أن اتفاق الهدنة‬ ‫سيوقف تلقائيا ً سالح املقاومة عند “حزب اهلل”‪.‬‬ ‫لكن ما ّ‬ ‫نظر له أعداء املقاومة‪ ،‬لم يحصل‪ ،‬ال سيما بعد االنسحاب‬ ‫السوري من لبنان في العام ‪ ،2005‬وكان الهدف من الضغط على سوريا‪،‬‬ ‫هو أن توقف دعمها لـ “حزب اهلل” في لبنان‪ ،‬ومتنع استمرار وصول‬ ‫السالح إليه‪ ،‬لكن الرئيس بشار األسد‪ ،‬سحب جيشه وبقيت املقاومة‪،‬‬ ‫التي قلبت املعادلة في حرب متوز ‪ ،2006‬وأنهت ما سمي “الشرق األوسط‬ ‫اجلديد” الذي سقط في لبنان لكنه مستمر في املنطقة‪ ،‬عبر خلق‬ ‫الفوضى‪ ،‬حتت شعارات حقوق اإلنسان وتطبيق الدميقراطية‪ ،‬من أجل‬ ‫الوصول إلى األنظمة التي تؤمن الرعاية واحلماية للمقاومة‪ ،‬وتلعب‬ ‫سوريا دورا ً محوريا ً في هذا اجملال‪ ،‬فجاء الوقت إلضعافها من الداخل‪،‬‬ ‫بعد أن واجهت عواصف اخلارج منذ أعوام‪ ،‬لدفعها باجتاه االستسالم‬ ‫للعدو اإلسرائيلي والتسليم باحتالله‪ ،‬ووقف دعمها للمقاومة‪.‬‬ ‫إن إدخال الصواريخ في معادلة املنطقة‪ ،‬كما أعلن السيد نصر اهلل‪،‬‬ ‫هي الرد ليس على االحتالل اإلسرائيلي فقط‪ ،‬ودورها في حترير األرض‪ ،‬إمنا‬ ‫ملنع سقوط املنطقة ولبنان من ضمنها‪ ،‬في مشروع خطير وهو التفتيت‬ ‫الناجت عن الصراعات الطائفية واملذهبية التي تغذيها املشاريع اخلارجية‪،‬‬ ‫وتالقي أرضا خصبة لها‪ ،‬في األنظمة املستبدة التي منعت احلرية عن‬ ‫شعوبها‪ ،‬وأضعفت صمود مواطنيها‪ ،‬بإغراقهم في األزمات االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬كما تقدمي نظرية األمن في الداخل حتت عناوين املؤامرة‪،‬‬ ‫بدل التصدي لها بتحصني الوحدة الوطنية‪ ،‬التي ال تقوم إال بوعي وطني‬ ‫وقومي‪ ،‬ووالء إلى األرض‪ ،‬التي خارج االنتماء إليها‪ ،‬فيصبح تقسيمها‬ ‫سهالً‪ ،‬ويحل االنتماء اجلزئي الطائفي واملذهبي والكياني واجلهوي والفئوي‬ ‫والعرقي‪ ،‬مكان االنتماء األشمل إلى الوطن‪ ،‬وهذه ثغرة دخل منها من‬ ‫املقسم من العالم العربي‪ ،‬وتشتيت قواه‪ ،‬واعتبار انتصار‬ ‫يريدون تقسيم‬ ‫ّ‬ ‫املقاومة فيه سواء في لبنان أو فلسطني أو العراق‪ ،‬هي نتاج طائفي أو‬ ‫مذهبي‪ ،‬وليس صناعة وطنية أو قومية وهذا ما يقلق اللبنانيني على‬ ‫املقاومة في لبنان التي تعيش في نظام طائفي ومجتمع ممذهب‪ ،‬وتتقدم‬ ‫فيه الثقافة الطائفية‪ ،‬على الثقافة الوطنية والقومية‪.‬‬

‫من خالل فتح حدودهم أمام النازحني الفلسطينيني للعودة‪ ،‬وهذا رد‬ ‫على “يهودية الدولة”‪ ،‬التي ال ميكن أن تقوم مع مطالبة الفلسطينيني‬ ‫بحق العودة إلى األرض التي ُه ّجروا منها في العام ‪ ،1948‬في الوقت‬ ‫الذي تسعى الدولة اليهودية‪ ،‬إلى طرد من بقي منهم في أرضها‬ ‫“التوراتية”‪.‬‬ ‫فوضع صواريخ املقاومة في لبنان في معادلة املنطقة‪ ،‬يدخل في‬ ‫مواجهة إسقاط املشاريع األميركية واإلسرائيلية‪ ،‬التي تقوم على‬ ‫تفتيت العالم العربي‪ ،‬وإضعاف وحدة شعوبه ومجتمعاته‪ ،‬وهذا دور‬ ‫أساسي للمقاومة‪ ،‬التي تسعى لتحرير األرض‪ ،‬إال أنها تواجه في أن‬ ‫هذا التحرير يبقى ناقصاً‪ ،‬طاملا أن مشاريع العدو جاهزة‪ ،‬ملواجهته‪،‬‬ ‫بإغراق املقاومة في صراعات طائفية ومذهبية‪ ،‬وفي إسقاط ثقافة‬ ‫املقاومة لتحل محلها ثقافة االقتتال والتناحر الداخلي‪.‬‬ ‫فاملقاومة في لبنان التي حققت االنتصار بتحرير األرض في عام ‪،2000‬‬ ‫وصدت العدوان في ‪ ،2006‬جوبهت من الداخل اللبناني‪ ،‬بالتشكيك أن‬ ‫سالحها حرر األرض‪ ،‬ثم جاء من يستدرجه إلى الداخل ليحوله إلى‬ ‫سالح ميليشيا كما حصل في أيار عام ‪ ،2008‬عندما قامت املقاومة‬ ‫تدافع عن شبكة اتصاالتها‪ ،‬وهي “سالح اإلشارة” عند اجليوش‪ ،‬وهو‬ ‫السالح األساسي في احلروب‪ ،‬ودونه خسارة محتمة‪ ،‬ولقد قام فريق ‪14‬‬ ‫آذار مبحاولة نزع وسائل االتصاالت‪ ،‬عندما فشل مع العدو اإلسرائيلي‬ ‫في نزع وتدمير الصواريخ التي هزّت أمن الكيان الصهيوني‪ ،‬ووصلت‬ ‫إلى عمقه االستراتيجي‪ ،‬والى أماكن وجعه في تهجير املستوطنني‪،‬‬ ‫والى تهديد مرافقه احليوية من مرافئ ومطارات ومصافي النفط‬ ‫وصوال ً إلى مصانعه الكيميائية ومراكزه النووية‪.‬‬ ‫فـ “إسرائيل” التي كان أمنها احليوي يصل إلى باكستان‪ ،‬فإنها باتت‬ ‫أمام مشهد مختلف‪ ،‬إذ لم تعد قادرة على حمايته‪ ،‬وقد تن ّبهت إلى‬ ‫أن املواقع االستراتيجية‪ ،‬لم تعد تؤمن احلماية لها‪ ،‬كما أن امتالكها‬ ‫للطائرات‪ ،‬ال تردع املقاومني لوجودها‪ ،‬ولم تعد استراتيجيتها الدفاعية‪،‬‬ ‫القائمة على حروب استباقية تفيدها‪ ،‬بعد أن أسقطت املقاومة‪،‬‬ ‫اجتياحاتها واحتالالتها‪ ،‬وأخرجت جيشها من لبنان وغزة‪ ،‬كما فرغت‬ ‫مقولتها الشهيرة بأن احلرب مع لبنان نزهة‪ ،‬وماتت عبارة موشي دايان‪،‬‬ ‫في حرب ‪ ،1967‬أن جبهة لبنان ليست بحاجة إلى إرسال اجليش لها‪،‬‬ ‫بل مجموعة من اجملندات اإلسرائيليات على دراجات هوائية‪.‬‬ ‫كان العدو اإلسرائيلي‪ ،‬يتطلع إلى لبنان كخاصرة رخوة‪ ،‬وإنه‬ ‫البلد الذي ال يعتبره يشكل خطرا ً على كيانه‪ ،‬طاملا أن سياسييه‪،‬‬ ‫أرادوه ضعيفا ً وليس قوياً‪ ،‬وال يبنون جيشا ً دفاعياً‪ ،‬ويعملون ليكون‬ ‫حياديا ً تنتشر فيه قوات دولية‪ ،‬كي ال ينخرط في الصراع العربي –‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫لقد تغ ّيرت هذه املعادلة‪ ،‬وفرضت املقاومة نفسها قوة للبنان‪،‬‬ ‫وأثبتت التجارب صحة ما أجنزته‪ ،‬إذ حتررت األرض بدماء وسواعد وصمود‬ ‫املقاومني الذين‪ ،‬إضافة إلى إميانهم بحق التحرير‪ ،‬امتلكوا أيضا ً‬ ‫املعلومات التقنية‪ ،‬وقد خاضوا حربا ً تكنولوجية في حرب التحرير وفي‬ ‫ردع العدوان‪ ،‬ولم يعد غزو لبنان نزهة‪ ،‬وال خرق سيادته سهالً‪ ،‬ألن املقاومة‬ ‫له باملرصاد‪ ،‬وهذا ما حصل في أثناء احلرب االسرائيلية عليه صيف‬ ‫‪ ،2006‬وقد تك ّبد اجليش اإلسرائيلي خسائر بشرية ومادية‪ ،‬حولته إلى‬ ‫مهزوم ومنكسر‪ ،‬أمام عدة مئات وآالف من املقاومني‪ ،‬الذين أثبتوا قدرة‬ ‫على حتقيق النصر‪ ،‬وباتوا في معادلة االستراتيجية الوطنية الدفاعية‬ ‫عن لبنان مع اجليش والشعب‪ ،‬حيث يحاول فريق ما تبقى من ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫إلغاء املقاومة من هذه املعادلة‪ ،‬واالكتفاء باجليش فقط‪ ،‬الذي يريدونه‬ ‫كما ترغب به أميركا‪ ،‬جيشا ً ينفذ القرار الدولي ‪ ،1701‬ويلتزم اتفاقية‬

‫‪5‬‬

‫منبر التوحيد‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫في ذكـرى انطالقة «حزب‬

‫وهــاب لـ «منبر التوحيد»‪ :‬من ‬

‫خمس سنوات على تأسيس “حزب التوحيد‬ ‫العربي”‪ ،‬الذي بدأ تيارا ً سياسياً لبنانياً‪ّ ،‬‬ ‫ومتكن‬ ‫بنضال مؤسسه وئام وهاب‪ ،‬ونشاطه مع مَن‬ ‫شاركه التأسيس واالنطالقة التي متّ توقيتها‬ ‫مع الذكرى السادسة النتصار املقاومة في‬ ‫حترير اجلنوب‪ ،‬في ‪ 25‬أيار ‪ ،2006‬ولهذا التاريخ‬ ‫رمزية‪ ،‬بأن احلزب هو مقاوم‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫أكد عليه‬ ‫في مؤمتره األول الذي انعقد قبل أشهر‪ ،‬ورسم‬ ‫فيه ّ‬ ‫خطه السياسي‪ّ ،‬‬ ‫فأكد على أن املقاومة‬ ‫بالنسبة له هي عقيدة وثقافة وممارسة‪.‬‬ ‫فمع دخول “حزب التوحيد العربي” عامه‬ ‫ّ‬ ‫تخطى مرحلة التأسيس الى‬ ‫السادس‪ ،‬فإنه‬ ‫مرحلة البناء الداخلي‪ ،‬تثبيت املؤسسات‪،‬‬ ‫تأهيل الكوادر‪ ،‬تنظيم املفوضيات‪ ،‬تفعيل‬ ‫الطاقات‪ ،‬تثقيف احلزبيني‪ ،‬تخريج مسؤولني‬ ‫عبر دورات تأهيل وإعداد في كل الشؤون‬ ‫السياسية واإلدارية والتنظيمية‪ ،‬الخ‪...‬‬ ‫وفي ذكرى االنطالقة السادسة‪ ،‬التقت‬ ‫“منبر التوحيد”‪ ،‬رئيس احلزب‪ ،‬لتفتح معه‬ ‫حوارا ً حول شؤون حزبية‪ ،‬وهل قام احلزب‬ ‫باملهمة التي ّ‬ ‫انكب لها للتغيير‪ ،‬وما هي‬ ‫النتائج التي حصدها؟‬ ‫احلوار الذي كانت أسئلته نقدية‪ ،‬فإن‬ ‫األجوبة جاءت بالصراحة التي امتاز بها‬ ‫ّ‬ ‫يتأخر عن إجراء نقد ذاتي‪ ،‬وإعالن‬ ‫وهاب‪ ،‬ولم‬ ‫األمور كما هي‪ ،‬وبالشفافية املطلوبة‪،‬‬ ‫دون تغيـــيب للمسؤولية‪ ،‬وهذا نهج جنح‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬في اعتماده‬ ‫سلوكاً حزبياً‪ ،‬كي يجري التصحيح‪ ،‬من‬ ‫خالل االعتراف باخلطأ‪ ،‬لعدم الوقـوع فيه من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في هذا اللقاء‪ ،‬يؤكد وهاب‪ ،‬أن العام السادس‬ ‫سيكون الستمرار بناء احلزب على قاعدة تثبيت‬ ‫املؤسسات وتطويرها‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪6‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫التوحيد» العربي السادسة‬

‫التأسيس إلى بناء المؤسسـات‬ ‫مع حركات التغيير التي حتصل في بعض‬ ‫دول العالم العربي‪ ،‬هل نستطيع القول إن‬ ‫ّ‬ ‫شكل حركة تغيير‬ ‫حزب “التوحيد العربي”‬ ‫كحزب ناشئ؟‬ ‫نعم ّ‬ ‫شكل احلزب بشكله حركة تغيير‪ ،‬وهو‬ ‫أصال ً قام على التغيير والدعوة إليه‪ ،‬وهذا‬ ‫التغيير هو جزء من مشروع احلزب‪ ،‬الذي كان‬ ‫مي ّر بظروف صعبة ألنه انطلق من لبنان‪ ،‬حيث‬ ‫يتمترس الناس خلف الطوائف واملذاهب‪،‬‬ ‫وحيث ال حياة حزبية حقيقية‪ ،‬لذلك أي تغيير‬ ‫يحصل يدفعنا الى التفاؤل ألن الوطن العربي‬ ‫على أبواب تغيير‪ ،‬وما يحصل في سوريا اليوم‬ ‫أطاح بأية إمكانية لتغيير حقيقي كماحصل‬ ‫في مصر‪ ،‬وما حصل ويحصل في ليبيا هو‬ ‫عدوان غربي واضح وحقيقي بهدف سرقة‬ ‫النفط‪ ،‬على عكس ما يجري في سوريا حيث‬ ‫هناك محاولة لفرض معادلة معينة على‬ ‫سوريا وعلى الرئيس بشار األسد بالتحديد‬ ‫عبر استعمال الشارع‪.‬‬

‫وعلى مستوى النظام السياسي الذي يقوم‬ ‫على حلقات تقوم بخدمة بعضها البعض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملتحكم بطائفته هو أيضا ً جزء من هذا‬ ‫النظام السياسي ويستفيد منه وكالهما‬ ‫يخدم اآلخر‪ ،‬لذلك نحن نطرح التغيير على‬ ‫مستوى النظام السياسي‪.‬‬ ‫دخول احلزب على املعادلة في اجلبل‪ ،‬هل‬ ‫هو إلثبات وجود أم للمشاركة باملعادلة‬ ‫القائمة على التغيير في داخلها؟‬ ‫في هذا اإلطار ال ميكننا احلديث عن شراكة‪،‬‬ ‫وال إضافة فريق الى فريقني موجودين‪ ،‬بل‬ ‫محاولة لتغيير الواقع‪ ،‬ولكن التغيير مي ّر بعدة‬ ‫مراحل عبر إثبات وضع احلزب على األرض‪،‬‬ ‫واآلن نحن أمام مجتمع يشوبه الكثير من‬ ‫نتحمل‬ ‫املشاكل واألعباء‪ ،‬واألهمية هنا في أن‬ ‫ّ‬ ‫جز ًءا منها‪ ،‬وباملقابل يجب العمل على تغيير‬ ‫املفاهيم السائدة منذ مئات السنوات التي‬ ‫ليس من السهل تغييرها‪ ،‬اآلن هناك جزء من‬ ‫تلك املفاهيم قد تغ ّير‪.‬‬

‫غيّرنا في معادلة اجلبل‬

‫مؤمتر حزب التوحيد‬

‫ّ‬ ‫متكن حزب‬ ‫بالعودة الى التغيير هل‬ ‫“التوحيد العربي” أن يغيّر في مجتمع‬ ‫محافظ ال سيما في اجلبل وله والءات‬ ‫سياسية متزمتة؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬لقد غ ّير احلزب ولكن بنسبة معينة‬ ‫بحيث أصبح جز ًءا من معادلة اجلبل‪ ،‬وجمل ّرد أن‬ ‫يصبح جز ًءا من هذه املعادلة يكون قد غ ّير‬ ‫معادالت عمرها مئات السنوات وكونه ّ‬ ‫شكل‬ ‫هذا اجلزء من املعادلة فال ميكن جتاوزه‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ميكن التأسيس عليه اليوم‪.‬‬ ‫على ماذا ّ‬ ‫يركز اخلطاب الذي يتوّجه به‬ ‫حزب “التوحيد العربي”؟‬ ‫خطاب احلزب ّ‬ ‫ركز على التغيير في النظام‬ ‫السياسي الذي هو مجموعة من مصالح‬ ‫الطوائف واألفراد وبعض املتحكمني بالقرار‪،‬‬ ‫فعندما ندعو لتغيير النظام السياسي‬ ‫نكون قد دعونا الى تغيير كل الواقع‪ ،‬لذلك‬ ‫خطابنا تغييري على مستوى كل الوطن‪،‬‬

‫هل سنشهد حركة تغيير فعلية‪ ،‬ما‬ ‫يعني دعوة الى إسقاط النظام اإلقطاعي‬ ‫احمللي؟‬ ‫النظام اإلقطاعي لم يعد موجودا ً في املعنى‬ ‫الذي كان معروفا ً به‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪ ،‬أوالً‪:‬‬ ‫أن الوزير وليد جنبالط هو مقتنع باستحالة‬ ‫األحادية على ساحة اجلبل وأشار أكثر من مرة‬ ‫الى وجود قوى أخرى‪ ،‬على الرغم من أن البعض‬ ‫اآلخر مازال يعيش في أوهام األحادية الثنائية‪،‬‬ ‫ولكن ال وجود حقيقي له‪.‬‬ ‫املؤمتر األخير حلزب “التوحيد العربي” كان‬ ‫مناسبة ّ‬ ‫أكد فيها احلزب بأنه ليس حزباً‬ ‫عابرا ً ويستطيع بناء املؤسسات‪ ،‬هل بدأنا‬ ‫نشهد االنطالق الى حزب املؤسسة بعد ‪5‬‬ ‫سنوات على التأسيس؟‬ ‫دائما ً هناك تشديد على هذا املوضوع‪،‬‬ ‫ولكن ال أستطيع أن أقوم بذلك وحدي‪ ،‬فنحن‬ ‫بحاجة الى املؤسس واملؤسسني للمشاركة‬

‫‪7‬‬

‫مج ّرد أن يصبح الحزب‬ ‫جزءً ا من معادلة الجبل‬ ‫يغ ّير معادالت عمرها مئات‬ ‫السنوات‬ ‫الوزير وليد جنبالط مقتنع‬ ‫باستحالة األحادية‬ ‫على ساحة الجبل‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪5‬‬

‫لتكون حزباً تغييرياً يجب أن يكون هناك‬ ‫أداة تغيير؟‬ ‫لم يصبح جسم احلزب أداة تغيير حتى اآلن‪،‬‬ ‫هناك بعض حاالت تغييرية في احلزب وأخرى‬ ‫مثلها مثل اجملتمع التي تعمل على تغييره‪،‬‬ ‫هي أولى بالتغيير من اجملتمع‪.‬‬ ‫في حديثك هناك نقد ذاتي‪ ،‬أال تالحظ أن‬ ‫احلزب يفتقر الى قيادات شابة؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬واآلن بدأنا نطرح التغيير‪ ،‬بحيث‬ ‫يصبح األمناء من عمر معينّ كمقدمة لتولي‬ ‫األمانات وليصبحوا جز ًءا من أعضاء املكتب‬ ‫السياسي‪ .‬وأمانة الطلبة اليوم تعمل على‬ ‫إنشاء جهاز لها لتنطلق بعملها في اجلامعات‬ ‫لوجود كوادر جامعية ميكن استثمارها‪ .‬وهناك‬ ‫توجيهات ومشاريع ونشاطات كثيرة خالل‬ ‫فصل الصيف ليستفيد منها الشباب‬ ‫ونبعده عن ويالت وآفات هذا العصر الذي يكثر‬ ‫فيه التعاطي باخملدرات وانتشار لعدة آفات‬ ‫اجتماعية معينة‪.‬‬ ‫الفكر السياسي في احلزب يطرح التغيير‬ ‫في موضوع النظام السياسي بشكل عام‪،‬‬ ‫ولكن هذا الفكر كيف ميكن أن يطبّق على‬ ‫حتالفات احلزب؟‬ ‫هذا املوضوع صعب وشائك في نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬ألن اليوم الكثير من احللفاء فاسدون‪،‬‬ ‫ونحن في معركة سياسية كبرى‪ ،‬وبالنسبة‬

‫‪5‬‬

‫وجود أداة تغيير‬

‫لي هناك أمران أسياسيان‪:‬‬ ‫األمر األول يكمن في تعميم ثقافة املقاومة‬ ‫وتقويتها واستمرارها‪ ،‬أما األمر الثاني فهو‬ ‫يتم ّثل مبوقع لبنان العربي الذي بوابته سوريا‬ ‫والتحالف معها‪ .‬ضمن هذان العنوانان هناك‬ ‫الكثير من احللفاء التي ميكن أن تكون مقتنعة‬ ‫في ذلك أو ال‪ ،‬فهناك حلفاء مارسوا الفساد‬ ‫طيلة السنوات املاضية‪ ،‬وآخرون لديهم‬ ‫مشكلة ممارسة اإلقطاع القدمي‪ ،‬ولكن أمام‬ ‫املعركة الكبرى تنتهي تلك التفاصيل‪.‬‬ ‫في أوقات كثيرة نحاول أخذهم الى جزء من‬ ‫مشروعنا‪ ،‬اليوم نحن أمام حكومة جديدة‬ ‫فال أرى مبررا ً لتسلم فريق املعارضة احلكومة‬ ‫اجلديدة إذا لم يكن لديه مشروع شبه تغييري‬ ‫فيما يتع ّلق بإصالح املؤسسات ووقف الفساد‬ ‫وإصالحات مالية واقتصادية‪ ،‬مبا يعني “سكر‬ ‫خفيف” إذا لم نستطع القيام بإصالحات‬ ‫جذرية‪ ،‬ولكن املشروع التغيير الكامل اليوم ال‬ ‫ميكن حتقيقه‪.‬‬

‫تشكيل احلكومة‬

‫في املوضوع احلكومي‪ ،‬أال تعتقد أن عملية‬ ‫إخراج احلريري من رئاسة احلكومة وعدم‬ ‫احتساب من سيكون في احلكومة املقبلة‬ ‫كان خطأ وقعت فيه املعارضة السابقة؟‬ ‫كان من الضروري أن يخرج احلريري من‬ ‫رئاسة احلكومة نتيجة األخطاء التي ارتكبها‪،‬‬ ‫والسياسة التي مارسها‪ ،‬ولكن املعارضة لم‬ ‫تكن قادرة على اجمليء بأفضل من ميقاتي‪ ،‬أما‬ ‫إذا أردنا التكلم عن خيار املعارضة فخيارها‬ ‫كان الرئيس عمر كرامي‪ ،‬الذي هو األقدر على‬ ‫تشكيل حكومة فعلية قادرة على حتقيق‬

‫‪8‬‬

‫‪5‬‬

‫في هذا املوضوع‪ ،‬وخير دليل على ذلك مجلة‬ ‫“منبر التوحيد” التي أصبحت مؤسسة‬ ‫مستقلة قائمة بذاتها ونحن نتعاطى معها‬ ‫عن بعد‪ ،‬األمني واملسؤول يجب عليه أن يبادر‬ ‫ويؤمن أمانته ودائما ً أنصحهم بعدم الرجوع‬ ‫الى منطق الزعيم‪ ،‬وهذا ما نحن بصدد القيام‬ ‫به في مجلس األمناء اجلديد‪.‬‬ ‫هل هناك فكرة إقامة أكادميية ما لتثقيف‬ ‫كوادر احلزب؟‬ ‫هناك مشروع وارد في هذا اخلصوص‪،‬‬ ‫ونعمل على بناء كادر حقيقي‪ ،‬نستيطع عبره‬ ‫باإلمساك بكل واقع اجلبل‪ ،‬ولكن األهم هو‬ ‫تغيير بعض مفاهيم اجملتمع‪ ،‬حيث حاولوا‬ ‫أسرنا مبفهوم االستفادة فقط من السياسة‪،‬‬ ‫بحيث أصبحت السياسة مصلحة أكثر مما هي‬ ‫قناعة وهنا تبرز املشكلة احلقيقية‪ ،‬في حتديد‬ ‫الثوابت‪ ،‬واألهداف‪ ،‬فنجد أنفسنا قد وقعنا في‬ ‫مشكلة “تقريش املوقف”‪ ،‬وهذا منطق خاطئ‬ ‫ألننا لم نكن يوما ً مع قضية محقة من أجل‬ ‫مصلحة ما‪ ،‬أو مقابل معني‪ ،‬وللتخلص من‬ ‫هذا املنطق‪ ،‬منطق الوساطات واإلفادات ونقل‬ ‫اجملتمع الى مجتمع قناعات نحن بحاجة الى‬ ‫جهد كبير ومتواصل ومثابرة‪.‬‬

‫إجنازات‪ ،‬ولكن هناك معادلة معينة لم تسمح‬ ‫بتأمني األصوات الكافية للرئيس عمر كرامي‬ ‫فأتى الرئيس ميقاتي الذي تفاجأ‪ ،‬وأصبح لدينا‬ ‫اليوم عالمة استفهام كبيرة حول أداء جنيب‬ ‫ميقاتي‪.‬‬ ‫النائب وليد جنبالط عاد ليطرح اسم‬ ‫بهية احلريري لرئاسة احلكومة؟‬ ‫بهية احلريري هي فريق‪.‬‬ ‫‪..‬وبهيج طبارة؟‬ ‫متوازن‪.‬‬ ‫من يؤخر في تشكيل احلكومة؟‬ ‫الرئيس ميقاتي‪ .‬وليس “حزب اهلل”‪ ،‬فهو‬ ‫متنازل عن حصته وحقوقه وكل شيئ من‬ ‫أجل تشكيل احلكومة وتسيير تشكيلها‪ ،‬وال‬ ‫أعتقد أن أحدا ً ما تنازل عن حصته كما فعل‬ ‫“حزب اهلل”‪.‬‬ ‫هل الشروط األميركية التي تلقاها الرئيس‬ ‫ميقاتي متنعه من تشكيل احلكومة؟‬ ‫تلك الشروط هي إحدى العوامل التي تؤخر‬ ‫في تشكيل احلكومة‪ .‬وهناك تساؤل كبير‬ ‫حول تأخيرميقاتي في تشكيل احلكومة‪.‬‬ ‫لقد طالبتم بسحب الثقة منه‪ ،‬أو سحب‬ ‫التكليف؟‬ ‫دستورياً‪ ،‬هذا األمر ليس وارداً‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫سحبت الثقة سياسيا ً سيضطر لالعتذار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ألنه يأخذ التأليف رهينة‪ ،‬وما حصل في األمس‬ ‫في وزارة االتصاالت خير دليل على حتلل الدولة‬ ‫واملؤسسات والفوضى التي هي مسؤولية‬ ‫جنيب ميقاتي‪.‬‬ ‫ولكنه يقول بأنه ميارس صالحياته؟‬ ‫عظيم‪ ،‬إذا الدستور لم يحدد مهلة التأليف‪،‬‬ ‫فااللتزام واألخالقيات جتاه الشعب هي التي‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫انطالقاً من التغيير في العالم العربي‬ ‫تعالت األصوات في لبنان لتغيير النظام‬ ‫الطائفي‪ ،‬ما هو تعليقك على ذلك؟‬ ‫بعض املشرفني على هذا املوضوع قاموا به‬ ‫بطريقة خاطئة‪ ،‬وحاولوا إغالقه وعدم السماح‬

‫‪5‬‬

‫إسقاط النظام الطائفي‬

‫رأس سوريا مطلوب‬ ‫ألنها مع املقاومة‬ ‫ولكن اعترف النظام السوري بأنه يجب أن‬ ‫يحصل إصالح ما؟‬ ‫يجب أن يحصل إصالح‪ ،‬ولكن هناك فرق‬ ‫يتم‬ ‫بني اإلصالح والتخريب‪ ،‬إذ أن اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫عبر املؤسسات وبحفظ الدولة والقانون‬ ‫ووحدة البلد‪ .‬أما إذا كان اإلصالح عبر بعض‬ ‫اخملتبئني في اجلوامع فنحن ضده‪ ،‬فهؤالء بعض‬ ‫املتعصبني الذين يتسللون كل يوم جمعة‪،‬‬ ‫ليهتفوا ويصوروا ويرسلوا صورهم نحن‬ ‫ضد هذا اإلصالح‪ ،‬نحن مع إصالح حقيقي‬ ‫دميقراطي وضرب الفساد وتطوير احلياة‬ ‫السياسية واإلعالمية‪ ،‬ولكن كل ذلك يجب أن‬ ‫يتم باحلوار‪ ،‬والرئيس األسد أعطى كل شيئ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن ظهر بأن املطلوب رأس الرئيس بشار‬ ‫األسد املقاوم‪ ،‬الذي وقف في وجه املشروع‬

‫‪9‬‬

‫‪5‬‬

‫حتددها‪ ،‬وهناك أمر أخالقي في املوضوع‪ ،‬هناك‬ ‫مصالح املواطنني وأضرار تلحق بالبلد وهناك‬ ‫‪ 4‬مليارات دوالر سحبت من املصارف للخارج‪،‬‬ ‫وهناك موسم سياحي ميوت يوما ًَ بعد يوم‪.‬‬ ‫هل أخطأت املعارضة في تسمية‬ ‫ميقاتي؟‬ ‫نعم‪ ،‬أعتقد أنها أخطأت‪.‬‬ ‫ولكن في مكان ما حتمّ ل أيضاً رئيس‬ ‫اجلمهورية ميشال سليمان مسؤولية‬ ‫العرقلة في تشكيل احلكومة؟‬ ‫نحمل الرئيس سليمان مسؤولية العرقلة‬ ‫ال ّ‬ ‫دستوريا ً وإمنا سياسياً‪ .‬ولكن الرئيس ميقاتي‬ ‫يتلطى وراء الرئيس ميشال سليمان في‬ ‫موضوع وزارة الداخلية‪ ،‬وعندما ُح ّلت عقدة‬ ‫الداخلية برزت عقد جديدة‪ ،‬فالعماد عون‬ ‫فاجأهم مبوضوع حل وزارة الداخلية فبدأوا‬ ‫بخلق أمور أخرى‪.‬‬ ‫هل يريد الرئيس ميقاتي أن يخرج زعيماً‬ ‫سنياً؟‬ ‫ال يستطيع الرئيس ميقاتي أن يكون زعيما ً‬ ‫سنيا ً ألن تيار املستقبل يحوز على ‪ %60‬من‬ ‫السنة واملعارضة ‪ ،%40‬فال تيار املستقبل‬ ‫يتعاون معه‪ ،‬وال ميقاتي يتعاون مع املعارضة‪.‬‬ ‫بالسنّة‪ ،‬من اخلارج؟‬ ‫فمن أين ميكنه أن يأتي‬ ‫ّ‬ ‫السيد حسن نصر اهلل في كلمته قال‬ ‫بأنه لن يضغط على حلفائه؟‬ ‫أكيد‪ ،‬احللفاء الذين هم أقل من العماد‬ ‫ميشال عون ال يضغط عليهم‪ ،‬فكيف‬ ‫بالعماد عون الذي هو حليف يحظى باحترام‬ ‫كبير من “حزب اهلل”‪ ،‬الذي هو غير مستعد‬ ‫قدم الكثير‬ ‫أبدا ً إلزعاج العماد عون ألنه ّ‬ ‫للوحدة الوطنية في لبنان وللمقاومة واآلن‬ ‫للموقف من سوريا‪.‬‬ ‫ولكن في ظل هذه العقدة أال يستفيد‬ ‫فريق ‪ 14‬آذار سياسياً؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬من هنا مشكلتنا الكبيرة مع الرئيس‬ ‫جنيب ميقاتي‪.‬‬ ‫الوضع املعيشي للمواطنني‪ ،‬من يتحمّ ل‬ ‫مسؤوليته؟‬ ‫يتحمل مسؤولية الوضع املعيشي‬ ‫اجلميع‬ ‫ّ‬ ‫لذلك ندعو الى اإلسراع بتشكيل حكومة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لنشكل حكومة‬ ‫ويجب أن تكون لدينا اجلرأة‬ ‫من فريق األكثرية ونبدأ بعملية إصالح‬ ‫حقيقية وتلبية حقيقية ملتطلبات الناس‪.‬‬

‫لدخول عدد كبير من الشعب اللبناني عليه‪،‬‬ ‫وأصبحوا يتصرفون مثل أجهزة النظام‪ ،‬من‬ ‫هنا يجب حتديد الهدف واملشروع‪ ،‬لذلك كان‬ ‫يجب على احلركة أن تكون أوسع لتستقطب‬ ‫أعدادا ً أكثر ونحن من الذين أ ّيدنا وشارك أوالدي‬ ‫في التظاهرة ولكننا وصلنا الى مكان ال أفق‬ ‫له‪.‬‬ ‫البعض طالب بإلغاء الطائفية السياسية‬ ‫فقط؟‬ ‫نحن مع العلمنة الشاملة‪ ،‬ونحن مع قانون‬ ‫أحوال شخصية مدني بالرغم من أن الكثير‬ ‫من مشايخنا ومشايخ اآلخرين ضد ذلك‪.‬‬ ‫قلتم أن التغيير في العالم العربي تغيير‬ ‫غير واضح املعالم؟‬ ‫مج ّرد أن دخل األميركيني عليه أحبطوه‪،‬‬ ‫لقد بدأ في مصر مبشهد جميل ومسألة‬ ‫واعدة‪ ،‬ولكن جملرد دخول الواليات املتحدة عليه‬ ‫أحبطته‪ ،‬ألنها لم ترصد مبالغ للدميقراطية‬ ‫بل لنهب الثروات وخيرات البالد‪ .‬اليوم أثيرت‬ ‫أسئلة كبيرة حول ما يجري‪ ،‬على األقل في‬ ‫سوريا‪ ،‬نحن نفهم أن مبارك الذي ّ‬ ‫صغر مصر‬ ‫الى حدود دولة صغيرة يجب أن تقوم ثورة عليه‪،‬‬ ‫ولكن ال نفهم أن الرئيس بشار األسد الذي‬ ‫ّ‬ ‫عظم دور سوريا ودعم كل املقاومات العربية‬ ‫والذي وقف وحيدا ً في مواجهة األميركيني‪،‬‬ ‫وحمل عبء كل العرب في مواجهة املشروع‬ ‫األميركي‪ ،‬والوحيد الذي لم يهادن االحتالل‬ ‫األميركي في العراق وفي فلسطني وفي دعم‬ ‫املقاومة في لبنان‪ ،‬أن يكون مستهدفا ً في‬ ‫هذه الطريقة‪.‬‬ ‫برأيي ليس هناك ثورة في سوريا بل حتركات‬ ‫مشبوهة ومدعومة ومدفةع ثمنها سلفاً‪.‬‬

‫خطابنا تغييري‬ ‫على مستوى كل الوطن‪،‬‬ ‫وعلى مستوى النظام السياسي‬ ‫لدينا عالمة استفهام كبيرة حول‬ ‫أداء نجيب ميقاتي‬ ‫مجلة «منبر التوحيد» أصبحت‬ ‫مؤسسة مستقلة قائمة بذاتها‬ ‫ونحن نتعاطى معها عن بعد‬ ‫نعمل على بناء كادر حقيقي‬ ‫حاولوا أسرنا بمفهوم االستفادة‬ ‫فقط من السياسة‬ ‫تركيا لها مهمة واحدة وهي‬ ‫انتزاع راية فلسطين من‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫وتدجين هذه الراية في المخطط‬ ‫األميركي في المنطقة‬ ‫إذا صمدت سوريا ستنجو‬ ‫المنطقة‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬ ‫دور تركيا‬ ‫لذلك تضغط تركيا وتستضيف املعارضة‬ ‫السورية على أراضيها؟‬ ‫يجب أن يعرف الرئيس أردوغان ‪ -‬مع محبتنا‬ ‫واحترامنا له – بأنه ليس السلطان عبد احلميد‪،‬‬ ‫وبأننا لسنا الذين استعمرنا العثمانيون‪ ،‬لقد‬ ‫تغ ّير الزمن‪ ،‬وتغ ّير الضيوف‪ ،‬من هنا يلزمه‬ ‫شيئ من التواضع‪ ،‬وهناك الكثير من املشاكل‬ ‫في تركيا بد ًءا مبوضوع األكراد الى موضوع‬ ‫العلويني وأمور أخرى بحاجة الى عالج داخلي‪،‬‬ ‫فهو ليس في مكان يخ ّوله أن يعطي الدروس‬ ‫والنصح بهذه الطريقة االستعالئية‪.‬‬ ‫أال ترى أن مشروع الفوضى اخلالقة الذي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪5‬‬

‫في الثمانينات حتالفت أميركا مع بعض‬ ‫احلركات اإلسالمية ومنها حركة تنظيم‬ ‫القاعدة وعلى رأسها بن الدن الذي قتله‬ ‫أوباما‪ ،‬وجرى هذا التحالف بدعم سعودي‬ ‫من أجل إسقاط احلالة الشيوعية في‬ ‫االحتاد السوفياتي الذي انهار؟ هل نشهد‬ ‫اليوم الشيئ نفسه إلسقاط احلالة‬ ‫القومية؟‬ ‫اليوم‪ ،‬املطلوب هو إسقاط احلالة القومية‪،‬‬ ‫فبعض اإلسالم السياسي هو إسالم مقاوم‬ ‫ومكافح ومجاهد ونحن معه‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫إسالم سياسي مطلوب منه إسقاط احلالة‬ ‫القومية‪ ،‬وضرب كل شيئ اسمه قضية قومية‬ ‫كقضية فلسطني ودعوة حترر حقيقية‪ ،‬وإلهاء‬ ‫الناس ببعض احلريات الشكلية‪.‬‬ ‫ما يقال أن صفقة متّت بني أميركا واإلخوان‬ ‫املسلمني عبر تركيا التي يحكمها حزب‬ ‫قريب جدا ً من اإلخوان املسلمني ومع قطر‬ ‫في الشأن السوري؟‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬لم أكن يوما ً مقتنعا ً بالدور‬ ‫التركي‪ ،‬وكنت دائما ً أقول أن تركيا لها مهمة‬ ‫واحدة وهي انتزاع راية فلسطني من اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية وتدجني هذه الراية في‬ ‫اخملطط األميركي املرسوم في املنطقة‪ ،‬ولم‬ ‫تكن يوما ً لديها قناعات معينة في ما يتع ّلق‬ ‫باملوضوع الفلسطيني أو القدس وما الى ذلك‪،‬‬ ‫القناعات كانت شكلية‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫إسقاط احلالة القومية‬

‫‪10‬‬

‫‪5‬‬

‫األميركي‪ ،‬والذي هو جزء من املقاومة‪ ،‬ورأس‬ ‫سوريا وليس اإلصالح‪.‬‬ ‫النظام السوري يقوم مبحاورتهم وحصلت‬ ‫خطوات أساسية في موضوع اإلصالح‪ ،‬واحلوار‬ ‫مستمر ولكن حتى هذه القوى التي تطالب‬ ‫بالتغيير أخافتها حركة بعض املساجد‪.‬‬

‫ابتدعه احملافظون اجلدد نعيشه اليوم؟‬ ‫بالطبع نحن نعيش الفوضى اخلالقة‪.‬‬ ‫هل نحن في صدد مشروع تقسيم‬ ‫املنطقة؟‬ ‫إذا صمدت سوريا ستنجو كل املنطقة‪ ،‬أما‬ ‫إذا سقطت سوريا – ال سمح اهلل وأعتقد أنها‬ ‫لن تسقط – سقطت املنطقة‪ ،‬ما يعني أن‬ ‫سقوط سوريا هو سقوط املنطقة‪.‬‬ ‫لقد طرحت كونداليزا رايس والدة الشرق‬ ‫األوسط اجلديد من أشالء لبنانيني‪ ،‬هل‬ ‫تقسيم املنطقة انتقل الى سوريا إلضعافها‬ ‫من الداخل؟‬ ‫جربوا كل الوسائل مع سوريا‪ ،‬لكن املطلوب‬ ‫هو أمر واحد فقط ال غير أن يتح ّول الرئيس‬ ‫بشار األسد من رئيس مقاوم وممانع الى رئيس‬ ‫متآمر على املقاومة والقضية املركزية‪ ،‬هذا ما‬ ‫رفضه وهم يحاولون أن يدفع ثمن رفضه اآلن‪.‬‬ ‫لذلك يجب أن نقف بكل قوانا الى جانب‬ ‫الرئيس بشار األسد‪ ،‬وأن ندافع عن سوريا بكل‬ ‫ما أوتينا من قوة‪ ،‬وكل مقاوم وممانع لديه دور‬ ‫في الدفاع عنها‪.‬‬ ‫من خالل معرفتكم بالوضع داخل سوريا‬ ‫وقربكم من بعض املسؤولني السوريني‪،‬‬ ‫كيف تقيّمون الوضع في سوريا‪ ،‬والى أين‬ ‫ستذهب األمور؟‬ ‫سوريا قوية بجيشها‪ ،‬هذا هو األساس‪،‬‬ ‫فجيش سوريا عقائدي وقوي ورئيسها صلب‪،‬‬ ‫حتمل الكثير من‬ ‫ومقاوم وقادر ويستطيع‬ ‫ّ‬ ‫األزمات ألن األزمات التي م ّرت عليه خالل‬ ‫العشر سنوات املاضية لو م ّرت على جبل‬ ‫لكانت أسقطته‪ ،‬ولكنه تع ّود على حتمل‬ ‫األزمات وأعتقد أنه قادر على جتاوز احملنة‪.‬‬ ‫هناك من اعتقد أن وصول أوباما الذي هو‬ ‫من جذور إسالمية الى السلطة في أميركا‬ ‫سيغيّر في السياسة األميركية‪ ،‬ما هو‬ ‫تعليقكم؟‬ ‫واهم من يعتقد ذلك‪ ،‬فأوباما هو صورة‪،‬‬ ‫وواضح أن أميركا كانت بحاجة لرجل أسود‬ ‫لتتوسع في نفوذها في أفريقيا‪ ،‬وبحاجة‬ ‫إللغاء الصورة العنصرية‪ ،‬ولكن املؤسسة‬ ‫األميركية هي التي حتكم‪ ،‬وأكثر من ‪ % 60‬من‬ ‫إدارة أوباما الزالت في أيدي احملافظني اجلدد‪،‬‬ ‫وواهم من يعتبر أن الرئيس أوباما يستطيع‬ ‫أن يغ ّير كثيرا ً بالرغم من صالحياته الكبيرة‪،‬‬ ‫إال أن تلك الصالحيات تستند الى املؤسسات‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫كيف قرأت خطاب نتنياهو في “إيباك”؟‬ ‫لم يكن لدينا أي قراءة للموقف‬ ‫اإلسرائيلي مختلفة عن قناعاتنا‪ ،‬نتنياهو‬ ‫يجب أن يقنع دول االعتالل العربي‪ ،‬ويجب أن‬ ‫يقتنعوا بأنه ال حل مع العدو الصهيوني‪.‬‬ ‫هناك وهم اسمه احلل واستعادة القدس‬

‫ال أرى مبرراً لتسلم فريق‬ ‫المعارضة الحكومة الجديدة‬ ‫إذا لم يكن لديه مشروع‬ ‫شبه تغييري‬ ‫كان من الضروري أن‬ ‫يخرج الحريري من رئاسة‬ ‫الحكومة نتيجة األخطاء‬ ‫التي ارتكبها‬ ‫أميركا كانت بحاجة لرجل‬ ‫أسود لتتوسع في نفوذها‬ ‫في أفريقيا‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫جبل العرب يختار‬ ‫مصلحة سوريا‬ ‫منطقة جبل العرب التي يقطنها‬ ‫أغلبية درزية كانت بعيدة عن االعتداءات‬ ‫في سوريا هل هذا بسبب عجز األقليات‬ ‫كما يقال؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬ليس هذا السبب‪ ،‬إذ منذ بداية‬ ‫التاريخ كان جبل العرب يختار مصلحة‬ ‫سوريا ويضعها فوق املصالح الشخصية‬ ‫والفردية‪ ،‬وال نستطيع أن ننسى أن سلطان‬ ‫باشا األطرش كان بإمكانه أن يعلن دولة درزية‬ ‫ورفض وأهدى الثورة الى سوريا وكل أبناء‬ ‫سوريا‪ ،‬هكذا يفكر الدروز في سوريا وغيرها‪،‬‬ ‫إنهم دائما ً كانوا يفكرون باألمة وبإجنازات لها‬ ‫وليس لهم‪ ،‬هكذا كان يفكر سلطان باشا‬ ‫األطرش وبالتالي كمال جنبالط وغيرهم‪ ،‬ولقد‬ ‫أثبت الدروز اليوم في جبل العرب أنهم مع‬ ‫سوريا ومنعتها وقوتها‪ ،‬ألنهم يدركون حجم‬ ‫التحديات التي تواجه سوريا وبالتالي األمة‪،‬‬ ‫لذلك وقفوا الى جانب سوريا والرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬ونحن فخورون مبوقفهم وموقف أهالي‬ ‫اجلوالن خاصة عندما متّ اختراق احلدود بني‬ ‫فلسطني وسوريا في مجدل شمس‪ .‬فهم لم‬ ‫يلينوا يوما ً ولم يساوموا بل صمدوا وتصدوا‬ ‫لكل اإلغراءات‪.‬‬

‫ساعدوني لبناء احلزب‬ ‫ومبناسبة العام اخلامس للتأسيس ختم‬ ‫وهاب حديثه بتوجيه كلمة للتوحيديني في‬ ‫كل مكان قائالً‪ :‬ساعدوني لبناء احلزب وبناء‬ ‫املؤسسات‪ ،‬ولنتح ّول حزبا ً فاعالً‪ ،‬ولنصبح جز ًءا‬ ‫مهما ً من القرار السياسي اللبناني وبالتالي‬ ‫في القرار السياسي العربي‪ ،‬ال تنتظروا أن‬ ‫يساعدكم أحد وال تتس ّولوا موقعكم بل‬ ‫عليكم أن تبنوا موقعكم بأيديكم‪.‬‬ ‫عندما تكونون أقوياء يتحالف معكم‬ ‫اجلميع وعندما تكونون ضعفاء ال يلتفت‬ ‫إليكم حتى احللفاء وهذا منطق السياسة‪،‬‬ ‫عليكم أن تكونوا أقوياء في مجتمعكم وآن‬ ‫األوان ألن يكون لنا انطالقة كبيرة‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪5‬‬

‫وعودة الالجئني من دون قوة‪ ،‬املقاومة هي‬ ‫اخليار‪ ،‬ويجب أن يقتنعوا أن التس ّول ال‬ ‫يعطي شيئ بل القوة وخيار املقاومة هو‬ ‫الذي يعطي‪ ،‬هؤالء العرب هم مجموعة‬ ‫متسولني على أبواب األميركيني واألوروبيني‬ ‫واإلسرائيليني‪ ،‬أوباما أتى ليهينهم جميعاً‪،‬‬ ‫وتبينّ أن اإلسرائيلي ال يقيم وزنا ً بني كل‬ ‫العرب إال آلالف املقاتلني من املقاومة‪،‬‬ ‫فالعرب بالنسبة له هم مجموعة من‬ ‫املتخلفني‪.‬‬ ‫السيد حسن نصر اهلل حت ّدث عن أن‬ ‫صواريخ املقاومة دخلت في املعادلة في‬ ‫املنطقة‪ ،‬ما هو رأيكم؟‬ ‫املقاومة لديها صواريخ‪ ،‬وأي حرب جديدة‬ ‫أعتقد سيكون لدى املقاومة قوة ردع جوية‬ ‫وبحرية وبرية‪ ،‬فاملقاومة مستعدة لكل‬ ‫االحتماالت‪ ،‬وهي قادرة على أن تلحق خسائر‬ ‫كبيرة في “إسرائيل” هذه املرة التي هي‬ ‫مختلفة عن العام ‪ 2006‬بالكامل رغم أن في‬ ‫العام ‪ 2006‬تضررت “إسرائيل” بشكل كامل‪،‬‬ ‫وهزمت بشكل كبير‪ ،‬ولكن هذه املرة ستكون‬ ‫ُ‬ ‫الهزمية نوعية‪.‬‬ ‫ثالث سنوات على والية الرئيس سليمان‬ ‫وكنتم من أول املنتقدين له‪ ،‬ماذا عن‬ ‫السنوات الثالث القادمة؟‬ ‫عادة السنوات الثالث األخيرة في لبنان‬ ‫يبدأون باحلديث عن رئيس جمهورية جديد‪،‬‬ ‫ففي السنوات الثالث األولى لم حتصل أي‬ ‫إجنازات‪ ،‬ولكن حتى أكون منصفا ً الرئيس‬ ‫يتحمل وحده املسؤولية‪،‬‬ ‫ميشال سليمان ال‬ ‫ّ‬ ‫فالطائف هو املسؤول أيضا ً من خالل سحب‬ ‫بعض صالحيات الرئيس‪ ،‬وعن عدم قدرة رئيس‬ ‫اجلمهورية أخذ دوره في لبنان‪ ،‬وبعد االنسحاب‬ ‫السوري ظهر الطائف مجحفا ً بحق رئيس‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬ألن السوري كان يعطي الى حد ما‬ ‫بعض الصالحيات الى رئاسة اجلمهورية خالل‬ ‫تواجده في لبنان‪.‬‬ ‫حتى إدارة األزمة لم يكن قادرا ً عليها‪ ،‬اإلدارة‬ ‫بحاجة الى صالحيات‪ ،‬حتى احلكم في امللعب‬ ‫بحاجة الى صالحيات رفع البطاقة احلمراء‪،‬‬ ‫فالرئيس ميشال سليمان ليس لديه القدرة‬ ‫على رفع البطاقة احلمراء وال يخ ّوله الدستور‬ ‫أن ميتلك تلك البطاقة‪.‬‬ ‫هل شهر العسل مازال قائماً بينكم وبني‬ ‫النائب جنبالط؟‬ ‫نعم وسيستمر‪.‬‬ ‫وما يجمعنا بالنائب جنبالط هي قضايا‬ ‫كبيرة وأهمها مصير الدروز في لبنان واملنطقة‪،‬‬ ‫كما جتمعنا هواجس واحدة‪ ،‬ويجمعنا به‬ ‫وباآلخرين أيضا ً سعي مشترك حلماية هذه‬ ‫الشريحة واحلفاظ على موقعها القومي‪،‬‬ ‫جلعلها جز ًءا في معركة األمة في موضوع‬

‫فلسطني في ظل هذا الزلزال العربي اليوم‬ ‫نحن أحوج ما نكون الى الوحدة داخل الطائفة‬ ‫الدرزية املظلومة من النظام السياسي وعبر‬ ‫التاريخ‪ ،‬حيث كانت دائما ً تربح في احلروب‬ ‫وتخسر في السياسة ع ّلنا في هذه الوحدة‬ ‫نستطيع أن نحقق لها ما لم يتحقق في‬ ‫املاضي‪.‬‬

‫إذا ُسحبت الثقة سياسياً‬ ‫سيضطر ميقاتي لالعتذار‬ ‫الرئيس كرامي األقدر على‬ ‫تشكيل الحكومة‬ ‫ميقاتي يؤخر تشكيل الحكومة‬ ‫ال “حزب هللا” المتساهل‬ ‫المعارضة أخطأت في تسمية‬ ‫ميقاتي‬ ‫التغيير في العالم العربي أحبطه‬ ‫األميركيون‬ ‫ال نح ّمل الرئيس سليمان‬

‫مسؤولية العرقلة دستورياً‬ ‫وإنما سياسياً‬ ‫«حزب هللا» ال يضغط‬ ‫على العماد عون‬ ‫نحن مع العلمنة الشاملة ومع‬ ‫قانون أحوال شخصية مدني‬ ‫أثبت الدروز اليوم في جبل‬ ‫العرب أنهم مع سوريا‬ ‫ومنعتها وقوتها‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫تأسس تيار “التوحيد‬ ‫اللبناني” الذي حت ّول الى‬ ‫حزب “التوحيد العربي”على‬ ‫إثر قناعة راسخة بأن‬ ‫مجمل األزمات التي‬ ‫واجهها ويواجهها لبنان في‬ ‫سيادته وحريته واستقالله‬ ‫ليست سوى مظاهر‬ ‫وجتليات لألزمة الكبرى‪،‬‬ ‫وهي االنقسامات الداخلية‬ ‫التي تساهم في تكريس‬ ‫الطائفية واملذهبية على‬ ‫حساب الوطن والتط ّور‬ ‫حافظ أبي املنى‬ ‫وساعدت‬ ‫واملستقبل‪،‬‬ ‫أصحاب املصالح الفئوية‬ ‫من رجاالت اإلقطاع السياسي والزعامات املوروثة على حالة التشرذم‬ ‫واالنقسام حملاربة اإلصالح والتصحيح باإلبقاء على امتيازاتهم‬ ‫اخلاصة‪.‬‬ ‫لذلك كانت الفكرة بإنشاء تيار علماني مهمته توعية اجملتمع املدني‬ ‫الذي أنهكته احلرب األهلية بعد أن تنامى الوالء الطائفي واملذهبي‬ ‫على حساب االنتماء القومي والوطني‪ .‬فلقد كنا على اقتناع بأن‬ ‫هذه العصبيات الطائفية ميكن معاجلتها من خالل توعية الرأي العام‬ ‫بتعميم أخطارها من خالل الندوات الثقافية لتطهير اجلو العام من‬ ‫حلقات الدعاية لها‪ ،‬كي يتوق شعبنا الى هذا االنصهار االجتماعي‬ ‫بقبول التعددية التي رافقت لبنان عبر العصور‪.‬‬ ‫فمنذ الساعات األولى للتأسيس أدركنا أن ما نقوم به لن يكون‬ ‫سهالً‪ ،‬نظرا ً الى سياسة الهيمنة والتسلط التي كانت متارس من قبل‬ ‫أحزاب سادة احلرب وزعماء الطوائف‪ ،‬أضف الى ذلك قوقعة النشاط‬ ‫السياسي في شرنقة رجال املال الذين ال يراعون للوطن حرية‪ ،‬وال‬ ‫يهمهم مصلحة الناس حيث ال يتوانوا عن حتريك النعرة الطائفية‬ ‫عند الشعور بأن زعاماتهم ومصاحلهم قد أصبحت في خطر‪ .‬ومع‬ ‫ذلك انطلقنا في مسيرة التأسيس‪ ،‬واجتزنا بسالم عقبات احلرب التي‬ ‫ُ‬ ‫شنت علينا شعواء بغيضة استهدفت تصفيتنا اجلسدية بعد أن‬ ‫شعرت بأن مسيرتنا هذه قد استقطبت الكثير من الفئات والنخب‬ ‫املثقفة‪ ،‬فهوحمت منازلنا مراراً‪ ،‬ومورست ضغوط هائلة على الناس‬ ‫ملقاطعتنا اجتماعيا ً حتى أصبح الكالم معنا من قبل البعض ي ُ َعد‬ ‫رذيلة وكفراً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وم ّرت السنوات وتغ ّيرت الظروف‪ ،‬وبدأ التيار بالتجذر واستقبال‬ ‫املنتسبني بعد أن خلقت الظروف السياسية عينها قناعة عند الناس‬ ‫من أن ما ندعو إليه ونسعى لتحقيقه أصبح بحاجة وطنية ملحة‪.‬‬ ‫بد من القول هنا أن تنامي الشعور الشعبي بضرورة محاربة‬ ‫وال ّ‬ ‫العصبية الطائفية قد أصبح اليوم يالقي آذانا ً صاغية وحراكا ً‬ ‫شعبيا ً نشطا ً‬ ‫يتجسد باملظاهرات احلاشدة واملستمرة التي حفلت‬ ‫ّ‬ ‫بها شوارع وساحات العاصمة في اآلونة األخيرة‪ ،‬فأعطتنا في هذه‬ ‫املسيرة فسحة أمل جديدة واستراحة موقوتة جعلتنا نلتفت الى‬ ‫أمور مستجدة لها أهميتها الكبيرة على الساحة القومية‪ ،‬وهي‬ ‫تتجسد بالهجمات والتدخالت األجنبية املوجهة‬ ‫األخطار التي‬ ‫ّ‬ ‫إلضعاف الشعور القومي ألبناء هذه األمة مستخدمة من جديد‬ ‫العصبية الدينية والطائفية في محاوالت مستميتة لشرذمة‬ ‫الشعوب العربية وتأطيرها في سياق سياسة االعتدال كما حصل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪5‬‬

‫فرصة حقيقية للتغيير‬

‫مع بلدان إقليمية أخرى‪ ،‬وذلك رغما ً عن إرادة شعوبها الرافضة‬ ‫لهذه السياسة‪ ،‬خاصة بعد أن ك ّرس انتصار املقاومة في متوز أحقية‬ ‫الوقوف مع املقاومة ودعمها حفاظا ً على الكرامة وصونا ً لألرض‪ ،‬وهي‬ ‫ضرورة حملتنا على إشهار ثقافتنا القومية بوجه املؤامرات الداعية‬ ‫بد من تطوير اسم التيار الى حزب‬ ‫للشرذمة والتقسيم‪ ،‬فكان ال ّ‬ ‫يلتزم بعقيدة الوالء ويدعو الى وحدة األقطار العربية من خالل سوق‬ ‫عربية اقتصادية مشتركة‪ ،‬ذلك ألننا نعي أن ثقافتنا هذه ستُخرج‬ ‫أمتنا من واقع التفسخ واالنقسام وستدفعنا جميعا ً الى املشاركة‬ ‫املنسجمة مع مبررات وجودنا كأمة‪ ،‬خاصة ونحن نشهد اليوم فشال ً‬ ‫ذريعا ً لصيغة األحزاب املستهلكة حلقوق الناس وآمالهم‪ ،‬بعد عقود‬ ‫طويلة من مقاربتها ملشاكلهم احلياتية‪.‬‬ ‫وبهذا فإننا نرى أن أمامنا فرصة حقيقية ملرحلة التغيير إن كان‬ ‫على مستوى النظام السياسي احلالي في لبنان أم على مستوى‬ ‫األنظمة املتهالكة للدول العربية األخرى‪.‬‬ ‫وليس علينا اليوم سوى العزم على بناء هيكلية حزبية قوية قادرة‬ ‫على بناء حزب عصري يالمس اآلمال والتطلعات ويجعلنا قادرين على‬ ‫والتقدم‪.‬‬ ‫االستمرار‬ ‫ّ‬

‫كوني‪ ،‬نؤسس؟‬ ‫أي حزب إلنسان‬ ‫ّ‬ ‫أقانيم الزمن احلاضر‬ ‫واملقبل من األيام‬ ‫ثمانية هي‪ :‬الصدق‪،‬‬ ‫املعرفة‪،‬‬ ‫احلر ّية‪،‬‬ ‫العلمانية‪،‬‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫الدميقراطية‬ ‫االحتاد‪،‬‬ ‫والعقالنية‪..‬‬ ‫لذا على صنّاع‬ ‫احلدث والتاريخ أن يعوا‬ ‫اجلسام‬ ‫املسؤوليات‬ ‫التي ألقيت أو ستلقى‬ ‫على كواهلهم‪ ..‬وأعني‬ ‫نبيه األعور‬ ‫بصنّاع التاريخ أولئك‬ ‫القادة األكفاء والوكالء‬ ‫األمناء على اإلنسانية‬ ‫ال األوصياء عليها‪ ..‬أولئك الذين يستمدون قوتهم من ينبوعني إثنني‬ ‫ينبوع النفس وينبوع الشعب‪..‬‬ ‫فالصدق عمود القيم والفضائل وركن األدب وأصل املروءة‪ ..‬وعليه‬ ‫يتوقف جناح أو فشل أي بنيان يعتزم اإلنسان تشييده‪..‬‬ ‫فوظيفة الكائن اإلنساني بوصفه كائنا ً مخلوقا ً من أجل أن‬ ‫يكتشف‪ ،‬ومن أجل أن يعلم‪ ،‬ومن أجل أن يفتّح الغوامض بوسائل‬ ‫البحث والتأمل والنظر واملقارنة واالستقراء وكل الوسائل التي أتاحها‬ ‫العلم لإلنسان‪ ..‬بنبل فكري حقيقي متخذا ً من العقل شرعا ً أعلى‪..‬‬ ‫بهذا املعنى يغدو كل إجناز يحققه العقل اإلنساني ويحققه‬ ‫السعي اإلنساني ذا قيمة‪ .‬فقبل قيام ثورة العلم كان الفكر الديني‬ ‫يتصدى لإلجابة عن أسئلة تتع ّلق باحلياة واالجتماع اإلنساني‪ ،‬وعلى‬ ‫األخص تلك التي تقع حتت طائلة العلوم البحتة‪ :‬كالفيزياء والكيمياء‬ ‫وعلم الفلك‪.‬‬ ‫السياسة الفطنة في عالم يتغ ّير‪ ..‬عليها أن تراعي الثقافة‬ ‫والدين!‬ ‫هل ميكننا في مجتمع معولم أن نقيم تعددية دينية وثقافية حقّ ة‪،‬‬

‫‪12‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫الفعال بحقوق اإلنسان العامة؟‬ ‫ونضمن بذلك االعتراف‬ ‫ّ‬ ‫يشهد العالم اليوم سيرا ً حثيثا ً نحو كونية شمولية أساسها‬ ‫مادي اقتصادي محض‪ ،‬ودعامتها تنافسية جتارية صرف‪ ،‬و”العوملة”‬ ‫ّ‬ ‫هي شعارها ومبتغاها‪ ..‬وهذه العوملة أصبحت حديث الساعة‪..‬‬ ‫أن “العوملة” متى‬ ‫بعدما سكتت مدافع احلروب واإليديولوجيا‪ ..‬واحلق ّ‬ ‫غابت عنها املواثيق األخالقية التي ينبغي أن تكون الرابطة بني دعاتها‪،‬‬ ‫ومتى حصل التنكر لها أو التضحية بها في سوق األنانية واملنافسة‬ ‫الشرسة‪ ،‬فإنها تتح ّول الى حرب ضروس جديدة‪.‬‬ ‫فاجملتمع اجلديد الذي حتاول الواليات املتحدة فرضه هو مجتمع‬ ‫آحادي البعد‪ ،‬ما يساهم في خلق اإلنسان ذي البعد الواحد‪ ،‬القابل‬ ‫باجملتمع ذي البعد الواحد واملتكيف معه‪.‬‬ ‫وهنا ال بد من مواجهة مجموعة تساؤالت هي‪:‬‬ ‫هل لدينا نظرية علمية في مجال السياسة؟ وأين يعيش الفكر‬ ‫أن فكرنا‬ ‫السياسي؟ هل منتلك نظرية سياسية مستقبلية؟ أم ّ‬ ‫السياسي هو فكر مستورد من آراء وأفكار اآلخرين؟‬ ‫مثل هذه التساؤالت جتعل الباحث أمام مجموعة من املعضالت‬ ‫الفكرية!! فإذا ما عرضنا بعض أفكار قادة الفكر عبر التاريخ الوسيط‬ ‫واحلديث نقف على تباينات وتناقضات في الرؤى رمبا عكست الصورة‬ ‫احلقيقية ملفاهيم ورؤى مجتمعاتنا‪ ..‬بد ًءا بـ “جود” مرورا ً (بهيجل)‬ ‫و(رينيه كابتيان) و(جورج بوردو) وغيرهم وغيرهم‪..‬‬ ‫إن اآلفات الكبرى التي ما برحت تنخر في نظامنا السياسي والتي‬ ‫ّ‬ ‫حالت وما فتئت حتول دون إقامة دميقراطية حقيقية هي بال خالف‪:‬‬ ‫الطائفية واإلقطاعية وغياب التنظيمات احلزبية‪ ..‬فهذه الع ّلة املث ّلثة‬ ‫األضالع هي املطية الشهية وامليدان اخلصب والرحب لكل الفرسان‬ ‫الذين يجيدون ركوب املطايا‪ ..‬ومكمن الداء هو في الطائفيني أكثر‬ ‫منه في الطائفة‪ ،‬وفي اإلقطاعيني‪ ،‬أكثر منه في اإلقطاع‪ ..‬وفي غياب‬ ‫احلزبيني أكثر منه في غياب األحزاب‪..‬‬ ‫فالطائفية هي في األصل ظاهرة طبيعية ناجتة عن وجود الطوائف‬ ‫ذاتها‪ .‬وطاملا أنه يستحيل إلغاء هذا الوجود كواقع ثابت‪ ،‬فمن‬ ‫املستحيل أيضا ً أن منحو كليا ً ظاهرة الطائفية املنبثقة عنه‪ ..‬غير أن‬ ‫الفارق شاسع بني الشعور الطبيعي باالنتماء للطائفة كإنتماء ثانوي‬ ‫يقع في ظل الوالء الوطني‪ ،‬فال يعيب هذا الوالء وال يغلب عليه‪ ،‬وبني‬ ‫التشبث بالوالء للطائفة كوالء أساس سابق على االنتماء الوطني‬ ‫يستظله ويحدد مداه‪ ..‬مما يصح معه التوكيد بأن علتنا باتت في‬ ‫الطائفيني أكثر منها في الطائفة ذاتها‪ ..‬فقد أوجد النظام الطائفي‬ ‫فئة واسعة‪ ،‬رمبا يصح تسميتها طبقة‪ ،‬تنادي بإلغاء الطائفية ليل‪-‬‬ ‫نهار‪ ..‬وتعمل على إبقائها وجتذيرها‪ ..‬كحكاية الكاهن والشيطان‬ ‫“جلبران”‪.‬‬ ‫إن بيت القصيد في إصالح نظامنا السياسي‪ ،‬يبقى في وضع‬ ‫تشريعات سياسية السيما انتخابية حتدد اإلطار القانوني كما تهيىء‬ ‫املناخ السياسي خللق أحزاب وطنية قادرة على إحداث حتول جوهري‬ ‫في البيئة السياسية واالجتماعية‪ ،‬يتجاوز الصراعات الطوائفية‬ ‫واملناطقية‪ ..‬ويؤسس ملا نحن بحاجة إليه فعالً‪ ،‬وهو قيام الوطن قبل‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬فال جمهورية بال وطن‪ ،‬وال وطن بال والء وطني جنتمع عليه‪..‬‬ ‫وننقسم بعد ذلك في ما بيننا شيعا ً وأحزابا ً على مستوى الوطن‬ ‫وفقا ً ملبادئ ومناهج ال متس بهذا الوالء‪.‬‬ ‫الدميقراطية ثقافة‪ :‬هل هي مسؤولية اإلنسان الفرد؟ أم واجب‬ ‫اجملتمعات املدنية؟ وأي مجتمع مدني نشهد في لبنان؟‬ ‫يع ّرف (أغسطس نورتن) اجملتمع املدني بأنه خليط من اجلمعيات‬ ‫والنوادي واألحزاب والنقابات والتجمعات التي تتالقى فتخلق مساحة‬ ‫ما بني الدولة واملواطن‪“ .‬إنني استميح نورتن عذراً‪ ..‬فهو بالطبع ال‬ ‫حدثت في‬ ‫يتكلم على الفرادة اللبنانية‪ ..‬السيما جلهة أحزابنا‪ ،‬التي ّ‬ ‫مصطلحات عصرنة االنتماء ليس إالّ”‬

‫ففي عالم منقسم الى جنوب فقير متخ ّلف اقتصاديا ً وصناعيا ً‬ ‫وتكنولوجياً‪ ..‬وشمال متخلف روحياً‪ ..‬ندخل مرحلة تتصادم فيها‬ ‫احلضارات والثقافات‪ ،‬وتتحارب أمناط احلياة‪ ..‬اجلزء املتخ ّلف روحيا ً بلغ‬ ‫أقصى النعم املادية‪ ،‬لكن الروح خواء‪ ..‬لم تصمد لديه املعتقدات‬ ‫فتحصن باملؤسسات‬ ‫واملرجعيات واألصول الدينية والثقافية‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫السياسية والدستورية حتميه من سطوة اجملتمع‪ ..‬بينما اجلزء املتخ ّلف‬ ‫ماديا ً وتكنولوجيا ً استنجد بأديانه وقومياته وهوياته‪ ،‬يستنفرها في‬ ‫معركة بقاء “معركة حياة أو موت” فأين موقع لبنان؟‬ ‫فلبنان بحاجة ماسة الى مناقشة موضوع التربية املدنية والتفكير‬ ‫فيه‪ ..‬والتركيز بشكل خاص على فكرة اخلير العام‪ ..‬كما أن التربية‬ ‫املدنية مسألة أساسية لتثقيف أبناء اجليل الناشئ وتعريفهم‬ ‫بحقوقهم وواجباتهم جتاه الوطن‪ ..‬ولتأكيد ذلك كإطار لدورهم‬ ‫االجتماعي ولهويتهم املتقدمة على الوالءات الطائفية الضيقة‪..‬‬ ‫وألن الثقافة سابقة للمثقف مثلما الوجود سابق للهوية‪ ،‬وألن‬ ‫انتماءنا الثقافي‪ ،‬إمنا هو انتماء ملصلحة الوطن والشعب‪ ..‬عليه‪ ،‬بات‬ ‫املثقف في صيرورة دائمة دوام انتقاله عبر الدوائر املتتالية الكبر‪ ..‬إنها‬ ‫عني الكون وقلبه‪ ..‬وهو قائد األمة الى حتقيق اإلنسان املتفوق‪ ،‬وجسر‬ ‫تعبر عليه قوافل األجيال الى غدها املنتصر‪..‬‬ ‫السؤال‪ ..‬كم من مثقف متحرر بيننا؟‬

‫مهام التغيير أمام حزبنا‬ ‫عادة ما تكون‬ ‫املناسبات السنوية‬ ‫األحزاب‪،‬‬ ‫لتأسيس‬ ‫إما احتفالية وإما‬ ‫محطات للمراجعة‬ ‫والتقييم‪ ،‬بالنسبة‬ ‫الى حزب “التوحيد‬ ‫العربي” اخلارج ت ّوا ً من‬ ‫أعمال مؤمتره األول‪،‬‬ ‫تكتسب‬ ‫فاحملطة‬ ‫أهمية خاصة‪ ،‬إذ يبدو‬ ‫فيها احلزب أمام مهام‬ ‫التحول النوعي في‬ ‫دوره السياسي‪ ،‬أمام‬ ‫خالد خداج‬ ‫مشروع بلورة عقيدته‬ ‫وأمام‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫أيضا ً مهمة املزيد من‬ ‫حتديد أهدافه‪ ،‬إذ يبدو احلزب‪ ،‬حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬منتقال ً من مرحلة‬ ‫أو من مهام التصدي ملشاريع السيطرة األجنبية‪ ،‬التي استحقت‬ ‫بشكل مفاجئ وعنيف على لبنان واملنطقة‪ ،‬الى مرحلة تكريس نتائج‬ ‫هذه املواجهة الى مستلزمات من نوع جديد‪ ،‬تضيف الهم االقتصادي‬ ‫االجتماعي على جدول أعماله وبالطبع هموم اإلصالح السياسي‪،‬‬ ‫وبالتأكيد يبدو حزبنا أمام مهام التغيير كإستحقاق‪ ،‬هو التغيير‬ ‫ليس فقط على املستوى الوطني إمنا على مستوى البناء السياسي‬ ‫ّ‬ ‫يشكل احلزب ورئيسه قوة‬ ‫السائد في بيئتنا وفي مناطقنا‪ ،‬حيث‬ ‫صاعدة ال بد لها من انتزاع موضوعي ملساحة سياسية هي ليست‬ ‫هدفا ً بذاته‪ ،‬إمنا وسيلة لإلصالح والتغيير‪.‬‬ ‫لقد ولد حزب “التوحيد العربي” في ظروف بالغة الصعوبة‬ ‫حيث بدا املشروع األميركي للسيطرة على ثروات املنطقة وعلى‬ ‫كراماتهم‪ ،‬متحوال ً باجتاه لبنان مستهدفا ً فيه املقاومة ومستهدفا ً‬

‫‪13‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪5‬‬

‫سوريا‪ ،‬وبدت معظم الطبقة السياسية احلاكمة متحولة باجتاه‬ ‫مراسيم استقبال هذا املشروع والتكيف معه‪ ،‬ليس فقط كانتهازية‬ ‫سياسية تتسم بها الطبقة احلاكمة وليس فقط خوفا ً على املصير‬ ‫فسر البعض‪ ،‬إمنا ربطا ً مبصاحلها‪ ،‬هي التي اعتادت توسل‬ ‫كما ّ‬ ‫جدي للقيم واملبادئ التي كافحت من‬ ‫السلطة والدور من دون اعتبار‬ ‫ّ‬ ‫أجلها شعوب املنطقة وبذلت أغلى التضحيات‪.‬‬ ‫ولد احلزب‪ ،‬حني قرر رئيسه مواجهة هذه االنحرافات املروعة‪،‬‬ ‫كجزء من مواجهة االنقالب على املستوى الوطني‪ ،‬فكانت الوالدة‬ ‫السياسية للحزب‪ ،‬واألصح للمشروع كي تلبيه والدة عمالنية‬ ‫للحزب الذي تشكل من طالئع‪ ،‬جبلية خاصة‪ ،‬قدمت من الذاكرة‬ ‫املقاومة لهذا اجلبل كي تتشكل كتنظيم سياسي جديد يتوسل‬ ‫متابعة املسيرة اإلصالحية العروبية املقاومة التي لطاملا كانت‬ ‫األساس فيما كانت تلك االنحرافات هي االستثناء‪.‬‬ ‫وإذا ما كانت الوالدة هي يد “قابلة” سياسية عقائدية مرتبطة‬ ‫مبفاهيم التحرر الوطني ومقاومة االحتالل والسيطرة والسعي‬ ‫إلصالح النظام السياسي املهترئ‪ ،‬فإنها والدة حقيقية‪ ،‬إنها عملية‬ ‫جتديد لهذا املشروع التحرري اإلصالحي‪ ،‬الذي كان ممتدا ً وال عبر العديد‬ ‫من األحزاب الوطنية العربية والتقدمية‪ ،‬إنها والدة حقيقية ألنها‬ ‫والدة حلاجة موضوعية ألهداف وقيم كانت والتزال تكافح للبقاء‬ ‫في بيئة تراجعت فيها مناخات التحرر الوطني ملصلحة التبعية‬ ‫السياسية واالقتصادية التي أنتجت االستسالم والتفريط باحلقوق‬ ‫الوطنية وأنتجت الفقر والفساد واملديونية والبطالة‪.‬‬ ‫إن احلزب الذي يولد في خضم صراع كبير هو حزب جدير باحلياة‪،‬‬ ‫والى الذين يعتقدون أننا ظاهرة ظرفية‪ ،‬وهو اعتقاد ممزوج باخلبث‬ ‫السياسي‪ ،‬وباخلوف من اجلديد واحلديث‪ ،‬إليهم نقول إن عصر التغيير‬ ‫قد حان وأن األرض هي ملن يحررها‪.‬‬ ‫واذا ما كان احلزب‪ ،‬ووالدته‪ ،‬قد واجهت خصوما ً أقوياء وظالال ً‬ ‫سياسيا ً معمما ً صرف عليه املال ووجهه إعالم مشبوه ومرتبط‪،‬‬ ‫فإنه قد واجه أيضا ً حلفاء مفترضني تقدمت عندهم احلسابات‬ ‫اخلاصة والذاتية على احلسابات الوطنية‪ ،‬غير أن هذا احلصار القائم‬ ‫ليس سوى دليل إضافي على حقيقة الوالدة وعلى أهمية الدور إذ ال‬ ‫ترشق سوى األشجار املثمرة‪.‬‬ ‫اليوم وبعد خمس سنوات على والدة احلزب‪ ،‬نبدو وبوضوح على‬ ‫نقطة وثوب الى املشروع اإلصالحي ومشروع التغ ّير وهي املهمة‬ ‫املركزية املفترضة واملاثلة‪ ،‬وإذا ما استحقت من جديد مهام مواجهة‬ ‫مشاريع السيطرة فعل احلزب أن يكون جاهزا ً خلوض مواجهات‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫لقد أدى دورنا ليس فقط إضافة جبلية هامة الى املواجهة التي‬ ‫ّ‬ ‫شكلت صمام أمان ألهلنا الذين كادوا ينجرفون ويدفعون‬ ‫دارت‪ ،‬إمنا‬ ‫األثمان لرداءات سياسية هي ليست رداءاتهم وللغة لم يتعودوها‪،‬‬ ‫وعند انطالق التحوالت واملصاحلات‪ ،‬هي املصاحلات مع ذاتنا ومع‬ ‫ذاكرتنا بالدرجة األولى‪ ،‬لعب حزبنا ورئيسه على وجه اخلصوص‬ ‫دورا ً في ذلك‪ ،‬وكان املعيار الوحيد هو استعادة اجلبل لدوره التاريخي‬ ‫املعهود كسد منيع في وجه الغزوات اخلارجية كقوة وازنة ملصلحة‬ ‫عروبة لبنان وكظهير وعمق للمقاومة‪.‬‬ ‫وفي الذكرى اخلامسة للتأٍسيس ال بد من التأكيد بأن حزبنا هو‬ ‫حزب املقاومة واملسألة هنا ليست شكلية‪ ،‬فاملقاومة هي القوة‬ ‫العسكرية السياسية التي غيرت اجتاه التاريخ في املنطقة‪ ،‬التاريخ‬ ‫اجلديد الذي رسمه األميركيون والصهاينة بالتعاون مع الساقطني‬ ‫أخالقيا ً من قادة االستسالم العربي‪ ،‬ما أسموه منذ اتفاقية كامب‬ ‫دايفيد‪ ،‬هذا التاريخ قد جرى إيقاف تدحرجه املأساوي ملصلحة تاريخ‬ ‫جديد عنوانه الكرامة العربية‪ ،‬وإن هزمية اجليوش اجلرارة‪ ،‬جيوش‬ ‫االحتالل لم يكن بحاجة سوى لإلدارة‪ ،‬للنقاء وللصفاء‪ ،‬بكل اعتزاز‬

‫نحن حزب املقاومة‪ ،‬رغم جنينية دورنا‪ ،‬ال بد أن نتطلع الى لعب‬ ‫الدور املباشر في املقاومة‪ ،‬فالتاريخ لم يسجل سوى لرواد التحرر إال‬ ‫األسماء فيما ال ترى حتى في قعره أسماء املستسلمني أو املترددين‪.‬‬ ‫اليوم تتجدد املؤامرة على منطقتنا‪ ،‬مستهدفة سوريا من‬ ‫جديد فبعد القرار ‪ 1559‬الذي اعتقد إسقاط النظام‪ ،‬بعد املؤامرة‬ ‫الداخلية التي نسجها عبد احلليم خدام وأعوانه‪ ،‬وبعد حرب متوز‬ ‫التي استهدفت املقاومة وسوريا‪ ،‬لم يعد لدى التحالف العربي‬ ‫ العربي املستسلم سوى سالح املذهبية إلسقاط قالع املقاومة‬‫واملمانعة هو السالح الذي يعمل على تأجيجه وتوليده على يد‬ ‫العائالت املالكة واحلاكمة فوق آبار نفط العرب‪ ،‬كل العرب‪ ،‬هو امللك‬ ‫الذي ال بد لنا يوما ً من استعادته‪.‬‬ ‫يكفي سوريا شرفا ً أنها الهدف الدائم‪ ،‬مع املقاومة في لبنان‬ ‫لكافة أشكال التآمر‪ ،‬يكفيها شرفأ ً أن تتحالف كافة القوى الدولية‬ ‫واحمللية املتحالفة‪ ،‬كي تسقط دورها النوعي في الدفاع عن آخر قالع‬ ‫املواجهة والتحرر‪ ،‬يكفي هذا الشعب الرائع شرف أنه املستهدف‬ ‫األول‪ ،‬حتى من تلك احللقات التكفيرية العبثية املأجورة‪.‬‬ ‫ومن اآلخر كما يقال‪ ،‬ال بد لكل املتآمرين أن يدركوا‪ ،‬أن مخزون‬ ‫القوة الذي ميتلكه محور املمانعة من إيران الى فلسطني لم يجد‬ ‫استخدام أي منه هو اخملزون الذي سيحرق كل املتآمرين‪ ،‬إن اجليش‬ ‫السوري والشعب السوري قد استطاعوا التغلب على املؤامرة‬ ‫وسيبقى احتياطي القوة هذا جاهزا ً للمعركة الكبيرة من أجل حترير‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫مبناسبة الذكرى اخلامسة لتأسيس حزب “التوحيد العربي” إنها‬ ‫دعوة ألبناء اجلبل ولكل الوطنيني لالنضمام إليه كقاعدة جديدة‬ ‫للتغيير ولإلصالح كاستكمال ملا بدأه الوطنيون اللبنانيون منذ‬ ‫عقود دفاعا ً عن وحدة لبنان وعروبته وعن تطوره الدميقراطي‪ ،‬إنها‬ ‫الدعوة إلحياء قيم العروبة املقاومة مترافقة مع النهضة العربية‬ ‫الشاملة على كافة املستويات‪ ،‬مستوى الوحدة والتحرير والتقدم‬ ‫االقتصادي والسياسي وإرساء قيم العدالة االجتماعية‪.‬‬

‫حزب التغيير وزمن التحوالت‬ ‫من الالفت للنظر‪ ،‬أنه في زمن املواجهات والتحديات‪ ،‬ودخول‬ ‫األوطان في صراعات داخلية متنوعة حسب أهواء قياداتها‪ ،‬يأخذ‬ ‫اجلميع استراحة احملارب‪ ،‬وينكفئ بعيدا ً يراقب التطورات ويتر ّقب‬ ‫الفرصة التخاذ املبادرة والولوج في لعبة الصراع‪.‬‬ ‫ففي أشد ساعات احملنة والقسوة‪ ،‬كان هناك رأي آخر‪ ،‬إذ أطل‬ ‫منفردا ً على إيقاعات التشرذم والتفسخ‪ ،‬ليتخذ قرارا ً بتأسيس‬ ‫تيار سياسي يدخله في صلب املواجهة والتحدي‪ ،‬دفاعا ً عن إميان‬ ‫مسبق لديه‪ ،‬باخملاطر التي تهدد األمة منذ زمن طويل‪ ،‬على أيدي‬ ‫املستعمرين والطامعني واألعداء املستهدفني القضاء على حقوقنا‬ ‫املشروعة في أرضنا ووجودنا‪...‬‬ ‫يومها اعتقد البعض أنها موجة آتية ملرحلة عابرة‪ ،‬لكنهم‬ ‫أدركوا سريعا ًَ أن هذا التيار حت ّول‪ ،‬وبعد مرو سنوات خمس الى حزب‪،‬‬ ‫يستهدف االنتقال عبر رؤية تغييرية للنظام برمته‪ ،‬وإسقاط عوامل‬ ‫التفرقة الطائفية واملذهبية واملناطقية واحملاصصة‪ ،‬بثوابت وطنية‬ ‫تضمن إقامة الدولة القادرة والعادلة والتي حتمي ناسها وتثبت‬ ‫سيادتها‪...‬‬ ‫لذا‪ ،‬كانت الفكرة حركة تغييرية بكل ما للكلمة من معنى‪،‬‬ ‫ولهذا انبرى البعض ملواجهتها ألنها أدركت حقيقة نشوئها‪.‬‬ ‫إن ما يشهده عاملنا العربي اليوم‪ ،‬وإن أتى في حلظات تنوء فيه األمة‬

‫‪14‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫كلمته الحرة ش ّكلت نبراساً‬ ‫لألحرار حجة‬ ‫عندما نقف اليوم ونلقي نظرة الى الوراء نراجع بها تاريخنا‬ ‫احلزبي في السنوات اخلمس املاضية‪ ،‬ونستعيد ذكريات أحداثها‬ ‫املضطربة‪ ،‬ثم نعود ونستعرض مسيرة احلزب من الناحيتني‬ ‫اإلعالمية والصحافية‪ ،‬ال يسعنا إال أن ننحني باحترام وتقدير أمام‬ ‫صفات املقاومة والصالبة واملثابرة التي طبعت عمل املتطوعني في‬ ‫مجلة “منبر التوحيد” واملوقع االلكتروني للحزب‪ ،‬الذين أخذوا على‬ ‫عاتقتهم بإرادة بارزة وتصميم أكيد على مواجهة احملن واملصاعب‬ ‫واألزمات التي خاضها احلزب ضد تيارات االنحطاط واجلنب املهددة‬ ‫لوحدة األمة‪.‬‬ ‫بوجوه ارتسمت عليها عالمات الغضب واألنفة والعزم‪ ،‬ولد‬ ‫“التوحيد العربي” في كلمته احلرة وصورته الصادقة على ساحة‬

‫‪5‬‬

‫السياسيات‬ ‫بأثقال‬ ‫اخلارجية‪ ،‬يدل على أن‬ ‫الشعوب املقهورة في‬ ‫ظل أنظمتها القمعية‬ ‫أخذت‬ ‫والدكتاتورية‬ ‫طريقها للتعبير مبا‬ ‫يتناسب مع متطلبات‬ ‫العصر من إقامة أنظمة‬ ‫حتمي مصاحلها الداخلية‬ ‫أوال ً‬ ‫واالستراتيجية‬ ‫ثانياً‪...‬‬ ‫وإن ما يشهده لبنان‬ ‫عصمت العريضي‬ ‫حتديدا ً من تردٍّ في‬ ‫األوضاع السياسية‪،‬‬ ‫واالقتصادية ناجت عن‬ ‫نظامه الذي بات يشكل عقبة رئيسية في تطوره وتقدمه‪.‬‬ ‫إنها الفكرة الواضحة بإسقاط هذا النظام الطائفي‪ ،‬وإقامة‬ ‫النظام االجتماعي القائم على قانون عصري لالنتخابات‪ ،‬وحتقيق‬ ‫ملف اخلدمات االجتماعية بكل تفاصيلها‪ :‬االقتصادية والتربوية‬ ‫والصحية والضرائبية‪...‬‬ ‫عندها ت ُفتح املناطق وتسقط احملاصصات‪ ،‬ويذهب أولي األمر ممن‬ ‫تربعوا على عرش السلطة الى حيث يأخذ الشعب دوره في التطور‪..‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬جند أن معظم البيوتات السياسية جنحت لتأسيس أحزاب‬ ‫لها لضمان االستمرارية لهم وألوالدهم من بعدهم للحفاظ على‬ ‫املواقع‪ ...‬بينما يأتي حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬خارجا ً عن تلك احلاالت‪،‬‬ ‫مؤسسا ً إلقامة اجملتمع الواحد‪ ،‬العارف حلقائق ضعفه‪ ،‬واملدرك ملا‬ ‫سيصل إليه عند حتقيق األهداف الوطنية العليا‪...‬‬ ‫لكل ما تقدم‪ ،‬تصبح املهمة امللقاة على عاتق احلزب وأعضائه‬ ‫صعبة وسهلة في نفس الوقت‪ :‬صعبة ألنها ستواجه حاالت‬ ‫التخلف واالرتهان والكيدية‪ ،‬وسهلة ألنها متشي في ظالل الوقائع‬ ‫التي ستح ّول حياة األجيال القادمة الى شعور حقيقي باملواطنة‬ ‫وفعل االنتماء واالنتساب‪...‬‬ ‫وإن غدا ً لناظره قريب‪.‬‬

‫الفكري‪،‬‬ ‫الصراع‬ ‫حامال ً قلم احلرية‬ ‫ّ‬ ‫محطما ً‬ ‫وثمارها‪،‬‬ ‫عبوديتها‪،‬‬ ‫أقالم‬ ‫ورافعا ً لواءها‪ ،‬فعانى‬ ‫وخاض‬ ‫متاعبها‪،‬‬ ‫مصاعبها‪،‬‬ ‫غمار‬ ‫متصديا ً ملرتزقتها‬ ‫وجتارها‪ ،‬وكلما أخفق‬ ‫في معركة‪ ،‬في أحد‬ ‫أشعل‬ ‫جبهاتها‪،‬‬ ‫نيران حقيقة أخرى‪...‬‬ ‫انتصار‬ ‫والهدف‬ ‫الكلمة امللتزمة في‬ ‫هشام االعور‬ ‫حربها على قطعان‬ ‫واجلهل‬ ‫التقليد‬ ‫والظلم والتبعية‪...‬‬ ‫فالكلمة التوحيدية هي صورة عن األمة الواعية املدركة حلقيقة‬ ‫وجودها‪ ،‬هي احلزب في صحة عقيدته‪ ،‬هي رسالة مؤسس احلزب‬ ‫الوزير وئام وهاب الى أمته وعامله العربي واإلنسانية جمعاء‪.‬‬ ‫بني الذات واآلخر هو خير مدخل للحديث عن الكلمة احلرة في حزب‬ ‫“التوحيد العربي” بعد خمس سنوات على تأسيسه والتي تتوزع بني‬ ‫مجلة “منبر التوحيد” واملوقع االلكتروني للحزب ودورهما في خدمة‬ ‫التوجهات القومية التي تدعو الى محاربة بث التفرقة والتناقضات‬ ‫الطائفية والداخلية والعربية – العربية‪ ،‬واملساهمة بقدر ما أتيح‬ ‫لهما من إمكانيات ذاتية الى عدم ترك الساحة مفتوحة أمام اإلعالم‬ ‫املرتزق ليفرض إمالءاته ويكرس إلدامة ثقافة االستسالم والتبعية‬ ‫واالنكسار من خالل التزييف وقلب احلقائق ونشر األكاذيب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شكلت صحافة حزب “التوحيد العربي” وإعالمه‬ ‫في هذا اإلطار‬ ‫احلر الوسيلة األفضل في البحث في الشؤون احليوية حلركته‬ ‫التغييرية‪ ،‬وانظر إليهما بإتبارهما اإلطار األنسب لتنمية الطروحات‬ ‫التي متكن التوحيديني من السيطرة على األوهام البالية وأهواء‬ ‫البيوتات التقليدية التي أكسبتها العادات السقيمة صفة الثبات‬ ‫ولو الى حني ليس أكثر‪.‬‬ ‫هذا الكالم يقودنا بالطبع الى اخلالصات واألهداف التي رمى من‬ ‫خاللها احلزب منذ تأسيسه في السادس والعشرين من شهر أيار‬ ‫‪ 2006‬ومنها‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إحداث تغيير على مستوى مفاهيم العمل السياسي‬ ‫خصوصا ً في مجال السعي املتواصل الى التحرر من مفاسد‬ ‫السلوكيات املعادية لوحدة اجلبل حول الثوابت الوطنية والقومية‬ ‫في مواجهة التأثيرات اخلارجية التي سهلت على األجنبي تدخله‬ ‫في شؤون املواطن وحياة مجتمعه وأمته‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إرساء نهج جديد في الدفاع عن قضايا األمة ونصرة‬ ‫مقدساتها وحقوقها‪ ،‬وتصوير من يتنازل عن هذه املسلمات باجملرم‪،‬‬ ‫املتآمر على أمته‪ ،‬واملسيء الى اجملتمع والى نفسه‪ .‬فاإلميان القوي‬ ‫بالقضية العربية هو ما دفع كلمتنا احلرة أن تشكل الوديعة التي‬ ‫أودعنا إياها املؤسس‪ ،‬واألمانة التي ائتمننا عليها‪ ،‬عن القضية‬ ‫الفلسطينية والعروبة واملقاومة والتغيير‪ ...‬والتي من أجلها جميعا ً‬ ‫كان “التوحيد العربي”‪ ،‬ومن أجلها يناضل ويقدم لها الشهادة إذا ما‬ ‫اقتضى األمر مهما اشتدت احملن واملصاعب وهي راسخة كرسوخ‬ ‫جبل الشيخ‪ ،‬فكلما تراكم عليه الثلج زاده وقارا ً ورفعة وبياضاً‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬إثارة االهتمام عند املواطن حول قضايا اجملتمع وتكوين‬ ‫فكرة لديه عن األضرار التي تلحق به كفرد داخل اجلماعة‪،‬‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪5‬‬

