Manbar altawhid issue 46

Page 1

‫العدد ‪ 46‬ــ تشرين الثاني ‪ - 2010‬السنة الرابعة‬

‫غضنفر ركن أبادي‪:‬‬ ‫تسليح الجيش مطروح‬

‫عبد الرحيم مراد‪:‬‬ ‫ال نية صادقة عند الحريري‬ ‫لعالقة مع سوريا‬

‫نجاد‪ ...‬صديق لبنان‬ ‫«دوست لبنان»‬ ‫«منبر التوحيد»‬ ‫في المعرض الدولي ‪17‬‬ ‫للمطبوعات ووكاالت األنباء‬ ‫‪1‬في إيران‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫الحرية لألسير‬ ‫إبراهيم زين الدين ابن بعقلين‬ ‫‪ 28‬عاماً في السجون اإلسرائيلية‬

‫العدد‬

‫‪46‬‬

‫ترشين الثاين ‪ 2010‬السنة الرابعة‬

‫‪36‬‬

‫رزق ‪:‬‬

‫‪ 06‬الغالف‬

‫زيارة نجاد لتثبيت‬

‫‪ 15‬لبنانيات‬

‫انتصار المقاومة‬

‫‪ 20‬تيار التوحيد‬

‫‪48‬‬

‫‪ 32‬فلسطينيات‬

‫أمين صالح‪ :‬موازنة ‪ 40 2010‬‬ ‫‪ 44‬دوليات‬ ‫انعدام في الرؤية‬

‫عربيات‬

‫‪ 47‬اقتصاد‬

‫‪54‬‬

‫د‪.‬صفية سعادة‪:‬‬ ‫والدي حورب على فكره‬ ‫الذي لم يقرأوه‬

‫‪ 54‬مرأة‬ ‫‪ 63‬مناطق‬

‫‪58‬‬ ‫الحياة الفنية للرحابنة‪..‬‬ ‫أسرار لدى عبد الغني‬ ‫طليس‬ ‫منرب التوحيد‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬

‫نرشة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف تيار التوحيد اللبناين‬

‫‪ 74‬اجتامعي‬ ‫‪ 76‬صحة‬ ‫‪ 80‬رياضة‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي ــ املدير املايل ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL:manbar_altawhid@yahoo.com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫الحريري‬ ‫الوريث‬ ‫السياسي‬ ‫هل‬ ‫ُيكمل؟‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مل يفكر رفيق الحريري يوماً‪ ،‬أن يك ّون زعامة سياسية‪ ،‬وأن يصبح له‬ ‫وريثاً سياسياً‪ ،‬عىل طريقة “البيوتات السياسية” اللبنانية التقليدية‪،‬‬ ‫هذا ما كان يفصح عنه دامئاً‪ ،‬ويقول إنه مل يطلب من أوالده أن ميارسوا‬ ‫السياسة أو أن ميتهنوها‪ ،‬وهو سعى إىل إبعادهم عنها‪ ،‬عندما كان‬ ‫رئيساً للحكومة أو يف املعارضة‪ ،‬وتركهم ينرصفون إىل أعاملهم ملن‬ ‫أنهى دراسته‪ ،‬ووزع عليهم املسؤوليات املتعلقة مبشاريعه‪ ،‬ومل يفسح‬ ‫لهم املجال ملشاركته أعامل السياسة‪ ،‬فلم يظهر أي من أنجاله يف‬ ‫استقبال سيايس أو يف زيارات رسمية معه لدول سوى زوجته نازك‬ ‫التي يفرض الربوتوكول‪ ،‬وجودها معه‪.‬‬ ‫فالحريري األب‪ ،‬مل يعمل يف السياسة‪ ،‬ويف سريته قليل من النشاط‬ ‫الحزيب منذ نهاية الخمسينات إىل منتصف الستينات من القرن املايض‪،‬‬ ‫مل يكن خالله مبوقع املسؤولية يف “حركة القوميني العرب” التي انتمى‬ ‫إليها والبعض يقول تقرب منها‪ ،‬بفضل أحد أصدقائه الذي أصبح‬ ‫مسؤوالً يف منظمة العمل الشيوعي يف صيدا والجنوب عدنان الزيباوي‪،‬‬ ‫وقد ترك الحريري العمل الحزيب‪ ،‬عندما سافر إىل السعودية ليعمل يف‬ ‫إحدى الرشكات “كمدقق حسابات” قادماً من قسم املحاسبة يف مجلة‬ ‫“الحرية” بعد أن بدأ الدراسة يف التجارة يف جامعة بريوت العربية‬ ‫وتركها ألسباب مادية وسعياً وراء رزقه يف اململكة‪.‬‬ ‫والدخول إىل السياسة‪ ،‬كان من باب اإلمناء واإلعامر‪ ،‬وإقامة‬ ‫مؤسسات تربوية وصحية‪ ،‬وتقديم منح دراسية‪ ،‬وقد برز اسم رفيق‬ ‫الحريري‪ ،‬بعد االجتياح اإلرسائييل للبنان عام ‪ ،1982‬وإرساله معدات من‬ ‫رشكة “أوجيه لبنان” لرفع الدمار والخراب الذي خ ّلفه العدوان واالحتالل‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬وفتح الطرقات وتقدم مبرشوع إعادة بناء الوسط التجاري‪،‬‬ ‫قبل أن يتملكه قانوناً عرب رشكة “سوليدير” إثر اتفاق الطائف‪.‬‬ ‫وعُ رف الحريري أنه رجل محسن‪ ،‬بعد أن امتلك املال‪ ،‬وبدأ يظهر كوسيط‬ ‫سيايس من خالل تكليفه يف مرحلة اإلعداد ملؤمتري لوزان وجنيف للحوار‬ ‫مع بداية عهد الرئيس أمني الجميل‪ ،‬وكان يرافق األمري بندر بن سلطان أو‬ ‫أي مسؤول سعودي يف زياراته إىل لبنان وسوريا‪ ،‬للتوسط بني األطراف‬ ‫اللبنانية املتنازعة‪ ،‬يف فرتة أعوام الثامنينات من القرن املايض‪ ،‬وكان من‬ ‫ع ّرايب اتفاق الطائف‪ ،‬الذي أرىس اإلصالحات السياسية‪ ،‬وأدخل لبنان‬ ‫يف السلم األهيل‪ ،‬وكان يريد لجهده أن يستثمره من خالل وصوله إىل‬ ‫السلطة‪ ،‬وترؤسه الحكومة يف لبنان‪ ،‬وهو مل يوفر كل السبل للوصول‬ ‫إىل هدفه‪ ،‬مقرتباً ومتودداً ملسؤولني سوريني‪ ،‬ومستنداً إىل دعم العاهل‬ ‫السعودي آنذاك امللك فهد‪ ،‬ثم نسج عالقات دولية وتحديداً أمريكية‬ ‫وفرنسية‪.‬‬ ‫بدأ الحريري رجل إعامر يف لبنان‪ ،‬وصاحب يد بيضاء يف املساعدات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وتح ّول إىل أن يكون له مرشوع سيايس‪ ،‬فكان دائم السعي‬ ‫ألن يصل صديقه جوين عبده إىل رئاسة الجمهورية‪ ،‬وهو أفصح عن‬ ‫ذلك يف آخر عهد الرئيس أمني الجم ّيل لكنه مل يتمكن بسبب الرفض‬ ‫السوري‪ ،‬مام تركه يتحني الفرص من أجل أن يدخل هو إىل جنة الحكم‪،‬‬ ‫بعد اتفاق الطائف‪ ،‬وملا مل يحصل عىل مبتغاه‪ ،‬متكن مع مجموعة من‬ ‫أصدقائه السوريني يف مراكز القرار وهم عبد الحليم خدام‪ ،‬وحكمت‬ ‫الشهايب وغازي كنعان‪ ،‬من أن يوصلوه اىل رئاسة الحكومة‪ ،‬بعد أن‬ ‫تم إغراق لبنان يف لعبة ارتفاع سعر الدوالر‪ ،‬وتضخم األسعار‪ ،‬وتدين‬ ‫ّ‬ ‫الرواتب واألجور‪ ،‬فبات التفتيش عن منقذ‪ ،‬فكان اختيار الحريري الذي‬ ‫ارتبط اسمه باالستقرار النقدي وإعادة اإلعامر‪ ،‬لكن الكلفة كانت‬ ‫عالية‪ ،‬وهي ارتفاع الدين وخدمته إىل حوايل ‪ 60‬مليار دوالر‪ ،‬دون تحقيق‬ ‫إنجازات كبرية يف البنى التحتية التي تبني أن كلفتها مل تصل إىل أكرث‬

‫‪4‬‬

‫املحكمة الدولية باالتفاق مع الرئيس بوش‪.‬‬ ‫فخالل السنوات األربع‪ ،‬كان الحريري االبن‪ ،‬يخوض غامر السياسة‪،‬‬ ‫ويذهب مع وفد أمني مخابرايت سعودي إىل باكستان ويظهر معه‬ ‫يف الصورة لحل قضية تتعلق بربويز مرشف‪ ،‬كام كان كثري الزيارات‬ ‫إىل مرص لاللتقاء برئيسها حسني مبارك‪ ،‬ومد خطوط اتصال مع‬ ‫السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس إىل التنسيق الدائم‬ ‫مع النظام األردين ووضع نفسه يف محور ما سمي “عرب االعتالل”‬ ‫يف مواجهة سوريا كدولة دامئة وحاضنة للمقاومة التي ابتعد عنها‪،‬‬ ‫رسخ تحالفه مع القوى اللبنانية الداخلية يف قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬التي‬ ‫ال بل ّ‬ ‫ترفض وجود املقاومة وتدعو إىل نزع سالحها‪ ،‬فكان معجباً بطروحات‬ ‫الوزير الراحل بيار الجميل وأصبح صديقاً لسمري جعجع‪ ،‬ورفع شعار‬ ‫“لبنان أوال” وهو ما نظر إليه النائب وليد جنبالط الحقاً‪ ،‬عىل أنه شعار‬ ‫انعزايل‪ ،‬يفك ارتباط لبنان باملحيط العريب‪ ،‬وقضية فلسطني والرصاع‬ ‫العريب – اإلرسائييل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التزم الحريري فكراً سياسيا‪ ،‬مياهي ويقارب الفكر االنعزايل الكتائبي‬ ‫والقوايت‪ ،‬وبات جمهوره وتياره السيايس معاديني ملا هو مقاومة وعروبة‬ ‫واقرتب من خط “السالم” الذي ال يقيم لحق العودة للفلسطينيني‬ ‫وزناً‪.‬‬ ‫هذا التوجه السيايس للحريري‪ ،‬كان صعباً أن يبقى عليه بعد‬ ‫التحوالت التي حصلت داخل لبنان‪ ،‬بتحقيق املعارضة ملا تريد لجهة‬ ‫إسقاط مرشوع “الرشق األوسط” األمرييك‪ ،‬يف عام ‪ 2008‬بعد أن‬ ‫انهزمت “إرسائيل” يف عدوان عام ‪ ،2006‬فكان ال بد من أن يدفع الثمن‬ ‫من ركب املرشوع األمرييك الذي خرج منه جنبالط‪ ،‬وحاول أن ُينزل منه‬ ‫حليفه الحريري الذي مل يجرؤ‪ ،‬إال أنه حاول أن يقرتب من سوريا بعد‬ ‫املصالحة التي حصلت بينها وبني السعودية‪ ،‬وألنه شعر أنه ال ميكنه أن‬ ‫حسن عالقاته‬ ‫يكون رئيساً للحكومة بعد االنتخابات النيابية‪ ،‬إال إذا ّ‬ ‫مع الرئيس السوري بشار األسد الذي استقبله لفتح صفحة جديدة‪،‬‬ ‫عىل أن يقوم الحريري بنقد للمرحلة السابقة عىل أساس أنها كانت‬ ‫من صناعة أمريكية وإرسائيلية يف التجني عىل سوريا وحلفائها‪،‬‬ ‫ويف رضب املقاومة‪ ،‬ومحاولة نزع سالحها وإضعافها وتشويه صورتها‬ ‫بالسعي إىل استدراجها إىل الفتنة الداخلية‪.‬‬ ‫استقبل األسد الحريري‪ ،‬خمس مرات وكان يتودد إليه‪ ،‬ويقدم له‬ ‫كل الدعم‪ ،‬عىل أن يغيرّ سلوكه السيايس‪ ،‬لكنه كان يعد وال ينفذ‪،‬‬ ‫وال يرتجم أقواله إىل أفعال‪ ،‬كام جاء يف حديثه “للرشق األوسط”‬ ‫حول شهود الزور‪ ،‬الذي اعرتف بوجودهم وإساءاتهم‪ ،‬لكنه مل يقبل‬ ‫أن يحاكمهم‪ ،‬ألنه يخىش انهيار منظومته السياسية واألمنية‬ ‫والقضائية واإلعالمية‪ ،‬فتجمد عند حديثه الصحايف‪ ،‬كام تم تعليق‬ ‫عالقاته مع الرئيس األسد الذي يؤ ّكد دامئاً حرصه عىل الحريري أن يبقى‬ ‫رئيساً للحكومة‪ ،‬ولكنه سئم وعوده ويسأل اىل متى االنتظار‪ ،‬ال سيام‬ ‫وأن مثة مؤامرة دولية تحاك ضد املقاومة عرب املحكمة الدولية‪ ،‬والحريري‬ ‫يعرف وال يتحرك لصدها‪ ،‬مام أدخله يف دائرة الشك والريبة‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل تردده وضعفه وهو ما فتح الباب لسؤال‪ ،‬هل من اختار الحريري‬ ‫وريثاً كان يعرف من يختار ليمرر عربه كام مع َمن سبقه السنيورة‬ ‫مرشوع رضب املقاومة وهذه املرة عرب املحكمة الدولية التي ترص عليها‬ ‫أمريكا‪ ،‬ال لكشف َمن اغتال الحريري‪ ،‬بل لتصفية املقاومة وضامن أمن‬ ‫“إرسائيل”؟‬

‫من خمسة مليارات دوالر‪.‬‬ ‫فطيلة فرتة حكمه وحتى اغتياله‪ ،‬مل يكن الحريري سوى رجل أعامل‬ ‫وصل إىل السلطة ودخل السياسة من باب املال واملساعدات‪ ،‬وهو‬ ‫األمر الذي مل يشجعه عىل بناء “تيار سيايس” أو تقديم نفسه كزعيم‬ ‫سيايس‪ ،‬بالرغم من أنه أقفل بيوتاً سياسية يف طائفته‪ ،‬واحتكر‬ ‫متثيلها بسبب لعبة املال والسلطة‪ ،‬وهو ما يؤكده رؤساء حكومات‬ ‫سابقني مثل الرئيسني سليم الحص وعمر كرامي‪ ،‬اللذين يؤ ّكدان عىل‬ ‫أن الحريري وغريه من أصحاب املال تسللوا إىل السياسة واجتاحوها‪،‬‬ ‫ويف ظل أوضاع اقتصادية واجتامعية سيئة‪ ،‬وحاالت فقر وجوع تركت‬ ‫املواطنني يرمتون يف أحضان َمن أفقرهم من الرأسامليني ومن هم يف‬ ‫موقع النفوذ والقرار السيايس‪.‬‬ ‫اغتيل الحريري‪ ،‬وعىل الطريقة العشائرية اللبنانية‪ ،‬ألبست العباءة‬ ‫إىل أكرب أنجاله بهاء‪ ،‬كوريث سيايس ولكن يف لحظة سياسية‪ ،‬انقلب‬ ‫املشهد وحصلت تدخالت خارجية‪ ،‬وجاءت األوامر امللكية من السعودية‬ ‫واألخرى من مراكز القرار يف واشنطن وباريس‪ّ ،‬أن من سيكون وريثاً‬ ‫سياسياً هو سعد وليس بهاء‪ ،‬الذي عليه أن ينرصف إىل متابعة‬ ‫أعامله‪ ،‬كام ان أيا من أنجال السيدة نازك ليس مؤه ًال ملهام سياسية‪،‬‬ ‫وأن العمة النائب بهية ال ميكن أن تنتقل إليها الوراثة السياسية‪ ،‬التي‬ ‫ستؤول حك ًام إىل نجليها فيام بعد أحمد ونادر‪ ،‬وهام اآلن منخرطان‬ ‫يف العمل السيايس ولهام كلمتهام‪ ،‬يف حني أن أوالد خالهام ليس‬ ‫خارج العمل السيايس فقط بل خارج لبنان‪ ،‬وقد انقطعوا عنه‪ ،‬حتى‬ ‫يف املناسبات املتعلقة باغتيال والدهم‪ ،‬أو مناسبات أخرى‪ ،‬وقد تركوا‬ ‫لسعد أن “يقلع شوكه بيديه” وهم قاسموه مؤخراً املرياث لجهة فصل‬ ‫ما هو سيايس وإعالمي عن الرثوة‪ ،‬وأن يتحمل أعباء املال السيايس‬ ‫وحيداً‪.‬‬ ‫مل يتسلم سعد مبارشة الوراثة السياسية‪ ،‬واشرتط عليه من‬ ‫أوصله أن يخضع لفرتة اختبار وامتحان متتد من االنتخابات النيابية‬ ‫‪ 2005‬إىل االنتخابات النيابية ‪ ،2009‬حيث يتسلم فؤاد السنيورة‬ ‫تم إبعاد بهيج طبارة كمؤهل أن يكون هو من يتبوأ رئاسة‬ ‫الدفة‪ ،‬بعد أن ّ‬ ‫الحكومة خلفاً للحريري‪ ،‬ملا يتمتع به من خربة وأخالق سياسية ومواقف‬ ‫وطنية‪ ،‬ويحفظ اإلرث السيايس للشهيد الذي كان يثق بطبارة كثرياً‪،‬‬ ‫كام السيدة نازك‪ ،‬وهو له احرتام مم ّيز عند آل الحريري‪ ،‬كام لدى الفريق‬ ‫الذي كان يعمل مع الحريري األب‪ ،‬لكن السياسة أبعدت طبارة وأتت‬ ‫بالسنيورة لتنفيذ مرشوع “الرشق األوسط الجديد أو الكبري” للرئيس‬ ‫األمرييك جورج بوش‪ ،‬الذي ارتاح للتعامل مع السنيورة املعروفة سريته‬ ‫السياسية عند اإلدارة األمريكية‪ ،‬كام روى فيام بعد الوزير محسن‬ ‫دلول‪ ،‬فكان وصول السنيورة إىل رئاسة الحكومة‪ ،‬عىل أن يخضع سعد‬ ‫الحريري إىل تأهيل‪ ،‬وبدأ عبوره إىل السياسة من البيت األبيض فزاره مع‬ ‫األمري بندر والتقى هناك نائب الرئيس األمرييك السابق ديك تشيني‬ ‫رئيس فريق “املحافظون الجدد”‪ ،‬وصاحب مرشوع احتالل العراق وتغيري‬ ‫النظام يف سوريا والقضاء عىل املقاومة يف لبنان وفلسطني والعراق‪،‬‬ ‫وحامية أمن “إرسائيل”‪ ،‬وهو من خطط وطالب بالعدوان االرسائييل‬ ‫عىل لبنان صيف ‪.2006‬‬ ‫بدأت مسرية الحريري االبن السياسية من البيت األبيض يف زيارة‬ ‫تعارف‪ ،‬دون أن متر بقرص اإلليزيه يف باريس‪ ،‬ألنه كان مطمئناً أن الرئيس‬ ‫الفرنيس جاك شرياك كان آنذاك يحتضن عائلة الشهيد ويقدم لها‬ ‫ما تطلب‪ ،‬من إيواء شاهد زور كمحمد زهري الصديق‪ ،‬وتنفيذ القرار‬ ‫‪ ،1559‬وتقديم قرارات إىل مجلس األمن الدويل ضد سوريا‪ ،‬وإنشاء‬

‫‪5‬‬

‫«منرب التوحيد»‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫للبنان دولة صديقة اسمها إيران‬

‫ليست املرة األوىل التي يزور فيها رئيس إيراين‬ ‫لبنان‪ ،‬بل هي الثالثة‪ ،‬إذ قام شاه إيران محمد‬ ‫رضا بهلوي يف عام ‪ ،1956‬بزيارة بريوت يف عهد‬ ‫الرئيس كميل شمعون‪ ،‬الذي ربط لبنان يف‬ ‫مرشوع إيزنهاور أو ما سمي “حلف بغداد”‪ ،‬برعاية‬ ‫أمريكية‪ ،‬مبواجهة املد الوحدوي العرويب للرئيس‬ ‫جامل عبد النارص‪.‬‬ ‫وبعد انتصار الثورة اإلسالمية‪ ،‬حرض أول رئيس‬ ‫إيراين هو اإلصالحي محمد خامتي يف العام ‪،2003‬‬ ‫وحينها مل تأخذ زيارته‪ ،‬هذا التهويل عليها‪ ،‬ومل‬ ‫تقم بوجهها الحمالت السياسية واإلعالمية‪،‬‬ ‫بالرغم من أن الدعم اإليراين لـ “حزب الله”‬ ‫وحركات املقاومة مل يتوقف‪ ،‬لكن خطاب خامتي‬ ‫مل يكن حاداً‪ ،‬واتبع سياسة االنفتاح عىل الغرب‪،‬‬ ‫ودعا اىل حوار الحضارات‪ ،‬وحاول إخراج إيران من‬ ‫عزلتها والحصار الذي فرض عليها من قبل اإلدارات‬ ‫األمريكية املتعاقبة وبعض حلفائها الغربيني‪.‬‬ ‫أما زيارة الرئيس اإليراين محمود أحمدي نجاد‬ ‫اىل لبنان‪ ،‬فإنها جاءت يف ظروف مختلفة لبنانياً‬ ‫وعربياً وإقليمياً ودولياً‪ ،‬إذ هي أتت يف ظل اشتباك‬ ‫عاملي مع الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬عىل خلفية‬ ‫برنامجها النووي السلمي‪ ،‬الذي تتابعه بالرغم‬ ‫من القرارات التي استصدرت من مجلس األمن‬ ‫الدويل ضدها‪ ،‬والعقوبات التي ُفرضت عليها‪ ،‬إال‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أنها مستمرة يف أحقيتها بالحصول عىل الطاقة‬ ‫النووية لغايات سلمية‪ ،‬كام أن الزيارة حصلت‬ ‫يف توقيت لبناين يتعلق مبوضوع الخالف الداخيل‬ ‫حول مضمون القرار الظني املرتقب والذي قد‬ ‫يتّهم عنارص من “حزب الله” باغتيال الرئيس رفيق‬ ‫الحريري‪ ،‬وموضوع شهود الزور وتسييس املحكمة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫ومتت الزيارة يف أوضاع عربية مرتدية‪ ،‬ومع‬ ‫مسعى أمرييك إلنتاج محور عريب تنضم إليه‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬ملواجهة التمدد اإليراين‪ ،‬والنفوذ‬ ‫الذي أصبحت تتمتع به الجمهورية اإلسالمية‬ ‫يف مسألة الرصاع العريب – اإلرسائييل‪ ،‬ودعم‬ ‫حركات املقاومة واألنظمة املامنعة‪ ،‬يف مواجهة‬ ‫االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬مام أعطاها دوراً إقليمياً كبرياً‪،‬‬ ‫ووزناً يف تقرير مصري املنطقة مع غياب عريب‬ ‫كامل‪ ،‬لدول كانت تاريخياً صاحبة دور كمرص‬ ‫والسعودية‪ ،‬اللتني ابتعدتا عن محور الرصاع مع‬ ‫العدو اإلرسائييل‪ ،‬باتجاه توقيع معاهدات سالم‪،‬‬ ‫افتتحها النظام املرصي عام ‪ ،1977‬عندما زار‬ ‫رئيسه أنور السادات الدولة العربية‪ ،‬وو ّقع معها‬ ‫يف “كامب دايفيد” صلحاً‪ ،‬أخرج مرص من الرصاع‬ ‫مع “إرسائيل” يف العام ‪ ،1978‬ليتزامن ذلك مع‬ ‫انتصار الثورة اإلسالمية التي قادها اإلمام الخميني‬ ‫يف شباط ‪ ،1978‬والذي رفع شعار “إرسائيل”‬

‫‪6‬‬

‫رسطان يجب أن يقتلع”‪ ،‬فقطع عالقة إيران معها‪،‬‬ ‫وأزال سفارتها من طهران وأقام مكانها سفارة‬ ‫فلسطني‪ ،‬وكانت هذه إشارة واضحة اىل أن النظام‬ ‫الجديد يف إيران معا ٍد لـ “إرسائيل” وأمريكا‪ ،‬ولقد‬ ‫ش ّكل وجوده دع ًام ملنظمة التحرير الفلسطينية‪،‬‬ ‫وأبرز فصيل فيها “فتح”‪ ،‬وكان تعويضاً عن خروج‬ ‫النظام املرصي من معادلة الرصاع مع “إرسائيل”‪،‬‬ ‫لتحل محله إيران اإلسالمية بقيادة الخميني‪،‬‬ ‫تم إشغالها بحرب حدود‪ ،‬افتعلها نظام‬ ‫التي ّ‬ ‫صدام حسني‪ ،‬بدالً من االستفادة من الدولة‬ ‫والجارة الصديقة والحليفة‪ ،‬كام فعلت سوريا‬ ‫بقيادة الرئيس الراحل حافظ األسد‪ ،‬الذي نجحت‬ ‫سياسته االسرتاتيجية‪ ،‬وفشلت سياسة الرئيس‬ ‫شجعته أمريكا ومعها دول‬ ‫العراقي السابق‪ ،‬الذي ّ‬ ‫عربية السيام الخليجية منها‪ ،‬لخوض حرب مدمرة‬ ‫ضد إيران تحت عناوين منع تصدير الثورة‪ ،‬والدفاع‬ ‫أراض عربية‬ ‫عن البوابة الرشقية للعرب‪ ،‬واسرتداد‬ ‫ٍ‬ ‫استولت عليها إيران‪.‬‬ ‫فالحرب األمريكية عىل إيران لها سبب واحد‪،‬‬ ‫كيف أن نظاماً قام‪ ،‬وغيرّ معادالت املنطقة‪ ،‬وبات‬ ‫يهدّد الكيان الصهيوين‪ ،‬الذي تحرص أمريكا عىل‬ ‫أمنه‪ ،‬إضافة اىل أن تغيرياً قد طرأ عىل الجغرافيا‬ ‫السياسية للمنطقة‪ ،‬مع سقوط الشاه‪ ،‬مام‬ ‫اضطر الواليات املتحدة اىل إعادة رسم خارطة‬

‫جديدة‪ ،‬فكان غزو لبنان يف العامني ‪ 1978‬و‬ ‫‪ ،1982‬من قبل العدو اإلرسائييل‪ ،‬ومن أجل قيام‬ ‫سالم مع الدول العربية‪ ،‬مي ّكن “إرسائيل” من أن‬ ‫تكون نقطة الجذب‪ ،‬لكن خروج الثورة اإلسالمية‬ ‫اىل مساندة املقاومة يف لبنان‪ ،‬ودعمها قيام‬ ‫“املقاومة اإلسالمية”‪ ،‬يف العام ‪ ،1983‬ثم مواجهة‬ ‫القوى االستعامرية يف لبنان‪ ،‬التي متركزت فيه‬ ‫تحت اسم “القوات املتعددة الجنسيات”‪ ،‬ملساعدة‬ ‫عهد الرئيس أمني الجميل‪ ،‬حيث ش ّكل ظهور‬ ‫املقاومة اإلسالمية اىل جانب املقاومة الوطنية‪،‬‬ ‫حدثني كبريين‪ ،‬وقد مت ّكنت املقاومة الوطنية من‬ ‫تحقيق انتصارات‪ ،‬بطرد االحتالل اإلرسائييل من‬ ‫بريوت والجبل ورشق صيدا والنبطية وصور‪ ،‬وقد‬ ‫استكملت “املقاومة اإلسالمية” ما بدأته املقاومة‬ ‫الوطنية ومعها حركة “أمل” من عمليات لتحرير‬ ‫األرض وتحقق ذلك يف ‪ 25‬أيار ‪.2000‬‬ ‫لقد كان الحتضان إيران بالتنسيق والتعاون‬ ‫مع سوريا للمقاومة يف لبنان‪ ،‬األثر الكبري‬ ‫يف املساعدة عىل الصمود والتحرير‪ ،‬وكانت‬ ‫الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬تنفذ اسرتاتيجيتها يف أن‬ ‫تقرتب من حدود االشتباك مع الكيان الصهيوين‬ ‫الذي أصبح يف املواقف الرسمية اإليرانية‪ ،‬عىل أنه‬ ‫إىل زوال‪ ،‬وهو ما يعلنه الرئيس نجاد يف ترصيحاته‬ ‫وخطبه‪ ،‬وهذا ما أقلق “إرسائيل” التي باتت ترى‬ ‫إيران عىل حدودها مع وجود “حزب الله” يف الجنوب‬ ‫وحركة “حامس” يف غزة‪ ،‬وهو املحور الذي يوصف‬ ‫إرسائيلياً بـ “محور الرش”‪ ،‬وهو الوصف األمرييك‬ ‫نفسه له‪ ،‬مام يعني أن زيارة نجاد تشكل من املوقع‬ ‫املتشدد تجاه “إرسائيل” ووجودها خطراً عىل هذا‬ ‫الكيان املصطنع‪ ،‬وأن اقرتاب الرئيس اإليراين من‬ ‫الحدود مع “إرسائيل” هو رسالة واضحة بأن الحلم‬ ‫اإليراين بدأ يتحقق من الوصول إىل القدس التي‬ ‫أقام الخميني يوماً لها سنوياً‪ ،‬يف آخر يوم جمعة‬ ‫من شهر رمضان‪.‬‬ ‫من هنا كان الغضب واالحتجاج اإلرسائييل‬ ‫من زيارة نجاد‪ ،‬والتحذير األمرييك منها‪ ،‬وقد‬ ‫توافق معهام فريق لبناين من قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬مل‬ ‫يرغب بالزيارة إذا كانت استفزازية لـ “إرسائيل”‪،‬‬ ‫أو محاولة تقوية طرف لبناين عىل آخر‪ ،‬أو‬

‫إخراج لبنان من محيطه العريب‪ ،‬وهي شعارات‬ ‫سقطت بالوقائع واملامرسة‪ ،‬إذ أن إيران متارس مع‬ ‫لبنان دور الدولة الصديقة‪ ،‬وسعت وما زالت إىل‬ ‫تأمني كل مستلزمات صموده‪ ،‬ودون رشوط‪ ،‬يف‬ ‫حني أن بعض أهل السلطة يخشون من أن تزعج‬ ‫املساعدات من إيران أمريكا ودول عربية خليجية‪،‬‬ ‫إذ أن مثل هذه املساعدات تفرض نفوذاً إيرانياً يف‬ ‫سجل‬ ‫لبنان‪ ،‬فكيف وإذا كان حليفه “حزب الله” ّ‬ ‫انتصارين عىل “إرسائيل” يف العامني ‪ 2000‬و‬ ‫‪ ،2006‬مام أعطى الجمهورية اإلسالمية ورقة قوية‪،‬‬ ‫كام سوريا‪ ،‬وبات هذا الحلف هو األقوى والذي‬ ‫يستطيع اإلمساك بأوراق القوة فيه مع حلفائه‪،‬‬ ‫لكن الرتكيبة الطائفية للنظام السيايس‪،‬‬ ‫كانت‬ ‫التوافقية”‬ ‫“الدميقراطية‬ ‫ومقولة‬ ‫تفرض وجود تسوية‪ ،‬يشارك فيها مرشوعان‬ ‫متناقضان‪.‬‬ ‫لذلك كانت الخشية من الزيارة هي وضع لبنان‬ ‫يف املحور السوري – اإليراين‪ ،‬وهو عملياً قائم‪ ،‬مع‬ ‫هزمية املرشوع األمرييك للرشق األوسط‪ ،‬وتراجع‬ ‫قوة ونفوذ أدواته يف لبنان‪ ،‬ال بل بداية تفككهم‪،‬‬ ‫وهو ما أثار ريبة هؤالء الذين هاجموا زيارة نجاد‬ ‫الذي يرفع شعار مقاومة “إرسائيل”‪ ،‬والذي‬ ‫أعلن يف لقائه األخري مع الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد يف طهران‪ ،‬أن سوريا ولبنان وفلسطني‬ ‫حققوا انتصارات عىل املرشوع الصهيوين‪،‬‬ ‫فكيف وأن العراق‪ ،‬ومع بدء االنسحاب األمرييك‬ ‫منه‪ ،‬سيصبح تلقائياً يف قلب املحور املقاوم‪،‬‬ ‫مام يعني قيام “الجبهة الرشقية” التي تحارص‬ ‫“إرسائيل” وتنهي وجودها‪ ،‬وهو ما دعا إليها‬ ‫الخرباء االسرتاتيجيني والعسكريني بعد حرب‬ ‫‪ ،1917‬وهزمية األنظمة العربية فيها‪ ،‬وأن الرضورة‬ ‫االسرتاتيجية تقتيض رضورة قيام كامشة‬ ‫عسكرية تحيط بالدولة العربية‪ ،‬وهو ما بات قامئاً‬ ‫مع عمقني اسرتاتيجيني لها يف إيران وتركيا‪،‬‬ ‫وبدأت “إرسائيل” تقلق من قيام هذا املحور الواسع‪،‬‬ ‫وقد حاول البعض تسميته “الهالل الشيعي”‬ ‫املمتد من إيران إىل لبنان‪ ،‬لكن دخول تركيا إليه‪،‬‬ ‫أسقط عنه الشعار املذهبي‪ ،‬وتم وضعه يف اإلطار‬ ‫االسرتاتيجي‪ ،‬إذ أن وصول “حزب العدالة والتنمية”‬

‫‪7‬‬

‫يف تركيا‪ ،‬وتوجهه نحو الرشق‪ ،‬واعتبار فلسطني‬ ‫قضيته املركزية‪ ،‬هو الذي غيرّ خارطة املنطقة‬ ‫ورسم “رشق أوسط” غري أمرييك يسميه الرئيس‬ ‫اإليراين “رشق أوسط إسالمي”‪.‬‬ ‫فالزيارة اإليرانية تدخل يف إطار اسرتاتيجية‬ ‫إيرانية متفاهمة مع سوريا‪ ،‬عىل قيام محور‬ ‫مقاوم‪ ،‬وأن لبنان ومنذ االنتصارين اللذين‬ ‫حققتهام املقاومة يف عامي التحرير ‪،2000‬‬ ‫والصمود واالنتصار ‪ ،2006‬بات حك ًام يف هذا‬ ‫املحور‪ ،‬بالرغم من أن قوى لبنانية ممثلة يف ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫ومتحالفة مع املرشوع األمرييك وأنظمة عربية‪،‬‬ ‫لب وأساس‬ ‫تسعى إىل أن يكون لبنان خارجه‪ ،‬وهو ّ‬ ‫الرصاع بني نهجني داخل لبنان‪ ،‬بدأ مع صدور قرار‬ ‫مجلس األمن الدويل ‪ 1559‬يف أيلول ‪ ،2004‬بطلب‬ ‫أمرييك ‪ -‬فرنيس‪ ،‬وتواصل مع اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق الحريري ويستمر مع املحكمة الدولية‪.‬‬ ‫فالزيارة حققت أهدافها‪ ،‬لناحية التأكيد عىل‬ ‫أن لبنان الرسمي‪ ،‬وهو صاحب الدعوة مل يعد‬ ‫مكب ًال مبوانع عربية وأخرى دولية‪ ،‬كانت تعمل‬ ‫عىل منع حصولها‪ ،‬وقد ساهم رئيس الجمهورية‬ ‫ميشال سليامن يف أن تحصل بتوجيه دعوة‬ ‫رسمية للرئيس نجاد‪ ،‬أثناء زيارته لطهران عام‬ ‫‪ ،2008‬وهو اعرتاف لبناين بأهمية التأثري إليران يف‬ ‫لبنان واملنطقة‪ ،‬وأن الدعم الذي تلقاه لبنان عىل‬ ‫كل الصعد من الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬هو محل‬ ‫ترحيب وشكر‪ ،‬فكانت االستقباالت الشعبية‬ ‫رسالة لبنانية‪ ،‬عىل أن الشعب اللبناين يعترب‬ ‫أن إيران دولة صديقة‪ ،‬ولقد قرنت القول بالفعل‪،‬‬ ‫وهي تحركت أكرث من مرة لتقديم املساعدات وكان‬ ‫آخرها تقديم ‪ 450‬مليون دوالر‪ ،‬من أجل تأمني املياه‬ ‫والكهرباء‪ ،‬وأن اللبنانيني بحاجة إليهام‪ ،‬وهو ما‬ ‫يؤكد أن الزيارة التي اتسمت بتوقيع اتفاقات بني‬ ‫الدولتني‪ ،‬تؤكد أن إيران يف لبنان‪ ،‬مع زيارة رئيسها‬ ‫نجاد‪ ،‬إشارة ورسالة ملن يرغب‪ ،‬أن لبنان القوي بدأ‬ ‫ثم يف جيشه الذي لن تبخل‬ ‫مبقاومته وانتصاراتها‪ّ ،‬‬ ‫الجمهورية اإلسالمية عن تسليحه‪ ،‬وهو يؤرش اىل‬ ‫أن لبنان ربح يف تحالفه مع إيران‪ ،‬ومل يخرس كام‬ ‫فعل البعض يف تحالفهم مع أمريكا‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫نجاد رسم من لبنان خارطة الصراع مع «إسرائيل»‬ ‫فيلتمان استعجل الحضور الستعادته إلى الوصاية األميركية‬ ‫مل يكد رئيس الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫محمود أحمدي نجاد ينهي زيارته التاريخية‬ ‫واالستثنائية إىل لبنان‪ ،‬حتى حرض إىل بريوت‬ ‫وبرسعة خاطفة مساعد وزيرة الخارجية‬ ‫األمريكية لشؤون الرشق األدىن جيفري فيلتامن‬ ‫الذي كان سفرياً يف بالد األرز‪ ،‬وداع ً‬ ‫ام ومموال‬ ‫“لثورة األرز” باعرتافه هو أمام لجنة الخارجية يف‬ ‫الكونغرس األمرييك‪ ،‬بأنه دفع مبلغ ‪ 500‬مليون‬ ‫دوالر لتشويه صورة املقاومة ونزع سالحها‪.‬‬ ‫األمرييك‪،‬‬ ‫للدبلومايس‬ ‫املفاجئ‬ ‫الحضور‬ ‫والقادم من اململكة العربية السعودية‪ ،‬كان‬ ‫للتشويش عىل زيارة رئيس دولة صديقة للبنان‪،‬‬ ‫الذي أقام له استقباالً شعبياً‬ ‫ّ‬ ‫قل نظريه‬ ‫لضيف يحل عىل الدولة اللبنانية‪ ،‬التي تلقت‬ ‫الدعم الكامل من الرئيس نجاد يف كل مواقفه‬ ‫التي أعلنها‪ ،‬وأكد فيها عىل احرتام سيادة‬ ‫لبنان واستقالله وخصوصيته وتنوع طوائفه‬ ‫ومذاهبه‪ ،‬ودعا إىل متتني الوحدة الوطنية‬ ‫والتصدي لكل أنواع الفنت التي تحاك للبنانيني‪،‬‬ ‫وهي تخدم العدو اإلرسائييل‪ ،‬كام أعلن وقوفه‬ ‫إىل جانب املؤسسات الدستورية‪.‬‬ ‫هذا الخطاب العقالين فاجأ من تصدى للزيارة‪،‬‬ ‫وخ ّوف اللبنانيني منها‪ ،‬ورأى فيها أنها تضع‬ ‫لبنان يف محور مقاوم ضد “إرسائيل”‪ ،‬ال يريده‬ ‫نصف اللبنانيني كام قال أطراف ‪ 14‬آذار‪ ،‬الذين‬ ‫ال يريدون أن يدخلوا يف لعبة محاور إقليمية‪،‬‬ ‫وفق ما صدر عن “كتلة املستقبل” برئاسة‬ ‫سعد الحريري بعد انتهاء زيارة الرئيس اإليراين‪،‬‬ ‫وأكدت يف بيان لها‪ ،‬أن لبنان اختار أن يكون يف‬ ‫املحور العريب الذي أنتج “املبادرة العربية”‪ ،‬يف‬ ‫إشارة أنه يلتزم سياسة الدول العربية املعتدلة‬ ‫التي تنتهجها السعودية ومرص واألردن‪ ،‬يف رد‬ ‫عىل مواقف الرئيس اإليراين يف املهرجانيني‬ ‫الشعبيني يف الضاحية الجنوبية وبنت جبيل‪،‬‬ ‫والذي أكد يف كلمتني له‪ ،‬بأن لبنان املقاوم‬ ‫يصنع تاريخ املنطقة‪ ،‬وأن هناك جبهة مقاومة‬ ‫ومامنعة تبدأ من إيران إىل العراق وسوريا ولبنان‬ ‫وفلسطني وتركيا‪ ،‬هذه الجبهة تقرر مصري‬ ‫املنطقة وستقتلع “إرسائيل” من فلسطني‬ ‫لتعود إىل أصحابها‪ ،‬ويعود اليهود إىل األوطان‬ ‫التي أتوا منها‪.‬‬ ‫كالم نجاد املبديئ والعقائدي رأى فيه فريق‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬أنه ال ينسجم مع ما قاله يف املحادثات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الرسمية‪ ،‬يف حني أن ما أعلنه ليس باألمر الجديد‬ ‫بشأن إزالة “إرسائيل”‪ ،‬التي وصفها قائد الثورة‬ ‫اإلسالمية يف إيران اإلمام الراحل الخميني بأنها‬ ‫غدّ ة رسطانية يجب أن ُتقتلع‪ ،‬كام هي أمريكا‬ ‫رش مطلق‪ ،‬وهو التعبري الرسمي للجمهورية‬ ‫اإلسالمية من الكيان الصهيوين واالستكبار‬ ‫العاملي وعىل رأسه الواليات املتحدة‪ ،‬منذ انتصار‬ ‫الثورة عىل نظام الشاه يف العام ‪.1979‬‬ ‫ولقد حاول البعض استغالل مواقف الرئيس‬ ‫وتم الدخول عىل خط تشويه الزيارة‬ ‫اإليراين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التي نجحت نجاحاً قياسياً عىل كل املستويات‬ ‫الرسمية والسياسية واالقتصادية والشعبية‪،‬‬ ‫ومت ّيزت بتوقيع ‪ 17‬اتفاقية بني الدولتني‪ ،‬وهو رد‬ ‫إيراين عىل كل كالم صدر ويصدر بأن الجمهورية‬ ‫اإلسالمية تتعاطى مع دولة “حزب الله”‪ ،‬وأن‬ ‫نجاد زار دولتني وألقى خطابني‪ ،‬وهو ما دحضته‬ ‫مواقفه الرسمية واالتفاقات التي تعزز العالقة‬ ‫بني البلدين والشعبني‪ ،‬وإن ما أعلنه بشأن‬ ‫املقاومة ال يخرج عن سياسة الدولة اللبنانية‪،‬‬ ‫وال عن البيان الوزاري للحكومة ومن سبقها‬ ‫باعرتاف يف دورها بالدفاع عن لبنان‪ ،‬كام أن‬ ‫املقاومة ال تنكر أنها تتلقى املساعدة من إيران‬ ‫كدولة صديقة لها وللبنان‪.‬‬ ‫لرئيس‬ ‫وجمهورها‬ ‫املقاومة‬ ‫فاستقبال‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬كان طبيعياً‪،‬‬ ‫وتعبرياً عن شكر وامتنان الشعب اللبناين ملا‬

‫‪8‬‬

‫قدمه الشعب اإليراين من مساعدات إلعامر‬ ‫ما هدّ مه العدوان اإلرسائييل يف صيف ‪،2006‬‬ ‫وهو املوقف نفسه الذي قابل أبناء الجنوب به‬ ‫أمري قطر الذي ذهب إىل بنت جبيل يف مطلع‬ ‫تم إعادة بناؤه يف املدينة‬ ‫آب املايض‪ ،‬لتدشني ما ّ‬ ‫التي شهدت االحتفال بالتحرير يف نهاية أيار‬ ‫‪ ،2000‬إثر انسحاب قوات االحتالل تحت رضبات‬ ‫املقاومة‪.‬‬ ‫لكن زيارة الرئيس اإليراين إىل املدينة التي‬ ‫وقف عىل تخومها العدو اإلرسائييل يف أثناء‬ ‫حربه يف متوز ‪ ،2006‬تختلف عن كل الزيارات‬ ‫األخرى‪ ،‬ألنها تحمل معنى سياسياً كبرياً‪،‬‬ ‫يتعلق بوجود “إرسائيل”‪ ،‬والتي باتت ترى إيران‬ ‫عند حدودها كام يقول قادة الكيان الصهيوين‪،‬‬ ‫الذين رأوا يف قدوم نجاد إىل حدود دولتهم‬ ‫واإلطاللة منها عىل املستوطنات مبثابة تأكيد‬ ‫عىل أن الجبهة مل تعد مع لبنان‪ ،‬بل هي متتد‬ ‫إىل قوس من إيران إىل تركيا‪ ،‬وهو ما بدأ يقلق‬ ‫املسؤولني اإلرسائيليني‪ ،‬ويتحدثون عن خطر‬ ‫وجودي يتهددهم‪ ،‬وهم بدأوا بالتحريض عىل‬ ‫إيران ويستغلون برنامجها النووي السلمي‪ ،‬عىل‬ ‫أنه يهدّ د أمن “إرسائيل” واملنطقة‪ ،‬وال بد من‬ ‫عمل عسكري ضدها‪ ،‬إذا مل تنفع العقوبات‪.‬‬ ‫تم النظر إىل الزيارة من زاوية ما‬ ‫لذلك ّ‬ ‫تسببه من خطر عىل “إرسائيل”‪ ،‬عرب الدعم‬ ‫الذي تلقاه املقاومة من إيران وسوريا‪ ،‬وقد كان‬

‫التهويل عىل حصولها ألنها ستثبت لبنان‬ ‫يف املحور السوري – اإليراين الذي سعت‬ ‫اإلدارات األمريكية املتعاقبة‪ ،‬إىل إخراجه‬ ‫منه‪ ،‬وهي ومنذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري‬ ‫يف ‪ 14‬شباط ‪ ،2005‬ومع صدور قرار مجلس‬ ‫األمن الدويل ‪ 1559‬يف أول أيلول ‪،2004‬‬ ‫وهناك مسعى أمرييك – إرسائييل‪ ،‬لفك‬ ‫ارتباط لبنان بسوريا وإيران‪ ،‬وكان لـ”ثورة‬ ‫األرز” التي تم تحريكها أمريكيا‪ ،‬هدف واحد‬ ‫واضح وهو إخراج القوات السورية من لبنان‪،‬‬ ‫لإلطباق عىل املقاومة من ضمن مرشوع‬ ‫نزع “الوصاية السورية عن لبنان” وإدخاله‬ ‫يف الوصاية األمريكية من ضمن مرشوع‬ ‫“الرشق األوسط الكبري” ولتحقيق هذا‬ ‫الهدف‪ ،‬ال بد من تصفية املقاومة وتجريدها‬ ‫من سالحها‪ ،‬وتم تكليف “ثوار األرز” باملهمة‬ ‫لكنهم مل يتمكنوا منها‪ ،‬فتم اللجوء إىل‬ ‫“إرسائيل” يف حرب متوز ليولد من رحمها‬ ‫“الرشق األوسط الجديد” كام قالت كونداليزا‬ ‫رايس التي مل تقبل بوقف األعامل العسكرية‬ ‫حتى تحقيق هذا الهدف‪ ،‬الذي فشلت يف‬ ‫تطبيقه بعد ‪ 33‬يوماً من الدمار والقتل باآللة‬ ‫العسكرية اإلرسائيلية واألمريكية الصنع‪.‬‬ ‫فمنذ انتصار املقاومة يف صد العدوان‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬وسقوط املرشوع األمرييك دخل‬ ‫لبنان فعلياً يف عرص املقاومة‪ ،‬وبدأت عملية‬ ‫اجتثاث مرحلة الوصاية األمريكية‪ ،‬فكان‬ ‫التصدي لقرار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة‬ ‫التي سامها األمني العام “لحزب الله” بحكومة‬ ‫فيلتامن (السفري األمرييك آنذاك يف لبنان)‬ ‫الذي أوىص أدواته يف الحكومة السنيورية أن‬ ‫يتخذوا قراراً‬ ‫بنزع شبكة اتصاالت املقاومة‪،‬‬ ‫كأحد األسلحة الفعالة يف حرب متوز‪ ،‬فكان‬ ‫الرد عىل قرار ‪ 5‬أيار ‪ ،2008‬عرب الشارع يف ‪7‬‬ ‫أيار وبدأت عملية إزالة الوصاية األمريكية‬ ‫عن القرار السيايس‪ ،‬من خالل انتخاب رئيس‬ ‫توافقي للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة‬ ‫وطنية للمعارضة فيها الثلث الضامن‪ ،‬وهكذا‬ ‫بدأ تحرير القرار السيايس من النفوذ األمرييك‬ ‫الذي حاول أن يستمر عرب األجهزة األمنية‬ ‫والقضائية‪ ،‬وألنها تشكل أداة يف يد املحكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬التي يتم استغاللها سياسياً ضد‬ ‫املقاومة‪ ،‬من خالل استصدار قرار ظني يدين‬ ‫عنارص من “حزب الله” يف اغتيال الرئيس رفيق‬ ‫الحريري‪ ،‬وهو ما يجري التصدي له‪ ،‬وإلنهاء آخر‬ ‫تأثري أمرييك عىل القرار اللبناين‪.‬‬ ‫ولقد تبني أن النظام األمني اللبناين –‬ ‫األمرييك املشرتك الذي نشأ بعد اغتيال‬ ‫الحريري‪ ،‬هو من فربك شهود الزور‪ ،‬الذين أدلوا‬

‫بإفادات كاذبة‪ ،‬من أجل إنجاز االنقالب األمرييك‪،‬‬ ‫والسيطرة عىل لبنان‪ ،‬إلخراجه من دوره املقاوم‪،‬‬ ‫وزجه يف محور االعتدال العريب واالستسالم لـ‬ ‫“إرسائيل”‪.‬‬ ‫من هنا كان التفسري األمرييك واإلرسائييل‬ ‫لزيارة نجاد‪ ،‬عىل أنها ربط لبنان مبحور مناهض‬ ‫للمشاريع واملخططات األمريكية‪ ،‬وأن إيران‬ ‫باتت عىل ضفاف البحر األبيض املتوسط‪ ،‬وأن‬ ‫الحلف اإليراين – السوري – الرتيك‪ ،‬استطاع أن‬ ‫يسيطر عىل البحار األربعة‪ ،‬وهو ما يعطيه قوة‬ ‫إقليمية واسرتاتيجية مستقلة‪ ،‬وهذا ما دفع‬ ‫بدول عرب االعتدال للسؤال عن موقعهم يف‬ ‫املعادالت اإلقليمية والدولية‪ ،‬بعد أن تقدمت‬ ‫إيران وتركيا باتجاه القضية الفلسطينية‪ ،‬التي‬ ‫تم التخيل‬ ‫مل تعد قضية العرب املركزية‪ ،‬بعد أن ّ‬ ‫عنها أوال من أصحابها الفلسطينيني الذين‬ ‫تحولت سلطتهم إىل مفاوضات تدور يف حلقة‬ ‫مفرغة‪ ،‬فلم تستعد لهم حقوقهم‪ ،‬وباتت‬ ‫أسرية القرار األمرييك واإلرسائييل‪ ،‬وهو ما ق ّوى‬ ‫فصائل املقاومة التي رأت لها سنداً يف إيران‬ ‫وسوريا‪ ،‬ثم يف تركيا بعد العدوان عىل غزة‪ ،‬وهو‬ ‫ما ترك الدول العربية املعتدلة‪ ،‬دون تأثري وفعل‬ ‫ال بل أن بعضهم سعى إىل نقل املعركة التي‬ ‫كانت شكلية بالنسبة لهم ضد “إرسائيل”‬ ‫باتجاه إيران‪ ،‬والتحذير من قوتها النووية‪ ،‬ومتدد‬ ‫نفوذها واللعب عىل الوتر املذهبي‪ ،‬يف تنايس‬ ‫ملا تختزنه “إرسائيل” من سالح نووي‪ ،‬واىل‬ ‫مشاريعها التوسعية االستيطانية كام إىل‬ ‫رفضها للسالم والعمل دامئاً للحرب‪.‬‬ ‫فلقد أخاف الحضور اإليراين يف قلب الرصاع‬ ‫ضد العدو اإلرسائييل‪ ،‬أمريكا التي أرسلت‬ ‫أحد دبلوماس ّيها فيلتامن إىل لبنان‪ ،‬يف زيارة‬

‫‪9‬‬

‫وصفت بالرتغيب والرتهيب‪ ،‬حيث نقل إىل‬ ‫رئيس الجمهورية العامد ميشال سليامن‬ ‫عتباً أمريكياً عىل استقبال نجاد‪ ،‬وعقد‬ ‫اتفاقيات مع إيران التي تتعرض لعقوبات‬ ‫وفق قرار مجلس األمن الدويل ‪ ،1929‬وأن‬ ‫قبول تسليح الجيش منها‪ ،‬يعني أنه أصبح‬ ‫خاضعاً لها عقيدة وتجهيزاً‪ ،‬وهذا يؤثر‬ ‫عىل وضع لبنان كدولة محايدة‪ ،‬كام أنه‬ ‫سيستأثر مبرشوع املساعدات األمريكية‬ ‫والغربية‪ ،‬ويجب وقف التمدد اإليراين باتجاه‬ ‫مواقع السلطة يف لبنان‪.‬‬ ‫وقد سعى فيلتامن إىل احتواء زيارة نجاد‬ ‫عرب ترداد مواقف أمريكية بدعم سيادة‬ ‫لبنان وأعاد التأكيد عىل دور املحكمة الدولية‬ ‫من االقتصاص من قتلة الحريري‪ ،‬يف إشارة‬ ‫إىل استخدامها السيايس‪ ،‬واىل أن القرار‬ ‫الظني الذي سيصدر‪ ،‬سيكون له الدور‬ ‫يف منع انزالق لبنان نحو املحور اإليراين‪،‬‬ ‫ألنه سيجتث “حزب الله” ومن يقف معه‪،‬‬ ‫عرب العدالة الدولية‪ ،‬وهو الوعد الذي حمله‬ ‫الدبلومايس األمرييك إىل حلفائه ملن بقي‬ ‫منهم يف قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬أن ال يذعنوا إىل تهويل‬ ‫“حزب الله” ألن قيادته ستمثل أمام املحكمة‬ ‫الدولية يف األشهر القريبة املقبلة‪ ،‬وأن مفعول‬ ‫زيارة الرئيس اإليراين ستنتهي مع بدء أعامل‬ ‫املحكمة التي تنال دع ً‬ ‫ام عربياً ودولياً بالرغم‬ ‫من محاوالت إلغائها من قبل إيران وسوريا‬ ‫وحلفائهام‪.‬‬ ‫األمرييك‬ ‫الضجيج‬ ‫هذا‬ ‫كان‬ ‫لذلك‬ ‫واإلرسائييل املتناغم مع مواقف داخلية لبنانية‬ ‫حول زيارة الرئيس اإليراين‪ ،‬ألنها تنقل لبنان من‬ ‫الوصاية األمريكية‪ ،‬إىل محوره الطبيعي والذي‬ ‫هو فيه منذ عقود‪ ،‬وهو محور املقاومة‪ ،‬مبواجهة‬ ‫العدو اإلرسائييل‪ ،‬قبل انتصار الثورة اإلسالمية‬ ‫يف إيران وبعدها‪ ،‬ألن القوى الوطنية والقومية‬ ‫والتقدمية‪ ،‬فيه تستمد موقعها من مبادئها‪،‬‬ ‫التي ترى يف “إرسائيل” خطراً وجودياً عىل املرشق‬ ‫العريب‪ ،‬وأن مرشوعها االستيطاين الذي بدأ يف‬ ‫فلسطني باقتالع وطرد شعبها وإقامة الدولة‬ ‫العربية‪ ،‬لن يقف عند حدود فلسطني‪ ،‬وهو‬ ‫توسع‪ ،‬لكن ظهور املقاومة أفشل هذا املرشوع‬ ‫التورايت – ألتلمودي‪ ،‬وانكشفت حقيقته عن‬ ‫أنه يسعى إىل دولة يهودية ستصطدم بالوجود‬ ‫الفلسطيني املقاوم‪ ،‬مام يؤكد أن فلسطني بدأت‬ ‫رحلة استعادتها‪ ،‬وأن أصدقائها يتكاثرون وإيران‬ ‫أوىل هذه الدول التي بدأت مع ثورتها تتغري‬ ‫خارطة املنطقة‪.‬‬

‫أنطوان خري الله‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫ركن أبادي ‪ :‬تسليح الجيش بعيد عن اإلعالم ومطروح ومتابع من البلدين‬ ‫الرئيس نجاد رمى العديد من الحجارة على الكيان الصهيوني وبأسلوب مختلف‬ ‫خوش آمديد‪ ،‬عبارة اليزال يتناولها اللبنانيون فيام بينهم‪ ،‬حتى بعد زيارة رئيس الجمهورية اإلسالمية اإليرانية محمود أحمدي‬ ‫نجاد اىل لبنان‪ ،‬التي ُوصفت بالتاريخية وعبرّ ت عن اسرتاتيجية رسمت مساراً جديداً يف تاريخ العالقات اللبنانية – اإليرانية‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن البلدين و ّقعا عىل ‪ 16‬اتفاقية اقتصادية يف كافة القطاعات األساسية‪ُ ،‬وصفت بالهامة جداً لدعم وتحسني الوضع االقتصادي‬ ‫يف لبنان‪ ،‬ولكن لن يقترص التغيري املتوقع عىل الناحية االقتصادية فحسب‪ ،‬بل سيطال بشكل مبارش العالقات الدبلوماسية بني‬ ‫البلدين‪.‬‬ ‫دسها هنا وهناك حول إمكانية أن تتخىل إيران عن املقاومة يف لبنان‪ ،‬وما‬ ‫وقد أتت هذه الزيارة لتبدد الشكوك التي حاول البعض ّ‬ ‫وقوف الرئيس نجاد يف بنت جبيل وقوله “نحن معكم وسنبقى معكم” إال رسالة للغرب بأن إيران مل ولن ترتك لبنان لقمة سائغة‬ ‫يف فم املرشوع األمرييك الصهيوين الذي يحاول دامئاً أن يسترشي يف املنطقة‪.‬‬ ‫فام هي دالالت هذه الزيارة؟ وملاذا أتت يف هذا التوقيت؟ وما هي النتائج التي ميكن أن ترتتب عنها محلياً ودولياً وإقليمياً؟ واملواقف‬ ‫رحب باللقاء برحابة صدر‪ ،‬فكان‬ ‫منها؟ كل هذه التساؤالت كانت صلب لقاءنا بالسفري اإليراين يف لبنان غضنفر ركن أبادي‪ ،‬الذي ّ‬ ‫الحوار األيت‪:‬‬

‫توقيت الزيارة‬ ‫ملاذا أتت الزيارة يف هذا التوقيت بالذات؟ وهل‬ ‫االتصال الذي أجراه الرئيس نجاد قبل الزيارة‬ ‫بامللكني السعودي واألردين كان للطأمنة‪ ،‬أم‬ ‫هناك تنسيق مشرتك إلخراج لبنان من الحالة‬ ‫التي مير بها؟‬ ‫هذه الزيارة جاءت تلبية لدعوة فخامة رئيس‬ ‫الجمهورية اللبنانية ميشال سليامن‪ ،‬ورداً‬ ‫عىل الزيارة التي قام بها قبل سنة ونصف اىل‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وليس للتوقيت أي‬ ‫سبب خاص‪ ،‬وذلك ألن لبنان مي ّر دامئاً يف قضايا‬ ‫متعددة‪ ،‬وتطورات يف ساحته الداخلية‪ ،‬وهذا‬ ‫شيئ طبيعي‪.‬‬ ‫أما بالنسبة ملوضوع االتصالني مع العاهل‬ ‫السعودي واألردين‪ ،‬هذا ينبع من املبدأ األسايس‬ ‫اإلسالمية‬ ‫للجمهورية‬ ‫الخارجية‬ ‫للسياسة‬ ‫اإليرانية‪ ،‬الذي يعترب أن كل البلدان املوجودة يف‬ ‫املنطقة ما عدا الكيان الصهيوين الغاصب‬ ‫املحتل الذي ال نعرتف به‪ ،‬بإمكانهم أن يحلوا‬ ‫املشاكل يف املنطقة وذلك نظراً للعالقات‬ ‫الطيبة بني هذه البلدان العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫فنحن نستطيع أن نعمل جميعاً لحل املشاكل‬ ‫التي تحيط املنطقة‪ ،‬وهذه االتصاالت إذا ّمتت‬ ‫ففي هذا اإلطار‪ ،‬وإيران تستمر يف استشاراتها‬ ‫مع البلدان املختلفة يف املنطقة للتأكيد عىل أن‬ ‫الحل يجب أن يكون من داخل املنطقة وليس من‬ ‫خارجها‪ ،‬ففي هذا اإلطار ّمتت هذه االتصاالت‪،‬‬ ‫رحبنا بزيارة الرئيس بشار األسد والعاهل‬ ‫ونحن ّ‬ ‫السعودي اىل لبنان‪ ،‬وهم بدورهام رحبا بزيارة‬ ‫الرئيس نجاد اىل لبنان‪ ،‬إلكامل البحث يف‬ ‫التطورات الحاصلة عىل الساحة اللبنانية‬ ‫الحتواء التوتر يف لبنان‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫دالالت ونتائج الزيارة‬

‫ها هي دالالت الزيارة التي قام‬ ‫بها الرئيس نجاد اىل لبنان عىل‬ ‫الصعيدين اإلقليمي والدويل؟‬ ‫وما هي أبرز النتائج لهذه‬ ‫الزيارة عىل الصعيدين اإليراين‪-‬‬ ‫اللبناين‪ ،‬واإلقليمي؟‬ ‫كام تعرفون إن هذه الزيارة‬ ‫كانت ذات طابعني سيايس‬ ‫واقتصادي‪ ،‬ففي اإلطار السيايس‪،‬‬ ‫جاءت للتأكيد عىل املوقف الثابت‬ ‫للجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫الذي يتطابق بشكل كامل مع‬ ‫املبادئ يف النظام السيايس‬ ‫للجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫وهو دعم أصحاب الحق ودعم كل‬ ‫مظلوم يف مواجهة الظاملني‬ ‫واملعتدين والغاصبني‪ ،‬وإحقاق‬ ‫حقوق أصحاب الحق‪ ،‬يف هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬إيران تدعو كل البلدان يف العامل وكل‬ ‫األحرار وبشكل خاص وطبعاً الجريان يكونون أوىل‬ ‫مقارنة ببقية بلدان العامل ألجل دعم القضايا‬ ‫املحقة يف املنطقة ونحن نعترب أن القضية‬ ‫اللبنانية والقضية الفلسطينية من أعدل وأهم‬ ‫وأحق القضايا يف العامل ألن الجانب اآلخر يكون‬ ‫«إرسائيل» ككيان غاصب‪ ،‬ومحتل ومعت ٍد‪ ،‬ففي‬ ‫هذا اإلطار كان لهذه الزيارة أثراً سياسياً بارزاً‬ ‫عىل ما يرغب به الطالب والشعوب يف هذه‬ ‫املنطقة طاملا يكون فاصل مشرتك واحد بني كل‬ ‫هذه البلدان يف املنطقة‪ ،‬الذي هو رضورة الوقوف‬ ‫والصمود أمام االعتداءات اإلرسائيلية‪ ،‬ورضورة‬ ‫تقوية هذه البلدان حتى تكون بلداناً قوية بشكل‬

‫‪10‬‬

‫أن يؤثروا سلباً عىل األوضاع يف لبنان‪ ،‬وهذا يف‬ ‫املستوى اإلقليمي يعطي دفعاً قوياً لهذه البلدان‬ ‫بأن يكونوا جنباً اىل جنب‪ ،‬وهذا التالحم سيكون‬ ‫له آثاراً إيجابية كبرية يف مواجهة الكيان‬ ‫الصهيوين‪.‬‬ ‫تم توقيع ‪16‬‬ ‫أما يف الجانب االقتصادي‪ ،‬لقد ّ‬ ‫اتفاقية ومذكرة تفاهم يف كافة املجاالت وخاصة‬ ‫يف مجال الطاقة وبشكل خاص يف الكهرباء‬ ‫واملياه والنفط‪ ،‬وهذا يدل عىل العالقات املرتسخة‬ ‫واملمتازة بني البلدين‪ ،‬ونحن دخلنا يف مرحلة‬ ‫جديدة من التعاون‪ ،‬وأ ّكدنا عىل رضورة تعزيز‬ ‫هذا التعاون يف مختلف املجاالت الثنائية اىل‬ ‫جانب متابعة املجاالت االقتصادية واالجتامعية‬ ‫والثقافية والصحية والفنية‪ .‬وطاملا كان هناك‬ ‫‪ 20‬وزيراً من الجانب اإليراين يقابلهم ‪ 20‬وزيراً من‬ ‫الجانب اللبناين يعملون معاً طيلة ‪ 4‬أشهر إلنهاء‬ ‫‪ 16‬اتفاقية‪ ،‬وهناك عدد آخر من االتفاقيات مل‬ ‫ينجز بعد سيعلن عنهم قريباً‪ ،‬فهذا يدل عىل‬ ‫الحيوية والديناميكية بني الحكومتني اإليرانية‬ ‫واللبنانية‪ ،‬وستصب األمور يف مصلحة البلدين‬ ‫ويف شكل خاص نحن نعمل وفق موقف ومبدأ‬ ‫إيران بدعم املظلوم وأصحاب الحقوق‪ ،‬فركزنا عىل‬ ‫األشياء األساسية التي يعاين منها الشعب‬ ‫اللبناين وخاصة يف قطاع الكهرباء واملياه‪،‬‬ ‫وسنبدأ بتنفيذ هذه االتفاقيات يف أرسع وقت‬ ‫ممكن نظراً للمحادثات املكثفة الجارية بني وزاريت‬ ‫الطاقة اللبنانية واإليرانية‪ ،‬وسيشهد الشعب‬ ‫اللبناين يف أرسع وقت ممكن نتائج هذه الزيارة‬ ‫اإليجابية تأكيداً عىل املواقف املبدئية إليران‪.‬‬

‫املوقف اللبناين‬

‫ال يتج ّرأ هذا الكيان يف يوم من األيام بارتكاب أي‬ ‫خطأ مثلام كان يفعل يف السابق‪ ،‬بحيث كان‬ ‫ينام الليل ويف الصباح يأخذ القرار ببدء الهجوم‪،‬‬ ‫اآلن إذا كان يريد أن يفعل شيئاً ما‪ ،‬عليه أن يفكر‬ ‫آالف الحسابات قبل القيام بأي شيئ‪ ،‬فنحن ال‬ ‫نريد أي شيئ إال عزة وخرياً للبنان وشعبه وقوته‬ ‫ولبقية البلدان الواقعة يف هذه املنطقة‪ ،‬ففي‬ ‫هذا اإلطار ّمتت هذه الزيارة و ّمتت االتصاالت مع‬ ‫البلدان األشقاء واألصدقاء ومازالت مستمرة‬ ‫حتى بعد نهاية زيارة الرئيس نجاد اىل لبنان‪،‬‬ ‫وكذلك االستشارات مازالت مستمرة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫سيكون هناك زيارات متبادلة بني إيران وعدد من‬ ‫البلدان العربية واإلسالمية الحتواء األزمة التي‬ ‫يحاول اآلخرين من املناطق البعيدة يف العامل‬

‫خالل اللقاءات مع رئيس الحكومة لوحظ‬ ‫عالمات رسور بادية لدى الرئيس نجاد يف حني‬ ‫كان الرئيس الحريري متجه ًام؟ هل لهذا األمر‬ ‫عالقة بالسياسة؟ أم أن مفاجأة الزيارة كانت‬ ‫األثر األبرز؟‬ ‫لقد وجدنا ترحيباً حاراً من جانب كل املسؤولني‬ ‫الرسميني يف لبنان ومن ضمنهم دولة رئيس‬ ‫مجلس الوزراء سعد الحريري‪ ،‬وكانت هذه الزيارة‬ ‫فرصة ومناسبة لتبادل وجهات النظر بشكل‬ ‫تفصييل حول كل املواضيع املتعلقة بلبنان‬ ‫ومنطقة الرشق األوسط والعالقات اإليرانية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وخاصة بالرتكيز عىل املشاريع‬ ‫االقتصادية‪ ،‬بالعكس لقد القينا كل الرتحيب‬ ‫لدى كل املسؤولني وحتى الرؤساء الثالث سليامن‬ ‫والحريري وبري طلبوا متديد فرتة إقامة الرئيس نجاد‬ ‫يف لبنان‪ ،‬لكن الظروف مل تكن مالمئة لتمديد‬ ‫هذه الزيارة وهم أعربوا عن رسورهم بها‪ ،‬خاصة‬ ‫رسور الشعب اللبناين وكل املسؤولني يف لبنان‪،‬‬ ‫ونعتقد أن هذا الشيئ يدل عىل أن هذه الزيارة‬ ‫أ ّثرت تأثرياً إيجابياً عىل التهدئة يف لبنان‪ ،‬ونتائج‬ ‫الزيارة ستظهر شيئاً فشيئاً‪ ،‬وكلام نسري اىل‬ ‫األمام سنشعر بالنتائج اإليجابية لهذه الزيارة‬

‫أكرث فأكرث‪.‬‬ ‫استطاعت إيران أن تتفادى‬ ‫العقوبات عليها بسبب عالقاتها‬ ‫املتينة مع العديد من الدول إقليمياً‬ ‫ودولياً‪ ،‬هل من تأثري للعقوبات‬ ‫األمريكية عىل االتفاقيات التي‬ ‫ُو ّقعت بني لبنان وإيران؟‬ ‫بالتأكيد ال‪ ،‬وكام تعرفون نحن‬ ‫لدينا ‪ 40‬رجل أعامل إيراين من‬ ‫مختلف رجال األعامل يف إيران‬ ‫وفعاليات اقتصادية رافقوا فخامة‬ ‫الرئيس نجاد يف هذه الزيارة‪ ،‬وهم‬ ‫جلسوا يف لبنان أمام رجال أعامل‬ ‫يف غرفة تجارة لبنان يف بريوت وصيدا‬ ‫وجلسوا مع رجال أعامل لبنانيني‬ ‫يف االغرتاب الذين جاؤوا خالل هذه‬ ‫الزيارة اىل لبنان‪ ،‬وأيضاً جاء رئيس‬ ‫مركز التنمية التجارية ووزير التجارة‬ ‫اإليراين عىل رأس الوفد وهو طلب‬ ‫تسليط الضوء عىل كل تفاصيل‬ ‫النشاطات بني إيران وكل بلدان‬ ‫العامل‪ ،‬وهو حسب هذه الوثيقة‬ ‫رشح لهم أن معظم البلدان التي‬ ‫تشارك يف إصدار القرار السيايس‬ ‫للعقوبات ضد إيران هم يعملون مع‬ ‫إيران بشكل أسايس اقتصادياً وتجارياً‬ ‫وعىل الالئحة كانت األسامء املوجودة‬ ‫من كل البلدان الغربية من أملانيا‬ ‫وفرنسا وإيطاليا وغريها وقال لألسف‬ ‫ال نرى عليها اسم لبنان‪ ،‬ملاذا الذين‬ ‫يشاركون يف إصدار القرار السيايس‬ ‫للعقوبات ضد إيران يعملون معها‬ ‫ألن هناك مصالح اقتصادية وتجارية‬ ‫تربطهم يف إيران‪ ،‬ولكن السياسة شيئ واملصالح‬ ‫االقتصادية شيئ آخر وهم يقومون مبخادعة الناس‬ ‫يف العامل‪ ،‬وأنتم تعلمون أن ‪ 40‬مليار دوالر حجم‬ ‫التبادل التجاري بني إيران وتلك البلدان يف العامل‪،‬‬ ‫ولكن بني إيران ولبنان حتى اآلن هي ‪ 850‬مليون‬ ‫دوالر أي الشيئ مقارنة مع بقية البلدان‪ ،‬هنا سألنا‬ ‫اللبنانيني ملاذا‪ ،‬ومن املؤسف أن ال يكون اسم لبنان‬ ‫موجوداً عىل قامئة البلدان الذي يتعاملون مع إيران‬ ‫يف مجال التجارة‪،‬ففي هذا اإلطار إن اللبنانيني‬ ‫يعرفون أوالً أن قرار العقوبات هو أمر شكيل ليس له‬ ‫عمق أو محتوى‪ ،‬لذلك نعمل يف املستقبل القريب‬ ‫لندخل يف مرحلة جديدة من العالقات التجارية‬ ‫واالقتصادية والثقافية والعلمية والصحية بني‬ ‫البلدين‪.‬‬ ‫هناك من ينظر اىل االتفاقيات واملساعدات‬ ‫اإليرانية بعدم ارتياح‪ ،‬ما هو ردّكم؟‬ ‫مل يكن هناك عدم ارتياح من أي جانب‪ ،‬فمن‬ ‫رحب بهذه الزيارة‪،‬‬ ‫املهم القول أن كل لبنان ّ‬ ‫وأصدروا بيانات حول ذلك‪ ،‬وطبعاً موضوع‬ ‫االتفاقيات هو جزء مام حصل خالل هذه الزيارة‪،‬‬

‫‪11‬‬

‫ليس لتوقيت الزيارة أي سبب خاص‪ ،‬ألن لبنان مي ّر‬ ‫دامئاً يف قضايا متعددة‪ ،‬وتطورات يف ساحته‬ ‫الداخلية‬ ‫االتصاالت مستمرة بني الجمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية واململكة العربية السعودية وأي بلد آخر‬ ‫من البلدان العربية واإلسالمية التي تلعب دوراً‬ ‫إيجابياً الحتواء التوتر يف لبنان‬ ‫ونحن عملنا بشكل مشرتك عىل هذا املوضوع‪،‬‬ ‫وتم الرتكيز عىل مصلحة البلدين يف هذه‬ ‫ّ‬ ‫االتفاقيات لذلك نعترب أن من واجبنا أن نقدم‬ ‫ألشقاءنا وبشكل أسايس وسلم األولويات لبنان‬ ‫ما لدينا‪ ،‬ففي هذا اإلطار نحن نبذل الجهود وإذا‬ ‫ُوجد أي تساؤل أو عالمة استفهام لدى البعض‬ ‫نستطيع أن نرشح لهم والردود ستكون واضحة‬ ‫متاماً وهذا شيئ طبيعي‪ ،‬ونحن نعمل مع أكرث من‬ ‫‪ 100‬بلد يف العامل يف مجال التجارة واالقتصاد‬ ‫فلامذا ال نعمل مع لبنان‪.‬‬

‫تسليح الجيش والوضع يف‬ ‫الساحة اللبنانية‬

‫غاب موضوع تسليح الجيش اللبناين ودعمه‬ ‫من قبل إيران عن وسائل اإلعالم‪ ،‬هل نطمنئ بأن‬ ‫إيران ستعزز دعمها للبنان الجيش واملقاومة؟‬ ‫هذه األمور ال ميكن أن تقارن ببقية االتفاقيات‬ ‫الثقافية والتجارية واالقتصادية والطاقة‪ ،‬وبعض‬ ‫االتفاقيات يحتاج أن ال يظهر بشكل قائم مئة يف‬ ‫املئة عىل اإلعالم‪ ،‬وهذا املوضوع رمبا يكون غائباً عن‬ ‫اإلعالم ولكنه مطروح ومتابع من قبل البلدين‪.‬‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫الغالف‬ ‫التقى الرئيس نجاد كافة األطراف‬ ‫اللبنانية خالل زيارته‪ ،‬هل تدعم هذه‬ ‫الزيارة حكومة الحريري؟‬ ‫هذه الزيارة تدعم لبنان ومن ضمنه‬ ‫حكومة لبنان ورؤسائه وشعبه وطوائفه‬ ‫وأطيافه‪.‬‬ ‫كيف تقرأون الوضع السيايس للبنان‬ ‫من خالل السيف املس ّلط من القرار‬ ‫الظني وبالتايل املحكمة الدولية؟‬ ‫إن الذي يعرف تفاصيل ما يجري يف‬ ‫لبنان يدرك ويفهم أن كل ما يجري هو من‬ ‫طبيعة لبنان ألنه ال ميكن لإلرسائيليني‬ ‫وحلفائهم أن يتح ّملوا يف يوم من األيام‬ ‫مشهد االستقرار يف الساحة اللبنانية‪،‬‬ ‫ما سيكون له أثر عكيس عىل الكيان‬ ‫الصهيوين‪ ،‬وهذا يعني أن ال استقرار داخل‬ ‫الساحة اإلرسائيلية‪ ،‬ألنهم ال يستطعون‬ ‫أن يستغلوا األوضاع ويستفيدون منها‪،‬‬ ‫فدامئاً الال استقرار‪ ،‬وعدم الوحدة الوطنية‬ ‫داخل الساحة اللبنانية يكون لصالح‬ ‫الكيان اإلرسائييل‪ ،‬ففي هذا اإلطار ومن‬ ‫هذا املنطلق هم دامئاً يحاولون أن يسيطروا‬ ‫بشكل دائم بسيف مسلط تحت أي ذريعة‪،‬‬ ‫لقد عشت يف لبنان وكنت فيه منذ ‪17‬‬ ‫ّ‬ ‫نطلع عىل كافة التفاصيل‪،‬‬ ‫سنة وكنا‬ ‫حيث كانت ملفات أخرى سيفاً مسلطاً‬ ‫عىل لبنان‪ ،‬واليوم يربز سيف آخر باسم‬ ‫املحكمة‪ ،‬وبالرتكيز عىل هذا املوضوع نجد‬ ‫أن اإلرسائيليني وبالتحديد أشكينازي ودير‬ ‫شبيغل‪ ،‬والفيغارو هم الذين بدأوا بالرتكيز‬ ‫عىل موضوع املحكمة وتسييسها واستغالل‬ ‫موضوعها‪ ،‬وبرأينا نظراً لوجود القيادات الحكيمة‬ ‫املختلفة األلوان واألطراف يف لبنان ال يوجد أي‬ ‫مجال لآلخرين ليقوموا باملناورة من أجل إيجاد أي‬ ‫رشخ داخل الساحة الللبنانية واملجتمع اللبناين‬ ‫مبختلف رشائحه‪ ،‬وهذا املوضوع يجب عىل لبنان‬ ‫أن يتجاوزه بنجاح دون أن يتأ ّثر بأي أثر سلبي نظراً‬ ‫لوجود هذه الحكمة والدراية وقوة التدبري لدى‬ ‫الحكومة اللبنانية ومختلف أطرافها السياسية‪.‬‬ ‫هل تتوقعون مواقف فاعلة ذات طبيعة‬ ‫استثنائية من الرئيس الحريري من خالل إيجاد‬ ‫تسوية معينة تسمح بحامية لبنان‪ ،‬وبنفس‬ ‫الوقت التوافق مع “حزب الله”؟‬ ‫من النتائج اإليجابية لهذه الزيارة توافق حول‬ ‫كثري من األمور وكام سمعتم أن االتصاالت‬ ‫مستمرة بني الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫واململكة العربية السعودية وأي بلد آخر من‬ ‫البلدان العربية واإلسالمية التي تلعب دوراً‬ ‫إيجابياً الحتواء التوتر يف لبنان حنى ال يسمح‬ ‫لإلرسائيليني وحلفائهم يف لبنان بإثارة الفنت‪،‬‬ ‫من خالل التمسك ببعض الحجج والذرائع يف‬ ‫الساحة اللبنانية‪ ،‬من هنا نتصور أنه قريباً‬ ‫سنشهد أثاراً إيجابية لهذه االتصاالت التي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫نريد االنفتاح عىل الجميع وأن نكون‬ ‫عىل مسافة واحدة من الجميع‪ ،‬إال‬ ‫الجانب الصهيوين‬ ‫ال يوجد أي مانع أو عائق لزيارة الرئيس‬ ‫الجم ّيل خاصة أن إيران تؤ ّكد دوماً عىل‬ ‫وحدة الجميع‬ ‫ستنعكس إيجاباً عىل الساحة اللبنانية بشكل‬ ‫خاص وعىل منطقة الرشق األوسط بشكل عام‪.‬‬ ‫يرم الرئيس نجاد حجراً باتجاه األرايض‬ ‫ملاذا مل ِ‬ ‫الفلسطينية املحتلة‪ ،‬كام ُذكر؟‬ ‫ألنه مل يكن مقرراً أن يقوم بذلك‪ ،‬ولكن‬ ‫برأيي هو رمى بالعديد من الحجارة عىل الكيان‬ ‫الصهيوين ولكن بأسلوب مختلف‪ ،‬وشعب لبنان‬ ‫وكل شعوب املنطقة رأوا كيف نزل الرئيس نجاد‬ ‫من الطائرة وبني الناس دون أن يقلق أو يخاف عىل‬ ‫نفسه‪ ،‬وذلك ألننا أمام األمة وقضيتها ال نريد أي‬ ‫شيئ سوى الخري لهذا البلد‪ ،‬وعدم االلتزام بأي‬ ‫شيئ أمني‪ ،‬كان قد قدّم نفسه ألنه يؤمن بهذه‬ ‫القضية وطاملا األمر هكذا أي إنسان يكون جاهزاً‬ ‫ليقدم نفسه‪ ،‬يدل عىل مدى اإلخالص يف النية‬ ‫يف تنفيذ األمور التي تتوافق مع مواقف ومبادئ‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪.‬‬ ‫كيف تصفون زيارة الرئيس الجميل‬ ‫لسعادتكم‪ ،‬وهو الذي مل يو ّفر زيارة الرئيس‬ ‫نجاد باالنتقاد والهجوم عليها؟‬ ‫كام تعرفون منذ أكرث من ‪ 4‬أشهر وصلت‬ ‫اىل لبنان وأعلنت هذا املوقف لحظة الوصول يف‬ ‫مطار الرئيس رفيق الحريري يف بريوت بأننا نريد‬ ‫االنفتاح عىل الجميع وأن نكون عىل مسافة واحدة‬ ‫من الجميع‪ ،‬إال الجانب الصهيوين والسياسات‬

‫‪12‬‬

‫الصهيونية املسيطرة عىل اإلدارة األمريكية‪،‬‬ ‫هذا املوقف ينطبق ‪ %100‬عىل املبدأ‪ ،‬ففي‬ ‫هذا اإلطار ال يوجد أي مانع أو عائق لزيارة‬ ‫الرئيس الجم ّيل خاصة أن إيران تؤ ّكد دوماً‬ ‫عىل وحدة الجميع‪ ،‬ملواجهة الغاصب واملحتل‬ ‫ويف هذا اإلطار تحدثنا مع مجموعات‬ ‫كثرية يف لبنان بغض النظر عن بياناتهم‬ ‫ومذاهبهم وانتامءاتهم السياسية‪ ،‬املهم‬ ‫أن صاحب الحق يجب أن يدام مسل ًام كان‬ ‫أم مسيحياً أم شيعياً أم سنياً أم درزياً أم‬ ‫علوياً‪ ،‬هذا هو موقف الجمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية من كل األطراف‪ ،‬وهو مبدأ من‬ ‫املبادئ األساسية ويف دستور الجمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬ويف هذا اإلطار كنا‬ ‫عىل اتصال مع القوات اللبنانية أيضاً وهم‬ ‫أيضاً تحدثوا عن وجود أشياء مشرتكة فيام‬ ‫بيننا وبينهم خاصة فيام يتع ّلق مبواجهة‬ ‫الصهيونية والكيان اإلرسئييل‪ ،‬وطاملا هذا‬ ‫املوضوع هو قاسم مشرتك ويؤ ّكدون عليه‪،‬‬ ‫سيكون التواصل قامئاً‪ ،‬لذلك نحن رحبنا‬ ‫يف هذه املبادرة لوضع الحجر األساس يف‬ ‫العالقات بني الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫والرئيس أمني الجم ّيل‪.‬‬ ‫ونحن يف الختام نؤ ّكد دوماً عىل أن إيران‬ ‫ال تريد شيئاً إليران ألن الدستور اإليراين‬ ‫الذي ص ّوت عليه ‪ %98‬من الشعب اإليراين‬ ‫الذي يؤ ّكد عىل رضورة إحقاق حقوق‬ ‫الشعوب ودعم القضايا العادلة بغض‬ ‫النظر عن مذهب األشخاص وانتامءاتهم‬ ‫مصلحة‬ ‫عىل‬ ‫والتأكيد‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫أصحاب الحق وتقديم ما يتوفر لدينا من إمكانيات‬ ‫وقدرات مع كافة األشقاء واألصدقاء يف العامل‪،‬‬ ‫ونحن يف هذا اإلطار بالعكس ندفع مثناً‪ ،‬ألن إيران‬ ‫بلد غني بالنفط والغاز بحيث تحتل إيران املرتبة‬ ‫الثانية عاملياً يف مجال النفط والغاز واملرتبة‬ ‫األوىل إقليمياً يف مجال التكنولوجيا والطاقة‬ ‫النووية‪ ،‬أضف اىل العلم وتصنيع الصواريخ وغري‬ ‫ذلك‪ ،‬فنحن بالعكس ندفع مثن مواقفنا الصادقة‬ ‫وثوابتنا يف مواجهة العدو الصهيوين الغاصب‪،‬‬ ‫ولكن ذلك مل يؤثر سلباً عىل إيران بل كان‬ ‫إيجابياً بالنسبة لها‪ ،‬بالرغم من إصدار قرار فرض‬ ‫العقوبات األمريكية عىل إيران‪ ،‬ألننا وصلنا اىل‬ ‫االكتفاء الذايت يف كثري من املجاالت‪ ،‬وكلها كانت‬ ‫بركة للجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬من هنا‬ ‫نؤ ّكد مرة أخرى عىل أنه انطالقاً من هذه املبادئ‬ ‫نحن نقف اىل جانب لبنان وال نريد إال عزة لبنان‪،‬‬ ‫واستقالالً كام ًال له حتى يقف يف وجه الجميع‬ ‫وبرأس مرفوع ليقول ال نستقبل أي مصالحة‬ ‫مرشوطة‪ ،‬لذلك نحن نتعاطى مع البلدان يف‬ ‫املنطقة عىل هذا األساس وهو الشيئ الذي‬ ‫أ ّكدنا عليه بأننا مستعدون ألي نوع من املصالحة‬ ‫ويف أي مجال دون أي رشوط‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫الهيئة اإليرانية إلعادة‬ ‫إعمار لبنان إنجازات وأرقام‬ ‫ينتظر لبنان من زيارة الرئيس اإليراين‬ ‫محمود أحمدي نجاد‪ ،‬أن تنعكس إيجاباً‬ ‫عىل الحراك االقتصادي والتجاري بني‬ ‫البلدين‪ ،‬آمال بأن يصار إىل إزالة املعوقات‬ ‫املسببة لضعف التبادل وتواضعه‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن “لبنان مستعد‬ ‫العالقات‬ ‫وتحسني‬ ‫وتعزيز‬ ‫لتطوير‬ ‫االقتصادية عىل الصعد كافة‪ ،‬مبا فيها‬ ‫خدمة البلدين”‪ ،‬إال أن تعزيز العالقات‬ ‫وتحسينها‪ ،‬يرتتب عليه مسؤوليات‬ ‫من قبل الجانبني‪ ،‬وبذل مجهود إضايف‬ ‫لتسويق ما ميكنه أن يعكس ارتياحاً‬ ‫يشمل األطراف كافة‪.‬‬ ‫ال شك بأن لبنان يناضل للحفاظ عىل اقتصاده‪ ،‬رغم التوترات‬ ‫واألزمات التي مير بها‪ ،‬ويسعى لخلق مناخ مالئم لجذب املستثمر اللبناين‬ ‫والعريب‪ ،‬واليوم اإليراين‪ ،‬بالرغم من أن إيران مل ترتك يوماً لبنان فهي‬ ‫قدمت له العديد من املساعدات خاصة فيام يتعلق بإعادة إعامر ما‬ ‫د ّمرته آلة الحرب اإلرسائيلية يف متوز ‪ ،2006‬خالل عدوانها عىل لبنان‪،‬‬ ‫يف كافة املناطق اللبنانية قامت بها الهيئة اإليرانية إلعادة إعامر‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫مشاريع إمنائية يف مختلف املجاالت تصدت لها الهيئة اإليرانية إلعادة‬ ‫اإلعامر يف قرى ومدن محافظة النبطية ومنطقة الزهراين‪ ،‬وظهرت بصامتها‬ ‫يف إعادة إعامر الجسور والعبارات وشق الطرقات الرئيسة والفرعية وإقامة‬ ‫جدران الدعم والجدران التجميلية إضافة إىل اقامة بعض املرافق االقتصادية‬ ‫كموقف الباصات يف مدينة النبطية وإعادة تأهيل األحياء وإنشاء الحدائق‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫وفيام يدخل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية يف نطاق عمل الهيئة‪،‬‬ ‫اال ان الورش يف الجنوب والبقاع ال تزال قامئة عىل قدم وساق‪ ،‬نظراً لضخامة‬ ‫عدد القرى املترضرة‪ .‬يف الضاحية أهّ لت بلدية طهران تحت ارشاف الهيئة‪،‬‬ ‫ستة جسور للمشاة عىل طريق املطار‪ ،‬اضافة اىل طرقاتها الداخلية‪،‬‬ ‫بحسب مصدر يف الهيئة‪.‬‬ ‫وأنجزت الهيئة اإليرانية حتى اليوم ستمئة طريق يف لبنان‪( ،‬إما داخلية او‬ ‫تربط القرى ببعضها)‪ ،‬ومبساحة اجاملية متتد عىل ‪ 330‬كيلومرتاً‪.‬‬ ‫يف البقاع وحده انجزت الهيئة ‪ 92‬طريقاً فرعياً‪ ،‬وبدأت العمل يف ‪ 14‬طريقاً‬ ‫اخرى‪ ،‬ومبساحة اجاملية تبلغ ‪ 45‬كيلومرتاً‪ ،‬اغلبها يف مدينة بعلبك‪ .‬كام‬ ‫انجزت جرسي العايص الرئييس والفرعي‪ .‬وبارشت العمل يف طريق بعلبك‬ ‫ـ التوفيقية (‪ 25‬كيلومرتاً)‪ ،‬بكلفة ‪ 25‬مليون دوالر‪ ،‬بناء عىل مذكرة تفاهم‬ ‫مع «مجلس االمناء واالعامر»‪ .‬وطريق بعلبك ـ بوداي (‪12‬كلم)‪ ،‬باالتفاق مع‬ ‫اربع بلديات‪ ،‬وكلفته حواىل مليون ونصف مليون دوالر‪ ،‬عىل أن تتم املبارشة‬ ‫باشغال طريق كسارة ـ تالل زحلة‪ ،‬بعد عيد الفطر‪ ،‬وذلك مبوجب مذكرة‬ ‫موقعة مع بلدية زحلة‪.‬‬ ‫اما يف الجنوب فقد تم تأهيل طرقات حواىل سبعني بلدة من اصل اكرث‬ ‫من ‪ 110‬بلدات تقع جنويب النهر‪ ،‬إىل جانب طرقات عدد من البلدات شامله‪.‬‬ ‫كام انجزت سبعة جسور هي‪ :‬جرس ابو االسود (النبطية)‪ ،‬جرس العدوسية‬ ‫(النبطية)‪ ،‬جرس الرصفند‪ ،‬جرس السكسكية‪ ،‬جرس البابلية‪ ،‬جرس‬

