Manbar altawhid issue 43

Page 1

‫العدد ‪ 43‬ــ آب ‪ - 2010‬السنة الرابعة‬

‫متنور‬ ‫ّ‬ ‫انطفأ‬

‫وهاب ‪:‬‬ ‫الحبل‬ ‫على عنق‬ ‫المقاومة‬ ‫سنقطعه‬

‫نفط لبنان‬ ‫مقابل‬ ‫ديونه‬

‫السفير عبد هللا ‪:‬‬ ‫حقوق الفلسطينيين‬ ‫ال تليق بلبنان‬

‫الصافي‬ ‫الوديع‬

‫هل أيلول‬ ‫لبنان أسود؟‬

‫‪1‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫العدد‬

‫‪43‬‬

‫آب ‪ 2010‬السنة الرابعة‬

‫‪8‬‬

‫لبنانيات ‪6‬‬

‫«إسرائيل» تحتل‬ ‫هواتف لبنان‬

‫تيار التوحيد ‬

‫‪15‬‬

‫فلسطينيات ‬

‫‪28‬‬

‫عربيات ‬

‫‪38‬‬

‫ ‬ ‫دوليات‬

‫‪42‬‬

‫ ‬ ‫اقتصاد‬

‫‪48‬‬

‫تربية ‬

‫‪56‬‬

‫مرأة ‬

‫‪67‬‬

‫ ‬

‫‪68‬‬

‫ ‬ ‫رياضة‬

‫‪77‬‬

‫اجتامعيات ‬

‫‪80‬‬

‫‪38‬‬ ‫األسد‪ ..‬خارطة‬ ‫جديدة للعالم‬

‫‪44‬‬ ‫أميركا‬ ‫تطرد الحرية‬

‫فن ‬

‫‪56‬‬ ‫حسين يتيم‪ :‬لبنان‬ ‫وطن بال تربية‬ ‫منرب التوحيد‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬

‫نرشة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف تيار التوحيد اللبناين‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL:manbar_altawhid@yahoo.com‬‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪ 0966600099 :‬الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬

‫‪3‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫هل‬ ‫يكون‬ ‫أيلول‬ ‫لبنان‬ ‫أسودا؟ً‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تتلبد األجواء يف سامء لبنان‪ ،‬وبات القلق يخيم عىل اللبنانيني‪ ،‬من‬ ‫انفجار الوضع األمني‪ ،‬والدخول يف اقتتال داخيل‪ ،‬وأكرث ما أخافهم‬ ‫إعالن رئيس أركان جيش العدو اإلرسائييل غايب اشكنازي‪ ،‬أن لبنان‬ ‫سيشهد توتراً خالل شهر أيلول املقبل‪ ،‬عىل خلفية صدور القرار الظني‬ ‫يف اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬وتوجيه االتهام اىل عنارص من “حزب‬ ‫الله”‪.‬‬ ‫هذا التهديد اإلرسائييل‪ ،‬تزامن مع ترصيح لرئيس الهيئة التنفيذية‬ ‫يف “القوات اللبنانية” سمري جعجع الذي توقع وقوع اغتياالت‬ ‫وتفجريات يف لبنان‪ ،‬حيث توقف النائب وليد جنبالط عند هذا التزامن‬ ‫يف الترصيحني‪ ،‬وهو ما دفع بالنائب العامد ميشال عون‪ ،‬اىل التخوف‬ ‫من أن تقوم “إرسائيل” بعدوان عىل لبنان‪ ،‬يالقيها أطرافاً يف الداخل‬ ‫يوترون الوضع األمني‪.‬‬ ‫فهذه املواقف التي تصدرت شهر متوز املايض‪ ،‬كانت قد سبقتها‬ ‫ترسيب معلومات من أن املحكمة الدولية ستستند يف قرارها الظني‬ ‫عىل ما ورد يف تقرير مجلة “دير شبيغل” األملانية‪ ،‬وهو ترداد ملا كان صدر‬ ‫يف صحف “الفيغارو” و”لوموند” الفرنسيتني والسياسة الكويتية‪،‬‬ ‫واألخرية‪ ،‬والتي كانت وبعد أيام قليلة عىل وقوع جرمية اغتيال الحريري‪ ،‬قد‬ ‫نرشت أسامء وصور الضباط اللبنانيني والسوريني الضالعني يف عملية‬ ‫تفجري موكب الحريري‪ ،‬حيث بدأت بعدها بتلفيقات وروايات كانت تزودها‬ ‫بها غرفة سوداء سياسية – إعالمية أمنية‪ ،‬وهي التي فربكت الشهود‬ ‫الزور‪ ،‬الذين أدلوا بشهادات كاذبة ومن أبرزهم محمد زهري الصديق الذي‬ ‫أسقطت املحكمة الدولية شهادته‪.‬‬ ‫فاألخبار املفربكة‪ ،‬التي روجت لها جريدة السياسة‪ ،‬جاءت “دير‬ ‫شبيغل” عىل لسان مراسلها إيريك فوالث يف ‪ 23‬أيار ‪ ،2009‬ليقدم‬ ‫تقريراً ذكر فيه‪ ،‬أن عنارص من “حزب الله” متهمة باغتيال الحريري‪ ،‬وأن‬ ‫التوصل إليهم تم عرب رصد اتصاالتهم الهاتفية‪ ،‬وسمى يف مقاله‬ ‫أحدهم عبد املجيد غملوش‪ ،‬وتحدث عن أن أحد عنارص الحزب ألقى القبض‬ ‫عليه يف العراق عىل يد قوات االحتالل األمرييك‪ ،‬واعرتف مبشاركته يف‬ ‫الجرمية‪.‬‬ ‫وما أوردته “دير شبيغل” جاء بعد ثالثة أشهر من إعالن قيام املحكمة‪،‬‬ ‫كام أن روايتها تطابقت مع رواية سابقة كان نرشها موقع “الحقيقة”‬ ‫الذي يديره املعارض السوري نزار نيوف يف ‪ 24‬كانون األول ‪ ،2008‬ونسب‬ ‫معلوماته اىل مسؤول قانوين كبري من مؤسيس املحكمة وواضعي‬ ‫نظامها‪ ،‬وقد رسم هذا املوقع خارطة طريق إلدانة عنارص من “حزب‬ ‫الله”‪.‬‬ ‫وأملح األمني العام لـ”حزب الله” السيد حسن نرصالله‪ ،‬اىل أن القرار‬ ‫الظني كان سيصدر يف العام ‪ ،2008‬وهو العام الذي أخذت فيه حكومة‬ ‫فؤاد السنيورة قرارها يف ‪ 5‬أيار‪ ،‬بتفكيك شبكة اتصاالت املقاومة التي‬ ‫وغيت التوازن الداخيل بفرض انتخاب‬ ‫ردت عليه يف ‪ 7‬أيار وأسقطته‪ ،‬رّ‬ ‫رئيس جمهورية توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬وهو ما ّأخر‬ ‫إصدار تقرير عن لجنة التحقيق الدولية برئاسة دانيال بلامر‪.‬‬ ‫كانت التهمة يف البداية عىل سوريا وقيادتها وضباط فيها‪ ،‬مبشاركة‬ ‫الضباط األربعة الذين كانوا ممسكني باألمن اللبناين‪ ،‬وقد زج بهم يف‬ ‫السجن حوايل أربع سنوات‪ ،‬كام أن الترسيبات كانت تتحدث عن‬ ‫ضلوع وزراء من حكومة الرئيس عمر كرامي يف الجرمية‪ ،‬وكانوا عىل‬ ‫علم بها‪ ،‬بدأ التداول بأسامء من ستستدعيهم املحكمة اىل الهاي‪،‬‬ ‫وقد تساقطت كل الروايات املفربكة‪ ،‬بعد أن تهاوى شهود الزور وبدأت‬ ‫تنفضح أالعيبهم ومن يقف وراءهم من سياسيني وأمنيني وإعالميني‬ ‫لبنانيني‪ ،‬وبات معلوماً لدى الرأي العام أن أشخاصاً معروفون‪ ،‬ويحتلون‬ ‫مواقع‪ ،‬قد استدرجوا الصديق وإبراهيم جرجورة وهسام هسام وأكرم‬ ‫مراد وغريهم‪ ،‬وتم تلقينهم ما سيقولونه للجنة التحقيق‪ ،‬من أجل‬ ‫توريط مسؤولني وسياسيني سوريني ولبنانيني‪ ،‬وقد أقام اللواء جميل‬ ‫السيد دعاوى عليهم يف سوريا وفرنسا وإسبانيا ودول أخرى‪ ،‬وقد ذهب‬

