Manbar altawhid issue 52

Page 1

‫العدد ‪ 52‬ــ أيار ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫وهاب يكشف عن مال‬ ‫صرفه تركي بن عبد العزيز لزعزعة سوريا‬

‫سوريا قو ّية بوحدتها‬ ‫قوة باإلصالح‬ ‫ورئيسها يزيدها ّ‬ ‫‪ % 50‬من شباب لبنان عاطل عن العمل‬

‫عدنان السيد حسين‪:‬‬ ‫اللبنانيون مطالبون بحماية‬

‫لعنة اإلغتراب تطارد اللبنانيين‬

‫أمن سوريا وفق الطائف‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2011‬الظلم‬ ‫إسقاط‬ ‫سجناء لبنان يريدون‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار‬


‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪52‬‬

‫أيار ‪ 2011‬السنة اخلامسة‬

‫‪ 06‬الغالف‬

‫‪09‬‬

‫‪ 14‬لبنانيات‬

‫المطران أبي عاد‪ :‬سوريا‬ ‫راق للتعايش‬ ‫أنموذج ٍ‬ ‫المسيحي ‪ -‬اإلسالمي‬

‫‪ 27‬حزب التوحيد‬ ‫‪ 32‬عربيات‬

‫العبود ومراد‬

‫‪12‬‬

‫يقرآن األحداث في سوريا‬

‫‪ 41‬اقتصاد‬ ‫‪ 46‬دوليات‬ ‫‪ 48‬حتقيق‬ ‫‪ 62‬فني‬

‫‪24‬‬

‫‪ 65‬ثقافة‬

‫أوغاريت يونان‪ :‬يجب تطبيق‬

‫‪ 68‬مرأة‬

‫الدستور عبر إلغاء النظام الطائفي‬

‫‪ 70‬اجتماعيات‬

‫‪62‬‬

‫وليم حسواني‪ :‬المسرح‬ ‫فكر ومجتمع وحضارة‬ ‫منبر التوحيد‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 74‬مناطق‬ ‫‪ 79‬صحة‬ ‫‪ 80‬رياضة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫الفوضى‬ ‫ّ‬ ‫الخالقة‬ ‫تصل‬ ‫الى‬ ‫سوريا‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قبل قرن من الزمن‪ ،‬وبعد سقوط الدولة العثمانية‪ ،‬ومعها “اخلالفة‬ ‫اإلسالمية”‪ ،‬جلس احللفاء املنتصرون في احلرب العاملية األولى على طاولة‪،‬‬ ‫يتقاسمون تركة “الرجل املريض”‪ ،‬ويرسمون خارطة جديدة للشرق األدنى‪،‬‬ ‫فاتّفق الفرنسيون والبريطانيون‪ ،‬على جغرافيا ترسم حدودا ً لدويالت‬ ‫طائفية ومذهبية وإثنية‪ ،‬فكان اتفاق مارك سايكس (البريطاني) وجورج‬ ‫بيكو (الفرنسي) على تقسيم املشرق العربي‪ ،‬فنالت كياناته نصيبها من‬ ‫التمزيق‪ ،‬وهي كانت وحدة طبيعية في بيئة اجتماعية ثقافية‪ ،‬ودورة حياة‬ ‫اقتصادية‪ ،‬فجاء االستعمار البريطاني– الفرنسي‪ ،‬ليفتت هذه املنطقة‬ ‫املعروفة بـ “سورية الطبيعية”‪ ،‬في الوقت الذي كان أهلها‪ ،‬الذين ساهموا‬ ‫في حتريرها من السيطرة العثمانية‪ ،‬يطالبون بإعالنها مملكة بقيادة‬ ‫فيصل األول‪ ،‬إالّ أن ذلك لم يحصل‪ ،‬ألن اليهود دخلوا على خط انتزاع هذه‬ ‫األرض من أهلها‪ ،‬وحتقيق حلمهم في إقامة “إسرائيل الكبرى”‪ ،‬فلجأوا الى‬ ‫السلطان العثماني لشرائها‪ ،‬فأبعدهم وطردهم‪ ،‬فذهبوا الى البريطانيني‪،‬‬ ‫الذين وعدهم وزير اخلارجية آرثر بلفور‪ ،‬بأن يكون لهم في فلسطني موطئ‬ ‫فسيتم تسليمهم إياها‪.‬‬ ‫قدم‪ ،‬وبعد أن يرحل االنتداب البريطاني‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا بدأ البحث بني سايكس وبيكو على رسم كيانات مذهبية‬ ‫وطائفية‪ ،‬فكان اتفاقهما في العام ‪ ،1916‬بإقامة دويالت علوية وسنية‬ ‫ودرزية في سوريا‪ ،‬ودولة للموارنة في جبل لبنان‪ ،‬وتُعطى فلسطني لليهود‬ ‫بوعد بلفور‪ ،‬ويقسم العراق الى ثالث دويالت كردية في الشمال‪ ،‬وسنية في‬ ‫الوسط‪ ،‬وشيعية في اجلنوب‪.‬‬ ‫هذه النسخة األولى لتقسيم املشرق العربي‪ ،‬القت رفضا ً وحدوياً‪ ،‬من‬ ‫قبل دعاة الوحدة السورية‪ ،‬بعد أن كان البريطانيون وعدوا فيصل األول‬ ‫بإقامة “مملكة سوريا” وهو ملكا ً عليها‪ ،‬فعادوا وتراجعوا‪ ،‬وانعقد املؤمتر‬ ‫السوري األول عام ‪ ،1919‬لتعزيز املطالبة بهذه الوحدة‪ ،‬وانعقد مؤمتر‬ ‫فرساي‪ ،‬وبدأ عرض اخلرائط‪ ،‬وحترك املناهضون للتقسيم‪ ،‬واشتعلت الثورة‬ ‫السورية الكبرى‪ ،‬التي طالبت برحيل االستعمار الفرنسي‪ ،‬وكانت معركة‬ ‫ميسلون‪ ،‬على أبواب دمشق‪ ،‬ومعها ثار جبل حوران‪ ،‬وخاض الدروز بقيادة‬ ‫سلطان باشا األطرش معارك ضد اجلنود الفرنسيني‪ ،‬وواكبتهم ثورة في‬ ‫جبال العلويني‪ ،‬بقيادة صالح العلي‪ ،‬وكل هذه الثورات الشعبية‪ ،‬كان‬ ‫شعارها التحرر من االستعمار ووحدة بالد الشام‪ ،‬وقد ساندهم ثوار من‬ ‫لبنان كانوا يرفضون فصله عن سوريا‪ ،‬كما قامت في فلسطني ثورة ضد‬ ‫االستعمار البريطاني ومواجهات مع املستوطنني اليهود‪ ،‬وكذلك كانت‬ ‫ثورات في العراق ومنها ثورة العشرين‪ ،‬وانتفاضة رشيد الكيالني‪ ،‬وكلها‬ ‫تطالب بوحدة بالد الرافدين‪ ،‬وتكاملها مع بالد الشام‪.‬‬ ‫أمام هذا املد الثوري الوحدوي‪ ،‬تراجع االستعمار عن خارطة التقسيم‬ ‫املذهبية والطائفية‪ ،‬فرسم حدودا ً سياسية‪ ،‬فكان “لبنان الكبير”‪ ،‬عبر‬ ‫ضم األقضية األربعة الى جبل لبنان‪ ،‬وهو لم يرق‬ ‫وعد اجلنرال كاترو‪ ،‬الذي ّ‬ ‫جلماعة “اإلنعزال اللبناني”‪ ،‬الذي أثقل على “لبنانهم” بأحمال طائفية‬ ‫سنية وأرثودوكسية‪ ،‬فلم يقبلوا بهذا “اللبنان”‪ ،‬الذي يفقدهم سيطرتهم‬ ‫عليه‪“ ،‬دميغرافياً”‪ ،‬وهو ما دفع “اجلبهة اللبنانية” في بداية احلرب األهلية‪،‬‬ ‫الى العمل إلقامة “كانتون مسيحي” ميتد من جسر املدفون الى جسر‬ ‫كفرشيما‪ ،‬وهي احلدود التي رسمها بشير اجلم ّيل في العام ‪ ،1980‬بعد أن متّ‬ ‫تطهير “املناطق املسيحية” من كل “الغرباء” من الفلسطينيني واملسلمني‬ ‫و”املسيحيني املرتدين” املنضوين في أحزاب وطنية وقومية ويسارية‪ ،‬وهو‬ ‫“لبناننا” الذي عاد النائب سامي اجلم ّيل منذ سنوات ومازال ير ّوج له‪ ،‬ويدعو‬ ‫إليه كحل ملشكلة “التعايش املسيحي” مع املسلمني في لبنان‪.‬‬ ‫فالنسخة األولى لـ “سايكس‪ -‬بيكو”‪ ،‬منع الوحدويون والوطنيون من‬ ‫تنفيذها مذهبياً‪ ،‬لكن أصحاب املؤامرة جنحوا في تقسيم املشرق العربي‪،‬‬ ‫من أجل مترير قيام الكيان الصهيوني‪ ،‬الذي كان قادته يعملون على أن‬ ‫يكون محاطا ً بدويالت تشبهه‪ ،‬وهو املشروع التفتيتي الذي لم ينت ِه‪،‬‬ ‫وقد ووجه مبشاريع قومية ووحدوية ‪ ،‬بدأت مع االنقالبات العسكرية‪،‬‬

‫‪4‬‬


‫التي افتتحت في سوريا‪ ،‬للرد على اغتصاب فلسطني في العام ‪ ،1948‬والطائفية والعرقية‪ ،‬وتأخذ حروب املنطقة‪ ،‬هذا الطابع من الصراع‪ ،‬الذي‬ ‫وهزمية اجليوش العربية‪ ،‬واألنظمة التي تقف وراءها‪ ،‬وقد استبشر يندثر فيه الفكر القومي وتضمحل الدعوة الى فصل الدين عن الدولة‪،‬‬ ‫املواطنون خيراً‪ ،‬في أن تؤدي “ثورة الضباط” في سوريا وبعدها في مصر‪ ،‬وتتراجع فكرة بناء الدولة املدنية وإلغاء الطائفية‪.‬‬ ‫فمشروع “الشرق األوسط اجلديد” الذي هو فكرة ابتدعها شيمون‬ ‫فجرت هذه‬ ‫نحو استعادة فلسطني وعودة أبنائها النازحني إليها‪ ،‬وقد ّ‬ ‫“الثورات العسكرية” الوجدان القومي‪ ،‬وتصاعد الفكر الوحدوي‪ ،‬وبدأ بيريز في العام ‪ ،1990‬والتي تزامن طرحه مع انهيار اإلحتاد السوفياتي‪،‬‬ ‫الوعي القومي للخطر الصهيوني يفرض نفسه‪ ،‬ال سيما في مرحلة الذي جنح اليهود في مخططهم بتدميره‪ ،‬لترحيل مليون ومئتي ألف‬ ‫اخلمسينات والستينات‪ ،‬الى أن حصلت نكسة حزيران ‪ ،1967‬وبدا أن يهودي منه‪ ،‬جاؤوا إلى “إسرائيل”‪ ،‬لتعزيزها مبواجهة النمو الفلسطيني‬ ‫الهزمية أصابت املنادين باملشروع القومي‪ ،‬سواء الناصري منه بقيادة الدميغرافي‪ ،‬الذي سيزداد عدد الفلسطينيني في األراضي الفلسطينية‬ ‫الرئيس جمال عبد الناصر‪ ،‬أو اآلخر بقيادة حزب البعث االشتراكي‪ ،‬الذي احملتلة عام ‪ ،1948‬ويصل إلى ما يوازي عدد اليهود في ‪ ،2020‬وهذا ما‬ ‫وصل الى السلطة في سوريا في ‪ 8‬آذار ‪ 1963‬وع ّوض عنها في حرب دفع بقادة العدو‪ ،‬إلى طرح “يهودية الدولة”‪ ،‬وإقامة جدار فصل عنصري‪،‬‬ ‫تشرين التحريرية التي خاضها الرئيس حافظ األسد ورد االعتبار الى يقطع املدن والبلدات الفلسطينية عن بعضها‪ ،‬مبا يؤمن تهجير من‬ ‫اجليش السوري الذي أحدث توازنا ً استراتيجيا ً مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬داخل ما يسمى املنطقة اخلضراء‪ ،‬حتت عنوان‪ ،‬التواصل العائلي‪ ،‬مما يفرغ‬ ‫كما جاء الرد أيضا ً على الهزمية‪ ،‬بانفجار أحدثه الفلسطينيون‪ ،‬أراضي فلسطني من أهلها‪ ،‬والتي تتم اآلن عبر بناء املستوطنات وقضم‬ ‫بامتشاق السالح كطريق للكفاح واسترداد فلسطني‪ ،‬لكن الثورة األراضي‪ ،‬وهدم املنازل وطرد العائالت‪ ،‬وتنفيذ قانون الغائب مبصادرة منازل‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وقعت في أخطاء مميتة‪ ،‬أنها حت ّولت الى إسقاط األنظمة أهلها املسافرين ألخ‪....‬‬ ‫وما يجري في سوريا اليوم من أحداث حتت عنوان إصالحي‪ ،‬يرفعه‬ ‫في فتح الطريق الى فلسطني‪ ،‬فخاضت حروبا ً في األردن ولبنان‪ ،‬حتت‬ ‫حماية البندقية الفلسطينية‪ ،‬لكنها لم تفلح‪ ،‬فخرجت من األردن البعض‪ ،‬وهو حق طبيعي ملواطنني وجهات سياسية وحزبية ومفكرين‪،‬‬ ‫رحلها االحتالل اإلسرائيلي الذي أن يطالبوا ويعملوا على إصالح قوانني ومؤسسات دولتهم‪ ،‬لكن أن‬ ‫مذبوحة‪ ،‬ومن لبنان مجروحة بعد أن ّ‬ ‫وصل الى العاصمة بيروت صيف عام ‪ ،1982‬وتشتّتت فصائل املقاومة يتحول شعار اإلصالح‪ ،‬إلى فتنة عبر التحريض املذهبي‪ ،‬وتهدمي بنيان‬ ‫في أصقاع األرض‪ ،‬الى أن كان “اتفاق أوسلو” الذي أعطى الفلسطينيني الدولة‪ ،‬فإمنا يصب في “الفوضى اخلالقة”‪ ،‬التي من أهدافها تدمير‬ ‫احلق “بسلطة وطنية”‪ ،‬وليس باستعادة األرض‪ ،‬التي ثبت أنها ال تتحرر اجملتمعات‪ ،‬ودفعها إلى حروب داخلية‪ ،‬من خالل طرح شعارات جذابة‪،‬‬ ‫مثل احلرية وحقوق اإلنسان وإقامة أنظمة دميقراطية‪ ،‬وهي الشعارات‬ ‫باملفاوضات‪ ،‬بل باملقاومة وهذا ما حصل في لبنان وغزة‪.‬‬ ‫فالتسوية التي قبل بها الفلسطينيون‪ ،‬جاءت مع انهيار االحتاد نفسها التي استخدمت إلسقاط اإلحتاد السوفياتي‪ ،‬الذي تفتت‪،‬‬ ‫السوفياتي وسقوط املنظومة االشتراكية‪ ،‬وانتهاء احلرب الباردة بني وشهد صراعات طائفية وإثنية في أكثر من دولة‪ ،‬وهو ما يطبق اليوم‬ ‫القطبني الرأسمالي والشيوعي‪ ،‬وسيادة نظام عاملي جديد بقطب في العالم العربي‪ ،‬إللغاء أي فكر قومي وحدوي‪ ،‬واجتثاث احلالة املدنية‪،‬‬ ‫تقدم فكر أصولي سلفي تكفيري‪ ،‬ينكر على اآلخر وجوده ‪ ،‬ومينع‬ ‫واحد بقيادة أميركا‪ ،‬التي بدأت برسم خارطة جديدة للعالم‪ ،‬حتت حلساب ّ‬ ‫عناوين حقوق اإلنسان والدميقراطية‪ ،‬بعد أن ساد تنظير عن سقوط عليه حريته وممارسة شعائره ومعتقداته‪ ،‬و هذا ما بدأ يظهر في سوريا‬ ‫اإليديولوجيا‪ ،‬ونهاية العالم‪ ،‬وصدام احلضارات‪ ،‬وكلها نظريات مستمدة التي يدافع شعبها عن وحدته‪ ،‬في الوقت الذي يعمل مع رئيسه بشار‬ ‫من فكر غيبي ديني‪ ،‬كان ير ّوج له “احملافظون اجلدد” الذين تغلغلوا في األسد‪ ،‬لتطبيق اإلصالحات التي لم ينكر أحقيتها وضرورة العمل بها‪،‬‬ ‫اإلدارة األميركية‪ ،‬وبدأوا يبشرون بعودة “املسيح الثانية”‪ ،‬التي لن حتصل‪ ،‬في فتح أبواب احلرية التي ال تس ّلل منها مشاريع تفتيت اجملتمع‪ ،‬الذي‬ ‫التزمت ويرفض التط ّرف الديني‪ ،‬وينبذ التكفيريني‪ ،‬وقد جنح في‬ ‫إال بحصول “فوضى خالقة”‪ ،‬من خالل حروب وكوارث طبيعية‪ ،‬ليأتي ال يقبل‬ ‫ّ‬ ‫اخمل ّلص‪ ،‬وينقذ البشرية‪ ،‬وقد تبنّى الرئيس األميركي األسبق جورج بوش التصدي لهذه الهجمة في مطلع الثمانينات من القرن املاضي‪ ،‬وقضى‬ ‫صح أن وصل‬ ‫االبن‪ ،‬املنحدر من الكنسية “البروتوستانية” هذه املقولة‪ ،‬وبدأ حروبا ً عليها‪ ،‬وهو اآلن مينع الوقوع في أتونها من جديد‪ ،‬ألنها لو ّ‬ ‫استباقية‪ ،‬في العالم حتت شعار محاربة “اإلرهاب”‪ ،‬مستغالً أحداث ‪ 11‬هؤالء التكفريون ال اإلصالحيون الى السلطة بالسالح‪ ،‬فستكون سوريا‬ ‫أيلول التي وقعت في أميركا‪ ،‬فأعلن عن “حرب على اإلسالم”‪ ،‬وإن اهلل أمام مشروع فتنة‪ ،‬يهدف الى تقسيمها‪ ،‬وإسقاطها من الداخل كدولة‬ ‫يكلمه ويطالبه مبحاربة الشر‪ ،‬وليعود املسيح‪ ،‬ال بد من حصول حروب ممانعة ضد اخملطط اإلسرائيلي‪ ،‬وحتتضن املقاومة التي جنحت في لبنان‬ ‫وتصدت لالحتالل في العراق‪ ،‬بعد‬ ‫بني الشعوب‪ ،‬لتقوم “إسرائيل الكبرى” ومن دونها قد تتأخر هذه العودة‪ ،‬بتحرير األرض‪ ،‬وصمدت في فلسطني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التي استعجلها بوش بحرب على العراق تساعد “إسرائيل” على التمدد‪ ،‬أن استعصت على العقوبات واحلصار واحلروب اخلارجية عليها‪ ،‬وإن قيادتها‬ ‫أو على األقل على السيطرة‪ ،‬وقد سبقها بحرب على أفغانستان الجتثاث واعية للمخطط الذي يستهدفها‪ ،‬وستمنع حصوله‪ ،‬وقد جتاوبت مع‬ ‫طموح الشعب للتغيير‪ ،‬والذي سلك طريقه بإلغاء قانون الطوارئ‪ ،‬وإنهاء‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وهو العنوان نفسه الذي استخدمه للعراق‪.‬‬ ‫فالفوضى اخلالقة‪ ،‬واملشروع الذي أعلنه بوش عن “شرق أوسط جديد” وجود محكمة أمن الدولة‪ ،‬وتطوير قانون األحزاب‪ ،‬ووضع قانون لإلعالم‬ ‫ثم إلغاء املادة‬ ‫يتم رسمه بعد متزيق الدول القائمة‪ ،‬هو ما يجري تنفيذه في أكثر من يعطي حرية أكثر للتعبير‪ ،‬وتقدمي قانون لالنتخابات احمللية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫دولة عربية‪ ،‬في السودان وليبيا‪ ،‬وقد بدأ في العراق املشتعل بحروب الثامنة من الدستور التي تقول إن البعث هو قائد األمة واجملتمع‪.‬‬ ‫كل هذه اإلصالحات‪ ،‬التي وإن تأخرت ألسباب أقر بها املسؤولون‬ ‫طائفية ومذهبية‪ ،‬فمنذ االحتالل األميركي للعراق‪ ،‬انفجر صراع سني‬ ‫وتقسم العراق عبر السوريون‪ ،‬وتتعلقّ بظروف مواجهة التحديات والضغوط اخلارجية‪،‬‬ ‫وتهجر املسيحيون‪،‬‬ ‫متدد الى دول أخرى‪،‬‬ ‫– شيعي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫“فدرلته” دستورياً‪ ،‬ولم تقم فيه عمليا ً املؤسسات الدستورية التي بعد االحتالل األميركي للعراق‪ ،‬إالّ أنها دخلت ح ّيز التنفيذ‪ ،‬فلماذا إذن‬ ‫نخرتها احملاصصة املذهبية وسيطرة األحزاب الطائفية عليها‪ ،‬وهو ما استمرار التظاهر‪ ،‬سوى أن َمن يقومون به‪ ،‬هم َمن يريدون إدخال سوريا‬ ‫حصل في لبنان‪ ،‬منذ اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬إذ انتقل من صراع “في الفوضى اخلالقة”‪ ،‬للعودة الى النسخة األولى من مشروع “سايكس‬ ‫طائفي الى اقتتال مذهبي‪ ،‬وقد ينفجر في أي وقت‪ ،‬وقد توفرت له التعبئة –بيكو”‪ ،‬لتفتيتها هي واملشرق العربي والعالم العربي‪.‬‬ ‫املناسبة‪ ،‬وهو سيكون من ضمن مشروع احلرب املذهبية‪ ،‬التي ستمتد من‬ ‫البحرين الى الباكستان‪ ،‬إذ يتم حتريك صراع األقليات واألكثريات املذهبية‬

‫‪5‬‬

‫منبر التوحيد‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫وهاب يكشف عن مال‬ ‫يصرفه تركي بن عبد العزيز لزعزعة سوريا‬

‫‪ % 50‬من شباب لبنان‬ ‫عاطل عن العمل‬ ‫لعنة‬

‫اإلغتراب‬

‫الغالف‬

‫سوريا مستهدفة لموقعها بمواجهة «إسرائيل»‬ ‫األسد يخوض معركة اإلصالح بوعي الشعب ووحدته‬

‫األمة العربية تعاني من الوهن والضعف‬ ‫واالنقسام والصراعات‪ ،‬هذا احلال ليس جديدا ً‬ ‫بعضه ذاتي نتيجة ظروف مختلفة‪ ،‬وبعضه‬ ‫اآلخر موضوعي حيث األخطار اخلارجية التي‬ ‫تهدد اجلميع‪ ،‬ومشاريع استعمارية مركبة‬ ‫اعتمدت “سياسة فرق تسد” وهذا من شأنه‬ ‫أن يساعد الطامعني على السيطرة والهيمنة‬ ‫على الوطن العربي كله‪ ،‬لقد ّ‬ ‫جتذرت املصالح‬ ‫القطرية الضيقة وغاب األفق القومي الرحب‪ ،‬مما‬ ‫أتاح للقوى األجنبية سهولة الهيمنة‪ ،‬وللكيان‬ ‫الصهيوني سهولة االستمرار بالعدوان‪ ،‬ما‬ ‫جعل العرب جميعا ً يكادون يفقدون القدرة على‬ ‫النهوض والتقدم‪.‬‬ ‫في عقدي األربعينات واخلمسينات كان طموح‬ ‫العرب التحرر من األجنبي وحتقيق الوحدة العربية‬ ‫وبعدها في مطلع السبعينات‪ ،‬كان طموح العرب‬ ‫حتقيق التضامن العربي‪ ،‬وبعد ذلك فالطموح‬ ‫اليوم هو وقف حالة االقتتال والتنازع والصراع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وحبك الفنت واملؤامرات‪ ،‬ومثل هذا احلال ال يوفر‬ ‫األمن واالستقرار والتمتع باملوارد‪ ،‬واملستفيد‬ ‫الوحيد في هذا احلال هو أعداء األمة العربية‪.‬‬ ‫يتكلم البعض عن السالم مع “إسرائيل”‪ ،‬في‬ ‫يصعد البعض ضد كل مقاوم في‬ ‫الوقت الذي‬ ‫ّ‬ ‫هذه األمة‪ ،‬ويرفض السالم ألبناء أمته وحقهم‬ ‫في العيش الكرمي وينكر حق األخ على أخيه‪.‬‬ ‫إن ما يجري في العالم اليوم في ظل غياب‬ ‫ّ‬ ‫وحتكم القوى االستعمارية‬ ‫التوازن الدولي‪،‬‬ ‫بأوضاع العالم‪ ،‬وازدواجية املعايير وسيطرة‬ ‫قوى االحتكارات الكبرى‪ ،‬والتطورات الهائلة في‬ ‫وسائل االتصال واملعلوماتية‪ ،‬وازدياد الهوة بني‬ ‫الدول الغنية والدول النامية‪ ،‬وانفجار احلروب‬ ‫اإلقليمية واحمللية والصراعات القبلية والدينية‬ ‫والعرقية في مناطق متعددة من العالم‪ ،‬إضافة‬ ‫لنهج العوملة الثقافية واالقتصادية وهدم احلدود‬ ‫الوطنية وتدمير هويات الشعوب وتنميط حياتها‬ ‫وسلوكها وسلم قيمها وأولوياتها‪ ،‬إن كل ذلك‬

‫‪6‬‬

‫يثير القلق واخلوف لدى شعوب العالم‪.‬‬ ‫إن العالم اليوم يكاد يتح ّول الى غابة تتحكم‬ ‫فيها قواعد القوة وتغيب عنها ضوابط املبادئ‬ ‫والقيم التي ناضلت الشعوب من أجلها‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تهدد‬ ‫فإن سياسة الهيمنة على موارد العالم‪ّ ،‬‬ ‫الشعوب بفقدان حريتها في تقرير مصيرها‬ ‫وحتديد خياراتها‪ ،‬ومع ذلك فإن قوى الهيمنة‬ ‫االستعمارية تتحدث عن حقوق اإلنسان في‬ ‫الوقت الذي تنتهك فيه حقوق الشعوب‪.‬‬ ‫إن حالة عدم االستقرار في الشرق األوسط‪،‬‬ ‫نشأت منذ أن زُرع الكيان الصهيوني على أرض‬ ‫فلسطني العربية عام ‪ ،1948‬وبسبب السياسة‬ ‫األميركية الظاملة في الوطن العربي ومساندة‬ ‫“إسرائيل” باملال والسالح حتى أصبحت قوتها‬ ‫العسكرية تفوق قوة الدول العربية مجتمعة‪،‬‬ ‫تتحمل‬ ‫ومن هنا فإن السياسة األميركية‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولية االضطراب في العالم العربي وجميع‬ ‫احلروب والنكبات التي حلت بشعوب املنطقة‪.‬‬


‫وهذه الصورة احلزينة التي تعيشها الدول‬ ‫العربية ليست وليدة اللحظة الراهنة‪ ،‬ومنذ‬ ‫انتشار الكيان الصهيوني وحتى يومنا هذا‪ ،‬مرت‬ ‫عقود من الدمار واحلصار والفتنة واالضطراب‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك من أجل تثبيت “إسرائيل” كرأس حربة في‬ ‫جسد األمة وكموقع متقدم للقوى االستعمارية‬ ‫وحارس ملصاحلها‪ ،‬أما التسوية السلمية التي نادوا‬ ‫بها‪ ،‬فهي التسوية التي أعدت أميركا خطوطها‬ ‫الرئيسية مبا يحقق مصاحلها ومصالح ربيبتها‬ ‫“إسرائيل” في معزل عن مصالح األمة العربية‪،‬‬ ‫ولقد أثبتت األحداث أن التسوية التي مت طرحها‬ ‫لم تكن إال وسيلة فقط وسببا ً لالنفجار في‬ ‫ظل احتالل املوازين في املنطقة والعالم‪ ،‬وحاولوا‬ ‫من خاللها فرض وقائع جديدة على األراضي‬ ‫الفلسطينية والعربية واستمرار عمليات تهويد‬ ‫األرض وإفراغها من أصحابها‪.‬‬ ‫من هنا نرى كيف يتم استهداف سوريا‬ ‫املقاومة واملمانعة‪ ،‬احللقة الصلبة في مواجهة‬ ‫املشاريع االستعمارية في منطقتنا العربية‪.‬‬ ‫إن ما يجري من محاوالت بائسة من قبل األعداء‬ ‫لتشويه صورة سوريا في نظر جماهير األمة‬ ‫العربية‪ ،‬فهذه احلالة مكشوفة لتزييف احلقائق‬ ‫ولتخدير العالم العربي واستيعاب غضبه اجلارف‪،‬‬ ‫ضد املمارسات العدوانية األميركية والصهيونية‪،‬‬ ‫وأن حديثهم عن موضوع حقوق اإلنسان ال يعدو‬ ‫أن يكون ورقة في اللعبة السياسية التي يجري‬ ‫تسويقها ألنه إذا كانت أميركا صادقة في حماية‬ ‫حقوق اإلنسان لعملت على إعادة الفلسطينيني‬ ‫الى أرضهم التي ُه ّجروا منها ظلما ً وعدوانا ً‬ ‫وبدعم استعماري لـ “إسرائيل”‪.‬‬ ‫إن االنتفاضات والثورات الشعبية واألحداث‬ ‫التي شهدتها الدول العربية هي ناجتة عن‬ ‫تراكمات طويلة من مطالب شعبية وقومية‬ ‫ومعيشية‪ ،‬وبعضها اآلخر يجري تزويره وإخراجه‬

‫عن سياقه من اخلارج وفي محاولة هادفة لركوب‬ ‫املوجة القوية والزخم املصاحب لتلك الهبات‬ ‫وهذا يعني أنه مشبوه ومتآمر‪ ،‬وبالتالي ال ميكن‬ ‫مقاربتها بصورة موضوعية كمقاربة واحدة‪ ،‬وال‬ ‫يصح القول إن االنتفاضات الشعبية والعربية‬ ‫اقتصرت على الشؤون احلياتية واملعيشية‬ ‫اليومية أو على مسألة احلريات فقط‪ ،‬ذلك أن من‬ ‫تصله حقوقه تلك ويدخل الى رحاب احلرية سوف‬ ‫تتوافر له حكما ً الوسائل التي متكنه من املطالبة‬ ‫باحلقوق العربية والقومية واملركزية التي ُهدرت‬ ‫ومتّ تغليب املصالح الشخصية والفئوية الضيقة‬ ‫عليها‪ ،‬ومن هنا كانت االتفاقيات املشؤومة في‬ ‫“كامب ديفيد” ووادي عربة وأوسلو وغيرها‪ ،‬وهنا ال‬ ‫ميكن التفريق بني حرية الوطن واملواطن‪ ،‬وعندما‬ ‫يكون الوطن مكبالً باالتفاقيات والتبعية فال‬ ‫حرية للمواطن في بلد يخضع لإلمالءات اخلارجية‬ ‫وينفذ سياسة خارجية ال تخدم مصالح بالده‪.‬‬ ‫أما سوريا فكانت دائما ً شأن آخر ومت ّيزت‬ ‫مبواقفها الوطنية والقومية‪ ،‬وباملقاربة املوضوعية‬ ‫والعلمية السياسية الصرفة‪ ،‬فإن سوريا هي بلد‬ ‫املمانعة واملقاومة وهي عمق األمة‪ ،‬وهي التي‬ ‫رفدت املقاومة بكل دعم في سبيل استعادة‬ ‫األرض السليبة والكرامة الوطنية املهدورة‬ ‫واحلقوق القومية املشروعة‪.‬‬ ‫وعاش السوريون مع بعضهم دون تفرقة‬ ‫فعم السالم‬ ‫في الدين أو الطائفة أو املذهب‬ ‫ّ‬ ‫ودخلت الطمأنينة وتعززت الوحدة الوطنية‪،‬‬ ‫وسوريا بقيت دوما ً تعمل وفق استراتيجية‬ ‫واضحة وأولويات محددة وبقيت قلعة شامخة‬ ‫للعروبة لم يهتز بنيانها حتى في أوج املشاريع‬ ‫االستعمارية التي استهدفت أقطار األمة‪ ،‬وهي‬ ‫لم تتخل عن ثوابتها الوطنية والقومية ولم‬ ‫تخضع لتهدد أو وعيد‪ ،‬وسوريا التي دخلت عصر‬ ‫العصرنة واقتصاد املعرفة وحتديث البنى التحتية‬

‫‪7‬‬

‫وأصبحت من الدول التي دخل إليها التحديث‬ ‫املتوازن بسرعة فائقة‪.‬‬ ‫وسوريا ليست مصر‪ ،‬مع كل التقدير لشعب‬ ‫مصر العربي األصيل وأبطال العبور في حرب‬ ‫أكتوبر الذين رفعوا رأس األمة عاليا ً مع إخوانهم‬ ‫أبطال سوريا في حربهم املظفرة اجمليدة عام‬ ‫‪ ،1973‬ولكن دعاة االستسالم الذين عقدوا‬ ‫الصلح املنفرد وفرطوا بحقوق األمة العربية‪،‬‬ ‫أوصلوا مصر الى درجة كبيرة من التهميش‬ ‫حيث بدت في عهد “مبارك” بدون دور معنوي وال‬ ‫قومي وال وطني‪ ،‬بل جعلها النظام البائد أداة من‬ ‫األدوات بيد األميركي والصهيوني‪ ،‬لكن سوريا‬ ‫وبقيادة الرئيس بشار األسد وقبله الرئيس الراحل‬ ‫حافظ األسد كانت دائما ً الصوت القوي الواضح‬ ‫ندد باملواقف املتخاذلة لبعض األنظمة في‬ ‫الذي ّ‬ ‫هذه األمة التي ربطت مصاحلها باالستعمار‬ ‫بجميع أشكاله‪ ،‬ولم يكن صدفة أن تنتفض‬ ‫مصر بأكملها وتقول ال للفساد والتبعية‪ ،‬نعم‬ ‫ملصر القوية احلرة املستقلة التي تقف مع أمتها‬ ‫في سبيل عزة شعبها وكرامته وال للوصاية‬ ‫األجنبية‪ ،‬وال حلصار غزة‪ ،‬وكفى هواناً‪ ،‬فسقط‬ ‫نظام “مبارك”‪.‬‬ ‫األحداث األخيرة في سوريا هي بالتأكيد من‬ ‫صناعة خارجية عبارة عن رد أميركي وركوب‬ ‫موجة االنتفاضات الشعبية في املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬وهي موقف استباقي من أعداء األمة‬ ‫وأعوانهم الصغار وخشيتهم فيما لو تقدمت‬ ‫مصر العروبة بعد ثورة يناير وعودة الوجه العربي‬ ‫األصيل ملصر باجتاه إعادة دورها الوطني والقومي‬ ‫من خالل التالقي مع سوريا التي تأخذ دورها‬ ‫الوطني القومي واملمانع وعدم الرضوخ إلرادة‬ ‫أميركا‪ ،‬وسينعكس هذا على الواقع العربي‬ ‫وعلى األمة كلها‪ ،‬من هنا استبق أعداء سوريا‬ ‫التطورات والتوقعات احملتملة وحركوا كل القوى‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫وهاب يكشف عن مال‬ ‫يصرفه تركي بن عبد العزيز لزعزعة سوريا‬

‫‪ % 50‬من شباب لبنان‬ ‫عاطل عن العمل‬ ‫لعنة‬

‫اإلغتراب‬

‫الغالف‬

‫احلاقدة لتكون عامل تفجير ولالساءة الى سوريا‬ ‫وملنع التالقي السوري واملصري‪.‬‬ ‫لذلك انطلقت احلملة ضد سوريا حتت عنوان‬ ‫اإلصالح‪ ،‬ورغم أن هناك فئة تطالب باإلصالح وهي‬ ‫صادقة‪ ،‬واإلصالح في حقيقته هو لتقوية ومتتني‬ ‫املوقف السياسي السوري‪ ،‬واإلصالح ليس ضد‬ ‫النظام وإمنا لتقويته وهو الذي يتمسك بالثوابت‬ ‫الوطنية والقومية رغم شراسة الهجمة‬ ‫واملشاريع االستعمارية والضغوط املتواصلة‬ ‫ضد سوريا ومحاولة عزلها عن عاملها العربي‬ ‫ومحيطها اإلقليمي والتي سقطت أمام صمود‬ ‫املوقف السوري الصلب واملبدئي‪ ،‬ومن هنا فإن‬ ‫مندسني وقوى خارجية دخلوا ليسيئوا الى سوريا‬ ‫كي حت ّول احلركات االحتجاجية السلمية من‬ ‫مصلحة سوريا الى معاداتها‪ ،‬وهناك ثقة كبيرة‬ ‫لدى الغالبية الساحقة‪ ،‬أن اإلصالحات التي بوشر‬ ‫بتطبيقها وكانت قد بدأت قبل سنوات ويجري‬ ‫استكمالها‪ ،‬بعد أن أعلن الرئيس األسد عنها‬ ‫وهي تستجيب لطموحات الشعب السوري‪،‬‬ ‫وحتقيقها على أرض الواقع سيعزز املوقف‬ ‫القومي املمانع في مواجهة العدوان الصهيوني‬ ‫– األميركي‪ ،‬وقد بدأت اإلصالحات تأخذ طريقها‬ ‫بإصدار مراسيم إنهاء حالة الطوارئ وإلغاء‬ ‫محكمة أمن الدولة‪ ،‬كما أق ّرت احلكومة اجلديدة‬ ‫تعديل قانون التعاون السكني مبا يتناسب مع‬ ‫تأمني املسكن بسعر الكلفة لذوي الدخل احملدود‬ ‫وتأمني قروض مخفضة للسكن‪.‬‬ ‫سوريا قوية‪ ،‬والرئيس بشار األسد يع ّبر عن‬ ‫ضمير الشعب العربي وهو الذي يعتبر القضية‬ ‫الفلسطينية قضية األمة بأسرها‪ ،‬وأي إصالح‬ ‫سيكون مبثابة قوة جديدة لسوريا وتأكيدا ً‬ ‫للموقف القومي الذي هو في خدمة املوقف‬ ‫السياسي التاريخي الذي أرسى دعائمه الرئيس‬ ‫اخلالد حافظ األسد‪ ،‬في ظل استمرارية ذات‬ ‫املوقف والرؤية على يقني تام بحتمية االنتصار‬ ‫وإفشال كل املشاريع والرؤية على يقني تام‬ ‫بحتمية االنتصار وإفشال كل املشاريع املعادية‬ ‫وستخرج سوريا من هذه الهجمة وهي أكثر قوة‬ ‫وستبقى رائدة القومية العربية‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون‪ ،‬أن الرئيس بشار األسد كان‬ ‫عازما ً على إعالن خطة مستقبلية لإلصالحات‪،‬‬ ‫ولكن أرجئ تنفيذها في حينه بسبب املتغيرات‬ ‫اإلقليمية التي حالت دون تنفيذها‪ ،‬واخلطة كما‬ ‫وردت على ألسنة الوزراء‪ ،‬تتثمل في عملية إصالح‬ ‫شاملة‪ ،‬تبدأ بسلك القضاء وتشمل مكافحة‬ ‫الفساد‪ ،‬وتنتهي بوضع قانون انتخابات يكون‬ ‫مبثابة مختبر لقانون تعدد األحزاب‪ ،‬وهذا ما عناه‬ ‫الرئيس األسد من وراء قوله إن بقاء سوريا خارج‬ ‫عملية اإلصالح هو عمل مدمر‪.‬‬ ‫وحدد خطاب السيد الرئيس للحكومة‬ ‫ّ‬ ‫اجلديدة‪ ،‬أربع قضايا مهمة‪ ،‬هي تعزيز الوحدة‬ ‫الوطنية وسحق الفتنة الطائفية‪ ،‬ومكافحة‬ ‫استشراء الفساد ومنع االستغالل‪ ،‬والتصدي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لإلعالم الذي ش ّوه حقيقة األحداث في سوريا‬ ‫والرد عليه بوسائل حضارية ذات صدقية‪ ،‬وزيادة‬ ‫فرص العمل على نحو يخفف من أعباء الشباب‬ ‫ويفتح أمامهم فرص املستقبل‪ ،‬ووعد الرئيس‬ ‫بإجراء حتقيق ومحاسبة املسببني‪ ،‬وقال‪ :‬الدماء‬ ‫التي نزفت هي دماء سورية‪ ،‬والضحايا هم‬ ‫إخواننا وأهلهم أهلنا‪ ،‬ومن الضروري أن نبحث عن‬ ‫األسباب واملسببني ونحقق ونحاسب‪.‬‬

‫املواقف الدولية‬ ‫وزيرة خارجية الواليات املتحدة كلينتون ّ‬ ‫أكدت‬ ‫أن بالدها لن تتدخل في شؤون سوريا الداخلية‬ ‫مثلما تدخلت في تونس ومصر وليبيا‪ ،‬وقالت‬ ‫إن النظام الذي قاطعته أميركا أكثر من ست‬ ‫سنوات‪ ،‬عادت فأرسلت إليه سفيرا ً مميزا ً بهدف‬ ‫استئناف العالقات الدبلوماسية واالقتصادية‪،‬‬ ‫وفي هذا الكالم يرى املراقبون أهمية الدور السوري‬ ‫في ضبط أوضاع املنطقة وخاصة الساحتني‬ ‫اللبنانية والفلسطينية ملا لسوريا من تأثير في‬ ‫هذا اجملال‪ ،‬وحاجة الواليات املتحدة ملساعدة سوريا‬ ‫في احلوار مع إيران في حال اضطرها االنسحاب‬ ‫العسكري األخير من العراق وأفغانستان‪ ،‬الى‬ ‫تثبيت منظومة العالقات األمنية مع هاتني‬ ‫الدولتني القائمتني فوق بحيرات النفظ والغاز‪.‬‬ ‫وتشعر تركيا بقلق كبير حيال ما حصل في‬ ‫سوريا من محاوالت لزعزعة االستقرار وهي‬ ‫تعتبر سوريا حجر الزاوية بالنسبة الى السياسة‬ ‫التركية الطموحة في العالم العربي‪ ،‬فقد‬ ‫شهدت العالقات بني البلدين ازدهارا ً في السنوات‬ ‫األخيرة‪ ،‬وتسعى تركيا الى التوسط في النزاعات‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وذلك من خالل إنشاء روابط‬ ‫اقتصادية وثيقة‪.‬‬ ‫وحده الكيان الصهيوني وغباء القوة‬ ‫والغطرسة املسيطرة عليه‪ ،‬ال يدرك معنى‬ ‫اللحظة التاريخية التي جنح فيها العرب لدعوات‬ ‫السالم التي أطلقها اجملتمع الدولي‪ ،‬وهذا الكيان‬ ‫أطلق جشعه الى أقصاه في مسعاه لفرض سالم‬ ‫اإلخضاع واإلذالل مستفيدا ً من عالقة االبتزاز‬ ‫التي نسجها والواليات املتحدة بدواعي حتقيق‬ ‫السالم‪ ،‬وها هي “إسرائيل” اليوم قلقة بفعل‬ ‫التغ ّيرات الداهمة‪ ،‬وكأن تطلعات الشعوب الى‬ ‫أنظمة مدنية ودميقراطية ال تعنيها‪ ،‬أو باألحرى‬ ‫كأنها لم تعرف بعد ملاذا هي موجودة في هذه‬ ‫املنطقة أصالً؟‪.‬‬ ‫وفيما تصدر “إسرائيل” الفنت وتستغل كل‬ ‫حلظة ضعف في اجلسم العربي للتوغل في‬ ‫عملية الهدم والتدمير وضرب ركائز األمن العربي‬ ‫وإضعافه‪ ،‬فإن تركيا ال تسعى الى تصدير منوذجها‬ ‫القائم على دميقراطية غربية وإسالم حضاري‪،‬‬ ‫لكنها تعرف أن كثرين في العالم العربي يدعون‬ ‫الى استيراده‪ ،‬وهي تعرف أنه ال ميكن استنساخه‬

‫‪8‬‬

‫ألنه وليد التجربة التركية الفريدة من تصاهر‬ ‫العلمانية واإلسالم الى متازجهما‪ ،‬وما يجري في‬ ‫العالم العربي سيتمخض عنه مفاهيم جديدة‬ ‫ومعادالت وتوازنات جديدة‪ ،‬وهي حتما ً ستكون‬ ‫لصالح الشعب العربي الذي دفع أثمانا ً باهظة‬ ‫من القهر واحلصار والتجويع والبطالة والتفرقة‬ ‫والفتنة والتجزئة وساهمت عقود من التبعية‬ ‫للغرب االستعماري الى نهب موارده وإعاقة‬ ‫عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية في‬ ‫أرجاءه‪.‬‬ ‫لقد حاول نواب بارزون في مجلس الشيوخ‬ ‫بينهم السيناتور اجلمهوري جون ماكني‪،‬‬ ‫والسناتور املستقل جوزيف ليبرمان اعتبار “أن‬ ‫يأت إال‬ ‫نهج االنخراط مع النظام في سوريا لم ِ‬ ‫بالقليل‪ ،‬وذكرا في بيان أصدراه‪ ،‬أنه من الضروري‬ ‫اعتماد استراتيجية جديدة حيال سوريا جتعل‬ ‫الواليات املتحدة تدعم التطلعات واملطالب‬ ‫املشروعة للشعب السوري حيال مستقبله‪،‬‬ ‫وحاوال اإلشارة الى العواقب اخلطيرة الستمرار‬ ‫(القمع والعنف)‪.‬‬ ‫إن من يقرأ هذه احلمية والغيرة املعلنة من‬ ‫النواب األميركيني‪ ،‬يتذكر آلة القمع الصهيونية‬ ‫واجملازر التي ترتكب بأسلحة أميركية فتاكة في‬ ‫فلسطني ولبنان والعراق وأفغانستان والسودان‬ ‫وليبيا وغيرها‪ ،‬ونسي هؤالء أنهم أول من ارتكب‬ ‫مجازر بحق أبناء جلدتهم في مشاهد ال ميكن أن‬ ‫متحى من ذاكرة اإلنسانية‪.‬‬ ‫لقد ّ‬ ‫أكد الرئيس بشار األسد “أن جانبا ً مما‬ ‫يحصل اليوم متشابه مع ما حصل عام ‪،2005‬‬ ‫هي احلرب االفتراضية وأنا قلت في ذلك الوقت‬ ‫بأنهم يريدون منا أن نقدم صك االستسالم‬ ‫مجانا ً عبر حرب افتراضية باإلعالم واالنترنت‪ ،‬نحن‬ ‫أفشلنا هذه الهزمية االفتراضية اخملططة عام‬ ‫‪ ،2005‬حقيقة بالوعي الشعبي‪ ،‬وعلينا أن نعزز‬ ‫هذا الوعي ألنه هو الرصيد الذي يحمي سوريا في‬ ‫مفاصلها”‪.‬‬ ‫وأد الفتنة واجب وطني وأخالقي وشرعي بعد‬ ‫أن ظهرت حركات سلفية‪ ،‬قامت بأعمال القتل‬ ‫والتخريب‪ ،‬ومارست اإلجرام‪ ،‬وب ّثت النعرات‬ ‫املذهبية والطائفية‪ ،‬وهي تسعى لتقويض‬ ‫الدولة‪ ،‬وال تعمل لإلصالح‪ ،‬وقد خبرت سوريا‬ ‫وتصدت‬ ‫مثل هذه التحركات في الثمانينات‬ ‫ّ‬ ‫لها وأسقطت مشاريعها‪ ،‬وكل من يستطيع‬ ‫أن يساهم في وأدها وال يفعل فهو جزء منها‪،‬‬ ‫لقد أثبت الشعب السوري بغيرته الوطنية مدى‬ ‫حرصه على سالمة الوطن وأمنه واستقراره‬ ‫فكان حاضرا ً دوما ً في أوقات الشدة وهو اليوم‬ ‫أكثر عزمية وإقداما ً لتلبية الواجب والدفاع عن‬ ‫الوطن وسوريا ستبقى عمق هذا األمة وهي حتمل‬ ‫راية املمانعة واملقاومة واحلفاظ على كرامة األمة‬ ‫مهما بلغت التضحيات‪.‬‬

‫محمود صالح‬


‫حوار‬

‫راق للتعايش المسيحي ‪ -‬اإلسالمي‬ ‫سوريا أنموذج ٍ‬

‫راعي أبرشية حلب المطران أبي عاد لـ “منبر التوحيد”‪:‬‬

‫ال يوجد خوف على المسيحيين تحت مظلة الرئيس األسد‬ ‫متتزج دقات أجراس الكنائس بصوت اآلذان‬ ‫في الكثير من املدن السورية التي تعيش فيها‬ ‫طوائف مسيحية ترجع جذورها الى ما قبل‬ ‫احلقبة اإلسالمية بفترة طويلة‪ .‬ومسيحيو‬ ‫سوريا يعيشون في سالم مع املسلمني في دولة‬ ‫يعتبرها الكثير منهم مالذا ً آمنا ً في منطقة‬ ‫تشكو فيها األقليات الدينية من مظالم كثيرة‪.‬‬ ‫ورغم أن املسيحيني في سوريا ال تواجههم نفس‬ ‫املشاكل التي تواجه أبناء دينهم في أماكن أخرى‬ ‫في املنطقة فإنهم يخشون أن تؤدي أي تداعيات‬ ‫للصراعات وصعود احلركات اإلسالمية الى تقييد‬ ‫حرياتهم‪ .‬فالعلمانية تلعب دورا ً مهما ً جدا ً ومتكن‬ ‫األقليات من العيش في سالم وكرامة والتمتع‬ ‫أما احلكومة السورية فهي تلعب‬ ‫بحقوقها‪ّ .‬‬ ‫دورا ً رائدا ً في حماية األقليات إميانا ً منها بضرورة‬ ‫احملافظة على كافة أطياف النسيج السوري‬ ‫املتن ّوع الذي يضفي مت ّيزا ً ال تنعم فيه باقي الدول‬ ‫العربية فتسمح وتشجع على بناء كنائس‬ ‫ومعاهد ومدارس جديدة‪ .‬كما تنحي الدين جانبا ً‬ ‫والدليل على ذلك يتم ّثل في إصدار جوازات السفر‬ ‫وبطاقات الهوية ال توجد بها خانة للديانة‪ ،‬وهذه‬ ‫ميزة فريدة غير موجودة في باقي الدول العربية‪،‬‬ ‫وقد تلقّ ف املسيحيون هذا التم ّيز باملعاملة‬ ‫واالهتمام القريب جدا ً الى االهتمام الرعوي فردوا‬ ‫اجلميل عن طريق دعمهم النظام البعثي العلماني‬ ‫القائم على مبدأ الوحدة واحلرية واالشتراكية‪،‬‬ ‫التي يقوم عليها حزب البعث‪ .‬واجلدير ذكره أن‬ ‫الرئيس بشار األسد وزوجته أسماء قد درسا في‬ ‫مدرسة أنشأها وكان يديرها مسيحيون‪.‬‬ ‫لم تخضع الكنيسة املسيحية للتقسيمات‬ ‫صبغت بها منطقتنا‬ ‫اإلدارية والسياسية التي ُ‬ ‫بعد اتفاقية سايكس‪ -‬بيكو‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫جناحها في تقسيم منطقة سوريا الطبيعية‪،‬‬ ‫إلى مناطق للنفوذ الفرنسي وأخرى للبريطاني‪،‬‬ ‫وخلق كيانات سياسية لم تكن موجودة سابقا ً‬ ‫كسوريا ولبنان واألردن‪ ،‬إال أن هيكلية الكنيسة‬ ‫املسيحية متسكت بوحدتها بعيدا ً عن تركيبة‬ ‫الكيانات الناشئة‪ ،‬وظلت شاهدا ً على الوحدة‬ ‫الطبيعية والبشرية للمنطقة برمتها‪.‬‬ ‫فالبطركية املارونية في جبل لبنان ال تزال‬ ‫بطركية للمسيحيني املوارنة في كل املنطقة‪،‬‬ ‫واألمر نفسه ينطبق على بطركية أنطاكيا‬ ‫وسائر املشرق للكاثوليك الغربيني واألرثوذكس‬ ‫الشرقيني‪.‬‬

‫محاوالت تقسيمية‬ ‫ملطرانية عكار‬ ‫بالرغم من احملاوالت التخريبية التقسيمية‬ ‫التي لم تو ِّفر من ش ّرها حتى الكنائس‪ ،‬فقد‬ ‫ظ ّلت قرى وادي النصارى في منطقتي تلكلخ‬ ‫وصافيتا في سوريا‪ ،‬وهي قرى يدين معظم‬ ‫سكانها باملسيحية األرثوذكسية‪ ،‬تابعة‬ ‫عبر تاريخها ألبرشية (مطرانية) ّ‬ ‫عكار للروم‬ ‫األرثوذكس في لبنان‪ ،‬وهي أساسا ً من قرى ّ‬ ‫عكار‬ ‫سواء صنّفتها سايكس بيكو قرى سورية أو‬ ‫لبنانية‪.‬‬ ‫ومنذ فترة قصيرة انتقل إلى رحمة اهلل املطران‬ ‫بولس بندلي مطران أبرشية ّ‬ ‫عكار للمسيحيني‬ ‫األرثوذكس‪ ،‬ما رتّب على مطارنة بطركية‬ ‫إنطاكيا وسائر املشرق مهمة إيجاد خَ لَف‬ ‫مناسب له‪ ،‬فحاول البعض التدخّ ل من خالل‬ ‫دس السموم لدى بعض مطارنة‬ ‫العمل على ِّ‬ ‫البطركية‪ ،‬محاولني الدفع ترهيبا ً وترغيبا ً نحو‬ ‫جتزئة مطرانية ّ‬ ‫عكار إلى مطرانيتني‪ ،‬واحدة في‬ ‫ّ‬ ‫عكار تتولى الشأن الديني في قرى لبنان‪ ،‬وأخرى‬ ‫في سوريا تتولى الشأن الديني لقرى صافيتا‬ ‫وتلكلخ‪ .‬وعندما اجتمع عدد من املطارنة في‬ ‫مطرانية ّ‬ ‫عكار النتخاب خَ لَف للمطران بندلي‪،‬‬

‫‪9‬‬

‫فوجئ الكثير منهم بطرح البعض تفكيك‬ ‫املطرانية إلى مطرانيتني‪ ،‬واحدة لبنانية في ّ‬ ‫عكار‬ ‫وأخرى سورية في صافيتا أو مرمريتا‪ .‬وقد سرَّب‬ ‫أحد املطارنة املوقرين معلومات تؤكد أن أطراف‬ ‫إسالمية رفيعة‪ ،‬وبتمويل سعودي‪ ،‬هو من كان‬ ‫يقف وراء هذا الطرح‪.‬‬ ‫لكن حرص عدد كبير من املطارنة على وحدة‬ ‫الكنيسة وعدم خضوعها للتجاذبات والرغبات‬ ‫السعودية‪ ،‬حتت أي نوع من أنواع الترهيب أو‬ ‫الترغيب‪ ،‬وأد احملاولة في مهدها‪ .‬وتندرج هذه‬ ‫األعمال ضمن تنفيذ رغبات أميركية صهيونية‬ ‫تقسيمية‪.‬‬

‫أوطان جديدة في اخلارج‬ ‫إ ّن تسارع وتيرة الهجرة وانخفاض معدالت‬ ‫اإلجناب بني املسيحيني أكثر من املسلمني‬ ‫وهو اجتاه مرتبط بارتفاع مستويات التعليم‬ ‫والتمدن بينهم‪ ،‬والروابط العائلية مع اجلاليات‬ ‫تيسر على‬ ‫السورية املسيحية في املهجر‬ ‫ّ‬ ‫املسيحيني الذين يتطلعون الى الغرب للعثور‬ ‫على أوطان جديدة في اخلارج‪ .‬وميكن تطبيق‬ ‫هذه املعادلة على كافة شرائح اجملتمع السوري‬ ‫ال بل العربي‪.‬‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫ماذا عن تهديدات القاعدة؟‬ ‫اما بالعودة الى تهديدات تنظيم القاعدة التي‬ ‫ّ‬ ‫توعدت املسيحيني في الشرق‪ ،‬ونفذتها في عدد‬ ‫من الدول لم يشعر املسيحيون السوريون باخلطر‬ ‫ألنهم ميارسون طقوسهم وعاداتهم االجتماعية‬ ‫دون خدش ملشاعر اآلخرين‪ ،‬ودون وجود حساسيات‬ ‫سابقة بني املسيحيني وأي فئة أخرى‪ .‬فصورة‬ ‫التعايش اإلسالمي املسيحي في سوريا أمنوذج راق‪،‬‬ ‫على الرغم من احتفاظ كل طرف بخصوصياته‬ ‫من العبادات واملناسبات إال أن التعايش قائم على‬ ‫االحترام املتبادل‪ ،‬وإلى هذه اللحظة لم يستطع‬ ‫أحد النيل من هذه العالقة املميزة‪ ،‬فليس هناك‬ ‫أي متييز أو مضايقة من قبل اجملتمع أو الدولة‬ ‫للمسيحيني‪ .‬ويتولى البعض منهم مواقع‬ ‫مهمة في احلياة العامة‪ ،‬كما حترص الدولة على‬ ‫متثيل مناصب لهم في احلكومة والبرملان واجليش‬ ‫والسفارات وسائر املواقع اإلدارية‪ ،‬وذلك بشكل‬ ‫مدروس دون كوتا معلنة‪ .‬املسيحيون يشعرون‬ ‫باألمان ألن هناك دولة حتميهم‪.‬‬

‫دمشق مقر للبطاركة‬ ‫كان سكان سوريا من أوائل الشعوب التي‬ ‫اعتنقت الديانة املسيحية‪ ،‬حيث اعتنق اآلراميون‬ ‫(السوريون القدماء) الديانة املسيحية ألن اآلرامية‬ ‫كانت لغة السيد املسيح‪ ،‬والتزال قرية معلوال‬ ‫السورية تتك ّلم اللغة اآلرامية وحتافظ عليها‪،‬‬ ‫وتنشئ مدارس خاصة لتعليم هذه اللغة‪ ،‬كما‬ ‫اعتنقت بعض القبائل العربية التي استوطنت‬ ‫سوريا الديانة املسيحية مثل الغساسنة في‬ ‫حوران وجنوب سوريا وبني تغلب الذين قطنوا‬ ‫منطقة حلب ومنطقة اجلزيرة منذ عصر ما قبل‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫واليوم يتوزع املسيحيون في سوريا على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫* في وادي النصارى (شمال غرب سوريا) يوجد‬ ‫جتمع كثيف للروم األرثوذكس‪ .‬ومن أهم القرى‬ ‫املسيحية مرمريتا‪ ،‬الناصرة‪ ،‬مشتى عازار‪ ،‬مشتى‬ ‫حلو‪ ،‬زويتينة‪ ،‬املشتاية‪ ،‬صافيتا (فوق طرطوس)‪.‬‬ ‫* في سلسلة جبال قلمون توجد قرى سريانية‬ ‫قدمية أهمها معلولة‪ ،‬صيدنايا‪ ،‬يبرود‪...‬‬ ‫* في دمشق توجد جتمعات سكنية مسيحية‬ ‫في مناطق القصاع‪ ،‬باب توما‪ ،‬امليدان‪ ،‬طبالة‪ .‬وفي‬ ‫ضواحي دمشق هناك دمر‪ ،‬حرستا‪ ،‬برزة‪ ،‬وفي ريف‬ ‫دمشق جرمانا‪ ،‬كشكول‪ ،‬دويلعة‪...‬‬ ‫* أما في حلب فمناطق العزيزية‪ ،‬والتلل‪ ،‬وسبيل‬ ‫تعج باملسيحيني‪.‬‬ ‫ما جعل من سوريا منطلقا ً لعدد من الطوائف‬ ‫املسيحية والكنائس الشرقية‪ ،‬وموطنا ً للكثير‬ ‫من رجال الدين والرسل والقديسني والرهبان‪،‬‬ ‫حيث اتخذ ثالثة بطاركة لكنائس شرقية من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫دمشق مقرا ً لهم وهم بطريرك الروم الكاثوليك‬ ‫والروم األرثوذكس وبطريرك السريان األرثوذكس‪،‬‬ ‫كما يوجد على امتداد األرض السورية في املدن‬ ‫والبلدات وفي أعالي اجلبال العشرات من األديرة‬ ‫واملئات من الكنائس واملقدسات الهامة في‬ ‫التاريخ املسيحي واحلضارة اإلنسانية‪.‬‬

‫قانون جديد‬ ‫لألحوال الشخصية‬ ‫وبالنسبة الى شؤون األحوال الشخصية فقد‬ ‫تغ ّير الوضع مؤخرا ً مع صدور قانون جديد لألحوال‬ ‫الشخصية للطوائف الكاثوليكية بتاريخ‬ ‫‪ ،2006/6/18‬اعتبر نافذا ً بعد نشره في اجلريدة‬ ‫الرسمية في ‪ . 2006/7/5‬ويخضع لهذا القانون‬ ‫أبناء طائفة الروم امللكيني الكاثوليك‪ ،‬الطائفة‬ ‫املارونية‪ ،‬الطائفة األرمنية الكاثوليكية‪ ،‬الطائفة‬ ‫السريانية الكاثوليكية‪ ،‬الطائفة الالتينية‪،‬‬ ‫والطائفة الكلدانية‪ .‬وأبرز تغيير في هذا القانون‬ ‫يكمن في اعتبار املرأة والرجل متساويني في‬ ‫اإلرث‪.‬‬

‫للمسيحيون مراكز قيادية‬ ‫ويحتل املسيحيون في مجلس الشعب السوري‬ ‫‪17‬مقعدا ً من أصل ‪ 252‬ويتبوأون ثالثة مناصب‬ ‫وزارية‪ .‬وقد أثبت مسيحيو سوريا وجودهم‬

‫‪10‬‬

‫في املنطقة‪ ،‬ما أعطى اجملتمع السوري تنوعا ً‬ ‫وديناميكية‪ ،‬تركا أثرهما في احلضور االجتماعي‬ ‫واالقتصادي والثقافي والسياسي‪.‬‬ ‫ويكفي القول أن املسيحيني أوجدوا الصحافة‬ ‫العربية‪ ،‬وأسهموا في دور رئيسي في النهضة‬ ‫العربية‪ ،‬وفي إحياء اللغة العربية‪ ،‬ما أرسى‬ ‫فكرة القومية العربية‪ .‬كما أن انفتاحهم‬ ‫على األفكار والعلوم والنظم االجتماعية‬ ‫احلديثة في الغرب‪ ،‬بسبب مشاطرتهم صفته‬ ‫املسيحية‪ ،‬جعلهم ينهلون من العلم في‬ ‫وقت مبكر ويأخذون مراكز قيادية في مجاالت‬ ‫التربية والتعليم والثقافة والطب وغيرها من‬ ‫املهن العلمية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من قلة عدد املسيحيني (‪%10‬‬ ‫من مجموع السوريني)‪ ،‬حملت النخب السورية‬ ‫املسيحية لواء القومية العربية والتصدي‬ ‫لالحتالل األجنبي والنضال الدؤوب من أجل‬ ‫الوحدة السورية ثم الوحدة العربية‪ .‬ونذكر منهم‬ ‫ميشال عفلق مؤسس حزب البعث‪ ،‬قيادات في‬ ‫احلزب السوري القومي االجتماعي‪.‬‬ ‫وفي سابقة هي األولى من نوعها في تاريخ‬ ‫سوريا‪ ،‬منحت احلكومة السورية املسيحيني‬ ‫يوم عطلة بديل عن عطلة عيد امليالد اجمليد الذي‬ ‫يصادف يوم السبت وهو يوم عطلة رسمية‪.‬‬ ‫فقد أصدرت رئاسة مجلس الوزراء بالغا ً يقضي‬ ‫بتعطيل اجلهات العامة مبناسبة عيد امليالد‪ ،‬وقد‬ ‫عبر الكثير من املسيحيني عن سعادتهم بهذا‬ ‫البالغ‪.‬‬


‫املسيحيون “معززون”‬ ‫في سوريا‬ ‫وإللقاء الضوء على هذا املوضوع‪ ،‬كان لنا‬ ‫لقاء مع راعي أبرشية حلب املارونية املطران‬ ‫أنيس أبي عاد‪ ،‬فكان احلوار التالي‪:‬‬ ‫كيف تقيّم وضع املسيحيني في سوريا؟‬ ‫املسيحيون في سوريا يعيشون في بلدهم‬ ‫باحترام كلي‪ .‬إنهم مرتاحون مثلهم مثل باقي‬ ‫األشخاص‪ .‬يبلغ عددهم ما يقارب املليون نسمة‪.‬‬ ‫غالبيتهم من الروم األرثوذكس ثم تأتي باقي‬ ‫الطوائف مثل السريان األرثوذكس‪ ،‬املوارنة‪ ،‬األرمن‪،‬‬ ‫الالتني‪ ،‬السريان األرثوذكس‪ ،‬الروم الكاثوليك‪،‬‬ ‫والكلدان الذين َك ُثر عددهم بعد أحداث العراق‪.‬‬ ‫جميعهم “معززون” في سوريا‪.‬‬ ‫بصفتكم راعي أبرشية حلب املارونية‪،‬‬ ‫كيف تنظرون الى العالقة مع رؤساء الطوائف‬ ‫اإلسالمية؟‬ ‫هناك حوار روحي مستمر والعالقة جيدة‬ ‫مع املفتني‪ .‬لقد نظمنا مؤمترا ً مارونيا ً مبناسبة‬ ‫السنة املئوية التذكارية الثالثة عشر ومن‬ ‫بني احلضور كان مفتي حلب ومدير األوقاف‬ ‫واملسؤول عن دار الثقافة‪ .‬لقد مثلوا الطائفة‬ ‫املسلمة الكرمية كما حاضروا عن املسيحيني‬ ‫عموماً‪ ،‬واملوارنة خصوصاً‪ ،‬وعن العالقة‬ ‫املسيحية اإلسالمية‪ .‬نحن نرسل إليهم دعوات‬ ‫في املناسبات وخصوصا ً اإلفطارات الرمضانية‪،‬‬ ‫كما نتشارك األفراح واألحزان‪.‬‬ ‫“براد” مدينة تابعة حللب‪ ،‬هل هناك خطط‬ ‫ّ‬ ‫محجة دينية؟‬ ‫لتطوير وحتويل املكان الى‬ ‫نعم لقد ُ‬ ‫شقّ ت الطرقات للوصول الى‬ ‫املكان‪ ،‬وأقيمت الساحات الواسعة‪ .‬وفي عيد‬ ‫مار مارون نصبنا خيما ً ألن هناك الكثير من‬ ‫األشخاص الذين أتوا من لبنان وبلغ عددهم ما‬ ‫قدم لنا الرئيس بشار‬ ‫يقارب العشرة آالف‪ .‬كما ّ‬ ‫األسد قطعة أرض لبناء كنيسة وملحقاتها‬ ‫في “براد”‪.‬‬ ‫هل بدأ العمل ببناء الكنيسة؟‬ ‫سنضع حجر األساس في ‪ 13‬آذار املقبل‪.‬‬ ‫ملاذا ألقي الضوء على “براد” في هذه‬ ‫املرحلة؟‬ ‫ألنه مت اكتشاف قبر القديس مارون هناك‪ ،‬ولم‬ ‫تكن الطريق تصل الى املكان‪ .‬طلبنا شق طريق‬ ‫من احملافظ ورفع طلبنا الى رئيس الوزراء وصودف‬ ‫أنه بعد شهرين حتقق طلبنا‪.‬‬

‫ال توجد أي مشكلة في هذا املوضوع‪ .‬كل‬ ‫يرم كنيسة يحصل‬ ‫شخص يريد أن‬ ‫يعمر أو مّ‬ ‫ّ‬ ‫على املوافقة مع التسهيالت املطلوبة‪ .‬ال يوجد‬ ‫مشكلة مثل باقي البلدان كمصر أو غيرها‪.‬‬ ‫مطرانية حلب هي مطرانية عريقة‪ ،‬كم يبلغ‬ ‫عدد املسيحيني فيها؟‬ ‫مطرانية حلب هي مطرانية صغيرة ولكنها‬ ‫عريقة جداً‪ ،‬في القرن السادس عشر والسابع‬ ‫عشر كان لها وهج قوي‪ .‬لقد عرفت شخصيات‬ ‫كنسية مهمة بينهم أربعة رهبان أتوا الى لبنان‬ ‫وأسسوا الرهبنة املارونية‪ .‬في حلب أيضا ً كان‬ ‫يوجد الكتّاب املاروني‪ ،‬وكان له وهج في املنطقة‪،‬‬ ‫ساهم في تطويره البطريرك دويهي الذي عاش‬ ‫في حلب ملدة خمس سنوات قبل أن يصبح‬ ‫بطريركاً‪ .‬كان مثقفا ً جدا ً وتلميذ روما‪ ،‬وهو الذي‬ ‫جدد ّ‬ ‫ونشط الكتّاب املاروني‪ .‬أما بالنسبة الى عدد‬ ‫ّ‬ ‫املسيحيني في حلب فال توجد إحصاءات رسمية‪،‬‬ ‫لكن عددهم يقارب الـ ‪ 100‬ألف‪.‬‬ ‫هل هناك خطط لتطوير عمل الرعايا‬ ‫والكنائس؟ وهل هناك مساعدات من الدولة؟‬ ‫ال توجد مساعدات مباشرة‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫تسهيالت معينة‪ ،‬مثالً أُعطي مطران السريان‬ ‫األرثوذكس قطعة أرض‪ ،‬وأنشأ عليها مدرسة‪.‬‬ ‫كما أنشئت مدارس للروم األرثوذكس‪ ،‬والسريان‬ ‫األرثوذكس‪ ،‬والروم الكاثوليك‪.‬‬

‫هناك تسهيالت‬ ‫لبناء الكنائس‬

‫مسيحيو سوريا‬ ‫ال يشعرون بقلق‬

‫كيف هي عالقتكم مع السلطات اإلدارية‪،‬‬ ‫وهل تلبّي حاجات الكنائس؟‬

‫نظراً للوضع املسيحي املتردي في املنطقة‪،‬‬ ‫هل يشعر مسيحيو سوريا باخلوف من التطرف‪،‬‬

‫‪11‬‬

‫وهل ميارسون طقوسهم الدينية بحرية تامة؟‬ ‫النظام احلالي نظام قوي ويعرف ماذا يريد‪.‬‬ ‫مسيحيو سوريا ال يشعرون بأي قلق‪ .‬يذهبون‬ ‫الى الكنائس في الليل والنهار ومنتصف‬ ‫الليل وفي األعياد الكبرى‪ .‬هناك حماية من‬ ‫قبل أجهزة الدولة‪ .‬لم نصادف لغاية اليوم أية‬ ‫مشكلة‪.‬‬ ‫هل طلبتم حماية مشددة على‬ ‫الكنائس؟‬ ‫وأمنت لنا‬ ‫نعم‪ ،‬وقد حتركت الدولة بسرعة ّ‬ ‫احلماية خوفا ً من األعمال التخريبية املتطرفة‪.‬‬ ‫الدولة ساهرة على أمننا وال يوجد أي تعديات‪.‬‬ ‫نتمنى أن ال يحصل شيئا ً يعكر هذا األمن‪.‬‬ ‫حصلت بعض اخملاوف بسبب أزمة العراق‪ ،‬ولكن‬ ‫األمور م ّرت بسالم‪.‬‬ ‫هل صحيح أن الدولة السورية أقرّت تعديالت‬ ‫في قانون األحوال الشخصية للطوائف‬ ‫املسيحية؟‬ ‫منذ فترة أق ّرت الدولة قانون األحوال الشخصية‬ ‫للطوائف املسيحية فسمح بالتبني ألنه غير‬ ‫موجود في الشريعة اإلسالمية‪ .‬وبالنسبة الى‬ ‫عقد الزواج والطالق أصبح محكوما ً بقانون‬ ‫األحوال الشخصية للطوائف املسيحية‪ .‬هذه‬ ‫خطوة إيجابية‪ ،‬كانت موجودة سابقا ً ولكنها‬ ‫حتددت اآلن بقوانني واضحة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كلمة أخيرة للمسيحيني في سوريا؟‬ ‫إن اهلل هو الذي يحمي‪ ،‬والسلطات سهرانة‬ ‫على أمننا‪ ،‬وال يوجد خوف حتت مظلة احلكم‬ ‫احلالي‪.‬‬

‫حتقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير عدنان عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫قراءتان سياسية وإعالمية لألحداث في سوريا‬

‫النائب خالد العبود‪ :‬محاولة لتغيير النظام بآخر أصولي‬ ‫إلياس مراد‪ :‬سوريا مستهدفة ألنها تدعم المقاومة‬ ‫رمبا كان قدر سوريا أن يتعمّ د ترابها بالدم‬ ‫كل بضع من السنني‪ ،‬ورمبا كان قدرها أن يكون‬ ‫على ترابها فصل املقال‪ ،‬ورمبا كان قدرها أن تكون‬ ‫ساحة الفرز بني الدخيل واألصيل‪ ،‬لكن األكيد أن‬ ‫قدرها النهوض أياً تكن امللمات‪ ،‬ومهما اشتدت‬ ‫رياح الغدر‪ ،‬وتسن ّنت أسنة احلراب‪ ،‬تبقى سوريا‬ ‫عصية الدمع‪ ...‬تضم جمر األحبة بني الراحتني‪...‬‬ ‫لكنها كصالح الدين تخوض سبعاً من احلروب‬ ‫وتوحد اجلبهتني لتتقدم نحو آخر حطني حيث‬ ‫املآل‪.‬‬ ‫ما متر به سوريا اليوم ليس اضطرابا داخلياً‬ ‫وليته كان‪ ،‬وليس نزاعاً بني جارين أو شقيقني‬ ‫لسهل األمر وهان‪ ،‬هو احلق ظاهر والباطن باطل‬ ‫امتطاه الواقفون في زوايا العتمة يترقبون‬ ‫كبوة جواد ليعملوا سكاكني الغدر‪ ،‬ويشهروا‬ ‫سيوف االنتقام من سوريا‪ ،‬الوحيدة‪ ،‬املتوحدة‬ ‫بثوابت وخيارات باتت تؤرق ليل األميركي‬ ‫واإلسرائيلي‪ ،‬وتقض مضجع اخلليجي‪ ،‬وتهز‬ ‫ذاكرة عرب عاربة اختارهم التدجني وألفوا‬ ‫االستكانة وأمست خيانة الوطن فعل أمر ال‬ ‫نقاش فيه‪ .‬وحيدة تقف سوريا في مواجهة‬ ‫من استعصى عليه شموخ حرمون‪ ،‬وفاق‬ ‫قدرته العسكرية وقبته الفوالذية ترويض‬ ‫شعب سطر نصر تشرين‪ ،‬ووقف وراء نصر متوز‪،‬‬ ‫واحتوى صمود غزة‪.‬‬ ‫هي سوريا الوحيدة أبداً ليس من الغريب‬ ‫استهدافها والتآمر على صمودها ومناعتها‪،‬‬ ‫وليست غريبة أدوات االستهداف ومفردات‬ ‫التشويه والتعتيم على حقيقة ما يجري‪ ،‬فهي‬ ‫شيطنة اآلخر لغة حفظناها‪ ،‬ولعبة كشفنا‬ ‫مستورها منذ انتصار حزب اهلل وفصول احملكمة‬ ‫الدولية ال زالت ماثلة‪ ،‬ومحاوالت بث الفنت‬ ‫والطائفية لم تتوقف منذ “سايكس بيكو”‬ ‫والفشل في تسويق الدولة الدرزية والعلوية‬ ‫ودولتي حلب ودمشق‪.‬‬ ‫وألننا نعرف أساليبه ومفرداته وأدواته‬ ‫أخذنا على عاتقنا في مجلة “منبر التوحيد”‬ ‫أن نتوقف عند ما يسوقون‪ ،‬ونفند باحلجة‬ ‫والبرهان شهود عيانهم‪ ،‬وتفاصيل مؤامراتهم‬ ‫التي يشككون بوجودها‪ ،‬فقصدنا الباحث‬ ‫واحمللل السياسي خالد العبود‪ ،‬ورئيس احتاد‬ ‫الصحفيني إلياس مراد لتفنيد ما تقاطعت‬ ‫عليه الصحف العربية الناطقة باملصالح‬ ‫العبرية والصحف الغربية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العبود‬

‫مراد‬

‫عن أي مؤامرة تتحدث دمشق؟!‬ ‫أي مؤامرة تلك التي يحكى عنها في دمشق‪،‬‬ ‫ومنذ متى كان اإلصالح واملطالبة بالتغيير مؤامرة‪،‬‬ ‫إنها حال األنظمة الدكتاتورية والشمولية خاصة‬ ‫العربية منها هي التي تعشش في ثنايا عقلها‬ ‫االستخباراتي نظرية املؤامرة‪ ،‬إذ أنها ال جتد غير هذه‬ ‫املفردة تذود بها عن السلطة التي ال تتخيل الوجود‬ ‫بدونها‪ ،‬هذه اجلمل هي ما رددته الكثير من الدوريات‬ ‫العربية والغربية‪ ،‬وتناولته وسائل اإلعالم ردًا على‬ ‫املؤامرة التي تعصف بسوريا‪.‬‬ ‫ولهؤالء يقول خالد العبود سأذهب إلى هذه‬ ‫الفرضية مبعنى أن النظام يقدم هذه النظرية التي ال‬ ‫تريد النظام فقط‪ ،‬وإمنا تريد تغيير اجملتمع في سوريا‪،‬‬ ‫والبعض من اخلارج يقول هي ثورة وامتداد ملا حصل‬ ‫في بعض األقطار العربية‪ .‬فلنناقش كلتا الفرضيتني‬ ‫حيث هناك مجموعة من املالحظات فكريا ً وحتليلياً‪،‬‬ ‫حتى تكون هناك مؤامرة يجب أن نالحظ اآلتي أوالً‪:‬‬ ‫ميكن مالحظة مجموعة من الشبهات شبهة‬ ‫املكان‪ ،‬ملاذا درعا وحمص؟ ملاذا بانياس والالذقية؟‬ ‫قد أتفهم أن هناك إشكاال ما عند أهلنا األكراد‬ ‫في احلسكة‪ ،‬إذا كانت هذه الثورات حقيقية ولها‬ ‫مطالب شعبية صرفة وتؤسس ملنصات جديدة‬ ‫قادرة على جتاوز النظام احلالي‪ ،‬ملاذا شبهة املكان هي‬ ‫التي تسود‪ ،‬أال يوجد رجال ثائرون في دمشق وحلب؟‬ ‫املكان هنا يؤسس ويكرس مقولة جزء من املؤامرة‪،‬‬ ‫املسألة ليست فقط طبقة مهمشة رغم أحقية‬ ‫ما ينادي به إخواننا‪ ،‬كل املناطق التي ذكرتها على‬ ‫حدود خارجية‪ ،‬ومن املعروف أن عددا ً كبيرا ً من أبنائها‬ ‫يعملون في اخلارج وميدون الوطن بكتل نقدية ورأس‬

‫‪12‬‬

‫مال متكرر هو الذي ساهم في إيصال هذه احملافظات‬ ‫إلى حدود متقدمة‪ ،‬وظهر فيها التحسن الذي قادته‬ ‫الدولة وأبناء احملافظات‪ ،‬واألصوات ذاتها تقول هذه‬ ‫األمكنة لها خصوصية في عقل النظام لوجود‬ ‫مجموعة من املواطنني الذين ينتمون إلى طائفة‬ ‫معينة‪ ،‬وبالتالي هم مدللون من قبل النظام‪ ،‬هذه‬ ‫األصوات التي تقول هذا الكالم كانت تدلل من حلظة‬ ‫ألخرى بأن أنظروا ماذا يوجد في هذه الالذقية مثال‪،‬‬ ‫حيث يقال أن لها خصوصية معينة نظرا ً ملكونات‬ ‫مذهبية بعينها مشيرين إلى الطائفة التي ينتمي‬ ‫إليها رئيس اجلمهورية‪ .‬لطاملا كنا نسمع أن الداعم‬ ‫حلركة النظام هم أبناء حوران وهم الذين استفادوا‬ ‫من النظام أكثر من غيرهم بكثير‪ ،‬وجزء من أسماء‬ ‫وقامات النظام هم من أبناء هذه احملافظة‪ .‬وأكبر‬ ‫نسبة تعليم مجاني من أبنائها‪.‬‬ ‫ثانيا شبهة الزمان‪ :‬ملاذا اآلن وهنا بالتحديد‪ ،‬لو‬ ‫كانت حصلت في أكثر من مكان بالتزامن لقلنا هي‬ ‫عدوى الثورة‪ ،‬ولكن ملاذا فقط في هذه احملافظات‬ ‫أيعقل أن يقتل النظام نفسه‪.‬‬ ‫أما الياس مراد فيذهب إلى حد القول أن من‬ ‫ّ‬ ‫يشكك باملؤامرة هو املتآمر‪ ،‬سوريا مستهدفة عبر‬ ‫تاريخها طاملا أنها تقف في مواجهة العدو وتدعم‬ ‫املقاومة وأي عمل في إطار التخريب سيدخل في‬ ‫إطار االستهداف‪ ،‬وإذا لم تكن مؤامرة تناسبهم‬ ‫لنستخدم كلمة استهداف‪ .‬هناك فرق بني التوجه‬ ‫الشعبي الواسع وبني أفراد ومجموعات طرحوا في‬ ‫البداية مطالب متّ االستماع إليها ومتت االستجابة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وشكل‬ ‫وقام الرئيس األسد باالستماع واملناقشة‬ ‫بعد خطابه األول جلان أهلية للتحقيق في األعمال‬ ‫التي بني‬


‫األمن و»الشبيحة» يتوقف املشككون عند‬ ‫نفي املؤامرة بل يذهبون حلد نكران وجود اجملموعات‬ ‫املسلحة واإلجرامية التي تعيث فسادا ً ليلقوا بها‬ ‫في وجه النظام ذاته‪ ،‬ويصبح هؤالء «شبيحة»‬ ‫اخترعها من يهمه األمر لتدب الذعر في صفوف من‬ ‫أسموهم ثوار‪ ،‬وثورة لم تبارح بضع قرى‪ ،‬متغافلني‬ ‫عن نقطة مهمة وبديهية تقول أن النظام ال ميكن‬ ‫أن يقدم على قتل نفسه‪ ،‬ويضيف على ذلك خالد‬ ‫العبود بأن هذا كالم غير منطقي وعلى من يسوق‬ ‫لهذا املفهوم أن يفسر لنا ملاذا لم يلق القبض على‬ ‫واحد من هؤالء؟ إضافة إلى ذلك لدينا معلومات‬ ‫وهناك من اعترف سابقا ً مبا يدبر لسوريا‪ .‬وثمة رغبة‬ ‫أميركية جلهة أال يبقى الدور الذي لعبته سوريا في‬ ‫العقود املاضية والتنازل عن ثوابته وأولوياته‪ ،‬هذا‬ ‫كان واضحا ً في مجمل احلراك التاريخي بني سوريا‬ ‫وأميركا‪ .‬نحن أصحاب ذاكرة متجانسة مرتبطة مع‬ ‫التاريخ وخاضت حروبا ً جلهة عزل النظام وحتييده‪ ،‬في‬ ‫‪ 2003‬والضغوطات واملطالب ‪ 2005‬هناك محكمة‬ ‫دولية تضغط باجتاه سوريا ‪ 2006‬وحرب متوز وعدوان‬ ‫غزة وكل هذا ضغط باجتاه النظام في سوريا‪ .‬عادت‬ ‫هذه الرغبة لعزل النظام والتقت مجموعة من‬ ‫املصالح والرؤية املتخيلة هي ليست فقط محاولة‬ ‫الضغط على النظام من أجل فك ارتباطه مع إيران‬ ‫وقوى املقاومة وإمنا تغيير النظام بآخر أصولي حتالف‬ ‫مع دول االعتدال العربي وأميركا ملواجهة إيران وليس‬ ‫«إسرائيل»‪ .‬اليوم جتتمع أكثر من رغبة وهددت بعض‬ ‫املكونات اإلقليمية كتركيا بانتخابات قادمة للحزب‬ ‫احلاكم اآلن‪.‬‬ ‫وعن تعبير “الشبيحة “يقول األستاذ مراد أنه‬ ‫استخدم من أجهزة إعالم محددة لإلساءة إلى‬ ‫مجموع الشعب السوري‪ ،‬ألن اللجان الشعبية‬ ‫التي أنشأت وشكلها املواطنون بعيدا عن تدخل‬ ‫الدولة واألمن ملواجهة الناس اعتبرت أنها أدوات من‬ ‫أدوات النظام في حني أنها حالة شعبية في كل‬ ‫احملافظات‪ ،‬وأي مواطن من هؤالء كان عندما يخرج‬ ‫مع اآلخرين ليس لديه أي سالح أو آلة صدامية‬ ‫وكانت مهمته حفظ األمن في حارته وحيه‪ .‬هذه‬ ‫األجهزة اإلعالمية التي ركزت ألكثر من عشرين يوما ً‬ ‫على احلالة السورية لو كانت حيادية أو منصفة أو‬ ‫مهنية‪ ،‬لوازنت بني الشهداء الذين سقطوا من‬ ‫أجهزة األمن واحلاالت األخرى‪ ،‬فمن يقوم بترويع‬ ‫الشعب هي مجموعات إجرامية مسلحة دخلت‬ ‫إلى االحتجاجات السلمية وأحيانا ً كما في حمص‬ ‫لم يكن هناك تظاهرات‪ ،‬وإمنا دخلوا إلى أحياء‬ ‫وحارات‪ ،‬وبدأوا إطالق الرصاص‪ ،‬وكذلك ما ارتكب‬ ‫بحق املواطنني أنفسهم وإحراق املنشآت‪.‬‬

‫هل من حرس قدمي يناهض‬ ‫اإلصالح؟‬ ‫لم تتوقف األقالم عن التشكيك والقصف‬ ‫اإلعالمي للحظة على سوريا فحتى القرارات‬

‫اإلصالحية واملراسيم التي صدرت لم تقنع ولم‬ ‫يتوقف عندها العقل الناقد واملتأمل‪ ،‬إمنا هو سيل‬ ‫االتهامات ووضع العصي في العجالت‪ ،‬حيث لم يعد‬ ‫هناك مكان للصبر‪ ،‬فالرئيس إما أنه ال يستطيع‬ ‫اإلصالح أو غير قادر عليه بإشارة ملا يسمى بحرس‬ ‫قدمي يرفض التغيير الذي سيأتي على مصاحله‪ ،‬وعن‬ ‫ذلك يقول خالد العبود‪ :‬هناك من هو موجود في‬ ‫البنية االقتصادية االجتماعية السياسية‪ ،‬قامات‬ ‫متأل فراغا ً ما معينا ً لكنها ال تساهم مبا هو مطلوب‬ ‫منها ويجب أن تقوم به‪ ،‬وهذا ليس جديدا‪ ،‬ومنذ‬ ‫تولي الرئيس األسد ملهامه الدستورية كان هذا‬ ‫واضحاً‪ ،‬وبالتالي ّ‬ ‫شكل فعل كبح ملشروع الدولة‬ ‫ذاتها‪ ،‬وإال مباذا نفسر وجود مسودات قوانني في كل‬ ‫ما حتدث عنه؟ في تقديري أنها ليست على طاولة‬ ‫الدكتور بشار األسد بل في مكان ما‪ ،‬ومن ثم هناك‬ ‫سؤال‪ :‬هل استطاعت هذه املؤسسات أن تدفع‬ ‫بهذه املراسيم والقرارات إلى حيث يجب؟ أعتقد‬ ‫أن فعل الكبح هذا ال يع ّبر عن حالة أخالقية إمنا‬ ‫عن حالة مهنية‪ ،‬فاألشخاص املوجودين في بعض‬ ‫املفاصل ليسوا حرفيني ومهنيني بامتياز وإال مباذا‬ ‫نفسر إحجام الكثير من املسؤولني قبل أو بعد‬ ‫خطاب السيد الرئيس ليتحدث في مفصل من‬ ‫املفاصل التي توقف عندها الرئيس بشار األسد في‬ ‫كل إطالالته‪ ،‬هل هذا حرصا ً على أن ال تباح األسرار‬ ‫كذبا ً وهو ليس توجيها من الرئيس بشار‪ .‬لكن هذا ال‬ ‫يعفي من التنبه للعقبات اخلارجية التي أشار إليها‬ ‫الياس مراد وكان قد استعرضها الرئيس األسد منذ‬ ‫خطابه األول وأبرزها عام ‪ 2003‬ودخول األميركي إلى‬ ‫العراق ومطالب كولن باول وشروطه التي حملها‬ ‫للقيادة السورية‪ ،‬ومن ثم زلزال ‪ 2005‬وما تالها‬ ‫و‪ 2006‬وعدوان متوز حيث كانت سوريا قاب قوسني أو‬ ‫أدنى من دخول احلرب‪ ،‬لكنها وقفت مستنفرة لدعم‬ ‫املقاومة‪ ،‬وفي ‪ 2008‬كان عدوان غزة‪ ،‬وقد قال كان‬ ‫من املمكن العمل في عام ‪ 2009‬لكننا قصرنا رمبا‬ ‫وجدنا أن الظرف غير مالئم‪.‬‬

‫سوريا تدعم املقاومة‬ ‫إحدى أخطر التهم التي ترفع في وجه الرئيس‬ ‫بشار األسد هي هدوء اجلبهة مع العدو‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ير ّوج له العدو نفسه حيث يظهر في بعض املفاصل‬ ‫والتسريبات بأنه ال يرغب بتغيير نظام الرئيس‬ ‫األسد ألنه كان ضامنا ً ألمن «إسرائيل»‪ ،‬وهذه دعاية‬ ‫قد القت اآلذان الصاغية‪ ،‬وال ندري كيف يستقيم‬ ‫فعالن متناقضان كدعم املقاومة من جهة‪ ،‬وضمان‬ ‫سالمة األعداء من جهة أخرى؟‬ ‫هذا التناقض يجيب عليه خالد العبود‬ ‫بالتالي‪ :‬يجب أن ال نصغي لتصريح بالعودة إلى‬ ‫مراكز األبحاث داخل الكيان وماذا تقول؟ فهي تقول‬ ‫هدأت جبهة اجلوالن ألن السوريني أدركوا‬ ‫بأن سوريا ّ‬ ‫بعد خروج مصر من معادلة احلرب مع «إسرائيل» أن‬ ‫أي معركة ستكون خاسرة بدون مصر‪ ،‬لكن في اآلن‬