‫انصارية‪ ،‬جرس انصارية (دار تقلة)‪ ،‬فيام‬ ‫اصبح تأهيل جرس خيزران يف مرحلته‬ ‫النهائية‪ ،‬وال يزال جرسا الوادي االخرض‬ ‫والشقعة قيد االنجاز‪.‬‬ ‫غري أن هناك مشاريع اخرى يف الجنوب‬ ‫والبقاع تنتظر البت الرسمي بها‪ .‬ومثة‬ ‫صعوبات تواجه احياناً اقرار املشاريع‬ ‫والتنفيذ عىل حد سواء‪.‬‬ ‫كام قامت الهيئة بتأهيل الطرقات‪،‬‬ ‫أهمها طريق كفررمان مشغرة والبالغ‬ ‫طولها حوايل ‪ 41‬كيلو مرتاً وطريق‬ ‫النبطية شوكني باتجاه الغندورية بطول‬ ‫‪ 10‬كيلومرت‪.‬‬ ‫أما عىل صعيد التقدميات فقد جرى توزيع جرافات صغرية “بوبكت” عىل‬ ‫البلديات‪ ،‬وجرارات زراعية عىل املزارعني والجمعيات الزراعية وسيارات شحن‬ ‫صغرية (بيك أب) عىل املؤسسات الزراعية والبلديات‪.‬‬ ‫وقامت الهيئة بإعادة تأهيل مدخل حي الرساي الشاميل يف مدينة‬ ‫النبطية وترميم البنى التحتية واألرصفة وجدران دعم وواجهات محالت‬ ‫ورصف الطريق بالحجر األسود ‪.‬‬ ‫كام قامت الهيئة بإنشاء موقف للفانات يف النبطية‪ ،‬وحديقة عامة يف‬ ‫منطقة الرويس إضافة إىل تأهيل منطقة الجامعات يف املدينة‪.‬‬ ‫ترميم دور العبادة ملختلف الطوائف‪ ،‬حيث اعادت بناء ثالثة منها بناءا‬ ‫كامال‪ ،‬ورممت خمس وثالثني‪ ،‬كام قامت الهيئة باصالح وترميم وتحسني‬ ‫أربعني مدرسة توزعت بني بعلبك والهرمل‪ .‬وكانت أكرث املدارس ترضراً‬ ‫مدرسة املهدي يف بعلبك‪.‬‬ ‫أما يف موضوع املستشفيات فقد فأعادت الهيئة ترميم مستشفى‬ ‫دار الحكمة الذي أصيب بأرضار كبرية جراء انزال للكومندوس فيه وكذلك‬ ‫ترميم مستشفى الريان واملستشفى الحكومي يف بعلبك ‪.‬‬ ‫إضافة اىل تجهيز ‪ 141‬مركزاً تربوياً بشكل كامل‪ 73 ،‬مكاناً للعبادة‬ ‫بني كنيسة ومجسد وحسينية‪ 19 ،‬مركزاً صحياً بني مستشفيات‬ ‫ومستوصفات كبرية‪ 14 ،‬جرساً رئيسياً‪ 341 ،‬جرساً فرعياً‪ 300 ،‬كلم من‬ ‫الطرق الرئيسية‪ 384 ،‬كلم من الطرق الفرعية‪ 110 ،‬مشاريع متعلقة‬ ‫بتأمني الكهرباء‪ 380 ،‬مرشوعاً لخدمة البلديات‪ 88 ،‬مرشوعاً للبنى التحتية‪،‬‬ ‫‪ 151‬مرشوعاً تجميلياً‪ 60 ،‬آلية مختلفة تم رشاءها لخدمة املشاريع‪ 43،‬ملعباً‬ ‫رياضياً‪ 35 ،‬مكتبة عامة‪ ،‬وعرشات املشاريع األخرى‪.‬‬

‫مشاريع عىل الئحة االنتظار‬

‫يف موازاة الورش القامئة‪ ،‬هناك طرقات اخرى قيد الدراسة يف الجنوب‬ ‫والبقاع وهي‪:‬‬ ‫بعلبك ـ الطيبة‪ ،‬حنية ـ صديقني‪ ،‬بياضة ـ يارين‪ ،‬الناقورة ـ بنت جبيل‬ ‫ـ مرجعيون‪ ،‬بالط ـ برغز ـ مشغرة‪ ،‬النبطية ـ عربصاليم ـ جباع‪ ،‬الدوير ـ‬ ‫الرشقية ـ البابلية ـ خط الساحل‪ ،‬ومليخ ـ اللويزة‪ .‬اضافة اىل قسمني من‬ ‫مرشوع طريق بعلبك ـ القاع وهام‪ :‬التوفيقية ـ رأس بعلبك‪ ،‬ورأس بعلبك‬ ‫ـ القاع‪ ،‬اللتان يعيق تنفيذهام وجود استمالكات‪ ،‬عل ًام بأن العمل بدأ يف‬ ‫القسم الثالث املتعلق باوتوسرتاد بعلبك ـ التوفيقية‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫مقابلة‬

‫الغالف‬

‫محمود أحمدي نجاد‪ :‬رئاسة الجمهورية لم تغ ّيره‬ ‫محمود أحمدي ِن َجاد سادس رؤساء إيران‪ ،‬مهندس‬ ‫الرشق الجديد من الخليج إىل املتوسط العريب الذي‬ ‫تتعايش فيه الديانات الساموية وتسقط عىل‬ ‫ضفافه أحالم الصهيونية بإغتصاب أرض فلسطني‪،‬‬ ‫هي بحد ذاتها اإلسرتاتيجية اإليرانية يف بعدها‬ ‫الدويل‪ ،‬فأحمدي نجاد هو قبل ّ‬ ‫كل يشء اإلبن البار‬ ‫للثورة اإلسالمية وتقاليدها‪ ،‬شارك يف احتالل مقر‬ ‫السفارة األمريكية يف طهران وانضم إىل الحرس‬ ‫الثوري إبان اندالع الحرب اإليرانية العراقية‪ .‬أمىض ‪8‬‬ ‫أعوام يف أذربيجان وأردبيل ذي الغالبية الرتكية حيث‬ ‫تعلم اللغة الرتكية”‪ .‬هو الرئيس السادس يف ظل‬ ‫الثورة االسالمية والرئيس النووي الذي وبعد شهرين‬ ‫من انتخابه رئيساً يف ‪ 25‬حزيران ‪ ،2005‬استأنفت‬ ‫إيران نشاطاتها النووية يف منشأة أصفهان لتحويل‬ ‫اليورانيوم بعد أن علقتها منذ العام ‪ ،2004‬لتبدأ‬

‫تخصيب اليورانيوم رسمياً يف شباط ‪ ،2006‬مستفزاً‬ ‫الدول العظمى بالقيادة األمريكية التي واجهته عرب‬ ‫مجلس األمن الدويل الذي تهيمن عليه فأصدر قراراً‬ ‫يفرض مبوجبه عقوبات عىل إيران لرفضها تعليق‬ ‫نشاطاتها النووية‪ .‬وشهد عهده زيارة الرئيس الرويس‬ ‫السابق فالدميري بوتني لطهران وهي األوىل لزعيم‬ ‫للكرملني منذ عام ‪ .1943‬كام قام الرئيس نجاد بزيارة‬ ‫دولة اىل روسيا بعد يوم واحد من إعادة انتخابه رئيساً‬ ‫يف ظل “انتفاضة خرضاء” يف الداخل بتمويل غريب‪.‬‬ ‫أستاذ جامعي وسيايس إيراين‪ ،‬أصبح عمد ًة‬ ‫لبلدية طهران‪ ،‬ثم رئيساً لجمهورية إيران اإلسالمية‬ ‫منذ ‪ 3‬آب ‪ 2005‬بعد تغلبه عىل منافسه هاشمي‬ ‫رفسنجاين يف الدور الثاين من االنتخابات الرئاسية‪،‬‬ ‫وأعيد انتخابه يف ‪ 12‬حزيران ‪ 2009‬عىل منافسه مري‬ ‫حسني موسوي مام سبب يف أعامل عنف بني املدنيني‬ ‫ورجال الباسيج‪ .‬كام يعترب نجاد من افقر رؤساء‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫انتقل أحمدي نجاد من أستاذ جامعي ينتمي لطبقة‬ ‫فقرية إىل مكتب تعزيز الوحدة بعد الثورة اإلسالمية‪،‬‬ ‫ثم عُني حاكم إقليم وع ّينه مجلس بلدية طهران‬ ‫رئيساً للبلدية يف عام ‪ ،2003‬وكان ذلك انعطافاً‬ ‫نحو التيار الديني املتشدد‪ .‬كانت حملته االنتخابية‬ ‫الرئاسية عام ‪ ،2005‬بدعم من تحالف بناة إيران‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ووعد بأن أموال النفط ستكون للفقراء‪،‬‬ ‫ورفع شعار “هذا ممكن‪ ،‬ونحن نستطيع أن نفعل ذلك”‪.‬‬ ‫أصبح رئيساً بعد حصوله عىل ‪ %62‬من األصوات‬ ‫االنتخابية النافذة قي الثالث من آب ‪.2005‬‬ ‫هاجم أحمدي نجاد خرباء االقتصاد بالحكومة‬ ‫وتجاهل نصائحهم االقتصادية‪ .‬وعىل الرغم من أن‬ ‫عوائد النفط كانت قياسية‪ ،‬إال أن العجز يف امليزانية‬ ‫وصل أيضاً عىل مستوى قيايس‪ .‬تفاقمت مشاكل‬ ‫التضخم والبطالة وتكاليف السكن‪ .‬لقد تم ترشيد‬ ‫استخدام البنزين‪ ،‬ووفر السلع األساسية بأسعار‬ ‫مدعمة وخفض معدالت الفائدة‪ .‬رفض الربملان‬

‫ولد محمود أحمدي نجاد يف قرية أرادان بالقرب من جارمسار‪ ،‬هو الرابع من بني سبعة أطفال‬ ‫لوالد يعمل حداداً وبقاالً وحالقاً‪ .‬وقد غري األب اسمه من سابورجان عندما انتقلت العائلة إىل‬ ‫طهران‪ ،‬يف عام ‪ ،1976‬اجتاز محمود أحمدي نجاد مسابقات القبول يف الجامعات اإليرانية الوطنية‪.‬‬ ‫وقيل أنه حاز عىل املرتبة الـ ‪ 132‬من بني ‪ 400،000‬مشارك يف تلك السنة‪ ،‬ورسعان ما التحق‬ ‫بجامعة العلوم والتكنولوجيا اإليرانية كطالب بكلية الهندسة املدنية‪ .‬حصل عىل دكتوراه يف‬ ‫هندسة النقل والتخطيط من جامعة طهران للعلوم والتكنولوجيا يف عام ‪.1997‬‬ ‫أحمدي نجاد “رجل بسيط” يحيا حياة “متواضعة”‪ .‬وبعدما أصبح رئيساً‪ ،‬أراد االستمرار يف‬ ‫العيش يف منزل األرسة املتواضع يف طهران‪ ،‬إال أن مستشاريه األمنيني أجربوه عىل الرحيل‪ .‬طوى‬ ‫أحمدي نجاد السجادة الفارسية العتيقة املوجودة بقرص الرئاسة‪ ،‬وبعث بها إىل متحف السجاد‪،‬‬ ‫واستخدم بدالً منها سجاداً ذا تكلفة منخفضة‪ .‬ويقال أنه رفض مقعد كبار الشخصيات بطائرة‬ ‫الرئاسة‪ ،‬وأحياناً ما كان يستبدلها بطائرة شحن بدالً من ذلك‪ .‬أيضاً عند حصوله عىل رئاسة‬ ‫إيران‪ ،‬عقد أحمدي نجاد أول اجتامع لحكومته يف رضيح اإلمام الرضا يف مشهد‪ ،‬وهو عمل ينظر‬ ‫إليه عىل أنه “متدين”‪.‬‬ ‫أحمدي نجاد متزوج وله ابنان وابنة‪ .‬واحد من أبنائه كان يدرس يف السابق يف جامعة أمري قابري‬ ‫للتكنولوجيا (تكنولوجيا طهران)‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪14‬‬

‫عبد الرحيم مراد‪ :‬المحكمة الدولية‬ ‫أُنشئت لتطال سوريا ورأس المقاومة‬ ‫أدىن شك لدى املتابعني‬ ‫الداخلية يف لبنان أن‬ ‫حول املحكمة الدولية‬ ‫يحمل يف طياته كل ما‬ ‫سياسية وحتى أمنية يف‬

‫خطته ملساعدة الشباب قي الحصول عىل فرص عمل‪،‬‬ ‫وتحمل تكاليف الزواج‪ ،‬ورشاء مساكنهم من العائد‬ ‫املادي من النفط‪ ،‬لكنه أرص عىل أنه يجب أن ينفذ‬ ‫هذا عىل أية حال‪.‬‬ ‫مع دعم املرشد األعىل للثورة عيل خامنئي‬ ‫إلعادة انتخاب أحمدي نجاد‪ ،‬حظيت حملة االنتخابات‬ ‫الرئاسية عام ‪ 2009‬باهتامم شعبي ومناقشات‬ ‫قوية مل يسبق لها مثيل أكرث من ‪ ٪ 62‬من األصوات‬ ‫االنتخابية كانت ألحمدي نجاد‪.‬‬ ‫كان أحمدي نجاد معارضاً للواليات املتحدة‬ ‫و”إرسائيل”‪ ،‬لكنه عزز العالقات بني إيران وروسيا‪،‬‬ ‫وفنزويال‪ ،‬وسوريا‪ ،‬ودول الخليج العريب‪ .‬خالل فرتة‬ ‫واليته‪ ،‬كانت إيران أيضاً واحدة من أكرب مانحي املعونة‬ ‫إىل أفغانستان‪.‬‬ ‫أكد أحمدي نجاد مراراً أن الربنامج النووي اإليراين‬ ‫معد لألغراض السلمية (لتوليد الكهرباء)‪ ،‬وليس‬ ‫لتطوير األسلحة النووية‪ .‬وتحت قيادته‪ ،‬رفضت إيران‬ ‫نداءات مجلس األمن الدويل إلنهاء تخصيب اليورانيوم‬ ‫داخل إيران‪ .‬أعلن أحمدي نجاد أن العقوبات الغربية‬ ‫إليران بسبب تخصيب اليورانيوم “غري قانونية” وقال‬ ‫أن إيران ستواصل التزامها بتمكني الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية من مراقبة برنامجها النووي‪ ،‬عىل‬ ‫الرغم من أن إيران مل تفعل ذلك‪.‬‬ ‫ُيعرف أحمدي نجاد بتعليقاته املعادية للواليات‬ ‫املتحدة و”إرسائيل” وبسبب ذلك فهو دامئاً عرضة‬ ‫لإلنتقاد من جهات عديدة‪ .‬دعى أحمدي نجاد إىل حل‬ ‫دولة “إرسائيل”‪ .‬ودعى أيضاً إىل إجراء انتخابات حرة يف‬ ‫املنطقة‪ .‬وأعرب عن اعتقاده بأن الشعب الفلسطيني‬ ‫بحاجة إىل صوت قوي يف املنطقة مستقب ًال‪.‬‬ ‫دعى أحمدي نجاد يف واحد من أكرث الترصيحات‬ ‫املثرية للجدل‪ ،‬وفقاً لرتجمة إذاعة جمهورية إيران‬ ‫اإلسالمية األوىل‪ ،‬إىل “محو املستعمر من الخريطة”‪.‬‬ ‫عىل الرغم من أن الرتجمة التحريرية والشفوية‬ ‫عليها خالف‪.‬‬ ‫اعتربت مجلة تايم أحمدي نجاد من بني املئة‬ ‫شخصية األكرث تأثرياً يف العامل لعام ‪.2006‬‬

‫مل يعد هناك‬ ‫لتطورات األزمة‬ ‫الرصاع العنيف‬ ‫دخل الفصل الذي‬ ‫أثري عن مخاوف‬ ‫األشهر األخرية‪.‬‬ ‫ومع أن أوساطاً عديدة‪ ،‬ال تزال تستبعد‬ ‫حصول انفجار أمني‪ ،‬فإن ذلك ال يخفي يف‬ ‫املقابل الخطورة التي بدأ يرسمها تطور‬ ‫الرصاع السيايس من داخل املؤسسات‬ ‫الدستورية ويف خارجها والذي اتخذ يف‬ ‫األيام االخرية منحى جدياً للغاية من شأنه‬ ‫أن يضع مصري “حكومة الوحدة الوطنية”‬ ‫فع ًال يف مهب كل االحتامالت املفتوحة‪.‬‬ ‫وبدا املناخ غداة الجلسة أشبه باقرتاب‬ ‫العد العكيس من نهايته لوضع الحكومة‬ ‫هم أمريكا وفرنسا الحفاظ عىل أمن “إرسائيل”‬ ‫وقواها أمام خيار من اثنني ال ثالث لهام‪:‬‬ ‫إما إسقاط التمويل بالرضبة القاضية‬ ‫هي التداعيات املحتملة؟‬ ‫مع كل ما يرتبه من مسؤولية خطرية حيال‬ ‫يف املبدأ‪ ،‬منذ ظهور القرار ‪ 1559‬املشؤوم‪،‬‬ ‫املحكمة واملجتمع الدويل واألمم املتحدة ومجمل‬ ‫كان من الواضح وجود مخطط يستهدف لبنان‬ ‫الواقع السيايس اللبناين‪ ،‬وإما اجرتاح تسوية‬ ‫واملنطقة وسوريا‪ ،‬تال ذلك اغتيال الرئيس رفيق‬ ‫ما تبدو شبه مستحيلة أمام وصول الرصاع اىل‬ ‫الحريري‪ ،‬وإنشاء محكمة دولية خاصة بلبنان‬ ‫مرحلة تنعدم معها أفق التسويات‪.‬‬ ‫عىل وجه الرسعة التي كان مخططاً ومحضرّ اً‬ ‫الجمهورية‬ ‫رئيس‬ ‫زيارة‬ ‫وسط هذا املناخ‪ ،‬جاءت‬ ‫لها سلفاً‪ ،‬وذلك لرتجمة األهداف املتعلقة‬ ‫اإلسالمية اإليرانية محمود أحمدي نجاد اىل لبنان‬ ‫باستهداف املنطقة التي ال تزال مامنعة حتى اآلن‪،‬‬ ‫لتس ّكن الوضع الداخيل املتأزم ومنح بصيص‬ ‫أمل للبنانيني بتحسني الوضع االقتصادي من سواء كان املوقف السوري املامنع أو املقاومة‬ ‫خالل االتفاقيات الـ ‪ 16‬التي ّمتت بني البلدين‪ ،‬التي التزال تعمل عىل تحرير األرض دون أن تأخذ‬ ‫ولكن بعد انتهاء زيارة الرئيس نجاد عاد الوضع اىل يف اعتبارها القرارات الدولية‪ ،‬ما أدى اىل طلب‬ ‫ما هو عليه‪ ،‬من فضائح يف وزارة املالية‪ ،‬وانقسام رأسني هامني‪ :‬سوريا بالدرجة األوىل‪ ،‬واملقاومة يف‬ ‫مجلس النواب حول البت يف ملف شهود الزور‪ ،‬الدرجة الثانية‪ .‬وتش ّكلت محكمة دولية لهذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬يف البداية وجهوا االتهامات تجاه سوريا‬ ‫ومتويل املحكمة‪.‬‬ ‫فلتسليط الضوء عىل حقيقة التطورات مستخدمني كل الوسائل واألساليب اإلعالمية‪،‬‬ ‫الجارية يف لبنان واملنطقة بشكل عام‪ ،‬واملواقف واملظاهرات واالعتصامات‪ ،‬وكله بالتنسيق مع‬ ‫وتم رفع الشعارات‬ ‫منها‪ ،‬مبا يحقق الوحدة الوطنية وتحقيق املرشوع األمرييك الصهيوين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫االستقرار يف لبنان وإيجاد الحلول املناسبة‪ ،‬كان املنددة بسوريا وقيادتها‪ ،‬وبانسحاب الجيش‬ ‫لـ «منرب التوحيد» لقاء مع رئيس حزب االتحاد السوري من لبنان‪ ،‬وكل تلك السيناريوهات كانت‬ ‫الوزير والنائب السابق عبد الرحيم مراد يف حوار مجهزة حتى قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪،‬‬ ‫هذا نصه‪:‬‬ ‫ولكن سوريا صمدت‪ ،‬وكان البعض مراهناً عىل‬ ‫من جديد‪ ،‬يحاول أعداء لبنان والعروبة‪ ،‬إثارة ضلوع سوريا بجرمية اغتيال الحريري‪ ،‬حتى أن‬ ‫الفتنة‪ ،‬باختيارهم القرار الظني‪ ،‬واملحكمة الوزيرة بهية الحريري قالت حينها «لن نقول‬ ‫الدولية‪ ،‬بهدف إضعاف لبنان من خالل وداعاً سوريا بل اىل اللقاء»‪ ،‬ألنه كان بذهنها‪،‬‬ ‫إثارة املشاكل والتناقضات الداخلية وصوالً يف متوز القادم ‪ ،2005‬سيكون عبد الحليم خدام‬ ‫الستهداف املقاومة‪ ،‬ما هو مصري القرار الظني؟ واللواء غازي كنعان الحاكمني يف سوريا‪ ،‬ولكن‬ ‫وهل ستفلح الجهود التي تبذل لوأد الفتنة وما تلك السيناريوهات مل تتمكن من إحباط سوريا‬

‫‪15‬‬

‫بل عىل العكس دعم صمودها‪،‬‬ ‫فقويت عزميتها وبرهنت أكرث فأكرث‬ ‫بأنها مامنعة وستقف بوجه املرشوع‬ ‫األمرييك – الصهيوين مهام كانت‬ ‫الضغوط التي سرتزح تحتها‪ ،‬أمام‬ ‫هذه املامنعة كان عليهم التوجه اىل‬ ‫حلفاء سوريا يف لبنان‪ ،‬فاستهدف‬ ‫سياسياً فريق املعارضة من قبل «تيار‬ ‫املستقبل» وحلفائه من قوى الـ ‪14‬‬ ‫من آذار‪ ،‬وبالتايل توجهوا اىل اتهام‬ ‫الضباط األربعة واألخوين عبد العال‬ ‫تم سجنهم ملدة أربع سنوات‬ ‫حيث ّ‬ ‫بتهمة ضلوعهم باغتيال الرئيس‬ ‫الحريري من خالل تضليل التحقيق‪،‬‬ ‫والعبث يف ساحة الجرمية‪ ،‬لكن بعد‬ ‫الفشل الذريع الذي ُمنيوا به‪ ،‬وخروج‬ ‫ثم الضباط‬ ‫األخوين عبد العال ومن ّ‬ ‫توجهوا‬ ‫السجن‪،‬‬ ‫من‬ ‫األربعة‬ ‫باتجاه تحضري قرارات دولية الستهداف املقاومة‬ ‫وبالتحديد «حزب الله»‪ ،‬ومع مرور الزمن اكتشف‬ ‫أمر تسييس املحكمة‪ ،‬وال يظنن أحد بأن الرئاستني‬ ‫األمريكية (بوش وأوباما) والفرنسية (جاك شرياك‬ ‫وساركوزي) مهتامن بكشف من اغتال الرئيس‬ ‫الحريري‪ ،‬ألن همهم الوحيد الحفاظ عىل أهداف‬ ‫املرشوع األمرييك الصهيوين يف املنطقة الذي‬ ‫يتم إ ّال بتحقيق أمن الكيان الصهيوين من‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫خالل القضاء عىل املقاومة‪ ،‬ألنها قهرت العدو‬ ‫الصهيوين ودحرته ملحقة به الهزمية مرتني‬ ‫األوىل أثناء التحرير عام ‪ ،2000‬والثانية يف انتصار‬ ‫متوز ‪ ،2006‬وكذلك األمر بالنسبة لجعجع والرئيس‬ ‫الجميل‪ ،‬من هنا كان تسييس املحكمة بإحكام‪ ،‬ما‬ ‫أدّى اىل انقسام البلد اىل قسمني‪ ،‬األول مازال‬ ‫يخدم املرشوع األمرييك الصهيوين املتمثل بـ‬ ‫«تيار املستقبل» وقوى الـ ‪ 14‬من آذار الذين رحبوا‬ ‫بالقرار الظني وباملحكمة الدولية وقاموا بفربكة‬ ‫شهود الزور‪ ،‬والقسم الثاين املتمثل باملعارضة‬ ‫تم فتح‬ ‫الذي أ ّكد تسييس املحكمة‪ ،‬واستطراداً ّ‬ ‫ملف شهود الزور ما أدى اىل اقرتاب انفجار‬ ‫الفتنة يف لبنان بسبب األجواء املشحونة التي‬ ‫ع ّمت البلد‪ ،‬ما اضطر اىل قيام تحركات واتصاالت‬ ‫عربية وإقليمية لدرء الفتنة عن لبنان‪ ،‬والحفاظ‬ ‫عىل استقراره‪ ،‬و ُتوجت هذه التحركات بزيارة‬ ‫الرئيس بشار األسد وامللك السعودي عبد الله‬ ‫تم انعقاد قمة‬ ‫بن عبد العزيز اىل لبنان حيث ّ‬ ‫ثالثية تحت عنوان االستقرار يف لبنان حيث أجمع‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫مقابلة‬ ‫ثم أتت زيارة رئيس‬ ‫الجميع عىل الحفاظ عليه‪ّ ،‬‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية محمود أحمدي‬ ‫نجاد ليدعم هذا االستقرار‪ ،‬وكل اللقاءات املحلية‬ ‫والعربية واإلقليمية كانت جميعها تتم تحت‬ ‫عنوان االستقرار يف لبنان الذي ينعكس إيجاباً‬ ‫يتم إال‬ ‫عىل االستقرار يف املنطقة‪ ،‬والذي ال‬ ‫ّ‬ ‫برشط إلغاء القرار الظني وبالتايل إلغاء املحكمة‬ ‫الدولية الخاصة بلبنان‪ ،‬ما أدى اىل انقسام حتى‬ ‫داخل مجلس النواب بسبب رفض متويل املحكمة‬ ‫من جهة‪ ،‬وفتح ملف شهود الزور من جهة ثانية‪،‬‬ ‫وسحب القضاة اللبنانيني من املحكمة الدولية‬ ‫ومعاقبة القضاء اللبناين لعدم نزاهته‪ ،‬ومحاكمة‬ ‫شهود الزور ومفربكيهم‪ ،‬وهنا أصبحت الكرة‬ ‫يف ملعب آل الحريري و»تيار املستقبل» وقوى الـ‬ ‫‪ 14‬من آذار‪ ،‬فيام إذا كانوا يريدون االستقرار يف‬ ‫لبنان أم ال‪ ،‬وإذا أرادوا االستقرار فعليهم التخيل‬ ‫عن املحكمة‪ ،‬والدخول يف ملف شهود الزور‪ ،‬ولكن‬ ‫ال محال ألنه كان من الواضح أن هناك ضغطاً‬ ‫تجسد بزيارة جيفري فيلتامن اىل‬ ‫أمريكياً عليهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لبنان‪ ،‬عقب زيارة الرئيس نجاد‪ ،‬واجتامعه بالرئيس‬ ‫سليامن والنائب جنبالط واتصاله بجعجع‪،‬‬ ‫والج ّميل‪ ،‬ما يشري اىل أنه أىت لش ّد أوتار فريق‬ ‫‪ 14‬آذار الذي أصبح عىل حافة االنهيار‪ ،‬ولتأكيد‬ ‫إرصاره عىل استخدام التهويل قبل املحكمة‬ ‫الدولية وصدور القرار الظني‪ ،‬ما جعلنا عىل‬ ‫مفرتق طرق قبل حلول عيد األضحى املبارك‪ ،‬إما‬ ‫تغيري الحكومة‪ ،‬أو العمل عىل إيجاد تسوية ما‪،‬‬ ‫وال أحد حتى اآلن يعرف ما ستؤول إليه األمور‪.‬‬ ‫بشأن شهود الزور‪ ،‬نجد أن هذا امللف هو‬ ‫املدخل إليجاد الحلول‪ ،‬وخاصة إذا نجحت الجهود‬ ‫يف إعطاء أولوية لهذا امللف‪ ،‬هل من تسوية‬ ‫يف األمر إلبطال القرار الظني أو تأجيله وصوالً‬ ‫إللغاء املحكمة الدولية‪ ،‬وهل سيدخل الرئيس‬ ‫الحريري يف تلك التسوية؟‬ ‫إن الرئيس الحريري هو اآلن أمام موقفني‪ ،‬إذا‬ ‫استطاع أن يتح ّمل الضغط األمرييك عليه‪،‬‬ ‫أصبح الضغط السعودي عليه اىل حد ما يف جو‬ ‫املوافقة عىل أن االستقرار يف لبنان له األولوية‬ ‫املطلقة‪ ،‬وبالتايل لبنان اليوم هو أهم من الذين‬ ‫ماتوا‪ ،‬ألن املواطنني مل يعد مبقدورهم التحمل‪،‬‬ ‫فإذا وافق عىل هذا املوضوع وهو “صاحب الدم”‪،‬‬ ‫يكون قد أنقذ البلد من محاولة فتنة سنّية –‬ ‫شيعية‪ ،‬تقسم البلد‪ ،‬أما إذا مل يتم ّكن من تح ّمل‬ ‫هذا الضغط‪ ،‬عليه بالتنحية عن الحكومة‪ ،‬لتتخذ‬ ‫الحكومة املقبلة موقفاً واضحاً من متويل املحكمة‬ ‫وبالتايل من املحكمة بالذات‪ ،‬التي تبينّ أنها‬ ‫مس ّيسة وتخدم املرشوع األمرييك الصهيوين‪.‬‬ ‫حتى هذه اللحظة‪ ،‬مازال الكثريون يراهنون‬ ‫عىل إيجاد حلول مناسبة وتفويت الفرصة‬ ‫عىل الذين يضمرون السوء للبنان‪ ،‬هل تستمر‬ ‫الحكومة أم هناك تغيري ما‪ ،‬وهل األمر مرتبط‬ ‫بالقرار الظني أم بأسباب أخرى اقتصادية‬ ‫ومعيشية؟‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السعودية تضغط عىل الحريري للحفاظ عىل االستقرار‬

‫إن القضية ال تكمن يف تغيري الحكومة من‬ ‫أجل املحكمة الدولية‪ ،‬بل هي يف أنه من العام‬ ‫‪ 2005‬بدأت مرحلة من الفساد السيايس واألمني‬ ‫واالقتصادي واملايل‪ ،‬إذ أن فضيحة الـ ‪ 11‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬تستطيع أن ُتسقط خمس حكومات وليس‬ ‫واحدة فقط‪ ،‬وأن تفتح ملف كافة الوزارات منذ‬ ‫العام ‪ 2005‬عندما استلم الحكم مبارشة الرئيس‬ ‫الحريري بعد التحريض املذهبي‪ ،‬فكل ما ُبني منذ‬ ‫العام ‪ 2005‬حتى اآلن باطل‪ :‬االنتخابات النيابية‬ ‫يف العام ‪ 2005‬باطلة وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫لالنتخابات النيابية لعام ‪ 2009‬ألنها قامت عىل‬ ‫التحريض والرشوة وعىل الشعارات املذهبية‪،‬‬ ‫كذلك كافة الوزارات التي ُش ّكلت هي أيضاً‬ ‫باطلة‪ ،‬بد ًءا بوزارة الرئيس السنيورة مروراً بوزارة‬ ‫الرئيس ميقايت ووصوالً اىل وزارة الرئيس سعد‬ ‫الحريري‪ ،‬وإذا أضفنا اىل هذه الوزارة وما سبقها من‬ ‫وزارات نجد أن كل املآيس االجتامعية واالقتصادية‬ ‫والفساد التي مير بها لبنان نجد أنها كلها نشأت‬ ‫عىل تناقضات‪ ،‬فتجربة الحكومة كانت فاسدة‬ ‫ومن املفروض أن تتغيرّ بغض النظر عن املحكمة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫كيف تقرأون زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد‬ ‫اىل لبنان‪ ،‬أهمية هذه الزيارة وتوقيتها ودالالتها‬ ‫ونتائجها‪ ،‬وهل ميكن ربطها بالتحديات التي‬ ‫تواجه لبنان وخاصة أن إيران حريصة عىل بقاء‬ ‫لبنان حصيناً مبقاومته وسلمه األهيل‪ ،‬وهل‬ ‫ُطرح موضوع تسليح الجيش؟‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬منذ قيام الثورة‬ ‫كان لنا الرشف للقاء اإلمام الخميني لتهنئته‬ ‫بانتصار الثورة‪ ،‬وكان الفخر الكبري بهذه الجمهورية‬ ‫يوم أقفلت سفارة العدو الصهيوين واستبدلتها‬ ‫بسفارة دولة فلسطني‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت بقيت‬ ‫الثورة اإلسالمية اإليرانية اىل جانب لبنان بشكل‬ ‫دائم لتدعم لبنان‪ ،‬وترجم هذا الدعم بصمود‬ ‫املقاومة‪ ،‬و ُت ّوج بزيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد‬ ‫اىل لبنان التي أتت تحت عنوانني‪:‬‬

‫‪16‬‬

‫األول رسمي عرب لقاء الرئيس نجاد بالرئيس‬ ‫سليامن وبكافة األطراف والفرقاء السياسيني يف‬ ‫قرص بعبدا‪ ،‬والثاين يف ملعب الراية يف وقوفه‬ ‫ودعمه للقوى الوطنية بشكل عام وللمقاومة‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬وكان أهم ما يف الزيارة هو اإلعالن‪،‬‬ ‫الذي أعلنه قبله الرئيس بشار األسد منذ أكرث من‬ ‫سنة‪ ،‬عن قيام نظام عريب جديد يف املنطقة عىل‬ ‫أنقاض النظام األمرييك الصهيوين‪ ،‬يكون قامئاً‬ ‫عىل عالقة إيرانية – سورية – تركية – عراقية –‬ ‫ومقاومة لبنانية – ومقاومة فلسطينية‪ ،‬ما قد‬ ‫يعطي معطيات جديدة وج ّواً جديداً يف املنطقة‬ ‫س ُيحسب له ألف حساب عربياً وإقليمياً ودولياً‪،‬‬ ‫ومن سيبقى بعيداً عنه سيدفع الثمن غالياً‪ ،‬ورمبا‬ ‫السعودية من هذا املنطلق تحسب مئة حساب‬ ‫بأن ال تكون بعيدة عن هذا الحلف وهذا ما تقوم‬ ‫به من خالل العالقات الطيبة مع أطراف هذا‬ ‫الحلف‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة ملرص التي كانت‬ ‫قد وضعت الفيتو يف عالقتها بإيران أدركت عدم‬ ‫متكنها من االستمرار إذا ما بقيت بعيدة عن هذا‬ ‫الحلف‪ ،‬ما جعلها ُتقدم عىل شبه عالقة معه‪،‬‬ ‫من هنا جاءت أهمية هذه الزيارة‪ ،‬وكان سابقاً‬ ‫رصح الوزير الخارجية اإليرانية والرئيس نجاد‬ ‫قد ّ‬ ‫والسفري اإليراين يف لبنان ركن أبادي بأنهم عىل‬ ‫استعداد لدعم الجيش اللبناين‪ ،‬ودعم وتحسني‬ ‫قطاعات الطافة والصحة والزراعة واالتصاالت‬ ‫وحتى التنقيب عن النفط يف لبنان‪ ،‬ودعم أي‬ ‫قضية من القضايا التي يحتاج فيها لبنان اىل‬ ‫دعم إيران‪ .‬ولكن لألسف الشديد عندما كنت يف‬ ‫تم البحث يف متويل الجيش بالعتاد‪،‬‬ ‫وزارة الدفاع ّ‬ ‫ولكن لألسف مل يسمح حتى اآلن أمريكياً مبد‬ ‫الجيش اللبناين بالعتاد من قبل إيران‪.‬‬ ‫كيف تقرأ زيارة الرئيس أمني الجميل اىل‬ ‫السفري اإليراين يف لبنان غضنفر أبادي؟‬ ‫يف فرتة من الفرتات كان الرئيس الجميل‬ ‫يطلب من السفارة اإليرانية ضامنة أمنية وهي‬ ‫كانت ترص عىل أن هذا األمر ليس بيدها‪ ،‬وهو عىل‬ ‫علم بأن املرشوع األمرييك الصهيوين اىل أفول‪،‬‬ ‫وبالتايل صفحته ستُطوى فهو يبحث عن البديل‬ ‫عنه يف هذا التحالف الجديد‪ ،‬وكام نعرف بأنه‬ ‫قبل نهاية عهده بيوم واحد قام بزيارة اىل سوريا‬ ‫فهو مازال عىل ذات األسلوب يحاول أن يجد له‬ ‫مكاناً يف هذا الحلف الجديد‪.‬‬ ‫وقوف سوريا اىل جانب لبنان ومقاومته هو‬ ‫ضامنة لتحقيق االستقرار‪ ،‬اىل أين وصلت‬ ‫العالقات السورية – اللبنانية من الناحية‬ ‫الرسمية؟‬ ‫الرئيس الحريري عندما ُفتحت له أبواب سوريا‬ ‫كان عىل درجة عالية من املصداقية والرضا‪،‬‬ ‫وينسق مع فريقه‬ ‫ولكن عندما يعود اىل لبنان‬ ‫ّ‬ ‫يقوم بالعكس‪ ،‬وهذا ما ملسته سوريا حيث أنها‬ ‫وفت بوعودها التي قطعتها له‪ ،‬بينام هو مل‬ ‫ينفذ شيئاً حتى اآلن‪ .‬من هنا جاء الفتور يف‬ ‫العالقات فيام بينهم‪ .‬ولكن هناك سعي إلعادة‬

‫فتح العالقات ليس فقط مع سوريا بل أيضاً مع‬ ‫“حزب الله” وبالتحديد مع األمني العام للحزب‬ ‫السيد حسن نرص الله‪.‬‬ ‫هناك مؤرشات مشجعة يف العالقات‬ ‫اللبنانية – السورية والرئيس الحريري يبدو‬ ‫متفه ًام‪ ،‬ولكن األطراف األخرى وفريقه‬ ‫بالتحديد مازالوا يراهنون عىل إعاقة تقدّم‬ ‫هذه العالقات مبا يعود بالنفع عىل كال البلدين‪،‬‬ ‫كيف تقرأ هذا األمر؟‬ ‫إن سوريا مل تكن يوماً بعيدة عن لبنان‪ ،‬وكانت‬ ‫متد له دامئاً يد العون‪ ،‬وهي فاتحة أبوابها دامئاً‬ ‫لتوطيد تلك العالقات‪ ،‬ولكنني ال أرى عند فريق‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬وبالتحديد الرئيس سعد الحريري أي نية‬ ‫صادقة يف إقامة عالقة جيدة وهم يحاولون‬ ‫كسب الوقت حتى صدور القرار الظني الذي قد‬ ‫يتهم حلفاء سوريا يف الضلوع باغتيال الرئيس‬ ‫رفيق الحريري‪ ،‬ويبقى لرئيس الجمهورية ورئيس‬ ‫الحكومة أن يلعبا دوراً فاع ًال يف تقدم وتطور هذه‬ ‫العالقات‪.‬‬ ‫التفاهم السوري – السعودي مهم لتحقيق‬ ‫االستقرار يف لبنان وتجاوز املخاطر املحدقة به‪،‬‬ ‫ومنها فتنة القرار الظني‪ ،‬هل الرئيس الحريري‬ ‫هو داخل هذا التفاهم ملا يربطه من عالقات‬ ‫اسرتاتيجية مع السعودية أم خارجه مبا يعني‬ ‫هل من أطراف أخرى غري السعودية تستطيع‬ ‫التأثري بقرار الرئيس الحريري؟‬ ‫إن للسعودية تأثريها األسايس عىل سعد‬ ‫الحريري انطالقاً من املصالح الشخصية والعالقات‬ ‫االسرتاتيجية‪ ،‬وكان للسعودية عالقة كبرية يف‬ ‫وصول الرئيس رفيق الحريري اىل الحكومة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫الرئيس سعد الحريري‪ ،‬لكن تحركات الرئيس سعد‬ ‫الحريري والزيارات املكوكية التي يقوم بها‪ ،‬تدل‬ ‫عىل ارتباطات أخرى غري السعودية التي تنقسم‬ ‫اىل رأيني‪ ،‬إذ هناك رأي ال يتوافق اىل حد ما مع رأي‬ ‫امللك عبد الله بن عبد العزيز‪ ،‬فهو يلعب لعبة‬ ‫ال ندري عواقبها‪ ،‬وبالتايل ال ندري اىل أي مدى‬ ‫الضغوطات األمريكية تؤ ّثر عليه‪ ،‬يف التزامه‬ ‫بالقرارات السعودية‪ ،‬التي أصبحت عىل قناعة‬ ‫تامة بأن املحكمة الدولية ستعمد اىل إغراق البلد‬ ‫يف فتنة ال رجوع فيها‪ ،‬وهذا الكالم يعود اىل ما‬ ‫بعد اغتيال الحريري بثالثة أشهر‪ ،‬عىل لسان أحد‬ ‫األمراء الذين كانوا يف حارضة امللك عبد العزيز‬ ‫الذي طلب بعدم زعزعة العالقات داخل لبنان‪،‬‬ ‫ألن ال أحد يعرف َمن اغتال الرئيس الحريري‪ ،‬اآلن‬ ‫أعتقد أن املوقف السعودي هو مع طي صفحة‬ ‫املحكمة ألن طي تلك الصفحة هو األمل الوحيد‬ ‫يف الحفاظ عىل االستقرار يف لبنان‪ .‬وسيكون يف‬ ‫مساع عربية ومحلية حثيثة‬ ‫األسبوعني املقبلني‬ ‫ٍ‬ ‫رمبا تكون األخرية مع الرئيس سعد الحريري ملعرفة‬ ‫إن كان يريد إنقاذ البلد أو سيستمر باملكوث يف‬ ‫املركب األمرييك‪.‬‬ ‫ما هو موقف حزب االتحاد من الحكومة الحالية‬ ‫برئاسة سعد الحريري؟‬

‫ال أرى عند الحريري نية صادقة لعالقة مع سوريا‬

‫نحن نعترب أن هذه الحكومة‪ ،‬حكومة سعد‬ ‫الحريري يشوبها الفساد السيايس واألمني‬ ‫ّ‬ ‫متت اىل‬ ‫واالقتصادي واملايل‪ ،‬وغري رشعية وال‬ ‫حكومة الوحدة الوطنية بصلة‪ ،‬وزراء املعارضة‬ ‫فيها هم شبه الشهود الزور‪ ،‬وال نعرف حتى اآلن‬ ‫مربر استمرارها‪ ،‬وتغيري الحكومة اآلن هو أسهل‬ ‫بكثري مام فيام بعد‪ ،‬وبقاء هذه الحكومة يعود‬ ‫اىل عدم قدرتنا عىل تشكيل حكومة جديدة‪،‬‬ ‫ولكن ميكننا القول أن هذه الحكومة هي حكومة‬ ‫“فالج ال تعالج” وال أمل فيها‪ ،‬ألنها فارغة‪ ،‬ونحن‬ ‫مع تغيري هذه الحكومة بأرسع وقت ممكن عىل‬ ‫أن تأيت حكومة وحدة وطنية متفاهمة عىل‬ ‫السياسية‬ ‫القضايا‬ ‫يشمل‬ ‫محدد‬ ‫برنامج‬ ‫واألمنية واملحكمة والعالقة املوحدة واألمنية مع‬ ‫سوريا لدرء أي عدوان صهيوين ممكن‪ ،‬واملوقف‬ ‫من املقاومة بشكل يكون واضحاً يف السياسة‬ ‫الدفاعية لطاولة الحوار‪ ،‬يدعم املقاومة ويحميها‪.‬‬ ‫نريد حكومة تساعدنا عىل االستقرار يف الداخل‬ ‫ويف السياسة الخارجية‪ ،‬عىل ضوء هذه الثوابت‬ ‫القومية والداخلية الوطنية ميكننا تشكيل‬ ‫حكومة تسعى يف أقرص وقت ممكن لوقف الهدر‬ ‫واستخدام اإلمكانيات املتوفرة ملعالجة املسائل‬ ‫التي متس بأمن املواطن الصحي واالجتامعي‬ ‫واملعييش‪.‬‬ ‫هل تشكيل الحكومة العراقية قريباً‪،‬‬ ‫سيسهم يف إيجاد حل ما يف لبنان واملنطقة‪،‬‬ ‫أي هل هناك من ترابط ما بني مشكالت‬ ‫املنطقة‪ ،‬وخاصة لجهة الدور اإلقليمي والدويل؟‪،‬‬ ‫ويقول البعض رمبا العكس يحصل‪ ،‬والسؤال‬ ‫هنا ما هي مواصفات الحكومة العراقية التي‬ ‫إذا ش ّكلت ستسمح بتحقيق انفراج يف‬ ‫لبنان بشأن إيجاد حل ما إلبطال اللعب بالقرار‬ ‫الظني وغريه؟‬ ‫من دون شك إن الذي يجري يف املنطقة له‬ ‫تأثري عىل لبنان‪ ،‬بد ًءا باملفاوضات الفلسطينية‬

‫‪17‬‬

‫–الصهيونية‪ ،‬التي هي مفاوضات فاشلة‪ ،‬ولن تنتج‬ ‫شيئاً والعدو اإلرسائييل ال يفهم باملفاوضات بل‬ ‫باستخدام القوة الذي ج ّردته املقاومة اإلسالمية‬ ‫منها منذ االنتفاضات األوىل‪ ،‬وهنا ال يسعنا إال‬ ‫أن نردد مقولة الرئيس جامل عبد النارص حني قال‬ ‫“ما ُأخذ بالقوة ال يرد إال بالقوة”‪ ،‬وبالءات السيد‬ ‫حسن نرص الله‪.‬‬ ‫كذلك األمر بالنسبة للعراق الذي سيكون‬ ‫له تأثرياً عىل الساحة اللبنانية بدون شك‪ ،‬وإذا‬ ‫تم التفاهم اإليراين – السوري – السعودي يف‬ ‫ّ‬ ‫العراق عىل تشكيل حكومة تريض الجميع إن‬ ‫كان باملاليك أو عالوي أو عبد الهادي‪ ،‬وبرأيي سوريا‬ ‫وضعت الخطوط الحمراء ألي حكومة أو أي توجه‬ ‫يف العراق عرب أربع عناوين هي الحفاظ عىل وحدة‬ ‫العراق‪ ،‬وعروبته‪ ،‬وانسحاب الجيوش األجنبية منه‪،‬‬ ‫وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها‬ ‫الجميع باقتناع‪.‬‬ ‫فالعراق قوة أساسية يف عملية الرصاع‬ ‫العريب ‪ -‬اإلرسائييل‪ ،‬يجب عودته من جديد‬ ‫ملواجهة أي مرشوع صهيوين آخر‪ ،‬وذلك ال يتم إ ّال‬ ‫بدخوله يف الحلف السوري – السعودي – اإليراين‬ ‫الذي أبقى لبنان مبنأى عام يجري يف العراق من‬ ‫أحداث وترشذمات‪.‬‬ ‫ما هو رأيكم يف الظروف االقتصادية‬ ‫واملعيشية التي مير بها لبنان اليوم‪ ،‬وما هو‬ ‫الحل؟‬ ‫إن مبلغ الـ ‪ 60‬مليار دوالر الذي لزمنا به منذ‬ ‫استالم الرئيس الحريري األب رئاسة الحكومة‪،‬‬ ‫والذي كان مليارين دوالر‪ ،‬وصل بسياسة مخططاً‬ ‫لها مسبقاً لتضخيم الدين العام ومحاربة‬ ‫املواطن يف لقمة عيشها‪ ،‬للرضوخ ألي مرشوع‬ ‫أمرييك يفرض علينا‪ ،‬حتى وإن كان صهيونياً‪،‬‬ ‫وأكملت هذه السياسة حتى وصلنا اليوم اىل‬ ‫مبلغ ‪11‬مليار دوالر‪ ،‬والفساد املسترشي يف‬ ‫اإلدارات الرسمية‪ ،‬والجدير ذكره أن أعىل نسبة‬ ‫دين يف العامل كانت يف الربازيل (‪ 120‬أو ‪130‬‬ ‫مليار دوالر لعدد سكان ‪ 135‬مليون نسمة‪ ،‬يلحق‬ ‫املواطن الربازييل من الدين العام ‪ 800‬دوالر سنوياً)‬ ‫يف حني أن يف لبنان يلحق املواطن اللبناين من‬ ‫الدين العام ‪ 12‬ألف دوالر سنوياً بالرغم من صغر‬ ‫حجمه وعدد سكانه‪ ،‬ما سيؤثر سلباً ويدعو اىل‬ ‫مزيد من الرضائب والغالء املعييش‪ ،‬والبطالة‬ ‫واإلفالس‪ ،‬من هنا من املفروض عىل الحكومة‬ ‫القادمة أن تقوم بخطة اقتصادية شفافة‪ ،‬تحافظ‬ ‫عىل املواطن‪ ،‬وتؤمن مطالبه‪ ،‬وتسد جوعه‪،‬‬ ‫وتؤمن له فرص عمل جديدة‪ ،‬ما يصبح لدينا أمل‬ ‫بتصحيح األزمات املعيشية التي مير بها البلد‪،‬‬ ‫وبهذه الشفافية نشجع الدول العربية واملانحة‬ ‫لدعم لبنان‪ ،‬وبالتايل يرتاح املواطن وينتعش‬ ‫الوضع االقتصادي‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب لبناين‬

‫الحريري لم يغ ّير سلوكه السياسي‬ ‫وأعطى وعوداً لسوريا لم ّ‬ ‫ينفذها‬ ‫مل تنفع خمسة لقاءات عقدها رئيس الحكومة‬ ‫اللبنانية سعد الحريري مع الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد يف دمشق‪ ،‬يف أن يتموضع يف املكان‬ ‫السيايس الجديد‪ ،‬ويخرج من زمن الوصاية‬ ‫األمريكية عىل لبنان التي بدأت مع اغتيال‬ ‫والده الرئيس رفيق الحريري يف ‪ 14‬شباط ‪،2005‬‬ ‫وتك ّرست يف ما سمي “ثورة األرز” يف ‪ 14‬آذار من‬ ‫العام نفسه‪.‬‬ ‫فالوريث السيايس آلل الحريري بعد اغتيال‬ ‫والده‪ ،‬يشبه الوريث السيايس آلل الجميل الرئيس‬ ‫األسبق للجمهورية أمني الجميل الذي ورث‬ ‫شقيقه بشري بعد اغتياله‪ ،‬الذي ذهب إىل عداوة‬ ‫مع سوريا‪ ،‬إىل حد أنه هدّد من أمام البيت األبيض‬ ‫بقصفها‪ ،‬وأنه سيطال من رئيسها حافظ األسد‪،‬‬ ‫ومل ميض عامان عىل تهديداته‪ ،‬حتى كان يف‬ ‫حضن سوريا يزورها نادماً عىل ما قاله بحقها‪،‬‬ ‫والتقى رئيسها الذي فتح له أبواب قرص املهاجرين‪،‬‬ ‫وأعطاه فرصة للخروج من العرص اإلرسائييل إىل‬ ‫ارتباط لبنان بعروبته‪ ،‬واىل تعزيز الوحدة الوطنية‪،‬‬ ‫فتشكلت حكومة برئاسة الرئيس الراحل رشيد‬ ‫كرامي‪ ،‬بعد مؤمتري لوزان‪ ،‬وجنيف وإسقاط‬ ‫اتفاق ‪ 17‬أيار‪ ،‬وإعادة التوازن الداخيل بني القوى‬ ‫السياسية‪ ،‬إال أن الجميل كان يناور ومياطل يف‬ ‫موضوع تحقيق اإلصالحات السياسية للنظام‪،‬‬ ‫وكان يعطي وعوداً للرئيس األسد وال يلتزم بها‪ ،‬مام‬ ‫دفع بالقيادة السورية إىل دعوة “أمراء الحرب” وهم‬ ‫نبيه بري ووليد جنبالط وإييل حبيقة‪ ،‬وكان األخري‬ ‫قد كشف أالعيب الجميل‪ ،‬ومن موقعه كرئيس‬ ‫لجهاز األمن يف “القوات اللبنانية” قاد انقالباً‬ ‫داخلها وأمسك بقرارها وسيطر بالسالح عىل‬ ‫األرض فيام كان يسمى “املناطق الرشقية” زمن‬ ‫الحرب األهلية‪ ،‬وذهب مبارشة إىل دمشق والتقى‬ ‫مسؤولني فيها‪ ،‬وأبلغهم أنه ق ّرر إخراج قواته‬ ‫من العالقة مع “إرسائيل”‪ ،‬والتوجه عربياً عرب‬ ‫بوابة سوريا‪ ،‬وهذا يتيح إنتاج اتفاق ينهي الحرب‪،‬‬ ‫كانت القيادة السورية تعمل وتحضرّ له‪ ،‬فألزمت‬ ‫حليفيها الحزب التقدمي االشرتايك وحركة‬ ‫“أمل” التفاوض مع “القوات اللبنانية” وانتهوا‬ ‫إىل اتفاق ثاليث رسم خارطة طريق للخروج من‬ ‫الحرب وتحقيق إصالحات سياسية‪ ،‬لكن الجميل‬ ‫ح ّرض عىل االتفاق وأسقطه مع سمري جعجع‪،‬‬ ‫الذي وضع يده عىل “القوات اللبنانية” وترأسها‬ ‫وخرج حبيقة من املنطقة الرشقية ملتزماً الخيار‬ ‫العريب والتحالف مع سوريا والقوى الوطنية‪.‬‬ ‫اإلنقالب الذي ن ّفذه الجميل عىل االتفاق الثاليث‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الذي أصبح اتفاق الطائف بعد خمس سنوات‪،‬‬ ‫ترك الرئيس األسد يتعامل معه‪ ،‬بحذر وعدم‬ ‫ثقة‪ ،‬وكان يف كل مرة يستقبله‪ ،‬يندم عىل‬ ‫ذلك ‪ ،‬ألن الرئيس اللبناين عندما كان يخرج من‬ ‫بوابة القرص الجمهوري يف سوريا كان يرمي وراءه‬ ‫كل وعوده وتعهداته للرئيس السوري‪ ،‬مام كان‬ ‫يوتر العالقات‪ ،‬وتدور معارك عسكرية حتى أنه‬ ‫تواطأ لعدم حصول انتخابات رئاسة الجمهورية‬ ‫يف العام ‪ ،1988‬من أجل التمديد أو التجديد‬ ‫له‪ ،‬بعد أن أوحى أنه يقبل بتحقيق إصالحات‬ ‫للنظام السيايس‪ ،‬مبا سمي آنذاك ورقة السفرية‬ ‫األمريكية ابريل غالسبي‪ ،‬ولكن محاوالته باءت‬ ‫بالفشل وخرج من قرص بعبدا مخلفاً وراءه فراغاً‬ ‫يف رئاسة الجمهورية مألته حكومة عسكرية‬ ‫برئاسة قائد الجيش آنذاك العامد ميشال عون‬ ‫مرفوضة من القوى الوطنية والهيئات واملراجع‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فانقسم البلد إىل دولتني وحكومتني‬ ‫واحدة برئاسة عون وأخرى برئاسة سليم الحص‪،‬‬ ‫وحرب أهلية مدمرة‪ ،‬إىل أن أوقفها اتفاق الطائف‬ ‫وتحصن يف قرص بعبدا‪ ،‬الذي‬ ‫الذي مترد عليه عون‬ ‫ّ‬ ‫خرج منه بالقوة العسكرية واستعادته الرشعية‬ ‫برئاسة الياس الهراوي‪ ،‬وحكومة برئاسة سليم‬ ‫الحص‪.‬‬ ‫ما فعله أمني الجميل مع سوريا حافظ األسد‪،‬‬ ‫يحاول تكراره سعد الحريري مع سوريا بشار‬ ‫األسد‪ ،‬مع اختالف يف الظروف السياسية‪ ،‬لكن‬ ‫هناك تشابهاً يف الشكل واملضمون‪ ،‬إذ ذهب‬ ‫رئيس حكومة الوحدة الوطنية إىل دمشق وهذا‬ ‫كان رشطها الستقبال الرئيس السوري له‪،‬‬ ‫الذي تصالح مع الحريري‪ ،‬استكامالً ملصالحته مع‬ ‫العاهل السعودي امللك عبد الله‪ ،‬ألن الرصاع يف‬

‫‪18‬‬

‫لبنان‪ ،‬له أبعاده الداخلية املرتبطة مبحاور خارجية‬ ‫عربية وإقليمية ودولية‪ ،‬وقد ظهر ذلك جلياً‪ ،‬يف‬ ‫أن فريقاً لبنانياً انتهج املقاومة ضد “إرسائيل”‬ ‫وتحالف مع سوريا وله صداقة مع إيران‪ ،‬كان يواجه‬ ‫فريقاً أوصلته أمريكا اىل السلطة ضمن مرشوع‬ ‫رئيسها جورج بوش للرشق األوسط‪ ،‬ويلقى‬ ‫احتضاناً غربياً ودع ًام من الدول العربية املسامة‬ ‫باالعتدال وعىل رأسها السعودية ومعها مرص‬ ‫واألردن ودول أخرى‪.‬‬ ‫فالثقة التي أعطاها الرئيس السوري لرئيس‬ ‫حكومة لبنان‪ ،‬والعالقة الحميمة التي بدأ يقيمها‬ ‫معه لتعزيز االحرتام واملودة‪ ،‬مل يقابلها الحريري إال‬ ‫بأنها تأييد له فقط‪ ،‬وكأنه ظن أن سوريا بحاجة‬ ‫إليه بعد االتهامات التي وجهت إليها أنها وراء‬ ‫اغتيال والده‪ ،‬وهو ذهب إليها لتربئتها وهذا ما‬ ‫رفضه الرئيس األسد الذي تعاونت بالده مع لجان‬ ‫التحقيق الدولية للكشف عن الحقيقة‪ ،‬ومل‬ ‫يصدر أي اتهام ضد أي مواطن سوري‪ ،‬الذي كان‬ ‫الرئيس األسد أعلن أنه سيحاكم كل من تثبت‬ ‫إدانته يف الجرمية‪.‬‬ ‫أراد الرئيس األسد من استقباله الحريري‪ ،‬أن‬ ‫يفتح صفحة جديدة‪ ،‬وأن يطوي املايض‪ ،‬ولكن‬ ‫مع محاسبة من أساء إىل العالقة اللبنانية –‬ ‫السورية‪ ،‬وأقام مناخاً من العداء بني أبناء الشعب‬ ‫الواحد يف الدولتني‪ ،‬ال بل تس ّبب بقتل عرشات‬ ‫املواطنني السوريني يف لبنان‪ ،‬وأقفلت الحدود بني‬ ‫البلدين‪ ،‬وذهبت بعض األطراف السياسية إىل‬ ‫التحريض عىل الحكم يف سوريا‪ ،‬بدعم املعارضة‬ ‫لنظامها‪ ،‬ودعوة أمريكا إىل احتاللها كام فعلت‬ ‫يف العراق وإسقاط رئيسها بشار األسد‪.‬‬ ‫ووعد الحريري أن يسقط كل مرحلة االتهام‬

‫لسوريا سياسياً وأمنياً وشعبياً‪ ،‬وأن ال يسري يف‬ ‫تحقيق مس ّيس أثبته شهود زور متت فربكتهم‬ ‫للنيل منها ومن حلفائها يف لبنان‪ ،‬ولكن وعده‬ ‫مل يكن صادقاً بل متهل يف إعالن موقف من‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬ومل يتحرك باتجاه القضاء اللبناين‬ ‫من أجل مالحقة هؤالء‪ ،‬حيث وصلته أصداء عن‬ ‫استياء سوري من أدائه‪ ،‬ومن عدم تنفيذ لوعوده‪،‬‬ ‫ال بل قلقت القيادة السورية‪ ،‬من أن الحريري بات‬ ‫مقتنعاً إن عنارص من “حزب الله” متورطون يف‬ ‫اغتيال والده‪ ،‬وقد فاتح األمني العام للحزب السيد‬ ‫حسن نرص الله يف هذا املوضوع‪ ،‬وقال له إنه لن‬ ‫يقول أن الحزب متورط‪ ،‬بل عنارص غري منضبطة‬ ‫منه‪ ،‬قامت بالجرمية لكن السيد نرص الله رفض‬ ‫االتهام من أساسه‪ ،‬واعتربه مفربكاً ومس ّيساً‪،‬‬ ‫وقد تم ترسيبه عرب وسائل إعالم معروفة االتجاه‬ ‫السيايس‪ ،‬كام ال يقبل أن يستمر العمل‬ ‫مبحكمة دولية مس ّيسة‪.‬‬ ‫كان هذا اللقاء بني الحريري ونرص الله‪ ،‬كافياً‬ ‫لتتوجس سوريا‪ ،‬من أن االتهام الذي كان لسنوات‬ ‫أربع ضدها‪ ،‬سيتحول إىل “حزب الله” من ضمن‬ ‫مخطط أمرييك – إرسائييل‪ ،‬له هدف واحد‪ ،‬وهو‬ ‫القضاء عىل املقاومة ومحارصة سوريا كام جاء‬ ‫يف قرار مجلس األمن الدويل ‪ ،1559‬وأن االغتيال‬ ‫كان لتنفيذ هذا القرار الذي تم استصداره إلشعال‬ ‫فتنة يف لبنان‪ ،‬وهو ما بدأ يظهر من خالل توجيه‬ ‫االتهام نحو “حزب الله” الذي قام بحملة إعالمية‬ ‫وسياسية مضادة إلسقاط قرار ظني قيل إنه‬ ‫ُكتب منذ سنوات موجهاً االتهام لعنارص من‬ ‫الحزب‪ ،‬تم اكتشاف ضلوعهم يف االغتيال من‬ ‫خالل اتصاالتهم الهاتفية يف مكان الجرمية‬ ‫وأماكن أخرى يف العام ‪.2006‬‬ ‫فتحويل االتهام من سوريا إىل “حزب الله”‬ ‫أوقع الحريري يف مأزق‪ ،‬ومل يتقدم باتجاه تربئة‬ ‫الحزب‪ ،‬وكل ما فعله أنه أعلن يف حديث لجريدة‬ ‫“الرشق األوسط” أن شهود الزور الذين طالب‬ ‫“حزب الله” مبحاسبتهم كام أعلن قبل أكرث‬ ‫من عام ومازال اللواء جميل السيد‪ ،‬هم الذين‬ ‫ضللوا التحقيق وأساؤوا إىل العالقة اللبنانية –‬ ‫السورية‪ ،‬كام إىل آل الحريري وإليه شخصياً‪ ،‬وقد‬ ‫انتظر اللبنانيون أن يقرن أقواله باألفعال‪ ،‬لكنه‬ ‫مل يفعل‪ ،‬بل كل ما أقدم عليه وتحت إرصار قوى‬ ‫املعارضة السابقة عىل كشف مفربيك شهود‬ ‫الزور‪ ،‬أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً بأن يعد وزير‬ ‫العدل تقريراً حول هذا املوضوع‪ ،‬وكان املطلوب‬ ‫أن يتحرك القضاء مبارشة لالستامع إىل شهود‬ ‫الزور وبعضهم معتقل يف لبنان مثل أكرم‬ ‫شكيب مراد وإبراهيم ميشال جرجورة وأحمد‬ ‫مرعي‪ ،‬ومعرفة من ح ّركهم‪ ،‬إال أن الحريري تجاهل‬ ‫املوضوع وهو الذي اعرتف أنه مترضر منه‪ ،‬ألنه‬ ‫يعرف أن شهود الزور سيسمون أشخاصاً يف‬ ‫مواقع السلطة السياسية واألمنية والقضائية‬ ‫واإلعالمية‪ ،‬وأغلبهم من فريقه السيايس‪ ،‬وأن‬ ‫كشفهم قضائياً‪ ،‬سيؤدي إىل سقوط املنظومة‬

‫السياسية واألمنية والقضائية‪ ،‬وهو سيكون‬ ‫محرجاً أمام تياره وجمهوره خصوصاً واللبنانيني‬ ‫عموماً‪ ،‬مام تركه مياطل ويكسب الوقت‪ ،‬عله‬ ‫يحصل تطور ما يخفي هذا امللف‪ ،‬أو يصدر‬ ‫القرار الظني بحق “حزب الله” فيضيع املوضوع‪،‬‬ ‫ويف الوقت نفسه كان يرسل إىل سوريا عبارات‬ ‫اإلشادة واملجاملة‪ ،‬وأنه عىل استعداد ألفضل‬ ‫العالقات بني لبنان وسوريا‪ ،‬وهو يعترب الرئيس‬ ‫األسد صديقاً شخصياً له‪ ،‬لكن الرئيس السوري‬ ‫الذي أراد للعالقة أن تتوطد‪ ،‬فصل بني الشخيص‬ ‫والسيايس‪ ،‬إذ هو يريد من الحريري تغيرياً يف‬ ‫السلوك السيايس‪ ،‬لجهة التموضع يف املوقع‬ ‫الذي فيه املقاومة التي تدعمها سوريا وتحتضنها‬ ‫بكل قوة‪ ،‬وال تتنازل عنها‪ ،‬وال تستبدل عالقتها‬ ‫باملقاومة بأية عالقة أخرى‪.‬‬ ‫مل يلتقط الحريري اإلشارات السورية حول‬ ‫الثابت االسرتاتيجي لديها وهو املقاومة‪ ،‬وأن‬ ‫عالقتها ليس مع أي طرف لبناين‪ ،‬بل مع دول‬ ‫العامل كله‪ ،‬هي النظرة اىل املقاومة‪ ،‬والتعاطي‬ ‫معها سلباً أو إيجاباً‪ ،‬وأن سوريا ترفض القضاء‬ ‫عىل املقاومة وتجريدها من سالحها‪ ،‬وهي وقفت‬ ‫بوجه أمريكا و”إرسائيل” وحلفائهام إىل جانب‬ ‫املقاومة التي تتعرض يف لبنان‪ ،‬ومن قبل املحكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬إىل تصفيتها سياسياً ومعنوياً‪ ،‬ومادياً‬ ‫عرب قرار اتهامي بات معروفاً أنه مس ّيس ومفربك‪،‬‬ ‫دون األخذ بقرائن قدمها “حزب الله” تشري إىل أن‬ ‫“إرسائيل” قد تكون متورطة يف االغتيال مام يؤكد‬ ‫أن املحكمة مس ّيسة‪.‬‬ ‫لذلك اختلفت القيادة السورية مع الحريري‬ ‫حول هذا املوضوع وهو الذي مل يبدّل موقعه‬ ‫السيايس‪ ،‬فبقي مع قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬التي متسكت‬ ‫بخطابها املناوئ لسوريا واملعادي للمقاومة‪،‬‬ ‫ومل ينقل رئيس “تيار املستقبل” جمهوره معه‪،‬‬ ‫بل كل ما فعله‪ ،‬أنه سعى إىل صداقة الرئيس‬ ‫األسد عله يساعده عىل حلفاء سوريا يف لبنان‪،‬‬ ‫ليتمكن من أن يحكم وحيداً ويستأثر بالسلطة‪،‬‬ ‫كام حصل مع والده يف زمن إمساك عبد الحليم‬ ‫خدام وحكمت الشهايب وغازي كنعان بالوضع‬ ‫اللبناين‪ ،‬لكنهم مل ميكنوه من املقاومة ألن‬ ‫الرئيس حافظ األسد ش ّكل مظلة لها‪.‬‬ ‫وقد ساهمت سوريا يف تذليل العقبات من‬ ‫أمام سعد الحريري‪ ،‬وبالتفاهم مع السعودية‬

‫‪19‬‬

‫أ ّمنتا االستقرار يف لبنان‪ ،‬وساعدتا يف والدة‬ ‫حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وبيان وزاري متوازن‪ ،‬إال‬ ‫أن ما جرى أن رئيس الحكومة مل يلتزم بسقف‬ ‫الوفاق السوري – السعودي‪ ،‬بل حاول استغالله‬ ‫لصالح أن يكون رئيس حكومة فقط‪ ،‬وهو ما كان‬ ‫يثري ارتياب القيادة السورية‪ ،‬التي كانت تسأل‬ ‫املسؤولني السعوديني عن التزامات الحريري‪ ،‬الذي‬ ‫كان يتكئ إىل لعبة املحاور داخل الحكم السعودي‬ ‫ويستغلها ليتهرب من التزاماته وما وعد به امللك‬ ‫عبد الله عندما زاره يف بيت الوسط إثر القمة‬ ‫الثالثية يف بريوت بأن يتجاوب مع ما يطلبه منه‬ ‫الرئيس األسد‪ ،‬كام إىل تحالفه مع النظام املرصي‬ ‫الذي ظل بعيداً عن املصالحة السورية – السعودية‪،‬‬ ‫ال بل وقف مع الفريق اللبناين املناهض لهذه‬ ‫املصالحة‪ ،‬وشجعه عىل استمرار التصعيد ضد‬ ‫سوريا ومن هؤالء فؤاد السنيورة‪ ،‬كام استقبل‬ ‫رئيس الهيئة التنفيذية “للقوات اللبنانية” سمري‬ ‫جعجع الذي كان يقول إنه مع عودة العالقة مع‬ ‫سوريا وذهاب الحريري إليها‪ ،‬لكنه يف الوقت‬ ‫نفسه كانت بيانات األمانة العامة لقوى ‪ 14‬آذار‬ ‫تح ّمل سوريا األزمات يف لبنان‪.‬‬ ‫فالحريري مل يلتزم مبا كان تعهد به‪ ،‬ومل ينتقل‬ ‫من موقعه السيايس السابق إىل التحالف مع‬ ‫سوريا‪ ،‬كام فعل حليفه وليد جنبالط‪ ،‬مام و ّتر‬ ‫العالقات بينه وبني القيادة السورية‪ ،‬التي عاملته‬ ‫معاملة خاصة واحتضنته‪ ،‬لكنه مل يقرأ التحول‬ ‫السوري اإليجايب تجاهه بل لعب لعبة مزدوجة مع‬ ‫سوريا‪ ،‬فهو معها وضدها يف آن معاً‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫املذكرات التي أصدرها القضاء السوري بحق‬ ‫شخصيات ادّعى عليها اللواء جميل السيد يف‬ ‫دمشق‪ ،‬وأغلبهم من فريق الحريري الذي اعتربها‬ ‫أنها رسالة سياسية له‪ ،‬يف حني أن سوريا أكدت‬ ‫أنها قضائية بحت‪ ،‬بعد أن رفض القضاء اللبناين‬ ‫القبول بدعوى السيد أمامه‪ ،‬وال ميكن للقضاء‬ ‫السوري أن يقف مكتوف األيدي أمام قضية ُرفعت‬ ‫أمامه‪ ،‬من قبل شخص أبدى مظلومية‪ ،‬حيث مل‬ ‫يقابل القضاء اللبناين بإيجابية املذكرات التي‬ ‫شنت حملة من “تيار املستقبل” و‪ 14‬آذار عليها‪،‬‬ ‫مام يعني أن الحقيقة بدأت تقرتب من الوصول إىل‬ ‫شهود الزور‪.‬‬

‫زهري العياش‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب بعد زيارته الشيخ نعيم قاسم‪ :‬المطلوب‬ ‫من الحريري االستماع لتفاهمات الـ«س‪-‬س»‬ ‫أ ّكد رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب أن “ ملف شهود‬ ‫الزور هو املفتاح لكثري من األمور‪ ،‬وهو رغم تأجيله يف مجلس الوزراء‬ ‫سيبقى قضية مهمة‪ ،‬وستبقى املعارضة متمسكة بطرح إحالة‬ ‫موضوع شهود الزور إىل القضاء التخاذ اإلجراءات الالزمة‪ ،‬البعض يقول‬ ‫إنه ال يوجد ملف اسمه شهود الزور وهذا غري صحيح‪ ،‬فمدعي عام‬ ‫التمييز ادعى يف فرتة معينة عىل أحد الشهود لتضليل التحقيق‪.‬‬ ‫هناك ملف حقيقي اسمه شهود الزور‪ ،‬وعليه قامت كل قضية لجنة‬ ‫التحقيق الدولية والقرار الظني وكل االتهامات التي ّمتت يف السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬وال يظنّن أحد أن املعارضة سترتاجع يف موضوع شهود‬ ‫الزور»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب خالل زيارته نائب األمني العام لـ “حزب الله”‪ ،‬الشيخ‬ ‫نعيم قاسم‪“ :‬املحكمة قضية سياسية والقرار الظني قضية سياسية‪،‬‬ ‫واملطلوب هو معالجة سياسية‪ ،‬فقرار إنشاء املحكمة كان قراراً سياسياً‪،‬‬ ‫وكل استهدافاتها سياسية‪ .‬وألن امللف هو سيايس‪ ،‬فاملطلوب من‬ ‫رئيس الحكومة سعد الحريري أن يتحىل بشجاعة معينة‪ - ،‬وهذا‬ ‫املوقف يلزمني وال يلزم “حزب الله” وال اآلخرين ‪ -‬بشجاعة يفرضها‬ ‫عليه موقعه كرئيس حكومة لكل اللبنانيني‪ ،‬فهو ليس رئيساً لفئة‬ ‫معينة وال لتيار سيايس معني‪ ،‬هذه الجرأة التي يجب أن يتحىل بها‬ ‫ستكون مفتاح الحل لكل يشء‪ ،‬أما إذا استمرت األمور عىل ما هي‬ ‫عليه‪ ،‬واستمرت املناورات السياسية كام نشهدها اليوم‪ ،‬فالوضع‬ ‫حتام سيذهب نحو مزيد من التأزم والشلل عىل الصعيد السيايس‬ ‫والحكومي والشعبي»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬املطلوب من رئيس الحكومة أن يستمع جيداً إىل التفاهامت‬

‫السورية السعودية‪ ،‬وليس املطلوب أن يستمع للتفاهم السوري‬ ‫السعودي من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يستمع لرأي فيلتامن أو للتحريض‬ ‫الذي ميارسه األمرييك ورمبا بعض األوساط األوروبية التي تعترب أن القرار‬ ‫الظني ميكن أن يحدث زلزاالً يف الوضع السيايس وغريه‪ .‬القرار الظني‬ ‫لن يحدث أي يشء سلبي لنا ألننا نتعاطى وكأن هذا القرار قد صدر‬ ‫منذ أشهر‪ ،‬لذلك ال ينتظر أحد أي انعكاس سلبي مبا يعنينا‪ ،‬االنعكاس‬ ‫السلبي سيكون عىل الوضع اللبناين بشكل عام‪ ،‬أو الوضع الرسمي‬ ‫بشكل خاص‪ .‬من هنا يجب أن يقتنع رئيس الحكومة بالنصائح املخلصة‬ ‫توجه إليه من بعض األطراف الذين يحاولون الوصول إىل حل عىل‬ ‫التي َّ‬ ‫مستوى االتصاالت الجارية يف املنطقة»‪.‬‬ ‫ومن جهته أكد الشيخ قاسم “أن استقرار البلد أساس‪ ،‬ونحن‬ ‫كحزب ومعارضة حرصاء عىل تعزيز مسار الوحدة الوطنية‪ ،‬من دون‬ ‫املس بالثوابت وعىل رأسها مواجهة الخطر اإلرسائييل ودعم قوة لبنان‬ ‫ومقاومته وشعبه»‪.‬‬ ‫وقال‪ ”:‬فتح ملف الشهود الزور أولوية تحصن الداخل اللبناين من‬ ‫العبث الدويل ومن االفرتاءات واالتهامات الجائرة‪ ،‬وال تنفع املناورات‬ ‫يف االستقواء بالخارج‪ ،‬فالحل يبدأ من لبنان‪ ،‬ومن تعاون األطراف‬ ‫املعنية‪ ،‬ونحن مستعدون لكل ما من شأنه أن مينع الكأس املرة‬ ‫عن بلدنا»‪.‬‬ ‫وأضاف قاسم‪“ :‬الحلول السياسية للقضية الفلسطينية مقفلة‬ ‫بالكامل‪ ،‬واملرشوع اإلرسائييل أكرب من قدرة املتنازلني عىل تحمله‪،‬‬ ‫والرهان الحقيقي هو عىل بطولة وشجاعة وتضحيات الشعب‬ ‫الفلسطيني ومقاومته‪ ،‬وال بدَّ للحق أن ينترص»‪*.‬‬

‫‪...‬وهنأ بذكرى حرب تشرين‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫حطمت غطرسة العدو‬ ‫الصهيوني وح ّررت األرض واإلرادة العربية‬

‫هنأ رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬سوريا رئيساً وقيادة‬ ‫وحكومة وشعباً‪ ،‬مبناسبة الذكرى الـ ‪ 37‬لحرب ترشين التحريرية املجيدة‬ ‫التي قادها القائد الخالد حافظ األسد‪ ،‬ون ّوه باالنتصارات التي حطمت‬ ‫غطرسة العدو الصهيوين وح ّررت األرض واإلرادة العربية‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب اىل الجيش العريب السوري بتحية الفخر واالعتزاز عىل‬ ‫ّ‬ ‫البطوالت التي ّ‬ ‫سطرت يف تلك الحرب‪ ،‬من تحرير مرصد جبل الشيخ اىل‬ ‫اقتحام خط آلون اىل تحرير القنيطرة‪.‬‬ ‫وأشاد وهاب بالجهود الكبرية التي يقوم بها الرئيس بشار األسد‬ ‫لتعزيز مكانة سوريا‪ ،‬ورأى أن حرب ترشين ّ‬ ‫شكلت تحوالً كبرياً يف‬ ‫حياة أمتنا العربية‪ ،‬ومنعطفاً أساسياً يف الرصاع العريب الصهيوين‪،‬‬ ‫ومنها امتالك القوات العربية زمام املبادرة وكرس وهم العدو‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ّ‬ ‫حطم املقاتل العريب هذه األسطورة‬ ‫اإلرسائييل الذي ال يقهر‪ ،‬حيث‬ ‫الوهمية‪.‬‬ ‫ولفت وهاب اىل أن هذه الذكرى ستبقى الركيزة املتينة لخط املقاومة‬ ‫الذي هزم االحتالل اإلرسائييل يف جنوب لبنان‪ ،‬ودحره عن معظم األرايض‬ ‫اللبنانية عام ‪ ،2000‬وألحق به هزمية نكراء يف عدوان عام ‪ 2006‬وصوالً‬ ‫اىل الصمود األسطوري ملقاومة غزة وشعبها األيب يف مواجهة عملية‬ ‫جرمية الحرب املتمثلة بعملية الرصاص املصهور‪.‬‬ ‫وختم وهاب إن حرب ترشين أظهرت أن املحور الذي تقوده سوريا هو محور‬ ‫النرص العريب‪ ،‬ال سيام تحالفها االسرتاتيجي مع إيران وعالقتها املتينة‬ ‫مع تركيا‪ ،‬والتي تؤكد أن سوريا هي القاعدة الصلبة التي ستتكرس‬ ‫عندها كل الخطط واملؤامرات يف املنطقة‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫‪...‬وبعد زيارته كرامي‪ :‬عملية التخريب‬ ‫وهاب بعد زيارته لحود‪:‬‬ ‫الحكومة لم يعد في إمكانها االستمرار األميركية مستمرة عبر المحكمة الدولية‬ ‫وزيارات فيلتمان الى المنطقة‬ ‫وهي راحلة حتما‬

‫زار رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب رئيس الجمهورية السابق‬ ‫العامد إميل لحود‪ ،‬وتناول معه األوضاع السياسية يف البلد‪ ،‬ودعا بعد اللقاء‬ ‫وزراء املعارضة اىل “االستقالة من الحكومة‪ ،‬وإسقاطها يف أرسع وقت‬ ‫ممكن”‪ ،‬ألن رئيس الحكومة سعد الحريري يقوم بعملية تقطيع الوقت يف‬ ‫موضوع القرار الظني‪ ،‬الفتاً اىل أن هذه الحكومة “ال ميكن أن تستمر يف ظل‬ ‫الوضع الحايل‪،‬‬ ‫وأن املطلوب هو حكومة قادرة عىل مواجهة ما هو آت‪ ،‬وقادرة عىل التوجه‬ ‫اىل مجلس األمن لوضع حد لهذه املرسحية التي يأخذون اللبنانيني إليها‬ ‫من دون إرادتهم»‪.‬‬ ‫واعترب “أن املواقف الشكلية مل تعد مقبولة من أحد‪ ،‬وأن املطلوب مواقف‬ ‫عملية‪ ،‬داعياً رئيس الجمهورية العامد ميشال سليامن اىل التحرك بشكل‬ ‫فاعل لتدارك األسوأ عىل الساحة اللبنانية‪ ،‬كونه القايض األول واملؤمتن‬ ‫عىل الدستور‪ ،‬وحتى لو كان هناك حكم‪،‬‬ ‫وحصلت عنارص جديدة‪ ،‬يستطيع الرئيس أن يطلب إعادة محاكمة‪،‬‬ ‫فكيف إذا مل يكن هناك سوى قرار ظني مزور‪ ،‬واملحكمة الدولية ليست‬ ‫قدراً‪ ،‬فإذا كان هدفها تخريب لبنان‪ ،‬لن نتعاطى معها كقدر بل نسعى‬ ‫إلسقاطها وإسقاط قرار ظنها وإسقاط كل من يتعاون معها يف‬ ‫لبنان»‪.‬‬ ‫وطالب وهاب وزير الداخلية والبلديات زياد بارود بـ “ضبط املؤسسات‬ ‫األمنية الخاضعة له»‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال‪ ،‬أجاب وهاب‪“ :‬لست يف حاجة للتوجهات اإلقليمية‪،‬‬ ‫عيل أن أعمل مصالحي اللبنانية‪ ،‬وهل من الرضورة أن أسأل سوريا أو إيران‬ ‫أو السعودية‪ ،‬عندي حكومة عاجزة وتقول أنا مستسلمة لقرار فتنة‪ ،‬هل‬ ‫أقول لها “يعطيها العافية”؟ معترباً “أن هذه الحكومة مل يعد يف إمكانها‬ ‫االستمرار وهي راحلة حت ًام”‪ ،‬وأضاف‪“ :‬قبل أن يفاجئوننا بالقرار الظني‪،‬‬ ‫فلتفاجئهم املعارضة باالستقالة من الحكومة»‪.‬‬ ‫وعن موقف الرئيس نبيه بري قال‪“ :‬الرئيس بري يترصف عىل أنه رئيس‬ ‫مؤسسة لكل اللبنانيني‪ ،‬رغم أن لديه موقفاً معارضاً‪ ،‬ولكن الرئيس بري‬ ‫قال أكرث من مرة إنه ملتزم بقرار املعارضة‪ ،‬وحذر من موضوع الشهود‬ ‫الزور‪.‬‬ ‫وختم وهاب مح ّذراً الجميع من لعبة الوقت‪ ،‬داعياً اىل االنتباه للمفاجأة‬ ‫حيث ال ينفع الندم بعد ذلك»‪.‬‬

‫زار رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب الرئيس عمر كرامي‪،‬‬ ‫يف منزله يف بريوت‪ ،‬وجرى خالل اللقاء بحث يف األوضاع الداخلية‪ ،‬ونجاح‬ ‫زيارة الرئيس اإليراين محمود أحمدي نجاد اىل لبنان‪ ،‬وبعد اللقاء أدىل وهاب‬ ‫بترصيح دعا فيه اىل نقل الرصاع املذهبي والطائفي الذي يحاول البعض‬ ‫الرتويج له يف إطار لعبة دولية معينة اىل مكان آخر خاصة‪ ،‬وأن املشكلة‬ ‫الحقيقية التي يعاين منها كافة اللبنانيني هي يف أساسها اجتامعية‬ ‫واقتصادية‪ ،‬وتنعكس عىل حياتهم اليومية‪ ،‬كاشفاً عن محاوالت جد ّية‬ ‫تقوم بها جهات محلية وإقليمية إليجاد مخرج ما لألزمة الراهنة يف لبنان‪،‬‬ ‫الفتاً اىل أن هذه املحاوالت تتوقف عند جرأة األفرقاء اللبنانيني للتجاوب مع‬ ‫هذه املساعي وبالتحديد دولة الرئيس سعد الحريري‪.‬‬ ‫ووصف وهاب زيارة فيلتامن اىل لبنان بالغارة السياسية هدفها رفع‬ ‫معنويات وش ّد عصب بعض األطراف اللبنانيني الذين يسعون لتنفيذ الفتنة‪،‬‬ ‫ومحاولتهم منع قيام فريق وسطي يسعى للتوقيف بني رأيني يف لبنان‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬من املؤكد أن التقارب السعودي السوري‪ ،‬ونتيجة الدعم‬ ‫املتوفر للبنان بعد زيارة الرئيس اإليراين محمود أحمدي نجاد جعال بعض‬ ‫األطراف اللبنانيني بحاجة لجرعة إضافية من فيلتامن الذي قام بالضغط‬ ‫عىل هذا الفريق لدفعه يف اتجاه معني‪ ،‬معترباً أن عملية التخريب األمريكية‬ ‫مازالت مستمرة إن كان عرب املحكمة الدولية املزروة واملسيسة أو عرب الحركة‬ ‫التي يقوم بها فيلتامن يف أكرث من اتجاه‪ ،‬وهي تشري اىل وجود قرار إمرييك‬ ‫مساع جد ّية‬ ‫مبنع االستقرار أو التوصل اىل مخرج معني يف حني نرى باملقابل‬ ‫ٍ‬ ‫سورية وسعودية للوصول اىل مخرج معني‪.‬‬ ‫وأجرى وهاب مقارنة بني الزيارة التاريخية للرئيس اإليراين ومواقفه الداعمة‬ ‫لكل اللبنانيني وبني الزيارة التخريبية لجيفري فيلتامن‪ ،‬ودعواته التحريضية‬ ‫ضد فئة معينة من اللبنانيني أو ضد أكرث من نصف اللبنانيني الذين يقفون‬ ‫اىل جانب املقاومة متسائ ًال‪ ،‬هل وزارة الخارجية التي يبدو وكأنها يف غفوة‬ ‫عىل علم بزيارة فيلتامن؟ وهل أبلغت السفارة األمريكية بها؟ داعياً وزارة‬ ‫الخارجية اىل استدعاء السفرية األمريكية يف لبنان‪ ،‬وسؤالها عن عمل‬ ‫فيلتامن ومحاسبته عىل مواقفه التحريضية وتحذيراته لعدد من املسؤولني‬ ‫اللبنانيني خاصة وأن الترسيبات يف بعض الصحف أشارت اىل مثل هذه‬ ‫التحذيرات وهو أمر غري الئق بحق رئاسة الجمهورية‪.‬‬ ‫واعتقد وهاب بأن الرئيس سليامن لن يكون يف دور املتلقي لنصائح‬ ‫فيلتامن‪ ،‬ولن يقف عند مثل هذه التحذيرات‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫‪...‬ومن بكركي‪ :‬صفير صمام أمان للبنان‬ ‫عندما يحصل الجنون من الجميع‬

‫وعن تقرير األمني العام لألمم املتحدة بان يك مون حول تنفيذ القرار ‪،1559‬‬ ‫أشار وهاب اىل أن بان يك مون يترصف وكأنه موظف يف إحدى الدوائر‬ ‫الخارجية األمريكية وأنه ُيفقد هذه املؤسسة صدقيتها‪ ،‬وهذا ما ذكرته منذ‬ ‫أيام لبعض السفراء عندما قلت أنه من الخطأ االعتقاد بأن فريقاً معيناً يف‬ ‫لبنان سيكون ضحية القرار الظني‪ ،‬وإمنا عىل العكس من ذلك رمبا تكون‬ ‫مؤسسات األمم املتحدة ضحية القرار الظني‪ ،‬إذا كان هذا القرار منحازاً‪ ،‬وهو‬ ‫منحاز بالفعل مؤكداً يف الوقت نفسه أن املعارضة ال تنتظر القرار الظني‬ ‫بل ما يهمه هو أن ال تتجاوب أي مؤسسة رسمية سياسية أو أمنية أو‬ ‫قضائية مع هذا القرار‪.‬‬

‫رئيس «تيار التوحيد» زار عون‪:‬‬ ‫ال حرب في لبنان بل هناك عصابة ته ّول‬ ‫سيتم التعاطي معها كما يجب‬

‫اعترب رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب أن طلب األمني العام لألمم املتحدة‬ ‫بان يك مون يف املحكمة الدولية هو خري تكذيب ملقولة أن املحكمة مستقلة‪،‬‬ ‫وهو تدخل سيايس يؤكد تسييسها‪ ،‬مشدداً عىل أن قرارات املحكمة لن متر‪.‬‬ ‫وأكد وهاب‪ ،‬بعد زيارته لرئيس تكتل التغيري واإلصالح العامد ميشال عون‬ ‫يف الرابية‪ ،‬أن ال حرب يف لبنان بل هناك عصابة ته ّول سيتم التعاطي‬ ‫معها كام يجب‪ ،‬الفتاً اىل أن عدم التجاوب مع مذكرات التوقيف السورية‬ ‫سيدفع سوريا اىل فسخ االتفاق القضايئ مع لبنان‪.‬‬ ‫ورأى وهاب أنه “إذا كان يعتقد سعد الحريري أنه ال يزال قادراً عىل االستمرار‬ ‫يف هذا الفريق الذي يشكك بشهود الزور فهو مخطئ‪ ،‬ألن جامعة االنقالب‬ ‫الذي نفذ يف العام ‪ 2005‬عليهم أن يرتكوا السلطة”‪ ،‬وأضاف “مل يعد هناك‬ ‫أكرثية يف البلد‪ ،‬ومل تعد الحكومة املوجودة متثل أكرثية اللبنانيني‪ ،‬وال أعرف‬ ‫إن كانت ال تزال تحظى بأكرثية نيابية‪ ،‬ولكن بكل الحاالت هذا الفريق الذي‬ ‫أىت نتيجة انقالب العام ‪ 2005‬عليه أن يرحل‪ ،‬وال ميكن بعد اآلن أن يحكم‬ ‫البلد بتوازن القوى»‪.‬‬ ‫وانتقد وهاب الفوىض الحاصلة يف املؤسسات األمنية وتحديداً عند املدير‬ ‫العام لقوى األمن الداخيل “الذي يحاول تشبيح الوزارة‪ ،‬وكأنه رجل سيايس‬ ‫أو يخص فريق من اللبنانيني”‪ ،‬الفتاً اىل أنه “يصدر مواقف ويتهم أطرافاً‬ ‫لبنانية بجرائم االغتيال”‪ ،‬واعترب وهاب أن “املحكمة إذا كانت غري مس ّيسة‬ ‫فإن ريفي ال يجب أن يعرف قراراتها‪ ،‬أما إذا كان هو يعرف فهذا يعني أنه‬ ‫هو أحد الذين ز ّودوا املحكمة الدولية بشبكة االتصاالت قد تشملها القرار‬ ‫الظني بوقت قريب‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫زار رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب البطريرك املاروين‬ ‫الكاردينال مار نرص الله بطرس صفري‪ ،‬يف الرصح البطريريك‪ ،‬وتناول اللقاء‬ ‫األوضاع السياسية بشكل عام والجبل بشكل خاص‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬بحثت مع صاحب الغبطة يف أمور عدة‪ ،‬وبالطبع‬ ‫نحن نث ّمن موقف صاحب الغبطة العاقل والحكيم والذي هو عىل مسافة‬ ‫متساوية من الجميع‪ ،‬خصوصاً أنه عندما يحصل املزيد من الجنون يف البلد‬ ‫من قبلنا ومن قبل غرينا‪ ،‬فإن غبطته يكون صامم األمان ملصلحة لبنان‬ ‫واللبنانيني جميعاً»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬وتناولت معه موضوعاً أساسياً وهو الجبل‪ ،‬حيث هناك معاناة‬ ‫حقيقية عند املسيحيني وعند الدروز‪ ،‬ونالحظ أن ليس املسيحي هو فقط‬ ‫من مل يعد‪ ،‬إمنا هناك دروز أيضاً يهاجرون من الجبل اىل الساحل واىل الخارج‪.‬‬ ‫لذلك تحدثت مع غبطته عن رضورة التعاون بني الكنيسة واملؤسسات‬ ‫األوروبية واملحلية ويف منطقة الجبل مع قيادات الجبل برضورة إقامة مشاريع‬ ‫إنتاجية تضمن البقاء للمقيم والعودة للمهجر‪ ،‬وهذا أمر أسايس‪ .‬وإذا مل‬ ‫نبادر اىل يشء عميل يف هذا املوضوع‪ ،‬فأنا أرى أن الجبل سيفرغ يوماً بعد‬ ‫يوم‪ ،‬وهذا أمر خطري وال يجوز أن يستمر‪ ،‬وصاحب الغبطة رحب بهذه الفكرة‬ ‫ووعد بالبحث مع املعنيني يف هذا األمر»‪.‬‬