‫‪4100‬‬

‫األمرييك كولن باول اىل الرئيس بشار األسد يف أيار ‪ ،2003‬ومل يستجب‬ ‫لها‪ ،‬فكانت العقوبات عىل سوريا والقرار ‪ ،1559‬الذي نفذته سوريا من‬ ‫جانبها‪ ،‬وبقي موضوع املقاومة‪ ،‬التي تدخلت “إرسائيل” مبارشة إلنهاء‬ ‫وجودها عرب الحرب صيف ‪ ،2006‬وفشلت‪ ،‬فكان السيناريو الجديد‪ ،‬وهو‬ ‫العودة اىل سوريا من قبل أمريكا وحلفائها سواء يف الغرب أو من‬ ‫الدول العربية املعتدلة‪ ،‬لفك ارتباطها بإيران وبالتايل وقف نقل السالح‬ ‫اىل “حزب الله” ومحارصته‪ ،‬لكن الرئيس األسد‪ ،‬تصدى لهذه الرغبات‪،‬‬ ‫وزاد من تالحمه مع املقاومة‪ ،‬التي تصدت ملؤامرة جديدة عليها يف‬ ‫مطلع أيار ‪ ،2008‬باستهداف شبكة اتصاالتها‪ ،‬ومتكنت مع حلفائها‬ ‫يف املعارضة من إسقاط املرشوع األمرييك وأدواته اللبنانية‪ ،‬فكانت‬ ‫املحكمة هي الطريق الجديد التي تصل اىل رأس املقاومة‪ ،‬باستصدار قرار‬ ‫ظني أو اتهامي يستند يف مضمونه عىل اتصاالت هاتفية مخروقة‬ ‫إرسائيلياً عرب عمالء يعملون يف الرشكتني املشغلتني للهاتف الخلوي‪،‬‬ ‫تم تزويدها مبعلومات من قبل جهاز أمني لبناين‪ ،‬يكشف عن اتصاالت‬ ‫بني عنارص من الحزب كانت تتابع عملية االغتيال‪ ،‬وأن هذه املجموعة‬ ‫مرتبطة بالشهيد عامد مغنية‪ ،‬الذي اغتالته أدوات إرسائيلية يف‬ ‫دمشق‪ ،‬حيث بدأ الرتويج ومنذ اغتياله يف شباط ‪ ،2008‬أنه الشخص‬ ‫الذي يقف وراء عمليات االغتيال والتفجري يف لبنان‪.‬‬ ‫هذه الترسيبات نفاها “حزب الله” ودحضها واعتربها مسيئة اىل‬ ‫املقاومة وقياداتها وشهدائها‪ ،‬ورأى فيها أنها محاولة إرسائيلية‬ ‫لإليقاع باملقاومة‪ ،‬ولقد تصدى لها السيد حسن نرصالله الذي فوجئ‬ ‫بالرئيس سعد الحريري يكشف له عن أن قراراً ظنياً سيصدر عن‬ ‫املحكمة وسيتهم عنارص اعتربها غري منضبطة‪ ،‬وقد يكون متطابقاً‬ ‫مع ما صدر يف “دير شبيغل”‪ ،‬ورد قائد املقاومة عليه فوراً‪ ،‬ال أقبل مثل‬ ‫هذا الحديث‪ ،‬وأن أي عنرص يف الحزب ليس مته ًام‪ ،‬ويجب أن نفكر نحن‬ ‫وإياك قال نرصالله للحريري‪ ،‬كيف ميكن مواجهة مؤامرة زج اللبنانيني‬ ‫باقتتال فيام بينهم وتوريط السنة والشيعة يف رصاع مذهبي‪.‬‬ ‫أظهر الحريري أمام السيد نرصالله أنه كان حريصاً عىل عدم وقوع‬ ‫الفتنة‪ ،‬وقد أعلن يف املؤمتر التأسييس “لتيار املستقبل” أن روح والده‬ ‫ال تقبل الفتنة‪ ،‬وهذا توجه إيجايب ووطني‪ ،‬والتصدي ملا يحاك للبنان‪،‬‬ ‫ولكن عىل خلفية أن “حزب الله” بريء‪ ،‬وليس التسليم بقرار مشبوه‬ ‫مفربك‪ ،‬يعرف مضمونه اشكنازي وقادة العدو‪ ،‬ويهددون بأيلول أسود‬ ‫يف لبنان‪ ،‬إذ أن قبول رئيس “تيار املستقبل” باملزاعم التي تطبخ يف‬ ‫مطابخ دولية وإقليمية وحتى عربية ضد املقاومة‪ ،‬فمعنى ذلك أنه‬ ‫موافق عليها وهي نفسها األضاليل التي سار هو وفريق ‪ 14‬آذار وراءها‬ ‫باتهام سوريا وحلفائها يف لبنان‪ ،‬وقد سقطت دون أية مراجعة نقدية‬ ‫لهذه املرحلة التي أدخلوا لبنان فيها يف أتون حرب أهلية‪ ،‬كادت أن‬ ‫تودي باللبنانيني اىل دمار بلدهم‪ ،‬وهم يحاولون تكرار التجربة نفسها‬ ‫مع املقاومة‪ ،‬التي قررت الدفاع عن نفسها‪ ،‬ألنه إذا مل يدرك الحريري‬ ‫وحلفاؤه ما يدبر للبنان‪ ،‬فإن األيت أعظم كام قال جنبالط‪ ،‬وأن حرباً‬ ‫أهلية مدمرة ستقع أفظع مام حصل يف فتنة العام ‪ ،1975‬كام‬ ‫أعلن سليامن فرنجيه‪ ،‬والعامد عون كشف ما قد يواجه اللبنانيني‬ ‫من سيناريو تدخل فيه عنارص إسالمية أصولية‪ ،‬لتواجه “حزب الله”‬ ‫فيدخل لبنان يف “العرقنة”‪ ،‬وعندها يصح ما تنبأ به اشكنازي من‬ ‫أن أيلوالً أسوداً ينتظر اللبنانيني‪ ،‬فهل يعون مخاطره ومينعون وقوعه‪،‬‬ ‫بوحدتهم‪ ،‬إ ّال أن هناك من يراهن أن ينتهي سالح املقاومة باستدراجه‬ ‫اىل الداخل‪ ،‬ويتحول اىل سالح مذهبي إرهايب‪ ،‬وهو ما تريده “ارسائيل”‪،‬‬ ‫التي ولألسف فإن يف الداخل من يالقونها ويستقوون بها تعيد العدوان‬ ‫من جديد‪ ،‬لعلهم يظفرون برئاسة جمهورية عىل غرار العام ‪1982‬‬ ‫وتجربة بشري الجميل‪.....‬‬