‫‪13‬‬

‫ذاته تدرك أنها قادرة إذا فتح العدو باجتاهها جبهة‬ ‫معينة سوف تؤمله وهذه هي املعادلة العسكرية‬ ‫التي كانت تشتغل عليها منذ أكثر من ثالثني‬ ‫عاماً‪ .‬تقول مراكز االستخبارات أنهم في ظاهر‬ ‫الشيء ضمنوا جبهة اجلوالن‪ ،‬في عمقه ليس‬ ‫كذلك وألول مرة يضرب العمق اإلسرائيلي بفضل‬ ‫الظهير االستراتيجي السوري الذي كان يقف إلى‬ ‫جانب «حزب اهلل»‪ ،‬وألول مرة ميكن التأثير على‬ ‫اجملتمع اإلسرائيلي حتى تل أبيب‪ ،‬أين هو لبنان وأين‬ ‫هو «حزب اهلل» بدون هذا الظهير السوري الذي كاد‬ ‫أن يعد العدة جلهة أنه إذا ما تدخل في املعركة‬ ‫فستكون فرص النجاة لـ «إسرائيل» أقل وليست‬ ‫أعلى‪ .‬عسكريا ً إذا وسع اإلسرائيلي رقعة املواجهة‬ ‫لن تكون لصاحله وإال كان فعلها‪ ،‬السوري أعد‬ ‫لتوسيع هذه الرقعة‪ ،‬املعركة كانت من جهة لقلب‬ ‫املفاهيم االستراتيجية في مواجهة العدو ومن جهة‬ ‫أخرى للتضييق وجلم «إسرائيل» بالتضييق عليها‬ ‫في الداخل‪ .‬ظاهر الشيء سوريا أدخلت اجلبهة في‬ ‫سبات‪ ،‬لكن باطنه وعمقه وضع «إسرائيل» كلها‬ ‫بني فكي كماشة‪ ،‬غزة من اجلنوب و»حزب اهلل» من‬ ‫الشمال‪ ،‬سوريا تقول نحن إلى جانب قطاع غزة‬ ‫وجنوب لبنان ليس في مترير تسوية وإمنا في الضغط‬ ‫عليه أكثر فأكثر‪ .‬ومن ثم احلرب والسلم ليست‬ ‫لعبة هكذا يبدأ الياس مراد رئيس احتاد الصحفيني‬ ‫حديثه‪ ،‬هناك ظروف ومعطيات ألي حرب وألي حالة‬ ‫من املعارك‪ ،‬عندما كانت الظروف مناسبة خاضت‬ ‫سوريا حرب ‪ 73‬وخاضت حرب االستنزاف‪ ،‬املعطيات‬ ‫اختلفت وأصبحت املعادلة مختلفة‪ ،‬عندما خرجت‬ ‫مصر من املعركة وعندما كان هناك وضع عرب‬ ‫متدهور استمر فترة طويلة‪ ،‬اختارت سوريا أن‬ ‫تعمل السترجاع أرضها عبر السالم ولكنها تركت‬ ‫اخليار اآلخر موجود‪ ،‬واشتغلت عليه من خالل دعم‬ ‫املقاومات العربية وتعزيز قدرتها عسكريا ً من أجل‬ ‫املستقبل‪ .‬ال ميكن أن يستمر احتالل اجلوالن إلى‬ ‫األبد‪ ،‬لكن ليس العمل العسكري بالقرار الهني‪،‬‬ ‫إذا أخذ بغير وقته‪ ،‬يؤخذ عندما يكون للصالح‬ ‫القومي والوطني‪ ،‬رمبا ال نعرف مبوازين القوى كثيرا ً‬ ‫كمدنيني لكننا نستطيع أن نقول أن تعزيز قدرة‬ ‫قواتنا املسلحة ووحدتنا الوطنية هي درعنا في أي‬ ‫معركة‪ .‬ومن ثم أعتقد أنهم لم يكونوا مستقرين‬ ‫بعد حرب متوز وال بعد غزة‪ ،‬وهم يتحدثون في الوقت‬ ‫ذاته عن دعم سوريا بشار األسد للمقاومات‪ ،‬وأن‬ ‫فيما األميركان يتحدثون عن تغيير النظام والرئيس‬ ‫ألنه سبب لهم فشالً في مصاحلهم في املنطقة‪ ،‬إن‬ ‫ما يسوقون له يستخدم «بروباغندا» إعالمية حيث‬ ‫ما يستفيدون منه يضعونه موقع االستخدام‪.‬‬ ‫ختاما وأيا تكن املؤامرة ومهما كان التشكيك‬ ‫والتخوين‪ ،‬ستبقى سوريا صامدة وستحمل األيام‬ ‫القادمة املفاجآت وسيعلم أعداؤها أنهم طرقوا‬ ‫الباب اخلطأ‪ ،‬وسيعلم خونة العروبة أي منقلب‬ ‫بنقلبون‪.‬‬

‫دمشق‪ -‬عبد السالم االحمد‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫وهاب يكشف عن مال‬ ‫يصرفه تركي بن عبد العزيز لزعزعة سوريا‬

‫‪ % 50‬من شباب لبنان‬ ‫عاطل عن العمل‬ ‫لعنة‬

‫اإلغتراب‬

‫الغالف‬

‫دعوة الحريري الى تغيير النظام وإسقاط األسد‬

‫ُي ِلبس تياره االتهام السوري بالتو ّرط باألحداث‬

‫لم يكن مستغربا ً أن تعلن السلطات‬ ‫السورية‪ ،‬عن تو ّرط نواب وقيادات في “تيار‬ ‫املستقبل”‪ ،‬باألحداث في سوريا‪ ،‬عبر دعم‬ ‫يدعون املطالبة باإلصالح‪ ،‬بالدعم املالي‬ ‫من ّ‬ ‫وتعزيزهم بالسالح‪ ،‬وحتريضهم على القيام‬ ‫بأعمال تخريبية‪ ،‬وفق الرواية الرسمية التي‬ ‫بثها التلفزيون السوري‪ ،‬نقال ً عن “خلية‬ ‫إرهابية”‪ ،‬اعتقلت في دمشق‪ ،‬واعترف‬ ‫أعضاؤها‪ ،‬أنهم تلقوا ماال ً من النائب في‬ ‫“تيار املستقبل” جمال اجل ّراح‪ ،‬الذي لم يثر‬ ‫ورود اسمه كثيرا ً من التساؤالت‪ ،‬ألنه يرتبط‬ ‫بصداقة شخصية وعالقة حميمية مع‬ ‫نائب الرئيس السوري السابق عبد احلليم‬ ‫ّ‬ ‫يشكل رأس حربة في معارضة‬ ‫خدام‪ ،‬الذي‬ ‫النظام السوري والدعوة الى إسقاطه‪ ،‬بعد‬ ‫أن كان أحد أركانه البارزين على مدى ‪35‬‬ ‫عاماً‪ ،‬وانقلب عليه ألن الرئاسة السورية لم‬ ‫تصل إليه بعد وفاة الرئيس حافظ األسد في‬ ‫العام ‪ ،2000‬وانتقلت السلطة الى الرئيس‬ ‫بشار األسد‪ ،‬فق ّرر خدام أن يق ّوض سلطة‬ ‫األسد االبن‪ ،‬بالرغم من احتفاظه مبنصبه نائبا ً‬ ‫ومد خيوط اتصال مع قوى سورية‬ ‫للرئيس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫معارضة‪ ،‬ح ّرضها على النظام‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫كان يدعم حتركا ً لبنانيا ً يقوم به النائب وليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬الذي طالب في كلمة له في مجلس‬ ‫النواب نهاية عام ‪ ،2000‬بانسحاب القوات‬ ‫السورية‪ ،‬والذي كان أ ّيد دعوة البطريريك‬ ‫املاروني نصر اهلل صفير وبيان “املطارنة املوارنة”‬ ‫في أيلول عام ‪ ،2000‬باملطالبة بخروج اجليش‬ ‫السوري من لبنان‪.‬‬ ‫ومنذ وصول الرئيس بشار األسد‪ ،‬كان هناك‬ ‫ينسق مع خدام‪ ،‬لزعزعة النظام‬ ‫في لبنان‪َ ،‬من ّ‬ ‫السوري‪ ،‬والضغط عليه من لبنان‪ ،‬عبر دعوات‬ ‫بانسحاب “القوات السورية”‪ ،‬ومتّ إنشاء “لقاء‬ ‫قرنة شهوان” برعاية البطريرك صفير‪ ،‬ووضع‬ ‫هدفا ً له‪ ،‬وهو مقاومة الوجود العسكري‬ ‫السوري واألمني في لبنان‪ ،‬وقد القت هذه‬ ‫ثم من الرئيس رفيق‬ ‫الدعوة تأييدا ً من جنبالط ّ‬ ‫احلريري‪ ،‬ومتّت ترجمتها عبر “لقاء البريستول”‬ ‫الذي انضم إليه نواب من “اللقاء الدميقراطي”‪،‬‬ ‫و”كتلة املستقبل”‪ ،‬وقد بدأ هؤالء يتلقون‬ ‫الدعم من أميركا وفرنسا‪ ،‬ال سيما بعد لقاء‬ ‫“النورماندي” الذي جمع الرئيسان جورج بوش‬ ‫وجاك شيراك‪ ،‬واتفقا على استصدار قرار‬ ‫عن مجلس األمن الدولي‪ ،‬بانسحاب القوات‬ ‫السورية من لبنان‪ ،‬وقد صدر بالقرار ‪ 1559‬في ‪2‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫احلريري‬

‫عبد احلليم خدام‬

‫أيلول ‪ ،2004‬إضافة الى نزع سالح امليليشيات‬ ‫واملقصود سالح املقاومة‪.‬‬ ‫فمنذ االحتالل األميركي للعراق في العام‬ ‫‪ ،2003‬والضغط على سوريا قائم ومستمر‬ ‫لتغ ّير قيادتها مواقفها من دعم حركات‬ ‫املقاومة في لبنان وفلسطني والعراق‪ ،‬لكن‬ ‫الرئيس األسد رفض الرضوخ للشروط‬ ‫األميركية التي نقلها إليه في أيار ‪ ،2003‬وزير‬ ‫اخلارجية األميركية آنذاك كولن باول‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫أكد له‪ ،‬أن سالمة النظام هي بالتجاوب مع‬ ‫مطالبنا‪ ،‬بوقف مساندة املقاومة‪ ،‬لكن الرد‬ ‫السوري كان سلبياً‪ ،‬فلجأت إدارة بوش الى‬ ‫الكونغرس وبدأت بفرض عقوبات اقتصادية‬ ‫على سوريا‪ ،‬وكان قانون محاسبتها‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك من أجل تغيير املوقف القومي لسوريا‪،‬‬ ‫التي رأت حجم املؤامرة عليها‪ ،‬وقد مت ّثلت في‬ ‫اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬بعد أن متّ تسريب‬ ‫معلومات عن تهديده من قبل الرئيس األسد‪،‬‬ ‫الذي لم يرضخ للضغوط اخلارجية ومن بعض‬ ‫األطراف اللبنانية بعدم التمديد للرئيس إميل‬ ‫حلود‪ ،‬الذي رأى فيه ضمانة حلماية املقاومة‪ ،‬التي‬ ‫يراد قطع رأسها‪ ،‬وإن الدعوة إلخراج القوات‬ ‫السورية من لبنان‪ ،‬يصب في رفع احلماية عن‬ ‫املقاومة‪ ،‬لنزع سالحها‪ ،‬والذي رفض الرئيس‬ ‫بد من حدث دراماتيكي‬ ‫األسد تنفيذه‪ ،‬وال ّ‬ ‫كبير‪ ،‬لتنفيذ القرار ‪ ،1559‬فكان تفجير موكب‬

‫احلريري‪ ،‬الذي رافقته فورا ً حملة سياسية‬ ‫وإعالمية وحتريك شعبي‪ ،‬يطالب بإسقاط‬ ‫النظام األمني اللبناني – السوري املشترك‪ ،‬الذي‬ ‫اتهم ضباطه باالغتيال‪ ،‬ومتّ اعتقال الضباط‬ ‫اللبنانيني األربعة‪ :‬جميل السيد وعلي احلاج‬ ‫ورميون عازار ومصطفى حمدان‪ ،‬الذين أُخرجوا‬ ‫بعد أربع سنوات من االعتقال السياسي‪ ،‬بعد‬ ‫انكشاف وجود شهود زور على رأسهم محمد‬ ‫زهير الصديق متّ تدبيرهم وتدريبهم لإليقاع‬ ‫بالنظام في سوريا‪ ،‬الذي جتاوب مع التحقيق‬ ‫الدولي‪ ،‬ولم تظهر له أية عالقة باجلرمية‪،‬‬ ‫وكان الهدف من ذلك‪ ،‬وبعد انسحاب القوات‬ ‫السورية‪ ،‬أن يهتز النظام‪ ،‬ويقوم اجليش الذي‬ ‫خرج من لبنان حتت الضغط‪ ،‬باالنقالب على‬ ‫احلكم‪ ،‬الذي كشفت املعلومات والتقارير‪ ،‬أن‬ ‫يحضر نفسه ليحل محل الرئيس‬ ‫خدام كان‬ ‫ّ‬ ‫بشار‪ ،‬مع بدء وصول وحدات اجليش املنسحبة‬ ‫ثم في وصول‬ ‫من لبنان الى األراضي السورية‪ّ ،‬‬ ‫تهمة اغتيال احلريري الى الرئيس السوري‬ ‫شخصياً‪ ،‬ومن خالل شهادة خلدام تقول‪ :‬إن‬ ‫األسد اتّخذ قرارا ً بالتخلص من احلريري‪ ،‬وهو‬ ‫ما أعلنه بعد خروجه من سوريا في مقابلة‬ ‫تلفزيونية في نهاية كانون األول ‪.2005‬‬ ‫فمحاولة إسقاط النظام كانت هدفا ً خلدام‬ ‫الذي أنشأ في اخلارج ما سمي “جبهة اخلالص‬ ‫الوطني” والتي تك ّونت منه ومن “اإلخوان‬

‫‪14‬‬


‫املسلمني” وقيادات شيوعية وناصرية وبعثية‪،‬‬ ‫وشخصيات مستقلة‪ ،‬ونسقت هذه اجلبهة‬ ‫مع رفعت األسد‪ ،‬وتلقت دعما ً أميركيا ً وآخرا ً‬ ‫من دول عربية‪ ،‬ال سيما اخلليجية منها وحتديدا ً‬ ‫السعودية‪ ،‬حيث كشف تقرير أميركي نشرته‬ ‫“الواشنطن بوست” عن تلقي املعارضة‬ ‫السورية دعما ً ماليا ً من اإلدارة األميركية‪ ،‬كما‬ ‫متّ تقدمي مساعدة لها إلنشاء تلفزيون “بردى”‬ ‫في لندن‪.‬‬ ‫هذه املعارضة انفرط عقدها‪ ،‬مع صمود‬ ‫النظام في سوريا‪ ،‬ضد املؤامرات عليه‪ ،‬وثباته‬ ‫على دعم املقاومة في لبنان‪ ،‬التي سجلت‬ ‫انتصارا ً في العام ‪ ،2006‬وبدأ عندها العد‬ ‫العكسي لفشل خدام وحلفاءه في إسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬الذي راهن أطراف لبنانيون على ذلك‪،‬‬ ‫وقد اعترف النائب جنبالط‪ ،‬أنه كان وصل الى‬ ‫قناعة‪ ،‬أن بشار األسد لن يصمد في السلطة‪،‬‬ ‫وهو ذهب الى واشنطن يطالب بإسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬لكن تبينّ له‪ ،‬إن ما ّ‬ ‫يفكر به املسؤولون‬ ‫األميركيون‪ ،‬هو تغيير سلوك النظام الذي عاد‬ ‫أقوى مما كان‪ ،‬واستمر في فرض نفسه العبا ً‬ ‫عربيا ً وإقليمياً‪.‬‬ ‫فالدعوة الى إسقاط النظام السوري التقى‬ ‫عليها خدام مع قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬ألنه ال ميكن “لثورة‬ ‫ّ‬ ‫وتنفذ القرار ‪1559‬‬ ‫األرز”‪ ،‬أن حتقق أهدافها‪،‬‬ ‫بأحد بنوده نزع سالح املقاومة‪ ،‬مع بقاء األسد‬ ‫بد من إخراجه من احلكم‪ ،‬ووصول‬ ‫في سوريا‪ ،‬وال ّ‬ ‫حكم حليف لقوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬وهذا ما يكشف‬ ‫على أن َمن سموا أنفسهم “بالسياديني”‪ ،‬لم‬ ‫يعنيهم الوجود السوري في لبنان‪ ،‬سوى ما‬ ‫يؤمن لهم مصاحلهم‪ ،‬وأنه عندما خرج خدام‬ ‫والعماد حكمت الشهابي واللواء غازي كنعان‬ ‫من موقع القرار في سوريا‪ ،‬وتأثر حلفاءهم في‬ ‫لبنان‪ ،‬ولم يعد جلنبالط ورفيق احلريري أصدقاء‬ ‫لهم في دمشق يلبون طلباتهم‪ ،‬لذلك حصل‬ ‫هذا احللف اللبناني – السوري بني احلريري‬ ‫وجنبالط من جهة وخدام والشهابي وكنعان‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬للضغط على نظام الرئيس‬ ‫األسد‪ ،‬واستعانوا ببوش وشيراك ومجلس األمن‬ ‫الدولي الستصدار قرارات ضد سوريا‪ ،‬وجلأوا الى‬ ‫التحريض السياسي واإلعالمي ضد قيادتها‪،‬‬ ‫واستغلوا جرمية اغتيال احلريري‪ ،‬لتكون معبرا ً‬ ‫لهم للوصول الى رأس النظام في سوريا‪ ،‬وقد‬ ‫انتبه رئيس احلزب التقدمي االشتراكي في ما‬ ‫بعد الى خطورة ما يقوم به‪ ،‬فتراجع بعد خمس‬ ‫سنوات عن رهانه على سقوط النظام السوري‪،‬‬ ‫واعترف أنه أخطأ التقدير‪ ،‬ووقع أسير رهان أن‬ ‫األميركيني بعد احتالل العراق وإسقاط نظام‬ ‫حزب البعث ورئيسه صدام حسني‪ ،‬سيصل‬ ‫السيف األميركي الى رأس النظام السوري‪،‬‬ ‫لذلك هو عاد الى التحالف مع سوريا‪ ،‬وقد‬ ‫أعلن أنه ضد إسقاط النظام ألنه مي ّثل حالة‬ ‫ممانعة ودعم للمقاومة‪ ،‬كما أنه يضمن الوحدة‬

‫جمال اجلراح‬

‫لسوريا‪ ،‬وقال إن من يدعم أطرافا ً في سوريا‬ ‫لزعزعة النظام فإمنا يقوم بعمل مجنون‪.‬‬ ‫وما قام به جنبالط من مراجعة ونقد ذاتي‪،‬‬ ‫وتوثيق حتالفه مع النظام السوري‪ ،‬فعله بداية‬ ‫ثم تخ ّلف عن‬ ‫بتردد وخجل من سعد احلريري‪ّ ،‬‬ ‫هذا املسار‪ ،‬بالرغم من زيارته الى دمشق التي‬ ‫ومد الرئيس األسد اليد إليه للتعاون‪،‬‬ ‫احتضنته‪ّ ،‬‬ ‫وأعاد تعزيز الثقة معه‪ ،‬لكن رئيس احلكومة كان‬ ‫يريد من لقائه بالرئيس السوري‪ ،‬تأمني الدعم‬ ‫له في السلطة‪ ،‬وليس بناء عالقات بني دولتني‪،‬‬ ‫وهو ما كشفه في تعاطيه مع االتفاق السوري‬ ‫– السعودي (س – س)‪ ،‬الذي كان يرغب منه‬ ‫أن يضمن وجوده في رئاسة احلكومة ويحمي‬ ‫فريقه السياسي واألمني والقضائي‪ ،‬وكانت‬ ‫مطالبه شخصية‪ ،‬كما أنه كان رافضا ً حملاكمة‬ ‫شهود الزور في قضية اغتيال والده‪ ،‬وقد تبينّ‬ ‫أنه متو ّرط معهم من خالل شريط “احلقيقة‬ ‫ليكس”‪ ،‬كما لم يتجاوب مع طلب رفض القرار‬ ‫الظني املس ّيس‪ ،‬بعد أن أخذ التحقيق الدولي‬ ‫يكشف عن أهدافه ووقائعه السياسية‪ ،‬التي‬ ‫تريد رأس املقاومة‪.‬‬ ‫فخروج احلريري على االتفاق السوري –‬ ‫السعودي‪ ،‬الذي أنتجته املصاحلة بني الرئيس‬ ‫األسد والعاهل السعودي امللك عبد اهلل‪،‬‬ ‫يكشف عن أن هذا اخلروج‪ ،‬مرتبط بأن تيارا ً‬ ‫في السعودية‪ ،‬إضافة الى آخر في اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬أبلغوا احلريري أن النظام في سوريا‬ ‫لن يكون مبنأى عن ما يجري لألنظمة العربية‪،‬‬ ‫فتريث احلريري في التجاوب مع االتفاق املذكور‪،‬‬ ‫وأعاد الرهان على تغيير النظام‪ ،‬حيث كشفت‬ ‫تقارير “ويكيلكس” عن اجتماع عقد في ‪ 24‬آب‬

‫‪15‬‬

‫‪ ،2006‬جمع احلريري الى أحد كبار املوظفني في‬ ‫جلنة العالقات اخلارجية في مجلس الشيوخ‬ ‫بنيت تالوار‪ ،‬وقد طالبه بأن يضغط اجملتمع‬ ‫ّ‬ ‫يشكل مع‬ ‫الدولي على بشار األسد الذي‬ ‫النظام في إيران عقبة كبرى أمام السالم‪ ،‬وأن‬ ‫اللحظة مؤاتية لفرض حصار عليه وعزله‪ ،‬وإذا‬ ‫لم يحصل ذلك‪ ،‬فإن الرئيس السوري لن يتغ ّير‪،‬‬ ‫كما أن السعودية ودول عربية أخرى ضاقوا ذرعا ً‬ ‫بالشاب بشار‪.‬‬ ‫وشدد احلريري أمام املوظف األميركي‪ ،‬على أن‬ ‫ّ‬ ‫“اإلخوان املسلمني” جاهزون لتسلم السلطة‬ ‫في سوريا‪ ،‬وهم قريبون ومتشابهون مع‬ ‫اإلسالميني املعتدلني في تركيا ويدعمون سالما ً‬ ‫مع “إسرائيل”‪ ،‬حيث كشف وريث احلريرية‬ ‫السياسية في اللقاء عن عالقات قوية‪ ،‬جتمعه‬ ‫مع خدام واملرشد العام لإلخوان املسلمني في‬ ‫سوريا صدر الدين البيانوني‪ ،‬الذي زار لبنان مرات‬ ‫عدة والتقى احلريري وزار جنبالط في اخملتارة‪ ،‬كما‬ ‫أن “تيار املستقبل” احتضن معارضني سوريني‬ ‫أقاموا في لبنان بعد االنسحاب السوري‪ ،‬ومن‬ ‫هؤالء مأمون احلمصي‪ ،‬إضافة الى أن آل احلريري‬ ‫قدموا منزال ً ميتلكونه في باريس خلدام لإلقامة‬ ‫فيه‪ ،‬وهو كان ميلكه الثري اليوناني أوناسيس‪،‬‬ ‫وقد استردته منه مؤخرا ً السيدة نازك احلريري‪.‬‬ ‫فالعالقة التي جتمع “تيار املستقبل”‬ ‫باملعارضة السورية‪ ،‬هو الذي دفع باملسؤولني‬ ‫السوريني الى توجيه اتهامات الى النائب‬ ‫اجل ّراح‪ ،‬في أن يكون تو ّرط بدفع أموال للتخريب‬ ‫في سوريا‪ ،‬طاملا أن في سيرته واعترافه هو‪ ،‬أنه‬ ‫أدار أمواال ً خلدام وعائلته‪ ،‬وهو مازال على تواصل‬ ‫معه‪.‬‬ ‫فمع متويل اخلارجية األميركية للمعارضة‬ ‫السورية‪ ،‬ودعوة احلريري الى عزل النظام في‬ ‫سوريا‪ ،‬إلسقاط بشار األسد‪ ،‬يجب قراءة ما‬ ‫يجري في سوريا‪ ،‬التي عليها أن تقدم املزيد من‬ ‫القرائن والوقائع عن املؤامرة التي تستهدفها‪،‬‬ ‫وأن اإلصالح الذي أقره الرئيس األسد وبوشر‬ ‫بتنفيذه ليس هو الهدف‪ ،‬بل سوريا وموقعها‬ ‫من الصراع العربي ‪ -‬اإلسرائيلي‪ ،‬ودورها في دعم‬ ‫املقاومة‪ ،‬حيث أظهر تطور األحداث‪ ،‬أن املسألة‬ ‫تتعدى إلغاء قانون الطوارئ‪ ،‬وتنظيم األحزاب‪،‬‬ ‫وتوسيع احلرية السياسية واإلعالمية‪ ،‬التي‬ ‫أق ّر الرئيس السوري بضرورة حصولها‪ ،‬واعترف‬ ‫بالتقصير في بتّها قبل سنوات لظروف مرت‬ ‫بها سوريا‪ ،‬والضغوط اخلارجية عليها‪ ،‬والتي‬ ‫فشلت‪ ،‬فكان استهدافها من الداخل‪ ،‬حيث‬ ‫أعاد “اإلخوان املسلمون” و”السلفيون” التجربة‬ ‫مرة ثانية للوصول الى السلطة بعد ثالثني‬ ‫عاما ً من احملاولة األولى‪ ،‬وأن هؤالء سيوافقون‬ ‫على “السالم مع إسرائيل” كما قال احلريري‪،‬‬ ‫للموظف في الكونغرس األميركي‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫وهاب يكشف عن مال‬ ‫يصرفه تركي بن عبد العزيز لزعزعة سوريا‬

‫‪ % 50‬من شباب لبنان‬ ‫عاطل عن العمل‬ ‫لعنة‬

‫اإلغتراب‬

‫الغالف‬

‫وهاب يكشف للـ «أن بي أن» عن صور لشيكات ّ‬ ‫موقعة‬ ‫من األمير السعودي تركي بن عبد العزيز لزعزعة سوريا‬

‫تصدرت صور الشيكات التي عرضها رئيس‬ ‫ّ‬ ‫حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب واملو ّقعة‬ ‫من األمير السعودي تركي بن عبد العزيز لصالح‬ ‫كل من النائب جمال اجل ّراح ومحمد عبد احلميد‬ ‫بيضون ودان بيترسون وجمال عبد احلليم خدام‬ ‫ومجد ناصر األسد‪ ،‬عناوين املقابلة التي أجراها‬ ‫اإلعالمي عباس ضاهر معه على شاشة الـ “أن‬ ‫بي أن” في برنامج “احلدث اإلخباري”‪ ،‬بحيث قال‬ ‫“لدي مجموعة من الوثائق حول ضلوع‬ ‫وهاب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بعض األمراء السعوديني بأحداث سوريا‪ ،‬وقد‬ ‫قلت سابقا ً أنني لن أطلق إتهامات عشوائية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حصلت على صور لشيكات‬ ‫أما اليوم‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫صادرة في القاهرة من شركة سامبا املالية‪ ،‬وهي‬ ‫مو ّقعة من األمير السعودي تركي بن عبد العزيز‬ ‫بتاريخ ‪ ،2010/6/30‬لكل من (جمال اجل ّراح بقيمة‬ ‫‪ 300‬ألف دورالر أميركي – عن البنك العربي في‬ ‫القاهرة)‪ ،‬و(محمد عبد احلميد بيضون بقيمة ‪300‬‬ ‫ألف دوالر أميركي عن البنك العربي في القاهرة)‪،‬‬ ‫و(دان بترسون بقيمة ‪ 400‬ألف يورو – البنك العربي‬ ‫في السودان)‪ ،‬و(جمال عبد احلليم خدام بقيمة‬ ‫‪ 400‬ألف يورو –البنك العربي األوروبي في باريس)‪،‬‬ ‫و(مجد ناصر األسد بقيمة ‪ 350‬ألف دوالر)‪ ،‬إضافة‬ ‫لالئحة كبيرة من األسماء التي أملك شيكات‬ ‫أخرى بإسمها‪ .‬وتابع وهاب‪“ :‬كل اللبنان ّيني اليوم‬ ‫مدركون خلطورة املوقف في سوريا‪ ،‬وأنه إذا حصل‬ ‫خراب في سوريا‪ ،‬فهذا سينعكس على لبنان”‪.‬‬ ‫وعن األحداث التي حصلت في طرابلس‬ ‫حول الوضع السوري‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬ال يستطيع‬ ‫أفراد حزب التحرير في طرابلس‪ ،‬احلديث بإسم‬ ‫كل اللبنانيني‪ ،‬وقد ظهروا أنهم حالة معزولة‪،‬‬ ‫فقد أثبت أبناء طرابلس والشمال أنهم على‬ ‫قدر املسؤولية وأنهم في اللحظات الصعبة إلى‬ ‫جانب سوريا‪ّ ،‬‬ ‫مؤكدا ً أ ّن موقف الرئيس احلريري في‬ ‫الصالونات الداخلية واضح بالنسبة لإلتهامات‬ ‫عن ضلوع تيار “املستقبل” في األحداث في سوريا‪،‬‬ ‫وأقول “أ ّن عدم العمل ضد سوريا هو مصلحة‬ ‫للبنان أوال ً قبل سوريا”‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وأضاف وهاب‪“ :‬من الواضح الدعم السعودي‬ ‫ملا يحصل في العالم العربي‪ ،‬ولكنني على ثقة أ ّن‬ ‫امللك السعودي ليس له أي دور سلبي بكل األحداث‬ ‫العربية‪ .‬املطلوب من بعض األمراء السعوديني هو‬ ‫التخريب في سوريا‪ ،‬و َمن يقول الكالم السخيف‬ ‫أ ّن “إسرائيل” ليس لها مصلحة بإسقاط النظام‬ ‫السعودي خاطىء‪ ،‬وليعلم اجلميع أ ّن املوساد‬ ‫اإلسرائيلي هو الذي يدعم القوى السلفية إن في‬ ‫اجلزائر أو املغرب العربي أو مصر أو سوريا‪ ،‬ونحن‬ ‫نعلم أ ّن اخملابرات اإلنكليزية هي التي أوجدتها‪.‬‬ ‫املعارضة في سوريا قسمان‪ :‬األول أحترمه وأحترم‬ ‫رغبته في اإلصالح‪ ،‬أما القسم اآلخر فهو قوى‬ ‫تخريبية ومجموعات مس ّلحة تريد ضرب سوريا‪،‬‬ ‫وأقول للشعب السوري أال ينج ّر ل ّلعبة اخلطرة‬ ‫التي يحاولون إيجادها في سوريا‪ ،‬وعليه اإللتفاف‬ ‫حول قيادته وقوى اإلصالح فيها”‪.‬‬ ‫واستطرد وهاب‪“ :‬ليعلم اجلميع أ ّن السلفيني‬ ‫عمالء للغرب‪ ،‬وعلينا اخلروج من هذا الوهم‪ .‬هناك‬ ‫صفقة إسرائيلية – سلفية – أميركية للتخريب‬ ‫في املنطقة‪ ،‬فاملشروع واضح واألميركي يحاول‬ ‫لست مع‬ ‫السيطرة على املنطقة عبر سوريا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫التلفزيون السوري الذي يقول أ ّن هناك العشرات‬ ‫من املتظاهرين‪ ،‬وال مع تلفزيون اجلزيرة أو جريدة‬ ‫الشرق األوسط التي حتتوي مقاالت “تبخير”‪.‬‬ ‫أس ّلم جدال ً أ ّن هناك ‪ 100‬ألف سوري يتظاهرون‬ ‫اليوم‪ ،‬ولكن هناك في املقابل املاليني ممّن هم‬ ‫مع الرئيس األسد ومع األمن واإلستقرار‪ .‬وتابع‪:‬‬ ‫ووجدت‬ ‫زرت سوريا في األيام القليلة املاضية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوضع ج ّيد حتى في مدينة درعا‪ ،‬ولم يكن كما‬ ‫يتم عرضه على الشاشات‪ .‬أنا مع احلرية‪ ،‬ومع أن‬ ‫يشارك الشعب السوري في إنتخابات مجلس‬ ‫الشعب التي من املفترض أن حتصل في شهر أيار‬ ‫لست مع التخريب”‪.‬‬ ‫القادم‪ ،‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫وحول التيارات السلفية في املنطقة‪ ،‬قال‬ ‫وهاب‪ :‬ال أعتقد أ ّن من مصلحة الرئيس سعد‬ ‫احلريري أن يتم حكم لبنان من ِق َبل التيارات‬ ‫ّ‬ ‫تكفر السنة‪ ،‬وقد أقفل الرئيس‬ ‫الوهابية التي‬

‫‪16‬‬

‫رفيق احلريري سابقا ً الساحة بوجه السلفيني‬ ‫في لبنان بعكس ما يفعل سعد احلريري اليوم‪.‬‬ ‫أعتقد أنه لن يحصل أي تغ ّير جديد في لبنان‪،‬‬ ‫قبل إجنالء الوضع في سوريا‪ .‬نعم‪ ،‬أؤكد أهمية‬ ‫تشكيل احلكومة اللبنانية سريعاً‪ ،‬ودعمي لوحدة‬ ‫املوقف الدرزي التي هي من ضمن املوقف القومي‪،‬‬ ‫فحماية هذه الشريحة هي حماية لكل الوطن”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق مبلف رخص البناء‪ ،‬استنكر‬ ‫أما في ما‬ ‫ضم منطقة جبل لبنان للقرار”‪.‬‬ ‫وهاب “عدم‬ ‫ّ‬ ‫وتابع‪“ :‬لقد حت ّرك الوزير زياد بارود في إجتماع‬ ‫اجمللس املركزي‪ ،‬وألزم اللواء ريفي بإلغاء اإلقرار‪،‬‬ ‫ضم جبل لبنان‪ ،‬وليس إلغاء‬ ‫علما ً أنني‬ ‫ُ‬ ‫كنت مع ّ‬ ‫القرار‪ .‬وقد وعد الوزير بارود بإقرار مشروع قانون‬ ‫وحتويله للمجلس النيابي‪ ،‬حلصر مسؤولية رخص‬ ‫البناء (‪ 120‬متر مربع) بالبلديات‪ ،‬وليس بقوى‬ ‫األمن الداخلي‪ ،‬مع ما يقوم به بعض قوى األمن‬ ‫من “سمسرة” ونهب وسرقة من الناس”‪.‬‬ ‫وناشد وهاب رئيس اجلمهورية ميشال سليمان‬ ‫“اإللتفات ملا يحصل في جبيل من بناء مطاعم‬ ‫ومساكن‪ ،‬بدون مرسوم من مجلس الوزراء‪ ،‬ومن‬ ‫بيع للعقارات مببلغ (‪ $4000‬للمتر)”‪.‬‬ ‫وحول األحداث في سوريا أضاف وهاب‪:‬‬ ‫“ال أب ّرر ما يحصل في سوريا من سوء بعض‬ ‫املسؤولني والوزراء واحملافظني‪ ،‬ولكن هذا ال يعني‬ ‫تخريب سوريا‪ .‬هناك مطالب محقة للشعب‪،‬‬ ‫ولكن ال يجوز ملَن يه ّرب على احلدود أن يصبح‬ ‫قائدا ً للمتظاهرين فيها‪ .‬اإلصالح مهم‪ ،‬ولكنه‬ ‫يحصل تدريجياً”‪ ،‬مستبعدا ً حصول حرب أهلية‬ ‫في سوريا “فالسلطة واجليش لديهما القدرة‬ ‫على حماية األمن”‪.‬‬ ‫وحيّا وهاب اجليش السوري الشريف الذي‬ ‫“خاض حروبا ً كثيرة ضد “إسرائيل”‪ ،‬ولن يقبل‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً أ ّن “املشروع الذي‬ ‫أن يُهان وطنه”‪،‬‬ ‫يريدونه اليوم للمنطقة‪ ،‬هو مشروع دويالت‪،‬‬ ‫وسوريا هي الدولة الوحيدة التي استطاعت‬ ‫الصمود‪ ،‬وإذا سقطت سنصبح قبائل وطوائف‬ ‫متناحرة‪ ،‬ودويالت صغيرة في املنطقة‪ .‬هذا‬


‫املشروع التخريبي في العالم العربي لن‬ ‫ينجح عبر سوريا‪ ،‬حتى لو قاموا بتخريب‬ ‫املنطقة كلها وعلى أصحاب الفضائيات و َمن‬ ‫يقف خلف دعمهم‪ ،‬أال يزيدوا حجم األحداث‬ ‫التي حتصل في املنطقة‪ .‬هناك أمور مهمة‬

‫ستظهر جل ّية في األيام القليلة القادمة‪،‬‬ ‫ويبدو أن هناك تو ّرطا ً لبعض األفراد اللبنانيني‬ ‫مبا يحصل في سوريا‪ ،‬مستبعدا ً أن يكون‬ ‫ولكن‬ ‫لسعد احلريري يد فيما يحصل في سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلتهامات القادمة ستبينّ احلقيقة‪ ،‬ونتائجها‬

‫ستكون كارثية على لبنان في حال ّ‬ ‫تأكد ضلوع‬ ‫أفراد لبنانيني بها”‪ .‬وختم وهاب‪“ :‬اجليش السوري‬ ‫قدر‬ ‫متماسك‪ ،‬ولن ينقلب على رئيسه‪ ،‬فقد ّ‬ ‫املتآمرون على سوريا نتائج أعمالهم التخريبية‬ ‫فيها بشكل خاطىء”‪.‬‬

‫‪...‬وفضح مزيداً من الوثائق حول أموال دفعها األمير تركي‪:‬‬ ‫سنتق ّدم بدعاوى ضد «تشبيح» بيضون‬ ‫كشف رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب في مؤمتر صحافي عقده في‬ ‫مكتبه في بئر حسن بحضور عدد من أعضاء‬ ‫املكتب السياسي في احلزب‪ ،‬املزيد من الوثائق‬ ‫واملعلومات حول أوامر صرف الشيكات الصادرة عن‬ ‫األمير السعودي تركي بن عبد العزيز‪ ،‬لشخصيات‬ ‫لبنانية وسورية وأجنبية‪ ،‬وكشف عن أن تركي‬ ‫قتل زوجته وهو مطرود من السعودية‪.‬‬ ‫بدأ وهاب مؤمتره باحلديث عن الشيكات التي‬ ‫عرضها خالل مقابلته على شاشة الـ “أن بي أن”‬ ‫يوم السبت املاضي‪ ،‬فقال‪“ :‬ليس لدي مشكلة‬ ‫شخصية مع أحد‪ ،‬ال جمال اجل ّراح‪ ،‬وال محمد عبد‬ ‫خدام‪ ،‬وال غيرهم‪ .‬أثق‬ ‫احلميد بيضون‪ ،‬وال جمال ّ‬ ‫مبا عرضته‪ ،‬وحصلت على هذه الوثائق من موظف‬ ‫في شركة األمير السعودي تركي بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫بعد أن وقعت تلك الشيكات بني يديه”‪.‬‬ ‫متحدثا ً عن الوزير السابق محمد عبد‬ ‫وتابع‬ ‫ّ‬ ‫يسميه‪“ :‬البعض بدأ‬ ‫احلميد بيضون بدون أن‬ ‫ّ‬ ‫بـ “التشبيح” والوعيد‪ ،‬ظنا ً منه أنه في وزارة‬ ‫النفط وميرر ملفات عبر شركات النفط‪ .‬األمر‬ ‫ليس بهذه السهولة‪ ،‬هناك قضاء ميكننا‬ ‫اللجوء إليه‪ ،‬وقد سلمت احملامني التابعني لي‬ ‫األوراق التي أملك‪ ،‬وسيقوم مواطن باإل ّدعاء‬ ‫عليه بكفالة ‪ 25‬مليون ليرة لبنانية‪ ،‬بعد أن‬ ‫كان مساهما ً في بنك‪ ،‬لكنني لم أعرف من أين‬ ‫ورث تلك األسهم والتي عاد وباعها‪ ،‬وأمتنى من‬ ‫القضاء أن يستعيد الكثير مما خسره‪ ،‬ويتحرك‬ ‫حملاسبة الفاسدين”‪.‬‬ ‫وجهها األمير‬ ‫وعرض وهاب أوامر الدفع التي ّ‬ ‫تركي بن عبد العزيز ملدير البنك العربي – فرع‬ ‫ساي‪ ،‬وهي صادرة عن شركة “سامبا” التي تعود‬ ‫لـ”البنك السعودي األميركي”‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب لـ”بن عبد العزيز”‪ ،‬الذي نعته‬ ‫ّ‬ ‫“أنت الكاذب فأنتم أمراء الكذب‬ ‫بالكاذب‪ ،‬قائالً‪َ :‬‬ ‫والفسق والفساد‪ ،‬وأنتم سبب مآسي هذه األمة‪،‬‬

‫وأنت تعرف ملاذا تتواجد في القاهرة‪ ،‬أل ّن أخاك‬ ‫َ‬ ‫قتلت زوجتك هند‬ ‫طردَك من السعودية‪ ،‬بعد أن‬ ‫َ‬ ‫وأنت اليوم تسكن في فندق “املوفمبك”‬ ‫الفاسي‪َ ،‬‬ ‫وتعمل في القاهرة منذ سنوات طويلة”‪ ،‬عارضا ً‬ ‫متحديا ً‬ ‫األوراق التي حتمل إمضاء بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األخير من إنكار اإلمضاء‪.‬‬ ‫وعرض وهاب مجددا ً صور الشيكات‪ ،‬التي‬ ‫حتمل أسماء املسؤولني اللبنانيني‪ ،‬كجمال اجل ّراح‬ ‫(النائب في البرملان اللبناني ‪ -‬لدى البنك العربي‬ ‫في لندن‪ ،‬مبوجب شيك الصادر عن سمو األمير‬ ‫تركي بن عبد العزيز – حساب ‪ – 0749033‬البنك‬ ‫العربي الوطني بتاريخ ‪ – 2010/6/30‬سامبا)‪،‬‬ ‫وغيره‪ ،‬وأوراق أخرى حتمل إمضاء بن عبد العزيز‬ ‫على أمر صرف أموال خاصة بقيمة مليون دوالر‪،‬‬ ‫إضافة ألوراق أخرى عبارة عن أوامر صرف ألفراد‬ ‫أسرته”‪.‬‬ ‫فتحدث وهاب عن “ َمن‬ ‫أما في أحداث سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يسمي نفسه “شيخ” ويُدعى عبد السالم اخلليل‬ ‫ّ‬ ‫والذي شتم نساء الطائفة الدرزية‪ ،‬والقائد‬ ‫سلطان باشا األطرش‪ ،‬قائالً‪“ :‬أشكر علماء درعا‬ ‫الذين أصدروا بيانا ً تب ّرأوا فيه من هذا الشخص‪.‬‬ ‫وأقول أنه إذا كانت األجهزة األمنية السورية‬ ‫قد أوقفت هذا الشخص‪ ،‬فإنني أطالب القضاء‬ ‫السوري باتخاذ أقصى اإلجراءات بحقه‪ ،‬والتي قد‬

‫‪17‬‬

‫تصل إلى عقوبة اإلعدام ألنه يقوم بالتشجيع‬ ‫على قتل الناس‪ ،‬إذ يجب االنتهاء من هذه الثقافة‬ ‫التي قتلت أريغوني في غزة‪ ،‬والتي تهدم املساجد‬ ‫وتقتل املؤمنني في العراق‪ ،‬والتي أرادوا تعميمها‬ ‫في سوريا اليوم‪ ،‬ولسنا ضد القوى التي تطالب‬ ‫باإلصالح احلقيقي في سوريا والتي أعتقد أنها‬ ‫على حتالف غير مباشر مع الرئيس بشار األسد‪،‬‬ ‫الذي س ُيكمل مسيرة اإلصالح في سوريا‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك بعض القوى السلفية ومنهم هذا “الشيخ”‬ ‫الذي يدعو لقتل الناس مبَن فيهم أبناء الطائفة‬ ‫السنية الكرمية التي نفتخر مبواقف مفتيها في‬ ‫اجلمهورية العربية السورية‪ ،‬علما ً أنه ليس كل‬ ‫السلفيني يدعون للتكفير”‪ ،‬مؤكدا ً “أ ّن سعد‬ ‫احلريري أعقل من أن يتو ّرط في أحداث سوريا‪ .‬هذه‬ ‫الثقافة يعممها بعض وسائل اإلعالم السعودي‪،‬‬ ‫يسمون هذا الشخص بـ”شيخ‬ ‫خاصة وأنّهم‬ ‫ّ‬ ‫متوجها ً للعقالء في السعودية‬ ‫الثورة السورية”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قائالً بأ ّن “هذا الذئب الذي تر ّبونه سيأكلكم أنتم‬ ‫أوالً”‪.‬‬ ‫املتجددة في سجن‬ ‫كما تط ّرق وهاب لألحداث‬ ‫ّ‬ ‫روميه‪ ،‬مشيرا ً إلى “اقتحام قوات الفهود للسجن”‪،‬‬ ‫ومؤكدا ً “أن السجناء هم مجموعة من الناس‬ ‫املغلوب على أمرهم وهناك جزء كبير منهم أبرياء‬ ‫“تلقيت باألمس الكثير‬ ‫ومظلومني‪ ،‬مستطرداً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫من النداءات واإلستغاثات حول تعاطي الفهود‬ ‫بشكل عنيف مع السجناء‪ ،‬وأطالب مجددا ً البدء‬ ‫بالتسريع باحملاكمات‪ ،‬وإطالق األبرياء كاألخوة‬ ‫اإلسالميني في طرابلس والشمال‪ ،‬والذي ميتنع‬ ‫القاضي عن إطالق سراحهم بأمر من السفارات‪،‬‬ ‫وال شيء مينع رئيس اجلمهورية من إقرار عفو خاص‬ ‫بحق املظلومني”‪.‬‬ ‫وختم وهاب حول احلكومة اللبنانية‪“ :‬العقدة‬ ‫األساس هي لدى رئيس اجلمهورية الذي يبدو أن‬ ‫لديه اعتبارات ذاتية أو مسيحية أو دولية‪ ،‬كي‬ ‫يبقى على إصراره باحلصول على وزارة الداخلية”‪.‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫اتفاق الطائف أ ّكد على األمن المشترك بين لبنان وسوريا‬

‫عدنان السيد حسين لـ «منبر التوحيد»‪ :‬ال يهمني تسميات‬ ‫‪ 8‬أو ‪ 14‬آذار و أستغرب أن فريقاً سياسياً يس ّمي نفسه بلغة األرقام‬ ‫منذ إعالن مرسوم تشكيلة حكومة الرئيس سعد احلريري في التاسع‬ ‫من تشرين الثاني ‪ ،2009‬كان كل اللبنانيني من دون استثناء على يقني‪ ،‬بأن‬ ‫هذه احلكومة حتمل بذور التفجير والسقوط في أي حلظة‪ ،‬رغم إلباسها‬ ‫شعار «حكومة الوحدة الوطنية» الفضفاض‪ ،‬وتبينّ منذ اللحظة‬ ‫األولى أنها حكومة مفخخة بـ «الثلث املعطل» الذي أعطي للمعارضة‬ ‫السابقة على الرغم من الضمانات اإلقليمية التي أعطيت‬ ‫للحريري‪ ،‬ومن ضمنها اتفاق الدوحة الذي يقضي بعدم‬ ‫انسحاب أو استقالة أي طرف من هذه احلكومة‪ .‬وهذا‬ ‫الثلث فجر احلكومة عند أول مواجهة سياسية‬ ‫حادة سببتها احملكمة الدولية‪ ،‬ووضع لبنان‬ ‫أمام اجملهول‪ ،‬في مرحلة مصيرية رمبا تكون‬ ‫األدق واألخطر في تاريخه‪.‬‬ ‫من الواضح أنه لم يكن في وسع‬ ‫سعد احلريري وكل مكونات «‪ 14‬آذار»‪،‬‬ ‫على الرغم من فوزهم باألكثرية في‬ ‫االنتخابات النيابية‪ ،‬إال القبول بإعطاء‬ ‫األقلية النيابية الثلث املعطل حتى ال‬ ‫يبقى الفراغ احلكومي مستمراً‪ ،‬فكان‬ ‫اخملرج اإللزامي ملغادرة دوامة التعطيل‪ ،‬اتفاق‬ ‫شكلي بحيث ال حتصل األكثرية النيابية (‪14‬‬ ‫آذار) على األكثرية املوصوفة في احلكومة‪ ،‬فتكون‬ ‫حصتها ‪ 15‬وزيرا ً من أصل ‪ ،30‬وأن ال حتصل األقلية‬ ‫(‪ 8‬آذار) على الثلث املعطل فتأخذ عشرة وزراء‪ ،‬وتعطى‬ ‫الكفة املرجحة لرئيس اجلمهورية ميشال سليمان خمسة وزراء‪ ،‬هذا‬ ‫في الشكل؛ أما في املضمون‪ ،‬فإن املعارضة أخذت الثلث املعطل عبر‬ ‫تسميتها ألحد الوزراء من حصة رئيس اجلمهورية كـ «وديعة» لها وهو‬ ‫الوزير عدنان السيد حسني‪ ،‬كما حصل فريق «‪ 14‬آذار» على األكثرية‬ ‫املوصوفة أي النصف زائداً واحداً‪ ،‬من خالل تسميته لـ «وزير وديعة» من‬ ‫ّ‬ ‫القصار‪ .‬غير أن القنبلة التي‬ ‫حصة الرئيس سليمان هو وزير الدولة عدنان‬ ‫فجرها رئيس احلزب «التقدمي االشتراكي» النائب وليد جنبالط‪ ،‬بإعالنه‬ ‫اخلروج من «‪ 14‬آذار» واالنتقال إلى موقع الوسط‪ ،‬قلب األمور رأسا على‬ ‫عقب وأفقد األكثرية أكثريتها احلكومية‪ ،‬ووضع «حزب اهلل» وحلفاءه في‬ ‫املوقع األقوى‪ ،‬وخير تعبير على ذلك ظهور رئيس احلكومة وفريقه في‬ ‫وضع ضعيف عندما طلب «حزب اهلل» التصويت على إحالة ما سمي‬ ‫ملف «شهود الزور» إلى اجمللس العدلي‪ ،‬بعد التزام جنبالط الضمني جتاه‬

‫سوريا ساندت املقاومة اللبنانية‬ ‫في مواجهة «إسرائيل»‬ ‫منذ أن اجتاحت القوات األميركية أرض‬ ‫العراق‪ ،‬خرجت أصوات تدعو لعزل سوريا‬ ‫ومحاصرتها‪ ،‬وذلك عقاباً لها على مواقفها‬ ‫الداعمة للمقاومة املمانعة‪ ،‬فشلت جميع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سوريا وحلفائها بأنه سيكون مع إحالة هذا امللف إلى اجمللس العدلي إذا‬ ‫ما تقرر التصويت عليه‪.‬‬ ‫ومع هذا امللف استمر رفض الرئيس احلريري التخلي عن صالحياته‬ ‫الدستورية في حتديد موعد اجللسات وجدول أعمالها‪ ،‬عندها أعلن الوزير‬ ‫جبران باسيل باسم قوى الثامن من آذار‪ ،‬استقالة وزرائهم‪ ،‬ثم تبعهم الوزير‬ ‫عدنان السيد حسني (وديعة «حزب اهلل» لدى رئيس اجلمهورية)‪ ،‬ما‬ ‫أدى إلى استقالة ثلث احلكومة ‪ ،1 +‬وتالياً اعتبار احلكومة‬ ‫مستقيلة وفق ما ينص عليه الدستور‪.‬‬ ‫ومتّ تكليف الرئيس جنيب ميقاتي تشكيل‬ ‫احلكومة بأكثرية ‪ 68‬نائباً‪ ،‬وكانت مفاجأة‬ ‫للحريري وحلفائه وقد ّ‬ ‫ضخ جرعات تفاؤل في‬ ‫إشارته الى قطع شوط مهم في االتصاالت‬ ‫واجلهود بعد ثالثة أشهر على التكليف‪،‬‬ ‫من دون أن يتضح بعد املضمون السياسي‬ ‫لهذا التفاؤل الذي يبدو رمادياً ال يستند‬ ‫الى وقائع ملموسة تتيح الرهان عليه‪ ،‬إال‬ ‫أن تفاؤل الرئيس ميقاتي لم يقترن مبثله‬ ‫لدى األفرقاء املعنيني‪ ،‬حيث انحسرت موجة‬ ‫التقديرات املوغلة في التفاؤل والتي سادت في‬ ‫إمكان إحراز تقدم سريع نحو الوالدة حتت تأثير‬ ‫رياح التوتر اإلقليمي‪ ،‬وخصوصاً في دمشق التي‬ ‫جتتاز ما يُرتّب لها من مؤامرات إلضعافها حتت عناوين‬ ‫اإلصالح بأقل نسبة من الضرر قياساً على ما شهدته «أيام‬ ‫الغضب» في البلدان األخرى من مصر وتونس الى ليبيا والبحرين‪.‬‬ ‫وحيال مت ّدد الوقت الضائع واتساع حالة الفراغ بفعل غياب احلكومة‬ ‫األصيلة‪ ،‬ارتفع منسوب القلق الذي يساور جهات لبنانية عدة من‬ ‫ّ‬ ‫يشكل هذا الواقع بيئة مناسبة ملزيد من اخلرق األمني الذي‬ ‫إمكان أن‬ ‫بدأ مع خطف اإلستونيني السبعة وتفجير كنيسة السيدة للسريان‬ ‫األرثوذكس في زحلة‪ ،‬وأعمال الشغب في سجن روميه‪ ،‬وال سيما في ظل‬ ‫انكشاف الوضع الداخلي على رهانات تربط انعكاسات حوادث املنطقة‬ ‫العربية وخصوصاً السورية بالواقع اللبناني وتبدي خشية من انسحاب‬ ‫التوتر على لبنان باعتباره أرضاً خصبة ملشاريع الفتنة‪.‬‬ ‫كل تلك األمور من عقدة تشكيل احلكومة‪ ،‬والوضع العربي عامة‬ ‫وسوريا خاصة‪ ،‬كانت محور لقائنا مع الوزير عدنان السيد حسني في‬ ‫حوار هذا نصه‪:‬‬

‫تلك احملاوالت‪ ،‬وهم يحاولون اليوم إثارة الفتنة‬ ‫ومحاولة زعزعة االستقرار‪ ،‬كيف تصفون ما‬ ‫يحدث اليوم في سوريا؟‬ ‫نحن في لبنان نلتزم باتفاق الطائف الذي ّ‬ ‫يؤكد‬ ‫على األمن املشترك بني لبنان وسوريا‪ ،‬مبعنى أن‬ ‫اللبنانيني مطالبون بحماية أمن سوريا وبالتالي‬ ‫السوريون مطالبون كذلك بحماية أمن لبنان‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار األمني نحن نقف مع القيادة‬

‫‪18‬‬

‫السورية في إعادة االستقرار والهدوء الى البالد‬ ‫وهذا ما يفيد سوريا ولبنان‪.‬‬ ‫أما ما يخص مطالب املتظاهرين املعارضني‬ ‫فهو شأن يخص الشعب السوري وال يجب أن‬ ‫يتدخل اللبنانيون في تفاصيل املطالب السورية‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫في اعتقادي إن اخلطوات التي وعدت بتنفيذها‬ ‫احلكومة السورية بالنسبة إللغاء قانون الطوارئ‬


‫ومعاجلة مشاكل أخرى تتعلق باحلريات العامة‬ ‫وحقوق اإلنسان هي قضايا أساسية يجب‬ ‫متابعتها‪ ،‬ونحن متفائلون بالوصول الى نتيجة‬ ‫إيجابية في هذا اجملال‪.‬‬ ‫يقال‪ ،‬إن خروج مصر من محور ما يسمى‬ ‫(االعتدال) بعد ثورة يناير‪ ،‬أدى إلى خلل في‬ ‫موازين القوى واملعادالت في املنطقة لغير ما‬ ‫تشتهي القوى االستعمارية الداعمة للكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وهذا ما دفع تلك الدوائر حملاولة‬ ‫زعزعة االستقرار في سوريا‪ ،‬وللضغط على‬ ‫سوريا بسبب دعمها املقاومة في فلسطني‬ ‫ولبنان والعراق ومحاولة إضعاف عالقتها‬ ‫اإلستراتيجية مع إيران‪ ،‬أو فرض شروط التسوية‬ ‫األميركية – الصهيونية‪ ،‬ما الذي ميكن قوله‬ ‫في هذا اجملال؟‬ ‫يجب أن نعترف أوال ً بوجود حالة من الركود‬ ‫السياسي في الوطن العربي منذ عقود‪ ،‬وكثيرا ً‬ ‫ما ُكتب أن العرب ال يتحركون وال يثورون‪ ،‬كما أن‬ ‫بعض املثقفني العرب ر ّددوا هذا الكالم واعتبروا أن‬ ‫العرب غير جديرين بالتط ّور واحلداثة‪.‬‬ ‫الثورات العربية بدأت من تونس مرورا ً مبصر‬ ‫وأخذت تتسع‪ ،‬وطبعا ً دور مصر هو دور أساسي‪،‬‬ ‫ومركزي وهذا ليس جديدا ً على الفكر السياسي‬ ‫واالجتماعي العربي‪ ،‬فمصر هي القاعدة‬ ‫الطبيعية للعرب‪ ،‬والقاهرة هي عاصمة العرب‬ ‫كما ر ّدد نابليون في مطلع القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫وهناك عوامل أساسية ومشتركة حركت‬ ‫هذه الثورات تكمن في كبت احلريات‪ ،‬القهر‬ ‫السياسي‪ ،‬والفساد‪ ،‬وكان من املتوقع أن يرفض‬ ‫الشباب العربي حالتني سلبيتني‪ :‬االستبداد‬ ‫والفساد‪ :‬االستبداد لم يعد مقبوال ً بعد طغيان‬ ‫دكتاتورية الزعيم وشخصنة السلطة وكأن‬ ‫التعددية السياسية واحلزبية مجرد فولوكلور‪،‬‬ ‫والتوريث السياسي وتقييد احلريات‪ ،‬والفساد‬ ‫املستشري حرم األمة العربية من محيطها الى‬ ‫خليجها من إمكانات التقدم‪.‬‬ ‫األمة العربية اآلن أهدرت جز ًءا كبيرا ً من ثروتها‬ ‫نتيجة الفساد‪ ،‬وإذا ما متكن القضاء املصري‬ ‫والتونسي من التحقق في مكامن الفساد‬ ‫لوصلنا الى نتائج مفجعة إذ هناك أرقام عالية من‬ ‫الهدر أو على األصح من السرقة للثروة الوطنية‬ ‫حالت دون استكمال البنى التحتية للمجتمع‬ ‫العربي وفي الصحة والتعليم وحركة النقل‪،‬‬ ‫واالنتقال الى طور احلداثة واالنفتاح على العالم‪،‬‬ ‫ف َمن الذي يس ّوغ للحاكم سرقة املال العام‪ ،‬الذي‬ ‫هو في املفهوم اإلسالمي مال وقف‪ ،‬وفي املفهوم‬ ‫القانوني الوضعي املال العام ال يُنتهك وهناك‬ ‫عقوبة في مقابل االعتداء على حرمة املال العام‬ ‫كما يعلم طلبة اجلامعات في كليات احلقوق في‬ ‫كل العالم ومنذ السنة اجلامعية األولى‪.‬‬ ‫لكل هذه األسباب أعتقد أن الثورات العربية‬ ‫سوف تستمر‪ ،‬وما جرى في هذه البلدان ثورة‬

‫السيرة الذاتية لوزير الدولة عدنان السيد حسين‬ ‫ولد عدنان السيد حسني في اللويزة‪ ،‬وأقام في‬ ‫بيروت‪ ،‬متزوج من سهى الرز‪ ،‬وله ثالثة أوالد‪ :‬غسان‬ ‫وفراس وليلى‪.‬‬ ‫ أستاذ في قسم الدراسات العليا ‪ -‬كلية احلقوق‬‫والعلوم السياسية ‪ -‬اجلامعة اللبنانية‪ ،‬وحائز على‬ ‫شهادة دكتوراه دولة في العلوم السياسية عام ‪1989‬‬ ‫وخبير في العالقات الدولية‪.‬‬ ‫ أستاذ محاضر في كلية القيادة واألركان ‪ -‬اجليش‬‫اللبناني‪ ،‬وفي معاهد ديبلوماسية عربية‪.‬‬ ‫ ساهم في صوغ كتاب التربية الوطنية والتنشئة‬‫املدنية إنفاذا ً التفاق الطائف للوفاق الوطني‪.‬‬ ‫ له ‪ 20‬مؤلفا ً في العالقات الدولية والفكر‬‫السياسي‪ ،‬منها‪ :‬نظرية العالقات الدولية‪ ،‬العالقات‬ ‫الدولية في اإلسالم‪ ،‬تطور الفكر السياسي‪ ،‬اجلغرافيا‬ ‫السياسية واالقتصادية في العالم املعاصر‪ ،‬التوسع‬ ‫األطلسي‪ ،‬عصر التسوية‪ ،‬النزاعات األهلية العربية‪،‬‬ ‫ورئيس حترير اجمللة العربية للعلوم السياسية‪.‬‬ ‫وليست مجرد عصيان أو مترد أو احتجاج أو حتى‬ ‫انقالب‪ ،‬والالفت في الثورة املصرية أنها ثورة‬ ‫شعبية بامتياز شاركت فيها الطبقة الوسطى‬ ‫املصرية فضالً عن الفئات االجتماعية األخرى‪ ،‬أما‬ ‫احملرك احملفز لهذه الثورات فهو جيل الشباب الذي‬ ‫لن يقبل بعد اليوم بأن يكون خاويا ً ومتراجعا ً عن‬ ‫البلدان واألمم األخرى في معايير احلداثة والتقدم‪.‬‬ ‫الى أي مدى برأيك كان تأثير مواقع اإلنترنت‪:‬‬ ‫الفايسبوك والتويتر وغيرها في تأجيج ما‬ ‫يحصل في سوريا كما حصل في مصر؟‬ ‫ما يحصل في سوريا مختلف متاما ً عما حصل‬ ‫ويحصل في مصر وتونس وغيرها‪ ،‬بحيث أن هناك‬ ‫مطالب مشروعة في سوريا‪ ،‬لكن طريقة التحرك‬ ‫رمبا حتتاج الى إعادة نظر مع ضرورة التمييز بني‬ ‫النظام املصري والنظام السوري‪ ،‬النظام املصري‬ ‫في عهد الرئيس مبارك كان فرديا ً أوتوقراطيا ً يقيم‬ ‫عالقة مع «إسرائيل» عبر اتفاقيات كامب دايفيد‪،‬‬ ‫أما نظام احلكم في سوريا فهو من األنظمة‬ ‫العربية املمانعة للعالقة مع «إسرائيل» وهو‬ ‫من املتمسكني بالثوابت واملطالب العربية في‬ ‫حترير األرض واستعادة احلقوق املشروعة للشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وال يجب أن ننسى نحن في لبنان‬ ‫أن سوريا ساندت املقاومة اللبنانية في مواجهة‬ ‫«إسرائيل»‪.‬‬ ‫ومع ذلك ال ميكننا أن ننكر دور التكنولوجيا‬ ‫احلديثة التي أعطتنا وسائل اتصال كانت عامالً‬ ‫مساعدا ً في إطالق الثورات العربية بال شك‪.‬‬ ‫ما ر ّدك حول ما يقال عن تزويد «تيار املستقبل»‬ ‫املعارضة السورية بالسالح‪ ،‬وتدخل لبناني مبا‬ ‫يجري في سوريا اليوم؟‬ ‫نحن ضد التدخل في الشأن الداخلي السوري‪،‬‬ ‫أمنيا ً كان أو غيره ألنه يجب االستفادة من‬

‫‪19‬‬

‫التجارب املاضية واحترام اتفاق الطائف الداعي‬ ‫بكل صراحة الى عالقات مم ّيزة بني البلدين‪.‬‬ ‫نحن نريد استقرار سوريا أمنيا ً وسياسيا ً‬ ‫واقتصاديا ً واجتماعيا ً وبناء على ذلك إذا كان هناك‬ ‫من لبنانيني متواطئني ضد األمن السوري فعلى‬ ‫القضاء اللبناني أن يتح ّرك تلقائيا ً من خالل‬ ‫النيابة العامة‪.‬‬

‫الواليات املتحدة دولة براغماتية‬ ‫من الطراز األول‬

‫كيف تقرأون ما يحصل اليوم في الوطن‬ ‫العربي؟‬ ‫ما يجري اليوم هو بداية تغيير للواقع‬ ‫السياسي ونتيجة حالة اجتماعية رافضة للقهر‬ ‫والفساد كما أشرنا‪ ،‬هذه احلالة االجتماعية ي َع ّبر‬ ‫عنها بتح ّرك الشباب ومعظمهم من املثقفني‬ ‫وبعضهم درس في جامعات أجنبية واكتسب‬ ‫شيئا ً من التكنولوجيا واملعارف املعاصرة‪ ،‬فمن‬ ‫والتقدم‪ ،‬و ًمن‬ ‫الطبيعي أن يتأثر شبابنا باحلداثة‬ ‫ّ‬ ‫يعتقد أن بإمكانه احلجر على هؤالء الشباب فهو‬ ‫مخطئ‪ ،‬فباستطاعتنا أن نعتقل اجلسد ولكن ال‬ ‫ميكننا اعتقال الفكر والعقل‪.‬‬ ‫األفكار في العالم تنساب كالهواء وتنتقل‬ ‫من بلد الى آخر ومن جيل الى آخر‪ ،‬كما انتقلت‬ ‫األفكار الليبرالية واملاركسية والقومية‬ ‫واإلسالمية وغيرها‪ ،‬لن يقبل العرب بعد اليوم أن‬ ‫يكونوا درجة ثانية في هذا العالم املتحضر‪ ،‬وقد‬ ‫طرح منذ عقود الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‬ ‫عبارة «أرض العرب للعرب وبترول العرب للعرب»‪،‬‬ ‫واملقصود فيها احلفاظ على األمن العربي‪ ،‬ولكن‬ ‫حتى اآلن لم نحقق هذا األمن باملعنى الشامل‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حوار‬ ‫من أمن اجملتمع‪ ،‬وأمن الفرد والدفاع عن األرض‪.‬‬ ‫هناك احتالل إسرائيلي مستمر وهناك خلل‬ ‫واضح في التجارب الدميقراطية وممارستها‪،‬‬ ‫وهناك تعثر في التنمية نتيجة الفساد وغياب‬ ‫حكم القانون‪ ،‬فال نستطيع أن نستمر على هذه‬ ‫طريقة «اخملزية واخملجلة»‪ .‬فما جرى في تونس‬ ‫ومصر هو ثورة شعبية عارمة بقيادة الشباب‬ ‫الهادف الى التغيير‪ ،‬وليس انتفاضة أو مجرد‬ ‫مترد على النظام القائم‪ ،‬بل عملية تغيير‪ ،‬وما‬ ‫يؤكد العملية الثورية السعي لتغيير األمناط‬ ‫السائدة في السياسة والقانون واالقتصاد‬ ‫واالجتماع‪ ،‬واستبدالها بعقد اجتماعي جديد‬ ‫يقود الى وضع دستور جديد في إطار قيمتني‬ ‫أساسيتني هما‪ :‬احلرية والعدالة‪ .‬من هنا قيمة‬ ‫التغيير ليست مجرد احتجاج شعبي عارض‪،‬‬ ‫لذلك سوف تتوالى فصول الثورات العربية‪.‬‬ ‫وها هي متتد الى ليبيا واليمن‪ ،‬ولو بأشكال‬ ‫مختلفة وفي ظروف اجتماعية وسياسية‬ ‫صعبة وخاصة بكل دولة‪ ،‬ومن املتوقع أن يطغى‬ ‫املد الثوري العربي على عموم بالد العرب‪ ،‬نظرا‬ ‫الى الوحدة الثقافية بني العرب‪ ،‬ووحدة الوجدان‬ ‫التي جتمع شتاتهم‪.‬‬

‫لم يعد موجودا ً في العالم‪ ،‬وخير دليل على‬ ‫ذلك أن األزمة املالية واالقتصادية العاملية منذ‬ ‫العام ‪ّ 2007‬‬ ‫تؤكد أن العالم يتّجه نحو التعددية‬ ‫القطبية خاصة مع صعود مجموعة العشرين‬ ‫من الدول الناشئة التي باتت تفعل فعلها في‬ ‫النظام االقتصادي العاملي‪.‬‬ ‫أي دور ستلعبه مع التغيير احلاصل في‬ ‫املنطقة؟ وهل بدأت الواليات املتحدة عملية‬ ‫تعديل خرائط بعض الدول مبا يتناسب‬ ‫مصاحلها؟ وأية سياسة إقليمية ستتبع؟ وما‬ ‫هي السيناريوهات املتوقعة خلريطة «الشرق‬ ‫األوسط اجلديد»؟‬

‫العالم ي ّتجه نحو التعددية‬ ‫القطبية‬ ‫ّ‬ ‫يتصفح ملفات اإلدارة األميركية على‬ ‫من‬ ‫طاولة إدارة أزمات الشرق األوسط من العراق‬ ‫الى أفغانستان‪ ،‬فامللف الفلسطيني‪ ،‬فاألزمة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬واليوم انهيار بعض األنظمة‬ ‫الدكتاتورية‪ ،‬جند أنفسنا أمام أكثر من‬ ‫ّ‬ ‫تخلت الواليات املتحدة عن حلفاء‬ ‫سؤال‪ :‬هل‬ ‫األمس؟‬ ‫الواليات املتحدة دولة براغماتية من الطراز األول‬ ‫وال نضيف جديدا ً إذا قلنا أن الفكر السياسي‬ ‫األميركي هو الذي اكتشف واخترع الفلسفة‬ ‫البراغماتية‪ ،‬لألسف الواليات املتحدة في العقود‬ ‫األخيرة أصبحت أكثر براغماتية أي أنها صارت‬ ‫تعتمد سياسة نفعية‪َ ،‬من يحقق لها مصاحلها‬ ‫تدعمه‪ ،‬أو تتخلى عنه إذا ما بات ضعيفا ً غير‬ ‫قادر على تنفيذ املصالح األميركية أو خدمتها‪،‬‬ ‫فهي رمبا لم تتأسف على نظام الرئيس مبارك أو‬ ‫نظام الرئيس زين العابدين بن علي‪ ،‬ورمبا تتخلى‬ ‫عن أنظمة أخرى في املنطقة الحقاً‪ ،‬فهل نحن‬ ‫ّ‬ ‫نتذكر معا ً كيف تخ ّلت عن حلفاء لها‬ ‫بحاجة أن‬ ‫من إيران الى أفغانستان الى باكستان ودول أخرى‬ ‫في أميركا الالتينية وأفريقيا؟‬ ‫املهم أن نعرف كيف ندافع عن مصاحلنا في‬ ‫مواجهة هذه النزعة االمبريالية األميركية‬ ‫املوجودة منذ زمن بعيد‪ ،‬والتي بلغت مرحلة‬ ‫خطيرة في الضغط على الشعوب واستثمار‬ ‫خيراتها حتت عنوان نظام القطب الواحد‪ ،‬الذي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حتى اآلن أعتقد أن اإلدارة األميركية مربكة جتاه‬ ‫الثورتني التونسية واملصرية وال أشارك القائلني‬ ‫بأن اخملابرات املركزية األميركية ‪ CIA‬هي التي‬ ‫تقف أحيانا ً وراء هذه الثورات‪ ،‬فما جرى في مصر‬ ‫وتونس هو ثورة شعبية بامتياز شاركت فيها كل‬ ‫الفئات الشعبية‪ ،‬وكان لديها مطالب محددة‪،‬‬ ‫الشفافية والدميقراطية والتنمية الشاملة‬ ‫ومواجهة االستبداد والفساد‪ ،‬وهي ثورات بامتياز‬ ‫ألنها طالبت بدستور أو عقد اجتماعي جديد‬ ‫وتريد استبدال الفساد والقهر بقيم إنسانية‬ ‫واجتماعية راقية‪.‬‬ ‫اإلدارة األميركية تتعامل مع هذه الثورات‬ ‫بحسب مصاحلها واملتغيرات احلاصلة في الشرق‬ ‫األوسط والعالم ولكن قد تواكبها أحيانا ً أو‬ ‫“تسايرها” إذا تط ّلب األمر ذلك‪ ،‬ولكن اإلدارات‬ ‫األميركية املتعاقبة تريد حتقيق هدفني ثابتني‬ ‫في الشرق األوسط هما‪ :‬ضمان تدفق النفط‬ ‫والغاز الطبيعي الى العالم الصناعي وحماية‬ ‫أمن “إسرائيل” واعتباره أولوية في السياسات‬ ‫واالستراتيجيات األميركية‪ ،‬وحتت هذين الهدفني‬

‫‪20‬‬

‫والعنوانني الكبيرين تتحرك السياسة األميركية‪،‬‬ ‫لكن ال يجب أن ننسى أن الذي يح ّرك السياسة‬ ‫األميركية ليس فقط اإلدارة األميركية بل هناك‬ ‫التأثير العربي في املقابل وكيف سيتعامل الثوار‬ ‫العرب واحلكومات العربية اجلديدة مع اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬وهل سيكون هناك رشد سياسي؟‬ ‫وتخطيط سياسي وإدارة حكيمة في العالقات‬ ‫الدولية مع الواليات املتحدة وغيرها؟‬ ‫ماذا بعد هذه الثورات في بعض الدول‬ ‫العربية؟ هل ستؤول الى التغيير اجلذري في‬ ‫تلك اجملتمعات؟‬ ‫الثورة تعني التغيير وال تقف عند حدود اإلصالح‬ ‫فقط‪ ،‬وهي تعني تغيير قيم وأمناط وتغيير حكام‬ ‫ودساتير وتغيير نظم قانونية واجتماعية‪ .‬فالثورة‬ ‫هي تغييرية جذرية لذلك تسمى ثورة وليست‬ ‫مجرد انقالب‪.‬‬ ‫من هنا كل االحتماالت التغييرية مفتوحة‪،‬‬ ‫فالعالقة املصرية – اإلسرائيلية التي نشأت‬ ‫بعد كامب دايفيد هي قابلة للتغيير وبرأيي ال‬ ‫يجب أن نسارع في الضغط على املصريني كي‬ ‫يقوموا بهذا التغيير سريعاً‪ ،‬لكن بطبيعة احلال‪،‬‬ ‫مصر لن تتخلى عن دورها العربي‪ ،‬وذلك نظرا ً‬ ‫ألهمية مركزها في الوطن العربي‪ ،‬أما املسائل‬ ‫الداخلية املتعلقة باإلصالح السياسي والتنمية‬ ‫االقتصادية واالجتماعية ملكافحة الفساد برأيي‬ ‫سوف حتصل‪ ،‬ولكن قد تختلف التجارب بني دولة‬ ‫عربية وأخرى‪ ،‬وقد تواجه صعوبات رمبا‪ ،‬ووسائل‬ ‫التغيير قد تكون مختلفة إمنا االجتاه العربي‬ ‫العام هو من أجل احلداثة والدميقراطية والتنمية‬ ‫الشاملة واحترام حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وباعتقادي هناك مدخل أساسي لكل ذلك هو‬ ‫تطبيق سيادة القانون‪ ،‬واحترام سيادة القانون‬ ‫في تطبيقه على اجلميع بالتساوي وهذا شيئ‬ ‫أساسي إذا توصلنا إليه‪ ،‬وهنا ال يجب أن ننسى‬ ‫الثورة األوروبية التي كان عمادها األول مبدأ سيادة‬ ‫القانون خالل أكثر من مئتي سنة‪.‬‬ ‫دائماً تعود بنا األمور الى التفرقة‪ ،‬ما هو دور‬ ‫املسيحيني في مساهماتهم في هذه الثورات‬ ‫وأي مستقبل ينتظرهم في الوطن العربي في‬ ‫حال سيطرة األحزاب اإلسالمية‪ ،‬خصوصاً‬ ‫اإلخوان املسلمني واستئثارهم بالسلطة في‬ ‫املستقبل؟‬ ‫إن املسيحيني العرب ال يختلفون عن املسلمني‬ ‫العرب في احلقوق والواجبات‪ ،‬وهم مواطنون‬ ‫عرب في بلدانهم وساهموا في النهضة العربية‬ ‫احلديثة‪ ،‬بل هم من كبار املساهمني في احلضارة‬ ‫اإلسالمية‪ .‬وكل مسلم مستنير عليه أن يكون‬ ‫حريصا ً على دور املسيحيني العرب‪ .‬واملسيحيون‬ ‫صحيح أنهم أقلية عددية لكنهم ليسوا كذلك‬ ‫من الناحية االجتماعية واحلضارية‪ ،‬وهم جزء من‬ ‫احلضارة العربية‪.‬‬ ‫حصل أخطاء ضدهم صحيح‪ ،‬ويجب‬ ‫تصحيحها‪ ،‬واألخطاء ضدهم لم تأت من قبل‬


‫املسلمني فقط‪ ،‬وهنا علينا االنتقال الى شرعة‬ ‫املواطنة دون متييز بني مسلم أو مسيحي في أي‬ ‫دولة عربية بل أكثر من ذلك دون متييز بني مسلم‬ ‫وآخر ومسيحي وآخر أمام ما نشهد من هول‬ ‫النزاعات بني املذاهب اإلسالمية ولغة التكفير‬ ‫والتخوين واإلدانات املتبادلة املرفوضة جملة‬ ‫وتفصيالً‪.‬‬ ‫عاش املسيحيون أكثر من ‪ 2000‬عاما ً مع‬ ‫إخوانهم املسلمني والذي حماهم هي العقالنية‬ ‫واحلالة اإلنسانية املشتركة وأخوة املواطنة‪ ،‬وال‬ ‫يوجد دين سماوي يدعو الى التفرقة‪ ،‬لذلك ال‬ ‫أعتقد أن جز ًءا كبيرا ً من اإلخوان املسلمني بعيدا ً‬ ‫عن هذه األفكار‪ ،‬فهم طوروا أفكارهم ويطورون‬ ‫جتاربهم السياسية ونحن نتّجه فعالً ال قوال ً نحو‬ ‫مفاهيم عصرية للمشاركة السياسية‪.‬‬

‫اتفاق الطائف عقد اجتماعي‬ ‫بني اللبنانيني‬ ‫ما هي عقدة تشكيل احلكومة؟ وما سبب‬ ‫ممارسة الضغوط على رئيس اجلمهورية؟‬ ‫نحن في لبنان دخلنا منذ مدة بعيدة في حالة‬ ‫انعدام املسؤولية ألننا لم نطبق اتفاق الطائف‬ ‫الذي هو العقد االجتماعي بني اللبنانيني وهو‬ ‫امليثاق الوطني‪ ،‬وألننا انتهكنا حكم القانون‬ ‫واعتدينا على استقاللية القضاء هذا من ناحية‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى كل ما أراه من تعقيدات‬ ‫حول تشكيل احلكومة يرتبط في نظرنا‬ ‫باالنتخابات النيابية املقبلة في العام ‪،2013‬‬ ‫إذ أن عني السياسيني متجهة على هذه اجلائزة‬ ‫ثان آخر نحو تعيينات الفئة األولى‬ ‫وهناك تطلع ٍ‬ ‫من مدراء عامني أو رؤساء مجالس إدارة في‬ ‫املؤسسات العامة واملصالح املستقلة‪ .‬الصراع‬ ‫هو على اجلوائز وليس على خدمة املواطن‪ ،‬وال‬ ‫يهمني تسميات ‪ 8‬أو ‪ 14‬آذار‪« ،‬وأستعرب أن فريقا ً‬ ‫سياسيا ً يسمي نفسه بلغة األرقام» فلنم ّيز بني‬ ‫السياسيني على الطريقة اآلتية وفق املنهج الذي‬ ‫سأشرحه باختصار‪:‬‬ ‫َمن مع عودة املهجرين فعليا ً و َمن هو ضد‬ ‫عودتهم؟‬ ‫َمن مع حماية املقاومة التي هي قوة ردع في‬ ‫مواجهة «إسرلئيل» و َمن ضدها؟‬ ‫َمن يقف مع اخلير العام ويحفظ املال العام‬ ‫ومن يهدره؟‬ ‫َمن يحقق استقاللية القضاء ومن ينتهك هذه‬ ‫االستقاللية ويعتدي على القضاء والقضاة؟‬ ‫َمن يقف مع تعزيز التعليم الرسمي واجلامعة‬ ‫اللبنانية ومن يُضعفهما؟‬ ‫َمن هو الذي أخّ ر عملية التنمية في لبنان و َمن‬ ‫هو الذي يعد مشاريع فعلية من أجل إنهاضها؟‬ ‫يشجع اإلعالم الطائفي التحريضي‬ ‫َمن هو الذي‬ ‫ّ‬ ‫خاصة في الفضائيات‪ ،‬و َمن هو الذي يحترم وحدة‬

‫الوطن اللبناني واملواطنني اللبنانيني وكرامة‬ ‫األسرى داخل املنزل؟ َمن‪ ...‬و َمن‪ ....‬هذا هو املعيار‬ ‫اجلديد الذي من خالله‪ ،‬كما أجد‪ ،‬علينا التعامل‬ ‫مع املعطيات السياسية‪.‬‬ ‫في مطلق األحوال أمتنى تشكيل احلكومة‬ ‫في أسرع وقت ممكن مبعزل عن اجلوائز التي أشرنا‬ ‫إليها‪ ،‬ولنعمل جميعا ً من أجل جائزة واحدة هي‬ ‫خدمة الشعب اللبناني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتعلق باحلصص‬ ‫وهل ترون أن العقبات داخلية‬ ‫واحلقائب والداخلية‪ ،‬أم أن األمر يتصل بالوضع‬ ‫اإلقليمي وتطوراته؟‬ ‫هناك عقد ولكنها ترتبط مبا أشرنا إليه من‬ ‫أهداف بعيدة‪ ،‬فاملواطن يهمه االستقرار األمني‪،‬‬ ‫والتنمية والعدالة واستئناف الدورة احلياتية‬ ‫الطبيعية في لبنان وأن نكون متيقظني دائما ً‬ ‫للخطر اإلسرائيلي الذي يهددنا ويهدد ثرواتنا في‬ ‫املياه وفي النفط‪ ،‬علينا أن نستفيد من جتارب‬ ‫املاضي‪ ،‬وفي املناسبة أجد نفسي مؤيدا ً للشباب‬ ‫املطالبني بإلغاء الطائفية وأعتقد أنه ميكن أن‬ ‫ينطلقوا من النص الدستوري وحتديدا ً من مادتي‬ ‫‪ 95‬و‪ 7‬اللتني تدعوان الى إلغاء الطائفية واملساواة‬ ‫بني اللبنانيني في احلقوق والواجبات املدنية‬ ‫والسياسية‪ ،‬عندما يتحدث الدستور عن الشعب‬ ‫يقول الشعب مصدر السلطات‪ ،‬من هنا الشعب‬ ‫ليس مجموعة طوائف متناحرة بل هو مجموعة‬ ‫مواطنني متساوين في احلقوق والواجبات‪ ،‬وصحيح‬ ‫نحن مع العيش املشترك ونحميه بحرية املعتقد‬ ‫وباملشاركة السياسية وبالعدالة االجتماعية‬ ‫ولكن أوال ً وأخيرا ً نحن لبنانيون متساوون في‬ ‫احلقوق والواجبات‪ ،‬من هنا أؤيد الشباب اللبناني‬ ‫وأشدد معهم على‬ ‫في موضوع إلغاء الطائفية‬ ‫ّ‬ ‫أمرين أولويني‪ :‬حتقيق استقاللية القضاء بعيدا ً‬ ‫عن نفوذ الطبقة السياسية واعتماد النظام‬ ‫النسبي في االنتخابات النيابية من أجل التحول‬ ‫نحو مزيد من املشاركة السياسية وحتقيق‬ ‫الدميقراطية السياسية التي التزال ضعيفة في‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫إلغاء الطائفية ال يعني إلغاء‬ ‫الدين بل إلغاء التعصب‬ ‫شاركتم في حتركات إسقاط النظام‬ ‫الطائفي‪ ،‬فإلى أين سيصل هذا التحرك‪ ،‬وماذا‬ ‫أحدث حتى اليوم‪ ،‬وهل حرّك مثالً الدعوة الى‬ ‫إلغاء الطائفية؟‬ ‫حركة الشعب ال تقاس بتظاهرة أو اثنتني‬ ‫بل تقاس بإرادة املواطنني واجتاهاتهم وميولهم‬ ‫ورغباتهم وأهدافهم‪ ،‬فإذا كان اللبنانيون في‬ ‫معظمهم يريدون تأبيد الطائفية أي احملافظة‬ ‫عليها فلم نتقدم‪ ،‬لكن في نظري خاصة بعد ما‬ ‫جرى في البلدان العربية الشباب اللبناني يريد‬ ‫جتن‬ ‫التغيير وإقصاء احلالة الطائفية ألنها لم ِ‬

‫‪21‬‬

‫إال التهجير والهجرة وندرة فرص العمل والفقر‬ ‫واخملدرات‪.‬‬ ‫نريد اخلروج من هذه احلالة وفي املناسبة أقول‬ ‫هناك من يضغط على هؤالء الشباب و َمن يعرقل‬ ‫مسيرتهم من خالل اإلعالم وبعض التصريحات‬ ‫وأيضا ً من خالل تصوير أهدافهم وكأنها هامشية‬ ‫أو حتويلهم الى مجموعات متناحرة كي يسكت‬ ‫الصوت‪ ،‬واجلدير ذكره أن مطلب إلغاء الطائفية‬ ‫كان مطروحا ً قبل احلرب األهلية أي قبل العام‬ ‫‪ ،1975‬وأذكر أن بيان احلكومة االستقاللية األولى‪،‬‬ ‫حكومة رياض الصلح‪ ،‬دعت الى إلغاء الطائفية‬ ‫واعتبرتها مطلبا ً وطنيا ً مباركاً‪ ،‬من هنا فلنعد‬ ‫الى هذه الثوابت الوطنية‪ ،‬وإلغاء الطائفية ال‬ ‫يعني إلغاء الدين بل إلغاء التعصب‪.‬‬ ‫بعد خطف اإلستونيني السبعة وتفجير‬ ‫كنيسة السيدة في زحلة وأعمال الشغب في‬ ‫سجن روميه‪ ،‬هل تتخوفون من تفجير أمني‬ ‫جديد مع استمرار الفراغ احلكومي؟‬ ‫ال أعتقد أن لبنان مهدد مبشاكل أمنية خطيرة‬ ‫إمنا علينا أن ّ‬ ‫نوطد األمن‪ ،‬ومعالي وزير الداخلية‬ ‫يقوم مبهامه على أكمل وجه في هذا اجملال‪،‬‬ ‫نرجو له النجاح وأن يؤازر في هذه املهمة‪ ،‬مهمة‬ ‫تثبيت األمن واالستقرار وال يجب أن نُخضع األمن‬ ‫البتزازات السياسيني التقليديني‪ ،‬ألنه عليه أن‬ ‫يكون ثابتا ً ومستقراً‪.‬‬

‫الوزارة ليست مكافأة‬ ‫بل مسؤولية‬ ‫هل حُ جز لكم مقعداً في احلكومة اجلديدة‬ ‫تقديرا ً ملواقفكم السابقة؟‬ ‫بالنسبة لي الوزارة ليست مكافأة‪ ،‬بل‬ ‫مسؤولية وال أعتقد أن الوزير في لبنان له قيمة‬ ‫معنوية أو حتى مادية في ظل ضعف الدولة‪،‬‬ ‫هناك فارق كبير بني وزير في دولة راقية وآخر في‬ ‫حالة غياب الدولة أي غياب املؤسسات وتطبيق‬ ‫القانون كما هو احلال في لبنان‪.‬‬ ‫ال أنعي حالتنا في لبنان ولكن أقول املسؤول‬ ‫أكان وزيرا ً أم نائبا ً أم رئيس دولة أو رئيس سلطة‬ ‫معني بالدرجة األولى في‬ ‫تشريعية أو تنفيذية‬ ‫ّ‬ ‫تطبيق القانون وفي الدفاع عن مصالح الشعب‬ ‫وفي تأكيد السيادة الشعبية‪ .‬إن اللذين يتحدثون‬ ‫بالسيادة الوطنية عليهم أن يعرفوا أن السيادة ال‬ ‫تكون بتمزيق اجملتمع بالعصبيات وال تكون بهدر‬ ‫بالتمسك بالسلطة‪ ،‬وموقعي‬ ‫املال العام وال‬ ‫ّ‬ ‫في اجلامعة اللبنانية وليس في هذه الطبقة‬ ‫السياسية‪ ،‬لذلك ال تهمني الوزارة ال من قريب‬ ‫وال من بعيد‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫هل ُيعيد المسيحيين الى خريطة العالم العربي؟‬

‫البطريرك مار بشارة بطرس الراعي‬ ‫دم جديد يتدفق في عروق بكركي‬ ‫على طوال مسيرته الكهنوتية أعطى‬ ‫البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لكل حق حقه‬ ‫ولكل أمر أصوله‪ ،‬مفرقا ً بني الدين والسياسية‪،‬‬ ‫جامعا ً بني أقطاب السياسة حتت جناح الوطن‪،‬‬ ‫لينال الدين ما يستحقه وليعرف السياسيون أن‬ ‫وطنهم لبنان هو الرسالة التي حتدث عنها البابا‬ ‫يوحنا بولس الثاني‪ .‬لم يتردد في وصف املمارسات‬ ‫السياسية في لبنان باملنحرفة عندما رأى‬ ‫ضرورة لذلك‪ ،‬حيث باتت السياسة برأيه وسيلة‬ ‫للمكاسب الشخصية والفئوية على حساب‬ ‫الصالح العام‪ ،‬وعلى حساب املسؤولية في إحالل‬ ‫السالم وتوطيد العدالة وحفظ االستقرار وتوفير‬ ‫حقوق اإلنسان األساسية‪ .‬وفيما يجب أن يكون‬ ‫العمل السياسي تنافسيا ً في البرامج الكفيلة‬ ‫بتأدية هذه الواجبات‪ ،‬فقد ُح ّول للتقاتل والتخوين‬ ‫والصدام‪.‬‬ ‫من موقعه في أبرشية جبيل‪ ،‬لم يكن الراعي‬ ‫بعيدا ً من األجواء الدينية والسياسية في لبنان‪،‬‬ ‫وهو الذي سعى الى تقريب وجهات النظر بني‬ ‫األطراف السياسية‪ ،‬فسعى الى اعتماد احلوار‬ ‫مع جميع األطراف هادفا ً الى حتصني لبنان‬ ‫بالقيم األخالقية ونشر ثقافة مشتركة على‬ ‫املستوى الروحي واالخالقي واحلضاري تكون‬ ‫األساس لتعميق الثقة واالحترام املتبادلني بني‬ ‫املسيحيني واملسلمني‪ .‬ويرى املطلعون أنه مؤهل‬ ‫جدا ً على الصعيد الديني ويُعتبر من أعمدة‬ ‫الكنيسة املارونية‪ ،‬ومنفتح ذهنيا ً على اجلميع‬ ‫ويكن احتراما ً لكل مكونات اجملتمع ومن مختلف‬ ‫ّ‬ ‫“صح” إذا رأى في‬ ‫املستويات واالنتماءات‪ .‬لذا يقول‬ ‫ّ‬ ‫األمر صحة وإال فيقول “ال”‪.‬‬ ‫للوهلة األولى‪ ،‬أوحى انتخاب املطران بشارة‬ ‫الراعي بطريركا ً للموارنة بأنه يصب في مصلحة‬ ‫فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬على حساب قوى األكثرية اجلديدة‪،‬‬ ‫لكن اإلشارات التي أطلقها بعد وصوله الى سدة‬ ‫البطريركية‪ ،‬معطوفة على طريقة تعامل الرئيس‬ ‫نبيه بري والعماد ميشال عون والنائب سليمان‬ ‫فرجنية والحقا ً “حزب اهلل” مع انتخابه‪ ،‬دفعت‬ ‫نحو إعادة نظر بالقراءات واألحكام املسبقة‪،‬‬ ‫من دون أن يعني ذلك املبالغة في التوقعات‬ ‫والتوهم أن عباءة الراعي ستغطي خيارات هؤالء‬ ‫وسياساتهم‪.‬‬ ‫وفي كل احلاالت‪ ،‬فإن األكثرية اجلديدة تبدو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واقعية في ما تريده من الراعي‪ .‬هي ال تطالبه‬ ‫بتبني خياراتها السياسية‪ ،‬بل الوقوف على‬ ‫مسافة واحدة من أبناء الرعية‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن تساهم هذه اإليجابية في‬ ‫إعادة ترميم عالقة بكركي مع “حزب اهلل” الذي‬ ‫لطاملا نظر إليه الراعي باعتباره مكونا ً أساسيا ً‬ ‫من مكونات الوطن اللبناني‪ ،‬ال ميكن جتاهله‪ .‬مع‬ ‫العلم أنه ليس بطبيعة احلال من مؤيدي سالح‬ ‫املقاومة‪ ،‬إال أن الذين سبق لهم أن حاوروه حول‬ ‫هذه املسألة خرجوا بانطباع مفاده أنه ليس ضد‬ ‫املقاومة باملطلق إذا انتظم عملها ضمن شروط‬ ‫محددة‪.‬‬

‫قاس وصعب‬ ‫امتحان ٍ‬ ‫واجلدير ذكره في مطلع هذه الوالية البطريركية‬ ‫هو االمتحان القاسي الذي يواجهه سيد الصرح‪،‬‬ ‫وهو جمع الصف املاروني ألنه سيؤ ّدي في النهاية‬ ‫إلى جمع الصف الوطني لئ ّال يبقى اإلنقسام‬ ‫املسيحي قائ ًما على قاعدة مذهبية تعاكس‬ ‫مفهوم العيش الواحد الذي عرفه لبنان طيلة‬ ‫تاريخه برغم الفنت التي ما كانت لتنجح إلى‬ ‫حني‪ ،‬لوال التدخّ الت اخلارجية وركوبها موجة‬ ‫التناقضات وإثارة النعرات من أجل مصاحلها‪.‬‬ ‫وألن البطريرك الراعي عاين وعانى عن قرب‬ ‫مأساة هذا الصراع الداخلي في الطائفة املارونية‪،‬‬ ‫اخملتصة إلى ح ّلها‪.‬‬ ‫فهو األدرى بالطرق‬ ‫ّ‬

