Manbar altawhid issue 45

Page 1

‫العدد ‪ 45‬ــ تشرين األول ‪ - 2010‬السنة الرابعة‬

‫وهاب‬ ‫يلتقي‬ ‫دروز‬ ‫المشرق‬ ‫العربي‬

‫زوروا‬ ‫شهود «ثورة األرز» َّ‬ ‫فصنعوا اإلنقالب األميركي‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫ُدر‪...‬‬

‫‪1‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مه ّدد‬ ‫باإلفالس‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫موحدون للعروبة‬ ‫ِّ‬ ‫والمقاومة‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪45‬‬

‫تشرين االول ‪ 2010‬السنة الرابعة‬

‫‪21‬‬

‫سامي الجميل‬

‫‪ 06‬الغالف‬

‫استحضر العالقة بين‬

‫‪ 20‬لبنانيات‬

‫الكتائب و«إسرائيل»‬

‫‪ 23‬تيار التوحيد‬

‫‪40‬‬

‫زيدان‪:‬المفاوضات‬

‫‪ 3 8‬فلسطينيات‬

‫لعبة عبثية‬

‫‪ 45‬اقتصاد‬ ‫‪ 50‬دوليات‬

‫‪54‬‬

‫‪ 54‬ثقافة‬

‫«إم زكي» ‪:‬‬ ‫المسرح التجاري‬ ‫عوضاً عن «الكباريه»‬

‫‪ 72‬مرأة‬

‫‪64‬‬

‫أبو زيد ‪ :‬مسيح ّيو‬ ‫ايران يملكون‬ ‫كافة حقوقهم‬ ‫منبر التوحيد‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‬

‫‪ 34‬عربيات‬

‫‪ 74‬اجتماعي‬ ‫‪ 76‬رياضة‬ ‫‪ 79‬صحة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫المحكمة‬ ‫الدولية‬ ‫في خدمة‬ ‫«إسرائيل»‬ ‫تطلب رأس‬ ‫المقاومة‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫في كل ما يجري في لبنان منذ العام ‪ ،2004‬وحتى ما قبله بسنوات‪،‬‬ ‫له عنوان واحد‪ ،‬هو إسقاط املقاومة وتصفيتها‪ ،‬والنيل منها‪ ،‬ألنها‬ ‫استطاعت أن تهزم “إسرائيل” وتفرض عليها االنسحاب من أرض احتلتها‪،‬‬ ‫وهو ما لم يحصل في تاريخ الصراع العربي – اإلسرائيلي‪ ،‬فاملقاومة‬ ‫في لبنان بشقيها الوطني واإلسالمي‪ ،‬كشفت األنظمة العربية‪ ،‬ال‬ ‫سيما تلك التي استسلمت أمام الكيان الصهيوني‪ ،‬وكذلك السلطة‬ ‫الوطنية الفلسطينية التي تخلت عن الكفاح املسلح وسلكت طريق‬ ‫املفاوضات التي لم توصلها إال الى مزيد من التنازالت‪ ،‬مقابل استمرار‬ ‫الدولة العبرية في التوسع وقضم األراضي وبناء املستوطنات وهدم‬ ‫القرى وطرد الفلسطينيني‪.‬‬ ‫فهذه املقاومة اللبنانية مميزة‪ ،‬كما كانت قبلها وما زالت املقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وكل عمل مقاوم منذ أن بدأت تظهر مفاعيل وعد بلفور‬ ‫الال حقوقي في العام ‪ ،1917‬الذي أعطى فيه وزير خارجية بريطانيا آرثر‬ ‫بلفور لليهود وعدا ً بأن تكون فلسطني وطنا ً لهم‪ ،‬بعد أن احتلها اجليش‬ ‫البريطاني بعد هزمية اجليش العثماني واندحاره من املشرق العربي الذي‬ ‫تقاسمه اجليشان الفرنسي والبريطاني في معاهدة سايس – بيكو‪،‬‬ ‫حيث ظهرت املقاومة ضد االستعمار البريطاني في فلسطني والعراق‪،‬‬ ‫كما توأمه الفرنسي في سوريا ولبنان‪ ،‬وقد انتصرت هذه املقاومة‬ ‫وفرضت على فرنسا وبريطانيا اخلروج من الدول التي استعمرتها لكنها‬ ‫تركت وراءها كيانا ً سرطانيا ً استيطانياً‪ ،‬يهودياً‪ ،‬بعد حرب عصابات‬ ‫قامت بها منظمات يهودية‪ ،‬فارتكبت اجملازر بحق الفلسطينيني الذين‬ ‫قاوموا مبا استطاعوا‪ ،‬وعندما أتت اجليوش العربية إلنقاذهم‪ ،‬كانت‬ ‫العصابات الصهيونية قد سيطرت على جزء كبير من فلسطني التي مت‬ ‫تقسيمها في ‪ 2‬تشرين الثاني عام ‪ ،1948‬فقامت “إسرائيل” من جهة‪،‬‬ ‫ما بقي من فلسطني فتم انتداب النظام األردني لإلشراف على الضفة‬ ‫الغربية التي أحلقت به‪ ،‬كما استتبع قطاع غزة مبصر‪ ،‬وتعطلت املقاومة‪،‬‬ ‫بانتظار أن تقوم اجليوش العربية باسترداد فلسطني التي خسرتها كلها‬ ‫بعد هزمية حزيران ‪ 1967‬مما أعاد حتريك الكفاح املسلح الذي عاد إليه‬ ‫الفلسطينيون‪ ،‬فأنشأوا الفصائل‪ ،‬التي تنازعتها وتقاسمتها األنظمة‬ ‫العربية التي عادت وأغرقتها في صراعات معها‪ ،‬وفيما بينها‪ ،‬وانكفأت‬ ‫املقاومة التي شكلت ضوءا ً بعد ليل مظلم أرخى على العالم العربي‪،‬‬ ‫الذي التفت شعوبه حولها‪ ،‬ولقيت احتضانا ً من حركات حترير عربية‬ ‫ودولية‪ ،‬وهو ما استعجل “إسرائيل” مع حلفائها من األنظمة العربية الى‬ ‫إطفاء هذا الضوء‪ ،‬والقضاء على هذه الشعلة التي بدأ نورها ووهجها‬ ‫ينتشر في كل أرجاء العالم العربي الذي شعر حكامه‪ ،‬أن املقاومة‬ ‫حتاصرهم بشعوبهم التي تطالبهم بدعمها وتقدمي العون لها‪ ،‬كما‬ ‫أن بعض األنظمة شعرت بخطر يتهددها وهو ما حصل في األردن الذي‬ ‫أقلقه الوجود الفلسطيني املسلح‪ ،‬وبدأ امللك حسني‪ ،‬حربا ً ضد هذا‬ ‫الوجود‪ ،‬ويقدمه على أنه يسعى للسيطرة على احلكم‪ ،‬ليكون األردن‬ ‫“الوطن البديل” وهو مشروع إسرائيلي طرحه وزير اخلارجية اإلسرائيلية‬ ‫إيغال آلون في نهاية الستينات‪ ،‬كما طرح توطني الفلسطينيني في‬ ‫لبنان لتخويف أبنائه ووضعهم‪ ،‬مبواجهة الفلسطينيني الذين امتشقوا‬ ‫السالح وانخرطوا في العمل الفدائي ضد االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬الذي‬ ‫كان انطلق في األردن من خالل معارك األغوار التي كانت معركة الكرامة‬ ‫أبرزها‪.‬‬ ‫فمع كل ظهور للمقاومة‪ ،‬كانت “إسرائيل” تعمل على محاصرتها‬ ‫وضربها ومحاولة القضاء عليها‪ ،‬سواء مباشرة أو عبر حلفاء لها في‬ ‫أنظمة وأحزاب‪ ،‬وهو ما حصل مع املقاومة الفلسطينية في األردن‬ ‫بارتكاب اجملازر ضدها وكل من وقف معها‪ ،‬ومت إخراجها منه‪ ،‬لتنتقل الى‬ ‫لبنان‪ ،‬وتتخذ منه قاعدة النطالق عملياتها الفدائية‪ ،‬فقامت “إسرائيل”‬

‫‪4‬‬


‫بتوجيه ضربات ضد قواعدها ومخيماتها واغتالت قياداتها‪ ،‬وملا فشلت‬ ‫في القضاء عليها‪ ،‬أل ّبت بعض اللبنانيني ضدها‪ ،‬وال سيما من هم‬ ‫سياسيا ً ضدها‪ ،‬وتربوا فكريا ً أن يكونوا متحالفني مع اخلارج‪ ،‬حيث‬ ‫لعب حزب الكتائب الدور األساسي في التصدي للفلسطينيني حتت‬ ‫عناوين عنصرية على أنهم “غرباء” ويعملون للسيطرة على لبنان‬ ‫وطرد شعبه منه‪ ،‬ليستوطنوا فيه‪ ،‬وقد جنحت “إسرائيل” في جتنيد‬ ‫لبنانيني ضد الفلسطينيني الذين رفعوا شعار حترير فلسطني وحق‬ ‫العودة‪ ،‬حيث هيأت الساحة اللبنانية التي انقسمت بني تيارين‪ ،‬تيار‬ ‫يؤيد الكفاح املسلح‪ ،‬وآخر رفع شعار الوجود الفلسطيني املسلح‪،‬‬ ‫حيث جرى وفي ظل هذا اجلو السياسي اغتيال معروف سعد‪ ،‬أحد‬ ‫الرموز الوطنية اللبنانية‪ ،‬فتم حتريك الشارع الوطني ضد اجليش‬ ‫اللبناني الذي أطلق النار باجتاه تظاهرة لصيادي األسماك في صيدا كان‬ ‫على رأسها املناضل سعد‪ ،‬في ‪ 23‬شباط ‪ ،1975‬ولم يكد مير شهران‬ ‫على هذه احلادثة حتى كان اغتيال أحد عناصر حزب الكتائب في عني‬ ‫الرمانة جوزيف أبو عاصي‪ ،‬ومت الرد بإطالق نار على باص فلسطيني‬ ‫كان مير في تلك املنطقة مما أشعل معارك بني الكتائب‪ ،‬والفصائل‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فكانت شرارة احلرب األهلية‪ ،‬التي لم تتوقف إال بعد‬ ‫‪ 15‬عاماً‪ ،‬تخللتها جوالت من كل احلروب الداخلية واخلارجية‪ ،‬على‬ ‫ساحته‪ ،‬حصل أثناءها أن “إسرائيل” اجتاحت لبنان مرتني في العام‬ ‫‪ 1978‬و ‪ ،1982‬فأخرجت منظمة التحرير الفلسطينية منه‪ ،‬وأنهت‬ ‫حقبة املقاومة الفلسطينية‪ ،‬في لبنان واألردن‪ ،‬ولم متض سنوات حتى‬ ‫اندلعت انتفاضة من داخل فلسطني احملتلة‪ ،‬واتخذت أشكاال مدنية‬ ‫باستخدام احلجارة وصوال ً الى الصاروخ اليوم‪.‬‬ ‫فما حاولته “إسرائيل” ضد املقاومة الفلسطينية‪ ،‬في لبنان‪ ،‬تسعى‬ ‫أن تكرره من جديد مع حزب اهلل‪ ،‬من خالل تشويه صورة املقاومة‪ ،‬وزجها‬ ‫تتحضر لها كل‬ ‫في حرب داخلية‪ ،‬ونقل سالحها الى الداخل‪ ،‬وهي بدأت‬ ‫ّ‬ ‫ما يلزم من أجواء سياسية وأمنية‪ ،‬لتصفيتها‪ ،‬لكنها لم تتمكن منها‬ ‫في كل املراحل إذ حاولت في متوز العام ‪ ،1993‬من خالل عملية “تصفية‬ ‫احلساب” وقد راودت مسؤولني لبنانيني فكرة إرسال اجليش الى اجلنوب‪،‬‬ ‫كما قامت بوجهها حمالت في الداخل‪ ،‬ال سيما من اجتاهات سياسية‬ ‫وحزبية لها تاريخ في التعامل مع “إسرائيل”‪ ،‬أو في رفض املقاومة‬ ‫ضدها‪ ،‬واستخدام الوسائل الدبلوماسية إلخراج احتاللها من لبنان‪ ،‬إال‬ ‫أن املقاومة التي كانت تسجل انتصارات بوجه العدو اإلسرائيلي‪ ،‬وتنفذ‬ ‫عمليات نوعية ضده‪ ،‬أربكت هؤالء بعد أن حصل التفاف شعبي حولها‪،‬‬ ‫أمن الوجود السوري في لبنان غطا ًء وحماية لها‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫وازدادت احلملة على املقاومة في لبنان‪ ،‬بعد التحرير في العام ‪،2000‬‬ ‫لتسليم سالحها بالرغم من ما أخذته من زخم معنوي في العاملني‬ ‫العربي واإلسالمي وتأييد دولي‪ ،‬وهو ما كانت اكتسبته خالل سنوات‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬وبعد صمودها وتصديها للعدوان في نيسان‬ ‫‪ 1996‬وقد أعطاها شرعية عربية وإقليمية ودولية‪.‬‬ ‫هذه احلملة كان الغرض منها إخراج لبنان من الصراع العربي ‪-‬‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وإضعاف املقاومة فيه والتي شكلت حركة حترير لألرض‬ ‫وقوة ردع بوجه العدو الصهيوني‪ ،‬وطرحت نظرية “لبنان هانوي أو‬ ‫هونكونغ”‪ ،‬وقد استتبع ذلك برفع شعار خروج القوات السورية من‬ ‫لبنان‪ ،‬بعد أن انسحبت قوات االحتالل اإلسرائيلي منه‪ ،‬وتالزم طرح‬ ‫اخلروج السوري مع تسليم املقاومة لسالحها‪ ،‬وأن ال يبقى سالح إال‬ ‫في يد الشرعية وحتديدا ً اجليش اللبناني‪ ،‬وقد تك ّون “لقاء قرنة شهوان”‬ ‫برئاسة البطريرك صفير الذي انتدب مطرانا ً هو يوسف بشارة حلضور‬ ‫اجتماعاته وترؤسها‪ ،‬ليكون األداة لترجمة نداء املطارنة املوارنة الذي‬ ‫صدر في أيلول للعام ‪ ،2000‬وبعد خمسة أشهر على التحرير الذي‬

‫طالب بانسحاب اجليش السوري‪ ،‬وتسليم “حزب اهلل” سالحه‪ ،‬حيث‬ ‫لقي هذا النداء دعما ً خارجيا ً ال سيما من الواليات املتحدة األميركية‪،‬‬ ‫والقاه أطراف لبنانيون‪ ،‬تقدمهم النائب وليد جنبالط الذي وحتت عنوان‬ ‫يصعد‬ ‫مصاحلة اجلبل‪ ،‬التقى سياسيا ً مع البطريرك صفير الذي بدأ‬ ‫ّ‬ ‫ضد الوجود السوري‪ ،‬برضى جهات لبنانية‪ ،‬ومنها الرئيس رفيق احلريري‬ ‫الذي وبعد التمديد للرئيس اميل حلود وصدور القرار ‪ 1559‬عن مجلس‬ ‫األمن الدولي‪ ،‬أصبح له موقعا ً في “لقاء قرنة شهوان” الذي حتول الى‬ ‫“لقاء بريستول” وقد كان صدور القرار الدولي مقدمة لفتنة داخلية‪،‬‬ ‫وهذا ما مت وصفه من قبل املقاومة وسوريا وحلفائها‪.‬‬ ‫فالقرار ‪ 1559‬كان البداية وعنوان الفتنة‪ ،‬لكن لتنفيذه ال بد من‬ ‫حدث كبير‪ ،‬فكان اغتيال احلريري الذي أخرج اجليش السوري من لبنان‪،‬‬ ‫لكنه لم يخرج الرئيس إميل حلود من قصر بعبدا‪ ،‬فتمت محاوالت‬ ‫حملاصرته بعد أن سقطت أميركا مع من أسمتهم من أدواتها “ثورة‬ ‫األرز” إلسقاط الشرعية عن حلود‪ ،‬لكنها فشلت وانتهت مع حملة‬ ‫“فل” حيث لم يتمكن صانعو القرار املذكور من نزع سالح املقاومة‪،‬‬ ‫فكان عدوان متوز ‪ 2006‬الذي فشل العدو الصهيوني من خالله أن يقوم‬ ‫بهذه املهمة‪.‬‬ ‫واليوم جتري محاولة للوصول الى املقاومة‪ ،‬من خالل القرار الظني‬ ‫في اغتيال الرئيس احلريري‪ ،‬وقد كان رئيس احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫واضحا ً ورسم خارطة طريق لكل ما يجري في احملكمة الدولية من‬ ‫محاولة لتسييسها‪ ،‬وهو أمر مرفوض وال يوصل الى احلقيقة‪ ،‬ألن‬ ‫الهدف من وراء ذلك هو املقاومة وسالحها‪ ،‬وقد وصل الى هذه اخلالصة‪،‬‬ ‫بعد أن كان‪ ،‬كما اعترف هو‪ ،‬أحد أدوات تنفيذ املشروع األميركي‪ ،‬الذي‬ ‫حاصر سوريا‪ ،‬وقرر القضاء على املقاومة‪ ،‬فحصل اغتيال احلريري ليكون‬ ‫املدخل الى ذلك‪ ،‬لكن صمود سوريا وانتصار املقاومة أفشال هذا اخملطط‬ ‫األميركي – اإلسرائيلي‪ ،‬الذي عاد يطل من جديد‪ ،‬بعد أن أوقف ما سمي‬ ‫“االتهام السياسي” ضد سوريا‪ ،‬ليتحول الى “حزب اهلل” الذي يخرج‬ ‫مسؤولون دوليون‪ ،‬وآخرون عرب ولبنانيون التهام عناصر فيه باجلرمية‪،‬‬ ‫وهو ما أعلنه السفير الفرنسي في لبنان دوني بيتون‪ ،‬وقد صححت‬ ‫ما قاله اخلارجية الفرنسية‪ ،‬وكان سبقه الى ما ذكره رئيس األركان‬ ‫في اجليش اإلسرائيلي غابي اشكنازي‪ ،‬وقبلهما الرئيس سعد احلريري‪،‬‬ ‫وقد كشف النائب سليمان فرجنية أن رئيس فرع املعلومات العقيد‬ ‫وسام احلسن أخبره أن معلومات لديهم من خالل شبكة االتصاالت أن‬ ‫“حزب اهلل” مشترك عبر عناصر منه باالغتيال‪ ،‬ومت اكتشاف ذلك في‬ ‫العام ‪ ،2006‬إال أن الظرف الدولي والعربي كان يطلب استخدام االتهام‬ ‫نحو سوريا‪ ،‬ألن أميركا بحاجة له ضدها ملساعدتها في العراق‪ ،‬ووقف‬ ‫مساعدتها للمقاومة‪.‬‬ ‫واالتهام يوجه في هذه الفترة الى “حزب اهلل” ألن املطلوب رأس‬ ‫املقاومة‪ ،‬وهو ما شهد شاهد من أهله عندما كشف النائب وليد‬ ‫جنبالط ذلك في مواقفه األخيرة‪ ،‬واعترف أن احملكمة مسيسة‪ ،‬ويا‬ ‫ليتها لم تكن‪ ...‬ولكن‪.‬‬ ‫وما يدور حول احملكمة من سجال‪ ،‬فألنها ابتعدت عن احلقيقة‪ ،‬وحتولت‬ ‫الى أداة في يد مشروع أميركي – إسرائيلي هدفه إشعال فتنة في لبنان‪،‬‬ ‫من خالل صراع سني – شيعي‪ ،‬بدأت مالمحه عندما يتحدث نواب من تيار‬ ‫املستقبل‪ ،‬إن سعد احلريري السني مستهدف من “حزب اهلل” الشيعي‬ ‫الذي تدور شبهات حول ارتكاب عناصر منه في اجلرمية دون أن يسأل هؤالء‬ ‫إذا كانت مفبركة كما بدأت مع شهود الزور الذين شكلوا البالغ رقم‬ ‫واحد “لثورة االرز” وأن انكشافهم فضح انقالبهم و ُقضي عليه‪.‬‬

‫«منبر التوحيد»‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫المزورة في اغتيال الحريري‬ ‫الحقيقة‬ ‫ّ‬ ‫شهود مفبركون في مصنع «ثورة األرز» بإدارة أميركية‬ ‫بدا لبنان أخيرا ً وكأنه على أكثر من موعد مع القدر لدرء الفتنة التي تلحق به كلما الح املشروع األميركي الصهيوني في املنطقة‪،‬‬ ‫بحيث كان املوعد األول بعد القرائن واملعطيات التي قدمها السيد حسن نصر اهلل‪ ،‬والتي كادت أن حتدث فتنة شيعية – سنية في حادثة‬ ‫برج أبي احليدر‪ ،‬واملوعد الثاني بعد عودة اللواء السيد من باريس والذي كان من املفترض أن يتم اعتقاله في مطار بيروت الدولي بعد‬ ‫مذكرة التوقيف بحقه بناء لطلب من وزير العدل ابراهيم جنار بتهمة تهديده الرئيس سعد احلريري بأخذ حقه بيده في موضوع اعتقال‬ ‫الضباط االعتباطي في جرمية اغتيال احلريري‪ ،‬والتي كان سبقها تكشفه عن حقائق تتهم الرئيس احلريري وفريقه السياسي باملشاركة‬ ‫في جرمية اغتيال والده من خالل فبركتهم وحمايتهم لشهود الزور بالتعاون مع جهاز االستخبارات اخلارجية الفرنسي‪ ،‬أعلنها في‬ ‫مؤمتره الصحافي في ذكرى اعتقاله حضره عائلته وحشد من اإلعالميني واملهتمني مبعرفة حقيقة من اغتال احلريري‪.‬‬ ‫وبذلك بدا لبنان‪ ،‬على قاب قوسني من انفجار متّ تداركه بفعل التهدئة التي أمنتها قمة التهدئة الثالثية اللبنانية – السورية‬ ‫– السعودية‪ ،‬وبعدها في اليوم التالي زيارة أمير قطر الى لبنان األمير حمد بن خليفة آل ثاني‪ ،‬جنحت في تثبيت الهدوء‪ ،‬ودرء الفتنة‬ ‫املرشحة للهبوب مع استحقاقات ستهب عاجالً أم آجالً‪ ،‬وفي مقدمها القرار الظني املرتقب صدوره عن احملكمة الدولية‪ ،‬والذي بات‬ ‫أشبه بالصاعق الذي ال مفر منه‪ ،‬رغم ما يشاع عن جهود سرية إلرجائه وتأجيله‪ ،‬واملثير في القراءة للصراع الصاخب الذي شهده‬ ‫لبنان وبيروت حتديدا ً على مدى األسبوعني املاضيني‪ ،‬أن “لغماً” متثل في تصريحات املدير العام السابق لألمن العام اللواء جميل السيد‬ ‫التهديدية والرد عليها‪ ،‬كاد أن يقلب الطاولة في لبنان‪ ،‬فكيف سيكون احلال في القرار االتهامي في اجلرمية التي اعتبرت زلزاالً ضرب لبنان‬ ‫في شباط ‪ 2005‬وكان ضحيتها الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬والوزير والنائب السابق باسل فليحان و‪ 22‬آخرين‪.‬‬ ‫لقد استشعر اللبنانيون قرب حجم الصراع الساعر‪ ،‬ووجدوا أنفسهم فجأة فوق صفيح يغلي‪ ،‬لم يأخذهم الكالم عن ترميم حال‬ ‫التهدئة حتت مظلة التفاهم لقمة التهدئة الثالثية اللبنانية – السورية – السعودية التي عقدت في بيروت‪ ،‬فسارعوا الى ربط األحزمة‬ ‫حتسباً لألهوال املقبلة‪.‬‬ ‫ماذا جرى؟‬

‫اللواء جميل السيد ه ّدد رئيس احلكومة بأنه‬ ‫سيأخذ حقه بيده‪ ،‬في مؤمتره الصحافي الذي‬ ‫لم يترك في تفاصيله شاردة أو واردة سياسية أو‬ ‫قانونية متع ّلقة ّ‬ ‫مبلف التحقيق في اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري‪ ،‬إالّ وحت ّدث عنها من منطلق العارف‬ ‫بزمام األمور‪ ،‬فقد استكمل الس ّيد هجومه على‬ ‫شركاء شهود الزور من سياسيني وقضاة وأمنيني‬ ‫وإعالميني‪ ،‬وج ّدد مطاردته لهم من أجل محاسبتهم‬ ‫ومعاقبتهم إ ْن لم يكن في «عهده ففي عهد أوالده‬ ‫وأحفاده»‪ ،‬وكشف معلومات عن كيفية حتول االتهام‬ ‫من سوريا باغتيال احلريري إلى «حزب اهلل»‪ ،‬تقال‬ ‫للم ّرة األولى على الهواء ومباشرة‪ ،‬وانتقد الرئيس‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سعد احلريري واحتفاظه «بفريق يخ ّرب لبنان ومخردق‬ ‫من ّ‬ ‫يهمه سوى‬ ‫كل أنواع اخملابرات العربية والدولية وال ّ‬ ‫إرضائك والقبض منك»‪.‬‬ ‫وأعاد تسليط الضوء على كيفية قيام رئيس فرع‬ ‫املعلومات في قوى األمن الداخلي العقيد وسام‬ ‫احلسن بتجنيد الشاهد أحمد مرعي الذي هو صنيعة‬ ‫مخابرات عربية ودامناركية كان مطلوبا ً منه اختراق‬ ‫تنظيم “فتح اإلسالم” وافتضاح أمره داخل السجن‬ ‫من خالل لسانه باعترافه أمام السجناء بطريقة‬ ‫جتنيده مقابل تقدميات قضائية بإخالء سبيل أقاربه‬ ‫وخفض األحكام بحقّ ه وتنظيف سجله‪.‬‬ ‫وكشف أ ّن من يقف وراء مقال “دير شبيغل” باتهام‬

‫‪6100‬‬

‫“حزب اهلل” باغتيال رفيق احلريري هي امرأة كانت‬ ‫تعمل في احملكمة وليست قاضية وال محققة من‬ ‫يسميها‪.‬‬ ‫دون أن ّ‬ ‫وحت ّدث الس ّيد عن وجود رغبة مصرية ـ أردنية ـ‬ ‫أميركية ـ “إسرائيلية” بإشعال الفتنة في لبنان‪،‬‬ ‫وذلك من أجل القضاء على املقاومة‪ ،‬داعيا ً النظام‬ ‫املصري إلى سحب الدبلوماسي أحمد حلمي من‬ ‫لبنان بسبب حتريضه على الفتنة‪ ،‬مح ّذرا ً من التوطني‬ ‫على أرض لبنان‪.‬‬ ‫وجهها الس ّيد في‬ ‫التي‬ ‫األقوى‬ ‫الرسالة‬ ‫على أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫الشقّ القانوني‪ ،‬تتم ّثل مبطالبته املدعي العام الدولي‬ ‫في احملكمة اخلاصة بلبنان القاضي الكندي دانيال‬


‫مفبركو شهود الزور‬

‫بيلمار باالستقالة من منصبه بسبب خضوعه‬ ‫لإلرادة السياسية‪ ،‬وعدم امتالكه شجاعة سلفه‬ ‫في رئاسة جلنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي‬ ‫املس مبعايير العدالة‬ ‫سيرج برامرتز‪ ،‬الذي رفض ّ‬ ‫الدولية عبر القفز فوق ّ‬ ‫ملف شهود الزور‪ ،‬ولو أخذ‬ ‫كالم برامرتز على محمل اجل ّد وجرى التبرؤ من شهود‬ ‫ّ‬ ‫والتخفف من أفعالهم اجلرمية قبل سنوات‪،‬‬ ‫الزور‬ ‫لو ّفر على لبنان وشعبه الكثير من األزمات على‬ ‫مختلف األصعدة‪.‬‬ ‫وإذا كان املؤمتر الصحافي للس ّيد قد أتى بعد‬ ‫املواقف الصريحة للحريري مع جريدة “الشرق‬ ‫األوسط” السعودية‪ ،‬من مسألة تخريب شهود‬ ‫الزور العالقة اللبنانية السورية واعترافه بوجودهم‬ ‫وترصد بتضليل التحقيق‪،‬‬ ‫وقيامهم عن سابق إصرار ّ‬ ‫وكذلك بعد لقاء له مع الرئيس ّ‬ ‫بشار األسد‪ ،‬إالّ أ ّن‬ ‫الس ّيد نفى حصول هذا التزامن باعتبار أ ّن موعد‬ ‫مؤمتره الصحافي كان مح ّددا ً سلفاً‪ ،‬وأ ّدت أحداث‬ ‫برج أبي حيدر إلى تأخيره بعض الوقت‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫اعتباره أ ّن “الصحيح ال يحتاج إلى إذن”‪.‬‬ ‫على أ ّن هناك جرأة في كالم الس ّيد وحت ّديا ً كبيراً‪،‬‬ ‫خصوصا ً جلهة انتقاده احملكمة اخلاصة بلبنان‪ ،‬باعتبار‬ ‫أ ّن “مصير” دعواه على القاضي بيلمار بشأن تزويده‬ ‫باألد ّلة على شهود الزور ال يزال في قبضة قاضي‬ ‫اإلجراءات التمهيدية دانيال فرانسني الذي يتو ّقع أن‬ ‫يصدر قراره في هذه الدعوى قريباً‪ ،‬ولكنّه لم يأبه‬ ‫حلساسية هذه املسألة على الرغم من إقراره بوجود‬ ‫“زعران لبنانيني في احملكمة فكيف أسميهم أوادم‬ ‫وفيهم رالف رياشي وهم أرسلوه إلى هناك لكي‬ ‫يزعبر لهم”‪ ،‬وهو قال إ ْن لم تعطه احملكمة هذه األد ّلة‪،‬‬ ‫فإنّها تكون تدين نفسها باحتفاظها بشيء ليس من‬ ‫حقّ ها‪ ،‬وإن وافقت على طلبه فإنّه سيالحق شهود‬ ‫الزور وشركاءهم اللبنانيني والسوريني واألملان‪ ،‬وفي‬ ‫كلتا احلالتني هو الكاسب‪.‬‬ ‫ووضع اللواء الس ّيد “اإلصبع على اجلرح”‪ ،‬بإطالع‬ ‫الرأي العام على اعتراف احملكمة اخلاصة بلبنان مم ّثلة‬ ‫بالقاضي فرانسني بوجود شهود الزور في قراره‬ ‫الصادر في ‪ 29‬نيسان ‪ ،2009‬واملتع ّلق باإلفراج عن‬ ‫الض ّباط األربعة‪ّ ،‬‬ ‫مذكرا ً مبا سبق له أن قاله في مؤمتره‬ ‫الصحافي في فندق “كورال بيتش” في ‪ 30‬آب ‪2009‬‬ ‫متن على احملكمة اخلاصة بلبنان “بفتح ّ‬ ‫ملف شهود‬ ‫من ّ‬ ‫ّ‬ ‫التعسفي‪ ،‬حتّى‬ ‫الزور وشركائهم‪ ،‬وسنوات االعتقال‬ ‫يكون لنا ثقة بها‪ ،‬مستعيدا ً ما جرى عقب مؤمتره‬ ‫الصحافي األ ّول من اجتماع جمللس القضاء األعلى‬

‫كشف الس ّيد شركاء ومفبركي شهود الزور وهم‪ :‬سعيد ميرزا‪ ،‬وصقر صقر‪ ،‬وإلياس عيد‪ ،‬وشارل‬ ‫رزق‪ ،‬وجوني عبده‪ ،‬وحسن السبع‪ ،‬وحميد غريافي‪ ،‬وفارس خشان‪ ،‬ومروان حمادة‪ ،‬ونهاد الغادري‪،‬‬ ‫خدام‪ ،‬وخالد‬ ‫ورالف رياشي‪ ،‬ووسام احلسن‪ ،‬وأشرف ريفي‪ ،‬وميليس‪ ،‬وغيرهارد ليمان‪ ،‬وعبد احلليم ّ‬ ‫حمود‪ ،‬وحسام التنوخي‪ ،‬وسمير شحادة‪ ،‬وهاني حمود‪ ،‬وندمي املنال‪ ،‬وسواهم‪.‬‬ ‫وتناول الس ّيد معامالت التبليغ الصادرة عن القضاء السوري إلى شخصيات يتهمها الس ّيد‬ ‫ّ‬ ‫مبذكرات توقيف غيابية تصدر عن القضاء‬ ‫بفبركة شهود الزور‪ ،‬وقال إن سعد احلريري سيفاجأ‬ ‫السوري بحقّ شهود الزور وشركائهم إذا لم ترسلهم إلى القضاء السوري لإلدالء بشهاداتهم فإذا‬ ‫كانوا أبرياء يتركون‪ .‬واحترموا املعاهدة القضائية املوقعة مع سوريا في العام ‪ ،1951‬وقد سقطت‬ ‫الثقة باحملكمة اخلاصة بلبنان وهناك نسبة كبيرة من الناس مستاءة مما حصل بدم رفيق احلريري‬ ‫عبر شهود الزور‪.‬‬ ‫وحترك القضاء بناء لطلب من وزير العدل ابراهيم جنار وأصدر مذكرة إحضار السيد خرج على‬ ‫أثرها “حزب اهلل” ببيان أعلن احتضانه للسيد‪ ،‬ورد تيار املستقبل على نحو عاصف على استهداف‬ ‫زعيمه السني‪ ،‬وعاد اللواء السيد الى بيروت عبر مطار رفيق احلريري الدولي‪ ،‬فكانت في انتظاره‬ ‫وفود سياسية وشعبية غير مسبوقة‪.‬‬ ‫“الذي طلب منه سعيد ميرزا أن ّ‬ ‫يغطيه وأنا أثرت‬ ‫علي باملقاالت‪ ،‬واعتبر‬ ‫املوضوع بالقانون”‪“ ،‬ففلت” ّ‬ ‫األمر كذباً‪ ،‬وتوالت التصريحات وقالوا إنّه ال شهود‬ ‫زور ولم يحلفوا اليمني‪ ،‬وكان األمر هجوما ً سياسياً‪،‬‬ ‫بينما أنا قلت لرئيس اجلمهورية ميشال سليمان‬ ‫ووزير العدل إبراهيم ّجنار ومجلس القضاء األعلى أن‬ ‫يحقّ قوا معنا ك ّلنا”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وانتقد الس ّيد كالم جنار عن أ ّن مجلس القضاء‬ ‫تص ّرف بحكمة عندما لم ير ّد عليه‪ ،‬بينما الوزير‬ ‫نفسه اعتبر في جلسة مجلس الوزراء أ ّن ملف‬ ‫شهود الزور من اختصاصه فأعطي له‪ ،‬وأوصي إذا‬ ‫قال جنار إ ّن للقضاء اللبناني اختصاصا ً حملاكمة‬ ‫شهود الزور بإحالة القضية على اجمللس العدلي‪،‬‬ ‫وتنحية القضاة ميرزا‪ ،‬وصقر صقر‪ ،‬وإلياس عيد‬ ‫وأشرف ريفي ووسام احلسن عن وظائفهم إلى حني‬ ‫انتهاء التحقيق‪ ،‬ووضعهم بالتص ّرف‪ ،‬وعندها أق ّدم‬ ‫معطياتي للمجلس العدلي وغير ذلك “فحاميها‬ ‫حراميها” وخصمي في هذه القضية هو الدولة‬ ‫اللبنانية وال يستطيع بيلمار أن يخفي عني “قشة”‬ ‫لدي معرفة ّ‬ ‫وجهوا‬ ‫أل ّن ّ‬ ‫بكل شيء‪ ،‬معلنا ً أنّه “عندما ّ‬ ‫االتهام لسوريا في قتل احلريري قتلوا أنفسهم‬ ‫وسمحوا للقاتل احلقيقي أن ّ‬ ‫ينفذ االغتياالت وبقتل‬ ‫البقية ممن اغتيلوا”‪.‬‬ ‫وقال الس ّيد‪ :‬لسنا نحن من أسماهم شهوداً‪ ،‬بل‬ ‫جوقة ت ّيار املستقبل وإعالمه عندما أتى القاضي املز ّور‬ ‫ديتليف ميليس‪ ،‬وكتب في السطر األ ّول من توصيته‬ ‫الشهيرة إلى القضاء اللبناني بأنّه أوقف الض ّباط‬ ‫األربعة باالستناد إلى شهود استمعت جلنة التحقيق‬ ‫الدولية إليهم‪ .‬كما أ ّن عبارة شهود الزور وردت مرات‬ ‫ثم وردت في‬ ‫عديدة في تقريري ميليس األ ّول والثاني‪ّ ،‬‬ ‫تقرير برامرتز التقييمي في ‪ 8‬كانون األول ‪ ،2006‬والذي‬ ‫س ّلمه للقضاء اللبناني مم ّثالً بسعيد ميرزا الذي قال‬ ‫له إ ّن االعتبارات السياسية للدولة اللبنانية متنع‬ ‫اإلفراج عن الض ّباط األربعة‪ ،‬فأجابه برامرتز‪ :‬نحن في‬

‫‪7‬‬

‫اللجنة ليست لنا مثل هذه االعتبارات‪.‬‬ ‫وتو ّقف السيد عند قرار احملكمة بعد اجتماعها في‬ ‫‪ 7‬تشرين الثاني ‪ 2009‬باعتبارها الشاهد الذي كذب في‬ ‫عهد جلنة التحقيق ليس من اختصاصها وأن من يكذب‬ ‫منذ اآلن وصاعدا ً نحاسبه‪ ،‬وقال “احملكمة تعرف أن وراء‬ ‫هؤالء الشهود دولة فؤاد السنيورة‪ ،‬وسعد احلريري‪،‬‬ ‫وأشرف ريفي‪ ،‬ووسام احلسن‪ ،‬وسعيد ميرزا‪ ،‬والقضية‬ ‫غير مرتبطة بزهير الص ّديق وسواه من الشهود بل‬ ‫بدولة قامت على فرضية اتهام سوريا وعلى شهود‬ ‫الزور‪ ،‬وهناك دول اتصلت بسوريا ومنها تركيا‪ ،‬تطالب‬ ‫بسحب دعوى جميل الس ّيد املقامة أمام القضاء‬ ‫السوري على شهود الزور وشركائهم في سوريا‪ ،‬فكان‬ ‫الر ّد بأنّها دعوى شخصية ال عالقة لنا بها”‪.‬‬ ‫وقال الس ّيد‪ :‬لقد تبني أ ّن التوسع في التحقيق هو‬ ‫شاهد زور جديد يدعى أحمد مرعي وتبني أ ّن وسام‬ ‫احلسن أحضره وأبقاه فترة لدى فرع املعلومات حيث‬ ‫أخبر الضباط هناك بأنّه يستطيع أن يتصل بي‬ ‫وبالرائد خالد حمود ساعة يشاء‪ ،‬ولكن مرعي كان‬ ‫يخبر في السجن أن وسام احلسن يريد أن يخرج‬ ‫إخوته وأقاربه من السجن وهذا ما حصل‪ ،‬وأرسلت‬ ‫كتابا ً بهذا املعنى إلى جلنة التحقيق التي أخضعت‬ ‫مرعي للفحص على آلة كشف الكذب فرسب‪ ،‬وأنا‬ ‫قلت مليرزا أن يخضع آللة كشف الكذب مع السنيورة‬ ‫ثم جاءني الر ّد من جلنة التحقيق بأنّه‬ ‫وسعد احلريري‪ّ ،‬‬ ‫ال داعي لرؤية الشاهد مرعي‪ .‬ولفت النظر إلى أ ّن “فرع‬ ‫املعلومات” كان يذهب إلى السجن‪ ،‬ويسأل السجناء‬ ‫ممن لديهم ورطات مع السوريني ويقوم بإجراء غسيل‬ ‫دماغ له لتجنيده‪ ،‬ولذلك فإ ّن شهود الزور هم تربية‬ ‫السنيورة وسعد احلريري‪ ،‬وقام ميرزا باالدعاء على‬ ‫الشاهد إبراهيم جرجورة لكي يحمي مروان حمادة‬ ‫الذي حفظه إفادته الكاذبة مثلما فعل فارس خشان‬ ‫مع هسام هسام في مبنى تلفزيون املستقبل‪ .‬واليوم‬ ‫جرجورة ممنوع من العودة إلى سوريا بقرار من ميرزا‬ ‫لئال يفضح ّ‬ ‫كل شيء‪.‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫اللواء احلاج‪ :‬شهود الزور ُفبركوا‬ ‫لكم األفواه‬

‫االفتراءات لم تطل اللواء جميل السيد فقط‬ ‫بل ثالثة آخرون من زمالئه الضباط هم العميد‬ ‫مصطفى حمدان‪ ،‬والعميد رميون عازار‪ ،‬واللواء‬ ‫علي احلاج‪ ،‬ولكن املفارقة بينهم أن الذين تكلموا‬ ‫ونادوا بإثبات براءتهم إن كان داخل السجن‬ ‫وخارجه هم الذين لُ ّفق لهم شهداء زور‪ ،‬تطلق‬ ‫اتهامات ضدهم في جرمية اغتيال الرئيس احلريري‪،‬‬ ‫وهذا ما ّ‬ ‫أكده اللواء احلاج في حديثه جمللة «منبر‬ ‫التوحيد» حيث أوضح أن شهود الزور ُفبركوا لكم‬ ‫األفواه ولهم مشغلون‪ ،‬كما وصفهم بسفلة‬ ‫القوم‪ ،‬حيث أنهم اتهموا باالحتيال وبتجارة‬ ‫اخملدرات وبالعمالة مع املوساد‪ ،‬وقد متّ استقدامهم‬ ‫واالتكال عليهم في مرحلة من املراحل‪ ،‬متسائالً‬ ‫هل يستطيع أشخاص كهؤالء أن يتهجم على‬ ‫شخصية كبيرة أوعلى فريق لبناني كبير إذا لم‬ ‫يكن محمياً‪ ،‬ولم يكن له مشغلني يؤمنون له‬ ‫احلماية والتوطني والرعاية واملال؟ هؤالء انفضح‬ ‫أمرهم بعد أن سقط مشروع مشغليهم‪،‬‬ ‫الذين كانوا يحاولون تضليل التحقيق ألسباب‬ ‫سياسية‪ ،‬واليوم انكشفت املؤامرة فأصبح‬ ‫املشغلني ومن وراءهم يغطون شهود الزور لدرء‬ ‫االتهام عنهم‪ ،‬ما يجعلنا أمام معركة بني حقيقة‬ ‫من اغتال الرئيس احلريري وبني من ضلل التحقيق‬ ‫واستهدف نظاما ً إقليميا ً ويستهدف اليوم فريق‬ ‫لبناني كبير‪.‬‬ ‫وأضاف احلاج أن مقاضاة الشهود الزور ترتبط‬ ‫بحقيقة من اغتال الرئيس احلريري‪ ،‬وباحلفاظ على‬ ‫السلم األهلي في لبنان‪ ،‬وتوطيد العالقات بني‬ ‫لبنان وسوريا‪ ،‬وحتصني وحماية املقاومة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫االنصهار حول صيغة العيش املشترك لدرء‬ ‫كل تداعيات املشروع األميركي الصهيوني في‬ ‫املنطقة‪ّ ،‬‬ ‫مؤكدا ً أن تغطية شهود الزور تشير الى‬ ‫أن مشروعا ً مازال قائما ً برأيهم هم‪ ،‬ولكن برأينا‬ ‫هذا املشروع سقط بعد اإلفراج عن الضباط‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األربعة‪ ،‬مطالبا ً السلطة القضائية اللبنانية مبا‬ ‫ميثلها اليوم‪ ،‬وبالتالي السلطة السياسية التي‬ ‫هي مسؤولة عن السلطة القضائية واألجهزة‬ ‫األمنية في لبنان بإحالة قضية شهود الزور الى‬ ‫مجلس عدلي يكون فيه محقق عدلي نزيه ألن‬ ‫هذه القضية هي قضية وطنية‪ ،‬أساءت الى األمن‬ ‫القومي اللبناني والى السلم األهلي‪ ،‬وغ ّيرت‬ ‫احلقائق‪ ،‬وضللت التحقيقات وبالتالي ف ّرقت‬ ‫اللبنانني عن بعضهم البعض وكادت أن جترهم‬ ‫الى حرب أهلية‪.‬‬ ‫وحول ادعاءات أكرم شكيب مراد استغرب‬ ‫احلاج كيف يجرأ مراد وهو متعاطي مخدرات‬ ‫أن يتهم نظام أمني إقليمي‪ ،‬واملقصود النظام‬ ‫السوري ويتهم كبار هذا النظام واملقاومة‪ ،‬ما‬ ‫يدل أن هناك مشغلني‪ ،‬يغطونه اليوم ليحموا‬ ‫أنفسهم‪ ،‬وبالتالي الظالمة التي متس أمن البلد‬ ‫والسلم األهلي هي كما العمالة ألن العمالة‬ ‫أيضا ً متس السلم األهلي في لبنان وتهدد أمنه‪،‬‬ ‫موضحا ً أنه ادعى على أكرم شكيب مراد عام‬ ‫‪ 2007‬عند خروجه‪ ،‬لكن القاضي كلود كرم ترك‬ ‫الدعوة لديه خمسة أشهر في فصيلة عاليه‪،‬‬ ‫التي أعادت إليه الدعوة قائلة أنها لم تعثر على‬ ‫مراد وهو موجود في سجن روميه منذ نيسان‬ ‫‪ 2004‬ومازال حتى اليوم‪ ،‬وهذا دليل تواطؤ وتخاذل‬ ‫وحماية لشهود الزور من قبل القضاء واألمن‪ ،‬من‬ ‫هنا نطالب بالكف عن املتاجرة بدم الشهداء‪،‬‬ ‫وحماية شهود الزور‪.‬‬ ‫وتابع احلاج‪ :‬عندما أصريت على مقابلة أكرم‬ ‫شكيب مراد وحلسن احلظ كان القاضي ماهر‬ ‫شعيتو مناوبا ً أثناء العطلة القضائية وسمح‬ ‫لي مبواجهة مراد‪ ،‬بالرغم من معرفتي بأن احملضر‬ ‫سيذهب الى اجلارور وليس الى املتابعة‪ ،‬ولكن‬ ‫مهمتي كانت تنحصر فقط في مواجهة أكرم‬ ‫شكيب مراد‪ ،‬الذي قال في التحقيق أنه لم‬ ‫يظلمني بل اآلخرون هم الذين ظلمونني‪ ،‬وبأنهم‬ ‫سيقتلونه إذا قال احلقيقة‪ ،‬وهذا ما د ّون في احملضر‬ ‫ومضى عليه مراد‪ ،‬وبعد إقفال احملضر اعترف مراد‬ ‫باسم واحد هو فارس خشان الذي كان يأتي الى‬ ‫السجن لزيارة ابن أخيه طوني خشان‪ ،‬مرتكب‬ ‫جرمية قتل ابن القاضي جوزف شاوول‪ ،‬ومن هناك‬ ‫يأتي إليه ليشهد ضدي ويلقنه شهادته‪ ،‬وسجل‬ ‫مراد شريطا ً له موجودا ً لدينا ولدى اإلعالم اعترف‬ ‫فيه أن اثنني كانا يأتيان إليه من قبل وزير سابق‬ ‫ونائب حالي هو مروان حمادة يلقنوه الشهادة التي‬ ‫سيقولها في التحقيق‪ ،‬وفرع املعلومات أوفقه‬ ‫وأخذه عند القاضي الياس عيد كي يشهد ضدي‪،‬‬ ‫والقاضي عيد أثناء التحقيق قال أنه ليس له‬ ‫عالقة وهذه املعلومات أرسلها له فرع املعلومات‪،‬‬ ‫إذا تركنا كل هذا جانبا ً جند أننا أمام وقائع‪،‬‬ ‫فليتفضل القضاء اللبناني إذا كان حريصا ً على‬ ‫سمعته وحريصا ً على السلم األهلي وحريصا ً‬ ‫على دم الشهداء فليذهب ويحقق مع شهود‬ ‫الزور ألنهم ومن وراءهم يعرفون من هوالقاتل‪.‬‬

‫‪8100‬‬

‫وحول تداعيات ملف شهود الزور على‬ ‫القضاء اللبناني واحملكمة اخلاصة بلبنان‪،‬‬ ‫أوضح احلاج أنه منذ خمس سنوات كان هناك‬ ‫استباحة لقضاء وأمن وسياسية لبنان‪ ،‬وكرامة‬ ‫شعبه‪ ،‬ولعالقاته مع دول شقيقة وحتديدا ً مع‬ ‫سوريا‪ ،‬وقيادات املقاومة‪ ،‬هؤالء املرتكبني هم‪:‬‬ ‫قاضي مرتكب‪ ،‬وضابط أمني مرتكب‪ ،‬وسياسي‬ ‫مرتكب‪ ،‬وإعالمي مرتكب‪ ،‬ولم يعد بوسعنا‬ ‫تغطية هؤالء املرتكبني ويجب محاسبتهم‪ ،‬ألن‬ ‫احملاسبة هي املفتاح الوحيد لالستقرار الداخلي‬ ‫اللبناني وحلماية لبنان‪ ،‬ويقولون أن احلقيقة جترح‪،‬‬ ‫ولكن هذا اجلرح يداوي لبنان من اإلساءات التي‬ ‫أحلقت به‪ ،‬وبالتالي يحمي الشهداء في قبرهم‬ ‫ويرجع اللبنانيني الى أصالتهم في العيش‬ ‫املشترك ملواجهة عدوهم الوحيد «إسرائيل»‪.‬‬ ‫وحول ما نشر للصديق في صحيفة‬ ‫«السياسة» الكويتية‪ ،‬وصف احلاج الصديق‬ ‫بالنصاب واحملتال‪ ،‬قائالً أنه ال يجوز لهؤالء الشهود‬ ‫أن يكونوا قييمني على شهادات شهداءنا وعلى‬ ‫السلم األهلي والقضاء اللبناني والقضاء الدولي‪،‬‬ ‫كفى لعبا ً مبصير البلد وقضائه وأمنه‪.‬‬ ‫وحول استمرارهم في ملف شهود الزور‬ ‫الى ما ال نهاية‪ّ ،‬‬ ‫أكد احلاج أن احلقيقة تكمن‬ ‫بتحقيق العدالة‪ ،‬والذهاب نحو احلقيقة هو‬ ‫لتأمني االستقرار في البلد‪ ،‬والتلطي وراء شهود‬ ‫الزور ووراء التضليل هو ما يفجر البلد من جديد‬ ‫ويسيئ إليه مجددا ً والى شهداءنا‪.‬‬ ‫من هنا الظالمة التي متس أمن البلد‬ ‫كما العمالة‪ ،‬وشهود الزور كالعمالء وأكثر‬ ‫ومشغليهم هم العمالء الكبار‪ ،‬وفي البلد فريق‬ ‫لبناني يتناغم مع املشروع األميركي الصهيوني‬ ‫فقط الستهداف أفرقاء لبنانيني واإلساءة الى‬ ‫دولة شقيقة‪ ،‬مستغربا ً رفض البعض السير‬ ‫مبنطق الرئيس سعد احلريري حول قضية شهود‬ ‫الزور‪ .‬فاألخير أق ّر بهم وبإساءتهم للبنان ولعائلته‬ ‫ولسوريا‪.‬‬ ‫هذا وطالب احلاج القضاء اللبناني باإلقدام‬ ‫على محاكمة شهود الزور‪ ،‬متحديا ً القضاء‬ ‫اللبناني ووسام احلسن ألنّه عليه جلبهم الى‬ ‫التحقيق‪ ،‬ومتحديا ً النائب مروان حمادة ال يجوز‬ ‫تغطية شهود الزور‪ ،‬متسائالً كيف يعيش محمد‬ ‫زهير الصد ّيق؟ وكيف بإمكانه أن يتنقّ ل بالطائرات‬ ‫اخلاصة؟ لو لم يكن هناك قضاة وضباط في فرع‬ ‫املعلومات يقفون وراءه‪ ،‬وأكرم شكيب مراد الذي‬ ‫ويدعي علينا بالقتل‬ ‫كان معززا ً في سجن روميه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وعند مجابهته عند القاضي الياس عيد سألته‬ ‫«كيف لهذا الشاهد الزور ان يكتشف سيارة‬ ‫امليتسو بيشي قبل سرقتها من اليابان بستة‬ ‫اشهر؟ ينفض الياس عيد جاكيته ليقول لي‬ ‫«ال عالقة لي باملوضوع‪ .‬فرع املعلومات هو من‬ ‫ّ‬ ‫ليتفضل القضاء ويطلب‬ ‫ركب هذا السيناريو‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫القاضي الياس عيد وغيره من القضاة وضباط‬ ‫فرع املعلومات الى التحقيق‪.‬‬


‫رافي مادايان‪ :‬الفريق الداخلي‬ ‫املؤيد للمحكمة ال ميلك اجلرأة‬ ‫املطلوبة حملاكمة شهود الزور‬

‫كما أن قضية اغتيال احلريري وما استتبعها‬ ‫من اغتياالت متّ التحقيق وفبركة شهود الزور‬ ‫فيها‪ ،‬لم تطل الضباط األربعة بل طالت أيضا ً‬ ‫عائالت الشهداء بحيث ذهب بهم الشك الى‬ ‫اتهام سوريا باغتيال شهدائهم كما حصل مع‬ ‫عائلة الشهيد جورج حاوي‪ ،‬وهذا ما أكده جمللة‬ ‫«منبر التوحيد» أمني س ّر جمعية «شبيبة‬ ‫جورج حاوي» من أجل االستقالل والعدالة‪ ،‬أن‬ ‫الفريق الداخلي املؤيد لهذه احملكمة ال ميلك اجلرأة‬ ‫املطلوبة حملاكمة شهود الزور‪ ،‬على الرغم من‬ ‫إدراكه االنتقاص الكبير الذي أصابها جراء التأخر‬ ‫في هذه اخلطوة‪ ،‬ويعزو فقدان اجلرأة املذكورة الى‬ ‫االرتدادات اخلطيرة التي ستترتب عن مثل هذه‬ ‫احملاكمة‪ ،‬حيث أنها ستتجاوز الساحة اللبنانية‬ ‫لتضرب في ساحات دولية‪ ،‬وتصيب رؤسا ً كبيرة‪،‬‬ ‫ومتيط اللثام عن خفايا االنقالب الذي هز لبنان في‬ ‫العام ‪ 2004‬بعد صدور القرار الدولي ‪ 1559‬واغتيال‬ ‫الرئيس رفيق احلريري في ‪ 14‬شباط ‪.2005‬‬ ‫ولهذه األسباب يضيف مادايان‪ ،‬أن ما يسمى‬ ‫«اجملتمع الدولي» وافق على إضفاء حصانة‬ ‫قضائية على هؤالء اجملرمني عندما منع احملكمة‬ ‫الدولية من مالحقتهم بنص صريح في نظامها‪،‬‬ ‫وفي الوقت نفسه حظر على احملاكم األخرى مثل‬ ‫هذه املالحقة بذريعة عدم التدخل بأي قضية‬ ‫ترتبط باغتيال احلريري‪.‬‬ ‫ويشدد مادايان على أن قضية شهود الزور هي‬ ‫ظاهرا ً مسألة لبنانية‪ ،‬ولكنها فعليا ً هي جرمية‬ ‫عابرة للحدود شارك في إعدادها وارتكابها عدد‬ ‫من األجهزة االستخباراتية في أكثر من بلد بينها‬ ‫لبنان وفرنسا‪.‬‬ ‫ويلفت الى الدور الفرنسي في قضية شاهد‬ ‫الزور محمد زهير الصديق‪ ،‬والذي جاء في سياق‬ ‫تقاسم املهام بني باريس وواشنطن إثر قمة‬ ‫النورماندي في ‪ 2004‬بني جاك شيراك وجورج‬

‫بوش إلحداث انقالب في لبنان يؤدي الى تنفيذ‬ ‫بنود القرار ‪ ،1559‬وكان دور فرنسا مبوجب هذه‬ ‫القمة تصنيع الظروف األمنية والقضائية‬ ‫املالئمة لهذا االنقالب كونها على حد ما قاله‬ ‫بوش لشيراك في االجتماع املذكور «أنتم أدرى‬ ‫بشؤون لبنان ومنطقة الشرق األوسط‪ ،‬وعليكم‬ ‫أنتم الفرنسيني وضع خطة ونحن ندعمها»‪.‬‬ ‫ويقول‪ :‬إن جهاز االستخبارات اخلارجية في‬ ‫فرنسا التابع لرئاسة اجلمهورية «شيراك»‬ ‫(‪ )DGSE‬هو من طلب من فرع املعلومات في قوى‬ ‫األمن الداخلي البحث عن صيد أمني‪ ،‬وهو عبارة‬ ‫عن شاهد زور مبواصفات معينة يضفي بإفادته‬ ‫نوعا ً من الصدقية في اتهام النظام السوري‬ ‫باغتيال احلريري‪.‬‬ ‫ويكشف عن حادثة جرت معه شخصيا ً عندما‬ ‫حضر الى لبنان الكولونيل الفرنسي دي مون بناء‬ ‫لطلب القاضي البروغيير للتحقيق بجرمية اغتيال‬ ‫الصحافي سمير قصير‪ ،‬ومما قاله الكولونيل‬ ‫للمصدر»نحن ليس لدينا إثباتات ملموسة‬ ‫ودامغة عن تورط السوريني في اغتيال احلريري‪،‬‬ ‫ولكننا نفتش عن شخص في النظام األمني‬ ‫اللبناني – السوري مستعدا ً أن ينشق ويأتي إلينا‬ ‫لإلدالء بشهادته حتى لو كانت رتبته صغيرة‪،‬‬ ‫وهذا يكفينا إلدانة الرئيس بشار األسد»‪.‬‬ ‫ويقول مادايان‪ ،‬لقد جنح فرع املعلومات بالتعاون‬ ‫مع أحد السياسيني اللبنانيني في توفير الصيد‬ ‫األمني املطلوب جلهاز االستخبارات اخلارجية‬ ‫الفرنسي‪ ،‬فكان محمد زهير الصديق‪ ،‬كونه له‬ ‫صلة ولو واهية بضباط سوريني‪ ،‬وله ملف أمني‬ ‫في لبنان ومتورط في ارتكابات معاقب عليها‬ ‫قانوناً‪ ،‬إضافة الى امتالكه مؤهالت االحتيال‬ ‫و»املالحظ أن جميع شهود الزور تنطبق عليهم‬ ‫املواصفات املذكورة»‪.‬‬ ‫ويضيف‪ :‬قصة جهاز االستخبارات اخلارجي‬ ‫الفرنسي (‪ )DGSE‬مع محمد زهير الصديق‬ ‫فيقول «االستخبارات اخلارجية الفرنسية مع‬ ‫فريقهم اللبناني السياسي واإلعالمي واألمني‬ ‫جلبوا الصديق وأرسلوه الى فرنسا حيث كانت‬ ‫تتم مرحلة التحضير‪ ،‬لكن ما حدث أثناء إقامة‬ ‫الصديق في فرنسا هو أنه اتصل إما عن طريق‬ ‫اخلطأ أو العتبار مجهول‪ ،‬بصحافي لبناني مقيم‬ ‫في باريس‪ ،‬رمبا كان يعرفه في السابق عندما كان‬ ‫في بيروت‪ ،‬وهذا الصحافي يعمل مع االستخبارات‬ ‫العامة الفرنسية‪ ،‬وهو اجلهاز األمني الذي كان‬ ‫يرأسه حينها نيكوال ساركوزي عندما كان وزيرا ً‬ ‫للداخلية‪ ،‬وبخالف اجلهاز األمني الذي كان يتبع‬ ‫مباشرة للرئيس شيراك‪ ،‬كان جهاز االستخبارات‬ ‫العامة على عالقة تعاون ممتازة مع السلطات‬ ‫األمنية السورية حيث «كان هناك تعاون أمني‬ ‫في مجال مكافحة اإلرهاب لسنوات طويلة‪ ،‬وهذا‬ ‫التعاون أدى على سبيل املثال الى كشف محمد‬ ‫الزمار أحد قادة تنظيم القاعدة في أوروبا‪ ،‬وقد‬ ‫متّ توقيفه في املغرب وبعدها أرسلته السلطات‬

‫‪9‬‬

‫املغربية الى سوريا وأدلى هناك مبعلومات ثمينة‬ ‫جداً‪ ،‬وقد استفادت السلطات األمنية السورية‬ ‫من هذه املعلومات وأعطتها للفرنسيني‬ ‫وللجهات الدولية حيث سمحت بتوقيف خاليا‬ ‫القاعدة في أوروبا»‪.‬‬ ‫ويتابع مادايان ففي الوقت الذي كانت األجهزة‬ ‫األمنية السورية تقيم تعاونا ً مع اجلهاز األمني‬ ‫الذي يرأسه ساركوزي‪ ،‬بدأت تنشب اخلالفات‬ ‫بني األخير وشيراك على خلفية الطموحات‬ ‫السياسية لكل منهما‪ ،‬لذا كانت االستخبارات‬ ‫العامة الفرنسية حريصة على مواكبة ما‬ ‫يقوم به جهاز األمن اخلارجي‪ ،‬فتابعت موضوع‬ ‫زهير الصديق‪ ،‬وأوعزت لعميلها الصحافي‬ ‫اللبناني أن يتواصل مع الصديق ملعرفة ماذا ينوي‬ ‫غرميها األمني (جهاز االستخبارات اخلارجية) من‬ ‫استخدامه للصديق‪.‬‬ ‫وقد متكن جهاز االستخبارات العامة (التابع‬ ‫الصديق عبر مترجمة‬ ‫لساركوزي) من متابعة‬ ‫ّ‬ ‫جزائرية‪ ،‬كان يستعني بها األخير كونه ال يتقن‬ ‫اللغة الفرنسية‪ ،‬وعرفت االستخبارات العامة‬ ‫الصديق ذهب من فرنسا الى ماربييا بعد أن‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫كان قد التقى بجماعة جلنة التحقيق الدولية‬ ‫في باريس‪ ،‬وحضروا شهادته وكتبوها له‪ ،‬طبعا ً‬ ‫انتقلت املترجمة معه الى ماربييا ونزل في فندق‬ ‫ميلكه رفعت األسد‪ ،‬لذلك يقال أن الصفقة‬ ‫املالية واالحتضان له شارك فيه رفعت األسد‪،‬‬ ‫علما ً أنه في أوقات سابقة سرت إشاعة في‬ ‫بيروت تقول أن عبد احلليم خدام وغازي كنعان‬ ‫الصديق‪ ،‬لكن الصفقة‬ ‫رمبا كانت لهم عالقة مع‬ ‫ّ‬ ‫املالية بني الصديق وبني هذا الفريق الذي جنّده في‬ ‫ماربييا‪ ،‬والشهادة األولية ُكتبت ورُتبت في باريس‪،‬‬ ‫وقد حصلت املترجمة اجلزائرية على نسخة من‬ ‫شهادته وسلمتها للصحافي اللبناني املذكور‬ ‫قبل أن تأتي الى بيروت ويدلي بها أمام احملقق‬ ‫األملاني ديتليف ميليس‪.‬‬ ‫الصديق تضمنت‬ ‫وأضاف مادايان أن إفادة‬ ‫ّ‬ ‫في البداية أن من بني األشخاص الذين حرضوا‬ ‫أو شاركوا في عملية االغتيال ناصر قنديل‬ ‫ونادر سكر‪« ،‬ثم حذفوا بعدها اسم نادر سكر‪،‬‬ ‫ال نعرف ملاذا»‪ ،‬وخلطورة املوضوع أخبر هذا‬ ‫الصحافي اللبناني قيادته‪ ،‬وممكن أن تكون وافقت‬ ‫االستخبارات العامة الفرنسية على تسريب هذه‬ ‫املعلومات الى السلطات األمنية السورية‪ ،‬والى‬ ‫الرئيس إميل حلود ألن هذا الصحافي اللبناني‬ ‫املقيم في فرنسا يتردد الى لبنان ويعرف الرئيس‬ ‫حلود‪ ،‬وبعض األمنيني في سوريا‪ ،‬فأخبرهم أن‬ ‫هناك شخصا ً سيقدم إفادة أمام جلنة التحقيق‬ ‫الدولية يتهمكم بالتفاصيل كذا وكذا‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ويؤكد مادايان أن من كشف لعبة محمد زهير‬ ‫الصدق هو جهاز االستخبارات العامة الفرنسي‬ ‫ّ‬ ‫(‪ ،)DST‬وأتى هذا الكشف في سياق الصراع الدائر‬ ‫حينها بني كل من شيراك وساركوزي‪.‬‬ ‫وخلص مادايان الى القول لذلك اليوم ليس‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫مبقدور كل من احملكمة الدولية والسلطات‬ ‫األمنية اللبنانية‪ ،‬والقضاء اللبناني محاكمة‬ ‫شهود الزور ألن ذلك يؤدي الى كشف دور اخملابرات‬ ‫اخلارجية الفرنسية وصوال ً الى جاك شيراك‬ ‫وكبار مساعديه‪ ،‬وقد يؤدي أيضا ً الى كشف دور‬ ‫السياسيني وكبار األمنيني والقضاة اللبنانيني‪،‬‬ ‫وهذا األمر بدوره يؤدي الى فضيحة‪ ،‬وخاصة أن‬ ‫هؤالء اليزالون في مراكزهم‪.‬‬ ‫وحول تواجد هسام هسام في ساحة اجلرمية‬ ‫وبالقرب من منزل الشهيد جورج حاوي ومرافقته‬ ‫للعائلة الى مسرح اجلرمية إضافة الى وجوده‬ ‫في أكثر من مسرح حيث شوهد قبل يوم في‬ ‫مسرح جرمية اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬يقول‬ ‫رافي مادايان‪ :‬تبني لنا بعد فترة من جرمية اغتيال‬ ‫الشهيد جورج حاوي بأن الشاهد املقنع هسام‬ ‫هسام كان قد تواجد في منزلنا وقد شاهده‬ ‫أكثر من شخص بعدما صدرت صوره في وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬بعد الظهر من يوم جرمية اغتيال في ‪11‬‬ ‫حزيران ‪ ،2005‬انتقل معنا من املنزل الى مكان‬ ‫اجلرمية في وطى املصيطبة إلضاءة الشموع‬ ‫وكأنه تقصد أن يرافق أفراد العائلة حيث كان الى‬ ‫جانب السيدة جناح حاوي والى جانب بقية أفراد‬ ‫العائلة‪ ،‬وأن يكون أمام وسائل اإلعالم وعدسات‬ ‫كاميراتهم في مكان اجلرمية‪.‬‬ ‫طبعا ً نحن في البداية لم ننتبه‪ ،‬ولم نتعرف‬ ‫إليه إال بعد أن ُكشفت هويته من قبل تلفزيون‬ ‫اجلديد ومن قبل الصحافية زهرة بدران وأزيل القناع‬ ‫عن وجهه‪ ،‬وبدأت وسائل اإلعالم تبحث عن صور‬ ‫له‪ ،‬وقد نشرت صحيفة النهار صورة له في مكان‬ ‫اغتيال الشهيد حاوي حوالى الساعة احلادية‬ ‫عشر قبل الظهر أمام محطة الزهيري وكان خلف‬ ‫اللواء أشرف ريفي واملدعي العام القاضي سعيد‬ ‫ميرزا حسب ما شاهدناه واتصل بي الصحافي‬ ‫وائل الالدي الذي كان يعمل في جريدة «السفير»‬ ‫وجريدة «األخبار» وأعلمني بوجود صور لهسام‬ ‫هسام في أرشيفه وقد نشرها على موقع إيالف‪،‬‬ ‫وكان هناك ردة فعل من قبلنا ومن قبل العائلة‬ ‫وعقدت مؤمترا ً صحافيا ً واتهمت فيه كردة فعل‬ ‫أولي النظام السوري واألجهزة األمنية اللبنانية‬ ‫السورية السابقة باغتيال الشهيد حاوي قبل‬ ‫أن نكتشف الحقا ً بأن هسام كان يعمل مع فرع‬ ‫املعلومات‪ ،‬وأنه متّ جتنيده من فرع املعلومات‪ ،‬وأنه‬ ‫كان يتردد الى املقدم سمير شحادة وضباط فرع‬ ‫املعلومات في املركز الرئيسي في منطقة الصياد‬ ‫في فرن الشباك‪ ،‬وعندما زرت اللواء أشرف ريفي‬ ‫وواجهته بهذه احلقائق قد اعترف ّ‬ ‫وأكد أن هسام‬ ‫هسام كان يتردد الى فرع املعلومات وكان يلتقي‬ ‫بضباط فرع املعلومات وبشكل خاص املقدم‬ ‫سمير شحادة‪ ،‬وكان يتلقى من سمير ‪$1200‬‬ ‫شهرياً‪ ،‬وأن فرع املعلومات كان قد استأجر له‬ ‫سيارة نيسان ميغرا وكان يحميه أثناء جتواله‬ ‫في شوارع بيروت محميا ً من قبل جهاز فرع‬ ‫املعلومات‪ ،‬ولكن عندما سألت اللواء أشرف ريفي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هل هذا يعني أن فرع املعلومات هو من أرسله الى‬ ‫مكان اغتيال الشهيد حاوي لم يجب‪ ،‬ولكن تبني‬ ‫الحقا ً بعد التحقيقات التي أجريناها كعائلة‬ ‫وأصدقاء الشهيد جورج حاوي بأنه يبدو على‬ ‫األرجح قيادة فرع املعلومات قد أرستله الى مكان‬ ‫جرمية الشهيد حاوي حتى نظن ونشك بالنظام‬ ‫السوري وحلفائه في جرمية االغتيال وبأن نقيم‬ ‫ردة الفعل التي أقمناها واملؤمتر الصحافي الذي‬ ‫أجريناه‪.‬‬ ‫هذا يدل بأن اجلهات التي أرسلت هسام هسام‬ ‫وجندته واستخدمته حاولت أن تضلل التحقيق‬ ‫وأن تؤثر في مجرى التحقيقات وبالتالي أن تؤثر‬ ‫على مسار التحقيق حتى يتّهم الرأي العام‬ ‫اللبناني سوريا وحلفاءها في لبنان في جرائم‬ ‫االغتياالت‪.‬‬ ‫أضف بأنني أصبحت على يقني أن فرع‬ ‫املعلومات بعد أن استخدمه كشاهد مقنع‬ ‫في تقدمي إفادته املزورة في املونتفردي ثم بعد‬ ‫إرساله الى تلفزيون الـ «اجلديد»‪ ،‬و من ثم الى‬ ‫مكان جرمية الشهيد جورج حاوي‪ ،‬وأظن أن فرع‬ ‫املعلومات هو الذي سهّ ل هروبه الى سوريا كي‬ ‫يُثبت عليه كل الشبهات التي تقول بأنه كان‬ ‫يعمل مع اخملابرات السورية‪ ،‬وأنه كان مدفوعا ً من‬ ‫قبلها‪ ،‬ولدي معطيات ّ‬ ‫تؤكدها الصحافية زهرة‬ ‫بدران ّ‬ ‫تؤكد تعاطي هسام للمهدئات أي أنه كان‬ ‫مريض األعصاب وكان يتّسم بشخصية غير‬ ‫سهل على فرع املعلومات‬ ‫متزنة‪ ،‬هذا يدل بأنه ُ‬ ‫استخدامه واستثماره واستثمار ضعفه وجتنيده‬ ‫ألنه كان هناك ملفات قضائية أيضا ً بحقه‪،‬‬ ‫حيث كان هناك شكوى باالحتيال ضده من قبل‬ ‫أشخاص في الضاحية اجلنوبية‪ ،‬ولقد أبرزت بعض‬ ‫الوثائق من مواطنني تقدموا بشكوى ضده بتاريخ‬ ‫‪ 2005/1/28‬أي قبل اغتيال احلريري بفترة قليلة لدى‬ ‫مخفر منطقة احلدث اتُهم فيها باالحتيال‪ ،‬وبأنه‬ ‫يدعي بأنه مساعد ملدعي عام‬ ‫منتحل صفة‪ ،‬وبأنه ّ‬ ‫جبل لبنان جوزف خليل‪ ،‬وأنه يستطيع أن يقدم‬ ‫خدمات للمواطنني‪ ،‬أي أن األجهزة األمنية – فرع‬ ‫املعلومات‪ -‬خاصة قد جنّدت مواطنني سوريني‬ ‫عن قصد لديهم مشاكل لدى القضاء ولديهم‬ ‫ملفات أمام القضاء اللبناني‪ ،‬ما سهّ ل استخدام‬ ‫أشخاص وجتنيدهم مبواصفات محددة فتشوا‬ ‫عنها‪ ،‬كهسام هسام ومحمد زهير الصديق‬ ‫وأحمد شكيب مراد وكل شهود الزور الذين متّ‬ ‫جتنيدهم واستخدامهم من قبل استخبارات‬ ‫فرع املعلومات واالستخبارات اخلارجية الفرنسية‬ ‫التي كانت تابعة جلاك شيراك (‪ )DGSE‬هي‬ ‫التي خططت لكل عمليات جتنيد شهود الزور‬ ‫واستخدامهم في احملكمة الدولية‪.‬‬ ‫وتابع مادايان‪ :‬اختيار شهود الزور كان مقصودا ً‬ ‫وبتقديري إن ضباط فرع املعلومات الذين كانوا‬ ‫يتعاونون مع ضباط األمن السوريني في املرحلة‬ ‫السابقة‪ ،‬مرحلة التعاون األمني املشترك‪ ،‬كانوا‬ ‫قد تعرفوا الى عناصر مثل محمد زهير الصديق‬

‫‪10‬‬

‫أو هسام هسام لدى بعض املراكز العسكرية‬ ‫واألمنية السورية ومتّ اختيار هؤالء عن قصد‪ ،‬وكان‬ ‫ضباط فرع املعلومات يعرفون هؤالء ومتّ جتنيدهم‬ ‫على خلفية أنهم سوريون وأنهم خدموا في مفارز‬ ‫تابعة للجيش السوري‪ ،‬و متّ اختيارهم على أساس‬ ‫أنهم لديهم مشاكل قضائية‪ ،‬وأنهم لديهم‬ ‫ملفات عالقة أمام القضاء ومتّ التفتيش عن عدد‬ ‫كبير من هؤالء األشخاص بهذه املواصفات حتى‬ ‫يتم اختيار بعضهم أو جتنيد من يستطيعون‬ ‫التجنيد منهم‪ ،‬لذلك هناك عدد كبير من شهود‬ ‫الزور بنفس املواصفات متّ جتنيدهم والتفتيش‬ ‫عنهم و من ثم لقد صادف أن هناك شخصني‬ ‫أو ثالثة جنحوا في تلقينهم اإلفادات املزورة‬ ‫واستخدامهم وهم قبلوا بهذا الدور مثل محمد‬ ‫زهير الصديق‪ ،‬الذي ُوصف باالحتيال والنصب‬ ‫ولديه ملفات أمام القضاء في أكثر من منطقة‬ ‫لبنانية وكذلك األمر بالنسبة لهسام هسام وكل‬ ‫شهداء الزور الذين متّ جتنيدهم واستخدامهم‪،‬‬ ‫بتقديري إن األجهزة األمنية اللبنانية‪ ،‬فرع‬ ‫املعلومات‪ ،‬استخدم شهود رديئة‪ ،‬وقام بعمل‬ ‫أمني رديء نتيجة الطلب السريع الذي كان قد‬ ‫تقدمت به االستخبارات اخلارجية الفرنسية كانوا‬ ‫بحاجة الى شهود زور بسرعة يستخدمونهم‬ ‫أمام احملكمة وجلنة التحقيق الدولية لتنفيذ‬ ‫خطة سياسية أمنية‪ ،‬أي تنفيذ انقالب سياسي‬ ‫وأمني في البلد ألجل ذلك اختيار شهود الزور هو‬ ‫اختيار ركيك حتى في املعنى األمني املهني هو‬ ‫عمل هش‪ ،‬وتشوبه الكثير من الثغرات‪ ،‬اليوم‬ ‫بعض هذه القوى في فرع املعلومات‪ ،‬أو في قيادة‬ ‫‪ 14‬آذار وقد سمعنا من بينهم سمير جعجع يقول‬ ‫أن االستخبارات السورية هي التي استخدمت‬ ‫شهود الزور وأرسلتهم حتى يُبنى التحقيق‬ ‫على أساس شهاداتهم‪ ،‬ومن ثم يسحبوا‬ ‫شهاداتهم أو ينكروها أو يغيروا فيها‪ ،‬تبينّ أن كل‬ ‫التحقيق الذي أقيم في السابق هو حتقيق باطل‬ ‫فينهار التحقيق وتنهار احملكمة الدولية هذه‬ ‫نظرية جماعة ‪ 14‬آذار‪ ،‬ولكن اليوم هناك وقائع‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدة من قبل أشخاص يعملون لدى‬ ‫شبه‬ ‫االستخبارات الفرنسية منهم شخصا ً لن أذكر‬ ‫اسمه يعمل مع االستخبارات العامة الفرنسية‬ ‫الصديق في باريس عندما‬ ‫(‪ )DST‬الذي استقبل‬ ‫ّ‬ ‫أُرسل من قبل فرع املعلومات وبعض السياسيني‬ ‫وإعالميني لبنانيني كمروان حمادة وفارس خشان‬ ‫وغيرهم‪ ،‬الذين متّ جتنيدهم في لبنان أرسلوا‬ ‫الصديق الى ميليس والى جلنة التحقيق في باريس‬ ‫حتى يتم حتضير إفادته وتلقينه إياها‪ ،‬فالـ «‪»DST‬‬ ‫هي التي كشفت هوية الصديق‪ ،‬ومن املعروف أن‬ ‫بدل رئيس االستخبارات اخلارجية‬ ‫الرئيس شيراك ّ‬ ‫عام ‪ 2004‬جان كلود كوسران الذي استلم جهاز‬ ‫(‪ )DGSE‬من العام ‪ 2000‬الى العام ‪ ،2004‬وهو‬ ‫ينتمي الى احلزب االشتراكي الفرنسي‪ ،‬وكان على‬ ‫خالف مع شيراك‪ ،‬ورفض الدخول في التعاون‬ ‫األمني مع األميركيني بعد اجتماع النورماندي‬


‫الذي حصل بني شيراك وبوش‪ ،‬وكان هناك خطة‬ ‫لتطبيق القرار ‪ ،1559‬رفض كوسران الدخول‬ ‫في هذا التعاون مع األميركيني وفي الواضح أن‬ ‫شيراك استبدله بشخص على رأس (‪)DGSE‬‬ ‫وموال له ووضع ضباط على رأس (‪ )DGSE‬موالني‬ ‫ٍ‬ ‫لشيراك هم الذين قاموا بتنظيم الغرفة السرية‬ ‫التي تولت إدارة احملكمة الدولية وأدارت شهود‬ ‫الزور‪ ،‬وفبركت كل هذا املسرح من أجل تسهيل‬ ‫عملية االنقالب السياسي األمني الذي حصل‬ ‫وأنا ال أستبعد أن هؤالء يعرفون أسرار االغتياالت‬ ‫التي حصلت واستثمرت من أجل إخراج سوريا‬ ‫من لبنان وتطبيق القرار ‪ 1559‬وسبق جليفري‬ ‫فيلتمان أن قال في كانون الثاني املاضي ‪2010‬‬ ‫أمام جلنة من الكونغرس األميركي اتفقنا مع‬ ‫الفرنسيني على تطبيق القرار ‪ 1559‬وأن اغتيال‬ ‫الرئيس رفيق احلريري قد أتى ليسهل لنا تنفيذ‬ ‫القرار الدولي املذكور (‪ ،)1559‬وبالتالي يعني‬ ‫سرعة جتنيد هؤالء من قبل االستخبارات اخلارجية‬ ‫الفرنسية ومن قبل فرع املعلومات‪ ،‬وهشاشة‬ ‫العمل األمني والتسرع في اختيار أشخاص ال‬ ‫يتسمون بأي مصداقية أو جدية ويرى الرأي العام‬ ‫كيف يتصرف الصديق كبهلوان أو هسام هسام‬ ‫صاحب الشخصية املتناقضة التي ال توحي‬ ‫بالثقة وبالتالي كانوا بحاجة الى أشخاص يأتون‬ ‫ليقولوا بأن االستخبارات اخلارجية الفرنسية‬ ‫وفرع املعلومات واملطبخ األسود في فريق ‪14‬‬ ‫آذار ال ميلك املعلومات احلسية العلمية اجلنائية‬ ‫التي تدين‪ ،‬كما كانوا يتهمون سوريا وحلفاءها‬ ‫في لبنان أو «حزب اهلل» ألنه لم تكن هناك أية‬ ‫دالئل حسية‪ ،‬بل كانوا يريدون أن يوجدوا شهودا ً‬ ‫سوريني حتديدا ً حتى يقولون أن هؤالء عملوا ضمن‬ ‫جهاز األمن اللبناني السوري املشترك‪ ،‬وأن هذا‬ ‫اجلهاز رأسه في سوريا هو الرئيس بشار األسد‪،‬‬ ‫وأن هؤالء العناصر قد نفذوا أوامر الرئيس السوري‬ ‫بشار األسد‪ ،‬هذه كانت اخلطة التي جعلت‬ ‫األجهزة األمنية اللبنانية التابعة للفرنسيني‬ ‫واألميركيني أن يتسرعوا في اختيار هؤالء‬ ‫األشخاص وأن يستخدمونهم بسرعة وكيفما‬ ‫كان دون مهنية وانتباه الى الثغرات التي يقدمها‬ ‫هؤالء األشخاص‪.‬‬ ‫وحول حماية سوريا لهسام هسام وعدم‬ ‫تسليمه للعدالة‪ ،‬قال‪ :‬ال أعتقد أن احلكومات‬ ‫السورية حتمي هسام والسلطات السورية من‬ ‫محام رسمي من قبل‬ ‫املعروف قد أوكلت له‬ ‫ٍ‬ ‫السلطات الرسمية احملامي عمران الزعبي‪ ،‬وسبق‬ ‫أن تعرفت عليه بالصدفة وهو مك ّلف للدفاع عن‬ ‫هسام هسام‪ ،‬وقال الزعبي بأن هسام هسام قد‬ ‫أدلى بشهادته أمام القضاء السوري‪ ،‬وأمام جلنة‬ ‫التحقيق الدولية التي قابلته في وقت سابق في‬ ‫العام املاضي في دمشق قال احملامي الزعبي إن‬ ‫هسام هسام قد روى كيف متّ جتنيده من قبل فرع‬ ‫املعلومات‪ ،‬ومن قبل املقدم سمير شحادة واحملامي‬ ‫ال يريد أن يتك ّلم علنا ً وعلى وسائل اإلعالم‪ ،‬ولكن‬

‫على املستوى الشخصي قال وروى لي بأن هسام‬ ‫أدلى بكل هذه املعلومات حول إرساله من قبل‬ ‫فرع املعلومات الى مكان اغتيال الشهيد حاوي‬ ‫وحول استخدامه من قبل فرع املعلومات‪.‬‬ ‫طالبت علنا ً بأنه ميكن أن ترسله السلطات‬ ‫السورية ضمن إطار التعاون القضائي املشترك‬ ‫وهناك اتفاقات قضائية بني لبنان وسوريا قد‬ ‫ُو ّقعت في مجال القضاء‪ ،‬ميكن أن ميثل هسام أمام‬ ‫القضاء العدلي اللبناني ويدلي بشهادته ويقول‬ ‫بأن فرع املعلومات هو من استخدمه‪ ،‬وأن يسمي‬ ‫ويضع كل هذه املعطيات أمام القضاء اللبناني‬ ‫حتى لو جاء األمر متأخرا ً ولكن يتسنى من خالل‬ ‫شهادة هسام هسام للقضاء اللبناني مالحقة‬ ‫ّ‬ ‫شغلوه وجنّدوه وعملوا على‬ ‫األشخاص الذين‬ ‫تضليل التحقيق وتضليل الرأي العام اللبناني‪.‬‬ ‫وملن يوجّ ه رافي مادايان وشبيبة الشهيد‬ ‫جورج حاوي أصابع االتهام‪ ،‬أجاب مادايان‪ :‬قال‬ ‫لي قبل حوالي ‪ 3‬سنوات مدير مخابرات اجليش‬ ‫اللبناني السابق العميد جورج خوري الذي هو‬ ‫سفير لبنان اليوم في الفاتيكان إن التحقيقات‬ ‫مع محمود رافع وشبكته تسمح خملابرات اجليش‬ ‫بأن تشتبه بشبكة محمود رافع‪ ،‬حسني خطاب‪،‬‬ ‫باغتيال الشهيد جورج حاوي‪ ،‬وأنا عندما اتهمت‬ ‫«إسرائيل» واالستخبارات اإلسرائيلية كان‬ ‫استنادا ً الى معلومات اجليش اللبناني‪ ،‬فسألته‬ ‫مباذا اعترف محمود رافع وشبكته‪ ،‬وما هي املهمة‬ ‫التي أوكل بها من قبل املوساد اإلسرائيلي‪ ،‬فقال‬ ‫لي إن محمود رافع كل ما يعرفه وكل ما اعترف‬ ‫به لدى مخابرات اجليش أنه رصد أو كان جز ًءا‬ ‫من مجموعة رصد استطلعت وطى املصيطبة‬ ‫وكورنيش املزرعة واوتوستراد فندق املاريوت أي بأنه‬ ‫قام باستطالع املكان اجلغرافي الذي يقطن فيه‬ ‫الشهيد جورج حاوي وعائلته في وطى املصيطبة‪،‬‬ ‫هذا كل ما أدلى به‪.‬‬ ‫وتابع مادايان‪ :‬يبدو حسب ما قال لي العميد‬ ‫جورج خوري أن محمود رافع ال يعرف مجموعة‬ ‫التنفيذ أو مطلعا ً على مجموعة التنفيذ‪ ،‬بل هو‬ ‫كان ضمن مجموعة استطالع لهذه املنطقة‪.‬‬ ‫هذا ماسمح لي ولغيري بأن نظن بـ «إسرائيل»‪،‬‬ ‫وأن نشك بالشبكات اإلسرائيلية التي عملت في‬ ‫مرحلة ‪ 2005‬وما قبل وما بعد تلك املرحلة في‬ ‫تنفيذ عدد من التفجيرات‪ ،‬وجرائم االغتيال‪ .‬هذا‬ ‫ما عندي حتى اآلن‪ .‬لقد طلبت من العميد جورج‬ ‫خوري أن يرسل ما بقي لديه ولدى قيادة مخابرات‬ ‫اجليش من معلومات الى القضاء العسكري ألنه‬ ‫يبدو أن استخبارات اجليش لم ترسل كل املعطيات‬ ‫التي بحوزتها حول محمود رافع وشبكته حسني‬ ‫خطاب‪ ،‬ألنه هناك املزيد من التحقيقات والبحث‬ ‫كانت مديرية استخبارات اجليش تنوي القيام به‪،‬‬ ‫وهي ال تريد أن تكشف بعض األسرار ألنها كانت‬ ‫تالحق بعض األشخاص اآلخرين الذين عملوا مع‬ ‫محمود رافع ضمن شبكة املوساد‪ ،‬هذا كان كافيا ً‬ ‫على ما أعتقد حتى أستطيع أن اتهم «إسرائيل»‪،‬‬

‫‪11‬‬

‫أو أن أشك باملوساد اإلسرائيلي وال سيما أن‬ ‫«إسرائيل» استفادت من حالة الفوضى‪ ،‬وقد نفذت‬ ‫عمليات اغتيال لقيادات لبنانية وفلسطينية‪،‬‬ ‫وكان الشهيد جورج حاوي أحد أهدافها منذ زمن‬ ‫طويل كونه كان قائد جبهة املقاومة الوطنية‬ ‫يتحمل وقال ذلك علنا ً‬ ‫اللبنانية عام ‪ 1982‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫يتحمل مسؤولية تنفيذ العديد من العمليات‬ ‫أنه‬ ‫ّ‬ ‫العسكرية ضد جنود وضباط اجليش اإلسرائيلي‬ ‫وعمالئهم‪ ،‬وبالتالي هو مسؤول عن قتل وجرح‬ ‫عشرات الضباط واجلنود اإلسرائيليني في أكثر‬ ‫من منطقة من لبنان بعد االجتياح اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫وطيلة فترة االحتالل اإلسرائيلي التي امتدت منذ‬ ‫عام ‪ 1982‬حتى عام ‪ ،2000‬وبالتالي من الطبيعي‬ ‫أن تكون «إسرائيل» لديها الدوافع واملصلحة في‬ ‫اغتيال أشخاص أمثال الشهيد جورج حاوي‪.‬‬ ‫وحول ما قاله الص ّديق عن امتالكه لوثائق‬ ‫من اللواء غازي كنعان تدين «حزب اهلل»‬ ‫باغتيال الرئيس احلريري‪ ،‬وتوقيت ما يشاع‬ ‫وينشر من إشاعات وتناقض االتهامات وأثرها‬ ‫على احملكمة‪ ،‬أجاب مادايان‪ :‬اجلهات الفرنسية‬ ‫والدولية وفرع املعلومات الذين سبق أن شغلوا‬ ‫الصديق الزالوا يقفون وراء تصريحاته‬ ‫محمد زهير‬ ‫ّ‬ ‫وهم يرتبون له هذه التصريحات ورمبا يصرحون‬ ‫عنه‪ ،‬تقول معلومات للنائب جنبالط األخيرة بأن‬ ‫الصديق موجود في نيوزلندا‪ ،‬وهناك معلومات‬ ‫ّ‬ ‫أخرى تقول إنه الزال موجودا ً في فرنسا وإن‬ ‫االستخبارات اخلارجية الفرنسية‪ ،‬وجماعة‬ ‫شيراك املوجودون‪ ،‬الزالوا في قيادة اخملابرات‬ ‫اخلارجية الفرنسية (‪ )DGSE‬الزالوا يحمون‬ ‫الصديق ويشغلونه وهم الذين أعطوه جواز سفر‬ ‫ّ‬ ‫مزور وأرسلوه الى اإلمارات وأبوظبي وأودعوه لدى‬ ‫ثم أعادوه‬ ‫أحد املشايخ املعروفني في أبوظبي‪ ،‬ومن ّ‬ ‫الى فرنسا‪ ،‬هؤالء هم الذين يرتبون له ويصرحون‬ ‫عنه في مجلة «السياسة» الكويتية‪ ،‬وغيرها من‬ ‫الصحف والوسائل اإلعالمية الكويتية واخلليجية‪،‬‬ ‫وطبعا ً هؤالء قد تضايقوا رمبا بسبب الوساطة‬ ‫السعودية والسورية مع القيادة الفرنسية ومع‬ ‫الرئاسة الفرنسية التي تدخلت أيضا ً لدى اإلدارة‬ ‫األميركية وأقنعتها بضرورة تأجيل القرار الظني‬ ‫الى وقت الحق‪ ،‬قد تقول هذه األوساط الفرنسية‬ ‫إنه قد يصدر في بداية السنة املقبلة أو في شهر‬ ‫آذار املقبل ‪ ،2011‬وأظن حسب املعلومات التي‬ ‫أملكها أن القرار الظني سوف يصدر رغم كل‬ ‫احملاوالت التي جتري لتأجيله أو لتجميده‪ ،‬ولكن‬ ‫القرار الظني سيصدر ألنه ال تستطيع هذه‬ ‫األوساط الدولية وال قيادة احملكمة الدولية التي‬ ‫ميولها لبنان والعديد من الدول املانحة‪ ،‬أن تقبل‬ ‫بأن ال يصدر القاضي بلمار تقريره الظني‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك احتمال أنه إذا حصلت ضغوط على بلمار‬ ‫أن يقدم استقالته‪ ،‬وهناك معطيات تقول إنه إذا‬ ‫أعطى القاضي فرنسني نسخة عن إفادات شهود‬ ‫الزور الى اللواء جميل السيد‪ ،‬رمبا يقدم بلمار‬ ‫استقالته بحجة أن هذه الوثائق تتعلق بسرية‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫التحقيق‪ ،‬وأنا ال أستبعد أن تتعثر احملكمة الدولية‬ ‫ليقدم بعض املسؤولني فيها في فترة الحقة‬ ‫استقالتهم نتيجة الضغوط التي قد تتعرض‬ ‫لها‪ ،‬مسألة احملكمة ودورها في إيجاد احلقيقة‬ ‫في تقديري انتهى‪ ،‬أما استخدام احملكمة كأداة‬ ‫في لعبة األمم املتحدة وفي الصراع السياسي‬ ‫الذي يخدم األهداف األميركية – اإلسرائيلية في‬ ‫املنطقة قد يستمر إلحداث فتنة طائفية في‬ ‫لبنان قد يكون ممكنا ً في املرحلة املقبلة والسيما‬ ‫أن اخلطة األميركية – اإلسرائيلية الستهداف‬ ‫املقاومة وتطويقها باحلرب الطائفية السنية –‬ ‫الشيعية الزالت قائمة‪.‬‬ ‫من هنا هسام هسام هو شاهد زور ويبقى‬ ‫كذلك‪ ،‬إذ ليس لديه مصداقية ورمبا هو يكمل‬ ‫مسرحيته ويكمل في إعطاء شهادات الزور وال‬ ‫أحد يصدق أنه كان في مسرح جرمية اغتيال‬ ‫احلريري وأنه شاهد العميل غسان اجلد قبل‬ ‫يوم من اغتيال الرئيس احلريري في منطقة‬ ‫السان جورج‪ ،‬أنا ال أصدق ويجب أن ال يجاريه‬ ‫اإلعالم اللبناني في أكاذيبه وفي االستمرار‬ ‫فيها وتضليله للرأي العام اللبناني‪ ،‬وبالتالي‬ ‫للتحقيق‪.‬‬ ‫وحول انتماء مفبركي شهود الزور الى قوى‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬وموقف الرئيس سعد احلريري منهم‪،‬‬ ‫أحمل الرئيس‬ ‫وحمايتهم‪ ،‬أجاب‪ :‬صراحة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سعد احلريري مسؤولية تغطية شهود الزور‬ ‫ومفبركيهم هو وجاك شيراك‪ ،‬وسعد احلريري‬ ‫شخصيا ً‬ ‫يتحمل مسؤولية تضليل التحقيق‬ ‫ّ‬ ‫وهو يسيئ الى التحقيق واحملكمة وشهادة‬ ‫الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬وجميع الشهداء‪ ،‬وأنا‬ ‫أحمله‬ ‫شخصيا ً ابن الشهيد جورج حاوي‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولية تغطية شهود الزور وحمايتهم‬ ‫طيلة هذه السنوات‪ ،‬وهو كان يعرف أن هؤالء‬ ‫الناس الذين يعملون في مطبخه السياسي‬ ‫في قريطم هم الذين يفبركون شهود الزور‬ ‫ويرسلونهم الى جلنة التحقيق الدولية للتأثير‬ ‫على مجريات التحقيق‪ ،‬وبالتالي هو شريك‪،‬‬ ‫سعد احلريري شريك في تضليل التحقيق وفي‬ ‫تغطية هؤالء اجملرمني الذين أضروا بالتحقيق‬ ‫وبالتالي نسفوه‪.‬‬ ‫من هنا وأنا ابن الشهيد جورج حاوي‪ ،‬قلت‬ ‫ذلك يوم جنازته وأكررها اليوم وكما قال اللواء‬ ‫جميل السيد «إذا القضاء اللبناني والدولي لم‬ ‫يظهر احلقيقة في من قام باغتيال الشهيد‬ ‫حاوي سآخذ حقي بيدي‪ ،‬ونحن أيضا ً نطالب إذا‬ ‫ليس هناك من حكومة لبنانية وقضاء لبناني‬ ‫حتمل مسؤولية وليس هناك من قضاء‬ ‫يريد ّ‬ ‫يتحمل املسؤولية‪ ،‬وإذا كانت هذه احلكومة‬ ‫دولي‬ ‫ّ‬ ‫وهذه السلطة تعتبر أن دماء الشهداء ذهبت‬ ‫هبا ًء‪ ،‬سيأخذ رفاق الشهيد جورج حاوي وعائلته‬ ‫ونطالب الرأي العام اللبناني أن يأخذوا حقهم‬ ‫بيدهم‪.‬‬ ‫وحول نزاهة القضاء اللبناني‪ّ ،‬‬ ‫شكك مادايان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بنزاهة القضاء اللبناني‪ ،‬بالرغم من وجود قضاة‬ ‫نزهاء‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أن رأس القضاء اللبناني‬ ‫كان شريكا ً ومشتركا ً في االنقالب السياسي‬ ‫األمني القضائي الذي حدث عام ‪ ،2005‬هؤالء كانوا‬ ‫جز ًءا من اخملطط الغربي األميركي ‪ -‬الفرنسي‬ ‫ السعودي الذي نفذ في لبنان خدمة ألميركا‬‫ولـ «إسرائيل»‪ ،‬هؤالء القضاة يجب أن يحاكموا‬ ‫ويحاسبوا كما القضاة والسياسيون واإلعالميون‪،‬‬ ‫كما كل هذا الطاقم السياسي األمني الذي‬ ‫انقلب على السلطة عام ‪ ،2005‬واغتصبها‪ ،‬هؤالء‬ ‫القضاة قد شرعوا هذه السلطة وشرعوا شهود‬ ‫الزور‪ ،‬والتضليل‪ ،‬وبالتالي يجب أن يحاسبوا كما‬ ‫يجب أن يقول لنا القاضي سعيد ميرزا‪ ،‬والقاضي‬ ‫رالف رياشي‪ ،‬والقاضية جوزلني ثابت وصقر وكل‬ ‫هؤالء القضاة يجب أن يقولوا ملاذا قصروا؟ وملاذا‬ ‫لم يستدعوا ويستجوبوا شهود الزور؟ وملاذا لم‬ ‫يقوموا بواجبهم املهني وسكتوا طيلة فترة‬ ‫احتجاز حرية الضباط األربعة؟ وملاذا لم مينعوا‬ ‫استمرار عمل شهود الزور كل هذه األسئلة‬ ‫مشروعة‪ ،‬وهي برسم سعيد ميرزا وقيادة القضاء‬ ‫اللبناني‪ ،‬هؤالء يجب أن يقدموا الثقة‪ .‬من هنا‬ ‫أطالب بلجنة رسمية برملانية قضائية لبنانية‬ ‫حملاكمة هؤالء القضاة والسياسيني واإلعالميني‬ ‫وكبار األمنيني الذين قصروا وارتكبوا وتخلوا‬ ‫مع شهود الزور طيلة السنوات األربع أو اخلمس‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫وحول كيف ينظر الى شهود الزور‬ ‫ومفبركيهم‪ ،‬لقد وصفهم مادايان بأنهم‬ ‫مجرمون وارتضوا بأن يتم جتنيدهم‪ ،‬وأخذوا‬ ‫املال وحصلوا على بعض املكاسب الشخصية‪،‬‬ ‫وتسببوا بفتنة طائفية في لبنان‪ ،‬كما تسببوا‬ ‫بنزاع لبناني – سوري‪ ،‬وتسببوا بويالت ومآسي‬ ‫في لبنان وسوريا وهؤالء يجب أن يحاكموا وينزل‬ ‫بحقهم أشد العقوبات هم ومشغليهم‪ ،‬وكل‬ ‫هذا الفريق الدولي والسياسي واألمني واحمللي‬ ‫الذي استخدمهم كل هؤالء يجب أن يحاكموا‪،‬‬ ‫وأنا مع محاكمة كل هذه احلقبة ومحاسبتها‬ ‫ومحاكمتها ألنها أساءت الى الشعبني اللبناني‬ ‫والسوري‪ ،‬وللشهداء وعائالتهم‪ ،‬وفي نهاية‬ ‫املطاف أساءت الى قضية الشهيد رفيق احلريري‪،‬‬ ‫وللمحكمة وأساءت لكل قضية العدالة في‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫حاطوم‪ :‬السلطة اتخذت موقفاً‬ ‫قانونياً وال أقول إلى جانبي‬ ‫كما أن ملف شهود الزور لم يطل فقط الضباط‬ ‫وعائالت الشهداء الذين وقعوا ضحايا املشروع‬ ‫األميركي الصهيوني الذي يديره حلفاء له في‬ ‫لبنان‪ ،‬بل أيضا ً كل من حاول كشف كذب هؤالء‬ ‫الشهود‪ ،‬ورمبا تكون الصدفة هي التي وضعت‬ ‫اإلعالمي فراس حاطوم بني «كالبج» شاهد الزور‬