‫وإدراكه حلقيقة املسؤوليات امللقاة على عاتقه بصفته مواطن‬ ‫يتوجب عليه مساءلة ومحاسبة حكامه ومناقشتهم‬ ‫وانتقادهم في صالحية كانتوناتهم وامتيازاتهم وقوالبهم‬ ‫الفكرية اجلامدة‪.‬‬ ‫إن ما نشهده اليوم في اجملتمع العربي من ظواهر سلبية ناجتة‬ ‫عن اخللل الطارئ في سياق املؤثرات الداخلية واخلارجية املتولدة‬ ‫عن حالة الصدام السياسي واملقاوم مع العدو الصهيوني‪ ،‬وتسوق‬ ‫له جهات إعالمية معادية تعمل على تشويه الصورة وعكس‬ ‫احلقائق وخلط األوراق بهدف خلخلة املنطوقة القيمية‪ ،‬وتعميم‬ ‫حالة الفلتان األمني وعدم احترام القانون وتفكيك النظام‬ ‫القائم وتكريس معاني العصبية واملذهبية واملناطقية واالدعائية‬ ‫وتراجع قيمة اإلمناء احلقيقي للوطن‪ .‬أمام هذا الواقع الطارئ على‬ ‫مستقبل األمة اندفع حزب “التوحيد العربي” من مقولة إن ليس‬ ‫هناك ما هو أشد خطرا ً على اإلعالم والفكر وعلى حياة املواطنني‬ ‫بشكل عام من سوء توظيف الكلمة والصورة حني تستخدم في‬ ‫معان‬ ‫الهدم وفي تصوير احلياة على غير حقيقتها وفي حتميلها‬ ‫ٍ‬ ‫ومدلوالت متناقضة مع الشواهد القائمة واملعاشة في حياة‬ ‫الفرد واجملتمع أو الدولة‪.‬‬ ‫لذلك أدرك احلزب مسؤوليته القومية في الوقوف أمام املد اإلعالمي‬ ‫الذي يسعى الى إشاعة الفتنة الداخلية ويحاول دائما ً إيصال صورة‬ ‫مظلمة ومأساوية الى متابعيه عن حال ما نشهده حاليا ً من‬ ‫حراك عربي باعتبار أن هذا اإلعالم ما هو إال امتداد طبيعي ووريث‬ ‫لإلعالم الغربي الذي كان يقف في طريق حرية الشعب الفلسطيني‬ ‫والعراقي في مقاومة االحتالل‪ ،‬ويحاول احليلولة دون حتقيق أحالمهما‬ ‫في العيش بكرامة وعزة وسالم‪.‬‬ ‫فانطالقا ً من شرعية حق الشعوب مبقاومة االحتالل‪ ،‬وإميانا ً منه‬ ‫بواجب نصرة احلق والوقوف في وجه املؤامرات والفنت التي حتاك لألمة‪،‬‬ ‫يؤكد حزب “التوحيد العربي” في عيده اخلامس على التوالي على‬ ‫املرتكزات اآلتية‪:‬‬ ‫ االلتزام بتعميق ثقافة املقاومة في وجه االحتالل واستالب الهوية‬‫العربية‬ ‫ االلتزام بكون القضية الفلسطينية هي القضية اإلعالمية‬‫األولى للحزب والدفاع عن فلسطني احملتلة في مواجهة مشروع‬ ‫تهديد القدس والتمسك بحق العودة‪.‬‬ ‫ التأكيد على حق أهل اجلوالن السوري احملتل في املقاومة‪.‬‬‫ التزام دعم املقاومة ضد محاوالت التآمر على سالحها الذي أعاد‬‫للعرب كرامتهم املفقودة‪.‬‬ ‫ فضح كل أشكال املؤامرة املتمثلة بزعزعة بنيان النظام املمانع‬‫في سوريا وتهديد أمن واستقرار الشعب السوري‪.‬‬ ‫ الدفاع عن القضايا املعيشية واالجتماعية بكافة أشكالها من‬‫خالل التكاتف والعمل املشترك لنصرة قضية رغيف اخلبز وكرامة‬ ‫اإلنسان في لبنان‪.‬‬ ‫بعد خمس سنوات على تأسيسه يستمر حزب “التوحيد العربي”‬ ‫في معركة التغيير التي تفرض عليه كل يوم دخوله في حتديات‬ ‫جديدة تتطلب منه جهودا ً روحية ومادية أكثر ستشكل التحدي‬ ‫األكبر في املستقبل كي نسقط رهان البعض الذين يرون في عامل‬ ‫الضعف في مالية احلزب تهديدا ً بتحويل كثير من قوانا الفكرية‬ ‫والشعبية الى طرق أخرى بدوافع اليأس وطول الطريق التغييرية‬ ‫الوعرة‪.‬‬ ‫ولهؤالء نقول‪ :‬نحن على مواقفنا ثابتون‪ ،‬وقد اتخذنا من الكلمة‬ ‫احلرة واملوقف اجلريء نبراسا ً لألحرار حجة‪.‬‬

‫العام الخامس وشعلة التوحيد‬ ‫تزداد توهجاً‬ ‫هو العام اخلامس‬ ‫وشعلة التوحيد تزداد‬ ‫توهجاً‪ ،‬تضيء بنورها‬ ‫دروب الظالم الدامس‪،‬‬ ‫تكوي بنارها حقد‬ ‫الطغاة الصغار واجلرح‬ ‫الذي أرادوه من خالل‬ ‫تأييدهم لإلنقسام‬ ‫واعتباره مفيداً‪.‬‬ ‫سنوات‬ ‫خمس‬ ‫من العطاءات متكن‬ ‫التوحيد من الدخول‬ ‫إلى كل ساح وناح في‬ ‫لبنان‪ ،‬خمس سنوات‬ ‫محمد الصايغ‬ ‫حققنا خاللها الكثير‬ ‫من اإلجنازات التي لم‬ ‫نتوقف عندها ألننا‬ ‫عندما نبلغ اإلجناز تترائى إلينا إجنازات أخرى‪.‬‬ ‫في السنة اخلامسة أصبح التيار حزبا ً له نظرته اخلاصة في‬ ‫جميع األمور‪ ،‬حزب أثبتت التجارب أنه ال يساوم وال يهادن‪ ،‬حزب‬ ‫على مستوى رئيسه مقدام‪ ،‬شجاع في مواقفه‪ ،‬جريء في‬ ‫طروحاته ومقاربته لألمور‪ ،‬عصامي في تكوينه‪ ،‬سباق في الدفاع‬ ‫وفي في التزاماته صادق في إيصال احلقيقة‬ ‫عن املقاومة ودورها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إلى املواطنني‪ ،‬مدافعا ً عن حقوقهم‪ ،‬وسط كل هذا قدم حزب‬ ‫“التوحيد العربي” من خالل أدائه النموذج احلديث لألحزاب وما‬ ‫أطره التنظيمية إال خير مثال عل ذلك وتوسع رقعة انتشاره إن‬ ‫دلت فهي تدل على أحقية ما ينادي به وتقبل املواطنني ألفكاره‬ ‫ومبادئه وطروحاته‪.‬‬ ‫في السنة اخلامسة ث ّبت احلزب موقعه على الساحة السياسية‬ ‫اللبنانية لينطلق من خاللها إلى رحاب الوطن العربي واليوم ونحن‬ ‫ندخل عامنا السادس نؤكد على ثوابتنا ومواقفنا املبدئية في‬ ‫الوقوف إلى جانب املقاومة لتحرير جميع األراضي احملتلة‪ ،‬ووقوفنا‬ ‫إلى جانب سوريا قلب العروبة النابض‪ ،‬سوريا التي يحاول البعض‬ ‫اليوم محاسبتها لوقوفها إلى جانب املقاومة‪ ،‬سوريا التي لم يكن‬ ‫موقعها املقاوم واملمانع وليد الصدفة‪ ،‬فالتاريخ يشهد أن سفن‬ ‫األسطول العربي التي حاربت الرومان وانتصرت عليهم انطلقت من‬ ‫شواطئها‪ ،‬سوريا لن تسقط وستبقى كما عهدناها حصنا ً وملجأ‬ ‫أصحاب القضايا احملقة‪.‬‬ ‫أيها التوحيديون نرى في عيونكم كل ما هو خير لوطننا وأمتنا‪،‬‬ ‫أنتم املرتكز ونقطة اإلرتكاز‪ ،‬أنتم األمل ومحط اآلمال‪ ،‬أنتم اجلبال‬ ‫وصفوة الرجال‪ ،‬نرى فيكم كل ما نتوق إليه‪ ،‬فلنكن عل مستوى‬ ‫شعاراتنا وأفكارنا‪ ،‬مرحلة املواجهة انتهت‪ ،‬فيوم كانت مواجهة‬ ‫احلديد باحلديد والنار بالنار كانت لزغردات رصاصاتكم وقعا ً آخر‬ ‫على مسامع األصدقاء وفي نفوس األعداء على حد سواء‪ ،‬واليوم‬ ‫وما إن أصبحت احلياة السياسية في اجلبل واحة ومساحة للصراع‬ ‫الفكري نؤمن بكم رواد نهضة وحالة تغييرية قادرة على فعل‬ ‫املعجزات‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫منبر لبناني‬

‫ثالث سنوات من والية سليمان‪:‬‬ ‫عهد الال إنجازات وماذا بعد ؟‬

‫لطاملا كان موقع رئاسة اجلمهورية في لبنان‬ ‫ّ‬ ‫محط اهتمام دول املنطقة والعالم منذ إنشاء‬ ‫دولة لبنان الكبير واالتفاق على تعيني ماروني‬ ‫في سدة الرئاسة األولى‪ .‬فقد شهد لبنان عدة‬ ‫محطات بارزة كان لرئاسة اجلمهورية الدور احملوري‬ ‫فيها منذ عهد بشارة اخلوري وقضية الفساد‬ ‫وتزوير االنتخابات والتجديد‪ ،‬الى عهد فؤاد شهاب‬ ‫والدولة األمنية الى عهد كميل شمعون ولعبة‬ ‫احملاور العربية والدولية والسعي الى التجديد‬ ‫وعهد شارل حلو واتفاق القاهرة وعهد الياس‬ ‫سركيس وإدارة األزمة وصوال ً الى عهد أمني اجلم ّيل‬ ‫عمق االنقسام الطائفي‬ ‫واتفاق ‪ 17‬أيار الذي ّ‬ ‫واستعرت خالله احلرب األهلية وحصل التهجير‬ ‫على كافة األراضي اللبنانية‪ .‬وقد شهدنا بعد‬ ‫اتفاق الطائف فترة من الهدوء النسبي على‬ ‫املستوى السياسي حتت رعاية سوريا واململكة‬ ‫العربية السعودية متثلت في إعادة بناء الدولة‬ ‫قي عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي وترسيخ‬ ‫املقاومة في عهد الرئيس إميل حلود ليرحل‬ ‫محترما ً الدستور ورافضا ً شتى أنواع الضغوط‬ ‫من حلفائه لتشكيل حكومة انتقالية تؤمن‬ ‫انتخاب رئيس جديد للبالد‪.‬‬ ‫فاإلنقسام السياسي في البلد على موضوع‬ ‫التمديد للرئيس حلود في العام ‪ 2004‬سمح أليادي‬ ‫الغدر والفتنة بالدخول الى البالد وإضفاء صفة‬ ‫املرحلة احلرجة في تاريخ العهد من جراء عودة‬ ‫االغتياالت والتفجيرات والتصفيات السياسية‬ ‫التي رسمت واقعا ً اليزال لبنان يعيشه خصوصا ً‬ ‫مع تدويل األزمة اللبنانية من خالل احملكمة‬

‫الدولية وما تبعها‪ ،‬ومحاولة إرساء وصاية أجنبية‬ ‫أميركية حتديدا ً على الوضع الداخلي اللبناني‪ .‬في‬ ‫ذلك الوقت‪ ،‬بدأت عملية الترويج للعماد سليمان‬ ‫قائد اجليش لتولي سدة الرئاسة فأطلق حينها‬ ‫حض فيها األفرقاء على التوافق‬ ‫عدة تصريحات ّ‬ ‫إلنهاء األزمة مع اقـتراب إحالته الى التقاعد‬ ‫لبلوغه السن القانونية في آب ‪ 2008‬واخلوف‬ ‫على مصير اجليش حامي الوطن والدستور‬ ‫حيث اعتبرها البعض ترويجا ً حلملته االنتخابية‪،‬‬ ‫فظهرت معارضة فريق ‪ 14‬آذار لهذا الطرح وبدأ‬ ‫احلديث جديا ً عن تولي رئيس األركان اللواء شوقي‬ ‫املصري قيادة اجليش في حال شغور املركز‪ .‬وما‬ ‫ساعد في التصعيد السياسي في تلك املرحلة‪،‬‬ ‫هو الفراغ السياسي في سدة الرئاسة األولى‬ ‫وتعطيل املؤسسات من بعدها التي أدت في‬ ‫نهاية األمر الى أحداث السابع من أيار األليمة‬ ‫وتدخل األفرقاء العرب إلنضاج التسوية مبسعى‬ ‫قطري تُ ّوج بإتفاق الدوحة الذي أتى بقائد اجليش‬ ‫العماد ميشال سليمان رئيسا ً توافقيا ً لبنانيا ً‬ ‫وعربيا ً وإقليميا ً ودوليا ً للجمهورية مع إجراء‬ ‫انتخابات نيابية وفقا ً لقانون انتخابات عام ‪1960‬‬ ‫بالعودة الى القضاء دائرة انتخابية على صعيد‬ ‫قانون االنتخاب وتشكيل حكومة للمعارضة‬ ‫آنذاك فيها الثلث الضامن‪.‬‬ ‫وتنفيذا ً ملقررات هذا االتفاق انتخب العماد‬ ‫سليمان رئيسا ً للدولة بتاريخ ‪ 25‬أيار ‪2008‬‬ ‫مبا يحمله هذا التاريخ من فخر واعتزاز جلميع‬ ‫اللبنانيني الذي يصادف فيه عيد املقاومة والتحرير‬ ‫في ذكرى انتصار املقاومة على العدو الصهيوني‬

‫‪17‬‬

‫واندثاره‪.‬‬ ‫بدأت مرحلة جديدة بتاريخ لبنان‪ ،‬استلم فيها‬ ‫الرئيس سليمان زمام األمور بعدما كانت فكرة‬ ‫وصوله الى سدة الرئاسة مرفوضة من قوى ‪ 14‬آذار‬ ‫تهدد بإجراء انتخابات بالنصف زائدا ً‬ ‫والتي كانت ّ‬ ‫واحدا ً للنواب مع العلم أن هذا الطرح القى رفضا ً‬ ‫قاطعا ً من البطريرك صفير حينها‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫كانت فيه قوى الثامن من آذار تطمح الى رئيس‬ ‫يلبي طموحاتها الوطنية بحسب وجهة نظرها‪،‬‬ ‫فتم االتفاق على أن يكون الرئيس وسطيا ً محايداً‪.‬‬ ‫واجلدير ذكره أن أسهم الرئيس سليمان ارتفعت‬ ‫بعد انتصار اجليش في معركة نهر البارد ضد‬ ‫اإلرهاب فكان موضع تقدير من كافة الفرقاء‬ ‫اللبنانيني وموضع إعجاب من األميركيني الذين‬ ‫غيروا نظرتهم إليه‪.‬‬

‫إنتخاب غير دستوري‬ ‫علت بعض األصوات منتقدة انتخاب الرئيس‬ ‫سليمان دون تعديل للدستور وعلى رأسهم الوزير‬ ‫بطرس حرب (ليعود ويقبل توزيره في حكومة‬ ‫احلريري) بحسب املادة ‪ 49‬من الدستور التي ال‬ ‫تسمح ملوظفي الفئة األولى الترشح للرئاسة‬ ‫إال بشرط استقالتهم قبل سنتني‪ .‬وخفتت هذه‬ ‫األصوات لتختفي بعد تأليف احلكومة بعهده‬ ‫برئاسة فؤاد السنيورة‪ .‬وعشية إعالن تشكيل‬ ‫احلكومة األولى‪ ،‬احتفل الرئيس بزفاف كرميته‬ ‫املؤجل وقد دُعي إليه عدد كبير من الفعاليات‬ ‫السياسية واالجتماعية والفنية‪.‬‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫بداية العهد‪ ...‬رحالت سياحة‬ ‫واستجمام‬ ‫استهل الرئيس بداية عهده بعدة زيارات رسمية‬ ‫الى الدول العربية واألجنبية تلبية لدعوة رؤساء‬ ‫الدول ومنها سوريا ومصر وعلت فورا ً األصوات‬ ‫املنتقدة لتلك الزيارات وكلفتها الباهظة على‬ ‫اخلزينة وحجم الوفود واملشاركني املستفيدين‬ ‫منها‪ .‬وقد جاءت هذه السفرات على شكل رحالت‬ ‫استجمام وسياحة وترفيه‪ ،‬في الوقت الذي متر فيه‬ ‫البالد في فترة صعبة بعد الفراغ السياسي وتعطيل‬ ‫مجلس النواب واإلدارات الرسمية من جراء النقص‬ ‫في املراكز القيادية للدولة‪ .‬وال بد من اإلشارة الى‬ ‫أهمية ثالثة زيارات قـام بها الرئيس اجلديد‪ :‬األولى‬ ‫الى قطر لشكرها على مسعاها التوافقي والثانية‬ ‫الى سوريا للتأكيد على الثوابت الوطنية حيث‬ ‫القى استقباال ً مميزا ً من الرئيس األسد والثالثة الى‬ ‫فرنسا حيث حصلت القمة الرباعية “ساركوزي ‪-‬‬ ‫الشيخ حمد ‪ -‬األسد ‪ -‬وسليمان”‪.‬‬ ‫أما الالفت في الزيارات التي قام بها‪ ،‬هي زيارته‬ ‫املتكررة الى مصر ولقاؤه الرئيس حسني مبارك‬ ‫ومدير االستخبارات اللواء عمر سليمان والتي‬ ‫تعيدنا الى فترة ما قبل انتخابه حيث كان لهذين‬

‫األخيرين الفضل في الترويج له وإقناع األميركيني‬ ‫بضرورة انتخابه فكانت زيارته الى مصر مبثابة‬ ‫شكر مبارك على جهوده‪.‬‬ ‫واجلدير ذكره في هذا املوضوع أن الدوائر املعنية‬ ‫في القصر اجلمهوري لم تُزل صورة للرئيس ميشال‬ ‫سليمان مع الرئيس املصري اخمللوع‪ ،‬حسني مبارك‪،‬‬ ‫اخملصصة‬ ‫وصورة الرجلني التزال مع ّلقة في القاعة ّ‬ ‫النتظار الضيوف‪.‬‬

‫التسويق لنجله الدكتور شربل‬ ‫سليمان‬ ‫تشكلت احلكومة األولى التي حتمل في تركيبتها‬ ‫التوازن من قبل الفريقني فالثلث زائدا ً واحدا ً‬ ‫بيد املعارضة لضمان وطنية القرارات وتصويب‬ ‫مسارها‪ ،‬واألكثرية تسعى للفوز باالنتخابات‬ ‫املقبلة من خالل هذه احلكومة‪ .‬وقد كان الفتا ً أداء‬ ‫الوزير زياد بارود بالتحضير لإلنتحابات النيابية إداريا ً‬ ‫وأمنيا ً وإجراء االنتخابات في كل لبنان في يوم واحد‬ ‫للمرة األولى في تاريخ اجلمهورية‪ ،‬األمر الذي أ ّدى‬ ‫الى جناحها ونيله جائزة تقدير من األمم املتحدة‪.‬‬ ‫فإن ترفع الوزير بارود عن الترشح ألحد املقاعد‬ ‫في كسروان كان فيه الكثير من احلس الوطني‬

‫وعود القسم بقيت حبراً على ورق‬ ‫اعتماد قانون انتخابي‪ ،‬يؤمن صحة التمثيل‪ ،‬ويرسخ العالقة بني الناخب وممثله ويكفل إيصال‬ ‫خيارات الشعب وتطلعاته‪.‬‬ ‫استقالل السلطة القضائية‪.‬‬ ‫تشجيع الطاقات الشابة‪ ،‬لالنخراط في مؤسسات القطاع العام من أجل الوصول إلى إدارة‬ ‫أكثر كفاء ًة وشباباً‪.‬‬ ‫املقصر‪ ،‬ويعزل الفاسد‪.‬‬ ‫تعزيز هيئات الرقابة‪ ،‬فيكافأ املستحق‪ ،‬ويص ّوب‬ ‫ّ‬ ‫سياسة تربوية إصالحية‪ ،‬تتناول املدارس واجلامعات‪ ،‬وتعيد إليها متيزها في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫االعتراف بحقوق املغتربني‪ ،‬واملضي قدما ً في اإلجراءات اآليلة إلى تعزيز التصاقهم‪ ،‬وتداخلهم‬ ‫بالوطن‪ ،‬واالستعانة بقدراتهم وتوظيفها‪ ،‬حتى ال يبقوا في غربة عن الوطن‪ .‬إنهم األحق باجلنسية‬ ‫اللبنانية من الذين حصلوا عليها من دون وجه حق‪.‬‬ ‫اخلروج من حالة الركود‪ ،‬وتفعيل الدورة االقتصادية‪ ،‬وجذب االستثمارات‪ ،‬وتأمني بيئة صديقة‬ ‫لها‪.‬‬ ‫محاربة البطالة‪ ،‬ومحاصرة الهجرة‪.‬‬ ‫االهتمام باالقتصاد املنتج صناعيا ً زراعيا ً وخدماتياً‪.‬‬ ‫تعميم الثقافة البيئية‪ ،‬وإبراز األوجه السياحية للبلد‪.‬‬ ‫تطبيق الالمركزية اإلدارية املوسعة وإصالح التفاوت االجتماعي واالقتصادي والثقافي بني‬ ‫املناطق‪.‬‬ ‫استكمال عودة املهجرين‪ ،‬لطي هذا امللف بصورة نهائية‪.‬‬ ‫إطالق األسرى واملعتقلني‪ ،‬وكشف مصير املفقودين‪ ،‬واستعادة الشباب الذين جلأوا إلى‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬ألن حضن الوطن‪ ،‬يتّسع للجميع‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪18‬‬

‫واملسؤولية تستحق الوقوف عندها جلياً‪.‬‬ ‫أما الالفت في موضوع االنتخابات النيابية هو‬ ‫خروج الرئيس عن مساره التوافقي الذي أرسى‬ ‫انتخابه‪ ،‬فقد ترشح مستشاره النائب السابق‬ ‫ناظم اخلوري عن املقعد املاروني في جبيل بعدما‬ ‫قدم استقالة شكلية أمام اإلعالم (حيث عاد‬ ‫ّ‬ ‫بعد خيبته الى عمله كمستشار رئاسي بعد‬ ‫االنتخابات)‪ ،‬وظهر جليا ً الى العلن دعم الرئيس‬ ‫سليمان الى الئحة قوى ‪ 14‬آذار بتحالف مستشاره‬ ‫خوري مع منسق هذه القوى فارس سعيد مما أثار‬ ‫حفيظة العماد ميشال عون‪ ،‬وبدأت اخلالفات تظهر‬ ‫الى العلن واألمور الى مزيد من التعقيد‪ .‬واجلدير‬ ‫ذكره أيضاُ أن الرئيس يعمل جاهدا ً وبشكل يومي‬ ‫للتسويق إلبنه الدكتور شربل ميشال سليمان‬ ‫عن طريق إشراكه في الشأن العام حيث يعمد الى‬ ‫إرسال الورود واألكاليل من قصر بعبدا في مختلف‬ ‫املناسبات واضعا ً عليها اسم جنله الدكتور بهدف‬ ‫إظهار وجود ابنه على الساحة السياسية‪.‬‬ ‫مرت األيام على حكومة السنيورة دون أي إجناز‬ ‫يذكر حيث كان التركيز على االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫غادر السنيورة السراي الكبير ليتبادل الدور في‬ ‫رئاسة تيار املستقبل مع سعد احلريري الفائز‬ ‫باألكثرية النيابية وولدت حكومة احلريري األولى‬ ‫بعد استشارات دامت ستة أشهر حصل فيها‬ ‫الرئيس سليمان على حصة وافية (‪ 5‬وزراء ‪ 3‬موالني‬ ‫له واثنني وديعة لديه من قبل طرفي النزاع)‪ .‬لم‬ ‫تستطع احلكومة احلريرية االنطالق بالعمل لكثرة‬ ‫املشاكل واملعوقات واالهتمام باالنتخابات البلدية‬ ‫التي لها األهمية الكبرى في ترسيخ الزعامة‬ ‫لكافة األطراف السياسية من جهة واقتراب‬ ‫استحقاق القرار الظني في قضية اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري من جهة أخرى‪.‬‬ ‫حصلت االنتخابات البلدية وكما كان متوقعاً‪،‬‬ ‫فقد تدخل الرئيس سليمان في جبيل ملصلحة زياد‬ ‫حواط شقيق صهره نبيل حواط زوج ابنته الرا‪ .‬فازت‬ ‫الئحته ضد الئحة الوزير السابق جان لوي قرداحي‬ ‫املدعومة من “التيار الوطني احلر” واملعارضة مما أثار‬ ‫امتعاض املعارضة آنذاك التي اعتبرت أن سليمان‬ ‫بدأ بالعمل ضدها‪.‬‬

‫الرئيس ‪ ...‬وحملة الفايسبوك‬

‫على صعيد آخر فقد تعرض األمن القومي‬ ‫بنظر الرئيس لهزة شديدة عندما وجه بعض‬ ‫الشباب عبر موقع الفايسبوك انتقادات الذعة‬ ‫له‪ ،‬فتحركت األجهزة األمنية للدفاع عن هيبة‬ ‫الرئاسة األولى بطلب من سليمان واعتقلوا‬ ‫الشباب وأحالوهم الى احملاكمة‪ .‬فانتفض الرأي‬


‫العام وخصوصا ً نواب التيار الوطني مطالبني‬ ‫باإلفراج عنهم في سابقة لم تشهدها البالد‬ ‫سابقاً‪.‬‬

‫تراخيص عشوائية حملالت ألعاب‬ ‫امليسر‬ ‫أصبحت بلدية جبيل في يد الرئيس‪ ،‬وبدأت‬ ‫بعدها رائحة الفضائح تتوالى ومن اهمها‬ ‫التراخيص العشوائية حملالت ألعاب امليسر‬ ‫والقمار وتشريع األلعاب املمنوعة واحلصرية‬ ‫فيها لكازينو لبنان‪ .‬ومبا أن هذه التجارة مربحة‬ ‫جدا ً فقد تفتحت أعني الرئيس باجتاه كازينو‬ ‫لبنان حيث توجهت أنظاره الى هناك وجرى‬ ‫توظيف عدد كبير من أنصاره فيه برواتب‬ ‫مرتفعة ومنافع شخصية‪ .‬كما ظهرت الى‬ ‫العلن مشاكل اخرى ومن نوع آخر‪ ،‬فإن دخول‬ ‫صهر الرئيس الثاني وسام بارودي على خط‬ ‫العمل في الشأن العام أثار امتعاض نواب التيار‬ ‫الوطني احلر في كسروان وحكي عن خالفات‬ ‫مع الوزير بارود في املوضع عينه كون بارود‬ ‫لديه طموح محق مبستقبل سياسي يتمثل‬ ‫فعل وسام بارودي‬ ‫من خالل مقعد نيابي‪ .‬فقد ّ‬ ‫نشاطه العمالني على األرض وبدأ باستقطاب‬ ‫رؤساء البلديات واخملاتير والفعاليات‪ .‬وقد انتقد‬ ‫العماد ميشال عون هذا الدور لسليمان عدة‬ ‫مرات‪ .‬فرئيس اجلمهورية يطمح أن تكون لديه‬ ‫كتلة نيابية وازنة في العمل السياسي وهو‬ ‫ما وعده به النائب ميشال املر أن يؤمن له‬ ‫كتلة نيابية وسطية في انتخابات ‪ ،2009‬فلم‬ ‫يوفق‪ ،‬وخرج منها منفرداً‪ ،‬وأن قضاءي كسروان‬ ‫وجبيل هما املكان الوحيد إلمكانية حتقيق‬ ‫طموحاته كونه ابن املنطقة ولديه خدمات‬ ‫كثيرة فيها منذ فترة توليه قيادة اجليش‬ ‫لتسع سنوات واملستمرة حتى بعد وصوله‬ ‫الى الرئاسة األولى‪ .‬هذا املوضوع خلق إشكاال ً‬ ‫مع العماد عون متثل مبا يدور حول تشكيل‬ ‫احلكومة برئاسة جنيب ميقاتي‪ .‬فالصراع على‬ ‫وزارة الداخلية له أبعاد عديدة كونها املدخل‬ ‫النتخابات ‪ 2013‬وبعدها انتخابات الرئاسة‬ ‫‪ 2014‬ولرمبا كان للرئيس طموح ما في التمديد‬ ‫أو التجديد كما حصل مع الرؤساء السابقني‬ ‫منذ الطائف‪ .‬فهذا احتمال جدي ولكن هل‬ ‫من املمكن أن يقبل فيه األفرقاء السياسيون‬ ‫وخاصة العماد عون الذي يعتبر ان الرئاسة قد‬ ‫سلخت منه سلخاً؟ ومن املعلوم أن احلريري‬ ‫وافق على تولي سليمان للرئاسة كما تغير‬ ‫موقف ‪ 14‬آذار من معارض النتخابه الى مؤيد‬ ‫له بهدف قطع الطريق على وصول الزعيم‬ ‫املسيحي األول ميشال عون‪.‬‬

‫عهد رمادي اللون‬ ‫واليوم بعد مرور ثالث سنوات على حكم الرئيس‬ ‫سليمان نرى جليا ً أن الوضع يتدهور من سيء الى‬ ‫أسوأ‪:‬‬ ‫• اجلمود يسيطر على كافة اجملاالت وخاصة‬ ‫الرسمية منها في ظل غياب التعيينات اإلدارية‬ ‫واألمنية والدبلوماسية والقضائيةوعدم صدور‬ ‫املوازنة العامة للدولة منذ سنني ووجود خالف قوي‬ ‫على دور فرع املعلومات وتفشي الفساد والالمباالة‬ ‫خصوصا ً بعد ظهور أحداث سجن روميه وتفشي‬ ‫ظاهرة البناء على األمالك العامة واخلاصة دون‬ ‫حسيب أو رقيب‪.‬‬ ‫• حتقيق رغبات سعد احلريري في شتى األمور‬ ‫فال شيء يوضع على جدول أعمال مجلس الوزراء‬ ‫مهما كانت أهميته إال بعد موافقة احلريري سواء‬ ‫كان مطلبا ً معيشيا ً او امنيا ً وقد أدى عدم وضع‬ ‫ملف شهود الزور على طاولة مجلس الوزراء الى‬ ‫استقالة املعارضة منها‪.‬‬ ‫• انتقال العالقات اللبنانية – السورية من يد‬ ‫رئيس الدولة الى يد سعد احلريري الذي قام بعدة‬ ‫زيارات الى دمشق القت ترحيبا ً واهتماما ً بالغني‬ ‫لكنها لم تأت بنتيجة إيجابية ألسباب خاصة‬ ‫باحلريري‪.‬‬ ‫• عدم قدرة الرئيس سليمان على حتقيق‬ ‫الغاية من إنشاء طاولة احلوار الى أن انفرط عقد‬ ‫اجتماعاتها لعدم تقدميها أي جديد أو اي شيء‬ ‫عملي يشبع اآلمال التي علقت عليها‪ .‬فاقـتصرت‬ ‫اجتماعاتها على إظهار صورة عن جدية هذه‬ ‫الطاولة إعالميا ً في وقت خلوها من أي قرار جدي‪.‬‬ ‫• إن اخلطابات التي يلقيها الرئيس سليمان في‬ ‫املناسبات الوطنية واالجتماعية غالبا ً ما تكون‬ ‫عالية السقف وبعيدة عن احللول‪ .‬ففي حفل‬ ‫تخريج ضباط املدرسة احلربية في العام ‪2009‬‬ ‫دعا الرئيس سليمان الى تعديل الدستور وإعطاء‬ ‫صالحيات أكثر للرئيس واقـترح بعض احللول التي‬ ‫لم يعمل على التجاوب معه‪.‬‬ ‫• زيارة العاهل السعودي والرئيس األسد الى‬ ‫لبنان في ‪ 30‬متوز ‪ 2010‬إليجاد حل ملأزق احملكمة‬ ‫الدولية والقرار الظني املرتقب وأنتج التفاهم‬ ‫السوري – السعودي اتفاقا ً نقضه احلريري ‪ ،‬وتالها‬ ‫زيارة الرئيس أحمدي جناد في السياق ذاته في ‪13‬‬ ‫تشرين الثاني ‪ 2010‬إال أن اإلدارة السيئة للبالد‬

‫‪19‬‬

‫لم تستثمر هذه الزيارات ما أ ّدت الى ذهاب هذه‬ ‫املساعي أدراج الرياح ‪.‬‬ ‫• زيارة امير قطر الى اجلنوب التي لم جتد آلية‬ ‫جدية للحل بالرغم من وضع كل اإلمكانات من‬ ‫ّ‬ ‫قبل الرؤساء بإيجاد حل مناسب يرضي األطراف‬ ‫ويبعد شبح الفتنة السنية الشيعية التي جرى‬ ‫الترويج لها بقوة وهي الشغل الشاغل في املنطقة‬ ‫بأكملها بد ًءا من البحرين مرورا ً باململكة العربية‬ ‫السعودية واليمن وصوال ً الى منطقتنا مع اإلشارة‬ ‫الى أن هذه الشرارة أسهمت الواليات املتحدة في‬ ‫إشعالها في العراق بعد االحتالل في العام ‪2003‬‬ ‫الذي ذهب ضحيته مئات آالف العراقيني‪.‬‬ ‫وإن جل ما استطاع الرئيس فعله هو توقيع‬ ‫مراسيم إعطاء أقدميات بالرتبة الى بعض الضباط‬ ‫املقربني من سعد احلريري ليتسببوا مبشاكل‬ ‫جمة في قاعدة التراتبية الهرمية للمؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫األمنية والعسكرية‪ .‬وقد جرت هذه العادة لدى‬ ‫رؤساء اجلمهورية‪ ،‬منذ عهد الرئيس الراحل الياس‬ ‫الهراوي حيث متنع عن توقيع مراسيم ترقية ضباط‬ ‫قوى األمن الداخلي بذريعة وجود اسم ضابط على‬ ‫خالف شخصي معه وحرم املئات من الضباط‬ ‫الترقية ليعودوا ويربحوا حكما ً في مجلس شورى‬ ‫الدولة إلعادة حقوقهم املادية واملعنوية إليهم‬ ‫بعد مضي عشر سنوات‪ .‬وقد تك ّرر السيناريو‬ ‫نفسه في عهد الرئيس إميل حلود‪ ،‬ففي عهده‬ ‫حرم العسكريون من فوارق سلسلة الرتب والرواتب‬ ‫والذريعة أتت من السنيورة بعدم توفر االعتمادات‪.‬‬ ‫أما في عهد سليمان‪ ،‬فكانت االستنسابية سيدة‬ ‫القرارات‪ ،‬فقد عمد الى تأخير الضباط عن الترقية‬ ‫بحجة االكتظاظ وكثرة الرتب العالية‪ ،‬فمدد فترة‬ ‫كل رتبة من سنة الى سنتني غير آبه مبعنويات‬ ‫الضباط مع العلم أن القانون ينص بكل صراحة‬ ‫على األصول املتبعة في الترقيات‪.‬‬ ‫في النهاية وكي ال ندخل في تكرار ما ورد‬ ‫في وثائق “وكيليكس” بعد نشرها وتسجيالت‬ ‫احملققني الدوليني في قضية اغتيال الرئيس احلريري‬ ‫فقد ظهرت للعيان خبايا بعض األمور األساسية‬ ‫واجلوهرية ودلت على ما يخفيه السياسيون عن‬ ‫الشعب ليبوحوا به أمام أربابهم األميركيني‪ .‬وقد‬ ‫طالت بشكل مباشر الرئيس سليمان في مواقفه‬ ‫في حرب متوز وغيرها وآراء البعض فيه وحول دوره‬ ‫في شتى امليادين‪.‬‬ ‫فلو كان هناك فعالً دولة في لبنان لكانت احملاكم‬ ‫مشغولة اليوم مبا متّ نشره في هذه الوثائق حملاسبة‬ ‫كل من ورد اسمه حول مواقفه وتآمره على هذا‬ ‫الوطن من أجل أهداف رخيصة‪.‬‬ ‫كما نتمنى أن تكون درجة وعي الشعب اللبناني‬ ‫لألمور قد زادت‪ ،‬فإن االنتخابات النيابية على األبواب‬ ‫وال بد من احملاسبة في صندوق االنتخاب لعزل‬ ‫كل من سمح لنفسه التطاول على املسلمات‬ ‫الوطنية وكل من خان وطنه في أشد الظروف‪.‬‬

‫مايا عون‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫وزارة الداخلية صراع على القرار األمني!‬ ‫ّ‬ ‫شكلت وزارة الداخلية‪ ،‬العقدة األبرز في تع ّثر‬ ‫تشكيل احلكومة التي ُك ّلف بها الرئيس جنيب‬ ‫ميقاتي‪ ،‬الذي جرت تسميته في حلظة عربية‬ ‫وإقليمية ودولية‪ ،‬حتصل فيها حتوالت ومتغ ّيرات‪،‬‬ ‫بدأت تؤثر على لبنان‪ ،‬الذي يعيش على خط‬ ‫الزالزل الذي شقّ ق األرض اللبنانية‪ ،‬فباتت‬ ‫خصبة لكل مشاريع التفتيت والتقسيم‪.‬‬ ‫فحقيبة الداخلية‪ ،‬التي يتجاذب الصراع‬ ‫عليها‪ ،‬رئيس اجلمهورية ميشال سليمان‬ ‫والرئيس ميقاتي من جهة ورئيس “التيار‬ ‫الوطني احلر” ميشال عون من جهة أخرى‪ ،‬تعتبر‬ ‫أهم الوزارات السيادية‪ ،‬و من يتوالها يسمى‬ ‫بـ “احلاكم اإلداري” للبنان‪ ،‬فهو ميسك بالقرار‬ ‫األمني واإلداري‪ ،‬وترتبط فيها عدة مديريات‬ ‫أساسية لها عالقة مباشرة بقضايا املواطنني‪،‬‬ ‫بد ًءا من البلديات والهيئات االختيارية‪ ،‬الى‬ ‫القائمقاميات واحملافظات‪ ،‬واألحوال الشخصية‪،‬‬ ‫واإلشراف على االنتخابات‪ ،‬وضبط الوضع‬ ‫األمني‪ ،‬الخ‪...‬‬ ‫ففي كل تاريخ لبنان‪ ،‬كانت توصف “بالسوبر‬ ‫وزارة”‪ ،‬للصالحيات الواسعة التي تتمتع بها‪،‬‬ ‫وهي أصبحت أكثر أهمية‪ ،‬بعد العام ‪،2005‬‬ ‫وخروج اجليش السوري من لبنان‪ ،‬وتفكيك‬ ‫النظام األمني اللبناني‪ -‬السوري املشترك الذي‬ ‫كان قائماً‪ ،‬وحصول قوى ‪ 14‬آذار على األكثرية‬ ‫النيابية التي حصلت عليها في االنتخابات‬ ‫ّ‬ ‫فتحكمت بالسلطة واستفردت‬ ‫النيابية‪،‬‬ ‫بالقرار احلكومي‪ ،‬وقامت بتركيب أجهزتها‬ ‫اإلدارية واألمنية والقضائية والدبلوماسية‪،‬‬ ‫وكان أول عمل قامت به‪ ،‬هو إعطاء دور لشعبة‬ ‫املعلومات في قوى األمن الداخلي التي حت ّولت‬ ‫فتم التشكيك‬ ‫الى فرع من دون مسوغ قانوني‪ّ ،‬‬ ‫بوجود هذا الفرع‪ ،‬من قبل املعارضني في قوى ‪8‬‬ ‫آذار‪ ،‬الذين توجسوا من الدور الذي أوكل إليه‪،‬‬ ‫جلهة مراقبة ورصد كل القوى املعارضة واحلليفة‬ ‫لسوريا و”حزب اهلل”‪ ،‬وقد متّ رصد مبلغ ‪ 50‬مليون‬ ‫دوالر مع بداية توسيع عمله ومهامه في العام‬ ‫‪ ،2005‬وكان الفتا ً الرعاية األميركية والغربية‬ ‫لهذا اجلهاز األمني‪ ،‬الذي ُحصرت مهامه‬ ‫بالشأن األمني املتعلق بعناصر قوى األمن‪ ،‬كما‬ ‫هو دور األمن العسكري في قيادة اجليش‪ ،‬لكن مت‬ ‫االنحراف مبهام فرع املعلومات‪ ،‬ف ُرفع عديده الى‬ ‫حوالي ‪ 2500‬ضابط ورتيب وعنصر‪ ،‬وقد تخطى‬ ‫حدده القانون بحدود‬ ‫حجمه العددي الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتحكم مبفاصل‬ ‫املئة عنصر‪ ،‬وبات هذا الفرع‬ ‫احلياة السياسية واألمنية‪ ،‬في وقت كان يجري‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العمل على تقزمي دور مديرية اخملابرات في‬ ‫اجليش‪ ،‬التي كانت قوى ‪ 14‬آذار تنظر إليها على‬ ‫أنها لصيقة بـ “حزب اهلل”‪ ،‬عبر ضباط لهم‬ ‫عالقات مع احلزب ال سيما الشيعة منهم‪ ،‬وهو‬ ‫ما كان دائما ً موضع تشكيك من قبل اإلدارة‬ ‫األميركية ومعها “إسرائيل”‪ ،‬بأن ال ثقة باجليش‬ ‫الذي هو على تنسيق وتعاون مع املقاومة‪ ،‬وأنه‬ ‫من الصعوبة تغيير عقيدته القتالية‪ ،‬التي‬ ‫طرحت في بداية “انتصار ثورة األرز”‪ ،‬إذ سأل‬ ‫املسؤولون األميركيون عن تركيبة اجليش‪ ،‬ومن‬ ‫يسيطر على قراره‪ ،‬فتبينّ أن االجتاه الغالب فيه‬ ‫بني الضباط‪ ،‬هو التعاون مع املقاومة‪ ،‬وعدم‬ ‫التصادم معها‪ ،‬واإلبقاء على العالقة مع سوريا‪،‬‬ ‫لذلك كان تسليح اجليش‪ ،‬يرافقه أسئلة حول‬ ‫وجهة استخدام هذا السالح‪ ،‬وهل سيوجه‬ ‫الى “إسرائيل”‪ ،‬التي كانت تن ّبه من أن يقع بيد‬ ‫“حزب اهلل”‪ ،‬وقد اقتصر تزويده بأسلحة فردية‬ ‫وألبسة وأعتدة أقل من عادية‪ ،‬الى بعض ناقالت‬ ‫اجلند‪ ،‬ولم يرتفع التسليح الى مستوى احلصول‬ ‫على صواريخ أرض‪ -‬جو‪ ،‬أو طائرات حربية‪ ،‬أو‬ ‫مدافع ميدان‪ ،‬مما اضطر لبنان الى التوجه نحو‬ ‫دول أخرى للبحث عن تسليح‪.‬‬ ‫فمع التشكيك األميركي باجليش‪ ،‬كان‬ ‫التركيز على قوى األمن الداخلي‪ ،‬املوثوقة من‬ ‫قبل اإلدارة األميركية‪ ،‬كون قيادتها هي من‬ ‫فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬ويدين مديرها العام اللواء أشرف‬ ‫ريفي بالوالء السياسي لـ “تيار املستقبل”‪،‬‬ ‫وكذلك رئيس فرع املعلومات العميد وسام‬ ‫احلسن‪ ،‬وجرى اهتمام في هذا اجلهاز األمني‪،‬‬

‫‪20‬‬

‫وت ّولت اإلدارة األميركية تقدمي املساعدات له‪،‬‬ ‫وقامت بتدريب عناصر لقوى األمن‪ ،‬وجتهيزها‪،‬‬ ‫وكان مسؤولون أميركيون يحضرون تخريج‬ ‫دورات في بيروت وأميركا‪ ،‬حيث كشفت تقارير‬ ‫“ويكيليكس”‪ ،‬عن الدعم الذي قدمته اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬للمؤسسة األمنية‪ ،‬التي متّ رفع‬ ‫عديدها الى حوالي ‪ 25‬ألف عنصر‪.‬‬ ‫لقد حتو ّلت قوى األمن الذراع األمني لقوى ‪14‬‬ ‫آذار باملعنى السياسي‪ ،‬وفي ظل االنقسام بني‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬لهما توجهات وحتالفات مختلفة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فشكل هذا الواقع حالة من الفرز‪ ،‬رافقه تبادل‬ ‫االتهامات‪ ،‬التي وصلت‪ ،‬الى أن “حزب اهلل”‪ ،‬أعلن‬ ‫صراحة عن أنه لديه وثائق تدين فريق “ثورة األرز”‪،‬‬ ‫بتواطئه مع العدو اإلسرائيلي أثناء حرب متوز‬ ‫‪ ،2006‬وأنه أعطى معلومات حول أماكن تواجد‬ ‫فتم تدمير عدد من األبنية‪،‬‬ ‫قيادات من املقاومة‪ّ ،‬‬ ‫وقد خلق ذلك‪ ،‬عدم ثقة بني أطراف احلكومة‬ ‫الواحدة برئاسة فؤاد السنيورة التي كان “حزب‬ ‫اهلل” و”أمل” ممثلني فيها‪ ،‬وانسحبا منها‪ ،‬بعد‬ ‫توقف احلرب‪ ،‬على خلفية وقوف هذا الفريق‬ ‫السياسي الى جانب العدو‪ ،‬وكانت “حفلة‬ ‫الشاي” في ثكنة مرجعيون التي أقامها أحد‬ ‫ضباط قوى األمن الداخلي عدنان داوود لضباط‬ ‫إسرائيليني‪ ،‬منوذجا ً ملا يسميه “حزب اهلل”‬ ‫وحلفاؤه‪ ،‬التعاون مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬حيث‬ ‫كشفت تقارير “ويكيليكس” معلومات نقلتها‬ ‫السفارة األميركية‪ ،‬عن ما كان يطلبه قادة ‪14‬‬ ‫آذار حول ضرورة استمرار العدوان حتى تصفية‬ ‫“حزب اهلل” واستسالمه وتسليم سالحه‪.‬‬


‫فالتشكيك بدور قوى األمن الداخلي وفرع‬ ‫املعلومات فيها‪ ،‬كان أحد أسباب األزمة‬ ‫الداخلية التي عصفت بلبنان‪ ،‬وأدت الى‬ ‫اعتصام املعارضة‪ ،‬واملطالبة بالثلث الضامن‬ ‫من احلكومة‪ ،‬وكانت الدعوة الى حتييد هذه‬ ‫املؤسسة األمنية عن السياسة‪ ،‬بعد أن حت ّولت‬ ‫طرفا ً وباتت ترعى فريقا ً سياسياً‪ ،‬وتدعمه‪،‬‬ ‫وتؤمن له الغطاء األمني‪ ،‬وتقدم له املعلومات‬ ‫عن أطراف املعارضة‪ ،‬التي ز ُّج بعناصر منها في‬ ‫السجن ال سيما التوقيف السياسي للضباط‬ ‫األربعة جميل السيد‪ ،‬وعلي احلاج ورميون عازار‬ ‫ومصطفى حمدان‪ ،‬لالشتباه بهم أن لهم‬ ‫عالقة باغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬إضافة الى‬ ‫األسئلة التي ُطرحت حول دور فرع املعلومات‬ ‫بنقل عناصر من “عصبة األنصار” في مخ ّيم‬ ‫عني احللوة الى مخ ّيم نهر البارد وانضمامها‬ ‫الى “فتح اإلسالم”‪.‬‬ ‫وفي مواجهة ما كانت تواجهه قوى األمن‬ ‫وفرع املعلومات من تشكيك واتهامات‪ ،‬كان الرد‬ ‫من قوى ‪ 14‬آذار بأن احلملة عليهما‪ ،‬لها عالقة‬ ‫بتوصل فرع املعلومات الى كشف تورط عناصر‬ ‫من “حزب اهلل” باغتيال الرئيس رفيق احلريري من‬ ‫خالل رصد اتصاالت هاتفية لعبد اجمليد غملوش‪،‬‬ ‫وهو أحد مسؤولي “حزب اهلل” مع عناصر أخرى‬ ‫من احلزب‪ ،‬وهو ما س ّربته مجلة “ديرشبيغل”‬ ‫األملانية‪ ،‬حيث أشير الى أن الرائد وسام عيد‬ ‫وهو ضابط في فرع املعلومات واغتيل مطلع‬ ‫س ّلمت‬ ‫‪ ،2008‬توصل الى هذه املعلومات التي ُ‬ ‫الى جلنة التحقيق الدولية‪.‬‬ ‫يكتف فرع املعلومات بذلك بل كشف‬ ‫ولم‬ ‫ِ‬ ‫شبكات عمالء لـ “إسرائيل”‪ ،‬ومتّ اعتقال أفرادها‬ ‫وتفكيكها‪ ،‬وكان هذا العمل األمني‪ ،‬كرد على‬ ‫يقدم‬ ‫ما ألصق من اتهامات بالفرع‪ ،‬على أنه ّ‬ ‫معلومات الى “إسرائيل”‪ ،‬وقد لقي ما كشفه‬ ‫من عمالء‪ ،‬ثناء “حزب اهلل” وحلفاؤه‪ ،‬وفتح باب‬ ‫االتصاالت بني العميد احلسن ورئيس جهاز‬ ‫االرتباط واألمن في “حزب اهلل” وفيق صفا‪،‬‬ ‫والتنسيق بني الطرفني‪.‬‬ ‫في ظل هذا التجاذب السياسي حول قوى‬ ‫األمن وفرع املعلومات‪ ،‬يقع الصراع على وزارة‬ ‫الداخلية‪ ،‬التي أعطاها اتفاق الدوحة لرئيس‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬فاختار لها زياد بارود‪ ،‬وهو شخصية‬ ‫حيادية‪ ،‬وليس حزبياً‪ ،‬وناشط في اجملتمع املدني‪،‬‬ ‫ويدعو الى تطوير قانون االنتخاب‪ ،‬والى حتديث‬ ‫النظام السياسي‪ ،‬وقد جنح بارود في إجراء‬ ‫انتخابات نيابية في يوم واحد في كل لبنان‪ ،‬على‬ ‫قانون انتخابات لم يصيغه هو‪ ،‬بل اتفق عليه‬ ‫في الدوحة‪ ،‬على أساس قانون ‪ ،1960‬باعتماد‬ ‫القضاء‪ ،‬وهو ما يناقض اتفاق الطائف‪ ،‬لكن‬ ‫جرت التسوية إلعطاء املسيحيني االطمئنان‪.‬‬ ‫جنح بارود إدارياً‪ ،‬بإجراء االنتخابات النيابية عام‬

‫ّ‬ ‫يتمكن من‬ ‫‪ ،2009‬والبلدية عام ‪ ،2010‬لكنه لم‬ ‫أن يكون له القرار على قوى األمن الداخلي‪ ،‬التي‬ ‫ُمنع من إصالحها‪ ،‬إذ واجهه عدم انعقاد مجلس‬ ‫قيادتها خلالفات سياسية‪ ،‬إضافة الى أن اللواء‬ ‫ريفي‪ ،‬كان يقفز فوق صالحيات الوزير‪ ،‬ويتص ّرف‬ ‫كمرؤوس خارجا ً على القانون‪ ،‬مما اضطر بارود‬ ‫الى توجيه أكثر من رسالة لوم وتأنيب له‪ ،‬لكنه‬ ‫كان يصطدم أن مدير قوى األمن له مرجعية‬ ‫سياسية حتميه ومعه رئيس فرع املعلومات الى‬ ‫ضباط كبار آخرين‪ ،‬وإن الوزير بارود هو الوحيد‪،‬‬ ‫الذي ال مظلة سياسية له‪ ،‬وال مرجعية تؤمن‬ ‫له الغطاء‪ ،‬واملفترض أن يكون الرئيس سليمان‬ ‫سماه لوزارة الداخلية‪ ،‬فتركه يواجه “تيار‬ ‫الذي ّ‬ ‫املستقبل”‪ ،‬عندما كان يطلب من ريفي التزام‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫هذا الواقع في وزارة الداخلية‪ ،‬استغله “التيار‬ ‫الوطني احلر”‪ ،‬الذي فتح النار عليها‪ ،‬وعلى‬ ‫أجهزتها األمنية‪ ،‬وقد ارتفعت حدة االنتقادات‬ ‫بعد توقيف العميد فايز كرم‪ ،‬وهو أحد قياديي‬ ‫التيار‪ ،‬ومن املقربني من عون‪ ،‬بتهمة التعامل‬ ‫مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬والذي اعتبر أن هذا فيلما ً‬ ‫يركب لكرم للنيل منه‪ ،‬ومنعه من مهاجمة قوى‬ ‫األمن‪ ،‬وعندما حان وقت إسقاط حكومة سعد‬ ‫احلريري‪ ،‬وتسمية الرئيس جنيب ميقاتي‪ ،‬رأى عون‬ ‫أن الفرصة مناسبة‪ ،‬لتولي وزارة الداخلية أحد‬ ‫أعضاء “التيار الوطني احلر” أو أصدقائه‪ ،‬إلجراء‬ ‫إصالح فيها‪ ،‬لكن ميقاتي لم يوافقه‪ ،‬خوفا ً‬ ‫من كيدية سياسية‪ ،‬وهو ال ميكنه حتمل ذلك‪،‬‬ ‫أمام “طائفته السن ّية”‪ ،‬إذ أن املعنيني بالتغيير‬ ‫هما ريفي واحلسن‪ ،‬اللذين وضع الرئيس املك ّلف‬ ‫خطا ً أحمرا ً لتبديلهما‪ ،‬وقد أُسقط االتفاق‬ ‫يتضمن‬ ‫السوري‪ -‬السعودي‪ ،‬ألن احلريري أص ّر أن‬ ‫ّ‬ ‫بندا ً وهو حماية وجودهما في موقعهما‪ ،‬ولم‬ ‫تتم تلبية طلبه‪.‬‬ ‫من هنا فإن وزارة الداخلية‪ ،‬التي م ّثلت‬

‫‪21‬‬

‫عقدة أمام تشكيل احلكومة‪ ،‬وقد جرت‬ ‫محاوالت لتدوير الزوايا كلها‪ ،‬بعد أن أص ّر‬ ‫العماد عون عليها‪ ،‬وواجهه الرئيس سليمان‬ ‫بأنها من حصته‪ ،‬وسيعود إليها بارود‪ ،‬وقد‬ ‫وافقه الرئيس ميقاتي‪ ،‬ووقف “حزب اهلل” الى‬ ‫جانب عون‪ ،‬وتعقّ دت األمور‪ ،‬فطرحت تسويات‬ ‫أن يتوالها أحد الضباط‪ ،‬أو أن يسمي سليمان‬ ‫شخصية أو أكثر ويوافق عليها عون‪ ،‬كما متّ‬ ‫التداول باقتراح‪ ،‬املداورة في احلقائب‪ ،‬بحيث‬ ‫تخرج من التوزيع الطائفي واملذهبي احلالي‪،‬‬ ‫إال أن هذه األفكار‪ ،‬دارت في حلقة مفرغة‪،‬‬ ‫حيث رأى البعض أن املشكلة ليست داخلية‬ ‫بل خارجية‪ ،‬وأن عقدة الداخلية ليست شأنا ً‬ ‫داخلياً‪ ،‬وأن اإلدارة األميركية‪ ،‬ال تريد أن تقع في‬ ‫يد عون حليف “حزب اهلل” وسوريا‪ ،‬فيصبح‬ ‫القرار األمني في لبنان‪ ،‬مع هذا الفريق‬ ‫املناهض للسياسة األميركية‪ ،‬ويعيد عقارب‬ ‫الساعة الى الوراء‪ ،‬الى مرحلة النظام األمني‬ ‫اللبناني ‪ -‬السوري املشترك‪ ،‬وهو ما ترفضه‬ ‫اإلدارة األميركية‪ ،‬بحيث أبلغ مساعد وزيرة‬ ‫اخلارجية األميركية لشؤون الشرق األدنى‬ ‫جيفري فيلتمان‪ ،‬الرئيس ميقاتي أن إدارته ال‬ ‫توافق أن تكون الداخلية مع عون‪ ،‬وأن تبقى مع‬ ‫الرئيس سليمان‪ ،‬وأن ثمة قلق وخوف عند قوى‬ ‫‪ 14‬آذار من اإلمساك بالقرار األمني‪ ،‬من قبل‬ ‫قوى املعارضة السابقة‪ ،‬ويصبحون دون غطاء‬ ‫أمني‪ ،‬ومكشوفني أمنياً‪ ،‬وهو ما ع ّبر عنه‬ ‫النائب عقاب صقر‪ ،‬وأنه سيتم التصدي في‬ ‫الشارع لهذا املوضوع‪ ،‬إذا أسندت الداخلية‬ ‫الى عون‪.‬‬ ‫فوزارة الداخلية‪ ،‬ليست عقدة داخلية فقط‪،‬‬ ‫بل مسألة دولية‪ ،‬ألن لها عالقة مبن ميلك القرار‬ ‫األمني في لبنان‪.‬‬

‫زهير العياش‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫«حزب التوحيد العربي»‬ ‫في عامه الخامس‬ ‫وهاب‪ :‬من التأسيس‬ ‫إلى بناء المؤسسة‬

‫سوريا تعبر المؤامرة‬ ‫وشعبها يمانع التخريب‬

‫أميركا تحرِّك‬ ‫«إخوانها»‬

‫العودة‬ ‫إلى فلسطين حق‬

‫الغالف‬

‫لهذه األسباب يتآمرون على سوريا‪!...‬‬ ‫يبدو أننا نعيش زمنا ً نعاني به ومعه تُخمة من‬ ‫املصطلحات حتى حدود التقيؤ‪ ،‬فهذا مصطلح‬ ‫الشرق األوسط الذي ولد في القرن املاضي على‬ ‫أيدي الفرنسيني والبريطانيني ليكون بديالً عن‬ ‫املشرق العربي‪ ،‬أخذ ُحل ًة جديدة وبات يُعرف بالشرق‬ ‫األوسط اجلديد حيث شاع خبره مع تفاقم الهجمة‬ ‫األميركية البوشية وما تالها من تداعيات على‬ ‫الوطن العربي املضرج بدمائه‪.‬‬ ‫ولعل املتابع للمشاهد املتتالية من أفغانستان‬ ‫إلى العراق ‪ ...‬يالحظ القدرة الترويجية الهائلة‬ ‫للدعاية واإلعالم املوجه الذي ميهد لعمل عسكري‬ ‫ميداني‪ ،‬وألن الهدف األميركي اليوم هو سوريا التي‬ ‫لن تتغير لكنها حتما ً ستضاعف مقاومتها‪.‬‬ ‫اعتبرت اإلدارة األميركية أنها قادرة على‬ ‫ضرب العمود الفقري ملا تبقى من األمة العربية‬ ‫املنقسمة على نفسها عبر إنزال ضربات قاسية‬ ‫باجلسم العربي السوري املمانع وإرغام قيادته على‬ ‫توقيع إتفاق استسالم بشروط صهيونية ومبباركة‬ ‫أميركية‪ ،‬تكون فيه جزيرة قطر وإخوانها أشباه‬ ‫الدول اخلليجية الراعي الرسمي إلخراج سوريا من‬ ‫خط املقاومة إلى نهج اإلعتدال املقنّع الذي يخفي‬ ‫الذل والهوان والتنازل عن احلقوق والكرامات‪.‬‬

‫آلية احلرب على سوريا‬ ‫إستغل الغرب مجموعة اإلنتفاضات الشعبية‬ ‫التي جتتاج اجملتمع العربي لتؤسس حلالة نفسية‬ ‫عال جدا ً بالبنية‬ ‫تتقبل التغ ّير وتؤثر بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫اإلجتماعية واحلراك الشعبي وتركب فلك موجة‬ ‫التغيير حتت عناوين ومسميات ظاهرها حق‬ ‫وفعلها باطل‪ ،‬فروجت املاكينة اإلعالمية األميركية‬ ‫أفكار القتل والتخريب والتحريض املذهبي‪ ،‬وعملت‬ ‫على تأليب جماعاتإسالمية متطرفة على النظام‬ ‫السوري العلماني الوحيد في املنطقة مستخدمة‬ ‫لهذا الفعل جتنيد مجموعة من احملطات اإلعالمية‬ ‫(اجلزيرة – العربية ‪ ...‬وبعض اجملالت والصحف وشراء‬ ‫ضمائر بعض الكتاب ومنتحلي صفة مفكرين‬ ‫«عرب» وشهود زور (عيان) وإطالق فتاوى على غرار‬ ‫ما فعله الشيخ يوسف القرضاوي مستخدمني‬ ‫كل الوسائل النفسية املدروسة بعناية فائقة‬ ‫في أروقة اإلستخبارات األميركية صاحبة اخلبرة‬ ‫بهذا النوع من احلرب مستهدفني الورقة األقوى‬ ‫من أوراق القدرة السورية النوعية أال وهي (الوحدة‬ ‫الوطنية) وقد استفاد العدو من نقاط الضعف‬ ‫املوجودة في اإلعالم السوري الذي لم يتعود على‬ ‫هذا النوع من احلروب القاسية واملفاجئة‪ ،‬وقلة من‬ ‫ضعاف النفوس واخلارجني عن القانون (اجملرمني)‪،‬‬ ‫إال أن تأثيرات وتداعيات هذه احلرب بالرغم من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫خطورتها وصعوبتها لم تستطع النيل من ثقافة‬ ‫الشارع السوري بتكويناته الطائفية والسياسية‬ ‫ّ‬ ‫شكل عبر التاريخ احلاضن األساسي للفكر‬ ‫ألنه‬ ‫الوحدوي القومي العربي والرافع األقوى ملشاريع‬ ‫َّ‬ ‫يتخل‬ ‫التحرر ومقاومة الغزاة والطامعني ولم‬ ‫عن رؤى ونهج حافظ األسد املستند الى عقيدة‬ ‫القومية العربية والدولية املدنية‪ ،‬ولن تترك‬ ‫أخالقيات وأدبيات ثورة آذار التي ازدهرت في عهد‬ ‫الدكتور بشار األسد وجت ّلت بأروع صورها نحو‬ ‫اإلنفتاح والتعددية واحلوار واملَأسسة‪ ،‬فكانت املدن‬ ‫واحملافظات الكبرى مثل حلب ‪ 6‬مليون نسمة‬ ‫ودمشق وريفها ‪ 8‬مليون والسويداء ‪ 800‬ألف ودرعا‬ ‫وريفها أكثر من مليون ودير الزور وطرطوس والرقة‬ ‫‪ 400000‬والالذقية وبانياس وحمص وحماه وتضم‬ ‫أكثر من ‪ 5‬ماليني كلها مع الرئيس األسد صاحب‬ ‫املدرسة املقاومة واملمانعة‪ ،‬وأن َمن حت ّركوا‪ ،‬هم‬ ‫بضع مئات في بعض احملافظات‪ ،‬يستغ ّلون صالة‬ ‫اجلمعة من كل أسبوع للتح ّرك في مساحة ضيقة‬ ‫أمام اجلوامع‪.‬‬ ‫وكان هناك تقدم واضح حملافظة السويداء التي‬ ‫تقطنها األغلبية من املوحدين الدروز ونسبة جيدة‬ ‫من املسيحني الذين اعتبروا أنهم مستهدفون‬ ‫في مشروعهم الوطني والقومي الرافض للفتنة‬ ‫وتفتيت اجملتمع‪ ،‬وكذلك في وجودهم باعتبارهم‬ ‫أقليات ال تتعايش مع األنظمة الرجعية والدينية‬ ‫اخملتلفة‪ ،‬مما جعل التوازنات الداخلية جميعها‬ ‫تصب في مصلحة املشروع الوطني والقومي وفي‬ ‫املقدمة أبناء الطائفة السنية املنفتحني الثورين‬ ‫والعروبني‪ ،‬وهذا ما استدعى لالنتقال للمرحلة‬ ‫الثانية من اخلطة املرسومة بدقة من اخملابرات‬ ‫األميركية ‪ -‬اإلسرائيلية – وبعض الدول العربية‬

‫‪22‬‬

‫واإلقليمية وأدواتهم الصغيرة وعلى وجه الذكر ال‬ ‫احلصر “تيار املستقبل اللبناني وقطر وغيرهم”‪.‬‬

‫حرب الدم‬ ‫قامت مجموعات وخاليا إرهابية مسلحة‬ ‫ومجهزة بأحدث األسلحة القادمة من لبنان واألردن‬ ‫وتركيا بتجنيد عدد كبير من املرتزقة من مختلف‬ ‫املناطق معتمدة على التحريض املذهبي وإستغالل‬ ‫اجلهل وغسل األدمغة في اجلوامع من قبل مشايخ‬ ‫الفتنة‪.‬‬ ‫إتخذت اجملموعات الفتنوية والتخريبية من‬ ‫اجلوامع مالذا ً ومنطلقا ً للقيام بأبشع أنواع اجلرائم‬ ‫بحق اجليش العربي السوري وقواه األمنية وترويع‬ ‫املدنيني والتشويه بحثث الشهداء حسب احملافظة‬ ‫التي ينتمون إليها أو املذهب الذي يعتنقونه‪.‬‬ ‫كان الهدف من اتخاذ اجلوامع مركزا ً رئيسيا ً‬ ‫للمجموعات اإلرهابية هو إعطاء البعد الطائفي‬ ‫للمعركة‪ ،‬واستغالل حرمة املقدسات باعتبار أن‬ ‫اجليش لن يدخل إليهم وإذا فعلها سوف تقوم‬ ‫الدنيا عليه‪.‬‬ ‫لكن هذه احلرب لم تنفع مع وعي الشعب السوري‬ ‫وجيشه العقائدي فتحول العطف اإلجتماعي‬ ‫السياسي لصالح اجليش والرئيس‪ ،‬وهذا ما ع ّبر‬ ‫عنه اجملتمع السوري بأسره عندما طلب تدخل‬ ‫اجليش وضرورة احلسم وضرب اإلرهابيني بقوة‪.‬‬ ‫الزم حرب الدعاية والدم‪ ،‬موجة إشاعات كان‬ ‫آخره تقرير وكالة الطاقة الذرية‪ ،‬حول إحتمال‬ ‫أن يكون “املوقع املشبوه” الذي قصفته الطائرات‬ ‫اإلسرائيلية في سوريا مفاعالً نووياً‪ ،‬واستعمال‬ ‫مؤسسات الوصاية الدولية للتهويل والتهديد‬


‫إلرغام الرئيس األسد على املوافقة على سلة‬ ‫الشروط اإلسرائيلية‪ ،‬إال أن بشار حافظ األسد الذي‬ ‫ال يساوم راهن على‪:‬‬ ‫‪ – 1‬الوعي السياسي اإلجتماعي الذي مي ّيز‬ ‫الشعب العربي السوري‪.‬‬ ‫‪ – 2‬إمساك سوريا ملفاتيح لعبة االستقرار‬ ‫اإلقليمي‪.‬‬ ‫‪ – 3‬وقوف مجموعة كبيرة من الدول واألحزاب‬ ‫واملؤسسات إلى جانب احلق السوري‪.‬‬ ‫‪ – 4‬تقاطع املصالح السورية – الروسية في احلرب‬ ‫على اجلماعات األصولية – اإلنفصالية املدعومة من‬ ‫اإلستخبارات األميركية والسعودية‪.‬‬

‫الصراع اإلستخباري السعودي –‬ ‫الروسي من القوقاز إلى لبنان‬ ‫وأ ّدى تو ّرط اخملابرات السعودية في الشأن الداخلي‬ ‫يهدد لبنان في املزيد من‬ ‫اللبناني الذي أصبح‬ ‫ّ‬ ‫املواجهات االستخبارية والعمليات السرية املتوقع‬ ‫حدوثها خالل الفترة القادمة على خلفية توتر‬ ‫العالقات واملواجهات على خط موسكو – دمشق‬ ‫– طهران من جهة وواشنطن وحلفائها من جهة‬ ‫أخرى وال سيما أنه وبعد ّ‬ ‫تفكك اإلحتاد السوفياتي‬ ‫حيث سعت احلركات الوهابية السعودية واحلكومة‬ ‫السعودية إلى دعم احلركات اإلنفصالية الس ّن ّية‬ ‫املنتشرة في مناطق عبر القوقاز‪ ،‬وذلك جلهة‬ ‫مساعدتها ودعمها في اإلنفصال عن روسيا‬ ‫وتكوين دول أو إمارات إسالمية وعلى وجه اخلصوص‬ ‫في مناطق الشيشان وأنفوشيا وداغستان وأداييجا‬ ‫الشركسية وتقول املعلومات أن مخطط إنفصال‬ ‫هذه املناطق هو باألساس مخطط وضعته وكالة‬ ‫اخملابرات املركزية األميركية ودفعت به اإلدارة‬ ‫األميركية للسلطات السعودية لكي تقوم‬ ‫باإلشراف على متويله وتنفيذه وفقا ً للمخطط‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬بسبب احلمالت العسكرية الروسية ضد‬ ‫مناطق القوقاز الشمالي تدهورت أوضاع امليليشيات‬ ‫اإلسالمية املسلحة‪ ،‬وأصبحت اخملابرات السعودية‬ ‫ووكالة اخملابرات األميركية تسعى جاهدة من أجل‬ ‫البحث عن املالذات اآلمنة لها‪.‬‬

‫لبنان‪ :‬املالذ السعودي اآلمن‬ ‫للشيشان‬ ‫تقول التسريبات أن اخملابرات السعودية لعبت‬ ‫دورا ً تنسيقياُ في القيام باستخدام الساحة‬ ‫اللبنانية كمالذ آمن للعناصر الشيشانية وتقول‬ ‫التسريبات أيضا ً أن وكالة اخملابرات املركزية‬ ‫األميركية تعاونت مع اخملابرات السعودية‪ ،‬وتشير‬ ‫اإلستنتاجات والتوقعات إلى أن لبنان سيشهد‬ ‫مواجهة سرية بني اخملابرات الروسية من جهة‬

‫واألميركية والسعودية من جهة أخرى إضافة إلى‬ ‫أن تيار املستقبل وزعيمه سعد احلريري وزعماء‬ ‫احلركات األصولية السنية اإلسالمية سيكونون‬ ‫متورطني بالضرورة في توفير املالذ اآلمن للعناصر‬ ‫القوقازية طاملا أن احلريري وبقية زعماء السنّة قد‬ ‫درجوا على القيام بدور البروكسي السعودي داخل‬ ‫الساحة السياسية اللبنانية!‬

‫املوقف اإلقليمي‬ ‫لم ينقطع حلم إعادة إقامة اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية يوما ً عند األتراك الذين حكموا األمة‬ ‫عام تقريباً‪ ،‬وهذا‬ ‫العربية حتت غطاء اإلسالم ‪ٍ 400‬‬ ‫احللم بحاجة إلى بوابة يعبرون من خاللها ملشاعر‬ ‫العرب واملسلمني‪ ،‬فكانت غزة البوابة اإلعالمية‪،‬‬ ‫وسوريا البوابة الفعلية على املستوى امليداني –‬ ‫العسكري والسؤال املطروح‪ :‬ملاذا تسمح الواليات‬ ‫املتحدة لتركيا بلعب هذا الدور اإلقليمي املنافس‬ ‫لها في نهب خيرات األمة؟‬ ‫تبدو اإلجابة سهلة كون اإلدارة األميركية تبحث‬ ‫عن دولة دينية “س ّن ّية “ تضعها مبواجهة اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية مستفيدة من الطائفية‬ ‫واملذهبية العربية املتخ ّلفة‪ ،‬فكان الدور التركي‬ ‫املشبوه والراعي لإلخوان املسلمني واملدافع عنهم‬ ‫واحلاضن ملؤمتراتهم ضد سوريا‪.‬‬ ‫نسي أمرا ً مهما ً في لعبة‬ ‫لكن السيد أردوغان‬ ‫ّ‬ ‫شد احلبال مع شبل تربى مع أسده على حنكة‬ ‫ودقة هذا النوع من األلعاب ومدى اإلمكانية‬ ‫السورية في ضمان استقرار أو زعزعة املنطقة‬ ‫بأسرها‪ ،‬ولم يتن ّبه أردوغان أن أنظار حزب العمال‬ ‫الكردستاني تتجه إلقامة حلمهم الكبير بدولة‬ ‫ذات كيان مستقل‪ ،‬ووحدها سوريا قادرة على شد‬ ‫حبال هذه اللعبة كيفما تشاء وأخذ النصيحة‬ ‫بعدم التدخل بعرين األسود‪.‬‬ ‫كما أن الكيان الصهيوني يتربص لإلنقضاض‬ ‫على النظام السوري العلماني املقاوم والداعم‬ ‫الرئيسي جلميع حركات املقاومة والتحرر‪ ،‬إال أن‬

‫‪23‬‬

‫ساسة العدو يعرفون جيدا ً مخاطر ومحاذير‬ ‫اللعب في الوقت الضائع‪ ،‬ألن لدى القيادة السورية‬ ‫مجموعة كبيرة من األوراق التي حتتفظ بها للحظة‬ ‫الصفر التي أتُخذ القرار فيها‪ ،‬لكن موعدها لم‬ ‫يحدد‪ ،‬وقد يضطر األسد لتحديده بشكل مفاجىء‬ ‫ّ‬ ‫مما يقلب الطاولة في منطقة الشرق األوسط‪.‬‬ ‫إن الزحف اجلماهيري – الشعبي العفوي نحو‬ ‫ّ‬ ‫يشكل وبال‬ ‫فلسطني احملتلة واجلوالن وجنوب لبنان‬ ‫شك رسالة واضحة املعالم للعدو وللكالم بعد ‪5‬‬ ‫حزيران ‪.2011‬‬

‫امللف األميركي في العراق‬ ‫ّ‬ ‫ويشكل الوجود العسكري األميركي في العراق‬ ‫خطرا ً شديدا ً على أمن واسقرار منطقة الشرق‬ ‫األوسط كونه إحتالال ً عسكريا ً مباشرا ً ألرض عربية‪،‬‬ ‫ولعل اخلالف اجلوهري بني األسد واإلدارة األميركية‬ ‫يكمن في رفض األسد لشرعنة إحتالل العراق كما‬ ‫فلسطني ودعمه للمقاومة العراقية الباسلة‪.‬‬ ‫وهنا يسأل البعض هل تستطيع اإلدارة األميركية‬ ‫حتمل تداعيات حربها على سوريا؟ إن اللبيب من‬ ‫أن ّ‬ ‫اإلشارة يفهم وعودة العمليات العسكرية ضد‬ ‫اجليش األميركي بداية نهاية املشروع املنهار أصالً‪.‬‬ ‫لقد جتاوزت سوريا أكثر من ‪ % 70‬من األزمة‪ ،‬لكن‬ ‫األكيد أن احلرب على سوريا لم تتوقف يوما ً ولن‬ ‫تتوقف‪ ،‬وسنشاهد خالل األسابيع القادمة حتركا ً‬ ‫دوليا ً من خالل احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان‪،‬‬ ‫ووكالة الطاقة الذرية ومجلس حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫إضافة إلى حصار اقتصادي‪ ،‬وتشويه إعالمي‪.‬‬ ‫وحتى تستطيع سوريا فرض شروطها في مكان‬ ‫ما ستغ ّير قواعد اإلشتباك وهنا ال بد من التأكيد‬ ‫أن النصر على املشروع األميركي – اإلسرائيلي –‬ ‫اخلليجي حتمي والوقت كفيل بإظهار صوابية‬ ‫خياراتها باملقاومة واملمانعة‪.‬‬

‫ماهر سري الدين‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫«حزب التوحيد العربي»‬ ‫في عامه الخامس‬ ‫وهاب‪ :‬من التأسيس‬ ‫إلى بناء المؤسسة‬

‫سوريا تعبر المؤامرة‬ ‫وشعبها يمانع التخريب‬

‫أميركا تحرِّك‬ ‫«إخوانها»‬

‫العودة‬ ‫إلى فلسطين حق‬

‫الغالف‬

‫سوريا أفشلت المؤامرة‬

‫سوريا قلب العروبة‪ ،‬هذا القلب ينبض اليوم‬ ‫بالعروبة احلقيقية وفي التمسك بكل اإلجنازات‬ ‫العظيمة التي حتقّ قت عبر عقود من العمل‬ ‫املتواصل والهادف‪ ،‬وألن اإلنسان هو الغاية‬ ‫األسمى‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ركزت القيادة السورية على عملية‬ ‫بناء اإلنسان القادر الواعي امللتزم بقضايا وطنه‬ ‫وأمته حتى غدت سوريا قلعة شامخة من قالع‬ ‫املقاومة واملمانعة في هذه األمة‪ ،‬وألن الثورة‬ ‫كما نفهم هي عملية تغيير شاملة في جميع‬ ‫النواحي السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬ ‫لذلك استطاعت سوريا أن تكون رقما ً صعبا ً‬ ‫في املنطقة‪ ،‬يعول عليها املواطن العربي للحفاظ‬ ‫على كرامته وحتقيق تطلعاته والتمسك بالثوابت‬ ‫الوطنية القومية ومواجهة التحديات‪.‬‬ ‫لقد أثبتت األحداث صحة املسار واملسيرة‪ ،‬رغم‬ ‫أنف األعداء واملتربصني‪ ،‬وما هذه الهجمة التي‬ ‫تستهدف سوريا إال شهادة على عظمة الوطن‬ ‫واألمة‪ ،‬ولكن سوريا متضي في حتقيق اإلجنازات‪،‬‬ ‫وعملية اإلصالح هي رزمة متكاملة تقوي سوريا‬ ‫وال ترضي أعداءها‪.‬‬ ‫ال أحد ينكر أن سوريا موطن لنمو دميغرافي‬ ‫كبير‪ ،‬زاد من أعداد الفئات الشابة إلى حدود‬ ‫‪ % 60‬من مجموع الشعب‪ ،‬وباملقابل فإن ورشة‬ ‫اإلصالح وخلق فرص العمل بدأت منذ فترة وهي‬ ‫تسير في االجتاه الصحيح‪ ،‬ومت التأكيد عليها من‬ ‫خالل املراسيم التي أصدرها الرئيس بشار األسد‬ ‫والقت قبوال ً وترحيبا ً كبيرا ً من الشعب السوري‪.‬‬ ‫يحاول أعداء وخصوم سوريا احلديث عن‬ ‫العروبة اجلامعة احلديثة العهد ويتحدثون عن‬ ‫توحد الشباب واألكبر سنا ً في أنحاء املنطقة‬ ‫ّ‬ ‫عبر التطلعات واملطالب واحلرية السياسية‬ ‫والفرص االقتصادية والكرامة وتكوين حس‬ ‫اجلماعة‪ ،‬ويتحدثون عن االحتاد بني الشعوب‬ ‫وهذه كلها مطالب حقه‪ ،‬ولكنهم ال يريدون‬ ‫ذلك فعالً‪ ،‬وما حديثهم عن العروبة الشعبية‬ ‫إال لذر الرماد في العيون لتعمية املواطن العربي‬ ‫مما يجري تسويقه‪ ،‬وهم يقولون إن العروبة‬ ‫السياسية منيت بالفشل؟ وهم يتحدثون‬ ‫عن التضامن العربي بلغة مستوردة من عرب‬ ‫االعتالل “االعتدال” وهم ينسون بأن الثروة‬ ‫النفطية ليست ملك طبقة مميزة من العرب‪،‬‬ ‫بل ملك كافة العرب وبأنه يجب تقاسمها في‬ ‫أنحاء الوطن العربي الكبير‪ ،‬وهم يتحدثون عن‬ ‫الكرم العربي‪ ،‬وأموال نفطهم تذهب خلدمة‬ ‫الدول االستعمارية‪.‬‬ ‫لقد ناضل اآلباء واألجداد من أجل التحرر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من القوى االستعمارية منذ حوالي قرن من‬ ‫الزمن‪ ،‬ورأى البعض في انهيار اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية فرصة لليقظة الوطنية فتم رفع‬ ‫املطالب املنادية باحلرية وتقرير املصير وبالوحدة‪،‬‬ ‫إال أن القومية العربية احلديثة العهد آنذاك‬ ‫متّ محاربتها بشراسة من قبل الطموحات‬ ‫االمبريالية لبريطانيا وفرنسا‪ ،‬والسعي إلى‬ ‫تلبية طلب احلركة الصهيونية بإقامة الكيان‬ ‫الصهيوني على أرض فلسطني العربية‪.‬‬ ‫وحتاول القوى االستعمارية اليوم إعادة‬ ‫السيناريو من جديد ولكن هذه املرة بأدوات‬ ‫محلية (عربية) مرتبطة باألجندة واملشروع‬ ‫األميركي املتصهني وحتت عناوين خادعة تقول‪،‬‬ ‫إن اجملتمع العربي يختبر حلظة جتدد ملهمة‪،‬‬ ‫ويحرضون لإلطاحة بكافة اإلجنازات التي حتققت‬ ‫وغايتهم حماية الكيان الصهيوني واستمرار‬ ‫عملية النهب لثروات الوطن العربي‪.‬‬ ‫إن املشاريع األميركية واألوروبية هي مشاريع‬ ‫قائمة على إلغاء منطق استعادة حقوق‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬حتت شعار قدسية‬ ‫“السالم” واتفاقياته‪ ،‬وكذلك تأييد التبعية‬ ‫لالقتصاد الليبرالي اجلديد‪ ،‬وبشكل خاص اعتبار‬ ‫السيطرة على الثورة العربية حتديدا ً النفط‪،‬‬ ‫وكأنه حق للواليات املتحدة وأوروبا‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تقدمي الدميقراطية وكأنها سلعة خارجية يجري‬ ‫بيعها مقابل السيطرة على النفط وأولوية امن‬ ‫“إسرائيل” وتفوقها‪ ،‬ومن هنا يبدو االحتضان‬ ‫االستعماري ألنظمة االستبداد في اخلليج‬ ‫العربي‪ ،‬وحتالف هذه األنظمة مع مفاعيل‬ ‫املشروع األميركي واألوروبي‪ ،‬ولتمرير ذلك‪ ،‬نرى‬ ‫كيف تشن احلملة املسعورة ضد سوريا التي‬ ‫متثل العقبة أمام مترير تلك املشاريع‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫أبعاد ما تشهده سوريا احلاضنة‬ ‫للمقاومة‬ ‫سوريا العروبة‪ ،‬حاضنة املقاومة والصامدة‬ ‫واملتمسكة بالثوابت الوطنية والقومية‪ ،‬يتم‬ ‫استهدافها مبخطط جهنمي تخريبي‪ ،‬وهي‬ ‫استطاعت كشف خيوطه وأدواته‪ ،‬وهي تتعامل‬ ‫اليوم بحكمة ومرونة تامة مبا يحقق الفرز بني‬ ‫اإلصالحيني احلقيقيني ومشعلي الفنت واحلروب‬ ‫واملرتبطني باخلطة األميركية – الصهيونية‪،‬‬ ‫وبعض (العرب) الذين قدموا املال والسالح واإلعالم‬ ‫والفتاوى بسخاء‪.‬‬ ‫إن خطة إضعاف سوريا واستنزافها أو إغراقها‬ ‫في حالة من الفوضى والتآكل الداخلي قد‬ ‫منيت بالفشل الذريع وأبعاد هذا اخملطط كانت‬ ‫تستهدف فتح الطريق أمام “إسرائيل” الستعادة‬ ‫زمام املبادرة في مجابهة املقاومة اللبنانية وشن‬ ‫احلرب التي باشر الكيان الصهيوني بجميع‬ ‫مستوياته التحضير لها منذ سنوات للتخلص‬ ‫من “حزب اهلل” اللبناني وقدراته التي أحلقت‬ ‫الهزمية بـ “إسرائيل” في حرب ‪.2006‬‬ ‫وفي ظل النزيف السوري املفترض‪ ،‬ستكون‬ ‫“إسرائيل” أمام إغراء كبير يدفعها للمغامرة‬ ‫الستهادف املقاومة اللبنانية‪ ،‬على افتراض أن‬ ‫سوريا ستكون مشغولة في األحداث الداخلية‬ ‫وعاجزة عن أداء دور فاعل في إسناد املقاومة‪،‬‬ ‫يضاف إلى ذلك ما سيتبع من تداعيات داخلية‬ ‫وتغيير في املعادالت‪.‬‬ ‫إن جناح اخملطط الذي يستهدف سوريا أو‬ ‫تعطيلها على صعيد الصراع العربي اإلسرائيلي‬ ‫ستنتج عنه حالة سياسية جديدة‪ ،‬تسهل‬ ‫على العدو الصهيوني االستفراد بالعامل‬


‫الفلسطيني وإرغامه للقبول بتسوية تضمن‬ ‫شطب حق العودة وتأكيد هيمنة “إسرائيل” على‬ ‫كافة املنطقة‪.‬‬ ‫وبعض مؤشرات ما يتم طبخه من مشاريع‬ ‫أميركية‪ ،‬هناك حديث عن صفقة بني الواليات‬ ‫املتحدة والتنظيم العاملي لإلخوان املسلمني‬ ‫قوامها االعتراف بـ “إسرائيل” وقبول التسوية‬ ‫املفترضة مقابل تعومي التنظيم سياسيا ً في البالد‬ ‫العربية واعتماده كقوة شريكة في السلطة من‬ ‫قبل الواليات املتحدة والغرب‪.‬‬ ‫وبخالف ما يخططون فإن انتصار سوريا على‬ ‫اخلطة األميركية – الصهيونية سيعني دعما ً‬ ‫جديدا ً للمقاومة وسيمنع تصفية القضية‬ ‫الفلسطينية كما سيدفع “إسرائيل” للتردد قبل‬ ‫اإلقدام على مغامرة تستهدف لبنان ومقاومته‪.‬‬ ‫سوريا العربية هي قلب املقاومة في أمتنا وهي‬ ‫احلاضن للقضية الفلسطينية‪ ،‬كانت والتزال‬ ‫عصية على اإلخضاع وقد شكلت سدا ً منيعا ً‬ ‫في وجه فصول اتفاقية كامب ديفيد وأفشلتها‪،‬‬ ‫ومنعت هيمنة “إسرائيل” على املشرق العربي‬ ‫حتت عناوين النظام اإلقليمي اجلديد للشرق‬ ‫األوسط بأشكاله اخملتلفة‪.‬‬

‫اإلصالح بوصفة وطنية وقومية‬ ‫إن بعض دعاة اإلصالح وأصحاب املواعظ‬ ‫في الداخل واخلارج ال فضل لهم على سوريا‪،‬‬ ‫وهؤالء اتخذوا من اإلصالح ستارا ً لتمييع املواقف‬ ‫وللتهرب من إدانة مخطط التخريب بقصد أو‬ ‫من غير قصد‪ ،‬أما اإلصالح احلقيقي هو الذي بادر‬ ‫إليه الرئيس بشار األسد‪ ،‬وهو املصمم على إجنازه‬ ‫من أجل شعبه وليس السترضاء قريب أو بعيد‪،‬‬ ‫وسوريا ستكون مع التحديث والتجديد والتقومي‬ ‫أقوى وأشد مناعة من خيارها املقاوم وبوصفات‬ ‫وطنية وقومية‪.‬‬ ‫إن قرار إجراء إصالحات سياسية نوعية‪ ،‬هو‬ ‫خطوة ثورية وفق املعايير الوطنية السورية‪،‬‬ ‫فإلغاء قانون الطوارئ يعني العودة إلى العمل‬ ‫وفق القانون املدني كناظم للعالقات السياسية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬وكذلك سيؤدي وضع قانون جديد‬ ‫لألحزاب إلى خلق حراك حزبي وسياسي في‬ ‫اجملتمع‪ ،‬يدفع األحزاب احلالية إلى إعادة جتديد‬ ‫نفسها‪ ،‬على املستوى النظري والعملي‪ ،‬األسئلة‬ ‫كثيرة والقضية األهم التمسك بالثوابت الوطنية‬ ‫والقومية ودعم املقاومة كخيار استراتيجي‬ ‫لتحقيق األهداف‪ ،‬والتحديات تتمثل في كيفية‬ ‫جتسيد أي قرارات تتخذ على أرض الواقع وحتويلها‬ ‫إلى حياة سياسية تخترق الوجدان االجتماعي‬ ‫وتنعكس في املمارسة اليومية لألفراد‬ ‫واملؤسسات‪ ،‬واالنفتاح املدني والسياسي جتاه‬ ‫العمل االجتماعي يخلق وعيا ً سياسيا ً ال يلبث‬ ‫أن يتحول إلى ثقافة سياسية وهذه الثقافة‬