‫‪22‬‬

‫ّ‬ ‫كل املسيحيني ال املوارنة‬ ‫املسيحيون‪،‬‬ ‫وحدهم‪ ،‬تكاد تكون لهم قضية واحدة هي‬ ‫خالفات زعمائهم في ما بينهم‪ ،‬بد ًءا باألسباب‬ ‫الشخصية والسلطوية‪ ،‬وانتها ًء باالستراتيجيا‬ ‫الدفاعية وسالح “حزب اهلل”‪ ،‬مرورا ً بالعالقة مع‬ ‫سوريا‪ ،‬والسعودية‪ ،‬وأميركا‪ ،‬والقانون االنتخابي‪،‬‬ ‫واحملكمة الدولية‪...‬‬ ‫مهمة الراعي بحاجة الى زمن العجائب‪ .‬مثالً‪:‬‬ ‫ال يعبأ جعجع بـ “مكانة اجليش املارونية” حني‬ ‫يندفع خلف دعم قوى األمن الداخلي على حساب‬ ‫اجليش‪ .‬فيما يفقده التحالف مع تيار “املستقبل”‬ ‫حس يتعلق باحلضور املسيحي في مؤسسات‬ ‫كل ّ‬ ‫وباحلد من الفساد الذي قضى على الطبقة‬ ‫الدولة‬ ‫ّ‬ ‫املتوسطة‪ .‬أما اجلم ّيل فتجاربه خلعت عنه رداء‬ ‫االلتزام بالثوابت‪ ،‬مهما تكن‪ ،‬بينما يصالح فرجنية‬ ‫تاريخه ضمن مجموعة ثوابت‪ ،‬بعيدة كل البعد‬ ‫عن ثوابت جعجع‪ .‬أما عون فيبقى ثابتا ً حيث‬ ‫الثوابت أدوات في خدمة هدف بات منذ عودته إلى‬ ‫لبنان واضحاً‪“ :‬مصلحة املسيحيني”‪ ،‬كما يراها‬ ‫هو‪ .‬وبالتالي ال ثابتة يتّفق عليها جبابرة املوارنة‬ ‫إال إلغاء الطائفية السياسية؛ ال لشيء إال ألن‬ ‫إلغاءها يلغيهم‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬رغم ما سبق‪ ،‬يبدو الراعي مندفعا ً‬ ‫بحماسة لتحقيق اختراق يكاد يكون املهمة‬ ‫األساسية التي انتدبه الفاتيكان‪ ،‬مبباركة‬ ‫مجلس املطارنة لتحقيقها‪ .‬فيستفيد من‬ ‫التالقي املسيحي‪ -‬املسيحي حتت عباءته ليذهب‬


‫امتحان صعب ينتظر الراعي وهو جمع الصف املاروني‬ ‫مرتديا ً هذه العباءة إلى بناء عالقات ند ّية جديدة‬ ‫مع الطوائف األخرى‪ ،‬ومن انفتاح هؤالء عليه كما‬ ‫ظهر أثناء زيارته في الفاتيكان‪ .‬من هنا‪ ،‬ميكن‬ ‫توقع مشهد الزعماء األربعة أمام والدة مرجعية‬ ‫مسيحية جديدة اسمها بشارة الراعي‪ .‬يذهب‬ ‫أبعد ممّا كان يحلم به ميشال عون قبل أربع‬ ‫سنوات حني طرح تفاهم جميع اللبنانيني مع‬ ‫تفاهمه و”حزب اهلل”‪ .‬يخرج من الشرنقة التي‬ ‫أجلس جعجع البطريرك السابق فيها‪ .‬يتجاوز‬ ‫في تفكيره حدود بكفيا والقرى التي تسميها‬ ‫عائلة الرئيس اجلم ّيل املزارع‪ .‬ويُعلم فرجنية أن‬ ‫زمن ترداد الزغرتاويني “إنت البطرك يا سليمان”‬ ‫قد و ّلى‪.‬‬ ‫واالجتماع األول لهذه القيادات الذي حصل في‬ ‫بكركي بتاريخ ‪ 19‬نيسان ‪ 2011‬كان أخويا ً ووطنيا ً‬ ‫بامتياز‪ ،‬ساده جو من الصراحة واملسؤولية واملودة‪،‬‬ ‫وقد متت مقاربة املواضيع املطروحة انطالقا ً من‬ ‫التمييز بني ما هو متفق عليه وما هو خاضع‬ ‫للتباينات السياسية املشروعة على أن يلي‬ ‫ذلك اجتماعات متكررة ملناقشة كافة املواضيع‬ ‫العالقة والشائكة واملعقدة بهدف التوصل الى‬ ‫حلول ترضي جميع األطراف‪.‬‬

‫في الشراكة الدينية‬ ‫في حديثه عن الديانات لم يفرَق بشارة‬ ‫الراعي بني أبناء الوطن الواحد من حيث احلقوق‬ ‫والواجبات‪ .‬فيرى أن مصلحة املسيحيني تكون في‬ ‫توطيد العالقات اجليدة مع جميع شركاء الوطن‬ ‫وهو ما يثبته ميثاق العيش املشترك‪ ،‬معتبرا ً أن‬ ‫االنقسام املسيحي قد يكون سيفا ً ذو حدين‪،‬‬ ‫وموضحا ً أن االنقسام في أي طائفة ترجمة حلرية‬ ‫التعبير‪ ،‬إال أنه في بعض األحيان تغلب املصالح‬ ‫الشخصية والدليل هو التجزئة في الداخل‬ ‫املسيحي وتزايد اخلالفات‪ .‬الراعي هو من الداعني‬ ‫الى جلوس املسلمني واملسيحيني جلسة جريئة‬ ‫وصريحة ووضع خير البلد نصب أعينهم‪ ،‬وإن‬ ‫كان يستبعد في الوقت عينه إمكانية هذا األمر‬ ‫العتبارات عدة أهمها االرتباطات اخلارجية‪.‬‬ ‫مقابل ذلك‪ ،‬ودفاعا ً عن سيد بكركي السابق‬

‫مار نصر اهلل بطرس صفير‪ ،‬لم يو ّفر الراعي‬ ‫حجة كلما شعر بأن هناك من يتطاول‬ ‫وسيلة أو ّ‬ ‫على قدسية البطريرك‪ .‬ولطاملا دعا اإلعالميني الى‬ ‫التمسك مبعايير االستقامة والدقة واألمانة وروح‬ ‫املسؤولية‪ ،‬وأن يقوموا بدورهم الفاعل واملسؤول‬ ‫في طرح املعضالت االقتصادية والسياسية‬ ‫واالجتماعية والثقافية والدينية على الرأي العام‪،‬‬ ‫وتوجيهه نحو حلولها‪ ،‬بدال ً من استغالله لنشر‬ ‫التفرقة والكراهية وهدم اجلسور وشحن النفوس‬ ‫وتغذية القلوب باحلقد والبغض‪.‬‬

‫على صعيد الوطن‬ ‫لم يغ ّير بشارة الراعي يوما ً مسار حديثه‪.‬‬ ‫فكانت كلمته إذا قالها صلبة وكان خطابه‬ ‫رصينا‪ ،‬وهو الذي أخذ على عاتقه‪ ،‬ودعما ً‬ ‫للبطريرك صفير تنبيه اللبنانيني من مسيحيني‬ ‫ومسلمني الى أن ما من أحد يستطيع أن يحكم‬ ‫لبنان مبفرده‪ ،‬نظرا ً ألن البلد كان واليزال بلد التنوع‬ ‫والتعددية‪ .‬كما حذرهم من االستمرار‬ ‫والتعاون‬ ‫ّ‬ ‫في الدخول في أحالف ومحاور إقليمية ودولية‬ ‫يستغلها أطراف خارجيون ألجل مصاحلهم على‬ ‫حساب لبنان وجميع اللبنانيني‪.‬‬ ‫اخلط املستقيم الذي انتهجه سيكمل به‬ ‫بسلوكه الدرب نفسه الذي سلكه كل البطاركة‬ ‫الذين سبقوه الى بكركي‪ ،‬وسيره على طريق‬ ‫الوحدة الوطنية والعيش املشترك بني الطوائف‬ ‫ك ّلها‪ ،‬املسيحية منها واملسلمة‪ ،‬لرفع لبنان‬ ‫الواحد املوحد في أرضه وشعبه‪.‬‬

‫قلق على مسيحيي لبنان؟‬ ‫إطالالت بشارة الراعي اإلعالمية ق ّربته‬ ‫أكثر من اللبنانيني والعالم العربي‪ ،‬وع ّرفتهم‬ ‫على شخصه املتفهّ م لهمومهم‪ ..‬كانت‬ ‫له مالحظات على “الكوارث التي تع ّرض لها‬ ‫املسيحيون في الدول العربية” وأبرزها في مصر‬ ‫محمال اجملتمع املصري والدولة املصرية جز ًءا من‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولية تفجير كنيسة االسكندرية ‪”،‬كونهما‬

‫‪23‬‬

‫أعدا عن غير قصد األوضاع املالئمة لألصوليات‬ ‫ّ‬ ‫وإيديولوجيات العنف بإسم الدين الرتكاب هذه‬ ‫اجلرمية بحق اإلنسانية وبحق اهلل”‪ .‬واعتبر في‬ ‫سياق آخر أن الهجمات اإلرهابية التي يتعرض‬ ‫لها مسيحيو الشرق قد تصيب لبنان‪ ،‬في ظل‬ ‫غياب أي إدانات من القمة اإلسالمية للتعدي‬ ‫على املسيحيني وانهيار للدين اإلسالمي في ظل‬ ‫تزايد التيارات اإلرهابية اإلسالمية‪ .‬لم يتورع عن‬ ‫اإلعالن وبصراحة أن “املشكلة هي أن املسلمني‬ ‫يجمعون بني الدين والدولة بينما املسيحيني‬ ‫يفصلون بينهما”‪ ،‬كما أعلن تأييده لـ” العالقات‬ ‫اجليدة مع سوريا وإيران واجلميع عدا “إسرائيل” ألن‬ ‫لبنان بحالة عداء معها”‪ ،‬ورفضه في الوقت عينه‬ ‫“أن يكون لبنان تابعا ً ألحد”‪.‬‬

‫الراعي مستعد لزيارة سوريا‬ ‫حملت مواقف الراعي في األيام األولى التي‬ ‫تلت انتخابه بطريركا ً مؤشرات واضحة الى أن‬ ‫دما ً جديدا ً بدأ يتدفق في عروق بكركي‪ ،‬ولعل أهم‬ ‫تلك املؤشرات متثل في استقباله السفير السوري‬ ‫علي عبد الكرمي علي بحرارة وإبداء استعداه‬ ‫لزيارة سوريا ولو حتت املظلة الراعوية‪ ،‬كما تردد‬ ‫في بكركي أن البطريرك اجلديد ر ّد برسالة شكر‬ ‫للرئيس السوري بشار األسد‪ ،‬ردا ً على التهنئة‪،‬‬ ‫في حني أن مجرد البحث في األمر لم يكن واردا ً‬ ‫عند البطريرك صفير‪.‬‬

‫احلرم الكنسي‬ ‫حامل الصوجلان قرأ تاريخ كنيسته جيداً‪ ،‬يصل‬ ‫حد التلويح باحلرم‬ ‫في تقديره ملوقع البطريرك إلى ّ‬ ‫الكنسي في القرن الواحد والعشرين ملن ّ‬ ‫يفكر‬ ‫في انتقاده‪ ،‬ويعلم أن لديه اليوم من الصدقية‬ ‫واحلضور والوهج والتأييد ما يسمح له بتحقيق‬ ‫املشروع الفاتيكاني إلعادة املسيحيني إلى‬ ‫اخلريطة في العالم العربي‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬لور عقل‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫إستمرار التح ّركات إلسقاطه بعد ‪ 36‬عاماً على الحرب األهلية‬

‫د‪ .‬أوغاريت يونان ‪ :‬نحن في حكم إنتقالي‬ ‫ويجب تطبيق الدستور عبر إلغاء النظام الطائفي‬ ‫«الطائفية»‪ ،‬شعار ترافق مع‬ ‫اللبنانيني منذ ما قبل احلرب األهلية‬ ‫اللبنانية في العام ‪ ،1975‬وتنامى‬ ‫في السنوات التي تلتها‪ ،‬ليتغلغل‬ ‫في عمق احلياة اليومية السياسية‬ ‫واالجتماعية‪،‬‬ ‫واالقتصادية‬ ‫ولتصبح احملسوبيات الطائفية‬ ‫هي التي حتدد املراكز واملناصب‬ ‫والتعيينات واحملاصصات‪.‬‬ ‫بعد اتفاق الطائف عام ‪،1989‬‬ ‫استبشر اللبنانيون خيرا ً بأ ّن نظام‬ ‫احملاصصة والتقسيم الطائفي‬ ‫إلى زوال تدريجي‪ ،‬إال أ ّن زعماء الطوائف ومعهم رجال الدين‪،‬‬ ‫استفحلوا في زيادة التقسيم «احملاصصاتي» وامتنعوا عن تنفيذ‬ ‫بنود «الطائف» خاصة التي حتمل الطابع الوطني واإلمناء املتوازن‪.‬‬ ‫لقد تناسى الكثيرون وخاصة الزعماء السياسيني‬ ‫ّ‬ ‫مخلفات احلرب األهلية ونتائجها ال تزال محفورة‬ ‫«الطائفيني»‪ ،‬أ ّن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫في ذاكرة اللبنانيني‪ ،‬وأن تزايد إصرارهم على احملاصصة وفقا للمبدأ‬ ‫الطائفي‪ ،‬ستودي بال شك إلى جت ّدد النعرات الطائفية‪ ،‬والتي التزال‬ ‫تتجدد كل فترة ومع كل تصادم سياسي أو حزبي يحصل بني‬ ‫فريقني يحمالن وجهتي نظر مختلفتني‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬يتساءل الشباب اللبناني املتحرّك في جميع املناطق‬ ‫اللبنانية عمّ ا إذا كانت اإلختالالت والتأثيرات السلبية التي ولّدتها‬ ‫احلرب األهلية وما تالها من ظروف مأساوية‪ ،‬ستبقى هي التي‬ ‫حتكم النظام السياسي اللبناني وبالتالي النظام العام؟ وعمّ ا‬ ‫ّ‬ ‫املتحكمة بالنظام‬ ‫إذا كانت الطوائف وزعماؤها ستبقى هي‬ ‫وباحملاصصة على أساس عدد الطوائف ونسبة كل طائفة من‬ ‫املراكز واملناصب‪.‬‬

‫د‪ .‬يونان‪ :‬األهم أال نكون‬ ‫«إلغائيّني» لآلخر‬

‫تشرح رئيسة جامعة الالعنف وحقوق‬ ‫االنسان الناشطة السياسية الدكتورة‬ ‫أوغاريت يونان لـ «منبر التوحيد»‪ ،‬أسباب ظهور‬ ‫التحرّكات الشبابية اليوم‪ ،‬وتسارُعها‪ ،‬لتقول‪:‬‬ ‫السبب املباشر هو االنتفاضات التي حصلت‬ ‫في الدول العربية‪ ،‬بعد أن رأى الشباب اللبناني‬ ‫إخوانهم في بالد أخرى ينتفضون‪ .‬هناك شيء‬ ‫جميل وقوي يحصل‪ ،‬ويعطي أثرا ً سياسياً‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هذه أسئلة يحملها اليوم‬ ‫كل شاب لبناني يعي خطورة‬ ‫ما آلت إليه هذه احملاصصة‪ ،‬وما‬ ‫ستودي به من تقسيم إضافي‬ ‫ألبناء شعبه‪ ،‬وتفتيت لكافة‬ ‫أشكال العيش املشترك واملساواة‬ ‫والعدالة اإلنسانية‪.‬‬ ‫هي شعارات يحملها الشباب‬ ‫اليوم في مسيراته إلسقاط‬ ‫النظام الطائفي‪ ،‬ضد‪:‬‬ ‫النظام الطائفي ورموزه‪ ،‬أمراء‬ ‫احلرب والطوائف‬ ‫نظام احملاصصة والتوريث السياسي‬ ‫االستغالل االجتماعي – االقتصادي‪ ،‬والبطالة‪ ،‬والهجرة‬ ‫الفقر والتهميش‬ ‫اإلمناء غير املتوازن واحلرمان املناطقي‬ ‫العنصريّة والتمييز‬ ‫ويطالبون بـ‪:‬‬ ‫دولة علمانيّة مدنيّة دميقراطيّة‪ ،‬دولة العدالة االجتماعية‬ ‫واملساواة‬ ‫احلق في العيش الكرمي لكل املواطنني من خالل‪ :‬رفع احلد‬ ‫األدنى لألجور‪ ،‬تخفيض أسعار املواد األساسيّة‪ ،‬تخفيض أسعار‬ ‫احملروقات‪ ،‬تعزيز التعليم الرسمي‪ ،‬تكافؤ فرص العمل العامة‬ ‫واخلاصة‪ ،‬إلغاء احملسوبيّة‪ ،‬الوساطة‪ ،‬والرشاوى‪ ،‬احلق باملسكن‬ ‫الالئق‪ ،‬تعزيز الضمان االجتماعي وإقرار ضمان الشيخوخة‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬هل سيتمكن هؤالء الشباب من‬ ‫حتقيق مطالبهم‪ ،‬ومن اإلسقاط الفعلي للنظام الطائفي املتعمّ ق‬ ‫في جذور النظام اللبناني العام؟‬

‫فاللبنان ّيون مثلهم مثل البالد األخرى يح ّبون‬ ‫احلرية‪ ،‬وقد كان هناك الكثير من الناس الذين‬ ‫لكن‬ ‫ناضلوا سابقا ً لتغيير النظام الطائفي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الطرق من جيل إلى جيل تختلف‪ ،‬فاإلنترنت اليوم‬ ‫يساهم بشكل كبير في هذه الثورات‪.‬‬ ‫وعن رأيها مبا يحصل اليوم‪ ،‬تقول يونان‪ :‬لقد‬ ‫أخذ الشباب اللبناني املتح ّرك الشعار نفسه‬ ‫السائر اليوم في الدول العربية‪ ،‬وهو «الشعب‬ ‫يريد إسقاط»‪ ،‬إما النظام وإما الشخص احلاكم‪،‬‬ ‫ولكن تبقى الشعارات مختلفة نوعا ً ما من بلد‬

‫‪24‬‬

‫إلى آخر‪ .‬أعتقد أ ّن عليهم الوصول إلى شعار‬ ‫آخر غير «إسقاط النظام»‪ ،‬والتعبير عن املطالب‬ ‫يتبدل الشعار مع الوقت‪ ،‬وتغييره‬ ‫احلقيقية‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫بعد ذلك يصبح أدقّ ‪ .‬هناك كثر يخافون اليوم من‬ ‫كلمة «إسقاط النظام الطائفي»‪ ،‬خاصة أولئك‬ ‫غير املشاركني في التح ّرك‪ ،‬والذين يعتقدون أ ّن‬ ‫حصة ميلكونها في‬ ‫هذا النظام الذي يعطيهم ّ‬ ‫املراكز واملناصب وغير ذلك باسم طوائفهم هو‬ ‫مرجع حماية‪.‬‬ ‫وتتابع لدى سؤالها عمّ ا إذا كان احلديث هو‬


‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫حول خوف األقليات‪« :‬ال بل عن خوف اجلميع‪،‬‬ ‫فالطوائف في لبنان كلها أقليات‪ ،‬تكبر أو تصغر‪.‬‬ ‫لقد أق ّر الدستور اللبناني أ ّن النظام الطائفي‬ ‫هو نظام إنتقالي‪ ،‬وبالتالي فإ ّن ما يُطالب به‬ ‫الشباب اللبناني اليوم هو تطبيق الدستور وفقا ً‬ ‫ملا أق ّره في هذا اإلطار‪ ،‬إللغاء الطائفية أو جتاوزها‪،‬‬ ‫نص على حتمية الوصول‬ ‫وبالتالي الدستور ّ‬ ‫إللغاء الطائفية‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬حني تأسست فكرة «لبنان»‪ ،‬جاء في‬ ‫الدستور منذ العام ‪ ،1926‬أ ّن «لبنان هو دولة‬ ‫جمهورية‪ ،‬برملانية‪ ،‬والشعب مصدر السلطات»‪،‬‬ ‫ينص على أنها‬ ‫وبالتالي هو دولة «مدنية»‪ ،‬ولم ّ‬ ‫دولة مسلمة أو مسيحية‪ ،‬أي دولة دينية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫هي دولة مدنية منذ األساس‪ ،‬لكن منذ وضع‬ ‫فكرة «لبنان»‪ ،‬اعتبروا أنه ومراعاة لتاريخه وبسب‬ ‫التدخالت اخلارجية واإلندفاعات الداخلية‪ ،‬ال أحد‬ ‫ينكر وجود صراع أل ّن البلد نشأ ضمن ظروفه‬ ‫نص الدستور على أ ّن لبنان هو‬ ‫الصعبة‪ ،‬وبالتالي ّ‬ ‫في فترة إنتقالية‪ ،‬وهذا احلكم‬ ‫أي «الفترة اإلنتقالية»‪ ،‬يكون‬ ‫فيه هذه احملاصصة الطائفية‪،‬‬ ‫وعناية بالطوائف وتوزيع النظام‬ ‫السياسي على أساس طائفي‪،‬‬ ‫ولكن كتبوا من أول فكرة تأسيس‬ ‫مقدمة «الدستور»‬ ‫«لبنان» وفي‬ ‫ّ‬ ‫أ ّن الوضع يبقى كذلك «إلى أ ّن‬ ‫تُلغى الطائفية»‪.‬‬ ‫نستنتج أ ّن الدستور هو‬ ‫َمن أق ّر أهمية إلغاء الطائفية‬ ‫وليس فقط الشباب املتح ّرك‬ ‫اليوم في الشارع اللبناني‪ ،‬وال‬ ‫حتى الشباب الذي ناضل منذ‬ ‫اإلستقالل وحتى اليوم‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫شعار «إسقاط النظام الطائفي»‬ ‫هو مماثل لعبارة الدستور «إلغاء‬ ‫الطائفية»‪ .‬ال يوجد أي دولة في‬ ‫العالم تبقى في ظل مواد حكم‬

‫موقتة منذ ‪ 1926‬أي منذ نشأة الدستور‪ ،‬أو حتى‬ ‫منذ اإلستقالل ‪.»1943‬‬ ‫ّ‬ ‫وتفسر املرحلة اإلنتقالية‪ ،‬قائلة‪ :‬املرحلة‬ ‫ُفشل أي‬ ‫اإلنتقالية هي من أسوأ املراحل‪ ،‬ألنها ت ِ‬ ‫للتقدم‪ .‬من املمكن اعتماد ظرف انتقالي‬ ‫خطوات‬ ‫ّ‬ ‫أو فترة مؤقتة في أي نظام‪ ،‬لكن أوال ً يجب حتديد‬ ‫مدتها‪ ،‬ومن ثم يتم حتديد الظروف والشروط‬ ‫ّ‬ ‫للبدء باالنتقال‪ ،‬ومن غير املسموح مأسسة هذه‬ ‫الفترة وتأسيس جذور لها‪.‬‬ ‫لبنان لم يستقر حتى اآلن على نظام واضح‪.‬‬ ‫نص عنه الدستور‪،‬‬ ‫ما نريده هو تطبيق ما ّ‬ ‫ولو بشكل تدريجي‪ ،‬وبنفس الوقت نحن دولة‬ ‫مدنية‪ ،‬حتى ولو أ ّن النظام اإلنتقالي جعلها‬ ‫دولة طائفية‪ ،‬وأل ّن هناك بعض ما يدل على أنها‬ ‫دولة دينية‪ ،‬فقد أصبحنا في لبنان ومنذ البداية‪،‬‬ ‫دولة مدنية طائفية دينية‪ ،‬متداخلة مع بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬وهذا أسوأ ظرف ميكن لدولة أن تعيشه‪،‬‬ ‫وال ميكن أن تتم إدارتها بالشكل الصحيح‪ .‬لذلك‬

‫‪25‬‬

‫يقول اليوم املفكر والكاتب د‪ .‬وليد صليبي‪ ،‬أ ّن‬ ‫املطالب التي يطرحها الشباب‪ ،‬يجب أن تكون‬ ‫مطالب «تفكيكية» للوضع القائم أي لفك هذا‬ ‫التداخل بني دولة مدنية علمانية زرعت فيها‬ ‫أسسا طائفية وحتى دينية‪ ،‬بحيث في حال متّ‬ ‫ً‬ ‫حتقيق هذه املطالب ولو تدريج ًيا يكون النظام‬ ‫الطائفي قد ألغى نفسه بنفسه من حيث‬ ‫مكامنه ومساوئه الطائفية‪.‬‬ ‫نص الدستور على «إلغاء الطائفية‬ ‫لقد ّ‬ ‫السياسية» وعلى «إلغاء الطائفية»‪ ،‬والثانية‬ ‫نص‬ ‫تشمل األولى بالطبع وهي األساس‪ .‬ومن ثم ّ‬ ‫في املادة ‪ 95‬منه ‪ -‬مبا معناه ‪ -‬أ ّن الهيئة الوطنية‬ ‫ت َ‬ ‫ُنشأ لوضع كل الطرق واإلجراءات واإلقتراحات‬ ‫ً‬ ‫الكفيلة بإلغاء الطائفية ككل‪ ،‬وظهر جل ّيا أننا‬ ‫يجب أن نصل لتجاوز الطائفية ككل‪ ،‬وليس‬ ‫السياسية فقط‪ .‬الفرق بينهما‪ ،‬هو أ ّن إلغاء‬ ‫الطائفية تشمل إلغاء كل مكامن الطائفية‪،‬‬ ‫وإيجاد بدائل لها إن في التربية أو اإلقتصاد أو‬ ‫التعليم الديني أو األحوال‬ ‫الشخصية‪ ،‬أو في حقوق‬ ‫أعطيت للطوائف في ظل‬ ‫املرحلة اإلنتقالية‪ ،‬أو في كل‬ ‫ما له عالقة بتوزيع السلطة‬ ‫السياسية وفي االنتخاب‪ ،‬ولكن‬ ‫يجب إيجاد بدائل لها والبدء‬ ‫مبناقشة هذه البدائل‪ .‬هناك‬ ‫كثر يريدون إلغاء الطائفية‬ ‫السياسية فقط‪ ،‬وهؤالء ال‬ ‫يصح اعتبارهم من املناضلني‬ ‫لتغيير النظام الطائفي‪ ،‬ألن‬ ‫انتقائية املطلب تعكس اجتزا ًء‬ ‫في النظرة إلى الدولة املدنية‬ ‫العلمانية‪ ،‬وعمل ًيا تعكس‬ ‫مصالح محددة في ظرف‬ ‫سياسي محدد‪.‬‬ ‫هل نتحدث هنا عن خوف‬ ‫امليسيحيني من «أسلمة‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫الدولة»؟‬ ‫هناك خوف لدى املسيحيني ولدى الدروز‬ ‫وغيرهم‪ ،‬أي كل َمن يعتبر نفسه أقلية‪ ،‬وهذا أل ّن‬ ‫النظام هو نظام محاصصة قائمة على معيار‬ ‫العدد الطائفي واملذهبي‪ .‬ما على اجلميع معرفته‪،‬‬ ‫أ ّن تغيير النظام الطائفي وإلغاء الطائفية ليس‬ ‫وجهة نظر للنقاش‪ ،‬فهو حتمية دستورية يجب‬ ‫تطبيقها وبلورة إجراءاتها‪ .‬و َمن ال يشارك اليوم‬ ‫في تغيير النظام الطائفي‪ ،‬يكون مشاركا ً في‬ ‫نص عنه‬ ‫إسقاط النظام‪ ،‬ألنه بذلك يُس ِقط ما ّ‬ ‫الدستور جلهة أن لبنان هو هكذا موقتًا «إلى أن‬ ‫تلغى الطائفية»‪ .‬ال يجوز اختيار جزء من الطائفية‬ ‫للمطالبة بإلغائه‪ ،‬أل ّن ذلك مخالف للدستور‪.‬‬ ‫لست مع عبارة «إلغاء الطائفية‬ ‫وبالتالي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫السياسية» فقط‪ ،‬ال بل مع تغيير كل النظام‬ ‫الطائفي‪ .‬فلماذا انتقائ ّية عبارة «إلغاء الطائفية‬ ‫السياسية» لوحدها‪ ،‬وال نقول «إلغاء الطائفية‬ ‫التربوية»‪ ،‬أو «إلغاء الطائفية في األحوال‬ ‫الشخصية»‪ ،‬وهذا خطأ أل ّن اإللغاء يجب أن يتم‬ ‫عبر كل النواحي‪ .‬ما يجب أن نطالب به أو إلغاء‬ ‫كل النظام الطائفي‪ ،‬مبا فيه السياسة والوظيفة‬ ‫والتربية وغيرها‪ ،‬وهذا طبعا ً يتطلب وقتًا طويالً‪،‬‬ ‫خاصة وأ ّن هناك تاريخا ً من احلروب والعنف واآلالم‬ ‫والتنافس والنزاعات والقتل املتبادل والتهجير‬ ‫املتبادل‪ ،‬وهناك تاريخ من الفساد «املتسامح ومن‬ ‫الالعدالة بني اللبنانيني بني امتيازات ومحرومني‬ ‫ٌ‬ ‫مأسس‬ ‫تاريخ‬ ‫أي الالعدالة املتبادلة‪ ،‬وهناك‬ ‫َ‬ ‫للفترة االنتقالية وهي ما ال يعلم اللبنان ّيون أنها‬ ‫من أصعب النقاط للتغيير‪.‬‬ ‫ومع استنتاجنا عن صعوبة إلغاء هذه‬ ‫الطائفية من «النفوس قبل النصوص»‪ ،‬تقول‬ ‫يونان‪:‬‬ ‫ال بل إلغاؤها من اإلنتباه العام‪ ،‬وتغيير هذه‬ ‫الفكرة من النفوس هو عمل دائم يجب السعي‬ ‫لتوسعه والوصول إلى أكبر شريحة‪ .‬املطلوب‬ ‫ّ‬ ‫هو التغيير بالوعي والالوعي الشعبي‪ ،‬وال بد من‬ ‫للتوسع‪.‬‬ ‫البدء من نقطة ما‬ ‫ّ‬ ‫أما عن الدعم السياسي للتحرّك الشبابي‪،‬‬ ‫وع ّدم تقبّل الشباب املتحرّك له‪ ،‬ومع وصف‬ ‫البعض للمطالبني بالدولة العلمانية‬ ‫بـ»الكفر»‪ ،‬تشرح يونان ما يحصل قائلة‪:‬‬ ‫على التح ّرك أن يبقى دميقراطيا ً غير مس ّير من‬ ‫أي قيادة خارجة عنه‪ ،‬وأن ال يتم احتواؤه من قبل‬ ‫أي كان‪ ،‬كي يبقى حامالً ملعنى «الدميقراطية»‬ ‫التوجهات كي ال‬ ‫احلقيقية‪ ،‬وال بد من تق ّبل كافة‬ ‫ّ‬ ‫تصبح التح ّركات عنفية‪ ،‬لذلك على الشباب أال‬ ‫يكونوا «إلغائيني»‪.‬‬ ‫ثم‪ ،‬من اخلطأ أن يطالب َمن يشارك في هذه‬ ‫ّ‬ ‫االنتفاضة أو احلِراك‪ ،‬لتغيير النظام الطائفي أو‬ ‫إلغائه‪ ،‬والوصول إلى ما نص عليه الدستور من‬ ‫إلغاء الطائفية‪ ،‬بإلغاء جزء من الطائفية واإلبقاء‬ ‫على أجزاء أخرى منها‪ .‬تدريج ًيا‪ ،‬سيتوصل‬ ‫وسلـة‬ ‫املتحركون على تنوعهم إلى بناء شعار‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مطالب وإلى تنسيق وتوحيد اجلهود‪ ،‬وإلى صيغة‬ ‫جديدة للنظام الذي يحلمون به تكون مبنية على‬ ‫أسس حقوق اإلنسان والعدالة واحلرية واملشاركة‬ ‫واملساواة واحترام التن ّوع‪ ،‬تُلغى منها معايير‬ ‫احملاصصة والعنصرية والالعدالة بالوظيفة‬ ‫واالقتصاد والتنمية املناطقية املتوازنة‪...‬‬ ‫نعم‪ ،‬نحترم حرية اإلميان واملعتقد‪ ،‬وهذه املادة‬ ‫في الدستور ال يجوز تغييرها‪ .‬وفي حال متّ مثالً‬ ‫إقرار مجلس للشيوخ أي للطوائف‪ ،‬ينبغي أال‬ ‫يكون التمثيل على أساس العدد‪ ،‬بل لكل طائفة‬ ‫أيًا كان عددها صوت متساو مع اآلخرين‪ ،‬واملقررات‬ ‫تؤخذ باإلجماع‪ .‬مثل هذا النمط يريح اللبنانيني‬ ‫في فهمهم للبديل الالطائفي‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬نقترح على رئاسة اجلمهورية إطالق‬ ‫هذه الورشة الوطنية‪ ،‬ال ترك فئة من اللبنانيني‬ ‫تنزل إلى الشارع لتكافح عن باقي اللبنانيني‬ ‫في تغيير النظام الطائفي‪ .‬في هذه الورشة‬ ‫الوطنية‪ ،‬يشارك كل اللبنانيني اخلائفني وأصحاب‬ ‫الهواجس وأصحاب البدائل الواعية واملتحركني‬ ‫لتغيير الطائفية وسواهم‪ ،‬ألن الوطن يخص‬ ‫اجلميع وله أحق ّية عليهم جمي ًعا‪ .‬واملطلوب أن‬ ‫يتوصلوا إلى صيغة للحقيقة واملصاحلة واالتفاق‬ ‫على بناء أسس لبنان الالطائفي‪ .‬ولهم هنا أن‬ ‫يتعلموا مثالً ممّا حصل في جنوب أفريقيا التي‬ ‫كانت تعاني من العبودية والتمييز العنصري‬ ‫وليس فقط من الطائفية واملذهبية كما في‬ ‫لبنان‪ ،‬ومع ذلك ومع الفقر واحلروب األهلية‬ ‫وتوصلوا إلى إنشاء جلنة‬ ‫والتنوع القبلي‪ ،‬جنحوا‬ ‫ّ‬ ‫«احلقيقة واملصاحلة»‪ ،‬وإلى االعتراف اجلماعي مبا‬ ‫قاموا به من فساد وعنف وأخطاء كما إلى بناء‬ ‫أسس لدولة مدنية دميقراطية العنصرية‪ ...‬لذلك‪،‬‬ ‫املطلوب هو إقامة «مصاحلة راقية» في لبنان‪ ،‬وبني‬

‫‪26‬‬

‫كل اللبنانيني‪ ،‬وليس في مناطق التهجير األخيرة‬ ‫فقط‪ ،‬أل ّن اجلميع متضرر من كل ما حصل في‬ ‫تاريخ البلد‪ .‬علينا إطالق صفارة التغيير‪ ،‬لنتمكن‬ ‫من الوصول إلى التغيير احلقيقي‪ ،‬والدولة‬ ‫املدنية احلقيقية‪ .‬ومن مصلحة اللبنانيني تقوية‬ ‫التح ّرك الشبابي الذي أطلق صفارة التغيير مع‬ ‫ضرورة تزويده باألفكار الضرورية لتطوير مساره‬ ‫واستراتيجيته‪.‬‬ ‫وتختم يونان حول بدائل النظام‬ ‫الطائفي‪« :‬هناك بدائل لكل ناحية ولكل‬ ‫مكمن من مكامن الطائفية في هذا النظام‪.‬‬ ‫وفي أساس هذه البدائل‪ :‬تنقية الدستور من‬ ‫طائفيته وحتويله إلى دستور مدني علماني‬ ‫يحافظ على حرية املعتقد ووجود األديان فيه مع‬ ‫فصل الديني والطائفي عن املدني داخل الدولة‪.‬‬ ‫الدين يقوم بدوره التبشيري الديني‪ ،‬والدولة تكون‬ ‫وضعت عددًا‬ ‫إدارتها وقوانينها مدنية‪ .‬من جهتي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫من البدائل لنظام الطائفي‪ :‬لصياغة جديدة‬ ‫للدستور‪ ،‬لكتاب التاريخ املوحد‪ ،‬للتعليم الديني‬ ‫اإللزامي‪ ،‬للتنشئة املواطنية‪ ،‬لقانون لبناني‬ ‫لألحوال الشخصية‪.‬‬ ‫لدينا القدرة على كل هذه التغييرات‪ ،‬ولكن‬ ‫مع اإلفساح في اجملال أمام الشباب اللبناني اليوم‬ ‫كي يكمل مسيرته‪ ،‬وهذا ما يجب على اإلعالم‬ ‫السعي له عبر الدعم اجلدي لهم؛ كما على‬ ‫السياسيني التعبير عن حسن الن ّية واالتعاظ من‬ ‫التاريخ ومما يجري في املنطقة حولنا‪ ،‬وأن يبادروا‬ ‫بأنفسهم لتقدمي مطلب أول للشباب وللمجتمع‬ ‫اللبناني عبر إقرار قانون لبناني اختياري لألحوال‬ ‫الشخصية»‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬


‫وهاب بعد لقائه ب ّري‪:‬‬ ‫التأخير في تأليف الحكومة بدأ يأكل من رصيدنا‬ ‫زار رئيس “حزب التوحيد العربي” الوزير وئام‬ ‫وهاب رئيس مجلس النواب نبيه بري‪ ،‬في عني‬ ‫التينة‪ ،‬وجرى بحث في األوضاع احمللية وتشكيل‬ ‫احلكومة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬دولة الرئيس يبقى في‬ ‫هذه املرحلة الدقيقة صمام أمان للبنان وللجبهة‬ ‫الوطنية كما سماها هو‪ ،‬هذه اجلبهة التي‬ ‫أصبحت أكثر من ضرورية وخصوصا ً أننا كفريق‬ ‫‪ 8‬آذار نعاني اليوم‪ ،‬أو هكذا فهم الناس‪ ،‬عدم‬ ‫القدرة على تسلم السلطة‪ ،‬وهذا ينعكس سلبا ً‬ ‫علينا جميعا ً كفريق‪ ،‬خاصة وأن عوامل كثيرة‬ ‫دخلت على هذه اجلبهة وساهمت في الوصول‬ ‫الى ما وصلنا اليه‪ ،‬وال سيما العماد ميشال عون‬ ‫في فترة سابقة‪ ،‬ثم النائب وليد جنبالط الذي‬ ‫اضطلع بدور في نقل األكثرية من مكان الى آخر‪،‬‬ ‫هذه عوامل يجب أن تؤخذ في االعتبار‪ .‬واألمر‬ ‫اآلخر أن هناك خلال في الكثير من املؤسسات‬ ‫القضائية واألمنية واإلدارية‪ ،‬ويجب تشكيل‬ ‫حكومة بالسرعة املطلوبة للمبادرة الى معاجلة‬ ‫هذه امللفات العالقة على كل الصعد‪ .‬وهنا أود أن‬ ‫أشير الى أمر إيجابي حصل باالمس وهو التعميم‬ ‫الذي صدر عن املدعي العام التمييزي سعيد ميرزا‬ ‫حول التعجيل في بت إخالءات السبيل وبعض‬ ‫احملاكمات‪ ،‬وخصوصا ً أن مئات الناس موجودون‬ ‫في السجون ألن هناك قضاة يتلكأون في متابعة‬ ‫ملفاتهم‪ ،‬وفي النهاية نصف سجن رومية ممتلئ‬ ‫بسبب أربعة أو خمسة قضاة يجب أن يعجلوا‬ ‫في هذه احملكمات»‪.‬‬ ‫لذلك أرى أنه يجب أن يكون عندنا اجلرأة لنقول‬ ‫إن هذه هي خطتنا للحكم ولتسلم السلطة‪،‬‬ ‫ونبادر بسرعة الى تشكيل احلكومة وتسلم‬

‫السلطة وفق برنامج محدد‪ .‬ال يجوز أن تبقى‬ ‫األمور على ما هي‪ ،‬وخصوصا أن هذه اللعبة التي‬ ‫هي التأخير في تشكيل احلكومة بدأت تنعكس‬ ‫سلبا ً على هذا الفريق»‪ .‬وفي سؤال حول ما قاله‬ ‫التلفزيون السوري في أن أحد النواب في “تيار‬ ‫املستقبل” متورط في متويل خاليا إرهابية في‬ ‫سوريا‪ ،‬وهل من املتوقع محاسبة هذا النائب؟‬ ‫أجاب‪“ :‬أود أن أؤكد أن الوضع في سوريا ليس كما‬ ‫تصوره وسائل اإلعالم‪ .‬سوريا قوية والرئيس بشار‬ ‫األسد يعرف ما يريد وما يريد الشعب‪ ،‬وهو أول‬ ‫من طرح موضوع اإلصالح منذ سنوات‪ ،‬ولكن‬ ‫األهم سالمة سوريا وحفظها ألن ذلك هو حفظ‬ ‫لكل املنطقة‪ .‬وإذا كان هناك فريق لبناني يفكر‬ ‫غير ذلك يكون يرتكب خطأ كبيراً‪ ،‬الفتا ً الى أنه‬ ‫ال يستطيع أن يحكم على اتهامات تلفزيونية‪،‬‬ ‫وعلينا أن ننتظر التحقيقات النهائية التي تصدر‬ ‫بشكل رسمي عن سوريا‪ ،‬وعلى ضوئها ميكن‬

‫اتخاذ موقف‪ ،‬ألنه يجب أن يكون موقفا ً لبنانيا ً‬ ‫رسميا ً يجب أن يتخذه فخامة الرئيس ودولة‬ ‫الرئيس وكل القيادات‪ .‬فاملسألة خطيرة جدا‬ ‫وتنعكس أول ما تنعكس على لبنان»‪.‬‬ ‫وردا ً حول ما إذا كان هناك من قنوات تعمل‬ ‫لتسهيل والدة احلكومة؟ أجاب وهاب‪“ :‬جرى كالم‬ ‫عن أن احلكومة ستولد قبل األحد‪ ،‬وقد استبشرنا‬ ‫ذلك من بعض األوساط‪ ،‬ولكن ثمة دعوة الى صالة‬ ‫االستسقاء‪ ،‬وموسم الشتاء انتهى وقد متتد‬ ‫األمور الى تشرين لكي يتجاوب ربنا معنا‪ .‬هناك‬ ‫ضغط من اجلميع لتشكيل حكومة في وقت‬ ‫سريع‪ ،‬وخصوصا ً أن الوقت يأكل من رصيدنا نحن‪.‬‬ ‫فليكن عندنا اجلرأة ولنقل هذا تصورنا للسلطة‬ ‫أو فلنبق في املعارضة أفضل لنا‪ ،‬ولكن التأخير‬ ‫بدأ يأكل من رصيدنا وال يجوز أن يستمر‪ ،‬فهناك‬ ‫مصالح ناس وآلية دولة يجب أن تسير‪ ،‬وال يجوز‬ ‫أن يستمر املوضوع على هذا املنوال»‪.‬‬

‫‪...‬والتقى سفيري فنزويال وكوبا‬ ‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب وعقيلته لني وهاب في دارته في‬ ‫اجلاهلية كل من سفيرة فنزويال في لبنان سعاد‬ ‫كرم‪ ،‬وسفير كوبا مانويل سيرانو آكوستا يرافقه‬ ‫القنصل في السفارة خوسيه دي فيسوس‬ ‫غارسيا إي ّريرا بحضور أمينة العالقات اخلارجية‬ ‫فريال أبو ذياب‪ ،‬ومت التباحث في األوضاع الراهنة‬ ‫في املنطقة العربية‪.‬‬ ‫وقد أولم وهاب على شرف ضيوفه‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫وهاب بعد لقائه كرامي‪:‬‬ ‫ال «تناتش» في الحصص وعون وفرنجية يش ّكالن الغطاء المسيحي‬ ‫زار رئيس “حزب التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب الرئيس عمر كرامي‪ ،‬وجرى خالل‬ ‫اللقاء عرض لألوضاع احمللية واحلكومة‪.‬‬ ‫بعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬بحثنا مع الرئيس‬ ‫كرامي في عدد من املواضيع‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫تشكيل احلكومة الذي بات أكثر من‬ ‫ملح‪ ،‬وال سيما أننا أمام رئيسني‪ ،‬رئيس‬ ‫يصرف األعمال خارج احلدود اللبنانية كما‬ ‫يبدو‪ ،‬ورئيس في الداخل مكلف‪ ،‬ولكن‬ ‫لم يتمكن بعد من تذليل العقبات‪ .‬وهي‬ ‫عقبات مفتعلة كموضوع حصة رئيس‬ ‫اجلمهورية التي تزداد يوما ً بعد يوم دون مبرر‪،‬‬ ‫إال إذا كان فخامة الرئيس غير مستعجل‬ ‫على تشكيل احلكومة أو أنه فرح بالوضع‬ ‫احلالي”‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬األمر اآلخر الذي أريد أن أركز‬ ‫عليه وبحثناه مع الرئيس كرامي والذي‬ ‫كان من رأينا في هذا املوضوع‪ ،‬هو موضوع‬ ‫املساجني‪ ،‬فالبعض منهم معتقلون في‬ ‫السجون اللبنانية وليسوا مساجني‪،‬‬ ‫وبالتحديد قضية اإلسالميني في الشمال‬ ‫وطرابلس‪ .‬هذا األمر يعانيه أهالي املعتقلني‬ ‫في السجون منذ سنوات دون محاكمات‪،‬‬ ‫فال أحد يطلبهم أو يسألهم وال قاضي‬ ‫يستجوبهم‪ .‬إنهم موقوفون بطريقة ظاملة‬ ‫ومن غير املمكن أن تستمر هذه الطريقة‬ ‫ويجب إطالق سراحهم فوراً”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬املسألة ليست في أن ينقل هذا‬ ‫الضابط من سجن روميه وأن يعاقب بعض‬ ‫العسكريني‪ ،‬كفى ضحكا ً على الناس‪،‬‬ ‫املسألة عند القضاء وهو الذي يظلم‬ ‫الناس‪ .‬في القضاء ظاملون وبال ضمير‪ ،‬وفي‬ ‫نفس الوقت فيه الكثير من “األوادم”‪ ،‬وفيه‬ ‫أشخاص يوقفون املساجني وال يعرفون‬ ‫أين وماذا يجري في السجون‪ .‬ما يجري في‬ ‫السجون كارثة إنسانية وال نرى أي سفير‬ ‫يتحرك‪ ،‬بل يتحركون على قصص أخرى‪،‬‬ ‫ولكن القصص اإلنسانية احلقيقة ما من‬ ‫أحد يتحرك”‪.‬‬ ‫وأكد “أن املطلوب هو الضغط على‬ ‫القضاء‪ ،‬وأناشد أهالي املوقوفني ليس‬ ‫فقط في الشمال بل أهالي جميع‬ ‫املسجونني بالتحرك باجتاه قصر العدل في‬ ‫بيروت‪ .‬يجب أن يتم الضغط على القضاة‪،‬‬ ‫بالقانون‪ ،‬بالتظاهر السلمي والراقي‬ ‫ليعاجلوا هذه امللفات‪ .‬هناك أشخاص في‬ ‫السجون منذ سنوات‪ ،‬وهذا املوضوع يلزمه‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫معاجلة فكفى كذبا ً على الناس”‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬البعض يقول إنه سوف يرسل‬ ‫قانون عفو‪ ،‬لكن ميكن أن ال تشكل احلكومة‬ ‫قبل سنة‪ ،‬فمن يضمن تشكيلها‪ ،‬ومن‬ ‫الذي سيرسل قانون العفو‪ ،‬وأي مجلس‬ ‫نواب سيجتمع كي يعفي عنهم‪ .‬ليقولوا‬ ‫للقضاة أن يذهبوا الى مكاتبه ويشتغلوا‬ ‫ويستدعوا الناس‪ ،‬فهناك من ليس عليه‬ ‫شيء‪ .‬وما هي املشكلة إذا كان للبعض‬ ‫انتماء معني‪ .‬هؤالء اإلسالميون قاتلوا‬ ‫االحتالل األميركي في العراق وميكن أن‬ ‫يقاتلوا في فلسطني‪ ،‬والذي لم يقترف‬ ‫جرما ً معنيا ملاذا يعتقل؟ هذا يتطلب‬ ‫معاجلة‪ ،‬والرئيس كرامي من رأينا‪ ،‬في‬ ‫أن هذا املوضوع يتطلب معاجلة ويحب‬ ‫أن تشكل وسيلة ضغط على اجلميع‬ ‫للمعاجلة‪ .‬القضاء هو األساس‪ ،‬فال يضيعوا‬ ‫البوصلة ويتظاهروا في روميه‪ ،‬فالعسكري‬ ‫ال يستطيع أن يفعل لهم شيئاً”‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال عن التأخير في تشكيل‬ ‫احلكومة‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬ليس هناك من‬ ‫“تناتش” للحصص‪ ،‬العماد ميشال عون‬ ‫محق في ما يطلبه‪ ،‬فهو ميثل األكثرية‬ ‫املسيحية املشاركة في احلكومة‪ ،‬وهو‬ ‫والوزير سليمان فرجنية يشكالن الغطاء‬ ‫املسيحي الوحيد‪ .‬رئيس اجلمهورية ال‬ ‫يشكل غطاء للموضوع‪ ،‬ونحن ال ندري‬ ‫أين يقف رئيس اجلمهورية؟ ‪، 8 ، 14‬‬

‫‪28‬‬

‫في النصف‪ ،‬ال أحد يعرف‪ ،‬ولكن في‬ ‫كل احلاالت هناك تغطية مسيحية‬ ‫يشكلها العماد عون والوزير فرجنية‬ ‫ويجب أن يأخذا احلصص األساسية التي‬ ‫يستحقونها‪ ،‬فال يجوز التعاطي معهم‬ ‫وكأنها حسنة من الرئيس املكلف أو من‬ ‫رئيس اجلمهورية”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬األجهزة األمنية غائبة عن‬ ‫الوعي‪ ،‬وغالبيتها مهتمة بـ “البزنس” أكثر‬ ‫من األمن‪ ،‬ونتمنى أن يوفقهم اهلل‪ ،‬أجهزة‬ ‫أمنية غائبة عن الوعي وحكومة غير‬ ‫موجودة ورئيس حكومة يصرف األعمال‬ ‫خارج احلدود”‪.‬‬ ‫وعما ورد في وثائق ويكيليكس‪ ،‬قال‪“ :‬إن‬ ‫سماحة السيد حسن نصر اهلل حتدث عن‬ ‫هذا املوضوع وهو موضوع حساس جداً‪،‬‬ ‫ويجب أن يحضر فريقنا ملفا ً قانونيا في‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬فهو أخطر مما نعتقد‪ ،‬هناك‬ ‫مئات الشهداء سقطت خالل العدوان‪،‬‬ ‫وهناك فرقاء لبنانيون كانوا شركاء في‬ ‫هذا املوضوع‪ .‬كنا نبحث عن دليل‪ ،‬وقد جاء‬ ‫من قبلهم‪ .‬يجب أن نحضر ونكون جديني‪،‬‬ ‫فاملوضوع ال يستعمل فقط للتهويل‪.‬‬ ‫يجب أن نكون جديني ألن مئات الشهداء‬ ‫سقطت وبلد دمر نتيجة مشاركة لبنانية‬ ‫معينة‪ ،‬يجب التعاطي معه من الناحية‬ ‫القانونية والقضاء يجب أن يتحرك جتاه‬ ‫هذه القضية”‪.‬‬


‫وفد من حزب «التوحيد العربي» شارك في اليوم‬ ‫التضامني مع السجينات البحرينيات‬ ‫شارك وفد من نساء‬ ‫حزب “التوحيد العربي”‬ ‫باللقاء التضامني‪ ،‬الذي‬ ‫أقامته هيئة التضامن‬ ‫لنصرة املرأة البحرينية‪،‬‬ ‫في فندق بيروت “غاليريا”‬ ‫مع سجينات الرأي في‬ ‫البحرين‪ ،‬للتأكيد على‬ ‫وقوف احلزب ورئيسه‬ ‫الوزير وئام وهاب إلى‬ ‫السجينات‬ ‫جانب‬ ‫البحرين ّيات وكل مظلوم‬ ‫في العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫وفي املناسبة ألقت عضو املكتب السياسي‬ ‫نصار وهاب كلمة جاء‬ ‫في احلزب احملامية كارين ّ‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫في يوم التضامن مع الشعب البحريني‪،‬‬ ‫نتطلع ألولئك الذين يجتمعون بإسم حق‬ ‫الشعوب وقيام العدالة فيها‪ ،‬نتطلع إليهم بل‬ ‫إلى عينهم الفاقدة للنظر وللرؤية الصحيحة‪،‬‬ ‫لنسأل عن معاناة شعب يرزح حتت االحتالل‬ ‫واالضطهاد والقتل والتش ّرد منذ ما يزيد عن ستة‬ ‫عقود من الزمن‪ ...‬بل نسأل عن تزويد تلك الدولة‬ ‫الغاصبة بكل ما ملكت أيديهم من مقومات‬ ‫مادية وعسكرية واقتصادية وسياسية‪ ...‬سوا ًء‬ ‫كانوا من األمكنة البعيدة أم ممن يدع ّون العروبة‬ ‫واإلسالم زورا ً وبهتاناً‪...‬‬ ‫نسأل هذا اجملتمع الدولي القائم على إزدواجية‬ ‫املعايير وجعل الصيف والشتاء على سقف‬ ‫واحد‪ ،‬ماذا فعلتم بتنفيذ قراراتكم الدولية‬ ‫التي أحرقتها “إسرائيل” في حروبها املتكررة‬ ‫وفي ضرباتها املتالحقة لقوى املقاومة والصمود‬ ‫واملمانعة في هذه املنطقة؟‬ ‫وكيف تشاركون في طمس هوية فلسطني‪،‬‬ ‫وإسقاط حقوق الشعب الفلسطيني في حقه‬ ‫باألرض والوطن وقيام دولته املستقلة؟ بينما‬ ‫هم شعبه‬ ‫تزرعون الرعب والدمار في بلد‪ ،‬كل ّ‬ ‫أن ينال حقوقه اإلنسانية في املواطنية وقيام‬

‫دولته احلاضنة لكل أبنائه وتأمني مستقبلهم‬ ‫ومستقبل أوالدهم‪...‬‬ ‫نسأل أولئك الالهثني على أبواب أميركا‬ ‫وحلفائها‪ ،‬أين جوهر اإلميان الذي نشأمت عليه؟ بل‬ ‫أين حقوق األمة املستباحة في خيراتها ومواردها‬ ‫وقيمها؟ أين أنتم من تدنيس األرض والعرض‬ ‫واملقدسات كل يوم في املسجد األقصى وكنيسة‬ ‫القيامة؟ أين أنتم من نهب ثرواتكم ومصادرة‬ ‫قرارتكم وحتويلكم إلى شرطة حدود ألعداء اهلل‬ ‫والدين؟ أين أنتم من حترير أرضكم‪ ،‬ومن حترير‬ ‫أسراكم‪ ،‬ومن وقوفكم في يوم الدين للمساءلة‬ ‫عما فعلت أيديكم؟ ولطاملا نسيتم كل ذلك‪،‬‬ ‫واعتقدمت أنه من الزمن املاضي‪ ،‬فما بالكم اليوم‬ ‫أمام ما يجري من طمس للحقوق وتوجيه األنظار‬ ‫إلى أمكنة غاياتكم املشبوهة‪ ،‬وقرارتكم املتآمرة‬ ‫على شعبكم العربي املؤمن بانتمائه لوطنه‬ ‫وحقوقه املشروعة واملقدسة‪.‬‬ ‫أال ترون اجملازر‪ ،‬واملالحقات التعسفية والقمعية‪،‬‬ ‫واإلعتقاالت اجلماعية‪ ،‬وقتل النساء واألطفال‬ ‫والشيوخ؟ أم أن وسائلكم اإلعالمية باتت تنقل‬ ‫ما تؤ َم ُر به‪ ،‬وتسكت عما يجب أن يُنشر؟ وملاذا‬ ‫تقفون إلى جانب شعوب في مكان وحتاربون في‬ ‫مكان شعوبا ً أخرى؟ هل ذلك يؤدي إلى انتصار‬ ‫قضايا األمة أم إلى انكسار إرادتها ومتزيقها‬ ‫وتفتيتها إلى دويالت مذهبية وطائفية وعرقية‬ ‫خدمة لـ “إسرائيل” وللشرق األوسط األميركي‬ ‫الذي تعملون عليه منذ زمن طويل؟‬

‫عليكم باتت الرهانات ساقطة‪ ،‬لذلك كنتم‬ ‫وما زلتم تساندون العدوان بكل أشكاله‪ ،‬لتحقيق‬ ‫األهداف األميركية واالستعمارية في السيطرة‬ ‫على موارد األمة أوالً‪ ،‬وفي تفتيتها ثانياً‪ ،‬وفي‬ ‫القضاء على قوى املقاومة واملمانعة فيها بد ًءا‬ ‫من لبنان إلى فلسطني والعراق ثالثاً‪...‬‬ ‫وما كشفته األحداث التي جرت‪ ،‬والوثائق التي‬ ‫نُشرت ومازالت تصدر عن “ويكيليكس” تثبت‬ ‫مدى إرتباطكم العضوي في التآمر على شعوب‬ ‫األمة ومقاومتها الشريفة التي استطاعت أن‬ ‫حترر األرض في جنوب لبنان وتصد العدوان في متوز‬ ‫‪ 2006‬وفي ضرب غزة ‪.2008‬‬ ‫وما زلتم تلملمون بقايا األميركيني وحلفائهم‬ ‫على رمل العراق رغم إعالنهم اإلنسحاب‬ ‫والرحيل‪ ،‬ورغم أن ضمائركم بقيت ميت ًه‬ ‫لسقوط مئات آالف القتلى وماليني اجلرحى من‬ ‫إخوانكم العراقيني والفلسطينيني واللبنانيني‬ ‫على أيدي أولئك الذين تقومون بخدمة بالطهم‬ ‫للحفاظ على عروشكم وتيجانكم التي ستنهار‬ ‫وستتحطم قريبا ً إن شاء اهلل‪ ،‬ألن إرادة الشعب‬ ‫أقوى‪ ،‬وإرادة املقاومة ستبقى ساطعة حتى قيام‬ ‫الساعة اآلتيه والتي ال ريب فيها‪...‬‬ ‫بإسم حزب “التوحيد العربي” ورئيسه وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬أعلن أننا إلى جانبكم كنا وسنبقى حتى‬ ‫انتصار األمة‪ ،‬واستعادة الكرامة‪ ،‬ودحر العدوان‬ ‫وقوى التآمر وللشعب البحريني الشقيق دوام‬ ‫التقدم لتحقيق مطالبه الشريفة والعادلة‪.‬‬

‫نشاط أمانة العالقات الخارجية‬ ‫في إطار جوالتها على السفارات‪ ،‬زارت أمينة العالقات اخلارجية في حزب‬ ‫«التوحيد العربي» فريال أبو ذياب‪ ،‬كالً من سفيرة فنزويال سعاد كرم‪ ،‬وتائب‬ ‫السفير الروسي ألكسندر شيفيكوف‪ ،‬والسفير الكوبي مانويل سيرانو‪،‬‬

‫وسفير املكسيك فوسي ألفرس فونتف‪ ،‬وسفير تركيا أنان أوزيلدين‪ ،‬وسفير‬ ‫تيريسه دا فونتاورا‪ ،‬وسفير الصني اجلديد هو زكسيان‪.‬‬ ‫البرازيل باولو روبرتو‬ ‫ّ‬ ‫وجرى التداول باألوضاع احمللية والظروف احمليطة بلبنان واملنطقة العربية‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫رحيل األسير المحرر من سجون االحتالل اإلسرائيلي سيطان الولي‬ ‫الجوالن السوري المحتل و ّدع بطله ووهاب نعاه كرمز وطني مقاوم‬ ‫و ّدع اجلوالن السوري احملتل أحد أبطاله ورموزه‬ ‫الوطنية املقاومة‪ ،‬األسير احملرر سيطان الولي‪ ،‬إذ‬ ‫غ ّيب املوت عند الساعة الواحدة وعشرين دقيقة‬ ‫من صبيحة يوم األحد املوافق بتاريخ ‪2011/4/24‬‬ ‫فكان املوعد مع شهيد جديد وزغرودة جديدة‬ ‫ودمعة جديدة وألم جديد في اجلوالن احملتل ‪.‬‬ ‫في الساعة الواحدة وعشرين دقيقة نعت‬ ‫احلركة الوطنية وأهالي اجلوالن السوري احملتل‬ ‫الشهيد املناضل واألسير البطل سيطان منر‬ ‫الولي‪ .‬رحل سيطان ليسجل في أدب السجون‬ ‫تاريخ من املعاناة والظلم والقمع الذي تسبب به‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي الغاشم الذي حكم باإلعدام‬ ‫علية بعد مرور ‪ 23‬عام من األسر ‪.‬‬ ‫رحل سيطان مخلفا ً ورائه مدرسة من الصمود‬ ‫على مدار ‪ 23‬عاا ً عانى فيها ويالت السجون‬ ‫وإهماله وقمعه‪.‬‬ ‫سيطان رحل بعد معاناة مريرة مع مرض‬ ‫ألم به في سجون االحتالل‪ ،‬ولم يفرج عنه‬ ‫عضال ّ‬ ‫إال بعد أن متلك املرض منه كما فعلوا مع رفيق‬ ‫دربه الشهيد األسير هايل ابو زيد الذي عانى أيضا ً‬ ‫ويالت االحتالل‪.‬‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب نعى‬ ‫الشهيد البطل سيطان الولي‪ .‬وجاء في بيان‬ ‫النعي الذي تلي في حفل تأبني الشهيد‪ :‬إنا هلل‬ ‫وإنا إليه راجعون‪ .‬مبزيد من األلم واحلزن واألسى‬ ‫اجملبولة بآيات العز والفخار تلقينا خبر استشهاد‬ ‫املناضل الكبير الشهيد األسير احملرر سيطان منر‬ ‫الولي‪ ،‬أحد أبرز رموز احلركة الوطنية السورية‬ ‫في اجلوالن العربي السوري احملتل‪ ،‬ورمزا ً للوطنية‬ ‫والعروبة والنضال في مجابهة الظلم والطغيان‬ ‫واالحتالل‪ .‬لقد تلقينا سقوط الشهيد سيطان‬ ‫منر الولي في معركته األخيرة مع آثار االحتالل‬ ‫في جسده الطاهر‪ ،‬ليكون عبرة ومثاال ً لنضاالت‬ ‫شعبنا األبي في مسيرة العز والكرامة على درب‬ ‫حترير كل أراضينا احملتلة من اجلوالن الى كامل تراب‬ ‫فلسطني‪ ،‬فلسطني من النهر الى البحر‪ ،‬ومهما‬ ‫طال الزمن وعظمت مؤامرات االحتالل في الداخل‬ ‫واخلارج‪ .‬إننا وبإسم حزب “التوحيد العربي” رئيسا ً‬ ‫وأعضاء نتقدم بأحر التعازي وأصدق مشاعر‬ ‫مشاركتكم‪ ،‬يا أهلنا في اجلوالن العربي احملتل وفي‬ ‫سوريا احلبيبة‪ ،‬وستبقى مسيرة ودماء سيطان‬ ‫ورفاقه منار ًة على درب حترير اإلنسان وفلسطني‬ ‫والتخلص من االستعمار بكافة أشكاله‪ .‬سقط‬ ‫البطل سيطان منر الولي‪ ،‬في معركته األخيرة من‬ ‫أجل القضية‪ ،‬من أجل أن يكون مثاالً‪ ،‬في رحيله‬ ‫كما في حياته‪ ،‬مناضالً عربيا ً سوريا ً حتت قبضة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الراحل الفقيد سيطان الولي‬

‫السجان واجلالد اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫من جبال لبنان الشامخة بعمائم بيضاء كما‬ ‫قلوب قاطنيه‪ ،‬واملمزوجة بعزة املقاومة ورفض‬ ‫الظلم والعدوان‪ ،‬نحييكم يا أهلنا في مجدل‬ ‫شمس واجلوالن العربي احملتل‪ ،‬ونعاهد شهيدنا أن‬ ‫نبقى على الدرب‪.‬‬ ‫لفقيدنا الراحل الرحمة ولشعبنا ووطننا‬ ‫األم سوريا واحلركة الوطنية في سجون‬ ‫االحتالل‪ ،‬ولذويه وأهله ورفاق دربه وزوجته الصبر‬ ‫والسلوان‪.‬‬ ‫وفيما يلي نبذة عن الشهيد‪:‬‬ ‫تاريخ الوالدة‪1966 /8/23:‬‬ ‫سنة االعتقال‪1985 /8/23 :‬‬ ‫مدة احلكم‪ 27 :‬عام‬ ‫ من مواليد عام ‪ ،1966‬من سكان ومواطني‬‫مجدل شمس في اجلوالن السوري احملتل‪ ،‬أنهى‬ ‫دراسته الثانوية في مدرسة مسعدة الثانوية‬ ‫في العام ‪ ،1984‬وحاز على شهادة التوجيهي‪ ،‬بادر‬ ‫مع عدد من رفاقه الى تأسيس حركة املقاومة‬ ‫السرية في أواخر العام ‪ ،1983‬والتي ضمت كل‬ ‫من األسير صدقي سليمان املقت واألسير عاصم‬ ‫الولي‪ ،‬واألسير احملرر امين أبو جبل‪ ،‬واألسير احملرر خير‬ ‫الدين احللبي‪ ،‬حيث استطاعت في البدء‪ ،‬حتديد‬ ‫واستطالع أماكن ومواقع عسكرية إسرائيلية‬ ‫واالستيالء على ‪ 18‬قنبلة يدوية وقنابل دخانية‬ ‫وقنابل غاز‪ ،‬وتفكيك ستة ألغام ارضية من‬ ‫منطقة تل الريحان جنوبي بلدة مجدل شمس ‪.‬‬ ‫‪ -‬في حزيران ‪ 1984‬اتسع عمل خلية املقاومة‪،‬‬

‫‪30‬‬

‫األمر الذي تتطلب جتنيد وضم أعضاء جدد في‬ ‫حركة املقاومة السرية‪ ،‬حيث ضمت خلية سرية‬ ‫أخرى عملت في مجال رفع العلم السوري وقنابل‬ ‫املولوتوف وضمت كل من االسير الشهيد هايل‬ ‫أبو زيد‪ ،‬واألسير بشر سليمان املقت‪ ،‬واألسير احملرر‬ ‫عصام أبو زيد واألسير احملرر زياد أبو جبل واألسير‬ ‫احملرر عبد اللطيف الشاعر‪ ،‬واستطاعت حركة‬ ‫املقاومة السرية من دخول حقول األلغام في‬ ‫منطقة تل الريحان وتفكيك أكثر من ‪ 162‬لغم‬ ‫أرضي مت خزنها‪ ،‬ومت زراعة عدد منها في الطرق‬ ‫العسكرية اإلسرائيلية على خط وقف إطالق‬ ‫النار‪ .‬واستطاعت اقتحام مخزن سالح عسكري‬ ‫إسرائيلي في مستعمرة نفي أتيب (جباثا الزيت)‬ ‫واالستيالء عل ‪ 64‬قنبلة يدوية‪.‬‬ ‫ في آذار ‪ 1985‬انضم الى حركة املقاومة‬‫السرية السورية كل من األسير احملرر مدحت‬ ‫الصالح واألسير احملرر عصمت املقت حيث‬ ‫شكلوا خلية جديدة للحركة عملت على زراعة‬ ‫الطريق العسكري احملاذي خلط وقف إطالق النار‬ ‫بألغام أرضية مضادة لألفراد واآلليات العسكرية‬ ‫اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫ في نيسان ‪ 1985‬شارك األسيرسيطان الولي‬‫في زراعة الطريق املؤدي ألحد املراكز العسكرية‬ ‫في تل األحمر‪ ،‬وخط وقف إطالق النار بألغام‬ ‫أرضية‪ .‬وتفكيك عدة ألغام مضادة لآلليات‬ ‫الستخدام مادة (التي ‪.‬ان‪ .‬تي )التي حتتويها في‬ ‫مهام أخرى‪.‬‬ ‫ أشرف األسير بنفسه على تفكيك األلغام‬‫األرضية وانتزاع املادة املتفجرة منها إلملامه‬ ‫البسيط في تركيبها معتمدا ً على كتاب عسكري‬ ‫قدمي صادر عن القوات العسكرية السورية‪.‬‬ ‫ في ‪ /31‬أيار ‪ 1985‬استطاع األسير مع عدد من‬‫رفاقه‪ ،‬اختراق حواجز معسكر إسرائيلي مهجور‬ ‫في منطقة بير احلديد قرب قرية بقعاثا‪ ،‬حيث‬ ‫قامت اجملموعة األولى بوضع متفجرات الـ (تي ان‬ ‫تي) بني صناديق القذائف العسكرية التي احتواها‬ ‫املعسكر‪ ،‬في الوقت الذي قامت فيه مجموعة‬ ‫أخرى بزرع ‪ 32‬لغم أرضي على التلة املطلة على‬ ‫املعسكر ككمني لقوات االحتالل اإلسرائيلي ومت‬ ‫تفجير حوالي ‪ 850‬قذيفة تستخدمها الدبابات‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬كانت موجودة في داخل اخملزن في‬ ‫معسكر بير احلديد‪ ،‬وبترت قدم جندي إسرائيلي‬ ‫واحد جراء انفجار لغم أرضي في املوقع احملدد‪.‬‬ ‫ اعتقلته قوات االحتالل اإلسرائيلي في تاريخ‬‫‪ 1985/8/23‬بعد اقتحام منزله بعد منتصف‬ ‫الليل‪ ،‬واعتقلت معه عددا ً أخر من رفاقة في‬


‫حركة املقاومة وهم “ صدقي املقت‪ ،‬أمين ابو جبل‪،‬‬ ‫زياد أبو جبل‪ ،‬عاصم الولي‪ ،‬عصام أبو زيد‪ ،‬بعد‬ ‫الكشف عن عملها نتيجة اعتقال قسم من‬ ‫أعضائها في وقت سابق‪.‬‬ ‫ خاض األسير سيطان الولي جوالت طويلة‬‫من التحقيق مع جنراالت الشني بيت اإلسرائيلي‬ ‫في أقبية التحقيق في اجللمة وعكا وشفاعمرو‪.‬‬ ‫ بعد تسعة أشهر من اعتقاله حكمت عليه‬‫محكمة اللد العسكرية بالسجن ملدة ‪ 27‬عاما ً‬ ‫بتهمة مقاومة االحتالل‪ ،‬وأثناء محاكمته أنشد‬ ‫مع رفاقه داخل قاعة احملكمة النشيد العربي‬ ‫السوري تأكيدا ً على حق املقاومة ورفض االحتالل‬ ‫وكافة قوانينه اجلائرة ضد أبناء اجلوالن‪.‬‬ ‫ مضى فترة اعتقاله متنقالً بني معتقل‬‫اجللمة وعكا وسجن الرملة‪ ،‬ثم في معتقل‬ ‫عسقالن ونفحة وبئر السبع والتلموند وشطا‬ ‫واجللبوع‪ ،‬وتعرض للعزل أكثر من مرة كان آخرها‬ ‫في العام ‪ 2007‬في معتقل نفحة‪.‬‬ ‫ تولى أكثر من مرة شغل مهمة ممثل‬‫أسرى اجلوالن السوريني في مختلف الساحات‬ ‫االعتقالية‪ ،‬وكان مميزا في عالقاتاته مع أسرى‬ ‫الثورة الفلسطينية واملقاومة اللبنانية وأسرى‬ ‫البلدان العربية‪.‬‬ ‫ كتب العشرات من املقاالت السياسية‬‫واألدبية من داخل معتقله‪ ،‬التي استطاع تهريبها ً‬ ‫عبر شقيقته امتثال ومت نشرها في مواقع اجلوالن‬

‫االلكترونية ومواقع سورية عديدة‪.‬‬ ‫وفي العام ‪ 2006‬صدر له الكتاب األول الذي‬ ‫حمل عنوان سالل اجلوع وفيه وقفة تقييمية‬ ‫جريئة لواقع احلركة االعتقالية في سجون‬ ‫االحتالل‪ .‬ضمنه رؤية نقدية إلضراب عام ‪. 2004‬‬ ‫ خاض مع رفاقه األسرى وخالل فترة‬‫اعتقاله عشرات اخلطوات النضالية وساهم‬ ‫واشترك بفاعلية ونشاط في كافة اإلضرابات‬ ‫املفتوحة واجلزئية عن الطعام التي خاضتها‬ ‫احلركة االعتقالية في سجون االحتالل من أجل‬ ‫حتسني الظروف املعيشية واحلياتية داخل األسر‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫ في تاريخ ‪ 2006/5/28‬أجريت له عملية‬‫جراحية في مستشفى أساف هروفيه وبقى في‬ ‫املستشفى فترة بعد تردي وضعه الصحي‪.‬‬ ‫ في تاريخ ‪ 2007/ 7/30‬استطاع انتزاع موافقة‬‫إدارة السجون بالسماح لطبيبه وصديقه د‪.‬‬ ‫وجدي الصفدي من زيارته ومعاينته داخل معتقل‬ ‫نفحة‪ ،‬حيث مت اكتشاف وجود ورم في كليته‬ ‫اليمنى‪.‬‬ ‫ في آذار ونيسان ‪ 2008‬وبعد عودته من فترة‬‫العزل العقابي في معتقل نفحة الصحراوي‬ ‫أجريت له عدة فحوصات طبية‪ ،‬وتقرر على‬ ‫ضوءها إجراء عملية اسئصال كليته اليمنى‬ ‫لتحديد نوعية الورم الذي أصابها ‪.‬‬ ‫‪ -‬في ‪/12‬ايار‪ 2008/‬أجريت له عملية استئصال‬

‫الكلية اليمنى في مستشفى العفوله‪ ،‬حيث‬ ‫تبني بعد اسبوعني أن الورم اخلبيث هو عبارة عن‬ ‫أورام سرطانية في كليته وفي الغدد الليمفاوية‪.‬‬ ‫ في حزيران ‪ 2008‬مت نقله الى مستشفى‬‫سجن الرملة “ مراش” إال أن حالته الصحية‬ ‫مازالت تتدهور النعدام الرعاية الطبية وانعدام‬ ‫العوامل الصحية الالزمة والضرورية له بعد‬ ‫العملية‪ .‬ومت إعادته رغم ذلك إلى سجن اجللبوع ‪.‬‬ ‫ في أيار ‪ 2008‬مت تقدمي طلب إخالء سبيل‬‫ألسباب إنسانية وصحية من قبل احملامي الدكتور‬ ‫مجد أبو صالح‪.‬‬ ‫أطلق سراحه بتاريخ ‪ ،2008/7/8‬واستقبل في‬ ‫اجلوالن استقباال ً جماهيريا ً شعبيا ً بارزا ً شارك‬ ‫فيه أبناء اجلوالن السوري احملتل ونخبة من جماهير‬ ‫شعبنا العربي الفلسطيني من القدس ومناطق‬ ‫اجلذر الفلسطيني احملتلة عام ‪ .1948‬خرج كأحد‬ ‫أبرز األسرى اجلوالنيني ثقافة وسعة اطالع وذو‬ ‫موقف ورؤية سياسية واضحة جسدها في العديد‬ ‫من املقاالت والكتابات العديبدة التي نشرها‪.‬‬ ‫ دخل األسير قفص الزوجية في ‪2010\12\11‬‬‫لكن املرض اخلبيث لم ميهله كثيراً‪ ،‬فاشتد عليه‬ ‫وتدهورت صحته إلى أن وافته املنية ليل ‪-23‬‬ ‫‪ ،2011\04\24‬ليس قبل أن يسجل اسمه في‬ ‫سجل اخلالدين وفي قائمة اجملد من أبناء اجلوالن‬ ‫البررة‪ ،‬الذين صنعوا تاريخه املشرف بأحرف من‬ ‫نور‪.‬‬

‫تابعت أمانة اإلعالم في «حزب التوحيد العربي» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتماعية‪ ،‬في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السياسي‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫محق‬ ‫طالل إرسالن‬ ‫في مطلبه بالحصول على حقيبة مهمة‬ ‫يعتبر حزب “التوحيد العربي” أن املسار الذي تتخذه املشاورات لتشكيل احلكومة‬ ‫هو مسار خاطئ‪ ،‬خاصة وأننا لم نلمس بعد أي اهتمام باإلسراع في عملية‬ ‫التشكيل‪ ،‬فيما مصالح الناس معطلة واإلدارة احلالية التي يهيمن عليها‬ ‫الرئيس فؤاد السنيورة مازالت تخ ّرب‪ ،‬وأكبر دليل على ذلك ما يقوم به املدعو‬ ‫عبد املنعم يوسف في مؤسسة اوجيرو حيث ضبط اليوم وهو يحاول إفراغ‬ ‫بعض املستودعات من كوابل عائدة للدولة‪ .‬هذا منوذج واحد من مئات النماذج‬ ‫التي حتصل يوميا ً والتي يجب ضبطها بسرعة حتى ال تستفيد من فترة الفراغ‬ ‫اليوم‪ .‬أما بالنسبة للتمثيل الدرزي فيرى احلزب أن الوزير طالل إرسالن محقّ في‬ ‫مطلبه احلصول على حقيبة مهمة‪ ،‬خاصة وأنه لعب دورا ً هاما ً منذ تفويض ‪11‬‬ ‫أيار وحتى اليوم‪ ،‬وهذا أمر يجب أن يؤخذ بعني االعتبار حتى يكون توزيع احلقائب‬ ‫عادال ً داخل الطائفة‪ .‬وحول كالم الرئيس سعد احلريري أمس لوالده‪ ،‬نقول طاملا‬ ‫يتحدث عن السالح الذي شهر في غياب والده‪ ،‬نريد أن نسأله عن اخلناجر التي‬ ‫سنّها في انتخابات ‪ 2005‬للطعن مبن أربحه األكثرية‪.‬‬ ‫هل نسي الشيخ سعد كيف أعطته املقاومة األكثرية عام ‪ 2005‬ومباذا تعهّ د‬ ‫ّ‬ ‫استل خنجره املسموم ليطعنها في الظهر؟ هل استمع الشيخ سعد‬ ‫وكيف‬

‫لتقارير ويكيليكس‪ ،‬وهي شاهد من شهود بيته‪ ،‬كيف كانت اخلناجر تتنافخ‬ ‫ّ‬ ‫استل اخلنجر في ‪ 5‬أيار ليطعن‬ ‫لطعن املقاومة؟هل نسي الشيخ سعد أنه‬ ‫املقاومة وهي مشاركة في حكومته؟ وإن كان ينسى فيجب ان ال ينسى ان اخلنجر‬ ‫املسموم األكبر كان في تركيبه لشهود الزور ومحاولة الطعن في الظهر‪ .‬نعم‬ ‫يا شيخ سعد شهرنا السالح في وجهك ولكننا لم نستعمل خنجرا ً مسموما ً‬ ‫لطعنك في الظهر غدراً‪ ،‬بل شهرنا السالح في وجهك عندما انحرفت إلى‬ ‫جانب املشروع اإلسرائيلي الداعي لضرب السالح املشهور بوجه العدو‪.‬‬ ‫لذا مبحبة نقول لك‪ :‬أقلع عن استعمالك اخلنجر املسموم حتى ال يرتد عليك‪.‬‬

‫ّ‬ ‫تعقل يا سعد فاللعبة أكبر منك‬

‫يبدو أن الرئيس سعد احلريري قرر السير في التوجيهات األميركية –‬ ‫السعودية التي تستهدف إيران دون أي نقاش ملصلحة لبنان أو ملا تقتضيه‬ ‫املصلحة اللبنانية ودون أي اعتبار ملصالح اللبنانيني قرر سعد احلريري الدخول‬ ‫في محاور ليس للبنان القدرة على حتمل نتائجها الكارثية‪.‬‬ ‫إن اجلمهورية اإليرانية اإلسالمية أصبحت العبا ً على الساحة العربية‬ ‫عندما غابت الدول التي يدافع عنها سعد احلريري ويقاتل بإسمها اليوم‪ ،‬فلو‬ ‫حتمل العرب مسؤوليتهم في فلسطني ملا كانت إيران قد لعبت دورها في‬ ‫دعم القضية الفلسطينية واملقاومة‪ ،‬ولو لم يتخل العرب عن لبنان طيلة‬ ‫خمس وعشرين عاماً‪ ،‬واحتالله من قبل”إسرائيل” ملا كانت إيران قد دعمت‬ ‫املقاومة لتحرير األرض‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫ليبيا ‪ :‬حرب النفط والنفوذ والتقسيم‬ ‫إختار األميركيون باراك أوباما املرشح املعارض‬ ‫وظن‬ ‫حلزب بوش على العراق رئيسا ً لهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األميركيون بأنه القادر على مواءمة إلتزامات‬ ‫الواليات املتحدة مع مواردها‪ ،‬أو أنه سيكون أكثر‬ ‫حكمة جلهة إدراكه ملكان وكيفية استخدام‬ ‫القوة العسكرية‪ ،‬وأعظم فهما ً حلدود استخدام‬ ‫األداة السياسية األكثر وحشية من بني أدوات‬ ‫السياسة‪.‬‬ ‫ولكن وبعد مرور سنتني وأكثر جند أنفسنا‬ ‫في خضم املعركة من جديد‪ ،‬ومنذ تولي أوباما‬ ‫ملنصبه‪ ،‬ازداد تورط الواليات املتحدة في حربها‬ ‫على أفغانستان وشنّت حربا َ جديدة على ليبيا‪،‬‬ ‫وكان الغرض احلقيقي وراء تدخلها هو تغيير‬ ‫النظام حتت تهديد السالح‪ ،‬ولكن املعلن هو‬ ‫حماية “أرواح املدنيني”!‬ ‫والسؤال ملاذا يتكرر ما يحدث؟ وما هو موقف‬ ‫اجلمهور األميركي إزاء ما يحدث؟ وما هي مصلحة‬ ‫الواليات املتحدة في خوض حروب غبية في أكثر‬ ‫من مكان؟‬ ‫يقول ستيفان والت‪“ :‬السبب األكثر وضوحا ً‬ ‫الذي يجعل الواليات املتحدة تثابر على اتباع‬ ‫هذا النهج هو حقيقة امتالكها لقوة عسكرية‬ ‫ملحوظة‪ ،‬ال سيما في مواجهة قوة بسيطة‬ ‫كالقوة الليبية‪ ،‬وكذلك الوضع اآلمن للواليات‬ ‫املتحدة بعد احلرب الباردة ويضاف إلى ذلك‬ ‫املؤسسة الغبية للسياسة اخلارجية الثابتة‬ ‫على نهج ضرورة القيام بشيء”‪.‬‬

‫تردد أميركي أو فشل ذريع‬ ‫لم تستطع احلمالت اجلوية التي قادتها‬ ‫الواليات املتحدة إحراز “نصر قاطع وسريع” على‬ ‫رغم مرور نحو ستة أسابيع بل بلغت األوضاع‬ ‫طريقا ً مسدودا ً واألمور في ليبيا جرت على خالف‬ ‫ما اشتهت اإلدارة األميركية‪ ،‬ويرى املراقبون أن‬ ‫أسباب الفشل والتردد األميركي ناجم عن عدم‬ ‫توظيف الواليات املتحدة إمكانياتها كاملة في‬ ‫احلملة على ليبيا‪ ،‬وأوباما دخل حلبة السباق‬ ‫االنتخابي‪ ،‬وهو يدرك أن التو ّرط في ساحة جديدة‬ ‫هو مغامرة في غاية التعقيد‪ .‬فأولويات الشعب‬ ‫األميركي هي القضايا االقتصادية‪ ،‬ويريد أوباما‬ ‫يبدد‬ ‫تفادي استخالص الناخب األميركي أنه ّ‬ ‫الضرائب في حروب غير معلومة النتائج‪ ،‬وفي‬ ‫وقت ينشغل فيه اجليش األميركي في أفغانستان‬ ‫والعراق‪ ،‬وكذلك‪ ،‬فإن أداء القيادة األميركية في‬ ‫القرن اإلفريقي ضعيف‪ ،‬ووزير الدفاع األميركي‬ ‫روبرت غيتس‪ ،‬أعلن أن الواليات املتحدة حتتاج‬ ‫إلى عدد أكبر من القوات للقضاء على القوات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الليبية‪ ،‬باإلضافة إلى ضعف املعارضة الليبية‬ ‫وافتقارها إلى قيادة مؤثرة والشكوك األميركية‬ ‫حول هذه املعارضة‪ ،‬رغم أن األخيرة وجهت رسائل‬ ‫تؤكد بأنها ستحافظ على املصالح األميركية‬ ‫بعد سقوط القذافي‪ ،‬ولم تقتنع واشنطن بهذه‬ ‫املزاعم‪ ،‬وهي متر ّددة ومتخوفة من وقوع السالح‬ ‫بأيد مناوئة‪ .‬وساهمت التقارير التي سربتها‬ ‫موسكو عن تغلغل عناصر القاعدة في بعض‬ ‫جبهات القتال ضد قوات القذافي‪ ،‬وهذا ما ساهم‬ ‫في تبني األميركيني هذه الفكرة‪ ،‬وقوات املعارضة‬ ‫الليبية غير محترفة القتال‪ ،‬وعجزت عن تشكيل‬ ‫كتائب منظمة لقيادة العمليات ضد اجليش‬ ‫الليبي الذي لم يخسر دعم القبائل‪.‬‬ ‫وهناك اخلالفات احلادة بني الدول التي قامت‬ ‫بالهجوم على ليبيا‪ ،‬فالواليات املتحدة أوكلت‬ ‫مهمة قيادة العمليات في ليبيا إلى الناتو‪ ،‬وتبينّ‬ ‫أن احللف غير مستعد لشن عملية منسجمة‬ ‫ضد القوات الليبية املوالية للنظام‪ ،‬أو أن احللف‬ ‫ال يرغب بدفع الثمن بينما قطف الثمار ليس‬ ‫منظورا ً بعد‪.‬‬ ‫لقد خاب ظن األميركيون وهم حسبوا أنهم‬ ‫يوجهون رسائل في أكثر من اجتاه وليس من‬ ‫ّ‬ ‫قبيل الصدفة‪ ،‬أن تزداد التهديدات املباشرة‬ ‫وغير املباشرة في اجتاه إيران وسوريا في أكثر من‬ ‫مناسبة ومكان‪.‬‬ ‫الفشل األميركي في ليبيا واضح املعالم‪،‬‬ ‫ولكن العنجهية األميركية حتول دون اإلقرار‬ ‫بالفشل‪ ،‬وهم الذين وعدوا الشركات النفطية‬ ‫األميركية بعقود عمل وامتيازات بسخاء أكثر‬ ‫هذه املرة‪ ،‬ورأى أحد القادة العسكريني األميركيني‬ ‫على هامش مؤمتر لندن‪ ،‬أن تقسيم ليبيا إلى‬

‫‪32‬‬

‫منطقتني شرقية وغربية أمر محتمل‪.‬‬

‫هل من حل لألزمة الليبية؟‬ ‫رغم آالف الطلعات اجلوية والضربات العسكرية‬ ‫تتحدث‬ ‫األميركية التابعة حللف (الناتو) والتي‬ ‫ّ‬ ‫عن تدمير أكثر من ‪ % 30‬من القدرات العسكرية‬ ‫الليبية التابعة للنظام‪ ،‬فإن هذه القوات تعرضت‬ ‫النتقادات قوات اجمللس الوطني الليبي املعارض‪،‬‬ ‫التي اتهمتها بالتباطؤ في تنفيذ العمليات‬ ‫حددت‬ ‫العسكرية‪ ،‬على الرغم من أن قوات اجمللس ّ‬ ‫وبشكل واضح مواقع قوات القذافي وحتركاتها‪.‬‬ ‫ويالحظ أن االرتياب من نشاط حلف األطلسي‬ ‫في ليبيا بلغ صفوف مؤيدي العملية العسكرية‪،‬‬ ‫فباريس صارت تدعو إلى بدء احملادثات بني اجلهتني‬ ‫املتنازعتني‪ ،‬والوضع العسكري في ليبيا ملتبس‪،‬‬ ‫ودُمرت معظم الطائرات والدبابات واملصفحات‪،‬‬ ‫وبقيت العربات التي حتمل الرشاشات واألسلحة‬ ‫املضادة للطائرات التي تصعب مالحظتها وهي‬ ‫في منأى عن النيران األطلسية‪.‬‬ ‫ويدعو وزير اخلارجية الفرنسي‪ ،‬آالن جوبيه‪،‬‬ ‫املعارضة الليبية إلى تنظيم نفسها والتدرب‪،‬‬ ‫فالغرب يدافع عن السكان املدنيني‪ ،‬وال يسعى‬ ‫وراء استعادة املدن من قوات القذافي‪ ،‬وتبرز احلاجة‬ ‫إلى االنتقال الى مرحلة سياسية تؤدي فيها األمم‬ ‫املتحدة وجامعة الدول العربية واالحتاد األفريقي‬ ‫دورا ً بارزاً‪.‬‬ ‫واألميركيون أيضا يرون أن احلرب في ليبيا‬ ‫تدخل في متاهة‪ ،‬وان التوصل إلى إيجاد وضع‬ ‫طبيعي فيها ممكن بواسطة احللول السياسية‬ ‫السريعة‪ ،‬واحلق أن الوضع في ليبيا بلغ طريقا ً‬


‫مسدوداً‪ ،‬فقوات املعارضة غير قادرة على إطاحة‬ ‫نظام القذافي‪ ،‬و(الناتو) غير مخ ّول التدخل لدعم‬ ‫املعارضة‪ ،‬وفي مثل هذه الظروف ال ميلك اجملتمع‬ ‫الدولي سوى التوصل إلى حل سلمي للنزاع‪.‬‬ ‫لقد دخلت الواليات املتحدة عملية احلظر‬ ‫اجلوي املكلفة ماديا ً في هذه الظروف االقتصادية‬ ‫األميركية الصعبة‪ ،‬إضافة إلى تورطها في العراق‬ ‫وأفغانستان‪ ،‬ثم عادت وسلمت القيادة إلى حلف‬ ‫(الناتو) وبقيت تقدم املساندة توفيرا ً للنفقات‬ ‫كما تدعي أوساطها‪.‬‬

‫حرب النفط والنفوذ‬ ‫وفي ظل احلملة العسكرية الدولية التي‬ ‫تستهدف النظام في ليبيا‪ ،‬و في أجواء االنقسام‬ ‫احلاصل في البالد‪ ،‬يرى اخلبراء‪“ ،‬أن تقاسم النفط‬ ‫الليبي أمر ممكن‪ ،‬تقنياً‪ ،‬بني غرب البالد الذي‬ ‫يخضع لنفوذ النظام وشرقها الذي يخضع‬ ‫لسيطرة املعارضة‪ ،‬ويجب التوصل إلى تسوية‬ ‫دولية صريحة‪ ،‬والى التزام كامل من األطراف‬ ‫املعنية في شأن احترام اتفاق بهذا املعنى”‪.‬‬ ‫وتنتج ليبيا أقل من ‪ % 2‬من مجموع اإلنتاج‬ ‫العاملي من النفط‪ ،‬ولكنها حتتوي على أكبر‬ ‫احتياطات النفط في القارة األفريقية حيث تقدر‬ ‫بني ‪ 40‬و ‪ 60‬بليون برميل نفط‪ ،‬كما أن نوعية‬ ‫النفط لديها السهلة االستخراج مرغوبة كونها‬ ‫منخفضة الكبريت‪.‬‬ ‫وحتتل دول أوروبية على رأسها إيطاليا وفرنسا‬ ‫وأملانيا املراتب األولى على الئحة الدول املستهلكة‬ ‫لإلنتاج الليبي من النفط‪ ،‬وكان ناطق بإسم‬ ‫املعارضة أعلن أن حقول النفط الواقعة في‬ ‫املناطق التي تسيطر عليها املعارضة من البالد‬ ‫تنتج ما بني ‪ 130 – 100‬ألف برميل في اليوم‪.‬‬ ‫وتبينّ نظرة سريعة على خريطة انتشار احلقول‬ ‫النفطية ومرافق التصدير سبب اجتاه اجمللس‬ ‫الوطني االنتقالي الليبي املعارض نحو اعتماد‬ ‫نظرية تقسيم موارد الطاقة بني شرق البالد‬ ‫وغربها‪ ،‬أنه من الوجهة التقنية‪ ،‬ميكن حتقيق هذا‬ ‫األمر الذي يختصر صراعا ً على النفط بني شرق‬ ‫البالد وغربها‪ ،‬وتسيطر املعارضة الليبية في‬ ‫الشرق على احلقول التي تقع في منطقة سرير‬ ‫ومصافي التكرير في طبرق وبنغازي والبريقة‪،‬‬ ‫وهي مناطق تساهم في أكثر من ثلث عائدات‬ ‫قطاع النفط الليبي‪ ،‬بينما يسيطر املوالون‬ ‫للنظام من جهتهم على احلقول في الفيل‬ ‫والزاوية وطرابلس‪.‬‬ ‫وفي حال ّ‬ ‫متكنت القوات املوالية من مقاومة‬ ‫الضغوط الدولية املتمثلة خصوصا ً في احلملة‬ ‫العسكرية اجلوية‪ ،‬فإن احلدود سترسم في وسط‬ ‫البالد في منطقة صحراوية غير مستكشفة‬ ‫إال أن اخلبراء ّ‬ ‫يؤكدون أن باطنها واعدا ً جداً‪ ،‬وتدور‬ ‫عند حدود هذه املنطقة‪ ،‬حيث تنتشر املصافي‬