‫‪...‬وبعد استقباله سفيرة ألمانيا في الجاهلية‪:‬‬

‫ال يمكن للحريري أن يبقى يلعب‬ ‫دور المتفرج‬ ‫أكد رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب أنه “لرئيس الحكومة‬ ‫سعد الحريري دور أسايس يجب عليه أن يضطلع به كرئيس للحكومة‪،‬‬ ‫وهو ال يستطيع أن يبقى ضمن دور املتفرج‪ ،‬وهذا األمر ال يخدمه وال يخدم‬ ‫لبنان”‪.‬‬ ‫وأضاف “أعتقد أنه إذا بقي الحريري متفرجاً سينعكس األمر سلباً عىل‬ ‫كل األوضاع يف لبنان‪ ،‬خاص ًة وأننا يف سباق مع الوقت‪ ،‬وكل اللبنانيني اليوم‬ ‫“أيديهم عىل قلوبهم” والخوف يكرب لديهم من التطورات اآلتية‪ .‬هذا األمر‬ ‫يجب أن يجد معالجة جدية ومخرجاً رسيعاً ألنه ال ميكن االنتظار كام يقول‬ ‫البعض‪ ،‬إىل ما بعد صدور القرار الظني‪ ،‬ألنه بعد ذلك الصدور ال ميكن أن‬ ‫نصل إىل مخارج»‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫وأضاف وهاب‪ ،‬بعد استقباله يف حفل غداء يف دارته يف الجاهلية‪ ،‬سفرية‬ ‫أملانيا بريجيتا ماريا سيفكر ابريل‪ ،‬سفري رومانيا دانيال تانايس‪ ،‬القائم‬ ‫باألعامل الربيطاين برييس غربزاليه ترافقه مسؤولة العالقات السياسية‬ ‫يف السفارة بحضور أمني رس مجلس األمناء يف “تيار التوحيد” ماهر رسي‬ ‫الدين‪ ،‬تم خالله اللقاء عرض للوضع يف لبنان‪ ،‬وكيف ميكن ألوروبا أن تلعب‬ ‫دوراً كبرياً وميكن أن تساعد به‪ ،‬ليس عىل الساحة اللبنانية فقط‪ ،‬بل يف كل‬ ‫ساحة الرشق األوسط بد ًءا من القضية املركزية‪ ،‬القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫وصوالً إىل الوضع املتأزم عىل الساحة اللبنانية‪ ،‬أضاف أن “لالوروبني دور كبري‬ ‫يستطيعون أن يلعبوه عرب تخفيف استهداف لبنان من خالل القرار الظني‬ ‫املزمع إصداره من املحكمة الدولية‪ ،‬ومن خالل عمل هذه املحكمة املزورة‪.‬‬ ‫وطبعاً لفتنا أصحاب السعادة إىل خطورة أن يتم استهداف لبنان من خالل‬ ‫القرار الظني ومفاعيل ذلك‪ ،‬ألن صدور القرار الظني ال ينعكس فقط عىل‬ ‫صعيد الفتنة يف لبنان بل ينعكس عىل كل يشء‪ ،‬ابتدا ًء من القرار ‪1701‬‬ ‫إىل كل تفاصيل الوضع اللبناين ألن هذا األمر ليس مسألة آنية‪ ،‬ومسألة‬ ‫قانونية بل هي استهداف سيايس ألكرث من نصف اللبنانيني الذين متثلهم‬ ‫املقاومة اليوم يف لبنان»‪.‬‬ ‫مساع لبنانية لوضع األمر يف إطاره الصحيح‪،‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬بالطبع هناك‬ ‫ٍ‬ ‫وذلك عرب محاكمة شهود الزور وتحويل املسألة إىل املجلس العديل‪ ،‬متمنياً أن‬ ‫يعمل الجميع من أجل تحقيق هذا األمر ومعالجته‪ ،‬وعند ذلك حت ًام سيجعل‬ ‫املحكمة الدولية أمام خيار انتظار انتهاء التحقيقات يف ملف شهود الزور‬ ‫حتى تتبني النتائج الفعلية‪”.‬‬

‫وفد من مشايخ عين جرفا زاره شاكراً‬ ‫افتتاح مستوصف في بلدتهم‬ ‫وهاب‪ :‬الجبل لن يكون إالّ في الموقع‬ ‫العربي المقاوم‬ ‫املستوصف الذي افتتحته‪ ،‬يف عني جرفا – حاصبيا قبل شهرين‪ ،‬هيئة‬ ‫العمل التوحيدي‪ ،‬برعاية رئيس «تيار التوحيد» وئام وهاب‪ ،‬واملرجع الروحي‬ ‫الشيخ أبو عيل سليامن أبوذياب‪ ،‬والذي ترك أثراً طيباً بني أبناء البلدة‬ ‫واملنطقة‪ ،‬ملا لهذا العمل الصحي – االجتامعي من دور يف التخفيف عن‬ ‫املواطنني‪ ،‬يف ظل األزمة االقتصادية الخانقة عليهم‪.‬‬ ‫وألن الشأن االجتامعي من أولويات رئيس «تيار التوحيد» الذي له حضور‬ ‫يف أكرث من بلدة يف الجبل وحاصبيا وراشيا‪ ،‬فلقد قام وفد من مشايخ‬ ‫عني جرفا يف حاصبيا بزيارة وهاب يف منزله يف الجاهلية شاكراً له عىل‬ ‫ما قدّمه لعني جرفا من مستوصف وتجهيزات وأدوية وسيارة إسعاف‪ ،‬حيث‬

‫ر ّد وهاب قائ ًال‪ ،‬نحن نفتخر بأهلنا يف حاصبيا التي أنجبت الشيخ أبو عيل‬ ‫مهنّا والشيخ أبو سلامن دربية اىل كل املشايخ األطهار‪ ،‬وما نطمح إليه‬ ‫هو محبة أهلنا ودعمهم لنا بعيداً عن املشاريع السياسية والنيابية يف‬ ‫هذه املنطقة التي شهدت يف اآلونة األخرية أخطاء بحق أحد املشايخ‬ ‫عىل أيدي بعض األجهزة األمنية‪ ،‬ووصف وهاب بعض القضاة والضباط‬ ‫بـ «السخيفني» الذين يجهلون كام يبدو األصول وهم يعملون بناء لكتب‬ ‫معلومات‪ ،‬ولكن من يريد أن ين ّفذ هذه الكتب فلين ّفذها عند غرينا‪ ،‬معترباً‬ ‫أن أي بيت متارس فيه شعائرنا الدينية عليه حصانة‪ ،‬مح ّذراً عىل األجهزة‬ ‫األمنية الدخول إليه دون إذن من املراجع الدينية التي متلك وحدها سلطة‬ ‫القرار يف هذا األمر‪.‬‬ ‫ويف السياسة قال وهاب‪ :‬صحيح نحن اليوم موحدون يف الجبل‪ ،‬ويف موقع‬ ‫سيايس واحد مع األستاذ وليد بيك جنبالط‪ ،‬واملري طالل ارسالن‪ ،‬وفيصل‬ ‫بيك الداوود‪ ،‬والحزب السوري القومي االجتامعي وكل القوى املوجودة يف‬ ‫املوحد من حاصبيا اىل املنت يجب أن يكون واضحاً‬ ‫الجبل‪ ،‬ولكن هذا املوقف‬ ‫ّ‬ ‫يف الوقوف اىل جانب سوريا واملقاومة‪ ،‬وكل من هو خصم لهذا املوقف نحن‬ ‫أخصام له‪ ،‬والجبل لن يكون إ ّال يف املوقع العريب املقاوم‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬إذا متكنا أن نكون سعاة خري فلن نتواىن عن ذلك‪ ،‬ولكن إذا كانت‬ ‫املؤامرة أكرب منا فنحن لن نكون إال يف املوقع الصحيح اىل جانب سوريا‬ ‫واملقاومة‪ ،‬وهذا موقف يؤيدنا عليه كل املشايخ الذين كانوا صامم أمان يف‬ ‫الفرتة املاضية ويف طليعتهم الشيخ أبو عيل سليامن بودياب الذي دعمنا‬ ‫يف أصعب األوقات ومكننا من الحفاظ عىل البوصلة يف هذا املوضوع‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪ :‬املقاومة بالنسبة لنا تراث وتاريخ وقناعة منذ أن وطأنا هذه‬ ‫األرض‪ ،‬منذ أكرث من ألف عام‪ ،‬هذه املقاومة كانت نهجنا‪ ،‬ومن أوىل منا‬ ‫باملقاومة‪ ،‬فال يوجد غا ِز وطأ هذه األرض من أيام العثامنيني اىل إبراهيم‬ ‫باشا اىل الفرنسيني إال وتصدوا له الدروز كام دفعنا جز ًءا كبرياً من شبابنا‬ ‫يف مقاومته‪ ،‬وحت ًام اليوم لن نكون إال يف هذا املوقع‪ ،‬متوجهاً بالشكر‬ ‫اىل املشايخ فاضل بودياب‪ ،‬وباسم وحسام دربية الذين ساهموا يف إنجاز‬ ‫مستوصف عني جرفا‪ ،‬كام وعد بتزويد املستوصف بعيادة لطب األسنان‪.‬‬

‫الشيخ أبو ذياب‬

‫وتخلل اللقاء كلمة للمرجع الروحي الشيخ أبو عيل‬ ‫الذي ّمثن «ملشايخ وأهايل بلدة عني جرفا والوفد املرافق‬ ‫بلدة الجاهلية وملنزل معايل الوزير وئام وهاب»‪ ،‬متمنياً عىل‬ ‫«يستمر مبثل هذه املساعدات والتقدميات االجتامعية‬ ‫ألبناءنا يف بعض القرى التي تحتاج إىل كل دعم ومساعدة»‪.‬‬

‫سليامن بودياب‪،‬‬ ‫لهم زيارتهم إىل‬ ‫الوزير وهاب أن‬ ‫والصحية خدم ًة‬

‫الشيخ دربية‬

‫من جهته أكد الشيخ باسم دربية باسم الوفد «شكره للوزير وهاب‬ ‫عىل ما قدمه لبلدة عني جرفا من مستوصف مجهّز بالكامل ورشاء‬ ‫سيارة إسعاف»‪ .‬متمنياً له «التوفيق يف ما يقوم به وللمرجع الشيخ‬ ‫أبو ذياب بدوام الصحة والعمر املديد»‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫ابنة الثائر غيفارا التقت وهاب وع ّبرت عن شكرها‬ ‫للتضامن العميق معها وللمحبة الكبيرة لوالدها‬

‫يف أثناء زيارتها للبنان لبت السيدة أليدا‬ ‫غيفارا ابنة املقاوم أرنستو تيش غيفارا‪ ،‬التي‬ ‫جاءت إلحياء ذكرى االستشهاد الـ ‪ 43‬لوالدها‬ ‫أرنستو غيفارا‪ ،‬دعوة رئيس “تيار التوحيد” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب اىل لقاء عىل غداء بحضور‬ ‫عقيلته السيدة لني وكرميته رين واألستاذ‬ ‫نبيه األعور‪ ،‬وأمينة العالقات الخارجية يف‬

‫التيار فريال أبوذياب‪ ،‬حيث عبرّ ت عن شكرها‬ ‫وامتنانها للتضامن العميق معها وللمحبة‬ ‫الكبرية لوالدها‪ ،‬وأومل وهاب عىل رشفها يف‬ ‫مطعم الصياد‪ ،‬يف عني املريسة‪.‬‬ ‫وكانت أمينة العالقات الدبلوماسية يف‬ ‫“تيار التوحيد” فريال أبوذياب قد شاركت‬ ‫يف املؤمتر الذي عقد يف قرص األونسكو يف‬

‫نهاية زيارة غيفارا‪ ،‬حيث شكلت زيارتها‬ ‫دع ً‬ ‫ام جديداً للكوبيني الخمسة املعتقلني‬ ‫يف أمريكا بحضور السفري الكويب مانويل‬ ‫رسانو أكوستا‪ ،‬و تضمن املؤمتر ورشات عمل‬ ‫يف إطار قضية املعتقلني الكوبيني‪ ،‬تخلله‬ ‫حوارات وطرح سبل لتكثيف التضامن من‬ ‫أجل التحرير الكامل لهم‪.‬‬

‫شارك في لقاء الشخصيات اللبنانية مع الرئيس نجاد أثناء زيارته لبنان‬

‫رحب بمواقف الرئيس اإليراني‬ ‫وهاب ّ‬ ‫رحب رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬خالل حفل اإلفطار‬ ‫ّ‬ ‫الذي أقامه رئيس الجمهورية اإلسالمية اإليرانية محمود أحمدي نجاد‪ ،‬يف‬ ‫مقر اقامته يف فندق فينيسيا‪ ،‬مبواقف الرئيس نجاد مؤ ّكداً عىل أهمية‬ ‫هذه الزيارة خاصة وأن املنطقة مت ّر يف مرحلة حساسة جداً عىل ضوء ما‬ ‫نشهده يف فلسطني املحتلة من اعتداءات يومية بحق الشعب الفلسطيني‬ ‫ومقدساته‪.‬‬ ‫و ُيذكر أن حفل اإلفطار أقيم عىل رشف العديد من الرؤساء والشخصيات‬ ‫الحزبية والسياسية‪ ،‬ومن أبرز الشخصيات التي حرضت الرئيس حسني‬ ‫الحسيني‪ ،‬الرئيسان عمر كرامي وسليم الحص‪ ،‬رئيس تكتل التغيري واإلصالح‬ ‫العامد ميشال عون‪ ،‬رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد‪ ،‬رئيس‬ ‫“تيار التوحيد” الوزير وئام وهاب‪ ،‬النائب عيل حسن خليل‪ ،‬النائب وليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬رئيس التنظيم الشعبي النارصي أسامة سعد‪ ،‬النائب السابق‬ ‫وجيه البعريني‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪24‬‬

‫«منبر التوحيد» بين المشاركين في الوفد اللبناني‬ ‫في المعرض الدولي ‪ 17‬للمطبوعات ووكاالت األنباء في إيران‬ ‫هو املعرض الدويل السابع عرش للمطبوعات ووكاالت‬ ‫األنباء العربية واألجنبية‪ ،‬افتتحته وزارة الثقافة واإلرشاد‬ ‫اإلسالمي اإليرانية برعاية رئيس الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫د‪ .‬محمود أحمدي نجاد‪ ،‬ممث ًال بوزير الثقافة محمد حسيني‪،‬‬ ‫الذي أكد يف كلمته عىل دعم إيران لكل القضايا العربية‬ ‫واإلسالمية وخاصة للبنان مؤكداً‪“ :‬أن إيران ستبقى إىل جانب‬ ‫فلسطني وقضيتها املحقة‪ ،‬وستقف بجانب القضايا العربية‬ ‫واإلسالمية املحقة‪ ،‬ودول العامل الثالث‪ ،‬وستعمل ملساعدة‬ ‫لبنان يف تحرير باقي أراضيه املحتلة من العدو اإلرسائييل‪،‬‬ ‫والوقوف بجانبه ملواجهة األعباء والتحديات”‪.‬‬ ‫وعن املعرض قال الوزير حسيني‪“ :‬إن إنعقاد مهرجان ومعرض‬ ‫الـ ‪ 17‬الدويل‪ ،‬لوسائل اإلعالم ووكاالت األنباء‪ ،‬يف إيران‪ ،‬كل‬ ‫عام‪ ،‬بات يشكل حدثاً ثقافياً وإعالمياً كبرياً وتزداد املشاركة‬ ‫فيه من سنة إىل أخرى‪ ،‬وبلغ عدد الوفود املشاركة من ‪ 55‬دولة‬ ‫عربية وإسالمية وأفريقية وآسيوية ومن دول العامل الثالث‪،‬‬ ‫تأيت لتعرض مطبوعاتها من سياسية وثقافية وتربوية‬ ‫ورياضية”‪.‬‬ ‫وعن زيارة الرئيس نجاد اىل لبنان‪ ،‬قال حسيني‪“ :‬كانت زيارة‬ ‫الرئيس نجاد إىل لبنان‪ ،‬زيارة تاريخية‪ ،‬ونأمل أن ترتجم باإلنتقال‬ ‫للتنفيذ العميل‪ ،‬لكل االتفاقات الـ ‪ 16‬التي ُو ّقعت مع هذا‬ ‫البلد العزيز عىل قلوبنا كيانة وحكومة وشعباً”‪.‬‬ ‫ويضم املعرض ‪ 720‬جناحاً لـ ‪ 55‬دولة عربية وأجنبية‬ ‫وأفريقية‪ ،‬حتى لوحظ وجود الصحافة الفرنسية أيضاً مثل‬ ‫‪ express’l‬و ‪ point le‬وغريها‪.‬‬ ‫كام تحدّث معاون وزير الثقافة واإلرشاد اإلسالمي لشؤون‬ ‫الصحافة الدكتور محمد عيل رامني‪ ،‬الذي قال أن املعرض هو‬ ‫“فرصة ليك يتعرف اآلخرين معكم ويتعرفوا عليكم‪ ،‬وهي‬ ‫فرصة ليك تتعرفوا عىل القراء ويتعرفوا عليكم‪ ،‬وأن يكون‬ ‫هناك فرصة للتعرف بني الصحافة املختلفة”‪.‬‬ ‫أما مدير تحرير مجلة “جوانا شباب” س ّيد موسوي‪ ،‬فتحدث‬ ‫عن أهمية ما يضل إليه الشباب اإليراين من ثقافة وعلم‪ ،‬يف‬ ‫إطار بناء مجتمع منفتح وعقالين يحافظ عىل ثوابت الثورة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫كام ألقى كلمة الوفود العربية واألجنبية املشاركة‪ ،‬مدير‬ ‫تحرير صحيفة األهرام أحمد السيويف الذي أكد عىل “الحاجة‬ ‫إلعالم قوي ملواجهة كل التحديات‪ ،‬خاصة وأنه ميكنه أن يقوم‬ ‫بدور تقريري بني العامل الحر والعامل اإلسالمي وكل أحرار‬ ‫العامل”‪.‬‬ ‫وكان االحتفال قد افتتح بالنشيد الوطني للجمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬تاله تالوة قرآنية‪ ،‬ومن بعدها بدأت الكلامت تخللها عرض وثائقي‬ ‫حول إيران واإلمام الخامنئي‪ ،‬وبعض ما كان يقوله عن أهمية اإلعالم‪.‬‬ ‫فضم‪ :‬خرض ماجد مدير الدراسات يف وزارة اإلعالم‬ ‫أما الوفد البناين‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬غاصب املختار ووسام سعد عن جريدة السفري‪ ،‬موىس حيدر‬ ‫حسان فتوين عن مركز الدراسات‬ ‫عن العالقات اإلعالمية يف “حزب الله”‪ّ ،‬‬ ‫اإلستشارية‪ ،‬خليل ضاهر عن إعالم بريوت لـ “حزب الله”‪ ،‬ليىل مزبودي عن‬ ‫املوقع اإللكرتوين لقناة املنار – القسم الفرنيس‪ ،‬محمد خليل السباعي‬ ‫عن دار الصياد وصحيفة األنوار‪ ،‬مدير تحرير الكفاح العريب يونس عودة‪ ،‬نجيب‬

‫صفا عن مجلتَي املراقب اإلقتصادي والبريق‪ ،‬معمر عطوي وجامنة فرحات‬ ‫عن جريدة األخبار‪ ،‬بول باسيل عن املوقع اإللكرتوين للتيار الوطني الحر‪،‬‬ ‫محمد يونس عن املوقع اإللكرتوين ملجلة اإلنتقاد‪ ،‬محمود عليق عن شؤون‬ ‫األوسط‪ ،‬محمد خليفة عن جريدة اللواء‪ ،‬ترييز قسيس عن جريدة الرشق‪،‬‬ ‫دوريس سعد عن جريدة البلدة‪ ،‬مايا نادر عن مجلة اإلقتصاد واألعامل‪ ،‬دارين‬ ‫عالمة عن املراقب العريب والدويل‪ ،‬ونضال شهاب عن “بال حدود” والوسط‬ ‫وشؤون جنوبية‪ ،‬وعيل ك ّمون عن جريدة البناء‪.‬‬ ‫وقد مثلت الزميلة سايل نوفل مجلة “منرب التوحيد” واملوقع اإللكرتوين‬ ‫لـ “تيار التوحيد”‪ ،‬من ضمن الوفد اللبناين املشارك يف املعرض‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫المؤتمر السنوي األول لـ «تيار التوحيد» يتح ّدث عنه حافظ أبي المنى‪:‬‬

‫نعمل على مأسسته وإطالق توعية شاملة ألعضائه‬ ‫أربع سنوات م ّرت عىل تأسيس “تيار التوحيد”‪،‬‬ ‫تخ ّللها العديد من التنافس والسجال والعراك‬ ‫السيايس مع أحزاب أخرى‪ ،‬ولكن التيار بالرغم‬ ‫من عمره السيايس القصري ونشأته التي‬ ‫ش ّكلت مفاجأة لكثري رأوا فيه فقاعة سياسية‪،‬‬ ‫وبالون اختبار يف الجبل‪ ،‬متكن من فرض نفسه‬ ‫عىل الساحة الوطنية السياسية‪ ،‬وخاصة بني‬ ‫أحزاب املعارضة اللبنانية‪ ،‬حيث مت ّكن رئيسه‬ ‫وئام وهاب من أن يكون رأس حربة يف مواجهة‬ ‫االنقالب األمرييك يف لبنان‪ ،‬بعد أن انكفأ‬ ‫اآلخرون‪ ،‬وكانت شجاعة مواقفه‪ ،‬األوكسيجني‬ ‫الذي تن ّفس منه التيار‪ ،‬ومنا منواً طبيعياً‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وبعد مرور أربع سنوات عىل التأسيس‪،‬‬ ‫ينصه النظام الداخيل للتيار عىل‬ ‫ومع ما‬ ‫ّ‬ ‫انتخاب رئيس جديد وأعضاء مكتب سيايس‪،‬‬ ‫ينظم مؤمتره السنوي األول ‪ 2010 – 2006‬يف ‪14‬‬ ‫ترشين الثاين‪ ،‬من هنا كان لنا حوار مع رئيس‬ ‫املؤمتر وأمني رس املكتب السيايس حافظ أيب‬ ‫ّ‬ ‫لإلطالع عىل تحضريات املؤمتر وأسس‬ ‫املنى‬ ‫انعقاده‪:‬‬ ‫ما هو املؤمتر الذي تحرضون له؟ كيف يتم‬ ‫هذا التحضري‪ ،‬وملاذا؟ هل هي الحاجة إىل إعادة‬ ‫تقييم وقراءة للمرحلة املاضية للتمكن من‬ ‫وضع خطة للمرحلة املقبلة؟‬ ‫إنه املؤمتر السنوي الذي ينص عليه النظام‬ ‫الداخيل لـ “تيار التوحيد”‪ ،‬والذي يقيض بعقد‬ ‫مؤمتر يف نهاية مدة انتخاب الرئيس وأعضاء‬ ‫املكتب السيايس‪ .‬فاملكتب السيايس الحايل‬ ‫يضم أعضاء مؤسسون تنتهي مدة واليتهم‬ ‫يف ‪ 14‬ترشين الثاين املقبل‪ .‬لذلك‪ ،‬كان ال بد‬ ‫من انتخاب رئيس وأعضاء مكتب سيايس جدد‬ ‫حسب األصول املذكورة يف الدستور‪ .‬وال بد من‬ ‫القول هنا أن الظروف التي أحاطت بتأسيس التيار‪،‬‬ ‫وانطالقته األوىل حفلت بالكثري من املشاكل‬ ‫والظروف السياسية واالجتامعية القاسية يعود‬ ‫سببها اىل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري‬ ‫والجميع يعلم مدى هول تداعيات هذه الفرتة‬ ‫وانعكاسها السيئ عىل اللبنانيني جميعاً‪ .‬وكان‬ ‫من الطبيعي أن تنعكس سلباً عىل الجهود التي‬ ‫كان من املفرتض بذلها يف سبيل التبشري ونرش‬ ‫املبادئ واألهداف التي قام عليها التيار‪ ،‬فكان ال بد‬ ‫من قراءة جديدة لتقييم املرحلة املذكورة والعمل‬ ‫عىل ضخ دم جديد يعيد للتيار زخمه الفكري‬ ‫والعقائدي املأمول‪ .‬كذلك‪ ،‬ال بد من االعرتاف ّ‬ ‫بأن‬ ‫تلك الظروف القاسية عينها‪ ،‬حملت نوعاً من‬ ‫اإليجابية التي ساهمت عن غري قصد بوضع‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التيار عىل خريطة الوطن السياسية‪ ،‬وهنا ال بد‬ ‫من االعرتاف بفضل الرئيس وهاب بتحقيق ذلك‪،‬‬ ‫فقد أدت املواقف السياسية التي اتخذها إىل‬ ‫ازدياد عدد املنتسبني الذين مل تستطع الهيكلية‬ ‫التنظيمية السابقة استيعابهم لوضع صيغة‬ ‫تنفيذية مجدية تتكفل القيام بحمالت توعية‬ ‫حزبية‪ ،‬لتشكيل الحصانة األخالقية والوطنية‬ ‫التي يسعى إليها التيار من خالل مبادئه وأهدافه‬ ‫املعلنة يف الوثيقة السياسية‪ ،‬وذلك بسبب‬ ‫ما عاىن منه البلد من حالة فوىض وتوتر دائم‬ ‫واتهامات سياسية متبادلة كادت أن تدفع‬ ‫البلد إىل الفتنة ومن ثم االنهيار الكيل‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫من املأمول أن يقوم املكتب السيايس الجديد‬ ‫بعديده املك ّون من أعضاء أكفاء‪ ،‬يتميزون بكفاءة‬ ‫سياسية وخربة عالية املستوى من سد ثغرة‬ ‫الفراغ التنظيمي هذه‪ ،‬بالعمل عىل مأسسة‬ ‫التيار وإطالق حملة توعية شاملة ومربمجة‬ ‫تهدف إىل التغيري الذي نسعى إليه‪ ،‬من خالل‬ ‫األكادميية الفكرية التي نسعى إلنشاءها والتي‬ ‫ستشكل من الكادرات الحزبية امللتزمة فيه‪.‬‬ ‫مام تتشكل الهيئة الناخبة يف املؤمتر وهل‬ ‫لها سلطة تحديد توصياته التي تكون ُملزمة؟‬ ‫يحدد النظام الداخيل للتيار الهيئة الناخبة‬ ‫عىل أنها تتكون من أعضاء املكتب السيايس‬

‫‪26‬‬

‫القديم والحايل‪ ،‬ومن املفوضني املركزيني ومفويض‬ ‫املفوضيات املحلية‪ ،‬إىل جانب األعضاء املعت َمدين‬ ‫كممثلني عن مفوضياتهم حيث يجري انتقائهم‬ ‫من ِق َبل مفوضياتهم املحلية بنسبة ممثل لكل‬ ‫مفوضية تفوق عن ‪ 10‬أعضاء‪ .‬يشكلون جميعاً‬ ‫الهيئة الناخبة للمؤمتر‪ ،‬ومهمتها اختيار مجلس‬ ‫القيادة بانتخاب أعضاء املكتب السيايس الذي‬ ‫بدوره يصدر توصيات املؤمتر بناء عىل املناقشات‬ ‫التي يقوم بتوثيقها يف “الوثيقة السياسية”‬ ‫التي تصدر يف نهاية املؤمتر‪.‬‬ ‫ما هي العناوين التي سيطرحها املؤمتر‬ ‫للمناقشة؟ وهل من دراسات يع ّول عليها بهذا‬ ‫الخصوص؟‬ ‫أبرز عناوين املؤمتر هي كام أسلفت سابقاً‪،‬‬ ‫الحاجة إىل إعادة هيكلية التنظيم املؤسسايت‪،‬‬ ‫وهناك بعض الدراسات واإلقرتاحات التي سبق أن‬ ‫طرحت يف املكتب السيايس القديم‪ ،‬ومل ُيصار‬ ‫إىل األخذ بها نظراً للظروف التي سبق أن ذكرتها‪،‬‬ ‫وأهمها تأسيس األكادميية الحزبية التي من‬ ‫مهامها االعتناء بنرش الفكر الحزيب املتواجد يف‬ ‫نصوص املبادئ واألهداف‪ ،‬وتعميمه عىل األعضاء‪،‬‬ ‫من خالل اعتامد النظام املؤسسايت وتطبيقه‬ ‫فعلياً عىل القواعد والكادرات الحزبية‪.‬‬ ‫هل سيجري خالل املؤمتر انتخاب أعضاء‬

‫األمناء‬

‫إسوة‬

‫بانتخاب‬

‫املكتب‬

‫مجلس‬ ‫السيايس؟‬ ‫املكتب السيايس هو السلطة الترشيعية‬ ‫العليا يف التيار‪ ،‬حيث تتمثل السلطة التنفيذية‬ ‫مبجلس األمناء‪ .‬وهو مبوجب النظام الداخيل‬ ‫ينحرص حك ًام بصالحيات الرئيس الذي ميلك الحق‬ ‫بتعيينه بعد التشاور مع املكتب السيايس‪.‬‬ ‫كيف تتم عملية انتقال السلطة يف‬ ‫التيار؟‬ ‫بعد انتخاب الرئيس وأعضاء املكتب السيايس‬ ‫يقوم الرئيس بالدعوة إىل جلسة تخصص لتعيني‬ ‫أعضاء مجلس األمناء طارحاً األسامء وطالباً‬ ‫املوافقة‪ .‬حيث يصار إىل تعيينهم مبوجب قرارات‬ ‫رئاسية الستالم املهام املوكولة إليهم‪.‬‬ ‫هل سيقدّم “تيار التوحيد” نفسه من خالل‬ ‫هذا املؤمتر كحالة وطنية أم سيبقى محصوراً‬ ‫يف إطار مناطقي أو مذهبي محدود؟‬ ‫إن األسباب الرئيسية التي ُوجد التيار من‬ ‫أجلها‪ ،‬هي رضورة معالجة الوضع السيايس‬ ‫املرتدّي للنظام السيايس يف لبنان والعمل‬ ‫عىل تغيريه واإلنتقال به إىل مصاف دولة‬ ‫القانون واملؤسسات‪ ،‬فرتكيبة النظام السيايس‬ ‫الحايل واملعمول به إلرضاء الطوائف منذ عهد‬ ‫االستقالل‪ ،‬خلق الزعامات الطائفية وترسيخ‬ ‫لتصبح إقطاعات سياسية مهيمنة‬ ‫جذورها‬ ‫عىل مقدرات الدولة حفاظاً عىل مصالحها‬ ‫السياسية‬ ‫الطائفية‬ ‫فك ّرست‬ ‫الشخصية‪،‬‬

‫وجعلت منها داء عضاالً استرشى يف عروق‬ ‫الوطن‪ ،‬وجعل الوالء للطائفة بدالً من أن يكون‬ ‫وال ًء خالصاً للوطن نفسه‪ ،‬فسقط الوطن تحت‬ ‫وطأة هذه املعادلة الغريبة املش ّكلة من مافيات‬ ‫الزعامء الذين يسعى كل منهم إىل املحافظة عىل‬ ‫امتيازاته الخاصة دون االلتفات إىل مصالح الناس‬ ‫ومعاناتهم ورغباتهم للعيش يف وطن يحفظ‬ ‫فيه حق املواطن دون من ٍة وال ارتهان من أحد‪ .‬ومبا أن‬ ‫دولة القانون واملؤسسات ال ميكن أن تتحقق إال من‬ ‫خالل نرش حركة توعية منظمة وفاعلة تتوىل‬ ‫تعميم هذه األهداف والنضال من أجلها‪ ،‬فسوف‬ ‫يبقى لبنان ضمن دويالت وكانتونات طائفية غري‬ ‫معلنة‪ ،‬وستكون النتيجة حرباً جديدة سيدفع‬ ‫مثنها أوالدنا كام دفعنا نحن مثن الحرب املاضية‪.‬‬ ‫فهل ميكن لتيار يحمل هذه األهداف ويعمل عىل‬ ‫تحقيقها‪ ،‬أن يكون محصوراً يف إطار مناطقي‬ ‫كام تقولني؟ وهل ميكن ألحد ما أن يشكك يف‬ ‫مصداقية حالته الوطنية؟‬ ‫“تيار التوحيد” يحوي العديد من مختلف‬ ‫الطوائف ومنهم قياديون أكفاء معروفون‪ ،‬ويف‬ ‫املكتب السيايس بالذات‪ ،‬كام يف مجلس األمناء‪.‬‬ ‫هؤالء مل يكن ليتسنى لهم االنتساب إىل “تيار‬ ‫التوحيد” وتبوؤ قيادته لو مل يكن إميانهم مببادئ‬ ‫التيار ومسريته النضالية حقيقة وواقعاً‪.‬‬ ‫نرى عىل شاشات التلفزة يف بعض األحيان‬ ‫بعض من حرضات مشايخ هيئة العمل‬ ‫التوحيدي برفقة رئيس التيار‪ ،‬ما مدى ارتباط‬

‫هذه الهيئة بالتيار؟‬ ‫هيئة العمل التوحيدي هي جمعية خريية‬ ‫مستقلة وغري مرتبطة بـ “تيار التوحيد”‪ ،‬مثلها‬ ‫مثل العديد من الجمعيات الخريية األخرى التي‬ ‫تعمل يف سبيل الرب واإلحسان‪ .‬والعالقة التي‬ ‫تجمع هذه الهيئة بـ “تيار التوحيد” هي عالقة‬ ‫محض خريية‪ ،‬يعمل التيار عىل رعايتها كام‬ ‫يعمل عىل رعاية غريها من الجمعيات الخريية‬ ‫املامثلة‪ .‬أما سبب تواجد بعض من أفرادها إىل‬ ‫جانب الرئيس يف بعض زياراته الرسمية للرؤساء‬ ‫ورجال الدولة‪ ،‬فهو بناء عىل طلبها لتتمكن‬ ‫من توثيق معرفتها بالساسة واملراجع من رجال‬ ‫الدولة ليس إال‪ .‬وال بد من القول هنا أن هذه الهيئة‬ ‫قد برهنت عن مواقف وطنية وقومية مميزة طيلة‬ ‫املحنة السياسية التي عصفت بلبنان‪ ،‬وال غرو‬ ‫يف ذلك فرتاث الطائفة املعروفية مرتبط إرتباطاً‬ ‫وثيقاً مبنارصة كل القضايا القومية والوطنية‬ ‫املحقة والتاريخ يشهد عىل ذلك‪.‬‬ ‫السؤال األخري قبل أن نتمنى لكم مؤمتراً‬ ‫حاف ًال بالنجاح والتوفيق‪ .‬هل سيعمد املؤمتر‬ ‫إىل تجديد والية الرئيس الرفيق وئام وهاب‪ ،‬أم‬ ‫سيكون هناك رئيس جديد لـ “تيار التوحيد”؟‬ ‫هذا يعود لقرار املكتب السيايس الجديد الذي‬ ‫له وحده الحق بانتخاب الرئيس ولن يتسنى لنا‬ ‫معرفة ذلك إال بعد انتهاء أعامل املؤمتر‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬

‫وزارة البيئة تتأرجح بين المصالح العامة والمصالح الشخصية المناطقية‬ ‫موازنة الوزارة تتوزع بحسب المحاصصة والمحسوبيات الشخصية‬ ‫مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬تفاءل‬ ‫الجميع خرياً بتسلم الوزير محمد رحال حقيبة‬ ‫وزارة البيئة اللبنانية‪ ،‬إذ أن تسلم شاب متح ّمس‬ ‫للعمل الوزاري العام ولخدمة الوطن تجعل التفاؤل‬ ‫س ّيد املوقف‪.‬‬ ‫ال شك أن معاليه عمل بج ّد ونشاط عىل‬ ‫امللفات البيئية التي تستلزم اهتامماً رسيعاً‪،‬‬ ‫وهذا ما ال ميكن تجاهله‪ ،‬ولكن ماذا عن موازنة‬ ‫الوزارة وكيفية توزيعها؟ وهل ُتن َّفذ بالشكل‬ ‫الصحيح وبالتساوي بني البلديات؟‬ ‫يف الحقيقة‪ ،‬ما يحصل ضمن مكاتب وزارة‬ ‫البيئة ال ميكن تجاهله‪ .‬نتط ّرق لهذه املواضيع بعد‬ ‫إرسالنا كتاباً رسمياً ملعايل الوزير رحال إلجراء‬ ‫مقابلة حول وزارة البيئة وامللفات املنجزة وتلك‬ ‫التي ُيحضرّ للعمل عليها‪ ،‬وبعد موافقة معاليه‬ ‫ثم إلغاؤه فيام بعد‪.‬‬ ‫وإعطاءنا موعداً للمقابلة‪ّ ،‬‬ ‫بالحديث عن املوازنة والرصف العشوايئ لها‬ ‫وتوقيع مشاريع لبلديات دون أخرى‪ ،‬تبينّ ّ‬ ‫بأن املبلغ‬ ‫املرصود للوزارة كموازنة هو ‪ 170‬مليون ل‪.‬ل‪ ،‬بينام‬

‫املساهامت التي و ّقع عليها الوزير رحال فاقت‬ ‫‪ 459‬مليون‪ ،‬والالفت أن املبالغ ا ُملو َّقع عليها تعود‬ ‫ألربع بلديات يف البقاع الغريب وبلدية يف الجنوب‪،‬‬ ‫وهذا طبعاً يعود إىل كون الوزير رحال ينتمي إىل‬ ‫تلك املنطقة‪.‬‬ ‫ما يثري تساؤلنا هو مدى اإللتزام مببدأ اإلمناء‬ ‫املتوازن بني البلديات واألولويات البيئية مثل مك ّبات‬ ‫ومكب صيدا وغريها‪ ،‬وكيفية‬ ‫الك ّيال يف بعلبك‬ ‫ّ‬ ‫املصلحة‬ ‫عىل‬ ‫الشخصية‬ ‫املصالح‬ ‫تفضيل‬ ‫العامة؟ ويف معلومات خاصة لـ”منرب التوحيد”‪،‬‬ ‫علمنا ّأن هذه امللفات “املناطقية” تو َّقع بعدم‬ ‫موافقة املدير العام لوزارة البيئة د‪ .‬برج هاتجيان‬ ‫ألنه يف إجازة قرسية – بالتأكيد إلبعاده عن أجواء‬ ‫األعامل التي مت ّر من “تحت الطاولة” – وبسبب عدم‬ ‫موافقته عىل األعامل التي ال تلتزم مببادىء اإلمناء‬ ‫املتوازن وبتفضيل املحسوبيات لتمرير مشاريع‬ ‫لبلديات دون أخرى‪ ،‬وانتهت هذه اإلشكالية بتعيني‬ ‫مدير عام بالوكالة يف غياب املدير العام الرسمي–‬ ‫واألول بال شك يوافق عىل هذه األمور بكل تفانٍ‬

‫‪27‬‬

‫للمصالح الشخصية والوزارية ملعاليه‪.‬‬ ‫ما يثري االستغراب هو الحديث املن ّمق الذي‬ ‫قرأناه ملعايل الوزير رحال يف أكرث من مقابلة‬ ‫والذي أكد خاللها أنه “ليس كل يشء موازنة‬ ‫ومال”‪ ،‬إذاً ملاذا يتم املوافقة عىل تفضيل بلديات‬ ‫عىل أخرى‪ ،‬وما املشاريع التي تهتم هذه األخرية‬ ‫لتنفيذها بعكس بلديات أخرى؟‬ ‫وماذا عماّ قاله الوزير رحال عن أهمية الحوار‬ ‫والنقاش؟ هل ينفذ هذه التقنية بني موظفي‬ ‫الوزارة‪ ،‬أم ّأن تفاين املدير العام يف عمله يستحق‬ ‫مقابلته بتلك اإلجازة وبتعيني بديل بالوكالة‬ ‫إلمتام ما يلزم من مخالفات؟‬ ‫أسئلة كثرية نضعها برسم املسؤول عن‬ ‫هذه امللفات‪ ،‬عىس أن يكون لدى معاليه الوقت‬ ‫الكايف للنظر الدقيق فيام عرضناه‪ ..‬فالبيئة‬ ‫مهمة‪ ،‬ووزارتها من أهم الوزارات يف حكومات‬ ‫الدول‪ ،‬وال سبيل للتالقي بني البيئة واملصالح‬ ‫الض ّيقة‪.‬‬

‫سايل نوفل‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫احتفل في بيصور بتوقيع كتابه األول بحضور وهاب وشخصيات‬ ‫الشيخ حسام نصار ي ٌد كتبت‪ ..‬فأثم َرت «مختارات من درر الكالم»‬ ‫حسام‬ ‫األدبية‪،‬‬ ‫رابطة‬ ‫الدامئة‬

‫هو كتابه األول‪ ،‬اختاره أمني رس هيئة العمل التوحيدي الشيخ‬ ‫ٍّ‬ ‫والحكم واألمثال‬ ‫بتأن‪ ،‬فكان مجموعة من اآلراء الفلسفية‬ ‫نصار‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫لتصدر ضمن كتاب فريد القى استحسان الحضور الذي اجتمع يف‬ ‫بيصور الثقافية ليؤكد عىل مح ّبته للكاتب‪ ،‬وعىل مواكبته‬ ‫لإلنتاجات األدبية والثقافية والرتبوية‪.‬‬ ‫نصار إىل‪“ :‬الناظرين بعني العقل‪ ،‬إىل الناهلني‬ ‫ٌ‬ ‫كتاب أهداه الشيخ ّ‬ ‫من ينابيع العلوم التوحيدية‪ ،‬إىل حافظي سياج الحكمة‪ ،‬إىل رافعي راية‬ ‫التوحيد‪ ،‬إىل النخبة الذين حرروا عقولهم‪ ،‬فتحرروا”‪.‬‬ ‫ييضء الكتاب عىل جوانب ثقافية متعددة‪ ،‬ومواد أدبية متنوعة وأقوال‬ ‫رست عىل ألسن الحكامء‪ ،‬فحملها التاريخ لتصبح سنناً وأعرافاً‬ ‫وأمثال َ‬ ‫لألنام‬ ‫ويحتوي الكتاب كلامت فلسفية متد ّينة حيث كتب يف غالف الكتاب‪:‬‬ ‫“بواسطة نورك الشعشعاين يا ُمعقل العقول‪ ،‬خرجنا من ظلمة الجهل إىل‬ ‫ضياء املعرفة الكونية السمحاء‪ ،‬فألهمنا دامئاً أن نبقى يف كنف طبا ِئ ِعك‬ ‫الول ّية التي بها نسعى إىل إدراك حقائق التوحيد الرسمدية”‪.‬‬ ‫نصار كتابه “مختارات من درر الكالم” يف مركز‬ ‫من هنا‪ ،‬و ّقع الشيخ حسام ّ‬ ‫رابطة بيصور الثقافية‪ ،‬بحضور سامحة شيخ عقل طائفة املوحدين الشيخ‬ ‫نرص الدين الغريب ممثال بالشيخ نزيه العرييض‪ ،‬رئيس “تيار التوحيد” اللبناين‬ ‫الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬ونائبه الشيخ سليامن الصايغ‪ ،‬رئيس ومؤسس‬ ‫جامعة الحضارة اإلسالمية املفتوحة يف العامل الربفسور الدكتور الشيخ‬ ‫مخلص أحمد الجدة‪ ،‬سعادة النائب الدكتور أنطوان حتي‪ ،‬مسؤول منطقة‬ ‫الجبل يف “حزب الله” الحاج بالل داغر‪ ،‬منفذ عام الغرب يف الحزب السوري‬ ‫القومي االجتامعي عامد العرييض‪ ،‬مدير مديرية بيصور يف الحزب وسام‬ ‫العرييض‪ ،‬وكيل داخلية منطقة عاليه الثانية يف الحزب االشرتايك وسام‬ ‫القايض ممث ًال األستاذ هيثم مالعب‪ ،‬أعضاء تيار املجتمع املدين املقاوم ‪ ،‬رئيس‬ ‫لجنة األرسى املحررين من السجون االرسائيلية يف الجبل أديب مالعب‪ ،‬رئيس‬ ‫هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح ضو وأعضاء الجهاز اإلداري ومسؤويل‬ ‫املناطق يف الهيئة‪ ،‬رئيسة املؤسسة التوحيدية للخدمات االجتامعية‬ ‫السيدة لني وهاب‪ ،‬القايض األستاذ فادي العرييض‪ ،‬رئيس اللجنة الثقافية‬ ‫يف رابطة آل زهر الدين عزات زهر الدين‪ ،‬رئيس بلدية بيصور وليد أبو حرب‬ ‫وأعضاء املجلس البلدي واإلختياري‪ ،‬رئيس رابطة بيصور د‪ .‬عدنان العرييض‬ ‫وأعضاء الهيئة اإلدارية يف الرابطة‪ ،‬جمعية اإلتحاد النسايئ التقدمي‬ ‫ممثلة بالسيدة مي مالعب‪ ،‬زوجة الشهيد صالح العرييض السيدة سعدى‬ ‫العرييض‪ ،‬وفد من الهيئة التعليمية يف مؤسسة العرفان‪ ،‬وفد من الهيئة‬ ‫التعليمية يف مؤسسة اإلرشاق‪ ،‬مدير مدرسة عرمون الرسمية نظام‬ ‫الحلبي‪ ،‬رؤساء وأعضاء املجالس البلدية واالختيارية يف البلدات املجاورة‪ ،‬ممثيل‬ ‫الجمعيات االهلية والخريية واالتحادات والروابط االجتامعية‪ ،‬مدراء املدارس‬ ‫والهيئات الرتبوية والتعليمية يف مدارس بيصور‪.‬‬ ‫وألقيت باملناسبة قصائد وكلامت ثقافية‪ ،‬أشادت بالكتاب ومحتواه‬ ‫الثقايف والرتبوي الق ّيم‪:‬‬

‫رجا مالعب‬ ‫ع ّرف الحفل األستاذ رجا مالعب يف كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫أن تكتب مقاالً يف السياسة أو مطالعة أدبية أو رأي يف حدث معينّ ‪،‬‬ ‫بديهي أنك لن تقع يف التباس الفكرة أو التحليل كون الكتابة حينئذ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫هي تعبري عن أهدافك أو تجديد‬ ‫ألفكارك وأنت مستعد دامئاً‬ ‫لتدافع عن أقوالك وأفكارك‬ ‫وقناعاتك‪ .‬أ ّما الكتابة عن اآلخر‬ ‫فتوجب الرت ّوي والتم ّعن لحظور‬ ‫الوقوع يف إشكالية املوايل‬ ‫واملعارض ملا تقول‪ ،‬لكنّي هنا أرى‬ ‫نفيس خارج مساحة التساؤل‪،‬‬ ‫فالكاتب أخاً عزيز وصديق صادق‬ ‫ورفيق خيارات وقناعات‪ .‬الشيخ‬ ‫حسام نصار وكتابه “مختارات‬ ‫من درر الكالم” هذا العبق‬ ‫الكثيف من الجامل يضعك يف‬ ‫دائرة الرتدد وصعوبة االختيار من‬ ‫أين تبدأ وما الذي ستقوله‪ ،‬فرتاه‬ ‫قد صادر حل َو الكالم وروح األشياء‪،‬‬ ‫واستأثر بجميل األلفاظ فاخترص الحلم والعِبرَ ليقدّمهم باقة رائعة ال‬ ‫متتلك إ َّال القول أن يف بالدنا من مل يطال اللون الفكري ثقافته‪ ،‬ومل تخرتق‬ ‫التش ّوهات ذاكرته وال آفاق وجدانيته‪ ....‬لن أدخل يف ترشيح الكتاب فهذا من‬ ‫اختصاص الكاتب لكن وبرأيي كقارىء متواضع أزعم أن املقاربة بني التص ّوف‬ ‫وواقع العرص ليس بالسهل إ َّال إذا اقرتن اإللتزام الديني باملسلك االجتامعي‪،‬‬ ‫فتغدو الرؤية محددة ال تأخذ بشكل األشياء بل مبضمونها الناصع‪ ،‬وهو ما‬ ‫بعبارات ال يدّعي أب ّوتها إمنا آمن بها‬ ‫حاول الشيخ حسام قوله يف كتابه‬ ‫ٍ‬ ‫ورصعها بطيب كالمه ويستخلص منها‬ ‫وأعطاها من روحه وعطر معانيه‬ ‫ّ‬ ‫ما تختزن من حكم‪ ،‬وينرثها حنطة يف صحراء ثقافتنا العربية ع ّلها ُتسهم‬ ‫ولو بالقليل يف تصويب ما انحرف من تش ّوهات وافرتاءآت عىل أغلب ما نقرأ‬ ‫وما ترى‪ .‬وتكون كام القول املأثور الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة جذورها‬ ‫يف األرض وأغصانها يف السامء‪ ،‬وأخاله يقول أن الجامل موجود يف الحس‬ ‫والعقل كوجود الخالق واملخلوق‪ .‬واملخلوق ليس بحقل تجارب‪ ،‬إمنا هو استمرار‬ ‫لعناوين الجامل والخري وتفاعل بني قدرة الخالق وإستجابة الخلق‪.‬‬ ‫هذا الجدل الثقايف يجب أن يؤدي إىل اصطفافات جديدة وحاسمة تدعونا‬ ‫إىل الخروج من رتابة الرصاع وعدم اإلنجرار إىل ساحات مواجهة يختارها لنا‬

‫‪28‬‬

‫اآلخرون بعناوين مسبقة وأهداف حدّدوها نقيضة ألهدافنا وتغييباً لقضايانا‬ ‫وقد نقع أحيانا يف متاهاتها تحت شعارات باتت سائدة يف مجتامعاتنا‬ ‫وشكلت عقبة أمام تقدم وتطور شعوبنا‪ .‬باختصار نقول نحن منلك السالح‬ ‫األمىض يف هذا املجال‪ ،‬إنه ثقافتنا املقاومة‪ ،‬هذا هو املوضوع‪ ،‬وهو جوهر‬ ‫القضية مهام ارتفعت الصيحات وأخذت من أشكال‪ ،‬فخطاب سيادي من‬ ‫هنا وحب للحياة من هناك وثقافة املوت ومحكمة دولية ال تصلح حتى‬ ‫كملهى لييل وثورة اتصاالت ومعلومات أين منها اليوم ِم َّمن يعتنق ثقافة‬ ‫املقاومة واإلنتصار‪ .‬نعم أيها السادة فبثقافة العوملة د ّمروا اقتصاد العامل‬ ‫وأضحت مئات املاليني من البرش تحت خط الفقر بال مأوى وال فرص عمل وال‬ ‫طبابة وال غذاء‪ ،‬وبثقافة االقتصاد الح ّر واإلعتامد عىل الخارج كان اإلنهيار‬ ‫االقتصادي يف لبنان كنتيجة طبيعية ملفهوم االستدانة والهدر والتبعية‬ ‫وانعدام الرقابة واملحاسبة‪ ،‬وبالشحن الطائفي واملذهبي ح ّرفوا مضمون‬ ‫املواجهة وص ّوروا املقاومة إرهاباً‪ ،‬والتحرير انقالباً‪ ،‬واملطالبة بالتغيري والحقوق‬ ‫خرقاً للسيادة واإلستقرار‪ ،‬واليوم بالتحريض والزخم اإلعالمي املمسوك‬ ‫بالكامل من السيد األمرييك يع ّرضون البالد لإلنفجار كل لحظة رغم حرص‬ ‫َمن يستطيع الحسم بهذه املواجهة عىل عدم الوقوع يف هذا الرشك واالتجاه‬ ‫التصحر الثقايف الذي نشهده‬ ‫بالبالد نحو شاطىء األمان‪ .‬وتابع مالعب‪ :‬إن‬ ‫ّ‬ ‫اليوم هو جرمية موصوفة مفتعلة من دعاة رصاع الحضارات والسيطرة عىل‬ ‫هذا العامل عرب تشويه املفاهيم‬ ‫تارة والتدخل العسكري تارة أخرى‬ ‫كام نشهد يف منطقتنا العربية‬ ‫ويف العامل الت ّواق إىل الحرية‬ ‫والعدالة‪ .‬ويف الختام أقول أمام‬ ‫هذا الكم من الرصاعات ما زال‬ ‫هناك من يشقّ أمواج التخ ّلف‬ ‫وسياسات التجهيل بقلم واعد‬ ‫وثقافة ناصعة مقاومة ال تقف‬ ‫عند حدود املنع والتعتيم واملصادرة‪،‬‬ ‫عنوانها املقاومة وآفاقها النرص‬ ‫والحرية واإلنسان‪.‬‬

‫العرييض‬ ‫كام ألقى الشاعر توفيق العرييض قصيدة قال فيها‪:‬‬ ‫وح َرف‬ ‫أورو ّبا‬ ‫قدموس أبحر عن شواطي صـور وإختو‬ ‫َ‬ ‫الجهل‬ ‫لداء‬ ‫الحرف أرشق مثل شمس النـور استأصل‬ ‫لسـان الفينيقي رِّسنـا‬ ‫ ‬ ‫واألبجـديـة ع ّمـت املعمــور‬ ‫تو ّزع‬ ‫كتاب‬ ‫وصار الحرف كلمة سطور سطور انطبعـو‬ ‫محصني‬ ‫ثروة‬ ‫والعلـم‬ ‫بسـهول فـي أفكـارنـا مبـذور ‬ ‫ّ‬

‫والشيخ حسـام بشيلتو لباعـو‬ ‫مـن هال ِّن َعـم ض ّوت سام بيصور‬ ‫باللهفـة‬ ‫النـاس‬ ‫أصـدر كتابـو والسعي مشكـور واستقبلـوه‬ ‫وبنفوس عا خبز األدب جاعو‬ ‫الرس ما غابـك‬ ‫درر الكـالم‬ ‫ويـا شيـخ حسام معن ِون كتابك ‬ ‫ّ‬ ‫حسابك‬ ‫ضابـط‬ ‫فيهـا‬ ‫آراء‪،‬‬ ‫أفكـار‪ ،‬توجيه‪ ،‬وحكـم أمثال ‬ ‫ُ‬ ‫أحبابك‬ ‫الكـل‬ ‫األخ ّوي‬ ‫بعهـد‬ ‫شهـم توحيـدي مـن الع ّقـال ‬ ‫لركابـك‬ ‫املهمـاز‬ ‫طموحـك‬ ‫راعـي ا ُملهرية للغـة خيـال ‬ ‫آدابـك‬ ‫نهور‬ ‫الحقيقـة‬ ‫مـاء‬ ‫مبوقـع حسد إلهامـك الشالل ‬ ‫بابـك‬ ‫بينطـرق‬ ‫عالجاذبيـة‬ ‫دوحة ثقة والضيف مهام جال ‬ ‫تستطع بدر ما رح تبقى هالل‬ ‫كل األمل يف أي ظرف وحال ‬ ‫مرفوع قدرك عاليي عتابك‬ ‫وال تخ ّلـي النفــس منظلمـه‬ ‫استقبل النور وتوه من ظلمه ‬ ‫الكلمــه‬ ‫للمدفــع‬ ‫بيس ّكـت املدفع دين أحيان وبتس ّكتـو‬ ‫لسلـم أهلـي حلمـك وحلمـي‬ ‫فتّـح األذان يـا لبنــان‬ ‫ملوطن حضاري منوذجي وعلمي‬ ‫ونوضع أساس دهور للبنيان‬ ‫ونرفض ُقصاصة ظفر من قلمـي‬ ‫ويحافظ عىل قيمتـو اإلنسان ‬ ‫واألرز يجمـع زملـك وزملـي‬ ‫وندين فـي مجموعة األديان ‬ ‫بكلمة استعان ورج ّـح امليزان‬ ‫ح ّيوا حسام نصار عن إميان ‬ ‫الكلمة َصال‪ ...‬ص ّلوا عىل الكلمة‬ ‫بعروق قلبـك عـن ثقه فتنا‬ ‫ويـا رابطتنـا يـا ثقافتنـا‬ ‫سو ّيـه حملنـا شعـار إلفتنا‬ ‫وب ّلش يهنّي فردنـا املجموع‬ ‫مقامـات منهـا رمـز عفتنا‬ ‫نذرنا وضوينا العرشة شموع ‬ ‫مبكـارم األخـالق‪ ...‬ل ّفتنا‬ ‫بيصور قدس ّية يا احىل ربوع ‬ ‫تحـت بريق تـاج‪ ...‬ل ّفتنا‬ ‫رس البهاء بأرضهـا مودوع ‬ ‫ّ‬ ‫فتنـا وغلقنـا خلفنا درفتنا‬ ‫وجهو طلوع ‬ ‫بوصلة امليثاق ّ‬ ‫بحـرارة اإلميـان ‪ ...‬دفتنا‬ ‫عنـد اللـه قدرهـا مرفوع ‬ ‫للسيـف‪ ،‬ولغـدر الزمـن‬ ‫بتفتـح سبـع إيام باألسبوع ‬ ‫للضيف كام الكرامي من ضيافتنا‬ ‫شيوخنا األجالء الضيوف األهل الصحاب ستاتنـا‪ ،‬نجوم ا ُملضيئـة‪ ،‬والشبـاب‬ ‫إلجـالل إسـم اللـه طاعـة مننحنـي طاب املسا والصبح يف بيصور طاب‬ ‫الرجعوا تراب وحافظـوا عاهالرتاب‬ ‫لشهدائنـا الرحمــة بنفـوس املؤمنـه ‬ ‫ّ‬

‫برشاعو‬ ‫أوجاعـو‬ ‫ذاعـو‬ ‫شعاعـو‬ ‫قالعـو‬

‫‪29‬‬

‫ويـا شيـخ حسـام الزرع ح ّقك تجتني تكدّس عا بيـدر فكـرك غالل األدب‬ ‫موحـد الخلـوة‪ ،‬الكنيسـة‪ ،‬امليذنـه وأ ّميت باملحـراب ولغيـت لحراب‬ ‫يـا ّ‬ ‫و ّقـع كتـاب فــي بالط السلطنــه وكلنــا للرابطــة باإلنتســاب‬ ‫صفحـات فـي درر الكـالم مز ّينـــه وقال الحكيم بحكمتو ورأيو الصواب‬ ‫بيـت أو يعقـب ولـد أ ّمـا كتاب”‬ ‫نت‬ ‫“ال يحيـا إنسـان مــا لــم يب ِ‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬ ‫مالعب‬ ‫كام كان قصيدة‬ ‫للشيخ‬ ‫صالح الدين مالعب‬ ‫جاء فيها‪:‬‬

‫والفكر يف مضمونها املأثور جـال‬ ‫فتحـت عيني عا سطور من الحكم‬ ‫ّ‬ ‫واجهـت ُملهـم ف ّذ للحكمـة احتكم وبجود صاخب جال يف أوسع مجال‬ ‫وبحس عقالنـي رهيـف اإلعتدال‬ ‫وبخـط توحيدي نقـي صايف التزم‬ ‫ّ‬ ‫مـن طالب النعمة وهتافو للوصال‬ ‫ق ّرب حقيقـة مصدر نبـوغ النعـم‬ ‫تـ ّواق للنـور البهــي وللكمـال‬ ‫شيـخ وهـج النور يف قلبو حمـم‬ ‫ّ‬ ‫ولخص بعرفانـو الثمني من الغالل‬ ‫استقطب هدى العرفان من أنبل أمم‬ ‫وكان بحسام الشيخ أجمل مـا حسم أرسـى مبختارات من درر الجامل‬ ‫وارتاح وهـج الروح من أيّ انفعال‬ ‫وتفسـر الحلـم ال بأعامقـو رسم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملا رشق نـور الهدى وسلسال سال‬ ‫ارتـاح الحسام الشيخ والثغر ابتسم‬ ‫فـي عزم سامـي يف جهاد وانشغال‬ ‫هونيـك كانـو أصحـاب الهمـم‬ ‫مهمـا سبيل الحـقّ باألهوال طـال‬ ‫ر ّواد هـاك الدرب شـدّو عالقيـم‬ ‫يبغى الوصول وض ّيعو وهم الوصال‬ ‫مـا طال درب وطالبو مأهّ ب عزم‬ ‫هيـذي فروس ّية ذكـي رام ّ‬ ‫بيم مواهبو جواهـر جامل‬ ‫الشمـم‬ ‫وأبحـر ّ‬ ‫رسساب عقلـو فـي خضم املعرفة‬ ‫وسـ ّر توحيـدي بـريء من السقم‬ ‫رسساب مالو يف سواه االنشغال‬ ‫ومن كرث مـا عرت الكتاب االهتامم ثـورة فقاهـة يف صميم القلب قام‬ ‫وعّـى كالم ملوكهـا ملوك الكالم‬ ‫ثورة مجاهـد صادقة خالـي الشكوك‬ ‫ذو خلق عايل وقدر غايل ومجد سام‬ ‫يـا ابـن بيصـور الحبيب بيعرفوك‬ ‫ملّـا صفوف هاألمة تشدها لإللتحام‬ ‫بـدّو يـراع الحـقّ ميضيلك صكوك‬ ‫نحنـا بنـو التوحيـد من أنبل سلوك ف ّواح أشهـى طيب من عطر الخزام‬ ‫توحيدنـا مبنـي بهدى أصدق ملـوك مسنود عـا صخـر األزل منذ القيام‬ ‫يـا ص ّفنـا املبني عىل أصدق يقني‬ ‫لـو اهتـ ّز كـل الكون مــا بيهزوك‬ ‫انت الرعيل االويل ونحنا الختام‬ ‫بوجـه الضيوف اليـوم يـا بيصور‬ ‫وش ّعـي فـرح وتبسمــي بالنـ ّور‬ ‫نساكـك وعــي الدستـور‬ ‫مـن قلـب محرابـك وعـي التقدير وبقلـب ّ‬ ‫شـاف حـالـو بخلوتـك مسـرور‬ ‫وفـاق الهـدى مـن خلوتـك ب ّكيـر‬ ‫مجـدك مـرايـة خيـر للمعمـور‬ ‫أوحـى لر ّبــو تعمـري ويصيـر‬ ‫ومـن فضـل الله اإلسم صار كبري مشهـور وبصخـر األزل محفـور‬ ‫بربوعـك منستقـبـل الجمهــور‬ ‫واليـوم كـل املناسبــي بتصري‬ ‫وبـألـف باقـة زنبـق ومنثــور‬ ‫وفـي ألـف أهـال ومرحبا وتقدير‬ ‫شعـري وحنينـي وردّنـي مأسـور‬ ‫وبحضور ابـو هادي خرس تعبري‬ ‫بقلوبنــا وبصدورنــا مغمــور‬ ‫يـا ألـف أهـال فيك ضيف كبري ‬ ‫ومش بـس وحـدك كـل مني بيزور‬ ‫البيـت بيتـك أصـدق التعبيـر‬ ‫وإ ّم لـلـز ّوار ‪ .........‬واألحــرار‬ ‫بيصورنــا ه ّيـي إم للتحريـر ‬ ‫وقبلة رجال الفكر باملعمور‬

‫نور الدين‬

‫كام كانت كلمة ُمرتجلة من وحي املناسبة للدكتور غالب نور الدين أضاء‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫فيها عىل عدة جوانب تربوية‬ ‫املفصل‬ ‫وأدبية‪ ،‬يف معرض توصيفه‬ ‫ّ‬ ‫عن محتوى الكتاب وما يتض ّمنه‬ ‫من أقوال يف شتّى املجاالت‪ ،‬وتحدّث‬ ‫بإسهاب عن مدرسة األمري الس ّيد‬ ‫جامل الدين عبد الله التنوخي‬ ‫(ق)‪ ،‬يف األدب والرتبية وإدارة شؤون‬ ‫املجتمع الديني والزمني والنهوض‬ ‫من حالة الركود الفكري املسيطر‬ ‫عىل الواقع اإلجتامعي يف عرص‬ ‫العوملة اآلخذة يف التغلغل داخل‬ ‫البنى الفكرية لكافة املجتمعات‬ ‫والعائالت‪،‬‬ ‫واألرس‬ ‫والتج ّمعات‬ ‫القيم‬ ‫روابط‬ ‫بذلك‬ ‫مفككة‬ ‫االجتامعية والدينية التي كانت عرب التاريخ أساساً متيناً لبناء املجتمعات‪،‬‬ ‫ومن ثم قدّم مقاربة عن كيفية ترجمة األفكار البنّاءة وتوظيفها يف الحياة‬ ‫االجتامعية والدينية وحتى السياسية منها‪ ،‬وعن عالقة اإلنسان بأخيه‬ ‫اإلنسان‪ ،‬عرب التواصل الفكري واألديب‪ ،‬ومن ثم التواصل والتعامل مع اآلخر‬ ‫يف الشؤون الحياتية واعتامد النظم األخالقية أساساً مهماّ ً يف العالقات‬ ‫اإلجتامعية‪.‬‬ ‫أما يف املوضوع السيايس‪ ،‬فاخترص الدكتور نور الدين القول عن الثقافة‬ ‫السياسية وأهمية تعميمها عىل كافة األحزاب والتيارات والتنظيامت‬ ‫العاملة عىل الساحة السياسية يف لبنان‪ ،‬يك تصبح الثقافة السياسية‬ ‫قاس ًام مشرتكاً يضمن االحرتام املتبادل بني األخصام السياسيني‪ ،‬كام‬ ‫الحلفاء‪ ،‬مرتج ًام بذلك أفكار أنطون سعادة يف نظرية نشوء األمم‪.‬‬ ‫كام تط ّرق ملوضوع املحكمة الدولية الخاصة بلبنان‪ ،‬وما قد يجلبه القرار‬ ‫الظني من نتائج سلبية عىل لبنان واملنطقة‪.‬‬ ‫وقد القت كلمة د‪ .‬نور الدين إستحساناً بارزاً لدى الحضور ملا فيها من‬ ‫رشح دقيق للواقع ا ُملعاش‪.‬‬

‫نصار‬ ‫الشيخ ّ‬ ‫ويف الختام قدّم مؤلف الكتاب الشيخ حسام نصار قراءة مسهبة للكتاب‬ ‫الذي جاء تحت عنوان “مختارات من درر الكالم”‪ ،‬ويتضمن مقتطفات وجدانية‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫وآراء فلسفية‪ ،‬حكم وأمثال أدبية‪ ،‬من أقوالِ حكامء الرب ّية‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫متواضع أعددنا ُه عرب رحلة املطالعة يف أسفا ٍر عدة‪ .‬أردنا من خالله اإلضاءةَ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبية متعددة‪ ،‬وأقوال وأمثال رست عىل‬ ‫عىل جوانب ثقافية متنوعة‪ ،‬ومواد‬ ‫ً‬ ‫ألس ِن الحكامء فحملها التاريخ فأصبحت سنناً وأعرافا لألنام‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الوجدانيات ما يطمنئ النفوس‪ ،‬ومن اآلراء ما يجيب عىل‬ ‫كتاب فيه من‬ ‫ِ‬ ‫تساءالت العقول‪ .‬بكالم منثور وموزون‪ ،‬ميتاز بوقدة العاطفة‪ ،‬ورجاحة الفكر‪،‬‬ ‫سن السبك‪ ،‬وروعة البيان‪ ،‬وصدقِ اللهجة‪ ،‬وجاملِ املنطق‪،‬‬ ‫وسم ِّو املعاين‪ُ ،‬‬ ‫وح ِ‬ ‫الحجة‪ ،‬توجه به حكامء الربية إىل عامل السواد األعظم‬ ‫وعمق التأثري‪ ،‬وقوة‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫رغم تفاوتهم من حيث األفكار واألذواق والقناعات واإلدراكات‪ ،‬ليك تكون‬ ‫املعرفة الحكمية كاملطر املنهمر من سحابة العقل الغزير إىل أرض النفوس‬ ‫وساحات القلوب‪.‬‬ ‫فالحكامء خاطبوا الناس مبا يعقلونه‪ ،‬وحدّثوهم مبا يفهمونه‪ ،‬وساقوا‬ ‫إلي ِهم من األفكار واملعاين ما يناسب تفكريهم ويلتقي ومستوى‬ ‫ثقافت ِهم‪.‬‬ ‫كتاب أردنا بواسطته الظهور إىل مجتمعنا بوج ٍه ثقا ّيف جديد‪ ،‬يف عرص‬ ‫طغى فيه القناع املادي عىل الوجه الحقيقي املرشق لثقافتنا ال ّرباقة‪ .‬تلك‬ ‫الثقافة التي تفلتت من قيود الجامدات وطافت مسافرة يف رحاب الفضاء‬

‫‪30‬‬

‫فعكست‬ ‫الواسع‪،‬‬ ‫املعريف‬ ‫يف ذاتها شعاعاً نورانياً‬ ‫مقتبساً من ضياء أنوار العقل‬ ‫فاستقبلته‬ ‫الشعشعاين‪،‬‬ ‫النفسية‬ ‫الجواهر‬ ‫أصحاب‬ ‫فأضاءت نفوسهم مبا قابلها‬ ‫من لطائف أنوار الحقائق‪ ،‬فتألأل‬ ‫ضياء أهل النور عرب كل األزمان‬ ‫ّ‬ ‫عشاق األزل الذين‬ ‫والعصور‬ ‫مخروا بحور العلم واألمل‬ ‫بسفن الج ِّد والجهد والعمل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الغ ّواصون يف ُل َجج املعرفة‪،‬‬ ‫الجاهدون بحثاً ومتحيصاً بغية الوصول اىل معرفة أعامق النفس املتحركة‬ ‫بالعقلِ املحرك مركز النظام االلهي يف الكون‪ ،‬الجوهر الذي يفعل وال ينفعل‪،‬‬ ‫املثابرون دوماً حتى تنجيل أمامهم غوامض الحكمة األزلية حيث شجرة‬ ‫الحياة‪ ،‬حيث إكسري الخلود‪ ،‬حيث جنة املأوى‪.‬‬ ‫إنهم األخناتونيون الصادقون‪ ،‬واألفالطونيون الصادقون‪ ،‬والهرمسيون‬ ‫الصادقون‪ ،‬واملسيحيون الصادقون‪ ،‬واملسلمون الصادقون‪ ،‬والصحابيون‬ ‫الصادقون‪ ،‬والصوفيون الصادقون‪ .‬إنهم باختصار املوحدون الحقيقيون‬ ‫حافظو سياج الحكمة‪ ،‬ورافعو مداميك الحضارات البرشية‪ ،‬الذين حملوا‬ ‫شعلة التوحيد ونور اإلميان يف عقولهم ونفوسهم‪ ،‬وحافظوا عليها يف‬ ‫خبايا وجدانهم‪ ،‬وراعوها يف أفكارهم وأقوالهم وأفعالهم‪ ،‬فطافوا سابحني‬ ‫فرحني مستبرشين متأملني يف الفضاء العقيل الالمحدود‪ ،‬وع َّرجوا اىل‬ ‫أرقى درجات الصفاء الروحي واإلمياين ودخلوا يف هدوء وطأمنينَة وسكون‪،‬‬ ‫فإذا بالسكون يولد الحركة‪ ،‬حركة تالقى فيها الدين بالفلسفة‪ ،‬وامتزجت‬ ‫العلوم الغيبية بالحياة العلمية وتزاوج العلم الحديث بالحكمة األزلية‪ ،‬والتأمل‬ ‫بالحياة العملية‪ .‬فعندها زقزق عصفور الروح من داخل قفص الجسد‪ ،‬فكانت‬ ‫زقزقته بالحقيقة انتفاضة فينيق نفض الرماد من عىل جناحيه وحلق عالياً‬ ‫عالياً‪ ،‬بعيداً عن مستنقع املادة وكثافة الجسامنيات الحادة‪ ،‬ونظر إىل القرية‬ ‫الكونية الصغرية‪ ،‬فرأى عظمة الخالق من خاللِ مخلوقاته‪ ،‬وجالل املك ِّون من‬ ‫خاللِ كائناته‪ .‬وأدهشته دقة نظام الكون إذ رأى أن كل يش ٍء يف الوجود يتبع‬ ‫ويسري وفقاً لنظام الدائرة حيث يبدأ من نقطة ومن ثم يعود اىل النقطة‬ ‫التي بدأ منها يك يستمر جديداً متجدداً‪ ،‬ونظر اىل ازدواجية السامء‬ ‫واألرض‪ ،‬والرب والبحر‪ ،‬والليلِ والنهار‪ ،‬والحق والباطل‪ ،‬والحلو واملر‪ ،‬فأدرك بأن‬ ‫ال بد للتوحيد أن يكون فرداً غري زوج‪ .‬ونظر اىل ثنائية تركيبة اإلنسان كونه‬ ‫وروح لطيفة يف آن معاً‪ ،‬فأدرك واقع ارتباط اللطيف بالكثيف‬ ‫جسم مادي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وهو أن الروح والجسد ال غنى إلحداهام عن اآلخر‪ .‬ونظر اىل النفس اإلنسانية‬ ‫فرآها نفساً عاقلة عاملة ح ّية جوهرية شفافة متولدة من بني النور والظلمة‬ ‫قابلة للصور الوضعية‪ ،‬فأدرك بالدالئلِ العقلية أفضلية النور عىل الظلمة‪.‬‬ ‫الروحي ملاهية‬ ‫بس من الوعي‬ ‫ونظر اىل املعرفة التوحيدية فرأى بأنها َق ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقة التي ال تتحقق إال عرب اإلميان بالعقل األرفع الذي يستمد قوته من‬ ‫قوة التأييد الذي ال يتغري مع تغريات املادة‪ .‬ونظر اىل العاملني الروحي واملادي‬ ‫وقارن بينهام فأدرك بأن العامل الروحي هو العامل الحقيقي‪ ،‬والعامل املادي‬ ‫هو العامل الوهمي‪.‬‬ ‫ثم بحث الفينيق‪ ،‬بحث عن العقيدة النابعة من إرادة املعرفة املتحررة من‬ ‫كلِ القيود‪ ،‬فأدرك بأن اإلرشاق الفكري يتدفق نزراً يسرياً من املخزون الروحي‪،‬‬ ‫فأي َقن بأنه ال ينفع نفساً إميانها إن مل تكن آمنت من قبل أو كسبت يف‬ ‫إميانها خرياً‪ .‬ثم أصغى اىل أعامق املايض السحيق فسمع صدى صوت‬ ‫التاريخ يحثه عىل استمرار البحث يف الذات عن مقاصد املسافرات‪ ،‬بغية‬ ‫الوصول اىل غاية الغايات‪.‬‬

‫الكتاب في سطور‪:‬‬ ‫“عندما تغوص يف‬ ‫تجد‬ ‫املطالعة‪،‬‬ ‫عامل‬ ‫البحر الذي ال تنتهي‬ ‫فكل‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫األسفار‬ ‫مؤ َّل ٍف نه ٌر ترفده روافد‬ ‫متنوعة يستقي منها‪،‬‬ ‫وكلام ارتوى ازداد شوقاً‬ ‫للمزيد‪ ،‬وكلام ازداد‬ ‫ارتقى‪ ،‬وكلام ارتقى‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫شف وصفى‪ ،‬وش ّعت‬ ‫متألقة‬ ‫السعادة‬ ‫النفس‬ ‫اطمئنان‬ ‫يف‬ ‫الساري مع‬ ‫وفرحها‬ ‫ّ‬ ‫كل رشفة من رشفات‬ ‫العذوبة التي تبعث‬ ‫يف الروح سعادة ويف‬ ‫النفس فرحاً‪.‬‬ ‫لعلك تجد أيها القارىء‬ ‫الكريم ما ُيسعدك يف فصول هذا الكتاب‪“ ،‬مختارات من درر الكالم”‪،‬‬ ‫مصنّفة يف فصول يحتوي كل فصل مجموعة أقوال تدور معانيها يف‬ ‫فلك من أفالك املعاين‪ ،‬مصنّفة مجموعة من روافد متن ّوعة عرب رحالت‬ ‫كتب ق ّيمة شتّى‪ ،‬كام تأخذ النحلة من كل األزهار ويصعب‬ ‫املطالعة يف‬ ‫ٍ‬ ‫أن تسألها من أي زهر ٍة أو ورد ٍة أو روض ٍة أخذت رحيقها”‪.‬‬ ‫فكانت تلك املشاهدات مبثابة‬ ‫بشحنات تسائلية ال‬ ‫الفكرية فتشحذها‬ ‫ٍ‬ ‫خربة حيا ٍة واحدة كالتي نحياها كافية‬ ‫تعرف الحقيقة عليك أن تع ّمق البحث‬ ‫املحيط الذي حولَك‪.‬‬ ‫فعاد الفينيق بتواضع‪ ،‬عاد الفينيق بتواضع اىل ذاته وعلم بأن ذاته هي‬ ‫جزء يسري من هذا الكل‪ ،‬فأدرك حجمه الحقيقي فعاد بخجلٍ عصفوراً‬ ‫صغرياً اىل قفص الجسد ونظر اىل ذاته يف جوهر صفاء مرآته فحدثته ذاته‬ ‫الجدل اللفظي وقالت‪“ :‬أيها اإلنسان‬ ‫بعبارات معنوية وجدانية بعيدة عن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لقد انتشلتك املعرفة من أمل التخبط يف مستنقع املادة وظلامت الجهل‬ ‫والجمود اىل الضياء والهدوء اىل االستقرار اآلمن يف دوحة الهداية ورياض‬ ‫اإلميان‪ ،‬واعلم بأن الثقافة التوحيدية عميقة الجذور ترضب يف أعامق املايض‬ ‫السحيق وتتصل باملستقبل‪ ،‬فعليك ربط املايض املجيد بالحارض الجديد‬ ‫بالتضحية بكل ما هو أدىن يف سبيلِ كل ماهو أرفع‪ ،‬واعلم بأن هذا الكون‬ ‫هو مكبرّ ٌ عنك‪ ،‬ولست أنت مص ّغ ٌر عنه‪ ،‬فاملحور هو اإلنسان أنت أيها اإلنسان‬ ‫أنت أيها الكل”‪.‬‬ ‫فحمد العصفو ُر الله سبحانه عىل سوابغ ِن َع ِمه‪ ،‬وشكره عىل عظيم‬ ‫فضله وكرمه ومننه‪.‬‬ ‫فكأنيّ به يقول‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫وأجل سلطانك‪ ،‬منك ابتدأ كل يشء‬ ‫اللهم ما أعظم شأنك‬ ‫“سبحا َنك‬ ‫َّ‬ ‫وإليك يعود ُّ‬ ‫فنجني يا موالي من الغفلة عن الحق القاصد‪ ،‬فمنك‬ ‫كل يشء‪ِّ .‬‬ ‫املرتجى واليك امللتجى‪ ،‬وأنت حسبنا وكفى وإليك يشري كل َمن دعى”‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫روابط مغناطيسية تجذب الومضات‬ ‫تكف عن طرح سؤالٍ واحد‪ .‬هل إن‬ ‫ملثلِ هذة املعرفة؟ فأىت الجواب ليك‬ ‫توسع دائرة البحث يف‬ ‫يف ذاتك ال أن ِّ‬

‫إعداد‪ :‬سايل نوفل‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫مقابلة‬

‫عضو المجلس التشريعي الفلسطيني سابقاً حسام خضر لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫أوسلو كارثة وطنية على الشعب الفلسطيني‬ ‫«منرب التوحيد» استقبلت املناضل الكبري‬ ‫حسام خرض عضو املجلس الترشيعي الفلسطيني‬ ‫(‪ ،)2006 – 1996‬القادم من الضفة الغربية‪،‬‬ ‫وحاورته حول آخر تطورات القضية الفلسطينية‬ ‫والهجوم االستيطاين الصهيوين الذي يستهدف‬ ‫األرايض الفلسطينية‪ ،‬وتهويد األرض ومحارصة‬ ‫السكان‪ ،‬وحسام خرض الوطني البارز الذي رفض‬ ‫الفساد بكل جرأة‪ ،‬وبكافة أشكاله‪ ،‬وقىض ستة‬ ‫أعوام يف املعتقالت اإلرسائيلية‪ُ ،‬وأبعد إىل جنوب‬ ‫لبنان عام ‪ 1988‬يف أول دفعة من مبعدي انتفاضة‬ ‫الحجارة‪ ،‬وأصيب بالرصاص الحي عىل يد قوات‬ ‫االحتالل مرتني‪ ،‬وخضع لإلقامة الجربية يف املنزل‬ ‫ملدة عام‪ ،‬واعتقل وكان يومها نائباً للمجلس‬ ‫الترشيعي الفلسطيني‪.‬‬ ‫كان لـ “منرب التوحيد” رشف استضافة املناضل‬ ‫حسام خرض‪ ،‬الذي طلب نقل تحياته للرفيق وئام‬ ‫وهاب الذي يفخر به شعبنا يف فلسطني‪ ،‬وعرب‬ ‫عن مشاعره الصادقة ومحبته للبنان املقاومة‬ ‫والعزة واآلباء‪ ،‬وهنا أسئلة الحوار‪:‬‬ ‫تسارعت وترية االستيطان الصهيوين بشكل‬ ‫كبري منذ االحتالل اإلرسائييل لألرض العربية‬ ‫عام ‪ ،1967‬ومنذ وطأت أقدام املستوطنني أرض‬ ‫فلسطني‪ ،‬وحتى قبل عام ‪ 1948‬كان الهدف‬ ‫الصهيوين هو احتالل األرض وإجالء السكان‬ ‫األصليني‪ ،‬ما املدى الذي وصل إليه االستيطان يف‬ ‫األرايض الفلسطينية؟‬ ‫أعتقد أن “إرسائيل” تحقق أهدافها عىل األرض‬ ‫من خالل التوسع االستيطاين الال محدود‪ ،‬حيث‬ ‫تقوم يومياً مبصادرة األرايض وتوسيع املستوطنات‪،‬‬ ‫ويقوم املستوطنون بنرش بؤر استيطانية جديدة‬ ‫عىل األرض‪ ،‬كام تقوم مبنع السكان الفلسطينيني‬ ‫من التحرك خارج ما يعرف باملناطق (أ‪ -‬ب) وكل بناء‬ ‫يف مناطق (ب) يجب أن يحصل عىل ترصيح من‬ ‫اإلرسائيليني الذين هم عادة ال مينحون الفلسطينيني‬ ‫تصاريح للبناء إال للتكاثر الطبيعي للسكان‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬وعندما يقوم الفلسطينيون يف‬ ‫البناء فإن “إرسائيل” تهدمها‪ ،‬بهدف التوسع يف‬ ‫مناطق (ب) والتي هي غالباً أراض مشاع‪.‬‬ ‫طبعاً هناك استيطان يأخذ الشكل الرسمي‪،‬‬ ‫وهو الذي تنفذه حكومة الكيان الصهيوين‪ ،‬وآخر‬ ‫غري رسمي تنفذه حركات استيطانية مدعومة‬ ‫من الحكومة وتقوم باملصادرة واالستيطان بحامية‬ ‫الحكومة اإلرسائيلية‪ ،‬والذي يعيش يف األرايض‬ ‫املحتلة يشعر أن هناك تكتالت استيطانية كبرية‬ ‫جداً غيرّ ت معامل الدميغرافيا عىل األرايض‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وبالتايل يصعب تصور إمكانية قيام‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫كيان سيايس فلسطيني يف ظل وجود االستيطان‪،‬‬ ‫بحيث ال يوجد مدينة فلسطينية إال ومحاطة‬ ‫بالكامل باملستوطنات‪ ،‬ويف القرى الفلسطينية‬ ‫مستوطنات يقوم املستوطنون فيها بقطع أشجار‬ ‫الزيتون وحرق األرايض‪ ،‬كام أن هناك تكتالت‬ ‫استيطانية كبرية جداً‪ ،‬متتد من شامل الضفة إىل‬ ‫جنوبها‪ ،‬ومن رشقها إىل غربها‪ ،‬ما ح ّول الضفة‬ ‫الفلسطينية إىل مزرعة لالستيطان الصهيوين‪،‬‬ ‫وهناك آالف من الدومنات أصحابها ال يستطيعون‬ ‫استغالل املوسم بزرعها‪.‬‬ ‫االستيطان يقوم بإنشاء شبكة متطورة جداً‬ ‫حديثة وواسعة من الطرقات‪ ،‬وهذه الطرقات‬ ‫تصادف عرشات آالف الدومنات وجميعها ممنوعة‬ ‫عىل الفلسطينيني‪ ،‬هذا شكل من األشكال التي‬ ‫متارسها سلطات االحتالل ضد شعبنا الفلسطيني‬ ‫لألسف الشديد “إرسائيل” استغلت االنتفاضة‪،‬‬ ‫حالة الحصار ومنعت تنقل الفلسطينيني يف‬ ‫سنوات االنتفاضة‪ ،‬بهدف توسيع االستيطان‬ ‫وزيادة عدد املستوطنات‪ ،‬ما يفرض عىل املقاوم‬ ‫الفلسطيني أن يضع خطة اسرتاتيجية القتالع‬ ‫املستوطنات ألن الحركة الصهيونية فلسفتها تقوم‬ ‫أساساً عىل االستيطان‪.‬‬ ‫هل هناك إمكانية لقيام دولة فلسطينية يف‬ ‫ظل وجود هذا الكم االستيطاين الهائل؟‬ ‫إذا مل ُيفرض عىل “إرسائيل” إزالة املستوطنات‪،‬‬ ‫ال ميكن ألي كيان سيايس فلسطيني أن يقوم‪ ،‬ألن‬ ‫الضفة الفلسطينية املحتلة مجزأة‪ ،‬من أقىص‬ ‫الجنوب إىل أقىص الشامل بفعل االستيطان‪،‬‬ ‫والوسط مفصول بالكامل عن الجنوب‪ ،‬ما يسمح‬ ‫بوجود ثالث تكتالت‪ ،‬سالفيت‪ ،‬عىل سبيل املثال‪،‬‬ ‫عدد املستوطنات فيها أكرث من عدد القرى‬

‫‪32‬‬

‫الفلسطينية‪ ،‬وال نستطيع أن نعتربها بأي شكل‬ ‫من األشكال عىل اتصال مع قلقية أو نابلس أو‬ ‫املدن القريبة منها‪ ،‬هذه التكتالت الفلسطينية‬ ‫هي معزولة بالكامل وبالتايل ال يستطيع املواطن‬ ‫الفلسطيني من نابلس أن يتوجه إىل أقرب قرية دون‬ ‫املرور يف مستوطنة أو أكرث‪.‬‬ ‫لنفرتض بأن هناك (فوائد) التفاقية أوسلو‬ ‫‪ ،1993‬من الذي استفاد من هذه االتفاقية‪ ،‬أليس‬ ‫االحتالل الصهيوين‪ ،‬ورمبا بعض الرشائح من‬ ‫املجتمع الفلسطيني التي راهنت عىل تسوية‬ ‫تحقق لها مصالح ذاتية عىل حساب القضية‬ ‫الوطنية؟‬ ‫أتفق مع هذا التحليل‪ ،‬حل اقتصادي‪ ،‬وهذا‬ ‫الحل لألسف استفادت من خالله فئة قليلة من‬ ‫الفاسدين من شعبنا الفلسطيني وتحديداً يف‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬وأوسلو أعطى‬ ‫مربراً لـ “إرسائيل” من أجل أن تقوم بأوسع حملة‬ ‫استيطانية لألرايض الفلسطينية‪ ،‬ومل يحل‬ ‫مشكلة الفلسطينيني‪ ،‬يف الحقيقة إن أوسلو‬ ‫ونتيجة لسوء القيادة الفلسطينية‪ ،‬أعتقد أنها‬ ‫باتت تشكل كارثة حقيقية‪ ،‬كارثة وطنية عىل‬ ‫الشعب العريب الفلسطيني‪ ،‬وما زال الفساد‬ ‫متفاق ًام واستفاد االحتالل من هذه النتائج‪.‬‬ ‫ما هي األسباب التي دفعت قيادة منظمة‬ ‫التحرير للدخول يف تسوية مشكوك فيها وثبتت‬ ‫أنها ال تحقق مصالح الشعب الفلسطيني‪ ،‬وهي‬ ‫جاءت من خالل حل منفرد عىل غرار كامب ديفيد‪،‬‬ ‫وهذا ما أثبتته األحداث‪ ،‬ما رأيك؟‬ ‫أعتقد أن القيادة التاريخية ملنظمة التحرير‪،‬‬ ‫وتحديداً قيادة فتح لألسف استعجلت الحل‪،‬‬ ‫واستأثرت به عىل حساب منظمة التحرير أو عىل‬ ‫حساب األمة العربية‪ ،‬وانتفاضة ديسمرب عام ‪1987‬‬ ‫فرضت حقائق وأثبتت للعامل أجمع إرادة الشعب‬ ‫الفلسطيني يف الحرية والسيادة واالستقالل‬ ‫وجهوزيته للتضحية يف سبيل حريته‪ ،‬وقدم شعبنا‬ ‫عرشات اآلالف من الشهداء والجرحى واألرسى‪ ،‬وعاىن‬ ‫معاناة كبرية‪ ،‬هذه املعاناة كان يجب أن تقطف‬ ‫مثارها بشكل أفضل بكثري من هذا الواقع ألن‬ ‫االحتالل عندما بدأ يخرس ويدفع الثمن يف جهوده‬ ‫ومواقفه‪ ،‬ويف تكاليف مالية باهظة أصبح يفكر‬ ‫بحل‪ ،‬ولكن لألسف الشديد الرؤية اإلرسائيلية هي‬ ‫التي سيطرت عىل الحل‪ ،‬وفرضت رشوطها من خالل‬ ‫مرحلية الحل التي وصلنا بها إىل هنا‪.‬‬ ‫يف العام ‪ 1991‬كان الحد األدىن للتسوية الذي‬ ‫أعلنته قيادة منظمة التحرير منح الشعب‬ ‫الفلسطيني حق تقرير املصري‪ ،‬وإيجاد حل عادل‬