‫تصقلها التجارب اليومية ومن خالل املشاركة‬ ‫السياسية الفعالة ألفراد اجملتمع‪.‬‬ ‫متر سوريا اليوم باستحقاق كبير‪ ،‬وقد يكون‬ ‫األهم واألخطر من تاريخها‪ ،‬استحقاقا ً له ما قبله‬ ‫وما بعده‪ ،‬وسوريا ستنجح لتكون دائما ً النموذج‬ ‫األمثل ألن خياراتها الوطنية والقومية واضحة‪.‬‬ ‫إن رفع حالة الطوارئ لم يكن اإلجناز الوحيد‪،‬‬ ‫وهناك املراسيم األربعة التي أصدرتها القيادة‪،‬‬ ‫تلغي محكمة أمن الدولة العليا‪ ،‬وتنظم حق‬ ‫التظاهر السلمي‪ ،‬وبدأت عملية اإلعداد لورشة‬ ‫تشريعية متطورة وتعزيز مناخ احلريات على‬ ‫أكثر من صعيد‪ ،‬عجلة اإلصالح بدأت تدور‪ ،‬وهي‬ ‫لن تتوقف‪ ،‬وسوف تكون أكثر عمقا ً واتساعا ً مما‬ ‫يطالب به احملتجون‪ ،‬على الصعيدين السياسي‬ ‫واالقتصادي كما على الصعيد االجتماعي‪،‬‬ ‫وبالقدر الذي تسمح به الظروف السورية‬ ‫واإلقليمية‪ ،‬وإمكانات سوريا احلقيقية‪ ،‬وفي هذا‬ ‫السياق يندرج قانون األحزاب اجلديد وقانون اإلعالم‪،‬‬ ‫واحلكومة احلالية التي ُ‬ ‫ش ّكلت هي انتقالية متهّ د‬ ‫لقيام حكومة سياسية أكثر تعبيرا ً عن القوى‬ ‫احلية في البالد وعن تطلعات الشعب السوري‬ ‫احلقيقية‪ ،‬واملراسيم التي صدرت تعزز مناخ احلرية‬ ‫في إطار يستجيب للرغبات الشعبية ويتضمن‬ ‫حماية املتظاهرين ويصون املمتلكات اخلاصة‬ ‫والعامة من العبث الناجم عن الفوضى‪ ،‬وقد‬ ‫لقيت هذه املراسيم ارتياحا ً في األوساط الفكرية‬ ‫والنخبوية على اختالف تطلعاتها‪ ،‬واعتُبرت بداية‬ ‫مطمئنة على املستوى السياسي العام ألنها‬ ‫حتفظ حقوق اجلميع وكراماتهم وال تفرط بأمن‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫وسيطر اإلرتباك على املوقف الفرنسي واألوروبي‬ ‫بشكل عام في مواجهة األحداث في سوريا‪،‬‬ ‫والسبب ال مكان لتنفيذ املؤامرة في سوريا‪ ،‬فهذا‬ ‫البلد الذي يقوده الرئيس بشار األسد بحكمة‬ ‫وعزمية واقتدار‪ ،‬وهناك حيرة في مقاربة أي تدخل‬ ‫دولي‪ ،‬وكانت اخلارجية الفرنسية قد دعت مجلس‬ ‫األمن إلى االجتماع‪ ،‬لكن احلسابات الدبلوماسية‬ ‫واحتمال اإلخفاق املنتظر في التوصل إلى موقف‬ ‫موحد دفع إلى تبني دعوة بريطانيا املانية إلى‬ ‫إجراءات أوروبية من جانب واحد‪ ،‬وتطالب فرنسا‬ ‫بتسميتها بإجراءات وليس بعقوبات كما تطلب‬ ‫أملانيا‪ ،‬وجددت الواليات املتحدة واالحتاد األوروبي‬ ‫تهديد سوريا بعقوبات جديدة بعدما أخفقت دول‬ ‫مجلس األمن في التوافق على بيان مشترك‪ ،‬وذلك‬ ‫شدد‬ ‫بسبب معارضة الصني وروسيا ولبنان‪ ،‬بينما ّ‬ ‫مجلس حقوق اإلنسان على احلاجة إلى التحقيق‬ ‫ّ‬ ‫تشكل في شكل طارئ جلنة تقصي حقائق‪.‬‬ ‫وأن‬ ‫وكان نائب السفير الروسي الكسندر بانكني‬ ‫قد حذر من “ تدخل خارجي” يؤدي إلى “حرب‬ ‫أهلية” في سوريا‪ ،‬لكنه دعا إلى “إجراء حتقيق‬ ‫فعلي” في أعمال العنف ومحاسبة املسؤولني‬ ‫عنها‪ ،‬واستند في اعتراضه إلى إصدار موقف‬ ‫من مجلس األمن على أن “األحداث في سوريا ال‬

‫‪25‬‬

‫تشكل تهديدا ً لألمن والسلم الدوليني” ومن ّوها‬ ‫باخلطوات اإلصالحية التي اتخذتها احلكومة‬ ‫السورية كإنهاء حال الطوارئ وإلغاء محكمة‬ ‫أمن الدولة وتشكيل جلنة حتقيق‪.‬‬ ‫واعتبر السفير السوري في األمم املتحدة‪،‬‬ ‫أن جهات أجنبية تقوم بتسعير االضطرابات‬ ‫وتدعم مجموعات متطرفة في سوريا وأشار إلى‬ ‫ما ذكرته “واشنطن بوست” عن متويل الواليات‬ ‫املتحدة حملطة “بردى” التلفزيونية املعارضة‪.‬‬ ‫العقوبات األوروبية التي اتخذت بحق سوريا‬ ‫وكبار املسؤولني فيها‪ ،‬والعقوبات األميركية التي‬ ‫فرضت على شركات مرتبطة بأعمال جتارية مع‬ ‫سوريا وإيران وكوريا الشمالية‪ ،‬هي تلميحات‬ ‫أوروبية وأميركية غير مباشرة الى احتمال‬ ‫استخدام القوة‪ ،‬ويأتي هذا بعد محاوالتهم‬ ‫استخدام الفتنة من أجل إضعاف سوريا‪.‬‬ ‫وواشنطن تواصل استخدام نبرتها التحذيرية‬ ‫ذاتها وهي التي أدخلت نفسها كراعية‬ ‫للدميقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬بينما سجل‬ ‫انتهاكاتها حلقوق اإلنسان يفوق أي تصور وفي‬ ‫أكثر من مكان في العالم‪.‬‬ ‫من جهة أخرى برز املوقف الصيني الرافض‬ ‫ألي تدخل في الشؤون الداخلية السورية‪ ،‬وقالت‬ ‫املتحدثة باسم اخلارجية الصينية جيانغ يو‪ ،‬إنها‬ ‫تتو ّقع من اجملتمع الدولي القيام بدور بنّاء في هذا‬ ‫اخلصوص‪ ،‬وإن مستقبل سوريا يحدده الشعب‬ ‫السوري بنفسه‪ ،‬وإن بكني تتو ّقع من دمشق أن‬ ‫حتل االختالفات من خالل احلوار السياسي الذي هو‬ ‫السبيل الصائب للتعامل بطريقة مناسبة مع‬ ‫الوضع احلالي في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وسوريا بدورها استنكرت ودانت القرارات التي‬ ‫أصدرها االحتاد األوروبي ضد سوريا وشعبها‪ ،‬ورأت‬ ‫في هذه القرارات كما تلك التي أصدرتها الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬بأنها تستهدف بوضوح التدخل السافر‬ ‫في شؤون سوريا الداخلية ومحاولة زعزعة أمنها‬ ‫والهيمنة على قرارات ومقدرات شعبها في‬ ‫حاضره ومستقبله‪ ،‬وبالتالي فإن تلك العقوبات‬ ‫تضمنت جتميد أي أموال خاصة عائدة‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫ملسؤولني سوريني وحظر التعامل التجاري معهم‬ ‫داخل تلك الدول‪ ،‬إمنا يخدم الكيان الصهيوني‬ ‫ويساهم في إشعال الفتنة وتغذية األزمة‪ ،‬بينما‬ ‫ستمضي سوريا في اإلصالحات املنشودة من‬ ‫خالل أجندة وطنية وقومية‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫حتقيق‬

‫راعي «خراف الموارنة» جمعهم في بكركي‪:‬‬ ‫مصالحة من دون سياسة‬ ‫هل هو قدر قادة املوارنة أن يتوارثوا اخلالفات من‬ ‫جيل إلى جيل؟‬ ‫ٍ‬ ‫أليس باإلمكان أن ي ِّ‬ ‫ُنظموا خالفاتهم من دون أن‬ ‫يصل أمر البت فيها إلى إراقة الدماء؟‬ ‫إنه اللقاء الذي انتظره اللبنانيون عموماً‬ ‫واملسيحيون خصوصاً منذ ثالثة وثالثني عاماً‪،‬‬ ‫األقطاب املوارنة األربعة الذين اجتمعوا في بكركي‬ ‫يحملون أثقال تلك املرحلة وصوالً إلى اليوم‪ ،‬ولو‬ ‫ضم‬ ‫ُقيِّد لهذا اللقاء أن ينجح من قبل لكان‬ ‫َّ‬ ‫األقطاب الذين سبقوا‪ ،‬أي الرؤساء كميل شمعون‬ ‫وسليمان فرجنيه اجل ّد وبشير اجلميل ومؤسس‬ ‫حزب الكتائب بيار اجلميل والدكتور سمير جعجع‬ ‫ورمبا آخرون‪.‬‬ ‫سجل للبطريرك اجلديد مار‬ ‫هنا ميكن أن تُ َّ‬ ‫بشارة بطرس الراعي أنه أقدَم على خطوة ج َّبارة‬ ‫عجز كثيرون غيره من مراجع دينية وسياسية‬ ‫على القيام بها‪ ،‬رمبا الظروف لم تساعد اآلخرين‬ ‫على حتقيق هذه اخلطوة‪ ،‬ورمبا كان ممنوعاً أللف‬ ‫سبب وسبب أن تتم عملية املصاحلة‪ ،‬أما اليوم‬ ‫فيبدو أن األمور نضجت أو كما يُقال بالعامية‬ ‫ْ‬ ‫إس َت ِو ْت‪ ،‬فالقادة تعبوا من اخلالفات والناس‬ ‫َ‬ ‫مضاعفاً‪ ،‬رمبا هنا التقط البطريرك الراعي‬ ‫تعبهم‬ ‫اللحظة التاريخية ليُحقق حلم الكثيرين في‬ ‫إجناز املصاحلة املارونية‪.‬‬ ‫لم تكن املهمة سهلة على بكركي بل شبه‬ ‫مستحيلة‪ .‬خراف الطائفة ليست ممن تسمع‬ ‫الصوت وتتبع “الراعي”‪ .‬سيشهد التاريخ للبطريرك‬ ‫املاروني بشارة الراعي أنه جمع “اجلنرال” و”العنيد”‬ ‫و”املشاكس” و”احلكيم” على طاولة واحدة‪ .‬كانت‬ ‫الصورة اجلامعة للزعماء املوارنة األربعة‪ ،‬على‬ ‫الطاولة املستطيلة التي تصدرها البطريرك الراعي‪،‬‬ ‫وحدها كافية للتعبير عن احلدث‪ ،‬في مشهد كان‬ ‫مدروسا ً بعناية‪ ،‬فاإلطار كان بكركي التي حافظت‬ ‫على دورها كمرجعية روحية‪ ،‬فيما حفظ البطريرك‬ ‫الراعي دور البطريرك السابق مار نصر اهلل صفير‪،‬‬ ‫سواء في زيارة األقطاب األربعة له في جناحه في‬ ‫بكركي‪ ،‬أو في مشاركته الغداء معهم‪ ،‬وإن كان لم‬ ‫يتمكن من جمعهم طيلة فترة واليته‪ ،‬فنجح خلفه‬ ‫في إعادة وصل ما انقطع سياسيا ً بني أخصام األمس‬ ‫بنسيج روحي حاكه حبيس دير طاميش األب يوحنا‬ ‫خوند‪ ،‬حيث اجتمع األربعة حول صليب اخلالص‪ ،‬وإلى‬ ‫جوارهم أربعة مطارنة كل واحد معروف بعالقته‬ ‫املميزة مع أحد األقطاب‪ ،‬واستكمله الراعي في‬ ‫مقاربة سياسية للملفات غير اخلالفية انطالقا ً‬ ‫من التمييز بني ما هو متفق عليه‪ ،‬وما هو خاضع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫للتباينات السياسية املشروعة في وطن دميقراطي‬ ‫يحترم احلريات والفروقات‪ ،‬مع احملافظة على وحدة‬ ‫الوطن واحترام ثوابته وصون مصاحله األساسية وفق‬ ‫ما جاء في بيان بكركي املقتضب والذي أشار الى‬ ‫لقاءات أخرى متممة كلما دعت احلاجة‪ ،‬التي فرضت‬ ‫ضم نوابا ً ووزراء وشخصيات‪،‬‬ ‫عقد لقاء ماروني ّ‬ ‫موسع ّ‬ ‫ّ‬ ‫تركز البحث فيه على حقوق املوارنة داخل مؤسسات‬ ‫الدولة‪ ،‬بعد تراجع حضورهم الوظيفي‪ ،‬كما جرى‬ ‫عرض واقع بيع املسيحيني ألرضهم‪ ،‬ومواجهة هذه‬ ‫الظاهرة التي تؤثر على الوجود اجلغرافي والدميغرافي‬ ‫للمسيحيني في لبنان‪.‬‬

‫بكركي عبر التاريخ‬ ‫لم يكن ملوقع البطريركية املارونية اللبنانية في‬ ‫احلياة السياسية أي جوانب سلبية على مستوى‬ ‫رئاسة اجلمهورية‪ .‬وليس سرا ً أن الكثير من القرارات‬ ‫الكبرى واملصيرية التي تشمل مبفاعيلها كل‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬قد “طبخت” ما بني بعبدا وبكركي‪ ،‬لكن‬ ‫في إطار الدور الوطني الذي يتخطى الدور الطائفي‪،‬‬ ‫وهذا ما كان يجذر الصفة الوطنية للمرجعية‬ ‫الدينية املارونية‪ ،‬ويدفع باجتاه جلب املرجعيات الدينية‬ ‫اإلسالمية نحو هذه الصفة‪ ،‬لتصبح هذه املرجعيات‬ ‫عامة صمام أمان وطني‪ ،‬هو مبثابة املالذ الذي يلجأ‬ ‫إليه اللبنانيون عند استعار اخلصام الطائفي‬ ‫ووصوله الى حد التناحر الدموي مع اآلخر‪ ،‬كما الى‬ ‫حد إلغاء هذا اآلخر من احلياة السياسية‪ ،‬وأحيانا من‬ ‫احلياة من أصلها كما كان يحدث إبان اجملازر الطائفية‬ ‫والتي شهدناها في حقبة احلرب األهلية في لبنان‪.‬‬ ‫وبالرغم من اختالف النظرة الى بكركي إال أن الصرح‬ ‫لم يغ ّير ثوابته الوطنية ففي ظل اخلالف سابقا ً‬ ‫مع سوريا رفض البطريرك صفير إسقاط الرئيس‬ ‫إميل حلود في الشارع قبل انتهاء واليته املمددة‪،‬‬

‫‪26‬‬

‫ورفض انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائدا ً‬ ‫واحدا ً كمخالفة للدستور الذي ينص على االنتخاب‬ ‫بالثلثني‪ ،‬كما رفض تسمية أحد لرئاسة اجلمهورية‪،‬‬ ‫لكنه وضع سلة أسماء‪.‬‬ ‫ومن املفارقات التي حتولت في الكثير من احملطات‬ ‫الى قواعد عامة ثابتة‪ ،‬أن تقع املآسي بني صفوف‬ ‫املسيحيني‪ .‬وفي مسيرة اختالل ثبات هذه املرجعية‬ ‫على املنهجية الوطنية التي قامت عليها واستمرت‬ ‫ضمنها في الدور والقرار السياسيني‪ ،‬كان ال بد من‬ ‫حصد النتائج على صعيد “القوة املميزة” التي كان‬ ‫يتمتع بها املوارنة في الدستور واملواقع األساسية‬ ‫في الدولة‪ .‬فلقد كان مفعول تبني هذه املرجعية‬ ‫للنزاعات الطائفية أحياناً‪ ،‬أو دخولها طرفا ً فيها‬ ‫وراء القيادات السياسية والعسكرية أحيانا ً أخرى‬ ‫في وجه األطراف املسلمني‪ ،‬مقدمة النزالق الصراع‬ ‫الى داخل الصف املسيحي واملاروني بشكل مدمر‪.‬‬ ‫فلقد عانى املسيحيون إبان تلك احلرب من احلروب‬ ‫املسيحية املبنية على هدف إلغائي بغية سيطرة‬ ‫كل طرف على الساحة املسيحية‪ ،‬ليقدم نفسه‬ ‫زعيما ً ورئيساً‪ ،‬وبالتالي مفاوضا ً وحيدا ً باسم‬ ‫املسيحيني مع األطراف املسلمني في الداخل‬ ‫اللبناني‪ ،‬ومع احلكومات واألنظمة العربية والدولية‪.‬‬ ‫فمن االغتياالت التي متثلت بداية مبجزرة إهدن عام‬ ‫‪ 1978‬التي ذهب ضحيتها طوني سليمان فرجنية‪،‬‬ ‫الى مجزرة الصفرا عام ‪ 1980‬على حزب الرئيس‬ ‫كميل شمعون إلزالة زعامة جنله داني من أمامه‪،‬‬ ‫الى تصفية امليليشيات األخرى حلراس األرز‪ ،‬التنظيم‪،‬‬ ‫احلركة اللبنانية‪ ،‬لواء تنورين‪ ،‬لواء عكار‪ ،‬لواء اجلبل‪،‬‬ ‫وصوال ً الى تصفية القيادات األساسية في حزب‬ ‫الكتائب‪.‬‬ ‫وبعد نفي عون وسجن جعجع واغتيال شمعون‬ ‫وتهجير اجلميل وقبلهم إبعاد رميون إده‪ ،‬سجلت حالة‬ ‫هجرة استثنائية مسيحية شملت حوالى ‪ 890‬ألف‬


‫شاب مسيحي هاجروا بعد توقف احلرب األهلية‬ ‫بني العامني ‪ 1990‬و‪ .2005‬ثم توجت هذه املرحلة‬ ‫باالنقسام املسيحي الذي تال العام ‪ 2009‬والذي‬ ‫أسفر عن رئاسة توافقية للجمهورية يكون الرئيس‬ ‫فيها “أعزل” من أي قوة نيابية أو حزبية أو دستورية‬ ‫أو سياسية‪.‬‬

‫ترتيب أوضاع املسيحيني‬ ‫وقت متر فيه منطقة الشرق‬ ‫جاء اللقاء الرباعي في ٍ‬ ‫األوسط بزلزال عسكري وسياسي وشعبي لم‬ ‫تشهده ال في تاريخها القدمي وال في تاريخها املعاصر‪،‬‬ ‫هذا الزلزال بدأ يُغ ِّير أنظمة وقد يُغير بعض خارطة‬ ‫املنطقة وحدود بعض الدول فيها‪ ،‬هنا على القادة‬ ‫الذين اجتمعوا في بكركي أن يُجيبوا عن سؤال كبير‬ ‫يخشى كثيرون أن يطرحوه على أنفسهم وهو‪:‬‬ ‫ما هو مصير املسيحيني ليس في لبنان فحسب‬ ‫بل على امتداد اخلارطة العربية من موريتانيا إلى‬ ‫العراق؟‬ ‫ الظروف الدقيقة وغير العادية التي مت ّر بها‬‫املنطقة العربية من احمليط إلى اخلليج‪ ،‬تشكل‬ ‫انعطافات مفصلية ألنظمتها وجغرافيتها وحتى‬ ‫لشعوبها‪ ،‬وطبعا ً املسيحيون هم جزء من نسيجها‬ ‫وال بد أن يصيبهم ما يصيب اآلخرين وال ميكن أن‬ ‫يبقوا في منأى عنه‪.‬‬ ‫ بدء العد العكسي لتنفيذ القرار األميركي‬‫باالنسحاب من العراق وفقا ً للبرنامج الزمني الذي‬ ‫حدده الرئيس باراك أوباما الذي سيخوض على أساس‬ ‫ّ‬ ‫التزامه تنفيذ هذا القرار‪ ،‬احلملة االنتخابية لتجديد‬ ‫واليته الرئاسية‪ .‬ومن شأن ذلك أن ينعكس على‬ ‫أوضاع املسيحيني خاصة بعد الذي أصابهم منذ‬ ‫الغزو األميركي للعراق العام ‪ 2003‬حتى اآلن‪ ،‬من‬ ‫مجازر وتهجير وتعديات‪.‬‬ ‫ إنكشاف معالم أساسية في املؤامرة على‬‫سوريا‪ ،‬األمر الذي يطرح عالمات استفهام كبيرة‬ ‫حول انعكاسات هذه الهجمة التآمرية ضد دمشق‪،‬‬ ‫ليس على وضع املسيحيني في سوريا فقط‪ ،‬بل أيضا ً‬ ‫على املسيحيني في لبنان بحكم العالقات األسرية‬ ‫والتاريخية واالمتداد اجلغرافي واملصالح االقتصادية‬ ‫املشتركة‪.‬‬ ‫ مضي حكومة بنيامني نتنياهو في سياستها‬‫الرامية إلى إقامة الدولة اليهودية مع ما ميكن‬ ‫أن ينجم عن ذلك من انعكاسات على أوضاع‬ ‫الفلسطينيني املسيحيني في وطنهم‪ ،‬وعلى توطني‬ ‫الشتات الفلسطيني في البلدان املتواجد فيها وفي‬ ‫تهدد الواقع‬ ‫مقدمها لبنان مع ما لذلك من أخطار ّ‬ ‫الدميوغرافي‪.‬‬ ‫حمى املواجهات املذهبية في لبنان‬ ‫ إرتفاع ّ‬‫وخارجه بني السنّة والشيعة والتي تطاول تأثيراتها‬ ‫السلبية الواقع املسيحي‪.‬‬ ‫ إنكشاف الوجه احلقيقي حلليف الكتائب‬‫والقوات‪ ،‬رئيس حكومة تصريف األعمال سعد‬

‫احلريري‪ ،‬ورهاناته املضمرة على “اإلخوان املسلمني”‬ ‫واألصولية السن ّية حيث دعا‪ ،‬بحسب وثائق‬ ‫ويكيليكيس إلى تسليمهم السلطة في سوريا وهو‬ ‫ما يناقض شعاره املعلن “لبنان أوالً”‪.‬‬ ‫هذه املعطيات التي تتصل بأوضاع املسيحيني‬ ‫غ ّلفت اللقاء الرباعي من دون أن يتوهم أحد بأنه‬ ‫سيجيب على األسئلة أو يطرح حلوال ً لألخطار‬ ‫القائمة‪ ،‬ولكن هذا االجتماع‪ ،‬كما فهم من األوساط‪،‬‬ ‫هو مقدمة للقاءات أخرى منتجة من ناحية‪ ،‬وإليجاد‬ ‫صيغة إلدارة اخلالفات والتناقضات املسيحية‪ ،‬من‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬مستفيدة من الزخم الذي أحدثه‬ ‫انتخاب بطريرك جديد للكنيسة املارونية‪.‬‬

‫سجعان قزي عن الكتائب اللبنانية‪ ،‬أما القوات‬ ‫اللبنانية فحاولنا االتصال باألستاذ جورج عدوان‬ ‫فاعتذز عن إبداء الرأي دون أي مبرّر‪.‬‬

‫النائب آالن عون‪ :‬اجلميع مستعد‬ ‫للتعاطي بإيجابية مع الراعي‬

‫املصافحة املنتظرة‬ ‫ميكن القول إن املصافحة بني الوزير فرجنيه‬ ‫والدكتور جعجع‪ ،‬هي أساس املصافحة املنتظرة‪،‬‬ ‫باعتبار أن الرئيس أمني اجلم ّيل والعماد عون سبق‬ ‫والتقيا في مناسبات عديدة‪ .‬وكذلك‪ ،‬فإن الرئيس‬ ‫العماد عون‪ ،‬زار احلكيم في اليرزة‪ ،‬وهو في السجن‪.‬‬ ‫وحدهما النائب فرجنيه والدكتور جعجع لم يلتقيا‪.‬‬ ‫رمبا هدرت فرص عديدة‪ ،‬للقاء‪ ،‬لكن البطريرك‬ ‫اجلديد بشارة الراعي حقق هذه الفرصة املنتظرة‪.‬‬

‫نتائج اإلجتماع‬ ‫واجلدير ذكره أن االجتماع انتهى إلى نتيجتني‬ ‫عمليتني‪ ،‬األولى إرساء هدنة إعالمية بني القادة‬ ‫األربعة‪ ،‬وتبعا ً لذلك إشاعة أجواء تهدئة‪ ،‬على أن‬ ‫يبقى اخلالف السياسي ضمن أطره السياسية‪.‬‬ ‫أما الثانية‪ ،‬فهي التأكيد على عدم االقتتال‬ ‫بني املسيحيني والبقاء على السالم فيما بينهم‬ ‫واالستقرار في مناطقهم‪ ،‬انطالقا ً من ثابتة‬ ‫مسيحية وهي أنه ال يجوز للمسيحيني اللجوء إلى‬ ‫السالح‪ ،‬وأن حماية سلمهم األهلي يجب أن يبقى‬ ‫فوق كل خالف‪ ،‬مثلما يجب احلفاظ في املقابل على‬ ‫التعددية السياسية واحلزبية في املناطق املسيحية‪،‬‬ ‫على أساس أنه خيار دميوقراطي مي ّيز هذه املناطق‪.‬‬ ‫مع اإلشارة الى أن ما قام به البطريرك الراعي لم‬ ‫يستطع رئيس اجلمهورية القيام به بالرغم من حضور‬ ‫القادة املسيحيني عدة مرات الى بعبدا للمشاركة‬ ‫في طاولة احلوار‪ ،‬ولم يتمكن الرئيس سليمان من‬ ‫جمعهم سويا ً على انفراد في باحات إحدى قاعات‬ ‫القصر الفسيحة‪ .‬وهنا تسجل نقطة على الرئيس‬ ‫سليمان‪ ،‬فهل يحاول من خالل عدم القيام بهذه‬ ‫املهمة التفرد بصفة القائد املسيحي األول وإسقاط‬ ‫صفة التوافقية عنه؟ وملاذا لم يشارك في اجتماع‬ ‫بكركي حتى كضيف شرف؟‬ ‫وملزيد من التفاصيل عن هذا املوضوع كان لنا‬ ‫لقاءات مع األطراف التي متثل القادة األربعة فكان‬ ‫رأي لكل من الوزير يوسف سعادة عن تيار املردة‪،‬‬ ‫والنائب آالن عون عن التيار الوطني احلر واألستاذ‬

‫‪27‬‬

‫ّ‬ ‫أكد النائب آالن عون أنه ال ميكن تسميتها‬ ‫مصاحلة بشكل حقيقي ألن املفصل األساسي هو‬ ‫بني املردة والقوات اللبنانية‪ ،‬وال ميكن التكلم عن‬ ‫مصاحلات مع باقي األطراف التي انتقلنا معهم من‬ ‫هذه املرحلة وحققناها سابقاً‪ ،‬وما تبقى من خالفات‬ ‫فهي سياسية تتمحور حول أمور عديدة‪ .‬ال أحد‬ ‫ينتظر من هذا اللقاء أن يحل املشكلة ولم يكن هذا‬ ‫هدف البطريرك بل أراد أن يجمع املسيحيني ملناقشة‬ ‫احلالة املصيرية واملرحلة املفصلية في وضع املنطقة‬ ‫ووضع احمليط‪ .‬على املسيحيني أن يلتقوا ويناقشوا‬ ‫كل تلك اخملاطر الداخلية واخلارجية التي حتيط بلبنان‬ ‫وتتعلق بالوجود املسيحي فيه‪ .‬من جهة ثانية‪ ،‬هذا‬ ‫النوع من اللقاءات يساهم في خلق مناخ هادىء على‬ ‫مستوى الشارع املسيحي ونتمنى أن يتم ذلك على‬ ‫مستوى الشارع الوطني‪ .‬هذه اللقاءت حتمي لبنان‬ ‫من أية تداعيات ورهانات من اخلارج لكي تستثمر في‬ ‫الداخل‪ .‬كما يعكس ارتياحا ً وهدو ًء واستقرارا ً على‬ ‫مستوى الشارع املسيحي ويجعلنا نواكب كل ما‬ ‫يحصل بهدوء وروية وطمأنينة‪.‬‬ ‫واعتبر عون أن املسيحيني يلتقون حول هواجس‬ ‫وقضايا مشتركة في شأن إعادة الواقع املسيحي‬ ‫كشريك داخل النظام اللبناني‪ ،‬يعني استعادة املوقع‬ ‫املسيحي في السلطة وفي جميع املواقع بعد ‪15‬‬ ‫سنة من التهميش واالبتعاد عن كل مفاصل الدولة‪.‬‬ ‫كما يلتقون أيضا ً حول مخاوف مشتركة في ما‬ ‫ويهدد الهوية اللبنانية‪.‬‬ ‫يهدد هذا التنوع اللبناني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و يتطلعون أيضا ً الى لبنان مستقر يجمع كل‬ ‫املسيحيني وبشكل أوسع كل اللبنانيني‪ ،‬ومن حق‬ ‫املسيحيني مهما بلغ عددهم وكيفما كان وضعهم‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫حتقيق‬ ‫أن يعيشوا بحرية واطمئنان واستقرار من دون أي‬ ‫تهديد لوجودهم وحلرياتهم‪ ،‬وهذه األمور تصح على‬ ‫املسيحيني وغيرهم من اللبنانيني‪.‬‬ ‫كما يختلف املسيحيون حول سياسة وخيارات‬ ‫بعض املواضيع األساسية مثل موضوع املقاومة‬ ‫وموضوع التصدي ملشروع توطني الفلسطينيني في‬ ‫لبنان‪ .‬أحيانا ً نصطدم مع اجملتمع الغربي من خالل‬ ‫سياسته التي تصب في مصلحة “إسرائيل” على‬ ‫حساب لبنان‪ ،‬ونختلف مع البعض اآلخر في تقدير‬ ‫هذا اخلطر وفي تقدير تلك السياسة الدولية‪.‬‬ ‫وأضاف عون هذا اللقاء يهدف الى قراءة واحدة‬ ‫للمسيحيني‪ .‬ولكن هذا النموذج يجب أن يعمم على‬ ‫كل اللبنانيني من أجل قراءة واحدة في ظل التطورات‬ ‫حلماية لبنان وحتصينه لكي ينأى عن التداعيات‬ ‫والتطورات على املستوى اخلارجي‪ .‬هذا هو هدف‬ ‫اللقاء الذي بدأ بلقاء مسيحي واستمر من خالل‬ ‫قمة روحية إسالمية مسيحية‪ .‬ومتنى عون أن يكون‬ ‫هناك حوار وطني مع الفريق اآلخر أي األقلية احلالية‬ ‫تتخطى اخلالفات السياسية وتتحاور في العمق حول‬ ‫ما يحصل في املنطقة‪.‬‬ ‫وختم معتبرا ً أن الظروف قد تكون مؤاتية لهذا‬ ‫اللقاء الذي لم يكن واردا ً في السابق‪ .‬فانتخاب‬ ‫بطريرك جديد واستعداد اجلميع للتعاطي معه‬ ‫بإيجابية وإعطاؤه فرصة باإلضافة الى التطورات‬ ‫اخلارجية والقلق في نفوس اللبنانيني وكل أبناء‬ ‫الشرق األوسط حول مستقبلهم هي أمور التقت‬ ‫مع بعضها‪ ،‬وأ ّدت الى خلق فرصة للقاء‪ .‬لم يكن‬ ‫هدف اللقاء االتفاق في السياسة ولكن ذلك ال مينع‬ ‫من وضع ضوابط معينة وخطوط حمر واضحة‬ ‫للمحافظة من خاللها على وجود املسيحيني‬ ‫واستمراريتهم وتنافسهم واختالفهم‪.‬‬

‫الوزير يوسف سعادة ‪ :‬موضوع‬ ‫املصاحلة بحاجة الى تنقية للذاكرة‬ ‫ّ‬ ‫أكد الوزير يوسف سعادة بأن هذا اللقاء متّ للبحث‬ ‫في الوضع املسيحي ووجوده في الشرق‪ .‬هناك ضرورة‬ ‫ملحة لكي يلتقي جميع املسيحيني في هذه املرحلة‬ ‫الدقيقة من أجل احلفاظ على الثوابت الوطنية‬ ‫واملسيحية‪ .‬فعندما نتكلم عن مصاحلة نقصد‬ ‫بها القوات اللبنانية واملردة‪ ،‬هذا املوضوع بحاجة‬ ‫الى تنقية للذاكرة ومراجعة األخطاء التي ارتكبت‬ ‫ليس بهدف نكىء اجلراح بل ألخذ العبر من التجارب‬ ‫املاضية وعدم تكرارها‪ .‬لقد اجتمعنا وتكلمنا عن‬ ‫هواجس املسيحيني‪ ،‬هناك التقاء في بعض وجهات‬ ‫النظر واختالف في كثير منها‪ .‬لكي تتم املصاحلة‬ ‫يجب البحث جديا ً في أسباب اخلالف‪.‬‬ ‫وتابع سعادة قائالً‪“ :‬نحن ال نقول بأننا سنصبح‬ ‫أصدقاء مع القوات اللبنانية فهذا املوضوع ليس‬ ‫مطروحاً‪ ،‬ولكن األهم بالنسبة إلينا هو اجللوس على‬ ‫طاولة واحدة والبحث بالهواجس واملشاكل التي‬ ‫تقلق املسيحيني”‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ّ‬ ‫وأكد سعادة بأن الهواجس املسيحية تبدأ من‬ ‫وجود املسيحيني في اإلدارة والوظيفة وموضوع بيع‬ ‫األراضي والتوطني الفلسطيني وصوال ً الى املواضيع‬ ‫السياسية الساخنة مثل موضوع املقاومة وغيرها‪.‬‬ ‫قد نلتقي في األمور األساسية‪ ،‬ولكن فيما يخص‬ ‫موضوع املقاومة وسالحها فهناك رأيان وكل واحد‬ ‫مقتنع برأيه‪ ،‬قناعتنا راسخة مع التيار الوطني‬ ‫احلر أما القوات والكتائب فعندهم قناعاتهم ولكن‬ ‫هذا ال مينع من اللقاء واحلوار‪ ،‬لنرَ ما هو األنسب‬ ‫للمسيحيني وللبنانيني‪.‬‬ ‫واعتبر سعادة بأن هناك هواجس عند املسيحني‬ ‫واللبنانيني في املرحلة التي متربها املنطقة‪ .‬الوضع‬ ‫يطال املنطقة ونحن جزء منها‪ .‬نحن مطمئنون‬ ‫بأن الوضع في سوريا ذاهب الى االستقرار وسيكون‬ ‫هناك إصالحات وأمان برئاسة الرئيس األسد‪.‬‬ ‫وختم سعادة قائالً‪“ :‬بأن هذا اللقاء هو إجناز حققه‬ ‫البطريرك الراعي وتبني أنه عند األمور املصيرية‬ ‫واألساسية واجلوهرية ال أحد يتهرب من املسؤولية‪.‬‬ ‫كانت األمور بحاجة الى مبادرة قام بها البطريرك‬ ‫الراعي‪ ،‬وتركت ارتياحا ً على مستوى الشارع املسيحي‬ ‫بغض النظر عن نتائجها‪ ،‬ال نستطيع احلكم على‬ ‫النتائج في املدى املنظور‪ ،‬وال املطلوب أن تكون احللول‬ ‫سريعة‪ ،‬ولكنه إجناز حتقق‪.‬‬

‫األستاذ سجعان القزي‪ :‬اجملتمعون‬ ‫لم يتفقوا على سالح “حزب اهلل”‬

‫يعني ذلك من اضطالع املوارنة واملسيحيني عموما ً‬ ‫بدور وطني سياسي في لبنان‪ ،‬ألن هذا الشرق ليس‬ ‫أحادي التركيبة‪ ،‬ليس مسلما ً فقط بل كان مسيحيا ً‬ ‫قبل أن يكون أي شيء آخر‪ .‬لذلك من الطبيعي أن‬ ‫يلعب املسيحيون فيه دورا ً أساسيا ً وطبعا ً السيادة‬ ‫واالستقالل واالنفتاح على اآلخر والتعايش اإلسالمي‬ ‫ املسيحي مع احملافظة على عالقات جيدة مع‬‫احمليط العربي والتواصل مع مختلف احلضارات‬ ‫السيما احلضارة الغربية‪ ،‬التي هي من ضمن الثوابت‬ ‫املسيحية‪ ،‬مع احترام الدولة اللبنانية واعتبارها‬ ‫الكيان احلامي للوجود اللبناني وأي خروج عنها‬ ‫والسيما إنشاء دويالت هنا وهناك يؤثر على الوجود‬ ‫اللبناني عموما ً وعلى الوجود املسيحي خصوصاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد القزي بأن اجملتمعني لم يتفقوا على موضوع‬ ‫سالح “حزب اهلل”‪ ،‬ولن يتفقوا عليه في االجتماع‬ ‫املقبل في حال انعقاده‪.‬‬ ‫كما اعتبر بأن هدف اللقاء هو حماية لبنان وحني‬ ‫ال يكون املسيحيون في لبنان في وضع جيد ال يكون‬ ‫لبنان في وضعه الطبيعي‪ .‬فإذا كان البعض يؤكد‬ ‫بأن أمن لبنان من أمن سوريا‪ ،‬فأمن لبنان من أمن‬ ‫املسيحيني وأي تفكير آخر يؤدي الى مغالطات في‬ ‫احلساب والنتائج‪.‬‬ ‫ومتنى القزي للبطريرك الراعي النجاح عمليا ً في‬ ‫هذا املسعى‪ ،‬ألن النجاح لغاية اآلن هو رمزي واملطلوب‬ ‫االنتقال من الرمزية الى العمالنية أي الدخول في‬ ‫صلب املواضيع اخلالفية وحينئذ تعرف مدى قدرة هذه‬ ‫املبادرة على خرق هذا اجلدار املسيحي الذي انقسم‬ ‫بسبب االصطفافات منذ العام ‪ 2005‬لغاية اليوم‪ ،‬ال‬ ‫بل منذ العقود األربعة املاضية‪.‬‬ ‫وختاما ً واألهم رمبا من كل ما تقدم‪ ،‬أن رهان‬ ‫بكركي األول واألخير يكمن في تفاهم جماعة‬ ‫املوارنة على أن “تكبير الرؤوس قد يكون غاية‬ ‫لكنه لن يوصل الى الهدف األسمى الذي اسمه‬ ‫مصلحة لبنان السيد احلر املستقل”‪ .‬وهيهات أن‬ ‫يكون هذا العنوان مبستوى طموح من حضر وليس‬ ‫مبجرد اإلسهام في اكتمال الصورة املارونية التي‬ ‫شبعت متزقا ً وتشتتاً‪.‬‬

‫ّ‬ ‫أكد األستاذ سجعان القزي بأن محاولة مصاحلة‬ ‫القادة املوارنة لم يكتب لها النجاح في السنوات‬ ‫السابقة ال مع البطريرك صفير وال مع رئيس‬ ‫اجلمهورية ميشال سليمان‪ ،‬ولكن رمبا الظروف‬ ‫اختلفت اآلن وبدأ القادة يشعرون باألخطار احملدقة‬ ‫بلبنان وهذا العنصر رمبا كان حاسما ً في إجناح عقد‬ ‫هذا اللقاء‪.‬‬ ‫واعتبر القزي بأن املسيحيني يتفقون على املبادىء‬ ‫ويختلفون على املصالح‪ .‬تتمثل املبادىء املسيحية‬ ‫وبشكل خاص املارونية منها وعمرها ‪1500‬‬ ‫سنة‪ ،‬‬ ‫باحلفاظ على الوجود املسيحي احلر واآلمن مع ما‬

‫‪28‬‬

‫حتقيق‪ :‬لور عقل‬


‫مفتي بالد الشام ألبسه عباءة سوريا‪ :‬نحن نفتخر بك‬

‫وهاب محذراً في ندوة لغرفة تجارة حلب ‪:‬‬

‫إذا سقطت سوريا سنبقى عبيداً لمشروع «الشرق األوسط الجديد»‬ ‫يدعي‬ ‫في ظل األحداث السورية التي افتعلها َمن ّ‬ ‫اإلصالح ومحاربة الفساد‪ ،‬وتأكيدا ً على وقوفه‬ ‫إلى جانب الشعب السوري األبي‪ ،‬ل ّبى رئيس حزب‬ ‫«التوحيد العربي» الوزير وئام وهاب‪ ،‬دعوة غرفة جتارة‬ ‫حلب لندوة أقامتها في املركز الثقافي في املدينة‬ ‫بعنوان «سوريا والشرق األوسط اجلديد»‪ ،‬بحضور‬ ‫مفتي عام اجلمهورية العربية السورية الشيخ د‪.‬‬ ‫حسون ‪ -‬الذي أولم غداء في منزله‬ ‫أحمد بدر الدين ّ‬ ‫على شرف وهاب‪ ،‬أمني فرع حلب حلزب البعث العربي‬ ‫اإلشتراكي عبد املنعم حموي وعدد من أعضاء احلزب‬ ‫في املدينة‪ ،‬ومحافظ حلب املهندس علي أحمد‬ ‫منصورة‪ ،‬ورئيس جامعة حلب د‪ .‬نضال شحادة‪ ،‬قائد‬ ‫شرطة محافظة حلب اللواء ياسر الشوفي‪ ،‬قائد‬ ‫املنطقة الشمالية اللواء إبراهيم الغنب‪ ،‬وأعضاء‬ ‫فروع اجلبهة الوطنية التقدمية‪ ،‬وعدد كبير من‬ ‫جتار وأهالي مدينة حلب وفعاليات أمنية وعسكرية‬ ‫وإقتصادية وإجتماعية فيها‪.‬‬

‫د‪ .‬زيدو‪ :‬الرئيس األسد سيبقى‬ ‫املؤمتن على حمل الراية‬ ‫بدأت الندوة بكلمة ترحيبية من رئيس غرفة‬ ‫جتارة حلب د‪ .‬حسن أحمد زيدو استهلها بـ «حتية‬ ‫ألرواح شهداء سوريا من اجليش والقوات املس ّلحة‬ ‫وقوى األمن واملدنيني»‪ ،‬جاء فيها‪« :‬لألستاذ وئام‬ ‫وهاب محبة كبيرة في قلوب أبناء سوريا الشرفاء‪،‬‬ ‫وقلوب أبناء حلب بشكل خاص‪ ،‬ألنه من الوطنيني‬ ‫العروبيني الشرفاء الذين اعتدنا مواقفهم اخمللصة‬ ‫والصادقة‪ ،‬قوال ً وفعالً‪ ،‬ونفخر ونعت ّز بوقفتهم إلى‬ ‫جانب أخوتهم في سوريا عند الشدائد وتعاظم‬ ‫األمور‪ .‬بالرغم من كل ما تعانيه منطقتنا العربية‬ ‫من هجمة شرسة تستهدف حرية املواطن العربي‬ ‫وأمنه وثروات بلده‪ ،‬وبالرغم من كل ما تتعرض له‬ ‫سوريا احلبيبة حتديدا ً من حملة مشبوهة تستهدف‬ ‫أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية‪ ،‬وبالرغم من‬ ‫كل الضغوط والتهديدات والدسائس واإلفتراءات‬ ‫وأعمال التحريض والتخريب التي يقوم بها بعض‬ ‫املندسني املأجورين‪ ،‬ومن خالل عمالء وخونة‬ ‫ّ‬ ‫معروفني‪ ،‬حت ّركهم قوى الشر والطغيان بغية النيل‬ ‫من ثوابت سوريا القومية والوطنية وحملها على‬ ‫أمتنا العادلة‪ ،‬تدرك‬ ‫تغيير مواقفها حيال قضايا ّ‬

‫احلضور‬

‫جماهير األمة أبعاد املؤامرة اجلديدة التي تحُ اك ضد‬ ‫سوريا وحمالت التجنّي التي تتعرض لها واألخطار‬ ‫احملدقة باألمن واالستقرار فيها ألجل إخضاعها‬ ‫بالقوة واإلرهاب»‪.‬‬ ‫وختم زيدو‪« :‬خاب مآل املتآمرين واملتر ّبصني فلم‬ ‫يجنوا سوى خيبة األمل‪ ،‬فسوريا أثبتت أنها الصخرة‬ ‫التي تتحطم عندها كل املؤامرات والدسائس‪.‬‬ ‫سيبقى أبناء سوريا على امتداد ساحات الوطن وفي‬ ‫حلب الشهباء خاصة عند حسن الظن‪ ،‬وسيظ ّلون‬ ‫اجلند األوفياء اخمللصني لقائد كان وسيبقى األمني‬ ‫واملؤمتن على حمل الراية ومتابعة املسيرة نحو غد‬ ‫واعد مشرق يهب أبناء شعبه من جهده ووقته‬ ‫وفكره‪ ،‬ويغدق عليهم اخلير والعطاء ويبعث في‬ ‫نفوسهم األمل والرجاء‪ ،‬فيكبر الوطن ويزدهر وتبقى‬ ‫سوريا بلد العزة واإلباء واحملبة واإلستقرار والوحدة‬ ‫الوطنية»‪.‬‬ ‫وبعد كلمة ترحيب من املستشار الصحفي في‬ ‫غرفة جتارة وصناعة حلب عبد العزيز الشهابي‪ ،‬قال‬ ‫مقدما ً رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير‬ ‫فيها‬ ‫ّ‬ ‫وئام وهاب‪« :‬أيها الصوت اللبناني الصادق‪ ،‬بكل‬ ‫محبة أقول لك‪ :‬لقد شاهدوك واستمعوا إليك‬ ‫فأح ّبوك‪ ..‬فجاؤوا إليك»‪ ،‬كان كلمة للصحافي أنس‬ ‫أزرق أكد فيها «أ ّن أهل حلب عملوا ليبقوا أوفياء‬ ‫حدثنا رئيس‬ ‫لسوريا – سوريا وطن اجلميع»‪ ،‬قائالً «س ُي ّ‬ ‫حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب عن أيتام وصبيان‬ ‫كونداليزا رايس‪ ،‬وما يواجههم من سوريا محور‬ ‫املقاومة واملمانعة»‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫وهاب‪ :‬حماية سوريا تعني حماية‬ ‫املنطقة كاملة‬ ‫بعدها بدأ وهاب كلمته فقال‪« :‬ملَن استغرب‬ ‫مجيئي إلى سوريا في هذه األحداث‪ ،‬أقول‪ :‬أنا في‬ ‫حلب اليوم ألنني سوري وعراقي وفلسطيني بقدر ما‬ ‫أنا لبناني‪ ،‬فطاملا أ ّن العراق محتل أنا عراقي‪ ،‬وطاملا أ ّن‬ ‫فلسطني مغتصبة أنا فلسطيني‪ ،‬وطاملا أ ّن سوريا‬ ‫مهددة فأنا سوري‪ .‬وإذا سألني أحد عن ديني أقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أنا سنّي كأحمد ياسني وأحمد بدر الدين حسون‪،‬‬ ‫وشيعي كحسن نصر اهلل‪ ،‬ومسيحي كجورج‬ ‫وموحد صوفي درزي‬ ‫جمال‪ ،‬وعلوي كحافظ األسد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كسلطان باشا األطرش‪ ،‬إذ ال حدود لي في هذه‬ ‫األمة‪ ،‬فحلب وبيروت ودمشق وعمان والقدس وبغداد‬ ‫والقاهرة م ُدني‪ .‬ال أؤمن باحلدود في هذه األمة‪ ،‬وال‬ ‫بـ”سايكس بيكو”‪ ،‬كلنا أ ّمة واحدة‪ ،‬وأصحاب قضية‬ ‫واحدة‪ ،‬ومستهدفون مبؤامرة واحدة‪ .‬لذلك أنا اليوم‬ ‫في حلب‪ ،‬وسأبقى بينكم في كل مدينة سور ّية‪،‬‬ ‫حتى تزول هذه الغيمة عن بلدكم وبلدنا جميعاً”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب حول األحداث في سوريا‪“ :‬ما يحصل‬ ‫اليوم ليس بجديد‪ .‬املؤامرة هي هي‪ ،‬ولكن األوجه‬ ‫والطرق واألدوات تغ ّيرت‪ ،‬فمنذ دخول اجليش األميركي‬ ‫إلى العراق‪ ،‬حاولوا التهويل على سوريا ليأخذوا منها‬ ‫شرعية تدمير بل ٍد عربي‪ ،‬ويومها لم يتأثر رئيس سوريا‬ ‫بشار األسد بكل ذلك‪ ،‬وبدل أن يخضع لإلمالءات‬ ‫األميركية التي ُوضعت على طاولته‪ ،‬خرجت سوريا‬ ‫لتقول‪ :‬ال لن نعطي الشرعية إلحتالل العراق‪ ،‬بل‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫سنقاوم‪ ،‬وهذا فعالُ ما حصل”‪.‬‬ ‫وتوجه للحاضرين‪“ :‬لقد لعبتم دورا ً كبيرا ً في‬ ‫ّ‬ ‫نوجه لها‬ ‫حلب‪ ،‬إلى جانب املقاومة العراقية التي ّ‬ ‫ألف حتية كونها هي التي أطلقت الرصاصة األولى‬ ‫على املشروع األميركي في املنطقة‪ ،‬ولعبتم الدور‬ ‫األكبر في دعم املقاومة العراقية‪ ،‬وكل هذا كان بقرار‬ ‫كبير اتخذه الرئيس بشار األسد وحيدا ً في هذه األمة‬ ‫العربية‪ .‬وال ننسى أ ّن َمن ّ‬ ‫ويتحدثون‬ ‫ينظرون اليوم‬ ‫ّ‬ ‫عن الدميقراطية‪ ،‬هم نفسهم الذين استسلموا‬ ‫لألميركيني‪ ،‬وكانوا يحاولون فعل أي شيء إلرضائهم‪،‬‬ ‫فاست ّلوا سيوفهم لذبح العراقيني‪ ،‬وعندما جاء كولن‬ ‫باول بشروطه‪ ،‬قال له الرئيس األسد‪ :‬اذهبوا أنتم‬ ‫قررت املواجهة‪ .‬يومها‪،‬‬ ‫وشروطكم إلى اجلحيم فقد ُ‬ ‫لم يكن وحيداً‪ ،‬بل كان كل الشعب السوري متفهّ ما ً‬ ‫لدور سوريا‪ ،‬ووقف إلى جانب رئيسه ودولته‪ ،‬وكنتم‬ ‫التحدي وكانت سوريا هي العقبة التي‬ ‫قبل‬ ‫ّ‬ ‫أنتم َمن ِ‬ ‫أسقطت كل النتائج السياسية إلحتالل العراق”‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬حتى لو احتل العراق ودُ ِّمر جز ًءا كبيرا ً منه‪،‬‬ ‫لكن سوريا بقيت في ظل هذه احلرائق املتنقلة في‬ ‫ّ‬ ‫كل املنطقة‪ ،‬صامدة ومتماسكة‪ ،‬لذلك لم يكن‬ ‫لدينا خوف على هذه األمة‪ .‬كنا نقول إذا بقي القلب‬ ‫سليما ً فاملسألة بسيطة‪ ،‬إذ ميكن حترير العراق‪ ،‬وإيجاد‬ ‫تركيبة سياسية الئقة به مع انسحاب األميركيني‬ ‫منه‪ ،‬وكنا نقول إذا بقي القلب سليما ً فاملقاومة‬ ‫في لبنان وفلسطني ستبقى سليمة‪ ،‬وهنا أقول ملَن‬ ‫يع ّيروننا بأ ّن املقاومة شيعية في لبنان‪ :‬أنا شيعي‬ ‫في لبنان ألن املقاومة شيعية‪ ،‬ولكنني سنّي في‬ ‫فلسطني والعراق ألن املقاومة سنية‪ ،‬وهذا ما فعتله‬ ‫سوريا بدعمها للمقاومات الشيعية والسنية‪ .‬وحني‬ ‫وافقت كل الدول الكبرى التي متلك حق الفيتو في‬ ‫مجلس األمن على اإلحتالل األميركي للعراق‪ ،‬بقي‬ ‫الرئيس بشار األسد وحيدا ً كالرمح شامخا ً في هذه‬ ‫األمة‪ ،‬وعندما رفضت سوريا اإلستسالم حملاوالت‬ ‫دخول القوات األميركية إلى حدودها‪ ،‬بدأت مؤامرة‬ ‫من نوع آخر من خالل الذهاب إلى الساحة اللبنانية‪،‬‬ ‫ظنا ً منهم أنهم بضرب سوريا في لبنان‪ ،‬يضربونها‬ ‫في قلب دمشق”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬ثم كانت املؤامرة الكبرى عبر اغتيال‬ ‫رفيق احلريري الذي اغتيل أل ّن سوريا يومها لم تقبل‬ ‫بالقيام باملهمة التي أوكلها إليها القرار ‪،1559‬‬ ‫والذي يهدف للقضاء على املقاومة وحتقيق األهداف‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬لقد انسحب الرئيس األسد من الساحة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬لكنه لم يترك املعركة بل ذهب إلى‬ ‫املعركة الكبرى واعتبر أ ّن احلرب مع أي طرف في لبنان‬ ‫هي حرب من “أذناب” املشروع األميركي‪ ،‬وبدأ بدعم‬ ‫املقاومات العراقية واللبنانية والفلسطينية ملواجهة‬ ‫األهداف األميركية‪ ،‬حتى كان الدعم األكبر في حرب‬ ‫حدا ً للشرق األوسط اجلديد‪ .‬بعدها‪،‬‬ ‫متوز التي وضعت ّ‬ ‫أخذ املتض ّررون من هذا السقوط‪ ،‬التفكير بالطريقة‬ ‫األمثل إلنعاش املشروع األميركي في املنطقة‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫املوقف السوري كان املوقف العربي الوحيد الداعم‬ ‫الحقا ً للمقاومة الفلسطينية في غزة”‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب للحاضرين‪“ :‬أرادوا ضرب احملور‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوزير وهاب يتسلم درعا ً من رئيس غرفة التجارة د‪ .‬زيدو‬

‫العربي من منتصفه ‪ -‬أي سوريا ‪ -‬معتبرين أنهم‬ ‫سيسقطون كل املشروع املقاوم‪ ،‬وتصغير الكيانات‬ ‫العربية لتحقيق األهداف اإلسرائيلية‪ .‬إ ّياكم أن‬ ‫تخسروا هذا البلد وتدخلوا في املغامرات غير‬ ‫احملسوبة لتخريب بلدكم‪ .‬إنني مؤمن بأ ّن ال خوف‬ ‫على سوريا‪ ،‬وبأنكم قادرون على جتاوز هذه احملنة‪،‬‬ ‫وبأ ّن اجليش العربي السوري الذي دفع آالف الشهداء‬ ‫حلماية سوريا‪ ،‬ومنع تقسيم لبنان‪ ،‬حتما ً لن يسمح‬ ‫ميس أحد سوريا بسوء‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬ال ننكر أنه يجب‬ ‫أن ّ‬ ‫العمل على اإلصالح ووقف الفساد‪ ،‬وبأ ّن على معركة‬ ‫االصالح أن تكون معركة حقيقية‪ .‬سوريا اليوم‬ ‫ستقرر مصير مشروع الشرق األوسط اجلديد الذي‬ ‫أطلقه جورج بوش بغباء ويكمله اليوم بذكاء باراك‬ ‫أوباما‪ ،‬وإذا كان هناك خطة إصالح حقيقية‪ ،‬ستصل‬ ‫سوريا حتما ً إلى املكان الذي جتد فيه تطويرا ً كبيرا ً‬ ‫في أنظمتها‪ ،‬لكن عليكم البقاء إلى جانب الرئيس‬ ‫األسد‪ ،‬فسوريا أمانة بأعناقكم”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬إ ّن ضمانة األ ّمة هي أن نبقى شعبا ً‬ ‫واحداً‪ ،‬فعندما نتح ّول إلى مذاهب تصبح “إسرائيل”‬ ‫هي اآلمرة الناهية‪ ،‬وعندما نصبح أ ّمة تصبح‬ ‫فلنحم سوريا‬ ‫«إسرائيل” األضعف بيننا‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫معاً‪ ،‬أل ّن حمايتها هي حماية للبنان وفلسطني ٌ‬ ‫وأمل‬ ‫باستعادة القدس وحترير العراق‪ ،‬وإذا سقطت سوريا‪،‬‬ ‫فأبشروا سنبقى عبيدا ً ملشروع الشرق األوسط‬ ‫اجلديد ولـ”إسرائيل”‪.‬‬ ‫عدة مداخالت من احلاضرين أكدت‬ ‫وكان هناك ّ‬ ‫الوقوف إلى جانب سوريا وقائدها الرئيس بشار‬ ‫األسد‪.‬‬

‫املطران إبراهيم‪ :‬سنبقى جميعاً‬ ‫احلصن املنيع وسيبقى رئيسنا‬ ‫مشعل العالم‬ ‫ثم كانت كلمة ملطران السريان األورثوذكس في‬ ‫توجه خاللها لوهاب‪« :‬كنا‬ ‫حلب يوحنا إبراهيم‪ّ ،‬‬ ‫بشوق لسماع هذا الصوت العربي احل ّر اآلتي من‬ ‫لبنان‪ ،‬خاصة كيف قال إنه ينتمي إلى جميع مذاهبنا‬

‫‪30‬‬

‫وأدياننا‪ ،‬وبينّ أ ّن هذا الوطن ال ميكن أن يستمر إال‬ ‫باتحّ ادنا وإنسجامنا جميعاً‪ ،‬فال ميكن لهذا الوطن أن‬ ‫ينجح إذا كان منقسماً‪ .‬معالي الوزير‪ ،‬جاء ليقول‬ ‫لنا إ ّن الوحدة الوطنية هي األهم‪ ،‬ونحن نعلم أن‬ ‫سوريا اليوم تتعرض ملوجة جديدة من االعتداء على‬ ‫سمعتها ومكاناتها ودورها احلضاري‪ ،‬وعالقاتها مع‬ ‫الدول اجملاورة‪ ،‬على ما لها من مكان قومي في هذه‬ ‫األمة وفي كل العالم‪ ،‬ولكن مع كل هذا‪ ،‬معاليه‬ ‫يقول لنا‪ :‬أرجوكم حافظوا على الوحدة الوطنية‬ ‫ألنها حتفظ سوريا في مأمن كما كانت خالل‬ ‫تاريخها‪ .‬أعتقد أن صورة الشرق األوسط اجلديد‬ ‫خطيرة‪ ،‬نحن ال نريد أن نسمع أ ّن اليمن سيكون‬ ‫أربعة أقسام‪ ،‬ومصر ثالثة‪ ،‬وليبيا خمسة‪ ،‬بل نريد أن‬ ‫تكون هذه األمة بأمان‪ ،‬وال ميكن أن يحصل ذلك إال إذا‬ ‫شعرنا بأننا أصحاب رسالة‪ ،‬ورسالتنا احملافظة على‬ ‫وحدتنا‪ .‬فشكرا ً لهذا الصوت العالي اآلتي من لبنان‬ ‫إلى سوريا‪ ،‬وقد أعطيتم دفعة جديدة من احلماس‬ ‫جلميعنا‪ ،‬كي نستمر بالوقوف مع بعضنا البعض‪،‬‬ ‫مسيحيني ومسلمني من كل املذاهب‪ ،‬كي تبقى‬ ‫سوريا مرتفعة الرايات في كل األماكن‪ ،‬خاصة وأ ّن‬ ‫القيادة احلكيمة تعمل كما قلتم‪ ،‬بشخص رئيسنا‬ ‫احلكيم د‪ .‬بشار األسد في سبيل أن تكون سوريا‬ ‫عالية اجلبني‪ .‬سنبقى جميعا ً احلصن املنيع وسيبقى‬ ‫رئيسنا مشعل العالم‪.‬‬

‫احملافظ منصورة‪ :‬اإلصالح هدف‬ ‫محق‪ ،‬ولكن ليس للحرق والتدمير‬ ‫وكانت كلمة حملافظ املدينة املهندس علي أحمد‬ ‫بوهاب بإسم «أهلها الذين‬ ‫رحب خاللها ّ‬ ‫منصورة ّ‬ ‫ع ّبروا عن إنتمائهم الوطني األصيل عندما وقفوا‬ ‫وقفة واحدة ضد كل هذه الهجمة ليأكدوا أنهم مع‬ ‫سوريا ومع القضية وأنهم عروب ّيون مع الرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬ومع الشرق السليم»‪.‬‬ ‫وأضاف منصورة‪« :‬نحن قلقون على األمة كلها‬ ‫واجب بطولي لكننا‬ ‫ولكننا لسنا خائفني‪ ،‬القلق هو‬ ‫ٌ‬ ‫لن نسمح للخوف باحلضور بيننا‪ ،‬سنعمل مع هذا‬


‫الشعب األبي للدفاع عن الوطن‪ ،‬لتبقى سوريا كما‬ ‫والتحدي والقلعة التي‬ ‫عهدناها دائما قلعة الصمود‬ ‫ّ‬ ‫يلجأ إليها املناضلون العرب‪ ،‬مع الس ّيد الرئيس بشار‬ ‫األسد‪ .‬نعم‪ ،‬اإلصالح هدف محق‪ ،‬ولكن ليس للحرق‬ ‫والتدمير‪ ،‬هو يأتي من داخل النفوس وليس مبط ّية‬ ‫خارجية‪ ،‬وال عبر إئتالف أسود وحتالف دولي‪ ،‬وليس‬ ‫عبر الصحافة واإلعالم بل باملال والسالح لضرب‬ ‫الثكنات العسكرية‪ .‬هذه املطالب ال ميكن أن تكون‬ ‫إال أكثر فساداً‪ ،‬حتى لو إ ّدعوا اإلصالح‪ ،‬ولو صاحت‬ ‫بعض الصيحات بأنها من اجلوامع‪ ،‬لتع ّبر عن رؤية‬ ‫غير صحيحة‪ ،‬وعن ق ّلة قليلة فقط‪ ،‬فقتل النفس ال‬ ‫ميكن أن يتوافق مع االصالح‪ .‬أعتقد أن اإلسالم بريء‬ ‫منهم‪ ،‬وأنهم ال ميثلون أحدا ً سوى تلك الدوائر التي‬ ‫دفعتهم لذلك‪ ،‬والتي تدفع لهم كل يوم إلستكمال‬ ‫مؤامراتهم‪ ،‬ضد وقوف سوريا في املشروع القومي‬ ‫العروبي‪ ،‬والذي ال ميكن أن يتماشى مع املشروع‬ ‫الصهيو‪ -‬أميركي ومع أولئك الذين ركبوا في العربة‬ ‫ضد أبناء أ ّمتنا فكان قرار تفتيت سوريا ومحاسبتها‪.‬‬ ‫وكما كانت سوريا قوية بأبنائها وشعبها وجيشها‬ ‫التصدي لهذه املؤامرة‪،‬‬ ‫وقائدها‪ ،‬ستكون قادرة على‬ ‫ّ‬ ‫وهذا بفضل وعي شعبها وقيادتها بوجه التجييش‬ ‫والدعم اخلارجي‪.‬‬

‫املفتي ّ‬ ‫حسون لـ «وهاب»‪ :‬ارت ِد‬ ‫ّ‬ ‫وتكلم بها‬ ‫هذه العباءة السورية‬ ‫فنحن نفخر بك‬ ‫أما املفتي العام للجمهورية العربية السورية‬ ‫توجه في‬ ‫الشيخ د‪ .‬أحمد بدر الدين حسون‪ّ ،‬‬ ‫كلمته الى وهاب‪« :‬أيها العربي األصيل‪ ،‬الذي أراد‬ ‫َ‬ ‫أمك أن تكون وئام‪ ،‬وأرادت‬ ‫َمن‬ ‫غرسك في رحم ّ‬ ‫ً‬ ‫فكنت «وئام وهاب»‪ .‬هذه‬ ‫وهابا‪،‬‬ ‫أمك أن تكون ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ودافعت عنها‪،‬‬ ‫سوريا التي عشقتها وأحببتها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وحاولوا إغراءك وإغواءك‪ ،‬كما استطاعوا أن‬ ‫يدخلوا من إغواء الليل وما عرفوا َ‬ ‫أنك ابن معروف‪،‬‬ ‫والغواية ال تأتي لـ»بني معروف»‪ .‬وأرادوا إغوائك‪َ،‬‬ ‫فقلت لهم أ ّن «احلُ ّر َة ال تأكل ابناءها»‪ ،‬فالشريف‬ ‫َ‬ ‫وأنت‬ ‫ال يبيع عرضه وال دينه وال وطنه‪ ،‬فأهالً بك‬ ‫َ‬ ‫في حلب الشهباء‪ ،‬التي أعطت منوذجا ً أروع في‬ ‫األسابيع املاضية‪ ،‬في وفائها وصدقها ومحبة‬ ‫حب على صدر‬ ‫أبنائها لبعضهم البعض‪ ،‬فوسام ٍّ‬ ‫حلبي من قائدنا الرئيس بشار األسد‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫حسون‪« :‬نعم‪ ،‬أرادها الس ّيد القائد قيادة‬ ‫أضاف ّ‬ ‫ُ‬ ‫تواضع كما أوصى‬ ‫أبارك لها لتكون في‬ ‫فرع جديدة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الوزراء أن يكونوا مع الشعب‪ .‬وأرادها أجهزة أمنية‬ ‫خادمة للشعب‪ ،‬ال ضاربة له‪ ،‬رحيمة للشعب‪،‬‬ ‫ال مق ّيدة له‪ .‬فكانت هذه األجهزة مع فرعها‬ ‫ومحافظها ووزاراتها في حلب منوذجا ً للتكامل‬ ‫مع علمائها ورجال دينها‪ ،‬وكانت مساجدها‬ ‫متألقة في احملبة والوفاء‪ ،‬وكنائسها متألقة بالنور‬ ‫والعطاء‪ ،‬وهذه كانت كلمة حب قلناها للعالم‬

‫الوزير وهاب مع الشيخ احمد حسون ود‪ .‬زيدو‬

‫كله‪ ،‬بأ ّن سوريا التي يُراد لها أن تركع‪ ،‬من خالل‬ ‫السنوات العشر املاضية‪ ،‬لن تخضع‪ .‬في السنة‬ ‫شكيت له‬ ‫األولى لقيادته لهذا الوطن‪ ،‬وبعد أن‬ ‫ُ‬ ‫كثرة الواقفني على أبواب السفارات اخلليجية‬ ‫وقلت‪ :‬سيادة الرئيس شبابنا‬ ‫وبعضها األوروبية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫يصطفون على‬ ‫يرحلون‪ ،‬قال‪ :‬أعينوني ألجعل الناس‬ ‫أبواب السفارات السورية ليأتوا إلى سوريا‪ .‬هذه‬ ‫السنوات العشر‪ ،‬هكذا أرادها هذا القائد‪ ،‬وكأن اهلل‬ ‫أنطقه بتلك الكلمة‪ ،‬قالها غير مكتوبة وختم بها‬ ‫في أحد اللقاءات‪ ،‬فقال‪« :‬سوريا اهلل حاميها»‪،‬‬ ‫وميكرون وميكروا اهلل‪ ،‬واهلل خير املاكرين‪ .‬مكروا‬ ‫أوال ً عن طريق لبنان‪ ،‬وقبلها عن طريق العراق‪ ،‬وما‬ ‫قبلها عن طريق املقاومة الفلسطينية التي أرادونا‬ ‫أن نتخلى عنها‪ ،‬و َمن تخلى عن املقاومة تخلى عن‬ ‫حياته‪ ،‬حتى النملة في ثقب األرض تعتز مبقاومتها‬ ‫أمة‬ ‫فأمة ليس فيها مقاومة ّ‬ ‫وبكرامتها وبصدرها‪ّ ،‬‬ ‫ميتة‪ ،‬حتى ال تستحق صالة امليت عليها ألنها ال‬ ‫تقاوم أبداً‪ .‬لذلك‪ ،‬نقول لكل أخوتنا الذين يريدون‬ ‫اإلصالح‪ ،‬إننا معهم في كل خطة لنحارب الفساد‬ ‫خطوة بخطوة ونقول‪ :‬ال تدعوا الفاسدين يركبوا‬ ‫املوجة من جديد‪ ،‬فكثير منهم يحاولون التأنّق‬ ‫سجل َمن هو نظيف‬ ‫بنظافتهم‪ ،‬لكن ال‪ ،‬فالشعب ّ‬ ‫يسجل في التاريخ‬ ‫وطاهر و َمن هو فاسد‪ ،‬وسيبقى‬ ‫ّ‬ ‫عن الفاسدين‪ ،‬وعن الصاحلني الذين نريدهم أن‬ ‫صدق لقائدنا وأجنحة ق ّوة لنسرنا‬ ‫يكونوا أعوان‬ ‫ٍ‬ ‫احمللِّق‪ .‬ال تدعوا الفرصة تفوتنا وقد فتح القائد‬ ‫أبوابها على مصرا َعيها في كل لقاءاته مع الوفود‬ ‫سلوا كل فردٍ منهم كيف فتح صدره‬ ‫الشعبية‪َ ،‬‬ ‫وحن وأ َّن ألملهم‪ ،‬وكيف عاهد أن‬ ‫وكيف استمع‬ ‫ّ‬ ‫األمة التي‬ ‫تكون يده بيدهم لرفع األلم عن هذه ّ‬ ‫يريدون إركاعها»‪.‬‬ ‫وتوجه للحاضرين‪« :‬استثمروا هذه اللحظات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وإ ّياكم أن تهدموها‪ ،‬فإ ّن باب اإلصالح قد بدأ يُفتح‬ ‫على مصراعيه‪ ،‬ولكن هناك َمن ال يريد اإلصالح وال‬ ‫الصالح‪ ،‬هو الذي يقود اآلن حملة القتل واإليذاء‬ ‫والتحريض‪ ،‬ألنهم ال يريدون تعدد أحزاب‪ ،‬وال حرية‬

‫‪31‬‬

‫رأي وال تعدد صحافة وال مجالس شعب منتخبة ح ّرة‪،‬‬ ‫ألنهم إذا لم يستطيعوا أن مينعوها اآلن فستحاسبهم‬ ‫غداً‪ .‬تعالوا نستثمر ما بدأه القائد‪ ،‬وهذا ما قلته في‬ ‫علي‬ ‫قناة اجلزيرة يوم طلبوا أن يحاوروني وهجموا َّ‬ ‫عت منكم أن تقولوا‪،‬‬ ‫لينهشوني‪ ،‬فقلت لهم‪ :‬تو ّق ُ‬ ‫نهنّئ الشعب السوري الذي استطاع بدون دماء وبدون‬ ‫قتل‪ ،‬أن يأخذ كثيرا ً من احلقوق الذي كان القائد أق ّرها‬ ‫قبل أربعني يوم من سقوط هذه الدماء التي ُس َ‬ ‫فكت‪.‬‬ ‫واخلطأ يقع في كثير من األحيان على بعض َمن كانوا‬ ‫يجتمعون بالسيد الرئيس وال ينقلون احلقيقة للناس‬ ‫أرض‬ ‫بأن الرئيس أكد على ضرورة اإلصالح‪ .‬سوريا ٌ‬ ‫باركتها السماء‪ ،‬لذلك أنا متفائل‪.‬‬ ‫حب صادق‬ ‫ّ‬ ‫وتوجه لوهاب‪« :‬ما سمعناه منكم من ٍّ‬ ‫قلت لي‪ :‬لم تذوقوا‬ ‫لسوريا يؤكد على محبتكم‪ ،‬وقد َ‬ ‫مرارة اإلنتقال من شارع آلخر‪ ،‬وال ألم كيف ُوضع بعض‬ ‫أبناء الشعب في الكونتينرات وألقوا في البحر أحياء‪،‬‬ ‫عربي يفعل ذلك‬ ‫هذا ما يحدث اليوم في بعض البالد‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫بحق عربي آخر‪ ،‬فإ ّياكم أن يدخل علينا هذا العدو‪،‬‬ ‫فيشكك بنا ونشكك ببعضنا البعض‪ ،‬تكاملوا‬ ‫ولنتكلم بصدق وإصالح أمام بعضنا البعض‪ ،‬فالنبي‬ ‫(ص) يقول‪« :‬املؤمن مرآة أخيه»‪ ،‬هذه املرآة تعطي‬ ‫الصورة احلقيقية‪ ،‬فكونوا في سالم مع بعضكم‬ ‫البعض‪ ،‬ولسيادة الرئيس أقول‪ :‬ستبقى حلب وسوريا‬ ‫تعمل بج ٍّد ووفاء لإلصالح والوقوف بوجه الفساد‪،‬‬ ‫وسيبقى لبنان ال يخاف أبدا ً أل ّن قلب سوريا النابض إذا‬ ‫نبض فجبال لبنان وجنوبه الطاهر ستبقى دائما ً تضع‬ ‫صدرها أمام صدر سوريا‪ ،‬ودمها أمام دمنا‪ ،‬وستبقى‬ ‫حدود سايكس بيكو حقا ً حتت أقدامنا»‪.‬‬ ‫وقال حسون مق ّلدا ً وهاب عباءة من تراث حلب‪« :‬ارت ِد‬ ‫هذه العباءة السورية وتكلم بها‪ ،‬فنحن نفخر بك»‪.‬‬ ‫كما ق ّدم رئيس غرفة جتارة وصناعة حلب الدكتور‬ ‫حسن زيدو ومحافظ حلب درعني تقديريني لوهاب‬ ‫بإسم جتار حلب ولوحات عن املدينة‪ .‬ول ّبى وهاب‬ ‫دعوت َي عشاء من الدكتور حسن زيدو وجتار‬ ‫حلب‪ ،‬ومن عضو مجلس الشعب السوري أنس‬ ‫الشامي‪.‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫شارك في «خيمة الوفاء للوطن» في الصبورة السورية‬ ‫وهاب‪ :‬سنقاتل بسالحنا وصدورنا لحماية سوريا‬ ‫خرج رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب محموال ً على األكتاف مع صرخات‬ ‫الشباب السوريني بالتأييد والفداء للرئيس‬ ‫السوري بشار األسد‪ ،‬بعد مشاركته في‬ ‫“خيمة الوفاء للوطن” التي أقامها أهالي‬ ‫ريف دمشق في بلدة الص ّبورة السورية‬ ‫تأييدا ً ملسيرة رئيسهم‪ ،‬وتأكيدا ً على وفائهم‬ ‫لوطنهم بوجه املؤامرات‪ ،‬بحضور الشيخ د‪.‬‬ ‫عالء الدين الزعتري ممثال ً ملفتي عام اجلمهورية‬ ‫حسون‪،‬‬ ‫العربية السورية د‪ .‬أحمد بدر الدين ّ‬ ‫رئيس دير مار توما البطريركي األرشمندي جان‬ ‫حنّا‪ ،‬املفكر والباحث الشيخ كميل نصر‪ ،‬وعدد‬ ‫من رجال الدين املسلمني واملسيحيني‪ ،‬الوزير‬ ‫السابق ناصر قنديل‪ ،‬مفكرين وأدباء وفنانني‬ ‫ومهندسني إضافة لعدد كبير من الطالب‬ ‫الشباب‪.‬‬ ‫وكان وهاب قد ألقى كلمة خالل احلملة‬ ‫التضامنية قال فيها‪“ :‬لست هنا ألعطيكم‬ ‫دروساً‪ ،‬فدروسنا في الوطنية نأخذها منكم‬ ‫أنتم ‪ -‬الشعب السوري‪ .‬لكنني بينكم اآلن‬ ‫– وكما يقول باستمرار سماحة املفتي العام‬ ‫الشيخ أحمد بدر الدين حسون ‪ -‬ألنني ال‬ ‫أؤمن بـ “سايكس بيكو”‪ ،‬وال باحلدود بني لبنان‬ ‫وسوريا‪ ،‬وال في كل هذه األمة‪ ،‬فكل الناس‬ ‫أخوتي وكل املدن ُمدني”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬املؤامرة على سوريا كبيرة‬ ‫ومستمرة‪ ،‬ولكنني مطمئن وأعرف بأنكم‬ ‫تثقون بكالمي كما أثق بقدراتكم ووطن ّيتكم‪.‬‬ ‫هذه املؤامرة مستمرة‪ ،‬لكنها ستنتهي‬ ‫لعدة أسباب‪ ،‬أهمها وجود اجليش العربي‬ ‫نوجه كل التحية‪ ،‬جلنوده‬ ‫السوري والذي‬ ‫ّ‬ ‫ورتبائه وضباطه وقادته‪ .‬هذا اجليش الذي منع‬ ‫تقسييم لبنان حتما ً سيمنع اللعب بأمن‬ ‫سوريا‪ .‬فسوريا مستهدفة منذ سنوات‪ ،‬وفي‬ ‫العام ‪ 2006‬قلنا لهم علنا ً بأنه لو دُ ِّمرت كل‬ ‫املنطقة‪ ،‬لن تسقط املقاومة في لبنان‪ ،‬واآلن‬ ‫هلل لو استمروا في استهداف‬ ‫نقول لهم‪ :‬وا ِ‬ ‫سوريا‪ ،‬ستشتعل املنطقة من العراق إلى‬ ‫فلسطني‪ ،‬ولن يبقى َمن يخ ِّبر عنهم كبيرهم‬ ‫وصغيرهم”‪.‬‬ ‫وتوجه للحاضرين‪“ :‬هل تريدون سوريا القوية‬ ‫ّ‬ ‫أو سوريا اخلانعة؟ إذا أردمتوها قوية‪ ،‬قفوا إلى‬ ‫فهم يستهدفونه منذ عشر‬ ‫جانب رئيسكم‪ُ ،‬‬ ‫سنوات‪ ،‬ألنه لم يساوم يوما ً ال عليكم وال على‬ ‫سوريا‪ .‬وعندما أركعت أميركا كل هذه األمة‬ ‫ّ‬ ‫ينظرون‬ ‫وكل الرؤساء الذين ترونهم اليوم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫علينا‪ ،‬بقي بشار األسد واقفا ً كالرمح وحيدا ً‬ ‫ودافع عن كل األمة‪ .‬دعم املقاومة العراقية‪،‬‬ ‫وأطلق الرصاصة األولى على املشروع األميركي‬ ‫في العراق‪ .‬دعم املقاومة الفلسطينية‬ ‫واللبنانية‪ ،‬وك ِذب أن يُقال أنه دعم “مقاومة‬ ‫شيعية” في لبنان‪ ،‬ال بل دعم مقاومة سنّية‬ ‫في فلسطني‪ ،‬ومن ثم شيعية في لبنان‪ .‬كان‬

‫‪32‬‬

‫مع املقاومة مبعزل عن هو ّيتها الدينية‪ ،‬وبدون‬ ‫متييز‪ .‬إذا كنتم تريدون سوريا القوية‪ ،‬الصامدة‪،‬‬ ‫املقاوِمة‪ ،‬سوريا العزّة والكرامة‪ ،‬قفوا مع‬ ‫بلدكم وجيشكم ورئيسكم‪ ،‬وإ ّياكم أن‬ ‫تغامروا بوحدة سوريا‪ ،‬فإذا فعلتم‪ ،‬ستحكمنا‬ ‫“إسرائيل” ملئة عام‪ ،‬ستذ ّلون أنفسكم‬ ‫وتذ ّلون معكم كل الشعب العربي واللبناني‬


‫وجنعل صورته مرفوعة على كل اجلهات‪ .‬نشارك‬ ‫في كل خيمات الوطن‪ ،‬إميانا ً منا بأننا نسعد‬ ‫بغض النظر عن اإلنتماء‬ ‫بتعارفنا ونقوى بتعاوننا‬ ‫ّ‬ ‫العرقي أو املذهبي أو الديني”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬قالها سيادة الرئيس معت ّزاً‪ :‬نحن في‬ ‫موحدين لنكون األمنوذج الطبيعي‬ ‫سوريا ُو ِجدنا‬ ‫ّ‬ ‫للعالقة بني اإلنسانية”‪ ،‬وهو الذي جعل من سوريا‬ ‫ق ّوة تنبع من الوحدة الوطنية‪ ،‬لذلك علينا أن نبينّ‬ ‫للعالم أجمع أ ّن ثوابتنا الوطنية ليست مستعارة‬ ‫بل هي ق ّوتنا وكرامتنا”‪.‬‬

‫بالتحديد‪ .‬سيحكمون كل هذه األمة ونصبح‬ ‫قبائل وطوائف ومذاهب متناحرة‪ ،‬لكننا في‬ ‫اخليار مع األمة وليس مع التناحر داخلها”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬تأكدوا أن أكثرية اللبنانيني‪،‬‬ ‫هم مع سوريا وخائفني عليها وسيقفون إلى‬ ‫هلل سنقاتل‬ ‫جانبها‪ ،‬من هنا أقول لكم‪ :‬وا ِ‬ ‫بأيدينا وسالحنا وصدورنا حلماية سوريا‪ ،‬ولن‬ ‫نتركها تسقط”‪.‬‬

‫الزعتري‪ :‬لن نتخلى عن الوطن‬ ‫مهما حاولوا متزيقه‬

‫قنديل‪ :‬ال استقرار في لبنان إذا‬ ‫اهت ّز استقرار سوريا‬ ‫بد للوحدة في سوريا أن تُعزّز وتُصان‪ ،‬خاصة وأ ّن‬ ‫ويوحدها‪ ،‬قائ ٌد‬ ‫رباطا ً من اإلميان واحملبة يجمعها‬ ‫ّ‬ ‫مقدا ٌم يقودها ويرعاها‪ ،‬كي نكون على إدراك ملا‬ ‫يُحاك لنا من ِق َبل أعداء اهلل‪ ،‬والصهيونية احلاقدة‬ ‫على املسيحية واإلسالم‪ .‬نناشد أخوتنا أن نعمل‬ ‫معا ً في هذه الظروف الصعبة‪ ،‬كي نحافظ على‬ ‫وحدتنا العربية السورية‪ ،‬ووحدتنا اإلسالمية ‪-‬‬ ‫املسيحية”‪.‬‬

‫الشيخ نصر‪ :‬الرئيس األسد جعل‬ ‫سوريا قوّية‬ ‫كما ألقى الشيخ د‪ .‬عالء الدين الزعتري ممثالً‬ ‫املفتي العام للجمهورية العربية السورية د‪.‬‬ ‫حسون‪ ،‬كلمة جاء فيها‪ :‬نستقبل‬ ‫أحمد بدر الدين ّ‬ ‫في هذا اللقاء أبناء العروبة من لبنان الشقيق‪،‬‬ ‫ونحمد اهلل أن جاءت هذه احملنة لتكشف لنا أن‬ ‫لبنان مازال ينبض ح ّبا ً لسوريا‪ ،‬فالقلب في اجلسد‬ ‫الواحد ال يتف ّرق‪.‬‬ ‫العنوان هو “خيمة الوفاء للوطن”‪،‬‬ ‫فـ”اخليمة” مظ ّلة جتمع الكل وحتوي الشمل‬ ‫جميعاً‪ ،‬و”الوفاء” قيمة إنسانية عالية يعرف‬ ‫غال ال‬ ‫قدرها َمن أدرك معناها‪ ،‬والوطن كبي ٌر ٍ‬ ‫يتخلى عنه اإلنسان مهما حاول أعداء األمة‬ ‫والوطن متزيقه”‪ ،‬ناقال ً حتيات سماحة املفتي‬ ‫العام للحضور‪.‬‬

‫ح ّنا‪ :‬فلنحافظ على وحدتنا‬ ‫املسيحية ‪ -‬اإلسالمية‬ ‫أما كلمة رئيس دير مار توما البطريركي‬ ‫األرشمندي جان حنّا‪ ،‬فجاء فيها‪“ :‬لقد جعل‬ ‫الرئيس األسد سوريا موطنا ً للتسامح واحملبة‪ .‬وال‬

‫وكانت كلمة للكاتب والباحث الشيخ كميل‬ ‫نصر‪ ،‬قال فيها‪“ :‬هي ليست خيمة وطن في‬ ‫الص ّبورة فقط‪ ،‬ال بل على كل شبر من أرض سوريا‬ ‫هناك خيمة وطن‪ .‬تعالوا جميعا ً لنجعل من إسم‬ ‫القائد بشار األسد‪ ،‬أنشودة على صدر كل سوري‪،‬‬

‫‪33‬‬

‫ومما جاء في كلمة الوزير السابق ناصر‬ ‫قنديل‪“ :‬نحن هنا بينكم لنقول لكم ما قالته‬ ‫لنا سوريا في األيام العجاف‪ ،‬يوم عصفت احملَن‬ ‫بلبنان‪ ،‬ووقفت سوريا رئيسا ً ودولة وشعبا ً‬ ‫فقالت لنا‪“ :‬لستم وحدكم”‪ .‬نحن هنا اليوم‬ ‫لنقول لكم‪“ :‬لستم وحدكم”‪ .‬نحن هنا‬ ‫لنقول لكم بأنه عندما ت ُستهدف سوريا فإن‬ ‫األمة كلها مستهدفة‪ ،‬وإننا ال نقف وقفة‬ ‫تضامن ال بل ندافع عن وحدة سوريا ألننا‬ ‫بأن ال وحدة للبنان إذا اهتزّت سوريا‪،‬‬ ‫مدركون ّ‬ ‫وال استقرار في لبنان إذا اهت ّز االستقرار في‬ ‫سوريا‪ ،‬التي ت ُستَهدف اليوم بسبب وقفتها‬ ‫مع املقاومة في لبنان وفلسطني والعراق‬ ‫ولكن حتما ً سيكون لنا مواعيد ال تنتهي‬ ‫حتى يعود اجلوالن عربيا ً سوريا ً أبياً”‪.‬‬ ‫وقدم اإلحتفال الكاتب والفنان الياس احلاج‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكانت كلمة بإسم الفنانني املشاركني ألقاها‬ ‫الفنان زهير عبد الكرمي‪.‬‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫وهاب بعد استقباله شيباني‪ :‬أي تدخل عدواني تجاه سوريا‬ ‫سيكون يوم القيامة في المنطقة‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬في منزله في بيروت‪ ،‬معاون وزير‬ ‫اخلارجية اإليرانية محمد رضا شيباني‪ ،‬يرافقه‬ ‫سعادة سفير اجلمهورية اإلسالمية في لبنان‬ ‫غضنفر ركن أبادي‪ ،‬ورئيس دائرة الشرق األوسط‬ ‫في وزارة اخلارجية اإليرانية الس ّيد فردوسي بور‪،‬‬ ‫وعدد من الوفد املرافق لـ”شيباني”‪ ،‬بحضور‬ ‫مستشار وهاب األستاذ ياسر الصفدي‪.‬‬

‫شيباني‬ ‫وبعد اللقاء‪ ،‬ص ّرح شيباني قائالً‪« :‬كانت فرصة‬ ‫طيبة وثمينة أتيحت لنا لزيارة معالي الوزير وهاب‪،‬‬ ‫بحيث كان لنا جولة أفق حول مختلف التطورات‬ ‫السياسية اجلارية على املستوى اإلقليمي‪ ،‬حيث‬ ‫استأنسنا بسماع رأيه السديد جتاه كل هذه‬ ‫التطورات واملجُ ريات‪ .‬وبطبيعة احلال فإ ّن معاليه من‬ ‫الشخصيات السياسية الوطنية الوازنة‪ ،‬املوجودة‬ ‫في محور املقاومة واملمانعة‪ ،‬وله أيادٍ بيضاء‬ ‫حتدي‬ ‫وإسهامات إيجابية وبنّاءة جدا ً في مجال ّ‬ ‫وكسر شوكة املؤامرات األميركية والصهيونية‬ ‫تشن ضد دول املنطقة وشعوبها»‪.‬‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫أضاف‪“ :‬لقد كانت وجهات النظر متفقة حول‬ ‫أ ّن التطورات التي شهدناها على مستوى الشارع‬ ‫العربي في هذه املنطقة‪ ،‬خاصة التح ّركات‬ ‫الشعبية في تونس أوال ً ومصر ثانياً‪ ،‬وما نتج‬ ‫عنها يُعتبر فرصة مؤاتية جدا ً تُضاف إلى رصيد‬ ‫محور املقاومة واملمانعة في املنطقة‪ ،‬كما تتيح‬ ‫لشعوب هذه املنطقة أن يكون لها كلمة الفصل‬ ‫والقرار في مستقبلها ومصيرها املشرق‪ .‬كما‬ ‫اتفقنا على أ ّن الغرب والواليات املتحدة األميركية‬ ‫والكيان الصهيوني مازالوا يكيدون املكائد‬ ‫ويد ّبرون املؤامرات في اخلفاء ضد دول وشعوب‬ ‫محور املقاومة واملمانعة في هذه املنطقة‪،‬‬ ‫وهذا األمر يتطلب أكثر من أي وقت مضى‪،‬‬ ‫وحدة الصف والكلمة بني كل الدول والشعوب‬ ‫األبية والشريفة التي تنتمي لهذا احملور من أجل‬ ‫كسر شوكة هذه املؤامرات الغربية األميركية‬ ‫الصهيونية املشتركة»‪.‬‬ ‫وختم شيباني‪“ :‬شرحنا ملعاليه بإسهاب‬ ‫مفصل املواقف الرسمية للجمهورية‬ ‫وبشكل‬ ‫ّ‬ ‫واملستجدات‬ ‫التطورات‬ ‫كل‬ ‫جتاه‬ ‫اإليرانية‬ ‫اإلسالمية‬ ‫ّ‬ ‫السياسية املتعلقة بالساحة اللبنانية‪ ،‬فأكدنا‬ ‫على املوقف اإليراني الدائم في مجال دعم الوحدة‬ ‫الوطنية بني كافة أبناء الشعب اللبناني العزيز‪،‬‬ ‫وع ّبرنا أيضا ً عن وجهة النظر اإليرانية الداعية إلى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلسراع في تشكيل احلكومة اللبنانية العتيدة»‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال حول قراءته خلطاب الرئيس‬ ‫األميركي باراك أوباما خاصة فيما يتعلق بالقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬أجاب شيباني‪“ :‬هذه ليست املرة‬ ‫األولى التي حتاول فيها الواليات املتحدة األميركية‬ ‫وصفات للقضية الفلسطينية‪ ،‬وهذا‬ ‫كتابة ْ‬ ‫األمر مفاده أنها ال تدرك حقيقة أوضاع املنطقة‬ ‫وال حقيقة الوضع الفلسطيني بالتحديد‪ .‬فلو‬ ‫تستطيع الواليات املتحدة األميركية بالفعل‬ ‫التأثير في هذا املسار‪ ،‬لكانت قادرة على‬ ‫الضغط على الكيان الصهيوني ومنعه من‬ ‫بناء املستوطنات اإلسرائيلية اليهودية اجلديدة‪.‬‬ ‫فعندما تعجز الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬عن‬ ‫احليلولة دون بناء أربع مستوطنات إسرائيلية‪ ،‬يدل‬ ‫ذلك على العجز والضعف الكامل الذي يعتري‬ ‫هذه السياسة األميركية‪ .‬أما الصراخ والعويل فال‬ ‫يجدي نفعاً‪ ،‬األمر الوحيد اجملدي هو إرادة الشعوب‬ ‫األبية واحل ّرة واملستقلة املوجودة في هذه املنطقة‬ ‫تستمد‬ ‫وهي أيضا ً إرادة احلكومات واألنظمة التي‬ ‫ّ‬ ‫شرعيتها من اإلرادة الشعبية‪ .‬عندما تبادر أميركا‬ ‫إلى استصدار القرارات الدولية بحق هذه الدولة‬ ‫أو تلك‪ ،‬فذلك يدل على الضعف األميركي‪ .‬هم‬ ‫يعرفون أكثر من غيرهم أ ّن هذه الدول املقاوِمة‬ ‫والصامدة واملمانعة قد استطاعت من خالل هذه‬ ‫القرارات والعقوبات الدولية‪ ،‬أن تصل إلى مرحلة‬ ‫اإلكتفاء الذاتي وأن حتقق النمو والتطور في كافة‬ ‫اجملاالت‪ .‬واجلمهورية اإلسالمية اإليرانية رمبا لو لم‬

‫‪34‬‬

‫تكن قد تع ّرضت ملثل هذه العقوبات األميركية‬ ‫والغربية‪ ،‬لكانت حتى اآلن بقيت ُمرتهنة لإلرادة‬ ‫الغربية‪ ،‬ولكن بفضل هذه العقوبات وجدت‬ ‫نفسها مضطرة لإلعتماد على قواها الذاتية‪،‬‬ ‫وبناء نفسها بنفسها‪ ،‬وبناء إرادتها الوطنية احل ّرة‬ ‫املستقلة»‪.‬‬ ‫وحول رأيه بأحداث سوريا‪ ،‬واملوقف التركي في‬ ‫هذا اإلطار‪ ،‬قال شيباني‪“ :‬بإمكاننا مقاربة ما‬ ‫يجري في سوريا‪ ،‬من بعدين‪ :‬البعد األول يتعلق‬ ‫باإلحتياجات املوجودة لدى الشعب السوري‪ ،‬علما ً‬ ‫أ ّن القيادة السورية تعترف بهذه املتطلبات‪ ،‬وهي‬ ‫عبارة عن اإلصالحات والتعديالت واملطالب احلياتية‬ ‫التي يجد الشعب السوري أنه بحاجة إليها‪،‬‬ ‫إال أ ّن طريقة تعاطي القيادة السورية مع هذه‬ ‫املتطلبات الشعبية أظهرت مستو ًى راقيا ً من‬ ‫الوعي واحلكمة واإلدراك حلقيقة هذه املتطلبات‬ ‫وجتاوبا ً كبيرا ً إلجراء اإلصالحات الالزمة‪ .‬أما البعد‬ ‫اآلخر‪ ،‬فيتمثل باملؤامرات البغيضة التي تتعرض‬ ‫لها شعوب املنطقة ودولها‪ ،‬وخاصة الشعوب‬ ‫والدول التي تقع في محور املقاومة واملمانعة‪ ،‬من‬ ‫ِق َبل الغرب‪.‬‬ ‫وبطبيعة احلال فسوريا مت ّيزت مبواقفها الصلبة‬ ‫واملتماسكة طوال الفترة املاضية‪ ،‬في مجال‬ ‫دعم ومؤازرة وحماية املقاومة جتاه املؤامرات‬ ‫الغربية والصهيونية‪ ،‬ومن الطبيعي أن الغرب‬ ‫والكيان الصهيوني لن يترك الدول الداعمة‬ ‫للمقاومة والعاملة على كسر شوكة املؤامرات‬