‫‪12‬‬

‫الصديق‪ ،‬حيث أوقف اعتباطيا ً هو‬ ‫محمد زهير‬ ‫ّ‬ ‫ورفيقيه أيضا ً بتهمة العبث مبحتويات شقة‬ ‫الصديق عندما دخلها ليحصل على معلومات‬ ‫ّ‬ ‫الصديق في تضليل التحقيق‪،‬‬ ‫تدل على شخص‬ ‫ّ‬ ‫وفي ذلك قد يكون عنصر عدم توافر النية اجلرمية‬ ‫سببا ً وجيها ً إلخالء سبيل فراس حاطوم وزميليه‬ ‫عبد خياط ومحمد بربر بكفالة مالية قدرها‬ ‫خمسمئة ألف ليرة عن كل واحد منهم‪ ،‬لكن‬ ‫النية اجلرمية لدى سياسيني قد ال توفر هكذا‬ ‫قرار‪.‬‬ ‫فالكفالة الزهيدة ال تقاس بحجم قضية‬ ‫من هذا النوع‪ ،‬أخذت بعدها السياسي أكثر من‬ ‫القضائي‪ ،‬وجتلى هذا التسييس في عدم مشاركة‬ ‫وزير اإلعالم غازي العريضي في حفل استقبال‬ ‫اخمللى سبيلهم‪ ،‬واكتفائه باالتصال مبالك محطة‬ ‫(نيو تي في) حتسني خياط لفتح صفحة جديدة‬ ‫في التعامل‪.‬‬ ‫واليعني إخالء السبيل أن قضية فراس وزميليه‬ ‫انتهت فهناك محاكمات مقبلة ليبنى على‬ ‫املستجدات املقتضى‪.‬‬ ‫الصديق على‬ ‫التحقيق في شقّ ة‬ ‫ّ‬ ‫خلدة انتهى ‪ ..‬و أعلن ميليس انتهاء‬ ‫ّ‬ ‫تدل‬ ‫أي أد ّلة‬ ‫التحقيق فيهـا وعدم وجود ّ‬ ‫على وجود الض ّباط األربعة فيهـا قبل‬ ‫ّ‬ ‫وكل ما يُقال بعد ذلك‬ ‫اغتيال احلريري ‪..‬‬ ‫هو افتراء وجتنّي وشراء تهمة إللصاقهـا‬ ‫بشخص اعتبروه “مزعج” لهم ألنّه بدأ‬ ‫يكشف احلقيقة ‪..‬‬ ‫وال يزال املراسل في تلفزيون “اجلديد” فراس‬ ‫حاطوم يعيش أجواء الشهرة الطالعة من‬ ‫خلفية اعتقاله ‪ 45‬يوما ً بتهمة ارتكاب‬ ‫جناية السرقة املوصوفة داخل شقة الشاهد‬ ‫السوري محمد زهير الصديق (في قضية‬ ‫اغتيال الرئيس رفيق احلريري)‪ ،‬بعد دخولها‬ ‫تسلال ً وأخذ بعض موجوداتها والعبث ببعض‬ ‫احملتويات‪.‬‬ ‫ويأمل فراس أن تكون هذه الشهرة فاحتة‬ ‫لنجاحات مهنية مقبلة‪ ،‬معتبرا ً أنه يستحقها‬


‫كما قال في حديث جمللة “منبر التوحيد” أوضح‬ ‫فيه أنه عندما بدأ بتنفيذ الفكرة كان همه‬ ‫محاولة الوصول الى حقيقة زهير الصديق‪ ،‬ومدى‬ ‫صحة ما أدلى به الى جلنة التحقيق الدولية‪،‬‬ ‫كشاهد في هذه القضية‪ .‬ولم يكن الهدف‬ ‫إظهار براءة فريق أو مسؤولية فريق آخر‪ .‬ولكن‬ ‫االستقصاء قادهم الى تفاصيل فيها الكثير‬ ‫من املبالغة والتناقض‪ ،‬وكان يتوقع األسوأ في‬ ‫كثير من األحيان‪ ،‬ولم يستبعد أن يسجن‪ ،‬ليس‬ ‫في لبنان وإمنا في سوريا‪ .‬وتوقع أن يتم التعرض‬ ‫ألهله‪ ،‬لكن أن يعتقل بأمر من القضاء اللبناني‪،‬‬ ‫هذا األمر لم يخطر بباله‪ ،‬ففي سوريا مثال خاف‬ ‫أن يستدرج أو يتم التعرض له ولفريق العمل‪ ،‬ال‬ ‫سيما عندما متكن من تسجيل احلديث الهاتفي‬ ‫بني زهير الصديق وأخيه‪ ،‬وفيه ما يشير الى‬ ‫عالقته باخملابرات السورية‪ ،‬عكس ما كانت أجهزة‬ ‫اخملابرات تصرح‪ ،‬إضافة الى إشارات عديدة قد ال‬ ‫ترضى عنها هذه األجهزة‪ .‬وأضاف‪ :‬فقد تعمقت‬ ‫كثيرا ً في املوضوع وحصلت على معلومات قد‬ ‫حترج بعض األطراف‪ .‬لكنها ال تفيد الصديق‬ ‫بالضرورة‪.‬‬ ‫بالصديق‬ ‫وأوضح حاطوم كيف مت اللقاء‬ ‫ّ‬ ‫قائالً‪ :‬في البداية كان االتفاق األساسي أن أجري‬ ‫مقابلة مع الصديق وأن أحصل منه على بعض‬ ‫املستندات‪ ،‬وطلب أن تكون املقابلة مباشرة على‬ ‫الهواء‪ ،‬ووافقت إدارة التلفزيون على ذلك‪ ،‬وعملنا‬ ‫على حجز استديو في باريس بغض النظر عن‬ ‫التكاليف الباهظة‪ .‬لم أجد لديه األدلة التي‬ ‫أحتاجها‪ .‬لو أعطاني مستندات لم أكن ألضطر‬ ‫للذهاب الى سوريا‪ ،‬ملقابلة أخيه وابنه‪ ،‬ولم‬ ‫أطلب منه مستندات تتعلق بجرمية االغتيال أو‬ ‫مستند يظهر عمله مع اخملابرات‪ ،‬كنت أريد ما‬ ‫يساعدني على تسليط الضوء على شخصيته‪.‬‬ ‫فقد اقترح أن نلتقي في مطعم لنتعارف من دون‬ ‫معداتنا التي حجزتها القوى األمنية الفرنسية‬ ‫من ضمن اإلجراءات الروتينية في مثل هذه احلالة‪،‬‬ ‫على اعتبار أنه شاهد في قضية اغتيال‪ .‬إال أنني‬ ‫متكنت من التقاط صورة للقائنا‪ ،‬حتولت الى دليل‬ ‫على أني قابلته‪.‬‬ ‫وحول عدم توقعه بأن يُسجن بسبب‬ ‫اقتحامه شقة الص ّديق وكيف تصرّف فور‬ ‫اعتقاله‪ ،‬أوضح حاطوم‪ ،‬أنه لسبب بسيط‬ ‫وهو أنه كان أطلع املراجع القضائية اخملتصة‬ ‫على اخلطوات التي يقوم بها في إطار التحقيق‬ ‫الذي نفذه مع زميليه‪ ،‬من باريس الى خلدة والى‬ ‫دمشق‪ ،‬حارصا ً على تزويد القضاء اللبناني‬ ‫باملعلومات التي كان يحصل عليها وذلك من‬ ‫باب املبادرة واملساعدة اإليجابية‪ ،‬العتقاده أن‬ ‫بعض املعلومات قد تفيد حتى لو لم تظهر‬ ‫على الشاشة‪.‬‬ ‫وتابع حاطوم‪ :‬بعد اعتقالي اعتبرت أن أي‬ ‫كلمة أقولها أو أي تصرف أقوم به حتكمهما‬ ‫معادلتان‪ :‬األولى كوني متهما ً عاديا ً أجيب‬

‫على قدر السؤال‪ .‬والثانية أن أستدرج نتيجة‬ ‫التحقيق وضغطه ألتصرف كأني بطل بطريقة‬ ‫غريبة‪ ،‬وعندما عرفت أن البعض يصنفني عميالً‬ ‫والبعض اآلخر يراني بطال‪ ،‬قررت أن أبقى متصاحلا ً‬ ‫مع نفسي وأخوض التجربة انطالقا ً من معركتني‪.‬‬ ‫األولى هي الدفاع عن نفسي كصحافي‪ ،‬مبعنى‬ ‫أنه لو كنت قد ارتكبت مخالفة للقانون‪ ،‬إال أن‬ ‫ال نية جرمية في تصرفي‪ .‬رمبا هناك ثغرات ولكن‬ ‫ليس تهورا ً مهنياً‪ .‬فأنا صحافي وأملك احلق في‬ ‫الوصول الى املعلومة‪.‬‬ ‫أما املعركة الثانية فهي في حقي كصحافي‬ ‫في التكتم على مصدر معلوماتي‪ .‬لم أكن أريد‬ ‫أن أكشفه‪ ،‬لكن في الزنزانة يفكر السجني‬ ‫بهدوء‪ ،‬عرفت أن املعركة الثانية خاسرة‪ ،‬لذا‬ ‫جتاوبت مع التحقيق‪ ،‬والسبب الرئيسي يكمن‬ ‫في أن الصحافي اللبناني ال يتمتع بحصانة‬ ‫حتميه مهنيا ً وقانونياً‪ ،‬واجلسم اإلعالمي اللبناني‬ ‫لم يقدم لي احلصانة املعنوية من خالل التضامن‬ ‫املؤسساتي‪ ،‬إذ أن احلماية الفعلية ال تأتي إال من‬ ‫خالل القوانني التي حتمي الصحافيني‪ ،‬وتراعي‬ ‫طبيعة عملهم‪ ،‬ولكني مقتنع بأني لم أخالف‬ ‫القانون في أسلوب عملي واستقصاءاتي خلدمة‬ ‫موضوعي‪ ،‬ولم أخالف ما كان موجوداً‪ ،‬فالشقة‬ ‫لم تكن مختومة بالشمع األحمر وما فيها ال‬ ‫يعتبر أدلة جنائية‪ ،‬وإال لم تكن لتترك‪ ،‬ولم أفتح‬ ‫بابا أو نافذة ألدخل‪ ،‬كان كل شيء مفتوحا ً ولم‬ ‫أتسلل فقد دخلت في وضح النهار وصورت‬ ‫حتركاتي‪ ،‬وكشفت الثغرات املتروكة في التحقيق‬ ‫ودفعت الثمن‪.‬‬ ‫وتابع حاطوم‪ :‬السلطة اتخذت موقفا ً قانونيا ً‬ ‫وال أقول إلى جانبي‪ ..‬وإذا كنت أعتب على زميل‬ ‫معينّ ‪ ،‬إذ لم يتضامن معي حتى ولو لم يكن‬ ‫مقتنعا ً بقضيتي‪ ،‬لكنني أتهم وزير اإلعالم غازي‬ ‫العريضي بالتقصير‪ .‬كان مطلوب منه اتخاذ‬ ‫املدة‪،‬‬ ‫موقف ومنع سجني وزمالئي كل هذه ّ‬ ‫والتحقيق معنا اذا تطلب األمر طاملا أننا لم نقدم‬ ‫على عمل يستوجب سجناً‪.‬‬ ‫وعند سؤالنا ملاذا حاطوم دون غيره يجتمع‬ ‫يفضل زهير الصديق أن‬ ‫بالص ّديق قال‪ :‬ربمّ ا‬ ‫ّ‬ ‫يتعامل مع أحد كبار اإلعالميني‪ ،‬وأعتقد أن هذا‬ ‫املوضوع ما كان ليخوض فيه سوى شخص‬ ‫يحتاج أن يحقّ ق سبقا ً صحافياً‪ ،‬ومن حقّ ق اسما ً‬ ‫في املهنة‪ ،‬ليس مضطرا ً للمخاطرة بحياته‪،‬‬ ‫وللوقوع في مشاكل في موضوع حساس إلى‬ ‫هذا احلد‪ ،‬ألنه سبق وصنع اسمه خالل مسيرته‪،‬‬ ‫فكانت تلك فرصتي الصحافية‪ ،‬هذا األمر يتكرر‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬إذ يلتقط صحافي شاب فرصته من‬ ‫خالل حدث كبير فيتابعه حتقيقا ً لذاته املهنية‬ ‫أوالً‪ ،‬وبالتالي خدمة للحقيقة‪.‬‬ ‫وختم حاطوم حديثه بالتأكيد على عدم‬ ‫الصديق‪ ،‬واصفا ً إياه بالكذب‬ ‫مصداقية زهير‬ ‫ّ‬ ‫وبأنه شاهد زور ضلل التحقيق‪ ،‬خدمة ملفبركيه‬ ‫و مشغليه‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫القاضي جريصاتي‪ :‬اتفاق احملكمة‬ ‫الدولية لم يحصل مع لبنان‬ ‫وإقراره جتاوز للدستور اللبناني‬

‫الفتنة بحاجة الى طرفني‪ ،‬الطرف القادر غير راغب‬ ‫والطرف الراغب غير قادر‬

‫أما كيف ينظر امللمون بالقضاء الى احملكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬ووضعها حتت الفصل السابع من‬ ‫ميثقاق األمم املتحدة‪ ،‬كان لـ «منبر التوحيد»‬ ‫لقاء مع عضو اجمللس الدستوري السابق‬ ‫القاضي الدكتور سليم جريصاتي في حوار‬ ‫هذا نصه‪:‬‬ ‫ماذا نعني بوضع احملكمة حتت الفصل‬ ‫السابع‪ ،‬وهل احملكمة اخلاصة بلبنان ميكن‬ ‫تطبيقها حتت هذا الفصل؟‬ ‫وضع احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان‪ ،‬وهذه‬ ‫هي تسميتها الرسمية مبوجب القرار ‪1757‬‬ ‫الصادر عام ‪ 2007‬الذي أنشأ احملكمة الدولية‬ ‫حتت الفصل السابع يعني أكثر من أمر‪ :‬األمر‬ ‫األول واملهم أن املرجعية الدولية أي مجلس‬ ‫األمن التي وضعت القرار كانت على بينة‬ ‫بأن هنالك ثمة خالف كبير في لبنان‪ ،‬وأن‬ ‫اآللية الدستورية لم يتم التقيد بها في إقرار‬ ‫االتفاق وذهب في حينه رئيس مجلس الوزراء‬ ‫فؤاد السنيورة‪ ،‬وأقصد طبعا ً الوزارة الفاقدة‬ ‫الشرعية امليثاقية والدستورية خلروج وزراء‬ ‫الشيعة ووزير أرثودكسي هو الوزير يعقوب‬ ‫الصراف‪ ،‬كان الرئيس السنيورة قد استعجل‬ ‫في كتاب صريح‪ ،‬مجلس األمن بإنشاء هذه‬ ‫احملكمة وأشار مقدمة قرار‪ 1757‬الى أمرين‪ :‬أوال ً‬ ‫االستعجال الذي أشار إليه فؤاد السنيورة في‬ ‫كتابه بحيث كان لديه تلهف إلنشاء احملكمة‪،‬‬ ‫على إشارة منه بأن األغلبية النيابية وافقت‬ ‫على إنشاء هذه احملكمة‪ ،‬وهذا الكالم يحتمل‬ ‫الكثير من التأويل ألن األغلبية البرملانية عندما‬ ‫توافق من ضمن هيئة مجلس النواب‪ ،‬وليس‬ ‫في عريضة كما جرى في حينه‪ ،‬وهنا يعني أن‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫هناك اختزال ليس لصالحية رئيس اجلمهورية‬ ‫فحسب‪ ،‬بل أيضا ً لصالحية مجلس النواب‬ ‫وهنا تكمن خطورة األمر‪.‬‬ ‫األمر الثاني أن املرجعية الدولية ارتأت من‬ ‫نفسها وألول مرة في تاريخ إنشاء احملاكم‬ ‫الدولية أن تنشئ محكمة ذات طابع دولي‬ ‫للنظر في جرمية فردية سياسية‪ ،‬وإن ذهبت‬ ‫ضحيتها رئيس بحجم الرئيس احلريري‪ ،‬ونائب‬ ‫ووزير سابق باسل فليحان ورفاقهم‪ ،‬واتصلت أو‬ ‫لم تتصل بها جرائم ذات صلة أخرى متالحقة‬ ‫أو متالزمة واألمر سوف يثبته التحقيق‪ .‬ألول‬ ‫مرة هذه املرجعية تأخذ القرار حتت الفصل‬ ‫السابع في حني أن اجلرمية الفردية وال يوجد‬ ‫هناك جرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬مايعني ال وجود‬ ‫هناك إلبادة‪ ،‬أو تهجير قسري أو تطهير عرقي‬ ‫إلخ‪ ...‬ألول مرة تنشئ محكمة متولها خارج‬ ‫ميزانيتها‪ ،‬وألول مرة تنشئ محكمة دولية‬ ‫خاصة‪ ،‬والبلد التي تنشئ محكمة بشأن‬ ‫جرمية حصلت فيه هو بلد غير مندثر أي‬ ‫مؤسساته التزال قائمة وقضاءه قائم وأمنه‬ ‫قائم ورئاسته موجودة‪ ،‬ولكن حكومته هي‬ ‫التي خرجت عن شرعيته الدستورية وميثاقه‬ ‫فقط‪ ،‬ولكن الدولة واملؤسسات كانت تعمل‬ ‫وموجودة‪ ،‬وهذه أول مرة تدخل األمم املتحدة ألن‬ ‫لبنان ليس رواندا وليس من أراضي يوغوسالفيا‬ ‫السابقة وليس سيراليون‪ ،‬وبالتالي األمر التالي‬ ‫كان ال بد من تغطية كل هذه العيوب باللجوء‬ ‫الى الفصل السابع‪.‬‬ ‫أما النقطة الثالثة واألهم‪ ،‬مجلس األمن‬ ‫جلأ الى الفصل السابع كي يلتف على واقعة‬ ‫مهمة جدا ً وهي أن أية دولة في هذا العالم‬ ‫باستثناء لبنان لم توقع على اتفاق عام مع‬ ‫التحقيق الدولي أو مع احملكمة الدولية‪ ،‬ما‬ ‫يعني أنه بعدم وجود الفيتو في توقيع اتفاق‬ ‫تعاون مع جلنة التحقيق املستقلة‪ ،‬واحملكمة‪،‬‬ ‫ذهب مجلس األمن الى الفصل السابع كي‬ ‫يقول أن هذا القرار هو قرار متخذ حتت الفصل‬ ‫السابع إذا ً هناك قوة إقرار وإكراه عند عدم‬ ‫التنفيذ‪ ،‬ولكن الذي حصل أن ال أحدا ً معني‬ ‫باحملكمة وأي دولة ال تتعاون على األقل رسميا ً‬ ‫مع احملكمة ولبنان فقط ملزم بهذا القرار حتت‬ ‫الفصل السابع حتى إذا لم يلتزم بهذا القرار‪،‬‬ ‫اعتبر خارجا ً عن الرعاية الدولية وهذا برأيي أمر‬ ‫مؤسف وخاطئ في ممارسة العدالة اجلنائية‬ ‫ألن العدالة اجلنائية التي نعرفها نحن كملمني‬ ‫بالشأن اجلنائي الدولي هي عدالة متارس وفقا ً‬ ‫ألعلى معايير العدالة اجلنائية‪ ،‬ولقد تذكروا‬ ‫هذا املعيار في قراراتهم ولكنهم لم يطبقوه‪.‬‬ ‫ما هي اآلليات الدستورية املعتمدة في‬ ‫االتفاقيات الدولية لقيام مثل هذه احملاكم؟‬ ‫وهل متّ األخذ بها في احملكمة اخلاصة بلبنان؟‬ ‫وأين متّ اإلخفاق في بنود املعاهدة الدولية؟‬ ‫لقد مت جتاوز الدستور اللبناني كليا ً في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوحيد الذي يثبت شهادة الزور هو القضاء وليس‬ ‫السياسيني‬

‫معرض آلية إقرار اتفاق احملكمة الدولية‪ ،‬ومنذ‬ ‫اللحظة األولى ميكننا القول أن هذا االتفاق‬ ‫لم يحصل بني اجلمهورية اللبنانية وبني األمم‬ ‫املتحدة حتى فرضا ً مبوجب قرار صدر عن‬ ‫مجلس األمن حتت الفصل السابع‪ ،‬وهنا نقطة‬ ‫البداية‪ ،‬في حني أننا دولة‪ ،‬ليس دولة ذات سيادة‬ ‫ألن السيادة باملفهوم القانوني هي امتداد‬ ‫للشرعية الدولية‪ ،‬وهنا ال أتكلم عن سيادة‬ ‫وطنية مقابل الشرعية الدولية‪ ،‬بل أتكلم عن‬ ‫نقطة أساسية في قولي‪ ،‬يجب االنتباه لها‪،‬‬ ‫عندما نتكلم عن دولة ذات سيادة نقصد بها‬ ‫دولة لديها مؤسسات متارس عملها سيادياً‪،‬‬ ‫وأقول في معرض السؤال إن مجلس األمن‬ ‫استعان بالفصل السابع لتأكيد االلتفاف‬ ‫على اآللية الدستورية ألن نيكوال ميشال حني‬ ‫قابل الرئيس حلود حينها‪ ،‬سمع منه الرئيس‬ ‫حلود أن هناك ثمة التفاف على القواعد‬ ‫الدستورية في إقرار االتفاقات الدولية‪ ،‬وعندما‬ ‫أتى في مقدمة القرار ‪ 1757‬أن ثمة استعجاال ً‬ ‫من قبل الرئيس السنيورة حتت شعار األغلبية‬ ‫البرملانية قد وافقت وكان في هذا الكالم‬ ‫زيف‪ ،‬حتى لو كانت هذه الفقرة غير تنفيذية‬ ‫من القرار أو غير إجرائية ألنها واردة فقط في‬ ‫املقدمة‪ ،‬ولكن هذه من بناءات القرار من هنا‬ ‫تبدو خطورة األمر‪.‬‬ ‫أما متى متّ جتاوز الدستور؟ فذلك حصل‬ ‫أوال ً في املادة ‪ 52‬من الدستور التي تنص أن‬ ‫من يتولى عقد االتفاقات الدولية هو رئيس‬ ‫الدولة‪ ،‬وفي هذا القرار لم يتول الرئيس حلود‬ ‫املفاوضة في عقد اتفاق احملكمة‪ ،‬وعندما عرف‬ ‫الرئيس حلود بوجود مسودة املشروع‪ ،‬كانت قد‬ ‫أصبحت هذه املسودة في مرحلة متقدمة‬ ‫من التفاوض‪ ،‬أبدى الرئيس حلود على دفعتني‬ ‫متالحقتني مالحظات على مشروع اتفاق وعلى‬ ‫مشروع نظام احملكمة وقال نيكوال ميشال‬ ‫في اجللسة الشهيرة في القصر اجلمهوري‪،‬‬ ‫وبحضوري أن هذه املالحظات هي مالحظات‬

‫‪14‬‬

‫قيمة جدا ً ولكن متأخرة‪ ،‬ملاذ؟ ألنهم أخفوا عن‬ ‫الرئيس حلود الى أين وصلت مجريات التفاوض‪،‬‬ ‫وصحيح أن القرار اتخذ من مجلس الوزراء‪،‬‬ ‫وصحيح أنه ليس على رئيس اجلمهورية أن‬ ‫يفاوض شخصيا ً ولكن على الرئيس أن يتولى‬ ‫كل مرحلة من مراحل التفاوض حتى إذا وافق‬ ‫عل كل تلك املراحل والنتيجة املتأتية عنها في‬ ‫مراحل التفاوض يذهب رئيس احلكومة ويقول‬ ‫له فلنتفق معا ً على إبرام املعاهدة‪ ،‬فإذا اتفقا‬ ‫وفقط في حال اتفاق رئيس اجلمهورية ورئيس‬ ‫مجلس الوزراء يعرض األمر على مجلس الوزراء‬ ‫في مرحلة اإلبرام اإلجرائي‪ ،‬فإذا وافق مجلس‬ ‫الوزراء على هذه املعاهدة يجب النظر في ما‬ ‫إذا كانت معاهدة مالية‪ ،‬أم جتارية‪ ،‬أم دولية‬ ‫ميكن فسخها سنة بعد سنة‪ ،‬وإذا كانت هذه‬ ‫الشروط متوافرة يجب أن تذهب املعاهدة‬ ‫أيضا ً الى مجلس النواب‪ ،‬لكي جتري ما يسمى‬ ‫مرحلة اإلبرام التشريعي أي أن يوافق عليها‬ ‫مجلس النواب في جلسته العامة وباألكثرية‬ ‫العادية‪ ،‬وهذا األمر أيضا ً متّ جتاوزه بحجة أن‬ ‫مجلس النواب مقفل‪ ،‬فجلس النواب أقفل‬ ‫حينها بوجههم لكي ال يدخل إليه العيب‬ ‫اجلوهري امللوث الذي هو عيب فقدان الشرعية‬ ‫امليثاقية والدستورية‪ ،‬فقرر الرئيس بري حينها‬ ‫إقفال مجلس النواب كي ال تنتقل العدوى من‬ ‫مجلس الوزراء الى مجلس النواب ألن بانتقالها‬ ‫إليه وهي املؤسسة األم‪ ،‬ستنعدم املؤسسات‬ ‫في البلد‪ ،‬ونحن في بلد التزال فيه املؤسسات‬ ‫قائمة‪ ،‬ما يضطرنا في بعض األوقات رصد‬ ‫األبواب أمام املؤامرات والعيوب الدستورية‪.‬‬ ‫إذا ً هذه اآللية لم تحُ ترم على اإلطالق‪ ،‬وثمة‬ ‫اتفاق عليها مبوجب الفصل السابع والقرار‬ ‫الذي أشرت إليه‪ ،‬لذلك ال يجب أن ن ُخرج من‬ ‫قاموسنا القانوني عبارة أن ثمة اتفاق جرى بني‬ ‫لبنان واألمم املتحدة بشأن إنشاء هذه احملكمة‪،‬‬ ‫وبشأن نظامها ألن هذا األمر لم يحصل أن‬ ‫دولة مؤسسة في األمم املتحدة‪ ،‬وذات سيادة‪،‬‬ ‫وذات متثيل دبلوماسي متكامل‪ ،‬ودولة لديها‬ ‫قضاء عام وأجهزة أمنية‪ ،‬ولكن ألنها دولة‬ ‫ممانعة على خطوط التماس للعدو الصهيوني‬ ‫مت االتفاق على دستورها القائم وهو دستور‬ ‫الطائف الذي عنوانه املشاركة‪ ،‬فتم االلتفاف‬ ‫على دستور الطائف‪ ،‬وعلى مبدأ املشاركة الذي‬ ‫هو دعم من دعائم دستور الطائف أساسا ً لكي‬ ‫نذهب الى هذه احملكمة حتت الفصل السابع‬ ‫وهذا برأيي مخالفة جوهرية ال ميكن الركون‬ ‫إليها على اإلطالق‪.‬‬ ‫احملكمة اخلاصة بلبنان هي محكمة غير‬ ‫شرعية‪ ،‬هل ميكن املطالبة بإلغائها‪ ،‬وماهي‬ ‫اآللية لبطالنها (قواعد اإلجراءات واإلثباتات‬ ‫واألحكام)؟‬ ‫أما وقد صدرت احملكمة أو القرار ‪2007/1757‬‬ ‫الذي أنشأ احملكمة حتت الفصل السابع‪ ،‬ال ميكن‬


‫فقط التذرع بالعيوب الدستورية اجلوهرية‬ ‫لطلب إلغاء هذه احملكمة‪ ،‬هذه العيوب على‬ ‫أهميتها التي أشرت إليها‪ ،‬سبق وذكرت أنه‬ ‫متّ االلتفاف عليها مبقتضى الفصل السابع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املؤكد أن اللجوء الى الفصل السابع‬ ‫ولكن من‬ ‫هو جلوء غير شرعي وليس لديه مرتكزا ً قانونيا ً‬ ‫ال في السابق وال بحسب بنود ومواد ميثاق األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬وال أريد أن أذهب بالقول أنه مت جتاوز‬ ‫الدستور‪ ،‬وال أريد أن أضع على كفتي امليزان‬ ‫من جهة الشرعية الدولية‪ ،‬ومن جهة أخرى‬ ‫السيادة الوطنية املتمثلة بالقانون الدستوري‪،‬‬ ‫هذا موضوع أشاركه مع شريكي في الوطن‬ ‫وأقول خرجت عن امليثاق‪ ،‬ما يعني أن هناك‬ ‫نتائج خطيرة في أن يخرج أحد عن امليثاق ونرى‬ ‫نتائجه أكثر فأكثر على األرض‪ ،‬من هنا أقول‬ ‫إن هذه احملكمة حني إنشائها أصبحت واقعا ً‬ ‫على صعيد القانون الدولي العام‪ ،‬إال أن هذا‬ ‫الواقع ليس واقعا ً عصيا ً على املعاجلة إذا ما‬ ‫احتد الصوت الرسمي اللبناني الواحد‪ ،‬ألن‬ ‫معاجلة أمر احملكمة ال يتم بصراع بني سيادتنا‬ ‫وبني الشرعية الدولية‪ ،‬بل يتم تعاجلها وجوديا ً‬ ‫وممارسة في مرحلة التحقيق كما في مرحلة‬ ‫احلكم وفي أي مرحلة من مراحلها وقطعا ً مت‬ ‫صدرور القرار الظني لكان من شأن صدور هذا‬ ‫القرار الذي بدأت دالئله تشير الى اجتاهاته قبل‬ ‫صدور قرار الفتنة هذا في حال صحت توقعات‬ ‫“دير شبيغل” والتسريبات التي أتت على لسان‬ ‫غابي أشكينازي أو سواه‪ ،‬قطعا ً هذا القرار‬ ‫يجب معاجلته وذلك بصوت لبناني رسمي‬ ‫واحد‪ ،‬ألن الشرعية اللبنانية ميكنها أن تشارك‬ ‫الشرعية الدولية مبوضوع خطورة ممارسة‬ ‫احملكمة بأعمالها وفقا ً للسوابق والنصوص‬ ‫التي ترعاها والتي فيها الكثير الكثير من‬ ‫النصوص املريبة‪ ،‬وتقول في اجملتمع الدولي أنت‬ ‫حريصة بحسب أحكام امليثاق على السلم‬ ‫األهلي واإلقليمي والعاملي والهدف األساسي‬ ‫من كل مقاصد األمم املتحدة هو إحالل السالم‬ ‫وليس إحالل العدالة على حساب السالم‪،‬‬ ‫هذا كالم متويه‪ ،‬املفروض أن نذهب بصوت‬ ‫واحد‪ ،‬يتقدمنا رئيس البالد ومن ثم حكومة‬ ‫متجانسة ومجلس نواب متماسك لنقول‬ ‫لهذه الشرعية الدولية بأنها على خطأ في‬ ‫وأنت‬ ‫الفصل السابع وفي تبني هذه احملكمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأنت‬ ‫املرجعية السياسية لهذه احملكمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أنشأت هذه احملكمة وأعطيتيها كيان‬ ‫صحيح‬ ‫ِ‬ ‫مسقل ألنها قضاء حكما ً هي كيان مستقل‬ ‫عمال ً باملبدأ الشهير الذي هو مبدأ الفصل بني‬ ‫السلطات‪ ،‬إن كان في مرجعيتها السياسية‪،‬‬ ‫أو في مرجعيتها املالية التي هي على األقل‬ ‫‪ %51‬وفي حال لبنان متنّع عن التمويل ميكن أن‬ ‫مت ّول مرجعيتها املالية ‪ ،%100‬إذا ً يجب التشاور‬ ‫معها بالقول أن هذه احملكمة ميكن ينتج‬ ‫عنها عامل عدم استقرار وتهديد جذري‪ ،‬بدأت‬

‫الهيئة العامة جمللس النواب ستكون الفصل في‬ ‫متويل احملكمة‬

‫بوادره تظهر للعيان بأن هناك فتنة وسقوط‬ ‫لالستقرار وللسلم األهلي هذا ما ال نرتضيه‬ ‫ال على أنفسنا وال على على السلطة املؤمتنة‬ ‫على مقاصد األمم املتحدة التي هي السلم‬ ‫األهلي‪ ،‬املعاجلة إذا هي معاجلة رسمية على‬ ‫طريق الشرعية اللبنانية ومنها مباشرة الى‬ ‫الشرعية الدولية وغير ذلك من األمور لن‬ ‫تستطيع‪ ،‬حتى قمة التهدئة الثالثية التي‬ ‫عقدت في بيروت لن تستطيع وأد الفتنة دون‬ ‫اللجوء الى الصوت الرسمي الواحد‪ ،‬ألنهم‬ ‫يدركون أنه ليس مبقدورهم ذلك إال بتوجه‬ ‫لبنان الرسمي الى املرجعية السياسية‪ ،‬ويجب‬ ‫االستفادة أن لبنان اليوم عضو غير دائم في‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬من هنا تولت املقاومة اللبنانية‬ ‫طرح الصوت كي تذهب الى السلطة لتتبناه‬ ‫وتذهب به الى احملافل التي تريدين وتختارين‬ ‫ألن في اجلو ما يناقض ميثاق العيش املشترك‪،‬‬ ‫وهنا لدي نظرية أريد توسيعها عندما نخص‬ ‫دستورنا أن ال شرعية ألية سلطة تناقض‬ ‫ميثاق العيش املشترك‪ ،‬املقصود بالتأكيد ألن‬ ‫دستورنا ال يلزم إالّ نحن‪ ،‬السلطات الدستورية‬ ‫أو السلطات اإلدارية احمللية إذا خرجت عن‬ ‫ميثاق العيش املشترك تكون غير شرعية‪،‬‬ ‫فماذا لو كانت سلطة خارجية كسلطة‬ ‫احملكمة أو سلطة مجلس األمن ومن وراء هذه‬ ‫السلطات ومن شأن هذه املمارسة أن تناقض‬ ‫عيشنا املشترك أال يصح هذا األمر عليهم أو‬ ‫على مؤسسات البلد إذا خرجت عن الشرعية‪،‬‬ ‫بالتأكيد مؤسسات بلدي أعاجلها بنفسي‪،‬‬ ‫ولكن املؤسسات اخلارجية يجب التوجه لها‬ ‫أنت ليس فقط تناقضني‬ ‫وأقول لها أعتذر‪ِ ،‬‬ ‫املبادئ السيادية لدي‪ ،‬ألنه ميكن أن تعترضي‬ ‫وتقولي مبادئك السيادية ألن هناك اعتراف‬ ‫فيك‪ ،‬فلبنان ليس كوريا الشمالية‪ ،‬وليس‬ ‫شمالي قبرص‪ ،‬هو دولة ميكنها الرفض بصوت‬ ‫رسمي واحد‪ ،‬يشكل على طاولة‪ ،‬ينظر بقانون‬

‫‪15‬‬

‫احملكمة ونصوصها املريبة ومبمارساتها‪ ،‬ومبا‬ ‫سينجم عنها على الساحة اللبنانية وعلى‬ ‫الساحة اإلقليمية والدولية‪ ،‬نفتش حينها‬ ‫على االستقرار‪ ،‬إما عبر مفاوضات مباشرة‬ ‫مع الفلسطينيني‪ ،‬ويأتينا ميتشيل ليقول‬ ‫بالسالم العادل والشامل الذي لبنان من صلبه‬ ‫ونحن متجهون الى شرخ أساسي في ميثاقينا‬ ‫وميثاق عيشينا املشترك‪ ،‬يجب أن يسمحوا‬ ‫لنا بذلك‪ ،‬اخملاطبة ستكون وفقا ً للسلطة‬ ‫الرسمية وبلغة السلطة الرسمية ومن ال‬ ‫يرغب في هذه السلطة أن تقول مثل هذا‬ ‫الكالم للشرعية الدولية وأدا ً للفتنة‪ ،‬وإلعادة‬ ‫اللحمة الى هذه البالد التي تعيش في هذه‬ ‫احلالة التعيسة منذ سنوات‪ ،‬أنا أقول ملن هو‬ ‫غير راغب ليترك القطار وليس ذلك مبشكلة إذ‬ ‫هناك راكب غيره‪ ،‬لكن أن نتفرج على بلدنا وهو‬ ‫ينهار حتت شعار السالم والعدالة وأية عدالة‪،‬‬ ‫هذا ال نرضى به‪.‬‬ ‫كيف ميكن تأمني هذا الصوت الرسمي‬ ‫الواحد في ظل مايجري اليوم من مشاحنات‬ ‫سياسية؟‬ ‫آخر الداء الكي‪ ،‬ال أحد يتكلم في امليدان‬ ‫على اإلطالق‪ ،‬ألن الفتنة بحاجة الى طرفني‪،‬‬ ‫الطرف القادر غير راغب والطرف الراغب غير‬ ‫قادر‪ ،‬من هنا ليس هناك فتنة دموية في لبنان‪،‬‬ ‫مساع جدية للتهدئة‪ ،‬ولكن من يقوم‬ ‫وهناك‬ ‫ٍ‬ ‫بهذه املسائل محليا ً النائب جنبالط والرئيس‬ ‫بري وخارجيا ً سوريا والسعودية‪ ،‬اخلارج لم يأت‬ ‫بجواب ناجح حتى اليوم‪ ،‬والوسطاء احملليون‬ ‫حتى اآلن يستعملون اخملدر ولكن ّ‬ ‫أكد النائب‬ ‫جنبالط حديثا ً أنه مع إلغاء احملكمة‪ ،‬وبأن رئيس‬ ‫احلريري سيصل الى مرحلة رجل الدولة الذي‬ ‫ينسى احملكمة كي يستطيع أن يحكم في‬ ‫لبنان‪ ،‬الرئيس بري قال كالما ً كبيرا ً في احتفال‬ ‫ذكرى اإلمام موسى الصدر في موضوع احملكمة‬ ‫وموضوع ما يسمى ملف شهود الزور‪ ،‬وأطلق‬ ‫عليه هذه التسمية ألن الوحيد الذي يثبت‬ ‫شهادة الزور هو القضاء وليس السياسيني‪،‬‬ ‫ووزير العدل ابراهيم جنار سيحفظ صالحية‬ ‫القضاء اللبناني‪ ،‬ولكنه سيمتنع عن التوصيف‬ ‫ألن التوصيف يعود للقضاء كما العقوبة عمال ً‬ ‫مببدأ الفصل بني السلطات‪ ،‬ونعرف نحن أنه‬ ‫بنهاية املطاف إذا اضطر األمر بعد اكتشاف‬ ‫عجز هذه احلكومة عن القيام بأدنى املطلوب‬ ‫منها مبوضوع درأ الفتنة‪.‬‬ ‫ومع كل املواضيع املتشابكة أضم صوتي‬ ‫الى صوت وليد جنبالط وأقول مرحى وألف‬ ‫مرحى بأي حرب خارجية عندما تكون اللحمة‬ ‫اللبنانية مؤمنة‪.‬‬ ‫وهناك الكثير ممن يقولون أن تغيير احلكومة‬ ‫وسقوط اتفاق الدوحة يعني سقوط الدولة بيد‬ ‫“حزب اهلل” وهو بذلك على خطأ‪ ،‬نحن نخلق‬ ‫الدولة التي يطمئن “حزب اهلل إليها” ولسنا‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫نسعى الى الدولة التي هي دولة “حزب اهلل”‬ ‫وكأنه يريد أن ينشئ دولة على سلطته‪ ،‬ال‪،‬‬ ‫مأزق “حزب اهلل” احلقيقي هو أن السيد حسن‬ ‫نصر اهلل ينظر الى املسجد األقصى وحتريره‪،‬‬ ‫والى القدس‪ ،‬ويقول تعالوا باملمانعة التي لها‬ ‫ارتدادات في غزة وسوريا وإيران وفي دول ممانعة‬ ‫أخرى ومؤخرا ً في تركيا‪ ،‬أي هناك رأي عام عربي‬ ‫إسالمي جامع مبوضوع القدس‪ ،‬التي هي من‬ ‫مقدساتنا‪ ،‬ذهب بعقيدته اإلميانية والوطنية‬ ‫والقتالية ليقول هذا هو العدو وأنا ذاهب‬ ‫لتحرير أرضي ومقدساتي‪ ،‬وليس بشخصه‬ ‫ولكن عليه أن يخلق دينامية العمل بعد ذلك‪،‬‬ ‫ينظر الى الوراء يرى أن هناك فريق لبناني معني‬ ‫يلهيه عن هذه املهمة “املقدسة” بالنسبة له‪،‬‬ ‫وهذه املهمة داخلة في صلب إميانهم وإميان‬ ‫كل عربي وإميان كل مسلم حتديداً‪ ،‬ويقول لهم‬ ‫ليكونوا معه على الطريق ويطلب منهم عدم‬ ‫تلهيته بزواريبهم‪ ،‬ومشاكلهم‪ ،‬ومؤامراتهم‪،‬‬ ‫وال يلبسونه جرائم لم يرتكبها‪ ،‬هذه طريقه‪،‬‬ ‫وهمه الوحيد وجودهم معه ألن املسجد ليس‬ ‫له فقط بل لهم وله في نفس الوقت وغيره‬ ‫يذهب الى النجف وكربالء وقم‪ ،‬هو يريد حترير‬ ‫مقدسات اإلسالم‪ ،‬وهو ينظر بقضيتهم‬ ‫األساسية واملركزية‪ ،‬هذا حقه وعقيدته‬ ‫وهذه قضية املسلمني والعرب املركزية‪،‬‬ ‫وقلت وأقول إن قضية املسيحيني املشرقيني‬ ‫هي أيضا ً مركزية ألن حل هذا الصراع سوف‬ ‫يأتي بالفائدة على ما يسمى النزف البشري‬ ‫املسيحي أو الهجرة املسيحية القسرية في‬ ‫املنطقة‪ ،‬يجب حل هذا الصراع‪َ ،‬من يرفض‬ ‫احلل؟‬ ‫دخلنا في مفاوضات يقول فيها اإلسرائيلي‬ ‫أريد إنهاء برنامجي االستيطاني قبل كل شيئ‬ ‫وتعثر وأخطأ‪ ،‬يقول فيها اإلسرائيلي ال عودة‬ ‫لالجئني الفلسطينيني إطالقا ً هذا املوضوع‬ ‫يجب نسيانه نهائياً‪ ،‬ولكنه بذلك كان يتحدث‬ ‫عن يهودية دولة “إسرائيل”‪ ،‬وأسرلة العرب‬ ‫الذين سوف يكونون مدعوين في أفق زمني‬ ‫بنظري قريب الى أسرلة األراضي الفلسطينية‪،‬‬ ‫ما يدعى بالتحول “ترانسفار”‪ ،‬هذه الدولة تقول‬ ‫ال لعودة الفلسطينيني الالجئني يقابلها في‬ ‫مفاوضاتها عند الفلسطينيني املطالبة بحق‬ ‫العودة إال أننا منفتحون على صيغ مبتكرة‬ ‫أخرى‪ ،‬ما يعني إذا رأينا بيننا وبني السالم‬ ‫أن يبقى الفلسطينيون في لبنان وسوريا‬ ‫ويتوزعون على أراضي العرب الشاسعة ليس‬ ‫هناك من مانع‪ ،‬لكن التوطني بالنسبة لنا‬ ‫هو نسف الدميغرافيا ونسف امليثاق العيش‬ ‫املشترك ألن مقدمة الدستور اللبناني تنص‬ ‫على ال جتزئة وال توطني وربط اللفظتان معا ً‬ ‫لم يأت عفواً‪ ،‬عندها كل مجموعة ستدافع‬ ‫عن حالها وحتمي نفسها ضمن أطر أو ضمن‬ ‫حدود معينة‪ ،‬إذا ً أنا أقول السيد نصر اهلل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ذاهب في عقيدته الى مكان مفترض أن تكون‬ ‫عقيدة اجلميع ذاهبة إليه أيضاً‪ ،‬من هنا يجب‬ ‫عدم تلهيته بالقشور وأمله وتخوفه على دولته‪،‬‬ ‫وأمله وحتوطه أكثر على دوره‪ ،‬ما يجري في‬ ‫األقصى وفي غزة هو من يتحمل وهذه قضيتنا‬ ‫املركزية‪ ،‬وقضية كل مسلم‪ ،‬ملاذا تأخذونه الى‬ ‫تهديد زعيم السنة وقلب النظام في لبنان‪،‬‬ ‫ومشروع املثالثة ونسف الطائف‪ ،‬هو ينظر‬ ‫باجتاه األقصى وليس الى الداخل‪ ،‬وارتضى أن‬ ‫يعبر الى الدولة وهو مقاومة‪ ،‬هم بدأوا العبور‬ ‫الى الدولة وهؤالء أخرجوا الدولة من سياقها‬ ‫الدستوري وهذا فرق كبير‪.‬‬

‫متويل احملكمة‬ ‫من ميوّل احملكمة‪ ،‬كيف؟ وهل بوقف‬ ‫التمويل ميكن إيقافها؟ هل من أرقام محددة‬ ‫للتمويل؟ وما عواقب وقف التمويل؟‬ ‫بحسب املادة ‪ 5‬من نظام احملكمة‪ ،‬أو االتفاق‬ ‫املفروض على لبنان‪ ،‬كي ال نقول دائما ً اتفاق‬ ‫بني لبنان واألمم املتحدة‪ ،‬ألنه ليس هناك اتفاق‬ ‫بل ضميمة لقرار ملزم حتت الفصل السابع هو‬ ‫القرار ‪ ،1757‬املادة ‪ 5‬من الضميمة أو االتفاق‬ ‫تشير الى أن احملكمة متول على الشكل التالي‬ ‫‪ %51‬من األمم املتحدة و ‪ %49‬من احلكومة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وتشير هذه املادة حتديدا ً في حال‬ ‫تبرعات الدول املانحة لم تكن كافية لتأمني‬ ‫‪ %51‬يستشرف أمني عام األمم املتحدة ومجلس‬ ‫األمن الطرق اآليلة الى تأمني هذا التمويل‪ .‬وهنا‬ ‫في املادة ال يوجد أي إشارة عن إحجام لبنان عن‬ ‫التمويل‪ ،‬ولكن متى أصبح هناك استدراك أن‬ ‫لبنان يُحجم عن التمويل؟ وبأي ذريعة يُحجم‬ ‫عنه؟ هنا أجيب أن لبنان يُحجم عن التمويل‬ ‫بذريعة عدم التمسك أو التقيد باآللية‬ ‫الدستورية إلقرار املعاهدة ألن مجلس النواب‬ ‫هو من سيعطي ويصادق على التمويل‪ ،‬والذي‬ ‫حصل في ‪ 1757‬أصبح هناك التفاف حول‬ ‫هذه النقطة واستدراكها ماذا قالوا إذا أحجم‬ ‫لبنان سيستعني مجلس األمن بتبرعاته من‬ ‫الدول‪ ،‬واستدرك في ‪ 1757‬ولم يستدرك في‬ ‫االتفاق املبرم من هنا القرار كان مفروضا ً ألن‬ ‫في االتفاق الذي فاوض به لبنان‪ ،‬حتى باالتفاق‬ ‫مت التفاوض به من دون لبنان وخارج عن أي قيد‬ ‫دستوري وآلية دستورية وتركوا للبنان إمكانية‬ ‫اإلحجام ليشاور األمم املتحدة بأسبابه‪ ،‬وعندما‬ ‫أتى القرار ‪ 1757‬استدرك على هذه النقطة‬ ‫رفض ذلك‪ ،‬فقيل له أنه ميكن البحث على‬ ‫مصادر متويل أخرى وتكملة احملكمة دون لبنان‪،‬‬ ‫هنا أتت جلنة املال واملوازنة عندما اكتشفت أن‬ ‫هذه التحويالت والتمويل تتم بسلفات خزينة‬ ‫(‪ 40‬مليار ونيف عن السنة ‪ 2010‬و ‪،)2011‬‬ ‫وما أدرانا عن سلفة اخلزينة بوزارة العدل‪،‬‬

‫‪16‬‬

‫سلفة اخلزينة في قانون احملاسبة العمومية‬ ‫لها غايات معينة وسلفة اخلزينة توجه‬ ‫للخدمات لوزارات اخلدمات وتتوجه لصناديق‬ ‫البلديات واملؤسسات العامة‪ ،‬وال تعطى لوزارة‬ ‫العدل لتمول محكمة دولية‪ ،‬هذه ليست‬ ‫أول مخالفة قانونية‪ ،‬أما وقد أعطيت وزارة‬ ‫العدل‪ ،‬النتيجة يجب أن يكون هناك قانون‬ ‫فتح اعتماد ويجب أن يذكر ذلك في املوازنة في‬ ‫مكان ما‪ ،‬من أين ميكن أن أحصل على هذا املال‪،‬‬ ‫من سلفة اخلزينة وموجوداتها التي يجب أن‬ ‫تعبر عنها املوازنة‪ ،‬وإذا ذهبنا الى املوازنة يجب‬ ‫أن تذهب الى مجلس النواب الذي يرى التمويل‪،‬‬ ‫بالتأكيد الوزراء الذين يقولون أن هذه احملكمة‬ ‫منحرفة عن مسارها وهي محكمة تهدد‬ ‫األمن ال يوافقون على التمويل‪ ،‬هنا الهيئة‬ ‫العامة جمللس النواب ستكون الفصل في متويل‬ ‫احملكمة وتغطية هذا التمويل في قانون املوازنة‬ ‫‪.2010‬‬ ‫أين تكمن أهمية شهود الزور في سير‬ ‫احملكمة؟ ومقاضاتهم من صالحيات مَن‪،‬‬ ‫السلطة اللبنانية أم احملكمة الدولية؟ وما‬ ‫هي األحكام التي من املتوقع أن تصدر في‬ ‫حقهم؟ والكلمة الفصل في ملف شهود‬ ‫الزور مَن يحددها؟‬ ‫أوال ً أفهم الذين يقولون أن هذا امللف يسمى‬ ‫مبلف شهود الزور‪ ،‬ألن عند احلديث عن ملف‬ ‫وصفنا‪ ،‬وتوصيف عناصر‬ ‫شهود الزور نكون قد ّ‬ ‫اجلرم يعود للقضاء عمال ً مببدأ الفصل بني‬ ‫السلطات‪ ،‬وأتفهم أن يأتي تقرير وزير العدل‬ ‫منزها ً من أي توصيف‪ ،‬ولم أنزعج الى اإلشارة‬ ‫الى أن هذا التقرير يحتوي على عبارة األشخاص‬ ‫املفقودين للمصداقية ألن هذه عبارة مستعارة‬ ‫من قرار فرانسني في أيلول ‪ 2010‬الذي أعطى‬ ‫رأيه في موضوع االستجابة لطلب اللواء‬ ‫السيد وقراره في نيسان ‪ 2009‬في اإلفراج عن‬ ‫الضباط‪ ،‬وذلك بهدف التمييز بني التوصيف‬ ‫اجلرمي والعقوبة وبني الصالحية‪ ،‬كنت أنتظر‬ ‫من وزير العدل أن يقول في تقريره بناء على‬ ‫ما تنامى الى علمي أن هيئة االستشارات‬ ‫والتشريع في وزارة العدل قد أبدت رأيا ً إيجابيا ً‬ ‫في هذا املوضوع أن االختصاص في بت هذا‬ ‫امللف أي في توصيفه والتحقيق فيه والذهاب‬ ‫الى الفاعل واحملرك واملفبرك وفرض العقوبة هو‬ ‫من اختصاص القضاء اللبناني وذلك لسببني‪:‬‬ ‫األول ألن القضاء الدولي قال أنه خارج عن‬ ‫واليته وال ميكن على اإلطالق أن ال يجد متظلما ً‬ ‫قضاء يلجأ إليه ألن حق املتظلم في أن يجد‬ ‫قضاء‪ ،‬هو حق إنسان منصوص عنه في احلقوق‬ ‫السياسية واالجتماعية‪ ،‬والنقطة الثانية‬ ‫واألهم أن هذه اجلرمية اقترفت في لبنان وضللت‬ ‫حتقيقا ً أجري في لبنان‪ ،‬وكان ضحيته لبنانيون‪،‬‬ ‫أساسا ً من أُدخلوا الى احلجز االعتباطي هم‬ ‫ضباط وقادة أمنيون‪ ،‬وأفراد لبنانيون آخرون‬


‫دخلوا على أساس هذه الشهادات‪.‬‬ ‫أما التوصيف ليس على وزير العدل أن يحدد‬ ‫إذا كانت شهادة زور أم ال‪ ،‬وال أحد ميكنه أن يقول‬ ‫ذلك‪ ،‬وأعرف أن هناك تناقضات في اإلفادات‪،‬‬ ‫وعبارة أشخاص فاقدين املصداقية‪ ،‬وأن اإلشارة‬ ‫الى أشخاص وشهود ثبت كذب ادعاءاتهم‬ ‫تعني بالنتيجة على الصعيد القانوني شهود‬ ‫زور‪ ،‬وال نستيطيع أن نخفي هذا األمر‪ ،‬ولكن‬ ‫القضاء هو الذي يوصف ذلك حسب مواد‬ ‫‪ 403‬و ‪ 411‬عقوبات إذا كان هناك شهود زور‬ ‫أو لم يكن‪ ،‬أما ما يقال على أنهم أدلوا اليمني‬ ‫أو ال‪ ،‬فشهادة الزور سواء أدليت اليمني أو ال‪،‬‬ ‫والتي ت ُعطى مبعرض حتقيق جنائي أو مبعرض‬ ‫محاكمة جنائية هي جناية‪ ،‬وكل املشكلة‬ ‫في موضوع قسم اليمني أن الشاهد الذي‬ ‫يقسم اليمني تخفف عقوبته الى النصف‪،‬‬ ‫ولكن املوضوع في العقوبة وليس التوصيف ما‬ ‫ليس له عالقة باليمني‪ ،‬من هنا أقترح وأعرف‬ ‫وأستشرف والوزير كتوم ولم يقل لي‪ ،‬أعرف أن‬ ‫التقرير سيحفظ صالحية القضاء اللبناني‬ ‫الذي سيذهب مذهب تثبيت العناصر اجلرمية‬ ‫ثم مالحقة الشهود‪ ،‬والتوصل الى َمن‬ ‫ومن ّ‬ ‫صنّعهم وح ّرضهم وفبركهم‪ ،‬وبرأيي أما وقد‬ ‫ُح ّول امللف الى مجلس الوزراء الذي عليه أن‬ ‫يأخذ مسؤوليته ويحيل امللف خلطورته على‬ ‫اجمللس العدلي‪ ،‬ويقوم وزير العدل باقتراح باسم‬ ‫محقق عدلي على مجلس القضاء األعلى حتى‬ ‫إذا متّ التوافق عليه يسمي وزير العدل احملقق‬ ‫العدلي وبذلك ننتهي من هذه املهمة‪.‬‬ ‫كيف ميكن االدعاء على شهود الزور خارج‬ ‫لبنان بالرغم من أن هذه القضية مرتبطة‬ ‫بلبنان؟‬ ‫الدعوة السورية جلأ إليها اللواء السيد‬ ‫عندما وجد أبوابا ً موصدة في احملكمة الدولية‬ ‫وفي القضاء اللبناني على أساس االعتبار‬ ‫الشخصي أي ألن بعض هؤالء الشهود هم‬ ‫سوريون وادعى عليهم بحسب القانون اجلزائي‬ ‫السوري الذي يسمح مبالحقة مواطن سوري‬ ‫متهم بجناية معينة أو بجرمية معينة حتى‬ ‫لو ارتكب اجلرم خارج األراضي السورية‪ ،‬أما‬ ‫االتفاقية القضائية التي أبرمت بني لبنان‬ ‫وسوريا فتتيح ألي من البلدين أن يجري‬ ‫تبليغات في البلد اآلخر‪ ،‬لذلك قلت في حينها‬ ‫أن هذه ليست استبانات بل تبليغات يبلغون‬ ‫من خاللها بعض الشهود وبعض األشخاص‬ ‫في لبنان حتديد موعد اجللسة في سوريا‪،‬‬ ‫درسها وزير العدل ومن ثم عندما وجد أنه ال‬ ‫يستطيع أن يخرج من بنود االتفاقية املعقودة‬ ‫بني البلدين سنة ‪ 1951‬أرسل التبليغات الى‬ ‫القضاء اخملتص لكي يصار التبليغ ولكنها‬ ‫توقفت لألسف على عتبة النيابات العامة‬ ‫وقضاة التحقيق‪.‬‬ ‫ما هي تداعيات ملف شهود الزور على‬

‫مسار احملكمة‪ ،‬وعلى القضاء اللبناني؟‬ ‫برأيي ووفق املنطق‪ ،‬هناك من يقول أن شاهد‬ ‫الزور ال يعني إال فترة اتهام سوريا وأن شاهد‬ ‫الزور ال يعني إال فترة التحقيق األولية التي متّ‬ ‫بنتيجتها اإلفراج عن الضباط وامللف قد ُطوي‪،‬‬ ‫هذا اعتقاد خاطئ‪ ،‬ألن شاهد الزور قال عن‬ ‫اجتماع في الضاحية‪ ،‬وتفخيخ السيارة في‬ ‫الضاحية‪ ،‬وشهادة الزور عادت الى الواجهة في‬ ‫الصديق في السياسة الكويتية حول‬ ‫تصريح‬ ‫ّ‬ ‫امتالكه لوثائق قدمها له اللواء غازي كنعان‬ ‫تدين “حزب اهلل” بجرمية اغتيال الرئيس احلريري‪،‬‬ ‫ما يدل أنه تبنى رواية “دير شبيغل” و “الفيغارو”‪،‬‬ ‫وتبنى رواية اتهام “حزب اهلل” أو بعض عناصر‬ ‫غير منضبطة في احلزب وهنا قانونيا ً ال يوجد‬ ‫الصديق من‬ ‫أي تفريق‪ ،‬عندها جملرد ظهور‬ ‫ّ‬ ‫جديد فإن شهادة الزور لم تتوقف على حقبة‬ ‫اتهام سوريا ولم تنته باعتذار الرئيس احلريري‬ ‫من سوريا عن فترة االتهام السياسي الذي‬ ‫ضلل التحقيق واحلقيقة وشتت العالقة مع‬ ‫سوريا‪ ،‬فشهادة الزور مستمرة حسب األهواء‪،‬‬ ‫وقد استشرفنا منذ البدء عندما وضع رئيس‬ ‫اجلمهورية حينها العماد إميل حلود مالحظات‬ ‫التي كانت تسعى لتحصني احملكمة ضد‬ ‫التسييس‪ ،‬ولم تكن مالحظات من شأنها وأد‬ ‫احملكمة‪ ،‬استشرفنا بأن املؤامرة أتت من الداخل‬ ‫وتستهدف السلم األهلي والعيش املشترك‬ ‫واملقاومة حتديداً‪.‬‬

‫الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي عندما كان‬ ‫وزيرا للداخلية‪ ،‬واعتقل في اإلمارات العربية‬ ‫املتحدة المتالكه جواز سفر تشيكي مزور‪.‬‬

‫أكرم شكيب مراد‬

‫هو سوري اجلنسية‪ ،‬من مواليد ‪ 1962‬والدته‬ ‫روان عبد اخلالق لبنانية آخر مكان أقام فيه‬ ‫قبل السجن هو في مدينة عاليه‪ .‬دخل أكرم‬ ‫شكيب مراد في نيسان ‪ 2004‬السجن بتهمة‬ ‫االجتار باخملدرات وخرج منه في آذار ‪ ،2009‬وعاد‬ ‫وأدخل إليه وما يزال في سجن روميه حتى‬ ‫تاريخ اليوم‪.‬‬ ‫وحتول مراد إلى «شاهد» في جرمية اغتيال‬ ‫احلريري خالل وجوده في السجن‪ ،‬حني روى‬ ‫للمحقق العدلي القاضي إلياس عيد‪ ،‬في‬ ‫شباط ‪ ،2007‬أنه خالل وجوده في مقر العميد‬ ‫رستم غزالة في عنجر في آذار ‪ ،2004‬سمع‬ ‫حوارا ً كان يدور في الغرفة اجملاورة بني العميد‬ ‫غزالة‬

‫ابراهيم ميشال جرجورة‬

‫محمد زهير صديق‬

‫محمد زهير صديق‪ ،‬مواطن سوري من بلدة‬ ‫صافيتا‪ ،‬متزوج ‪ 7‬زيجات آخرها زواجه من‬ ‫لبنانية من آل الغصيني‪ ،‬من بلدة بعقلني في‬ ‫قضاء الشوف‪ .‬خدمته العسكرية االجبارية‬ ‫كانت في قطاع القوات اجلوية السورية‪ ،‬وأداها‬ ‫حاجبا ً في مكتب قائد هذه القوات السابق‬ ‫العميد وليد عباس‪ ،‬ولكنه ف ّر من اخلدمة قبل‬ ‫انتهاء املدة القانونية التي عليه أن يقضيها‪،‬‬ ‫والسبب كان إدعاؤه قيادة الطائرات أمام والدته‬ ‫التي ببساطتها وعطفها تسببت بانكشاف‬ ‫أمره وفراره من اخلدمة العسكرية‪.‬‬ ‫حصل على جواز سفر مزور من مكتب‬

‫‪17‬‬

‫إبراهيم ميشال جرجورة‪ ،‬والدته ايفلني‬ ‫(لبنانية‪ ،‬من جونيه – حارة صخر) من مواليد‬ ‫سوريا العام ‪ 1974‬ويحمل اجلنسية السورية‪،‬‬ ‫وله أقارب في لبنان كانوا قد حصلوا على‬ ‫اجلنسية اللبنانية قبل سنوات عدة‪.‬‬ ‫خدم في أمن الدولة فرع احلماية واملداهمة‬ ‫فرع ‪ ،330‬وعمل‪،‬بهذه الصفة في االردن والعراق‬ ‫ومصر ملدة ستة اشهر‪،‬قبل ان يأتي الى لبنان‬ ‫‪،‬ويقيم في جونية !‬ ‫جرجورة الذي لم تعتمده جلنة التحقيق‬ ‫الدولية في عداد قائمة الشهود احملتملني ‪،‬جرى‬ ‫استخدامه من أجل إضفاء صدقية مفقودة‬ ‫على العملية التزويرية التي انتُدب إليها‬ ‫حسام حسام‪.‬‬ ‫وآخر التصريحات كانت افادة الشاهد‬ ‫السوري اجلديد ابراهيم ميشيل جرجورة‬ ‫املوقوف اآلن لدى القضاء اللبناني بتهمة‬ ‫تضليل التحقيق‪ ،‬والتي زعم فيها ان الوزير‬ ‫اللبناني مروان حمادة لقنه شهادته بهدف‬ ‫توريط سورية وبعض حلفائها في لبنان في‬ ‫اغتيال رئيس الوزراء اللبناني االسبق رفيق‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫شهود «ثورة األرز» زوَّ روا‬ ‫المفاوضات‬ ‫إلى الوراء‬ ‫در‪...‬‬

‫غسان غصن‪:‬‬ ‫الضمان مهدّد‬ ‫باإلفالس‬

‫الغالف‬

‫احلريري‪.‬‬ ‫يقيم في منطقة ذوق مصبح (كسروان)‬ ‫ويعمل ميكانيكياً‪ ،‬وصودف ان انتهت مدة‬ ‫إقامته في لبنان بعيد انسحاب القوات‬ ‫السورية من لبنان في أبريل ‪ 2005‬فأوقفته‬ ‫دورية امنية للجيش اللبناني وسلمته بحسب‬ ‫االختصاص‪ ،‬إلى املديرية العامة لألمن العام‬ ‫متهيدا ً لترحيله إلى بالده بناء إلشارة القضاء‪،‬‬ ‫ولكن خالل توقيفه في نظارة االمن العام ادعى‬ ‫ان لديه معلومات مهمة تتعلق بجرمية اغتيال‬ ‫الرئيس احلريري وطلب مقابلة احد الضباط من‬ ‫اجل إبالغه بهذه املعلومات قبل فوات اآلوان‪،‬‬ ‫ومت ترتيب لقاء له مع شخصية نافذة مهتمة‬ ‫مبلف احلريري فادعى امامها انه كان أحد أعضاء‬ ‫فريق املراقبة ملوكب احلريري وانه كان يقف في‬ ‫آخر شارع «فوش» القريب من مبنى مجلس‬ ‫يقدم معلومات لآلخرين عن‬ ‫النواب حيث كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫خط سير املوكب‪.‬‬ ‫ويقول جرجورة أنه أوقف في فرع االستقصاء‬ ‫في بيروت‪“ :‬وحقق معي معاون اول يدعى‬ ‫محمد على اعتبار أنه خدمت سابقا ً في امن‬ ‫الدولة وسألني عن معلومات لدي عن إغتيال‬ ‫احلريري وقد اعتقلت ملدة ثالثة اشهر قبل ان‬ ‫يخلى سبيلي ‪.‬‬ ‫بعد ان رجعت الى البيت في جونية اتصل‬ ‫معي شخص يدعى وسام واعتقد انه اسم‬ ‫حركي رقمه ‪ 93047509‬وطلب رؤيتي وتبني‬ ‫انه مرافق مروان حمادة واتضح لي ذلك‬ ‫كونه مكنني بعد ذلك من اجللوس مع مروان‬ ‫حمادة”‪.‬‬ ‫‪..‬وسام هذا قال لي إنه من فرع املعلومات‬ ‫بيروت ولدينا شخص قال لنا إنه لديك‬ ‫معلومات وفرع االستقصاء حولك إلينا من‬ ‫أجل ذلك‪ ،‬وقال يجب أن تاتي في اليوم التالي‬ ‫الى فرع املعلومات الواقع عند اوتيل ديو وفعال‬ ‫ذهبت وحقق ضابط برتبة رائد معي في‬ ‫الطابق الرابع و قال ‪..‬غدا ستتمكن من رؤية‬ ‫مروان حمادة وحبسوني ليوم واحد في فرع‬ ‫املعلومات املهم بعد ذلك مت اللقاء بيني وبني‬ ‫مروان حمادة شخصيا ً في بيته في الريفييرا‬ ‫الساعة السابعة والنصف‪ ،‬ووصلت البيت‬ ‫عن طريق املنارة واتى الي شخصان كان وسام‬ ‫احدهما برفقة شخص وقال لي حمادة إنه‬ ‫لديك املعلومات وستدليها وسنعطيك املال‬ ‫وقلت لست بحاجة مال فضربني وقال ليس‬ ‫بكيفك وضربني وصار يصرخ علي ومسك‬ ‫خشبة وضربني وقال “غصبا ً عنك ولك حمار‬ ‫طول عمرك بدك تضل هيك” يجب أن تساعدنا‬ ‫‪..‬وأبلغني حمادة أنه لدي غدا لقاء مع بهية‬ ‫احلريري وستذهب اليها على أساس أننا لسنا‬ ‫معك نحن نوصلك الى الباب فقط وستقول‬ ‫لها إن لديك معلومات عن مقتل أخيها‬ ‫وحفظوني امللف املذكور بأن اخملابرات السورية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫دربتني وكلفتني باملهمة وحتديدا ً اللواء حسن‬ ‫خلوف رئيس فرع فلسطني وحسن خليل‬ ‫رئيس جهاز األمن العسكري عن طريق العميد‬ ‫سهيل بركات من فرع فلسطني على مراقبة‬ ‫شخصيات في لبنان تضم سعد احلريري ووليد‬ ‫جنبالط ومروان حمادة وجبران تويني وسمير‬ ‫قصير ونايلة معوض والياس عطاهلل وفارس‬ ‫سعيد و بطرس حرب وسمير فرجنية وأيضا ً‬ ‫مراقبة موكب احلريري ومعاينة أرض معينة‬ ‫لتفتيشها ثم بعدها هي ستقول لك ما ذا‬ ‫ستعمل ‪.‬‬ ‫بعد زيارة حمادة بيومني أخذني وسام‬ ‫وشخص معه بسيارة ‪ bmw‬مفيمة نوع ‪735‬‬ ‫لونها أزرق غامق الى منزل بهية احلريري في‬ ‫صيدا وبعد أن دخلت أغلقت الباب علي وقالت‬ ‫لي يجب أن تنسق مع شخص يقال له أبو الهول‬ ‫رقم تليفونه ‪ 03398777‬وهو قال لي ‪ ..‬الأقدر أن‬ ‫أساعدك بأي شيء دون وقائع معينة وعندها‬ ‫قلت له وللسيدة احلريري كما طلب مني حمادة‬ ‫أن أقوله‪ ،‬وهوامللف الذي طلب إلي أن أدلي به‬ ‫وبعد هذا احلديث قالوا لي يجب أن تذهب الى‬ ‫املونتيفيردي وعرضوا علي املساعدات ورفضت‪،‬‬ ‫وبعد أن مشيت من عند بهية أوصلني وسام‪،‬‬ ‫واآلخر بسيارتهم الى ساحة النجمة ورأيتهم‬ ‫يراقبون املنطقة‪ ،‬ويراقبونني وسألوني ماذا‬ ‫قلت لبهية احلريري وبعدها قالوا ‪..‬بعد أسبوع‬ ‫ستذهب الى املونتيفيردي وستتكلم كما قلت‬ ‫للسيدة بهية‪.‬‬ ‫وفعال ً ذهبت الى املونتيفيردي واستجوبني‬ ‫محقق كندي بعد أن أوصلني وسام بنفس‬ ‫السيارة ال‪ bmw‬وأذكر هنا أنني التقيت قبلها‬ ‫وبعدها بحمادة أكثر من مرة قبل إدالئي‬ ‫بشهادتي في املونيفيردي التقيته في مكتبه‬ ‫في صحيفة النهار وجلس يتحدث معي‬ ‫وقال لي ستقول كذا وكذا ‪..‬نفس امللف الذي‬ ‫حفظوني إياه ‪..‬‬

‫عبد الباسط بني عودة‬

‫يوم ‪ ،2001/7/6‬دخل عبد الباسط بني عودة‬ ‫األراضي اللبنانية‪ ،‬فلسطيني يحمل اجلنسية‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬جتاوز احلدود البرية ليصل إلى‬ ‫منزل في بلدة جنوبية يقطن فيه أقارب عميل‬ ‫ٍ‬ ‫فار منذ عام ‪ .2000‬هناك‪ ،‬أوقفته مديرية‬

‫‪18‬‬

‫استخبارات اجليش اللبناني‪ .‬فبني عودة‪،‬‬ ‫احلامل للجنسية اإلسرائيلية‪ ،‬يرتبط بصلة‬ ‫وثيقة باالستخبارات اإلسرائيلية‪ .‬يقول إنه‬ ‫كان يعمل مع جهاز املوساد‪ ،‬وإنه كان متزوجا ً‬ ‫لبنانية تعيش في فلسطني احملتلة‪ ،‬تتهمها‬ ‫السلطات اللبنانية بالتعامل مع إسرائيل‪.‬‬ ‫كذلك فإنه كان يتمتع بصالت قوية بني العمالء‬ ‫الذين فروا إلى فلسطني احملتلة عام ‪.2000‬‬ ‫في السويد‪ ،‬حصل بني عودة على جواز سفر‬ ‫سويدي باسم أنطونيوس بني عودة‪ ،‬من دون‬ ‫احلصول على اجلنسية‪ .‬لم ّ‬ ‫يكل من املغامرات؛‬ ‫فسريعاً‪ ،‬انتحل صفة سفير عربي في أملانيا‪،‬‬ ‫متدخالً‪ ،‬من خالل اتصاالته الهاتفية‪ ،‬في‬ ‫قضية مرفوعة أمام القضاء اللبناني نهاية‬ ‫عام ‪ ،2004‬ما أدى إلى صدور قرار جديد مينع‬ ‫دخوله إلى لبنان بجواز سفره اجلديد‪.‬‬ ‫ا ّدعى بني عودة أن الضباط اللبنانيني األربعة‬ ‫طلبوا منه عام ‪ 2004‬إلصاق عبوات ناسفة‬ ‫بسيارة احلريري‪.‬‬ ‫خفت جنمه حتى ما بعد اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري‪ .‬لكنه‪ ،‬بعد أشهر من اجلرمية‪ ،‬بدأ‬ ‫اتصاالته بأمنيني وسياسيني وإعالميني في‬ ‫لبنان‪ ،‬قبل أن يتمكن من التواصل عبر الهاتف‬ ‫مع النائبة بهية احلريري‪ .‬وبحسب ما يقول بني‬ ‫عودة‪ ،‬فإنه قال للحريري إنه ميلك معلومات عن‬ ‫عملية اغتيال شقيقها‪ .‬يضيف إنها حدثته‬ ‫بلهجة «ناشفة»‪ ،‬وطلبت منه أن يقصد جلنة‬ ‫التحقيق الدولية لإلدالء مبا لديه‪ .‬وعندما شكا‬ ‫إليها عدم قدرته على الوصول إلى اللجنة‪،‬‬ ‫ز ّودته رقم هاتف املدير العام لقوى األمن‬ ‫الداخلي اللواء أشرف ريفي‪ .‬واألخير‪ ،‬أخذ رقم‬ ‫هاتف بني عودة‪ ،‬حسب رواية األخير‪ ،‬وس ّلمه‬ ‫إلى جلنة التحقيق الدولية التي اتصلت به‪.‬‬ ‫أص ّر بني عودة على التحدث مع رئيس اللجنة‪،‬‬ ‫ديتليف ميليس‪ .‬اهتم األخير بالشاهد اجلديد‪،‬‬ ‫وقال له في مكاملة هاتفية بينهما إنه سيرسل‬ ‫إليه أحد احملققني السويديني العاملني في‬ ‫اللجنة‪.‬‬ ‫في السويد‪ ،‬قابل بني عودة احملقق بو أستروم‪،‬‬ ‫وأخبره مبا لديه من معطيات عن جرمية اغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬طالبا ً ضمانات لإلدالء بها رسمياً‪.‬‬ ‫وبدا الرجل كمن هبط من السماء إلى حضن‬ ‫ديتليف ميليس‪ .‬فبني عودة أصر على اإلدالء‬ ‫بإفادته قبل أن تستمع جلنة التحقيق الدولية‬ ‫في فيينا‪ ،‬الثنني من الضباط األمنيني السوريني‪،‬‬ ‫بينهم اللواء رستم غزالي (كانون األول ‪.)2005‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬كان له ما أراد‪ ،‬فيوم ‪ 21‬تشرين الثاني‬ ‫‪ ،2005‬و ّقع رئيس فريق التحقيق في اللجنة‬ ‫الدولية‪ ،‬األملاني غيرهارد ليمان‪ ،‬وثيقة يتعهد‬ ‫فيها لبني عودة بتلبية ثالثة شروط‪ ،‬لقاء‬ ‫اإلدالء بإفادة رسمية‪ .‬وهذه الشروط هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن تساعده جلنة التحقيق الدولية‬ ‫املستقلة في احلصول على جنسية ثانية‪ ،‬وأن‬


‫تكون األولوية للجنسية السويدية‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن تساعده اللجنة‪ ،‬هو وأفراد عائلته‪،‬‬ ‫على الدخول ضمن برنامج حماية الشهود‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن تساعده اللجنة على تغيير مالمحه‪،‬‬ ‫باحلد املناسب‪ ،‬للحد من القدرة على التعرف‬ ‫إليه‪.‬‬ ‫الحقاً‪ ،‬د ّونت اإلفادة الكاملة للرجل الذي‬ ‫صار اسمه «مازم»‪ .‬وهي تكاد تكون األغرب بني‬ ‫إفادات الشهود باغتيال احلريري‪.‬‬

‫هسام هسام‬

‫روى هسام هسام‪ ،‬وهو مواطن كردي سوري‪،‬‬ ‫كان يعيش في إحدى قرى املنت الشمالي‪ ،‬وسبق‬ ‫ان عمل سائقا لسيارة أجرة انه كان يعمل مع‬ ‫اخملابرات السورية لسنوات طويلة وأنه كان‬ ‫على عالقة بضابط اخملابرات السورية السابق‬ ‫جامع جامع وأن فريقا سياسيا وأمنيا وإعالميا‬ ‫«اشتغل عليه» لتقدمي معلومات تخص‬ ‫اجلرمية وسيارة «امليتسوبيشي» واملتفجرات‬ ‫املستخدمة وقضية احمد ابو عدس ووجود‬ ‫جامع جامع على بعد عشرات االمتار من‬ ‫مكان التفجير ووقائع اخرى تخص اجتماعات‬ ‫حصلت في بيروت ودمشق وكذلك وقائع عن‬ ‫اشخاص لهم دور في التفجيرات واالغتياالت‬ ‫التي حصلت في لبنان مؤخرا‪.‬‬ ‫وذكر انه ُطلب منه ذكر اسماء عدد من‬ ‫االشخاص بينهم عامر ارناؤوط وحسن ومعني‬ ‫خريس‪ .‬كذلك حتدث عن انه ُطلب منه أخذ‬ ‫عينات من متفجرات وضعت قرب مدارس‬ ‫املهدي قرب طريق املطار والقول إنه حصل‬ ‫عليها من قبل ضباط سوريني‪.‬‬ ‫وقال هسام هسام إنه قبل دخوله الى‬ ‫االراضي السورية اجرى اتصاالت بأشخاص‬

‫وقال لهم ان يستعيدوا السيارة التي كانوا‬ ‫قد اشتروها له‪ .‬ونفى ان يكون قد حصل على‬ ‫اموال «لم آخذ شيئا ً من أحد‪ ،‬ولكن لو طلبت‬ ‫كنت أخذت‪ ،‬وأعرف أن كل الذين شهدوا أخذوا‬ ‫ماليني الدوالرات»‪.‬‬ ‫كما روى عالقته بشهود آخرين بينهم‬ ‫السوري ن ّوار الدونا (مواليد بانياس ‪ )1971‬الذي‬ ‫قضى بحادث سير على طريق عام بتغرين‪ ،‬بعد‬ ‫ظهر يوم اجلمعة املاضي‪ .‬وشكك هسام برواية‬ ‫احلادث متسائال هل يعقل ان يؤدي حادث سير‬ ‫الى قطع الرأس؟‬ ‫يذكر ان الدونا كان يعمل في محالت «إكو‬ ‫سيل» وأخضع لالستجواب من قبل جلنة‬ ‫التحقيق الدولية حول ظروف بيعه خمسة‬ ‫خطوط خلوية من أصل ثمانية يشتبه أنها‬ ‫استعملت في تنفيذ عملية االغتيال‪.‬‬ ‫وأظهر التحقيق الذي اجرته السلطات‬ ‫اللبنانية ان حادث انزالق السيارة التي كان‬ ‫يقودها احد اصدقاء الدونا‪ ،‬وهو قيد العالج‬ ‫في احد املستشفيات‪« ،‬لم يكن حادثا مدبرا»‬ ‫بخالف االعتقاد الذي ساد في الساعات االولى‪،‬‬ ‫على حد تعبير مصدر أمني لبناني‪.‬‬ ‫وأضاف ان فارس خشان املستشار لدى‬ ‫احلريري زاره في السجن وعرض عليه تخليصه‬ ‫من السجن وتوفير حياة مترفة له مقابل االدالء‬ ‫بشهادة زور ضد سورية والضباط السوريني‪.‬‬ ‫وذلك في اطار صفقة قيمتها املاليني بل وتصل‬ ‫الى مليار دوالر عرضه سعد احلريري عليه في‬ ‫احدى لقاءاته معه‪.‬‏‬

‫أحمد مرعي‬

‫أحمد مرعي شاهد زور في جرمية اغتيال‬ ‫الرئيس الشهيد رفيق احلريري وسجله حافل‬ ‫بارتباطات عديدة بجهات استخباراتية غربية‬ ‫واوروبية‪.‬‬ ‫احمد مرعي ‪ ...‬الشاهد املكتوم ‪ ...‬شاهد‬ ‫في مسرح اجلرمية ‪ ..‬شاهد ايضا ً ال ميكن‬ ‫اجلزم باجلهة التي كان يعمل حلسابها ‪ ،‬فمن‬ ‫األميركيني إلى الدمناركيني فالبريطانيني‪ ،‬مرورا ً‬ ‫بتنظيم القاعدة وفتح اإلسالم قبل أن يكون‬ ‫شاهدا ً في جرمية اغتيال الرئيس احلريري‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫مسار عمل مرعي الذي كشفته صحيفة‬ ‫االخبار قد يبدو معقداً‪ ،‬في ظل رواية تبدأ‬ ‫منذ العام عام ‪ ، 2002‬حني بدء العمل حلساب‬ ‫جهاز استخبارات أميركي وزوده مبعلومات عن‬ ‫نشاطات اإلسالميني في الشمال‪.‬‬ ‫في العام ‪ 2005‬انقطع االتصال االميركي‬ ‫مبرعي فأخذ يبحث عن بديل فتواصل مع‬ ‫الدمناركيني‪ ،‬عام الفني وستة عبراإلنترنت‬ ‫فطلبوا منه االنتقال إلى دبي حيث زودهم‬ ‫باسماء بارزة مثل داعي اإلسالم الشهال‪ .‬ومن‬ ‫الدمناركيني إلى فتح االسالم شبكة عنكبوتية‬ ‫في العالقات‪ ،‬اثمرت في الشرارة االولى ملعارك‬ ‫نهر البارد حني كان مطوقا ً من قبل اجليش‬ ‫اللبناني في شقة بشارع املئتني في طرابلس‬ ‫فاتصل مبشغله الدمناركي طالبا ً التوسط‬ ‫لدى اجليش قبل انتقاله الى غرفة في فندق‬ ‫في االشرفية استأجرها له مشغلوه بهدف‬ ‫ابعاده‪.‬‬ ‫ولكن ما عالقة مرعي باغتيال احلريري؟‬ ‫تشير صحيفة االخبار الى ان الضباط‬ ‫األجانب كانوا ينصحون بترك مرعي‪ ،‬وذلك‬ ‫الستثمار معلوماته اال أن اللبنانيني أص ّروا‬ ‫على توقيفه‪.‬‬ ‫منتصف عام ‪ 2008‬اعترف مرعي بامتالكه‬ ‫معلومات عن اغتيال احلريري‪ ،‬فادعى بتو ّرط‬ ‫اللواءين جميل الس ّيد وعلي احلاج بانيا ً‬ ‫افادته على مزاعم بعالقات مع ضباط من‬ ‫االستخبارات السورية حيث ادعى أن أحدهم‬ ‫ك ّلفه مبراقبة منطقة السان جورج صبيحة‬ ‫االغتيال‪.‬‬ ‫وهنا تبدأ الشكوك‪ ،‬فبيانات هاتفه عام‬ ‫الفني وسبعة تشير الى وجوده في املنطقة‬ ‫قبل ارتكاب اجلرمية وبعدها‪ ،‬وعند سؤاله روى‬ ‫روايتني‪ ،‬األولى ادعى فيها إنه كان آتيا ً من‬ ‫منطقة الشمال إلى محله في احلمرا‪ ،‬قبل ان‬ ‫مير في منطقة عني املريسة‪.‬‬ ‫أما في الثانية فقال إن ضابطا ً سورياً‪ ،‬يدعى‬ ‫فارس عصورة‪ ،‬كلفه بالذهاب إلى املنطقة‬ ‫ورصدها‪.‬‬ ‫لكن مفاجأة تبرز عند التدقيق في جواز‬ ‫سفره الذي يحمل ختم مغادرة بنفس تاريخ‬ ‫اجلرمية وختم عودة يوم الثامن عشر من‬ ‫شباط‪ ،‬اما الوجهة فكانت مطار دبي‪ ،‬صدفة‬ ‫ال تقتصر على التاريخ وحسب‪ ،‬بل إلى الرحلة‬ ‫التي استق ّلها مرعي والتي كانت نفسها التي‬ ‫استقلها االستراليون الذين وجد حتت مقعد‬ ‫أحدهم آثار متفجرات‪.‬‬ ‫وعند سؤاله عن سبب سفره إلى اإلمارات‪،‬‬ ‫أجاب مرعي بأن الهدف كان امتام صفقة جتارية‬ ‫اما اللقاء باألوستراليني‪ ،‬فقد «كان محض‬ ‫صدفة»‪.‬‬

‫إعداد وحوار ‪ :‬ليديا أبو ضرغم‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‬

‫شهود الزور انكشفوا وسقطوا قبل خمس سنوات‬ ‫كانت األعصاب مشدودة الى تداعيات‬ ‫حادثة برج أبي حيدر التي اعترف الطرفان‬ ‫املشاركان فيها “حزب اهلل” و”جمعية‬ ‫املشاريع اخليرية اإلسالمية” بأنها فردية‬ ‫ومتّ تطويقها بعد محاولة من أطراف في‬ ‫السلطة الستغاللها ألهداف سياسية‬ ‫متثلت بجولة رئيس احلكومة سعد احلريري‬ ‫على مناطق اإلشتباكات ال سيما ذات‬ ‫الكثافة السنية‪ ،‬وتبنيه اقتراح “بيروت‬ ‫منزوعة السالح”‪ ،‬الى التحريض على‬ ‫سالح “حزب اهلل” وإثارة نزعات مذهبية‬ ‫ومناطقية وفئوية‪ ،‬حيث رأى األمني العام‬ ‫لـ”حزب اهلل” السيد حسن نصراهلل أن‬ ‫هناك من لم يتصرف كرجل دولة‪ ،‬ووضع السكني‬ ‫في اجلرح‪ ،‬وهو كان يقصد تصرفات احلريري‬ ‫الالمسؤولة والتي ال تنم عن أداء رئيس حكومة‬ ‫لكل لبنان ورجل دولة‪ ،‬حيث رد عليه األخير بكالم‬ ‫غير طيب‪ ،‬وكاد يوتر األجواء‪ ،‬لوال نصائح سريعة‬ ‫وصلت للحريري من السعودية وسوريا وأطراف‬ ‫داخلية أبرزها الرئيس نبيه بري والنائب وليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬أن يعود الى اللغة الهادئة‪ ،‬ألن ما حصل‬ ‫في برج أبي حيدر من تراشق بالسالح‪ ،‬ليس‬ ‫مقبوالً‪ ،‬وهو مرفوض من اجلهتني اللتني وقعتا‬ ‫في فخ هذا االشتباك غير املبرر واملسيء‪ ،‬فلماذا‬ ‫محاولة صب زيت على النار بدال ً من املاء‪ ،‬ومن هو‬ ‫املستفيد من تأجيج النار وامتدادها؟‬ ‫عند هذا احلد فهم احلريري أنه أخطأ‪ ،‬وأن من‬ ‫وضعه في هذا املوقف من صقور “تيار املستقبل”‬ ‫وكتلته النيابية وحلفاء له في ‪ 14‬آذار ومعتمدي‬ ‫سفارات‪ ،‬إمنا أرادوا منه أن يكون رأس مواجهة‬ ‫مع احتمال صدور القرار الظني عن املدعي العام‬ ‫للمحكمة الدولية دانيال بيلمار‪ ،‬وقد يتهم‬ ‫عناصر من “حزب اهلل”‪ ،‬وهو مقتنع أن عناصر‬ ‫غير منضبطة نفذوا اجلرمية‪ ،‬وهو أبلغ ذلك الى‬ ‫السيد نصراهلل‪ ،‬الذي رفض هذا االتهام واضطر‬ ‫الى فتح معركة احملكمة من زاوية تسييسها‪،‬‬ ‫وقدم القرائن حول فرضية تورط “إسرائيل” في‬ ‫االغتيال كما أعاد التذكير مبوضوع شهود الزور‪،‬‬ ‫وضرورة أن يقوم القضاء اللبناني مبالحقتهم‪ ،‬إذا‬ ‫سحبت احملكمة يدها منهم‪ ،‬واعتبرت إفاداتهم‬ ‫غير صادقة‪.‬‬ ‫ومعركة شهود الزور كانت قد بدأت منذ‬ ‫ّ‬ ‫الصديق على‬ ‫أطل‬ ‫خمس سنوات منذ أن‬ ‫ّ‬ ‫الضباط اللبنانيني األربعة وهم‪ :‬جميل السيد‪،‬‬ ‫علي احلاج‪ ،‬رميون عازار‪ ،‬ومصطفى حمدان‪ ،‬وروى‬ ‫أنه كان شريكا ً معهم ومع ضباط سوريني في‬ ‫عملية اغتيال احلريري‪ ،‬وكانت إفادته أمام جلنة‬ ‫التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس في‬ ‫أيلول ‪ ،2005‬سببا ً لتوقيف الضباط الذين لم تتم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بالصديق‪ ،‬الذي تبينّ أنه شاهد زور‪،‬‬ ‫مقابلتهم‬ ‫ّ‬ ‫وقد مت استغالله من قبل قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬وتقدميه الى‬ ‫جلنة التحقيق على أنه ضابط مخابرات سوري‪،‬‬ ‫وهو شارك في اإلعداد للجرمية في سوريا ولبنان‬ ‫وحضر اجتماعات أمنية‪.‬‬ ‫الصديق املزورة‪ ،‬وأن‬ ‫شهادة‬ ‫وبعد انكشاف‬ ‫ّ‬ ‫جهات دولية وعربية تقف وراءه‪ ،‬ومتّ إخفاءه‪،‬‬ ‫ورفضت فرنسا برئاسة جاك شيراك تسليمه الى‬ ‫القضاء اللبناني الذي ا ّدعى عليه بتهمة شريك‬ ‫في اغتيال احلريري بسبب إفادته‪ ،‬كما لم تتحرك‬ ‫جلنة التحقيق الدولية لتوقيفه أسوة بالضباط‬ ‫األربعة‪ ،‬حيث ظهر التسييس في التحقيق‪ ،‬وبدأت‬ ‫عملية والدة شهود زور آخرين وأغلبهم يحمل‬ ‫اجلنسية السورية‪ ،‬إللقاء التهمة على سوريا‪ ،‬وأن‬ ‫هؤالء كانوا يعملون مع ضباط أمن سوريني في‬ ‫لبنان ومن أبرزهم هسام هسام‪ ،‬إبراهيم جرجورة‪،‬‬ ‫أكرم شكيب مراد‪ ،‬إضافة الى الفلسطيني احلامل‬ ‫للهوية اإلسرائيلية ويعمل مع “املوساد” عبد‬ ‫الباسط بني عودة‪ ،‬والى آخرين من شهود يقال‬ ‫أن عددهم وصل الى أكثر من ‪ 400‬شاهد‪ ،‬هم من‬ ‫سياسيني وإعالميني وشخصيات منضوية في‬ ‫فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬أدلوا بشهادات حول التهديدات التي‬ ‫تلقاها احلريري من الرئيس السوري بشار األسد‬ ‫إذا لم يقبل التمديد للرئيس إميل حلود‪ ،‬وأنه كان‬ ‫يشعر دائما ً أنه مهدد مع فريقه السياسي من‬ ‫النظام األمني اللبناني ‪ -‬السوري املشترك‪.‬‬ ‫لقد انكشفت قضية شهود الزور بعد أقل من‬ ‫شهر على توقيف الضباط األربعة‪ ،‬وقام اللواء‬ ‫السيد بتسطير مذكرات الى جلنة التحقيق‬ ‫الدولية والقضاء اللبناني‪ ،‬للتحرك باجتاه هؤالء‬ ‫الشهود وطلب مقابلتهم معه ومع زمالئه‬ ‫الضباط‪ ،‬فكان اجلواب من املدعي العام سعيد‬ ‫ميرزا‪ ،‬أن آل احلريري ال يقبلون‪ ،‬وأن ضغوطا ً‬ ‫سياسية متارس عليه وعلى قضاة التحقيق لعدم‬ ‫اإلفراج عن الضباط‪ ،‬الذين حتركت قضيتهم‬ ‫سياسيا ً وشعبيا ً وإعالمياً‪ ،‬وثبت أن توقيفهم‬ ‫هو بقرار سياسي‪ ،‬وليس بحكم قضائي‪ ،‬وهذا ما‬