‫اىل املحكمة الدولية يف الهاي يطالبها باملستندات من أجل أن يتابع‬ ‫دعاويه أمام املحاكم التي اشتىك إليها‪ ،‬وهو سمى ك ًال من‪ :‬مروان‬ ‫حامدة‪ ،‬العقيد وسام الحسن‪ ،‬فارس خشان‪ ،‬هاين حمود وغريهم ممن‬ ‫شاركوا يف تلفيق الشهادات ضده وضد زمالئه الضباط‪.‬‬ ‫فجرمية اغتيال الحريري حصلت من أجل تفجري لبنان وزج اسم‬ ‫فيها إلدخالها يف رصاع داخيل‪ ،‬سيكون عنوانه مذهبي‪،‬‬ ‫املقاومة‬ ‫حيث ظهرت مالمح الفتنة السنية – الشيعية منذ اللحظات‬ ‫األوىل لالغتيال‪ ،‬بعد أن بدأ الرتويج بأن السيارة جرى تفخيخها يف‬ ‫الضاحية الجنوبية‪ ،‬وأن املخططني التقوا يف شقة بحي معوض‪ ،‬وقد‬ ‫ساق هذه املعلومات الصديق الذي روى أكرث من رواية حول االغتيال‪،‬‬ ‫وأكدت لجنة التحقيق برئاسة سريج برامرتز عدم صحتها وصدقتيها‪،‬‬ ‫وذهبت بالتحقيق اىل مكان أخر‪ ،‬وهو احتامل أن تكون قوى إسالمية‬ ‫أصولية وراء التفجري‪ ،‬بعد أن ثبت أن أصوليا كان يقود سيارة الفان‬ ‫وتم اعتقال ما سمي مبجموعة ‪ 13‬التي اعرتف أحد‬ ‫“امليتسوبيتيش”‬ ‫ّ‬ ‫أعضائها السعودي فيصل أكرب بأنه هو من حض”أبوعدس” مع خالد‬ ‫وتم اغتيال الحريري‪ ،‬وابتعد االتهام عن سوريا‬ ‫طه‪ ،‬الفار من وجه العدالة ّ‬ ‫التي تعاونت مع التحقيق‪ ،‬وأرسلت ضباطاً للشهادة يف جنيف‪ ،‬كام‬ ‫مل يكن وارداً اسم “حزب الله” أو عنارص منه يف أي تحقيق‪ ،‬حتى صدور‬ ‫تقارير صحفية‪ ،‬بدأت تلمح مع نهاية العام ‪ ،2008‬اىل مشاركة أفراد‬ ‫من الحزب بالجرمية‪ ،‬ومل يكن أي عنرص منه‪ ،‬استدعي اىل التحقيق‪،‬‬ ‫وقد تعاطت قيادة الحزب مع هذا املوضوع عىل أنه ترسيبات صحافية‪،‬‬ ‫بعد أن تبني بطالن ما ورد حول الجرمية سابقاً من أخبار صحافية‪ ،‬اىل‬ ‫أن بدأت جهات دولية وإقليمية وأخرى عربية تتعاطى مع املعلومات‬ ‫املرسبة اىل “دير شبيغل” ومجالت أخرى عىل أنها وقائع‪ ،‬فبدأ “حزب‬ ‫الله” يقلق مام يدبر‪ ،‬وكان أول من تصدى لذلك رئيس “تيار التوحيد”‬ ‫وئام وهاب وهو من قال أن القايض دانيال بيلامر سيكون أسوأ من‬ ‫املحقق األملاين ديتليف ميليس الذي أوىص بزج الضباط األربعة يف‬ ‫السجن‪ ،‬وأن إطالق رساحهم من قبل املحكمة الدولية‪ ،‬التي برأتهم‬ ‫من االتهامات أو الشبهات التي سيقت ضدهم‪ ،‬ومل تكن موثوقة أو‬ ‫مسندة اىل أي دليل سينقل االتهام اىل مكان آخر‪ ،‬فكان التخوف من‬ ‫أن الفيلم األمرييك – اإلرسائييل‪ ،‬سيكون عن “حزب الله” وسيوضع‬ ‫سيناريو الستهدافه‪ ،‬وأن املطلوب رأس املقاومة‪ ،‬التي هزمت “إرسائيل”‬ ‫يف العام ‪ ،2000‬وحررت األرض اللبنانية املحتلة‪ ،‬واستمرت تطالب‬ ‫بتحرير ما تبقى من أرض محتلة يف مزارع شبعا وتالل كفرشوبا والجزء‬ ‫الشاميل من مدينة الغجر‪ ،‬مام أبقى سالحها الستكامل تحرير األرض‬ ‫واألرسى والدفاع عن لبنان‪ ،‬مع استمرار الخطر الصهيوين وأطامعه يف‬ ‫األرض واملياه‪ ،‬بالتنسيق مع الجيش اللبناين‪.‬‬ ‫هذا السالح الذي قال قادة العدو‪ ،‬أنه زاد لدى املقاومة‪ ،‬بعد التحرير‪،‬‬ ‫أرادت “إرسائيل” أن تحرف وجهة استخدامه بأن يتجه اىل الداخل مع‬ ‫صدور مواقف‪ ،‬تطالب بتسليم املقاومة سالحها اىل الدولة‪ ،‬وأن‬ ‫التحرير حصل‪ ،‬وال حاجة لوجوده‪ ،‬كام مل تعد من رضورة للوجود‬ ‫العسكري واألمني السوري يف لبنان‪ ،‬الذي كانت الحكومات املتعاقبة‬ ‫تؤكد أنه رشعي ورضوري ومؤقت‪ ،‬وأن الطائف ربط خروج الجيش‬ ‫السوري باالنسحاب اإلرسائييل الذي تم يف ‪ 25‬أيار ‪.2000‬‬ ‫فاملقاومة التي استعصت عىل “إرسائيل”‪ ،‬كان ال بد من زج مجلس‬ ‫األمن الدويل ضدها‪ ،‬فصدر عنه قرار حمل الرقم ‪ ،1559‬وقد صنعته‬ ‫أمريكا وفرنسا‪ ،‬وأكد عىل انسحاب القوات السورية ونزع سالح‬ ‫املقاومة‪ ،‬وظهرت روائح مؤامرة عىل لبنان ومقاومته‪ ،‬وكان ال بد من‬ ‫حدث كبري‪ ،‬ليتم تنفيذه‪ ،‬فكان اغتيال الحريري‪ ،‬الذي وقف ضده ونبه‬ ‫من خطورته‪ ،‬وقد ربطت تقارير لجنة التحقيق الدولية بني القرار املذكور‬ ‫واالغتيال‪ ،‬مام يشري اىل أن من يقف وراءه هي “إرسائيل” ودول حليفة‬ ‫لها‪ ،‬تريد تطويع سوريا للسري معها يف عدم دعم املقاومة يف لبنان‬ ‫وفلسطني والعراق‪ ،‬وهي الرشوط واملطالب التي نقلها وزير الخارجية‬