‫واملواقع املهمة مثل رأس النوف‪ ،‬املعارك األقوى‬ ‫بني املعارضة واملوالني للنظام‪.‬‬

‫«الناتو» تذرّع بـ «حماية املدنيني»‬ ‫إن االتفاق السياسي بني دول حلف شمال‬ ‫األطلسي (‪ 28‬دولة) على تولي احللف العمليات‬ ‫العسكرية ضد ليبيا‪ ،‬يشكل بداية حرب طويلة‬ ‫على ليبيا حتت ستار “حماية املدنيني” الليبيني‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي تتجمع معلومات ومؤشرات متزايدة‬ ‫على أن هذه “احلماية” مجرد ذريعة في خطة‬ ‫محبوكة ومحكمة لإلنقضاض على اجلماهيرية‪،‬‬ ‫والعملية لم تبدأ مع بدء العمليات العسكرية‬ ‫بقيادة أميركية وبالتواطؤ العلني بني الواليات‬ ‫املتحدة وفرنسا وبريطانيا‪ ،‬بل أن شرارة الفتنة‬ ‫الداخلية التي شكلت الذريعة املطلوبة للتدخل‬ ‫اخلارجي‪ ،‬بدأت في مدينة مصراتة على الشاطئ‬ ‫الليبي الذي استخدمته املعارضة لتمرير حاويات‬ ‫مليئة باألسلحة والذخائر واملتفجرات بتسهيالت‬ ‫وفرها املسؤول عن امليناء‪ ،‬ومصادر السالح كانت‬ ‫الدول تضررت في السنوات األخيرة من العقود‬ ‫التي وقعتها ليبيا مع روسيا والصني وأملانيا ودول‬ ‫أسيوية وأميركية التينية‪ ،‬من أجل جتديد بنيتها‬ ‫األساسية تعويضا ً عن سنوات احلصار‪.‬‬ ‫وهذا يعني أن الدول األوروبية املتضررة هي‬ ‫التي حتركت أوال وشجعت املعارضة املقيمة في‬ ‫اخلارج‪ ،‬على افتعال الفتنة مع النظام القائم‬ ‫الذي ينطلق في ورشة تطوير وحتديث هائلة‬ ‫وشاملة وفق قواعد جديدة‪ .‬وقد تالقت القوى‬ ‫العظمى املتضررة على توظيف “املد التغييري”‬ ‫الذي شهدته مصر وتونس إلى ليبيا‪ ،‬كي يسهّ ل‬ ‫التدخل اخلارجي في اللحظة املناسبة‪.‬‬

‫خطر الغرق في املستنقع الليبي‬ ‫ما بني اآلمال والواقع مسافة كبيرة وهي‬ ‫بدأت تتسع أكثر‪ ،‬وثمة مؤشرات وأصوات بدأت‬ ‫باالرتفاع وهي حتذر من “خطر الغرق في املستنقع‬ ‫الليبي”‪ ،‬وهي ناجتة عن معاينة التطورات امليدانية‬ ‫التي تتالحق على الساحة الليبية والتي تعني‬ ‫في مجملها أن التدخل الغربي لم يأت بالنتائج‬ ‫املتوقعة منه‪ ،‬وأن فعالية القوات األطلسية‬ ‫نسبية‪ ،‬واملستشار اخلاص لدى مؤسسة األبحاث‬ ‫االستراتيجية في باريس فرانسوا هيزبورغ‪ ،‬يع ّبر‬ ‫عن ال جدوى التدخل األطلسي ويقول‪“ :‬ال أحد‬ ‫اليوم يستطيع القول كم من الوقت سوف‬ ‫تستغرق عملية “احلامي األوحد” التي يقوم بها‬ ‫احللف في ليبيا”‪ ،‬وبالتالي فإن قرار مجلس األمن‬ ‫الدولي الرقم ‪ 1973‬يفرض قيودا ً بحظره إرسال‬ ‫قوات على األرض‪ ،‬ويجعل من حماية املدنيني‬ ‫فقط هدفا ً رسميا ً معلناً‪ ،‬وأي قرار جديد يطرح‬ ‫على مجلس األمن ويسمح بإنزال جنود قد يواجه‬

‫‪33‬‬

‫النقض (حق الفيتو) الروسي‪ ،‬وقد حتذو الصني‬ ‫حذو روسيا”‪.‬‬ ‫وما يقوله مستشار األطلسي يؤكده اجلنرال‬ ‫كارترهام الذي قاد احلملة اجلوية لالئتالف قبل أن‬ ‫تسلم واشنطن قيادة العملية للحلف بقوله‪:‬‬ ‫“إن حالة اجلمود بدأت تنشأ بني املعارضة والقوات‬ ‫الليبية‪ ،‬لكنه يتعينّ على الواليات املتحدة أال‬ ‫تتخذ أي قرار بتسليح املعارضة قبل ان تعرف‬ ‫املزيد عنهم”‪.‬‬ ‫وهناك عوامل أخرى تدعونا للتساؤل‪ ،‬هل‬ ‫تنسحب قوات األطلسي من هذه املهمة في‬ ‫ضوء عدم حتديد سقف زمني واضح ملهمة احللف‬ ‫باإلضافة إلى ضبابية األهداف التي رسمت‬ ‫للتدخل‪ ،‬وبروز مبادرات جدية تقدم التسوية‬ ‫السياسية على التدخل العسكري الذي بات‬ ‫مرادفا ً للحرب األهلية؟‬

‫خرائط طريق للحل السلمي‬ ‫ليس واضحا ً بعد الشكل الذي سيرسو عليه‬ ‫احلل‪ ،‬إال أن الثابت حتى اآلن‪ ،‬أن احلل العسكري‬ ‫يفقد جاذبيته يوما ً بعد يوم‪ ،‬وأن النظام الليبي‬ ‫على رغم بعض التصدعات‪ ،‬ليس مقبالً على‬ ‫أمنت احلماية‬ ‫االنهيار‪ ،‬ومع أن احلملة اجلوية ّ‬ ‫للمعارضة في شرق ليبيا من غير أن توفر لها‬ ‫النصر‪ ،‬اليزال النظام الليبي متماسكا ً وأثبت‬ ‫قدرة فائقة على الصمود واستخدام عنصر‬ ‫املباغتة واملناورة والتمويه‪ ،‬وهو ميلك قدرات أخرى‬ ‫تتعلق باملبادرة‪ ،‬فيما املعركة بعيدة من احلسم‬ ‫وعامل الوقت هام‪ ،‬ويصب في مصلحة النظام‬ ‫الليبي وقواته وكذلك فإن املراوحة امليدانية تصب‬ ‫في مصلحته‪.‬‬ ‫وخرائط طريق عديدة بشأن وضع حل سلمي‬ ‫لألزمة الليبية‪ ،‬رمبا أكثر شجاعة خريطة الطريق‬ ‫األفريقية التي وافق عليها القذافي‪ ،‬فيما برزت‬ ‫خريطة مماثلة تركية أيضاً‪ ،‬وتتضمن ثالثة بنود‬ ‫رئيسية‪ ،‬تبدأ بوقف فوري إلطالق النار‪ ،‬وأن ترفع‬ ‫قوات القذافي احلصار عن بعض املدن‪ ،‬كما يجب‬ ‫إقامة مناطق آمنة لتساعد على تدفق املساعدات‬ ‫اإلنسانية إلى الشعب الليبي‪ ،‬كما يجب أن تبدأ‬ ‫فورا ً عملية التحول نحو تغيير دميقراطي مع‬ ‫األخذ في االعتبار احلقوق املشروعة ومصالح‬ ‫الشعب حيث ميكن إقامة دميقراطية دستورية‪،‬‬ ‫وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان‪:‬‬ ‫“إننا نرسم خريطة طريقنا مع شخصيات بارزة‬ ‫في اجملتمع الدولي ونتقاسمها مع شركائنا مبا‬ ‫في ذلك األمم املتحدة واالحتاد اإلفريقي واجلامعة‬ ‫العربية ومنظمة املؤمتر اإلسالمي”‪.‬‬ ‫شد األنظار اإلقليمية والدولية‬ ‫املشهد الليبي ّ‬ ‫وتعقيداته فاقت أي تعقيدات مماثلة‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫اليمن ‪ :‬معركة ش ّد الحبال‬ ‫وقلق من الحرب األهلية والتقسيم‬ ‫في اليمني “السعيد” دخلت حركة االحتجاجات‬ ‫تهدد باحتماالت‬ ‫السياسية مرحلة نوعية جديدة ّ‬ ‫حت ّول الصراع السياسي في البالد الى منوذج يتصف‬ ‫بزيادة حدة االستقطابات وتعدد األطراف وتضارب‬ ‫املصالح وتزايد التعقيدات من خالل تو ّرط أطراف‬ ‫خارجية في الصراع‪ ،‬ومازال السؤال يتمحور حول‬ ‫اجتاه الصراع‪ ،‬هل هو نحو التحول الدميوقراطي أم‬ ‫احلرب األهلية وتفكيك قوام الدولة الوطنية؟‬ ‫وبعد أكثر من ثالثة أشهر على تصاعد‬ ‫االحتجاجات السياسية وأعمال العنف املتنقلة‬ ‫وسقوط العديد من القتلى واجلرحى وحالة‬ ‫االنقسام الرأسية واألفقية في البالد‪ ،‬أصبحت‬ ‫خارطة الصراع أكثر وضوحا ً وذلك جلهة مكوناتها‬ ‫املتمثلة في األطراف والقضايا املطروحة‪.‬‬

‫مكونات الصراع اجلاري في اليمني‬ ‫الرئيس على عبد اهلل صالح‪ ،‬يسعى للبقاء‬ ‫في السلطة الى حني انعقاد جولة االنتخابات‬ ‫الرئاسية والبرملانية العامة املقبلة‪ .‬ويجد الدعم‬ ‫واملساندة من أنصاره الذين مازالوا متمسكني‬ ‫به للبقاء في احلكم من خالل وجودهم في‬ ‫احلزب احلاكم أو بعض رموز السلطة واملؤسسة‬ ‫العسكرية واألمنية‪ ،‬أو الذين ينتمون الى قبيلة‬ ‫الرئيس‪.‬‬ ‫أما تنظيم “احلراك اجلنوبي” الذي يتك ّون من‬ ‫مواطني املنطقة اجلنوبية التي كانت دولة‬ ‫مستقلة حتمل اسم اليمن اجلنوبي‪ ،‬ولكنها‬ ‫اندمجت مع اليمن الشمالي بعد أن اختارت‬ ‫الوحدة ضمن ما يعرف حاليا َ باسم اجلمهورية‬ ‫اليمنية‪ ،‬يسعى هذا التنظيم الى انفصال اليمن‬ ‫اجلنوبي‪ ،‬واستعادة دولته املستقلة مرة أخرى‪ ،‬وهم‬ ‫يجدون الدعم الشعبي واملساندة في كافة املناطق‬ ‫اجلنوبية وخاصة بعد زيادة موجة االحتجاجات‬ ‫الشعبية ومرور الزمن بزيادة املعاناة‪.‬‬ ‫وهناك حركة احلوثيني‪ ،‬وتتمركز بشكل رئيسي‬ ‫في محافظة صعدة اليمنية‪ ،‬واستطاعت هذه‬ ‫احلركة بناء ميليشيا قوية خاضت سبع جوالت‬ ‫حربية مرتفعة الشدة مع قوات اجليش اليمني‪،‬‬ ‫ومازالت تسيطر على مناطق محافظة صعدة‬ ‫اجلبلية الوعرة الواقعة في شمال غرب اليمن‬ ‫في اجلزء اجملاور جلنوب غرب اململكة العربية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫السعودية‪.‬‬ ‫أما تنظيم القاعدة‪ ،‬فأصبحت الساحة‬ ‫اليمنية على مدى السنوات املاضية تشكل مالذا ً‬ ‫آمنا ً لعناصره الذين انسحبوا من أفغانستان‬ ‫وباكستان‪ ،‬وكذلك جلأت الى اليمن العناصر‬ ‫األصولية اإلسالمية السعودية واخلليجية‬ ‫ومجموع هذه العوامل أ ّدى لتشكيل ما أطلق‬ ‫عليه تسمية تنظيم القاعدة في اجلزيرة العربية‪،‬‬ ‫ويسعى التنظيم جلهة السيطرة على اليمن‬ ‫واستخدامها كمرتكز ونقطة انطالق لتوسيع‬ ‫عملياته ضمن مسرح اجلزيرة العربية الذي يشكل‬ ‫اليمن وبلدان اخلليج والسعودية‪ ،‬ويعمل التنظيم‬ ‫على إقامة دولة اخلالفة اإلسالمية في اليمن‬ ‫كهدف استراتيجي‪ ،‬وحاليا ً يعمل التنظيم جلهة‬ ‫دعم عمليات إسقاط نظام الرئيس علي عبد اهلل‬ ‫صالح كهدف تكتيكي‪ ،‬وذلك على أساس “أن‬

‫‪34‬‬

‫التخلص منه معناه قطع الطريق على التدخل‬ ‫األميركي العسكري الذي ظل يأتي عبر بوابة‬ ‫الرئيس علي عبد اهلل صالح”‪.‬‬ ‫وبرز خالل االحتجاجات السياسية اليمنية دور‬ ‫القوى السياسية املدنية‪ ،‬وتتمثل في األحزاب‬ ‫السياسية املعارضة للرئيس علي عبد اهلل صالح‪،‬‬ ‫إضافة الى التجمعات الطالبية والنقابية التي‬ ‫تنشط حاليا ً في حتريك االحتجاجات الشعبية‬ ‫وبشكل فاعل في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية‬ ‫املدن الرئيسية‪.‬‬ ‫وتسعى هذه القوى الى إقامة نظام تعددي‬ ‫دميقراطي يحقق انفتاح املشاركة جلميع قطاعات‬ ‫الشعب اليمني‪.‬‬ ‫وهناك مؤشرات واضحة‪ ،‬تدل أن مفاعيل‬ ‫حركة الصراع السياسي اليمني – اليمني‪ ،‬سوف‬ ‫تتسع في االجتاهني األفقي من خالل اتساع حجم‬ ‫املشاركة الشعبية املعارضة‪ ،‬ورأسيا ً جلهة تصاعد‬ ‫عمليات القمع السياسي مبختلف أشكاله‪.‬‬

‫مواجهات سياسية وانشقاقات‬ ‫في القبائل واجليش اليمني‬ ‫وفي داخل البرملان اليمني بدأت املواجهات‬ ‫السياسية‪ ،‬عندما حدث الصدام بني أنصار‬ ‫التعديالت الدستورية التي سعى الرئيس علي عبد‬ ‫اهلل صالح إلنقاذها والرافضني لهذه التعديالت‪،‬‬


‫وعلى مستوى الشارع السياسي عندما مت‬ ‫حتريك موكبني‪ ،‬االول داعم للرئيس وتوجهاته‬ ‫والثاني معارض له ولتوجهاته‪ ،‬وبعد ذلك زادت‬ ‫وتيرة الصراع متأثرة باالحتجاجات الشعبية في‬ ‫تونس ومصر التي أطاحت بالرئيس التونسي‬ ‫زين العابدين بن علي والرئيس املصري (مبارك)‪،‬‬ ‫وبهذا وجدت املعارضة الشعبية اليمنية زخما ً‬ ‫جديداً‪ ،‬فتوسع نطاق قاعدتها الشعبية وتزايدت‬ ‫وحدة االستقطابات واالصطفافات‬ ‫شدة تأثيرها‬ ‫ّ‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫وبدا هذا واضحا ً من خالل انشقاق القبائل‬ ‫الرئيسية اليمنية عن قاعدة تأييد نظام الرئيس‬ ‫علي عبد اهلل صالح واالنضمام الى حركة‬ ‫االحتجاجات السياسية والشعبية املعارضة‪ ،‬ومن‬ ‫أبرز الذين اعتمدوا هذا التوجه قبيلة (حاشد) أكبر‬ ‫القبائل اليمنية وقبيلة (باكيل) ثاني أكبر قبيلة‬ ‫مينية‪.‬‬ ‫وفي انشقاق كبار العسكريني وكبار‬ ‫الدبلوماسيني اليمنيني عن القوات املسلحة‬ ‫اليمنية وإعالنهم االنضمام الى حركة االحتجاجات‬ ‫السياسية املعارضة‪ ،‬انشق كبار الدبلوماسيني‬ ‫اليمنيني عن النظام وأعلنوا االنضمام حلركة‬ ‫االحتجاجات السياسية املعارضة أيضاً‪ ،‬وأ ّدت‬ ‫هذه التحوالت الى إكساب املعارضة السياسية‬ ‫الشعبية اليمنية مكونا ً نوعيا ً جديداً‪ ،‬وهذا من‬ ‫ّ‬ ‫يشكل نقطة انعطاف هامة حرجة‬ ‫شأنه أن‬ ‫وخطيرة جلهة إضعاف قبضة نظام الرئيس‪ ،‬وما‬ ‫هو أكثر خطورة يتم ّثل في تزايد وتيرة انقسامات‬ ‫العسكريني وكبار املسؤولني‪ ،‬وهذا سيؤدي‬ ‫بالضرورة الى تآكل واجنراف قدرات النظام احلاكم‬ ‫في اجملاالت العسكرية واألمنية واإلدارية‪ ،‬واألخطر‬ ‫من ذلك انقسام قبائل (حاشد وباكيل) وتأثيره‬ ‫جلهة دعم املعارضة الشعبية وإسقاط نظام‬ ‫الرئيس علي عبد اهلل صالح‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن‬ ‫مشاعر االنتماء القبلي تفوق شدتها في اليمن‬ ‫مشاعر االنتماء لؤسسات الدولة‪.‬‬

‫تأثير العوامل اخلارجية في اليمن‬ ‫يؤثر العامل اليمني بجواره وذلك بحكم‬ ‫العوامل اجلغرافية والتاريخية‪ ،‬وينعكس هذا على‬ ‫التطورات السياسية واالجتماعية في املمكلة‬ ‫العربية السعودية وخاصة إذا أخذنا مكونات‬ ‫الصراع اجلاري في اليمن والقضايا املطروحة‬ ‫وأبعادها السياسية محليا ً وإقليميا ً ودولياً‪ ،‬ولهذا‬ ‫السبب فقد احتفظت الرياض بشبكة عنكبوتية‬ ‫متعددة األطراف داخل اليمن‪ ،‬مثل شبكة العوامل‬ ‫القبلية وحتديدا ً عن طريق بناء الروابط املباشرة‬ ‫ورموز وزعماء احلركات السياسية اليمنية‪ ،‬وترتبط‬ ‫الرياض مع اليمن بالعديد من العوامل األخرى‪،‬‬ ‫منها العامل االقتصادي والتجاري والعوامل‬ ‫العسكرية واألمنية‪ ،‬وفي هذا اخلصوص توجد‬

‫العديد من االتفاقيات الثنائية الفائقة احلساسية‪،‬‬ ‫وحاليا ً يرى املراقبون أنه وبسبب الدعم السعودي‬ ‫لهذا النظام عبر العديد من األبواب والتي من‬ ‫أبرزها البوابة السعودية‪ ،‬وهذا ما يدلنا كيف أن‬ ‫القوات السعودية جاءت على عجل الستهداف‬ ‫احلوثيني عندما عجزت قوات النظام اليمني من‬ ‫السيطرة على مناطقهم ‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن تستمر السعودية ودول اخلليج‬ ‫وخلفها أميركا جلهة القيام بدعم بقاء النظام‬ ‫اليمني‪ ،‬طاملا يحقق هذا النظام مصالح تلك‬ ‫األطراف ولكن الى حني‪ ،‬ومع تزايد املعارضة‬ ‫الشعبية وتصاعد املواجهات املصحوبة بتزايد‬ ‫قاعدة املعارضة‪ ،‬فمن احملتمل أن يسعى محور‬ ‫واشنطن ‪ -‬الرياض الى التخلي عن دعم نظام‬ ‫الرئيس علي عبد اهلل صالح‪ ،‬وإفساح اجملال لصعود‬ ‫املعارضة السياسية‪ ،‬إضافة الى احتماالت القيام‬ ‫باستقطاب هذه املعارضة عن طريق تقدمي الدعم‬ ‫املالي واللوجستي لها‪.‬‬ ‫ويبقى السيناريو األفضل للنظام اليمني هو‬ ‫احتواء املعارضة وبقاء النظام الى حني اكتمال فترة‬ ‫واليته الدستورية أو انهيار املعارضة وتفكيكها‬ ‫وجناح النظام في البقاء‪.‬‬ ‫أما السيناريو األفضل للمعارضة اليمنية‪،‬‬ ‫فيتم ّثل في إسقاط النظام‪ ،‬ولكن السيناريو‬ ‫املعلق للطرفني هو استمرار احلالة الراهنة‪ ،‬بحيث‬ ‫يبقى النظام موجودا ً بال نفوذ على الشعب‪ ،‬ويبقى‬ ‫اليمنيون في حالة تظاهر واحتجاجات مستمرة‬ ‫دون أن يؤدي ذلك الى إسقاط النظام‪.‬‬ ‫وما هو أكثر خطورة يتم ّثل في السيناريو احملتمل‬ ‫في فترة ما بعد سقوط النظام‪ ،‬فاحلراك اجلنوبي‬ ‫سوف يسعى الى االنفصال او الى تقرير املصير‬ ‫لسكان اجلنوب اليمني‪ ،‬واحلوثيون سوف يسعون‬ ‫للمطالبة بحقوقهم‪ ،‬والقوى السياسية اليمنية‬ ‫سوف تسعى الى خيار بناء الدولة الديقمراطية‪،‬‬ ‫وما هو واضح أن التيار األكبر سوف يتم ّثل في بناء‬ ‫الدولة الدميقراطية ضمن الدولة اليمنية الواحدة‪،‬‬ ‫والسؤال املطروح ماذا سيكون عليه موقف‬ ‫األطراف األخرى من مشروع الدولة الدميقراطية‬ ‫اليمنية الواحدة التعددية؟‬ ‫يتبدل وفقا ً لتطور األحداث في‬ ‫املوقف األميركي ّ‬

‫‪35‬‬

‫اليمن‪ ،‬والثابت الوحيد الناظم للتحرك األميركي‬ ‫هو حماية املصالح األميركية في اليمن‪ ،‬وأعرب‬ ‫البيت األبيض عن قلقه من استغالل القاعدة ألي‬ ‫“فراغ سياسي” في اليمن واالستفادة من أعمال‬ ‫العنف‪ ،‬ودعا للحوار وإطالق اجلدول الزمني للعملية‬ ‫االنتقالية الذي حتدث عنه الرئيس اليمني‪.‬‬ ‫ولوحظ في اآلونة األخيرة أن الواليات املتحدة‬ ‫غ ّيرت موقفها الداعم للرئيس صالح في وجه‬ ‫االحتجاجات املتنامية وطالبته بالتنحي عن‬ ‫السلطة وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد‬ ‫حافظت على دعمها للرئيس علي عبد اهلل صالح‬ ‫سرا ً وامتنعت عن انتقاده في العلن‪.‬‬ ‫املشهد اليمني ومع مرور الوقت يزداد تعقيداً‪،‬‬ ‫وهناك من يرى أن ما يجري راهنا ً قد يكون مبثابة‪،‬‬ ‫حراك املرحلة ما قبل األخيرة‪ ،‬وهو يعني أن املشهد‬ ‫شارف على نهايته‪ ،‬وأن النهاية التي تراها جموع‬ ‫املعارضة سعيدة‪ ،‬يراها آخرون غير ذلك‪.‬‬ ‫ومن هنا يرى البعض من احملللني أن ما يجري‬ ‫على الساحة إمنا هو نوع من لعبة شد احلبل‪،‬‬ ‫هدفه وضع اللمسات األخيرة على عملية التنحي‬ ‫لرئيس اليمن الذي يخضع لهجمة شرسة تتسع‬ ‫دائرتها لتصل الى أشخاص من أكثر الناس قربا ً‬ ‫منه‪ ،‬ومن تربطهم به عالقات قبلية وأسرية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الرئيس اليمني من جديد‪ ،‬أنه يتمسك‬ ‫بالسلطة فقط من أجل نقلها سلميا ً ومهما كان‬ ‫الثمن لكن دون استخدام القوة ولي الذراع‪.‬‬ ‫وتراهن املعارضة اليمنية على عامل الوقت‬ ‫إلضعاف النظام‪ ،‬وتعمد الى ما ميكن تسميته‬ ‫“قوة الضغط والتفريغ” التي من خاللها متارس‬ ‫ضغوطها الشعبية على النظام من خارجه‬ ‫إلفراغه من داخله من كوادره املدنية والعسكرية‬ ‫حتى ينتهي األمر بالنظام الى مزيد من التصدعات‬ ‫ومن ثم انهياره‪.‬‬ ‫وفي ظل لعبة عض األصابع بني الفرقاء في‬ ‫اليمن يظل السؤال املرعب‪ ،‬هل سينزلق اليمن‬ ‫الى احلرب األهلية‪ ،‬أم يخرج معافى الى بر األمان‬ ‫وبر الدولة املدنية الديقمراطية احلقيقية‪.‬‬

‫أدهم محمود‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫إيران أكبر من االستفزاز وجبهة المقاومة ستنتصر‬ ‫أزمة البحرين المفتعلة ترجمة لهزيمة المشروع األميركي في المنطقة‬ ‫في ظل املتغيرات اجلارية في عاملنا العربي‬ ‫وسقوط أنظمة كانت تابعة وتدور في الفلك‬ ‫األميركي وكانت قد وقعت معاهدات مع الكيان‬ ‫الصهيوني على حساب مصالح شعوبها‪ ،‬اليوم‬ ‫انفرط عقدها وانكشفت أقنعتها واالنتفاضات‬ ‫الشعبية بأشكالها اخملتلفة تدور حتت عناوين‬ ‫تتعلق بحرية الوطن واملواطن وتأمني ظروف‬ ‫مناسبة حلياة كرمية‪ ،‬واذا صح القول بأن الشعب‬ ‫يريد إسقاط النظام فهذا مطلب عام ولكن‬ ‫أي نظام؟ وما بني هذا وذاك اختلطت األوراق‬ ‫واملفاهيم وهناك من ركب املوجة لتحقيق أهداف‬ ‫ومآرب مشبوهة‪ ،‬وما كان يجري في اخلفاء وفي‬ ‫الظالم صار واضحا ً للعيان‪ ،‬واملهم اآلن امتالك‬ ‫الرؤية الواضحة وعدم إطالق األحكام وضرورة‬ ‫التدقيق حتى ال تضيع املكتسبات التي حتققت‬ ‫وكان ثمنها تضحيات كبيرة ودماء سالت‪،‬‬ ‫فسالح املوقف يع ّبر عن إرادة واعية‪ ،‬وفي تداعيات‬ ‫ما يجري في منطقتنا العربية‪ ،‬تغ ّيرت املوازين‬ ‫القدمية و ُفرضت معادالت جديدة‪.‬‬ ‫أميركا ودول الغرب االستعماري‪ ،‬تريد إشعال‬ ‫الفتنة وإثارة التناقضات في العالم العربي‪،‬‬ ‫وجره باجتاه معارك جانبية حتقق مصالح الدول‬ ‫الطامعة وعلى حساب شعوبه وثرواته وإمكانياته‬ ‫البشرية وموقعه في املعادالت الدولية‪ ،‬وهذا يأتي‬ ‫بعد سقوط نظام “مبارك” القلعة احلصينة‬ ‫احلافظة للنظام اإلسرائيلي‪ ،‬والصهاينة اليوم‬ ‫هم أكثر من غيرهم من يشعرون باخلوف والقلق‬ ‫بعد انهيار مشروع أمنهم اإلقليمي‪.‬‬ ‫وأمام هذه التطورات يرى أعداء أمتنا أن خير‬ ‫وسيلة لوأد االنتفاضات العربية الداعية لتقوية‬ ‫األمة ورفع مكانتها وزيادة قدراتها وصيانة‬ ‫كرامتها وصوال ً لتحرير كل شبر من أرضنا العربية‬ ‫احملتلة‪ ،‬هو في إثارة احلروب واملشاكل املكلفة‬ ‫وعلى حساب القدرات االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬ ‫والهدف من ذلك هو إنقاذ الكيان الصهيوني‬ ‫املذعور من التحوالت اإليجابية الهامة في عاملنا‬ ‫العربي‪ ،‬ومحاولة جتميل صورة اإلدارة األميركية‬ ‫واستنباط األساليب والوسائل الهادفة لكسر‬ ‫جبهة املقاومة واملمانعة بعد أن أثبتت حضورها‬ ‫وفضحت كل املشاريع املعادية وأفشلتها‪.‬‬ ‫إن ما عملت من أجله اإلدارة األميركية خالل‬ ‫السنوات املاضية من خطط ومشاريع‪ ،‬بدأ اليوم‬ ‫يأخذ طريقه الى حيز التنفيذ في منطقة اخلليج‪،‬‬ ‫وبات عرب “االعتدال” في الواجهة متاماً‪ ،‬وإذا كان‬ ‫حق أي دولة أن حتافظ على أمنها االستراتيجي‬ ‫وحماية حدودها‪ ،‬فهذا أمر كفلته املواثيق الدولية‬ ‫واألعراف والشرائع ولكن توجيه التهم جزافأ ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وخلق عدو وهمي فهذا شأن آخر يد ّلل على حجم‬ ‫ما يتم حتضيره ملنطقة اخلليج العربي‪.‬‬ ‫دول مجلس التعاون اخلليجي وجدت نفسها‬ ‫أمام استحقاقات مصيرية كما تقول‪ ،‬ولم يعد‬ ‫املوقف الدفاعي والدبلوماسية الهادئة يكفيان‬ ‫في انتظار ما ستؤول إليه األمور‪ ،‬وفي ظل‬ ‫املتغ ّيرات التي حصلت في املنطقة وما تشهده‬ ‫البحرين واليمن والكويت وسلطنة عمان‪ ،‬كان ال‬ ‫مفر من أن تعيد دول اخليج النظر في سياساتها‬ ‫واستراتيجياتها وهذا أمر مشروع‪ ،‬ولكن ما الذي‬ ‫يعنيه هذا االنخراط في إدارة الصراع السياسي‬ ‫واإلعالمي ضد إيران وتوجيه أصابع االتهام‬ ‫بتدخلها في البحرين‪ ،‬تلك الدول تقول إنها بذلك‬ ‫ترسم خط استراتيجي فاصل في املنطقة بينها‬ ‫وبني إيران‪ ،‬ولم تتردد دول التعاون في التحرك‬ ‫العسكري في اجتاه البحرين باستخدام قوات‬ ‫“درع اجلزيرة”‪ ،‬وتبنّت خطة طموحة ملساعدات‬ ‫مالية كبيرة للمنامة ومسقط‪ ،‬وبادرت سريعا ً‬ ‫بجر قاطرة اجلامعة العربية لتوفير غطاء عربي‬ ‫للقرار ‪ 1973‬اخلاص بليبيا‪ ،‬وأطلقت مبادرة إليجاد‬ ‫سمته‬ ‫تسوية في اليمن‪ ،‬كل ذلك انطالقا ً مما ّ‬ ‫(ترابط األمن اجلماعي لدول اجمللس) وحمايته‬ ‫من “التآمر اإليراني” وهي بذلك تتهم إيران “ببث‬ ‫الفرقة والفتنة الطائفية”‪.‬‬ ‫إن كل هذه املواقف في دول مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي ال ميكنها أن تغ ّيب حقائق التاريخ‬ ‫واجلغرافيا‪ ،‬وهي أن إيران دولة (خليجية) مبعنى‬ ‫شريك في هذا البحر‪ ،‬وهو جزء من منظومة‬ ‫مصاحلها احليوية االستراتيجية‪ ،‬اقتصاديا ً‬ ‫وعسكرياً‪ ،‬وال ميكن استغناء عنها في بناء نظام‬ ‫أمن (خليجي) ثابت وسليم‪ ،‬وهي قوة بشرية‬ ‫واقتصادية وعسكرية كبيرة ال ميكن ألحد عاقل‬

‫‪36‬‬

‫جتاهلها‪ ،‬وهي التي وقفت الى جانب قوى املقاومة‬ ‫واملمانعة في أمتنا‪ ،‬لكن دول مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي ترى أن هذه احلقائق البديهية ال متنحها‬ ‫حق املشاركة في هذا النظام وبدال ً من ذلك تتهم‬ ‫إيران بـ “تصدير الثورة” وبالتهديد بالقوة والوقوف‬ ‫الى جانب طرف في البحرين على حساب الطرف‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون أن وحدة املوقف لدول التعاون‬ ‫اخلليجي وحدها ال تكفي اليوم لرسم خط دفاعي‪،‬‬ ‫وهناك تركيا التي باتت جز ًءا من توازن القوى في‬ ‫النظام اإلقليمي‪ ،‬والتي لن تقف موقف املتفرج‬ ‫من االنخراط في شؤون العراق الى اليمن فلبنان‬ ‫وغزة؟‪ ،‬فضالً عن “احلارس األميركي” للمصالح‬ ‫األميركية بقواته وقواعده ودرعه الصاروخية!‬ ‫ّ‬ ‫يشكل‬ ‫وواشنطن تكرر كل يوم “أن أمن اخلليج‬ ‫أولوية في وجه تهديدات إيران”‪ ،‬وحتى مصر لم‬ ‫تشغلها “ساحة التحرير” عن ساحة اخلليج‪،‬‬ ‫وأعلن وزير خارجيتها نبيل العربي أن “منطقة‬ ‫اخلليج مت ّثل عمقا ً استراتيجيا ً أساسيا ً لألمن‬ ‫القومي املصري‪ ،‬وهو من أهم ثوابت السياسة‬ ‫املصرية التي تعتبر أمن دول اخلليج واستقرارها‬ ‫وعروبتها خطوطا ً حمراء ال تقبل مصر املساس‬ ‫بها”‪ ،‬وقال أيضا ً “ويجب أال نقول على إيران إنها‬ ‫عدو فكل الدول العربية لها سفارات في إيران‬ ‫عدا “إسرائيل وأميركا”‪ ،‬وأشار الى توقيع اتفاق مع‬ ‫إيران يقضي بأن كل دولة لها مصالح في الدولة‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫والتزال مزاعم مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫بوجود تدخل أجنبي (إيراني) دون إثبات ووفقا ً‬ ‫س ّربت‬ ‫للمراسالت االستخبارية األميركية التي ُ‬ ‫في وثائق ويكيليكس‪ ،‬ال دليل على الدعم اإليراني‬ ‫للمعارضة البحرينية‪ ،‬لكن تصريحات حكومة‬


‫البحرين حققت أهدافها‪ ،‬وح ّولت البحرين من‬ ‫(لؤلؤة اخلليج) الى طاولة “بوكر” الشرق األوسط‪،‬‬ ‫يتجمع حولها الالعبون الدوليون األساسيون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحتذر الواليات املتحدة‬ ‫للمطالبة بحصصهم‪،‬‬ ‫األميركية في الوقت احلالي إيران من تدخلها‬ ‫الذي ال دليل عليه في شؤون البحرين بعدما‬ ‫كانت قد ح ّثت احلكومة البحرينية على اتخاذ‬ ‫املزيد من اخلطوات اإلصالحية الصغيرة‪ ،‬وص ّرح‬ ‫ديبلوماسيون من االحتاد األوروبي بأنهم “قلقون‬ ‫بشأن التدخل اإليراني” أكثر من العنف املميت‬ ‫الذي مارسته قوات مجلس التعاون وتدمير دوار‬ ‫اللؤلؤة (ميدان التحرير البحريني)‪ ،‬واملكان الذي‬ ‫ظن احملتجون البحرينيون أنه سيعيد إليهم‬ ‫البحرين (لؤلؤة اخلليج) وسيضعون على أرضه‬ ‫مستقبلهم‪ ،‬كان املكان الذي جمعهم بأركان‬ ‫القمع في املنطقة‪ ،‬ويتضح جلياً‪ ،‬أن أي حركة‬ ‫تغيير اجتماعية في البحرين‪ ،‬لن تصطدم بحصون‬ ‫النظام وحده‪ ،‬بل مبنظومة القوة بأكملها التي‬ ‫حتافظ على الوضع الراهن وعلى رأسها الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وبحيث جتر الثورة الشعبية الى الساحة‬ ‫الدولية‪ ،‬وش ّرع مجلس التعاون في استنهاض‬ ‫شبح (التدخل اإليراني) من مدفنه الى الواجهة‪،‬‬ ‫وتدعي احلكومة البحرينية أنها أحبطت مؤامرة‬ ‫أجنبية عمرها ‪ 30‬سنة‪.‬‬ ‫ويرى أحد البحرنيني أنه وخالل ‪ 30‬سنة‬ ‫لم يحقق مجلس التعاون‪ ،‬أي (تعاون) يذكر‪،‬‬ ‫ولكنه اآلن‪ ،‬رمبا جنح في تنسيق تدخل عسكري‬ ‫في البحرين بقيادة السعودية‪ ،‬وإرسال رزمة‬ ‫مساعدات بقيمة مليار دوالر لكل من حكومتي‬ ‫البحرين وسلطنة عمان‪ ،‬وهيمنة السعودية على‬ ‫املنطقة ليست بالواقع اجلديد‪ ،‬وهذا النظام يدفع‬ ‫فاتورة وثمن العنف وعدم االستقرار في العراق‬ ‫وأفغانستان وباكستان ولبنان وتعد البحرين‬ ‫األحدث على القائمة‪.‬‬ ‫ومتضي كل تلك األحداث فيما جنود الواليات‬ ‫املتحدة األميركية‪ ،‬راعية (الدميقراطية في الشرق‬ ‫األوسط) يغطون في سبات عميق في أكبر قاعدة‬ ‫بحرية في اخلليج (الواقعة في ضاحية اجلفير في‬ ‫املنامة)‪.‬‬

‫والرابح األكبر في كل‬ ‫ما يجري هو “إسرائيل”‬ ‫تتجمع القوى‬ ‫حيث‬ ‫ّ‬ ‫لتنفيذ املرحلة النهائية‬ ‫وضرب إيران‪ ،‬ويل ّوح‬ ‫قادة مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي بورقة إيران‪،‬‬ ‫ويتقربون من األنظمة‬ ‫الغربية مباشرة ومن “إسرائيل” في اخلفاء‪ ،‬ولسان‬ ‫حالهم يقول (عدو عدوي صديقي)‪.‬‬ ‫يقول أحد البحرينيني أيضاً‪“ :‬إن قادتنا قد‬ ‫تعلموا الكثير من منوذج الدولة اإلسرائيلية‪:‬‬ ‫القمع اإلجرامي للسكان احملليني على أيدي نخبة‬ ‫عدمية الرحمة تتغذى من الدعم الدبلوماسي‬ ‫والعسكري للدول الكبرى‪ ،‬والعنصرية والعنف‪،‬‬ ‫وحاليا ً من القوة العسكرية واحلط من قيمة‬ ‫املعارضة لتبرير األفعال الوحشية من دون أي‬ ‫رادع”‪ ،‬وهم يدفعون ماليني الدوالرات لتحسني‬ ‫الصورة العلنية والسؤال‪ ،‬الى أين ستصل بهم‬ ‫الطريق‪...‬؟‬ ‫وفي أزمة اخلليج حتركت الكثير من القضايا‬ ‫الكامنة والدفينة واملشاريع التي كانت قيد‬ ‫األدراج‪ ،‬ولكن شرارة واحدة في أزمة البحرين‬ ‫كفيلة بإشعال هذا الكم من األحقاد والضغائن‬ ‫الدفينة ولعل الوجود األميركي والغربي عموما ً‬ ‫في اخلليج يلتقط الفرصة السانحة وصدق املثل‬ ‫القائل (مصائب قوم عند قوم فوائد)‪.‬‬ ‫دول مجلس التعاون اخلليجي التي تدخلت‬ ‫بالبحرين بدخول قواتها “درع اجلزيرة” هدفها‬ ‫واضح وهو وأد االنتفاضة البحرينية وقالت عنها‬ ‫إنها تخل بالتوازن الطائفي‪ ،‬واعتبرت حماسة‬ ‫إيران النتفاضة البحرين مبثابة تدخالً في شؤون‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وإيران ترى في تدخل دول التعاون اخلليجي‬ ‫عمالً مشينا ً وينبغي سحب القوات ألن التحرك‬ ‫جاء على خلفية طائفية محض وهو يؤجج نار‬ ‫الفتنة ويخدم املصالح األميركية‪.‬‬ ‫واملشكلة البحرينية في ظل هذه األجواء‬ ‫انتقلت الى العديد من البلدان العربية‪ ،‬وإذا ما‬ ‫استمر التصعيد‪ ،‬فال شيء يحول دون أن تتحول‬

‫الى مشكلة إقليمية أو حتى مشكلة دولية‪،‬‬ ‫ورغم الهدوء النسبي القائم في البحرين‪ ،‬فمازال‬ ‫التوتر السياسي سيد املوقف وال نهايات واضحة‬ ‫في األفق‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يدور‪َ ،‬من هي اجلهة التي كانت‬ ‫وراء إصدار القرار لدخول القوات اخلليجية الى‬ ‫البحرين لقمع االنتفاضة؟ هذا القرار أنتج ردود‬ ‫فعل من الناحية السياسية وتداعياته احملتملة‬ ‫قد تثير مضاعفات إقليمية وقد تتطور األزمة في‬ ‫اخلليج وصوال ً الى التدويل؟‬ ‫وعلى ضوء هذا اجلواب‪ ،‬ميكن قراءة الكثير من‬ ‫التوقعات والتدعيات واألخطار وحدودها‪ ،‬فإذا‬ ‫كانت واشنطن وراء هذا القرار مبشاركة دول‬ ‫االحتاد األوروبي‪ ،‬فهذا يعني دفع األزمة البحرينية‬ ‫الى ما هو أبعد من شقها اإلقليمي وصوال ً الى‬ ‫التدويل‪ ،‬وفي الشق اآلخر يذكر أن تلك الدولة‬ ‫استغربت التدخل اخلليجي أو تفاجأت به‪.‬‬ ‫وفي كلتا احلالتني‪ ،‬فاألمر الواضح‪ ،‬أن ثمة‬ ‫رسالة سياسية من مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫الى إيران مفادها‪ ،‬حتذير إليران من التدخل في‬ ‫شؤون مجلس التعاون والبحرين يقع ضمن‬ ‫منظومة عالقات وغطاء أمني واحد لتلك الدول‪،‬‬ ‫وهذا يعني أن تطور األحداث والفصل اآلخر من‬ ‫الصراع يتوقف على طريقة الرد اإليراني على تلك‬ ‫الرسائل السياسية‪.‬‬ ‫األسئلة كثيرة‪ ،‬حول موقف إيران املتوقع وهل‬ ‫ستقبل النتائج حفاظا ً على االستقرار الهش في‬ ‫املنطقة وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة رمبا تقود‬ ‫الى صراع طويل‪ ،‬وتدخل أكثر من طرف دولي؟‪ ،‬أم‬ ‫أن التصعيد سيكون سيد املوقف ولتصير األزمة‬ ‫مفتوحة ومرجحة لالنتقال من اإلطار اإلقليمي‬ ‫الى الفضاء الدولي األوسع؟‬ ‫وهناك من املراقبني يقول‪ ،‬إذا كانت واشنطن‬ ‫شجعت مجلس التعاون اخلليجي نحو‬ ‫هي التي ّ‬ ‫هذا اخليار‪ ،‬وهي تعي أنها ليست قادرة وال ترغب‬ ‫في املشاركة ألنها تخوض حروبها في أكثر من‬ ‫مستنقع وهي مازالت تعالج تداعيات حروبها‬ ‫األخيرة في أفغانستان والعراق وليبيا وغيرها‪،‬‬ ‫وهذا يعني أنها أرادت استفزاز إيران أو جلرها الى‬ ‫رد‪ ،‬وعندها ستكون حروب أميركا كلها على نفقة‬ ‫بلدان اخلليج حتى آخر قطرة نفط في حقولهم‪،‬‬ ‫وهذا يعيدنا الى سيناريو حرب اخلليج األولى‪ ،‬وهنا‬ ‫يصح القول‪ ،‬على الباغي تدور الدوائر‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫التعديالت الدستورية «معركة» لترويضها‬ ‫الثورة المصرية مستمرة بمحاكمة الفساد وتتواصل مع إيران‬ ‫أعادت ثورة ‪ 25‬يناير مصر الى عروبتها والى طبيعة‬ ‫دورها في األمة العربية وهي بذلك ّ‬ ‫حطمت القيود‬ ‫التي حاول املراهنون على الدور األميركي في املنطقة‬ ‫وضعه في أيدي أبطال العبور‪ ،‬ظنا ً منهم بأن شعبنا‬ ‫العربي في مصر سيستكني خملططاتهم ومصادرة‬ ‫تاريخ ومستقبل أجياله‪.‬‬ ‫مصر اليوم‪ ،‬ليست مصر التي انكفأت في عهد‬ ‫“مبارك” وتكالب عليها األعداء‪ ،‬ومصر اليوم هي‬ ‫القوة املنفتحة على محيطها العربي‪ ،‬وصارت أكثر‬ ‫قوة وهيبة وحتتل موقعا ً رياديا ً من خالل موقعها‬ ‫اجلغرافي وعمقها التاريخي وقوتها البشرية‬ ‫والعلمية‪ ،‬وهي متضي في حتصني نفسها من الداخل‬ ‫وترتب أوضاعها وسط موسم مزدحم باالنتخابات‬ ‫التشريعية والرئاسية واالستفتاء الذي جرى على‬ ‫الدستور وتعديله‪ ،‬فضالً عن حسم مشكالت‬ ‫العمال واملوظفني وتفاوت رهيب في األجور واألسعار‬ ‫وهي مشكالت تراكمت طيلة ثالثة عقود من الركود‬ ‫السياسي واالقتصادي‪ ،‬لكن مصر تنوي العودة الى‬ ‫تتحمل مسؤولياتها على قاعدة‬ ‫الصف العربي وأن‬ ‫ّ‬ ‫املقاومة واملمانعة وإنهاء كل اللغط القدمي حول‬ ‫ارتباطات نظام “مبارك” بحلف ما يسمى “االعتدال”‬ ‫وهي التسمية املهذبة لالستسالم والهوان‪.‬‬

‫جدل والهدف إلغاء كامب ديفيد‬ ‫أو إفراغها من املضمون‬ ‫ويدور اجلدل في مصر اليوم‪ ،‬ومنه ما هو مرتبط‬ ‫بإلغاء أو جتميد اتفاقية كامب ديفيد أو على األقل‬ ‫حتسني بنودها‪ ،‬وهذا اجلدل يبدو واضحا ً في وسائل‬ ‫اإلعالم بني املرشحني للرئاسة‪ ،‬وهناك من ينادي‬ ‫بضرورة عرض “اتفاقية كامب ديفيد” على الشعب‬ ‫املصري في استفتاء عام‪ ،‬فإذا ق ّرر الشعب إلغاءها‪،‬‬ ‫فلن تبقى هذه االتفاقية‪.‬‬ ‫وهناك في مصر من يقول‪ :‬إننا لن نعترف بأي‬ ‫اتفاقية و ّقعها احلكام العرب مع الكيان الصهيوني‬ ‫مبا في ذلك وادي عربة أو أوسلو طاملا أنها تتعارض‬ ‫مع األمن القومي العربي وطبيعة الصراع مع العدو‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وعلى أنه صراع وجود وال صراع حدود‪.‬‬ ‫ومن بني املرشحني للرئاسة فريق يطالب باستمرار‬ ‫“االتفاقية” حتت دعوى احترام مصر ملعاهداتها‬ ‫الدولية ما يكسبها ثقة اجملتمع الدولي‪ ،‬لكن مع‬ ‫وجود قدر من املناورة في تطبيق بنودها وعدم محاباة‬ ‫الكيان الصهيوني كما فعل “مبارك” طيلة ثالثة‬ ‫عقود واإلصرار على عالقة متم ّيزة مع الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬في وقت ّ‬ ‫أكد فيه القوميون في‬ ‫بياناتهم على ضرورة دعم املقاومة العربية خاصة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫في فلسطني باملال والسالح والرجال‪ ،‬وهو املوقف‬ ‫الناصري األصيل‪ .‬واجلدل يدور بني األحزاب القومية‬ ‫الناصرية (حزب الكرامة – احلزب العربي الناصري ‪-‬‬ ‫املؤمتر الناصري العام ‪ -‬حزب الوفاق القومي ‪ -‬حزب‬ ‫مصر العربي االشتراكي ‪ -‬حزب التجديد العربي)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتركز احلوار حاليا ً حول تشكيل تكتّل ناصري قومي‬ ‫واسع يضم هذه األحزاب في هيئة تنسيق دائمة‪ ،‬ال‬ ‫متنع دخول وانضمام أحزاب أو شخصيات جديدة ال‬ ‫سيما من قوى الثورة الشبابية التي ّ‬ ‫نظمت نفسها‬ ‫في أكثر ائتالف‪.‬‬ ‫وهذا التكتل القومي يرفع شعار الوحدة العربية‬ ‫وحترير فلسطني من النهر الى البحر وإقامة السوق‬ ‫العربية املشتركة‪ ،‬لكن الى جانب ذلك لديه‬ ‫استحقاقات داخلية مهمة منها االتفاق على‬ ‫مرشح ناصري واحد يحظى بشعبية خاصة‪ ،‬واليزال‬ ‫احلوار دائرا ً وسوف يستمر الى ما قبل االنتخابات‬ ‫التشريعية القادمة‪.‬‬ ‫وانطالقا ً من هذا املفهوم القومي أظهرت برامج‬ ‫األحزاب اجلديدة توجهات مهمة من نوع فتح احلدود‬ ‫بشكل دائم مع فلسطني احملتلة وتزويد الشعب‬ ‫الفلسطيني بكل ما يحتاجه‪ ،‬وتأمني مناطق آمنة‬ ‫إلدخال السالح الى املقاومة الباسلة في فلسطني‬ ‫وعدم التقيد بأي عوائق‪ ،‬وإتاحة الفرصة كاملة أمام‬ ‫طالب فلسطني لاللتحاق باجلامعات املصرية بنفس‬ ‫امتيازات الطالب املصري ودون فرض رسوم إضافية‪،‬‬ ‫ويشمل ذلك مطلب اإلفراج الفوري عن كل املعتقلني‬ ‫الفلسطينيني في السجون املصرية املتهمني بإدخال‬ ‫السالح الى غزة عبر األنفاق والتي ال تعتبر في فقه‬ ‫الثورة إالّ نضاال ً يستحق التقدير واالحترام‪.‬‬ ‫وفي السياق ذاته‪ ،‬بدأت املطالب احلزبية والشعبية‬

‫‪38‬‬

‫تنادي بضرورة حتسني العالقة مع سوريا وهي التي‬ ‫كانت حتمل اسم اإلقليم الشمالي في دولة الوحدة‪،‬‬ ‫وقد بادر اجمللس العسكري بإرسال أحد القادة‬ ‫املهمني الى دمشق ملقابلة الرئيس بشار األسد في‬ ‫إطار الرغبة املشتركة إلنهاء الفجوة التي تسببت‬ ‫فيها سياسات “مبارك” الفاسدة‪.‬‬ ‫واجمللس األعلى للقوات املسلحة الذي يتولى إدارة‬ ‫شؤون مصر‪ّ ،‬‬ ‫يؤكد أن القوات املسلحة تعمل من‬ ‫أجل مصلحة شعب مصر واحلفاظ على مكتسباته‬ ‫وإن كل من أفسد في البلد سيتم محاسبته‪،‬‬ ‫وقد صدرت األوامر من اجمللس األعلى فور استالمه‬ ‫ملهامه بأال تقلع أي طائرة خاصة من دون أوامر أو‬ ‫تعليمات من القوات املسلحة وإال سيتم ضربها‬ ‫فوراً‪ ،‬وأن الشعب املصري الذي ف ّوض قواته‪ ،‬وهي‬ ‫أمانة وطنية ستستمر حتى تقف مصر شامخة من‬ ‫جديد كعهدها‪ ،‬واملسار املتبع هو نهج ثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫وتكاتف كل فئات وطوائف الشعب للعمل ملصلحة‬ ‫مستقبل مصر وأجيالها املقبلة‪ ،‬وحتقيق نهضتها‬ ‫املنشودة التي تليق بسمعتها وتاريخها العريق‪.‬‬

‫مصر ووجهها العربي‬ ‫مصر اليوم تنهض من جديد نحو التعمير والبناء‬ ‫وهي في بدايات الثورة وتضع قواعدها اجلديدة‬ ‫لتحقيق تطلعات شعبها‪ ،‬وفي نفس الوقت ال ميكن‬ ‫النظر الى جميع األمور من خالل نظرة وردية فقط‬ ‫وهناك العديد من القوى الداخلية واخلارجية تتربص‬ ‫مبصر وحتاول عرقلة دورها وإسقاطها تلبية ألطماعها‬ ‫وأهدافها‪ ،‬وخالل الفترة املاضية ظهرت أوراق ضغط‬


‫عدة ومتنوعة منها مطالبة “إسرائيل” بالتعرض‬ ‫لعبور قطعتني بحريتني إيرانيتني قناة السويس‪ ،‬غير‬ ‫أن القوات املسلحة املصرية وجهت إنذارا ً مفاده‪،‬‬ ‫أن التعرض ألي قطعة بحرية داخل املياه اإلقليمية‬ ‫تعديا ً سافرا ً وسيكون له مردود عنيف‪،‬‬ ‫املصرية يعد ّ‬ ‫وهو إنذار جاء الجتاهات متعددة‪ ،‬ألن مصر تتع ّرض‬ ‫لتربص من الداخل واخلارج‪ ،‬والتربص اخلارجي من دول‬ ‫ليس في مصلحتها أن متر مصر من هذه املرحلة وأن‬ ‫تتخّ ذ قرارها بنفسها‪ ،‬وتسعى تلك الدول الى حتقيق‬ ‫أهدافها وأطماعها معتمدة على عناصر داخلية من‬ ‫خالل شيئني هما إثارة الفتنة الطائفية ومحاولة‬ ‫الوقيعة بني الشعب واجليش‪.‬‬ ‫واليوم هناك ثورة في سياسة مصر اخلارجية‪ ،‬هذا‬ ‫حتدثت‬ ‫ما خطته صحيفة “األخبار” القاهرية‪ ،‬عندما ّ‬ ‫عن الدكتور نبيل العربي وزير اخلارجية الذي قال في‬ ‫مؤمتر صحافي‪ ،‬إن إيران كدولة ليست عدوا ً ملصر‪ ،‬وأن‬ ‫القاهرة تفتح معها صفحة جديدة بإقامة عالقات‬ ‫دبلوماسية وفتح السفارات بني الدولتني‪ ،‬وإننا إذا‬ ‫كنا نفعل ذلك في مصر‪ ،‬فنحن ننتظر ردهم في‬ ‫طهران‪ ،‬وأن مصر ال متانع في أن تتلقى أي اتصال من‬ ‫“حزب اهلل”‪ ،‬بشرط أال يؤدي ذلك الى أي تدخل في‬ ‫شؤون لبنان‪ ،‬وفي اليوم التالي تخرج أقالم ّ‬ ‫لتؤكد أن‬ ‫“حزب اهلل” ال يتردد أي عربي في مساندته‪ ،‬بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬وهو يقاوم “إسرائيل” في جنوب لبنان‪ ،‬والدور‬ ‫الذي يقوم فيه احلزب ال ميكن أن يكون موضع خالف‬ ‫بني عربيني وهو كحزب مي ّثل قوة مقاومة شرعية‬ ‫تستحق كل مساعدة‪.‬‬

‫معركة التعديالت الدستورية‬ ‫واإلنحياز للمصالح الفئوية‬ ‫أما نتائج التعديالت الدستورية الذي شهدتها‬ ‫مصر‪ ،‬وموافقة ‪ % 77‬من املشاركني من بني ‪18,7‬‬ ‫مليون ناخب‪ ،‬تبدأ مصر املرحلة الثانية للثورة وهي‬ ‫مرحلة وصفها البعض مبرحلة “التطبيع السياسي‬ ‫املنهجي” القائم على الشرعية الشعبية‪ ،‬حسب‬ ‫قرار احملكمة اإلدارية التي تعلو على الشرعية‬ ‫الثورية‪.‬ويبدو أن التعديالت الدستورية لم تقترب من‬ ‫االختصاصات والسلطات املبالغ فيها التي مينحها‬ ‫الدستور الذي حكم به الرئيس السابق مدة ‪30‬‬ ‫عاماً‪ ،‬والتعديالت خفضت مدة الوالية الرئاسية من‬ ‫ست سنوات الى أربع فقط ووضعت سقفا ً لبقاء أي‬ ‫رئيس في السلطة مبا ال يتجاوز واليتني‪ ،‬كما ألزمت‬ ‫مادة من املواد املعدلة مجلسي “البرملان والشورى”‬ ‫اللذين سينتخبان على أساس هذه التعديالت (بعد‬ ‫نحو شهرين) الشروع خالل ستة أشهر في اختيار‬ ‫هيئة تأسيسية تضطلع بوضع دستور جديد للبالد‬ ‫يجري االستفتاء عليه قبل نهاية السنة‪.‬‬ ‫وميكن القول إن اقتصار التعديالت على نواح دون‬ ‫أخرى أضعف األمل باالنتقال من جمهورية يحكمها‬ ‫فرد مطلق الى جمهورية مدنية تؤ ّمن العدل واملساواة‬ ‫بني أبناء البلد الواحد‪ ،‬وجوهر املشكلة في مصر لم‬

‫موسى‬

‫البرادعي‬

‫متسه التعديالت‪ ،‬الرئيس سيبقى حاكما ً مطلقاً‪،‬‬ ‫واملادة الثانية من الدستور بقيت على حالها‪ ،‬وبقيت‬ ‫معها عبارة “مبادئ الشريعة اإلسالمية املصدر‬ ‫الرئيس للتشريع”‪ ،‬مبا يعنيه كما أشار البعض من‬ ‫تقسيم للمصريني على أساس الدين‪.‬‬ ‫لقد رفضت كل القوى واألحزاب السياسية املدنية‬ ‫واحلركات االحتجاجية والشبابية الى الغالبية‬ ‫الكاسحة من املثقفني املصريني هذه التعديالت‪،‬‬ ‫واعتبرتها مجرد “ترقيع في دستور مهترئ” أسقطه‬ ‫الشعب مع نظام مبارك‪ ،‬وطالبت مبسار مختلف‬ ‫للمرحلة االنتقالية التي ّ‬ ‫أكد اجمللس األعلى للقوات‬ ‫املسلحة أنها لن تزيد عن ستة أشهر سيعود بعدها‬ ‫اجليش الى ثكنة تاركا ً احلكم ملؤسسات منتخبة‪.‬‬ ‫أما املسار الذي أجمعت عليه كل هذه القوى‬ ‫واألحزاب‪ ،‬يبدأ بإعالن مجلس رئاسي مؤقت يتألف‬ ‫من شخصيات مدنية وعسكرية يتولى السلطة‬ ‫العليا ويدير البالد مع احلكومة احلالية ويتولى إجناز‬ ‫املهمات األساسية والعاجلة التي تسمح باخلالص‬ ‫من رواسب ومخلفات النظام السابق الفاسد‪،‬‬ ‫وإطالق كل احلريات العامة واإلعداد النتخاب جمعية‬ ‫تأسيسية مع ّبرة عن تنوعات اجملتمع املصري تتولى‬ ‫صياغة دستور دميقراطي جديد للبالد يفتح الباب‬ ‫لبناء مؤسسات حكم دستوري راسخ‪ ،‬بدال ً من‬ ‫السير في خط متع ّرج محفوف باخملاطر ويطيل عمر‬ ‫بقايا النظام الذي أسقطته الثورة‪.‬‬

‫هناك حالة سباق على السلطة‪ ،‬والتعديالت‬ ‫الدستورية كانت مبثابة األرضية ونقطة االنطالق‪،‬‬ ‫و”اإلخوان” استفادوا من وجود إسالمي على‬ ‫رأس اللجنة القانونية املشرفة على التعديالت‬ ‫الدستورية‪ ،‬ولديهم اآلن فرصة سانحة لبلوغ‬ ‫هدف السلطة‪ ،‬بعد أن م ّرت التعديالت الدستورية‬ ‫وهم أحجموا عن خوض معركة الرئاسة وهدفهم‬ ‫األساسي الفوز بغالبية ساحقة في االنتخابات‬ ‫ّ‬ ‫التحكم باملسار‬ ‫البرملانية املقبلة وعندها سيتم‬ ‫واالجتاه‪.‬‬ ‫ويبدو أن الثورة املصرية التي تأمل نقل مصر الى‬ ‫بوابة التغيير اجلذري ستكون كاشفة الستمرار‬ ‫ميراث إخواني اليزال مرتكبا ً ومترددا ً حني يتع ّلق األمر‬ ‫بالدميقراطية‪ ،‬وفي وضع كهذا رمبا سيتح ّول اإلخوان‬ ‫الى عقبة في طريق االنتقال الدميقراطي‪.‬‬ ‫ويتجه اإلخوان لالستثمار في الدميقراطية الى‬ ‫أقصى مدى لكن مع حرص شديد على أن ال يدفعوا‬ ‫ثمنها أو حتى يسمحوا لها باملرور ببابهم‪ ،‬وهم‬ ‫مازالوا بعيدين عن االستماع للشباب فضالً عن‬ ‫االعتراف بدور لهم لذلك رفضوا مؤمتر شباب اإلخوان‬ ‫األخير في ‪ 26‬آذار وقاطعوه بل وحاربوه‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬أن اإلخوان قاموا بالواجب وانسحبوا‬ ‫من كل الفاعليات (الثورية) وتفرغوا “مرة إلعادة بناء‬ ‫قواعدهم‪ ،‬ومرة للحديث عن االستقرار وحتديد سقف‬ ‫املطالب خاصة في ما يخص الدستور وتعديالته”‪.‬‬ ‫ووجد اإلخوان أنفسهم في نفس القارب مع‬ ‫السلفية في مصر ما بعد الثورة وإن اختلفت‬ ‫مبررات اإلخوان الذين يريدون الهرب من أن تطالهم‬ ‫حتوالت الدميقراطية أو تنتقل الى بيتهم‪ ،‬وينظر‬ ‫السلفيون الى املرشح للرئاسة محمد البرادعي‬ ‫كأسوأ ما ميكن أن تأتي به ثورة بسبب ليبراليته‬ ‫وموقفه من احلريات الدينية‪ ،‬وكان البرادعي من قبل‪،‬‬ ‫السياسي األول صاحب املكانة الذي ميد يده لإلخوان‬ ‫حني ابتعدت عنهم كل القوى وقال سأدافع عنهم‬ ‫وزارهم في مقرهم وكانت سببا ً في حملة داخلية‬ ‫رسمية ضده طالت عائلته وأسرار بيته‪.‬‬ ‫انتخابات مجلسي الشورى والشعب في أيلول‬ ‫املقبل‪ ،‬واالنتخابات الرئاسية قبل نهاية العام‪،‬‬ ‫وبصرف النظر عن احملصلة الدستورية والسياسية‬ ‫الداخلية لثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬فإن أحدا ً ال يستطيع أن‬ ‫ينكر أنها أحدثت زلزاال ً داخل النظام‪ ،‬ميكن أن يقود‬ ‫الى إصالحات أوسع وتغييرات أكبر في املدى املنظور‪،‬‬ ‫ثم أن هذه الثورة لم تكن مجرد عملية مصرية‬ ‫داخلية ألن تداعياتها تعني كل العرب والقضية‬ ‫الفلسطينية بشكل خاص‪ ،‬ألن مصر ركن أساسي‬ ‫في القرار العربي‪ ،‬وعندما تستقر التغييرات على‬ ‫حقائق نهائية‪ ،‬فإن مصر سوف ميكنها استعادة‬ ‫دورها اإلقليمي والقومي‪.‬‬

‫من املستفيد من التعديالت‬ ‫الدستورية؟‬ ‫املراقبون أشاروا‪ ،‬أن صدى األصوات التي صدرت من‬ ‫حناجر شابة‪ ،‬مدنية متعلمة‪ ،‬كان هادرا ً أكثر بكثير‬ ‫مما أفرزته األصوات في صناديق االقتراع‪ ،‬ولعل أدق‬ ‫توصيف ما جاء على لسان الكاتب محمد حسنني‬ ‫هيكل في حوار تلفزيوني‪ ،‬عندما قال‪“ :‬إن وضع الثورة‬ ‫املصرية بعد االستفتاء أشبه مبن وصل الى القمر‬ ‫وعندما ُسئل عما يطلبه‪ ،‬قال إنه يريد كيلو كباب”‪.‬‬ ‫طرفان كبيران يستفيدان على ما يبدو من هذه‬ ‫النتيجة‪ ،‬هما “اإلخوان املسلمني” الذين انحازوا الى‬ ‫املسار الذي خطته التعديالت الدستورية‪ ،‬وبدت كأنها‬ ‫دخلت في حتالف مع اجمللس األعلى للقوات املسلحة‬ ‫وبقايا “احلزب الوطني” وباتت مبثابة قاطرة ج ّرت‬ ‫خلفها العديد من اجلماعات على اختالف أوصافها‬ ‫بني معتدلني و”متطرفني”‪ ،‬وكالهما يستعجل إجراء‬ ‫االنتخابات على عجل ألن من شأنها أن تفضي اليوم‬ ‫الى تقاسمهما مقاعد اجمللس االشتراعي املقبل‪،‬‬ ‫كونهما األكثر تنظيما ً وقدرة على التمويل‪ ،‬فيما‬ ‫التزال قوى الثورة بال تنظيم وبال قيادة متماسكة‬ ‫وتشكو تعدد اآلراء داخلها‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫طلب الشهادة في مواجهة الصهاينة فاغتاله «التكفيريون»‬

‫أريغوني المتضامن اإليطالي‬ ‫كان وطنياً فلسطينياً في غزة وإنسانياً بامتياز‬ ‫فيتوريو أريغوني املتضامن اإليطالي الذي استشهد‬ ‫في قطاع غزة في اخلامس عشر من نيسان املاضي‪،‬‬ ‫كان فلسطينيا ً ومناضالً أمميا ً صلباً‪ ،‬وهو الذي جاء الى‬ ‫غزة ليقول بصوت عال “ال حلصار شعب أعزل وجتويعه”‪،‬‬ ‫وهو أول متضامن أجنبي يصل الى قطاع غزة قبل ‪3‬‬ ‫سنوات‪ ،‬في رحلة بحرية لفك احلصار عن قطاع غزة‪،‬‬ ‫وأول متضامن يستشهد في غزة‪.‬‬ ‫ُولد أريغوني في “بيسانا بريانزا” القريبة من مدينة‬ ‫ميالنو اإليطالية‪ ،‬من عائلة عرفت بنشاطاتها املؤيدة‬ ‫جده ناشطا ً بارزا ً في وقته ضد النازية‪.‬‬ ‫للسالم‪ ،‬وكان ّ‬ ‫وقبل ‪ 9‬سنوات زار أريغوني القدس وفي باب العمود‪،‬‬ ‫الزمه شعور غريب‪ ،‬مثل صاعقة‪ ،‬كما وصف هو ذلك‪،‬‬ ‫وعرف أنه سيقضي حياته في هذه األراضي‪ ،‬انتمى‬ ‫الى حركة التضامن الدولية الهادفة لكسر احلصار‬ ‫اإلسرائيلي املفروض على قطاع غزة عام ‪ ،2007‬ووصل‬ ‫الى القطاع منذ أول دفعة متضامنني تصله في آب‬ ‫‪ 2008‬في قاربني صغيرين‪.‬‬ ‫رحله اإلسرائيليون‬ ‫لم يترك غزة أبداً‪ ،‬وحتى عندما ّ‬ ‫قسرا ً في ‪ ،2008‬الى إيطاليا‪ ،‬بعدما اعتقلوه من‬ ‫عرض البحر‪ ،‬عاد من جديد‪ ،‬وعاش مع أهل القطاع‬ ‫يوما ً بيوم‪ ،‬وحتت الرصاص الذي ص ّبته “إسرائيل” على‬ ‫الفلسطينيني في غزة خالل احلرب األخيرة‪.‬‬

‫أريغوني املتضامن واملقاوم‬ ‫في قطاع غزة ارتدى أريغوني زي املسعفني‪ ،‬وساعد‬ ‫على إنقاذ اجلرحى‪ ،‬وكان يذهب الى احلدود ويشتبك مع‬ ‫اجلنود الصهاينة‪.‬‬ ‫ترجم حبه الشديد لغزة‪ ،‬بأن ّ‬ ‫ظل صامدا ً هناك‪،‬‬ ‫ولم يغادر حتى عندما بدأت احلرب اإلسرائيلية على‬ ‫القطاع‪ ،‬ونقل اجلرحى والشهداء‪ ،‬وشاهد أشالء وجثث‬ ‫متفحمة‪ ،‬لكن معنوياته ظ ّلت عالية‪.‬‬ ‫تع ّلق أريغوني بغزة بشكل كبير وكان يحب‬ ‫الفلسطينيني كثيراً‪ ،‬وروت والدته “إيجيديا بيريتا”‬ ‫قصة قد تكون بداية تعلقه بفلسطني قالت‪ ”:‬ما إن‬ ‫بلغ سن الرشد‪ ،‬حتى بدأ يسافر الى خارج إيطاليا‪،‬‬ ‫قال لي إنه م ّر بباب العمود ودخل القدس وشعر‬ ‫وكأن صاعقة ضربته”‪ ،‬وأضافت الوالدة التي تشغل‬ ‫منصب عمدة في إحدى القرى الواقعة بني ميالن‬ ‫وبحيرة كوموتروي “منذ تلك اللحظة أدرك أن نشاطه‬ ‫ّ‬ ‫سيتركز هناك”‪.‬‬ ‫أحب مصطلح “مشكلة”‪ ،‬وكان يقول دائما ً “اليهود‬ ‫مشكلة”‪ ،‬ووشم على ذراعه كلمة “مقاومة”‪ ،‬وأصيب‬ ‫رحله اإلسرائيليون‬ ‫عام ‪ 2008‬برصاصة في البحر‪ّ ،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولكنه عاد مرة أخرى على منت سفينة أخرى وهو أكثر‬ ‫حبا ً لغزة وأهلها‪ ،‬يقول أحد أصدقائه‪“ :‬كنا ّ‬ ‫نحذره من‬ ‫االقتراب من “اليهود” على حدود غزة‪ ،‬وكان يقول “مش‬ ‫مشكلة شهيد‪ ،‬شهيد” ويشير الى ذراعه‪.‬‬ ‫كانت عالقته بحركة “حماس” جيدة ومميزة كما هي‬ ‫عالقته مع كافة الفلسطينيني‪.‬‬ ‫له لفتات إنسانية‪ ،‬ساعد أسرة ناصر أبو سعيد‬ ‫الذي قضت زوجته بقصف إسرائيلي في توفير دعم‬ ‫لبناء بيت لألسرة وثمن العالج لعدد من أفرادها‪.‬‬ ‫رتّب تنظيم رحالت بحرية ملراقبة االنتهاكات‬ ‫اإلسرائيلية ضد الصيادين الفلسطينيني بقارب‬ ‫يحمل اسم “أوليفيا” أي الزيتون‪ .‬وكتب أريغوني‬ ‫كل ما شاهده وعايشه في غزة في مدونة خاصة أو‬ ‫على صفحته على “الفايسبوك” أو لصحف ومواقع‬ ‫إيطالية‪ ،‬وأ ّلف بعدها كتابه الشهير “غزة‪ :‬أن تكون‬ ‫إنسانياً”‪.‬‬ ‫أريغوني لم يترك مسيرة حدودية وال جتمعا ً وال‬ ‫مظاهرة وال جنازة وال بيت عزاء إال وشارك فيه‪ ،‬كان‬ ‫يحب اجلميع واجلميع يحبه‪ ،‬وكان دائما ً يقول بالعربية‬ ‫عندما يواجه خطرا ً إسرائيليا ً قريبا ً (شهيد شهيد”‪.‬‬ ‫غير أن أريغوني الذي كان يناديه أهل القطاع “فيكتور”‬ ‫لم يكن يعلم أنه سيسقط كما أراد “شهيداً”‪ ،‬ولكن‬ ‫على يد سلفيني وليس على يد إسرائيليني كما أراد‪،‬‬ ‫وفي احلالتني خسرته غزة وفلسطني‪ ،‬وهذا ما أثار غضبا ً‬

‫‪40‬‬

‫وحزنا ً فلسطينيا ً غير مسبوق على أول متضامن يقتل‬ ‫في قطاع غزة بأيد غير إسرائيلية لألسف‪ ،‬بعد ريتشل‬ ‫كوري وتوم هارنديل اللذين قتالً في عام ‪ 2003‬بأيدي‬ ‫قوات االحتالل اإلسرائيلي‪ .‬وكان سلفيون اختطفوا‬ ‫أريغوني يوم ‪ 14‬نيسان ملبادلته بأحد قادتهم احملتجزين‬ ‫ثم قتلوه في اليوم‬ ‫لدى حكومة حماس في غزة‪ ،‬ومن ّ‬ ‫التالي بأبشع الطرق املمكنة شنقاً‪ ،‬من دون أن يشفع‬ ‫له أن ضيف أجنبي أحب غزة وفلسطني وأصبح‬ ‫وطنيا ً بامتياز‪ .‬إذن‪ ،‬انتقم السلفيون من “حماس” ومن‬ ‫الشعب الفلسطيني بأكمله بقتل أريغوني‪.‬‬ ‫حلظة وداع أريغوني كانت صعبة قالت صديقته‬ ‫احملامية “كالوديا ميالني” وهناك حالة من الذهول‬ ‫ألم به وهو الذي يؤمن بالسالم والعدل‬ ‫والصدمة ملا ّ‬ ‫والطمأنينة في ربوع العالم بأسره‪.‬‬ ‫والدة أريغوني “إبجيديا بيريتا” قالت‪“ :‬كانت حياة‬ ‫ابني آمنة بني الفلسطينيني‪ ،‬وعند اختطافه‪ ،‬كان‬ ‫على وشك أن يعود إليطاليا لالحتفاء بذكرى الناشط‬ ‫السياسي جوزيبي إميباستاتو الذي اغتالته املافيا عام‬ ‫‪ .1978‬وقالت بيريتا‪“ :‬أريد أن أرى أهل غزة التي آمن‬ ‫إبني بها وضحى من أجلها‪ ،‬وأقابل أهلها الطيبون‬ ‫ّ‬ ‫ألؤكد لهم أن مسيرة‬ ‫الذين طاملا حدثني عنهم‪،‬‬ ‫فيتوريو ستتواصل وأن الكثير من أصدقائه سيكملون‬ ‫مشواره‪.‬‬

‫أدهم محمود‬


‫منبر اقتصادي‬

‫‪ % 50‬من الشباب عاطلون عن العمل وطريق بعضهم الهجرة‬ ‫‪ %8‬من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر المدقع و‪ %28‬تحت خط الفقر‬ ‫أقبل األول من أيار من جديد‪ ،‬وفي كل عام‪ ،‬تزداد‬ ‫أحالم اللبنايني بشكل عام والعمال بشكل خاص‬ ‫بأن يحمل العام اإلنتاجي اجلديد أمنا ً اجتماعيا ً‬ ‫واستقرارا ً معيشيا ً وتقاعدا ً ونهاية خدمة من‬ ‫العمل‪ ،‬وضمانا ً صحيا ً يؤمن لهم حياة كرمية‬ ‫بعد سنوات طوال من تردي الوضع املعيشي في‬ ‫لبنان‪ .‬ولكن كيف ذلك مع ‪ 500‬ألف ليرة كحد‬ ‫عدل منذ نحو ثالث‬ ‫أدنى لألجور في لبنان‪ ،‬والذي ّ‬ ‫مجمدا ً منذ ‪ 11‬عاماً‪ ،‬وبعد‬ ‫سنوات بعد أن كان‬ ‫ّ‬ ‫مطالبات عمالية ونقابية وفردية علت وعلت‬ ‫مع السنني السابقة‪ .‬وقد أشارت دراسة األحوال‬ ‫املعيشية لألسر عن عام ‪ 2007‬إلى وجود ‪ 715‬ألف‬ ‫مستخدم وأجير في لبنان‪ ،‬بينهم ‪ % 23،9‬يراوح‬ ‫دخلهم بني أقل من ‪ 299‬ألف ليرة و‪ 400‬ألف ليرة‪،‬‬ ‫وإذا جرى احتساب الزيادة التي أُق ّرت على احلد‬ ‫األدنى لألجور منذ حوالي ثالثة أعوام‪ ،‬فيصبح‬ ‫حجم الفئة التي يراوح دخلها اليوم بني أقل من‬ ‫‪ 500‬ألف ليرة و‪ 600‬ألف ليرة حلوالي ‪ 171‬ألف‬ ‫عامل‪ ،‬فيما يصل عدد الذين يتقاضون رواتب ما‬ ‫دون احلد األدنى لألجور (أقل من ‪ 300‬ألف ليرة عام‬ ‫‪ )2007‬إلى ‪ 66‬ألف عامل!‬ ‫لذلك‪ ،‬فالسؤال األساسي يطرح نفسه‪ ،‬هل‬ ‫يكفي راتب الـ ‪ 500‬الف ليرة لبنانية ليعيش‬ ‫اإلنسان بكرامة؟ أما السؤال الذي يستتبعه فهو‬ ‫كيف سيكون حال اللبناني الذي يتقاضى احلد‬ ‫األدنى لألجور في إطار السياسات الضرائبية التي‬ ‫تعمل احلكومة على اتباعها؟‬ ‫حوالي ‪ 300‬ألف شخص في لبنان هم غير‬ ‫قادرين على سد حاجاتهم األساسية من الغذاء‬ ‫وغيره‪ ،‬بحيث يصل مستوى خط الفقر األدنى‬ ‫بالدوالر(عند حتويله بسعر الصرف الرسمي‬ ‫احلالي) الى ‪ 2.40‬دوالر للفرد الواحد يومياً‪ .‬هذا‬ ‫ما توصلت إليه آخر الدراسات‪ ،‬القليلة العدد‬ ‫فيما يتعلق بأرقام ونسب الفقر في لبنان‪،‬‬ ‫علما ً أن هذه األرقام حتمل دالالت عديدة هي‬ ‫بال شك مدعاة قلق‪ ،‬خاصة وأنه‪ ،‬وفق التقارير‬ ‫قدر ارتفاع الفقر‬ ‫املعن ّية بهذا الشأن‪ ،‬فقد ّ‬ ‫املدقع بتحفظ بحوالي ‪ % 5‬منذ العام ‪،2004‬‬ ‫بسبب التأثير االنقباضي حلرب متوز ‪ 2006‬على‬ ‫االستهالك الفردي لألسرة الذي تراجع مبحاذاة‬ ‫أداء النمو البطيء في البلد‪.‬‬ ‫فمن جملة ما يعانيه لبنان‪ ،‬باإلضافة الى تردي‬ ‫الوضع االقتصادي والسياسي على حد سواء‪،‬‬ ‫حالة اجتماعية أقل ما ميكن وصفها بـ «املزرية»‬ ‫في بعض املناطق‪ ،‬وهي في وتيرة متصاعدة‬ ‫نتيجة االستمرار في انتهاج السياسات‬ ‫االقتصادية ذاتها‪ ،‬التي لم تؤد إالّ الى تردي احلالة‬

‫االجتماعية واملعيشية للمواطنني‪ ،‬أكثر فأكثر‪،‬‬ ‫في ظل انعدام اخلدمات والتقدميات االجتماعية‪،‬‬ ‫التي تعتبر أدنى حقوق املواطنني وأدنى واجبات‬ ‫املسؤولني جتاههم‪.‬‬ ‫بداية وفي سلم األولويات يأتي املسكن‪ ،‬الذي‬ ‫يشكل العبء األكبر للمواطن‪ ،‬سواء كان عقد‬ ‫اإليجار جديدا ً بحيث أن ال قيمة إليجار منزل‬ ‫ملساحة ال تقل عن ‪ 120‬م‪ّ 2‬‬ ‫تقل عن ‪ $ 250‬أي‬ ‫ما يوازي ‪ 375‬ألف ليرة لبنانية كأدنى حد في‬ ‫ضواحي بيروت‪ .‬وبالتدرج في احلاجات األساسية‪،‬‬ ‫تأتي فاتورة الكهرباء ال ّ‬ ‫تقل عن ‪ 30‬ألف ليرة‬ ‫لبنانية في أحلك الظروف‪ .‬هذا بغض النظر عن‬ ‫فاتورة االشتراك باملولد الكهربائي التي بدورها‬ ‫ال ّ‬ ‫تقل عن ‪ 50‬ألف ليرة لبنانية بحيث ال غنى‬ ‫عن الكهرباء أبداً‪ .‬وخط هاتف واحد سواء ثابت‬ ‫أو جوال بكلفة ‪ 40‬ألف ليرة شهرياً‪ ،‬إضافة‬ ‫الى اشتراك املياه وخدمات املبنى وغير ذلك من‬ ‫مصاريف الصيانة‬ ‫بالعودة الى ضرورات احلياة‪ ،‬فالطعام من‬ ‫أهمها‪ ،‬فبعد املسكن يأتي دور الغذاء فإن الكلفة‬ ‫األدنى ألي طبخة يومية ال ّ‬ ‫تقل عن الـ ‪ 50‬ألف‬ ‫ليرة لبنانية بني سعر اللحمة واألرز واخلبز والغاز‬ ‫والفطور والعشاء ضمناً‪ ...‬وإن جمعنا الكلفة‬ ‫اليومية على عدد أيام الشهر فتبلغ كلفة األكل‬ ‫شهريا ً بني ‪ 840‬ألف ليرة لبنانية و ‪ 930‬ألف ليرة‬ ‫لبنانية مع اختالف عدد أيام الشهر بني ‪ 28‬و ‪31‬‬ ‫يوماً‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الى سعر املواصالت فال بد أن‬ ‫يصرف املواطن على األقل ‪ 4000‬ليرة لبنانية‬

‫‪41‬‬

‫يومياًعبر التنقّ ل في «السرفيس» من البيت‬ ‫والى العمل والعكس صحيح دون احلاجة الى أي‬ ‫مشوار اضطراري آخر‪.‬‬ ‫أما أسعار صفيحة البنزين املتأرجحة بني‬ ‫فحدث بال‬ ‫الـ ‪ 35‬ألف ليرة لبنانية وما فوق‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫حرج‪.‬‬ ‫هنا ال بد من اإلشارة الى أننا لم نحتسب‬ ‫ّ‬ ‫تشكل ‪ % 25‬من راتب‬ ‫مصاريف التعليم التي‬ ‫دخل بحدود ‪ 1000‬دوالر للفرد‪ ،‬ليصرفه على‬ ‫تعليم ولد في مدرسة خاصة عادية‪ ،‬وال مصاريف‬ ‫اللبس وال الترفيه‪ ،‬وال كلفة الثقافة واإلنترنت‬ ‫وغيرها‪ ...‬وال حتى كلفة الطبابة التي ال تتساوى‬ ‫في كل األشهر بحيث أن اإلنسان غير املريض لن‬ ‫يحتاج الى الطبابة شهريا ً وبشكل دوري‪ .‬إال أنه ال‬ ‫بد أن يتواجد في كل عائلة من يحتاج الى اي دواء‬ ‫او استشارة طبية ال ّ‬ ‫تقل عن ‪ 50‬ألف ليرة لبنانية‬ ‫يقدر احد‬ ‫ال‬ ‫التي‬ ‫مستشفى‬ ‫أو حتى الدخول الى‬ ‫ّ‬ ‫كلفتها ‪ ...‬كما أننا ال نحتسب مصاريف املدارس‬ ‫باعتبار وجود املدارس الرسمية ذات الرسوم‬ ‫القليلة‪....‬‬ ‫هذه هي املصاريف الضرورية جدا ً التي حتتاجها‬ ‫العائلة املؤلفة من ‪ 5‬أشخاص شهريا ً فتصبح‬ ‫املعادلة حينئذ ‪ :‬إيجار املنزل (‪ + )375000‬كلفة‬ ‫الكهرباء ( ‪ + )30000‬فاتورة املولد الكهربائي (‬ ‫‪ + )50000‬كلفة الهاتف (‪ + )40000‬كلفة الغذاء‬ ‫(‪ 30 30000x‬يوما ً = ‪ 1395000 = )900000‬ليرة‬ ‫لبنانية شهريا ً كمصروف عائلة‪ ،‬أي ‪ 930‬دوالر‬ ‫هذا دون احتساب كلفة التعليم والنقل واللبس‬ ‫والطبابة املذكورة أعاله‪.‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫فكيف يعيش إذن املواطن مع حد أدنى لألجور‬ ‫ال يتخطى الـ ‪ 500‬ألف ليرة لبنانية؟ خاصة وإن‬ ‫احتسبنا أن فردا ً واحدا ً من أفراد العائلة يعمل‬ ‫فقط ال غير؟‪ ..‬سؤال برسم املعنيني‪.‬‬ ‫جمد احلد االدنى لألجور فترة ‪ 11‬سنة على ‪300‬‬ ‫ّ‬ ‫الف ليرة لبنانية قبل رفعه حلدود الـ ‪ 500‬ألف‬ ‫ليرة لبنانية منذ سنتني تقريبا ً بعد أن انعدمت‬ ‫الطبقة الوسطى ‪ ...‬فهل علينا االنتظار من‬ ‫جديد فترة ‪ 11‬سنة إلعادة رفعه فيصبح بلدنا‬ ‫آنذاك عنوانا ً للفقر ومواطنيه قدوة للمأساة؟‬ ‫في مكان ما بعيد عن حلبات السياسة تتعالى‬ ‫صيحات تشبه األنني تشكو ارتفاع سعر ربطة‬ ‫اخلبز‪.‬‬ ‫ومن مكان بعيد‪ ،‬بعيد‪ ،‬تسمع صرخات تشكو‬ ‫الدواء املز ّور وتشكو الضمان واملستشفيات‬ ‫وأقساط املدارس والكتب‪.‬‬ ‫الى ذلك ال تزال تلك األصوات تصلنا من حتت‬ ‫أنقاض التيار الكهربائي ومن حتت عجالت زحمة‬ ‫السير ومن ثنايا االتصاالت اخللوية‪.‬‬ ‫آخر ما وصلنا من نحيب يشكو من زجاجات‬ ‫البالستيك للمياه املعبأة التي تسبب أمراضا ً‬ ‫قاتلة حتماً‪ ..‬وال من مجيب‪.‬‬ ‫يعلو الصراخ كما لو أنه في السماء السادسة‬ ‫أو كما أنه حتت القطب الشمالي أو اجلنوبي‪.‬‬ ‫لبنان بأمه وأبيه مشغول بالسياسة‪ ،‬ال وقت‬ ‫ألي شيء آخر وال اهتمام بأي شيء آخر‪.‬‬ ‫واذا كانت قضايا الناس وأوضاعهم ال سيما‬ ‫االقتصادية واالجتماعية واملعيشية تستلزم بت‬ ‫امللف احلكومي في أسرع وقت‪ ،‬كون حكومة‬ ‫تصريف األعمال ال متلك صالحية إصدار القرارات‪،‬‬ ‫فإن ثالثة ملفات ضاغطة كشفت عري الواقع‬ ‫في لبنان وخطورة استمرار الفراغ القائم‪ ،‬وأول‬ ‫هذه امللفات ما يتعلق بواقع األمن مع ظهور بوادر‬ ‫غير مشجعة تبدأ بخطف اإلستونيني السبعة‬ ‫والتفجير احلاصل أمام إحدى كنائس زحلة وال‬ ‫تنتهي باحلوادث املفتعلة في غير مكان وإن كانت‬ ‫ما زالت في إطار محدود‪.‬‬ ‫وجاءت أحداث التمرد في سجن روميه ثانيا ً‬ ‫لتـزيد الطني بلة في هذا اجملال من جراء الفراغ‬ ‫رغم ان القوى األمنية بذلت كل جهد مستطاع‬ ‫من أجل إنهاء حالة التمرد من دون إراقة نقطة‬ ‫دم واحدة‪ ،‬إال أن ذلك ال يحل مشكلة ألن املرتكز‬ ‫األمني هو أحد مرتكزات الدولة التي ينبغي أن‬ ‫تكون حاضرة وفعالة ملعاجلة القضية خصوصا ً‬ ‫وأن مطالب السجناء املتمردين محقة مبعظمها‪.‬‬ ‫أما ثالث امللفات فكان ما تعرض له اللبنانيون‬ ‫في ساحل العاج فعلت الصرخات بقوة تخوفا ً مما‬ ‫ميكن أن يصيبهم‪ ،‬في ظل وجود حكومة فاعلة‬ ‫وقادرة ما كان ميكن منع ما حدث لهم إال أنه كان‬ ‫ميكن بالطبع التخفيف من الكثير منه‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من كل ذلك ال مواعيد واضحة حتى اآلن لصعود‬ ‫الدخان األبيض إيذانا ً بوالدة احلكومة امليقاتية‬ ‫املنتظرة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اللبناني يدفع دوالرين يومياً‬ ‫لتمويل استمراريّة النظام القائم‬ ‫اللبنانيون يدفعون ضرائب مخصصة لضمان‬ ‫استمرارية النظام السياسي الطائفي القائم‬ ‫يسدد دوالرين يومياً‪ ،‬في‬ ‫في لبنان‪ ،‬فكل لبناني‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط العام‪ ،‬لتمويل سيطرة هذا النظام‬ ‫على جميع تفاصيل حياته‪ ،‬أي منذ أن يولد‪ ،‬مرورا ً‬ ‫بدخوله املدرسة‪ ،‬فاجلامعة‪ ،‬وصوال ً الى الزواج‬ ‫والسكن وأكالف اخلدمات االجتماعية‪ ...‬وهكذا‬ ‫مي ّول اللبناني نظاما ً يجعل من “الق ّلة” أسيادا ً‬ ‫عليه إلى األبد!‬

‫‪ 420‬مليون دوالر‬ ‫هذا ما يتك ّبده اجملتمع اللبناني سنويا ً بسبب‬ ‫فعال في حتقيق تأمني صحي‬ ‫عدم وجود نظام ّ‬ ‫للمسنني‪ ،‬إذ إن تطبيق احلكومة نظام تأمني‬ ‫صحي شامل للمسنني من شأنه خفض الفاتورة‬ ‫ّ‬ ‫الصحية اإلجمالية بقيمة ‪ 420‬مليون دوالر‪.‬‬