‫‪20‬‬

‫أدى الى تغيير ميليس واستبداله‬ ‫بسيرج برامرتز الذي استقال‬ ‫بعد أن مارس دورا ً مهنيا ً ووضع‬ ‫افتراضات لعملية االغتيال وجاء‬ ‫مكانه بيلمار ليمارس دور ميليس‪،‬‬ ‫الذي كان دوره توجيه االتهام نحو‬ ‫سوريا وحلفائها في لبنان‪ ،‬فإن‬ ‫األخير أي بيلمار مطلوب منه‬ ‫أميركيا ً أن يوجه االتهام نحو‬ ‫“حزب اهلل” وقد اعترف الرئيس‬ ‫الفرنسي نيكوال ساركوزي بأن‬ ‫قرار احملكمة مس ّيس عندما ّ‬ ‫أكد‬ ‫أنه بيد الواليات املتحدة األميركية‬ ‫وإدارتها ومؤسساتها األمنية‪ ،‬عندما أبلغ العاهل‬ ‫السعودي امللك عبد اهلل‪ ،‬الذي أرسل إليه جنله‬ ‫األمير عبد العزيز ومدير مخابراته األمير مقرن‪،‬‬ ‫لسؤاله حول صدور قرار ظني مس ّيس‪ ،‬قد يفجر‬ ‫الوضع في لبنان‪ ،‬وهو ما سمعه عبد اهلل أثناء‬ ‫القمة الثالثية التي انعقدت في بيروت بحضوره‬ ‫والرئيس السوري بشار األسد والرئيس اللبناني‬ ‫ميشال سليمان‪ ،‬الذين تخوفوا من أن يكون‬ ‫قرار احملكمة الظني‪ ،‬بابا ً لتدخل منه الفتنة الى‬ ‫لبنان‪ ،‬وتؤجج صراع مذهبي يؤدي الى اقتتال‬ ‫سني – شيعي‪ ،‬وأن التجربة مع جلنة التحقيق‬ ‫الدولية‪ ،‬أثبتت أن التحقيق مس ّيس فهو بدأ ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬واآلن يتجه الى “حزب اهلل”‪ ،‬وقد يستخدم‬ ‫سياسيا ً في أي وقت‪.‬‬ ‫هذا التحرك العربي والدولي‪ ،‬رافقته إطالالت‬ ‫إعالمية “تلفزيونية” للسيد نصر اهلل‪ ،‬وتقدميه‬ ‫القرائن واألدلة حول تورط عمالء لـ “إسرائيل”‬ ‫اعتقلوا وأدلوا بإفادات ّ‬ ‫تؤكد أنهم نقلوا متفجرات‬ ‫وشاركوا في اغتياالت‪ ،‬وأن الدور اإلسرائيلي في‬ ‫االغتيال يجب أن ال يغ ّيب‪.‬‬ ‫وقد أدى احلضور اإلعالمي املك ّثف للسيد‬ ‫نصر اهلل الى حتريك قضية شهود الزور في‬ ‫القضاء اللبناني وتكليف مجلس الوزراء‬ ‫وزير العدل ابراهيم جنار متابعة هذا املوضوع‪،‬‬ ‫كما أن بلمار توقف أمام قرائن السيد نصر‬ ‫اهلل بشأن “إسرائيل” وعمالئها‪ ،‬وقال أنه يريد‬ ‫معلومات إضافية‪ ،‬وهو أملح وكأن القرار الظني‬ ‫قد يتأخر‪ ،‬واعترف بوجود تسييس في القضية‪،‬‬ ‫لكنه أشار الى أنه سيستقيل إذا حصل تدخل‬ ‫سياسي‪.‬‬ ‫وأدى تصدي “حزب اهلل” وحلفاؤه‪ ،‬لتسييس‬ ‫احملكمة‪ ،‬والدعوة الى إلغائها‪ ،‬ألنها ال تبحث‬ ‫عن احلقيقة والعدالة‪ ،‬الى حدوث ضجة ليست‬ ‫محلية فقط بل عربية ودولية‪ ،‬بعد أن انكشف‬ ‫أن اغتيال احلريري‪ ،‬كان من ضمن خطة أميركية –‬ ‫إسرائيلية للمنطقة‪ ،‬وقد اعترف النائب جنبالط‪،‬‬


‫أن تطبيق القرار ‪ ،1559‬كان يلزمه حدثا ً كبيرا ً‬ ‫كمقتل احلريري‪ ،‬إلخراج القوات السورية من لبنان‪،‬‬ ‫وهو أق ّر بأن االتهامات التي وجهت الى سوريا‬ ‫كانت سياسية‪ ،‬ولم يخف وجود شهود زور‪.‬‬ ‫لكن من تأخر في االعتراف بوجود شهود الزور‪،‬‬ ‫هو سعد احلريري الذي ناشده اللواء السيد‪ ،‬أن‬ ‫يعمل على كشف من يقف وراءهم‪ ،‬وإذا لم يفعل‬ ‫فيكون شريكا ً في اجلرمية ومقتل والده‪ ،‬حيث لم‬ ‫يتوقف جنل الشهيد أمام كالم املدير السابق‬ ‫لألمن العام والذي قضى أربع سنوات ظلما ً في‬ ‫السجن‪ ،‬واعتبره “هرطقة”‪ ،‬وتعاطى هو وفريقه‬ ‫السياسي واإلعالمي مع “شهود الزور”‪ ،‬وكأنهم‬ ‫حقيقة‪ ،‬ولم يتوقفوا عن استصدار تصريحات‬ ‫ومقابالت باسم شاهد الزور محمد زهير الصديق‪،‬‬ ‫وكان آخرها في الشهرين املاضيني عندما اتهم‬ ‫عناصر من “حزب اهلل” باغتيال احلريري‪ ،‬من خالل‬ ‫حديث جلريدة “السياسة” الكويتية‪ ،‬التي ومنذ‬ ‫األيام األولى الغتيال احلريري جرى اعتمادها لتكون‬ ‫منبرا ً لتزوير احلقائق‪.‬‬ ‫لم يتجاوب احلريري مع قضية شهود الزور‪ ،‬ولم‬ ‫ينطق بأن االتهام لسوريا كان سياسياً‪ ،‬واعتبر أن‬ ‫القضية هي في عهدة األمم املتحدة التي أنشأت‬ ‫احملكمة الدولية‪ ،‬ولم تكن القيادة السورية تريد‬ ‫منه تبرئتها بل عدم تسييسها‪ ،‬وهي تريد أن ال‬ ‫تكون احملكمة مدخالً لهز االستقرار في لبنان بل‬

‫هي حريصة على احلفاظ على وحدته‪،‬‬ ‫وقد ساهمت بعد املصاحلة التي‬ ‫حصلت بني الرئيس األسد وامللك عبد‬ ‫اهلل‪ ،‬على تثبيت السلم األهلي ومنع‬ ‫وقوع فتنة مذهبية‪.‬‬ ‫وبعد عام على ترؤسه احلكومة‪،‬‬ ‫وانتقال حليفه جنبالط الى موقع‬ ‫التحالف مع سوريا واملقاومة‪ ،‬ومع‬ ‫سقوط املشروع األميركي في املنطقة‪،‬‬ ‫بد للحريري أن يعيد قراءة املرحلة اجلديدة‪،‬‬ ‫كان ال ّ‬ ‫ولو متأخراً‪ ،‬وهو كان أعطى لنفسه وقتاً‪ ،‬وكان‬ ‫يقول للقيادة السورية‪ ،‬أنه سيكون له كالم في‬ ‫الوقت املناسب‪ ،‬كما أنه طلب من جنبالط أن‬ ‫ال يضغط عليه كثيرا ً للخروج من ‪ 14‬آذار‪ ،‬فهو‬ ‫لديه جمهوره ويعمل على إخراجه من املرحلة‬ ‫السابقة‪ ،‬فكانت زيارته الى سوريا املرحلة األولى‪،‬‬ ‫وموضوع احملكمة التي يتمسك بها ستكون‬ ‫املرحلة الثانية من خالل كشف شهود الزور‪،‬‬ ‫الذين اعترف احلريري في حديثه “للشرق األوسط”‪،‬‬ ‫أنهم أساؤوا للعائلة‪ ،‬كما للعالقات اللبنانية –‬ ‫السورية‪ ،‬وهو حديث جاء في توقيت كان ملفتاً‪،‬‬ ‫إذ القى السيد نصر اهلل حول هذا املوضوع‪ ،‬مما‬ ‫يعني أن القرار الظني الذي سيستهدف “حزب‬ ‫اهلل”‪ ،‬سيالقي رفضا ً داخليا ً لبنانياً‪ ،‬ألنه مبني‬ ‫على التسييس باعتراف من احلريري وتفهم عربي‬

‫ودولي‪.‬‬ ‫لقد فتح حديث احلريري حول قضية اغتيال‬ ‫والده والتسييس الذي حلق بها‪ ،‬مما أ ّثر سلبا ً‬ ‫على العالقة اللبنانية – السورية وعلى تضليل‬ ‫التحقيق‪ ،‬وهو باملعنى السياسي‪ ،‬ق ّرر أن يفتح‬ ‫صفحة جديدة إيجابية في عالقاته الداخلية مع‬ ‫“حزب اهلل” واخلارجية مع سوريا‪ ،‬وهو تأسيس‬ ‫ملرحلة سياسية جديدة‪ ،‬كان بدأها جنبالط‬ ‫والتحق بها احلريري‪ ،‬الذي سيضطر الى أن يدخل‬ ‫في حتالف جديد‪ ،‬هو غير الذي كان قائما ً بعد‬ ‫العام ‪ ،2005‬حيث كان املشروع األميركي يتقدم‬ ‫في املنطقة‪ ،‬بعد احتالل العراق‪ ،‬وهو يتراجع مع‬ ‫االنسحاب منه‪ ،‬وبالتالي فإن خارطة جديدة بدأت‬ ‫ترسم للمنطقة خارج ما رسمته أميركا‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫سامي الجميل ّ‬ ‫منظر مشروع «لبناننا»‬ ‫استحضر تاريخ العالقة بين الكتائب و «إسرائيل»‬ ‫لم يعلن النائب سامي اجلميل جديداً‪ ،‬عندما‬ ‫اعترف ّ‬ ‫وذكر بالعالقة مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬ألن‬ ‫حزب الكتائب الذي أسسه جده بيار اجلميل األول‪،‬‬ ‫أقام هذه العالقة منذ اخلمسينات‪ ،‬وقد وردت‬ ‫في أكثر من تقرير إسرائيلي‪ ،‬ومذكرات لقادة‬ ‫صهاينة‪ ،‬وفي كتب كشفت عن هذه العالقة‬ ‫القدمية‪ ،‬ولقد كشف موشي شاريت في كتابه‬ ‫عن عالقة “إسرائيل” كدولة بالكتائب‪ ،‬وأن الياس‬ ‫ريابي العضو في املكتب السياسي الكتائبي‬ ‫كان مكلفا ً بها منذ مطلع اخلمسينات لتصبح‬ ‫عالنية في السبعينات والثمانينات‪.‬‬ ‫فاجلميل اإلبن‪ ،‬الذي يحاول تقمص شخصية‬ ‫عمه بشير اجلميل والسير على نهجه املتطرف‪،‬‬ ‫لم يخجل من العالقة الكتائبية – اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وب ّررها باخلطر الذي كان يتهدد حزب الكتائب‬ ‫وأتباعه‪ ،‬وقد فشل فلجأ الى “الشيطان” وهو‬ ‫«إسرائيل» كما قال اجلميل الستقدام السالح‬ ‫واملال‪ ،‬للحفاظ على املدن والقرى املسيحية‪ ،‬التي‬ ‫كانت تتساقط أمام القوى الوطنية اللبنانية‬

‫والفلسطينية‪ ،‬التي حتركت عسكريا ً كرد فعل‬ ‫على اجملازر وعمليات التهجير الذي كانت تقوم‬ ‫به ميليشيا الكتائب مع حلفائها من الوطنيني‬ ‫األحرار و”حراس األرز” و”التنظيم” الذين رفعوا‬ ‫شعارات بقتل الفلسطينيني واجتثاثهم من‬ ‫“املناطق الشرقية”‪ ،‬مع حلفائهم من األحزاب‬

‫‪21‬‬

‫الوطنية والتقدمية‪ ،‬وبدأت عمليات خطف وقتل‬ ‫وتطهير للمناطق التي سيطرت عليها األحزاب‬ ‫اإلنعزالية عسكرياً‪ ،‬في الكرنتينا واملسلخ‬ ‫والنبعة وحارة الغوارنة واخمليمات الفلسطينية‬ ‫في ضبية وتل الزعتر وجسر الباشا‪ ،‬وكان مقابل‬ ‫كل حصار خمليم وإسقاطه‪ ،‬تقوم ردة الفعل ضد‬ ‫مناطق أخرى مثل الدامور والقاع الخ‪...‬‬ ‫فحزب الكتائب بدأ التدريب والتسليح كرد على‬ ‫ظهور الكفاح املسلح الفلسطيني بعد هزمية‬ ‫األنظمة العربية في حرب حزيران ‪ ،1967‬ولم يكن‬ ‫السالح الفلسطيني الذي ظهر في لبنان كما‬ ‫في األردن ودول أخرى‪ ،‬إال ملواجهة “إسرائيل” بعد أن‬ ‫خسر الفلسطينيون كامل أرضهم‪ ،‬بعد احتالل‬ ‫الضفة الغربية وغزة‪ ،‬وهم لم يشهروا السالح‪،‬‬ ‫ضد املسيحيني في لبنان‪ ،‬كما زعم حزب الكتائب‪،‬‬ ‫ولم يكن حملاربة توطني الفلسطينيني‪ ،‬الذي هو‬ ‫مشروع إسرائيلي‪ ،‬يرفضه الفلسطينيون الذين‬ ‫يتمسكون بحق العودة كما أقرته لهم األمم املتحدة‬ ‫في القرار ‪ ،194‬وبدال ً من أن يساند حزب الكتائب‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫وحلفاؤه الفلسطينيني على حق العودة واسترداد‬ ‫أرضهم‪ ،‬فرفعوا شعار محاربة التوطني‪ ،‬وش ّرعوا‬ ‫لنفسهم حمل السالح‪ ،‬ملقاتلة ليس “إسرائيل”‬ ‫صاحبة مشروع التوطني‪ ،‬بل قتل الذين يرفضون‬ ‫التوطني‪ ،‬ويريدون أرضهم‪ ،‬وبذلك ساندوا “إسرائيل”‬ ‫في مشروعها‪ ،‬جلهة فتح معارك عسكرية ضد َمن‬ ‫امتشق السالح للعودة الى فلسطني عبر احلدود‬ ‫اجملاورة لفلسطني‪ ،‬بعد أن سقطت كلها في يد‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وانتظر الفلسطينيون األنظمة العربية‪،‬‬ ‫لتعيد لهم ما احتل في العام ‪ ،1948‬فإذا بها تخسر‬ ‫ما تبقى من فلسطني في الضفة الغربية التي‬ ‫كانت حتت سلطة النظام األردني‪ ،‬وغزة التي كانت‬ ‫حتت إدارة النظام املصري‪.‬‬ ‫فالنغمة الكتائبية بأنها حملت السالح لرفض‬ ‫التوطني لم تكن صحيحة‪ ،‬ألن ما حصل كان‬ ‫تدمير اخمليمات الفلسطينية‪ ،‬وتنظيف املناطق‬ ‫ذات الكثافة املسيحية من الوجود الفلسطيني‬ ‫خدمة ملشروع تقسيم لبنان‪ ،‬وهو الشعار الذي‬ ‫رفعه بشير اجلميل حول “الدويلة املسيحية” بني‬ ‫جسري كفرشيما واملدفون‪ ،‬وهو ما حصل‪ ،‬إذ متّ‬ ‫طرد ليس الفلسطينيني من هذه املناطق‪ ،‬بل‬ ‫كل املسلمني واملسيحيني الوطنيني الرافضني‬ ‫للمشروع اإلنعزالي واملتمسكني بوحدة لبنان‪.‬‬ ‫فالتقسيم هو الذي قاتلت من أجله الكتائب‪،‬‬ ‫وهو مشروع استعماري وإسرائيلي‪ ،‬بدأ مع‬ ‫اتفاقية سايس – بيكو عام ‪ ،1916‬ليفتح الباب‬ ‫أمام وعد بلفور البريطاني عام ‪ ،1917‬لقيام دولة‬ ‫إسرائيلية‪ ،‬وكان تفتيت املنطقة الى دويالت‬ ‫طائفية‪ ،‬تبريرا ً إلنشاء الكيان الصهيوني‪ ،‬وقد‬ ‫ُوعد املسيحيون في لبنان‪ ،‬بدولة في جبل لبنان‬ ‫ومتّ تعديلها الى لبنان الكبير مع اجلنرال غورو في‬ ‫العام ‪ ،1920‬وقد أعطيت لهم بعد ضم األقضية‬ ‫األربعة إليها‪ ،‬حيث ووجهت برفض من الوطنيني‬ ‫اللبنانيني والوحدويني‪ ،‬الذين تصدوا ملشاريع‬ ‫التقسيم االستعمارية الفرنسية – البريطانية‪.‬‬ ‫فحزب الكتائب استعاد مشروع التقسيم في‬ ‫مطلع السبعينات‪ ،‬وقد ع ّبر بشير اجلميل عنه‪،‬‬ ‫عندما أكد على دفن الصيغة التي قام عليها لبنان‬ ‫في العام ‪ ،1943‬حتت ما سمي العيش املشترك‬ ‫اإلسالمي – املسيحي‪ ،‬وقد سانده في مشروعه‬ ‫منظرون للتعددية احلضارية‪ ،‬كما أصدرت “اجلبهة‬ ‫اللبنانية” وثائق تدعو الى قيام “لبنان املسيحي”‬ ‫وصدرت منشورات عن بعض الرهبانيات املارونية‪،‬‬ ‫تدعو الى “الدولة املسيحية” بسبب وجود حضارتني‬ ‫في لبنان‪ ،‬وال ميكن للشعب اللبناني أن يتوحد‪.‬‬ ‫هذا الفكر التقسيمي إلقامة “كانتون‬ ‫مسيحي” ما زال يراود سامي اجلميل‪ ،‬الذي أسس‬ ‫تنظيما ً سياسيا ً سماه “لبناننا”‪ ،‬يدعو الى نسف‬ ‫الصيغة احلالية للنظام القائم‪ ،‬وإقامة فدرالية‬ ‫بني “الكيانات اللبنانية” إذا كان البعض يريد‬ ‫التعايش بني الطوائف‪ ،‬ولكن بصيغة الالمركزية‬ ‫السياسية‪ ،‬وهو فكر انعزالي تقسيمي‪ ،‬ال‬ ‫ينسجم مع الدستور اللبناني‪ ،‬الذي يؤكد على‬ ‫أن لبنان وطن نهائي جلميع اللبنانيني بحدوده‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫احلالية‪ ،‬وبرفض التقسيم والتوطني‪.‬‬ ‫فاستحضار سامي اجلميل للتاريخ‪ ،‬واالعتراف‬ ‫بالتعامل مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬لم يأت من‬ ‫فراغ‪ ،‬ألنه يؤمن مبشروع يقوم على “الفدرالية”‬ ‫وهو يالقي الدولة العنصرية اليهودية الدينية‪،‬‬ ‫ويتوافق مع املشاريع األميركية لتفتيت املنطقة‬ ‫كما حصل بعد االحتالل األميركي للعراق‪ ،‬وأن‬ ‫مثل هذا املشروع لم يكن ليقوم أيام بشير‬ ‫اجلميل لوال الدعم اإلسرائيلي الذي أق ّر به سامي‪،‬‬ ‫ولم يقل إنه كان خيارا ً خاطئا ً بل ّ‬ ‫أكد وبافتخار‬ ‫إذا ما تكررت ظروف التعامل مع “إسرائيل”‪ ،‬فقد‬ ‫يحصل‪ ،‬وهو ما توقف عنده املراقبون السياسيون‬ ‫وسألوا اجلميل اإلبن‪ ،‬هل يروج للتعامل مع‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬في الوقت الذي تعتقل األجهزة‬ ‫األمنية اللبنانية وتفكك شبكات العمالة‬ ‫للعدو اإلسرائيلي‪ ،‬وقد بلغ عدد العمالء حوالي‬ ‫‪ 150‬شخصاً‪ ،‬ورفعت شكوى بسببهم بحق‬ ‫“إسرائيل” الى األمم املتحدة‪ ،‬في تخريب لبنان‪ ،‬من‬ ‫خالل عمليات اغتيال وتفجير وإعطاء معلومات‬ ‫للعدو التي استخدمها في حروبه ضد اللبنانيني‬ ‫ودمر مؤسسات‬ ‫وقتل منهم وجرح عشرات اآلالف‪ّ ،‬‬ ‫لبنان ومرافقه ومرافئه ومدنه وقراه‪.‬‬ ‫وانتظر اللبنانيون من سامي اجلميل‪ ،‬أن يقدم‬ ‫قراءة سلبية عن تلك املرحلة من تاريخ لبنان‬ ‫األسود‪ ،‬الذي لم يؤد التعامل مع الشيطان‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬الى حماية املسيحيني‪ ،‬بل تهجيرهم‬ ‫من لبنان وفق املشروع اإلسرائيلي واألميركي‪،‬‬ ‫وهو ما حصل ليس للمسيحيني اللبنانيني بل‬ ‫للفلسطينيني منهم في ظل االحتالل اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫وأيضا ً للعراقيني في ظل االحتالل العراقي‪.‬‬ ‫فاحلماية للمسيحيني التي كانت املبرر‬ ‫للتعامل مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬كما قال سامي‬ ‫اجلميل‪ ،‬يكشف عن أن حزب الكتائب يستند‬ ‫الى الدعم اخلارجي وكان بذلك يلعب على‬ ‫عامل اخلوف الطائفي لتبرير تعامله‪ ،‬حيث يقول‬ ‫خصومه‪ ،‬أن تأسيسه كان بقرار فرنسي‪ ،‬في‬ ‫مواجهة أحزاب قومية ووطنية‪ ،‬نشأت في تلك‬ ‫املرحلة ملقاومة االستعمار الفرنسي الذي كان‬ ‫مسيطرا ً على لبنان وسوريا‪ ،‬وأن االستقواء في‬ ‫اخلارج‪ ،‬كان دائما ً شعار الفريق اإلنعزالي والكتائب‬ ‫في طليعته‪ ،‬وهو ما حصل في العام ‪ 1958‬عندما‬ ‫متّ استدعاء األساطيل األميركية حلماية الرئيس‬ ‫كميل شمعون الذي انخرط في املشروع األميركي‬ ‫آنذاك والذي سمي مبشروع إيزنهاور للشرق‬

‫‪22‬‬

‫األوسط وقام من رحمه حلف بغداد‪ ،‬وهو يشبه‬ ‫مشروع الرئيس األميركي السابق جورج بوش‬ ‫“للشرق األوسط اجلديد”‪ ،‬الذي بدأ مع احلرب على‬ ‫العراق وأفغانستان‪ ،‬وانخرط فيه فريق ما يسمى‬ ‫“ثورة األرز”‪ ،‬والذي أسقطته املقاومة اإلسالمية‬ ‫واملعارضة الوطنية‪ ،‬والرفض السوري له‪ ،‬كما‬ ‫أسقط الرئيس جمال عبد الناصر الوحدوي‪،‬‬ ‫مشروع إيزنهاور‪ ،‬وكذلك أسقطت املقاومة‬ ‫الوطنية اللبنانية وجبهة اخلالص الوطني‪ ،‬بدعم‬ ‫من سوريا‪ ،‬اتفاق ‪ 17‬أيار‪ ،‬في عهد الرئيس أمني‬ ‫اجلميل‪ ،‬الذي جاء هو وشقيقه بشير الى رئاسة‬ ‫اجلمهورية في ظل االحتالل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فأمام هذا السقوط للمشاريع األميركية‬ ‫واإلسرائيلية للبنان‪ ،‬والتي كان آخرها مشروع‬ ‫بوش فإن اجلميل استعاد مرحلة االستعانة بالعدو‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وهذا أمر كان مستغرباً‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أن اجلميل حاول تفسير ما قاله‪ ،‬بإنه حتدث عن‬ ‫تلك املرحلة‪ ،‬لكن املآخذ عليه‪ ،‬أنه لم ينتقد هذه‬ ‫املرحلة‪ ،‬ولم يقل أنها كانت مأساوية على لبنان‬ ‫عموما ً واملسيحيني خصوصاً‪ ،‬ولم يندم عليها‪ ،‬وهو‬ ‫ما أخرج املواقف املعارضة ضده‪ ،‬التي نبهته الى أنه‬ ‫لم يكن موفقا ً في ما قاله‪ ،‬وعليه أن يتراجع عن‬ ‫تصريحه‪ ،‬ويقوم بنقد ذاتي‪ ،‬الذي سبقه إليه رفاق‬ ‫له في حزب الكتائب من أمثال املرحوم جورج سعادة‬ ‫وكرمي بقرادوني وميشال سماحة وإيلي حبيقة‬ ‫وآخرين‪ ،‬الذين انقلبوا على املرحلة اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫واعتبروها صفحة سوداء ليس في تاريخ الكتائب‬ ‫و”القوات اللبنانية” التي ُولدت من رحمها‪ ،‬بل في‬ ‫تاريخ لبنان‪ ،‬وقاموا بقراءة لتلك املرحلة‪ ،‬وتوصلوا‬ ‫الى وضع حزب الكتائب خارج املشروع اإلسرائيلي‬ ‫واألميركي‪ ،‬ومتّ تقدميه حزب حوار وانفتاح واعتراف‬ ‫باآلخر‪ ،‬وتأكيد على عروبة لبنان وعالقاته املميزة مع‬ ‫سوريا‪ ،‬والتشبث باتفاق الطائف الذي أرسى وحدة‬ ‫لبنان ورفض التقسيم ومواجهة التوطني‪.‬‬ ‫إالّ أن هذا اخلط الكتائبي املنفتح‪ ،‬أطيح به‪ ،‬مع‬ ‫تقدم املشروع األميركي في املنطقة‪ ،‬واستعاد‬ ‫آل اجلميل حزب العائلة فترأسه أمني‪ ،‬ومتّ تعيني‬ ‫سامي منسق اللجنة املركزية‪ ،‬وهو عاد الى‬ ‫احلزب بعد اغتيال شقيقه النائب بيار‪ ،‬وأبعد كل‬ ‫اخلط الكتائبي املنفتح‪ ،‬وأمسك باحلزب وث ّبت‬ ‫فيه التوجه اإلنعزالي وأخذه الى الفكر الفدرالي‬ ‫الذي يؤمن به‪ ،‬ويعمل له‪ ،‬وهو بدأ يتناقض مع‬ ‫بعض أعضاء املكتب السياسي الذين يرفضون‬ ‫هذا النهج‪ ،‬الذي يسير به سامي ويقدم خطابا ً‬ ‫متطرفا ً إلعادة اإلمساك بالشارع املسيحي‬ ‫وإعادة حزب الكتائب الى املوقع السابق‪ ،‬وهو‬ ‫االستعانة باخلارج‪ ،‬الذي هو الشيطان ودائما ً‬ ‫في ذهن اللبنانيني هي “إسرائيل” عند الكتائب‪،‬‬ ‫استنادا ً الى وقائع حصلت‪ ،‬برز فيها التحالف‬ ‫الكتائبي – اإلسرائيلي‪ ،‬و الذي متثل في االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي للبنان مبشاركة كتائبية علنية‪.‬‬

‫انطوان خير اهلل‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب أمام وفود شعبية زارته في دارته في الجاهلية ‪:‬‬

‫من يعتقد أن المحكمة الدولية أهم من البلد‬ ‫فليحملها ويرحل من لبنان‬

‫وهاب مستقبالً وفدا ً من آل عيد من بشامون‬

‫رئيس بلدية رويسة البلوط ورئيس النادي يقدمان درع تقدير لوهاب‬

‫كعادته أسبوعياً‪ ،‬يستقبل رئيس “تيار يختار بني احملكمة ولبنان‪ .‬لبنان أهم منها‬ ‫التوحيد” في دارته في اجلاهلية‪ ،‬وفودا ً واهم من الذي أنشئت احملكمة من أجله‪،‬‬ ‫باق ونحن كأشخاص سنزول ومن‬ ‫شعبية من مختلف املناطق ملراجعته لبنان ٍ‬ ‫في قضايا تهم مناطقهم‪ ،‬وملساعدتهم يعتقد أن احملكمة الدولية أهم من لبنان‬ ‫خدماتيا ً واجتماعياً‪ ،‬وتقدمي العون ملن فليحملها ويرحل من لبنان‪ .‬إنها محكمة‬ ‫يحتاجها من املواطنني الرازحني في البطالة مزورة‪ ،‬ساقطة وإسرائيلية ولن تستطيع أن‬ ‫والفقر والعوز‪ ،‬بعد أن تركهم ممثليهم تنفذ قراراتها‪ ،‬وهي مزورة وسنتعاطى معها‬ ‫وزعمائهم أمام مشاكلهم املعيشية على هذا األساس»‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬يكثر احلديث في البلد عن‬ ‫واحلياتية واالجتماعية‪ ،‬فقد استقبل‬ ‫وهاب وفودا ً شعبية من قرى وبلدات رويسة محاولة انقالبية‪ ،‬واملؤسف في الكالم أنه‬ ‫البلوط‪ ،‬شارون‪ ،‬كفرحيم‪ ،‬بعقلني‪ ،‬بشامون‪ ،‬مضحك مبكي عندما يصدر عن الذين‬ ‫كفرفاقود‪ ،‬قبرشمون‪ ،‬ومزرعة الشوف‪ ،‬زارته قاموا باالنقالب منذ خمس سنوات وهم‬ ‫في دارته في اجلاهلية‪ ،‬وتوجه إليهم قائالً‪ :‬الذين انقلبوا على الدستور واألمن والقضاء‬ ‫سخر الدولة‬ ‫“ينطبق على رئيس احلكومة سعد احلريري وعلى كل املؤسسات‪ ،‬وهم من ّ‬ ‫املثل القائل “مارتا مارتا تتحركني جيدا ً ملصاحلهم وز ّوروا احلقائق واستخدموا‬ ‫لكن املطلوب واحد”‪ ،‬ومبا أنه يقوم بكثير القضاء وأهانوا الناس وكراماتها‪ ،‬واستعانوا‬ ‫من األمور‪ ،‬املطلوب منه موجود في الداخل بالقضاء واألجهزة األمنية وكل أركان‬ ‫وليس في أيدي أي عاصمة من التي يزورها الدولة‪ .‬واليوم ما نقوم به نحن هو محاولة‬ ‫بل في لبنان‪ ،‬وأن ال نستقوي على أي فريق وقف هذا االنقالب‪ ،‬وسيتوقف وانتهى كل‬ ‫لبناني بفريق خارجي في مجلس األمن عملهم وعليهم أن يعلموا ماذا فعلوا وماذا‬ ‫واألمم املتحدة‪ ،‬أو بقرار ظني أو غيره‪ ،‬واجلميع اقترفت أيديهم”‪.‬‬ ‫وتابع “مهما جتبروا وبلغت قوة أصواتهم‬ ‫يؤمن أن احملكمة الدولية هي سبب نكباتنا‬ ‫وسبب خراب لبنان‪ ،‬وال أحد من اللبنانيني سينتهي انقالبهم وعليهم أن يعلموا أن‬

‫‪23‬‬

‫مفاعيل انقالبهم قد انتهت‪ ،‬ومن أتى مع‬ ‫األميركيني بعد غزوهم العراق انتهت مفاعيل‬ ‫انقالبهم‪ ،‬ومن أتى السلطة مبعاونة األميركي‬ ‫وبالقوة عليه أن يترك السلطة ولن يستعمل‬ ‫أحد القوة بوجههم‪ ،‬لكن القوة تستعمل‬ ‫بوجه من ينفذ مؤامرة خارجية وعلى هؤالء‬ ‫أن يدركوا أن كل مفاعيل انقالب العام ‪2005‬‬ ‫قد انتهت»‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول‪“ :‬الغريب أن البعض‬ ‫ما زال يصر على استخدام الدولة وهذا‬ ‫ما سنمنعه‪ ،‬ومن يتحدث عن انقالب على‬ ‫األبواب عليه أن يعرف أن انقالبه حدث من‬ ‫داخل البيت الواحد‪ ،‬واستعمال األجهزة‬ ‫القضائية منذ السنوات اخلمس املاضية‬ ‫قد انتهى إلى غير رجعة‪ ،‬ومن سيستعمل‬ ‫هذه األجهزة ضد فريق لبناني أو فريق‬ ‫سياسي حتما ً سنمنعه وإذا كان هذا‬ ‫انقالب فليفسروه كما يشاؤون‪ ،‬وإذا كان‬ ‫منع الفتنة انقالب فليفسروه كما يريدون‪،‬‬ ‫وتعزيز دور الدولة والصالحيات الدستورية‬ ‫ال يكون عبر الفتنة وال يكون عبر استخدام‬ ‫دماء الناس لقضايا صغيرة كما فعلوا هم‬ ‫طيلة الفترة املاضية»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬ ‫شارك مع اآلالف من دروز فلسطين وسوريا ولبنان واألردن في زيارة مقام النبي هابيل‬

‫وهاب‪ :‬سوريا اليوم تحاصر‬ ‫كل من حاول محاصرتها سابقاً‬

‫جرمانا تفتح دائما ً أبوابها‪ ،‬وصدور أبنائها‬ ‫وقلوبهم الستقبال رئيس “تيار التوحيد” وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬هو في استقباله مع وفد من أبناء طائفة‬ ‫املوحدين‪ ،‬ق ِدم من فلسطني واجلوالن احملتل ولبنان‬ ‫واألردن‪ ،‬وضم آالف من املشايخ‪ ،‬جاؤوا لزيارة مقام‬ ‫النبي هابيل‪ ،‬حيث كان االستقبال حاشداً‪ ،‬ومميزا ً‬ ‫لوهاب الذي زارها برفقة املرجع الروحي لطائفة‬ ‫املوحدين الدروز الشيخ أبو علي سليمان أبوذياب‬ ‫وخاطب املشاركني قائالً‪:‬‬

‫وهاب‬ ‫سالم للشهيد األول الذي يجمعنا كل عام‬ ‫على هذه األرض املباركة‪ ،‬سالم عليك أيها النبي‬ ‫اخمللص‪ ،‬ملن افتدى اإلنسانية جمعاء‪ ،‬يوم قتله‬ ‫التنني قابيل‪.‬‬ ‫سالم على أهل اخلير والتقوى‪ ،‬أهل اإلميان‬ ‫والوفاء‪ ،‬أهل الوحدة وامل ّوحدين واملوحدين‪ ،‬سالم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على أهل هابيل وأهل املسيح‪ ،‬وأهل األقصى‪ ،‬سالم‬ ‫على الذي ذبح‪ ،‬وسالم على الذي صلب‪ ،‬وعلى كل‬ ‫املرسلني وآل البيت أجمعني‪ ،‬على شهداء تاريخنا‬ ‫األغر‪ ،‬شهداء األمة‪ ،‬من أجل لبنان وفلسطني‬ ‫وسوريا والعراق‪ ،‬وسالم لشمس املقاومة التي‬ ‫استعادت شرف األمة وعزتها وسيادتها‪ ،‬ولنسر‬ ‫بالد الشام‪ ،‬أسد العهود وحامي الوجود‪...‬‬ ‫سالم مليسلون وبيسان وغزة وبالد الرافدين‪،‬‬ ‫للجوالن العربي الرابض في قلب املواجهة‬ ‫والصمود‪ ،‬للنبي شعيب‪ ،‬ألرض الزيتون ومدينة‬ ‫السالم‪ ،‬لكل املروج واحلقول والتالل‪ ،‬لرائحة التراب‬ ‫املنبعثة من أرض جوالننا احلبيب‪ ،‬والتي تعبق بها‬ ‫ثيابكم وعمائمكم‪ ،‬للمناديل امللوحة من البعيد‪،‬‬ ‫لنجوى اللقاء‪ ،‬والعودة للوطن‪ ،‬ليوم التحرير اآلتي‬ ‫بالوعد الصادق‪ ،‬والعهد املمانع‪ ،‬لفرسان صناع‬ ‫االنتصارات‪ ،‬لقادة إدارة وقيادة االنتصارات‪.‬‬ ‫هو سالم من لبنان املقاوم‪ ،‬من لبنان القوي‪،‬‬ ‫بجيشه وشعبه ومقاومته‪ ،‬من جبل املقاومني‬ ‫لالجتياح اإلسرائيلي عام ‪ ،1982‬وكل أدواته‬

‫‪24‬‬

‫املأجورين‪ ،‬من إخوتكم في االنتماء للعروبة‪،‬‬ ‫للذين توحدوا حول القرار القومي عبر البوابة‬ ‫الدمشقية‪ ،‬للذين يفخرون بتاريخهم ماضيا ً‬ ‫وحاضرا ً ومستقبالً‪ ،‬تاريخ سلمان واملقداد وعمار‬ ‫وأبا ذر الغفاري‪ ،‬تاريخ حطني وجبل العرب‪ ،‬تاريخ‬ ‫املقاومة وحترير اجلنوب‪ ،‬والساعة اآلتية والتي ال ريب‬ ‫فيها‪ ،‬الستعادة كل شبر من أرضنا املغتصبة‪...‬‬ ‫وسالم نصنعه بأيدينا‪ ،‬وليس عبر مفاوضات‬ ‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬فال شرم الشيخ‬ ‫يستهوينا للسياحة والشهوات‪ ،‬وال بيت نتنياهو‬ ‫يأخذنا للكفر وامللذات‪ ،‬فقابيل يسكن هناك‪،‬‬ ‫يقتل أخيه‪ ،‬يحاصر أخيه‪ ،‬يحرم أخيه‪ ،‬يتاجر‬ ‫بأخيه‪ ،‬ألم يباع السيد املسيح بثالثني من‬ ‫الفضة؟ ألم يقطع رأس يوحنا املعمدان على يد‬ ‫من طلبت رأسه؟ ألم تؤخذ فلسطني على يد جتار‬ ‫األنظمة والزبائنية املرتزقة؟‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬إن التاريخ يستمر في صراع لن‬ ‫يتوقف حتى إحقاق احلق وإزهاق الباطل‪ ،‬فالوعد‬ ‫منتظر‪ ،‬وطالئع االنتصارات بدأت‪ ،‬وإذا كان للباطل‬


‫عضو فرع ريف دمشق كميل حامد‬

‫وهاب يلقي كلمته‬ ‫ساعة فجولة احلق حتى قيام الساعة‪...‬‬ ‫وسيبقى عهدنا عهد األسود والسالطني‬ ‫والنسور واألسياد‪ ،‬للذود عن ديننا وأرضنا وعرضنا‪،‬‬ ‫في وجه كل الغزاة والطامعني‪ ،‬وإن غدا لناظره‬ ‫قريب‪.‬‬ ‫وقد حتدث في االحتفال كل من الشيخ عبد‬ ‫اللطيف باسم أهالي جرمانا‪ ،‬األب منير أبو‬ ‫عيسى‪ ،‬وشيخ عقل طائفة املوحدين الدروز في‬ ‫سوريا الشيخ حمود احلناوي كما حتدث باسم‬ ‫مشايخ اجلوالن الشيخ سعيد الشعالن‪ ،‬وكميل‬ ‫حامد باسم حزب البعث في ريف دمشق‪ ،‬في ما‬ ‫يلي نص الكلمات‪:‬‬

‫الشيخ احلناوي‬ ‫أهالً بكم يا أهلنا في وطنكم‪ ،‬يا من تدافعون‬ ‫عن احلق والكرامة‪ ،‬ونحن ال يخيفنا االعتداء‬ ‫أو احلرب وموقفنا هو موقف الدفاع عن احلق‬ ‫والكرامة‪ ،‬وبحكمة القائد الدكتور بشار األسد‪.‬‬ ‫نرحب بكم ونتمنى لكم زيارة مباركة وموفقة‬ ‫والشكر لكل من سعى‪ ،‬وساهم بتحقيق‬ ‫هذا اللقاء كونه يجمع بني أبناء الوطن املوحد‪،‬‬ ‫ونسأله العلي القدير أن يسدد خطى سعاة اخلير‬ ‫وخاص ًة القيادة السورية رئاس ًة وحكوم ًة وشعباً‪،‬‬ ‫ووفق اهلل كل السعاة إلى اجلهاد والتحرير حتت‬ ‫راية الوحدة الوطنية‪ ،‬ورعاية رئيسنا للضيوف‬ ‫الكرام من الوطن احملتل‪ ،‬ومن القطر اللبناني وكل‬ ‫األقطار العربية الشقيقة‪ ،‬ونسأل اهلل أن يوفق‬ ‫خطانا جميعا ً ملا فيه خير وطننا العربي‪.‬‬

‫الشيخ شعالن‬ ‫الشيخ سعد الشعالن حتدث باسم مشايخ‬ ‫اجلوالن العربي احملتل‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫لكم أجمل التحية من جوالننا العربي احملتل‪،‬‬ ‫ناقلني إليكم حتية التوحيد واإلميان‪ ،‬حتية البقاء‬ ‫والصمود‪ ،‬حتية العروبة إلى الشعب العربي‬ ‫السوري عامة‪ ،‬والى قيادتها احلكيمة خاص ًة‬ ‫وعلى رأسها سيادة القائد الدكتور بشار األسد‪.‬‬ ‫إن أهلنا في اجلوالن يعانقون أهلنا في القطر‬ ‫العربي السوري البطل‪ ،‬وهم متمسكون‬ ‫بالثوابت الوطنية والقومية ومناقبنا‬

‫الشيخ احلناوي‬

‫الشيخ كرباج‬

‫املعروفية التي نرضى عنها بديل‪ ،‬إن بالدنا سوريا‬ ‫احلبيبة مقدس ٌة برمزها وذاتها‪ ،‬وبهية برجالها‬ ‫الذين صنعوا التاريخ املشرف وسطروا أروع‬ ‫املالحم كما سطرها القائد اخلالد حافظ األسد‬ ‫واجملاهد الكبير سلطان باشا األطرش‪.‬‬ ‫إن فرحتنا بكم كبيرة‪ ،‬وتزداد وتكتمل عندما‬ ‫يعود اجلزء إلى الكل ويتحرر بقية الوطن‪ ،‬ويزول‬ ‫االحتالل‪ ،‬وذلك عندما سيرفع القائد األسد علم‬ ‫سوريا فوق هضاب اجلوالن احلبيب‪ .‬نتوجه إليكم‬ ‫مهنئني مبناسبة حلول عيد الفطر املبارك‪ ،‬آملني‬ ‫من العلي القدير أن يعيده علينا باخلير والبركات‪.‬‬ ‫وأخيرا ً فإن اللسان يعجز عن تقدمي الشكر‬ ‫واالمتنان لكم لعموم احلاضرين الكرام خصوصا ً‬ ‫أهالي جرمانا على كرم الضيافة وحسن‬ ‫االستقبال الذي يكمن في جودهم وأصالتهم‪.‬‬

‫كميل حامد‬ ‫كلمة حزب البعث العربي االشتراكي ألقاها‬ ‫عضو فرع ريف دمشق كميل حامد‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫يسعدني بداي ًة أن أنوب عن رفاقي في فرع‬ ‫دمشق في احلزب في هذا العرس الوطني الكبير‪،‬‬ ‫حيث يلتقي األهل باألهل وحتتضن األم أبناءها‪،‬‬ ‫يا أيها األهل القادمون من اجلوالن احلبيب‪ ،‬إن‬ ‫زيارتكم إلى الوطن األم سوريا يشكل حدثا ً هاماً‪،‬‬ ‫ألنها متثل اإلرادة الوطنية التي متيزمت بها‪ ،‬وناضلتم‬ ‫من أجلها عبر العقود األربعة املنصرمة‪ ،‬والتي‬ ‫جتلت أجمل صورها برفضكم للهوية اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫ومتسككم بالهوية العربية السورية‪ ،‬رغم كل‬ ‫الظروف الصعبة التي تعيشونها وأنتم محرومون‬ ‫من أدنى حقوقكم‪ ،‬وآثرمت التمسك بأرض اآلباء‬ ‫واألجداد‪ ،‬هذه األرض التي امتزجت بدماء الشهداء‬ ‫الذين دافعوا عن عروبتها وانتماءها‪ ،‬وأبوا إال أن‬ ‫تكون أرضا ً عربية سورية‪.‬‬ ‫وتابع حامد‪ :‬إن صمودكم ودفاعكم عن‬ ‫عروبتكم وثباتكم في وجه اإلرهاب اإلسرائيلي‬ ‫جعل منكم صخر ًة قوي ًة وقلعة القومية‬

‫‪25‬‬

‫الشيخ شعالن‬

‫العربية‪ ،‬التي يحمل لواءها‬ ‫السيد الرئيس بشار األسد‪ ،‬فطوبى لكم على‬ ‫شجاعتكم وصمودكم وعزميتكم‪ ،‬وها نحن في‬ ‫الوطن نقدر لكم موقفكم وسيبقى في قلبنا‬ ‫جوالننا العربي احملتل إلى حني التحرير‪ ،‬والى‬ ‫اندحار االحتالل األميركي في العراق‪ ،‬وهزمية‬ ‫اجليش الصهيوني كما في جنوب لبنان وغزة‪،‬‬ ‫وذلك على أيدي شبابنا اجملاهدين الذين يرسمون‬ ‫املستقبل ويتخطون كل التحديات‪.‬‬

‫الشيخ كرباج‬ ‫كلمة أهالي مدينة جرمانا ألقاها الشيخ عبد‬ ‫اللطيف كرباج وقال‪:‬‬ ‫السالم عليكم يا معطائي الدم ويا رافضي‬ ‫هوية االحتالل في اجلوالن العربي احملتل‪ ،‬ويا أبناء‬ ‫حافظ األسد ويا رفاق بشار األسد‪،‬‬ ‫أهالً بكم يا نبض الصمود في فلسطني‬ ‫اجلريحة‪ ،‬أيها العرب األقحاح التواقني إلى لقاء‬ ‫األحبة على بطاح سوريا في عرين األسد وفيحاء‬ ‫الوطن والعروبة‪.‬‬ ‫حتية إلى لبنان من كل القطر العربي السوري‪.‬‬ ‫لقد وطئتم أهالً وقدمتم سهالً‪ ،‬وها هي جرمانا‬ ‫تلبس حلة جديدة وقد عاد شهر أيلول بخيراته‪،‬‬ ‫فمرحبا ً بكم في بلدكم وبني أهلكم‪ ،‬وها هي‬ ‫جرمانا ترتدي ثوب النقاء وقد فتحت ذراعيها‬ ‫لتحتضن األبطال امليامني‪ ،‬كيف ال وقد سجلتم‬ ‫بصمودكم أبهى الكلمات في صفحات التاريخ‪،‬‬ ‫ورفعتم رأس العروبة واملسلمني‪ ،‬ورحم اهلل‬ ‫شهدائنا وفك أسر أبطالنا من زنازينهم‪ ،‬من‬ ‫أبطال اجلوالن وفلسطني إلى أبطال جنوب لبنان‪.‬‬ ‫وهمجية العدو التي ندينها لن يكون عالجها‬ ‫إال باملواجهة على طريقة ضربات املقاومة في كل‬ ‫الوسائل من أجل حترير األرض واإلنسان‪ .‬وها هي‬ ‫دمشق‪ ،‬وشام العروبة تواجه التحديات بكل ثقة‬ ‫بقيادتها احلكيمة وعقلها املتزن بقيادة الرئيس‬ ‫القائد بشار األسد‪.‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫زار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في كفرمتى‬

‫وهاب‪ :‬ال فرق بين لجنة التحقيق والمحكمة الدولية‪ ،‬كالهما مزور‬ ‫الغريب‪ :‬ال نشك في وطنية معاليه‪ ،‬ومواقفه تنبع من وطنيته الصادقة‬ ‫زار رئيس «تيار التوحيد» الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ‬ ‫نصر الدين الغريب في منزله في كفرمتى‪،‬‬ ‫بحضور رئيس بلدية كفرمتى احملامي حسني‬ ‫الغريب وحشد من املشايخ وأعضاء قيادة تيار‬ ‫التوحيد‪ ،‬حيث جرى البحث في املصاحلات التي‬ ‫تتم في اجلبل‪ ،‬وفي موضوع الوقف الدرزي‪.‬‬

‫وهاب‬ ‫وبعد اللقاء ألقى وهاب كلمة أشار فيها إلى‬ ‫أن «البعض يحاول التفريق بني جلنة التحقيق‬ ‫واحملكمة الدولية‪ ،‬محاوال ً بذلك التذاكي علينا»‪،‬‬ ‫مؤكدا ً أن «كل تلك العملية مزورة منذ البداية‪،‬‬ ‫كمحكمة وجلنة حتقيق وغيرها‪ ،‬وال يحاول أح ٌد‬ ‫جرنا أو اإليحاء أن هناك فرق بني هذا وذاك كقضاة‬ ‫ومحققني وجلنة حتقيق‪ ،‬ألن املوضوع مرفوض‬ ‫جمل ًة وتفصيالً»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬إن “زيارتنا إلى سماحة شيخ‬ ‫عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ نصر الدين‬ ‫الغريب هي للتشاور معه مبختلف القضايا‪،‬‬ ‫ودائما ً نقف على رأيه‪ ،‬ونحن وسماحته كنا أول‬ ‫من نادى بتوحيد مشيخة العقل»‪.‬‬ ‫وتابع “بحثنا الكثير من املواضيع ومنها‬ ‫أوال ً املصاحلات التي تتم في قرى اجلبل‪ ،‬ونرحب‬ ‫بها باستمرار وحرصنا مع صاحب السماحة‬ ‫باستمرار على الوفاق في اجلبل‪ ،‬وكذلك في كل‬ ‫لبنان حفاظا ً على كرامة ومصلحة اجلميع‪،‬‬ ‫وطاملا الوقت وقت مصاحلات نعتقد أن كفرمتى‬ ‫والشحار وهذه املنطقة أصابها جرحا ً كبيرا ً يوازي‬ ‫ما أصاب اجلبل بأجمعه‪ ،‬نعتقد أنها تستحق لقا ًء‬ ‫كبيرا ً على مستوى كل لبنان يؤكد على وحدة‬ ‫هذا اجلبل‪ ،‬الذي نحرص عليه‪ ،‬وصاحب السماحة‪،‬‬ ‫على العيش املشترك بني املسيحيني والدروز فيه‪،‬‬ ‫وأي خطوة باجتاه إعادة اللحمة في الشحار تكون‬ ‫على مستوى كل لبنان‪ ،‬ومبشاركة كل القيادات‬ ‫اللبنانية‪ .‬هذه هي املصاحلة التي تليق بهذه‬ ‫املنطقة وتعيد إلى اجلبل رونقه‪ ،‬وتعيد لنا تلك‬ ‫األيام الطيبة التي كانت فيها القرى تعيش بأمن‬ ‫وسالم»‪.‬‬ ‫وأضاف “األمر الثاني‪ ،‬كان لصاحب السماحة‬ ‫الفضل في إثارته وعدم تركه يذهب مع األدراج‪،‬‬ ‫هو موضوع أوقاف الطائفة الدرزية ومشيخة‬ ‫العقل‪ ،‬مشيرا ً الى حرص صاحب السماحة منذ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫البداية على كل املوحدين فكيف به في موضوع‬ ‫مشيخة العقل‪ ،‬إذ أن هناك وضعا ً شاذا ً حصل‬ ‫في فترة معينة‪ ،‬حني كان االنقسام سياسي‪ ،‬أما‬ ‫اليوم فإن االنقسام السياسي قد انتهى واجلميع‬ ‫في خط واحد‪ ،‬من النائبني وليد جنبالط وطالل‬ ‫ارسالن إلى فيصل الداوود واألحزاب الوطنية‬ ‫األخرى‪ .‬اجلميع في خط سياسي واحد‪ ،‬وأي‬ ‫انقسام على مستوى آخر هو مستغرب خاص ًة‬ ‫من الناحية الدينية ومشيخة العقل واألوقاف‪.‬‬ ‫وهناك خلل كبير على املستوى الرسمي ملشيخة‬ ‫العقل‪ ،‬إذ أنها في موقع غير مبادر وغير قادر‪ ،‬مع‬ ‫كل االحترام والتقدير لشخص سماحة الشيخ‬ ‫نعيم حسن وبيته املميز بالتقوى واألخالق‪ ،‬لكنه‬ ‫ال يتمتع بأي دينامية واجبة على شخص شيخ‬ ‫عقل طائفة املوحدين”‪.‬‬ ‫وفي موضوع األوقاف قال إنها “مجمدة ولم‬ ‫يحرك أي ساكن جتاهها وآالف الشباب الدروز‬

‫‪26‬‬

‫عاطلون عن العمل وبال مساكن الئقة‪ ،‬وهناك‬ ‫مئات اآلالف من األمتار املربعة من األراضي ملك‬ ‫لألوقاف ومئات العقارات مجمدة ألنه ليس‬ ‫هناك مبادرة وليس هناك حل‪ .‬ومن هنا من املنزل‬ ‫الذي دفع ثمنا ً كبيرا ً فدا ًء للبنان واجلبل وطائفة‬ ‫املوحدين‪ ،‬نقول بكل محبة ونتوجه إلى األستاذ‬ ‫وليد جنبالط للقيام مببادرة كبيرة حلل هذا‬ ‫املشكل القائم في مشيخة العقل واألوقاف‬ ‫وتوحيد املوقف‪ ،‬ويجب أن يكون لدينا شيخ‬ ‫عقل مرن ومتحرك قادر على أخذ املبادرات وعلى‬ ‫التحرك ومعاجلة مشاكل آالف من أبناء الطائفة‪،‬‬ ‫الذين يهاجرون أو يفتشون على منازل‪ ،‬ويتأخر‬ ‫عندهم سن الزواج نتيجة هذه األزمات”‪.‬‬ ‫وأشار وهاب‪ :‬إلى أن هناك “مناسبات رسمية‬ ‫كثيرة حتصل وال تصل هذه الدعوات إلى سماحة‬ ‫شيخ العقل الشيخ نصر الدين الغريب‪ ،‬إذ على‬ ‫اجلميع أن يعلم أن الدروز اليوم منقسمون بني‬


‫مشيختي عقل ونتمنى على من يعنيهم األمر‬ ‫االلتزام بذلك‪ ،‬وإذا كان هناك قانون قد وحد‬ ‫مشيخة العقل من فوق وبشكل عام‪ ،‬لكن هناك‬ ‫على األرض مجموعة من املشايخ والسياسيني‬ ‫قد سمت شيخا ً للعقل‪ ،‬وقانون األوقاف الذي اقر‬ ‫كان منقوصا ً ولم يوافق عليه مجموعة كبيرة‬ ‫من أبناء الطائفة‪ ،‬وأمتنى على اآلخرين أخذ هذا‬ ‫األمر بعني االعتبار»‪.‬‬ ‫من جه ٍة أخرى نبه وهاب “أصحاب الزواريب‬ ‫من محاولة جر املقاومة إلى حيث هم‪ ،‬كما ن ّبه‬ ‫من استهداف املقاومة وهي أكبر منهم ومن‬ ‫مؤامراتهم وحياكتها حولها”‪ ،‬متمنيا ً على‬ ‫“رئيس احلكومة أن يتصرف كرئيس حكومة كل‬ ‫لبنان‪ ،‬وليس كرئيس تيار سياسي كما كان في‬ ‫السابق‪ ،‬وإذا ما بقي على هذا املنوال فإن عمر‬ ‫حكومته سيكون قصيراً‪ ،‬وهو ليس زعيم زاروب‬ ‫في بيروت بل عليه أن يكون حريصا ً على حياة‬ ‫كل اللبنانيني ومستقبلهم‪ ،‬وعليه أن يخرج نحو‬ ‫معاجلة األمور الوطنية الكبرى‪ ،‬وهذا أمر ضروري‬ ‫وأساسي لتأمني استمرار هذه احلكومة»‪.‬‬

‫الشيخ الغريب‬ ‫من جهته رحب الشيخ نصر الدين الغريب‬ ‫“مبعالي األستاذ وئام وهاب في هذه الزيارة‬ ‫االجتماعية”‪ .‬وقال “نؤيد كل ما ورد على لسانه‬ ‫خاص ًة املصاحلات وحتديدا ً في كفرمتى‪ ،‬وموضوع‬ ‫أوقاف الطائفة ومشيخة العقل والوضع‬ ‫السياسي في لبنان وصوال ً إلى احملكمة الدولية”‪.‬‬ ‫وأضاف “ال نشك في وطنية معاليه‪ ،‬ومواقفه‬ ‫تنبع من وطنيته الصادقة ونتمنى له مستقبالً‬ ‫زاهرا ً في لبنان واجلميع في بوتقة سياسية واحدة‬ ‫جتمعنا جميعا ً من أجل عروبة لبنان واملقاومة‬ ‫البطلة والدعم املستمر والدائم لسوريا العربية‬ ‫بقيادة سيادة الرئيس الدكتور بشار األسد”‪.‬‬ ‫وتابع الغريب‪“ ،‬نحن مع حقوق اللبنانيني وال‬ ‫نريد أن تتسلط فئة على أخرى‪ ،‬لكن كرامة‬ ‫الوطن تبدأ من اجلنوب‪ ،‬وطاملا أن اجلنوب محرر‬ ‫كان لبنان كله حرا ً ومحافظا ً على سيادته‬ ‫واستقالله فعليا ً ال كما كان يقال فيما يسمى‬ ‫ساحة احلرية»‪.‬‬ ‫وأضاف “هناك أحداث مؤملة مرت على العاصمة‬ ‫بيروت‪ ،‬وإنشاء اهلل أال تتكرر مرة أخرى‪ ،‬ونرجو من‬ ‫اجلميع التعقل‪ ،‬وعلى رأسهم رئيس احلكومة‬ ‫الذي يجب عليه أن يكون لكل اللبنانيني ال‬ ‫حلزب أو لفئة معينة‪ ،‬ومن ذهبوا ليؤموا املصلني‬ ‫في بعض املساجد بعد األحداث‪ ،‬نتمنى أن‬ ‫يعيدوا النظر في هذه املواقف وأن نؤم جميعا ً‬ ‫في مسجد واحد لبناني عربي حتى تعود لهذا‬ ‫الوطن كرامته وتكون الوحدة احلقيقية التي‬ ‫نصبو إليها جميعاً”‪ .‬وأيد الغريب بالكامل كالم‬ ‫وهاب عن احملكمة الدولية “وال داعي للمزيد»‪.‬‬

‫رئيس «تيار التوحيد»يلتقي أبناء بلدة عترين الشوفية‪:‬‬

‫استقالة شيخي العقل هو الحل لإلنقسام‬

‫في إطار جوالته على املناطق ولقاءاته الشعبية زار رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب بلدة‬ ‫عترين في الشوف‪ ،‬بحضور رئيس البلدية سجيع سري الدين وأعضاء البلدية وحشد من أهالي البلدة واجلوار‪،‬‬ ‫حيث ّ‬ ‫أكد أن “الوضع السياسي سيئ جداً‪ ،‬وما زال هناك محاولة الستثمار جرمية االغتيال املستنكرة‪ ،‬ونحن‬ ‫إذ نرتاح للتفاهم السوري السعودي ونعتبره مساحة جيدة إلراحة الوضع اللبناني‪ ،‬تبقى هناك فئة من‬ ‫اللبنانيني ما زالت تتعاطى بسقف أعلى‪ ،‬وقد تأتي بالويالت إلى لبنان‪ ،‬والسقوف األخرى التي يراهن عليها‬ ‫هذا البعض قد تؤدي إلى فنت كبيرة غير محسوبة وميكن أن يدفع ثمنها كل اللبنانيني”‪ ،‬الفتا ً الى أن احلكومة‬ ‫مسؤولة أمام شعبها وعليها نزع فتيل الفتنة قبل وصولها إلى البلد‪ ،‬وليست من مسؤولياتها فقط تلقي‬ ‫سهام الفتنة ومحاولة معاجلة النتائج‪ ،‬بل عليها املعاجلة الوقائية قبل وقوع األحداث‪ ،‬وعندما يصبح لبنان‬ ‫غير معني باحملكمة الدولية ويقطع التمويل عنها تسقط ألنه قانونيا ً ال حق عام في هذه احملكمة»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ ،‬في كلمة له من منزل الدكتور رمزي سري الدين‪“ :‬نحن في اجلبل محصنون على الصعيد‬ ‫السياسي ولكن صحتنا من صحة الوطن‪ ،‬وإذا كان اجلبل محصنا ً سياسيا ً بشكل كبير عبر العالقة مع‬ ‫سوريا واملقاومة‪ ،‬وهو إلى جانب املقاومة في أي أزمة وظهير لها‪ ،‬ونحن غير حياديني في هذا الصراع ومعنيون‬ ‫به إلى العمق‪ ،‬وكل قيادات اجلبل متفقة على هذا األمر‪ ،‬وحدتنا في اجلبل هي على أساس العروبة والقومية‬ ‫واملقاومة‪ ،‬وذلك هو األهم واألساس في وضعنا السياسي»‪.‬‬ ‫من جه ٍة أخرى أكد وهاب أن “االنقسام في مشيخة العقل يجب أال يستمر‪ ،‬وال يجوز أن يبقى االنقسام‬ ‫الروحي طاملا هناك وحدة سياسية‪ ،‬ال بل ممنوع أن يستمر هذا االنقسام‪ ،‬ونحن أطلقنا أكثر من مبادرة في‬ ‫هذا اجملال‪ ،‬ومؤخرا ً أطلق سماحة شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ نصرالدين الغريب مبادرة جتاه‬ ‫الشيخ نعيم حسن الذي ميتلك الشرعية القانونية بالتوقيع جتاه الدولة اللبنانية واملنتخب من قبل اجمللس‬ ‫املذهبي‪ ،‬بينما الشيخ نصر الدين الغريب نادينا به شيخا ً للعقل وهو ميثل فئة من أبناء الطائفة‪ ،‬وما زال‬ ‫ميتلك الشرعية الشعبية”‪.‬‬ ‫وتابع “صاحب التوقيع يتحمل عاد ًة املسؤولية األكبر وهناك وضع غير صحي في اجمللس املذهبي‪ ،‬واألمور ال‬ ‫تسير بشكل صحيح‪ ،‬ونحن بحاجة إلى أن ينفذ اجمللس عددا ً من املشاريع ومنها مثالً املشروع السكني في‬ ‫منطقة الدامور بعورته‪ ،‬وميكن بناء اآلالف من الشقق السكنية ألبناء الطائفة الذين يريدون الزواج بأسعار‬ ‫رمزية‪ ،‬وعلينا تأمني الدعم لذلك‪ ،‬وهناك إمكانية كبيرة عبر دعم عدد من اجلهات والتبرعات‪ ،‬الفتا ً الى أنه‬ ‫ال ميكننا أن نكمل على هذا املنوال من النزوح من القرى إلى املدينة والهجرة إلى اخلارج»‪ .‬وختم وهاب كالمه‬ ‫بالقول “من هنا فإن االستقالة ليست عيبا ً ونحن نقدر للشيخ نعيم حسن سيرته الشخصية وسيرة‬ ‫عائلته احملترمني وهم من أفاضل مشايخ الطائفة ويحظى بكل االحترام ومن بيت روحي كبير‪ ،‬وليس عيبا ً‬ ‫أن يستقيل إذا كان ذلك يشكل نقلة نوعية للمجلس املذهبي ومؤسسات الطائفة نحو الوحدة ومضاعفة‬ ‫اجلهد والعمل‪ .‬ويجب أن يكون هناك جلنة من جميع الفئات والتيارات السياسية والفكرية في الطائفة‬ ‫تقوم مبشاريع استثمارية لألوقاف‪ .‬وإذا ما استمر األمر على هذا املنوال ال ميكننا أن نكمل كذلك‪ .‬وأنا ال اتهم‬ ‫أحدا ً بالسرقة أو االختالس ال سمح اهلل من مال األوقاف‪ ،‬ولكن هناك عدم استثمار صحيح لهذه الثروة»‪.‬‬

‫سري الدين‬

‫كذلك ألقى الدكتور رمزي سري الدين كلمة رحب فيها بوهاب واحلضور‪ ،‬وأكد على أن «الوحدة تبقى على‬ ‫أسس املقاومة والعروبة وانخراط لبنان بشكل كامل في صراعنا مع العدو الصهيوني‪ ،‬ومن مقومات هذا‬ ‫الصمود‪ ،‬ضرورة العمل على اإلمناء املتوازن ودعم صمود املواطنني في قراهم وحتصني الواقع االقتصادي في‬ ‫اجلبل وكل الريف اللبناني من أجل تثبيت خطوات السلم األهلي بشكل فعال»‪.‬‬ ‫بعدها كانت جلسة حوار مطولة بني وهاب واحلضور‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫زار مع وفد دروز فلسطين ضريح سلطان باشا األطرش‬

‫وهاب‪ :‬زيارة عرب ‪ 48‬الى سوريا‬ ‫تأكيد على أن قضايانا حية فينا ومستمرة‬ ‫بات جبل العرب على موعد شبه دائم مع‬ ‫رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب‪ ،‬الذي يزور‬ ‫مدنه وقراه‪ ،‬ليلتقي أبناءه ويتذكر معهم تاريخ‬ ‫نضال هذا اجلبل‪ ،‬ورمز بطولته ومقاومته األمير‬ ‫سلطان باشا األطرش‪ ،‬الذي زار وهاب ضريحه‬ ‫في بلدة القر ّيا في محافظة السويداء مع وفد‬ ‫من أبناء طائفة املوحدين الدروز في األراضي‬ ‫الفلسطينية احملتلة عام ‪ ،1948‬الذي كان قد زار‬ ‫محافظة السويداء تأكيدا ً على أهمية التواصل‬ ‫القومي عبر سوريا العروبة التي تشكل العمق‬ ‫األصيل لكل أبناء األمة العربية‪ ،‬وحتدث وهاب‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫في هذا املكان الذي عاش فيه كبير من هذه‬ ‫األمة‪ ،‬والكبار يكرمون الكبار وكم كان اعتزازنا‬ ‫كبيرا ً عندما رأينا هذا الصرح الذي بني بناء‬ ‫لتوجهات سيادة الرئيس الدكتور بشار األسد‬ ‫والذي أجنزه األخوة في احملافظة وفي فرع احلزب‬ ‫وهو تكرمي من رجل كبير هو الرئيس بشار األسد‬ ‫أصبح مبستوى األمة لرجل كبير خاض يومها‬ ‫معركة نيابة عن كل األمة مع رفاقه في سوريا‪،‬‬ ‫وفي لبنان والوطن العربي‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب الى الشيخ علي معدي رئيس‬ ‫الوفد بالقول‪ :‬ال تتصور كم يكون فرحنا‬ ‫عظيما ً حينما نراكم حاضرين في املناسبات‬ ‫القومية في فلسطني‪ ،‬وعندما نراكم آتني الى‬ ‫القدس لتتضامنوا مع القدس‪ ،‬فأنتم ترفعون‬ ‫رأسنا بذلك‪ ،‬وتعيدوننا الى جوهر القضية ألن‬ ‫القدس هي جوهر الصراع وهذا الصراع يجب‬ ‫أن ال يتوقف إال بعد حترير القدس وفلسطني‪،‬‬ ‫متمنيا ً أن تكون الزيارة السنوية معكوسة وان‬ ‫تصبح في وقت قريب زيارة سنوية الى اجلوالن‬ ‫بعد حتريره‪.‬‬ ‫ورأى رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب أن زيارة وفد األراضي الفلسطينية الى‬ ‫سوريا هي تأكيد على أن القضية الفلسطينية‬ ‫وقضية اجلوالن العربي السوري احملتل واألراضي‬ ‫اللبنانية حية فينا ومستمرة‪ ،‬وهي في مقدمة‬ ‫أولوياتنا‪ ،‬مبينا ً أن سوريا نقطة األساس في كل‬ ‫قضايا املنطقة‪ ،‬وقد استطاعت بفضل قيادتها‬ ‫احلكيمة وصمود شعبها ودعمها للمقاومة‬ ‫في لبنان وفلسطني أن تتجاوز كل الصعاب‬ ‫وتواجه مختلف املؤامرات واملشاريع التي أرادت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النيل من أمتنا‪.‬‬ ‫وختم بالقول‪ :‬تأكدوا أن الرئيس بشار األسد‬ ‫الذي رفع اسم سوريا عالياً‪ ،‬والذي يحاصر اليوم‬

‫‪28‬‬

‫األخصام الذين حاولوا محاصرة سوريا خالل‬ ‫السنوات املاضية‪ ،‬بأنه لن يترك ذرة تراب في‬ ‫أيادي احملتل في اجلوالن احملتل احلبيب ‪.‬‬


‫المؤتمر السنوي لـ «تيار التوحيد»‬ ‫إنه املؤمتر السنوي لـ “تيار التوحيد” الذي‬ ‫ينعقد بدعوة من رئيسه الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬ونحن على مشارف ختام عام‬ ‫تفاقمت فيه األزمة السياسية بأبعادها‬ ‫الداخلية واخلارجية‪ ،‬فضال ً عن تضاؤل ثقة‬ ‫اجلمهور بالدولة بعد الهوة الواسعة التي‬ ‫باتت تفصل احلكومة عن قضايا وهموم‬ ‫املواطنني املعيشية واإلمنائية‪.‬‬ ‫لذلك كان من الطبيعي أن يعطي املؤمتر‬ ‫اهتماما ً كبيرا ً للقضايا املتعلقة بهذه األزمة‪،‬‬ ‫والتي متس حياة املواطنني بشكل عام‪ ،‬الى‬ ‫جانب مسألة التغيير التي تقع في صلب‬ ‫عقيدة “تيار التوحيد” في تفتيشه عن التوازن‬ ‫املطلوب بني الدعوة الى ضرورات اقتصادية‬

‫واجتماعية عاجلة ال ميكن القفز فوقها‪،‬‬ ‫والدعوة الى إجناز التغيير في شرايني النظام‬ ‫السياسي الذي أصابه التيبس‪.‬‬ ‫بالتأكيد ينتظر التوحيديون الكثير من‬ ‫هذا املؤمتر السنوي الذي يعمل على ضرورة‬ ‫تطوير األداء احلزبي داخل املفوضيات‪ ،‬كما‬ ‫يحدد معالم التحرك للفترة القادمة في ظل‬ ‫التحديات على املستويني الداخلي واخلارجي‪،‬‬ ‫وآثارها املباشرة على مستقبل األمة في‬ ‫خيارها الثابت على املقاومة حتى حترير‬ ‫آخر شبر من األراضي احملتلة في فلسطني‬ ‫واجلوالن ولبنان‪.‬‬ ‫أمني اإلعالم‪:‬‬ ‫هشام األعور‬

‫كتاب مفتوح من قيادي في «تيار التوحيد»‬ ‫إلى الشيخ الجوزو‬

‫يا صاحب السماحة‬ ‫لقد أصابني حز ٌن عميق في صبيحة العيد‪ ،‬عيد‬ ‫الفطر املبارك‪ ،‬وأنا أستمع إلى خطبتكم وأنتم تأمون‬ ‫في الناس في مسجد الرحمن‪ .‬حتى رحت أتساءل‬ ‫مهرجان‬ ‫إذا ما كنت قد أخطأت املكان فجئت إلى‬ ‫ٍ‬ ‫سياسي بدل احلضور للصالة في بيت خصص للتأمل‬ ‫والعبادة‪ ،‬وذكر اهلل الواحد وقراءة قرآنه الكرمي‪.‬‬ ‫فلقد فاجئني هذا التحريض السياسي السافر‪،‬‬ ‫الذي حاولتم من خالله شخصنة عقيدة الصاحلني‬ ‫وعباد اهلل املؤمنني من أهالي اإلقليم والتفرقة بينهم‬ ‫إخوان لهم تعايشوا ويعيشون احلياة بحلوها‬ ‫وبني‬ ‫ٍ‬ ‫ومرها عبر القرون‪ ،‬في منطقة كانت وال تزال تزخ ُر‬ ‫بالنفوس األبية املؤمنة باهلل وبالقضايا الوطنية‬ ‫واملصيرية منذ القدم‪.‬‬ ‫فوجئت يا صاحب السماحة‪ ،‬وأنا الذي توقعت من‬ ‫عظ ٌة تُ َبرد ما يعانيه هذا الشعب من اإلحباط‪ ،‬سببه‬ ‫التجاوزات املهلكة التي تدعو للفتنة على لسان‬ ‫بعض الساسة الذين جعلوا من أنفسهم عبيدأ‬ ‫ألعداء الدين والوطن‪ ،‬فأغرقوا البالد بأتون املماحكات‬ ‫واملواقف السياسية‪ ،‬التي ال تخدم سوى والة أمورهم‬ ‫أصحاب اجلاه واملال والسلطة‪ .‬وساءني أن أستمع إليك‬ ‫وأنت تطالب باحلفاظ على خصوصية اإلقليم رافضا ً‬ ‫التبعية‪ ،‬وكأن اإلقليم واقع حتت ظل االستعمار‪،‬‬ ‫وليس منطقة عزيزة من املناطق اللبنانية التي تفخر‬ ‫بانتسابها إلى العروبة وتناضل من أجلها‪ ،‬وهذه هي‬ ‫حقيقة هوية اإلقليم التي تطالب يا صاحب الفضيلة‬ ‫بتغييرها‪.‬‬ ‫اإلقليم الذي احتضن الزعيم جمال عبد الناصر‪،‬‬ ‫ولبى دعوته املباركة للوحدة العربية الشاملة‪ ،‬اإلقليم‬ ‫الذي سار خلف الزعيم كمال جنبالط مساندا ً مطالبه‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ومواكبا ً مواقفه الوطنية احملقة‪ ...‬وهو‬ ‫اإلقليم نفسه الذي بارك مساعي رفيق احلريري الرئيس‬

‫الشهيد‪ ،‬وسانده في مسيرته اإلعمارية‪.‬‬ ‫ويا صاحب السماحة‪.‬‬ ‫لقد كنت أنتظر منك إرشادا ً روحيا ً يصقل إميان‬ ‫العباد‪ ،‬ويحث على درء الفتنة والتشبث بوحدة الصف‬ ‫واألرض‪ ،‬حيث تدعو الناس إلى إدراك مخاطر التشرذم‬ ‫واالنقسام باحملافظة على السلم األهلي والعيش‬ ‫املشترك‪ .‬ذلك ألنني كنت أرى في شخصكم الكرمي‬ ‫مرشدا ً روحيا ً يجب أن ال يف ّرط باملسؤولية التي أنيطت‬ ‫به‪ .‬ألم يجئ في الكتاب الكرمي‪ ،‬أن ال جتعلوا دعاء‬ ‫الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً‪ .‬قد يعلم اهلل‬ ‫الذين يتسللون منكم لواذاً‪ ،‬فليحذر الذين يخالفون‬ ‫عن أمره أن تصيبهم فتن ًة أو يصيبهم عذاب اليم‬ ‫(سورة النور)‪.‬‬ ‫إن اإلسالم يا صاحب السماحة هو دين الصالح‬ ‫واالنفتاح والتسامح‪ .‬وهذه ال يؤتي ثماره إال بالتقوى‬ ‫والبعد عن بهارج الدنيا وملذاتها‪.‬‬ ‫فإن للدين يا صاحب السماحة حرم ٌة وقداسة ال‬ ‫يجب أن تدنسها موبقات السياسة وأالعيبها وهذا ما‬ ‫يسيء إلى الدين احلنيف‪ ،‬ويقضي على ما تبقى لنا من‬ ‫إميان في بلد أصبحت العمالة فيه الى اخلارج تنخره‬ ‫حتى العظم‪ .‬لذلك قيل أن اإلرشاد الروحي هو ملح‬ ‫األرض‪ ،‬وهو الذي يقود عباد اهلل الصاحلني إلى عالم‬ ‫الروح‪ ،‬عالم اإلله الواحد األحد الذي ال شريك له والذي‬ ‫ينبذ الشر فيجزي الصاحلني ويعاقب األشرار‪.‬‬ ‫وفي اخلتام نذكركم يا صاحب الفضيلة بأننا عرب‬ ‫مستعربة يرجع بنا النسل إلى نبي اهلل اسماعيل‬ ‫عليه السالم فال بد لنا من حب العرب واالفتخار بأننا‬ ‫عرب لقول الرسول عليه السالم “ أحب العرب لثالث‪:‬‬ ‫ألنني عربي‪ ،‬وألن القرآن الكرمي نزل باللغة العربية‪ ،‬وألن‬ ‫لغة أهل اجلنة هي اللغة العربية” صدق رسول اهلل‪.‬‬ ‫عضو املكتب السياسي ومفوض عام إقليم اخلروب‬ ‫الدكتور لؤي الغور‬

‫‪29‬‬

‫الى الرئيس الرفيق‬ ‫وئام وهاب‬ ‫حتية لك أيها القائد الذي حفر الصخور في بالدي‬

‫ليقتلع ما تبقى من إقطاع‪.‬‬ ‫حتية لك اسما ً على مسمى يا وئاما ً باحملبة‪ ،‬ووهابا ً‬ ‫بالكرم والعطاء والوفاء للمقاومة ودماء الشهداء‪.‬‬ ‫يا من آمنت أن احلياة وقفة عز‪َ ،‬ج ّسدت َها مقاومة‬ ‫جهادا ً في أصعب الظروف خطرا ً على شخصك‪ ،‬فلم تأبه‬ ‫بل كنت دائما ً القائد الذي ال ينام‪ ،‬ألن العصر عصر أفعال‬ ‫وأقوال‪ .‬بكل صراحة دخلت التاريخ من بوابته الوحيدة‪،‬‬ ‫بوابة الكبر والشموخ‪ ،‬فأصبح الشموخ يستجدي منك‬ ‫شموخه‪ ،‬والعز يستهدي منك عزته‪.‬‬ ‫يا بطالً مصارعا ً في ساحات الشرف وميادين املقاومة‪.‬‬ ‫أينما ُو ِجدت اجتحت العقول والقلوب في كل املواقف‬ ‫واللحظات ملن آمن بالقضية التي آمنت وتؤمن بها‪.‬‬ ‫عهدا ً ووعدا ً أننا على درب التوحيد سائرون وسنبقى‬ ‫لتحقيق التوحيد بكل ما في الكلمة من معنى ألنك‬ ‫جعلتنا نؤمن به‪.‬‬

‫مفوضية الشويفات املركزية‬ ‫الرفيقة راوية عماد‬

‫«تيار التوحيد»‬ ‫بالمختصر المفيد‬ ‫تأسس “تيار التوحيد” على مبادئ صادقة وعقيدة‬

‫متينة وأسس مؤمنة وثابتة‪:‬‬ ‫أولها‪ ،‬اإلميان مبقاومة كل من تسوله نفسه اغتصاب‬ ‫أرضنا والتعدي على شعبنا‪ ،‬الى جانب املقاومة الشريفة‬ ‫التي أثبتت شرعيتها بفضل تضامنها الشعبي‬ ‫وتنسيقها مع اجليش اللبناني الباسل‪ ،‬وتقديرها لدماء‬ ‫شهداء الوطن الذين ارتفعوا قرابينا ً الى السماء لتحرير‬ ‫األرض التي ارتوت بدماء عظماء كرسوا أنفسهم‬ ‫للشهادة‪ ،‬بصمة الفخر والرفعة لالنتصارات الكبرى‪.‬‬ ‫ثانياً‪ ،‬اإلميان بالعروبة احلقة التي أضاعها بعض‬ ‫العربان في املالهي الليلية وباعوها في سوق النخاس‪،‬‬ ‫والتمسك بها حقيقة وقضية وعقيدة‪ ،‬والدفاع عنها‬ ‫بدماء املقاومة بد ًءا من لبنان‪ ،‬مرورا ً بفلسطني‪ ،‬وصوال ً الى‬ ‫العراق واجلوالن‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ ،‬إمياننا الصادق والسعي إللغاء اإلقطاع الذي‬ ‫توغل في بعض األحزاب ليشمل جميع الطوائف‪ ،‬إذ‬ ‫راهنا وعملنا وانتصرنا بفضل التفاعل يدا ً بيد مع شعبنا‬ ‫العظيم والقوى احلية في اجملتمع املدني على املشروع‬ ‫األميركي – الصهيوني‪ .‬لقد خاض التيار رغم حداثة‬ ‫انطالقه جميع مجاالت العمل‪ ،‬فكان له دور فعال في‬ ‫تقدمي اخلدمات الصحية والتربوية والتعليمية‪ ،‬كما شارك‬ ‫في جميع التحركات العمالية والنقابية لتحقيق املطالب‬ ‫احملقة‪ ،‬ومتكن من إنشاء فروع له في غالبية مناطق اجلبل‬ ‫وفق خطة عمل مثمر بهدف إنشاء املؤسسات التي ترفع‬ ‫سيف اإلقطاع عن أجيال النصر القادم‪.‬‬ ‫نحيي الرفيق القائد الرئيس وئام وهاب ألنه وهب‬ ‫نفسه للدفاع عن الوطن والتصدي للعدو الصهيوني‬ ‫ومشاريعه في املنطقة‪.‬‬

‫منسقة الشؤون االجتماعية في‬ ‫مفوضية الشويفات املركزية‬

‫الرفيقة خالدة صعب‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫مشاركة الشباب في عملية التنمية تكمن في تحقيق الذات‬ ‫التنمية (‪)2‬‬ ‫إن الوعي لقيمة اإلنسان هو الهدف والوسيلة في منظومة‬ ‫التنمية الشاملة‪ ،‬فالتنمية مبفهومها وأبعادها ترتكز على إشباع‬ ‫احلاجات األساسية لدى اجملتمع‪ ،‬ورفع مستوى املعيشة أو حتسني‬ ‫نوعية احلياة‪ ،‬وتستند قيمة اإلنسان في ذاته على مفاهيم قدمتها‬ ‫األديان السماوية التي أكدت على كرامة اإلنسان‪ ،‬الذي جعله اهلل‬ ‫خليفة في أرضه ليعمرها باخلير واإلصالح‪ ،‬هذا فإن احملور الرئيسي في‬ ‫عملية التنمية هو اإلنسان‪ .‬فاإلنسان هو أداة غاية التنمية‪ ،‬وتعتبر‬ ‫التنمية البشرية النمو االقتصادي وسيلة لضمان العيش الكرمي‬ ‫للسكان‪ ،‬وأن التنمية البشرية هي عملية تنمية‪ ،‬وتوسع للخيارات‬ ‫املتاحة أمام اإلنسان‪ ،‬باعتباره جوهر عملية التنمية‪ ،‬أي أنها تنمية‬ ‫الناس بالناس وللناس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمها وقائدها‬ ‫وإن اإلنسان هو مح ّرك احلياة في مجتمعه‪،‬‬ ‫ومط ّورها‪ ،‬والتنمية تعني تنمية اإلنسان في مجتمع ما بكل أبعاده‬ ‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية‪ ،‬واجتاهاته الفكرية والعلمية‬ ‫والثقافية‪.‬‬ ‫كما أنه من املهم التأكيد على أهمية دور الشباب في تعزيز وانتماء‬ ‫ومشاركة األفراد في مجتمعهم‪ ،‬وتنمية قدراتهم وحتديد أولوياتهم‪،‬‬ ‫والعمل على حتقيق التنمية من خالل تكاثف اجلهود األهلية في‬ ‫إحداث تغيير فع ّال‪ ،‬هدفه التنمية ونشر العدالة االجتماعية‬ ‫ومساعدة األشخاص داخل اجملتمع‪ ،‬حيث تعتبر فئة الشباب من أبرز‬ ‫وأهم فئات اجملتمع‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بعملية التنمية الشاملة‪.‬‬ ‫برز مفهوم التنمية إلحداث تغيير جذري في مجتمع معني‬ ‫وبصورة تدريجية‪ ،‬بهدف إكساب ذلك اجملتمع القوة والقدرة على‬ ‫النمو‪ ،‬والتطور الذاتي املتواصل‪ ،‬مبعدل يضمن التحسن املستمر‬ ‫في منط ونوعية احلياة لكل أفراد اجملتمع‪ ،‬مما يزيد اجملتمع تفاعالً‬ ‫مع البناء االجتماعي‪ .‬كذلك انبثق عنها تأسيس نظم اقتصادية‬ ‫وسياسية متماسكة‪ ،‬يطلق عليها عملية التنمية‪ ،‬كما برز مفهوم‬ ‫التنمية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته‪،‬‬ ‫وحتسني أوضاعه االجتماعية من خالل توسيع خيارات الناس‪ ،‬وتعزيز‬ ‫قدراتهم من أجل استثمار أمثل‪ ،‬وفقا ً للواقع املعاش‪ ،‬ومتطلبات‬ ‫النهوض باجملتمع التي تساهم في اخلروج من األزمات االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫ويُعتبر حتديد اإلنسان من اخلوف والعوز‪ ،‬وحمايته من املرض‪ ،‬وتوفير‬ ‫بيئة مستقرة وآمنة له من أبرز الشروط لنجاح خطط واستراتيجيات‬ ‫التنمية الشاملة‪ .‬وإن حتقيق األمن اإلنساني هو حاجة ضرورية‬ ‫وملحة لتحقيق التنمية‪ ،‬حيث يشعر من خالله اإلنسان‪ ،‬بأن حياته‬ ‫وممتلكاته وحقوقه املعنوية واألدبية واإلنسانية والصحية والبيئية‬ ‫مصونة‪ ،‬ومحمية‪ ،‬ويقع توفير متطلباتها ضمن إطار الدولة الراعية‬ ‫للحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫فالتنمية الشاملة‪ ،‬واألمن اإلنساني مترابطان في منظومة‬ ‫استكمال بناء املقومات األساسية للمجتمع‪ ،‬إضافة الى أهمية‬ ‫الشباب ودوره في التنمية واألمن والسلم االجتماعيني حيث يتنامى‬ ‫الوعي بقيمة مشاركة الشباب هدفا ً ووسيلة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ونقصد في مشاركة الشباب في عملية التنمية‪ ،‬كل ما يتصل‬ ‫باملشاركة في اتخاذ القرارات‪ ،‬وتنفيذ اخلطط والبرامج‪ ،‬واالستفادة‬ ‫من اخلدمات العامة أو املشاركة بها‪ ،‬مما يزيد من وحدة ومتاسك‬ ‫اجملتمع‪ ،‬وكذلك من الوعي بالقيم التي تسعى تنمية اجملتمع الى‬ ‫حتقيقها‪ ،‬خاصة أن هناك استراتيجيات تهدد مجتمعنا بهدف‬ ‫تشويه أصولنا وثقافتنا‪ ،‬والشباب هم هدف هذه التهديدات من‬ ‫أقوال املهامتا غاندي‪:‬‬ ‫“إنني ال أريد أن ترتفع اجلدران من كل جانب حول بيتي‪ ،‬وال أن يُحكم‬ ‫إغالق نوافذي‪ ،‬إنني أريد أن تهب علينا ثقافة كل أرض بأقصى قدر من‬ ‫احلرية‪ ،‬لكنني أرفض أن تقتلعني ريح أي منها من جذوري”‪.‬‬ ‫إن أهمية مشاركة الشباب في عملية التنمية تكمن في‬ ‫حتقيق الذات والشعور باألهمية والقيمة‪ ،‬وعندما يشتركون في‬ ‫وضع اخلطط يعني أن هناك إجماعا ً على املشروع واخلطط‪ ،‬وبذلك‬ ‫يشعرون بحجم املشكالت التي يعانون منها‪ ،‬وباملشاركة يحققون‬ ‫الرقابة الشعبية على األداء احلكومي مما يدفع باحلكومة الى تصويب‬ ‫أدائها وتطبيق اخلطط واملشاريع مبسؤولية وطنية حقيقية‪.‬‬ ‫وميكننا أن نف ِّعل عملية املشاركة من خالل وجود مؤسسات‬ ‫وقوانني تساعد الشباب على ممارسة حقوقه وحرياته‪ ،‬وتسمح‬ ‫له أن يقدم ويعطي ويشترك مع غيره بكل ما يستطيع من فكر‬ ‫وعمل وحوار ونقاش‪ ،‬كما ميكن وضع اخلطط وتنفيذها واإلشراف‬ ‫والرقابة عليها‪ ،‬وتقييم أداءها‪ ،‬على أن يتضمن ذلك اختيار ما يتالءم‬ ‫مع طبيعة اجملتمع‪ .‬ولتفعيل آلية املشاركة الشبابية أيضاً‪ ،‬ميكن‬ ‫تشجيع املبادرات التنموية الشبابية من خالل االعتماد على املوارد‬ ‫الذاتية‪ ،‬ووضوح البرامج التنموية‪ ،‬وإيضاح مزاياها‪ ،‬والتدرج في‬ ‫تنفيذها‪ ،‬والتواصل مع الشباب‪ ،‬واإلعالن عنها‪ ،‬وشرحها لهم‪ ،‬وتبيان‬ ‫األسباب التي حدت باملؤسسة سواء الرسمية أو األهلية للعمل بها‪،‬‬ ‫على أن يكون هناك إيرادات ملموسة‪ ،‬والعمل قدر املستطاع على‬ ‫أن يكون لها آثار سريعة على اجملتمع‪ ،‬مع التأكيد على أن التنمية‬ ‫عملية مستمرة وشاملة‪ ،‬كآلية من آليات التغيير‪ ،‬باعتبارها عملية‬ ‫اجتماعية شاملة‪ ،‬وإيالء الدعم احلكومي للمشروعات الشبابية‬ ‫التنموية أهمية خاصة‪.‬‬ ‫كما أن توسيع املشاركة يعزز من مبدأ االنتماء واالنحياز ملصلحة‬ ‫الوطن ككل‪ ،‬وال يكفي االعتراف بحاجة التنمية الى طاقات وجهود‬ ‫جميع الفئات في اجملتمع‪ ،‬مبا فيها الشباب‪ ،‬والسعي الدائم إلتاحة‬ ‫الفرص أمامهم جلهة التعليم والعمل‪ ،‬بل اإلقرار بأن التنمية‬ ‫مبفهومها الشامل ال ميكن أن تتحقق بدون مساهمة جميع الفئات‬ ‫في بلد يعتمد أساسا ً على موارده البشرية‪.‬‬ ‫فمن أجل مساهمة كاملة للشباب في اجلهود التنموية اقتصاديا ً‬ ‫واجتماعيا ً وثقافيا ً يجب اعتبار التنمية حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬الذي‬ ‫يجب دمجه في القوانني ذات الصلة‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫بهاء عبد اخلالق‬ ‫نائب رئيس املكتب السياسي‬


‫هيئة العمل التوحيدي‬ ‫تشارك في ندوة رابطة‬ ‫آل زهر الدين الخيرية‬ ‫في إطار نشاطاتها الثقافية‪ ،‬ل ّبت هيئة العمل التوحيدي ممثل ًة‬ ‫بأمني س ّرها العام الشيخ حسام نصار وحضور مسؤول منطقة‬ ‫املناصف في الهيئة الشيخ طالل زهر الدين‪ ،‬دعوة رابطة آل زهر‬ ‫الدين اخليرية في بلدة كفرفاقود حلضور ندوة للدكتور سامي‬ ‫مكارم حتت عنوان “عقيدة التوحيد والشباب املعاصر”‪ .‬حضر‬ ‫الندوة وفد من مشايخ البلدة‪ ،‬وفضيلة القاضي الشيخ فؤاد غامن‪،‬‬ ‫ومدير مدرسة كفرفاقود الرسمية األستاذ بهيج زهر الدين‪ ،‬ورئيس‬ ‫الرابطة األستاذ سليم زهر الدين‪ ،‬ورئيس بلدية كفرفاقود األستاذ‬ ‫رياض زهر الدين رؤساء بلديات ومخاتير البلدات اجملاورة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫الى حشد من أبناء البلدة وطالب املدارس‪.‬‬ ‫قدم الندوة رئيس اللجنة الثقافية في الرابطة الدكتور عزات‬ ‫ّ‬ ‫زهر الدين‪ ،‬ودار النقاش حول املفاهيم التوحيدية وضرورة متسك‬ ‫الشباب املعاصر بجوهر التعاليم الدينية والتمسك مبكارم األخالق‬ ‫النبيلة واالبتعاد عن أوهام مغريات هذا العصر‪.‬‬

‫التوالي أمام السفارة األميركية في عوكر‪ ،‬ملناسبة مرور ‪ 12‬عاما ً على‬ ‫احتجاز الكوبيني اخلمسة‪.‬‬ ‫شارك في االعتصام نحو ‪ 100‬شخص‪ ،‬حاملني الفتات تطالب‬ ‫الواليات املتحدة باالفراج عنهم‪ ،‬كما رفعوا صورة الثائر األرجنتيني‬ ‫أرنستو تشي غيفارا‪ ،‬وصور املعتقلني اخلمسة وهم‪ :‬أنطونيو رودريغز‪،‬‬ ‫جيراردو هونانديز نورديل‪ ،‬رامون البانيونو ساالزار‪ ،‬رينيه غونزاليز‬ ‫سيهريرت‪ ،‬وفرناندو غونزليز لورت‪ ،‬والفتات تندد بسياسة االعتقال‬ ‫التعسفي التي تنتهجها الواليات املتحدة‪ ،‬كما قام اثنان من‬ ‫املشاركني بتجسيد املعاناة في السجون األميركية ال سيما سجن‬ ‫والية كاليفورنيا حيث يقبع املعتقل هيراردو ايرنانديس‪ ،‬الذي تعرض‬ ‫الشهر املاضي للتعذيب‪ ،‬ومتّ زجه في زنزانة العقاب‪.‬‬ ‫كما ارتدت إحدى املشاركات في االعتصام‪ ،‬زي ميثل متثال احلرية‬ ‫األميركي الشهير‪ ،‬فحملت مشعل احلرية في يد‪ ،‬وكتاب في يد آخر‬ ‫عنوانه “الواليات املتحدة مقابل املعتقلني اخلمسة ‪ ...‬العدالة اآلن»‪.‬‬ ‫وتوقف املتظاهرون عند حاجز للجيش وأسالك شائكة وضعت على‬ ‫بعد نحو كيلومتر من السفارة األميركية وهم يلوحون بأعالم كوبا‬ ‫والفتات كتب عليها “أطلقوا سراح الكوبيني اخلمسة األبطال‪ ...‬أوباما‬ ‫‪ ...‬نعم نستطيع”‪.‬‬