‫األميركية والغربية الصهيونية مرتاحة البال‪.‬‬ ‫ونحن على ثقة تامة أنه بفضل الوعي والدراية‬ ‫واحلكمة لدى القيادة السورية‪ ،‬وجتاوب الشعب‬ ‫السوري مع قيادته وحكومته‪ ،‬والتواصل املباشر‬ ‫واحلوار الهادىء والبنّاء والتعاون اإليجابي ما بني‬ ‫القيادة والقاعدة الشعبية‪ ،‬سوف تتحقق كل‬ ‫املطالب واإلصالحات والتعديالت التي ينشدها‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬وبالتالي فإن سوريا ستتمكن‬ ‫من كسر شوكة املؤامرة الغربية الصهيونية‬ ‫التي تستهدفها وتستهدف كل دول املمانعة‬ ‫واملقاوِمة في املنطقة‪ .‬أما فيما يتعلق بالدور‬ ‫التركي‪ ،‬فأعتقد أ ّن تركيا تستطيع القيام بدور‬ ‫أكثر إيجابية»‪.‬‬

‫وهاب‬ ‫حتدث وهاب‪ ،‬فقال‪« :‬ربطتنا مبعالي الوزير‬ ‫ثم ّ‬ ‫عالقة طويلة خاصة وأنه كان نصيرا ً قويا ً‬ ‫للمقاومة في لبنان في أصعب األوقات‪ ،‬وطبعا ً‬

‫هو مستمر في هذا الدور من خالل موقعه داخل‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ .‬كما بحثنا عددا ً‬ ‫من األمور‪ ،‬ونحن متفقون على ضرورة تشكيل‬ ‫احلكومة اللبنانية بأسرع وقت‪ .‬طبعا ً سمعنا‬ ‫باألمس بيان السفارة األميركية الذي يقول بأ ّن‬ ‫املوقف األميركي يتحدد من احلكومة اجلديدة‪ ،‬بنا ًء‬ ‫على موقف بيانها الوزاري في موضو َعي املقاومة‬ ‫واحملكمة الدولية‪ .‬وهنا أقول ملوظفي السفارة‬ ‫األميركية في بيروت‪ :‬ستتشكل احلكومة ولكنها‬ ‫لن تتعاون مع احملكمة الدولية إذا كانت تستهدف‬ ‫فريقا ً لبنانيا ً أساسيا ً هو املقاومة‪ ،‬وستكون‬ ‫داعمة لها أل ّن ال وجود للبنان بدون املقاومة‪ .‬هذا‬ ‫اجلواب ردا ً عليهم بإسم كل الفريق الذي منثله‬ ‫وحتى قبل تشكيل احلكومة»‪.‬‬ ‫“حتدثنا أيضا ً حول التحركات‬ ‫وأضاف وهاب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الشعبية التي حتصل في الوطن العربي‪ ،‬وهي‬ ‫تصب في خدمة املقاومة‪ ،‬ومحور‬ ‫حركات‬ ‫ّ‬ ‫املمانعة‪ ،‬وطبعا ً إطمأنّينا بوجود معاليه إلى‬ ‫القوة التي تشكلها اجلمهورية اإلسالمية‬

‫اإليرانية في املنطقة‪ ،‬والتوازن الذي حتدثه مع‬ ‫اآلحادية األميركية التي تعربد في كل مكان‪،‬‬ ‫وعندما تصل إلى هذه املنطقة‪ ،‬طبعا ً سيكون‬ ‫أمامها عقبة كبيرة هي هذا احملور املمانع‪ ،‬واليوم‬ ‫سوريا مستهدفة بسبب هذه العقبة التي‬ ‫تشكلها أمام الهجمة األميركية‪ ،‬ولكن طبعا ً‬ ‫على اجلميع أن يعلم أ ّن العدوانية األميركية‬ ‫وبعض العدوانية الغربية جتاه سوريا‪ ،‬لن تؤثر‬ ‫في موقف وخيارات األخيرة‪ ،‬ويجب أن يعلموا بأ ّن‬ ‫أي تدخل عدواني جتاه سوريا أكان من األقربني أم‬ ‫من األبعدين‪ ،‬سيكون يوم القيامة في املنطقة‪،‬‬ ‫عليهم أن يعلموا بأ ّن حماية سوريا هي مسؤولية‬ ‫كل محور املقاومة واملمانعة ولن يتأخر أحد في‬ ‫منع أي تدخّ ل أجنبي غادر بحقها‪ ،‬بالرغم مما قاله‬ ‫معالي الوزير بأ ّن سوريا بحاجة إلصالح‪ ،‬وهذا‬ ‫كان رأي الرئيس األسد منذ البداية وهي بحاجة‬ ‫لكثير من التطوير‪ ،‬ولكن التغيير شيء والتخريب‬ ‫شيئ آخر‪ ،‬ولن يقف أحد منا متف ّرجا ً على عملية‬ ‫التخريب التي حتصل اآلن في سوريا»‪.‬‬

‫التقى رئيس المجلس السياسي لـ «حزب هللا» السيد إبراهيم أمين السيد‬ ‫وهاب‪ :‬كالم أوباما أعاد التأكيد على أهمية المحكمة الدولية لـ «إسرائيل»‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب يرافقه مستشاره ياسر‬ ‫الصفدي‪ ،‬رئيس اجمللس السياسي في “حزب اهلل” الس ّيد إبراهيم أمني‬ ‫الس ّيد‪ ،‬بحضور احلاج محمود قماطي‪.‬‬ ‫و بعد اللقاء‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬كانت جولة أفق مع األخوة في اجمللس السياسي‬ ‫حول مجمل القضايا املطروحة‪ ،‬وأريد لفت اإلنتباه إلى أ ّن الكالم الذي أدلى‬ ‫به الرئيس األميركي باراك أوباما جاء لتأكيد املؤكد‪ ،‬حول إتهام “حزب اهلل”‬ ‫باالغتياالت‪ ،‬ونحن بعد عشرات الوقائع التي أكدت لنا إسرائيلية هذه‬ ‫احملكمة‪ ،‬شاهدنا كيف أ ّن أوباما يريد اإلعتذار أمام “إسرائيل” في منظمة‬ ‫“اإليباك”‪ ،‬وهذا اإلعتذار شمل إتهام “حزب اهلل”‪ ،‬وهذا جاء لنرى كم تُستعمل‬ ‫مهمة في‬ ‫محكمة الرئيس رفيق احلريري من ِق َبل اإلسرائيليني‪ ،‬وكم أنها‬ ‫ّ‬ ‫السياسة اإلسرائيلية‪ ،‬كي يقوم أوباما بتبرير أمرين أمام املنظمة‪ :‬أوال ً‬ ‫حديثه عن حدود ‪ 67‬والدولة الفلسطينية املستقلة‪ ،‬وثانيا ً إتهام “حزب اهلل”‬ ‫باإلغتياالت السياسية‪ .‬لذلك فإن تصريحه أتى ليؤكد رأينا منذ سنوات‬ ‫بإسرائيلية هذه احملكمة‪ ،‬وبأننا كلبنانيني غير قادرين على التعاون معها‪،‬‬ ‫خاصة وأنها تستهدف بإتهاماتها أكثر من نصف اللبنانيني‪ .‬كنا نعلم منذ‬ ‫سنوات ما سيخرج عن احملكمة الدولية من إتهامات‪ ،‬وبالطبع األميركيون‬ ‫كانوا س ّباقني ‪ -‬كما كان فيلتمان منذ العام ‪ - 2007‬بإتهام “حزب اهلل” في‬ ‫مجالسه اخلاصة‪ .‬باألمس‪ ،‬أتى كالم أوباما إلعادة تأكيد هذا اإلتهام والتبنّي‬ ‫للحاجة اإلسرائيلية لذلك”‪.‬‬ ‫حتدثنا مع سماحة الس ّيد عن املوضوع الداخلي اللبناني‬ ‫وتابع‪“ :‬كذلك ّ‬ ‫وضرورة اإلسراع بتشكيل احلكومة‪ ،‬أل ّن الناس لم تعد تستطيع اإلنتظار‬ ‫ّ‬ ‫معطلة‪ .‬وعلى كل الذين يعملون للتشكيل أن يعلموا أنه‬ ‫أكثر‪ ،‬فمصاحلها‬ ‫ال يجوز أن يتم التعامل مع العماد ميشال عون بقلة ذوق وأدب في موضوع‬ ‫التشكيل‪ ،‬فأن يؤخذ أسماء من فرقاء آخرين بدون مناقشتها وبدون مناقشة‬ ‫احلقائب‪ ،‬وعندما يأتي الدور للعماد ميشال عون‪ ،‬يريدون مناقشة احلقائب‬ ‫واألسماء‪ ،‬أعتقد أ ّن ذلك يشكل قلة أدب مع الكتل التي ك ّلفت البعض‬

‫بتشكيل احلكومة‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬أما بالنسبة جلولة السفير فيلتمان‪ ،‬وبحسب ما تس ّرب‬ ‫في بعض الصحف‪ ،‬فحسنا ً فعل بعض املسؤولني برفض نظرية مساهمة‬ ‫لبنان في حصار سوريا‪ ،‬التي أثبتت أنها قوية مبواجهة املؤامرة التي حتاك‬ ‫ضدها‪ ،‬لذلك يبدو أنهم ذاهبون إلى خيار آخر هو محاصرتها والضغط‬ ‫ّ‬ ‫عليها‪ ،‬من خالل استعمال الساحة اللبنانية لذلك‪ ،‬وحسنا ً فعلوا عندما‬ ‫أبلغوا فيلتمان بأ ّن هذا األمر ال ميكن أن يحصل ألنه يأتي بالضرر للبنان‪.‬‬ ‫نرفض أن يفكر أحد في لبنان باملساهمة بعملية حصار سوريا‪ ،‬ألنه حتما ً‬ ‫سينقلب على لبنان‪ ،‬فلبنان بحاجة للحدود البرية مع سوريا‪ ،‬وسيتضرر‬ ‫أكثر في حال متّ التجاوب مع هذه املطالب األميركية”‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫ك َّر َم اإلعالمي غسان بن ج ّدو بحضور شخصيات في الجاهلية‬

‫وهاب ‪ :‬اتخذ الموقف الممانع لقلب الحقائق بوجه األعداء‬ ‫ألنه أبى أن يكون مساهماً في اإلنقالب‬ ‫على القضية العربية‪ ،‬ألنه عمل واليزال‬ ‫وتفان في مهمّ ته اإلعالمية‪ ،‬ألنه‬ ‫بإخالص‬ ‫ٍ‬ ‫كان الصحافي القدير‪ ،‬واملتميّز بإطالالته‬ ‫وعالقاته وتعامله مع ضيوف برامجه‬ ‫ومشاهديه‪ ،‬لذلك كان هو‪ ،‬غسان بن ج ّدو‪،‬‬ ‫التونسي الد ّم‪ ،‬واللبناني الهوى‪ ،‬والعربي‬ ‫اإلنتماء‪ ،‬الذي متيّز على شاشة اجلزيرة‪،‬‬ ‫فتميّزت معه‪.‬‬ ‫ما الذي حصل؟ ال لم يتغيّر بن ج ّدو‪،‬‬ ‫لم تتغيّر قناعاته الوطنية العروبية‪ ،‬لم‬ ‫يخسر الشهامة واملروءة التونسية‪ ،‬لم‬ ‫يتوا َن عن إكمال مسيرته اإلعالمية بكل‬ ‫أمانة وجترّد‪ ،‬وإيصال احلقائق مبوضوعيته‬ ‫املعهودة‪ ،‬مَن تغيّر هو بعض ّ‬ ‫احلكام العرب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مالكي القنوات التي تشرى وتباع‬ ‫وبعض‬ ‫ِ‬ ‫بعيدا ً عن القواعد اإلعالمية السليمة‪،‬‬ ‫ومبادئها األخالقية واإلنسانية‪.‬‬ ‫كان وسيبقى‪ ،‬داعماً للشعوب‬ ‫املظلومة‪ ،‬مناصرا ً لكل التحرّكات املطلبية‬ ‫ّ‬ ‫احملقة‪ ،‬ومؤيّدا ً للقضايا العربية الوطنية‬ ‫وخاصة القضية األساس “فلسطني”‪.‬‬ ‫ملاذا ُكر ِّ َم غسان بن جدو؟ ألجل كل ذلك‪،‬‬ ‫وأكثر‪ .‬ألنه كان وسيبقى حتماً‪ ،‬اإلعالمي‬ ‫املتميّز‪ ،‬والصوت الراعد بوجه األخطاء‬ ‫والظلم‪ ،‬بوجه األعداء واملتآمرين معهم‬ ‫على الشعب والتاريخ والتراث العربي‪،‬‬ ‫ومعهم في البدء على املقاومة إن في لبنان‬ ‫أو فلسطني أو العراق أو غيرها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬كرّم رئيس حزب “التوحيد‬ ‫العربي” الوزير وئام وهاب في منزله في‬ ‫اجلاهلية‪ ،‬اإلعالمي غسان بن جدو تقديراً‬ ‫ملواقفه اإلعالمية والوطنية والقومية‪،‬‬ ‫وتأكيدا ً على الوقوف إلى جانبه برأيه‬ ‫السديد وثقافته املميزة‪ ،‬ووقوفه إلى جانب‬ ‫كل مَن هو “عدو” لـ “إسرائيل” وحلفائها‬ ‫في الغرب‪ ،‬وهذا ما ش ّددت عليه الكلمات‬ ‫التي ألقيت خالل التكرمي‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪36‬‬


‫د‪ .‬فايز شكر‪:‬‬ ‫متى كانت سوريا بخير‬ ‫يعني أن العرب واملقاومة بخير‬

‫وكانت كلمة بإسم األحزاب لألمني القطري‬ ‫حلزب البعث د‪ .‬فايز شكر قال فيها‪“ :‬نلتقي‬ ‫اليوم في حضرة األخ والرفيق والصديق وئام وهاب‬ ‫رجل من رجاالت األمة الكبار وعلم من‬ ‫لتكرمي‬ ‫ٍ‬ ‫أعالم اإلعالم العربي امللتزم الذي اختصر مبواقفه‬ ‫اجلريئة نبض جيل املقاومة في زمن التردي‬ ‫والتخاذل والتآمر العربي‪ ،‬و َمن أحق من املناضل‬ ‫العربي غسان بن جدو بهذا التكرمي؟ املناضل الذي‬ ‫لم ينطلق يوما ً من خلفية شخصية أو مصلحة‬ ‫ذاتية‪ ،‬إمنا من إحساس قومي وإرادة واعية بأ ّن‬ ‫املعركة مع العدو ليست في جبهات القتال‬ ‫وحسب‪ ،‬فكان سالحه الكلمة احل ّرة‪ ،‬وقف إلى‬ ‫جانب املقاومة في ميدان املواجهة‪ ،‬وأسهم في‬ ‫تعبئة اجلماهير معنويا ً ونفسيا ً ّ‬ ‫وبث روح املقاومة‬ ‫فيهم‪ ،‬كما أسهم في صنع النصر‪ ،‬فاستحق عن‬ ‫جدارة لقب “أمير اإلعالم املقاوم” الذي سيرتبط‬ ‫إسمه بصنّاع التاريخ اخلالدين في ذاكرة الزمن”‪.‬‬ ‫وتابع شكر‪“ :‬إننا اليوم أمام إمتحان كبير‬ ‫وقاس‪ ،‬فإما أن نترك لتطور االحداث أن يفرض‬ ‫ٍ‬ ‫علينا االستسالم وهذا ما نرفضه جميعاً‪ ،‬وإما أن‬ ‫نثبت للعمالء أننا أهل احلياة‪ ،‬وأصحاب حق حتى‬ ‫نستطيع الذود عنه‪ .‬فالكل يجمع على خطورة‬ ‫الهجمة التي تتعرض لها املنطقة بشعبها‬ ‫لكن اختبار سوريا بالذات هو‬ ‫وخيراتها وقرارها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفصل األخطر من فصول املؤامرة اخلارجية‪،‬‬ ‫ألنهم يعرفون متاما ً مكانة سوريا في املنطقة‪،‬‬ ‫ودورها املمانع ألطماعهم‪ .‬إ ّن ما تتعرض له‬ ‫سوريا ورئيسها الدكتور بشار األسد‪ ،‬وما يتوقع‬ ‫أن يتواصل ضده‪ ،‬هو نفسه ما تع ّرض له قائد‬ ‫املقاومة بعد اإلنتصار الكبير في متوز ‪ ،2006‬من‬ ‫محاوالت غربية وإسرائيلية وأميركية لتشويه‬ ‫صورته بل وصورة “حزب اهلل” في لبنان والعالم‬ ‫العربي‪ ،‬وهذا ما يعملون عليه اليوم وباعتراف‬ ‫غب الطلب إلى‬ ‫السيء الذكر فيلتمان احلاضر ّ‬ ‫ّ‬

‫رئيس الرابطة االدبية يوسف ابو ذياب يقدم درعا ً لنب جدو‬

‫رئيس البلدية امني ابو ذياب واعضاء اجمللس البلدي يقدمون درعا ً لنب جدو‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫لبنان بتحويلهم ‪ 500‬مليون دوالر لتشويه هذه‬ ‫الصورة‪ ،‬واليوم املبلغ أضعاف مضاعفة‪ ،‬وطبعا ً‬ ‫كلها من مال البترول العربي الذي هو ملك‬ ‫السيء الذكر وأتباعه‬ ‫كل العرب‪ ،‬ولكن ليعلم‬ ‫ّ‬ ‫مجموعة ‪ 14‬شباط في لبنان‪ ،‬أن كل املؤسسات‬ ‫والفنادق دون استثناء‪ ،‬ترفض أن تكون منبرا ً‬ ‫للشتّامني واإلنقالبيني واملتآمرين على سوريا”‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬أريد أن أطمئن كل األحرار والشرفاء‬ ‫والعرب اخلائفني على سوريا واملقاومة‪ ،‬أ ّن الوضع‬ ‫في سوريا جيد‪ ،‬ومتى كانت سوريا بخير يعني أن‬ ‫العرب واملقاومة بخير‪ .‬و َمن عليه أن يخاف هم‬ ‫املتآمرون أنفسهم في الداخل واخلارج‪ ،‬فاللعبة‬ ‫انتهت وسوريا األسد قالت كلمتها‪ :‬املقاومة‬ ‫خيار نهائي ال عودة عنه‪ ،‬واألمن القومي العربي‬ ‫خط أحمر ال مساومة عليه”‪.‬‬ ‫نحيي فيك‬ ‫“إننا‬ ‫جدو”‪:‬‬ ‫متوجها ً لـ”بن‬ ‫وختم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شجاعتك ونعتز مبواقفك‪ ،‬ونقدر تضحياتك‪ ،‬كلنا‬ ‫مهمتك”‪.‬‬ ‫معك وستجد منا كل العون في‬ ‫ّ‬

‫محمود قماطي‪ :‬غسان بن جدو‪،‬‬ ‫إعالمي مقاوم أصيل أثبت ذلك‬ ‫بالعمل والفعل‬

‫حتدث نائب رئيس اجمللس السياسي في‬ ‫ثم ّ‬ ‫“حزب اهلل” احلاج محمود قماطي فقال‪“ :‬في‬ ‫عيد املقاومة والتحرير كل عام وأنتم بخير‪،‬‬ ‫أمتنا ووطننا‪،‬‬ ‫في هذه احملطة الهامة من تاريخ ّ‬ ‫نستذكر دور اإلعالم في حالة احلرب كما هو‬ ‫في حالة السلم‪ ،‬ولكنني هنا أريد التركيز‬ ‫على محطة أساسية كانت نتيجة إلنتصار‬ ‫املقاومة في ‪ 25‬أيار عام ‪ ،2000‬فكانت النتيجة‬ ‫التحضير واالستعداد لضرب املقاومة وسحقها‬ ‫في متوز من العام ‪ .2006‬وهنا‪ ،‬عندما تآمر العالم‬ ‫كله على املقاومة من القرار األميركي إلى‬ ‫الدعم األوروبي والصمت العربي‪ ،‬إلى التنفيذ‬ ‫االسرائيلي إلى التواطؤ اللبناني‪ ،‬كانت النتيجة‬ ‫أن هذه املقاومة هي التي انتصرت وأن أميركا‬ ‫و”إسرائيل” ُهزمتا‪ ،‬وهنا أصل إلى دور اإلعالم في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تلك الفترة‪ ،‬كان له دور هام وأساسي‪ ،‬كان غسان‬ ‫بن جدو اإلعالمي املقاوم واملقاتل بالكاميرا‬ ‫والكلمة والتقرير والتعبئة وبإيصال كلمة احلق‬ ‫وأجواء احلق للعالم كله”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬من هناك ُعرف هذا املعدن األصيل في‬ ‫اإلعالم‪ ،‬ونحن اليوم نفتقر إلى هذا الدور في أجواء‬ ‫نرى أن املقاومة ما تزال مستمرة‪ ،‬وخصوصا ً عندما‬ ‫جند أن في متوز ‪ ،2006‬كان السالح هو األساس‪،‬‬ ‫والقوة والعنف والدم والنار هو األساس للقضاء‬ ‫على املقاومة‪ ،‬وفشل كل ذلك‪ ،‬أما اليوم فاإلعالم‬ ‫هو السالح املُستخدم ضد املقاومة والدول‬ ‫الداعمة لها‪ ،‬في املؤامرة اجلديدة‪ .‬نحن حتى اليوم‬ ‫لم نصل إلى إجماع وطني في لبنان ألن فريقا ً‬ ‫لبنانيا ً يص ّر باستمرار أن يكون آداة للمخطط‬ ‫األميركي واإلسرائيلي في لبنان‪ ،‬ولم يتعلم كيف‬ ‫يعود إلى رشده وضميره‪ ،‬ولكن نقول لكل هؤالء‬ ‫أن الثورات العربية التي انطلقت أفرزت معادالت‬ ‫جديدة‪ ،‬وانضمام جديد في املنطقة لصالح‬ ‫املقاومة”‪.‬‬ ‫وحول ما يحدث في سوريا‪ ،‬قال قماطي‪:‬‬ ‫“ننظر إلى سوريا من الزاوية املقاومة والقومية‪،‬‬ ‫سوريا حملت الثوابت العربية ووقفت بوجه‬ ‫املشروع األميركي‪ ،‬ودعمت املقاومة في فلسطني‬ ‫واحتضنت كل الفصائل الفلسطينية التي‬ ‫رُفضت من كل العالم العربي‪ ،‬ودعمت املقاومة‬ ‫في لبنان‪ ،‬لذلك استُهدفت سوريا‪ ،‬وما يحصل‬ ‫فيها ليس أمرا ً عفوياً‪ ،‬ولكنها ستتنتصر‪ ،‬وتعود‬ ‫قوية وستبقى في اخلط املمانع ورائدة العالم‬ ‫العربي بق ّوتها ونهجها العروبي القومي املمانع”‪.‬‬ ‫وختم‪“ :‬أح ّيك يا غسان بن جدو‪ ،‬بإسم املقاومة‪،‬‬ ‫أثبت ذلك بالعمل والفعل‪،‬‬ ‫إعالميا ً مقاوما ً أصيالً ّ‬ ‫وإلى مزيد من االنتصارات”‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬عشرات اآلالف من‬ ‫الصواريخ ستتساقط على‬ ‫املستوطنات اإلسرائيلية في حال‬ ‫التدخل األجنبي في سوريا‬ ‫حتدث رئيس حزب “التوحيد العربي”‬ ‫من ثم ّ‬ ‫الوزير وئام وهاب‪ ،‬الذي قال‪“ :‬غسان بن جدو‪،‬‬ ‫بحد ذاته‪ ،‬وليس رواية إعالمي ع ّبر‬ ‫حكاية إعالم ّ‬ ‫دون أن يترك البصمات الالئقة باألقالم احل ّرة‪،‬‬ ‫بدل‬ ‫جدو‪ّ ،‬‬ ‫واألفكار الباحثة والهادفة‪ .‬غسان بن ّ‬ ‫رمز الكلمات‪ ،‬ع ّبر من بني السطور‬ ‫الشاشات‪ّ ،‬‬ ‫في َجلَد وتك ُّبد للمشاق‪ ،‬واخترق كل احلواجز‬ ‫واحلدود واملعابر‪ .‬إعالمي ميداني ألنه مؤمن مبا‬ ‫يقول ويفعل‪ ،‬جريء في التقاط أنفاس الذين‬ ‫يبدل‪ ،‬ولم يساوم‪ ،‬ولم ينكفىء‪،‬‬ ‫حاورهم‪ ،‬لم ّ‬ ‫صار وجهه أشبه بوجه األرض والسماء‪ ،‬بل‬ ‫نقل عشق السماء لألرض‪ ،‬وعشق الناس‬ ‫للسماء املنتظرة الدخول مللكوتها األعلى‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫أدرك املشاريع املشبوهة‪ ،‬أتقن فن اللعبة‪،‬‬ ‫وصياغة املانشتات‪ ،‬لكنه بات متم ّردا ً عند‬ ‫انقالب املعايير وازدواجية املواقف‪ .‬دخل اخلنادق‬ ‫ّ‬ ‫وبشر بالفجر‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬كسر حصار رفح‪،‬‬ ‫اجلديد‪ ،‬وكان قلبه دائما ً يردد ماذا بعد؟ وألنه‬ ‫إعالمي ومفكر وملتزم‪ ،‬اتخذ املوقف املمانع‬ ‫في وجه قلب احلقائق وحتويل األنظار إلى حيث‬ ‫اخلدمة ألعداء الوطن واألمة”‪.‬‬ ‫ووجه وهاب “حتية ألهله وأخوته في اجلوالن‬ ‫ّ‬ ‫على وقفته في ذكرى النكبة‪ ،‬وألخوتنا الذين‬ ‫عبروا احلدود إلى فلسطني التي تبقى قضيتها‬ ‫هي األساس”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬نقول إن برنامجنا للحكومة مخالف‬ ‫متاما ً لبرنامج فيلتمان الذي أبلغه لبعض‬ ‫وأوجه حتية ملقاوم كبير‬ ‫املسؤولني اللبنانيني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ساهم في إطالق املقاومة‪ ،‬وله مواقف وطنية‬ ‫كبيرة هو الرئيس نبيه بري‪ .‬نرفض في املبدأ أن‬ ‫يحدد فيلتمان برنامج عمل احلكومة‪ ،‬من هنا‬ ‫نقول له برنامج احلكومة‪ :‬ستكون حكومة حتمي‬ ‫وتدعم املقاومة‪ ،‬حكومة ال تتعامل مع ما يسمى‬ ‫بكذبة العصر أي احملكمة الدولية‪ ،‬وحكومة‬ ‫إصالح إداري وإقتصادي ومالي‪ ،‬وال يهّ م إذا كانت‬ ‫حكومة وحدة وطنية أو أكثرية أو تكنوقراط‪ ،‬بل‬ ‫البرنامج هو األهم”‪.‬‬ ‫وفي موضوع سوريا‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬أطمئنّوا على‬ ‫سوريا‪ ،‬فهي قوية وستجتاز هذه األزمة‪ ،‬بالوحدة‬ ‫الوطنية وباإلصالح احلقيقي الذي أعلنه الرئيس‬ ‫األسد منذ البداية‪ .‬أقول لهم‪ :‬التدخل الغربي‬ ‫في سوريا مستحيل‪ ،‬وهو يعني أن عشرات اآلالف‬ ‫من الصواريخ ستتساقط على املستوطنات‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬وهذا يعني بأن كل املنطقة‬ ‫ستشتعل من فلسطني إلى العراق‪ .‬البعض‬ ‫اآلخر يخاف من التدخل التركي في سوريا‪ ،‬وألكن‬ ‫صريحاً‪ ،‬أقول إنه ال يوجد تدخل تركي مباشر في‬ ‫سوريا‪ ،‬وسيكون له عالج حاضر ومضمون ولن‬ ‫أقول أكثر‪ .‬وهنا أقول بأن اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية لن تقبل بأن تهتز سوريا أو تُهزَم‪ .‬وما‬ ‫العقوبات األميركية على سوريا سوى مثل تلك‬ ‫علي وكانت مفروضة على أموال لم‬ ‫التي فرضت ّ‬ ‫تكن موجودة باألصل”‪.‬‬


‫غسان بن جدو‪ :‬ما قبل سوريا‬ ‫شيء وما بعد سوريا شيئ آخر‬

‫وكانت الكلمة األخيرة لإلعالمي املكرَّم غسان‬ ‫بن جدو الذي قال‪“ :‬نحن في شهر أيار‪ ،‬وهو شهر‬ ‫عظيم وكبير‪ ،‬ليس فقط شهر املقاومة بل أيضا ً‬ ‫شهر السيدة العذراء‪ ،‬أي شهر التسامح والعطاء‬ ‫والبذل‪ ،‬وال عجب أنه في هذا الشهر بالذات حترر‬ ‫لبنان في العام ‪َ .2000‬من يريد أن ينسى حترير‬ ‫لبنان فهو واهم‪ ،‬ألن هذا التحرير أدخل لنا ثقافة‬ ‫أخرى‪ ،‬رمبا حتى أنصار تلك املقاومة ال يعلمون‬ ‫ما الذي فعلته املقاومة في اجملتمع والرأي العام‬ ‫العربي‪ .‬لكنني أؤكد أن ما فعلته املقاومة في‬ ‫لبنان وفلسطني في عقول الرأي العام العربي‪ ،‬هو‬ ‫كبير جداً‪ .‬لألسف إننا في زمن يُراد فيه اإلنقالب‬ ‫على هذه الثقافة والذهنية”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬مشكلتنا ليست مع الذين يعاندون‬ ‫“حزب اهلل”‪ ،‬وال مع الذين ينتقدون حماس‪ ،‬بل‬ ‫هي في أنهم يريدون ضرب عقل وذهنية املقاومة‬ ‫ويس ّيرون ثقافة املقاومة على أنها ثقافة املوت‬ ‫واالنتحار‪ ،‬واحلقيقة أنها ثقافة احلياة بامتياز‪،‬‬ ‫فعندما نتحدث عن ثقافة احلياة يكفي أن نقول‬ ‫ثقافة املقاومة”‪.‬‬ ‫وقال بن جدو‪“ :‬كان يفترض في هذا الشهر‬ ‫أيضاً‪ ،‬أن نحيي ذكرى النكبة‪ ،‬فإذا بالفلسطينيني‬ ‫واللبنانيني والسوريني وحتى األردنيني األبطال‪،‬‬ ‫وبعض املصريني‪ ،‬يفاجؤوننا هذه املرة‪ ،‬لتصبح‬ ‫ذكرى مختلفة‪ ،‬ذكرى االقتحام وضرب احلواجز‬ ‫وجتاوز األسالك الشائكة‪ .‬ما حصل في هذا العام‬ ‫في ‪ 15‬أيار ‪ ،2011‬كان يوما ً عظيماً‪ ،‬ولكن لألسف‬ ‫في زمن إعالمي وسياسي مخالف متاما ً عما نبغيه‪،‬‬ ‫وفي زمن الثورة املضا ّدة‪ ،‬حتى هذا اليوم‪ ،‬كان‬ ‫يفترض على العالم كله أن يتحدث عن هذا احلدث‬ ‫باستمرار وليس لبضع ساعات‪ .‬وأمتنى من جميع‬ ‫وسائل اإلعالم واإلعالميني تأريخ هذا اليوم وليس‬ ‫التحدث فقط عن ذكرى النكبة‪ .‬وأمتنى أن يصبح‬ ‫حسن حجازي واحد من أبطال هذه األمة املك ّرمني‪،‬‬ ‫مبا صنعه باقتحامه لألراضي احملتلة‪ ،‬ويصبح‬ ‫مك ّرما ً في جميع الدول العربية‪ ،‬وعندما س ُيك ّرم‬ ‫في هذا البيت الصامد سأكون أول احلاضرين”‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬أعتبر أن كل اإلعالميني اليوم مك ّرمني‪،‬‬

‫وينبغي أن نقول بكل صراحة بأن كل منّا يناضل‬ ‫من موقعه وعلى طريقته‪ ،‬وكل منا يريد أن يكون‬ ‫رسالة للمقاومة واحلرية واإلصالح والدميقراطية‬ ‫واملشروع الوطني القومي الكبير الذي تقوده‬ ‫سوريا‪ ،‬وأنا من بني هؤالء الذي ال أجد حرجا ً بالقول‬ ‫أنني مع سوريا املقاومة واملمانعة‪ ،‬واألهم أن نكون‬ ‫مع سوريا احلرية واإلصالح”‪.‬‬ ‫وختم بن جدو‪“ :‬قالها سماحة السيد حسن‬ ‫نصر اهلل سابقاً‪“ :‬إ ّن ما قبل القرار الظني شيء‬ ‫وما بعده شيئ آخر”‪ ،‬لذلك أقول‪“ :‬كأنني باملشهد‬ ‫العربي‪ ،‬ما قبل سوريا شيء وما بعد سوريا شيئ‬ ‫آخر”‪.‬‬ ‫وبعد تقليد بن ج ّدو درعني تقديريني من اجمللس‬ ‫البلدي‪ ،‬والرابطة االدبية االجتماعية اخليرية في‬ ‫بلدة اجلاهلية‪ ،‬كانت قصيدة باملناسبة ألقاها‬ ‫عضو اجمللس البلدي محمّ د العياص‪:‬‬ ‫اإلعالم قد مل َع‬ ‫جنم َك في‬ ‫ّ‬ ‫غسا ُن ُ‬ ‫ِ‬ ‫اآلفاق ُمندفعا‬ ‫إلى‬ ‫ر‬ ‫طا‬ ‫كالنسر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رفعت للخ َبر املوثوق هامت ُه‬ ‫َ‬ ‫اإلميان ُمرتفعا‬ ‫سما‬ ‫في‬ ‫بدا‬ ‫حتى‬ ‫ِ‬ ‫كنت فيها رائدا ً َعلَما ً‬ ‫“جزير ٌة”‬ ‫َ‬ ‫وصوت َُك احل ُّر في شاشاتها ُط ِب َعا‬ ‫مالت عن حقيقتها‬ ‫ْ‬ ‫جزير ُة ال ِفكرِ‬ ‫فبات فيها مسارُ ال ّرأي ُمصطنعا‬ ‫َ‬ ‫نفضت َ‬ ‫عنك ردا َء الزُّور ُمغتبطا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جاراك ُمقت ِنعا‬ ‫ض الغي ُر أم‬ ‫أ َعار َ َ‬ ‫جئت “الوئا َم”‪ ،‬وقبالًَ جا َء “منتظ ٌر”‬ ‫َ‬ ‫“بوش” كان قد صرَ َع‬ ‫رأس‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫بنع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الء ُحلَّ ِتها‬ ‫هنا العروب ُة في أل ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫العرْ ِب قد رف َع‬ ‫هنا “الوئا ُم” لجمِ ِد ُ‬ ‫قولوا لمِ َ ْن عاث إفسادا ً وشرذم ًة‬ ‫عب قد زرعَ‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ولهيب‬ ‫في شرقنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫إ ْن هز َِّت ّ‬ ‫الشام أحداثٌ وعاصف ٌة‬ ‫َاص‪ ،‬سيغ ُدو الشر ُق ُمنص ِدعا‬ ‫فال َمن َ‬ ‫للت أهالَ وسهالً في منارتِنا‬ ‫َح َ‬ ‫َ‬ ‫لك الكرام ُة والتقدي ُر ُمنتجعا‬ ‫َ َ‬ ‫وج ٍع‬ ‫رق أو‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫كنت ذا َ‬ ‫كنت ذا أ ٍ‬ ‫والوج َع‬ ‫رح‬ ‫د‬ ‫عن‬ ‫“الوئام” تداوي اجلُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬

‫‪39‬‬

‫احلضور‪:‬‬

‫األمني القطري حلزب البعث العربي‬ ‫اإلشتراكي الوزير فايز شكر‪ ،‬القائم بأعمال‬ ‫السفارة اإليرانية السيّد مهدي شوشتري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ممثال للعماد ميشال‬ ‫الدكتور ناصيف قزي‬ ‫عون‪ ،‬نائب رئيس اجمللس السياسي لـ”حزب‬ ‫اهلل” احلاج محمود قماطي‪ ،‬اللواء علي احلاج‪،‬‬ ‫عضو الهيئة التنفيذية في حركة أمل سعيد‬ ‫نصر الدين ووفد مرافق‪ ،‬مسؤول العالقات‬ ‫السياسية في احلزب العربي الدميوقراطي‬ ‫مهدي مصطفى‪ ،‬عدد من ممثلي الفصائل‬ ‫الفلسطينية‪ :‬احلاج علي بركة مسؤول‬ ‫حركة حماس‪ ،‬ممثل حركة النضال أبو خالد‬ ‫الشمّ ال‪ ،‬ممثل منظمة الصاعقة أبو حسن‬ ‫غازي‪ ،‬وفد من املؤسسات الفلسطينية‬ ‫برئاسة قاسم العينا‪ ،‬ممثل فتح اإلنتفاضة‬ ‫محمود صالح‪ ،‬ممثل حركة فتح خالد‬ ‫عبّادي‪ ،‬ممثل جبهة التحرير الفلسطينية‬ ‫وليد جمعة‪ ،‬رئيس قسم العالقات العا ّمة‬ ‫في اجلامعة اللبنانية د‪ .‬غازي مراد‪ ،‬األستاذ‬ ‫عصام مراد‪ ،‬الدكتورة نور سلمان‪ ،‬احملامي فادي‬ ‫حداد‪ ،‬وفد من تيار اجملتمع املدني املقاوم‪ ،‬وعدد‬ ‫من اإلعالميني‪ :‬سامي كليب‪ ،‬فيصل عبد‬ ‫الساتر‪ ،‬كمال ذبيان‪ ،‬عماد مرمل‪ ،‬ميخائيل‬ ‫عوض‪ ،‬رضوان الديب‪ ،‬ناصر العيّاص‪ ،‬رئيسة‬ ‫قسم األخبار السياسية في قناة اجلديد‬ ‫مريمّ‬ ‫ّ‬ ‫البسام وفاديا ب ّزي‪ ،‬سامي زهر الدين‬ ‫وعقيلته‪ ،‬ماغي ناناجيان وديانا وهبة وعباس‬ ‫مزهر عن مجلة “اجلرس”‪ ،‬رمزي مشرفية عن‬ ‫قناة “أو تي في”‪ ،‬إضافة لعدد من مراسلي‬ ‫القنوات واإلذاعات‪ ،‬بحضور رئيس بلدية‬ ‫اجلاهلية أمني أبوذياب وأعضاء اجمللس البلدي‬ ‫ورئيس الرابطة االدبية االجتماعية اخليرية‬ ‫في بلدة اجلاهلية األستاذ يوسف ابو ذياب‬ ‫وأعضاء الرابطة‪ ،‬وأعضاء املكتب السياسي‬ ‫ومجلس األمناء ومفوّضي املناطق في حزب‬ ‫“التوحيد العربي”‪.‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫وهاب بعد زيارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب‪:‬‬

‫نحن كأبناء طائفة مع منعة وقوة سوريا ووحدتها‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب‬ ‫شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ‬ ‫نصر الدين الغريب‪ ،‬في دارته في بلدة كفرمتى‪،‬‬ ‫يرافقه وفد من مشايخ هيئة العمل التوحيدي‪،‬‬ ‫وبحضور رئيس بلدية كفرمتى حسني الغريب‪،‬‬ ‫وأعضاء البلدية وعدد من قيادة حزب “التوحيد‬ ‫العربي‪”.‬‬ ‫وبعد اللقاء استغرب وهاب “قرار احلاكم‬ ‫العرفي في لبنان أشرف ريفي حول السماح‬ ‫للبلديات بإعطاء تراخيص للبناء متنحها‬ ‫البلديات على مساحة ‪ 120‬متر مربع‪ ،‬في كل‬ ‫احملافظات باستثناء جبل لبنان‪ ،‬وباألمس كان‬ ‫هناك حترك للبلديات في منطقة اجلرد‪ ،‬نحن‬ ‫ندعمهم وهناك حتركات مماثلة في األيام املقبلة‪.‬‬ ‫حتدثت باألمس مع وزير الداخلية زياد بارود‪ ،‬ولم‬ ‫يبحث األمر في مجلس األمن املركزي بشكل‬ ‫جدي‪ ،‬وكذلك حتدثت مع ريفي ووعد بحل األمر‪،‬‬ ‫ولكن يبدو أن األمر لم يحل ونحن نعطي مهلة‬ ‫حتى يوم االثنني وإال فسنلجأ الى حتركات مع كل‬ ‫البلديات في اجلبل لرفض هذا األمر ومنع قوى‬ ‫األمن من تنفيذ القرار اجلائر مبنع هذه التراخيص‪،‬‬ ‫ويجب منع ذلك وعدم تصنيف املناطق‪ .‬ومن‬ ‫يطلب هذه التراخيص هم الفئة األكثر حاجة‬ ‫من الناس ورفع الظلم عنهم واجب‪ ،‬وليتعلموا‬ ‫مما يجري حولنا في العالم العربي والى أين‬ ‫وصلت األمور جراء الظلم وانعدام العدالة»‪.‬‬ ‫وأضاف “طبعا ً ومما ال شك فيه أن اجلميع قد ارتاح‬ ‫الى عقد لقاء بكركي للقيادات املارونية‪ ،‬والدور‬ ‫الذي يقوم به صاحب الغبطة البطريرك بشارة‬ ‫الراعي على الساحة املسيحية والوطنية ونحن‬ ‫متفائلون بهذه اجلهود‪ .‬ولكن هناك مالحظة إذ‬ ‫يحكى عن قمة روحية ستعقد بدعوة من صاحب‬ ‫الغبطة‪ ،‬ونتمنى التنبه الى حساسية املوضوع‬ ‫الدرزي ولدينا الشيخ نصر الدين الغريب مرجعية‬ ‫متثل فئة كبيرة ونتمنى أن ال يدخل أحد في هذه‬ ‫احلساسية‪ ،‬وحتى ال نكون من خالل خطة وحدوية‬ ‫توحيدية نخلق انقساما ً جديداً‪ .‬نتمنى أن ال يكون‬ ‫هناك دعسة ناقصة في هذا اجملال»‪.‬‬ ‫وعن زيارته الى الشيخ الغريب قال “نحن على‬ ‫تشاور مستمر مع سماحة شيخ عقل طائفة‬ ‫املوحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب‪ ،‬ونحن‬ ‫فريق واحد في السياسة واألمور األخرى‪ ،‬وهو قد‬ ‫اتخذ على عاتقه التصدي لألمور العامة منذ‬ ‫سنوات‪ ،‬وهو الناطق باحلق ولم يسكت يوما ً عن‬ ‫حق يتعلق بأبناء الطائفة‪ ،‬ونتمنى أن تنفتح كل‬ ‫اآلذان لسماع هذا الكالم‪ ،‬وهو ليس له أي هدف‬ ‫خاص سوى عزة ومنعة هذه الطائفة وحقوق‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أبنائها»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب “هناك الكثير من امللفات التي ماتزال‬ ‫األمور فيها على غير حقيقتها‪ ،‬وهذه امللفات‬ ‫بحاجة الى معاجلة‪ ،‬وال يكفي أن يكون هناك‬ ‫وفاق من فوق على األمور األساسية مع أهميتها‪،‬‬ ‫والوفاق حول القضايا األساسية السياسية‪ ،‬لكن‬ ‫الناس بحاجة الى معاجلة أمورها اليومية‪ .‬لذا‬ ‫هناك ملفات عالقة ومنها األوقاف ومؤسسات‬ ‫الطائفة الداخلية‪ ،‬وهذا ملف بحاجة الى عالج‬ ‫وال يجوز السكوت عنهم ملصلحة اجلميع وليس‬ ‫فئة معينة‪ .‬وهذا األمر ينسحب على أمور أخرى‬ ‫وفي طليعتها حق الطائفة الدرزية في احلياة‬ ‫السياسية وهي ليست منة من أحد‪ ،‬والدروز هم‬ ‫طائفة مؤسسة في لبنان ومن املعيب أن يبحث‬ ‫األمر على أن املناصب أو الوزارات األساسية هي‬ ‫حكر على فئات محددة أو طائفة محددة‪ .‬نحن‬ ‫لسنا مواطنني درجة ثانية ونؤكد حقنا كدروز‬ ‫بوزارة أساسية وال مشكلة ملن تكون من قوى‬ ‫الطائفة‪ ،‬املهم أن تكون للدروز‪ .‬هذا األمر يجب‬ ‫أن يعالج والوزارات ليست ملكا ً ألحد وال يجوز‬ ‫الشك بوطنية طائفة‪ .‬والكثير من الطوائف‬ ‫لديها مراكز عبر الرئاسات وإذا كان هناك مجلس‬ ‫شيوخ فإن األمر محلول‪ ،‬ولكن يبدو أن األمر قد‬ ‫ربط مبوضوع إلغاء الطائفية السياسية وأصبح‬ ‫اآلن شيكا ً بال رصيد»‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول “نحن كأبناء طائفة مع‬ ‫منعة وقوة سوريا ووحدتها‪ ،‬ألن وحدة سوريا‬ ‫هي من وحدة كل هذه املنطقة‪ ،‬ونحن الى جانب‬

‫‪40‬‬

‫سوريا القوية‪ ،‬وإذا ما ضعفت سوريا يعني أن‬ ‫سوريا ستتسيد كل هذه املنطقة‪ ،‬وباملناسبة‬ ‫فإننا نحيي أهلنا في السويداء وجبل العرب على‬ ‫موقفهم الذين وقفوا الى جانب قوة بلدهم وعزة‬ ‫سوريا»‪.‬‬

‫الغريب‬ ‫من جهته ّ‬ ‫أكد الشيخ الغريب أن «لقاء‬ ‫الطوائف فيما بينهم هو قوة وعلينا أن نكون‬ ‫موحدين على كل الصعد‪ .‬وال يجوز التعاطي‬ ‫بانتهازية في امللفات الداخلية»‪ .‬وتابع «هذه‬ ‫سوريا القلعة احلصينة احملصنة‪ ،‬وهي الدولة‬ ‫العربية الوحيدة املمانعة التي تقف في وجه‬ ‫«إسرائيل» مع استهدافها باملؤامرات ومازالت‬ ‫القيادة احلكيمة في سوريا بقيادة الرئيس الدكتور‬ ‫بشار األسد تتعامل مع األمر بهدوء وحكمة ودون‬ ‫قسوة بل كأهل‪ ،‬وباملناسبة نتوجه الى أهلنا‬ ‫في سوريا العزيزة بصورة كاملة أن يقفوا الى‬ ‫جانب هذه القيادة احلكيمة ألنهم سوف يندمون‬ ‫وسيقفون بعد ذلك على األطالل ولن ينفع ذلك‬ ‫يومها‪ .‬ونتوجه الى أهلنا في جرمانا والسويداء‬ ‫واجلوالن أن يكونوا الى جانب هذه القيادة احلكيمة‬ ‫وهي قيادة مقاومة وممانعة وتش ّرف الرؤساء العرب‬ ‫وانظروا الى ليبيا واليمن وما يجري فيهما‪ ،‬وعلينا‬ ‫أن نكون حذرين من ذلك»‪.‬‬ ‫ومتنى الغريب “والدة احلكومة قريبا ً تسييرا ً‬ ‫ألحوال وأمور الناس»‪.‬‬


‫‪...‬وبعد لقائه عون‪:‬‬ ‫ال عقدة لدى رئيس الجمهورية إال عقدة ميشال عون‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام‬ ‫وهاب يرافقه نائبه سليمان الصايغ الرابية حيث‬ ‫التقى رئيس تكتل “التغيير واالصالح” العماد‬ ‫ميشال عون‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء حتدث وهاب عن بدء البحث بصيغ‬ ‫جديدة وقانونية لنزع الثقة من رئيس احلكومة‬ ‫املكلف جنيب ميقاتي‪ ،‬موجها ً التحية الى كل‬ ‫الشهداء الذين سقطوا في لبنان أو فلسطني‬ ‫أو اجلوالن في يوم ذكرى النكبة‪ ،‬مستغربا ً املوقف‬ ‫الرسمي اللبناني والعربي والدولي من اجملزرة‬ ‫التي حصلت‪ ،‬وكأن ما جرى حادث عادي‪ ،‬وليس أن‬ ‫“اسرائيل” تضرب كل شيء وال تقيم أي حساب‬ ‫جملتمع دولي وال لألمم املتحدة وال للدول الغربية‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬إن ذنب الشباب الذين استشهدوا أنهم‬ ‫كانوا يتفرجون على أرضهم املنهوبة واملسلوبة‬ ‫واحملتلة‪ ،‬فكان أن متت مواجهتهم بالرصاص احلي‬ ‫والقتل الصهيوني‪ .‬وكانت املواجهة غير متكافئة‬ ‫بني املشاركني في املسيرات واإلحتالل‪ ،‬وأوجه‬ ‫حتية لهم وألهل اجلوالن على موقفهم‪ ،‬وأمتنى أن‬ ‫يتصاعد هذا املوقف‪ ،‬وكما صمدوا ‪ 40‬عاما ً في‬ ‫مواجهة اإلحتالل عليهم أن يصمدوا ايضا ً نيابة‬ ‫عن كل األمة‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬األمر اآلخر الذي أود البحث فيه هو اجلهود‬ ‫التي بذلت في اآلونة األخيرة لتشكيل احلكومة‪.‬‬ ‫فبعدما كانت اإلتصاالت قد توصلت الى نتيجة‬ ‫إيجابية‪ ،‬وكان اجلميع على ثقة بأننا قد توصلنا‬ ‫الى تشكيل حكومة‪ ،‬بدا أن بعض املسؤولني‬ ‫الكبار لديهم رزنامة أخرى‪ ،‬ورزنامة دولية أخرى‪ ،‬وال‬

‫رئيس حزب‬ ‫«التوحيد العربي»‬ ‫زار‬ ‫النائب وليد جنبالط‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب يرافقه نائبه سليمان‬ ‫الصايغ‪ ،‬رئيس جبهة النضال الوطني‬ ‫النائب وليد جنبالط في منزله في‬ ‫كليمنصو‪ ،‬واستعرض اجلانبان األوضاع‬ ‫على الساحة اللبنانية والعربية‪ .‬كما مت‬ ‫التأكيد خالل اللقاء على ضرورة اإلسراع‬ ‫في تشكيل احلكومة بغية حتصني‬ ‫الساحة اللبنانية‪.‬‬

‫أعتقد أن لدى بعض األوساط نية تأليف احلكومة‪،‬‬ ‫بل يبدو أنهم ينتظرون ما سيحصل في سوريا‬ ‫وغيرها‪ ،‬لديهم حسابات خاصة معينة حتذرهم‬ ‫من تشكيل حكومة‪.‬‬ ‫وأشار الى أن العماد عون قدم كل التسهيالت‬ ‫املطلوبة‪ ،‬وطرح أسماء يعرف أن رئاسة اجلمهورية‬ ‫ال تستطيع أن ترفض هذه األسماء‪ .‬رمبا وجدت‬ ‫رئاسة اجلمهورية لعرقلة تشكيل احلكومة‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وبالتالي كل الوضع املالي واإلقتصادي‬ ‫واإلجتماعي‪ ،‬وكل اخللل يتحمل مسؤوليته من‬ ‫يرفض تشكيل احلكومة‪ ،‬من يعمل على أجندة‬ ‫خارجية معينة لتأجيل تشكيل احلكومة الى فترة‬ ‫حتى يحسنوا ظروفهم‪ ،‬أقول لهم أن ظروفهم‬ ‫لن تتحسن مهما حصل في سوريا وغير سوريا‪.‬‬

‫اآلن الوضع مثالي لهم ليسيروا في احلكومة‪ ،‬وال‬ ‫أعتقد أنه سيكون لهم وضع أفضل من الظروف‬ ‫احلالية لتشكيل احلكومة‪ ،‬لذلك رأفة باملواطنني‪،‬‬ ‫وبالوضع الذي نراه حالياً‪ ،‬األفضل أن يخرجوا‬ ‫من هذه املناورات‪ ،‬انتهى موضوع وزارة الداخلية‬ ‫فاخترعوا مناورة أخرى‪ ،‬املطلوب أن يسارعوا في‬ ‫تشكيل احلكومة‪.‬‬ ‫وأشار الى أن الرئيس سليمان بالفعل ليس‬ ‫عنده عقد‪ ،‬بل لديه عقدة صغيرة هي عقدة‬ ‫العماد عون‪ .‬ال أعرف كيف سنحلها‪ .‬الدولة‬ ‫اللبنانية يجب أن تعمل على غير هذه العقد‬ ‫وعقدة جبيل وكسروان‪ ،‬يجب اخلروج منها‪ ،‬ألن‬ ‫الرئيس سليمان رئيس لكل اللبنانيني‪ ،‬فليخرجوا‬ ‫من هذه املواضيع‪.‬‬

‫‪...‬ويدعو فرنسا الى مراجعة سياستها‬ ‫تجاه سوريا‬ ‫صدر عن املكتب اإلعالمي لرئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب البيان التالي‪:‬‬ ‫نستغرب أشد اإلستغراب املواقف األخيرة الصادرة عن بعض املسؤولني الفرنسيني وخاصة وزير‬ ‫اخلارجية الفرنسي آالن جوبييه والذي يندفع بشكل غير محسوب جتاه زج فرنسا في مواقف تؤدي‬ ‫الى توسيع الفوضى في منطقة بالد الشام‪ ،‬وهنا ال بد من تسجيل املالحظات التالية على املوقف‬ ‫الفرنسي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬نحن ننظر باستمرار الى املوقف الفرنسي كونه موقف أكثر عقالنية من املوقف األميركي في‬ ‫كل قضايا املنطقة خاصة وأن األوروبيني بشكل عام والفرنسيني بشكل خاص يعرفون حساسية الشرق‬ ‫األوسط‪ .‬ثانياً‪ :‬إن محاولة فرنسا املزايدة على اآلخرين في ليبيا أوصلها اآلن الى مأزق املراوحة على‬ ‫الساحة الليبية وجعلت األميركيني يتفرجون على املوقف الفرنسي املأزوم‪ .‬ثالثاً‪ :‬إن احلماس الذي تبديه‬ ‫فرنسا للضغط على سوريا يخفي غباء في التعاطي مع ملف سوريا خاصة وأن ال بديل للنظام السوري‬ ‫إال الفوضى في بلد قائم على تركيبة متنوعة‪ ،‬وهذا ما ينعكس سلبا ً على لبنان وبشكل كبير‪.‬‬ ‫إننا من موقع صداقتنا للفرنسيني‪ ،‬ندعوهم الى مراجعة سياستهم جتاه سوريا‪ ،‬التي نعتبر‬ ‫أن إستقرارها هو ضمان إلستقرار كل املنطقة‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫وهاب بعد لقائه لحود‪:‬‬ ‫المهم أن تكون الوزارات األمنية بأي ٍد أمينة‬ ‫استقبل الرئيس إميل حلود‪ ،‬في دارته في اليرزة‪،‬‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب‪.‬‬ ‫تناول اللقاء البحث في تشكيل احلكومة‬ ‫واألوضاع في املنطقة بشكل عام وسوريا بشكل‬ ‫خاص‪ ،‬وبعد اللقاء ّ‬ ‫أكد وهاب‪ :‬على أهمية اقتناع‬ ‫كل فريق بضرورة أن تكون الوزارات األمنية في أيد‬ ‫موثوقة وخصوصا ً بعد الدور الذي لعبه البعض‬ ‫على الساحة اللبنانية في محاولة التخريب على‬ ‫ساحة سوريا مما ينعكس سلبا ً على ساحتنا‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وأن تكون تلك الوزارات قادرة على‬ ‫حتريك بعض األجهزة األمنية التي لم تتحرك في‬ ‫هذه الفترة خصوصا ً وأننا علمنا أن في مناطق‬ ‫لبنانية خصوصا ً الشمالية منها‪ ،‬تأوي كثيرا ً‬ ‫من اإلرهابيني الذين حاولوا تخريب الوضع في‬ ‫سوريا‪ ،‬وعندما بدأت املؤامرة تنحسر في سوريا‬ ‫بدأوا ينسحبون في اجتاه األراضي اللبنانية‪ ،‬وهنا‬ ‫أهمية أن تتحرك األجهزة األمنية اللبنانية في‬ ‫هذا اإلطار‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬األمر اآلخر الذي أريد أن أعلق عليه هو‬ ‫املوقف الروسي في مجلس األمن وهو موقف ممتاز‬ ‫ومميز ويعطي روسيا دورا ً أكبر على مستوى كل‬ ‫املنطقة‪ ،‬وهناك الكثير من شعوب املنطقة كانت‬ ‫تطمح باستمرار الى دور روسي رادع لألميركيني‬ ‫وبعض األوروبيني في التصرفات الرعناء التي‬ ‫يقومون بها من خالل مجلس األمن‪ ،‬مستغربا ً‬ ‫كيف أن اإلحتاد األوروبي قد متّ أخذه في اجتاه‬ ‫إجراءات مجحفة وغير عادلة وإجراءات سخيفة‬ ‫وغير منطقية في اجتاه سوريا‪ ،‬خصوصا ً أن ما‬ ‫فعلته سوريا هو أنها دافعت عن أمنها واستقرار‬ ‫شعبها ولم تفعل شيئا آخر‪ ،‬وميكن القول إن‬ ‫األوروبيني كما نرى في كثير من مناطق العالم‬ ‫يدفعهم األميركي أكثر في اجتاه اتخاذ إجراءات‬ ‫ثم يتفرج عليهم‪.‬‬ ‫وحتدث وهاب عما يجري في سجن روميه‬ ‫واإلضراب املستمر منذ أيام للمساجني‪ ،‬وقال‪ :‬آن‬ ‫لهذا الظلم أن يتوقف وأن يحرك ضمائر بعض‬ ‫املسؤولني في الدولة والقضاء واألمن‪ ،‬في كل‬ ‫مكان في لبنان‪ ،‬آن لهذه املأساة أن تتوقف‪ ،‬آالف‬ ‫املسجونني املكدسني في سجن روميه بدون أدنى‬ ‫مقومات العيش والكرامة‪ ،‬وآن للمسؤولني أن‬ ‫يتحركوا عبر حتريك امللفات القضائية وإطالق من‬ ‫هو بريء ومعاملة املساجني معاملة الئقة‪.‬‬ ‫كما زار الوزير وهاب قائد اجليش العماد جان‬ ‫قهوجي في مكتبه في اليرزة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ويؤكد أمام وفد من معهد المعارف الحكم ّية‬ ‫على حاجة األمة للفكر‬

‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب في مكتبه في بئر حسن‪ ،‬وفدا ً من‬ ‫دار املعارف احلكمية متلقيا ً دعوى للمشاركة‬ ‫في املؤمتر الذي س ُيقام بعنوان “مؤمتر التجديد‬ ‫واإلجتهاد لدى اإلمام الس ّيد علي اخلامنئي»‪.‬‬

‫درويش‬

‫حتدث احلاج حسني درويش بإسم‬ ‫وبعد اللقاء‪ّ ،‬‬ ‫الوفد قائالً‪« :‬تش ّرفنا باحلضور إلى مكتب معالي‬ ‫الوزير وئام وهاب‪ ،‬لدعوته حلضور املؤمتر الذي‬ ‫سيقيمه معهد املعارف احلكمية طيلة يومني‬ ‫متتالني‪ ،‬وسيكون حول «التجديد واإلجتهاد لدى‬ ‫اإلمام السيد علي اخلامنئي»‪ ،‬مبحاولة للبحث في‬ ‫املشروع النهضوي اإلسالمي املعاصر‪ ،‬مع عدد من‬ ‫واملهتمني بهذا املوضوع»‪.‬‬ ‫املفكرين واألدباء‬ ‫ّ‬

‫‪42‬‬

‫وهاب‬

‫من جهته ّ‬ ‫التحديات التي‬ ‫أكد وهاب‪« ،‬أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫تواجه األمة اليوم‪ ،‬تستدعي فكرا ً متنورا‪ً،‬‬ ‫فكرا ً إسالميا ً شامال ً كفكر اإلمام الس ّيد‬ ‫القائد علي اخلامنئي‪ ،‬كردٍّ على كل دعوات‬ ‫التفرقة املذهبية والطائفية في هذه األمة‪،‬‬ ‫بعد أن فشل كل أعداؤها في اإلنتصار عليها‬ ‫في احلروب التي ُ‬ ‫شنَّت في السنوات املاضية‪،‬‬ ‫لذلك هم اليوم يج ّربون حربا ً من نوع آخر‪،‬‬ ‫هي حرب التفرقة والتجزئة وتقسيم األمة‬ ‫اإلسالمية إلى مذاهب متناحرة‪ ،‬وهنا تأتي‬ ‫أهمية فكر القائد السيد علي اخلامنئي اجلامع‬ ‫املتن ّور الداعي باستمرار للوحدة اإلسالمية في‬ ‫مواجهة أعداء هذه األمة»‪.‬‬


‫ً‬ ‫نعول على دور صيني‬ ‫ومستقبال السفير الصيني‪ّ :‬‬ ‫رادع في المؤسسات الدولية حول أحداث المنطقة‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب في منزله في اجلاهلية سفير جمهورية‬ ‫الصني الشعبية في لبنان واو زكسيان‪ ،‬يرافقه‬ ‫مسؤولَي العالقات السياسية والقسم التجاري‬ ‫في السفارة‪ ،‬بحضور أمينة العالقات اخلارجية في‬ ‫احلزب فريال أبو ذياب‪.‬‬ ‫بعد اللقاء‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬كانت جلسة تعارف مع‬ ‫سعادة السفير الصيني اجلديد في لبنان‪ ،‬خاصة‬ ‫وأنه كانت تربطني مع السفير السابق عالقة‬ ‫صداقة‪ ،‬مشيدا ً باملوقف الصيني من كل القضايا‬ ‫املطروحة‪ ،‬كقضية الشرق األوسط واملوضوع‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬إضافة ألكثر من ملف ساخن على‬ ‫مستوى املنطقة‪ ،‬الرادع لقرارات مصيرية هامة‬ ‫خاصة على مستوى مؤسسات األمم املتحدة‬ ‫واملؤسسات الدولية وخاصة مجلس األمن الذي‬ ‫تستعمله الواليات املتحدة األميركية في كثير‬ ‫من األحيان كآداة في تنفيذ سياستها في أكثر‬ ‫من منطقة‪ ،‬كالذي يحصل في ليبيا‪ ،‬إذ نرى كيف‬ ‫تستعمل الواليات املتحدة املؤسسات الدولية‬ ‫وبعض الدول األوروبية لتدميرها حتت شعار دعم‬ ‫يسمونها “ثورة”‪ ،‬والتي ال نعرف ماذا أصبحت‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫اآلن‪ ،‬بعد استدراجها لكل هذا التدخل الدولي‬ ‫لتدمير ليبيا والشعب الليبي”‪.‬‬ ‫وحول األحداث في سوريا واملنطقة أشار وهاب‬ ‫الى محاولة الواليات املتحدة األميركية استخدام‬ ‫مجلس األمن في سوريا ملنعها من تثبيت األمن‬ ‫على أراضيها ومالحقة بعض العصابات املس ّلحة‬ ‫وعدم تطبيق القوانني‪ ،‬أل ّن السيادة احمللية للدول‪،‬‬

‫هي أهم من السيادة الدولية أو القانون الدولي‪.‬‬ ‫األهم هو أال تتحول هذه الدول من مشاريع ثورات‬ ‫كما حصل في بعض الدول إلى مشاريع تدمير‬ ‫لهذه األخيرة‪ ،‬وهذا ما نشاهده في بعض الدول‬ ‫العربية والذي يأتي مبجمله برعاية أميركية‪ .‬لذلك‬ ‫فالدور الصيني مهم‪ ،‬في منع الواليات املتحدة‬ ‫األميركية من استخدام مجلس األمن مجددا ً‬ ‫إلحداث الفوضى في الدول العربية‪ ،‬كما حدث‬ ‫في ليبيا خالل الفترة املاضية‪ .‬إنه موقف أساسي‬ ‫تستطيع الصني التعبير عنه لتشكل – وروسيا ‪-‬‬ ‫صمام أمان في مجلس األمن‪ ،‬ملنع استغالل أي من‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسات الدولية فيما يحصل”‪.‬‬ ‫وختم وهاب حديثه حول التصريح الصادر عن‬

‫وزير اخلارجية اإليطالي‪ ،‬الذي يتحدث عن إمكانية‬ ‫تعديل مهمة قوات اليونيفل في جنوب لبنان‪،‬‬ ‫متوجها ً لإليطاليني بالسؤال‪“ :‬هل يعني ذلك‬ ‫ّ‬ ‫بأ ّن هذه القوى ستتحول إلى قوة إحتالل وقمع‬ ‫في لبنان‪ ،‬وإلى ماذا يلمح معالي وزير اخلارجية‬ ‫اإليطالي في تغيير قواعد اللعبة؟ إ ّن تغيير قواعد‬ ‫مهمة اليونيفل يعني تغيير كل قواعد اللعبة‬ ‫في جنوب لبنان‪ ،‬وال أعتقد أ ّن إليطاليا أو أوروبا‬ ‫مصلحة في ذلك‪ ،‬أل ّن اخلسارة تكون للجميع‪،‬‬ ‫فلبنان ارتضى باملهمة احلالية لهذه القوات‪ ،‬وال‬ ‫أعتقد أنه ميكن أن يقبل بتغيير قواعد تواجدها”‪.‬‬ ‫وأولم وهاب على شرف سعادة السفير وأعضاء‬ ‫السفارة‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬من ليس لديه جرأة الموقف ليس‬ ‫لديه جرأة اإلعتذار وأنا لدي الجرأتين‬ ‫أكد رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب أنه “يجب أن يكون لدى اإلنسان جرأة االعتذار ألن من ليس لديه جرأة االعتذار فليس لديه موقف‬ ‫وأنا لدي اجلرأتني‪ ،‬مشيرا ً في حديث إذاعي الى أنه غلط باإلعالن عن كشف الشيكات قبل التأكد من املوضوع‪ ،‬موضحا ً أن الشخص الذي أعطاه‬ ‫الشيكات قام بتزويرها‪ ،‬وكان يجب أن نتأكد من األسماء‪ ،‬وهو اعترف بتزوير األسماء خصوصا اسم عضو كتلة “املستقبل” النائب جمال اجلراح والوزير‬ ‫األسبق عبد احلميد بيضون‪ ،‬مضيفاً‪“ :‬أنا ال أستحي من هذه املسألة‪ ،‬واتصلت ببيضون بطريقة غير مباشرة»‪.‬‬ ‫في ما يتع ّلق باملوضوع احلكومي‪ ،‬أشار وهاب الى أنه “إذا كانت املشكلة فقط الداخلية فهذا ضحك على الناس‪ ،‬موضحا ً أن عوامل أخرى تؤثر أيضا ً‬ ‫باألمر‪ ،‬الفتا ً الى إجماع اجلميع من أجل التقدم في تأليف احلكومة»‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫من ّ‬ ‫وهاب إلى السفير البابوي ‪:‬‬ ‫ضَرب سوريا سيفتح أبواب الجحيم‬ ‫وجه الوزير السابق وئام وهاب رسالة الى‬ ‫ّ‬ ‫السفير البابوي في بيروت غابريال كاتشيا جاء‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫سعادة عميد السلك الدبلوماسي في‬ ‫لبنان السفير البابوي غابريال كاتشيا السامي‬ ‫االحترام‪،‬‬ ‫حتية احملبة والصداقة وبعد‪،‬‬ ‫ليس الفاتيكان بالنسبة إلينا دولة لها جيوش‬ ‫وقوات عسكرية مبقدورها أن تشعل حروبا ً وحتسم‬ ‫أخرى‪ ،‬لكن للكرسي الرسولي قوة معنوية وروحية‬ ‫تفوق ذلك بكثير‪ ،‬لذا ننظر نحن اللبنانيون والعرب‬ ‫تهددت‬ ‫املشرقيون خصوصاً‪ ،‬إلى الفاتيكان كلما ّ‬ ‫أوطاننا األخطار‪.‬‬ ‫سعادة السفير‪ ،‬مخاوفنا هذه األيام كثيرة‪،‬‬ ‫وأكبرها اآلتي من سوريا وهي الدولة العلمانية‬ ‫الوحيدة املتبقية في هذه البقعة من العالم‪،‬‬ ‫حتفظ مواطنيها كمواطنني في معزل عن‬ ‫انتماءاتهم الطائفية‪ ،‬وتشعر كل طوائفها‬ ‫باألمان وتتمتع بحرية ممارسة شعائرها الدينية‬ ‫بال خوف‪ ،‬وهي البقعة الوحيدة في هذه املنطقة‬

‫التي التزال املسيحية واإلسالم يتعايشان فيها‬ ‫بسالم‪.‬‬ ‫سعادة السفير‪ ،‬بعض الدول األوروبية تتصرف‬ ‫بغباء ال حدود له حيال ما يحصل في سوريا‬ ‫اليوم‪ ،‬ومتارس ضغوطا ً غير منطقية على سوريا‬ ‫كي تستسلم لبعض الظالميني الذين يريدون‬ ‫إعادة سوريا مئات السنني إلى الوراء عبر فرض‬ ‫قوانينهم على الناس‪.‬‬ ‫بعض الدول األوروبية تتصرف وكأن في سوريا‬ ‫ثورة يقودها مثقفون ومبدعون ورواد تغيير‬ ‫حقيقيون‪ ،‬وليس مجموعات من املتطرفني الذين‬ ‫يريدون أن يجعلوا من سوريا عراقا ً آخر‪.‬‬ ‫سعادة السفير‪ ،‬ال أخفيك أن لدي عقدة األقلية‬ ‫ُ‬ ‫اضطه َدت تاريخيا ً عبر ممارسات متعصبة‬ ‫التي‬ ‫وسكنَت اجلبال واألودية هربا ً من الظلم‪ ،‬وال أريد‬ ‫أن يتك ّرر معي ما حصل مع أجدادي‪ .‬وال أخفيك‬ ‫أنني ال أستطيع أن أبقى في هذه املنطقة إذا ما‬ ‫غادرها املسيحيون‪ ،‬وال شيء مينعهم من املغادرة‬ ‫إذا “ت َعر َقنت” سوريا وبالتالي “ت َعرقن” لبنان‪.‬‬ ‫ال أخفيك أن وجودي كدرزي يتعزز‪ ،‬إذا ما استمر‬

‫الوجود املسيحي في هذه البقعة من األرض‪،‬‬ ‫وبصراحة أقول لك إننا خائفون من هذه الكذبة‬ ‫هجرت‬ ‫التي يسميها البعض الدميقراطية‪ ،‬والتي ّ‬ ‫مليون مسيحي عراقي لن يعودوا إلى بالدهم‪،‬‬ ‫وقتلت أكثر من مليون مسلم في بالد الرافدين‪.‬‬ ‫سعادة السفير‪ ،‬ليس لدى الدول عواطف أو‬ ‫حسابات إنسانية‪ ،‬لكن املسألة لدى الفاتيكان‬ ‫مختلفة‪ ،‬واألمن واألمان في بالد الشام حيث‬ ‫تتعايش األقليات الدينية مسألة تعني الفاتيكان‬ ‫أكثر مما تعني بعض الدول التي ال حتسب إال‬ ‫حساب مصاحلها‪.‬‬ ‫سعادة السفير‪ ،‬وعليه‪ ،‬أملنا في أن يبادر‬ ‫الفاتيكان إلى املساعدة في وضع َح ّد لغباء بعض‬ ‫الدول األوروبية التي تعتقد أنها بتقويض النظام‬ ‫في سوريا‪ ،‬تكون قد عزّزت الدميقراطية‪ ،‬بينما‬ ‫الواقع يشير إلى أن ضرب سوريا سيفتح اجلحيم‬ ‫في املنطقة بكاملها‪ ،‬ويلغي وجود أقليات تعيش‬ ‫فيها منذ ألفي عام‪.‬‬ ‫وهاب ‪ -‬وزير سابق ‪ -‬رئيس حزب “التوحيد‬ ‫وئام ّ‬ ‫العربي”‬

‫‪...‬وبعد زيارة أبادي‪ :‬محور الممانعة الذي حاولوا‬ ‫استهدافه في سوريا أقوى من مؤامراتهم‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام‬ ‫وهاب سفارة اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫في لبنان‪ ،‬حيث التقى سعادة السفير غضنفر‬ ‫ركن أبادي‪ ،‬وجرى التباحث حول األوضاع في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫وبعد الزيارة‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬تش ّرفنا بلقاء سعادة‬ ‫السفير‪ ،‬بحيث كانت جولة أفق حول الوضع‬ ‫اللبناني خصوصا ً والوضع في املنطقة بشكل‬ ‫عام‪ ،‬خاصة وأ ّن سعادته لعب دورا ً كبيرا ً على‬ ‫الساحة اللبنانية في تقريب وجهات النظر بني‬ ‫كل اللبنانيني‪ ،‬ولم مي ّيز بني فريق لبناني وآخر‪ ،‬سوى‬ ‫بقرب أي فريق من املقاومة ومشروعها‪ .‬طبعاً‪،‬‬ ‫نشارك سعادته ارتياحه ملا حصل على الساحات‬ ‫العربية‪ ،‬خاصة الساحة املصرية بحيث بدأنا‬ ‫نلمس إعادة اقتراب مصر من قضية فلسطني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التي تبقى القضية األساس في املنطقة‪ ،‬الفتا ًَ‬ ‫ّ‬ ‫تشكل اليوم درسا ً للجميع كي‬ ‫الى مصر التي‬ ‫يعلموا بأ ّن َمن يقترب من فلسطني يكبر‪ ،‬و َمن‬ ‫يبعد عنها يصغر”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬ناقشنا الوضع في سوريا‪ ،‬ونحن‬ ‫مطمئنّون له‪ ،‬ولق ّوة الرئيس بشار األسد‬ ‫وعزمه على تنفيذ اإلصالحات التي تخدم‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬خاصة وأ ّن سوريا اليوم في‬ ‫ضدها‬ ‫طريقها لتجاوز املؤامرة التي حيكت‬ ‫ّ‬ ‫وضد شعبها‪ ،‬خاصة وأنها كانت أقوى من ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫متوجها ً للمراهنني على األحداث في سوريا‬ ‫وإمكانية إضعافها قائالً‪“ :‬رمبا اعتقد البعض‬ ‫أ ّن استقرار الوضع في سوريا سيدفعهم لفتح‬ ‫ملفات جديدة‪ ،‬لذلك شاهدنا تلك السرعة‬ ‫واإلرباك في محاولة فتح ملف احملكمة الدولية‪،‬‬

‫‪44‬‬

‫أل ّن الراحة في سوريا أزعجتهم‪ ،‬فوجدوا بأنهم‬ ‫يريدون فتح ملف آخر‪ .‬نحن اليوم في شهر أيار‬ ‫– شهر التحرير‪ ،‬وعليهم التأكد بأ ّن املقاومة‬ ‫باقية طاملا بقي الظلم الذي متثله “إسرائيل”‬ ‫في هذه األمة‪ ،‬وعلى اجلميع أن يعلموا بأ ّن محور‬ ‫املمانعة الذي حاولوا استهدافه في سوريا‬ ‫سيخرج من هذا اإلستهداف أقوى بكثير‪ ،‬لذا‬ ‫عليهم إقامة حساباتهم على هذا األساس‬ ‫وليس على حسابات أخرى‪.‬‬ ‫وعن املوضوع احلكومي قال وهاب‪ :‬يجب اإلسراع‬ ‫في تشكيل احلكومة‪ ،‬وسيكون لدينا موقف‬ ‫جديد في الساعات املقبلة‪ ،‬لكننا مع تشكيل‬ ‫حكومة حتفظ لبنان واملقاومة‪ ،‬ومع أن يكون لدى‬ ‫فريقنا مشروع متكامل على كل أصعدة احلكم‬ ‫في لبنان‪.‬‬


‫استقبل وفداً من أهالي سجناء روميه‬ ‫وهاب‪ :‬ميقاتي يتح ّمل مسؤولية ما يحصل من تعذيب في السجون‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام‬ ‫وهاب في دارته في اجلاهلية وفدا ً من أهالي سجناء‬ ‫روميه يرافقهم سفير املنظمة العاملية حلقوق‬ ‫اإلنسان علي عقيل خليل الذي نقل لوهاب حاالت‬ ‫التعذيب والضرب التي يتع ّرض لها السجناء بعد‬ ‫ّ‬ ‫فك إضرابهم عن الطعام‪ ،‬وحت ّدث بإسم الوفد الذي‬ ‫َ‬ ‫دارتك‬ ‫طالب بالعفو العام للسجناء‪ ،‬قائالً‪“ :‬أناشد من‬ ‫املعنيني السماح بدخول جلنة حتقيق برملانية‪ ،‬وإال‬ ‫سنضطر لدعوة الصليب األحمر الدولي واملنظمات‬ ‫الدولية للدخول إلى سجن روميه‪ ،‬فنحن ممنوعون من‬ ‫الدخول أل ّن القوات األمنية تعتبر أننا كنا مشاركني‬ ‫في التحريض على ما حصل في السجن‪ ،‬من خالل‬ ‫نقلنا للحقائق‪ ،‬كما ُم ِنعت السيدة غادة عيد باألمس‬ ‫من الدخول إلى السجن بأمر من اللواء أشرف ريفي»‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬ناشد وهاب الرئيس نبيه بري “بتشكيل‬ ‫جلنة حتقيق برملانية للدخول إلى السجن‪ ،‬والتحقيق في‬ ‫كل املمارسات التي حتصل بحق السجناء‪ ،‬إذ يبدو أنهم‬ ‫سيحاولون مجددا ً تعطيل اجللسة البرملانية اخملصصة‬ ‫للبحث في هذا امللف‪ ،‬أل ّن هناك قرارا ً لإلستمرار‬ ‫متوجها ً للضباط‬ ‫بإفشال عمل املؤسسات في لبنان”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والعسكريني في سجن روميه بأنه “ال أحد سيتمكن‬ ‫ُسجنون‪.‬‬ ‫من حمايتكم‪ ،‬فالقانون سيحاسبكم وست َ‬ ‫حتى مسؤولكم لن يتمكن من حمايتكم‪ ،‬إذ ستأتي‬ ‫سلطة جديدة حملاسبتكم على كل ممارساتكم‬ ‫السلبية التي نراها‪ ،‬فهذه عمليات إجرامية ال جتوز‪،‬‬ ‫املهتمة بحقوق‬ ‫وأناشد كل سفراء الدول األوروبية‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان الذهاب إلى السجون»‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬أثي ُر ملف السجناء منذ فترة ألنه ملف ُمحقّ ‪،‬‬ ‫ونحن ال نستغرب ما يحصل في السجون بعد رؤيتنا‬ ‫ملا فعلت القوى األمنية مع وزير‪ ،‬فكيف إذا كان األمر‬ ‫يتعلق بسجني»‪.‬‬ ‫كما ناشد وهاب م ّدعي عام التمييز القاضي‬ ‫سعيد ميرزا “معاقبة القضاة اجملانني‪ ،‬الذين يتمركزون‬ ‫في محاكم اجلنايات والنيابات العامة‪ ،‬وال ميلكون أي‬ ‫وظيفة سوى توقيف املواطنني بدون محاكمات‪ ،‬وال‬ ‫بد من أن يطالهم القانون في النهاية‪ ،‬فال ظالم إال‬ ‫س ُيبلى بأظلم»‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪“ :‬السجون والنظارات لم تعد تستوعب‬ ‫األعداد الكبيرة من املوقوفني بدءا ً من سجناء اجلرائم‬ ‫العادية‪ ،‬وصوال ً إلى السجناء اإلسالميني الذين ال‬ ‫يزالون بال محاكمات منذ أربع سنوات ومعظمهم‬ ‫أبرياء ومناضلني”‪ ،‬مؤكدا ً أنه “ال يجوز محاسبة‬ ‫البعض بحسب انتمائه‪ ،‬حتى ولو كان هناك الكثير‬ ‫من السجناء الذين ارتبكوا جرائم‪ ،‬ولكن هناك طرق‬ ‫إنسانية للتعامل معهم‪ ،‬وحقوق يتمتعون بها»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬يجب محاسبة املسؤولني عن‬ ‫املمارسات اإلجرامية التي حتصل بحق السجناء‪ ،‬وقد‬

‫علمت مبا قامت به ِفرَق الفهود بعد ّ‬ ‫فك السجناء‬ ‫ُ‬ ‫إلضرابهم عن الطعام‪ .‬طبعا ً وزير الداخلية غير قادر‬ ‫يتحمل‬ ‫لكن الرئيس جنيب ميقاتي‬ ‫على فعل أي شيء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالدرجة األولى مسؤولية ما يحصل‪ ،‬وقد أصبحت‬ ‫عالمات اإلستفهام كبيرة حوله‪ ،‬ألنه ال يبادر لتشكيل‬ ‫حكومة تضع يدها على كل هذه امللفات‪ ،‬وتعينّ وزيرا ً‬ ‫ليضع‬ ‫للداخلية قادرا ً على اقتحام كل هذه األمكنة َ‬ ‫ح ّدا ً لهذا الظلم‪ .‬أمتنى أن ال يكون الرئيس ميقاتي‬ ‫مرتبطا ً بأجندة خارجية أو بتعهّ دات متنعه من‬ ‫التشكيل‪ ،‬فقد أصبح لدينا شكوكا ً كثيرة حول هذا‬ ‫األمر خاصة وأ ّن الوضع املالي مه ّدد باإلنهيار‪ ،‬واملوسم‬ ‫السياحي سلبي لهذا العام‪ ،‬كما أننا ذاهبون لوضع‬ ‫سيء‪ ،‬فاجلرمية اإلرهابية التي استهدفت قوات‬ ‫أمني ّ‬

‫اليونيفل في اجلنوب هي أكبر دليل على أ ّن لبنان‬ ‫أصبح مكشوفا ً وأننا أصبحنا بحاجة للحكومة‪ ،‬وهي‬ ‫مسألة من املسائل األساسية التي يجب معاجلتها‬ ‫عند تشكيل أول حكومة‪ ،‬فهناك عشرات األحكام من‬ ‫مجلس شورى الدولة التي يرفض املعن ّيني تنفيذها‪،‬‬ ‫معتبرين أنهم أكبر من القضاء والقانون”‪ ،‬مؤكدا ً على‬ ‫أنه سيحمل قضية السجناء إلى كل مكان‪ ،‬خاصة‬ ‫“أنه ال يوجد أي نظرة إنسانية للسجني‪ ،‬بل يعتبرونه‬ ‫مجرماً‪ ،‬بدون البحث عن أسباب ارتكاب اجلرم واخلطأ‬ ‫كما يحصل في الدول التي حتترم نفسها ومواطنيها‪،‬‬ ‫وهذا ما فعلوه في البقاع إرضا ًء لألميركيني من خالل‬ ‫منعهم للزراعات املمنوعة‪ ،‬بدون إيجاد وتأمني زراعات‬ ‫بديلة»‪.‬‬

‫‪...‬ويناشد القوى األمنية تكثيف تحركاتها‬ ‫للكشف عن مصير المناضل العيسمي‬

‫ ‬ ‫أصدر املكتب اإلعالمي لرئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب البيان التالي‪:‬‬ ‫بعد مرور عدة أيام على اختطاف املناضل األستاذ شبلي العيسمي لم نتلق أي معلومات من‬ ‫األجهزة األمنية عن مصيره‪ ،‬لذا يهمنا التأكيد على ما يلي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬مناشدة القوى األمنية تكثيف حتركاتها ووضع كل إمكانياتها لكشف مصيره‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫األستاذ العيسمي يتمتع باحترام كبير في كل الوطن العربي كونه من الذين حملوا راية النضال‬ ‫باكراً‪ ،‬وكان له دور كبير في كل الساحات القومية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إننا نخشى أن تكون هناك قوى معينة قامت بعملية اخلطف ضمن احلملة التي تشن ضد‬ ‫سوريا خاصة وأن كل رفاق األستاذ شبلي الذين كانوا في العراق قد عادوا إلى سوريا واستقروا فيها‬ ‫بنا ًء لدعوة السلطات السورية بعد سقوط العراق‪.‬‬ ‫واألستاذ شبلي رمبا اختار مصر حتما ً ألسباب غير سياسية وبالتالي ليس هناك أي مشكلة بينه‬ ‫وبني النظام السوري‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إننا نناشد اجلميع العمل لكشف اجملرمني اخلاطفني خاصة وإن األستاذ شبلي منقطع منذ‬ ‫سنوات طويلة عن أي نشاط سياسي‪ ،‬وتقدمه بالعمر يجعل هذه املسألة مسألة إنسانية أكثر‬ ‫مما هي قضية سياسية‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫حزب «التوحيد العربي» شارك في إحياء ذكرى سيطان عبد الولي‬ ‫العريضي يحيي تمسك مواطني الجوالن بهويتهم السورية العربية‬ ‫قام وفد مركزي من حزب “التوحيد العربي” ضم‬ ‫نائب رئيس املكتب السياسي الدكتور شفيق‬ ‫باز وأعضاء املكتب السياسي جواد زرقطة‪ ،‬ماهر‬ ‫سري الدين‪ ،‬عصمت العريضي ومفوض املنطقة‬ ‫اجلنوبية في السويداء تيسير حاطوم‪ ،‬مبشاركة‬ ‫أهل اجلبل في إحياء ذكرى الشهيد سيطان عبد‬ ‫الولي عميد األسرى السوريني في املعتقالت‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬ولهذه املناسبة ألقى الرفيق عصمت‬ ‫العريضي كلمة باسم الوفد ح ّيا فيها الشهيد‬ ‫املناضل ومواطني اجلوالن احلبيب‪ ،‬مش ًددا ً على‬ ‫التمسك بالهوية السورية العربية وااللتزام بنهج‬ ‫قائد املسيرة الرئيس الدكتور بشار األسد‪ ،‬سيما‬ ‫في هذه األثناء التي تتعرض فيها قلعة الصمود‬ ‫واملقاومة حملاوالت بائسة من قوى مأجورة ومرتهنة‬ ‫للخارج‪ ،‬ووجوب التمسك بتاريخنا العربي املشرق‬ ‫في وجه هذه الزمر والعصابات‪ ،‬والتي لن تستطيع‬ ‫النيل من مواقع العز والكرامة والشرف‪ ،‬وتضحيات‬ ‫شعبنا وجيشنا في مواجهة االستعمار ومحاوالت‬ ‫الهيمنة واالستكبار‪.‬‬ ‫وقدم الوفد في نهاية املهرجان التعازي لذوي‬ ‫الشهيد‪ ،‬وملمثل رئيس اجلمهورية السورية وزير الدولة منصور عزام وللقيادة‬ ‫السياسية والعسكرية والهيئات الدينية وعموم أهل اجلبل‪.‬‬ ‫كما زار الوفد مشاركا ً ومباركا ً لذوي الشهداء الذين سقطوا في أداء‬

‫‪ ...‬ويلتقي‬

‫مفوضية الساحل‬

‫السفير البديوي‬

‫العامة تشارك‬

‫التقى وفد من حزب “التوحيد العربي”‬ ‫سعادة سفير مصر في لبنان أحمد فؤاد‬ ‫البديوي في مقر السفارة ‪ -‬بيروت‪ ،‬وقد‬ ‫نقل الوفد الذي ضم كل من مستشار‬ ‫الوزير وئام وهاب ياسر الصفدي‪ ،‬وعضوي‬ ‫املكتب السياسي هشام األعور وعصمت‬ ‫العريضي‪ ،‬حتيات رئيس احلزب وئام وهاب‪،‬‬ ‫وتهنئته الشعب املصري ممثالً باملشير‬ ‫محمد حسني الطنطاوي‪ ،‬ورئيس احلكومة‬ ‫املصرية الدكتور عصام شرف ووزير اخلارجية‬ ‫املصري األستاذ نبيل عربي على جهودهم‬ ‫املبذولة في إمتام املصاحلة بني حركتي فتح‬ ‫وحماس‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الواجب على تراب الوطن السوري احلبيب‪ ،‬هذا وزار الوفد أيضا ً عددا ً من‬ ‫املسؤولني في احملافظة وفي مقدمهم أمني فرع السويداء واحملافظ‪ ،‬ونقلوا‬ ‫لهما حتيات رئيس احلزب والوقوف إلى جانبهم في السراء والضراء حلماية رمز‬ ‫املقاومة في وجه اخملططات األجنبية‪.‬‬

‫في ذكرى شهداء‬ ‫الشويفات‬ ‫شاركت مفوضية الساحل‬ ‫العامة في االحتفال الذي أقامه‬ ‫احلزب التقدمي االشتراكي في‬ ‫ذكرى شهداء الشويفات‪ ،‬حيث قام‬ ‫املفوض العام الرفيق وائل صعب‬ ‫وأعضاء هيئة املفوضية وعدد من‬ ‫الرفاق باملشاركة مبسيرة الشموع‬ ‫الى النصب التذكاري للشهداء‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫غازي عبد الخالق ‪...‬‬ ‫رحلت دون وداع‬ ‫في الثاني والعشرين من شهر أيار ‪ ،2008‬كان لنا مع الفجيعة‬ ‫موعد‪ ،‬ففي مساء ذلك اليوم اختطف القدر حياة األمني الرفيق‬ ‫غازي عبد اخلالق عن عمر يناهز ‪ 51‬عاما ً أمضاها في ساحات‬ ‫النضال ليوقع باسمه على اجلدران وأتربة املكان مآثر بطولة في‬ ‫العمل املقاوم‪.‬‬ ‫أبا وائل‪ ،‬أمني التعبئة في حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬عرفناه كرفاق‬ ‫درب مخلصا ً ومبادرا ً ومنتقدا ً شجاعا ً ال يهاب املوت‪ ،‬متواضعا ً وكرميا ً‬ ‫ال يبخل العطاء‪ ،‬دائم احلركة ال يكل وال يتعب‪ ،‬مبتسما ً متفائالً‬ ‫بطبعه مهما صعبت الظروف‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬رحل غازي وخلف ستائر الدموع‪ ،‬نعاهده على مواصلة‬ ‫املسيرة أوفياء لكل املبادىء والثوابت التي قضى على دربها على‬ ‫طريق التغيير واملقاومة والعروبة وإقامة الدولة الفلسطينية على‬ ‫كامل التراب الفلسطيني‪.‬‬