‫لقضية الالجئني وترابط الحل الفلسطيني مع‬ ‫الحل العريب ووقف االستيطان‪ ،‬والسؤال ما الذي‬ ‫تحقق؟‬ ‫إيجابيات أوسلو أعطت بعداً سياسياً للشعب‬ ‫الفلسطيني أو مكانة سياسية‪ ،‬وسمحت بعودة‬ ‫اآلالف من الفلسطينيني إىل أرض الوطن‪ ،‬وللمرة‬ ‫األوىل تتوقف الهجرة املعاكسة‪ ،‬إذ خالل الفرتة‬ ‫التي سبقت أوسلو كان اتجاه الهجرة من فلسطني‬ ‫إىل الخارج بالنسبة للفلسطينيني‪ ،‬أصبح من‬ ‫الخارج إىل فلسطني‪ ،‬هذه إيجابية تسجل أيضاً‪،‬‬ ‫كام أعطت شك ًال من أشكال اإلدارة الذاتية‬ ‫للسكان ولبعض األرايض‪ ،‬ولكن لألسف الشديد‬ ‫الحل مل يكن ح ًال سياسياً وطنياً من األصل‪ ،‬كان‬ ‫ح ًال اقتصادياً بحيث يقايض فيه األمن اإلرسائييل‬ ‫باقتصاد لفئة مستفيدة يف منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ولو أن أوسلو قام عىل أساس رؤية‬ ‫وطنية لكنا نجحنا يف تحقيق هذه األهداف‪ ،‬ولكن‬ ‫لألسف الشديد‪ ،‬الفساد ارتقى إىل درجة الخطورة‬ ‫التي يشكلها االحتالل عىل نفسيتنا وواقعنا وعىل‬ ‫مستقبلنا الوطني والسيايس‪ ،‬الفساد حطم كل‬ ‫آمال الطموح وتطلعات الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫وملاذا ال تقوم عملية مراجعة شاملة‪ ،‬أال‬ ‫الشعب‬ ‫قدمها‬ ‫التي‬ ‫التضحيات‬ ‫تستدعي‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬لوقفة جادة مسؤولة مع الذات‪ ،‬ما‬ ‫هي العوائق املاثلة اآلن؟‬ ‫أعتقد أن املشكلة يف الرؤية‪ ،‬إذ ال توجد لدينا رؤية‬ ‫سياسية‪ ،‬ووضعنا كل أوراقنا يف ملف املفاوضات‪،‬‬ ‫التي شكلت‪ ،‬باعتقادي‪ ،‬لوحدها خطأ فادحاً‪ ،‬وأيضاً‬ ‫الكفاح املسلح لوحده خطأ‪ ،‬يف واقعنا الفلسطيني‬ ‫نحتاج للنضال عىل أكرث من جبهة وأكرث من مسار‬ ‫ونحو أكرث من توجه‪ ،‬يجب عىل املجتمع الدويل تحمل‬ ‫مسؤولياته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫كام يجب أن نقوم يف منظمة التحرير‪ ،‬ويف‬ ‫الفصائل الوطنية واإلسالمية بإعادة النظر يف‬ ‫املرحلة السياسية السابقة‪ ،‬وبالتايل التوافق‬ ‫عىل برنامج حد أدىن وطنياً من أجل االنطالق‬ ‫نحو استكامل مرشوع بناء تحرري وإقامة دولة‬ ‫فلسطينية مستقلة‪ ،‬عاصمتها القدس يف حدود‬ ‫عام ‪ 1967‬وأنا كالجئ‪ ،‬الحل السيايس هذا لن يحل‬ ‫مشكلتي حيث طردت أرسيت من يافا‪ ،‬ولن أقبل الحل‬ ‫املرحيل عىل أن ال يكون مثن هذا الحل مث ًُال مقايضة‬ ‫تاريخية بحق عودة الالجئني الفلسطينيني بحيث‬ ‫تقوم أي قيادة سياسية يف الشعب الفلسطيني‬ ‫بالتنازل عن حق العودة مقابل مصالحة تاريخية مع‬ ‫الكيان السيايس الصهيوين‪.‬‬ ‫عملية التفاوض فاشلة وال متتلك أي أفق‪ ،‬ورغم‬ ‫ذلك تجرب السلطة الفلسطينية اللتحاق يف‬ ‫مفاوضات عبثية فارغة من أي مضمون‪ ،‬ملصلحة‬ ‫من هذه املفاوضات؟‬ ‫يف ظل عجز هذه القيادة التي قادتنا من هزمية‬ ‫إىل أخرى وفشلها املؤمل جداً‪ ،‬واملسيئ جداً للشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ويف ظل عدم رغبة قيادة منظمة‬ ‫التحرير العمل يف “مؤسسة الكفاح املسلح”‪ ،‬مل‬

‫يعد لدينا كشعب فلسطيني سوى االستمرار يف‬ ‫عملية السالم إىل حني تتوافر ظروف وأجيال‪ ،‬كانت‬ ‫فرصة لشعبنا‪ ،‬ومنر اآلن يف ذكرى السنوات العرش‬ ‫عىل انتقاضة األقىص‪ ،‬انتفاضة عظيمة أبدع‬ ‫الشعب الفلسطيني يف سيمفونية النضال وقدم‬ ‫أشياء جديدة يف املقاومة‪ ،‬ولكنه مل يجد حاضنة‬ ‫حقيقية بحيث بقيت هذه االنتفاضة جسام بال‬ ‫رأس ملاذا؟ ألن القيادة يف الشعب الفلسطيني قيادة‬ ‫ال تريد مقاومة وال تريد كفاحاً مسلحاً‪ ،‬الشعب‬ ‫فرض عىل هذه القيادة هذا النهج املقاوم‪ ،‬وبالتايل‬ ‫أصبح هناك مساران متعارضان متناقضان‪ ،‬قيادة‬ ‫تريد وقف املقاومة واالنتفاضة بكل أشكالها حتى‬ ‫الحجر والعجل‪ ،‬وشعب يريد أن يقاوم بكل األشكال‪.‬‬ ‫ال شك املفاوضات هي ممر إجباري للفلسطينيني‪،‬‬ ‫وال أختلف عىل أن املفاوضات العبثية قد ال تؤدي إىل‬ ‫يشء‪ ،‬ولكن ما هو عىل األرض يثبت أن االتفاقية‬ ‫السياسية سواء يف غزة أم يف الضفة هي استمرار‬ ‫للواقع‪ .‬ولكن منهجية التفاوض والرؤية السياسية‬ ‫للتفاوض كلها تحتاج إىل تربير وكلها خاطئة‪ ،‬من‬ ‫هنا ال أثق باملطلق مبفاوض فلسطيني فشل عىل‬ ‫مدى ‪ 18‬عاماً أن يستبد باملفاوضات سواء أنه رجل‬ ‫أمريكا أم رجل “إرسائيل”‪ ،‬وأعتقد أنه من خالل‬ ‫بعض املفاوضني‪“ ،‬إرسائيل” تفاوض ذاتها‪ ،‬وأثبتت يف‬ ‫مراحل سابقة أن املفاوض الفلسطيني كان يفاوض‬ ‫عىل مصالحه الشخصية الضيقة أو مصالح الفئة‬ ‫الـ ‪ %5‬املستفيدة من أوسلو‪ ،‬والتي أخذت الوكالة‬ ‫األمنية مقابل اإلمتيازات واالحتكارات وتسهيالت‬ ‫هنا أم هناك‪ ،‬وبالتايل يجب أن نذهب إىل املفاوضات‬ ‫بطاقم مفاوض جديد‪ ،‬ورؤية سياسية جديدة‪ ،‬وأن‬ ‫ننطلق بذات املفاوضات بأرضية صلبة تقوم عىل‬ ‫وحدة الشعب الفلسطيني‪ ،‬وحقه يف مامرسة كافة‬ ‫أشكال النضال وعىل رأسه الكفاح املسلح ألن‬ ‫مامرسة الكفاح املسلح مبنهجية ورؤية بعيدة عن‬ ‫ردات الفعل العنرصية من شأنها تعزيز دور املفاوض‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫يقال إن هناك مقاومة سلمية‪ ،‬يف الضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬أليست هذه بدعة جديدة للتسرت عىل‬ ‫الفشل واالستمرار يف التنازالت بينام يرتكب‬ ‫العدو أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني‬ ‫يف كل مكان من فلسطني؟‬ ‫املقاومة السلمية هي شكل من أشكال املقاومة‪،‬‬ ‫نحرتم ونحيي من يقوم بها‪ ،‬ولكن لألسف الشديد‬ ‫هذه ال تثمن وال تغني‪ ،‬خاصة أنها تعتمد عىل فئة‬ ‫بسيطة جداً من حيث العدد والنوع‪ ،‬وغالبية من‬ ‫فيها هم من املتطوعني األجانب‪ ،‬إمنا بهذا أتوجه‬ ‫نحو املبادئ‪ ،‬الذي يريدون‪ ،‬التضامن مع الشعب‬ ‫الفلسطيني والتظاهر من قبل مئة أجنبي صبيحة‬ ‫كل يوم جمعة يف نعلني ويلعني‪ ،‬هذا ال يكفي‪ ،‬هذا‬ ‫تقزيم لتاريخ شعبنا وأصالته‪ ،‬وقفز عن حقيقة هذا‬ ‫الشعب الذي ال يزال مستعداً للتضحية‪ ،‬التي تحتاج‬ ‫إىل اإلميان بعدالة القضية‪ ،‬واإلميان يحتاج إىل ثقة‬ ‫مطلقة من القيادة‪ ،‬وبالتايل الشعب مل يعد جاهزاً‬ ‫للتضحية ألن إميانه بعدالة قضيته اهتزت أمام‬

‫‪33‬‬

‫املامرسات القذرة لجزء كبري من أبناء السلطة سواء‬ ‫من املؤسسة املرئية أو اإلعالمية عىل األرض‪.‬‬ ‫عىل ما ميكن الرهان يف تحرير األرض والعودة؟‬ ‫أراهن عىل الشعب الفلسطيني وعدالة القضية‬ ‫وعمقها العريب واإلسالمي‪ ،‬وعىل قدرة الشعب‬ ‫الفلسطيني الذي يتجدد دامئاً‪ ،‬رغم كل العقوبات‬ ‫والصعوبات والنكسات التي مرت بالشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ونؤكد لآلخر الذي قال إن هذا الشعب‬ ‫لن تقوم له قامئة! ولكنه كان يتجدد وأراهن عىل‬ ‫طبيعة القضية الفلسطينية‪ ،‬طبيعة العرب‪،‬‬ ‫وأن فلسطني هي قضية العرب‪ ،‬وأن فلسطني هي‬ ‫املركز الذي انطلق منه االستعامر الغريب لتجزئة‬ ‫األمة العربية وإبقائها سوقاً مفتوحاً‪ ،‬والقيام بنهب‬ ‫خرياتها ال بد من تحرير هذا الجزء العزيز من الوطن‬ ‫العريب واألمة اإلسالمية‪ ،‬ونحن نعتقد أن عهد الله‬ ‫حق وبأن هذه البالد ستتحرر‪.‬‬ ‫وماذا عن معاناة الشعب الفلسطيني داخل‬ ‫الضفة الغربية املحتلة؟‬ ‫املعاناة يف كل لحظة ويف كل مكان‪ ،‬أي إنسان‬ ‫فلسطيني يتنقل من مدينة إىل أخرى أو من قرية‬ ‫إىل أخرى أو العكس‪ ،‬يعاين الكثري خاصة عندما‬ ‫يعرتضه حاجر طيار‪ ،‬أو حواجز ثابتة‪ ،‬مدينة نابلس‬ ‫حتى اآلن رغم التخفيف الذي أعلنوا عنه‪ ،‬هناك‬ ‫سبعة حواجز عىل مداخل هذه املدينة‪ ،‬متنع تواصل‬ ‫السكان بداخلها مع املحيطني بها‪ ،‬ونابلس مثلها‬ ‫مثل رام الله وجنني محاطة بالبؤر االستيطانية‪،‬‬ ‫وعصابات تقوم بسد الطرق وإلقاء الحجارة وأحياناً‬ ‫تحصل عملية رضب مستوطنني يف الخليل‪ ،‬يف‬ ‫الضفة الفلسطينية تقريباً هناك ‪260‬مستوطنة‬ ‫فيها قرابة نصف مليون مستوطن‪ ،‬االستيطان‬ ‫محمي ال متر سيارة إرسائيلية عىل الطريق إال‬ ‫ومعها دبابة إرسائيلية وقافلة عسكرية‪ ،‬الوضع‬ ‫االقتصادي‪ ،‬صعب جداً‪ ،‬عىل سبيل املثال املزارع‬ ‫الفلسطيني يزرع مئة دونم بندورة وبسبب وجود‬ ‫حاجز إرسائييل عىل طريق أرضه مينعه من تصدير‬ ‫زراعته ويلقي باملوسم عىل الطريق‪ .‬التداعيات‬ ‫االقتصادية كارثة عىل جميع املزارعني‪ ،‬والصناعة‬ ‫أيضاً محارصة‪ ،‬وهناك الكثري من املصانع تعتمد‬ ‫عىل مواد خام من الخارج واالسترياد والتصدير بيد‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬وبالتايل “إرسائيل” تتحكم‪.‬‬ ‫االعتقال واملالحقة موجودان يومياً‪ ،‬توقفت‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬ولكن قوات االحتالل ال زالت تسجل‬ ‫حاالت اعتقال عرشات الحاالت كل يوم يف الوسط‬ ‫عىل مدار العام‪ ،‬القدس منطقة مغلقة معزولة‬ ‫متاماً بالكامل‪ ،‬مؤسساتها تهاجم وترضب‪،‬‬ ‫وممنوع التنقل من مدينة إىل أخرى‪ ،‬إال بترصيح‪،‬‬ ‫االحتالل ميس كافة جوانب حياتنا‪ ،‬ويتدخل يف‬ ‫كل جزء من حياتنا‪ ،‬وهدفه مصادرة األرايض‬ ‫وإجبار السكان الفلسطينيني عىل النزوح وبقاء‬ ‫الفلسطينيني يف أرضهم تحت كل الظروف‪ ،‬هذا‬ ‫إنجاز كبري أن يبقى فلسطيني يف فلسطني رغم‬ ‫أنف االحتالل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب فلسطيني‬

‫لمصلحة من العودة إلى المفاوضات المباشرة؟‬ ‫الكيان الصهيوني سيحصل على المكاسب التي وعد بها أوباما‬ ‫اللغة املزدوجة يف الكيان الصهيوين‪ ،‬ما هي إال‬ ‫مجرد وسيلة‪ ،‬يبغي العدو من وراءها‪ ،‬إىل تكامل األدوار‬ ‫التي من شأنها أن تؤدي يف النهاية إىل كسب املزيد‬ ‫من الوقت‪ ،‬وفرض وقائع جديدة عىل األرض بهدف‬ ‫استمرار عملية التهويد ومواصلة مصادرة األرايض‬ ‫وحصار الفلسطينيني متهيداً لجولة جديدة من التوسع‬ ‫الصهيوين الجديد الذي بدأ يأخذ شك ًال آخراً يف التعبري‬ ‫عن نواياه ومخططاته‪ ،‬بعد أن سمحت له عملية ما‬ ‫يسمى املفاوضات املبارشة بأن يقول عىل العلن ما كان‬ ‫يخفيه يف جعبته‪.‬‬ ‫العدو الصهيوين ال يريد املفاوضات أصال‪ ،‬إال لكونها‬ ‫وسيلة للوصول إىل أهدافه‪ ،‬وحكومة بنيامني نتنياهو‬ ‫وأفيغدور ليربمان غري مقتنعة بأن املفاوضات املبارشة‬ ‫بني “إرسائيل” والسلطة الفلسطينية ستؤدي‬ ‫إىل التسوية السلمية‪ ،‬وال ينفع توضيح نتنياهو‬ ‫بأن خطاب وزير خارجيته ليربمان ال يعكس املوقف‬ ‫الرسمي الصهيوين‪.‬‬ ‫ما قاله ليربمان‪ ،‬أن ال سالم سينتج عن املفاوضات‬ ‫واالستيطان لن يج ّمد‪ ،‬وتأكيد رغبته يف التخلص من‬ ‫األقلية العربية الني بقيت يف فلسطني منذ عام ‪1948‬‬ ‫واملقدرة بنحو مليون ونصف مليون فلسطيني ما زالوا‬ ‫يف أرضهم التاريخية‪ ،‬أرض اآلباء واألجداد‪ .‬فالكيان‬ ‫يخطط ألكرب عملية تطهري عرقي يف زمننا الحارض‬ ‫تحت شعار خادع “يهودية الكيان”‪ ،‬وقادته يراهنون عىل‬ ‫الزمن لتأجيل التوصل إىل أي حل‪ ،‬وهم يعتمدون‬ ‫أسلوب إدارة األزمة فقط‪.‬‬ ‫واملستوطنون الصهاينة احتفلوا بطريقة استفزازية‬ ‫باستئناف البناء يف املستوطنات‪ ،‬وهي التي مل تتوقف‬ ‫أص ًال إال يف وسائل اإلعالم التي تريد التغطية والتمويه‬ ‫عىل الحقائق املاثلة‪ ،‬وبهدف إرضاء اإلدارة األمريكية‬ ‫وصناعة اإليحاء الخادع بأن هناك جهوداً تبذل وما عىل‬ ‫األطراف إال املتابعة واالستمرار يف بذل الجهود للتوصل‬ ‫إىل النتائج املتوخاة‪ ،‬ويف الحقائق أن كل ما يقال يف‬ ‫هذا املجال يجايف الحقيقة متاماً‪.‬‬ ‫ويف الحقيقة أيضاً‪ ،‬إن ليربمان يقول بصوت عالٍ ما‬ ‫يفكر به نتنياهو‪ ،‬وأن ليربمان مل يقل ما قاله من دون‬ ‫معرفة نتنياهو‪ ،‬وأن هذا الكالم ال يحرج نتنياهو‪ ،‬بقدر‬ ‫ما ميكن أن يساعده يف إبراز مدى تعرضه للضغوط‬ ‫الداخلية من جانب ائتالفه الحكومي‪ ،‬والهدف تربير‬ ‫البناء يف املستوطنات‪.‬‬

‫غطرسة صهيونية وقوانني‬ ‫عنرصية‬ ‫الحكومة اإلرسائيلية‪ ،‬أق ّرت القانون العنرصي‬ ‫املعروف باسم “قانون الوالء” أي “إلزام كل شخص غري‬ ‫يهودي يريد الحصول عىل الجنسية اإلرسائيلية‪ ،‬بأن‬ ‫يقسم ميني الوالء الذي يقول فيه إنه يتعهد بالوالء لـ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫“إرسائيل” كدولة يهودية دميقراطية‪ ،‬ويلتزم بقوانينها”‪،‬‬ ‫وهو برنامج سيايس يستهدف التخلص من أكرب قدر‬ ‫من املواطنني العرب يف “إرسائيل”‪.‬‬ ‫وبنيامني نتنياهو رئيس حكومة العدو اشرتط‬ ‫اعرتاف السلطة الفلسطينية بيهودية “إرسائيل”‬ ‫مقابل متديد تجميد االستيطان لشهرين أو ما‬ ‫شابه‪ ،‬ومن جانبه أ ّكد مبعوث السالم األمرييك يف‬ ‫الرشق األوسط جورج ميتشل‪ ،‬أن اإلدارة األمريكية‬ ‫ستواصل السعي من أجل التوصل إىل اتفاق بني‬ ‫الجانبني اإلرسائييل والفلسطيني‪ ،‬والنهوض بعملية‬ ‫السالم يف املنطقة‪ ،‬وتتحدث املصادر اإلرسائيلية عن‬ ‫ضامنات أمريكية‪ ،‬وأن الرئيس األمرييك باراك أوباما‬ ‫بعث بها إىل بنيامني نتنياهو‪ ،‬طلب فيها متديد قرار‬ ‫تجميد االستيطان بشكل كامل ملدة شهرين‪ ،‬مقابل‬ ‫ضامنات أمريكية لـ “إرسائيل”‪ ،‬تصب يف مصلحة أمن‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬وأن تلك الرسالة تتحدث عن ثالث قضايا‬ ‫أساسية‪ ،‬التزاماً واضحاً ورصيحاً من رئيس أمرييك‬ ‫لرئيس حكومة إرسائيلية مل تحصل يف املايض‪ ،‬وذلك‬ ‫يف محاولة منه ملامرسة ضغوط عىل نتنياهو لضامن‬ ‫استمرار املفاوضات املبارشة‪.‬‬ ‫ومبوجب هذه الضامنات تلتزم اإلدارة األمريكية بتزويد‬ ‫“إرسائيل” بأسلحة متطورة عند التوصل إىل حل‬ ‫نهايئ‪ ،‬وتلتزم بإحباط أي محاولة من املجموعة العربية‬ ‫لطرح املوضوع الفلسطيني عىل مجلس األمن ملدة‬ ‫عام كامل‪ ،‬كام تلتزم مبنع السلطة الفلسطينية من‬ ‫وضع موضوع املفاوضات كرشط أسايس للمفاوضات‬ ‫أو كملف منفرد‪ ،‬بحيث يكون موضوع االستيطان‬ ‫عىل جدول األعامل كباقي املواضيع األخرى وكجزء من‬ ‫املفاوضات للتوصل إىل اتفاق سالم نهايئ‪.‬‬ ‫إن أي قراءة متأنية ملا أسفرت عنه املفاوضات‬

‫‪34‬‬

‫املبارشة حتى اآلن ستقودنا إىل النتيجة التالية‪ ،‬الكيان‬ ‫الصهيوين سيحصل عىل تلك الضامنات كاملة دون‬ ‫تقديم أي مقابل للسلطة الفلسطينية‪ ،‬ألن املطلوب‬ ‫إرسائيلياً‪ ،‬هو تقديم املزيد من التنازالت التي حددها‬ ‫العدو بـ “يهودية إرسائيل” واألمن للكيان‪ ،‬وسيبقى‬ ‫موضوع الدولة الفلسطينية حرباً عىل الورق ليس إال‪.‬‬ ‫وليس مفاجئاً أن وزارة الخارجية اإلرسائيلية‪ ،‬اتهمت‬ ‫اإلدارة األمريكية بالتسبب يف فشل املفاوضات‬ ‫املبارشة مع السلطة الفلسطينية‪ ،‬وقالت‪ ،‬إن وصول‬ ‫املفاوضات إىل أبواب موصدة ال مخرج لها‪ ،‬كان بسبب‬ ‫السياسة األمريكية الحالية التي دعمت مرشوع تجميد‬ ‫االستيطان‪.‬‬ ‫وتشري تقديرات وزارة الخارجية اإلرسائيلية إىل‬ ‫استمرار واشنطن يف جهودها يف املفاوضات املبارشة‬ ‫حتى انتخابات الكونغرس األمرييك‪ ،‬حيث ستقوم‬ ‫بعد ذلك مبامرسة الضغوط من جديد عىل الجانبني‬ ‫اإلرسائييل والسلطة الفلسطينية‪ ،‬للعودة إىل‬ ‫املفاوضات املبارشة‪ ،‬وترى وزارة الخارجية اإلرسائيلية‬ ‫أن ذلك يتناغم مع املوقف العريب‪ ،‬الذي أعلن يف‬ ‫القمة العربية إعطاء اإلدارة األمريكية فرصة شهر‬ ‫آخر للبدء مجدداً يف املفاوضات املبارشة بعد التأثري‬ ‫عىل الحكومة اإلرسائيلية وتغيري موقفها من موضوع‬ ‫االستيطان‪.‬‬ ‫إن محاولة “إرسائيل” التنكر لحقوق الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ومحاولتها املستمرة يف ا ّتباع سياسة‬ ‫القوة والغطرسة‪ ،‬إمنا هو نابع من الشعور بأن نهاية‬ ‫الكيان الصهيوين باتت قريبة عىل املدى التاريخي‪ ،‬إن‬ ‫ليس املريئ بل امللموس‪ ،‬وأن كياناً بات معزوالً عىل هذا‬ ‫النحو من غري املمكن أن يستمر‪ ،‬وأن كل الصفاقة‬ ‫التي يتعامل بها بنيامني نتنياهو‪ ،‬ستؤدي بهذا الكيان‬ ‫إىل التهلكة ال محالة‪ ،‬والسؤال‪ ،‬كيف يستفز بنيامني‬ ‫نتنياهو الواليات املتحدة ويع ّرض مصالحها للخطر يف‬ ‫الرشق األوسط وهي الدولة الحاضنة لكيانه؟‬ ‫وكيف نفرس اإلرصار من جانب السلطة‬ ‫الفلسطينية عىل االستمرار يف عملية السالم دون‬ ‫رشوط ومرجعيات‪ ،‬وكام يقال ليس رهناً عىل إمكانية‬ ‫التفاهم مع القيادة اإلرسائيلية‪ ،‬وإمنا استجابة لرغبة‬ ‫املجتمع الدويل؟ “إرسائيل” ال ميكن أن تكون جز ًءا من‬ ‫معادلة سلمية فعلية وحقيقية‪ ،‬واملصالح الحيوية‬ ‫يف املنطقة ليست للواليات املتحدة فقط وإمنا للغرب‬ ‫كله‪ ،‬وهي ستتعرض لألخطار املتنوعة جراء السياسة‬ ‫اإلرسائيلية العدوانية‪ ،‬هذه السياسة هي نتيجة‬ ‫اليأس والشعور باإلحباط واإلحساس بأن نهاية الحلم‬ ‫الصهيوين باتت قريبة‪ ،‬وهذا ما أشار إليه الرئيس‬ ‫اإلرسائييل شمعون برييز أمام مؤمتر “حول مستقبل‬ ‫الشعب اليهودي” يف القدس‪ ،‬بقوله‪ :‬إن “إرسائيل”‬ ‫غري قادرة عىل البقاء من دون املساعدات األمريكية‪،‬‬ ‫وهدف املؤمتر املذكور الذي يشارك فيه مئات القادة‬ ‫اليهود من الواليات املتحدة وكندا وأوروبا وأسرتاليا‬

‫وغريها هو “أداء دور ناصح ومساعد لـ “إرسائيل” يف‬ ‫مواجهة التحديات وتحسني مكانتها يف املنطقة‬ ‫والعامل”‪ ،‬وتوصيات لدفع عملية “السالم” ودعوة‬ ‫“إرسائيل” النتهاز الفرصة املتوفرة حالياً واملوافقة‬ ‫عىل قيام دولة فلسطينية يف إطار حدود ‪ 1967‬مع‬ ‫بعض التعديالت النابعة من ضم الكتل االستيطانية‬ ‫إىل تخوم “إرسائيل” عن طريق مبادلة األرايض والقبول‬ ‫بالقدس الرشقية عاصمة للدولة الفلسطينية مع‬ ‫وضع األماكن املقدسة تحت إدارة دولية مقبولة من‬ ‫الطرفني‪ ،‬وحل قضية الالجئني باالعرتاف مبشكلتهم‬ ‫وتوطينهم يف عدد من دول الرشق األوسط‪ ،‬ودول أوروبا‬ ‫والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫املفاوضات املبارشة التي انطلقت يوم الثاين من‬ ‫أيلول‪ ،‬كانت كل املؤرشات تؤ ّكد فشلها الحتمي‪،‬‬ ‫املفاوضات جرت بني طرفني غري متكافئني‪ ،‬ومن منطق‬ ‫غري متكافئ‪ ،‬طرف يحتل اآلخر‪ ،‬ويتحكم مبوارد حياته‬ ‫وحرية حركته ويستند إىل دعم أو صمت رسمي دويل‬ ‫عىل مامرساته وخروقاته وجرامئه‪ ،‬واملفاوضات انطلقت‬ ‫من غموض مطلق للمرجعية‪ ،‬ويف الواقع حسب‬ ‫الرشوط اإلرسائيلية التي أرصت عىل “عدم وجود‬ ‫رشوط للتفاوض”‪ ،‬أي أن القانون والقرارات الدولية‬ ‫التي تنص عىل إنهاء االحتالل وإقامة دولة حقيقية‬ ‫ذات سيادة ليست مرجعية ملزمة‪ ،‬واملفاوضات جرت‬ ‫يف ظل استمرار االستيطان وتوسعه ليس فقط يف‬ ‫القدس ويف سائر األرايض املحتلة‪ ،‬ومل ميثل التجميد‬ ‫الجزيئ إال أكذوبة إلخفائه‪ ،‬والواهم فقط من يعتقد أن‬ ‫لدى حكومة نتنياهو أي استعداد إلنجاح املفاوضات‪.‬‬ ‫بعد زوال “إرسائيل” الكربى‪ ،‬بات املرشوع اإلرسائييل‬ ‫اليوم يتمحور حول هدفني‪ :‬ترسيخ مبدأ يهودية‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬والدفاع عن املرشوع االستيطاين اليهودي‪،‬‬ ‫وعرقلة قيام دولة فلسطينية‪.‬‬ ‫اللغة املزدوجة‪ ،‬وحتى داخل حزب “الليكود” هي‬ ‫بني الذين يرفضون علناً إخالء أي مستوطنة يهودية‬ ‫يف الضفة الغربية‪ ،‬ويعلنون رفضهم حل الدولتني‪،‬‬ ‫وبني أولئك الذين يستخدمون “لغة مزدوجة” أمثال‬ ‫بنيامني نتنياهو‪ ،‬الذين يتحدثون علناً عن تأييدهم حل‬ ‫الدولتني‪ ،‬ويعملون عىل إحباطه‪ ،‬وهذا مؤرش واضح‪،‬‬ ‫بأن حزب “الليكود”‪ ،‬ال ميلك رؤية سياسية لحل الرصاع‪،‬‬ ‫وذلك عكس حزب “إرسائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور‬ ‫ليربمان الذي ال يرتدد يف طرح خطة للتسوية لصالح‬ ‫كيانه تحديداً‪ ،‬تقوم عىل مبدأ تبادل األرايض والسكان‬ ‫بني “إرسائيل” والسلطة الفلسطينية‪ ،‬بصورة تضمن‬ ‫“يهودية إرسائيل” وتؤمن مصالحها األمنية عىل املدى‬ ‫البعيد‪.‬‬

‫خيارات السلطة الفلسطينية؟‬ ‫إن عدم وجود وسيلة لدى السلطة الفلسطينية غري‬ ‫التأييد الدويل الشكيل‪ ،‬شجع قادة تل أبيب عىل عدم‬ ‫تقديم أي تنازالت للسلطة الفلسطينية‪ ،‬و”إرسائيل”‬ ‫اليوم غري آبهة بالتلويحات األمريكية والتحرك الدويل‬ ‫يف اتجاه االعرتاف بدولة فلسطينية يف حال فشلت‬ ‫املفاوضات‪ ،‬أو بالتحذيرات التي تقول‪ ،‬إن أوباما سيؤيد‬ ‫اعرتاف مجلس األمن بالدولة الفلسطينية وهو لن‬

‫يستخدم حق “الفيتو” ضد صدور قرار من هذا النوع‪،‬‬ ‫بل عىل العكس من ذلك‪ ،‬هناك يف “إرسائيل” من‬ ‫يراهن عىل فوز الجمهوريني يف االنتخابات النصفية‬ ‫للكونغرس وهم يرون‪ ،‬بأن الضغوط ستوجه بشدة‬ ‫عىل الرئيس أوباما ملامرسة حق الفيتو ضد أي اعرتاف‬ ‫بالدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫السلطة الفلسطينية يف مأزق خطري للغاية‪،‬‬ ‫فالذهاب إىل مفاوضات وسط التهليل والرتحيب‬ ‫األمرييك‪ ،‬كان حاجة أمريكية وإرسائيلية من ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬كانت مهلة شهر التي أعطتها القمة‬ ‫العربية لإلدارة األمريكية‪ ،‬متهيداً إليجاد مخرج ما‬ ‫الستئناف العملية‪ ،‬وأمام الواقع املفروض والتطورات‬ ‫الالحقة‪ ،‬ستكون السلطة الفلسطينية املفاوضة‬ ‫أمام وضع محرج للغاية‪ ،‬فإذا انسحبت من املفاوضات‬ ‫ستتهم كرافضة للسالم‪ ،‬وإذا وافقت عليها يف ظل‬ ‫مواصلة أعامل البناء يف املستوطنات‪ ،‬فإنها ستكون‬ ‫مجربة عىل تقديم تنازالت جديدة ال تنتهي دون أي‬ ‫مقابل حقيقي‪ ،‬وهي بذلك ستكون كمن وقع يف الفخ‬ ‫الذي ساهم بصنعه؟!‬

‫مكاسب إرسائيلية – هدايا أوباما‬ ‫إدارة الرئيس اوباما‪ ،‬تحتاج إىل الحديث عن املفاوضات‪،‬‬ ‫وإن معلقة إىل حني اجتياز االنتخابات النصفية‬ ‫للكونغرس خالل هذا الشهر (ترشين الثاين)‪ ،‬وتحتاج‬ ‫اىل تحقيق اخرتاق يف املنطقة‪ ،‬ولكنها عاجزة عن‬ ‫التقدم يف أفغانستان‪ ،‬وهي باتت معدومة التأثري يف‬ ‫العراق وتريد االنسحاب الكامل بأقل الخسائر‪ ،‬وال يشء‬ ‫يوحي بأنها ستنجح يف دفع “إرسائيل” إىل معاودة‬ ‫تجميد االستيطان‪ ،‬إال إذا دفعت أمثان وعروض جديدة‪،‬‬ ‫وهذا سيكون عىل حساب فلسطني وشعبها‪.‬‬ ‫أما رئيس الحكومة اإلرسائيلية بنيامني نتنياهو فهو‬ ‫يحاول طلب املزيد من الضامنات األمريكية والتعهدات‬ ‫السياسية واألمنية والعسكرية‪ ،‬وهو يواصل سياسة‬ ‫االستيطان التي ستأكل مزيداً من أرايض الضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬وستؤدي الستكامل ترشيع “إرسائيل دولة‬ ‫يهودية” وبدون قناع هذه املرة‪ ،‬وستبدو “إرسائيل” دولة‬ ‫عنرصية فاضحة وستخنق األصوات العربية وتحرمها‬ ‫من التعبري عن رأيها املخالف لألكرثية اليهودية متهيداً‬ ‫لدفعها خارج حدود هذه الدولة “التي يجب أن تحافظ‬ ‫عىل نقائها”‪ ،‬ونتنياهو بذلك سيصل إىل نهاية‬ ‫السباق مثل خصوصه‪ ،‬وسيسبقهم يف الطريق إىل‬ ‫أهدافهم‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫وجهود نتنياهو اليوم ترتكز يف الحصول عىل‬ ‫املكاسب العرشة التي وعد بها الرئيس األمرييك باراك‬ ‫أوباما‪ ،‬وهو يبحث عن الوسيلة األفضل للحصول عىل‬ ‫تلك املكاسب دون أن يجد نفسه مرغ ًام عىل تلبية‬ ‫الرغبة األمريكية يف تجميد االستيطان‪ ،‬ولو وهمياً‬ ‫عىل نحو ما حدث يف الفرتة املاضية‪ ،‬الفرتة الحالية‬ ‫هي فرتة توقف مؤقت ال أكرث للمفاوضات املبارشة‪،‬‬ ‫هي فرتة لحصول “إرسائيل” عىل املكاسب التي أوردها‬ ‫“املعهد اليهودي لشؤون األمن القومي” يف واشنطن‪،‬‬ ‫واملتمثلة يف أن تؤيد الواليات املتحدة وجود الجيش‬ ‫اإلرسائييل يف وادي األردن بعد إقامة دولة فلسطينية‪،‬‬ ‫وأن ال تطلب الواليات املتحدة أي تجميد آخر للنشاط‬ ‫االستيطاين بخالف الشهور القليلة التي تطلبها‬ ‫من “إرسائيل” مقابل هذه املكاسب‪ ،‬عىل أن تستخدم‬ ‫الواليات املتحدة حق النقض (الفيتو) يف مجلس األمن‬ ‫ضد أي قرار مناهض لـ “إرسائيل” خالل العام املقبل‪،‬‬ ‫وأن يتم تناول مصري املستوطنات يف املستقبل فقط‬ ‫باعتباره جز ًءا من االتفاق النهايئ‪.‬‬ ‫وأن تضمن الواليات املتحدة منع تهريب األسلحة‬ ‫والصواريخ إىل الدولة الفلسطينية‪ ،‬وإقامة ترتيبات‬ ‫أمنية انتقالية طويلة األجل يف وادي األردن‪ ،‬وأن تعقد‬ ‫معاهدة دفاعية إقليمية للحامية من إيران يف أعقاب‬ ‫إقامة دولة فلسطينية‪ ،‬وتقديم وعد برتفيع قدرات‬ ‫“إرسائيل” األمنية‪ ،‬وتحقيق زيادة إجاملية بقيمة ثالثة‬ ‫مليارات دوالر سنوياً لـ “إرسائيل”‪ ،‬وأن تقدم ضامنات‬ ‫والتزامات بتزويدها بأسلحة متقدمة‪ ،‬وأنظمة لإلنذار‬ ‫املبكر مبا يف ذلك األقامر االصطناعية‪.‬‬ ‫الشهور املقبلة‪ ،‬سواء متت مبارشة املفاوضات أو‬ ‫مل تتم‪ ،‬ستكون فرتة املفاوضات ثنائية أمريكية –‬ ‫إرسائيلية حول نيل “إرسائيل” هذه املكاسب باعتبارها‬ ‫نوعاً من “حق مكتسب” لـ “إرسائيل” بعد أن ذهبت يف‬ ‫تنازالتها إىل حد املوافقة عىل قيام دولة فلسطينية‬ ‫تتقاسم السيادة عليها الواليات املتحدة و”إرسائيل”‪،‬‬ ‫وأن تكون هذه الدولة منزوعة السالح‪.‬‬ ‫تجربة املفاوضات املبارشة حتى اآلن‪ ،‬برهنت عىل أن‬ ‫املفاوضات إمنا تجري بني الواليات املتحدة و”إرسائيل”‪،‬‬ ‫وأن إدارة أوباما هي التي تحدّد املواقف‪ ،‬وهي التي تعرض‬ ‫املكافآت عىل “إرسائيل”‪ ،‬وهي التي تدفع السلطة‬ ‫الفلسطينية برئاسة محمود عباس باتجاه القبول‬ ‫دامئاً وليس بأي اتجاه آخر‪ ،‬تدفعها نحو مواقف الطرف‬ ‫اإلرسائييل‪.‬‬ ‫والسلطة الفلسطينية مل تعرتض طوال الفرتة‬ ‫املاضية عىل أي اقرتاح أمرييك‪ ،‬وحتى أن عباس مل‬ ‫يفكر مطلقاً يف االعرتاض عىل أي بند من املكاسب‬ ‫اإلرسائيلية أو املكافآت السخية التي عرضها أوباما‬ ‫عىل “إرسائيل” بالرغم من أن معظمها جاء عىل‬ ‫حساب الشعب الفلسطيني واستقالله وحقوقه‬ ‫ومستقبله‪ ،‬وليس من قبيل الصدفة أن يؤكد رئيس‬ ‫السلطة الفلسطينية “أن ال بديل عن املفاوضات إال‬ ‫املفاوضات”‪.‬‬ ‫أبواب املفاوضات ستفتح من جديد والسلطة ال تجد‬ ‫بدي ًال عن دخولها إال الهاوية‪ ،‬ويف الحالتني ال فرق بني‬ ‫الخيارين‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫مقابلة‬

‫المطلوب بناء مشروع مقاوم في فلسطين‬

‫رزق لـ «منبر التوحيد»‪ :‬زيارة نجاد‬ ‫لتثبيت انتصار المقاومة ‪2006‬‬ ‫كان لـ “منرب التوحيد” رشف استضافة مدير‬ ‫االسرتاتيجية‬ ‫للدراسات‬ ‫االستشارية‬ ‫عام‬ ‫الدكتور عامد رزق‪ ،‬ومحاورته يف مكاتبها من‬ ‫خالل تسليط األضواء عىل قضايا األمة العربية‪،‬‬ ‫وغايتنا البحث والتحليل والرؤية الصائبة‪،‬‬ ‫وإظهار مكامن القوة واملقاومة‪ ،‬ورفع قدراتها‬ ‫الذاتية‪ ،‬لتكون مبستوى أداء عالٍ ‪ ،‬ترفع شأن‬ ‫األمة‪ ،‬وتخطو بثبات نحو غد مرشق عنوانه‬ ‫املقاومة طريقنا‪ ،‬وتعزيز هذا الخيار وترسيخه‬ ‫ألنه السبيل الوحيد للوصول اىل أهدافنا‬ ‫الوطنية والقومية مبا يعزّز متانة وصالبة األمة‬ ‫العربية يف يف مواجهة التحديات‪ ،‬وهنا نص‬ ‫الحوار‪:‬‬ ‫املفاوضات املبارشة كانت مبثابة حاجة‬ ‫أمريكية وفشلت كام كان متوقعاً‪ ،‬وهي فارغة‬ ‫املضمون أص ًال‪ ،‬باستثناء مطالبة السلطة‬ ‫الفلسطينية مبزيد من التنازالت‪ ،‬والسؤال‬ ‫ما الذي يدفع رئيس السلطة الفلسطينية‬ ‫للقبول مبثل هذه املفاوضات؟‬ ‫يف قراءة ملسار تلك املفاوضات ووصولها اىل‬ ‫الجولة التاسعة‪ ،‬ومن ضمن سلسلة من املخطط‬ ‫الصهيوين الذي بدأ مع احتالل أرض فلسطني‪،‬‬ ‫وصوالً اىل صدور القرارات الدولية التي كانت يف‬ ‫الشكل تدعم القضية الفلسطينية‪ ،‬ولكنها‬ ‫يف املضمون كان تنفيذها واالستفادة منها يأيت‬ ‫لصالح الكيان الصهيوين‪ ،‬لذلك أعتقد أن دخول‬ ‫السلطة الفلسطينية يف املفاوضات اآلن يأيت‬ ‫ضمن استكامل املشهد الذي بدأته الصهيونية‬ ‫العاملية لالنقضاض عىل ما تبقى من فلسطني‪،‬‬ ‫وبطبيعة الحال نحن نتك ّلم عن الحدود الجغرافية‬ ‫أوالً‪ ،‬ويأيت ثانياً املوضوع الدميغرايف األسايس‬ ‫يف هذه املفاوضات‪ ،‬لذلك كان الصهيوين يف‬ ‫كل مرحلة من املراحل يقوم بتجزئة هذه األزمة‬ ‫التي ش ّكلت بالنسبة إليه بعداً اسرتاتيجياً‪،‬‬ ‫فتعامل معها عىل املستوى البعيد يف وقت كان‬ ‫العرب وتحديداً الدول العربية التي كانت خاضعة‬ ‫إلمالءات قوى االستكبار واالستعامر أو االنتداب‪،‬‬ ‫كانت دامئاً تحاول التغطية والتعمية وتشويه‬ ‫صورة املفاوضات وكانت تأيت من ضمن مطالب‬ ‫أمريكية أو صهيونية‪ ،‬أو تأيت من ضمن مطالب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عربية‪ ،‬لذلك أعتقد أن التغطية الرسمية العربية‬ ‫كانت املتواطئ الكبري للوصول اىل هذه املرحلة‬ ‫التي أنتجت مرحلة الرئيس محمود عباس يف‬ ‫دخوله يف هذه املفاوضات التي تش ّكل التمهيد‬ ‫األويل لصالح تحقيق الرؤية الصهيونية املرتكزة‬ ‫عىل البعد الدميغرايف‪ ،‬ما يعني أننا انتقلنا من‬ ‫موضوع املفاوضات عىل ترسيم الحدود‪ ،‬وحدود‬ ‫مقابل سالم وسالم مرشوط‪ ،‬كل هذه التعابري‬ ‫حتى جاء مؤمتر مدريد عام ‪ ،1991‬وما تبعه من‬ ‫تم إخراج مرص‬ ‫اتفاقيات أوسلو ووادي عربة‪ ،‬وقبلها ّ‬ ‫بطبيعة الحال من املعادلة الدولية واإلقليمية‬ ‫ورضب املقاومة الفلسطينية يف األردن‪ ،‬ومحاولة‬ ‫تشويه صورة املقاومة الفلسطينية يف لبنان‬ ‫واجتياح ‪ ،1982‬ويف كل االنتفاضات التي قام‬ ‫بها الشعب الفلسطيني كان الهدف األول الذي‬ ‫يقوم به العدو الصهيوين هو استهداف القطاع‬ ‫التعليمي الرتبوي التثقيفي‪ ،‬وسياسة تكسري‬ ‫العظام والحصار االقتصادي والجغرايف‪ ،‬ومصادرة‬ ‫األرايض واالعتقال واالجتياحات‪ ،‬واملجازر الوحشية‬ ‫يف جنني وغزة وباقي املدن الفلسطينية‪ ،‬ما‬

‫‪36‬‬

‫ساهم يف إضعاف الشعب الفلسطيني وبالتايل‬ ‫املقاومة‪ ،‬ولكن‪ ،‬ونتيجة لسوء استثامر االنتفاضة‬ ‫األوىل كان أوسلو‪ ،‬ويف االنتفاضة الثانية كانت‬ ‫ثم مؤمتر أنابوليس‪ ،‬وكانت‬ ‫خطة خارطة الطريق‪ّ ،‬‬ ‫املفاوضات خياراً بائساً أضاعت الوقت‪ ،‬وساهمت‬ ‫تم مصادرتها‬ ‫يف تكريس واقع عىل األرايض التي ّ‬ ‫وإقامة املستوطنات الصهيونية عليها‪.‬‬ ‫دامئاً تصل املفاوضات اىل طريق مسدود‪ ،‬أو قد‬ ‫تتوقف بسبب عدوان صهيوين‪ ،‬أو رفض الكيان‬ ‫للرضوخ للرشوط‪ ،‬هل من رشوط وتنازالت أخرى‬ ‫ميكن أن يقدّمها الجانب الفلسطيني؟‬ ‫أعتقد أن موضوع املفاوضات هو موضوع‬ ‫تكتييك يف إطار املرشوع الصهيوين العام‪،‬‬ ‫وكلها تأيت يف إطار املشهد اإلعالمي فقط‪،‬‬ ‫بينام املرشوع الصهيوين مستمر بوترية هو قام‬ ‫برسمها‪ ،‬إمنا بعد انتصار املقاومة يف لبنان عام‬ ‫‪ ،2006‬املشهد قد تغيرّ وأصبح هناك معادلة‬ ‫جديدة مت ّثلت باملقاومة يف لبنان ويف فلسطني‬ ‫واملامنعة يف سوريا والدعم من إيران‪ ،‬كل هذا‬ ‫املشهد بدأ يش ّكل إطاراً اسرتاتيجياً ملواجهة‬

‫املرشوع الصهيوين‪ ،‬لذلك إذا ما أردنا أن نواجه‬ ‫املرشوع الصهيوين يجب علينا أن ننظر ليس يف‬ ‫الحيثيات اآلنية‪ ،‬إمنا املطلوب بناء مرشوع مقاوم‬ ‫يتبنى خيار املقاومة مبقوماته االقتصادية واملالية‬ ‫واإلعالمية والعسكرية‪ ،‬وكل هذه الخصائص‬ ‫يجب أن تكون متكاملة ملواجهة املرشوع‬ ‫الصهيوين‪ ،‬لذلك العودة بالحديث عن املفاوضات‬ ‫ال يخرج عن إطار التكتيك فقط الذي تتبعه‬ ‫املجموعات الصهيونية عامة‪ ،‬ومجموعات اللويب‬ ‫التي تسيطر عىل اإلدارة األمريكية‪ ،‬وتهيمن عىل‬ ‫القرار يف الواليات املتحدة‪ ،‬كام بدأت تسيطر‬ ‫عىل أوروبا‪ ،‬وهو يتجه رشقاً ليسطر عىل اإلدارات‬ ‫العربية وسلطاتها كام يف مرص ويف بعض‬ ‫الدول العربية التي يقوم قضاءها تحت ذريعة‬ ‫قانون الطوارئ أو قوانني أخرى ملالحقة املقاومني‬ ‫الذين يدعمون القضية الفلسطينية‪ .‬ففي ظل‬ ‫هذا املشهد‪ ،‬ويف ظل تفككات داعمة للقضية‬ ‫الفلسطينية املركزية‪ ،‬أعتقد أن املشهد اإلقليمي‬ ‫للمستقبل‪ ،‬إذا ما جرى تكافل وتضامن بني كل‬ ‫أطراف املقاومة من لبنان اىل سوريا وفلسطني‬ ‫حتى العراق وأفغانستان‪ ،‬فسيكون هناك جبهة‬ ‫موحدة ملواجهة املرشوع االستعامري الذي مازال‬ ‫يحاول‪ ،‬ومل يتوقف‪ ،‬أعتقد أن هذا املشهد مل‬ ‫يتغيرّ والذي تغيرّ هو فقط الطريقة يف التعامل‬ ‫مع الشعوب‪.‬‬ ‫إيران وسوريا محورا املامنعة والصمود يف‬ ‫األمة واملنطقة‪ ،‬واملقاومة يف لبنان‪ ،‬هم ضامنة‬ ‫االستقرار يف املنطقة ويف مواجهة املشاريع‬ ‫االستعامرية األمريكية – الصهيونية‪ ،‬هل من‬ ‫قراءة ملدى قدرة هذه األطراف عىل مواجهة‬ ‫التحديات؟‬ ‫يف طبيعة الحال‪ ،‬إذا أردنا أن ندرس الواقع‪ ،‬إن‬ ‫الواقع اليوم هو صعب جداً‪ ،‬إمنا إذا أردنا أن نضع‬ ‫خطة للبعد االسرتاتيجي للمستقبل أعتقد‬ ‫أن إمكانية ظهور هذا املرشوع بغض النظر عن‬ ‫ارتباطه بالوقت والتاريخ‪ ،‬فاإلمكانية موجودة‪.‬‬ ‫يف البداية نحن نتك ّلم عن معركة إرادة‪،‬‬ ‫يف مواجهة واسرتداد األرض وعودة الحقوق اىل‬ ‫أصحابها يف فلسطني أو أي منطقة أخرى‪ ،‬والذي‬ ‫يدعم الحق رمبا يتعثرّ أو يواجه بعض التحديات‬ ‫إمنا يف النهاية سوف ينترص‪ ،‬لذلك ال يجب أن‬ ‫ننظر اىل بناء مرشوع املواجهة واملامنعة يف‬ ‫اإلطار الزمني بل علينا أن نف ّكر يف بنائه بشكل‬ ‫جيد‪ ،‬ألنه يف السابق جرى عدة محاوالت بد ًءا‬ ‫بالتجربة النارصية وصوالً اىل تجربة املامنعة‬ ‫وحرب ترشين املجيدة ‪ 1973‬بقيادة الرئيس حافظ‬ ‫األسد‪ ،‬كل هذه املواجهات كانت يف ظروف الحرب‬ ‫الباردة‪ ،‬واآلن نحن نتحدث عن ظروف مغايرة‪ ،‬عن‬ ‫فشل املرشوع األمرييك وتعرثه‪ ،‬وهو يبحث عن‬ ‫مخارج يف ظل صعود بعض القوى الدولية مثل‬ ‫الهند والربازيل وروسيا ودول أخرى‪ ،‬وهناك مشهد‬ ‫إقليمي ودويل جديد‪ ،‬يف هذا املشهد رأينا كيف‬ ‫إيران بدأت تأخذ مسارها يف صياغة مرشوعها‬

‫املستقل دون إمالءات دولية‪.‬‬ ‫فتعرث املرشوع األمرييك يف العراق‪ ،‬االنتصار‬ ‫يف لبنان عام ‪ ،2006‬واستكامله باالنتصار يف‬ ‫غزة من قبل املقاومة الفلسطينية‪ ،‬سمح إليران‬ ‫وبدعم من سوريا وتحالف مع السودان بنشوء‬ ‫هذا النظام اإلقليمي الجديد‪ ،‬ونحن استمعنا‬ ‫اىل الرئيس نجاد بعد زيارته اىل لبنان حيث تحدث‬ ‫عن تحالف يضم فلسطني ولبنان وسوريا والعراق‬ ‫وصوالً اىل إيران ورمبا ستنضم إليه تركيا‪ ،‬ومن‬ ‫يدري أن تكون األردن أيضاً يف املستقبل الساحة‬ ‫املجاهدة التي تنضم اىل ساحات الجهاد‪ ،‬كام‬ ‫يف لبنان وسوريا ورمبا سوف تصبح األردن يف‬ ‫املستقبل أحد أطراف دول الطوق التي سوف‬ ‫تض ّيق الخناق عىل املرشوع الصهيوين وتضعه‬ ‫يف إطار الجدار العازل الذي بنته الصهيونية‬ ‫عوضاً أن يكون جداراً عازالً لحامية الشعب الذي‬ ‫اغتصب أرض فلسطني‪ ،‬سوف يكون جدار سجن‬ ‫لهذا الشعب الصهيوين الذي سوف يغادر بعد‬ ‫أن يسجن نفسه‪ ،‬وبالتايل أعتقد أن املرشوع‬ ‫يوماً بعد يوم سوف يتقدّم‪ ،‬وإمنا املطلوب الصمود‬ ‫وتح ّمل هذا الخيار ألنه ليس برحلة كام يف النظام‬ ‫الرأساميل حيث البذخ واالستفادة من مرشوع‬ ‫العوملة‪ ،‬إمنا هو رمبا يتطلب بعض االقتصاد وبعض‬ ‫الصرب والتضحية للوصول اىل تحقيق األهداف‬ ‫الكربى‪.‬‬ ‫ما مصري الرشق أوسطية يف املنطقة؟ وهل‬ ‫انهزم املرشوع؟ وعىل ماذا ميكن الرهان؟‬ ‫أوالً لنبدأ مبوضوع مفهوم الرشق األوسطية‪،‬‬ ‫حيث أعتقد أن هذا املفهوم أكان كبرياً أم جديداً‬ ‫أم صغرياً أو مصغراً‪ ،‬كل هذه التعابري أعتقد‬ ‫أن الصهيونية هي وراء هذه التعابري‪ ،‬وشمعون‬ ‫برييز تحديداً الذي هو صاحب وواضع كتاب “الرشق‬ ‫األوسطية”‪ ،‬لذلك أعتقد أن الصهيونية لتربير‬

‫‪37‬‬

‫التواطؤ والتكافل مع بعض الدول الكربى جرى‬ ‫االتفاق عىل وضع أو تغيري ملفهوم ولثقافة شعوب‬ ‫هذه املنطقة فعوضاً أن نتك ّلم عن املجتمع العريب‬ ‫وعن القومية العربية وعن اإلطار العريب والعاملي‬ ‫اإلسالمي جرى صياغة مفهوم جديد يتحدث عن‬ ‫“الرشق أوسطية”‪ ،‬لذلك إن هذا املفهوم باعتقادي‬ ‫مرتبط بالفكرة الصهيونية يف االندماج يف‬ ‫العامل العريب اإلسالمي‪ ،‬وبالتايل لتربير وجود‬ ‫هذا الكيان‪ ،‬وأعتقد أنه يف اإلطار البعيد‪ ،‬الخطة‬ ‫االسرتاتيجية للصهيونية هي أن يكون الرشق‬ ‫األوسط وإطاره االقتصادي والثقايف والسيايس‬ ‫الذي تلعب فيه الصهيونية وهو رمبا املرادف لـ‬ ‫“إرسائيل” الكربى‪ ،‬يف املفهوم الصهيوين‪.‬‬ ‫ويف املقابل استمعنا اىل الرئيس نجاد يف‬ ‫زيارته وقبل هذه الزيارة وحتى الرئيس بشار األسد‬ ‫تك ّلم عن إطار جديد يف املنطقة التي تحدها‬ ‫املمرات والبحار األربعة‪ ،‬البحر املتوسط واألسود‬ ‫وبحر قزوين وصوالً اىل الخليج‪ ،‬لذلك أعتقد إذا‬ ‫ما انضمت األردن أيضاً اىل هذا التحالف يف‬ ‫املستقبل ودخلت يف دول املامنعة‪ ،‬أعتقد أن‬ ‫هذه البحار سوف تصبح خمس بحار مع انضامم‬ ‫سيوسع اإلطار وجبهة‬ ‫البحر األحمر‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫املامنعة وسوف تسقط “الرشق أوسطية” املرادفة‬ ‫للصهيونية يف املنطقة وسوف ينشأ مفهوماً‬ ‫جديداً تبنيه خيارات املقاومة‪ ،‬وسواعد املجاهدين‬ ‫الذين سريسمون األطر الجغرافية والسياسية‬ ‫واالقتصادية لهذه املنطقة‪.‬‬ ‫ما يجري يف السودان اليوم يلقي الضوء عىل‬ ‫أحدى تداعيات الرشق أوسطية كمرشوع‪ ،‬هل‬ ‫سينجح املرشوع الذي يطالب بفصل جنوب‬ ‫السودان عن شامله؟ ومن وراءه إخراج موضوع‬ ‫االستفتاء يف جنوب السودان ودعمه وكذلك‬ ‫يف أبيي يف الوسط أيضاً؟‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫مقابلة‬ ‫نحن عىل بعد أسابيع من عملية االستفتاء‬ ‫يف جنوب السودان‪ ،‬وأعتقد أن التوجهات التي‬ ‫تأيت من ضمن املرشوع االستعامري‪ ،‬إذا ما نظرنا‬ ‫اىل مشاريع اإلدارة األمريكية منذ عهد الرئيس‬ ‫ريغن وإدارات املحافظني الجدد ‪ ،‬التي أنشأت تحالفاً‬ ‫اسرتاتيجياً مع املرشوع الصهيوين نرى أن كل‬ ‫هذه اإلدارات اتفقت عىل إنشاء خارطة سياسية‬ ‫جغرافية للمنطقة التي متتد من جيبويت‬ ‫والصومال وصوالً اىل تركيا يف موازاة آسيا‬ ‫الوسطى‪ ،‬وإذا نظرنا اىل هذه الخارطة نجد أنها‬ ‫خارطة مذهبية إثنية تقيض بتقسيم املنطقة‬ ‫نتيجة خيارين‪ :‬األول يكمن يف فشل الربيطانيني‬ ‫يف االتفاق يف ظل اتفاقية سايكس – بيكو عىل‬ ‫إخراجه بالتوافق مع الفرنسيني للمنطقة‪.‬‬ ‫أما املوضوع الثاين فهو متعلق بإيجاد النفط‪،‬‬ ‫إذ تغريت املعادالت السياسية اإلقليمية والدولية‬ ‫بعد اكتشافه‪ ،‬لذلك نرى أن املرشوع األمرييك‪،‬‬ ‫بالتحالف مع الربيطانيني ضمناً واألوروبيني‬ ‫واملرشوع الصهيوين‪ ،‬أعاد (املرشوع األمرييك)‬ ‫رسم هذه الخارطة مرتبطاً بالتكنولوجيا التي‬ ‫وصل إليها العامل باكتشاف النفط وبالحاجة‬ ‫اىل هذه الصناعات التكنولوجية وكل ذلك يف‬ ‫مشهد جديد‪ ،‬لذلك الحديث عن جنوب السودان‬ ‫تحت مربرات أن الجنوب مسيحي والشامل مسلم‪،‬‬ ‫إمنا يف الحقيقة هو رصاع تدخل فيه تشاد يف‬ ‫جوبا ويف مناطق دارفور حيث تواجد النفط واملياه‬ ‫بكميات وافرة‪ ،‬ما يش ّكل تهديداً للهم القومي‬ ‫العريب وبالتايل لخصائص هذه املنطقة إذا ما‬ ‫جرى السيطرة عليها‪.‬‬ ‫لذلك نرى أن املرشوع يعمل من أثيوبيا‬ ‫والصومال باتجاه دفع املنطقة اىل أزمات يف‬ ‫منطقة القرن اإلفريقي وجنوب مرص وبالتايل‬ ‫الضغط عىل هذا املحور العريب‪ ،‬ويف نفس الوقت‬ ‫نرى أن هناك ضغوطاً أيضاً عىل محاور أخرى كام‬ ‫يف العراق وأفغانستان‪ ،‬وانتقالها اىل باكستان‬ ‫ورمبا يف املرحلة املقبلة اىل منطقة كشمري يف‬ ‫رصاع بني الهندوس واملسلمني‪ ،‬ويف نفس الوقت‬ ‫تركيا التي مازالت أيضاً مهددة بالتقسيم نتيجة‬ ‫املوضوع الكردي‪ ،‬ما يعني أنه لدينا ملف كردي‬ ‫عالق‪ ،‬ولدينا مشاكل عالقة يف كشمري ويف‬ ‫السودان‪ ،‬كل هذه املشاكل إذا ما جمعناها مع‬ ‫القضية الفلسطينية املركزية‪ ،‬نرى أن املنطقة‬ ‫أمام مثلث كبري متفجر ميتد من إفريقيا اىل آسيا‬ ‫ورمبا يالمس بعض دول البلقان يف أوروبا‪ ،‬فلذلك‬ ‫مرشوع اإلمرباطورية الربيطانية مازال موجوداً‬ ‫إمنا أدوات التنفيذ هي املحافطون الجدد واملرشوع‬ ‫الصهيوين‪.‬‬ ‫ما هي األسباب التي أدّت اىل تأخر تشكيل‬ ‫الحكومة العراقية؟ وكيف ستكون التوازنات‬ ‫الداخلية يف الحكومة القادمة؟‬ ‫أعتقد تشكيل الحكومة يف العراق‪ ،‬رمبا هو‬ ‫متع ّلق بثالث مستويات من األزمة‪ ،‬املستوى األول‬ ‫يقع يف الرصاع السيايس الحاد بني األطراف داخل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫العراق الذي أنتجته قوات االحتالل‪ ،‬فعندما دخلت‬ ‫اىل العراق‪ ،‬قامت يف بداية األمر بتفريغ العراق‬ ‫من مقوماته السياسية والعسكرية ما أنتج هذا‬ ‫الرصاع السيايس الذي نراه اليوم‪ ،‬ورأينا كيف‬ ‫جرى هذا الرصاع عرب إدخال مجموعات الجرمية‬ ‫املنظمة تحت مسميات اإلسالم اىل داخل العراق‬ ‫لتفجري الوضع يف الداخل العراقي وإدخاله يف‬ ‫مجازر داخلية تحضرياً لحرب مذهبية بني السنّة‬ ‫والشيعة أو بني العرب والرتكامن أو بني عدة‬ ‫التسميات التي تش ّكل األكراد والعرب‪ ،‬لذلك‬ ‫أعتقد أن هذا الرصاع كان مربمجاً إلدخال العراق‬ ‫ومناطق دول جوار العراق يف تفاهامت جديدة‬ ‫لصياغة سياسة جغرافية جديدة‪.‬‬ ‫من ضمن هذه األزمة ميكننا القول إن تعرث‬ ‫تشكيل الحكومة يف العراق يأيت من ضمن هذه‬ ‫التوازنات لتفريغ العراق من إطاره السيايس‬ ‫والقانوين والسيادي وهو ما يجري اليوم يف اليمن‬ ‫والصومال وأكرث من دولة ويف السودان‪ ،‬وبالتايل‬ ‫إدخاله يف تفاهامت أو إجباره عىل التوقيع عىل‬ ‫اتفاقيات‪ ،‬وكل ذلك باعتقادي مرتبط باالتفاقية‬ ‫األمنية االسرتاتيجية مع الجانب األمرييك من‬ ‫جهة‪ ،‬وبحقول وعقود النفط من جهة أخرى‬ ‫لتفريغ العراق من عدم إمكانية دخول الصني‬ ‫وروسيا اىل العراق ألنه يف ظل فشل املرشوع‬ ‫األمرييك أمريكا تخاف من دخول الصني وروسيا‬ ‫وبعض الدول التي تش ّكل هواجساً للمخطط‬ ‫األمرييك يف املستقبل‪ ،‬لذلك نرى أن يف ظل‬ ‫عدم وجود اتفاق بني الجانبني األمرييك والرويس‬ ‫وبني الجانبني األمرييك والصيني عىل الخلفية‬ ‫االقتصادية أو العسكرية أو حتى تقاسم النفوذ‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬كل ذلك يع ّرض الشعب العراقي‬ ‫اىل املزيد من املشاكل والويالت وبالتايل ُيدخل‬ ‫املنطقة من خالل العراق أو من خالل التشكيلة‬

‫‪38‬‬

‫السياسية فيه يف أزمة‪ ،‬من هنا نرى أن األزمة‬ ‫داخلية‪ ،‬ويف املشهد األكرب هي دولية‪ ،‬وباملشهد‬ ‫املتوسط نرى أن هناك رصاعاً للنفوذ اإلقليمي داخل‬ ‫العراق‪ ،‬فرتكيا تريد حل ملف األكراد وكركوك‪،‬‬ ‫إيران تريد نفوذاً لها خوفاً من أن يش ّكل العراق‬ ‫من جديد تهديداً ألمنها القومي يف املستقبل‪،‬‬ ‫إذا ما جرى دعمه من بعض الدول الخليجية كام‬ ‫كان يف السابق‪ ،‬وبالتايل سوريا أيضاً التي لديها‬ ‫أكرب حدود مع العراق وإذا ما كان عراقاً موالياً‬ ‫للواليات املتحدة سوف يش ّكل تهديداً للمامنعة‬ ‫وخيارها املقاوم‪ ،‬فبالتايل هذه التوازنات اإلقليمية‬ ‫والدولية والداخلية أنتجت تعرثاً يف تشكيل‬ ‫الحكومة‪ ،‬وأعتقد أن املشهد العراقي ال يختلف‬ ‫عنه يف لبنان وهو ليس بعيداً حتى عن القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ما يعني أن “إرسائيل” تضغط يف‬ ‫العراق من خالل األكراد وبعض األقطاب اآلخرين‬ ‫عىل املرشوع األمرييك لالستفادة من هذه‬ ‫الضغوط يف استكامل االستيطان ويف الضغط‬ ‫عىل مسار القضية الفلسطينية للحصول عىل‬ ‫تنازالت‪ ،‬يف طبيعة الحال‪ ،‬الحكومة يف العراق‬ ‫ستكون حت ًام مقاومة‪.‬‬ ‫كيف تقرأ زيارة الرئيس نجاد اىل لبنان؟ ما هي‬ ‫دالالتها؟ وما هي النتائج التي ميكن أن ترتتب‬ ‫عنها؟‬ ‫زيارة تاريخية اسرتاتيجية‪ ،‬هذا باختصار‬ ‫ما ميكننا أن نصف به زيارة رئيس الجمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية محمود أحمدي نجاد إىل‬ ‫لبنان‪ ،‬فمن املتوقع أن ترسم هذه الزيارة مساراً‬ ‫جديداً يف تاريخ العالقات اللبنانية اإليرانية‬ ‫خاصة وأن البلدين و ّقعا عدة اتفاقيات اقتصادية‬ ‫وصفت بالهامة جداً‪ ،‬ولكن لن يقترص التغيري‬ ‫املتوقع عىل النواحي االقتصادية وحسب‪ ،‬بل‬ ‫سيطال بشكل مبارش العالقات الدبلوماسية‬

‫بني البلدين‪ .‬وما وقوف نجاد يف بنت جبيل وقوله‬ ‫“نحن معكم وسنبقى معكم” إال رسالة للغرب‬ ‫وملن يهمه األمر بأن ايران مل ولن ترتك لبنان لقمة‬ ‫سائغة يف فم التنني الصهيوين‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لتوقيت هذه الزيارة‪ ،‬لقد فرضتها‬ ‫مجموعة من الظروف وأجواء التوتر اإلقليمي‬ ‫الشديد‪ ،‬والزيارة ستسهم بال شك يف تعزيز‬ ‫صمود الشعب اللبناين و ُتفشل محاوالت زرع‬ ‫الفتنة بني أبنائه وهذا ما يرفد محور املقاومة يف‬ ‫املنطقة مبزيد من املناعة والقوة‪.‬‬ ‫أما يف ما يتع ّلق بالنتائج املبارشة للزيارة‪،‬‬ ‫فيمكن تقسيمها اىل قسمني‪:‬‬ ‫أ‪ -‬رسالة إىل العامل العريب وتأكيد أن العالقات‬ ‫بني لبنان وإيران ستبقى ودي ًة وأخوية وستشهد‬ ‫تطوراً واتساعاً يف املستقبل‪ ،‬وهي تشكل منوذجاً‬ ‫للعالقات الودية والثورية وتساهم يف توفري األمن‬ ‫واالستقرار والعدالة يف كل أرجاء املنطقة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬رسالة إىل األمريكيني واإلرسائيليني أن‬ ‫“نجمكم قد أفل وحان وقت الرحيل‪ .‬نحن أصحاب‬ ‫هذه الدار والقادرون عىل إدارتها”‪ .‬وتثبيت النتصار‬ ‫متوز ‪ ،2006‬الذي لواله ملا أمكن عقد هذه االتفاقيات‬ ‫التي يريد من خاللها اإليرانيون القول “نقدّم يف‬ ‫الحرب والسلم‪ ،‬فنحن رجال الحرب ورجال البناء‪،‬‬ ‫ونحن أيضاً من مح ّبي الحياة وعشاق الشهادة”‪.‬‬ ‫أما إقليمياً تعمل االسرتاتيجية اإليرانية عىل‬ ‫محورين‪:‬‬ ‫‪ -1‬محور املواجهة مع قوى االستعامر‬ ‫واالستكبار التي تحتل األرض وترسق الرثوات‬ ‫الوطنية وتتحكم بقرارات ومستقبل الشعوب‬ ‫يف املنطقة‪.‬‬ ‫‪ -2‬املحور الثاين بناء مجتمع متكامل يقوم‬ ‫عىل التنسيق والتعاون يف كل املجاالت ويف نفس‬ ‫السياق جاء التوقيع عىل أكرث من ‪ 15‬اتفاقية‬ ‫والتي ستستكمل نحو تحالف إقليمي واسع‬ ‫يربط البحار األربع والقارات الثالث‪ ،‬وفيه املمرات‬ ‫املائية والنفطية والتجارية‪.‬‬ ‫واملطلوب يف نفس السياق أن يكون لها تأثريها‬ ‫اإليجايب عىل األزمات املفتوحة‪ ،‬هذه الزيارة تتم‬ ‫تحت سقف التهدئة العربية ‪ -‬االيرانية ولدعم‬ ‫اإلستقرار اإلقليمي‪ ،‬وهو ما حرص الرئيس اإليراين‬ ‫عىل إبالغه إىل املعنيني يف لبنان‪.‬‬ ‫عىل املستوى اللبناين‪ ،‬اعترب نجاد أنه من آب‬ ‫‪ 2006‬وحتى أيار ‪ 2008‬تشكلت نقطة اإلرتكاز‬ ‫لتحقيق التغيري يف املنطقة اليوم‪ ،‬وعبرّ عنها‬ ‫الرئيس نجاد بقوله‪ ”:‬لوال مقاومتكم وصمودكم‬ ‫البطويل ملا كان معلوماً أين سيستقر خط‬ ‫الحدود بني لبنان واالحتالل اإلرسائييل”‪.‬‬ ‫فالرئيس نجاد يعلم متاماً ما يدور يف لبنان‬ ‫ويدرك حساسية األزمة الداخلية والتعقيدات‬ ‫اإلقليمية والضغوط الدولية‪ ،‬وألن الرئيس نجاد‬ ‫ال ميكن أن ُيقدم عىل ما يخل بعالقات لبنان أو‬ ‫استقراره أو أوضاعه‪ ،‬فقد اعتمد برأيي خطاباً‬ ‫سياسياً إيرانياً متوازناً ومدروساً رغم أن الزيارة‬

‫«االستشارية» مؤسسة مستقلة‬ ‫متخصصة يف مجال إدارة وتطوير‬ ‫التواصل بني املؤسسات والجمعيات‬ ‫ومجمل الرأي العام واملجتمعات يف‬ ‫الرشق األوسط‪.‬‬ ‫يعتمد أسلوب عمل «االستشارية»‬ ‫عىل البحث امليداين والتحليل‬ ‫املوجه للمستويات القيادية‬ ‫لتخفيف التطرف االجتامعي وفتح‬ ‫مستويات وسبل حوار بني الثقافات‬ ‫واألديان واملجتمعات اإلنسانية يف‬ ‫العامل‪ ،‬وبخاصة يف املنطقة املمتدة‬ ‫من شامل إفريقيا اىل الهند رشقاً‪.‬‬ ‫تهتم «االستشارية» بإصدار نرشات‬ ‫فصلية متخصصة يف القراءة‬ ‫االسرتاتيجية‪ ،‬تحتوي عىل آخر تطور‬ ‫األزمات والقضايا يف منطقة املرشق‬ ‫والخليج وشامل إفريقيا‪.‬‬ ‫كانت ضمن سياسة املحاور اإلقليمية‪ ،‬ورمبا يف‬ ‫الخلفية بناء تحالفات دولية ملا بعد انتهاء األحادية‬ ‫القطبية األمريكية‪ ،‬كام أن هذه الزيارة هدفها‬ ‫تجميع القوى الصديقة والتي يشكلها لبنان يف‬ ‫إطار الجامعة العربية ومنظمة املؤمتر اإلسالمي‬ ‫وصداقاته األوروبية‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬إن هذه الزيارة كانت ناجحة وسط‬ ‫حمالت سياسية وعقوبات اقتصادية أمريكية‬ ‫وغربية عىل إيران وآخرها القرار األممي ‪،1929‬‬ ‫وكان من املتوقع دولياً الفشل للزيارة غري أن إيران‬ ‫ولبنان استطاعا إنجاح هذه الزيارة الرسمية‪ ،‬التي‬ ‫كانت زيارة رئيس دولة لرئيس دولة صديقة‪ ،‬وهي‬ ‫مل ولن تحرج لبنان فكانت املشاركة الشعبية‬ ‫واإلستقبال الرسمي والوطني للرئيس الضيف‪.‬‬ ‫هناك من ربط زيارة الرئيس نجاد بدعم‬ ‫للمقاومة خاصة بعد تو ّقع صدور القرار الظني‪،‬‬ ‫برأيكم هل من أثر لهذه الزيارة عىل سري‬ ‫املحكمة الدولية الخاصة بلبنان وبالتايل عىل‬ ‫القرار االتهامي؟‬ ‫ال ميكن أن نتحدث عن ظن بظن‪ ،‬فتصبح‬

‫‪39‬‬

‫خياراتنا أحالماً عوضاً أن نتك ّلم باالسرتاتيجية‬ ‫املرتبطة مبعطيات حقيقية ومؤرشات رسمية‬ ‫وبيانات ملموسة‪ ،‬ما يعني أنه عندما انترصت‬ ‫املقاومة عام ‪ ،2006‬كانت قد انترصت بالفعل‪ ،‬وهي‬ ‫مل تنترص “بالومى”‪ ،‬ورمبا بعض األصوات اعتربت‬ ‫هذا النرص ليس نرصاً إلهياً‪ ،‬نعم رمبا ليس نرصاً‬ ‫إلهياً عند البعض إمنا نرصاً تحقق مبجموعة من‬ ‫املجاهدين أمام أكرب آلة عسكرية يف املنطقة ورمبا‬ ‫يف العامل‪ ،‬ويف نفس الوقت إن كان هذا القرار‬ ‫الظني سيتّهم املقاومة‪ ،‬علينا العودة بالذاكرة‬ ‫تم اتهام سوريا‬ ‫اىل األربع سنوات املاضية‪ ،‬حيث ّ‬ ‫وبالتحديد القيادة السورية‪ ،‬وصوالً اليوم اىل‬ ‫اتهام “حزب الله”‪ ،‬أعتقد إذا صدر هذا القرار‪ ،‬وهو‬ ‫ظني‪ ،‬أو مل يصدر‪ ،‬ال أعتقد أن يف املشهد الدويل‬ ‫سيتغيرّ شيئ ما‪ ،‬لذلك أعتقد أن استهداف‬ ‫الرئيس الحريري‪ ،‬إذا أردنا أن ندرس هذا الواقع بكل‬ ‫موضوعية ونضع كل التحليالت املنطقية يف من‬ ‫يريد استهداف الرئيس رفيق الحريري؟ فالرئيس‬ ‫الحريري كان العباً إقليمياً ودولياً وكان وجه لبنان‬ ‫الحضاري والدبلومايس يف عالقاته مع العامل‪،‬‬ ‫وش ّكل بطبيعة الحال الدبلومايس املقاوم الذي‬ ‫دعم خيار املقاومة‪ ،‬وبالتايل يف تفاهم نيسان‬ ‫أعطى رشعية للمقاومة‪ ،‬فدخلت املقاومة من‬ ‫الباب العريض لتكون رشعية أمام املجتمع الدويل‪،‬‬ ‫إذاً ميكن تصنيف الرئيس رفيق الحريري بأنه أول‬ ‫مقاوم دبلومايس‪ ،‬ورمبا هو مل يحمل السالح‪،‬‬ ‫ولكنه قاوم للدفاع عن املقاومة‪ ،‬فكيف ميكن‬ ‫أن تتع ّرض املقاومة لهذا الشخص‪ ،‬ويف املقابل‪،‬‬ ‫قبل اغتيال الرئيس الحريري كان هناك حديث‬ ‫ّ‬ ‫مرشف يف الباكستان‬ ‫عن اغتيال للرئيس برويز‬ ‫وتعرض حينها الرئيس مرشف اىل محاولتي قتل‪،‬‬ ‫ونحن نعرف الصداقة التي كانت تربط الرئيس‬ ‫مرشف‪ ،‬وعالقة السعودية تحديداً‬ ‫ّ‬ ‫الحريري بالرئيس‬ ‫بدعم الرئيس برويز ّ‬ ‫مرشف ورمبا هي مرتبطة مبلف‬ ‫باكستان النووي‪ ،‬وبطبيعة الحال‪ ،‬الوضع العام يف‬ ‫الباكستانية‬ ‫باالستخبارات‬ ‫مرتبط‬ ‫الباكستان‬ ‫والسعودية وكل املرشوع متكامل‪ ،‬لذلك نتساءل‬ ‫من يستهدف هذا املرشوع؟ أو من يستهدف‬ ‫ّ‬ ‫مرشف الذي كان ميلك نفس تقنية‬ ‫الرئيس برويز‬ ‫التشويش يف سياراته‪ ،‬التي ميلكها الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫مرشف الذي‬ ‫الحريري‪ ،‬ف َمن حاول اخرتاق الرئيس‬ ‫كان يؤمن له الحامية‪ ،‬قام باخرتاق الرئيس الحريري‪،‬‬ ‫وأعتقد أن هذا املوضوع أصبح معروفاً‪ ،‬وكام‬ ‫ّ‬ ‫مرشف‪ ،‬بعد عدم إمكانية‬ ‫جرى تنحية الرئيس‬ ‫اغتياله‪ ،‬وجرى اغتيال الحريري‪ ،‬وجاءت بنازير بوتو‬ ‫التي كانت يف املنفى وعادت اىل الباكستان بعد‬ ‫ّ‬ ‫مرشف‪ ،‬وبعدها بأسابيع جرى اغتيالها‪،‬‬ ‫تنحية‬ ‫ويف نفس الصيغة جرى إنشاء محكمة دولية‬ ‫أو قضاء دويل أو لجنة تحقيق دولية للبحث يف‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬عىل هذه الخلفية جرى تغيري صورة‬ ‫باكستان إلدخالها بالفوىض بعد أفغانستان‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب عريب‬

‫السودان يواجه خطراً كبيراً يه ّدد أمنه الوطني‬ ‫االستفتاء على الجنوب مم ّر للتدخالت األجنبية‬ ‫السودان يف واجهة األحداث‬ ‫مع اقرتاب موعد االستفتاء‬ ‫املزمع إجراؤه يف كانون‬ ‫الثاين ‪ ،2011‬وكل املؤرشات‬ ‫والتوقعات تؤكد بأن نتيجة‬ ‫انفصال‬ ‫ستكون‬ ‫االستفتاء‬ ‫جنويب السودان عن شامله‪،‬‬ ‫وتجىل ذلك يف الدعوة الواضحة‬ ‫التي أطلقها الزعيم يف جنوب‬ ‫السودان سيلفاكريي للتصويت‬ ‫تم‬ ‫مع اإلنفصال‪ ،‬هذا الحدث إن ّ‬ ‫سيكون بد ًءا لتغيريات كثرية‬ ‫عىل حساب األمة العربية‪،‬‬ ‫واملالحظ أن االستفتاء يف‬ ‫سيجري‬ ‫السودان‬ ‫جنويب‬ ‫تتعرض‬ ‫املركزية‬ ‫وحكومته‬ ‫وضغوط‬ ‫رشسة‬ ‫لهجمة‬ ‫أمريكية وغربية أشبه ما تكون‬ ‫مبحاولة فرض نوع من التدويل‬ ‫من خالل السيف املس ّلط من‬ ‫قبل القايض الجنايئ الدويل‪،‬‬ ‫وهذا ما يدل عىل حبكة معينة‬ ‫تعد لهذا البلد بهدف إضعافه‬ ‫والعمل عىل انتقال عدوى‬ ‫اإلنفصال إىل أجزاء أخرى منه‬ ‫يف الوسط ورشقي البالد‪.‬‬ ‫ويف الوقت نفسه ال ميكن النأي بالسودان‬ ‫عام يجري يف محيطه العريب واإلفريقي‪ ،‬حيث‬ ‫هناك ما يشبه التواطؤ الدويل عىل إبقاء هذا‬ ‫البلد رهينة لحالة من الترشذم وعدم االستقرار‪،‬‬ ‫وإبقاءه يف دائرة االستهداف ضمن مخطط أكرب‬ ‫يستهدف األمة بأرسها‪.‬‬ ‫ملف السودان طرح نفسه عىل جدول أعامل‬ ‫مجس األمن وذلك يف أعقاب الزيارة التي قام‬ ‫بها سفراء الدول الخمس عرشة يف املجلس‪ ،‬إىل‬ ‫السودان يف الفرتة ما بني ‪ 5‬و ‪ 9‬ترشين األول‬ ‫‪ ،2010‬وشملت مدينة جوبا عاصمة جنوب‬ ‫السودان‪ ،‬ومدينة الفارش يف إقليم دارفور‪،‬‬ ‫والعاصمة الخرطوم‪ ،‬ونتائج الزيارة‪ ،‬أ ّكدت القلق‬ ‫عىل مستقبل الوضع يف السودان مع قرب‬ ‫انعقاد االستفتاء لتحديد مصري السودان‪ ،‬أما‬ ‫بانفصال الجنوب أو البقاء موحداً مع الشامل‪.‬‬ ‫ويحاول بعض من أعضاء مجلس األمن مثل‬ ‫الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا التأكيد عىل‬ ‫مؤرشات تدهور األوضاع يف دارفورد أيضاً‪ ،‬ولكن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تركيزهم يف هذه املرحلة عىل جنوب السودان‬ ‫مع قلق من احتامل تجدّد القتال هناك بني قوات‬ ‫الجيش السوداين وقوات الحركة الشعبية (لتحرير‬ ‫السودان) يف حال عدم انعقاد االستفتاء يف‬ ‫موعده‪ ،‬أو عدم القبول بنتائجه والتي تفيد كافة‬ ‫املؤرشات بأنها ستكون لصالح االنفصال‪ ،‬ويزيد‬ ‫من هذه املخاوف‪ ،‬تواتر التقارير عن قيام حكومة‬ ‫الجنوب باسترياد كميات من األسلحة من دول‬ ‫إفريقية مجاورة استعداداً ألي مواجهات محتملة‬ ‫يف حال عدم انعقاد االستفتاء‪ ،‬أو أن تيل نتائجه‬ ‫مواجهات عنيفة بني قوات الحكومة يف الشامل‬ ‫والحركة الشعبية لتحرير السودان يف الجنوب‪.‬‬ ‫وما يزيد من احتامالت عدم عقد االستفتاء يف‬ ‫موعده‪ ،‬أن أ ّيا من القضايا األساسية املطلوب‬ ‫حسمها قبل التصويت مل يتم ح ّلها حتى اآلن‪،‬‬ ‫مثل ترسيم الحدود بني الشامل والجنوب لتحديد‬ ‫من سيكون من حقه التصويت‪ ،‬وقواعد انقسام‬ ‫ثروة النفط الذي يأيت معظمه من الجنوب‪ ،‬بنسبة‬ ‫حوايل ‪ ،%80‬ولكن يتم تصديره عرب أنبوب نفطي‬

‫‪40‬‬

‫من ميناء بور سودان يف الشامل‪ ،‬وطول فرتة‬ ‫تسجيل الناخبني والتي يقول الخرطوم أنها يجب‬ ‫أال تتجاوز سبعة عرش يوماً‪ ،‬ويطالب الجنوبيون‬ ‫بأن تكون مدتها شهراً‪ ،‬والنقطة األخطر وهي‬ ‫ترسيم منطقة اإلقليم املعروف بأبيي الغني‬ ‫بالنفط وإذا ما كان تابعاً للشامل أو الجنوب‪،‬‬ ‫وسيشارك سكان أبيي يف استفتاء مستقل يف‬ ‫نفس اليوم يحدوون فيه إما باالنضامم للشامل‬ ‫أو الجنوب‪.‬‬ ‫املندوبة األمريكية سوزان رايس‪ ،‬يف خطاب‬ ‫ألقته أمام مجلس األمن يوم ‪ 14‬ترشين األول‬ ‫الستعراض نتائج زيارة السودان‪ ،‬كانت حريصة‬ ‫عىل أال تعرب عن أي موقف من شأنه تأكيد رغبة‬ ‫الواليات املتحدة انفصال الجنوب‪ ،‬وكانت حريصة‬ ‫عىل اإلشادة بالتعهدات التي حصلت عليها‬ ‫من كبار املسؤولني يف الحكومة السودانية يف‬ ‫الخرطوم ويف الجنوب من أنهم ملتزمون بعقد‬ ‫االستفتاء يف موعده‪.‬‬ ‫وأكرث النقاط حساسية يف ترتيب وفد‬

‫مجلس األمن‪ ،‬وأثناء تواجدهم يف السودان‪،‬‬ ‫هو رفض ممثيل الدول الكربى وآخرين لقاء‬ ‫الرئيس السوداين عمر البشري بسبب‬ ‫أوامر االعتقال الصادرة بحقه من محكمة‬ ‫الجنايات الدولية بزعم تورطه يف جرائم‬ ‫أثناء الحرب األهلية‪.‬‬ ‫وتتمسك حكومة السودان برفض قرار‬ ‫محكمة الجنايات الدولية‪ ،‬وتم إعادة انتخاب‬ ‫الرئيس عمر البشري لرئاسة السودان‬ ‫يف نيسان املايض‪ ،‬ويرى املراقبون‪ ،‬أنه‬ ‫يبدو من ترصيحات سوزان رايس ومندوب‬ ‫بريطانيا مارك ليال غرانت أن الدول الغربية‬ ‫تستخدم ورقة تأجيل قرارات االعتقال‬ ‫الصادرة بحق البشري كورقة ضغط لضامن‬ ‫إجراء االستفتاء املقرر عىل مصري الجنوب‬ ‫يف موعده‪ ،‬ولدفعه عىل تقديم التنازالت‬ ‫للمتمردين يف دارفورد‪.‬‬ ‫وترى املصادر األمريكية أن واشنطن‬ ‫وكمقابل التزام حكومة الخرطوم بإجراء‬ ‫االستفتاء يف الجنوب ستنظر يف زيادة‬ ‫مساعداتها للخرطوم يف مجاالت الزراعة‬ ‫والخدمات‪ ،‬كام ستبحث يف رفع اسم‬ ‫السودان من قامئة وزارة الخارجية الخاصة بالدول‬ ‫املتهمة برعاية اإلرهاب‪ ،‬وترفع مستوى العالقات‬ ‫الدبلوماسية مع الخرطوم‪ ،‬ومن ضمن اإلغراءات‬ ‫غري املعلن عنها‪ ،‬قيام مجلس األمن باستخدام‬ ‫سلطته وتأجيل قرارات االعتقال ضد الرئيس‬ ‫السوداين عمر البشري ملدة عام وتجديد ذلك‬ ‫سنوياً‪ ،‬أو طي ملف قرارات االعتقال متاماً‪.‬‬ ‫غري أن مسارعة الواليات املتحدة إىل االستجابة‬ ‫لطلب حكومة الجنوب السوداين بشأن نرش‬ ‫قوات عازلة بني الجنوب والشامل‪ ،‬يعترب داللة‬ ‫عىل رغبة يف التدخل وتجاوز الحكومة السودانية‬ ‫ونظام األمم املتحدة‪ ،‬ويعترب مبثابة ذريعة للتدخل‬ ‫يف السودان‪.‬‬ ‫رصح بأن عرقلة‬ ‫الرئيس األمرييك باراك أوباما ّ‬ ‫االستفتاء املتوقع يف جنوب السودان يف كانون‬ ‫الثاين القادم‪ ،‬رمبا سيكون سبباً يف مجازر‬ ‫تقتل املاليني‪ ،‬ومصادر أمريكية نقلت عن وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية (يس أي إيه) أن جنوب‬ ‫السودان منطقة معرضة لخطر القتل الجامعي‬ ‫وأن االشتباكات ستبدأ يف منطقة أبيي عىل‬ ‫الحدود بني الشامل والجنوب حيث آبار النفط‬ ‫املتنازع عليها بني الجانبني‪.‬‬ ‫وبينام يريد الرئيس عمر البشري عالقات‬ ‫طبيعية مع الواليات املتحدة‪ ،‬وبعض عائدات‬ ‫النفط من الجنوب‪ ،‬ووضع حد للعقوبات ضد‬ ‫السودان‪ ،‬وقدراً من الحامية من اتهامات املحكمة‬ ‫الجنائية الدولية‪ ،‬ولكن إذا ما ص ّوت الجنوب‬ ‫مع االنفصال‪ ،‬أو إذا مل يجر االستفتاء وأعلن‬ ‫الجنوبيون االستقالل من جانب واحد‪ ،‬سيعلن‬ ‫البشري أن البالد تواجه خطراً كبرياً يهدّد أمنها‬ ‫الوطني‪ ،‬وسيلجأ إىل معالجة رسيعة لتستمر‬

‫آبار النفط القريبة بني الشامل والجنوب تحت‬ ‫سيطرة حكومة الخرطوم‪ ،‬ولهذا سيأمر القوات‬ ‫السودانية املسلحة باالستيالء عىل اآلبار ليحول‬ ‫دون تعرضها للمخاطر‪.‬‬ ‫وإذا ما أعلنت دولة الجنوب الجديدة‪ ،‬أن آبار‬ ‫النفط جزء من أراضيها وأرسلت قواتها إىل‬ ‫هناك‪ ،‬وهذا سيناريو متوقع‪ ،‬وهذا ما سيؤدي‬ ‫اىل تدخل أجنبي وإال ملاذا بدأ هؤالء بعد اتفاقية‬ ‫السالم عام ‪ 2005‬برشاء دبابات وطائرات؟ فهم‬ ‫يعرفون أن البشري لن يتخىل عن آبار النفط‪.‬‬ ‫كل الدالئل واملؤرشات تؤكد أن رئيس حكومة‬ ‫الجنوب سلفاكري ميارديت ماض يف مخططه‬ ‫لإلنفصال باستفتاء أو بدونه‪ ،‬وأن ترصيحاته بأنه‬ ‫ال يعتزم االستقالل من جانب واحد ال تستقيم‬ ‫مع الوقائع عىل األرض والترصيحات التي‬ ‫يطلقها‪ ،‬ويجد يف املوقف األمرييك والربيطاين‬ ‫سنداً ودع ًام أساسيا يف مخططه‪.‬‬ ‫واشنطن تلوح بفرض عقوبات جديدة‬ ‫وبإجراءات قد تصل إىل حد التدخل العسكري‪،‬‬ ‫واملوفد الخاص للرئيس أوباما كان قد ذ ّكر “بأهداف‬ ‫الواليات املتحدة خالل محادثاته التي جرت يف‬ ‫الخرطوم و”جوبا” كربى مدن جنوب السودان‬ ‫وقال‪ ،‬ستكون هناك سلسلة من التداعيات إذا‬ ‫تدهور الوضع يف السودان أو مل يتم إحراز تقدم‬ ‫يف العملية السلمية الخاصة بالجنوب وبإقليم‬ ‫دارفور‪ ،‬ودخل السودان مرحلة دقيقة‪ ،‬وإنه يتوجب‬ ‫عىل القادة السياسيني االختيار ما بني التسوية‬ ‫واملواجهة وما بني الحرب والسالم”‪.‬‬ ‫ويف مؤرش يدل عىل تعميق انقسام الشامل‬ ‫والجنوب‪ ،‬رفضت الحركة الشعبية لتحرير‬ ‫السودان‪ ،‬مقرتحاً من الحزب الوطني الحاكم‬ ‫بتأجيل االستفتاء عىل منطقة أبيي‪ ،‬وهذه‬