‫إعالن بيروت‬

‫خالل االعتصام مت جمع تواقيع على “إعالن بيروت” الذي يطالب‬ ‫باحلرية للمناضلني الكوبيني اخلمسة‪ ،‬وتضمن اإلعالن دعوة للرئيس‬ ‫أوباما ملراجعة قضية الكوبيني اخلمسة التي بدأت منذ عام ‪2001‬‬ ‫أعقبتها مرحلة طويلة من الطعون واالستئنافات‪ ،‬حيث أق ّرت أبرز‬ ‫املؤسسات الدولية‪ ،‬ومعها البرملانات والقطاعات الشعبية الواسعة‬ ‫والتعسف‬ ‫في العديد من بلدان العالم باتسام هذه العملية بالظلم‬ ‫ّ‬ ‫واألحكام اإلنتقامية‪ ،‬التي تشكل جز ًءا من السياسة املعادية لكوبا‬ ‫والتي متتد من احلصار االقتصادي مرورا بتمويل مجموعات إرهابية‬ ‫تعمل لزعزعة اإلستقرار في كوبا‪ ،‬إضافة الى العدوان املستمر في‬ ‫جميع احملافل الدولية‪ ،‬ما يؤكد‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬وخصوصا ً فيما يتعلق‬ ‫بكوبا‪ ،‬على مبدأ ازدواجية املعايير والكيل مبكيالني الذي تنتهجه‬ ‫الواليات املتحدة بشكل مستمر في ممارسة االختباء وراء ذريعة حربها‬ ‫ضد اإلرهاب من خالل شن احلروب على البلدان األخرى وعلى حركات‬ ‫التح ّرر الوطني‪ ،‬بينما من جهة أخرى تدعم ارتكاب أعمال إرهابية ضد‬ ‫كوبا‪ ،‬وحتكم بالسجن املؤبد والطويل األمد على الكوبيني اخلمسة‬ ‫الذين كان جرمهم الوحيد الدفاع عن بالدهم ضد اإلرهاب احلقيقي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدين التزامهم مبواصلة النضال من دون تأخير أو تأجيل‪ ،‬ومضاعفة‬ ‫جهودهم ومبادراتهم السلمية حتى حتقيق اإلفراج عن املناضلني‬ ‫الكوبيني اخلمسة‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن الكوبيني اخلمسة عملوا داخل منظمات الالجئني‬ ‫الكوبيني في الواليات املتحدة واملافيا الكوبية في ميامي‪ ،‬حيث راقبوا‬ ‫نشاطهم وأفشوا خططهم الرامية إلى تنفيذ أعمال إرهابية ضد‬ ‫كوبا‪ .‬وقد جنح هؤالء الكوبيني مبنع أكثر من ‪ 170‬عملية إرهاب كانت‬ ‫ستجبي أرواحا ً كثيرة‪ ،‬وذلك ألن حكومة الواليات املتحدة وجهاز‬ ‫مخابراتها دعمت وشجعت وم ّولت تلك األعمال اإلرهابية على مدار‬ ‫السنني في إطار سياستها اإلرهابية العامة ضد كوبا وشعوب‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫شارك “تيار التوحيد”‪ ،‬ممثالً بأمينة الشؤون الدولية فريال أبو ذياب‬ ‫كما شاركت أبو ذياب في احلفل الذي أقامه سفير البرازيل في لبنان‬ ‫على رأس وفد من التيار في االعتصام الذي ّ‬ ‫نظمته هيئة التضامن‬ ‫السيد باولو روبرتو دافون تورا مبناسبة الذكرى السنوية الستقالل‬ ‫اللبنانية لتحرير املعتقلني الكوبيني اخلمسة للسنة الثالثة على‬ ‫دولة البرازيل‪ ،‬في مقر إقامته في بعبدا‪.‬‬

‫«تيار التوحيد» يتضامن‬ ‫مع الكوبيين المحتجزين في‬ ‫سجون اميركا‬

‫‪31‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬ ‫تابعت أمانة اإلعالم في «تيار التوحيد» التطورات السياسية واألمنية واإلجتماعية‪،‬‬ ‫في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السياسي منها‪ ،‬وجاءت‬ ‫على الشكل اآلتي‪:‬‬

‫موقف بيتون تأليب سياسي‬ ‫على المقاومة من خالل المحكمة‬ ‫موقف السفير الفرنسي في لبنان دوني بيتون‪ ،‬واعتباره تدخّ الً في الشؤون‬ ‫اللبنانية بعد محاولته الواضحة في التأليب السياسي على املقاومة‬ ‫واستهدافها من خالل احملكمة الدولية التي حت ّولت إلى قنبلة موقوتة نحو‬ ‫احلرب األهلية‪ .‬ورأت األمانة أنه كان من األجدى على السيد بيتون أن يتفهّ م‬ ‫أكثر حساس ّية الوضع في لبنان وضرورة نقل د ّقة األمر إلى حكومته التي‬ ‫أبدت في اآلونة األخيرة سياسة متوازنة بني جميع مك ّونات اجملتمع اللبناني‪،‬‬ ‫كما رفضت اتّباع التعليمات األميركية بوضع “حزب اهلل” على الئحة‬ ‫ّ‬ ‫املنظمات اإلرهابية‪ .‬ودعت األمانة بيتون أن يستلهم أكثر في مواقفه قيم‬ ‫الثورة الفرنسية احلضارية واإلنسانية‪ ،‬التي وقفت الى جانب األعراف ونضاالت‬ ‫الشعوب التي ابتلت باالحتالل وتلك التي تتعرض للعدوان على امتداد التاريخ‬ ‫اإلنساني‪ ،‬وهو ما يستدعي وقوف فرنسا اليوم الى جانب نهج الصمود الذي‬ ‫تبناه الشعب اللبناني من خالل مقاومته التي جعلت من املواجهة خيارا ً‬ ‫تصديها للعدوان اإلسرائيلي واحلد من أطماعه التوسعية‪.‬‬ ‫استراتيجيا ً في‬ ‫ّ‬

‫الحملة المشبوهة على الجيش‬ ‫سببها التصدي للعدو في العديسة‬ ‫استغربت أمانة اإلعالم احلملة املشبوهة التي تعرضت لها مؤسسة‬ ‫اجليش الوطني واتهامها بالتقصير والتواطىء في أحداث برج أبي حيدر‪.‬‬ ‫ووضعت األمانة هذه احلملة في إطار الرسالة التي وجهها املنزعجون‬ ‫وسب ُبها تصدي اجليش للعدو اإلسرائيلي في العديسة وليس نتيجة أحداث‬ ‫برج أبي حيدر التي تصرف فيها عناصر اجليش بكل حكمة عالية بعد أن‬ ‫تدخلت وعمدت الى ضبط الوضع بسرعة فائقة ولم يكن بإمكانها أن‬ ‫تفعل أكثر من ذلك في منطقة مأهولة بالسكان وتغص باملارة‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم إذ تستنكر كل هذه احلملة املشبوهة على اجليش تعلن‬ ‫تضامنها مع هذه املؤسسة الوطنية وتدعو جميع اللبنانيني إلى االلتفاف‬ ‫حول العماد جان قهوجي الذي استطاع بحكمته وشجاعته على ترسيخ‬ ‫وحدة لبنان بثالوث الشعب اجليش املقاومة في مواجهة العدو اإلسرائيلي‪.‬‬

‫‪ 32‬عاماً على تغييب اإلمام‬ ‫الصدر واألمة أحوج الى تعاليمه‬ ‫متر الذكرى الـ ‪ 32‬لتغييب اإلمام موسى الصدر ورفيقيه‪ ،‬واألمة أحوج إلى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫نداءات هذه القامة املمشوقة وتعاليمها التي شكلت املنارة لكل مقاوم في‬ ‫سبيل قضيته العادلة واحملقة‪.‬‬ ‫بأمس احلاجة‬ ‫وهي‬ ‫القلق‪،‬‬ ‫يلفها‬ ‫واألمة‬ ‫الغياب‬ ‫اثنان وثالثون عاما ً على‬ ‫ّ‬ ‫إلى مضاعفة اجلهد في سبيل ما أكده اإلمام الصدر على التشبث بحقنا‬ ‫في املقاومة وترسيخ هوية لبنان العربية والتشديد على مركزية القضية‬ ‫الفلسطينية والوقوف دوما ً إلى جانب احملرومني واملستضعفني‪.‬‬

‫المفاوضات المباشرة همروجة‬ ‫إعالمية ال تع ّبر عن طموحات‬ ‫الشعب الفلسطيني‬ ‫انتقدت أمانة اإلعالم ما سمي بعملية املفاوضات املباشرة التي تديرها‬ ‫إدارة أوباما‪ ،‬والتي أتت على حساب الثوابت العربية الداعمة للفلسطينيني‬ ‫في استعادة أراضيهم احملتلة‪.‬‬ ‫وتساءلت األمانة عن جدوى هذه املفاوضات فيما يواصل الكيان الغاصب‬ ‫اعتداءاته على الشعب الفلسطيني ومحاصرته ومواصلة نشاطاته‬ ‫االستيطانية في القدس الشرقية‪.‬‬ ‫ووصفت األمانة املفاوضات اجلارية بالهمروجة اإلعالمية وأخذ الصور‬ ‫التذكارية‪ ،‬وهي ال تع ّبر عن املوقف الشرعي للشعب الفلسطيني املاضي‬ ‫في التأكيد على عروبة فلسطني وحقه باملقاومة لتحرير أرضه وطرد الغزاة‬ ‫عنها‪.‬‬

‫فشل المفاوضات المباشرة‬ ‫انتصار لخيار المقاومة‬ ‫ثمة حقيقة واضحة وضوح شمس القدس العربية التي ال تغيب بأ ّن‬ ‫املفاوضات املباشرة املزعومة التي انطلقت بني الفلسطينيني واإلسرائيليني‬ ‫في حديقة البيت األبيض لم تكن سوى إعالن عن تصفية القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ومحاولة اإلجهاض على حق الفلسطينيني باملقاومة في‬ ‫سبيل إعادة أراضيهم املغتصبة من الكيان اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫واعتبرت األمانة أنه من الطبيعي أن ال يتحقق أي اتفاق إسرائيلي –‬ ‫فلسطيني كون األطراف املفاوضة ال متتلك احلد األدنى من القدرة على اتخاذ‬ ‫قرار بهذا احلجم‪ ،‬كما ورأت األمانة في فشل هذه املفاوضات املذلة انتصارا ً‬ ‫خليار املقاومة‪ ،‬والتأكيد على حق عودة الالجئني الفلسطينيني ووقف‬ ‫االستيطان اليهودي في فلسطني وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل‬ ‫التراب الفلسطيني احملرر‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫هناك مرض عند أحدهم اسمه‬ ‫فوبيا وئام وهاب‬ ‫ورد في صحيفة الديار الكرمية مقاال ً للسيد غازي جابر ردا ً على األستاذ‬ ‫اسكندر شاهني‪ ،‬لذلك يهم أمني اإلعالم في “تيار التوحيد” هشام األعور‬ ‫توضيح ما يلي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬ليس لدينا أي معرفة شخصية باألستاذ اسكندر شاهني‪ ،‬ال نحن‬ ‫نكن كل التقدير له ألنه صحافي‬ ‫كتيار وال معالي الوزير وئام وهاب‪ .‬رغم أننا ّ‬ ‫لم يساوم على مبادئه ال مقابل سلطة وال مقابل مال‪ ،‬وال يكتب إالّ‬ ‫قناعته‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬نسي السيد جابر أو رمبا كان لم يبلغ سن الرشد بعد‪ ،‬عندما كان‬ ‫يذهب الوزير وهاب سنو ّيا ً للقاء مع وفد اجلوالن وفلسطني منذ عام ‪،2004‬‬ ‫ويومها كان لدى اجلميع حسابات أخرى‪ ،‬فالبعض كان خائفا ً والبعض اآلخر‬ ‫كان في موقع آخر‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إ ّن الوزير وهاب ذهب للقاء الوفد في جرمانا بنا ًء لدعوة فرع ريف‬ ‫دمشق في حزب البعث العربي االشتراكي‪ ،‬الذي ّ‬ ‫نظم الزيارة باإلضافة إلى‬ ‫مختار ونواب اجلوالن‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬إ ّن زيارة الوزير وهاب لضريح سلطان باشا األطرش هي زيارة نتشرف‬ ‫بها ألنها زيارة لقائد استقالل حقيقي وليس لقائد استقالل وهمي‪ ،‬والوزير‬ ‫وهاب ليس بحاجة إلى دعوى كي يزور الضريح ألنه بيت كل عربي ووطني‪ .‬أما‬ ‫منسقة مع محافظ السويداء وفرع احلزب وكل الق ّيمني‪.‬‬ ‫الزيارة فكانت ّ‬ ‫خامساً‪ :‬أما لقاء الوزير جنبالط مع الوفد فهو يفرحنا ونؤ ّيده ونتمنى أن‬ ‫الدروز في اخلط الوطني والعربي‪.‬‬ ‫يكون جميع القادة ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫املتطفلون على هذه الزيارات فهم الذين دخلوا مجددا على‬ ‫سادساً‪ :‬أما‬ ‫اخلط محاولني كاألطفال حصر األمور بهم‪ ،‬وهذا رمبا ما أثارهم لتحريك‬ ‫بعض الكتبة ممّن لم نسمع بهم أو يسمع أي درزي بهم إالّ في إطار نشاطات‬ ‫غير سياسية وخاصة بهم‪.‬‬ ‫سابعاً‪ :‬إ ّن مح ّبة الوزير وهاب عند الشعب السوري ليست بحاجة‬ ‫لشهادة ال من الذي كتب هذا الرد وال من الذي ع ّلمه أن يكتب والذي أصبح‬ ‫لديه مرضا ً اسمه فوبيا وئام وهاب‪.‬‬ ‫أمني اإلعالم جلعجع ‪ :‬لو كان في مصر نواطير ملا وطأت أرضها‬ ‫ردا ً على حملة الدكتور سمير جعجع على رئيس “تيار التوحيد” الوزير وئام‬ ‫وهاب وأسفه ألن الدولة تتفرج على الوزير وهاب وهو يهدد‪ ،‬قال أمني اإلعالم‬ ‫في “تيار التوحيد” هشام األعور التالي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬نعم الوزير وهاب ليس سياسيا ً من الذين يعرفهم سمير جعجع بل‬ ‫هو صاحب قضية وثورة على كل الذين يستبيحون كرامة الدولة واإلنسان‬ ‫ويستخدمون الدولة مؤقتا ً ليعيدوا عصر امليليشيات وطبعا ً ليس سياسيا ً‬ ‫من الذين وصلوا الى مواقعهم على جماجم املسيحيني ودماء اللبنانيني‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن تهديد رئيس التيار لألجهزة القضائية واألمنية التي ستتعاون‬ ‫مع الفتنة قائم باستمرار‪ ،‬ومن لم يصدق فليجرب‪ .‬فبعد خروج سمير‬ ‫جعجع من السجن في غفلة من الزمن يستطيع اللبنانيون أن يحكموا‬ ‫على األصدق أال وهو رئيس التيار الذي ما قال لهم شيئا ً إال ووصلوا إليه أم‬ ‫قائد القوات صاحب املعارك الدانكيشوطية وتصرفات البهلوانية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن الدولة ضعيفة ألن ميليشيات املال والسالح قد غرقتها ولم تترك‬ ‫لها حيالً بعدما عاثت فيها فسادا ً ولكن نريد أن نطمئن جعجع بأن ساعة‬

‫احلقيقة قد اقتربت وعليه االستفادة من زمن السوء واإلكثار من إطالالته‬ ‫التلفزيونية ألن أحدا ً من اللبنانيني لم يعد ليستمع له وألمثاله من أصحاب‬ ‫الكذبة الكبيرة التي عاشوا عليها خمس سنوات‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬أما جلهة التمثيل فقريبا ً جدا ً سيقرأ جعجع عن إحصاء إحدى‬ ‫الشركات حول شعبيته وشعبية رئيس التيار ليعرف معشوق اجلماهير كم‬ ‫يحتقره اللبنانيون‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬أما كالمه عن غياب نواطير مصر عن ثعالبها فهو الكالم احلق‬ ‫الوحيد الذي قاله فلو كان في مصر نواطير‪ ،‬ملا وطأ أرضها هذا اجملرم‪ ،‬ولكن‬ ‫في زمن حسني مبارك أصبح حكام مصر أقل من الثعالب وسعرهم في‬ ‫سوق النخاسة أقل من سعر جلد الثعلب ولو لم يكن هذا الزمن رديئا ً‬ ‫الى حدود كبيرة ملا كنا نسمع أصواتا ً مثل أصوات جعجع‪ ،‬ولكن أيها‬ ‫اجملرم إذا كنت قد أفلت من عدالة األرض ألن زعماء الصدفة والوراثة أرادوا‬ ‫ذلك فنطمئنك إنك لن تفلت من عقاب السماء حيث هناك ليس للمال‬ ‫قيمة‪.‬‬

‫لتشكيل لجنة رسمية مهمتها‬ ‫إدارة األزمة المعيشية‬ ‫مع تفاقم األزمة املعيش ّية لألسرة اللبنانية‪ ،‬ومع االستمرار في الغالء‬ ‫املعيشي في ظل ارتفاع معدالت فوائد الدين العام‪ ،‬يعيش املواطن بني‬ ‫مطرقة اخلالفات السياسية العقيمة وسندات املشاكل املعيشية التي لم‬ ‫يعد له قدرة على احتمالها‪.‬‬ ‫وتساءلت األمانة عن السبب في غياب سياسة اقتصادية – اجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫تفشي ظاهرة الغالء الذي‬ ‫واضحة من قبل احلكومة‪ ،‬من شأنها احلد من‬ ‫حت ّول إلى شبح مخيف بات يلقي بظالله على كل تفصيل في حياة املواطن‬ ‫اليومية‪.‬‬ ‫ودعت األمانة إلى تشكيل جلنة مهمتها إدارة هذه األزمة وإيجاد احللول‬ ‫املناسبة ملشاكل الكهرباء واملاء والهاتف والغذاء ّ‬ ‫والطبابة واللباس وأجور‬ ‫النقل‪ ،‬ونحن على أبواب فصل الشتاء وبدء موسم العام الدراسي‪.‬‬

‫نذ ّكر أبو فاضل بأن الزعامة‬ ‫تؤخذ بالقوة وليس باالستجداء‬ ‫في حديثه إلحدى اإلذاعات قال ما يسمى بنائب رئيس احلزب الدميقراطي‬ ‫مروان أبو فاضل إنه يشجع الوزير وئام وهاب للبقاء على مواقفه الوطنية‪.‬‬ ‫وطاملا أن أبو فاضل حريص على بقائنا على موقع اخترناه بأنفسنا عندما‬ ‫كان غي ُرنا يشتم املقاومة وسوريا من أجل موقع نيابي‪ ،‬فإننا نشجع األستاذ‬ ‫املذكور على ضرورة االبتعاد عن التنسيق اليومي مع موظفي السفارة‬ ‫األميركية في عوكر‪.‬‬ ‫ولنذكر األستاذ أبو فاضل بأن الزعامة تؤخذ بالقوة وليس باالستجداء‪،‬‬ ‫لذلك نعتقد أن كثيرين سقطوا في امتحان الزعامة قبل الوصول إليها‬ ‫وال يكفي تصريح من أبو فاضل لتحديد زعامات اجلبل‪ ،‬لذا اقتضى‬ ‫التوضيح‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر عربي‬

‫إعادة انتشار القوات األميركية في العراق احتالل ّ‬ ‫مقنع‬ ‫ال بد من تسليط الضوء على ما يجري في‬ ‫العراق‪ ،‬حيث االستعمار األميركي اجلديد املتغلغل‬ ‫هناك‪ ،‬حتت أسماء واهمة وعناوين براقة وتعابير‬ ‫خادعة تتحدث عن “العملية السياسية”‪ ،‬و”إعادة‬ ‫إعمار العراق” وصوال ً الى اخلطاب اإليديولوجي‬ ‫املهيمن عن نشر قيم الدميقراطية وحقوق‬ ‫اإلنسان والسوق احلرة‪.‬‬ ‫وحتاول الواليات املتحدة أن تنصب نفسها‬ ‫كحامية للقيم تلك‪ ،‬وتقوم مبهمتها اإلعدادية‬ ‫في العالم بالقوة للتمويه اإليديولوجي‬ ‫ملمارساتها االستعمارية‪ ،‬لكن املقاومة الشعبية‬ ‫بكافة أشكالها ال تزال اجلواب الوحيد لالحتالل‬ ‫العسكري املباشر في كل أنحاء العالم‪ ،‬وفي‬ ‫كل األزمنة‪ ،‬وفي العراق بالذات‪ ،‬وفي أفغانستان‬ ‫وأينما وجد االحتالل‪.‬‬ ‫بعد إعادة انتشار القوات األميركية وبعد‬ ‫االنتهاء من عملية “العراق اجلديد” وبدء عملية‬ ‫“الفجر اجلديد” كما سماها األميركيون‪ ،‬نتفحص‬ ‫الوضع العراقي االجتماعي واالقتصادي باألرقام‬ ‫في ضوء هذا “الفجر”!‬ ‫يحتوي العراق وحده على أكبر مخزون نفطي‬ ‫في العالم يقدر بحوالي ‪ 500‬مليار برميل‪ ،‬بينما‬ ‫الكمية املكتشفة حتى اليوم هي ‪ 115‬مليار‬ ‫برميل فقط ما يجعله يحتل املرتبة الثالثة في‬ ‫العالم من حيث اخملزون النفطي‪.‬‬ ‫ويقع العراق اليوم حتت السيطرة العسكرية‬ ‫األميركية املباشرة‪ ،‬فهي لديها أكثر من خمسني‬ ‫ألف عسكري أميركي رسمي‪ ،‬بعد اخلفض‬ ‫اجلزئي ألعداد القوات وإعادة متوضعها‪ ،‬و‪ 100‬ألف‬ ‫عسكري آخرون‪ ،‬وهم مرتزقة من مختلف دول‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫وقدم الشعب العراقي جراء االحتالل األميركي‬ ‫منذ ‪ 2003‬حتى اليوم أكثر من مليوني ضحية‪،‬‬ ‫وخمسة ماليني جريح‪ ،‬ومليون أرملة‪ ،‬و ‪ 4‬ماليني‬ ‫الجئ خارج العراق‪ ،‬و ‪ 2.8‬مليون مهجر داخل‬ ‫العراق‪ ،‬وسبعة ماليني عراقي حتت خط الفقر‬ ‫(‪ 2.2‬دوالر في اليوم)‪ ،‬أي ما يعادل مجموعة ثلث‬ ‫السكان من أصل ‪ 28‬مليوناً‪ ،‬كل ذلك‪ ،‬بينما‬ ‫نصف الشباب العراقي يتمنى الهجرة ونصف‬ ‫الشعب ال يحظى باألمان‪.‬‬ ‫وخالل العام املاضي فقط قتل ‪ 4068‬شخص‬ ‫بينما جرح ‪ 15935‬شخص كما يوجد في‬ ‫السجون العراقية العلنية منها‪ ،‬مئات األلوف‬ ‫من العراقيني وأوقفت قوات االحتالل األميركي‬ ‫أكثرهم توقيفا ً اعتباطيا ً حتت عنوان “إرهابيون”‬ ‫ينتظرون احملاكمة‪ ،‬وقد أُعدم منذ منتصف عام‬ ‫‪ 2005‬حتى اليوم حسب أرقام املفوضية العامة‬ ‫حلقوق اإلنسان أكثر من ‪ 12000‬شخص في‬ ‫العراق‪ ،‬مما يعني أن الوضع أشبه باإلبادة اجلماعية‬ ‫من خالل السجون العلنية والسرية‪ ،‬الني ينتشر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فيها التعذيب أشكاال ً‬ ‫وألوانا ً حتت إدارة وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫كما أن هناك‬ ‫أدلة على وجود فرق‬ ‫إسرائيلية في العراق‬ ‫تنفذ االغتياالت بحق‬ ‫العلماء العراقيني‪،‬‬ ‫حيث هناك قتل مدبر‬ ‫ومنهجي للنخبة‬ ‫العلمية العراقية‬ ‫لتدمير أي نخبة‬ ‫مقاومة لالحتالل‪،‬‬ ‫فقد قتل أكثر من‬ ‫‪ 500‬عالم عراقي حتى‬ ‫اليوم منهم ‪ %80‬اغتيلوا في اجلامعات العراقية‪،‬‬ ‫وثمة محو ممنهج للذاكرة التاريخية والوطنية‬ ‫العراقية عبر التدمير والنهب‪ ،‬أنه جانب آخر من‬ ‫االستعمار األميركي‪ ،‬بد ًءا بنهب متحف بغداد‪،‬‬ ‫الذي كان يعد من أفضل ‪ 4‬متاحف في العالم‪،‬‬ ‫وقد صرحت باربرا بودين‪ ،‬السفيرة األميركية‬ ‫حينها‪ ،‬أن أوامر محددة في واشنطن قضت مبنع‬ ‫أي إعاقة لعملية النهب‪.‬‬ ‫االستعمار األميركي في العراق ليس استعمارا ً‬ ‫عادياً‪ ،‬إذا ما قورن باحلمالت االستعمارية خالل‬ ‫املئة عام السابقة‪ ،‬بل هو نتاج تعلم اإلمبراطورية‬ ‫األميركية من الدروس االستعمارية السابقة‬ ‫والتتويج العملي لها‪ ،‬وجتريف اجملتمعات بشريا ً‬ ‫وحضاريا ً إلعادة تكوينها على قواعد طائفية‬ ‫عشائرية وعرقية‪ ،‬وكسر أية محاولة لتكون هوية‬ ‫وطنية عراقية جامعة‪ ،‬ونهب املوارد الطبيعية‬ ‫كالنفط وخصخصة املياه والكهرباء وحتى فرض‬ ‫احلبوب الزراعية املعدلة وراثيا ً لتحقيق الربح‬ ‫السريع‪ ،‬وتغيير املناهج الدراسية‪ ،‬وسلمت مهام‬ ‫األمن السياسي والقمعي لزعماء سياسيني‬ ‫وأمنيني يعتمدون الفساد أول عمل لهم في‬ ‫“العراق اجلديد”‪ ،‬وقد صنف العراق هذه السنة ثالث‬ ‫بلد في العالم من حيث درجة استشراء الفساد‬ ‫فيه‪ ،‬والفساد الشديد للنخب احلاكمة مت برمجته‬ ‫بدقة من خالل شركات أميركية متخصصة في‬ ‫هذا اجملال ال ميكن ضبطها قانونياً‪ ،‬حيث ال ميكن‬ ‫حتديد شخص معني موجودا ً في احلقيقة “جتمع‬ ‫عدد من الشركات”‪.‬‬ ‫استمر االحتالل األميركي طيلة السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬ومتادت اجملازر بحق العراقيني‪ ،‬فيما اجليش‬ ‫األميركي يؤجج النزاعات الطائفية واملذهبية‬ ‫ممعنا ً في متزيق العراق دون التمكن من إقامة‬ ‫سلطة عراقية‪ ،‬يرسم بنفسه مالمحها ليضمن‬ ‫هيمنته على البالد‪ ،‬وإذا كان الرئيس األميركي‬

‫‪34‬‬

‫قد بادر الى سحب وحدات جيشه املقاتلة فألنه‬ ‫أيقن بداية عجزه عن حتقيق األمن لتلك الوحدات‪،‬‬ ‫التي لم جت ِد كل حروبها نفعاً‪ ،‬بل زادت فداحة‬ ‫اخلسائر البشرية واملادية أميركياً‪ ،‬وأشد األمور‬ ‫مدعاة للسخرية هو اإلعالن األميركي الباهت‬ ‫عن سحب الوحدات القتالية ليبقى االحتالل‬ ‫على خمسني ألفا ً فقط من جنوده للقيام بأدوار‬ ‫تدريبية واستشارية حسب زعمه‪ ،‬سبع سنوات‬ ‫لم تكن كافية لتدريب اجليش العراقي وتعزيز‬ ‫قواته! اإلدارة األميركية حتاول بناء جيش مزقته‬ ‫مذهبياً‪ ،‬وأقامت سلطة محلية جرى تكوينها‬ ‫لتغذية التناحر واستيالد العصبيات‪ ،‬وهو ما‬ ‫أبدعته الشركات األمنية التي تنتشر في الواقع‬ ‫امليداني‪ ،‬ومتثل خطرا ً ماثالً وإثارة للفوضى التي‬ ‫تخدم مصالح االحتالل‪.‬‬ ‫أعلنت قوات االحتالل األميركية انتهاء عملية‬ ‫سحب قواتها املقاتلة من العراق قبل املوعد احملدد‬ ‫في ‪ 31‬أب‪ ،‬لكن هناك شكوكا ً في أن يتمكن‬ ‫الرئيس األميركي باراك أوباما من الوفاء بوعده‬ ‫بسحب الـ ‪ 50‬ألف جندي الباقني بنهاية ‪،2011‬‬ ‫حيث احلجج جاهزة لتتذرع بها واشنطن للبقاء‪،‬‬ ‫مثل جتدد العنف‪ ،‬ومواصلة تدريب القوات العراقية‬ ‫– والتهديد اخلارجي أو تهديد لدميقراطية العراق‬ ‫الفتية‪ .‬فاملعاهدة االستراتيجية التي ُو ّقعت بني‬ ‫واشنطن وبغداد في تشرين الثاني العام ‪2008‬‬ ‫“معاهدة استراتيجية” نصت في مادة “ردع اخملاطر‬ ‫األمنية” على أنه من أجل تعزيز األمن واالستقرار‬ ‫في العراق واملساهمة في إرساء السالم‬ ‫واالستقرار الدوليني‪ ،‬يسعى الطرفان بفعالية‬ ‫من أجل تعزيز القدرات السياسية والعسكرية‬ ‫العراقية‪ ،‬ومتكني العراق من ردع اخملاطر التي تهدد‬ ‫سيادته واستقالله السياسي ووحدة أراضيه‬ ‫ونظامه الدميقراطي االحتادي الدستوري‪ ،‬ويتفقان‬ ‫عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق‪،‬‬ ‫بالشروع فورا ً في مداوالت استراتيجية‪ ،‬ووفقا ً‬


‫ملا قد يتفقان عليه فيما بينهما‪ ،‬تتخذ الواليات‬ ‫املتحدة اإلجراءات الدبلوماسية‪ ،‬أو االقتصادية أو‬ ‫العسكرية املناسبة‪ ،‬لردع مثل هذا التهديد‪.‬‬ ‫لقد أوقعت احلرب األميركية على العراق أفدح‬ ‫اخلسائر االقتصادية‪ ،‬وأصابت أميركا بسبب‬ ‫النفقات اخليالية للحرب‪ ،‬والتي بلغت حوالي‬ ‫تريليون دوالر‪ ،‬وثبت أن ال جدوى من البقاء في‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫وحتتاج إدارة أوباما الى خفض النفقات‬ ‫الفيدرالية إذ أن الدين األميركي بلغ ‪ 13‬ألف بليون‬ ‫دوالر‪ ،‬وهي ذروة تاريخية جنمت جزئيا ً عن احلرب في‬ ‫العراق‪ ،‬وفي بداية احلرب‪ ،‬قال وزير الدفاع حينذاك‬ ‫دونالد رامسفيلد إن العمليات ستكلف دافعي‬ ‫الضرائب األميركيني خمسني بليون دوالر‪ ،‬لكن‬ ‫حائز جائزة نوبل لالقتصاد جوزيف ستيغليتز قال‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬إن الكلفة احلقيقية للحرب أقرب الى‬ ‫ثالثة آالف بليون دوالر‪ ،‬إذا أخذنا في االعتبار مجمل‬ ‫االقتصاد بد ًءا بكلفة القتلى واجلرحى وانتهاء‬ ‫بارتفاع أسعار النفط‪.‬‬ ‫وأعلن وزير الدفاع األميركي روبرت غيتس أمام‬ ‫قواته في العراق “أنهم في املرحلة األخيرة من‬ ‫احلرب‪ ،‬بعد انتهاء املهمات القتالية وأن التاريخ‬ ‫سيصدر حكمه على الغزو‪ ،‬وما إذا كان يستحق‬ ‫العناء”‪ ،‬وحضر مراسم تسليم اجلنرال قائد‬ ‫القوات رميوند أوديرنو املسؤولية الى القائد اجلديد‬ ‫اجلنرال لويد أوسنت‪.‬‬ ‫وكان الرئيس األميركي باراك أوباما قد أعلن‬ ‫أن املهمة القتالية للواليات املتحدة في العراق‬ ‫انتهت وأبلغ األميركيني الذين سئموا احلرب‬ ‫أن “مهمتنا املركزية كشعب‪ ،‬هي استعادة‬ ‫االقتصاد األميركي عافيته”‪ ،‬و”حان الوقت لطي‬ ‫الصفحة”‪.‬‬ ‫تستهلك الواليات املتحدة ‪ % 25‬من نفط‬

‫العالم‪ ،‬وهي ال تعد سوى ‪ % 4‬من سكان األرض‪،‬‬ ‫كما أن اجليش األميركي يستهلك النفط أكبر‬ ‫من أي جيش آخر في العالم‪ ،‬حسبما ذكر مايكل‬ ‫كالر في كتابه “النفط والدم”‪.‬‬ ‫وليس واضحا ً حتى اآلن حجم العقود التي‬ ‫أبرمتها بغداد مع الشركات األجنبية مبا في ذلك‬ ‫األميركية‪ ،‬في املناقصات الثالث التي أجرتها‬ ‫لتطوير حقول نفطية في مناطق مختلفة في‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫ويرى الباحث فيلبس بينيس صاحب كتاب‬ ‫“إنهاء احلرب على العراق” أن هناك مكسبا ً بديهيا ً‬ ‫قد حتقق‪ ،‬وهو أن “واشنطن فرضت حكومة‬ ‫في العراق مرهونة لها‪ ،‬في بقائها‪ ،‬ما يعني أن‬ ‫واشنطن ستواصل التأثير على اختيار أي من‬ ‫شركات النفط التي ستحصل على العقود‬ ‫الرئيسية‪ ،‬ورغم ذلك فإن الواليات املتحدة لم‬ ‫حتصل على كل ما أرادته‪ ،‬خصوصا ً بسبب‬ ‫معارضة البرملان التفاقات اإلنتاج والتقاسم التي‬ ‫تفضلها الشركات األميركية‪.‬‬ ‫كما أن التأخير على املستوى السياسي في‬ ‫تشكيل احلكومة العراقية‪ ،‬يعني أن األحالم في‬ ‫واشنطن ستتأخر هي أيضاً‪ ،‬واالتفاقات التي‬ ‫أبرمت لتطوير احلقول النفطية ال تزال تنتظر‬ ‫مصادقة البرملان‪ ،‬ناهيك عن النزاع املرير الدائر حول‬ ‫حصة احلكومة املركزية في بغداد من الصناعة‬ ‫النفطية في احملافظات وكيفية تقاسم العائدات‬ ‫النفطية‪ ،‬لقد كان بديهياً‪ ،‬خالل ندوة أقيمت في‬ ‫‪ 21‬أب ‪ ،‬حتدث فيها قطب النفط األميركي تي‬ ‫يون بيكنز‪ ،‬قائالً‪”:‬إنها حماقة مطلقة أن نخسر‬ ‫‪ 5‬آالف جندي‪ ،‬وأن نستعيد ‪ 31‬ألف جندي مصاب‪،‬‬ ‫حتى لقد دفعنا الثمن ولم نحصل على النفط”‪.‬‬ ‫القوات األميركية قامت بعملية انتشار‬ ‫جديد ليس إال‪ ،‬وما احلديث عن عملية انسحاب‬

‫العام‬

‫القوات العراقية‬

‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫المجموع‬

‫‪2545‬‬ ‫‪2091‬‬ ‫‪1830‬‬ ‫‪1070‬‬ ‫‪515‬‬ ‫‪325‬‬ ‫‪8376‬‬

‫أدهم محمود‬

‫خسائر االحتالل األميركي وحلفاؤه البشرية في العراق بين‬ ‫عامي ‪2010 -2003‬‬

‫ضحايا القوات العراقية والمدنيين في العراق‬ ‫بين عامي ‪2005-2010‬‬ ‫المدنيون‬ ‫العراقيون‬ ‫‪5680‬‬ ‫‪16564‬‬ ‫‪17108‬‬ ‫‪4859‬‬ ‫‪2604‬‬ ‫‪1842‬‬ ‫‪48657‬‬

‫إال عملية تضليل كبيرة‪ ،‬فقد خرجت القوات‬ ‫األميركية علناً‪ ،‬لكن هذا اخلروج هو إعادة برمجة‬ ‫استباقية لدخول أميركي الحق على األرجح‪،‬‬ ‫لقد أبقت القوات األميركية على كل أزمات‬ ‫العراق معلقة بعدما أوصلت هذه األزمات الى‬ ‫نقطة الالحل ‪ 50‬ألف جندي من أجل تدريب‬ ‫القوات العراقية‪ ،‬لكن هؤالء اجلنود ليسوا من‬ ‫اخملتصني في مجال التدريب‪ ،‬بل هم من عناصر‬ ‫القوات املتأهبة خلوض القتال وتنفيذ العمليات‬ ‫الهجومية‪ ،‬وأعداد كبيرة من القوات “املنسحبة”‬ ‫بقيت في بلد عربي مجاور‪.‬‬ ‫لقد خرجت القوات األميركية جزئيا ً من العراق‪،‬‬ ‫وكل ما حدث لم تستطع فرض السيطرة على‬ ‫العراق‪ ،‬وهي بانتظار املزيد من الذرائع اجلديدة‪،‬‬ ‫وسوف تسعى الى دفع األطراف العراقية الى‬ ‫خوض حرب داخلية‪ ،‬مبا يؤدي الى إرهاق اجملتمع‬ ‫العراقي وإنهاكه ومطالبته بعودة القوات‬ ‫األميركية إلنقاذه‪ ،‬وسترسل أميركا قواتها هذه‬ ‫املرة ليس بذريعة حترير العراق‪ ،‬وإمنا على خلفية‬ ‫إنقاذ العراقيني‪ ،‬خاصة أن الصراع السياسي الذي‬ ‫حصل بعد االنتخابات التشريعية األخيرة ما زال‬ ‫دون حل‪ ،‬وهو ينذر باملزيد من التداعيات السلبية‪.‬‬ ‫العراق اليوم في موسم االنسحاب الشكلي‬ ‫والتضليل الكبير‪ ،‬والوضع املتأزم هو عنوان‬ ‫املرحلة‪ ،‬وما يجري في العراق هو جزء من حالة‬ ‫عدم االستقرار السائدة في املنطقة واملرتبطة‬ ‫بالعديد من امللفات األخرى العالقة‪ ،‬الصراع‬ ‫طويل بني اخلير والشر وهما ال يلتقيان‪ ،‬وثمن‬ ‫احلرية والكرامة أن تكون مقاوماً‪ ،‬هذه هي جتارب‬ ‫الشعوب املناضلة التي استطاعت أن حتقق‬ ‫أهدافها وترسم بتضحياتها مسارا ً مضمونا ً‬ ‫ملستقبل أجيالها‪.‬‬

‫المجموع‬

‫العام‬

‫‪8225‬‬ ‫‪18655‬‬ ‫‪18938‬‬ ‫‪5929‬‬ ‫‪3119‬‬ ‫‪2167‬‬ ‫‪57033‬‬

‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫المجموع‬

‫‪35‬‬

‫قتلى القوات‬ ‫األميركية‬ ‫‪486‬‬ ‫‪849‬‬ ‫‪846‬‬ ‫‪822‬‬ ‫‪904‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪4416‬‬

‫قتلى القوات‬ ‫البريطانية‬ ‫‪53‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‬‫‪179‬‬

‫قتلى القوات‬ ‫الحليفة‬ ‫‪41‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‬‫‬‫‪139‬‬

‫المجموع‬ ‫‪580‬‬ ‫‪906‬‬ ‫‪897‬‬ ‫‪872‬‬ ‫‪961‬‬ ‫‪322‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪4734‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر عربي‬

‫حرب تشرين ‪1973‬‬ ‫َح ّررت اإلرادة العربية و ُر ّسخت القناعة بحتمية النصر‬ ‫ما مييز حرب تشرين عام ‪ 1973‬هو أنها قامت‬ ‫مببادرة عربية‪ ،‬وأنها أثبتت أن االنتصار العربي ممكن‬ ‫لو توفرت القيادة والتخطيط‪ ،‬كما ّ‬ ‫أكدت احلرب‬ ‫أن مقولة اجليش اإلسرائيلي الذي ال يقهر عبارة‬ ‫عن مقولة فارغة‪ ،‬وقدم املوقف العربي املوحد‬ ‫درسا ً بالغ األهمية في قوة العرب الكامنة‪ ،‬فلم‬ ‫تكتف الدول العربية بتخفيض إنتاجها النفطي‬ ‫بل حظرت بيعه للدول املؤيدة لـ “إسرائيل”‪ ،‬األمر‬ ‫الذي أحدث هزة اقتصادية كبرى في العالم‪ ،‬كما‬ ‫أثبتت املوقف األميركي‪ ،‬أن التحالف األميركي –‬ ‫اإلسرائيلي حقيقة واقعة‪.‬‬ ‫لقد أثبتت حرب تشرين بأن اإلنسان هو العنصر‬ ‫احلاسم في املعركة‪ ،‬ألنه بذاته وأهدافه هو‬ ‫هدف كل معركة‪ ،‬واإلميان بهذه احلقيقة يجعل‬ ‫املواطنني جنودا ً مصممني وقادرين على حتقيق‬ ‫النصر‪.‬‬ ‫لقد أكد الرئيس اخلالد حافظ األسد عند بدء‬ ‫حرب تشرين ‪ ،1973‬بأننا ندافع عن النفس وحماية‬ ‫حقوقنا املشروعة‪“ :‬لسنا هواة قتل وتدمير‪ ،‬وإمنا‬ ‫ندافع عن أنفسنا القتل والتدمير‪ ،‬لسنا معتدين‪،‬‬ ‫ولم نكن قط معتدين‪ ،‬ولكننا كنا ولم نزل ندفع‬ ‫عن أنفسنا العدوان‪ ،‬نحن ال نريد املوت ألحد‪ ،‬وإمنا‬ ‫ندفع املوت عن شعبنا‪ ،‬إننا نعشق احلرية ونريدها‬ ‫لنا‪ ،‬ولغيرنا‪ ،‬وندافع اليوم كي ينعم شعبنا‬ ‫بحريته‪ ،‬نحن دعاة سالم‪ ،‬ونعمل من أجل السالم‬ ‫لشعبنا ولكل شعوب العالم‪ ،‬وندافع اليوم من‬ ‫أجل أن نعيش بسالم”‪.‬‬ ‫وقال القائد اخلالد حافظ األسد في اجللسة‬ ‫اخلتامية ملؤمتر القمة العربي في اجلزائر‬ ‫(‪“ :)2010/11/28‬إن قضيتنا عادلة‪ ،‬ولكن ال‬ ‫عدالة بدون نضال‪ ،‬وال عدالة بدون جهد وعرق‬ ‫وتضحية”‪.‬‬ ‫وبعد االنتصار العربي الكبير في حرب تشرين‪،‬‬ ‫والذي يعزى بأكمله الى التصميم واإلرادة‬ ‫جتسدت عمليا ً في‬ ‫الوطنية والقومية التي‬ ‫ّ‬ ‫ميدان املعركة‪ ،‬سارع القائد األسد للتركيز على‬ ‫أساسيات ينبغي استيعابها وفي مقدمتها‪ ،‬أن‬ ‫مبادئنا واملصلحة القومية العليا هي التي توجه‬ ‫ونحدد‬ ‫خطانا في معركة النضال السياسي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مواقفنا في ضوء قناعاتنا املستندة الى حرصنا‬ ‫األكيد على املصلحة الوطنية والقومية العليا‪،‬‬ ‫وإننا لم نقبل‪ ،‬ولن نقبل بأن يفرض علينا موقف‬ ‫أو قرار‪ ،‬بل إننا في كل قرار وموقف نتخذه‪ ،‬إمنا‬ ‫نسترشد مبصلحة الوطن واألمة ونسلك الدرب‬ ‫املؤدي الى هذه املصلحة‪ ،‬وفي كل ذلك يبقى‬ ‫حرصنا أشد ما يكون احلرص على وحدة العمل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العربي وتنميته وتعزيزه‪ ،‬والسير به الى اآلفاق‬ ‫التي تزيد من فاعليته‪.‬‬ ‫لقد انطلق القائد األسد في مفهومه للتوازن‬ ‫االستراتيجي مع العدو الصهيوني من أنه توازن‬ ‫“شامل‪ ،‬اقتصادي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬وسياسي‪ ،‬عسكري‪،‬‬ ‫فكري‪ ،‬وتعاوني”‪ ،‬وتسعى سوريا أن تكون املواجهة‬ ‫مواجهة قومية‪ ،‬تصب فيها طاقات األمة العربية‪،‬‬ ‫وبذل اجلهود وحتمل التضحيات‪ ،‬لتكون سوريا‬ ‫قوية بقدراتها الذاتية‪.‬‬ ‫حرب تشرين االول ‪ 1973‬احلرب العربية –‬ ‫اإلسرائيلية الرابعة في سلسلة الصدامات‬ ‫املسلحة الشاملة ضد العدو الصهيوني‪،‬‬ ‫وهي أول حرب يحدد العرب زمانها ومكانها‪،‬‬ ‫ويحافطون على املبادرة خالل عدد من مراحلها‪،‬‬ ‫وباالضافة الى ذلك‪ ،‬فإن هذه احلرب تتميز عن‬ ‫احلروب التي سبقتها‪ ،‬في أن العرب استخدموا‬ ‫خاللها‪ ،‬وألول مرة في تاريخهم احلديث‪ ،‬معظم‬ ‫أسلحتهم العسكرية واالقتصادية والسياسية‪،‬‬ ‫كما استخدموا الضرب بالعمق‪ ،‬واملفاجأة‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬ومجابهة الدبابات باملشاة‪ ،‬وحتييد‬ ‫الطيران بالصواريخ واإلنزال خلف خطوط العدو‪.‬‬ ‫لقد اعتقدت “إسرائيل” بعد حرب ‪ 1967‬أن‬ ‫الردع قادر على منع العرب من القتال‪ ،‬ولكن‬ ‫الردع سقط تلقائيا ً منذ أخذ اجليش العربي في‬ ‫سوريا ومصر قرار احلرب‪ ،‬وحتطيم حالة “الالحرب‬ ‫والالسلم” وحرمان “إسرائيل” من االستمرار في‬ ‫استنزاف العرب معنوياً‪ ،‬وتكبيدها خسائر كبيرة‬

‫‪36‬‬

‫جتعلها تفهم معنى االحتفاظ باألراضي احملتلة‬ ‫وأتباع سياسة التعنت والغطرسة‪.‬‬ ‫إن انخفاض الردع اإلسرائيلي الى “عتبة”‬ ‫متدنية جداً‪ ،‬قد شجع العرب على االندفاع الى‬ ‫الهجوم‪ ،‬وأن وجود قوة صاروخية عربية تكتيكية‬ ‫وعملياتية عام ‪ 1973‬وازن الردع اجلوي اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫وجعل القوات البرية والبحرية العربية متارس‬ ‫عملياتها على نطاق واسع دون أن تخشى ضربة‬ ‫انتقامية جوية من العمق‪ ،‬وهكذا تبخر مفهوم‬ ‫الردع التقليدي الذي أدخله بن غوريون وشمعون‬ ‫بيريس على االستراتيجية اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫في أيلول ‪ ،1973‬احتشد اجليشان السوري‬ ‫واملصري على احلدود في حجم هجومي يهدد‬ ‫أمن “إسرائيل”‪ ،‬وكان على القوات اإلسرائيلية أن‬ ‫تنفذ االستراتيجية املرسومة وتشن هجومها‬ ‫االجهاضي املسبق)‪ ،‬ولكنها لم تفعل ذلك ألن‬ ‫شروط هذا الهجوم لم تكن مؤمنة‪ ،‬فلقد اختفى‬ ‫اإلحساس الداخلي باخلطر بعد تبجحات القادة‬ ‫اإلسرائيليني وادعاءاتهم وتصريحاتهم حول‬ ‫سالمة الوضع األمني‪.‬‬ ‫كما اختفى الدعم السياسي اخلارجي بعد‬ ‫ست سنوات من حرب ‪ 1967‬وجتاهل “إسرائيل”‬ ‫للرأي العام العاملي وحتديه‪ ،‬واجتاه العالم نحو‬ ‫تأييد حق العرب في استعادة أراضيهم بجميع‬ ‫الوسائل‪ ،‬ولم يكن في وسع اإلسرائيليني االدعاء‬ ‫بأن هذه احلشود تهدد أمنهم طاملا أنهم رددوا‬ ‫طوال سنوات أن هذه احلشود عاجزة عن العمل‪،‬‬ ‫وأن سيناء واجلوالن ستصبح مقبرة كبيرة لها إذا‬ ‫ما جترأت الدول العربية على االنتقال من التلويح‬ ‫بالقوة الى استخدام القوة‪ ،‬وتبرهن كل احلقائق‬ ‫أن إحجام “إسرائيل” عن استخدام “الهجوم‬ ‫اإلجهاضي املسبق” كان ناجما ً عن عدم توفر‬ ‫الظروف السياسية والعسكرية الالزمة لهذا‬ ‫الهجوم باإلضافة الى مهارات املناورة التي اتبعت‬ ‫من قبل اجليشني العربيني في سوريا ومصر‪.‬‬ ‫خرج العرب من حرب حزيران ‪ 1967‬بنفسية‬ ‫محطمة‪ ،‬ومعنويات متدنية الى أبعد مدى‪،‬‬ ‫وكانت آثار هذه احلرب على الصعيد النفسي‬ ‫أخطر من آثارها املادية املتمثلة في تدمير القوات‬ ‫العربية املسلحة‪ ،‬واحتالل أراض عربية واسعة‪،‬‬ ‫ويرجع ذلك الى أن الهزمية االستراتيجية في‬ ‫“حوار اإلرادات” تبدأ نفسية أساساً‪ ،‬والعدو جسد‬ ‫انتصاره على شكل احتالل لألرض واملساومة‬ ‫عليها في سبيل حتقيق أغراضه‪.‬‬ ‫ولقد حاولت الدعاية الصهيونية استغالل‬ ‫حالة التدهور املطلق الذي أصاب اإلنسان العربي‬


‫بعد نكسة حزيران ‪ ،1967‬وشن العدو حملة‬ ‫الحتالل النفس العربية بعد أن احتلت األرض‪،‬‬ ‫وتأمني السيطرة على املواطن العربي من الداخل‬ ‫بعد أن حقق السيطرة املادية عليه من اخلارج‪،‬‬ ‫واجتهت محاور اخلرق الدعائي املعادي نحو التركيز‬ ‫على أن الهوة التكنولوجية بني العرب و”إسرائيل”‬ ‫كبيرة وتتسع‪ ،‬وأنه من املتعذر انتصار شعب‬ ‫“متخلف” حضاريا ً على شعب متقدم ميتلك‬ ‫ناصية احلضارة‪ ،‬وإن “إسرائيل” قوية وقادرة على‬ ‫الضرب في كل زمان ومكان واحتالل أي بقعة‬ ‫من األرض العربية‪ ،‬وأن التعاون العربي والوحدة‬ ‫العربية‪ ،‬والتضامن العربي‪ ،‬ما هي إال مسميات‬ ‫ألمور موهومة وال ميكن جتسيدها إال لفظياً‪.‬‬ ‫ومن املؤكد أن الدعاية اإلسرائيلية وجدت من‬ ‫يسمعها‪ ،‬وحققت اخلرق النفسي في كثير من‬ ‫اجملاالت وإن لم تستطع حتقيق االحتالل النفسي‬ ‫الكامل‪ ،‬ولألسف ظهرت آثار اخلرق النفسي‬ ‫على شكل استعداد للتساهل وتقدمي التنازالت‬ ‫لدى البعض الذي انخدع بدعوات “السالم” التي‬ ‫أطلقها العدو‪ ،‬بينما هو في حقيقة األمر‪ ،‬سالم‬ ‫ّ‬ ‫ميكن “إسرائيل” من الهيمنة على املنطقة‪ ،‬ومت‬ ‫تتجاوز الءات اخلرطوم الثالث‪ ،‬ولكن اندالع حرب‬ ‫االستنزاف على جبهة قناة السويس وتصاعد‬ ‫عمليات الثورة الفلسطينية داخل األرض احملتلة‬ ‫واملواجهات البطولية على جبهة اجلوالن ومنع‬ ‫العدو من حتقيق أي مكاسب إضافية والرد الفوري‬ ‫على أي عدوان إسرائيلي‪ ،‬ساهم هذا األمر في‬ ‫منع االنهيار املعنوي وبنفس الوقت إعداد العدة‬ ‫الكافية لبناء القدرات العسكرية انتظارا ً ملعركة‬ ‫تعيد للجندي العربي قدرته وثقته بنفسه‬ ‫والفرصة لتفجير طاقاته باجتاه معركة التحرير‬ ‫وللثأر من هزمية ‪.1967‬‬ ‫وفي يوم ‪ 6‬تشرين األول ‪ 1973‬ومع اندفاع‬ ‫الدبابات العربية من أرض اجلوالن وسينا‪ ،‬بدأ‬ ‫حترير اإلنسان العربي من االحتالل النفسي‪ ،‬فقد‬ ‫كان اتخاذ قرار احلرب في حد ذاته انتصارا ً نفسيا ً‬ ‫وشرارة أيقظت الكثير من اآلمال‪ ،‬وهزة قوية‬ ‫نقلت الكثيرين من موقع الالمباالة‪ ،‬الى مواقع‬ ‫الرغبة في العمل مع سماع أنباء االنتصارات‬ ‫العربية‪ ،‬وتتحول حالة نصف الوعي الى حالة‬ ‫وعي كامل بقوة العرب ويقظتهم على مجابهة‬ ‫غطرسة العدو وإحلاق الهزائم بقواته “األسطورية‬ ‫التي التقهر”‪.‬‬ ‫وفي يوم ‪ 15‬تشرين األول وعندما كانت املعارك‬ ‫دائرة على اجلبهتني السورية واملصرية بعنف لم‬ ‫تشهده املنطقة من قبل‪ ،‬أعلن الرئيس اخلالد‬ ‫حافظ األسد في خطاب قومي “قبل عشرة أيام‬ ‫خاطبتكم في اليوم الذي كان نهاية مرحلة أراد‬ ‫منها العدو أن تكون اعتداءاته املتكررة تثبيتا ً‬ ‫لواقع االحتالل والتوسع‪ ،‬ومتهيدا ً لفرض إرادته‬ ‫على أمتنا‪ ،‬واليوم أحدثكم وقد اتخذت املعركة‬ ‫شكلها احلقيقي‪ ،‬شكل حرب حترير كاملة‪ ،‬كان‬ ‫أول إجناز لها حترير اإلرادة العربية من عوامل‬

‫الضغط عليها”‬ ‫أثبتت املعارك الطاحنة‪ ،‬واجلرأة التي قاتل‬ ‫بها اجلندي العربي في ظروف املعركة املعقدة‪،‬‬ ‫واالستخدام املبدع اخلالق لألسلحة واملعدات‬ ‫املتطورة احلديثة بكل أبعادها‪ ،‬أن اإلنسان العربي‬ ‫قادر على خوض احلرب احلديثة بكل أبعادها‪.‬‬ ‫وتذكر صحيفة الغارديان البريطانية “لقد قاتل‬ ‫العرب على اجلبهتني السورية واملصرية كجنود‪،‬‬ ‫فهم منضبطون‪ ،‬مقاتلون ومقادون بشكل ذكي‪،‬‬ ‫وليس هناك أثر لدبابات متروكة”‪.‬‬ ‫وقال العميد يتسحاق حوفي قائد املنطقة‬ ‫الشمالية في اجليش اإلسرائيلي‪“ :‬كان السوريون‬ ‫متفوقني في العدد‪ ،‬ولقد اندفعوا كاللهب وأن‬ ‫أسطورة “إسرائيل” التي دامت ربع قرن اختفت‬ ‫و”إسرائيل” لم تعد منيعة ال ميكن االنتصار‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫أما كتاب التقصير “ها محدال” فهو يصف‬ ‫الهجوم العربي على لسان القادة اإلسرائيلني في‬ ‫اجلوالن وسيناء‪ ،‬بأنه هجوم مستمر وقوي على‬ ‫موجات‪ ،‬ويكرر التعبير الذي ساد داخل اجليش‬ ‫اإلسرائيلي “أنهم يتقدمون جماعات جماعات”‪،‬‬ ‫ويؤكد الكتاب الروح الصدامية التي حتلى بها‬ ‫جنود املشاة العرب املسلحون باألسلحة املضادة‬ ‫للدروع‪.‬‬ ‫هزت احلرب اجملتمع اإلسرائيلي من أساسه‪،‬‬ ‫ولقد وصفها مناحيم بيغن بأنها “كارثة قومية”‪،‬‬ ‫واعتبرها أرييل شارون “أقسى حرب واجهتها‬ ‫الدولة الصهيونية منذ تأسيسها‪ ،‬ومهما‬ ‫كانت النتائج املادية التي حققتها هذه احلرب‬ ‫كبيرة‪ ،‬فإن نتائجها املعنوية اتسمت بخطورة‬ ‫آثارها وعمق الشرخ الذي خلفته في نفسية‬ ‫اإلنسان اإلسرائيلي‪ ،‬وهذه احلرب رسخت القناعة‬ ‫بحتمية النصر لدى اجلماهير العربية‪ ،‬ومع‬ ‫امتالك سالح اإلرادة والوعي وفي ظل رؤية قومية‬ ‫وحدت إمكانيات العرب العسكرية والسياسية‬ ‫واالقتصادية كان النصر حليفنا في حرب تشرين‬ ‫‪.1973‬‬ ‫واالستراتيجية األمركية الصهيونية ‪ ،‬جلأت بعد‬ ‫حرب تشرين‪ ،‬الى سيناريو آخر يقوم على تفكيك‬

‫‪37‬‬

‫العالم العربي‪ ،‬والتعامل مع كل دولة على حدة‪،‬‬ ‫وبث روح التجزئة‪ ،‬ومحاولة جتزئة الصراع‪ ،‬ومتكنت‬ ‫من حتقيق اختراق هام من خالل توقيع اتفاقية‬ ‫كامب ديفيد مع النظام املصري عام ‪1979‬‬ ‫وإخراج مصر العبور من معادلة الصراع‪ ،‬ومحاولة‬ ‫االستفراد باملقاومة الفلسطينية وتوجيه ضربات‬ ‫قاسيه لها في لبنان وصوأل الى اجتياح لبنان عام‬ ‫‪ 1982‬ومحاولة إخضاعه للهيمنة الصهيونية‪،‬‬ ‫ولكن حسابات العدو أخطات التقدير‪ ،‬وتصاعدت‬ ‫املقاومة في لبنان‪ ،‬ووقفت سوريا موقفا ً قوميا ً‬ ‫مت ّثل في الصمود ومقاومة الهجمة الصهيونية‬ ‫املدعومة أميركياً‪ ،‬وقدمت جميع أشكال الدعم‬ ‫للبنان ومقاومته ومنعت محاوالت الصهاينة‬ ‫الساعني الى إضعافه وتقسيمه وإثارة الفتنة‬ ‫بني أبنائه‪ ،‬وكان االندحار الصهيوني عام ‪2000‬‬ ‫عن جنوب لبنان بفعل ضربات املقاومة الوطنية‬ ‫واإلسالمية وصوال الى االنتصار الكبير عام ‪2006‬‬ ‫وفشل العدو الصهيوني من حتقيق أهدافه‪،‬‬ ‫وازدادت املقاومة قوة وصالبة‪ ،‬وأثبت خيار املقاومة‬ ‫جدواه في هذه األمة‪ ،‬وصمدت سوريا املمانعة‬ ‫واملقاومة رغم التهديدات األميركية التي اجتاحت‬ ‫قواتها العراق‪ ،‬وبقي شريان احلياة واإلرادة يغذي‬ ‫كل مكامن القوة في أمتنا حتى باتت املقاومة‬ ‫خيارا ً ونبراسا ً لألجيال القادمة‪.‬‬ ‫وترسخت معادالت جديدة في املنطقة بفضل‬ ‫التضحيات ووضوح الرؤية وااللتزام بالقضايا‬ ‫الوطنية والقومية التي حافظت على مسار‬ ‫واضح والتمسك باألهداف والثوابت وبروح حرب‬ ‫تشرين وبكل اجلهود اجلبارة التي أرسى دعائمها‬ ‫الرئيس اخلالد حافظ األسد‪ ،‬وظلت سوريا قلعة‬ ‫العروبة وعمق املقاومني‪ ،‬ومسيرة املقاومة‬ ‫مستمرة في هذه األمة ومتواصلة بكل فعالية‬ ‫في ظل القيادة الشجاعة واحلكيمة للرئيس‬ ‫بشار األسد الذي ترسخت في عهده كل القيم‬ ‫الوطنية والقومية واإلنسانية التي جعلت من‬ ‫سوريا قبلة املقاومة ومالذ األحرار والشرفاء في‬ ‫أمتنا‪ ،‬ونحن على هدى نصر تشرين سائرون‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫المفاوضات المباشرة مدخل لحلقة‬ ‫تهجير جديدة ومصيرها الفشل‬ ‫بدأت املفاوضات املباشرة بني السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني‬ ‫برعاية أميركية‪ ،‬وكانت جولتها األولى في واشنطن يوم ‪ 2010/9/2‬مبراسيم‬ ‫احتفالية أقل ما ميكن أن يقال عنها مأساوية بامتياز‪ ،‬وبعد أسبوعني‪ ،‬بدأت‬ ‫اجلولة الثانية في شرم الشيخ برعاية عراب كامب ديفيد ثم انتقلت الى‬ ‫القدس احملتلة‪ ،‬ما يلفت االنتباه هو العبارات التي حاول التسويق اإلعالمي‬ ‫الصهيوني إلصاقها بتلك املفاوضات وتعظيم النتائج املتوخاة منها‪ ،‬وتصوير‬ ‫املشهد‪ ،‬وكأن هناك اختراقا ً للمألوف قد حتقق‪ ،‬وعبارات التفاؤل واجلهود‬ ‫املبذولة إلجناح املفاوضات‪ ،‬ودفع املتفاوضني للقبول بحل وسط‪ ،‬وهذا ما يؤكد‬ ‫بأن هناك صفقة قيد اإلجناز‪ ،‬وما احلديث عن الضغوط األميركية على هذا‬ ‫الطرف أو ذاك إال من باب شد االنتباه‪ ،‬واإليحاء بأن هناك مفاوضات جتري‪ ،‬أما‬ ‫واقع احلال‪ ،‬كما يؤكده املراقبون‪ ،‬فإن رئيس وزراء العدو بنيامني نتنياهو يفاوض‬ ‫نفسه‪ ،‬وهو متمسك بالوضع القائم وليس في عجلة من أمره‪ ،‬أما ما تناولته‬ ‫وكاالت األنباء‪ ،‬عن نية رئيس السلطة الفلسطينية االنسحاب من تلك‬ ‫املفاوضات فهو يجافي احلقيقة‪ ،‬ألن عباس كما قال قبل انطالق املفاوضات‬ ‫ليس لديه ما يخسره إذا فشلت املفاوضات! ولذلك فهو مستمر حتى النهاية‪،‬‬ ‫وكذلك “فاملفاوض الفلسطيني” يدرك رغبات نتنياهو الذي ال يريد وال يرغب‬ ‫وغير مؤمن باحلل النهائي أو حل الدولتني‪ ،‬ومع ذلك تستمر املفاوضات!‬ ‫باإلضافة الى ذلك تؤكد تصريحات رئيس وزراء العدو نتنياهو أنه لن يتنازل‬ ‫عن جملة من الشروط‪ ،‬األمن أولوية واحلفاظ على أمن كيانه “ويهودية‬ ‫إسرائيل” وبقاء قواته في غور األردن على احلدود الشرقية للضفة الغربية‪،‬‬ ‫واستمرار البناء االستيطاني وإذا قامت الدولة الفلسطينية “املوعودة” فإنها‬ ‫ستكون منزوعة السالح الى ما هناك من الشروط‪....‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬ملاذا هذه املفاوضات إذن؟‬ ‫بدأ أول اعتراف رسمي عربي بالكيان الصهيوني‪ ،‬منذ أن لبى الرئيس املصري‬ ‫أنور السادات دعوة الصهاينة‪ ،‬وزار القدس احملتلة في تشرين الثاني ‪ 1977‬وفقا ً‬ ‫للمتطلبات اإلسرائيلية‪ ،‬وأهمها الصلح املنفرد‪ ،‬وبعد فترة من املفاوضات مت‬ ‫توقيع اتفاقية كامب ديفيد في العام ‪ 1979‬برعاية الواليات املتحدة‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫احلني‪ ،‬م ّثل الصلح املنفرد تخليا ً عن الرؤية القومية‪ ،‬وأدت تلك االتفاقية الى‬ ‫نشوب خالفات عربية حادة‪ ،‬ذلك أن هذه االتفاقيات أنكرت احلقوق الوطنية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وجزأت الشعب الفلسطيني وأقامت “إسرائيل” املستوطنات‬ ‫في قلب الضفة الغربية‪ ،‬وترسخ نهج التسوية في عدد من الدول العربية‬ ‫املرتبطة بالواليات املتحدة ودول الغرب‪.‬‬ ‫وفي ‪ 1993/9/13‬مت التوقيع في واشنطن على االتفاق الذي مت التوصل إليه‬ ‫في أوسلو‪ ،‬وتال ذلك اعتراف متبادل بني منظمة التحرير و”إسرائيل”‪ ،‬والتعهد‬ ‫بحل الصراع عن طريق املفاوضات‪ ،‬وتنبذ منظمة التحرير اإلرهاب‪ ،‬وتتعهد‬ ‫بإلزام كافة عناصرها وأعضائها بذلك‪ ،‬كما تعلن إيقاف العمل مبيثاقها الذي‬ ‫يتضمن بنودا ً تنكر حق “إسرائيل” في الوجود وتلتزم بتعديله‪.‬‬ ‫وتال هذا االتفاق اتفاقيات أخرى‪ ،‬سلمت “إسرائيل” مبوجبها غزة وأريحا الى‬ ‫السلطة الفلسطينية في حكم ذاتي محدود بفعل املقاومة البطولية هناك‪،‬‬ ‫ثم سلمت السلطة الفلسطينية معظم املناطق ذات الكثافة السكانية‬ ‫العربية في الضفة الغربية وغزة‪ ،‬ولكنها احتفظت بسيطرتها املباشرة على‬ ‫اجلزء األكبر منها‪ ،‬وأجرت السلطة الفلسطينية انتخابات اجمللس التشريعي‬ ‫في بداية العام ‪ ،1996‬وعدلت منظمة التحرير ميثاقها لينسجم مع الرغبات‬ ‫اإلسرائيلية واالتفاقيات املوقعة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وفي تلك االتفاقيات‪ ،‬جتدر اإلشارة لبعض احلقائق‪ ،‬وهي أن سيادة السلطة‬ ‫الفلسطينية واجمللس التشريعي هي على السكان وليست على األرض‪،‬‬ ‫واستمرت “إسرائيل” باالضطالع بدورها في مجاالت الدفاع وحماية احلدود‬ ‫واألمن الداخلي واخلارجي وأمن املستوطنات واإلسرائيليني في الضفة الغربية‪،‬‬ ‫وسلطة احلكم الذاتي ليست مستمدة من الشعب بل من االتفاقيات املوقعة‬ ‫مع احلكومة اإلسرائيلية‪ ،‬ويتعهد أعضاء السلطة بااللتزام بإحكام االتفاقية‪،‬‬ ‫وتستطيع السلطة الفلسطينية تشريع القوانني شريطة أال تتعارض هذه‬ ‫القوانني مع االتفاقية‪ ،‬ويشترط أن توافق السلطات اإلسرائيلية عليها‪.‬‬ ‫وال تزال قوات االحتالل تخنق مناطق احلكم الذاتي اقتصاديا ً وحتاصرها‬ ‫لفترات طويلة ومتاطل في التقدم في احللول‪ ،‬وتخلق أمرا ً واقعا ً يستثني‬ ‫القدس من التسوية‪ ،‬وتلت تلك االتفاقية توسيع االستيطان في كافة أماكن‬ ‫الضفة الغربية والقدس‪ ،‬وبدأت “إسرائيل” تفرض هيمنتها ومتاطل للحصول‬ ‫على تنازالت إضافية‪.‬‬ ‫وبعد االتفاقيات تلك بدأت القوات اإلسرائيلية مرحلة جديدة من العدوان‬ ‫والهيمنة مستفيدة من حالة االنقسام السائدة‪ ،‬وبدأت تتحدث عن السالم‬ ‫املبني على القوة الصهيونية واإلذعان الرسمي العربي‪ ،‬وقد أسفرت االنتخابات‬ ‫اإلسرائيلية املتتالية عن فوز الفئات األكثر تطرفاً‪ ،‬هذا في الوقت الذي ال يزال‬ ‫فيه اخلطاب الرسمي للسلطة الفلسطينية يصر ويؤكد أن هذه االتفاقية‬ ‫ستقود الى بناء الدولة الفلسطينية‪ ،‬ومناشدة القيادة اإلسرائيلية االلتزام‬ ‫باالتفاقيات املوقعة‪ ،‬وساعد على ترسيخ هذا املفهوم “الواسطة األميركية‬ ‫املنحازة أصالً‪ ،‬والداعمة للكيان الصهيوني في كافة اجملاالت‪.‬‬ ‫لقد خ ّلص االتفاق “إسرائيل” من عبء الشعب الفلسطيني‪ ،‬وسلمه‬ ‫الى السلطة الفلسطينية التي بدأت تقوم بأعباء االحتالل‪ ،‬وما إن متّ توقيع‬ ‫االتفاق‪ ،‬حتى فتح الباب أمام معظم األنظمة العربية للدخول في صلح‬ ‫منفرد‪ ،‬وكان اتفاق وادي عربة عام ‪ 1994‬بني األردن و”إسرائيل”‪ ،‬وزار الرئيس‬ ‫األميركي املنطقة وأشرف على التوقيع‪ ،‬وصرح في الكنيست اإلسرائيلي‪:‬‬ ‫“رحلتكم هي رحلتنا‪ ،‬وأميركا الى جانبكم على الدوام”‪.‬‬ ‫لقد حققت التسوية للكيان الصهيوني مكاسب هامة‪ ،‬منها‪،‬‬ ‫االعتراف الرسمي العربي بحقها في الوجود على أرض فلسطني‪ ،‬كما أن‬ ‫إجناز التسوية مبشاركة فلسطينية يعطيها مصداقية أكبر‪ ،‬ومتّ إسقاط‬ ‫املقاطعة العربية‪ ،‬ومت تأجيل القضايا الفلسطينية احلاسمة‪ ،‬القدس واحلدود‬

‫‪38‬‬


‫والالجئني واالستيطان‪ ،‬ومت توقيع االتفاقيات كلها دون االعتراف بحقوق‬ ‫الشعب الفلسطيني السياسية‪ ،‬وتراجع معظم العرب عن منجزات كانوا‬ ‫قد حققوها سابقاً‪ ،‬فقد كان احلق العربي في السابق أساس التصور للحل‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬وكانت قرارات األمم املتحدة أساسا ً لتصور حل مرحلي‪ ،‬أما وبعد‬ ‫توقيع االتفاقيات صارت االتفاقيات ذاتها أساس التسوية ومرجعيتها‪ ،‬وجزأت‬ ‫التسوية األمة العربية وفتتها‪ ،‬وأصبح التركيز على الشرق أوسطية‪ ،‬ليحل‬ ‫محل األمة العربية‪ ،‬وغيرت التسوية من طبيعة التحالفات في املنطقة‬ ‫ووضعت الدول العربية الواحدة في مواجهة األخرى مهددة بذلك األمن‬ ‫القومي العربي‪.‬‬ ‫ما هو موقف النظام الرسمي العربي مبعظمه من املفاوضات؟‬ ‫املوقف الرسمي من املفاوضات املباشرة كما ع ّبر عنه وزراء اخلارجية العرب‬ ‫خالل اجتماعهم الدوري األخير في القاهرة‪ ،‬هو التمسك باملبادرة العربية‬ ‫للسالم‪ ،‬ووضعها على الطاولة‪ ،‬وحذروا بأن املبادرة لن تدوم الى األبد‪ ،‬ورغم‬ ‫الشكوك التي بلغت درجة اليقني في احتمال جناح املفاوضات هذه املرة‪ ،‬إال‬ ‫أنهم توافقوا على منحها فرصة! ومت ترجمة هذا املوقف بأن السالم العادل‬ ‫والشامل هو خيار استراتيجي‪ ،‬وعملية السالم ال ميكن جتزئتها‪ ،‬وفي هذا اجملال‪،‬‬ ‫قال األمني العام للجامعة العربية‪ ،‬عمرو موسى‪ ،‬نتابع مجريات املفاوضات‬ ‫املباشرة التي انطلقت بداية أيلول برعاية أميركية في مناخ تشوبه الريبة‬ ‫وعدم الثقة‪ ،‬وإن سياسة هل من مزيد من تنازالت اجلانب العربي قد انتهت‬ ‫ولن جتدي؟‬ ‫وشدد القرار الذي صدر عن اجتماع وزراء اخلارجية العرب على “أن هذا‬ ‫السالم ال يتحقق إال من خالل االنسحاب اإلسرائيلي الكامل من األراضي‬ ‫الفلسطينية والعربية احملتلة حتى خط الرابع من حزيران ‪ ،1967‬والتوصل الى‬ ‫حل عادل ملشكلة الالجئني الفلسطينيني استنادا ً الى املبادرة العربية وقرار‬ ‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة رقم ‪ ،194‬ورفض كل أشكال التوطني وإقامة‬ ‫دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية‪.‬‬ ‫إن إطالق املفاوضات املباشرة‪ ،‬وما رافقه من دعوات أميركية تسويقية لتلك‬ ‫املفاوضات‪ ،‬ومحاولة تشجيع رئيس السلطة الفلسطينية للمضي قدما ً‬ ‫ومطالبته بتقدمي التضحيات‪ ،‬يطرح العديد من التساؤالت حول ما ميكن أن‬ ‫تقدمه السلطة الفلسطينية؟ خاصة بعد أن رفضت حكومة نتنياهو أن‬ ‫تكون حدود ‪ 1967‬األساس إلجراء احملادثات مع تبادالت متفق عليها وهو ما‬ ‫رفضته “إسرائيل” باعتباره شرطا ً مسبقاً!‬ ‫وبينما حتاول السلطة ترتيب األولويات‪ ،‬واعتبرت قضية إنهاء النزاع على‬ ‫األراضي شرطا ً أساسيا ً للتوصل الى تسوية بشأن املواضيع اجلوهرية األخرى‪،‬‬ ‫غير أن “إسرائيل” اعتبرت األمن هو األولوية األولى‪ ،‬ولن تقدم تنازالت رئيسية‬ ‫حول األراضي حتى تتأكد أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السالح‬ ‫بصورة فعلية‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬يتم احلديث عن تنازالت فلسطينية مؤملة‪ ،‬وضرورة‬ ‫توفير غطاء رسمي عربي لها‪ ،‬وتقدمي حوافز لإلسرائيليني‪ ،‬من خالل ترتيبات‬ ‫أمنية تقوم بها مصر واألردن وتقدمي دعم اقتصادي من دول اخلليج‪ ،‬وإعادة‬ ‫النظر في تعاون متعدد األطراف مثل ذلك الذي مت التوصل إليه في مؤمتر‬ ‫مدريد ‪ ،1991‬الذي جاء فيما بعد باتفاقية أوسلو وصوال ً الى خارطة الطريق‬ ‫عام ‪ ،2003‬وأنابوليس أواخر ‪.2007‬‬ ‫اإلنسحاب اإلسرائيلي من غزة عام ‪ 2005‬حتت مسمى خطة الفصل‬ ‫التي عمد أريئيل شارون الى تنفيذها آنذاك‪ ،‬بعد االنتفاضة الفلسطينية‬ ‫الثانية‪ ،‬ومتّ من خاللها تفكيك املستوطنات شكلت إقرارا ً عمليا ًَ بأنه ال ميكن‬ ‫االحتفاظ بالفلسطينيني كسكان من دون ان تكون لهم حقوق على األرض‪،‬‬ ‫وتزداد القناعة لدى الكثير من اإلسرائيليني بعدم جدوى احتاللهم لألرض‬ ‫وبوجوب البحث عن سبل التخلص من أكبر قدر من الفلسطينيني مع أقل‬ ‫قدر ممكن من األرض‪ ،‬ويعتقد الكثير من اإلسرائيليني بأن الدولة الفلسطينية‬ ‫ضمن مواصفات معينة‪ ،‬باتت تشكل مصلحة إسرائيلية من الدرجة األولى‬ ‫وخاصة إذا أقيمت باملواصفات اإلسرائيلية املعلنة واملدعومة أميركياً‪ ،‬والكثير‬ ‫من املقتنعني بهذه األفكار يحاولون إجهاضها أو تأخيرها رغبة في حتقيق أكبر‬ ‫قدر من املكاسب من وراء استغالل القوة‪ ،‬وتطرح أمورا ً مثل وجوب اعتراف‬

‫السلطة الفلسطينية “بيهودية إسرائيل”‪ ،‬ومحاولة فرض شروط على‬ ‫الدولة الفلسطينية جتعل منها مجرد مسخ‪.‬‬ ‫الوقت ال يعمل لصالح الكيان الصهيوني الغاصب‪ ،‬وبنيامني نتنياهو وحتت‬ ‫الضغط األميركي قبل بحل الدولتني من الناحية الشكلية في خطابه في‬ ‫جامعة بار إيالن‪ ،‬ويحاول وضع أولوية حتديد الترتيبات األمنية على رسم احلدود‪،‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬طاملا يرفض نتنياهو جتميد االستيطان فكيف بالوسع التوصل الى‬ ‫حل نهائي؟ يحاول العدو فرض وقائع جديدة على األرض‪ ،‬ويدخل مصطلح‬ ‫يهودية “إسرائيل” في التداول وهذا األمر‪ ،‬بات جوهر ومضمون الغايات‬ ‫واألهداف الكبرى لـ “إسرائيل”‪ ،‬وهو الشعار اإلسرائيلي الناجح إلنهاء حق‬ ‫الالجئني الفلسطينيني في العودة‪.‬‬ ‫حاول العدو الصهيوني في مؤمتر أنابوليس طرح موضوع “يهودية إسرائيل”‬ ‫وفشل‪ ،‬وهو يحاول اآلن من خالل املفاوضات املباشرة‪ ،‬ولكن االعتراف‬ ‫بيهودية الكيان‪ ،‬تعني إغالق الباب أمام حق عودة الالجئني الفلسطينيني‪،‬‬ ‫ويساعد على تنفيذ سياسة اضطهاد عرقي بحق العرب الفلسطينيني‬ ‫في أراضي ‪ ،1948‬ويعطي “إسرائيل” مشروعية للتطهير الذي مارسته ضد‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬وحتمل في طياتها مخططات ترانسفير إضافي بحق‬ ‫الفلسطينيني‪.‬‬ ‫لقد أثبتت عملية التفاوض في السابق فشلها وكانت مجرد وسيلة‬ ‫للحصول على تنازالت إضافية من جانب السلطة الفلسطينية‪ ،‬التي راهنت‬ ‫على التسوية مع الكيان الصهيوني‪ ،‬وبئس املفاوضات التي جتري “دون جدول‬ ‫أعمال للحوار املفترض” ودون مرجعية وهي تتم بالشروط اإلسرائيلية‪ ،‬نتنياهو‬ ‫يطالب باألمن أوالً‪ ،‬حلماية االحتالل وسيطرته‪ ،‬فيما املفاوض من قبل السلطة‬ ‫الفلسطينية يطالب بالبحث في موضوع احلدود‪ ،‬ولكن أين احلدود؟ بعد أن‬ ‫ابتلعت املستوطنات أكثر من ‪ % 42‬من الضفة الغربية‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة تدعم مطالب نتنياهو األمنية‪ ،‬وتقول ال يكفي أن يتنكر‬ ‫محمود عباس للمقاومة وأن عليه أن يهاجمها كخيار‪ ،‬حتى يسقطها‬ ‫الفلسطينيون من حسابهم ومن تاريخهم وثقافتهم‪ ،‬وعليه فالشعب‬ ‫الفلسطيني يقول ال يحق ألحد أن يتحصن بحالة االنقسام الفلسطيني‬ ‫لتوظيف ذلك خدمة للتنسيق األمني مع االحتالل‪ ،‬املرحلة اآلن دقيقة‬ ‫ويفترض أن تكون مرحلة تقييم ومراجعة فلسطينية تأخذ في احلسبان‬ ‫دراسة كل املعوقات ومتضي نحو انتزاع ثوابتها‪ ،‬مقاومة بكل األساليب‬ ‫املتاحة‪ ،‬املفاوضات ستكون نتائجها كارثية وفشل ذريع ألتباع نهج التفاوض‪،‬‬ ‫والدرس الذي تعلمه الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫املفاوضات وسيلة العدو ومن يدعمه لتحقيق إجنازات وفرض وقائع‬ ‫جديدة على األرض‪ ،‬املقاومة هي أقصر الطرق لتحرير األرض وعودة الشعب‬ ‫الفلسطيني الى دياره‪ ،‬وأثبتت التجارب التاريخية في صراع الشعوب‬ ‫مع االستعمار‪ ،‬أنه ال يفهم إال لغة القوة التي هي املقاومة التي خبرها‬ ‫الفلسطينيون منذ انطالقة الثورة الفلسطينية‪ ،‬وحدث هذا في لبنان‬ ‫املقاوم‪ ،‬وسيحدث في كل مكان يتواجد فيه االحتالل‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫حوار‬ ‫حسن زيدان أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح «االنتفاضة» لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫المفاوضات لعبة مكوكية عبثية‬ ‫يستفيد منها الصهاينة‬

‫منذ كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة‬ ‫وصوالً الى خارطة الطريق وأنابوليس‪،‬‬ ‫واليوم مفاوضات مباشرة‪ ،‬جرت مياه‬ ‫كثيرة‪ ،‬وسالت دماء زكية طاهرة‪ ،‬وق ّدم‬ ‫الشعب الفلسطيني التضحيات‬ ‫اجلسام للحفاظ على القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬والتمسك بثوابتها‬ ‫وحق الشعب الفلسطيني في العودة‬ ‫متحدياً كل املؤامرات التي حيكت‪،‬‬ ‫والتي حملت في طياتها مشاريع‬ ‫فتنة وقتل وتدمير وإضعاف الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وضرب قوى املقاومة‬ ‫في فلسطني ولبنان‪ ،‬ومحاولة فرض‬ ‫املشروع الصهيوني بالقوة‪ ،‬ولكن‬ ‫جماهيرنا العربية صمدت وقاومت‪،‬‬ ‫واليوم تطل مشاريع جديدة برأسها‬ ‫حتت عناوين ومسميات واهية‪ ،‬لكن‬ ‫شعبنا الذي خبر وتعلم الدرس وأيقن‬ ‫بأن خيار املقاومة طريقة للتحرير‬ ‫والعودة سيفشل كل املشاريع مهما‬ ‫كانت القوة التي تقف وراءها‪.‬‬ ‫لتسليط الضوء على املفاوضات‬ ‫املكوكية العبثية اجلارية‪ ،‬التقت “منبر‬ ‫التوحيد” املناضل الكبير أبو إيهاب‬ ‫حسن زيدان في حوار واضح وصريح‪ ،‬ولتضع‬ ‫النقاط فوق احلروف‪ ،‬إليضاح احلقائق‪ ،‬وهنا نص‬ ‫احلوار‪:‬‬ ‫بدأت عملية املفاوضات املباشرة بني‬ ‫السلطة الفلسطينية وحكومة العدو في‬ ‫‪ 2010/9/2‬في واشنطن في جولة جديدة برعاية‬ ‫أميركية ثم انتقلت الى شرم الشيخ في جولة‬ ‫ثانية‪ ،‬والسؤال ما الذي تتوقعونه من مثل هذه‬ ‫املفاوضات؟‬ ‫أساساً‪ ،‬نحن في حركة فتح االنتفاضة لم‬ ‫نع ّول مطلقا ً على مبدأ املفاوضات مع العدو‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وكان تقدرينا دائما ً أن أي حديث عن‬ ‫مفاوضات مع هذا العدو احملتل ألرضنا سيعطيه‬ ‫شرعية التفاوض على أرض هي ليست له أساساً‪،‬‬ ‫ناهيك عن أن التفاوض كمفهوم يتطلب في حده‬ ‫األدنى حالة من التوازن بني املفاوضني وهذا ليس‬ ‫موجوداً‪ ،‬بسبب اخللل الفاضح في موازين القوى‬ ‫بني العدو والفلسطينيني أو ‪ ...‬بني العدو والعرب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مجتمعني‪ ...‬لذلك فما هو متوقع من املفاوضات‬ ‫القائمة اليوم بني محمود عباس ونتنياهو هو‬ ‫املزيد من اإلمالءات اإلسرائيلية واملزيد من اخلضوع‬ ‫على مستوى املفاوض الفلسطيني‪ ،‬الذي ال ميلك‬ ‫أ ّيا من أوراق الضغط والقوة بعد أن أدار ظهره‬ ‫لكل عوامل القوة في اجملتمع الفلسطيني وتنكر‬ ‫ملبدأ املقاومة مكررا ً مواقفه املعهودة منذ أوسلو‬ ‫‪ ،1993‬أن ال بديل عن التفاوض غير التفاوض قاطعا ً‬ ‫الطريق على كل من فكر ويفكر في مقاومة‬ ‫االحتالل متوعدا ً إياهم باملالحقات واالعتقال‪.‬‬ ‫ذهبت السلطة الفلسطينية الى واشنطن‬ ‫للبدء بعملية تفاوض دون أي أفق منظور‬ ‫بتحقيق أي من حقوق الشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫وبينما يعلن قادة العدو بأن األمن أولوية‬ ‫لكيانهم “ويهودية إسرائيل” ويعلنون بأن‬ ‫االستيطان مستمر‪ ،‬على ماذا تراهن السلطة‬ ‫الفلسطينية وهي التي تقول‪ ،‬لن نخسر أي‬ ‫شيء إذا لم تنجح املفاوضات؟ وما هو رأيكم‬ ‫في ذلك؟‬

‫‪40‬‬

‫العدو الصهيوني يحتل األرض‬ ‫الفلسطينية ويفرض حصارا ً خانقا ً على‬ ‫غزة ويصادر املياه اجلوفية‪ ،‬ويقضي على‬ ‫كل أمل في احلياة للفلسطينيني لدفعهم‬ ‫الى الهجرة أو القبول باحتالله الى األبد‪..‬‬ ‫وسلطة رام اهلل ال متلك منذ أكثر من‬ ‫سبعة عشر عاما ً غير إبداء التفهم تارة‬ ‫لإلجراءات اإلسرائيلية‪ ،‬وطورا ً إبداء قلقها‬ ‫لتلك اإلجراءات بدعوى أنها ال تساهم في‬ ‫تسهيل احلياة اليومية للفلسطينيني‬ ‫داخل مدنهم وقراهم‪.‬‬ ‫لقد بات الهاجس الدائم لهذه‬ ‫السلطة هو كيف حتافظ على سلطتها‬ ‫ومكتسباتها الهزيلة من شرطة ال قرار‬ ‫لها وأجهزة استخبارات مجيرة بكاملها‬ ‫ملصلحة العدو احملتل‪ ،‬وبنوك ال متلك إال‬ ‫ما جت ّود به الدول املانحة على صناديقها‬ ‫لدفع رواتب طوابير املوظفني واملتقاعدين‪،‬‬ ‫أمام هذا الواقع يذهب محمود عباس‬ ‫ليفاوض نتنياهو على ما تبقى من‬ ‫أرض فلسطينية‪ ،‬ووفق شروط حددها‬ ‫األميركي بالتوافق مع اإلسرائيلي‪ ،‬وهو‬ ‫يدرك‪ ،‬وهو اخلبير بالعقل اإلسرائيلي‪ ،‬أنه‬ ‫هو من سيبدي املرونة وصوال ً الى التنازل‬ ‫إذا أراد للمفاوضات أن حتقق تقدماً‪ ،‬وهو يبدو في‬ ‫هذه املفاوضات كمن أحرق كل سفنه‪ ،‬وبات يرى‬ ‫في العودة الى الوراء نهاية له ولسلطته‪ ،‬وهو من‬ ‫أجل ذلك مستعد ملفاوضات تقصر أو تطول‪ ،‬ال‬ ‫فرق‪ ،‬طاملا لم يبق عنده ما يقوله لشعبه الذي‬ ‫اكتوى بنار فساد أجهزته كما لم يكتو من قبل‪...‬‬ ‫وإذا كانت سلطة رام اهلل حتاول التخفيف من‬ ‫وطأة أي فشل يلحق بهذه املفاوضات‪ ،‬وتتذرع بأن‬ ‫ال شيء تخسره في حال الفشل فألنها تدرك‬ ‫أنها تفاوض من موقع الضعف‪ ،‬وال متلك ما من‬ ‫شأنه الضغط على املفاوض اإلسرائيلي للقبول‬ ‫ولو باحلد األدنى من مطالبها‪“ ...‬معادلة التفاوض‬ ‫حتى ولو فشلنا”‪ ،‬تتماهى مع معادلة “التفاوض‬ ‫وال شيء غير التفاوض”‪ ،‬وهي عبارات تتلطى‬ ‫سلطة رام اهلل وراءها لتبرير عجزها وتبرئة ذمتها‬ ‫من تداعيات أي فشل يلحق مبفاوضاتها مع العدو‬ ‫الصهيوني بحيث تكون قد استبقت هذا الفشل‬ ‫من خالل تصويرها للمفاوضات أنها صعبة‪ ،‬وأن‬


‫العدو الصهيوني يجهد إلفشالها بذريعة عدم‬ ‫استعداده للتنازل للفلسطينيني‪ ،‬وتعريض أمن‬ ‫كيانه للخطر‪ ...‬هذا الواقع التفاوضي إذن وفق‬ ‫منظور سلطة رام اهلل نفسها يحمل بذور فشله‬ ‫أكثر من بذور جناحه‪ ،‬ومع هذا فاإلصرار على تبني‬ ‫هذا اخليار يؤكد على إفالس أصحابه وإصرارهم‬ ‫على الذهاب بعيدا ً في اللعبة املكوكية العبثية‪،‬‬ ‫التي ال يستفيد منها إال الصهاينة عبر القضم‬ ‫املستمر لألرض الفلسطينية‪ ،‬والتوسع اجلنوني‬ ‫للمستوطنات على حساب ما بقي من أرض‪،‬‬ ‫واإلسرائيلي في هذه املفاوضات يضع هواجسه‬ ‫األمنية كخطوط حمر‪ ،‬على الطاولة ومحمود‬ ‫عباس يطرح هواجسه الشخصية فيهدد‬ ‫باالنسحاب من املسرح السياسي إذا لم يأخذ‬ ‫املفاوض اإلسرائيلي برغباته ألنه لم يعد ميلك‬ ‫ما يقنع به الشارع الفلسطيني ليستمر في‬ ‫مفاوضاته‪ ...‬رهان سلطة رام هلل واحلالة هذه‬ ‫عقيمة وبائسة‪ ،‬وينحصر الرهان في عاملني اثنني‪:‬‬ ‫أولهما النوايا األميركية “وفق منظورهم” لتحقيق‬ ‫السالم في املنطقة‪ ،‬وثانيهما التلويح اإلسرائيلي‬ ‫بأن البديل لهذه السلطة التي تفاوضه لن يكون‬ ‫إال األصولي الرافض ملبدأ وجود الكيان‪ ،‬مثل هذه‬ ‫احلسابات اخلاطئة على النوايا األميركية وعلى‬ ‫إمكانية خضوع اإلسرائيلي‪ ،‬والتراجع املستمر‬ ‫للوضع الفلسطيني برمته كونها جتاهلت عامل‬ ‫املقاومة املسلحة الذي كان عنصرا ً أساسيا ً في‬ ‫انتزاع اعتراف العالم بشرعية منظمة التحرير‬ ‫كممثل وحيد لشعبنا الفلسطيني‪ ...‬والتغيب‬ ‫املتعمد ملنطق املقاومة عند فريق أوسلو هو الذي‬ ‫أفسح في اجملال للصهاينة لتصعيد عدوانهم‬ ‫على شعبنا‪ ،‬وأعفى العالم مسؤولياته جتاه‬ ‫قضية عادلة وقف لسنوات طويلة يدافع عنها‪،‬‬ ‫ويدعو الى إيجاد احلل العادل لها بل وذهب العالم‬ ‫بعيدا ً في إدانته للمحتلني الصهاينة عندما‬ ‫وصف الصهيونية بالعنصرية‪.‬‬ ‫ما هي الوسائل البديلة إلحقاق احلقوق‬ ‫الوطنية الفلسطينية‪ ،‬بعد أن ثبت أن خيار‬ ‫التفاوض ُم ِني بفشل تاريخي‪ ،‬حيث زاد‬ ‫االستيطان الصهيوني خالل سنوات التفاوض‬ ‫أضعافاً مضاعفة؟ وعلى ماذا تراهنون؟‬ ‫منذ انطالقة الثورة الفلسطينية كان الطريق‬ ‫واضحاً‪ ،‬وأداة حسم الصراع مع احملتلني الصهاينة‬ ‫أوضح‪ ،‬فاملقاومة املسلحة كانت خيار شعبنا‬ ‫ملواجهة االحتالل‪ ،‬لذلك فموضوع البحث عن‬ ‫بدائل حلسم الصراع لم يكن واردا ً في ظل متسك‬ ‫ثورتنا باملقاومة املسلحة أسلوبا ً وحيدا ً للتحرير‪،‬‬ ‫كنا على يقني أن الكفاح املسلح وحرب الشعب‬ ‫طويلة األمد كفيالن بدحر العدو‪ ،‬وحتقيق االنتصار‬ ‫فيما لو تضافرت اجلهود العربية واإلسالمية معنا‪،‬‬ ‫ولم يراودنا الشك حلظة بعقم هذا اخليار‪ ،‬والشعب‬ ‫الفلسطيني بقي وفيا ً ملقاومته وقدم آالف‬ ‫الشهداء على هذا الطريق‪ ،‬ففي فلسطني احملتلة‬ ‫كانت االنتفاضات املتتالية التي بدأت باحلجر ولم‬

‫تنته بالبندقية وفي دول الطوق بقيت الفصائل‬ ‫الفلسطينية املؤمنة بحتمية حترير فلسطني‬ ‫ترفض حتى مجرد التفكير بنزع سالحها رغم‬ ‫كل الذرائع التي أعطيت لها للتقليل من دور هذا‬ ‫السالح خصوصا ً بعد أن سقط الفريق الرسمي‬ ‫الفلسطيني في الشرك األميركي اإلسرائيلي‬ ‫وراح ير ّوج لفكرة التعايش مع الصهاينة‪ ،‬ويعلن‬ ‫رفضه ملبدأ املقاومة املسلحة ‪ ...‬ورغم احملاوالت‬ ‫الفاشلة لهذا الفريق منذ أوسلو حتى اليوم فقد‬ ‫سقطت كل ذرائعه التي ساقها لتبرير السقوط‬ ‫املهني‪ ،‬وبقي الشعب الفلسطيني على خياره‬ ‫الوحيد عنيدا ً في مقاومته للمحتلني‪ ،‬عصيا ً على‬ ‫التطويع‪ ،‬ورغم إصرار الفريق الالهث وراء سرب‬ ‫احللول على االستمرار في جوالته التفاوضية مع‬ ‫اإلسرائيليني‪ ،‬إال أنه فشل فشالً ذريعا ً في جعل‬ ‫هذا املنطق يعلو على منطق املقاومة‪ ،‬وكما كانت‬ ‫خيباته في السابق‪ ،‬فإن األيام القادمة لن تكون‬ ‫أفضل عليه من سابقها‪ ،‬وسيكتشف هؤالء‬ ‫أنهم هم وحدهم وليس شعبهم من سقط في‬ ‫بازار لعبة األمم وباتوا بيارق بيد احملتلني وأسيادهم‬ ‫يحركونهم أو يركنونهم عندما يشاؤون‪.‬‬ ‫هل من أوسلو جديدة متوقعة‪ ،‬وماذا سيقدم‬ ‫املفاوض الفلسطيني إلمتام صفقة جديدة‬ ‫كهذه في ختام املفاوضات املباشرة‪ ،‬وهل‬ ‫تتوقعون أي تداعيات سلبية وانعكاسات أخرى‬ ‫ملثل هذه النتائج؟‬ ‫سلطة رام اهلل تبدي استعدادها لاللتزام‬ ‫بالتقنيات التي اعتمدت للوصول الى اتفاقات‬ ‫أوسلو عام ‪...1993‬وأولها سرية املفاوضات‪...‬‬ ‫وال يخفى أن محمود عباس كان مهندس تلك‬ ‫االتفاقات التي جرت الويالت على شعبنا‪...‬‬ ‫وهو عندما يعلن اليوم عزمه على االستفادة‬ ‫من جتربة أوسلو فإمنا يعيد الى األذهان منهج‬ ‫التكتم الذي اعتمده مع اإلسرائيليني وأفضى‬ ‫بالنتيجة التفاقات قال فيها كل من اطلع عليها‬ ‫في حينه أنها كارثية وأن كل بند فيها يحتاج‬ ‫للتفاوض عليه‪ ...‬كلهم أدانوا تلك االتفاقات‬ ‫حتى اإلسرائيلي اجملرم شامير أبدى استغرابه‬ ‫ودهشته لسرعة مواقفه محمود عباس على‬