‫‪5‬‬

‫«منرب التوحيد»‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫هل يكون أيلول طرفه في الحرب مجبول؟‬

‫األسد يتوقعها مع سد «إسرائيل» لطرق السالم‬ ‫قادة العدو ّ‬ ‫يحضرون لها األجواء الدولية واإلقليمية ويو ّزعون المزاعم‬ ‫يف زيارته األخرية إلسبانيا‪ ،‬وقبلها يف بعض‬ ‫دول أمريكا الالتينية‪ ،‬ح ّذر الرئيس السوري‬ ‫الدكتور بشار األسد‪ ،‬من أن املنطقة إذا مل تتقدم‬ ‫نحو السالم فهي ذاهبة اىل الحرب‪.‬‬ ‫هذا التحذير يستند اىل انسداد أفق عملية‬ ‫السالم التي أوقفتها “إرسائيل”‪ ،‬بسبب رفض‬ ‫قادتها‪ ،‬مقايضة األرض مقابل السالم كام نصت‬ ‫عليه قواعد وأسس مؤمتر مدريد للسالم‪ ،‬الذي‬ ‫انطلق يف العام ‪ ،1991‬وجرى تعطيله من قبل‬ ‫جهات عربية وفلسطينية ودولية‪ ،‬عندما ذهب‬ ‫الوفد الفلسطيني منفرداً اىل حل جزيئ عرب‬ ‫اتفاق أوسلو‪ ،‬وأقام النظام األردين سالماً عرب اتفاق‬ ‫وادي عربة‪ ،‬وبقيت سوريا متشبثة بحقها يف‬ ‫االنسحاب من الجوالن اىل حدود الرابع من حزيران‪،‬‬ ‫وتطبيق القرارات الدولية كام أن لبنان الذي مل‬ ‫يكن معنياً مبؤمتر مدريد إ ّال يف تنفيذ القرار ‪425‬‬ ‫بانسحاب االحتالل اإلرسائييل من أراضيه‪ ،‬فإن‬ ‫مقاومته استمرت يف القيام بعمليات ضد مواقع‬ ‫الجيش اإلرسائييل وعمالئه حتى فرض االنسحاب‬ ‫بالقوة عليه يف ‪ 25‬أيار ‪.2000‬‬ ‫فعملية السالم متوقفة بالرغم من محاولة‬ ‫اإلدارات األمريكية املتعاقبة تنشيطها‪ ،‬لكنها‬ ‫مل تحرز أي تقدم‪ ،‬بل هي وصلت اىل طريق مسدود‬ ‫بعد أن أسقطت “إرسائيل” اتفاق أوسلو وما تبعه‬ ‫من خارطة طريق اىل اللجنة الرباعية واملبادرة‬ ‫العربية‪ ،‬الذي مل تلتزم به‪، ،‬ال بل هي وخالل الكالم‬ ‫عن السالم‪ ،‬شنت حربني مدمرتني عىل لبنان‬ ‫صيف ‪ 2006‬وعىل غزة نهاية ‪ 2008‬ومطلع ‪،2009‬‬ ‫إضافة اىل االعتداءات املستمرة عىل الشعب‬ ‫الفلسطيني يف الضفة الغربية وغزة واألرايض‬ ‫الفلسطينية املحتلة عام ‪.1948‬‬ ‫فـ “إرسائيل” دولة قامت عقيدتها التوراتية‬ ‫عىل اغتصاب أرض الغري يف فلسطني وطرد‬ ‫شعبها منها‪ ،‬وهي نشأت عىل الحرب والعدوان‪،‬‬ ‫وأن مؤسسها دايفيد بن غوريون الذي وضع‬ ‫عقيدتها األمنية يقول “أن فرتة الهدوء التي تيل‬ ‫الحروب بالنسبة اىل الدولة اليهودية هي أشبه‬ ‫بحاالت هدنة أو وقف إطالق نار طويل قبل الحرب‬ ‫التالية”‪.‬‬ ‫وهذا ما حصل‪ ،‬إذ أن “إرسائيل” بعد هدنة العام‬ ‫‪ ،1948‬وبعد صدور قرار التقسيم عن األمم املتحدة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الرقم ‪ ،181‬شنت حرباً عىل مرص يف قناة‬ ‫السويس‪ ،‬يف العام ‪ ،1956‬ثم كررت الحرب يف‬ ‫العام ‪1967‬عىل الدول العربية املجاورة يف سوريا‬ ‫واألردن ومرص‪ ،‬واحتلت الجوالن والضفة الغربية‬ ‫وغزة‪ ،‬يف عملية توسع‪ ،‬وتحت ذريعة األمن‪ ،‬وبعد‬ ‫ست سنوات كانت يف مواجهة حرب ترشين عام‬ ‫‪ ،1973‬التي بادر إليها الجيشان السوري واملرصي‪،‬‬ ‫مام أربك الدولة العربية وباغتتها هذه الحرب‪ ،‬التي‬ ‫كادت أن تهزم فيها لوال الجرس الجوي األمرييك‬ ‫الذي دعمها يف االستمرار بالحرب‪ ،‬وإعالن رئيس‬ ‫النظام املرصي أنور السادات وقف الحرب من جانبه‪،‬‬ ‫فبقيت سوريا يف حرب استنزاف‪ ،‬ثم يف التوجه‬ ‫اإلرسائييل نحو لبنان وإشعال حرب داخلية فيه‪،‬‬ ‫وإنهاك املقاومة الفلسطينية فيها‪ ،‬يف العام‬ ‫‪ ،1975‬ثم القيام باجتياح ألجزاء من جنوب لبنان‬ ‫سميت “عملية الليطاين” التي أقامت فيه‬ ‫رشيطاً حدودياً”‪ ،‬لرد صواريخ “الكاتيوشا” عن‬ ‫مستوطناتها كام ادّعت‪ ،‬والتي فشلت يف ذلك‪،‬‬ ‫مام دفعها يف العام ‪ 1982‬اىل توسيع غزوها للبنان‬ ‫نحو ‪ 45‬كلم‪ ،‬اىل أنها تخطت هذه املسافة من‬ ‫نهر األويل اىل العاصمة بريوت وجزء من البقاع‬ ‫والجبل‪ ،‬فكانت لها املقاومة الوطنية اللبنانية‬ ‫باملرصاد وأنزلت فيها خسائر برشية ومادية‪،‬‬