‫أمني اإلعالم هشام األعور‬


‫تابعت أمانة اإلعالم في «حزب التوحيد العربي» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتماعية‪ ،‬في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السياسي‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫تهنئة المقاومة بالتحرير ودعوة الحكومة‬ ‫لوقف أالعيب المحكمة الدولية والى عدم‬ ‫حماية الهاربين من سوريا‬ ‫عقد املكتب السياسي في حزب “التوحيد العربي” اجتماعه الدوري‬ ‫برئاسة رئيس احلزب الوزير وئام وهاب وصدر عنه البيان التالي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬يوما ً بعد يوم تثبت احملكمة الدولية ‘إسرائيلية” توجهها وقد كان‬ ‫واضحا ً في األيام األخيرة وبعد أن بدا أن سوريا بحكمة قائدها وقوة جيشها‬ ‫ووعي شعبها قد اقتربت من جتاوز محنتها عادت الدوائر السوداء لتحرك‬ ‫ملف احملكمة الدولية عبر قرار معدل لدانيال بلمار أضاف إليه بعض األسماء‬ ‫وفقا ً ملا تقتضيه اللعبة التي تسعى لتخريب املنطقة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن عدم مصداقية احملكمة الدولية تؤكدها هذه التعديالت التي متت‬ ‫على عجل‪ ،‬ألنه لو كان لدى بلمار الثقة بقراره الذي عمل عليه سنوات‬ ‫ما كان ليعدله بهذه السرعة‪ ،‬لذا ندعو إلى اإلسراع في تشكيل حكومة‬ ‫تستطيع سحب البساط من حتت أرجل املتالعبني بالوضع اللبناني في‬ ‫اخلارج واملراهنني عليه في الداخل‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬يتوجه املكتب السياسي في حزب “التوحيد العربي” مبناسبة شهر‬ ‫التحرير بتحية إلى قائد املقاومة وقيادتها ومجاهديها فردا ً على اإلجناز‬ ‫الذي حققوه لألمة في هذا الشهر من عام ‪ 2000‬ويؤكد وقوفه إلى جانب‬ ‫املقاومة ماضيا ً وحاضرا ً ومستقبالً مهما بلغت الصعوبات والتحديات وهو‬ ‫واثق من أن خيار املقاومة في هذه األمة سينتصر رغم كل احلمالت املأجورة‬ ‫في الداخل واخلارج‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬إن سالح املقاومة ثابت ال ميكن املساس به خاصة أن كل التطورات‬ ‫توحي أن الهجمة مستمرة لتعزيز موقع “إسرائيل” في املنطقة وتس ّيدها ‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬يدعو املكتب السياسي القضاء اللبناني إلى حتريك ملف تورط‬ ‫البعض في األحداث السورية خاصة وأن االعترافات التي نشرت واضحة وغير‬ ‫قابلة للشك‪ ،‬كما يدعو األجهزة األمنية للتحرك في مواجهة بعض الهاربني‬ ‫من القانون في سوريا والذين يحاولون االختباء على األرض اللبنانية‪.‬‬

‫خيار المقاومة هو الخيار الوحيد للدفاع‬ ‫عن األمة‬ ‫أكدت أمانة اإلعالم في الذكرى احلادية عشرة النتصار املقاومة في لبنان‬ ‫وحترير جنوبه من االحتالل الصهيوني على جناح خيار املقاومة في استعادة‬ ‫األرض املغتصبة وتعزيز صمود األمة واحلفاظ على كرامة شعبها‪ ،‬وإفشال‬ ‫سياسيات وعدوان االحتالل‪ .‬ورأت األمانة في ذكرى التحرير محطة مضيئة‬ ‫في تاريخ لبنان املقاوم جتاوزت كل محطات النكبات والنكسات في العالم‬ ‫العربي‪ ،‬وزادت من عزمية األحرار في الصراع العربي – اإلسرائيلي الذين آمنوا‬ ‫باستعادة احلقوق وردع املعتدي‪ ،‬جاعلني من مقاومتهم محفوظة في الذاكرة‬ ‫وجزءا ً من ثقافة شعب تتناقلها األجيال يوما ً بعد يوم‪.‬‬ ‫واعتبرت األمانة أن عملية التحرير حتتاج إلى متابعة كما حصل باألمس‬ ‫القريب يوم ذكرى النكبة حينما رسمت دماء الشهداء الذين سقطوا في‬ ‫مارون الراس ومجدل شمس وفلسطني احملتلة‪ ،‬طريق العودة من أجل بسط‬ ‫سيادة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني مبا فيها القدس‬ ‫العربية لدولة فلسطني‪.‬‬

‫خطاب أوباما متناسق األهداف سياسياً‬ ‫وإيديولوجيا مع «إسرائيل»‬ ‫توقفت أمانة اإلعالم عند خطاب أوباما الذي جدد فيه التزام بالده بضمان أمن‬ ‫ومستقبل الكيان الصهيوني‪ .‬ورأت األمانة في اخلطاب صياغة دقيقة ملتطلبات‬ ‫الغزوة األميركية اجلديدة للمنطقة ومتناسقة األهداف سياسيا ً وإيديولوجيا ً مع‬ ‫الكيان الغاصب‪ ،‬وااللتفاف على جهود الفلسطينيني في إقامة دولتهم على أساس‬ ‫االعتراف بحدود ‪ 1967‬لدولة فلسطني‪.‬‬ ‫واستنكرت األمانة األسلوب األميركي الرخيص في التعاطي مع احلراك العربي عن‬ ‫طريق رشوة عدد من الثورات العربية حتديدا ً في مصر وتونس فيما كان ينتظر الثوار‬ ‫في كال البلدين مساعدة واشنطن على استعادة أموالهم التي سرقت منهم‪.‬‬ ‫ونبهت األمانة من خطر الفتنة التي يروج لها أوباما من خالل هجومه على‬ ‫املقاومة التي دافعت عن عزة وكرامة كل العرب‪ ،‬وعلى سوريا التي عارضت االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي والغزوة األميركية للمنطقة القائمة على أساس التحريض املذهبي‬ ‫والطائفي واملناطقي والعرقي‪.‬‬ ‫وطالبت األمانة مبوقف عربي جامع يؤكد على الثوابت القومية املشتركة وحق‬ ‫العودة واحلفاظ على مقدسات وتفكيك املستوطنات ومحاسبة “إسرائيل” على‬ ‫جرائم االحتالل خالل األربعني عاما املاضية‪.‬‬

‫‪ 15‬أيار في مواجهة النكبة‬ ‫صدر عن أمانة اإلعالم في حزب “التوحيد العربي” البيان التالي‪:‬‬ ‫قال الشعب العربي الصامد واملقاوم في فلسطني احملتلة واجلوالن العربي السوري‬ ‫احملتل ولبنان املقاوم كلمته في ذكرى نكبة فلسطني الثالثة والستني التي حولها‬ ‫إلى يوم مواجهة مع العدو اإلسرائيلي تأكيدا ً على حقه ومقاومته القتالعه من‬ ‫أرضه ودفاعه عن مقدساته ووجوده والتهويد العنصري الصهيوني مدعوما ً بالتواطؤ‬ ‫الغربي‪ .‬هكذا بقيت فلسطني حقيقة ال تتغير وأولوية لدى وجدان أحرار األمة الذين‬ ‫أكدوا بدمائهم التي روت مجددا ً تراب مارون الرأس ومجدل شمس وغزة على ردهم‬ ‫القوي على التهويد لألرض واإلنسان وعلى متسكهم بالهوية السياسية املمانعة‬ ‫واملقاومة واعتبار بديل ذلك مبثابة النكبة الكبرى والنقيض حلق العودة‪.‬‬

‫‪ ...‬وإدانة مشاركة صحافي إسرائيلي‬ ‫في معرض للصور‬ ‫دانت أمانة اإلعالم في حزب “التوحيد العربي” مشاركة املصور الصحافي‬ ‫اإلسرائيلي آميت شعال في املعرض العاملي للصور الصحافية الذي يقام في الوسط‬ ‫التجاري ـ سوليدير‪.‬‬ ‫وأصدرت بيانا ً ذكرت فيه شركة “سوليدير” بالقانون اللبناني الذي يفرض مقاطعة‬ ‫واسعة لـ “إسرائيل”‪ ،‬موضحة أنه “ينبغي عند توجيه أي دعوة أن تلتزم املؤسسات‬ ‫اللبنانية مبعايير املقاطعة األكادميية والثقافية واالقتصادية للعدو اإلسرائيلي”‪.‬‬ ‫وتابعت‪“ :‬تأتي هذه املشاركة في ظل اشتداد الهجمة الشرسة على الشعب‬ ‫الفلسطيني من قبل االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬حيث ميعن احملتل في تشويه صورة‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ويبدع بفن التعذيب”‪ .‬ودعا البيان إلى “سحب صور املصور اإلسرائيلي‬ ‫وإلزام شركة “سوليدير” باالعتذار العلني عن هذه اخلطوة‪ ،‬وتعهدها بعدم تكرارها‬ ‫مرة أخرى”‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫المصالحة الفلسطينية هل هي معادلة جديدة‬ ‫وذات طبيعة استراتيجية أم إنها «مصالحة الضرورة»؟‬ ‫في مسألة املصاحلة الفلسطينية‪ ،‬األمر الهام واملتعلق مبوقع‬ ‫القضية الفلسطينية في معادلة الصراع في املنطقة بأكملها‪،‬‬ ‫نبدأ بالنتائج املترتبة وحتى لو كانت افتراضية‪ ،‬ويحق لنا أن نتوقف‬ ‫قليالً ونعرب عن بالغ سعادتنا ونحن نسمع اخلبر املفرح حقاً‪.‬‬ ‫“املصاحلة الفلسطينية” حتققت بامللموس ومت توقيع االتفاق‬ ‫في القاهرة في الرابع من شهر أيار املاضي‪ ،‬وهنا نسأل ما الذي‬ ‫تغيّر؟ وهل زالت األسباب التي أدت إلى حالة االنقسام؟ وهل توقفت‬ ‫األطراف الفلسطينية أمام مرحلة من التقومي املوضوعي جململ‬ ‫األسباب والظروف والسياسات السابقة‪ ،‬وعلى أي قاعدة جديدة‬ ‫نبني كل التفاؤل امللحوظ إذا كان الهدف هو التحرير والعودة؟‬ ‫وهل متّ استيعاب الدروس التي مرّت خالل املرحلة املاضية ودفع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫غال في‬ ‫شعبنا الفلسطيني الثمن أضعافا مضاعفة باذال كل ٍ‬ ‫سبيل بقاء القضية الفلسطينية حية‪ ،‬وهي أمانة األجيال‪.‬‬ ‫وحول األسباب التي دفعت لتوقيع اتفاق املصاحلة بني حركتي‬ ‫فتح وحماس يرى رئيس املكتب السياسي حلركة حماس خالد‬ ‫مشعل‪“ :‬أن الذي تغيّر هو مصر‪ ،‬وهي بعد الثورة لم ت َر حرجاً في‬ ‫وضع استدراكاتنا في ورقة منفصلة تلحق بالورقة األساسية‪،‬‬ ‫كما أن خروج الشباب في شوارع فلسطني يطالبون بإنهاء‬ ‫االنقسام‪ ،‬كل ذلك ساعد في إنضاج املصاحلة‪ ،‬وكذلك فإن‬ ‫ّ‬ ‫شكل حافزاً‪ ،‬وكذلك‬ ‫“فتح” و”حماس” اكتوتا باالنقسام وذلك‬ ‫عدم إعطاء “إسرائيل” أي ذرائع‪ ،‬وال يجوز ألحد أن ينفرد بالقرار‬ ‫السياسي بعد املصاحلة‪.‬‬ ‫وبالنسبة للموقف من االتفاقات التي وقعتها السلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ترى حماس‪ ،‬حني جتري االنتخابات ويتم اختيار‬ ‫قيادة ونتفق على برنامج سياسي‪ ،‬واستراتيجية للوصول إلى‬ ‫دولة مستقلة على حدود ‪ ،1967‬من دون مستوطنات وحق العودة‬ ‫واضح للجميع‪ ،‬ويرى مشعل‪ ،‬أنه على مدى ‪ 20‬عاماً من التفاوض‬ ‫لم ننجح في الوصول إلى شيء منذ أوسلو ووادي عربة‪ ،‬وأنابوليس‪،‬‬ ‫فإلى متى ستبقى هذه الدوامة‪ ،‬وإذا لم تغير املقدمات لن تتغير‬

‫أمني سر اجمللس الثوري‬ ‫حلركة فتح االنتفاضة‬ ‫حسن زيدان (أبو إيهاب)‪:‬‬ ‫مقاومة االحتالل ستع ّزز في‬ ‫ّ‬ ‫ونتطلع ألن‬ ‫ظل أجواء املصاحلة‬ ‫تكون بداية إصالحات جذرية في‬ ‫املؤسسة الفلسطينية‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النتائج‪ ،‬ومستعدون لتقدمي فرصة إضافية تصل إلى سنة من أجل‬ ‫املصاحلة والشعب الفلسطيني‪ ،‬إذا أعطينا الفرصة للسالم‪،‬‬ ‫واتفقنا على تكتيكات املقاومة والتحرك دبلوماسياً ومالحقة‬ ‫“إسرائيل” قضائياً وتفعيل اجلاليات العربية في اخلارج كقوى‬ ‫ضغط‪ ،‬وتفعيل املقاطعة في ظل الرأي العام الدولي املتنامي ضد‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬يرى مشعل‪ ،‬ميكننا أن نفعل ذلك من دون أن نعلن حرباً‬ ‫على “إسرائيل” وذلك من ضمن مطبخ عربي‪.‬‬ ‫رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو قرر تصعيد معركته‬ ‫ضد اتفاق املصاحلة الفلسطينية‪ ،‬وقال‪ ،‬ال عملية سالم مع دخول‬ ‫حماس إلى السلطة‪.‬‬ ‫ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس‪ ،‬قال‪“ :‬إن هناك‬ ‫فرصة حقيقية للسالم في املنطقة داعياً “إسرائيل” أن تستغل‬ ‫هذه الفرصة ألنها قد تكون األخيرة”‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون بأن عباس أخذ دفعة جديدة وقوية بعد توقيع‬ ‫اتفاق املصاحلة مع حركة حماس‪ ،‬وإعالنها أنها مستعدة إلعطاء‬ ‫السالم فرصة جديدة‪ ،‬ومصادر السلطة الفلسطينية ترى‪ ،‬أن‬ ‫حركة حماس تقترب كل يوم أكثر من برنامج منظمة التحرير‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل نحن أمام معادلة فلسطينية جديدة سيكون‬ ‫لها ما بعدها على صعيد القضية الفلسطينية وعلى طريق‬ ‫التحرير والعودة‪ ،‬أم أن املصاحلة الفلسطينية كانت محكومة‬ ‫بالتطورات اجلارية في عاملنا العربي وحاجة األطراف لبعضها هي‬ ‫حاجة تكتيكية وأن لكل طرف معادالته اخلاصة به‪.‬‬ ‫إن تسليط الضوء على ما يجري من خالل رؤى مختلفة‬ ‫ستسمح لنا بقراءة أكثر موضوعية ملعرفة ما يجري حولنا وهو أمر‬ ‫هام‪ ،‬ألننا نعيش في مرحلة مفصلية في ظل التداعيات املستمرة‬ ‫في عاملنا العربي‪ ،‬وانعكاس ذلك على القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫القضية املركزية ألمتنا العربية‪.‬‬ ‫ومن هنا أجرت “منبر التوحيد”‪ ،‬سلسلة من احلوارات التي‬ ‫ّ‬ ‫تتعلق باحلدث األبرز “موضوع املصاحلة” وهنا البداية‪:‬‬

‫احلديث في موضوع املصاحلة الفلسطينية‬ ‫بد للكاتب‬ ‫يلزمنا مباشرة الدخول في حتديات ال ّ‬ ‫والقارئ معا ً أن يلحظاها للوصول الى إجابة‬ ‫خص العنوان قيد‬ ‫أكثر دقة وموضوعية فيما‬ ‫ّ‬ ‫املعاجلة‪ .‬فالشعب الفلسطيني لم يكن أساسا ً‬ ‫على خصومة أو عداء بني شرائحه اخملتلفة‬ ‫وأطيافه املتنوعة‪ ،‬الشعب الفلسطيني كما‬ ‫يعرف اجلميع وحدة واحدة‪ ،‬عد ّوه الوحيد هو‬ ‫احملتل اإلسرائيلي‪ ،‬ومن اإلجحاف واحلالة هذه‬ ‫تسمية ما جرى في القاهرة مبصاحلة فلسطينية‪،‬‬ ‫هي مصاحلة لكن بني طرفني فلسطينيني فتح‬

‫‪48‬‬

‫وحماس‪ ،‬لم يجرِ إسقاطها بعد على آخرين من‬ ‫الفصائل املتخاصمة منذ عقود لتكتمل الصورة‬ ‫ويتظهّ ر املشهد كمصاحلة فلسطينية شاملة‬ ‫بني القوى السياسية املتباينة الرؤى واملتعايشة‬ ‫معا ً داخل اخمليمات واحملكومة بعالقاتها اليومية‬ ‫مبصالح اجلماهير الفلسطينية التي حتتاج جلهد‬ ‫اجلميع وإمكاناتهم املتنوعة لتحسني أوضاعها‬ ‫االجتماعية واالقتصادية واإلنسانية‪ .‬نحن في‬ ‫هذا التوصيف ال نبخس املصاحلة حقها‪ ،‬فهي‬ ‫حدث ترك انعكاساته اإليجابية على املناخ‬ ‫الفلسطيني العام داخل احملتل من األرض وفي‬


‫الشتات‪ ،‬لكننا نتط ّلع أن تكون هذه املصاحلة‬ ‫بداية ورشة كبيرة للبدء بإصالحات جذرية في‬ ‫املؤسسة الفلسطينية السياسية تنتشلها‬ ‫من مستنقع التفكك والتنازالت وترتقي بها الى‬ ‫مستوى املشاركة واملقاومة مبا يؤهلها لالستمرار‬ ‫في حمل راية نضالنا الوطني لتحرير األرض وعودة‬ ‫الالجئني الى ديارهم وممتلكاتهم‪...‬‬ ‫أما عن الظروف التي أحاطت بهذه املصاحلة‬ ‫فيمكن اختصارها بالنقاط التالية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬الظروف الذاتية لكل من فتح وحماس‪:‬‬ ‫محمود عباس بعد فشل املفاوضات مع‬ ‫اإلسرائيليني بات في حاجة ماسة أن يُسا َعد ويمُ د‬ ‫له خشبة النجاة‪ ،‬فاإلسرائيليون كما األميركيون‬ ‫اجتمعوا على استنزافه دون أن يقدموا له ما‬ ‫يع ّوضه عن سلة التنازالت التي كشفتها “اجلزيرة‬ ‫ليكس” والتي كانت مبثابة العني التي فضحت‬ ‫عيوب تلك املفاوضات (التنازالت) مع اإلسرائيليني‬ ‫‪ ،‬وأظهرت بامللموس أن فريق محمود عباس كان‬ ‫هو الطرف السخي دائما ً في تنازالته فيما كان‬ ‫العدو اإلسرائيلي العصي وامللتزم مبصاحله األمنية‬ ‫واالستراتيجية‪.‬‬ ‫أما حركة حماس‪ ،‬فلم تكن تخفي حرجها من‬ ‫احلالة البائسة ألكثر من مليون فلسطيني في‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬وعجزها عن إعادة إسكان أكثر من‬ ‫تهدمت بيوتهم خالل العدوان‬ ‫ربع مليون إنسان ّ‬ ‫اإلسرائيلي على القطاع في كانون األول ‪،2008‬‬ ‫ناهيك عن ضرورة حسم دوامة اجلدل داخل احلركة‬ ‫خص موضوع املصاحلة ومدى استفادة احلركة‬ ‫فيما ّ‬ ‫من ولوج هذا الطريق أو االستمرار في الهروب من‬ ‫استحقاقاته‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الظروف املوضوعية في الساحات العربية‬ ‫وخاصة في مصر‪:‬‬ ‫فقد ّ‬ ‫شكل وجود مبارك على رأس احلكم في‬ ‫مصر عامل عرقلة دائمة لكل محاوالت حركة‬ ‫حماس في تسجيل ولو انتصار صغير على محمود‬ ‫عباس وفريقه‪ ،‬فكان عنيدا ً في رفضه أي شكل من‬

‫أشكال التعديل على الورقة املصرية حتى وصل به‬ ‫األمر لدرجة إغالق معبر رفح أمام الفلسطينيني‬ ‫إلجبار حماس على اخلضوع إلمالءاته والتوقيع على‬ ‫ورقة املصاحلة املصرية‪.‬‬ ‫وبعد سقوط مبارك تسارعت الضغوط املصرية‬ ‫على حماس‪ ،‬لكن هذه املرة بوتيرة مختلفة وغايات‬ ‫فهمتها حماس على أنها نوايا مصرية جديدة‬ ‫لعودة مصر الى البوابة العربية‪ ،‬فلم يكن أمامها‬ ‫إال تشجيع هذا التوجه املصري ولو على حساب‬ ‫العدول عن شروطها املسبقة كما تبدى ذلك في‬ ‫خطاب السيد خالد مشعل في القاهرة حني أبدى‬ ‫استعداد احلركة لدفع الثمن مقابل املصاحلة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬الضغوط العربية واخلليجية حتديدا ً مع‬ ‫الضغط التركي‪:‬‬ ‫لقد ظهر جليا ً مؤخرا ً حجم تلك الضغوط التي‬ ‫تسترت باحلرص على وحدة املوقف الفلسطيني‬ ‫تبدى من‬ ‫وإنهاء حالة االنقسام‪ ،‬وحقيقة األمر كما ّ‬ ‫خالل الزيارات املتالحقة ملندوبني عرب وأجانب لم‬ ‫يكن حرصا ً على املصاحلة الفلسطينية بقدر ما‬ ‫كان يسعى إلعطاء محمود عباس أوراقا ً إضافية‬ ‫فلسطينية ليتسنى له العودة الى املفاوضات‬ ‫مع اإلسرائيليني هذه املرة وهو يحمل وسام متثيل‬ ‫كل الفلسطينيني وميتلك كل ما من شأنه إقناع‬ ‫“الراعي األميركي” واملفاوض اإلسرائيلي بأن في‬ ‫جعبته ما يريحهما وينهي مقولتهما التي طاملا‬ ‫ووجه عباس بها‪“ :‬بأنه ال يوجد مفاوض فلسطيني‬ ‫قوي ميكنهما الركون إليه واالعتماد عليه”‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬املزاج الشعبي الفلسطيني في الداخل‬ ‫واخلارج‪:‬‬ ‫د ّلت أكثر االستطالعات أن الشارع الفلسطيني‬ ‫بات يدرك أن االستفادة القصوى مما يحدث في‬ ‫الساحات العربية يتط ّلب إنهاء حالة االنفسام‪.‬‬ ‫فاجلماهير العربية التواقة للتغيير في بلدانها‬ ‫تدعو جماهير الشعب الفلسطيني ملالقاتها في‬ ‫منتصف الطريق والبديهي في حالة كهذه أن‬ ‫يستجيب الفلسطيني لنبض الشارع العربي‬ ‫فيكتمل املشهد بشقيه الفلسطيني والعربي‬ ‫حلمل األطراف املعنية باملصاحلة لإلسراع في إجناز‬ ‫هذا االستحقاق‪.‬‬ ‫إذن جملة عوامل ساهمت في تعجيل التوقيع‬ ‫على املصاحلة‪ ،‬وقد كانت ثورة يناير في مصر العامل‬ ‫األهم نتيجة املقاربة اجلديدة التي اعتمدتها‬ ‫للموضوع الفلسطيني والتي ساعدت في حمل‬ ‫طرفي املصاحلة‪ ،‬فتح وحماس‪ ،‬على قبول الطروحات‬ ‫املصرية اجلديدة التي اعتبرها الطرفان واقعية وغير‬ ‫متح ّيزة وتراعي مصلحة الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫املتجدد في الساحة‬ ‫هذا الدور املصري‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية يُرسل بكل تأكيد إشارات إيجابية لكل‬ ‫األطراف العربية والفلسطينية أن مصر تستعد‬ ‫للعودة لدورها العربي املعهود بزخم قوي من شأنه‬ ‫إعادة رسم خارطة جديدة للعالقات العربية‪ ،‬لكنه‬ ‫من املبكر التكهن بدور استراتيجي ملصر في الشأن‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وإن كان الفلسطينيون يتطلعون‬

‫‪49‬‬

‫بشوق واهتمام الى هذه اللحظة املصرية احلاسمة‪.‬‬ ‫فاألميركيون وحلفاؤهم من العرب واإلسرائيليني‬ ‫لم يتوانوا منذ اللحظات األولى لثورة يناير على‬ ‫إشغال املصريني بأجندات داخلية بعضها قدمي‬ ‫وبعضها جديد عليهم‪ ،‬وهم في كل ذلك يسعون‬ ‫إلبعاد مصر عن اهتماماتها العربية في مرحلة‬ ‫مصيرية من تاريخ املنطقة ليتسنى لهم إجناز‬ ‫مخططاتهم العدوانية والتقسيمية للوصول الى‬ ‫مشروع شرق أوسط جديد يكون الكيان الصهيوني‬ ‫ّ‬ ‫يشكل العرب‪ ،‬كل العرب‪،‬‬ ‫نقطة االرتكاز فيه فيما‬ ‫الدرع الواقي له ماليا ً وبشرياً‪.‬‬ ‫لذلك فاجلهود األميركية واإلسرائيلية تنصب‬ ‫اليوم على تعزيز دور بعض القوى الداخلية في‬ ‫مصر والتي ارتبطت بعهد مبارك البائد لقطع‬ ‫الطريق على القوى الشبابية املصرية من استكمال‬ ‫الشوط حتى نهاياته‪ ،‬لكنه ورغم ذلك يظل األمل‬ ‫معقودا ً على شباب مصر في التخلص من الوصاية‬ ‫األميركية التي ك ّبلت إرادتهم ألكثر من أربعني عاما ً‬ ‫واالندفاع صوب ساحتهم العربية التي اشتاقت‬ ‫ملصر العروبة دورا ً وقيادة وعمقا ً استراتيجيا ً لهذه‬ ‫األمة‪.‬‬ ‫ويبقى الدور الفلسطيني العامل احلاسم في‬ ‫املرحلة القادمة‪ ،‬فإن أحسن الفلسطينيون ترميم‬ ‫بيتهم الفلسطيني وجنحوا في إدارة صراعهم‬ ‫التمسك بحقهم‬ ‫مع العدو اإلسرائيلي من خالل‬ ‫ّ‬ ‫املشروع في مقاومة االحتالل وإجباره على اخلضوع‬ ‫إلرادة الشعب الفلسطيني فإن املصاحلة بني فتح‬ ‫وحماس تكون قد جنحت في إرساء دعائم واقع‬ ‫فلسطيني جديد يصلح البناء عليه مستقبالً‬ ‫وصوال ً لتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في‬ ‫التحرير والعودة‪ .‬ومسؤولية حماس في هذا الشأن‬ ‫كبيرة جدا ً وهي املعنية بعدم تغييب أجندتها‬ ‫املقاومة ملصلحة أية أجندات أخرى كاستحقاق‬ ‫أيلول القادم أمام األمم املتحدة أو غيره‪.‬‬ ‫الشعب الفلسطيني لم يعد يقبل العيش‬ ‫في ظل أوهام الدولة املفترضة‪ ،‬وجتربته مع وثيقة‬ ‫االستقالل وقيام الدولة الفلسطينية في إعالن‬ ‫اجلزائر في ‪ 15‬تشرين الثاني ‪ 1988‬كانت مريرة‪،‬‬ ‫وشباب فلسطني الذين يزحفون اليوم بأجسادهم‬ ‫العارية صوب فلسطني في إطار مسيرات العودة‬ ‫ّ‬ ‫يؤكدون بدمهم أن حترير فلسطني بات هو الهدف‬ ‫والغاية وأن إشغالهم باستحقاقات وهمية قادمة‬ ‫إلبعادهم عن ساعة صراعهم احلقيقي مع االحتالل‬ ‫بات من املاضي‪.‬‬ ‫الفلسطينيون الذين أكتووا بنار النكبة ألكثر‬ ‫من ثالثة وستني عاما ً صفقوا للمصاحلة بني فتح‬ ‫وحماس ألنهم أيقنوا أن مقاومة االحتالل ستُعزّز‬ ‫في ظل أجواء املصاحلة وليس هناك أدنى شك‬ ‫في أن أكثرية الفلسطينيني ال يع ّولوا كثيرا ً على‬ ‫استحقاق أيلول القادم وهم ليسوا على استعداد‬ ‫بعد مسيرات العودة أن يقبلوا إعالن دولة جديدة‬ ‫في الهواء‪ ،‬هم لن تق ّربهم حتما ً مترا ً واحدا ً من‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫عضو املكتب السياسي للجبهة‬ ‫الدميقراطية لتحرير فلسطني‬ ‫علي فيصل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق‬ ‫تنفيذ اتفاق املصاحلة‬ ‫بتوافر اإلرادة السياسية لدى‬ ‫أطراف احلوار الوطني وغيّب‬ ‫البرنامج السياسي الذي يجمعنا‬ ‫كفلسطينيني‬

‫توقيت املصاحلة ومكانها‪ ،‬واإلعالن املفاجىء‬ ‫عن موعد توقيع املصاحلة بني حركتي فتح‬ ‫وحماس‪ ،‬له دالالته الكثيرة‪ ،‬وهذا يعني إجنازاً‬ ‫يتحقق ضمن ظروفه اخلاصة‪ ،‬والسؤال‪ :‬ما‬ ‫هي الظروف التي سرعت في حتقيق املصاحلة‬ ‫الفلسطينية؟‬ ‫كان من الضرورة أن يتم التوقيع على اتفاقية‬ ‫الوفاق الوطني الفلسطيني‪ ،‬أي الورقة املصرية‬ ‫في تشرين الثاني‪ ،2009‬وفي ذلك الوقت اتفقت‬ ‫جميع الفصائل على ذلك ما عدا حماس‪ ،‬لكن‬ ‫الصورة اليوم اختلفت كثيرا ً نتيجة تداعيات‬ ‫الثورات العربية واحلمالت الشعبية الفلسطينية‬ ‫في صفوف الشباب والنساء داخل األراضي‬ ‫الفلسطينية احملتلة مبظاهرات متعددة‪.‬‬ ‫العامل الثاني هو التطورات اجلارية في البلدان‬ ‫العربية‪ ،‬الثورات واالنتفاضات واالحتجاجات‬ ‫الواسعة خاصة جناح الثورة في مصر وقبلها‬ ‫انتصار الثورة الشعبية التونسية‪ ،‬واآلن‬ ‫االنتفاضات الواسعة في البالد العربية من أقصاها‬ ‫إلى أقصاها‪ ،‬كل هذه العوامل تركت تأثيرها‬ ‫الواسع على حماس‪ ،‬وكذلك احلال على السلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬واآلن جميع الفصائل و ّقعت‬ ‫اليوم على وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني‪،‬‬ ‫وحت ّولت التفاهمات إلى تفاهمات فلسطينية ـ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فلسطينية يجري مراعاتها في آليات التنفيذ‬ ‫وبالتوافق بني جميع األطراف‪ ،‬وعليه؛ نأمل أن‬ ‫يقع الصدق في هذه اخلطوة عند التنفيذ وال تقع‬ ‫مشاكل إضافية من جديد‪.‬‬ ‫هل للتغييرات التي حصلت في مصر‬ ‫وجناح ثورة يناير‪ ،‬العامل األكبر الذي ّ‬ ‫عجل في‬ ‫املصاحلة وخاصة العوامل الداخلية في مصر‪،‬‬ ‫وهل يعني هذا عودة مصر الى دورها الطبيعي‬ ‫في دعم القضية الفلسطينية؟‬ ‫الشعب الفلسطيني كما تعلمون يعيش داخل‬ ‫األراضي الفلسطينية احملتلة‪ ،‬حتت ضغط وفعل‬ ‫االحتالل واالستيطان‪ ،‬وكل الشعب الفلسطيني‬ ‫له مصلحة بأن يتخلص من االنقسام‪ ،‬ويعود إلى‬ ‫رحاب الوحدة الوطنية ونضاله‪ ،‬ويركز على ضرورة‬ ‫اخلالص من االحتالل واالستيطان‪ ،‬وبناء حقه‬ ‫بتقرير املصير ودولة فلسطينية مستقلة بحدود‬ ‫‪ 4‬حزيران ‪ 1967‬عاصمتها القدس‪ ،‬وحق العودة‬ ‫لالجئني وفق القرار األممي ‪ 194‬في إطار حلول‬ ‫سياسية متوازنة وشاملة‪.‬‬ ‫وبالتأكيد إن جناح الثورة في مصر ومجيء‬ ‫قيادة جديدة هي أقرب الى الشارع املصري الداعم‬ ‫للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني‬ ‫وهي على بينة من كل التطورات السياسية‬ ‫واالستراتيجية التي حتيط بالصراع مع “إسرائيل”‪،‬‬ ‫من الطبيعي أن سياسة هذه القيادة ستختلف‬ ‫عن القيادة السابقة خاصة وأن هناك الكثير من‬ ‫النقد حول طريقة إدارة مصر في السابق للعديد‬ ‫من املسائل الداخلية واإلقليمية إضافة الى الدور‬ ‫املصري الذي تراجع كثيراً‪ .‬كل هذه األمور حتتم‬ ‫اليوم على مصر أن تنتهج سياسة مختلفة‬ ‫تكون أقرب الى نبض الشارع املصري والعربي‬ ‫وبخاصة الشارع الفلسطيني‪.‬‬ ‫ما هي األسباب التي دفعت كل من حركتي‬ ‫فتح وحماس الى إجناز املصاحلة‪ ،‬وهل هناك‬ ‫توافق يحمل طابعاً استراتيجياً؟‬ ‫كثيرة هي األسباب التي دفعت بحركتي فتح‬ ‫وحماس الى الذهاب الى طاولة احلوار والتوقيع‬ ‫على اتفاق املصاحلة‪ ،‬خاصة بعد أن وصل مشروع‬ ‫طرف الى طريق مسدود وباتت هناك قناعة بأن‬ ‫استمرار االنقسام لفترة أطول من شأنه أن يعقد‬ ‫النضال الفلسطيني خاصة في هذه املرحلة التي‬ ‫ننتظر فيها الكثير من االستحقاقات‪.‬‬ ‫إضافة لذلك‪ ،‬إن حركة الشارع العربي فعلت‬ ‫فعلها خاصة أن اجلميع يدرك حجم التغييرات‬ ‫الكبيرة التي تنتظرها املنطقة نتيجة التفاعالت‬ ‫التي يشهدها العالم‪.‬‬ ‫وعلى املستوى الداخلي الفلسطيني‪ ،‬بات‬ ‫هناك إجماع شعبي على ضرورة إنهاء االنقسام‪،‬‬ ‫وهذا ما ُع ّبر عنه باحلمالت التي نظمها الشباب‬ ‫والنساء الذين نزلوا إلى الشوارع باآلالف‬ ‫مشكلني بذلك ضغطا ً على كل من السلطة‬ ‫الفلسطينية وحماس‪ ،‬من أجل إنهاء االنقسام‬ ‫والعودة إلى رحاب الوحدة الوطنية‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫كيف تتوقعون أن يكون املوقف اإلسرائيلي‬ ‫في موضوع املصاحلة وهل تتوقعون شروطاً‬ ‫إسرائيلية جديدة أو تصعيداً من نوع آخر؟‬ ‫بالتأكيد ليس لـ “إسرائيل” مصلحة في أي‬ ‫تقارب فلسطيني – فلسطيني‪ ،‬بل هي على‬ ‫العكس عملت بشكل دائم على إدامة حالة‬ ‫االنقسام كي مترر مشروعها وتستفرد باملفاوض‬ ‫الفلسطيني على أكثر من مستوى‪ ،‬وقد سمعنا‬ ‫وشاهدنا ردة الفعل اإلسرائيلي من خالل وقف‬ ‫أموال الضرائب التي تستقطعها “إسرائيل”‬ ‫من التجار الفلسطينيني‪ .‬واألهم من ذلك أن‬ ‫“إسرائيل” سعت والزالت تسعى الى حتقيق سالم‬ ‫على طريقتها‪.‬‬ ‫نتنياهو ـ ليبرمان لم يكونا يوما ً مع الدخول‬ ‫بعملية سالم شاملة؛ تقوم على مفاوضات‬ ‫شاملة مرجعيتها قرارات الشرعية الدولية‪ ،‬لكن‬ ‫حكومة نتنياهو ض ّيعت الزمن‪ ،‬لها اآلن أكثر من‬ ‫سنتني ونصف وهي تراوغ وتناور‪ ،‬وتعلن بشكل‬ ‫دائم بأن على السلطة الفلسطينية أن تختار‬ ‫بني السالم وحماس‪ ،‬نسأل أين هو السالم الذي‬ ‫يتكلم عنه نتنياهو وحكومته اليمينية؟‪ ...‬غير‬ ‫موجود هذا السالم‪ ،‬بل بالعكس سياسة عدوانية‪،‬‬ ‫اعتقاالت‪ ،‬قتل في الضفة الفلسطينية‪ ،‬غزو‬ ‫االستيطان في القدس والضفة‪ ،‬وأعمال عدوانية‬ ‫يومية على قطاع غزة‪ ،‬فضالً عن احلصار الكامل‬ ‫والتدمير شبه اليومي في قطاع غزة‪.‬‬ ‫ما هي عناصر أو مقومات جناح املصاحلة‬ ‫الفلسطينية؟‬ ‫لدى الفلسطينيني الكثير مما يفعلونه بعد أن‬ ‫أجنز اتفاق إنهاء االنقسام‪ .‬ورمبا يكون ما قد أجنز‬ ‫في القاهرة على أهميته الوطنية مدخالً ملسار‬ ‫استعادة الوحدة ويحفل الطريق إلجناز هذا الهدف‬ ‫بالكثير من العراقيل املتوقعة والطارئة من داخل‬ ‫احلالة الفلسطينية وخارجها‪.‬‬ ‫وإذا كانت قد توافرت ظروف موضوعية‬ ‫ساهمت إلى حد كبير بالوصول إلى هذا االتفاق‪،‬‬ ‫فإن تنفيذه وفق املصلحة الوطنية يتطلب نضوج‬ ‫عوامل ذاتية كانت غائبة أو مغيبة منذ بروز‬ ‫مؤشرات السياسات االنقسامية واستفحالها‬ ‫وحتول االنقسام إلى واقع معاش أدى إلى كوارث‬ ‫وطنية كبرى‪.‬‬ ‫ويتعلق األمر برأينا بتوافر اإلرادة السياسية‬ ‫لدى أطراف احلوار الوطني الفلسطيني وخاصة‬ ‫حركتي فتح وحماس مبا يضمن تقدمي املصلحة‬ ‫الوطنية العليا على أية اعتبارات أخرى فيما‬ ‫يتعلق بتحويل نصوص االتفاق إلى واقع مادي‬ ‫ملموس وإجناز يتحرك على األرض‪.‬‬ ‫فبقدر ما يحفل نص االتفاق من عناصر وعناوين‬ ‫تفتح على دخول احلالة الفلسطينية في مرحلة‬ ‫جديدة‪ ،‬فإن هناك ما هو مؤجل للبحث املستفيض‬ ‫على طاولة احلوار الوطني في سياق البحث عن‬ ‫آليات تنفيذ االتفاق‪ .‬ويلعب هنا العامل الزمني‬ ‫دورا ً حيويا ً في حتديد مصير االتفاق‪ .‬فكلما جرى‬


‫التقدم باجتاه القواسم الوطنية املشتركة كلما‬ ‫مت اقتصاد الوقت الفلسطيني احلرج‪.‬‬ ‫ننطلق في هذا القول من حقيقة أن‬ ‫الفلسطينيني في سعيهم الستعادة الوحدة ال‬ ‫يبدأوا من الصفر‪ .‬ومن أن نص االتفاق الذي وقعوه‬ ‫في القاهرة ال ينعزل عما مت إجنازه في احلوارات‬ ‫الفلسطينية السابقة وبخاصة ما تضمنه إعالن‬ ‫القاهرة في العام ‪ 2005‬حول منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية وإعادة بناء مؤسساتها على أسس‬ ‫دميقراطية وبإشراف مرجعية وطنية تضم جميع‬ ‫أطياف اللون السياسي الفلسطيني‪ .‬وال ينعزل‬ ‫االتفاق أيضا ً عما أجمع عليه الفلسطينيون في‬ ‫العام ‪ 2006‬عندما اتفقوا جميعا ً على وثيقة‬ ‫الوفاق الوطني التي حملت برنامجا ً سياسيا ً‬ ‫متقدما ً يكفل ويبرز العناصر األساسية في‬ ‫البرنامج الوطني الفلسطيني التحرري‪ .‬ومثل‬ ‫ذلك تقريبا ً مبا يخص إجنازات ال يستهان بها‬ ‫تبلورت في سياق احلوار الوطني الشامل في‬ ‫القاهرة العام ‪.2009‬‬ ‫ورمبا يعني تشكيل احلكومة من الشخصيات‬ ‫الوطنية املستقلة أحد املفاتيح الهامة للبدء‬ ‫في تنفيذ االتفاق على األرض دون التوقف عند‬ ‫الكثير من الشروط واالعتبارات التي تنتمي في‬ ‫معظمها إلى مرحلة االنقسام البغيض‪ .‬ألن هذا‬ ‫يساعد على البدء بتنفيذ مهمتني رئيسيتني‬ ‫في املرحلة القريبة القادمة وهما التحضير‬ ‫لالنتخابات فورا ً وبشكل يترافق مع إنهاء مظاهر‬ ‫االنقسام واستعادة الثقة‪ ،‬وعدم ربط هذه‬ ‫املهمة بأية ملفات أخرى ينبغي االتفاق حولها‬ ‫بني حركتي فتح وحماس ألن ذلك يفترض وجود‬ ‫شكوك متبادلة تؤدي إلى ربط إجناز عنوان في‬ ‫االتفاق بعنوان آخر وهذه املعادلة تصلح فقط بني‬ ‫خصمني لدودين وال تصح بني شريكني في عملية‬ ‫وطنية كبرى يترقب الشعب الفلسطيني إجنازها‬ ‫بفارغ الصبر‪ .‬واملهمة الثانية هي املباشرة بإعادة‬ ‫إعمار قطاع غزة‪.‬‬ ‫هل يعني حتقيق املصاحلة‪ ،‬أن حركة حماس‬ ‫قد دخلت في مسار املفاوضات ذاته‪ ،‬وهي التي‬ ‫أعطت مهلة لتحقيق إجناز ما‪ ،‬وإعطاء مصر دور‬ ‫وفرصة للمساعدة في إجناز اتفاق ما؟‬ ‫اآلليات التنفيذية للمصاحلة الفلسطينية‬ ‫حتتاج الى وقت لتطبيقها على واقع األرض ومن‬ ‫املتوقع أن تشهد هذه التطبيقات بعض العراقيل‬ ‫من هنا وهناك ملنع الفلسطينيني من تعزيز‬ ‫وحدتهم الداخلية‪.‬‬ ‫املشكلة في اتفاق املصاحلة‪ ،‬وهذا ما سجله‬ ‫وفد اجلبهة الدميقراطية عند التوقيع على االتفاق‬ ‫وإبداء حتفظه‪ ،‬إن االتفاق غيب البرنامج السياسي‬ ‫الذي يجب أن يجمعنا كفلسطينيني‪ ،‬ونحن في‬ ‫اجلبهة الدميقراطية نعتقد أن قضية األجندات‬ ‫السياسية لكل طرف ال يجب أن يكون لها مكان‬ ‫مستقبالً بل التوافقات الوطنية التي سبق وإن‬ ‫اتفقت عليها جميع الفصائل ونقصد بذلك‬

‫إعالن القاهرة ووثيقة األسرى واملعتقلني‪.‬‬ ‫اليوم اخلطوة األولى يجب أن تبدأ مبشاورات‬ ‫حول تشكيل احلكومة بني جميع الفصائل‬ ‫والشخصيات ومن ثم البرنامج السياسي‬ ‫واالقتصادي لهذه احلكومة ونحن من جهتنا في‬ ‫اجلبهة الدميقراطية سنسعى من أجل تامني‬ ‫قاعدة صلبة من التوافقات السياسية التي يجب‬ ‫أن تقود الى استراتيجية وطنية فلسطينية‬ ‫بديلة تكفل التناغم بني اجتاه العمل السياسي‬ ‫وبني العمل املقاوم الهادف إلى رفع كلفة استمرار‬ ‫االحتالل‪ ،‬وهذا يعني‪:‬‬ ‫ـ تصعيد املقاومة الوطنية والشعبية ضد‬ ‫اجلدار واالستيطان واالحتالل وتوسيع دائرتها‪،‬‬ ‫حتى تتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة‪..‬‬ ‫ـ االلتزام برفض استئناف املفاوضات ما‬ ‫لم تلتزم “إسرائيل” بالوقف التام للنشاطات‬ ‫االستيطانية‪ ،‬وضمان حق الالجئني في العودة إلى‬ ‫ديارهم وممتلكاتهم وفق القرار ‪.194‬‬ ‫ـ تصعيد التحرك السياسي الفلسطيني عبر‬ ‫التوجه لألمم املتحدة‪ ،‬التخاذ اإلجراءات الكفيلة‬ ‫بوقف االستيطان‪ ،‬ومواصلة حشد التأييد‬ ‫الدولي لالعتراف بدولة فلسطني على حدود‬ ‫الرابع من حزيران ‪ 1967‬بعاصمتها القدس‪ ،‬وصوال ً‬ ‫إلى اعتراف األمم املتحدة بالدولة الفلسطينية‬ ‫املستقلة بعاصمتها القدس‪ ،‬وتكثيف العمل من‬ ‫أجل إنهاء احلصار املفروض على قطاع غزة‪.‬‬ ‫هذه هي االستراتيجية التي نعتقد أن بإمكانها‬ ‫أن تغير قواعد الصراع احلالي وباجتاه التركيز على‬ ‫النضال املوحد ذو األفق السياسي امللموس الذي‬ ‫ميكن أن يوصل شعبنا الى نتائج ملموسة‪.‬‬ ‫استحقاق ايلول في األمم املتحدة واالعتراف‬ ‫بالدولة الفلسطينية رمبا يكون أحد العوامل‬ ‫التي ساعدت في تقريب وجهات النظر بني‬ ‫حركتي فتح وحماس‪ .‬ما رأيكم؟‬ ‫من شأن التقدم على طريق استعادة الوحدة‬ ‫أن يفتح الطريق على نحو أوسع باجتاه مؤسسات‬ ‫األمم املتحدة واجملتمع الدولي لنيل االعتراف‬ ‫بالدولة الفلسطينية املستقلة على حدود‬ ‫األراضي الفلسطينية التي مت احتاللها في العام‬ ‫‪ 1967‬وعاصمتها القدس‪ .‬ومن الطبيعي هنا‬ ‫أن يلعب االتفاق الذي أجنز مؤخرا ً في القاهرة‬ ‫دورا ً مساعدا ً في توسيع دائرة االعتراف بالدولة‬ ‫املنشودة ويزيد من قدرة اجلانب الفلسطيني‬ ‫على التحرك السياسي والدبلوماسي من أجل‬ ‫تشكيل جبهة من املواقف اإلقليمية والدولية‬ ‫في مواجهة احملاوالت األميركية واإلسرائيلية‬ ‫الهادفة إلى إفشال املسعى الفلسطيني بنيل‬ ‫االعتراف بالدولة املستقلة‪.‬‬ ‫كما ِّ‬ ‫ميكن االتفاق احلالة الفلسطينية من توحيد‬ ‫خطابها السياسي أمام املناورات اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫ونحذر هنا من محاوالت متعددة اجلهات التي‬ ‫تسعى إلى إعادة املفاوض الفلسطيني إلى حلبة‬ ‫التفاوض وفق عناوين ودعاوى مختلفة وعدم‬

‫‪51‬‬

‫النظر إلى هذا االتفاق باعتباره خطاب موجه إلى‬ ‫واشنطن وغيرها لتحسني شروط املفاوضات طاملا‬ ‫الرعاية األميركية واجلانب اإلسرائيلي متفقان على‬ ‫شطب احلق األساسي للشعب الفلسطيني في‬ ‫عودة الجئيه إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا‬ ‫منها‪ ،‬وربط قيام الدولة الفلسطينية بالشروط‬ ‫واالعتبارات األمنية اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫وفق ما سبق‪ ،‬يفتح االتفاق أبوابا ً فلسطينية‬ ‫كانت مغلقة ألسباب ذاتية‪ ،‬ويساهم بشكل جدي‬ ‫في إغالق أبواب فتحت على احلالة الفلسطينية من‬ ‫أجل ابتزازها بفعل واقع االنقسام وتداعياته‪ .‬كما‬ ‫يتيح تنفيذ االتفاق والوصول به إلى غايته املرجتاة‬ ‫إلى تعزيز املوقف العربي وجتاوز التجربة السلبية‬ ‫التي مثلتها مواقف جلنة املتابعة العربية عندما‬ ‫واكبت مسيرة املفاوضات مع اجلانب اإلسرائيلي‬ ‫وشكلت بأدائها جبهة ضغط إضافية على اجلانب‬ ‫الفلسطيني للقبول بالشروط اإلسرائيلية‬ ‫والرضوخ للضغوط األميركية‪ .‬وتساعد في هذا‬ ‫اجملال التغيرات التي حصلت وخاصة في مصر‬ ‫التي من املرجح أنها ستلعب دورا ً مساعداً‪ ،‬ونذكر‬ ‫هنا الدعوة التي أطلقها وزير اخلارجية املصري‬ ‫د‪ .‬نبيل العربي من أجل عقد مؤمتر دولي لبحث‬ ‫موضوع الصراع القائم في املنطقة وهي خطوة‬ ‫تتجاوز السعي األميركي إلعادة إحياء املفاوضات‬ ‫بالشروط السابقة‪.‬‬

‫مسؤول الساحة اللبنانية‬ ‫في حركة حماس في لبنان‬ ‫علي بركة‪:‬‬ ‫املصاحلة الفلسطينية ستساعد‬ ‫برنامج املقاومة على الصمود أكثر‬

‫وفي حوار مع مسؤول الساحة اللبنانية في‬ ‫حركة حماس في لبنان علي بركة حول موضوع‬ ‫املصاحلة ّ‬ ‫أكد أن املصاحلة الفلسطينية هي‬ ‫مصلحة فلسطينية بالدرجة األولى‪ ،‬وهي‬ ‫ضرورة وطنية في الدرجة الثانية‪ ،‬مشيرا ً الى أن‬ ‫املصاحلة الفلسطينية لم تكن ابنة ساعتها‬ ‫أي في الرابع من أيار املاضي‪ ،‬بل هي وليدة ظروف‬ ‫وعوامل متعددة ساهمت في إجناز اتفاق املصاحلة‬ ‫الفلسطينية في الرابع من أيار املنصرم‪ّ ،‬‬ ‫وخلص‬ ‫بركة عوامل املصاحلة في نظر حماس بثالثة‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬التغيير الكبير الذي جرى في مصر من‬ ‫سقوط نظام حسني مبارك وبروز قيادة جديدة‬ ‫في مصر ولو انتقالية‪ ،‬ولكنها قيادة على مسافة‬ ‫واحدة من جميع األطراف الفلسطينية‪ ،‬وليست‬ ‫كالقيادة السابقة التي كانت منحازة الى‬ ‫السلطة وحركة فتح ضد حركة حماس‪.‬‬ ‫العامل الثاني يكمن في فشل عملية التسوية‬ ‫وتعنت نتنياهو في تقدمي أي شيئ حملمود عباس‪،‬‬ ‫الذي لم يبقَ واقفا ً في طريق مسدود‪ ،‬ولم يرَ إال‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫أن يعود الى املصاحلة الفلسطينية والتفاهم مع‬ ‫حركة حماس‪.‬‬ ‫العامل الثالث متثل باحلراك الشعبي‬ ‫الفلسطيني الذي انطلق مع الثورات العربية‬ ‫وبعدها من أجل إنهاء االنقسام الفلسطيني‬ ‫خصوصا ً أن حالة االنقسام مضى عليها أربع‬ ‫سنوات وأثرت سلبا ً على الوضع الفلسطيني‬ ‫الداخلي‪ ،‬لذلك هذه العوامل مجتمعة‬ ‫وعجلت في إجناز املصاحلة‬ ‫باعتقادنا ساهمت‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫املتضرر األكبر في هذه املصاحلة هو العدو‬ ‫الصهيوني ألنه يريد أن تستمر حالة االنقسام‬ ‫في الساحة الفلسطينية لكي يستفرد بالرئيس‬ ‫محمود عباس في مسار التسوية ويفرض‬ ‫عليه خطة جديدة فيها تصفية للقضية‬ ‫الفلسطينية وفي نفس الوقت العدو الصهيوني‬ ‫يريد أن تبقى غزة معزولة ومحاصرة لكي يب ّرر أي‬ ‫ضربة عسكرية لغزة ويب ّرر حصاره عليها‪ ،‬ألن غزة‬ ‫تسيطر عليها حركة حماس‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الى املوقف األميركي‪ ،‬مازال‬ ‫يرفض املصاحلة الفلسطينية وخير دليل على‬ ‫ذلك ما قاله أوباما في خطابه األخير بأن املصاحلة‬ ‫تضر بعملية السالم‪.‬‬ ‫بالنسبة لنا إن الذي أفشل عملية التسوية‬ ‫ثم املوقف األميركي‬ ‫هو املوقف الصهيوني أوال ً ّ‬ ‫املنحاز دائما ً الى جانب الكيان الصهيوني‪ ،‬فال‬ ‫يحملوا فشلهم على املصاحلة الفلسطينية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألنه في األصل املفاوضات قبل عشرين عاما ً أي‬ ‫منذ اتفاق مدريد عام ‪ 1991‬الى أوسلو عام ‪1993‬‬ ‫الى املفاوضات املباشرة وغير املباشرة في عام‬ ‫‪ 2010‬والتي أفشلها نتنياهو وأفشلتها اإلدارة‬ ‫األميركية ألنها عجزت أمام تسلط نتنياهو‪.‬‬ ‫فهذه اإلدارة األميركية تريد أن جتعل من‬ ‫املصاحلة الفلسطينية شماعة في فشلها‬ ‫في عملية التسوية وفشل السياسة اخلارجية‬ ‫األميركية خاصة أن أوباما اآلن يسعى للتجديد‬ ‫يصعد باجتاه الفلسطيني‬ ‫لوالية ثانية ويريد أن‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كي يرضي اللوبي الصهيوني في أميركا‪.‬‬ ‫ور ّداً على سؤال‪ :‬هل يعني حتقيق املصاحلة‬ ‫أن حركة حماس دخلت في مسار املفاوضات‬ ‫ذاته‪ ،‬وهي التي أعطيت مهلة لتحقيق إجناز ما‪،‬‬ ‫وإعطاء مصر دور وفرصة للمساعدة في إجناز‬ ‫اتفاق ما؟ أجاب بركة‪:‬‬ ‫أوال ً املصاحلة الفلسطينية ال تعني بأن‬ ‫حماس ستشارك في برنامج التسوية‬ ‫الفلسطينية أو برنامج املفاوضات‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬املصاحلة الفلسطينية ستعزّز‬ ‫الوحدة الداخلية الفلسطينية وستساعد‬ ‫برنامج املقاومة على الصمود أكثر ألن هناك‬ ‫محاوالت أميركية – صهيونية لعزل املقاومة‬ ‫في غزة‪ ،‬برنامج املصاحلة رفع هذه احلالة ألن‬ ‫مصر وعدت بعد توقيع املصاحلة الفلسطينية‬ ‫برفع احلصار عن غزة وإعادة إعمار قطاع غزة‪،‬‬ ‫هذا بسبب املصاحلة الفلسطينية‪ ،‬إذ أن وجود‬ ‫موحدة متنع أي ضغط‬ ‫حكومة فلسطينية‬ ‫ّ‬ ‫على املقاومة في الضفة الغربية ألنه لم يعد‬ ‫مقبوال ً بعد املصاحلة الفلسطينية أن تبقى‬ ‫حماس محظورة في الضفة الغربية من قبل‬ ‫السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫إذن املصاحلة الفلسطينية ستخفف‬ ‫الضغط على املقاومة في الضفة وترفع‬ ‫احلصار عن غزة وهذا كله يصب في مصلحة‬ ‫املقاومة‪ ،‬لذلك نحن نقول أن املصاحلة تخدم‬ ‫املقاومة الفلسطينية وليس العكس‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬أما إذا أراد الرئيس محمود عباس‬ ‫أن يستفيد من املصاحلة ليقول للعالم أن‬ ‫الفلسطينيني توحدوا وأن هناك سلطة‬ ‫واحدة نحن ال مننعه وحركة فتح من االستفادة‬ ‫من املصاحلة‪ ،‬كما حق املقاومة من االستفادة‬ ‫منها‪.‬‬ ‫هناك برنامج مغاير في الساحة‬ ‫الفلسطينية هو أن املصاحلة الفلسطينية‬ ‫ال تعني أن االنقسام السياسي انتهى‪،‬‬ ‫فاالنقسام السياسي موجود ومازال هناك‬ ‫أحزاب وفصائل لكل منهم رأيه وبرنامجه‬ ‫بالنسبة لتحرير فلسطني‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫برنامج املقاومة هو طريق اجلهاد واملقاومة‪،‬‬ ‫والطريق االستراتيجي لتحرير فلسطني‬ ‫وعودة الالجئني وإقامة دولة مستقلة‪،‬‬ ‫ولكن رمبا اإلخوة في مصر ينتهجون نهجا ً‬ ‫آخر ويعتبرون أن الدبلوماسية واملفاوضات‬ ‫مع املقاومة الشعبية هو الطريق في هذه‬ ‫املرحلة‪ ،‬ولكننا نلتقي جميعا ً في هدف واحد‬ ‫هو حترير فلسطني وعودة الالجئني الى أرضهم‬ ‫نقدم أي اعتراف للكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫دون أن‬ ‫ّ‬ ‫لذلك الزالت اإلدارة األميركية تشدد على عدم‬ ‫وقوفها الى جانب املصاحلة الفلسطينية إال‬ ‫إذا تخ ّلت حركة حماس عن املقاومة التي‬ ‫أسماها أوباما بـ “العنف”‪.‬‬ ‫نحن نقول لن نعترف بـ “إسرائيل”‬

‫‪52‬‬

‫مهما جرى‪ ،‬لذلك إذا كان هناك من جهات‬ ‫دولية أو عربية أو فلسطينية تعتقد أن‬ ‫املصاحلة ستُجلس حركة حماس الى طاولة‬ ‫التسوية واملفاوضات فهو واهم‪ ،‬ألن حركة‬ ‫حماس ستبقى متمسكة بنهج املقاومة‬ ‫وبخيار اجلهاد واملقاومة حتى حتقيق أهداف‬ ‫الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة‬ ‫واالستقالل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتوقع شروطاً‬ ‫وحول ما إذا كانت حماس‬ ‫إسرائيلية جديدة أو تصعيد من نوع آخر‬ ‫يتعلق باملصاحلة الوطنية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أكد أن‬ ‫في ما‬ ‫العدو الصهيوني يحاول أن يضغط اآلن‬ ‫على السلطة الفلسطينية من خالل‬ ‫االبتزاز املالي واألمني‪ ،‬وهناك ضغوط اآلن‬ ‫على الرئيس محمود عباس لفك التفاهم‬ ‫مع حركة حماس وإلنهاء املصاحلة من خالل‬ ‫فرض رئيس حكومة ما تريده اإلدارة األميركية‬ ‫واالحتاد األوروبي من خالل الضغط بقضايا‬ ‫أموال الضرائب الفلسطينية‪ ،‬واحلواجز‬ ‫األمنية واالعتقاالت املستمرة في الضفة‬ ‫الغربية من قبل االحتالل الصهيوني خاصة‬ ‫باجتاه نواب حركة حماس وأعضاء اجمللس‬ ‫التشريعي لضرب وجود حماس ورموزها في‬ ‫الضفة الغربية‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬العدو الصهيوني لن يهدأ ولن يسكت‬ ‫عن حتقيق املصاحلة ألنه يعتبر نفسه متضرر‬ ‫ّ‬ ‫نحذر من االستجابة الى‬ ‫منها‪ ،‬من هنا نحن‬ ‫الضغوط األميركية – الصهيونية واألوروبية‪،‬‬ ‫وندعو الدول العربية لتحمي اتفاق املصاحلة‬ ‫الفلسطينية وتؤمن الدعم السياسي‬ ‫واملادي للسطلة الفلسطينية مستقبال ً‬ ‫وللفصائل الفلسطينية حتى يستمر‬ ‫النظام الفلسطيني في مواجهة هذا‬ ‫السلط الصهيوني املتمادي في فلسطني‬ ‫خصوصا ً ما يجري اليوم من تهويد ملدينة‬ ‫القدس واملقدسات اإلسالمية واملسيحية‬ ‫وما يجري كذلك في الضفة الغربية‬ ‫من استمرار لالستيطان وبناء للوحدات‬ ‫االستيطانية اجلديدة في الضفة الغربية‬ ‫احملتلة وفي القدس الشرقية حتديداً‪ ،‬أضف‬ ‫الى استمرار احلصار على غزة‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫نؤكد‬ ‫أن املصاحلة الفلسطينية بحاجة الى رعاية‬ ‫عربية ملواجهة كل التحديات اخلارجية وفي‬ ‫مقدمها االحتالل الصهيوني ومن خلفه اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬ألن اإلرادة الفلسطينية وحدها ال‬ ‫تكفي لتحقيقها‪ ،‬وألننا كفلسطينيني جزء‬ ‫من هذه األمة العربية‪.‬‬ ‫وحول وصفه ملا حدث في ‪ 15‬أيار‪ ،‬خالل‬ ‫مسيرة ذكرى النكبة‪ ،‬أوضح أن الذي‬ ‫حصل في ‪ 15‬أيار هو إجناز كبير للشعب‬ ‫الفلسطيني وللقضية الفلسطينية‪ ،‬إذ‬ ‫أن الذي حصل أن الشعب الفلسطيني‬ ‫في الشتات وفي مخيمات اللجوء أعاد الى‬


‫القضية الفلسطينية بريقها‪ ،‬فالـ ‪15‬‬ ‫أيار هو محطة جديدة وصفحة جديدة في‬ ‫تاريخ النضال الفلسطيني‪ ،‬بحيث أصبح‬ ‫يوما ً للعودة‪ ،‬وأطلق انتفاضة فلسطينية‬ ‫قدم هؤالء‬ ‫ثالثة في الداخل واخلارج‪ ،‬حيث ّ‬ ‫الفلسطينيون الالجئون أبناءهم شهداء‬ ‫على طريق العودة الى فلسطني‪ ،‬لذلك نقول‬ ‫أن نستفيد كعرب من اخملزون االستراتيجي‬ ‫املسمى بالالجئني الذين أصبحوا اليوم الالعب‬ ‫األساسي في الصراع العربي ‪ -‬الصهيوني‪،‬‬ ‫لذلك علينا أال نهمل هذا الكم املهم من‬ ‫الالجئني الفلسطينيني وال ننظر إليهم في‬ ‫اخمليمات بأنهم في بؤر أمنية وبحاجة الى‬ ‫استعطاف ومساعدات إنسانية‪ ،‬فهؤالء هم‬ ‫مقاومون ومجاهدون وكتبوا بدمائهم طريق‬ ‫العودة الى فلسطني ورفضهم للمشاريع‬ ‫األميركية والصهيونية وخصوصا ً التوطني‬ ‫والتهجير‪ ،‬وبأنهم لن ولم يتخ ّلوا يوما ً عن‬ ‫حق العودة الى أرض الوطن فلسطني‪.‬‬ ‫نحن نريد دولة فلسطينية ولكن نرفض أن‬ ‫يكون ثمنها كما تريد اإلدارة األميركية التي‬ ‫تعمل اليوم من خالل خطة أوباما على إجبار‬ ‫العرب والفلسطينيني على االعتراف بيهودية‬ ‫الكيان الصهيوني وإعطاء الفلسطينيني‬ ‫دويلة منزوعة السالح دون سيادة مقابل‬ ‫شطب حق العودة‪ ،‬نحن نقول إن حق العودة‬ ‫ال ميكن أن يشطبه أحد في هذا الكون‪،‬‬ ‫وهذا احلق سيبقى حقا ً مقدسا ً للشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫وختم بركة بالقول‪ :‬سنستمر في مسيرة‬ ‫يوم النكبة وغيره من األيام حتى نحقق‬ ‫أهداف الشعب الفلسطيني في مقدمها‬ ‫حترير فلسطني والعودة إليها دولة عربية‬ ‫محررة ومستقلة‪ ،‬وبعد ما حصل في مارون‬ ‫الراس ال ميكن ألي جهة عربية أن تتجاهل أو‬ ‫أن حتاول أن تشطب قضية الالجئني‪.‬‬

‫عضو املكتب السياسي جلبهة‬ ‫النضال الشعبي الفلسطيني‬ ‫وممثلها في لبنان أبو خالد‬ ‫الشمال‪:‬‬ ‫اتفاق املصاحلة خطوة في‬ ‫االجتاه الصحيح إلنهاء‬ ‫االنقسام ولكن لم يحصل‬ ‫اتفاق على املواضيع السياسية‬ ‫واملفاوضات‬ ‫ما‬

‫رأيك‬

‫بتوقيع‬

‫اتفاق‬

‫املصاحلة‬

‫الفلسطينية في مصر وما هي األسباب‬ ‫التي دفعت مصر للقيام بهذا الدور؟‬ ‫إن التوقيع على اتفاق املصاحلة‬ ‫الفلسطينية هو خطوة في االجتاه الصحيح‬ ‫إلنهاء االنقسام وتوحيد الشعب الفلسطيني‬ ‫وقواه احلية من فصائل وهيئات اجملتمع املدني‪،‬‬ ‫ألن حالة االنقسام التي عاشها الشعب‬ ‫الفلسطيني والعمل الوطني الفلسطيني‬ ‫والتي استمرت أربعة سنوات عجاف قد أضرت‬ ‫مبصالح الشعب الفلسطيني وأفسحت‬ ‫اجملال أمام العدو الصهيوني في التمادي في‬ ‫سياسته العدوانية ضد الفلسطينيني‪ ،‬وإن‬ ‫السنوات األربعة التي مرت على االنقسام‬ ‫كانت جتربة قاسية لطرفي اخلالف وللشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وقد ثبت بالدليل القاطع أن‬ ‫الشعب هو صاحب املصلحة احلقيقية إلنهاء‬ ‫االنقسام البغيض‪ ،‬وأن الفضل في حتقيق‬ ‫املصاحلة يعود إلى النظام املصري اجلديد الذي‬ ‫بدأ نشاطه في امللف الفلسطيني بعد أن‬ ‫انتهى من دراسة امللفات املتعلقة بالساحة‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫وأعتقد أن هناك الكثير من األسباب التي‬ ‫دفعت مصر رغم الظروف اجلديدة التي متر بها‬ ‫إلى االلتفاف للمشاكل االقتصادية والقضايا‬ ‫اخلارجية ومن بني األسباب التي دفعت مصر‬ ‫إلى هذا التحرك املفاجئ هو إدراك القاهرة‬ ‫بأهمية املصاحلة الفلسطينية في تقوية‬ ‫الوحدة الوطنية الفلسطينية وتعزيز قوة‬ ‫الشعب الفلسطيني في مواجهة أي‬ ‫تهديدات إسرائيلية والعمل على منعها‬ ‫ومواجهة االستحقاقات القادمة في أيلول‬ ‫عندما تعرض القضية الفلسطينية على‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬وإن هذا التصعيد قد يؤدي إلى‬ ‫انزالق األوضاع نحو مواجهة عسكرية تؤثر‬ ‫سلبا ً على االستقرار الذي تعيشه الساحة‬

‫‪53‬‬

‫املصرية‪ ،‬وبالتالي تشعل هذه األحداث موجه‬ ‫من التضامن الشعبي املصري مع ما يحدث‬ ‫في قطاع غزة‪.‬‬ ‫كما أن النظام اجلديد في مصر ال يؤمن‬ ‫بسياسة الضغوط واحلصار ضد حركة حماس‬ ‫كوسيلة لإلخضاع‪ ،‬ومن هنا بدأت القاهرة‬ ‫في املبادرة إلى البحث عن طريق ميكن من‬ ‫خاللها لتحقيق عدد من املكاسب من بينها‬ ‫إعادة الروح إلى الدور املصري كطرف مهم‬ ‫وداعم للقضية الفلسطينية وعدم االنفراد‬ ‫اإلسرائيلي بقطاع غزة مرة أخرى والوقوف‬ ‫كمحام ومدافع عنها في احملافل الدولية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولهذا السبب كان إصرار القاهرة على‬ ‫السرية في احلوارات واملفاوضات مع طرفي‬ ‫الصراع خوفا ً من الفشل‪ ،‬وقد قدمت القيادة‬ ‫املصرية من أجل ضمان النجاح على مشاورات‬ ‫مع أطراف مصرية داخلية تربطها عالقات مع‬ ‫أطراف الصراع في الساحة الفلسطينية‪،‬‬ ‫وتقديراتنا أنها جنحت في حشد قواها إلجناز‬ ‫هذه املصاحلة‪ ،‬كما أنها تلقت إشارات من‬ ‫طرفي الصراع كانت إيجابية جتاه رغبتها في‬ ‫التوصل إلى اتفاق ينهي االنقسام‪ ،‬وقد قدمت‬ ‫مصر أثناء احلوارات الثنائية التي كانت حتصل‬ ‫بني حماس وفتح تأكيدات صريحة بفتح معبر‬ ‫رفح عبر إعالن اخلارجية املصرية عنه‪.‬‬ ‫كما تسلمت حماس وعودا ً مصرية من أجل‬ ‫إجناز اتفاق ينهي مسألة اجلندي اإلسرائيلي‬ ‫األسير لدى حركة حماس لتحقيق صفقة‬ ‫تبادل األسرة مع “إسرائيل”‪ ،‬وهذا جزء بسيط‬ ‫من الظروف التي أوصلت اجلهود املصرية إلى‬ ‫النجاح وحتقيق اإلجناز الكبير بتوقيع اتفاق‬ ‫املصاحلة‪ ،‬لكن األصعب اآلن هو مرحلة تطبيق‬ ‫هذا االتفاق ومدى قدرة اآللية العربية التي‬ ‫مت احلديث عنها على متابعة وإقناع طرفي‬ ‫االتفاق على تطبيق بنوده بشكل حرفي على‬ ‫األرض‪ ،‬وعدم املماطلة والتهرب من مسألة‬ ‫إعادة اإلعمار في قطاع غزة‪ ،‬واألهم من هذا‬ ‫هو التوصل إلى اآللية املناسبة التي ميكن‬ ‫للغرب الوثوق بها لتشرف على إعادة األعمار‬ ‫والعمل على دفع األموال الالزمة التي جمعت‬ ‫في مؤمتر إعادة إعمار قطاع غزة‪ ،‬وأن املصاحلة‬ ‫بني فتح وحماس ليست سوى املدخل‬ ‫لتحقيق تسويات ومصاحلات أوسع على‬ ‫مستوى الصراع الفلسطيني – اإلسرائيلي‬ ‫مبشاركة أوروبية أميركية‪.‬‬ ‫جميل كان منظر التوقيع على االتفاق‬ ‫في القاهرة‪ ،‬واألجمل منه الفرحة العارمة‬ ‫املفعمة بأقصى درجات التفاؤل التي سادت‬ ‫الشارع الفلسطيني في الداخل والشتات‪.‬‬ ‫ورغم القلق الذي ألقي في االحتفال والذي‬ ‫تركت انطباع لدى املشاهد أن أجواء من احلرص‬ ‫أبداها الطرفني لعدم إضاعة هذه الفرصة‬ ‫التاريخية‪ ،‬وللبدء في تنفيذ بنود االتفاق وفي‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫املقدمة منها إيجاد مرجعية فلسطينية‬ ‫يلتف حولها الشعب الفلسطيني وتعمل‬ ‫على توحيده في الداخل وفي دول الشتات‪،‬‬ ‫مع إعادة بناء منظمة التحرير وتفعيل‬ ‫مؤسساتها حتى تستوعب اجلميع‪.‬‬ ‫هل تتوقع أن تقوم “إسرائيل” بإعاقة‬ ‫تنفيذ املصاحلة؟‬ ‫إن املعركة األولى ستبدأ مع “إسرائيل”‬ ‫التي ترفض هذا االتفاق بني حماس وفتح على‬ ‫الرغم من أن االتفاق أبقى على التفاهمات‬ ‫مع “إسرائيل” وأميركا‪ ،‬وأعلن استعداد كافة‬ ‫األطراف الفلسطينية احترامها والتعامل‬ ‫معها‪ ،‬كما أبقى االتفاق على حدود الدولة‬ ‫الفلسطينية بأراضي ‪ 1967‬وأبدى االستعجال‬ ‫باملضي في استمرار الهدنة مع “إسرائيل” في‬ ‫غزة والضفة الغربية‪.‬‬ ‫ورغم كل ذلك فإن “إسرائيل” ستستمر في‬ ‫مقاومتها التفاق املصاحلة حتى ال يكسب‬ ‫الفلسطيني معركة تسويق االتفاق إلى‬ ‫الدول األوروبية والواليات املتحدة األميركية‬ ‫والتي تقدم املساعدات املالية للسلطة‬ ‫الفلسطينية مما سيؤدي إلى نشوء مشاكل‬ ‫في التطبيق‪ ،‬فنحن أمام كيانني مستقلني‬ ‫واحد في غزة والثاني في الضفة الغربية‬ ‫ولكل كيان حكومته وأجهزته األمنية‬ ‫وعقيدته وحتالفاته‪ ،‬وإعادة دمج الكيانني في‬ ‫كيان واحد أمر صعب يحتاج إلى جهد كبير‬ ‫وكبير جدا ً عالوة على الكثير من التنازالت‬ ‫التي قدمت‪.‬‬ ‫في ظل اخلالفات في الرؤى بني فتح وحماس‬ ‫أال تعتقد بأن هناك عقبات قوية ستواجه‬ ‫تنفيذ هذا االتفاق؟‬ ‫التوقيع على الورقة املصرية وعلى ورقة‬ ‫التفاهمات التي قدمتها حماس أثناء اجتماع‬ ‫دمشق مع وفد فتح قبل ستة شهور‪ ،‬رفضتها‬ ‫آنذاك فتح‪.‬‬ ‫اآلن عملية البدء في تنفيذ االتفاق‪ ،‬والتقديرات‬ ‫أن هناك عقبات أمام آلية التنفيذ نوجزها على‬ ‫الشكل التالي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬صحيح أن الورقة املصرية حتوي آليات‬ ‫تنفيذ إال أنها بحاجة إلى آليات لتوضيحها‬ ‫وترجمتها على األرض‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬هناك تناقض تام في مفهوم األمن في‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬ومفهوم األمن في الضفة الغربية‪،‬‬ ‫وهذا التناقض قد يصبح نقطة خالف كبيرة‬ ‫خالل عملية التنفيذ‪ ،‬من إعادة تشكيل األجهزة‬ ‫األمنية ومهامها في حماية الوطن واملواطن‬ ‫واملقاومة‪.‬‬ ‫هذه هي رؤية أحد األطراف‪ ،‬أما رأي الطرف األخر‬ ‫فهي حلني االنتهاء من السعي إلى تنفيذ برنامج‬ ‫الدولة الفلسطينية وطرحها على اجملتمع الدولي‬ ‫بشهر أيلول‪ ،‬واملطلوب منه املزيد من التشدد في‬ ‫فرض األمن في الضفة الغربية والتجاوب مع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الراعي األميركي والدولي‪ ،‬وإنه في لقاءاته مع حماس‬ ‫لم يخف عليهم مواصلة تنفيذ خطته الرامية‬ ‫إلى منع العمل املسلح ضد “إسرائيل” ومنع تبييض‬ ‫األموال ملصلحة بعض التنظيمات‪ ،‬ويعتبر ذلك من‬ ‫أولويات السلطة الفلسطينية إزاء األسرة الدولية من‬ ‫أجل كسب التأييد لدولة حتت راية الشرعية الدولية‪.‬‬ ‫ومن شبه املؤكد أن رؤية حماس األمنية وخصوصا ً‬ ‫قي قطاع غزة تتناقض مع الرؤية األخرى للطرف‬ ‫السياسي ألنها ترى أن األمن يجب أن يخدم املقاومة‬ ‫ويساعدها‪.‬‬ ‫من جانبه رفض عباس وفتح فتح ملف األمن في‬ ‫الضفة الغربية وإخضاعه للنقاش مع اإلصرار على‬ ‫فتح ومناقشة امللف األمني في قطاع غزة‪.‬‬ ‫هذه هي أولى نقاط اخلالف الرئيسية أمام عملية‬ ‫التنفيذ على األرض‪.‬‬ ‫والنقطة الثانية حول تشكيل احلكومة تكمن في‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬رفض عباس من حيث املبدأ إخضاع احلكومة‬ ‫العتبارات فصائيلية حتى ولو باسم الوحدة الوطنية‪،‬‬ ‫وأبلغ حماس أن هذه احلكومة حكومتي وتتشكل من‬ ‫ذوي الكفاءات ومن املستقلني ألنه هو من سيتولى‬ ‫أمر تسويقها إلى العالم‪ ،‬وأنه مييل إلى إرضاء اجملتمع‬ ‫الدولي أكثر من ميله إلرضاء حماس وبقية الفصائل‬ ‫األخرى‪ ،‬كما أنه يرى مصلحة له وخلطه السياسي توفر‬ ‫أساس ولو شكليا ً للوحدة الفلسطينية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬نحن نقول إن حماس وقعت على الورقة‬ ‫املصرية العتبارات خاصة بها‪ ،‬وهذا حقها بالرغم من‬ ‫أن حالة فتح وعباس والتسوية في مأزق أيضاً‪ ،‬ولها‬ ‫أسبابها اخلاصة في التوقيع‪.‬‬ ‫ما هي الظروف التي دفعت إلجناز هذا االتفاق؟‬ ‫حسب التقديرات‪ ،‬فإن االتفاق جاء بسبب حاجة‬ ‫الطرفني له سواء فتح وحماس وذلك لعدة أسباب‬ ‫أهمها التغييرات التي حصلت في العالم العربي‬ ‫وبشكل خاص في مصر‪.‬‬ ‫إرسال رسائل إلى األميركي واإلسرائيلي أن هناك‬ ‫بدائل عن املفاوضات سواء على الصعيد الداخلي أو‬ ‫اخلارجي‪ ،‬يعني طرح موضوع الدولة على هيئة األمم‬ ‫املتحدة في شهر أيلول ألخذ االعتراف بها من اجملتمع‬ ‫املدني‪.‬‬ ‫ضغط الشارع الفلسطيني على اجلميع وضرورة‬ ‫إنهاء االنقسام وحتقيق الوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫لكن هذا االتفاق لم يعمر طويالً لعدة أسباب‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬لم يحصل اتفاق على املواضيع السياسية‬ ‫وموضوع املفاوضات واالعتراف بـ “إسرائيل” وترك هذا‬ ‫األمر‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن املوضوع األمني لم يبحث بشكل جدي‬ ‫وبشكل خاص موضوع التنسيق األمني مع “إسرائيل”‬ ‫وبقيت األمور على ما هي عليه في غزة والضفة الغربية‬ ‫وهناك أسباب أساسية ومهمة قفز عنها االتفاق ولم‬ ‫يالحظها‪.‬‬ ‫لكن املطلوب منا التعاطي معه بإيجابية ألن‬ ‫اجلميع رحب به وكان مطلب جميع القوى والشارع‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫عضو اللجنة املركزية جلبهة‬ ‫التحرير الفلسطينية وممثلها في‬ ‫لبنان محمد ياسني‪:‬‬ ‫اتفاق املصاحلة يحتاج الى‬ ‫حتصينه ببرنامج سياسي‬ ‫مقاوم للوصول الى وحدة وطنية‬ ‫حقيقية‬ ‫ما هي الظروف التي سرعت املصاحلة‬ ‫الفلسطينية؟‬ ‫بداية ال بد أن نشير أن حالة التمزق واالنقسام‬ ‫الذي عاشته الساحة الفلسطينية أ ّثرت بشكل‬ ‫سلبي على مجمل نضال الشعب الفلسطيني‬ ‫في الداخل واخلارج ووضعت القضية‬ ‫الفلسطينية في جتاذبات إقليمية ودولية كادت‬ ‫تطيح باحلقوق الفلسطينية وأعطت العدو‬ ‫الصهيوني قوة وزخم وتغطية على كل أعماله‬ ‫اإلجرامية بحق األرض الفلسطينية والشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬أمام هذا الواقع كان من الطبيعي‬ ‫أن يكون الشغل الشاغل عند كل احلريصني‬ ‫في الساحة الفلسطينية‪ ،‬فتح أبواب احلوار‬ ‫الداخلي ومعاجلة أسباب االنقسام للوصول إلى‬ ‫صيغة مقبولة يستند عليها اجلميع للوصول‬ ‫إلى مصاحلة وطنية‪.‬‬ ‫أعتقد أن توقيت املصاحلة وإن جاء متأخرا ً ال‬ ‫بد أن نبارك هذه اخلطوة التي حصلت باتفاق‬ ‫األخوة في حركتي حماس وفتح والتي أدت إلى‬ ‫اتفاق مبدئي للمصاحلة‪ ،‬يحتاج هذا االتفاق‬ ‫إلى حتصني للوصول إلى وحدة وطنية حقيقية‬ ‫لتشمل كل أطياف العمل الوطني الفلسطيني‬ ‫من فصائل عمل وطني إلى شخصيات في‬ ‫اجملتمع املدني واألهلي الفلسطيني‪ ،‬وال بد لنا‬


‫أن نشير أن الظروف التي أدت لتوقيع االتفاق‬ ‫في حتقيق املصاحلة‪ ،‬هي املصلحة الوطنية‬ ‫واعتبارات خاصة لهذا الطرف أو ذاك‪ ،‬وخاصة‬ ‫أن هناك جتارب سابقة باءت بالفشل ألنها لم‬ ‫تستند لهذه احلاجة الوطنية التي أشرنا إليها‪،‬‬ ‫وكانت نتائجها السابقة مأساوية ودموية لذا‬ ‫نطالب احلركتني بتغليب املصلحة الوطنية‬ ‫على احلسابات الفئوية‪ ،‬وأن يكون هناك سياسة‬ ‫واضحة تكون كفيلة بإجناح االتفاق والوصول إلى‬ ‫وحدة وطنية حقيقية تعيد االعتبار للمرجعية‬ ‫الوطنية املتمثلة بـ “م ‪ .‬ت ‪ .‬ف” بأن تكون املمثلة‬ ‫الشرعية والوحيدة لشعبنا في الداخل واخلارج‬ ‫بعد أن فقدت هذا الدور في السنوات املاضية‬ ‫حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫هل للتغييرات التي حصلت في مصر‬ ‫وجناح ثورة يناير‪ ،‬العامل األكبر الذي عجل في‬ ‫املصاحلة وخاصة العوامل الداخلية في مصر‪،‬‬ ‫وهل يعني هذا عودة مصر الى دورها الطبيعي‬ ‫في دعم القضية الفلسطينية؟‬ ‫يجب أن ال نقلل من أهمية الثورات التي‬ ‫حصلت في تونس وباألخص في مصر على‬ ‫مجريات املصاحلة الفلسطينية وبالتأكيد مصر‬ ‫ّ‬ ‫شكل أداة‬ ‫اليوم ليست مصر “مبارك” الذي‬ ‫ضغط وعائق أمام املصاحلة الفلسطينية ألن‬ ‫النظام السابق كان يلتزم باألجندة األميركية‬ ‫الصهيونية وكان يعمل لفرض حلول تنسجم‬ ‫مع هذه األجندة املعادية لشعبنا‪ ،‬أما مصر اليوم‬ ‫الثورة املباركة والتي أعلنت منذ األيام األولى‬ ‫للثورة إدانتها لسياسة النظام السابق وأعادت‬ ‫االعتبار ولو تدريجيا ً لدور مصر العربي الذي غاب‬ ‫لثالثة عقود دخلت بفعل اتفاقية العار في كامب‬ ‫ديفيد‪ ،‬إن ثورة ‪ 25‬يناير أعادت الروح والنبض‬ ‫للشارع العربي باعتبار أن القضية الفلسطينية‬ ‫قضية مركزية لألمة والذي يؤكد أهمية ما جرى‬ ‫في مصر أيضا ً النظرة اجلديدة ملصر في معاجلة‬ ‫املعبر احلدود الوحيدة ما بني مصر وقطاع غزة أي‬ ‫معبر رفح باعتبار املصير شأن مصري فلسطيني‬ ‫بعكس ما كان يدعي النظام السابق وأعتقد أن‬ ‫هذا األمر ساهم إلى حد كبير باملصاحلة لتخفيف‬ ‫حالة املعاناة القاسية التي يعيشها أهلنا في‬ ‫قطاع غزة منذ سنوات عديدة قبل العدوان ‪2008‬‬ ‫وبعد العدوان‪ ،‬وهذا أيضا سيسهل إعادة اإلعمار‬ ‫للقطاع من جراء العدوان الصهيوني فكل‬ ‫التحية لثورة وثوار مصر‪.‬‬ ‫ما هي األسباب التي دفعت حركتي فتح‬ ‫وحماس إلى إجناز املصاحلة‪ ،‬وهل هناك توافق‬ ‫يحمل طابعاً استراتيجياً؟‬ ‫حتى ال ندخل في باب النوايا عند حركتي فتح‬ ‫وحماس‪ ،‬فهما تؤكدان املصاحلة حاجة راضية‬ ‫ومطلب شعبي فلسطيني عربي وكل أحرار‬ ‫العالم املتضامنة مع شعبنا وقضينا‪ ،‬إال أننا‬ ‫ورغم دعمنا جلهود املصاحلة نتمنى أن ال تكون‬ ‫املصاحلة اتفاق الضرورة عن احلركتني وخاضعة‬

‫حلسابات فئوية وإقليمية ورغم احلديث من قبل‬ ‫طرفي االتفاق عن اإليجابية واإلصرار في تطبيق‬ ‫كل بنود املصاحلة إال أن احلذر مطلوب وأننا‬ ‫نطالب احلركتني أن يخرجوا من دائرة الصراع‬ ‫على سلطة حتت االحتالل الذي يحصن املعاجلة‬ ‫هو الشروع في حوار جدي وصياغة برنامج وطني‬ ‫كفاحي يستند إلى احلقوق الوطنية الثابتة في‬ ‫فلسطني كل فلسطني‪ ،‬وغير ذلك يبقى‪ ،‬ويعيد‬ ‫االعتبار بـ” م ‪ .‬ت‪ .‬ف” من خالل إعادة بنائها على‬ ‫أسس سياسية وكفاحية واضحة لتكون عمليا ً‬ ‫ممثالً شرعيا ً لشعبنا في الداخل واخلارج‪.‬‬ ‫كيف تتوقعون أن يكون املوقف اإلسرائيلي‬ ‫في موضوع املصاحلة؟‬ ‫حالة االنقسام التي شهدتها الساحة‬ ‫الفلسطينية كانت تقدم خدمة مجانية للعدو‬ ‫الصهيوني وبالتأكيد املصاحلة الفلسطينية إذا‬ ‫متّ حتصينها ببرنامج سياسي مقاوم سيكون‬ ‫صدمهةلهذا العدو الذي يعمل ليل نهار على‬ ‫سياسة ف ّرق تسد‪.‬‬ ‫رد فعل العدو الصهيوني على اتفاق املصاحلة‬ ‫كان واضحا ً برفضه لهذا االتفاق وخ ّير السلطة‬ ‫الفلسطينية ما بني العالقة مع كيانه إلى‬ ‫العالقة مع حركة حماس‪ ،‬وبالتأكيد العدو‬ ‫الصهيوني ال يفرح لوحدتنا بل يعمل على‬ ‫تعميق االنقسام والشرذمة وهذا يضعنا‬ ‫كفلسطني وخاصة حركتي حماس وفتح أمام‬ ‫مسؤولية وطنية والتمسك باملصاحلة وتطويرها‬ ‫واإلقالع كليا ً عن املراهنة على سراب التسوية‬ ‫مع هذا الكيان‪.‬‬ ‫وبالتأكيد االتفاق حتى اآلن ال يحمل طابعا ً‬ ‫استراتيجيا ً وهذا ما يقلق كل احلريصني على‬ ‫الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية‪،‬‬ ‫فاالتفاق االستراتيجي يتطلب من اجلميع‬ ‫وخاصة فريق سلطة أوسلو املراجعة السياسية‬ ‫واالستفادة من دروس املفاوضات العبثية واإلقالع‬ ‫عنها والعودة إلى خيار الشعب الفلسطيني أال‬ ‫يوحد شعبنا وأمتنا‪.‬‬ ‫وهو خيار املقاومة الذي ّ‬ ‫ما هي عناصر أو مقومات جناح املصاحلة‬ ‫الفلسطينية؟‬ ‫املقومات التي تضمنت جناح املصاحلة‬ ‫الفلسطينية تبدأ بحسم كل طرف من أطراف‬ ‫املصاحلة بتغليب املصلحة الوطنية على‬ ‫املصلحة الفئوية والتنظيمية وأن يعمل على‬ ‫تطوير املصاحلة للوصول لوحدة وطنية ببرنامج‬ ‫يعيد للقضية الفلسطينية عمقها القومي‬ ‫واإلسالمي واإلنساني‪.‬‬ ‫ويتطلب من القوى الوطنية واإلسالمية‬ ‫الفلسطينية األخرى بتشكيل قوة ثالثة‬ ‫فلسطينية تكون قادرة على وضع حد‬ ‫حلركتي فتح وحماس من االستفراد بالساحة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ولتشكل هذه القوة الثالثة‬ ‫الضمانة الستمرار املصاحلة حتى ال تبقى‬ ‫الفصائل الفلسطينية والشخصيات والهيئات‬

‫‪55‬‬

‫األهلية هامشية أمام اتفاق أو إطالق احلركتني‪.‬‬ ‫هل يعني حتقيق املصاحلة أن حركة حماس‬ ‫قد دخلت في مسار املفاوضات ذاته وهي التي‬ ‫أعطيت مهلة لتحقيق إجنازها وإعطاء فرصة‬ ‫للمساعدة في إجناز االتفاق؟‬ ‫مع تقديرنا حلركة حماس كحركة مقاومة وال‬ ‫نشك للحظة واحدة بدورها الر ّيادي في املقاومة‬ ‫وبالتفاف جزء كبير من شعبنا حولها إال أننا‬ ‫ومن موقع احلرص والتقدير لهذه احلركة نقول إن‬ ‫هناك التباسا ً ما قد يساورنا باملناورات السياسية‬ ‫التي تتبعها حركة حماس والغموض في بعض‬ ‫التصريحات لقادتها أمام الضغوط التي تتعرض‬ ‫لها آخذة بعني االعتبار الوضع املستجد في‬ ‫مصر بعد ثورة الشعب املصري وإسقاط نظام‬ ‫حسني مبارك الذي كان يشكل عامالً ضاغطا ً‬ ‫على شعبنا في قطاع غزة‪.‬‬ ‫حركة حماس ال تستطيع إال أن تكون‬ ‫حركة مقاومة وال ميكن أن تكون جز ًءا من خيار‬ ‫املفاوضات إال أنها تبرر بعض السياسات التي‬ ‫تتخذها تكتيكا ً لتجاوز املرحلة التي متر بها‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫استحقاق أيلول في األمم املتحدة واالعتراف‬ ‫بالدولة الفلسطينية رمبا يكون أحد العوامل‬ ‫التي ساعدت في تقريب وجهات النظر بني‬ ‫حركتي حماس وفتح‪ ،‬ما رأيكم؟‬ ‫كما أشرنا في األجوبة السابقة حول اتفاق‬ ‫املصاحلة وخشيتنا بأن تكون املصاحلة هي اتفاق‬ ‫الضرورة لألطراف الفلسطينية واإلقليمية التي‬ ‫تعنى بالشأن الفلسطيني‪ ،‬نأمل أن ال تكون‬ ‫عوامل ذاتية‪ ،‬أدت إلى ذلك االتفاق‪ ،‬فال نستطيع‬ ‫أمام البطء في تطبيق بنود اتفاق املصاحلة وتأخير‬ ‫بند إعادة بناء م‪ .‬ت‪ .‬ف حتى آخر العام‪،‬يجعلنا نقلق‬ ‫على االتفاق واملصاحلة بعد نفاذ االستحقاقات‬ ‫في أيلول القادم‪ ،‬وطرح موضوع االعتراف بالدولة‬ ‫الفلسطينية املبني على أوهام التسوية التي‬ ‫يرفضها الكيان الصهيوني ويتساوق معه الدور‬ ‫األميركي وخاصة أن قرارات اجلمعية العامة لألمم‬ ‫املتحدة غير ملزمة ولنا في القرار ‪ 194‬مثاالً‪ ،‬الذي‬ ‫مضى عليه أكثر من ستة عقود ولم يجد طريقة‬ ‫للتطبيق بعودة شعبنا إلى أرضه ووطنه‪.‬‬ ‫فالدولة الفلسطينية يجب أن تكون نتاج‬ ‫نضال وكفاح‪ ،‬فعلى اجلميع اإلقالع عنه كافة‬ ‫املراهنات وبناء إستراتيجية كفاحية طويلة‬ ‫األمد حتدث تغييرا ً مبوازين القوى لصالح احلق‬ ‫الفلسطيني والشعب الفلسطيني وكل‬ ‫جماهير أمتنا العربية واإلسالمية وأحرار العالم‬ ‫تقف مع هذا احلق وما جتلى في ‪ 15‬أيار أكبر دليل‬ ‫على أن الشعب الفلسطيني جدد خياره وحسم‬ ‫أمره في مواجهة العدو الصهيوني وبأن فلسطني‬ ‫كل فلسطني هي الدولة الفلسطينية احلتمية‬ ‫وكل األوهام إلى زوال‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫يوم النكبة هذا العام‪:‬‬ ‫صراع الذاكرة بين فلسطين و «إسرائيل»‬