‫‪41‬‬

‫إشارة إىل تعمق الخالفات بني رشييك الحكم‬ ‫بشأن رشوط إجراء االستفتاء يف املنطقة‬ ‫الغنية بالنفط وهي منطقة متنازع عليها‪،‬‬ ‫وهناك خالفات عىل تعريف الناخب الذي‬ ‫يحق له التصويت‪ ،‬ومن بني الخيارات املتاحة‪،‬‬ ‫خيار تأجيل االستفتاء أو أن يتم التوصل‬ ‫إىل وسيلة أخرى لتسوية املسألة‪ ،‬ويف بيان‬ ‫مشرتك أعلن الطرفان فشل املحادثات التي‬ ‫جرت يف العاصمة األثيوبية بسبب عدم‬ ‫اتفاقهام عىل معايري مشرتكة ملشاركة‬ ‫الناخبني يف استفتاء أبيي‪ ،‬كام تحفظت‬ ‫الحكومة السودانية واعتربت ذلك مخالفاً‬ ‫التفاق السالم‪.‬‬ ‫وتراجع التوتر بني رشييك الحكم السوداين‪،‬‬ ‫حزب املؤمتر الوطني‪ ،‬والحركة الشعبية‬ ‫لتحرير السودان‪ ،‬واتفقا عىل وقف التصعيد‬ ‫السيايس والرتاشق اإلعالمي وعدم العودة‬ ‫إىل املواجهات العسكرية‪ ،‬وعُ قد اجتامع‬ ‫ملؤسسة الرئاسة من أجل تسوية القضايا‬ ‫العالقة املرتبطة باالستفتاء عىل تقرير‬ ‫مصري جنوب السودان‪.‬‬ ‫السودان عىل مفرتق طرق حقيقي خالل‬ ‫األشهر املتبقية حيث انتهاء الفرتة االنتقالية‪،‬‬ ‫وانعقاد االستفتاء عىل مصري جنوب السودان‬ ‫حسب بنود اتفاق السالم الشامل املوقع عام‬ ‫‪ 2005‬الذي نصت بنوده عىل مساعدة السودان‬ ‫عىل جعل الوحدة خياراً جذاباً عند التصويت‬ ‫عىل االستفتاء وتثبيت السلم واالستقرار فيه‪.‬‬ ‫اقرتب االستحقاق وها نحن نشهد استيقاظات‬ ‫صغرية ومتفرقة من سبات عميق‪ ،‬ولكنها جاءت‬ ‫متأخرة وغري مجدية وطوال العامني املاضيني‬ ‫كان الرئيس السوداين عمر البشري يؤكد التزامه‬ ‫االستفتاء يف موعده‪ ،‬وبال عقبات‪ ،‬ولكنه كان‬ ‫يلفت إىل رضورة تفكيك النزاع (الدويل) يف‬ ‫دارفور وإعادة اإلقليم إىل سلطته‪ ،‬لكن اآلخرين‬ ‫استخدموا دارفور البتزاز الخرطوم التي بادرت‬ ‫بعدئذ إىل استخدام االنفصال إلبتزازهم‪ ،‬فعل‬ ‫ورد فعل يف لعبة منطقية ومتوازية‪ ،‬متاعب‬ ‫االنفصال‪ ،‬وأطراف تريد أن تتدخل يف السودان‬ ‫إلدامة القلق واالضطراب يف أنحائه مع استعداد‬ ‫كام‬ ‫بإنصافهم‬ ‫للمطالبة‬ ‫عدة‬ ‫جامعات‬ ‫س ُينصف الجنوبيون‪.‬‬ ‫خيار االنفصال ساهم يف إحداث نزيف لن‬ ‫يتوقف يف جسد السودان‪ ،‬غياب الحكامء‪ ،‬وتدخل‬ ‫األطراف الخارجية الطامعة مبوارد السودان‪ ،‬وكان‬ ‫األجدى البحث يف صيغة ذات خصوصية تل ّبي‬ ‫مصالح السكان والحفاظ عىل الحد األدىن من‬ ‫الوحدة والتامسك وتسمح بتوزيع السلطة‬ ‫والرثوة وانطالق تنمية شاملة‪.‬‬ ‫الخيارات متعددة ومفتوحة عىل كافة‬ ‫االحتامالت وأمران أحالهام م ّر!‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب عريب‬

‫صراع التوريث في مصر ظاهره الشعب المصري‬ ‫وباطنه كسب تأييد الواليات المتحدة األميركية‬ ‫قوة أي نظام تأيت من خالل احرتام الشعب لحكومته وح ّكامه‪ ،‬فهل هذا‬ ‫ما يجري يف مرص؟ وهل تبقى هذه املعادلة صحيحة إذا افرتض البعض أن‬ ‫للقوة مظاهر أخرى ميكن الحصول عليها بطرق أخرى؟ هناك من يرى القوة‬ ‫من خالل القضاء عىل الخصوم يف الداخل‪ ،‬وباللجوء إىل أساليب قمعية‬ ‫ولكنها مغطاة برشعية القوانني والدساتري النافذة‪ ،‬وهناك من يرى القوة‬ ‫من خالل االستقواء باألجنبي‪ ،‬أو محاوالت اسرتضائه بالتنازل عن الكثري من‬ ‫مقومات السيادة والكرامة والثوابت الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫اتفاقية “كامب ديفيد” ‪ 1979‬ربطت االقتصاد املرصي باملصالح األمريكية‪،‬‬ ‫وتطلبت تلك االتفاقية كذلك تغيري املناهج الدراسية بحيث ميحى منها‬ ‫أي ذكر للعداء مع “إرسائيل”‪ ،‬وفتحت أبواب مرص عىل مرصعيها للنفوذ‬ ‫األمرييك‪“ ،‬كامب ديفيد” أخذت مرص وكبلتها وجعلتها رهينة يف حارضها‬ ‫وغدها وقرارها‪ ،‬إنها أحد األشكال الجديدة لالستعامر الحديث والخطوة األوىل‬ ‫يف مرشوع الرشق األوسط الجديد‪.‬‬ ‫جامل مبارك‪ :‬تحالف املال والسلطة‬ ‫االتفاقية أدّت إىل نشوب خالفات عربية وحتى داخل مرص ذاتها‪ ،‬أنكرت‬ ‫الحقوق الوطنية الفلسطينية‪ ،‬وجزأت الشعب‪ ،‬ورشعنت املستوطنات يف أنها املرة األوىل التي يخرج فيها النظام عن أحد الثوابت السياسية تجاه‬ ‫الصهيونية‪ ،‬واليوم‪ ،‬ما زال مطلوباً من النظام املرصي االستمرار بذات الرصاع العريب – اإلرسائييل‪ ،‬وهي املطالبة بالقدس املحتلة عاصمة ألي دولة‬ ‫اللعبة القدمية ولو بأشكال جديدة‪ ،‬واملهم برأي هؤالء أمن الكيان‪ ،‬واملصالح فلسطينية مستقبلية‪ ،‬وهذا إقرار واضح بحق وجود “إرسائيل” يف القدس‬ ‫األمريكية يف املنطقة وحراستها مقابل دور للنظام يرتبط مبستوى األداء الرشقية‪ ،‬ويعني أيضاً تكريس القبول باألمر الواقع املفروض‪ ،‬وهو يتوافق‬ ‫املراد تحقيقه لتلك الغايات‪.‬‬ ‫مع ترصيحات إيهود باراك وزير الحرب اإلرسائييل‪ ،‬والسؤال ما هو املقابل‬ ‫عملية‬ ‫يف‬ ‫محدد‬ ‫بدور‬ ‫التعهد‬ ‫املرصي‪،‬‬ ‫النظام‬ ‫واملطلوب اليوم من‬ ‫ملثل هذه الترصيحات‪ ،‬أليس الغطاء األمرييك – اإلرسائييل لتمرير سيناريو‬ ‫ويف‬ ‫الصهيوين‪،‬‬ ‫والكيان‬ ‫الفلسطينية‬ ‫السلطة‬ ‫بني‬ ‫املفاوضات املبارشة‬ ‫التوريث عىل املستوى الدويل؟‬ ‫ّ‬ ‫صفقة متكاملة شكلت إحدى بنودها األساسية ضامن الدعم الدويل‬ ‫قضية التوريث تقدمت خطوات ودخلت مرحلة هامة‪ ،‬واصطحاب مبارك‬ ‫لعملية التوريث‪ .‬ويف هذا معانٍ ودالالت هامة وخاصة إذا كان التوريث يعني لنجله جامل أثناء رحلته األخرية لواشنطن‪ ،‬حيث عقد األخري لقاء مع‬ ‫االلتزام بكافة املعاهدات املربمة لجهة القيام بالدور املرسوم وتطويره مبا نتنياهو عىل هامش القمة الخامسية التي مل تكن لتدشني املفاوضات‬ ‫يتناسب مع املستجدات اإلقليمية والدولية‪ ،‬وإال فلامذا أرصت “إرسائيل” املبارشة فقط‪ ،‬وإمنا تدشني عملية التوريث‪.‬‬ ‫واإلدارة األمريكية عىل حضور الرئيس حسني مبارك شخصياً قمة‬ ‫يحاول النظام املرصي أن يس ّوق عملية تضليل كبرية‪ ،‬الفتات لعدد من‬ ‫واشنطن رغم حالته الصحية‪ ،‬وهو الذي رفض املشاركة يف قمة مامثلة دعا املرشحني عن الحزب الوطني الحاكم تتصدر واجهتها صور جامل مبارك‪،‬‬ ‫إليها الرئيس األمرييك األسبق بيل كلينتون عام ‪ 1996‬إلطالق املفاوضات‪ ،‬عندما يطالب الشعب املرصي أن يحدّد خياراته بانتخابات مجلس الشعب‬ ‫وال نقول جزافاً‪ ،‬لوال حضور مبارك شخصياً لرمبا تع ّذر عىل رئيس السلطة املقررة نهاية ترشين الثاين‪ ،‬وكأن املرصيني ميتلكون زمام األمر وأعطيت‬ ‫الفلسطينية محمود عباس أن يذهب إىل واشنطن بدون غطاء رسمي لهم حرية االختيار من قبل األطراف املتصارعة عىل السلطة‪ ،‬املرصيون‬ ‫عريب‪.‬‬ ‫منكفئون ويعانون وال يشغلهم سوى اللهث وراء لقمة العيش‪ ،‬ال يشغلهم‬ ‫الدور املنوط بالنظام املرصي كام تريده واشنطن و”إرسائيل”‪ ،‬هو التصدي سوى مشاكلهم التي ال تعد وال تحىص‪ ،‬مشاكل البطالة والصحة وانتشار‬ ‫ألعداء “السالم”‪ ،‬ويقصد بذلك كل مقاوم فلسطيني أو عريب‪ ،‬وتنفيذ األمراض واألوبئة‪ ،‬فقدوا حريتهم وقدرتهم عىل اإلصالح وتحولت الساحة‬ ‫الربنامج املرسوم بدقة وإال ما الذي يعني التصعيد األمني يف سيناء وضبط إىل مجرد شعارات فارغة‪ ،‬بسبب خنق األصوات الفاعلة وحالة اليأس‬ ‫األسلحة وتدمري ما تبقى من األنفاق‪.‬‬ ‫واإلحباط‪ ،‬وحينام يصور النظام املرصي بأن الشعب ميلك إرادته وحريته فهذا‬ ‫ويحاول النظام املرصي‪ ،‬أن يتخذ من مبادرة السالم العربية غطا ًء رغم أن يجايف الحقائق عىل األرض‪.‬‬ ‫هذه املبادرة أراد البعض لها أن تكون ذريعة ملربر وجوده السيايس‪ ،‬والالفت‬ ‫لقد نجح النظام يف تفريغ الساحة من القيادات املؤثرة‪ ،‬وبات حلم املرصي‬ ‫ً‬ ‫هذه املرة الترصيحات الرسمية املرصية‪ ،‬استحالة السالم يف ظل استمرار الهروب إىل الخارج عله يحقق أحالما صغرية‪ ،‬املرصيون باتوا ال يعنيهم من‬ ‫االستيطان “وهذا جميل‪ ،‬ولكنه ال يكفي”‪ ،‬وصوالً إىل املقال الذي نرشه مبارك يبقى يف الحكم‪ ،‬ورغم ذلك نسمع بأن هناك من يروج لـ “تنمية ألف قرية‬ ‫يف صحيفة أمريكية وم ّرر عبارة‪ ”:‬قيام دولة فلسطينية مستقلة عىل فقرية يف مرص” لتلميع صورة جامل مبارك‪ ،‬مسألة االنتخاب كذبة‪ ،‬فاألمر‬ ‫األرايض املحتلة عام ‪ 1967‬وأن تكون القدس عاصمة للدولتني الفلسطينية محسوم سلفاً ومرهون بعوامل أخرى ال متت للشعب املرصي بأي صلة‪.‬‬ ‫واإلرسائيلية”‪ ،‬واملقصود هنا القدس الرشقية‪ .‬وخطورة هذه العبارة‪ ،‬متكن‬ ‫األمر مرهون لصانعي “كامب ديفيد”‪ ،‬أمريكا و”إرسائيل” تتحكامن يف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪42‬‬

‫معادلة من يتوىل الحكم يف مرص‪ ،‬وأمن كل منهام‬ ‫مرهون ببقاء مرص تحت املجهر وتحت السيطرة‪ ،‬وأن تبقى‬ ‫“كامب ديفيد” نشطة ومفعلة‪.‬‬ ‫النظام املرصي كان قد طالب إدارة الرئيس األمرييك‬ ‫السابق جورج بوش رصاحة بدعم توريث السلطة‬ ‫لجامل مبارك‪ ،‬وأوضح النظام أنه سيقدم كل الضامنات‬ ‫والتعهدات الالزمة يف حال وافقت أمريكا عىل دعم‬ ‫مخطط التوريث‪ ،‬وأن الرئيس األمرييك قال إن أمريكا لن‬ ‫تقف يف وجه املخطط يف حال نجح النظام املرصي يف‬ ‫متريره بدون خسائر محرجة ألمريكا‪ ،‬ولذلك فإن بدء الحملة‬ ‫اإلعالمية يف فرتة مبكرة لتحسني وتلميع صورة جامل‬ ‫مبارك‪ ،‬ليبدو أمام العامل أنه رجل يتمتع بشعبية كبرية‬ ‫خاصة بني طبقة الفقراء وصاحب اإلنجازات العظيمة‬ ‫واالسرتاتيجيات املؤثرة يف مستقبل مرص واملنطقة‪.‬‬ ‫الربادعي ‪ :‬يلعب يف الوقت الضائع‬ ‫بدون الواليات املتحدة لن مير التوريث ببساطة وموافقة الوزير اللواء عمر سليامن‬ ‫الكيان الصهيوين‪ ،‬هذه هي إحدى التزامات “كامب‬ ‫واملكاسب املحدودة لبعض‬ ‫ديفيد”‪ ،‬أمن الكيان‪ ،‬وقيام مرص بدور الرشطي الذي يحمي أمنها عىل‬ ‫الفئات‪ ،‬ومامرسة الضغط األمني واملالحقة‪ ،‬ومن ناحية أخرى شهدت‬ ‫حدودها الغربية‪ ،‬بحيث تظل مرص خارج دائرة الرصاع العريب – اإلرسائييل‬ ‫الفرتة املاضية مد الجسور مع اإلدارة األمريكية الجديدة التي رأى النظام‬ ‫وتلزمها بدور حيادي يف الظاهر‪ ،‬أما يف الباطن فهو مطالب بانحياز فاعل‪،‬‬ ‫أنها أكرث مرونة يف التعامل مع ملف االستبداد‪ ،‬وكان خطاب الرئيس‬ ‫وااللتزام ببقاء مرص رشيان الحياة ميد “إرسائيل” بكل ما يلزمها من الغاز‬ ‫أوباما يف القاهرة للعامل اإلسالمي ما يشبه الضوء األخرض للنظام‪ ،‬وهذا‬ ‫الطبيعي ويحولها إىل سوق مفتوحة ملنتجاتها‪.‬‬ ‫ال يعني أن التوريث ميكن أن مير دون مقاومة‪ ،‬مهام كان حجمها وتأثريها‪،‬‬ ‫من يقرأ الخريطة جيداً‪ ،‬يدرك مدى أهمية مرص ألمريكا والغرب كله‪ ،‬وأي‬ ‫ومهام كانت النتيجة‪ ،‬فإن حقيقة واحدة يتوجب فهمها‪ ،‬وهي أن مرص‬ ‫نظام يتوىل حكم مرص هو نظام مرفوض ما مل يعلن والءه للبيت األبيض‬ ‫التي حكمها مبارك منذ ‪ 1981‬مل تعد هي نفسها‪ ،‬لقد أصبح تحدي‬ ‫وحليفه الصهيوين‪ ،‬ويعلن التزامه بكل بنود “كامب ديفيد”‪ ،‬كام التزم بها‬ ‫الحكم أمراً وارداً يف مرص‪ ،‬صعود الحركة العاملية يف مراحله األوىل‪ ،‬إال‬ ‫مبارك‪ ،‬وكام سيلتزم بها ابنه يف ظل إصابة الشعب املرصي بحالة ركود‬ ‫أنه أصبح معطى قاب ًال للتطور‪ ،‬لقد رتب النظام كل يشء كام يبدو‪ ،‬ولكن‬ ‫نتيجة األوضاع االقتصادية‪ ،‬ويف ظل انقسام الدول العربية ووجود نظام‬ ‫تركته ليست جاهزة‪.‬‬ ‫قطري وحدود فاصلة بني تلك الدول العربية‪ ،‬ويف ظل الخالفات املذهبية‬ ‫إن االنتخابات الترشيعية القادمة يف مرص‪ ،‬تح ّولت إىل جزء ال يتجزأ من املعركة‬ ‫والطائفية‪ ،‬ستبقى مرص حبيسة الخارج وستبقى مرهونة بخيوط مربوطة‬ ‫املحتدمة أصال‪ ،‬بشأن توريث الحكم‪ ،‬وعرب تحويلها إىل مناسبة يجري استئامرها من‬ ‫باألساطيل البحرية األمريكية‪ .‬وأمام هذه الوقائع إن الرصاع الدائر يف مرص‬ ‫قبل عدد من املرشحني إلشهار تأييدهم للتوريث من جهة‪ ،‬ومحاولة اإلفادة من ذلك‬ ‫ظاهره كسب تأييد الشعب املرصي لالنتخابات والتصويت‪ ،‬وباطنه كسب‬ ‫يف تثقيل كفتهم وترجيح فرص فوزهم‪ ،‬والحظ املراقبون أن أغلب هؤالء‪ ،‬هم من‬ ‫تأييد أمريكا ودعمها‪.‬‬ ‫رجال األعامل الراغبني يف دخول الربملان‪ ،‬والذين ينظر بعضهم إىل املقعد الربملاين‬ ‫الظروف الحياتية ملاليني املرصيني آخذة يف التدهور‪ ،‬وتزداد االنتقادات املوجهة‬ ‫كاستثامر وليس خدمة عامة‪ ،‬وعليه فإن واحدهم مستعد إلنفاق ماليني الجنيهات‬ ‫إىل السلطة‪ ،‬واملطالبة بتغيري شامل ورسيع لقواعد اللعبة السياسية‬ ‫عىل حملته االنتخابية ما دام متأكداً من إمكانية تعويض األموال بطرق رشعية‬ ‫هو مطلب قطاعات مختلفة يف املجتمع املرصي‪ ،‬وال ميكن االستجابة لهذا‬ ‫أو غري رشعية‪ ،‬من خالل الحصول عىل امتيازات مادية أو معنوية‪ ،‬عالوة عىل املكانة‬ ‫املطلب عىل الدوام من خالل الكالم عن الدميقراطية‪ ،‬واالستمرار يف قمع‬ ‫والحصانة الربملانية‪ ،‬وأرباب العمل واملال هؤالء‪ ،‬هم من ميتلكون املصلحة األوىل‬ ‫معسكر املعارضة يف الوقت الذي تشهد فيه السياسة املرصية غلياناً قبل‬ ‫والحافز األكرب لتوريث الحكم‪ ،‬ألن الحكومة متنحهم االمتيازات والعقود الكبرية‬ ‫موعد انتخابات مجلس الشعب نهاية ترشين الثاين‪ ،‬واالنتخابات الرئاسية‬ ‫وتخصص األرايض لهم باألمر املبارش‪ ،‬وتوافق عىل مشاريعهم‪ ،‬وهم أصبحوا‬ ‫املنتظرة يف صيف ‪.2011‬‬ ‫جزء ال يتجزأ من الجهاز املركزي والحكومي‪ ،‬ويتبوؤون مقاعد يف مجلس الشعب أو‬ ‫يف عام ‪ 2005‬الحت نذر التغيري يف مرص‪ ،‬ولكنها رسعان ما تبخرت‬ ‫يحملون حقائب وزارية‪.‬‬ ‫يف األعوام التالية‪ ،‬يف هذا العام‪ ،‬كان تعديل مواد بالدستور متهيداً بنظر‬ ‫من هنا يرى املهتمون بالشأن املرصي‪ ،‬أن معارضة البعض للتوريث ال تتأىت من‬ ‫املعارضة لتوريث الحكم‪ ،‬ومل يتمكن النظام من مترير التعديالت بسهولة‪،‬‬ ‫كونها خطوة غري دميقراطية فحسب‪ ،‬بل من الخشية كذلك من انتقال‬ ‫واضطر الرتكاب الفظائع والفضائح‪ ،‬ويف عام ‪ ،2006‬شهدت االنتخابات‬ ‫الفساد وتوريثه عىل نحو يعدم أي فرصة ملكافحته أو الحد منه مستقب ًال‪.‬‬ ‫الربملانية حصول جامعة اإلخوان املسلمني عىل ‪ 88‬مقعداً رغم اإلجراءات‬ ‫مرص تعاين اليوم من تحالف املال والسلطة‪ ،‬ومن انتهاك القانون حيث‬ ‫الصارمة التي طالتهم‪ ،‬وحركة “كفاية” التي انعقدت عليها اآلمال عام‬ ‫تتداخل شبكة املنافع واملصالح‪ ،‬ورجال املال واألعامل يرتبطون مبصالح‬ ‫‪ ،2005‬وتف ّرعت عنها العديد من الحركات املنادية بالتغيري مثل “شباب‬ ‫مالية واستثامرية دولية مبا فيها رجال أعامل إرسائيليني‪.‬‬ ‫من أجل التغيري” و “صحافيون من أجل التغيري” ‪..‬كلها أخذت يف التآكل‬ ‫جامل مبارك حاول يف بداية أيلول تقديم نفسه يف واشنطن عىل أنه‬ ‫والرتاجع والتحلل‪ ،‬وجامعة اإلخوان املسلمني تتلقى كل يوم رضبات أمنية‬ ‫“أفضل ضامنة الستمرار نهج السياسة املرصية الحالية”‪...‬؟! والسؤال هل‬ ‫وصلت إىل مرحلة غري مسبوقة‪ ،‬والرضبات تستهدف قدراتها التمويلية‬ ‫يرشح الرئيس مبارك نفسه لرئاسة ثانية؟‬ ‫والتنظيمية بالذات‪.‬‬ ‫املزايا‬ ‫بعض‬ ‫منح‬ ‫عرب‬ ‫للتوريث‪،‬‬ ‫املقاومة‬ ‫بؤر‬ ‫تصفية‬ ‫يف‬ ‫نجح النظام‬ ‫نبيل مرعي‬

‫‪43‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب دويل‬

‫فنزويال قطب دولي يف ّكك األحادية األميركية‬ ‫تشافيز‪ :‬تجديد «الثورة البوليفارية»‬ ‫منذ وطئت أقدام الرحالة املغامر كريستوفر‬ ‫كولومبوس أرض فنزويال عام ‪ ،1498‬مل تعرف تلك‬ ‫األرض السالم االجتامعي قط‪ ،‬مثلها مثل سائر‬ ‫بالد العامل الجديد التي نقلت أوروبا إليها نزاعاتها‬ ‫وأمراضها واعتربتها سجونا ألخطر مجرميها‬ ‫وتركتهم يعيثون فيها فسادا‪ ،‬لتصبح جزءا من‬ ‫مستعمرات اإلمرباطورية اإلسبانية التي ال تغيب‬ ‫عنها الشمس‪ ،‬من الفلبني يف أقىص الرشق‬ ‫إىل البريو والتشييل يف أقىص الغرب‪ ،‬ومن‬ ‫شامل أوروبا إىل أقىص نقطة تصل إليها أشعة‬ ‫الشمس يف القطب الجنويب‪.‬‬ ‫بعد حصولها عىل االستقالل عام ‪ 1811‬بعد‬ ‫حروب التحرير الدامية التي خاضها املحرر سيمون‬ ‫دي بوليفار خالل القرن التاسع عرش‪ ،‬وما أعقبها‬ ‫بعد ذلك من دكتاتوريات عسكرية‪ ،‬انتقلت فنزويال‬ ‫مثل غريها من بقية أرايض أمريكا الالتينية من‬ ‫الخضوع املبارش لإلمرباطورية اإلسبانية إىل‬ ‫الخضوع غري املبارش لها‪ ،‬وكأن شيئا مل يكن‪،‬‬ ‫حيث تولت السلطة طبقة مكونة من البيض‬ ‫املنتمني إىل أوروبا بشكل عام أو من يطبقون‬ ‫عليهم هناك اسم “الكيوريوس” املنتمني إىل‬ ‫إسبانيا باعتبارهم يحملون وراثة الدم والعرق‪،‬‬ ‫أما الشعوب األصلية لتلك البالد فقد عاشوا‬ ‫وال يزالون يف تجمعات منعزلة بعيدا عىل ضفاف‬ ‫األنهار أو يف أعامق الغابات‪ ،‬ومن اقرتب منهم من‬ ‫التجمعات الحرضية تحولوا إىل تروس صغرية يف‬ ‫اآللة العمالقة التي تخرج ثروات األرض وتوزعها‬ ‫بطول العامل وعرضه‪ ،‬إال قلة منهم اندمجوا مع‬ ‫أحفاد املستعمرين القدامى‪.‬‬

‫فنزويال وفرتة الحرب الباردة‬

‫وقلبت فنزويال عىل نار التدخل الخارجي مثلها‬ ‫مثل غريها من دول وسط وجنوب أمريكا الالتينية‬ ‫لتصل يف النهاية إىل أن تكون إحدى الدول املهمة‬ ‫يف شبكة املصالح األجنبية تحت قيادة الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬حيث تعترب أمريكا أن اليابسة‬ ‫التي تقع إىل الجنوب منها‪ ،‬من أول املكسيك عىل‬ ‫الحدود الجنوبية للواليات املتحدة نفسها وحتى‬ ‫أقىص نقطة يف طرف القارة‪ ،‬فناء خلفيا لها‪،‬‬ ‫ال يجب وال يجوز ألحد أن يقرتب منه‪ ،‬فتحكمت‬ ‫يف مصري تلك البالد من خالل حكام عسكريني‬ ‫مهمتهم الدفاع عن مصالح رشكاتها مقابل‬ ‫مميزات خاصة لهؤالء العسكريني ال تعدو أن تكون‬ ‫بعضا من فتات موائد تلك الرشكات‪.‬‬ ‫عندما بدأ الوعي يتفتح يف تلك البالد عىل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تخوف صناع السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬فقد‬ ‫كانت أول زيارة لهوغو شافيز للخارج إىل كوبا‪،‬‬ ‫ونتج عن هذه الزيارة توقيع عدد من االتفاقيات‬ ‫التي تقوم فنزويال مبقتضاها بتوفري البرتول لنظام‬ ‫فيدل كاسرتو بأسعار وصفها بعض املراقبني بأنها‬ ‫“مجانية”‪ ،‬مقابل خرباء كوبيني ملساعدة حكومة‬ ‫هوغو شافيز عىل تنفيذ برامجها االجتامعية‪،‬‬ ‫وبشكل خاص الجانب الصحي والتعليمي منها‪،‬‬ ‫ألن كوبا متتلك‪ ،‬حسب رأي خرباء األمم املتحدة‪،‬‬ ‫أفضل نظام صحي يف العامل‪ ،‬ولديها فائض‬ ‫كبري من األطباء واملعلمني‪.‬‬

‫التحالف مع املكسيك وكولومبيا‬

‫القدرات الخاصة التي تتمتع بها أوطانهم بدأت‬ ‫تسود سياسة االنقالبات العسكرية‪ ،‬التي يتم‬ ‫التخطيط لها يف واشنطن‪ ،‬وتنفذها املخابرات‬ ‫املركزية تحت شعار مكافحة “الشيوعية”‪،‬‬ ‫فتحولت تلك األرض‪ ،‬لفرتة طويلة‪ ،‬إىل‬ ‫ساحة للمعارك بني الغرب األمرييك والرشق‬ ‫السوفيايت‪.‬‬

‫ثروة النفط وحكومات الفساد‬ ‫بعد ظهور البرتول يف مناطق شامل رشق‬ ‫فنزويال قام النظام الدميقراطي الذي يعتمد‬ ‫عىل حزبني رئيسيني حكام البالد بالتبادل يف ما‬ ‫بينهام منذ العام ‪ ،1952‬ولكن هذين الحزبني عمال‬ ‫خالل ما يزيد عن أربعني عاما عىل إبقاء حالة من‬ ‫القمع والفساد القامئة قبل وصول الدميقراطية‪،‬‬ ‫وتقاسم الحزبان الحكم ومعه عوائد البرتول‬ ‫وتخزينها يف البنوك األمريكية والسويرسية‪،‬‬ ‫يف حني بقي الشعب يف معظمه يعيش يف‬ ‫حالة الفقر املدقع‪ ،‬فقد ظلت فنزويال رغم عوائد‬ ‫البرتول الضخمة تفتقر إىل الخدمات األساسية‬ ‫من صحة وتعليم وطرق ومياه عذبة وكهرباء‪،‬‬ ‫رغم أنها تعترب ثالث دولة منتجة للبرتول ورابع‬ ‫دولة مصدرة له‪ ،‬حتى آخر حكومة تقليدية قبل‬ ‫انتخابات العام ‪ 1998‬التي جاءت بالكولونيل‬ ‫هوغو شافيز لتمثل ‪ %80‬من مجموع السكان‬ ‫البالغ عددهم ‪ 24‬مليون نسمة‪ ،‬قوبل نجاح هوغو‬ ‫شافيز يف االنتخابات الرئاسية بارتياح من الطبقة‬ ‫الفقرية املسحوقة التي متثل السواد األعظم‬ ‫للشعب الفنزوييل وهي التي عاشت سنوات‬

‫‪44‬‬

‫طويلة تشاهد ثروات البالد تخرج من أرضها كام‬ ‫ترى يف إصالحات شافيز منقذا لها‪ ،‬بعد اإلفراج‬ ‫عنه مبارشة‪ ،‬قام هوغو شافيز بتشكيل “حركة‬ ‫الجمهورية الخامسة” التي تقوم عىل إحياء مبادئ‬ ‫سيمون دي بوليفار‪ ،‬فاستطاعت الحركة أن تدخل‬ ‫انتخابات ‪ 6‬كانون األول ‪ 1998‬وتفوز بنسبة‬ ‫‪ %56.2‬من مجموع األصوات يف ظل تذمر عام من‬ ‫الجامهري ضد األحزاب التقليدية‪.‬‬

‫عالقات فنزويال بالواليات املتحدة‬ ‫‪...‬شعارات تقلق أمريكا‬

‫وكانت شعارات هوغو شافيز االنتخابية‬ ‫وتحركاته السياسية الخارجية مقلقة لصناع‬ ‫السياسة األمريكية يف واشنطن‪ ،‬خاصة بعد أن‬ ‫قضت إصالحاته الدستورية عىل أي أمل لعودة‬ ‫األحزاب التقليدية إىل الحكم‪ ،‬فقد كان يرفع‬ ‫شعارات “مشبوهة” من وجهة النظر األمريكية‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬العدل واملساواة وتوزيع الرثوة‪ ،‬وهي شعارات‬ ‫تتعارض مع مصالح الرشكات األمريكية الكربى‬ ‫التي ترى يف فنزويال مجرد “آبار برتولية” قريبة من‬ ‫سوق االستهالك األمرييك املتعطش لها‪ ،‬حيث‬ ‫ميثل البرتول الفنزوييل حوايل ‪ %13‬من مجموع‬ ‫واردات الواليات املتحدة من البرتول‪ ،‬إضافة إىل أنه‬ ‫املصدر البديل واملأمون يف حالة حدوث أي قالقل‬ ‫مبنطقة الرشق األوسط التي تغطي جزءا مهام‬ ‫من واردات البرتول األمريكية‪.‬‬

‫العالقات مع كوبا‬

‫مل مير وقت طويل حتى تحقق جزء كبري من‬

‫تزامن هذا االتفاق الذي يكرس الحصار األمرييك‬ ‫عىل نظام كاسرتو مع تحركات أخرى للرئيس‬ ‫هوغو شافيز رأت فيها دوائر صناعة القرار يف‬ ‫واشنطن خطوات عملية نحو تشكيل تكتل‬ ‫سيايس واقتصادي جديد يف املنطقة‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫قمة كراكاس بني الرئيس الفنزوييل مع زميليه‬ ‫املكسييك “فيشنتي فوكس” والكولومبي وقتها‬ ‫“أندريس باسرتانا” التي انعقدت خالل األسبوع‬ ‫األول نيسان ‪.2001‬‬ ‫النتائج األولية الجتامع الزعامء الثالثة بدت‬ ‫أكرث إقالقا للواليات املتحدة وسياستها يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬خاصة بعد حدوث تقارب كبري يف‬ ‫وجهات النظر عىل العديد من األساسيات التي‬ ‫يطمحون إىل تنفيذها منها‪ :‬تشجيع اللقاءات‬ ‫وقنوات االتصال عىل مختلف املستويات‪ ،‬مام‬ ‫يسمح بالحفاظ عىل استمرارية الحوار ودميومته‪.‬‬ ‫شافيز ومنظمة األوبك‬ ‫يف عالقاته خارج منطقة أمريكا الالتينية‬ ‫سار الرئيس الفنزوييل هوغو شافيز أيضا يف‬ ‫اتجاه معاكس للسياسة الخارجية التي تنتهجها‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وبشكل خاص يف‬ ‫منطقة الرشق األوسط‪ ،‬وإن كانت هذه السياسة‬ ‫تنطلق من مصالح بالده التي تأثرت بأزمة أسعار‬ ‫البرتول خالل العام ‪ 2000‬والتي وصل فيها سعر‬ ‫الربميل من النفط الخام إىل أقل من ‪ 12‬دوالرا‬ ‫وهددت خطط التنمية يف العديد من الدول‬ ‫املصدرة للنفط مبا فيها فنزويال‪ ،‬كان تحرك الرئيس‬ ‫هوغو شافيز رسيعا‪ ،‬باعتباره رئيس الدولة املقرر‬ ‫فيها عقد االجتامع الدوري للمنظمة‪ ،‬للوصول‬ ‫إىل اتفاق بني الدول املصدرة يف منظمة “األوبك”‪،‬‬ ‫حول إجراءات معينة تضمن حدا أدىن لألسعار‬ ‫مثار قلق يف واشنطن‪ ،‬وأيضا أقلق هذا التحرك‬ ‫الدول األوروبية املستفيدة من انخفاض تلك‬ ‫األسعار‪.‬‬

‫هوغو شافيز والحلف الجديد‬ ‫وبدأت واشنطن تقلق أكرث عندما قام شافيز‬ ‫بزيارة كل من بغداد وطرابلس‪ ،‬والتقى بصدام‬ ‫حسني والقذايف لضامن اتفاق أوسع عىل تلك‬ ‫اإلجراءات التي انتهت يف النهاية إىل وضعها‬

‫حيز التنفيذ‪ ،‬فعادت‬ ‫إىل‬ ‫البرتول‬ ‫أسعار‬ ‫االرتفاع‪ .‬وهو ما اعتربته‬ ‫واشنطن خروجا عىل‬ ‫خططها السياسية يف‬ ‫منطقة الرشق األوسط‪،‬‬ ‫ألن زيارة بغداد يف هذا‬ ‫الوقت بالذات كان يعترب‬ ‫دعام ملوقف العراق من‬ ‫قرارات الحصار املفروض‬ ‫عليه بعد عملية تحرير‬ ‫الكويت من جيش صدام حسني‪.‬‬ ‫ومن هنا بدأت حملة ضده يف اإلعالم الغريب‬ ‫املوايل للمصالح األمريكية‪ ،‬وركزت تلك الحملة‬ ‫يف حينها عىل عالقة فنزويال ببعض الفصائل‬ ‫املتمردة يف جارتها كولومبيا‪ ،‬ولكنها فشلت‬ ‫يف تقديم أدلة مادية كافية تثبت هذه العالقة‪،‬‬ ‫حتى الحكومة الكولومبية نفسها نفت أن تكون‬ ‫لديها معلومات حول أي دعم فنزوييل للجامعات‬ ‫املتمردة‪.‬‬ ‫وتقوم واشنطن بدعم املعارضة الفنزويلية‬ ‫إلقصاء شافيز نظرا لحاجة أمريكا إىل البرتول‬ ‫الفنزوييل الذي ميكنه أن يكون بديال لبرتول‬ ‫الرشق األوسط يف حال التورط يف حرب طويلة‬ ‫يف العراق‬ ‫ان الحساسيات التاريخية وسياسات االستغالل‬ ‫االقتصادي والسيايس التي مارستها االدارات‬ ‫األمريكية املتعاقبة بعد الحرب العاملية الثانية‬ ‫كانت حت ًام من أسباب ظهور موجة من اليسار‬ ‫الجديد الناقم عىل أمريكا ما مهد الطريق اىل‬ ‫بروز صداقات وتحالفات ايرانية مع هذه الدول‪.‬‬ ‫ويظهر ان ادارة أوباما بدأت تدرك مخاطر‬ ‫ومحاذير ترك أمريكا الالتينية لقمة سائغة اليران‬ ‫وبحرية برشية كبرية لتمدد نفوذها ال سيام ان‬ ‫القيادة االيرانية الحالية مسلحة باملساعدات‬ ‫االقتصادية والرؤية االسرتاتيجية الخرتاق مناطق‬ ‫النفوذ األمريكية يف حدائقها الخلفية وكانت‬ ‫مصافحة الرئيس أوباما للرئيس الفنزوييل هوغو‬ ‫شافيز مؤخرا خالل انعقاد قمة األمريكيتني‬ ‫يف ترينيداد وتوباغو ومبادرة أوباما شخصياً يف‬ ‫هذه املصافحة الكثري من الدالالت الرمزية‪ ،‬رمبا‬ ‫قناعة منه ان سياسات االدارات السابقة خاصة‬ ‫بوش االبن‪ ،‬كانت كارثية عىل النفوذ واملصالح‬ ‫خصوصا ان ادارة بوش‬ ‫األمريكية يف هذه املنطقة‬ ‫ً‬ ‫استخدمت لغة استعالئية واتبعت اسرتاتيجيا‬ ‫العزل واملضايقة والتدخل يف الشان الداخيل‬ ‫لبعض هذه الدول والتلويح بالحروب االستباقية ال‬ ‫سيام بعد وصول أحزاب ونخب يسارية اىل الحكم‬ ‫أظهرت توجهات معادية ألمريكا يف ترصيحات‬ ‫مسؤوليها وقادتها السياسيني‪.‬‬ ‫وهذا ما أشارت اليه وزيرة الخارجية األمريكية‬ ‫هيالري كلينتون وأكدت عليه يف لقائها األخري‬ ‫يف وزارة الخارجية مع العاملني يف السلك‬

‫‪45‬‬

‫الدبلومايس والعالقات الخارجية حيث تم التأكيد‬ ‫عىل ان غياب الدور األمرييك الفاعل ذي الصبغة‬ ‫التعاونية مع دول وشعوب أمريكا الالتينية‪ ،‬قد‬ ‫استغل من قبل ايران والصني وروسيا بحيث‬ ‫تحركت الدول الثالث ضمن اسرتاتيجيا مدروسة‬ ‫لتوثيق الصالت مع الدول الالتينية من خالل‬ ‫والسياسية‬ ‫االقتصادية‬ ‫بالنشاطات‬ ‫القيام‬ ‫والثقافية وحتى العسكرية املشرتكة وتضمنت‬ ‫كلامت وآراء كلينتون اعرتافات ضمنية ان النظام‬ ‫الدويل املعارص أصبح مييل بقوة نحو التعددية‬ ‫القطبية حيث املنافسة بني الواليات املتحدة وبني‬ ‫الروس والصينيني وااليرانيني يف أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫وميكن بناء عىل ذلك فهم ترصيحات املسؤولني‬ ‫األمريكيني بشان اعتبار الرصاع األمرييك‪-‬‬ ‫االيراين عىل مناطق النفوذ الالتينية لعبة صفرية‬ ‫مبعنى ان أي انجاز ايراين أو رويس أو صيني يف هذه‬ ‫املنطقة القريبة من البوابات الجنوبية ألمريكا‬ ‫يعد خسارة أمريكية كبرية بامتياز‪.‬‬ ‫أما خصوصية العالقة االيرانية‪ -‬الفنزويلية‬ ‫فتنبع من كونهام يف املرحلة األوىل من‬ ‫عالقتهام أعضاء فاعلني يف منظمة الدول‬ ‫املنتجة للنفط “أوبك” وتكاد تكون مواقفهام‬ ‫متشابهة ومتطابقة يف الكثري من األمور‬ ‫والقضايا النفطية خاصة توزيع الحصص‬ ‫واألسعار ورفع االنتاج أو تخفيضه والتعامل مع‬ ‫االقتصاد العاملي والدول املستهلكة للبرتول ال‬ ‫سيام الغربية منها‪ .‬هناك دوافع حقيقة ومربرات‬ ‫وطنية تقف وراء عالقات ايران املتنامية ذات األبعاد‬ ‫االسرتاتيجية والجيوسياسية واالقتصادية مع‬ ‫املنظومة الالتينية سواء عىل مستوى الحكومات‬ ‫والنخب السياسية أوعىل مستوى الشعوب‬ ‫الناقمة جزئيا عىل الدور األمرييك يف هذه‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫هناك العديد من املشاريع االقتصادية‬ ‫واالستثامرية والتنموية املشرتكة بني ايران‬ ‫وفنزويال اذ نجحت كلتا الدولتني مؤخراً يف انتاج‬ ‫سيارات متواضعة ضمن مرشوع مشرتك أطلق‬ ‫عليها ‪ Venirauto‬وتراكتورات وآالت زراعية أخرى‬ ‫لتحسني الواقع الزراعي يف البلدين خاصة يف‬ ‫فنزويال‪ .‬كام تقوم ايران بتمويل مرشوع استثامري‬ ‫ضخم لتطوير استكشاف احتياطات برتولية‬ ‫كبرية واقعة يف منطقة ‪ Orinoco‬بحيث تصل‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب دويل‬ ‫قيمة االستثامرات االيرانية يف هذا املرشوع اىل‬ ‫ما يعادل ‪ 4‬بليون دوالر هذا فض ًال عن متويل ايراين‬ ‫ملرشوع اسكان العائالت الفقرية يف فنزويال‪ ،‬اذ‬ ‫أوفدت ايران أكرث من ‪ 400‬مهندس ومتخصص‬ ‫يف مجال البناء والتشييد اىل فنزويال لهذا‬ ‫الغرض‪ .‬باملقابل توفر فنزويال نافذة كبرية أمام‬ ‫ايران لكرس العزلة الدولية املفروضة عليها‬ ‫وتقوم الحكومة الفنزويلية بتنشيط حركة‬ ‫التجارة والسياحة واالستثامرمع ايران حيث تم‬ ‫تخصيص رحلة طريان أسبوعية بني كاراكاس‬ ‫وطهران مع توقف قصري يف مطار دمشق‬ ‫الدويل‪ .‬باملجمل وصلت قيمة التبادل التجاري بني‬ ‫البلدين بناء عىل مصادر حكومية ايرانية‪ ،‬اىل‬ ‫ما يعادل ‪ 18‬بليون دوالر يف العام ‪ ،2007‬وان هذا‬ ‫التبادل يف ازدياد مطرد‪.‬‬ ‫عىل الرغم من أن فنزويال قد دأبت منذ فرتة‬ ‫طويلة عىل تنمية عالقات طيبة مع حكومات‬ ‫الرشق األوسط‪ ،‬التي كانت تشاركها اهتامماتها‬ ‫يف املحافظة عىل ارتفاع أسعار النفط‪ ،‬إال أن قيام‬ ‫كاراكاس بتوثيق عالقاتها مع إيران يف الفرتة‬ ‫األخرية‪ ،‬ينهض كدليل رئييس عىل رغبتها‬ ‫يف القيام بجهود لبناء تحالف للحد من النفوذ‬ ‫األمرييك يف الدول النامية‪ .‬لقد وصل رئيس‬ ‫فنزويال هوغو تشافيز‪ ،‬أبرز حلفاء إيران يف أمريكا‬ ‫الجنوبية‪ ،‬إىل طهران حيث بحث مع اإليراين‬ ‫محمود أحمدي نجاد التعاون يف مجايل الطاقة‬ ‫والتجارة‪ ،‬يف زيارة هي التاسعة تندرج ضمن‬ ‫جولة دولية تهدف اىل تعزيز العالقات التجارية‬ ‫مع العديد من الدول يف رشق اوروبا والرشق‬ ‫االوسط واالدىن‪.‬‬ ‫وترتبط ايران وفنزويال بالعديد من اتفاقيات‬ ‫التعاون خصوصا يف مجاالت الطاقة الطاقة‬ ‫حيث يسعى البلدان اىل تطوير التعاون يف‬ ‫والبيرتوكيمياويات‪،‬‬ ‫والغاز‬ ‫النفط‬ ‫مجاالت‬ ‫والبنوك والصناعة‪.‬‬ ‫وال يفوت تشافيز زعيم اليسار املتشدد يف‬ ‫امريكيا الالتينية‪ ،‬اي فرصة للتذكري بالعالقات‬ ‫القامئة بني بالده وايران‪ .‬وتقاربت فنزويال كثريا مع‬ ‫ايران يف السنوات االخرية‪ ،‬وهي من الدول القليلة‬ ‫التي تدافع عن برناج ايران النووي املثري للجدل‪.‬‬ ‫وكانت الدولتان وافقتا منذ عام عىل إنشاء‬ ‫مرشوعات مشرتكة إلنتاج ‪ 12‬منتجاً مختلفاً‬ ‫تشمل النفط الخام واألدوية‪ .‬ويف إشارة أخرى‬ ‫عىل أن عالقاتهام قد اتخذت بعداً جديداً‪ ،‬بدأت‬ ‫الدولتان تتحدثان بلغة أكرث تقارباً من ذي قبل عند‬ ‫نقدهام إلرسائيل والواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫وتعزيز الروابط بني الدولتني جعل إيران هي حليف‬ ‫فنزويال األوثق خارج أمريكا الالتينية‪ ،‬ومنح املزيد‬ ‫من التأثري لجهود الرئيس شافيز داخل منظمة‬ ‫“األوبك” الرامية لزيادة عوائد النفط‪.‬‬ ‫وقد ساهم زيادة حجم التبادل التجاري بني‬ ‫إيران وفنزويال يف دعم العالقات الدبلوماسية بني‬ ‫البلدين‪ ،‬ففي أبريل ‪ 2007‬كشف وزير الخارجية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب اقتصادي‬ ‫اإليراين منوشهر متقي عن أن حجم التبادل‬ ‫التجاري مع فنزويال وصل إىل ‪ 18‬مليار دوالر‪ ،‬وهو‬ ‫ما يعد داللة عىل انتهاج طهران إسرتاتيجية‬ ‫القوة الناعمة يف أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫وقد استخدمت كل من إيران وفنزويال‬ ‫عوائدهام النفطية لتشجيع الدول يف أمريكا‬ ‫الالتينية وإفريقيا عىل انتهاج سياسات معادية‬ ‫نحو الواليات املتحدة‪ ،‬وبالطبع كانت نيكارجوا‬ ‫وبوليفيا أول املستهدفني يف أمريكا الالتينية‬ ‫وهكذا رأت إيران أن مثة مصلحة لها يف‬ ‫تأسيس عالقات قوية مع دول أمريكا الالتينية‬ ‫مثلام تفعل الواليات املتحدة مع دولة اإلمارات أو‬ ‫الجمهوريات املستقلة حديثاً يف آسيا الوسطى‬ ‫والقوقاز‪ ،‬وهي يف ذلك تبدو كمن يتحدى مبدأ‬ ‫مونرو األمرييك الذي نص عىل رضورة عدم مد‬ ‫الدول األوروبية نفوذها االستعامري نحو أمريكا‬ ‫الالتينية‪ ،‬والتزام الواليات املتحدة من جانبها بعدم‬ ‫التدخل يف املشكالت أو العالقات األوروبية‪.‬‬ ‫عالوة عىل ذلك نجد أن فنزويال قد أصبحت أعىل‬ ‫املدافعني عن الربنامج النووي اإليراين صوتاً‪ ،‬يف‬ ‫وقت تشعر فيه إيران بعزلة متزايدة عىل الساحة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن فنزويال تحتفظ بعالقات‬ ‫اقتصادية وثيقة مع الواليات املتحدة‪ ،‬إال أن‬ ‫العالقات بينهام توترت بسبب الرتاشق اللفظي‬ ‫املستمر بني إدارة بوش والرئيس شافيز‪ .‬عالوة‬ ‫عىل ذلك أظهر شافيز مؤخراً رغبة يف تقوية‬ ‫عالقته مع سوريا فزارها للمرة الثالثة منذ توليه‬ ‫الرئاسة‪ ،‬حيث زار دمشق ألول مرة عام ‪ 2006‬ووقع‬ ‫البلدان حينها ‪ 13‬اتفاقية تعاون وتفاهم شملت‬ ‫العديد من النواحي االقتصادية والحيوية‪ .‬وكانت‬ ‫الزيارة الثانية يف سبتمرب ‪ 2009‬وشهدت توقيع‬ ‫‪ 7‬اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون املشرتك يف‬ ‫عدد من املجاالت االقتصادية والثقافية والرياضية‬ ‫والدبلوماسية والصحية والبيئة‪ .‬وتأيت زيارة‬ ‫تشافيز إىل دمشق يف إطار جولة استمرت ‪10‬‬ ‫أيام شملت روسيا وبيالورسيا‪ ،‬وأوكرانيا‪ ،‬وإيران‬ ‫عىل أن يزور بعدها كال من ليبيا ‪،‬والجزائر‪.‬‬ ‫وواصلت فنزويال سياستها الخارجية‪ ،‬والنأي‬ ‫بنفسها عن الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬من‬ ‫خالل التواصل مع الدول التي تقع عىل هامش‬ ‫النفوذ األمرييك مثل روسيا البيضاء فكانت‬ ‫املحطة األوىل يف جولته الدولية التي استمرت‬ ‫عرشة أيام روسيا وإيران وسوريا وليبيا والجزائر‪،‬‬ ‫موسكو حيث شمل جدول األعامل اتفاقا لتطوير‬ ‫الطاقة النووية ورشاء دبابات روسية وإنشاء بنك‬ ‫مشرتك‪.‬‬ ‫يشار أن موسكو وكراكاس وقعتا يف وقت‬ ‫سابق اتفاقا لنقل التقنية الروسية إىل قطاع‬ ‫إنتاج النفط يف فنزويال‪ .‬كام وافقت روسيا‬ ‫عىل تزويدها بالطائرات العسكرية وغريها من‬ ‫األسلحة املتطورة‪ ،‬إضافة إىل مساعدتها يف‬ ‫تنفيذ خططها بتطوير الطاقة النووية‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫ويف ‪ ،2008‬وقعت رشكة روساتوم الروسية‬ ‫للطاقة الذرية اململوكة للدولة اتفاقا لبيع‬ ‫فنزويال التقنية واملعرفة التقنية لبناء مفاعل‬ ‫نووي‪.‬‬ ‫وقد وصف الرئيس الفنزوييل هذه البلدان بأنها‬ ‫“ذات أهمية قصوى” بالنسبة لبالده‪ ،‬وقال يف هذا‬ ‫الصدد إن هذه الجولة “ستتيح لنا فرصة تعزيز‬ ‫عالقاتنا يف هذا العامل املتعدد األقطاب”‪.‬‬ ‫وقد اصبحت فنزويال رشيكا رئيسيا لروسيا‬ ‫يف امريكا الالتينية حيث تسعى موسكو اىل‬ ‫زيادة وجودها بعد ان كانت هذه املنطقة ملدة‬ ‫طويلة تعترب حكرا عىل الواليات املتحدة‪ .‬واضاف‬ ‫الكرملني ان “العالقات بني البلدين شهدت‬ ‫ديناميكية ايجابية يف السنوات املاضية”‪.‬‬ ‫ويف القطاع املايل فإن املوضوع الرئييس‬ ‫يف جدول االعامل هو اطالق عمل بنك رويس‬ ‫فنزوييل مشرتك كام اوضح البيان‪ .‬وكان زعيام‬ ‫الدولتني اتفقا منذ عامني عىل انشاء هذا البنك‬ ‫الذي سيكلف متويل رشكة مختلطة الستخراج‬ ‫النفط والغاز يف فنزويال‪ .‬اول مصدر للنفط يف‬ ‫امريكا الالتينية‪ .‬وتامل هذه الرشكة املختلطة‪.‬‬ ‫التي متلك فنزويال ‪ %60‬وكونرسسيوم رويس‬ ‫ال‪ %40‬الباقية‪ .‬انتاج حتى ‪ 450‬الف برميل يوميا‬ ‫من املجمع رقم ‪ 6‬يف حقل اورينوك الغني رشق‬ ‫فنزويال‪ .‬ووقع بني البلدين نحو ‪ 30‬اتفاقا يف‬ ‫مجايل الدفاع والطاقة‪.‬‬ ‫وفنزويال من الدول القليلة‪ .‬بعد روسيا‪ .‬التي‬ ‫اعرتفت باستقالل اوسيتيا الجنوبية وابخازيا‪.‬‬ ‫وهام منطقتان انفصاليتان مواليتان لروسيا يف‬ ‫جمهورية جورجيا‪.‬‬ ‫وتعزيز العالقات مع إيران أدى إىل املزيد من‬ ‫االحتكاكات مع الواليات املتحدة التي تنظر‬ ‫فنزويال إليها يف الوقت الراهن باعتبارها التهديد‬ ‫الرئييس ألجندتها الخارجية ولثورتها الداخلية‬ ‫ورؤيتها البديلة للدميقراطية التشاركية التي‬ ‫تؤكد عىل التعبئة الجامهريية مقابل الدميقراطية‬ ‫التمثيلية النيابية التي تدعمها واشنطن‪.‬‬ ‫من املهم لدى مناقشة سياسة فنزويال‬ ‫الخارجية أن نتذكر أن املصالح الوطنية الفنزويلية‬ ‫ال ميكن أن تتطابق مع مصالح الدول املتقدمة‪،‬‬ ‫وعلينا أن نتوقع االختالف حتى يف عالقة فنزويال‬ ‫والواليات املتحدة التي اتسمت تاريخ ًّيا باالعتامد‬ ‫املتبادل الذي متخض عن وجود البرتول؛ إذ يبدو‬ ‫واضحا بشكل متزايد أنه عندما يتعلق األمر‬ ‫ً‬ ‫بالسياسة الخارجية البوليفارية فإن األفضلية‬ ‫تكون للسياسة عىل حساب االقتصاد‪.‬‬ ‫و يبدو أن تشافيز سيظل مصدر إزعاج‬ ‫لواشنطن لفرتة كبرية من الوقت‪ .‬وهذا يضع‬ ‫واشنطن يف موقف صعب عند تعاملها مع‬ ‫الثورة البوليفارية‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫شركة أسواق حلب المحدودة المسؤولية‬ ‫د ‪.‬زيدو‪ :‬لدينا خطط طموحة لبناء المزيد للقضاء على ظاهرة البسطات‬ ‫تسعى معظم القطاعات العامة يف‬ ‫سوريا إليجاد آلية عمل وصيغ معينة‬ ‫لتفعيل دور املشاركة بينها وبني القطاع‬ ‫الخاص وذلك ملا أثبتته التجارب من نجاح هذه‬ ‫العملية لرفد السوق السورية مزيداً من‬ ‫اليد العاملة املدربة‪ ،‬صاحبة الخربة والحد‬ ‫ما أمكن من البطالة‪ ،‬وكل هذا يصب يف‬ ‫مصلحة دعم االقتصاد الوطني‪ ،‬لذلك تعترب‬ ‫رشكة أسواق حلب املحدودة املسؤولية من‬ ‫أهم نتائج ورشة عمل مجلس مدينة حلب‬ ‫لعام ‪ 2003‬وذلك بإيجاد مشاركة حقيقية‬ ‫مع القطاع الخاص ممث ًال بغرفة تجارة حلب‪،‬‬ ‫متاشياً مع خططها وطموحاتها ‪.‬‬ ‫وملعرفة املزيد عن رشكة أسواق حلب‬ ‫التقت مجلة “منرب التوحيد” الدكتور‬ ‫حسن زيدو‪ ،‬رئيس مجلس املدراء للرشكة‪،‬‬ ‫الذي حدثنا عن مراحل تأسيس الرشكة‪،‬‬ ‫وعن أهدافها وأهم املشاريع التي تقوم بها‬ ‫وخططها املستقبلية لتنفيذ مزيد من‬ ‫األسواق‪ ،‬فكان هذا الحوار‪:‬‬ ‫متى تأسست الرشكة وما هو الهدف‬ ‫من إحداثها ؟‬ ‫تأسست رشكة أسواق حلب كرشكة محاصة‬ ‫ّ‬ ‫بني مجلس مدينة حلب وغرفة تجارتها‪ ،‬وتم توقيع‬ ‫عقد التأسيس من قبل الدكتور املهندس معن‬ ‫الشبيل‪ ،‬رئيس مجلس مدينة حلب‪ ،‬والسيد‬ ‫محمد الصالح املالح رئيس غرفة تجارة حلب‬ ‫آنذاك بتاريخ ‪ 2006 / 8 / 6‬وبحضور املحافظ تامر‬ ‫الحجه‪ ،‬والهدف من هذه الرشكة هو القضاء عىل‬ ‫الظواهر السلبية واملشوهة باملدينة من بسطات‬ ‫وتلبية حاجة مدينة حلب ألسواق شعبية‪،‬‬ ‫لتحسني الخدمات االجتامعية فيها‪ ،‬وتأمني فرص‬ ‫عمل تساعد عىل الحد من البطالة‪ ،‬وقد قام‬ ‫مجلس مدينة حلب بتخصيص األرايض الالزمة‬ ‫إلقامة أسواق شعبية يف مختلف أنحاء املدينة‬ ‫كام قامت غرفة التجارة بتجهيز ومتويل بناء‬ ‫األرايض ووضعها يف االستثامر كأسواق شعبية‬ ‫لخدمة املواطنني‪ ،‬وقد تم تعديل رشكة املحاصة‬ ‫لتصبح رشكة أسواق حلب املحدودة املسؤولية‪،‬‬ ‫تم التصديق عىل نظامها األسايس بقرار وزير‬ ‫كام ّ‬ ‫االقتصاد والتجارة رقم ‪ 126‬تاريخ ‪،2009 / 1 / 18‬‬ ‫وانتخبت الهيئة العامة األوىل املنعقدة بتاريخ ‪5‬‬ ‫‪ 2009 / 3 /‬مجلس مديرين مؤلف من ممثلني اثنني‬ ‫عن غرفة تجارة حلب وآخ َرين عن مجلس مدينة‬ ‫حلب‪ ،‬حيث انتخب الدكتور حسن زيدو رئيس‬ ‫مجلس املديرين للرشكة‪ ،‬واملهندس فراس مرصي‬ ‫نائب رئيس مجلس املديرين‪ ،‬واألستاذ رياض الاليف‬

‫وغسان جبسة أعضاء املجلس ‪.‬‬ ‫ما هي أهداف الرشكة ؟‬ ‫للرشكة أهداف عديدة أهمها تخليص‬ ‫املدينة من بعض الظواهر السلبية واملشوهة‬ ‫كالبسطات والرباكات واإلشغاالت املخالفة‪ ،‬وذلك‬ ‫بإيجاد أماكن إشغال لشاغليها يف هذه األسواق‬ ‫الشعبية‪ ،‬وتأمني فرص عمل ومحالت للمواطنني‬ ‫ومنهم أبناء الشهداء وذوي االحتياجات الخاصة‬ ‫وغريهم ممن يبحثون عن العمل ومعالجة مشكلة‬ ‫الرباكات يف املدينة ونقل الرباكات املتموضعة‬ ‫يف مناطق األسواق إىل داخل األسواق‪ ،‬وتأمني‬ ‫الخدمات االجتامعية للمواطنني يف مناطق‬ ‫التجمعات السكنية واملحافظة عىل جاملية‬ ‫املدينة‪ ،‬وتأمني فرص تسويق للصناعات اليدوية‬ ‫التقليدية وللمنتجات الحرفية‪.‬‬ ‫ما هي مجمل األعامل التي قامت الرشكة‬ ‫بتنفيذها؟‬ ‫قامت الرشكة بتنفيذ سوق هنانو الشعبي‬ ‫ويقع عىل مساحة ‪ 8200‬م‪ 2‬ويضم السوق‬ ‫‪ 404‬محالت ترتاوح مساحاتها بني (‪)12 – 9 – 6‬‬ ‫م‪ 2‬ويتألف من قسمني األول مخصص للخضار‬ ‫واللحوم والفواكه واملواد الغذائية ومهن‬ ‫مختلفة ويحتوي عىل ‪ 152‬محل‪ ،‬والقسم‬ ‫الثاين مخصص للملبوسات واألدوات املنزلية‬ ‫والكهربائية والجلديات وكافة املهن والحرف‬ ‫األخرى ويحتوي عىل ‪ 252‬محل لتشكل أكرب‬

‫‪47‬‬

‫تجمع للتسوق من محطة واحدة يف‬ ‫حلب‪ ،‬كام يضم السوق مركزاً طبياً‬ ‫ومصىل ومرافق صحية وغرفة مراقبة‬ ‫مركزية وإذاعة وكافيرتيات خدمة‬ ‫للسوق وحراسة عىل مدار ‪ 24‬ساعة‬ ‫باإلضافة إىل إدارة للسوق تضم ممثلني‬ ‫عن املستثمرين‪ ،‬ويساهم املرشوع يف‬ ‫الحد من البطالة وتأمني فرص العمل‬ ‫لحوايل ‪ 800‬شخص عاطل وباحث عن‬ ‫العمل تعيل حوايل ‪ 3200‬فرداً‪ ،‬حيث‬ ‫خصص لذوي االحتياجات الخاصة‬ ‫واملعاقني ‪ 40‬مح ًال يف السوق وبحسم‬ ‫خاص لهم‪ ،‬كام خصص ألبناء ذوي‬ ‫الشهداء ‪ 40‬مح ًال‪ ،‬وقد قام السيد وزير‬ ‫االقتصاد والتجارة بافتتاح هذا السوق‬ ‫ويجري العمل فيه بشكل جيد ‪.‬‬ ‫كام قمنا بنتفيذ سوق ضهرة عواد‪،‬‬ ‫وهو السوق الشعبي الثاين يف املنطقة‬ ‫العارشة عىل جزء من املحرض ‪ 2813‬مبساحة‬ ‫‪ 4400‬م‪ 2‬ويضم السوق حوايل ‪ 150‬محل‬ ‫ترتاوح مساحاتها بني ‪ 40 – 9‬م‪ 2‬مجهزة‬ ‫كسوق حضاري متكامل الخدمات‪ ،‬ومجهزة‬ ‫أيضاً بكامريات مراقبة وأجهزة لإلنذار عن الحريق‬ ‫باإلضافة إىل صالتي أفراح منوذجيتني مبساحة‬ ‫‪ 500‬م‪ 2‬تقريباً لكل صالة‪ ،‬وهناك سوق خضار‬ ‫مقابله مبساحة ‪ 1600‬م‪ 2‬تقريباً يضم حوايل‬ ‫‪ 50‬محل‪ ،‬حيث تم تدشني السوق برعاية كرمية‬ ‫وزيرة االقتصاد والتجارة ملياء عايص‪ ،‬ويتم توزيع‬ ‫هذه املحالت بالتعاون مع محافظة حلب ومجلس‬ ‫املدينة ‪.‬‬ ‫وكانت تكلفة هذين السوقني حوايل ‪450‬‬ ‫مليون لرية سورية ‪.‬‬ ‫ما هي الخطط املستقبلية للرشكة ؟‬ ‫هناك طلب متزايد عىل املحالت يف األسواق‪،‬‬ ‫وحاجة مدينة حلب إىل مزيد من هذه األسواق‬ ‫الشعبية وبغية تحقيق أهداف الرشكة يف سد‬ ‫حاجة املواطنني من املحالت وتنظيم آلية عمل‬ ‫األسواق‪ ،‬فقد قمنا بوضع خطة مع مجلس‬ ‫مدينة حلب وغرفة تجارتها لتنفيذ مشاريع‬ ‫مستقبلية تتضمن إحداث أسواق يف جميع‬ ‫أنحاء مدينة حلب وفق أسس حضارية جيدة‬ ‫تستقطب مزيد من األيدي العاملة وذلك دع ًام‬ ‫لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫حوار‪ :‬عبد السالم‬ ‫وعبد املناف األحمد‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫عمليات تزوير وطرد ومخالفات بالجملة في وزارة المالية‪ ،‬من يُوقفها ؟‬

‫أمين صالح لـ «منبرالتوحيد»‪:‬‬ ‫موازنة ‪ 2010‬انعدام في الرؤية ومخالفات بالجملة‬ ‫اتفق همساً يف الطائف عىل أن تكون وزارة املال‬ ‫للشيعة يف أوىل حكومات ما بعد اتفاق الطائف‪...‬‬ ‫وهكذا كان‪.‬‬ ‫ولكن مع وصول الرئيس رفيق الحريري إىل الحكم‪،‬‬ ‫أحكم الرجل قبضته عىل مفاصل العملية اإلعامرية‬ ‫كونها تش ّكل “مزاريب” املال املنتظرة‪ .‬ومبا أن ووزارة‬ ‫املال هي “أم الوزارات” فقد عمل عىل جعلها يف يد‬ ‫السنّة أوالً‪ ،‬ولـ “الحريريني” تحديداً‪ ،‬فلم يجد الحريري‬ ‫األب أفضل من الوزير فؤاد السنيورة إلدارة املال العام‬ ‫يف سياق مهمة هي األكرث التباساً يف تاريخ لبنان‬ ‫الحديث‪ ،‬إذ مت ّثلت أول إنجازاته يف التح ّكم باملركز‬ ‫االلكرتوين الذي يتوىل قيد وتسجيل العمليات‬ ‫والحسابات املالية للدولة‪.‬‬ ‫وبالرغم من التوزيع الطائفي واملذهبي لكافة‬ ‫املديريات التابعة لوزارة املال‪ ،‬إال أن السنيورة نجح يف‬ ‫السيطرة عىل جميع هذه املواقع يف الفئة الثانية‪.‬‬ ‫أحسن جهاد أزعور ومحمد شطح ور ّيا‬ ‫بعده‬ ‫َ‬ ‫الحسن “إدارة” الدفة‪ ،‬لكن طيف السنيورة مل يغب‬ ‫يوماً عن “املالية” وبصامته‪ ،‬بشهادة كثريين‪ ،‬ما تزال‬ ‫ظاهرة يف أكرث من ملف وقضية‪.‬‬ ‫ومل يتغيرّ شيئ مع الرئيس سعد الحريري‪ ،‬الذي‬ ‫أمعن يف االلتزام بقواعد “اللعبة السنيورية”‪،‬‬ ‫ومسلسل حسابات امله ّمة العالقة منذ العام ‪2001‬‬ ‫وقطع الحسابات عن السنوات املاضية‪ ،‬ليس سوى‬ ‫حلقة من حلقات الفلتان يف مناجم ذهب وزارة‬ ‫املال‪.‬‬ ‫املعادلة بسيطة ومل تتغيرّ منذ العام ‪ 1992‬حتى‬ ‫اليوم‪ :‬السيطرة عىل وزارة املال تعني السيطرة عىل‬ ‫القرار املايل واالقتصادي للبلد‪.‬‬ ‫وما يدور اليوم من مساءلة حول املخالفات التي‬ ‫تجري يف وزارة املال من تزوير يف الحسابات وطرد‬ ‫للموظفني وكان آخرهم مديرة املحاسبة العامة رجاء‬ ‫الرشيف التي ن ّفذت وزيرة املال ر ّيا الحسن تهديداتها‬ ‫لها مصدرة مذ ّكرة بإعفائها من منصبها وتعيني‬ ‫أحد املوظفني املحسوبني عىل التيار”الحريري”‪ ،‬عىل‬ ‫أثر إصدار بيان ديوان املحاسبة‪ ،‬الذي تض ّمن معطيات‬ ‫مثرية تنبئ بحصول عمليات تزوير جارية يف‬ ‫الحسابات املالية للدولة عن السنوات املاضية‪ ،‬والتي‬ ‫كان للرشيف‪ ،‬عىل ما يبدو‪ ،‬دور مهم يف الكشف‬ ‫عنها عرب مراسالت إىل رئيسها املبارش واألجهزة‬ ‫املعنية‪ ،‬ومنها ديوان املحاسبة نفسه‪.‬‬ ‫إال أن اإلزعاج األكرب‪ ،‬الذي أحدثته الرشيف‪ ،‬كان‬ ‫بإقدامها عىل إرسال قطع حساب سنتي ‪ 2006‬و‪2007‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫إىل ديوان املحاسبة‪ ،‬يف الوقت الذي كانت فيه الوزيرة‬ ‫الحسن تدّعي أن وزارة املال عاجزة عن إنجاز هذا املوجب‬ ‫الدستوري لتربير مرشوع قانون إحالته عىل مجلس‬ ‫الوزراء يطلب إعفاءها من ذلك‪ ،‬كام عمدت اىل إعادة‬ ‫إرسال قطع حساب سنة ‪ 2005‬مرفقاً بالئحة طويلة‬ ‫من التح ّفظات واملالحظات الجدّية‪ ،‬وال سيام لجهة‬ ‫وجود فروق يف الحسابات املذكورة ناتجة من عمليات‬ ‫تالعب وتزوير هدفها إخفاء حجم اإلنفاق العام‬ ‫ووجهته‪ ،‬وقد فضحت طبيعة نظام املعلوماتية الذي‬ ‫صممه ميوت‪ ،‬مبا يتيح الدخول إليه وإجراء التعديالت‬ ‫والتغيريات يف أي وقت خالفاً ملعايري مسك الحسابات‪،‬‬ ‫وينطبق ذلك بوضوح عىل قطح حساب سنة ‪،2008‬‬ ‫إذ إن الفروق الواضحة بني أرقام مديرية الرصفيات‬ ‫وأرقام مديرية الخزينة حالت حتى اآلن دون تقدميه إىل‬ ‫ديوان املحاسبة وهو ما دفع بالديوان اىل إصدار بيان‬ ‫كشف فيه عن فضيحة مفادها أن الوزيرة الحسن‬ ‫طلبت شفهياً من الديوان اسرتداد قطع حسابات‬ ‫السنوات ‪ 2005‬و‪ 2006‬و‪“ ،2007‬بغية إعادة صياغتها‬ ‫مجدداً”‪ ،‬وملا طلب الديوان منها تقديم كتاب خطي‬ ‫باالسرتداد‪ ،‬مل تفعل‪ ،‬لكنها لجأت اىل “إرسال قطع‬ ‫حساب سنة ‪ 2005‬مرة ثانية اىل ديوان املحاسبة‪،‬‬ ‫مغاير لألول!”‪ .‬وقد طالب ديوان املحاسبة وزارة املال‬ ‫يف بيانه املذكور بإيداعه قطع حسابات املوازنة عن‬ ‫السنوات املاضية‪ ،‬مبا فيها قطع حساب سنة ‪،2008‬‬ ‫باإلضافة اىل حسابات املهمة العائدة اىل السنوات‬ ‫من ‪ 2001‬إىل ‪ ،2008‬وذلك بعد التدقيق فيها من‬ ‫مديرية املحاسبة العامة لدى الوزارة عم ًال بأحكام‬ ‫املرسوم رقم ‪ 3373‬تاريخ ‪( 1965/12/11‬تحديد أصول‬

‫‪48‬‬

‫تنظيم الحسابات املالية ومهلها)‪ ،‬ألنه يستحيل عىل‬ ‫ديوان املحاسبة‪ ،‬من الناحيتني الحسابية والعملية‪ ،‬أن‬ ‫يدرس قطع حساب سنة معينة ويدقق فيه مبعزل‬ ‫عن حساب املهمة العائد اىل السنة عينها‪.‬‬ ‫فبدالً من مساندة الرشيف إلنجاز واجباتها من أجل‬ ‫تحقيق معالجة قانونية ونظامية ملشكلة حسابات‬ ‫السنوات املاضية‪ ،‬عمدت وزيرة املال اىل معاقبتها‪،‬‬ ‫خاصة لتغطية املخالفات التي كشفت‬ ‫وتعيني لجنة‬ ‫ّ‬ ‫عنها‪.‬‬ ‫أهكذا يكافأ املوظف السوي يف لبنان؟‬ ‫ففي إطار الفضائح املتفجرة يف وزارة املالية‪،‬‬ ‫وآخرها فضيحة التالعب بحسابات الدولة بهدف‬ ‫إخفاء مبالغ كبرية (‪ 11‬مليار ل‪.‬ل) جرى إنفاقها يف‬ ‫السنوات السابقة من دون أي سند قانوين‪ ،‬وموازنات‬ ‫‪ 2010‬و ‪ ،2011‬وملف متويل املحكمة الخاصة بلبنان‪،‬‬ ‫وموازنة فرع املعلومات كشف مدير املحاسبة العامة‬ ‫السابق يف وزارة املال‪ ،‬الدكتور أمني صالح‪ ،‬لـ “منرب‬ ‫التوحيد” أن وزراء املال املتعاقبني كانوا عىل ّاطالع كاف‬ ‫بوجود مشاكل يف مسألة الحسابات املال ّية‪ ،‬وهم مل‬ ‫يح ّركوا ساكناً‪ ،‬مؤ ّكداً أن كل النفقات املسجلة‬ ‫كانت وفقاً لألصول‪ ،‬من حسابات الدولة املمسوكة‬ ‫من قبل مديرية الخزينة‪ ،‬واملركز اآليل يف وزارة املالية‪،‬‬ ‫إمنا املسألة األساسية هي هل إن الحكومة من‬ ‫عام ‪ 2006‬لغاية اآلن ترصف وفقاً ألحكام الدستور‬ ‫والقانون‪ ،‬أم أن النفقات تم رصفها ودفعها خالفاً‬ ‫ألحكام القانون؟ اإلجابة عىل هذا السؤال بسيطة‪،‬‬ ‫هو أن الحكومات ترصف أو تجبي األموال عادة بناء عىل‬ ‫قانون املوازنة الذي هو يف البداية مرشوع تقدّمه‬ ‫السلطة التنفيذية اىل مجلس النواب للمصادقة‬ ‫عليه‪ ،‬وبعد املصادقة عليه ونرشه يصبح هذا القانون‬ ‫موضع التنفيذ‪ ،‬وبالتايل مبوجب هذا القانون يجاز‬ ‫للحكومة اإلنفاق وجباية األموال‪ ،‬فإجازة اإلنفاق هي‬ ‫اإلجازة املحددة ضمن االعتامدات املخصصة لكل بند‬ ‫من بنود النفقة‪ ،‬وبالتايل الحكومة تصبح مقيدة‬ ‫بهذا اإلنفاق‪ ،‬ضمن الحدود املسموح بها‪ ،‬يحيث‬ ‫ال تستطيع أي وزارة أو إدارة رسمية أن تنفق أكرث‬ ‫من االعتامد الذي ُخصص لها يف املوازنة‪ ،‬لذلك‬ ‫نص عىل أن ُتقدّم املوازنات من قبل السلطة‬ ‫الدستور ّ‬ ‫الحكومية أو من الحكومة اىل مجلس النواب يف عقد‬ ‫ترشين األول‪ ،‬حتى يتسنى ملجلس النواب دراسة املوازنة‬ ‫وإقرارها قبل بداية السنة‪ ،‬ليتم عىل أساسها من‬ ‫بداية السنة إنفاق املوازنة املصدقة‪.‬‬ ‫لسبب من األسباب إذا ّ‬ ‫تأخر مجلس النواب عن‬

‫إقرار املوازنات‪ ،‬سمح الدستور للسلطة التنفيذية أن‬ ‫تنفق عىل أساس القاعدة اإلثني عرشية طيلة شهر‬ ‫كانون الثاين فقط‪ ،‬بعد شهر كانون الثاين الحكومة‬ ‫بحاجة اىل قانون يجيز لها الرصف عىل القاعدة‬ ‫اإلثني عرشية أو أن ال تكون قد ُصدّقت املشاريع‪.‬‬ ‫الذي حصل منذ سنة ‪ 2006‬حتى ‪ 2010‬واليزال‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬أن هناك مشكلة سياسية أدى اىل طعن‬ ‫يف دستورية ويف رشعية الحكومة‪ ،‬أنجزت مشاريع‬ ‫موازنات أحيلت اىل مجلس النواب‪ ،‬الذي مل يستلم‬ ‫هذه املشاريع نظراً للطعن برشعية الحكومة‪،‬‬ ‫وبالتايل مل ُتصدّق هذه املوازنات وفق األصول‪ ،‬وكان‬ ‫يقتيض عىل الحكومة أن تلتزم بالقاعدة اإلثني‬ ‫عرشية ملدة شهر‪ ،‬وإذا مل يكن هناك مجال لقانون‬ ‫يجيز اإلنفاق عىل أساس القاعدة اإلثني عرشية عن‬ ‫شهر كانون ثاين من كل سنة عىل األقل‪ ،‬كان يجب‬ ‫عىل الحكومة أن تلتزم بقاعدة اإلثني عرشية‪ ،‬ما‬ ‫يعني أن تلتزم الحكومة باإلنفاق عىل أساس موازنة‬ ‫العام ‪ ،2005‬وبالتايل أن تلتزم باإلنفاق عىل أساس‬ ‫القاعدة إثني عرشية‪ ،‬وأن ال تتجاوز عندئذ النفقات‪،‬‬ ‫الـ ‪ 10‬آالف مليار التي هي االعتامدات املصادق عليها‬ ‫يف العام ‪،2010‬‬ ‫ولكن الذي حصل مل تلتزم الحكومة بالقاعدة‬ ‫اإلثني عرشية‪ ،‬ومجلس النواب مل يعطها اإلذن‬ ‫بالرصف عىل القاعدة اإلثني عرشية ومجلس النواب‬ ‫مل يصدق هذه املوازنات‪ ،‬لذلك عمدت الحكومة‬ ‫اىل الرصف عىل أساس مشاريع املوازنات التي مل‬ ‫تصدّق‪ ،‬ما يخالف القانون‪ ،‬لذلك الفرق بني موازنة الـ‬ ‫‪ 2005‬والنفقات التي متت عام ‪ 2006‬يعترب إنفاق غري‬ ‫رشعي‪ ،‬بعيداً عن أين ُأنفق‪ ،‬فإن املبلغ ُأنفق‪ ،‬ثم ُأنفق‬ ‫وفقاً للقانون أو مل ينفق هذا سؤال آخر‪.‬‬ ‫وحول السؤال ع ّمن يحاسب؟ وكيف؟ أجاب‪:‬‬ ‫يتم محاسبة املخالفني عىل جهتني‪ ،‬األوىل قضائية‬ ‫املتمثلة بديوان املحاسبة بأن اإلنفاق ّتم من دون إجازة‬ ‫من مجلس النواب وهذا مخالف للقانون الدستوري‪.‬‬ ‫املحاسبة الثانية هي محاسبة سياسية ميارسها‬ ‫مجلس النواب عىل السلطة التنفيذية ألنه خالفاً‬ ‫لإلجازة املعطاة ُأنفق املبلغ من دون إجازة إلنفاقه‪،‬‬ ‫من دون السند القانوين الذي ّتم عىل أساسه اإلنفاق‪،‬‬ ‫عدا عن ذلك هناك محاسبة أخرى‪ ،‬حتى ولو كان‬ ‫هناك موازنة مصدقة يجب أن يكون اإلنفاق قد ّتم‬ ‫وفقاً لألصول‪ ،‬ما يعني أن عقد النفقة أو رصفها أو‬ ‫دفعها يجب أن يكون وفقاً لقانون املحاسبة العمومية‬ ‫ولألصول حتى لو كان هناك موازنات هناك مساءلة‬ ‫إذا كانت قد التزمت األصول يف اإلنفاق أو يف جباية‬ ‫األموال‪.‬‬ ‫وبرأيي الرقابة السياسية ملجلس النواب مبا ميثله‬ ‫مجلس النواب من رأي عام هي األهم ألن مجلس‬ ‫النواب قادر عىل إسقاط الحكومات وإحالة كل َمن‬ ‫خالف اىل القضاء املختص إذا كان هناك مخالفات‬ ‫تستوجب هذا األمر‪ ،‬إذاً املساءلة موجودة‪.‬‬ ‫مفيام يتع ّلق بانعدام الرؤية واملخالفات التي‬ ‫ظهرت يف موازنة ‪ ،2010‬ورصف التعسفي‬ ‫للموظفني كام حصل مع رجاء الرشيف‪ ،‬التي‬

‫ُطردت من وزارة املالية‪ ،‬أوضح صالح أن املداوالت‬ ‫واملناقشات والسجاالت بشأن مرشوع موازنة ‪2010‬‬ ‫سواء يف مجلس الوزراء أو يف مجلس النواب‪،‬‬ ‫كشفت عن صعوبة أو عن استحالة إقرار مرشوع‬ ‫املوازنة ألن ذلك يرتبط دستورياً وقانونياً بالتصديق‬ ‫عىل قطوعات حسابات موازنات العام ‪ 2004‬لغاية‬ ‫‪ 2008‬ضمناً قبل التصديق عىل مرشوع املوازنة‪.‬‬ ‫ذلك أنه ال أحد يعلم متى سيفرج عن هذه الحسابات‬ ‫وملاذا ال يفرج عنها‪ ،‬أيعود ذلك اىل عدم إنجازها فع ًال أم‬ ‫أن السبب الحقيقي هو تجنّب املساءلة واملحاسبة؟ أم‬ ‫أن الحسابات منجزة ولكنها مغيبة؟ أيا كان الجواب‪،‬‬ ‫وسواء قدمت وزارة املال الحسابات أو مل تقدمها‪ ،‬فإن‬ ‫لجنة املال واملوازنة النيابية تقوم بواجبها الترشيعي‬ ‫وتدرس بجدية مرشوع املوازنة‪ ،‬وعندما تنجز اللجنة‬ ‫درسها سوف ترفع تقريرها مع التعديالت التي أق ّرتها‬ ‫اىل رئاسة مجلس النواب وتجري بعدئذ املناقشة يف‬ ‫الهيئة العامة ملجلس النواب عىل أساس املرشوع الذي‬ ‫ورد من اللجنة‪ ،‬وعندئذ سرنى ما إذا كانت الحكومة‬ ‫قد قدمت اىل مجلس النواب حسابات اإلدارة املالية‬ ‫النهائية فنبني عىل الشيئ مقتضاه‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬لقد وضع الدستور اللبناين قواعد خاصة‬ ‫نصت املادة ‪ 83‬منه عىل أن تقدم‬ ‫للموازنة‪ ،‬إذ ّ‬ ‫الحكومة ملجلس النواب كل سنة يف بدء عقد ترشين‬ ‫األول موازنة تشمل نفقات الدولة ودخلها عن السنة‬ ‫القادمة ويقرتع عىل املوازنة بنداً بنداً‪ ،‬كام أن املادة‬ ‫‪ ،86‬من الدستور وضعت أصوالً إلقرار املوازنة يؤدي‬ ‫عدم االلتزام بها اىل مخالفة الدستور‪.‬‬ ‫كام أن قانون املحاسبة العمومية قىض بأن يقر‬ ‫مجلس الوزراء مرشوع املوازنة يف صيغته النهائية‬ ‫ويودعه السلطة الترشيعية ضمن املهلة املحددة‬ ‫يف الدستور‪ ،‬كام قىض بأن يقدم وزير املالية قبل‬ ‫أول ترشين الثاين اىل السلطة الترشيعية تقريراً‬ ‫مفص ًال عن الحالة االقتصادية واملالية يف البالد‪ ،‬وعن‬ ‫املبادئ التي اعتمدتها الحكومة يف مرشوع املوازنة‪.‬‬ ‫ويصدق مجلس النواب أوالً عىل قانون قطع‬ ‫الحساب ّثم عىل موازنة النفقات ثم قانون املوازنة‬ ‫ويف النهاية عىل موازنة الواردات (املادة ‪ 118‬من‬ ‫النظام الداخيل ملجلس النواب)‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫فعىل ضوء هذه النصوص الدستورية القانونية‬ ‫ومبادئ إعداد املوازنة وقواعد تصديقها بأن مرشوع‬ ‫موازنة ‪ 2010‬يتسم بانعدام الرؤية االقتصادية‬ ‫الدستورية‬ ‫املخالفات‬ ‫ويتضمن‬ ‫واالجتامعية‪،‬‬ ‫والقانونية‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫أوالً عدم االلتزام باملهل الدستورية والقانونية إذ‬ ‫ُقدّم مرشوع املوازنة اىل مجلس النواب يف نهاية‬ ‫النصف األول من شهر متوز ‪ 2010‬أي بعد انتهاء‬ ‫املهلة الدستورية بحواىل ‪ 9‬أشهر وذلك خالفاً‬ ‫ألحكام الدستور‪.‬‬ ‫ثانياً عدم دقة أرقام املوازنة حيث أظهرت القراءة‬ ‫الصحيحة لألرقام بأن حجم كل من اإليرادات‬ ‫والنفقات هو مختف متاماَ عام هو موجود‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كام أنه لوحظ بأن ثالثة بنود شكلت حوايل ثالثة‬ ‫أرباع املوازنة من حيث النفقات العامة وهي خدمة‬ ‫الدين العام (‪ ،)%31.22‬االرواتب واألجور ومعاشات‬ ‫التقاعد (‪ )%26.84‬ومؤسسة كهرباء لبنان (‪،)%14.98‬‬ ‫ما يبينّ بأن الحكومة ق ّيدت نفسها ببنود اإلنفاق‬ ‫الثالث املذكورة‪ ،‬وال تستطيع تعديل أوجه اإلنفاق‬ ‫إلحداث آثار إيجابية يف االقتصاد الكيل ألن أوجه‬ ‫اإلنفاق الثالث تنحرص االستفادة منها بفئات محدودة‬ ‫جداً من الشعب اللبناين وال سيام بندي خدمة‬ ‫الدين العام والكهرباء التي يزداد الهدر التقني فيها‬ ‫وغري التقني (الرسقات والتعديات عىل الشبكة يف‬ ‫جميع املناطق اللبنانية ومن جميع طبقات املجتمع)‪،‬‬ ‫ما يؤدي اىل تركز للرثوة الوطنية بشكل حاد جداً‪،‬‬ ‫وتزيد بالتايل من الفروقات االجتامعية والطبقية أي‬ ‫أن املعادلة املعتمدة هي زيادة دين الدولة مقابل زيادة‬ ‫ثروة القلة القليلة من الشعب‪.‬‬ ‫وبالتايل تضمحل العدالة االجتامعية وتتقلص‬ ‫فرص االستثامر‪.‬‬ ‫أضف اىل موازنات الصناديق العامة (مجلس اإلمناء‬ ‫واإلعامر‪ ،‬صندوق املهجرين‪ ،‬مجلس الجنوب وصندوق‬ ‫الهيئة العليا لإلغاثة) والهروب من الرقابة املالية‪،‬‬ ‫إذ نالحظ أن موازنة املشاريع للهيئات املذكورة زادت‬ ‫عام ‪ 2010‬عن العام ‪ 2009‬بقيمة ‪ 994‬مليار ل‪.‬ل‪ ،‬كام‬ ‫يالحظ بأن موازنتي مجلس اإلمناء واإلعامر والهيئة‬ ‫العليا لإلغاثة واملقدرين بـ ‪ 1059‬مليار ال تخضعان‬ ‫للرقابة وفقاً ملا هو منصوص عليه يف القوانني‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫واألنظمة املرعية اإلجراء‪ .‬وبالتايل ال يعرف ما إذا‬ ‫كانت األموال تنفق وفقاً لألصول والقواعد القانونية‪،‬‬ ‫ذلك أن هيئات الرقابة وحدها ذات الصالحية بهذا‬ ‫الشأن‪.‬‬ ‫كام أن انعدام الرؤية لدى وزارة املالية ظهر بوضوح‬ ‫أيضاً يف ما يتع ّلق مبسألة عجز املوازنة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫تنامي الدين العام وذلك يخالف األهداف التي تسعى‬ ‫الحكومة اىل تحقيقها ومن بينها معالجة عجز املوازنة‬ ‫الذي ارتفع اىل ‪ 6658‬مليار ل‪.‬ل بفارق ‪ 1743‬عن العام‬ ‫‪ ،2009‬والدين العام الذي انخفض اىل ‪ 6100‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫بفارق أقل من ‪ 341‬مليار ل‪.‬ل‪ ،‬والحفاظ عىل أن يكون‬ ‫منو الدين العام أقل من النمو االقتصادي الكيل‪ ،‬ذلك‬ ‫أنه من املستحيل تحقيق هذا الهدف يف ظل تنامي‬ ‫الدين العام‪ ،‬إذ ما ال يعرفه املواطنون هو أن العجز ال‬ ‫يقترص فقط عىل عجز املوازنة بل يضلف إليه عجز‬ ‫الخزينة واالقرتاض الذي يخصص لتغطية االعتامدات‬ ‫املدورة من السنوات السابقة وبالتايل إياّ كان حجم‬ ‫اإلنفاق من االعتامدات املدورة فإنها ستزيد وال شك‬ ‫حجم الدين العام وترفع بالتايل كلفته‪.‬‬ ‫وبالرغم من ذلك تدّعي وزارة املالية أنها تستطيع‬ ‫املحافظة عىل نسبة الدين اىل الناتج املحيل حيث من‬ ‫املتوقع أن يحافظ عىل مستوى ‪ .%147‬وتشري اىل‬ ‫أن وضعية املالية العامة ال تستقيم إال مبواصلة‬ ‫اإلصالحات املطلوبة‪ ،‬وعىل رأسها إصالح النظام‬ ‫الرضيبي‪ ،‬ومؤسسة كهرباء لبنان‪ ،‬ولكن وبالرغم‬ ‫من هذا االعرتاف ال نرى الجدية أو السعي اىل هذين‬ ‫اإلصالحني‪ ،‬وخالف ذلك سيستمر النزف املايل وعجز‬ ‫املوازنة وزيادة الدين العام‪.‬‬ ‫يف ما يتع ّلق بهدى رشيف أوضح صالح السبب‬ ‫بقوله إن حسابات الدولة النهائية للسنوات ‪،2004‬‬ ‫‪ ،2006 ،2005‬و‪ 2007‬وبالرغم من كل الصعوبات‬ ‫والعراقيل الفعلية واملفتعلة قد أنجزتها وأحلتها وفقاً‬ ‫لألصول الدستورية والقانونية إىل كل من معايل وزير‬ ‫املالية وإىل جانب ديوان املحاسبة‪ ،‬وذلك قبل مغادريت‬ ‫الوظيفة بتاريخ ‪ 2010/1/26‬بعد صدور مرسوم قبول‬ ‫إنهاء خدمايت بتاريخ ‪ .2010/1/14‬وقد أرفقت بهذه‬ ‫الحسابات املالحظات بشأنها والتحفظات عليها مام‬ ‫جعلني ملزماً وفقاً ملعايري التدقيق الدولية أن أمتنع‬ ‫عن إبداء الرأي بصحة هذه الحسابات والبيانات املالية‬ ‫التي يتضمنها قطع حساب موازنة الدولة للسنوات‬ ‫موضوع البحث‪.‬‬ ‫وكان يتوجب عىل وزير املالية أن يرفع هذه الحسابات‬ ‫إىل جانب مجلس الوزراء لدرسها والبت بها سلباً‬ ‫أو إيجاباً وإحالتها إىل مجلس النواب وذلك إنفاذاً‬ ‫للمهام واملسؤوليات املنوطة بها‪.‬‬ ‫إن جميع وزراء املالية‪ ،‬دون استثناء‪ ،‬يعلمون بأن‬ ‫قطع حساب موازنة الدولة للسنوات املذكورة منجز‬ ‫ولكنه مغ ّيب ألن الرأي السلبي الذي أبديته بعدم‬ ‫صحة الحسابات مل يكن مرحباً به‪ ،‬مع أن جميع‬ ‫وزراء املالية يعلمون بشوائب وعيوب قطع الحساب‬ ‫وحسابات املهمة‪ ،‬ويعلمون علم اليقني باإلشكاالت‬ ‫ّ‬ ‫وأخرت إنجاز‬ ‫القانونية واملحاسبية التي اعرتضت‬ ‫حسابات الدولة‪ ،‬وهم ّ‬ ‫مطلعون أيضاً عىل املشكالت‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫والخالفات واالختالفات القامئة فع ًال بني أجهزة‬ ‫وزارة املالية وبني وزارة املالية وأجهزة الرقابة املعنية‬ ‫بحسابات الدولة‪.‬‬ ‫إن وزيرة املالية (ريا الحسن) وبدالً من معالجة‬ ‫الفروقات واألخطاء يف الحسابات املالية النهائية‬ ‫املبينة يف جميع الكتب واملراسالت التي رفعتها‬ ‫إىل مسؤويل الوزارة حول رضورة تصحيح الحسابات‪،‬‬ ‫عمدت إىل إلحاق أكرث من مثانني موظفاً يف وزارة‬ ‫املالية إلعادة صياغة قطوعات الحسابات املذكورة‬ ‫أعاله خالفاً لرأيي ومالحظايت‪ ،‬ولكن ذلك مل يؤت‬ ‫مثاره الفتقاد فريق العمل الذي خلفني مبديرية‬ ‫املحاسبة العامة للمؤهالت والخربات الالزمة إلدارة‬ ‫عملية تدقيق الحسابات‪ ،‬ولغياب اإلرادة الفعلية يف‬ ‫تصحيح الحسابات‪ ،‬إىل أن وصل األمر إىل إقدام جانب‬ ‫ديوان املحاسبة عىل إصدار بيانه الجريء والصحيح‪ ،‬مام‬ ‫أدى بوزيرة املالية إىل التضحية بأحد أعضاء فريقها‬ ‫التي حاولت الوزيرة من خالله سحب مرشوع قطع‬ ‫حساب موازنة العام ‪ 2005‬الذي أعددته وفقاً لألصول‬ ‫واستبداله مبرشوع آخر يالئم توجهات معايل الوزيرة‪،‬‬ ‫وعندما مل يستجب جانب ديوان املحاسبة لهذه‬ ‫املحاولة‪ ،‬أحالوا إىل جانب الديوان مرشوعاً آخر مغايراً‬ ‫للمرشوع األصيل»‪ .‬وبالتايل هذه األزمة مستمرة‬ ‫منذ العام ‪ 1990‬ألن وزارة املالية كانت عاجزة عن‬ ‫مسك الحسابات وفقاً لألصول‪.‬‬ ‫وحول الفرق بني موازنة ‪ 2010‬وموازنة ‪ 2011‬أ ّكد‬ ‫صالح أن املوازنتني ‪ 2010‬و ‪ 2011‬هام موازنات إدارة‬ ‫األزمة فقط ال غري‪ ،‬وموازنة ‪ 2011‬متت عىل نهج‬ ‫موازنة ‪ 2010‬مع اختالف بسيط باألرقام هو أن‬ ‫هناك زيادة حوايل ‪ 326‬مليار‪ ،‬وإمنا التقسامت ذاتها‬ ‫ال أكرث وال أقل وأنهم خفضوا عجز املوازنة بحدود‬ ‫‪ 1200‬مليار كام خفضوا خدمة الدين العام وهذا‬ ‫يجب إثباته فعلياً عىل األرض‪.‬‬ ‫من هنا ميكن القول أن هناك تيار سيايس هو‬ ‫وأرص عىل تويل قضية وزارة‬ ‫«تيار املستقبل» تح ّكم‬ ‫ّ‬ ‫املالية منذ العام ‪ 1992‬حتى اآلن عدا عن ذلك أبعد‬ ‫كل املوظفني أصحاب الكفاءة واستبدلهم مبوظفني‬