‫‪6‬‬

‫فرضت عىل قوات االحتالل االنسحاب من العديد‬ ‫من املناطق يف بريوت والجبل ورشق صيدا وجزين‬ ‫والنبطية وعادت اىل “الرشيط الحدودي” اىل أن‬ ‫تم تحريره من قبل “املقاومة اإلسالمية” يف العام‬ ‫‪ ،2000‬لكنها عادت يف العام ‪ ،2006‬اىل شن‬ ‫عدوان جديد استمر ‪ 33‬يوماً‪ ،‬ففشلت يف تحقيق‬ ‫أهدافها‪ ،‬وانهزم جيشها أمام صمود املقاومة‪،‬‬ ‫وقوة الردع التي استخدمتها يف إطالق الصواريخ‬ ‫عىل املدن واملستوطنات الصهيونية‪.‬‬ ‫فبعد كل حرب وحصول هدنة‪ ،‬كانت “ارسائيل”‬ ‫تتهيأ بعد سنوات اىل شن حرب أخرى‪ ،‬ألنها من‬ ‫دون ذلك فإن املجتمع اليهودي عرضة لالنهيار‪ ،‬وهو‬ ‫املصنف أنه مجتمع حرب بامتياز‪ ،‬وأن الدولة‬ ‫العربية هي ثكنة عسكرية‪ ،‬وكل مواطنيها‬ ‫يف الجيش واالحتياط‪ ،‬وأن أية حرب تخرسها‬ ‫“ارسائيل”‪ ،‬فإنها وحسب قادتها التاريخيني‪ ،‬تعني‬ ‫نهاية وجودها‪ ،‬فهي مضطرة اىل أن تبقي شعبها‬ ‫مشدوداً نحو الحرب‪ ،‬وهي ما تتحرض له‪ ،‬منذ‬ ‫العام ‪ ،2006‬وبعد صدور تقرير لجنة “فينوغراد”‬ ‫الذي عرض للثغرات التي ظهرت يف أثناء حرب‬ ‫‪ 33‬يوماً‪ ،‬التي مل تشهد “ارسائيل” مثي ًال لها يف‬ ‫حروبها الثالثة مع األنظمة العربية يف األعوام‬ ‫‪ 1967 ،1948‬و ‪ ،1973‬بينام يف حروبها عىل‬ ‫لبنان يف األعوام ‪ 1978‬و ‪ 1982‬و ‪ 1993‬و ‪1996‬‬ ‫و ‪ ،2006‬فإن “ارسائيل” استنزفت أمام وطن األرز‪،‬‬ ‫وانهزمت أمام حفنة من الرجال املقاومني الذين‬ ‫أذلوا جيشها وقهروه يف لبنان‪.‬‬ ‫ومع توقف األعامل العسكرية وفق قرار‬ ‫مجلس األمن الدويل ‪ 1701‬يف ‪ 14‬آب ‪ ،2006‬فإن‬ ‫“إرسائيل” بدأت اإلعداد للحرب الجديدة‪ ،‬وهي أجرت‬ ‫أربع مناورات حتى اآلن‪ ،‬وكان تركيزها عىل الجبهة‬ ‫الداخلية التي انهارت أثناء حرب متوز ‪ ،2006‬وهي‬ ‫بدأت تعد العدة لعدوان جديد‪ ،‬إذ يقلقها وجود‬ ‫آالف الصواريخ عند جبهتها الشاملية‪ ،‬كام بدأت‬ ‫تتحدث عن أن سوريا أقامت مصنعاً لـ “حزب‬ ‫الله” عىل أراضيها يتزود من خالله‪ ،‬بصواريخ من‬ ‫نوع “أم – ‪ ،”600‬حيث يبلغ قطر الصاروخ ‪ 600‬ملم‬ ‫ويحمل رؤوساً قتالية بوزن ‪ 500‬كلغ‪ ،‬ويصل مداه‬ ‫اىل ما بني ‪ 300 – 250‬كلم‪.‬‬ ‫وال يكتفي قادة العدو بذلك‪ ،‬بل هم يعلنون أن‬ ‫سوريا زودت “حزب الله” بعربات تحمل منظومات‬