‫‪41‬‬

‫بنودها وقال ممازحا ً الصحافيني‪“ ،‬لو كنت مكانه‬ ‫ما فعلت”‪ ،‬وعندما سئل عن آلية تنفيذ تلك‬ ‫االتفاقات‪ ،‬أجاب‪ ”:‬اسألوني بعد عشر سنوات من‬ ‫أعطكم اجلواب”‪ ،‬وحده محمود عباس من‬ ‫اآلن‬ ‫ِ‬ ‫أشاد باتفاق أوسلو وقدمه للقيادة الفلسطينية‬ ‫آنذاك على أنه اإلجناز األهم في تاريخ شعبنا‬ ‫الفلسطيني!!‪.‬‬ ‫وهو اليوم يعمل على الترويج املستمر ملقولة‬ ‫أن اتفاقات أوسلو وخارطة الطريق وامللحقات التي‬ ‫تلت هي مرجعيات معتمدة في املفاوضات اجلدية‬ ‫بني الطرفني‪ ،‬وهو في ذلك يريد أن يقول للشعب‬ ‫الفلسطيني أنه يفاوض على تنفيذ ما سبق‪،‬‬ ‫وتفاوض عليه مع اإلسرائيليني‪ ،‬لكن وفق آلية‬ ‫جديدة تأخذ باالعتبار مالحظات الفريقني‪ ...‬وهو‬ ‫يحاول االلتفاف على كل األصوات الفلسطينية‬ ‫والعربية التي تندد مبفاوضاته متذرعا ً بأن ما‬ ‫يجري هو استكمال ملا سبق ومطمئنا ً هؤالء بأن‬ ‫ما مييز مفاوضاته اجلديدة عن مفاوضات أوسلو‪،‬‬ ‫أن األخيرة جرت والقيادة الرسمية للمنظمة‬ ‫كانت خارج الوطن‪ ،‬فيما املفاوضات احلالية تبدأ‬ ‫من داخل الوطن‪ ...‬وهذا ما يفسره حسب زعمه‪،‬‬ ‫“قوة املفاوض الفلسطيني” اليوم وعزمه على‬ ‫الوصول الى نتائج مرضية مع اإلسرائيليني‪....‬‬ ‫محمود عباس إذن‪ ،‬يبدي اطمئنانه بإمكانية‬ ‫النجاح في مفاوضاته مع نتنياهو فيما نتنياهو‬ ‫يؤكد على مسمع منه أن يهودية الكيان‬ ‫شرط لبقاء املفاوضات وأن استمرار البناء في‬ ‫املستوطنات شرط احلفاظ على متاسك حكومته‬ ‫لدعم مسيرة التفاوض مع الفلسطينيني وأن‬ ‫القدس عاصمة أبدية لكيانه‪ ...‬فيما حق العودة‬ ‫موضوع خارج التفاوض وهو شأن عربي ودولي‪...‬‬ ‫ويبقى السؤال الذي ينتظر اجلواب‪ ،‬ما سر‬ ‫اطمئنانه محمود عباس إذن‪ ،‬وعلى ماذا يراهن‬ ‫وهو يبدي تفاؤله في الوصول الى اتفاق جديد مع‬ ‫الصهاينة؟! كل املراقبني حتى الصهاينة منهم‪،‬‬ ‫ال يرون في تفاؤل عباس أكثر من مكابرة وتالعب‬ ‫باأللفاظ بسبب خوفه من الفشل في وقت يدرك‬ ‫فيه أن ال غطاء فلسطيني يحميه في مفاوضاته‬ ‫القائمة ويوفر له الدعم الشعبي الذي يريده‬ ‫للظهور أمام حلفائه من العرب واألجانب مبظهر‬ ‫من ميثل هذا الشعب وينطق باسمه‪ ،‬وإذا كان‬ ‫لهذه املفاوضات أن تخرج بشيء شبيه باتفاق‬ ‫أوسلو أو غيره‪ ،‬فلن يكون هذا االتفاق‪ ،‬بتقديرنا‬ ‫أكثر من اتفاق إطار مؤقت يحمل الوعود في دولة‬ ‫قابلة للحياة!! لكنه سيكون الحقا ً ووفق معادلة‬ ‫القوة القائمة بني الطرفني محشو بكل الالءات‬ ‫التي تضمن أمن الكيان‪ ،‬والتي لن تكون أقل من‬ ‫“ال للقدس عربية‪ ،‬وال لعودة الالجئني‪ ،‬ال لوقف‬ ‫االستيطان ال لبقاء فلسطيني داخل احلزام‬ ‫األخضر‪ ....‬وسيصدق عندها في محمود عباس‬ ‫ني‪.‬‬ ‫املثل القائل‪ :‬عاد محمود بخُ ّف ْي ُح َن ْ‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫الدعم األميركي‬ ‫للكيان الصهيوني باألرقام‬ ‫العالقة بني الواليات املتحدة األميركية والكيان‬ ‫الصهيوني هي حصيلة إفرازات نصف قرن من‬ ‫العالقات اخلاصة بينهما‪ ،‬أسفرت عن قناعة‬ ‫اإلدارة األميركية بأن تترك لـ “إسرائيل” حرية‬ ‫احلركة والعمل في تنفيذ ما تراه مناسبا ً طاملا‬ ‫أنها أدرى مبصاحلها وطاملا أن تلك املصالح تصان‬ ‫عندما متتلك “إسرائيل” القوة والقدرة على تهديد‬ ‫وردع العرب جميعاً‪.‬‬ ‫ويعد التعاون االستراتيجي مع الواليات املتحدة‬ ‫هدفا ً إسرائيليا ً قدميا ً متأصالً يرجع الى اخلمسينات‬ ‫من القرن العشرين‪ ،‬عندما طالبت “إسرائيل” بأن‬ ‫تؤخذ حاجاتها في احلسبان عند وضع اخلطط‬ ‫الغربية للدفاع عن املصالح االستعمارية من‬ ‫خالل إنتاج السالح في “اسرائيل” مبا يساعد على‬ ‫تزويد الدول احلليفة للواليات املتحدة به‪ ،‬وهذا‬ ‫هو الدور املرسوم للكيان الصهيوني منذ أن متّ‬ ‫قيامه على أرض فلسطني كرأس حربة للمشروع‬ ‫االستعماري الهادف الى نهب خيرات الشعوب‬ ‫وفرض الهيمنة االستعمارية بكافة أشكالها‪.‬‬ ‫وتطورت العالقات اإلسرائيلية مع الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬ومت تقدمي املساعدات العسكرية لـ‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬إال أنها لم تصبح املورد الرئيسي‬ ‫لألسلحة‪ ،‬التي حتصل عليها “إسرائيل” إال في‬ ‫عدوان ‪ ،1967‬أما برنامج املساعدات العسكرية‬ ‫األميركية السنوي‪ ،‬فقد بدأ في أعقاب حرب‬ ‫تشرين ‪ 1973‬وما زال مستمرا ً حتى اآلن‪ ،‬إضافة‬ ‫الى تقدمي قروض عسكرية أميركية لـ “إسرائيل”‬ ‫باإلضافة الى املساعدات االقتصادية‪ ،‬وقد بلغ‬

‫إجمالي املساعدات العسكرية لـ “إسرائيل” أكثر‬ ‫من ‪ 1.4‬مليار دوالر خالل الفترة من عام ‪ 1950‬حتى‬ ‫عام ‪ ،1973‬ومنذ ذلك الوقت زادت هذه املساعدات‬ ‫زيادة كبيرة‪ ،‬وتأثر حجم املساعدات العسكرية‬ ‫األميركية لـ “إسرائيل” باألحداث السياسية‬ ‫والصراع في املنطقة‪ ،‬حيث استقر حجم‬ ‫املساعدات خالل السنوات عند مليون دوالر سنويا ً‬ ‫خالل السنوات من ‪ 1978‬حتى العام ‪.1980‬‬ ‫أما في السنة املالية ‪ ،1977‬فقد خصص‬ ‫لها ‪ 2.2‬مليار دوالر وارتبط ذلك باالنسحاب من‬ ‫سيناء واتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬وكذلك فقد زادت‬ ‫املساعدات اخلارجية في مجال التسلح عن‬ ‫معدلها العام‪ ،‬في أعقاب حرب تشرين ‪1973‬‬ ‫حيث بلغت املساعدات ‪ 2.5‬مليار دوالر في السنة‬ ‫املالية ‪ ،1974‬وحصلت “إسرائيل” على ‪ 17‬مليار‬ ‫دوالر في شكل قروض‪ ،‬خالل السنة املالية ‪.1976‬‬ ‫والواضح أن توجه السياسة األميركية نحو‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬بدأ يتزايد بعد عام ‪ ،1967‬حيث ازدادت‬ ‫مكانة “إسرائيل” باعتبار أنها تلعب دورا ً رئيسيا ً في‬ ‫إطار املصالح األميركية مبنطقة الشرق األوسط‪.‬‬ ‫ومنذ سنوات سقوط شاه إيران والغزو‬ ‫والسوفياتي ألفغانستان‪ ،‬ومنذ بداية الثمانينات‬ ‫بدأ التعاون االستراتيجي بني الواليات املتحدة‬ ‫و”إسرائيل” يأخذ مسارا ً متعاظماً‪.‬‬

‫دوافع إقامة العالقات العسكرية‬ ‫– اإلسرائيلية – األميركية‬ ‫إن إقامة العالقات املشتركة بني الواليات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪42‬‬

‫املتحدة و”إسرائيل”‪ ،‬هو أحد الثوابت األساسية‬ ‫في السياسة األميركية‪ ،‬وهي عالقة بني‬ ‫املشروع وإحدى أدواته الهامة‪ ،‬وتطورت العالقات‬ ‫الستراتيجية مبنحى تصاعدي‪ ،‬مبا يحقق املصالح‬ ‫املتبادلة على الصعيدين القومي والدولي‪،‬‬ ‫من خالل تقوية مكانة “إسرائيل” في احملافل‬ ‫السياسية واالقتصادية وزيادة قدراتها اإلنتاجية‬ ‫باالعتماد على التكنولوجيا احلديثة‪ ،‬ودعم‬ ‫سياستها في التغلغل داخل القارة اإلفريقية‪،‬‬ ‫لتحقيق املصالح األمنية واالقتصادية‪ ،‬فضالً‬ ‫عما حتصل عليه من مكاسب مباشرة في السوق‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫وتشكل “إسرائيل” أهم ركائز حتقيق أهداف‬ ‫السياسة األميركية في الشرق األوسط‪ ،‬سواء‬ ‫لتأمني املصالح النفطية األميركية بتلك‬ ‫املناطق‪ ،‬في ظل تنامي الدور األوروبي املنافس‬ ‫للدور األميركي في مستقبل الترتيبات األمنية‬ ‫في حوض البحر األبيض املتوسط‪ ،‬إضافة الى‬ ‫الدور الذي تلعبه “إسرائيل” في حتقيق املصالح‬ ‫األميركية في القارة اإلفريقية بصفة عامة‬ ‫والقرن اإلفريقي بصفة خاصة‪ ،‬كما تقوم بدور‬ ‫الوكالة لتحقيق املصالح األميركية في كل من‬ ‫الصني ودول أميركا الالتينية ومناطق أخرى‪ ،‬من‬ ‫خالل تنفيذ أهداف السياسة األميركية في هذه‬ ‫املناطق‪.‬‬ ‫ويزيد من قوة الدوافع األميركية‪ ،‬حقيقة قوة‬ ‫ضغط اللوبي الصهيوني األميركي على مراكز‬ ‫صنع القرار في الواليات املتحدة األميركية سواء‬ ‫في السياسة اخلارجية أو داخل اإلدارة األميركية‬ ‫أو الكونغرس األميركي‪.‬‬


‫واالهتمام األميركي بأمن “إسرائيل”‪ ،‬هو التزام‬ ‫أساسي للسياسة اخلارجية األميركية‪ ،‬من خالل‬ ‫احلفاظ على بقاء “إسرائيل” وأمنها‪.‬‬ ‫ويأخذ الدعم األميركي لـ “إسرائيل” اجتاهات‬ ‫رئيسية تبدأ بااللتزام السياسي وهو التزام يركز‬ ‫على دعم اليهود‪ ،‬وحقهم في أن تكون لهم دولة‬ ‫بصرف النظر عن تعارض ذلك مع حقوق العرب‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬وينظر لـ “إسرائيل” على أنها‬ ‫“دولة دميقراطية” تشارك الواليات املتحدة في‬ ‫كثير من قيمها‪.‬‬ ‫ويرجع االهتمام األميركي بـ “إسرائيل”‪ ،‬الى‬ ‫اعتبارات عدة أهمها املصالح ووظيفة الكيان‬ ‫كأداة مجربة‪ ،‬باإلضافة الى اعتبارات داخلية‬ ‫أهمها‪ ،‬وجود اجلماعات اليهودية التي تعد على‬ ‫درجة عالية من الكفاءة والنشاط‪ ،‬وميل الرأي‬ ‫العام في الواليات املتحدة الى “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ويبدو من استراتيجية الواليات املتحدة‬ ‫األميركية ومصلحتها القومية‪ ،‬أنها ال ترسل‬ ‫ماليني الدوالرات في شكل معونة عسكرية‬ ‫واقتصادية لـ “إسرائيل” جملرد الشعور بااللتزام‪،‬‬ ‫أو لسبب ضغوط اللوبي اليهودي‪ ،‬ولكنها تفعل‬ ‫ذلك من منطلق أن “إسرائيل” تشكل رصيدا ً‬ ‫استراتيجيا ً مهما ً لها في منطقة الشرق‬ ‫األوسط التي تعتبره من أهم املناطق للمصالح‬ ‫األميركية‪ ،‬فقيمة “إسرائيل” االستراتيجية‪ ،‬تنبع‬ ‫من كونها احلليف الوحيد الذي ميكن االعتماد‬ ‫عليه في هذه املنطقة‪ ،‬وأنها ميكن أن تستخدم‬ ‫قواتها حلماية املصالح األميركية‪ ،‬وقد ظهر‬ ‫هذا واضحا ً في حرب حزيران ‪ 1967‬حيث حققت‬ ‫“إسرائيل” الهدف األميركي في إيفاق املد الثوري‬ ‫املصري والتأثير على مصالح الغرب البترولية في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫وبدأت الواليات املتحدة في حتقيق تفوق‬ ‫“إسرائيل” عسكريا ً واقتصاديا ً وتكنولوجيا‬ ‫كقاعدة مسلحة حتمي املصالح األميركية‬ ‫والغربية‪ ،‬والتفكير في حتويل “إسرائيل” الى قوة‬ ‫تنسق وتتعاون مع‬ ‫ردع سريع خاضعة ألميركا‪ّ ،‬‬ ‫البنتاغون‪.‬‬ ‫وحاولت الواليات املتحدة استثمار انتصار‬ ‫“إسرائيل” عام ‪ ،1967‬من أجل التوصل الى‬ ‫تسوية نهائية للصراع‪ ،‬وما لبثت أن عدلت ذلك‬ ‫وبدأت تبحث عن صيغ جديدة مؤقتة ال تصل الى‬ ‫حد التسوية الشاملة للصراع وجتنب القضايا‬ ‫األساسية موضع اخلالف‪.‬‬ ‫ولكن حرب تشرين ‪ 1973‬ونتائجها أثبتت‬ ‫خطأ التقديرات األميركية‪ ،‬بأن الدعم الشامل‬ ‫لـ “إسرائيل” يضمن لها التفوق املطلق في‬ ‫كل الظروف‪ ،‬مما يؤدي الى حتقيق االستقرار في‬ ‫منطقة الشرق األوسط‪ ،‬وكأن اإلدارة األميركية‬ ‫قد استوعبت هول املفاجأة وأدركت األبعاد‬ ‫اجلديدة للصراع بعد استخدام العرب لسالح‬ ‫البترول وكسر مقولة التفوق اإلسرائيلي واجليش‬ ‫االسرائيلي الذي ال يقهر‪ ،‬عندما متكن املقاتل‬

‫العربي من حتقيق إجنازات وبطوالت رائعة أسست‬ ‫ملعادالت جديدة‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬سعت اإلدارة األميركية حلل الصراع‬ ‫والتحرك جتاه القيادة املصرية وإقناعها بالدور‬ ‫األميركي من أجل حتقيق السالم في املنطقة‪،‬‬ ‫وقد تبلورت هذه التحركات جميعا ً بتوقيع‬ ‫معاهدة كامب ديفيد في آذار ‪ ،1979‬وهكذا بدأت‬ ‫مرحلة هامة تالية في التعاون االستراتيجي بني‬ ‫الواليات املتحدة األميركية و”إسرائيل”‪ ،‬وتبلورت‬ ‫رؤية أميركية ألمن املنطقة‪.‬‬

‫التعاون االستراتيجي بني‬ ‫أميركا و «إسرائيل»‬ ‫وبدأت مرحلة التحالف بعد عام ‪ ،1981‬في‬ ‫ظل إدارة الرئيس رونالد ريغان‪ ،‬وأخذت السياسة‬ ‫األميركية تأخذ أبعادا ً جديدة جتاه دول املنطقة‬ ‫ومحاولة إقناعهم بأن اخلطر األساسي الذي‬ ‫يتهددها هو خطر النفوذ السوفياتي ‪.‬‬ ‫وحاولت الواليات املتحدة إقناع دول املنطقة‬ ‫بأهمية احلماية األميركية لها‪ ،‬وما يتبعه‪،‬‬ ‫وضرورة التواجد العسكري األميركي في‬

‫‪43‬‬

‫املنطقة‪ ،‬ومساهمة دول املنطقة في ترتيبات‬ ‫األمن‪ ،‬التي تعد لها الواليات املتحدة”‪ ،‬وكان هناك‬ ‫شكل من أشكال التحالف غير املعلن بني محور‬ ‫كامب ديفيد والدول األخرى املرتبطة بالسياسة‬ ‫األميركية‪ ،‬ولكن مع فشل الواليات املتحدة‬ ‫في حتقيق تلك األهداف مع الدول العربية في‬ ‫املنطقة‪ ،‬جلأت لتوقيع اتفاق التعاون االستراتيجي‬ ‫مع “إسرائيل” عام ‪.1983‬‬ ‫استفادت “إسرائيل” من العالقة االستراتيجية‬ ‫مع الواليات املتحدة التي نظرت ألمن “إسرائيل”‬ ‫وبقائها على أنه التزام أدبي واستراتيجي‪،‬‬ ‫وتسيطر منظمة “ايباك” على مقدرات السياسة‬ ‫األميركية منذ الثلث األول من القرن العشرين‪،‬‬ ‫وتضع مصالح “إسرائيل”‪ ،‬في مقدمة السياسية‬ ‫األميركية ومتثل أكبر آليات لوبي الضغط على‬ ‫اإلدارة األميركية منذ ذلك احلني‪ ،‬وبدأ انعكاس‬ ‫التعاون االستراتيجي بصورة فاعلة من خالل‬ ‫اإليباك عام ‪ ،1950‬وهي التي دفعت االقتصاد‬ ‫اإلسرائيلي الى الدعم الكبير حيث حصلت‬ ‫“إسرائيل” على ‪ 60‬مليار دوالر تعويضات من‬ ‫أملانيا‪ ،‬وكان انعكاس تلك املساعدات‪ ،‬أن أقامت‬ ‫“إسرائيل” بنية حتتية حديثة‪ ،‬وهناك عامل أساسي‬ ‫آخر‪ ،‬يتمثل في سيطرة اللوبي اليهودي على‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫االنتخابات األميركية من أجل ضمان دعم اإلدارة‬ ‫األميركية القادمة لصالح “إسرائيل”‪ ،‬واعترف‬ ‫الرئيس هاري ترومان بتأثير اللوبي الصهيوني على‬ ‫مسار السياسة األميركية عندما قال عام ‪:1946‬‬ ‫“علي أن أستجيب ملئات اآلالف من البشر الذين‬ ‫ينتظرون فوز الصهيونية”‪.‬‬ ‫والرئيس األميركي جون كيندي‪ ،‬حصل على‬ ‫نصف مليون دوالر حلملته االنتخابية من اليهود‬ ‫وعلى ‪ % 80‬من أصواتهم‪ ،‬وفي أعقاب فوزه‬ ‫في االنتخابات‪ ،‬ذهب إليه ديفيد بن غوريون في‬ ‫واشنطن في ربيع عام ‪ ،1961‬حيث بادره كيندي‬ ‫في أول مقابلة قائالً‪”:‬أعرف أنني انتخبت بفضل‬ ‫أصوات اليهود األميركيني‪ ،‬وأنا أدين لهم بانتخابي‬ ‫وأرجو أن تبادرني النصيحة‪ ،‬ماذا أفعل من أجل‬ ‫الشعب اليهودي؟”‪.‬‬ ‫ونفذ الرئيس جونسون فعالً كل ما طلبته‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وساند جونسون “إسرائيل” في حرب‬ ‫‪ 1967‬بقوة وبشكل علني‪ ،‬ووضع األسس في‬ ‫اعتبار “إسرائيل” حليفا ً رئيسيا ً للواليات املتحدة‬ ‫األميركية في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وعندما زارت جولدا مائير الواليات املتحدة‬

‫األميركية عام ‪ ،1969‬شبهها الرئيس ريتشارد‬ ‫نيكسون بأنها “ديبورا التوراتية”‪ ،‬وسلم لها صفقة‬ ‫هائلة من طائرات الفانتوم وسكاي هوك‪.‬‬ ‫والرئيس األميركي جيمي كارتر قال عام ‪”:1967‬إن‬ ‫بقاء “إسرائيل” على قيد احلياة‪ ،‬هو واجب أخالقي!”‬ ‫أما الرئيس رونالد ريغان فقد نظر بعمق الى تأثير‬ ‫اللوبي اليهودي وفاز في انتخابات ‪ 1980‬وبعدها‬ ‫مباشرة منح “إسرائيل” معونات فورية بلغت ستمائة‬ ‫مليون دوالر وشجعها على تدمير املفاعل النووي‬ ‫العراقي في ‪ 1981‬وأعطى الضوء األخضر لغزو لبنان‬ ‫عام ‪ ،1982‬وكان ريغان أول من وقع اتفاقية استراتيجية‬ ‫مع “إسرائيل”‪ ،‬وأول من منحها تكنولوجيا متقدمة في‬ ‫الصناعات العسكرية‪ ،‬ثم شاركها في برنامج حرب‬ ‫النجوم األميركي‪.‬‬ ‫أما في عهد الرئيس جورج بوش األب‪ ،‬فقد تطورت‬ ‫االتفاقيات االستراتيجية بني الواليات املتحدة‬ ‫و”إسرائيل”‪ ،‬إذ أصدر بوش مبادرته بحظر تكنولوجيا‬ ‫التسليح املتقدمة عن دول الشرق األوسط عدا‬ ‫“إسرائيل”‪.‬‬ ‫والرئيس بيل كلينتون بدوره‪ ،‬كان أكثر الرؤساء‬ ‫األميركيني تعاطفا ً مع “إسرائيل”‪ ،‬وأول رئيس أميركي‬

‫حجم املساعدات العسكرية األميركية املمنوحة لـ «إسرائيل» مبليارات الدوالرات‬

‫السنة‬ ‫‪1977‬‬ ‫‪1978‬‬ ‫‪1979‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1981‬‬ ‫‪1982‬‬ ‫‪1983‬‬ ‫‪1984‬‬ ‫‪1985‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1988‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1991‬‬ ‫‪1992‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫اإلجمالي‬

‫المنح العسكرية‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪1,300,00‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.55‬‬ ‫‪0.75‬‬ ‫‪0.85‬‬ ‫‪1,400,00‬‬ ‫‪1,722,60‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,792,30‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,800,00‬‬ ‫‪1,860,00‬‬ ‫‪3,120,00‬‬ ‫‪1,975,60‬‬ ‫‪2,040,00‬‬ ‫‪3,086,40‬‬ ‫‪2,147,3‬‬ ‫‪2,220,00‬‬ ‫‪2,280,00‬‬ ‫‪48,894,20‬‬

‫املصدر‪ :‬املعهد الدولي للدراسات االستراتيجية‪ ،‬لندن أيار ‪2006‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إجمالي المساعدات‬ ‫‪1,787,50‬‬ ‫‪1,822,60‬‬ ‫‪4,913,00‬‬ ‫‪2,146,00‬‬ ‫‪2,413,40‬‬ ‫‪2,268,00‬‬ ‫‪2,505,60‬‬ ‫‪2,631,60‬‬ ‫‪3,376,70‬‬ ‫‪3,663,50‬‬ ‫‪3,040,20‬‬ ‫‪3,043,40‬‬ ‫‪3,045,60‬‬ ‫‪3,434,90‬‬ ‫‪3,712,30‬‬ ‫‪3,100,00‬‬ ‫‪3,103,40‬‬ ‫‪3,097,20‬‬ ‫‪3,102,40‬‬ ‫‪3,147,30‬‬ ‫‪3,132,10‬‬ ‫‪3,080,00‬‬ ‫‪3,010,00‬‬ ‫‪4,129,10‬‬ ‫‪2,876,10‬‬ ‫‪2,848,00‬‬ ‫‪3,742,10‬‬ ‫‪2687,3‬‬ ‫‪2,630,00‬‬ ‫‪2,560,00‬‬ ‫‪90,049,30‬‬

‫‪44‬‬

‫يلقي خطابا ً أمام الكنيست اإلسرائيلي‪ ،‬وأول من حشد‬ ‫زعماء العالم في مؤمتر دولي لبحث ما سماه “اإلرهاب‬ ‫ضد “إسرائيل”‪ ،‬وفي عهده صدر قرار الكونغرس عام‬ ‫‪ ،1995‬لنقل مقر السفارة األميركية الى القدس‪،‬‬ ‫وحصلت “إسرائيل” في عهده على تكنولوجيا متطورة‬ ‫في مجال التسلح‪ ،‬جعلت منها خامس دول العالم في‬ ‫الصناعات العسكرية املتقدمة‪.‬‬ ‫ما سبق يوضح العالقة احلقيقية بني “إسرائيل”‬ ‫والواليات املتحدة األميركية‪ ،‬والتي تبنى على أساسها‬ ‫االتفاقيات االستراتيجية‪ ،‬تلك العالقة تطورت اعتبارا ً‬ ‫من بداية الثمانينات لتصبح اتفاقيات مكتوبة‬ ‫ومصدق عليها من األجهزة التنفيذية والتشريعية في‬ ‫واشنطن وتل أبيب‪.‬‬ ‫أما جورج بوش اإلبن‪ ،‬فانصاع للمطالب األمنية‬ ‫اإلسرائيلية فغزا العراق ود ّمر قواه العسكرية‬ ‫وشجع “إسرائيل”‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬وحاول عزل سوريا وإيران ّ‬ ‫على ضرب لبنان عام ‪ ،2006‬واجتياح غزة‪ ،‬وعقد مؤمتر‬ ‫أنابوليس‪ ،‬بينما استمرت “إسرائيل” في تسريع وتيرة‬ ‫االستيطان‪.‬‬ ‫أما وعود باراك أوباما‪ ،‬فتبخرت بسرعة مذهلة‪ ،‬ولم‬ ‫يحقق أي إجناز يذكر‪ ،‬ودعوات السالم التي أطلقها عند‬ ‫زيارته املنطقة لم تكن إال مجرد استراحة للهروب‬ ‫من األزمات املالية التي حلقت بالواليات املتحدة بعد‬ ‫احلروب التي أثارتها في كل مكان في العالم والدعم‬ ‫الالمحدود للكيان الصهيوني‪.‬‬

‫ليديا أبودرغم‬

‫املبالغ التي حصلت عليها‬ ‫«إسرائيل» لشراء أسلحة بني‬ ‫عامي ‪2005 -2001‬‬ ‫السنة‬

‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫اإلجمالي‬

‫المبلغ‬ ‫(ألف دوالر)‬

‫‪770,045‬‬ ‫‪630,853‬‬ ‫‪862,407‬‬ ‫‪1,297,072‬‬ ‫‪2,762,805‬‬ ‫‪6,323,182‬‬

‫املصدر‪ :‬املعهد الدولي للدراسات االستراتيجية‪،‬‬ ‫لندن أيار ‪2006‬‬ ‫مالحظة‪ :‬ومتتاز «إسرائيل» عن غيرها من الدول‬ ‫بأنها تستطيع أن تشتري السالح من الشركات‬ ‫األميركية مباشرة بينما على الدول األخرى أن‬ ‫حتصل على موافقة وزارة الدفاع األميركية أوال ً‬ ‫قبل الشروع بتوقيع العقود‪ ،‬كما متتاز “إسرائيل”‬ ‫بتوقيعها صفقات شراء أسلحة ومعدات حربية‬ ‫مببالغ تقل قيمتها عن ‪ 100‬ألف دوالر‪ ،‬فيما على‬ ‫الدول األخرى توقيع صفقات شراء أسلحة ال تقل‬ ‫قيمتها عن ذاك املبلغ‪.‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫مستقبل الصراع الدولي على الطاقة‬

‫الدكتور المهندس سمير ابراهيم الخضور لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫أمن الطاقة يح ّدد السياسة الخارجية والدفاعية للدول الصناعية‬

‫إدارة اخملاطر وسعيا ً منها ملواكبة آخر التطورات‬ ‫في العالم واالطالع عن كثب على كل ما يجري‬ ‫في العالم من صراعات سياسية عاملية وعربية‬ ‫على عدة محاور وقضايا‪ ،‬التقت “منبر التوحيد”‬ ‫بأخصائيني وعلماء مهتمني بقضايا الصراع على‬ ‫مصادر الطاقة‪ ،‬وكان لها لقاء مع الباحث الدكتور‬ ‫املهندس سمير إبراهيم خضور مدرس مادة احلقول‬ ‫في جامعة البعث‪ ،‬وعضو نقابة املهندسني في‬ ‫مدينة حمص‪ ،‬فتحدث عن الصراع على الطاقة‬ ‫ومستقبلها قائالً‪:‬‬ ‫مع بدايات القرن احلادي والعشرين‪ ،‬شهد النظام‬ ‫العاملي حتوالت في ميزان القوى الدولي‪ ،‬وبزوغ قوى‬ ‫دولية جديدة تتنافس على املكانة الدولية‪ ،‬ومن أهم‬ ‫محاور تلك املنافسة الدولية السيطرة على مصادر‬ ‫الطاقة وتأمني إمداداتها في ظل ندرتها‪ ،‬وتزايد‬ ‫الطلب عليها خالل السنوات القادمة ‪.‬‬ ‫ولذلك أصبح أمن الطاقة أحد محددات السياسة‬ ‫اخلارجية والدفاعية للدول السيما القوى الصناعية‪،‬‬ ‫فالصراع املستقبلي بني القوى املهيمنة حاليا ً على‬ ‫قمة النظام الدولي‪ ،‬وتلك الصاعدة سيكون محوره‬ ‫الطاقة ومصادرها وإمداداتها‪ ،‬ومن ثم سيزيد الصراع‬ ‫الدولي على مناطق الوفرة في الطاقة ابتداء من‬ ‫منطقة اخلليج‪ ،‬مرورا ً بآسيا الوسطي وبحر قزوين‬ ‫وأمريكا الالتينية‪ ،‬وصوال ً إلى القارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫ويرى اخلضور‪ :‬أنه مع تزايد حدة هذا الصراع‪،‬‬ ‫اهتمت مؤسسات الفكر والرأي األميركية والغربية‪،‬‬ ‫واملؤسسات األكادميية والرسمية في كافة دول‬ ‫العالم بدراسة مستقبل الصراع الدولي حول‬ ‫مصادر الطاقة‪ ،‬وما إذا كانت ندرتها في ظل تزايد‬ ‫الطلب عليها ترتب صراعا ً قد يصل إلى عسكري‬ ‫في كثير من األحيان‪ ،‬وإن لم يؤد هذا التنافس إلى‬ ‫صراع عسكري فإنه يثقل امليزانية العسكرية للدول‬ ‫بتحملها تكلفة حماية مصادر الطاقة وإمداداتها‬ ‫في ظل تزايد مهدداتها‪.‬‬ ‫وحول تزايد حدة التنافس الدولي على مصادر‬ ‫الطاقة أوضح اخلضور أن االهتمام البحثي والعلمي‬ ‫توالى بالعالقة بني مصادر الطاقة وإمداداتها‬ ‫والصراعات العسكرية خاصة مورد النفط كأحد‬ ‫مصادر الصراع الداخلي واخلارجي‪ ،‬فنيجيريا والعراق‬ ‫والسودان‪ -‬على سبيل املثال‪ -‬تشهد حالة من‬ ‫الصراع حول تقسيم الثروات النفطية ناهيك‬ ‫عن التهديدات اإلرهابية التي تستهدف املنشآت‬ ‫النفطية‪.‬‬ ‫والحظ أن الدول ذات الوفرة النفطية‪ ،‬أو التي‬

‫ّ‬ ‫تشكل‬ ‫تعاني نقصا ً في ذلك املورد االستراتيجي‪،‬‬ ‫هدفا ً أو مشاركا ً في صراع عسكري ‪ ،‬فأربع دول‬ ‫من سبع عشرة دولة ذات إنتاج مرتفع من النفط‬ ‫شهدت صراعات داخلية في عام ‪ ،2007‬وثالث‬ ‫دول أخرى تشارك في صراعات عسكرية خارجية‪،‬‬ ‫وبالنسبة ألكبر خمس عشرة دولة مستوردة للنفط‬ ‫فإن ثالث دول تستضيف صراعات عسكرية‪ ،‬وست‬ ‫دول أخرى من تلك الدول اخلمس عشرة تشارك‬ ‫في صراع عسكري خارجي‪ ،‬ومن املعروف أنه هناك‬ ‫مؤشرات أخرى تؤكد العالقة بني النفط والصراع‬ ‫الدولي‪ ،‬وهو بحد ذاته موضوع كبير يحتاج الكثير‬ ‫والكثير للتحليل ‪.‬‬ ‫ونظرا ألهمية النفط رفعت الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة في ‪ 13‬أبريل ‪ 2010‬بصورة طفيفة توقعاتها‬ ‫بشأن الطلب العاملي على البترول بنحو ‪ 30‬ألف‬ ‫برميل يوم ًيا‪ .‬وذكرت الوكالة الدولية للطاقة في‬ ‫تقريرها الشهري الصادر في باريس أنه من املتوقع أن‬ ‫يبلغ استهالك العالم من النفط العام احلالي ‪86,6‬‬ ‫مليون برميل يوميا ً مقابل ‪ 84,9‬مليون برميل يوميا ً‬ ‫العام املاضي ‪.2009‬‬ ‫وأرجعت الوكالة الدولية للطاقة التي متثل‬ ‫مصالح الدول املستهلكة للبترول هذه الزيادة‬ ‫املتوقعة في الطلب على البترول باألساس إلى زيادة‬ ‫استهالك البلدان اآلسيوية خاصة من جانب الصني‬ ‫التي تواصل زيادة االستهالك بصورة أكبر مما هو‬ ‫متوقع لها‪.‬‬ ‫وتشير معظم الدراسات والتحليالت إلى أنه‬ ‫نتيجة التغيرات الدولية التي يشهدها النظام‬

‫‪45‬‬

‫الدولي حاليا ً من صعود قوى اقتصادية بازغة‪،‬‬ ‫واعتماد اقتصادها على مصادر الطاقة التقليدية‪،‬‬ ‫فإن الصراع املستقبلي بني القوى الدولية سيكون‬ ‫محوره الطاقة‪ ،‬وفي ظل ندرة موارد الطاقة وتزايد‬ ‫الطلب عليها من جهة‪ ،‬والتهديدات األمنية‬ ‫إلمدادات الطاقة من جهة أخرى‪ ،‬ومن املتوقع أن‬ ‫تتزايد التكلفة العسكرية لتأمني حاجة الدول‬ ‫الكبرى من الطاقة‪.‬‬ ‫ونظرا َ ألهمية الطاقة مت البحث عن استبدال‬ ‫الوقود التقليدي وهو النفط بطاقات متجددة‬ ‫حيث الطاقة املتجددة سوف تكون قريبا ً قادرة على‬ ‫املساهمة بشكل كبير في إنتاج الكهرباء في العالم‪.‬‬ ‫ومن بني القضايا التي ستناقش في قمة كوبنهاغن‬ ‫حول تغير املناخ‪ ،‬الذي يصنف الطاقة بوصفها‬ ‫وظيفة من انبعاث غاز الكربون مثير جدا لالهتمام‪،‬‬ ‫والفكرة هي لبناء مستقبل الطاقة العاملية بتوفير‬ ‫الغاز املسببة لالحتباس احلراري وانبعاثات االحتباس‬ ‫احلراري املناخي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد اخلضور ليست ببساطة عن طريق النظر في‬ ‫االنبعاثات من مصادر الطاقة األولية‪ :‬النفط والغاز‬ ‫والفحم واخلشب‪ ،‬وطاقة الرياح والطاقة الشمسية‪،‬‬ ‫واملياه‪ ،‬والنفط‪ ،‬واحلرارة اجلوفية‪ ،‬والتفكك الذري‪،‬‬ ‫وللحصول على توربينات الرياح في محطة للطاقة‬ ‫النووية‪ ،‬أو الوقود احليوي ينبغي وجود سد من‬ ‫اخلرسانة والفوالذ والبالستيك واألسمدة‪ ،‬والرحالت‬ ‫شاحنة‪ ...‬جميع بواعث من ‪.CO2‬‬ ‫وإن االستهالك العاملي للطاقة الكهربائية لن‬ ‫يتوقف عن االزدياد حتى يتم نفاذ الوقود األحفوري‬ ‫املتزايد الطلب عليه في هذه الفترة الزمنية‪ ،‬كذلك‬ ‫من جانب آخر فإن استخدام الوقود األحفوري ينتج‬ ‫عنه آثار بيئية كاالحتباس احلراري والتغيرات املناخية‬ ‫ومعاجلة النفايات‪ ،‬لذلك الطلب على الطاقة يجب‬ ‫أن يكون مرتبطا ً من جهة بحماية البيئة‪ ،‬ومن جهة‬ ‫أخرى باستغالل مصادر الطاقات املتجددة إلنتاج‬ ‫الكهرباء‪ ،‬بخاصة الطاقة الشمسية والطاقة‬ ‫الرياحية‪ ،‬وهذه املصادر بشكل عام تكون مرتبطة‬ ‫بالتغيرات اجلوية والتقلبات املناخية كما أن توزعها‬ ‫على كوكب األرض يكون بشكل ال خطي‪.‬‬ ‫وأخيرا ً هناك عدة دراسات قد أجريت من أجل‬ ‫إمكانية التخزين الكتلي لهذه املصادر واالستغالل‬ ‫املعقول واملنطقي ملصادر الطاقات املتجددة ‪.‬‬

‫عبد املناف األحمد‬ ‫«منبر التوحيد»‪ -‬مكتب دمشق‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫غالء األسعار يجتاح لبنان‬ ‫في ظل صمت رسمي‬ ‫يتع ّرض لبنان منذ عام ‪ 2007‬ألسوأ اجتياح‬ ‫لغالء األسعار؛ فبعد صيف قائظ بلغ فيه معدل‬ ‫ارتفاع احلرارة درجات قياسية لم يشهدها لبنان‬ ‫في تاريخه‪ ،‬وبعد شهر رمضان الذي ضاقت فيه‬ ‫الصدور من الغالء إلى انعدام وسائل التبريد‬ ‫بسبب انقطاع الكهرباء‪ ،‬إلى اجلوع والعطش‬ ‫ّ‬ ‫فاملؤشر العام ملستوى‬ ‫ومشاكل الناس اليومية‪،‬‬ ‫تعده جمعية املستهلك‬ ‫تضخم األسعار الذي ّ‬ ‫في لبنان سجل بني شهري آب ‪ 2010‬ومتوز ‪2010‬‬ ‫ارتفاعا ً وقدره ‪ .%0،8‬كما سجل مستوى تضخم‬ ‫األسعار ارتفاعا ً وقدره ‪ 3،4‬في املئة بني آب ‪2010‬‬ ‫وآب ‪ ،2009‬وكان آخر ما وصل إليه الوضع هو‬ ‫تخفيض ربطة اخلبز للبقاء على سعرها احلالي‪،‬‬ ‫مما ترك استيا ًء ورفضا ً شعبيا ً ونقابيا ً وحتركا ً في‬ ‫الشارع في ظل صمت رسمي‪.‬‬ ‫وأعلن البيان أن املواد الغذائية واملشروبات غير‬ ‫الروحية سجلت ارتفاعا ً في مستوى األسعار‬ ‫وقدره ‪ 2,6‬في املئة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن مستوى‬ ‫أسعار املواد الغذائية قد ارتفع بنسبة ‪ 20,6‬في‬ ‫املئة منذ بداية العام ‪.2008‬‬ ‫أما املشروبات الروحية والتبغ والتنباك‪ ،‬فقد‬ ‫سجل مستوى أسعارها ثباتا ً خالل هذا الشهر‪،‬‬ ‫فيما سجلت األلبسة واألحذية ارتفاعا ً بقيمة‬ ‫‪ 6,8‬في املئة‪.‬‬ ‫وعن املسكن‪ ،‬أشار البيان إلى أن مستوى‬ ‫األسعار سجل ارتفاعا ً وقدره ‪ 11,2‬في املئة‪ ،‬أما‬ ‫مستوى أسعار املاء والكهرباء واحملروقات فسجل‬ ‫انخفاضا ً بنسبة ‪ 1,2‬في املئة منذ بداية العام‬ ‫‪.2008‬‬ ‫وسجل مستوى أسعار األثاث والتجهيزات‬ ‫املنزلية والصيانة املستمرة للمنزل‪ ،‬ارتفاعا ً‬ ‫بنسبة ‪ 2,2‬في املئة‪ ،‬فيما سجل مستوى األسعار‬ ‫في بند الصحة ثباتا ً خالل هذا الشهر وارتفع‬ ‫بنسبة ‪ 0,7‬في املئة منذ بداية العام ‪.2008‬‬ ‫وفي ما يتعلق بالنقل‪ ،‬سجل انخفاضا ً بنسبة‬ ‫‪ 0,7‬في املئة خالل هذا الشهر وارتفاعا ً نسبته‬ ‫‪ 18,5‬في املئة منذ بداية العام ‪ ،2008‬فيما سجل‬ ‫مستوى أسعار االتصاالت ثباتاً‪ ،‬واالستجمام‬ ‫والتسلية والثقافة انخفاضا ً بنسبة ‪ 0,2‬في املئة‪،‬‬ ‫والتعليم حقق ثباتا ً خالل هذا الشهر وارتفاعا ً‬ ‫وقدره ‪ 14,1‬في املئة عن بداية العام ‪.2008‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬سجل مستوى أسعار املطاعم‬ ‫والفنادق ارتفاعا وقدره ‪ 0,6‬في املئة خالل شهر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫آب املاضي‪ ،‬وارتفاعا ً بنسبة ‪ 33,8‬في املئة منذ‬ ‫بداية العام ‪ ،2008‬أما السلع واخلدمات املتفرقة‬ ‫فقد سجل مستوى أسعارها ارتفاعا ً وقدره ‪0,3‬‬ ‫في املئة خالل شهر آب وارتفاعا ً بنسبة ‪ 6,7‬في‬ ‫املئة منذ بداية العام ‪.2008‬‬ ‫السوق احمللية «فالتة» واالجتاه العام لألسعار ال‬ ‫يزال تصاعدياً‪ ،‬فالغالء يضرب في كل مكان وفي‬ ‫كل السلع نتيجة غياب املنافسة‪ ،‬من العقارات‬ ‫الى املواد الغذائية واالستهالكية‪ ،‬بينما العائالت‬ ‫تخرج من أعباء كلفة رمضان‪ ،‬الى كلفة األعياد‬ ‫وجتهيز األوالد‪ ،‬ال سيما على صعيد العائالت‬ ‫الفقيرة واملتوسطة‪.‬‬ ‫أما كلفة املوسم الدراسي وأعباؤه فهي األكبر‬ ‫عبئا ً واألكثر هما ً على العائالت التي ال جتد مجاال ً‬ ‫أو فسحة للشكوى‪ ،‬ال سيما أن املوسم الدراسي‬ ‫هذا العام ترافق مع جملة أعباء وأكالف وموجة‬ ‫غالء من تردي الكهرباء الى املياه والتقدميات‬ ‫الصحية واملعيشية‪ ،‬ناهيك عن أسعار احملروقات‬ ‫املرتفعة أصالً وتردي خدمات االتصاالت واإلنترنت‬ ‫بانتظار حلحلة العقد السياسية‪.‬‬ ‫وكل ذلك ألن وزارة االقتصاد ال تستطيع‬ ‫مراقبة األسعار حالياً‪ ،‬لعدم وجود قانون يلحظ‬

‫‪46‬‬

‫هذه املسؤولية‪ ،‬ودور مصلحة حماية املستهلك‬ ‫يقتصر على التأكد من أن السعر مرفق بكل‬ ‫األصناف بانتظار صدور قانون املنافسة املوجود‬ ‫في اجمللس النيابي منذ أكثر من ثالث سنوات‪،‬‬ ‫بعدما أحالته احلكومة الى مجلس النواب‪ ،‬ودور‬ ‫املفتشني يتعلق بوجود التسعيرة وبالنوعية‬ ‫واجلودة‪ ،‬ونظافة البضائع وصالحية انتهائها‬ ‫وما الى ذلك‪ ،‬أي كل ما يتعلق بصحة املواطن‬ ‫والسالمة العامة‪ ،‬ما عدا الدواء الذي هو من‬ ‫صالحية وزارة الصحة‪.‬‬

‫الدين العام‬ ‫أما في ما يتع ّلق بالدين العام فقد وصل‬ ‫الى نسبة عالية جداً‪ ،‬واألرقام تتحدث عن ‪55‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬حتى ّ‬ ‫حل لبنان الرابع عامليا ً بنسبة‬ ‫ً‬ ‫‪ 147‬باملئة في دينه العام‪ ،‬قياسا الى الناجت‬ ‫احمللي‪ ،‬ما يعني عمليا ً أن املستقبل االقتصادي‬ ‫واملالي سيواجه الصعوبات واألزمات املالية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬وسيحكم بتراجع مستوى احلياة‬ ‫واملعيشة‪ ،‬خاصة وأن الفوائد على هذا الدين‬


‫ّ‬ ‫تشكل عامال ً إضافيا ً في تردي الوضع املالي‪.‬‬ ‫فكيف يكون اخلالص؟ وما هي حالتنا في‬ ‫املستقبل القريب؟‬

‫النفقات‬ ‫هذا الواقع تعكسه حقيقة األرقام من دون أية‬ ‫قدرت نفقات‬ ‫تعليقات ملشروع موازنة ‪ 2011‬حيث ّ‬ ‫موازنة العام ‪ 2011‬بحوالى ‪ 19773‬مليار ليرة‬ ‫مقابل حوالى ‪ 19538‬مليار ليرة ملوازنة العام ‪2010‬‬ ‫أي بزيادة قدرها ‪ 235‬مليار ليرة مبا نسبته ‪1,20‬‬ ‫‪ .%‬وبذلك تكون مجمل أرقام املوازنة مع املوازنات‬ ‫امللحقة (موازنات وزارة االتصاالت ومكتب احلبوب‬ ‫والشمندر السكري واليانصيب الوطني) حوالى‬ ‫‪ 22068‬مليار ليرة تقريبا ً بزيادة حوالى ‪2000‬‬ ‫مليار ليرة عن ‪ .2010‬جدوال النفقات اجلارية‬ ‫واالستثمارية‬ ‫وشكلت النفقات اإلجمالية املقدرة في‬ ‫«التوقعات املالية املتوسطة األمد»‪ ،‬السقف‬ ‫األعلى الذي ال يجوز جملموع املوازنات اإلفرادية في‬ ‫مختلف أبواب اإلنفاق أن تتجاوزه‪.‬‬ ‫واستندت وزارة املال‪ ،‬في حتضير هذه‬ ‫التوقعات‪ ،‬على املؤشرات املاكرو‪ -‬اقتصادية‬ ‫املشار إليها في اجلدول الرقم ‪ 1‬ادناه‪ .‬وافترضت‬ ‫هذه التوقعات أن معدل النمو االقتصادي‬ ‫احلقيقي عام ‪ ،2011‬سيسجل ‪( % 5‬وهو يوازي‬ ‫معدال اسميا نسبته ‪ 8,7‬في املئة)‪ .‬جدول‬ ‫املؤشرات االقتصادية‬

‫االعتمادات‬ ‫إن مجموع االعتمادات امللحوظة في مشروع‬ ‫املوازنة العامة للعام ‪ ،2011‬بلغ ‪ 19,773‬مليار ليرة‬ ‫باملقارنة مع ‪ 19,538‬مليار للعام ‪ ،2010‬أي بزيادة‬ ‫قدرها ‪ 235‬مليار ليرة‪ ،‬وما نسبته ‪ 1,2‬في املئة»‪.‬‬ ‫وبلغ مجموع ما هو متوقع جبايته من إيرادات‬ ‫املوازنة‪ 14,361 ،‬مليار ليرة باملقارنة مع ما كان‬ ‫مرتقبا جبايته في العام ‪ 2010‬والذي قدر بـ‬ ‫‪ 12,880‬مليار ليرة‪ ،‬أي بزيادة قدرها ‪ 1,481‬مليار‬ ‫ليرة‪ ،‬وما نسبته ‪ 11,50‬في املئة»‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن يصل عجز املوازنة الكلي إلى‬ ‫‪ 5,411‬مليار ليرة باملقارنة مع ‪ 6,658‬مليار ليرة في‬ ‫موازنة العام ‪ 2010‬أي بتراجع قدره ‪ 1,247‬مليارا‬ ‫ونسبته ‪ 18,73‬في املئة»‪( .‬جدول االعتمادات)‬

‫النفقات اإلستثمارية‪ ،‬بلغت ‪ 3,323‬مليارات ليرة‪ ،‬أي بزيادة قدرها ‪ 104‬مليارات‬ ‫من إعتمادات موازنة ‪ ،2010‬وتوزعت على الشكل التالي‪:‬‬ ‫التجهيزات وصيانتها‬ ‫األراضي وصيانتها‬ ‫إنشاء أبنية وصيانتها‬ ‫إنشاء وتأهيل وصيانة الطرق‬ ‫إنشاءات مياه وصيانتها‬ ‫إنشاءات كهرباء وصيانتها‬ ‫إنشاءات أخرى‬ ‫دروس وإستشارات ومراقبة‬ ‫مشاريع منفذة من مجلس اإلنماء واإلعمار‬ ‫مساهمة الدولة في المشاريع الممولة من قروض خارجية‬ ‫مشاريع ممولة من قروض خارجية‬ ‫مساهمة لمجلس الجنوب‬ ‫مساهمة لصندوق المهجرين‬ ‫مساهمة للهيئة العليا لإلغاثة‬ ‫تسديد ديون المتعهدين‬ ‫تسديد ديون اإلستمالكات‬ ‫مجموع اإلنفاق اإلستثماري‬

‫‪2011‬‬

‫‪176‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪387‬‬ ‫‪374‬‬ ‫‪186‬‬ ‫‪474‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪152‬‬ ‫‪182‬‬ ‫‪450‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪275‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪3,219‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪-214‬‬ ‫‪-36‬‬ ‫‪41‬‬‫‪417‬‬ ‫‪5‬‬‫‪1‬‬‫‪96‬‬‫‪22‬‬‫‪50‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪85‬‬‫‪0‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪104‬‬

‫‪210‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪174‬‬ ‫‪337‬‬ ‫‪145‬‬ ‫‪891‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪500‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪190‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪3,323‬‬

‫مجموع النفقات الجارية ‪ 10,674‬مليارات ليرة‪ ،‬أي بزيادة ‪ 454‬مليار‬ ‫عن موازنة ‪ )4,45%( 2010‬موزعة كاآلتي‪:‬‬ ‫تسيير أمور الدولة‬ ‫المخصصات والرواتب واألجور وملحقاتها‬ ‫معاشات التقاعد وتعويض الصرف‬ ‫دعم مؤسسة كهرباء لبنان‬ ‫تقديمات صحية وإجتماعية‬ ‫دعم القطاع الزراعي‬ ‫إحتياطي الموازنة‬ ‫مجموع اإلنفاق الجاري‬

‫‪2010‬‬

‫‪2011‬‬

‫الفرق‬

‫نسبة الزيادة‬

‫‪631‬‬ ‫‪4,294‬‬ ‫‪1,400‬‬ ‫‪2,369‬‬ ‫‪1,284‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪117‬‬ ‫‪10,219‬‬

‫‪652‬‬ ‫‪4,625‬‬ ‫‪1,500‬‬ ‫‪2,273‬‬ ‫‪1,393‬‬ ‫‪114‬‬ ‫‪117‬‬ ‫‪10,674‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪331‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪96‬‬‫‪109‬‬ ‫‪10‬‬‫‪0‬‬ ‫‪455‬‬

‫‪3,35%‬‬ ‫‪7,70%‬‬ ‫‪7,14%‬‬ ‫‪4,05%‬‬‫‪8,89%‬‬ ‫‪7,96%‬‬‫‪0,26%‬‬‫‪4,45%‬‬

‫النسبة‬ ‫المجموع‬ ‫‪6,11%‬‬ ‫‪43,33%‬‬ ‫‪14,05%‬‬ ‫‪21,30%‬‬ ‫‪13,05%‬‬ ‫‪1,07%‬‬ ‫‪1,09%‬‬

‫من‬

‫المؤشرات اإلقتصادية المعتمدة في «التوقعات المالية المتوسطة األمد»‬ ‫معدل النمو اإلقتصادي الحقيقي (‪)%‬‬ ‫معدل النمو اإلسمي (‪)%‬‬ ‫نسبة التضخم – نهاية العام (‪)%‬‬ ‫الناتج المحلي القائم (مليار ل‪.‬ل‪).‬‬ ‫الناتج المحلي القائم (مليار د‪ .‬أ‪).‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪%5‬‬ ‫‪8,7%‬‬ ‫‪%2,8‬‬ ‫‪64255‬‬ ‫‪40,081‬‬

‫‪%4‬‬ ‫‪%6,3‬‬ ‫‪%2,2‬‬ ‫‪68296‬‬ ‫‪42,722‬‬

‫‪%4‬‬ ‫‪%6,3‬‬ ‫‪%2,2‬‬ ‫‪72590‬‬ ‫‪45,538‬‬

‫االعتمادات الملحوظة في مشروع الموازنة العامة لسنة ‪2011‬‬ ‫مجموع إعتمادات الموازنة‬ ‫مجموع إيرادات الموازنة‬ ‫عجز الموازنة الكلي‬ ‫نسبة العجز إلى مجموع اإلنفاق‬

‫اإليرادات‬ ‫أما اإليرادات فيقدر لها أن تزيد بنسبة ‪%11,5‬‬ ‫بارتفاعها من ‪ 12880‬مليار ليرة في العام احلالي‬ ‫الى حوالى ‪ 14361‬مليار ليرة في العام ‪.2011‬‬ ‫ومعظم هذه الزيادة في اإليرادات متأتية عن‬

‫‪2010‬‬

‫الفرق‬

‫مشروع موازنة‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪19,538‬‬ ‫‪12,880‬‬ ‫‪6,658‬‬ ‫‪34,08%‬‬

‫مشروع‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪19,773‬‬ ‫‪14,361‬‬ ‫‪5,412‬‬ ‫‪27,37%‬‬

‫موازنة‬

‫الفرق‬

‫النسبة‬

‫‪235‬‬ ‫‪1,481‬‬ ‫‪1,246-‬‬

‫‪1,20%‬‬ ‫‪11,50%‬‬ ‫‪18,71%-‬‬

‫اعتمادات خدمة الدين‪:‬‬ ‫فوائد على سندات خزينة داخلية‬ ‫فوائد على سندات خزينة خارجية‬ ‫مجموع خدمة الدين‬

‫‪47‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪2011‬‬

‫الفرق‬

‫‪3,820‬‬ ‫‪2,280‬‬ ‫‪6,100‬‬

‫‪3,501‬‬ ‫‪2,275‬‬ ‫‪5,776‬‬

‫‪319‬‬‫‪5‬‬‫‪324-‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫اإليرادات الضريبية مبا يوزاي حوالى ‪ 1200‬مليار‬ ‫ليرة تقريبا ً من ضرائب الدخل واألمالك املبنية‬ ‫والضريبة على القيمة املضافة‪.‬‬ ‫على صعيد خدمة الدين العام فقد تراجعت‬ ‫كلفة هذا البند ايضا ً من ‪ 6100‬مليار ليرة‬ ‫في موازنة ‪ 2010‬الى حوالى ‪ 5776‬مليار ليرة‬ ‫في موازنة العام ‪ 2011‬أي مبا قيمته ‪ 324‬مليار‬ ‫ليرة‪ .‬ويعود تراجع خدمة الدين الى تراجع اسعار‬ ‫الفوائد بنسبة ‪ % 3‬خالل السنتني األخيرتني‬ ‫تقريباً‪( .‬جدول الدين العام)‬

‫النتائج املالية املتوقعة‬ ‫أما التوقعات املالية للسنوات الثالث املقبلة‬ ‫التي أدرجت في فذلكة املوازنة‪ ،‬فجاءت كاآلتي‬ ‫وفق اجلدول أدناه‪ :‬جدول النتائج املالية املتوقعة‬ ‫وزارة املالية أجنزت األرقام ومشروع القانون‬ ‫والتوجهات‪ ،‬ولم تتوصل بشكل نهائي الى إنهاء‬ ‫النقاط اخلالفية القائمة حول شكل ومضمون‬ ‫املوازنة التي عطلت أو أخرت إقرار موازنة العام‬ ‫‪ 2010‬حتى اآلن‪.‬‬ ‫إجناز املوازنة هذه املرة تضمن بعض التعديالت‬ ‫على نصوص قانون موازنة العام ‪ ،2010‬جلهة‬ ‫فرض ضريبة على أرباح الرأسمال بنسبة ‪%1‬‬ ‫وهي ضريبة جديدة‪ .‬كما فرضت ضريبة ‪% 5‬‬ ‫على الفروقات اإليجابية الناجمة عن إعادة‬ ‫تقييم األصول الثابتة والعقارات واملوجودات لدى‬ ‫الشركات‪ .‬كذلك فرض ضريبة ‪ % 5‬على الفروقات‬ ‫اإليجابية الناجتة من تقييم املوجودات عبر حتويل‬ ‫شركات األشخاص واملؤسسات الفردية الى‬ ‫شركات مساهمة‪.‬‬ ‫نقطة إضافية هنا ال بد منها أن مناقشة‬ ‫مشروع موازنة العام ‪ 2011‬دونه جملة عقبات‬ ‫ال تزال عالقة‪ ،‬أوالها موازنة العام ‪ ،2010‬وثانيتها‬ ‫قطع احلسابات‪.‬‬ ‫قالت وزيرة املالية في هذا الصدد إنها رفعت‬ ‫الى مجلس الوزراء قطع حساب العامني ‪2004‬‬ ‫و‪ ،2005‬وإنها رفعت مشروع قانون يضمن الصيغة‬ ‫املقترحة لتسوية موضوع قطع احلسابات على أن‬ ‫تنجز احلسابات الالحقة خالل وقت قريب‪.‬‬

‫غصن‪ :‬شعار احلكومة «أولويات‬ ‫الناس» فارغ‬ ‫وفي ظل تداعيات األوضاع املعيشية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية واملعيشية تتعالى‬ ‫األصوات العمالية املنددة بهذه التداعيات‪،‬‬ ‫فتحدث رئيس االحتاد العمالي العام غسان‬ ‫ّ‬ ‫غصن الى “منبر التوحيد” ّ‬ ‫فأكد أ ّن الشعار الذي‬ ‫اعتمدته احلكومة في بيانها الوزاري بتحديدها‬ ‫“أولويات احلكومة أولويات الناس” لم يكن إالّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التوقعات المالية للسنوات الثالث المقبلة التي أدرجت في فذلكة الموازنة‪ ،‬هي كاآلتي‪:‬‬ ‫مليرات الليرات‬ ‫مجموع اإليرادات‬ ‫إيرادات الموازنة‬ ‫اإليرادات الضريبية‪ :‬منها‬ ‫ضريبة على الدخل‬ ‫ضريبة على األمالك‬ ‫ضريبة على القيمة المضافة‬ ‫ضريبة على اإلستيراد‬ ‫اإليرادات غير الضريبية‪ :‬منها‬ ‫إيرادات من وفر وزارة اإلتصاالت‬ ‫إيرادات الخزينة‬ ‫هبات‬ ‫مجموع النفقات‬ ‫النفقات خارج خدمة الدين‬ ‫نفقات الموازنة (بما فيها اإلعتمادات المدورة)‬ ‫نفقات من تمويل خارجي‬ ‫نفقات خزينة‬ ‫خدمة الدين‬ ‫الفائض‪ /‬العجز األولي‬ ‫الفائض‪ /‬العجز الكلي‬ ‫نسبة العجز‪ /‬الفائض األولي للناتج المحلي‬ ‫نسبة العجز‪ /‬الفائض الكلي للناتج المحلي‬ ‫الناتج المحلي‬ ‫الدين اإلجمالي‬ ‫نسبة الدين للناتج المحلي‬

‫‪2010‬‬ ‫‪13,044‬‬ ‫‪12,318‬‬ ‫‪10,284‬‬ ‫‪2,069‬‬ ‫‪1,139‬‬ ‫‪3,269‬‬ ‫‪2,844‬‬ ‫‪2,034‬‬ ‫‪1,000‬‬ ‫‪726‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪18,297‬‬ ‫‪12,364‬‬ ‫‪10,646‬‬ ‫‪305‬‬ ‫‪1,412‬‬ ‫‪5,933‬‬ ‫‪680‬‬ ‫‪5,253‬‬‫‪1,15%‬‬ ‫‪8,88%‬‬‫‪59,126‬‬ ‫‪77,548‬‬ ‫‪131,16%‬‬

‫شعارا ً فارغا ً من محتواه‪ ،‬إذا لم نقل أنه شعارا ً‬ ‫خادعا ً ال يرقى إلى اجلدية في معاجلة القضايا‬ ‫االقتصادية واالجتماعية وهي ذات توجهات‬ ‫احلكومات املتعاقبة منذ ما يقارب العقدين من‬ ‫الزمن ومن دون أي تعديل جوهري‪ ،‬يالمس مصالح‬ ‫اللبنانيني وهمومهم‪.‬‬ ‫وتابع غصن‪ :‬إ ّن السياسات احلكومية‬ ‫املستم ّرة في إهمال القضايا احليوية للمواطنني‬ ‫ّ‬ ‫املتحكمة‬ ‫وتركها عرض ًة لإلستغالل واالحتكارات‬ ‫في مختلف أوجه احلياة واملعيشة جتعلنا نطرح‬ ‫األسئلة التالية‪:‬‬ ‫كيف ميكن أن يركن املواطن الدعاءات احلكومة‬ ‫بسهرها على مصاحله حني يستفيق بني ليل ٍة‬ ‫وضحاها على تخفيض وزن ربطة اخلبز (‪ )120‬غراما ً‬ ‫وهو ما يعادل رفع سعر الربطة بنسبة أكثر من‬ ‫جتمع حفنة احتكارية من أصحاب‬ ‫‪ %10‬بقرار من ّ‬ ‫املطاحن حتت حجة واهية تتع ّلق بارتفاع السعر‬ ‫العاملي للقمح املستورد في حني أن هذا االحتكار‬ ‫ّ‬ ‫يخفض سعر الطحني ولو ملّر ٍة واحدة عندما‬ ‫لم‬ ‫كانت تهبط األسعار إلى أدنى مستوياتها عاملياً‪،‬‬ ‫وأين دور اجلهات املعنية في السلطة‪ ،‬التي رضخت‬ ‫البتزاز هذا الكارتل االحتكاري ولم تقم بواجبها‬ ‫في تأمني مادة القمح كماد ٍة استراتيجية؟‬ ‫أوليس ذلك ابتزازا ً صريحا ً للمواطنني‬ ‫قدمت منوذجا ً لهذه‬ ‫لتعظيم األرباح أم أ ّن الدولة ّ‬

‫‪48‬‬

‫‪2011‬‬ ‫‪15,123‬‬ ‫‪14,361‬‬ ‫‪11,469‬‬ ‫‪2,679‬‬ ‫‪1,248‬‬ ‫‪3,563‬‬ ‫‪3,049‬‬ ‫‪2,892‬‬ ‫‪1,800‬‬ ‫‪762‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪20,625‬‬ ‫‪15,056‬‬ ‫‪12,873‬‬ ‫‪525‬‬ ‫‪1,658‬‬ ‫‪5,569‬‬

‫‪67‬‬ ‫‪5,502‬‬‫‪0,10%‬‬ ‫‪8,56%‬‬‫‪64,255‬‬ ‫‪83,045‬‬ ‫‪129,24%‬‬

‫‪2012‬‬ ‫‪15,651‬‬ ‫‪14,858‬‬ ‫‪11,803‬‬ ‫‪2,698‬‬ ‫‪1,215‬‬ ‫‪3,787‬‬ ‫‪2,996‬‬ ‫‪3,056‬‬ ‫‪1,913‬‬ ‫‪793‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪20,884‬‬ ‫‪15,117‬‬ ‫‪12,900‬‬ ‫‪558‬‬ ‫‪1,659‬‬ ‫‪5,767‬‬ ‫‪534‬‬ ‫‪5,232‬‬‫‪0,78%‬‬ ‫‪7,66%‬‬‫‪68,296‬‬ ‫‪88,246‬‬ ‫‪129,21%‬‬

‫‪2013‬‬ ‫‪16,556‬‬ ‫‪15,732‬‬ ‫‪12,486‬‬ ‫‪2,868‬‬ ‫‪1,291‬‬ ‫‪4,025‬‬ ‫‪3,125‬‬ ‫‪3,245‬‬ ‫‪2,033‬‬ ‫‪825‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪20,010‬‬ ‫‪14,936‬‬ ‫‪12,626‬‬ ‫‪593‬‬ ‫‪1,717‬‬ ‫‪5,074‬‬ ‫‪1,620‬‬ ‫‪3,454‬‬‫‪2,23%‬‬ ‫‪4,76%‬‬‫‪72,590‬‬ ‫‪91,706‬‬ ‫‪126,33%‬‬

‫االحتكارات من خالل “احتكارها” للهاتف اخللوي‬ ‫واعتماده مصدر أساسي لتغذية خزينة الدولة‬ ‫على حساب الغالبية الساحقة من املواطنني‬ ‫مقابل أعلى األسعار في املنطقة والعالم وأسوأ‬ ‫اخلدمات في الوقت عينه‪.‬‬ ‫وماذا ميكن أن يوصف التهديد املتك ّرر لنقابة‬ ‫أصحاب املستشفيات بوقف استقبال مرضى‬ ‫الصندوق الوطني للضمان االجتماعي (وهم‬ ‫ليسوا سوى العمال أنفسهم) من دون أن تتدخّ ل‬ ‫اجلهات املعنية في السلطة ملنع هذا التهديد‬ ‫السافر وخطره على حياة العمال وعائالتهم‬ ‫التحدي للمجتمع اللبناني؟ مستغربا ً‬ ‫ووقف هذا‬ ‫ّ‬ ‫املعزوفة التي يك ّررها نقيب أصحاب املستشفيات‬ ‫اخلاصة ونقول له وللم ّرة األخيرة‪ ،‬أنتم جزء من‬ ‫هيئات أصحاب العمل وعليكم التق ّيد بأحكام‬ ‫قانون الضمان االجتماعي ال سيما املادتني (‪ )64‬و‬ ‫(‪ )66‬منه‪ ،‬واحترام العقد االجتماعي‪ ،‬وذلك بإعادة‬ ‫التوازن املالي لفرعي املرض واألمومة والتقدميات‬ ‫العائلية من أجل إيفاء ديون فرع تعويض نهاية‬ ‫اخلدمة‪ ،‬وتأمني االحتياط القانوني اإللزامي‬ ‫ثم‬ ‫للفرعني للمحافظة على الصندوق أوالً‪ ،‬ومن ّ‬ ‫املوحدة وبعد االتفاق على‬ ‫تأمني مبالغ التعرفة‬ ‫ّ‬ ‫احترام بنود العقد مع املستشفيات واألطباء‪ ،‬هذا‬ ‫هو املوقف القانوني والعادل للعمال وأية أقاويل‬ ‫غير ذلك هي كذب وافتراء ولن تؤ ّثر في موقفنا‪.‬‬


‫وكيف ميكن السكوت على ابتزاز أصحاب‬ ‫زيادات على األقساط‬ ‫املدارس اخلاصة بفرضها‬ ‫ٍ‬ ‫املدرسية وتبديل الكتب من غير مب ّرر وفرض‬ ‫شرائها من املدارس نفسها‪ ،‬وكذلك استنساب‬ ‫رسوم التسجيل وأسعار القرطاسية وكلفة‬ ‫أكالف مرهقة‬ ‫“األوتوكار” إلى ما هنالك من‬ ‫ٍ‬ ‫لألهل في حني أ ّن وزارة التربية تترك األمور‬ ‫تسير وفق مصالح أصحاب املدارس اخلاصة‬ ‫دون أي تدخل حلماية مصالح املواطنني‪ّ ،‬‬ ‫وكل ما‬ ‫فعلته هو تقدمي البدء بالعام الدراسي دون أية‬ ‫استعدادات وجلان األهل مشلولة الدور وباتت‬ ‫تابعة لتلك اإلدارات في غياب أي رقابة أو تدخّ ل‬ ‫من وزارة التربية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد غصن أ ّن الدولة هي املسؤول األول‬ ‫واألخير عن تأمني احلق بالتعليم للمواطن الذي‬ ‫أهم أركان العقد االجتماعي بني الدولة‬ ‫هو أحد ّ‬ ‫واملواطن‪ ،‬متسائالً‪ ،‬أال تنطبق سياسة االبتزاز‬ ‫هذه على سياسة استيراد وتسعير األدوية‬ ‫التي تترك حلفن ٍة من كبار شركات االستيراد‪،‬‬ ‫وماذا لو ق ّررت تلك الشركات االحتكارية‬ ‫فجأ ًة وقف توزيع الدواء كما في احتكار توزيع‬ ‫الطحني؟ فهل أ ّن الدولة ليست سوى مسرح‬ ‫وجاب للضرائب وحامي لالستغالل‬ ‫للمناكفات‬ ‫ٍ‬ ‫واالحتكارات؟‬ ‫مثل تلك التوجهات لفت غصن تنطبق على‬ ‫سياسة النقل العام واحلديث «املش ّوق» عن‬

‫خطط وطنية عامة فيها‬ ‫ال يوجد أكثر من عشر‬ ‫حافالت مخ ّلعة ملصلحة‬ ‫النقل املشترك في حني‬ ‫أنه قد م ّر أكثر من عشر‬ ‫سنوات على قرار استيراد‬ ‫(‪ )250‬أوتوبيس للعمل في‬ ‫مختلف املناطق اللبنانية‬ ‫من دون تنفيذ أوليس ذلك‬ ‫سوى خدمة مجانية بقرار‬ ‫وواع ومتواطئ‬ ‫مسبق‬ ‫ٍ‬ ‫مع شركة النقل الكبرى‬ ‫املعروفة وما ينطبق‬ ‫على النقل ينطبق أيضا ً‬ ‫على سياسة استيراد‬ ‫النفط وتسعيره وتوزيعه‬ ‫وعلى سياسة إنتاج‬ ‫وتوزيع الطاقة التي بدأت‬ ‫اخلصخصة عمليا ً فيها‬ ‫من خالل ترك املواطن أمام‬ ‫نهب أصحاب املولدات‬ ‫متهيدا ً إلنهاء دور الدولة‬ ‫فعليا ً في هذا القطاع‬ ‫احلساس واحليوي‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬لقد ّ‬ ‫أكدنا مرارا ً‬ ‫على أ ّن األمان االجتماعي‬ ‫هو ركيزة األمن احلقيقي‬ ‫في اجملتمع ولم يعد املواطن على استعداد للقبول‬ ‫بخدعة أ ّن احلكومة مهتمة باألمن وبقضايا‬ ‫كبرى في الوقت الذي يفقد ّ‬ ‫كل يوم ما تبقّ ى من‬ ‫أسباب احلياة واملعيشة والعمل وخدمات التعليم‬ ‫والصحة وغيرها من األولويات‪.‬‬ ‫إذا كانت احلكومة تخضع في ّ‬ ‫كل سياساتها‬ ‫لضغط االحتكارات والكتل املالية الكبرى‬ ‫التي جتبي أرباحها الريعية من خالل املضاربة‬ ‫بالعقارات واألموال‪ ،‬وتعتقد أ ّن االحتاد العمالي‬ ‫العام قد اكتفى في جلسات التفاوض القليلة‬ ‫ببعض الكالم املعسول والوعود الهوائية‪ ،‬فإ ّن‬ ‫االحتاد ّ‬ ‫أي حوار ال ينطلق من جدول‬ ‫يؤكد اليوم أ ّن ّ‬ ‫محددة ونهائية سوف‬ ‫أعمال واضح ومهل زمنية‬ ‫ّ‬ ‫ينقل التفاوض فورا ً إلى الشارع‪.‬‬ ‫ولن يقبل االحتاد بعد اليوم أن تتح ّول حتى‬ ‫عملية التفاوض التي قبل بها بحسن نية إلى‬ ‫أي‬ ‫عملية كسب للوقت أيا ً تكن الظروف وحتت ّ‬ ‫أسباب فكرامة العامل واملواطن وحقّ ه بالعيش‬ ‫ٍ‬ ‫أي اعتبار‪.‬‬ ‫الكرمي في بلده تبقى فوق ّ‬ ‫وحول مشروع موازنة ‪ 2011‬أشار غصن الى أن‬ ‫االحتاد العمالي العام رفض مشروع املوازنة ألنه‬ ‫يكشف بأ ّن “أولويات احلكومة ليست أولويات‬ ‫الناس وخصوصا ً بالنسبة الى معاجلة ارتفاع‬ ‫معدالت التضخم التراكمي الذي بلغ أكثر عن‬ ‫‪ % 24‬من خالل تصحيح األجور‪ ،‬أو التخفيف من‬ ‫األعباء التي تثقلها وال سيما حماية الصندوق‬

‫‪49‬‬

‫الوطني للضمان االجتماعي ودفع احلقوق‬ ‫املتوجبة لصندوق املرض واألمومة بنسبة ‪ 25‬في‬ ‫واملقدرة بـ‬ ‫املئة من كلفة الطبابة واالستشفاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 135‬مليار ليرة‪ ،‬أو اشتراكات الفئات اخلاصة من‬ ‫سائقني وغيرهم البالغة بحدود ‪ 40‬مليار‪ ،‬فضالً‬ ‫املقدرة بـ ‪ 20‬مليار‬ ‫عن دفع اشتراكات أجرائها‬ ‫ّ‬ ‫واالكتفاء بلحظ ‪ 80‬مليار ليرة على أالّ تزيد عن‬ ‫نسبة ‪ % 10‬من قيمة الديون املتأخرة واملتوجبة‬ ‫على الدولة”‪ .‬ورأى أ ّن مشروع املوازنة لم يلحظ‬ ‫لير ًة واحدة ملشروع التقاعد واحلماية االجتماعية‬ ‫الذي يكثر التطبيل حوله‪“ ،‬في وقت يتش ّوق فيه‬ ‫عمال لبنان إلقراره»‪.‬‬ ‫ورأى أ ّن خدعة املوازنة باستحداث ضرائب‬ ‫جديدة مباشرة‪ ،‬أكان لضريبة الـ ‪ % 1‬على األرباح‬ ‫أو التعديل الضريبي بعد إعادة تقييم األصول‬ ‫خدم ًة ملصالح أصحاب الرساميل والثروات”‪،‬‬ ‫وكذلك خفض الضريبة من ‪ 23‬إلى ‪ 5‬في املئة ممّا‬ ‫يضاعف أرباحهم ويشجع على بيع العقارات في‬ ‫سوق املضاربات العقارية على حساب املؤسسات‬ ‫أما اإلعفاء من دفع غرامات الته ّرب من‬ ‫اإلنتاجية”‪ّ .‬‬ ‫الضرائب بنسبة ‪ 95‬في املئة “فيؤ ّدي إلى املزيد من‬ ‫الته ّرب من دفع الضرائب في أوانها بنسبة ‪95‬‬ ‫في املئة والتمييز بني املك ّلفني وخصوصا ً األجراء‬ ‫الذين تقتطع الضريبة مباشر ًة من رواتبهم‪ ،‬ممّا‬ ‫يزيد األعباء على ميزانيات األسر كونها مضطرة‬ ‫الى أن تدفع ضرائب غير مباشرة عالية لتعويض‬ ‫عما فاتها من ضرائب مباشرة غير‬ ‫اخلزينة ّ‬ ‫محصلة‪ ،‬فرسم البنزين الثقيل يد ّر على اخلزينة‬ ‫ّ‬ ‫ألف مليار ليرة سنويا ً في حني أ ّن الته ّرب من‬ ‫يقدر بأكثر من ألفي مليار ليرة في‬ ‫ضرائب األرباح ّ‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫وطالب غصن احلكومة بالتدخل فورا ً ملنع أي‬ ‫زيادة على أقساط املدارس اخلاصة‪ .‬ودعا الى إلغاء‬ ‫الضريبة التصاعدية عن البنزين‪ ،‬وحتويل عائدات‬ ‫رسوم هذه املادة لتمويل نظام نقل عام مشترك‬ ‫الئق يغطي كل األراضي اللبنانية‪ ،‬ويتيح للعمال‬ ‫إمكان التنقّ ل من أماكن مسكنهم إلى األماكن‬ ‫التي تتوافر فيها فرص العمل‪ ،‬وضرورة خفض‬ ‫الضريبة على القيمة املضافة املفروضة على‬ ‫السلع األساسية التي تدخل في سلة استهالك‬ ‫املتعددة بحيث‬ ‫األسر‪ ،‬واعتماد مبدأ املعدالت‬ ‫ّ‬ ‫تستهدف الضريبة السلع التي تستهلكنها‬ ‫األسر الثرية وإلغاء اإلعفاءات الضريبية عن‬ ‫مظاهر الثراء‪.‬‬ ‫ول ّوح غصن بنقل التفاوض على املطالب‬ ‫العمالية فورا ً إلى الشارع‪“ ،‬إذا لم ينطلق أي حوار‬ ‫من جدول أعمال واضح ومهل زمنية محددة‬ ‫ونهائية”‪ ،‬مؤكدا أنه “لن يقبل بعد اليوم بأن تتح ّول‬ ‫حتى عملية التفاوض التي َق ِبل بها بحسن نية‪،‬‬ ‫عملية كسب للوقت أيا ً تكن الظروف وحتت أي‬ ‫أسباب”‪.‬‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر دولي‬

‫قوة إيران ضمانة االستقرار في المنطقة‬ ‫و ُتبقي القضية الفلسطينية حية‬ ‫في منطقة إقليمية هامة “الشرق األوسط”‬ ‫تصبح لغة األرقام وسيلة أساسية تسبق‬ ‫صناعة القرار وحتديد املواقف‪ ،‬وفي البحث عن‬ ‫توزيع األدوار وتأثيرات القوى املتواجدة في منطقة‬ ‫ملتهبة من العالم‪ ،‬هذا من الناحية الظاهرية‬ ‫دون الدخول في املضمون‪ ،‬ولكن في منطقة هامة‬ ‫جدا ً في العالم اقتصاديا ً وسياسيا ً واستراتيجياً‪،‬‬ ‫يصبح للصراع أبعادا ً كبيرة ومتشعبة‪ ،‬والالعبون‬ ‫الكبار يحاولون تعظيم الفوائد املمكنة وتقزمي‬ ‫التكاليف الى أدنى حد ممكن‪ ،‬وإال فلماذا يشتد‬ ‫الصراع في املنطقة وجتتاح اجليوش األميركية‬ ‫بلدانها‪ ،‬وملاذا زرعت “إسرائيل” في قلب األمة‬ ‫كرأس حربة وضمانة للمشروع االستعماري‬ ‫القدمي احلديث املتجدد بأشكال وأساليب حتسن‬ ‫التفنن في عمليات النهب االستعماري على‬ ‫حساب شعوب املنطقة ومستقبل أجيالها‪.‬‬ ‫إيران اليوم‪ ،‬هي الرقم الصعب ونقطة االرتكاز‬ ‫األساسية لقوى الصمود واملقاومة واملمانعة‬ ‫في أمتنا‪ ،‬وهي التي تقف باملرصاد ملواجهة كل‬ ‫املشاريع االستعمارية‪ ،‬وفي حسابات األرقام‬ ‫واملواقف‪ ،‬تقف إيران ومعها سوريا املقاومة‬ ‫واملمانعة كعقبة أساسية حتول دون مترير املشاريع‬ ‫الكبرى التي ترسم للمنطقة حتت أسماء وعناوين‬ ‫شتى‪ ،‬مثل “الشرق األوسط اجلديد” الذي يتحدثون‬ ‫عنه‪ ،‬بهدف إخضاع املنطقة وتفتيتها وإضعافها‬ ‫متهيدا ً لسرقة مواردها والهيمنة مباشرة عليها‬ ‫أو بالوكالة عن طريق الكيان الصهيوني املدجج‬ ‫بأسلحة أميركية متطورة‪ ،‬وحامي املصالح‬ ‫االستعمارية في املنطقة والوكيل احلصري‬ ‫الوحيد املسلح بالفيتو األميركي‪.‬‬ ‫وضمن هذا اإلطار اإلقليمي امللتهب‪ ،‬حتاول‬ ‫اإلدارة األميركية وضع خطط ومشاريع البحث عن‬ ‫تقاطعات معينة وإيجاد شركاء بهدف إيجاد حل‬ ‫مشترك‪ ،‬وبناء شبكة من التحالفات واالستعانة‬ ‫باجلهود الدولية األخرى التي تدور في الفلك‬ ‫األميركي وحتت عنوان مواجهة التهديدات املاثلة‪،‬‬ ‫ويشكل الشرق األوسط املنطقة الهامة بامتياز‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫للسياسة األميركية وترى فيه املصدر األساسي‬ ‫للخطر وبذات الوقت املصدر األساسي املعد‬ ‫لالستخدام كساحة صراع تتحقق فيها املصالح‬ ‫األميركية بشكل خاص والغربية بشكل عام‪.‬‬ ‫ويشكل الصراع العربي – اإلسرائيلي‬ ‫ومستقبل الشعب الفلسطيني نقطة محورية‬ ‫في كل ما تشهده املنطقة من تهديدات أمنية‬ ‫وحروب‪ ،‬وهذا ما دفع إدارة أوباما الى البحث عن‬ ‫حل للصراع في رأس أولوياتها‪ ،‬ولكن مبا يعزز‬ ‫املكاسب األميركية والصهيونية‪ ،‬وكان قرار‬ ‫الرئيس األميركي بتعيني ممثل خاص للبحث عن‬ ‫“السالم املفقود” منذ ستة عقود!‬ ‫إن محاولة اإلدارة األميركية إيجاد حلول هزيلة‬ ‫ال تلبي طموحات الشعب الفلسطيني وهي‬ ‫تعمل على حتقيق أهداف الكيان الصهيوني‬ ‫واملشروع االستعماري الذي تقف دونه عقبات‬

‫‪50‬‬

‫أساسية تتمثل في قوى املقاومة واملمانعة في‬ ‫هذه األمة وفي مقدمها إيران وسوريا وحزب اهلل‬ ‫وقوى املقاومة الفلسطينية املناهضة للحلول‬ ‫األميركية على شاكلة أوسلو وأنابوليس وخارطة‬ ‫الطريق وغيرها‪...‬وصوال ً الى املفاوضات املباشرة‬ ‫األخيرة‪ ،‬التي لن تكون سوى “ملهاة” أميركية‬ ‫وصهيونية جديدة‪.‬‬ ‫ومن هنا تتحدث تقارير االستخبارات‬ ‫اإلسرائيلية اآلن عن قدرة إيران إلنتاج أول سالح‬ ‫نووي خالل عام واحد‪ ،‬كما تشير الى ضرورة‬ ‫إيجاد حل لهذا التهديد في القريب العاجل‪،‬‬ ‫وكانت األوساط اإلسرائيلية قد سربت في أكثر‬ ‫من مناسبة أخبارا ً حول وجود خطط عسكرية‬ ‫صاحلة للتعامل مع التهديد النووي اإليراني‪ ،‬لكن‬ ‫يبدو من املوقف اإلسرائيلي العام‪ ،‬بأن “إسرائيل”‬ ‫تدرك متاما ً املصاعب العمالنية واللوجستية‬ ‫التي ستواجهها في حال قررت أن تنفذ الضربة‬ ‫العسكرية ضد املنشآت النووية اإليرانية‬ ‫بوسائلها‪ ،‬وعبرت القيادات اإلسرائيلية عن رأيها‬ ‫بضرورة مشاركة الواليات املتحدة في القيام‬ ‫بهجوم جوي واسع يهدف الى تدمير البرنامج‬ ‫النووي اإليراني‪.‬‬ ‫ولكن لم تتجاوب إدارة الرئيس أوباما مع‬ ‫املطالب اإلسرائيلية‪ ،‬وتشعر “إسرائيل” بحالة‬ ‫من “الضيق” التي تؤثر سلبا ً على سلوكها في‬ ‫املفاوضات‪ ،‬وتتطلع الى مقايضة أية “تنازالت”‬ ‫في املفاوضات مع مقترحات أميركية واضحة‬ ‫ملعاجلة “مخاطر” املشروع النووي اإليراني على‬ ‫أمنها‪ ،‬وتسعى “إسرائيل” الى حتويل االرتباط غير‬ ‫املباشر بني البرنامج النووي اإليراني ومفاوضات‬ ‫“إسرائيل” مع السلطة الفلسطينية الى ارتباط‬ ‫مباشر ودفع الواليات املتحدة لضرب إيران‪ ،‬ولكن‬ ‫كان للقيادة اإليرانية موقفا ً واضحا ً من املفاوضات‬ ‫املباشرة التي جتريها السلطة الفلسطينية مع‬ ‫اإلسرائيليني بأنها لن تعيد احلقوق ألصحابها‬ ‫وستساهم في إضعاف القضية الفلسطينية‬ ‫وضياعها‪ ،‬ونبهت الى مخاطر هذا السلوك‪.‬‬


‫وستحاول الواليات املتحدة إرضاء القيادة‬ ‫اإلسرائيلية بتقدمي شتى أنواع الدعم العسكري‬ ‫وتفيد بعض التقارير الى محاوالت واشنطن وتل‬ ‫أبيب تسويق إمكانية توسيع املفاوضات لتشمل‬ ‫مسارات أخرى‪ ،‬وهذا يتوقف برأي اإلسرائيليني على‬ ‫قدرة الواليات املتحدة ملعاجلة “التهديد” النووي‬ ‫اإليراني‪ ،‬وتتحدث هذه التقارير عن الردود األميركية‬ ‫على الطرح اإلسرائيلي والتي تتمحور حول اخملاطر‬ ‫التي يواجهها التواجد العسكري األميركي‪ ،‬وزيادة‬ ‫اخلسائر البشرية في صفوف اجلنود األميركيني‬ ‫في حال الفشل في حتقيق أي تقدم باجتاه احلل‬ ‫النهائي مع الفلسطينيني‪ ،‬باإلضافة الى فتح‬ ‫جبهة صراع جديدة في مواجهة إيران لن تكون‬ ‫مضمونة النتائج‪ ،‬وستكون ارتداداتها سلبية‬ ‫على التواجد األميركي في املنطقة‪.‬‬ ‫ومن هنا فالتعقيدات التي تواجه السياسة‬ ‫األميركية اخلارجية في املنطقة هي في حالة‬ ‫من التزايد‪ ،‬والتساؤالت كثيرة حول السلوك‬ ‫األميركي املرجح والعودة من جديد الى بناء‬ ‫حتالفات وإيجاد شراكة إقليمية يكون هدفها‬ ‫املساعدة في حل املشاكل اإلقليمية واملساهمة‬ ‫الفاعلة في تسديد الفاتورة وتقليل التكاليف‬ ‫وبيع وعود جديدة “للعرب”‪ ،‬ومن هنا كانت‬ ‫املفاوضات املباشرة حاجة أميركية وإسرائيلية‬ ‫لتحسني املواقع وكسب املزيد من الوقت لتمكني‬ ‫الكيان الصهيوني من حتقيق أهداف جديدة‬ ‫أولها حماية أمن الكيان ويهوديته‪ ،‬وهما مقدمة‬ ‫جديدة الستكمال املشروع الصهيوني وطرد ما‬ ‫تبقى على أرض فلسطني التاريخية “عرب ‪”1948‬‬ ‫وتصفية القضية‪.‬‬

‫إيران تعزز قدراتها العسكرية‬ ‫تؤكد إيران سعيها الدائم لتطوير قدراتها‬ ‫العسكرية والقتالية وذلك لشعورنا بتهديد‬ ‫خارجي‪ ،‬لم يتوقف منذ انتصار ثورتها عام ‪،1979‬‬ ‫وتدفع التهديدات اإلسرائيلية املستمرة بضرب‬ ‫البرنامج النووي اإليراني‪ ،‬والتلويح األميركي‬

‫بذلك‪ ،‬الى ترسيخ قناعة لدى القيادة اإليرانية‪،‬‬ ‫مفادها أن امتالكها قوة رادعة وفعالة في الرد‬ ‫على مصادر النيران‪ ،‬هو ما يؤخر اندالع احلرب‪،‬‬ ‫فهي ترى أن رفع جاهزيتها القتالية وامتالكها‬ ‫وسائل الرد‪ ،‬هو الذي عطل اإلندفاع اإلسرائيلي‬ ‫واألميركي لضرب منشآتها النووية‪ ،‬وبناها‬ ‫التحتية وليس شيئا ً آخر‪.‬‬ ‫ويرى عدد من الباحثني اإليرانيني أن الرد اإليراني‬ ‫على أي اعتداء إسرائيلي على مواقع إيران النووية‬ ‫سيكون قوياً‪ ،‬وان إيران تخفي تفاصيل الرد شأنها‬ ‫في ذلك شأن الدول األخرى‪ ،‬وذلك حفاظا ً على‬ ‫مبدأ املباغتة‪ ،‬ومتكنت إيران من تطوير قدراتها‬ ‫الدفاعية والهجومية‪ ،‬وأن الشيء اجليد واألساسي‬ ‫الذي فعلته إيران هو أنها متكنت من كسر‬ ‫احلصار على أسلحتها‪ ،‬من خالل إيجاد املعامل‬ ‫العسكرية‪ ،‬وهي اليوم ال تبالي إذا فرض عليها‬ ‫حصار عسكري‪ ،‬وأن بإمكان إيران استخدام ‪600‬‬ ‫صاروخ شهاب ‪ 4‬و‪ 3‬في أقل من دقائق ردا ً على أي‬ ‫عدوان أميركي وإسرائيلي‪ ،‬وأن أميركا ستقع في‬ ‫مستنقع أكبر من املستنقع العراقي إذا هاجمت‬ ‫إيران‪ ،‬وأن إيران ستنتقل من الدفاع الى الهجوم‬ ‫وستحرق كل القواعد األميركية في املنطقة‪.‬‬ ‫وحول احتمال هجوم إسرائيلي قال أحد القادة‬ ‫اإليرانيني العسكريني إن “إسرائيل” تعيش في‬ ‫بيت من زجاج وإنها ستحفر قبرها بنفسها إذا‬ ‫هاجمت إيران‪.‬‬ ‫وتشير بعض التقارير االستخباراتية الغربية‬ ‫الى امتالك إيران ألكبر مخزون من الصواريخ في‬ ‫الشرق األوسط وأن لديها أنظمة صواريخ كاملة‬ ‫وقامت بتطوير بنية أساسية لبناء الصواريخ‪.‬‬ ‫وذكرت مصادر إيرانية أن الصناعات العسكرية‬ ‫اإليرانية يتم تصدريها الى خمسني دولة ولعل‬ ‫األبرز في الصناعات العسكرية اإليرانية التقدم‬ ‫الذي حترزه في مجال االستخدامات العسكرية‬ ‫ألشعة الليزر‪ ،‬واألنظمة االلكترونية التي تتحكم‬ ‫في قدرة وكفاءة األسلحة احلديثة‪ ،‬وكانت إيران‬ ‫قد دشنت عام ‪ 2006‬مشروعا ً لصناعة نظام‬ ‫لإلنذار املبكر يعمل بالليزر للدفاعات اجلوية‪ ،‬وجتري‬ ‫إيران باستمرار مناورات بحرية وبرية وجوية‪ ،‬تختبر‬

‫‪51‬‬

‫خاللها أسلحة جديدة تنتجها محلياً‪ ،‬بينها‬ ‫طائرات مقاتلة وطائرات استطالع‪ ،‬وغواصات‬ ‫وقطع بحرية‪ ،‬ورادارات ودبابات وصواريخ وقنابل‬ ‫ذكية‪.‬‬ ‫وصرح قائد سالح البحرية في اجليش اإليراني‬ ‫في ‪ 16‬شباط ‪ ،2010‬بأن سالح البحرية اإليراني‬ ‫استطاع حتقيق االكتفاء الذاتي في مجال إنتاج‬ ‫األجهزة البحرية املتطورة وأكد أن إيران تقوم‬ ‫حاليا ً بإنتاج بوارج مجهزة بصواريخ متطورة‪.‬‬ ‫وميلك سالح البحرية اإليراني غواصات روسية‬ ‫متطورة من طراز “كيلو” باإلضافة الى عدد غير‬ ‫معروف من الغواصات الصغيرة ويؤكد خبراء‬ ‫غربيون أن هذه الغواصات متثل مشكلة إضافية‬ ‫أمام القوات األميركية في اخلليج بسبب صعوبة‬ ‫اكتشافها‪ ،‬والغواصات التي تنتجها إيران تعتبر‬ ‫أكثر مالئمة للعمل في منطقة اخلليج حيث‬ ‫ميكنها صغر حجمها من االختباء في املياه‬ ‫الضحلة‪.‬‬ ‫ويرى محللون أن عقيدة القوات البحرية‬ ‫اإليرانية تستند الى تكتيك حرب عصابات من‬ ‫خالل االعتماد على أسلوبني هما‪:‬‬ ‫الزوارق السريعة املسلحة بالصواريخ‪ ،‬واأللغام‬ ‫البحرية‪ ،‬وأعلنت إيران خالل السنوات العشر‬ ‫املاضية عن اختبارها بنجاح صواريخ وطوربيدات‬ ‫بحرية عديدة تقوم بتصنيعها محليا ً كان آخرها‬ ‫صاروخ نصر‪ 1‬املضاد للسفن‪.‬‬ ‫وفي منطقة تشهد حالة من عدم االستقرار‬ ‫بعد احلروب األميركية في كل من أفغانستان‬ ‫والعراق وفلسطني ولبنان‪ ،‬وبلغة األرقام تقول‪ ،‬إن‬ ‫إيران هي ضمانة االستقرار في املنطقة ومعها كل‬ ‫قوى املقاومة واملمانعة في أمتنا‪ ،‬وهي التي تقف‬ ‫عثرة وعقبة كأداء أمام كل املشاريع االستعمارية‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وهي التي تساهم وبشكل فاعل في‬ ‫تدعيم وتعزيز خيار املقاومة في منطقتنا والعالم‬ ‫الذي يتوق الى احلرية في مواجهة االستكبار العاملي‬ ‫ومواجهة الشيطان األكبر‪ ،‬الواليات املتحدة وأداته‬ ‫في املنطقة‪“ ،‬إسرائيل”‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر دولي‬