‫‪50‬‬

‫تابعني‪ ،‬ومستزملني‪ ،‬ولديهم والء شخيص إما لتيار‬ ‫«املستقبل»‪ ،‬وإما والءات شخصية لبعض املوظفني‪،‬‬ ‫ثم إنهم يف وزارة املالية أنشأوا فريق عمل خاص من‬ ‫خارج الوزارة يتح ّكم مبفاصل القرارات اإلدارية داخل‬ ‫الوزارة سواء تلك املتعلقة بالرضائب وبالحسابات‪،‬‬ ‫أو تلك املتعلقة برصف ودفع النفقات‪ ،‬وبالتايل كل‬ ‫َمن عارضهم أبعدوه أو أجربوه عىل االستقالة وأنا‬ ‫واحد من الذين أجربوا عىل االستقالة ليس بالقوة‪،‬‬ ‫لكن ألنني حورصت ومل أعد أملك شيئاً حتى مديرية‬ ‫املحاسبة العامة التي كنت مديرها بالتكليف ضيقوا‬ ‫الحصار عليها‪ ،‬وبالتايل أجربوا كل الناس من أصحاب‬ ‫الكفاءات عىل االستقالة أو أبعدوهم‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلق بتمويل املحكمة وفرع املعلومات‬ ‫أوضح صالح أن كل نفقة يجب أن تكون مربرة‪،‬‬ ‫ما يعني أن كل إدارة عندما تضع موازنتها يجب أن‬ ‫تربرها‪ .‬أما يف ما يتعلق بتمويل املحكمة فهو حتى‬ ‫اآلن يتم بسلفة خزينة‪ ،‬وهذا اإلنفاق عىل متويل‬ ‫املحكمة من سلفة خزينة هومخالف لقانون املحاسبة‬ ‫العمومية ألن سلفات الخزينة ال تعطى لإلدارات‬ ‫العامة وحدد ذلك يف املادتني ‪ 203‬و ‪ ،204‬بل تعطى‬ ‫إما لرشاء سلع اسرتاتيجية أو مواد مشرتكة بني‬ ‫اإلدارات أو مؤسسات عامة وصناديق عامة تعترب ديناً‬ ‫عليها يجب اسرتداده‪.‬‬ ‫إذا متويل املحكمة بسلفة خزينة هو خطأ‪ ،‬واملرسوم‬ ‫الذي صدر هو أيضاً خطأ‪ ،‬وبالتايل متويلها عرب اعتامد‬ ‫باملوازنة‪ ،‬ألن كل اعتامد باملوازنة يجب أن يستند اىل‬ ‫سبب صحيح وقانوين وقسم كبري من اللبنانيني‬ ‫يطعن برشعية املحكمة‪ ،‬وبالتايل أي إنفاق عليها ال‬ ‫يستند اىل مسوغ رشعي وقانوين من هنا املسألة‬ ‫الخالفية املوجودة حول املحكمة الدولية‪ ،‬ومتويل املحكمة‬ ‫من قبل لبنان ليس موجباً ألن نصوصها ذكرت بأن إذا‬ ‫لبنان تع ّذر عن الدفع‪ ،‬تلجأ املحكمة يف متويلها اىل‬ ‫الدول املانحة‪ .‬من هنا َمن سيحاسب َمن إذا كانت‬ ‫السلطة الحاكمة ال تحاسب نفسها لذا يجب إيجاد‬ ‫سلطة بديلة للمحاسبة عىل األخطاء التي وردت‪.‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة ملوازنة فرع املعلومات فكل‬ ‫إدارة أو وحدة إدارية مل تنشأ وفقاً لألصول فبالتايل‬ ‫ليس من املفروض وضع موازنة لها‪ ،‬والرصف عليها‬ ‫أيضاً هو مخالف للقانون‪.‬‬ ‫وختم صالح متمنياً أن ال تصحح هذه األخطاء‬ ‫بتسوية ما ألن التسويات تولد الفساد وتساعد عىل‬ ‫استمراريته‪ ،‬بالرغم من أنه مل ينكر وجود تسويات‬ ‫ما آم ًال أن تكون لوضع حد للتجاوزات التي تصبح‬ ‫لفتح صفحة جديدة تنسينا ما حصل يف السنوات‬ ‫الغابرة‪ ،‬خاصة وأن املوازنة يف العرص الحديث هي‬ ‫عمل سيايس يعرب عن اتجاهات الدولة ونشاطاتها‪،‬‬ ‫وتلعب دوراً بصدد تنفيذ الخطط االقتصادية‬ ‫واالجتامعية املوضوعة‪ ،‬وتعترب موازنة الدولة يف‬ ‫الواقع خطة سنوية أو برنامج عمل للحكومة لسنة‬ ‫مالية مقبلة‪ ،‬كام تعترب أداة فعالة من أدوات تنفيذ‬ ‫خطة التنمية االقتصادية واالجتامعية‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬

‫الغالء والضائقة االقتصادية تح ّرك النقابات‬

‫كاسترو عبد هللا لـ «منبر التوحيد»‪:‬المواالة والمعارضة‬ ‫يتحمالن مسؤولية لقمة عيش المواطن‬ ‫إن الرتاجع الحاصل بفعل الخالفات السياسية‬ ‫والتوترات املستمرة جاء أكرث قساوة من فرتة ما بعد‬ ‫حرب متوز‪ ،‬الغالء يرضب األسواق اللبنانية مرتافقاً‬ ‫مقارنة مع شهري آب وأيلول من العام املايض‪،‬‬ ‫وتحديداً منذ شهر رمضان حيث ارتفعت شكاوى‬ ‫األسواق التجارية‪ ،‬وانتظرت شهر أيلول ليأيت أسوأ‬ ‫من الشهر الذي سبقه من وسط بريوت اىل أسواق‬ ‫املناطق واألطراف وعىل مختلف السلع‪ ،‬باستثناء املواد‬ ‫الغذائية األساسية التي تشهد طلباً أكرث من غريها‪.‬‬ ‫من ارتفاع سعر البندورة والبطاطا والخضار اىل أكرث‬ ‫السلع االستهالكية األساسية‪ ،‬وصوالً اىل أسعار‬ ‫العقارات التي رضبت أرقاماً قياسية‪ ،‬ال سيام يف‬ ‫أسعار اإليجارات والشقق املتوسطة والفخمة وحتى‬ ‫الصغرية يف بريوت واملناطق ومل ترتاجع عىل الرغم‬ ‫من الجمود وتراجع الطلب املسيطر يف بعض املناطق‬ ‫منذ حواىل الشهرين‪ .‬فكيلو البندورة تخطى سعره‬ ‫معدل الثالثة آالف لرية والبطاطا دخلت البورصة‪ ،‬وهي‬ ‫املواد األكرث طلباً من قبل الطبقة الفقرية وصاحبة‬ ‫الدخل املحدود‪ ،‬وذلك بحجة ترضر املواسم نتيجة تبدل‬ ‫املناخ وأحوال الطقس‪.‬‬ ‫قبل ذلك كانت ارتفاعات األسعار ملناسبة شهر‬ ‫رمضان حيث يزداد الطلب عىل الخضار واللحوم‬ ‫والحلويات وكله عىل حساب الطبقة املحدودة الدخل‬ ‫التي تعجز عن اإلنفاق عىل الرضوريات‪ .‬يف املقابل سعر‬ ‫مرت البناء يف بريوت والضواحي القريبة من العاصمة‬ ‫عىل الشقق املتوسطة تخطى الثالثة آالف دوالر‪ .‬فبني‬ ‫الثالثة آالف لرية لسعر البندورة والثالثة آالف دوالر‬ ‫لسعر مرت السكن يف العاصمة مقارنة فريدة عىل‬ ‫اعتبار ان الثالثة آالف دوالر بالنسبة للطبقة امليسورة‬ ‫توازي الثالثة آالف لرية عند أصحاب الدخل املحدود‪.‬‬ ‫أما موضوع األقساط الجامعية واملدرسية فهو‬ ‫األكرث إرهاقاً‪ ،‬ال سيام أن بعض الجامعات واملدارس رفع‬ ‫األقساط ما بني ‪ 20‬و‪ %25‬تقريباً‪ ،‬وهذه رصخة جديدة‬ ‫بدأت ترهق أولياء أمور التالميذ العاجزين أص ًال عن‬ ‫تسديد األقساط السابقة‪ .‬فمن يستطيع احتساب‬ ‫كلفة األعباء املعيشية املتنوعة واملتشعبة يف ظل‬ ‫الحد األدىن الحايل لألجور الذي ال يصل اىل كلفة الكتب‬ ‫املدرسية لطالب يف االبتدايئ؟‬ ‫وتأيت موجة الشكاوى من الغالء مرتافقة مع‬ ‫انتشار موجة املواد الفاسدة واملنتهية الصالحية‪ ،‬وهو‬ ‫ما تكشف عنه تقارير مصلحة حامية املستهلك‬ ‫والجامرك ووزارة الزراعة بشكل شبه دوري‪ .‬فالبحث عن‬ ‫املواد األرخص بات مهمة خطرة عىل اعتبار أن األرخص‬ ‫قد يكون إما فاسداً أو مزوراً أو منتهي الصالحية‪،‬‬ ‫فيكون املواطن يهرب من الغالء اىل إمكانية تعرضه‬

‫للمرض أو التسمم فيدفع عىل صحته أضعاف ما‬ ‫كان يسعى لتوفريه من أعباء املعيشة يف ظل الغياب‬ ‫الكبري ألجهزة الدولة والقدرة عىل تغطية عمليات‬ ‫مكافحة التزوير والغش عىل كل االرايض اللبنانية‪.‬‬ ‫وبني املخاطر الصحية واالسعار املرتفعة تظهر‬ ‫عمليات االستغالل يف قطاعات التقدميات االجتامعية‬ ‫والصحية‪ ،‬ال سيام يف ظل تأخري املعامالت الصحية‬ ‫وعمليات االستغالل التي يتعرض لها املضمونون يف‬ ‫الضامن الصحي وعذابات االستشفاء عىل حساب‬ ‫وزارة الصحة‪ ،‬عىل الرغم من أن الخزينة تدفع أكرث من‬ ‫‪ 1330‬مليار لرية عىل التقدميات الصحية واالجتامعية‪،‬‬ ‫إضافة اىل ما يتحمله القطاع الخاص والعامل وأصحاب‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫انطالقا من هذا الواقع فإنه ال يشء يبرش بإمكانية‬ ‫توقف االرتفاعات الكبرية لألسعار عىل املدى القريب‪،‬‬ ‫عىل اعتبار أن كل السلع االساسية تقع تحت وطأة‬ ‫الطلب والتخزين لدى معظم الدول املستهلكة وحتى‬ ‫املنتجة‪ ،‬من النفط اىل املعادن اىل الغذاء‪ .‬وطبيعي‬ ‫ان تكون الدول الفقرية هي األكرث ترضراً باعتبارها‬ ‫ال متلك قدرات تصديرية وإنتاجية تعوض تزايد كلفة‬ ‫استهالكها‪ .‬ولبنان يقع لسوء الحظ والسياسات‬ ‫املعتمدة أو املفروضة عليه ضمن املجموعة األكرث‬ ‫ترضراً كونه يستورد أكرث من ‪ 80‬يف املئة من حاجاته‬ ‫االستهالكية ومواده األولية للصناعة وللتجارة‬ ‫واالستهالك‪ ،‬إضافة اىل موجة الخالفات السياسية‬ ‫واالنقسامات حول املحكمة وشهود الزور فمن يشهد‬ ‫مع أصحاب الدخل املحدود‪ ،‬يف ظل غياب االتحاد العاميل‬ ‫العام الذي تطغى عليه الطغمة السياسية املستزملة‬ ‫الحاكمة‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫الغالء املعييش‪ ،‬ووقوف االتحاد العاميل العام ساكناً‬ ‫أمام عمليات استغالل قطاعات التقدميات االجتامعية‬ ‫والصحية‪ ،‬ومحاربة الفقري يف لقمة عيشه كان‬ ‫محور لقاءنا مع رئيس االتحاد الوطني لنقابات العامل‬ ‫واملستخدمني يف لبنان كاسرتو عبد الله‪ ،‬الذي‬ ‫أشار اىل أن أسباب غياب الحركة النقابية العاملية‬ ‫يف ظل موجة غالء األسعار غري املسبوقة‪ ،‬وارتفاع‬ ‫أسعار املواد الغذائية عديدة‪ ،‬واألزمة ليست جديدة‪،‬‬ ‫وهي انعكاس لألزمة االقتصادية التي حصلت واليزال‬ ‫العديد من الدول يعاين ذيولها‪ ،‬ونتيجة لسياسة‬ ‫الحكومات املتعاقبة وخاصة منذ عام ‪ 1990‬حتى اآلن‪،‬‬ ‫تأخذ‬ ‫والسياسات االقتصادية غري الشعبية التي‬ ‫بعني االعتبار الوضع االقتصادي واالجتامعي للمواطن‪،‬‬ ‫ونتائج الحرب األهلية السيئة الذكر‪ ،‬التي ت ّوجت يف‬ ‫التسعينات باملرشوع االقتصادي للرئيس الراحل رفيق‬ ‫الحريري بتحويل البلد اىل تابعية اقتصادية خاصة‬ ‫للمؤسسات الدولية‪ ،‬رهنت البلد للقروض واملؤسسات‬ ‫الدولية‪ ،‬صندوق النقد الدويل‪ ،‬البنك الدويل‪ ،‬واملنظمة‬ ‫التجارية العاملية‪ ،‬وبالتايل كل هذه األمور أخذت‬ ‫البلد باتجاه مغاير ومعاكس‪ ،‬انعكس سلباً عىل كل‬ ‫التقدميات االجتامعية وخاصة الطروحات التي كانت‬ ‫تطرح يف موضوع الخصصة‪ ،‬وتوحيد التقدميات‬ ‫االجتامعية للصناديق‪ ،‬وموضوع التعاطي بالوظيفة‬ ‫الذي حصل يف باريس (‪ ،)3-2-1‬كل هذه السياسيات‬ ‫طبعاً أوصلتنا اىل انهيار البلد واىل الفساد اإلداري‬ ‫والتحاصص الطائفي‪ ،‬وارتفاع األسعار‪ ،‬وعدم حامية‬ ‫الصناعة الوطنية والزراعة جميعها انعكست سلباً‪.‬‬ ‫وهذا التأزم سببه السلطة بكل أطرافها‪ ،‬إذ أنهم يف‬ ‫املوضوع االقتصادي واالجتامعي يقرأون يف كتاب واحد‬ ‫ومتفقون عىل لقمة عيش الفقري‪ ،‬حامية ملصالحهم‬ ‫وما الهجوم عىل الضامن االجتامعي وتخفيض‬ ‫االشرتاكات يف وقت تعاين فيه الصناديق من عجز‬ ‫إال حامية ملصالحهم‪ ،‬فهم ال يدفعون االشرتاكات عن‬ ‫موظفيهم األجراء التابعني للضامن‪ ،‬وال تدفع الدولة‬ ‫إال ‪ % 25‬التي هي نسبة املساهمة لصندوق الضامن‬ ‫االجتامعي‪ ،‬الذي التزمت به‪ ،‬وعن الفئات الخاصة الذين‬ ‫نسبتهم اىل الضامن‪ ،‬رغم أنه يف شق آخر نسعى‬ ‫اىل أن يشمل الضامن الجميع‪ ،‬حتى عامل البناء نظراً‬ ‫ألهمية هذا القطاع وما قد يخدم الضامن‪ ،‬ولكنهم ال‬ ‫يدخلون اىل الضامن ألن أصحاب الرشكات العقارية‬ ‫هم للنواب والوزراء وحتى الحريري كان من أكرب أصحاب‬ ‫رشكات املقاوالت‪ ،‬أضف اىل أن السياسة النفطية‬ ‫التي اتبعتها الحكومات وما زالت تخلت عن هذا‬ ‫القطاع بالرغم من أنه حقق الكثري لبعض األزالم‬ ‫واملستفدين من هذه السلطة‪ ،‬بحيث حصة الدولة‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫اليوم عن كل تنكة بنزين ترتاوح بني ‪ 14‬و‪ 15‬ألف ل‪ .‬ل‪،‬‬ ‫ما ضاعف الفساد‪ ،‬والدليل اليوم أنه مع سعر برميل‬ ‫النفط ‪ 82‬دوالر بلغ سعر تنكة البنزين ‪ 32‬او ‪ 33‬ألف‬ ‫أي من ‪ 2010/10 /1‬حتى ‪ 2010/10/15‬ارتفع سعر تنكة‬ ‫البنزين ‪ 1300‬لرية قسمت عىل ‪ 200‬أو ‪ 300‬لرية‪ .‬كذلك‬ ‫ارتفاع األسعار والفساد يعود اىل تآمر السلطة بدءاً‬ ‫من وزارة االقتصاد التي وقفت ساكناً أمام محتكري‬ ‫الطحني واألفران عندما عمدوا اىل رفع سعر ربطة‬ ‫الخبز وتخفيض وزن الربطة‪ ،‬إال األجور ودميومة العمل‬ ‫ال تأخذهم الحكومة بعني االعتبار‪ ،‬أضف اىل الفساد‬ ‫املسترشي باإليجارات وباملواد الغذائية‪ ،‬وكل يوم يقوم‬ ‫وزير الزراعة بعرض أفالم الفساد عىل شاشات التلفزة‬ ‫دون إعالم الرأي العام عن أسامء املفسدين‪ ،‬واألحكام‬ ‫التي ألحقت بتجار املواد الغذائية الفاسدة‪.‬‬ ‫وتابع عبد الله‪ :‬لألسف السلطة قامت برشذمة‬ ‫االتحاد العاميل والنقابات العاملية‪ ،‬ونحن يف اتحاد‬ ‫الوطني لنقابات العامل واملستخدمني‬ ‫يف لبنان جزء من االتحاد العاميل العام‪،‬‬ ‫ولكن وال مرة يف تاريخ االتحاد وافقنا بأن‬ ‫يكون هناك تآمر عىل الطبقة العاملة‬ ‫والعمل وذوي الدخل املحدود‪ ،‬ونحمل‬ ‫دامئاً هذه القضية ألنه لألسف كنا‬ ‫نراهن بأن االتحاد العاميل العام يلعب‬ ‫دوره‪ ،‬ولكنه تخىل عنه يف أكرث من‬ ‫مرحلة ومحطة‪ ،‬خالل األعوام السابقة‬ ‫وذلك يعود اىل السلطة مجتمعة‬ ‫التي عملت فيام بينها لرضب الحركة‬ ‫النقابية لتحييدها عن دورها وتوجهاتها‬ ‫الحقيقية للدفاع عن العامل والطبقة‬ ‫العاملة والوطن بنفس الوقت‪ ،‬فقاموا‬ ‫بتسييسها‪ ،‬ولكن العمل النقايب ال‬ ‫مييز بني مواطن وآخر‪.‬‬ ‫العمل النقايب هو مرشوع كفلته املواثيق الدولية‬ ‫ورشعة حقوق اإلنسان‪ ،‬ولكن لألسف تم السيطرة‬ ‫عليه من قبل السلطة‪ ،‬وأحزابها الطائفية واملذهبية‬ ‫دون متييز‪ ،‬ودجنوا الحركة النقابية وبالتايل انعكست‬ ‫سلباً علينا‪.‬‬ ‫لذلك الحكومة ال تتعاطى مع الحركة العاملية‬ ‫املطلبية باحرتام‪ ،‬واذا تم هناك مفاوضات تكون‬ ‫مفاوضات لرفع العتب ألنها تعرف أن هؤالء الناس‬ ‫قرارهم السيايس هو يف مكان آخر‪ ،‬وبالتايل ال ميكن‬ ‫أن يتحركوا إال بقرار سيايس ما سهل عليهم التمثيل‬ ‫علينا يف أكرث من مناسبة‪.‬‬ ‫فانطالقاً من هذا الوضع الصعب‪ ،‬وانطالقاً من‬ ‫هذه األزمة وانعكاساتها السلبية‪ ،‬نرفع الصوت عالياً‬ ‫دامئاً‪ ،‬إال أننا هذه املرة أخذنا عىل عاتقنا املبادرة ونزلنا‬ ‫اىل الشارع بالرغم من االتصاالت التي دعت اىل وقف‬ ‫التحرك‪ ،‬وهناك خطوات أخرى ستقوم بها‪ ،‬وصحيح‬ ‫أننا مل تتمكن من جعل الناس تشارك باملاليني‪ ،‬ولكن‬ ‫هنا تقع مسؤولية الشعب اللبناين والعامل ونحن‬ ‫كمواطنني يف الدفاع عن لقمة العيش‪ ،‬إن كان القطاع‬ ‫التعليمي حيث ارفعت األقساط املدرسية بنسبة ‪27‬‬ ‫‪ %‬دون معرفة السبب لتستمر باالرتفاع هذه السنة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫حوار‬

‫أيضاً أَضف اىل الرسقة امللحقة يف هذا القطاع من‬ ‫خالل تغيري الكتب املدرسية سنة بعد سنة‪ ،‬إضافة‬ ‫اىل فضائح أخرى عديدة تم الحديث عنها‪ ،‬وهذه األمور‬ ‫تتك ّرر دامئاً لتخيل السلطة عن دورها‪.‬‬ ‫نحن كمواطنني ندفع الرضيبة إن كان يف قطاع‬ ‫الكهرباء واملياه واالتصاالت وغريه‪ ،‬يف وقت املسؤولون‬ ‫ميارسون التوظيف والتآمر حفاظاً عىل مصالحهم دون‬ ‫حسيب أو رقيب‪.‬‬ ‫من هنا ال بد لنا من التحرك للحفاظ عىل ثقافتنا‬ ‫وتاريخنا وقناعاتنا وانتامئنا وكرامتنا وحقنا الذي يكلفه‬ ‫الدستور والقانون‪ ،‬نريد أن نكون مواطنني كاملني يف‬ ‫كافة النواحي‪ ،‬ونحن ال نخالف القانون بل السلطة‬ ‫هي التي تخالف يف الكهرباء واملياه واالتصاالت‪ ،‬وهم‬ ‫الذين يفتعلون األزمات وال ميكن أن نستثني أحداً منهم‬ ‫ألنهم يتمسكون ويسيطرون عىل مقدرات البلد‪ ،‬وهنا‬ ‫ما علينا إ ّال تحذيرهم‪ ،‬واذا بقيت األمور عىل ما هي عليه‬

‫فإننا ذاهبون اىل تحركات بصوت عالٍ ومرتفع وبطريقة‬ ‫أخرى مختلفة‪ ،‬اليوم كيلو اللحمة بـ ‪ 20‬ألف والبندورة‬ ‫بـ ‪ 3‬أو ‪ 4‬آالف‪ ،‬فكيف ميكننا االستمرار بالعيش يف ظل‬ ‫هذا الوضع املعييش املرتدي‪ ،‬وهذا الفساد املسترشي‪،‬‬ ‫أمل يخجلون من حالهم ويحاولون دامئاً إشغالنا باألمور‬ ‫الطائفية واملذهبية وشهود الزور‪ ،‬ولكن نريد الحقيقة‬ ‫تلك الحقيقة التي تنقذ املواطن من براثن هذه الطغمة‬ ‫املسيطرة ليعيش بكرامة وعزة وعيش رغيد مي ّكنهم‬ ‫من تأمني قوت أوالدهم وتعليمهم فهم شهود زور عىل‬ ‫الحقيقة التي يعاين منها املواطن‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬رحم الله الناس الذين ماتوا‪ ،‬واستشهدوا‬ ‫يف مواجهتهم للعدو‪ ،‬وألعامل الفتنة والرشذمة‬ ‫والفئوية والقتل عىل الهوية‪ ،‬وال يدعوننا نفتح امللفات‪،‬‬ ‫وكل نقطة دماء زرفت يف هذا البلد مهمة يف نظرنا‬ ‫وندعوهم لعدم املتاجرة بدماء من يحلو لهم وما يخدم‬ ‫مصالحهم الخاصة‪.‬‬ ‫إننا نعيش مرحلة أخطر من الحرب‪ ،‬نعيش حرب‬ ‫تهجري بسبب قانون اإليجار الجديد الذي يرشد‬ ‫املستأجر ويحمي صاحب امللك‪ ،‬وهو شكل من أشكال‬ ‫تفريغ املدن فهم يعمدون اىل تكبري سوليدير والناس‬ ‫معمية عام يجري من حولها‪ ،‬إنهم يحاربوننا بلقمة‬ ‫العيش حتى يف أمننا االجتامعي والصحي وهو ما‬

‫‪52‬‬

‫يحصل اليوم يف الضامن االجتامعي الذي هو ذاهب‬ ‫اىل اإلفالس واالنهيار الشامل‪ ،‬كام أن هناك تآمر عىل‬ ‫معاشاتنا التقاعدية‪ ،‬وهناك خالف عىل موضوع قانون‬ ‫حتى اآلن مل يتمكنوا من البت فيه‪ ،‬هو قانون الحامية‬ ‫والتقاعد االجتامعي عىل أموال نهاية الخدمة التي‬ ‫يضعونها يف البنوك دون فوائد وإن كانت عليهم فائدة‬ ‫بنسبة أقل من غريها‪ ،‬ما يجعلنا نجدد مناشدتنا ألهلنا‬ ‫وكافة اللبنانيني والعامل للتحرك وحمل قضيتهم‪.‬‬ ‫ويتغنون بالقطاع السياحي الذي تشوبه الكثري من‬ ‫الشوائب وسنفضح هذا املوضوع يف القريب‪.‬‬ ‫وحول املطالبة بتصحيح األجوالر يؤكد عبد الله‬ ‫بأن االتحاد طرح هذا املوضوع إضافة اىل مواضيع أخرى‪،‬‬ ‫ولكن لالسف تواجهنا مشكلة وهي عدم مقدرة االتحاد‬ ‫العاميل العام بالوقوف اىل جانبنا لسبب الضغوط‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وهنا الجميع يتحمل مسؤولية محاربة لقمة عيش‬ ‫املواطن مواالة ومعارضة‪ ،‬ألن ليس‬ ‫هناك من تعاطي مع االتحاد العاميل‬ ‫العام والحركات النقابية‪ ،‬لذلك نرى‬ ‫أنه يجب تصحيح الوضع‪ ،‬والحركة‬ ‫النقابية يجب أن تن ّقي حالها وتعيد‬ ‫االعتبار لحالها‪ ،‬واالتحاد العاميل العام‬ ‫يجب أن يكون عىل رأس تحركات‬ ‫النقابة ونحن وجهنا اليهم دعوة‪،‬‬ ‫ولكن لألسف مل يكن لهم أي‬ ‫مشاركة تذكر ما سيضعفنا‪ ،‬نحن‬ ‫ندعي وجود الجميع دون استثناء‬ ‫ملواجهة السلطة املستضعفة لالتحاد‬ ‫العاميل العام وللحركة النقابية‪.‬‬ ‫وحول تجزئة االتحاد العاميل‬ ‫العام أ ّكد عبد الله رشذمة النقابات‬ ‫العاملية بالرغم من وجود وحدة نقابية‪ ،‬ولكنها تكمن‬ ‫يف األسامء ونحن نريدها باألفعال‪ ،‬فليتفضل االتحاد‬ ‫العاميل العام بدعوة املجلس التنفيذي للنزول اىل‬ ‫الشارع دون مسايرة الناس‪ ،‬والسبب يعود اىل ربط‬ ‫موقفه باملوقف السيايس وال ننكر ذلك ألن كل واحد‬ ‫فينا لديه الحرية الكاملة يف اختيار املوقف الذي يجب‬ ‫أن ال يكون عىل حساب لقمة العيش‪.‬‬ ‫فيام يتعلق مبوازنة ‪ 2011‬رأي عبد الله أنها مرشوع‬ ‫استمرار واستكامل رهن البلد للمؤسسات الدولية‬ ‫ولسياسة صندوق النقد الدويل‪ ،‬مع تأجيل لبعض‬ ‫القضايا‪ ،‬ولكن النهج واحد‪ ،‬هناك رضائب ُتفرض علينا‬ ‫دون أن نشعر كأن يدفع الطالب قسط العام الدرايس‬ ‫يف ليبون بوست ويدفع ‪ 10‬آالف لرية لبنانية زيادة‬ ‫رضيبة‪ ،‬وتؤخذ هذه املبالغ اىل رشكات متعاقدة مع‬ ‫الجامعة دون أن يدري إذا كانت هذه الرشكات تعطي‬ ‫تلك املبالغ اىل الجامعة مبارشة أو بعد شهرين حيث‬ ‫تستفيد من الفائدة عليها‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫ملوضوع امليكانيك والتأمني اإللزامي ورشكات املواقف‪.‬‬ ‫فمع كل نفس هناك فضيحة يف البلد وسنعمل‬ ‫عىل كشفها تباعاً‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬

‫المغترب المهندس مازن عابدين عبيدين‪:‬‬ ‫بدأت بمشاريع تخدم المجتمع السوري على الصعد‬ ‫التربوية والصحية واإلنمائية‬ ‫مقدس ال نقاش‬ ‫للوطن حق يف أعناقنا‪ ،‬وهذا الحق‬ ‫ٌ‬ ‫فيه‪ ،‬ومهام ابتعدت بنا املسافات ومهام قدمت لنا‬ ‫الغربة من إغراءات وإمكانيات سيبقى الوطن شامخاً‬ ‫يف وجداننا‪ ،‬وقلوبنا‪ ،‬وانتامئنا ‪.‬‬ ‫وها هو املغرتب العائد للوطن املهندس مازن عابدين‬ ‫عبيدين‪ ،‬الذي ذهب قبل سنوات طويلة قاصداً بالد‬ ‫الغربة عاد ليستقر يف وطنه األم سوريا يف مدينته‬ ‫رساقب ليؤسس أرسة ويبني مستقب ًال له ولوطنه‬ ‫بإمكاناته وما ادخره من حب وأفكار وأحالم ‪.‬‬ ‫بعد تسعة عرشة عاماً بالتامم والكامل قضاها‬ ‫املغرتب العائد إىل الوطن املهندس مازن عبيدين مندول‬ ‫أمريكا إىل أرض الوطن‪ ،‬وكأي مغرتب عائد إىل بلده‬ ‫الحبيب بعد أن هدته نار الغربة وأتعبته سنينها‪ ،‬عاد‬ ‫ليستثمر مرشوع يعيش منه أرسته ويدر عليه عائداً‬ ‫ال بأس به من املال‪ ،‬ويكون هذا املرشوع يخدم املصلحة‬ ‫العامة واملجتمع ‪.‬‬ ‫«منرب التوحيد” التقت السيد مازن يف حديث روى‬ ‫خالله بصدق وبحرارة نابعة من فطرة أصيلة حكايته‬ ‫مع الغربة‪ ،‬ومشاريعه وما ينوي أن يقدمه لبلده الذي‬ ‫يؤمن برضورة أن يسهم كل واحد منا يف بناء حضارته‬ ‫بحسب إمكاناته وحجم موقعه‪ ،‬لكن من خالل حديثه‬ ‫تشعر أن هناك شيئاً ما بداخل هذا الرجل ال ينوي‬ ‫اإلفصاح عنه‪ ،‬لكن وبأسلوبنا الصحفي استطعنا أن‬ ‫نجعل هذا الرجل املتحمس يبوح لنا مبا يجول بداخله‪:‬‬ ‫السيد املهندس مازن عبيدين‪ ،‬نرحب بك ضيفاً‬ ‫عزيزاً عىل صفحات مجلتنا التي تترشف بلقائك!‬ ‫حبذا لو تحدثنا بلمحة موجزة عن حياتك؟‬ ‫ولدت يف دولة الكويت عام ‪ 1970‬من أم وأب سوريني‪،‬‬ ‫ودرست املرحلة االبتدائية يف مدينة الكويت‪ ،‬ومن ثم‬ ‫قرر والدي الرجوع إىل الوطن الحبيب سوريا‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫غربة دامت ثالثني عاماً‪ ،‬وقد تابعت دراستي اإلعدادية‬ ‫والثانوية يف مدينتي رساقب حيث تسكن عائلتي‪،‬‬ ‫وبعد حصويل عىل الشهادة الثانوية توجهت إىل‬ ‫أمريكا حيث درس هناك جميع أخويت األكرب مني سناً‪،‬‬ ‫وهناك تابعت دراستي الجامعية والتحقت بجامعة‬ ‫(بتسربغ ستيت يونيفرستي) يف فرع هندسة‬ ‫الكمبيوتر اختصاص شبكات وذلك عام ‪1992 – 1991‬‬ ‫وأنهيت دراستي الجامعية خالل فرتة ثالث سنوات‬ ‫بدالً من أربع سنوات وبتفوق وتقدير ‪ % 3.9‬من أصل‬ ‫‪ 4‬ومنحتني الجامعة (سكولر شيب) بسبب تفوقي‪،‬‬ ‫وبعد أن أنهيت الدراسة الجامعية التحقت بالعمل‬ ‫كمدير لرشكة دعاية ومطبوعات‪ ،‬وهناك تزوجت بامرأة‬ ‫سورية وحصلت عىل الجنسية األمريكية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫استلمت رئاسة قسم الكمبيوتر شبكات يف بلدية‬ ‫مدينة ميامي ‪.‬‬ ‫لكن الوطن كان يعيش يف وجداين وقلبي انتام ًء‬ ‫وحباً‪ ،‬فلم أستطع مقاومة هذا الحب رغم كل اإلغراءات‬ ‫التي قدمتها يل بالد الغربة ورغم أن كل يشء‬

‫املهندس مازن عابدين عبيدين‬

‫يسري بامتياز ووضعي كان مستقراً ولديّ أصدقايئ‬ ‫األمريكيني‪ ،‬وكنت محبوباً يف عميل فهناك تعاون‬ ‫ومحبة تجمع بيننا‪ ،‬كام كنت أتلقى الرتقيات واملكافآت‬ ‫يف العمل‪ ،‬وقد حصلت عىل جائزة أفضل عامل يف‬ ‫الرشكة بسبب تفا ّين يف العمل وإخاليص والتزامي‬ ‫به‪ ،‬وعندما قدمت االستقالة تفاجأت بعقود العمل‬ ‫املغرية ألبقى هناك يف أمريكا لكنني رفضت‪ ،‬وقد‬ ‫حاول الكثريون أن يثنونِ عن رغبتي يف العودة إىل بلدي‬ ‫لكن حبي لها كان أكرب‪ ،‬فقبلت مرغ ًام أحد العقود‬ ‫وذهبت للعمل يف رشكة مايكروسوفت العمالقة يف‬ ‫ديب عىس أن أتخلص من شعور الغربة إذا عشت يف‬ ‫بلد عريب‪ ،‬فبقيت هناك عام واحد لكنني مل أستطع‬ ‫التخلص من فكرة الرجوع إىل بلدي‪ ،‬السيام أنني كنت‬ ‫أتابع أخبار التطور االقتصادي واالجتامعي والحضاري‬ ‫لبلدي سوريا بقيادة الدكتور بشار األسد‪ ،‬وعلمت مدى‬ ‫حجم التسهيالت التي تقدمها الحكومة للمغرتبني‬ ‫الذين يرغبون بالعودة إىل الوطن واستثامر أموالهم‬ ‫ضمن فرص جيدة‪ ،‬فشددت رحايل نحو هذا البلد‬ ‫الحبيب ألقوم برتبية أوالدي عىل الرتبية التي تربيتها‬ ‫وزوجتي بعاداتنا ومبادئنا التي نشأنا عليها‪.‬‬ ‫كيف رأيت بلدك بعد هذا الغياب؟‬ ‫بلدي آه من بلدي‪ ،‬وهل عدت إال لعشقي لها‪،‬‬ ‫نعم كل يشء يبادلك الحب ويفتح لك بوابات الجامل‬ ‫الحضاري‪ ،‬لقد تغريت البلد كثرياً‪ ،‬وتطورت نحو األفضل‪،‬‬ ‫وأعرف متاماً أن لدينا كل أسباب التطور وإمكانيات‬ ‫النجاح لنكون يف مقدمة الركب الحضاري‪ ،‬وهذا كله‬ ‫بفضل مسرية التطوير والتحديث التي يقودها الرئيس‬ ‫الدكتور بشار األسد‪ ،‬حيث بعد رجوعي للوطن عام‬ ‫‪ 2008‬رأيت التطور الكبري يف بلدي وفيها كل ما نبحث‬ ‫عنه نحن املغرتبني‪.‬‬ ‫ما هي املشاريع التي فكرت بإقامتها يف بلدك ؟‬ ‫لقد بدأت بتنفيذ عدة مشاريع كان أولها افتتاح‬ ‫مخرب للتحاليل الطبية والتي تقوم زوجتي الدكتورة‬ ‫( سامح عبيدين ) بصفتها خريجة جامعة حلب يف‬

‫‪53‬‬

‫املاجستري والطب املخربي بإدارته ‪ ،‬فقمنا بتجهيز املخرب‬ ‫بأحدث وأفضل التجهيزات عىل مستوى سورية ليكون‬ ‫مخرباً مميزاً يلبي جميع حاجيات املرىض يف مدينة‬ ‫رساقب والقرى املجاورة حولها ‪ ،‬ومن ثم قمت ببناء‬ ‫مجهز بأحدث‬ ‫عيادات ضخمة عىل مستوى سورية ّ‬ ‫التجهيزات الالزمة ملواكبة عرص التطور ‪.‬‬ ‫أما املشاريع القادمة والتي أفكر بها من شأنها أن‬ ‫تخدم املصلحة العامة واملجتمع ‪ ،‬ومن هذه املشاريع‬ ‫مرشوع مدرسة منوذجية بكافة مراحلها وكذلك‬ ‫مرشوع بناء مشفى متكامل من الطراز الحديث يلبي‬ ‫احتياجات املنطقة برمتها ‪ ،‬وغريها من املشاريع التي‬ ‫تقدم الفائدة للدولة واملجتمع ‪.‬‬ ‫ولكن لحد اآلن أشعر أن لديك كالم تريد أن تبوح‬ ‫به‪ ،‬لكنني أراك محرجاً! ولكن من ميلك هذا الحس‬ ‫الوطني والشعور الكبري باملسؤولية قادر أن يبوح مبا‬ ‫يعرتيه؟‬ ‫نعم ‪ ..‬لدي هاجس كبري يراودين أحياناً ويشعرين‬ ‫باإلحباط بسبب بعض األشخاص الذين يلهثون وراء‬ ‫مصالحهم الشخصية والفردية غري آبهني أو مكرتثني‬ ‫ملصلحة الوطن‪ ،‬فكل همهم تعبئة جيوبهم ولو عىل‬ ‫حساب كرامة الوطن واملواطن وال يهمهم سمعة البلد‪،‬‬ ‫وهذا الروتني القاتل يف بعض دوائر الدولة‪ ،‬الذي يجب‬ ‫أن نجد له ح ًال جذرياً‪ ،‬عل ًام أن الحكومة تقدم إجراءات‬ ‫رائعة للمستثمر والقوانني تؤكد ذلك‪ ،‬لكن بعض‬ ‫املوظفني ويف الكثري من املؤسسات والدوائر يضعونك‬ ‫يف مطب الروتني ‪ -‬معامالت وأوراق ومراجعات وتوقيع‬ ‫من هنا وختم من هناك‪ ،‬وحني تحاول أن ترشح لهم بأن‬ ‫الحكومة أعطت املستثمر املغرتب تسهيالت كبرية ال‬ ‫أحد يسمعك أو يرد عليك بل يرصون عىل إجراءاتهم‬ ‫الروتينية‪ ،‬ضاربني بعرض الحائط كل التسهيالت قدمها‬ ‫سيد الوطن الرئيس الدكتور بشار األسد للمستثمرين‬ ‫العرب العائدين من بالد الغربة‪.‬‬ ‫أخذتنا مشاكل العمل والروتني ونسينا أن تحدثنا‬ ‫عن عائلتك وأوالدك ؟‬ ‫أشعر دامئاً أن عائلتي هي بلدي‪ ،‬وأرسيت مكونة من‬ ‫والديت الحبيبة التي تناهز السبعني من العمر‪ ،‬وزوجتي‬ ‫الغالية الدكتورة سامح عبيدين ولديّ ثالث بنات وولد‪.‬‬ ‫وقد أنهت زوجتي الدراسة الجامعية واملاجستري يف‬ ‫الطب املخربي يف جامعة حلب وتابعت يف أمريكا دورات‬ ‫تدريبية‪ ،‬واآلن بعد عودتنا إىل الوطن‪ ،‬هي اآلن تدير هذا‬ ‫املخرب يف مدينتا الجميلة رساقب‪ ،‬ونأمل من الله أن‬ ‫نستطيع إنجاز جميع مشاريعنا املستقبلية ‪.‬‬ ‫ويف الختام رفع عبيدين تحية ملؤها الحب والشكر‬ ‫والتقدير للرئيس الدكتور بشار األسد ملا قدمه‬ ‫لسوريا يف ظل قيادته من تطور حضاري هام ورعاية‬ ‫للمغربني‪.‬‬

‫حاوره‪ :‬عبد املناف األحمد‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مرأة‬

‫النظام الطائفي يلغي المرأة سياسياً والديني يضعها في الدونية‬ ‫صفية انطون سعادة لـ«منبر التوحيد»‪ :‬والدي حورب على فكره الذي لم يقرأوه‬

‫إنتصار المقاومة في ‪ 2006‬غ ّير المعادلة ولوالها نحن ال شيء‬ ‫العمل القومي كام يراه الزعيم أنطون سعادة‬ ‫يف فكره‪ ،‬هو وسيلة لبلوغ غاية‪ ،‬ولكن أين‬ ‫الوسيلة؟ إنها املسار السليم املوضوعي املبني‬ ‫عىل أساس مقاربة ترتكز عىل العقل والبحث‬ ‫العلمي‪ ،‬والطرق املنهجية يف التعاطي مع كافة‬ ‫القضايا‪ ،‬وانطالقاً من أن العلم واملعرفة ال هوية‬ ‫جغرافية لها‪ ،‬لذلك استنبط سعادة مرشوعاً‬ ‫اجتامعياً وسياسياً يخرج وطنه من التخ ّلف‬ ‫والذل‪ ،‬وأنشأ حزبه يك يح ّقق فكره ويح ّوله اىل‬ ‫أعامل مثمرة‪.‬‬ ‫تع ّرض فكر أنطون سعادة الضطهاد إبان‬ ‫االنتداب الفرنيس من قبل السلطة اللبنانية‪،‬‬ ‫ومن ثم بعد االستقالل عام ‪ ،1943‬وهو الذي‬ ‫هاجم الطائفية والعشائرية واإلقطاع والتعصب‬ ‫الديني‪ ،‬وهو هاجم الركائز التي قامت عليها‬ ‫الدولة عام ‪ ،1920‬تلك الركائز التي كانت تربة‬ ‫خصبة ساهمت يف إضعاف البالد وإفقارها‪،‬‬ ‫ونادى بالوحدة االجتامعية واالقتصادية ضمن‬ ‫سوريا الطبيعية وصوالً اىل متتينها ملواجهة‬ ‫استعامر القوميات‪ ،‬القومية األوروبية وتوسعها‬ ‫آنذاك‪ ،‬ورفض أي عقيدة اقتصادية تضع فئة‬ ‫من الشعب يف مواجهة فئة أخرى ضمن‬ ‫املجتمع الواحد مام يؤدي اىل نشوب حرب أهلية‪،‬‬ ‫ورفض تجاوز القوميات‪ ،‬فالقومية بالنسبة له‬ ‫خطوة يف مسرية البرشية التي تطورت عرب‬ ‫التاريخ من التنظيم القبيل‪ ،‬اىل اإلمرباطوريات‪،‬‬ ‫القومية هي املحرك األهم يف العالقات بني الدول‪،‬‬ ‫وهي النمط السائد يف املجتمعات املتقدمة‪،‬‬ ‫والقومية هي التي سمحت باندماج الفرد يف‬ ‫البوتقة الكربى‪.‬‬ ‫وصف سعادة األمة بأنها “جامعة من البرش‬ ‫تحيا حياة موحدة املصالح‪ ،‬موحدة املصري‪،”...‬‬ ‫وأن مصالح املجتمع هي الهدف‪ ،‬واإلرادة هي‬ ‫التي تح ّول هذه املصالح اىل حقائق واقعية‪ ،‬وأن‬ ‫هدف الحزب السوري القومي االجتامعي “بعث‬ ‫نهضة تعيد اىل األمة السورية حيوتها وقوتها”‪،‬‬ ‫فالتحديث والتطوير الحزيب‪ ،‬واإلبداع هي أهداف‬ ‫سعادة‪ ،‬وضع كلامت النشيد الحزيب‪ ،‬وأراده‬ ‫نشيداً للسالم‪:‬‬ ‫سورية لك السالم ‬ ‫سورية أنت الهدى”‬ ‫انصب عىل الغزو‬ ‫إهتامم سعادة الكيل‬ ‫ّ‬ ‫الصهيوين لسوريا الطبيعية وكيفية صدّه‪،‬‬ ‫وأعلن بكلامت ال لبس فيها‪“ :‬أن املسألة‬ ‫الفلسطينية ليست مسألة إسالم ويهود‪ ،‬بل‬ ‫مسألة قومية من الطراز األول”‪ ،‬وكان مقتنعاً‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫النظام الطائفي يؤدي إىل تباعد‬ ‫بني أفراد الشعب الواحد‬

‫بأن العدو األخطر لتقدم الدول السورية هو‬ ‫التعصب الديني والنزاعات الدينية‪ ،‬ألن الدولة‬ ‫واقع اجتامعي واقتصادي وسيايس‪ ،‬قبل كل‬ ‫يشء‪ ،‬وهو رأى‪“ :‬أن املبادئ توجد للشعوب ال‬ ‫الشعوب للمبادئ‪ ،‬وكل مبدأ ال يخدم سيادة‬ ‫الشعب نفسه ووطنه هو مبدأ فاسد”‪ ،‬ومستوى‬ ‫التمدن مل يبلغ هذه الدرجة يف املدن الغربية إال‬ ‫بإرشاك املرأة يف جميع أشكال الحياة االجتامعية‬ ‫والقومية‪ ،‬وآمن سعادة بأن ال إمكانية لنهضة أو‬ ‫ازدهار مادي ومعنوي يف سوريا دون إقامة فصل‬ ‫الدين عن الدولة‪.‬‬ ‫هدف سعادة اىل علمنة كل مظاهر املجتمع‬ ‫من أجل إحداث تغيري جذري يف الحياة العامة‬ ‫للمجتمع بد ًءا من الشعر واألدب واملوسيقى‬ ‫والرسم‪ ،‬وصوالً اىل أوضاع املرأة متجاوزاً الطائفية‬ ‫وغريها من العوامل املدمرة لبنية املجتمع‪ ،‬ورأى أن‬ ‫تحقيق مبدأ املساواة بني املواطنني ال ميكن حصوله‬ ‫إال يف دولة علامنية‪.‬‬ ‫وللتعرف أكرث عىل حياة وفكر الشهيد الزعيم‬ ‫أنطون سعادة كان لـ”منرب التوحيد” رشف‬ ‫استضافة الدكتورة صفية أنطون سعادة ع ّلناً‬ ‫بذلك ُنيضء أكرث عىل مرحلة هامة من نضال‬ ‫الحزب السوري القومي االجتامعي ودور مؤسسة‬ ‫أنطون سعادة ورفاقه‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫تغمرنا مشاعر الفخر واالعتزاز‪ ،‬ونحن نلتقي‬ ‫الدكتورة صفية سعادة‪ ،‬ابنة الزعيم أنطون‬ ‫سعادة‪ ،‬والسؤال‪ ،‬ما هي الثوابت املغروسة من‬ ‫مدرسة الزعيم سعادة والتي هي مبثابة بوصلة‬ ‫يومية يف مسرية القوميني؟‬ ‫يف مدرسة الزعيم أنطون سعادة‪ ،‬األولوية‬ ‫هي االهتامم بالشأن العام قبل الخاص‪ ،‬التضحية‬ ‫يف سبيله‪ ،‬ليصل إىل مرحلة االزدهار والتقدم‪،‬‬ ‫ومن ثوابتنا‪ ،‬أن لبنان هو جزء من العامل العريب‪،‬‬ ‫وبشكل خاص من سوريا الطبيعية‪ ،‬ألن أيام‬ ‫العثامنيني كان هناك ما سمي ببالد الشام‪ ،‬وأذكر‬ ‫من جدودنا أنها سميت بطرابلس الشام‪ ،‬بريوت‬ ‫كانت جزء من سوريا ومقاطعات البقاع والجنوب‬ ‫وغريهم‪ ،‬كام أن تاريخنا مشرتك بني األجزاء‬ ‫خاصة سوريا ولبنان‪ ،‬إىل حني تم تجزئتنا عىل‬ ‫يد الفرنسيني عام ‪ ،1920‬فكانت ثوابتنا العمل‬ ‫قسمتا‬ ‫املشرتك والتالحم بني املنطقتني اللتني‬ ‫ّ‬ ‫بهذا الشكل‪ ،‬وليس بإمكان لبنان أن يتقدم إذا‬ ‫مل يكن هناك من انسجام تام بينه وبني سوريا‪،‬‬ ‫وأي محاولة فصل لبنان عن سوريا تؤدي إىل خراب‬ ‫لبنان وتدمريه‪.‬‬ ‫ومن ثوابتنا أيضاً رفض الطائفية‪ ،‬مبعنى‬ ‫نرفض وجود نظام طائفي‪ ،‬وكتبت الكثري عن هذا‬ ‫املوضوع وآخرها كتاب باللغة اإلنكليزية حول‬ ‫املواطنة ما بعد الطائف ألن الطائف عزز الطائفية‬ ‫بدل إنهاءها‪ ،‬فالنظام الطائفي يؤدي إىل تباعد‬ ‫بني أفراد الشعب الواحد‪ ،‬ومشاكله‪ ،‬كام هو‬ ‫اليوم‪ ،‬إثارة موضوع الفتنة السنية – الشيعية‪،‬‬ ‫كام حرب ‪ 1975‬مسيحي – مسلم‪ ،‬املستعمر أو‬ ‫األجنبي يستطيع االستفادة من االنقسام الحاد‬ ‫بني الطوائف ليدمر البلد‪ ،‬إننا نصل إىل مرحلة‬ ‫ال يعد بإمكاننا الدفاع عن أنفسنا‪ ،‬دامئاً النظام‬ ‫الطائفي هو نقطة الضعف التي يدخل منها‬ ‫األجنبي ويفرقنا عن بعضنا‪ ،‬ويدمر الطرفني‪،‬‬ ‫وليس كل واحد يدخل يف املعركة يكون منترصاً‬ ‫بل عىل العكس‪ ،‬ألن الحرب األهلية ال ينترص فيها‬ ‫أحد‪ ،‬فقط تؤدي إىل تدمري البلد‪.‬‬ ‫النظام علامين‪ ،‬أي فصل الدين عن الدولة‪،‬‬ ‫هناك علامنيون يؤمنون بفصل الدين عن‬ ‫الدولة‪ ،‬وآخرون يرفضون هذه الفكرة كلياً‪ ،‬لسنا‬ ‫ضد الدين‪ ،‬نفصله ألنه شأن خاص‪ ،‬كل إنسان‬ ‫يستطيع السري عىل نهج الدين الذي ينتمي‬

‫إليه‪ ،‬وحتى مع إلغاء الطائفية السياسية‪ ،‬ال‬ ‫نستطيع أن نلغي الدين‪ ،‬وهذا هو فكر أنطون‬ ‫سعادة الذي يدعو اىل عدم إلغاء الدين وكذلك‬ ‫نطالب بدولة قومية دميقراطية ألن القومية‬ ‫تعني أن الشعب هو الذي يقرر مصري البلد‪،‬‬ ‫وسرُ ّ بت إشاعات تقول إن نظامنا نظام فايش‬ ‫ونازي‪ ،‬هذا غري صحيح‪ ،‬بالنسبة ألنطون سعادة‬ ‫مصدر السلطات هو الشعب‪ ،‬عرب االنتخابات‪،‬‬ ‫الشعب يستطيع الوصول إىل السلطة وليس‬ ‫كفئة إقطاع‪ ،‬الزعيم سعادة كان ضد النخبوية‪،‬‬ ‫الشعب هو الذي يقرر مصري البلد‪.‬‬

‫نضال األمينة األوىل‬ ‫عشت نضال املرأة مع والدتك األمينة‬ ‫ِ‬ ‫األوىل جولييت سعادة‪ ،‬من خالل االضطهاد‬ ‫كيف تصفني تلك الفرتة‪،‬‬ ‫والسجون والعذاب‪،‬‬ ‫وماذا غرست يف نفسك عرب هذا النضال؟‬ ‫شعرت بحزن شديد‪ ،‬ترك أثراً كبرياً يف‬ ‫نفيس‪ ،‬والديت ضحت الكثري يف سبيل الحزب‪،‬‬ ‫كنا أطفال بحاجة إليها ولرعايتها وحنانها‪،‬‬ ‫ولكن عائلتها كانت يف املقام الثاين‪ ،‬علمتنا‬ ‫عىل التضحية يف سبيل القضية‪ ،‬واألفكار‬ ‫التي نرشها الزعيم‪.‬‬ ‫والديت نشأت وترعرعت يف األرجنتني‪ ،‬ومجيئها‬ ‫إىل لبنان كان غريباً بالنسبة لها‪ ،‬كانت ملتزمة‬ ‫بالطريقة الغربية‪ ،‬االلتزام النهايئ والجدي حتى‬ ‫يف الشام مل تكن متلك منزالً يأويها‪ ،‬فكانت‬ ‫تسكن يف بيت للحزب وكانت دامئاً تحثنا عىل‬ ‫متابعة مسرية الوالد والشعب إىل تحقيق‬ ‫القضية التي عاش ومات من أجلها‪.‬‬ ‫دخولها السجن كان ظل ًام‪ ،‬مل تكن تعلم‬ ‫ملاذا ُسجنت‪ ،‬واعرتفوا يف سوريا بذلك ألنها مل‬ ‫تكن تعلم مبحاولة اغتيال عدنان املاليك‪ ،‬دخلت‬ ‫السجن فقط ألنها األمينة األوىل وتنتمي إىل‬ ‫الحزب السوري القومي االجتامعي‪ .‬قضت عرش‬ ‫سنوات من حياتها يف السجن ظل ًام لها ولنا‪،‬‬ ‫واضطرت إىل تركنا تحت مسؤولية خالة لنا تم‬ ‫استدعائها من األرجنتني‪ ،‬ألن ليس لنا أقرباء أبداً‬ ‫يف لبنان‪ ،‬فمكثنا يف بريوت لنتمكن من زيارتها‬ ‫دامئاً‪ ،‬وعانت والديت الكثري يف السجن وخاصة‬ ‫أنها كانت مظلومة‪ ،‬ومل ترتكب جرمية حتى‬ ‫تعاقب عليها‪.‬‬ ‫هذا ترك أثراً كبرياً يف نفيس‪ ،‬فلم أكن أتحمل‬ ‫الظلم‪ ،‬وكنت خالل متابعة دراستي يف أمريكا‬ ‫أطالب دامئاً بإحقاق العدالة‪ ،‬وبحق العرق األسود‬ ‫قبل األبيض‪ ،‬ويف أي مكان وجد فيه ظلم كنت‬ ‫أقدّم املساعدة‪.‬‬ ‫صفية سعادة ابنة الزعيم أنطون سعادة‪،‬‬ ‫كيف كان التعاطي معك ومع أخوتك وأننت‬ ‫بنات مؤسس نهضة وقائد حزب ومفجر ثورة؟‬ ‫لألسف لدينا بيئة عشائرية وليس لبنانية‬

‫فردية‪ ،‬ال يتم التعاطي مع الفرد بل مع املجتمع‬ ‫الذي تنتمني إليه‪ ،‬أي ألي عشرية تنتمني‪،‬‬ ‫فالتعاطي معنا كان حسب حالة الحزب‪ ،‬إذا كان‬ ‫بحالة االضطهاد فكنا مضطهدين‪ ،‬وإذا كان‬ ‫يف حالة االزدهار فالوضع يكون أفضل‪ ،‬وهذا‬ ‫ظلم‪ ،‬ألنهم ال يحاسبون الشخص عىل عمله‪،‬‬ ‫وما يقدمه‪ ،‬بل باإلطار العام‪ ،‬ومن هذه الناحية‬ ‫املكان الوحيد الذي استطعت إيصال فكر انطون‬ ‫سعاده للمجتمع هو ضمن الجامعة‪ ،‬وخاصة يف‬ ‫أمريكا ألنهم ال يعلمون من أكون‪ ،‬عالقتهم معي‬ ‫ضمن مؤهاليت وإمكانيايت‪ ،‬إمنا يف لبنان العكس‪،‬‬ ‫قرار إمكاين من التعليم يف الجامعة كان قراراً‬ ‫سياسياً‪ ،‬وما مؤهاليت التي تخولني التعليم‬ ‫يف الجامعة‪ ،‬لدرجة أنني استلمت رسالة من‬ ‫إدارة الجامعية األمريكية يف بريوت ‪ ،AUB‬وكنت‬ ‫مازلت حينها يف جامعة هارفريد يف الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬يطلب مني عدم التفكري يف‬ ‫التعليم فيها‪.‬‬ ‫لو أكملت مسرية حيايت يف أمريكا لوصلت‬ ‫إىل مراكز عالية جداً‪ ،‬ولكني مل أكن أنانية وال‬ ‫أريد التخيل عن وطني ومساعدته فعدت إليه‪،‬‬ ‫وذلك ألنني محسوبة عىل فئة معينة وحسابات‬ ‫األكادميية مبنية عىل هذا املوضوع‪.‬‬

‫ال نؤمن بالوراثة‬ ‫غابت‬

‫الوراثة‬

‫ملاذا‬ ‫بالوراثة؟‬ ‫الحزب ال يؤمن بالورائة‪ ،‬كنا نتعامل مع الحزب‬ ‫بشكل طبيعي‪ ،‬إخويت كانوا أقرب مني‪ ،‬ألنني‬ ‫كنت أتابع دراستي وكنت أساعد عرب املجتمع‬ ‫والتعليم‪ ،‬مارست مهنة التعليم عن عمر ‪28‬‬ ‫سنة بعد عوديت مبارشة من أمريكا‪ ،‬واألكرث‬ ‫تفاع ًال معي هم طاليب يف الجامعة‪ ،‬واستطعت‬

‫‪55‬‬

‫عندكم‪،‬‬

‫هل‬

‫فكرتم‬

‫أن أوصل الفكر القومي العلامين دون ذكر اسم‬ ‫والدي‪ ،‬ما هي إيجابيات هذا الفكر‪ ،‬وكيف هو‬ ‫الوضع السلبي الذي يعيشونه‪ ،‬فكان الجو مريحاً‪،‬‬ ‫ألنني من األشخاص الذين يحبون العطاء دون‬ ‫أخذ يشء يف املقابل‪ ،‬هكذا ترعرعت وتعلمت من‬ ‫مدرسة أنطون سعادة‪.‬‬ ‫ال وراثة يف الحزب‪ ،‬رغم أن الغري ورث كبيت‬ ‫أسد األشقر‪ ،‬وعبد الله سعادة وغريهم‪ ،‬اعتربوا‬ ‫أنه ال يحق ألحد منا أن يرث‪ ،‬الحزب ليس “شقفة”‬ ‫واحدة‪ ،‬هناك عقليات‪ ،‬ولكن لألسف لدينا دونية‬ ‫املرأة يف املجتمع‪ ،‬ورمبا يكون للمرأة الكفاءة أكرث‬ ‫من الرجل‪ ،‬ولكن الرجال ال يعرتفون بها‪ ،‬والقرار‬ ‫دامئاً يعود إىل الرجل‪ ،‬هذه العقلية موجودة‬ ‫كثرياً يف املجتمع وتدخل رؤوس الكثريين‪ ،‬ونجدها‬ ‫يف التعامل اليومي مع املجتمع‪ ،‬إن املرأة بنظرهم‬ ‫ضعيفة‪.‬‬ ‫كتبت الكثري عن املرأة وحقوقها‪ ،‬وحاربت‬ ‫الكثريين وأرفض انعزايل ألنني أملك الكفاءة‬ ‫التي تفوق الرجل بكثري‪ ،‬عليهم محاسبتي عىل‬ ‫ما أكتب وليس كامرأة‪ ،‬هذه منطية غري صحيحة‬ ‫إذا مل يعجبوا بكالمي أو كتابايت فليناقشونني‪.‬‬ ‫غنب بحق والدي ألن املجتمع أقام حرب عىل‬ ‫فكره‪ ،‬وأواجه الكثري من االنتقادات ألنهم ال‬ ‫يقرأون انطون سعادة‪ ،‬وهذا خطأ‪ ،‬ألن كل فرد‬ ‫مسؤول عن أعامله كام أنطون سعادة مسؤول‬ ‫عن أفعاله وكتاباته‪ ،‬وهناك من يقول بأن أنطون‬ ‫سعاده فايش ونازي‪ ،‬وفهرر مثل هتلر‪ ،‬وذلك‬ ‫تم‬ ‫مبجرد حديثي عن الزعامة‪ ،‬وكلمة الزعيم إذا ّ‬ ‫ترجمتها إىل اإلنكليزية تعني “ليدر”‪،LEADER ،‬‬ ‫يف الصحف اللبنانية ومنها جريدة “املستقبل”‬ ‫يقولون الزعامء العرب أو قادة العرب‪ ،‬وكذلك عند‬ ‫األوروبيني‪ .‬أواجه هؤالء بقوة وأفرح لهذه املواجهة‬ ‫ألنني شجاعة‪ ،‬وال أنزعج بل أناقش‪.‬‬ ‫قرأت فكر أنطون سعادة الذي يقع يف ‪ 12‬جزء‬ ‫أربع مرات وأعلم كل فكرة يف أي مجلد موجودة‪،‬‬ ‫مت ّعنت به كثرياً ووجدت لألسف أن قلة من قرأ‬ ‫فكر أنطون سعادة وبعضهم يستعملون جم ًال‬ ‫دون معرفة موقعها وملاذا وضعت‪ ،‬لدرجة أنهم‬ ‫ال يستطيعون تفسريها‪ ،‬مستعدة ملناقشة‬ ‫فكر أنطون سعادة مع أي شخص كان‪ ،‬لدي‬ ‫الثقة الكاملة بأن فكر أنطون سعاده حديث‬ ‫بالنسبة لألفكار الثانية املوجودة يف األحزاب‪،‬‬ ‫ّأسست أحزاب أخرى مثل الحزب الشيوعي والحزب‬ ‫االشرتايك من الخارج‪ ،‬خلق حزب وأفكار جديدة‪،‬‬ ‫متطرف مبعنى أنه قائد يخلق يشء‪ ،‬مل يستطع‬ ‫أن يكون رئيساً ألن الحزب غري موجود‪ ،‬مع أن الحزب‬ ‫وضع سلم فصل السلطات يعني إنشاء سلطة‬ ‫ترشيعية للمجلس األعىل وسلطة تنفيذية‬ ‫“مجلس عمد” والقضاء مستقل‪ ،‬الزعيم‬ ‫سعادة قال إن بعد رحييل هناك فصل سلطات‬ ‫ودميقراطية ككل دميقراطيات العامل‪.‬‬ ‫ولك كتابات‬ ‫حرضتك أكادميية ومفكرة‬ ‫ِ‬ ‫ومؤلفات يف الفكر االجتامعي‪ ،‬ال سيام فيام‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مرأة‬ ‫يتعلق بالعقيدة القومية االجتامعية‪ ،‬ماذا عن‬ ‫مؤلفاتك؟‬ ‫قضيت تاريخ حيايت بالعمل حول الهالل‬ ‫الخصيب‪ ،‬ألن أطروحتي يف الدكتوراه بجامعة‬ ‫هارفريد كانت تاريخ بغداد االجتامعي‪ ،‬وبعد تقديم‬ ‫أطروحتي عملت عىل سوريا ومناطق عدة منها‪،‬‬ ‫وأيضا لبنان‪ ،‬ويف معظم مؤلفايت كان الطاغي‬ ‫لدي‪ ،‬التفسري ملاذا ُوجدت الطوائف يف لبنان‬ ‫والعراق وغريها من الدول؟ وكيف إمكانية حل هذا‬ ‫املوضوع وإنهاؤه؟ وبرأيي املشكلة أن العثامنيني‬ ‫مل يقسموننا بحسب الشعوب بل بحسب‬ ‫الطوائف‪ ،‬ألنهم عملوا بنظام “امللة”‪ ،‬وهذا ما أدى‬ ‫إىل نظام الطائف لدينا‪ ،‬عملت عىل هذا املوضوع‬ ‫وعىل الدستور األسايس والطائفية فيه‪ ،‬وكيف‬ ‫رسخ النظام الطائفي‪ ،‬مبعنى أنه حرص رئاسة‬ ‫الجمهورية للامروين فقط‪ ،‬هذه نهائية تعديل‬ ‫الدستور وهذه مؤثرة‪ ،‬واعتربها تؤدي إىل شلل‬ ‫يف البلد وعدم التقدم ألن كل فرد يحاول أن يقوم‬ ‫بتحديث يف املجتمع أو القطر السياسية‪ ،‬ويعترب‬ ‫أن الطائفة الثانية ضده‪ ،‬إذا ليس هناك مصلحة‬ ‫عامة‪ ،‬طاملا الطائفة ترضب تلك املصلحة‪.‬‬

‫النظام الطائفي ال يسمح‬ ‫بنشاط سيايس علامين‬ ‫عالجت صفية سعادة املسألة الطائفية يف‬ ‫كثري من كتاباتها‪ ،‬كام االنقسامات يف املجتمع‪،‬‬ ‫أال ترين أن املعالجة النظرية باتت بحاجة إىل‬ ‫أدوات‪ ،‬وهل استطاعت األحزاب العلامنية‬ ‫العبور نحو مجتمع ال طائفي؟‬ ‫األحزاب العلامنية فشلت من جهة‪ ،‬ومن‬ ‫جهة أخرى الوضع الذي وجدت فيه كان صعب‬ ‫للغاية‪ ،‬ألن النظام الطائفي ال يسمح بنشاط‬ ‫سيايس علامين بأي شكل‪ ،‬وليس هناك يشء‬ ‫اسمه نائب علامين منزّه عن الطائفية‪ ،‬املشاركة‬ ‫يف االنتخابات تكون عرب طائفة أو دين معني‪ ،‬ما‬ ‫ّ‬ ‫عطل األحزاب العلامنية‪ ،‬ألن الذي يدخل الحزب‬ ‫العلامين يجد نفسه خارج السياسة ألنه ال‬ ‫يستطيع دخوله إال ضمن طائفته للوصول إىل‬ ‫أي مركز سيايس يريده‪.‬‬ ‫األحزاب مكرهة ومجربة عىل أن تكون مقيدة‪،‬‬ ‫والنضال كان وال يزال‪ ،‬ودخل يف الطائف والبنود‬ ‫اإلصالحية التي هي إلغاء الطائفية السياسية‪،‬‬ ‫الطائف موجود منذ ‪ 1989‬وحتى اآلن مل نستطع‬ ‫إلغاء الطائفية السياسية ‪ ،‬ألن رؤساء الطوائف‬ ‫يف الحكم ال يريدون إلغاء أنفسهم‪ ،‬وهذه‬ ‫معجزة‪ ،‬ألنه يجب نقلنا إىل نظام يفصل الدين‬ ‫عن الدولة‪ ،‬وهكذا تستطيع األحزاب العلامنية أن‬ ‫يكون لها دور‪ ،‬يكمن يف املهمة السياسية‪ ،‬ألن‬ ‫كل حزب علامين إن كان شيوعياً أو قومياً‪ ،‬عندما‬ ‫‬‫يرتشح حزبه يرشحه كطائفة (كاثولييك‬ ‫ماروين ‪ )...‬وبغري هذه الطريقة ال ميكنه الوصول‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ومام زاد الوضع سو ًءا عىل األحزاب العلامنية‪ ،‬هي‬ ‫الحرب األهلية‪ ،‬البلد عندما ينقسم إىل مناطق‬ ‫جغرافية طائفية تدرس األحزاب العلامنية‪ ،‬ألن‬ ‫لها تواصل يف كل أرجاء الوطن أي الذي يريد أن‬ ‫يكون قومياً أو شيوعياً يستطيع أن يكون يف‬ ‫كل أنحاء الوطن‪ ،‬ومل يعد له موقع جغرايف‪ ،‬ألن‬ ‫موقعه البلد ككل وليس منطقة معينة‪ ،‬بينام‬ ‫الطائف يقفل منطقة ويضع حواجز‪.‬‬ ‫أعضاء األحزاب العلامنية اضطهدوا‪ ،‬ومل‬ ‫يعملوا ضمن املجتمع‪ ،‬ومن املفرتض عىل األحزاب‬ ‫أن تدخل البيوت وتقوم مبحارضات وندوات‬ ‫وجمعيات‪ ،‬ونشاطات يف القرى‪ ،‬عليهم االنخراط‬ ‫يف املجتمع بشكل عام وتوصيل الفكرة والعقيدة‬ ‫وإقناع املجتمع بها‪ ،‬عليهم القيام بيشء اسمه‬ ‫التبشري‪ ،‬وهو أن تجليس مع الناس وتتكلمي‬ ‫معهم وتأخذي معاناتهم بعني االعتبار‪ ،‬والتوضيح‬ ‫ملاذا العلامنية حل لهم‪ ،‬وملاذا هو ليس ضدهم؟‬ ‫ألن املهمة ليست السياسية بل املجتمع‪.‬‬ ‫هناك حملة دامئة إلعطاء املرأة حقوقها‬ ‫سواء اللبنانية والعربية‪ ،‬هل هي مغبونة يف‬ ‫القانون ويف التعاطي املجتمعي معها؟ وما هي‬ ‫أفضل الطرق للوصول إىل ما يعطيها حقوقها؟‬ ‫وهل أنت راضية عن مستوى أداء املرأة العربية‪،‬‬ ‫وكيف نرفع من مستوى األداء؟‬ ‫املرأة يف مجتمعنا ووطننا مغبونة مقارنة‬ ‫مع التطور الكبري الذي حصل يف أوروبا‬ ‫وأمريكا‪ ،‬والهند والباكستان وسرييالنكا‪ ،‬ويف‬ ‫سوريا أيضاً املرأة تبوأت السلطة‪ ،‬ونالحظ‬ ‫هذا يف املؤمترات حيث وجه املرأة الكفوءة هو‬ ‫البارز‪ ،‬بينام نجد العكس يف لبنان‪ ،‬ألن النظام‬ ‫الطائفي ضد نظام املرأة‪ ،‬وحريتها‪ ،‬ألنه يقوم‬ ‫عىل البطريركية والنظام الديني الذي يضع‬

‫‪56‬‬

‫املرأة يف دونية‪ ،‬إن كانت مسيحية أو مسلمة‪،‬‬ ‫ألن األديان ظهرت يف الجاهلية‪ ،‬وكانت املرأة يف‬ ‫وضع ديني‪ ،‬بالرغم من كل التطورات‪ ،‬ولكنهم‬ ‫مل يعززوا مكانتها‪.‬‬ ‫النظام الطائفي يلغي املرأة أيضاً يف‬ ‫السياسة‪ ،‬يف املجتمع الرشقي املرأة مغبونة ألن‬ ‫قوانني الزواج والطالق ضدها‪ ،‬عىل سبيل املثال ال‬ ‫يحق للمرأة احتضان أوالدها بعد طالقها‪ ،‬وقوانني‬ ‫الجنسية أيضاً‪ ،‬وعدم استطاعة املرأة السفر دون‬ ‫إذن من زوجها وغريها من األمور‪ ،‬إذاً هناك إجحاف‬ ‫بحق املرأة يف كل معرتك حياتها‪ ،‬والسبب يعود‬ ‫لألحزاب العلامنية التي مل تعمل كفاية إلحقاق‬ ‫وضع املرأة‪ ،‬دامئاً يتخطونها ويرفضون فكرة إثبات‬ ‫وجودها ومساواتها مع الرجل‪ ،‬ألن هذا بنظرهم‬ ‫يعني إلغاء الطائفية السياسية‪ ،‬وأطالب بقانون‬ ‫مدين يحمي املرأة‪ ،‬ألن يف لبنان ال قانون يحمي‬ ‫املرأة‪ ،‬والطوائف هي التي تسيرّ املرأة وهذا يتطلب‬ ‫جهداً كبرياً من األحزاب‪ ،‬ومتويل وإقامة ندوات‬ ‫ومؤمترات ومحارضات إلقناع املرأة قبل الرجل‬ ‫بقدرتها عىل االستقالل عنه‪ ،‬وإثبات وجودها‪،‬‬ ‫وأخذ كامل حقوقها‪ ،‬وخاصة املرأة األمية التي‬ ‫تخاف عىل نفسها ألنها بحاجة إىل من يأويها‬ ‫ويؤمن لها معيشتها‪ ،‬والحل هو وجود مراكز أو‬ ‫مالجئ تأوي املرأة األمية‪ ،‬وأيضاً مراكز ملحو األمية‪،‬‬ ‫وتأهيل هذه املرأة لتستطيع العيش مستقلة عن‬ ‫الرجل‪.‬‬ ‫الحل األسايس هو التشجيع عىل العلم‪ ،‬أو‬ ‫تعلم مهنة تساعد املرأة عىل العيش‪ ،‬واألهم‬ ‫أن يكون لديها الثقة الكاملة بالنفس‪ ،‬وبأنها‬ ‫باستطاعتها اإلنتاج كالرجل‪ ،‬وكام ذكر الزعيم‬ ‫أنطون سعاده بدون استقاللية ذاتية ال وطن‪.‬‬

‫نضال «حزب الله» أسايس يف‬ ‫مواجهة «إرسائيل»‬ ‫اإلرث النضايل الكفاحي‪ ،‬يولد مع القوميني‬ ‫ويكرب هكذا تعلمنا الدروس وتصقلنا التجارب‪،‬‬ ‫ما هي أبرز النشاطات التي تقومني بها وتصب‬ ‫يف خانة التوجهات الوطنية والقومية؟‬ ‫نشاطايت فكرية بالدرجة األوىل‪ ،‬وهذا ضمن‬ ‫اختصايص‪ ،‬ولكنه ال يلغي نضايل‪ ،‬إن نضال‬ ‫“حزب الله” أسايس يف مواجهة “إرسائيل”‪،‬‬ ‫أستطيع أن أدعم النضال فكرياً‪ ،‬ولكنه ال‬ ‫يكفي‪ ،‬واشكر الله لوجود مقاومة‪ ،‬التي لوالها ملا‬ ‫استطعنا أن نفعل شيئاً حتى فكرياً‪ ،‬مساهمتي‬ ‫فكرية‪ ،‬ولكن األولوية للذي يقاوم يف الجنوب‬ ‫ويجابه “إرسائيل”‪ ،‬أستطيع إسناده والدفاع عنه‪،‬‬ ‫ووعي املجتمع بالوقوف معه‪ ،‬ألن اإلرث الرتايث هو‬ ‫إرث فكري‪ ،‬والتضحية التي تقدمها املقاومة أكرب‬ ‫من كل التضحيات‪ ،‬أليس الذين يقدمون أوالدهم‬ ‫وحياتهم يقدمون أكرب تضحية للوطن؟‬ ‫كنت وما أزال أشدّد عىل املفهوم القومي‬

‫الجامع املوحد ومحاربة الطائفية والنخبوية‪،‬‬ ‫أكره األنظمة النخبوية ألي هيئة ارستقراطية‬ ‫معينة‪ ،‬كرجال أعامل كبار استلموا السلطة‪ ،‬ال‬ ‫أدخل يف هذه األمور ألنها ليست الدميقراطية‪،‬‬ ‫الدميقراطية هي أشخاص من الشعب تعمل‬ ‫ملصلحة الشعب بعيد ُا عن مصالحها الخاصة‪،‬‬ ‫وعميل اخترص عىل هذا األمر‪.‬‬ ‫النتيجة أجدها يف طاليب لقد تركت أثراً‬ ‫كبرياً يف قلوبهم‪ ،‬تخصصوا يف مهن‪ ،‬ووجدوا أن‬ ‫نظرية تع ّلم املرأة وحصولها عىل كيانها الخاص‪،‬‬ ‫وإثبات وجودها ليس فقط يف الزواج واإلنجاب‪ ،‬إذ‬ ‫هناك من هن يف منظمة العمل الدويل‪ ،‬ومنهن‬ ‫من يعمل عىل القضية الفلسطينية وأعترب هذا‬ ‫إنجازاً كبرياً ألن هذا همي الوحيد‪ ،‬وكان ميتلكني‬ ‫الشعور بالحزن عىل طالبة مجتهدة تجرب عىل ترك‬ ‫دراستها للزواج‪ ،‬هذا ظلم بحق املرأة‪ ،‬ال يسمح لها‬ ‫بإكامل دراستها والحصول عىل شهادات عالية‪،‬‬ ‫والوصول إىل مراكز مهمة‪ ،‬الرجال يرفضون هذه‬ ‫الفكرة ألنهم يعتربون أن املرأة ستتفوق عليهم‬ ‫وتثبت وجودها وتطغى عىل الرجل‪.‬‬ ‫انتصار املقاومة يف ‪ 2006‬غيرّ املعادلة‬ ‫ماذا تقولني لرفاق درب الزعيم “أنطون‬ ‫سعادة”‪ ،‬وألويل األمر يف أمتنا‪ ،‬عىل ضوء‬ ‫األحداث التي تشهدها منطقتنا والرصاع ضد‬ ‫العدو الصهيوين؟‬ ‫الحزب يعمل ضمن إمكانياته املحدودة‪ ،‬يف ظل‬ ‫هذا الظرف وخاصة يف مواجهة “إرسائيل”‪،‬‬ ‫تلك املواجهة الطويلة األمد‪ ،‬املوقع صحيح‪،‬‬ ‫هناك جبهة مقاومة كبرية تتعدى لبنان وسوريا‬

‫وإيران وفلسطني‪ ،‬وهذا يشء إيجايب ومتفائلة‬ ‫جداً أكرث من أي وقت مىض‪ ،‬ألن الهجمة علينا‬ ‫يف املايض استطاعت أن تفرقنا‪ ،‬اآلن هناك قوة‬ ‫تجمعنا وخاصة انتصار املقاومة يف ‪ 2006‬غيرّ‬ ‫املعادلة‪ ،‬حتى ‪ 2006‬كانت “إرسائيل” قبل هذا‬ ‫الوقت تربح ونحن نخرس‪ ،‬وألول مرة استطعنا‬ ‫أن نجعلها تشعر بالخوف وتعمل ألف حساب‬ ‫بعد هذا االنتصار الكبري جداً‪ ،‬العد العكيس لـ‬ ‫“إرسائيل” قد بدأ‪ ،‬وبدأت املوجة تتغري ملصلحتنا‪،‬‬ ‫متفائلة بالنسبة للمستقبل‪ ،‬املستقبل ممكن أن‬ ‫يكون بعيداً‪ ،‬ولكن بدأنا بتحقيق يشء منه وهذا‬ ‫يشء مهم‪.‬‬ ‫وباملقاومة املوجودة الزعيم يف حالة اطمئنان‪،‬‬ ‫طبعاً نستطيع االنتقاد‪ ،‬ولكن هذا ال مينع أن‬ ‫نكون داعمني‪ ،‬القومية هي عدم البحث عن‬ ‫الدين‪ ،‬وأي نظام علامين أو غري علامين ال بد‬ ‫أن نثبت املوقع القومي وحدوده‪ ،‬وطاملا املقاومة‬ ‫موجودة بغض النظر إىل أي انتامء ديني أو غريه‬ ‫طاملا هي صامدة‪ ،‬وعلينا أن نقف بقربها‪ ،‬وأقول‬ ‫للذي ينتقد هذه املقاومة‪ ،‬أين هو البديل‪ ،‬هل كل‬ ‫مواطن لبناين يف حالة الجهوزية للذهاب إىل‬ ‫املعركة‪ ،‬وتقديم أوالده وحياته للمقاومة‪ ،‬أستغرب‬ ‫هؤالء الناس الذين ينتقدون‪ ،‬املقاومة هي من‬ ‫تدفع الثمن‪ ،‬وأكرب عنرص علمي يف لبنان هو‬ ‫املقاومة‪ ،‬ألنها تعمل عىل العلم والكمبيوتر ال‬ ‫أحد لديه هذه اإلمكانيات العلمية املوجودة عند‬ ‫املقاومة‪ ،‬التي تحارب بالعقل وليس بالعواطف‪،‬‬ ‫الحزب القومي مواكب هذا الدور وأجد هذا يشء‬ ‫مهم جداً‪.‬‬

‫ حازت الدكتورة صفية سعادة عىل شهادة الدكتوراه من جامعة‬‫هارفرد يف الواليات املتحدة األمريكية عام ‪ ،1974‬وتخصصت يف تاريخ‬ ‫الرشق األوسط الحديث‪.‬‬ ‫ ومنذ ذلك الحني‪ ،‬نشطت املؤلفة يف حقيل التعليم الجامعي واألبحاث‪،‬‬‫فامرست التعليم يف الجامعة األمريكية يف بريوت‪ ،‬والجامعة اللبنانية –‬ ‫األمريكية‪ ،‬والجامعة اللبنانية‪ ،‬وصدر للدكتورة سعاده أربعة كتب‪:‬‬ ‫ تاريخ راس شمرا – أوغاريت‬‫ تاريخ بغداد االجتامعي‬‫ البنية االجتامعية يف لبنان (باللغة اإلنكليزية)‬‫ أنطون سعادة والدميقراطية يف سوريا الطبيعية (باللغة‬‫اإلنكليزية)‬ ‫لها مقاالت عديدة نرشت يف العامل العريب وأوروبا والواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫ نظام امللة يف السلطنة العثامنية‬‫ ردود الفعل السياسية القرتاح رئيس جمهورية لبنان الياس الهراوي‪،‬‬‫تحقيق الزواج املدين االختياري عام ‪( 1998‬باللغة اإلنكليزية)‬ ‫ املعضالت الناتجة عن قوانني األحوال الشخصية (باللغة اإلنكليزية)‬‫ النظام الطائفي وأثره عىل املدى العام يف مدينة بريوت (بالفرنسية)‬‫ املرأة والنظام الطائفي يف لبنان (باإلنكليزية)‬‫ العوائق التي تعرتض املرأة يف العمل السيايس (باإلنكليزية)‬‫ العوامل السياسية واالجتامعية التي تعيق منو املواطنية يف لبنان‬‫ما بعد الحرب (باإلنكليزية)‬

‫‪57‬‬

‫ما هي رسالتك للمرأة اللبنانية والعربية يف‬ ‫ضوء األوضاع االجتامعية والقومية والتحديات‬ ‫املاثلة‪ ،‬ومباذا تنصحني؟‬ ‫عتبي كبري عىل املرأة اللبنانية‪ ،‬التي هي بعكس‬ ‫املرأة السورية والعراقية‪ ،‬وحتى الفلسطينية‪،‬‬ ‫لعدم انخراطها يف السياسة‪ ،‬وقد ذكرت هذا‬ ‫سابقاً‪ ،‬ولكن لألسف املرأة اللبنانية همها‬ ‫الوحيد االهتامم مبظهرها الخارجي‪ ،‬بعكس املرأة‬ ‫السورية املنخرطة بالعمل السيايس‪ ،‬والحزيب‪،‬‬ ‫والشأن العام‪ ،‬وأحاديثهم تخترص ضمن هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬بينام اللبنانية تحدثك عن أمورها الخاصة‬ ‫وكيفية تأمني حياة مرفهة‪ ،‬وال عالقة لها‬ ‫باألحاديث السياسية‪.‬‬ ‫هذه كارثة حقيقية حتى املرأة الغربية‬ ‫انخرطت يف السياسة‪ ،‬وتعمل مبا يفيد وطنها‪،‬‬ ‫وتدافع عنه‪ ،‬والسبب يعود اىل وجود أحزاب قومية‬ ‫تلعب دوراً يف الساحة السياسية‪ ،‬بينام يف‬ ‫لبنان ليس لدينا سوى أحزاب طائفية‪ ،‬لذلك املرأة‬ ‫خارج إطار السياسة‪ ،‬وإذا وجدت امرأة منخرطة‬ ‫يف العمل السيايس يعود ذلك إىل انتامئها إىل‬ ‫شخصية سياسية أو ابنة وزير أو نائب وغريهم‪،‬‬ ‫وعىل األحزاب العلامنية أن تقدم نساء لديها‬ ‫الكفاءات‪.‬‬ ‫ويف الختام أتقدم بالشكر لـ “منرب التوحيد”‪،‬‬ ‫عىل اللقاء األول معها عىل أمل اللقاء مجدداً‪،‬‬ ‫ألننا عىل جبهة واحدة ونناضل معاً يف سبيل‬ ‫وطننا‪.‬‬

‫حاورتها‪ :‬مهيبة العرساوي‬

‫الحرب األهلية ال ينترص فيها أحد‪ ،‬فقط تؤدي إىل تدمري‬ ‫البلد‬ ‫الزعيم سعادة كان ضد النخبوية‪ ،‬الشعب هو الذي‬ ‫‬‫يقرر مصري البلد‬ ‫لو أكملت مسرية حيايت يف أمريكا لوصلت إىل مراكز عالية‬ ‫جداً‪ ،‬ولكني مل أكن أنانية وال أريد التخيل عن وطني ومساعدته‬ ‫فعدت إليه‬ ‫الحزب ال يؤمن بالورائة‪ ،‬كنا نتعامل مع الحزب بشكل طبيعي‬ ‫ال وراثة يف الحزب‪ ،‬رغم أن الغري ورث كبيت أسد األشقر‪ ،‬وعبد‬ ‫الله سعادة وغريهم‪ ،‬ولكن لألسف لدينا دونية املرأة يف املجتمع‬ ‫غنب بحق والدي ألن املجتمع أقام حرب عىل فكره‬ ‫فكر أنطون سعاده حديث بالنسبة لألفكار الثانية املوجودة‬ ‫يف األحزاب‬ ‫مل نستطع إلغاء الطائفية السياسية ‪ ،‬ألن رؤساء الطوائف‬ ‫يف الحكم ال يريدون إلغاء أنفسهم‬ ‫النظام الطائفي ضد نظام املرأة‪ ،‬وحريتها‪ ،‬ألنه يقوم عىل‬ ‫البطريركية والنظام الديني الذي يضع املرأة يف دونية‬ ‫أشدّ د عىل املفهوم القومي الجامع املوحد ومحاربة الطائفية‬ ‫والنخبوية‬ ‫عتبي كبري عىل املرأة اللبنانية‪ ،‬التي هي بعكس املرأة‬ ‫يف‬ ‫السورية والعراقية‪ ،‬وحتى الفلسطينية‪ ،‬لعدم انخراطها‬ ‫السياسة‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫لهجته البقاعية أجمل ما يم ّيزه‬