‫قامت العقيدة الصهيونية على مبدأ‪ ،‬إنكار وجود فلسطني‪ ،‬وأنها “أرض‬ ‫توجه مؤسس احلركة الصهيونية تيودور‬ ‫بال شعب لشعب بال أرض”‪ ،‬وقد ّ‬ ‫هيرتزل‪ ،‬الى اليهود في مؤمتر عقد في مدينة بازل السويسرية‪ ،‬عام ‪،1897‬‬ ‫على ضرورة العودة الى “أرض امليعاد”‪ ،‬لشعب اهلل اخملتار‪ ،‬كما ورد في التوراة‪،‬‬ ‫واستعادتها بعد اخلروج منها في سبي بابل‪ ،‬وطرد اليهود‪.‬‬ ‫فعودة اليهود الى فلسطني أو “أرض إسرائيل” كما يؤمن “التوارتيون”‪ ،‬ال‬ ‫بد كي تنجح اخلطة الصهيونية‪ ،‬أن ال يكون عليها فلسطينيون‪ ،‬فبدأت‬ ‫عصابات “الهاغاناه” و”شتيرن” وغيرهما‪ ،‬بارتكاب مجازر ضد الفلسطينيني‪،‬‬ ‫لدفعهم الى الهجرة من أرضهم‪ ،‬وهذا ما حصل سنة ‪ 1948‬التي شهدت‬ ‫قيام الكيان الصهيوني املغتصب في ‪ 15‬أيار‪ ،‬وهو يوم النكبة للشعب‬ ‫الفلسطيني الذي ُ‬ ‫ش ّرد من أرضه‪ ،‬بعد هزمية اجليوش العربية االولى‪ ،‬أمام‬ ‫العصابات اليهودية املدعومة من البريطانيني‪ ،‬فنشأت الدولة العبرية على‬ ‫أنقاض فلسطني‪ ،‬فدمرت القرى وصودرت املنازل‪ ،‬وبدأت عملية تهويد منظمة‪،‬‬ ‫في وقت جلأ الفلسطينيون الى الدول العربية اجملاورة‪ ،‬فنصبت لهم اخليم‪،‬‬ ‫على أمل العودة الى بالدهم‪ ،‬بعد أن اعترفت لهم األمم املتحدة في قرار صدر‬ ‫عنها حمل الرقم ‪ ،194‬بحق العودة وبقيت مفاتيح البيوت مع أصحابها‪،‬‬ ‫ينتظرون هذا احلق‪ ،‬الذي وعدتهم به األنظمة العربية‪ ،‬ولم تنفذ‪ ،‬وتلكأت‬ ‫األمم املتحدة عن تطبيق قرارها‪ ،‬ومضت السنون‪ ،‬وراهن اليهود على اندماج‬ ‫الفلسطينيني في اجملتمعات التي نزحوا إليها‪ ،‬وأن بعضهم سيتخلى عن‬ ‫هويته الوطنية األصلية‪ ،‬ولن تكون عودة‪ ،‬ألن التوطني هو البديل عن الوطن‬ ‫الذي يحلم الفلسطينيون في الرجوع إليه‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ركزت اخلطة اليهودية على‬ ‫فقدان الذاكرة الفلسطينية‪ ،‬وعلى ضياع الهوية الفلسطينية‪ ،‬وعلى‬ ‫اجتثاث كل ما ميت بصلة الى فلسطينية األرض‪ ،‬وحتت الشعار الذي سطا‬ ‫به اليهود على فلسطني‪ ،‬على أنها أرض بال شعب‪ ،‬فكان التهجير القسري‪،‬‬ ‫حتت ضغط االضطهاد العنصري‪ ،‬ورعب اجملازر‪.‬‬ ‫لقد انتظر الفلسطينيون العودة عشرين عاماً‪ ،‬لكن األنظمة العربية‬ ‫خزلتهم في هزميتها الثانية في حزيران عام ‪ ،1967‬فامتشقوا السالح‪ ،‬وقرروا‬ ‫الكفاح‪ ،‬الستعادة أرضهم‪ ،‬وكانت العمليات الفدائية‪ ،‬التي جوبهت برفض‬ ‫السلطات احلاكمة‪ ،‬التي رفضت فتح اجلبهات أمام املقاومة الفلسطينية‬ ‫التي كانت تتسلل الى األراضي الفلسطينية احملتلة لتنفيذ عمليات‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فذبحها النظام األردني بعد معركة الكرامة في أغوار األردن‪ ،‬ولقاها أركان‬ ‫في النظام اللبناني في مذبحة أخرى ّ‬ ‫نفذت في أكثر من منطقة‪ ،‬وجرى‬ ‫التضييق على الكفاح الفلسطيني املسلح‪ُ ،‬‬ ‫وطرح موضوع السالح‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬كما يطرح اليوم موضوع سالح “حزب اهلل” (املقاومة)‪ ،‬ومتّ حتويل‬ ‫املعركة من القتال ضد “إسرائيل”‪ ،‬الى حماية الظهر والصدر من األنظمة‬ ‫الرجعية‪ ،‬التي لم يعد باستطاعتها تسويق فكرة استعادة فلسطني‪ ،‬بعد‬ ‫أن أبلى الفلسطينيون في عملياتهم الفدائية‪ ،‬وخرجوا الى العالم يطرحون‬ ‫وجمعوا أصدقاء لهم في دول‬ ‫قضيتهم‪ ،‬حيث نقلوها الى األمم املتحدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عديدة‪ ،‬وأعيدت فلسطني الى خارطة العالم‪ ،‬بعد أن حاول اليهود شطبها‪،‬‬ ‫وعدم االعتراف بوجودها‪ ،‬وبات شغلهم الشاغل تأمني اعتراف عربي رسمي‬ ‫بكيانهم الغاصب‪ ،‬وهكذا غ ّيرت املقاومة الفلسطينية مجرى التاريخ‪،‬‬ ‫وعاد الصراع الى محوره األساس‪ ،‬وهو صراع فلسطيني – إسرائيلي‪ ،‬بعد‬ ‫أن كاد أن يضيع حتت عنوان صراع عربي‪ -‬إسرائيلي‪ ،‬لتمكني قيام تسوية بني‬ ‫األنظمة العربية و”إسرائيل” على حساب الفلسطينيني‪ ،‬وحقهم بالعودة‬ ‫الى وطنهم‪ ،‬والتي ال تعترف “إسرائيل” لهم بذلك‪ ،‬حيث توقفت التسوية‬ ‫عند رفض العدو اإلسرائيلي للعودة‪ ،‬وأن تكون القدس عاصمة الدولة‬ ‫الفلسطينية التي ال ميكن أن تكون عند حدود العام ‪ ،1967‬كما قبل بها‬ ‫بعض قادة “فتح” ومنظمات أخرى‪ ،‬وتخلوا عن فلسطني التاريخية‪ ،‬حلساب‬ ‫االعتراف بالدولة العبرية‪ ،‬التي لم يقبل قادتها أن تقوم الدولة الفلسطينية‪،‬‬ ‫بل سلطة على أرض ال يعترفون أنها فلسطينية‪ ،‬بل هي من “أرض التوراة”‬ ‫التي ال ميكن التفريط بها دينياً‪ ،‬حيث قتل اسحق رابني وكان رئيسا ً للوزراء‪،‬‬ ‫ألنه قبل التنازل عن أرض مقدسة عند اليهود وهي الضفة الغربية املسماة‬ ‫في التوراة “يهوذا والسامرة”‪.‬‬ ‫فالصراع الفلسطيني – اإلسرائيلي‪ ،‬هو حول الذاكرة‪ ،‬وقد جرت محاوالت‬ ‫صهيونية عديدة‪ ،‬كي ينسى الفلسطينيون قضيتهم‪ ،‬ويتم تغييبها‪،‬‬ ‫لكنهم كانوا أقوى‪ ،‬فانتقلت من جيل الى جيل‪ ،‬وهي وصلت الى اجليل الرابع‬ ‫في الشتات‪ ،‬الذي لم يتمكن النزوح من محوها من ذاكرتهم‪ ،‬فكان كل جيل‬ ‫يخبر اجليل ما بعده عن األرض التي هجرها قسراً‪ ،‬فكانت روايات ومسرحيات‬ ‫وأفالم عن األماكن والتراث‪ ،‬وهذا ما كان يقلق اليهود‪ ،‬الذين كانوا يخافون‬ ‫الذاكرة الفلسطينية الراسخة‪ ،‬حتى ممن هم ليسوا بجوار فلسطني‪،‬‬

‫‪56‬‬


‫بل في املغتربات‪ ،‬حيث كانت املفاجأة الكبرى‪ ،‬أن إحياء ذكرى النكبة هذا‬ ‫العام‪ ،‬كان مختلفا ً عنه في األعوام املاضية‪ ،‬ألنه جرى في دول اجلوار‪ ،‬ومن‬ ‫األماكن القريبة جغرافيا ً من فلسطني‪ ،‬فكان يوم ‪ 15‬أيار‪ ،‬يوما ً آخرا ً بالنسبة‬ ‫لـ “إسرائيل”‪ ،‬التي لم تهنأ في االحتفال بإنشائها على أرض شعب آخر‪،‬‬ ‫حيث نقلت وسائل اإلعالم‪ ،‬عن حت ّرك جماهيري فلسطيني خرج من اخمليمات‬ ‫يتقدمهم جيل الشباب باجتاه احلدود مع أراضي فلسطني العام ‪ ،1948‬حيث‬ ‫لم يقف الزحف الفلسطيني عند مواقع معينة‪ ،‬بل أن مجموعات مندفعة‬ ‫من الشباب‪ ،‬الذين ُولدوا في اللجوء‪ ،‬حت ّركت عاطفتهم الوطنية‪ ،‬فقرروا أن‬ ‫يقتربوا من أرض فلسطني‪ ،‬حيث شاهدوا بالعني اجملردة مدنهم وبلداتهم‬ ‫وقد حتولت الى مستوطنات‪ ،‬يسكنها يهود من أصقاع األرض‪ ،‬حيث لم‬ ‫تتوقف هجرتهم إليها‪ ،‬إذ مازالت الوكالة اليهودية تستقدم املئات واآلالف‬ ‫منهم‪ ،‬وكانت الهجرة احلديثة هي وصول مليون ومئتي ألف يهودي من االحتاد‬ ‫السوفياتي السابق بعد انهيار املنظومة االشتراكية مطلع التسعينات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬وهذا يكشف عن عمق الصراع بني قيام املستوطنات اليهودية‬ ‫إللغاء فكرة العودة الى فلسطني التي هي الوطن للفلسطينيني‪ ،‬الذين‬ ‫قدمت قيادتهم املمثلة بالسلطة الفلسطينية التنازالت‪ ،‬ولم حتصل إال‬ ‫على اخليبات ‪ ،‬إذ استمر بناء املستوطنات في موازاة طرد الفلسطينيني‪،‬‬ ‫وهدم املنازل وقضم األراضي‪ ،‬وإقامة اجلدار العنصري الفاصل‪ ،‬لترسيم حدود‬ ‫“الدولة اليهودية” متهيدا ً لطرد ما تبقى من فلسطينيني داخلها‪ ،‬حتت شعار‬ ‫“يهودية الدولة” الفارغة من أي وجود فلسطيني‪ ،‬وهو ما ترك رئيس وزراء‬ ‫العدو اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو يقول‪“ :‬إن الصراع ليس على حدود الدولة‬ ‫الفلسطينية للعام ‪ ،1967‬بل على وجود دولة “إسرائيل”‪ ،‬وهو أعطى للصراع‬ ‫معناه احلقيقي‪ ،‬وهو ليس على احلدود بل على الوجود‪ ،‬بني شعبني وهذا ما‬ ‫متّ التعبير عنه في التجمعات التي توجهت من اخمليمات من بيت حانون‬ ‫وقلنديا الى الضفة الغربية في فلسطني ومارون الراس في لبنان وصوال ً الى‬ ‫مجدل شمس في اجلوالن السوري احملتل‪ ،‬وما جرى من تظاهرات في األردن‬ ‫والعريش في مصر‪ ،‬حيث كشفت هذه احلركة الشعبية املدنية والسلمية‪،‬‬ ‫عن أن الشعب الفلسطيني يريد حق العودة‪ ،‬وال يقبل عن فلسطني بديالً‪،‬‬ ‫فال التوطني في لبنان يعنيه‪ ،‬وال الوطن البديل في األردن هدفه‪ ،‬وال الدولة‬ ‫الفلسطينية ستصله‪ ،‬لذلك كان القرار هذا العام‪ ،‬هو االندفاع إلسقاط‬ ‫االحتالل‪ ،‬وأن الشعب يريد العودة وهو ما فاجأ “إسرائيل” التي لم تكن‬ ‫تنتظر أن يصل الى حدودها املس ّيجة باألسالك الشائكة‪ ،‬شبان من اجليل‬ ‫الفلسطيني الرابع‪ ،‬يقتحمون احلدود املصطنعة‪ ،‬فيخرقونها في اجلوالن‬ ‫باجتاه بلدة مجدل شمس التي استقبلتهم بالترحاب واالحتضان‪ ،‬كما‬ ‫سعوا الى أن يخترقوا السياج عند حدود بلده مارون الراس‪ ،‬لكن الرصاص‬ ‫اإلسرائيلي أُطلق عليهم‪ ،‬فسقط شهداء عند ضفتي احلدود في مارون‬ ‫الراس ومجدل شمس‪ ،‬وقد كان هذا االقتحام كسرا ً للحاجز النفسي‪،‬‬ ‫وتأكيدا ً على أن الدخول الى فلسطني‪ ،‬ليس صعباً‪ ،‬وأن نقل املعركة الى‬ ‫توعد به األمني العام لـ “حزب اهلل” السيد‬ ‫داخل املستوطنات ممكن‪ ،‬وهو ما ّ‬

‫محصنة‪ ،‬وأن‬ ‫حسن نصر اهلل‪ ،‬وهذا ما يقلق قادة العدو‪ ،‬أن دولتهم لم تعد‬ ‫ّ‬ ‫طائراتهم ومدافعهم وحتى سالحهم النووي‪ ،‬ال مكان له في حرب ستكون‬ ‫داخل فلسطني احملتلة عام ‪ ،1948‬وهي إشارة مرور‪ ،‬ملا جرى في ‪ 5‬أيار عند تخوم‬ ‫مارون الراس وفي داخل مجدل شمس التي منها وصل املواطن الفلسطيني‬ ‫حسن حجازي الى يافا‪ ،‬مسقط رأس آبائه وأجداده ‪،‬حيث ّ‬ ‫شكل ما حصل‪،‬‬ ‫إرباكا ً لقادة العدو السياسيني والعسكريني واألمنيني‪ ،‬واتهم جهاز األمن‬ ‫“الشني بيت” بالتقصير‪ ،‬وجرى التركيز على ما جرى في مجدل شمس‪ ،‬حيث‬ ‫لم يكن منتظرا ً أن يحصل ما حصل‪ ،‬وأن تسمح السلطات السورية بانتقال‬ ‫مواطنني فلسطينيني الى تلك املنطقة‪ ،‬التي كان يحضر إليها مواطنون‬ ‫سوريون‪ ،‬ينادون من تلة الصراخ الى أقاربهم في البلدة الواقعة حتت االحتالل‬ ‫معان عدة‪،‬‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬أما دخول فلسطينيني الى مجدل شمس‪ ،‬فأعطي‬ ‫ٍ‬ ‫منها أن النظام السوري‪ ،‬يريد أن يلفت النظر عما يجري في الداخل السوري‬ ‫من حركة احتجاجات الى احلدود مع “إسرائيل”‪ ،‬وتوجيه رسالة إليها والى‬ ‫العالم‪ ،‬أن من يريد الفوضى داخل سوريا ويعمل على إضعافها‪ ،‬فإن الفوضى‬ ‫ستعم املنطقة‪ ،‬وأن “إسرائيل” لن تكون بعيدة عنها‪ ،‬ولن تنعم باالستقرار‪،‬‬ ‫وقد متّ ربط ما حصل عند احلدود السورية – اإلسرائيلية‪ ،‬مبا نقل عن رجل‬ ‫األعمال رامي مخلوف وهو نسيب الرئيس بشار األسد‪ ،‬من أن االستقرار في‬ ‫سوريا‪ ،‬مرتبط باالستقرار في “إسرائيل” وهذا ما نفاه مسؤولون سوريون‪ ،‬ألن‬ ‫التح ّرك الفلسطيني سابق لألحداث في سوريا‪ ،‬وهو مقرر قبل أربعة أشهر‪،‬‬ ‫وليس من رابط بني احلدثني‪ ،‬ألنه غير محصور في بقعة جغرافية‪ ،‬بل ممتد من‬ ‫غزة الى مارون الراس ومجدل شمس ومن داخل الضفة الغربية‪ ،‬ورمبا يكون‬ ‫عنوانه‪ ،‬هو أن “إسرائيل” الى زوال‪ ،‬وهو ما يؤكد عليه السيد حسن نصر اهلل‪،‬‬ ‫وير ّدده الرئيس اإليراني محمود أحمدي جناد‪ ،‬باإلشارة الى أن “إسرائيل” غدة‬ ‫يفسر قول نتنياهو بأن‬ ‫سرطانية ال بد من اقتالعها من جسد األمة‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫“إسرائيل” تعيش حرب الوجود‪.‬‬ ‫فما جرى من حركة تذكير بحق العودة عند احلدود مع فلسطني املغتصبة‪،‬‬ ‫له عنوان واحد‪ ،‬هو استعادة الذاكرة‪ ،‬والتأكيد على رفض النسيان وحق‬ ‫العودة‪ ،‬وأن الصراع هو على الوجود وليس على احلدود‪ ،‬وأن الثورات العربية‬ ‫التي ح ّركها الشباب في بعض الدول الستعادة احلرية والكرامة‪ ،‬فإن الكيان‬ ‫الغاصب ليس بعيدا ً عنها‪ ،‬وهذا ما قاله قادة العدو‪ ،‬بأن الثورة العربية تدق‬ ‫أبواب “إسرائيل”‪.‬‬ ‫فاالنتفاضة الفلسطينية الثالثة انطلقت حتت شعار إحياء الذاكرة وحق‬ ‫العودة و”إسرائيل” الى زوال‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫ّ‬ ‫تخطوا الحدود ولمسوا تراب مجدل شمس‬ ‫أبناء الجوالن السوري العربي في ذكرى النكبة أعادوا التأكيد على عروبة األرض‬ ‫رفضوا تهويد أرضهم‪ ،‬عارضوا حمل‬ ‫الهوية اإلسرائيلية واستبدال هويتهم‬ ‫اجلوالنية السورية العربية بها‪ ،‬وواجهوا‬ ‫محاولة إخضاعهم للتجنيد اإلجباري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أكدوا باستمرار على مقاومتهم‬ ‫للعدوان‪ ،‬ومواصلة مواجهتم لكافة‬ ‫أشكال العنف الصهيوني ‪ -‬الغربي‬ ‫ومعه التواطؤ العربي‪.‬‬ ‫هم العرب األصليون‪ ،‬فلسطينيون‬ ‫وسوريون ولبنانيون‪ ،‬شباب ترعرعوا‬ ‫بعيدا ً ‪ -‬بعدا ً قسريا ً ‪ -‬عن أرضهم‪،‬‬ ‫ينس يوما ً‬ ‫ّ‬ ‫لكن دمهم وضميرهم لم َ‬ ‫حقهم بالعودة‪ ،‬واسترجاع كل حفنة‬ ‫تراب مغتصبة بد ًءا من األراضي الفلسطينية‬ ‫وصوال ً إلى اجلوالن السوري العربي‪.‬‬ ‫هي الذكرى الـ ‪ 63‬للنكبة‪ ،‬ذكرى تأسيس الكيان‬ ‫أرض عربية‬ ‫الصهيوني وإنشاء مستوطناته على ِ‬ ‫مقدسة بتواطؤ الضمير العربي احلاكم‪ ،‬ح ّلت هذا‬ ‫ّ‬ ‫العام لتؤكد من جديد أ ّن املعركة مع “إسرائيل”‬ ‫هي معركة إرادات ولم تعد معركة خوف من ذلك‬ ‫اجليش “الذي ُقهر” على أيادي اجملاهدين في لبنان‬ ‫وفلسطني واجلوالن السوري‪.‬‬ ‫شباب زحفوا بالعشرات في ذكرى النكبة ليعبروا‬ ‫حواجز أوجدها الكيان الغاصب بينهم وأهلهم في‬ ‫مجدل شمس‪ ،‬لي ّؤكدوا من جديد أنهم مع احلق وأ ّن‬ ‫“ما أخذ بالق ّوة ال يُستر ّد إال بالقوة”‪.‬‬ ‫نعم كثر استغربوا ما حصل في ذكرى النكبة‬ ‫ّ‬ ‫تخطى الشباب‬ ‫في يوم ‪ 15‬أيار لهذا العام‪ ،‬حني‬ ‫يسميه العدو بحقول األلغام وكانت‬ ‫السوريون ما‬ ‫ّ‬ ‫أن انفجرت بوجه كل األعداء ليس فقط الصهاينة‬ ‫يسمون أنفسهم بالعرب‪،‬‬ ‫بل الغرب وبعض َمن‬ ‫ّ‬ ‫حني متكن الشباب السوري من اجتياز هذه احلدود‬ ‫الوهمية‪ّ ،‬‬ ‫عل تلك األلغام تنفجر لتطال الضمير‬ ‫العربي والوعي الوطني لدى الكثير من العرب‪.‬‬ ‫رهبة العبور كانت سائدة‪ ،‬عيون مفروشة على‬ ‫كافة جوانب األرض التي عبروا‪ ،‬إنفعال أشبه بعودة‬ ‫حتضر للعودة‬ ‫األرض بالتأكيد‪ ،‬هي مج ّرد مشاعر ّ‬ ‫األكيدة‪ ،‬ولربمّ ا كان هذا العبور هو حقا ً املعبر األول‬ ‫بني العديد من األبواب التي ستوصل حتما ً إلى‬ ‫التحرير وعودة كل شبر إلى أصحابه احلقيقيني‪.‬‬ ‫لربمّ ا كل شيء كان أشبه باحللم‪ ،‬أربعة من‬ ‫الشباب املعتصمني شقّ وا طريق احلر ّية ألخوانهم‪،‬‬ ‫ودخلوا بني الصخور جتنّبا ً لأللغام‪ ،‬من ثم ساروا على‬ ‫الطرقات الترابية غير آبهني للموت إما بانفجار أحد‬ ‫األلغام أو برصاص العدو‪.‬‬ ‫عشرة شهداء استشهدوا غير آبهني‪ ،‬بحيث كان‬ ‫العبور تأسيسا ً ملشروع العودة احلقيقي‪ ،‬بتح ّركات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫شعبية ذات إرادة صلبة شحنتها الثورات العربية‪،‬‬ ‫األمر الذي انعكس على جنود االحتالل بالعجز‬ ‫والضعف في مواجهة الشباب املتخطي للسياج‬ ‫واأللغام وكافة محاوالت اخلوف‪.‬‬ ‫مسيرة فلسطينية – سورية – لبنانية جريئة‬ ‫ّ‬ ‫وتخطت‬ ‫في ذكرى النكبة‪ ،‬م ّرت عبر حقول األلغام‪،‬‬ ‫األسالك الشائكة‪ ،‬لتجعل من مجدل شمس‬ ‫محطة عبور للعودة إلى فلسطني املُغتصبة‪.‬‬ ‫هي حلظات اللقاء‪ ،‬احتضن فيها الشباب‬ ‫الناشط أخوانهم من أهالي األراضي «احملتلة»‬ ‫والتي أصبحت حتما ً على طريق التحرير‪ ،‬فشكلوا‬ ‫الصورة األجمل ل ّلقاء العربي‪ ،‬اجتمعوا وأربكوا‬ ‫جنود االحتالل‪ ،‬ومع ذلك الزالوا يشعرون بأ ّن ما‬ ‫فعلوه اليزال قليالً لوطنهم‪ ،‬وبأنه كان ينبغي تقدمي‬ ‫الدم‪.‬‬ ‫املزيد من األرواح‪ ،‬من الشهداء‪ ،‬من ّ‬ ‫ومما ال شك فيه أ ّن أبناء مجدل شمس الذين‬ ‫ينتمون للطائفة الدرزية ال ميكن أن يكونوا إال مع‬ ‫املقاومة ‪ -‬مقاومة االحتالل‪ .‬كانوا من كافة األجيال‪،‬‬ ‫قدموا من أماكن ودول ومهَ ن مختلفة‪ ،‬يجمعهم‬ ‫انتماءهم لفلسطني‪ ،‬وإميانهم بحقهم املسلوب‪.‬‬ ‫“تلة الصراخ” في مجدل شمس حت ّولت لـ”تلة‬ ‫وأسست جلسر‬ ‫مجدتها بطوالت العابرين‪ّ ،‬‬ ‫العبور”‪ّ ،‬‬ ‫العودة إلى اجلوالن وفلسطني‪ .‬هذا العبور ّ‬ ‫شكل‬ ‫بطولة حقيقية ّ‬ ‫قل نظيرها‪ ،‬بحيث واجه الشباب‬ ‫جيش العدو بدون سالح‪ ،‬ومع ذلك شعروا أنهم‬ ‫األقوى‪.‬‬

‫مجدل شمس أنارت شمس األمة‬ ‫جمعاء‬ ‫هي إحدى قرى إقليم البالن في اجلوالن‪ ،‬كانت‬ ‫مع سائر إقليم البالن وأثر احلكم العثماني‪ ،‬تابعة‬ ‫حملافظة جبل لبنان قضاء راشيا‪ ،‬وبعد االنتداب‬

‫‪58‬‬

‫الفرنسي أصبحت تابعة حملافظة دمشق في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫إنه وداع مؤ ّقت سيتجدد قريباً‪ ،‬غادر خالله‬ ‫الشباب الناشطون مجدل شمس‪ ،‬بعد‬ ‫التقاطهم حفن التراب من أرض اجلوالن‪ ،‬فكانت‬ ‫أن انحنت هضبة اجلوالن ‪ -‬املحُ رَّر قريبا ً ‪ -‬إكبارا ً‬ ‫لهم‪ ،‬وتقديرا ً ملا أجنزته إرادتهم‪ .‬بعضهم غاب‬ ‫لكن وقع خطاهم يعبرون األسالك‬ ‫عن األنظار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واحلواجز سيؤسس حقا ً ملرحلة جديدة‪ ،‬تودي‬ ‫بالطبع للتحرير املُرتقب‪.‬‬ ‫لم يكن ُمستغربا ً أن تكون مجدل شمس‬ ‫هي الساحة التي اختارها املتظاهرون السوريون‬ ‫والفلسطينيون واللبنانيون إلحياء الذكرى الـ ‪63‬‬ ‫للنكبة‪ ،‬وهي التي لطاملا كانت إحدى مراكز الثورة‬ ‫تاريخ طويل من النضال واملواجهة‪،‬‬ ‫ضد الكيان عبر‬ ‫ٍ‬ ‫وهو ما أثنت عليه الصحف اإلسرائيلية التي‬ ‫وصفت احلشود الكبيرة التي جتمعت على احلدود‬ ‫السورية واللبنانية مع فلسطني احملتلة باالنتفاضة‬ ‫اجلماهيرية العربية‪.‬‬ ‫كانت حلظات مجد ال تنسى‪ ،‬خاصة مع صورة‬ ‫جتمعوا حول متثال املناضل‬ ‫املئات من الشبان الذين ّ‬ ‫العربي السوري سلطان باشا األطرش‪ .‬عبروا‬ ‫ليصبحوا شهداء وآخرين أبطال العبور‪ ،‬لكننا ال‬ ‫وقت قريب إلستكمال الطريق‬ ‫بد من أن نعبر في ٍ‬ ‫والعودة األكيدة إلى كل أرض عربية فلسطينية‬ ‫وجوالنية‪ ،‬والشكر كل الشكر لألبطال اجلوالنيني‬ ‫الذين أبوا إال ملس تراب اجلوالن احلبيب والوصول إلى‬ ‫مجدل شمس‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬سالي نوفل‬


‫«أوباما ونتنياهو»‬ ‫وجهان لعملة واحدة‬ ‫وسائل اإلعالم الصهيونية واألميركية على‬ ‫حد سواء‪ ،‬أشارت إلى خالفات بني الرئيس‬ ‫األميركي باراك أوباما‪ ،‬ورئيس وزراء الكيان‬ ‫الصهيوني بنيامني نتنياهو في رؤية كل‬ ‫منهم إلى التسوية أو ما يسمى حل الصراع‬ ‫الفلسطيني – اإلسرائيلي‪ ،‬بينما حاول‬ ‫نتنياهو التقليل من حجم اخلالفات بالقول‪ ،‬إن‬ ‫اخلالفات هي خالفات أصدقاء‪.‬‬ ‫وكان أوباما قد أوضح في خطابه أمام‬ ‫“إيباك” رؤيته حلل الصراع بأنه يقوم على‬ ‫أساس حدود ‪ ،1967‬وهذا ما دفع نتنياهو‬ ‫إلصدار بيان شديد اللهجة‪ ،‬يصف الرئيس‬ ‫األميركي بأنه منقطع عن الواقع‪ ،‬ومخاوف‬ ‫“إسرائيل” من أن تتبنى اللجنة الرباعية‬ ‫الدولية سياسة أوباما‪.‬‬ ‫وقال مصدر قريب من الرئيس األميركي‪ ،‬إن البيان‬ ‫الذي أصدره نتنياهو خلف خيبة أمل في اإلدارة‪ ،‬ألنه‬ ‫عمد إلى إظهار أوباما بأنه سلبي‪ ،‬على رغم أنه‬ ‫تضمن تصريحات مهمة جدا ً ومؤيدة لـ “إسرائيل”‪،‬‬ ‫مثل رفض املشروع الفلسطيني العتراف األمم‬ ‫املتحدة بفلسطني دولة مستقلة‪ ،‬وإن الرئيس‬ ‫أوباما تطرق لـ “إسرائيل” كدولة يهودية تلتزم‬ ‫الواليات املتحدة أمنها‪.‬‬ ‫ويرى مع ّلقون أن التصريحات املتشددة التي‬ ‫أطلقها نتنياهو في واشنطن فتحت معركته‬ ‫االنتخابية‪ ،‬إذ أنها ُو ّجهت أساسا ً إلى ائتالفه‬ ‫اليميني والى آذان الناخب اإلسرائيلي‪ ،‬وهي تعزّز‬ ‫هذا االئتالف‪ ،‬ولهذا فإن نتنياهو في مواجهته‬ ‫مع الرئيس األميركي باراك أوباما يفضل أن تكون‬ ‫هناك ثالث مسائل (حدود عام ‪ ،1967‬وحكومة‬ ‫حماس ‪ -‬فتح‪ ،‬ومسألة عودة الالجئني)‪ ،‬وهي‬ ‫مسائل مستعد نتنياهو من أجلها الذهاب إلى‬ ‫انتخابات‪ ،‬لعلمه ان غالبية اإلسرائيليني تؤيده في‬ ‫املواقف منها‪.‬‬ ‫وكان أوباما قد أص ّر في خطابه‪ ،‬بأن حدود الدولة‬ ‫الفلسطينية هي حدود عام ‪ 1967‬مع تعديالت‪،‬‬ ‫وهي منزوعة السالح وكأساس للتفاوض‪ ،‬ووضع‬ ‫أوباما في أولوياته مسألة احلدود وأمن “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وأجل قضيتي القدس والالجئني‪ ،‬ومعادلة أوباما‪،‬‬ ‫األمن مقابل احلدود‪ ،‬ولم تكن هذه املعادلة مقبولة‬ ‫في نظر اإلسرائيليني‪ ،‬فاألمن بالنسبة إليهم‬ ‫ذريعة تبرر التمسك مبزيد من األرض الفلسطينية‬ ‫احملتلة‪.‬‬

‫وباملقابل أيضا ً رفض أوباما فكرة إعالن الدولة‬ ‫الفلسطينية من طرف واحد في األمم املتحدة‪ ،‬ولم‬ ‫يتطرق إلى االستيطان باعتباره عمل غير مشروع‪.‬‬ ‫وفي خطابه أمام مجلس النواب والشيوخ‬ ‫والكونغرس األميركي‪ ،‬أبدى نتنياهو استعداده‬ ‫لبدء مفاوضات مع الطرف الفلسطيني‪ ،‬ولكنه‬ ‫يرفض العودة إلى حدود ‪ ،1967‬وميكن التفاوض‬ ‫إليجاد حل لوضع املستوطنات خارج حدود الدولة‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬ورفض نتنياهو مشاركة “حماس”‬ ‫في املفاوضات‪ ،‬وطلب من الرئيس محمود عباس‬ ‫بقطع كل الروابط مع حماس‪ ،‬وبعد كل الءاته‪،‬‬ ‫قال نتنياهو‪ ،‬إنه مستعد لتقدمي تنازالت لتحقيق‬ ‫السالم‪ ،‬وإن السالم ال ميكن فرضه وإنه يجب أن يتم‬ ‫من خالل التفاوض مع شركاء ملتزمني بالسالم‪.‬‬ ‫وألقى نتنياهو اللوم على الطرف الفلسطيني‬ ‫واتهمه بأنه ال يريد إنهاء الصراع من خالل إقامة‬ ‫دولة فلسطينية بجوار دولة “يهودية” ألن الصراع‬ ‫في نظر نتنياهو ليس على إقامة دولة فلسطينية‬ ‫وإمنا الصراع على وجود دولة يهودية‪.‬‬ ‫ويرى نتنياهو أن تغيير وجه التاريخ يتم ّثل‬ ‫في قبول الرئيس عباس “دولة يهودية”‪ ،‬وعندها‬ ‫سيكون هناك شريك حقيقي لـ “إسرائيل”‪ ،‬ويتذرع‬ ‫بالتغييرات الدميغرافية التي حدثت عام ‪،1967‬‬ ‫وإقامة التكتالت االستيطانية الكبرى‪ ،‬ويقول إنها‬ ‫مساحات صغيرة‪ ،‬ولكنها مليئة بالسكان‪ ،‬ويقول‬ ‫بعد ذلك إننا سنكون “كرماء” في حتديد حجم‬ ‫الدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫وعن قضية الالجئني‪ ،‬قال نتنياهو‪“ :‬إن‬ ‫الفلسطينيني يجب أن يكون لهم حق الهجرة إلى‬ ‫الدولة الفلسطينية‪ ،‬أي حل قضية الالجئني خارج‬

‫‪59‬‬

‫حدود أراضي عام ‪.”1948‬‬ ‫بهذا يرفض نتنياهو العودة إلى حدود عام‬ ‫‪ ،1967‬وهو يؤكد “أن القدس عاصمة موحدة لـ‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وهو يطالب الفلسطينيني باالعتراف‬ ‫بـ “إسرائيل دولة يهودية‪ ،‬وأنه لن يقيم سالما ً‬ ‫مع الفلسطينيني‪ ،‬إال إذا كانوا على استعداد‬ ‫إلقامة السالم مع دولة يهودية‪.‬‬ ‫وكان واضحا ً في مؤمتر “إيباك” التضارب في‬ ‫السياسات كل من الواليات املتحدة و”إسرائيل”‪،‬‬ ‫وهو تضارب شكلي وتكتيكي‪ ،‬وقال زعيم‬ ‫األكثرية الدميقراطية في مجلس الشيوخ هاري‬ ‫ريد‪“ :‬إنه ال ميكن ألحد تثبيت حدود قبل أوانها‪،‬‬ ‫وال ميكن الطلب من “إسرائيل” املوافقة على‬ ‫قيود تقوض أمنها‪.‬‬ ‫زعيمة حزب “كادميا” تسيبي ليفني‪“ ،‬رحبت‬ ‫بخطاب أوباما وهو الذي يصب في مصلحة‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وأكدت أن قيام الدولة الفلسطينية‬ ‫ليست خدمة ألوباما أو أحد آخر‪ ،‬بل هي مصلحة‬ ‫حيوية لـ “إسرائيل”‪ ،‬وطبعاً‪ ،‬هذا يأتي ضمن‬ ‫املواصفات األميركية – اإلسرائيلية لتلك الدولة‪،‬‬ ‫وهي ترى بأن هناك حتديان يواجهان “إسرائيل”‪،‬‬ ‫ومازال الوقت متاحا ً لتغييرهما‪“ ،‬أيلول استحقاق‬ ‫يراهن عليه الطرف الفلسطيني إلقامة دولة من‬ ‫خالل األمم املتحدة‪ ،‬واملصاحلة الفلسطينية”‪.‬‬ ‫وهي ترى أن أوباما يأخذ زمام املبادرة فلماذا‬ ‫العجلة؟ وهو يتفادى اخلطوات االنفرادية‪ ،‬وهي‬ ‫تراهن على إطالق املفاوضات من جديد وهذا‬ ‫سيؤجل موعد أيلول‪ ،‬وسينتج جناحات‪ ،‬وكذلك‬ ‫مازال الوقت متاحاً‪ ،‬تقول ليفني‪ ،‬لنزع الشرعية‬ ‫عن حركة حماس وحشد العالم حملاربتها‪.‬‬ ‫وهنا‪ ،‬يتأكد من جديد‪ ،‬أن أوباما ونتنياهو وجهان‬ ‫لعملة واحدة‪ ،‬السعي ملا فيه مصلحة “إسرائيل”‬ ‫واحلفاظ على املصالح األميركية في املنطقة‪ ،‬وإال‬ ‫فلماذا كل هذا الدعم األميركي حلماية الكيان‬ ‫الصهيوني واحلفاظ على أمنه‪ ،‬وأما احلديث عن‬ ‫اختالفات فهو أحد فصول املسرحية التي مازال‬ ‫البعض يراهن عليها‪ ،‬ولألسف فهي تتكرر في كل‬ ‫مرة من خالل العودة إلى ما يسمى املفاوضات‪،‬‬ ‫وعليك أن تسمع وتصدق أيضا بأن الدولة آتية‪ .‬نعم‬ ‫آتية ولكن من خالل املقاومة بكل أشكالها وصوال ً‬ ‫إلى التحرير والعودة‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫هل من صفقة بين أميركا و «اإلخوان المسلمين»‬ ‫لتمكينهم من الوصول الى السلطة؟‬ ‫على خلفية التطورات األخيرة التي يشهدها‬ ‫العالم العربي من اندالع ثورات شعبية بدأت‬ ‫شرارتها األولى في تونس‪ ،‬أسفرت عن إسقاط‬ ‫حكم الرئيس اخمللوع زين العابدين بن علي‪ ،‬الذي‬ ‫حكم البالد ملدة عشرين سنة تربع فيها على عرش‬ ‫حزب التجمع الدستوري الدميقراطي كاسحا ً كل‬ ‫الدورات االنتخابية التي خاضها بدون منافس‪،‬‬ ‫وامتداد هذه الشرارة إلى مصر‪ ،‬حيث أدت بالتالي‬ ‫الى تنحي الرئيس املصري محمد حسني مبارك‪،‬‬ ‫وكذا امتداد الثورة إلى األردن‪ ،‬وظهور بوادر دعواتها‬ ‫في اجلزائر الى اندالعها في اليمن الذي انقسم‬ ‫الى حرب قبائل‪ ،‬وليبيا التي تقصف القوات‬ ‫األطلسية املنطقة التي يسيطر عليها الرئيس‬ ‫الليبي معمر القذافي إلخالئها للمعارضني له‬ ‫بدعم أميركي – أوروبي للسيطرة على منابع‬ ‫النفط ونهبه‪ ،‬كما متّ حتريك احتجاجات في سوريا‬ ‫إلضعاف نظامها املقاوم واملمانع‪ ،‬بدأ يظهر‬ ‫للعيان السياسي من أن ثمة حكومات إسالمية‬ ‫في طريقها للحكم في عدد من البلدان‪.‬‬ ‫ولعل التحول اإلسالمي الكبير في العالم‬ ‫العربي حدث في تونس بعودة مؤسس وزعيم‬ ‫حركة النهضة اإلسالمية في تونس الشيخ‬ ‫قضاها في‬ ‫راشد الغنوشي بعد عشرين سنة ّ‬ ‫منفاه في اململكة املتحدة‪ ،‬وعودة احلركة للغمار‬ ‫السياسي بعد حظرها في عهد بن علي رمبا‬ ‫يؤشر على ظهور اإلسالم السياسي في تونس‬ ‫من جديد‪ ،‬خاصة وأن الشيخ الغنوشي يتمتع‬ ‫بقرب وثيق من جماعة األخوان املسلمني إذ أنه‬ ‫عضو في مكتب اإلرشاد العاملي للجماعة‪.‬‬ ‫وفي مصر‪ ،‬وعلى ضوء األحداث التي حصلت‬ ‫فيها وأ ّدت الى رحيل نظام حسني مبارك‪ ،‬تبرز‬ ‫حركة األخوان املسلمني احملظورة والتي تدعو‬ ‫وتطالب مبا تسميه حتكيم شرع اهلل ‪ .‬حيث‬ ‫تؤكد اجلماعة على أهمية رحيل مبارك‪ ،‬وإلغاء‬ ‫حالة الطوارئ‪ ،‬وحل مجلسي الشعب والشورى‬ ‫املزورين‪ ،‬مشدد ًة على أن هذا النظام كذب عشرات‬ ‫املرات على املصريني ولم يف بوعوده‪.‬‬ ‫ورغم أن القيادي في اجلماعة إبراهيم منير‬ ‫أكد في استضافته في قناة بي بي سي العربية‬ ‫يوم األحد ‪ 2011/2/6‬من أن اجلماعة ال ترغب في‬ ‫الترشح ملنصب رئيس اجلمهورية‪ ،‬إال أن املرشد‬ ‫العام محمد بديع أوضح في املوقع الرسمي‬ ‫للجماعة أن جماعة األخوان املسلمني حريصة‬ ‫على عقد جلسات للحوار ‪ -‬من أجل مصر ‪ -‬مع‬ ‫كافة القوى الوطنية‪ ،‬مشيرًا إلى أن اجلماعة متد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫جفري فلتمان ومرشد اإلخوان املسلمني في سوريا‬

‫أيديها ألي أحد يريد اإلصالح في مصر‪.‬‬ ‫وفي األردن‪ ،‬شاركت جماعة األخوان املسلمني‬ ‫في التظاهرات التي طالبت بإسقاط احلكومة‪.‬‬ ‫حيث ماتزال اجلماعة تتصدر العمل السياسي‬ ‫واالجتماعي اخليري على مستوى اململكة‪ .‬وألن‬ ‫اجلماعة ‪ -‬املمثلة بـحزب جبهة العمل اإلسالمي‬ ‫ لم حتصل إال على ‪ 6‬مقاعد في البرملان في‬‫االنتخابات النيابية عام ‪ 2007‬بسبب عمليات‬ ‫التزوير وشراء األصوات التي سهّ لت لها احلكومة‬ ‫– على حد وصفها‪ ،-‬فإن اجلماعة تسعى إلى‬ ‫التأكيد على أن الشعب األردني يضع كامل ثقته‬ ‫فيها ملا تقدمه من أطروحات وبرامج إصالحية‪.‬‬ ‫ولعل وصول اإلخوان املسلمني في مصر‬ ‫للسلطة رمبا يلقي بظالله على شقيق التنظيم‬ ‫في األردن ملتانة العالقات بني قطبي اجلماعة في‬ ‫مصر واألردن للمطالبة مبشاركة أوسع لألخوان‬ ‫في احلكومة‪.‬‬

‫هل توصلت واشنطن إلى اتفاق‬ ‫مع «اإلخوان» في املنطقة‬ ‫العربية؟‬ ‫إن االنتصار الذي حققته ثورتا تونس ومصر‪،‬‬ ‫وانطالق الثورة في اليمن والبحرين‪ ،‬باغتا العالم‬ ‫وأظهرا ارتباكا ً فاضحا ً لإلدارة األميركية حيال ما‬ ‫يحصل في العالم العربي‪ .‬ولم تستعد واشنطن‬ ‫وعيها إال بعد التطورات الدراماتيكية التي طرأت‬

‫‪60‬‬

‫على الثورة في ليبيا‪ ،‬والتي أعطتها الوقت الكافي‬ ‫حملاولة إعادة رسم سياستها في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫ففي مصر‪ ،‬حيث انطلقت الثورة بشباب‬ ‫متحمس غير منظم‪ ،‬فإن جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬القوة الوحيدة املنظمة تنظيما ً جيدا ً‬ ‫في الشارع املصري املعارض‪ ،‬وقفت في البداية‬ ‫موقف املتردد وبدأت تلتحق بشباب الثورة بحذر‪،‬‬ ‫ولم تتورع عن املساومة مع نظام الرئيس السابق‬ ‫حسني مبارك في إحدى مراحل الثورة إلى أن تطور‬ ‫موقف هذه اجلماعة إلى تشكيل القوة املنظمة‬ ‫األساسية في مواجهة بلطجية مبارك في‬ ‫“موقعة اجلمال” في ميدان التحرير‪ .‬وال يخفى على‬ ‫أحد الدور الذي أدته قطر في الدعم اللوجستي‬ ‫لثوار ميدان التحرير كما الدعم اإلعالمي الذي‬ ‫قامت به قناة “اجلزيرة” القطرية‪.‬‬ ‫واستمر املوقف القطري الداعم للثورات حتى‬ ‫في البحرين‪ ،‬إلى أن دخلت قوات “درع اجلزيرة”‬ ‫املنامة عبر اجلسر البري الذي يربطها بالسعودية‪،‬‬ ‫وأقفلت اجلسر خلفها لتبدأ أوسع حملة تنكيل‬ ‫بالثوار املدنيني العزل هناك‪ ،‬عندها غاب الدعم‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬وكان هذا االنقالب اجلذري في اإلعالم‬ ‫القطري ما هو إال انعكاس لالنقالب اجلذري‬ ‫للموقف القطري من مجمل األحداث التي حتصل‬ ‫على الساحات العربية‪ ،‬وهو ترافق مع انقالب أقل‬ ‫حدة في املوقف الدبلوماسي لتركيا حيال الوضع‬ ‫في سوريا‪ ،‬لكنه أكثر تشددا ً في املمارسة‪ ،‬إذ باتت‬ ‫اسطنبول مركزا ً النعقاد اجتماعات ومؤمترات‬ ‫للحركات اإلسالمية املعارضة للنظام السوري‪.‬‬


‫وتصاعد املوقف في مواجهة سوريا على املستوى‬ ‫الدولي‪ ،‬فيما حتركت العواصم الغربية‪ ،‬وخاصة‬ ‫األوروبية بالتنسيق مع أميركا‪ ،‬لتدلي بدلوها في‬ ‫ما يحصل في سوريا وفرضت عقوبات على أركان‬ ‫النظام‪ ،‬من دون أن يرف لها جفن عما يحصل في‬ ‫اليمن والبحرين‪.‬‬ ‫ومن انقالب وسائل اإلعالم اخلاضعة للنفوذ‬ ‫القطري‪ ،‬إلى لقاء أمير قطر مع أوباما في‬ ‫واشنطن‪ ،‬إلى املوقف التركي املستجد‪ ،‬فإن‬ ‫كل ذلك يتطلب البحث عن القاسم املشترك‪،‬‬ ‫وهذا األمر ال يحتاج إلى الكثير من التمحيص‬ ‫والتدقيق‪ ،‬فرجب طيب أردوغان إضافة إلى‬ ‫موقعه الرسمي كرئيس احلكومة التركية‪،‬‬ ‫يرأس حزب “العدالة والتنمية”‪ ،‬اإلسالمي اجلذور‬ ‫والتوجه‪ ،‬والذي يوصف بأنه من معسكر االعتدال‬ ‫في احلركة العاملية لـ “اإلخوان”‪ ،‬وبالده ال تزال‬ ‫تستضيف قاعدة عسكرية أميركية ضخمة في‬ ‫مدينة “اجنيرليك”‪ ،‬متاما ً كما تستضيف قطر أكبر‬ ‫قاعدة عسكرية أميركية في الشرق األوسط في‬ ‫بلدة “السيلية” القريبة من الدوحة‪ .‬إذاً‪ ،‬فإن هذين‬ ‫العاملني يشكالن قاسما ً مشتركا ً بني موقفي‬ ‫البلدين‪ ،‬فكالهما له عالقة جيدة مع واشنطن‬ ‫وله “مونة” كبيرة على “اإلخوان”‪ .‬فهل توصل‬ ‫هذان اجلانبان إلى إجراء رعاية التفاق ما بني اإلدارة‬ ‫األميركية وجماعة اإلخوان املسلمني؟‬ ‫من هنا‪ ،‬إن صحت نظرية االتفاق األميركي مع‬ ‫جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬فإن املشهد السوري‬ ‫سيكون أكثر دموية على املدى القريب‪ ،‬وسيحرق‬ ‫لهيبه‪ ،‬ليس سوريا فحسب‪ ،‬بل أيضا ً لبنان‬ ‫واألردن والعراق‪ ،‬فواشنطن ستستخدم اجملموعات‬ ‫املسلحة البتزاز النظام من أجل تسليم كل أوراق‬ ‫القوة لديه (العالقة مع إيران وحماس و”حزب‬ ‫اهلل”)‪ .‬وإن متكنت هذه اجملموعات من إنشاء موطئ‬ ‫قدم لتدخل دولي كما حصل في ليبيا‪ ،‬فإن إطاحة‬ ‫النظام السوري تصبح خيارا ً مطروحا ً وتكون‬ ‫جماعة اإلخوان املسلمني هي البديل‪.‬‬

‫ماذا تريد أميركا؟‬ ‫ومن هنا يجب النظر الى السياسة األميركية‬ ‫في استراتيجيتها القمعية وحتى اخلبيثة‪ ،‬فهل‬ ‫نصدق أن اميركا تعمل للدميوقراطية‬ ‫علينا أن‬ ‫ّ‬ ‫احلقيقية أم تعمل لشرق أوسط وعالم عربي‬ ‫إسالمي ينقسم بني سنّة وشيعة‪.‬‬ ‫فالنظام اإلسالمي الشيعي تقوده إيران عبر‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية والعالم العربي اإلسالمي‬ ‫السنّي تقوده مصر بقيادة اإلخوان املسلمني‪ ،‬وهنا‬ ‫ال بد من النظر الى موقف “إسرائيل” التي ستعمل‬ ‫على إزكاء الفتنة بني العاملني اإلسالميني الشيعي‬ ‫والسنّي في الوقت الذي تعمل على إقامة الدولة‬ ‫اليهودية‪ ،‬وتنتظر وتتف ّرج وتساهم في اخلالفات‬ ‫اإلسالمية الشيعية ـ السنّية كي تكون الدولة‬

‫أجنحة تيار اإلخوان املسلمني في اليمن‪ :‬من اليمني حميد األحمر وعبد اجمليد الزنداني‬

‫اليهودية مبنأى من هذا الصراع وتنصرف الى‬ ‫اإلستيطان وسط عالم عربي منقسم أزاحت منه‬ ‫وهجرتهم وتبقي السنّة والشيعة‬ ‫املسيحيني‬ ‫ّ‬ ‫في صراع تريده “إسرائيل” ألجيال وأجيال‪.‬‬ ‫وقد تكون مصلحة أميركا كبيرة في التفاهم‪،‬‬ ‫أو في عقد صفقة مع اإلخوان املسلمني‪ ،‬فهي‬ ‫من جهة تضمن بذلك عالقة فعلية مع شعوب‬ ‫املنطقة‪ ،‬خصوصا ً أن قسما ً كبيرا ً من هذه‬ ‫الشعوب تدور في فلك اإلسالميني املعتدلني‪،‬‬ ‫وتعزز من جهة ثانية التيار املناهض للتدخل‬ ‫اإليراني في عدد من الدول‪ ،‬وتضعف ما تصفه‬ ‫باخلطر الشيعي‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬تبدو خريطة املنطقة الفتة‪،‬‬ ‫فأمور “اإلخوان” تسير على نحو جيد‪ ،‬ال بل ممتاز‪ ،‬في‬ ‫مصر منذ سقوط مبارك‪ ،‬فهم شاركوا بقوة في‬ ‫صياغة الدستور ولعلهم من أكثر املستفيدين‬ ‫من التعديالت‪ ،‬ويقول خصومهم أنه لو جرت‬ ‫االنتخابات غدا فقد يكتسحونها لو شاؤوا ذلك‪،‬‬ ‫وهم انتقلوا من مرحلة اجلماعة احملظورة إلى حزب‬ ‫علني حتت اسم “احلرية والعدالة”‪ ،‬وثمة تنسيق‬ ‫حثيث بينهم وبني املؤسسة العسكرية منذ‬ ‫األيام األخيرة للثورة املصرية التي أطاحت مبارك‬ ‫وعائلته واملقربني منه ورموزه في السلطة‪.‬‬ ‫وأمور اإلخوان املسلمني ممتازة في تونس منذ‬ ‫عودة زعيم النهضة الشيخ راشد الغنوشي‪،‬‬ ‫و«اإلخوان» في ليبيا يوسعون قاعدة مشاركتهم‬ ‫في الثورة ضد الرئيس معمر القذافي‪ ،‬وممثلوهم‬ ‫حاضرون على معظم الشاشات العربية بحيث‬ ‫يتم تقدميهم على أنهم احملركون الفعليون‬ ‫للشارع‪ ،‬وفي األردن تتحرك جماعة “اإلخوان” بقوة‬ ‫وحترك الشارع‪ ،‬ال بل تصدر بيانات تتعلق بالواقع‬ ‫السوري وحتث الرئيس بشار األسد على تلبية‬ ‫مطالب شعبه‪.‬‬ ‫ولو ذهبنا إلى اليمن‪ ،‬فسنجد أن تيار اإلخوان‬ ‫املسلمني بأجنحته اخملتلفة‪ ،‬أي املعتدل عبر‬ ‫الشيخ حميد األحمر (أبرز وأخطر شيوخ قبيلة‬

‫‪61‬‬

‫حاشد التي ينتمي اليها الرئيس علي عبد اهلل‬ ‫صالح) واملتشدد عبر الشيخ الداعية عبد اجمليد‬ ‫الزنداني‪ ،‬والعسكري من خالل اللواء املنشق‬ ‫علي محسن األحمر‪ ،‬إضافة إلى حزب اإلصالح‪،‬‬ ‫قد ض ّيق الطوق كثيرا ً على رقبة الرئيس اليمني‪،‬‬ ‫ولم جتد أميركا بدا ً من التخلي عن دعمها لعبد‬ ‫اهلل صالح‪ ،‬والقول إنه بات عليه التنحي‪ ،‬وهو‬ ‫موقف يخالف بشدة املواقف التي صدرت سابقاً‪،‬‬ ‫وخصوصا ً عن وزير الدفاع األميركي روبرت غيتس‪،‬‬ ‫ذلك أن اليمن كان لعب دورا ً أمنيا ً كبيرا ً في‬ ‫السنوات املاضية الى جانب واشنطن في ضرب‬ ‫تنظيم القاعدة‪ .‬ولو متت آخر بنود الصفقة بني‬ ‫التيار اإلسالمي اليمني وواشنطن فإن الرئيس‬ ‫سيسقط خالل أيام قليلة‪.‬‬ ‫في سوريا‪ ،‬فأن جماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫بدأت تتحرك على نحو الفت من خالل البيانات‬ ‫والتصريحات واملشاركة في التظاهرات وحتريك‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي (فايسبوك وتويتر‬ ‫وغيرها) بغية الضغط على النظام السوري‪.‬‬ ‫ويتخلل امللف السوري أمران بالغا األهمية‪،‬‬ ‫أولهما اخلالف العلني بني دمشق (وخصوصا ً املفتي‬ ‫حسون) والشيخ الداعية‬ ‫الشيخ أحمد بدر الدين ّ‬ ‫يوسف القرضاوي (الذي ينظر إليه على أنه أحد‬ ‫أبرز املرشدين الروحيني والسياسيني لتيار اإلخوان‬ ‫في العالم العربي) ما اضطر املستشارة الرئاسية‬ ‫السورية بثينة شعبان للرد على القرضاوي بعد‬ ‫ما يشبه الفتوى التي أصدرها دعما ملناهضي‬ ‫األسد‪ ،‬وثانيهما املؤمتر الصحافي الذي عقده‬ ‫املراقب العام لإلخوان املسلمني السوريني رياض‬ ‫الشقفة في اسطنبول‪ ،‬حيث ّ‬ ‫أكد أن جماعته‬ ‫هي التي تدير التظاهرات في سوريا‪.‬‬ ‫وإذا كانت تركيا قد سعت عبر بيان وزارة‬ ‫خارجيتها أو تصريحاتها إلبعاد مسؤوليتها‬ ‫عما أدلى به الشقفة من أراضيها‪ ،‬إال أن مجمل‬ ‫املوقف التركي بالنسبة لسوريا وإيران يثير منذ‬ ‫فترة أكثر من سؤال‪ ،‬فالبعض يفسره على أنه‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬ ‫سعي تركي للمساهمة الفعلية بتهدئة الوضع‬ ‫الداخلي في سوريا‪ ،‬بناء على تفاهمات دقيقة‬ ‫بني اجلانبني‪ ،‬والبعض اآلخر يرى فيه استراتيجية‬ ‫تركية أوسع وأشمل يراد لها أن تضع أنقرة في‬ ‫موقع املشارك بفعالية في إدارة املرحلة املقبلة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬نظرا ً ملا لها من عالقات ممتازة مع‬ ‫هذه الدول‪ ،‬وملرجعيتها السنية املعروفة‪ ،‬وذلك‬ ‫ملواجهة املد اإليراني‪.‬‬ ‫إن حديث أردوغان في بغداد والنجف لم يكن‬ ‫معزوال ً عن سياق عام ّ‬ ‫تكشف شيئا ً فشيئاً‪ .‬وتقول‬ ‫مصادر قريبة من دمشق إن “القيادة السورية‬ ‫أدركت‪ ،‬ولو متأخراً‪ ،‬أن حركة االحتجاج التي‬ ‫ضربت سوريا أخيرا ً إمنا كانت منظمة ومنسقة‬ ‫من اإلخوان املسلمني‪ ،‬وأن بعض هؤالء يتحرك‬ ‫من مقر إقامته في تركيا”‪ ،‬إشارة الى استضافة‬ ‫السلطات التركية مراقب عام اإلخوان املسلمني‬ ‫في سوريا‪ ،‬رياض الشقفة‪ ،‬في إسطنبول‪ ،‬حيث‬ ‫عقد مؤمترا ً صحافيا ً هاجم في خالله األسد‪.‬‬ ‫وتؤكد املصادر أن “السلطات السورية متلك‬ ‫من األدلة امللموسة من تسجيالت ومراسالت‬ ‫ومعلومات ما يقطع أي شك بهذه اخلالصة‪ ،‬وإن‬ ‫كان نشرها لم يحن توقيته بعد‪ ،‬من بينها إذاعة‬ ‫قدمتها تركيا إلى إخوان سوريا الذين يبثون من‬ ‫خاللها مواد إعالمية معارضة لنظام األسد”‪.‬‬ ‫ولعل اطمئنان املصادر إلى أن “البراغماتية‬ ‫التركية” في التعامل مع امللف السوري لن تطاول‬ ‫العالقات االستراتيجية بني النظامني يعود إلى‬ ‫“مصالح بعشرات مليارات الدوالرات تربط تركيا‬ ‫يرجح أال تتخلى‬ ‫بكل من إيران والعراق وسوريا ّ‬ ‫أنقرة عنها بسهولة”‪ .‬وتقول املصادر القريبة من‬ ‫دمشق إن الزيارة األخيرة لوزير اخلارجية التركي‬ ‫أحمد داود أوغلو إلى دمشق “كانت إيجابية جداً‪،‬‬ ‫وقد أوضح للسوريني أن اخلطوات التركية في‬ ‫سوريا جاءت الستيعاب اإلخوان املسلمني‪ ،‬ال من‬ ‫أجل إثارة فتنة‪ ،‬وال اإلضرار باستقرار سوريا‬ ‫إن جتربة أميركا في االتفاق مع احلركات‬ ‫اإلسالمية األصولية ليست جديدة‪ ،‬فهي حصلت‬ ‫أكثر من مرة‪ ،‬وكان آخرها في أفغانستان أيام‬ ‫املواجهة مع السوفيات‪ ،‬حيث عاشت العالقات‬ ‫األميركية مع التنظيمات األصولية والسلفية‬ ‫شهر عسل طال قرابة عشر سنوات‪ ،‬لكن‬ ‫واشنطن سرعان ما وجدت نفسها في مواجهة‬ ‫مشروع إسالمي عاملي متطرف يقوده أسامة‬ ‫بن الدن واملال عمر وأمين الظواهري‪ ،‬ويستخدم‬ ‫العنف بكل أشكاله لتحقيق أهدافه‪ ،‬لذا فإن‬ ‫النتاج الطبيعي واملنطقي جلماعة “اإلخوان”‬ ‫ليس النموذج االردوغاني وال القطري‪ ،‬كما ميكن‬ ‫أن يتصور بعض من في اإلدارة األميركية‪ ،‬بل إن ما‬ ‫سيواجه واشنطن بطبيعة احلال هو منوذج حكم‬ ‫املال عمر في أفغانستان‪ ،‬وما عمليات التنكيل‬ ‫بجثث اجلنود السوريني إال مجرد فاحتة لذلك‪.‬‬ ‫جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬مبرشدها رياض‬ ‫الشقفة‪ ،‬اجتمعت في تركيا مع السفير‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫القرضاوي‬

‫املرشد العام لإلخوان املسلمني محمد بديع‬

‫األميركي السابق في لبنان (جيفري فيلتمان)؛‬ ‫حيث مت َّ التنسيق على خطة تسهم في تصعيد‬ ‫الوضع في سورية‪ ،‬إضاف ًة إلى االتفاق على موجة‬ ‫اغتياالت لشخصيات مهمة واعتبارية وعلمية‬ ‫ودينية‪ ،‬كما تسرَّبت معلومات وقالها بعض‬ ‫السياسيني اللبنانيني والسوريني؛ بأ َّن جماعة‬ ‫اإلخوان بزخم أميركي حاولت الضغط على اإلدارة‬ ‫التركية من خالل عدة أوراق‪ ،‬منها الضغط بورقة‬ ‫األكراد‪ ،‬لوجود عدد منهم على اتصال باملعارضة‬ ‫السورية‪ ،‬إضاف ًة إلى الضغط بورقة اإلسالميني‬ ‫على تركيا العلمانية والتلويح بشكل غير مباشر‬ ‫بدعم اإلسالميني املتط ّرفني في االنتخابات‬ ‫التركية القادمة‪.‬‬ ‫ويبرز دور رئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫اردوغان الذي يتزعم حزب العدالة والتنمية‬ ‫اإلسالمي بصفته راعيا ً لكل احلراك اإلسالمي‬ ‫األصولي “املعتدل” إلى جانب بعض الشخصيات‬ ‫اإلسالمية العربية‪ .‬وقد قدم أردوغان منوذجا ً‬ ‫مقبوال ً عند األميركيني حلركة إسالمية أصولية‬ ‫حتكم بلدا ً علمانيا ً من دون أن تقطع عالقتها بـ‬ ‫“إسرائيل” أو بحلف شمال األطلسي (الناتو)‪.‬‬ ‫بناء على ما تقدم‪ ،‬يصبح السؤال مشروعا ً‬ ‫حول مستقبل التفاهم بني جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني وأميركا في ما يتعلق مبجمل الدول‬ ‫العربية وسوريا‪ ،‬فهل ستقبل واشنطن بسيطرة‬ ‫تيار إسالمي على دول محيطة بـ “إسرائيل”‪،‬‬ ‫خصوصا ً أن هذا التيار مناهض في فكره وأدبياته‬ ‫لـ “إسرائيل” وأميركا والغرب عموماً؟‬ ‫األكيد أن اخلارجية األميركية كانت قد عرفت‬ ‫منذ سنوات ظهور تيار يريد التقرب من “اإلخوان”‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬وجرت بالفعل لقاءات مع‬ ‫ممثليهم‪ ،‬وسيقت آنذاك مقولة تفيد بأن العالم‬ ‫العربي غارق بني ديكتاتوريات فاسدة وفاقدة‬ ‫للشعبية وبني تيارات أصولية خطيرة‪ ،‬وأن احلالة‬ ‫الشعبية الوحيدة واملعتدلة والقابلة للضبط‬ ‫والتفاهم هي حالة “اإلخوان”‪ ،‬ولكن االتصاالت‬

‫انقطعت ثم استؤنفت بعد الثورات العربية‪.‬‬ ‫والطلقة الواحدة التي قتلت زعيم القاعدة‬ ‫واملطلوب رقم “‪ ”1‬بالنسبة ألميركا أسامة بن‬ ‫الدن تدل على أن ما حصل ليس سوى عملية‬ ‫إعدام بقرار من الرئيس األميركي باراك أوباما‪،‬‬ ‫وهو قرار يأتي في الزمان واملكان ليعطي إشارة‬ ‫واضحة إلى أن صفقة كبيرة قد حصلت بني‬ ‫اإلدارة األميركية واإلسالم السياسي “املعتدل”‬ ‫في املنطقة العربية‪ ،‬والذي توسع بعد الثورات‬ ‫األخيرة على ما يبدو ليشمل في عباءته التنظيم‬ ‫العاملي جلماعة اإلخوان املسلمني في العديد‬ ‫من األقطار العربية‪ ،‬كما ليشمل رمبا بعضا ً من‬ ‫اجملموعات اخلارجة من صفوف تنظيم القاعدة‬ ‫وحركة طالبان املتطرفني‪.‬‬ ‫ومن بني هذه الدالالت التي ميكن التوصل إليها‬ ‫أن اإلدارة األميركية قد متكنت مجددا ً من التوصل‬ ‫إلى عقد صفقة مع األصولية السنية “املعتدلة”‬ ‫في املنطقة العربية‪ ،‬على غرار الصفقة التي‬ ‫عقدتها مع تلك األصولية نفسها في مطلع‬ ‫الثمانينيات من القرن املاضي‪ ،‬وح ّولت مبوجبها‬ ‫العالم اإلسالمي إلى خط الهجوم األول على‬ ‫االحتاد السوفياتي من بوابة محاربة وجوده في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬وان كانت واشنطن متكنت من هزمية‬ ‫السوفيات هناك من دون أي أكالف سياسية‬ ‫تدفعها للمسلمني‪ ،‬ال سيما ما كان مطلوبا ً‬ ‫منها في معاجلة قضية االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫لفلسطني‪ ،‬فإن حتالفها هذه املرة قد ألزمها بدفع‬ ‫الفواتير مسبقاً‪ ،‬لذلك فإن قوام الصفقة على‬ ‫ما يبدو هذه املرة هو إقرار واشنطن بحق هذه‬ ‫القوى بالوصول إلى السلطة في بلدانها‪ ،‬ولكن‬ ‫بشرط عدم إغالق الباب وراءها في مقابل أن تنأى‬ ‫هذه القوى بنفسها عن األصوليات السلفية‬ ‫املتطرفة من جهة‪ ،‬وأن تكون شريكا لواشنطن‬ ‫في مواجهتها مع إيران وحلفائها من جهة أخرى‪،‬‬ ‫وأن تقبل رمبا باحلد األدنى الذي تقدمه “إسرائيل”‬ ‫في عملية تسوية نهائية للقضية الفلسطينية‬

‫‪62‬‬


‫على املناطق اإلستراجتية وتأمني وجود “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وهذا كله لن يتحقق بسهولة مع وجود مقاومة‬ ‫إسالمية‪ ،‬التي أثبتت واقعيا ً فعاليتها وقدرتها‬ ‫على عرقلة هذا املشروع األميركي اإلمبراطوري‬ ‫وحتويله الي مشروع عدمي اجلدوى االقتصادية‪.‬‬ ‫أمريكا تعرف أنه ال ميكن ترويض املقاومة‬ ‫اإلسالمية إال باستخدام تيارات في “اإلخوان”‪ ،‬فهم‬ ‫تنظيم دولي رأسه في مصر‪ ،‬ولهذا فإن أميركا‬ ‫بحاجة ماسة إلى اإلخوان في هذة املرحلة‪.‬‬ ‫وكانت كونداليزا رايس أعلنت أن أميركا ال‬ ‫متانع في وصول اإلسالميني املعتدلني مثل اإلخوان‬ ‫املسلمني حلكم مصر‪ ،‬وهكذا تلعب اإلدارة‬ ‫األميركية اللعبة العكسية‪ ،‬التي مارستها‬ ‫معها احلكومة املصرية حيث كانت حتاول الهروب‬ ‫من ضغوط أميركا لنشر الدميوقراطية في مصر‬ ‫حتت زعم منع وصول اإلخوان للحكم‪ ،‬وجاء إعالن‬

‫ناهيك عن تأبيد السيطرة األميركية على النفط‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫يعني مبعنى آخر أن عملية اإلعدام هي مؤشر‬ ‫دموي على إعالن أميركا انقضاضها على كل‬ ‫الثورات في العالم العربي الستيعاب ما جنح‬ ‫منها وإجهاض ما كاد أن ينجح‪ ،‬وحتويل اجتاه ما‬ ‫هو قيد االجناز‪ .‬فواشنطن تفضل أن تطبخ مع‬ ‫اإلسالم السياسي “املعتدل” أنظمة إسالمية‬ ‫متخلفة‪ ،‬على أن تترك للثورات العربية اجملال‬ ‫ألن تنتج أنظمتها وفق إرادة شعوبها‪ ،‬التي ال بد‬ ‫أن يكون في طليعة أهدافها استخدام الثروة‬ ‫النفطية العربية في تنمية املنطقة العربية‬ ‫وخلير الشعوب العربية وإزالة االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫لفلسطني‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق يأتي إعدام بن الدن لتشكل‬ ‫فاتورة قدمتها باكستان بغطاء “إسالمي معتدل”‬ ‫ميتد من دول اخلليج العربي إلى تركيا وغيرها‬ ‫من الدول والشخصيات اإلسالمية‪ ،‬تقابلها‬ ‫فواتير قد سددتها اإلدارة األميركية مسبقا ً‬ ‫عندما أعربت عن عدم اعتراضها على مشاركة‬ ‫جماعة اإلخوان املسلمني في السلطة في‬ ‫مصر‪ ،‬وقدمت الغطاء الدبلوماسي الكامل‬ ‫دوليا ً الجتياح السعودية للبحرين والقضاء‬ ‫على الثورة فيها‪ ،‬وغطاء مماثالً للدور السعودي‬ ‫في إعادة إنتاج نظام الرئيس اليمني علي‬ ‫عبد اهلل صالح ولكن بشخصية أخرى في‬ ‫اليمن‪ ،‬وفي الدعم العسكري لـ “ثوار” ليبيا‪،‬‬ ‫وفي احلرب الشعواء دبلوماسيا ً وسياسيا ً‬ ‫واقتصاديا ً وإعالميا ً ضد النظام في سوريا‪،‬‬ ‫وتقدمي غطاء كبير للتمرد املسلح الذي ركب‬ ‫موجة احلراك الشعبي السلمي في أولى مؤسس وزعيم النهضة في تونس راشد الغنوشي‬ ‫انطالقتها‪.‬‬ ‫غير أن خطورة حتالف أميركا مع اإلسالم‬ ‫“املعتدل” هذه املرة سيحول التجربة الدموية التي كونداليزا كنوع من االستجابة لدراسات مراكز‬ ‫نشهدها في ليبيا مجرد نزهة أمام ما ستشهده أبحاث أميركية تابعة للخارجية والبنتاجون‬ ‫باقي الدول‪ ،‬بدءا من سوريا ولبنان امتدادا إلى واخملابرات تقول بأن التيار األكثر قبوال ً في الشارع‬ ‫املصري والعربي هو التيار اإلسالمي‪ ،‬وأنه ال‬ ‫اليمن والسعودية نفسها وباقي دول اخلليج‪.‬‬ ‫هذا التمييز بني االسالم الراديكالي و»االسالم ميكن السيطرة على هذا الشارع إال عن طريق‬ ‫الدميقراطي» أو القابل للدميقراطية‪ ،‬هو الذي اإلسالميني‪ ،‬ومن ثم يجب إغراء هؤالء اإلسالميني‬ ‫يطبع التوجه األوبامي في املرحلة األخيرة‪ ،‬في بالوصول للحكم مقابل التخلي عن شيء من‬ ‫الوقت الذي تتحرك مسيرات االحتجاج في أكثر الثوابت – على غرار التجربة التركية‪ ،‬وإعالن‬ ‫من ساحة عربية رافعة شعارات التحول والتغيير‪ .‬عدم ممانعة اميركا لوصول اإلسالميني للحكم‬ ‫وألن سوريا العب إقليمي نافذ‪ ،‬فقد تركز عليها يحقق أكثر من هدف أميركي‪ ،‬منها الضغط على‬ ‫االهتمام في املرحلة األخيرة من أجل «تطويعها» احلكومة احلالية بإخراج املارد اإلسالمي وبالتالي‬ ‫إذا صح التعبير‪ ،‬أو إحداث خروقات حقيقية في يجب أن تنفذ كل ما يطلب منها وبأسرع ما ميكن‪،‬‬ ‫كما أن إعالن أميركا لـتأييد وصول اإلسالميني‬ ‫سياساتها اخلارجية‪.‬‬ ‫يعني أنها ضد الفساد والديكتاتورية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تخفف من حدة غضب الشعوب على سياسات‬ ‫ملاذا تشجع أميركا وصول اإلخوان‬ ‫أميركا‪ ،‬وجتفف منابع التأييد جلماعات “العنف‬ ‫اإلسالمي” ضد أميركا و”إسرائيل”‪.‬‬ ‫املسلمني حلكم مصر‬ ‫إذن أميركا تسعى للتقارب والتعاون مع اإلخوان‬ ‫أميركا لها أجندة إمبراطورية واضحة املعالم‪ ،‬الستدراجهم الى فخ‪ ،‬فهي تلعب بهم لتضغط‬ ‫فهي تسعي للهيمنة على العالم‪ ،‬والسيطرة على األنظمة التي حلست وعودها بالدميقراطية‬

‫‪63‬‬

‫باستخدام فزاعة اإلخوان‪ ،‬وميكن أن تسمح لهم‬ ‫للوصول للسلطة مقابل اخلضوع لرغباتها‬ ‫لتكشف عورة اإلخوان أمام أعني الشعب‪ ،‬ولكن‬ ‫بعد جتميل وجه أميركا القبيح باملنطقة التي‬ ‫سمحت دميقراطيتها لإلسالميني بالوصول‬ ‫للحكم‪ ،‬وهي في حقيقة األمر تسعي لتحقيق‬ ‫أجندتها للهيمنة على العالم والسيطرة على‬ ‫منابع البترول وخدمة “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ولعل انفصال جنوب السودان عن الدولة األم‬ ‫سيجعل من السودان دولة إسالمية خالصة‪،‬‬ ‫بعدما كان غالبية اجلنوبيون مسيحيني‪ .‬وهذا ما‬ ‫أكده الرئيس السوداني عمر حسن البشير من أن‬ ‫السودان ستنتهج تطبيق الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫وهو ما سيعزز من فرص صعود التيارات اإلسالمية‬ ‫فيها و وصولها إلى السلطة‪.‬‬ ‫من هنا إن دور اإلدارة األميركية في التعامل مع‬ ‫احلركات اإلسالمية أقل من أن تقدم وجهات‬ ‫نظرها املقربة لها والتي تعتبرها من مبادئها‬ ‫كاالعتدال والعصرنة وحقوق املرأة واألقليات‪.‬‬ ‫وهو ما حذا بإدارة الرئيس السابق للواليات‬ ‫املتحدة جورج دبليو بوش “االبن” من زيادة‬ ‫سقف التواصل مع العالم اإلسالمي ومع‬ ‫املسلمني في الواليات املتحدة‪ .‬وقد بدا ذلك‬ ‫واضحا ً من خالله زيارته للمركز اإلسالمي‬ ‫ولقائه مع عدد من القيادات اإلسالمية‬ ‫التي ساهمت بشكل كبير في جسر قليل‬ ‫من الهوة بني اإلدارة األميركية والعالم‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫ومع قدوم الرئيس أوباما للبيت األبيض‪،‬‬ ‫دعم الرئيس الرابع واألربعني للواليات‬ ‫املتحدة احلوار مع العالم اإلسالمي‪ .‬فكان‬ ‫أول رئيس يعني مندوبا ً خاصا ً ملنظمة املؤمتر‬ ‫اإلسالمي ومستشارة مساعدة لشؤون‬ ‫العالم اإلسالمي‪ .‬كما بدا ذلك واضحا ً في اللقاء‬ ‫الشهير الذي وجهه من جامعة القاهرة في شهر‬ ‫الصيف ‪ 2009‬للعالم اإلسالمي دعا فيه لفتح‬ ‫صفحة جديدة للعالقات بني اإلدارة األميركية‬ ‫والعالم اإلسالمي‪ .‬لكن االنتقادات املتكررة‬ ‫التي تعصف بالرئيس األميركي من هنا وهناك‬ ‫أجهدت من دوره وقلصت من حتركاته ومساعيه‬ ‫هربا ً من املالحقات االحتجاجية من قبل بعض‬ ‫من يوصفون باملتطرفني حول عالقته الغرامية‬ ‫بجذوره اإلسالمية واحتمال اعتناقه اإلسالم‪.‬‬ ‫ولكنه اآلن ومع ما تشهده األنظمة العربية‬ ‫من حتوالت سريعة يسيطر عليها التيارات‬ ‫اإلسالمية صار من الواجب على إدارة الرئيس‬ ‫أوباما من أن تتعاطى مع هذه التحوالت مبصداقية‬ ‫وترو وحكمة حتى تكسب ود احلركات اإلسالمية‬ ‫ٍ‬ ‫املعتدلة لتحافظ اإلدارة األميركية على استمرار‬ ‫دورها القيادي في العالم العربي‪ ،‬واحلفاظ على‬ ‫أمن “إسرائيل”‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫ذهب بن الدن «األسطورة» وبقيت الحروب األميركية‬

‫«القاعدة» من دون رأس‬

‫في ‪ 11‬أيلول ‪ ،2001‬ه ّز تنظيم “القاعدة” النظام‬ ‫العاملي األحادي‪ ،‬ومر احلدث وكان مبثابة زلزال أو‬ ‫صدمة مروعة نظرا ً للخسائر البشرية واملادية‬ ‫الناجمة والتي ماتزال تداعياتها السياسية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية ظاهرة حتى اآلن‪ .‬اهتز‬ ‫العالم يومها‪ ،‬وكذلك كان األمر في احلرب العاملية‬ ‫الثانية عام ‪ ،1945‬وهذا احلدث ح ّرك العمالق‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫قبل ‪ 11‬أيلول‪ ،‬كانت أميركا متلك فائضا ً من‬ ‫القوة ال مثيل له في تاريخ اإلمبراطوريات‪ ،‬لكن دون‬ ‫شهوة االستعمال إال في حال تعرضت مصاحلها‬ ‫أو مصالح حلفائها للخطر‪ ،‬وبعد احلدث متازقت‬ ‫القدرة الهائلة مع شهوة ال مثيل لها‪ ،‬وخ ّيل‬ ‫للبعض أن بعض اجلهات الفاعلة في مصدر‬ ‫صناعة القرار األميركي‪ ،‬كانت تنتظر مثل هذه‬ ‫اللحظة كمبرر لإلنقضاض على أهدافها‪ ،‬وكانت‬ ‫العسكرة التامة للسياسة اخلارجية األميركية‪،‬‬ ‫فغابت الدبلوماسية متاماً‪ ،‬واستعملت القوة في‬ ‫أبشع مظاهرها املدمرة‪ ،‬وجرت حروب وسالت دماء‬ ‫بريئة‪.‬‬ ‫كانت “القاعدة” قبل ‪ 11‬أيلول معضلة ال‬ ‫حل لها‪ ،‬تنظيم ال مثيل له في تاريخ املنظمات‬ ‫اجلهادية‪ ،‬إن كان في انتشاره الكوني‪ ،‬ووسائله‪ ،‬أو‬ ‫ما قام به من ضرر للجبار األميركي‪ ،‬ومن ضمن‬ ‫الفعل ورد الفعل حت ّولت “القاعدة” من معضلة‬ ‫ال حل لها إلى معادلة صعبة‪ ،‬لكن لها حل‬ ‫إذا توفرت املعطيات واملعلومات االستخبارية‪،‬‬ ‫وهكذا متّ قتل بن الدن زعيم تنظيم “القاعدة” في‬ ‫‪ ، 2011/5/2‬بعد أن م ّر عقد من الزمن دون القدرة‬ ‫على قتله‪ ،‬وتسعة أشهر من املالحقة اللصيقة‬ ‫وبكل الوسائل‪ ،‬بعدها متّت العملية بعدد قليل‬ ‫من القوات اخلاصة وخالل فترة زمنية قصيرة ال‬ ‫تتجاوز ‪ 40‬دقيقة‪.‬‬

‫نبذة عن حياة بن الدن‬ ‫أسامة بن الدن من مواليد الرياض عام ‪1952‬‬ ‫في اململكة العربية السعودية‪ ،‬ابن قطب‬ ‫صناعة اإلنشاءات محمد بن الدن‪ ،‬ودرس في‬ ‫مدرسة دار (الذكر) النموذجية التي تأسست في‬ ‫اخلمسينات‪.‬‬ ‫خالل الثمانينات شارك في أعمال املقاومة‬ ‫العسكرية ضد القوات السوفياتية في أفغانستان‬ ‫التي م ّولتها الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬حيث‬ ‫أسس تنظيم القاعدة هناك‪.‬‬ ‫وفي التسعينات ألقيت الالئمة عليه في ما‬ ‫يتعلق بالتخطيط لشن سلسلة من الهجمات‬ ‫على أهداف أميركية في أفريقيا والشرق‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األوسط‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 2001‬صادق على هجمات احلادي عشر‬ ‫من أيلول التي ُ‬ ‫شنّت على الواليات املتحدة‪ ،‬وقال‬ ‫خالل فترة الحقة إن نتائج الهجمات قد جتاوزت‬ ‫توقعاته‪.‬‬ ‫كان على وشك التعرض للقتل على أيدي قوات‬ ‫أميركية في جبال تورابورا في أفغانستان وتهرب‬ ‫من أكبر عملية مطاردة في العالم‪ ،‬استمرت‬ ‫لعقد تقريباً‪.‬‬ ‫قبل عقد من الزمن‪ ،‬نظر البعض ألسامة بن‬ ‫الدن كبطالً وشيخاً‪ ،‬غير أن الرجل الذي أقسم‬ ‫بتحرير العالم العربي حت ّول بعد مصرعه الى‬ ‫مجرد هامش في الثورات واالنتفاضات التي تعيد‬ ‫تشكيل املنطقة‪.‬‬ ‫غير أنه لم يكن سوى صدى حلقبة انتهت‪،‬‬ ‫غلبت عليها الفرقة بني الشرق والغرب‪ ،‬من‬ ‫العجز الرسمي العربي واجلبروت األميركي‪.‬‬ ‫حمل بعض‬ ‫يرى كثيرون أن موت بن الدن الذي ي ُ ّ‬ ‫املسؤولية عن حربني وتعميق التدخل األميركي‬ ‫في شمال أفريقيا واليمن والعراق‪ ،‬نهاية حلقبة‬ ‫من الزمن‪.‬‬ ‫األسئلة كثيرة‪ ،‬والقصة احلقيقية الكاملة‬ ‫لظاهرة بن الدن ستحتاج الى سنوات كثيرة‬ ‫قبل اإلجابة على أسرارها وحتوالتها الى نقلته‬ ‫من “اجلهاد” ضد قوات االحتالل السوفياتي في‬ ‫أفغانستان الى اجلهاد ضد الواليات املتحدة‬ ‫والغرب عموما ً وبعض ديار العرب‪.‬‬ ‫لم يكن بن الدن مخططا ً لهجمات تنظيم‬ ‫“القاعدة” بقدر ما كان حاضنا ً للعمليات التي‬ ‫تنفذ حتت غطاء عباءته‪ ،‬لم يكترث كثيرا ً لوضع‬ ‫استراتيجية الهجمات ودرس انعكاسها على‬ ‫أوضاع املسلمني في دولهم أو اخلارج‪ ،‬معتبرا ً أن‬ ‫ّ‬ ‫تشكل مكسبا ً لقضية‬ ‫أي ضربة توجه للغرب‬

‫‪64‬‬

‫“اجلهاد”‪.‬‬ ‫أخذ كثيرون على بن الدن “طيشه” و”تس ّرعه”‬ ‫في تبنّي هجمات ‪ 11‬أيلول علناً‪ ،‬ما ح ّوله هدفا ً‬ ‫سهالً ومشروعا ً للحملة األميركية‪ ،‬وق ّوض‬ ‫دعائم نظام “طالبان” الذي كان أحكم سيطرته‬ ‫على أفغانستان في أواخر التسعينات من القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬لكن رمزية الضربة املوجهة الى برجي‬ ‫مركز التجارة العاملي في نيويورك‪ ،‬جعلت من‬ ‫الصعب على بن الدن التبرؤ منها‪.‬‬ ‫بدأ بن الدن صديقا ً وشريكا ً لألميركيني في‬ ‫دحر الغزو السوفياتي عن أفغانستان وانتهى‬ ‫عدوا ً مطلوبا ً لهم وللعالم‪ ،‬وأخيرا ً جنحت‬ ‫الواليات املتحدة في قتل زعيم “القاعدة”‪،‬‬ ‫الشخصية التي جمعت املتناقضات على مدى‬ ‫عقود طويلة‪ ،‬فبينما حظيت تلك الشخصية‬ ‫برعاية (أكثر من خاصة) من الواليات املتحدة‬ ‫األميركية‪ ،‬التي صنعت من أسامة بن الدن بطالً‪،‬‬ ‫مهمته الرئيسية خدمة واشنطن بأجهزتها‬ ‫اخملتلفة حتت عنوان “حترير أفغانستان” من الغزو‬ ‫السوفياتي‪ ،‬وتأسيس تنظيم “القاعدة” ليكون‬ ‫رأس احلربة اإلسالمية لطرد الغازين السوفيات‪،‬‬ ‫حت ّول الى العدو رقم واحد‪ ،‬ومن ثم املطلوب رقم‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫وطوال سنوات عديدة‪ ،‬ظل بن الدن يوصف بأنه‬ ‫الرجل األخطر للواليات املتحدة‪ ،‬وقد تباينت اآلراء‬ ‫بشأن العالقة التي جتمع الطرفني‪ّ ،‬‬ ‫وأكد البعض‬ ‫بأنها عالقة منفعة متبادلة وإن لم تكن مباشرة‪،‬‬ ‫حتى حمل لقب “عدو أميركا املفضل”‪ ،‬فيما‬ ‫يرى البعض أن الواليات املتحدة استخدمته كـ‬ ‫“فزاعة” لدعم مخططاتها وإقناع الرأي العام‬ ‫العاملي واألميركي بضرورة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬

‫توقيت تصفية بن الدن؟‬ ‫ال بد من اإلشارة الى أن مقتل بن الدن ال ميكن‬ ‫عد إجنازا ً ألوباما‪ ،‬فإدارة جورج بوش السابقة‬ ‫أن يُ ّ‬ ‫كان لديها من املعطيات ما يكفي لتعقبه وقتله‪،‬‬ ‫ولكن وقت قتل “األسطورة” لم يكن قد حان‬ ‫بعد على ما يبدو‪ ،‬وفي شهادة أمام الكونغرس‬ ‫في متوز ‪ 2007‬يقول توم فينكار من مكتب مدير‬ ‫االستخبارات الوطنية إنه يعتقد بأن إدارة جورج‬ ‫بوش تسمح لـ “القاعدة” بالتحرك في باكستان‪،‬‬ ‫وهي اختارت أال تعرقل جهودهم‪ ،‬وأضاف “نحن ال‬ ‫نفتقد القدرة‪ ،‬ولكن ال ميكننا التصرف من دون إذن‬ ‫احلكومة الباكستانية”‪.‬‬ ‫باراك أوباما أعلن النبأ “املهمة أُجنزت‪ُ ،‬قتل‬ ‫أسامة بن الدن”‪ ،‬رصاصة في الرأس أسقطت‬ ‫زعيم “القاعدة” قبل رميه في البحر‪.‬‬


‫أراد أوباما أن يكون “البطل األميركي‪ ،‬حامل‬ ‫اخلبر ومحب الشعوب”‪ ،‬فالتوقيت الذي تقرر فيه‬ ‫تصفية بن الدن ليس بريئا ً على اإلطالق‪ ،‬ويأتي‬ ‫بعد أيام من إطالق أوباما حلملته االنتخابية من‬ ‫موقع “فايسبوك”‪ ،‬واألمر أتى بعد يوم من إعالن‬ ‫تشكيلة الفريق احلربي الذي سيقود عملية‬ ‫االنسحاب من أفغانستان‪ ،‬وقبل عام و‪ 5‬أشهر‬ ‫على موعد االنتخابات الرئاسية‪ ،‬إنه اإلجناز الذي‬ ‫أراد أن يضيفه الى سيرته الذاتية التي سيقدمها‬ ‫الى الناخبني كي يدفعوا له في صناديق االقتراع‪.‬‬ ‫ما زيد من إثارة الشبهات حول العملية في‬ ‫توقيتها ونوعيتها‪ ،‬هو رواية مقتل بن الدن ليست‬ ‫باجلديدة‪ ،‬هي حكاية تتكرر منذ ‪ ،1998‬وفي كل‬ ‫مرة تنسج تفاصيل مقتله ودفنه بحيث أصبح‬ ‫صوت من دون صورة‪ ،‬تسجيل يخرج بصوت خافت‬ ‫ليبارك أو يتوعد‪ ،‬بات رمزا ً أكثر منه قائدا ً ميدانياً‪.‬‬ ‫ويجمع احملللون العرب واألجانب‪ ،‬أن مشروع‬ ‫تنظيم “القاعدة” قد ُهزم تاريخيا ً بسبب إخفاق‬ ‫مشروعه اإليديولوجي والسياسي‪ ،‬بصرف النظر‬ ‫عن بقاء بعض التنظيمات املرتبطة بـ “القاعدة”‬ ‫في أماكن مختلفة من العالم العربي أو حتى‬ ‫أفريقيا‪ ،‬التي انخفضت قدرتها على التعبئة‬ ‫والتدريب في الوقت احلاضر‪ ،‬وهو يقودنا الى‬ ‫االستنتاج‪ ،‬أن أسامة بن الدن قد مات بالفعل‬ ‫سياسيا ً وإيديولوجيا ً قبل العملية األميركية‬ ‫التي كلفته حياته في باكستان‪ ،‬وبعد مقتله‪،‬‬ ‫وفي املدى املنظور ال يستبعد ظهور ردات فعل‬ ‫انتقامية هنا وهناك‪ ،‬تقوم بها التنظيمات‬ ‫املرتبطة بالقاعدة‪ ،‬لكن في املدى املتوسط‬ ‫ّ‬ ‫يشكل مقتل بن الدن بداية النهاية‪،‬‬ ‫والبعيد‪،‬‬ ‫بسبب فقدان التنظيم لرمز تاريخي‪ ،‬وهو الرأس‬ ‫الذي يصعب إيجاد بديل له‪ ،‬وكذلك بسبب‬ ‫خسارة املعركة اإليديولوجية التي تدعو الشعوب‬ ‫العربية الى ممارسة العنف اجلهادي ضد األنظمة‬ ‫التسلطية العربية‪ ،‬في حني أن الثورات العربية‬ ‫انتهجت نهج التغيير السلمي إلسقاط األنظمة‬ ‫التي تدور في الفلك األميركي‪.‬‬