‫الكوريتان تعيشان شبح الحرب الثانية‬ ‫الكوريتان تدخالن اليوم مرحلة جديدة‬ ‫في تدهور العالقات‪ .‬فدخول كوريا اجلنوبية‬ ‫معاهدة حظر انتشار األسلحة النووية‪ ،‬ترجم‬ ‫في كوريا الشمالية إعالن حرب‪.‬‬ ‫املشهد الكوري يبدو هنا أكثر وضوحا ً من‬ ‫املوقف الدولي‪ ،‬فاإلدانة اخلجولة التي أتت من‬ ‫بكني‪ ،‬قابلتها حدة من جانب موسكو‪ ،‬التي‬ ‫بدت أقرب هذه املرة إلى لكنة أوروبية منها‬ ‫روسية‪.‬‬ ‫على احلدود بني الدولتني‪ ،‬املؤشرات تنبئ‬ ‫بالتصعيد‪ ،‬فمن املؤكد أن اللغة الهادئة التي‬ ‫اعتمدها رئيس كوريا اجلنوبية لي ميونغ باك‪،‬‬ ‫وعدم حشد قواته على احلدود‪ ،‬جاءت مبثابة‬ ‫رسالة يقرأها املراقبون كدعوة نحو العواصم‬ ‫الكبرى للتحرك سوياً‪ .‬إالّ أن روسيا توجهت‬ ‫نحو تعبئة جنوبها الشرقي حتضرا ً ألي طارىء‪،‬‬ ‫والصني حذت حذوها‪.‬‬ ‫أسئلة كثيرة تدور حول مسار هذه األزمة‪،‬‬ ‫محليا ً ودولياً‪ ،‬بعضها رمبا تكشف مع توجه‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬وعلى رأسه واشنطن‪ ،‬نحو‬ ‫مزيد من تشديد العقوبات‪ ،‬ردا ً على كل‬ ‫خطوات البلد الشيوعي‪ ،‬بدءا ً بالتجربة‬ ‫النووية وانتهاء مبفاعل بيونغ يانغ مرورا ً برزم‬ ‫الصواريخ التي أطلقت مؤخراً‪.‬‬ ‫حرب أم ال حرب‪ ،‬تصعيد أم تهدئة‪ ،‬شروق‬ ‫شمس الوحدة أم غروب االنفصال الى األبد‪،‬‬ ‫تساؤالت تتكرر كلما جتددت املناورات التي‬ ‫تنذر بعودة شبح احلرب فوق شبه اجلزيرة‬ ‫الكورية عبر ‪ 60‬عاما ً من اندالع احلرب األولى‬ ‫بني الكوريتني‪ ،‬وآخرها تصاعد حرب كالمية‬ ‫جديدة بينهما عقب تأكيد جلنة حتقيق دولية‬ ‫وجود أدلة على أن طوربيدا ً كوريا ً شماليا ً‬ ‫تسبب في انشطار البارجة “تشونان” التي‬ ‫تزن ‪ 1200‬طن في البحر األصفر في ‪ 26‬آذار‬ ‫‪ ،2010‬مما أسفر عن مقتل ‪ 46‬بحاراً‪ ،‬بل تطور‬ ‫املوقف الى تقدمي شكوى رسمية إلى مجلس‬ ‫األمن الدولي ضد كوريا الشمالية تتهمها‬ ‫بإغراق السفينة احلربية‪.‬‬ ‫تناولت بعض الصحف األميركية مظاهر‬ ‫التصعيد في شبه اجلزيرة الكورية بالنقد‬ ‫والتحليل‪ ،‬وذهب بعضها إلى أن بيونغ يانغ‬ ‫باتت تختبر إستراتيجية الصبر األميركية‬ ‫بإدارة باراك أوباما‪ ،‬وأن املنطقة تشهد توترا ً‬ ‫هو األشد منذ ‪ 1994‬عندما هددت كوريا‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الشمالية جارتها اجلنوبية بتحويلها إلى‬ ‫“بحر من النار»‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أنه ومنذ تسلم أوباما زمام‬ ‫األمور في بالده‪ ،‬قامت كوريا الشمالية بإطالق‬ ‫الصواريخ وإجراء جتربتها النووية الثانية‬ ‫واحتجاز اثنني من الصحفيني األميركيني‬ ‫وأخيرا إغراق سفينة جنوبية متسببة في‬ ‫مقتل ‪ 46‬بحارا‪.‬‬ ‫وبعد أن أوقفت سيؤول املساعدات‬ ‫والتجارة مع بيونغ يانغ‪ ،‬ردت األخيرة بقطع‬ ‫عالقاتها مع جارتها اجلنوبية محذرة باتخاذ‬ ‫إجراءات أخرى إذا ما حاولت سيؤول اللجوء‬ ‫إلى مجلس األمن لفرض عقوبات إضافية‬ ‫على كوريا الشمالية‪.‬‬ ‫وينتقد محللون “دبلوماسية الصبر” التي‬ ‫تتبعها الواليات املتحدة إزاء كوريا الشمالية‬ ‫بدعوى أنها جتعل بيونغ يانغ تفرض األجندة‬ ‫بنفسها‪ ،‬مشيرين إلى أن الرئيس األميركي‬ ‫السابق جورج بوش رفع اسم كوريا الشمالية‬ ‫من الئحة الدول الراعية “لإلرهاب” وحاول‬ ‫مساعدة البالد على حساب عالقة أميركا‬ ‫باليابان وكوريا اجلنوبية‪ ،‬لكن دون جدوى‪.‬‬ ‫ويخشى محللون من تزايد التوتر في شبه‬ ‫اجلزيرة الكورية في ظل رد الفعل احملتمل‬ ‫من جانب كوريا الشمالية إزاء التدريبات‬ ‫العسكرية األميركية الكورية اجلنوبية‬ ‫ملقاومة الغواصات‪ ،‬وإزاء احتماالت قيام‬ ‫مجلس األمن باتخاذ إجراء ضد بيونغ يانغ‪.‬‬ ‫اخلشية من اندالع حرب في شبه اجلزيرة‬ ‫الكورية حيث أن الهدنة بني الكوريتني‬

‫‪52‬‬

‫استمرت ‪ 57‬عاما ً دون التوصل إلى اتفاقية‬ ‫سالم‪ .‬املنطقة تشهد توترا ً هو األشد منذ‬ ‫‪ 1994‬عندما هددت كوريا الشمالية جارتها‬ ‫اجلنوبية بتحويلها إلى “بحر من النار”‪ ،‬من هنا‬ ‫إن حلقة الوصل الوحيدة احملتملة بني اجلارتني‬ ‫هي الصني التي أوصت اجلانبني بضبط‬ ‫النفس‪ .‬ورغم حتركات الصني ملنع نشوب‬ ‫حرب جديدة بني الكوريتني على خلفية اتهام‬ ‫سيؤول لبيونغ يانغ بإغراق بارجة حربية‬ ‫كورية جنوبية في شهر آذار املاضي‪ ،‬إالّ أن‬ ‫وزارة الدفاع األميركية “البنتاجون” استفزت‬ ‫بيونغ يانغ‪ ،‬عندما أعلنت عن إجراء مناورات‬ ‫عسكرية مشتركة مع كوريا اجلنوبية قريبا‬ ‫مبا فيها مناورات على التصدي للغواصات‬ ‫البحرية ‪.‬‬ ‫كما أعلن البيت األبيض أن الرئيس باراك‬ ‫أوباما يدعم موقف الرئيس الكوري اجلنوبي‬ ‫لي ميونغ باك بالكامل في رده على إغراق‬ ‫طوربيد كوري شمالي لسفينة بحرية كورية‬ ‫جنوبية والذي أودى بحياة ‪ 46‬بحارا‪.‬‬ ‫وورد في بيان صدر عن البيت األبيض أن‬ ‫بإمكان كوريا اجلنوبية االعتماد على الدعم‬ ‫الكامل للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وأكد البيان أن أوباما يدعم طلب سسؤول‬ ‫باعتذار بيونغ يانغ‪ ،‬ومعاقبة املسؤولني‬ ‫عن الهجوم‪ ،‬والتوقف عن تهديد جارتها‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬ ‫يذكر أن كوريا اجلنوبية كانت علقت في‬ ‫وقت سابق عالقاتها التجارية مع كوريا‬ ‫الشمالية وطالبت األخيرة باالعتذار بعد‬


‫حمل بيونغ يانغ مسؤولية إغراق‬ ‫نشر تقرير ّ‬ ‫قطعة بحرية جنوبية‪.‬‬ ‫كما أعلنت سيؤول أنها ستحيل كوريا‬ ‫الشمالية الى مجلس األمن الدولي لفرض‬ ‫عقوبات جديدة عليها بسبب إغراق سفينة‬ ‫“تشيونان” للبحرية الكورية اجلنوبية‪.‬‬ ‫وكان التقرير الذي أعده فريق حتقيق دولي‬ ‫ضم خبراء من الواليات املتحدة واستراليا‬ ‫وبريطانيا والسويد‪ ،‬كشف أن األدلة أثبتت‬ ‫وبشكل دامغ أن الطوربيد الذي أغرق في‬ ‫‪ 26‬آذار املاضي البارجة الكورية اجلنوبية‬ ‫“تشيونان”‪ ،‬التي قتل فيها ‪ 46‬بحاراً‪ ،‬في‬ ‫منطقة سبق وأن شهدت ثالث مواجهات‬ ‫بحرية دامية مع القوات الكورية الشمالية‬ ‫في األعوام ‪ 1999‬و‪ 2002‬و‪ ،2009‬أطلق من‬ ‫غواصة كورية شمالية وأنه ال يوجد أي‬ ‫تفسير آخر ممكن‪.‬‬ ‫وعلى الفور‪ ،‬أعلن رئيس كوريا اجلنوبية‬ ‫لي ميوجن باك أن كوريا الشمالية باتت في‬ ‫مواجهة ردود فعل قوية إن هي لم تعترف‬ ‫بفعلتها تلك‪ ،‬متوعدا ً باتخاذ إجراءات قوية‬ ‫ضد كوريا الشمالية‪ ،‬هذا فيما أدانت واشنطن‬ ‫إغراق السفينة واعتبرته عمالً عدوانياً‪ ،‬بينما‬ ‫وصفته اليابان بأنه عمل ال يغتفر‪.‬‬ ‫وفي املقابل‪ ،‬وصفت جلنة الدفاع الوطني في‬ ‫كوريا الشمالية في بيان بثته اإلذاعة الكورية‬ ‫الشمالية تقرير جلنة احملققني الدوليني حول‬ ‫غرق البارجة بأنه ال أساس له من الصحة‪.‬‬ ‫وأوضح البيان أن بيونغ يانغ سترسل‬ ‫محققيها اخلاصني إلى كوريا اجلنوبية‬ ‫للتحقق من األدلة التي أوردها تقرير احملققني‬ ‫الدوليني‪ ،‬واصفا ً االتهام بـ”امللفق”‪.‬‬ ‫وهددت كوريا الشمالية في البيان بإعالن‬ ‫“حرب شاملة” إذا ما فرضت عقوبات عليها‪،‬‬ ‫ومازالت بوينغ يانغ وسيؤول من ناحية نظرية‬ ‫في حالة حرب بعد التوقيع على هدنة إليقاف‬ ‫احلرب الكورية ‪ 1953-1950‬وليس اتفاقية‬ ‫سالم دائمة‪ .‬أن احلوار اختفى في شبه اجلزيرة‬ ‫الكورية وأصبح تصعيد التوتر العسكري‬ ‫هو السمة الوحيدة الغالبة‪ .‬وبعد حادث‬ ‫تشيونان‪ ،‬فإن كوريا اجلنوبية والواليات املتحدة‬ ‫تكثفان الضغوط على كوريا الشمالية‪،‬‬ ‫وتدعوان بيونغ يانغ إلى االعتذار‪ ،‬ومعاقبة‬ ‫املتورطني في احلادث‪ ،‬والتعهد بعدم ارتكاب‬ ‫مثل هذا العمل العدواني مرة أخرى‪ .‬وردا ً على‬ ‫ذلك‪ ،‬تهدد كوريا الشمالية علنا ً بشن ما‬ ‫تسميه “حربا ً انتقامية مقدسة” بناء على‬

‫قوة ردعها النووية‪.‬‬ ‫حدة التوتر تتسع اآلن إلى مواجهة بني‬ ‫كوريا اجلنوبية والواليات املتحدة واليابان ضد‬ ‫كوريا الشمالية والصني‪ .‬في هذه اللحظة‬ ‫ليس من املناسب بتاتا ً مناقشة “السالم”‪.‬‬ ‫ولالستعراض املسلح ضد هجوم كوريا‬ ‫الشمالية على السفينة احلربية تشيونان‪،‬‬ ‫عقدت املناورات العسكرية املشتركة‬ ‫الضخمة بني كوريا اجلنوبية والواليات املتحدة‬ ‫في البحر الشرقي بد ًءا من ‪ 25‬من حزيران‪.‬‬ ‫وأعلن جيشا البلدين احلليفني عن املناورات‬ ‫املشتركة‪ ،‬في محاولة واضحة لتوجيه‬ ‫رسالة قوية إلى كوريا الشمالية مفادها أن‬ ‫البلدين لن يتساهال أبدا جتاه أية استفزازات‬ ‫أخرى من كوريا الشمالية‪ .‬أيضاً‪ ،‬ملحّ ت الواليات‬ ‫املتحدة إلى إمكانية فرض عقوبات مالية‬ ‫جديدة على الشمال‪ ،‬ستكون أقوى بكثير من‬ ‫العقوبات القائمة التي مت فرضها مبوجب قرار‬ ‫مجلس األمن رقم ‪ .1874‬وكما كان متوقعاً‪،‬‬ ‫أثارت املناورات العسكرية املشتركة بني كوريا‬ ‫اجلنوبية والواليات املتحدة مقاومة شديدة‬ ‫من جانب بيونغ يانغ‪ .‬فقد انتقدت كوريا‬ ‫الشمالية التدريبات العسكرية‪ ،‬وبعض‬ ‫اخلبراء يحذرون من احتمال إجراء جتربة نووية‬ ‫ثالثة من جانب كوريا الشمالية‪.‬‬ ‫وفي هذه املرة أيضاً‪ ،‬قد نرى وضعا ً مماثالً‬ ‫عند الرد على الواليات املتحدة فإن كوريا‬ ‫الشمالية لديها خيارات محدودة جداً‪ ،‬ومن‬ ‫املتوقع أن يكون اخليار الرئيسي‪ ،‬بدون شك‪،‬‬ ‫الردع النووي‪ ،‬كما أعلنت كوريا الشمالية‪.‬‬ ‫بهذا املعنى‪ ،‬ميكن أن تستخدم بيونغ يانغ‬ ‫تكنولوجيا االنصهار النووي إلثبات قدرتها‬ ‫على تطوير أسلحة نووية هائلة أو إظهار‬ ‫بعض التقدم في تخصيب اليورانيوم‪ ،‬وتطلق‬ ‫كوريا الشمالية صاروخا ً بعيد املدى قادرا ً على‬ ‫حمل رأس حربي نووي‪ .‬وال ميكننا استبعاد‬ ‫احتمال مضي كوريا الشمالية قدما ً في‬ ‫إجراء جتربة نووية ثالثة‪.‬‬ ‫برغم التهدئة وانخفاض تداعيات ملف‬ ‫إغراق السفينة احلربية الكورية اجلنوبية‬ ‫شيونان ومقتل “‪ ”46‬من بحارتها الكوريني‬ ‫اجلنوبيني‪ ،‬فقد برزت على أرض الواقع املزيد‬ ‫من املعطيات واملعلومات اجلديدة التي تشير‬ ‫إلى أن حتالف واشنطن – سيؤول يسعى‬ ‫بشكل حثيث باجتاه املزيد من التصعيد في‬ ‫مواجهة بيونغ يانغ‪ ،‬وفي هذا اخلصوص نشير‬ ‫إلى املعطيات اجلديدة اآلتية‪:‬‬ ‫قامت وزيرة اخلارجية األميركية هيالري‬ ‫كلينتون يرافقها وزير الدفاع األميركي روبرت‬

‫‪53‬‬

‫غاتز بزيارة املنطقة العازلة املنزوعة السالح‬ ‫بني كوريا اجلنوبية وكوريا الشمالية‪ ،‬وخالل‬ ‫تواجدها في هذه املنطقة أعلنت عن املزيد‬ ‫من التصريحات الساخنة التي حملت طابع‬ ‫التهديد والوعيد لكوريا الشمالية‪ ،‬والشيء‬ ‫نفسه قام به الوزير روبرت غاتز‪.‬‬ ‫ومت اإلعالن عن انعقاد فعاليات لقاء آسيا‬ ‫– الباسفيك األمني الذي سوف تستضيفه‬ ‫فيتنام‪ ،‬وسيركز اللقاء هذه املرة على‬ ‫قضايا األمن والنزاعات في منطقة آسيا –‬ ‫الباسفيك‪ ،‬وتشير التوقعات إلى وجود نوايا‬ ‫من جانب أميركا وكوريا اجلنوبية‪ ،‬وحلفائهما‬ ‫جلهة دفع فعاليات اللقاء باجتاه إدانة كوريا‬ ‫الشمالية والسعي نحو فرض املزيد من‬ ‫الضغوط اآلسيوية والدولية ضد بيونغ يانغ‪.‬‬ ‫من املتوقع أن ال تتوقف التحركات‬ ‫األميركية – الكورية اجلنوبية عند هذا احلد‪،‬‬ ‫فهناك ضغوط أميركية متزايدة جلهة إرغام‬ ‫الصني وروسيا باجتاه التخلي عن روابطها‬ ‫مع كوريا الشمالية‪ ،‬إضافة إلى االنضمام‬ ‫جلانب اجلهود األميركية الساعية الستهداف‬ ‫كمبوديا وبورما‪.‬‬ ‫مبتابعة األحداث اجلارية فى جميع أنحاء‬ ‫العالم جند أن احملرك الرئيسي جلميع مشاكل‬ ‫العالم هى أميركا‪ ،‬فمع فشلها فى إيقاف‬ ‫البرنامج النووي في كوريا الشمالية فال بد‬ ‫من إثارة الفتنة بني البلد املنقسم‪ ،‬ليصبح‬ ‫دولتني ويدمر أحدهم اآلخر بعد جناح أميركا‬ ‫بإبعاد الصني عن احلليف القوي لكوريا‬ ‫الشمالية بالضغط االقتصادي ومطالبتها‬ ‫دوما ً برفع قيمة عملتها مع السماح‬ ‫لها بإغراق أسواقها باملنتجات الصينية‪،‬‬ ‫والضغط على الدول اخلليجية لفتح‬ ‫أسواقها أيضاً‪ ،‬وستشهد على ذلك بتغير‬ ‫املوقف الصيني من القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫والوقوف الى جانبها‪ ،‬واخلوف كل اخلوف أن‬ ‫جتد كوريا الشمالية نفسها مجبرة على‬ ‫التسوية‪.‬‬ ‫التوتر بلغ ذروته وسط املناورات العسكرية‬ ‫املشتركة بني كوريا اجلنوبية والواليات‬ ‫املتحدة وحترك واشنطن لفرض عقوبات‬ ‫مالية على كوريا الشمالية وتعهد بيونغ‬ ‫يانغ الغاضب بالقيام “برد ملموس”‪ .‬اآلن مر‬ ‫‪ 57‬عاما ً على توقيع اتفاقية الهدنة‪ ،‬وقد حان‬ ‫الوقت للكوريتني ألن تبحثا عن سبل عقالنية‬ ‫لتخفيف حدة التوتر املستمر من أجل حتقيق‬ ‫السالم الدائم في شبه اجلزيرة الكورية‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر فني‬

‫المسرح التجاري عوضاً عن «الكباريه»‬

‫الفنانة هدى شعرواي «إم زكي» لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫ال أدري لماذا ُغ ّيبت «أم حدو» و»أم لمعات» في مسلسل باب الحارة‬ ‫من حارات الشاغور‪ ،‬التي أجنبت أحد أبطال الثورة السورية حسن‬ ‫اخلراط‪ ،‬تدرّجت الداية أم زكي الفنانة هدى شعراوي في مساكب الفن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أم‬ ‫وحاراته‪ ،‬متخفية حينا ومسترقة اخلروج من املنزل أحيانا بصحبة ٍ‬ ‫كانت سابقة لزمانها بوعيها وانفتاحها‪ ،‬فكانت السند لفنانة هي‬ ‫اليوم من أعمدة الفن والدراما السورية‪ ،‬فنانة كانت ولم تزل ترى في‬ ‫الفن رسالة ومنبراً للتوعية واإلرشاد واإلصالح‪ ،‬هي مع اجلرأة في التمثيل‬ ‫شرط أن ال تخرج عن حدود األدب والعيب‪ ،‬وشرط أال تؤثر في بيئتنا‬ ‫االجتماعية سلباً‪ ،‬وترفض أن تكون الشللية هي املسيطرة في العمل‬ ‫الفني‪ ،‬متأسفة على موت املسرح القومي ناعية املسرح التجاري الذي‬ ‫ليس إال بديال عن «الكباريه» كما تقول‪.‬‬ ‫هدى شعرواي بنت الشام العتيقة وحاراتها الزكية املؤسسة‬ ‫بياسمينها‪ ،‬احلافظة خلطى نسائها أمثال أم ملعات‪ ،‬وأم خضر‪ ،‬وأم حدو‬ ‫اللواتي كن يقدن املظاهرات وينقلن أخبار الثوار‪ ،‬تلك النسوة اللواتي‬ ‫غيبت سيرتهن في مسلسل باب احلارة وحضرت مكانهن املرأة النمطية‪،‬‬ ‫تلك النسوة اللواتي شهدت لهن وعليهن هدى شعراوي في حوار أجرته‬ ‫معها مجلة «منبر التوحيد» هذا نصه‪:‬‬ ‫هدى شعراوي ابنة الشاغور‪ ،‬تلك احلارة الشامية املتعصبة كيف‬ ‫استطاعت التسلل من باب احلارة املغلق أبداً على نسائه وتدخل عاملاً‬ ‫محرماً حتى على الرجال‪ ..‬عالم التمثيل؟‬ ‫كان عمري تسع سنوات عندما ذهبت بزيارة مع والدتي عند واحدة من‬ ‫صديقاتها‪ ،‬وكان هناك الفنان جنيب السراج وأنور البابا‪ ،‬وعندما قالوا أن أم‬ ‫كامل قادمة إلى هنا «طار العقل تبعي» وملا وصلت أم كامل لم أستوعب‬ ‫األمر‪ ،‬ألن أم كامل امرأة وهذا رجل‪ ،‬وأذكر أنني استقبلت الفنانني بطريقة‬ ‫غير طبيعية ولم أصدق أنني أمامها‪ ،‬وقلت لنجيب السراج‪ :‬أنا البارحة‬ ‫سمعت لك أغنية «كان وصار وليس كان‪ ...‬وحبك‬ ‫أصبح بخبر كان»‪ ،‬وطلب مني أن أغنيها ففعلت‪،‬‬ ‫وفرح بي كثيرا وقال‪ :‬أنت فنانة كبيرة‪ ...‬كبيرة‪ ،‬رغم‬ ‫أنك صغيرة‪ ،‬أما أنور البابا فسألني هل متثلني؟ قلت‬ ‫نعم‪ ،‬فأتى لي بنص إذاعي قرأته له وفي اللحظة‬ ‫نفسها قدمني للمسرح‪.‬‬ ‫يبدو أنك كنت مدللة عند الوالدة لتسمح‬ ‫لك بالتمثيل رغم خطورة ذلك في مجتمع‬ ‫محافظ!‬ ‫أنا عشت حياة «النذورة» كل حلظة وكل‬ ‫خطوة بنذر‪ ،‬ألنني جئت من بعد سبع أخوة ماتوا‬ ‫جميعاً‪ ،‬ولذا كانت أمي ال ترد لي طلباً‪ ،‬وحتاول دائما‬ ‫مسايرتي‪ ،‬وتذهب معي إلى اإلذاعة‪ ،‬وفي يوم ما‬ ‫أخذوني إلذاعة الشرق األدنى التي تبث من بيروت‬ ‫وسجلت لها‪ ،‬وكانوا قد صوروني ونشرت الصور‬ ‫في اجمللة ووصلت للعائلة وجاء أخي لقتلي‪،‬‬ ‫واستطعنا التغلب على األمر وبدأت أعمل بالسر‬ ‫إذاعيا ً حتت اسم نشوى‪ .‬ومن ثم انتقلت للمسرح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وكان عمري ‪ 15‬عاماً‪ ،‬وكنت أعمل خارج الشام إال مسرحية «يوم من أيام‬ ‫الثورة السورية» التي عرضت على مسرح املعرض وأعرف أن أهلي ال يحضرون‬ ‫مسرحاً‪ ،‬وكانت أمي في كل يوم تخترع سهرة عند أحد األقارب أو األصدقاء‬ ‫ألستطيع العرض‪.‬‬ ‫وماذا عن التلفزيون وكيف انتقلت للعمل فيه؟‬ ‫قدمت للتلفزيون عمالً اسمه رمضان كرمي مع الراحل أنور البابا‪ ،‬وإخراج‬ ‫قسمت طوران‪ ،‬وقبلوا أهلي به ألن اسمه رمضان كرمي‪ ،‬ومن ثم عملت في‬ ‫مسلسل دوالب مع طلحت حمدي وفيه كالم غرامي من وراء الباب‪ ،‬ولهذا‬ ‫كنت أبعث والدتي لبيت أخي لتقنعهم أن يغ ّيروا احملطة إلى لبنان بحجة أن‬ ‫فيها برنامجا ً جميالً حتى ال يسمعون كالم الغرام في املسلسل ألنه ممنوع‪.‬‬ ‫لقد كانت الوالدة متطورة وصوتها جميل وأصحابها من العائالت الكبيرة‪،‬‬ ‫ويقال بأن صوتي جميل‪.‬‬ ‫ملاذا لم تخوضي جتربة الغناء؟‬ ‫«ألنو حاجتي قتل» أكلت قتل كتير ورح يصير‬ ‫عندي تسرع بالقلب‪ ،‬وأنا مصرة أن أدافع عن الفن‬ ‫وأصير ممثلة»‪ .‬املهم أن أهلي طوعوا لألمر شرط أن‬ ‫ألبس كما طويالً وال أمثل مشاهد غرامية‪.‬‬ ‫وماذا عن دور أم زكي في مسلسل باب احلارة؟‬ ‫أم زكي مرشدة اجتماعية تخطب‪ ،‬تزوج‪ ،‬تنقل‬ ‫األخبار اجلميلة من منزل آلخر‪ ،‬وتعلن موعد‬ ‫احلفالت أو الليلية‪.‬‬ ‫أم زكي كانت مبثابة قناة اتصال عوضاً‬ ‫عن الهاتف واالنترنت في زماننا وأبدعت بدور‬ ‫«الداية» كيف متكنت من ذلك؟‬ ‫كنت أذهب مع والدتي وصديقتها أم ضاهر‬ ‫«الداية» وكنت أحضر هذه الوالدات كوني صغيرة‪،‬‬ ‫وأسمع ما يقال أثناء الوالدة وأحضر الغناء والدق‬ ‫والرقص‪ ،‬واستفدت من ذلك وكنت أضيف للنص‬

‫‪54‬‬


‫ما أعرفه‪ ،‬واخملرج بسام املال كان يعطيني احلرية في التدخل وكنت أقول ما‬ ‫أعرفه وغاب عن النص‪.‬‬ ‫ماذا تعرف هدى شعراوي عن مكانة ودور املرأة في احلارات الشامية؟‬ ‫كان للمرأة مكانة كبيرة ودورا هاما‪ ،‬وكنت أسمع من أمي وأبي عن «أم‬ ‫حدو» التي جمعت النساء وقامت مبظاهرة عندما ارتفع سعر اخلبز نصف‬ ‫«فرنك»‪ ،‬وذهنب مبظاهرتهن أمام «السرايا» يحملن لعبة صغيرة على أنها‬ ‫الشيخ تاج الذي ينادي باملتظاهرات «حبوني‪...‬حبوني» فترد النسوة «صرماية‬ ‫عليك‪...‬صرماية عليك» ومن أمثال أم حدو أيضا ً كانت أم ملعات وأم خضر‪،‬‬ ‫ونساء احلارة هن من يحملن الطعام للثوار وينقلن األخبار من جهة إلى‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫بناء عليه ملاذا مت تكريس صورة املرأة النمطية في مسلسل باب احلارة‬ ‫ولم تتم اإلشارة إلى هذه األحداث ومت إغفال هذا البعد الهام لنساء‬ ‫احلارات الشامية؟‬ ‫ال أعرف ملاذا أغفل هذا البعد‪ ،‬رمبا لم ينبه أحد اخملرج لهذه النقطة‪ ،‬أو ألننا‬ ‫نقرأ النص كامالً ونحفظ هذه األدوار ونصور كل «بلوك» مبفرده‪.‬‬ ‫هل للتمويل عالقة بهذه الصورة وتكريسها في أذهان األجيال خاصة‬ ‫وأن ثمار باب احلارة تقطف بعد عشر سنوات؟‬ ‫ال أبداً‪ ،‬املنتج ليس له عالقة بهذا األمر‪ ،‬وهذه مهمة الكاتب واخملرج‪ ،‬فاملال‬ ‫يدفع ثمنا ً لألجزاء وطلبا لها‪ ،‬وألن املسلسل له شعبية والقى جناحا ً كبيراً‪.‬‬ ‫أال يوجد شروط على اخملرج والكاتب حتدد اجتاه النص وما يجب أن‬ ‫يحمله من صور وأفكار؟‬ ‫على حد علمي ال يوجد‬ ‫شروط‪ ،‬وال أعرف إذا كان‬ ‫هناك شروط ال نعلم بها‬ ‫بينه وبني اخملرج‪.‬‬ ‫من االنتقادات التي‬ ‫القاها املسلسل أنه‬ ‫حتول إلى ثرثرات نسائية‬ ‫لتمضية ثالثني حلقة‬ ‫متعاقد عليها؟‬ ‫باعتباري ركن من أركان‬ ‫املسلسل ال أستطيع اجلزم‬ ‫بهذا الكالم وال أستطيع‬ ‫أن أعطيك الكالم الشافي‪،‬‬ ‫ويجب أن تسألي اخملرج ملاذا‬

‫انحاز إلى هذه الطرق‪.‬‬ ‫الدراما السورية تتألق وألنها كذلك ثمة إعاقات تقف أمام هذا التألق‬ ‫ومخاوف مباذا تشخص هدى شعراوي هذه اإلعاقات واخملاوف؟‬ ‫إنك تضعينني مبوقف محرج‪ ،‬وال أريد ألحد أن ينزعج مني كوني أعرف‬ ‫الشاردة والواردة‪ ،‬وإذا حكيت بالتفصيل شركات اإلنتاج ستأخذ موقفا‬ ‫مني‪.‬‬ ‫ولكنهم رشحوك للمؤمتر العام لنقابة الفنانني ألنك جريئة ولك رؤية‬ ‫منطلقة من قناعات ومبادئ؟‬ ‫احلقيقة يوجد أخطاء كثيرة وأنا أواجه بها دائماً‪ ،‬ونحن نريد مجاراة العالم‬ ‫األجنبي بجرأته‪ ،‬وأنا أعرف أن هذا جهاز إعالم‪ ،‬وله تأثيره الكبير ويجب عدم‬ ‫االعتماد على اجلرأة واحلضن لنبقى في إطار يؤثر على املشاهد إيجابياً‪ ،‬ألن‬ ‫هناك صغارا ً وكبارا ً ومراهقني ومن يتأثرون خطأ‪.‬‬ ‫لكن هناك من يقول أنه يجب طرح كل األمور كما هي وليس من‬ ‫مهمة الكاتب النصيحة بل هو يطرح القضية والبحث عن احللول‬ ‫مهمة املشاهد؟‬ ‫برأيي هذه األمور يجب أن ال تطرح‪ ،‬ألن الشباب يتعلم اجلرمية واحلضارة‬ ‫غير املتزنة‪ ،‬هذه املشاهد تؤثر سلبا ً على فتياتنا وعندما تصور بنات اجلامعة‬ ‫بهذه الصورة السيئة تكون ردة فعل األب واألخ عدم السماح للبنت بإكمال‬ ‫دراستها‪ ،‬وباعتباري من حارة شامية عريقة ضد بث هذه األمور من خالل‬ ‫التلفزيون ألنه األكثر تأثيرا ً على املشاهد‪ ،‬إحدى السيدات قالت لي حاولت‬ ‫أكثر من ثالث مرات أن‬ ‫أتصل مع إدارة التلفزيون‬ ‫ألقول لهم‪ :‬ال تبثوا هذه‬ ‫املشاهد ألن أبنائي الصغار‬ ‫بدأوا يتحدثون سرا ً فيما‬ ‫بينهم عنها‪.‬‬ ‫أين هو دور نقابة‬ ‫الفنانني في تقومي العمل‬ ‫والوقوف على هذه‬ ‫واملطالب‪،‬‬ ‫االنتقادات‬ ‫إيجابيات‬ ‫وقراءة‬ ‫املسلسل بالنسبة إلى‬ ‫سلبياته؟‬ ‫ال أحد يسمع‪ ،‬وعيبي‬ ‫أنني صريحة‪ ،‬والناس‬

‫‪55‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر فني‬ ‫تتهافت على الدور أيا يكن ألن لقمة العيش‬ ‫صارت غالية‪ ،‬واألغلب لم يعد يسأل إال عن األجر‪،‬‬ ‫ولن أزيد شيئا ً على هذا‪.‬‬ ‫ميتاز املسلسل السوري اليوم باالنفتاح وقد‬ ‫أحدث ثورة على منطية املسلسالت القدمية‪،‬‬ ‫كيف تنظر هدى شعراوي لهذه االنفتاح؟‬ ‫هذا االنفتاح لم يترك للمسلسل السوري األثر‬ ‫ذاته على البيئة االجتماعية‪ ،‬وهناك اعتراضات‬ ‫كبيرة‪ ،‬وأرى أن الرقابة نائمة‪.‬‬ ‫هل سيف الرقابة النائم أم أنها رؤيا جديدة‬ ‫للفن؟‬ ‫أنا لست من مؤيدي الرؤية اجلديدة وليقولوا‬ ‫عني متخلفة وأنا راضية بتخلفي‪.‬‬ ‫هل ال زال للفن رسالة؟‬ ‫طبعاً‪ ...‬طبعا ً للفن رسالة وأنا أؤمن بها وأؤمن‬ ‫بالبث اإلعالمي الصحيح‪.‬‬ ‫بتغير األولويات واألحداث واألزمنة والتغيرات‬ ‫التي تطرأ أال تتغير رسالة الفن وأولوياته؟‬ ‫رسالة الفن تتغير ونحن مشوشون وكل من‬ ‫كتب نصا ً قبل‪ ،‬ولسان هدى شعراوي واعتراضاتها‬ ‫ال تكفي‪.‬‬ ‫نعود لدور النقابة أين هو؟‬ ‫يجب أن حتضري جلسة من جلسات النقابة‬ ‫لتعرفي‪« ،‬وحاجة تاخديني وجتيبيني ألني رح‬ ‫بحكي» إذا كان وئام وهاب جريء بالسياسة فأنا‬ ‫جريئة بالفن‪.‬‬ ‫ملاذا القلة بالعمل عند هدى شعرواي؟‬ ‫ألنه ال يوجد نصوص تناسبني‪.‬‬ ‫لكن هناك كثافة في اإلنتاج السوري ويبدو‬ ‫أنك متزمتة نوعا ما؟‬ ‫ببساطة ألني لست من «الشلل» وال أؤمن‬ ‫بالشللية‪.‬‬ ‫يبدو أن الوسط الفني السوري أصيب كغيره‬ ‫بآفة الشللية كيف ترى هدى شعراوي تأثيرها‬ ‫على جودة العمل وتقانته؟‬ ‫تأثر كثيراً‪ ،‬وعلى سبيل املثال مخرج ما عنده‬ ‫شلة‪ ،‬وعنده فنانة صغيرة بالعمر يقوم بتكبيرها‬ ‫وإعطائها دور األم مستغنيا ً عن الفنانات الكبار‬ ‫اللواتي هن أصلح لتأدية هذا الدور‪.‬‬ ‫البعض يرى أزمة الدراما السورية ناجتة عن‬ ‫التمويل وأن رأس املال يتحكم باخملرج واملمثل‪،‬‬ ‫هل توافقني على ذلك؟‬ ‫عندنا شركات سورية كثيرة وهناك متويل وطني‬ ‫وال نعتمد على اخلليج بالتمويل‪ ،‬وأنا إلى اآلن لم أر‬ ‫هذه السيطرة بهذا احلجم لرأس املال‪ ،‬واخملرج هو‬ ‫من ينتقي عناصر املسلسل وهي مسؤوليته‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أال يوجد من يعمل باإلنتاج خلاطر عيون ممثلة‬ ‫بعينها؟‬ ‫«في كتير‪...‬كتير» واخملرج يجعل من أي فنانة‬ ‫صاحلة ألي دور‪ ،‬املهم أن يكون راضيا ً عنها‪ ،‬وكنت‬ ‫قد عملت مسلسالً مع أحد اخملرجني أعدت فيه‬ ‫أحد املشاهد ‪ 27‬مرة ألن الفنانة حلوة وظريفة»!‬ ‫بالعودة ملا قدمته هدى شعراوي أي دور هو‬ ‫األحب إليها؟‬ ‫كل ما قدمت عزيز علي وأحبه كثيرا ً وقد عملت‬ ‫التاريخي والدراما والكوميدي والبدوي ومع كبار‬ ‫املمثلني واخملرجني‪ ،‬وكلها تركت أثرا ً عند اجلمهور‪.‬‬

‫الشللية تسيطر على العمل‬ ‫الفني ولكل مخرج شلة‬ ‫االنفتاح في الدراما ال يعني‬ ‫احلضن واجلرأة التي تساير‬ ‫اجملتمعات الغربية‬ ‫أم حدو قادت املظاهرات وهذا‬ ‫البعد ال أدري ملاذا غيب‬ ‫ك ّررت أحد املشاهد ‪ 27‬مرة‬ ‫أمام فنانة يراها اخملرج صاحلة‬ ‫للدور ألنها حلوة وظريفة‬

‫‪56‬‬

‫أين أنت من املسرح؟‬ ‫أنا اليوم بعيدة ألنه ال يوجد مسرح‪ ،‬وال يوجد‬ ‫نصوص‪ ،‬وقد كنت أول من أسس فرقة مسرحية‬ ‫كان اسمها فرقة هدى شعراوي‪.‬‬ ‫يكاد يكون املسرح من أهم املساحات الفنية‬ ‫واألعمدة الثقافية أين هو املسرح السوري‬ ‫اليوم؟‬ ‫ال أعرف‪ ،‬املسرح اليوم صار جتاريا ً يبحث عن‬ ‫ثمن البطاقة‪.‬‬ ‫بصراحة آخر مرة حضرت فيها مسرحاً‬ ‫قومياً كان ثمن البطاقة ‪ 25‬ليرة‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫ال أحد‪ ،‬واحلضور أقل من متواضع ما السبب‬ ‫برأيك!!‬ ‫ببساطة الناس تستغني عن «الكابريهات»‬ ‫بوجود املسرح التجاري‪ ،‬ألنه ما شاء اهلل يوجد‬ ‫بداخله الراقصة و»امليني جوب»‪ ،‬فيدفعون ‪125‬‬ ‫ليرة ثمن البطاقة عوضا ً عن اآلالف التي يرمون‬ ‫بها في «الكباريه»‪.‬‬ ‫كلمة أخيرة للمجلة‬ ‫شكرا لك على هذه األسئلة العميقة والواعية‪،‬‬ ‫وأنا منذ زمن كنت أمتنى أن جتري مجلة «منبر‬ ‫التوحيد» بالذات لقاء معي‪ ،‬أشعر أنني منتمية‬ ‫لها وجلرأتها فهي تتحدث بصراحة ولقاءاتها‬ ‫سليمة وجريئة وتختار املقابالت بشكل صحيح‪،‬‬ ‫ومتعلمة اجلرأة من األستاذ وئام وهاب‪ ،‬هذا‬ ‫اإلنسان الذي أقدره وأحترمه جدا جلرأته وإنسانيته‬ ‫وسياسته‪ ،‬ويبدو أن السياسة خلقت معه منذ‬ ‫أرضعته أمه السياسة بدال عن احلليب‪.‬‬ ‫أشكرك على هذه األسئلة وكنت أمتنى أن أكون‬ ‫أجرأ ولكني أخشى أن أبقى على الهامش‪.‬‬

‫حوار‪ :‬هدى مطر‬


‫حاورته «منبر التوحيد» من فلسطين المحتلة‪ ،‬مطالبا بفك الحصار الثقافي عن فنانيها‬

‫المخرج بالل يوسف ‪ :‬ال أحد يستطيع‬ ‫احتالل فكري ونشاطي الثقافي‬

‫لم جتعله احلياة في ظل احتالل صهيوني‬ ‫غاصب‪ ،‬وفي ظل احلرمان من أبسط احلقوق‪ ،‬سوى‬ ‫أكثر إصراراً على شق مسيرة فنية سينمائية بدأت‬ ‫بنجاح ومستمرة كذلك‪ .‬احلقوق غائبة‪ ،‬أما الكرامة‬ ‫ّ‬ ‫فمتجذرة‬ ‫والتشبّث باألرض وباحلق في املقاومة‬ ‫فيه من خالل تربية عائلية حاز عليها من والدَين‬ ‫أبيَا اخلروج من الوطن األم‪ ،‬وكذلك رعرعا أوالدهما‬ ‫كما فعل كثيرون من أهل فلسطني احملتلة التي‬ ‫ال يخجل كثير ممن يُسمّ ون أنفسهم بـ”العرب”‬ ‫بتسميتها “دولة إسرائيل”‪.‬‬ ‫تتحدث إليه‪ ،‬فترى طموحاً للوصول إلى جميع‬ ‫أقطار العالم وخاصة الدول العربية‪ ،‬مع ّ‬ ‫غصة‬ ‫هي بال شك ّ‬ ‫غصة ألم على وطن عبث به اخملرّبون‬ ‫واحتله الغاصبون‪ ،‬فعاش أهله األصليّون حتت نير‬ ‫احتاللهم‪ ،‬والسالح الوحيد في قلبهم هو اإلميان‬ ‫بحتمية زوال كيان غاصب‪ ،‬وبعدم ّ‬ ‫متكن أحد مهما‬ ‫عال شأنه َ‬ ‫وعظمَ ت قوّته من كسر جبروت كرامتهم‬ ‫وع ّزتهم بنفسهم ووطنهم وأ ّمتهم‪.‬‬ ‫لم جتعلنا املسافات سوى أكثر تشوّقاً للقاءهم أو مجرّد احلديث معهم‪،‬‬ ‫فكانت اإلنترنت ‪ -‬عبر بعض البرامج احلديثة ‪ -‬الوسيلة الوحيدة للوصول‬ ‫إليهم ومعرفة أحوالهم واحلديث املطوّل معهم‪ .‬من هنا جاء حوارنا مع‬ ‫اخملرج السينمائي الفلسطيني بالل يوسف الذي متكنا من احلوار معه من‬ ‫لبنان إلى اجلليل (قرية دبورية) في فلسطني احملتلة‪ ،‬فاجتزنا بذلك حدوداً‬ ‫واهمة وضعها الكيان الغاصب لفصلنا عن أخوة لنا هم مَن يستحقون‬ ‫ِب َحق مناداتهم “يا عرب‪ ،‬يا أحرار”‪.‬‬ ‫بالل يوسف‪ ،‬وُلد في الثاني عشر من أكتوبر عام ‪ ،1979‬إبن قرية دبورية احملاذية‬ ‫ملدينة الناصرة والواقعة على سفح جبل الطور في اجلليل األسفل‪ ،‬شمال‬ ‫فلسطني‪ ‬احملتلة عام ‪ ،1948‬أنهى فيها دراسته الثانوية‪ ‬وتابع بعدها تعليمه‬ ‫األكادميي‪ ‬بكلية للهندسة املعمارية‪ ‬ملدة سنة واحدة‪ ،‬سرعان ما إلتحق بكلية‬ ‫«سمخ» جانب طبريا‪ ‬سنة ‪ 1999‬ليتعلم‪ ‬الصحافة والسينما‪ ،‬وهنا كان احملك‬ ‫األول‪ ‬له‪ ‬مع اجملتمع‪ ‬اإلسرائيلي والعنصرية السائدة بداخله‪ .‬في أكتوبر سنة‬ ‫أخبرنا عن حياتكم في ظل االحتالل الغاصب‪،‬‬ ‫وماذا عن إمكانية خروجكم من فلسطني احملتلة‬ ‫إلى دول أخرى والعودة إليها؟‬ ‫نستطيع اخلروج ألننا نحمل جواز السفر اخلاص‬ ‫ولكن الوضع في‬ ‫بالكيان‪ ،‬وهذا يسهّ ل األمر علينا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املطار يكون ُمذرٍ‪ ،‬إذ نتع ّرض لإلذالل الكبير والتفتيش‬ ‫الدقيق ألوقات طويلة‪ .‬عندما أسأل عن طبيعة‬ ‫حياتنا في ظل هذا الكيان‪ ،‬أجيب بقول الشاعر‬ ‫الكبير أحمد مطر «ما عندنا خبز وال وقود‪ ،‬ما عندنا‬ ‫ماء وال سدود‪ ،‬ما عندنا حلم وال جلود ما عندنا نقود‪.‬‬ ‫كيف تعيشون إذاً؟ نعيش في حب الوطن‪ .‬الوطن‬

‫‪ 2000‬ومع انطالق االنتفاضة الثانية أخرج‪ ‬فيلمه‬ ‫القصير األول «األخوة العرب يبكون أيضاً»‪،‬‬ ‫وهو‪ ‬وثائقي عن الشهيد محمد خمايسي أهداه‬ ‫لذكرى املرحومة والدته التي توفيت سنة ‪ 2001‬قبيل‬ ‫انتهائه من وضع البصمات األخيرة على الفيلم‪.‬‬ ‫على إثر وفاتها شرع بصنع فيلمه الطويل األول‬ ‫«عبر احلدود» الذي أهداه لها أيضاً وطرح من خالله‬ ‫قضية املرأة العربية ومساواتها مع الرجل‪ ،‬واستمر‬ ‫العمل عليه مدة ‪ 6‬سنوات توّجها فوزه بجائزة‬ ‫أفضل فيلم وثائقي في مهرجان القدس ‪ ،2007‬كما‬ ‫أسس في هذه الفترة فرعني لتعليم السينما في‬ ‫مدرستي ثانوية راهبات الفرنسيسكان في الناصرة‬ ‫وكفر قرع‪ ،‬صنع خاللها عشرات األفالم القصيرة‬ ‫من إنتاج طالبه‪ .‬في السنة املاضية أخرج فيلم‬ ‫«العودة إلى الذات»‪ ،‬إنتاج قناة اجلزيرة وحاز على‬ ‫جائزة املهر العربي الثانية في مهرجان دبي الدولي‬ ‫للسينما ‪.2009‬‬ ‫فيلم «العودة إلى الذات يروي قصة يامن زيدان‬ ‫ابن الطائفة الدرزية من بيت جن‪ ،‬الذي أصبح محامياً لألسير اللبناني احملرر‬ ‫سمير القنطار واألسرى السياسيني في سجون االحتالل اإلسرائيلية‪ ،‬بعد أن‬ ‫كان سجاناً لهم‪ .‬يامن الذي طاملا حلم منذ صغره أن يصبح جندياً إسرائيلياً‬ ‫في وحدة املظليني املقاتلة‪ ،‬حرّم من حتقيق حلمه بعد أن ُقتل أخويه صالح‬ ‫وفؤاد في حروب «إسرائيل» العدوانية‪ .‬أحدهم قتل على يد املقاومة اللبنانية‬ ‫في اجلنوب‪ .‬عوضاً عن حلمه الضائع أصبح سجاناً لألسرى السياسيني‬ ‫في سجون االحتالل‪ .‬بعد احتكاكه باألسرى‪ ،‬وتأثره بهم انكشف على ذاته‬ ‫العربية والفلسطينية التي غيبت عنه طوال الوقت‪ ،‬بعد تخبّط رافقه‬ ‫وصراع كبير بني ذاته التي اكتشفها وماضيه «املؤسرل» آل به املطاف أن‬ ‫استقال من عمله كسجان ليرجع محام لسمير القنطار يدافع عن األسرى‬ ‫الذي كان سجانهم‪ .‬وبتوصية من وراء القضبان‪ُ ،‬عني يامن محام ضمن‬ ‫طاقم احملامني في وزارة األسرى الفلسطينيني»‪.‬‬ ‫بعد حوارنا معه‪ ،‬جاء النص على الشكل التالي‪:‬‬

‫املاضي الذي يحتله اليهود والوطن الباقي الذي‬ ‫يحتله اليهود‪ .‬أين تعيشون اذاً؟ نعيش خارج الزمن‬ ‫الزمن املاضي الذي راح ولن يعود‪ ،‬والزمن اآلتي الذي‬ ‫ليس له وجود‪ .‬فيم بقاؤكم اذا؟ بقاؤنا من أجل أن‬ ‫نعطي التصدي حقنة‪ ،‬وننعش الصمود لكي يظال‬ ‫شوكة في مقلة احلسود»‬ ‫هل العالم العربي يفكر بهمومكم‬ ‫ومشاكلكم ومعاناتكم؟‬ ‫لست فلسطينيا ً فقط‪،‬‬ ‫ليس بالضرورة‪ ،‬ولكنني‬ ‫ُ‬ ‫وأكثر من ذلك أقول أنه ال يهمني اكتراث الغير ألمري‬ ‫وأمر الفلسطينيني كي أهتم بأمرهم‪ ،‬فأنا ال أقيس‬

‫‪57‬‬

‫األمور بهذا املقياس‪ ،‬إذ من املمكن أن أهتم ألمور‬ ‫العمال الذين يعملون بظروف السخرة في الصني‬ ‫كي نستعمل منتجاتهم‪ ،‬وقد يكونون ال يعلمون ما‬ ‫هي «فلسطني»‪ .‬فلسطين ّيتي هي كيف أراها وليس‬ ‫كيف أحب أن يراني الغير من خاللها‪ .‬أنا ال أتكلم عن‬ ‫مليون و‪ 300‬ألف فلسطيني في فلسطني احملتلة‬ ‫عام ‪ ،48‬أو الفلسطينيني بشكل عام‪ ،‬بل أتكلم‬ ‫لدي‬ ‫عن ‪ 400‬مليون عربي‪ ،‬إذ‬ ‫ُ‬ ‫لست متقوقعا ً هنا‪ ،‬بل ّ‬ ‫هموم جماعية عربية وليست فلسطينية بالذات‪،‬‬ ‫ويهمني ما يحصل‬ ‫فأنا جزء من هذا العالم العربي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في بيروت وتونس واملغرب والقاهرة وغيرها‪.‬‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر فني‬ ‫برأيك هل العرب مقصرّين معكم خاصة مَن‬ ‫هم ّ‬ ‫موقعني اتفاقيات سالم مع «إسرائيل»؟‬ ‫مقصرون مع أنفسهم‪ ،‬ألنني أرى نفسي‬ ‫هم‬ ‫ّ‬ ‫على أنني عربي فلسطيني بظل احتالل صهيوني‬ ‫فهم عرب‬ ‫إسرائيلي‪ ،‬أما باقي العرب وأينما ُو ِجدوا‪ُ ،‬‬ ‫بظل احتالل عربي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أنت حتمل الهوية اإلسرائيلية؟‬ ‫هناك فرق شاسع بني الهوية اإلسرائيلية وبطاقة‬ ‫الهوية‪ ،‬فما بحوزتي هو بطاقة هوية إسرائيلية‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬هذه وصمة عار على وجنة َمن باعوا فلسطني‬ ‫و َمن احتلوها‪.‬‬ ‫الفرق بالبطاقة هو بالنسبة لكم أو بالنسبة‬ ‫لتعاملهم معكم؟‬ ‫الهوية هي ما تشعرين به وما تريدينه وتفكرين‬ ‫به‪ ،‬هي كيف تعيشني‪ ،‬هي وجدانياتك ومبادئك‪.‬‬ ‫أما بطاقة الهوية‪ ،‬فهي مج ّرد ورقة يفرضها عليك‬ ‫االحتالل الذي تعيشني بظ ّله‪.‬‬ ‫أنت حتمل البطاقة وجواز السفر اإلسرائيلي‪ ،‬أال‬ ‫تشعر أنها تقيّد حريّتك وتسيطر على حياتك؟‬ ‫بالطبع حياتنا كلنا ُمسيطر عليها‪ ،‬لكن ما‬ ‫يؤسفني أنني أستطيع التح ّرك بجواز سفر‬ ‫االحتالل لدول عربية أو إلى دول العالم بحر ّية أكثر‬ ‫من تلك التي يستطيع املواطن العربي في الدول‬ ‫العربية أن يتحرك بها ‪ -‬وبالذات الفلسطينيون ‪-‬‬ ‫حتى دخولهم إلى دولة عربية شقيقة ليس باألمر‬ ‫السهل واملفهوم ضمناً‪.‬‬ ‫إذاً َ‬ ‫أنت تتنقل بكامل حريتك في الدول العربية‬ ‫ّ‬ ‫«املتعصبة» للمقاومة كسوريا‬ ‫خاصة في تلك‬ ‫مثالً حامالً البطاقة اإلسرائيلية؟‬ ‫ال‪ ،‬وحتى في لبنان‪ ،‬الفلسطيني محروم من‬ ‫الكثير من األمور بذريعة عدم التوطني للحفاظ‬ ‫على حق العودة‪ .‬ولكن حتى العودة‪ ،‬يحق لإلنسان‬ ‫أن يعيش بكرامة‪ ،‬أكان فلسطينيا ً أو غيره‪ .‬هناك‬ ‫الكثير من األسرى السياسيني يقبعون في السجون‬ ‫العربية ليس ألنهم مع املقاومة الفلسطينية أو‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بل ألنهم كتبوا مقاال ً أو ص ّرحوا تصريحا ً‬ ‫ما‪ .‬إذا ً ال أتكلم فقط عن حقوق الفلسطينيني‪ ،‬بل‬ ‫عن احلريات بشكل عام‪ ،‬وكل الكالم عن أن الوقت‬ ‫غير مناسب لهذا‪ ،‬بسبب وجود الغول أو الشيطان‬ ‫الذي يدعى «إسرائيل» هو هراء‪ .‬يجب أن نخلق‬ ‫اإلنسان الذي مبقدوره أن يحمل عقالً مستقالً حراً‪ ،‬ال‬ ‫أن يكون مقموعا ً خائفا ً جائعاً‪.‬‬ ‫ماذا عن الذين يقبلون اإلنخراط بصفوف‬ ‫اجليش اإلسرائيلي كالشخصية التي تناولتها‬ ‫في فيلمك «العودة إلى الذات»‪ ،‬هل تعتبرهم‬ ‫خونة؟‬ ‫لغة التخوين لغة بغيضة‪ ،‬فالتجنيد ألبناء‬ ‫الطائفة الدرزية في فلسطني احملتلة هو جتنيد‬ ‫أحمل مسؤولية هذا ملَن‬ ‫إجباري مفروض عليهم‪ّ .‬‬ ‫تواطأ وتآمر من أبناء الطائفة‪ ،‬وتخاذل ووقع هذا‬ ‫القرار باتفاق مع اإلسرائيليني‪ ،‬حيث لم يقتصر األمر‬ ‫تعداه إلى مسح وغسل‬ ‫على التجنيد فقط‪ ،‬بل ّ‬ ‫دماغ وحتويل مذهب التوحيد في فلسطني من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مذهب إلى دين وقومية‪.‬‬ ‫هل ينطبق هذا على كل أبناء الطائفة هناك أو‬ ‫فقط على مَن انضمّ وا لصفوف اجليش؟‬ ‫ال ألوم هؤالء الشباب الذين ال يعرفون شيئا ً‬ ‫عن تاريخهم وأصلهم‪ ،‬وباتوا يعتبرون أنفسهم‬ ‫«إسرائيليني»‪ .‬بالطبع هناك الكثير من أبناء الطائفة‬ ‫زج بهم إلى‬ ‫املعروفية ممّن يرفضون التجنيد ويُ ّ‬ ‫السجون اإلسرائيلية عقابا ً على رفضهم‪ .‬وهناك‬ ‫في املقابل َمن يتجنّدون طوعا ً من غير الدروز‪.‬‬ ‫في املاضي كانت لهجة التخوين‪ ،‬لهجة‬ ‫ّ‬ ‫يهجروا في‬ ‫معمّ مة جتاه الفلسطينيني الذي لم‬ ‫الـ ‪ .48‬ما رأيك؟‬ ‫أنا أسأل ماذا كان املواطنون العرب يعرفون عنا‬ ‫كي يضعوا لنا العالمات؟ ماذا يعرفون عن فترة‬ ‫احلكم العسكري حتى أواخر الستينات؟ ماذا‬ ‫يعرفون عن مصادرة األراضي وهدم البيوت التي‬ ‫متارسها «إسرائيل» كل يوم وحتى يومنا هذا؟ ماذا‬ ‫يعرفون عن السجون املليئة بخيرة شبابنا؟ َمن يريد‬ ‫ُهجر‬ ‫تخويننا‪ ،‬فهو اخلائن‪ .‬لقد بقينا في أرضنا ولم ن ّ‬ ‫ألن «إسرائيل» أصال لم حتلم أن حتتل كل فلسطني‬ ‫وهجرت حسب «خطة الكنس» التي‬ ‫أثناء احلرب‬ ‫ّ‬ ‫اخترعها اإلرهابي بن غوريون‪ ،‬كل القرى الفلسطينية‬ ‫التي كانت ضمن «الدولة اليهودية» العتيدة وفقا ً‬ ‫لـ»قرار التقسيم» حيث لم تب َق قرية فلسطينية‬ ‫واحدة ضمنها‪ ،‬عدا القريتني الساحليتني جسر‬ ‫الزرقاء والفريديس التي أبقت عليهم «إسرائيل»‬ ‫ليكونوا أيدي عاملة‪ ،‬أما نحن فكان ينبغي أن نكون‬ ‫ضمن الدولة الفلسطينية‪ ،‬ولم يعتقد الصهاينة‬ ‫حينها أ ّن العرب لن يطالبوا باسترجاع ما تبقى‬ ‫من فلسطني وفقا ً لـ»قرار التقسيم»‪ ،‬ولهذا كانت‬ ‫عملية التهجير التي انتهجتها «إسرائيل» في‬ ‫مناطق الدولة الفلسطينية العتيدة ليست كتلك‬ ‫التي انتهجتها في مناطق «الدولة اليهودية»‬ ‫العتيدة‪ .‬ناهيك أن اجملازر التي ارتكبها الصهاينة‬ ‫س ّببت الهلع واخلوف في قلوب الكثيرين الذين الذوا‬ ‫بحياتهم‪.‬‬ ‫أقول ايضاً‪َ ،‬من هو محمود درويش؟ أين ترعرع‬ ‫وشب؟ أي بطاقة هوية كان يحمل إلى حني هجرته‬ ‫ّ‬ ‫من فلسطني؟ ولم يكن خياره يدل على أنه أكثر‬ ‫بقي في فلسطني‬ ‫وطنية من أي فلسطيني‬ ‫َ‬ ‫فعائلته وأخوته بقوا وهم يعيشون في قرية‬

‫‪58‬‬

‫اجلديدة قرب مدينة عكا‪ .‬هل ميكن ألحدهم أن يخ ّون‬ ‫محمود درويش أو عائلته؟ كذلك بالنسبة لشاعر‬ ‫العروبة سميح القاسم الذي يعيش في الرامة‬ ‫الفلسطينية ‪ -‬شمال فلسطني احملتلة عام ‪،48‬‬ ‫هل يجرؤ أحد على تخوينه؟ لقد تش ّبثت الغالبية‬ ‫الساحقة من أبناء شعبنا في الداخل بعروبتها‬ ‫ولغتها وانتمائها وفلسطينيتها‪ .‬االحتالل ليس‬ ‫فقط احتالال ً لألرض واإلنسان‪ ،‬بل للفكر والعيش‬ ‫والرواية التاريخية‪ .‬ففي مدارسنا العربية يفرض‬ ‫االحتالل منهجا ً تعليميا ً يتالئم مع روايته أو‬ ‫أساطيره التاريخية‪ .‬طبعا ً لألهل الفلسطينيني دور‬ ‫مهم‪ ،‬ولذلك ال زلنا محافظني على لغتنا وانتماءنا‬ ‫وفلسطينيتنا‪..‬‬ ‫ماذا عن حياتكم في فلسطني احملتلة؟‬ ‫احلياة هنا حتمل الكثير من الصراعات‪ ،‬فهي‬ ‫متعلقة مبؤسساتهم من صحة وتعليم وعمل‪،‬‬ ‫نتحدث عن «مستعمرة» مبفهوم «دولة»‪.‬‬ ‫فنحن‬ ‫ّ‬ ‫وحتى اجلمعيات العربية الفلسطينية التي‬ ‫تدافع عن حقوق الفلسطينيني والعرب وتشتم‬ ‫«إسرائيل» على الصعيد اإلعالمي واألكادميي‪ ،‬هي‬ ‫سجلة قانونيا ً في املكاتب احلكومية كـ»جمعيات‬ ‫ُم ّ‬ ‫إسرائيلية»‪ ،‬وإال فال سبيل إلقامتها‪ .‬نحن نستغل‬ ‫أي ثغرة لنتمكن من التنفس والدفاع عن أنفسنا‬ ‫واملقاومة‪.‬‬ ‫هل تعتبر األعضاء العرب في الكنيست‬ ‫اإلسرائيلي «خونة»؟‬ ‫أنا ضد وجود عرب في الكنيست اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫علما ً أنهم يساعدون في كثير من األحيان‪ .‬ال‬ ‫أعتبر اخملتلف عني باألفكار «خائناً»‪ ،‬لكنهم لم‬ ‫يفعلوا أي شيء مما نريده منذ دخولهم الكنيست‪،‬‬ ‫ولم يستطيعوا مترير أي قرار خلدمتنا أو مجابهة‬ ‫العنصرية الصهيونية بأي طريقة‪ ،‬إذا ً ما سبب‬ ‫وجودهم هناك؟ هل فقط لتشكيل غطاء ملا‬ ‫يسمونه «الدميقراطية اإلسرائيلية»؟ ال شك‬ ‫ّ‬ ‫أنهم يساعدون في بعض األحيان في تسهيل‬ ‫حياة أبناء شعبنا في الضفة أو غزة كإدخالهم‬ ‫للمستشفيات اإلسرائيلية للمعاجلة في احلاالت‬ ‫املستعصية واجلراحة حيث ال تتوفر اإلمكانات‬ ‫الالزمة في املستشفيات الفلسطينية وما إلى غير‬ ‫ذلك‪ ،‬كما يحاولون فضح العنصرية اإلسرائيلية‬ ‫ولكن «إٍسرائيل» ليست بحاجة‬ ‫من خالل اإلعالم‬ ‫ّ‬ ‫ألعضاء كنيست عرب لتنكشف عنصريتها‪ .‬أنا ضد‬ ‫وجود العرب في الكنيست اإلسرائيلي أل ّن ذلك يعبر‬ ‫عن ازدواجية في الهوية‪ ،‬وصوتي وصوت الكثيرين‬ ‫ممّن يحملون أفكاري ال يصل عبرهم وعبر وسائل‬ ‫اإلعالم العربية‪.‬‬

‫حتى الفن في فلسطني احملتلة‪..‬‬ ‫ُمحتل‬ ‫هل هناك رقابة على أفالمك؟‬ ‫استدعيت للتحقيق من ِق َبل جهاز اخملابرات‬ ‫ُ‬


‫بدأت بالعمل على فيلم “العودة‬ ‫اإلسرائيلي حني‬ ‫ُ‬ ‫إلى الذات” الذي يتناول اخلدمة اإلجبارية املفروضة‬ ‫على أبناء مذهب التوحيد في فلسطني احملتلة‪،‬‬ ‫واستدعوني ألنه يتعلق باجليش واخلدمة العسكرية‬ ‫فهم يريدون أن‬ ‫وهذا شيء حساس بالنسبة لهم‪ُ ،‬‬ ‫تبقى الكراهية موجودة بني الطوائف‪ ،‬خاصة وأنهم‬ ‫ال يعتبرون الدروز عرباً‪.‬‬ ‫كيف كانت األصداء على الفيلم خاصة من‬ ‫األوساط الروحية الدرزية؟‬ ‫لم يكن هناك أصداء من ِق َبل شخصيات روحية‬ ‫درزية‪ ،‬ولكن ال شك من أ ّن إثارة مواضيع كهذه‪،‬‬ ‫تثير احلرج لدى بعض املنتفعني أو املتواطئني دروزا ً‬ ‫كانوا أم غيرهم‪ .‬ال بد من اإلشارة إلى وجود صحوة‬ ‫كبيرة لدى الشباب الدروز في فلسطني احملتلة‪ ،‬وهم‬ ‫يرفضون اخلدمة اإلجبارية‪ ،‬ويتع ّرضون للتعذيب‬ ‫بسبب ذلك‪.‬‬ ‫ماذا عن بالل يوسف؟‬ ‫كنت كذلك‬ ‫لست فلسطينيا ً فقط ألنني إذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سأتقوقع على نفسي‪ .‬أنا إبن هذا الوطن‪ ،‬إبن بيروت‬ ‫والشام وحلب وصيدا وعمان‪ ،‬ومن حقي زيارة كل‬ ‫هذه البالد والسير في شوارعها‪ ،‬وال بد من القول أ ّن‬ ‫الدعم لنا ال يكون بالتلويح بالكوفية الفلسطينية‬ ‫والعلم الفلسطيني‪ ،‬بل باملقاومة والدعم‬ ‫احلقيقي‪ ،‬واحتضان الفنانني الذين يحملون الكثير‬ ‫من اخلصوصية النابعة من سياق احلياة والصراعات‬ ‫التي يعيشونها في أراضي الـ ‪ 48‬هو أحد أوجه هذا‬ ‫الدعم‪ .‬من حقي أن أنقل قضيتي حيثما أريد‪ ،‬لم‬ ‫دت في عام‬ ‫أدعو االحتالل للمجيء إلى بلدي فقد ُولِ ُ‬ ‫‪ 1979‬وكان الكيان موجوداً‪ ،‬وأهلي ُولِدوا هنا قبل‬ ‫مجيء الغزاة إلى أرضنا‪ .‬ال أحد يستطيع احتالل‬ ‫فكري ونشاطي الثقافي‪ ،‬ومن حقي زيارة الوطن‬ ‫لكن البيروقراطية‬ ‫العربي الفطري الذي أنتمي إليه‪ّ ،‬‬ ‫في األنظمة العربية ال تسمح بدخولنا إلى أراضيها‬ ‫ألننا نحمل ُمجبرين بطاقة الهوية اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫نطالب بفك احلصار الثقافي عنا‪ ،‬ألننا حقا ً نأمل‬ ‫اخلروج والوصول إلى جمهورنا العربي في أي قطر‬ ‫كان‪.‬‬ ‫ما هي السينما بالنسبة لبالل يوسف؟‬ ‫السينما بالنسبة لي هاجس وفن‪ ،‬وأداة تعبيرية‬ ‫عما في داخلي ونفسي‪ ،‬ومبا أنني صاحب‬ ‫أعبر فيها ّ‬ ‫قضية وأحمل هموم مجتمعي وآالمه وتطلعاته‬ ‫فهذا جزء من تركيبتي الوجودية والفكرية‪ .‬ولذا‬ ‫السينما أيضا ً هي مرآة صادقة تعكس أحالم هذا‬ ‫اجملتمع وما يعيشه من تخ ّبط‪ ،‬كما أنها أداة حوارية‬ ‫مع مجتمعي نفسه‪ ،‬ونقدي له أحيانا ً من خالل‬ ‫األفالم‪ ،‬هو تعبير مني أيضا ً عن حبي له وتطلعي أن‬ ‫يسعى نحو األفضل على شتى األصعدة‪ ،‬فال أصنع‬ ‫السينما فقط كي حتمل آالم اجملتمع ومآسيه إلى‬ ‫غيره‪.‬‬ ‫متيّزت باألفالم الوثائقية‪ ،‬برأيك هل تصل‬ ‫الرسالة بشكل أسرع من غيرها من األفالم؟‬ ‫ولعي بالسينما ليس من خالل مشاهدتي لألفالم‬ ‫الوثائقية‪ ،‬وصنعي لها جاء صدفة وليس من منطلق‬

‫االختيار‪ .‬لكن الحقا ً حت ّولت هذه الصدفة إلى عشق‬ ‫ولهفة‪ .‬سرعة إيصال الرسائل ليست الهدف‪ ،‬بل‬ ‫األثر الذي تتركه هذه الرسائل على املشاهد وتفكيره‬ ‫ومشاعره‪ ،‬وهنا تكمن قوة السينما وثائقية كانت أم‬ ‫روائية‪ .‬قريبا ً سأعكف على تطوير سيناريو فيلمي‬ ‫الروائي األول املستوحاة قصته من قصة واقعية‬ ‫والتي جتول في خاطري منذ سنني‪ .‬أمتنى أن ألقى‬ ‫الدعم الكافي ألمتكن من إخراجه إلى النور‪.‬‬ ‫تتمحور أفالمك حول قضايا وطنية وخاصة‬ ‫الفلسطينية منها‪ .‬هل أخذت على عاتقك‬ ‫العمل على هذا النوع من األفالم أم أن الواقع‬ ‫احمليط بك هو الذي فرض ذلك؟‬ ‫فيلمي الطويل األول “عبر احلدود” يروي قصة‬ ‫نضال نسائي وهو بُعد وتشبيه لقضية املرأة‬ ‫أينما كانت في أي قطر عربي‪ ،‬وليس بالضرورة‬ ‫خاص باملرأة الفلسطينية‪ ،‬وقد شرعت بإخراجه‬ ‫في أعقاب وفاة أمي التي تركت أثرا ً عميقا ً في‬ ‫نفسي ووابالً من األسئلة التي ما كنت ألسألها‬ ‫لنفسي لوال وفاتها وما خلفته من تغيير حلياتي‪.‬‬ ‫الفراغ الكبير الذي أوجدته أمي بوفاتها أوصلني‬ ‫إلى قناعات أ ّن قمعنا للمرأة ما يجعل مجتمعاتنا‬ ‫العربية تعاني من شلل نصفي‪ ،‬ال يقل وطأة عن‬ ‫االحتالل‪ ،‬عدا أن اجملتمعات التي تعاني من شلل‬ ‫نصفي ليس بإمكانها أن تنهض وتتقدم‪ ،‬من خالل‬ ‫طرح موضوع كهذا أيضا ً أترجم فلسطينيتي‬ ‫وأع ّبر عنها وليس بالضرورة التمحور حول االحتالل‬ ‫مبفهومه الكالسيكي‪ ،‬فتقوية مجتمعي وخلق‬ ‫اجلدل والنقد الذاتي داخله يجعله يرتقي ويكون‬ ‫أكثر حصانة‪ .‬من خالل األفالم‪ ،‬أروي هواجسي‬ ‫وما يدور في قلبي وعقلي وما دامت القضية‬ ‫الفلسطينية ووجودي كفلسطيني في ظل‬ ‫االحتالل تشكل معاناتي وحياتي اليومية‬ ‫وتستحوذ مشاعري وتفكيري‪ ،‬فستبقى هي في‬ ‫الصدارة‪ .‬لن أتعالى على نفسي وما تعيشه في‬ ‫سبيل تناول املواضيع املتعددة من خالل األفالم‪.‬‬ ‫ما رأيك باإلنتاج الفني الفلسطيني اليوم‪،‬‬ ‫خاصة بوجود الكثير من املواهب وغياب الكثير‬ ‫من الدعم املادي واملعنوي لكم؟‬ ‫هناك كوادر ومواهب ومخرجون استطاعوا شق‬ ‫السماء كإيليا سليمان وميشيل خليفي ورشيد‬ ‫مشهراوي وغيرهم‪ ،‬ولكن ما دمنا نتحدث عن‬ ‫اإلنتاج فال يوجد صناديق فلسطينية تدعم اخملرجني‬ ‫وخصوصا ً اجلدد في بداية مشوارهم السينمائي‬ ‫أردت احلديث عن الدعم املعنوي‪،‬‬ ‫والفني‪ .‬أما إذا‬ ‫ِ‬ ‫فإشتراك فيلمي في مهرجان أيام بيروت السينمائية‬ ‫هذا الشهر‪ ،‬دون التمكن من احلضور ألشارك في‬ ‫املهرجان وألتقي زمالء ومنتجني ومخرجني من‬ ‫العالم والعالم العربي‪ ،‬هو خير دليل على انعدامه‬ ‫أو لنقل على شحه واألمر ينطبق أيضا ً على إمكانية‬ ‫احلصول على ميزانيات من صناديق عربية‪.‬‬ ‫ماذا عن عوائق دخولك لبعض الدول العربية‬ ‫بسبب حملك لبطاقة الهوية اإلسرائيلية‬ ‫املفروضة عليكم؟‬

‫‪59‬‬

‫في احلقيقة هو ليس بعض‪ ،‬بل ال ميكنني دخول‬ ‫الغالبية الساحقة من الدول العربية‪ ،‬ولو أنني‬ ‫لست من مناصري التطبيع ولكن إذا حتدثت على‬ ‫صعيدي الفردي فدخولي إلى مصر واألردن كان‬ ‫بفضل اتفاقيات “السالم” التي أبرمت بني االحتالل‬ ‫وهذه الدول‪ .‬يهمني جدا ً اختراق الدول العربية‬ ‫والتي هي امتدادي الفطري والطبيعي‪ .‬أنا عربي‬ ‫فلسطيني خلقت على أرضي وأعيش في وطني‬ ‫وأمارس حقي في احلياة‪ ،‬وأكبر مقاومة هي بقاءنا‬ ‫على أرضنا والتحديات التي منر بها كل يوم من‬ ‫عنصرية ومصادرة لألراضي وهدم البيوت ومالحقات‬ ‫الشاباك‪ .‬بالنسبة ملا يسمى “إسرائيل”‪ ،‬نحن‬ ‫اليوم اخلطر األكبر الذي يهدد وجودها‪ ،‬ال إيران وال‬ ‫“حزب اهلل” وال حماس وهذا باعتراف وتصريحات‬ ‫كبار قادتهم ومجرميهم‪ .‬لم أب ِ ْع فلسطني بقبلة‬ ‫عبر الزجاج ولم أجعل أرضي ووجودي منفذا ً لدول‬ ‫أمدهم بالسالح كما‬ ‫أوروبا وبريطانيا باألخص كي ّ‬ ‫فعلت بعض الدول العربية مع فلسطني بالضبط‬ ‫ومع العراق‪ ،‬كما أ ّن علم «إسرائيل» ال يرفرف فوق‬ ‫بيتي كما يرفرف فى وسط أهم عاصمة عربية أال‬ ‫وهى القاهرة‪ .‬لست عرب ‪ 48‬وال عرب داخل وال خارج‪،‬‬ ‫حتى أن البعض منهم يطلق على الفلسطينيني‬ ‫الذين بقوا على أرض اجلليل واملثلث والنقب ويافا‬ ‫واللد والرملة اسم «عرب إسرائيل» وأنا أقول لهم‬ ‫لم يكن جدي وال أبي وال أنا موالني لـ»إسرائيل» في‬ ‫يوم من األيام كي نكون من عربها‪« .‬عرب إسرائيل»‬ ‫متواجدون في كل مكان‪ ،‬هناك منهم في لبنان كما‬ ‫في األردن ومصر والسعودية وإيران وأيضا ً في غزة‬ ‫ورام اهلل والناصرة وحيفا‪« .‬عرب إسرائيل» هم َمن‬ ‫باعوا شعوبهم وخانوها لصالح «إسرائيل» وليس‬ ‫العرب الفلسطينيني الذين بقوا في أرضهم‪ .‬ال أريد‬ ‫أن أكون في موقع َمن يبرر عروبته وفلسطينيته‪،‬‬ ‫لكن في احلقيقة أنا «أتفهم» و»أفهم» ما يفعله‬ ‫اإلسرائيليون بحقنا‪ .‬فهذه حرب وصراع ونحن‬ ‫أعدائهم ومحاصرتهم لنا هي أمر «طبيعي»‪ .‬لكن‪،‬‬ ‫ما ال أفهمه وأتفهمه هو احلصار الذي يُفرض علينا‬ ‫من ِق َبل بعض الدول العربية التي ال تأبه بوضعنا‬ ‫وتتنصل منا كما لو كنا أعداءا ً لها‪( .‬وال أحتدث في‬ ‫ّ‬ ‫هذه احلالة سوى عن السياق الفني والثقافي) فال‬ ‫يكفي أن «الدولة العبرية» حتاول بشتى الطرق‬ ‫سلخنا عن شعبنا من جهة بدءا ً بلقمة العيش‬ ‫وانتها ًء مبناهجها الدراسية التي تفرضها على أوالدنا‬ ‫في املدارس ومن جهة ثانية باملقابل هذا ما تفعله‬ ‫متاما ً هذه الدول العربية التي تعترف بفلسطينيتنا‬ ‫ونتصدر عناوين صحفها فقط عندما تراق دمائنا‬ ‫على يد الصهاينة‪.‬‬ ‫ماذا عن شعورك حني يكون أحد أفالمك بني‬ ‫األوائل في املهرجانات السينمائية وال تستطيع‬ ‫احلضور كما في مهرجان السينما في لبنان هذا‬ ‫العام؟‬ ‫مؤلم جداً‪ .‬أشعر بالغنب املضاعف‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬سالي نوفل‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫فصول روايته مع الزجل مستمرة بنجاح مميز‬

‫الشاعر طليع حمدان لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الشعر الشعبي عاد الى مجده مع المقاومة‬ ‫“لكل العاشقني احلبايبهن جايني‬ ‫من زمن ما عندو حنني بيدق عليهن‬

‫بهدي كتابي لألطفال اخلايفني‬ ‫الباب وبيفزعو يقولو مني‬

‫بهدي كتابي لعيد األم والربيع‬ ‫ولكل البيحبّو طليع”‬ ‫هكذا يهدي الشاعر طليع حمدان أشعاره التي تبقى الكتب واألوراق‬ ‫غير قادرة على اإلحاطة بالكم الهائل منها‪ ،‬والتي تنبع من داخله‬ ‫ليرندحها أبيات شعر شعبي تطرب لها اآلذان‪ ،‬يهديها لكل مَن أحبّه‪،‬‬ ‫وتابعه وما زال‪.‬‬ ‫ومَن ال يعرف ابن قرية عني عنوب الذي غ ّنى فأبدع‪ ،‬واعتلى املنبر فكان‬ ‫متبار بوجه شعراء الزجل‪ .‬لطاملا غ ّنى للطبيعة وعناصرها فقال‬ ‫خير‬ ‫ٍ‬ ‫لـ”النهر”‪:‬‬ ‫“يا نهر بلكي خيالها بظ َّلك هجر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال تفل خلينا سوا حتت الشجر‬ ‫يا ريتنا ميّي وحجر منعيش فيك‬ ‫يا بتنشف امليي يا بيدوب احلجر”‬ ‫وللشوف وأنهاره محبة خاصة في قلبه بحيث قال عن “ملتقى‬ ‫النهرين”‪:‬‬ ‫“النهرين يا ملقى إجو من وين‬ ‫من شوفنا العالي من النبعني‬ ‫نزلو سهر كرمالك من الشوف‬ ‫وصلو نعس عا ملتقى النهرين”‬ ‫طليع حمدان‪ ،‬ابن القرية اجلبلية‪ ،‬تربّى بني ربوعها وتنقل بني ينابيعها‪،‬‬ ‫فعايش احلياة البسيطة الهنيئة‪ ،‬وبقي حتى اليوم ابن القرية البعيد عن‬ ‫املدينة وصخبها‪ .‬يقول في كتابه اجلديد “زهرة بجيبي”‪:‬‬ ‫“قلي ملّا الضيف عند املسا ّ‬ ‫ّ‬ ‫دق عا بابك‬ ‫طفيت الكهربا‬ ‫قلتلو‬ ‫الفقير اللي سأل عا الباب ع ّني‬ ‫طفيت الكهربا ملّا لقيتو‬ ‫حتى لو عطيتو مال مني‬ ‫ما يقشعني حدا إني عطيتو”‬ ‫بعد مرور ‪ 35‬عاماً على تأسيسه لـ”جوقة الربيع”‪ ،‬ومع احلفالت‬ ‫الكثيرة التي أحيتها اجلوقة هذا الصيف‪ ،‬التقينا بالفنان الشاعر طليع‬ ‫حمدان لنتح ّدث معه عن سنني طوال من حياته مع املنبر الزجلي الذي‬ ‫اعتاد على صوته املميز وآدائه الرائع‪ ،‬فكان حوارنا التالي‪:‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مؤمنة في وطن كلبنان‬ ‫حياة الشاعر الزجلي غير ّ‬

‫ح ّدثنا عن بدايات طليع حمدان‪ ،‬كيف كانت ومع مَن بدأت؟‬ ‫اشتهرت قريتي عني عنوب بعيون املاء والشعراء‪ ،‬فكل أبناؤها كانوا‬ ‫وكنت أذهب‬ ‫يت على هذا اجلو فيها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يجتمعون ويتبارون بغناء الزجل‪ ،‬فتر ّب ُ‬ ‫مع مجموعة من الش ّبان إلى منتزه في القرية يدعى “اخلالت”‪ ،‬لنتبارى على‬ ‫ولكن‬ ‫بدأت الغناء مع أحمد الس ّيد‪ ،‬وإميل أبو شقرا‪،‬‬ ‫غناء الزجل‪ .‬بعدها‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اخلطوة الثابتة لي كانت بعد مباراتي مع زين شعيب في خلدة برعاية األمير‬ ‫مجيد أرسالن‪ ،‬وفي تلك احلفلة بدأ إسمي باإلنطالق‪ .‬من ثم حصل خالف‬ ‫وغنيت فيها لفترة ‪10‬‬ ‫في جوقة الزغلول فكان نصيبي أن أدخل اجلوقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تقدم العديد من‬ ‫اليوم‬ ‫حتى‬ ‫أسست جوقة الربيع والتي ال زالت‬ ‫سنوات‪ .‬ثم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫احلفالت الناجحة‪.‬‬ ‫بني جوقة الوطن التي أسستها مع زين شعيب وجوقة الربيع‪ ،‬كيف‬ ‫تتذكر هذه الفترة؟‬ ‫جوقة الوطن أسستها مع زين شعيب ولكنها لم تدم ألكثر من سنة‪ .‬في‬ ‫أسست جوقتي اخلاصة‬ ‫تلك الفترة‪ ،‬كانت بداياتي مع جوقة الزغلول‪ .‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫أعطيتها الكثير‪ ،‬وكان هذا املوسم الصيفي جيد جدا ً إذ أحيينا أكثر من ‪34‬‬ ‫حفلة وكانت رائعة‪.‬‬ ‫بعد مرور ‪ 35‬سنة على تأسيس جوقة الربيع‪ ،‬كيف تقيّمها اليوم بني‬ ‫جوقات الزجل‪ ،‬وهل تراجع الزجل بالنسبة للناس؟‬ ‫ال زال الزجل موجودا ً وهو أجمل مما كان‪ ،‬فرؤية شباب في سن املراهقة‬ ‫في حفالتنا يتمتعون بالزجل‪ ،‬يطمئن بأن الزجل ال زال من أجمل األلوان في‬ ‫لبنان‪ ،‬وال ميكن أن يزول‪ .‬قد مت ّر عليه بعض الفترات الصعبة‪ ،‬ولكنه يعود‬ ‫ليرتقي إلى األعلى من جديد‪.‬‬ ‫هل يأخذ الزجل حقوقه في لبنان؟‬ ‫من الناس نعم‪ ،‬ولكن ليس من الدولة اللبنانية‪ ،‬فهناك أشخاص كثر‬ ‫يفضلون صرف مالهم حلضور حفالتنا ومتابعتنا أينما ذهبنا وفي جميع‬ ‫ّ‬ ‫املناطق اللبنانية‪.‬‬ ‫باحلديث عن قريتك عني عنوب‪ ،‬ملاذا نالحظ أن معظم شعراء الزجل‬

‫‪60‬‬


‫ينتمون للمناطق الريفية؟‬ ‫نعم املناطق الريفية تخ ّرج فناني الزجل باستمرار‪ ،‬فشحرور الوادي من‬ ‫وادي شحرور بجانب عني عنوب‪ ،‬وكذلك خليل احلاج وغيرهما‪ ،‬أما املدينة‬ ‫فتميل للطرب أكثر‪.‬‬ ‫الحظنا أن الزجل عاد ليدخل من جديد في حياة الشباب من‬ ‫خالل برامج الهواة التي تقام اليوم‪ ،‬كيف تقيّم هذا اجليل اجلديد‬ ‫َ‬ ‫وأنك تابعتهم من خالل حضورك لبعض‬ ‫من فناني الزجل خاصة‬ ‫حفالتهم؟‬ ‫أنا فخور جدا ً بالشباب اجلدد من فناني الزجل‪ ،‬الذين جعلونا نبشر‬ ‫خيرا ً بأن هذا الشعر اجلميل يعطي شعراء باستمرار‪ ،‬فمثال ً ممّن تخ ّرج‬ ‫في برنامج أوف للشاعر الصديق موسى زغيب كان الشاب مازن غنّام‪،‬‬ ‫وهو ميلك موهبة مهمة جداً‪ ،‬وأصبح في فرقتي اليوم‪ .‬مازن شاعر ممتاز‬ ‫وميلك صوت جميل جدا ً ولديه مستقبل مميز‪ ،‬كذلك هناك شاعر من‬ ‫سوريا من املشاركني في البرنامج هو سمير هالل ولديه موهبة رائعة‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫ما الذي مييز أجواء الزجل قدمياً عن هذه األيام؟‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبداهلل‬ ‫لقد كانت الناس في تلك األيام بريئة أكثر وتعيش حياة متواضعة‬ ‫وهنيئة‪ ،‬وكان لبنان مفتوحا ً على بعضه البعض‪ ،‬بحيث لم يكن هناك‬ ‫تغص بأكثر من ‪ 12000‬شخص‬ ‫متييز بني شخص وآخر‪ ،‬فكانت حفالتنا‬ ‫ّ‬ ‫نتحدث مثالً عن خليل روكز الذي كان قمة من قمم لبنان بالشعر‪ ،‬فقد‬ ‫يتمتعون بالزجل وباملباريات بني الشعراء‪ ،‬كما أن الوضع املادي كان أفضل‬ ‫مما كان يشجع اجلميع على ارتياد احلفالت واحلضور الدائم فيها‪ .‬أعتقد أنه كان شاعرا ً وجدانيا ً يأخذ السامع إلى أماكن متعددة بدون أن يذهب‪ ،‬من‬ ‫لو لم يكن هذا اللون من الفن جميالً ومبدعا ً دائماً‪ ،‬ملا متكنا من اإلستمرار خالل خياله وفكره‪ .‬أما بالنسبة لباقي الشعراء‪ ،‬فأنا على عالقة عادية‬ ‫والصمود حتى يومنا هذا‪ .‬شعب لبنان يحب الزجل وال يتخلى عنه حتى معهم ونتحدث غالبا ً لبعضنا البعض واملواجهة تكون فقط على املنبر‪.‬‬ ‫ما الذي مييز الشاعر بوجه خصمه على املنبر‪ .‬هل هو الصوت أو اآلداء‬ ‫باختراق اإلنترنت والتكنولوجيا حلياته‪.‬‬ ‫أو كلمات القصيدة؟‬ ‫هل تعود مهرجانات القلعة وتلك احلفالت الكبيرة برأيك؟‬ ‫يجب أن جتتمع كل هذه العناصر لديه كي يتمكن من املبارزة الصحيحة‬ ‫نحن نقيم العديد من احلفالت املهمة اليوم‪ ،‬ولكن ال بد من اإلشارة إلى أ ّن‬ ‫فهم َمن فتحوا بابا ً جديدا ً على املنبر‪ ،‬بالطبع يأتي الشعر في املرتبة األولى‪ ،‬ثم الصوت ومن ثم اآلداء‬ ‫َمن يقوم بها هم األخوة في “حزب اهلل” واملقاومة‪ُ ،‬‬ ‫للشعر الشعبي‪ ،‬وأعادوه إلى مجده وعزّه‪ .‬نحن نقيم كل سنة حفلة في والذاكرة القوية‪ .‬هذه العناصر هي التي تؤسس الشاعر القوي‪.‬‬ ‫مَن يوحي لطليع حمدان مبفردات القصائد؟‬ ‫صور شبيهة مبباريات القلعة وجتمع ‪ 15000‬شخص سنوياً‪ .‬بالفعل‪ ،‬األخوة‬ ‫ما يالزم الشاعر هو “الوحي” الذي يأتي لوحده‪ ،‬وهو حلظات جت ّلي ال يعلم‬ ‫أقمت هذه السنة حوالي ‪4‬‬ ‫املهتمني بالزجل‪ ،‬وقد‬ ‫في املقاومة هم من أكثر‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫حفالت بالتنسيق معهم في صور وبنت جبيل ومليتا‪ .‬هم أشخاص يحبون الشاعر متى تأتي‪ ،‬وال يعرف السامع كيف تصل الكلمات إلى مسمعه‪ .‬أما‬ ‫ّ‬ ‫االرجتال فمن الطبيعي أن يتواجد لدى الشاعر وأكثر قصائدي تكون مرجتلة‪.‬‬ ‫الشعر ويحافظون على أصالته‪.‬‬ ‫خالل تقليدك لوسام األرز الوطني في عهد الرئيس إميل حلود‪ ،‬قلت في‬ ‫باحلديث عن املقاومة‪ ،‬ماذا يقول طليع حمدان لها؟‬ ‫آخر القصيدة التي ألقيتها‪:‬‬ ‫أنا من القاسمية أنا على القاسمية صوت أذّن‬ ‫“ما ب ّدي غير يا رب السما‬ ‫إلي مع كل طلة فجر ط ّلي‬ ‫إحمل إسم لبنان عا صدري وسام‬ ‫مشحني عطر عالورد املرهب‬ ‫بيغني حياتي عن جميع األوسمة”‬ ‫كتبني بالندي َع مت ف ّلي‬ ‫هل تكرميكم يكون باألوسمة بدون االلتفات الحتياجاتكم؟‬ ‫وقع ظ ّلي على العزف املدوزن‬ ‫مؤمنة في وطن كلبنان‪ ،‬وهناك الكثير‬ ‫بالطبع حياة الشاعر الزجلي غير ّ‬ ‫وِ ِعي مقاوم بطل َع وقع ظ ّلي‬ ‫من الشعراء ماتوا جائعني ال ميلكون شيئاً‪ .‬ما نطلبه من دولتنا الكرمية هو‬ ‫امللحن‬ ‫صرخ للنهر بالصوت ّ‬ ‫تأمني هؤالء الشعراء الذين أعطوا مجدا ً للبنان‪،‬‬ ‫سمعني طليع العم يص ّلي‬ ‫ّ‬ ‫وتنقلوا بني الدول حاملني رايته ومح ّبته‪ ،‬وهذا‬ ‫ما الذي مييز طليع حمدان عن باقي الشعراء‬ ‫وفي كتاب «انطرني أنا جايي»‪:‬‬ ‫ال ينطبق فقط على شعراء الزجل بل على كل‬ ‫خاصة َ‬ ‫أنك من كبار شعراء الزجل في لبنان‬ ‫الفنانني‪ ،‬فالفنان وديع الصافي اليوم تعاجله‬ ‫كتابي رُبى خضرا مض ّوايي‬ ‫والعالم العربي؟‬ ‫تكايي اجلمهورية السورية بدل أن تعاجله احلكومة‬ ‫فراشو السهل والريف ّ‬ ‫كل شاعر ميلك لونا ً خاصا ً به‪ ،‬فـ”زين شعيب”‬ ‫اللبنانية وتلتفت ألحواله‪.‬‬ ‫يتميز بلون املراجل والكوميديا‪ ،‬وزغلول الدامور بابو صب ّيي شكلها ّ‬ ‫جذاب‬ ‫ّ‬ ‫وخص “أبو شادي” “منبر التوحيد” باألبيات‬ ‫يتميز بنعوم ّيته وسالسته‪ ،‬وموسى زغيب هو‬ ‫شعري عاملرايي التالية‪:‬‬ ‫خلفو صور ِ‬ ‫أيضا ً شاعر كبير له لونه‪ ،‬وغيرهم من الشعراء‬ ‫شاعر حياتي كروم وعناقيد‬ ‫املهمني‪ .‬أما لوني فهو لون األزهار واألنهار والطيور فاتت تا تقراهن بأحال كتاب‬ ‫ّ‬ ‫والزهر والشالل والعنبر‬ ‫األمور‪.‬‬ ‫بهذه‬ ‫زت‬ ‫ي‬ ‫ومت‬ ‫اجلميلة‪،‬‬ ‫والطبيعة‬ ‫ُ‬ ‫قرايي‬ ‫إشبع‬ ‫رح‬ ‫إذا‬ ‫قالت‬ ‫ّ‬ ‫وملا تقولي “منبر التوحيد”‬ ‫ً‬ ‫بيعتز بو شادي بهاملنبر‬ ‫ماذا عن عالقتك بشعراء الزجل‪ ،‬بدءا من بشوفك بآخر سطر خلف الباب‬ ‫الشاعر موسى زغيب الذي خرّج الشعراء اجلدد‬ ‫ال تنعس‪ ..‬انطرني أنا جايي‬ ‫اليوم‪ ،‬وغيره من الشعراء؟‬ ‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪61‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫تأثر بأنطون سعادة فكرياً‪ ،‬واعتبر طروحاته الحل األفضل لمجتمعنا‬