‫عبد الغني طليس لـ «منبر التوحيد» ‪ :‬تاريخ الصحافة‬ ‫اللبنانية في السنوات الخمس الماضية أبشع ما يكون‬ ‫ّ‬ ‫لعل محاورة شخص متعدد املهن – إذا‬ ‫ّ‬ ‫ولعل‬ ‫صح التعبري‪ -‬تصعب يف بعض األحيان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحديث إىل إعالمي ومحاور وشاعر وكاتب‬ ‫يوجد العديد من األسئلة التي ال تتسع‬ ‫ّ‬ ‫وملحن‪ِ ،‬‬ ‫لها بضع صفحات‪ ،‬إال ّأن الشوق للحديث معه‬ ‫والرغبة يف معرفة أرسار عمل َمن ح َمل أرسار‬ ‫“األخوين الرحباين”‪ ،‬كانت الدافع األساس‬ ‫للقائه يف مقهَى اختاره بجانب البحر ليلتقيه‬ ‫يف كل صباح‪ ،‬ورمبا ليخربه بعض األرسار أو‬ ‫األحاديث الخاصة‪.‬‬ ‫كانت بداية اللقاء بالحديث عن كتابه الذي‬ ‫جاء بعد ‪ 15‬سنة من نرش كتابه الثاين “صعد‬ ‫إىل ح ّبه وقال” يف العام ‪ ،1995‬ملا حمله‬ ‫الكتاب الجديد “ما تيسرّ من عبد” من مواضيع‪،‬‬ ‫فجاء كالمه بكل ما تيسرّ لديه من ثقافة فنية‬ ‫وإعالمية وأدبية‪.‬‬ ‫هذا الكتاب الذي تض ّمن أنواعاً أدبية‬ ‫متنوعة بني الشعر والدراسة الفنية واملقاالت‬ ‫السياسية‪ ،‬وتناول جوانب متعددة من الحياة االجتامعية‪ ،‬حيث‬ ‫يحتار قارؤه‪ ،‬مبا ينتقيه من قصائد أو أفكار‪ ،‬فمث ًال مام كتبه يف‬ ‫قصيدة “كرامة أم”‪ :‬قال الصبي ‪ّ /‬ميي أنا جوعان‪ /‬قالت يا تقربين‬ ‫أنا بطعميك‪ /‬قال الصبي‪ّ /:‬ميي أنا عطشان‪ /‬قالت يا تسلميل أنا‬ ‫ّ‬ ‫‪...‬وضل الصبي يق ّال لـ إ ّمو‪ /‬وض ّلت األم العظيمة تجاوبو‪/:‬‬ ‫بسقيك‪/‬‬ ‫يا ابني أنا بزرع حيايت فيك‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قالل‪... /‬وصار الصبي‬ ‫و َمرقت سنة‪ /...‬مرقت سنني كتار مدري‬ ‫رج ْال‪ /‬راكض ورا غربة ْ‬ ‫ووج الدين ساعة‬ ‫الدين‪/‬‬ ‫وج‬ ‫ّ‬ ‫املال‪ /‬راكض ورا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫رجال‪... /‬وختيرَ ت إ ّمو‪ /‬رسقها الوقت‬ ‫قرد ساعة‬ ‫غزال‪ /‬صار الصبي ّ‬ ‫مليح‪ /‬ونظرها يا دليّ‬ ‫ْ‬ ‫شحيح‪/‬‬ ‫الحالل‪ /‬صارت ما فيها تسمع‬ ‫يا والد‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الغربال‪ /...‬قالت‪ :‬ال ترتكني وحيدة يا صبي‪/‬‬ ‫وجسمها ص ّفى عىل‬ ‫ق ّال‪ :‬ما عم إسمع!‪ /‬قالت‪ :‬يا إبني خود بـ إيدي‪ /‬ق ّال‪ :‬ما عم أقشع!‪/‬‬ ‫ْ‬ ‫الجبال‪ /‬واإلبن مايش بـ حياتو‬ ‫قالت وقالت‪ /‬والحيك اليل انقال بيه ّد‬ ‫أخربنا عن عبد الغني طليس حامل شهادة‬ ‫املاجستري يف األدب العريب ومقدّ م برنامج‬ ‫“مسا النور” عىل تلفزيون لبنان؟‬ ‫ُ‬ ‫أحببت العمل الصحايف‪ ،‬وشغلت منصب‬ ‫رئيس تحرير ملجلة “مدرستي” وأنا يف سن الرابعة‬ ‫ُ‬ ‫بدأت حيايت الصحافية يف‬ ‫عرش‪ ،‬من ثم‬ ‫الصفحة الثقافية يف جريدة “األنوار”‪ ،‬ومجلة‬ ‫“الشبكة” يف دار الص ّياد‪ ،‬وبدأت عالقتي‬ ‫والثقايف‬ ‫الفني‬ ‫والنقد‬ ‫الفني‪،‬‬ ‫بالوسط‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ما عَ بالو ْ‬ ‫بال‪ /‬واألم مكسورة‪ /‬يا َحيفو ينكرس‬ ‫ْ‬ ‫الدالل‪ /‬جاعت وعطشت‪ /‬بردت وخافت‪/‬‬ ‫غصن‬ ‫وما شافت عىل رسير املواجع‪ /‬مني يسألها‬ ‫سؤال‪“ /...‬ح ّقو” الصبي ينىس حيك إ ّمو‪ /‬صار‬ ‫رجال!‬ ‫الصبي ّ‬ ‫مدري التعب‪ /‬مدري الغضب‪ /‬مدري بعينيها‬ ‫الندم نهر انسكب‪ /‬طالع لهب‪ /‬نازل لهب‪ /‬لكن‬ ‫وجا بقي‪ /‬خيط التعب‪ /‬يرسم كرامة أ ّم‬ ‫عىل ّ‬ ‫مجروحة‪ /‬ويسأل عىل هاك الصبي اليل صار‬ ‫رجال‪ /...‬وهرب!‪ /‬تبقي قبل ما تودّعي‪ /‬تا تسكني ِبـ‬ ‫ّ‬ ‫كان يا ما كان‪ /‬ال تسكبي دمعة‪ /‬وال تقويل َيـ “رزق‬ ‫الله” عىل هاك الصبا‪ /‬والعنفوان‪ /‬قويل‪ :‬الدين‬ ‫ّ‬ ‫بتغش‪ /‬خ ِّلتهن يظنّوا أنا – وحدي أنا – بوقع‪/‬‬ ‫وهنّي بريكبوا حصان الزمان‪ /‬بيف ِّكر رح يض ُّلو‬ ‫قوي‪ /‬ورح يخدموه اإلنس بعد الجان‪ /..‬ما يف حدا‬ ‫يف فوق راسو خيمة الزرقا‪ /‬وال يف طري باقيلو‬ ‫األمان‪ /‬جايي العمر‪ /‬والعمر أعمى‪ /‬العمر ّ‬ ‫رضاب‬ ‫السيوف البهلوان‪... /‬ومنني بدو يهرب اإلنسان؟‬ ‫هي حياة تن ّقل عبد الغني طليس خاللها مبراحل متعددة رمبا‬ ‫تعبرّ هذه القصيدة “ملهاة” عن بعض ما جرى فيها‪ ،‬بحيث قال ‪:‬‬ ‫عرشون عاماً؟ َ‬ ‫ألنت الحامل العايت‬ ‫تريد “تغيري” مايض األرض واآليت‬ ‫الحلم مخترصاً‬ ‫ويف الثالثني؟ يغدو ُ‬ ‫فرح “التغيري”‪ ...‬يف الذات‬ ‫فتبتغي َ‬ ‫وحني يصعد موج األربعني ترى‬ ‫“تغيري” ثوبك‪ ...‬بني املستحيالت‬ ‫عام ربمّ ا لِنعي‬ ‫نحتاج مائة ٍ‬ ‫أن الحياة مضت يف شكل‪ ...‬ملهاة؟‬ ‫وامللحن عبد الغني‬ ‫“منرب التوحيد” التقت الشاعر واإلعالمي‬ ‫ّ‬ ‫طليس‪ ،‬متناولة جوانب متعددة من أعامله خاصة كتابه األخري‪،‬‬ ‫وهنا نص الحوار‪:‬‬

‫واملرسحي منذ عام ‪ ،1977‬فتناولت يف الشبكة‬ ‫املواضيع الفنية التي لها عالقة باألغاين‬ ‫واملرسح‪ ،‬ويف جريدة األنوار تو ّل ُ‬ ‫يت نقد الكتب‬ ‫ومعارض الرسم‪.‬‬ ‫ملاذا نرى قلة يف اإلصدارات األدبية لـ”عبد‬ ‫الغني طليس”‪ ،‬إذ جاء يف كتابك األخري “ما‬ ‫تيسرّ من عبد” بعد كتا َبني فقط هام “هيك‬ ‫بحب حبيبتي” و”صعد إىل حبه وقال”؟‬ ‫ألنني ال أحب النرش وال أعرفه‪ .‬حاولت درس‬

‫‪58‬‬

‫املسألة أكرث من مرة بيني وبني نفيس متسائ ًال‬ ‫ملاذا ال أملك الرغبة لنرش كتب خاصة يب؟ فلم‬ ‫ُ‬ ‫أصدرت‬ ‫أجد جواباً لذلك سوى أنني أرتاح هكذا‪.‬‬ ‫الكتاب األول عام ‪ 1975‬بعد نييل امليدالية‬ ‫الذهبية عن فئة الشعر الغنايئ يف “ستوديو‬ ‫الفن” عام ‪ ،1974‬وكان بعنوان “هيك بحب‬ ‫ُ‬ ‫أصدرت الكتاب الثاين يف‬ ‫حبيبتي”‪ ،‬ومن ثم‬ ‫العام ‪ 1975‬باسم “صع َد إىل ح ّبه وقال”‪ ،‬وتوالت‬ ‫السنوات حتى اليوم بإصدار كتايب الجديد “ما‬

‫تيسرّ من عبد”‪ ،‬وهو مقسوم إىل جزئني‪ :‬جزء‬ ‫منه شعر بالعامية والفصحى‪ ،‬والجزء اآلخر‬ ‫عبارة عن دراسة عن األخوين الرحباين وطريقة‬ ‫وأرسار عملهام‪ ،‬وهذا يشء مل ُيكتب عىل‬ ‫أخذت جانباً مه ً‬ ‫ُ‬ ‫ام عنهام‬ ‫اإلطالق عنهام‪ ،‬فقد‬ ‫مل يسبق أن كتبت عنه الكتب‪ ،‬فجميعها‬ ‫كتبت عن أعاملهام بشكل عام ولكن مل‬ ‫يأت أحدها عىل أرسار عملهام الدقيقة‪ ،‬وماذا‬ ‫ِ‬ ‫كان يحب كل منهام واألسلوب الخاص بكل‬ ‫واحد منهام‪ .‬فجاءت هذه الدراسة ألكون أول‬ ‫َمن يكتب عن بعض االختالفات التي تتعلق‬ ‫بالطبيعة الفنية منصور وعايص الرحباين‪.‬‬ ‫هل كانت هذه الدراسة طريقة من الحديث‬ ‫عن أرسار حياة األخوين الرحباين؟‬ ‫ال بل هي أرسار عمل‪ ،‬وليست أرسار حياة‪،‬‬ ‫فالدراسة تتحدث عن الرتكيبة الذهنية‬ ‫الفنية لكل من عايص ومنصور‪ .‬إضافة لذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قمت بنرش أربع قصائد كالسيكية لعايص‬ ‫باللهجة الفصحى منشورة منذ أربعني سنة‪،‬‬ ‫وكرث من القراء ال يعرفون ّ‬ ‫أن عايص كان يكتب‬ ‫ُ‬ ‫احتفظت بهذه القصائد منذ‬ ‫هذه القصائد‪.‬‬ ‫ذلك الحني ونرشتها عىل أنها من ضمن أرسار‬ ‫حياته التي ال ُيع َرف عنها الكثري‪ .‬كذلك‪،‬‬ ‫يتضمن الكتاب مجموعة من بعض املقاالت‬ ‫السياسية التي كتبتها ونرشتها خالل العرش‬ ‫سنوات املاضية‪ ،‬بحيث اخرتت تلك التي تحتفظ‬ ‫بقيمتها حتى مع مرور الزمن‪.‬‬ ‫نالحظ َ‬ ‫ُ‬ ‫قمت بالخلط بني فنون الكتابة‬ ‫أنك‬ ‫والفصحى‬ ‫العامية‬ ‫القصائد‬ ‫بني‬ ‫فيام‬ ‫واملقاالت السياسية والدراسات وغريها‪ ،‬وهذا‬ ‫نادراً ما نراه‪ .‬هل التم ّيز هو هدف هذا الخلط؟‬ ‫ُ‬ ‫أردت هذا الخلط ألقول‪“ :‬هذا‬ ‫ال أبداً‪ ،‬ولكنني‬ ‫أنا”‪ّ ،‬‬ ‫ألن هذه األنواع األدبية والشعرية والكتابة‬ ‫السياسية املوجودة يف كتايب غري موجودة يف‬ ‫كتاب آخر‪ ،‬إذ ال يوجد أحد من الكتّاب يف لبنان‬ ‫يكتب شعر فصيح وعا ّمي ويقدّ م نقد فني‬ ‫ُ‬ ‫جمعت كل‬ ‫وسيايس يف كتاب واحد‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أردت إهداءه‬ ‫هذه األمور يف كتايب حتى أقول إذا‬ ‫ألحد‪ :‬هذا “عبد الغني طليس”‪.‬‬ ‫وملحن ومقدّ م‬ ‫عبد الغني طليس كاتب‬ ‫ّ‬ ‫برامج‪ ،‬أين هو بني كل هذا؟‬ ‫عبد الغني موجود يف جميعها‪ ،‬فخالل‬ ‫جلويس يف املقهى أكون عبد الغني‪ ،‬وكذلك‬ ‫يف املنزل أو يف مكتبي أو يف أي مكان‪ .‬كام‬ ‫أن لهجتي البقاعية ترافقني دامئاً وليس فقط‬ ‫عىل التلفاز كام يعتقد البعض‪ .‬هذه لهجتي‬ ‫التي أفتخر جداً بها والتي أح َّبها الناس ألنها‬ ‫طبيعية وال تتضمن أي نوع من التزلف‪ ،‬كام‬ ‫يفعل بعض الذين يحاولون انتقاء اللهجة‬ ‫“البيضاء” لتكون األقرب إىل الناس‪ .‬لهجتي‬ ‫البقاعية ليست مشكلة لدي‪ ،‬بل األهم هو ما‬ ‫أقوله‪.‬‬ ‫ماذا عن نوعَي الكتابة الشعرية الفصحى‬

‫والعامية التي وجدناها يف كتابك الجديد؟‬ ‫ُ‬ ‫بدأت كتابة الشعر بالفصحى والعامية‬ ‫منذ سن الثالثة عرش‪ ،‬وقلة َمن يعرفون أن‬ ‫كتابة الشعر العامي مبنية عىل الشعر‬ ‫الكالسييك القديم‪ ،‬حتى الزجل الشعبي مبني‬ ‫عىل العروض الشعري القديم للخليل بن أحمد‬ ‫الفراهيدي‪ ،‬لذلك حني أكتب الشعر العامي‬ ‫يكون و ّقعه عىل اإليقاعات العروضية القدمية‬ ‫وكذلك الشعر الفصيح‪ ،‬ولكن سبب كتابتي‬ ‫للنوعني هو مج ّرد موهبة ويأيت تبعاً للرغبة يف‬ ‫كتابة أحدهام‪.‬‬ ‫هل أثرت البيئة البقاعية عىل قصائدك‬ ‫العامية؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬ألنني أحمل كل هذه املوروثات‬ ‫االجتامعية‬ ‫والتقاليد‬ ‫والعادات‬ ‫الثقافية‬ ‫ملنطقتي‪ ،‬وبالتايل ال بد من أن متر يف كتابايت‬ ‫بشكل من األشكال‪.‬‬ ‫هل ما زالت اللغة العربية تأخذ حقها مع‬ ‫الحداثة التي نراها؟‬ ‫اللغة العربية ال متوت‪ ،‬يخرج بعض الشعراء‬ ‫ليعلن موتها‪ ،‬ولكنهم مخطئون‪ ،‬فهي لغة‬ ‫الشعر العريب والقرآن الكريم‪ .‬قد يحصل يف‬ ‫بعض املراحل نوع من تغريب اللغة‪ ،‬وبعض‬ ‫املشاكل التي تواجهها‪ ،‬ولكنها لغة تاريخية‬ ‫ومستمرة وتتجدّ د باستمرار‪.‬‬

‫الحياة الفنية للرحابنة‪ ..‬أرسار‬ ‫لدى طليس‬

‫كتب طليس للس ّيد حسن نرصالله‬ ‫يف قصيدة «إذا املؤمن َع َبس»‪:‬‬

‫تحدّ ثت يف بداية الحوار عن األخوين‬ ‫الرحباين‪ ،‬ما رس عالقة عبد الغني طليس‬ ‫بـ”عايص ومنصور الرحباين”؟‬ ‫يف بداية عميل الصحايف يف مجلة‬ ‫ُ‬ ‫أجريت‬ ‫“الشبكة” وجريدة “األنوار” عام ‪،1977‬‬ ‫مقابلة مع عايص الرحباين وأخرى مع منصور‪،‬‬ ‫وجرى لقاء مط ّول معهام‪ ،‬الحظا من خالله مدى‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫معرفتي مبرسح “األخوين الرحباين”‪ ،‬حيث‬ ‫قد حفظته حرفياً بالكالم واألغاين والحوارات‬ ‫واملقدّ مات املوسيقية‪ .‬حني تع ّر ُ‬ ‫فت عليهام‬ ‫جيداً‬ ‫ُ‬ ‫وجلست معهام‪ ،‬ش َعرا بوجود شخص‬ ‫يعرفهام متام املعرفة‪ ،‬فناقشنا املواضيع‬ ‫كلها مبستوى أعاملهام الفنية وبالتفاصيل‬ ‫الدقيقة‪ ،‬وهذا ما جعل العالقة تتطور فيام‬ ‫بيننا ليع َيا رضورة وجودنا مجتمعني سوياً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وبقيت عىل صداقة متينة معهام إىل حني وفاة‬ ‫عايص الرحباين يف العام ‪ ،1986‬استمرت مع‬ ‫منصور الرحباين حتى وفاته‪ .‬أعرف عن عايص‬ ‫األرسار التي ال يعرفها أحد عىل اإلطالق‪ ،‬ألنني‬ ‫ُ‬ ‫وكنت ألتقي به‬ ‫واكبته منذ ‪ 1979‬وحتى ‪،1984‬‬ ‫ثالث مرات يف األسبوع ‪ -‬حتى حني انتكست‬ ‫صحته وجلس يف منزله – إذ كان يشعر بالدفء‬

‫ما أج َملك‪ /‬بتياب تاريخ الهُدى فوق‬ ‫الف َرس‪ /،‬جايب الصبح بضحكتك‪ /‬حاضن‬ ‫الليل بعبستك‪ /‬واألرض فيك مح ّيكة‪ /‬بح ْبل‬ ‫املَ َرس‪ /،‬كل الجبال بتعرفك‪ /‬كل البيوت‪/‬‬ ‫بتحلف بإسمك‪ /‬وكل الناس ملا بيسمعوا‬ ‫َس‪ /،‬كل الطيور‬ ‫دعساتك من بعيد‪ /‬بيقولوا َدع ْ‬ ‫بتق َربك‪ /‬كل البواب العالية‪ /‬وكل الحراش‬ ‫الواقفة عا نومتك‪ /‬وقفة َح َر ْس‪ /،‬بس انتبه‪/...‬‬ ‫يف ناس شغلتهن الرسقة‪ /‬بيرسقوا أعامر‪/‬‬ ‫وبيرسقوا أدوار‪ /‬ومتل النَّعس بيعربشوا‪ /‬متل‬ ‫النَّعس‪ /،‬يف ناس رصت تخ ّوفن‪ /‬دقنك طويلة‪/‬‬ ‫تغسلوا بريحة الشوك‪/‬‬ ‫وكلمتك‪ /‬وتيابك اليل‬ ‫ّ‬ ‫وحزنك‪ /‬وطول ال َّن َف ْس‪ /،‬خ ّليك صاحي الروح‪/‬‬ ‫السودا إذا املؤمن‬ ‫و ْع ُبوس‪ /..‬و ْع ُبوس‪ /..‬يا وقعة َّ‬ ‫َع َب ْس‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب ثقايف‬ ‫الشخيص فيام بيننا‪ ،‬ويبوح بأرسار مل يقلها‬ ‫ألحد من قبل‪ ،‬وحتى منصور كان يتفاجأ مبا‬ ‫يخربين إياه عايص‪ ،‬ولكنني حت ً‬ ‫ام مل أتط ّرق‬ ‫لهذه األرسار يف كتايب ملا لها عالقة مبشاكله‬ ‫واعتربت ّ‬ ‫ُ‬ ‫أن َمن‬ ‫الشخصية خاصة مع فريوز‪،‬‬ ‫يكتب عن مشاكل عمالقني كعايص وفريوز‬ ‫يكون نذالً‪ ،‬لذلك مل أتط ّرق لهذا املوضوع يف‬ ‫دراستي‪.‬‬ ‫بالحديث عن السيدة فريوز‪ ،‬هل وافقت‬ ‫عىل الفصل الذي حاول كرث القيام به بينها‬ ‫واألخوين الرحباين خاصة مع املشاكل‬ ‫الكثرية التي حصلت مؤخراً؟‬ ‫ال يوجد فصل فيام بينهم‪ ،‬بل هناك حقوق‬ ‫امللكية الفكرية والفنية‪ ،‬إذا أرادت فريوز تقديم‬ ‫أي مرسحية من مرسحياتها القدمية من جديد‪،‬‬ ‫عليها دفع حقوق ألبناء منصور ألنها وريثة‬ ‫عايص‪ ،‬وأوالد منصور هم ورثة منصور‪ ،‬وبالتايل‬ ‫الترصف مبرسحيات‬ ‫ال يحق لوريثة عايص‬ ‫ّ‬ ‫من أعامل األخوين سوياً‪ ،‬بدون الرجوع لورثة‬ ‫منصور‪.‬‬ ‫أمل تكن السيدة فريوز جزءاً من النجاح‬ ‫الذي حققه الثالوث الذهبي أي هي واألخوين‬ ‫الرحباين؟‬ ‫املوضوع ليس َمن كان سبب النجاح‪ ،‬ال بل‬ ‫الترصف أم ال؟!‬ ‫هو السؤال إن كان يحق لهم‬ ‫ّ‬ ‫بالطبع يحق لها إعادة تقديم تلك املرسحيات‬ ‫كونها كانت بطلتها وألنها وريثة عايص‪ ،‬لكن‬ ‫أبناء منصور هم ورثته‪ ،‬وبالتايل لديهم الحق‬ ‫ُ‬ ‫بأخذ حقوقهم‪،‬‬ ‫ولست َمن يقول ذلك بل املحامون‬ ‫والقضاة املختصون مبوضوع الحقوق الفكرية‪.‬‬ ‫ولذلك حصل هذا الجدل‪ ،‬عل ً‬ ‫ُ‬ ‫كنت ضد‬ ‫ام أنني‬ ‫ُ‬ ‫جلست مع رميا ابنة فريوز وعايص‪،‬‬ ‫حصوله وقد‬ ‫وقلت لها ّ‬ ‫ُ‬ ‫أن هذا املوضوع مبثابة كيس من‬ ‫الفحم ستضعني أمك فيه‪ ،‬وال يجوز إدخالها‬ ‫به خاصة بعد وفاة كل من عايص ومنصور‪ .‬ما‬ ‫اقرتحته بحضور رميا ومحاميهنَّ فوزي املطران‬ ‫واملمثل رفيق عيل أحمد‪ ،‬هو إعطاء ورثة منصور‬ ‫نصف أرباح كل مرسحية ُيعاد تجديدها مبا ّ‬ ‫أن‬ ‫حق اللحن والكالم هو لألخوين معاً‪ ،‬وهذا‬ ‫ينطبق أيضاً عىل أبناء منصور يف حال أرادوا‬ ‫إعادة تقديم إحدى املرسحيات‪ .‬مل أدخل يف‬ ‫هذا الجدل ألتحزّب عىل طريقة ‪ 8‬و ‪ 14‬آذار‪ ،‬ال بل‬ ‫ُ‬ ‫دخلت فيه ألطرح ح ًال‪ ،‬وعندما مل يقبل أحد به‪،‬‬ ‫تنح ُ‬ ‫يت جانباً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالحديث عن ‪ 8‬و‪ 14‬آذار‪ ،‬ما رأيك كإعالمي‬ ‫باالنقسام اإلعالمي الحاصل؟‬ ‫هذا يشء طبيعي‪ ،‬إذ هناك انقساماً سياسياً‪،‬‬ ‫وآخر إعالمياً‪ ،‬وثالثاً عىل مستوى الجمهور‪.‬‬ ‫سمى بالصحافة الح ّرة؟‬ ‫أين ما ُي ّ‬ ‫مل يعد هناك صحافة ح ّرة‪ ،‬فالصحافة‬ ‫لدينا هي صحافة “شحار وتعتري”‪ .‬إذا كان ال‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بد للتاريخ الصحايف لهذه املرحلة أن ُير َوى‬ ‫يف كتاب‪ ،‬فسيكون أبشع ما يكون من تاريخ‬ ‫الصحافة يف لبنان‪ .‬فقد كانت خالل الخمس‬ ‫سنوات األخرية “سوق نخاسة”‪ ،‬ومج ّرد بيع‬ ‫ُ‬ ‫كنت أكتب‬ ‫ورشاء “دعارة” سياسية وأخالقية‪.‬‬ ‫مقاالت سياسية يف جري َدتيَ ْ “السفري” و‬ ‫“النهار”‪ ،‬ولكنني غري منتسب ألي جهة‪ ،‬فأنا‬ ‫رجل مستقل أقرأ الوضع السيايس وأقول‬ ‫ُ‬ ‫ولست محمياً من‬ ‫وجهة نظري مبا أراه مناسباً‪،‬‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫شاشة‬ ‫عىل‬ ‫برنامجك‬ ‫يف‬ ‫تستقبل‬ ‫تلفزيون لبنان فئات اجتامعية متعددة من‬ ‫كيف‬ ‫فنانني ومثقفني وحتى سياسيني‪.‬‬ ‫تتمكن من خلط جميع هذه الرشائح معاً؟‬ ‫ضمنت كتايب‬ ‫هذه شخصيتي‪ ،‬ولذلك‬ ‫ّ‬ ‫“ما تيسرّ من عبد” شعر وبحث فني ومقاالت‬ ‫سياسية‪ ،‬وكذلك استقبايل لفنانني ومثقفني‬ ‫وسياسيني يف برنامج واحد‪ ،‬كان بهدف ّ‬ ‫أن‬ ‫هذا النوع من الخلطة يتطلب شخصاً ُمقنعاً‬ ‫يستطيع العمل عىل حياكة جيدة خالل‬ ‫قمت به ونجحت‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ألن الفكرة‬ ‫الحلقة‪ .‬هذا ما‬ ‫كانت جديدة عىل املحطات اللبنانية إذ مل يكن‬ ‫الجمهور معتاداً عىل جمع هذه الرشائح (فنان‬ ‫ومثقف وسيايس) التي ُيطرح عليها جميعاً‬ ‫السؤال نفسه‪ ،‬وكرث اعتربوا ّ‬ ‫أن هذه الخلطة‬ ‫تعم ُ‬ ‫دت‬ ‫كانت خلطة سحرية ملا القت من نجاح‪ّ .‬‬ ‫هذه املسألة يك أستقي الخربة اإلنسانية لكل‬ ‫ضيف من ضيويف‪.‬‬

‫عبد الغني طليس‪ ..‬ال كتاب‬ ‫مسمى‬ ‫جديد إىل ٍ‬ ‫أجل غري ّ‬ ‫بعد النجاح الذي القاه الكتاب الجديد‪ ،‬هل‬ ‫تحضرّ لكتاب آخر؟‬ ‫ُ‬ ‫قلت يف مقدمة كتايب‬ ‫حتى اآلن ال‪ ،‬وقد‬ ‫أنني رمبا كتبته ُمجرباً من ذايت‪ ،‬وال أعتقد أنه‬ ‫قد يخطر عىل بايل أن أصدر كتاباً جديداً‪ .‬ال‬ ‫يستطيع اإلنسان الجزم بأنه لن يكتب مجدداً‬ ‫وينرش كتاباته ضمن كتاب خاص‪ ،‬لكنني ال‬ ‫أحب النرش وهذا سبب تأخري يف إصدار الكتاب‬ ‫األخري بعد سنة من نرش ما سبقه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تفضل رؤية اسم “عبد الغني طليس”‬ ‫هل‬ ‫يف الجريدة يومياً؟‬ ‫نعم‪ ،‬إذ أملك متعة يف رؤية ذلك تحت مقالة‬ ‫أو قصيدة منشورة يف الجريدة‪ .‬أرى الكثري من‬ ‫الشعراء واألدباء الذين ميلكون تهافتاً عىل‬ ‫طباعة الكتب‪ ،‬ولكنني ال أملك هذه الرغبة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬

‫‪60‬‬

‫معرضه «الزمن الجميل»‪ ..‬لوحات من الزمن الغابر‬

‫الفنان حسام سري الدين لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الماضي أساس حاضرنا وبإلغائه نعدم أنفسنا‬

‫كتب طليس‬ ‫إىل الشهيد رفيق الحريري‬ ‫يف قصيدة بعنوان‪:‬‬ ‫«ب َّدك رفيق؟»‬ ‫عم يكذبوا‪ /‬وحياة عينك يا رفيق‪/‬‬ ‫وعم يلعبوا‪ /‬بد َّمك اليل بعدو عىل‬ ‫جنب الطريق‪ /‬وعم يركبوا موج الحريق‪/‬‬ ‫ومفكرينك غايب‪ /‬ونايس صحابك‬ ‫مني كانوا‪ /‬وخايفني تفيق‪ /‬إليل قطع‬ ‫َو ْصل املودِّة صارت ِبـ لحظة عشيق!‪/‬‬ ‫واليل غدر‪ ،‬حط القناع وقال شوفوين‬ ‫صديق!‪ /‬ومن كرت ما بكيوا عليك‬ ‫وش َّلفوا‪ ... /‬شفتك غريق‪ /،‬بحياة ربك‬ ‫يا رفيق‪ /‬صدّقتهن؟‪ /‬صدَّقت عينيهن؟‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫حطوك ٍبـ كاس الحيك‪ /‬ورشبوا مق ّفى‪/‬‬ ‫فج وغميق‪ /‬والناس‪/‬‬ ‫وخود عا أفكار من ّ‬ ‫هودي الناس‪ /‬وحدهن شعشعوا حولك‬ ‫بقرآن وصليب‪ /‬وريح بخور‪ ،‬وحنان رقيق‪/‬‬ ‫وتبسمت روحك اليل كانت‪ /‬عم ترفرف‬ ‫َّ‬ ‫عىل خط الزالزل‪ /‬والشمس حطت عىل‬ ‫وجك بريق‪ /‬ضجران؟‪ /‬بدك حدا يفهم‬ ‫ّ‬ ‫عليك‪ /‬بدّك رفيق؟‬ ‫رح خبرّ ك‪ ،‬لكن ما بدي فزّعك‪13 /:‬‬ ‫نيسان‪ ..‬السنة َر ْقص و ِغنا‪ /‬و َبسط‬ ‫وهَ نَا‪ /‬وكل املنى‪ /‬لكن َم َرق يش بيشبه‬ ‫‪ 13‬نيسان العتيق‪.‬‬

‫هو “الزمن الجميل” الذي يفتقده كثريون‬ ‫اليوم‪ ،‬زمن لع ّله غاب عن مشاهدتنا اليومية‬ ‫َ‬ ‫أزيل من‬ ‫ملا ورثناه من تراث سكن الذاكرة‪ ،‬لكنه‬ ‫الواقع ّ‬ ‫لتحل العوملة والحداثة مكانه‪.‬‬ ‫“زمنٌ جميل” عنوان معرض الفنان حسام‬ ‫رسي الدين‪ ،‬فكانت لوحات خري معبرّ ة عن ذاك‬ ‫الوقت وتلك األماكن وذلك التاريخ ا ُملتناس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 30‬لوحة ز ّينت “غالريي زمان” خطها الفنان‬ ‫رسي الدين بريشته فخرجت وكأنها معامل‬ ‫حقيقية رمبا يفتقدها وطننا اليوم‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬كان لقاؤنا بالفنان حسام رسي‬ ‫الدين بعد تن ّقلنا يف أرجاء املعرض‪ ،‬فكان‬ ‫حوارنا التايل‪:‬‬ ‫َمن هو حسام رسي الدين؟‬ ‫ُ‬ ‫هاجرت يف فرتة األحداث‬ ‫من عرتين ‪ -‬الشوف‪،‬‬ ‫اللبنانية عام ‪ ،1975‬ودرست يف الخارج حتى ‪،1988‬‬ ‫ُ‬ ‫عدت إىل لبنان إلكامل دراستي الجامعية‬ ‫ومن ثم‬ ‫يف الفنون الجميلة‪ ،‬من ثم سافرت إىل السعودية‬ ‫ما بني ‪ 1973‬و ‪ ،1974‬وتر ّكز عميل هناك يف تلك‬ ‫ُ‬ ‫الفرتة‪.‬‬ ‫كنت أزور لبنان وسوريا باستمرار‪ ،‬لكنّ‬ ‫أعاميل تركزت يف الخليج‪ .‬يف العام ‪ ،1993‬كنتُ‬ ‫ممثل الفنانني الشباب يف لبنان‪ ،‬وشاركت العام‬ ‫املايض يف املهرجان الفني العريب الثامن‪ .‬بعدها‬ ‫سافرت إىل الخليج وتركزت أعاميل عىل األعامل‬ ‫الجدارية‪ ،‬لكن منذ اآلن ستكون أعاميل مرتكزة‬

‫أكرث يف لبنان‪ .‬اليوم‪ ،‬أعود إىل لبنان الستعادة‬ ‫نشاطي الفني من خالل معريض الجديد “الزمن‬ ‫الجميل”‪ ،‬وهو املعرض الثالث بني معاريض الفنية‬ ‫الخاصة‪ ،‬إضافة للمعارض التي أشارك بها يف‬

‫نظرة إىل املايض‬

‫‪61‬‬

‫السعودية ولبنان‪ .‬سأعمل عىل أن يكون لدي كل‬ ‫سنة معرض منفرد يف لبنان وآخر يف الخارج‪.‬‬ ‫ما رس تسمية املعرض بـ”الزمن الجميل”؟‬ ‫هل ألن اللوحات تعود ملناظر وأماكن قدمية؟‬ ‫جاءت التسمية ّ‬ ‫ألن هناك الكثري من األماكن‬ ‫يف لبنان كاملنازل القدمية‪ ،‬انتهت وتد ّمرت ليحلّ‬ ‫مكانها أبنية حديثة‪ ،‬والتأريخ الحقيقي لألماكن‬ ‫األثرية ليس موجوداً بالشكل املطلوب والصحيح‪،‬‬ ‫إذ أن الحفاظ عىل الرتاث اللبناين غائب كل ّياً‪،‬‬ ‫فهناك بعض األماكن املوجودة يف صيدا وبريوت‬ ‫والشوف وجبل لبنان وطرابلس وغريها‪ ،‬تتعرض‬ ‫لعمليات دثر لتاريخها وتراثها‪ ،‬لذلك كان هديف‬ ‫من خالل هذه اللوحات تأريخ الرتاث واألماكن التي‬ ‫مل تعد موجودة‪.‬‬ ‫الحظنا أن لوحاتك تنقلت بني مناطق‬ ‫متعددة‪ ،‬ما سبب اختيار املناطق مث ًال بريوت‬ ‫ودير القمر وشوارعها وغريها؟‬ ‫مل أشأ أن يتض ّمن املعرض لوحات من منطقة‬ ‫واحدة‪ ،‬خاصة وأن الطبيعة اللبنانية واحدة‬ ‫والحجر اللبناين واحد‪ ،‬ولكن ال شك أن األماكن‬ ‫ُ‬ ‫التي رسمتها ّ‬ ‫سكنت‬ ‫متت إ ّيل بصلة مميزة‪ ،‬وقد‬ ‫فيها يف وقت من األوقات‪ ،‬كام أن معريض القادم‬ ‫والذي حضرّ ُت لوحاته‪ ،‬يتضمن أيضاً مناظر من‬ ‫صيدا وقريتي عرتين الشوفية‪ ،‬ويركز املعرض‬ ‫الجديد عىل موضوع أطفال الشوارع خاصة لجهة‬ ‫أهمية التعليم اإللزامي‪.‬‬ ‫هل تعمد عىل اإلضاءة عىل نواحي وقضايا‬ ‫اجتامعية يف معارضك؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬ال أحب أن تكون معاريض هباء ومجرد‬ ‫لوحات جميلة‪ ،‬بل أحاول االستفادة من املعرض‬ ‫لإلضاءة عىل مواضيع وقضايا مهمة للمجتمع‪،‬‬ ‫ألن واجبي كفنان هو لفت النظر واإلضاءة عىل‬ ‫النواحي التي تتطلب منا االهتامم الالزم لتأدية‬ ‫رسالتي الفنية بالشكل املطلوب‪ ،‬مث ًال كأهمية‬ ‫رعاية املسنني والتي يتطرق البعض لها عادة من‬ ‫باب املجاملة أو اإلرضاء‪.‬‬ ‫تحد َ‬ ‫ّثت عن أن بعض األماكن مل تعد موجودة‬ ‫وقد أسميت إحدى اللوحات “نظرة إىل املايض”‪،‬‬ ‫هل تحنّ إىل ذاك املايض الجميل؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬حتى منزيل الذي أبنيه أعمل عىل أن‬ ‫يكون عىل األسلوب القديم وليس عىل الحداثة‪،‬‬ ‫والتي ال نفهم معناها جيداً‪ ،‬وغالباً ما يكون‬ ‫فهمنا لها خاطىء‪ ،‬إذ ميكن أن تكون الحداثة‬ ‫بالفكر والثقافة والتقنيات الجديدة‪ ،‬وليس عرب‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مناطق‬

‫شانيه‪ ..‬من قرى االصطياف الهادئة‬ ‫وحدة ومحبة وبيوت حجرية تراثية‬ ‫الصمود‬

‫االستغناء عن املايض والرتاث‪ ،‬إذ ميكن أن نقوم مبا‬ ‫يفعله أهايل دمشق يف سوريا حيث يرممون البيوت‬ ‫القدمية وال يد ّمرونها الستبدالها بالحداثة‪.‬‬ ‫ماذا عن لوحة “الصمود” التي تشري إىل بناء‬ ‫حديث وأمامه بناء قديم نصف مهدّم؟‬ ‫هذه اللوحة تعود ملخ ّيم “امل ّية وامل ّية”‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫قصدت بها املقارنة بني الحديث والقديم‪ ،‬أي اإلشارة‬ ‫إىل جاملية البيت اللبناين القديم‪ ،‬واإلجرام‬ ‫الحاصل بحق الرتاث‪ ،‬إضافة لإلشارة إىل ما خ ّلفه‬ ‫العدوان اإلرسائييل سابقاً من دمار يف جنوب‬ ‫لبنان وكافة املناطق اللبنانية‪ ،‬و َمن يرى اللوحة‬ ‫يرى أن هذا املنزل وبالرغم من دماره النصفي ال‬ ‫يزال مأهوالً بالسكان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هل تخالف الحداثة نظرا ملا رأيناه من لوحات‬ ‫قروية قدمية؟‬ ‫أخالف الحداثة الخاطئة‪ ،‬فالحداثة هي بالفكر‬ ‫والعلم فقط‪ ،‬لذلك نرى األوروبيني يسبقون العامل‬ ‫أجمع من حيث التكنولوجيا والتقنيات‪ ،‬لكنهم‬ ‫ما زالوا يحافظون عىل املباين الرومانية والحدائق‬ ‫والتامثيل‪ ،‬وحتى أنهم يشرتون لوحاتنا التي تزيد‬

‫يوميات من صربا‬

‫جاملية عىل تراثهم‪ .‬املايض هو أساسنا وأساس‬ ‫الحارض‪ ،‬وإذا ألغيناه نكون قد أعدمنا أنفسنا‪.‬‬ ‫هل تعتقد أن ذاك الزمن القديم هو األجمل؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬هو أنقى وحتى شعبه كان أنقى‬ ‫وأفضل‪.‬‬ ‫الحظنا وجود لوحة من سوق دمشق بعنوان‬ ‫“دكان من دمشق”‪ ،‬هل هي لإلشارة إىل وحدوية‬ ‫الرتاث اللبناين الدمشقي؟‬ ‫نعم‪ ،‬وقد رسمتها ّ‬ ‫ألن املوقع أعجبني إذ مل‬ ‫تعد صناديق الخشب موجودة‪ ،‬فأصبح لدينا ميني‬ ‫ماركت أو سوبر ماركت‪ .‬كلمة “دكان” أو “بقال”‬ ‫تعيدين إىل املايض وتشعرين بالحنني إليه‪ .‬مل‬ ‫أقصد بها الناحية السياسية أي للداللة عىل‬ ‫الوحدة بني البلدين‪ ،‬بل لإلشارة إىل وحدة طبيعة‬ ‫املجتمع واملنطقة الجغرافية لبالد الشام‪.‬‬ ‫ما املواد املتي استخدمتها يف اللوحات؟‬ ‫ُ‬ ‫استخدمت األكواريل املايئ إضافة للوحة‬ ‫تشعرك‬ ‫واحدة من الزيت‪ ،‬أعترب أن اللوحات املائية‬ ‫ِ‬ ‫بأنك تعزفني املوسيقى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫برأيك‪ ،‬هل سيعود االهتامم بالرتاث واآلثارات‬

‫من أحياء دير القمر‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪62‬‬

‫التي ال يزال بعضها موجوداً وعىل طريق‬ ‫االندثار؟‬ ‫عندما نزيل حجراً من التاريخ‪ ،‬نكون قد قضينا‬ ‫عليه كام ًال‪ .‬الزمن الجميل يكون باملحافظة عىل‬ ‫الح َرف اليدوية‬ ‫ما بقي من املايض‪ ،‬وبتشجيع ِ‬ ‫والنقوش الرتاثية الوطنية‪ ،‬والتي يهتم بها‬ ‫الس ّياح أكرث مام نفعل‪ ،‬ألنهم يعرفون قيمة ما‬ ‫منلك‪.‬‬ ‫أخرياً‪ ،‬أمتنى عىل الفنانني التخفيف من‬ ‫الحداثة قلي ًال‪ ،‬واالهتامم أكرث باألعامل الفنية‬ ‫الواقعية حتى ولو أخذت بعض الوقت اإلضايف‪،‬‬ ‫وتسليط الضوء عىل املشاكل التي تواجه‬ ‫مجتمعنا‪ ،‬فإذا مل يخدم الفن الوطن‪ ،‬يصبح‬ ‫ديكوراً ال لزوم له‪ .‬فالفن قضية‪ ،‬ويلزمه التط ّرق‬ ‫لجميع ما يواجهه هذا الوطن ّ‬ ‫عل الفن يح ّرك‬ ‫املسؤولني الذين يعيشون يف أبراج عالية‬ ‫ويحثهم عىل العمل بعيداً عن مصالحهم‬ ‫الشخصية الض ّيقة‪.‬‬

‫من بريوت إىل عاليه كان إتجاهنا‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫القرية التي اخرتناها لتكون عىل صفحات‬ ‫منرب املناطق يف مجلة “منرب التوحيد” لهذا‬ ‫العدد‪ .‬إنها بلدة شانيه الهادئة‪ ،‬التي تقع ضمن‬ ‫محافظة جبل لبنان‪ ،‬وتبعد عن العاصمة‬ ‫بريوت ‪ 25‬كلم‪ ،‬بارتفاع ‪ 1150‬مرتاً عن سطح‬ ‫البحر‪.‬‬ ‫شانيه‪ ،‬القرية الهانئة‪ ،‬ترت ّبع بني جاراتها‬ ‫من قرى قضاء عاليه يف مساحة مميزة تجعل‬ ‫مناخها عامل جذب للس ّياح واملصطافني‬ ‫واملستثمرين‪.‬‬ ‫هي من قرى االصطياف‪ ،‬فريدة بني القرى‬ ‫املحاذية لعروس املصايف عاليه‪ ،‬إذ ّأن كبار‬ ‫السياسيني ورجال األعامل يختارونها لقضاء‬ ‫أوقات من الراحة واإلستجامم فيها‪.‬‬

‫رئيس بلدية شانيه‬ ‫الدكتور أمني أيب املنى‬

‫حاورته‪ :‬سايل نوفل‬

‫قرية دير القمر‬

‫من هنا‪ ،‬بدأت جولتنا مع رئيس بلدية شانيه‬ ‫الدكتور أمني أيب املنى الذي قدّم لنا ّ‬ ‫ملخص عن‬ ‫حياته مام يجعلنا نتفاءل خرياً بأهمية ثقافة‬ ‫رؤساء البلديات للقيام باملشاريع املدروسة‬ ‫بعناية‪ ،‬فقال‪ :‬من مواليد شانيه عام ‪ ،1947‬أنهيت‬ ‫دراستي الثانوية يف الجامعة الوطنية يف عاليه‪،‬‬ ‫ومن ثم ُ‬ ‫نلت يف القاهرة شهادة الثانوية العامة‬ ‫ُ‬ ‫وعدت إىل الواليات املتحدة األمريكية يف العام‬

‫ُ‬ ‫فمكثت فيها حوايل األربعني سنة بصورة‬ ‫‪،1969‬‬ ‫ُ‬ ‫درست العلوم‬ ‫متقطعة‪ .‬خالل وجودي هناك‬ ‫السياسية يف جامعة هيوسنت ‪ -‬والية تكساس‪،‬‬ ‫وحزت عىل الدبلوم واملاجستري ومن ثم الدكتوراه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وعملت يف مهنة التدريس‪ ،‬والرتجمة‪ .‬ومنذ‬ ‫ّ‬ ‫وترش ُ‬ ‫ُ‬ ‫حت‬ ‫عدت إىل لبنان‬ ‫حوايل الستة أشهر‬ ‫لرئاسة البلدية فحالفني الحظ مبساعدة الطيبني‬ ‫والخيرّ ين من أهايل البلدة وفزت بالتزكية‪.‬‬ ‫أما عن معنى كلمة «شانيه» قال د‪ .‬أيب املنى‪:‬‬ ‫هناك إلتباس يف املعنى‪ ،‬فالبعض يقول بأنها‬ ‫كلمة رسيانية تعني «جبل السنديان»‪ ،‬والبعض‬ ‫اآلخر يقول بأنها تعني الناس الذين يح ّبون تغيري‬ ‫أماكن سكنهم أي التنقل من مكان إىل آخر‪.‬‬ ‫وعن العائالت قال‪ :‬أقدم العائالت هي عائلة‬ ‫آل حمزة وهم السكان األوائل يف البلدة‪ ،‬وأكرب‬ ‫عائلة هي أيب املنى إضافة إىل عائالت نرص وعبد‬ ‫الخالق وعزام وعصفور وحاطوم‪.‬‬ ‫ومع شهرة شانيه مبوسم اإلصطياف فيها‪،‬‬ ‫واالستثامر باِألموال التي تأيت من املغرتبني‬ ‫أردف د‪ .‬أيب املنى قائ ًال‪ :‬هناك عدد كبري من أهايل‬ ‫شانيه يف بالد اإلغرتاب‪ ،‬كام هي الحال بالنسبة‬ ‫لـ ‪ %90‬من القرى والبلدات اللبنانية‪ ،‬يرسلون‬ ‫األموال ملساعدة عائالتهم وأقربائهم وال شك‬ ‫أنه مورد مهم جداً‪ ،‬ولكن املورد األهم لشانيه‬ ‫هو موسم اإلصطياف خاصة وأن البلدة تعترب‬

‫‪63‬‬

‫من البلدات األوىل يف اإلصطياف يف منطقتنا‪.‬‬ ‫بدأ اإلصطياف يف شانيه يف األربعينات من‬ ‫القرن املايض‪ ،‬وأكرثية املصطافني هم من أهايل‬ ‫بريوت‪ ،‬وهناك العديد من الشخصيات املرموقة‬ ‫التي استملكت واصطافت يف البلدة‪ ،‬كالرئيس‬ ‫نبيه بري ورئيس مجلس النواب األسبق صربي‬ ‫حامدة والرئيس سليم الحص وآل نصويل إضافة‬ ‫إىل شخصيات سياسية وقضائية وأمنية أخرى‪.‬‬ ‫إن عدد سكان شانيه يف فصل الشتاء ال يتجاوز‬ ‫‪ 1000‬إىل ‪ 1200‬نسمة‪ ،‬لكنه يرتفع إىل ‪7000‬‬ ‫نسمة وأحياناً ‪ 12000‬يف موسم اإلصطياف‪ ،‬هذا‬ ‫باإلضافة إىل بعض املصطافني الخليجيني الذين‬ ‫ميلكون األبنية والفلل يف البلدة‪ ،‬منهم محافظ‬ ‫مدينة الكويت السابق وسفريها يف الفيليبني‪.‬‬ ‫وحول سؤالنا عن الزراعة يف شانيه‪ ،‬خاصة‬ ‫وأنها كانت مشهورة بإنتاج العنب‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫كان الناس يطلقون عىل العنب إسم «العنب‬ ‫البحمدوين» رغم أنه من شانيه‪ .‬لكن مع ابتداء‬ ‫حركة اإلصطياف‪ ،‬أصبح اإلعتامد عىل إيرادات‬ ‫وتم بيع األرايض الزراعية واستثامرها‬ ‫اإليجارات‬ ‫ّ‬ ‫يف البناء‪ .‬لكن ال شك أنه هناك بعض الزراعات‬ ‫الخفيفة كالعنب والزيتون والتني ولكن ليست‬ ‫بنسبة كبرية‪.‬‬ ‫وعن أعامل البلدية ومشاريعها القادمة‬ ‫قال‪ :‬هناك سعي جدّي ملحاولة استقطاب بعض‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫املستثمرين لبناء فندق أو مدينة سياحية أو‬ ‫مطاعم ومقاهي ألنه لدينا مركز جميل جداً يف‬ ‫ّ‬ ‫مطل عىل أجمل املناطق‪ ،‬ولدينا أرض‬ ‫جبل شانيه‬ ‫تتجاوز مساحتها ‪ 12000‬مرت مربع‪ ،‬ونحن نحاول‬ ‫تسويق هذا العقار لبناء مرشوع سياحي عليه‪.‬‬ ‫لقد أنجزنا بعض املشاريع منها مرشوعني‬ ‫للرصف الصحي لبعض األحياء‪ ،‬كام أننا يف‬ ‫صدد إعداد دراسة إلقامة محطة تكرير صغرية‬ ‫وتركيب ما يسمى بـ «‪ ،»Digesters‬وأعتقد أننا‬ ‫سنتمكن من إنجاز هذا املرشوع قريباً‪ ،‬إضافة‬ ‫ملرشوع آخر هو توسيع مدخل البلدة‪ ،‬كام أننا‬ ‫ندرس إمكانية رشاء مولد كهربايئ إلنارة الطريق‬ ‫العام عىل األقل‪ ،‬وعىس أن نتمكن من ذلك‬ ‫مبساعدة الجمعيات أو املؤسسات أو الدولة‪.‬‬ ‫هل من متويل من األحزاب للقيام مبشاريعكم؟‬ ‫تم بت ّربع‬ ‫ال أبداً‪ ،‬فمث ًال توسيع مدخل شانيه ّ‬ ‫اثنني من أهلها املهاجرين وهام‪ :‬د‪ .‬جهاد أيب املنى‪،‬‬ ‫والسيد منري محمد أيب املنى‪.‬‬ ‫ما رأيكم كبلدية بإغالق املدرسة الرسمية‬ ‫يف البلدة؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬مل يكن له الوقع اإليجايب‪ ،‬ولكن‬ ‫مشكلة املدرسة كانت ّأن عدد طالبها ال يتجاوز‬ ‫األربعني‪ ،‬ومل يكن لدينا الدليل الدامغ لنتمكن‬ ‫من املطالبة الكبرية إلبقاءها‪ ،‬ولكننا بصدد‬ ‫تحويل هذه املدرسة إىل معهد مهني‪ ،‬وقد قطعنا‬ ‫شوطاً بعيداً يف هذا املجال‪.‬‬ ‫أما عن «أخوت شانيه» الذي إشتهر‬ ‫وشه َر القرية معه‪ ،‬فقال‪ :‬لقد أصبح حقاً من‬ ‫الشخصيات املشهورة يف لبنان بأكمله‪ .‬اسمه‬ ‫حسن حمزة‪ ،‬ومل يكن «أخوت» باملعنى العام‬ ‫للكلمة‪ ،‬إذ ّأن كلمة «أخوت» باملعنى العا ّمي‬ ‫املطلق يف القرى الجبلية ال تعني «املجنون»‪ ،‬ولكن‬ ‫بالنسبة للعادات والتقاليد املعروفية‪ ،‬فإن أهايل‬ ‫املنطقة كانوا ينعتون كل شخص يتلفظ بكالم‬ ‫غري تقليدي أو يبعث عىل الضحك والسخرية‬ ‫بكلمة «أخوت»‪ .‬ولكن الرجل كان يتمتع بذكاء‬ ‫توصل إليه أن يكون‬ ‫وموهبة إقناع معروفة‪ ،‬ومام ّ‬ ‫محظياً بثقة األمري بشري الشهايب الثاين‪ ،‬ومن‬ ‫نوادره أنه تدخل يف عملية ج ّر املياه من نبع الصفا‬ ‫إىل بيت الدين وكان هذا املرشوع بكلفته يرهق‬ ‫خزينة اإلمارة بذلك الوقت فاقرتح عىل األمري‬ ‫ضاحكاً‪ :‬إجمع عساكرك كلها وانرشهم من هنا‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لنبع الصفا وليحفر كل واحد منهم قربه فتصل‬ ‫إليك املاء دون عناء‪ ،‬وقد اقتبس أهايل شانيه فيام‬ ‫بعد الطريقة التي استعملها أخوت شانيه لج ّر‬ ‫مياه نبع الصفا‪ ،‬واستفادوا منها يف حفر أعمدة‬ ‫الكهرباء يف الخمسينات‪ .‬هناك بعض اإللتباس‬ ‫بالنسبة لشخصيته‪ ،‬فعندما قام املمثل نبيه‬ ‫أبو الحسن بتمثيل مرسحية «أخوت شانيه» وهي‬ ‫من كتابة حافظ أيب املنى‪ ،‬أعتقد الكثريون أنه‬ ‫حقاً «أخوت شانيه» ولكنّ األخري هو من شانيه‬ ‫بينام املمثل ابو الحسن من قرية بتخنيه‪ .‬هذه‬ ‫املرسحية ُن ِّفذت عىل مرسح جمعية النهضة‬ ‫اإلجتامعية يف البلدة عام ‪ ،1970‬وعاد ريعها‬ ‫لبناء نادي الجمعية‪ ،‬ومن ثم بي َعت املرسحية‬ ‫بعدها لتلفزيون لبنان واملرشق من ِق َبل مخرجها‬ ‫باسم نرص الذي أخرج مسلسل «أخوت شانيه»‬ ‫بعد أن ُح ِّولت املرسحية إىل مسلسل من كتابة‬ ‫أنطوان غندور‪ ،‬وكان له الصدى اإليجايب الكبري‪.‬‬

‫عضو اللجنة النسائية‬ ‫نعمت أيب املنى‪ :‬ال رئيس للجنة‪،‬‬ ‫فع َملنا جامعي‬

‫النسائية هي لجنة منبثقة عن جمعية النهضة‬ ‫اإلجتامعية الخريية يف شانيه‪ ،‬ونشاطاتنا تشمل‬ ‫مساعدة املسنني والطالب وإقامة ندوات طبية‬ ‫وترفيهية وحفالت‪ ،‬ودورات تعليم كومبيوتر ولغة‬ ‫إنكليزية‪.‬‬ ‫تأسست الجمعية يف العام ‪ ،1967‬ومن ثم‬ ‫تأسست اللجنة النسائية يف العام ‪ 1996‬بعد‬ ‫حرب قانا‪ ،‬ومن هنا كان نشاطنا األول حيث‬ ‫املهجرين إىل‬ ‫اجتمعنا وبدأنا مبساعدة أهالينا‬ ‫ّ‬ ‫منطقتنا‪ ،‬وكذلك يف حرب متوز األخرية‪ ،‬كان‬ ‫لنا نشاط واسع لجهة تأمني الغذاء والطعام‬ ‫للجميع‪ ،‬وقمنا بجمع الت ّربعات من أهايل البلدة‬ ‫املهجرين‪.‬‬ ‫ألهلنا ّ‬ ‫من نشاطاتنا الدامئة مرسحيات األطفال‬ ‫التي نقدّ مها م ّرتني كل سنة‪ ،‬عىل مرسح‬ ‫تم تأهيله من قبل مؤسسة‬ ‫الجمعية التي ّ‬ ‫الوليد بن طالل اإلنسانية‪ .‬وتبعاً للتقليد‬ ‫السنوي‪ ،‬هناك احتفال يتحول إىل مهرجان‬ ‫بعنوان «صبحية» ويستقطب أهايل البلدة‬ ‫والجوار‪.‬‬ ‫الالفت يف عملنا داخل الجمعية‪ ،‬أنه عمل‬ ‫جامعي إذ ال رئيس لها وال أمني صندوق وال مراكز‬ ‫تتوزع عىل أعضاءها‪ .‬وتتألف اللجنة اليوم من‬ ‫جامنة أيب املنى‪ ،‬نعمت أيب املنى‪ ،‬رئيفة نرص‪،‬‬ ‫إلهام أيب املنى‪ ،‬أنجيل حمزة‪ ،‬راغدة أيب املنى‪ ،‬مي‬ ‫أيب املنى‪ ،‬ودعد أيب املنى‪.‬‬

‫د‪ .‬سعيد أيب املنى‪:‬‬ ‫شانيه بحاجة لسيارة إسعاف‬

‫اللجنة‬ ‫أعضاء‬ ‫بأحدى‬ ‫إلتقينا‬ ‫كذلك‬ ‫النسائية يف شانيه نعمت أيب املنى التي‬ ‫ع ّرفت عن اللجنة ونشاطاتها فقالت‪ :‬اللجنة‬

‫‪64‬‬

‫األموال التي تأيت للمستوصفات تذهب هدراً يف‬ ‫بعض األحيان خاصة ّ‬ ‫وأن املعاينات شبه مجانية‪،‬‬ ‫وبالتايل ال مردود مادي يجعل السمتوصف يكمل‬ ‫عمله بالشكل الطبي املطلوب‪.‬‬ ‫أعتقد أنه يجب استعامل هذه األموال يف‬ ‫مستوصفات مركزية‪ ،‬ففي بلدة مؤلفة من‬ ‫‪ 1000‬إىل ‪ 1500‬شخص‪ ،‬ال شك أنه لن يحتاج‬ ‫للمستوصف رمبا أكرث من عرشة أشخاص يومياً‪،‬‬ ‫وبالتايل ميكنهم اإلنتقال إىل أقرب مستوصف‬ ‫مركزي يف البلدات املجاورة‪.‬‬ ‫إن إقفال املستوصف يف شانيه يعود إىل‬ ‫أسباب شخصية‪ ،‬إذ حصل مناكفة بني املسؤولني‬ ‫والق ّيمني عىل املستوصف‪ ،‬نتمنى أن يتم معالجة‬ ‫األمر مبستوصف مركزي يعطي املواطنني األمان‬ ‫الصحي املطلوب‪ ،‬إن كان من الطب الوقايئ أو‬ ‫العالجي‪ ،‬إذ ال يوجد مق ّومات ملستشفى يف‬ ‫كاف‬ ‫املنطقة‪ ،‬وبالتايل فإن املستوصف املركزي‬ ‫ٍ‬ ‫برأيي‪.‬‬ ‫إذا ُقدِّر بناء مستوصف يف شانيه‪ ،‬هل هو‬ ‫برأيك قادر عىل إيفاء بعض من تكاليفه؟‬ ‫حت ًام ال‪ ،‬خاصة وأن كلفة املعاينة فيه بخسة‬ ‫وبالتايل فاملردود املادي سيكون بسيط جداً‪،‬‬ ‫وبالتايل سيكون وجوده كام باقي املستوصفات‬ ‫مج ّرد سوء إدارة طبية‪ .‬ولألسف‪ ،‬معظمها‬ ‫يفشل بسبب التدخالت السياسية التي تتغلغل‬

‫بشكل كبري فيها‪.‬‬ ‫وأردف يف موضوع املشاكل الصحية يف‬ ‫تنحرس معظم املشاكل الصحية‬ ‫شانيه‪:‬‬ ‫ضمن األمراض العادية كالفريوس والتهاب‬ ‫األمعاء وغريها‪ ،‬وهذا عائد لعدم وجود محطة‬ ‫تكرير للرصف الصحي‪ .‬ال شك أن الجمعية يف‬ ‫شانيه تقوم مبا يلزم من مساعدات صحية‪،‬‬ ‫ولكن ما نحتاجه هو سيارة إسعاف‪ ،‬وبعض‬

‫اإلهتاممات لجهة اللقاحات التي تعجز الدولة‬ ‫عن تأمينها نظراً ألسعارها الباهظة‪ .‬كام ّ‬ ‫أن‬ ‫أكرث األمراض التي ظهرت حديثاً يف البلدة هو‬ ‫حاالت التصلب العصبي (‪ ،)MS‬والتي تتمكن‬ ‫الجمعية من تأمني أغلبية مستلزمات مرىض‬ ‫هذه الحاالت‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سايل نوفل‬

‫ولإلضاءة عىل املواضيع الصحية يف‬ ‫البلدة‪ ،‬إلتقينا أيضاً الدكتور سعيد أيب‬ ‫املنى الذي تحدّ ث مط ّوالً عن املوضوع‬ ‫الصحي‪:‬‬ ‫ماذا عن املستوصف الذي كان موجوداً يف‬ ‫تم إغالقه‪ ،‬وهل من محاوالت إلعادة‬ ‫شانيه‪ ،‬وملاذا ّ‬ ‫فتحه؟‬ ‫من ناحية املبدأ‪ ،‬أنا ضد وجود مستوصفات‬ ‫صغرية يف البلدات والقرى‪ ،‬ألنني أعترب ّأن الدكتور‬ ‫يف السمتوصف ال يعطي املريض الوقت الكايف‪،‬‬ ‫وال ميارس املهنة الطبية كام يجب‪ ،‬كام ّأن‬

‫‪65‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مناطق‬

‫النعمان معـلماً سـياحـياً وبيئياً‬ ‫حي البيئة في مدينة مع ّرة ُ‬

‫حسام البش‪ :‬الرئيس بشار األسد‬ ‫وراء مراسيم تطوير المدن‬

‫الحي البيئي يف مدينة معرة النعامن هو‬ ‫مرشوع منفتح عىل الفكر البيئي املعارص‬ ‫ومرشوع حضاري يعتمد عىل ترسيخ املواطنة‬ ‫البيئية ويكرس األخالق والسلوكيات البيئية‬ ‫لدى أبناء املجتمع بكافة رشائحه وأطيافه‪،‬‬ ‫ومن هذا املنطلق بدأت مدينة معرة النعامن‬ ‫بتكريس كافة جهودها وبالتعاون مع املجتمع‬ ‫املحيل وبتوجيهات من محافظ إدلب لتنفيذ حي‬ ‫البيئة يف املدينة ‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” زارت مدينة معرة النعامن ورأت‬ ‫العراقة واألصالة يف كافة أرجاء املدينة‪ ،‬كام‬ ‫قامت بجولة ميدانية اطلعت من خاللها عىل‬ ‫الحي البيئي الذي امتاز بالجاملية البالغة الروعة‬ ‫وحسن التنظيم والتنسيق‪ ،‬والتقت املهندس‬ ‫محمد حسام البش رئيس مجلس مدينة معرة‬ ‫النعامن الذي قال‪:‬‬ ‫بتوجيهات ودعم مادي ومعنوي وباهتامم‬ ‫كبري من املهندس خالد األحمد لتنفيذ حي‬ ‫البيئة‪ ،‬وقيامه مبتابعة خطوات التنفيذ أوالً بأول‬ ‫لهذا املرشوع الهام والحيوي أال وهو (حي البيئة)‬ ‫تـم اختيار حي املساكن يف مدينة معرة‬ ‫حيث ّ‬ ‫النعامن ل ُيصبح حي منوذجي بالتنسيق بني‬ ‫مجلس املدينة ومديرية شؤون البيئة يف إدلب‪،‬‬ ‫وذلك نظراً لتناسق أبنيته‪ ،‬كونه ُيش ّكل جمعية‬ ‫سكنية قدمية تضم ما يقارب من ‪ 150‬شقة‬ ‫سكنية ‪.‬‬ ‫وعىل أساس ذلك عُ قد اجتامع لكافة أهايل‬ ‫الحي يف املركز الثقايف العريب باملعرة‪ ،‬بحضور‬ ‫مديرة مديرية شؤون البيئة يف إدلب والفعاليات‬ ‫الرسمية يف املدينة ورئيس وأعضاء مجلسها‪،‬‬ ‫وتم الطلب من‬ ‫تم رشح موضوع حي البيئة ّ‬ ‫حيث ّ‬ ‫األهايل التعاون الكامل يف إنجاز هذا املرشوع‬ ‫وتم االستامع إىل آرائهم‪ ،‬حيث أقر املجتمعون‬ ‫الهام ّ‬ ‫عدة أعامل وهي ‪:‬‬ ‫ تسـليط النوازل املطرية ألبنية الحي عىل‬‫وتم ذلك بوصل‬ ‫مص ّبات الرصف الصحي يف الحي‪ّ ،‬‬ ‫كافة النوازل املطرية للرصف الصحي‪ ،‬وبعد‬ ‫تم وضع أغطية معدنية‬ ‫االنتهاء من العمل كام ًال ّ‬ ‫ملونة لهذه النوازل‪.‬‬ ‫تـم تنظيم شبكات الكهرباء والهاتف‬ ‫‬‫ّ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وزيرة البيئة‪ :‬كل مدينة سورية ستشهد والدة حي بيئي‬

‫محافظ إدلب‪ :‬الحي البيئي يف املعرة أسس للنهوض بواقع البيئة عىل مستوى القطر‬

‫املوجودة عىل جدران األبنية‪ ،‬واملش ّوهة للمنظر‬ ‫العام‪ ،‬والتي كانت بشكل شبكة عنكبوت‪ ،‬حيث‬ ‫تم جمعها ضمن قساطل معدنية واستبدالها‬ ‫ّ‬ ‫موحدة‪ ،‬وإلغاء تقاطعات الكابالت بني‬ ‫بكابالت‬ ‫ّ‬ ‫األبنية ‪.‬‬ ‫ قمنا بإعادة بخ جدران األبنية بـ (الرتوليه)‬‫تم اختيار اللون املطلوب بالتنسيق بني‬ ‫بعد أن ّ‬

‫‪66‬‬

‫األهايل ومجلس املدينة‪ ،‬ووضع الرسومات‬ ‫الهندسية عىل شرُ فات األبنية بألوان ُمناسبة‬ ‫أللوان (الرتوليه(‪ ،‬بعـد ذلك قمنا بتنفيذ األرصفة‬ ‫الجديدة للحي (أنرتلوك) وذلك بعد حفر وصب‬ ‫الحفر والقواعد الالزمة لألشجار وأعمدة اإلنارة‬ ‫ُ‬ ‫العا ّمة‪ ،‬وم ّد الكابالت الالزمة لإلنارة العا ّمة‬ ‫ضمن قساطل بالستيكية وم ّد قميص زفتي‬

‫جديد للحي‪ ،‬وقد قمنا ببناء ب ّوابتني أثريتني‬ ‫ملدخل ومخرج الحي‪ ،‬مع أحواض ورود فيها شكل‬ ‫أثري ‪.‬‬ ‫وفـي املرحلة األخرية بدأنا بزراعة األشجار‬ ‫وقمنا برتكيب أعمدة إنارة عا ّمة وإنارة الب ّوابتني‬ ‫األثريتني وتركيب األغطية املعدنية للنوازل‬ ‫تم‬ ‫املطرية وتركيب اللوحات اإلرشادية‪ ،‬حيث ّ‬ ‫اختيار أطفال من أهايل الحي للتعبري عن بعض‬ ‫اللوحات اإلرشادية‪ ،‬ووضعنا حاويات ُقاممة‬ ‫صغرية مطبوع عليها العبارات اإلرشادية‬ ‫املناسبة وترقيم مداخل األبنية ووضع لوحات‬ ‫لذلك ومتت زراعة الورود يف األحواض األثرية‬ ‫جانب املداخل ووضع (ستاند) للزائرين للحي فيه‬ ‫صور للحي قبل التنفيذ و بعده‪ ،‬حيث كانت‬ ‫كلفة تنفيذ هذا الحي ما يقارب ‪ 6.5‬مليون لرية‬ ‫سورية مبدة تنفيذ ترتاوح بني الشهرين تقريباً‪،‬‬ ‫حيث تم تخديم أكرث من ‪ 50‬وحدة سكنية ‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ ،2010/6/26‬وبحضور محافظ إدلب‪،‬‬ ‫تم افتتاح‬ ‫وضمن احتفال شعبي جامهريي كبري‪ّ ،‬‬ ‫هذا الحي ليكون بادرة جميلة وامنوذج تم تعميمه‬ ‫عىل كافة أنحاء سورية الحبيبة ‪.‬‬ ‫سمعنا أن عدداً كبرياً من املسؤولني يف‬ ‫الدولة قاموا بزيارة هذا الحي‪ ،‬كيف كان‬ ‫انطباعهم؟‬ ‫لقد زار الحي شخصيات كبرية عدة منهم تامر‬ ‫الحجة وزير اإلدارة املحلية وو وزيرة الدولة لشؤون‬ ‫البيئة ومحافظ إدلب خالد األحمد ومحافظ‬ ‫حلب عيل منصورة‪ ،‬أحمد شحادة خليل محافظ‬ ‫حامه ‪ ،‬ووفد املخيم البيئي العريب‪ ،‬فكانوا بغاية‬ ‫السعادة والفرح ملا كان لهذا الحي من جاملية‬ ‫يف الشكل واملضمون‪ ،‬وقد أكد وزير اإلدارة‬ ‫املحلية عىل رضورة تعميم هذا الحي عىل جميع‬ ‫املحافظات السورية ‪.‬‬ ‫أهايل املدينة عربوا عن عميق شكرهم‬ ‫وامتنانهم لكل من تك ّرم وتفضل بزيارة هذا‬ ‫الحي البيئي الذي كان له وقع كبري يف النفوس‬ ‫وأعطى دع ًام معنوياً ألهايل الحي‪ ،‬وملجلس مدينة‬ ‫معرة النعامن‪ ،‬فكل الشكر والتحية لكل من‬ ‫تفضل بزيارة الحي من جميع املحافظات السورية‬ ‫وأعطى دفعاً كبرياً للعمل‪ .‬ويف نهاية الحديث‬ ‫قدم املهندس محمد حسام البش رئيس‬ ‫مجلس املدينة برقية حب وتقدير ‪:‬‬ ‫باسـم أهـايل مدينـة معـرة النعامن “نرفع‬ ‫أسمى آيات الحب والوالء لقائد مسـرية التحديث‬ ‫والتطوير الرئيس القائد الرمز الدكتور ّ‬ ‫بشار‬ ‫حافظ األسد”‪.‬‬

‫وزير اإلدارة املحلية‪ :‬بادرة الحي البيئي سوف تع ّمم املحافظات‬

‫عبد السالم األحمد‬ ‫عبد املناف األحمد‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مناطق‬

‫مدينة معرتمصرين تاريخ وحضارة‬ ‫رحال‪ :‬تمتاز بتنظيمها الجيد وشوارعها العريضة وأبنيتها الجميلة‬ ‫عندما غادرنا مدينة إدلب متجهني شامالً نحو‬ ‫مدينة معرمترصين‪ ،‬وذلك عرب طريق باب الهوى‬ ‫«الذي يعترب بوابة سوريا عىل تركيا وأوروبا»‬ ‫شاهدنا سحر الطبيعة الغناء‪ ،‬وشاهدنا جامل‬ ‫مدخل املدينة الواسع وأبنيتها الحديثة التي ت ّعرب‬ ‫عن حضارة أهلها وساكنيها‪ ،‬فهذه املدينة تزدهر‬ ‫يوماً بعد يوم ‪.‬‬ ‫دخلنا مبنى مجلس املدينة والتقينا املهندس‬ ‫عبد العزيز رحال رئيس املجلس‪ ،‬الذي استقبلنا‬ ‫بوجهه البشوش الضاحك‪ ،‬ورحب بنا أجمل‬ ‫ترحيب‪ ،‬حدثنا عن مدينة معرمترصين املايض‬ ‫والحارض واملستقبل‪ ،‬فلمسنا من خالل حديثه‬ ‫ثقافته املتميزة يف كل املجاالت وخاصة فيام‬ ‫يتعلق بعمل املجلس‪ ،‬فكان الحوار التايل‪:‬‬ ‫حدثنا بلمحة موجزة عن مدينة معرمترصين‬ ‫املايض والحارض؟‬ ‫مدينة معرمترصين قال فيها الرحالة األديب‬ ‫«عمر بن عيل امليقايت الحلبي‪ :‬معرمترصين بلدة‬ ‫كأنها صورة جنة الخلد منقوشة يف عرض األرض‪،‬‬ ‫هي بلدة واسعة الرقعة طيبة البقعة واسطة‬ ‫البالد ومن أي طرف قمت إليها وجدت األشجار‬ ‫حولها من كل ذات مثر تؤيت أكلها وهي ذات تاريخ‬ ‫مجيد) وتبعد عن مدينة إدلب شامالً ‪ 10‬كم وعن‬ ‫الحدود الرتكية ‪ 30‬كم‪ ،‬وتعترب حارضة املنطقة‬ ‫الشاملية يف املحافظة حيث تحيط بها أشجار‬ ‫الزيتون كام يحيط السوار مبعصم اليد‪ ،‬وتعود‬ ‫تسميتها إىل اللغة الرسيانية حسب ما ورد يف‬ ‫كتاب معجم البلدان لـ»ياقوت الحموي»‪ ،‬واالسم‬ ‫مؤلف من قسمني األول»معرة» وتعني مغارة‬ ‫و»مرصين» جمعها األمصار وتعني بالرسيانية‬ ‫األمطار فتصبح «مغارة األمطار» ‪.‬‬ ‫وهي من أقدم املدن يف الشامل السوري وتعود‬ ‫إىل عصور ما قبل التاريخ حيث يزيد عمرها عن‬ ‫الخمسة آالف عام وزادت أهميتها يف العهد‬ ‫اإلسالمي األول‪ ،‬فتحها أبو عبيدة بن الجراح زمن‬ ‫الخليفة العادل “عمر بن الخطاب” عام ‪ 17‬هجري‬ ‫بعد أن فتح حلب توجه إىل “معرمترصين” ونزل‬ ‫يف طرفها الغريب وركز الراية ونصبت له خيمة‬ ‫ولخالد بن الوليد خيمة‪ ،‬وسميت هذه املنطقة‬ ‫“بالدوسة “وحصلت يومها مناوشة بني الروم‬ ‫والصحابة وقتل من الروم خمسة ومن الصحابة‬ ‫اثنني هم من األنصار فرقة الخزرج ودفنوا يف‬ ‫هذا املكان ويعرف حتى هذا اليوم “باملغازين” بني‬ ‫األشجار غريب املدينة‪.‬‬ ‫وحديثاً متتاز بتنظيمها الجيد وشوارعها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املهندس عبد العزيز رحال رئيس مجلس املدينة‬

‫العريضة‪ ،‬كام أنها تحتوي عىل العديد من‬ ‫الدوارات والساحات العامة إضافة إىل أبنيتها‬ ‫الجميلة واملنفذة وفق أهم أسس السالمة العامة‬ ‫حيث طبق فيها نظام الوقاية من الزالزل منذ عام‬ ‫‪.1998‬‬ ‫ما هي أهم املواقع األثرية يف املدينة؟‬ ‫هناك أكرث من عرشين موقع أثري أهمها الجامع‬ ‫الكبري‪ ،‬وهو أعظم جامع يف محافظة إدلب‬ ‫حيث تعلو سطحه مجموعة كبرية من القباب‬ ‫التي ترتكز عىل أربع أعمدة يف حرم املسجد‪،‬‬ ‫ومسجد أبناء الخليل إبراهيم عليه السالم‬ ‫بالقرب من التل املسمى بتل الخليل‪ ،‬ومزار الخرض‬ ‫الذي يقع يف جنوب البلد عىل بعد ‪ 1‬كم‪ ،‬ومقام‬ ‫امللك الصالح وهو أحمد بن امللك الظاهر غازي‬ ‫ابن السلطان صالح الدين والذي يقع يف الجهة‬ ‫الشاملية من املدينة ‪.‬‬ ‫ما هو الواقع الحايل ملجلس املدينة؟‬ ‫تم إحداث البلدية عام ‪ 1947‬وتم تنظيم أول‬ ‫مخطط تنظيمي لها عام ‪ ،1963‬وتبلغ حالياً‬ ‫مساحة املخطط التنظيمي ‪ 410‬هكتار‪ ،‬ويحيط‬ ‫باملدينة من الشامل والغرب والجنوب أشجار‬ ‫الزيتون ومن الرشق طريق باب الهوى‪ ،‬ويبلغ‬ ‫عدد سكانها ‪ 37000‬نسمة يعمل معظمهم‬ ‫بالزراعة (زيتون – بطاطا – خرضوات) ويوجد عدد‬

‫‪68‬‬

‫من معارص الزيتون وصناعة األعالف وصناعة‬ ‫املخلالت ومعامل الصابون وصناعة الحالوة ‪.‬‬ ‫ما هي املراكز الخدماتية املتوفرة يف املدينة‪،‬‬ ‫وما هي نسبة تخديم السكان فيها؟‬ ‫تحتوي املدينة عىل كافة املرافق الخدماتية‬ ‫والعامة منها (املرصف الزراعي – مصلحة الزراعة‬ ‫– مركز الكهرباء – مركز الهاتف – وحدة مياه –‬ ‫مركز صحي – مركز توجيه تربوي – مركز لألحوال‬ ‫املدنية)‪ ،‬وهي تقوم عىل تخديم السكان بالشكل‬ ‫األمثل‪ ،‬وهناك نقص يف عدد الهواتف األرضية‬ ‫حيث تم اإلعالن عن توسيع الشبكة لتغطي حاجة‬ ‫السكان‪ ،‬ونحتاج يف بعض األحيان للتنسيق بني‬ ‫هذه الدوائر لتنفيذ عدة أعامل خاصة باملدينة ‪.‬‬ ‫ما هي أهم املشاريع الخدماتية‪ ،‬وما هي‬ ‫نسب التنفيذ؟‬ ‫يقوم مجلس املدينة بتنفيذ مشاريع تعبيد‬ ‫وتزفيت ورصف صحي وإنارة كل عام ونسبة‬ ‫التنفيذ لغاية اآلن ‪ ( :‬تخديم املياه ‪ - %100‬تخديم‬ ‫الكهرباء ‪ - %100‬تخديم الرصف الصحي ‪- %100‬‬ ‫تعبيد ‪ - %100‬إنارة ‪ - %100‬تزفيت ‪.)% 100‬‬ ‫ما هي موازنة مجلس املدينة‪ ،‬وما هي أهم‬ ‫املشاريع املنفذة بالخطة االستثامرية؟‬ ‫لرية‬ ‫بلغت املوازنة التقديرية ‪37378000‬‬ ‫سورية‪ ،‬اإليرادات الفعلية لغاية اآلن ‪25659853‬‬

‫لرية سورية ‪.‬‬ ‫الباب الثالث ‪ 13559000‬لرية سورية‪ ،‬املنفذ‬ ‫‪ 9664623‬لرية سورية ‪.‬‬ ‫وهناك مشاريع استثامرية قيد التنفيذ‬ ‫ومشاريع أخرى قيد الدراسة‪.‬‬ ‫مرشوع كراج االنطالق بكلفة ‪ 37‬مليون لرية‬‫سورية تم تنفيذ املرحلة األوىل وهي عبارة عن ‪34‬‬ ‫محل تجاري‪.‬‬ ‫ مقصف شتوي وصيفي وصالة أفراح ومحالت‬‫تجارية بكلفة ‪ 9‬مليون لرية سورية‪.‬‬ ‫ قبان أريض ‪ -‬ووحدة تربيد – استثامر سوق‬‫املوايش وسوق الدراجات‪.‬‬ ‫ تم دراسة محطة وقود وتم أخذ كافة املوافقات‬‫وسيتم تنفيذها يف عام ‪. 2011‬‬ ‫ما هي عائدات مجلس املدينة من‬ ‫االستثامرات؟‬ ‫هناك عدة استثامرات يعود ريعها ملجلس‬ ‫املدينة وذلك لتنفيذ مشاريع خدماتية يف املدينة‬ ‫ومنها‪:‬‬ ‫ استثامر سوق املوايش ‪ 48000‬مليون لرية‬‫سورية سنوياً‬ ‫ استثامر سوق الدراجات ‪ 30000‬مليون لرية‬‫سورية سنوياً‬ ‫ استثامر القبان االلكرتوين ‪ 405000‬مليون‬‫لرية سورية سنوياً‬ ‫ استثامر غرف التربيد ‪ 268500‬مليون لرية‬‫سورية سنوياً‬ ‫ استثامر محالت وصالة أفراح ‪6365000‬‬‫مليون لرية سورية سنوياً‬ ‫ استثامر محطة الوقود ‪ 1200000‬مليون لرية‬‫سورية سنوياً‬ ‫أين وصلتم بالعمل يف املنطقة الصناعية؟‬ ‫لقد قمنا بتنفيذ املنطقة الصناعية عىل‬ ‫مرحلتني‪ ،‬األوىل مساحتها ‪ 6‬هكتار مستملكة‬ ‫ومدفوع قيمة استمالكها ‪ 7.7‬مليون لرية سورية‪،‬‬

‫شارع جميل يف محافظة ادلب‬

‫وعدد املقاسم ‪ 126‬مقسم حريف خمسة‬ ‫مقاسم معامل‪ ،‬حيث تم توزيع ‪ 114‬مقسم‪ ،‬وتم‬ ‫استثامرها من قبل الحرفيني‪ ،‬كام تم تخدميها‬ ‫بكافة الخدمات منذ العام ‪.2005‬‬ ‫املرحلة الثانية من املنطقة الصناعية‪:‬‬ ‫مساحتها ‪ 3‬هكتار وعدد املقاسم ‪ 140‬مقسم‪،‬‬ ‫وتم اإلعالن والتخصيص بتاريخ ‪ ،2010 / 9 / 17‬وتم‬ ‫تخدميها بالرصف الصحي وسيتم تعبيدها ‪.‬‬ ‫اإلعانات املمنوحة للمنطقة الصناعية ‪8‬‬ ‫مليون لرية سورية‪ 5 ،‬مليون لرية سورية تزفيت‬ ‫املنطقة الصناعية األساسية و‪ 1.5‬مليون لرية‬ ‫سورية تعبيد توسيع املنطقة الصناعية و‪1.5‬‬ ‫رصف صحي لتوسع املنطقة الصناعية‪.‬‬ ‫ما هي املعوقات والتحديات التي تعرتض‬ ‫مجلس‬ ‫عمل‬ ‫سري‬ ‫املدينة؟‬ ‫ قلة الكادر الفني‬‫يف‬ ‫والعاملني‬ ‫واملايل‬ ‫يؤثر‬ ‫النظافة‬ ‫مجال‬ ‫سلباً عىل تنفيذ خطط‬ ‫املجلس وتنفيذ مضمون‬ ‫تصدر‬ ‫التي‬ ‫القوانني‬ ‫تصحيح‬ ‫عىل‬ ‫للعمل‬ ‫األخطاء واملخالفات‪ ،‬عل ًام‬ ‫بأننا تقدمنا مبرشوع‬ ‫توسيع املالك ومل يصدر‬ ‫حتى اآلن‪.‬‬ ‫ قلة املوارد املالية‬‫والتي تؤثر عىل تنفيذ‬ ‫الخدماتية‬ ‫الخطط‬

‫‪69‬‬

‫واالستثامرية للمجلس ‪.‬‬ ‫ عدم التنسيق الجدي بني الدوائر الخدماتية ما‬‫يؤثر سلباً عىل سري العمل وعىل موازنة املجلس ‪.‬‬ ‫ما هو الواقع التعليمي يف املدينة؟‬ ‫إن الواقع التعليمي يف املدينة متقدم جداً‬ ‫ويوجد نسبة عالية من الشهادات الجامعية‬ ‫سواء العلمية أو األدبية ومن كافة االختصاصات‪،‬‬ ‫وتم التخلص من األمية يف املدينة بشكل كامل‬ ‫باستثناء النساء الكبريات يف السن‪ ،‬كام يوجد‬ ‫فيها أربع مدارس للحلقة األوىل وأربع مدارس‬ ‫للحلقة الثانية وثانوية للذكور وثانوية لإلناث‬ ‫وثانوية للفنون النسوية وثانوية صناعية وثانوية‬ ‫مهنية‪ ،‬وهناك نشاطات ثقافية وندوات شهرية‬ ‫يف املركز الثقايف حيث يعترب من أقدم املراكز‬ ‫الثقافية يف املحافظة حيث كان مكتبة وطنية‬ ‫وتم استالمه من‬ ‫تابع للبلدية منذ عام ‪،1950‬‬ ‫ّ‬ ‫قبل وزارة الثقافة عام ‪ ،1973‬وهو يقوم بإعداد‬ ‫محارضات دورية يف كافة املجاالت واالختصاصات‬ ‫ويدعو لها أهم املحارضين واالختصاصني حيث‬ ‫تلقى حضوراً كبرياً من أبناء املدينة‪ ،‬كام أنه‬ ‫يحتوي عىل مكتبة ضخمة تضم أكرث من ‪13‬‬ ‫ألف كتاباً يف كافة املجاالت العلمية واألدبية‪،‬‬ ‫ويؤمها عدد كبري من أبناء املدينة وخصوصاً من‬ ‫فئة الشباب‪.‬‬ ‫ويف الختام توجه رحال بالشكر اىل محافظ‬ ‫إدلب املهندس خالد األحمد عىل دعمه الدائم‬ ‫واملستمر وعىل توجيهاته للنهوض بواقع عمل‬ ‫مجلس املدينة عىل كافة الصعد‪.‬‬

‫حوار‪ :‬عبد السالم‬ ‫وعبد املناف األحمد‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مناطق‬

‫مدينة بنش عراقة الماضي وأصالة الحاضر‬ ‫جمالو‪ :‬من أهم المدن الخضراء التي تحيط بـ «إدلب»‬ ‫يف الطريق املمتدة من مدينة إدلب إىل مدينة‬ ‫بنش ومبسافة ‪ 8‬كم ترافقك الخرضة أينام اتجهت‪،‬‬ ‫وأشجار التني والزيتون ترحب بك ضيفاً عزيزاً قادماً‬ ‫إىل بنش‪ ،‬يذهلك جامل منظر الطبيعة الخالبة‬ ‫ويشد انتباهك جامل أبنيتها الحديثة املمزوجة‬ ‫مع األبنية القدمية لتعطيك لوحة فنية جميلة‬ ‫عريقة من الرتاث القديم الحديث ‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” زارت مدينة بنش وشاهدت‬ ‫التطور العمراين حيث تجمع هذه املدينة بني‬ ‫التنظيم الحديث املتمثل يف سعة شوارعها‬ ‫وساحاتها العامة‪ ،‬وطابعها املعامري املتميز‬ ‫وبني عراقة موقعها وأصالة تقاليد الضيافة عند‬ ‫أهلها‪ ،‬حيث ُاستقبلنا كإعالميني بكل حفاوة‬ ‫وترحيب كيف ال وهذه املدينة مدينة الزميل‬ ‫اإلعالمي عيل جاملو الذي ُيعرف بوطنيته وحبه‬ ‫لعمله اإلعالمي‪ ،‬وألن يف الحديث عن “بنش”‬ ‫شجون‪ ،‬التقينا رئيس مجلس املدينة املهندس‬ ‫“محمد عاصم جاملو” الذي أمتعنا بحديثه عن‬ ‫مدينته قائ ًال‪:‬‬ ‫مدينة بنش بلد وادع يرقد فوق تلة‪ ،‬تطل بهدوء‬ ‫عىل سهول خصبة حمراء الرتبة من الجنوب‬ ‫والرشق‪ ،‬وتحيط بها األشجار من الشامل والغرب‬ ‫حيث تتصل مع كروم إدلب الشهرية بزيتونها‬ ‫وكرمتها وتينها‪ ،‬وهناك أسباب لتسميتها يرجح‬ ‫أنها تعود إىل أصول رسيانية حيث (بن تعني‬ ‫ابن ونش تعني إنسان أو شيخ) فهي تعني “ابن‬ ‫اإلنسانية”‪ ،‬وقد ورد اسمها يف مذكرات قايض‬ ‫حلب (ابن الشحنة) الذي قال فيها إن بنش من‬ ‫أعامل حلب تبعد عنها مسرية يوم وقد ورد أن‬ ‫اسمها مقسوم إىل جزأين األول (بن) والثاين‬ ‫(نش) وتعني (مزرعة األشبال أو األسود) كام ورد‬ ‫يف اللغات القدمية ومل يتبني السبب الرئييس‬ ‫للتسمية ‪.‬‬ ‫ومدينة بنش تقع عىل تلة يصل ارتفاعها‬ ‫عن سطح البحر اىل ‪ 371‬م‪ ،‬تنحدر سفوحها‬ ‫الرشقية والجنوبية بشدة عىل السهول املجاورة‪،‬‬ ‫ارتفاعها عن سطح البحر ‪ 330‬م‪ ،‬ويخف االنحدار‬ ‫نحو الشامل وتتصل بهضبة إدلب من الغرب‪،‬‬ ‫وتبلغ مساحة بنش ‪ 85000‬دونم ويبلغ عدد سكانها‬ ‫نحو ‪ 38000‬نسمة يعمل معظمهم بالزراعة‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل الحرف الصناعية والتقليدية مع‬ ‫وجود بعض املعامل الحديثة‪ ،‬ويوجد عدد كبري‬ ‫من الخريجني عىل مختلف املستويات وتضم‬ ‫عدد كبري من املثقفني‪ ،‬وهي مدينة وادعة تطل‬ ‫عىل سهول خصبة تحيط بها األشجار املثمرة‬ ‫وأهمها الزيتون والتني من كل جانب لتجعل‬ ‫منها قلعة من قالع الشامل السوري‪ ،‬وتقع إىل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املهندس عاصم جاملو‬

‫الشامل الرشقي من مدينة ادلب ومبسافة ‪ 8‬كم‪،‬‬ ‫ومناخها من النموذج املتوسطي املعتدل الجاف‬ ‫صيفاً البارد املمطر شتا ًء ‪.‬‬ ‫حدّثنا عن مدينة “بنش” الحارض؟‬ ‫تشهد مدينة بنش نهضة عمرانية كبرية خالل‬ ‫السنوات األخرية حيث بلغ عدد رخص البناء حتى‬ ‫نهاية أيلول ‪ ،2010‬حوايل ‪ 130‬رخصة معظمها‬ ‫أبنية سكنية متعددة الطوابق والشقق‪ ،‬ويبلغ‬ ‫مساحة املخطط التنظيمي ‪ 450‬هكتار‪ ،‬وقد تم‬ ‫توسيع املسح الطبوغرايف إىل أكرث من ‪800‬‬ ‫هكتار‪ ،‬ويتحمل مجلس املدينة عبء تقديم‬ ‫الخدمات يف املدينة التي يتزايد عدد سكانها‬ ‫وبناءها بوترية عالية ‪.‬‬ ‫أين وصلتم بالعمل يف املنطقة الصناعية؟‬ ‫يقوم مجلس املدينة بتجهيز املنطقة‬ ‫الصناعية عىل مساحة ‪ 130‬دونم وبكلفة ‪85‬‬ ‫مليون‪ ،‬ويتم اآلن تنفيذ مرشوعني يف هذه‬ ‫املنطقة للرصف الصحي والطرق‪ ،‬حيث سيبدأ‬ ‫الحرفيون باستالم مقاسمهم وبناء محالتهم‬ ‫قبل نهاية العام الحايل وذلك بعد أن شارفت‬ ‫البنى التحتية للمنطقة الصناعية عىل االنتهاء‪،‬‬ ‫ويسعى مجلس املدينة أخذ موافقة اللجنة‬ ‫اإلقليمية إىل توسيع هذه املنطقة بإضافة ‪50‬‬ ‫دونم مالصقة لها وذلك الستقطاب عدد كبري من‬ ‫الحرفيني فيها ‪.‬‬ ‫هل من أعامل أخرى يقوم مجلس املدينة‬ ‫بدراستها؟‬ ‫بالطبع يقوم مجلس املدينة بإعداد دراسة‬ ‫لبناء سوق هال وتجهيز كراج خالل عام ‪،2011‬‬ ‫كام تتم عملية إنشاء محطة ترحيل للنفايات‬