‫هل تنخفض حتويالت املغتربني؟‬ ‫تقدم يحاول االقتصاديون أن ين ّبهوا‬ ‫وبعد كل ما ّ‬ ‫إلى مسألة شديدة اخلطورة تواجه الشباب‬ ‫اللبناني‪ ،‬فالنموذج السياسي ــ االقتصادي‪،‬‬ ‫يشجعهم على الهجرة من أجل تأمني‬ ‫الذي‬ ‫ّ‬ ‫حتويالت مالية كبيرة تعفي السلطة من العمل‬ ‫على تطوير االقتصاد احلقيقي وتنويعه‪ ،‬ال ينطوي‬ ‫على أي حماية لهؤالء املهاجرين‪ ،‬بل يتركهم‬ ‫يواجهون مصيرهم وحدهم من دون رعاية أو‬ ‫اهتمام رسميني‪ :‬هذا ما يحصل في اإلمارات‬ ‫والبحرين وليبيا وساحل العاج‪ ،‬بحيث أصبحت‬ ‫الهجرة نقمة وليست نعمة‪ ،‬وإن حاول عدد من‬ ‫الوزراء جتميلها‪ ،‬وإن حاول مصرف لبنان جعلها‬

‫‪42‬‬

‫رافعة لالقتصاد الوطني‪ ،‬فالتحويالت التي وصلت‬ ‫في نهاية عام ‪ 2010‬إلى ‪ 8‬مليارات و‪ 200‬مليون‬ ‫دوالر ليست سوى أموال يرسلها شباب يقطعون‬ ‫الصلة بأهلهم‪ ،‬يُبعدون عن وطنهم قسراً‪،‬‬ ‫يهربون من بلد الفساد الى بلدان قد تعرض‬ ‫حياتهم للخطر‪ ،‬لكنها تؤمن لهم شروط عمل‬ ‫أفضل‪.‬‬ ‫إال أن افتعال سياسات اجتماعية واقتصادية‬ ‫تهجر شباب لبنان‪ ،‬يجعل من هؤالء وقودا ً في‬ ‫النزاعات السياسية بني لبنان ومك ّوناته من‬ ‫جهة‪ ،‬والدول التي تفتح الباب ملهاجري لبنان‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬كما يجعل اللبنانيني يتامى‬ ‫بال سلطة تسأل عنهم‪ ،‬في ظل ثورات عدد‬ ‫من الدول‪ ،‬واحلروب األهلية التي تسيطر على‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫أعدتها البروفسورة شوغيك‬ ‫وتشير دراسة ّ‬ ‫كاسباريان‪ ،‬رئيسة املرصد اجلامعي للواقع‬ ‫القديس‬ ‫االجتماعي واالقتصادي في جامعة‬ ‫ّ‬ ‫يوسف الى ارتفاع عدد املهاجرين بد ًءا من عام ‪2005‬‬ ‫إلى أكثر من ‪ 65‬ألف مهاجر سنوياً‪ ،‬معظمهم‬ ‫من الشباب‪ ،‬بينما ‪ % 60.5‬من اللبنانيني املقيمني‬ ‫أبدوا رغبتهم في الهجرة‪ ،‬و‪ % 80‬من الذين قالوا‬ ‫نعم للهجرة هم من حملة اإلجازات واملاجستير‪،‬‬ ‫وتشير هذه الدراسة الى أن معظم املهاجرين‬ ‫يقصدون اخلليج العربي‪ .‬وتشدد كسباريان في‬ ‫دراستها على أن البحث عن العمل هو السبب‬ ‫الرئيسي للهجرة‪ ،‬وليس ذلك فقط بل البحث‬ ‫أيضا ً عن رواتب وشروط عمل أفضل‪ .‬وأضافت‬ ‫كسباريان إن اختيار اللبنانيني بلدانا ً مثل اخلليج‬ ‫أو أفريقيا أو دول أخرى يعود الى أن بإمكان هذه‬ ‫الدول تقدمي امتيازات وظيفية أفضل للعاملني‬ ‫لديها من تلك املعتمدة في لبنان‪.‬‬ ‫من هنا إن املشكلة احلقيقية القائمة هي عدم‬ ‫وجود دراسات شاملة عن سوق العمل في لبنان‪،‬‬ ‫إال أن الواضح هو أن هذه السوق تتقدم ببطء‬ ‫شديد‪ ،‬في مقابل تطور عدد املتخرجني سنوياً‪،‬‬ ‫ما يجعلهم أكثر رغبة في السفر‪ .‬أضف الى أن‬


‫األزمات السياسية واألمنية في بلدان االغتراب‬ ‫جتبر املغتربني على اختيار العودة الى لبنان وترك‬ ‫وظائفهم في اخلارج‪ ،‬ما يجعل عودة املهاجرين‬ ‫واملغتربني طبيعية في ظل اندالع الثورات في عدد‬ ‫من الدول‪ ،‬إضافة الى وجود مشكالت أمنية في‬ ‫أبيدجان‪ ،‬إال أنه ال ميكن معرفة إن كانت القرارات‬ ‫اجلماعية في العودة الى لبنان هي نهائية أم‬ ‫ظرفية‪ ،‬وخصوصا ً أن اللبنانيني يعملون على‬ ‫تأسيس مشاريع واسعة في اخلارج‪ ،‬ويستثمرون‬ ‫مبليارات الدوالرات في الدول التي تدور فيها‬ ‫النزاعات‪.‬‬ ‫وبالرغم من صعوبة احلصول على أرقام حتدد‬ ‫حجم حتويالت املغتربني في دول النزاع‪ ،‬إالّ أن قيمة‬ ‫التحويالت اإلجمالية تصل الى ما بني ‪ 20‬و‪% 25‬‬ ‫من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬وهذا رقم ضخم نسبة‬ ‫الى حجم االقتصاد اللبناني‪.‬‬

‫‪ 256‬ألف لبناني‬

‫هو عدد اللبنانيني في بلدان تشهد اضطرابات‬ ‫أمنية‪ ،‬وتلك التي تشوبها إشكاالت في العالقات‬ ‫الدبلوماسية مع لبنان‪ ،‬مثل اإلمارات والبحرين‪.‬‬ ‫وفي ظل هذا االختناق‪ ،‬يبقى اللبنانيون في‬ ‫بلدان االغتراب بال ملجأ‪ ،‬في غياب الدور الرسمي‬ ‫اللبناني الفاعل في اخلارج‪.‬‬

‫البطالة في لبنان‪ ...‬وظيفة‬ ‫البحث عن وظيفة!‬ ‫ليست قضية البطالة هي األولى من نوعها‪،‬‬ ‫بل على العكس هي عينة من مأساة الغالبية‬ ‫العظمى من أبناء الشعب اللبناني الذي كان‬ ‫واليزال يدفع األثمان الباهظة بسبب التقلبات‬ ‫السياسية واألمنية‪ .‬فالبطالة في لبنان تخطت‬ ‫اخلطوط احلمر كلها‪ ،‬ووصلت األمور الى حائط‬ ‫مسدود‪ ،‬والوضع املعيشي القائم بات يهدد‬ ‫شريحة كبيرة من الناس وينذر بأزمة خانقة‪...‬‬ ‫والالفت أن التكلم عن موضوع البطالة بات من‬ ‫احمل ّرمات على ما يبدو رغم حتذيرات اإلقتصاديني من‬ ‫استفحال هذه األزمة املؤثرة بشكل دراماتيكي‬ ‫على الوضع املعيشي للمواطن اللبناني‪.‬‬ ‫فموضوع البطالة‪ ،‬والذي أصبح يشكل أو‬ ‫يوصف بـ «املرض العضال» الذي ال شفاء منه‪،‬‬ ‫يعتبر من املواضيع الرئيسية التي تشكل مادة‬ ‫دسمة ألي حكومة في أي مجتمع وما ترافقها‬ ‫من مشكالت تعصف باجملتمعات وجتعل شبابها‬ ‫في مهب الريح‪.‬‬ ‫فنسبة البطالة في لبنان غير معروفة في ظل‬ ‫غياب أي إحصاءات من وزارة العمل‪ ،‬وال نغالي إذا‬ ‫قلنا أنها تتعدى ‪ ،% 30‬وهو وضع في حال وجوده في‬ ‫دولة أخرى يطيح باحلكومة‪ ،‬ألنه ال ميكن التالعب‬ ‫بلقمة عيش املواطن! هجرة الشباب املثقف تدق‬

‫ناقوس اخلطر‪ ،‬وهي خير دليل على ارتفاع معدل‬ ‫البطالة‪ ،‬ورغم إعطاء التعليمات للسفارات‬ ‫بالتشدد من ناحية إعطاء التأشيرات ال تزال‬ ‫األرقام مخيفة‪ .‬وفي ظل غياب األرقام الرسمية‬ ‫لعدد العاطلني عن العمل في لبنان حالياً‪ ،‬إال‬ ‫أن التقديرات تشير إلى أن البطالة وصلت إلى‬ ‫‪ .%30‬مبعنى آخر هناك عاطل عن العمل من اثنني‬ ‫خسر وظيفته ألسباب اقتصادية‪ ،‬وهو التعبير‬ ‫املستخدم لتغطية حالتني‪ :‬إما أن يكون صاحب‬ ‫العمل قد أقفل مؤسسته‪ ،‬أو أن املستخدم صرف‬ ‫بداعي تقليص عدد العمال‪.‬‬ ‫وزادت األزمة حدة جراء اعتماد االقتصاد اللبناني‬ ‫على اخلدمات األكثر تعرضا ً بسبب األحوال األمنية‬ ‫والسياسية‪ ،‬مما أدى الى تسريح آالف العمال أخيرا ً‬ ‫فيما باتت البطالة أضعافا ً في الصناعة والزراعة‬ ‫بعد حرب متوز ‪ .2006‬وقد نعدد أسبابا ً عديدة‬ ‫للبطالة وميكن أن ننسبها أيضا ً في خانة أسباب‬ ‫الهجرة من دون تردد‪ :‬منو سكاني يفوق النمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬واحتكار السباق مع التكنولوجيا وما‬ ‫تتطلبه من مهارات عالية ال تتوافر لدى اجلميع‪،‬‬ ‫مع أن أهل التكنولوجيا يهاجرون أكثر من غيرهم‪،‬‬ ‫ضعف القدرات االنتاجية وآثار العوملة‪ ،‬ووحدة‬ ‫املنافسة مع أن لألمر وجهني يتغلب السلبي‬ ‫فيما عندنا على اإليجابي‪ .‬ويتخرج في اجلامعات‬ ‫سنويا ً ‪ 10‬آالف طالب ومن اجلامعة الرسمية ‪6‬‬ ‫آالف فيما ‪ %50‬من العمالة اللبنانية العادية‬ ‫من دون التعليم املتوسط‪ ،‬وفيما يستفيد أرباب‬ ‫العمل من العمالة الرخيصة املستوردة‪ .‬واألخطر‬ ‫أ ّن شباب لبنان يجدون ّ‬ ‫احلل الوحيد في الهجرة‪..‬‬ ‫فالهجرة في لبنان هي الوجه اآلخر للبطالة‬ ‫ومهما تعددت أسباب األولى واختلفت‪ ،‬فإنها‬ ‫تؤدي حتما إلى الثانية‪.‬‬ ‫وكشف تقرير رسمي أن نسبة البطالة في‬ ‫صفوف الشباب اللبناني ارتفعت نتيجة الضائقة‬

‫‪43‬‬

‫االقتصادية الراهنة التي مير بها لبنان‪.‬‬ ‫وتوقع التقرير الصادر عن وزارة العمل اللبنانية‬ ‫أن تصل نسبة البطالة إلى أكثر من ‪ % 16‬مع‬ ‫نهاية العام اجلاري ‪ ،2011‬مشيرا ً إلى أن هذه‬ ‫النسبة تخطت الـ ‪ % 50‬في صفوف الشباب‬ ‫املقبلني على سوق العمل األمر الذي يدفع هؤالء‬ ‫إما إلى الهجرة أو إلى البطالة املقنعة‪.‬‬ ‫وأوضح التقرير عن حاجة السوق إلى استحداث‬ ‫ما بني ‪ 30‬و ‪ 50‬ألف فرصة عمل يتوفر منها حاليا‬ ‫ما يترواح بني ‪ 12‬و‪ 14‬ألف فرصة معظمها في‬ ‫القطاع اخلاص نتيجة إقفال اإلدارات الرسمية في‬ ‫وجه التوظيف اجلديد ما عدا األسالك العسكرية‬ ‫التي تفتح باب التطوع فيها‪.‬‬ ‫كما أن الدراسات أشارت الى منحى جديد‬ ‫كإفراز لألزمة السياسية‪ ،‬ويتمثل هذا املنحى في‬ ‫ظاهرة هجرة الفتيات اللبنانيات‪ ،‬حيث بلغت ‪%51‬‬ ‫من مجموع الذين هاجروا في الفترة األخيرة‪.‬‬ ‫وأتت كندا في املرتبة األولى كدولة مقصد ‪51.5‬‬ ‫‪ %‬من املهاجرين اللبنانني تليها الواليات املتحدة‬ ‫بـ ‪ %17‬فاستراليا ‪ %14.1‬وفرنسا ‪ %5‬واملانيا ‪،%4.1‬‬ ‫والظاهرة الالفتة هنا هي اإلقبال على الهجرة‬ ‫الكندية‪ ،‬حيث الرغبة في اجلنسية والسهولة‬ ‫النسبية في احلصول عليها تبدو هدفا ً أساسياً‪.‬‬ ‫ميكن إيراد أرقام أخرى ذات دالالت حول الهجرة‬ ‫ومقصدها‪ ،‬لكن ما يستوقف‪ ،‬أن القوى السياسية‬ ‫املنقسمة على حالها في لبنان‪ ،‬ال تأخذ حتى اآلن‬ ‫باالعتبار هذه األرقام وآثارها املدمرة‪ ،‬ويظهر أن‬ ‫األهداف واملهمات السياسية املطروحة بعيدة‬ ‫عن هموم الناس وتطلعاتهم‪.‬‬ ‫مأساة حقيقية يعاني منها املواطن اللبناني‬ ‫الذي ال حول له وال قوة‪ .‬هذا هو واقع احلال في‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫إعداد ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫آفاق التحول إلى مجتمع ال نقدي ‪Cashless Society‬‬ ‫الدكتور زيدو ‪ :‬انطلقنا من برنامج إصالح اقتصادي وإداري‬ ‫أقامت غرفة جتارة حلب بالتعاون مع‬ ‫األكادميية العربية لألعمال االلكترونية‬ ‫والهيئة الوطنية خلدمات الشبكة ورشة عمل‬ ‫بعنوان «آفاق التحول إلى مجتمع ال نقدي‬ ‫‪ ،”Cashless Society‬حيث رحب الدكتور‬ ‫حسن زيدو رئيس مجلس إدارة غرفة جتارة حلب‬ ‫باسمه واسم أعضاء مجلس إدارة‪ ‬الغرفة‬ ‫ورجال أعمال حلب بالقائمني على أعمال هذه‬ ‫الورشة الهامة التي تقيمها الغرفة بالتعاون‬ ‫مع األكادميية العربية لألعمال االلكترونية‬ ‫والهيئة الوطنية خلدمات الشبكة‪ ،‬مؤكدا ً‬ ‫أن توجيهات الرئيس بشار األسد في حتديث‬ ‫القوانني والتشريعات االقتصادية انطلقت‬ ‫من برنامج اإلصالح االقتصادي واإلداري املتدرج‬ ‫حيث مت تطوير مئات القوانني والتشريعات التي‬ ‫كانت تعيق منو االقتصاد الوطني وتقف عائقا ً‬ ‫أمام مسيرة التنمية االقتصادية واالجتماعية‬ ‫وتنفيذ اخلطط اخلمسية‪ ،‬ومتثل ذلك في رسم‬ ‫سياسة نقدية تواكب متطلبات التنمية‪،‬‬ ‫مضيفا ً أن مساهمة غرفة جتارة حلب في‬ ‫نشر التوعية وتطبيقات األعمال االلكترونية‬ ‫تنبع من أهمية حتويل اجملتمع إلى مجتمع‬ ‫ال نقدي تستبدل فيه العمليات النقدية‬ ‫الورقية ووسائل الدفع التقليدية بعمليات‬ ‫الكترونية ووسائل دفع مصرفية حديثة‬ ‫باستخدام التقنيات الرقمية مما يؤدي إلى جناح‬ ‫خطط الدولة وحتديث اخلدمات التي تقدمها‬ ‫املؤسسات احلكومية للمواطنني‪ ،‬كما تؤدي‬ ‫إلى تقليل التكاليف الناجتة عن إعادة إصدار‬ ‫النقود الورقية وتأمني عدم سرقتها أو تزويرها‪،‬‬ ‫متمنيا ً حتقيق األهداف والنجاح لهذه الورشة‪.‬‬ ‫وألقت الدكتورة منى حسون رئيسة‬ ‫األكادميية العربية لألعمال االلكترونية كلمة‬ ‫حتدثت فيها عن أنشطة األكادميية التابعة‬ ‫جمللس الوحدة االقتصادية العربية – جامعة‬ ‫الدول العربية ومقرها حلب ودورها في تأهيل‬ ‫اختصاصيني في مجال األعمال االلكترونية‬ ‫يتمكنون من إدارة التغيرات التي تقودها‬ ‫تكنولوجيا االتصاالت واملعلومات‪ ،‬وثمنت‬ ‫د‪ .‬حسون دور غرفة جتارة حلب ومساهمتها‬ ‫الفعالة في اإلعداد لهذه الورشة الهادفة‬ ‫إلى نشر ثقافة الدفع االلكتروني في حلب‬ ‫واجلوار‪ ،‬وتسليط الضوء على أهمية االنتقال‬ ‫إلى مجتمع ال نقدي بهدف تنمية تعامل‬ ‫األفراد مع وسائل دفع بديلة للنقود عبر قنوات‬ ‫(اإلنترنت – الهاتف اخلليوي واألرضي ونقاط‬ ‫البيع االلكتروني)‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ثم ألقى السيد ماهر سليمان مدير عام‬ ‫الهيئة الوطنية خلدمات الشبكة ممثل‬ ‫السيد وزير االتصاالت والثقافة كلمة أكد‬ ‫فيها على ضرورة االستفادة من تقنيات‬ ‫االتصاالت واملعلومات في التحول إلى‬ ‫مجتمع كفء تقل فيه ضياعات املوارد في‬ ‫الزمن واجلهد‪ ،‬وتخفيف التكاليف واخملاطر‬ ‫الناجمة عن األساليب التقليدية في الدفع‪.‬‬ ‫وألقى السيد فواز حمدان مدير فرع مصرف‬ ‫سورية املركزي في حلب كلمة الدكتور أديب‬ ‫ميالة حاكم مصرف سوريا املركزي أوضح‬ ‫فيها مفهوم اجملتمع الال نقدي الذي يعد نتاجا ً‬ ‫للثورة التقنية التي متيزت بغزو تكنولوجيا‬ ‫املعلومات لكافة مناحي احلياة وخاصة انتشار‬

‫‪44‬‬

‫التجارة االلكترونية‪ ،‬موضحا ً أن ذلك يعتمد‬ ‫على عنصرين أساسيني هما توافر بنية حتتية‬ ‫تقنية مالئمة‪ ،‬وتوفر القناعة والثقافة الالزمة‬ ‫لدى األفراد‪ ،‬مشيرا ً إلى اإلطار التشريعي‬ ‫لعمل مصرف سوريا املركزي ودوره كمسؤول‬ ‫عن تطوير نظم الدفع والتسوية والتقاصة‬ ‫العادية وااللكترونية واإلشراف والرقابة عليها‬ ‫مبا في ذلك فرض اإلجراءات املالئمة ملعاجلة‬ ‫أي خلل‪ ،‬وفرض اجلزاءات اإلدارية وفق أحكام‬ ‫املرسوم التشريعي رقم ‪ 21‬تاريخ ‪.2011‬‬ ‫ثم ألقيت محاضرات حول نظم الدفع‬ ‫االلكتروني وجوانبه الفنية والقانونية‪ ،‬وأهمية‬ ‫التشريعات واآلفاق املستقبلية لهذه التجربة‬ ‫االقتصادية احلديثة‪.‬‬


‫توقيع مذكرات تفاهم بني جلنتي‬ ‫سيدات أعمال حلب وأرمينيا‬ ‫بهدف تعزيز عالقات الصداقة والتعاون قامت‬ ‫كل من السيدتني لينا أشرفية رئيسة جلنة‬ ‫سيدات األعمال في غرفة جتارة حلب وليليا‬ ‫كيفوركيان رئيسة جلنة سيدات األعمال في‬ ‫غرفة صناعة وجتارة أرمينيا بتوقيع مذكرة تفاهم‬ ‫وتعاون بحضور الدكتور حسن زيدو رئيس غرفة‬ ‫جتارة حلب وذلك ضمن فعاليات مهرجان املرأة‬ ‫واألسرة السادس وذلك على أرض سوق اإلنتاج‬ ‫بحلب‪.‬‏‬ ‫وأشار الدكتور زيدو إلى أهمية هذا املهرجان‬ ‫الذي عزز أواصر التعاون بني سيدات األعمال‬ ‫في سوريا وأرمينيا مشيدا ً بأهمية دور املرأة في‬

‫عملية التكامل االقتصادي في اجملتمع وضرورة‬ ‫متكينها من توظيف طاقاتها اخلالقة واملبدعة‬ ‫في حتقيق عملية التنمية املستدامة ومن خالل‬ ‫توفير املشاريع الصغيرة التي تساهم في رفع‬ ‫مستوى املرأة اقتصاديا ً واجتماعياً‪.‬‬ ‫ون ّوهت أشرفية بأهمية توقيع مذكرة التفاهم‬ ‫والتعاون مع سيدات أرمينيا التي تهدف إلى‬ ‫إقامة فعاليات مشتركة من شأنها جتذير ثقافة‬ ‫عمل املرأة وزيادة الوعي بأهمية دورها وخللق تعاون‬ ‫جديد مع بلدان أخرى صديقة بهدف توسيع‬ ‫التعاون االقتصادي بني البلدين باإلضافة لتنظيم‬ ‫اللقاءات واملعارض واملؤمترات وتعزيز التجارة‬ ‫الثنائية بني الشركات الصناعية وعالم األعمال‬ ‫واملقاولني واالستثمارات‪.‬‏‬ ‫ولفت السيد ليون زكي رئيس مجلس األعمال‬ ‫السوري ـ األرميني إلى أهمية املهرجان السنوي‬

‫املقام من قبل جلنة سيدات األعمال والذي متيز‬ ‫هذا العام مبشاركة سيدات أعمال أرمينيا وهو‬ ‫اللقاء الثاني بني اجلانبني خالل خمسة أشهر‪.‬‬ ‫وتأتي هذه اللقاءات املتتالية واملتبادلة لتوفير‬ ‫فرص التعاون بني الشعبني السوري واألرميني‬ ‫وبني الشركات التجارية‪.‬‏‬ ‫ويأتي توقيع مذكرة التفاهم في وقت نستنهض‬ ‫فيه كل إمكانياتنا إلعطاء اجلانب االقتصادي‬ ‫األهمية التي يستحقها في العالقات التي تربط‬ ‫بني بلدينا والتي قطعنا فيها أشواطا ً كبيرة‪ ،‬بعد‬ ‫ذلك مت توزيع شهادات تقديرية لسيدات أعمال‬ ‫أرمينيا ملشاركتهن في هذا املهرجان‪.‬‬

‫غرفة جتارة حلب ترفع ثالث‬ ‫مذكرات إلى رئاسة مجلس الوزراء‬ ‫رفعت غرفة جتارة حلب ثالث مذكرات‪ :‬األولى‬ ‫إلى رئاسة مجلس الوزراء تضمنت بعض احللول‬ ‫املقترحة لتنشيط األسواق واحلركة التجارية في‬ ‫حلب‪ ،‬والثانية إلى رئاسة مجلس الوزراء تضمنت‬ ‫بعض املقترحات واحللول ملعاجلة مشاكل السكن‬ ‫وتخفيض أسعار األراضي والعقارات واملساكن‬ ‫اجلاهزة‪ ،‬وإيجاد فرص عمل تساهم في تخفيض‬ ‫معدل البطالة بني طالبي العمل في مدينة‬ ‫حلب‪ ،‬للتخفيف من نسبة اجلرائم املرتكبة‬ ‫نتيجة البطالة والتخفيف من مناطق السكن‬ ‫العشوائي‪ ،‬والثالثة إلى وزارة االقتصاد والتجارة‬ ‫ووزارة الزراعة طالبت فيه االستمرار بالتصدير‬ ‫املدروس مبوضوعية‪ ،‬ألنه ضرورة إستراتيجية لنمو‬ ‫الثروة احليوانية في بلدنا‪.‬‬

‫حلب ‪ -‬عبد السالم‬ ‫وعبد املناف األحمد‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫ساحل العاج ‪ :‬الصراعات الدولية على مواردها‬ ‫والمواقع االستراتيجية‬ ‫في غرب قارة أفريقيا تقع جمهورية ساحل‬ ‫العاج وهي واحدة من ضمن املستعمرات‬ ‫الفرنسية السابقة‪ ،‬وهي تشتهر بأنها أكبر‬ ‫ومصدر للكاكاو في العالم‪ .‬وتواجه اليوم‬ ‫منتج‬ ‫ّ‬ ‫مشكلة حقيقية‪ ،‬وذلك بعد تراكمات طويلة‪،‬‬ ‫بسبب تركيبتها السكانية وموقعها الهام‪.‬‬ ‫يضاف إليها أسباب أخرى تتع ّلق بصراع الدول‬ ‫الكبرى على مناطق النفوذ‪ ،‬وبسبب األزمات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية التي وصلت الى ذروتها‬ ‫وقادت الى االنفجار الداخلي والنزاعات العرقية‬ ‫في أكثر من بلد أفريقي‪.‬‬ ‫وكانت قد تصاعدت األزمة السياسية في‬ ‫ساحل العاج‪ ،‬بعد أن رفض الرئيس العاجي‬ ‫املنتهية واليته لوران غباغبو التنحي عن السلطة‬ ‫بعد أن أعلنه اجمللس الدستوري فائزا ً باالنتخابات‪،‬‬ ‫وعارض رأي اللجنة االنتخابية التي أظهرت‬ ‫احلسن وتارا فائزاً‪ ،‬واشتد الصراع منذ يوم ‪4‬‬ ‫كانون األول عندما أ ّدى اليمني كل من املتنافسني‬ ‫على السلطة في ساحل العاج كرئيس لتلك‬ ‫الدولة الشمالي احلسن وتارا‪ ،‬ولوران غباغبو الذي‬ ‫تو ّلى السلطة قبل عشرة أعوام‪ ،‬وكانت القوات‬ ‫الفرنسية املتواجدة في ساحل العاج (املستعمرة‬ ‫الفرنسية السابقة)‪ ،‬ساعدت الرئيس املنتخب‬ ‫احلسن وتارا وحسمت النزاع لصاحله بعد معارك‬ ‫دامية وتدخل املروحيات الفرنسية‪ ،‬واستسالم‬ ‫لوران غباغبو‪ ،‬منهية بذلك أحد فصول النزاع‬ ‫هناك‪.‬‬

‫صراع داخلي مدعوم خارجياً‬ ‫وقضية ساحل العاج بدأت في أيلول عام ‪2006‬‬ ‫لدى انطالق احلرب األهلية بني احلكومة املركزية‬ ‫وقوات املعارضة املدعومة من بوركينافاسو‬ ‫اجملاورة‪ ،‬التي زحفت على العاصمة أبيدجان‬ ‫يهدف االستيالء عليها وقلب نظام حكم لوران‬ ‫غباغبو الذي تتهمه ورجاله بالسيطرة على‬ ‫املنطقة اجلنوبية الغنية من البالد على حساب‬ ‫أهالي الشمال الساحلي‪ .‬وقد أرادت فرنسا آنذاك‬ ‫والتي حتتفظ بوجود عسكري في البالد منذ‬ ‫نيل استقاللها التدخل لوضع حد للمواجهات‬ ‫العسكرية وإنقاذ حليفها غباغبو‪ ،‬حيث سعت‬ ‫الى تدويل األزمة عبر إشراك بلدان املنظمة‬ ‫االقتصادية لغرب أفريقيا “سيدياو” وإقناعها‬ ‫بإرسال القبعات البيض‪ ،‬متجنبة حشر نفسها‬ ‫في صراع داخلي أو ما يؤول إليه في النهاية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫غباغبو‬

‫وتارا‬

‫وحاولت فرنسا توظيف ثقلها الدبلوماسي‬ ‫في ساحل العاج من أجل التوصل الى اتفاق بني‬ ‫حكومة غباغبو واملعارضة‪ ،‬فن ُّظمت مفاوضات‬ ‫بني الطرفني في ناحية ماركوسي قرب باريس‪،‬‬ ‫نص اتفاق ماركوسي على تشكيل حكومة‬ ‫وقد ّ‬ ‫وطنية يتم فيها تعيني وزير أول بالتوافق بني‬ ‫الطرفني‪ ،‬لكن االتفاق لم يحز على رضى جميع‬ ‫األطياف في حكومة غباغبو الذين رأوا فيه‬ ‫انحيازا ً فرنسيا ً الى املعارضة‪.‬‬ ‫وتزامن توقيف اتفاق ماركوسي املذكور مع‬ ‫انطالقة األزمة العراقية وفي ذروة االستعدادات‬ ‫األميركية لغزو العراق عام ‪ ،2003‬حيث ّ‬ ‫شكلت‬ ‫فرنسا طليعة الدول األوروبية التي رفضت‬ ‫التصويت على قرار داخل منظمة األمم املتحدة‬ ‫مينح اإلدارة األميركية الضوء األخضر لشن احلرب‪.‬‬ ‫وقد وجدت الواليات املتحدة األميركية أن‬ ‫الفرصة أصبحت مناسبة إلعاقة التصويت على‬ ‫قرار في املنظمة الدولية إلرسال قوات القبعات‬ ‫الزرق الى ساحل العاج بهدف رعاية تنفيذ‬ ‫االتفاق‪ ،‬وهذا التوتر الفرنسي األميركي بسبب‬ ‫األزمة العراقية ألقى بظالله على التعاطي مع‬ ‫أزمة ساحل العاج‪ ،‬إذا أرادت واشنطن الدفع‬ ‫بباريس نحو التو ّرط في املستنقع العاجي‬ ‫مبثل ما هي قد تو ّرطت في املستنقع العراقي‪،‬‬ ‫ساعية الى حتويل هذا البلد اإلفريقي الى عراق‬ ‫آخر يستنزف فرنسا‪ ،‬بخاصة أن الواليات املتحدة‬ ‫أصبحت تراهن على استقطاب الدول اإلفريقية‬ ‫سمته السياسة األميركية اجلديدة‬ ‫في سياق ما ّ‬ ‫في أفريقيا إلدارة جورج بوش‪ ،‬ومنافسة التواجد‬ ‫الفرنسي التقليدي‪.‬‬

‫وقد ّ‬ ‫غذت تصريحات بعض املسؤولني العاجيني‬ ‫إثر األزمة األخيرة شكوك فرنسا التي باتت غير‬ ‫مطمئنة ملصاحلها في ساحل العاج‪ ،‬وملواالة‬ ‫احلكومة املركزية لها‪ ،‬حيث ص ّرح مامادو كوليبالي‬ ‫رئيس البرملان‪“ :‬يظهر أننا دخلنا في حرب طويلة‬ ‫األمد‪ ،‬وما حدث يؤشر الى نقطة افتراق‪ ،‬وال تبدو‬ ‫فييتنام شيئا ً مقابل ما نحن فيه”‪ ،‬وقال‪“ :‬إن بالد‬ ‫ساحل العاج غير موجودة‪ ،‬وما هو موجود امتداد‬ ‫للدولة الفرنسية”‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫أفول النفوذ الفرنسي في القارة‬ ‫اإلفريقية‬ ‫وبصرف النظر عن نتائج النزاع األخير في‬ ‫ساحل العاج‪ ،‬فإن املراقبني يرونها بداية النهاية‬ ‫للسياسة الفرنسية على مدى العقود املاضية‬ ‫التي أعقبت خروج فرنسا من مستعمراتها‬ ‫اإلفريقية السابقة‪ ،‬فقد ظ ّلت ساحل العاج‬ ‫كواجهة أمامية للنفوذ الفرنسي في القارة‪،‬‬ ‫وعنوانا ً على نفوذها االقتصادي‪ ،‬إذ أن البالد تلك‬ ‫كانت مت ّثل نحو ‪ % 40‬من الكتلة النقدية ملنطقة‬ ‫الفرنك الفرنسي في أفريقيا‪ ،‬ومنذ اندالع األزمة‬ ‫في عام ‪ 2002‬أخذ النفوذ الفرنسي يتراجع‬ ‫تدريجياً‪ ،‬حيث تقلصت اجلالية الفرنسية من‬ ‫‪ 12‬ألفا ً الى ‪ 8‬آالف‪ ،‬وجزء كبير بدأ الرحيل بعد‬ ‫املواجهات األخيرة‪ ،‬وتراجعت سيطرة الشركات‬ ‫الفرنسية في مجال اللوز والقهوة (وهي ثروات‬ ‫اقتصادية هامة متلكها البالد) أمام الشركات‬ ‫األميركية والبريطانية واإليرلندية متعددة‬


‫اجلنسيات منذ بداية التسعينات في عهد الرئيس‬ ‫الفرنسي السابق فرانسوا ميتران‪ ،‬بعد اندالع ما‬ ‫سمي بحرب اللوز بني باريس وواشنطن‪ ،‬ولكن‬ ‫السقوط الفرنسي في ساحل العاج وبالتالي في‬ ‫أفريقيا لن يقف عند تراجع نفوذها االقتصادي‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إنه يتعداه الى املساس بنفوذها على‬ ‫املستوى الدولي‪ ،‬إذ أن القارة ظ ّلت تعتبر كخزان‬ ‫أصوات الى جانب فرنسا سواء داخل منظمة األمم‬ ‫املتحدة أو في احملافل الدولية‪.‬‬ ‫الصراع الذي يجتاح ساحل العاج والذي لن‬ ‫يستقر عند نهايات محددة‪ ،‬يأتي في سلسلة‬ ‫الصراعات التي امتازت بها هذه القارة في العقود‬ ‫األخيرة دون غيرها من قارات العالم‪ ،‬صراع من‬ ‫أجل مصالح قوى خارجية على حساب دماء‬ ‫العاجيني أو األفارقة عامة‪ ،‬وأن حالة االضطراب‬ ‫وعدم االستقرار وانقسام البالد الى جزءين وتدهور‬ ‫الوضع األمني‪ ،‬كان نتاجا ً طبيعيا ً لسياسات‬ ‫نفذتها ومازالت ّ‬ ‫قدمية ّ‬ ‫تنفذها فرنسا مع بعض‬ ‫العمالء احملليني‪ ،‬ارتكزت السياسة الفرنسية في‬ ‫هذه الدولة كغيرها من مستعمراتها السابقة‪،‬‬ ‫بدعم االقتصاد الفرنسي ونهب خيرات البلد‬ ‫كجزء أساسي من الهيمنة الفرنسية‪ ،‬وذلك‬ ‫باستثمارات فرنسية كبيرة وفي كل القطاعات‪،‬‬ ‫مع وجود عدد من املستشارين الفرنسيني‪،‬‬ ‫كما يحلو لهم تسميتهم‪ ،‬في كل الوزارات‬ ‫العاجية‪ ،‬وإدارة سياسة البلد حسب توجيهات‬ ‫باريس‪ ،‬وهذه الشركات هي نفسها املنتشرة في‬ ‫كافة ربوع أفريقيا الفرنكوفونية‪ ،‬وتهيمن على‬ ‫اقتصاديات هذه البلدان‪ ،‬وهذا ما جعلها تبني‬ ‫املدن االقتصادية على السواحل حتى يسهل‬ ‫نقل املواد الالزمة الى باريس بأقل تكلفة‪ ،‬فيما‬ ‫أهل البالد فقراء أو حتى حتت خط الفقر‪ ،‬كما‬ ‫في ساحل العاج الغنية بثرواتها‪ ،‬يرزح ‪ % 50‬من‬ ‫أهلها حتت خط الفقر مع أنها تستحوذ على ‪40‬‬ ‫‪ %‬من اإلنتاج العاملي للكاكاو‪.‬‬ ‫وما إن حاول العاجيون استثمار مقدرات‬ ‫بالدهم بعيدا ً عن الهيمنة الفرنسية حتى بدأت‬ ‫باريس‪ ،‬بتفتيت هذا البنيان الشامخ والذي يعد‬ ‫في السبعينيات من القرن املاضي من أقوى‬ ‫االقتصاديات األفريقية‪ ،‬حيث أطلق عليه اسم‬ ‫املعجزة “اإليفوارية” وأ ّدت الى استقرار معدل‬ ‫النمو االقتصادي السنوي عند حدود ‪ % 7‬وكان‬ ‫يتو ّقع لها أن تواصل االستقرار والنمو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واملوقف الذي اتخذته فرنسا كان إنذارا ورسالة‬ ‫لكافة الدول الفرنكوفونية في القارة‪ ،‬ومضمون‬ ‫الرسالة‪ ،‬أن االنفتاح على أميركا ال يعني بالضرورة‬ ‫التعدي على املصالح االقتصادية لفرنسا‪ ،‬وأن من‬ ‫ال يدرك ذلك فمصيره مصير ساحل العاج‪.‬‬

‫نتائج األزمة في ساحل العاج‬ ‫وخالل مراحل األزمة سعت األطراف اإلقليمية‬ ‫والدولية كاالحتاد اإلفريقي واملنظمة االقتصادية‬ ‫لدول غرب أفريقيا ومجلس األمن الدولي بإصدار‬ ‫قرارات ومقترحات في مساعيها لتجنّب مزيد من‬ ‫الضحايا‪ ،‬ولكنها لم تصل الى نتائج إيجابية وإمنا‬ ‫مجموعة من املسكنات لتهدئة الوضع‪ ،‬ألن أي حل‬ ‫للنزاع يجب أن ّ‬ ‫يركز على أسس اخلالف‪ ،‬ومثل هذا‬ ‫األمر غير ممكن في املدى املنظور‪ ،‬فاملصالح اخلارجية‬ ‫تلعب دورها في ساحل العاج الغنية بثرواتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويشكل املسلمون األغلبية مع أنهم لم‬ ‫يستلموا احلكم في كافة احلكومات التي متّ‬ ‫ّ‬ ‫يشكلون أقل من‬ ‫تنصيبها من قبل فرنسا‪ ،‬كما‬ ‫‪ % 10‬من الكادر الوظيفي للدولة‪ ،‬وفي بدايات‬ ‫األزمة منع احلسن وتارا من خوض االنتخابات‬ ‫بحجة أنه غير عاجي‪ ،‬وكانت هذه هي القشة‬ ‫التي قسمت ساحل العاج‪ ،‬حيث اندلع النزاع‬ ‫وأخذ طابعا ً دينياً‪ ،‬ومتّ تهجير عدد من املسلمني‬ ‫سواء من قبل احلكومة السابقة أو من قبل‬ ‫اجليش الفرنسي‪.‬‬ ‫موقف اإلدارة األميركية خالل والية جورج بوش‬ ‫االبن‪ ،‬كانت تدعم بقاء الرئيس لوران غباغبو في‬ ‫السلطة نكاية بفرنسا وذلك ملعاقبة فرنسا على‬ ‫رفضها قيام التحالف اإلجنلو ‪ -‬أميركي باحلرب‬ ‫على العراق‪ ،‬أما اليوم فتغ ّير املوقف الدولي‪،‬‬ ‫فرنسا يحكمها ساركوزي‪ ،‬وال خالف أميركي‬ ‫فرنسي على ملف هذه اجلمهورية اإلفريقية‪.‬‬ ‫لذلك فاألمم املتحدة وبعثتها في جمهورية‬ ‫ساحل العاج قد ّ‬ ‫أكدت فوز املعارض احلسن وتارا‬ ‫باالنتخابات الرئاسية‪ ،‬وقد بارك كوفي أنان له‬

‫بالفوز‪ ،‬كذلك فعل الرئيس الفرنسي واألميركي‬ ‫واالحتاد األوروبي واإلفريقي‪ ،‬وفي هذه احلال انقسمت‬ ‫البالد من الناحية الفعلية‪ ،‬ووصل النزاع الى نقطة‬ ‫احلسم باستسالم غباغبو أمام هجوم قوات احلسن‬ ‫وتارا مبساعدة فرنسية حاسمة‪.‬‬ ‫الصراع في ساحل العاج هذه املرة تخطى‬ ‫حدود املواجهة السياسية التقليدية بني أبيدجان‬ ‫وباريس الى صراع من نوع آخر ظهرت فرنسا طرفا ً‬ ‫كبيرا ً فيه‪ ،‬وهذه النتيجة عكسها الواقع الذي‬ ‫تتخ ّبط فيه القارة اإلفريقية بني الثورة والتبعية‪.‬‬ ‫يقول برنارد توماس الكاتب والسياسي‬ ‫املتخصص في الشؤون اإلفريقية في مقال‬ ‫نشرته جريدة “لوفيغارو” بعنوان “لنتك ّلم‬ ‫بصدق”‪“ :‬فرنسا لن تستطيع أن تفعل في ساحل‬ ‫العاج ما تفعله الواليات املتحدة في العراق‪ ،‬حتى‬ ‫لو هي أرادت ذلك‪ ،‬ألنها ببساطة فقدت العديد‬ ‫من مقاعدها في الكثير من بقاع العالم”‪.‬‬

‫لبنان دفع الفاتورة‬ ‫األحداث الدامية في ساحل العاج‪ ،‬أحلقت‬ ‫باللبنانيني املوجودين في أبيدجان واملدن العاجية‬ ‫خسائر فادحة وأضرارا ً جسيمة مبمتلكاتهم‬ ‫ومصاحلهم‪ ،‬وتس ّببت بتهجيرهم من جديد في‬ ‫اجتاه لبنان الوطن األم ودول أخرى‪.‬‬ ‫وأظهرت األحداث مدى غياب التنسيق بني‬ ‫املرجعيات الرسمية اللبنانية والتضارب بني‬ ‫السلطات من جهة‪ ،‬ومرة أخرى ّ‬ ‫يتأكد لدينا‪ ،‬أن‬ ‫اللبناني يعاني األم ّرين‪ ،‬ومأساته في االغتراب وهي‬ ‫تك ّررت في الدول اإلفريقية‪ ،‬وحيث لقمة العيش‬ ‫مغمسة بالدم واخلوف والقلق‪ ،‬وكشفت أحداث‬ ‫أبيدجان وصراع مراكز القوى فيها عن خسائر‬ ‫طاولت أرزاق اللبنانيني ومصاحلهم واستثماراتهم‬ ‫املقدرة بـ ‪ 24‬مليار دوالر وتض ّرر قسم كبير منها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملأساة الثانية‪ ،‬هي حالة اجلدل الذي قام بني‬ ‫األطراف اللبنانية حول األسباب التي جعلت‬ ‫اجلالية اللبنانية عرضة لالعتداءات‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ميكن القول‪ ،‬لبنان بحاجة الى جهد اجلميع وهو‬ ‫يحتاج الى من يبلسم جراحه املفتوحة ألكثر من‬ ‫سبب وهو الذي يتع ّرض الى التهديدات اخلارجية‬ ‫واالستهدافات الصهيونية‪.‬‬ ‫إن قوة لبنان هي في مقاومته وفي وحدته‬ ‫الوطنية‪ ،‬فهي الكرامة وحصنه املنيع‪ ،‬أما أنتم‬ ‫يا أهلنا وأبناءنا في االغتراب فقد كنتم تدفعون‬ ‫جز ًءا من الفاتورة حتى يظل لبنان شامخا ً عربيا ً‬ ‫أصيالً‪ ،‬ولقد آن األوان لنرفع صوتنا جميعا ً لنقول‪:‬‬ ‫الفاتورة كبيرة ويوم احلساب بات قريباً‪.‬‬

‫ليديا أبودرغم‬

‫‪47‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫لعنته تطارد لبنانيي ساحل العاج‬

‫وزارة المغتربين‪ :‬اإلغتراب اللبناني‬ ‫في أفريقيا مه ّدد من «الموساد»‬ ‫غالباً ما يدفع املغتربون اللبنانيون من‬ ‫أرواحهم وأرزاقهم ثمن احلرائق التي تندلع‬ ‫بني فترة وأخرى داخل القارة اإلفريقية‪ ،‬من‬ ‫نيجيريا إلى ليبيريا مرورا ً بالكونغو وسيراليون‬ ‫وساحل العاج ودول أخرى‪ ،‬وكثيرا ً ما يقف‬ ‫“املوساد” الصهيوني وراء هذه احلرائق في‬ ‫محاولة منه لزحزحة املغتربني اللبنانيني في‬ ‫القارة السوداء متهيدا ً لدفعهم إلى خارجها‪،‬‬ ‫وال سيما أن االغتراب اللبناني في أفريقيا‬ ‫عميق اجلذور تاريخياً‪ ،‬إذ جنح اللبنانيون في‬ ‫امتالك الثروات من خالل جتارة املاس‪ ،‬ووصلوا‬ ‫إلى مركز القرار السياسي في معظم الدول‬ ‫اإلفريقية من خالل صداقاتهم مع رؤساء هذه‬ ‫الدول‪ ،‬ودورهم الريادي في الدورة االقتصادية‬ ‫وفي احلقل االجتماعي‪.‬‬ ‫املتتبع لتاريخ الهجرة اللبنانية يلحظ تغيرا ً‬ ‫في مسارها منذ أواسط القرن التاسع عشر‬ ‫وحتى اليوم نتيجة انفتاح بلدان جديدة غنية‬ ‫مبواردها الطبيعية على الرساميل األجنبية‬ ‫كالدول اإلفريقية وأميركا الالتينية واخلليج‬ ‫العربي‪ ،‬فضالً عن الدول التي مت ّيزت بحاجتها‬ ‫إلى املهارات واالختصاصات كأميركا الشمالية‬ ‫وكندا وأستراليا‪ ،‬والتي مت ّيزت أيضا ً باستيراد‬ ‫األدمغة لدعم تطورها الصناعي والتكنولوجي‪.‬‬ ‫وعليه غالبا ً ما تنتهي الهجرة اللبنانية إلى‬ ‫تلك الدول بالتوطن واالغتراب‪ ،‬لكن ذلك ال يلغي‬ ‫توطن بعض الهجرات في بلدان مختلفة على‬ ‫الصعيد االجتماعي والعلمي والثقافي (دول‬ ‫إفريقية وخليجية)‪ .‬لكن األمر في هذه احلال‬ ‫يرتبط أساسا ً باملصالح املادية للمهاجر‪.‬‬ ‫أما سبب ارتباط الهجرة إلى البلدان اإلفريقية‬ ‫واخلليج العربي بالعودة فيمكن رده إلى أجواء‬ ‫الضغط املفروض على املعتقد والشعائر‬ ‫الدينية وعلى معيشة املهاجرين‪ ،‬وإلى التضييق‬ ‫على احلريات السياسية الذي متارسه أنظمة دول‬ ‫اخلليج من جهة‪ ،‬فضالً عن التنافر العنصري‬ ‫املوجود في إفريقيا‪ ،‬ومن جهة أخرى كون هذه‬ ‫الدول ال تغري الكفاءات‪ ،‬وبالتالي ال ميكنها أن‬ ‫تضاهي جاذبية البلدان األجنبية وما تنطوي‬ ‫عليه هذه اجلاذبية من فرص تتعلق بالبحث‬ ‫واإلفادة من محيط ثقافي مطلوب بإحلاح من‬ ‫قبل بعض املهاجرين‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫جتدر اإلشارة إلى أن النظام االقتصادي‬ ‫واالجتماعي لهذه الدول وخصوصا ً األوروبية‬ ‫منها‪ ،‬جتعل من الصعب على املهاجر بصورة‬ ‫عامة أن يراكم ثروة كبيرة بزمن قصير‪ ،‬يسمح له‬ ‫بالعودة إلى وطنه بعد عدة سنوات‪ ،‬كما هي حال‬ ‫املهاجرين إلى دول النفط وإفريقيا‪ ،‬حيث كانت‬ ‫مجاالت وفرص اإلثراء السريع متوفرة نسبيا ً أكثر‬ ‫ومجاالت االندماج في اجملتمع أقل‪ ،‬ما يدفع نحو‬ ‫العودة إلى لبنان للتقاعد على األقل‪.‬‬

‫اللبنانيون «درة إفريقيا»‬ ‫لطاملا اعتبر الرئيس العاجي الراحل ومؤسس‬ ‫دولة اإلستقالل الوطني فيليكس هوفويت‬ ‫بوانييه امللقّ ب بـ”حكيم إفريقيا” أن اللبنانيني‬ ‫املقيمني في بلده “ليسوا أناسا ً عاديني‪ ،‬بل رسل‬ ‫بعث بهم اهلل إلينا لتنمية هذه األرض وإعمارها‬ ‫وتقدمها”‪ ،‬كما كان ير ّدد‪ .‬وبناء على هذه األرضية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫انتشر اللبنانيون في ساحل العاج‪ ،‬واندمج عدد‬ ‫كبير منهم في “بالد الكاكاو”‪ ،‬ونالوا اجلنسية‬ ‫العاجية وباتوا من املقيمني الدائمني‪ ،‬حتى أن‬ ‫عددا ً كبيرا ً منهم ال ميتلك منازل في لبنان‪.‬‬ ‫وشجعت الثروات الطبيعية التي حتفل بها‬ ‫ّ‬ ‫ساحل العاج من كاكاو وأخشاب ومعادن ثمينة‬ ‫وبترول وغاز‪ ،‬املغتربني اللبنانيني على التوجه‬

‫‪48‬‬

‫الى “د ّرة إفريقيا” الفرنكوفونية‪ ،‬ووصل التطور‬ ‫واإلزدهار اللذان حلقا بها ال سيما في عهد الرئيس‬ ‫حد وصفها بـ”باريس إفريقيا”‪ .‬هذه‬ ‫بوانييه ّ‬ ‫النهضة العمرانية في ستينيات وسبعينيات‬ ‫وثمانينيات القرن الفائت قامت خصوصا ً على‬ ‫أيدي اللبنانيني والفرنسيني من بعدهم‪ ،‬علما‬ ‫بأن فرنسا استعمرت ساحل العاج منذ عام‬ ‫‪ 1893‬وأعطته استقالله عام ‪.1960‬‬

‫اللبنانيون تكيّفوا مع حوادث‬ ‫ساحل العاج‬ ‫إبان احلرب األهلية اللبنانية‪ ،‬فتح بوانييه‬ ‫أبواب بلده للبنانيني بال قيود وال تأشيرات‬ ‫دخول‪ ،‬فبلغت اجلالية اللبنانية رقما ً قياسيا ً‬ ‫هو ‪ 100‬ألف لبناني‪ ،‬وما لبث أن انتشر بعض‬ ‫هؤالء في الدول اإلفريقية اجملاورة حتى بلغ عدد‬ ‫املغتربني في ساحل العاج الـ ‪ 80‬ألفا‪ ،‬وكان يزداد‬ ‫وينخفض تبعا ً لتط ّور األحداث في إفريقيا‪ .‬في‬ ‫تسعينيات القرن الفائت وبعد تفكك اإلحتاد‬ ‫السوفياتي وبروز النظام العاملي اجلديد‪ ،‬بدأ‬ ‫مسلسل الصراعات اإلفريقية ومايزال مستمرا ً‬ ‫لغاية اليوم‪ ،‬فوقع انقالبان في ساحل العاج في‬ ‫العامني ‪ 1999‬و‪ ،2001‬ووقعت حرب أهلية عام‬ ‫‪ 2004‬حيث نشب صراع يشبه ما يحصل حالياً‪،‬‬


‫أرقام تقريبية وغير رسمية من وزارة املغتربني بأعداد اللبنانيني املنتشرين في العالم‬ ‫األرجنتين‬

‫الواليات المتحدة‬ ‫‪10500,000‬‬

‫وانشطرت البالد الى قسمني‪ .‬في تلك احلرب متّ‬ ‫استهداف الفرنسيني ولم تسلم أرزاق بعض‬ ‫اللبنانيني‪ .‬آنذاك وقع اخلالف بني الرئيس لوران‬ ‫غباغبو والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك‬ ‫على تنظيم اإلنتخابات الرئاسية‪ ،‬لم يكن‬ ‫شيراك يرغب مبجيء غباغبو األستاذ اجلامعي‬ ‫في مادة التاريخ وخريج اجلامعات الفرنسية‬ ‫ألن األخير كان من داعمي احلزب اإلشتراكي‬ ‫الفرنسي املناوئ لشيراك‪ ،‬وقتها طرد غباغبو‬ ‫الفرنسيني فخرجوا تاركني أمالكهم وأرزاقهم‬ ‫ومدارسهم ما خلق جرحا ً فرنسيا ً عميقاً‪.‬‬ ‫بدأ التوتر يتسلل شيئا ً فشيئا ً الى ساحل‬ ‫العاج بعد حوادث ‪ ،2004‬ولم يعد اإلستقرار‬ ‫مضمونا ًإذ انقسم البلد الى شمال وجنوب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وشكل‬ ‫وتك ّيف اللبنانيون مع هذا االنقسام‪،‬‬ ‫تعلقهم بهذا البلد دافعا ً لعدم مغادرته حتى‬ ‫إبان حوادث ‪.2004‬‬ ‫لم تكن العودة الى لبنان رحلة سعيدة‬ ‫بالنسبة الى هؤالء‪ ،‬ألن اجمليء القسري يعني ترك‬ ‫أرزاقهم وتكبدهم خسائر جمة‪.‬‬ ‫لدى اللبنانيني في ساحل العاج ‪ 5‬مدارس‬ ‫أبرزها اإلرسالية اللبنانية‪ ،‬مدرسة اجمللس‬ ‫اإلسالمي الشيعي األعلى‪ ،‬املدرسة اللبنانية‬ ‫وهي تستقبل تالمذة لبنانيني وعاجيني ودروسها‬ ‫هي بحسب املنهجني اللبناني والعاجي‪.‬‬ ‫غالبية اجلالية اللبنانية في ساحل العاج من‬ ‫أبناء اجلنوب اللبناني‪ .‬وأكثر البلدات اجلنوبية‬ ‫التي و َف َد أبناؤها إلى هذه البالد‪ :‬الزرارية‪ ،‬قانا‪،‬‬ ‫النبطية‪ ،‬العباسية‪ ،‬طورا‪ ،‬ومدينة صور‪ .‬وهناك‬ ‫نسبة قليلة أتت من بلدات لبنانية أخرى من‬ ‫البقاع الغربي والشمالي ومن بيروت وصيدا‬ ‫والشمال واجلبل‪.‬ي ُ َ‬ ‫ش ِّغل رجال األعمال اللبنانيون‬ ‫أكثر من نصف مليون عامل إفريقي (معظمهم‬ ‫من الكوت ديفوار وبوركينا فاسو)‪ ،‬في مصانعهم‬ ‫ومتاجرهم ومنازلهم‪.‬‬ ‫وهناك أكثر من مئة طبيب لبناني ميارسون‬ ‫مهنتهم في هذه البالد‪ ،‬عد ٌد كبي ٌر منهم‬ ‫تخ ّرج من جامعات أبيدجان‪ ،‬يعملون في‬ ‫العديد من املستشفيات والعيادات املتوسطة‬ ‫التي ميلكونها‪ .‬وهناك العديد من املهندسني‬ ‫اللبنانيني الذين يعملون في هذه البالد أيضاً‪.‬‬ ‫َش ُر اللبنانيون في معظم املدن اإليفوارية‬ ‫ي َ ْنت ِ‬ ‫وفي األرياف البعيدة أيضاً‪ ،‬وإن كان غالبيتهم‬ ‫أما أبرز‬ ‫يقيمون في مدينة أبيدجان العاصمة‪ّ .‬‬ ‫املدن األخرى التي يتواجد فيها اللبنانيون فهي‪:‬‬ ‫سان بدرو‪ ،‬دلوا‪ ،‬غانوا‪ ،‬ياموسوكرو‪ ،‬بواكيه‪ ،‬فافوا‪،‬‬ ‫أبنغرو‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫بني السياسة والوضع اإلنساني املأساوي‪.‬‬ ‫فضل كثيرون من اللبنانيني انتهاء األزمة على‬ ‫ّ‬ ‫إجالئهم عن تلك البالد‪ ،‬وعودتهم إلى لبنان الذي‬ ‫لم يجدوا فيه مالذا ً آمنا ً يوماً‪ ،‬دفع بعضهم إلى‬ ‫أن يكتب على موقع الفايسبوك‪“ :‬من يشتري‬ ‫هويتي اللبنانية؟”‬

‫‪2,000,000‬‬ ‫كولومبيا‬

‫كندا ‪350,000‬‬

‫‪150,000‬‬

‫بريطانيا ‪8,000‬‬

‫الدانمارك ‪2,000‬‬

‫ليبيا‪2,000‬‬

‫المانيا ‪53,000‬‬

‫استراليا ‪400,000‬‬

‫موريتانيا ‪250‬‬

‫الكونغو برازفيل‬

‫زائير ‪300‬‬

‫كوبا ‪20,000‬‬

‫بوليفيا ‪13,000‬‬

‫بلجيكا ‪8,000‬‬

‫المكسيك‪60,000‬‬

‫االكوادور‬ ‫‪100,000‬‬

‫ايطاليا ‪4,000‬‬

‫‪4,000‬‬ ‫الكونغو‬ ‫الديمقراطية ‪8,000‬‬

‫مالي ‪400‬‬

‫هندوراس ‪20,000‬‬

‫تشيلي ‪28,000‬‬

‫اسوج ‪7,000‬‬

‫مصر ‪10,000‬‬

‫شاطيء العاج ‪60,000‬‬

‫بناما ‪18,000‬‬

‫الباراغواي‬ ‫‪18,000‬‬

‫سويسرا ‪4,000‬‬

‫غانا ‪6,000‬‬

‫الغابون ‪7,000‬‬

‫سلفادور ‪28,000‬‬

‫االرغواي ‪60,000‬‬

‫فنلندا ‪100‬‬

‫ايبريا ‪12,000‬‬

‫افريقيا الوسطى ‪3,000‬‬

‫البرازيل ‪5,982,000‬‬

‫البيرو ‪3,000‬‬

‫البرتغال ‪800‬‬

‫نيجريا ‪14,000‬‬

‫كوتونو بنين ‪5,000‬‬

‫فنزويال‪350,000‬‬

‫هولندا ‪7,000‬‬

‫النمسا ‪500‬‬

‫جنوب افريقيا‬ ‫‪10,000‬‬

‫توغو ‪6,000‬‬

‫الكاميرون‪1,500‬‬

‫فرنسا ‪90,000‬‬

‫لوكسمبورغ ‪300‬‬

‫السنغال ‪25,000‬‬

‫انغوال ‪2,000‬‬

‫غينيا ‪10,000‬‬

‫غينيا بيساو ‪700‬‬

‫النروج ‪2,000‬‬

‫سيراليون ‪10,000‬‬

‫بوركينافاسو‪1,000‬‬

‫دول مجلس التعاون اخلليجي حوالى ‪500,000‬‬ ‫اجملموع‪9,768,000 :‬‬ ‫يضاف الى هذا العدد حوالي املليونني ليصبح العدد التقريبي واإلجمالي حوالى ‪ 12,000,000‬في جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫اإلغتراب مه ّدد من اللوبي‬ ‫الصهيوني‬ ‫ّ‬ ‫يؤكد مسؤول في وزارة املغتربني أن “االقتصاد‬ ‫اللبناني سيتأثر بشكل رئيسي في عملية‬ ‫االغتراب إذ ستنقطع املوارد االغترابية التي‬ ‫تأتي من أبيدجان ثم لن يكون هناك فرص عمل‬ ‫للعائدين من ساحل العاج فيصبحون عالة على‬ ‫االقتصاد اللبناني”‪ .‬ويضيف “في حال عودتهم‬ ‫الى أبيدجان فهم يحتاجون الى وقت طويل‬ ‫إلصالح وضعهم فاملصالح واحملالت واملستودعات‬ ‫وحرقت‪ ،‬سيبدأون من جديد”‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ضربت ُ‬ ‫وسرقت ُ‬ ‫ويعتبر املصدر أن “االغتراب اللبناني في أفريقيا‬ ‫مهدد من اللوبي الصهيوني الذي يعمل الى‬ ‫ّ‬ ‫قطع جميع املوارد املالية لالغتراب لكي يضعف‬ ‫االقتصاد والسياحة وبذلك يضعف املقاومة‪ ،‬ألن‬ ‫معظم املهاجرين الى أفريقيا واخلليج العربي‬ ‫من اجلنوب ومن طائفة معينة‪ ،‬ومواردهم تجُ ّير‬ ‫الى املقاومة‪ .‬فاملقاومة ليست فقط بالسالح‪،‬‬ ‫الصمود هو أيضا ً مقاومة”‪.‬‬ ‫وعن استهداف اللبنانيني في القارة السوداء‬ ‫يؤكد املصدر أن “االغتراب اللبناني في أفريقيا‬ ‫أسـس‬ ‫عريق جدا ً منذ العام ‪ .1860‬فقد ّ‬ ‫اللبنانيون مراكز اقتصادية ضخمة تنافس‬ ‫غيرها من املراكز االقتصادية واألجنبية والعربية‪.‬‬ ‫فاملغتربون اللبنانيون احتلوا مراكز مهمة في‬ ‫جميع الدول اإلفريقية وتقربوا من احلكام والناس‬ ‫وأصبحوا عصب االقتصاد في الدول اإلفريقية”‪.‬‬ ‫واجلدير ذكره “أنه بعد قيام دولة “إسرائيل” بدأ‬ ‫استهداف اجلاليات اللبنانية في اخلارج ألسباب‬ ‫سياسية وأمنية وسياحية واقتصادية”‪ .‬ويضيف‬ ‫املصدر “األفارقة عندهم حقد على البيض‪،‬‬ ‫هناك نزعة عنصرية وهناك جتييش فعال من‬ ‫أعداء اللبنانيني من اليهود واألميركيني”‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫وعن توجيه دعوة لألطفال والنساء للمغادرة‬ ‫قبل أربعة أشهر ّ‬ ‫أكد املصدر “حصول أحداث‬ ‫في أفريقيا في عدة مناطق ابتدا ًء من سيراليون‬ ‫والكونغو وكان من املفترض على الدولة عند‬ ‫حصول احلدث توقع مدى خطورته على اجلالية‬ ‫اللبنانية”‪.‬‬ ‫وعن الظروف القاسية التي يعيشها‬ ‫البعض حتى أنهم ال ميلكون ثمن تذكرة سفر‬ ‫أجاب املصدر‪“ :‬بعض املغتربني الذين يحملون‬ ‫الشهادات العالية يعملون على محطات‬ ‫البنزين وفي املطاعم في الدول األوروبية‪،‬‬ ‫فكيف احلال في أفريقيا؟ والدولة اللبنانية التي‬ ‫ترزح حتت ‪ 80‬مليار دوالرمن الدين ال تستطيع‬ ‫مساعدتهم‪”.‬‬ ‫وعن دور اجلامعة الثقافية في العالم ّ‬ ‫أكد‬ ‫املصدر أنه “ال يوجد شيء اسمه اجلامعة‬ ‫الثقافية ألن رياح الطائفية والسياسية‬ ‫واإليرادات اخلارجية عصفت بها وقضت عليها”‪.‬‬ ‫وعن عدم تصرف احلكومة اللبنانية مثل‬ ‫احلكومة الفرنسية ّ‬ ‫أكد املصدر أنه ال “يوجد‬ ‫إمكانية للحكومة اللبنانية أن تتصرف مثل‬ ‫احلكومة الفرنسية فالفرنسيون موجودون‬ ‫في ساحل العاج ولهم قواعدهم وقواتهم‬ ‫ونفوذهم‪ ،‬لبنان ال ميلك إال سفارة”‪.‬‬ ‫وعن غضب املواطنني وإعالنهم التخلي عن‬ ‫هويتهم اللبنانية قال املصدر‪“ :‬ال يجب اخللط‬ ‫بني األمور الوطنية واألمور الفردية‪ ،‬أوال ً يجب أن‬ ‫نحترم هويتنا وانتماءنا ألنه إذا لم نحترم وطننا‬ ‫وانتماءنا ال أحد يحترمنا‪ .‬لبنان بلد معرض مثل‬ ‫كل بلدان العالم الى كوارث ونكبات ومصائب”‪.‬‬ ‫وختم املصدر قائالُ “ساحل العاج ليس آمنا ً‬ ‫أبداً‪ ،‬ولكن ال نستطيع أن نخليه أمام هذه‬ ‫الهجمة املسعورة من أعدائنا‪ .‬إذا بقي ‪% 50‬‬ ‫فهذا إجناز كبير”‪.‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫منصور عازار‪ :‬المغترب في أفريقيا‬ ‫أكثر المساهمين في إنعاش االقتصاد اللبناني‬ ‫ولإلضاءة على وضع االغتراب في أفريقيا يتح ّد منصور عازار‬ ‫وهو من الشخصيات االغترابية‪ ،‬التي عرفت “القارة السوداء”‬ ‫في أربعينات القرن املاضي‪ ،‬وهو من بيت عرف االغتراب‪ ،‬ومن بيئة‬ ‫شهدت هجرة الى أقاصي األرض‪ ،‬تبحث عن الرزق فيها بعد أن‬ ‫انقطع في لبنان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فاملغترب عازار شق طريقه بنفسه‪ ،‬وخاض غمار التجارة‬ ‫والصناعة واملصارف والصحافة‪ّ ،‬‬ ‫فأسس مؤسسات في كل دولة‬ ‫هاجر إليها‪ ،‬وكانت نيجريا هي الدولة التي لم يغادرها إال في‬ ‫منتصف تسعينات القرن املاضي‪ ،‬للتقاعد في لبنان‪ ،‬الذي ّ‬ ‫هجرته‬ ‫احلرب األهلية منه‪ ،‬وهو الذي كان يعود إليه من وقت الى آخر‪ ،‬ملهمة‬ ‫ينتدبه إليها احلزب السوري القومي االجتماعي الذي انتمى إليه‬ ‫مع بدايات التأسيس األولى‪ ،‬أو خلوض انتخابات نيابية في العام‬ ‫‪ ،1972‬أو إلنشاء مؤسسة علمية بحثية‪ ،‬كمثل مكتب الدراسات‬ ‫منذ متى بدأت الهجرة الى ساحل العاج؟‬ ‫املغتربون اللبنانيون هم في ساحل العاج‬ ‫منذ ما يزيد على مائة عام وقد زادت أعدادهم‬ ‫تباعآ الى أن وصلت الى ‪ 100‬ألف وأكثر وكانوا‬ ‫بنشاطهم العمراني والصناعي والتجاري‬ ‫املساهمون األوائل والى اليوم في بناء احلياة‬ ‫االقتصادية لتلك البالد التي كانت تقع حتت‬ ‫سيطرة االستعمار الفرنسي‪ .‬وبعد احلرب‬ ‫العاملية األخيرة نالت استقاللها وازدهرت‬ ‫ازدهارا ً رائعا ً ومتواصال ً مما جذب إليها الكثير‬ ‫من االستثمارات الصناعية‪ ،‬وكان ولم يزل‬ ‫للمغتربني اللبنانيني النصيب األوفر في هذا‬ ‫احلقل‪ .‬إذ أن املنطقة الصناعية في أبيدجان‬ ‫يقع نصفها وأكثر في عداد ممتلكاتهم إذ كانوا‬ ‫األوائل الذين اقتحموا هذا امليدان وانتقلت هذه‬ ‫املدينة بفضلهم من عصر الزراعة الى عصر‬ ‫الصناعة احلديثة وفي إحدى محاضراتي هناك‬ ‫وكنت أزورها من وقت الى آخر ألتفقد املصنع‬ ‫الذي كنت أملكه في هذه املنطقة الصناعية‪،‬‬ ‫سألت أبناء اجلالية اللبنانية احلاضرين‪:‬‬ ‫هل تعرفون قوتكم احلقيقية وهل ميكن أن‬ ‫تتوحدوا ملواجهة مصيركم مجتمعني في‬ ‫هذه املنطقة من العالم؟ وعندما ساد صمت‬ ‫في القاعة أجبت على السؤال‪:‬‬ ‫أنتم تغردون كطير الكنار وهو من أجمل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العلمية‪ ،‬الذي أحيا نشاطه في مطلع العام ‪ ،2000‬في سلسلة‬ ‫ندوات ومحاضرات وإصدار كتب‪ ،‬حيث يؤمن عازار أن “املعرفة قوة‬ ‫والقوة معرفة”‪ ،‬لذلك اهتم بإصدار مطبوعة “املنبر” في باريس وهي‬ ‫مجلة شهرية استمرت عشر سنوات وصدر منها حوالي مئة عدد‬ ‫وكانت تعنى بشؤون االغتراب‪ ،‬وضمت أبرز الصحافيني والك ّتاب‪.‬‬ ‫وألن عازار هو الرجل مبهمات عدة وغير مستحيلة توجّ هت إليه‬ ‫“منبر التوحيد” ليستقرىء معها‪ ،‬ما حصل في ساحل العاج‬ ‫ً‬ ‫واملطلع واملتابع لالغتراب‬ ‫للمغتربني اللبنانييني‪ ،‬من موقع العارف‬ ‫في كل تفاصيله‪ ،‬من موقعه أمني عام سابق للجامعة اللبنانية‬ ‫الثقافية في العالم‪ ،‬والذي لم ينقطع عن التواصل معها والنشاط‬ ‫في صفوفها‪.‬‬ ‫في هذا احلوار يكشف عازار عن كثير مما يتعرض له املغتربون‬ ‫اللبنانيون على ضوء مأساة ساحل العاج وهنا نصه‪:‬‬

‫موسيقى الطيور وحتملون أجمل ما عند هذا‬ ‫الطير من لون وريش‪ ،‬لكنكم وبكل أسف‬ ‫أصابكم اخلرس والطرش فال تدركون حقيقة‬ ‫من أنتم وما هي قوتكم إذا توحدمت ونظمتم‬ ‫صفوفكم وانتقلتم من األشغال العائلية‬ ‫احملدودة الى املؤسسات الكبرى إذ أن عصر‬ ‫األفراد قد انتهى‪ ،‬وأصبحنا في عصر اجلماعات‬ ‫املنظمة املتعاونة في مواجهة تطورات العصر‪.‬‬ ‫كنت باحلقيقة أصرخ كصوت في البرية فال‬ ‫اجلالية هناك وغيرها من اجلاليات متكنت‬ ‫ّ‬ ‫وتنظم حياتها ملواجهة‬ ‫توحد صفوفها‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫األحداث اآلتية وال املؤسسات املدنية ابتعدت‬ ‫عن الطائفية واملذهبية والعائلية فظ ّلت‬ ‫أحوالنا االجتماعية تنتقل من جيل الى آخر‪.‬‬ ‫على ضوء ما حصل في ساحل العاج‬ ‫كيف تنظر الى واقع ما جرى للبنانيني‬ ‫املغتربني؟ وكيف سيكون تأثيرها على‬ ‫أوضاعهم االقتصادية ووجودهم؟‬ ‫إن ساحل العاج هو البلد األول في‬ ‫العالم إلنتاج مادة الكاكو التي يصنع منها‬ ‫الشوكوال‪ ،‬كما ولديها موارد زراعية أخرى‬ ‫وموقعها اجلغرافي ممتد من البحر الى فولتا‬ ‫العليا‪.‬‬ ‫وال شك أن مادتي البترول والغاز اللذان‬ ‫ّ‬ ‫يشكالن محور الصراع في العالم موجودتان‬

‫‪50‬‬

‫في باطن أرضها وعلى شواطئها لذا يحصل‬ ‫نزاع قوي بني املصالح الفرنسية واألميركية‬ ‫للسيطرة على هذه البالد وجاليتنا‪ .‬يقع‬ ‫موقعها في قلب هذا الصراع نظرا ً لقوتها‬ ‫االقتصادية لذلك فهي معرضة دائما ً لنزاع‬ ‫أصحاب املصالح الكبرى‪ .‬إمنا قدرة شعبنا‬ ‫الفائقة وخبرته الطويلة تؤهله دائما ً للتغلب‬ ‫على مثل هذه األحداث‪ .‬فما إن تتوقف حتى‬ ‫يعود الى نشاطه وترميم أوضاعه من جديد‬ ‫وهو قادر على حتمل مثل هذه اخلسائر نظرا ً‬ ‫لقدرته الذاتية والتجارب املماثلة التي م ّر‬ ‫بها في تاريخه فال خوف على اللبنانيني من‬ ‫استعادة دورهم‪.‬‬

‫اللبناني مستهدف في بلده‬ ‫وفي االغتراب‬ ‫ملاذا يتمّ استهداف اجلاليات اللبنانية في‬ ‫أفريقيا‪ ،‬وملاذا ُكتب على اللبناني أن يعاني‬ ‫في بلده وفي بالد االغتراب؟‬ ‫كان اللبنانيون يحتلون في أفريقيا الغربية‬ ‫منذ بدايات وصولهم الى هناك مركز‬ ‫الوسيط التجاري بني الشركات األوروبية‬ ‫العمالقة التي كانت قد دخلت تلك البلدان‬


‫مع املستعمرين من بريطانيني‬ ‫وفرنسيني وأملان وبرتغاليني‬ ‫وبني أهل البلدان األصليني‪،‬‬ ‫وجنحوا في أداء هذا الدور‬ ‫لكرمهم الطبيعي ومرونتهم‬ ‫في التعامل وانفتاحهم على‬ ‫أهل البلدان األصليني وتعلم‬ ‫لغاتهم بسرعة واالختالط‬ ‫الدائم معهم ومساعدتهم في‬ ‫حاجاتهم الضرورية وخصوصا ً‬ ‫في املناسبات العامة‪ .‬لهذه‬ ‫األسباب‪ ،‬ومع مرور السنني‬ ‫وتكاثر أبناء لبنان في هذه‬ ‫املغتربات وزيادة خبراتهم تطورت‬ ‫أحوالهم وجاءت عهود التحرر‬ ‫من االستعمار األوروبي فكانوا‬ ‫السباقني في تطوير أعمالهم‬ ‫الى الصناعة والزراعة والتصدير‬ ‫واالستيراد وأصبحوا املنافسني‬ ‫األقوياء للمصالح االقتصادية‬ ‫األوروبية والعاملية‪ :‬لهذه األسباب‬ ‫وغيرها مت استهداف اجلاليات‬ ‫اللبنانية في أفريقيا الغربية‪.‬‬ ‫أما معاناة اللبنانيني في بالد‬ ‫االغتراب اإلفريقي وفي وطنهم‬ ‫والعالم فهذا املوضوع يلزمه بحث آخر‬ ‫وأسبابه عديدة جدا ً وأهمها ضعف وإهمال‬ ‫حكوماتنا املتعاقبة في حمايتهم والدفاع‬ ‫عن مصاحلهم‪ .‬كما وأنهم يستهدفون من‬ ‫كل الطامعني في خيرات أفريقيا الغربية‬ ‫ومواردها‪ .‬وكون اللبناني املغترب هو األقدر‬ ‫في أداء دوره االقتصادي وحسن تعامله مع‬ ‫أهل تلك البلدان‪ ،‬فهو يستقطب باملنافسة‬ ‫الشريفة وغير الشريفة عداوات اجلاليات‬ ‫األخرى‪ ،‬وما مت ّثل من مصالح لدولها الطامعة‬ ‫في خيرات تلك البلدان‪.‬‬ ‫من خالل جتربتك‪ ،‬هل صحيح أنه عند‬ ‫حصول أي كارثة يغيب املسؤولون ويُترك‬ ‫اللبنانيون الى مصيرهم؟‬ ‫إن الدولة اللبنانية شبه غائبة عن أحوال‬ ‫اللبنانيني في أفريقيا الغربية‪ ،‬كما هي غائبة‬ ‫عن أحوال اللبنانيني في الوطن‪ .‬فنحن نعرف‬ ‫كم يعاني اللبناني من تصرفات هؤالء احلكام‪،‬‬ ‫لقد آن أوان التغيير ومواجهة احلقائق الصارخة‬ ‫في تدهور أوضاعنا ألن الطائفية والفساد‬ ‫يعميان عيون هذه السلطات املتعاقبة عن‬ ‫احلقائق الصارخة‪.‬‬

‫وطن ال يغيب عن الذاكرة‬ ‫بالرغم من الكوارث التي تصيب اللبنانيني‬ ‫في أفريقيا نتيجة الصراعات السياسية‬

‫لهذا األمر‪ ،‬نعمل لنشرها‬ ‫وتنفيذها من أجل وحدة اجلامعة‬ ‫والى اليوم نحن نتابع دورنا من‬ ‫لبنان وقد متر السنني الطويلة‬ ‫قبل أن يتمكن اإلنسان اللبناني‬ ‫من توحيد جامعته الثقافية‬ ‫ووحدته احلياتية ما قد يؤمن‬ ‫مصاحله ودوره في العالم وقد‬ ‫كان لنا دور كبير جدا ً في إنشاء‬ ‫وزارة للمغتربني عندما كنت‬ ‫أمينا ً عاما ً للجامعة الثقافية‪،‬‬ ‫فاختنق هذا األمل في املهد‬ ‫واستبدلت في مديرية املغتربني‬ ‫التابعة لوزارة اخلارجية ومع أنها‬ ‫تقوم مبجهود كبير يبقى الفرق‬ ‫واضح جدا ً بني دورها ودور وزارة‬ ‫متخصصة لعالم االغتراب‬ ‫فوزارة اخلارجية هي لألمور‬ ‫والسياسية‪،‬‬ ‫الدبلوماسية‬ ‫بينما لوزارة املغتربني دور آخر‬ ‫يعنى بأمور اجلاليات اللبنانية‬ ‫وانتشارها في العالم‪.‬‬ ‫عازار‪ :‬احلكومات املتعاقبة أهملت املغترب اللبناني‬ ‫يعتبر مغتربو أفريقيا مصدر‬ ‫إيرادات كبير الى لبنان فهل تعطينا‬ ‫معلومات عن هذا املوضوع؟‬ ‫يعود املغتربون الى بلدانها ملاذا؟‬ ‫على الرغم من كل ما هو قائم في أحوال‬ ‫اللبناني متعلق جدا ً في وطنه ويحن دائما ً‬ ‫الى أرض أجداده وهو قد عذبته جدا ً أحوال بالده مغتربينا الى أفريقيا الغربية‪ ،‬فهم من أكبر‬ ‫لذلك ال يناله اليأس إذا واجهته الصعاب في املساهمني في إنعاش االقتصاد اللبناني‬ ‫البلدان اإلفريقية فيعود إليها كونه أسـس فاألموال التي تصل الى لبنان من أفريقيا‬ ‫هناك مصالح حيوية وسمعة طيبة‪ .‬ولكن الغربية ال تقل عن ‪ 5‬ماليني دوالر شهرياً‪ ،‬وهذا‬ ‫على الرغم من ذلك ومن ارتياحه الى ما وصل رقم متواضع ومتحفظ جدا ً كون املغترب‬ ‫إليه من راحة ورفاهية في املهجر يبقى احلنني اللبناني الى أفريقيا يعمل بإخالص وجهد‬ ‫الى الوطن رائده فهو منقسم بني الهجرة للبلد الذي يقيم فيه‪ ،‬لكنه يبقى حنينه الى‬ ‫والعودة ألن شعبنا منذ بداية التاريخ يحمل لبنان والعودة إليه وتوظيف رساميله فيه‪.‬‬ ‫في وجدانه (اإلثم الكنعاني) فإلى أين ارحتل أما املغترب الى األميركيتني وكندا وأوستراليا‬ ‫يحمل في حقيبته وطنه الذي ال يغيب عن وأوروبا يأتي الى لبنان سائحا ً وإجماال ً لبيع‬ ‫ذاكرته وسلوكه مهما حصل‪ .‬كما أن أحوال ما ورث عن آبائه وأجداده ويعود بها الى‬ ‫بالده ال تشجعه في البقاء الدائم في الوطن‪ .‬وطنه اجلديد فال نفع من هؤالء في الناحية‬ ‫ماذا عن دور اجلامعة اللبنانية الثقافية االقتصادية في لبنان إمنا ميكن االستفادة من‬ ‫في العالم التي انقسمت الى ثالثة في مواقعهم العلمية واالقتصادية والثقافية‬ ‫واالجتماعية والسياسية والتي حققوها في‬ ‫مساعدة املغتربني؟‬ ‫قد تكون أكثر من ثالثة‪ ،‬هذا سؤال يؤملني بلدانهم االغترابية‪ ،‬كما ميكن اعتبارهم من‬ ‫جدا ً ألن جامعات اللبنانيني في العالم أهم السائحني املمكن استقبالهم كل عام‬ ‫هي على مثال أحوال شعبنا املمزق عائليا ً إذا سمحت لهم أحوال لبنان املتقلبة‪.‬‬ ‫وطائفيا ً ومذهبياً‪ ،‬وقد عانيت شخصيا ً من‬ ‫وختاما ً هل األحالم التي قطع اللبنانيون‬ ‫أحوالها ألنني حاولت طيلة األربعني سنة أشواطا ً من أجلها ابتلعها ساحل العاج؟‬ ‫املاضية العمل على وحدتها وجلت في بلدان وهم الذين حملوا أحالمهم وآمالهم في‬ ‫االغتراب اللبناني واستطعت الى ذلك سبيال ً حقيبة سفر آملني العودة بها محملة‬ ‫وأسـست في باريس مجلة “املنبر” املعروفة بخيرات لتأمني حياة كرمية لهم ولذويهم في‬ ‫لتكون صوتهم وقوتهم والعمل الى وحدة بلد ضاعت فيه كل األمنيات ولم يبق للحلم‬ ‫هذه اجلامعة فكانت أمراض شعبنا النفسية فيه مكان؟‬ ‫والطائفية ونزعته الفردية تصفع كل‬ ‫حتقيق لور عقل‬ ‫اخملططات التي كنت مع فريق عمل متفرغ‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حتقيق‬

‫يريدون إسقاط الظلم‬

‫سجناء روميه انتفضوا وطالبوا بحقوقهم‪..‬‬ ‫فبودلوا بجحيم الرصاص واألدوات الحادة‬ ‫مع شلل قضائي بحت‪ ،‬ومع مجتمع هو اآلخر‬ ‫مشلول بأفكاره ومعاملته الس ّيئة التي تنسى‬ ‫أو تتناسى أ ّن ما من أحد ال يخطأ‪ ،‬وأ ّن «االعتراف‬ ‫باخلطأ فضيلة»‪ ،‬ومع أشخاص رمبا أخطأوا بحق‬ ‫مجتمعهم أو من حولهم أخطأ بحقهم‪ ،‬أو‬ ‫القضاء اخطأ بحكمه عليهم ألسباب متعددة‬ ‫أهمها التدخالت السياسية والطائفية القذرة‪،‬‬ ‫وبعد أن أصبح الوضع في السجون ال يُطاق وال‬ ‫حتمله‪ ،‬انتفض سجناء روميه‬ ‫ميكن لـ»بشري» ّ‬ ‫ من ضمن سلسلة حت ّركات سابقة لهم ‪ -‬في‬‫مطلع شهر نيسان‪ ،‬فلم يعد يوم ‪ 1‬نيسان كذبة‬ ‫بيضاء‪ ،‬بل أصبح حقيقة أضاء السجناء عليها‬ ‫أمام املعنيني للتنبيه إلى وجودهم‪ ،‬ووجود بعض‬ ‫األبرياء بينهم‪ ،‬إضافة لبعض القوى األمنية التي‬ ‫تستتر بالسترة العسكرية األمنية للقيام بأفعال‬ ‫ال يقبل بها «عاقل»‪.‬‬ ‫هي إذاً‪ ،‬ثورة «املظلومني»‪ ،‬وأقول املظلومني‬ ‫بعد ما يجدونه من معاملة س ّيئة على كافة‬ ‫الصعد‪ :‬ال محاكمات للموقوفني‪ ،‬ال مذكرات‬ ‫توقيف بحق املوقوفني اإلسالميني «فتح اإلسالم»‪،‬‬ ‫تأخير عمليات السوق إلى احملاكم‪ ،‬إكتظاظ‬ ‫بشري يس ّبب انتشار األمراض بسرعة قصوى بني‬ ‫السجناء‪ ..‬إنها باختصار عملية «غياب أو تغييب‬ ‫أبسط حقوق اإلنسان»‪.‬‬

‫مجموع اإلصابات في سجن‬ ‫روميه بعد التمرّد‪ 100 :‬جريح‪ ،‬و ‪4‬‬ ‫ضحايا‬ ‫الطبابة في سجن روميه فح ِّدث وال حرج‪،‬‬ ‫إذ ال وجود إال لطبي َبني مدنيني هما‪ :‬سامر وهبة‬ ‫املقدم حبيب‬ ‫ونبيل اللقيس‪ ،‬وطبيب عسكري هو‬ ‫ّ‬ ‫الطقش‪ ،‬وبحسب السجناء‪ ،‬فالوصول إلى أحد‬ ‫هؤالء األطباء يحتاج لـ»الواسطة»‪ ،‬حتى ولو‬ ‫كانت احلالة املرضية صعبة جداً‪ .‬فهل يتمكن‬ ‫ثالثة أطباء فقط‪ ،‬من معاجلة ما يقارب ‪4000‬‬ ‫سجني؟ هذا مع اإلشارة إلى ما يحصل اليوم بعد‬ ‫إنتهاء مت ّرد روميه األخير‪ ،‬من عدم متابعة املعاجلة‬ ‫للجرحى وتغيير وتعقيم جروحهم وإصاباتهم‪،‬‬ ‫إذ ومبعلومات أكيدة من داخل السجن‪ ،‬يبلغ عدد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اجلرحى اليوم (‪ )13‬جريحا ً في مبنى احملكومني‪ ،‬و‬ ‫(‪ )87‬جريحا ً في مبن َيي املوقوفني (ب) و (د)‪ .‬هذا‬ ‫مع ما يقوم به السجناء في معظم األوقات من‬ ‫وضع مطهّ ر «سبيرتو أبيض» أو معقّ م «ديتول»‬ ‫للتخلص من آالم األسنان‪ ،‬مع غياب الطبابة‬ ‫الالزمة لهم‪ ،‬ومع تفشي األمراض فيما بينهم مع‬ ‫الوجود «الالإنساني األخالقي» للمراحيض «بدون‬ ‫أبواب»‪ .‬باإلضافة لوجود السجني ناصر جبرا‪،‬‬ ‫واملريض بـ»الغرغرينا» املنتشرة في كافة أنحاء‬ ‫جسده‪ .‬هل يرى السياسيني هؤالء السجناء‪ ،‬أم‬ ‫أنهم يخافون من العدوى املرضية منهم‪ ،‬متاما ً‬ ‫كما فعل النائب «الشاب» عقاب صقر أثناء‬ ‫زيارته برفقة مجموعة نواب لسجن روميه‪ ،‬بحيث‬ ‫متنّع من مصافحة أي سجني «خوفا ً من العدوى‬ ‫املرضية من اي منهم»؟‬ ‫أما الضحايا‪ ،‬فإليكم أسباب الوفاة‪ ،‬والتي لم‬ ‫يكن لدى مديرية قوى األمن الداخلي من مبرر‬ ‫لوفاتهم سوى «النوبة أو اجللطة القلبية»‪:‬‬ ‫روي عازار‪ :‬توفي بعد إنفجار قنبلة صوتية بني‬ ‫يديه‪ ،‬لم تكن قد انفجرت بعد‪ ،‬وكانت مديرية قوى‬ ‫االمن الداخلي قد ّ‬ ‫أكدت أ ّن عازار حاول قذفها على‬ ‫القوى االمنية‪ .‬أيها األمنيني الشرفاء‪ ،‬إذا كان األمر‬ ‫كذلك‪ ،‬فمن أين دخلت القنبلة إلى يد السجني؟‬ ‫جميل أبو عني‪ :‬توفي بنوبة قلبية بعد متنّع‬ ‫القوى األمنية من تأمني دواء السكري له‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫ناصر درويش‪ :‬توفي متأثرا ً بحروقه بعد عملية‬ ‫الدهم العسكرية للسجن‪ ،‬واستعمال الرصاص‬ ‫املطاطي‪.‬‬ ‫حامت الزين‪ :‬وهو مريض بـ”الربو”‪ ،‬توفي في مبنى‬ ‫املوقوفني (ب)‪ ،‬مختنقا ً بسبب القنابل الدخانية أو‬ ‫املسيلة للدموع التي استعملتها القوى األمنية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة ملا يتم احلديث عنه من مشاكل‬ ‫تأمني الطعام للسجناء بعد ما تع ّرض له مطبخ‬ ‫السجن من حرق وتخريب‪ ،‬فالطعام اليوم يصل‬ ‫للسجناء كافة جاهزا ً وساخناً‪ ،‬يتم التأكد من‬ ‫سالمته من املسؤولني عن املطبخ من عسكريني‬ ‫وسجناء‪ ،‬وآمر السجن‪ ،‬ومن ثم يتم توزيعه‬ ‫مبا يتناسب‪ .‬لذلك‪ ،‬فل َمن يرمون “العصي في‬ ‫الدواليب”‪ ،‬ال بد لهم من االلتفات إلى تأمني أمور‬ ‫أخرى للسجناء وعدم تبرير كل ما يحصل مبسألة‬ ‫“الطعام”‪.‬‬

‫أيها ّ‬ ‫احلكام‪ :‬هل تطبّقون القوانني‬ ‫على السجناء‪ ،‬وتنسون حقوقهم‬ ‫التي ترمونها في أدراج مكاتبكم؟‬ ‫هي جملة أسئلة نضعها اليوم بعهدة‬ ‫املسؤولني ممَّن ال زالوا ميلكون ضميرا ً يعملون وفقا ً‬


‫له‪ ،‬فنسأل‪:‬‬ ‫هل يتم احترام املادة ‪ 107‬من أصول احملاكمات‬ ‫اجلزائية والتي تنص – فيما معناه – على أهمية‬ ‫احترام أصول وشروط التوقيف االحتياطي؟ وملاذا‬ ‫ال يتم سوق املوقوفني إلى محاكمهم في األوقات‬ ‫املناسبة؟ وال يتم تطبيق املرسوم (‪ )2002/463‬من‬ ‫قانون تنفيذ العقوبات والذي ميكن أن يخلي سبيل‬ ‫ما نسبته ‪ 20‬إلى ‪ %25‬من السجناء احملكومني؟‬ ‫وماذا عن املادة ‪ 108‬من قانون السجون (املرسوم‬ ‫رقم ‪ ،)14310‬والتي تق ّر بإلزام آمر السجن بتقدمي‬ ‫اقتراحات فردية لتخفيض عقوبة احملكوم عليهم‬ ‫من حسن السلوك أو العفو عنهم؟‬ ‫وماذا عن السجناء ذوي األحكام املؤ ّبدة؟ هل‬ ‫يبقون طوال حياتهم في السجن؟ ملاذا ال يتم وضع‬ ‫حد أقصى لسنوات سجن العقوبات املؤ ّبدة‪ ،‬وفقا ً‬ ‫نصت عليه املادة ‪ 173‬من قانون العقوبات؟‬ ‫ملا ّ‬ ‫متى يتم نقل صالحية إدارة السجون من وزارة‬ ‫الداخلية والبلديات إلى وزارة العدل مبوجب أحكام‬ ‫املرسوم رقم ‪ 17513‬الصادر بتاريخ ‪1964/8/28‬؟‬ ‫متى تنشأ قاعات احملاكمة القريبة من السجن‪،‬‬ ‫وملاذا لم يتحرك املعنيني باألمر قبل أحداث روميه؟‬ ‫هل استيقظ املسؤولون اليوم وتن ّبهوا حلقوق‬ ‫مواطنني رمبا أخطئوا وخالفوا القانون‪ ،‬ولكنهم‬ ‫بشر لديهم حقوق كما عليهم واجبات؟‬ ‫َمن سيعاقب العناصر األمنية التي تخالف‬ ‫القانون‪ ،‬مثالً كما يتردد إعالميا ً وبني السجناء‬ ‫عما يفعله الرائد رامي اجل ّراح خالل التم ّرد‪ ،‬أو كما‬ ‫يفعل املعاون أول حسن عبيد يومياًَ‪ ،‬وما يقوم‬ ‫به من معامالت سيئة وإهانات ألهالي السجناء‬ ‫أثناء انتظارهم للدخول إلى مباني السجن‪ ،‬وهنا‬ ‫أيضا ً نتساءل‪ :‬ملاذا ال يقوم باقي العناصر باملعاملة‬ ‫نفسها كما عبيد‪ ،‬و َمن يقف وراء دعمه ليقوم‬ ‫بأفعاله بحق األهالي بكل ثقة وبدون خوف من‬ ‫املعاقبة؟‬ ‫ماذا عن مشكلة اكتظاظ السجون‪ ،‬وهل نحن‬ ‫بانتظار انفجار قنبلة روميه املوقوتة للتخفيف‬ ‫من هذا االكتظاظ؟‬ ‫قدمه النائب‬ ‫بحسب امللخص التنفيذي الذي ّ‬ ‫غسان مخيبر حول السجون في لبنان‪ ،‬فإن «الرقم‬ ‫الرسمي لإلستيعاب في احلد األقصى للسجون‬ ‫اللبنانية حتددها التقارير الرسمية بـ ‪3653‬‬ ‫سجيناً‪ ،‬مع التأكد من توافق تلك السجون مع‬ ‫معايير احلد األدنى التي تفترض احتجاز املساجني‬ ‫في مساحة ‪ 7‬أمتار مر ّبعة للسجني الواحد‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة لسجن روميه‪ ،‬فال يزال بعض أقسامه‬ ‫الغير مكتملة اإلنشاء باستعمال اجليش اللبناني‪،‬‬ ‫مما يجعل قدرة استيعابه ‪ 700‬سجني بدل أن يكون‬ ‫‪ 1050‬سجني كما من املفترض أن يكون»‪.‬‬ ‫نعرض في اجلدول أدناه‪ ،‬مدى استيعاب السجون‬ ‫والنظارات في لبنان ألعداد السجناء بحسب‬ ‫قدمه النائب احملامي‬ ‫امللخص التنفيذي الذي ّ‬ ‫غسان مخيبر حول واقع السجون في لبنان بتاريخ‬ ‫‪:2010/10/6‬‬