‫د‪ .‬لؤي زيتوني لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬

‫الشعراء الحديثون ُّ‬ ‫تأثروا برموز «ت ّموز»‬

‫حني نتح ّدث عن املفاهيم القدمية‪ ،‬يتشاجر‬ ‫ّ‬ ‫صحة واقعيّتها أو خطأها‪ .‬ولكن‬ ‫البعض حول‬ ‫بالنظر للتعاليم واملفاهيم واملعتقدات القدمية‪،‬‬ ‫نرى أنها كانت الطريقة الوحيدة لإلستنتاجات‬ ‫ّ‬ ‫واملؤكدة‪ ،‬وال تزال كذلك‪ .‬تلك ما كان‬ ‫الصحيحة‬ ‫البعض يسمّ يها “األساطير”‪ ،‬وما سمّ اها البعض‬ ‫اآلخر في مراحل أخرى “خرافات”‪.‬‬ ‫من هنا كان بحث الدكتور لؤي زيتوني حول‬ ‫مفهوم هذه “األسطورة” وماهيّتها وتفاصيلها‬ ‫واختالفها عن “اخلرافة”‪ ،‬من خالل كتابه “مفهوم‬ ‫األسطورة ورمزيّتها األدبية”‪.‬‬ ‫من جهة أخرى أ ّدى تأثّره بأنطون سعادة لدراسة‬ ‫أفكاره والتعمّ ق بها‪ ،‬ومبَن عمل عليها‪ ،‬فكان أن‬ ‫تعمّ ق مبفاهيم وأفكار هي – بال شك – واقعية‬ ‫ومال ِمسة جلميع أمور احلياة واجملتمع‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬وتزامناً مع نيله لشهادة الدكتوراه في‬ ‫األدب العربي من اجلامعة اللبنانية‪ ،‬التقينا بالدكتور لؤي زيتوني فكان حوارنا‬ ‫حول كتبه الثالث التي صدرت خالل فترة دراسته اجلامعية‪ ،‬وجاء احلوار على‬ ‫الشكل التالي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫كتبك الثالثة التي صدرت حتى اآلن؟‬ ‫أخبرنا عن‬ ‫الكتاب األول كان بعنوان “مفهوم األسطورة ورمزيتها األدبية”‪ ،‬بحيث كان‬ ‫التع ّرف األ ّول لي على العالم األدبي‪ ،‬فقد استهوتني “األسطورة” وقررت البحث‬ ‫وكنت ال أزال في سنوات اجلامعة‪ ،‬وبدأت بالبحث مع أهم الشعراء الذين‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تناولوا هذه النزعة‪ ،‬وبعض املفاهيم التي تتعرض لها‪ ،‬من هنا جاء البحث‬ ‫في اإلطار الفلسفي واالجتماعي والنفسي‪ ،‬انتقاال ً لعلم األسطورة‪ ،‬ولبعض‬ ‫اختصت بثالثة أدباء‪ :‬فؤاد سليمان‬ ‫النماذج األدبية إن كانت شعرا ً أو نثراً‪ ،‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫ومحمد يوسف حمود وكمال خير بك‪.‬‬ ‫أما الكتاب الثاني فكان عبارة عن بحث في كتاب “الصراع الفكري في األدب‬ ‫السوري” ألنطون سعادة‪ُ ،‬ق ِّدم للجامعة لشهادة الدبلوم وحاز على أعلى درجة‬ ‫فيها مع تنويه من الدكتور ربيعة أبي فاضل‪ .‬تناول البحث كتاب سعادة من‬ ‫ناحية تأسيسه للحداثة وشعرائها‪ ،‬مثل أدونيس ويوسف اخلال وخليل حاوي‬ ‫ونذير العظمة‪ ،‬الذين كانوا نواة مجلة “شعر” التي قامت بالنهضة الشعرية‬ ‫جتسدت املفاهيم التي درسها أنطون سعاده في كتابه‪،‬‬ ‫في السبعينات‪ .‬وقد ّ‬ ‫في مقوالتهم في اجمللة‪.‬‬ ‫أما الكتاب الثالث فجاء على مراحل إذ كان مجموعة قصص متوسطة‬ ‫وقصيرة تعالج بعض املشاكل االجتماعية‪ ،‬التي كانت في ظل االحتالل في‬ ‫أوائل الثمانينات أو في حياتنا املعاصرة‪ ،‬وقد حاولت أن تكون هذه القصص‬ ‫عملية نقدية إن في األوساط الشبابية أو في األوساط الناضجة أكثرـ متمنيا ً‬ ‫أن حتوز هذه التجارب الثالثة ‪ -‬وأقول “جتارب” ألنها ليست ناضجة بعد ‪ -‬على‬ ‫استحسان القراء خاصة الشباب منهم‪.‬‬ ‫ماض أو‬ ‫لتاريخ‬ ‫قراءة‬ ‫هي‬ ‫هل‬ ‫برأيك‬ ‫باحلديث عن مفهوم األسطورة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫للمستقبل‪ ،‬إذ حت ّد َ‬ ‫ثت في كتابك أنها قصص تعتمدها األجيال عبر التاريخ‬ ‫وتسير وفقاً لها؟‬ ‫ماض فقط‪ ،‬فهي مرافقة حلياتنا علما ً أنها كانت‬ ‫األسطورة ليست تاريخ ٍ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حتوز على إهتمام أكبر في املاضي‪ ،‬ولكنها اآلن‬ ‫أيضا ً حتوز على جزء من حياتنا بشكل أو بآخر‪ ،‬ومن‬ ‫هنا كان التفكير باألسطورة‪ .‬لم أقرأ فقط كيف‬ ‫بحثت كيف أن هذه األساطير أو‬ ‫فكر القدماء‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫القصص ال تزال تؤثر على حياة الناس‪ ،‬فعندما بدأت‬ ‫األساطير بالظهور كانت مجرد أعمال أدبية دينية‪،‬‬ ‫تُقال لتوضيح بعض املفاهيم الدينية أو االعتناقية‬ ‫لدى الشعوب لتوحيد املنظور فيما بينهم وجعلهم‬ ‫يسمى “النخبة”‪ ،‬ويقتربون منها‪ .‬ولكن‬ ‫يعتقدون مبا‬ ‫ّ‬ ‫التموزية” التي‬ ‫هذه األسطورة مثالً كـ”األسطورة ّ‬ ‫ثت عنها في كتابي هي مؤثرة بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫حتد ُ‬ ‫ّ‬ ‫وهذا التأثير يُث َبت من خالل استخدام هؤالء الشعراء‬ ‫لهذه األساطير‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أطلقت عليها إسم “األساطير” وليس‬ ‫ملاذا‬ ‫تسمية أخرى؟‬ ‫أل ّن األسطورة مرتبطة بالناحية اإلميانية‬ ‫والعقائدية‪ ،‬بعكس اخلرافة التي نعلم جميعا ً أنها كاذبة وغير صحيحة‪ ،‬لذلك‬ ‫فمسألة اإلميان متواصلة مع بعض األساطير التي تق ّرب املفاهيم الدينية من‬ ‫الناس‪ .‬لذلك تناولتها من ناحية أنها مواكبة حلياتهم وليس على أنها مرحلة‬ ‫منتهية‪.‬‬ ‫ما سبب تقسيم األسطورة لعدة جوانب منها الفلسفي واإلنتروبولوجي‬ ‫ّ‬ ‫تصب جميعها في مفهوم أسطوري واحد؟‬ ‫وغيرها‪ .‬أال‬ ‫فقسمتها‬ ‫تناولت األسطورة من الناحية املنهجية لتوضيح هذه املسألة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫جملموعة من املنظورات املعرفية إن من الناحية الفلسفية واإلنتربولوجية‬ ‫والنفسية واألدبية أو غيرها‪ .‬ولكن إذا نظرنا إلى هذه املنظورات كاملة‪ ،‬نرى أنها‬ ‫تصب في اخلانة نفسها أال وهي أن األسطورة هي نتاج لتجربة العقل واحتكاكه‬ ‫مع العالم والطبيعة‪ ،‬وسعيه لتفسير هذه الظواهر املوجودة مبا يستفيد منه‬ ‫ملصلحته ليس كفرد بل كمجموعة أو كبشر‪ .‬هذه النتاجات التي ُس ِّم َيت‬ ‫“أساطير” متّ استخدامها في األدب لتؤثر في نفوس الناس‪ ،‬وتبقيهم على مقربة‬ ‫من املفاهيم الدينية األساسية في مرحلة أولى‪ ،‬ثم أتت في املرحلة احلالية‬ ‫لتكريس نوع من املفاهيم املتعلقة باحلضارة وباستراجاع أمجاد الشعوب‬ ‫القدمية‪.‬‬ ‫هل ميكن االعتبار أ ّن األسطورة تشكل حقيقة يجب اتّباعها مبا َ‬ ‫أنك قلت‬ ‫أنها متعلقة باملفاهيم الدينية؟‬ ‫ليست املسألة كذلك‪ ،‬فقد كانت في ذلك الوقت تعتقد على أنها حقيقة‬ ‫ثابتة يجب أن يُأخذ بها‪ ،‬بعكس اخلرافة متاماً‪ ،‬حيث كانت شيئًا إميانيا ً يجب‬ ‫تضمنت من أهوال ومعتقدات فوق الطبيعة‪ ،‬أما اليوم فهي‬ ‫أن يُص َّدق‪ ،‬مهما‬ ‫ّ‬ ‫ال تُأخذ باألدب على أنها شيء واقعي حاصل‪ ،‬يُستخدم كرمز تعبيري عن هذا‬ ‫وحد‬ ‫األديب أو ذاك الشاعر‪ ،‬بل يُستخدم إليصال فكرته‪ ،‬وهذا الشيء هو الذي ّ‬ ‫بني الشعراء الذين ّ‬ ‫زت عليهم في الكتابَني‪ :‬مفهوم األسطورة‪ ،‬والتأسيس‬ ‫رك ُ‬ ‫حتدثنا عن “مفهوم متّوز” الذي تناولته في “مفهوم األسطورة”‪،‬‬ ‫للحداثة‪ .‬فمثالً إذا ّ‬ ‫يحيي شعبه‪،‬‬ ‫أن‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫نفسه‬ ‫م‬ ‫يقد‬ ‫الذي‬ ‫للشخص‬ ‫النموذج‬ ‫نرى أ ّن متّوز أصبح‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫جتسد مجددا ً بشكل واقعي أكثر من خالل عمليات املقاومة التي‬ ‫وهذا النموذج ّ‬ ‫حصلت منذ السبعينات وحتى اليوم‪ ،‬بدءا ً من بالل فحص وسناء محيدلي‬

‫‪62‬‬


‫ووجدي الصايغ وغيرهم‪ .‬لقد أصبح هؤالء نوعا ً من منوذج متّوزي معاصر بدل أن‬ ‫يكونوا منوذجا ً أسطوريا ً بعيدا ً عن الناس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تأثرك بأنطون سعادة‪ ،‬ما سبب هذا‬ ‫الحظنا من خالل كتبك الثالث‬ ‫التأثر؟‬ ‫نتج هذا التأثر عن مرحلة سابقة من هذه األبحاث‪ ،‬إذ جاء نتيجة‬ ‫َ‬ ‫عن‬ ‫قراءتي للشعراء الذين تناولتهم في كتبي‪ ،‬ومن خالل بحثي‬ ‫بحثت أيضا ً عن ماهية ذاك الرجل الذي يتحدث عنه‬ ‫خلفياتهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أدونيس أو نذير العظمة أو كمال خير بك‪ ،‬وسبب تأثرهم به‪ ،‬ما‬ ‫جعلني أندفع لإلطالع على مبادئه على األقل مبرحلة أولى من‬ ‫فرأيت‬ ‫الناحية األدبية‪ ،‬ومبرحلة ثانية من ناحية عقائدية شاملة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أنه ‪ -‬من منظوري الشخصي – ال زال احلل األفضل للمجتمع‬ ‫الذي نعيش داخله ال سيما من ناحية مقولتني أساسيتني‬ ‫تستند األولى إلى سيطرة العلمنة على اجملتمع‪ ،‬والثانية‬ ‫لسيطرة العقل على احلضارة واحلياة‪ .‬عندما نعيد اجملتمع‬ ‫لهاتني املسألتني‪ ،‬أعتقد أنه سيكون اخلالص جملتمعنا‪،‬‬ ‫وهذا ما حاول أولئك الشعراء جتسيده‪ ،‬فنموذج متّوز مثالً‬ ‫كان قاسما ً مشتركا ً بينهم‪ ،‬والذي تناوله سعادة في‬ ‫تضمن فصالً خاصا ً عن‬ ‫كتابه “الصراع الفكري”‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫التأثر باألساطير‪ ،‬والذي دعى سعادة من خالله إلى‬ ‫يحج الشعراء واألدباء السوريني (أي في منطقة‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫الهالل اخلصيب) إلى املواقع األثرية التي حتتضن هذه‬ ‫األساطير الستخدامها في التعبير عن شعرهم‪،‬‬ ‫خاصة أ ّن إحدى مبادئه تأتي ‪ -‬مبا معناه ‪ -‬أن تستمد‬ ‫األمة‪ ،‬إن‬ ‫العقيدة القومية روحها من مواهب هذه ّ‬ ‫باجملال العسكري أو السياسي أو الفكري‪.‬‬ ‫ما سبب إختيارك ألدونيس وخليل حاوي مع أنطون‬ ‫سعادة في كتابك “التأسيس للحداثة في كتاب‬ ‫الصراع الفكري”؟‬ ‫لقد كان التأثر األساسي بهم خالل الفترة اجلامعية‬ ‫لي‪ ،‬ولكن كي أثبت أن كتاب سعادة كان مؤسسا ً‬ ‫للحداثة التي ظهرت في خمسينات القرن املاضي‪ ،‬كان‬ ‫ال بد من الرجوع ألعالم هذه احلداثة ال سيما يوسف اخلال‬ ‫ّ‬ ‫املنظرين للحداثة‪ ،‬ويلزمني‬ ‫وأدونيس‪ ،‬كونهما كانا أكثر‬ ‫العودة لهما كي أثبت أن الكتاب كان ممهّ دا ً للحداثة‪.‬‬ ‫ب َّررت حركة احلداثة بالشعر في الوطن العربي حلركة‬ ‫احلداثة الغربية‪ ،‬ألهذه الدرجة نحن متأثرون باألدب‬ ‫الغربي؟‬ ‫التأثير الغربي يعود لعصر النهضة األدبية عند العرب أي‬ ‫حينما كانوا يحتضنون بعض التأثرات بالغرب نتيجة التعليم أو‬ ‫نتيجة االستعمار‪ ،‬في بالد الشام وبالتحديد في لبنان‪ ،‬وبفترة الحقة‬ ‫ولكن حركة احلداثة التي أصبحت في أواسط اخلمسينات‬ ‫في مصر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من القرن املاضي كانت تختلف قليالً‪ ،‬فالبعض يقول أن شعراء احلداثة‬ ‫العرب تأثروا بشاعر اسمه توماس إيليوت‪ ،‬وبالتالي أعادوا هذا التأثر له‬ ‫ال سيما بقصيدة مط ّولة كت َبها بعنوان “األرض اخلراب”‪ ،‬والتي استعمل‬ ‫فيها رمز اإلنبعاث أي “متّوز” وأشار من خاللها إلفالس احلضارة احلديثة‬ ‫الغربية‪ ،‬أي أنه اعتبر أ ّن هذه احلداثة أفلست‪ ،‬وبالتالي هي عاجزة عن إعادة احلياة‬ ‫لإلنسان أو لروحه مبفاهيمه‪ ،‬التي يستند عليها الغرب أي املفاهيم “املسيحية”‪،‬‬ ‫فاإلنبعاث بنظره كان عبر العودة للمفاهيم املسيحية القدمية التي نادى بها‬ ‫ولكن تأثر‬ ‫السيد املسيح ال سيما بـ”موعظة اجلبل”‪ ،‬املوجودة في إجنيل يوحنا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشعراء العرب احلديثني ال سيما في بالدنا كان فقط تأثرا ً بطريقة استعمال‬ ‫الرمز وليس عبر التأثر بهذا الشاعر أو تلك القصيدة بشكل حرفي تام‪ .‬بينما‬ ‫طبيعة الرمز عند الغرب اختلف ألنهم استخدموه ليس لإلشارة إلى يأسهم‬ ‫من احلضارة احلديثة‪ ،‬ال بل لإلشارة إلى أ ّن بالدنا ال تزال بحالة إحباط وبحاجة حلدث‬

‫أمة حديثة‪ .‬فكان هذا الرمز باعتقادهم‪ ،‬هو‬ ‫يجعلها تنبعث من جديد‪ ،‬وتصبح ّ‬ ‫احلدث الذي نقل الشعب من حالة التخلف واالنحطاط حلالة احلداثة‪ ،‬فـ”إيليوت‬ ‫انتقد احلداثة بينما شعراء العرب كانوا ينادون بها‪.‬‬ ‫ماذا عن كتاب “نورٌ حتت سيف العتم” الذي تضمّ ن مشاكل وقضايا‬ ‫اجتماعية بحيث تقول في إحدى قصصه “اجملتمع ليس مجتمعاً بل هو‬ ‫جتمّ ع فاسد”‪ ،‬برأيك متى يصبح “مجتمعاً”؟‬ ‫هذه املقولة ذكرتها في القصة األولى من الكتاب وهي بعنوان “شي ٌء‬ ‫رأيت ‪ -‬ب ِ ُحكم وظيفتي كمدرِّس‬ ‫ما يزول”‪ ،‬وجاءت كونني ُ‬ ‫أيضا ً ‪ -‬أ ّن هناك بعض احلاالت الغير صحيحة في‬ ‫اجملتمع‪ ،‬تشير إلى أنه ليس مجتمعا ً أل ّن كمية‬ ‫الفساد املوجودة فيه جتعله بدون مستقبل‪،‬‬ ‫وهذا ما ح ّرضني على كتابة هذه القصة‪ .‬وبالتالي‬ ‫كي يكون “مجتمعا ً صاحلاً”‪ ،‬سأنادي مع الفلسفة‬ ‫الرواقية أي بسيادة القيم واألخالق االجتماعية‪ ،‬وهذه‬ ‫طبعا ً مسألة يلزمها وقت وطبعا ً لن يصبح “مجتمعا ً‬ ‫فاضالً” على طريقة املدينة الفاضلة ألفالطون‪ ،‬ولكن‬ ‫على األقل أن يكون هناك حد أدنى من العناية األسرية‬ ‫أوالً‪ ،‬والرعاية االجتماعية بشكل عام بعض التأثرات‬ ‫بالغرب نتيجة التعليم أو نتيجة االستعمار ثانياً‪ .‬لقد‬ ‫كانت هذه القصة حتتوي على معاناة موجودة حقا ً في كل‬ ‫نسميه “السلبطة”‬ ‫مكان‪ ،‬إضافة إلى استخدام النفوذ ملا‬ ‫ّ‬ ‫على الضعفاء‪ ،‬طبعا ً بغياب التربية الالزمة‪ ،‬وهذا ما سيكون‬ ‫عليه مستقبل اجملتمع في ظل غياب الكثير من األسس‬ ‫التربوية‪ .‬أعتقد أنه إذا متّ االهتمام بالتربية األسرية والنظام‬ ‫االجتماعي الصحيح من خالل التشدد بعض الشيء‪ ،‬وليس‬ ‫التعصب ميكن أن يصبح اجملتمع صاحلا ً نوعا ً ما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أما بالنسبة للقصص األخرى في الكتاب فهي مهمة جدا ً‬ ‫من ناحية تناولها لقضايا متعددة‪ ،‬إذ منها َمن تناول معاناة‬ ‫ضمه ملا‬ ‫بحث فيه موضوع ّ‬ ‫اجلوالن في الوقت الذي كان يُ َ‬ ‫سمى بـ”دولة إسرائيل”‪ .‬من هنا س ّلطت الضوء على هذا‬ ‫يُ ّ‬ ‫األمر ملا له من أهمية في فتح اجملال للحديث عن املقاومة‬ ‫في اجلوالن والتي يعتقد البعض أنها غير موجودة‪ ،‬وال‬ ‫شك أن الوسط الطائفي احمليط باجلوالن احملتل أي‬ ‫الوسط الدرزي هو وسط مقاوم تاريخياً‪ .‬والقصص‬ ‫القصيرة األخرى عبارة عن جتربة صعبة ومهمة‬ ‫بالوقت نفسه كونها مزجت في كثير من األحيان‬ ‫بني اللغة الشعرية واألسلوب القصصي أو‬ ‫السردي‪ .‬هذا املزج جاء لتكثيف عناصر القصة‬ ‫والوصول إلى الهدف املنشود وهو قليل ما‬ ‫ينجح‪.‬‬ ‫هل من إصدارات جديدة لك؟‬ ‫هناك كتاب جاهز للنشر ولكنني بانتظار‬ ‫الفرصة املناسبة للطباعة‪ ،‬وهو يستخدم األدب من أجل‬ ‫نقد املواضيع السياسية‪.‬‬ ‫تقوم بقراءات لكتب األخرين‪ ،‬هل نسمّ ي ذلك نقداً أو حتليالً؟‬ ‫ميكن استخدام الصفتني‪ ،‬وال شك أنني أضيء على النواحي السلبية لكتاب‬ ‫أحتدث مثالً عن مسألة “الذات” التي أجهّ ز كتابي اجلديد حولها‪،‬‬ ‫ما‪ ،‬ولكن إذا ُ‬ ‫كنت ّ‬ ‫بد من أن أحدد بحثي علميا ً في هذا األمر‪ ،‬وإذا كان هناك جوانب سلبية‪ ،‬فال‬ ‫فال ّ‬ ‫أستطيع بحثها في هذا الكتاب بل في أماكن أخرى‪ ،‬فوظيفتي في كتابي اجلديد‬ ‫هي البحث في مسألة “الذات” فقط‪ .‬من هنا‪ ،‬ومن خالل قراءتي لكتب اآلخرين‪،‬‬ ‫ال أنتقد نقدا ً سلبيا ً إال إذا استحق ذلك‪.‬‬

‫‪63‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫سركيس أبو زيد لـ «منبر التوحيد» ‪:‬‬ ‫مسيح ّيو الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫يملكون كافة حقوقهم‬ ‫شكلت اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في الفترة األخيرة‬ ‫مركز اهتمام في املنطقة العربية واملشرق العربي عموماً‪،‬‬ ‫املقاومة‬ ‫خاصة مع حتوّلها لدولة متحالفة مع القوى الوطنية‬ ‫ِ‬ ‫لإلسرائيليني‪.‬‬ ‫من هنا بدأ احلديث عن خطر التحالف اإليراني – العربي‪ ،‬بوجه‬ ‫املشروع الصهيوني األميركي‪ ،‬لتنش ّد األنظار نحو إمكانية إيجاد‬ ‫اخلالفات بني إيران وبعض الدول العربية‪ ،‬خاصة تلك التي ال تؤمن‬ ‫بوالية الفقيه‪.‬‬ ‫ومع ازدياد أهمية الدور اإليراني على الصعيد العربي اإلقليمي‬ ‫ملاذا اهتم سركيس أبو زيد بالكتابة عن إيران‬ ‫عموماً‪ ،‬وعن املسيحيني فيها بشكل خاص؟‬ ‫لقد فرضت إيران نفسها في املنطقة‪ ،‬وحت ّولت‬ ‫إلى العب أساسي على الساحة اللبنانية‬ ‫والعربية بشكل عام‪ ،‬وال شك أ ّن لها دورا ً‬ ‫تاريخيا ً ومؤثرا ً في املنطقة‪ .‬بالطبع‪ ،‬بعد الثورة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬حت ّولت إيران من امبراطوية متحالفة‬ ‫مع “إسرائيل” والغرب بشكل عام ضد القضايا‬ ‫القومية والقضايا العادلة في املنطقة العربية‪،‬‬ ‫إلى قوة مسان ِ َدة ودا ِع َمة للقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫للمقاومة في لبنان‪ ،‬للممانعة واملواجهة ضد‬ ‫“إسرائيل”‪ .‬بصراحة‪ ،‬كان االنطباع عن إيران سلبيا ً‬ ‫بسبب موقفها التاريخي‪ ،‬ولكم يكن هناك إملام‬ ‫ولكن املوقف‬ ‫و معرفة بطبيعة الوضع اإليراني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يجعلك تسعني لالطالع على تاريخ هذه‬ ‫اجلديد‬ ‫ِ‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية وكيفية تعاطيها مع هذه‬ ‫املسائل وأسباب هذا التعاطي‪ ،‬إن مع اخلارج أو مع‬ ‫اجلمعيات املوجودة داخلها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬وبسبب اهتمامي بالوضع اإليراني‬ ‫أردت معرفة كيفية تعاطيهم مع‬ ‫بشكل عام‪ُ ،‬‬ ‫أقلية مسيحية مثالً‪ ،‬وكيف تتعاطى جمهورية‬ ‫إسالمية تؤمن بوالية الفقيه وبالعقيدة الديانية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬مع األقليات األخرى املوجودة فيها‪.‬‬ ‫اعتبرت أ ّن هذا هو املدخل لفهم طبيعة هذه‬ ‫ُ‬ ‫عملت على هذا‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية‪ ،‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫املوضوع‪ ،‬باإلضافة إلى غياب االهتمام اجل ِّدي‬ ‫ملعرفة احلقيقة عن إيران‪ ،‬أل ّن أكثرية الناس إما‬ ‫مؤ ّيدون باملطلق لها أو ُمعادون‪ ،‬بدون أن يكون‬ ‫هناك دراسة موضوعية إليجابيات وسلبيات‬ ‫ومعمقة مثالً عن‬ ‫اجلو في إيران‪ ،‬أو دراسة جدية‬ ‫ّ‬ ‫املسيحيني فيها‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الدولي وحتى العاملي‪ ،‬عمل سركيس أبو زيد على دراسة وضع‬ ‫املسيحيني في اجلمهورية “اإلسالمية” ملعرفة مدى أهمية الدور‬ ‫املسيحي في إيران واملنطقة كافة‪ ،‬فكان له كتابَي “املسيحيون‬ ‫في إيران”‪ ،‬و”إيران واملشرق العربي‪ ..‬مواجهة أو تعاون؟”‪ ،‬أضاء من‬ ‫خاللهما على جوانب متعددة من تاريخ اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫واملسيحيني فيها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬كان حوارنا مع الكاتب واملفكر السياسي ورئيس حترير‬ ‫جريدة “حتوّالت” سركيس أبو زيد حول هذه املواضيع‪ ،‬والوجود‬ ‫املسيحي في املنطقة بالكامل‪ ،‬فجاء على الشكل التالي‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫وجدت الوضع‬ ‫دراستك‪ ،‬كيف‬ ‫من خالل‬ ‫“املسيحي” في اجلمهورية “اإلسالمية”‬ ‫اإليرانية؟‬ ‫بغض النظر عن رأينا باملسائل‪ ،‬علينا التعاطي‬ ‫ّ‬ ‫باألشياء كما هي‪ ،‬فإيران تعتبر أن اإلسالم هو‬ ‫وجدت أ ّن‬ ‫األساس‪ .‬ولكن من خالل دراستي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الكتابات عن إيران قليلة‪ ،‬واملراجع نادرة جدا ً في هذا‬ ‫حاولت اإلضاءة على هذا املوضوع‪،‬‬ ‫اجملال‪ .‬من هنا‬ ‫ُ‬ ‫ورأيت الوضع املسيحيي‬ ‫فقمت بزيارة إلى إيران‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وزرت بعض الكنائس وتع ّرفت على بعض‬ ‫ميدانياً‪ُ ،‬‬ ‫ثت للعديد من اإليرانيني املسيحيني‪،‬‬ ‫وحتد ُ‬ ‫املطارنة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واستندت إلى مراجع‬ ‫لعت على أوضاعهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واط ُ‬ ‫تاريخية عامة تروي تاريخ املسيحيني واملسيحية‬

‫‪64‬‬

‫في إيران‪ ،‬باإلضافة إلى مشاهدات عينية لوضع‬ ‫الطوائف املسيحية املوجودة هناك‪ .‬ورغم أنها‬ ‫دولة إسالمية تطبق الشريعة اإلسالمية‪ ،‬نرى أ ّن‬ ‫تعاطيها مع األقليات ‪ -‬وخاصة املسيحيني ‪ -‬فيه‬ ‫الكثير من التسامح ونسبة كبيرة من احترام‬ ‫معتقد اآلخر وحرية ممارسته للشعائر والطقوس‬ ‫املتعلقة بديانته‪ ،‬فاملسيحيون ميارسون‬ ‫طقوسهم في الكنائس بحرية تامة‪ ،‬ولديهم‬ ‫ممثلون في مجلس النواب اإليراني‪ ،‬وأكثر من ذلك‪،‬‬ ‫لديهم قانون أحوال شخصية لالهتمام بأمورهم‪،‬‬ ‫ويوجد محاكم روحية مسيحية في هذا الصدد‪،‬‬ ‫وهذا يوفر لهم نسبة كبيرة من احلرية‪ .‬صحيح‬ ‫أ ّن هناك مراتب عالية في الدولة ال يستطيعون‬


‫ولكن التمثيل السياسي وممارسة‬ ‫الوصول إليها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫احلرية الدينية تكفي للحديث عن نسبة عالية‬ ‫من احلرية‪ ،‬وأعتقد أن املسيحيني لديهم هذه‬ ‫النسبة في إيران أكثر بكثير مقارنة مع دول أخرى‬ ‫عربية أو غير عربية‪.‬‬ ‫ملاذا تطرقت للموضوع املسيحي إن في إيران‬ ‫أو في أماكن أخرى؟‬ ‫ولكن‬ ‫كتبت عن املسيحيني وغير املسيحيني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫انطلقت منها لالهتمام باملسيحيني‬ ‫اخللفية التي‬ ‫ُ‬ ‫هي إمياني بالعل َمنة‪ ،‬ألنني أعتبر نفسي إنسانا ً‬ ‫ملتزما ً بالعلمنة وأنه من الضروري أن ننظر‬ ‫للطوائف من خالل الطابع التاريخي والع َملي‪،‬‬ ‫إذ يحاول البعض النظر للطوائف وكأنها كتل‬ ‫تاريخية متماسكة عبر التاريخ ولكنه ينظر لها‬ ‫عملت‬ ‫إما بشكل معادٍ باملطلق أو مؤ ّيد باملطلق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫على دراسة وضع املسيحيني‪ ،‬ألنني أنتمي دينيا ً‬ ‫لهذا الوسط‪ ،‬وأعرفه جيداً‪ ،‬فالقيام بنقد ذاتي‬ ‫لك نادر‪ ،‬إذ قليل أن‬ ‫أو تقييم للجماعة األقرب ِ‬ ‫ينتقد أحد أو يعيد النظر في كتابة تاريخ اجلماعة‬ ‫التي ينتمى لها عبر الوالدة‪ .‬أعتقد أن املطلوب‬ ‫منا جميعا ً أن نعمل على إعادة القراءة لتاريخ‬ ‫الطوائف املسيحية واإلسالمية بجرأة أكثر‬ ‫حتى نؤكد واقعيا ً وتاريخيا ً أ ّن هذه الطوائف غير‬ ‫متماسكة وال متلك رأيا ً واحداً‪ ،‬ال بل فيها اجتاهات‬ ‫متباينة‪ ،‬منها الوطنية ومنها اإلنعزالية ومنها‬ ‫املرتبط باخلارج‪ ،‬وال نستطيع تصنيفها جميعا ً‬ ‫اهتممت بكتابة‬ ‫ضمن فئة واحدة‪ .‬من هنا‬ ‫ُ‬ ‫تاريخ املسيحيني على قاعدة تقدمي نظرة جديدة‬ ‫للحديث عن كيفية قراءة تاريخ هذه اجلماعات‬ ‫ودورها وتركيبتها وبنيتها الداخلية‪ .‬لهذا السبب‪،‬‬ ‫إذا أجرينا قراءة تاريخية موضوعية للمسيحيني أو‬ ‫لطوائف أخرى‪ ،‬نرى وجود قواسم مشتركة كثيرة‬ ‫ولكن املطلوب هو إعادة النظر والتقييم للتاريخ‪،‬‬ ‫ألنه في كثير من األحيان يكون ُمعتم و ُمجحف‬ ‫بحق هذه الطوائف‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أصدرت سابقاً كتاباَ يتحدث عن املوارنة‪،‬‬ ‫كيف ترى الوضع املاروني اليوم خاصة باحلديث‬ ‫عن جذور مشرقية لهم وبشكل خاص من ِقبَل‬ ‫اجلنرال عون؟‬ ‫كتبت هذا الكتاب منذ أكثر من ‪ 15‬سنة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأكدت على أن املسيحية نشأت في حلب ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫شمالي سوريا‪ ،‬للتأكيد أن جذورها التاريخية‬ ‫ونشأتها احلضارية كانت في سوريا ومن ثم‬ ‫انتقلت إلى لبنان‪ ،‬لقد نشأت على أنها حركة‬ ‫حترر وطنية ضد البيزنطيني وضد الغرب بشكل‬ ‫عام‪ ،‬عكس َما حاول البعض تصويرها على أ ّن‬ ‫املسيحية أو املارونية نشأت بتواطد مع اإلسالم‪،‬‬ ‫متناسني أنها نشأت قبل الدعوة اإلسالمية‪،‬‬ ‫وكانت تع ّبر عن الفئات االجتماعية الوطنية التي‬ ‫واستمدت جذورها من‬ ‫كانت موجودة في سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلذور احلضارية التي كانت موجودة هناك‪ ،‬والتي‬ ‫كان لها موقف وطني ضد الهيمنة البيزنطية‬ ‫والغربية على بالدنا‪ .‬من هنا أخذت املارونية طابعا ً‬

‫دينيا ً أل ّن الثقافة الدينية كانت مسيطرة في‬ ‫حينها ولكن الدافع كان التحرر من السيطرة‬ ‫الغربية‪ .‬لقد كان الصراع الدائم في الطائفة‬ ‫شدها باجتاه‬ ‫املارونية ما بني اجتاهني‪ :‬اجتاه يحاول ّ‬ ‫الغرب للربط ما بني املارونية والغرب بشكل عام‬ ‫إن مع فرنسا أو الفاتيكان أو غيرها‪ ،‬واجتاه آخر‬ ‫وطني لم يكن يُبرَز دورها‪ ،‬وكان هدفه ربط املارونية‬ ‫بجذورها وأرضها وبيئتها التي نشأت فيها في‬ ‫إطار ما يسمى بـ”إنطاكية” التي تشمل منطقة‬ ‫املشرق العربي أو الهالل اخلصيب أو بالد الشام‪،‬‬ ‫فاملارونية هي كنيسة إنطاك ّية‪ ،‬وبالنتيجة هي‬ ‫ابنة بيئة أوسع من جبل لبنان أو اإلطار الض ّيق‬ ‫الذي يحاول بعض اإلنعزاليني أو اإلكليروس أو‬ ‫رجال الدين عزلها فيه‪ ،‬وتصويرها كأنها منعزلة‬ ‫ولكن الهدف منها هو‬ ‫أو منطوية على نفسها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تضخيم فكرة اخلوف واالضطهاد وغيرها من‬ ‫املسائل لتسهيل عملية ربطها مبشاريع غربية‪،‬‬ ‫إذ كان لها أحيانا ً عالقة باإلنتداب األجنبي وفي‬ ‫مرحلة معينة بـ”إسرائيل” وهذا مؤسف‪ ،‬إذ ال‬ ‫ميكن التغاظي عن أ ّن بعض املوارنة كما بعض‬ ‫الفئات األخرى – بسبب اخلوف من اآلخر الطائفي‬ ‫– تعاونوا مع “إسرائيل” بشكل أو بآخر‪.‬‬ ‫ككاتب ومفكر سياسي‪ ،‬كيف ترى مستقبل‬ ‫الوجود املسيحي في الشرق‪ ،‬خاصة مع وجود‬ ‫سينودوس قريب في هذا الصدد؟‬ ‫حصل في الفترة األخيرة اهتماما ً كبيرا ً مبوضوع‬ ‫الوجود املسيحي في الشرق‪ ،‬وخاصة بعد أحداث‬ ‫كاف‬ ‫العراق‪ ،‬ولألسف أنه لم يكن موضع اهتمام ٍ‬ ‫مع العلم أن املسيحيني في فلسطني كانوا‬ ‫يعدون عشية قيام كيان “إسرائيل” ما يزيد عن‬ ‫ّ‬ ‫‪ 500‬ألف مسيحي‪ ،‬ولكن لألسف تقلص العدد‬ ‫اليوم إلى ما يقل عن ‪ 50‬ألف‪ .‬اليوم‪ ،‬نرى بعض‬

‫‪65‬‬

‫االهتمام مبسيحيي العراق‪ ،‬لكنه جاء بعد‬ ‫االنتباه لوجود تناقص بعدد املسيحيني‪ ،‬علما ً‬ ‫أ ّن وجود املسيحي أو هجرته ليس دائما ً نتيجة‬ ‫اضطهاد داخلي‪ .‬لنقل أ ّن لها أسباب مختلفة‬ ‫في كل بلد‪ ،‬ولكن برأيي أ ّن املوضوع يعود لنظرية‬ ‫صراع احلضارات التي تتبناها “إسرائيل” واإلدارة‬ ‫األميركية خاصة املحّ افظني اجلدد‪ ،‬إذ يحاول هؤالء‬ ‫احملافظون والصهيونيون تصوير فكرة صراع‬ ‫احلضارات على أنها ما بني اإلسالم واحلضارة‬ ‫يسمونها‬ ‫اإلسالمية من جهة‪ ،‬واحلضارة التي‬ ‫ّ‬ ‫“املسيحية اليهودية” من جهة أخرى‪ ،‬والهدف‬ ‫منها هو وضع اليهودية في عملية حتالف عضوي‬ ‫مع الغرب كي يكون هناك جبهة يهودية غربية‬ ‫بوجه اإلسالم‪ .‬ولتطبيق هذه النظرية‪ ،‬ال بد من‬ ‫إلغاء املسيحيني في الوسط اإلسالمي كي يقولوا‬ ‫أنهم لم يستطيعوا العيش في احمليط اإلسالمي‬ ‫ألنه اضطهدهم‪ ،‬علما ً أ ّن هذا ليس حقيقة‬ ‫تاريخية‪ ،‬فمن خالل كتابتي عن تاريخ املوارنة‪ ،‬تبينّ‬ ‫أن اليهود هم َمن كان يضطهدهم‪ ،‬والدليل على‬ ‫ذلك‪ ،‬وقوع مجزرة عام ‪ 517‬التي راح ضح ّيتها‬ ‫‪ 650‬راهب ماروني بتنفيذ من اليهود‪ ،‬بينما يحاول‬ ‫البعض خلق أسطورة ووَهم أن املضطهدين هم‬ ‫املسلممن علما ً أن اإلسالم لم يكن موجودا ً آنذاك‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن تهجير املسيحيني في فلسطني‬ ‫حصل على يد اليهود‪ ،‬وكذلك في العراق فإن‬ ‫تهجير املسيحيني الذين كان لهم حضورهم‬ ‫ودورهم التاريخي في زمن البعث وصدام حسني‪،‬‬ ‫والذين راهنوا أنه ميكن إزالة أسلوب األخير وآدائه‬ ‫الديكتاتوري‪ ،‬وكانوا جزءا ً من السلطة يحصلون‬ ‫على مراكز أمنية ووزارية مهمة‪ ،‬بينما حني جاء‬ ‫االحتالل األميركي إلى العراق‪ ،‬وأصبح هناك‬ ‫تغلغل صهيوني فيها‪ ،‬تبينّ حصول عمليات‬ ‫حتريض والقيام بعمليات ضد املسيحيني‬ ‫لتهجيرهم‪ .‬برأيي‪ ،‬هدف هذا اخملطط هو إخراج‬ ‫املسيحيني من الشرق أل ّن وجودهم بحالة تعايش‬ ‫مع املسلمني يشكل تناقض مع الدولة اليهودية‬ ‫القائمة على الفكر العنصري والديني واالنقالب‬ ‫الذي تأتي عكسه حالة التعددية املوجودة في‬ ‫احمليط العربي خاصة في املشرق‪ ،‬حيث يعيش‬ ‫املسيحيون واملسلمون في وئام وسالم‪ .‬إذاً‪،‬‬ ‫الوجود املسيحي يتع ّرض لالضطهاد في الشرق‪،‬‬ ‫ومن ضمن اخملطط األميركي الصهيوني للهيمنة‬ ‫على املنطقة‪ ،‬تصوير اإلسالم وكأنه غير قادر على‬ ‫التعايش مع املسيحي‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬لألسف‬ ‫أ ّن بعض القيادات الدينية والسياسية لدى‬ ‫املسيحيني دخلت في مشاريع ومغامرات ضد‬ ‫الوطن‪ ،‬إذ ال ميكن أن ننكر أن بعض املسيحيني‬ ‫تعاملوا مع “إسرائيل” وكذلك لدى املسلمني‪.‬‬ ‫ولكن هناك بعض القوى اإلنعزالية التي دخلت‬ ‫مبشاريع معادية للمنطقة ومرتبطة بـ”إسرائيل”‬ ‫والغرب‪ ،‬أعطت صورة سلبية عن املسيحيني‬ ‫جعلت البعض ميلك حالة حذر أو شك مبوقفهم‪،‬‬ ‫بينما إذا كان هناك قراءة موضوعية لتاريخ‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫املسيحيني‪ ،‬سنالحظ أن دورهم كان أساسيا ً‬ ‫في تاريخ املنطقة‪ ،‬وكان لهم دور في مشاريع‬ ‫النهضة العربية وفي النضال ضد االستعمار‬ ‫وضد “إسرائيل” والصهيونية ولم يكن هذا الدور‬ ‫مقدرا ً بشكل بارز‪ .‬كذلك ال بد من احلديث عن‬ ‫دور املسيحيني النهضوي من خالل دفاعهم عن‬ ‫النهضة العربية ودخولهم في مشاريع وحدوية‬ ‫ومناهضة لالستعمار والصهيونية‪.‬‬ ‫باحلديث عن موضوع املسيحيني في لبنان‪،‬‬ ‫برأيك أي مدرسة فكرية تثبت وجودهم‬ ‫وتفاعلهم في املنطقة؟‬ ‫لطاملا كان املسيحيون مشدودين باجتاهني كما‬ ‫قلنا سابقاً‪ ،‬وبرأيي إن إنشدادهم نحو الغرب في‬ ‫فترة من الفترات شكل لهم بعض املكاسب‪،‬‬ ‫ليتح ّول الوضع فيما بعد إلى ويل ونكبات عليهم‪،‬‬ ‫ولكن برأيي ال مخرج للمسيحيني في الشرق إال‬ ‫ومتمسكني بالدفاع‬ ‫أن يكونوا علمانيني ووطنيني‬ ‫ّ‬ ‫فبقدر ما‬ ‫املنطقة‪،‬‬ ‫أبناء‬ ‫عن املشاكل التي جتمع‬ ‫ِ‬ ‫يكونون في املدرسة العلمانية‪ ،‬ومدرسة بناء‬ ‫الدولة الوطنية‪ ،‬يكونون في النتجاه الصحيح ‪،‬‬ ‫وبِقدر ما يكون البعض منهم مراهنا ً على حتالفات‬ ‫خارجية‪ ،‬بقدر ما سيؤ ّدي ذلك إلى خراب ودمار‪.‬‬ ‫وأعتقد أن املشهد الذي رأيناه لـ”سعد حداد” في‬ ‫“إسرائيل” وشعاره الشهير بأنه خدمها ‪ 24‬سنة‪،‬‬ ‫بينما تخ ّلت عنه خالل ‪ 24‬ساعة‪ ،‬يشكل دليالً‬ ‫على أ ّن اجلميع تخلى عن هذه الفئات التي تعاملت‬ ‫مع “إسرائيل”‪ .‬برأيي‪ ،‬عندما يكون للشخص‬ ‫منطق العمالة واالرتباط باخلارج‪ ،‬فهذا ال يؤدي‬ ‫إال إلى مزيد من الويالت والكوارث‪ ،‬بينما بقدر‬ ‫ما يكون ملتزما ً مع أبناء وطنه بخط سياسي‬ ‫معني‪ ،‬وبالنضال من أجل بناء دولة متحررة وطنية‬ ‫نهضوية‪ ،‬يكون قد وجد حالً للجماعة الوطنية‬ ‫األوسع التي هي أبناء شعبه‪ ،‬بينما حتويل الصراع‬ ‫من صراع بني طوائف مهما عززت هذه الطوائف‬ ‫من صالحياتها أو من مكاسبها‪ ،‬يبقى مكسب‬ ‫جزئي سرعان ما يتحول إلى نكبة عند تغيير‬ ‫املوازين الدولية أو اإلقليمية‪.‬‬ ‫هل من خوف على وضع املسيحيني في‬ ‫املنطقة العربية خاصة مع عمليات التهجير‬ ‫التي حصلت في العراق وفلسطني؟‬ ‫هذا ينطبق على كيفية مواجهة املسيحيني‬ ‫لهذه احلالة‪ ،‬املطلوب منهم االلتزام بالقضايا‬ ‫الوطنية واإلنسانية العادلة للمنطقة وأن‬ ‫يكونوا في طليعة املناضلني الذين يسعون لبناء‬ ‫دولة وطنية دميقراطية علمانية حديثة في هذه‬ ‫املنقطة‪ ،‬بقدر أن يكونوا مناضلني من أجل قضايا‬ ‫احلق في املنطقة‪ ،‬كي يكونوا رواد احلداثة واملقاومة‬ ‫للدفاع عن القضايا العادلة ليصبح وجودهم‬ ‫وجودا ً حضاريا ً مميزاً‪ ،‬بينما إذا دخل بعضهم في‬ ‫مغامرات ورهانات آن ّية وحتالف مع قوى معادية‬ ‫ألبناء وشعوب هذه املنطقة‪ ،‬سيتح ّولون حتما ً‬ ‫إلى عبء كبير ويصبح هناك خطر أكبر على‬ ‫وجودهم‪ .‬على املسيحيني الشرقني أن يعملوا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على تعزيز معنى وجودهم وذلك مرتبط بالدور‬ ‫الذي يريدونه ألنفسهم في املنطقة‪.‬‬ ‫ماذا عن كتابك اجلديد “إيران واملشرق العربي‪..‬‬ ‫مواجهة أم تعاون”‪ ،‬كيف ترى عالقة إيران اليوم‬ ‫مع املنطقة العربية؟‬ ‫لقد صدر هذا الكتاب حديثا ً بعد صدور كتاب‬ ‫“املسيحيني في إيران”‪ ،‬وهو يتحدث عن عالقة‬ ‫إيران باملشرق العربي‪ ،‬وعن إيران ما قبل انتصار‬ ‫الثورة وما بعدها‪ ،‬وقيام اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫مع املشرق العربي‪ ،‬وأعني باملشرق العربي معناه‬ ‫الواسع كي أقول أ ّن ما قبل الثورة كانت إيران‬ ‫متحالفة مع األنظمة األقرب إلى أميركا أل ّن‬ ‫الشاه كان في نفس السياسة مع األميركيني‪،‬‬ ‫بينما تغ ّيرت موازين القوى والتحالفات ما بعده‬ ‫بسبب تغير طبيعة النظام القائم في إيران‪،‬‬ ‫ولكن طبعا ً اخللل األساسي هو أن عدم وجود قوة‬ ‫عربية فاعلة في منطقة املشرق العربي قادرة‬ ‫على إقامة عالقة سوية جيدة وإيجابية مع إيران‬ ‫ألن املنطقة ال زالت مفككة إلى دول ضعيفة‬ ‫وكيانات مأزومة‪ ،‬باستثناء اجلمهورية العربية‬ ‫السورية و”حزب اهلل” و”حماس” وبعض القوى‬ ‫التي استطاعت إقامة حالة مقاومة للمشروع‬ ‫الصهيوني األميركي‪ ،‬ولكنها لم تستطع بعد‬ ‫حتويل املشرق العربي إلى دولة مقاومة ونهضة‬ ‫قادرة على إقامة عالقة جدية وإيجابية مع إيران‬ ‫التي هي دولة استطاعت احلفاظ على وحدتها‬ ‫القومية وتأثيرها في محيطها اإلقليمي‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬من جهة لدينا قومية حديثة في إيران‪،‬‬ ‫وتركيا‪ ،‬مع غياب للدولة القومية في املشرق‬ ‫العربي‪ ،‬علما ً أ ّن هناك نواة حلالة مقاومة تنمو‬ ‫وتتطور ولكنها لم تصل بعد ملرحلة بناء دولة‬ ‫موحدة وناهضة وحديثة تستطيع أن‬ ‫قومية‬ ‫ّ‬ ‫يكون لديها قوة فاعلة في هذه املنطقة حتى‬ ‫يصبح هناك تفاعل بني هذه القوميات الثالث‬ ‫املتواجدة في بيئة إقليمية واحدة‪ .‬لذلك جند أ ّن‬ ‫هناك تأثيرا ً للدور اإليراني والتركي‪ ،‬ولكن هناك‬

‫‪66‬‬

‫غيابا ً للق ّوة العربية التي ال تزال في حالة النشوء‬ ‫والنمو وإثبات نفسها بفعل املقاومة التي‬ ‫ولكن فراغ القوة في منطقة املشرق‬ ‫متارسها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العربي هو اخللل األساسي‪ ،‬لذلك ال نستطيع‬ ‫بناء قومية حديثة في املشرق العربي إال بالتعاون‬ ‫مع القوميات اجملاورة‪ ،‬والتفتيش عن األشياء‬ ‫اإليجابية التي ميكن أن تكون مشتركة‪ ،‬وأن يكون‬ ‫هناك سعي حلل خالفات بالطريقة السلمية‪ ،‬إذ‬ ‫ال شك من وجود خالفات بني دول املشرق العربي‬ ‫وإيران والتي ميكن حلها ألن التناقض األساسي‬ ‫للمنطقة هو مع “إسرائيل” واملشروع األميركي‪،‬‬ ‫بينما حتاول األخيرتني حتويل هذا الصراع من صراع‬ ‫أساسي معها‪ ،‬إلى صراع ثانوي بني دول املشرق‬ ‫العربي وإيران أو تركيا‪ .‬وكي نستطيع مواجهة‬ ‫املشروع اإلسرائيلي األميركي‪ ،‬ال بد من التعاون‬ ‫ما بني تركيا وإيران واملشرق العربي لتشكيل‬ ‫قوة متساندة‪ ،‬ونوع من ُمتّحد إقليمي متعاون‬ ‫للوقوف بوجه املشروع الصهيوني األميركي‪.‬‬ ‫من هنا تقول خالصة الكتاب أنه كما يجب أن‬ ‫موحد‪ ،‬يجب أن يكون‬ ‫يكون هناك ُمتّحد قومي‬ ‫ّ‬ ‫هناك متّحد إقليمي متعاون‪ .‬بهذا املعنى يجب‬ ‫أن يكون تناقضنا األساسي مع “إسرائيل”‬ ‫وأميركا‪ .‬لذا إ ّن كتابي “إيران واملشرق العربي”‬ ‫يطرح إشكاليات حول كيفية سير األمور فيما‬ ‫بينها إلى مواجهة أو إلى تعاون! برأيي‪ ،‬أميركا‬ ‫و”إسرائيل” وبعض العرب املتواطئني واملتحالفني‬ ‫معهما يسعون ألخذ املنطقة إلى مواجهة مع‬ ‫إيران‪ ،‬وهذا يحافظ على أمن “إسرائيل” ويسهّ ل‬ ‫هيمنة املشروع األميركي على املنطقة‪ ،‬بينما‬ ‫املطلوب منا الذهاب باجتاه تعاون رغم اخلالفات‬ ‫والصعوبات املوجودة بني املشرق العربي وإيران‬ ‫والسعي حلل اخلالفات بطريقة سلمية كي‬ ‫موحد بوجه‬ ‫نستطيع بناء متحد مشرقي كبير ّ‬ ‫املشروع الصهيوني األميركي‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬


‫حوار‬

‫مخططات حرق القرآن الكريم في ‪ 11‬أيلول باءت بالفشل‬

‫األب عبدو أبو كسم ‪ :‬لنتخطى «العيش المشترك»‬ ‫إلى «العيش الواحد»‬ ‫في ظل اخملاطر التي يعيشها العالم‪،‬‬ ‫ومع كل املساعي احلثيثة إليجاد السالم‬ ‫بني مختلف االنتماءات السياسية والدينية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬يحاول البعض من املشرذمني‬ ‫بث روح التفرقة والتجزئة بني الطوائف‬ ‫ألسباب سياسية أو دينية‪ ،‬أو ملآرب أخرى‬ ‫غير آبهني بنتائج ما ميكن أن تودي أفعالهم‬ ‫به‪.‬‬ ‫هذا ما حاول تيري جونز مَن يسمي‬ ‫نفسه بـ”القس األميركي”‪ ،‬تنفيذه من‬ ‫خالل تخطيطه حلرق القرآن الكرمي في‬ ‫ذكرى ‪ 11‬أيلول ‪ 2001‬في أميركا‪ ،‬والذي قوبل‬ ‫طبعاً بتنديدات من جميع األقطاب الدينية‬ ‫والسياسية وغيرها‪.‬‬ ‫ها هي بعض اخملططات حتاول النيل من‬ ‫السالم املنشود بني دول العالم وبني جميع‬ ‫الديانات‪ ،‬إال أن الوعي املوجود لدى بعض‬ ‫القيادات يسعى باستمرار للمحافظة‬ ‫على احملبة واحترام اآلخر‪.‬‬ ‫مع كل التنديدات التي واجهت مخطط‬ ‫جونز‪ ،‬ومع تأكيدنا على ضرورة احترام جميع‬ ‫وجهات النظر وجميع االنتماءات‪ ،‬ومتاشياً‬ ‫َ‬ ‫“أنت أعمى‪،‬‬ ‫مع قول جبران خليل جبران‪:‬‬ ‫وأنا أصم أبكم‪ ،‬إذن ضع يدك بيدي فيدرك‬ ‫أحدنا اآلخر”‪ ،‬أضأنا على هذا املوضوع‬ ‫فكان لنا لقاء مع مدير املركز الكاثوليكي‬ ‫لإلعالم األب عبدو أبو كسم‪ ،‬وجاء احلوار‬ ‫على الشكل التالي‪:‬‬ ‫أخبرنا عن الكنائس في أميركا وتعاملها مع‬ ‫املسلمني‪ ،‬وماذا عن مخطط حرق القرآن الكرمي‬ ‫في ذكرى ‪ 11‬أيلول من قبل القس األميركي‬ ‫تيري جونز؟‬ ‫نتحدث عن الكنائس في أميركا بالترتيب‪،‬‬ ‫حني‬ ‫ّ‬ ‫تأتي الكنيسة الكاثوليكية في املرتبة األولى‬ ‫ومرجعها بابا روما واإلجنيل وتقليد الرسل‪ ،‬ولهذه‬

‫تيري جونز ميثله نفسه وليس املسيحيني‪ ،‬وال نعتبره من لفيف اإلكليروس والكهنة‬

‫الكنيسة هيكلية محددة بحيث ميثل الكنيسة‬ ‫لدى قداسة البابا مجموعة أساقفة يُ َّعينون من‬ ‫ِق َبله‪ ،‬وبالتالي فهي كنيسة رسمية ذات مرجعية‬ ‫واحدة ولها رسالتها وإميانها وعقيدتها وتعاطيها‬ ‫مع اآلخرين‪ ،‬ويحكمها قوانني تضمن حقوق‬ ‫وحريات األشخاص فيها وحرية التعاطي واحلوار‬ ‫مع الغير‪ ،‬وكل ذلك على قاعدة اإلجنيل الذي‬ ‫يدعو للمحبة والتسامح والسالم والتضامن‬ ‫بني الشعوب‪ .‬هذه هي الكنيسة الكاثوليكية‪،‬‬ ‫وبالتالي تقوم على احترام كل األديان‪ .‬هناك أيضا ً‬ ‫كنائس أخرى بروتستانتية إجنيلية‪ ،‬إما تشكل‬ ‫بحد ذاتها‪ ،‬أو مجموعة‬ ‫كل واحدة منها كنيسة ّ‬ ‫جتمعا ً للكنائس اإلجنيلية‬ ‫كنائس يشكلون‬ ‫ّ‬ ‫وينسقون مواقفهم مع بعضهم البعض‪ .‬هناك‬ ‫ّ‬ ‫بعض الكنائس األخرى‪ ،‬معترف بها في أميركا‬ ‫وليس خارجها مثل كنيسة “املورمون” وهي‬ ‫كنيسة لها تقاليدها اخلاصة وعالقتها باإلجنيل‪،‬‬ ‫واستقالليتها‪ .‬أما الكنائس األخرى فمنها َمن‬ ‫تكون “بدعة” وتسمي نفسها بـ”الكنيسة”‪،‬‬

‫‪67‬‬

‫يشكلها مجموعة أشخاص إجنيليني لم‬ ‫يعجبهم بعض األمور في الكنيسة اإلجنيلية‪،‬‬ ‫ويتمكنون من تشكيل كنيسة مستقلة نظرا ً‬ ‫لغياب املركزية التي يتبعون لها كالكنيسة‬ ‫الكاثوليكية‪ .‬هذا ما فعله تيري جونز الذي افتتح‬ ‫سماه “كنيسة”‪ ،‬ليفعل ما يريد‪ ،‬وليطلق‬ ‫متجرا ً ّ‬ ‫هذا الشعار املؤسف بالتخطيط حلرق القرآن‬ ‫الكرمي‪.‬‬ ‫أراد تيري جونز حتويل يوم ‪ 11‬أيلول من كل‬ ‫سنة‪ ،‬إلى “يوم عاملي حلرق املصاحف”‪ ،‬ما كان‬ ‫ر ّدكم كمركز كاثوليكي وكمسيحيني‪ ،‬حيث‬ ‫الحظنا وجود العديد من التنديدات ضد هذا‬ ‫األمر؟‬ ‫الكنيسة في لبنان أعربت بلسان رئيس‬ ‫مجلس البطاركة واألساقفة البطريرك مار‬ ‫نصراهلل بطرس صفير عن شجبها وأسفها‬ ‫وإدانتها لهذا املشروع املُذل الذي يؤدي حتما ً‬ ‫إلى فتنة بني املسلمني واملسيحيني‪ .‬واألمر الذي‬ ‫يجب االنتباه إليه أنه ليس كل َمن قال عن نفسه‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫حوار‬ ‫بأنه مسيحي‪ ،‬وانتحل هذه الصفة أصبح ميثل‬ ‫الكنيسة‪ ،‬وهذا أيضا ً ينطبق على املسلمني‬ ‫فليس كل ملسم ميثل كل املسلمني‪ .‬تيري جونز‬ ‫لديه تفكير معني‪ ،‬وبالتأكيد لديه انحراف وفكر‬ ‫منغلق جعله يقول كالما ً غير مسؤول قصد من‬ ‫خالله الرجوع إلى فكرة أن املسلمني إرهابيون‪،‬‬ ‫وتفكيرا ً منه أنه سيعاقبهم على ما حصل‬ ‫في ‪ 11‬أيلول بحرق القرآن الكرمي‪ .‬ما أقوله هو أ ّن‬ ‫طرحه خاطىء وتفكيره شاذ‪ ،‬وبالتالي ال ميكننا‬ ‫حتميل اإلسالم أو غيرهم ذلك العمل اإلرهابي‬ ‫الذي حصل عام ‪.2001‬‬ ‫هل ميثل تيري جونز فئة معينة من املسيحيني‬ ‫في أميركا؟‬ ‫هو ميثل مجموعة صغيرة تعمل معه‪ ،‬ولكنه‬ ‫ال ميثل املسيحيني أل ّن املسيحي ال يدعو للعنف‬ ‫وانتهاك كرامات األشخاص وعدم احترامهم‪.‬‬ ‫اعتبر جونز أ ّن القرآن غير مق ّدس‪.‬‬ ‫هذا رأيه اخلاص‪ ،‬ولكننا كمسيحيني نعتبر‬ ‫القرآن الكرمي كتابا ً شريفا ً لديانة كبرى من‬ ‫الديانات السماوية‪ ،‬وفيه الكثير من األمور‬ ‫املوجودة في اإلجنيل‪ ،‬وبالتالي نعترف ونحترم كل‬ ‫املقدسة‪.‬‬ ‫الكتب السماوية‬ ‫ّ‬ ‫هل تعتبرون الشريعة اإلسالمية متحيّزة‬ ‫كما قال جونز؟‬ ‫تخص املسلمني‪ ،‬وال يحق‬ ‫الشريعة اإلسالمية‬ ‫ّ‬ ‫له كإنسان غير مسلم أ ّن يق ّيمها إذا كانت منحازة‬ ‫أو غير منحازة‪ .‬فالشريعة اإلسالمية هي قانون‬ ‫يحكم اإلسالم‪ ،‬وبالتالي ال يحق له التصنيف أو‬ ‫التقييم‪ ،‬هذا من حق املسلمني فقط‪.‬‬ ‫بعد تراجع جونز عن مخططه‪ ،‬أوضح أن‬ ‫تراجعه جاء بعد اتفاق على عدم إقامة مجسد‬ ‫إسالمي في املنطقة التي حصلت فيها‬ ‫الهجمات في ‪ 11‬أيلول‪ .‬هل يحق حتديد إقامة‬ ‫األماكن الدينية وفقاً للديانات أو ألي سبب‬ ‫آخر؟‬ ‫ً‬ ‫طرحه حقا خاطىء‪ ،‬فلنطرح السؤال‪ :‬هل بناء‬ ‫اجملسد شيء عاطل؟ املسجد هو مكان مخصص‬ ‫للصالة وعبادة اهلل والتق ّرب منه‪ ،‬وبالتالي هو‬ ‫مقدس بالنسبة للمسلمني‪ .‬من هنا‪ ،‬فإن‬ ‫مكان‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بناء مسجد ما ال يشكل ضررا على أحد‪ ،‬ال بل‬ ‫بالعكس فوجوده هو إيجاد ضمانة اجتماعية‬ ‫وإنسانية في املنطقة التي يُبنى فيها‪ .‬إذا ً ما‬ ‫املانع من بناءه؟ والشيء بالشيء يُذكر‪ ،‬فكما‬ ‫ال نقبل مبنع بناء مسجد في منطقة ما‪ ،‬ندعو‬ ‫املسلمني أن يسمحوا ببناء كنائس في بعض‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تصوير‪ :‬عدنان عبداهلل‬

‫حتضر‬ ‫البلدان اإلسالمية التي ال تزال حتى اليوم ّ‬ ‫حد من حرية األشخاص‬ ‫بناء الكنائس‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫الذين يجتمعون للصالة‪ ،‬فاملسجد والكنيسة‬ ‫مقدسان للصالة‪ ،‬وما نريده ألنفسنا نريده‬ ‫مكانان ّ‬ ‫لآلخرين‪ ،‬وبالتالي يجب تشجيع بناء الكنائس‬ ‫واملساجد في كل دول العالم‪ ،‬مما يساهم في‬ ‫احملافظة على القيم الدينية واإلنسانية التي‬ ‫حتكم تص ّرف اإلنسان وتعاطيه مع اآلخرين‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة لـ”جونز”‪ ،‬فنحن ال نعتبره من لفيف‬ ‫اإلكليروس والكهنة والقساوسة‪ ،‬ألن تص ّرفه‬ ‫مناف للمحبة كما يدعو اإلجنيل‪ ،‬فالكاهن أداة‬ ‫ٍ‬ ‫سالم ومحبة‪.‬‬ ‫الحظنا من خالل التنديدات باملوضوع‪ ،‬أ ّن‬ ‫اجمللس األعلى لليهود في أملانيا ن ّدد بالتخطيط‬ ‫حلرق القرآن الكرمي‪ .‬أتعتقد أ ّن هذا اخملطط كان‬ ‫من ضمن اخملططات الصهيونية للتفرقة وخلق‬ ‫الفنت بني املسلمني واملسيحيني؟‬ ‫لو حصل هذا األمر أل ّدى حتما ً لفتنة كبيرة في‬ ‫جميع أقطار العالم‪ ،‬وال يوجد أي ديانة سماوية‬ ‫تسمح بحرق كتب اهلل‪ ،‬أل ّن الديانات كلها تدعو‬ ‫للمحبة وكل َمن يخرج عن احملبة يخرج عن دينه‬ ‫سواء كان مسلما ً أو مسيحيا ً أو يهودياً‪ .‬لذلك فإن‬ ‫هذا التنديد من اجمللس األعلى لليهود هو تنديد‬ ‫طبيعي‪ ،‬مع العلم أنه قد يكون خلف مشروع‬ ‫جونز مشروع آخر يهدف خللق فتنة إسالمية –‬ ‫حذرت املسلمني‬ ‫نددنا باملوضوع‬ ‫ُ‬ ‫مسيحية‪ ،‬وحني ّ‬ ‫من اإلجنرار وراء الفتنة ومواجهة الشر بالشر‪،‬‬

‫‪68‬‬

‫وطالبت مواجهته باحلوار املستدمي والتضامن‬ ‫ُ‬ ‫الدائم‪ ،‬إلفشال مخططات تفريقنا‪.‬‬ ‫هل تخافون على العيش املشترك بني‬ ‫اللبنانيني؟‬ ‫ال‪ ،‬فتجربة اللبنانيني جتربة فريدة‪ ،‬إذ يوجد‬ ‫في لبنان ‪ 19‬طائفة‪ ،‬وبالتالي إذا حصلت أي‬ ‫مشاكل فهي شيء ال يُذكر‪ .‬ال أخاف على‬ ‫العيش املشترك في لبنان ما دام هناك َمن‬ ‫ميلك اإلرادة والتصميم على تعزيز هذا العيش‬ ‫وأفضل اخلروج من‬ ‫وجعله “عيش واحد”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تسمية “العيش املشترك” إلى مقولة “العيش‬ ‫الواحد”‪ ،‬فالعيش املشترك يعني وجود اختالف‪.‬‬ ‫نحن مواطنون لبنان ّيون وال فرق بيننا إال‬ ‫بوطن ّيتنا‪ ،‬وبالتالي علينا االنصهار كي يكون‬ ‫هناك عيش واحد على الصعيد االجتماعي‬ ‫واالقتصادي والثقافي والتربوي‪ ،‬وإبعاد األديان‬ ‫عن التفرقة والشرذمة‪ ،‬فلنتخطى العيش‬ ‫املشترك إلى العيش الواحد في ما يخص كل‬ ‫القضايا اإلنسانية واالجتماعية التي حتكم‬ ‫حياتنا في اجملتمع اللبناني وال فرق بني لبناني‬ ‫بتمسكه مبحبة الوطن والسعي‬ ‫وآخر إال‬ ‫ّ‬ ‫للسالم‪.‬‬ ‫وختم األب أبو كسم‪ :‬نتمنى جمللة “منبر‬ ‫التوحيد” النجاح والبقاء في اإلطار الذي يساعد‬ ‫على إخماد الفتنة وتقريب وجهات النظر بني‬ ‫املسلمني واملسيحيني في كل أقطار العالم‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬


‫منبر علمي‬

‫عبد هللا األحمد أول مخترع طائرة عربية‬ ‫قبل خمسين عاماً‬ ‫عندما تعيش األمم زمن انتصار ما‪ ،‬فإن التألق‬ ‫في مختلف جوانب احلياة ال يكون مستغربا ً بل‬ ‫يثبت التاريخ أن االنتصار في السياسة أو احلياة‬ ‫ككل تلحقه انتصارات في الفن واألدب‪ ،‬وحتى في‬ ‫الطب والهندسة وفروع العلم املتنوعة‪.‬‬ ‫لقد صنع العرب وحدتهم األولى املعاصرة بني‬ ‫سوريا ومصر‪ ،‬وكان االنتصار املعنوي كبيرا ً وواعداً‪،‬‬ ‫وبدأت ورشة العمل الشعبية تعمل ال تستأذن‬ ‫إال فرحها بالوحدة‪ ،‬ورغبتها في أن تبقى دولة‬ ‫الوحدة ويلحق بها بقية العرب‪ .‬في هذه احلقبة‬ ‫زار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مدن سورية‬ ‫اخملتلفة‪ ،‬فتلقاه شعب سوريا بقلبه‪ ،‬وكانت‬ ‫جذوة الوحدة متقدة‪ ،‬فلقد كان السوريون هم‬ ‫السباقون إليها‪.‬‬ ‫في حمص توقف عبد الناصر وخطب من على‬ ‫شرفة السراي (السرايا) قائالً‪“ :‬إن الشباب العربي‬ ‫هو الذي سيصنع مستقبل األمة”‪ .‬وبني اجلمهور‬ ‫الذي كان حاضراً‪ ،‬كان هناك شاب في الثامنة‬ ‫عشر من العمر يقف مستندا ً على دراجته‬ ‫الهوائية يستمع بكل جوارحه للرئيس الذي كان‬ ‫صوته ميأل األفئدة‪.‬‬ ‫ركب الشاب دراجته بعد انتهاء اخلطاب عائدا ً‬ ‫إلى حارته وهو يفكر بكالم الرئيس‪ ،‬الذي تطابق‬ ‫مع حلم قدمي كان يراوده بصنع طائرة! ولم ال وهو‬ ‫الذي كان مداوما ً على كتب املركز الثقافي العربي‬ ‫ولقد قرأ كل جتارب الطيران البشرية منذ عباس‬ ‫بن فرناس حتى األخوين رايت‪ ،‬اللذان كانا يعمالن‬ ‫في مهنة تصليح الدرجات الهوائية وصنعها‪،‬‬ ‫وقاما بتصنيع الدراجة الهوائية الطائرة في‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬ثم أفلحا بعدها بإضافة‬ ‫احملرك وصنع الطائرة األولى‪ ،‬فكانت اللحظة التي‬ ‫غيرت وجه العالم بعد أن متكنا من الطيران ملدة‬ ‫دقيقة ونصف فقط‪.‬‬ ‫كان على عبد اهلل األحمد‪ ،‬وهو الذي كان طالبا ً‬ ‫يدرس في املساء ويعمل في النهار أن يثقف‬ ‫نفسه كثيرا ً في مسألة هندسة جسم الطائرة‪،‬‬ ‫وكما كان يقول لنا‪ :‬لم أترك مرجعا ً علميا ً معروفا ً‬ ‫إال وقرأته من أجل فهم العالقة النظرية بني أجزاء‬ ‫الطائرة مع أني كنت وقتها أدرك بالفطرة طبيعة‬ ‫هذه العالقات فيزيائيا ً وضرورتها لتأمني التوازن‬ ‫وقيام كل منها بدوره في عملية اإلقالع والهبوط‬ ‫والتحليق والدوران ‪...‬الخ‪ ،‬لقد كانت الطائرة‬ ‫باألصل في ذهبي‪.‬‬

‫يذكر الكثيرون ممن الزالوا على قيد احلياة أن‬ ‫“أبوعلي” بدأ في صيف العام ‪ 1958‬باستجرار‬ ‫القطع املعدنية الضرورية من ألواح التوتياء‬ ‫واملفصالت واجلنزير والدواسات‪ ،‬فلقد كانت‬ ‫املرحلة األولى صنع الطائرة (البسكليت) بالضبط‬

‫‪69‬‬

‫على طريقة اإلخوة رايت و لقد كان له ما أراد‪.‬‬ ‫يقول احلج غازي أبو اخلير الرئيس السابق‬ ‫لغرفة صناعة حمص‪ :‬ذهبنا كلنا من مدرسة‬ ‫القادسية ملشاهدة الطائرة بعد أن أصدر األستاذ‬ ‫رفيق أتاسي مدير املدرسة توجيهاته بالسماح‬ ‫لنا بذلك فحديث الطائرة كان يسود حتى أثناء‬ ‫الدروس وكان فضولنا دون حدود “بدنا نشوف‬ ‫طيارة أبو علي”! مشينا من مدرسة القادسية‬ ‫على طريق الشام إلى حارة عكرمة القدمية‬ ‫وهناك وقفنا أمام فناء املنزل لنرى النسر املعدني‬ ‫بالفعل يرقد في فناء الدار وكنا بني مصدق‬ ‫وغير مصدق حتى مرت بضعة الدقائق ليصبح‬ ‫شعورنا األقوى هو اإلعجاب والفخر بابن مدرستنا‬ ‫ومدينتنا وبلدنا الشاب الذي أقدم بالفعل على‬ ‫حتقيق حلمه‪ .‬و ينتهي األستاذ غازي من حديثه‬ ‫ببعض استنتاجات سنبقيها خلامتة مقالتنا هذه‬ ‫عن الطائرة ألنها في احلقيقة هي رسالة املقالة‬ ‫التي لم تكن إال رسالة أبو علي نفسه رحمه اهلل‬ ‫ورحم من لكم‪.‬‬ ‫في مرحلة الحقة أقنع عبد اهلل والده علي‬ ‫األحمد ببيع قطعة األرض اجملاورة للمنزل من أجل‬ ‫شراء محرك جنرال موتورز‪ ،‬ولقد اقتنع الوالد‬ ‫بدوره‪ ،‬ألنه رأى بالفعل عدد الناس والشخصيات‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر علمي‬ ‫التي جاءت ملشاهدة الطائرة واحلوار مع اخملترع أو‬ ‫االخترعجي‪ ،‬كما كان أهلنا احلماصنة يلقبون أبا‬ ‫علي ومن هؤالء الذين رأوا الطائرة‪ ،‬وزاروها كان‬ ‫اللواء محمد عمران والعماد مصطفى طالس‬ ‫الذي يتحدث عن الطائرة بفخر في اجملالس وهو‬ ‫صديق أبو علي ورفيقه فيما بعد في القيادة‬ ‫القطرية حلزب البعث العربي االشتراكي حتت لواء‬ ‫القائد اخلالد حافظ األسد‪.‬‬ ‫اشترى عبد اهلل احملرك ونقله إلى حوش الدار‪،‬‬ ‫وبدأت مرحلة جديدة متاما ً في العمل تتطلب قدرا ً‬ ‫عاليا ً من املهارة وعشق التحدي‪ ،‬ولقد كان وحده‬ ‫يقرأ ويفكر ويتحول مع مرور كل ساعة عمل‬ ‫إلى ميكانيك الطيران بفعل مدرسة التجربة‬ ‫والتحدي التي صنعت مستقبل البشرية‪.‬‬ ‫مرت عدة أشهر غنية بالعمل واملمارسة‬ ‫واللقاءات مع الناس وكانت مألى أيضا ً باملرارة مع‬ ‫األسف!‬ ‫كان عبد احلميد السراج قد عني “وال” له على‬ ‫حمص يدعى عبده حكيم‪ ،‬وكان الرجل على ما‬ ‫يبدو من الذين ال يرون أبعد من أنوفهم‪ ،‬وأنوفهم‬ ‫أصالً قصيرة جدا ً فلم يستطع أن يرى في أبوعلي‬ ‫شخصا ً مجتهدا ً ومخترعا ً واعدا ً يجب تبنيه بل‬ ‫رأى فيه دعاية حلزب البعث‪ ،‬ألن الناس تتوافد إلى‬ ‫بيته وتقول انظروا البعثي يصنع طائرة!‬ ‫وكان بينهما حوار أوصل عبد اهلل الشاب إلى‬ ‫احلجز بعد أن رفض شتم احلزب فتأكد بذلك‬ ‫شرطية أن الرجل بعثي والريب واحلزب منحل‬ ‫وهذه جرمية ال تغتفر‪.‬‬ ‫كان والده “علي أبو عبد اهلل”‪ ،‬الرجل الطيب‬ ‫الذي ما وفر تعبا ً من أجل حلم ولده أن يذهب إلى‬ ‫عبده حكيم والدموع في عينيه وهو يقول ‪ :‬واهلل‬ ‫ابني مجرد ميكانيكي ال عالقة له بالسياسة‬ ‫حتى يعود وولده معه و قد أسمعوه العبارة‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫ هلق روح هي فركة أذن!‬‫ومع هذه الصورة املرة كانت هناك صورة‬ ‫جميلة ولكنها لم تكتمل‪ ،‬فلقد أذاع صوت‬ ‫العرب من القاهرة عدة مرات نبأ قيام شاب عربي‬ ‫من اإلقليم الشمالي باختراع طائرة خصوصا ً‬ ‫بعد سعي محترم قام به النائب األستاذ عبد‬ ‫اللطيف اليونس وكانت إذاعة اخلبر مدعاة فخر‬ ‫كبير‪ ،‬ولكنها في احلقيقة “وهنا املأساة” كان‬ ‫بداية لقصة انتهت بإحباط شديد‪ ،‬فلقد أرسل‬ ‫اجليش ضابطا ً طيارا ً مصريا ً ليشاهد الطائرة‬ ‫ويكتب تقريره حول األمر حيث كان طلب عبد‬ ‫اهلل الوحيد هو ورشة كبيرة مدعومة باإلمكانات‬ ‫الضرورية حتى ال يبقى أسيرا ً إلمكانات متواضعة‬ ‫و لكي يتحول احللم من حلم شخصي إلى نواة‬ ‫عمل وطني‪.‬‬ ‫مرت عدة شهور بيروقراطية طويلة ليستدعى‬ ‫عبد اهلل إلى الشام‪ ،‬ليجدهم قد عينوه موظفا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫في قسم التنظيفات في شركة الطيران! وكان‬ ‫رفضه لعرضهم ومتزيقه لورقة التعيني وركوبه‬ ‫احلافلة عائدا ً إلى حمص ممتزجا ً بطعم علقمي‬ ‫خاص يعرفه كل املبدعني الذين لم يجدوا من‬ ‫يقف إلى جانب رسالتهم في تطوير اجملتمع عبر‬ ‫االستثمار في العقل‪.‬‬ ‫هذه هي القصة احلقيقية ألول طائرة عربية‬ ‫في العامني ‪ ،1959 – 1958‬وفي املسافة الفارقة‬ ‫بني احتضان األخوين رايت وما حصل مع عبد‬ ‫اهلل تكمن قضية من أهم وأخطر القضايا‬ ‫التي تعني اجملتمع‪ ،‬وهي قضية احلاضن والتبني‬ ‫الكامل‪ ،‬ليس فقط لفكرة اإلنسان اخملترع بل‬ ‫للمخترع نفسه‪ ،‬ألن هؤالء ممن تقع عقولهم‬ ‫على مسافة دقيقة من الغيم‪ ،‬وهم وحدهم‬ ‫يقدرون على مطر االختراع ليس مرة واحدة بل‬ ‫عشرات املرات‪ .‬وفي الفترة نفسها يذهب عبد‬ ‫اهلل األحمد للعمل النقابي والسياسي في‬ ‫صفوف حزب البعث العربي االشتراكي‪ ،‬فيكتب‬ ‫سيرة عصامية خاصة‪ ،‬وليؤسس فيما بعد االحتاد‬ ‫الدولي للمخترعني العرب وجمعية اخملترعني‬ ‫السوريني‪ ،‬وليكتب رواية االختراع العربية األولى‬ ‫“عندما يتوهج احللم”‪ ،‬فيتنبأ باملوبايل و”التشات‬ ‫عبر احلاسوب الشخصي”‪ ،‬ومكافحة تصحر‬ ‫بادية الشام مبدها مبياه البحر بواسطة الطاقة‬ ‫الريحية وأشياء أخرى كثيرة راسما ً حلمه وحلمنا‬ ‫عن الدولة العربية الواحدة‪.‬‬ ‫لقد طارت طائرة أبوعلي عندما أسس جمعية‬ ‫للمخترعني واحتادا ً دوليا ً برغم ما كان من أمر عدم‬ ‫احتضان الطائرة في اخلمسينات‪ ،‬ولقد كان على‬ ‫الدوام يذكر أمامنا حواره مع القائد اخلالد حافظ‬ ‫األسد وهو يقول له‪ :‬إن األزمات ال تدعو لليأس‪ ،‬بل‬

‫‪70‬‬

‫تدفع إلى األمام خللق مناخ قيادي يحتضن املبدعني‬ ‫واخملترعني‪ ،‬وأكثر من يفهم هؤالء شخص مثل‬ ‫عبد اهلل األحمد من خالل املعاناة التي عاشها‬ ‫هو يستطيع فهم هؤالء واحتضانهم ونقلهم‬ ‫من حالة اإلحباط إلى حالة التفاؤل واملزيد من‬ ‫اإلبداع‪.‬‬ ‫في هذه األيام مير نصف قرن كامل على العرب‬ ‫منذ أن قام شاب من حمص بصنع أول طائرة‬ ‫عربية و لو كتبنا في أية صحيفة اآلن خبرا ً يقول‬ ‫أن شابا ً عربيا ً يصنع أول طائرة عربية‪ ،‬العتقد‬ ‫اجلميع أن األمر حصل البارحة‪ ،‬ألنه ال طائرة عربية‬ ‫تطير في اجلو حتى اآلن! لكن الكثير من العزم‬ ‫واإلرادة توجد في نفوس الكثيرين من القادرين‬ ‫على هذا وغيره ألجل تقدمنا‪.‬‬

‫قصة الطائرة‬ ‫كان الشاب عبد اهلل األحمد يعمل في‬ ‫صناعة البالط منذ أن كان عمره أحد عشر عاما ً‬ ‫ويثقف نفسه بطريقته‪ ،‬فلم يكن مبقدور والده‬ ‫اللجوء إلى املدارس‪ ،‬وهذه ليست رغبتهم بأي‬ ‫حال ولم ميض ستة أشهر على بداية تكوين‬ ‫الطائرة حتى كانت املدينة تهمس بها بواسطة‬ ‫اإلعالم الشعبي من اللسان إلى األذن‪ ،‬وملا جاء‬ ‫أيار ‪ 1960‬صارت حارة عكرمة مكانا ً يقصده‬ ‫الفضوليون والفضالء‪ ،‬وملا كان بيته مؤلفا ً من‬ ‫غرفة واحدة وأرض مساحتها ‪ 300‬متر مربع‪،‬‬ ‫وهي على حافة مرتفع طبيعي يعلوها بستة‬ ‫أمتار فقد صار املشهد الطبيعي مع كل مساء‬ ‫أن يجتمع الناس من كل شكل وصنف ليتفرجوا‬ ‫على وهدة من األرض فيها غرفة تقبع بجانبها‬


‫طائرة آخذة في التشكل‪ ،‬ويوما ً بعد يوم صار‬ ‫املوضوع موضوعا ً شائعا ً في املدينة على كل‬ ‫شفة ولسان وألن والده ضاق ذرعا ً مبستقبل‪ ،‬لم‬ ‫يعد يفهم احلاضر وصاروا بالنسبة ألهل احلي‬ ‫مكان للسياحة اجملانية املرعبة‪ ،‬فلم يعودوا‬ ‫يطيقون حتمل املتطفلني والسياحة املستمرة‪.‬‬ ‫فقد صار بعض الشباب مثيرا ً ألعصاب والده‬ ‫الذي بدأ يلح عليه ملعرفة الناجت النهائي‪.‬‬ ‫أما هو فكان األقل معرفة بهذه الصيرورة‪،‬‬ ‫وهكذا مارس والده نقلة استراتيجية في‬ ‫التسريع حيث باع نصف مساحة الدار‬ ‫بستمائة ليرة سورية ليعطيه منها ‪ 500‬ل‪.‬س‬ ‫ليسهم بتسريع املشكلة نحو احلل حيث لم‬ ‫يكن هناك حل على اإلطالق‪ ،‬ولم يكن هناك‬ ‫أحد يعرف ماذا يجب أن يفعل‪.‬‬ ‫وبعد مكاتبات مع احلكومة أرسلت من‬ ‫اجملموعة اجلوية الثانية في حماة ضابطان برتبة‬ ‫نقيب للكشف عن الطائرة منهم النقيب‬ ‫“محمد قدري مكانسي” حيث استدعي أبو‬ ‫علي من مصنع البالط إلى البيت وهو بكامل‬ ‫قيافته اإلسمنتية ليجد ضابطان يحمالن‬ ‫مجاميع ورقية و يقيسون بأدوات شاهدها‬ ‫ألول مرة ويسجلون أجوبة عن أسئلة موجودة‬ ‫سلفاً‪.‬‬ ‫وبدأوا احلديث وطلبوا منه اخملططات ملشروعه‪،‬‬ ‫فقدم لهم دفتر “أبو املية”‪ ،‬ولم يكتما عليه‬ ‫سرورا ً وانفعاال ً سببه يتجاوز حدود التعاطف‬ ‫والرغبة في املساعدة طلبا ً منه ماذا تريد؟‬ ‫لم يطلب شيئا ً سوى السماح بالتجربة‬ ‫واملساعدة على االستكماالت العلمية وسجل‬ ‫بخط يده بأنه مستعد ملمارسة التجربة‬ ‫شخصياً‪.‬‬ ‫لقد بدأ الناجت الثانوي لهذه الفعلة التي‬ ‫يصعب إطالق اسم عليها‪ ،‬اليوم يتجاوز مدرسة‬ ‫علم االجتماع‪ .‬إن مرور سنتني من النقاش‬ ‫اليومي من كل نوع يخطر على بال القارئ كان‬ ‫يصقله علميا ً ولم يبق فيه سوى شكله وإرادته‬ ‫القوية‪ ،‬فمن الناجت الثانوي أنه صار مرموقا ً في‬ ‫املرحلة النقابية‪ ،‬لقد كان يوما ً مهما ً في تاريخ‬ ‫حياته أيضا ً حيث حضر شرطيان إلى املعمل‬ ‫الذي اشتغل فيه ليأخذانه ملقابلة أول محافظ‬ ‫يتعرف عليه وجها ً لوجه ويحبه ويحترمه‬ ‫وهو العميد مصطفى رام حمداني الذي بالغ‬ ‫في مالطفته وأجلسه بهدوم “لباس” الشغل‬ ‫اإلسمنتية‪ ،‬وأبلغه أن يكون في الساعة الثانية‬ ‫عشرة في قيادة القوى اجلوية في دمشق‪.‬‬ ‫أخذ البرقية وركب البوسطة إلى دمشق‬ ‫وعرف بعد الركوب أن في جيبه أربع ليرات دفع‬ ‫نصفها وأنزله سائق البوسطة في األزبكية‬ ‫حيث قيادة القوى اجلوية وبعد تفاوض مع احلرس‬ ‫هبط إليه نقيب وأصعده معه وعرف بعد أن‬

‫جلس واستضافه أنه يدعى من لوحة على‬ ‫طاولته زكي زكريا عثمان تذوق سنه سيجارة‬ ‫“بلمونت” مصرية‪ ،‬ثم دخل ليستأذن املدير فدخل‬ ‫عليه‪ ،‬وبدأ يسكب عليه معلوماته في أسئلة‬ ‫أكادميية ال عالقة لها به وال مبطالبه وامتأل‬ ‫مبشاعر األسى‪ ،‬وخرج من عنده بعد ساعتني‬ ‫الجئا ً ألول زقاق يتحمل خلوه من الناس‪ ،‬صورة‬ ‫شاب دامع العينني لسبب ال يهم كثيرا ً من‬ ‫املارة وعاد إلى حمص تاركا ً هويته مع سائق‬ ‫البوسطة إكماال ً ألجرة الطريق وكان ذلك في آب‬ ‫عام ‪ ،1961‬وهو نفس الشهر الذي نشرت فيه‬ ‫مجلة املصور القاهرية خبرا ً عن شاب من صافيتا‬ ‫يدعى سليمان محمود صنع ماكينة خياطة‪،‬‬ ‫وآخر من حمص صنع طائرة وأخوين أظنهما‬ ‫من عائلة كربتيان في لبنان أطلقا صاروخني‬ ‫للفضاء ارتفع أحدهما إلى مسافة ‪ 1700‬متر‪،‬‬ ‫وكذلك حتقيقا ً مصورا ً عن مسجلة ميلوديا التي‬ ‫صنعها وأنتجها السيد عبد احلليم الرباط‪ ،‬الذي‬ ‫أسهم فيما بعد بتقنية خاصة على الكاشف‬ ‫الالسلكي الراشدة في حتديد مكان اجلاسوس‬ ‫املغترب كامل أمني ثابت‪ ،‬وهو االسم املستعار‬ ‫إللياهو كوهني اليهودي املصري إلياهو كوهني‪.‬‬ ‫وإذا ما تتبعنا الناجت الثانوي فلقد مت فكفكة‬ ‫الطائرة وبيعها خردة في خمسة أيام‪ ،‬ولكن‬ ‫الذين يحضرون للتفرج عليها استمروا باحلضور‬ ‫ليعلنوا أنها صارت ولم تعد موجودة‪ ،‬وأسدل‬ ‫الستار في شهر على تدفق السياح‪.‬‬ ‫تابع أبو علي جتربته الفريدة وهو في سدة القيادة‬ ‫العمالية إلى جانب القائد حافظ األسد‪ ،‬فكانت‬ ‫جتربة فريدة في تطوير القطاع الصناعي السوري‬ ‫في سنوات قليلة يقود فيها تنمية للقطاع العام‬ ‫بعقلية وإدارة فذة هدفها التنمية ودفع سوريا‬ ‫إلى مصاف الدول املنتجة ال املستهلكة‪ ،‬فكان أن‬

‫‪71‬‬

‫أسس مصنع اجلرارات الزراعية في حلب وصدر قطع‬ ‫تبديل إلى الشركة االسبانية ومصنعا ً للكابالت‪،‬‬ ‫ومت اإلقالع مبصنع األسمدة اآلزوتية‪ ،‬وأسس مصنعا ً‬ ‫للمحركات الكهربائية واأللومنيوم والبرادات‪ ،‬وبنى‬ ‫‪ 45‬قرية إلسكان املهجرين من غمر سد الفرات‪،‬‬ ‫وصنع قاذف املدفع “ر ب ج” وكل ذلك على قاعدة‬ ‫اإلرادة السياسية في الفعل الذي يقرر الفعل‬ ‫واإلبداع‪ ،‬ويستخدم الطاقات الكامنة في الشعب‬ ‫لتحقيق الغاية املرجوة‪ .‬وقد أثبتت هذه النظرية‬ ‫كل جناعة عندما طلب وزير الدفاع الراحل القائد‬ ‫حافظ األسد منه صنع مدفع الـ “ر ب ج”‪ ،‬فكان أن‬ ‫استعار من مكتبه ثالث قطع ففكك واحدة وقص‬ ‫قطع الثانية طولياً‪ ،‬وأبقى الثالثة كشاهد‪ ،‬ثم أتى‬ ‫بصناعيني لم يسبق لهم أن فكروا بذلك من قبل‬ ‫وقام كل واحد باختيار قطعة ليصنعها‪ ،‬ثم جمعت‬ ‫القطع في مكتبه وهكذا قامت دكاكني في زقاق‬ ‫اجلن في دمشق بصنع عشرات املدافع التي كانت‬ ‫محظورة عن سوريا وال يزال أبو عماد الدهان الرجل‬ ‫الثمانيني اآلن يذكر هذه التجربة التي جعلت‬ ‫منه صناعيا ً فذا‪ ،‬فيما بعد وأصبح يصنع خطوط‬ ‫اإلنتاج واملسننات ويصدرها إلى العالم‪.‬‬

‫إن رؤية الراحل أبو علي التي كانت تؤمن‬ ‫بقدرات شعبنا أن يكون رياديا ً بني األمم جعلته‬ ‫ال ينظر إلى أي أمر بأنه صعب أو غير ممكن‪،‬‬ ‫وكان يكره الشعور الدوني جتاه األجنبي‪،‬‬ ‫وبالتالي فهو يؤمن بأن اإلرادة السياسية‬ ‫لو توفرت ميكن أن تقود الشعب الجتراح‬ ‫املعجزات‪.‬‬

‫دمشق ـ مكتب‬ ‫«منبر التوحيد»‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر مرأة‬

‫تح ّدثت عن تاريخ المرأة الفلسطينية المضيئ‬

‫خلدات حسين‪ :‬حارسة النضال الوطني الفلسطيني وبقاءه‬ ‫ساهمت املرأة العربية في كافة أشكال النضال‪،‬‬ ‫وبالقدر الذي سمحت لها الظروف‪ ،‬وكانت دوماً‬ ‫البيئة األساسية في كل ما من شأنه رفع قدرات‬ ‫اجملتمع العربي ملواجهة مخلفات عقود من‬ ‫االستعمار‪ ،‬الذي ابتليت به أمتنا‪ ،‬وكان للمرأة دوراً‬ ‫في عملية النهضة في كافة األماكن التي سمحت‬ ‫لها الظروف من القيام بواجبها على أكمل وجه‪.‬‬ ‫وفي تاريخنا املعاصر‪ ،‬سجلت املرأة العربية‬ ‫أروع صفحات اجملد والعطاء‪ ،‬وقامت بأعمال‬ ‫بطولية رائعة في معركة التحرير وبناء مجتمع‬ ‫عربي جديد على أسس من الوعي واإلرادة ملواجهة‬ ‫كل التحديات املاثلة أمام أمتنا‪ ،‬وكان لها شرف‬ ‫املساهمة في أعمال تتطلب قدرات فائقة‪ ،‬وقفت‬ ‫الى جانب الرجل في ميادين العمل وفي مقارعة‬ ‫أعداء األمة‪ ،‬ويسجل تاريخنا أروع صفحات من‬ ‫البطولة والعزة والعرفان للمرأة العربية املناضلة‪،‬‬ ‫والتي ما زالت تقود بدورها على أكمل وجه من أجل‬ ‫تغيير املعادالت البائدة‪ ،‬وأصبح األفق بعيداً والرؤية‬ ‫أوضح وحتققت معادالت أداء عالية في العمل‬ ‫الوطني واالجتماعي‪.‬‬ ‫أما املرأة العربية الفلسطينية‪ ،‬فكانت‬ ‫مسؤولياتها أصعب بكثير‪ ،‬ومعركتها هي‬ ‫إثبات وجود أوالً‪ ،‬وتهيئة الظروف األمثل لتظل‬ ‫القضية حية في نفوس األجيال‪ ،‬وسجلت املرأة‬ ‫الفلسطينية جناحات باهرة وهي تتحدى االحتالل‬ ‫الصهيوني في األراضي احملتلة متمسكة باألرض‬ ‫التي أحبتها وأعطتها من جهدها وكدها‪ ،‬ومن دماء‬ ‫زكية طاهرة‪ ،‬فأنبتت األرض أجياالً تتمسك بحقها‬ ‫وتاريخها وبأرض اآلباء واألجداد‪.‬‬ ‫وحتى نتعرف أكثر الى نضاالت املرأة الفلسطينية‬ ‫ونسلط الضوء على تاريخ هام في مسيرة الكفاح‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ونستلهم الهمم ونتكاتف جميعاً‬ ‫حتى يظل خيار املقاومة سبيلنا للتحرير والعودة‪،‬‬ ‫نلتقي السيدة خلدات حسني مسؤولة قطاع املرأة‬ ‫في اجلبهة الدميقراطية لتحرير فلسطني من خالل‬ ‫احلوار التالي‪:‬‬ ‫عانت املرأة الفلسطينية األمرين وهي التي عاشت‬ ‫مرحلة قاسية منذ النكبة وصمدت‪ ،‬والقضية‬ ‫الفلسطينية ما زالت حية بفضل التضحيات‬ ‫الكبيرة التي قدمت‪ ،‬والسؤال حول مشاركة املرأة‬ ‫الفلسطينية في العمل الوطني الى جانب الرجل‬ ‫خالل عقود من عمر الثورة الفلسطينية‪ ،‬ما اجلديد‬ ‫اليوم في ظل ظروف صعبة وبالغة التعقيد؟‬ ‫منذ املراحل املبكرة في نضال الشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫انخرطت املرأة الفلسطينية في العمل الوطني‬ ‫على نحو تدرج من املظاهرات والتحركات النسائية‬ ‫الرافضة لوعد بلفور عام ‪ ،1917‬الى مساندة الثوار‬ ‫في انتفاضة العام ‪ 1936‬التي قادها الشيخ اجلليل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كن عونا ً أساسيا ً في نقل‬ ‫عز الدين القسام‪ ،‬حيث ّ‬ ‫الذخائر واألسلحة واملؤن للثوار في اجلبال ولم تخل‬ ‫تلك الفترات من شهيدات فلسطينيات تقدمت‬ ‫صفوفهن فاطمة خليل غزال‪ ،‬الشهيدة الفلسطينية‬ ‫األولى ‪.‬‬ ‫ومنذ املراحل املبكرة لنكبة العام ‪ ،1948‬انخرطت‬ ‫النساء في اخلاليا واجملموعات السرية لألحزاب‬ ‫القومية كحركة القوميني العرب‪ ،‬ومن ثم في‬ ‫األحزاب وفصائل العمل الوطني الفلسطيني‪،‬‬ ‫فاسهمن في مهام نضالية متعددة بينها التعبئة‬ ‫اجلماهيرية وجمع التبرعات لدعم املهام الكفاحية‪.‬‬ ‫ومنذ االحتالل اإلسرائيلي للضفة الغربية وقطاع‬ ‫غزة والقدس‪ ،‬تص ّدت النساء جنبا ً الى جنب الرجال‬ ‫إلجراءات وممارسات االحتالل بسالح السكاكني‬ ‫فكن والزلن في طليعة املتظاهرين ضد‬ ‫واحلجارة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫االحتالل واالستيطان و إجراءات التهويد وحمالت‬ ‫االعتقال وتخليض الشبان من األسر وإيصال التموين‬ ‫واألدوية للمخيمات والقرى واملدن احملاصرة‪ ،‬استشهدن‬ ‫وبينهن مناضالت الزلن يقبعن في السجون‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬فقدن أبناء وأحبة‪ ،‬وكان بينهن رائدات‬ ‫ناضلن على جبهة تعزيز الصمود االجتماعي ألبناء‬ ‫شعبنا من خالل إنشاء مئات اجلمعيات اخليرية في‬ ‫امتداد مساحة الوطن الى نشوء االحتادات اجلماهيرية‬ ‫النسائية التي و ّفرت ميدانا ً لتأطير النساء وتنظيم‬ ‫صفوفهن وقيادة نضالهن حتت رايات منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية وصوال ً إلبراز الصورة الكفاحية املشرقة‬ ‫للمرأة الفلسطينية خالل االنتفاضيتني الشعبيتني‪،‬‬ ‫وخاصة االنتفاضة الشعبية األولى‪.‬‬ ‫وكان للنساء الفلسطينيات في مناطق اللجوء‪،‬‬ ‫خاصة لبنان‪ ،‬محطات كفاحية مشرقة‪ ،‬كما حصل‬