‫‪70‬‬

‫الصلبة يف الحي الرشقي من املدينة‪ ،‬كذلك يقوم‬ ‫مجلس املدينة عىل استمالك حديقتني يف الحي‬ ‫الشاميل والجنويب ‪.‬‬ ‫الصحي‬ ‫للرصف‬ ‫مشاريعكم‬ ‫هي‬ ‫ما‬ ‫والطرقات؟‬ ‫بالنسبة للرصف الصحي تم استبدال ومد‬ ‫خطوط جديدة للرصف الصحي مبسافة حوايل‬ ‫‪ 2‬كم‪ ،‬حيث أصبح التخديم بالنسبة للسكان‬ ‫أكرث من ‪ ،% 95‬كام يتم العمل عىل إنجاز محطة‬ ‫معالجة للرصف الصحي رشقي املدينة بالقرب‬ ‫من قرية طعوم‪ ،‬وبالنسبة للطرقات تم تنظيم‬ ‫ساحة السوق وتزفيتها مع الشارع الرئييس‬ ‫باتجاه الطريق العام حلب – ادلب واستبدال‬ ‫األرصفة‪ ،‬كام يتم اآلن تزفيت شوارع متفرقة‬ ‫يف املدينة بكلفة ‪ 7‬مليون لرية سورية‪ ،‬وبسبب‬ ‫التوسع العمراين سيقوم مجلس املدينة بتعبيد‬ ‫الشوارع يف أماكن التوسع ‪.‬‬ ‫ماذا عن واقع اإلنارة والنظافة يف املدينة؟‬ ‫بالنسبة لإلنارة فهي جيدة ويتم استبدال‬ ‫األجهزة ذات الطاقة العالية بأجهزة موفرة‬ ‫للطاقة‪ ،‬كام قمنا بوضع مؤقتات زمنية لتحديد‬ ‫فرتة التشغيل ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لوضع النظافة فهو مقبول‪،‬‬ ‫ولكن نحن بحاجة إىل تطوير العمل ومؤازرة من‬ ‫قبل املواطنني يف الحفاظ عىل النظافة والتقيد‬ ‫التام مبواعيد رمي القاممة ووضعها ضمن‬ ‫أكياس محكمة اإلغالق‪ ،‬وقد قمنا بتطوير آلية‬ ‫العمل من الناحية الخدمية حيث قمنا بإضافة‬ ‫آليات جديدة للنظافة وهي سيارة (قالب) حديثة‬ ‫كانت تقدمة من أحد املواطنني من سكان املدينة‪،‬‬

‫وتراكس صغري لجمع النفايات واألتربة وترحيلها‬ ‫خارج نطاق املدينة‪ ،‬كام قام السيد املحافظ‬ ‫مشكوراً بتقديم معونة ملجلس املدينة (جرار فرات)‬ ‫حديث حيث يتم استالمه اآلن ووضعه بالخدمة‪،‬‬ ‫كام يستمر العمل أيضاً يف إنجاز محطة ترحيل‬ ‫النفايات رشقي املدينة ‪.‬‬ ‫ما هي املراكز الخدماتية املوجودة يف املدينة ؟‬ ‫يتوفر يف املدينة جميع أنواع الخدمات (من‬ ‫كهرباء ومركز صحي ومركز ثقايف ومركز هاتف‬ ‫وبريد) وهي تقوم عىل تخديم املواطنني بالشكل‬ ‫األمثل وال يوجد هناك شكوى بخصوص أي مركز‬ ‫من املراكز‪ ،‬كام يوجد مديرية ناحية‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫عدد كبري من مدارس التعليم األسايس وثانويات‬ ‫متنوعة منها (ثانوية الحاسوب والثانوية التجارية‬ ‫واملهنية والفنون النسوية وثانوية عامة)‪.‬‬ ‫ويف الختام شكر جاملو محافظ إدلب الذي‬ ‫أكرم مجلس املدينة بعطائه وبدعمه املستمر‪،‬‬ ‫كام توجه بالشكر اىل قائد مسرية التطوير‬ ‫والتحديث الرئيس بشار األسد‪.‬‬

‫سامل إدريس‪ :‬مدينة بنش‬ ‫بحاجة إىل مركز للقاء األرسي‬

‫كام التقت “منرب التوحيد” التقت األستاذ‬ ‫املحامي رضوان سامل ادريس الذي أكد تعاون‬ ‫مجلس مدينة بنش التام‪ ،‬يف حديث هذا نصه‪:‬‬ ‫ما هو وضع القضاء يف مدينة بنش بشكل‬ ‫عام؟‬ ‫القضاء يف بنش ممتاز جداً‪ ،‬وسيادة القايض‬ ‫رئيس محكمة الصلح ذو أخالق عالية‪ ،‬وميتاز‬ ‫بالحيادية التامة وله سمعته الطيبة‪ ،‬وهو‬ ‫متعاون جداً مع كافة الجهات الرسمية املتواجدة‬ ‫يف املدينة‪ ،‬ويكن له جميع املحامني واملواطنني يف‬ ‫املدينة كل احرتام وتقدير ‪.‬‬ ‫ولكن هناك بعض املنغصات التي تعرتض‬ ‫سري عمل القضاء يف املدينة وأهمها عدم وجود‬ ‫صندوق فرعي من املالية من أجل استيفاء الرسوم‬ ‫القضائية وخاصة بعد صدور قانون الرسوم‬ ‫القضائية الجديد‪ ،‬حيث يتكبد املواطنون عناء‬ ‫الذهاب إىل مدينة ادلب من أجل دفع الرسوم‪،‬‬ ‫لذلك نرجو من الجهات املعنية تأمني أمني صندوق‬ ‫فرعي من املالية لتخفيف األعباء عىل املواطنني‪،‬‬ ‫كام نطالب من عىل هذا املنرب جميع املعنيني‬ ‫بتأمني مركز للقاء األرسي ليسهل عىل العائالت‬ ‫املنفصلة مشاهدة ذويهم بكل أريحية‪.‬‬ ‫ونحن بحاجة ملبنى مستقل لدار املحكمة يف‬ ‫املدينة‪ ،‬وقد أوعز املحامي العام للمعنيني بإيجاد‬ ‫مقسم لبناء دار للمحكمة وتخدميه بكافة‬ ‫املرافق العامة والبنى التحتية‪.‬‬ ‫ما مدى تعاون مجلس مدينة بنش معكم‬ ‫كنقابة محامني؟‬ ‫مجلس املدينة متعاون جداً حيث قام رئيس‬ ‫املجلس جاملو بتأمني مقر ملحكمة الصلح ومكتب‬

‫املبنى البلدي‬

‫املحامي رضوان سامل ادريس‬

‫املختار بشار الحاج هاشم‬

‫ملحامني بنش وكافة الخدمات الالزمة لهام ‪.‬‬ ‫ما هو وضع القضاء يف سورية ؟‬ ‫هناك بطء بالبت يف القضايا املنظورة أمام‬ ‫القضاة وخاصة القضايا املوجودة يف محكمة‬ ‫النقض‪ ،‬وذلك نظراً لنقص بعدد الغرف مع الحجم‬ ‫الكبري من الدعاوي املوجودة هناك‪ ،‬فنتمنى‬ ‫اإلرساع بالبت يف الدعاوي املرتاكمة يف محكمة‬ ‫النقض‪ ،‬كام أن هناك عائق آخر وهو قضايا الطالق‬ ‫يف املحاكم الرشعية التي تشكل فيها املطلقة‬ ‫عبء عىل أهلها خالل فرتة التقايض التي قد متتد‬ ‫لسنتني أو أكرث مع غياب قانون يلزم الزوج بتأمني‬ ‫املسكن الرشعي للزوجة يف حاالت وجود األوالد‬ ‫مع أمهم يف بيت أهل الزوج وما ينتج عن ذلك‬ ‫من تشكيل عبء مادي عىل األهل ومعنوي عىل‬ ‫الزوجة‪ ،‬لذلك نهيب بالجهات املختصة إصدار قانون‬ ‫يلزم الزوج بتأمني مسكن رشعي مع النفقة‬ ‫ملطلقته حني تكون حاضنة ألوالده‬ ‫القارصين يف سن الحضانة ‪.‬‬

‫وعن الخدمات التي قدمها مكتبه السياحي‬ ‫للمواطنني أكد أنه تم تسيري أربعة رحالت عمرة‬ ‫بحدود ‪ 250‬معتمر من بداية عام ‪ ،2010‬وتم‬ ‫تسجيل ‪ 25‬حاج إىل بيت الله الحرام‪ ،‬وقد أكد‬ ‫عىل رضورة وجود خط ‪ asd1‬عل ًام أن هذه الخدمة‬ ‫ال يستطيع تأمينها املقسم املوجود يف مدينة‬ ‫بنش‪ ،‬وهذه الخدمة رضورية يف مكتبنا للتواصل‬ ‫مع مكاتب ورشكات الطريان من أجل تأمني‬ ‫تذاكر حجز طريان للمواطنني الراغبني بالسفر‬ ‫خارج القطر‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬عبد السالم‬ ‫وعبد املناف األحمد‬ ‫مكتب دمشق‬

‫حاج هاشم‪:‬‬ ‫نؤمن كل ما يريح‬ ‫السائح‬

‫كام التقينا أيضاً مختار ومدير‬ ‫عام مكتب بنش للسياحة والسفر‬ ‫بشار حاج هاشم الذي أطلعنا عىل‬ ‫مجمل األعامل الخدماتية التي يقوم‬ ‫مجلس املدينة بتأمينها للمواطنني‬ ‫بجميع النواحي‪ ،‬مثنياً عىل عمل‬ ‫مجلس املدينة بجميع كوادرها ‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب مناطق‬

‫مديرية الخدمات الفنية في إدلب عززت مقومات التنمية االقتصادية والخدماتية‬

‫اسماعيل ‪ :‬موازنتنا نصرفها على أبنية مدرسية واإلسكان والبنى التحتية‬ ‫تعترب مديرية الخدمات الفنية يف إدلب‬ ‫من أهم الركائز التي تضطلع بدور حيوي‬ ‫فاعل يف رفد وتعزيز مقومات التنمية‬ ‫االقتصادية والخدماتية واالجتامعية التي‬ ‫يشهدها القطر يف ظل قيادة للسيد‬ ‫الرئيس بشار األسد الحكيمة‪ ،‬حيث تقوم‬ ‫املديرية بإعداد الدراسات الفنية واملالية‬ ‫واإلرشاف عىل مشاريع الطرق واألبنية‬ ‫املدرسية ومشاريع الوحدات اإلدارية يف‬ ‫املحافظة وتنفيذ العديد منها إضافة إلنجاز‬ ‫املخططات الطبوغرافية والتنظيمية ملجالس‬ ‫املدن والبلدان والبلديات يف املحافظة‪،‬‬ ‫وتحديثها ومنح الرخص‪ ،‬وتتم هذه األعامل‬ ‫كافة من خالل الكوادر املؤهلة يف املديرية‬ ‫وبواسطة األجهزة الفنية املتطورة التي‬ ‫تساهم يف تحقيق هذه األعامل بكفاءة ودقة‬ ‫عاليتني ‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” جالت يف أرجاء محافظة‬ ‫إدلب ورأت مدى حجم العمل الكبري امللقى عىل‬ ‫عاتق هذه املديرية التي تعمل جاهدة لخدمة‬ ‫كافة املواطنني حيث يسعى مديرها املهندس‬ ‫إسامعيل إسامعيل اىل تقديم كل ما يستطيع‬ ‫يف سبيل نجاح هذه املؤسسة والعمل عىل تقديم‬ ‫أفضل الخدمات للوطن واملواطن‪ ،‬وقد ملسنا أثناء‬ ‫لقائنا به مدى غريته وحبه وإتقانه لعمله املوكل‬

‫إليه‪ ،‬حيث تحدث لنا بكل شفافية ورصاحة عن‬ ‫اإلنجازات التي تحققت يف املديرية بني عامي ‪2009‬‬ ‫و ‪ 2010‬قائ ًال‪:‬‬ ‫إن محافظ إدلب خالد األحمد جعل املحافظة‬ ‫تعمل كفريق عمل واحد أشبه ما يكون بخلية‬ ‫النحل‪ ،‬متبنياً النهوض باملحافظة من خالل‬ ‫توجيهاته باإلقالع باملشاريع الراكدة‪ ،‬ورفع وترية‬ ‫العمل يف مشاريع أخرى‪ ،‬وتصحيح مسارات‬ ‫بعضها اآلخر من خالل توزيع املشاريع الحيوية‬ ‫عىل مناطق املحافظة بشكل منطقي وعادل‪،‬‬

‫يؤ ّمن إيصال الخدمات إىل كافة مواطني‬ ‫املحافظة بالتساوي من خالل الدعم املادي‬ ‫واملعنوي‪ ،‬حيث أكد عىل رضورة البحث عن‬ ‫أسباب بطء التنفيذ يف بعض هذه املشاريع‪،‬‬ ‫وأسباب الركود يف بعضها اآلخر‪ ،‬ومحاسبة‬ ‫املسؤولني عن التقصري من جهة‪ ،‬ودعم‬ ‫املجدين وحثهم عىل بذل املزيد من الجهد‬ ‫والعطاء وتذليل كافة الصعوبات من جهة‬ ‫ثانية‪ ،‬حيث جعل املحافظة تعمل كفريق‬ ‫عمل واحد أشبه ما يكون بخلية النحل ‪.‬‬ ‫وقد بلغت موازنة املديرية لعام ‪2010‬‬ ‫مليار وستامية مليون لرية سورية ملشاريع‬ ‫الطرق واألبنية املدرسية وإسكان ومرافق‬ ‫ونفايات صلبة‪ ،‬وقد بارشنا خالل هذا العام‬ ‫بتنفيذ الخطة االستثامرية املقررة ‪.‬‬

‫يف مجال الطرق‬ ‫أما بالنسبة ملشاريع الطرق يف املحافظة خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬فقد بلغ طول الطرق اإلسفلتية يف‬ ‫محافظة إدلب املحلية ‪ 2467‬كم‪ ،‬والسياحية ‪212‬‬ ‫كم‪ ،‬واألثرية ‪ 377‬كم‪ ،‬والزراعية ‪ 803‬كم‪ ،‬كام بلغ‬ ‫طول الطرق املعبدة يف املحافظة ما يقارب ‪912‬‬ ‫كم‪ ،‬ويتم صيانة ما يعادل ‪ 200‬كم سنوياً ‪.‬‬ ‫وقد بلغ اعتامد الطرق عام ‪ 2010‬ما يقارب ‪520‬‬ ‫مليون لرية سورية لتنفيذ ‪ 450‬كم طرقات بني‬ ‫إعادة تأسيس وصيانة ‪.‬‬

‫يف مجال األبنية املدرسية‬ ‫بالنسبة لألبنية املدرسية يف عام ‪ 2009‬فقد‬ ‫تم بناء ‪ 969‬قاعة للتعليم األسايس‪ ،‬و ‪ 112‬قاعة‬ ‫للتعليم الثانوي‪ ،‬وقد تم اإلعالن و التعاقد عىل‬ ‫تنفيذ ‪ 700‬قاعة للتعليم األسايس و‪ 67‬قاعة‬ ‫للتعليم الثانوي خالل عام ‪ ،2009‬وتم العمل‬ ‫إلكامل املدارس املهنية املتعاقد عليها سعياً‬ ‫لوضعها باالستثامر ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لألعامل املخطط لها خالل عام‬ ‫‪ 2010‬إنهاء أعامل الرتميم للمدارس املنقولة من‬ ‫العام السابق ومتابعة تنفيذ ‪ 680‬قاعة منقولة‪،‬‬ ‫وإنهاء ‪ 469‬قاعة منها‪ ،‬ورفع نسب إنجاز باقي‬ ‫القاعات إىل ‪ ،%75‬واملبارشة بـ ‪ 400‬قاعة كمالحق‬ ‫يف مدارس مناطق املحافظة‪ ،‬ورفع نسب إنجازها‬ ‫الوسطية إىل ‪.% 35‬‬ ‫وقد تم إنهاء ‪ 146‬قاعة‪ ،‬وترتاوح نسب التنفيذ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪72‬‬

‫يف باقي تنفيذ القاعات بني ‪ 20‬و ‪. % 90‬‬ ‫وتم التلزيم واملتابعة بتنفيذ ‪ 317‬خلية دورة مياه‬ ‫وتم إنهاء ‪ 76‬خلية منها و ‪ 5‬أسوار مدارس وباحة‬ ‫وقاعتني مهنيتني‪ ،‬وأعامل مرشوع رصف صحي‪،‬‬ ‫وترميم وصيانة معسكر الطالئع‪ ،‬وبناء غرف‬ ‫فيه‪.‬‬

‫واقع النفايات الصلبة‬ ‫يف املحافظة‬ ‫سوف نغلق كل املكبات العشوائية بعد تنفيذ‬ ‫املطامر الصحية‪ ،‬إذ تعاين محافظة إدلب كباقي‬ ‫املحافظات من الرمي املكشوف والطمر العشوايئ‬ ‫للنفايات والقيام برمي القاممة يف أماكن غري‬ ‫مدروسة من ناحية البعد عن املناطق السكنية‬ ‫واملياه الجوفية واألماكن السياحية وغريها من‬ ‫الرشوط الواجب توفرها يف املطمر الصحي‪،‬‬ ‫لذلك سعت املحافظة ومديرية الخدمات الفنية‬ ‫جاهدة ملنع هذه الظواهر غري الحضارية‪ ،‬لذلك‬ ‫قمنا بالتعاقد مع رشكة أربيت لالستشارات‬ ‫البيئية إلعداد الدراسة التفصيلية للمخطط‬ ‫التوجيهي وإعداد الدراسات الهندسية الالزمة‬ ‫وكانت مدة العقد‪ :‬أربعة أشهر بقيمة خمسة‬ ‫ماليني ومائتني وستني ألف لرية سورية‪ ،‬حيث تم‬ ‫التسليم عىل مرحلتني ‪.‬‬ ‫وقسمت محافظة “إدلب” إىل أربع مناطق‬ ‫توجد فيها مك ّبات قاممة رئيسية سيتم تحويلها‬ ‫إىل محطات ملعالجة النفايات الصلبة‪ ،‬وتضم‬ ‫معالجة ميكانيكية‪ ،‬ومحطة فرز ومحطة معالجة‬ ‫بيولوجية‪ ،‬ومطمر صحي‪ ،‬إضافة إىل موقع‬ ‫ملحطة النقل والتجميع‪ ،‬وهي مواقع “مصينب” يف‬ ‫منطقة “إدلب” وما جاورها‪ ،‬و”حنتوتني” يف منطقة‬ ‫“املعرة”‪ ،‬و”الدانا” يف منطقة “حارم”‪ ،‬و”أبداما” يف‬ ‫منطقة “جرس الشغور”‪ ،‬وكانت كلفة اإلجاملية‬ ‫ملحطات الجمع والرتحيل ‪ 166.900‬مليون لرية‬ ‫سورية‪ ،‬كام تقوم مديرية الخدمات الفنية بدعم‬ ‫الوحدات اإلدارية لصيانة املكبات الخاصة بها من‬ ‫خالل اآلليات املتوفرة‪ ،‬وسيتم إغالق كافة املكبات‬ ‫العشوائية بعد تنفيذ املطامر الصحية األربعة‬ ‫ومحطات الرتحيل املتعاقد عىل تنفيذها‪.‬‬ ‫بالشكر‬ ‫ويف نهاية حديثه توجه إسامعيل‬ ‫الكبري اىل الرئيس بشار األسد‪ ،‬باين سوريا‬ ‫الحديثة وقائد مسرية التطوير والتحديث‪،‬‬ ‫وللقيادتني السياسية واإلدارية التي ترفد املديرية‬ ‫بالتوجيهات‪ ،‬كام توجه بالشكر ألرسة تحرير‬ ‫مجلة منرب التوحيد اللبنانية ‪.‬‬

‫حوار‪ :‬عبد السالم األحمد‬ ‫وعبد املناف األحمد‬

‫‪73‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫كاريتاس جمعية دولية تعنى باإلنسان وتسعى الى العدالة‬

‫جويل ديب لـ «منبر التوحيد»‪ :‬نسعى للحد من الفقر‬ ‫وتقديم المساعدات الصحية واالجتماعية‬

‫كاريتاس هي حركة عاملية تعمل للتضامن من أجل عامل أكرث عدالً‪،‬‬ ‫مستوحاة من مثال اإلميان املسيحي وتعاليم الكنيسة االجتامعية‬ ‫الكاثوليكية‪ .‬ومن غري املقبول أن املاليني من الناس يعانون من خالل الال‬ ‫إنسانية الفقر والظلم االجتامعي‪ ،‬وطبعاً الجميع يريد التغيري‪.‬‬ ‫كاريتاس لبنان‪ ،‬تدعم مجموعة متنوعة من الربامج اإلنسانية‬ ‫واالجتامعية والتنمية التي تركز عىل الفئات املحتاجة والضعيفة‪ ،‬وتشمل‬ ‫ضحايا النزاعات والالجئني واملهاجرين‪ ،‬واألطفال املحتاجني واأليتام واألرامل‬ ‫واملسنني واإلدمان‪ ،‬كان معظم أعامل هذه املؤسسة اإلنسانية استجابة‬ ‫لحاالت الطوارئ يف أعقاب الرصاع الذي كانت له آثار خطرية يف صفوف‬ ‫الشعب اللبناين‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل دعمها للفئات‬ ‫املحتاجة‪ ،‬مؤسسة كاريتاس لبنان‬ ‫تشارك أيضاً يف مشاريع لتعزيز‬ ‫اإلنتاج الزراعي‪ ،‬وتطوير سبل العيش‬ ‫يف املناطق الريفية وتوسيع األدوار‬ ‫كام تدير مراكز‬ ‫االجتامعية للمرأة‪.‬‬ ‫تقديم املساعدة واملشورة بشأن‬ ‫قضايا مثل النظافة العامة وصحة‬ ‫األم وفريوس نقص املناعة البرشية‬ ‫‪ /‬اإليدز‪.‬‬ ‫ولتسليط الضوء عىل جمعية‬ ‫كاريتاس‪ ،‬ومعرفة املزيد عنها‪ ،‬وعن‬ ‫أهدافها وما تقدمه من مساعدات‬ ‫ونشاطات‪ ،‬كان ملجلة “منرب التوحيد”‬ ‫لقاء مع املسؤولة اإلعالمية لجمعية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫كاريتاس السيدة جويل ديب‪ ،‬وجاء الحوار عىل الشكل التايل‪:‬‬ ‫بداية‪ ،‬هل من فكرة عن جمعية كاريتاس يف لبنان‪ ،‬متى تم إنشاؤها‪ ،‬وما‬ ‫هي أهداف هذه الجمعية؟‬ ‫كاريتاس كلمة التينية تعني املحبة‪ .‬تأسست عام ‪ 1897‬يف مدينة فرايبورغ‬ ‫يف أملانيا‪ ،‬ويف لبنان عام ‪ 1972‬يف الجنوب‪ ،‬وتحولت يف ‪ 9‬أيلول ‪ ،1976‬بقرار‬ ‫من مجلس البطاركة واألساقفة الكاثوليك يف لبنان‪ ،‬إىل كاريتاس لبنان‪.‬‬ ‫هدفها األسايس مساعدة األشخاص والجامعات بقصد ترقية البرشية‬ ‫وتنميتها‪ .‬هي تناضل من أجل نرش عدالة املسيح ومحبته من دون أي متييز‬ ‫عرقي أو ديني وذلك مبكافحة الفقر والعوز والحرمان والترشد والتهجري‬ ‫عن طريق التثقيف ودعم اإلمناء الذايت ونرش ثقافة العمل التطوعي وروح‬ ‫التضامن االجتامعي وتنسيق عمل‬ ‫املحبة‪.‬‬ ‫من هم املستفيدون من تقدميات‬ ‫جمعيتكم‪ ،‬وماذا تقدم‪ ،‬وما هي‬ ‫املعايري أو الحاالت التي بإمكانها‬ ‫االستفادة من هذه التقدميات؟‬ ‫تقف رابطة كاريتاس لبنان إىل‬ ‫جانب املعوزين من مختلف الفئات‪،‬‬ ‫األطفال‪ ،‬النساء‪ ،‬املسنني‪ ،‬املرىض‪،‬‬ ‫املهمشني‪ ،‬املزارعني‪ ،‬األطفال ذوي‬ ‫االحتياجات الخاصة والحاالت الصعبة‪،‬‬ ‫الالجئني والعامل األجانب‪.‬‬ ‫تقدم كاريتاس لبنان الرعاية‬ ‫الصحية للمرىض من خالل ‪9‬‬ ‫مراكز صحية اجتامعية موزعة‬

‫‪74‬‬

‫عىل مختلف املحافظات‪ ،‬و‪ 9‬عيادات نقالة تجول عىل حوايل ‪ 660‬بلدة وقرية‪.‬‬ ‫هي تقوم برعاية أصحاب العمر الثالث من خالل موائد الصداقة ونوادي‬ ‫خصصتها لهم إىل جانب دار املحبة للمسنني يف عندقت‪ -‬عكار‪ .‬تحتضن‬ ‫األطفال ذوي االحتياجات الخاصة والحاالت الصعبة يف مركزين يف فغال‪-‬‬ ‫جبيل وزحلة‪ .‬هذا وتهتم بحقوق الطفل‪ ،‬فخصصت مدراس مسائية يف‬ ‫خمس مناطق‪ ،‬وحضانة للصغار منهم‪ ،‬وتنظم لهم املخيامت الصيفية‬ ‫والحفالت يف املناسبات‪.‬‬ ‫ولفئة الشباب حصة يف برامجها‪ ،‬فقد خصصت لهم معهد التعليم‬ ‫والتدريب الفني يف زحلة‪ ،‬ومراكز ونوادي ثقافية ورياضية يف الجنوب ويف‬ ‫بريوت‪ ،‬وبيت للطالبات‪...‬‬ ‫دعمت املزارع حتى يتش ّبث يف أرضه واملرأة الريفية حتى تدخل العجلة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬من خالل مشاريع إنتاجية كرتبية النحل وإنتاج العسل‬ ‫والتصنيع الغذايئ‪ ،...‬ومشاريع التنمية الزراعية لدعم عودة املهجرين يف‬ ‫الشوف‪ ،‬ومشاريع التنمية الجامعية‪ .‬وتقوم بتسويق إنتاج أهايل الريف‬ ‫ضمن تعاونية املحبة لترصيف اإلنتاج األهيل تحت اسم “إنتاجنا”‪.‬‬ ‫وال يقترص عمل كاريتاس لبنان عىل اللبنانيني بل خصصت مشاريع‬ ‫لالجئني األجانب‪ ،‬تضمن من خاللها احرتام حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫أعامل الجمعية ونشاطاتها توجه عىل األصعدة الرتبوية واالجتامعية‬ ‫والصحية‪ ،‬ما هي اآلليات املعتمدة إلمكانية االستفادة بالنسبة ملن يود‬ ‫االستفادة أو اإلجراءات التي ال بد منها؟‬ ‫ّإن رابطة كاريتاس لبنان تحاول أن تساعد األكرث حاجة‪ ،‬كونها ال تستطيع‬ ‫سد كل الحاجات التي ال تنفك تتزايد مع تفاقم الفقر‪ .‬عىل الصعيد الرتبوي‪،‬‬ ‫ميكن أن يستفيد ّ‬ ‫كل طفل يحتاج إىل دعم يف دروسه‪ ،‬من برنامج الدروس‬ ‫املسائية يف مناطق برج حمود‪ ،‬طرابلس‪ ،‬القبيات‪ -‬عكار‪ ،‬زحلة‪ ،‬القليعة‪-‬‬ ‫مرجعيون‪ .‬ويستطيع الشبان والشابات املقيمون يف زحلة والبقاع االلتحاق‬ ‫مبعهد التعليم والتدريب الفني العايل يف زحلة‪.‬‬ ‫عىل الصعيد االجتامعي‪ّ ،‬‬ ‫كل إنسان يحتاج إىل مساعدة يتقدم من‬ ‫ً‬ ‫أقرب مركز لكاريتاس لبنان ويقدم طلبا لدى املرشدة االجتامعية التي تدرس‬ ‫حالته ووضعه وحاجاته وفقاً لرشوط معينة‪ .‬ومن املفضل أ ّال يكون يستفيد‬ ‫من مؤسسات أخرى لإلفساح باملجال أمام اآلخرين باالستفادة‪.‬‬ ‫ويستطيع ّ‬ ‫كل إنسان أن يستفيد من الخدمات الصحية من دون أية رشوط‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بعد أن يفتح له ملفا كامال عن وضعه الصحي ويحصل عىل بطاقة صحية‬ ‫يستفيد منها ملدة سنة من الخدمات الطبية واألدوية من املراكز الصحية‬

‫التسع والعيادات النقالة التسع‪.‬‬ ‫هل لجمعيتكم فروع أخرى خارج لبنان‪ ،‬أم أنها محصورة ضمن نطاق‬ ‫معني؟‬ ‫كاريتاس لبنان هي واحدة من ‪ 165‬رابطة كاريتاس موجودة يف العامل‬ ‫وتعمل يف أكرث من دولة ومنطقة ومنتسبة إىل كاريتاس العاملية التي‬ ‫اتخذت روما مقراً لها‪.‬‬ ‫ولكاريتاس لبنان شبكة تضامن مؤلفة من لجان من الجالية اللبنانية‬ ‫يف فرنسا وبلجيكا وأسرتاليا وكندا والواليات املتحدة األمريكية واإلمارات‬ ‫العربية املتحدة وديب غريها‪.‬‬ ‫هل تشمل عنايتكم ملواطنني من بلدان عدة سواء كانوا لبنانيني أم‬ ‫عراقيني أو سودانيني أو دول أخرى؟‬ ‫مل تح ّد كاريتاس لبنان يوماً أعاملها باملواطن اللبناين‪ ،‬بل ّأسست منذ‬ ‫عام ‪ 1994‬مركزاً خاصاً بالالجئني األجانب والعماّ ل الوافدين إىل لبنان من‬ ‫مختلف الجنسيات (عراقيني‪ ،‬سودانيني‪ ،‬أثيوبيني‪ ،‬فيليبينيني‪ ،‬سريلنكيني‪،‬‬ ‫فلسطينيني‪ ،)...،‬تك ّرس خالله احرتام حقوق اإلنسان من دون أيّ متييز ديني‬ ‫أو عرقي‪.‬‬ ‫تتنوع أشكال املساعدة املتوفرة وتشمل اإلرشاد االجتامعي‪ ،‬املراجعات‬ ‫واملتابعات القانونية‪ ،‬التقدميات الصحية‪ ،‬التعليم‪ ،‬العودة الطوعية‪ ،‬تأمني‬ ‫ملجأ مؤقت وغريها‪...‬‬ ‫ما هي املشاريع التي نفذت حتى اآلن‪ ،‬وهل لديكم خطط مستقبلية‬ ‫لتوسيع مجال عمل جمعيتكم؟‬ ‫تسعى الرابطة إىل توسيع بعض الربامج القامئة وتطوير الخدمات التي‬ ‫تقدمها‪ ،‬وإىل امتداد مشاريع ناجحة وتنفيذها يف مناطق جديدة‪ .‬كذلك‬ ‫تدرس حالياً مجموعة من املشاريع التي ستخدم األشخاص املعوزين من‬ ‫مختلف الفئات‪.‬‬ ‫ماذا عن مصادر متويل الجمعية‪ ،‬هل هي إقليمية أو دولية؟‬ ‫ّإن كاريتاس لبنان تقوم عىل التربعات‪ .‬قسم من مواردها من الهبات‬ ‫املقدمة من قبل الشعب اللبناين خالل حملة التربعات السنوية‪ ،‬وقسم آخر‬ ‫من خالل أصحاب األيادي البيضاء أكانوا أفراداً أو مؤسسات أو جمعيات‪.‬‬ ‫هناك مشاريع تمُ ّول من الخارج‪ ،‬من شبكة كاريتاس العاملية املنترشة يف‬ ‫البلدان املختلفة‪ ،‬أو من خالل رشكاء لها من مؤسسات حكومية أو غري‬ ‫حكومية أو دولية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب صحة‬

‫التغذية وترقق العظام (‪)Osteoporosis‬‬ ‫ُيعترب مرض ترقق العظام سبباً أساسياً‬ ‫ملعظم الكسورعند النساء‪ ،‬وهو يؤدي إىل ضعف‬ ‫يف العظام نكتشفه فجأة‪ .‬فقد ال منلك أية فكرة‬ ‫عن مدى متانة عظامنا إال بعد أن نحاول دفع‬ ‫نافذة يصعب علينا إغالقها‪ ،‬أو ننحني اللتقاط‬ ‫يشء سقط منّا‪ ،‬أو نتعرث بيشء فنقع‪ .‬ينتج عن‬ ‫ذلك تكسرّ يف العظام ناجم عن تصدّعات ّ‬ ‫هشة‬ ‫موجودة فيها وهي عاد ًة العالمة األوىل لرتقق‬ ‫العظام‪.‬‬ ‫إن ترقق العظام مرض شائع ينتج عن اضطرابات‬ ‫تحدث للعظام‪ ،‬بحيث يفقد فيها النسيج‬ ‫العظمي كمية كبرية من املعادن كالكالسيوم‬ ‫كثافته‪ ،‬لذلك تصبح‬ ‫والفوسفور فتقل بالتايل‬ ‫ّ‬ ‫هشة وأكرث تعرضاً للكرس‪ .‬كام وأنه‬ ‫العظام‬ ‫مرض صامت‪ ،‬فكثري من الناس ال يشعرون عادةً‬ ‫بأنهم مصابون به إال بعد التع ّرض لحادث سقوط‬ ‫يؤدي إىل كسور‪ ،‬خاص ًة يف املعصم‪ ،‬الحوض‪،‬‬ ‫الفخذ والعمود الفقري‪ ،‬ميكن أن ينجم عنها‬ ‫إعاقة دامئة‪.‬‬ ‫ويعترب مرض ترقق العظام أكرث شيوعاً عند‬ ‫النساء منه عند الرجال‪ ،‬ويرجع ذلك عاد ًة إىل‬ ‫انخفاض معدّالت اإلسرتوجني عند النساء‬ ‫بعد انقطاع الطمث‪ .‬وقد يتسبب هذا املرض‬ ‫مبضاعفات خطرية‪ ،‬ولكن توجد بعض اإلرشادات‬ ‫البسيطة التي ميكن ا ّتخاذها للمساعدة عىل‬ ‫تقليل خطر اإلصابة باملرض ومضاعفاته‪.‬‬ ‫يقوم الجسم بتفكيك العظام وإعادة بنائها‬ ‫باستمرار مام يساعد عىل منو العظام وترميمها‪.‬‬ ‫تكون عمل ّية البناء عند األطفال واملراهقني أرسع‬ ‫من عملية التفكك‪ ،‬لهذا نلحظ الزيادة يف‬ ‫الطول خالل مراحل النمو هذه التي تستمر لعمر‬ ‫الثامنة عرشة حيث ميكن خاللها زيادة كثافة‬ ‫العظم‪ .‬أما بعد هذا العمر فيجب املحفاظة‬ ‫عليها‪ .‬وبالتايل‪ ،‬كلام زادت صحة العظام خالل‬ ‫هذه الفرتة كلام ّ‬ ‫قل خطر اإلصابة برتقق‬ ‫العظام‪ .‬وبعد مرحلة املراهقة واكتامل‬ ‫النمو‪ ،‬تصبح عملية التفكك أرسع من‬ ‫عملية البناء‪ ،‬لتتسارع عملية خسارة‬ ‫العظام بشكل أكرب بعد عمر األربعني‬ ‫بسبب التغريات الهرمونية التي تحدث يف‬ ‫هذه املرحلة من العمر‪.‬‬ ‫تتعدد األسباب التي تؤدي إىل اإلصابة‬ ‫مبرض ترقق العظام‪ .‬يرتبط هذا املرض‪،‬‬ ‫بالدرجة األوىل‪ ،‬بانخفاض مستوى هرمون‬ ‫التستوستريون عند الرجال‪ ،‬واإلسرتوجني‬ ‫عند النساء مع تقدم العمر (‪ ٤٠‬سنة وما‬ ‫فوق)‪ ،‬حيث ينتج عن ذلك اضطرابات تؤدي‬ ‫إىل خسارة كبرية يف العظام‪ .‬تعترب فرتة‬ ‫انقطاع الطمث ودخول املرأة سن الرجاء‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫من أهم املراحل التي تزيد فيها خسارة العظام‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬هناك عدة عوامل تزيد من‬ ‫خطر اإلصابة برتقق العظام كوجود املرض عند‬ ‫أحد أفراد األرسة‪ ،‬خسارة العضل مع التقدم‬ ‫يف العمر وانخفاض وزن الجسم تحت املعدل‬ ‫السليم‪.‬‬ ‫وللرياضة دور أسايس فيام يتعلق بهذا املرض‪.‬‬ ‫فاإلفراط يف مامرسة التامرين الرياضية قد يؤدي‬ ‫إىل خسارة املعادن من العظام‪ ،‬كام أن عدم‬ ‫مامرسة الرياضة كلياً يزيد من خطر اإلصابة‬ ‫بالرتقق‪ .‬إىل جانب هذه األسباب‪ ،‬هناك عوامل‬ ‫أخرى تلعب دوراً يف التأثري عىل كثافة العظام‬ ‫وبالتايل نشوء املرض؛ وتشمل بعض الحاالت‬ ‫املرضية مثل السكري‪ ،‬الفشل الكلوي املزمن‪،‬‬ ‫أمراض التهاب املفاصل الروماتيزمي‪ ،‬فرط نشاط‬ ‫الغدة الدرقية‪ ،‬مرض فقدان الشهية العصبي‬ ‫وانحباس الطمث‪.‬‬ ‫تساهم بعض األدوية والعالجات يف خسارة‬ ‫املعادن من العظام عند استعاملها عىل املدى‬ ‫الطويل‪ ،‬فاألدوية التي تحتوي عىل مادة الكورتيزون‬ ‫والتي تستعمل يف حاالت اإللتهاب والحساسية‬

‫‪76‬‬

‫مث ًال‪ ،‬قد تؤدي إىل ترقق عظام ثانوي ناتج عنها‪ .‬كام‬ ‫أن املهدّئات التي توصف لفرتة زمنية طويلة تؤثر‬ ‫عىل كثافة العظام عن طريق تخفيف امتصاص‬ ‫فيتامني ‪ D‬وهناك العالج الكيميايئ الذي‬ ‫يستعمل ملرىض الرسطان ويعرف ب ((‪Aromatase‬‬ ‫‪ ،Inhibitor‬له أيضاً تأثري سلبي عىل صحة العظام‪.‬‬ ‫كام يجب متابعة األشخاص الذين يستعملون‬ ‫مس ّيالت الدم عىل املدى الطويل بواسطة إجراء‬ ‫فحص دائم لهشاشة العظام‪ .‬وبالنسبة لألدوية‬ ‫املضادة لألسيد والحرقة‪ ،‬فهي تستعمل بشكل‬ ‫كبري ومن دون وصفة طبية معظم األحيان‪ .‬ومبا‬ ‫أن هذه األدوية تخفف من نسبة الحموضة يف‬ ‫املعدة‪ ،‬فهي تخفف من امتصاص الكالسيوم من‬ ‫الطعام‪ ،‬ولذلك تؤثر سلباً عىل كثافة العظام إذا‬ ‫استعملت عىل املدى الطويل‪.‬‬ ‫كام أن العادات السيئة تلعب دوراً بارزاً يف‬ ‫زيادة خطر اإلصابة بالرتقق‪ ،‬أهمها التدخني الذي‬ ‫يخفض مستوى اإلسرتوجني ويؤثر عىل عمل‬ ‫الخاليا البانية للعظم‪ ،‬فيؤدي إىل فقدان املعادن‬ ‫من العظام بشكل أرسع‪ .‬و ميكن أن يؤثر استهالك‬ ‫الكحول أيضاً عىل إفراز هرمونات اإلسرتوجني‬ ‫والتستوستريون‪ ،‬وبالتايل تخفيف كثافة العظام‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للكافيني‪ ،‬فإن تناول كميات تتعدى‬ ‫‪ ٥٠٠‬ملغ يومياً يؤدي‪ ،‬عىل املدى الطويل‪،‬‬ ‫‪-٣٠٠‬‬ ‫إىل زيادة خطر اإلصابة مبرض ترقق العظام‬ ‫وفقاً للنظريات الشائعة حول تعارض الكافيني‬ ‫مع امتصاص الكالسيوم‪ .‬تحتوي املرشوبات‬ ‫الغازية عىل كميات كبرية من الفوسفورالذي‬ ‫يزيد خسارة الكالسيوم من العظام؛ باإلضافة‬ ‫إىل أن هذا املوضوع يشكل خطراً كبرياً عىل‬ ‫األطفال واملراهقني الذين يتناولون كميات كبرية‬ ‫من املرشوبات الغازية‪ ،‬األمر الذي مينعهم من‬ ‫تناول مرشوبات أخرى غنية بالكالسيوم كاللنب‬ ‫والحليب‪ .‬وتشكل سوء التغذية‪ ،‬خاص ًة يف حاالت‬ ‫نقص الكالسيوم والفيتامني ‪ ،D‬املادتان‬ ‫األساسيتان يف تكوين العظام‪ ،‬إحدى‬ ‫األسباب املهمة التي تساهم يف انخفاض‬ ‫كثافة العظام‪ .‬وتجدر اإلشارة أيضاً إىل‬ ‫أن اتباع أنظمة غذائية عشوائية وعالية‬ ‫بالربوتني يؤدي إىل خسارة الكالسيوم من‬ ‫العظام بكمية كبرية ويزيد خطر اإلصابة‬ ‫بهذا املرض‪.‬‬ ‫يسبب ترقق العظام أملاً يف الظهر‬ ‫وتقوساً يف العمود الفقري‪ .‬وللكشف‬ ‫عنه‪ ،‬يقوم األطباء والفنيون بقياس كثافة‬ ‫املعادن كالكالسيوم وغريه يف العظام‬ ‫(‪ .Bone Mineral (Density‬وأفضل وسيلة‬ ‫لتقييم مخاطر الكسور هي قياس كثافة‬ ‫العظم عند العمود الفقري والورك‬

‫بواسطة عيار خفيف من أشعة أكس ملعرفة درجة‬ ‫امتصاص هذه األشعة ونفاذها يف العظام‪ .‬يجب‬ ‫أن تجرى عملية مسح لجميع النساء عند بلوغ سن‬ ‫الخامسة والثالثني لقياس كثافة العظام‪.‬‬ ‫ال يقترصعالج مرض ترقق العظام عىل تناول‬ ‫األدوية فقط‪ ،‬وإمنا يتعدى ذلك ليشمل تغيرياً‬ ‫جذرياً يف منط الحياة من حيث مامرسة التامرين‬ ‫الرياضية بشكل مدروس‪ ،‬اتباع عادات غذائية‬ ‫سليمة والتخيل عن بعض العادات السيئة التي‬ ‫تؤذي العظام‪.‬‬ ‫وهناك نوعان من التامرين الرياضية املهمة‬ ‫ملقاومة ترقرق العظام‪ :‬حمل األثقال ومتارين‬ ‫املقاومة‪ .‬متارين حمل األثقال هي تلك التي تقوم‬ ‫خاللها القدمان والساقان بحمل وزن الجسم‪،‬‬ ‫ويشمل هذا النوع من التامرين‪ :‬العدو‪ ،‬الهرولة‪،‬‬ ‫امليش الرسيع‪ ،‬القفز‪ ،‬وتسلق السالمل‪ .‬أما متارين‬ ‫املقاومة فتشمل حمل األوزان الذي يعرض العظام‬ ‫اىل الضغط عن طريق العضالت‪ ،‬وبالتايل يساعد‬ ‫أيضاً عىل تنشيط الخاليا العظمية‪ ،‬ويجب علينا‬ ‫القيام بالتامرين بشكل منتظم‪ ،‬أي ثالث مرات‬ ‫يف األسبوع عىل األقل ملدة نصف ساعة يف‬ ‫كل مرة‪ .‬أما األشخاص الذين يشكون من ترقق‬ ‫العظام‪ ،‬أو أي حالة صحية سابقة‪ ،‬فواجب‬ ‫عليهم إستشارة الطبيب حول نوع الرياضة‬ ‫املناسب لحالتهم الصحية‪.‬‬ ‫إىل جانب الرياضة‪ ،‬يجب أن نتناول وجبات‬ ‫صحية تساعد يف الحفاظ عىل قوة العظام من‬ ‫خالل تأمني كميات كافية من العنارص الغذائية‬ ‫الرضورية لذلك؛ أهمها الكالسيوم وفيتامني‬ ‫‪ .D‬وإذا كانت الوجبات الغذائية ال تؤمن املقدار‬ ‫الكايف‪ ،‬يجب تناوله عىل شكل أقراص‪ .‬باإلضافة‬ ‫إىل الكالسيوم وفيتامني د‪ ،‬يلعب فيتامني يس دوراً‬ ‫أيضاً يف صحة العظام فهو يساعد يف صناعة‬ ‫مادة الكوالجني التي تدخل يف تكوين العظم‪.‬‬ ‫يتوجب عىل النساء اللوايت أصنب بكرس بسبب‬ ‫هشاشة العظام استعامل األدوية والعالجات‬ ‫الرضورية‪ .‬أما النساء اللوايت أظهرن استعداداً‬ ‫لهذا املرض من خالل التشخيص‪ ،‬فعليهن اللجوء‬ ‫إىل العالج إذا كان لديهن عام ًال أو أكرث من عوامل‬ ‫الخطورة لإلصابة برتقق العظام‪.‬‬ ‫إن تفادي الوقوع عىل األرض أمراً رضورياً جداً‪،‬‬ ‫هو أحد األسباب الرئيسية لحدوث‬ ‫فالوقوع‬ ‫الكسور‪ ،‬ال سيام عند النساء املسنات واللوايت‬ ‫ميلكن كثافة عظمية منخفضة‪.‬‬ ‫‪,‬تشدد املنظامت العاملية عىل اتباع جميع‬ ‫وسائل الوقاية لتفادي اإلصابة مبرض ترقق‬ ‫العظام‪ .‬لذلك‪ ،‬ننصح ببذل الجهد لبناء كثافة‬ ‫عظمية عالية خالل مرحلة النمو‪ ،‬فهذا يساعد‬ ‫عىل الوقاية من املرض يف املستقبل‪ ،‬والتي تكون‪،‬‬ ‫بالدرجة األوىل‪ ،‬من خالل تناول كميات كافية‬ ‫من الكالسيوم وفيتامني ‪ D‬يف مراحل النمو‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬يجب االمتناع عن التدخني‬ ‫وعن اإلفراط يف تناول الكافيني والكحول ألن ذلك‬

‫حاجات الجسم اليومية للفيتامين ‪ D‬في مختلف مراحل العمر‬ ‫صفر – ‪ 50‬سنة‬ ‫‪ 70 – 50‬سنة‬ ‫‪ 70‬سنة وما فوق‬

‫‪ 5‬مايكروغرام = ‪ 200‬وحدة دولية‬ ‫‪ 10‬مايكروغرام = ‪ 400‬وحدة دولية‬ ‫‪ 15‬مايكروغرام = ‪ 600‬وحدة دولية‬

‫كمية الكالسيوم في بعض األطعمة‬

‫كوب حليب‬ ‫كوب لبن‬ ‫‪30‬غ جبنة‬ ‫‪ 2‬ملعقة طعام لبنة‬ ‫كوب سبانخ مطبوخ‬ ‫‪ 6‬قطع بروكولي‬ ‫ربع كوب لوز‬ ‫‪ 2‬ملعقة طعام سمسم أو طحينة‬

‫‪ 300‬ملغ‬ ‫‪ 300‬ملغ‬ ‫‪ 300 -200‬ملغ‬ ‫‪ 60‬ملغ‬ ‫‪ 245‬ملغ‬ ‫‪ 100‬ملغ‬ ‫‪ 95‬ملغ‬ ‫‪ 130‬ملغ‬

‫كمية الفيتامين ‪ D‬في بعض األطعمة‬ ‫‪ 1360‬وحدة دولية‬ ‫ملعقة طعام زيت كبد الحوت‬ ‫‪ 794‬وحدة دولية‬ ‫‪ 90‬غ سومون‬ ‫‪ 154‬وحدة دولية‬ ‫‪ 90‬غ تونا معلبة‬ ‫‪ 46‬وحدة دولية‬ ‫حبتين سردين معلب‬ ‫‪ 120‬وحدة دولية‬ ‫كوب حليب مدعم بفيتامين ‪D‬‬ ‫‪ 25‬وحدة دولية‬ ‫صفار بيضة‬ ‫‪ 46‬وحدة دولية‬ ‫‪ 100‬غ كبد‬ ‫‪ 50 – 40‬وحدة دولية‬ ‫كوب من حبوب الفطور المدعمة بفيتامين ‪D‬‬ ‫‪ 6‬وحدات دولية‬ ‫‪ 30‬غ جبنة سويسرية‬

‫حاجات الجسم اليومية للكالسيوم في مختلف‬ ‫مراحل العمر‬

‫صفر – ‪ 6‬أشهر‬ ‫‪ 7‬أشهر – ‪ 12‬شهراً‬ ‫سنة – ‪ 3‬سنوات‬ ‫‪ 8 – 4‬سنوات‬ ‫‪ 18 – 9‬سنة‬ ‫‪ 50 – 19‬سنة‬ ‫‪ 50‬سنة وما فوق‬

‫الحوامل والمرضعات‬

‫يؤثرعىل الكثافة العظمية‪ .‬وال يجوز أن ننىس‬ ‫بأن اإلنتظام يف مامرسة التامرين الرياضية يلعب‬ ‫دوراً مه ًام يف الوقاية من هذا املرض الشائع‪.‬‬ ‫أخرياً يجب أن نلفت االنتباه إىل عدم اإلستهانة‬ ‫بهذا املرض الخطري‪ ،‬وبأن الوقاية منه خري من‬ ‫قنطار عالج‪ .‬ونشري إىل أن معدل الكالسيوم يف‬ ‫الدم ال يعطي أية إشارة عن صحة العظام‪ .‬لذلك‪،‬‬

‫‪77‬‬

‫‪ 210‬ملغ‬ ‫‪ 270‬ملغ‬ ‫‪ 500‬ملغ‬ ‫‪ 800‬ملغ‬ ‫‪ 1300‬ملغ‬ ‫‪ 1000‬ملغ‬ ‫‪ 1200‬ملغ‬

‫‪ 1000‬ملغ‬ ‫يجب عىل النساء بذل الجهد التباع إرشادات‬ ‫الوقاية وإجراء الصورة التشخيصية ابتدا ًء من‬ ‫عمر الخامسة والثالثني واستشارة الطبيب‬ ‫مبارشة مع املتابعة‪.‬‬

‫أخصائية التغذية املجازة‬ ‫ليال رشيد‬ ‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب تربوي‬

‫التربية والتعليم أمام تح ّديات العصر‬ ‫التطور التكنولوجي‬ ‫ومستلزمات‬ ‫ّ‬ ‫إن القرن الحادي والعرشين هو قرن العوملة‪...‬‬ ‫هو قرن هيمنة العوملة عىل مسار البرشية‪...‬‬ ‫فالعوملة هي “فريوس إيديولوجي” حيث يغزو‬ ‫العقول‪ .‬إنه “شعار العرص” وأداة الحضارة‬ ‫املعرفية الجديدة يف نرش أفكارها وقيمها‪ .‬وهكذا‬ ‫فإن حتمية العوملة تفرض عىل الناس منطاً جديداً‬ ‫من التفكري‪ ،‬ومنطاً جديداً من التعايش معها‪،‬‬ ‫ومنطاً جديداً من اإلنتاج لالستفادة منها‪.‬‬ ‫فرغم تعدَد وتنوع التج َليات (االقتصادية‬ ‫– السياسية – الثقافية – التكنولوجية ‪-‬‬ ‫االتصالية واإلعالمية) التي تأخذها الظاهرة‪،‬‬ ‫فإنها تتخذ شكل الهيمنة والتبعية بصورة‬ ‫تسعى اىل “التنميط” ‪ uniformalisation‬أو‬ ‫“التوحيد” ‪ unification‬الثقايف للعامل كله‪ .‬وإذا‬ ‫كان العامل اآلن يبحث عن العامل الواحد‪ ،‬فقد‬ ‫أصبح لزاماً علينا البحث عن الدور الذي ستؤديه‬ ‫الرتبية يف هذا العامل الواحد‪ ،‬ألن الرتبية هي أداة‬ ‫التغيري يف أي مجتمع إليجاد املواطن الصالح‪،‬‬ ‫وذلك بالتك َيف الج َيد يف البيئة واملجتمع املحيط‪.‬‬ ‫فوظيفة الرتبية هي نقل األمناط السلوكية للفرد‬ ‫من املجتمع‪ ،‬ونقل الرتاث الثقايف من األجيال‬ ‫السابقة لألجيال الالحقة‪ ،‬وتغيري الرتاث الثقايف‬ ‫والتعديل يف مكوناته‪ ،‬وإكساب الفرد خربات‬ ‫اجتامعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم‬ ‫وعادات وتقاليد وسلوك الجامعة التي يعيش‬ ‫فيها‪ ،‬وتنوير األفكار باملعلومات الحديثة‪.‬‬ ‫ثوابت األسس الرتبوية يف مواجهة التحديث‪:‬‬ ‫آليات التحديث املعارص‪ ،‬وتجاربه النهضوية‬ ‫الرتبوية والعلمية والفكرية والنقدية‪ ،‬ووسائله‬ ‫التكنولوجية املتطورة ومعارفه وتراثه العاملي‪.‬‬ ‫االستجابة للتحديات املستقبلية‪ ،‬واألساليب‬ ‫الذكية من أجل التعامل واالستفادة من العوملة‬ ‫الجديدة‪.‬‬

‫التجديدات الرتبوية‬ ‫إن أهم السامت الجديدة التي ظهرت يف‬ ‫العرص الحديث وأدَت اىل التغريات الرسيعة يف‬ ‫كافة مجاالت الحياة‪ ،‬مثل‪ :‬التفجري املعريف‪ ،‬ظهور‬ ‫التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬سهولة االنتقال واإلتصال‪،‬‬ ‫التط َورات املختلفة لجميع مجاالت الحياة‪ ...‬فرضت‬ ‫التحديث عىل واقع الرتبية والتعليم من أهمها‪:‬‬ ‫تجديدات يف السياسة الرتبوية‪ ،‬تجديدات يف اإلدارة‬ ‫الرتبوية‪ ،‬تجديدات يف البنى التعليمية‪ ،‬تجديدات‬ ‫يف املناهج وطرق التدريس‪ ،‬تجديدات يف الوسائل‬ ‫التعليمية‪ ،‬تجديدات يف التعليم املستمر‪...‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التحدَيات التي تواجه الرتبية‬ ‫إن املتأمل يف واقعنا الرتبوي يجد أن التحدّيات‬ ‫التي تواجه الرتبية يف ظل تداعيات العوملة‪،‬‬ ‫راجعة إىل نوعني من التحديات خارجية وداخلية‪،‬‬ ‫فالخارجية ما يتمثل يف الضغوط والتدخالت‬ ‫الخارجية التي تحاول طمس الهوية وتذويبها‬ ‫وتشويه الشخصية بوصمها باإلرهاب والتطرف‬ ‫تارة‪ ،‬وبوصفها بالجمود والتخلف تارة أخرى‪.‬‬ ‫ومنها ما يتمثل بالتحديات الداخلية التي تتعلق‬ ‫بالعملية التعلمية التعليمية نفسها ملواجهة‬ ‫تداعيات العوملة وانعكاساتها‪ ،‬مثل جودة‬ ‫التعليم الذي تقدمه املدرسة‪ ،‬واملعلم القدوة‬ ‫الذي ال تقوم املدرسة الفاعلة إال به‪ ،‬ومنها غياب‬ ‫دور املجتمع املساند للمدرسة أو عزوف الطالب‬ ‫عن التعليم‪ ،‬أو انعدام الدافعية باإلضافة إىل‬ ‫الترسب‪ ،‬ومنها ما يتعلق بنوعية التعليم‪ ،‬وأزمة‬ ‫املدرسة الحديثة بربط الطالب بعامله املعارص أكرث‬ ‫من عامل الفضيلة والقيم‪ ،‬ومنها تخلف النظم‬ ‫التعليمية وطرق التقويم‪ .‬ومن أهمها‪:‬‬ ‫تطلعات القرن الحادي والعرشين للرتبية‪،‬‬ ‫حيث يكون من أهم مخرجاتها بناء اإلنسان‬ ‫الح َر وتحقيق نضج الفرد املتع َلم‪ ،‬يف مختلف‬ ‫واالجتامعية‬ ‫والجسمية‬ ‫العقلية‬ ‫مستوياته‬ ‫واإلنفعالية والروحية‪ ،‬حيث يتم بناء اإلنسان‬ ‫املؤمن الواعي القادر عىل البناء والعطاء‪ ،‬ضمن‬ ‫إطار من وضوح الرؤيا وتحقيق الهدف املرجو ضمن‬ ‫املسؤولية‪.‬‬ ‫اإلعرتاف بالواقع املعارص‪ ،‬وهو هزال يف بناء‬ ‫الثقافة العامة واملكتسبات املعرفية‪ ،‬وتخلخل‬ ‫اإلبداعات وعدم رعاية الكفاءات‪ ،‬واإلضطراب يف‬ ‫الرؤية االجتامعية يف النظر اىل التخصصات‬ ‫العلمية واألدبية‪ ،‬مبا يؤدي إىل الخلل واإلضطراب‬ ‫التي تتصف به األجهزة الرتبوية واملؤسسات‬ ‫التعليمية التي تع َد من أبرز الدعامات يف البناء‬ ‫الثقايف‪.‬‬ ‫تحدَي اإلنفتاح‪ :‬إن سبل اإلتصال والتواصل‬ ‫جعلت اإلنفتاح أمراً حتمياً ال بد من التعامل‬ ‫معه‪ .‬فاإلنفتاح يساعد عىل العمل الجامعي‬ ‫والتنسيق وزيادة الوعي ونقل التكنولوجيا بصورة‬ ‫أفضل وسهولة أكرب‪.‬‬ ‫تحدَي تجاوز أمراض البريوقراطية‪ ،‬من خالل‬ ‫اإلبداع والسعي الذايت نحو اإلنجاز واإلبداع‬ ‫والتط َور الذايت والجامعي‪.‬‬ ‫تحدَي املأسسة‪ ،‬من خالل وضع مخطط تربوي‬ ‫جديد مستند اىل املايض‪ ،‬لبناء مستقبل النظام‬ ‫الرتبوي لبناء إنسان القرن الحادي والعرشين‪.‬‬ ‫تحدَيات اإلدارة التعليمية‪ ،‬من خالل توافر بيئة‬

‫‪78‬‬

‫«تيار التوحيد» يهنئ‬ ‫أمين اإلعالم بزفافه‬ ‫بحضور حشد من األهل واألصدقاء‬ ‫والرفاق الحزبيني يتقدمهم رئيس “تيار‬ ‫التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬احتفل‬ ‫الرفيق هشام األعور بحفل زفافه عىل‬ ‫اآلنسة تغريد الشعار‪.‬‬ ‫أرسة أمانة اإلعالم يف التيار واملوقع‬ ‫التوحيد”‬ ‫“منرب‬ ‫ومجلة‬ ‫االلكرتوين‬ ‫يتقدمون من الرفيق هشام وزوجته بأحر‬ ‫التهاين وأطيب التمنيات‪.‬‬ ‫تربوية مع َلمة‪ ،‬و محتوى ومضمون أكادميي وثقايف‪،‬‬ ‫وتوافر مر َبني متم َيزين يعيشون بني الطلبة‪،‬‬ ‫وتنمية إحساس الطلبة بالغريية واآلخرية‪،‬‬ ‫وتحدَيات الرتبية املوازية واإلدارة التعليمية‪...‬‬ ‫إن من أكرب التحدَيات التي تواجه مسؤويل‬ ‫وقادة النظم الرتبوية يف القرن الحادي والعرشين‪،‬‬ ‫تأكيد وتعميق مفاهيم التقارب والتضامن بني‬ ‫األفراد والجامعات والشعوب‪ ،‬ومتكينهم من امتالك‬ ‫منظر عاملي وبلورة مهارات فاعلة‪ ،‬متكنهم من‬ ‫استرشاف املستقبل وتبصرَ بدائل إدارة شؤونه‪.‬‬ ‫إن العامل أصبح ومن خالل العوملة يخضع‬ ‫لتأثريات معلوماتية وإعالمية واحدة‪ ،‬تحمل قيم‬ ‫ثقافية ومادَية دون وعي أو متييز لنوعية املادة‬ ‫املستهلكة‪ ،‬وتأثريها عىل تربية وثقافة األفراد‬ ‫فالعناية بالرتبية والتعليم يف‬ ‫املستهدفة‪.‬‬ ‫مختلف مستوياتها وأشكالها هي الحصن املنيع‬ ‫يف وجه العوملة‪ .‬كام عىل الرتبية يف املدرسة‬ ‫والبيت واملجتمع أن تتصدَى لهذه اإلشكالية‪ ،‬وأن‬ ‫توجد الوسائل املناسبة لحامية أجيالنا الصاعدة‪،‬‬ ‫وأن توعّيهم اىل مخاطر هذه القنوات الغازية‪ ،‬وأن‬ ‫تحصنهم من الداخل وتز َودهم باملهارات العقلية‬ ‫َ‬ ‫وبالقيم األخالقية القادرة عىل الوقوف يف وجه‬ ‫الثقافات الدخيلة‪.‬‬ ‫فتطوير الرتبية والتعليم لرهن بإصالح عميق‬ ‫شامل طموح يتناول األهداف فيد َققها‪ ،‬والطرائق‬ ‫واألساليب والوسائل فيجدَدها ويك َيفها مع‬ ‫مقتضيات العرص ورضورة مواكبته‪ ،‬واملحتويات‬ ‫فيحدَثها ويجدَدها‪ ،‬فاملعلم يزيد من تدريبه والرفع‬ ‫من شأنه‪ ،‬واملتع َلم فيغرس يف ذهنه ووجدانه‬ ‫رضورة التع َلم الذايت واملستمر مدى الحياة‪.‬‬

‫الشيخ نابغ يوسف ذبيان‬

‫*ماجيستري يف اإلدارة ‪ /‬تخصص إدارة تربوية‬ ‫بكالوريوس يف اإلدارة الرتبوية‬ ‫منسق ومد ّرس مادة الرتبية التوحيدية والقرآن‬ ‫ّ‬ ‫الكريم يف ثانوية العرفان‬

‫يتقدم «تيار التوحيد» بالتهنئة اىل الرفيق‬ ‫بالل أبو ذياب لعقد خطوبته عىل اآلنسة صفاء‬ ‫قرضاب‪،‬‬

‫كلمة حق‬ ‫يـا مـنرب الت ّـوحيد شـو بق ّلك‬ ‫يا سيف حق بقبضة األبطال‬ ‫يا مث ّبت األقوال باألفعال‬ ‫بـصدر األعـادي نبـال‬ ‫بتشـك َ‬ ‫رجال‬ ‫ّ‬ ‫الفصل خشابك بالفعل ّ‬ ‫تعملق عليك بحكمة الع ّقـال‬ ‫هيك املـهر بيكـون والخـ ّيـال‬ ‫يـا جبـل مـا هـزّك وال زلزال‬ ‫وتتوارثك طول املدى األجيال‬

‫ويهنئ الرفيق جهاد شعبان والرفيقة وداد‬ ‫العياص مبولودتهام بريال‪.‬‬

‫ويا شعبنا‪ ‬ح ّلك بهيك مجـال‬ ‫التّوحيد كل الصدق فيه انقال‬ ‫ويا “منرب التّوحـيد” يــا مشعـال‬ ‫وهّ ابك اليل مـتلو بوطنا قـالل‬

‫مـن روض أشـعاري بحق ّلك‬ ‫ِيس َلم ميينو اليل عم يس ّلك‬ ‫بتـقــص راس ا ْل َف َّكر يذ ّلك‬ ‫وبـصـدر أحـبـابـك زهـر فـ ّلــك‬ ‫وخــ ّال يـخـ ّيـم عـالقمـر ظـ ّلـك‬ ‫بـعزم البـطـولـة مس ّلـح متـ ّلـك‬ ‫عــا هشجـاعة الفيــك مـنجـ ّلـك‬ ‫انشالله يــا مـنرب هـيك بـتظ ّلــك‬ ‫و أعـالمـك األجيـال تـحـمــ ّلــك‬ ‫متشـي درب تـوحــيدنا حـ ّلــك‬ ‫ونـهجــو عـدرب النّـــور بيـد ّلـك‬ ‫ح ّبـيـت رصخـة شعــر وص ّلـك‬

‫ومــا زال اسمـك “مـنبـر التّوحيـد”‬ ‫بيظل عكتاف السام مح ّلك‬ ‫الشاعر حاتم الفارس‬

‫‪79‬‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب ريايض‬

‫الدوري اللبناني انطلق ‪ ...‬والهواجس ‪ :‬مصير مجهول ؟!‬

‫العهد يبدأ حملة الدفاع عن لقبه بنجاح‬ ‫والنجمة واألنصار والصفاء أبرز المنافسين‬

‫دورة حسام الدين الحريري في كرة السلة‬

‫االتحاد االسكندري المصري خالف التوقعات‬ ‫وأحرز اللقب على حساب الرياضي بيروت‬

‫مع انطالق الدوري اللبناين يف كرة القدم‬ ‫ملوسم ‪ 2011 – 2010‬بدأت الهواجس تزداد عند‬ ‫العاملني يف الوسط الكروي من إداريني ومدربني‬ ‫والعبني‪ .‬فاألمر غري مطمنئ نظراً للخالفات‬ ‫الكثرية بني أركان االتحاد اللبناين‪ ،‬ما جعل األندية‬ ‫والالعب اللبناين يدوران يف فلك مجهول الهوية‬ ‫واملصري‪.‬‬ ‫ويدور الرصاع بني معسكرين داخل االتحاد‪ ،‬إال‬ ‫أن املراجع السياسية تداركت األمر وفرضت منذ‬ ‫فرتة قصرية ح ًال موقتاً للخالفات العميقة بني‬ ‫املعسكرين‪.‬‬

‫اسامعيل أحمد بني العبني من الريايض بريوت‬

‫الربعني الثاين والثالث حيث صنع الفريق فارقاً‬ ‫كبرياً عىل خصمه اللبناين‪ ،‬الذي مل يتمكن من‬ ‫التعويض يف الربع األخري ليت ّوج الفريق املرصي‬ ‫بط ًال للدورة للمرة الثانية عىل التوايل‪.‬‬

‫خيبة الريايض بريوت‬

‫العهد‬

‫عىل صعيد البطولة‪ ،‬بدأ العهد حملة الدفاع‬ ‫عن لقبه بقوة‪ ،‬بفوزه عىل السالم صور (‪ )1-5‬وعىل‬ ‫اإلصالح برج الشاميل (‪ )0-3‬موجهاً رسالة صارمة‬ ‫ملنافسيه مفادها أنه جاهز لالحتفاظ باللقب‪،‬‬ ‫وأنه لن يفسح لهم املجال ليك ينتزعوه منه‪ ،‬لكن‬ ‫الفريق رسعان ما فقد نقطتني يف املرحلة الثالثة‬ ‫بتعادله مع التضامن صور (‪ ،)2-2‬األمر الذي أدى اىل‬ ‫فقدانه الصدارة ملصلحة النجمة‪.‬‬ ‫من خالل بداية الدوري بدا العهد الفريق األفضل‬ ‫من حيث املستوى حتى اآلن‪ ،‬بفضل تشكيلته‬ ‫الغنية بالنجوم املوهوبني مثل عباس كنعان‪ ،‬حسن‬ ‫معتوق‪ ،‬حسني دقيق‪ ،‬محمود العيل‪ ،‬عباس عطوي‪،‬‬ ‫محمد حمود‪ ،‬وعيل بزي القادم من الحكمة‪ .‬وضم‬ ‫الفريق الفلسطيني مصطفى حالق من الشباب‬ ‫الغازية‪ ،‬والكامريوين ريتشارد أتيغي العب نادي‬ ‫الكرامة السوري سابقاً‪.‬‬

‫النجمة‬

‫من جهته‪ ،‬سيسعى النجمة النتزاع اللقب رغم‬ ‫صعوباته املادية والفنية‪ ،‬بقيادة نجومه الدوليني‬ ‫مثل بالل شيخ النجارين وعباس عطوي‪ ،‬وأكرم‬ ‫مغريب‪ ،‬وحسني حمدان‪ ،‬وخالد حميه‪ ،‬ومحمد غدار‪،‬‬ ‫وزكريا رشارة‪ ،‬وعيل حامم‪ ،‬وخالد تكه جي نجم كرة‬ ‫الصاالت اللبنانية‪ ،‬إضافة اىل الفلسطيني أحمد‬ ‫عمشه والكامريوين مومني كامارا‪.‬‬ ‫ومع انطالق الدوري حقق فريق النجمة فوزين‬ ‫صعبني عىل األخاء األهيل عاليه (‪ )0-1‬سجله‬ ‫بالل شيخ النجارين‪ ،‬وعىل شباب الساحل (‪)1-2‬‬ ‫سجلهام أكرم مغريب ومومني كامارا‪ ،‬قبل أن‬ ‫يهزم السالم صور (‪ )0-2‬يف املرحلة الثالثة ويتصدر‬ ‫الرتتيب مستغ ًال تعادل العهد مع التضامن صور‬ ‫(‪.)2-2‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫فريق االتحاد االسكندري يحتفل مع كأس البطولة‬ ‫رئيس االتحاد اللبناين هاشم حيدر يتوسط فريق العهد خالل تتويجه بط ًال لكأس السوبر‬

‫األنصار‬

‫لن يكون األنصار بعيداً هذا املوسم عن الصدارة‪،‬‬ ‫إذ هو مرشح دائم إلحراز اللقب‪ ،‬بيد أن تشكيلته‬ ‫ينقصها عامل النخبة‪ ،‬بعدما كانت صفوفه عامرة‬ ‫لسنوات طويلة بأبرز الالعبني الدوليني املحليني‬ ‫واألجانب‪ .‬وهذا األمر سيؤدي اىل انعدام التوازن‬ ‫بني مباراة وأخرى‪ ،‬وهذا ما حصل للفريق يف بداية‬ ‫الدوري عندما حقق فوزاً “نارياً” عىل الصفاء (‪)1-2‬‬ ‫يف املرحلة األوىل‪ ،‬إال أنه رسعان ما تراجع وتعادل‬ ‫مع الشباب الغازية (‪ )0-0‬يف املرحلة الثانية‪ .‬لكن‬ ‫الفريق عاد بقوة يف املرحلة الثالثة‪ ،‬حيث حقق فوزاً‬ ‫كبرياً عىل األخاء األهيل عاليه (‪.)0 -3‬‬ ‫جديد األنصار هذا املوسم مهاجم النجمة عيل‬ ‫نارص الدين‪ ،‬والربازييل أدسون ناسيمنتو‪ ،‬وتضم‬ ‫تشكيلته بعض الالعبني البارزين مثل نرصات‬ ‫الجمل‪ ،‬ومعتز بالله الجنيدي‪ ،‬ونبيل بعلبيك‪ ،‬ومحمد‬ ‫باقر يونس‪ ،‬وطارق حلوم وسامي الشوم‪.‬‬

‫الصفاء‬

‫من خالل استقدامه الالعب اللبناين حسن‬ ‫أومري من الدرجة الثالثة األملانية‪ ،‬واملغريب مراد‬ ‫أعراب العب الكوكب املراكيش واحتفاظه مبواطنه‬ ‫طارق العمراين‪ ،‬سيحاول الصفاء االقرتاب من‬ ‫القمة رغم صعوبة األمر‪.‬‬ ‫ورغم البداية السيئة أمام االنصار (‪ )2-1‬يف‬ ‫املرحلة األوىل استعاد الصفاء توازنه برسعة وفاز‬ ‫عىل املربة (‪ )1-3‬يف املرحلة الثانية‪ ،‬وعىل اإلصالح‬

‫‪80‬‬

‫برج الشاميل (‪ )1-2‬يف املرحلة الثالثة‪.‬‬ ‫ويضم الفريق العبني مميزين مثل عامر خان‬ ‫وخرض سالمي وعيل السعدي وحمزة عبود وروين‬ ‫عازار‪ ،‬وكريكور ألوزيان‪ ،‬ورامز ديوب‪ ،‬وهيثم عطوي‪.‬‬ ‫وبإمكان هؤالء قيادة الفريق اىل مركز متقدم ورمبا‬ ‫اىل اللقب‪.‬‬

‫نادي القبس الرياضي شارك في‬ ‫بطولة كأس العالم في الكاراتيه‬ ‫وأحرز الذهبية والفضية‬

‫الفرق الباقية‬

‫أما الفرق الباقية فستكون جرس عبور ألندية‬ ‫القمة‪ ،‬رغم بعض النتائج الجيدة‪ .‬فالتضامن صور‬ ‫بدأ الدوري بالتعادل مع شباب الساحل (‪ ،)0-0‬ثم‬ ‫فاز عىل جاره السالم صور (‪ ،)0-3‬وتعادل مع العهد‬ ‫البطل (‪.)2-2‬‬ ‫ومن ناحيته فاز املربة عىل اإلصالح برج الشاميل‬ ‫(‪ )0-1‬يف املرحلة األوىل‪ ،‬ثم خرس أمام الصفاء (‪)3-1‬‬ ‫يف املرحلة الثانية‪ ،‬وأمام الشباب الغازية (‪ )3-1‬يف‬ ‫املرحلة الثالثة‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬تعادل الراسينغ مع الشباب الغازية‬ ‫(‪ )1-1‬يف املرحلة األوىل‪ ،‬ومع األخاء األهيل عاليه‬ ‫(‪ )2-2‬يف املرحلة الثانية‪ ،‬وخرس أمام شباب‬ ‫الساحل (‪ )2-1‬يف املرحلة الثالثة‪.‬‬ ‫أما شباب الساحل فتعادل مع التضامن صور‬ ‫(‪ )0-0‬ثم خرس أمام النجمة (‪ ،)2-1‬قبل أن يفوز عىل‬ ‫الراسينغ (‪ )1-2‬يف املرحلة الثالثة‪.‬‬ ‫ويبقى األخاء األهيل عاليه العائد اىل الدرجة‬ ‫األوىل بعد طول غياب‪ ،‬واإلصالح برج الشاميل‪.‬‬ ‫األول خرس أمام النجمة (‪ ،)1-0‬وتعادل مع الراسينغ‬ ‫(‪ ،)2-2‬ثم خرس أمام االنصار (‪ ،)3-1‬والثاين خرس‬ ‫أمام املربة (‪ )1-0‬وأمام العهد (‪ ،)3-0‬وأمام الصفاء‬ ‫(‪.)2-1‬‬

‫احتفظ فريق االتحاد االسكندري املرصي بلقبه‬ ‫بط ًال لدورة حسام الدين الحريري يف كرة السلة‬ ‫بفوزه يف املباراة النهائية عىل الريايض اللبناين‬ ‫(‪ )67-83‬يف صالة صائب سالم يف املنارة‪.‬‬ ‫وكان االتحاد االسكندري أحرز اللقب العام‬ ‫املايض بفوزه يف املباراة النهائية عىل الشانفيل‬ ‫اللبناين (‪ )53-75‬يوم الخميس ‪ 15‬ترشين األول‬ ‫‪.2009‬‬

‫لقب مستحق لالتحاد‬

‫أحرز أبطال املد ّرب رامي شقري‪ ،‬من نادي‬ ‫القبس الريايض‪ ،‬بطولة كأس العامل يف‬ ‫الكاراتيه‪ ،‬التي أقيمت يف قربص بتاريخ‬ ‫‪ ،2010/10/14‬مبشاركة ‪ 18‬دولة‪ ،‬حيث حصل‬ ‫الالعب عبد الله كر ّيم عىل امليدالية الذهبية‬ ‫عن فئة الشباب وزن ‪ 60‬كيلو‪ ،‬كام حاز الالعب‬ ‫محمد رجوله عىل امليدالية الفضية عن فئة‬ ‫الشباب وزن ‪ 55‬كيلو‪.‬‬

‫واستحق االتحاد االسكندري اللقب‪ ،‬ألنه كان‬ ‫الفريق األفضل يف البطولة بقيادة “املايسرتو”‬ ‫املرصي اسامعيل أحمد الذي يعترب أحد أفضل‬ ‫الالعبني يف تاريخ كرة السلة العربية‪.‬‬ ‫فالفريق لعب ‪ 5‬مباريات يف البطولة وفاز يف ‪3‬‬ ‫منها بسهولة تامة‪ ،‬يف حني لقي صعوبة بالغة‬ ‫يف تخطي الحكمة اللبناين وكاظمة الكويتي‪.‬‬ ‫وكان االتحاد االسكندري بدأ البطولة بفوز سهل‬ ‫عىل النجم الساحيل التونيس بفارق ‪ 61‬نقطة‬ ‫(‪ ،)61-77‬ثم هزم الحكمة (‪ ،)84-86‬قبل أن ينهي‬ ‫الدور األول بالفوز عىل كاظمة الكويتي (‪.)75-78‬‬ ‫ويف الدور نصف النهايئ مل يجد االتحاد‬ ‫االسكندري صعوبة كبرية يف تخطي مواطنه‬ ‫األهيل القاهري بنتيجة (‪ )71-81‬يوم الخميس ‪21‬‬ ‫ترشين األول‪.‬‬ ‫ويف املباراة النهائية والتي احتشد لها جمهور‬ ‫لبناين ومرصي كبري‪ ،‬بدا تفوق االتحاد واضحاً يف‬

‫‪81‬‬

‫منذ انطالق الدورة يوم الجمعة ‪ 15‬ترشين‬ ‫األول‪ ،‬فرض الريايض بريوت نفسه كأحد أفضل‬ ‫املرشحني إلحراز اللقب من خالل انتصاراته‬ ‫املتتالية عىل خصومه يف الدور األول‪ ،‬حيث فاز‬ ‫عىل القادسية (‪ ،)70-73‬وعىل املحرق البحريني‬ ‫(‪ ،)60-95‬وعىل األهيل املرصي (‪ ،)67-83‬وعىل‬ ‫امللعب النابيل التونيس (‪.)65-76‬‬ ‫ويف الدور نصف النهايئ واصل الريايض‬ ‫مسلسل انتصاراته وحقق فوزاً مستحقاً عىل‬ ‫النجم الساحيل التونيس بفارق ‪ 8‬نقاط (‪.)63-71‬‬ ‫لكن النهايئ جاء مخالفاً للتوقعات التي كانت‬ ‫تشري اىل فوز الريايض عىل االتحاد االسكندري‪.‬‬ ‫ما حصل أن الريايض بدا ضعيفاً من الناحية‬ ‫التكتيكية‪ ،‬ومل نشاهد له خطة واضحة وذكية‬ ‫كعادته يف املباريات الكبرية‪ ،‬بل عىل العكس عاىن‬ ‫الفريق كثرياً دفاعاً وهجوماً‪ :‬ال خطة ‪ ...‬وال تركيز‬ ‫‪ ..‬وال العبني‪ .‬فكان من املنطقي أن يخرس الفريق‬ ‫اللقب‪ ،‬خصوصاً أنه يلعب أمام فريق كبري يعرف‬ ‫كيف يصل اىل الفوز‪.‬‬

‫تجربة سيئة للحكمة‬ ‫من جهته‪ ،‬مل يقدم الحكمة اللبناين‬ ‫صورة جيدة عنه‪ ،‬باستثناء مباراته مع‬ ‫االتحاد االسكندري والتي انتهت بخسارته‬ ‫بفارق نقطتني فقط‪ ،‬إذ أن الفريق خرس يف‬ ‫‪ 3‬مباريات متتالية خاضها يف البطولة‬ ‫أمام كاظمة الكويتي (‪ ،)88-82‬وأمام االتحاد‬ ‫االسكندري (‪ ،)86-84‬وأمام النجم الساحيل‬ ‫التونيس (‪ ،)68-62‬ليخرج من الدور األول‬ ‫خايل الوفاض‪.‬‬

‫اعداد جورج عون‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫منرب حر‬

‫ما أصعب‬ ‫أن تبكي‬ ‫بال دموع‬ ‫أميل القضامين‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بعد الزيارة للوطن لخمسة أيام‪ ،‬عىل عتبة القلب تتحرك مشاعر فاقدة القدرة عىل تحديد‬ ‫الشعور‪ ..‬السنة األربعون من عمر االحتالل ونحن نجرع دموع الشوق لألهل‪ ..‬ونلتقط أنفاس‬ ‫اللهفة للوطن‪ ..‬يستبد بنا الحنني لألماكن‪..‬ملسقط الرأس‪..‬ملرتع الطفولة‪..‬‬ ‫وس ِم َح لنا بالعبور لزيارة األرض‪ ،‬والناس واألهل واألقارب‪..‬حمداً لله‪..‬‬ ‫أخريا انكرس الحصار ُ‬ ‫ها نحن عىل معرب القنيطرة‪ ..‬أتينا نحمل معنا شوقاً سقيناه دموع األمل‪ ..‬نحمل قلباً متعباً‬ ‫بالهموم وقسوة الفراق‪..‬‬ ‫عربنا من ضفة الروح اىل ضفتها األخرى‪ ..‬تساءلت!‬ ‫ترى أين سنحط رحال هذا الحلم الذي سكننا كل تلك الليايل املظلامت القاسيات؟‬ ‫وكيف يل أن أعانق دمشق وأحيطها برمش العني؟‬ ‫تذكرت املاغوط وهو ُّ‬ ‫يحط همومه عىل كتف قاسيون ملاذا ال أكون مثله؟‬ ‫ُّ‬ ‫ويحط عىل خارصة كل‬ ‫ملاذا ال أنزل حزين عىل قمته‪ ..‬وأفرد جناحي النبض ليحلق كالفراشة‪،‬‬ ‫بيت ونافذة‪..‬عىل زهرة بيضاء لياسمينة تحتضن “درابزين” رشفة روح ألستمد منهم فرحاً وعزَّة‬ ‫؟ نعم ملاذا؟‬ ‫الساعة العارشة صباحاً‪ ..‬جموع غفرية تحمل حقائبها تبيك‪ ..‬تضحك‪ ..‬ترنو ألخوة مل تراهم‬ ‫منذ ‪ 43‬سنة‪..‬متنّي النفس بلقائهم‪ ..‬بعناقهم‪..‬‬ ‫يا إلهي يشء مؤمل ال ميكن استيعاب األمر‪..‬‬ ‫رشطة االحتالل متيض التصاريح‪..‬‬ ‫عربنا‪ ..‬تنفسنا الصعداء‪ ،‬ها نحن عىل أرض القنيطرة املحررة‪..‬‬ ‫كامريات التلفزة‪ ..‬مسؤولون‪ ..‬مصورون‪ ..‬صحفيون‪ ..‬ترحيب‪ ..‬زغاريد‪ ..‬شهقات بكاء‪..‬‬ ‫قرصت أذين ألعلم إن كان هذا ليس حل ًام‪..‬‬ ‫الباصات تنقلنا اىل دمشق‪ ..‬اىل تلك املدينة الحبيبة‪..‬اىل تلك الحارضة عىل مر التاريخ‪..‬‬ ‫عبق هواءها‪ ..‬نسامئها منَّداة بعطر ال يشبه أي عطر آخر‪..‬‬ ‫أنا شبه مخدَّرة ‪ ..‬تخونني لغة التعبري وأصمت‪..‬‬ ‫أقول شيئاً يخرج منفلتاً من أعامق القلب‪..‬من أغوار النفس املشتاقة‪..‬‬ ‫حالة غريبة انتابتني‪ ،‬رعشة ارتجاف يف جميع أوصايل جعلتني مرتبكة‪..‬‬ ‫وأنا بني أهيل اشت ّد خفق قلبي واعرتت أطرايف برود َة رغم حرارة الجو‪ ..‬خفقات قلوب ترفرف‬ ‫حولنا‪ ..‬تنتظرنا‪ ..‬ابتسامات تشع بالدفء والعاطفة تحيطنا‪..‬‬ ‫الجميع صبايا‪ ..‬شباب‪ ..‬مقعدين عىل كرايس متحركة‪ ..‬عُ َّج ْز مل مينعهم املرض من الذهاب‬ ‫الحتضان وطن‪ ..‬لضمة أهل‪..‬‬ ‫خمسة أيام مرت كدقائق وكان علينا أن نغادر‪ ..‬أن نعود‪ ..‬مع أمل بعبور متواصل‪ ..‬غادرنا نحمل‬ ‫هموم الشوق من جديد‪..‬‬ ‫عدت للتساؤل!‬ ‫عامل غريب ما نحن فيه‪..‬عامل ُيتقن فن صناعة األوجاع‪ ..‬وطحن األحالم‪..‬‬ ‫اجتزنا الجزء السوري اىل جزئه اآلخر‪ ..‬وحقائب العائدين مكتظة بالتنهدات والدموع‪(..‬جلست‬ ‫عىل املقعد يف الباص) محتضنة صمت لغة غري قابل للتفسري‪ ..‬وغصة حلق غري قابلة‬ ‫للبلع‪..‬‬ ‫أتحسس أصابعي التي ال زالت تحتضن أصابع األهل واألخوة واألخوات‪..‬‬ ‫ألقيت رأيس للخلف‪ّ ..‬‬ ‫ما أصعب أن تبيك بال دموع وما أقىس أن تغادر دون أن يكون لديك حرية اختيار وقت الرجوع‬ ‫‪..‬‬ ‫قلبت صفحات املحبة‪ ،‬ألقرأ سطور الحزن يف لحظة الوداع‪ ،‬فأخذين حنني اىل حيث تركت أحباء‬ ‫القلب‪ ..‬أختي وأخي ابن عمي وابنة عمي‪ ..‬أوالدهم‪ ،‬أحفادهم‪..‬صديقايت وجارايت‪..‬‬ ‫لحظات صامتة حزينة‪ ..‬حزينة حتى نزف الروح ميزَّق الحشا‪..‬‬ ‫الجميع صامت‪ ..‬رمبا حزن مامثل يغتال أعامقهم‪ ،‬رمبا تناهيد أمل متزق أرواحهم‪ ..‬وأنني حزن يثري‬ ‫براكني قهر وغضب وشوق‪ ،‬وحنني ينسكب دموعاً‪ ..‬دموعاً عىل صمت م ّر‪..‬‬ ‫وصلنا اىل قرية جوالنية‪ ..‬ناس وضجيج الجميع أتوا الستقبال ذويهم‪..‬‬ ‫غريبة عناق وبكاء‪( ..‬الغيبة ‪ 5‬أيام) أهو الشوق للقادمني أم تعبري عن متنياتهم بأن يعطوا نفس‬ ‫الفرصة للعبور للوطن ورؤية األهل؟‬ ‫عانقت إبني‪ ،‬وجدلت من آهات العمر مشاعراً متزقت بني لقاء وفراق ألهل هنا وهناك‪..‬‬ ‫وكان غروب‪ ،‬واختبأت الشمس وراء األفق‪ ..‬إختبأت الذكريات يف الحنايا‪ ..‬طائر الحب رفرف‬ ‫بجناحيه عىل نبض املشتاقني‪ ،‬وإرتحلت املشاعر ملركز األمل والضياء‪ ..‬اىل ابتسامة وطن‪ ..‬وضمة‬ ‫أهل‪..‬‬

‫‪82‬‬

‫مؤسسة‬

‫للرعاية‬

‫الصحية‬

‫وبلس ًام‬

‫للجراحات‬

‫أردناه‬ ‫املزمنة‪....‬‬ ‫أردناه واحة لألمن االجتامعي‪ ،‬ومركزاً لتلقي العالجات واملداواة‪،‬‬ ‫واالستشفاء‪...‬‬ ‫أردناه بعيداً‪ ،‬عن كل تصنيف‪ ...‬أبوابها مرشعة أمام كل‬ ‫محتاج‪ ،‬علها تأخذ باملجتمع نحو الطأمنينة والسالم والصالحة‬ ‫مع الذات‪...‬‬ ‫أردناه يف قلب الشوف‪ ،‬إمناء صحياً‪ ،‬واحتضاناً لكل الحاالت‬ ‫القادمة إليها‪...‬حيث تصبح الحاجة إليها مطلباً عاماً‪ ،‬سعينا‬ ‫بكل جهد‪ ،‬ومل نوفر ما استطعنا اىل ذلك سبي ًال‪ ...‬سيام وإننا‬ ‫يف كل مناطقنا البعيدة عن املدينة‪...‬نقع يف دائرة الخطر الدائم‪،‬‬ ‫مع كل حالة‪ ،‬وعند كل إصابة‪ ...‬ووالدة لطفل موعود باإلطاللة‬ ‫عىل هذا الوجود اإلنساين الفسيح‪...‬‬ ‫أردناه بإرادة الخيرّ ين‪ ،‬ملجتمع مقاوم يف كل املجاالت واالتجاهات‪...‬‬ ‫وتعزيزاً للصمود املطلوب يف وجه حاالت الحرمان والعوز‪ ،‬طبياً‪،‬‬ ‫وتعليمياً‪ ،‬وفرص عمل منتجة‪ ،‬للحد من الهجرة يف الداخل‬

‫‪83‬‬

‫واىل الخارج‪...‬‬ ‫هو عربون وفاء من أهله‪ ...‬من الذين قدموا لهذا الوطن‪ ،‬كل‬ ‫الدعم‪ ،‬من أجل صموده وبقائه وعزته وكرامته‪ ،‬يف وجه املحتلني‬ ‫واملتآمرين عليه‪...‬‬ ‫هو مركز “الصحايب سلامن الفاريس”(سالم الله عليه) الصحي‪،‬‬ ‫هو بادرة كرمية ألهل سلامن‪ ،‬وصحبه من الخريين الداعمني املؤمنني‬ ‫بقيمة اإلنسان ونهضة املجتمع التي تصنع األحرار‪...‬‬ ‫أردناه يف شهر الغفران والتوبة‪ ،‬شهر رمضان املبارك‪ ،‬مبا‬ ‫يحمله من رمزية العطاء والبذل والزكاة‪...‬‬ ‫ذلك جزء من رسالتنا يف الجبل ‪ ...‬حيث املتطلبات كثرية‪ ،‬ويبقى‬ ‫األمل أن نستمر يف هذا السياق قدماً‪ ،‬ملا فيه خري بلدنا‪ ،‬وطننا‬ ‫وأمتنا‪ ،‬وعزة وجودنا واستمرارنا عىل الدرب الذي ارتضيناه اىل‬ ‫جانب أهل الصمود واملامنعة واملقاومة‪ ،‬لنرصة حقنا املقدس‪،‬‬ ‫وانعتاقنا من ذلك الليل الطويل الجاثم عىل صدورنا‪ ،‬والسري نحو‬ ‫الخالص والتحرير واالنتصار‪.‬‬

‫«تيار التوحيد»‬

‫العدد ‪ -46‬ترشين الثاين ‪2010‬‬


‫المؤتمر األول لـتيار التوحيد‬ ‫‪2010 -2006‬‬

‫من التأسيس‬ ‫الى تعزيز المؤسسات‬ ‫بعقلين ـ المجمع السياحي ـ ‪ 14‬تشرين الثاني ‪2010‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.