‫التداعيات اإلقليمية والدولية‬ ‫إن خروج بن الدن من املعادلة الدولية‪ ،‬يراه‬ ‫البعض بأنه “خرم كوني في االستراتيجية‬ ‫العاملية لتوازن القوى”‪ ،‬وبداية التغيير في طريقة‬ ‫تعاطي الغرب مع عاملنا العربي‪ ،‬وأولئك الذين‬ ‫كانوا يتذرعون بأسامة بن الدن وخطر األصولية‬ ‫اإلسالمية كي يبقوا في أماكنهم‪ ،‬لن يجدوا بعد‬ ‫اآلن من يستمع لتبريراتهم رغم ضعف حجتهم‪،‬‬ ‫ودعاوي مكافحة “اإلرهاب” انتهت‪.‬‬ ‫الكيان الصهيوني هو اخلاسر الكبير برحيل بن‬ ‫الدن‪ ،‬فلم يعد ممكنا ً أن تربط “إسرائيل” صراعها‬ ‫مع الفلسطينيني باحلرب العاملية على اإلرهاب‪،‬‬ ‫سيعود الصراع الفلسطيني – اإلسرائيلي الى‬ ‫اسمه احلقيقي‪ ،‬وهو احتالل دولة ألراضي الغير مبا‬ ‫ينافي كل القوانني واألعراف الدولية‪.‬‬ ‫العالقة بني أميركا وباكستان ستتأثر‬

‫بالتأكيد‪ ،‬السيما في ظل عالمات االستفهام‬ ‫التي حتوم حول إسالم آباد وعدم كفاءة أطراف‬ ‫معينة في اكتشاف مكان بن الدن طيلة الفترة‬ ‫السابقة‪ ،‬فقد اكتشف مخبأ بن الدن في مكان‬ ‫ال يبعد كثيرا ً عن األكادميية العسكرية في‬ ‫مدينة أبوت آباد‪ ،‬وهذا يثير تساؤالت حول مدى‬ ‫كفاءة األجهزة الباكستانية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬بعد‬ ‫اآلن‪ ،‬ستحدد العالقة املستقبلية بني البلدين‬ ‫في ظل احتياج كل منهما لألخر‪ ،‬فباكستان‬ ‫مازالت بحاجة الى الدعم االقتصادي األميركي‬ ‫والتعاون حملاربة اإلرهاب الداخلي‪ ،‬فيما أميركا‬ ‫حتتاج املساعدة الباكستانية في مواجهة‬ ‫اإلرهاب العاملي وتهدئة األوضاع في أفغانستان‬ ‫اجملاورة‪.‬‬ ‫كل التقارير األميركية‪ ،‬تشير الى أن قتل‬ ‫بن الدن‪ ،‬جزء من التحضير النسحاب أميركي‬ ‫“مش ّرف” من أرض املعركة‪ ،‬بعدما انتهى احللم‬ ‫األميركي – الغربي بالسيطرة على حوض‬ ‫نفط وغاز قزوين وربطه بحوض نفط وغاز‬ ‫اخلليج‪ ،‬ألن احلرب األفغانية استحوذت على‬ ‫كل االنتباه األميركي‪ ،‬األمر الذي سمح للصني‬ ‫وروسيا بتقليص هيمنة الواليات املتحدة على‬ ‫وسط آسيا واحمليط الهادي وجنحت روسيا في‬ ‫إعادة تثبيت نفوذها في املنطقة السوفياتية‬ ‫السابقة‪.‬‬ ‫أفغانستان خالل املرحلة املقبلة ستشهد‬ ‫تسريع عمليتني‪ ،‬عملية دفن األحالم األميركية‬ ‫في املنطقة من جهة‪ ،‬وعملية بناء ائتالف‬ ‫داخلي بني حكم حميد قرضاي والعناصر‬ ‫املعتدلة من طالبان لضمان االستقرار األفغاني‬ ‫بعد االنسحاب األطلسي املفترض‪ ،‬ومتاما ً على‬ ‫الطريقة األميركية والتوجهات اجلديدة‪ ،‬من‬ ‫خالل متكني “اإلخوان” من تسلم املسؤولية‬ ‫أو املشاركة فيها بفعالية كبرى على األقل‪،‬‬ ‫واخلطة هذه ستكون أوضح خالل املرحلة‬ ‫املقبلة‪ ،‬عندما يعلن الرئيس األميركي باراك‬ ‫أوباما أقصر الطرق التي سيعتمدها من أجل‬ ‫جتديد واليته‪ ،‬بإنهاء التورط في أفغانستان‬ ‫والعمل على ترتيب تفاهم بني حكومة قرضاي‬ ‫وطالبان (الباكستانية)‪.‬‬ ‫وفي أعقاب مقتل بن الدن‪ ،‬أقدمت حركة‬ ‫طالبان على القيام مبجموعة من العمليات‬ ‫الثأرية أ ّدت الى مقتل وإصابة العشرات من‬ ‫الباكستانيني‪ ،‬وهجمات استهدفت شاحنات‬ ‫إمدادات تابعة حللف األطلسي كانت مرسلة‬ ‫الى أفغانستان عبر منطقة معبر خيبر احلدودي‬ ‫القبلي شمال باكستان‪ ،‬وأعلنت جماعات‬ ‫متشددة ومتحالفة مع حركة “طالبان‬ ‫ّ‬ ‫باكستان” مسؤوليتها عن تلك الهجمات‬ ‫وتوعدت بالثأر ملقتل زعيم القاعدة بن الدن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكذلك تبنّت الهجوم على موكب للقنصلية‬ ‫األميركية في مدينة بيشاور شمال غربي البالد‪،‬‬ ‫وتوعدت بشن هجمات أخرى مماثلة في كل‬ ‫ّ‬ ‫مدن باكستان‪ ،‬التي تشهد تصاعدا ً في أعمال‬ ‫توعد تنظيم القاعدة وحلفاؤه‬ ‫العنف منذ أن ّ‬ ‫في حركة “طالبان باكستان” باالنتقام‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫إبن الدن وحربه االقتصادية دفعت‬ ‫أميركا لإلقتراض لتمويل احلرب‬ ‫يختلف اخلبراء االقتصاديون في تقومياتهم‬ ‫للثمن الذي دفعته الواليات املتحدة لهجمات‬ ‫‪ 11‬أيلول ‪ ،2001‬والتي تتراوح بني ‪ 280‬مليار دوالر‬ ‫و ‪ 3‬تريليون دوالر‪ ،‬خالل ‪ 15‬سنة‪ ،‬وهذا يعني أن‬ ‫تداعيات الهجمات مازالت متواصلة‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يتفقون على أن أسامة بن الدن هو الشخص الذي‬ ‫كلف أميركا أضخم ثمن دفعته في تاريخها‬ ‫وقدرت صحيفة “الفاينشال تاميز”‬ ‫نتيجة أعماله‪ّ ،‬‬ ‫هذه الكلفة بتريليوني دوالر ووضعت في هذا‬ ‫السياق كلفة حرب أفغانستان والعراق‪ ،‬انطالقا ً‬ ‫من اإلفتراض أن احلربني لم تكونا ممكنتني لوال‬ ‫هجمات أيلول‪.‬‬ ‫قدرت كلفة‬ ‫ولكن مجلة “ناسيونال جورنال” ّ‬ ‫إرهاب بن الدن منذ تفجير السفارتني األميركيتني‬ ‫في كينيا وتنزانيا في عام ‪ 1998‬بثالثة تريليونات‪.‬‬ ‫واذا استثنينا احلربني‪ ،‬فإن أفضل تقومي للثمن‬ ‫الذي دفعته أميركا لتعزيز أمنها الوطني من‬ ‫إجراءات الوقاية في املطارات الى إعادة تنظيم‬ ‫أجهزة االستخبارات والتدريب وغيرها في عقب‬ ‫الهجمات هو تريليون دوالر‪.‬‬ ‫واملفارقة هي أن احلروب التي تس ّبب بها بن‬ ‫الدن عكس احلروب التقليدية السابقة أرغمت‬ ‫واشنطن على إقتراض األموال لتمويلها‪.‬‬ ‫إبن الدن كان واضحا ً في حربه االقتصادية على‬ ‫أميركا‪ ،‬حيث قال في عام ‪“ :2004‬سوف نواصل‬ ‫سياسة استنزاف أميركا إلى مرحلة اإلفالس”‪.‬‬ ‫بعد تفجيرات إفريقيا ضاعفت أميركا حماية‬ ‫سفاراتها في العالم من ‪ 172‬مليون دوالر وصوال ً‬ ‫إلى ‪ 2.2‬مليار دوالر خالل ‪ 10‬سنوات‪ ،‬وتكلفة تفجير‬ ‫املدمرة “كول” في اليمن وصلت إلى ‪ 160‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫والكلفة غير املباشرة لتفجير برجي نيويورك‬ ‫ومبنى وزارة الدفاع تراوح بني ‪ 100 - 50‬مليار دوالر‬ ‫وأضرار مادية‪ ،‬وبلغت كلفة حربي أفغانستان‬ ‫والعراق ‪ 1.4‬تريليون دوالر خالل العقد املاضي‪.‬‬ ‫ووصلت كلفة إعادة تنظيم أجهزة االستخبارات‬ ‫وإيجاد وزارة جديدة وضخمة هي وزارة األمن‬ ‫الوطني حتى اآلن إلى تريليون دوالر‪.‬‬ ‫ووفقا ً لصحيفة الـ “واشنطن بوست”‪ ،‬مت‬ ‫تنظيم ‪ 1271‬مؤسسة حكومية تعنى مبكافحة‬ ‫اإلرهاب (بينما ‪ 51‬مؤسسة مصممة لتعقب‬ ‫سبل متويل اإلرهاب)‪ ،‬وهذه املؤسسة األمنية تنتج‬ ‫‪ 60‬ألف تقرير استخباري خالل سنة‪.‬‬ ‫وهناك أيضا ً الهدر املالي الكبير‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال‪“ :‬هناك ‪ 2.3‬مليار دوالر ال أحد يعرف بالضبط‬ ‫كيف ضاعت في العراق”‪.‬‬ ‫كل هذه النفقات ساهمت في زيادة العجز‬ ‫املالي بنسبة ‪.% 15‬‬ ‫رئيس هيئة األركان األميركية املشتركة‬ ‫األدميرال مايك مولن‪ ،‬كان محقا ً حني قال “عجزنا‬ ‫املالي هو أكبر خطر يهدد أمننا”‪.‬‬

‫أدهم محمود‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫تركيا‪« :‬صفر مشاكل» إالّ مع سوريا‪...‬‬

‫االنتخابات النيابية ستج ّدد البيعة‬ ‫لـ «حزب العدالة والتنمية» للمرة الثالثة‬

‫يقول جراهام فولر‪ :‬لقد انتهت تركيا القدمية ولسنا‬ ‫متأكدين كيف ستكون تركيا اجلديدة‪ ،‬كانت تركية‬ ‫القدمية التي هيمنت عليها رؤية أتاتوركية أو توافقية‬ ‫متعمد للماضي العثماني‬ ‫واحدة‪ ،‬قائمة على نسيان‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬أما تركيا اجلديدة التي ال مفر من انبثاقها‬ ‫في نهاية املطاف‪ ،‬على الرغم من النكسات فسوف‬ ‫يسهم في تشكيلها نخبة أكثر تنوعا ً ستقوم‬ ‫بدورها في إعطاء شكل جديد للحوار التركي حول‬ ‫الهوية القومية‪ ،‬ومن ثم حول السياسة اخلارجية‪ ،‬وال‬ ‫ميكن بناء تركيا اجلديدة إال على تذكر التاريخ العثماني‬ ‫اإلسالمي وتنوعه في عملية ال ينبغي أن ينظر إليها‬ ‫فقط على أنها أسلمة للقومية التركية‪ ،‬بل على أنها‬ ‫تتريك للتقاليد واألعراف اإلسالمية‪ ،‬وسوف يسهم‬ ‫مدى اإلسراع في إجناز هذا التحول في حتديد مدى‬ ‫اإلسراع في امتالك تركيا للقدرة على التغلب على‬ ‫املشكلة الذاتية املنشأ املتمثلة في انعدام االستقرار‬ ‫واألمن الداخلي وأزمة الهوية‪ ،‬وعلى أن تؤدي دورا ً‬ ‫إبداعيا ً أصيال في البلقان والقوقاز والشرق األوسط‪.‬‬ ‫وثمة سؤال مهم اليوم‪ ،‬هل من مصلحة تركيا‬ ‫أن تباشر سياسة تنفر منها جيرانها؟ واجلواب في‬ ‫كلمات احمللل الكبير جنكيز تشاندار التي تلخص‬ ‫وجهة نظر الكثيرين بقوله‪”:‬قد تسهم دولة مسلمة‬ ‫تتبع سياسة خارجية تركز على “إسرائيل” في حتقيق‬ ‫االرتياح لـ “إسرائيل”‪ ،‬غير أن هذه السياسة تسبب‬ ‫عزلة لتلك الدولة سواء على مستوى املنطقة أو على‬ ‫مستوى النظام الدولي”‪.‬‬ ‫وال ريب في أن تركيا جنت فائدة من جوانب‬ ‫معينة في عالقاتها مع “إسرائيل” في اجملال التجاري‬ ‫واالقتصادي واجملال االستراتيجي وذهبت بعيدا ً‬ ‫خالل مراحل سابقة وصوال ً إلى التعاون في البرامج‬ ‫الدفاعية واسعة النطاق‪ ،‬وانطالقا ً من هذه األسس‬ ‫تكونت قاعدة اقتصادية وتطورت خالل مراحل معينة‬ ‫إلى كتلة إقليمية شاملة من الدول املتشابهة في‬ ‫العقلية والتفكير والتي تتمتع برعاية الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وتسريبات “ويكيليكس” املتعلقة بتركيا‪ ،‬تركزت‬ ‫معلوماتها حول العالقة بني املؤسسة العسكرية‬ ‫واحلكومة التي يقودها رجب طيب أردوغان‪ ،‬وفترة‬ ‫الدخول األميركي إلى العراق عام ‪ ،2003‬ورفض‬ ‫تركيا املشاركة في العمليات بناء على قرار مجلس‬ ‫النواب التركي‪ ،‬والعالقة بني اجلماعات اإلسالمية في‬ ‫تركيا وتفاعالت قضايا “أرغنيكون” و “املطرقة”‪ ،‬أهم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املنظمات السرية التي كانت تعد لضربة عسكرية‬ ‫في البالد‪.‬‬ ‫الكثير من احملللني األتراك اعتبروا أن نشر الوثائق‬ ‫على هذا النحو املبرمج واملقصود هو محاولة لفرض‬ ‫النفس على حتديد مسار نقاشات الداخل التركي‪،‬‬ ‫ومن هنا كانت حكومة العدالة والتنمية ومنذ‬ ‫البداية ترى في وثائق “ويكيليكس” فرصة لتفجير‬ ‫الداخل السياسي واألمني بهدف إضعاف حكومة‬ ‫أردوغان واإلطاحة بها عشية االنتخابات النيابية‬ ‫املرتقبة في ‪ 12‬حزيران‪ ،‬وبذلك تكون الرد األقوى القادر‬ ‫على إيقاف الصعود التركي اإلقليمي‪ ،‬وقطع الطريق‬ ‫على محاوالت إعادة تركيب املكعبات باستقاللية في‬ ‫الشرق األوسط هذه املرة‪.‬‬ ‫وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع أردوغان ملطالبة‬ ‫واشنطن بالتعامل بجدية مع هذه التقارير ومساءلة‬ ‫معديها وجعلهم يدفعون الثمن إذا ما كانت أميركا‬ ‫تريد حماية عالقاتها اإلستراتيجية مع تركيا‪.‬‬ ‫وكشفت الوثائق‪ ،‬مطالبة واشنطن ألنقرة بتعزيز‬ ‫تدابيرها األمنية على احلدود التركية – السورية ملنع‬ ‫وصول األسلحة اإليرانية لسوريا ومن خاللها إلى‬ ‫“حزب اهلل” في لبنان‪.‬‬ ‫والكثير من األتراك توقفوا عند الدور اإلسرائيلي‬ ‫في كل هذه اخلضات‪ ،‬وخصوصا ً أن قيادات العدالة‬ ‫والتنمية اتهمت بشكل أو بأخر تل أبيب بالوقوف‬ ‫وراء هذه التسريبات‪ ،‬كونها املستفيد األكبر‪ ،‬وكون‬ ‫هذه املعلومات تخدم السياسة اإلسرائيلية التي‬ ‫تركز على حتذير الغرب من التقارب التركي – اإليراني‪،‬‬ ‫والتركي ‪ -‬السوري حتديداً‪ ،‬وكونها تضع أمام القوى‬ ‫الكبرى خارطة إستراتيجية إقليمية جديدة ال مكان‬

‫‪66‬‬

‫لها فيه‪ ،‬طاملا أن التقارب التركي – العربي والتركي –‬ ‫اإلسالمي تتوسع رقعة انتشاره ونفوذه وتقدمه باجتاه‬ ‫إقامة تكتل إقليمي تعد له وتقوده دول املنطقة‪.‬‬ ‫وما اغضب األتراك أكثر من غيره هو ما نشر عن‬ ‫حوار بني رئيس اخملابرات االسرائيلية مائير داغان‪،‬‬ ‫ومساعد وزير اخلارجية األميركية‪ ،‬بيل برنس‪ ،‬وتساؤل‬ ‫املسؤول اإلسرائيلي إلى متى ستظل املؤسسة‬ ‫العسكرية التركية صامتة على مواقف وسياسات‬ ‫العدالة والتنمية الداخلية واخلارجية‪.‬‬

‫اإلنتخابات النيابية التركية‬ ‫في تركيا‪ ،‬يسعى حزب العدالة والتنمية للبقاء في‬ ‫السلطة ألربع سنوات مقبلة وانتخابات ‪ 12‬حزيران‬ ‫النيابية نقطة انعطاف هامة‪ ،‬والفوز بأغلبية واضحة‬ ‫ستمكنه من إدخل تعديالت جذرية إضافية على بنية‬ ‫النظام والدفع به نحو حكم رئاسي واسع الصالحيات‬ ‫يتوج رجب طيب أردوغان سلطانا ً جديدا ً بعد هذه‬ ‫املعركة االنتخابية‪ ،‬ولكن ثمة قوى تركية مختلفة‬ ‫ميكن أن تسعى إلى االستفادة من األوضاع العربية‬ ‫اخملتلفة للبرهان بأن التجربة اإلسالمية التركية قد‬ ‫استنفذت صالحيتها‪ ،‬أو على األقل ال تؤتي ثمارها‬ ‫العربية املتوقعة‪.‬‬ ‫أحد املتحمسني للنموذج التركي قال‪ :‬ليس صدفة‬ ‫أن يتحرك القادة األتراك من سياسيني وأمنيني‬ ‫متوجهني صوب دمشق‪ ،‬حاملني معهم النصائح‬ ‫والتوصيات وحتى االقتراحات واخللفيات السياسية‬ ‫والتشريعية التي اعتمدتها أنقرة من أجل صياغة‬


‫قوانينها االنتخابية واحلزبية التي ساهمت في‬ ‫استقرار وازدهار اجملتمع التركي الذي يتشكل من‬ ‫أعراق وطوائف وأقليات موزعة‪.‬‬ ‫وفي لغة واضحة وتنم عن مضامني حتمل أكثر‬ ‫من عالمة استفهام‪ ،‬قال النائب عن حزب العدالة‬ ‫والتنمية مراد مرجان‪“ :‬إن على كل دولة أن تبذل‬ ‫جهودا ً للحصول على احلرية لكن لكل دولة شروطها‪،‬‬ ‫وتركيا ليست مع التدخل في الشأن السوري الداخلي‬ ‫والتغيير يعود للشعب السوري نفسه)‪ ،‬ولكن مرجان‬ ‫رأى “أن احلركات اإلسالمية متتلك اإلمكانيات للقيام‬ ‫بدور مهم في قيادة عملية التغيير”‪.‬‬ ‫تقومي أداء الدبلوماسية التركية إزاء التطورات‬ ‫في عاملنا العربي كان شديد االرتباك‪ ،‬لكن األخطاء‬ ‫التركية بدت على درجة من التفاوت من مكان إلى آخر‬ ‫وتبعا ً لدرجة املصالح واحلسابات اإلقليمية والدولية‬ ‫وتقاطعها‪ ،‬وفي التكتيك واملناورة في الشأن الليبي‪،‬‬ ‫بررت أنقرة تغيير مواقفها‪ ،‬فهي أيدت احلرب على‬ ‫ليبيا وشاركت فيها من دون التوقف على انتقاد‬ ‫احلرب‪ ،‬وصوال ً إلى خوض معركة دبلوماسية حول‬ ‫قيادة احلرب‪.‬‬ ‫ولم يكن جائزا ً إسقاط السلوك التركي على‬ ‫احلالة السورية‪ ،‬فسوريا بالنسبة إلى تركيا قيمة‬ ‫إستراتيجية مضافة ال توازيها أهمية أي دولة عربية‬ ‫أخرى‪ ،‬فسوريا مع الرئيس بشار األسد حتديداً‪ ،‬كانت‬ ‫جسر العودة التركية السياسية إلى املنطقة مع‬ ‫حزب العدالة والتنمية‪ ،‬أما اقتصاديا ً فمعظم‬ ‫البضاعة التركية تصل إلى الدول العربية من طريق‬ ‫األراضي السورية‪ ،‬وحجم التبادل التجاري السنوي‬ ‫بني البلدين (‪ 2.5‬مليار دوالر) عدا عن التحالف‬ ‫االستراتيجي السياسي‪ -‬االقتصادي – العسكري‬ ‫الذي أنشئ بني أنقرة ودمشق منذ عام ‪ ،2004‬والذي‬ ‫جعل من سوريا الدولة األهم في احلسابات التركية‪،‬‬ ‫حتى أن عبارة (الفوضى) في سوريا تعني اندثار كل‬ ‫املشاريع التركية في الشرق األوسط‪ ،‬رغم أن عبارة‬ ‫(الفوضى) هي من تسويق إعالمي رخيص قامت به‬ ‫قنوات مأجورة وتابعة وتقوم بدور مشبوه ومدان وهي‬ ‫بذلك تخدم اخملططات واملشاريع الهادفة للنيل من‬ ‫سوريا‪ ،‬حصن املقاومة واملمانعة في عاملنا العربي‪ .‬إن‬ ‫رد الفعل الرسمي التركي حول األحداث األخيرة في‬ ‫سوريا كان مفاجئا ً ومتسرعا ً وارجتالياً‪ ،‬وإن ما حصل‬ ‫شكل امتحانا ً مصيريا ً للنموذج التركي‪.‬‬ ‫لقد أغدقت تركيا على سوريا سيالً من النصائح‬ ‫والتصريحات والتحذيرات بأن املنطقة ال ينقصها‬ ‫عراق جديد‪ ،‬وأنقرة تخشى جديا ً كما تقول‪ ،‬من‬ ‫استغالل الغرب (حراك) املنطقة للعمل على تقسيم‬ ‫بعض الدول من خالل إذكاء احلرب األهلية فيها‪ ،‬ويقف‬ ‫السياسيون األتراك مندهشني أمام من يصدقون أن‬ ‫زعماء مثل الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء‬ ‫االيطالي بيرلسكوني انقلبا إلى شهداء للحرية‬ ‫والعدالة في العالم العربي‪.‬‬ ‫وتقف تركيا موقفا ً حذرا ً وهي تفكر في فرض‬ ‫حوار يكون (األخوان املسلمني) أحد أطرافه متهيدا ً‬ ‫ملشاركتهم السلطة في سوريا وذلك في محاولة‬

‫مشتركة كبيرة‪ ،‬لذا فإن الوضع في سوريا يؤثر‬ ‫مباشرة على تركيا كما على املنطقة‪ ،‬لذا تبذل تركيا‬ ‫جهودها من أجل نزع فتيل التدويل الذي تهدد به دول‬ ‫أوروبية‪ ،‬ولكن تركيا حتث سوريا على تقدمي املزيد من‬ ‫التنازالت وهي تعتمد للوصول إلى هذا الهدف على‬ ‫التواصل تارة مباشرة وتارة عبر اإلعالم في موجة من‬ ‫الرسائل املتتالية‪ ،‬علما ً بأن التنازالت التي تطالب بها‬ ‫تركيا ال أحد يعرف حدودها النهائية‪.‬‬ ‫األتراك وعلى لسان أكثر من مسؤول‪ ،‬ال يبدون أي‬ ‫مشكلة في التعامل مع أي بديل للنظام في سوريا‪،‬‬ ‫حتى لو كان (اإلخوان املسلمني) شرط أن يلتزم البديل‬ ‫بخطوات وضع البالد على سكة احلريات والدميقراطية‪،‬‬ ‫وهذا ما يفسر حقيقة الدور التركي‪ ،‬والتنسيق الذي‬ ‫يجري بني أنقرة والقوى الدولية املؤثرة‪ ،‬وهنا االمتحان‬ ‫الصعب واألكثر حساسية للسياسة اخلارجية‬ ‫التركية حتى االن‪.‬‬ ‫تركيا أمام استحقاق االنتخابات البرملانية وعينها‬ ‫على االحتاد األوروبي‪ ،‬وتصريحات قادتها تكاد تتقاطع‬ ‫مع التصريحات الفرنسية في الشأن السوري وهذا‬ ‫األمر كان مفاجئا ً للقيادة السورية‪ ،‬وتبدو تركيا اليوم‬ ‫وكأنها تدور في فلك املصالح االقتصادية والسياسية‪،‬‬ ‫واملراقب من بعيد يلحظ أن أردوغان حت ّول من صديق‬ ‫حميم لسوريا الى أداة تستغل اجلغرافيا والتاريخ وكل‬ ‫اإلجنازات التي حتققت خالل السنوات املاضية من أجل‬ ‫حلم يراود قادتها ولكنه لن يتحقق‪.‬‬

‫إنتخابات فاترة في تركيا‬ ‫وبيت من زجاج‬ ‫لتعميم النموذج التركي‪ ،‬وهي تتحدث بذلك عن‬ ‫سيناريو يقول‪ :‬إن واشنطن ودول خليجية تروج له‪،‬‬ ‫وهي تؤكد أنه أمر البأس به لوال الترويج اإلعالمي‪.‬‬ ‫لكن أنقرة واضحة ولكنها قلقة من محاولة‬ ‫دخول اإلخوان من باب تفتحه أميركا أو دولة خليجية‬ ‫ومن دون حتول اإلخوان إلى حزب سياسي مييني‪ ،‬وهي‬ ‫تفضل أن يأتي األمر في إطاره الطبيعي بعد إصدار‬ ‫قانون األحزاب حتى يكون جز ًءا من التجربة الوطنية‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫ويبدو املوقف التركي من سوريا واقعا ً حتت ضغوط‬ ‫أكثر من عامل‪ ،‬احلملة االنتخابية النيابية والتي‬ ‫يسعى خصوم حزب العدالة والتنمية إلظهاره على‬ ‫أنه نصير األنظمة‪ ،‬وكذلك ضغوط اإلعالم التركي‬ ‫على حكومة أردوغان التخاذ موقف واحد وموحد جتاه‬ ‫سوريا‪ ،‬وهناك رغبة رسمية تركية واضحة تتمثل‬ ‫في عدم معارضة أي تدخل خارجي أو عدم معارضة‬ ‫الشرعية الدولية‪ ،‬وهنا حتتاط تركيا ألي قرار دولي قد‬ ‫يصدر ضد سوريا بالظهور على أنها لم تكن تعمل‬ ‫عكسه قبل صدروه‪.‬‬ ‫سوريا جارة مباشرة لتركيا‪ ،‬وحدود تركيا معها‬ ‫متتد على ‪ 800‬كلم‪ ،‬كما تتشارك معها في حتديات‬

‫‪67‬‬

‫يرى املراقبون أن االنتفاضة الشعبية هي الوسيلة‬ ‫الوحيدة التي لم يختبرها أكراد تركيا بعد سعيهم‬ ‫إلى حتقيق أهدافهم املزمنة‪ ،‬وكل شيء مباح في‬ ‫احلمالت االنتخابية‪ ،‬أما اخلوف األكبر فهو من عودة‬ ‫“حزب اهلل” التركي‪ ،‬وخاصة أن مستشار رئيس‬ ‫الوزراء التركي إيراهيم قالن‪ ،‬أعلن تكثيف اجلهود‬ ‫واالتصاالت من أجل فتح مكتب متثيل حلركة طالبان‬ ‫في اسطنبول‪ ،‬واخلطوة هذه قد تضع أنقرة أمام‬ ‫حتديات صعبة‪ ،‬فماذا سيكون عليه موقفها إذا فتح‬ ‫حزب “العمال الكردستاني” ممثليات سياسية له في‬ ‫فرنسا أو لندن؟ وهل يسعها االعتراض على مثل هذه‬ ‫اخلطوة؟ واالعتراف بطالبان قد يحمل كثر من األوساط‬ ‫اإلسالمية في تركيا على املطالبة بفتح ممثليات أخرى‬ ‫ملنظمات مثل “حزب اهلل” و “حركة حماس”‪ ،‬ويجب‬ ‫مالحظة أن الرئيس األفغاني وقادة الواليات املتحدة‬ ‫وحلف شمال األطلسي (الناتو) يؤيدون فكرة احلوار‬ ‫مع طالبان‪ ،‬وأعلن ممثل الناتو املدني السابق‪ ،‬حكمت‬ ‫شتني‪ ،‬أن إرساء السالم في أفغانستان هو رهن احلوار‬ ‫مع طالبان‪ ،‬وهذا التطور يشير إلى حقيقة مرة يصعب‬ ‫قبولها‪ ،‬ولكن خالصتها ماثلة في مآل األمور في إرلندا‬ ‫وإسبانيا‪ ،‬فإذا جنحت منظمة إرهابية في الصمود‪،‬‬ ‫وجدت مكانا ً لها على طاولة احلوار السياسي في‬ ‫نهاية املطاف‪.‬‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل تركيا جاهزة ملواجهة هذه احلقيقة‬ ‫املؤملة‪ ،‬وهل هي مستعدة للحوار مع حزب “العمال‬ ‫الكردستاني” بعد أن قبلت احلوار مع طالبان؟ وهناك‬ ‫علينا أن ندرك أن فتح ممثليه طالبان في اسطنبول‬ ‫يرفع الضغوط الدولية على تركيا من أجل حل‬ ‫القضية الكردية على أرضها حالً مماثالً‪ ،‬وخاصة‬ ‫أن القضية الكردية سياسية وأن احلزب هو املمثل‬ ‫الوحيد الشرعي لألكراد في تركيا‪.‬‬ ‫ويقر مراقبون وساسة في تركيا‪ ،‬بأن البالد تشهد‬ ‫أقل احلمالت االنتخابية حماساً‪ ،‬وأضعفها تأثيرا ً‬ ‫منذ انقالب ‪ ،1980‬ويعود ذلك إلى استطالعات الرأي‬ ‫التي تكاد جتمع على أن “حزب العدالة والتنمية”‬ ‫احلاكم سيجدد البيعة للمرة الثالثة على التوالي‪،‬‬ ‫وينفرد بحكم تركيا‪ ،‬رافعا ً نسبة األصوات التي‬ ‫ينالها إلى ‪ ،% 46‬وهذا رقم قياسي والسبب اآلخر هو‬ ‫تراجع امللفات اخلالفية الساخنة التي كانت تشغل‬ ‫املواطن التركي سابقا ً مثل التضخم واحلجاب‬ ‫والقضية الكردية ودور العسكر على الساحة‬ ‫السياسية‪ ،‬واجليش بات مشغوال ً في احملاكم وقضايا‬ ‫االنقالبات التي تالحقه‪ ،‬وترك الساحة السياسية‬ ‫بينما االقتصاد في حالة ال بأس بها‪ ،‬على رغم‬ ‫األزمة االقتصادية العاملية‪ ،‬ناهيك عن أحداث‬ ‫العالم العربي التي تفرض نفسها بقوة على األخبار‬ ‫واألجندة السياسية مزاحمة أنباء االنتخابات‪.‬‬ ‫لكن ما تتميز به هذه االنتخابات هو أنها ستمهد‬ ‫لصوغ دستور جديد للبالد بدل الدستور العسكري‬ ‫احلالي املعدل‪ ،‬وهو أمر اتفقت على ضرورته كل‬ ‫األحزاب املشاركة‪.‬‬ ‫وفي املشهد السياسي أربعة أحزاب فاعلة‪،‬‬ ‫يرجح أن تتقاسم مقاعد البرملان‪ ،‬فحزب “العدالة‬ ‫والتنمية” يبني وعوده االنتخابية على صوغ دستور‬ ‫جديد مدني‪ ،‬وتغيير وجه تركيا عام ‪ 2023‬من خالل‬ ‫مشاريع اقتصادية وإعمارية ضخمة‪ ،‬أهمها شق‬ ‫قناة بحرية في اسطنبول‪.‬‬ ‫أما “حزب الشعب اجلمهوري” األتاتوركي فيسعى‬ ‫إلى تثبيت زعامة رئيسه اجلديد اليساري كمال‬ ‫كيلسيجدار أوغلو الذي يقود حملة حتول احلزب من‬ ‫إيديولوجيا أتاتورك إلى اليسار الدميغرافي مركزا ً على‬ ‫امللفني العلوي والكردي والطبقة العاملة الفقيرة‪،‬‬ ‫محاوال ً رفع شعبية احلزب من ‪ 22‬إلى ‪.% 30‬‬ ‫ويخوض األكراد امتحانهم األهم‪ ،‬من خالل‬ ‫مرشحني مستقلني‪ ،‬من أجل جتاوز العتبة االنتخابية‬ ‫التي حترمهم دوما ً من التمثيل في البرملان‪،‬‬ ‫بوصفهم حزبا ً سياسياً‪ ،‬بسبب فشل “حزب السالم‬ ‫والدميقراطية” املمثل لهم‪ ،‬من نيل نسبة الـ ‪% 10‬‬ ‫املطلوبة‪ ،‬ويراهن هؤالء على رفع عدد نوابهم من ‪20‬‬ ‫إلى ‪ 35‬من خالل التركيز على مطالبتهم بحكم‬ ‫ذاتي‪.‬‬ ‫أما حزب “احلركة القومية” فيبدو احللقة‬ ‫األضعف في هذا السياق‪ ،‬إذ تراجعت شعبيته إلى‬ ‫‪ % 11‬وأصبح مهددا ً بالبقاء خارج البرملان‪ ،‬مع عجز‬ ‫زعيمه دولت باهشلي عن تقدمي برنامج جدي ووعود‬ ‫انتخابية حقيقية‪ ،‬سوى ترشيحه على لوائح احلزب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫جنراالت متقاعدين متهمني بانقالبات عسكرية‪.‬‬ ‫وتشير االستطالعات أن حزب “العدالة والتنمية”‬ ‫احلاكم قد يخسر ‪ 30‬مقعدا ً في البرملان‪ ،‬ليتراجع‬ ‫إلى ‪ 310‬من أصل ‪ 550‬مقعداً‪ ،‬على رغم زيادة‬ ‫شعبيته وأصواته‪ ،‬إذ أن شعبيته تزداد في معاقله‪،‬‬ ‫فيما يحاول اقتحام املدن الساحلية التي تصوت‬ ‫دوما ً لليسار‪ ،‬وتظهر االستطالعات أن قوة املعارضة‬ ‫األتاتوركية واليسارية لن تتغير كثيراً‪.‬‬ ‫لذا فإن موازين القوى في البرملان لن تتغير في‬ ‫شكل كبير‪ ،‬إال إذا خرج حزب “احلركة القومية” من‬ ‫السباق خارج البرملان‪ ،‬إذ تتقاسم حينها املعارضة‬ ‫واحلكومة مقاعده إلـ ‪ 90‬وحينها فقط ميكن حلزب‬ ‫“العدالة والتنمية” نيل ‪ 370‬مقعداً‪ ،‬وهذه النسبة‬ ‫الالزمة ليغير منفردا ً مواد الدستور‪.‬‬ ‫إن استضافة تركيا مرتان نشاطات جماعة‬ ‫اإلخوان املسلمني وتبرير ذلك من قبل قياديني‬ ‫في “العدالة والتنمية” بأنها العتبارات داخلية‬ ‫الستمالة الصوت السني‪ ،‬واستخدام كل األسلحة‬ ‫من أجل الوصول إلى أهدافه‪ ،‬حتى ولو كانت لذلك‬ ‫تداعيات سلبية خطيرة على اللحمة االجتماعية‬ ‫واالستقرار السياسي في الداخل التركي وتوتير‬ ‫العالقات مع بلد مثل سوريا مبا متلكه من مكاسب‬ ‫ومصالح لتركيا ال ميكن أن يرفرها لها أي نظام‬ ‫بديل‪.‬‬

‫تركيا تنفذ سياسة خارجية‬ ‫توسعية في املسائل اإلقليمية‬ ‫والدولية‬ ‫سياسة تركيا اخلارجية تغ ّيرت بشكل جذري إثر‬ ‫وصول حزب “العدالة والتنمية” إلى السلطة في عام‬ ‫‪ ،2002‬ووعدت هذه القيادة بإيجاد حل سلمي ونهائي‬ ‫للمشكلة الكردية وبحماية حقوق األقليات في‬ ‫تركيا‪ ،‬ولكن األمور بقيت على حالها أو تراجعت أكثر‪،‬‬

‫‪68‬‬

‫ولم تعمل القيادة شيئا ً لتحسني وضع األقليات وبدال ً‬ ‫من ذلك أخذت تركز على سياستها اخلارجية‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف حتول الرأي العام التركي من الداخل إلى اخلارج‪،‬‬ ‫وإن سياسة تركيا اخلارجية هي من إخراج وهندسة‬ ‫وزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو وهو الذي يدعو إلى‬ ‫تطبيق سياسة “صفر مشاكل” أو “ال مشاكل” مع‬ ‫الدول اجملاورة ويقترح تقبل السياسية العثمانية‬ ‫املاضية‪ ،‬األمر الذي برأيه سيؤمن السالم واالستقرار‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫أخذت تركيا بتنفيذ سياسة خارجية توسعية أكبر‬ ‫منذ بداية ‪ 2002‬وذلك في املسائل اإلقليمية والدولية‬ ‫من خالل توسيع رقعتها التأثيرية في منطقة‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬بدأت الثقافة التركية وسياستها‬ ‫واقتصادها تترك بصماتها منذ ذلك العام‪ ،‬ومن وجهة‬ ‫نظر أوغلو‪ ،‬إن سياسة “ال مشاكل” ستجعل من‬ ‫تركيا العبا ً عامليا ً ونحن نقترب من عام ‪ 2023‬الذكرى‬ ‫املئوية لتأسيس جمهورية تركيا‪.‬‬ ‫إن سياسة الـ “ال مشاكل” التركية لقيت فشل مع‬ ‫دولة أرمينيا فبعد توقيع خارطة طريق بني الدولتني‬ ‫بقيت األوضاع على حالها ولم تعد الدبلوماسية‬ ‫الغائبة منذ عقود إلى طبيعتها بعد أن اتضح أن‬ ‫تركيا أبقت على شروطها املرفوضة من قبل أرمينيا‪،‬‬ ‫ومن أبرز هذه الشروط‪ ،‬حل مسألة إقليم ناغورنو‬ ‫كاراباغ لصالح أذربيجان‪.‬‬ ‫وتكرر الفشل في قبرص عندما تدخلت أنقرة في‬ ‫االنتخابات الرئاسية لصالح مرشح ال يدعم توحيد‬ ‫اجلزيرة رغم كون هذا التوحيد من ركائز السياسة‬ ‫اليونانية واالحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫وكذلك حتولت االستراتيجية اخلارجية للسياسة‬ ‫التركية من االحتاد األوروبي باجتاه الشرق األوسط‪ ،‬األمر‬ ‫الذي أراح اجليش التركي الذي ال طاملا كان ضد العالقة‬ ‫القريبة من االحتاد األوروبي‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن السلطات‬ ‫التركية لم تنس أحالمها باالنضمام إلى االحتاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬وهي حتاول كسب الوقت والنفوذ بتوطيد‬ ‫عالقاتها السياسية بدول الشرق األوسط‪ ،‬محاولة‬ ‫لتمرير بعض الوقت وحتسني مواقعها التفاوضية أو‬ ‫حلني تغيير بعض األنظمة في أوروبا وخاصة فرنسا‬ ‫وأملانيا‪ ،‬الدولتني األشد إصرارا ً ورفضا ً النضمام الدولة‬ ‫التركية إلى االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫لقد أثبتت السنوات املاضية‪ ،‬أن تركيا لم حتقق‬ ‫شيئا ً ولو تقدما ً بسيطا ً في عالقاتها مع الدول اجملاورة‬ ‫فهي حتاول اليوم أن تلعب دور البطل في الصراع‬ ‫العربي – اإلسرائيلي لنيل إعجاب العرب ولو مفبركا ً‬ ‫مبا يسمى بتأزم العالقات التركية – اإلسرائيلية والتي‬ ‫تبقى دائما ً مسرحية مكشوفة‪ ،‬وتركيا لم تلغ أيا‬ ‫من معاهداتها الـ ‪ 26‬العسكرية واالستراتيجية‬ ‫مع “إسرائيل” بالرغم مما يسمى بتأزم العالقات‬ ‫الدبلوماسية بينها وبني “إسرائيل”‪ ،‬وتركيا اليوم‬ ‫تتدخل بقوة سياسية وهي ترغب أن تدخل املنطقة‬ ‫من الباب العريض ولديها رؤية توسعية‪ ،‬وهي تبقى‬ ‫حليفة الواليات املتحدة و”إسرائيل”‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫منبر اقتصادي‬

‫لبنان أكثر فساداً من مصر وتونس والهدر من داخل الموازنة وخارجها‬ ‫الثـورات العربيـة تنعكـس ركـوداً علـى االقتصـاد اللبنانـي‬ ‫ال يزال التأليف احلكومي يراوح مكانه وحكومة‬ ‫الرئيس جنيب ميقاتي لم تبصر النور بعد‪ ،‬رغم‬ ‫أن قوى ‪ 14‬آذار حسمت أمرها بعدم املشاركة إذا‬ ‫كان االنتظار بسببها‪ ،‬ما يفسر بأن هناك قطبة‬ ‫مخفية تعترض التأليف‪ ،‬قد تكون داخلية بسبب‬ ‫احلصص واحلقائب‪ ،‬وقد تكون إقليمية كما يتردد‬ ‫بانتظار ما سترسو عليه أحوال املنطقة امللتهبة‪،‬‬ ‫ال بل إن البعض ينتظر انعقاد القمة السورية‬ ‫ــ السعودية من جديد‪ ،‬أو صدور القرار االتهامي‬ ‫عن احملكمة اخلاصة بلبنان‪ .‬فما هي اخلسارة‬ ‫واالنعكاسات السلبية اقتصاديا ً وخدماتيا ً الناجتة‬ ‫عن الفراغ احلكومي‪ ،‬سواء في تصريف األعمال‬ ‫حلكومة سعد احلريري أو في فشل التأليف‬ ‫حلكومة ميقاتي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ــ التأخير في إطالق خطة الكهرباء واملياه التي‬ ‫تؤمن احلد األدنى من الوسائل احلياتية للبنانيني‪.‬‬ ‫ومع استمرار التلكؤ في إجناز مشاريع السدود‬ ‫وبناء محطات توليد إضافية‪ ،‬يواجه الشعب‬ ‫اللبناني قبل حلول ‪ ،2015‬حالة عقيمة من غياب‬ ‫املاء والكهرباء عن معظم أراضيه‪ ،‬وخالل معظم‬ ‫السنة‪ .‬هذا يعني أننا في السنوات األربع اآلتية‪،‬‬ ‫سنزيد من االعتماد على مولدات الكهرباء‪ ،‬وعلى‬ ‫رفع نسبة التل ّوث في اجلو‪ ،‬مع كل ما يعني ذلك‬ ‫من أعباء بيئية وصحية‪ .‬كلفة ذلك على املواطن‬ ‫اللبناني ضخمة‪ ،‬فبدل أن يتك ّبد كلفة عشرة‬ ‫سنتات تقريبا ً للكيلواط ساعة من الكهرباء‬ ‫ستصل كلفة احلصول على الكهرباء عن طريق‬ ‫املولدات الى أكثر من ‪ 30‬سنتاً‪ .‬وبحسبة بسيطة‪،‬‬ ‫إذا افترضنا أن استهالك اللبنانيني من الكهرباء‬ ‫واملقدر حاليا ً بحوالى عشرة مليار كيلواط ساعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أي أن خمسة مليار كيلواط ساعة‪ ،‬ستأتي من‬ ‫مولدات الكهرباء‪ ،‬يعني أن تأخير كل شهر بال قرار‬ ‫بحل مشكلة الكهرباء‪ ،‬عبر خطة تؤمن االكتفاء‬ ‫الكامل من محطات الدولة‪ ،‬يكلف املواطن‬ ‫اللبناني فرق عشرين سنتا ً بالكيلواط ساعة‪،‬‬ ‫ضرب حوالى ‪ 400‬مليون كيلواط ساعة شهريا ً‬ ‫أي ما يعادل ‪ 80‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫هذا في الكهرباء وحدها وعلى أقل تقدير‪.‬‬ ‫املوضوع نفسه ينطبق على املياه التي ستك ّلف‬ ‫ضعف ما تك ّلفه اليوم‪ ،‬إذا لم تكتمل مشاريع‬ ‫السدود ومحطات املعاجلة‪ ،‬وإعادة تأهيل شبكات‬ ‫التوزيع التي تهدر حاليا ً ما يزيد على ‪ % 30‬من‬ ‫كمية املياه املوزعة في البلد بسبب رداءة‬ ‫حالتها‪.‬‬ ‫‪ 2‬ــ الفساد اإلداري املنتشر كالوباء يحرم‬ ‫الدولة ما يزيد على ‪ 3‬مليارات دوالر سنوياً‪ ،‬وكل‬ ‫شهر مير من دون إصالح حقيقي‪ ،‬يكلف اللبنانيني‬

‫عبر خسارة الدولة وعبر “تكليفهم” املباشر من‬ ‫قبل املرتشني ما يزيد عن مئتي مليون دوالر‪.‬‬ ‫‪ 3‬ــ اخلسائر في القطاع السياحي ال تعد وال‬ ‫حتصى‪ .‬ومع كل شهر في تأخير تأليف احلكومة‪،‬‬ ‫تلغى حجوزات ويضعف اإلقبال على املوسم‬ ‫الصيفي الذي ينبئ بكارثة سياحية بكل معنى‬ ‫الكلمة هذه السنة‪ ،‬أوال ً بسبب عدم االستقرار‬ ‫السياسي عندنا‪ ،‬وثانيا ً بسبب األحداث في سوريا‬ ‫وبعض الدول العربية األخرى‪.‬‬ ‫فحني انطلقت الثورة في تونس وبعدها في‬ ‫ظن عدد من اللبنانيني أن األزمة في البلدين‬ ‫مصر‪ّ ،‬‬ ‫ستعود بالفائدة على لبنان سياحياً‪ ،‬متأملني‬ ‫بتهافت أفواج من الس ّياح سيعدلون برامجهم‬ ‫ويستبدلون الشاطئ التونسي وشرم الشيخ‬ ‫مبنتجعات لبنان وفنادقه‪ .‬إال أن تلك اآلمال سرعان‬ ‫تبددت مع اشتعال الثورات من احمليط إلى‬ ‫ما ّ‬ ‫اخلليج‪ ،‬وازدادت مع بدء االحتجاجات في سوريا‪.‬‬ ‫وقد انقلبت اآلمال إلى مخاوف ال سيما مع ما‬ ‫تشهده الدول اخلليجية من مشكالت داخلية‪،‬‬ ‫على أساس أنه ال مف ّر من تأثر أعمال اجلالية‬ ‫اللبنانية العاملة في اخلليج‪ ،‬فتتأثر بالتالي‬ ‫حتويالتها إلى لبنان‪.‬‬ ‫فـمنذ إطالق العام ‪ 2011‬وحتى نيسان احلالي‪،‬‬ ‫تراجعت املداخيل السياحية بنسبة ‪ % 53‬بينما‬ ‫تعاني الفنادق من تراجع في احلجوزات ملوسم‬ ‫الصيف‪.‬‬ ‫من هنا جند أن السياحة هي آخر اهتمامات‬ ‫العرب اليوم‪ ،‬كما أن األوروبيني واألميركيني لن‬

‫‪69‬‬

‫يستبدلوا الدول العربية األخرى بلبنان‪،‬فهم‬ ‫ينظرون إلى املنطقة العربية ككل‪ ،‬ويعتبرون‬ ‫أن محيط لبنان غير آمن وداخله غير مستق ّر ال‬ ‫سيما بعد خطف األستونيني السبعة‪ ،‬واألحداث‬ ‫األمنية األخيرة‪ ،‬واستمرار الفشل في تشكيل‬ ‫حكومة بعد مضي أربعة أشهر على تكليف‬ ‫الرئيس جنيب ميقاتي‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬شهد القطاع السياحي‬ ‫تراجعا ً خالل األشهر الثالثة األولى من العام‬ ‫‪ ،2011‬إذ تبينِّ إحصاءات وزارة السياحة أن عدد‬ ‫الس ّياح الوافدين الى لبنان انخفض بنسبة‬ ‫‪ %13,4‬في هذه الفترة ليبلغ ‪ 340,670‬سائحا ً‬ ‫مقابل ‪ 393,212‬سائحا ً في الفصل األول من‬ ‫العام ‪ ،2010‬وذلك بسبب التوترات السياسية‬ ‫تشجع عددا ً محتمالً‬ ‫احمللية واإلقليمية التي لم‬ ‫ّ‬ ‫من الس ّياح على اجمليء الى لبنان‪.‬‬ ‫وبالرغم من ذلك لم يقم لبنان بأي خطوات‬ ‫فعالة جلعل الس ّياح األجانب يستبدلون وجهاتهم‬ ‫ّ‬ ‫السياحية العربية بشواطئه ومنتجعاته‬ ‫السياحية‪ ،‬فاستبدل هؤالء الدول العربية بتركيا‬ ‫وبعض بلدان جنوبي أوروبا‪ ،‬وكل ذلك مرده الى‬ ‫أن اقتصاد لبنان غير مهيأ ال جلذب الس ّياح‬ ‫وال االستثمارات الهاربة من الدول العربية‪.‬‬ ‫فالشركات املتعددة اجلنسيات التي ق ّررت نقل‬ ‫مكاتبها من دول الثورات لم تختر لبنان كموقع‬ ‫جديد لها بسبب تردي بناه التحتية‪ ،‬من كهرباء‬ ‫واتصاالت وإنترنت‪ ،‬وصوال ً إلى أسعار العقارات‬ ‫املرتفعة جداً‪.‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫هكذا‪ ،‬بدت دبي اإلمارة األكثر استفادة من‬ ‫الواقع العربي احلالي‪ ،‬فهناك أسعار العقارات أوفر‪،‬‬ ‫والبنى التحتية مجهّ زة‪ ،‬باإلضافة إلى االستقرار‬ ‫السياسي الذي تنعم به اإلمارة‪.‬‬ ‫وبذلك تراجع عدد الرحالت اجلوية بنسبة ‪%1‬‬ ‫الشهرين األولني من العام اجلاري مقارنة بالفترة‬ ‫ذاتها من العام املاضي‪ ،‬كما تراجعت حركة‬ ‫القادمني بنسبة ‪ %5.7‬واملغادرين ‪ ،%5.3‬فأربى‬ ‫التراجع السياحي على ‪ %14‬مقارنة بالعام املاضي‬ ‫الذي كان قد شهد ارتفاعا ً بنسبة ‪ ،%17.5‬أما قبل‬ ‫عامني فقد كانت القفزة نوعية عندما ارتفعت‬ ‫بنسبة ‪.٪٤٠‬‬ ‫ومن املتو ّقع أن يتأثر القطاع التجاري مبقدار‬ ‫القطاع السياحي‪ ،‬أوال ً جلهة الصادرات‪ ،‬إذ تشكل‬ ‫مصر سادس أكبر سوق للصادرات اللبنانية والتي‬ ‫تصل قيمتها إلى ‪ 200‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫كذلك قطاع النفط‪ ،‬كيفما تأثر وضعه في‬ ‫ّ‬ ‫شك في أنه‬ ‫تصدره‪ ،‬فال‬ ‫البلدان العربية التي ّ‬ ‫سيؤثر على لبنان وحتديدا ً على ميزان املدفوعات‪،‬‬ ‫متاما ً كما سيتأثر ميزان الواردات‪.‬‬ ‫كما يُتوقع أن ينخفض النمو بشكل أساسي‪،‬‬ ‫إذ سترتفع نسبة اإلنفاق فيما اإليرادات تتق ّلص‪،‬‬ ‫ما يعني أن العجز والدين سيزيدان‪.‬‬

‫بعيداً عن تأثيرات الثورات العربية‪،‬‬ ‫ما هو واقع االقتصاد اللبناني؟‬ ‫إن اقتصاد لبنان يعتمد على القطاع املصرفي‬ ‫والقطاعني العقاري والسياحي‪ ،‬أي أنه يعتمد‬ ‫بنموه على االستهالك بالدرجة األولى‪ ،‬ثم على‬ ‫االستثمار العقاري وبعدها على الصادرات‪ .‬كل‬ ‫ذلك‪ ،‬من دون إغفال أن حتويالت املغتربني من اخلارج‬ ‫تشكل ركيزة لالقتصاد‪ ،‬وقد بلغت في العام‬ ‫‪ 8 ،2010‬مليارات و‪ 200‬مليون دوالر ليحتل لبنان‬ ‫املرتبة األولى في املنطقة‪.‬‬ ‫وبحسب البنك الدولي‪ ،‬يشكل الهدر في لبنان‬ ‫بني ‪ 5‬و‪ % 6‬من الناجت احمللي سنوياً‪ ،‬وهو رقم مرتفع‬ ‫جداً‪ ،‬وقد فاق خالل السنوات العشر األخيرة‪15 ،‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬أي ما يوازي ثالثني في املئة من الدين‬ ‫العام‪.‬‬ ‫إن لبنان حصل على املركز ‪ 127‬من أصل ‪178‬‬ ‫دولة‪ ،‬واملركز ‪ 13‬بني عشرين بلدا ً عربياً‪ ،‬بحسب‬ ‫مؤشر الفساد العاملي‪.‬‬ ‫وعناصر الهدر داخل املوازنة العامة واخلزينة‪،‬‬ ‫تظهر بوضوح في النفقات االستثمارية‪ ،‬جلهة‬ ‫التعهدات وااللتزامات التي تتم بالتراضي‪ ،‬أو‬ ‫عبر زيادة حجم النفقات االستثمارية‪ ،‬على غرار‬ ‫ما حصل في مشروع موازنة ‪ ،2010‬حيث بدت‬ ‫النفقات االستثمارية فضفاضة‪ ،‬متجاوزة امللياري‬ ‫دوالر‪ ،‬مع العلم بأن ال قدرة للوزارات على استيعاب‬ ‫هذا احلجم الكبير من األموال‪.‬‬ ‫كما يظهر الهدر‪ ،‬في املشتريات العامة بحيث‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يتحكم “كارتل” خاص بأسعار النفط‪ ،‬كما تغيب‬ ‫املنافسة في قطاع األدوية‪ .‬ويستشري كذلك في‬ ‫اجملالس والهيئات والصناديق التي أسستها الدولة‬ ‫ومنها‪“ ،‬الهيئة العليا لإلغاثة” التي حصلت‬ ‫منذ حرب متوز على أكثر من ألف مليار ليرة‪ ،‬ال‬ ‫يخضع جزء كبير منها لهيئات الرقابة البرملانية‬ ‫والقضائية‪ ،‬ناهيك عن العقود غير الواضحة‪.‬‬ ‫أما الهدر على صعيد النفقات العامة من خارج‬ ‫املوازنة العامة واخلزينة‪ ،‬يظهر من خالل الهبات‬ ‫والقروض التي حصل عليها لبنان في حرب‬ ‫تقدر مبليارات الدوالرات‪،‬‬ ‫متوز وباريس ‪ ،3 -‬والتي ّ‬ ‫من دون اإلفصاح بوضوح وشفافية عن وجهة‬ ‫استخدامها‪.‬‬ ‫كما يخسر لبنان حوالى مليار و‪ 200‬مليون‬ ‫دوالر لعدم إقراره ضريبة على التحسني العقاري‪،‬‬ ‫وبني ‪ 150‬و‪ 300‬مليون دوالر لعدم إدراج الضريبة‬ ‫املوحدة على املداخيل‪ .‬ويتجلى الهدر في اإليرادات‬ ‫بسبب التالعب وعدم التصريح الصحيح في‬ ‫اجلباية الضرائبية‪ ،‬ال سيما في الدوائر العقارية‬ ‫التي تسببت في خسارة الدولة أكثر من ‪200‬‬ ‫مليون دوالر‪ ،‬بفعل مبيعات جتاوزت قيمتها ‪30‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬ومصرحة بقيمة تقل عن قيمتها‬ ‫الفعلية بنسبة ‪ ،% 20‬وذلك في الفترة املمتدة‬ ‫بني العامني ‪ 2007‬و‪.2010‬‬

‫ضغوط تواجه االقتصاد اللبناني‬ ‫تسارعت األرقام صعودا ً ونزوال في لبنان فيما‬ ‫يتعلق باإليرادات املالية للمصارف‪ ،‬ولوضع‬ ‫السياحة بشكل غير مسبوق‪ ،‬رغم بقاء الوضع‬ ‫االقتصادي في وضع االستقرار السابق‪ .‬غير أن‬ ‫األحداث التي تشهدها املنطقة العربية واألزمة‬ ‫احلكومية تهدد االستقرار‪.‬‬ ‫هذا وقد أظهر التقرير االقتصادي لبنك عودة عن‬ ‫الفصل األول من العام ‪ ،2011‬أن حركة االستثمار‬ ‫كانت األكثر تأثرا ً في الفصل األول من السنة‬ ‫نتيجة التجاذبات السياسية الداخلية والتطورات‬ ‫اإلقليمية‪ .‬والحظ التقرير تراجعا ً شامالً على‬ ‫مستوى تراجع عمليات البيع العقارية بأكثر من‬

‫‪70‬‬

‫‪ ،% 21,1‬كذلك تراجع رخص البناء‪ ،‬وإنتاج الطاقة‬ ‫إضافة الى التراجع الكبير في أوضاع ونتائج املالية‬ ‫العامة واحلركة السياحية والصادرات‪.‬‬ ‫واعتبر أن االستقرار النقدي مازال متماسكا ً‬ ‫مع استمرار التحسن في أداء النشاط املصرفي‬ ‫على الرغم من تراجع حركة الودائع قياسا ً مع‬ ‫الفترة ذاتها من السنة املاضية مشيرا ً الى نسبة‬ ‫التغطية لليرة تصل الى أكثر من ‪. % 80‬‬ ‫أما الدين العام فسجل في نهاية الفصل األول‬ ‫حوالى ‪ 52,6‬مليار دوالر بزيادة حوالى ‪ % 1,3‬خالل‬ ‫الفصل األول من السنة‪.‬‬ ‫هذا وتضاعف العجز املالي في املوازنة العامة‬ ‫نتيجة تراجع اإليرادات وتزايد النفقات مع ضعف‬ ‫النفقات االستثمارية للدولة‪.‬‬ ‫وقد كانت حركة االستثمار اإلجمالي األكثر‬ ‫تأثرا ً في الفصل األول من العام‪ ،‬إذ آثر املستثمرون‬ ‫الترقب والتريث في ظل الضبابية التي حتوم‬ ‫حول آفاق الوضع احمللي واإلقليمي بشكل عام‪.‬‬ ‫في موازاة ذلك‪ ،‬من املرجح أن يكون االستهالك‬ ‫الداخلي قد سجل تراجعا ً في النمو إمنا دون أن‬ ‫يشهد انكماشا ً صافياً‪ .‬هذا وقد سجل املؤشر‬ ‫االقتصادي العام الصادر عن مصرف لبنان تراجعا ً‬ ‫في نسبة منوه من ‪ ٪18.1‬في الفصل األول من‬ ‫العام ‪ 2010‬إلى ‪ %1.4-‬في الفترة نفسها من‬ ‫العام احلالي‪.‬‬

‫البناء‪ :‬تباطؤ نشاط القطاع في‬ ‫ّ‬ ‫ظل تريّث املستثمرين‬ ‫تراجعت حركة السوق العقارية اللبنانية في‬ ‫الفصل األول من العام ‪ 2011‬حتت تأثير التجاذبات‬ ‫السياسية احمللية والتطورات اإلقليمية‪ .‬وبني‬ ‫مك ّونات الطلب العقاري في لبنان‪ ،‬كان طلب‬ ‫اللبنان ّيني غير املقيمني وحركة االستثمار العربية‬ ‫هما العنصران اللذان تباطآ منذ بداية السنة‬ ‫نتيجة تدنّي ثقة املستثمرين في ّ‬ ‫ظل توتّرات‬ ‫سياسية داخلية وإقليمية‪.‬‬ ‫وتظهر أرقام مديرية الشؤون العقارية انحسار‬ ‫النشاط العقاري في البالد منذ مطلع العام‬


‫املالحظ‬ ‫اجلاري‪ ،‬في إشارة الى استمرار املنحى‬ ‫َ‬ ‫خالل الفصل الرابع من العام ‪ 2010‬عندما بدأت‬ ‫االستثمارات في القطاع العقاري بالتراجع‪ .‬ففي‬ ‫الواقع‪ ،‬بلغ عدد املبيعات العقارية ‪ 17,373‬عملية‬ ‫في الفصل األول من العام ‪ ،2011‬بانخفاض‬ ‫نسبتُه ‪ %21,2‬مقارنة مع الفصل األول من العام‬ ‫‪ .2010‬ويعود هذا التقلص في النشاط العقاري‬ ‫الى التوترات السياسية السائدة في البالد كما‬ ‫إلى االضطرابات اإلقليمية التي تؤ ّثر سلبا ً على‬ ‫ثقة املستثمرين بشكل عام‪ .‬ومما يثبت ذلك تراجع‬ ‫املبيعات العقارية لألجانب بنسبة ‪ %31,8‬على‬ ‫أساس سنوي في الفصل األول من العام ‪.2011‬‬ ‫لقد ترافق انحسار الطلب العقاري في لبنان‬ ‫خالل الفصل األول من العام ‪ 2011‬مع انخفاض‬ ‫قيمة املبيعات العقارية في الفترة ذاتها‪ .‬ففي‬ ‫الواقع‪ ،‬بلغت قيمة هذه املبيعات ‪ 1,808‬مليون‬ ‫دوالر في الفصل األول من العام ‪ ،2011‬أي‬ ‫بانخفاض نسبتُه ‪ %14,5‬على أساس سنوي‪ .‬وملّا‬ ‫كان هذا االنخفاض ّ‬ ‫أقل من انخفاض عدد عمليات‬ ‫البيع‪ ،‬فقد أ ّدى ذلك الى ارتفاع متوسط قيمة‬ ‫الصفقة العقارية الواحدة في الفصل األول من‬ ‫العام ‪ 2011‬بنسبة ‪ %8,6‬مقارنة مع الفترة ذاتها‬ ‫من العام ‪ 2010‬ليصل الى ‪ 104‬آالف دوالر‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬يبدو أن السوق العقارية اللبنانية‬ ‫قد شهدت نشاطا ً متواضعا ً في الفصل األول‬ ‫من العام ‪ ،2011‬بفعل التجاذبات السياسية‬ ‫الداخلية التي طال أمدها واالضطرابات األمنية‬ ‫في املنطقة‪ ،‬والتي أ ّثرت على ثقة املستثمرين‬ ‫ّ‬ ‫التوجه استمرارا ً‬ ‫ويشكل هذا‬ ‫بشكل عام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املسجل في الفصل الرابع من السنة‬ ‫للمنحى‬ ‫ّ‬ ‫املاضية عندما بدأ الغموض السياسي احمللي‬ ‫يلقي بثقله على ثقة املستثمرين واملستهلكني‪،‬‬ ‫مسهما ً في تأجيل عمليات التم ّلك العقاري‬ ‫واملشاريع اجلديدة‪.‬‬ ‫كذلك تراجعت االستثمارات األجنبية املباشرة‬ ‫في لبنان خالل الفصل األول من العام ‪.2011‬‬ ‫وأوضحت مؤسسة “إيدال” أن هذا التباطؤ بدأ‬ ‫خالل األشهر األخيرة من العام ‪ ،2010‬ما أسفر‬ ‫عن انخفاض اإلستثمارات األجنبية املباشرة‬ ‫في العام ‪ 2010‬بنسبة ‪ %2‬الى ‪ 4,65‬مليار دوالر‬ ‫مقابل ‪ 4,8‬مليار دوالر في العام ‪ .2009‬غير أن هذا‬ ‫التراجع جاء عقب سنوات متتالية من ازدياد هذه‬ ‫سجلت‪ ،‬منذ ‪ 2002‬الى ‪،2009‬‬ ‫اإلستثمارات التي ّ‬ ‫متوسطات سنوية مبعدل ‪.%16‬‬ ‫هذا وقد انخفض عدد رخص البناء املمنوحة‬ ‫بنسبة ‪ ،٪2.6‬وتسليمات اإلسمنت بنسبة ‪،٪1.3‬‬ ‫وعمليات البيع العقارية بنسبة ‪ ،%21.2‬والبضائع‬ ‫في مرفأ بيروت بنسبة ‪ ،%0.8‬وإنتاج الطاقة‬ ‫بنسبة ‪ ،%4.8‬في حني ارتفعت قيمة الشيكات‬ ‫املتقاصة بنسبة طفيفة قدرها ‪ %0.4‬ما أسفر‬ ‫عن تراجع في سرعة دوران النقد بنسبة ‪.%9.6‬‬ ‫أما على صعيد القطاع اخلارجي‪ ،‬فقد أدى تراجع‬ ‫تدفق األموال الوافدة باجتاه لبنان في سياق اتساع‬

‫العجز التجاري إلى عجز في ميزان املدفوعات‬ ‫بقيمة ‪ 399‬مليون دوالر في الفصل األول من العام‬ ‫‪ .2011‬وفي ظل تباطؤ نسبي في اقتصاديات دول‬ ‫املنطقة جراء االضطرابات السياسية اإلقليمية‪،‬‬ ‫تراجعت الصادرات اللبنانية بنسبة ‪ %7.2‬خالل‬ ‫الفصل األول من العام‪ ،‬وارتفعت الواردات مبوازاة‬ ‫ذلك بنسبة ‪ ٪4.4‬باملقارنة مع الفترة نفسها‬ ‫من العام املاضي‪ .‬اجلدير ذكره أن هذه الزيادة‬ ‫في الواردات خالل الفصل األول من العام ‪2011‬‬ ‫جنمت بشكل أساسي عن ارتفاع أسعار النفط‬ ‫بدال ً من ارتفاع الطلب الداخلي احلقيقي‪ ،‬إذ أنه‬ ‫لدى تصحيح قيمة الواردات احلقيقية من عامل‬ ‫تقلبات أسعار النفط‪ ،‬تكون األخيرة قد انخفضت‬ ‫بالقيم الفعلية بنسبة ‪ %2.5‬خالل الفترة‪.‬‬ ‫على صعيد القطاع العام‪ ،‬أظهرت أوضاع‬ ‫املالية العامة ترديا ً نسبيا ً في الفصل األول‬ ‫من العام‪ ،‬ما أدى إلى انعكاس منحى التحسن‬ ‫املتتالي خالل السنوات األخيرة‪ .‬في الواقع‪ ،‬سجل‬ ‫العجز املالي توسعا ً صافياً‪ ،‬مع زيادة في النفقات‬ ‫العامة بنسبة ‪ %11.1‬وانخفاض في اإليرادات‬ ‫العامة بنسبة ‪ %11.6‬في ظل التباطؤ االقتصادي‬ ‫احلاصل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن العجز املالي قد منا بأكثر‬ ‫من الضعف خالل هذه الفترة‪ ،‬السيما في ظل‬ ‫تخفيض الضريبة على البنزين بقيمة ‪ 5,000‬ليرة‬ ‫لبنانية والذي يقدر انعكاسه على العجز مبا يناهز‬ ‫نسبة ‪ ٪1‬من الناجت احمللي اإلجمالي على أساس‬ ‫سنوي‪ .‬بنا ًء عليه‪ ،‬توقع صندوق النقد الدولي‬ ‫مؤخرا ً أن يبلغ العجز املالي السنوي نسبة تفوق‬ ‫‪ %10‬من الناجت احمللي اإلجمالي في العام ‪.2011‬‬ ‫أما على صعيد األوضاع النقدية‪ ،‬فقد سجلت‬ ‫حتويالت صافية من الليرة اللبنانية إلى العمالت‬ ‫األجنبية‪ ،‬تقدر بنحو ‪ 2.8‬مليار دوالر خالل الفصل‬ ‫األول من العام‪ ،‬مع العلم أن سوق القطع قد‬ ‫شهدت استقرارا ً نسبيا ً منذ بداية شهر شباط‪.‬‬ ‫هذا وفي ظل موجودات أجنبية لدى مصرف‬

‫‪71‬‬

‫لبنان بقيمة ‪ 30.1‬مليار دوالر في نهاية الفصل‬ ‫األول‪ ،‬تكون نسبة تغطية تلك املوجودات للكتلة‬ ‫النقدية بالليرة اللبنانية بحدود ‪ %80‬في نهاية‬ ‫الفصل األول‪ ،‬ما يشير إلى قدرة مصرف لبنان في‬ ‫احلفاظ على استقرار سعر الصرف‪ .‬وفيما يتعلق‬ ‫مبعدالت الفوائد‪ ،‬وبعد االنخفاض الكبير خالل‬ ‫السنة املاضية‪ ،‬بقيت املعدالت املرجعية شبه‬ ‫مستقرة منذ بداية العام‪ ،‬إذ حافظ متوسط املردود‬ ‫على سندات اخلزينة من فئة اخلمس سنوات على‬ ‫‪ %6.18‬في حني أن العوائد على سندات اخلزينة من‬ ‫فئات أخرى حتركت بالكاد بضع نقاط أساس‪ .‬هذا‬ ‫وارتفع معدل التضخم‪ ،‬الذي كان قد بلغ ما يناهز‬ ‫نسبة ‪ %5‬في العام ‪ ،2010‬إلى ‪ ٪6.3‬على أساس‬ ‫سنوي خالل الفصل األول من العام ‪ 2011‬مدفوعا ً‬ ‫بارتفاع في أسعار النفط والسلع األولية‪ ،‬إضاف ًة‬ ‫إلى ارتفاع في أسعار الغذاء العاملية‪.‬‬ ‫مئات ماليني الدوالرات يهدرها املسؤولون عن‬ ‫تأليف احلكومة من دون استثناء الرئيس املكلف‬ ‫نفسه هذه املرة‪ .‬فمقولة «سرعة من غير تس ّرع»‬ ‫تسيء أكثر ما تبرر الشلل احلاصل‪ .‬بعد أكثر‬ ‫من ثالثة شهور على عقم التأليف من الصعب‬ ‫أن تنال أي حكومة تؤلفها األكثرية اجلديدة‬ ‫ثقة الشعب‪ .‬فهي آتية بدين الى الشعب مبئات‬ ‫ماليني الدوالرات يضاف الى الدين العام‪ ،‬الذي لم‬ ‫يعد يعرف أحد حجمه احلقيقي‪ ،‬ولكن األرجح‬ ‫أنه سيتجاوز ستني مليار دوالر قبل نهاية ‪،2011‬‬ ‫إذا استمر الوضع احلالي‪ .‬مهما كانت النتائج‬ ‫السلبية لهذا التأخير‪ ،‬فإن النتائج االقتصادية‬ ‫واملالية خطيرة جداً‪ .‬فمستوى احلياة في لبنان‬ ‫سيصبح مكلفا ً جدا ً ماليا ً وبيئياً‪ ،‬ومن الصعب‬ ‫على الطبقات احملتاجة وحتى املتوسطة التعايش‬ ‫معه‪ .‬أما الدين العام الذي لم يعد أحد يأتي على‬ ‫ذكره‪ ،‬فهو قنبلة موقوتة يس ّرع انفجارها التأخير‬ ‫في التأليف‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫ليون زكي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫العقوبات على سوريا تأثيرها محدود‬ ‫في ظل الوضع الدقيق الذي متر به سوريا‪ ،‬وانعكاسه على‬ ‫االقتصاد السوري وغيرها من القطاعات اإلنتاجية واخلدماتية‬ ‫خاصة في ما يتعلق بالعقوبات األميركية واألوروبية على‬ ‫سوريا‪ّ ،‬‬ ‫أكد األستاذ ليون زكي‪ ،‬عضـو مجلس إدارة احتـاد‬ ‫غـرف التجـارة السـورية أن األحداث اجلارية األخيرة واملؤسفة‬ ‫التي تعيشها سوريا لم تنعكس بعد على احلال االقتصادية‬ ‫واملعيشية‪ ،‬ولكنه خشي أن تتضح التأثيرات السلبية على‬

‫املدى الطويل الذي يحتاج إلى جهد مضاعف لتجاوز تبعاته‬ ‫احملدقة بالنمو االقتصادي والتنمية االجتماعية املستدامة‪،‬‬ ‫الفتاً إلى أن ليس من تأثيرات تذكر على العقوبات األميركية‬ ‫التي كانت مفروضة قبل األحداث األخيرة‪ ،‬وخاللها على‬ ‫مجمل النشاط االقتصادي‪.‬‬ ‫كالم زكي جاء في حديث جمللة “منبر التوحيد” هنا‬ ‫نصه‪:‬‬

‫عليه بعد إلغاء حجوزات نيسان‬ ‫في هذا الوضع الدقيق الذي‬ ‫وأيار‪ ،‬وميكن لها أن حتقق نسبة‬ ‫متر به سوريا‪ ،‬كيف جتدون الوضع‬ ‫منو سياحي مقبولة وقد ترتفع‬ ‫االقتصادي واملعيشي فيها؟‬ ‫ملا لسوريا من مكانة سياحية‬ ‫لم تنعكس األحداث اجلارية‬ ‫مرموقة‪ ،‬ونأمل أن تعاود حركة‬ ‫األخيرة واملؤسفة التي تعيشها‬ ‫اإلقبال السياحي من الدول العربية‬ ‫سوريا بعد على احلال االقتصادية‬ ‫وبخاصة من دول اخلليج العربي‬ ‫واملعيشية‪ ،‬باستثناء مناطق‬ ‫نشاطها الطبيعي‪.‬‬ ‫القالقل التي تأثرت احلال املعيشية‬ ‫هل للعقوبات األميركية‬ ‫بدرجة ما تعود إلى سابق عهدها‬ ‫واألوروبية أي تأثير على االقتصاد‬ ‫بتراجع وتيرة االضطرابات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫السوري؟‬ ‫يشك أحد من قلة املواد‬ ‫ولم‬ ‫استطاع االقتصاد السوري في‬ ‫الغذائية‬ ‫والسلع‬ ‫التموينية‬ ‫السنوات األخيرة تأسيس شبكة‬ ‫األساسية في تلك املناطق كما‬ ‫من العالقات االقتصادية في دول‬ ‫تتواجد األدوية بكميات وافرة‪ ،‬لكن‬ ‫محورية جديدة بعيدا ً عن احملطات‬ ‫منحنى مستوى التشغيل ينخفض‬ ‫التقليدية املتمثلة في دول أوروبا‬ ‫نسبيا ً في فترات محددة ال تنعكس‬ ‫الشرقية‪ ،‬وهو أوجد مناطق تصدير‬ ‫بشكل عام على مستوى نسبة‬ ‫جديدة ملنتوجاته وخفف االعتماد‬ ‫البطالة التي تظل في حدودها‬ ‫على املستوردات األوروبية‪.‬‬ ‫املعهودة‪.‬‬ ‫والتزال العالقات االقتصادية‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬لم يتأثر الوضع‬ ‫السورية األميركية دون مستواها‬ ‫االقتصادي بدرجة كبيرة نتيجة‬ ‫املنشود‪ ،‬ولذلك ليس من تأثيرات‬ ‫لقصر عمر األحداث‪ .،‬ونتمنى‬ ‫تذكر على العقوبات األميركية‬ ‫إعادة النشاط االقتصادي إلى‬ ‫االستاذ ليون زكي‬ ‫التي كانت مفروضة قبل األحداث‬ ‫ما كان عليه قبل بداية األحداث‬ ‫عضو مجلس إدارة احتاد غرف التجارة السورية‬ ‫األخيرة‪ ،‬وأضيف إليها عقوبات‬ ‫وبإحداث قفزة نوعية على جميع‬ ‫مالية تأثيراتها محدودة على مجمل‬ ‫مستوياته‪.‬‬ ‫عضو مجلس إدارة غرفة جتارة حلب‬ ‫النشاط االقتصادي‪.‬‬ ‫وميكن مالحظة أن حجم‬ ‫واعتادت سوريا في السابق على‬ ‫االستثمارات االقتصادية باختالف‬ ‫أنواعها انخفض إلحجام املستثمرين عن ضخ املزيد من رساميلهم مثل هذه العقوبات حيث فرض عليها حظر اقتصادي طويل األمد في‬ ‫في السوق السورية‪ ،‬باستثناء املستثمرين الكويتيني واإلماراتيني الذين ثمانينات القرن املاضي‪ ،‬ولنظامها السياسي واالقتصادي القدرة على‬ ‫أبدوا رغبة في لقائهم األخير مع السيد الرئيس بشار األسد باستمرار التكيف مع املستجدات الراهنة‪ ،‬بعدما فتحت العالقات السورية‬ ‫استثماراتهم في سوريا على الرغم من كل ما يحدث وعلى الرغم من املتميزة مع العديد من الدول آفاقا ً كبيرة للتعاون االقتصادي‪.‬‬ ‫وميكن أن تسهم العالقات االقتصادية بني سوريا والدول املطلة‬ ‫الهجمة اإلعالمية الشرسة التي تتعرض لها البالد‪.‬‬ ‫وتشير التوقعات إلى أن حركة السياحة السورية ستنأى عن الوضع على البحار اخلمسة التي تعمل سوريا لتكون عقدة ربط بينها‪ ،‬وفق‬ ‫السياسي العام إذا توقفت االضطرابات في الفترة القريبة املقبلة‪ ،‬املصطلح اجلديد الذي أسس له الرئيس السوري من خالل جوالته‬ ‫حيث ظلت حجوزات سياح نهاية الصيف وبداية اخلريف على ما هي اخلارجية العديدة على تلك البلدان‪ ،‬في إيجاد تكتل اقتصادي ضخم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪72‬‬


‫في املنطقة بديل عن التكتالت االقتصادية‬ ‫احلالية‪.‬‬ ‫ما هي إيجابيات وسلبيات اإلدارة‬ ‫السورية‬ ‫للحكومة‬ ‫االقتصادية‬ ‫السابقة؟‬ ‫وقعت احلكومة السابقة في مطب إزالة‬ ‫العديد من حوافز تطوير النشاط االقتصادي‪،‬‬ ‫وخصوصا ً الصناعي منه‪ ،‬وفشلت سياستها‬ ‫الزراعية واالجتماعية بحيث لم تولي اجلانب‬ ‫االجتماعي ما يكفي من االهتمام‪ ،‬األمر الذي‬ ‫همش فئات اجتماعية انزلقت إلى خط الفقر‬ ‫ّ‬ ‫وراحت الطبقة الوسطى التي هي احلامل‬ ‫الرئيسي تتالشى شيئا ً فشيئاً‪.‬‬ ‫وحاولت احلكومة في السنتني األخيرتني‬ ‫تدارك ما ميكن تداركه لكن فاتها قطار‬ ‫تصحيح الوضعني االقتصادي واالجتماعي‪،‬‬ ‫على الرغم من حزمة القرارات والتشريعات‬ ‫التي صدرت استجابة لهذا التطوير الذي ظل‬ ‫حبرا ً على ورق‪ ،‬بدليل انخفاض معدل النمو‬ ‫االقتصادي إلى نحو ‪ % 5,3‬العام املاضي‪.‬‬ ‫واخلطأ القاتل أن البيانات الرقمية للخطة‬ ‫اخلمسية الفائتة لم تكن دقيقة‪ ،‬واستجابة‬ ‫آلمال احلكومة وليس لواقع احلال‪ ،‬فجاءت‬ ‫مضللة عن معدل النمو وحصة الفرد‬ ‫من الناجت احمللي ونسبة الفقر وغيرها من‬ ‫اإلحصاءات غير الدقيقة‪ ،‬فلم يحصل التطور‬ ‫االقتصادي وفق ما هو مرسوم له وخاب ظن‬ ‫الناس ببرامج وسياسات احلكومة‪ ،‬مع انتشار‬ ‫الفساد في صفوف املوظفني الصغار بعدما‬ ‫استأثر كبارهم بحصة كبيرة منه‪.‬‬ ‫وشكل رفع حوامل الطاقة وخصوصا ً مادة‬ ‫املازوت ضربة قوية آلمال املواطنني والفعاليات‬ ‫االقتصادية الراغبة بتطوير نشاطها‪،‬‬ ‫ليترك ذلك تداعيات سلبية خطيرة على‬ ‫احلال االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬رغم برامج‬ ‫املعونة التي ذهب جزء كبير من مواردها لغير‬ ‫املستحقني لها‪.‬‬ ‫ولعل سنوات اجلفاف اخلمس األخيرة التي‬ ‫ضربت سوريا ومنطقتها الشرقية التي تعد‬ ‫خزان الغذاء األساسي للقطر تركت أثرا ً بالغا ً‬ ‫في اخلطط االقتصادية التي لم تلحظها‬ ‫بشكل كاف‪ ،‬وهو ما شكل خطرا ً على األمن‬ ‫الغذائي واالكتفاء الذاتي الذي طاملا حلمت به‬ ‫سوريا واشتغلت عليه طويالً‪.‬‬ ‫ويجب أال نغنب احلكومة السابقة حقها في‬ ‫إجنازاتها‪ ،‬حيث سجل منو االقتصاد السوري‬ ‫خالل السنوات اخلمس املاضية معدال ً وسطيا ً‬ ‫بلغ ‪ ،% 5,4‬وتطور القطاع املالي والنقدي‬ ‫واملصرفي وزاد االستثمار األجنبي‪ ،‬وتعتبر‬ ‫سوريا من أفضل دول املنطقة وفق مؤشرات‬ ‫الدين العام بعد أن س ّوت كل ملفات دينها‬ ‫اخلارجي‪ ،‬كما حقق مجموع اعتمادات املوازنة‬ ‫العامة لعام ‪ 2011‬نسبة زيادة مقدارها ‪%11‬‬

‫عن موازنة العام السابق‪.‬‬ ‫كيف تقيمون اخلطوات االقتصادية‬ ‫للحكومة السورية اجلديدة؟‬ ‫من السابق ألوانه إطالق األحكام على دور‬ ‫احلكومة اجلديدة حلداثة عهدها‪ ،‬لكن يبدو‬ ‫أنها ملمة بأخطاء سابقتها وبأنها متتلك‬ ‫رؤية شاملة لعملية تطوير االقتصاد والعناية‬ ‫بالتنمية اجملتمعية كما ينبغي‪.‬‬ ‫وفي الفترة املنصرمة بدا نشاط احلكومة‬ ‫اجلديدة الفتا ً جلهة لقائها بالفعاليات‬ ‫االقتصادية لدفع عجلة منو االقتصاد‪ ،‬لكن‬ ‫ينبغي النظر إلى أدائها من زاوية أن مهمتها‬ ‫الرئيسية التي ُوجدت من أجلها تطبيق حزمة‬ ‫قرارات ومراسيم اإلصالح التي أطلقت أخيرا ً‬ ‫استجابة لتطلعات املواطنني في هذه املرحلة‬ ‫العصيبة التي متر بها البالد‪.‬‬ ‫ويلفت االنتباه أن أداء أعضاء احلكومة‬ ‫منسجم مع بعضهم بعضا ً مبا ال يخل‬ ‫مبنظومة العمل اجلماعي في انتظار انعقاد‬ ‫املؤمتر القطري الذي سيق ّوم املرحلة الراهنة‬ ‫ويرسم سياسات املرحلة املقبلة على جميع‬ ‫األصعدة‪.‬‬ ‫في غرفة جتارة حلب دعومت الوزير وئام‬ ‫وهاب الذي ألقى كلمة فيها‪ ،‬ما هو صدى‬ ‫تلك الكلمة؟‬ ‫تركت كلمة الوزير وئام وهاب رئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” صدى طيبا ً لدى احلضور من‬ ‫كافة األعمار وأطياف اجملتمع ولدى متابعي‬ ‫وسائل اإلعالم التي تناقلت الكلمة‪ .‬وتظهر‬ ‫كلمة وهاب مدى وعيه القومي وحرصه على‬ ‫وحدة الصف العربي وسعيه إلى رأب الصدع‬ ‫من خالل مواقفه الداعية إلى نبذ اخلالفات‬ ‫والتضامن عبر أفكار خالقة مبدعة وحس‬ ‫مسؤول من شخص معروف عنه مواقفه‬ ‫اجلريئة واملتزنة‪.‬‬ ‫ومشهود للوزير وهاب حرصه على إبعاد‬ ‫شبح الطائفية اللبنانية ومكافحة الفساد‬ ‫السياسي املتمثل ببعض األقطاب‪ ،‬وال يكل‬ ‫يعمل من أجل وحدة لبنان وإعالء مواقفه‬ ‫العروبية الداعمة للمقاومة واستعادة‬ ‫األراضي العربية احملتلة ونصرة القضايا العربية‬ ‫العادلة‪.‬‬ ‫ويؤكد رئيس حزب “التوحيد العربي” في‬ ‫كل مرة يزور بها سوريا وفي كل مناسبة‬ ‫وقوفه إلى جانب سوريا وقيادتها السياسية‬ ‫في وجه املؤامرات التي تتعرض لها بسبب‬ ‫دعمها للمقاومة واحلق العربي وتشرح قراءاته‬ ‫السياسية حجم وأبعاد املؤامرة مبوضوعية‬ ‫ومقدرة على التنبؤ باألحداث‪.‬‬

‫حوار‪:‬‬ ‫عبد السالم األحمد – حلب‬

‫‪73‬‬

‫ثورة أم مؤامرة‬ ‫كانت فرحة القلب كبيرة عندما شاهدنا الثورات العربية‬ ‫ولكن هناك مفارقة بني تونس االنتصار وعروبة مصر التي‬ ‫عادت إلى جمال عبد الناصر هذا القائد التاريخي العظيم‬ ‫وبني اخلوف على تقسيم ليبيا واليمن هذه ثورات شعب‪ ،‬أما‬ ‫ما يجري في سوريا ليس ثورة بل مؤامرة ضد قلعة املقاومة‬ ‫واملمانعة فإذا سقط هذا النظام سيسقط معه لبنان‬ ‫بجميع أطيافه‪.‬‬ ‫طالب الشعب السوري بإصالحات وسارع الرئيس بشار‬ ‫األسد إلى تلبية مطالبه‪ ،‬وبالرغم من ذلك استمرت‬ ‫االحتجاجات ما يجعلنا نسأل إلى أين والى متى هذا‬ ‫التظاهر الذي استغله بعض املتآمرين على حساب مسيرة‬ ‫التصحيح؟‬ ‫ماذا تريدون انتم اللذين يتغ ّرر بكم باألموال إلسقاط‬ ‫نظام هو رأس التدبير حلماية أبناء أمتنا العربية‪ ،‬ودعم‬ ‫املقاومة في لبنان‪ ،‬التي رفعت رؤوسنا بوقفة عز وانتصار‬ ‫في حرب متوز ‪2006‬؟ سنبقى أسودا ً مع األسد‪ ،‬وبوعد صادق‪،‬‬ ‫ومن صدق وعد السيد ستسقط “إسرائيل” والنصر لنا‪.‬‬ ‫أما في لبنان فليخجل اللذين راهنوا ومازالوا يراهنون على‬ ‫املشروع املضاد لنا‪.‬‬ ‫لهؤالء املتآمرين نقول‪ :‬إن أوالدهم وأحفادهم سوف‬ ‫يكونون عرضة إلقدام الصهاينة فيما إذا ال سمح اهلل‬ ‫انتصر مشروع اليهود‪ ،‬ألن التاريخ لن يرحم من تآمر على‬ ‫شعب ممانع‪ ،‬وقف وقفة عز في وجه املؤمرات األميركية‬ ‫الصهيونية‪ .‬وسيثبت التاريخ أنه بالوحدة والتوحيد سوف‬ ‫ننتصر‪ ،‬وسيبقى عرين األسد في دمشق عرين األسود في‬ ‫لبنان وفلسطني واألمة العربية‪.‬‬

‫وائل صعب‬

‫إلى سوريا العروبة‬ ‫أحبك سورية العرب إني ‬ ‫بوجود الطفولة واالنتماء‬ ‫عليك‬ ‫أغار عليك أخاف‬ ‫ِ‬ ‫فجرحك يدمي شرايني قلبي‬ ‫وأهلك أحباب شعبي‬ ‫وشامك شعر حفظناه عن ظهر قلب‬ ‫تهون علينا احلياة‬ ‫وتبقني يا شام نسرا ً‬ ‫يحلق فوق اجلباه ‬ ‫ففيك الشهيد وفيك الوليد‬ ‫وفيك احملبة والكبرياء‬ ‫وفيك يرى املرء تاريخه‬ ‫عزيزاً‪ ،‬وقد خضبته الدماء‬ ‫فال حتزني اليوم من بغيهم‬ ‫فخلفك أبناءك األوفياء‬ ‫وال جتزعي اليوم من كيدهم‬ ‫فهم قلة من عصاة عراة‬ ‫أضاعوا الهوية واالنتماء‬ ‫وهم حفنة سخرت نفسها‬ ‫لقاء وعود بغيض العطاء‬ ‫سألتك يا شام لطفا ً مبن‬ ‫عليك جترأ قيالً وقال‬ ‫نبت كثي ٌر‬ ‫فبني اخلمائل ٌ‬ ‫وأسوأ ما فيه نبت الزؤان‬