‫‪72‬‬

‫في سنوات احلرب األهلية‪ ،‬االجتياح اإلسرائيلي‬ ‫ومواجهة تداعياته‪ ،‬أثناء حرب اخمليمات‪ ،‬في سنوات‬ ‫االنتفاضتني الشعبيتني األولى والثانية‪ ،‬دفاعا ً عن‬ ‫الوجود الوطني الفلسطيني في مواجهة مخططات‬ ‫التوطني والتهجير‪ ،‬ومن أجل انتزاع احلقوق املدنية‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫ففي مراحل معينة اكتسب دور املرأة ابعادا ً نوعية‬ ‫كما حصل أثناء وإثر االجتياح اإلسرائيلي حيث‬ ‫أسهمت النساء في القتال وإسعاف اجلرحى ورعاية‬ ‫املهجرين‪ ،‬وإثر االجتياح اكتسب دور احلركة النسائية‬ ‫الفلسطينية أبعادا ً نوعية حيث حتولت من قوة‬ ‫مشاركة على نحو فعال في النضال الوطني الى‬ ‫قيادة مباشرة للعديد من أوجه العمل السياسي‬ ‫واجملتمعي في مخيمات اجلنوب وبيروت‪ ،‬ما دفع بعض‬ ‫وسائل اإلعالم الغربية الى إطالق تسمية ممالك النساء‬ ‫على تلك اخمليمات‪ ،‬حيث كان للمرأة دورا ً حاسما ً‬ ‫في إعادة إعمار اخمليمات املدمرة بنتيجة االجتياح‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬إعادة املهجرين‪ ،‬رعاية أسر الشهداء‬ ‫واجلرحى واملفقودين‪ ،‬توفير املواد التموينية واإلغاثية‬ ‫ألهالي اخمليمات وبالتوازي مع ذلك تنظيم حتركات‬ ‫جماهيرية نسائية شبه يومية ملواجهة حمالت‬ ‫االعتقال وتخليص املعتقلني وفضح ممارسات االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي وأعوانه احملليني وابتداع أشكال متنوعة‬ ‫من العمل السياسي اجلماهيري واملراكمة لتكريس‬ ‫حق النضال العلني رغم حمالت القمع واالعتقال‪،‬‬ ‫التي طالت العشرات من الكادرات النسائية‪.‬‬ ‫بناء على هذا الدور‪ ،‬أسهمت احلركة النسائية‬ ‫الفلسطينية وفصائل الثورة الفلسطينية وأحزابها‬ ‫في حتسني صورة املرأة وفي تطوير الوعي واملمارسة‬ ‫جتاه عالقة املراة الفلسطينية بعائلتها ومحيطها‬ ‫واستطاعت التأثير إيجابا ً على مجمل املفاهيم‬ ‫السائدة حول دورها وعالقتها باجملتمع‪ ،‬لكن كل ذلك‬ ‫لم يتّسم بالثبات والتجذر والشمولية وبقي خاضعا ً‬ ‫لتقلبات الظروف الوطنية والسياسية‪ ،‬كون احلركة‬ ‫النسائية الفلسطينية ترتبط ارتباطا ً وثيقا ً باحلركة‬ ‫الوطنية الفلسطينية ولهذا فإن دورها يتصاعد‬ ‫في فترات النهوض الوطني ويشهد ارتدادات معينة‬ ‫في فترات االنحسار وبالتأكيد فإن احلالة الوطنية‬ ‫الفلسطينية تشهد راهنا ً ارتدادات يتحدد جوهرها‬ ‫بحالة االنقسام السياسي وتداعياته على عموم‬ ‫مكونات احلركة الوطنية الفلسطينية‪ ،‬ومن ضمنها‬ ‫احلركة النسائية ‪.‬‬ ‫على الرغم من التعقيدات الناجمة عن حالة‬ ‫االنقسام الوطني الفلسطيني فإن االحتاد العام‬ ‫للمرأة الفلسطينة وهو املعبر الرئيسي عن احلركة‬ ‫النسائية الفلسطينية قد بدا يجدد أوضاعه من‬ ‫خالل عقد مؤمتره العام اخلامس بعد انقطاع مؤمتري‬ ‫دام منذ العام ‪ 1985‬وهذه اخلطوة ستحمل بالتأكيد‬


‫تطورا ً في وحدة العمل النسوي وتطوير برامج االحتاد‬ ‫في الوطن ومناطق اللجوء والشتات‪.‬‬ ‫اخمليمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان تشهد‬ ‫تناميا ً في عدد اجلمعيات األهلية العاملة في احلقل‬ ‫النسوي واالجتماعي وميكن القول إن ‪ %90‬من هذه‬ ‫اجلمعيات تقودها نساء‪ ،‬الى جانب استمرار عدد من‬ ‫املنظمات النسوية املرتبطة بأحزاب في ممارسة أدوار‬ ‫نضالية معينة‪ .‬وقد جنحت هذه األطر الى حدود نسبية‬ ‫في إيجاد مساحة من الربط بني املهام االجتماعية‬ ‫ومن بينها النسوي وبني املهام الوطنية العامة ومن‬ ‫بينها التعبير عن رفض مخططات التوطني والتهجير‬ ‫من خالل املطالبة باحلقوق االنسانية واملعيشية وفي‬ ‫مقدمها حق العمل وامتالك مسكن الى جانب‬ ‫دعم االنتفاضة وإحياء املناسبات الوطنية اخملتلفة‬ ‫بحمالت ونشاطات جماهيرية نوعية‪.‬‬ ‫أما عن العقبات الراهنة فمن أهمها‪ ،‬تلك الناجمة‬ ‫عن حالة االنقسام الوطني التي تخلق تفاوتا ً في‬ ‫دور وأداء االحتاد العام للمرأة الفلسطينية واألطر‬ ‫النسوية الدميقراطية‪ .‬من العقبات أيضا ً غياب‬ ‫استراتيجية العمل النسوي املوحدة التي تعطي‬ ‫شانا ً أوسع ملسالة حقوق املرأة ومبدأ املساواة ونبذ‬ ‫العنف ضد املرأة الى جانب أولوية النضال الوطني‬ ‫واالجتماعي وثمة تصاعد في خطاب وممارسات‬ ‫وتوجهات القوى السياسية التي حتاول احلد من دور‬ ‫النساء وحقوقهن وتسعى لشدهن الى بؤرة األدوار‬ ‫النمطية والتقليدية‪.‬‬ ‫نضال املرأة الفلسطينية‪ ،‬عالمة مضيئة في‬ ‫تاريخ املرأة العربية‪ ،‬هل من جهود مشتركة تدعم‬ ‫نضالها‪ ،‬وهل نحن أمام مرحلة نهوض جديدة في‬ ‫ظل التحديات املاثلة؟‬ ‫في فترات املد الوطني والقومي‪ ،‬كنا نشهد نهوضا ً‬ ‫في دعم الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬مبا في ذلك دعم النساء العربيات‬ ‫للمرأة الفلسطينية‪ ،‬لكن في ظل انقسام الواقع‬ ‫العربي وتداعيات ذلك على حركة الشارع‪ ،‬فإن اجلهود‬ ‫املشتركة لدعم الشعب الفلسطيني واستتباعا ً‬ ‫الدعم النسائي العربي للمرأة الفلسطينية ميكن‬ ‫اعتباره موسمياً‪ ،‬مرتبطا ً باألحداث‪ ،‬ال يستند الى‬ ‫استراتيجية عمل مشترك وهذه املالحظة ال يقصد‬ ‫منها االنتقاص من الدعم املشكور‪ ،‬الذي وفرته األطر‬ ‫النسائية العربية املتعاطفة باملضمون انطالقا ً من‬ ‫مواقفها السياسية املناهضة لالحتالل اإلسرائيلي‬ ‫وإمنا القصد من املالحظة حتفيز املزيد من الدعم‬ ‫وتطويره وتنويع أشكاله واحلرص على تواصله‪.‬‬ ‫هل ميكن أن حتقق املفاوضات املباشرة التي بدأت‬ ‫أي إجناز وطني فلسطيني‪ ،‬بعدما أثبتت التجارب‬ ‫السابقة عقم مثل هذه املفاوضات وعلى ماذا ميكن‬ ‫الرهان الستعادة احلقوق الفلسطينية؟‬ ‫جتربة ‪ 19‬عاما ً من املفاوضات املباشرة وغير‬ ‫املباشرة‪ ،‬اجلزئية واجملزوءة‪ ،‬لم حتقق إجنازات وطنية‪،‬‬ ‫كما توهم الطرف الفلسطيني املفاوض‪ ،‬بل حددت‬ ‫سقفا ً مجزو ًءا للحلول‪ُ ،‬حرم الفلسطيني من سيادته‬ ‫على أرضه‪ ،‬ومياهه وحدوده‪ ،‬ووضعت قضية الالجئني‬ ‫في مهب مخاطر التصفية‪ ،‬جزّأت الوطن الى معازل‬

‫وفتحت شهية االحتالل اإلسرائيلي على املزيد من‬ ‫االستيطان‪ ،‬ونهب األرض‪ ،‬وتهويد القدس‪ ،‬وزرع جدران‬ ‫الفصل العنصري الى إجراءات اخلنق االقتصادي‬ ‫واالعتداءات املتواترة على مناطق الضفة الغربية‬ ‫وقطاع غزة وصوال ً الى احلصار الوحشي املفروض‬ ‫على أبناء شعبنا في القطاع‪ .‬ولهذا فإن املفاوضات‬ ‫املباشرة في حلقاتها اجلارية راهنا ً تقع في امتداد ذات‬ ‫التجربة املريرة كونها ال تستند الى قرارات الشرعية‬ ‫الدولية الضامنة للحقوق الوطنية املشروعة‪ ،‬وال‬ ‫تظللها رقابة دولية‪ ،‬ال يحكمها سقف زمني ملزم‪،‬‬ ‫وال جدول أعمال واضح ومحدد‪ .‬وعليه ما الذي نتوقعه‬ ‫من مفاوضات تسير على وقع الضغط واالبتزازات‬ ‫والشروط اإلسرائيلية املسبقة‪ ،‬والتي يقع في‬ ‫مقدمها السعي لفرض االعتراف بالطابع اليهودي‬ ‫لدولة “إسرائيل”‪ ،‬والقدس عاصمة موحدة للدولة‬ ‫العبرية‪ ،‬ووقف حمالت مناهضة االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫وترسيم احلدود واإلجراءات األمنية على حساب حق‬ ‫شعبنا بدولة فلسطينية مستقلة على األراضي‬ ‫احملتلة بعدوان العام ‪ ،1967‬وعاصمتها القدس الى‬ ‫عودة الالجئني الفلسطينني باالستناد للقرار ‪.194‬‬ ‫هذه املفاوضات باختصار‪ ،‬ال تعبر عن إرادة اإلجماع‬ ‫الوطني‪ ،‬الذي اكتسب جتلياته من خالل مسيرة الثالثني‬ ‫ألف مشارك‪ ،‬التي بادرت لها اجلبهة الدميقراطية‬ ‫لتحرير فلسطني في غزة ومؤمتر قوى اليسار في‬ ‫قاعة البروتستانت في رام اهلل‪ ،‬الذي أحبطته األجهزة‬ ‫األمنية للسلطة‪ ،‬لكن رسالتة وصلت رغم محاوالت‬ ‫اإلفشال والتشويش‪.‬‬ ‫إن املسؤولية الوطنية تقتضي من الطرف‬ ‫الفلسطيني املفاوض أن يعيد النظر بحساباته‬ ‫ورهاناته‪ ،‬والتوقف عن املشاركة بهذه املفاوضات‬ ‫ألن الرهان األساس يجب أن يتركز على جتاوز حالة‬ ‫االنقسام الوطني‪ ،‬إعادة ترتيب البيت الفلسطيني‬ ‫واعتماد استراتيجية وطنية موحدة تكفل التعبئة‬ ‫الشاملة لشعبنا من أجل مواجهة االحتالل وفرض‬ ‫احلل العادل والشامل‪ ،‬الذي يضمن رحيل االحتالل‬ ‫وتفكيك املستوطنات وإقرار احلقوق الوطنية‬ ‫املشروعة لشعبنا‪.‬‬ ‫ما هي رسالتك للمرأة الفلسطينية بشكل‬ ‫خاص وللمرأة العربية بشكل عام؟‬ ‫للمرأة الفلسطينية أقول “أنت حارسة نار النضال‬ ‫الوطني الفلسطيني وبقاءه”‪ ،‬كما جاء في إعالن‬ ‫االستقالل الصادر عن اجمللس الوطني‪ ،‬ذاك اإلعالن الذي‬ ‫ُكرس بأحرف من نور‪ ،‬مبدأ املساواة بني الرجال والنساء‬ ‫على صعيد احلقوق والواجبات‪ ،‬ألن املرأة الفلسطينية‬ ‫قد ّ‬ ‫أكدت جدارتها من خالل ممارستها‪ ،‬ملبدأ املساواة‬ ‫في واجب النضال الوطني‪ .‬وألنك احلارسة والشريكة‬ ‫املتساوية في واجب النضال‪ ،‬فاملطلوب منك أيضا ً وأيضا ً‬ ‫أن ترفعي الصوت عاليا ً في وجه االحتالل واخملططات‬ ‫الهادفة الى تصفية القضية الوطنية الفلسطينية‪،‬‬ ‫وفي وجه االنقسام‪ ،‬الذي تدفعني ثمنه الى جانب عموم‬ ‫أبناء شعبنا وتكريس احلرص على الوحدة والتوحد‬ ‫من خالل تعزيز وحدة احلركة النسائية الفلسطينية‬ ‫والتفافها حول أهداف حترير الوطن والنهوض بأوضاع‬ ‫املرأة وضمان مساواتها االجتماعية ‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫للنساء العربيات أتوجه بالتحية أوالً‪ ،‬وبالتقدير‬ ‫ثانياً‪ ،‬لكل دعم قدمته ألشقائها الفلسطينيني‬ ‫والفلسطينيات‪ ،‬وثالثا ً أقول املطلوب مزيدا ً من الدعم‬ ‫لنضالنا الوطني من جهة‪ ،‬ووضوحا ً أكثر في الرؤى‬ ‫على صعيد العمل النسوي املشترك للنهوض بأوضاع‬ ‫املرأة العربية‪ ،‬وتعميق مساواتها بالرجال على الصعد‬ ‫اإلنسانية والقانونية واالجتماعية‪ .‬وأخص هنا املرأة‬ ‫اللبنانية املناضلة الى جانب الرجال من أجل مواجهة‬ ‫أطماع وعدوانية االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬وأسجل بتقدير‬ ‫أن مساحات التالقي والعمل املشترك مع الهيئات‬ ‫النسائية اللبنانية جتاه القضايا النسائية املشتركة‬ ‫قد تطورت من خالل مشاركتنا في عدد من التحركات‬ ‫املتعلقة بتعديل قانون اجلنسية‪ ،‬وسن قوانني تتعلق‬ ‫بتجرمي العنف األسري‪ ،‬وثمة هيئات نسائية محددة‬ ‫تعبر باملمارسة عن تأييدها حلق حصول الالجئني‬ ‫الفلسطينيني على احلقوق اإلنسانية واملعيشية‪،‬‬ ‫لكننا نتطلع الى دعم أكثر تواصالً واستمرارية جلهة‬ ‫دعم هذه احلقوق‪ ،‬وفي مقدمها حقهم بالعمل‬ ‫وامتالك مسكن‪ ،‬واإلسهام في حماية شعبنا من‬ ‫مخططات التهجير التي تسعى إليها قوى طائفية‬ ‫معينة حتاول استخدام فزاعة التوطني من أجل تبرير‬ ‫مواقفها التمييزية والعنصرية ضد أبناء شعبنا‬ ‫لتبرير حرمانهم من حقوق اإلنسان التي تنص عليها‬ ‫الشرائع واملواثيق والصكوك الدولية‪.‬‬ ‫هل من مشاريع جديدة على املستوى الوطني‬ ‫ميكن أن تساهم في رفع مستوى أداء املرأة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وما هي العقبات املاثلة في ظل‬ ‫الظروف الراهنة؟‬ ‫من أهم املشاريع التي يجري اإلعداد لها راهنا ً‬ ‫“مسودة استراتيجية عمل االحتاد العام للمرأة‬ ‫الفلسطينية التي سيصار الى إقرارها في اجتماع‬ ‫اجمللس اإلداري لالحتاد خالل األشهر املقبلة‪ ،‬علما ً أن‬ ‫وظيفة االستراتيجية تتعلق بعمل االحتاد في فروع‬ ‫الوطن “الضفة الغربية وقطاع غزة”‪ ،‬الى متابعة إقرار‬ ‫مسودة قانون األسرة التي جرى إعدادها بالتعاون بني‬ ‫االحتاد العام للمرأة الفلسطينية‪ ،‬وعديد املؤسسات‬ ‫والهيئات ومراكز العمل النسوي واالجتماعي في‬ ‫الوطن ‪.‬‬ ‫على صعيد لبنان يتواصل عمل فرع االحتاد العام‬ ‫للمرأة من جهة وعديد األطر النسوية الدميقراطية‬ ‫ومؤسسات العمل األهلي جتاه إجناز برامج ومشاريع‬ ‫تتعلق بالنهوض بوضع املرأة الفلسطينية‪ ،‬والطفل‬ ‫الفلسطيني الى جانب برامجها الوطنية املتعلقة‬ ‫بإبراز التمسك بحق العودة ورفض مشاريع التوطني‬ ‫والتهجير‪ .‬وجرى تأسيس شبكة نسائية محلية‬ ‫نوعية “منتدى النساء الفلسطينيات” الذي يدأب على‬ ‫مواجهة كل أشكال التمييز التي تتعرض لها النساء‬ ‫الفلسطينيات في لبنان‪ .‬ويبقى املطلوب جهدا ً حثيثا ً‬ ‫باجتاه بلورة استراتيجية عمل نسوي موحدة تربط‬ ‫على نحو وثيق وأكثر وضوحا ً بني األهداف الوطنية‬ ‫والنسوية اإلنسانية واحلقوقية واالجتماعية املرتبطة‬ ‫بتعزيز مبدأ املساواة بني اجلنسني‪ ،‬وتعزيز املشاركة‬ ‫النسائية في صنع القرار السياسي والعام‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫«مركز الخيام للتأهيل» يهتم بضحايا التعذيب‬

‫تحولت‬ ‫محمد صفا‪ :‬المعتقالت اإلسرائيلية ّ‬ ‫الى أماكن وقرى للمقاومة واالنتصارات‬ ‫نتوقف عند تسمية “مركز اخليام للتأهيل”‬ ‫كي نخرج بعبرة ودرس بالغ األهمية‪ ،‬في زمن‬ ‫املقاومة والكبرياء والكرامة‪ ،‬حيث نشهد‬ ‫حتوالت كبيرة لها دالالتها البالغة‪.‬‬ ‫كيف يتحول اسم املكان الذي كان رمزا ً‬ ‫للتعذيب والظلم واالحتالل الى بلسم‬ ‫للجراح‪ ،‬إلعادة تأهيل أولئك الذين عانوا من‬ ‫شتى أنواع التعذيب اجلسدي والنفسي التي‬ ‫مارسها االحتالل‪ ،‬ومن هنا نخرج بنتيجة هامة‬ ‫ودرس بالغ‪ ،‬أن عظمة لبنان هي في مقاومته‬ ‫وبفضلها وبتضحيات كل اللبنانيني يزداد هذا‬ ‫الوطن شموخا ً وترتفع راياته عاليا ً ويصبح غير‬ ‫آبه بأعاصير الزمان وال بتهديدات األعداء‪ ،‬أعداء‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫هذا املركز مدعاة لالحترام واالعتزاز بجهوده‬ ‫وأهدافه الكبيرة التي امتدت لتطال أعمالها‬ ‫اخليرة مساحة أكبر‪ ،‬وفي هذا العمل إجناز‬ ‫وحتدي ومقاومة واعتزاز‪ ،‬بوركت جهودكم فهي‬ ‫ستساهم في تقوية مجتمع املقاومة في هذه‬ ‫األمة‪.‬‬ ‫ولإلطاللة أكثر على أعمال مركز اخليام‬ ‫للتأهيل كان لـ “منبر التوحيد” اللقاء التالي مع‬ ‫أمني عام مركز اخليام للتأهيل األستاذ محمد‬ ‫صفا‪ ،‬في حوار هذا نصه‪:‬‬

‫أمني عام مركز اخليام للتأهيل‬ ‫األستاذ محمد صفا‬ ‫بداية “اخليام”‪ ،‬هذا االسم يعطي داللة‬ ‫واضحة الى فترة بالغة األهمية‪ ،‬حاول خاللها‬ ‫العدو الصهيوني كسر إرادة اللبنانيني واتبع‬ ‫خاللها أبشع األساليب البربرية والوحشية‬ ‫في محاولة لفرض إرادته بالقوة ولكنه فشل‬ ‫بفضل إرادة املقاومة وعزميتها وإصرارها على‬ ‫دحر االحتالل مهما بلغت التضحيات‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬متى مت تأسيس مركز “اخليام‬ ‫للتأهيل”‪ ،‬وما الهدف منه‪ ،‬وملاذا سمي‬ ‫باخليام؟‬ ‫تأسس مركز اخليام لتأهيل ضحايا التعذيب‬ ‫في شهر ‪ 26‬حزيران من العام ‪ 1999‬قبل حترير‬ ‫اجلنوب‪ ،‬وسمي مركز اخليام نسبة الى معتقل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اخليام في جنوب لبنان لكي يبقى هذا االسم في‬ ‫ذاكرة اجلميع‪ ،‬خاصة في ذاكرة الدولة اللبنانية‪.‬‬ ‫بدأ املركز من ال شيء‪ ،‬وهو يستند الى جتربة‬ ‫وخبرة جلنة املتابعة للمعتقلني اللبنانيني في‬ ‫السجون اإلسرائيلية‪ ،‬وكان خطوة متقدمة‬ ‫لالهتمام باملعتقلني وضحايا التعذيب‪ ،‬على‬ ‫الصعيد الصحي والنفسي واالجتماعي‪ ،‬وكان‬ ‫اإلصرار على وجوده هو غياب الدولة اللبنانية‬ ‫وعدم اهتمامها مبوضوع املعتقلني وضحايا‬ ‫احلرب‪ ،‬ولم يكن اإلعالم كاف لالهتمام بهذا‬ ‫املوضوع فكان إنشاء هذا املركز الذي يشكل‬ ‫ضغط على الدولة‪ ،‬وهو يقوم بتقدمي بعض‬ ‫املساعدات إن كان على املستوى الصحي‬ ‫والنفسي واالجتماعي والتربوي الى حد ما تقدمي‬ ‫املساعدات املادية‪.‬‬ ‫مركزنا عضو في شبكة أمان شبكة إعادة‬ ‫تأهيل ضحايا التعذيب والعنف في الشرق‬ ‫األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬وأيضا ً عضو معتمد‬ ‫في اجمللس العاملي لتأهيل ضحايا التعذيب‬ ‫‪ ،IRCT‬ومن خالل جتربتنا ومشاركتنا في املؤمترات‬ ‫كان ال بد من إنشاء مركز يعيد األمل والثقة‬ ‫للمعتقلني وضحايا احلرب فكان هذا املركز‪.‬‬ ‫ما املقصود بكلمة التعذيب؟ ما هي‬ ‫األساليب التي اتبعها العدو‪ ،‬في عملية‬

‫‪74‬‬

‫التعذيب؟‬ ‫نهتم في املركز بكل ضحايا التعذيب بغض‬ ‫النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية أو‬ ‫املناطقية‪ ،‬أو حتى أسباب اعتقالهم‪ ،‬إن كانوا‬ ‫في السجون اإلسرائيلية أو حتى السورية‪ ،‬ال‬ ‫نقف عند هذه النقاط‪.‬‬ ‫كلمة تعذيب لها تعريفات عدة‪ ،‬وهي مرت‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬هناك التعذيب اجلسدي باألدوات‬ ‫التقليدية‪ ،‬الضرب‪ ،‬االحتجاز‪ ،‬السجن االنفرادي‪،‬‬ ‫الكهرباء‪ ،‬وغيرها‪ ، ....‬والتعذيب النفسي يكون‬ ‫باالعتقال من املنزل وأمام العائلة واألطفال‪ ،‬أو‬ ‫التهديد باغتصاب واعتقال النساء واألطفال‬ ‫وتدمير املنازل‪ ،‬والسجن في غرف مظلمة‪،‬‬ ‫واحلرمان من الطعام أليام عدة‪ ،‬فيكون التعذيب‬ ‫رسالة ليس للمعتقل فقط بل أيضا ً تهديدا ً‬ ‫وإرهابا ً للمجتمع بشكل عام‪.‬‬ ‫التعذيب يبدأ منذ حلظة االعتقال‪ ،‬أوال ً‬ ‫بوضعه في صندوق السيارة وعند التحقيق‪،‬‬ ‫تبدأ أساليب التعذيب املتعارف عليها لدى‬ ‫العدو‪ ،‬واالعتداء لم يكن يفرق بني امرأة أو رجل‬ ‫أو طفل أو شاب‪.‬‬ ‫ما وظيفة املركز‪ ،‬ودوره في معاجلة اآلثار‬ ‫السلبية التي ترتبت وما هي مؤشرات النجاح‬ ‫في هذا اجملال؟‬


‫دورنا في البداية كان إعالمياً‪ ،‬وكنا على عالقة‬ ‫دائمة مع أمهات املعتقلني واملفقودين‪ ،‬من خالل‬ ‫االعتصامات والندوات واملؤمترات التي كانت تقام‬ ‫في الداخل واخلارج‪ ،‬وهذا كان جزء من عمليات‬ ‫التأهيل‪.‬‬ ‫زيارتنا ألهل املعتقل كانت جتعله يشعر بدعم‬ ‫معنوي كبير‪ ،‬ومتابعة الزيارات بعد خروجهم‬ ‫من السجون عبر إرسال أخصائيني اجتماعيني‬ ‫جتتمع بهم ومتأل استمارات خاصة بهم تشمل‬ ‫أسباب اعتقالهم‪ ،‬وما خ ّلفه السجن من أثار‬ ‫صحية ونفسية على هذا املعتقل‪ ،‬وبهذه‬ ‫الطريقة نستطيع أن نخفف من معاناتهم‪،‬‬ ‫وعلى ضوء هذه التقارير نضع خطة ملساعدة‬ ‫هذا األسير أو األسيرة أو املفقود باإلمكانيات‬ ‫التي تسمح لنا‪ ،‬إن كان على مستوى األدوية‬ ‫واملعاينات‪ ،‬أو من هو بحاجة الى معاجلة نفسية‪،‬‬ ‫فنكون على تواصل معه في كل مراكزنا في‬ ‫اجلنوب والشمال وبيروت‪.‬‬ ‫التقارير التي جتمعونها حول ممارسات‬ ‫العدو‪ ،‬الى من توجه الى الرأي العام الدولي أم‬ ‫الى املؤسسات الدولية‪ ،‬وهل هناك من جتاوب‬ ‫وجدوى معينة؟‬ ‫هذه التقارير سرية‪ ،‬ألنها تشمل أوضاع‬ ‫السجني‪ ،‬وواجبنا االحتفاظ بها‪ ،‬ونقوم‬ ‫بدراستها وإرسالها الى جلنة مناهضة التعذيب‬ ‫في األمم املتحدة‪ ،‬ولكننا نواجه مشكلة غياب‬ ‫الدولة اللبنانية عن هذا املوضوع‪ ،‬إذ ال يوجد‬ ‫متابعة وال آلية حتى أثناء االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫للبنان‪ ،‬كنا نز ّود الدولة اللبنانية بأسماء‬ ‫املعتقلني ومبعاناتهم وأوضاعهم‪ ،‬ولكن الدولة‬ ‫لم تفتح ملفات خاصة بهؤالء الفئة من الناس‪،‬‬ ‫حتى حرب متوز ‪ 2006‬كل اجلرائم التي ارتكبها‬ ‫العدو اإلسرائيلي الدولة لم تتابعها ال في األمم‬ ‫املتحدة وال مجلس حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫نحن منظمة غير حكومية‪ ،‬نرفع تقاريرنا الى‬ ‫األمم املتحدة وجنيف نرفع صوتنا الى العالم‪،‬‬ ‫ونقدم ملفاتنا للدولة اللبنانية ولكن لألسف‬ ‫لم يكن لديها سياسة ثابتة حلمل هذا امللف‪،‬‬ ‫ال باملطالبة بتعويضات للخسائر وال اجملازر التي‬ ‫ارتكبتها “اسرائيل”‪ ،‬على عكس العدو رغم‬ ‫خسائره الصغيرة في احلرب كانوا يقومون بتقدمي‬ ‫وثائق لألمم املتحدة ألصغر ضرر يلحق بهم‪.‬‬ ‫نسمع املسؤولني في الدولة اللبنانية من‬ ‫خالل اإلعالم فقط وخطابات التي توجه الى‬ ‫املقاومة واالفتخار بهم واستقبال األسرى‬ ‫واملعتقلني في املطار وبعد هذا يتناسون هؤالء‬ ‫الذي عانوا الكثير وما زالوا يعانون حتى اآلن‪.‬‬ ‫يقال‪ ،‬بأن سجن اخليام كان مدرسة‪ ،‬تخرج‬ ‫منها كل مقاوم صلب وكان هناك نوع من‬ ‫التحدي‪ ،‬ما هي أبرز الدروس املستفادة كما‬ ‫يرويها كل من عانى التعذيب بأنواعه؟‬ ‫املعتقالت اإلسرائيلية سواء أكانت في اخليام‬ ‫أو األنصار‪ ،‬أو السجون داخل فلسطني احملتلة‪،‬‬

‫لم تكن أماكن الحتجاز حرية املعتقلني‪ ،‬العدو‬ ‫توهم بأن الهدف من هذه املعتقالت إحباط وقتل‬ ‫الروح املعنوية عند املعتقل‪ ،‬وأن يجعله عبارة عن‬ ‫جثة هامدة‪ ،‬وأن كل من يعارض أو يرفض احتالل‬ ‫العدو يكون مصيره املعتقل‪ ،‬التعذيب‪ ،‬املوت‬ ‫واإلعدام‪ ،‬ولكن النتيجة كانت عكسية بحيث‬ ‫حتولت املعتقالت الى أماكن وقرى للمقاومة‬ ‫واالنتفاضات والى مهرجانات وندوات واحتفاالت‬ ‫مبناسبات وطنية‪ ،‬كانوا املعتقلني يحيونها‪،‬‬ ‫ويتحدوا االحتالل بصمودهم وبرفضهم للعدو‪،‬‬ ‫هناك بعض املعتقالت أصدروا صحفا ً وجرائد‬ ‫يزودون العالم مبعاناتهم لدرجة أن أحد الضباط‬ ‫اإلسرائيليني قال‪“ :‬لو كنت أملك جيشا ً من‬ ‫هؤالء املعتقلني لسيطرت على العالم بأسره”‪.‬‬ ‫هل هناك من جهات داعمة ملركزكم؟‬ ‫مشاريع للتأهيل والدعم للمركز نقدمها‬ ‫الى األمم املتحدة واالحتاد األوروبي‪ ،‬وهي مؤقتة‬ ‫وليست دائمة‪ ،‬وهي عبارة عن دعم صحي‬ ‫واجتماعي ونفسي لضحايا التعذيب‪ ،‬والدعم‬ ‫الصحي املقصود به شراء أدوية‪ ،‬ولدينا أطباء‬ ‫وعيادات نقالة في مناطق وقرى عدة‪.‬‬ ‫مركزنا مستقل عن كل األطراف السياسية‪،‬‬ ‫إالّ عن وزارة الصحة اللبنانية التي تقدم لنا‬ ‫أدوية عادية‪ ،‬وليس أدوية مزمنة‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أن بعض املعتقلني بحاجة الى رعاية صحية‬ ‫دائمة‪ ،‬وهناك إعاقات جسدية لن تفارقه مدى‬ ‫حياته‪ ،‬غير أن الدعم املعنوي للبعض الذين‬ ‫عانوا الكثير‪ ،‬وترك أثرا ً كبيرا ً في حياتهم وحياة‬ ‫عائالتهم وأطفالهم بعد خروجهم من املعتقل‪،‬‬ ‫ال تنسى مدى احلياة ‪.‬‬ ‫الدول ليس لديها مشروع حقيقي الحتضان‬ ‫هذه الشريحة من الناس ولألسف الشعب‬ ‫يدفع الضريبة بنفسه‪.‬‬ ‫لم تسلم املرأة وال األطفال‪ ،‬من ممارسات‬ ‫العدو وتعذيبه‪ ،‬هل من أرقام معينة‪ ،‬أو وقائع‬ ‫بعينها‪ ،‬وهل من أثار سلبية لم تعالج بعد‬ ‫في هذا اجملال؟‬ ‫“إسرائيل” أثناء حمالتها االعتقالية البشعة‬ ‫لم تكن تستثني النساء وال األطفال وال العجز‪،‬‬ ‫هناك أطفال اعتقلوا عن عمر ‪ 14 – 13‬عاماً‪،‬‬ ‫دخلوا الى معتقل اخليام‪ ،‬ودخل ما يقارب ‪500‬‬ ‫امرأة وفتاة وتعرضوا للتعذيب بنفس مستوى‬ ‫التعذيب الذي ميارسونه على الرجل‪ ،‬بل على‬ ‫العكس كانت مضاعفة بحكم بنيتهم‪ ،‬فهناك‬ ‫أسيرات كثيرات منهن ما زالوا يعانون من‬ ‫حاالت نفسية وعصبية بعد خروجهم بسبب‬ ‫ما تعرضوا له في املعتقل‪ ،‬الكثيرات منهن بل‬ ‫جميعهم اغتصبوا ولكن بحكم مجتمعنا ال‬ ‫يبوحون بهذا الشيء‪ ،‬في فلسطني اعتقل ما‬ ‫يقارب ‪ 120‬امرأة ‪ ،‬معظمهم أجننب في املعتقالت‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬فاالحتالل ال مييز بني امرأة و رجل‪.‬‬ ‫هل هناك من حالة استثنائية تركت أثرا ً‬ ‫كبيرا ً عندكم في املركز؟‬

‫‪75‬‬

‫التعذيب هو واحد‪ ،‬وأقصى أنواع التعذيب‬ ‫يكون في األشهر األولى من االعتقال أي عند‬ ‫التحقيق‪ ،‬وبعدها تصبح احلياة روتينية داخل‬ ‫املعتقل‪ ،‬هناك من خرج يعاني من أمراض‬ ‫مزمنة‪ ،‬أو مبتور األرجل‪ ،‬أو أمراض عصبية‬ ‫صعبة‪ ،‬وهنا أتوقف عند أحد املعتقلني بعد‬ ‫خروجه من املعتقل سأله أحد الصحافيني‬ ‫في ذكرى األولى خلروجه من السجن‪ ،‬ماذا‬ ‫يريد أن يقول في هذه املناسبة‪ ،‬أجابه‬ ‫املعتقل‪”:‬إسرائيل” اعتقلت جسدي ولكن‬ ‫الدولة اللبنانية اعتقلت روحي”‪ ،‬هذا الكالم ال‬ ‫أستطيع نسيانه ألنه تعبير عن إهمال الدولة‬ ‫لهذه الشريحة من البشر‪ ،‬لم يعاملونهم‬ ‫كأبطال مقاومني‪ ،‬حتى القوانني التي أقرت‬ ‫في اجمللس النيابي عاملتهم كعمال مأجورين‬ ‫صرفت الدولة لكل أسير في املعتقل مبلغ ما‬ ‫يقارب ‪ 14.360‬ألف ليرة كأنهم كانوا عمال‬ ‫في معمل‪ ،‬وليس كجنود في اجليش اللبناني‪،‬‬ ‫يكرمون الفنانني وعارضات األزياء ويقدمون‬ ‫لهم األوسمة بينما املعتقلون أقروا لهم‬ ‫وسام قسموه الى ثالث فئات‪ ،‬وسام ذهبي‬ ‫وفضي وبرونزي‪ ،‬حتى هذا التقسيم فيه‬ ‫تهميش بحقهم وامتهان لكرامتهم‪.‬‬ ‫هل لديكم مراكز في مناطق عدة في لبنان؟‬ ‫لدينا مركزنا الرئيسي في بيروت‪ ،‬ومركز في‬ ‫دير سريان فيه مركز صحي نفسي اجتماعي‪،‬‬ ‫وآخر في النبطية‪ ،‬وهناك مركز خاص باملرأة‬ ‫املعنفة التي تتعرض للعنف األسري‪ ،‬نهتم‬ ‫أيضا ً بالالجئني خاصة العراقيني لدينا عيادة‬ ‫“‪ ”clinic mobile‬عيادة نقالة‪ ،‬نخصص أيام‬ ‫صحية بالتعاون مع البلديات واملؤسسات‬ ‫والهيئات‪ ،‬ألن ليس مبقدورنا إقامة مراكز في‬ ‫كل القرى واملناطق‪ ،‬ونقدم مساعداتنا الى‬ ‫اجلميع ال نحمل أي هوية مذهبية أو طائفية‬ ‫ومناطقية ومستقلني عن كل األطراف والقوى‬ ‫السياسية ‪.‬‬ ‫ما هو تقييمكم ملستوى أداء املركز خالل‬ ‫الفترة املاضية‪ ،‬وما هي خططكم إلعادة‬ ‫التأهيل؟‬ ‫لكل مرحلة عناوينها‪ ،‬في السابق مررنا‬ ‫مبرحلة اعتصامات ومؤمترات‪ ،‬واآلن يتركز‬ ‫اهتمامنا بقضية املفقودين سواء في السجون‬ ‫اإلسرائيلية أو السورية أو أثناء احلرب األهلية‪،‬‬ ‫هذا امللف تعتبره الدولة اللبنانية قد أقفل‪،‬‬ ‫ومع العلم أن هناك حتى اآلن جثامني شهداء‬ ‫في فلسطني‪ ،‬ومفقودين كلهم أصبحوا من‬ ‫األسماء املشطوبة في ملف الدولة ولم تعد‬ ‫تأتي على ذكراهم‪ ،‬واهتمامنا اآلن عليهم‪ ،‬وكما‬ ‫قال أحد الشعراء‪“ :‬الذي يعذبني ليس املعتقل‬ ‫وليس التعذيب وليس الصيغة بل الالمباالة‬ ‫وعدم االهتمام”‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر رياضي‬ ‫رئيس التعبئة الرياضية في «حزب هللا» وأمين سر نادي العهد الحاج محمد عاصي لمجلة «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫كرة القدم اللبنانية لم يبق منها إال اإلسم حالياً‬ ‫وأدعو لالبتعاد عن الكيدية في إدارة االتحاد‬ ‫منذ دخوله معترك الرياضة عام ‪ 1985‬العبا ً‬ ‫ورئيسا ً لنادي العهد الرياضي‪ ،‬أثبت احلاج محمد‬ ‫عاصي أنه إداري من الطراز األول‪ .‬فهو إنسان‬ ‫خلوق ومتواضع وقريب من القلب ال يطمح إال الى‬ ‫رؤية شبان وشابات لبنان في أفضل صورة رياضية‬ ‫ممكنة‪ ،‬بعيدا ً عن آفات اجملتمع‪ ،‬وهذا ما يطبقه‬ ‫قوال ً وفعالً في نادي العهد‪ ،‬الذي هو أمني سره‬ ‫حاليا ً منذ عام ‪.1990‬‬ ‫في العام ‪ 1985‬ترأس احلاج محمد عاصي نادي‬ ‫العهد مع مجموعة من الالعبني‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫في نفس الوقت أعضاء الهيئة اإلدارية للنادي‬ ‫والعبيه‪.‬‬ ‫طوال مسيرته أحرز نادي العهد ألقابا ً كثيرة في‬ ‫مختلف الدرجات والفئات العمرية‪ .‬ومنها بطولة‬ ‫دوري الدرجة األولى عامي ‪ 2008‬و‪ ،2010‬وكأس‬ ‫لبنان أعوام ‪ 2003‬و‪ 2004‬و‪ ،2009‬وكأس االحتاد عام‬ ‫‪ ،2004‬وكأس السوبر عام ‪ ،2008‬وكأس النخبة‬ ‫عام ‪ ،2008‬فضالً عن بطوالت الفئات العمرية من‬ ‫الشباب والناشئني واألشبال والبراعم‪.‬‬ ‫مجلة “منبر التوحيد” زارت احلاج محمد عاصي‬ ‫في مقر نادي العهد وأجرت معه احلوار اآلتي‪:‬‬ ‫ما هو رأيك في كرة القدم اللبنانية؟‬ ‫الفوتبول اللبناني لم يبقَ منه إال اإلسم حالياً‪.‬‬ ‫أما من حيث املستوى الفني أو املستوى اإلداري‬ ‫فاألمور تنهار من هذه الناحية‪.‬‬ ‫كيف تصف اجلمهور اللبناني الى املدرجات؟‬ ‫كان لنا الشرف بتقدمي املشروع الذي تعتمده‬ ‫حاليا ً الوزارة‪ ،‬وقد طرحته سابقا ً مع رئيس‬ ‫احلكومة السابق فؤاد السنيورة‪ .‬طبعا ً اجلمهور‬ ‫هو عصب اللعبة‪ ،‬وبرأيي هو الالعب رقم واحد في‬ ‫املباريات وليس الرقم ‪ ،12‬كما يقول اجلميع‪ ،‬ألنه‬ ‫هو الذي يعطي احلافز واحلماس لالعب‪ ،‬وبحضور‬ ‫اجلمهور تتغير كل املعطيات ما يعطي الالعب‬ ‫دفعة لتقدمي أفضل ما لديه‪.‬‬ ‫أين هو موقع نادي العهد في هذا املوسم؟‬ ‫في نادي العهد نستعد مثل غيرنا للموسم‬ ‫احلالي‪ .‬وبرأيي املتواضع نادي العهد هو اآلن من‬ ‫أفضل الفرق املوجودة على الساحة اللبنانية‪.‬‬ ‫لذلك “سيكون اختيارنا جيد للعنصر األجنبي‬ ‫الوحيد”‪ .‬نحن نعاني نقصا ً في مركز الليبيرو‪،‬‬ ‫كما أننا بصدد اختبارات لعدة العبني أجانب من‬ ‫نيجيريا وغانا وساحل العاج وسيقع االختيار على‬ ‫أحدهم‪ .‬وأتصور أن فريق العهد سيصبح كامالً‬ ‫بعد ضم هذا العنصر األجنبي‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫احلاج محمد عاصي يتحدث خالل أحد املهرجانات‬ ‫الرياضية اجلنوبية‬

‫ما هي حتضيرات نادي العهد حالياً؟‬ ‫حاليا ً نخوض مسابقة كأس النخبة‪ ،‬ففزنا‬ ‫على املبرة (‪ ،)0-3‬وعلى الراسينغ (‪ )0-1‬بتشكيلة‬ ‫مغايرة كليا ً بني املباراتني‪ ،‬ألن الكابنت احلاج‬ ‫محمود حمود “يج ّرب معظم الالعبني املوجودين‬ ‫معهم واملسجلني على الالئحة ليخوض بهم‬ ‫غمار البطوالت املقبلة”‪.‬‬ ‫حدثنا عن النظام في نادي العهد؟ هل‬ ‫االحتراف موجود أم أنه يعتمد نظام هواة؟‬ ‫نظام الالعبني بنادي العهد مثله مثل أي نظام‬ ‫في ناد آخر في الدرجة األولى‪ ،‬ليس هناك أي العب‬ ‫ال يتقاضى راتباً‪ ،‬حتى أن أحد رؤساء أندية الدرجة‬ ‫الرابعة أخبرني بأنه يدفع رواتبا ً لالعبيه‪ .‬إال أن‬ ‫الدرجة األولى تبقى في مستوى أعلى بكثير من‬ ‫حيث الرواتب‪.‬‬ ‫أما في نادي العهد فالرواتب الشهرية‬ ‫متوسطة‪.‬‬ ‫ما هي األلعاب الرياضية التي ميارسها نادي‬ ‫العهد؟‬ ‫في نادي العهد عدة ألعاب رياضية‪ :‬في كرة اليد‬ ‫نعتبر نادي السد هو نادينا ألن رئيسه السيد متيم‬ ‫سليمان هو عضو مجلس إدارة في نادي العهد‪.‬‬ ‫وحصلنا على لقب أبطال لبنان في الكاراتيه‪،‬‬ ‫ومنارس كرة الطاولة واأللعاب القتالية‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫الكيوكوشنكاي والبلياردو والركبي واملصارعة‬ ‫ورفع األثقال وقريبا ً انشاء اهلل رياضة السباحة‪.‬‬ ‫كيف ترى مستوى الالعب اللبناني في كرة‬ ‫القدم؟‬

‫‪76‬‬

‫مستوى الالعب عموما ً يكون من مستوى‬ ‫راحته النفسية‪ .‬بقدر ما تعطيه راحة نفسية‬ ‫يعطيك على أرض امللعب‪ .‬وطبعا ً راحة مالية‬ ‫أيضاَ‪ ،‬لكن لألسف هناك سباق بني األندية‪،‬‬ ‫لرفع رواتب الالعبني الستقدام األفضل بينهم‪،‬‬ ‫وهذا ما أدى الى نوع من فقدان االستقرار املادي‬ ‫عند معظم األندية‪ .‬ولكن نحن مستمرون ألننا‬ ‫مستقرين ماديا ً وموضوعنا املالي ليس كبيرا ً مثل‬ ‫غيرنا‪ ،‬حتى أن املبلغ املرصود لرواتب الالعبني ليس‬ ‫كبيراً‪.‬‬ ‫كيف ترى مستوى الرياضة في لبنان ؟‬ ‫بشكل عام يتفاوت مستوى الرياضة بني‬ ‫رياضة وأخرى‪ .‬فبعض األلعاب الفردية تسجل‬ ‫جناحا ً كبيراً‪ .‬فعلى سبيل املثال‪“ :‬أنشأنا منذ فترة‬ ‫احتاد الكيوكوشنكاي‪ ،‬وهذا االحتاد لنا الشرف بأن‬ ‫نكون من مؤسسيه برئاسة السيد متيم سليمان‬ ‫وأمينه العام علي فواز‪ ،‬ففي أول بطولة للشرق‬ ‫األوسط منذ شهرين أحرزنا ‪ 3‬ذهبيات وواحدة‬ ‫فضية من بني عدة دول عربية”‪ .‬لألسف لم تلق‬ ‫هذه اإلجنازات صدى إيجابيا َ في لبنان‪ ،‬حيث لم‬ ‫يكلف أحد عناء استقبال البعثة في املطار”‪.‬‬ ‫أما األلعاب اجلماعية بشكل عام مكلفة أكثر‪،‬‬ ‫والرأسماليون ينسحبون تدريجيا ً منها‪ ،‬باستثناء‬ ‫لعبة كرة السلة على صعيد املنتخبات التي تؤدي‬ ‫ما عليها‪ .‬وإنشاء اهلل سيرتفع مستوى الرياضة‬ ‫في النادي‪ ،‬لكن اهتمام الدولة بالرياضة ضعيف‪،‬‬ ‫ما يجعل الرياضة مت ّر من سيىء الى أسوأ‪.‬‬ ‫كيف تقيّم أداء وزارة الشباب والرياضة؟‬ ‫أداء وزارة الشباب والرياضة وعلى رأسها‬ ‫الدكتور علي العبد اهلل النشيط جداً‪ ،‬حتى لو‬ ‫كان ليس في اختصاصه‪ ،‬ممتاز‪ .‬حيث ترى الوزير في‬ ‫جميع املناسبات والنشاطات الرياضية خلدمتها‪.‬‬ ‫وأتفاءل خيرا ً بوجوده في الوزارة إذ ليس هناك من‬ ‫شكوى تقدمها له إال ويأخذها في عني االعتبار‪،‬‬ ‫ويتابعها حتى آخر حلظة منها‪.‬‬ ‫أين أصبح منتخب لبنان لكرة القدم اليوم؟‬ ‫ليس هناك منتخب‪ ،‬هذا بكل اختصار‪ .‬في‬ ‫السابق كان الالعب يحلم باللعب مع املنتخب‬ ‫اللبناني‪ ،‬وحاليا ً هناك ‪ 6‬أو ‪ 7‬العبني للمنتخب‬ ‫في نادي العهد‪ ،‬وأقوم بإرسالهم بالقوة للتدريب‬ ‫معه‪ ،‬وأحيانا ًَ أخرى أهددهم بحرمانهم من‬ ‫راتبهم اذا لم ينضموا الى املنتخب‪ ،‬ما يعني أن‬ ‫اجلو موبوء‪.‬‬ ‫هل انت مع املدرب احمللي للمنتخب أم‬


‫األجنبي؟ وملاذا؟‬ ‫أنا مع املدرب األجنبي للمنتخب‪ ،‬ألنه حتى‬ ‫هذه اللحظة مع كل ما صنع في لبنان‪ ،‬نحن مع‬ ‫هذه الفكرة‪ ،‬لكن ليس في كرة القدم‪ ،‬ألننا في‬ ‫التصنيف العاملي أصبحنا في قاع الترتيب‪ ،‬ومع‬ ‫احترامي لكل مدربينا احملليني‪ ،‬فبالرغم من أننا‬ ‫منلك أفضلهم‪ ،‬وهو احلاج محمود حمود‪ ،‬فإنني مع‬ ‫املدرب األجنبي للمنتخب‪ ،‬ألننا بحاجة الى التطور‬ ‫أكثر في اللعبة‪ .‬واملدرب األجنبي املمتاز يعطينا‬ ‫هذا التطور‪ ،‬وخصوصا ً في الفئات العمرية‪ ،‬حيث‬ ‫يجب أن يبدأ التطور الفعلي‪ .‬كما أن الفريق األول‬ ‫بحاجة الى مدربني خبراء لرفع مستواه وليس‬ ‫إلبقائه على حاله‪ ،‬والالعب بحاجة الى مدرب‬ ‫محترف كي يتقدم في مستواه‪ .‬وأؤ ّيد فكرة‬ ‫وجود املدرب األجنبي في األندية‪ ،‬ألنني استبعد‬ ‫أن تتطور كرة القدم اللبنانية باملدربني املوجودين‪،‬‬ ‫ما يجعلنا بحاجة الى مدربني على مستوى عاملي‬ ‫لكي نتطور‪.‬‬ ‫كيف تنظر الى االحتاد اللبناني لكرة القدم؟‬ ‫لدينا مالحظات عديدة على احتاد كرة القدم‬ ‫احلالي‪ ،‬وخصوصا ً على بعض أعضائه‪ .‬كنا ممثلني‬ ‫باالحتاد عبر االستاذ موسى مكي‪ ،‬وما أريد قوله هو‬ ‫عن بعض األشياء الكيدية التي حتصل‪ ،‬وأنا عبر‬ ‫وسيلتكم اإلعالمية أدعو هؤالء األشخاص الى‬ ‫االبتعاد عن الكيدية في عالم كرة القدم‪ ،‬ألن هذا‬ ‫العالم منفتح وخلدمة الشباب واجليل الناشىء‪،‬‬

‫وليس خلدمة العصابات وزعماء العصابات‪ .‬وبكل‬ ‫صراحة أقول بأنه يجب أن نخرج من هذه األمور‬ ‫الشخصانية في موضوع إدارة اللعبة واألمور‬ ‫كلها ونتطلع حقيقة ملصلحة اللعبة ومصلحة‬ ‫األندية ونعمل على هذا األساس‪.‬‬ ‫ما هي نصائحك لالحتاد اللبناني؟‬ ‫يجب على االحتاد اللبناني االرتقاء مبستوى‬ ‫اللعبة‪ ،‬ووضع خطة تسويقية ألن اللعبة تنهار‬ ‫حالياً‪ .‬لكن بصراحة االحتاد الذي يجب أن يكون‬ ‫أبا ً لألندية وللعبة‪ ،‬ال يتصرف على هذا األساس‪،‬‬ ‫وأعود بالذاكرة الى عدوان متوز‪ ،‬الذي هو حرب‬ ‫عاملية شنته علينا “اسرائيل”‪ ،‬لم يكلف أحد من‬ ‫االحتاد عناء االتصال بنا لالطمئنان‪ ،‬بينما وردتنا‬ ‫اتصاالت من الكثير من األندية تطمئن علينا‪.‬‬ ‫وفي إحدى اجللسات اخلاصة أحد مسؤولي االحتاد‬ ‫اللبناني رفع الراية البيضاء خالل احلديث عن كرة‬ ‫القدم اللبناني‪ .‬يجب على االحتاد أن يتعلم األصول‬ ‫ويعلمها لألنديةأ ال أن ينتظرها على “املفارق”‪.‬‬ ‫في مدرسة العهد نعمل بكل جهد وإخالص‪،‬‬ ‫وجنحنا في تخريج املئات من العبي املدرسة‬ ‫الكروية عندنا‪ ،‬ولم يعذب أحد من االحتاد نفسه‬ ‫ويتصل بنا لشكرنا على ما نقوم به من أجل كرة‬ ‫القدم اللبنانية‪.‬‬ ‫على االحتاد أن يفكر جيدا ً مبصلحة كرة القدم‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وأن يالحق التطور في اخلارج‪ .‬وأن يرسل‬ ‫الوفود الى اخلارج لتعلم كيفية إدارة االحتاد‪.‬‬

‫خالل سحب قرعة دورة أندية املنت اجلنوبي األخيرة‬

‫كما يجب التفكير بروية حتى نرتقي باللعبة‬ ‫إداريا وفنياً‪ ،‬فليدع االحتاد كل االختصاصني في‬ ‫اللعبة‪ ،‬الكبير منهم والصغير الستشارته حول‬ ‫كيفية إعادة الروح للعبة وتطويرها‪ ،‬لكن لألسف‬ ‫ميارسون إدارة االحتاد حتت شعار “أنا أو ال أحد”‪.‬‬ ‫ما هي نصائحك لألندية والالعبني؟‬ ‫على األندية أن ال تفكر بأن سياسة االحتاد صح‬ ‫أو خطأ‪ ،‬وأنصحها بأن تقوم باألشياء الصحيحة‬ ‫وال تنظر الى أخطاء غيرها‪ .‬والصحيح هو الذي‬ ‫يعبر عن نفسه “الشمس طالعة والناس يرون‬ ‫وأعمى من ال يرى الشمس”‪.‬‬ ‫كلمة أخيرة ؟‬ ‫أحسد كل من يعمل في الرياضة على طول‬ ‫باله‪ ،‬وعلى دخوله هذا املعترك االستشهادي‪.‬‬ ‫عندما نرى رئيس أحد األندية يدخل اللعبة مموال ً‬ ‫ألي لعبة رياضية‪ ،‬يجب علينا أن نتمسك به‪ ،‬ألنه‬ ‫عندها نكون ننقذ أوالدنا من آفات اجملتمع العديدة‪،‬‬ ‫ونوجههم الى الرياضة‪ ،‬أمتنى أن تنتشر الرياضة‬ ‫بشكل سليم في أرجاء الوطن كافة‪.‬‬

‫بطل رياضي من لبنان‬ ‫االسم‪ :‬فادي اخلطيب‬ ‫الوضع االجتماعي‪ :‬متأهل وله صبي اسمه‬ ‫جهاد‬ ‫العمر‪ 31 :‬سنة (مواليد ‪ 1‬كانون الثاني‬ ‫‪)1979‬‬ ‫الطول‪ 1.98 :‬سنتم‬ ‫األندية التي لعب لها‪:‬‬ ‫الرياضي بيروت‪( :‬منذ انطالقته وحتى عام‬ ‫‪.)1997‬‬ ‫احلكمة‪( :‬من عام ‪ 1997‬حى عام ‪.)2004‬‬ ‫االحتاد احللبي‪( :‬موسم ‪.)2005 – 2004‬‬ ‫احلكمة‪( :‬موسم ‪.)2006 – 2005‬‬ ‫بلوستارز‪( :‬موسم ‪.)2007 – 2006‬‬ ‫تشيراسكي األوكراني‪( :‬موسم ‪– 2007‬‬ ‫‪ 2008‬وترك النادي في آذار ‪.)2008‬‬ ‫الرياضي بيروت‪( :‬موسم ‪.)2009 – 2008‬‬ ‫الشانفيل‪( :‬موسم ‪.)2010 – 2009‬‬

‫ألقابه‬ ‫مع احلكمة‪ :‬بطل لبنان ‪ 7‬مرات وكأس لبنان‬ ‫‪ 5‬مرات وبطولة األندية العربية مرتني‪ ،‬وبطولة‬ ‫أندية آسيا ‪ 3‬مرات‪ ،‬وألقاب عدة في دورات دبي‬ ‫ودمشق وحلب‪.‬‬ ‫مع الرياضي‪ :‬بطولة األندية العربية‪.‬‬ ‫مع الشانفيل‪ :‬كأس لبنان‪.‬‬ ‫إجنازاته مع املنتخب اللبناني‬ ‫شارك معه في بطوالت العالم ‪ 3‬مرات أعوام‬ ‫‪ 2002‬و‪ 2006‬و‪ .2010‬وأبرز اإلجنازات كانت قيادته‬ ‫املنتخب الى الفوز على فرنسا في مونديال‬ ‫‪ 2006‬في اليابان‪ .‬كما حقق مع املنتخب‬ ‫اللبناني املركز الثاني ‪ 3‬مرات‪ ،‬واملركز الرابع مرة‬ ‫واحدة في بطولة أمم آسيا‪ .‬ومع املنتخب فاز‬ ‫ببطولة غرب آسيا عام ‪.2001‬‬ ‫ألقاب أخرى‬ ‫‪ -‬اختير أفضل العب في غرب آسيا موسم‬

‫‪77‬‬

‫حوار‪ :‬جورج عون‬

‫‪2002 - 2001‬‬ ‫ هداف دورة دبي عام ‪.2004‬‬‫ أفضل العب جناح بالدوري‬‫اللبناني‪.‬‬ ‫ أفضل العب عربي‪.‬‬‫وخالل مسيرته شارك فادي‬ ‫اخلطيب في البطوالت اآلتية‪:‬‬ ‫ بطولة العالم لألندية‬‫(ماكدونالدز) مع نادي احلكمة‬ ‫عام ‪.1999‬‬ ‫ املشاركة مع منتخب جنوم آسيا موسم‬‫‪ 2001-2000‬الى جانب النجم إيلي مشنتف‪.‬‬ ‫ املشاركة في بطولة العالم العسكرية‪،‬‬‫ولعب لفريق اجليش اللبناني‪ ،‬وكان هداف‬ ‫البطولة عام ‪.2000‬‬ ‫ شارك في التشكيلة األساسية لفريق‬‫األحالم اآلسيوي‪.‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر رياضي‬

‫كأس العالم في كرة السلة‬ ‫لبنان ربح منتخباً جديراً بتمثيله واللقب للواليات المتحدة‬ ‫لم يتمكن منتخب لبنان من حتقيق ما‬ ‫كان يصبو إليه في مشاركته الثالثة على‬ ‫التوالي في كأس العالم لكرة السلة التي‬ ‫أقيمت الشهر املاضي في تركيا‪ ،‬والتي أحرزت‬ ‫لقبها الواليات املتحدة بفوزها على تركيا‬ ‫(‪ )64-81‬في املباراة النهائية‪.‬‬ ‫وكان لبنان يطمح بالوصول الى الدور‬ ‫الثاني في هذه املرة‪ ،‬ألنه خرج في البطولتني‬ ‫السابقتني عامي ‪ 2002‬في أنديانا بوليس‬ ‫(الواليات املتحدة) و‪ 2006‬في اليابان من الدور‬ ‫األول‪ .‬وكان منتخب بالد األرز قريبا ً من التأهل‬ ‫بعدما حقق فوزا ً عزيزا ً على كندا في أولى‬ ‫مبارياته في الدور األول (‪ ،)71-81‬لكنه فاجأ‬ ‫اجلميع بخسارته مبارياته الباقية في هذا‬ ‫الدور أمام منتخبات اجملموعة‪ ،‬وخصوصا ً أمام‬ ‫نيوزيلندا التي كانت مبتناول يدي الالعبني‬ ‫اللبنانيني لوال سوء األداء واحلظ على السواء‬ ‫فسقط منتخب لبنان أمامها (‪،)108-76‬‬ ‫وفقد فرصته في بلوغ الدور الثاني ألول مرة‬ ‫في تاريخه‪ ،‬لكنه ربح منتخبا ً مثله بجدارة‬ ‫في “العرس السلوي” العاملي‪.‬‬ ‫وكلمة حق تقال أن الالعبني اللبنانيني‬ ‫قدموا أقصى ما أمكنهم مبواجهة املستوى‬ ‫الكبير للمنتخبات الكبرى مثل اسبانيا‬ ‫بطلة العالم‪ ،‬وأوروبا وفرنسا وليتوانيا‪ ،‬التي‬ ‫أحرزت املركز الثالث بفوزها على صربيا (‪-99‬‬ ‫‪ ،)88‬بعدما خسرت في الدور نصف النهائي‬ ‫أمام الواليات املتحدة (‪ )89-74‬وفرنسا‪.‬‬ ‫ففي الدور األول وبعد فوزه على كندا (‪-81‬‬ ‫‪ ،)71‬خسر منتخب لبنان أمام فرنسا (‪-59‬‬ ‫‪ ،)86‬وأمام نيوزيلندا (‪ ،)108-76‬وأمام اسبانيا‬ ‫(‪ ،)91-57‬وأمام ليتوانيا (‪.)84-66‬‬ ‫ال شك بأن الدخول الى مثل هذه البطولة‬ ‫العاملية يحتاج الى استعداد طويل ومباريات‬ ‫كثيرة الكتساب اخلبرة الالزمة‪ ،‬واالحتكاك‬ ‫املستمر مع املنتخبات القوية‪ ،‬ملعرفة نقاط‬ ‫القوة فيها أو نقاط ضعفها‪ .‬املنتخب‬ ‫اللبناني حاول من خالل دورة ستانكوفيتش‬ ‫اكتساب االحتكاك الالزم‪ ،‬إال أن األمر اقتصر‬ ‫على مواجهة املنتخبات اآلسيوية في حني‬ ‫أن منتخب األرز كان بحاجة الى مباريات‬ ‫حتضيرية مكثفة مع املنتخبات األوروبية‬ ‫واألميركية الشمالية واجلنوبية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫دورة ستانكوفيتش كانت محطة مهمة‬ ‫في تاريخ املنتخب اللبناني ألنه جنح في إحراز‬ ‫لقبها ألول مرة في تاريخه بفوزه في املباراة‬ ‫النهائية على اليابان (‪.)59-97‬‬ ‫خروج مبكر متوقع لتونس ومفاجىء‬ ‫لألردن‬ ‫ولم يكن حظ تونس واألردن أفضل من‬ ‫لبنان‪ ،‬بل على العكس خرجا من الدور األول‬ ‫دون أي فوز‪ ،‬فخسرت تونس أمام سلوفينيا‬ ‫(‪ ،)80-56‬وأمام البرازيل (‪ ،)80-65‬وأمام ايران‬ ‫(‪ ،)71-58‬وأمام كرواتيا (‪ ،)84-64‬وأمام الواليات‬ ‫املتحدة (‪ ،)92-57‬في حني خسر األردن أمام‬ ‫استراليا (‪ ،)76-75‬وأمام أنغوال (‪ ،)79-65‬وأمام‬ ‫صربيا (‪ ،)112-69‬وأمام األرجنتني (‪،)88-79‬‬ ‫وأمام أملانيا (‪.)91-73‬‬ ‫إجناز تركي‬ ‫من جهتها حققت تركيا إجنازا ً نوعيا ً‬ ‫بوصولها الى املباراة النهائية‪ ،‬بعدما تصدرت‬ ‫مجموعتها في الدور األول بخمسة انتصارات‬ ‫متتالية‪ ،‬ثم فازت على فرنسا في الدور‬ ‫الثاني (‪ ،)77-95‬وعلى سلوفينيا في الدور‬ ‫ربع النهائي (‪ ،)68-95‬وعلى صربيا في الدور‬ ‫نصف النهائي (‪ )82-83‬بعد مباراة مجنونة‪.‬‬ ‫إسبانيا أكبر اخلاسرين‬ ‫ال شك بأن املنتخب اإلسباني‪ ،‬حامل‬

‫‪78‬‬

‫اللقب‪ ،‬كان أبرز اخلاسرين بخروجه من الدور‬ ‫ربع النهائي أمام صربيا (‪ ،)92-89‬إال أن خروجه‬ ‫كان منطقيا ً ألن صربيا كانت أفضل‪ .‬وعانى‬ ‫اإلسبان كثيرا ً بغياب جنمهم باو غاسول‪،‬‬ ‫الذي فضل عدم املشاركة في املونديال متاما ً‬ ‫مثل جنوم السلة األميركية ليبرون جيمس‬ ‫وكوبي براينت وبول بيرس وكيفن غارنيت‪.‬‬ ‫خيبة األرجنتني‬ ‫أما األرجنتني‪ ،‬متصدرة التصنيف العاملي‪،‬‬ ‫فخيبت اآلمال بخروجها من الدور ربع النهائي‬ ‫أمام ليتوانيا (‪ .)104-85‬وال شك بأن غياب‬ ‫جنمها مانو جينوبيلي كان له أثره الواضح‬ ‫على املنتخب ولم يتمكن أحد من ملء فراغ‬ ‫غيابه رغم تألق لويس سكوال‪.‬‬ ‫فوز منطقي للواليات املتحدة‬ ‫أما منتخب الواليات املتحدة فقد‬ ‫استحق اللقب‪ ،‬ألنه كان املنتخب األفضل‬ ‫في البطولة‪ ،‬وبفارق كبير عن املنتخبات‬ ‫األخرى‪ ،‬بفضل وجود كيفن دورانت‪ ،‬جنم نادي‬ ‫أوكالهوما سيتي والذي اختير أفضل العب‬ ‫في البطولة‪ ،‬بقيادته منتخب بالده الى لقبه‬ ‫الرابع في البطولة بعد أعوام ‪ 1954‬و‪1986‬‬ ‫و‪ 1994‬بفوزه في النهائي على تركيا (‪-81‬‬ ‫‪.)64‬‬

‫إعداد‪ :‬جورج عون‬


‫منبر صحة‬

‫اإللتهاب الفيروسي للعيون‬ ‫انتشرت في اآلونة األخيرة أمراض عدة في مناطق لبنانية مختلفة‬ ‫أهمها‪ :‬التهاب العيون الفيروسي‪.‬‬ ‫‪ ‬تعريف املرض ‪ :‬إلتهاب العني الفيروسي هو إلتهاب للغشاء الذي يغطي‬ ‫قرنية العني‪ ،‬وسببه فيروس يسمى ‪ adeno Virus‬ساهمت درجات‬ ‫احلرارة املرتفعة في سرعة تطوره وانتشاره‪.‬‬ ‫بعد دراسة العوارض التي ظهرت على املواطنني خالل‬ ‫إصابتهم بهذا املرض‪ ،‬وبعد رصد العديد من احلاالت التي‬ ‫متت معاجلتها بطريقة خاطئة‪ ،‬وحفاظا ً على سالمة‬ ‫املواطنني‪ ،‬قامت جمعية الهيئة الصحية اإلسالمية بإعداد‬ ‫دليل وضعته بني أيدي املواطنني كي ال يكون هذا املرض‬ ‫مجهوال‪.‬‬ ‫طرق انتقاله‬ ‫االحتكاك املباشر (عبر اليدين املالمستني لعني‬ ‫مصابة‪ ،‬املصافحة‪ ،‬التقبيل‪ ،‬واألغراض املشتركة مع‬ ‫املصاب)‪.‬‬ ‫األسطح التي المسها املصاب (مكاتب‪ ،‬هواتف‪،‬‬ ‫مسكات أبواب‪ ،‬الغبار)‬ ‫املسابح العامة (خصوصا ً التي يرتادها‬ ‫املصابون)‬ ‫عوارضه‬ ‫إحمرار في العني‬ ‫إنتفاخ في العني‬ ‫الشعور بوجود جسم غريب في العني‬ ‫حكاك في العني‬ ‫إنتقال العدوى إلى العني األخرى‬ ‫زيادة في الدمع أو اإلفرازات‬ ‫ظهور عقدة ملفاوية جانب األذن في بعض احلاالت‬ ‫غشاوة في الرؤيا‬ ‫نزيف خارج العني (غير خطير)‬ ‫مدة املرض‪ :‬تتراوح من ‪ 5‬حتى ‪ 20‬يوما ً‬ ‫سبل الوقاية‬ ‫جتنّب االقتراب من املصابني‬ ‫مراعاة معايير النظافة الشخصية وعدم ملس العني‬ ‫واألنف والوجه إال بعد غسل اليدين جيداً‪.‬‬ ‫غسل اليدين جيدا ً وباستمرار (باملاء والصابون)‬ ‫خصوصا ً عند التالمس مع املصابني أو مع أغراضهم‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫إ ّن استعمال املطهرات املوجودة في الصيدليات‬ ‫لتطهير األيدي (‪ )Alcohol‬ال يقتل الفيروس‪.‬‬ ‫تعقيم األسطح املشتركة (مكاتب‪ -‬مسكات‬

‫أبواب ‪ -‬هواتف)‪ ،‬إذا اشتبه مبالمسة املصابني لها‬ ‫عدم التشارك مع املصابني بأغراضهم الشخصية (مناشف‪ ،‬شراشف‪،‬‬ ‫أوراق احلمام‪ ،‬سرائر)‬ ‫جتنب ارتياد املسابح العامة‬ ‫جتنب األماكن املكتظة (عدم االختالط باملصابني كما‬ ‫في قاعات االنتظار في العيادات واملستشفيات‬ ‫والتجمعات في الطوارئ)‬ ‫عدم تناول أدوية الكورتيزون إال بوصفة من‬ ‫طبيب العيون‬ ‫إن تناول أدوية االلتهابات يجب أن يعتمد على‬ ‫وصفة طبية مختصة‬ ‫وملن يرتدي العدسات الالصقة‬ ‫مراعاة شروط النظافة‬ ‫غسل اليدين قبل ملس العدسات‬ ‫وضع العدسات في احمللول اخلاص بهم‪.‬‬ ‫وعلى املصابني‬ ‫غسل أيديهم عند مالمسة أعينهم‬ ‫عدم التشارك مع اآلخرين باألغراض الشخصية‬ ‫أخذ استراحة في املنزل حتى التماثل للشفاء بني أسبوع‬ ‫حتى ‪ 3‬أسابيع‬ ‫ارتداء نظارات شمسية عند التع ّرض للشمس‪.‬‬ ‫العالج‬ ‫على املريض استشارة الطبيب عند‬ ‫بداية ظهور العوارض‪ ،‬ومراجعته بعد‬ ‫أسبوعني من العالج حتى يتم التأكد‬ ‫بعدم وصول التقرحات إلى القرنية‪.‬‬ ‫ويكون العالج املبدئي بقطرات تخفف‬ ‫احلساسية ومتنع تقلص حجم الشرايني‪،‬‬ ‫إضافة الى القطرات املرطبة للعني‪.‬‬ ‫مع اإلشارة أنه من غير احمل ّبذ الشروع‬ ‫مباشرة باملضادات احليوية (أدوية التهابات)‬ ‫لعدم جدوانيتها املباشرة في القضاء على‬ ‫الفيروس‪ ،‬وملا حتمله من مخاطر صحية على‬ ‫العني ((‪ ،Keratitis‬ووصف املضادات احليوية يتم‬ ‫فقط من قبل طبيب العيون‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للكورتيزون ف ُيمنع إعطاؤه لألطفال‪،‬‬ ‫ويجب احلذر في استعماله‪ ،‬حيث ال يتم وصفه إال من‬ ‫قبل اخملتص‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫إعداد ‪ :‬الدكتور غسان جعفر‬ ‫رئيس جتمع األطباء في لبنان‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر صحة‬

‫الوزن‬ ‫الزائد‬ ‫والبدانة‬ ‫آفتا العصر‬ ‫تعريف‪ :‬تعتبر البدانة أو السمنة من أهم‬ ‫املواضيع التي تستقطب معظم الناس في‬ ‫عصرنا هذا‪ .‬ميكن تعريف البدانة بأنّها زيادة في‬ ‫نسبة الدهون في اجلسم تفوق املع َدل الطبيعي‬ ‫صحة اإلنسان للخطر‪ .‬ولتحديد‬ ‫بحيث تع ّرض‬ ‫َ‬ ‫الوزن املثالي‪ ،‬نأخذ ع َدة معايير بعني االعتبار‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‬ ‫كالطول‪ ،‬العمر‪ ،‬واجلنس‪ .‬وقد وضعت‬ ‫الصحة العاملية معيارا ً عامل ّيا ً لقياس السمنة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤشر كتلة اجلسم أو (‪) Index Mass Body‬‬ ‫هو‬ ‫والذي مي ّثل العالقة بني وزن اجلسم والطول‪ .‬ميكن‬ ‫ّ‬ ‫مؤشر كتلة اجلسم على الشكل التالي‪:‬‬ ‫حساب‬ ‫الوزن(كغ)‬ ‫الطول(م) × الطول(م)‬ ‫بعد ذلك ميكن مقارنة الرقم الذي نحصل عليه‬ ‫باألرقام التالية‪:‬‬ ‫حت ّولت مشكلة السمنة مؤخّ را ً إلى حالة‬

‫ّ‬ ‫مؤشر كتلة الجسم‬ ‫أقل من ‪18.5‬‬ ‫‪24.9 – 18.5‬‬ ‫‪29.9 – 25‬‬ ‫‪34.9 – 30‬‬ ‫‪39.9 – 35‬‬ ‫أكثر من ‪40‬‬

‫الصحة العامل ّية‬ ‫مرض ّية بحيث صنّفتها منظمة ّ‬ ‫صحة األفراد واجملتمعات‪ .‬وقد بدأت هذه‬ ‫وبا ًء يطال ّ‬ ‫اآلفة تتزايد باستمرار حول العالم إذ ترتفع نسبة‬ ‫البدانة بشكل ملحوظ في الواليات املتّحدة‬ ‫األميركية والدول األوروبية والعرب ّية‪ .‬ويتو ّقع‬ ‫باحثون بريطان ّيون أن يتضاعف عدد الذين ميوتون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫السنوات‬ ‫ج ّراء أمراض لها عالقة بالبدانة خالل ّ‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫أسبابها‬ ‫للحفاظ على وزن اجلسم‪ ،‬يجب أن نوازن بني‬ ‫الطعام ّ‬ ‫الطاقة التي نأخذها عن طريق ّ‬ ‫ّ‬ ‫والطاقة‬ ‫التي يصرفها اجلسم في القيام بوظائفه اليوم ّية‬ ‫وممارسة التّمارين الرياض ّية‪ .‬تنتج الزيادة في الوزن‬ ‫عند حصول أي خلل في هذا التّوازن بحيث تزيد‬ ‫الطاقة التي نأخذها من ّ‬ ‫نسبة ّ‬ ‫الطعام عن‬ ‫تتجسد هذه‬ ‫النسبة التي يحتاج إليها اجلسم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫احلالة في بيئة ّ‬ ‫يقل فيها النشاط البدني ويتو ّفر‬ ‫فيها ّ‬ ‫السريعة‬ ‫الطعام بكثرة‬ ‫ّ‬ ‫خاصة الوجبات ّ‬ ‫والسعرات احلرار ّية‪ .‬وفي عصرنا‬ ‫بالدهون‬ ‫الغن ّية ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذا باتت جميع أنواع ال ّراحة متو ّفرة مما ساعد‬ ‫على انعدام احلركة عند ال ّرجال والنّساء على‬ ‫حد سواء‪ .‬فضالً عن ذلك يلعب العامل الوراثي‬ ‫ّ‬

‫الصحية‬ ‫تصنيف الحالة ّ‬ ‫تحت الوزن المقبول‬ ‫وزن سليم‬ ‫وزن زائد‬ ‫سمنة‬ ‫سمنة مفرطة‬ ‫سمنة مرضيّة‬ ‫الدور األساسي في حتديد ما إذا كان عند الفرد‬ ‫ّ‬ ‫استعدادا ً للسمنة‪ .‬إن اجتماع العامل الوراثي مع‬ ‫العادات الغذائ ّية الس ّيئة يزيد من خطر اإلصابة‬ ‫صحي ميكن‬ ‫بالسمنة‪ .‬لذلك فإن اتّباع منط غذائي ّ‬ ‫أن يقي من هذه املشكلة ومن اخملاطر الصح ّية‬ ‫التي تنتج عنها‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫نتائجها‬ ‫صحية خطيرة‬ ‫تؤ ّدي البدانة إلى مشاكل‬ ‫ّ‬ ‫ومميتة‪ .‬باإلضافة إلى كونها سببا ً أساس ّيا ً‬ ‫ّ‬ ‫والشرايني والضغط‪ ،‬فهي ترتبط‬ ‫ألمراض القلب‬ ‫ّ‬ ‫السكري النّوع الثاني‪،‬‬ ‫ارتباطا ً مباشرا ً مبرض‬ ‫الدماغية‪ ،‬داء املفاصل‪ ،‬انقطاع النفس‬ ‫اجللطة ّ‬ ‫أثناء النوم وأمراض املرارة واجلهاز الهضمي‪ .‬كما‬ ‫الدراسات واألبحاث العلم ّية إلى وجود‬ ‫تشير ّ‬ ‫عالقة مقنعة بني زيادة الوزن وبعض أمراض‬ ‫خاص ًة سرطان ال ّثدي‪ ،‬ال ّرحم واملبيض‬ ‫السرطان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عند النّساء وسرطان الكولون‪ ،‬املستقيم‬ ‫والبروستات عند ال ّرجال‪ .‬لهذا فإن خسارة ‪١٠ -١‬‬ ‫كغ من الوزن قد تق ّلل من خطر املوت بالسرطان‬ ‫الناجت عن البدانة بنسبة ‪ .٪ ٥٠ – ٤٠‬باإلضافة إلى‬ ‫كل ذلك لن ننسى العواقب النفس ّية التي تؤ ّثر‬ ‫سلبا ً على حياة الفرد االجتماعية ج ّراء اإلحباط‬ ‫والعزلة وفقدان الثقة بالنّفس والتمييز الذي‬ ‫يتع ّرض له ّ‬ ‫الشخص البدين‪.‬‬ ‫الدهون في اجلسم أهم ّية تفوق أهم ّية‬ ‫ولتوزيع ّ‬ ‫الكم ّية املتراكمة‪ .‬ميكن للدهون أن تتراكم في‬ ‫منطقة الوركني والفخذين واملؤخرة (ما يعرف‬ ‫بشكل اإلجاصة) وميكن أن تتراكم حول املعدة‬ ‫واخلصر(ما يعرف بشكل التّفاحة)‪ .‬هذا النوع‬ ‫ّ‬ ‫يشكل اخلطر األكبر على حياة‬ ‫األخير من الدهون‬ ‫الفرد إذ يزيد من خطر اإلصابة بأمراض القلب‬ ‫ّ‬ ‫الدماغ ّية‪ .‬بنا ًء‬ ‫والسكري‬ ‫والضغط‬ ‫ّ‬ ‫والسكتات ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتعدى محيط اخلصر ‪١٠٢‬‬ ‫على ذلك ننصح بأن ال‬ ‫ّ‬ ‫سم عند ال ّرجال و ‪ ٨٨‬سم عند النّساء‪.‬‬ ‫احللول‬ ‫إ ّن عملية إنقاص الوزن هي عمل ّية سهلة‬ ‫الصعوبة تكمن في‬ ‫وممكن للجميع حتقّ يقها لكن ّ‬ ‫القدرة على احلفاظ على هذا الوزن الذي خسرناه‪.‬‬


‫ومن الضروري أن نعلم أن جناح عمل ّية تخفيض‬ ‫الوزن يقوم على اتّباع اإلرشادات الغذائ ّية والنمط‬ ‫الصحي ليس فقط خالل فترة احلمية‬ ‫الغذائي ّ‬ ‫وإمنا ملدى احلياة‪ .‬ترتكز اخلطوة األولى في عمل ّية‬ ‫تخفيض الوزن على وجود احلافز القوي ألخذ القرار‪،‬‬ ‫الصلبة للوصول إلى النّتيجة املرج ّوة‪ .‬يلي‬ ‫واإلرادة ّ‬ ‫ذلك وضع أهداف واقع ّية ميكن حتقيقها فخسارة‬ ‫‪ ٥‬إلى ‪ ١٠‬باملئة من الوزن تكفي كمرحلة أ ّولية‬ ‫لتقينا من األمراض التي تس ّببها السمنة‪.‬‬ ‫جدا ً أن نعلم أ ّن خسارة الوزن ببطء‪ ،‬أي‬ ‫وضروري ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالشهر الواحد‪ ،‬تساعد‬ ‫مبعدل ‪ ٤ – ٢‬كيلوغرام‬ ‫ّ‬ ‫الحقا ً في احلفاظ على الوزن الذي تخ ّلصنا منه‬ ‫كما أنّها متنع خسارة اجلسم للماء والعضل‬ ‫وهذا ما نطمح إليه دائماً‪ .‬جتدر اإلشارة أيضا ً إلى‬ ‫أ ّن خسارة الوزن ممكن أن تتو ّقف بعد شهرين أو‬ ‫ثالثة أشهر من اتّباع احلمية‪ ،‬في هذه احلالة يجب‬ ‫الصحي وعدم اليأس إلي أن‬ ‫املثابرة على النظام ّ‬ ‫تعود وتبدأ عمل ّية خسارة الوزن من جديد‪.‬‬ ‫الدراسات العلم ّية أن انقاص الوزن هو‬ ‫أثبتت ّ‬ ‫خطوة أولى لعالج عدد من األمراض وخسارة‬ ‫‪ ١٠ – ٥‬باملئة من وزن اجلسم تكفي ليس فقط‬ ‫لتجميل املظهر اخلارجي وإنمّ ا أيضا ً لتحسني‬ ‫الصحي العام من خالل‪ ،‬أوالً‪ :‬تخفيض‬ ‫الوضع ّ‬ ‫الدم وبالتّالي تخفيف‬ ‫السكراملرتفع في ّ‬ ‫ّ‬ ‫معدل ّ‬ ‫السكري‪ .‬ثانياً‪ :‬تخفيض‬ ‫خطر اإلصابة بداء‬ ‫ّ‬ ‫الدم املرتفع ممّا يساعد على تخفيف خطر‬ ‫ضغط ّ‬ ‫اإلصابة بأمراض القلب ّ‬ ‫والشرايني‪ .‬ثالثاً‪ :‬تخفيض‬ ‫السيء والشحوم الثالثية‬ ‫مستوى الكولستيرول‬ ‫ّ‬

‫الدم وزيادة مستوى الكولستيرول اجل ّيد‪ ،‬األمر‬ ‫في ّ‬ ‫الذي يخفف من خطر تص ّلب ّ‬ ‫الشرايني‪ .‬رابعاً‪:‬‬ ‫تخفيف خطر اإلصابة ببعض أنواع السرطان‬ ‫التي ذكرناها سابقاً‪ .‬خامساً‪ :‬تخفيف مشكلة‬ ‫تو ّقف النّفس أثناء النّوم وهي مشكلة خطيرة‬ ‫ممكن أن تؤ ّدي إلى املوت‪ .‬سادساً‪ :‬تخفيف آالم‬ ‫الظهر وخطر اإلصابة بداء املفاصل‪.‬‬ ‫عدة وسائل يلجأ إليها األشخاص‬ ‫هناك ّ‬ ‫إلنقاص الوزن لكن الطريقة األسلم واألضمن‬ ‫تكون بتقليل كم ّية األكل عن طريق اتّباع حمية‬ ‫أخصائ ّية التغذية تترافق‬ ‫غذائ ّية مدروسة تضعها ّ‬ ‫مع ممارسة التّمارين ال ّرياض ّية بشكل منتظم‪.‬‬ ‫أما في بعض احلاالت املستعصية فيمكن ال ّلجوء‬ ‫إلى حلول ط ّبية أخرى كالعقاقير واجلراحة‪.‬‬ ‫تتو ّفر في األسواق حال ّيا ً عقاقير تساعد على‬ ‫إما عن طريق كبح الشه ّية أو منع‬ ‫إنقاص الوزن ّ‬ ‫الدهون‪ .‬تعطى هذه األدوية للشخص‬ ‫امتصاص ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤشر كتلة جسمه عن ‪ ٣٠‬وفقط‬ ‫الذي يزيد‬ ‫حتت إشراف ّ‬ ‫الطبيب الذي ميكنه مراقبة اآلثار‬ ‫اجلانب ّية للدواء وحتديد ما إذا كان هناك من حاجة‬ ‫الدواء‪ .‬وجتدر‬ ‫ألخذ‬ ‫املكمالت الغذائ ّية إلى جانب ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلشارة إلى أن هذه العقاقير ال تستطيع القيام‬ ‫بوظيفتها إال إذا ترافقت مع نظام غذائي قليل‬ ‫السعرات احلرار ّية وممارسة التّمارين ال ّرياض ّية‪.‬‬ ‫كما يجب عدم استعمال األدوية واألعشاب‬ ‫املنحفة بطريقة عشوائ ّية إذ إن هناك نوعان من‬ ‫ّ‬ ‫والدواء‬ ‫العقاقير صادقت عليهما منظمة الغذاء ّ‬ ‫هما سيبوترامني (‪ ( Sibutramine‬وأورليستات‬ ‫(‪ .)Orlistat‬أما بالنّسبة للعمل ّيات اجلراح ّية فيتم‬ ‫ال ّلجوء إليها في حال الفشل في عالج السمنة‬ ‫عدة‬ ‫عن طريق احلميات الغذائ ّية والعقاقير بعد ّ‬ ‫محاوالت‪ .‬لذلك يبقى هذا ّ‬ ‫احلل األخير لألشخاص‬ ‫الذين يعانون من بدانة مفرطة أو مرض ّية بحيث‬ ‫ّ‬ ‫عدة أنواع‬ ‫يزيد‬ ‫مؤشر كتلة اجلسم عن ‪ .٤٠‬هناك ّ‬ ‫من العمل ّيات اجلراح ّية التي جترى لتصغير املعدة‬ ‫وفي كل احلاالت تعتبر املتابعة ّ‬ ‫الطب ّية ضرور ّية‬ ‫لطول العمر‪ .‬ونظرا ً لكم ّية األكل القليلة التي‬ ‫يستطيع تناولها املريض بعد العمل ّية‪ ،‬يجب‬ ‫التّق ّيد بنظام غذائي مدروس‪ ،‬كامل ومتوازن‬ ‫لتجنّب مشكلة سوء التغذية‪.‬‬ ‫ممكن أن يلجأ األشخاص أيضا ً إلى اتّباع حميات‬ ‫عشوائ ّية إلنقاص الوزن‪ .‬معظم هذه احلميات‬ ‫ّ‬ ‫يشكل خطرا ً على حياة األفراد ألنها ال‬ ‫ممكن أن‬ ‫تقوم على دراسة كافية وهي تؤ ّدي إلى خسارة‬ ‫سريعة للوزن الذي يكون مبعظمه عضالً وماء‬ ‫وليس دهونا ً في حني أن خسارة العضل تق ّلل‬ ‫من قدرة اجلسم على حرق ّ‬ ‫الطاقة وبالتالي جتعل‬ ‫عملية خسارة الوزن أصعب‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫مبج ّرد التو ّقف عن اتّباع هذه احلميات والعودة إلى‬ ‫السابقة يعود اجلسم الكتساب‬ ‫العادات الغذائ ّية ّ‬ ‫كل الوزن الذي خسره‪ .‬فضالً عن ذلك‪ ،‬تؤ ّثر هذه‬ ‫احلميات سلبا ً على اإلناث في عمر اإلجناب إذ ينتج‬ ‫عنها نقصا ً في احلديد والكالسيوم وبالتّالي فقر‬

‫‪81‬‬

‫الدم وتر ّقق العظام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تنجح عمل ّية تخفيف الوزن إذا استطاع الفرد‬ ‫أن يحدث بعض التّغييرات الصغيرة في منط‬ ‫كمية الطعام املستهلكة‬ ‫حياته تبدأ بتخفيف ّ‬ ‫كميات ّ‬ ‫أقل في‬ ‫وسكب‬ ‫تدريج ّيا ً خالل النّهار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبق مع األكل ببطء وفي ج ّو مريح إلعطاء‬ ‫الوقت الكافي إلشارات ّ‬ ‫الشبع كي تصل إلى‬ ‫الدماغ‪ .‬ومن املهم أيضا ً التّعديل في نوع ّية‬ ‫ّ‬ ‫الطعام املستهلكة تشمل اعتماد طريقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبخ‬ ‫والسلق ّ‬ ‫والطهي على البخار‬ ‫الصح ّية كالشوي‬ ‫ّ‬ ‫واالبتعاد قدراملستطاع عن املقالي والدسم‪ .‬يجب‬ ‫أن يترافق التّعديل في نوع ّية ّ‬ ‫الطعام مع تعديل‬ ‫في منط احلياة كتخفيف الوقت الذي منضيه‬ ‫بدون حركة وزيادة الوقت الذي منضيه مبمارسة‬ ‫التّمارين ال ّرياض ّية‪ .‬إذا تعذر علينا ممارسة ال ّرياضة‬ ‫بعدة‬ ‫ممكن أن ندخل احلركة في حياتنا اليوم ّية ّ‬ ‫طرق كالتس ّوق مشيا ً على األقدام واستعمال‬ ‫الدرج بدال ً من املصعد وركن السيارة بعيدا ً عن‬ ‫املكان الذي نقصده كي نكمل مشياً‪.‬‬ ‫حتدثنا سابقا ً فإن خسارة الوزن هي‬ ‫وكما ّ‬ ‫عملية سهلة شرط تو ّفراإلرادة والتّصميم‪ .‬وكل‬ ‫ما تتط ّلبه هذه العمل ّية هو تغيير جذري في منط‬ ‫صحية مدى احلياة‪.‬‬ ‫احلياة واتّباع عادات غذائ ّية‬ ‫ّ‬ ‫ممكن أن نبدأ بتغييرات صغيرة وتدريج ّية تبدو‬ ‫األهمية ظاهر ّيا ً لكنها تفضي إلى نتائج‬ ‫قليلة‬ ‫ّ‬ ‫ملموسة على املدى البعيد‪.‬‬

‫أخصائية التغذية اجملازة‬ ‫ليال رشيد‬ ‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر حر‬

‫بعهد‬ ‫بو د ّكه‬ ‫الواوي‬ ‫أكل السكه‬ ‫حافظ أبي املنى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يحكى في الزمن املاضي أن أحد الفالحني طمر سكة الفالحة في‬ ‫حفرة حفرها في أرضه بعد انتهاء يومه‪ ،‬خوفا ً من أن تسرق أثناء الليل‪،‬‬ ‫على أمل أن يستعملها في اليوم التالي‪ ،‬وعندما عاد في الصباح‬ ‫فوجئ بأنها قد سرقت‪ ،‬فاتهم أحد اجليران بسرقتها‪ ،‬واشتكاه‬ ‫لقاضي الصلح في الضيعة الذي كان يحل محل اخملتار اليوم‪ .‬وكان‬ ‫يرتدي قفطانا ً من الصوف يزنره حبل من الليف على خاصرتيه‪ ،‬وبعد‬ ‫ما تبينّ أن اجلار بريء وال دخل له باألمر‪ ،‬وحيث أن الفاعل بقي مجهوال ً‬ ‫أصدر القاضي حكما ً يفيد بأنه ملا كانت السكة مطمورة باحلقل‬ ‫أثناء الليل‪ ،‬فال بد أن الواوي (ابن آوى) قد أكلها‪ .‬فانتشر حكمه بني‬ ‫الناس وذهب مثالً يقول ‪:‬في عهد بو دكه ‪ -‬الواوي أكل السكه‪.ُ.‬‬ ‫يؤسفنا اليوم أن تنحدر السياسة في لبنان إلى هذا الدرك الوضيع‬ ‫من املنطق الضعيف في التعاطي‪ .‬ويحزنك أن تستمع لنائب عن‬ ‫الشعب يقف مجاهرا ً بتعصبه املذهبي‪ ،‬عامالُ على إذكاء النعرة‬ ‫الطائفية وضارباُ عرض احلائط بشروط احملافظة على السلم األهلي‬ ‫والعيش املشترك‪ ،‬إرضا ًء لولي أمره وتقربا ً منه‪ .‬ففي بل ٍد يتحكم به‬ ‫رجال املال واإلقطاع‪ ،‬وتخرقه العمالة للخارج حتى العظم‪ .‬يصبح‬ ‫ّ‬ ‫الفساد قانونا ً‬ ‫للشطار‪ .‬واملقاومة في سبيل التحرير والكرامة خيانة‬ ‫تستحق اإلعدام‪ .‬ونزع سالح “حزب اهلل” من مسلمات احملافظة على‬ ‫االستقرار‪ .‬واملطالبة باالقتصاص من شهود الزور ومعرفة من وراءهم‪،‬‬ ‫محاولة انقالب على السلطة‪ .‬أما اتهام سوريا باغتيال الرئيس‬ ‫احلريري وقتل رعاياها والتنكيل بهم ملدة خمس سنوات متتالية‪،‬‬ ‫فليست سوى مجرد اتهام سياسي ال يجب أن يحاسب عليه أحد‪.‬‬ ‫كما أن محاولة إذكاء الفتنة الطائفية من على املنابر العامة وعبر‬ ‫الشاشات فليست سوى إبداء رأي يدعم حرية التعبير وال يؤثر في‬ ‫توتير أجواء االستقرار وال يضر في الوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫ليس في لبنان اليوم من ال يريد احلقيقة‪ .‬لكن احلقيقة التي نريد‬ ‫مدعمة بأدلة وبراهني ال شائب عليها وال غبار‪.‬‬ ‫يجب أن تأتي ّ‬ ‫حري بأن متهد لفتح مسار‬ ‫أليست القرائن التي قدمتها املقاومة‪ّ ،‬‬ ‫جديد في التحقيق؟ إذاً‪ ،‬ملاذا اإلصرار على استبعاد “إسرائيل” عن‬ ‫دائرة الضوء؟ وماذا وراء هذه احلملة الشعواء من التصاريح املشككة‬ ‫الساعية لدحض هذه القرائن قبل التحقق منها؟ ومن يقف وراءها؟‬ ‫إن ما خبره الشعب اللبناني وعاناه طيلة اخلمس سنوات املاضية‪،‬‬ ‫يجعلنا نرتاب ونخاف‪ .‬أفليس من حقنا ومن حق املقاومة ذلك؟‬ ‫جل ما نخافه اليوم هو أن تصبح قضية استشهاد الرئيس الراحل‬ ‫مشابهة لسكة الفالح املذكور‪ ،‬ويأتي قرار احملكمة مم ّيع كقرار‬ ‫القاضي بو دكة‪ ،‬حيث جتلب تداعياته املفتنة اخلراب والويل على لبنان‬ ‫وسالمه األهلي‪ ،‬عندئ ٍذ سيندم هؤالء في ساع ٍة ال ينفع فيها ال ندم‬ ‫وال اعتذار‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -45‬تشرين االول ‪2010‬‬


‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.