‫صاروخية من نوع ‪. 8 -A GECHOS‬‬ ‫وذهبت أحد املواقع اإلرسائيلية “دبكا” اىل‬ ‫الرتويج أن إيران ركبت رادارين يف قمم جبيل‬ ‫صنني والباروك وهام يستطيعان رصد أي طريان‬ ‫ينطلق من األرض الفلسطينية املحتلة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما تعتربه “ارسائيل” يشكل خطراً عىل أمنها‬ ‫القومي‪ ،‬وهي يف العام ‪ 1981‬أثارت مشكلة‬ ‫عندما صعد جنود سوريون ومتركزوا يف الغرفة‬ ‫الفرنسية يف تالل الزعزور – صنني‪ ،‬حيث ميكن‬ ‫من هذه القمة العالية رؤية قربص وكل األرايض‬ ‫الفلسطينية املحتلة‪ ،‬وهو ما فتح لها الباب لشن‬ ‫حرب عىل لبنان يف حزيران ‪.1982‬‬ ‫وهذه الحملة اإلرسائيلية التي بدأت ضد‬ ‫املقاومة ومن يقف معها يف سوريا وإيران‪،‬‬ ‫رّ‬ ‫تحض لحرب‪ ،‬ال سيام‬ ‫تؤرش اىل أن “إرسائيل”‬ ‫بعد أن وزعت صوراً منقولة عن “الغوغل” تشري‬ ‫فيها اىل معلومات عن أن “حزب الله” يخزن‬ ‫أسلحة وصواريخ يف منازل بلدة الخيام‪ ،‬وقريبة‬ ‫من املدارس واملستشفيات‪ ،‬حيث تم تهديد‬ ‫السكان بأنهم سيكونون عرضة لالعتداء يف‬ ‫أية حرب مقبلة‪ ،‬تهدف “ارسائيل” اىل خلق‬ ‫تناقض بني املقاومة ومجتمعها‪ ،‬ثم اىل تهجري‬ ‫ّ‬ ‫مبكر للسكان‪ ،‬واىل استاملة البعض منهم‬ ‫اىل أن يجمعوا معلومات حول وجود السالح‬ ‫يفس تحرك‬ ‫واإلبالغ عن أماكنه‪ ،‬وهذا ما‬ ‫رّ‬ ‫الوحدة الفرنسية العاملة يف القوات الدولية‬ ‫داخل األزقة واألحياء الداخلية للقرى والبلدات‬ ‫للتفتيش عن ما تسميه مخازن أسلحة زودتها‬ ‫“ارسائيل” مبعلومات عنها‪ ،‬مام أثار حفيظة‬ ‫األهايل الذين فوجئوا بدخول “اليونيفل” اىل‬ ‫قرب منازلهم دون تنسيق مع الجيش‪ ،‬وعدم‬ ‫احرتام ثقافة وتقاليد املواطنني‪ ،‬والتعدي عىل‬ ‫األمالك الخاصة‪ ،‬وهو ما اعرتف قائد القوات‬ ‫الدولية ألربتو أسارتا‪ ،‬بحدوث أخطاء يف هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬وتوجه برسالة اىل أبناء الجنوب معتذراً‬ ‫مام حصل‪ ،‬مؤكداً عدم تكرار مثل هذه األعامل‬ ‫التي ال ينص عليها القرار ‪ ،1701‬وحصل تجاوز‬ ‫له من قبل قائد الوحدة الفرنسية الذي نال‬ ‫لوماً من وزير الدفاع الفرنيس هرييف موران‪،‬‬ ‫الذي جاء اىل الجنوب قبل فرتة‪ ،‬وملس استقراراً‬ ‫للوضع‪.‬‬ ‫ولقد حاولت “ارسائيل” وضع القوات الدولية‬ ‫يف مواجهة األهايل واالصطدام بهم‪ ،‬لتغيري‬ ‫قواعد االشتباك والتحول من الفصل السادس‬ ‫اىل السابع‪ ،‬إ ّال أن هذه املحاولة فشلت‪ ،‬بعد أن تم‬ ‫تطويق اإلشكاالت سياسياً وأعلن لبنان الرسمي‬ ‫والشعبي احتضانه للقوات الدولية‪ ،‬كقوة‬ ‫حفظ السالم وردع “ارسائيل”‪ ،‬ال أن تتحول عن‬ ‫مهمتها اىل أن تكون أداة يف يد الدولة العربية‬

‫مناورات ارسائيلية تحضرياً للحرب‬

‫للتجسس عىل اللبنانيني ومقاومتهم‪ ،‬ومحاولة‬ ‫تجريدهم من سالحهم‪ ،‬حيث متاهت أطراف‬ ‫سياسة لبنانية مع هذه املحاولة اإلرسائيلية التي‬ ‫انكشفت رسيعاً‪.‬‬ ‫وبعد أن انتهى سوء التفسري للقرار ‪ ،1701‬مبا‬ ‫يخص رضورة التحرك للقوات الدولية‪ ،‬وفق املادة‬ ‫‪ 12‬من قرار انتدابها‪ ،‬بأن تكون دورياتها ومتريناتها‬ ‫من خالل التنسيق مع الجيش‪ ،‬فإن “ارسائيل”‬ ‫تتطلع اىل حرب جديدة‪ ،‬مل تنته يف ‪ 14‬أب ‪،2006‬‬ ‫حيث مل ينص القرار ‪ 1701‬عىل وقف إلطالق‬ ‫النار بل وقف لألعامل العسكرية‪ ،‬وهو ما يعني‬ ‫أن “ارسائيل” تستطيع التذرع بأي ذريعة لتكرار‬ ‫عدوانها‪ ،‬وهي ترتكز عىل موضوع تسلح “حزب‬ ‫الله” واعتباره مي ّثل خرقاً للقرار ‪ 1701‬لنيل تأييد‬ ‫دويل وتحديداً أمرييك ملعاودة املغامرة التي قامت‬ ‫بها قبل أربع سنوات وفشلت‪ ،‬وهي ما زالت‬ ‫تعتقد أنها تستطيع إعادة الهيبة اىل جيشها‬ ‫وعودة ثقة اإلرسائيليني به‪ ،‬بعد أن فقد قوة الردع‬ ‫التي كان عليها سابقاً‪.‬‬ ‫وهذه املغامرة الجديدة يجري التداول بأن‬ ‫تاريخها قد يكون بعد شهر رمضان‪ ،‬أي يف أيلول‬ ‫املقبل وقد أعلن رئيس األركان اإلرسائييل غايب‬ ‫اشكنازي أن لبنان سيشهد خالله توتراً عىل‬ ‫خلفية صدور القرار الظني عن املحكمة الدولية‬ ‫يف اغتيال الرئيس رفيق الحريري واتهام “حزب‬ ‫الله” يف العملية‪ ،‬حيث توقف كثريون أمام‬ ‫كالمه‪ ،‬الذي يوحي فيه وكأن حرباً داخلية لبنانية‬ ‫ستحصل‪ ،‬ال بل فتنة سنية – شيعية ستقوم‬ ‫عىل ضوء ما سيصدر عن املحكمة‪ ،‬مام يعطي لـ‬ ‫“إرسائيل” حرية حركة ضد املقاومة‪ ،‬بعد أن تكون‬ ‫جبهتها الداخلية تزعزعت‪ ،‬وأدارت سالحها اىل‬