‫حسن زيدان‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫شعره ارتبط بها التزاماً وممارسة‬ ‫الشاعر علي عباس‪ :‬شعراء المقاومة والثورة ال يموتون‬ ‫من أرض اجلنوب انتشر صوته إلى نواحي وبقاع‬ ‫لبنان والعالم العربي والعالم أجمع وبالتحديد‬ ‫إلى داخل الكيان الصهيوني‪ ،‬من ذلك التراب الذي‬ ‫عشق الشهادة‪ ،‬من رحم أ ٍّم لم تنجب مجرّد رجل‪،‬‬ ‫بل عاشقاً مقاوماً بالصوت والكلمة ملقاومة‬ ‫الظلم والعدوان‪.‬‬ ‫بشعر أبى إال أن يدوي في‬ ‫الوطن‬ ‫سمفونية‬ ‫عزف‬ ‫ٍ‬ ‫املقاوم‪ ،‬وكان‬ ‫اللبناني‬ ‫للشعب‬ ‫احتفال‬ ‫كل‬ ‫أجواء‬ ‫ِ‬ ‫واليزال في كل مرّة يؤكد اإلستمرار في النهج‬ ‫السليم‪ ،‬نهج احلق والدفاع عن األرض والعرض‪،‬‬ ‫والكرامة العربية جمعاء‪ ،‬نهج سيّد املقاومة‬ ‫وقائدها سماحة السيّد حسن نصر اهلل‪ ،‬حتى‬ ‫يقول في إحدى قصائده‪:‬‬ ‫إن ناديتنا للحرب ك ّنا لها‬ ‫وإن أبلغ َتنا السلم‬ ‫استوط ّنا نواحيك‬ ‫أطلقوا عنان القلب هذا مداه‬ ‫لن ينالوا من طرفك حملاً‬ ‫َ‬ ‫وعدك الح‬ ‫وطرف‬ ‫أبداً ال نبالي‬ ‫حاضرون في كل ساح‬ ‫لن نترك السالح‬ ‫بحبر ال يكتب‬ ‫مة‪،‬‬ ‫مقاو‬ ‫بروح‬ ‫يرددها‪،‬‬ ‫هي كلمات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إال عن دماء الشهداء األبرار‪ ،‬بي ٍد ترتفع لتؤكد‬ ‫َّ‬ ‫املؤكد وتص ّر على استكمال مسيرة شهداء‬ ‫املقاومة التي هزمَت “اجليش الذي ال يُقهر”‪ ،‬بدءًا‬ ‫من الشهيد السيّد عباس املوسوي‪ ،‬والشيخ‬ ‫راغب حرب‪ ،‬وصوالً إلى عماد املقاومة الشهيد‬ ‫احلاج عماد مغنية‪ ،‬ومعهم آالف وآالف الشباب‬ ‫الذين ركبوا هذا الطريق الهادر بصوت احلق‬ ‫ومواجهة الباطل‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وفي شهر اإلنتصار‪ ،‬في ذكرى حترير اجلنوب‬ ‫األبي في أيار ‪ ،2000‬وبعد أن أصبحت مقاومتنا هي‬ ‫التي تشكل اخلوف األكبر ّ‬ ‫للذين لطاملا أخافوا‬ ‫العالم‪ ،‬التقينا شاعر املقاومة احلاج علي عباس‬ ‫الذي تغلغل ِشعره بأصوات اجملاهدين الهاتفة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫“لبيك يا نصر اهلل”‪ ،‬وكان حوارنا التالي‪:‬‬ ‫عندما نقول الشاعر علي عباس نستذكر‬ ‫املقاومة وشهداءها وانتصاراتها وإحتفاالتها‪ ،‬ما‬ ‫س ّر تعلق قلم علي عباس باملقاومة؟‬ ‫هذا القلم خُ لِق من رحم املقاومة‪ ،‬وجاء مع بدايتها‪.‬‬ ‫فعندما ُولِد هذا القلم ُولِدت تلك الكتابات بنفس‬ ‫هذا الشاعر و ُولد هذا املنبر‪ .‬كل األشياء اجلميلة‬ ‫التي مت ّثل العظمة والكبرياء والصمود واحلياة‪،‬‬ ‫ُو ِجدت بلحظة املقاومة‪ .‬نحن نعرف أ ّن لبنان واجه‬ ‫العدوان اإلسرائيلي منذ سنوات طويلة‪ ،‬حتى منذ ما‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قبل قيام الكيان اإلسرائيلي‪ ،‬وأعني املواجهات التي‬ ‫حصلت في فلسطني ولبنان على احلدود مباشرة‬ ‫مع فلسطني‪ ،‬خاصة وأنني من قرية جنوبية على‬ ‫متاس مباشر مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬وبالرغم من أننا‬ ‫لم نعش تلك الفترة‪ ،‬لكننا عشنا مخاضاتها من‬ ‫خالل األرواح التي عايشتها‪ ،‬كما أ ّن الوالدة جاءت في‬ ‫زمن اإلحتالل وعلى أرض محتلة‪ ،‬فمن الطبيعي أن‬ ‫يكون كل ما نسمعه ونقرأه ونشاهده كله بعنوان‬ ‫مواجهة العدو والعدوان املقاومة‪ ،‬من هنا ال يوجد‬ ‫إنفصال بني القلم والشعر واألدب واملقاومة‪.‬‬ ‫شاعر املقاومة علي عباس‪ ،‬كيف ينظر إلى‬ ‫أعدائها – إن َ‬ ‫كنت تسمّ يهم أعداء ‪ -‬إن في الداخل‬ ‫أو في اخلارج؟‬ ‫ليس هناك من أعداء داخليني وآخرين خارجني‪،‬‬ ‫فالعدو هو عدو‪ ،‬لكن هناك مستوى معينّ يُنسب‬ ‫للعدو وأولويات للعداوة‪ ،‬فطاملا أ ّن هذه املقاومة لها‬ ‫أهداف ومشروعية إنسانية وأخالقية وقانونية‪ ،‬فكل‬ ‫َمن يُعاديها هو خارج عن القانون اإلنساني واألخالقي‪،‬‬ ‫ومن الطبيعي أن يُس َمى “عدواً”‪ .‬املقاومة منذ بداية‬ ‫اشتدت في السنوات‬ ‫تاريخها في الثالثنيات ‪ -‬رمبا‬ ‫ّ‬ ‫األخيرة احلرب عليها لتعاظم ق ّوتها وحتقيقها‬ ‫اإلنتصارات ‪ -‬مما أزعج الكثيرين فخلق لها أعداء أكثر‬ ‫وظهر أعداء في الداخل أكثر من اخلارج‪ ،‬وما نشهده‬ ‫اليوم على الساحة اللبنانية والعربية والعالم أ ّن‬ ‫هذه املقاومة تنجح مع ق ّوتها وحقها‪ ،‬واحلق له أعداء‬ ‫كثيرون‪ ،‬فمنذ التاريخ احلق أهله قلة وأعداؤه كثر‪.‬‬ ‫تقول في أحد القصائد في الذكرى السنوية‬ ‫الرابعة “الضيم ما اكتفى غالً وال استراح”‪،‬‬ ‫متى يستريح املقاومون؟ عندما تتحرر باقي‬ ‫األراضي اللبنانية أو حترير فلسطني أو زوال الكيان‬ ‫الغاصب؟‬

‫‪74‬‬

‫املقاومة ستبقى طاملا هناك ظلم‪ .‬فالعدوان‪،‬‬ ‫ومخالفة احلياة بشكلها السليم‪ ،‬واإلعتداء على‬ ‫األرض والشرف وعلى مكامن القوة هو ظلم‪ ،‬فما‬ ‫نشهده اليوم في سوريا مثالً هو نوع من الظلم‬ ‫والعدوان وما يقوم به نظام الرئيس بشار األسد‬ ‫ومعه الشعب واجليش السوري هو مقاومة حقيقية‪،‬‬ ‫وأعتقد أن مقاومة الرئيس األسد وشعبه اليوم ال‬ ‫تقل أهمية عن مقاومة الشعب اللبناني في حرب‬ ‫متوز وما قبل متوز وإلى اآلن‪ .‬اليوم نواجه عدوانا ً قد‬ ‫يكون أشرس من العدوان اإلسرائيلي على األمة‬ ‫العربية واملنطقة العربية‪ .‬نعم “ما اكتفى الضيم”‪،‬‬ ‫ألنه هو الظلم‪ ،‬وسيبقى هذا الضيم وبالتالي‬ ‫ستبقى املقاومة إلى أن ينعم كل الناس في مشارق‬ ‫األرض ومغاربها باحلياة‪ ،‬ولن يتخلى الناس عن‬ ‫زمن رديء‬ ‫املقاومة حتى ولو تخلى الكثيرون عنها في ٍ‬ ‫كما نشهد في بعض مناطق العالم‪ .‬يتخلون عن‬ ‫املقاومة لكنها باقية حتماً‪.‬‬

‫ثورات أم مؤامرات؟‬ ‫هل تسمي ما يحصل في بعض الدول العربية‬ ‫إنتفاضات شعبية أو تآمر بعض الدول الغربية‬ ‫ومعها احلكام العرب على املنطقة والشعوب‬ ‫العربية؟‬ ‫من املؤكد أ ّن ما حصل في تونس ومصر هو‬ ‫انتفاضات شعبية تع ّبر عن رأي جماهير شعبية‬ ‫تريد احلرية واإلستقالل أل ّن العدوان األميركي والغربي‬ ‫على هذه الدول بعد اإلستعمار‪ ،‬لم يترك اجملال لهذه‬ ‫نسمي هذه‬ ‫الشعوب للراحة‪ ،‬فمن الطبيعي أن‬ ‫ّ‬ ‫التح ّركات بـ”الثورات أو اإلنتفاضات الشعبية”‪ .‬أما ما‬ ‫نشهده اليوم‪ ،‬فلرمبا هناك عملية إحتواء من بعض‬ ‫الرموز التي كانت سابقا ً في السلطة أو محاولة‬ ‫بعض الدول إلقتناص هذه الفرصة وحتويل نفسها‬ ‫من دول ما ّرة إلى دول مقاوِ َمة وأنظمة ثائرة ذات جودة‬ ‫عالية في التم ّلك والظلم واإلنحراف على مستوى‬ ‫التاريخ كله‪ .‬فباألساس‪ ،‬هذه األنظمة جاءت عن‬ ‫طريق اإلستعمار وأنظمة ملكية ال ميكن أن تتجانس‬ ‫مع الثورات‪ ،‬فما نشهده اليوم في مصر وتونس هو‬ ‫محاولة اإلنقضاض على نتائج الثورة‪ ،‬وإفتعال ثورات‬ ‫أخرى في العالم العربي على قاعدة أ ّن تكون شبيه‬ ‫لها كما يحصل اليوم في سوريا‪.‬‬ ‫برأيك هل الزال هناك شعراء عرب ينشدون‬ ‫املقاومة ويكتبون ِشعرها أم أ ّن وعي العقل العربي‬ ‫قد ّ‬ ‫خف؟‬ ‫شعراء املقاومة والثورة ال ميوتون‪َ ،‬من ميوت هم أولئك‬


‫الذين يكتبون للحظة خيالية‪ ،‬فأبو القاسم الشا ّبي‬ ‫كتب منذ أكثر من ستني عام قصيدته الشهيرة “إذا‬ ‫الشعب يوما ً أراد احلياة”‪ ،‬ومنهم من يتهمه بأنه ليس‬ ‫شاعراً‪ ،‬وأ ّن قصيدته حتتوي زحافات كثيرة وال ميكن أن‬ ‫تدخل في باب القصائد التاريخية‪ ،‬لكن ألنها الكلمة‬ ‫الصادقة النابعة من القلب‪ ،‬أطلقها الشا ّبي فخ ّلدته‬ ‫وخ ّلدت الشعر العربي‪ ،‬وأنتجت بعد عقود من الزمن‬ ‫ثورة شعبية بكل ما للكلمة من معنى‪ .‬الشعر‬ ‫العربي يبقى منه الذكريات‪ ،‬أما الشعر الثوري املقاوِم‬ ‫الذي يالمس حقيقة وقضية وثورة اجلماهير‪ ،‬فهو‬ ‫الشعرالذي سوف يُخلَّد‪ .‬اليوم ال يوجد شعراء للثورة‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬فقد يكتب شاع ٌر ما ألربعني‬ ‫عاما ً عن الثورة‪ ،‬وفي املراحل اآلخيرة عندما يشعر‬ ‫تأت نتائجها‪ ،‬ولم يقطف من‬ ‫بأن هذه الثورة لم ِ‬ ‫ثمرها إال اليسير‪ ،‬يتحول من شاعر املقاومة والثورة‬ ‫والقضية إلى شاعر املالهي واحلانات‪ ،‬ويصفقون له‬ ‫ويرضى باليسير‪ ،‬مع أ ّن الثورة لها جمهور عريق في‬ ‫العالم‪ ،‬فانتشار الشعراء الثوار على مستوى العالم‬ ‫غير يسير بل هو بشكل واسع جداً‪ .‬أما الشعراء‬ ‫الذين يكتبون عن قضايا وعواطف آن ّية‪ ،‬فأعتقد أ ّن‬ ‫هناك وسائل في هذا العصر أكثر تسلي ًة من الشعر‬ ‫الرخيص الذي يمُ ارسه بعض الشعراء‪ ،‬وهي موجودة‬ ‫حقا ً وقد تُدغدغ لهم مشاعر أفضل من هذا الشعر‬ ‫املبتور‪ .‬أما شعر الثورة واملقاومة فس ُيخلَّد مع هذه‬ ‫الثورات‪ ،‬فالثورة واملقاومة خالدة خلود الشعوب‬ ‫واإلنسانية‪.‬‬ ‫إذاً هل ما يحصل في سوريا هو ثورة شعبية‬ ‫حقيقة كما يسمّ يها بعض املعارضني لنظام‬ ‫الرئيس بشار األسد؟‬ ‫ال أجد ‪ -‬منذ إنتصار الثورة اإلسالمية في إيران‬ ‫ أ ّن هناك ثورة مبعنى الكلمة‪ ،‬هناك إرهاصات‬‫ومشاهد من اإلنتفاضات‪ ،‬لكن ال يوجد ثورات‪ .‬فبعد‬ ‫الثورة اإلسالمية في إيران‪ ،‬هناك تقوية للمقاومة‬ ‫التي كانت قائمة‪ ،‬وحتالف هذه األخيرة مع الثورة‬ ‫اإلسالمية في إيران أعطاها زخما ً أكبر‪ ،‬ووجود نظام‬ ‫املمانعة في سوريا وتعزيز هذا النظام من نظام‬ ‫ممانعة إلى نظام مقاومة في عهد الرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬يجعل أي متطاول على هذا النظام وعلى‬ ‫هذه الدولة‪ ،‬خارج إطار الثورة‪ .‬ال يوجد ثورة في‬ ‫سوريا إطالقاً‪ ،‬إمنا هي أعمال شغب‪ ،‬وما نقرأه اليوم‬ ‫ونسمعه من خالل وسائل اإلعالم الكاذبة والصادقة‬ ‫في آن‪ ،‬أنه ال يوجد ثورة في سوريا‪ ،‬إمنا مجموعة من‬ ‫يسمى بالثورة‬ ‫ركب ما‬ ‫املشاغبني الذين امتطوا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وتتكشف يوما ً بعد‬ ‫العربية ألهداف ب َدت معروفة‬ ‫يوم من خالل قتل األبرياء واإلعتداء على اآلمنني وقتل‬ ‫رجال الشرطة واجليش العربي السوري الذي قام‬ ‫بتضحيات كبيرة جدا ً من خالل وجوده على خط النار‬ ‫في مواجهة العدو اإلسرائيلي في جبل اجلوالن‪ ،‬وفي‬ ‫وقدم تضحيات في عام‬ ‫لبنان طيلة السنوات املاضية ّ‬ ‫‪ 1982‬و‪ 2006‬وما قبلها‪ ،‬واليزال يدفع الثمن‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فشهداء هذا اجليش هم شهداء املقاومة بالتأكيد‪.‬‬ ‫هل نحن اليوم مبرحلة تقهقر الثقافة والوعي‬ ‫العربي وحصرها نوعاً ما باإلنترنت؟‬

‫كما سقط الكثير قبلهم‪.‬‬

‫املقاوم‬ ‫ملتزمون دائماً باخلط‬ ‫ِ‬

‫قلت سابقا ً أ ّن الشعراء انخرطوا في بعض أساليب‬ ‫ُ‬ ‫التسلية التي لم تعد ُمجدية مع وجود اإلنترنت‬ ‫واملواقع اإلجتماعية عليها ومنها الفايسبوك‪ ،‬ألنّها‬ ‫أكثر قربا ً من احلدث والناس الذين بدأوا يصنعون‬ ‫كتاباتهم وشعاراتهم بطريقة خفيفة‪ ،‬تصل‬ ‫ألسماع ومشاعر وغرائز األشخاص بأكثر سهولة‬ ‫وأقل كلفة‪ .‬يوجد مثقفون ونوع من الوعي الثقافي‬ ‫في املنطقة العربية‪ ،‬لكنه قليل جدا ً مع سلطة‬ ‫النفط واملال والسطوة والبطش األميركي والغربي‬ ‫على املنطقة‪.‬‬ ‫بعد التحوالت التي نشهدها اليوم في العالم‬ ‫العربي‪ ،‬هل سقطت مقولة “شاعر السلطة‬ ‫واجلاه” لتتحول إلى “شاعر الشعب” بحيث أصبح‬ ‫الشاعر أقرب إلى الشعب؟‬ ‫دائما ً كان هناك شعراء للسلطة يقابلهم شعراء‬ ‫الشعب‪ ،‬الفئة األولى يسقطون مع السلطة التي‬ ‫تسقط‪ ،‬أما شعراء الشعب فهم خالدون وموجودون‪،‬‬ ‫فعندما نقرأ في األدب عن أميركا الالتينية‪ ،‬جند‬ ‫شعراء كثر موجودين مع الشعب‪ ،‬رمبا ال نعرف‬ ‫عنهم الكثير لكن إذا ذهبنا إلى تلك املنطقة‪،‬‬ ‫لوجدنا بعض اإلنتفاضات التي حصلت في السابق‬ ‫مبواجهة اإلمبريالية األميركية‪ .‬كذلك‪ ،‬يوجد الكثير‬ ‫من شعراء الشعب في إيران وفي منطقتنا العربية‬ ‫وهم خالدون‪ ،‬ولوال الشعب واملقاومة والثورات في‬ ‫املنطقة العربية‪ ،‬ملا كان هناك أثر لهؤالء الشعراء‪،‬‬ ‫لربمّ ا كان هناك شعراء أكثر منهم شاعري ًة وبالغ ًة‬ ‫لكنهم سقطوا‪ .‬حتى أ ّن شعراء الغزل والسلطان‬ ‫لو لم يكتبوا بعض القصائد عن الثورة‪ ،‬النتهوا من‬ ‫الذاكرة ألنها عندما تصبح ذاكرة تاريخية ال حتتمل‬ ‫ولو للحظة أي ثقافة جترحها‪ ،‬وبالتالي ترفضهم‬ ‫فيسقطون مع السلطة‪ .‬يوجد اليوم شعراء‬ ‫للسلطة‪ ،‬ولكنها ليست باملعنى السياسي‪ ،‬إمنا هي‬ ‫سلطة املال والنخبة‪ ،‬أي سلطة الغرور املوجودة في‬ ‫أوساط بعض الشعراء واألدباء الذين تتحكم بهم‬ ‫النرجسية العالية‪ ،‬فال يكتبون للناس وهمومهم‬ ‫بل ألنفسهم‪ ،‬بل يريدون من الناس أن يأتوا إليهم‪.‬‬ ‫لكن عندما تسقط هذه النرجسية في مكان من‬ ‫األمكنة وفي زمان األزمنة‪ ،‬سيسقط هؤالء الشعراء‬

‫‪75‬‬

‫ماذا عن مقولة اجليش والشعب واملقاومة في‬ ‫ظل هذه الظروف التي تنعكس سلبا على لبنان‪،‬‬ ‫وفي ظل محاوالت البعض فصل املقاومة عن‬ ‫اجليش والشعب؟‬ ‫فكتبت للجيش‬ ‫كتبت الشعر السياسي‪،‬‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والشعب واملقاومة‪ ،‬وطاملا أ ّن هذا املثلث الذهبي أو‬ ‫املاسي أي “املثلث الوطني” كما أسميه‪ ،‬في خط‬ ‫واحد‪ ،‬سيبقى الشعراء يكتبون له وسيبقى حاميا ً‬ ‫لثقافة هذا الوطن ووطن الثقافة‪ ،‬مهما تق ّلبت‬ ‫جهات على أخرى‪ ،‬ومهما تغ ّيرت رياح‪ ،‬سنبقى‬ ‫ٍ‬ ‫ملتزمون بهذا التيار السياسي وبخطنا املقاوم‬ ‫وسنبقى إلى جانب كل َمن يدعم هذه املقاومة‬ ‫شعبا ً كان أو جيشاً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إلى أي ح ّد اليوم املقاومة محصنة شعبيا ضد‬ ‫أي عدوان إسرائيلي جديد مُحتمل؟‬ ‫هذه املقاومة هي باألساس مقاومة شعب‪ ،‬إذ‬ ‫ال تخلق من مجموعة نخبويني‪ ،‬النخبة ال ميكن أن‬ ‫تصنع مقاومة بل َمن يصنعها هو الشعب‪ ،‬وطاملا‬ ‫أ ّن األخير هو الذي صنعها‪ ،‬فهي باقية ألن الشعب‬ ‫باق إال إذا أبيد‪ .‬ومن املؤكد أ ّن املقاومة قوية مبا يكفي‬ ‫ٍ‬ ‫للمواجهة والصمود‪ ،‬وإلعطاء األمل لكل الشعوب‬ ‫الت ّواقة للحرية‪ .‬هذه املقاومة التي متتد في عقلها‬ ‫وروحها ووجدانها إلى كل املنطقة العربية‪ ،‬ستحافظ‬ ‫على الوجود العربي ثقاف ًة وسياس ًة وعلما ً وإجتماعاً‪،‬‬ ‫هي باقية مع بقاء هذا الشعب حولها‪.‬‬ ‫هذا الشهر هو ذكرى التحرير‪ ،‬ومع اإلنتصارين‬ ‫في ‪ 2000‬و ‪ ،2006‬ماذا يقول الشاعر املقاوم علي‬ ‫عباس ألخوانه اجملاهدين في املقاومة ٌّ‬ ‫كل على‬ ‫طريقته إن بالسالح أو بالكلمة؟‬ ‫نحن جزء من مشروع املقاومة‪ ،‬وال ميكن ألي جزء‬ ‫قرأت بعض‬ ‫أن يقول “أنا ال أريد أن أقاتل بالسالح”‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الشعر الذي كتبه بعض الشهداء املقاومني الذين‬ ‫ّ‬ ‫ولعل الناس لم تكن‬ ‫لهم تاريخ في املقاومة‪،‬‬ ‫تعرفهم بأنّهم يعيشون حياة عاد ّية فكانوا كتّاب‬ ‫وشعراء‪ .‬من هنا‪ ،‬فاملقاومة هي مجتمع ومقاومة‬ ‫شعب‪ ،‬وهو موجود في كل الساحات‪ .‬وللمقاومني‬ ‫أقول‪“ :‬نحن وإياكم باقون كمقاومة شريفة مخلصة‬ ‫التزمت هذا اخليار منذ البداية‪ ،‬وكما قال سماحة‬ ‫األمني العام الس ّيد حسن نصر اهلل “إنّنا بدأنا ق ّلة‬ ‫ومن حالة ضعف‪ ،‬لكننا اليوم في حالة ق ّوة”‪ ،‬والعالم‬ ‫يشهد خاصة أميركا و”إسرائيل” تشهدان وتعمالن‬ ‫املستحيل إلضعاف املقاومة‪ .‬أقول لهم‪ :‬نحن نعرف‬ ‫أ ّن ق ّوتنا هي في سبيل هذا الشعب‪ ،‬وسنبقى في‬ ‫هذا اخلط مما كان هناك من ُغبار ورياح في هذا العالم‪،‬‬ ‫فاملقاومة باقية ما بقي هذا الشعب وهذا الوطن‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫«الهيئة الوطنية للطفل اللبناني» عقود من الحضانة اإلنسانية والحماية القانونية‬

‫د‪ .‬نور سلمان‪ :‬ر ّكزنا على حقوق الطفل وسعادته‬

‫“الهيئة الوطنية للطفل اللبناني” هي‬ ‫التسمية اجلديدة للهيئة الوطنية ليوم‬ ‫الطفل اللبناني‪ ،‬ومن قبل “اللجنة الوطنية‬ ‫ليوم الطفل” التي انبثقت في العام ‪ 1959‬عن‬ ‫جمعية رعاية الطفل اللبناني‪( ،‬املؤسسة عام‬ ‫‪ )1973‬كواحدة من جلانها العاملة على إحياء‬ ‫يوم الطفل عيداً وطنياً ومناسبة للفت اهتمام‬ ‫الرأي العام الرسمي واألهلي إلى أهمية الطفولة‬ ‫وخصوصاً في سنوات ما قبل الدراسة في تقرير‬ ‫نوعية املواطن‪ ،‬ومببادرة من رئيس جمعية رعاية‬ ‫الطفل اللبناني‪ ،‬ورئيسة اللجنة الوطنية ليوم‬ ‫الطفل الدكتورة نور سلمان متّ استصدار قرار‬ ‫من مجلس الوزراء في جلسته املنعقدة بتاريخ‬ ‫‪ 1960/2/10‬بناء على كتاب وزارة العمل والشؤون‬ ‫االجتماعية رقم ‪ 320‬تاريخ ‪ 1960/1/21‬قضى‬ ‫(باعتبار الثاني والعشرين من شهر آذار من كل‬ ‫عام “يوم الطفل”‪ ،‬وتضافرت جهود العديد من‬ ‫اجلمعيات العاملة في حقل الطفولة إضافة‬ ‫إلى اإلدارات الرسمية والهيئات الدولية للعمل‬ ‫سوية على إحياء شهر الطفولة في لبنان‬ ‫(خالل شهر آذار من كل عام وضمنه يوم الطفل‬ ‫‪ 22‬آذار)‪.‬‬ ‫وإللقاء الضوء على الهيئة الوطنية للطفل‬ ‫اللبناني كان جمللة “منبر التوحيد” لقاء مع‬ ‫رئيسة الهيئة الدكتورة نور سلمان التي‬ ‫أشارت في حديثها‪ ،‬الى أن احتاد تنسيقي‬ ‫للطفولة‪ ،‬أ ُ ّسس في اجلمهورية اللبنانية‪ ،‬باسم‬ ‫“الهيئة الوطنية للطفل اللبناني”‪ ،‬مركزها‬ ‫الرئيسي مدينة بيروت‪ ،‬وميكن أن تنشأ لها‬ ‫فروع في األقضية اللبنانية كافة وفقا ً للقوانني‬ ‫واألنظمة املرعية‪ ،‬وهو ال يتوخى الربح‪ ،‬بل على‬ ‫العكس إن أهداف الهيئة كانت تصب في جمع‬ ‫شمل الهيئات احلكومية‪ ،‬التي ترعى الطفولة‬ ‫في لبنان في عمل تنسيقي دائم فيما بينها‪،‬‬ ‫والتعاون مع اجلمعيات لتحقيق أهداف الهيئة‬ ‫وبرامجها‪ ،‬واستنهاض العمل من أجل الطفولة‬ ‫على املستوى الوطني‪ ،‬وبحث مشاكل الطفولة‬ ‫ووضع احللول لها‪ ،‬إضافة الى اإلسهام مع اإلدارات‬ ‫الرسمية والهيئات الدولية للتخطيط في شتى‬ ‫احلقول التشريعية واالجتماعية والصحية‬ ‫والتربوية املتعلقة بالطفولة‪ ،‬وتنظيم وتنفيذ‬ ‫برامج الطفولة وقضاياها‪ ،‬بالتعاون مع سائر‬ ‫اجلهات الرسمية واألهلية في لبنان‪.‬‬ ‫وتتكون الهيئة من الهيئة العامة‪ ،‬الهيئة‬ ‫اإلدارية‪ ،‬الهيئة التنفيذية‪ ،‬واللجان الفرعية في‬ ‫األقضية ومهام كل منها مفصلة في النظام‬ ‫الداخلي للهيئة الوطنية للطفل اللبناني‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يتم متويل الهيئة من خالل اشتراكات‬ ‫وتابعت‪ّ :‬‬ ‫اجلمعيات األعضاء‪ ،‬تبرعات اجلمعيات واألعضاء‬ ‫واجلمعيات املساندة‪ ،‬هبات ومساعدات الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ومنظمة األمم املتحدة واملؤسسات‬ ‫الدولية واإلقليمية‪ ،‬باإلضافة إلى ريع النشاطات‬ ‫التي تقوم بها الهيئة‪ ،‬وهبات املواطنني‬ ‫واملؤسسات في لبنان‪.‬‬ ‫وحول النظام األساسي للهيئة أوضحت‪:‬‬ ‫أنه ميكن أن يتم تعديله باقتراح الهيئة اإلدارية أو‬ ‫بطلب خطي مقدم من ‪ % 20‬من أعضاء الهيئة‬ ‫العامة‪ ،‬ومبوافقة ثلثي أعضائها املستوفني‬ ‫الشروط القانونية‪.‬‬ ‫حتل الهيئة الوطنية للطفل اللبناني بقرار من‬ ‫الهيئة العامة بأكثرية ثلثي أعضائها املستوفني‬ ‫الشروط القانونية‪ ،‬وتؤول أموالها املنقولة وغير‬ ‫املنقولة إلى اجلهة التي يعينها قرار احلل‪.‬‬ ‫وحول أهم مطالب اجلمعية ذكرت سلمان‬ ‫بأنها كثيرة ومنها‪ :‬إصدار وتعميم البطاقة‬ ‫الصحية للطفل منذ والدته تتابع سيرته‬ ‫الصحية وتؤمن عالجه اجملاني‪ ،‬وتأمني التلقيح‬ ‫اجملاني املعمم بكافة أنواعه‪ ،‬تنظيم اإلشراف‬ ‫الصحي الوقائي والعالجي (اجلسدي والنفسي)‬ ‫وتفعيله الذي يرافق الطفل من بيته إلى املدرسة‬ ‫إلى الشارع إلى األماكن العامة‪ ،‬وتفعيل اإلشراف‬ ‫الصحي الوقائي إلى جانب العالجي في املدرسة‬ ‫والبيت والشارع‪ ،‬إضافة الى توجيه األمهات‬ ‫صحيا ً في برنامج متكامل للصحة اإلجنابية‪،‬‬ ‫تعميم املستوصفات في كل األحياء واملناطق‬ ‫لتقدمي اخلدمات الطبية الوقائية والعالجية‬ ‫وتكون خدماتها في متناول جميع األطفال‬

‫‪76‬‬

‫احملتاجني إليها‪ ،‬باإلضافة إلى إدخال مادة التربية‬ ‫الصحية في املناهج ابتداء من املرحلة االبتدائية‬ ‫واعتماد وسائل مختلفة للتوعية الصحية لألم‬ ‫والطفل‪ ،‬خصوصا ً التدريب على اإلسعافات‬ ‫األولية‪ ،‬تكثيف البرامج الصحية في اإلعالم‬ ‫على مختلف أشكالها وأنواعها‪ ،‬وتثبيت شروط‬ ‫املسكن الصحي وتعميمها وتسهيل توفيرها‬ ‫ضمن برنامج وطني إصالحي لإلسكان والتعمير‪.‬‬ ‫وقد طالبت الهيئة بضرورة إصدار القوانني‬ ‫التنظيمية للتعليم األساسي الرسمي اإللزامي‬ ‫اجملاني لتطبيقها‪ ،‬وضرورة إنشاء الروضات في‬ ‫كل املدارس الرسمية خصوصا ً في القرى وإحلاق‬ ‫احلضانات باملؤسسات الكبرى تسهيالً لعمل األم‬ ‫العاملة‪ ،‬وإعداد تنظيم إداري مسؤول للحد من‬ ‫نسبة التسريب املدرسي والكشف عن أسبابه‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والقدرة على معاجلتها‪،‬‬ ‫توفير البناء املدرسي الصحي والسليم والالئق‬ ‫في املدارس الرسمية واخلاصة واجملانية‪ ،‬وتعميم‬ ‫نظام احلضانات دون استثناء ومنها حضانات‬ ‫السن املبكرة وحضانات لألطفال ذوي احلاجات‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وهذا النظام يحدد للحضانة الشروط‬ ‫القانونية املطلوبة صحيا ً وإداريا وهندسياً‪ ،‬إضافة‬ ‫الى التصدي للعنف املدرسي واملنزلي واستحداث‬ ‫قوانني متنعه وتكون قابلة وقادرة على التطبيق‬ ‫والتنفيذ‪ ،‬توفير مبادئ املعرفة احلياتية األساسية‬ ‫في املناهج التربوية حيث أصدرت الهيئة الوطنية‬ ‫ليوم الطفل اللبناني‪ ،‬وبدعم من وزارة الثقافة‬ ‫اللبنانية ومشروع بيروت عاصمة عاملية للكتاب‬ ‫“حديقة األناشيد والقصص” يتضمن مجموعة‬ ‫من القصص واألناشيد التثقيفية واإلرشادية‬ ‫للطفل‪ ،‬وفي مجال الصحة ومنها الصحة‬ ‫اإلجنابية واالجتماع والبيئة والثقافة املدنية وبنود‬ ‫االتفاقية الدولية حلقوق الطفل‪ ،‬تعزيز القيم‬ ‫اخللقية والوطنية في مواد التعليم‪ ،‬وأخيرا ً وضع‬ ‫برامج خاصة لتوعية األطفال من مخاطر اخملدرات‬ ‫واالنحرافات على أنواعها‪.‬‬ ‫وجتدر املالحظة الى أن بعض تلك املطالب‬ ‫بالرغم من موافقة مجلس النواب ومجلس‬ ‫الوزراء لم ّ‬ ‫ينفذ بعضها حتى اآلن وخاصة البند‬ ‫املتع ّلق بعمالة األطفال الذي لم يتم التوافق‬ ‫عليه بسبب عدم توفر اإلمكانيات لتطبيقه‪،‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة للشهادة الصحية‪.‬‬ ‫وأوعزت سلمان الى أن سبب التخلف واملرض‬ ‫واخللل االجتماعي والوطني‪ ،‬هو الفقر موضحة أن‬ ‫الطفل هو الضحية األولى للفقر واحلرمان ومن‬ ‫الضروري وضع خطة اقتصادية شاملة وبرنامج‬ ‫وطني إصالحي ملكافحته واحلد من مخاطره التي‬


‫تصيب الطفل قبل غيره وهذا البرنامج يلتزم‬ ‫خطة التوزيع العادل للواردات عبر تثبيت نظام‬ ‫ضريبي تصاعدي منصف‪ ،‬يزيل الفوارق الكبيرة‬ ‫واخلطيرة بني الغني والفقير‪ ،‬وهي وضع ميزانية‬ ‫إصالحية لتعزيز وزارات اخلدمات ومؤسساتها‬ ‫ومحاربة البطالة بإيجاد فرص عمل ملعيلي‬ ‫عائالتهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق باخلطوات الالزمة والقوانني‬ ‫وفي ما‬ ‫املرعية اإلجراء لتأمني تطبيق حقوق الطفل‬ ‫على شتى الصعد‪ّ ،‬‬ ‫أكدت‪ :‬على ضرورة وضع‬ ‫نظام تطبيقي إللزامية التعليم اجملاني االبتدائي‪،‬‬ ‫ووضع نظام داخلي حلضانات ورياض األطفال‬ ‫يشمل املدارس الرسمية واخلاصة واجملانية‪ ،‬ورفع‬ ‫سن حضانة الطفل للوالدة احلاضنة املطلقة‬ ‫حتى سن الرابعة عشرة وتثبيت حقوقها في‬ ‫احلضانة على الصعيدين املادي واملعنوي‪ ،‬وزيادة‬ ‫مدة إجازة األمومة حتى ثالثة شهور‪ ،‬إضافة‬ ‫الى التصدي جديا ً لعمالة األطفال بقوانني‬ ‫قابلة للتطبيق‪ ،‬ورفع سن عمالة األطفال حتى‬ ‫السابعة عشرة ومتكني القوانني من تطبيق‬ ‫يتصدى جديا ً لعمالة األطفال ويكافحها بتوفير‬ ‫البدائل‪ ،‬وتثبيت النصوص القانونية املتعلقة‬ ‫بحماية األطفال من مخاطر العمل املبكر والعنف‬ ‫بأنواعه وبيع األطفال واختطافهم واالجتار بهم‬ ‫واتخاذ اإلجراءات الالزمة القابلة للتنفيذ الكامل‬ ‫ومعاقبة مخالفيها‪.‬‬ ‫وتابعت‪ :‬يجب وضع قانون يجيز لألم اللبنانية‬ ‫املتزوجة من غير لبناني أن تكسب ولدها اجلنسية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وتخصيص األطفال ذوي احلاجات اخلاصة‬

‫بقوانني قابلة للتنفيذ وتؤمن لهم االستقرار‬ ‫واحلماية خصوصا ً املتخلفني عقلياً‪ ،‬ووضع قانون‬ ‫يس ّوي وضع الطفل اجملهول الهوية أو الذي حرمته‬ ‫ظروف والديه من احلصول على هوية شرعية‪.‬‬ ‫وحول دور اإلعالم في حماية حقوق الطفل‬ ‫أشارت سلمان الى أنه من الضروري اعتماد‬ ‫سياسية إعالمية محورها الطفل وقضاياه‪،‬‬ ‫وضرورة مراعاة خصائص األطفال ومراحل منوهم‬ ‫اللغوي والعقلي واالجتماعي والنفسي والصحي‬ ‫من خالل إنتاج إعالمي خاص باألطفال يشركهم‬ ‫بحيث يخرج األطفال من أطر السلبية املتلقية‬ ‫إلى االيجابية الفاعلة واملنفعلة‪ ،‬ومراعاة اجلوانب‬ ‫الشكلية واجلمالية في البرامج اإلعالمية واجملالت‬ ‫اخلاصة باألطفال واعتماد املادة والقصص السالمية‬ ‫ذات املردود اإلنساني‪ ،‬إذ من حق الطفل إبعاده عن‬ ‫العنف واالحتفاظ ببراءته وعفويته السلوكية‪ ،‬كما‬ ‫يجب الطلب من اآلهلني أال يستقيلوا من واجباتهم‬ ‫جتاه وسائل اإلعالم مبراقبة البرامج ومتابعتها مع‬ ‫األوالد لالحتفاظ على أواصر التربية العائلية وعلى‬ ‫دورهم التوجيهي‪ ،‬ويجب أيضا ً ضرورة قيام هيئة‬ ‫إعالمية توفر إمكانات إعداد برامج محلية مدعومة‬ ‫من الدولة تعمل على تنمية شخصية الطفل‬ ‫اللبناني من خالل االستعانة باختصاصيني تربويني‬ ‫ونفسيني واجتماعيني والطلب من وزارة التربية خلط‬ ‫فقرات في برامجها املدرسية ملادة التربية اإلعالمية‬ ‫والطلب من وزارة الشؤون االجتماعية العمل مع‬ ‫الهيئات األهلية املعنية لتوفير املطلوب لألطفال‬ ‫احملتاجني وذوي احلاجات اخلاصة وذوي الصعوبة‬ ‫التعليمية‪.‬‬

‫وأما فيما يتعلق بالبيئة أوضحت أنه من‬ ‫الضروري جدا ً تعميم احلدائق العامة التي تتمتع‬ ‫بالشروط الصحية الالزمة مع مراعاة وضع األطفال‬ ‫ذوي احلاجات اخلاصة‪ ،‬وإدخال التربية البيئية في‬ ‫املناهج التربوية بد ًءا مبراحلها األولى‪ ،‬وتثبيت‬ ‫قوانني للمحافظة على النظافة العامة ومعاقبة‬ ‫اخملالفني وتأمني إمكان تطبيقها‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫بث برامج إعالمية بيئية تؤكد أهمية البيئة التي‬ ‫تؤمن سالمة العيش‪ ،‬واستعجال قيام سياسة‬ ‫إسكانية تراعي شروط الصحة العامة في البيت‬ ‫واملدرسة وأمكنة التجمع والساحات‪.‬‬ ‫وختمت الدكتور سلمان حديثها مشيرة الى‬ ‫أن أهم ما سعت إليه الهيئة هو الترفيه واللهو‬ ‫لألطفال وذلك بضرورة إنشاء حدائق عامة وماله‬ ‫ومالعب لألطفال تناسب حاجاتهم وتلبيها‬ ‫وتنميها مع مراعاة وجود األطفال ذوي احلاجات‬ ‫اخلاصة وسالمتهم‪ ،‬وضرورة إنشاء مسارح‬ ‫لألطفال‪ ،‬تكون رسوم الدخول إليها مدروسة‬ ‫جدا ً بحيث ميكن أن يتحملها ذوي الدخل احملدود‪،‬‬ ‫وتعزيز الرياضة البدنية وتوفير وسائلها ومواقعها‬ ‫لألطفال خصوصا ً األقل حظا ً من غيرهم‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى إشراك األطفال في برامج عامة‬ ‫غنائية وراقصة ومتثيلية وإعالمية ومسرحية‬ ‫وطبعا ً جميعها بحاجة إلى االستعانة بدعم‬ ‫البلديات في إنشاء مراكز اللهو والتثقيف‬ ‫والترفيه‪ ،‬وهذا الدعم ضرورة لتأمني استمرارية‬ ‫هذه املراكز وتعميم خدماتها ومنافعها‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬

‫المؤس َسة‬ ‫زهية سلمان‬ ‫ِّ‬ ‫ولدت زهية مقصد في برمانا سنة ‪ ،1915‬وتوفيت في ‪ ،2000/1/26‬والـداهـــا‪:‬‬ ‫املغفور لهما خطار وشفيقة مقصد من برمانا ‪ -‬املنت‪،‬‬ ‫أخواتها‪ :‬الصيدلي عادل مقصد‪ ،‬وعلي (دكتور في جراحة القلب)‪ ،‬ورضى مقصد‬ ‫مكارم‪.‬‬ ‫زوجها‪ :‬املرحوم الدكتور داود سلمان الطبيب واملناضل الوطني‪ ،‬ومن مؤسسي‬ ‫مؤمتر األحزاب والهيئات الوطنية‪.‬‬ ‫أوالدهـــا‪ :‬الكاتب واملفكر والصحافي فــريــد‪ ،‬والدكتور والوزير السابق‬ ‫للصحة والداخلية والتعاونيات واإلسكان صالح‪ ،‬والدكتورة واألديبة واألستاذة‬ ‫اجلامعية نور‪ ،‬واالختصاصي في اآلثار وهندسة الري ورئيس مجلس إدارة ومدير‬ ‫مصلحة مياه الباروك سابقا ً أكرم‪ ،‬واألستاذة اجلامعية جنال‪ ،‬والدكتور ملحم من‬ ‫أسرة البنك الدولي في واشنطن‪.‬‬ ‫نالت كل شهاداتها بدرجة امتياز‪ ،‬متخرجة من‪:‬‬ ‫ مدرسة راهبات احملبة في برمانا‪ -‬الشهادة التكميلية ‪.‬‬‫ مدرسة “الفرندز” العالية برمانا – الشهادة الثانوية‪.‬‬‫ كلية بيروت اجلامعية – الشهادة اجلامعية‪.‬‬‫ وفي كلية بيروت اجلامعية ‪ -‬الشهادة بدرجة شرف أول‪ ،‬ونالت من الكلية‬‫الكأس الفضية الفخرية التي متنح للطالبة في التحصيل العلمي وفي القيادة‬ ‫أكادمييا ً واجتماعياً‪.‬‬ ‫ تتقن اللغات الثالثة العربية والفرنسية واإلنكليزية تكتب بها وحتاضر‪.‬‬‫تب ّوأت مناصب ومراكز عديدة‪ ،‬فكانت‪:‬‬

‫ رئيسة ومؤسسة جمعية‬‫رعاية الطفل اللبناني منذ‬ ‫سنة ‪ ،1936‬حيث فتحت أول‬ ‫دار حضانة مجانية في لبنان‬ ‫لالهتمام باألطفال في سن ما‬ ‫قبل الدراسة النظامية‪ .‬وذلك‬ ‫سنة ‪ 1936‬مساهمة في ذلك في إيقاظ الرأي العام احلكومي والشعبي الى‬ ‫أهمية هذه السنوات في تقرير نوعية املواطن والى ضرورة إيالئها العناية اجلسدية‬ ‫والعقلية والروحية والنفسية الالزمة‪.‬‬ ‫ رئيسة مؤسسة اللجنة الوطنية ليوم الطفل اللبناني اللبناني التي‬‫تأسست بجهودها مع رفاقها سنة ‪ 1959‬وهي جتسد التجربة الرائدة والناجحة‬ ‫للمشاركة الفاعلة بني القطاعني اخلاص والعام‪ ،‬وللعمل الفريقي املوحد األهداف‬ ‫بني املؤسسات األهلية واحلكومية‪ .‬وذلك وصوال ً الى حتقيق إصالحات عديدة لصالح‬ ‫الطفل والعائلة على الصعد التشريعية والتنفيذية‪.‬‬ ‫وهي صاحبة فكرة يوم الطفل اللبناني الذي أصبح يوما ً وطنيا ً وعيدا ً وطنيا ً‬ ‫ومناسبة تطرح فيها مشاكل الطفولة‪ ،‬خصوصا ً في مرحلة ما قبل الدراسة‪،‬‬ ‫ومن قبل ذوي اخلبرات امليدانية والعلمية وإبراز املقترحات واحللول في هذا اجملال‬ ‫وتابعت اللجنة حتقيق العديد منها مبثابرة وإميان ونضال‪.‬‬ ‫ قدمت إليها دروع تكرميية من مختلف بلدان العالم ومن مؤسسات ثقافية‬‫واجتماعية في لبنان وفي العالم العربي والعالم‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬

‫إيطاليا لميالن وأسبانيا لبرشلونة وإنكلترا‬ ‫لمانشستر يونايتد وألمانيا لبوروسيا دورتموند‬

‫بعد موسم طويل وشاق انتهت املنافسات في‬ ‫البطوالت األوروبية الكبرى لكرة القدم‪ .‬حيث ت ّوج‬ ‫ميالن بطالً إليطاليا‪ ،‬وبرشلونة بطالً إلسبانيا‪،‬‬ ‫ومانشستر يونايتد بطالً إلنكلترا‪ ،‬وبوروسيا‬ ‫دورمتوند بطالً ألملانيا‪ ،‬وليل بطالً لفرنسا‪ ،‬وأياكس‬ ‫امستردام بطالً لهولندا‪ ،‬ورينجرز بطالً إلسكتلندا‪،‬‬ ‫وبورتو بطالً للبرتغال‪.‬‬

‫إيطاليا‬

‫ففي إيطاليا أنهى ميالن بطولة الدوري في‬ ‫املركز األول برصيد ‪ 82‬نقطة‪ ،‬مقابل ‪ 76‬ألنتر ميالن‬ ‫الثاني‪ ،‬و‪ 70‬لنابولي الثالث‪ ،‬و‪ 66‬ألودينيزي الرابع‪.‬‬ ‫وستشارك هذه الفرق في مسابقة دوري أبطال‬ ‫أوروبا في املوسم املقبل‪ ،‬فيما احتل التسيو املركز‬ ‫اخلامس وروما املركز السادس وبالتالي سيشاركان‬ ‫في مسابقة يوروبا ليغ في املوسم املقبل‪.‬‬ ‫أما يوفنتوس فكان موسمه مخيبا ً جدا ً بعدما‬ ‫اكتفى الفريق باملركز السابع‪ ،‬فيما سقطت أندية‬ ‫سمبدوريا وبريشيا وباري الى الدرجة الثانية‪.‬‬

‫إسبانيا‬

‫في إسبانيا احتفظ برشلونة بلقب الدوري‬ ‫بإنهائه املوسم في املركز األول برصيد ‪ 96‬نقطة‪،‬‬ ‫مقابل ‪ 92‬لريال مدريد الذي سجل رقما ً قياسيا ً‬ ‫في عدد األهداف في موسم واحد بـ ‪.102‬‬ ‫كذلك دخل جنم ريال مدريد البرتغالي‬ ‫كريستيانو رونالدو التاريخ من بابه الواسع عندما‬ ‫كسر الرقم القياسي في عدد األهداف املسجلة‬ ‫في موسم واحد بتسجيله ‪ 40‬هدفاً‪ ،‬علما ً أن‬ ‫الرقم القياسي السابق كان ‪ 38‬هدفاً‪.‬‬ ‫واحتل فالنسيا املركز الثالث‪ ،‬وفياريال املركز‬ ‫الرابع‪ ،‬وأتلتيكو مدريد املركز اخلامس‪ ،‬وأتلتيك‬ ‫املركز السادس‪ ،‬فيما سقط الى الدرجة الثانية‬ ‫كل من ديبورتيفو وهيركوليس وامليريا‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس أحرز ريال مدريد اللقب‬ ‫بفوزه على غرميه التقليدي برشلونة (‪ )0-1‬في‬ ‫املباراة النهائية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫انكلترا‬

‫في انكلترا استعاد مانشستر يونايتد اللقب‬ ‫بعدما أنهى املوسم في املركز األول برصيد ‪80‬‬ ‫نقطة‪ ،‬مقابل ‪ 71‬لتشلسي‪ ،‬و‪ 71‬ملانشستر‬ ‫سيتني‪ ،‬و‪ 68‬لألرسنال‪.‬‬ ‫واحتل توتنهام املركز اخلامس وليفربول‬ ‫املركز السادس‪ ،‬فيما سقط الى الدرجة الثانية‬ ‫برمنغهام وبالكبول ووست هام‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس أحرز مانشستر سيتي‬ ‫اللقب بفوزه على ستوك سيتي (‪ )0-1‬في املباراة‬ ‫النهائية‪.‬‬ ‫وفي مسابقة كأس رابطة األندية احملترفة أحرز‬ ‫برمنغهام اللقب بفوزه على أرسنال (‪ )1-2‬في‬ ‫املباراة النهائية‪.‬‬

‫أملانيا‬

‫في أملانيا‪ ،‬ت ّوج بوروسيا دورمتوند بطالً للدوري‬ ‫برصيد ‪ 75‬نقطة‪ ،‬مقابل ‪ 68‬لباير ليفركوزن‬ ‫الثاني‪ ,‬و‪ 65‬لبايرن ميونيخ الثالث‪ ،‬و‪ 60‬لهانوفر‬ ‫الرابع‪.‬‬ ‫واحتل ماينتس املركز اخلامس‪ ،‬ونورنبرغ املركز‬ ‫السادس‪ ،‬وكايزرسلوترن املركز السابع‪ ،‬فيما‬ ‫سقط الى الدرجة الثانية اينتراخت فرانكفورت‬ ‫وسانت باولي‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس أحرز شالكه اللقب‬ ‫بفوزه على دويسبورغ من الدرجة الثانية (‪ )0-5‬في‬ ‫املباراة النهائية‪.‬‬

‫فرنسا‬

‫وفي فرنسا‪ ،‬توج ليل بطالً للدوري للمرة الثالثة‬ ‫في تاريخه واألولى له منذ عام ‪.1954‬‬ ‫واحتل مرسيليا املركز الثاني‪ ،‬فيما سقط الى‬ ‫الدرجة الثانية لنس وآرل أفينيون‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس أحرز ليل اللقب بفوزه على‬ ‫باريس سان جرمان (‪ )0-1‬في املباراة النهائية‪.‬‬ ‫وفي مسابقة كأس االحتاد الفرنسي (كأس‬

‫‪78‬‬

‫رابطة األندية) أحرز مرسيليا اللقب بفوزه على‬ ‫مونبلييه (‪ )0-1‬في املباراة النهائية‪.‬‬

‫هولندا‬

‫انتهى املوسم املثير في هولندا بإحراز أياكس‬ ‫أمستردام اللقب بفوزه على تونتي أنشكيده‬ ‫(‪ )1-3‬في املرحلة األخيرة‪ .‬واحتل تونتي أنشكيده‬ ‫املركز الثاني‪ ،‬وأيندهوفن املركز الثالث‪ ،‬وألكمار‬ ‫املركز الرابع‪ ،‬وغرونينغن املركز اخلامس‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس أحرز تونتي أنشكيده‬ ‫اللقب بفوزه على أياكس أمستردام (‪ )2-3‬بعد‬ ‫التمديد في املباراة النهائية‪.‬‬ ‫في اسكتلندا‪ ،‬احتفظ رينجرز بلقب الدوري‬ ‫برصيد ‪ 93‬نقطة‪ ،‬مقابل ‪ 92‬لسلتيك الثاني‪ ،‬و‪63‬‬ ‫لهارتس الثالث‪ ،‬و‪ 61‬لدندي يونايتد الرابع‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس أحرز سلتيك اللقب‬ ‫بفوزه على مذرويل (‪ )0-3‬في املباراة النهائية‪.‬‬ ‫وفي مسابقة كأس رابطة األندية احملترفة أحرز‬ ‫رينجرز اللقب بفوزه على سلتيك (‪ )1-2‬في املباراة‬ ‫النهائية‪.‬‬

‫البرتغال‬

‫في البرتغال‪ ،‬حصد بورتو لقبني (الدوري‬ ‫والكأس)‪ ،‬فيما ذهب اللقب الثالث الى بنفيكا‬ ‫(كأس الدوري)‪.‬‬ ‫ففي بطولة الدوري أنهى بورتو املوسم في‬ ‫املركز األول برصيد ‪ 84‬نقطة‪ ،‬مقابل ‪ 63‬لبنفيكا‬ ‫الثاني‪ ،‬و‪ 48‬لسبورتينغ ليشبونة الثالث‪ ،‬و‪46‬‬ ‫لسبورتينغ براغا الرابع‪ ،‬و‪ 43‬لفيتوريا غيماريش‬ ‫اخلامس‪.‬‬ ‫وأحرز بورتو لقب الكأس بفوزه على فيتوريا‬ ‫غيماريش (‪ )2-6‬في املباراة النهائية‪.‬‬ ‫وفي مسابقة كأس الدوري أحرز بنفيكا‬ ‫اللقب بفوزه على باكوس فيريرا (‪ )1-2‬في املباراة‬ ‫النهائية‪.‬‬

‫جورج عون‬


‫كرة القدم‪ :‬العهد يحرز لقب الكأس ويحقق الثنائية األولى له في تاريخه‬ ‫ً‬ ‫بطال للبنان للمرة السابعة على التوالي‬ ‫كرة السلة‪ :‬الرياضي بيروت‬

‫أحرز فريق العهد لقب مسابقة كأس لبنان في‬ ‫كرة القدم بفوزه على الصفاء (‪ )0-3‬في املباراة‬ ‫النهائية التي جرت على ملعب املدينة الرياضية‪.‬‬ ‫وسجل األهداف محمود العلي (‪ )2‬وعلي بزي في‬ ‫الدقائق ‪ 31‬و‪ 72‬و‪.90‬‬ ‫وهو اللقب الرابع للعهد في مسابقة كأس لبنان‬ ‫بعد أعوام ‪ 2004‬و‪ 2005‬و‪.2009‬‬ ‫وكان العهد أحرز لقب الدوري هذا املوسم ليحقق‬ ‫الثنائية األولى له في تاريخه‪.‬‬ ‫وجاء الهدف األول في الدقيقة ‪ 31‬عندما مرر‬ ‫عباس عطوي كرة أمامية طويلة الى علي بزي الذي‬ ‫عاد وحضرها الى محمود العلي الذي تابعها على‬ ‫يسار احلارس زياد الصمد‪.‬‬ ‫وفي الدقيقة ‪ 72‬سجل العلي الهدف الثاني بعد‬ ‫لعبة مشتركة مع بزي‪.‬‬ ‫وفي الدقيقة ‪ 90‬سجل بزي الهدف الثالث‬ ‫إثر هجمة مرتدة سريعة للعلي الذي م ّرر الكرة‬ ‫عرضية الى بزي ليسجل منها األخير على يسار‬ ‫احلارس‪.‬‬ ‫م ّثل العهد‪ :‬محمد حمود‪ ،‬عباس كنعان‪ ،‬حسن‬ ‫مزهر‪ ،‬سامر زين الدين‪ ،‬حسني دقيق‪ ،‬هيثم فاعور‪،‬‬ ‫عباس عطوي (حسن شعيتو)‪ ،‬حمزة‬ ‫سالمة‪ ،‬حسن معتوق‪ ،‬علي بزي‬ ‫(مصطفى حالق)‪ ،‬محمود العلي (علي‬ ‫فاعور)‪.‬‬ ‫ومثل الصفاء ‪ :‬زياد الصمد‪ ،‬علي‬ ‫السعدي‪ ،‬طارق العمراتي‪ ،‬ابراهيم خير‬ ‫الدين‪ ،‬حسن أومري‪ ،‬عمر عويضة‪ ،‬عبد‬ ‫اهلل طالب (رامي قدورة)‪ ،‬هيثم عطوي‪،‬‬ ‫محمود الزغبي‪ ،‬روني عازار(خضر‬ ‫سالمة)‪ ،‬محمد طحان‪.‬‬ ‫قاد املباراة احلكم الدولي اندريه حداد‬ ‫وعاونه حكما التماس االحتاديان زياد‬ ‫مهاجر وعلي عدي‪.‬‬ ‫وبعد نهاية املباراة سلم رئيس االحتاد‬ ‫اللبناني هاشم حيدر الكأس الى قائد‬ ‫فريق العهد عباس كنعان ورئيس النادي‬

‫اسامة حلباوي‪.‬‬ ‫واختير محمود العلي أفضل العب في املباراة‬ ‫وسلمه حيدر جائزته وهي عبارة عن شيك بقيمة‬ ‫‪ 750‬دوالر أميركي‪.‬‬

‫كرة السلة‬ ‫توج فريق الرياضي بيروت بطالً للبنان في كرة‬ ‫السلة للمرة السابعة على التوالي بعدما أنهى‬ ‫سلسلة مباريات الدور النهائي مبواجهة الشانفيل‬ ‫بنتيجة (‪ )0-3‬بفوزه عليه في املباراة األولى (‪)77-92‬‬ ‫وفي الثانية (‪ )104-107‬بعد التمديد‪ ،‬وفي الثالثة‬ ‫(‪.)66-76‬‬

‫كرة اليد ‪ :‬السد اللبناني يكمل‬ ‫إجنازاته التاريخية ويحرز املركز‬ ‫الثالث في بطولة العالم لألندية‬ ‫واصل فريق السد اللبناني إجنازاته التاريخية‬

‫النوعية بإحرازه املركز الثالث في بطولة العالم‬ ‫اخلامسة لكرة اليد لألندية التي اقيمت في الدوحة‪،‬‬ ‫بعد فوزه على الزمالك املصري (‪.)23-28‬‬ ‫وتعد النتيجة أكبر إجناز رياضي لفريق لبناني في‬ ‫لعبة جماعية في بطولة عاملية‪.‬‬ ‫وكان السد أحرز العام املاضي (في تشرين األول)‬ ‫لقب بطولة أندية آسيا بفوزه في املباراة النهائية‬ ‫على مضر السعودي (‪.)28 -33‬‬ ‫وبالعودة الى مباراة السد والزمالك‪ ،‬فقد اتسم‬ ‫أداء الفريقني بالقوة والندية‪ ،‬مع أفضلية للفريق‬ ‫اللبناني الذي كان متقدما ً معظم دقائق املباراة‪،‬‬ ‫حيث جنح بإنهاء الشوط األول (‪.)10-13‬‬ ‫وتواصلت اإلثارة في الشوط الثاني وحافظ الفريق‬ ‫اللبناني على تفوقه‪ ،‬رغم أن الفريق املصري كان ندا ً‬ ‫قويا ً وحاول اجتذاب النتيجة لصاحله لكن دون جدوى‬ ‫لينتهي اللقاء بفوز السد (‪.)23-28‬‬ ‫من جهته ت ّوج فريق كيل األملاني بطالً ألندية‬ ‫العالم في كرة اليد للمرة األولى في تاريخه‪ ،‬إثر‬ ‫تغلبه على حامل اللقب سيوداد ريال األسباني‬ ‫بنتيجة (‪ )25-28‬في املباراة النهائية‪.‬‬ ‫البداية كانت ملصلحة الفريق اإلسباني‬ ‫الذي جنح بإنهاء الشوط األول لصاحله‬ ‫(‪ .)10-14‬قبل أن ينجح الفريق األملاني في‬ ‫الشوط الثاني أن يقلب تأخره إلى فوز‪،‬‬ ‫عندما متكن في الشوط الثاني من تعديل‬ ‫النتيجة (‪ )18 -18‬ثم بدأ برحلة التقدم‬ ‫حتى بلغ الفارق أربعة أهداف (‪.)20-24‬‬ ‫وجنح حامل اللقب بعدها في استعادة‬ ‫زمام املبادرة وقلص الفارق إلى هدف واحد‬ ‫(‪ ،)25-26‬لتشهد الدقائق األخيرة إثارة‬ ‫كبيرة من الطرفني‪ ،‬قبل أن يخطف األملان‬ ‫هدفا ً جديدا ً ويستعيد بعدها الكرة من‬ ‫هجمة إسبانية فاشلة‪ ،‬ليسجل الهدف‬ ‫األخير الذي أكد فوزهم‪.‬‬

‫جورج عون‬

‫‪79‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر تربوي‬

‫الثقافة الدينية المطلوبة لألبناء‬ ‫يولد األطفال وهم كالصفحة البيضاء‪ ،‬ال يك ّدر‬ ‫صفاء فكرهم ونقاء إجتاهاتهم شيء‪ ،‬يحملون جميع‬ ‫ويتحمل اآلباء واملر ّبون مسؤولية‬ ‫معاني الطهر والبراءة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تؤهل هؤالء‬ ‫ملء هذه الصفحة باألفكار السليمة التي ّ‬ ‫فعالة في اجملتمع‪،‬‬ ‫األطفال ليكونوا شبابا ً ذوي إنتاجية ّ‬ ‫وسببا ً من أسباب تقد ّمه ورق ّيه‪ ،‬وتُعتبر الثقافة الدينية‬ ‫أهم ما يتوجب على اآلباء واملربني غرسه في نفس‬ ‫من ّ‬ ‫الطفل‪ ،‬ألنها أساس الثقافة ومنبع السلوك القومي‪.‬‬ ‫إن الثقافة الدينية للطفل هي غرس مبادئ العقيدة‬ ‫الصحيحة‪ ،‬ورفع املعاني اإلميانية‪ ،‬وتبصير الطفل‬ ‫بنعم اهلل تعالى‪ ،‬وعجائب قدرته‪ ،‬وإبداعه في خلقه‪،‬‬ ‫واتّصافه بصفات الكمال‪.‬‬ ‫كما يشمل تعليم الطفل مبادئ األحكام الفقهية‪،‬‬ ‫وتبصيره باحلسن والقبيح من األعمال واألخالق‪ ،‬وتنوير‬ ‫بس َير األنبياء والرسل (ع) واألئمة والصاحلني‪ ،‬مبا‬ ‫فكره ِ‬ ‫يتناسب مع مداركه العقلية‪ ،‬واستعداداته الفكرية‪،‬‬ ‫باإلضافة الى توعيته مبا يدور حوله‪ ،‬وما يحيط باجملتمعات‬ ‫من أخطار ومآس‪ .‬وال يعني ذلك إبعاده عن العلوم‬ ‫الدنيوية الضرورية خلدمة اجملتمع واألمة‪ ،‬فإن ذلك من‬ ‫صلب الثقافة الدينية ومطلب من مطالب الشريعة‪.‬‬

‫أهمية غرس الثقافة الدينية في‬ ‫مرحلة الطفولة‬

‫إن أهمية غرس الثقافة الدينية في مرحلة الطفولة‬ ‫نواح‪ ،‬نذكر أهمها‪:‬‬ ‫تأتي من عدة ٍ‬ ‫ مرحلة الطفولة مرحلة صفاء وخلو فكر‪ ،‬فتوجيه‬‫الطفل للناحية الدينية يجد فراغا ً في قلبه‪ ،‬ومكانا ً‬ ‫في فكره‪ ،‬وقبوال ً من عقله‪.‬‬ ‫ مرحلة الطفولة مرحلة تتوقد فيها ملكات احلفظ‬‫والذكاء‪ ،‬ولعل ذلك بسبب قلة الهموم‪ ،‬واألشغال التي‬ ‫تشغل القلب في املراحل األخرى‪ ،‬فوجب استغالل هذه‬ ‫امللكات وتوجيهها الوجهة الصحيحة‪.‬‬ ‫ مرحلة الطفولة مرحلة طهر وبراءة‪ ،‬لم يتلبس‬‫الطفل فيها بأفكار ه ّدامة‪ ،‬ولم تل ّوث عقله امليول‬ ‫الفكرية الفاسدة‪ ،‬التي تص ّده عن االهتمام بالناحية‬ ‫الدينية‪ ،‬بخالف لو بدأ التوجيه في مراحل متأخّ رة‬ ‫قليالً‪ ،‬تكون قد ّ‬ ‫تشكلت لديه أفكار حتول دون تقبله ملا‬ ‫متليه الثقافة الدينية‪.‬‬ ‫ أصبح العالم في ظل العوملة احلديثة‪ ،‬كالقرية‬‫الصغيرة‪ ،‬والفرد املؤمن تتناوشه األفكار املتضادة‬ ‫واخملتلفة من كل ناحية‪ ،‬والتي قد تص ّده عن دينه‪ ،‬أو‬ ‫تش ّوش عليه عقيدته‪ ،‬فوجب تسليح الفرد بالثقافة‬ ‫الدينية‪ ،‬ليكون على بصيرة من أمره‪ ،‬ويواجه هذه‬ ‫واع‪.‬‬ ‫األفكار‬ ‫ٍ‬ ‫بعقل ٍ‬ ‫ إن غرس الثقافة الدينية في هذه املرحلة يؤ ّثر‬‫تأثيرا ً بالغا ً في تقومي سلوكه وحسن استقامته في‬ ‫املستقبل‪ ،‬فينشأ نشأ ًة سليمة‪ ،‬با ّرا ً لوالديه‪ ،‬وعضوا ً‬ ‫فعاال ً في اجملتمع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ األبناء رعية استرعاهم اهلل آباءهم‪ ،‬ومربيهم‬‫وأسرهم‪ ،‬ومجتمعهم‪ ،‬وهؤالء جميعا ً مسؤولون عن‬ ‫هذه الرعية ومحاسبون على التفريط فيها‪ ،‬كما أنهم‬ ‫مأجورون إن هم أحسنوا وأتقنوا‪.‬‬ ‫‪ -‬من أوائل األمورالتي يجب أن تراعى أن الولد خُ لق‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قابالً للخير والشر‪ ،‬فهو أمانة عند والديه‪ ،‬إن أهمل كان‬ ‫على أهله الوزر وخرج الولد في األكثر رديء األخالق‪ ،‬وإن‬ ‫ر ّبي تربية توحيدية صحيحة و ُع ّرف حدود الدين والشرع‬ ‫كان لوالديه األجر والثواب‪ ،‬فواجب التربية منذ الصغر‬ ‫أمر يق ّره العلم ولو لم يُدرك الولد في هذا السن ما‬ ‫يطلب منه لكن تنطبع في قلبه آثاره ويستفيد منه‬ ‫عند البلوغ‪ .‬وكما أن الواجب صيانة الولد من نار الدنيا‪،‬‬ ‫فصيانته من نار اآلخرة أجدر وأولى‪ ،‬وال يتم ذلك إال‬ ‫بهدايته وتربيته وتعويده اخلير وجتنيبه الشر واملفاسد‬

‫املؤثرات على اإلجتاهات الثقافية‬ ‫للطفل‬

‫تتأ ّثر امليول الثقافية للطفل بعوامل ع ّدة داخلية‬ ‫وخارجية من أهمها‪:‬‬ ‫ امليول الثقافية للوالدين‪ ،‬فإن ميول الطفل‬‫الثقافية تكون تبعا ً مليول والديه غالباً‪ ،‬فإذا اعتنى‬ ‫الوالدان بثقافتهم الدينية‪ ،‬وجعال لها جز ًءا من وقتهما‬ ‫وجهدهما‪ ،‬فإن ذلك سينعكس بال شك على اهتمام‬ ‫يهتمان‬ ‫الطفل بهذه الناحية‪ ،‬أما إذا كان الوالدان ال‬ ‫ّ‬ ‫إالّ بالعلوم الدنيوية البحتة‪ ،‬وتدبير أمور الشهوات‬ ‫واملصالح العاجلة‪ ،‬وكان حديثهم ليل نهار يدور حول‬ ‫أنواع السيارات والهواتف‪ ،‬والعمارات واملنشآت‪ ،‬والقيل‬ ‫والقال‪ ،‬أو كان إهتمامهما باألمور التافهة أو احمل ّرمة ‪-‬‬ ‫والعياذ باهلل ‪ -‬ويعيشان في غفلة عن علوم اآلخرة‪،‬‬ ‫فإن ذلك يؤثر سلبا ً على ميل أبناءهم للناحية الدينية‪،‬‬ ‫فكم من أطفال تعلموا الرذائل وقبائح األخالق‪ ،‬رأوها‬ ‫من والديهم في مرحلة الطفولة ظنا ً من أولئك اآلباء‬ ‫أن الطفل ال يعي مثل هذه األمور في هذه املرحلة‪.‬‬ ‫ إثارة اخلالفات العائلية واملشاكل األسرية أمام‬‫األبناء‪ ،‬فهذا ّ‬ ‫يعكر صفاء تفكيرهم‪ ،‬ويش ّوش صفاء‬ ‫أذهانهم‪ ،‬وتشتت إهتماماتهم الثقافية‪ ،‬فيجب إبعاد‬ ‫الطفل عن مثل هذه األجواء‪ ،‬بحيث ينفرد الوالدان في‬ ‫مكان خاص ّ‬ ‫حلل املشاكل التي قد حتدث بينهما‪.‬‬ ‫ اإلعالم‪ ،‬وبرامج التلفزة اخملتلفة‪ ،‬تزرع في نفس‬‫الطفل إجتاهات فكرية متعددة‪ ،‬فيجب إبعاد الطفل‬ ‫عن البرامج التي تش ّوش فكره الديني وت ّ‬ ‫ُعكر صفاء‬ ‫عقيدته‪ ،‬وتغرس فيه نواح فكرية مضادة للسلوك‬ ‫القومي بطريق مباشر أو غير مباشر‪ ،‬وخصوصا ً في‬ ‫بعض البرامج التلفزيونية احمللية‪.‬‬ ‫ األصدقاء واألصحاب‪ ،‬حيث يتأ ّثر الطفل‬‫باجتاهاتهم الفكرية تأثرا ً بالغاً‪ ،‬فيجب إختيار القرين‬ ‫الهمة‪ ،‬وإبعاد الطفل عن مصاحبة‬ ‫الصالح والعالي‬ ‫ّ‬ ‫ذوي اإلهتمامات التافهة‪ ،‬ومن هنا تأتي أهمية إختيار‬ ‫اجليران الذي يرتضي اإلنسان العيش بقربهم‪ ،‬ويرتضي‬ ‫ألوالده مخالطة أترابهم من تلك األسر‪.‬‬ ‫ اإلهتمامات الفكرية السابقة ألوانها‪ ،‬فينبغي‬‫عدم التحدث عن األمور العاطفية أو اجلنسية‪ ،‬أو قضايا‬ ‫الشباب واملراهقني‪ ،‬حتى ال تتولد لديه أفكار لم يحن‬ ‫أوانها‪ ،‬تبعده عن اإلهتمام بالثقافة الدينية املطلوبة‪.‬‬

‫وسائل تنمية الثقافة الدينية لألبناء‬

‫هناك العديد من األساليب والوسائل لتوصيل‬ ‫املعلومة الدينية للطفل‪ ،‬والسم ّو مبتسواه الثقافي‬

‫‪80‬‬

‫في هذا اجلانب‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬ ‫ التلقني املباشر‪ ،‬ويتم ّثل في تلقني الطفل وحتفيظه‪،‬‬‫إما عن طريق إستماع الطفل لترديد الوالدين‪ ،‬أو ترديد‬ ‫الطفل خلفهما‪ ،‬أو اإلستعانة بالوسائل احلديثة في‬ ‫ذلك‪ ،‬كاألشرطة السمعية للق ّراء الصغار الذين متيل‬ ‫نفوس األطفال لقراءتهم‪ ،‬فالقرآن الكرمي أول ما ينبغي‬ ‫أن يلقن الطفل لقول الرسول (ص)‪ :‬ع ّلموا أوالدكم‬ ‫القرآن فإنه أول ما ينبغي أن يتع ّلم من علم اهلل هو‪.‬‬ ‫وقد أثبتت بعض الدراسات احلديثة أن الطفل يلتقط‬ ‫ويحفظ ما يردد عليه في مرحلة مبكرة جداً‪ ،‬وترسخ‬ ‫همته وته ّذب سلوكه في املستقبل‪.‬‬ ‫في ذهنه وتعلي ّ‬ ‫ إقامة مكتبة خاصة باألطفال في املنزل حتتوي‬‫على ما يتناسب مع مداركهم وحاجتهم الثقافية‪،‬‬ ‫ويراعى فيها اآلتي‪:‬‬ ‫ اإلهتمام بالناحية القصصية‪ ،‬وذلك بأن تكون‬‫وس َير‬ ‫املكتبة محتوية على قصص األنبياء والرسل (ع) ِ‬ ‫األئمة والصاحلني‪ ،‬ألن القصص سرعان ما تعلق في‬ ‫ذهن الطفل‪ ،‬لتكون مواقف أولئك قدوة للطفل في‬ ‫سلوكه في املستقبل‪.‬‬ ‫ التنوّع والتجديد‪ :‬فاإلهتمام بجانب واحد‪ ،‬أو إهمال‬‫التجديد في املكتبة‪ ،‬يؤدي الى ملل الطفل‪ ،‬وسأمه من‬ ‫القراءة‪ ،‬فينبغي أن حتتوي املكتبة باإلضافة الى الناحية‬ ‫مبسطة تهتم بتهذيب الناحية‬ ‫القصصية‪ُ ،‬كتي َبات ّ‬ ‫األخالقية‪ ،‬وجتدد من وقت آلخر‪ ،‬حسب حاجة الطفل‪.‬‬ ‫ األلوان اجلذابة‪ :‬فال بد من اختيار األلوان التي تش ّد‬‫إنتباه الطفل‪ ،‬وتثير اهتمامه‪ ،‬حتى تتفتّح نفس ّيته‬ ‫للقراءة‪ ،‬وتعطيه إنطباعا ً جيدا ً عن املكتبة ويحرص‬ ‫على وقتها‪.‬‬ ‫رف خاص به‪،‬‬ ‫ التنظيم‪ :‬فيوضع كل مجال في ٍ‬‫حتى ال يتشتت ذهن الطفل‪ ،‬وتختلط عليه املفاهيم‪،‬‬ ‫وليتعود على النظام في ّ‬ ‫كل شيء‪.‬‬ ‫ ال بد من احتواء املكتبة على األشرطة السمعية‬‫املبسطة‪،‬‬ ‫اخلاصة‪ ،‬بأناشيد األطفال‪ ،‬وأشرطة القصص ّ‬ ‫باإلضافة الى الوسائل احلديثة لتوصيل املعلومة‪،‬‬ ‫وبطاقات املعلومات التي حتتوي على املعلومات الدينية‬ ‫املبسطة اخلاصة باألطفال‪.‬‬ ‫احلديثة‪ ،‬وبطاقات األسئلة ّ‬ ‫ إصطحاب الطفل لزيارة مشايخ‪ ،‬وطلبة العلم‪،‬‬‫حتى يتع ّود على مجالسة أهل العلم‪ ،‬ويتع ّلم‬ ‫من ثقافاتهم‪ ،‬ومييل الى سلوكهم‪ ،‬ويتع ّلم حسن‬ ‫وتترسخ اجلد ّية في قلبه‪،‬‬ ‫اإلستماع وطرق السؤال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واصطحابه الى أماكن العبادة وحلقات العلم‪.‬‬ ‫ تذكير الطفل دائما ً بفضل العلم‪ ،‬وعظم أجر‬‫العالم وطالب العلم‪ ،‬ومكانتهم‪ ،‬واإلشادة مبواقف‬ ‫العلماء‪ ،‬وعظم منزلتهم‪ - .‬التشجيع بنوعيه املادي‬ ‫واملعنوي‪ ،‬كإطراء الطفل‪ -‬بدون مبالغة‪ -‬أمام إخوانه‬ ‫وزمالئه‪ ،‬واإلشادة مبا حققه في اجملاالت الثقافية‪،‬‬ ‫وتشجيعه على املواصلة واإلستمرار‪ ،‬أو بالتشجيع‬ ‫يخصص لكل سورة أو حديث أو حكمة‬ ‫املادي كأن‬ ‫ّ‬ ‫مشجعة‪.‬‬ ‫يحفظها‪ ،‬جائزة مادية مع ّينة‬ ‫ّ‬ ‫(يتبع في العدد القادم)‬

‫الشيخ نابغ ذبيان‬


‫منبر صحة‬

‫الغذاء والجمال‬

‫اجلمال مطلب تسعى املرأة لتحقيقه دائما ً‬ ‫وتنفق عليه الكثير من خالل شراء مستحضرات‬ ‫جتميلية للبشرة والشعر وغير ذلك‪ .‬وكثيرا ً ما‬ ‫تنسى أنه ليس باملاكياج فقط يتحقق جمالها‪،‬‬ ‫فاخلطوة األولى في عالم اجلمال تبدأ في اختيار‬ ‫الغذاء املناسب‪.‬‬ ‫إن الغذاء املتوازن ميد اجلسد بطاقة إيجابية‬ ‫تنعكس على البشرة والشعر وحيوية العينني‬ ‫ولون اجللد والشباب والنضارة وقدرة اجلسد على‬ ‫االستيعاب واحلركة والعمل لساعات طويلة دون‬ ‫تعب أو إرهاق‪ ،‬أما الغذاء غير املتوازن فيؤثر على‬ ‫وتقصف‬ ‫اإلنسان بشكل سلبي كذبول البشرة‬ ‫ّ‬ ‫الشعر واألظافر‪ ،‬وبالتالي زيادة أو نقص بعض‬ ‫الفيتامينات واملعادن في جسم اإلنسان يؤثر على‬ ‫اجلسم والعقل وينعكس على اجلمال واحليوية‬ ‫فيؤثر عليها‪.‬‏‬ ‫وقد أثبتت التجارب العلمية أن الغذاء الكامل‬ ‫واملتوازن أكثر فائدة وضمانا ً للحفاظ على اجلمال‬ ‫الطبيعي للبشرة‪ ،‬فمعظم عيوب البشرة‪ ،‬في‬ ‫احلقيقة‪ ،‬يرجع سببها إلى سوء التغذية‪.‬‬ ‫فمثالً ترهل اجللد أو ظهور البقع أو وجود هالة‬ ‫من اللون األسود حتت العينني‪ ،‬كلها دالئل على‬ ‫نقص في احتياجات اجلسم من الغذاء وميكن‬ ‫عالجها والتغلب عليها إذا اهتم اإلنسان بالغذاء‬ ‫السليم وممارسة التمارين الرياضية‪.‬‬ ‫تتعرض البشرة يوميا ً جملموعة كبيرة من‬ ‫العوامل التي تؤثر سلبا ً عليها‪ ،‬كالتلوث وأشعة‬ ‫الشمس التي تؤدي إلى جفافها وظهور البقع‬ ‫على اجللد‪ ،‬يؤدي ذلك على املدى الطويل إلى ترهل‬ ‫اجللد‪ .‬وهنا نأتي على ذكر فيتامني ‪ A‬الذي يعتبر‬ ‫من أهم املواد الغذائية املفيدة للبشرة فهو يقوم‬ ‫بحمايتها من أشعة الشمس‪ .‬جند فيتامني ‪ A‬في‬ ‫اخلضار اخلضراء‪ ،‬اجلزر‪ ،‬املشمش‪ ،‬املانغا‪ ،‬الشمام‬ ‫وغيرها من الفاكهة البرتقالية والصفراء اللون‪.‬‬ ‫يحتوي السمك على دهون األميغا ‪ 3‬املفيدة‬ ‫جدا ً كمضاد لإللتهاب ومرطب للجلد‪ .‬يجب‬ ‫تناول السمك ثالث مرات على األقل في األسبوع‬ ‫خاصة التونا‪ ،‬السومون‪ ،‬السردين واملاكاريل‪.‬‬ ‫وميكن احلصول على هذا النوع من الدهون أيضا ً‬ ‫من زيت الكانوال‪ ،‬اجلوز وبزر الكتان‪.‬‬ ‫ويعمل فيتامني ‪ E‬كمضاد لألكسدة‪ ،‬لذلك‬ ‫يعتبر من أهم الفيتامينات التي حتمي البشرة‬ ‫من عالمات الشيخوخة وجنده في معظم كرميات‬ ‫اجللد‪ .‬ميكن احلصول على هذا الفيتامني من‬ ‫املكسرات االنيئة كاجلوز واللوز‪ ،‬الزيوت النباتية‪،‬‬ ‫األفوكادو‪ ،‬بذور دوار الشمس واليقطني‪.‬‬ ‫يحتوي اللنب الطازج على البكتيريا اجليدة‬

‫التي تساعد على تعزيز مناعة اجلهاز الهضمي‬ ‫وتخلص اجلسم من الغازات والنفخة‪ .‬وتنعكس‬ ‫صحة اجلهاز الهضمي على صحة اجللد‪ .‬أما‬ ‫الشاي األخضر فهو يستعمل أيضا ً في كرميات‬ ‫اجللد كونه يحتوي على مواد مانعة للتأكسد‬ ‫حتمي خاليا اجلسم والبشرة من التلف والتقدم‬ ‫في العمر‪.‬‬ ‫وكما الشاي األخضر‪ ،‬حتتوي كل الفاكهة‬ ‫واخلضار امللونة على مواد مضادة للتأكسد متنع‬ ‫التجاعيد وفيتامينات مثل فيتامني ‪ C‬ومعادن تزيد‬ ‫من النضارة وتساعد في تكون الكوالجني الذي‬ ‫يشد البشرة‪ .‬نذكر من هذه الفاكهة البطيخ‪،‬‬ ‫الرمان‪ ،‬الفريز‪ ،‬الكيوي‪ ،‬البابايا‪ ،‬اخلوخ‪ ،‬املشمش‪.‬‬ ‫ونذكر من اخلضار البقلة‪ ،‬الزعتر األخضر‪ ،‬اخلس‪،‬‬ ‫السبانخ‪ ،‬الروكا‪ ،‬البقدونس‪ ،‬امللوخية‪ ،‬الهندبة‪،‬‬ ‫اجلزر ‪...‬‬ ‫وإذا ما نظرنا اليوم إلى طريقة تغذيتنا احلديثة‬ ‫وغير املتوازنة جند أن هناك نسب عالية من‬ ‫السكريات والدسم واملشروبات الغازية واملواد‬ ‫الغذائية املصنعة واخلضار والفاكهة بغير‬ ‫مواسمها‪ .‬كل هذا يؤثر على الطاقة اجلسدية‬ ‫والنفسية وينعكس بالتالي على الشباب‬ ‫واحليوية‪.‬‏‬ ‫من هنا ميكن أن نقوم بتقدمي بعض النصائح‬ ‫التي تساعد في احلفاظ على بشرة مشرقة‪ .‬منها‬ ‫على سبيل املثال تناول اخلضار والفاكهة املوسمية‬ ‫وجتنب تلك التي تنمو في غير مواسمها بواسطة‬ ‫املواد الكيميائية التي تعالج بها‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫زيادة تناول األلياف الغذائية من اخلضار والفاكهة‬ ‫واحلبوب الكاملة والبقول‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى‬

‫‪81‬‬

‫النضارة واحليوية وتأخر ظهور التجاعيد وعدم‬ ‫تفسخ اجللد وإزالة التراكمات الشحمية الزائدة‬ ‫ّ‬ ‫كما أنها تدعم عضالت الوجه‪.‬‏‬ ‫إلى جانب ذلك يجب التقليل من تناول‬ ‫السكريات املكررة والدهون واإلستعاضة عنها‬ ‫بالتمر والزبيب والتني والفاكهة اجملففة وميكن‬ ‫صنع احللويات الصحية في املنزل باستعمال‬ ‫كميات قليلة جدا ً من السكر وصفار البيض‬ ‫والزبدة والكرميا ‪...‬‏‬ ‫وكما ذكرنا سابقاً‪ ،‬ننصح بتناول املنتجات‬ ‫البحرية واألسماك التي متدنا باليود والزنك‬ ‫والكثير من املعادن والفيتامينات الهامة للبشرة‬ ‫والشعر واألظافر‪.‬‏‬ ‫إن الفوائد الصحية للفيتامينات واملعادن‬ ‫تظهر بقوة حينما نوفرها للجسم عبر تناول‬ ‫األطعمة الطبيعية التي حتتوي على مزيج من‬ ‫هذه املعادن والفيتامينات‪ .‬وهكذا فإن النباتات‬ ‫الطبيعية الغنية بالفيتامينات واملعادن واملواد‬ ‫الكيميائية الطبيعية كاملواد املانعة للتأكسد‪،‬‬ ‫هي من أهم املصادر التي تغذي البشرة وحتافظ‬ ‫على سالمتها‪ .‬ولتأمني طعام متوازن يجب تناول‬ ‫كل ما هو طبيعي واإلبتعاد قدر اإلمكان عن‬ ‫األطعمة املصنعة كاملعلبات واملواد املضافة‬ ‫واحلبوب املقشورة‪ .‬وأخيرا ً ال يجب أن يغيب عن‬ ‫بالكن أهمية شرب املاء والسوائل‪ ،‬حيث أن إعطاء‬ ‫اجلسم حاجته منها يساعد على إبقاء البشرة‬ ‫حيوية ورطبة‪.‬‬

‫أخصائية التغذية ليال رشيد‬ ‫‪Layal-r@hotmail.com‬‬ ‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫منبر حر‬

‫كفـاك‬ ‫جورا‬ ‫ً‬ ‫د‪ .‬غازي مراد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فيصير ِم ْن أمس ٍويصبح ماضيا‬ ‫يأتي الزمـان على الـزمـان توالـيا‬ ‫مجــدا ً لســادة يـعـْـ ُرب ٍ متساميا‬ ‫خـت‬ ‫ننسى املآثـرَ ِمـ ْن سـنيـن ٍ أر َّ ْ‬ ‫زرع املبـادئ شــامخـا ً متعالـيـا‬ ‫ننسى الـرجـال وذكرَ ســيرة سـ ِّيد ٍ‬ ‫تسلـط ٍ مـتـرامـيـا‬ ‫ْ‬ ‫غــرَّة ثــورة فـي أمــة ٍ‬ ‫نفضـت غبـار َ‬ ‫ُّ‬ ‫َم ْن كــان ُ‬ ‫فـأزال سـلطـانـا ً وأسـقط باغـيــا‬ ‫ثــائــر‬ ‫قـبلـة‬ ‫لألحـرار‬ ‫َمـ ْن كــان‬ ‫ٍ‬ ‫ليكـون حصنا ً للنهــوض وبانـيا‬ ‫َمـ ْن علـَّم األقطـار صنع حضارة ٍ‬ ‫للطامحني إلــى الكـرامة هــاديــا‬ ‫ويكـو َن رمـزا ً للنضال ومنهجـا ً‬ ‫فيجـول أقـطـارا ً ويجهــد ساعـيا‬ ‫َمـ ْن كــان للتحـريـر يحمل رايـة ً‬ ‫الـتوحـد شـاديا‬ ‫درب‬ ‫في‬ ‫ويسـيـر‬ ‫ُّ‬ ‫َم ْن كان يُطلق للعـواصم صرخة ً‬ ‫َمـ ْن أ َّمـم القـنـوات ِ يحفظ نِعمــة ً وأقـــام ســــدا للـمـنــاعة عـالـيــا‬ ‫لصالبـة ٍ كـانـت وكـان الـراعـيا‬ ‫وأقــام في أرض ِ‬ ‫الكنـانة معقــال ً‬ ‫مـا مـات إال كــي يُـخلــَّـد بـاقـيـا‬ ‫هـو نـاصـ ٌر وجمـال عبد الناصر‬ ‫ـمجــد داعـيـا‬ ‫تـ‬ ‫أجيال‬ ‫ونفـوس‬ ‫نــاصــر‬ ‫بـقـلـوب طـالب ٍلثــورة‬ ‫ٍ ُ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫للسـائـليـن عـن املـواقـف غـالـيا‬ ‫هــو نـاص ٌر والنـاصرية مـبــــدأ ٌ‬ ‫للظـالـميـن و َمـ ْن تـربــع طـاغــيا‬ ‫فريســة‬ ‫لكــن مصرا ً لــن تكـون‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وسيسقط العـرش املُسـ َّم ُر واهـيـا‬ ‫سـقطة خـائـن ٍ‬ ‫وسيسقط الفرعون ِ‬ ‫شـعــب فانـتهى مـتهـاويا‬ ‫أقـصـاه‬ ‫ٌ‬ ‫وسيكتـب الـتاريـخ قـصة حاكــم ٍ‬ ‫ليكـون عبــرة َمـ ْن أذ َل َمواطـنـا ً‬ ‫للحــاكميــن و َمن تــآمــر حــانـيـا‬ ‫ومبصـرَ رُوَّا ٌد وقـــــادة ثـــــورة ٍ ودمـــا ُء أشــــبال ٍتســيل تـفــانيـــا‬ ‫ال‪ ،‬لـن تنـال مع العــدو تصـافـيــا‬ ‫حاخام مصرَ ولـن تطـول عالقـة ٌ‬ ‫أمضيت عمرك صاغـرا ً متوسالً‬ ‫متهـــد راجـيــا‬ ‫لـقـــرار تـوريث ٍ ِّ‬ ‫ِم ْن آل صهيــون ال ُبغـاة وحـامـيـــا‬ ‫كنت احلريص على مصالح غاصب‬ ‫ً‬ ‫وجعلت ِم ْن مصر العروبة معقالً للحــاقـــــدين تـزلـفــــا ومتـــاشــيا‬ ‫َ‬ ‫فكفاك جــورا ً مـا صنعت خيانــة ً وكفـاك ظلـمــا ً مـا هـتكـت َمبـاديــا‬ ‫ورفعـت أســوار السجون مبـانـيــا‬ ‫َ‬ ‫ك ّب َ‬ ‫ـلـت أحــرار الـرجـال وســادة ً‬ ‫أولسـت َم ْن سـ َد املعـابـر ُمـقـفالً‬ ‫أبــواب غــــ ّزة غـافـــالً متـنـاسيـا‬ ‫َ‬ ‫أولسـت َم ْن ر ّد القـوافــل رافضا ً‬ ‫جــرح البن غـــ ّزة شــافيــا‬ ‫إبــراء‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ممــن أتــاك بحــرب غــزة حـافيــا‬ ‫َ‬ ‫أولسـت َم ْن سـجـن النساء وفتية ً‬ ‫أولست َم ْن صنع احلديد حواجزا ً‬ ‫ِم ْن حتـت أرض ٍظــاملـا ومجـازيـا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫في سجـن نطرون ٍ تعاقـب سـاميـا‬ ‫أولست َمن حبس الشـهاب تعسفا‬ ‫َ‬ ‫أولسـت َمن قمـع اإلرادة قاصـدا ً‬ ‫طمس العـروبـة ُمبعــدا ً و ُمجـافـيـا‬ ‫َ‬ ‫أقمت بأرض مصرَ قواعدا ً‬ ‫للطـامعـني و َمــ ْن رأوك مجـاريــا‬ ‫يا َم ْن‬ ‫َ‬ ‫تـلـق ِ بــاال ً للشعـوب وهمهــا ولغيـر حكمــك ما بــدوت مبــالـيـا‬ ‫لــم ُ‬ ‫لــن تسـتـقـرَّ ولـن تـفــوز مبغـنـم ٍ فالنيــل يُغــر ُق َمــا تظـ ُّن رواسـيـا‬ ‫ُ‬ ‫كنت حتسب عاصيا‬ ‫جاءت على ما‬ ‫العـواصف في الرياح شدائ ٌد‬ ‫وإذا‬ ‫َ‬ ‫فالـريح تـقتلـع الهشيم ولـيس فـي تلـك احلشـائـش مـا يواجه عــاتيـــا‬ ‫ويُـعـيـد أنـــوارا ً ويســطـع زاهــيـا‬ ‫كوكب‬ ‫مصر‬ ‫وغـدا ً سيرجع فـوق‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫الـتـألــم بــالـيـا‬ ‫خبــرا ً يُـريــح ِمـ َن‬ ‫وستحمل األنبــاء مــا قـد أرجتي‬ ‫ُّ‬ ‫ولعــرس أفـــراح ٍ يُــزغــرد آتــيــا‬ ‫أشـــتاقــه‬ ‫ُ‬ ‫إنـي أتــوق لـمـوعــد ٍ‬ ‫نت نفســي أن أكـون محــامـيــا‬ ‫فـأنـا املقـاوم والصمـود هـويتي‬ ‫وطـَّ ُ‬ ‫حتسر شاكيـا‬ ‫عـن مـقـلـة‬ ‫ْ‬ ‫عـن قهــر شعـب ٍ كـم َّ‬ ‫نزفـت دموع ظالمة ٍ‬ ‫بحقـوق شعبـي ال أهــون ُمــراعـيـا‬ ‫يعــربي والعــروبة فـي دمي‬ ‫أنا‬ ‫ٌ‬

‫‪82‬‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫‪2010‬‬

‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -53‬حزيران ‪2011‬‬


‫سد الفرات‬ ‫بحيرة األسد‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.