‫إسم السجن‬

‫موقوف‬

‫محكوم‬

‫روميه‬ ‫األحداث – روميه‬ ‫معهد إصالح الفنار‬ ‫سجن القاصرات‬ ‫جبيل‬ ‫عاليه‬ ‫نساء بعبدا‬ ‫نظارة قصر عدل بعبدا‬ ‫نظارة قصر عدل‬ ‫بيروت‬ ‫نساء بربر الخازن‬ ‫نظارة ثكنة الحلو‬ ‫طرابلس‬ ‫حلبا‬ ‫البترون‬ ‫زغرتا‬ ‫أميون‬ ‫نساء طرابلس‬ ‫نظارة قصر عدل‬ ‫طرابلس‬ ‫زحلة‬ ‫نساء زحلة‬ ‫جب جنين‬ ‫بعلبك‬ ‫راشيا‬ ‫راس بعلبك‬ ‫نظارة قصر عدل‬ ‫زحلة‬ ‫نظارة قصر عدل‬ ‫بعلبك‬ ‫صور‬ ‫النبطية‬ ‫تبنين‬ ‫جزين‬ ‫نظارة قصر عدل‬ ‫صيدا‬ ‫نظارة قصر عدل‬ ‫النبطية‬ ‫المجموع‬

‫‪2481‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪1040‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪371‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪344‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪13‬‬

‫محكو‬ ‫إعدام‬ ‫‪34‬‬

‫م محكو‬ ‫مؤبّد‬ ‫‪65‬‬

‫‪2‬‬

‫م حد أدنى‬

‫حد أقصى‬

‫‪2500‬‬ ‫‪250‬‬

‫‪3000‬‬ ‫‪270‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪24‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪2‬‬

‫‪63‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪495‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪550‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪200‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪325‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪5‬‬

‫‪88‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪30‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4020‬‬

‫‪1856‬‬

‫‪62‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪407‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪70‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪63‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪43‬‬

‫استطلعنا في «منبر التوحيد» آراء مَن واكبوا ‪-‬‬ ‫وال يزالون ‪ -‬السجناء في لبنان‪ ،‬بحيث حصلنا من‬ ‫ّ‬ ‫كل منهم على معلومات خاصة ودقيقة‪ ،‬مع شرح‬ ‫ّ‬ ‫مفصل لواقع السجون اليوم‪ ،‬وسبل حل املشاكل‬ ‫التي ستودي حتماً إلى أكثر من مترّد جديد‪ ،‬في حال‬ ‫لم يتم معاجلتها سريعاً‪:‬‬

‫النائب ميشال موسى‪ :‬السجني‬ ‫«إنسان» قبل أن يكون «مًدان»‬

‫يقول رئيس جلنة حقوق اإلنسان النيابية‬ ‫الدكتور ميشال موسى‪ :‬نحن جلنة نيابية ولسنا‬ ‫سلطة تنفيذية‪ .‬تص ّدينا ملوضوع السجون‪ ،‬لكن‬ ‫ضمن صالحيات ما أعطي لهذه اللجنة من مراقبة‬ ‫أعمال احلكومة واملطالبة مبا يلزم‪ .‬ما ميكننا قوله‪ ،‬هو‬ ‫ا ّن السجن ليس فقط مكانا ً عقابياً‪ ،‬ال بل هو مكان‬ ‫إصالحي‪ ،‬واملفروض أن يخرج السجني مبفاهيم جديدة‬ ‫خالل فترة إمضاء العقوبة داخل السجن يستطيع‬ ‫من خاللها إكمال حياته بعد نيل عقابه املستحق‪،‬‬

‫‪53‬‬

‫‪62‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪524‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪117‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪5‬‬

‫‪64‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪38‬‬

‫جو‬ ‫مو‬ ‫‪2010/10/6‬‬ ‫‪3521‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪15‬‬

‫د‬

‫‪71‬‬

‫‪4226‬‬

‫‪5103‬‬

‫‪5876‬‬

‫وبالتالي يجب توفير مجمل االحتياجات في السجون‪.‬‬ ‫ويجب أال ننسى أ ّن السجني هو «إنسان» قبل أن يكون‬ ‫« ُمدان»‪ ،‬وبالتالي يجب التعاطي معه من مبدأ حقوق‬ ‫هذا اإلنسان الذي ميكن أن تكون احلياة قد ظلمته‪ ،‬أو‬ ‫أنه ظلم نفسه‪ ،‬أو أن احلاجة هي التي دفعته خلرق‬ ‫القانون‪ ،‬أو أن لديه وضعية مرضية معينة‪.‬‬ ‫يجب التعاطي مع هذا السجني على أنه إنسان‬ ‫لديه نقص معني أوصله إلى أن ينال عقاباً‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يجب على فترة العقوبة أن تكون لإلصالح‪.‬‬ ‫ويتابع د‪ .‬موسى حديثه‪ :‬املؤسف أ ّن مشكلة‬ ‫السجون هي مشكلة متعددة الوجوه‪ ،‬وتؤدي أحيانا ً‬ ‫إلى سوء التعاطي مع هؤالء الناس‪ ،‬مما يثير املشاكل‬ ‫والتح ّركات التي نشهدها‪ .‬من هنا‪ ،‬يقسم موضوع‬ ‫السجون إلى قسمني‪ :‬االكتظاظ‪ ،‬وكيفية التعاطي‬ ‫مع املفاهيم السجنية‪ .‬فاالكتظاظ املوجود شيء‬ ‫لكن الوضع‬ ‫غير مقبول‪ ،‬وبالطبع له أسباب متعددة‪ّ ،‬‬ ‫الظاهري اليوم هو أنه هناك سجن مثل سجن روميه‬ ‫وهو من السجون القليلة املع ّدة ألن تكون سجناً‪ ،‬ألن‬ ‫باقي السجون هي مج ّرد نظارات حت ّولت إلى سجون‬ ‫يُحشر فيها السجناء بشكل غير الئق‪ .‬سجن‬ ‫روميه سعته ‪ 1200‬سجني‪ ،‬وفيه ‪ 4300‬سجني وهو‬ ‫أمر غير طبيعي‪ .‬هناك بعض النظارات التي بنيت‬ ‫حديثا ً ومه ّيئة ألن تكون سجوناً‪ ،‬ولكن هناك اجلزء‬ ‫املتبقي وهو غير مستحدث وال يتطابق مع القوانني‪.‬‬ ‫املشكلة األساس تكمن في وجود حوالي ‪ %70‬من‬ ‫السجناء في التوقيف االحتياطي والذين لم تصدر‬ ‫بحقهم االحكام الالزمة‪ ،‬إضافة للمزج بني الشرائح‬ ‫العمرية‪ ،‬وبني العقوبات التي ينالها السجناء بحسب‬ ‫األحكام‪.‬‬ ‫وعن باقي السجون‪ ،‬يقول موسى‪ :‬أما السجون‬ ‫الباقية فال تخضع لقوانني حقوق اإلنسان وهي‬ ‫سجون ال تلحظ وصول اشعة الشمس‪ ،‬وأماكن‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حتقيق‬ ‫النزهة اليومية ضمن مالعب مجهّ زة لذلك‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ال تلحظ حقوق السجناء كـ»بشر»‪ ،‬وهذا ما ير ّبي‬ ‫احلقد في قلوبهم ضد الدولة والقضاء واجملتمع‬ ‫عامة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للقسم الثاني أي التعاطي داخل‬ ‫السجون‪ ،‬فللسجني احلق بتع ّلم مهنة‪ ،‬املطالعة‪،‬‬ ‫صحي‪،‬‬ ‫تعبأة أوقات الفراغ‪ ،‬احلصول على طعام‬ ‫ّ‬ ‫مالعب ملمارسة الرياضة خوفا ً من أوضاع صحية‬ ‫صعبة‪ ،‬وان يكون التعاطي معه الئقا ً بدون متييز بني‬ ‫سجني وآخر‪.‬‬ ‫ويشرح عمل جلنة حقوق اإلنسان النيابية‪ :‬ما‬ ‫ميكننا فعله كلجنة حقوق اإلنسان هو تقدمي توصيات‬ ‫اخملتصة‪ ،‬وقد كان مطلبنا‬ ‫وإقتراحات للجهات‬ ‫ّ‬ ‫األساسي‪ ،‬حتويل إدارة السجون من وزراة الداخلية إلى‬ ‫وزارة العدل‪ ،‬والهدف هو حتويل التعاطي مع السجناء‬ ‫إلى تعاطي إصالحي‪ ،‬وليس أمنياً‪ .‬نأمل بأن يتم‬ ‫هذا األمر بأسرع وقت ممكن حلماية حياة السجناء‪،‬‬ ‫ونتمنى أن يكون التحقيق في التم ّرد االخير وتواطؤ‬ ‫بعض القوى األمنية سريعا ً وجديا ً وشفافاً‪ ،‬وان يتم‬ ‫اإلعالن عنه قريباً‪ ،‬حملاسبة كل َمن يخالف القانون‬ ‫من عسكريني وغير عسكريني‪ .‬كذلك‪ ،‬طالبنا بأن‬ ‫يكون هناك قاعة محاكمات قريبة من سجن روميه‪،‬‬ ‫لتسريع احملاكمات والبت فيها‪ ،‬وتخفيف خطر النقل‬ ‫على هؤالء املساجني‪.‬‬ ‫كما حققنا جناحا ً في موضوع تخفيض عقوبة‬ ‫السنة السجنية‪ ،‬وتسريع البت فيها‪ ،‬إضافة لتسريع‬ ‫إنشاء سجنني مركزيني في الشمال واجلنوب وقد‬ ‫خصصنا مبلغ ‪ 19‬مليار لهذا األمر‪ ،‬ولكن ال ميكننا‬ ‫البت باملوازنة مع غياب احلكومة‪.‬‬ ‫ويختم موسى حول العفو العام‪ :‬هناك خالف‬ ‫كبير بني الكتل النيابية حول العفو العام‪ ،‬ويجب‬ ‫التفكير بداية بأسهل تدابير ممكنة‪ ،‬وحفظ الوضعية‬ ‫البت مبوضوع العفو إذا وجدنا‬ ‫األمنية ومن ثم نحاول ّ‬ ‫ذلك ممكنا ً وفقا ً للقوانني‪ ،‬فمجلس النواب هو الذي‬ ‫ينظر في بعض احلاالت املرضية أو فترات العقوبة‬ ‫الطويلة‪.‬‬

‫وزير العدل السابق عدنان عضوم‪:‬‬ ‫هناك مرضى «سيدا» في روميه‬ ‫ّ‬ ‫مفصلة حول وضع السجون‬ ‫كما كان لنا قراءة‬ ‫مع الرئيس السابق حملكمة اجلنايات وم ّدعي عام‬ ‫التمييز الوزير السابق عدنان عضوم‪ ،‬الذي قال‪ :‬وضع‬ ‫السجون اليوم «كارثة»‪ ،‬وقد جتاوز احلدث األمني‪ ،‬فهو‬ ‫موضوع اجتماعي أخالقي أمني قضائي‪ ،‬وكل العناصر‬ ‫املهمة تتوفر فيه‪ ،‬ففي الدول الراقية‪ ،‬يُحتسب معيار‬ ‫تق ّدم الدولة من خالل مدى قدرتها على اإلمساك‬ ‫بسجونها وتنظيمها‪ ،‬أل ّن املعاقبة ال تكون بالتعذيب‪.‬‬ ‫صحيح أ ّن إحدى اآليات في القرآن الكرمي تقول‪:‬‬ ‫«ولكم في القصاص حياة يا أولي األلباب»‪ ،‬ولكن‬ ‫«القصاص» هو إنزال العدالة وإحقاق احلق بشخص‬ ‫يرتكب جرمية‪ ،‬ويشذ عن القوانني االجتماعية‪ ،‬ولكن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ال يكون العقاب عبر االنتقام‪ ،‬بل األساس هو إصالح‬ ‫هذا الشخص‪ ،‬لتكون العقوبة مبثابة متهيد إلصالحه‪،‬‬ ‫وإعادته الحقا ً إلى اجملتمع ليعيش فيه ويكون مواطنا ً‬ ‫صحيح العقل والتصرف والسلوك‪ .‬من هنا‪ ،‬علينا‬ ‫أن نكون عصريني في خطواتنا القانونية من خالل‬ ‫تعديالت تشريعية‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بتنظيم‬ ‫السجون‪ ،‬واالتفاق األكيد على املرجع الذي يشرف‬ ‫عليها‪ .‬فوزراة الداخلية هي املسؤولة عن السجون‬ ‫حتت إشراف وزيرها‪ ،‬مع العلم أ ّن املسؤولية يجب أن‬ ‫توجه لتطبيق ذلك‪،‬‬ ‫تكون في وزارة العدل‪ ،‬وهناك ّ‬ ‫لكن ذلك يحتاج لعمل تنظيمي‪ ،‬ففكرة السجون‬ ‫ّ‬ ‫يسمى «سجن»‪،‬‬ ‫ليست مج ّرد وضع الناس في مكان ّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‪ ،‬فقوى األمن هي التي‬ ‫بل يلزمنا «إدارة»‬ ‫تدير السجون‪ ،‬ونظامها األمني والفكر العسكري‬ ‫يختلف عن الفكر التنظيمي لرجال إختصاص‬ ‫يكونون من اجملتمع املدني وأساتذة في علم النفس‬ ‫وعلم السلوك‪ ،‬وأطباء نفسيني‪ .‬كان عالم اجلرمية‬ ‫اإليطالي «تشيزري لومبروزو» يقول أ ّن السجني يولد‬ ‫مجرما ً بالفطرة والطبيعة‪ ،‬ويجب القضاء عليه‪.‬‬ ‫هذه النظريات لم تعد موجودة اليوم‪ ،‬بل هناك إنسان‬ ‫يصبح مجرما ً ج ّراء اجملتمع الذي يتواجد فيه‪ ،‬إذا لم‬ ‫نحسن التعامل معه‪ ،‬هذا إضافة للظروف املعيشية‬ ‫وعدم وجود مهن ملمارستها‪ ،‬وحاالت الفقر واحلاجة‬ ‫والعوز‪ ،‬عدا عن مشكلة تداول اخملدرات في اجملتمعات‬ ‫والذي تشكل سببا ً جوهريا ً في اجلرمية‪ ،‬إضافة‬ ‫إلهمال الدولة ملواطنيها وعدم االهتمام بتثقيفهم‬ ‫وتعليمهم‪ ،‬وحمايتهم وتأمني السالمة االجتماعية‪.‬‬ ‫هذا كله يساهم بوجود اجملرمني‪ .‬ال بد من إيجاد أمن‬ ‫خاص بالسجون‪ ،‬ف َمن يديرون السجون في كافة بالد‬ ‫العالم‪ ،‬ال عالقة لهم بأمن الدولة‪ ،‬بل هم رجال أمن‬ ‫مد ّربني ومتخصصني بالتعامل مع هؤالء األشخاص‪.‬‬ ‫وعن سجن روميه املركزي‪ ،‬قال عضوم‪ :‬يحتوي‬ ‫السجن على كل أنواع اجلرائم‪ .‬كما أنه يوجد فيه‬ ‫مصابني مبرض «األيدز»‪ ،‬وال احد يتكلم عنهم‪،‬‬ ‫وموجودين في مكان يأبى اإلنسان أن يرى ماذا فيه‪.‬‬ ‫وهم موجودين في مبنى املوقوفني (د)‪ .‬ماذا يفعل‬ ‫هؤالء املرضى في السجن‪ ،‬بدل توفير العالج لهم؟‬ ‫مقسما ً ومجهّ زاً‪،‬‬ ‫عندما بُني سجن روميه‪ ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫وممتاز إذا متّ وضع القدر الالزم من األشخاص فيه‪ .‬أما‬

‫‪54‬‬

‫حني يصبح هناك أربعة اضعاف العدد املسموح به‪،‬‬ ‫يصبح اإلمساك األمني بالسجناء صعب – ومنهم‬ ‫َمن هم أصحاب بؤس واعتادوا على اإلجرام‪ ،‬يدخلون‬ ‫إلى السجن ويشكلون عصابات وخاليا ويقومون‬ ‫باتصاالت خارجية مع بعض قوى األمن التي تتواطؤ‬ ‫معهم‪ ،‬وتؤ ّمن لهم اخملدرات‪.‬‬ ‫ال منلك سجنا ً مركزيا ً سوى سجن روميه‪ ،‬أما باقي‬ ‫السجون فهي أشباه سجون وهي عبارة عن بنايات‬ ‫سكن‪ ،‬إذ َمن يزور السجون في احملافظات‪ ،‬لن يص ّدق‬ ‫زج به في هكذا امكنة‪ .‬سجن‬ ‫أ ّن أي بشري ميكن أن يُ ّ‬ ‫روميه يحتوي على كافة أنواع املساجني‪ ،‬فهناك‬ ‫مهمون أمنياً‪ ،‬وأشخاص سياسيون كما‬ ‫مطلوبون‬ ‫ّ‬ ‫حدث أثناء توقيف الضباط األربعة‪ ،‬والذين يتطلبون‬ ‫حضورا ً أمنيا ً كثيفاً‪ ،‬ففي كل بالد العالم هناك‬ ‫سجون مختلفة بحسب أنواع األفعال اجلرمية‪.‬‬ ‫املوقوف ال يجب أن يكون مع احملكوم‪ ،‬فهو شخص‬ ‫ينتظر مثوله أمام القاضي لتحويله إلى احملكمة‪،‬‬ ‫ومن ثم إصدار احلكم‪ ،‬وهذا ما يسمى بـ»التوقيف‬ ‫االحتياطي» والذي يجب أن يُعامل معاملة مختلفة‬ ‫عن الشخص الذي يكون محكوما ً لـ‪ 20‬أو ‪ 25‬سنة‪.‬‬ ‫صحيح أنهم مفصولون في مباني مختلفة‪،‬‬ ‫ولكن تبقى األجواء هي نفسها‪ ،‬مع نفس التص ّرفات‬ ‫واملعاملة‪ .‬إذا أردنا سجون طبيعية‪ ،‬يلزمنا أشخاصا ً‬ ‫متخصصني وأبنية مناسبة‪ ،‬وسجون في جميع‬ ‫املناطق وأن تكون نوعية السجون جيدة‪ ،‬ففي كل‬ ‫بالد العالم‪ ،‬يتم األخذ بعني االعتبار ما يحتاجه كل‬ ‫سجني من مساحة يجلس فيها كي يكون لديه‬ ‫ابسط حقوق االنسان‪.‬‬ ‫ما ح ّرك السجناء وأهاليهم هو احلالة املذرية التي‬ ‫يعيشونها إن السجناء أو حتى عائالتهم املتروكة‬ ‫خارجاً‪ .‬فماذا مثالً عن الذين ال يزالون موقوفني بحجة‬ ‫أنهم «اصوليني»‪ ،‬ولم تصدر بحقه بعد مذكرات‬ ‫توقيف؟ هل هذا هو القضاء الصحيح؟ هذا مصيبة‬ ‫إذا كان األمر كذلك‪ ،‬فبأي حق يبقى أولئك موقوفني‬ ‫بدون مذكرات توقيف‪.‬‬ ‫وفي مقارنة مع سجون العالم‪ ،‬قال عضوم‪:‬‬ ‫كنت رئيسا ً ملكتب‬ ‫في العام ‪ ،1994-1993‬وعندما‬ ‫ُ‬ ‫قاض من كل‬ ‫‪14‬‬ ‫حوالي‬ ‫اجلنايات في جبل لبنان‪ ،‬ذهبنا‬ ‫ٍ‬ ‫الدول العربية إلى أميركا‪ ،‬وزرنا سجن نيفادا للتعرف‬ ‫على النظام القضائي األميركي ونظام السجون‪،‬‬ ‫ومن ثم زرنا بلدة رينو حيث يوجد السجن النموذجي‪.‬‬ ‫كنا نسير في السجن‪ ،‬عبر ممر زجاجي ومع السجناء‬ ‫أنفسهم‪ ،‬إضافة إلى ما رأيناه من مالعب ومنتزهات‪،‬‬ ‫وبحيث جتري احملاكمات في السجن نفسه‪ ،‬وبوجود‬ ‫مدعي عام ووكالء دفاع في القاعة‪ ،‬إضافة لقاضي‬ ‫عبر شاشة التلفاز من مركز القضاء اخلاص به‪،‬‬ ‫وهذا لتوفير مستحقات النقل للمحاكمات‪ ،‬وتأمني‬ ‫احلاجات الالزمة لهم بهذه املصاريف‪ ،‬كما أن كل‬ ‫سجني ميلك غرفة خاصة به‪ ،‬حتى السجني املوجود‬ ‫في غرفة االنفراد‪.‬‬ ‫هذا هو الرقي املطلوب‪ ،‬ولبنان يجب أن يفكر‬ ‫بطريقة ما للخروج من هذه احلالة‪ ،‬والتفريق بني‬ ‫املوقوفني واحملكومني‪ ،‬وبني اجلرائم القاسية والضرر‬


‫البسيط‪ .‬من هنا‪ ،‬يجب نقل اإلدارة إلى وزارة العدل‪،‬‬ ‫وإيجاد سياسة عقابية هدفها إصالح الشخص‬ ‫وليس االنتقام منه كما يحصل في سجون لبنان‪.‬‬

‫تقصير القضاة أم نقص بعددهم‬ ‫أما بالنسبة ملا يقال من النقص في عدد‬ ‫قلت‬ ‫القضاة‪:‬‬ ‫خدمت في القضاء ‪ 45‬سنة‪ ،‬ولطاملا ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ ّن عدد القضاة في لبنان ال يتناسب مع سكانه‪ ،‬وعدد‬ ‫الدعاوى املولودة فيه‪ ،‬خاصة وأ ّن اللبناني بطبعه‬ ‫يحب املقاضاة‪ ،‬وتقدمي شكوى حول أي شيء بسيط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كما أ ّن مجتمعنا مبني على الكيدية‪ ،‬مما يوجد سيل‬ ‫من الدعاوى‪ ،‬بحيث ال يتناسب مع عدد القضاة‪ .‬حني‬ ‫كنت رئيسا ً حملكمة اجلنايات كنا نقرر في ‪ 35‬ملفا ً‬ ‫ُ‬ ‫جنائيا ً في اليوم (اي يوم اجللسات‪ ،‬إذ ال يوجد قاعات‬ ‫للمحاكمات اليومية)‪ ،‬في حني أن محكمة اجلنايات‬ ‫في باريس – فرنسا‪ ،‬تقرر في ملف قضائي واحد فقط‬ ‫في اليوم‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬الدولة ال تعلم طريقة التعامل مع‬ ‫القضاة‪ ،‬إذ يُطلب من القاضي أعماال ً غير عادية‬ ‫مقابل راتب شهري يبلغ ‪ .$1000‬ومع ذلك‪ ،‬فاألمور‬ ‫اإلدارية التنظيمية هي التي تؤخر سوق املوقوفني إلى‬ ‫محاكماتهم‪ ،‬وهذا ما على الدولة محاولة العمل‬ ‫عليه لتأمني احلد األدنى من الدقة في هذه املعامالت‪.‬‬ ‫ولو كان هناك تنظيم فعلي‪ ،‬فمن الضروري التن ّبه‬ ‫لضرورة إنشاء سجون قريبة من مراكز احملاكم أو‬ ‫العكس‪ ،‬وتسيير احملاكمات من السجن والتواصل‬ ‫مع القاضي عبر شاشة التلفاز كما في اخلارج‪ ،‬هذا‬ ‫طبعا ً بعيدا ً عن محاكمات اجلنايات الكبرى‪.‬‬ ‫واملقصرين‪ ،‬فعلى جهاز‬ ‫أما القضاة اخملالفني‬ ‫ّ‬ ‫التفتيش القضائي أن يراقب الدعاوى ويكون صارما ً‬ ‫ولكن الظروف واإلضطرابات األمنية تؤخر‬ ‫بحقهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مراقبة هذا اجلهاز لكل احملاكمات‪ ،‬وعلى القضاة الذين‬ ‫يتأخرون بالقيام بواجباتهم على مجلس القضاء‬ ‫محاسبتهم وحتويلهم إلى اجملالس التأديبية‪ .‬إذاً‪ ،‬كل‬ ‫ما يتطلبه األمر‪ ،‬هو تشجيع القضاة املوجودين من‬ ‫خالل زيادة رواتبهم‪ ،‬إضافة لتعيني قضاة من احملامني‪.‬‬ ‫أعتقد أن مت ّرد سجن روميه هذه امل ّرة كان صرخة‬ ‫أخرى‪ ،‬إلحياء ضمائر احلكام‪ ،‬حول مسؤولياتهم‬ ‫جتاه السجناء كـ»مواطنني»‪ .‬وأعتقد أنهم محقّ ون‬ ‫بتم ّردهم هذا ألنهم ال يحصلون على حقوقهم‬ ‫اإلنسانية البسيطة من محاكمات وتسريع البت‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫وعن قانون العفو العام تابع عضوم‪ :‬ال مانع من‬ ‫ذلك إذا أق ّرت السلطة التشريعية ذلك‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يحصل في معظم الدول العربية مع كل رئيس جديد‬ ‫يتسلم السلطة‪ .‬وقد حصل ذلك سابقا ً في لبنان‪،‬‬ ‫حني أقر العفو العام جلرائم اخملدرات‪ ،‬علما ً انني أؤكد‬ ‫أن جرائم اخملدرات يجب أن تكون آخر اجلرائم التي يتم‬ ‫لها العفو‪ .‬العفو اخلاص هو أحد احللول الذي ميكن‬ ‫ان يعالج هذه مسألة املؤ ّبدات‪ .‬ما ميكن فعله‪ ،‬هو‬ ‫توصية من جلنة إعفاء من العقوبة‪ ،‬لكن بعد تعديل‬

‫القوانني‪ ،‬ولكن على الدولة أن متلك العزمية للعمل‬ ‫على تنفيذ واجباتها‪.‬‬

‫القائد السابق للدرك العميد‬ ‫أنطوان شكور‪ :‬ملفات السجناء‬ ‫بأيدي جمعيات مدنية‪ ،‬فهل‬ ‫يجري تسريبها إلى اخلارج؟‬

‫“منبر التوحيد” زارت القائد السابق للدرك‬ ‫العميد املتقاعد أنطوان شكور‪ ،‬بعد فترة قصيرة‬ ‫على تقاعده من قيادة الدرك‪ ،‬وسألت عن حال‬ ‫السجون خالل تولّيه مهامه األمنية‪ ،‬ومن ثم بعد‬ ‫هذا التحرّك‪ ،‬فكان احلوار التالي‪:‬‬ ‫التحركات التي حصلت مؤخرا ً في سجن روميه‪،‬‬ ‫هي فصل من فصول معاناة السجون‪ ،‬مع كل َمن‬ ‫والسجان‪ .‬السجني هو‬ ‫يتواجد فيها أي السجني‬ ‫ّ‬ ‫إنسان عانى في اجملتمع فأصبح سجيناً‪ ،‬واجملتمع‬ ‫عانى منه بعد أن أصبح مجرما ً بأغلب احلاالت‪ ،‬لذلك‬ ‫متّ وضعه في السجن‪ .‬ميكن تسميته “مجرماً” أو‬ ‫“مريضاً”‪ ،‬إمنا هل ميارس هذا السجني التم ّرد على أنه‬ ‫صحيح العقل؟ إذا كان كذلك فاملفروض معاقبته‬ ‫ومحاسبته على تدمير السجن‪ ،‬وإذا كان “مريض”‪،‬‬ ‫فهذا يعني أ ّن االنتفاضة لم تنت ِه بعد‪ .‬وما حصل‬ ‫في السجن ‪ -‬كما ا ّدعى البعض أنها حتركات عفوية‬ ‫ تط ّور حتى أصبح اجليش ُمجبرا ً على الدخول مع‬‫القوى األمنية عنوةً‪.‬‬ ‫أما بالنسبة ملطالب السجناء‪ ،‬فأقول‪ :‬كانت‬ ‫حاولت‬ ‫كنت قائدا ً للدرك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫هذه املطالب مزمنة‪ ،‬فحني ُ‬ ‫مواكبتهم خالل أي إنتفاضة أو أي مطالب أو شغب‬ ‫يقومون به‪ ،‬وكنا نأخذ وقت أقل مما استغرق في‬ ‫التم ّرد األخير‪ ،‬ونحاول حلها بالطريقة املمكنة‪ ،‬كما‬ ‫أعلم أن السجناء غير املشاركني في التح ّرك يكونون‬ ‫“ضحايا”‪ ،‬وأؤكد أ ّن ‪ %10‬فقط هم َمن يدير الشغب‬ ‫داخل السجن‪ ،‬لديهم اليد الطولى فيه وميسكون‬ ‫بعشيرتهم وطائفتهم‪ ،‬معظمهم رؤساء العصابات‬ ‫في اخلارج‪ .‬أما إذا سألنا‪ :‬ملاذا حصل ذلك؟ أل ّن الدولة‬ ‫ضعيفة‪ ،‬فالضباط والعناصر األمنية ال ميلكون‬ ‫املعنويات أو التجهيزات‪ ،‬ليقوموا بكل واجباتهم في‬ ‫السجن‪ ،‬أل ّن العديد قليل‪ ،‬ويقابله إكتظاظ كبير‬

‫‪55‬‬

‫في عدد السجناء‪ ،‬عدا عن عدم صدور أحكام بحق‬ ‫املوقوفني‪ ،‬إضافة ملا هو حال السجون من مباني‬ ‫قدمية‪ ،‬متروكة بدون صيانة أو دعم مالي‪.‬‬ ‫ولدى سؤالنا عن فترة تولّيه ملهام قيادة الدرك‪،‬‬ ‫قال العميد شكور‪ :‬كنا نعاني مشاكل يومية‬ ‫متعددة‪ .‬احلياة اليومية في السجن اليوم هي بح ّد‬ ‫ذاتها معاناة‪ ،‬وستحتاج ملصاريف مالية كبيرة كي‬ ‫تستمر‪ ،‬إن جلهة الطبابة والطعام واملياه ومواد‬ ‫التنظيف‪ ،‬أو لناحية املواجهات وتفتيش األهل‬ ‫واألغراض التي يأتون بها ألبنائهم‪.‬‬ ‫أما عن السؤال حول ما إذا كان السجناء‬ ‫محقون بتمرّدهم‪ ،‬خاصة حني يجدون أ ّن السجن‬ ‫أصبح للمعاقبة والظلم بدل من أن يكون للتأهيل‪،‬‬ ‫فأجاب العميد شكور‪ :‬هم محقون مبطالبهم‪،‬‬ ‫ولكن ليس بتم ّردهم‪ .‬إذا رأينا عنصر سير يخالف‪،‬‬ ‫هل نصلحه أو نكسر رجله؟ إذا كسرنا رجله لن يعود‬ ‫لدينا عنصر سير للتنظيم‪ .‬هذا ما فعله السجناء‬ ‫من خالل حرقهم للسجن‪ ،‬إذ قاموا بحرق املطبخ‪،‬‬ ‫والغرف واألفرشة‪َ .‬من قام بالتم ّرد ال يتجاوزوا الـ ‪50‬‬ ‫سجني من بني ‪ 3700‬سجني‪ ،‬وأخذوا السجن بأكمله‬ ‫رهينة لهم‪ .‬هذه هي احلقيقة‪ ،‬والدليل دخولهم‬ ‫من مبنى إلى آخر ووصولهم إلى مبنى األحداث؟‬ ‫كيف متّ ذلك؟ لقد ساء الوضع أل ّن بعض السجناء‬ ‫يريدون كل فترة إثبات وجودهم‪ .‬من الناحية األخرى‪،‬‬ ‫مهتمة لوضع السجون‪ ،‬فقد‬ ‫الدولة اللبنانية غير‬ ‫ّ‬ ‫استغرقت سنوات طوال إلصدار قانون تخفيض‬ ‫العقوبات‪ ،‬تخللها إنتفاضات وأكثر من مت ّرد‪ .‬من ثم‬ ‫أق ّرت الدولة قانون تخفيض العقوبات عام ‪،2002‬‬ ‫لكنه لم يُط َّبق في حينه‪ ،‬فمرسومه التطبيقي صدر‬ ‫في العام ‪ ،2006‬لكن لم يتم تعيني آلية للتطبيق‪،‬‬ ‫ولم تُعينَّ اللجان الفرعية في املناطق حتى ‪.2009‬‬ ‫لألسف الكل ينظر ملصاحله‪ .‬أقول لهم‪َ :‬من يريد‬ ‫اإلهتمام بالسجون‪ ،‬عليه التفاني ومتابعة عمله‬ ‫حاولت خالل فترة‬ ‫املهني‪ ،‬وتطبيق القانون‪ .‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫فكنت‬ ‫قيادتي للدرك‪ ،‬مواكبة السجناء بشكل دائم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أتابع وضع سجني ما نتيجة رسالة أتلقاها منه‪ ،‬بعد‬ ‫أن يكون قد ق ّدم طلبا ً للنيابة العامة أو إلدارة السجن‬ ‫حول معاملة القوى األمنية أو السجناء‪ ،‬ولم يل َق الرد‬ ‫املناسب‪ ،‬ويكون قد شعر بأ ّن وضعه ميؤوس منه‪.‬‬ ‫وعن املعاملة السيّئة لألهالي والسجناء من‬ ‫قبل بعض العناصر األمنية والضبّاط‪ ،‬حت ّدث العميد‬ ‫شكور قائالً‪ :‬لطاملا عملنا على إرسال الضباط‬ ‫للتفتيش‪ ،‬أما تعيني الضباط فليس من مسؤولية‬ ‫قيادة الدرك‪ ،‬بل من مسؤولية املديرية العامة لقوى‬ ‫األمن الداخلي‪ ،‬والتي يشرف عليها وزير الداخلية‪ ،‬أما‬ ‫فهم من مسؤولية قائد الدرك‪ .‬كنا‬ ‫الرتباء والعسكر ُ‬ ‫نعاقب كل عنصر ُمخالف‪ ،‬إذ متّ منذ بداية هذا العام‬ ‫معاقبة حوالي ‪ 37‬رتيب وفرد بالسجن‪ ،‬وذلك ألّ ّن القرار‬ ‫بشأنهم كان يعود لي‪ ،‬طبعا ً بعد إجراء حتقيق حول‬ ‫تو ّرطهم‪ ،‬فكان يصبح العنصر األمني بذلك سجينا َ‬ ‫سجاناً‪ ،‬هذا عدا عن التدابير التأديبية‪،‬‬ ‫بعد أن كان ّ‬ ‫فيتم بذلك نقله إلى مكان بعيد عن منطقته ومكان‬ ‫سكنه‪ .‬إذا ً هناك قسوة في احلياة العسكرية‪ ،‬كما أ ّن‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حتقيق‬

‫السجني ناصر صبرا (مريض بالغرغرينا)‬

‫رؤساء السجون كانوا يتبعون لي حتى ولو أ ّن مدير‬ ‫عام قوى األمن الداخلي هو الذي يختارهم‪.‬‬ ‫وأوضح حول ما إذا كانت مسؤولية تعيني‬ ‫ّ‬ ‫األكفاء تقع على وزير الداخلية‪ :‬ال بل‬ ‫الضبّاط‬ ‫املسؤولية هي على مجلس قيادة قوى األمن الداخلي‬ ‫غير املوجود والذي كان مشلوال ً جلهة التعيينات‪،‬‬ ‫بحيث أصبح املدير العام يقوم بالتعيينات لوحده‪.‬‬ ‫ومضى قائالً حول األدوات احلا ّدة التي كان بعض‬ ‫الضباط يعطونها للسجناء أثناء مترّدهم‪ :‬بات‬ ‫من املسموح للسجني أن يقول ما يشاء‪ ،‬وليس من‬ ‫املسموح للضابط أن ير ّد بشيء‪ .‬ما حصل هو وجود‬ ‫جناحني للموقوفني هما (د) و (ب)‪ ،‬إضافة إلى مباني‬ ‫احملكومني واألحداث مستقلة عن بعضها البعض‪.‬‬ ‫كنت أعارض فصل اإلدارة‪ ،‬لكن يوجد جناحني‬ ‫ُ‬ ‫للموقوفني يحوي كل منهما حوالي ‪ 950‬سجني‪ .‬كما‬ ‫يتضمن موقوفي اإلرهاب وفتح اإلسالم‬ ‫أ ّن جناح (ب)‬ ‫ّ‬ ‫حيث الضابط املشرف على اجلناح الذي يحتوي‬ ‫‪ 950‬سجني‪ ،‬بي َد أنه ال يولي اإلهتمام الالزم للمبنى‬ ‫اآلخر‪ ،‬وال ميكنه مراقبة الضباط املناوبني وهم حتت‬ ‫إشرافه‪ .‬لذلك اقترح قائد سرية السجون العقيد‬ ‫جناحي (ب) و (د)‬ ‫مروان سليالتي بحينه‪ ،‬فصل إدارة‬ ‫َ‬ ‫عن بعضهما البعض‪ ،‬لفصل املسؤوليات‪ ،‬وتعيني‬ ‫ضباط مسؤولني عن كل جناح منفردا ً عن اجلناح‬ ‫اآلخر‪ .‬وصودف أن بدأت إنتفاضة السجناء‪ ،‬قبل يوم‬ ‫واحد من تس ّلم الضابط اجلديد لإلدارة بعد تعيينه‬ ‫من ِقبل املديرية‪ .‬ال أعلم ملاذا متّ توقيت هذه اإلنتفاضة‬ ‫قبل يوم واحد فقط من إستالم اإلدارة اجلديدة‪ .‬لكن‬ ‫ميكنني التأكيد بأ ّن موقوفي فتح اإلسالم لم يكونوا‬ ‫أصل هذا التح ّرك‪.‬‬ ‫وفيما يتم احلديث عنه من مطالبة بـ”عفو‬ ‫عام”‪ ،‬رأى العميد شكور أنه “ال ميكن أن يكون‬ ‫هناك عفو عام لفريق دون آخر‪ ،‬وأشك أن يكون هذا‬ ‫التحرك عفوي وبهذه البساطة‪ ،‬وخاصة في سجن‬ ‫روميه‪ ،‬وهو عاصمة السجون في لبنان‪ ،‬كما أ ّن‬ ‫إهمال الدولة وشلل اإلدارة مسؤولون عن هكذا مت ّرد‪،‬‬ ‫حيث كان عليها منع مت ّدد التم ّرد‪ .‬وهنا أعتبر كل ما‬ ‫حصل “شغب”‪ ،‬ويُعتبر عدوانيا ً مع ما حصل من حرق‬ ‫وتخريب وأخذ رهائن من العناصر األمنية‪ .‬وهذا ما ال‬ ‫ينص عليه أي حق من حقوق السجني”‪.‬‬ ‫وعن تلقي السجناء لوعود كثيرة لم تنفذ إن من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اللواء أشرف ريفي أو من جلنة اإلدارة والعدل التي‬ ‫زارت السجن مرات عدة‪ ،‬أوضح العميد شكور أ ّن‬ ‫ذلك “كذب الدولة‪ ،‬إذ ال أحد يعتبر هؤالء السجناء‬ ‫لكن تخفيض األحكام أو إقرار العفو العام‬ ‫“أولو ّية”‪ّ ،‬‬ ‫يتحمل املسؤولية عن‬ ‫ليس بيد اللواء ريفي كي‬ ‫ّ‬ ‫كالمه‪ .‬هو ميلك فقط القدرة على تأمني وضع أفضل‬ ‫داخل السجن‪ .‬ما حصل يرافقه حت ّركات األهالي كان‬ ‫رسلت النساء ليضرب َن القوى األمنية‪ ،‬وأعتقد‬ ‫كارثة‪ ،‬أ ُ ِ‬ ‫أ ّن نزول النساء واألطفال ليست طريقة عفوية‪ ،‬وقد‬ ‫كنت قائدا ً للدرك‪ ،‬بحيث يدفع‬ ‫عانيت منها حني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الضباط والعناصر األمنية‪ ،‬إضافة إلى دمار السجن‪.‬‬ ‫لم يحدث شيئا ً في سجن روميه‪ ،‬إال ودفع الضباط‬ ‫والعسكر ثمنها‪.‬‬ ‫حاولت ممارسة‬ ‫تسلمت قيادة الدرك‪،‬‬ ‫منذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكنت‬ ‫الدميقراطية مع السجناء إلى أقصى احلدود‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أواكب دخول اجلمعيات إلى السجون‪ .‬فهناك‬ ‫جمعيات تدخل بشكل يومي‪ ،‬وتواكب السجناء‬ ‫ومطالبهم‪ .‬هي جمعيات تتضمن أشخاص مثقفني‬ ‫وتقنيني‪ ،‬إما جمعيات دولية (كالصليب األحمر‬ ‫الدولي)‪ ،‬أو ‪ UNODC‬أو جمعيات تابعة لإلحتاد األوروبي‬ ‫والسفارات‪ ،‬وهم على معرفة بجميع املشاكل‪.‬‬ ‫تعاملنا على فترة طويلة بطريقة متسامحة‬ ‫جدا ً مع السجناء املتمردين‪ ،‬ولم نستعمل أسلوب‬ ‫الضرب معهم‪ ،‬أل ّن هناك تدابير تأديب ّية أخرى‬ ‫كالسجن اإلنفرادي أو نقله إلى سجون بعيدة عن‬ ‫السجن املركزي‪ ،‬وهذا ما يسمح لنا به القانون‪.‬‬ ‫هل تطبيق القانون أيضا ً ممنوع؟ يقولون أ ّن حتقيقاُ‬ ‫ّ‬ ‫وأؤكد أن الضباط‬ ‫ُفتح في السجن بعد التم ّرد‪،‬‬ ‫حاسبون ويُعا َقبون‪ .‬وأمتنى أن يُعاقب‬ ‫والعسكر س ُي َ‬ ‫أو يُحاكم أي سجني ساهم في تدمير السجن‪ ،‬بدءا ً‬ ‫من يوسف شعبان سابقاً‪ ،‬والذي خرج بريئا ً بعد أن‬ ‫وكنت متأكدا ً أنه رأس التخطيط‬ ‫حرق سجن روميه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لتدمير السجن‪ ،‬وبالتالي فهذا العقل اخملطط ميكن‬ ‫أن يرتكب اجلرمية‪ ،‬وال يكون بريئا‪ .‬ملاذا خرج يوسف‬ ‫شعبان على أنه بريء‪ ،‬ولم يُحاسب على مخططاته‬ ‫لتدمير السجن؟ نعم‪ ،‬ألنهم قاموا بدعاية إعالمية‬ ‫ليوسف شعبان بعد أن حرق السجن‪ ،‬وأخذ رهائن‪،‬‬ ‫وه ّدد عدة مرات إما بقتل َمن يوجد إلى جانبه‪ ،‬أو‬ ‫همنا في سجن‬ ‫بقتل نفسه‪ ،‬وبذلك أصبح حينه كل ّ‬ ‫روميه‪ ،‬يوسف شعبان والسجناء الذين يتبعون له‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫هل هذا ما يتح ّدثون عنه من محاسبة ومعاقبة؟‬ ‫وهذا ما يحصل اليوم‪ ،‬فأل ّن ال أحد يعاقب املتم ّردين‪،‬‬ ‫أصبح هناك طمع بأ ّن تدمير السجن يكون سهالً‪،‬‬ ‫وبدون أي محاسبة‪ .‬هل يستطيع أحد أن يأخذ أي‬ ‫تدبير صارم بحق هؤالء‪.‬‬ ‫يُ َّ‬ ‫نظم محضر املعلومات مبا جرى في السجن‪،‬‬ ‫يتم ضبطه‪ ،‬ويقابله مبلغ مليوني دوالر إلعادة مباني‬ ‫السجن إلى ما كانت عليه‪ ،‬وإصالح ما متّ تخريبه‪،‬‬ ‫إضافة حلوالي ‪ 8‬رهائن من العناصر األمنية‪َ .‬من‬ ‫يتحمل كل ما حصل؟ وما الذي مينع أن يتكرر ذلك؟ إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫تطبيق القانون يعني أ ّن هناك سجوناً‪ ،‬وإال فال قانون‬ ‫وال سجون باملقابل‪.‬‬ ‫وعن تقاعس بعض القضاة عن حضور‬ ‫جلساتهم والبت بامللفات‪ ،‬قال العميد شكور‪:‬‬ ‫قاض ّ‬ ‫يخل بواجباته‪ ،‬والكالم‬ ‫أمتنى أ ّن يُ َ‬ ‫حاسب كل ٍ‬ ‫اإلعالمي حول توقيف ضباط عن مهامهم وتبديلهم‬ ‫ليس ّ‬ ‫احلل اجلوهري للمشكلة األساس‪ .‬فاملرتكب‬ ‫ً‬ ‫يجب أن يدخل السجن ولو كان ضابطا‪ ،‬وليس احلل‬ ‫بتبديلهم بضباط آخرين‪ .‬كذلك هناك وزارة عدل يجب‬ ‫املقصرين‪ ،‬ويجب أال نراكم فسادا ً‬ ‫أن حتاسب القضاة‬ ‫ّ‬ ‫فوق اآلخر‪ ،‬و َمن يحارب هذا الفساد‪ ،‬يحاولون إضعافه‬ ‫كنت قائدا ً للدرك‪ ،‬فكيف‬ ‫وهذا ما حصل معي حني ُ‬ ‫سيتح ّدث َمن يتسلم املهام بعدي عن الفساد بدون‬ ‫خوف من أن ينقلب ذلك عليه؟ َمن سيقف بوجه َمن‬ ‫قلت‬ ‫يخالف القانون؟ وقفوا بوجهي سابقا ً ألنني ُ‬ ‫أنني لن أسمح بالتص ّرفات غير القانونية‪ ،‬ولن أسمح‬ ‫بتجاوز حدود القانون‪ ،‬بل سأط ّبقه على نفسي‬ ‫وعائلتي وعلى اجلميع‪ .‬لذلك فإ ّن احلديث عما يحصل‬ ‫حاولت معاقبة اخمللني أ ّيا ً‬ ‫في السجون غير مج ٍد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كانوا‪ ،‬بحيث أنني وخالل ثالثة أشهر (من ‪2011/1/1‬‬ ‫قمت بسجن ‪ 37‬عنصرا ً أمنيا ً‬ ‫وحتى شهر آذار ‪ُ )2011‬‬ ‫مخالفاً‪.‬‬ ‫وعن نقل صالحية إدارة السجون إلى وزارة‬ ‫العدل‪ ،‬قال‪ :‬ملف السجون هو كرة نار‪ ،‬يصعب على‬ ‫حتمل وهجها ومسؤوليتها‪ .‬فالقضاء يمُ سك بكل‬ ‫كثر ّ‬ ‫شخص في السجون‪ ،‬وال أحد يستطيع الدخول إلى‬ ‫تلك األخيرة ألي غرض‪ ،‬بدون إذن النيابة العامة‪ ،‬ونحن‬ ‫كقوى أمن ّ‬ ‫ننفذ فقط ما تطلبه‪ .‬بعض القضاة‬ ‫يو ّقعون طلبات مواجهات وبدون تاريخ‪ ،‬إلدخال بعض‬ ‫األهالي املدعومني‪.‬‬


‫وعن مساعدات اإلحتاد األوروبي التي تتلقاها‬ ‫اجلمعيات واللجان‪ ،‬وال يصل منها شيء للسجناء‪،‬‬ ‫أجاب شكور‪ :‬معظم اللجان يتم تأليفها في الوقت‬ ‫الذي يسمعون به مبساعدة قادمة‪ ،‬ونرى أمواال ً طائلة‬ ‫بحجة دورات تأهيل ومراقبة إجتماعية وغيرها‪،‬‬ ‫تُصرَف ّ‬ ‫وهي دورات غير مجدية في األساس‪ .‬وفي املقابل‪،‬‬ ‫ال يتوفر للسجني طعام جيد‪ ،‬وال أماكن صحية‪،‬‬ ‫وال قاعات مواجهات جيدة تتوزع في كل مبنى من‬ ‫املباني‪ .‬لقد أنشأوا قاعة مواجهة عائلية صغيرة‬ ‫بحجة بنائها‪ .‬يتح ّدثون‬ ‫جداً‪ ،‬وجمعوا أمواال ً باهظة ّ‬ ‫عن “وصل إلكتروني” للسجون‪ ،‬متهيدا ً لنقلها لوزارة‬ ‫العدل‪ ،‬وفي احلقيقة أ ّن الـ ‪ UNODC‬تقوم بتعبأة‬ ‫إستمارات حول كل سجني (عدة صفحات تتناول كل‬ ‫ُرسل إلى خارج السجن‪.‬‬ ‫تفاصيل حياته)‪ ،‬وكانت ت َ‬ ‫هذه هي احلقيقة‪ ،‬فلماذا مينع وصول ملف كل سجني‬ ‫في لبنان‪ ،‬إلى أميركا؟ هل يعلمون اآلن‪ ،‬ملاذا تدخل‬ ‫الـ “‪ ”UNODC‬إلى السجون؟ هناك إستخفاف ما‬ ‫باحملافظة على هذه امللفات‪ .‬لقد متّ الربط اإللكتروني‬ ‫لسجن روميه مع وزارة العدل‪ ،‬أين باقي السجون؟ إ ّن‬ ‫الوزارة حتتاج لسجون منوذجية مفصولة عن قيادة‬ ‫الدرك لتتسلمها‪ ،‬وليس لسجون موجودة في اخملافر‬ ‫أو في مراكز سرايا الدرك‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬أين هي اخلطة التي وعدوا بتنفيذها خالل‬ ‫خمس سنوات لنقل صالحية اإلدارة إلى وزارة العدل؟‬ ‫فإذا بقوا على عملهم هذا‪ ،‬لن يتمكنوا من نقل‬ ‫الصالحية إلى وزارة العدل ألنهم عاجزون ويقولون‬ ‫أيضا ً كالما ً عاجزاً‪ ،‬علما ً أننا وضعنا لهم خطة لذلك‪،‬‬ ‫بدءا ً من بناء سجون وتأليف كادرات حرس سجون‬ ‫متخصص‪ ،‬وتعاون الوزارت مع بعضها البعض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كوزارة العدل والصحة والداخلية والتربية والرياضة‬ ‫والشؤون اإلجتماعية‪ ،‬والتعاون ضروري فيما بينها‬ ‫إلقامة برامج تأهيل داخل السجون‪ .‬أين هي هذه‬ ‫البرامج‪ ،‬هل تبقى كالما ً إعالميا ً فقط؟ ال أدري ملاذا‬ ‫تقع املسؤولية دائما ً على القوى األمنية‪ ،‬في حني أ ّن‬ ‫القضاء مسؤول عن مراقبة كل حت ّركاتنا‪ .‬ما يوجد‬ ‫من عديد قوى أمن في روميه هو ‪ 420‬عنصرا ً بخالف‬ ‫ما يقولون‪ ،‬وعديد العناصر األمنية في كل سجون‬ ‫لبنان ال يتجاوز ‪ 850‬عنصراً‪ ،‬هنا الضعف‪ ،‬فبحسب‬ ‫املعايير الدولية‪ ،‬يجب أن يكون هناك عنصران أمنيان‬ ‫لكل سجني‪ ،‬إذا ً يلزمنا ‪ 12000‬عنصر لسجون لبنان‪،‬‬ ‫ميكن تخفيض عددهم لـ ‪ 9000‬عنصر‪ ،‬في حني أ ّن‬ ‫عديدنا يبلغ فقط ‪ 850‬عنصرا ً لكل السجون‪ ،‬وهذا‬ ‫عمل تعجيزي للعناصر األمنية‪ .‬هل تذكروا اليوم‬ ‫أ ّن السجن يلزمه أجهزة تفتيش‪ ،‬بعد أن استقدموا‬ ‫جهاز تفتيش ولم يتم العمل به إال بعد سنتني ألن‬ ‫شركته لم تقم بتشغيله؟ الدولة تدفع األموال‬ ‫مبليارات الدوالرات‪ ،‬وال تدفع لشراء جهاز تشويش‬ ‫للخليوي‪ ،‬أو لشراء كاميرات مراقبة‪ ،‬أو لتحسني‬ ‫وضع السجون‪.‬‬ ‫وأردف في املوضوع نفسه‪ :‬اقترحنا تعيني ضابط‬ ‫مسؤول عن مدخل سجن روميه بوقت كان السجن‬ ‫فيه مه ّدد باملمنوعات التي كانت تدخل‪ ،‬لكنه لم‬ ‫يعجبهم ألنه قانوني ويط ّبق القانون على جميع‬

‫العناصر‪ ،‬ومن ثم أقيل بعد هذا التحرك األخير‪ ،‬وكان‬ ‫من املظلومني ألنه مؤمن بالدولة وليس مبصاحله‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫وعن تعديل نظام التحقيق اجلزئي‪ ،‬قال العميد‬ ‫شكور‪ :‬هناك ضعف العدد املوجود في السجون‪،‬‬ ‫خارجها من مجرمني‪ .‬هل يريدون تعديل القانون‬ ‫حلماية أولئك وإبقائهم خارج السجون وبدون‬ ‫مساواتهم بالسجناء ومعاقبتهم؟ وهنا على اجلميع‬ ‫البحث عن هؤالء الذين يجب أن يكونوا داخل السجن‬ ‫مهما عال شأنهم‪.‬‬ ‫وختم العميد شكور بالقول‪ :‬كفانا كذبا ً ونفاقا ً‬ ‫وليهتموا بالوضع الصعب إن‬ ‫وخطابات إعالمية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫للسجناء أو للعناصر األمنية على السواء‪ .‬يجب بناء‬ ‫دولة حقيقية‪ ،‬دولة القانون‪ ،‬لتحرير اجملتمع املدني‬ ‫ّ‬ ‫املتحكم بالبالد والعباد‪،‬‬ ‫فال يبقى رهينة السياسي‬ ‫والذي ال يهتم إال مبصاحله وتأمني رفاهية عائلته‪.‬‬

‫السفير علي عقيل خليل‪:‬‬ ‫لدينا أكثر من ‪ 60‬حالة وفاة‬ ‫بني ‪ 2007‬و ‪2011‬‬

‫عرضنا مع سفير املنظمة العاملية حلقوق‬ ‫اإلنسان وممثل اجمللس اإلسالمي الشيعي األعلى في‬ ‫السجون علي عقيل خليل‪ ،‬واقع السجون وتوالي‬ ‫التمرّد وحترّكات السجناء فقال‪ :‬أزور السجناء في‬ ‫روميه كل أسبوع بحيث أرى مشاكل كثيرة خاصة‬ ‫الصحية منها كافتقار املستوصف للكثير من‬ ‫ّ‬ ‫وتفشي األمراض بشكل كبير بني‬ ‫مق ّومات الطبابة‪،‬‬ ‫السجناء‪ ،‬إضافة ملشاكل السوق إلى احملاكم‪.‬‬ ‫حماد‬ ‫لنتحدث مثالً عن حالة السجني إبراهيم ّ‬ ‫وهو مواطن لبناني ال ميلك أحد من أفراد أسرته ليزوره‬ ‫في السجن أو يطمئن عنه‪ .‬دخل السجن بعد أن متّ‬ ‫القبض عليه وهو يتس ّول في إحدى املناطق‪ .‬وفقا ً‬ ‫للقانون اللبناني‪ ،‬ال يوجد ما يسمى بالعقوبة على‬ ‫التسول‪ ،‬إال أ ّن إبراهيم ُح ِكم في ‪ 2003/7/7‬بعقوبة‬ ‫ّ‬ ‫شهر وغرامة مالية تبلغ ‪ 100‬ألف ليرة لبنانية‪ .‬بقي‬

‫‪57‬‬

‫في السجن من ‪ 2003/7/7‬لغاية ‪ ،2007/2/21‬أي‬ ‫فترة خمس سنوات‪ ،‬فكيف يتم سجن رجل عجوز‬ ‫في السجن؟ هذا نتيجة إهمال من إدارة السجن‬ ‫بح ّد ذاتها‪ .‬كذلك هناك السجني علي سويدان‪ ،‬وهو‬ ‫رجل كبير توفي في السجن‪ ،‬وكان قد قام بجرمية‬ ‫قتل زوجته‪ ،‬وبعد ذلك أصيب بخلل عقلي‪ ،‬وبحسب‬ ‫حقوق اإلنسان وبحالته‪ ،‬ليس من املفروض أن يكون‬ ‫مصح عقلي‪ ،‬بحيث كلما أذهب‬ ‫في السجن‪ ،‬بل في‬ ‫ّ‬ ‫كنت أراه نائما ً على األرض وغير آبه ألي‬ ‫إلى السجن‪ُ ،‬‬ ‫شيء‪ ،‬وفي نهاية األمر متّ نقله للمبنى االحترازي داخل‬ ‫السجن‪ ،‬وبعد أسبوع قام بشنق نفسه‪.‬‬ ‫كذلك منذ عام ‪ 2007‬إلى بداية ‪ ،2011‬لدينا أكثر‬ ‫من ‪ 60‬متوفيا ً في سجن روميه‪ ،‬والتقارير تقول أن‬ ‫معظم حاالت الوفاة كانت نوبة قلبية‪ ،‬لكن ليست‬ ‫كلها صحيحة‪ ،‬فمثالً السجني ربيع صعب توفي‬ ‫بجرعة زائدة من اخملدرات‪ ،‬في حني أ ّن تقرير الطبيب‬ ‫الشرعي قال أنه توفى نتيجة نوبة قلبية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫نفاه تشريح جثته في مستشفى الرسول‪ .‬من أين‬ ‫تدخل هذه اخملدرات إلى السجن؟‬ ‫قلت أ ّن سجن روميه هو قنبلة موقوتة‪،‬‬ ‫لطاملا ُ‬ ‫وهناك انفجار كبير قادم أيضا ً إذا لم يتم القيام مبا‬ ‫ثت‬ ‫قلت عنه سابقا ً وحت ّد ُ‬ ‫يلزم إلصالح الوضع‪ ،‬وهذا ما ُ‬ ‫رحال من سجن روميه إلى سجن‬ ‫عن الرائد رامي ّ‬ ‫زحلة‪ ،‬ومن ثم اعادوه إلى السجن‪ .‬كذلك هناك الرائد‬ ‫خضر ش ّبو الذي متّ نقله بعد أن كان هناك دعوى‬ ‫مرفوعة ضده‪ ،‬ومن ثم أعادوه إلى السجن‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يعتبره السجناء نوعا ً من االستفزاز‪.‬‬ ‫رحال هو الذي س ّبب بداية التم ّرد‬ ‫الرائد رامي ّ‬ ‫األخير‪ ،‬فيوم السبت ‪ ،2011/4/3‬متّ وصول قرار فصل‬ ‫رحال من مبنى (د)‪ ،‬وعندما‬ ‫صالحيات الرائد رامي ّ‬ ‫علم باألمر‪ ،‬حاول إرسال إيعاز لبعض السجناء بأن‬ ‫الضابط اجلديد ينتمي للقوات اللبنانية‪ ،‬وهذا طبعا ً‬ ‫غير قانوني‪ ،‬ومتّ ضرب السجني علي نون وهو “شخص‬ ‫فاقد النظر” ولم يتم اإلستجابة ملعاجلته مع صرخات‬ ‫االستغاثة بأ ّن عينه تنزف دماً‪ ،‬فكان أن تضامن‬ ‫معه السجناء وبدأت االنتفاضة‪ .‬من ثم كان حت ّرك‬ ‫السجناء في مبنى املوقوفني (ب) يوم األحد ‪،2011/4/4‬‬ ‫والذين كانوا يطالبون بحضور وزير الداخلية زياد بارود‪،‬‬ ‫وحجزوا رهائن‪ ،‬وحت ّدثوا حول ما يعانوه من الرائد‬ ‫رحال‪ ،‬وكذلك الرائد حرفوش املسؤول عن مدخل‬ ‫ّ‬ ‫السجن ودخول األهالي‪ .‬وهنا‪ ،‬ما كان من الرائد رحال‬ ‫إال الصعود إلى الطابق الثالث من املبنى‪ ،‬ويرافقه‬ ‫خمسة عناصر أمنية‪ ،‬ويطالب بفتح األبواب على أن‬ ‫التم ّرد انتهى‪ .‬ما أشعل االنتفاضة األكبر يوم االثنني‬ ‫رحال مع العناصر األمنية‪،‬‬ ‫في ‪ ،2011/4/5‬هو دخول ّ‬ ‫وه ّدد السجناء‪ ،‬ولم يقبل بأن يتم نقل السجني‬ ‫هيثم عالوي إلى املستشفى بعد أن شطب نفسه‬ ‫رحال بنثر الشفرات واألدوات‬ ‫وقام بشق بطنه‪ ،‬وقام ّ‬ ‫احلادة بوجه السجناء‪ ،‬وهذا ما سمعناه منهم بعد‬ ‫التم ّرد‪ ،‬وسمعه قائد الدرك العميد صالح جبران‪.‬‬ ‫بعد مبنى (ب)‪ ،‬استاء الوضع في مبنى احملكومني‪ ،‬في‬ ‫اليوم الثالث‪ ،‬وحتى أ ّن مفتاح مدخل سجن املوقوفني‬ ‫(د) كان مع السجناء وقاموا بتسليمي إياه بعد إنتهاء‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حتقيق‬ ‫التم ّرد‪ .‬ولكنني أؤكد أن السجناء اإلسالميني لم‬ ‫يكن لهم أي تدخّ ل بالتح ّرك‪ ،‬أو أي أساس للمشاركة‬ ‫بالتم ّرد‪.‬‬ ‫كنت والشيخ عزير واألب هادي عليا واألب مروان‬ ‫ُ‬ ‫غامن ضد احلسم العسكري واستعمال العنف‪،‬‬ ‫ودخول األمن إلى السجن‪ ،‬ولكننا مع ذلك كنا نرى‬ ‫قوات كبيرة من الفهود واملغاوير تأتي إلى سجن‬ ‫روميه لتطويقه‪ ،‬وقد قامت سيارة “‪ ”BMW‬تابعة‬ ‫لعناصر أمنية بضرب إمرأة من أهالي السجناء‪ ،‬ولم‬ ‫يتع ّرضوا ألي محاسبة‪ .‬عندما متّ أخذ القرار باحلسم‪،‬‬ ‫لم نقبل أن نكون شهود زور ضد الدخول العسكري‬ ‫إلى السجن‪ .‬علما ً أن وزير الداخلية كان ضد هذا‬ ‫احلسم‪ ،‬إال أن القرار باحلسم العسكري متّ بقرار من‬ ‫مدير عام قوى األمن الداخلي اللواء أشرف ريفي‪ ،‬وبعد‬ ‫دخول القوات املسلحة إلى السجن ليالً‪ ،‬ذهب ضحية‬ ‫ذلك قتيلني من السجناء و‪ 14‬جريحاً‪.‬‬ ‫وبعد أن حصلت اإلنتفاضة في اليوم الثالث‬ ‫في مبنى احملكومني‪ ،‬ولدى وصولي للمبنى‪ ،‬وعدم‬ ‫السماح لي بتخطي مدخل املبنى‪ ،‬كان أكثر من ‪50‬‬ ‫من املغاوير والفهود وآخرين يرتدون لباسا ً مدنيا ً وهم‬ ‫َمن اسميتهم بـ”البلطجية”‪ ،‬يقومون بالضرب املُبرح‬ ‫توجهي‬ ‫ألحد السجناء ويُدعى حسني نون‪ ،‬ولدى ّ‬ ‫ألحد الضباط بالتعريف عن نفسي على أنني سفير‬ ‫منظمة حقوق اإلنسان‪ ،‬ما كان منه إال القول‪“ :‬هنا‬ ‫ال يوجد حقوق إنسان‪ ،‬هؤالء حيوانات يلزمهم احلرق”‪.‬‬ ‫وقلت‬ ‫حقا ً كان الضرب والعنف اجلاري غير إنساني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حينها لوسائل اإلعالم أنني لن اكون شاهد زور على‬ ‫الظلم احلاصل في الداخل‪.‬‬ ‫كذلك لطاملا طالبنا بأن يسمح للسجني ناصر‬ ‫صبرا املُصاب مبرض الغرغرينا والذي يتآكل جسمه‬ ‫يوما ً بعد يوم‪ ،‬بأن يسمح له حضور جلسات‬ ‫محاكمته من اخلارج‪ ،‬إال أننا لم نل َق آذان صاغية حتى‬ ‫اآلن‪ .‬ما زاد استياء وضع السجن‪ ،‬هو إقرار فخامة‬ ‫رئيس اجلمهورية العفو العام ألربعة سجناء “وهم‬ ‫من طائفة معينة”‪ ،‬فما الذي مينع إخراج مثالً أصحاب‬ ‫األمراض املزمنة‪ ،‬كالسجني “فيليب أبو حيدر” (‪75‬‬ ‫سنة) واملصاب مبرض السرطان‪ ،‬وغيره؟‬ ‫ويبقى سؤالنا‪ :‬ما الذي مينع العفو العام حتى ولو‬ ‫كان مشروطاً”؟ يبقى ذلك برسم اجلهات املعنية‪،‬‬ ‫خاصة بعد “الصفقة” التي متّت سابقا ً إلخراج سمير‬ ‫جعجع من السجن؟‬

‫الفنانة زينة دكاش و”‪ 12‬لبناني‬ ‫غاضب”‬ ‫زينة دكاش‪ ،‬عايشت سجناء روميه‪ ،‬واستمعت‬ ‫لهم ولشكواهم وهمومهم‪ ،‬فخرجوا بعمل‬ ‫مسرحي نال جوائز عديدة‪ .‬هذا العمل كان ابطاله‬ ‫“سجناء” يدعونهم “مجرمني” بدون اإلصالح‬ ‫الالزم والتأهيل‪.‬‬ ‫عبّروا عن همومهم من خالل العالج النفسي‬ ‫الذي اختارته دكاش للتقرّب منهم والتضامن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سجناء روميه أثناء مسرحية (‪ 12‬لبناني غاضب)‬

‫معهم‪ ،‬والتعبير عن وقوف اشخاص كثر إلى‬ ‫جانبهم حتى ولو وقف القضاء أو ظروف حياتهم‬ ‫ض ّدهم‪.‬‬ ‫تقول زينة دكاش‪ :‬لطاملا حصلت حت ّركات‬ ‫كبيرة في سجن روميه وباقي السجون‪ ،‬ولكن‬ ‫التح ّرك األخير كان األكبر نتيجة مجموعة‬ ‫أشياء متراكمة انفجرت بقنبلة واحدة‪ .‬أعتقد‬ ‫أ ّن التحرك حت ّول سياسيا ً في بعض األماكن‪ ،‬وهذا‬ ‫اعتدت‬ ‫ما يحزنني‪ ،‬خاصة على السجناء الذين‬ ‫ُ‬ ‫عليهم وعلى التواصل معهم‪ .‬العالج بالدراما‬ ‫كتقنية هو العمل كعالج نفسي لكن عن‬ ‫طريق املسرح‪ .‬خالل العالج النفسي‪ ،‬نتكلم عن‬ ‫مشاكلنا‪ ،‬أما العالج بالدراما فهو متثيل املشكلة‬ ‫أكثر من احلديث عنها‪.‬‬ ‫“‪ 12‬لبناني غاضب” متّ بني عامي ‪ 2008‬و‬ ‫‪ ،2009‬فقد أمضينا سنة كاملة نعمل سويا ً مع‬ ‫السجناء‪ ،‬فكانت سنة كاملة عبارة عن عالج‬ ‫بالدراما قبل التدريب على املسرحية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫اقمنا من خالله جلسات مغلقة حلوالي ‪ 45‬سجني‬ ‫يع ّبرون عن كل ما ميلكون من مشاعر وهواجس‬ ‫وعواطف‪ .‬من ثم بدأت التحضيرات لـ”‪ 12‬رجل‬ ‫غاضب”‪ ،‬بحيث كان مموال ً من االحتاد األوروبي‪ .‬وقد‬ ‫عملنا جاهدين على جعل السجناء املشاركني في‬ ‫العمل املسرحي اخلروج من السجن اآلخر الذي‬

‫‪58‬‬

‫وضعهم اجملتمع به‪ ،‬والتواصل مع اجلمهور الذي‬ ‫أتى ملشاهدة العرض‪ ،‬والتعبير عن كل هواجسهم‬ ‫عبر املسرحية‪ .‬كذلك قمنا باحلصول على قانون‬ ‫تخفيض العقوبات رقم ‪ 463‬صادر في العام ‪،2002‬‬ ‫وكان موجودا ً بدون أن يُط ّبق‪ ،‬وقام السجناء بطرح‬ ‫املوضوع خالل عرض املسرحية‪ ،‬وبعد شهرين‬ ‫من العرض‪ ،‬بدأ العمل على إمكانية تنفيذ هذا‬ ‫القانون‪ ،‬ولكنه لألسف ال يشمل سوى ‪ 6‬أو ‪%7‬‬ ‫من سجناء روميه كجرائم القتل واخملدرات‪ .‬ما‬ ‫الحظته من خالل عملي مع السجناء‪ ،‬هو تزايد‬ ‫حجم احلقد لدى السجناء‪ ،‬على اجملتمع وكل َمن‬ ‫ساهم بإدخالهم السجن وس ّبب بذلك‪ .‬نأخذ مثاال ً‬ ‫بسيطاً‪ ،‬إذا كان لدي طفل‪ ،‬ووضع يده في شاحن‬ ‫الكهرباء‪ ،‬ألن أعاقبه‪ ،‬من خالل حجزه في الغرفة‬ ‫مثالً؟ لكن األفضل وجلعله يأخذ ذلك قدوة‪ ،‬هو‬ ‫إجباره على اجللوس في الغرفة ملدة أربعة ساعات‬ ‫مثالً‪ .‬من هنا‪ ،‬سيتعلم الطفل معنى العقوبة‪،‬‬ ‫أما إذا تركته في الغرفة أليام بدون االطمئنان‬ ‫علي؟ هذا فعالً ما يحصل‬ ‫عليه‪ ،‬ألن يحقد طفلي ّ‬ ‫لدى السجناء بكل بساطة‪ .‬إذاً‪ ،‬كانت املسرحية‬ ‫تعبيرا ً عن هواجسهم بطريقة بنّاءة وناضجة‪ ،‬مع‬ ‫اعتراف باجلرائم‪ ،‬ولكن مطالبة بحقوق دنيا من‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫نحضر مؤخرا ً للمشروع الثالث من أعمالنا‬ ‫كنا‬ ‫ّ‬ ‫املسرحية‪ ،‬مبسرحية بعنوان “املشنوق”‪ ،‬ولكن لألسف‬ ‫احترق املسرح في روميه‪ ،‬وسنجدد العمل مبج ّرد توفر‬ ‫اإلمكانيات الالزمة‪ ،‬إلستعادة العمل العالجي مع‬ ‫السجناء‪ ،‬والتواصل اإلجتماعي معهم‪ .‬لقد كان‬ ‫وجودي مع السجناء كمخرجة وأخت وأم ومعاجلة‬ ‫نفسية‪ .‬والعمل القادم سيكون في سجن بعبدا‪،‬‬ ‫وقد أ ّمنا التمويل لذلك‪ ،‬ولكن بانتظار اإلجراءات‬ ‫القانونية الالزمة‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبداهلل‬


‫كتاب‬

‫«وما زالت سعاد تنتظر» رواية جديدة للدكتور فايز رشيد‬ ‫عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت‪،‬‬ ‫صدرت رواية للدكتور فايز رشيد‪ ،‬بعنوان‪« :‬وما زالت‬ ‫سعاد تنتظر»‪ .‬الرواية ترصد حياة عائلة فلسطينية‬ ‫في أجيال متعاقبة ومقاومة االحتالالت الثالثة‬ ‫العثماني‪،‬البريطاني‪،‬واإلسرائيلي‬ ‫لفلسطني‪:‬‬ ‫حتى عام ‪ ،1989‬وفاة سعاد‪ ،‬التي يقول عنها‬ ‫الروائي رشيد‪ :‬اعتقدوها ماتت‪ ،‬لم متت‪ .‬األم مثل‬ ‫الوطن‪ ،‬والوطن ال ميوت‪.‬‬ ‫ومازالت سعاد تنتظر‪ .‬ميكن القول‪ :‬إن هذا‬ ‫العمل األدبي وبأسلوب روائي يرصد األحداث‬ ‫الفلسطينية في احلقبات الثالث ومما جاء في‬ ‫الرواية وعلى الغالف األخير‪:‬‬ ‫ليال ال تعد وال حتصى وهي تفكر في‬ ‫«أمضت ٍ‬ ‫مصير ابنها‪ ،‬ذهبت لشيوخ كثيرين ا ّدعوا أنهم‬ ‫يقرأون الغيب‪ ،‬فتحت باملندل امرأة مشهورة‬ ‫بقراءة الطالع واملصائر‪ ،‬دفعت حليمة نقودا ً كثيرة‬ ‫لها ولهم‪ ،‬كل واحد منهم كان يناقض الثاني‪،‬‬ ‫فمن قال لها إنه مسجون خلف أبواب مغلقة‪،‬‬ ‫وقال آخر‪ :‬بأنه استقر في بلد تفصلنا عنه بحور‬ ‫كثيرة‪ ،‬وامرأة تو ّقعت أن يكون تائها ً في غابة‬ ‫ومازال يعيش فيها‪ .‬فتّشت في البراري والوديان‪،‬‬ ‫صعدت جباال ً ومشت في سهول‪ ،‬لم يقل لها‬ ‫أح ٌد أنه ُق ْ‬ ‫تل‪ .‬كانت تصحو في عز الليل تتضرع‬

‫كلمة‬

‫إلى خالقها أن يدلها على طريقه‪ .‬ناجته‪ ،‬غنت‬ ‫له وناحت في أحيان كثيرة‪ .‬أصبح ابتعاده قدرا ً‬ ‫لكنها أ ّ‬ ‫حلت على أن تعرف قليالً عن هذا القدر»‪.‬‬ ‫من املعروف أن رشيد هو كاتب سياسي وباحث‬ ‫وطبيب في األساس‪ ،‬أُبعد إلى األردن في عام ‪1970‬‬ ‫بعد سنتني قضاهما في السجون الصهيونية‪.‬‬ ‫له العديد من الكتب السياسية منها‪ :‬تزوير‬

‫التاريخ‪ ،‬في الرد على كتاب نتنياهو‪ :‬مكان نحن‬ ‫الشمس‪ ،‬ثقافة املقاومة‪ ،‬زيف دميوقراطية‬ ‫«إسرائيل»‪ .‬وله مجموعتان قصصيتان‪ :‬األولى‬ ‫بعنوان‪ :‬وداعا ً أيها الليل ‪ ،2003‬في الطريق إلى‬ ‫الوطن‪ ،‬شذرات من وقائع حياتية ‪ .2008‬ومازالت‬ ‫سعاد تنتظر هي رواية رشيد األولى‪ ،‬جاءت في‬ ‫‪ 376‬صفحة من القطع املتوسط‪.‬‬

‫آكلو الغلة وسارقو السلة‬ ‫هؤالء هم أعداؤنا يا بني وطني الجريح‬

‫ذئاب مفترسة تلتهم حلوم البشر‪ ،‬كما وصفهم أفالطون‪ ،‬أسوأ أنواع‬ ‫البشر‪ ،‬ألنهم يدمرون روح اإلنسان‪ ،‬كما قال عنهم أرسطو‪.‬‬ ‫هذه هي ثقافة هؤالء املستبدين وناهبي أموال اخلزينة‪ ،‬عالقتهم باألخالق‪،‬‬ ‫عالقة الذئب باحلمل‪ ،‬إنهم يفتقدون للعاطفة اإلنسانية‪ ،‬والوطنية والعائلية‬ ‫واألدبية‪ ،‬فماذا يعطون ألبناء الوطن غير احلقارة‪ ،‬إن فاقد الشيء ال يعطيه‪.‬‬ ‫يحاولون االستيالء على عقول الناس بالبدع والشائعات واألفكار الزائفة‬ ‫التي تدعم وجودهم‪ ،‬تارة (راحت على الطائفة) وأخرى (إن الوطن بحاجة ملن‬ ‫يفديه)‪ ،‬يصورون أنفسهم بحماة األرض والعرض‪ ،‬وإنهم الغيارى في مصالح‬ ‫الشعب‪ ،‬وإنهم ضمير الوطن‪ ،‬يحولون اخلير شراً‪ ،‬ويفسرون العدالة ظلماً‪،‬‬ ‫والقانون فوضى إذا تعارض مع مصاحلهم‪ ،‬بقالب يوحي بأن صاحب احلق‬ ‫فاجر‪ ،‬وطالب لقمة العيش فاسد‪ ،‬والذليل املسكني هو الصالح واألمني‪.‬‬ ‫إن املواطن يئن ويكاد يجن من الغالء الفاحش ومواسم البالء‪ ،‬لقد سطوا‬ ‫هؤالء األنذال على مال الدولة حتى أصبح إلى اضمحالل‪ ،‬وإن هؤالء العراعير‪،‬‬ ‫املشاهير بفحشهم واستباحتهم خليرات البلد‪ ،‬يعيشون قمة الفساد مع‬ ‫رموزهم وأزالمهم‪ ،‬فإنهم قد أذلوا الوطن والعباد‪( ،‬وهذا ما قصدت منه في‬ ‫مقالتي السابقة‪ ،‬النفايات الطائفية والسياسية)‪ ،‬فنحن في هذا الوطن‬ ‫أيها اإلخوة‪ ،‬ما زلنا نتخبط في النفق املظلم نتيجة الهيمنة والتسلط من‬ ‫قبل هؤالء اجملرمني‪ ،‬التي تقود جذور بعضهم إلى عشرات بل مئات السنني‬ ‫مع أزالمهم‪ ،‬فأورثوا هذا العبء إلى األكثرية الساحقة من أبناء الوطن‪.‬‬

‫فنجدهم يختارون الفاسدين أمثالهم من البشر ليكونوا لهم أصدقاء‬ ‫وعبيدا ً متمرسني بالنفاق والتزلق‪ ،‬إذ أن املستبد ينتشي من النفاق ويحب‬ ‫التملق‪ ،‬وإنهم يكرهون الشرفاء‪ ،‬ويحتكرون ألنفسهم اخلصال احلميدة‬ ‫واأللقاب‪ ،‬سادة‪ ،‬باشاوات الخ‪ ...‬مستندين بذلك إلى “فرمانات” سلطانية‬ ‫عثمانية يعيشون على صداها‪.‬‬ ‫يقول أرسطو أيضاً‪“ :‬إن املستبد يعلم أن صاحب الروح الفقيرة هو الذليل‬ ‫سلبت حريته‪ ،‬فهناك من‬ ‫اخلانع‪ ،‬وهذا ليس مبقدوره التفكير بالثورة”‪ ،‬لقد ُ‬ ‫يفكر عنه ومن يتكلم عنه وقد استباحوا حريته وكرامته‪.‬‬ ‫لقد مترس هؤالء (العراعير) بأساليب البيع والشراء‪ ،‬فاحنوا بعض الرؤوس‪،‬‬ ‫وابتاعوا آخرين من ذوي األنفس الدنيئة‪ ،‬ممن زرعوهم وجعلوهم عبيدا ً وخداما ً‬ ‫في البالد ينفذون لهم مآربهم‪ ،‬يتاجرون ويساومون بالوطن‪ ،‬كبيع عقار‪ ،‬وفتح‬ ‫املواخير‪ ،‬وتسويق الرقيق‪ ،‬ويزهقون أرواح رافضي املذلة بأساليب مختلفة‪،‬‬ ‫كإغراقهم في الدين وحرمانهم من لقمة العيش الكرمي‪ .‬لقد حان الوقت‬ ‫لبتر هذه اجلذور‪ ،‬والعمل على التغيير‪ ،‬والتخلص من هذه الطغمة الفاشية‬ ‫القذرة‪ ،‬لننتقل إلى غد مشرق يتالءم مع حياة حرة كرمية‪.‬‬ ‫إن األخالق عند هؤالء املستبدين ناهبي املال العام‪ ،‬والعيش في جوارهم‬ ‫مذلة وهوان‪ .‬يا أبناء هذا الوطن األحرار‪ ،‬أفيقوا من النعاس‪ ،‬ه ّبوا النتزاع‬ ‫حريتكم املسلوبة وحقوقكم املهضومة‪ ،‬لقد ولدنا جميعنا أحراراً‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫الدكتور شفيق باز‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫حماية الفساد يؤمنها الزعماء السياسيون‬ ‫الدكتورة ليلى بركات لـ «منبر التوحيد»‪ :‬مدير عام الثقافة ه ّددني وشتمني‬ ‫“يعرف الفاسد من الطريقة التي‬ ‫يستعلم فيها عن الصفقات واملتعهدين‪،‬‬ ‫من الصوت‪ ،‬من اللهجة‪ ،‬من النظرة‪ .‬ممكن‬ ‫دراسة خطاب الرشوة في حديثه‪ .‬في‬ ‫املديرية العامة للثقافة‪ ،‬التقيت بعدد من‬ ‫الفاسدين‪ .‬في املديرية العامة للثقافة‬ ‫الفساد له أسماء‪ ،‬الفساد له وجوه‪”.‬‬ ‫هكذا تعرف الدكتورة ليلى بركات عن‬ ‫الفساد في املديرية العامة للثقافة في‬ ‫كتاب يغلفه السواد حتت عنوان “الفساد”‪.‬‬ ‫وتضيف‪“ :‬كان من املفترض أن تكون هذه‬ ‫املديرية راعية للثقافة وداعمة للمثقفني‬ ‫وإذ بها تبتدع طرقاً في التعامل مع صرف‬ ‫األموال للجمعيات في مشاريع مشبوهة”‪.‬‬ ‫خالل عام كامل تولّت بركات مهمتها‬ ‫كمنسقة لبرنامج “بيروت عاصمة عاملية‬ ‫للكتاب” دخلت الى كواليس هذه املديرية‬ ‫وأطلعت على اخملالفات التي ترتكب في‬ ‫حق الثقافة واملثقفني‪ .‬وتؤكد بأنها كانت‬ ‫تخوض معارك يومية ودائمة كي تذهب‬ ‫األموال املرصودة للبرنامج أي اخلمسة‬ ‫ماليني دوالر الى أهل الثقافة ومنع سوء‬ ‫استعمال أي جزء منها‪ .‬وقد تعرضت الى‬ ‫ضغوط وممارسات مزعجة وصلت الى حد‬ ‫اإلهانات والتهديد من قبل مدير عام الوزارة‬ ‫الدكتور عمر حلبلب و”أزالمه”‪.‬‬ ‫وعندما انتهى املشروع خرجت بركات‬ ‫غاضبة من وزارة الثقافة وقد يكون الغضب‬ ‫هو كل ما يحتاجه املرء لكي يقوم بتغيير‬ ‫ما‪.‬‬ ‫وللموضوعية اتصلنا بالدكتور عمر‬ ‫حلبلب ألخذ رأيه في هذا املوضوع ولكنه‬ ‫لم يتكلم ألنه بحاجة الى إذن من وزير‬ ‫الثقافة سليم وردة‪ ،‬وله كل احلق في أي‬ ‫توضيح يراه مناسباً‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” التقت الدكتورة ليلى‬ ‫بركات في إطار تكملة ملف الفساد الذي‬ ‫فتح في العدد السابق بهدف إلقاء الضوء‬ ‫على ملف تشعب كثيراً وأثار الرأي العام‬ ‫ولم تتحرك أي جهة للتحقيق فيه‪ .‬كما‬ ‫نؤكد أننا نقف على حياد في هذا املوضوع‬ ‫ونعرض وجهة نظر بركات على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قال لي الوزير متام سالم‪ :‬يجب‬ ‫أن تصمدي الى النهاية‬ ‫ملاذا اخترت اللون األسود لغالف الكتاب؟‬ ‫ألنه لون الفساد‪ ،‬املديرية العامة للثقافة سوداء‬ ‫مثل الفساد الذي يلفها‪ ،‬وال شيء سيضيء النور إال‬ ‫كشف احلقيقة واقتالع الفساد‪.‬‬ ‫تقولني “يعرف الفاسد من اللهجة‪ ،‬من النظرة‪،‬‬ ‫ممكن دراسة خطاب الرشوة من حديثه‪ .‬أليس هذا‬ ‫الكالم شعراً وكيف يترجم هذا القول؟‬ ‫عندما كان ينظر إلي املدير العام الدكتور عمر‬ ‫حلبلب‪ ،‬كنت أشعر أن هذه النظرة تسعى الى شيء‬ ‫ما‪ .‬هذا كالم واقعي‪ ،‬وهو كالم التجربة احلقيقية‪ .‬في‬ ‫البداية كان يعرض علي متعهدين‪ ،‬ثم يتوصى بهم‪،‬‬ ‫وفي املرة الثانية ينصحني بالتعامل مع أحدهم “ألنو‬ ‫“صاحبنا” و “بيتوصى فينا”‪.‬‬ ‫لم تتهمي وزارة الثقافة بالفساد ألن ميزانيتها‬ ‫الضعيفة لم تكن مغرية للفاسدين‪ ،‬ولكن‬ ‫مشروع “بيروت عاصمة عاملية للكتاب” التي‬ ‫وصلت ميزانيته الى ما يفوق اخلمسة ماليني دوالر‬ ‫كان مغرياً جداً‪ ،‬هل يعني ذلك أن الفساد بدأ مع‬ ‫هذا املشروع؟‬ ‫هذا الكالم ليس صحيحا ً فالفساد كان‬ ‫موجودا ً دائماً‪ ،‬مدير عام الثقافة كان موضوعا ً‬ ‫بالتصرف من قبل مجلس الوزراء وقد عاد بقرار‬ ‫سياسي‪ .‬قليلون هم املدراء الذين يوضعون‬ ‫بالتصرف‪ .‬لبنان بلد التسويات‪ ،‬تبدأ الواسطة‬ ‫عندما يكتب تقرير في أحدهم وعندما يرفع الى‬ ‫الشخص األعلى تكون الواسطة قد زادت فيوضع‬ ‫امللف على ال ّرف‪.‬‬ ‫يلجأ املسؤولون في املديرية العامة للثقافة‬

‫‪60‬‬

‫وفق “الشطارة اللبنانية” الى إشاعة أجواء غير‬ ‫دقيقة في أن ميزانية الوزارة شحيحة‪ ،‬وبالتالي ال‬ ‫مجال فعليا ً للصرف وال توافر لألرصدة حتى يكون‬ ‫هناك سوء استعمال للمال العام‪ .‬إال أن احلقيقة‬ ‫تخالف تبريرات املديرية‪ ،‬وهي أن وزارة الثقافة غنية‬ ‫بتراثها الفني وهي حتتوي على أكبر تشكيلة لوحات‬ ‫لرسامني لبنانيني‪ .‬وهي غنية باملال الذي يتدفق على‬ ‫بعض البرامج واملناسبات كإعالن “بيروت عاصمة‬ ‫عاملية للكتاب” أو “بيروت عاصمة الثقافة العربية”‬ ‫أو كالهبة القطرية التي ستمنح للمكتبة الوطنية‪،‬‬ ‫وسواها‪...‬‬ ‫تارة ألتقي بكاتب يشكو من أن أحدهم في املديرية‬ ‫عرض عليه صفقة شراء وهمية لقسم من كتبه‪،‬‬ ‫وتار ًة أخرى بفنان يتذمر من رئيس مصلحة طلب منه‬ ‫عمولة لتمويل حفلة ما‪ ،‬وثالثة برئيس جمعية يؤكد‬ ‫أن االعتمادات التي خصصت جلمعيته مت حتويلها‬ ‫الى جمعيات وهمية‪ ،‬وبرسام يجزم أن لوحات أشهر‬ ‫الفنانني يتم تهريبها من مستودعات وزارة الثقافة‪.‬‬ ‫اجلميع يشكو من إدارة املال الثقافي‪ ،‬لكن كم مقال‬ ‫نشر عن هذا املوضوع؟ وكم شكوى رسمية قدمت‬ ‫الى هيئات الرقابة؟ يعم السكوت لدى األغلبية‬ ‫بينما يلجأ املسؤولون في املديرية الى إشاعة أجواء‬ ‫غير دقيقة في أن ميزانية الوزارة شحيحة وبالتالي‬ ‫ال مجال فعليا ً للصرف‪ .‬إال أن احلقيقة هي أن الوزارة‬ ‫غنية بتراثها الفني وباملال الذي يتدفق على بعض‬ ‫البرامج كإعالن “بيروت عاصمة عاملية للكتاب”‪.‬‬ ‫هي غنية‪ ،‬ولكنها غير مؤمتنة‪ ،‬ال على ماضي التراث‬ ‫الثقافي وال على مستقبله‪.‬‬


‫هل املوضوع شخصي؟‬ ‫وجهت التهمة الى مدير عام وزارة الثقافة‬ ‫ملاذا‬ ‫ِ‬ ‫الدكتور عمر حلبلب و”أزالمه” من املوظفني؟ وهل‬ ‫املوضوع شخصي وكيدي؟‬ ‫هذا سؤال جيد‪ ،‬أنا ابنة مفتش مالي عام وهو‬ ‫سامي بركات وقد رباني على مبادئه وهي تختلف عن‬ ‫املفاهيم السائدة اليوم‪ .‬والدي ميلك أمواال ً تكفيه‬ ‫ملدة سنة واحدة من تاريخ اليوم وهو الذي كشف عن‬ ‫سرقات وملفات كثيرة وقد كان يستطيع أن يجمع‬ ‫عشرات املاليني من الدوالرات ولكنه منسجم مع‬ ‫قناعاته‪ ،‬هذه القناعات رباني عليها‪ .‬كان ميلك سيارة‬ ‫قدمية وكنت أسأله أال تخجل من هذه السيارة؟‬ ‫فيجيبني “إنها عنوان كرامتي وكل الذين ميلكون‬ ‫سيارات فخمة يجب أن يخجلوا من أنفسهم ألني‬ ‫سأنظر إليهم نظرة من أين لك هذا؟” لقد ذكرت‬ ‫املشاريع التي كان يريد حلبلب متريرها بـ ‪350‬‬ ‫صفحة؟ كانت عالقتي به ممتازة الى أن وصل املال‬ ‫فتصدى لي وحاول مترير مشاريعه من خاللي وهو‬ ‫ميلك ذهنية زعيم املافيا الذي لم يتحمل وجود ماليني‬ ‫الدوالرات دون أن يستفيد منها‪ .‬وهذا ما أوصله الى‬ ‫التعرض الى كرامتي وتهديدي وهناك شهود على‬ ‫ذلك‪ .‬املديرية العامة للثقافة ليست وزارة شربل‬ ‫نحاس وال يوجد فيها مئات املاليني من الدوالرات التي‬ ‫ميكن التالعب بها‪ .‬ولكن هل هذه املمارسات مألوفة؟‬ ‫هل هي طبيعية؟ نحن ال نستطيع أن ننظر الى‬ ‫حجم السرقات فقط‪ .‬السرقات موجودة في معظم‬ ‫الوزارات ولكن وصل األمر باملدير العام أن يهددني إذا‬ ‫لم يسرق إمضائي‪ .‬وقد اتصلت بالوزير متام سالم‬ ‫وقلت له لست مسؤولة عن كرامة الدولة اللبنانية‬ ‫ولن أمضي للمدير العام على سرقات وسأترك‬ ‫املشروع‪ .‬فقال لي هذا ما يريدونه‪ ،‬يجب أن تبقي حتى‬ ‫النهاية‪ .‬تابعت وأرجعت مبلغ الـ ‪ 600‬ألف دوالر الى‬ ‫خزينة الدولة‪.‬‬