‫‪7‬‬

‫الداخل‪ ،‬يف معارك شوارع وأزقة‪ ،‬مام يسهّل عىل‬ ‫القوات اإلرسائيلية الدخول اىل القرى والبلدات‬ ‫يف الجنوب والتوغل فيها بحثاً عن السالح‬ ‫ومنصات الصواريخ واملخازن‪.‬‬ ‫هذا السيناريو يجري تداوله‪ ،‬وأن التبشري بالحرب‬ ‫يتقدم أمام تراجع السالم‪ ،‬وحاجة “ارسائيل”‬ ‫إليها‪ ،‬إذ أن استطالعاً للرأي العام داخل الكيان‬ ‫الصهيوين أظهر أن أكرث من نصف الصهاينة‬ ‫يؤيدون شن حرب عىل لبنان وغزة‪ ،‬وال ميانعون أن‬ ‫تشمل سوريا ومتتد اىل إيران‪ ،‬طاملا أن الهدف هو‬ ‫ضامن وجود “ارسائيل”‪ ،‬الذي يهدده هذا املحور‪ ،‬وهو‬ ‫ما دفع بالرئيس األمرييك باراك أوباما اىل تطمني‬ ‫رئيس الحكومة اإلرسائيلية بنيامني نتنياهو اىل أن‬ ‫وجود وأمن “ارسائيل” مضمونان أمريكيا‪ ،‬وهام من‬ ‫صلب اسرتاتيجية الواليات املتحدة‪ ،‬وهو ما القاه‬ ‫يف املوقف نفسه رؤساء دول وحكومات أوروبية‪،‬‬ ‫وعب عنه رئيس الحكومة اإلسبانية السابق إزنار‬ ‫رّ‬ ‫باإلشارة اىل أن الخطر الذي يتهدد “ارسائيل” هو‬ ‫خطر عىل الغرب كله‪ ،‬وعىل الدميقراطية‪.‬‬ ‫فهل تتلطى “ارسائيل” وراء هذا الخطر‪ ،‬وما بدأ‬ ‫يش ّكله عليها من امتالك إيران لربنامج نووي‪،‬‬ ‫ووجود ترسانة أسلحة صاروخية بجوارها يف‬ ‫لبنان وسوريا وغزة‪ ،‬ودخول تركيا عنرص تغيري‬ ‫جيواسرتاتيجي‪ ،‬مام يسهّل عىل قادة العدو‪،‬‬ ‫الحصول عىل ضوء أخرض أمرييك بشن حرب يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬إلعادة رسمها من جديد لحفظ أمنها‬ ‫ومصالح حلفائها األمريكيني والغربيني؟‬ ‫الشهران القادمان حافالن بالتطورات واملفاجآت‬ ‫وأيلول طرفه بالحرب مجبول!‬

‫زهري العياش‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب لبناين‬

‫«إسرائيل» تحتل هواتف لبنان‬ ‫واتصاالت اللبنانيين‬ ‫ليس مفاجئاً أن يظهر عمالء يف دولة يعملون‬ ‫لدولة أخرى معادية‪ ،‬فتاريخ الدول والشعوب‪،‬‬ ‫مليئة بالجواسيس‪ ،‬الذين عملوا لصالح العدو‪،‬‬ ‫وكان مصريهم اإلعدام‪.‬‬ ‫ويف لبنان‪ ،‬ظهر يف تاريخه عمالء للعدو‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬ولكن مل يكن العدد كبرياً‪ ،‬كام‬ ‫ظهر يف السنوات األخرية‪ ،‬السيام بعد العدوان‬ ‫اإلرسائييل يف العام ‪ ،2006‬إذ انكشفت شبكات‬ ‫من العمالء حيث وصل عدد املعتقلني اىل أكرث‬ ‫من ‪ 50‬شخصاً خالل العامني األخريين‪ ،‬يتوزعون‬ ‫عىل طوائف ومذاهب وفق التصنيف الطائفي‪،‬‬ ‫وبعضهم لديه انتامءات سياسية وحزبية‪ ،‬كام‬ ‫أن من أوقفوا احتلوا مراكز يف منظامت وأحزاب‬ ‫لبنانية وفلسطينية‪ ،‬وكان األخطر هو اكتشاف‬ ‫خرق إرسائييل للجيش اللبناين واألجهزة األمنية‪،‬‬ ‫فتم كشف ضلوع نحو خمسة ضباط من الجيش‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وضابط متقاعد يف األمن العام‪ ،‬وعنارص يف قوى‬ ‫األمن الداخيل‪ ،‬أما الصيد الثمني يف كشف‬ ‫العمالء‪ ،‬فكان وقوع رشبل قزي‪ ،‬املوظف يف رشكة‬ ‫“ألفا” التي تش ّغل الهاتف الخلوي يف لبنان‪ ،‬والذي‬ ‫ذكرت املصادر األمنية أنه ومنذ العام ‪ ،1996‬يز ّود‬ ‫العدو اإلرسائييل مبعلومات عن شبكة االتصاالت‬ ‫الهاتفية الخلوية‪ ،‬حيث توصل من خالل موقعه‬ ‫التقني يف الرشكة‪ ،‬أن يعطي أرقاماً تشغيلية‬ ‫‪ password‬للدخول اىل الشبكة‪ ،‬والحصول‬ ‫عىل املعلومات حيث تبينّ أهمية االتصالت‪ ،‬يف‬ ‫الرصاع املخابرايت مع العدو اإلرسائييل‪ ،‬الذي‬ ‫مل يتمكن من الوصول اىل املقاومة وقيادتها‬ ‫وأسلحتها وتجهيزها‪ ،‬ألنها كانت أنشأت شبكة‬ ‫خاصة بها‪ ،‬التي حاولت حكومة فؤاد السنيورة‪،‬‬ ‫يف ‪ 5‬أيار ‪ ،2008‬إزالتها عرب القرار الشهري الذي‬ ‫اتخذته‪ ،‬وتصدت له املقاومة وحلفاؤها‪ ،‬ومتكنوا‬ ‫من إلغائه‪ ،‬وقلب املعادلة السياسية الداخلية‪،‬‬ ‫لصالح املعارضة‪ ،‬عرب رضب املرشوع األمرييك‬ ‫وإسقاطه‪ ،‬والذي سار يف ركابه فريق ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫ورهن وجوده يف السلطة له مقابل تنفيذ ما‬ ‫كانت تطلبه منه اإلدارة األمريكية برئاسة جورج‬ ‫بوش‪ ،‬والتي ر ّكزت عىل نزع سالح املقاومة‪ ،‬وقد‬ ‫فشلت يف الحوار كام يف الحرب التي شنتها‬ ‫“إرسائيل” صيف ‪ 2006‬يف تحقيق أهدافها‪،‬‬ ‫وحاول أطراف لبنانيون استكامله من خالل إزالة‬ ‫سالح اإلشارة لدى املقاومة‪ ،‬وقد حصد الطرفان‬ ‫األمرييك واإلرسائييل ومعهم وكالء لبنانيون‬ ‫الفشل‪ ،‬وانترصت املقاومة‪.‬‬ ‫ومع اكتشاف عمالء يف رشكة االتصاالت‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫محمود رافع ‪ :‬عميل اىل االعدام‬