‫العيون مفتوحة‬ ‫على ما تبقى من مال‬ ‫وملاذ أعيد مبلغ ألـ ‪ 600‬ألف دوالر الى اخلزينة ولم‬ ‫يصرف على مشاريع ثقافية يحتاج إليها الوسط‬ ‫الثقافي؟‬ ‫كانوا يريدون نهبها وليس إعطاءها الى املثقفني‪.‬‬ ‫طلب مني عمر حلبلب أن تتوقف املشاريع وأعطانا‬ ‫مهلة شهر واحد وقد أقنع الديوان بضرورة توقيفها‪.‬‬ ‫لقد عشت فعالً هاجس سوء استعمال هذا املبلغ‪،‬‬ ‫بعدما سمعت بالتواتر عن سيناريوهات مختلفة‬ ‫الستعماله في غير مكانه املناسب‪ .‬فاحتت رئيس‬ ‫ديوان احملاسبة بهواجسي فوعد بأن يدعم حتركنا‬ ‫إلعادة املبالغ الى خزينة الدولة‪ .‬كما قمت بلفت‬ ‫انتباه اإلعالم الى هذا املوضوع كي يفهم اجلميع أن‬ ‫“العيون مفتوحة على ما تبقى من مال” وبالفعل متت‬ ‫إعادة هذا املبلغ الى خزينة الدولة‪.‬‬

‫ولكنها مجرد أحاسيس وتكنهات؟‬ ‫كال‪ ،‬ألن هناك جتربة مع هؤالء األشخاص‪ .‬هناك‬ ‫منسقية تدير املشاريع يريدون إقفالها وتأليف جلنة‬ ‫جديدة ليقرروا مصير الـ ‪ 600‬ألف دوالر‪ .‬أتكلم عن‬ ‫أشخاص هددوني لكي يسرقوا‪ .‬ماذا سيفعلون إذا ً بـ‬ ‫‪ 600‬ألف دوالر؟‬ ‫الفاسدون أقوياء وال يترددون في تهديد من‬ ‫يواجههم؟ أخبرينا عن حلظات اخلوف التي عشتها‬ ‫قبل إصدارك كتاب “الفساد”؟‬ ‫كنت خائفة‪ .‬ولكن لعل اخلوف وهوسي بالتغلب‬ ‫عليه‪ ،‬هما اللذان يدفعاني الى نشر أرقام ومستندات‬ ‫وأسماء‪ .‬هذا اخلوف الذي إن جنح بالتغلب علي‪،‬‬ ‫سأضطر الى العيش مع شماتته وسخريته ملدى‬ ‫العمر‪.‬‬ ‫من يدعم ليلى بركات؟‬ ‫ال أحد يدعمني ولكن بعد إصداري هذا الكتاب‬ ‫قسم كبير من شخصيات البلد السياسية‬ ‫والفكرية واإلعالمية اتصلوا بي ليتضامنوا معي‪.‬‬

‫جُ مل تخدش احلياء‬ ‫هناك شتائم ذكرت في الكتاب وهي تخدش‬ ‫احلياء وال نستطيع كتابتها‪ .‬ألم يكن من األفضل‬ ‫عدم ذكرها؟‬ ‫اجلمل التي تخدش احلياء كان ميكن عدم ذكرها‬ ‫كما هي بكل بشاعتها وقدرتها على إذالل الذاكرة‬ ‫والذكريات‪ ،‬ولكن ذكرها يجعلنا نعي خطورة الوضع‬ ‫الذي وصل إليه الفساد وما يواكبه من تدني لألخالق‬ ‫العامة‪ ،‬وبالتالي يخدم القضية‪ ،‬بينما االكتفاء‬ ‫بوصف ما عشته بأي كلمات أخرى أقل تهذيباً‪ ،‬ال‬ ‫ميلك القدرة على نقل صورة اجلحيم الذي عانيت‬ ‫منه‪.‬‬ ‫تقولني إنك كنت توقعني وحدك الفواتير وهذا‬ ‫ما ّ‬ ‫أكده املدير عمر حلبلب وأنت راضية عن ‪ %95‬من‬ ‫املشاريع التي نفذت‪ ،‬فأين اختالس األموال إذا؟ً‬ ‫لست راضية عن مشاريع والتزامات مالية تشكل‬ ‫‪ % 5‬من ميزانية “بيروت عاصمة عاملية للكتاب”‪ ،‬وقد‬ ‫يكون هناك نسبة من الـ ‪ % 5‬أسيء استعمالها‪،‬‬

‫‪61‬‬

‫مما يعني أن سوء استعمال املال العام قد اقتصر‬ ‫عل بعض عشرات اآلالف من الدوالرات األميركية‪.‬‬ ‫مما أشكو اذاً؟ أشكو من تغلغل الفساد في املديرية‬ ‫وقد اضطررت مع هذا الواقع الى استنفاذ كل‬ ‫طاقتي لتحصني املال العام‪ .‬أشكو أني عشت في‬ ‫جتربة كابوس مع شخص يستطيع عرقلة اي برنامج‬ ‫إن لم يستطع االستفادة من األموال اخملصصة له‬ ‫دون أن يتجرأ أي وزير من جتميد عضويته في اللجنة‬ ‫التنفيذية‪.‬‬ ‫في لبنان نكتفي فقط بإثارة الفضائح وال أحد‬ ‫يهتم مبتابعتها أو مبحاسبة املذنب؟ ألم يحن‬ ‫الوقت لتفعيل هيئات الرقابة؟ وأال يدعو هذا‬ ‫الكتاب أي من األجهزة الى التحرك؟‬ ‫ديوان احملاسبة يحقق في املوضوع وانشاهلل خير‪.‬‬ ‫هل أنت متفائلة؟‬ ‫انا ال أستطيع إال ان أؤمن بهيئات الرقابة ألنني‬ ‫ابنتها‪ .‬والسؤال املطروح ملاذا ال تكشف السرقات في‬ ‫لبنان؟ ألن احلماية السياسية للفساد يؤمنها الزعماء‬ ‫السياسيون من خالل التدخل املباشر مع الهيئات‬ ‫الرقابية لتجميد التحقيقات وعدم تعيني الكوادر‬ ‫الالزمة في الهيئات الرقابية‪ ،‬وبالتالي إضعافها‬ ‫بحيث يصبح كل مفتش أو كل قاض مسؤوال ً عن‬ ‫عدد هائل من امللفات‪.‬‬ ‫صدر الكتاب منذ سبعة أشهر وكأن شيئاً لم‬ ‫يكن؟‬ ‫انزعجت مني هيئة الرقابة عندما قلت إن هناك‬ ‫متييع في التحقيقات‪.‬‬ ‫إذا أثبت الدكتور حلبلب عدم صحة ما تقولينه‬ ‫ما هو مصير هذا الكتاب؟‬ ‫ال يستطيع أن يثبت شيئا ً كل املعلومات موثقة‬ ‫وهناك شهود‪.‬‬ ‫هل صحيح إنك طلبت من وزارة الثقافة أن‬ ‫تدعم كتاب”الفساد”؟‬ ‫أول مرة أسمع هذا الكالم‪.‬‬ ‫من يرجع كرامة الدكتورعمر حلبلب؟‬ ‫إسالي عمر حلبلب أين كرامة الدولة التي ميثلها؟‬ ‫وأين كرامة الوظيفة العامة؟‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫المسرح اللبناني‬ ‫يبحث عن جمهوره‬ ‫وال يعلم أين أصبح‬ ‫وهج ّ‬ ‫ممثليه‬

‫«‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫»‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫سو‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ض‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫عم‬

‫هي‬ ‫خشبة املسرح من جديد‪،‬‬ ‫تدق ناقوس اخلطر‪ ،‬بني مسرحيات‬ ‫جديدة تلقى بعض القبول من اجلمهور املسرحي‪،‬‬ ‫وغياب لدعم وزارة الثقافة لإلنتاجات اجلديدة‪ ،‬ومع ابتعاد اجلمهور‬ ‫ٍ‬ ‫خاصة الشباب منهم عن املسرح واخلرق الكبير للعوملة واإلنترنت‬ ‫والفضائيات‪.‬‬ ‫مرة جديدة ندخل مسارح لبنان‪ ،‬لنرى بعضها فارغاً بعد أن‬ ‫ّ‬ ‫تغص باجلماهير‪ ،‬هذا مع عدم نسيان بعض ما‬ ‫كانت مقاعدها‬ ‫تأخذه املسرحيات اجلديدة من جناح‪ ،‬إن مسرحيات الرحابنة األبناء‬ ‫اليوم‪ ،‬أو مسرحيات مروان جنار ونضال األشقر واألب فادي تابت أو‬ ‫جواد األسدي وجورج خباز‪ ،‬إضافة لعدد من الشباب اجلديد في‬ ‫عالم املسرح‪ ،‬الذي يحتاج فيما يحتاجه‪ ،‬إلى استعادة رونقه الذي‬ ‫ميّزه سابقاً وطوال فترة طويلة من الزمن‪.‬‬ ‫لقد تناسى البعض ربمّ ا‪ ،‬أن املسرح هو نتاج جماعي يتحقق‬ ‫ّ‬ ‫بتوفر جميع عناصره من النص املسرحي واملمثلني واإلخراج‬ ‫ّ‬ ‫الصحيح واجلمهور‪ ،‬والدعم املادي والذي رمبا هو الذي يؤخر اليوم‬ ‫َ‬ ‫ناهيك عن العوملة وما أفسدته في عقول‬ ‫اإلنتاجات اجلديدة‪ ،‬هذا‬ ‫اجليل اجلديد‪.‬‬

‫و من‬ ‫توالت‬ ‫ثم‬ ‫املسرحيات مع جورج أبيض‬ ‫وسليمان قرداحي وغيرهما‪.‬‬ ‫فخالل النصف األول من القرن العشرين‪ ،‬توزع املشهد‬ ‫املسرحي في لبنان بني فرق متنوعة‪ ،‬مثل جمعية إحياء التمثيل‬ ‫العربي وفرقة التمثيل العربي وجمعية إحياء التمثيل الوطني‬ ‫وفرقة االحتاد املسرحي اللبناني وغيرها‪.‬‬ ‫ومن ثم ازداد عدد دُور العرض املسرحية في بيروت بدءًا من‬ ‫مطلع القرن نفسه‪ ،‬كـ “دار التمثيل” ومسارح زهرة سوريا‪،‬‬ ‫الباريزيانا‪ ،‬الشيدوفر‪ ،‬الكورسال‪ ،‬الكريستال‪ ،‬التريانون‪ ،‬املنظر‬ ‫اجلميل‪ ،‬التياترو الكبير ومسرح فاروق وغيرها باإلضافة إلى مسرح‬ ‫البورصة في زحلة‪.‬‬ ‫في املرحلة نفسها نشط املسرح األرمني اللبناني مع جورج‬ ‫سركيسيان وفاروجان حدشيان وبيرج فازليان‪ ،‬إضافة ملسرح‬ ‫اجلامعة األميركية باللغة األجنبية ومسرح املركز اجلامعي‬ ‫البدايات األولى‬ ‫للدراسات املسرحية بالفرنسية‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬ظهر املسرح الكوميدي مع الفنان حسن عالء‬ ‫بدأ املسرح اللبناني مع مسرحية “البخيل” ملروان النقاش‪ ،‬الدين امللقب بـ “شوشو” الذي أسس املسرح الوطني في بيروت‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪62‬‬


‫يستمر حتى اليوم باستقطاب الشعراء والهواة‪،‬‬ ‫وفي العام ‪ ،1965‬صدر مرسوم تأسيس‬ ‫ويشهد حضورا ً أدبياً وفكرياً متنوعاً‪.‬‬ ‫“معهد الفنون اجلميلة” في اجلامعة‬ ‫«منبر التوحيد» زارت الفنان والشاعر وليم‬ ‫اللبنانية‪ .‬ولكن اليزال اجلو املسرحي اليوم‬ ‫حسواني‪ ،‬لتأخذ برأي مَن عايش املسرح وتعايش‬ ‫يفتقر للطاقات اجلديدة‪ ،‬خاصة وأن تعليم‬ ‫معه‪ ،‬حول ما وصل إليه املسرح اللبناني اليوم‪.‬‬ ‫فن املسرح اليزال يقتصر على اجلامعة‬ ‫يقول‪« :‬للمسرح اللبناني تاريخ كبير‪ ،‬ميتد‬ ‫ً‬ ‫اللبنانية‪ ،‬فصفوف املسرح تغيب إما كليا‬ ‫على مئات السنني‪ ،‬وليس جديدا ً أن يكون في‬ ‫لبنان مسرح‪ ،‬أل ّن املسرح هو وجه حضاري لتاريخ‬ ‫أو جزئياً عن صفوف اجلامعات اخلاصة‪.‬‬ ‫الشعوب‪ ،‬وهو الكلمة احل ّية التي تقال أمام الناس‬ ‫توالت املسرحيات اللبنانية‪ ،‬مع الفرق‬ ‫والتي من املفروض أن حتمل رسالة‪ ،‬إما أن تتكلم‬ ‫املسرحية الشعبية‪ ،‬فتميّزت فرقة األخوين‬ ‫وإما أن تتلكم عن‬ ‫عن األخالق وتقومي اجملتمع‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫شكل عاصي ومنصور‬ ‫الرحباني بحيث‬ ‫النفس البشرية التي يجب أن تعيش على هذه‬ ‫ً‬ ‫الرحباني ثالوثاً‬ ‫الفن‬ ‫وزخم‬ ‫فيروز‪،‬‬ ‫مع‬ ‫ذهبيا‬ ‫األرض بإطار معني له عالقة بسمو اإلنسان وعل ّو‬ ‫اللبناني باملسرحيات واألغاني التي رافقتها‪،‬‬ ‫مقامه بني مخلوقات األرض‪.‬‬ ‫فضلته على كل‬ ‫املسرح‪ ،‬هوايتي الكبرى‪ ،‬وقد ّ‬ ‫خاصة مع ما متيّز به األخوين الرحباني من‬ ‫أنواع الفن من سينما وتلفزيون وغيرها‪ .‬فاإلنسان‬ ‫قربهما للشعب وقضاياه ومشاكله‪.‬‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫بجسده‪ ،‬يقف أمام اجلمهور ويلقي الكلمة التي‬ ‫اليوم‪ ،‬ومع سوء الوضع السياسي‬ ‫يريد إيصالها‪ .‬دون شك‪ ،‬هنا ال بد من األخذ بعني‬ ‫واألمني واإلقتصادي‪ ،‬اليزال بعض املؤمنني‬ ‫اإلعتبار اجلمهور في املسرح‪ ،‬ونعرف أنه يجب أن‬ ‫على‬ ‫للتأكيد‬ ‫جديدة‪،‬‬ ‫أعمال‬ ‫باملسرح والفن الراقي‪ ،‬يحاولون تقدمي‬ ‫يكون بحضرة فكرة معينة‪ ،‬أكثر مما أن يكون املسرح مج ّرد شيء ينظرون‬ ‫ً‬ ‫أ ّن املسرح اللبناني اليزال ينبض‪ ،‬وهو حقا بانتظار مَن يهتم به‪ ،‬إليه للديكور فقط‪ .‬فاجلوهر هو الفكرة التي يُبنى عليها هذا املسرح ويكون‬ ‫ويعيده إلى مجده الذي كان عليه‪ ،‬خاصة مع مسرحيات جديدة هو األساس الذي يجب أن يعطي العبرة للمشاهدين‪ ،‬ومن خاللهم إلى‬ ‫تتوالى تباعاً‪ ،‬ولكن ال يلزمها سوى الدعم املادي الرسمي‪ ،‬لتبقى اجملتمع عموماً‪.‬‬ ‫شعب بأكمله‪ .‬ففي فترة حكم‬ ‫وتضم‬ ‫إذا ً املسرح هو فكرة واسعة جداً‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫وتستمر‪.‬‬ ‫امللك لويس الرابع عشر في فرنسا‪ ،‬كان املسرح بالنسبة له كلمته التي‬ ‫تُقال للشعب‪ ،‬حتى لو كانت هذه الكلمة بالشكل الكوميدي أو التراجيدي‪،‬‬ ‫الفنان وليم حسواني‪ :‬املسرح ليس مجرّد خشبة‪ ،‬ونحن نعلم أ ّن العصور الفرنسية األدبية بأوج ازدهارها في القرن السابع‬ ‫عشر‪.‬‬ ‫بل هو فكر ومجتمع وحضارة‬ ‫وانوج َدت ثوابته‪ .‬إذا ً املسرح ليس فقط‬ ‫مع املسرح ُعرِفت أهمية الشعر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والشعر‬ ‫جسد تلك اخلشبة التي نقف عليها‪ ،‬ال بل هو الفكر واجملتمع واحلضارة‬ ‫ِ‬ ‫هو “شاويش” املسرح الرحباني‪ ،‬اعتلى خشبة املسرح فأبدع‪ّ ،‬‬ ‫شخصيات مسرحية فعشقها وعشقته حتى أصبحا واحداً‪ .‬كتب واخليال وهو كل شيء ممكن أن يصف اجلمال ّيات في عالم اإلنسان‪.‬‬ ‫أما عن املسرح التاريخي الذي متيّزت به معظم املسرحيات خاصة‬ ‫الشعر‪ ،‬واليزال‪ ،‬يأخذ الكلمات إلى دنيا الالوجود ليعيدها قصائد ّ‬ ‫جتسد‬ ‫يتحدث عن وهم‪،‬‬ ‫ما يعيشه مجتمعنا اليوم من مشاكل وهموم وال مباالة رسمي وغيره‪ .‬الرحبانية منها‪ ،‬يقول حسواني‪« :‬املسرح التاريخي‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫لكن وظيفته هي أن يسرد‬ ‫هو ابن الشاعر واملمثل املسرحي خليل حسواني‪ُ ،‬و ِل َد في ‪ 22‬تشرين ال بل عن شيء ثابت‪ .‬إذاً‪ ،‬هو ينطلق من حقيقة‪ّ ،‬‬ ‫التاريخ‪ ،‬بل أن يأخذ من هذا التاريخ عبرة أو فكرة ميكن للشعب التع ّلم منها‬ ‫الثاني‪ ،‬من العام ‪ ،3391‬وكان الشعر مرافقاً له منذ الصغر‪.‬‬ ‫بدأ مسيرة جناح باهرة مع األخوين الرحباني في مسرحية “موسم لبناء مستقبله»‪.‬‬ ‫يتابع حول املسرح اليوم‪« :‬ما يحتاجه املسرح هو «الفكر»‪ ،‬فاألهم هو‬ ‫الع ّز” غنا ًء ومتثيالً‪ ،‬فنجح في اإلثنني معاً‪.‬‬ ‫وعما يجب أن‬ ‫أسس صالون “موسم الشتاء” للشعر واألدب في العام ‪ ،6991‬والذي «الكلمة» التي تقال على خشبته‪ ،‬وكيف ميكن إيصالها ّ‬ ‫تتحدث‪ .‬الشعب اللبناني شعب ذكي‪ ،‬وخاصة شعب املسرح‪ ،‬وليس من‬ ‫يهمه املظهر اخلارجي‪ ،‬حتى ولو كان هذا‬ ‫املمكن أن يرضى بالتفاهات‪ ،‬إذ ال ّ‬ ‫املظهر من عناصر املسرح األساسية‪ ،‬كاللباس واأللوان والديكور‪ ،‬ولكن‬ ‫األهم هو «الفكر» و «الفكرة»‪ .‬الشعب اللبناني املسرحي شعب حضاري‬ ‫يتحدث املسرح عن واقع هذا‬ ‫عميق بتفكيره‪ ،‬ينظر في عمق األمور‪ ،‬من هنا‬ ‫ّ‬ ‫الشعب وكيفية عيشه مع ّ‬ ‫حكامه‪ ،‬ومع حقوقه على األرض‪ ،‬وتط ّلعاته‬ ‫إلى املستقبل‪ .‬هنا املؤلف املسرحي‪ ،‬يجب أن يحيط بكل هذه األمور كي‬ ‫يستطيع إشباع نهم اجلمهور‪.‬‬

‫على املسرح تشجيع الشعب على الثورة‬ ‫ومع مسرحية األخوين الرحباني‪ ،‬التي كانت بعنوان «يعيش يعيش»‪،‬‬ ‫يقول حسواني‪« :‬مع األسف الشديد‪ ،‬هناك الكثير من الشعب اللبناني‬ ‫يحب العطاء من ذاته بدون حساب‪،‬‬ ‫لديه النفسية البسيطة والكرمية‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪63‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫وال يتردد بالقول للزعيم الذي يشتريه يوم اإلنتخاب ويبيعه عندما يحصل‬ ‫بد لإلنتفاضة والثورة أن تتواجد لدى‬ ‫على رغبته‪« :‬يعيش يعيش يعيش»‪ .‬ال ّ‬ ‫الشعب‪ ،‬وعلى هذا الشعب الثورة على هذه التقاليد ونفض الغبار عنها‪،‬‬ ‫متساو‬ ‫ليخرج منها كـ»طائر الفينيق»‪ ،‬ويرى نفسه كإنسان له احلق باحلياة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بالعظمة والكرامة مع كل َمن يقول لهم‪« :‬يعيش يعيش»‪.‬‬ ‫هناك نقص في اجملتمع‪ ،‬فمن املعيب على املؤلفني املسرحيني أال يدفعوا‬ ‫الشعب للثورة على النقص املوجود حوله‪ .‬لدينا نقص كبير‪ ،‬فحقوقنا‬ ‫في بلدنا مهدورة‪ ،‬إذ ليس لدينا حق التعليم وال الطبابة وال الشيخوخة‪،‬‬ ‫فاللبناني يبقى خائفا ً على مستقبله‪ ،‬في ظل تخاذل ّ‬ ‫ضده‪ .‬فإذا‬ ‫حكامه ّ‬ ‫كان الشعب قوي وذكي‪ ،‬ويعرف كيف يحصل على حقوقه‪،‬‬ ‫عليه أن يثور وال يبقى صامتاً‪ ،‬وأول رسالة يجب أن تُعطى‬ ‫حتدثا‬ ‫له هي من خالل املسرح‪ .‬فاألخوان الرحباني‪ ،‬هما َمن ّ‬ ‫عن احلق‪ ،‬والنهضة‪ ،‬واإلنسان األبيض الذي ال ينتمي لعرق‬ ‫أو طائفة أو دولة‪ ،‬هو اإلنسان «اإلنسان» كما خلقه‬ ‫اهلل بكل حقوقه وكرامته وكرمه واندفاعه وتعاونه‬ ‫مع الناس‪ ،‬هذا اإلنسان الذي يتو ّلى أموره يجب أن‬ ‫يُعطى كامل حقوقه‪.‬‬ ‫ويتابع‪ :‬روح ّية املسرح هي وليدة ظروف‬ ‫الشعب‪ ،‬وهي التي حتدد نوعية املسرح‪،‬‬ ‫فالظروف التي كانت حتيط بنا في لبنان‬ ‫أثناء املسرحيات األولى للرحابنة‪ ،‬تختلف‬ ‫جدا ً عن الظروف احلالية‪ ،‬فاليوم نعيش‬ ‫في ظروف ظاملة على البلد والناس‬ ‫وحتى على الدولة غير القادرة على‬ ‫أخذ قرارها‪ .‬هنا‪ ،‬على املسرح أن‬ ‫يتطور ويتكلم عن الوضع‬ ‫احلالي‪ ،‬إذ ال ميكننا العودة‬ ‫ملسرحيات الرحابنة في‬ ‫املاضي‪ ،‬إال إذا كانت تتكلم‬ ‫عن وضعنا احلاضر‪ ،‬وإال ف ُيفترض‬ ‫بنا كمسرحيني أن ننتهج نهجا ً جديدا ً‬ ‫متطورا ً عن النهج القدمي‪ ،‬ليتكلم عن حالتنا‬ ‫ويجسدها كاملة‪.‬‬ ‫احلاضرة‪ ،‬ويعيشها‬ ‫ّ‬

‫ُ‬ ‫ورثت املوهبة وليس القواعد الشعرية‬ ‫والتمثيلية‬ ‫يقول حسواني عن قدرته على التمثيل وكتابة الشعر‪« :‬ال شك أ ّن‬ ‫اإلطار العائلي يؤثر على نفسية اإلنسان وتط ّلعاته‪ ،‬لكن هذا ليس شيئا ً‬ ‫مفروضا ً أبداً‪ ،‬إذ ليس بشرط أن يكون إبن املمثل أو الشاعر ممثالً أو شاعراً‪ ،‬أل ّن‬ ‫مكان أتت‪ ،‬وحتى املدرسة ال تستطيع تأسيس‬ ‫أي‬ ‫املوهبة تأتي بالفطرة‪ ،‬من ّ‬ ‫ٍ‬ ‫شاعر أو ممثل‪ ،‬إذ تبقى املوهبة هي األساس‪.‬‬ ‫كان الشعر معي منذ ما قبل املسرح‪ ،‬الذي زادني شعورا ً وعلما ً بالشعر‪،‬‬ ‫أل ّن الرحابنة مدرسة شعرية دون أي شك‪ ،‬وقد تع ّلمت منهما أشياء كثيرة‪،‬‬ ‫من نوعية التعابير الشعرية‪ ،‬ونوعية السفر الفكري من املسرح إلى عالم‬ ‫الشعر‪ ،‬حتى أ ّن الذي يقرأ شعري اليوم يعتقد أنه «شعر رحباني»‪ ،‬وأنا أفتخر‬ ‫بذلك‪ ،‬ألن منصور وعاصي كانا من كبار شعراء هذا العصر‪.‬‬ ‫أما التمثيل فهو شرح الشعور الداخلي‪ ،‬فعندما ال ميلك املمثل شعورا ً‬ ‫بد له من معرفة‬ ‫وعواطف وهواجس يستعملها على املسرح‪ ،‬لن ينجح‪ ،‬إذ ال ّ‬ ‫معنى وقيمة الكلمة التي يقولها‪ .‬وكذلك الشعر‪ ،‬إذ ال ميكن للقضية أن‬ ‫ُبك َمن يسمعها‪.‬‬ ‫تكون قصيدة إذا لم ت ِ‬ ‫ويُعيد حسواني الوضع احلالي إلى ما يرتكبه املسؤولني من أخطاء‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ّ‬ ‫جسدها في‬ ‫بحق الشعب‪ ،‬ليقول حول شخصية «الشاويش» التي‬ ‫دت شخصيته كان‬ ‫إحدى مسرحيات الرحابنة‪ :‬الشاويش الذي‬ ‫جس ُ‬ ‫ّ‬ ‫شخصا ً محبوبا ً وط ّيباً‪ ،‬يتعامل مع القانون أفضل مما يتعامل معه الضابط‪،‬‬ ‫ويُن ِّفذ القانون مهما كلفه األمر حتى لو لم يُرد الضابط ذلك‪ .‬لقد قال‬ ‫قضي ِتك صغيرة أكلتيها‪ ،‬وإذا كبيرة بيصير‬ ‫الشاويش في املسرحية‪« :‬إذا ِ‬ ‫فيها وما فيها»‪ ،‬وهذا ما يعني أنه عندما تصل القضية إلى الكبار‪ ،‬يل ّونوها‬ ‫ويفسدونها وميحونها‪ ،‬أما الشاويش فكان ّ‬ ‫ينفذ األمر كما يجب أن يكون‪،‬‬ ‫نحضر مسرحية «صاحب‬ ‫مع كل مح ّبته للناس ومح ّبتهم له‪ .‬ونحن اليوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بد من اإلشارة إلى أننا ال نرى‬ ‫الغبطة والسلطان» لألب فادي تابت‪ .‬لكن ال ّ‬ ‫أي دعم للمسرح اللبناني من وزراة الثقافة‪.‬‬ ‫ويختم حسواني حول مجموعاته الشعرية الستة «شريعة الغاب»‪:‬‬ ‫قلت في إحدى كتبها عن‬ ‫نحن اليوم نعيش في شريعة الغاب‪ ،‬والتي ُ‬ ‫قديس‪ ،‬دغري‬ ‫املسؤول السياسي‪« :‬بيقعد على كرسي احلكم ّ‬ ‫السيء‬ ‫الكرسي بتعملو شيطان»‪ .‬ال أعرف مدى التأثير‬ ‫ّ‬ ‫همهم‬ ‫ألولئك الذين يستلمون احلكم ويصبح ّ‬ ‫الوحيد ملء جيوبهم قبل ترك احلكم‪.‬‬ ‫قلت لهم في قصيدة‬ ‫من هنا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫«الواوي»‪:‬‬ ‫بتفوت من فتحة‬ ‫القن‬ ‫شريط‬ ‫ّ‬ ‫بتتخرمش ووبرك بيتنتّر‬ ‫وريش الدجاج بفوتتك‬ ‫بيجن‬ ‫ّ‬ ‫وبتكمش الف ّروج املعتّر‬ ‫بتطلق لصوب الريح سيقانك‬ ‫وطير الكمشتو بعد عندو حيل‬ ‫بيفرفر‪ ..‬بيفلت من سنانك‬ ‫وخلفك عم تهبهب كالب الليل‬ ‫و َع سوء حظك يا أبو زهرا‬ ‫فوق ما هالناس بتلو َمك‬ ‫ما بيبقالك بهالتجرا‬ ‫غير ريشة بكعب زلعومك‬ ‫ما زال هالشغلي س َميتا عليك‬ ‫سرقلك شي سرقة تكون حرزاني‬ ‫ساعتا بتصير «واوي بيك»‬ ‫وجيبتك بتصير ملياني‬ ‫َ‬ ‫بتعمل وليمي بتعزم املسؤول‬ ‫بتعقد معو صفقات س ّر ّيي‬ ‫بتصير تاكل أطيب املأكول‬ ‫وبياكلو خلفك الواويي‬ ‫ّ‬ ‫وبتبطل مشرشح‬ ‫بتتشبرق‬ ‫وبيكترو حولك‪ ..‬وبيح ّبوك‬ ‫ّ‬ ‫تترشح‬ ‫ساعتا إن ح ّبيت‬ ‫بتنجح بال ما الناس ينتخبوك‬ ‫وبعد العمر لو زرت دنيا الغيب‬ ‫بيش ّيعوك كبار‪ ..‬وجراوي بيبكوك‬ ‫وبيرثيك موسى زغيب‬ ‫وبيقول إنك «سبع» مش «واوي»‬ ‫تفسر حالهم‬ ‫هذه القصيدة أهديتها لكل احلكام في لبنان اليوم‪ ،‬ألنها ّ‬ ‫وهم في احلكم‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬


‫َ‬ ‫بحث ْت في مكنونات الرجل‪ ،‬فاكتشفت عوالِمه‬

‫الشاعرة سهام الشعشاع لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫نحن أ ّمة شعرية بامتياز والكتاب سيعود إلى مكانته الرفيعة‬ ‫لم جتد ب ّدا ً من اإلبتعاد عن الشعر‪،‬‬ ‫فبقي في صلب حياتها اليومية‪ ،‬وكانت أن‬ ‫ً‬ ‫كتابة بعد أن أبدعت إعالمياً‪.‬‬ ‫أبدعت‬ ‫شاعرة عربية اختصرت كل التسميات‪،‬‬ ‫لتصبح شاعرة األ ّمة بامتياز‪ ،‬فبني سوريا‬ ‫ولبنان واإلمارات وكافة األقطار العربية‪،‬‬ ‫تبقى سهام الشعشاع كما هي‪ ،‬مح َّبة‪،‬‬ ‫لطيفة‪ ،‬صريحة‪ ،‬عفوية‪ ،‬وعاطفية‪ ،‬تظهر‬ ‫مشاعرها من خالل قصائدها خاصة‬ ‫ّ‬ ‫فتدل على‬ ‫تلك املغ ّناة‪ ،‬والتي وإن دلّت‬ ‫شخصية كاتبتها وما جمعته أفكارها‬ ‫من األلم والشوق والدفء واحلنني واجلرأة‬ ‫واإلندفاع‪ .‬صفات حتملها اليوم الشاعرة‬ ‫سهام الشعشاع لتسكبها شعراً بعد أن‬ ‫حوّلتها سابقاً لكالم منمّ ٍق منتقى بعناية‬ ‫ومنشور إعالمياً في برامج تلفزيونية‬ ‫جمّ لتها الشعشاع بحضورها امللفت‪،‬‬ ‫ونبرتها الصوتية الدافئة‪.‬‬ ‫تكتب عن الرجل ف ُتبدع وتكشف‬ ‫أسراره‪ ،‬وتكتب عمّ ا في داخلها معبّرة عما‬ ‫يختلج في نفسها‪ ،‬لتقول‪:‬‬ ‫يضاعفني حنيني لك‬ ‫ٌ‬ ‫امرأة‬ ‫أنا‬ ‫ُ‬ ‫لغير زمانكم خلقت‬ ‫منمّ ٌ‬ ‫ـقة‬ ‫كطوق ٍ من رياحني ِ‬ ‫على كفـّ ّي قامت ثورة األنثى‬ ‫وفي رأسي‬ ‫ماليني الدواوين ِ‬ ‫يقول الناس عن شعري‬ ‫كأفكار اجملانني ِ‬ ‫وإني أقلب الدنيا‬ ‫مبا في الصدر يشقيني‬ ‫أنا امرأة ٌ‬ ‫أعيش ألجل مَن أهوى‬ ‫وأهجر كل مَن باعوا‬ ‫ومَن خانوا عناويني‬ ‫يضاعفني حنيني ْ‬ ‫لك‬ ‫وأصبح للهوى مطرا ً‬

‫إذا عرّشت في بالي‬ ‫وإن كثـّرتني أغدو‬ ‫كأزهار البساتني ِ‬ ‫وأكبر كلما ص َّب ْ‬ ‫ت‬ ‫الطني‬ ‫يداك املاء في‬ ‫ِ‬ ‫أنا امرأة ٌ‬ ‫يه ّز احلب أعماقي‬ ‫ويضحكني‬ ‫ويبكيني‬ ‫وحني تطل في رأسي‬ ‫لتقتلني‬ ‫وحتييني‬ ‫أصير نساء هذا الكون‬ ‫روح العشق حتميني‬ ‫وإ ْن خانت مساءاتي‬ ‫ُ‬ ‫الصبح تكويني‬ ‫يعي ُد‬ ‫وتلويني‪....‬‬ ‫“منبر التوحيد”‬ ‫زارت الشاعرة سهام‬ ‫الشعشاع‪ ،‬فكان لقاء‬ ‫عفوياً‪ ،‬وكان احلوار التالي‪:‬‬ ‫تتناولني «الرجل» في معظم قصائدك‪ .‬ماذا‬ ‫لك الرجل كشاعرة؟‬ ‫يعني ِ‬ ‫بالطبع‪ ،‬لغة خطابي كامرأة ستكون لآلخر‪.‬‬ ‫ولكن حتى ما أكتبه عن األنوثة إمنا هو محاولة‬ ‫دخول لعالم الرجل‪ ،‬إذ أعتبر أ ّن الرجل مادة خام‬ ‫لم يتم اكتشافها بعد وال البحث في عواملها‪،‬‬ ‫فاملرأة أخذت الكثير من الكتابات األدبية عموما ً‬ ‫والفن والسينما واللوحة واملسرح‪ ،‬والفيديو‬ ‫كليب وغيرها‪ .‬لطاملا كانت املرأة حاضرة بشكل‬ ‫كبير جداً‪ ،‬وحتى لو أ ّن الرجل بدأ اليوم ينافسها‬ ‫في هذه األماكن‪ ،‬إال أنه اليزال هناك ملعب خفي‬ ‫لدى الرجل ميكن أن يشكل مادة غن ّية للمرأة‬ ‫الكاتبة أو الشاعرة‪ .‬أشعر أ ّن ملعبي أغنى بهذا‬ ‫املعنى‪ ،‬من ملعب الرجل الشاعر‪ ،‬ألنه اليزال هناك‬ ‫مادة لم يتم البحث فيها وكشف مكنوناتها‪ ،‬أال‬ ‫وهي «الرجل»‪ ،‬لذلك أشعر أنه من الطبيعي أن‬ ‫أحتدث عنه‪ ،‬ألنني أنثى طبيعية‪ ،‬وبالتالي فإ ّن لغة‬ ‫ّ‬ ‫خطابي ستكون مع اآلخر‪ ،‬حتى لو كان الشيء‬ ‫الذي أتناوله هو «أنا»‪ ،‬ولكن كيفية تقدمي نفسي‬ ‫لآلخر‪ ،‬هو هدفي‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫إذاً ميكننا القول أ ّن سهام الشعشاع تسعى‬ ‫إلكتشاف ما لم يُكتشف بعد في الرجل؟‬ ‫نعم‪ ،‬هذا شيء طبيعي‪ ،‬فاملرأة متّ اكتشافها‬ ‫بكل اجلوانب‪ ،‬أما الرجل فاليزال هناك جوانب‬ ‫خفية فيه لم يتم احلديث عنها‪ ،‬لذلك عندما‬ ‫كتبت قصيدة «وبيستحي بعرف حبيبي‬ ‫ُ‬ ‫بيستحي»‪ ،‬لتصبح أغنية‪ ،‬كان هناك تساؤالت‬ ‫كثيرة‪ ،‬حول ما إذا كان الرجل ميلك «اخلجل»‪ ،‬إذ‬ ‫ٌ‬ ‫فعل‬ ‫كان اخلجل حكرا ً على املرأة‪ ،‬في حني أنه‬ ‫إنساني مطلق‪ ،‬وال يوجد انتقاص من قيمة الرجل‬ ‫ٌّ‬ ‫في حال نعته بصفة «اخلجل»‪ ،‬فهي تعني تربيته‬ ‫وشخصيته وأخالقه‪.‬‬ ‫هل ميكن القول أن قصائدك تفضح مشاعرك‬ ‫أم أنها فقط تعبّر عما في داخلك من مكنونات‬ ‫خاصة؟‬ ‫ميكن للشاعر أن يقول ما يريد‪ ،‬لكن ليس‬ ‫بالضرورة أن أكون بطلة كل قصيدة أكتبها‪ ،‬فقد‬ ‫تكون قصص أسمعها من الناس‪ ،‬تؤثر بي‪ ،‬وأشعر‬ ‫أن هناك فكرة ذكية يلزمني تسجيلها‪ ،‬فتتحول‬ ‫معي إلى قصائد‪ .‬لكنني نعم جزء من شعري‪،‬‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫هل تكون القصيدة أقرب‬ ‫إنه مرآتي‪ ،‬فكما أحرص على أناقتي‪ ،‬أحرص أيضا ً على‬ ‫ّ‬ ‫للقارىء أو السامع إذا عبّرت عن‬ ‫لتطل بشكل ال يشبهني‪ ،‬لذلك‬ ‫أناقة القصيدة‪،‬‬ ‫تفاصيل حياة الشاعر؟‬ ‫فـ»أنا» وشعري واحد‪.‬‬ ‫القارىء عادة ال يعرف إذا كانت هذه‬ ‫كون معظم قصائدك مغ ّناة‪ ،‬هل تعتبرين أن‬ ‫كنت أعيش‬ ‫متسني أم ال‪ ،‬وإذا‬ ‫القصيدة املغ ّناة تسبب جناحاً أكبر للقصيدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫القصيدة ّ‬ ‫تلك احلالة أم ال‪ ،‬هو فقط يتعامل مع‬ ‫مما أن تكون في ديوان شعري؟‬ ‫كتبت الشعر منذ ثالثني سنة‪ ،‬ومؤخرا ً‬ ‫نص جميل‪ .‬أعتبر دائماً‪ ،‬أ ّن كل ما يخرج‬ ‫ُ‬ ‫من القلب‪ ،‬يصل إلى القلب‪ .‬وحتى احلاالت‬ ‫كنت سابقا ً منتصرة‬ ‫عرف الناس إسمي‪ .‬إذا ً ُ‬ ‫التي تع ّبر عني‪ ،‬ال أستطيع كتابتها إال إذا‬ ‫بغض النظر عن اإلجتاه‬ ‫للقصيدة والشعر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أقدمه هو‬ ‫الذي يذهب فيه‪ .‬في اآلونة األخيرة‪،‬‬ ‫تأثرت بها كثيراً‪ ،‬حتى لو كان ما ّ‬ ‫بطاقة فرح‪ ،‬أو تسجيل لوحة شعرية‪ ،‬يجب أن‬ ‫كنت‬ ‫توجهت لكتابة النص املغنَّى‪ ،‬ألنني ُ‬ ‫ّ‬ ‫حتدثت‬ ‫أكتب باللغة الفصحى‪ ،‬وأعتبر أنه‬ ‫أقدم أي قصيدة إال إذا ّ‬ ‫أشعر بها‪ ،‬لذلك ال ّ‬ ‫عن شيء أ ّثر بي‪ ،‬ليكون بوابة توصلني إلى اآلخر‪.‬‬ ‫ليس كل قصيدة فصحى من السهل‬ ‫بدأت سهام الشعشاع بكتابة الشعر‬ ‫أن تُغنَّى‪ ،‬والدليل أ ّن ليس كل نتاج‬ ‫لديك بينه والشعر العا ّمي‬ ‫الفصيح‪ ،‬ما الفرق‬ ‫كتبت‬ ‫نزار قباني كان ميكن أن يُغنَّى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الذي تكتبيه اليوم ليُغنَّى؟‬ ‫شعرت أنه ميكنني‬ ‫«األغنية» ألنني‬ ‫ُ‬ ‫لقت كي أكون شاعرة أكتب‬ ‫لطاملا‬ ‫حتويل ملعب الكتابة ملكان آخر أستفيد منه‪،‬‬ ‫اعتقدت أنني خُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وجدت الحقا ً أ ّن الشعر هو‬ ‫الشعر الفصيح‪ ،‬لكنني‬ ‫ألنني ال أجنح بفعل أي شيء خارج‬ ‫ُ‬ ‫شعر كيفما جاء‪ ،‬وكيفما أتى شكل القصيدة‪ ،‬كأغنية‬ ‫الكتابة وخارج التعامل مع‬ ‫أو قصيدة نثرية أو قصيدة موزونة أو غيرها‪ ،‬لكن األهم‬ ‫اللغة والورقة والقلم‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫ى م ّني‬ ‫ه ًو‬ ‫أن حتتوي شيئا ً يدهش القارىء‪ ،‬ويستطيع تسجيل عالمة‬ ‫استنتجت أنني لن‬ ‫بعد أن‬ ‫ُ‬ ‫على مرمى ولك ّني‬ ‫عنباًّ‬ ‫استفهام حني يقرأها‪ .‬لم يعد يعني لي إذا كتبت الفصيح‬ ‫أستطيع اإلستفادة من خالصة‬ ‫سكنني م عناقها ي ع ّني‬ ‫وت‬ ‫شهوت‬ ‫و‬ ‫لقت ألكون‬ ‫أو‬ ‫سنوات من كتابة الشعر‪ ،‬أل ّن‬ ‫العامي‪ ،‬لكن مشروعي بالتأكيد هو أنني خُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫جيء إلى كر سقط‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫أ صرني‬ ‫يهمني أن أكون حقيقية‬ ‫شاعرة‪ ،‬بأي اجتاه كتبت‪ ،‬ما‬ ‫بالكثير‬ ‫الدواوين الشعرية ال تأتي‬ ‫ّ‬ ‫فتع يدائي»‬ ‫م‬ ‫أنك عندما تكتبني القصيدة‬ ‫دار‬ ‫كان‬ ‫حال‬ ‫من الربح املادي إال في‬ ‫ال‬ ‫وصادقة‪ .‬الفرق بينهما‪ ،‬هو ِ‬ ‫سو‬ ‫من األح فرحاً‬ ‫« ي فيها‬ ‫حياؤها‬ ‫وتنشرينها في ديوان‪ّ ،‬‬ ‫يقل عدد القراء‪ ،‬أل ّن الكتاب لم يعد‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ‫الكبيرة‪،‬‬ ‫النشر من الدور‬ ‫ول‬ ‫ت به أ‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫له حضوره كما في السابق‪ ،‬والقراءة أصبحت نخبوية‪،‬‬ ‫دار‬ ‫مع‬ ‫تعاملي‬ ‫خالل‬ ‫حصل معي من‬ ‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫ع ّشا ْق‬ ‫ر‬ ‫ما ي فيها رؤى و وائل ال‬ ‫انفض عن القراءة‪ ،‬وعن متابعة‬ ‫إذ هناك جيل بأكمله‬ ‫األول‪،‬‬ ‫ديواني‬ ‫إصدار‬ ‫أثناء‬ ‫رياض الر ّيس‬ ‫ّ‬ ‫برو ُق أ‬ ‫ول ي فيها‬ ‫الشعر‪ .‬أما األغنية‪ ،‬فهي برأيي أسرع بإيصال صوت‬ ‫الربح‬ ‫من‬ ‫غيري‬ ‫من‬ ‫أوفر‬ ‫حظ‬ ‫إذ كان لي‬ ‫ول‬ ‫»‬ ‫«سويدائي من ورق‬ ‫الشاعر لآلخرين واإلضاءة على إسمه وحضوره أكثر‬ ‫املادي‪ ،‬ولكنه ال يكفي ألن يكون وسيلة‬ ‫وما ط ّيرت وابيها‬ ‫أمة شعرية بامتياز‪،‬‬ ‫عيش‪« .‬األغنية» ميكن اإلستفادة من‬ ‫من القصيدة املكتوبة‪ .‬لكننا ّ‬ ‫ذكرى ر‬ ‫براريها‬ ‫على‬ ‫يصح إال‬ ‫ال نؤمن إال مبا هو مو ّثق ومكتوب‪ ،‬وال‬ ‫خاللها من القصيدة الشعرية‪ ،‬وفي الوقت‬ ‫ّ‬ ‫بي في‬ ‫لياليها ْق ُت قل‬ ‫الصحيح‪ ،‬وسيعود الكتاب إلستعادة حضوره‬ ‫أقدم شيء‬ ‫نفسه أعطي وال أساوم‪ ،‬وال ّ‬ ‫ن صور‬ ‫ٍ‬ ‫م أطل‬ ‫م‬ ‫ة األيام‬ ‫األدراج‬ ‫لدى القارىء العربي بالرغم من احلضور الكاسح‬ ‫أغنية‪،‬‬ ‫أي‬ ‫غير مقتنعة به‪ .‬فعندما أعطي‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫تي‬ ‫بور‬ ‫بعتمة‬ ‫للكومبيوتر واالنترنت والعوملة والفضائيات‪.‬‬ ‫وأضمنها من مخ ّيلتي الشعرية وأحاسيسي‬ ‫ومدرس شت في س ّص جت ُّن‬ ‫ّ‬ ‫ما خرب‬ ‫ن قص‬ ‫نسميه «النص املكتوب» والذي‬ ‫يبقى هناك ما‬ ‫للعلن‪،‬‬ ‫تخرج‬ ‫أن‬ ‫وافقت‬ ‫قد‬ ‫أكون‬ ‫احلقيقية‪،‬‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫أت‬ ‫ب‬ ‫وكم خ ّب ي مدير الغي ألمواج‬ ‫يشكل متعة لنا‪ ،‬فاليوم حني نقرأ رواية ما‪،‬‬ ‫عت بكامل إرادتي على أن تكون موجودة‪،‬‬ ‫وو ّق ُ‬ ‫شكون‬ ‫احلزن ل‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫سرة نبدأ بالتفكير بشكل يجعلنا نخرج أحداثها‬ ‫لذلك‬ ‫الشعري‪.‬‬ ‫إحساسي‬ ‫من‬ ‫وحتمل‬ ‫تشبهني‬ ‫ي‬ ‫دفعني بر يء أبي‬ ‫ور مك ّ‬ ‫أن يج‬ ‫على طريقتنا‪ ،‬بينما حني نراها مص ّورة في‬ ‫يهمني اإلجتاه الذي تذهب به القصيدة‪ ،‬فلترت ِد‬ ‫في ص‬ ‫ال ّ‬ ‫ي يطلب‬ ‫الزرقاء‬ ‫و‬ ‫حدد تفكيرنا برؤية‬ ‫ميس‬ ‫شيء‬ ‫فيها‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫املهم‬ ‫تريده‪،‬‬ ‫الذي‬ ‫الثوب‬ ‫فيلم‪ ،‬نشعر أ ّن اخملرج ّ‬ ‫ّ‬ ‫ريولتي‬ ‫أتي‬ ‫سياج‬ ‫معينة‪.‬‬ ‫مشاعر اآلخرين‪.‬‬ ‫وال ي ّ املوت من م ديق ٍة و‬ ‫ل‬ ‫زهر َ ح‬ ‫ما سبب جناح أغنيات دون أخرى اليوم‪ ،‬القصيدة‬ ‫يط ه كان‬ ‫ضعناها‬ ‫ج‬ ‫ٍ‬ ‫لو‬ ‫ت أيام أ‬ ‫أم اللحن‪ ،‬أم تكامل اإلثنني معاً؟ وهل ميكن ّ‬ ‫»‬ ‫أن‬ ‫للحن‬ ‫ي‬ ‫سويدائ‬ ‫شرفا‬ ‫ٍحليطان‬ ‫بني الشعر واإلعالم‪ ..‬جناح‬ ‫«‬ ‫ى‬ ‫على ا‬ ‫ل‬ ‫يعبّر بشكل مغاير عما تعنيه القصيدة؟‬ ‫وقهوتنا ع األولى‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫متألق في اجملالني‬ ‫لم‬ ‫وإذا‬ ‫متكاملة‪،‬‬ ‫بالطبع على كل العناصر أن تكون‬ ‫نسيان‬ ‫ا‬ ‫حل‬ ‫ظالل ا ا بذاكرتي قت وال‬ ‫فامللحن لن يُخرِج أشياء جميلة منه‪.‬‬ ‫نكن أوفياء للنص‪،‬‬ ‫من مرّو‬ ‫ضى الو‬ ‫ّ‬ ‫وَ‬ ‫بني فو‬ ‫لكنك لم تصدري سوى ديوان شعري‬ ‫شروطها‬ ‫تستوف‬ ‫لم‬ ‫أنها‬ ‫وأشعر‬ ‫حتزنني‪،‬‬ ‫بعض األحلان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغابوا‬ ‫كما يجب‪ ،‬وأنها أخذت الكلمة إلى منحى آخر‪ ،‬وأحيانا ً‬ ‫واحد هو «كأني لم أكن يوماً»؟‬ ‫َ‬ ‫اختزلتك آدماً»‪،‬‬ ‫وأحضر اليوم ديوانا ً شعريا ً جديدا ً بعنوان «إني‬ ‫امللحن‬ ‫أخرى حتى هذا املنحى اآلخر يشكل مفاجأة لي‪ ،‬ألن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وذلك أل ّن متطلبات احلياة جعلتني أذهب في الكثير من اإلجتاهات‪ ،‬فعملي‬ ‫لبس القصيدة ثوبا ً جميالً جداً‪ ،‬ف ُيدهشني‪ .‬كذلك‪ ،‬فإ ّن‬ ‫قد ي ُ ِ‬ ‫ترجمة القصيدة عبر اللحن ومن ثم عبر التوزيع‪ ،‬وتوظيفها بالشكل هو في اجملال اإلعالمي‪ ،‬واإلعالم محرقة‪ ،‬يحتاج للتغذية يأخذ من وقتك‬ ‫بأنك مق ّيدة للبحث في مجال عملك‪.‬‬ ‫الصحيح‪ ،‬يعطيها رونقا ً خاصاً‪ ،‬إذا متّ معرفة قراءة ما بني السطور‪ ،‬بحيث ويصادر حر ّيتك‪،‬‬ ‫ويجعلك تشعرين ِ‬ ‫ِ‬ ‫توجهي لألغنية‬ ‫يأخذك الشاعر إلى املكان الذي يريد‪ ،‬ويُغني ذائقته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شعرت أ ّن اإلعالم أخذ الكثير من مساري الشعري‪ ،‬كما أ ّن ّ‬

‫دائي»‬

‫«سوي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪66‬‬


‫وحرصي أن أستفيد من الوقت‪ ،‬جاء ألنني أعتبر أن الشاعر هو في سباق‬ ‫مع الزمن‪ ،‬وهناك عمر إفتراضي للعمل اإلعالمي‪ ،‬واإلستفادة من احلضور‬ ‫على الشاشات أو باجملال الصحفي‪ ،‬أل ّن مالمح اإلعالمية حينما تتغ ّير‪ ،‬تأتي‬ ‫ّ‬ ‫كنت أقول أنها فرصة ألستفيد من عملي‬ ‫لتحل مكانها‪ .‬لذلك‬ ‫زميلة‬ ‫ُ‬ ‫اإلعالمي أكثر‪ ،‬ومن ثم أتف ّرغ ملشروعي الشعري‪ ،‬لكنني اكتشفت فيما‬ ‫بعد أنني أخطأت بحق نفسي كشاعرة‪ ،‬وال بد من أن أنتصر للشعر املوجود‬ ‫في داخلي‪ ،‬على حساب أي شيء آخر‪ ،‬حتى لو كان املردود املادي أقل مما هو‬ ‫في العمل اإلعالمي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن سهام الشعشاع جنحت إعالمياً‪ ،‬إذا أردنا التفريق بني سهام‬ ‫الشعشاع كشاعرة أو إعالمية؟‬ ‫وضعت بصمة أو عالمة فارقة في‬ ‫ال أشعر أنني‬ ‫ُ‬ ‫قدمته من‬ ‫اإلعالم‪ .‬نعم‬ ‫وقد ُ‬ ‫ُ‬ ‫مت ما ّ‬ ‫عملت جاهدة‪ّ ،‬‬ ‫قدمته على طريقتي‪ ،‬لقد أتوا بالشاعرة‬ ‫قلبي ألنني ّ‬ ‫تقدم برامجها‪ ،‬فكانت مختلفة عن غيرها‪ ،‬إذ ال‬ ‫كي ّ‬ ‫للتخصص‪ ،‬فاملمثل‬ ‫ننسى أنه لم يعد هناك احترام‬ ‫ّ‬ ‫يقدمون‬ ‫والراقصة وعارضة األزياء وغيرهم‪ ،‬اليوم ّ‬ ‫البرامج التلفزيونية‪ ،‬كما يحصل في الغناء أيضاً‪،‬‬ ‫تصدر الشاشات‪.‬‬ ‫وليسوا كلهم يستحقون‬ ‫ّ‬ ‫إذاً‪ ،‬هل تعتبر سهام الشعشاع نفسها‬ ‫شاعرة فقط وليست إعالمية‪ ،‬أم اإلثنني‬ ‫معاً؟‬ ‫الشعر بالنسبة لي ليس مهنة‪ ،‬لذلك‬ ‫فاجملال اإلعالمي هو مجال عملي‪ ،‬وشعري‬ ‫هو هوايتي وموهبتي والشيء الذي أعتبره‬ ‫نعمة من رب العاملني ومسؤولية ألقاها‬ ‫تعاملت مع شعري على‬ ‫على عاتقي‪ .‬إذا‬ ‫ُ‬ ‫أنه بوابة عمل‪ ،‬ولو أنني باآلونة األخيرة‬ ‫اتخذته كذلك من خالل كتابة األغنية‪،‬‬ ‫ألستفيد منها‪ ،‬ولكنني أتعاطى معه‬ ‫من باب املوهبة وليس من باب احلرفنة‪.‬‬ ‫«وصلت‬ ‫هناك الكثير ممَّن يقولون لي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫لديك احتراف في‬ ‫إلى مكان أصبح‬ ‫ِ‬ ‫مجال كتابة األغنية»‪ ،‬ولكنني‬ ‫ال أشعر بهذا الشيء‪ ،‬فأحيانا ً‬ ‫تخونني اللغة وال أكتب أي‬ ‫قصيدة لشهور عديدة‪ ،‬فأخاف‬ ‫على نفسي‪ ،‬ولكنني أكتشف‬ ‫الحقا ً أنها كانت إستراحة محارب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تفسرين عالقة الشاعر بالقصيدة‪ ،‬خاصة‬ ‫كيف‬ ‫قصيدتك مغنَّاة بصوت أحد غير أن تقرأيها بنفسك‬ ‫بعد سماع‬ ‫ِ‬ ‫على مسامع اجلمهور؟‬ ‫حني تُنشر أي قصيدة أو تصدر للعلن‪ ،‬يصبح الشاعر غير معني بها‬ ‫بعكس لو أنها ال تزال في دفتره اخلاص‪ ،‬فبمج ّرد نشرها‪ ،‬يصبح الشاعر‬ ‫شريك فيها مع اآلخرين‪ ،‬ويطل على الكتاب كأي شخص ميكن أن يتناوله‪،‬‬ ‫وبالتالي تختفي تلك القدسية في العالقة بني الشاعر وقصيدته‪ ،‬وكذلك‬ ‫مبج ّرد أن تُغنَّى القصيدة يتقاسم عدة شركاء اإلحساس املوجود بهذه‬ ‫القصيدة‪ ،‬وتعنيهم كما تعني الشاعر‪ ،‬ألنهم يعتبرون أنها تع ّبر عنهم‬ ‫وعما يعيشون‪ ،‬وهذا ما يُشعرني بالطمأنينة‪ ،‬وبأنني ّ‬ ‫متكنت من نقل‬ ‫ّ‬ ‫إحساسي بشكل حقيقي كي يصل لآلخرين‪ ،‬لذلك يجب أن يكون نابع من‬ ‫داخلي ومولَّف بالشكل احلقيقي‪ .‬أما الفرق بني أن تكون مغنّاة بصوت أي‬ ‫مسجلة كما ألقيها بصوتي‪ ،‬فكثر يطلبون مني‬ ‫شخص آخر‪ ،‬أو أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫تسجيل قصائدي بصوتي ألنهم يعتبرون أنني أعطيها نكهة خاصة‪ ،‬لذلك‬ ‫شعرت‬ ‫و ّقعت عقد مع شركة «روتانا» إلنتاج ديوان شعري صوتي‪ ،‬بعد أن‬ ‫ُ‬

‫انفض عن‬ ‫أنها ستكون شكل من أشكال ترميم العالقة بني الشباب الذي‬ ‫ّ‬ ‫القراءة‪ ،‬وبني الشعر نفسه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اختزلتك آدماً» للديوان اجلديد‪ ،‬هل تختزل‬ ‫ما سبب اختيار عنوان «إني‬ ‫سهام الشعشاع «آدم» الذي تكتب عنه؟‬ ‫الديوان الشعري اجلديد سيكون باللغة الفصحى‪ .‬نعم‪ ،‬لقد اختزلت‬ ‫«آدم» ألنني َمن جعلته «آدماً» لكل نساء هذه األرض عبر الشعر‪.‬‬ ‫ولـ»سوريا» األم‪..‬مح ّبة خاصة‬ ‫كتبت‬ ‫وأنك‬ ‫ِ‬ ‫ماذا تعني مدينة «السويداء» لسهام الشعشاع‪ ،‬خاصة ِ‬ ‫قصيدة «سويدائي» سابقاً؟‬ ‫سهام الشعشاع «سور ّية للعظم»‪ ،‬مواليد لبنان‪ ،‬إماراتية اجلنسية‪،‬‬ ‫فمن يتقن‬ ‫ولكن دمها وعظمها سوري‪ .‬والئي لبلدي ال جميل فيه‪َ ،‬‬ ‫وفي لكل أوطان العالم‪ ،‬لذلك أعرف‬ ‫فن ّ‬ ‫حب وطنه يكون ّ‬ ‫أحب كل أنحاء الوطن العربي‪ ،‬متاما ً‬ ‫كيف‬ ‫ّ‬ ‫أحب سوريا‪ ،‬ألنني وفية‬ ‫كما‬ ‫ّ‬ ‫بح ّبي لبلدي‪ ،‬فالسويداء هي‬ ‫ملعب طفولتي األولى‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫تشكل شبابي‪ ،‬ومفردات اللغة‬ ‫األولى‪ ،‬ومواعيدي املتناثرة على‬ ‫الطرقات‪ ،‬هي ذكريات بأكملها‪.‬‬ ‫وغادرت إلى‬ ‫ولدت في لبنان‬ ‫فقد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بلدي األم في السابعة من عمري‪،‬‬ ‫فتشكلت فيها قصص كثيرة من‬ ‫ُ‬ ‫حياتي‪ .‬لذلك‪ ،‬أشعر أن هناك شيئا ً‬ ‫خفيا ً بيني وبني السويداء‪ ،‬الشام‪،‬‬ ‫وغيرها من املدن السورية‪ ،‬إذ لم‬ ‫أكتشف حنيني لكل املناطق السورية‬ ‫وشوقي لها‪ ،‬إال بضوء غيابي عنها‪،‬‬ ‫ابتعدت عن سوريا مسافرة‬ ‫فعندما‬ ‫ُ‬ ‫أصبحت أرى لبنان وسوريا‬ ‫إلى دبي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بعني أخرى‪ ،‬هي عني احلنني‪ .‬الكتابة هي‬ ‫مساحة احلنني بيننا وبني خساراتنا‪ ،‬فدائما ً‬ ‫نكتب في املكان الذي يشعرنا باحلاجة لآلخر‬ ‫ولبيوتنا وبلدنا‪ .‬هناك مقولة أحترمها كثيرا ً‬ ‫لإلمام علي بن أبي طالب (ع)‪ ،‬يقول فيها‪« :‬موت‬ ‫األح ّبة غربة»‪ ،‬بالنسبة لي هذه هي الغربة‬ ‫الوحيدة التي يعيشها اإلنسان‪ ،‬وليس تغيير‬ ‫املكان‪ .‬هناك شيء داخلي يو ّثق حضور سوريا بي‬ ‫أكثر فأكثر‪ ،‬واآلن بظل الظروف التي مت ّر بها سوريا‪،‬‬ ‫كتبت‬ ‫كتبت أي شيء عنها! نعم‬ ‫يسألونني إذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قصيدة ومتّ وضع اللحن لها‪ ،‬وستُغنَّى قريباً‪ ،‬ولكنني‬ ‫أشعر أ ّن الوجع واجلرح الذي عاشته سوريا‪ ،‬لم يترمم‬ ‫في داخلي ولم يلتئم بعد‪ ،‬كي أكتب عنه أكثر‪ ،‬ألنني أقول دائما ً أ ّن‬ ‫األلم ال يسمح لي بالكتابة‪ ،‬إذ يكون اإلنسان في ظل هذه األحداث‪ُ ،‬متل ٍّه‬ ‫بكيفية مداواته وليس كيفية الكتابة عنه‪ .‬عندما نتمكن من مداواة‬ ‫اجلرح والنظر إليه بدون دموع‪ ،‬نستطيع الكتابة عنه‪.‬‬ ‫ما أمتناه أن مت ّر هذه األزمة على خير‪ ،‬وقد أثبت الشعب السوري أنه‬ ‫ّ‬ ‫فالتف حول بلده وقيادته‬ ‫شعب قادر على مواجهة كل املؤامرات‪،‬‬ ‫حلمايتهما من أي مؤامرة عليهما‪ ،‬وجعل كل العالم يراجع حساباته‪،‬‬ ‫ويعلم بأن ّ كل اخملططات التي ت ُن َّفذ في الدول العربية وتنجح‪ ،‬لن تنجح‬ ‫في سوريا‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر مرأة‬

‫فلسطين البوصلة واألساس في تعقيدات وضعنا العربي‬

‫ندوة الشهابي لـ «منبر التوحيد»‪ :‬المرأة الفلسطينية‬ ‫ق ّدمت األبناء واإلخوة لتحرير فلسطين‬ ‫كان لـ “منبر التوحيد” شرف احلوار مع املناضلة‬ ‫السيدة ندوة الشهابي وهي املعروفة بنشاطها‬ ‫االجتماعي املتواصل في اخمليمات الفلسطينية‬ ‫في لبنان وخاصة منطقة بيروت وهي زوجة‬ ‫الشهيد عدنان اجلشي‪ ،‬أحد أبطال عملية‬ ‫ميونيخ الشهيرة‪ ،‬والتي مازالت حتافظ على‬ ‫الوعد والعهد واستمرار النضال على طريق حترير‬ ‫فلسطني وكلها ثقة بحتمية حتقيق االنتصار‬ ‫وهي مسؤولة العمل االجتماعي في منطقة‬ ‫بيروت في حركة التحرير الوطني الفلسطيني‬ ‫(فتح)‪.‬‬ ‫وفي بداية احلوار قدمت الشهابي التحية‬ ‫لـ”منبر التوحيد”‪ ،‬اجمللة الغراء‪ ،‬املتابعة للقضية‬ ‫الفلسطينية وقضايا شعبنا الفلسطيني‬ ‫في لبنان‪ ،‬وهنا وانطالقاً من تفعيل دور املرأة‬ ‫الفلسطينية وهو العامل األساسي إلبقاء‬ ‫القضية الفلسطينية حية واستمرار النضال‬ ‫الوطني والقومي بكافة أشكاله‪ ،‬وصوالً إلى يوم‬ ‫التحرير والعودة‪ ،‬فكان احلوار التالي‪:‬‬ ‫تعاني املرأة الفلسطينية من ظروف قاسية‬ ‫في الداخل والشتات‪ ،‬ورغم ذلك فهي مستمرة‬ ‫في التزامها بكفاحها الطويل في إعداد‬ ‫األجيال والتربية‪ ،‬وحتى في مواجهة االحتالل‬ ‫ومستوطنيه في األراضي الفلسطينية احملتلة‪،‬‬ ‫أرجو أن حتدثينا عن نضال املرأة الفلسطينية‬ ‫في كافة مراحل تطور القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫منذ النكبة ومقاومة االحتالل وتقدمي الشهداء‬ ‫والتمسك باألرض؟‬ ‫منذ النكبة كانت املرأة الفلسطينية صاحبة‬ ‫الدور األهم بالصمود والثبات داخل الوطن‪ ،‬وكانت‬ ‫املدرسة األولى ألطفالنا قبل النكبة‪ ،‬كما كانت‬ ‫العماد األساسي في انطالقة الثورة الفلسطينية‬ ‫املعاصرة حيث تركت األثر اإليجابي في املقاتلني‬ ‫وأعدت لهم الطعام وكانت‬ ‫وشاركتهم اخلندق‬ ‫ّ‬ ‫األم التي تزف ابنها شهيدا ً بالزغاريد‪ ،‬والزوجة التي‬ ‫تصبر على غياب الزوج‪ ،‬واألم التي برز دورها في مجال‬ ‫التعليم والتربية فكانت أول من حت ّررت من قيود‬ ‫اجملتمع البائدة التي كانت تعاني منها نظيراتها في‬ ‫الوطن العربي وشاركت في الدفاع عن الثورة وكانت‬ ‫رمزا ً للصمود في كثير من املعارك واحلروب وعملت‬ ‫في شتى امليادين‪.‬‬ ‫أما ظروفها فهي مازالت تعاني من االحتالل داخل‬ ‫الوطن ومن اللجوء في الشتات‪ ،‬والزالت قابضة على‬ ‫اجلمر ومتصدية لعدوانية “إسرائيل” بكل أشكالها‬ ‫وصامدة أمام كل التحديات احمليطة‪ ،‬وحتمل عبء‬ ‫املواجهة يومياً‪.‬‬ ‫أما في الشتات فهي الصابرة على ذل اللجوء‪،‬‬ ‫احلافظة على تعليم أبنائها حب فلسطني ال بل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إرضاع حب فلسطني مع احلليب‪ ،‬وهي التي تدافع‬ ‫عن احلقوق املشروعة واحلقوق املدنية واحلرص على‬ ‫التمسك بحق العودة‪ ،‬ونلمس ذلك من خالل نظرة‬ ‫سريعة إلى مخيماتنا وأوضاعها التعيسة وجند‬ ‫الصبر واإلصرار في عيون املرأة الفلسطينية دائما ً‬ ‫وبكل األحوال التي مر ومير بها شعبنا‪ ،‬ويكفي املرأة‬ ‫الفلسطينية فخرا ً بأنها قدمت ومازالت تقدم‬ ‫أبناءها وإخوانها شهداء على طريق حترير فلسطني‬ ‫وإقامة الدولة الفلسطينية املستقلة‪.‬‬ ‫ما هي أبرز النشاطات التي تقوم بها املرأة‬ ‫الفلسطينية داخل األراضي الفلسطينية احملتلة‬ ‫وخارجها‪ ،‬وما هي املؤسسات الفاعلة التي تقوم‬ ‫بدورها في مجال العمل االجتماعي؟‬ ‫أبرز النشاطات التي تقوم بها املرأة الفلسطينية‬ ‫هي املشاركة بشكل فعال في املؤسسات‬ ‫الفاعلة على األرض‪ ،‬وأهمها االحتاد العام للمرأة‬ ‫الفلسطينية وكل مؤسسات هذا االحتاد في‬ ‫الوطن والشتات‪ ،‬وخاصة دوره في مخيماتنا في‬ ‫لبنان وحتديدا ً في اخمليمات‪ :‬من دور حضانة ورياض‬ ‫أطفال ومشاغل يدوية ومحاولة خلق فرص عمل‬ ‫لعائالت الشهداء‪ ،‬كما تسعى املرأة الفلسطينية‬ ‫لرفع حضورها السياسي في كافة اجملاالت‪.‬‬ ‫وفي الداخل أيضا ً لها الدور األهم في دعائم بناء‬ ‫الدولة الفلسطينية املستقبلية فهي مشاركة‬ ‫في اجمللس التشريعي وفي كل احلكومات املتعاقبة‬ ‫وفي كل املؤسسات الوطنية وأيضا ً في املؤسسات‬ ‫غير احلكومية‪ ،‬وعلى صعيد منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية أيضا ً وغير ما تطرقنا إليه على‬ ‫صعيد نشاط االحتاد العام للمرأة الفلسطينية‬ ‫فاملرأة الفلسطينية مشاركة بشكل فعال‬ ‫بكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫السياسية والتنظيمية واالجتماعية وغيرها‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫ما هي رسالة املرأة الفلسطينية إلى الشعب‬ ‫الفلسطيني واألمة العربية؟‬ ‫الرسالة التي تود املرأة الفلسطينية إيصالها إلى‬ ‫أبناء شعبنا الفلسطيني هي أن مقاومة االحتالل‬ ‫والصمود أمام طغيانه اليومي داخل فلسطني هو‬ ‫واجب على كل شرائح أبناء شعبنا الفلسطيني‬ ‫وأيضا ً أتوجه لكل أبناء شعبنا للتمسك بالوحدة‬ ‫الوطنية التي هي املدماك األول للمواجهة مع‬ ‫العدو الصهيوني وهي التي تستطيع بناء الدولة‬ ‫أما االنقسام فهو املقتل الدائم ألبناء شعبنا‪.‬‬ ‫أما إلى أمتنا العربية والتي شاركتنا النضال‬ ‫منذ النكبة‪ ،‬أقول‪ :‬عليكم دائما ً جعل القضية‬ ‫الفلسطينية من أولوياتكم برغم كل الظروف‬ ‫التي مير بها شعبنا العربي‪ ،‬ألن قضية فلسطني‬ ‫هي البوصلة وهي األساس في كل تعقيدات وضعنا‬ ‫العربي وننتظر الدعم الدائم وعلى كل املستويات‬ ‫من أجل صمود شعبنا أمام العدو الصهيوني‪.‬‬ ‫ما هي مشاريعكم احلالية واخملططة لزيادة‬ ‫فاعلية العمل االجتماعي مبا يساهم في تقريب‬ ‫يوم التحرير والعودة؟‬ ‫أوال شعبنا الفلسطيني في الشتات بحاجة‬ ‫ماسة إلى كل تقدمي اجتماعي ونحن نسعى‬ ‫بشكل دائم لتطوير مؤسساتنا لتغطية حاجات‬ ‫شعبنا‪ ،‬ومن هنا بدأت فكرة صناديق الدعم كمبادرة‬ ‫الرئيس إلقامة صندوق لدعم الطالب الفلسطيني‬ ‫في لبنان‪ ،‬والذي بدأ بدفع املساعدات للطلبة من‬ ‫بداية هذا العام‪ ،‬ما رفع عن كاهل الطالب الكثير‬ ‫من العبء املادي وو ّفر فرص التعليم حلوالي ‪1200‬‬ ‫طالب فلسطيني‪ ،‬وأيضا ً هناك سعي حثيث إلنشاء‬ ‫صناديق التكافل االجتماعي والذي يقوم حول تبني‬ ‫عائالت فلسطينية لعائالت في مخيماتنا في لبنان‪.‬‬ ‫ومؤسسة الضمان الصحي الفلسطيني في‬ ‫لبنان الذي أصبح يغطي الكثير من احلاالت الصحية‬ ‫ألبناء شعبنا في لبنان برغم ميزانيتها املتواضعة‬ ‫إال أنها تسعى إلى رفع مستوى التقدميات الصحية‪،‬‬ ‫وهناك الكثير من املؤسسات التي تقوم باخلدمات‬ ‫بكل االجتاهات‪ ،‬ولكن يبقى األساس هو تقدميات‬ ‫األونروا التي بدأت بالتقلص سنة بعد سنة حتى‬ ‫كادت شبه رمزية بكل املستويات االجتماعية‬ ‫والتعليمية والصحية‪ ،‬وعلينا دائما ً الضغط من‬ ‫أجل رفع مستوى تقدميات وكالة األونروا ألبناء‬ ‫شعبنا‪ ،‬وأخيرا ً فإن رفع مستوى املعيشي ألبناء‬ ‫شعبنا هو جزء من نضالنا ويساعدنا على العودة‬ ‫إلى ديارنا محافظني على كرامتنا‪.‬‬

‫حوار مهيبة العسراوي‬ ‫تصوير‪:‬عدنان عبد اهلل‬


‫رئيسة جمعية شؤون المرأة في حركة «أمل» الحاجة شهناز المالح‪:‬‬

‫حقوق المرأة ليست هبة أو ِم ّنة من أحد‬ ‫تأخذها كإنسان يش ّكل نصف المجتمع‬ ‫“علينا أن نساهم في إعطاء املناخ املالئم لنمو‬ ‫كفاءات املرأة وذلك خدمة للجميع”‪ ،‬و”على املرأة‬ ‫أن تتحرر من انصرافها للخدمة والوالدة واألنثوية‬ ‫ومن التخلف في إداء دورها الوطني حتى تصبح‬ ‫إنسانا ً حيا ً يعطي ويأخذ”‪“ ،‬نحن في مجتمعنا‬ ‫بحاجة ملحة الى إكمال الرسالة‪ ،‬نحتاج الى‬ ‫نساء يقوين العزائم ويقفن بقوة”‪.‬‬ ‫انطالقا ً مما تقدم حمل مكتب شؤون املرأة‬ ‫هذه األمانة‪ ،‬وسعى الى حتقيقها منذ اللحظات‬ ‫األولى لوالدته‪ ،‬فمنذ قدوم اإلمام القائد السيد‬ ‫موسى الصدر الى لبنان أي في الستينيات‬ ‫وضع نصب عينيه تفعيل دور املرأة‪ ،‬حيث قام‬ ‫وللمرة األولى كرجل دين في تلك الفترة بالدعوة‬ ‫الى ضرورة تعليم الفتاة لتصب كفاءاتها في‬ ‫خدمة اجملتمع فأسس بيت الفتاة حملو األمية عند‬ ‫الفتيات‪ ،‬وأنشأ مصنعا ً للسجاد وللخياطة‪،‬‬ ‫وبنى مؤسسة جبل عامل املهنية التي تضم‬ ‫مدرسة للتمريض للفتيات في بلدة البرج‬ ‫الشمالي واختصاصات كانت متوفرة آنذاك‬ ‫للفتيات‪ ،‬وكان دائما ً في خطبه ومقابالته يدفع‬ ‫ويحفز الفتاة على العمل والعلم منطلقا ً‬ ‫ّ‬ ‫يشكل مانعا ً‬ ‫من قناعة أن احلجاب ال ميكن أن‬ ‫للفتاة من التقدم والتطور‪ ،‬ألنه كان يسعى‬ ‫الى صناعة اإلنسان الرسالي بغض النظر عن‬ ‫جنسه‪ ،‬وشجع اإلمام الصدر األخوات للعمل‬ ‫احلزبي داخل حركة “أمل” فأنشأ التنظيم‬ ‫النسائي الذي ومنذ السبعينيات ورغم الظروف‬ ‫األمنية الصعبة من احلرب األهلية الى اجلرمية‬ ‫الكبرى التي متثلت بتغييب اإلمام ورفيقيه‬ ‫ّ‬ ‫شكلته من انتكاسة‬ ‫على يد الطاغية وما‬ ‫على صعيد الوطن‪ ،‬الى االجتياحات واالعتداءات‬ ‫اإلسرائيلية املتكررة‪ ،‬لعبت األخت احلركية دورا ً‬ ‫بارزا ً في املقاومة والنضال‪ ،‬ليس فقط املقاومة‬ ‫العسكرية والتي متثلت بأن قدمت احلركة‬ ‫عشرات الشهيدات اللواتي روين األرض بدمائهن‬ ‫الطاهرة فأينعت نصرا ً وحتريرا ً (الشهيدة عايدة‬ ‫نصر اهلل‪ ،‬الشهيدة أم البنني داود‪ ،‬الشهيدة رجاء‬ ‫يونس‪ )..،‬وأيضا ً عشرات األسيرات واجلريحات في‬ ‫مقاومة العدو‪.‬‬ ‫وال ميكن أن ننسى نساء “أمل” في بلدة‬ ‫معركة اجلنوبية وغيرها من البلدات اللواتي‬

‫واجهن جيش العدو بالزيت املغلي‪ ،‬فقدمت املرأة‬ ‫اجلنوبية مثاال ً للعالم عن كيفية املقاومة انطالقا ً‬ ‫من قول اإلمام “إذا واجهتم العدو اإلسرائيلي‬ ‫قاتلوه بأسنانكم وأظافركم وسالحكم مهما‬ ‫كان وضيعاً”‪ ،‬أيضا ً كان لألخت احلركية دورا ً في‬ ‫مقاومة اجلهل واحلرمان والظلم عبر املسيرات‬ ‫التي قادتها ملواجهة ظلم الدولة واإلجحاف‬ ‫الالحق بأحزمة البؤس وباجلنوب والبقاع‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫عبر ندوات التوعية والتثقيف احلركي الهادف‬ ‫الى تعزيز فكرة املواطنة وأن “لبنان وطن نهائي‬ ‫جلميع أبنائه”‪ ،‬كما قال اإلمام القائد‪ ،‬ولم تتوان‬ ‫املشاركة بالعمل االجتماعي لتعزيز قدرات‬ ‫املرأة على كافة الصعد‪ ،‬إن كان على الصعيد‬ ‫التربوي فهي تقوم بندوات وورش عمل بالتعاون‬ ‫مع جهات رسمية وخاصة لتطوير أداء املعلمات‬ ‫ومن هن في العمل التربوي واإلداري‪ ،‬أيضا ً أقيمت‬ ‫الورش لتطوير أداء وإنتاج املرأة االقتصادي حيث‬ ‫مت تأسيس العديد من اجلمعيات التعاونية‬ ‫الزراعية والتي حازت على شهادات عاملية في‬ ‫اجلودة واإلنتاج‪ ،‬إضافة الى مشاركة األخت‬ ‫احلركية في النقابات العمالية حيث مثلت‬ ‫املرأة في احملافل العربية والدولية‪ ،‬وملواكبة تطور‬ ‫املرأة وإميانا ً بحصولها على حقوقها كاملة‬ ‫لتكون عنصرا ً فاعالً في اجملتمع كان ملكتب‬ ‫شؤون املرأة وجود قوي وبارز في مهنة احملاماة‬ ‫‪ ،‬ويشاركن بفعالية في جلان نقابة احملامني‪،‬‬ ‫وألهمية هذا املوضوع وانطالقا ً من قناعة بأن‬ ‫القوانني التي تتعلق باملرأة في لبنان بحاجة‬ ‫الى تعديل وحتديث مت تشكيل جلنة في مكتب‬ ‫شؤون املرأة من احملاميات يتابعن القوانني ويقمن‬ ‫بدراسات في هذا اجملال مع اخملتصني ويجتمعن‬ ‫بشكل دوري‪ ،‬ومبا أننا نعيش في عالم اإلعالم‬ ‫والثورة التكنولوجية‪ ،‬مت تشكيل جلنة إعالمية‬ ‫من إعالميات وخريجات كلية اإلعالم ملواكبة‬ ‫التغييرات والوقائع التي تفرض نفسها على‬ ‫الساحتني الداخلية واخلارجية‪ ،‬إذ تشارك هذه‬ ‫اللجنة بكافة اللقاءات واملنتديات اإلعالمية‪،‬‬ ‫وأثبتت وجودها على الساحة اإلعالمية عبر‬ ‫اإلطالالت املتكررة إن كان عبر التلفاز أو عبر‬ ‫اإلذاعة أو حتى عبر الصحف في كافة املواضيع‬ ‫وفي نقل فكر حركة “أمل”‪ ،‬وال ميكن أن ننسى‬

‫‪69‬‬

‫الدور الهام الذي لعبته األخت احلركية في‬ ‫التواصل مع كافة األحزاب والقوى اللبنانية‬ ‫انطالقا ً من مبادىء حركة “أمل” املنفتحة‬ ‫على اجلميع سيما في التجمع النسائي لقوى‬ ‫املعارضة حيث لعبت دورا ً هاما ً في تفعيل‬ ‫وتعزيز النسيج احلزبي على الصعيد النسائي‬ ‫وقد ترافق هذا األمر بندوات ولقاءات مع األحزاب‬ ‫في كافة املناطق اللبنانية من أقصى الشمال‬ ‫الى أقصى اجلنوب‪ ،‬أيضا ً قام املكتب بورش عمل‬ ‫مع منظمات فيما يخص متكني املرأة من أن‬ ‫تكون قائدة في مجتمعها‪ ،‬الى جانب الندوات‬ ‫التوعوية املتعلقة بالصحة والصحة اإلجنابية‪،‬‬ ‫وحاليا ً تعمل شؤون املرأة على إنشاء موقع‬ ‫خاص بها يضم دراسات وأبحاث قامت بها‬ ‫األخوات في حركة “أمل”‪ ،‬ويكون منبرا ً حرا ً لكل‬ ‫النساء ليتحدثن ويكتنب عن قضايا املرأة‪ ،‬وفي‬ ‫أجندة املكتب مشاريع عديدة ستشكل بإذن‬ ‫اهلل منعطفا ً هاما ً فيما يخص قضايا املرأة‪،‬‬ ‫كما أنه ال ميكن أن ننسى إحياء املكتب لكافة‬ ‫املناسبات الدينية والوطنية‪.‬‬ ‫نعلم وندرك مدى املسؤوليات الواجب على‬ ‫املرأة أن تخوضها لتحصل على حقوقها التي‬ ‫ليست هبة أو منة من أحد‪ ،‬بل هي حقها‬ ‫الطبيعي كإنسان يشكل نصف اجملتمع‪ ،‬ومن‬ ‫هنا من هذا املنبر احلر ندعو نساء لبنان والعالم‬ ‫العربي الى التكاتف والتضامن ولنشكل صفا ً‬ ‫واحدا ً وقلبا ً واحدا ً لنصل الى حتقيق أهدافنا‬ ‫السامية‪ ،‬وفي هذه األيام املباركة من يوم املرأة‬ ‫وعيد األم نتوجه بأسمى آيات التهاني والتباريك‬ ‫لنساء مصر وتونس والبحرين وليبيا واليمن على‬ ‫الدور الهام الذي لعبوه في الثورات احلاصلة‪،‬‬ ‫وحتية إجالل وتقدير لنساء لبنان سيما أمهات‬ ‫الشهداء اللواتي قدمن أغلى ما عندهن ليبقى‬ ‫لبنان حرا ً سيدا ً مستقالً‪.‬‬ ‫وكلمتنا األخيرة جمللتكم التي متثل منبرا ً‬ ‫للكلمة احلرة الصادقة الهادفة‪ ،‬والتي حتمل‬ ‫رسالة سامية تتجلى باملواقف الوطنية‬ ‫وبدعمها الدائم للمثلث الذهبي اجليش‪،‬‬ ‫املقاومة والشعب‪ ،‬نتمنى جمللتكم “منبر‬ ‫التوحيد” أن تبقى دائما ً صوت احلق والى مزيد‬ ‫من النجاح والتوفيق‪.‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫«الكيان الطبي» من إنجازاته‬ ‫«تجمع لبنان الواحد» في قلب السياسة بعيداً عن اإلنحطاطات‬ ‫شهدت الساحة السياسية اللبنانية والدة‬ ‫تيار جديد حتت اسم «جتمع لبنان الواحد» واسمه‬ ‫«الكيان» برئاسة عصام أبو درويش‪ ،‬الذي أعلن أن‬ ‫هذا التجمع هو «تيار يؤمن بلبنان الواحد لكل‬ ‫أبنائه‪ ،‬وهو مستقل مائة باملائة وينحاز للوطن‪،‬‬ ‫أي أن طائفته هي الوطن وحده»‪ .‬وهو يضم‬ ‫نخبة من املثقفني من رجال الفكر والقانون‬ ‫والعلم ومن طوائف لبنان الـ ‪ .»17‬وعمل هذا‬ ‫التجمع سيكون واضحا ً وشفافا ً وليس على‬ ‫طريقة الزواريب والدكاكني واألزقة‪ .‬وسيعمل‬ ‫إمنائيا ً وصحيا ً وتربوياً‪ .‬وقد أطلق «جتمع الكيان»‬ ‫الكثير من املشاريع خلدمة الشعب في كل لبنان‬ ‫الذي يؤمنون بدميومته ويتمسكون بسيادته‬ ‫واستقالله وبالعالقات املميزة واملمتازة مع‬ ‫الشقيقة سوريا‪ ،‬ألن لها الفضل على لبنان في‬ ‫منع تقسيمه واقتطاع أي جزء من أراضيه‪.‬‬ ‫وكان األستاذ عصام أبو درويش قد أعلن أن يده‬ ‫ممدودة لكل لبناني يؤمن بقيام دولة فاعلة وقادرة‪،‬‬ ‫وأكد خالل إعالنه “جتمع لبنان الواحد” أن تياره‬ ‫ليس حزبا ً ولن يكون‪ ،‬وليس ضد أحد من القوى‬ ‫املوجودة على األرض‪ ،‬وليس بديالً عن أحد‪ ،‬وال‬ ‫يريد إلغاء أي دور ألي جهة‪ ،‬وأن تياره سيكون في‬ ‫الصف األول في مسيرة الدفاع عن الوطن الذي‬ ‫تتالعب به األهواء‪ ،‬وحتيط به اخملاطر”‪ ،‬ولفت إلى‬ ‫أن “جتمع لبنان الواحد”‪ ،‬الذي هو “الكيان”‪ ،‬جتمع‬ ‫اجتماعي‪ ،‬ثقافي‪ ،‬إمنائي‪ ،‬صحي‪ ،‬وهو في قلب‬ ‫السياسة بعيدا ً عن كل االنحدارات واالنحطاطات‬ ‫في مستوياتها»‪.‬‬ ‫وهذا التيار ينطلق من مدرسة (مؤسس اجمللس‬ ‫اإلسالمي الشيعي األعلى) اإلمام موسى الصدر‬ ‫الذي يقول‪“ :‬إن الطوائف في لبنان هي نعمة‪ ،‬لكن‬ ‫الطائفية هي نقمة‪ ،‬وأن لبنان هو جلميع أبنائه”‪.‬‬ ‫ومن هنا وحتت شعار‪ :‬ملصلحة اإلنسان‪ ،‬من‬ ‫اجلنوب إلى كل لبنان‪ ،‬بدأ “جتمع الكيان الطبي‬ ‫اللبناني” برئاسة األستاذ عصام أبو درويش عمله‬ ‫لتدارك املشاكل احلياتية واالجتماعية التي‬ ‫يعانيها الشعب اللبناني الذي ميتلك نقصا ً في‬ ‫احلاجات املعيشية‪ .‬الهدف لم يكن للوصول إلى‬ ‫مصلحة أو إفادة ما‪ ،‬بل كان قرارا ً شجاعا ً فرض‬ ‫وجوده إلعطاء احملتاج حاجاته‪ ،‬واملريض عالجه‪،‬‬ ‫ومساعدة الناس‪.‬‬ ‫عام ‪ ،2004‬وفي األول من آب‪ ،‬كان “أبو درويش”‬ ‫قد أعلن مع مجموعة من املتخصصني بجميع‬ ‫القطاعات والدة مركز “الكيان الطبي”‪ ،‬لدعم‬ ‫احملتاجني ومشاكلهم وبناء مجتمع أفضل مؤكدا ً‬ ‫على أن املركز ال ينافس أي حزب أو مركز آخر‪ ،‬إمنا‬ ‫ملد يد املساعدة للمحتاجني واملعوزين‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪70‬‬


‫وجاءت الفكرة بعد عدة مشاورات‪ ،‬وباملساعدة‬ ‫مع هؤالء الذين يحتاجون ملعاجلة طبية وأدوية‪ ،‬أو‬ ‫للمحتاجني للتعليم في حقول مختلفة‪.‬‬ ‫وانتشرت الفكرة بسرعة غير متوقعة‪ ،‬ومت بناء‬ ‫مراكز في اجلنوب‪ :‬املصيلح‪ ،‬النبطية‪ ،‬حارة صيدا‪،‬‬ ‫والقليعة – مرجعيون‪.‬‬ ‫وفي بداية عام ‪ ،2006‬مت افتتاح مركز بيروت‪.‬‬ ‫واملراكز لم تكن عادية‪ ،‬لدرجة أنها وصلت‬ ‫لتكون مراكز طبية واجتماعية وثقافية‪،‬‬ ‫ومجتمعات أهلية‪.‬‬ ‫لكل مركز أقسام طبية تغطي جميع احلاالت‬ ‫التخصصية‪ ،‬وتوزع أدوية للفقراء‪ ،‬وقسم لتعليم‬ ‫اللغة االنكليزية باإلضافة إلى قسم لتعليم‬ ‫املعلوماتية بالتعاون مع شركة ‪MICROSOFT‬‬ ‫العاملية‪ ،‬إضافة إلى قسم حملو األمية‪.‬‬ ‫أضاف “الكيان” إلى مركزه في مدينة صور‬ ‫مساحة بناء جديدة وذلك ليلبي اإلزدياد في‬ ‫أعداد املواطنني الذين يقصدونه لتلقي العالج‬ ‫أو املشاركة في أنشطة مختلفة‪ .‬ومت جتهيز‬ ‫مراكز “الكيان” في مختلف املناطق بتقنيات‬ ‫طبية حديثة ومتطورة منها آالت تصوير صوتي‬ ‫ملونة للقلب والشرايني وأجهزة تنظير للمعدة‬ ‫والقولون وهي تعتبر من أحدث التقنيات املوجودة‬

‫في لبنان‪.‬‬ ‫معدل املرضى املعاجلني في املراكز وصل إلى ما‬ ‫يزيد عن ‪ 1000‬يومياً‪.‬‬ ‫أمن‬ ‫ولتوسيع خدماته اإلنسانية جلميع القرى‪ّ ،‬‬ ‫مراكز طبية متنقلة وكل سيارة مجهزة حتتوي‬ ‫عيادة أسنان‪ ،‬وعيادة عامة وصيدلية مع فريق من‬ ‫األطباء املتخصصني واملمرضني املدربني يجولون‬ ‫على جميع املناطق الفقيرة واحملتاجة طيلة أيام‬ ‫األسبوع قبل وبعد الظهر‪.‬‬ ‫املعدل اليومي للمرضى املستفيدين من هذه‬ ‫اخلدمات يبلغ عددهم يوميا ً ‪ 350‬شخصاً‪.‬‬ ‫جتمع لبنان الواحد (الكيان) لم يهمل الفقير‬ ‫املوجود في املدارس الرسمية‪ ،‬ففريق من األطباء‬ ‫املتخصصني في الطب العام‪ ،‬وطب األسنان‬ ‫يجول على هذه املدارس ويوزعون معجون األسنان‬ ‫وكافة احلاجات ويقدمون صندوق لإلسعافات‬ ‫األولية لكل مدرسة‪.‬‬ ‫اخملتصني واملتدربني‪،‬‬ ‫و”الكيان”‪ ،‬شكل فريقا ً من‬ ‫ّ‬ ‫وسيارة إسعاف مجهزة بأحدث املعدات التقنية‬ ‫محتوية على إسعافات قلبية‪.‬‬ ‫هذا الفريق يعمل ليالً ونهاراً‪ ،‬ويجيب على عدد‬ ‫ال يقل عن ‪ 300‬اتصال طارئ في الشهر‪.‬‬ ‫أما التعليم فيأخذ االهتمام األكبر في مركز‬

‫الكيان‪ ،‬فكل مادة تعليمية تستغرق شهرين‪،‬‬ ‫وهناك نحو ‪ 600‬تلميذ يستفيدون من تعلم‬ ‫اللغة االنكليزية والعدد نفسه أو أكثر يتعلم‬ ‫مهارات املعلوماتية‪.‬‬ ‫من أهم النشاطات اخملتلفة التي يقوم بها‬ ‫“الكيان”‪:‬‬ ‫ يقوم جتمع لبنان الواحد «الكيان» بحملة‬‫طبية مجانية في املدارس الرسمية في‬ ‫محافظتي اجلنوب والنبطية بالتنسيق مع مكتب‬ ‫االرشاد والتوجيه في وزارة التربية (وحدة التربية‬ ‫الصحية)‪ ،‬ويتم توزيع معجون وفرشاة أسنان‬ ‫على كل تلميذ‪ ،‬كما يقدم «الكيان» صيدلية‬ ‫مجهزة باألدوية لكل مدرسة ومنها‪( :‬مضادات‬ ‫حيوية‪ ،‬مضادات جروح وأدوية تعقيم)‪.‬‬ ‫إشارة الى أن «الكيان» يقوم بهذه احلملة التي‬ ‫تتألف من ‪ 4‬فرق طبية‪ ،‬وجتري الكشف الطبي‬ ‫على ما يقارب ال‪ 20‬ألف تلميذ في محافظتي‬ ‫اجلنوب والنبطية‪.‬‬ ‫ تقدمي مولدات كهربائية وأجهزة كمبيوتر‬‫للمدارس الرسمية‪.‬‬ ‫ تقدمي مساعدات مادية للطالب إلكمال‬‫تعليمهم‪ ،‬باإلضافة للمساهمة في التكاليف‬ ‫االستشفائية للمرضى املعوقني‪.‬‬ ‫ يساهم مع عدد من اجلمعيات والنوادي‬‫واالحتادات‪ ،‬التي تركز جهودها للمساعدات‬ ‫اإلنسانية والتعليمية واالجتماعية والرياضية‪.‬‬ ‫ يقدم مساعدات ملؤسسات رعائية لأليتام‪،‬‬‫في جميع املناسبات واألعياد الدينية‪.‬‬ ‫ يقدم الطعام للمحتاجني في شهر‬‫رمضان املبارك‪ ،‬وخدمات كهذه أيضا ً تقدم لكل‬ ‫الطوائف‪.‬‬ ‫ وأقام (الكيان) مركزا ً طبيا ً في النبطية‪،‬‬‫وأنشأ خيمة لتقدمي الطعام مبجالس العزاء‪.‬‬ ‫ و”الكيان” يؤمن رحالت مجانية للمحتاجني‬‫لزيارة مقام السيدة زينب كل أسبوع‪.‬‬ ‫ كما أن للكيان مركز رياضي داخلي في‬‫املصيلح‪ ،‬ويتبعه مركز آخر في النبطية‪ .‬وللكيان‬ ‫حصة كبيرة من املتسابقني في مارتون بيروت‬ ‫الدولي‪ ،‬وباإلضافة الى مشاركة الكيان بفرق‬ ‫اإلسعاف األولي‪ ،‬وسيارات اإلسعاف‪ ،‬باإلضافة‬ ‫الى تزويد املشاركني باملياه واملرطبات‪.‬‬ ‫ تقدمي معصرة زيتون لتعاوينة مزارعي‬‫النبطية “الدوير”‪.‬‬

‫مهيبة العسراوي‬

‫‪71‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر تربوي‬

‫جامعة البعث كوادر علمية قادرة على مواكبة التغيرات الجذرية الهادفة‬

‫الدكتور فاخوري‪ :‬موازنتنا مليار و ‪ 150‬مليون ليرة سورية‬ ‫في مبان إدارية وكليات ومعاهد ووحدات سكنية‬ ‫نظراً ألهمية املنطقة الوسطى في القطر‬ ‫العربي السوري‪ ،‬وأيضاً للتجمع السكاني‬ ‫الكثيف واملوقع االستراتيجي الهام‪ ،‬وتلبية‬ ‫حلاجات اجملتمع من القوى البشرية في توفير‬ ‫فرص التعليم اجلامعي لألعداد املتزايدة من‬ ‫خريجي الدراسة الثانوية‪ ،‬وتنفيذاً لسياسة‬ ‫االستيعاب في اجلامعات التي كانت وليدة‬ ‫احلركة التصحيحية بقيادة الرئيس الراحل‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬كل ذلك كان سبباً في صدور‬ ‫املرسوم التشريعي رقم ‪ 44‬بتاريخ ‪1979/9/14‬‬ ‫بإحداث جامعة في املنطقة الوسطى باسم‬ ‫جامعة البعث وهي كانت هدية من الرفيق‬ ‫املناضل الراحل حافظ األسد ألبناء شعبه‪،‬‬ ‫وهي الرابعة بني جامعات القطر‪ ،‬وقد جمعت‬ ‫الكوادر العلمية القادرة على مواكبة التغيرات‬ ‫اجلذرية الهادفة والسريعة التي يشهدها‬ ‫القطر العربي السوري‪ ،‬ومبكرمات متتالية‬ ‫من الرئيس الدكتور بشار األسد راعي العلم‬ ‫والعلماء‪.‬‬ ‫ها هي جامعة البعث اليوم تضم ‪ 25‬كلية‬ ‫باختصاصات علمية وأدبية في مدينتي حمص‬ ‫وحماه وتدمر‪ ،‬باإلضافة للمعهد العالي للغات‪،‬‬ ‫وتتميز بأبنيتها املتطورة ضمن حرم جامعي‬ ‫متكامل‪ ،‬وانفردت عن غيرها من اجلامعات‬ ‫السورية بأنها سباقة إلحداث وافتتاح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫رئيس اجلامعة د‪ .‬عامر فاخوري‬

‫كليات نوعية‪ :‬كالطب البيطري – الهندسة‬ ‫الكيميائية والبترولية ‪ -‬العلوم الصحية ‪-‬‬ ‫التربية املوسيقية – والسياحة‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” زارت جامعة البعث وجالت‬ ‫في أركانها وشاهدت املباني احلديثة واجلميلة‬ ‫لكافة الكليات التابعة للجامعة‪ ،‬وعاينت‬ ‫التطور الكبير فيها بكافة اجلوانب‪ ،‬وقصدت‬

‫‪72‬‬

‫مبنى اإلدارة حيث التقت الدكتور عامر‬ ‫فاخوري رئيس اجلامعة الذي حدثنا عن اخلطط‬ ‫املستقبلية قائالً‪:‬‬ ‫إن التوسع في املباني واملنشآت التعليمية‬ ‫واخلدماتية في اجلامعة من شأنه االرتقاء‬ ‫باإلجنازات على كافة األصعدة‪ ،‬وإضفاء السمة‬ ‫احلضارية لها‪ .‬وإن إحداث فرع للجامعة في حماة‬ ‫هدفه الوصول إلى إنشاء نواة لتأسيس جامعة‬ ‫مستقلة فيها مستقبال‪.‬‬ ‫ونظرا ً للتسارع العلمي والتقني والتكنولوجي‬ ‫احلاصل في العالم واجلامعات وازدياد الطلب على‬ ‫االختصاصات والفروع العلمية والتقنية والفنية‬ ‫رصدت جامعة البعث خلطتها االستثمارية لعام‬ ‫‪ 2011‬مليارا ً و ‪ 150‬مليون ليرة سورية بزيادة‬ ‫‪ 50‬مليونا ً عن عام ‪ 2010‬وتشمل اخلطة تنفيذ‬ ‫مباني فرع إدارة اجلامعة في محافظة حماة‬ ‫ومبنى كلية االقتصاد واحلاضنة التكنولوجية‬ ‫في املدينة الصناعية في حسياء‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫بناء وحدة سكنية جديدة في موقع كلية الطب‬ ‫البيطري ومبنى املعهد التقني للطب البيطري‬ ‫وصالة رياضية ومبنى طب األسنان في حماة ‪.‬‬ ‫ما هي مشاريعكم في خطة عام ‪2011‬؟‬ ‫مت حاليا ً دراسة مشاريع مباني كليتي التربية‬ ‫الرياضية والتمريض‪ ،‬واملشفى التعليمي التابع‬ ‫لكلية الطب البيطري‪ ،‬وتنفيذ مبنى كليتي‬ ‫التربية الثانية واآلداب الثانية في فرع اجلامعة في‬


‫حماه بكلفة تقديرية تصل إلى نحو ‪ 290‬مليون‬ ‫ليرة سورية على الهيكل إضافة إلى مبنى كليتي‬ ‫التربية األولى واحلقوق في حمص بكلفة تقدر‬ ‫بـ ‪ 315‬مليون ليرة سورية على الهيكل‪ ،‬ومبنى‬ ‫اخلدمات في حمص بكلفة نحو ‪ 150‬مليون ليرة‬ ‫سورية بحيث يؤمن هذا البناء الفراغات الالزمة‬ ‫ملديرية الشؤون الهندسية واخلدمات ومديرية‬ ‫تقانة نظم املعلومات ودائرة النقل واملكتب‬ ‫الصحفي إضافة إلى مبنى املركز اخلدماتي في‬ ‫املدينة اجلامعية بكلفة تقدر بـ ‪ 40‬مليون ليرة‬ ‫سورية ومزرعة الطب البيطري ومبنى األنشطة‬ ‫الطالبية ‪.‬‬ ‫ما هي املشاريع التي متّ تنفيذها خالل عام‬ ‫‪2010‬؟‬ ‫أنفقت اجلامعة عام ‪ 2010‬على مشروعاتها‬ ‫االستثمارية ‪ 915‬مليون ليرة من أصل اخلطة‬ ‫اإلجمالية لنفس العام والبالغة مليار و‪100‬‬ ‫مليون ليرة تضمنت استثمار مباني كليات‬ ‫الزراعة وهندسة امليكانيك والكهرباء واملعهد‬ ‫العالي لتعليم اللغات‪ ،‬إضافة إلى مبنى القاعات‬ ‫واحملاضرات اخلارجية امللحقة بكلية اآلداب الثانية‬ ‫في فرع اجلامعة في حماة‪ ،‬كما مت تنفيذ عدد من‬ ‫املشاريع اخلدماتية في اجلامعة منها تنفيذ محور‬ ‫املالعب الرياضية واملوقع العام لكلية الهندسة‬ ‫امليكانيكية والكهربائية ومشروع تأمني نفق‬ ‫اخلدمة ما بني الوحدات السكنية ومباني اجلامعة‬ ‫ومشروع تأمني الصرف الصحي الرئيسي ‪.‬‬ ‫ما هي خططكم املستقبلية لرفع كفاءة‬ ‫الطلبة والعاملني؟‬ ‫وضعت اجلامعة خططا ً وبرامج تهدف إلى‬ ‫رفع كفاءات العاملني والطلبة من خالل التدريب‬ ‫الداخلي واإلداري والتخصصي‪ ،‬وافتتاح املراكز‬ ‫والكليات واألقسام العلمية والبحثية التي ترفد‬ ‫اجلامعة وطلبتها وأساتذتها بكل ما هو جديد‬ ‫ومتطور في البحوث العلمية في العالم‪ ،‬وتسعى‬ ‫اجلامعة إلى مواصلة مسيرة التقدم العلمي‬ ‫والبحثي مبد جسور التواصل مع اآلخرين وذلك من‬

‫مبنى رئاسة اجلامعة‬

‫خالل االتفاقيات واملؤمترات العلمية والنشاطات‬ ‫التي تسهم في بناء عالقات علمية وثقافية‬ ‫واجتماعية هامة مع جامعات عربية شقيقة‬ ‫وأجنبية صديقة ترفد اجلامعة وكوادرها بأحدث‬ ‫ما توصلت إليه األطراف األخرى في مختلف أنواع‬ ‫العلوم‪ ،‬خاصة وأن اجلامعات هي منابر حضارية‬ ‫تطل على العالم من خالل مبدعيها وعلمائها ‪.‬‬ ‫ما املبادرات التي تقوم إدارة اجلامعة دولياً؟‬ ‫في اجملال الدولي متّ إجناز مشروع «ليدهار» املمول‬ ‫من احتاد اجلامعات الدولية بالتعاون مع جامعة‬ ‫«ماتيرز» الفرنسية بهدف تبادل اخلبرة والزيارات‬ ‫في مجالي العالقات الدولية واجلودة واالعتمادية‬ ‫باإلضافة إلى مشروع متبوس‪ ،‬كما زار اجلامعة‬ ‫ما يزيد عن ‪ 800‬زائر ساهموا في األنشطة‬ ‫العلمية والدورات التدريبية‪ ،‬وتعمل اجلامعة‬ ‫على تزويد مخابر الكليات بالتجهيزات وبأحدث‬ ‫اآلالت املتطورة التي حتقق االستفادة القصوى‬

‫للطلبة باإلضافة الفتتاح عدد كبير من دبلومات‬ ‫الدراسات العليا ودرجتي املاجستير والدكتوراه‬ ‫حيث منحت اجلامعة العام املاضي ‪ 145‬رسالة‬ ‫ماجستير و‪ 20‬درجة دكتوراه ‪.‬‬ ‫ما أهم املشاريع االستراتيجية التي تعمل‬ ‫اجلامعة على إجنازها في الوقت الراهن بهدف‬ ‫حتقيق خطط وطنية لتطوير املناهج وبرامج‬ ‫التعليم العالي؟‬ ‫نقوم بعمل برامج دعم ريادة األعمال وتشجيع‬ ‫املبادرات املتميزة وتنفيذ العديد من الدورات‬ ‫التدريبية وورش العمل للتعريف بعالم األعمال‬ ‫مع برامج شباب ‪ -‬انطالقة سورية ‪ -‬شل‪ ،‬ومت‬ ‫افتتاح برنامج اإلرشاد السياحي ليصبح عدد‬ ‫أقسام التعليم املفتوح ‪ 7‬أقسام‪ ،‬وأولت اجلامعة‬ ‫املنشآت الرياضية كل االهتمام لتمكن الطالب‬ ‫من ممارسة الرياضة عمال بالقول العقل السليم‬ ‫في اجلسم السليم‪ ،‬فقد متّ إنشاء عدد من املالعب‬ ‫وسيتم‬ ‫الرياضية‪ :‬تنس – كرة يد – كرة طائرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وضعها في االستثمار خالل فترة قريبة باإلضافة‬ ‫إلى إعداد دراسة إلنشاء صالة رياضية في حماه‪.‬‬ ‫كم بلغت أعداد الطالب املسجلني في‬ ‫اجلامعة؟‬ ‫بلغ عدد الدارسني في الكليات واملعاهد‬ ‫بجامعة البعث نحو ‪ 80‬ألف طالب وطالبة‪9 ،‬‬ ‫آالف طالب وطالبة منهم في مدينة حماه جلميع‬ ‫املراحل بد ًءا من املرحلة اجلامعية األولى وطالب‬ ‫الدراسات العليا واملعاهد التقنية والتعليم‬ ‫املفتوح‪.‬‬

‫حوار‪ :‬عبد السالم‬ ‫وعبد املناف األحمد‬ ‫ودميا ياغي‬

‫‪73‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر مناطق‬

‫جرمانا‪ ..‬مدينة الياسمين وجارة الفيحاء‬

‫المهندس برجس حيدر لـ «منبر التوحيد» ‪:‬‬ ‫موازنتنا ‪164‬مليون ليرة مشاريع استثمارية وخدمية‬ ‫تقع مدينة جرمانا في جنوب شرقي دمشق‬ ‫مبسافة خمسة كيلومترات‪ ،‬وهي ذات موارد‬ ‫زراعية متنوعة جعلتها شريانا ً يربط الغوطتني‬ ‫وجوهرة في السوار الذي يزين معصم دمشق‪،‬‬ ‫وجرمانا كلمة آرامية تعني الرجال األشداء‪،‬‬ ‫وقد ذكرها ياقوت احلموي في معجم البلدان‪،‬‬ ‫حيث يعود تاريخها إلى العصور القدمية‪،‬‬ ‫وهي اآلن مدينة حديثة فيها كل مقومات‬ ‫احلياة العصرية بكل جوانبها‪ ،‬وتتميز ببهاء‬ ‫محاسنها وجمال بساتينها وكثرة أشجارها‬ ‫وتنوع زراعتها‪ ،‬ويتم ّيز أهالي جرمانا بشدة‬ ‫متاسكهم وتعاضدهم لبعضهم البعض‬ ‫ويتمثلون بالقيم واملثل العليا حيث يحترم‬ ‫الصغير الكبير ويقتدي الناس التعاليم العربية‬ ‫احلميدة والرشيدة وميتثلون لشيوخهم وكبار‬ ‫عائالتهم ويتصفون باحلمية والنخوة والرجولة‬ ‫والوطنية ويدافعون عن هذه القيم بالدم ألنها‬ ‫تشكل مبجملها كرامتهم املقدسة‪.‬‬ ‫«منبر التوحيد” قصدت مدينة جرمانا لتلقي‬ ‫الضوء على هذه املدينة الهامة مبوقعها والتي‬ ‫تشهد تطورا ً عمرانيا ً كبيراً‪ ،‬وحتتوي على‬ ‫جتمع سكاني هائل‪ ،‬كما يقطن فيها سكانا ً‬ ‫ّ‬ ‫من كافة املدن السورية ومختلف األقطار‬ ‫العربية‪ ،‬وتشهد تآلف العيش املشترك بني‬ ‫جميع القاطنني فيها‪ ،‬وتوجهنا ملبنى البلدية‬ ‫والتقينا املهندس برجس حيدر رئيس مجلس‬ ‫مدينة جرمانا الذي حدثنا عن هذه املدينة‬ ‫العامرة قائالً‪:‬‬ ‫تقع مدينة جرمانا في اجلنوب الشرقي ملدينة‬ ‫دمشق محاطة بطريق مطار دمشق الدولي‪،‬‬ ‫احمللق اجلنوبي من اجلهة الغربية ملدينة دمشق‬ ‫وطريق الغوطة من اجلهة الشمالية ومدينة‬ ‫املليحة من اجلهة الشرقية‪ ،‬وتبلغ مساحة‬ ‫جرمانا ‪ 5990‬دومنا يضاف إليها بعض األراضي‬ ‫من بساتني الشاغور‪ ،‬وعدد سكانها حاليا ً يزيد‬ ‫على ‪ 400‬ألف نسمة تتضمن سكانها األصليني‬ ‫باإلضافة إلى إخوة لبنانيني مقيمني منذ فترة‬ ‫طويلة‪ ،‬ومن أهالي اجلوالن ومن فلسطني ‪48‬‬ ‫باإلضافة إلى وجود أعداد كبيرة من املواطنني‬ ‫العراقيني‪ ،‬ويقطن جرمانا أيضا ً سكان من كافة‬ ‫محافظات القطر بسبب قربها من محافظة‬ ‫دمشق وقربها من طريق مطار دمشق الدولي‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عدا عن ذلك الوضع االجتماعي الذي يسمح‬ ‫بتعايش كافة الشرائح مع بعضها‪ ،‬ويعمل‬ ‫السكان في شتى األعمال التجارية حيث‬ ‫متتد األسواق بطول املدينة وعرضها وتشكل‬ ‫حركة جتارية نشطة جداً‪ ،‬مع وجود العديد من‬ ‫املنشآت الصناعية واملعامل إضافة للصناعات‬ ‫املعتمدة على الزراعة ‪.‬‬ ‫ما هي أهم املشاريع اخلدماتية التي نفذت‬ ‫‪2010‬؟‬ ‫قمنا بتنفيذ املشاريع االستثمارية على‬ ‫املوازنة املستقلة كاملة‪ ،‬وقد قدم لنا احملافظ‬ ‫دعما ً ماديا ً إلكمالها‪ ،‬ومن هذه املشاريع‪ ،‬مدخل‬ ‫جرمانا باجتاه كشكول حيث قامت مديرية‬ ‫اخلدمات الفنية بإيعاز من احملافظ بتعبيد هذا‬ ‫الطريق ليصبح مدخال ً حيويا ً إلى جرمانا‪.‬‬ ‫أما أهم املشاريع التي نفذت ‪ 2010‬فهي‬ ‫إكساء القصر البلدي في جرمانا‪ ،‬وهو مؤلف‬ ‫من أربع طوابق باإلضافة إلى القبو الذي‬ ‫خصص قسم منه ليكون مديرية مالية‬ ‫خاصة بجرمانا‪ ،‬ومت التنسيق بخصوص هذا‬ ‫الشأن بني مجلس مدينة جرمانا ومديرية‬ ‫مالية ريف دمشق‪ ،‬كما قمنا بتنفيذ احمللق‬

‫‪74‬‬

‫اجلنوبي من طريق املطار مرورا ً بشارع الباسل‪،‬‬ ‫وقمنا بتعبيد عدد كبير من املناطق في‬ ‫جرمانا مثل النهضة ‪ -‬احلمصي ‪ -‬حي تشرين‪،‬‬ ‫ومناطق متفرقة‪ ،‬ومتّ تأمني شبكة مياه حلوة‬ ‫كبيرة في كافة املناطق األراضي الزراعية داخل‬ ‫وخارج اخملطط التنظيمي‪ ،‬أما بالنسبة لبناء‬ ‫البلدية القدمي متّ إعطاؤه إلى وزارة العدل حيث‬ ‫أقيم فيه قصر عدلي ومحكمة بداية وتنفيذ‬ ‫وحتقيق وكافة احملاكم اخلاصة مبدينة جرمانا‪.‬‬ ‫كم تبلغ املوازنة االستثمارية؟‬ ‫بلغت املوازنة االستثمارية لعام ‪2010‬‬ ‫حوالى ‪ 125‬مليون ليرة سورية واستطعنا‬ ‫حتقيق إيرادات أكثر من املوازنة املقدرة فتم‬ ‫تعديل املوازنة حيث بلغت عام ‪ 2011‬حوالى‬ ‫‪ 164‬مليون ليرة سورية‪ ،‬وقد وجه لنا محافظ‬ ‫املدينة والقائمني في احملافظة كتاب شكر على‬ ‫هذه اإليرادات التي زادت فيها نسبة الدخل‬ ‫إلى مدينة جرمانا‪ ،‬واستطعنا مع احملافظ‬ ‫واملسؤولني في اإلدارة احمللية االستفادة من‬ ‫موضوع مهم في جرمانا حيث يوجد عدد كبير‬ ‫من احملالت القائمة واملستثمرة‪ ،‬ولكن طبيعة‬ ‫النظام سكن ثاني ال ميكن السماح بإعطاء‬


‫تراخيص إدارية فقمنا بتحويل كل احملالت التي‬ ‫تطل على شوارع ‪ 15‬متر وما فوق من سكني‬ ‫إلى جتاري عن طريق التسوية‪ ،‬بحيث تستفيد‬ ‫البلدية من القيمة املادية التي يدفعها املواطن‬ ‫للقيام بالتسوية وفي الوقت نفسه يستطيع‬ ‫املواطن أن يحصل على ترخيص إداري ‪.‬‬ ‫ما أهم املشاريع اخلدماتية املقترح‬ ‫تنفيذها عام ‪2011‬؟‬ ‫قمنا بتعبيد الطرق الباقية في جرمانا‬ ‫مبا فيها منطقة كشكول اجلمعيات وهذه‬ ‫املنطقة جزء منها داخل اخملطط التنظيمي‬ ‫واجلزء اآلخر خارج اخملطط وهذا املشروع قيمته‬ ‫‪ 6‬مليون ليرة سورية‪ ،‬وقد مت التصديق على هذا‬ ‫العقد وخالل شهر نيسان لهذا العام سيتم‬ ‫التنفيذ‪ ،‬وكذلك تعبيد منطقة جباليات‬ ‫شرق البلدة وهي منطقة مبنية حديثا ً وهذا‬ ‫املشروع قيد التنفيذ‪ ،‬ويضاف إلى ذلك منطقة‬ ‫اليونسية واملزارع ومناطق أخرى كلها مشاريع‬ ‫جاهزة قسم منها قيد اإلعالن وقسم منها‬ ‫قيد التصديق‪ ،‬كما أوعز احملافظ في العام‬ ‫املاضي لتعبيد طريق مدخل جرمانا باجتاه‬ ‫كشكول وفي هذا العام تتمة لهذا املشروع‬ ‫بناء أرصفة وأطاريف وجزيرة في منتصف هذا‬ ‫الشارع والذي يبلغ عرضه ‪ 24‬متر وهذا املشروع‬ ‫قيد اإلعالن سنقوم بتنفيذه هذا العام‪،‬‬ ‫ويوجد لدينا مدخلني إلى جرمانا األول باجتاه‬ ‫طريق املطار مطعم النسيم بعرض ‪ 24‬متر‬ ‫والطريق الثاني باجتاه الغوطة بجانب معمل‬ ‫أمية للدهانات‪ ،‬وحاليا ً إضبارة االستمالك‬ ‫جاهزة وقامت البلدية بالتنفيذ على أرض‬ ‫الواقع وجتهيز الطريق‪ ،‬وقد قمنا بإزالة ‪% 90‬‬ ‫من األبنية املوجودة على طرفي الطريق‪ ،‬كما‬ ‫نقوم بتخدمي املناطق اخملالفة التي بنيت خارج‬

‫اخملطط التنظيمي مثل كشكول والكباس‬ ‫ومناطق أخرى من حيث املياه والقمامة‬ ‫والكهرباء والهاتف ‪.‬‬ ‫ما هي الدوائر احلكومية في قطاع مجلس‬ ‫مدينة جرمانا وما هي نسبة تخدميها‬ ‫للسكان؟‬ ‫يوجد عدد كبير من الدوائر منها شعبة‬ ‫التجنيد – الهاتف – الكهرباء – وحدة املياه –‬ ‫الناحية – النفوس – احملكمة – املركز الثقافي‬ ‫باإلضافة للفرق احلزبية كما يوجد مستوصفان‬ ‫مشاف خاصة وبعض عناصر األمن املسؤولة‬ ‫و‪6‬‬ ‫ٍ‬ ‫عن حماية املنطقة‪ ،‬حيث نستطيع القول إن‬ ‫نسبة تخدميها للسكان مقبولة لكننا نطمح‬ ‫لألفضل ‪.‬‬

‫ما هو عدد املدارس التعليمية ونسبة‬ ‫التعليم فيها؟‬ ‫بسبب الكثافة السكانية ووجود األخوة‬ ‫العراقية أصبحت املدارس مكتظة بعدد كبير‬ ‫من الطالب‪ ،‬ففي عام ‪ 2009‬مت افتتاح ‪ 4‬مدارس‪،‬‬ ‫اثنتان في شارع إبراهيم اخلليل واثنتان أخرى‬ ‫في احلمصي‪ ،‬ورفعنا في عام ‪ 2010‬أربع أضابير‬ ‫استمالك ملدارس صدر مرسوم استمالك‬ ‫مدرستني جاهزتني للبناء ويوجد اضبارتني‬ ‫برئاسة مجلس الوزراء مبجرد صدور مراسيم‬ ‫االستمالك ستقوم اخلدمات الفنية بتنفيذ‬ ‫هذه املدارس‪ ،‬وفي عام ‪ 2011‬نعد لبناء خمس‬ ‫مدارس وإنشاء اهلل نصل لعام ‪ 2012‬ويكون‬ ‫لدينا فائض في املدارس‪ ،‬ونسبة التعليم‬ ‫مرتفعة جدا ً جدا ً حيث يوجد لدينا مئات من‬ ‫حاملي الشهادات العليا‪.‬‬ ‫ما هي املعوقات التي تعترض سير عمل‬ ‫مجلس املدينة؟‬ ‫يوجد بعض املعوقات املادية واحملافظ‬ ‫يساعدنا قدر اإلمكان سواء من موازنة‬ ‫مستقلة أو عن طريق اإليعاز ملديرية اخلدمات‬ ‫الفنية للقيام ببعض املشاريع في إطار مدينة‬ ‫جرمانا‪ ،‬لكننا نحتاج دائما ً إلى مزيد من الدعم‬ ‫املادي واملعنوي ‪.‬‬ ‫وفي اخلتام دعا حيدر املواطنني الى االلتزام‬ ‫مبواعيد رمي القمامة وعدم رميها بشكل‬ ‫عشوائي ليساهموا معنا في بيئة نظيفة‬ ‫والتقيد التام باألنظمة والقوانني‪ ،‬مشيرا ً الى‬ ‫أن وضع مجلس املدينة بشكل عام مقبول‪،‬‬ ‫لكننا دائما ً نطمح لألفضل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سماح عبد السالم‬ ‫مكتب دمشق‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر رأي‬

‫التربية الدينية ودورها‬ ‫في تنشئة أفراد المجتمع‬ ‫احلمد هلل خالق ما في األرض والسماوات‪،‬‬ ‫ومد ّبر جميع الكائنات‪ ،‬سبحانه ر ّبا ً ال معبود‬ ‫نوحد إال إ ّياه‪ ،‬والصالة والسالم‬ ‫سواه‪ ،‬وإلها ً ال ّ‬ ‫على خامت األنبياء واملرسلني‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬ ‫الطاهرين ّ‬ ‫الطيبني‪.‬‬ ‫األبناء هم حديث اليوم وحديث ّ‬ ‫كل يوم‪ ..‬بل‬ ‫ّ‬ ‫ومحل اهتمامه منذ أوجده‬ ‫هم حديث اإلنسان‬ ‫اهلل تعالى في هذه احلياة‪ ،‬يتمنّى صالحهم‬ ‫ويدعو اهلل أن يحقق له فيهم ما يريد‪ .‬وك ّلما بلغ‬ ‫اإلنسان قدرا ً من النضج أدرك قيمة نعمة أبنائه‬ ‫وطلب من اهلل إصالحهم‪،‬‬ ‫رب‬ ‫(‪...‬حتى إذا بلغ‬ ‫ّ‬ ‫أشده وبلغ أربعني سن ًة قال ّ‬ ‫علي وعلى‬ ‫أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت ّ‬ ‫والدي وأن أعمل صاحلا ً ترضاه وأصلح لي في‬ ‫ّ‬ ‫ذ ّريتي إني تبت إليك وإني من املسلمني)‪ .‬سورة‬ ‫األحقاف‪ -‬اآلية‪. 15 :‬‬ ‫بهم تق ّر عيون اآلباء وتزدان بهم احلياة (‪...‬ر ّبنا‬ ‫أعني واجعلنا‬ ‫هب لنا من أزواجنا وذ ّرياتنا ق ّرة‬ ‫ٍ‬ ‫للمتّقني إماما ً )‪ .‬سورة الفرقان‪ -‬اآلية‪. 74 :‬‬ ‫فاألبناء أمانة ومسؤولية عند اآلباء‪ ،‬ومن أوائل‬ ‫االمور التي يجب أن تراعى أن الولد خلق قابالً‬ ‫للخير والشر‪ ،‬وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة‬ ‫ساذجة‪ ،‬أي خالية من ّ‬ ‫نقش وصورة‪ ،‬فيجب‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫تربيته تربية توحيدية صحيحة‪ ،‬فال أجر وال ثواب‬ ‫يعادل هذه التربية حيث ينهلون غذاء اجلسد‬ ‫والروح في آن معاً‪.‬‬ ‫بشكل عام دورها‬ ‫فرسالة التربية الدينية‬ ‫ٍ‬ ‫الهام في تنشئة األفراد في اجملتمعات تنشئة‬ ‫صاحلة لتسمو بهم إلى أقصى درجات الكمال‬ ‫األنسي‪ ،‬فهي تعلو بأخالقهم وتنقّ ي ضمائرهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتنظم تفكيرهم وتصقل‬ ‫وتطهّ ر نفوسهم‪،‬‬ ‫شخصياتهم‪.‬‬ ‫تقدمه من قوانني تربوية‬ ‫والتربية الدينية مبا ّ‬ ‫مستقاة من وحي الشريعة في جميع أبواب‬ ‫الفعال في‬ ‫احلياة‪ ،‬فتجعل اإلنسان يشعر بدوره‬ ‫ّ‬ ‫احلياة‪ ،‬والهدف من وجوده والغاية من خلقه‪،‬‬ ‫وحقوقه وواجباته جتاه اهلل وجتاه نفسه وجتاه‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫التربية في املفهوم اللغوي ‪:‬‬ ‫التربية في املفهوم اللغوي ترجع الى امللك‬ ‫والسيادة والنماء والزيادة‪ ،‬ومن هذه الداللة‬ ‫اللغوية البسيطة تتجلى ثالثة جوانب اساسية‬ ‫في املربي والعملية التربوية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬متيز املربي وتفوقه في ملكاته وقدراته‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫* الشيخ نابـغ يوسـف ذبيـان‬ ‫وهذه بديهية من مقتضيات امللك والسيادة‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬واجب املربي في تنمية من يربيه وتزكيته‬ ‫وزيادة خصاله حسنا ً ومهاراته صقالً‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬من مهمات التربية احلماية والوقاية إذ‬ ‫هذا من طبيعة مهمة املالك في ملكه وكذلك‬ ‫من طبيعة القدرة واإلستمرار في النماء والزيادة‪.‬‬ ‫إن التحديد اللغوي كما ذكر بعض املعاجم‬ ‫ان لهذه الكلمة أصلني‪ :‬أحدهما ربا يربو مبعنى‬ ‫ورب الشيء‬ ‫رب يرب مثل مد ميد ّ‬ ‫زاد ومنا وثانيهما ّ‬ ‫مالكه وس ّيده ومد ّبره ومربيه ومنعمه ومقيمه‬ ‫وأضاف معجم آخر أصالً ثالثا ً وهو رَبي يربى‬ ‫مبعنى نشأ وترعرع وطاب وبعد الرجوع الى‬ ‫عدة معاجم وجدنا أن أهم املعاني التي ذكرها‬ ‫اللغويون هي اآلتية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الزيادة والنمو‪.‬‬ ‫ب‪ -‬النشأة والترعرع‪.‬‬ ‫ج‪ -‬التغذية‪.‬‬ ‫د‪ -‬السياسة‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬التع ّلم‪.‬‬ ‫و‪ -‬إصالح الشيء وحفظه‪.‬‬ ‫ز‪ -‬التكفل بأمور الصغير وحسن القيام عليه‪.‬‬ ‫ح‪ -‬التأديب والتهذيب والتدريب‪.‬‬ ‫ط‪ -‬التزكية والتطهير‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫ي‪ -‬اإلرشاد والتوجيه‬ ‫والقارئ لهذه املعاني قد يجد بعض الغرابة‬ ‫في عالقتها بالتربية‪ ،‬ألن هناك فرق بني التربية‬ ‫والتعليم‪ .‬فالتعليم هو توصيل املعلومات‬ ‫الى األذهان‪ ،‬والتربية هي إحداث التغيير في‬ ‫السلوكيات حسب املعلومات وبناء شخصيات‬ ‫على حسب ما يريد اجملتمع أو األمة‪ ،‬ولهذا‬ ‫أعم من التعليم‪ ،‬ألنه ال ميكن إحداث‬ ‫فـالتربية ّ‬ ‫التغيير بدون توصيل املعلومات أوال ً في األذهـان‪.‬‬ ‫‪ - 2‬املعنى اإلصطالحي للتربية‪:‬‬ ‫لقد اختلف علماء التربية في حتديد معناها‬ ‫اصطالحاً‪ ،‬كما قد اختلف العلماء في تعريفات‬ ‫العلوم األخرى وذلك أمر طبيعي لوجود عدة‬ ‫عوامل تؤثر في ذلك‪:‬‬ ‫وأهم تلك العوامل هي‪:‬‬ ‫عوامل اختالف املربني في تعريف التربية‪.‬‬ ‫أ ‪ -‬العامل اإلجتماعي‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬العامل الديني‪.‬‬ ‫ج ‪-‬عامل تطور العلوم بحسب اختالف‬ ‫العصور‪.‬‬ ‫د ‪ -‬عامل اختالف املدارك في العلوم‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تعريف التربيــة الدين ّيــة ‪:‬‬ ‫هي تنشئة اإلنسان شيئا ً فشيئا ً في جميع‬ ‫جوانبه وفق املنهج الديني اخلاص‪ .‬وهي علم‬ ‫إعداد األجيال إعدادا ً كامالً في جميع مراحل منوه‬ ‫للحياة الدنيا واآلخرة في ضوء القيم التوحيدية‬ ‫مما تزود الفرد بالق ّوتني‪:‬‬ ‫القوة املادية بزيادة حصيلته من العلم ومن‬ ‫املهارة التكنولوجية‪.‬‬ ‫القوة الروحية بزيادة إميانه وإكسابه الصالبة‬ ‫التي ال تأتي إال من متاسك الروح وخلوص اإلميان‬ ‫وصدق التوكل على ال ّلـه والثقة في رحمته في‬ ‫إطار اإلخالص واجلهد والعزمية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬خصائص التربيـة الدين ّيـة‬ ‫بعدة‬ ‫تتصف العملية التربوية التوحيدية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خصائص مت ّيزها عن غيرها وتوقفها شامخ ًَة فوق‬ ‫دروب العمليات احلياتية جميعها‪ ،‬وهي منوذجا ً‬ ‫مرب ومع ّلم وداعية الى اخلير والنور‬ ‫متكامالً لكل ٍّ‬ ‫والهدى‪.‬‬ ‫واملربون الذين ال يدركون هذه اخلصائص الهامة‬ ‫واألساس ّية يقعون في ذ ّلة الهوى أو اإلجتهاد‬ ‫الضعيف املهترئ القائم على ق ّلة العلم واخلبرة‪.‬‬ ‫وتلك اخلصائص التي سوف نتكلم عنها‬


‫أشبه ما تكون بأعمدة البناء للعمل ّية التربوية‬ ‫التوحيد ّية التي ال يسع املر ّبي تركها أو إهمالها‬ ‫أيـة حال‪.‬‬ ‫على ّ‬ ‫أ = العقـائديـّة‪:‬‬ ‫إن مصطلح العقيدة يراد به ما يعقد عليه‬ ‫اللـه وأسمائه وصفاته‬ ‫القلب من اإلميان بربوب ّية ّ‬ ‫القدس ّية (الذات ّية والفعل ّية) وتوحيده بالعبادة‬ ‫والطلب والقصد (سواء كانت عبود ّية القلب أو‬ ‫اللسان او اجلوارح)‪ ،‬والتب ّرؤ من كل ما يعبد من دون‬ ‫اللـه‪ ،‬كما تشمل أيضا ً اإلميان باملالئكة والكتب‬ ‫ّ‬ ‫املنزلة والرسل واليوم اآلخر واجلزاء واحلساب واجلنّة‬ ‫والنار والقضاء والقدر (خيره وش ّره)‪ ،‬فهي تحُ يط‬ ‫مبناحي احلياة كلها بل وتضع ظاللها الوفيرة‬ ‫على كل سلوك للمؤمن في حياته وحتى مماته‪،‬‬ ‫إذ يقول سبحانه‪:‬‬ ‫«قل إ ّن صالتي ُ‬ ‫ونسكي ومحياي ومماتي للـ‪..‬‬ ‫ربّ العاملني» (اإلنعام ‪ ،)162 /‬ولقد جاءت دعوة‬ ‫الرسل(ع) ك ّلها دائرة حول هذا احملور وهو محور‬ ‫العقيدة‪.‬‬ ‫واملر ّبي يجب عليه أن يغرس العقيدة‬ ‫الصحيحة في قلب من ير ّبيهم ويع ّلمهم وال‬ ‫يتركهم نهبا ً ألهواء وأفكار قد تنهش قلوبهم‬ ‫وتباعد بينهم وبني سبيل الهدى‪ .‬من هنا يبدو‬ ‫على املر ّبي أن يكون منتبها ً ملا ينتشر من املناهج‬ ‫املنحرفة أو من الذين يعتمدون مناهج ضا ّلة‬ ‫يرتضون فيها اإلنحراف عن النهج السليم‪ .‬كما‬ ‫على املر ّبني دائما ً الربط بني سلوك املؤمن في‬ ‫حياته اليوم ّية وبني عقيدته برباط وثيق‪ ،‬والتنبيه‬ ‫دائما ً على مسألة التح ّرك بالعقيدة والعمل‬ ‫بها‪ .‬فالسعادة هي في العلم والعمل‪« ،‬فميزان‬ ‫صحة العلم هو العمل فيه‪ ،‬وإن امليزان لصحة‬ ‫األعمال هي مبقدار موافقتها للحق والشرع‪،‬‬ ‫وإن التكامل فيما بني هذه األركان فيه تقومي‬ ‫حياة املؤمن العقلية والروحية وبالتالي احلياتية‬ ‫واإلجتماعية»‪.‬‬ ‫ب = العلميـّة‪:‬‬ ‫أ ّن احلاجة الى العلم ال تقل عن احلاجة الى‬ ‫الطعام والشراب والكساء والدواء‪ ،‬فإ ّن القلوب ال‬ ‫حتيا بغير علم‪ ،‬كما أ ّن األجساد ال حتيا بغير زاد‪،‬‬ ‫والعلم الشرعي هو هدي األنبياء‪ ،‬ومن تركه فقد‬ ‫ترك هديهم» فالعلماء ورثة األنبياء»‪ ،‬كما قال‬ ‫اإلمام علي (ع) ‪« :‬الشاخص في طلب العلم‬ ‫كاجملاهد في سبيل اهلل «‪.‬‬ ‫فالسلف الصالح قد أتعبوا أنفسهم وبذلوا‬ ‫في حتصيل العلم ّ‬ ‫غال ونفيس‪ ،‬وقصدوا‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫اجملاهدة في الوصول الى رضى اخلالق باخلشية‬ ‫منه وليس ابتغاءا ً للر ّياء والدنيا‪ ،‬كما قال‪« :‬العلم‬ ‫الذي ال ينقذك من نفسك فاجلهل خي ٌر منه»‪.‬‬ ‫«فالعلم الذي ال يولّد اخلشية علمٌ ي َ‬ ‫ُحاسب‬ ‫ًّ‬ ‫اإلنسان عليه حساباً‬ ‫شاقاً عسيراً‪ ،‬فينبغي ان‬ ‫ّ‬ ‫يتربّى املؤمن على أن يتعلم من العلم اخلشية‬ ‫واإلخالص‪ ،‬وال يبتغي به الرّياء والدنيا»‪.‬‬

‫فال علم مع جرأة على اهلل سبحانه‪ ،‬وال‬ ‫مع استمرار على ذنب‪ ،‬وال مع ذهاب للحياء‪ ،‬وكم‬ ‫يحصل العلم‬ ‫من طالب علم بعيد عن اخلشية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حتصيل التجارة ليربح شهرة أو ل ُيشار إليه أنه‬ ‫عالم‪ ،‬فينحدر مع أ ّول منزلق وينكسر مع أ ّول‬ ‫ريح!!‬ ‫فالعلم يقتضي العمل‪ ،‬وهو مبدأ هام وواجب‬ ‫بد من ترسيخه في قلوب املتع ّلمني‪ .‬قال‬ ‫كبير ال ّ‬ ‫الرسول (ص)‪« :‬اللهم إني أعوذ بك من علم ال‬ ‫ينفع ومن قلب ال يخشع ومن نفس ال تشبع‬ ‫ومن دعوة ال يستجاب لها»‪ .‬فيلزم اإلهتمام‬ ‫بالعمل والعلم إهتماما ً كبيراً‪ ،‬كما يلزم متابعة‬ ‫ذلك من قبل املع ّلمني والتأكيد عليه باستمرار‪،‬‬ ‫قال اإلمام الصادق (ع) ‪ »:‬كونوا دعاة الناس‬ ‫بأعمالكم‪ ،‬وال تكونوا دعاة بألسنتكم»‪.‬‬ ‫ج = العبـوديـّة‪:‬‬ ‫وهي اإلخالص هلل تعالى في العبادة من‬ ‫صالة وصوم وذِكر وآداء الفرائض والنوافل‪ ،‬وعبادة‬ ‫للـه سبحانه‬ ‫القلوب كاخلوف والرجاء واإلنابة ّ‬ ‫وغيرها‪ ،‬كما قال تعالى‪...»:‬فمن كان يرجوا لقاء‬ ‫ربّه فليعمل عمالً صاحلاً وال يشرك بعبادة ربّه‬ ‫أحداً»‪ .‬الكهف‪.110 /‬‬ ‫والعابد الذي يرجو ان يتقبل اهلل عمله ال بد‬ ‫ان يتح ّرى الد ّقة في هذا املقياس وإالّ صار عمله‬ ‫ضائعا ً وجهده مردودا ً عليه‪ ،‬قال تعالى‪»:‬ولقد‬ ‫أوح َي اليك والى الّذين من قبلك ل ِئن أشركت‬ ‫ِ‬ ‫ليحب َ‬ ‫َ‬ ‫ولتكون ّن من اخلسرين»‪.‬‬ ‫َط ّن عملك‬ ‫الزمر‪.65/‬‬ ‫فالعبادة فضل منه سبحانه‪ ،‬ونعمة منه ع ّز‬ ‫ّ‬ ‫وجل وتك ّرم وَ ُجود‪ ،‬وهي ليست باجتهاد إنساني‬ ‫فحسب‪ ،‬بل هي بتوفيق ر ّباني أيضاً‪ ،‬فك ّلنا فقير‬ ‫ييسر له العبود ّيـة املقبولة‪،‬‬ ‫الى توفيق ر ّبه كي ّ‬ ‫لهذا كان من أفضل ما يسأل اخلالق تعالى اإلعانة‬ ‫على مرضاته‪.‬‬ ‫فالعبود ّية تفتقر إلى اإلستعانة به سبحانه‬ ‫دوماً‪ ،‬النّها بغير استعانة قد تفضي باإلنسان‬ ‫أن يفرح بعمله ويعجب به‪ ،‬وتفرغ القلب من‬ ‫ّ‬ ‫والتوكل‪ ،‬فيجب على املؤمن‬ ‫مقام اإلستعانة‬ ‫ّ‬ ‫ويتوكل عليه في عبادته له إذ أنه‬ ‫ان يستعينه‬ ‫سبحانه هو املو ّفق لطاعته‪.‬‬ ‫د = التـوازنيـّة‪:‬‬ ‫الدينية‬ ‫لقد اتّصفت كثير من املناهج التربو ّية ّ‬ ‫بالتركيز على جانب واحد من جوانب حياة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ففي اليهودية مثالً تقوم الترب ّية على‬ ‫التميز واخلصوص ّية‪ ،‬وفي غيرها كان التركيز على‬ ‫خالص اإلنسان من أدران الرذيلة‪.‬‬ ‫ففي التربية الطبيع ّية يرى (روسو)‬ ‫الفيلسوف الفرنسي‪ ،‬أن الهدف من التربية‬ ‫يتم ّثل في تزويد العقل باملعرفة فحسب‪ ،‬ويرى‬ ‫(جون ديوي) الفيلسوف األميركي ان النم ّو هو‬ ‫ّ‬ ‫املفكر اإلجنليزي‬ ‫الغاية من التربية‪ ،‬ويرى (رينان)‬ ‫أ ّن الفرد ال اجملتمع وال الدولة هو هدف التربية‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫أما التربية التوحيدية في اإلسالم تف ّردت‬ ‫عن املناهج ك ّلها فقد عالج النفس البشرية‬ ‫جسما ً وعقالً وروحا ً ممتزجة في كيان واحد أال وهو‬ ‫اإلنسان صورة اهلل على األرض‪.‬‬ ‫فهذا التوازن بني اجلوارح والفكر والقلب‬ ‫هو األساس في التربية الدينية التوحيدية‪ ،‬مثالً‪:‬‬ ‫اإلميان هو قول باللسان وتصديق باجلنان وعمل‬ ‫باألركان‪ ،‬وأيضا ً فضيلة السدق فهو السدق‬ ‫باللسان واجلنان واألركان‪ ...‬وان اختالل هذا‬ ‫التوازن يجنح باملؤمن عن الطريق القومي والهدف‬ ‫املنشود أال وهو رضى اخلالق سبحانه‪.‬‬ ‫لذلك فإن خاص ّية التوازن تقتضي ممن‬ ‫يشرفون على التربية ان يأخذوا في اإلعتبار ُقدرات‬ ‫يهتمون‬ ‫الناس اجلسم ّية والعقل ّية والروح ّية‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬ ‫بإبراز ناحية على حساب األخرى فيحصل اخللل‬ ‫التربوي وما يستتبعه من القلق النفسي‬ ‫واإلضطراب السلوكي‪.‬‬ ‫فاهلل تعالى يعلم ضعف املؤمن إزاء املغريات‬ ‫فأمره بالتقوى‪ ،‬وح ّثه على الصالة‪...« ،‬إ ّن الصالة‬ ‫كانت على املؤمنني كتاباً موقوتاً» (النساء ‪/‬‬ ‫‪ ،)103‬وصدقة اخلفاء‪ ،‬ويدعوه الى جتديد التوبة‬ ‫كلما سقط في معصية وذنب‪« .‬ألم يعلموا أن‬ ‫الـ‪ ..‬هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ ّ‬ ‫الصدقت‬ ‫وأ ّن اهلل هو التـّواب الرحيم»‪( .‬التوبة ‪)104 /‬‬ ‫هـ = العمليـّة‪:‬‬ ‫إن التربية التوحيد ّية في اإلسالم هي تربية‬ ‫عمل ّيـة ال تكتفي بالكلمات‪ ،‬بل تدعو دوما ً للعمل‬ ‫والتطبيق فال علم بال عمل كما قيل‪»:‬العلم بال‬ ‫عمل عقيم‪ ،‬والعمل بال علم سقيم‪ ،‬والعلم‬ ‫والعمل صراط مستقيم»‪.‬‬ ‫فال نصيحة بغير قدوة‪ ،‬وال تص ّور بغير تنفيذ‪.‬‬ ‫«إنّها تربية تتحوّل بها الكلمة الى عمل بنـّاء‬ ‫أو الى ُخلق فاضل أو إلى تعديل في السلوك‬ ‫نحو األصلح»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يقول (ليوتوليستوي) املفكر الروسي‬ ‫ّ‬ ‫السهل أن تضع آالف‬ ‫الشهير‪« :‬إنّه من‬ ‫ّ‬ ‫النظريّات ولكن أصعب الصعب ان حتوّل نظرية‬ ‫واحدة الى تطبيق‪ »...‬لذلك فالتربية التوحيد ّية‬ ‫والرؤية اإلسالم ّية تكمن عظمتها في إمكانية‬ ‫حتويلها الى مارد عمالق من العمل واإلجناز‬ ‫أما ما يحصل أحيانا ً من تعليم العلم‬ ‫والتطبيق‪ّ ،‬‬ ‫النظري مع إهمال التطبيق فهو أشبه مبا تساءل‬ ‫عنه الغزالي‪« :‬هل يحصل البرء مبجرد معرفة‬ ‫إسم العالج أم ال بد من استعماله»‪ .‬ويقول‬ ‫أيضاً‪« :‬لو قرأت العلم مائة سنة وجمعت ألف‬ ‫كتاب ال تكون مستع ّدا ً لرحمة اللـ‪ ..‬تعالى‬ ‫إال بالعمل (وإن ليس لإلنسان إال ما سعى)»‪.‬‬ ‫ويقول‪ »:‬أن العلم بال عمل جنون والعمل بغير‬ ‫علم ال يكون واعلم أن علماً ال يبعدك اليوم عن‬ ‫املعاصي وال يحملك على الطاعة لن يبعدك‬ ‫غدا ً عن النار»‪.‬‬ ‫فالعمل في نظر التربية الدينية هو شرف‬ ‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر رأي‬ ‫وواجب وحقّ وحياة‪ ،‬وهو سبب ا ّ‬ ‫جلزاء ووسيلة‬ ‫التفاضل ينب بني البشر «فمن يعمل مثقال‬ ‫ذرّ ٍِة خيرا ً يره * ومن يعمل مثقال ذرّ ٍة شرّاً يره»‬ ‫(الزلزلة ‪ ،)8-7 /‬فاملنزلة التي وصلوا اليها علماء‬ ‫الدين لم تكن جملرد علمهم‪ ،‬بل ملا يترتّب على‬ ‫ّ‬ ‫هذا العلم من آثار حيث يكون العالم أقدر على‬ ‫القيام مبهام اإلستخالف في األرض‪.‬‬ ‫و = اإلخـالقيـّة‪:‬‬ ‫الفضيلة في املنهج التربوي التوحيدي‬ ‫الصفة اجلامعة للخصائص التي يتم ّيز به‬ ‫هي ّ‬ ‫اإلنسان في الفكر والسلوك‪ ،‬مما يجعل األخالق‬ ‫جوهر العمل ّية التربوية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬في القول‬ ‫فاألخالق هي في‬ ‫والعمل في البيت والشارع‪ ،‬في املصنع واملتجر‬ ‫وسائر املعامالت‪ ،‬فهي أخالق تنبعث من عقيدة‬ ‫املوحد ومبادئه ال من أنان ّيته ومصاحله‬ ‫املؤمن‬ ‫ّ‬ ‫كما قال‪»:‬اخللق احلسن عو ٌن عظيم لإلنسان‬ ‫على دينه‪ ،‬وعلى طاعة ربّه‪ ،‬ومعاملته للناس‬ ‫ومعاشرته لهم‪ ،‬فيريح ويستريح»‪.‬‬ ‫فحسن اخللق ال يقتصر على مج ّرد الفعل‬ ‫الصورة‬ ‫الصورة الظاهرة قد ال تعبر عن ّ‬ ‫وذلك ال ّن ّ‬ ‫الباطنة‪ ،‬وال ّن السلوك األخالقي ليس هو الفعل‬ ‫الظاهر فحسب‪ ،‬بل يدخل فيه أعمال القلوب‬ ‫من الن ّيات واإلرادات والغايات ويترتّب عليها‬ ‫املسؤولية واجلزاء‪.‬‬ ‫فاخلُلق احلسن هو القيد الذي يقيد السلوك‬ ‫عن اإلنحراف واجلنوح والشطط‪ ،‬وعدمي األخالق‬ ‫تسيطر عليه نفسه فتدفعه الى هواها فيقع‬ ‫س ِلطاً‬ ‫في احملظور وغضب اهلل تعالى‪« :‬من كان َ‬ ‫سيء ُ‬ ‫اخللق‪ ،‬كان ممقوتاً عند اهلل تعالى وعند‬ ‫ّ‬ ‫اخللق»‪.‬‬ ‫ومن األخالق ما هو واجب وتركه مح ّرم‪ ،‬ومنها‬ ‫مستحب وتركه مكروه‪ ،‬لذا فإ ّن العلم ال‬ ‫ما هو‬ ‫ّ‬ ‫يكفي لتربية النفس إن لم يكن مقترنا ً باألدب‬ ‫واخللق وملفوقا ً في ثوبَيه‪ ،‬فاألدب لطالب العلم‬ ‫يستر عورته ويخفي سوءته‪ ،‬وهو للعالِم يرفع‬ ‫درجته ويعلي شأنه ويكثر بني الناس أحبابه‬ ‫ومريديه وتالمذته‪ ،‬وصدق احلكيم الذي قال‪:‬‬ ‫«أدب السائل انفع من الوسائل»‪ .‬لـذا فاخلُلق‬ ‫احلسن للدعاة الى اهلل سبحانه أمر الزم يحتاجه‬ ‫الداعية كحاجته للسانه وقلمه بل قد يزيد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قال تعالى‪ »:‬ما من شيء أثقل في ميزان‬ ‫املؤمن يوم القيامة من حُ سن ُ‬ ‫اخللق»‪.‬‬ ‫وقال أيضاً‪« :‬أكمل املؤمنني إمياناً‬ ‫أحسنهم ُخلقاً»‪.‬‬ ‫القوي الفعال‪ ،‬احلمد هلل العظيم‬ ‫واحلمد هلل‬ ‫ّ‬ ‫املتعال‪ ،‬احلمد هلل احلق ذي اجلالل‪ ،‬سبحانك‬ ‫علمتنا‪ ،‬سبحانك اللهّ م‬ ‫اللهم ال علم لنا إالّ ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫عصيناك فرحمتنا‪ ،‬فالشكر لك على عونك‬ ‫وكرمك‪ ،‬والشكر لك على عفوك ورحمتك ‪.‬‬

‫(يتبع في العدد القادم)‬

‫* أسـتاذ جـامعي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫توضيح‬ ‫ورد في العدد ‪ 51‬نيسان ‪ 2011‬في مقابلة مع سماحة شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ‬ ‫ناصر الدين الغريب بأن الشيخ أبو محمود سعيد فرج أبلغه بأنه يتقاضى راتباً وقدره ‪ 6‬ماليني ليرة‬ ‫لبنانية‪ .‬والصواب بأن سماحة الشيخ الغريب لم يقل بأن الشيخ فرج يتقاضي راتبا ً شهريا ً لنفسه‪،‬‬ ‫وإمنا يأخذ ‪ 6‬ماليني ليرة من كل جباية من الصندوق ولم يذكر الشيخ الغريب وجهة الصرف‪(.‬إنتهى‬ ‫كالم الشيخ الغريب)‪.‬‬ ‫إن مبلغ ‪ 6‬ماليني ليرة هو رصيد من أموال مقام األمير السيد جمال الدين التنوخي (ق س) في حوزة‬ ‫الشيخ فرج يُصرَف منه رواتب ومصاريف حلاجيات املقام وتوابعه وغيرها وليس راتباً شهرياً يتقاضاه‬ ‫الشيخ فرج لنفسه‪ .‬لذى اقتضى التوضيح‪.‬‬

‫التحرير‬

‫كفرمتى في ‪2011/4/19‬‬ ‫مشيخة عقل طائفة املوحدين الدروز في لبنان‬ ‫مكتب سماحة شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز‬ ‫الشيخ نصر الدين الغريب‬

‫توضيح من مكتب سماحة شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز‬ ‫الشيخ نصر الدين الغريب‬ ‫صدر عن مكتب سماحة شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب التوضيح‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫لقد ورد في احلديث الذي أجريتموه معنا‪ ،‬في كفرمتى‪ ،‬في العدد السابق جمللتكم املوقرة بعض‬ ‫األخطاء لذلك اقتضى التوضيح‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬فيما يخص الشيخ أبو محمود سعيد فرج‪ ،‬لم نقل أنه يتقاضى بل يأخذ ستة ماليني ليرة كل‬ ‫فتحة صندوق وقد أبلغني هو شخصيا ً بذلك هذا إذا كان ذلك أسهل عليهم‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬أما عن أموال بيت اليتيم‪ ،‬لم أتكلم في هذا البيان‪ ،‬وإمنا قلت في حديث سابق أن هذه‬ ‫املؤسسة أبلغت بواسطة سماحته بأنهم يريدون وضع اليد أو املشاركة وهم يعترفون بذلك‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬أما ما ورد عن الهيئة الروحية أنهم ال يعرفون ما يجري في إدارة األوقاف فكان “لفتة” منا‬ ‫نكن لهم كل االحترام‪ ،‬لعل ذلك يكون حافزا ً لإلطالع على بعض األمور‪ ،‬وهم القادرون‬ ‫حلضراتهم الذين ّ‬ ‫بحكمتهم على تصحيح املسار وحفظ املال العام ألننا لم نسمع صوتا ً من الطائفة الكرمية حتى‬ ‫اآلن ينادي بهذا التصحيح‪.‬‬ ‫وفي النهاية إنني أطالب جميع األخوان من أهل الدين والطائفة الكرمية جمعاء بتفويض الهيئة‬ ‫تقدر تقريبا ً مبئة مليون ليرة شهرياً‪ ،‬واملقدمة‬ ‫الروحية بعائدات صناديق املزارات الثالثة املعروفة والتي ّ‬ ‫من احملسنني على سبيل األجر واحلسنة أن تخصص لبناء مؤسسة صحية للطائفة أسوة بالطوائف‬ ‫األخرى في عبيه على أرض الوقف وهي حاجة ملحة ألننا نعاني كثيرا ً في الذهاب الى مستشفيات‬ ‫العاصمة ولتوفير مشقات جمة على أهل الدين آملني أن يتحقق ذلك بهمتكم‪.‬‬

‫واهلل ولي التوفيق‬

‫‪78‬‬


‫منبر صحة‬

‫األطعمة المصنعة‬ ‫والمواد المضافة‬

‫لقد سادت عملية تصنيع املواد الغذائية في اجملتمعات منذ آالف السنني‪.‬‬ ‫فمعظم األطعمة حتتاج إلى نوع من املعاجلة والتحضير جلعلها أكثر لذة لألكل‪.‬‬ ‫مثالً‪ ،‬ال يستساغ طعم احلبوب واخلضروات واللحوم واألسماك إذا تناولناها نيئة‪.‬‬ ‫كما أن بعض األطعمة تصبح آمنة بعد تصنيعها وتعريضها حلرارة عالية‪،‬‬ ‫كافية للقضاء على معظم اجلراثيم التي قد تتواجد فيها‪ .‬وحتى املكسرات‬ ‫واحلليب والفاكهة التي تؤكل نيئة‪ ،‬ميكن اإلستفادة من معاجلتها أيضا ً بحيث‬ ‫يتم حتويلها إلى مجموعة من املنتجات الغذائية األخرى‪.‬‬ ‫ميكن تعريف عملية التصنيع بأنها مجموعة من التقنيات التي حتول الغذاء‬ ‫من مواد أولية إلى أشكال أخرى لإلستهالك‪ .‬هناك عدة تقنيات وأساليب يتم‬ ‫فيها تصنيع املواد الغذائية كالتعليب‪ ،‬التدخني‪ ،‬التخمير‪ ،‬التجفيف‪ ،‬البسترة‪،‬‬ ‫التعقيم‪ ،‬التبريد و التجميد‪ .‬حيث أن كلها تهدف إلى حفظ الطعام لفترة‬ ‫زمنية طويلة من خالل حمايته من منو اجلراثيم‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فإن عملية التصنيع ميكن أن تغني اجملتمعات من خالل زيادة التنوع إلى‬ ‫النظام الغذائي‪ ،‬خلق األطعمة اخلاصة للمناسبات الثقافية أو الدينية‪ ،‬مما يعزز‬ ‫الهويات الثقافية‪ ،‬وخلق فرص للعمل وتوليد الدخل‪.‬‬ ‫إال أن املشكلة تكمن في املواد التي تضاف إلى األطعمة املصنعة بكميات‬ ‫كبيرة‪ ،‬بعضها آمن والبعض اآلخر له آثار صحية غير مرغوب بها‪ .‬املواد املضافة‬ ‫هي مواد تضاف إلى األطعمة املصنعة للحفاظ على نكهتها‪ ،‬إضفاء اللون‬ ‫عليها أو حتسني مظهرها‪ .‬وجتدر اإلشارة إلى أن املواد املضافة موجودة بكميات‬ ‫كبيرة‪ ،‬وبشكل خاص‪ ،‬في األطعمة التي تُس ّوق على أنها قليلة الوحدات احلرارية‬ ‫أو خالية من السكر أو الدهون‪ ،‬وذلك لتعزيز نكهة هذه املنتجات‪.‬‬ ‫تأتي بعض املواد املضافة من مصادر طبيعية‪ ،‬وأخرى تكون مصنعة ومستمدة‬ ‫من مصادر غير صحية‪ .‬في كلتا احلالتني يجب التعامل بحذر مع هذه اإلضافات‪.‬‬ ‫كما يجب قراءة امللصق على كل املنتجات املصنعة عند شرائها ألن معظمها‬ ‫خاصة اللحوم املصنعة والسكاكر حتتوي على كميات كبيرة من هذه املواد‬ ‫الكيماوية‪.‬‬ ‫تكمن اخلطورة في حال شكلت هذه املأكوالت جز ًء أساسيا ً من نظامنا الغذائي‬ ‫اليومي‪ .‬وعادة تخضع هذه املواد الكيماوية لتحاليل عميقة من قبل منظمة‬ ‫الغذاء والدواء األميركية (‪ )FDA‬واإلحتاد الوروبي (‪ )EU‬لدراسة عدة خصائص‬ ‫مبا فيها سالمة استخدامها للمستهلك‪ .‬لذلك‪ ،‬عنما نقرأ املكونات على‬ ‫امللصق الغذائي‪ ،‬جند احلرف ‪ E‬يليه رقما ً معينا ً يرمز إلى املادة املضافة املسموح‬ ‫استعمالها‪ .‬تقسم هذه املواد إلى عدة فئات‪ :‬ملونات‪ ،‬مواد حافظة‪ ،‬مواد مضادة‬ ‫للتأكسد‪ ،‬مستحلبات‪ -‬مكثفات‪ ،‬منكهات‪ ،‬محليات طبيعية ومثبتات‪.‬‬ ‫وقد حددت اجلهات اخملتصة الكميات التي ميكن للشخص تناولها من هذه املواد‬ ‫يومياً‪ .‬وتبقى مسؤولية املستهلك اإللتزام بهذه الكميات احملددة واملدروسة‪ .‬هناك‬ ‫بعض املواد التي يجب علينا استهالكها بكثير من احلذر واإلعتدال منها املواد‬ ‫امللونة التي تستعمل للتزيني وليس لها ضرورة أخرى‪ .‬ويبقى الطفل املستهلك‬ ‫األول الذي جتذبه هذه األلوان‪ .‬ولكن يجب اإلنتباه إلى أن هذه املواد امللونة ميكن‬ ‫أن تسبب حساسية في اجللد واجلهاز التنفسي‪ ،‬لذلك‪ ،‬يجب التقليل منها عند‬ ‫األطفال املصابني بحساسية‪ .‬يجب جتنب امللونات التالية‪Blue ،)E133( 1 Blue :‬‬ ‫‪،)E102( 5 Yellow ،)E129( 40 Red ،)E127( 3 Red ،)E143( 3 Green ،)E132( 2‬‬ ‫(‪.E110( 6 Yellow‬‬ ‫أما بالنسبة للمواد احلافظة‪ ،‬فهي ضرورية ومن الصعب اإلستغناء عنها‬ ‫ألنها تساعد‪ ،‬كما ذكرنا سابقاً‪ ،‬على حماية املواد الغذائية املصنعة من التلف‬ ‫بحيث يصبح ممكنا ً حفظها لفترات طويلة‪ .‬تضاف املواد احلافظة بكميات كبيرة‬ ‫إلى معظم املأكوالت املعلبة‪ .‬هنا يجب اإلنتباه إلى املواد احلافظة التالية عند‬ ‫قراءة امللصق الغذائي‪ E250 :‬و ‪ E251‬حيث تبني أنها مسببة للسرطان‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك بعض املواد التي تضاف إلى الطعام كي حتسن‬

‫النكهة‪ .‬أهم ما ميكن اإلشارة إليه هي مادة (‪ )Glutamate Monosodium‬أو‬ ‫‪ E621‬التي تستعمل بكثرة في املطعم الصيني والتي جندها أيضا ً في بودرة‬ ‫احلساء اجملففة‪ ،‬ومكعبات املرق‪ .‬إضافة إلى تأثيرها على ضغط الدم‪ ،‬هناك‬ ‫بعض األشخاص الذين يتحسسون من هذه املادة حيث يؤدي تناولها عندهم‬ ‫إلى ما يعرف ﺑ (‪ )syndrome restaurant Chinese‬الذي يتمثل باألعراض التالية‪:‬‬ ‫حكة‪ ،‬وجع رأس‪ ،‬سرعة في دقات القلب وإرهاق‪ .‬تنصح منظمة الصحة العاملية‬ ‫ومنظمة الغذاء والدواء األميركية باستهالك هذه املادة بكثير من اإلعتدال‪.‬‬ ‫أخيراً‪ ،‬يبقى اإلعتدال في تناول الطعام عنوانا ً عريضا ً في عالم التغذية‪ .‬كما‬ ‫ننصح باملسارعة إلى قراءة امللصقات الغذائية على جميع املواد املصنعة عند‬ ‫شرائها بحيث يجب جتنب املأكوالت التي حتتوي على مواد مضافة يفضل اإلبتعاد‬ ‫عنها واللجوء إلى الغذاء الطبيعي الذي يحتوي على مواد مفيدة أخرى أثبتت‬ ‫الدراسات العلمية فعاليتها‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫ليال رشيد‬ ‫أخصائية التغذية اجملازة‬ ‫‪Layal-r@hotmail.com‬‬

‫‪2008‬‬

‫المواد المضافة التي يمكن‬

‫المواد المضافة التي يفضل‬

‫المواد المضافة التي يفضل‬

‫تناولها من وقت آلخر‬

‫اإلبتعاد عنها‬

‫اإلمتناع عنها‬

‫منكهات‬

‫‪E620‬‬ ‫‪E621‬‬ ‫‪E625‬‬

‫ملونات‬

‫‪E152‬‬ ‫‪E175‬‬

‫مواد حافظة‬

‫مواد مكثفة ومثبتة‬

‫مواد أخرى‬

‫‪E200‬‬ ‫‪E201‬‬ ‫‪E202‬‬ ‫‪E203‬‬ ‫‪E222‬‬ ‫‪E223‬‬ ‫‪E224‬‬ ‫‪E225‬‬ ‫‪E226‬‬ ‫‪E227‬‬ ‫‪E236‬‬ ‫‪E237‬‬ ‫‪E238‬‬ ‫‪E280‬‬ ‫‪E281‬‬ ‫‪E282‬‬ ‫‪E283‬‬ ‫‪E310‬‬ ‫‪E311‬‬ ‫‪E312‬‬ ‫‪E400‬‬ ‫‪E401‬‬ ‫‪E402‬‬ ‫‪E404‬‬ ‫‪E410‬‬ ‫‪E413‬‬ ‫‪E472‬‬ ‫‪E473‬‬ ‫‪E481‬‬ ‫‪E482‬‬ ‫‪E483‬‬ ‫‪E500‬‬ ‫‪E507‬‬ ‫‪E951‬‬

‫‪E102‬‬ ‫‪E104‬‬ ‫‪E110‬‬ ‫‪E120‬‬ ‫‪E122‬‬ ‫‪E124‬‬ ‫‪E127‬‬ ‫‪E132‬‬ ‫‪E142‬‬ ‫‪E151‬‬ ‫‪E171‬‬ ‫‪E173‬‬ ‫‪E180‬‬ ‫‪E210‬‬ ‫‪E211‬‬ ‫‪E212‬‬ ‫‪E213‬‬ ‫‪E214‬‬ ‫‪E215‬‬ ‫‪E216‬‬ ‫‪E217‬‬ ‫‪E218‬‬ ‫‪E219‬‬ ‫‪E221‬‬ ‫‪E235‬‬ ‫‪E320‬‬

‫‪E123‬‬ ‫‪E131‬‬ ‫‪E160‬‬ ‫‪E163‬‬ ‫‪E174‬‬

‫‪E220‬‬ ‫‪E230‬‬ ‫‪E231‬‬ ‫‪E232‬‬ ‫‪E233‬‬ ‫‪E239‬‬ ‫‪E249‬‬ ‫‪E250‬‬ ‫‪E251‬‬ ‫‪E252‬‬ ‫‪E321‬‬

‫‪E403‬‬ ‫‪E405‬‬ ‫‪E407‬‬

‫‪E925‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬

‫لقب كرة القدم للعهد والكرة الطائرة لألنوار الجديدة‬

‫احتفظ فريق العهد بلقب بطولة لبنان في‬ ‫كرة القدم بفوزه على األخاء األهلي عاليه (‪)0-1‬‬ ‫يوم الثالثاء ‪ 29‬آذار املاضي‪.‬‬ ‫فقبل ‪ 3‬مراحل على نهاية الدوري حسم‬ ‫العهد املنافسة على اللقب بعدما ابتعد بفارق‬ ‫‪ 10‬نقاط عن أقرب منافسيه فريق الصفاء‪.‬‬ ‫وأنهى العهد املوسم برصيد ‪ 57‬نقطة‪ ،‬مقابل‬ ‫‪ 45‬للصفاء الثاني‪ ،‬و‪ 44‬للنجمة الثالث‪ ،‬و‪43‬‬ ‫لألنصار الرابع‪.‬‬ ‫وفي مسابقة الكأس بلغ العهد والصفاء‬ ‫املباراة النهائية‪.‬‬ ‫ففي الدور نصف النهائي فاز العهد على‬ ‫شباب الساحل (‪ ،)1-2‬والصفاء على األنصار‬ ‫(‪.)0-1‬‬ ‫وتقام املباراة النهائية يوم األربعاء ‪ 18‬أيار عند‬ ‫الساعة اخلامسة بعد الظهر على ملعب مدينة‬ ‫كميل شمعون الرياضة‪.‬‬

‫كرة الطائرة‬ ‫في الكرة الطائرة‪ ،‬لم يخالف فريق األنوار‬ ‫اجلديدة التوقعات‪ ،‬بل على العكس جنح في‬ ‫االحتفاظ بلقبه بعدما سيطر متاما ً على‬ ‫مبارياته في الدور نصف النهائي أمام فريق‬ ‫الشبيبة بالط (جبيل) وأنهى السلسلة معه‬ ‫بنتيجة (‪.)0-3‬‬ ‫وفي الدور النهائي لم يجد األنوار صعوبة‬ ‫تذكر في إنهاء سلسلة املباريات مع القلمون‬ ‫املتأهل على حساب الزهراء امليناء (‪ ،)0-3‬بل‬ ‫حسم األمور معه بسرعة قياسية وبنتيجة‬ ‫(‪.)0-3‬‬ ‫ولم يكتف األنوار بلقب البطولة‪ ،‬بل زاد عليه‬ ‫لقب مسابقة الكأس بتغلبه في املباراة النهائية‬ ‫على فريق اجليش اللبناني (‪.)0-3‬‬ ‫كما جنح األنوار في إحراز لقب ثالث هو بطولة‬ ‫السيدات على حساب فريق القلمون القوي‬ ‫(‪.)0-3‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كرة اليد‬ ‫في كرة اليد تواصلت مباريات بطولة لبنان‪،‬‬ ‫وضمن املرحلة الثامنة فاز الشباب مار الياس‬ ‫على الشباب حارة صيدا (‪ ،)26-27‬والصداقة على‬ ‫املشعل بدنايل (‪ ،)27-36‬والسد على فوج إطفاء‬ ‫بيروت (‪.)12-46‬‬ ‫وضمن املرحلة التاسعة‪ ،‬فاز السد على املشعل‬ ‫بدنايل (‪ ،)25-31‬والصداقة على الشباب حارة‬ ‫صيدا (‪ ،)24-39‬واجليش اللبناني على الشباب مار‬ ‫الياس (‪.)30-34‬‬ ‫وضمن املرحلة العاشرة‪ ،‬فاز الصداقة على‬ ‫اجليش اللبناني (‪ ،)21-26‬والشباب مار الياس على‬ ‫فوج أطفاء بيروت (‪ ،)24-35‬واملشعل بدنايل على‬ ‫الشباب حارة صيدا (‪.)24-28‬‬ ‫وضمن املرحلة احلادية عشرة فاز السد الشباب‬ ‫حارة صيدا (‪ ،)18-30‬والصداقة على فوج إطفاء‬ ‫بيروت (‪.)18-36‬‬

‫كرة الطاولة‬ ‫بحضور رئيس اللجنة األوملبية اللبنانية‬ ‫أنطوان شارتييه وعضو اللجنة ورئيس‬ ‫االحتاد اللبناني لكرة الطاولة سليم‬ ‫احلاج نقوال وأعضاء االحتاد وحشد من‬ ‫محبي اللعبة امتألت بهم مدرجات قصر‬ ‫الرياضة في املون السال‪ ،‬أحرز بطل لبنان‬ ‫رشيد البوبو (نادي الرياضي بيروت) كأس‬ ‫لبنان لعام ‪ 2011‬بفوزه في النهائي على‬ ‫زميله جوزيف شلهوب (الرياضي) بنتيجة‬ ‫‪ :1/3‬األشواط ‪4/11 – 11/9 – 2/11 – 9/11‬‬ ‫ّ‬ ‫وحل محمد الهبش (الرياضي) في املركز‬ ‫الثالث‪.‬‬ ‫وعند السيدات متكنت نويل كيشيشيان‬ ‫(هومنتمن بيروت) من إحراز لقب كأس لبنان‬ ‫إثر فوزها على زميلتها تفني كارول ممجوغليان‬ ‫(هومنتمن بيروت) بنتيجة ‪– 7/11 :1/3‬‬

‫‪80‬‬

‫‪ 6/11 – 3/11 – 11/4‬فيما ح ّلت بطلة لبنان‬ ‫ريتا بصيبص (نادي شباب الفوار) في املركز‬ ‫الثالث‪.‬‬

‫الرماية‬ ‫أحرز الرامي جوزيف حنا لقب املرحلة األولى من‬ ‫بطولة لبنان في الرماية على األطباق من احلفرة‬ ‫األوملبية (فئة التراب) لعام ‪ 2011‬التي ّ‬ ‫نظمها‬ ‫االحتاد اللبناني للعبة في حقل نادي طوني وازن‬ ‫للرماية بحضور رئيس النادي املضيف عبدو وازن‬ ‫ورئيس اللجان الفنية في االحتاد سليمان سارة‪.‬‬ ‫وفي ما يلي النتائج‪:‬‬ ‫‪ -1‬جوزيف حنا (ليبانون كاونتري كلوب)‪131:‬‬ ‫على ‪150‬‬ ‫‪ -2‬وليد جنار (ليبانون كاونتري كلوب)‪128:‬‬ ‫‪ -3‬جو سالم (الصفرا)‪127:‬‬ ‫‪ -4‬ايلي بجاني (الصفرا)‪123:‬‬ ‫‪ -5‬عبدو بازجي (كوسبا)‪122:‬‬ ‫‪ -6‬طالل كرم (الصفرا)‪121:‬‬ ‫قاد املسابقة احلكام ساسني روحانا وفارس‬ ‫عيد وهيثم غنطوس‪.‬‬

‫الفروسية‬ ‫ح ّلت جاسمني بوسون وجاد الدنا وطوني‬ ‫عساف ويسرا محسن أوال ً في الفئات اخلمس‬ ‫ملسابقة فروسية القفز التي نظمها نادي فاليه‬ ‫كلوب على مرمحه في عينطورة‪ ،‬برعاية االحتاد‬ ‫اللبناني للفروسية‪ ،‬بحضور رئيس االحتاد اللواء‬ ‫سهيل خوري واألمني العام كرمي بدارو وعدد من‬ ‫أعضاء االحتاد وحشد من األهالي ومحبي اللعبة‬ ‫ورؤساء وإداريي نواد فروسية‪.‬‬ ‫وقد سجلت في املسابقة ‪ 67‬مشاركة‬ ‫من فرسان وفارسات من مختلف النوادي‬ ‫االحتادية‪.‬‬


‫بطولة العالم في الفورموال واحد لعام ‪2011‬‬ ‫انطالقة قوية لفيتيل في استراليا وماليزيا وهاميلتون يفرمله في الصين‬

‫فيتال‬

‫الفورموال‬

‫انطلق موسم الفورموال واحد لعام ‪2011‬‬ ‫في أواخر آذار املاضي بسباق جائزة استراليا‬ ‫الكبرى على حلبة ألبرت بارك في ملبورن‪.‬‬ ‫وفي السباق االفتتاحي سيطر األملاني‬ ‫سيباستيان فيتيل بطل العالم وسائق ريد بول‬ ‫رينو على السباق‪.‬‬ ‫وحقق فيتيل املركز األول للمرة احلادية‬ ‫عشرة في ‪ 63‬سباقا ً في مسيرته واألول له‬ ‫في استراليا‪ ،‬متقدما ً بفارق ‪ 22,297‬ثانية على‬ ‫البريطاني لويس هاميلتون بطل العالم ‪2008‬‬ ‫وسائق ماكالرين‪ ،‬وبفارق ‪ 30,560‬عن الروسي‬ ‫فيتالي بتروف سائق لوتوس رينو ومفاجأة‬ ‫السباق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وحل األسباني فرناندو ألونسو سائق فيراري‬ ‫وبطل العالم مرتني رابعا ً أمام االسترالي مارك‬ ‫ويبر سائق ريد بول رينو والبريطاني جنسون‬ ‫باتون سائق ماكالرين مرسيدس وبطل العالم‬ ‫‪.2009‬‬ ‫يذكر أن جائزة البحرين التي كانت مقررة‬ ‫مطلع الشهر احلالي ألغيت بسب األوضاع‬ ‫األمنية في البالد‪.‬‬ ‫وكان الفتا ً أن الئحة العشرة األوائل في‬ ‫السباق كانت مماثلة لالئحة االنطالق باستثناء‬ ‫حلول بيريز بدال ً من األملاني روزبرغ‪.‬‬ ‫وقال فيتيل بعد فوزه‪“ :‬كان السباق سهالً‬ ‫خصوصا ً في اجلزء الثاني منه‪ ،‬حاولت السيطرة‬ ‫واحملافظة على الفارق نظرا ً لعدم ضغط‬

‫هاميلتون في النهاية‪ .‬أعتقد أن القوانني‬ ‫اجلديدة كانت إيجابية‪ ،‬وال ميكن أن نشتكي من‬ ‫إطارات بيريللي ألن التوقفات كما شاهدنا لم‬ ‫تكن كثيرة”‪.‬‬ ‫أما هاميلتون فقال‪“ :‬منذ أسبوع لم نكن‬ ‫نتوقع أن نكون بني اخلمسة األوائل‪ ،‬وأعتقد أنه‬ ‫كان إجنازا ً كبيرا ً لنا “‪.‬وع ّبر بتروف عن فرحته‬ ‫بالصعود الى منصة التتويج للمرة األولى‪:‬‬ ‫“كانت سيارتنا قوية في التجارب وركزنا على‬ ‫سباقنا‪ ،‬وقمنا بكل شيء كما يجب اليوم‬ ‫ونحن فخورون للطريقة التي أنهينا فيها‬ ‫السباق”‪.‬‬ ‫سباق جائزة ماليزيا‬ ‫وفي ماليزيا‪ ،‬سيطر األملاني سيباستيان‬ ‫فيتيل بطل العالم وسائق ريد بول رينو على‬ ‫السباق‪ ،‬اجلولة الثانية من بطولة العالم‬ ‫لسباقات فورموال وأن على حلبة سيبانغ‪ ،‬وأحرز‬ ‫املركز األول عن جدارة‪.‬‬ ‫وكان فيتيل (‪ 23‬عاماً) سيطر أيضا ً على‬ ‫جائزة استراليا الكبرى‪ ،‬ليحقق فوزه الثاني على‬ ‫التوالي من أصل سباقني هذا املوسم‪ ،‬واخلامس‬ ‫في آخر ‪ 6‬سباقات ضمن بطولة العالم‪.‬‬ ‫وحقق فيتيل املركز األول للمرة الثانية‬ ‫عشرة في ‪ 64‬سباقا ً في مسيرته والثاني له‬ ‫على التوالي في ماليزيا‪ ،‬متقدما ً بفارق ‪3,261‬‬ ‫ثوان على البريطاني جنسون باتون بطل العالم‬ ‫‪ 2009‬وسائق ماكالرين‪ ،‬وبفارق ‪ 25‬ثانية عن‬ ‫األملاني نيك هايدفلد سائق لوتوس رينو‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫وحل االسترالي مارك ويبر سائق ريد بول‬ ‫رابعا ً أمام البرازيلي فيليبي ماسا سائق فيراري‬ ‫وزميل األخير األسباني فرناندو ألونسو بطل‬ ‫العالم مرتني‪.‬وقطع فيتيل مسافة السباق‬ ‫البالغة ‪ 310,408‬كلم بزمن قدره ‪1,37,39,832‬‬ ‫ساعة مبعدل سرعة بلغ ‪ 190,700‬كلم‪/‬ساعة‪.‬‬ ‫سباق جائزة الصني‬ ‫أوقف البريطاني لويس هاميلتون (ماكالرين‬ ‫مرسيدس) انتصارات بطل العالم األملاني‬ ‫سيباستيان فيتيل (ريد بور‪-‬رينو) بإحرازه املركز‬ ‫األول في جائزة الصني الكبرى‪ ،‬املرحلة الثالثة‬ ‫من بطولة العالم لسباقات فورموال واحد‪ ،‬على‬ ‫حلبة شنغهاي‪.‬‬ ‫وتقدم هاميلتون على فيتيل وسائق ريد بول‬ ‫رينو الثاني االسترالي مارك ويبر‪ ،‬الذي خطف‬ ‫املركز الثالث من البريطاني األخر في ماكالرين‬ ‫جنسون باتون في اللفة األخيرة‪.‬‬ ‫وكان فيتيل في طريقه إلى حتقيق الفوز‬ ‫الثالث على التوالي هذا املوسم بعد أن حسم‬ ‫سباقي استراليا وماليزيا‪ ،‬لكن إستراتيجية‬ ‫فريق ماكالرين مرسيدس بالتوقف ثالث مرات‬ ‫أتاحت لهاميلتون االنقضاض عليه في الصدارة‬ ‫في اللفات األخيرة بعد أن قضت خطة ريد بول‬ ‫بالتوقف مرتني فقط‪.‬‬ ‫واحتفظ األملاني بصدارة ترتيب بطولة العالم‬ ‫رافعا ً رصيده إلى ‪ 68‬نقطة‪ ،‬يليه هاميلتون وله‬ ‫‪ 47‬نقطة‪ ،‬وباتون وله ‪ 38‬نقطة‪.‬‬

‫إعداد جورج عون‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫منبر حر‬

‫يوم‬ ‫الجالء‪...‬‬ ‫عيدنا‬ ‫الوطني‬ ‫مازن يوسف ص َّباغ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هذا العام نحتفل بخصوصية بالذكرى الـ ‪ 65‬جلالء القوات األجنبية عن سوريا‪ ،‬حيث رحل آخر جندي فرنسي‬ ‫وبريطاني عنها في يوم ‪ 17‬نيسان ‪/‬أبريل ‪ ،1946‬واعتبر هذا اليوم (يوم اجلالء) العيد الوطني للجمهورية‬ ‫العربية السورية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإن سوريا في العام ‪ 1946‬كانت عضوا مؤسسا وفاعال في جامعة الدول العربية‪ ،‬ومن مؤسسي‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬وكان لديها برملان وحكومة ورئيس منتخبون بشكل دميقراطي‪ ،‬ووجود عالقات‬ ‫دبلوماسية مع العديد من دول العالم ووجود ممثلني لها في دمشق‪ ،‬فإنه لم يكن في استطاعة‬ ‫السوريني أن يعتبروا أنهم مستقلون استقالال ً تاما ً وناجزا ً بوجود جندي أجنبي واحد على األرض‬ ‫السورية قبل (اجلالء) التام والناجز والكامل في ‪.1946/4/17‬‬ ‫كان النضال من أجل حتقيق االستقالل وإجالء املستعمر عنها هو حلقة مش ّرفة من تاريخ سوريا‪،‬‬ ‫التمهيد كان مع (البطل الشهيد يوسف العظمة) ورفاقه الذين خرجوا إلى ميسلون ليقاتلوا‬ ‫قوات االحتالل الفرنسي الزاحفة إلى دمشق‪ ،‬وكان الشهيد العظمة يعلن أنه ذاهب ليموت لكنه‬ ‫ال ميكن أن يسمح للتاريخ أن يسجل أن جيش االحتالل استطاع دخول (عاصمة األمويني) دون قتال‪،‬‬ ‫فخرج إلى معركة ميسلون في ‪ 1920/7/24‬حلرب (خاسرة عسكريا ً ولكنها رابحة تاريخياً)‪.‬‬ ‫إن معركة ميسلون وضعت اللبنة األساسية في بناء االستقالل واجلالء السوري‪ ،‬فكان الثأر‬ ‫للشهداء الذين سقطوا من العوامل التي أذكت نار الثورات السورية املتتابعة ضد االحتالل‬ ‫الفرنسي‪.‬‬ ‫في كل أرجاء الوطن السوري ونستطيع أن نفهم بشكل أعمق التأثير النفسي لتلك املعركة‬ ‫املهمة في تاريخ سوريا على نفوس أبناء شعبها وفي كل املناطق واملدن والقرى والبلدات السورية‪.‬‬ ‫وبعد ميسلون تتابعت الثورات ضد الفرنسيني‪ ،‬في الشمال في جبل الزاوية في إدلب وحلب‬ ‫ولواء اسكندرون‪ ،‬وفي الساحل وجباله وفي حمص وحماة وفي جبل العرب وفي دمشق وغوطتيها‪،‬‬ ‫وتتالت املعارك ضد الفرنسيني في املزرعة – املسيفرة ‪ -‬الكفر األولى والثانية ‪ -‬والشيخ بدر ومصياف‬ ‫وعفرين والقدموس وجبل األكراد والسلمية وحوران وعني ديوار وبياندور وعامودا وطابان وقبور البيض‬ ‫القحطانية والقرمانية بالدرباسية في اجلزيرة وعلى ضفاف الفرات في دير الزور والرقة والعديد العديد‬ ‫غيرها‪ ،‬وإلى جانب الثورة املسلحة كان النضال الشعبي عبر اإلضرابات املستمرة في املدن السورية‪.‬‬ ‫ولعل أشهرها اإلضراب الستيني احتجاجا ً على سجن الزعماء الوطنيني ونفيهم‪ ،‬وتشكيل اللجان‬ ‫الشعبية وتوقيع العرائض والبيانات الرافضة لالنتداب األجنبي في دمشق وحلب‪ ...‬وكل البالد‪.‬‬ ‫في كل الثورات واالنتفاضات ضد احملتل الفرنسي امتزجت واختلطت دماء السوريني‪ ،‬كل‬ ‫السوريني مسلمون ومسيحيون ويزيديون من مختلف الطوائف واملذاهب والطرق ومن دماء عرب‬ ‫وأكراد وشركس وشاشان وتركمان وأرمن‪...‬‬ ‫الدماء السورية الزكية العطرة امتزجت في معركة ميسلون وفي كل املعارك ما تقدم على اجلالء‬ ‫وفي حرب فلسطني ‪ 1948‬وفي عدوان ‪ 1956‬الثالثي وفي حرب ‪ 1967‬وفي حرب تشرين التحريرية‬ ‫‪ 1973‬وحرب اجتياح لبنان الشقيق عام ‪ 1982‬وفي املقاومة ضد االستعمار والصهيونية سفكت‬ ‫دماء شهداء سوريا ونبتت (ورود شقائق حمراء داكنة) تروي قصص الشهداء والشهادة في كل‬ ‫احملافظات واملناطق والنواحي والبلدات والقرى في بالدنا العزيزة سوريا‪.‬‬ ‫لقد كان أهم عامل ساعد أفراد الشعب السوري لالنتصار والوصول إلى االستقالل واجلالء هو‬ ‫إحساسهم العالي بأهمية الوحدة الوطنية وسعيهم الدائم إلى احلفاظ عليها وتعزيزها‪ ،‬حيث‬ ‫لم يسمحوا للمحتل أن يلعب على الوتر الطائفي أو الديني أو املذهبي أو االثني للنيل من وحدة‬ ‫الشعب والوطن‪ ،‬والذي كان املبدأ األساسي لسياسة االنتداب الفرنسي الذي عمد فور احتالله‬ ‫لسوريا إلى تقسيم البالد إلى دويالت طائفية‪ ،‬ومن ثم حاول مترير مشاريع االحتاد الفدرالي بني هذه‬ ‫الدويالت ليبقي النار حتت الرماد‪ ،‬لكن هذه املؤامرات سقطت أمام روح الوحدة الوطنية العميقة‬ ‫واملتجذرة واألصيلة بني أبناء الشعب السوري الواحد املوحد وعادت بلدنا متوحدة‪.‬‬ ‫واليوم بعد ‪ 65‬عاما ً على اجلالء نشعر (السوريون) الذين نواجه اليوم أخطارا ً جديدة على وطننا‬ ‫احلبيب أننا مدينون لتلك الكوكبة من هامات الشهداء والرجال الوطنيني املتفانني واخمللصني الذين‬ ‫صنعوا لنا اليوم اجمليد‪ ،‬وإلى أنفسنا أن نحافظ على هذه الوحدة الوطنية وأن نعززها لتبقى السالح‬ ‫األقوى في مواجهة األخطار والشدائد واألعاصير‪.‬‬ ‫علينا جميعا ً أن نعتز باالنتماء إلى أرض وشعب سوريا‪ ...‬إلى تاريخها وروحها ومدنيتها املتسامحة‬ ‫واملحُ بة‪ ،‬والذي تثبت دائما ً أنها ضد التعصب واحلقد والكراهية‪ ،‬وهي باستمرار تُنتج التآلف والوئام‬ ‫والعيش اليومي املشترك وقبول اآلخر مبودة وتفاعل بناء‪.‬‬ ‫وأما الزبد فيذهب جفاء‬

‫‪82‬‬


‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -52‬أيار ‪2011‬‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫‪2010‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.