‫الخليوية‪ ،‬يظهر أن “إرسائيل” مت ّكنت من أن تدخل‬ ‫اىل عمق لبنان‪ ،‬وتحتل منازل اللبنانيني‪ ،‬وتعرف‬ ‫تفاصيل حياتهم‪ ،‬وباستطاعتها أن تتس ّلل اىل‬ ‫كل شيئ‪ ،‬وأن تستغني عن زرع مئات العمالء‬ ‫لها يف كل لبنان من خالل إمساكها بشبكة‬ ‫االتصاالت‪.‬‬ ‫لكن ما غنمته “إرسائيل” من شبكة اتصاالت‬ ‫الخلوي‪ ،‬مل يوصلها اىل معلومات عن املقاومة‪،‬‬ ‫وهو ما ظهر من خالل عدوانها قبل أربع سنوات‪،‬‬ ‫لذلك لجأت اىل األدوات البرشية‪ ،‬بزرع العمالء يف‬ ‫العديد من املناطق‪ ،‬والذين كانوا عيونها وآذانها‪،‬‬ ‫وساعدوها عىل تزويدها مبعلومات تتع ّلق مبنازل‬ ‫لقادة املقاومة وكوادرها ومؤسساتهم‪ ،‬إضافة‬ ‫اىل املرافق العامة املعروفة من جسور ومبانٍ‬ ‫حكومية وعسكرية وأمنية‪ ،‬وقد اعرتف عدد من‬ ‫العمالء عن الدور الخياين الذي قاموا به‪ ،‬وقد أصدر‬ ‫القضاء العسكري اللبناين قراراً باإلعدام بحق‬ ‫محمود رافع‪ ،‬وهو عنرص سابق يف قوى األمن‪،‬‬ ‫تجنّد منذ سنوات للعاملة لـ “إرسائيل”‪ ،‬وشارك‬ ‫يف اغتيال األخوين نضال ومحمود املجذوب يف‬ ‫صيدا يف أيار ‪ ،2006‬وقبل العدوان بشهرين‪ ،‬كام‬ ‫صدر قرار آخر بإعدام عيل منتش الذي ساعد‬ ‫العدو يف قصف منازل ومؤسسات وطرقات‪،‬‬ ‫وهذه قرارات أوىل وستلحقها أخرى‪.‬‬ ‫وقرار اإلعدام سين ّفذ فور وصوله اىل القرص‬

‫‪8‬‬

‫شبكة اتصاالت أم عمالء؟‬

‫الجمهوري‪ ،‬حيث تعهّد الرئيس ميشال سليامن‬ ‫بتوقيعه دون إبطاء وفوراً‪ ،‬ألنه بات من الرضوري‬ ‫تحصني املجتمع اللبناين من تغلغل العمالء فيه‪،‬‬ ‫وتواجدهم داخله‪ ،‬بعد التساهل مع العمالء الذين‬ ‫كانوا يف صفوف ميليشيا لحد‪ ،‬تحت اعتبارات‬ ‫سياسية وطائفية وإنسانية‪ ،‬وترصفت املقاومة‬ ‫معهم بكل رقي‪ ،‬وتركتهم للقضاء ليقتص‬ ‫منهم‪ ،‬ومنعت عمليات الثأر وردود الفعل‪ ،‬حيث‬ ‫مل تحصل رضبة كف‪ ،‬بعكس ما حصل يف دول‬ ‫كثرية‪ ،‬أقيمت فيها محاكم ميدانية ُقتل فيها‬ ‫العمالء‪.‬‬ ‫هذا التساهل‪ ،‬رمبا هو الذي ساهم يف أن تقوم‬ ‫بيئة سياسية وشعبية حاضنة للعاملة‪ ،‬التي‬ ‫منت بعد العام ‪ ،2005‬وإثر اغتيال الرئيس رفيق‬ ‫تم فيه احتامل أن تكون “إرسائيل”‬ ‫الحريري‪ ،‬الذي ّ‬ ‫وراء قتله وهي املستفيدة من ذلك‪ ،‬وصعود‬ ‫املرشوع األمرييك‪ ،‬وتقدّم املخطط اإلرسائييل‪،‬‬ ‫إذ كان لبنان وفق املفكرة اإلرسائيلية‪ ،‬سيعود‬ ‫اىل الحضن اإلرسائييل‪ ،‬وتوقيع معاهدة سالم‬ ‫مع الدولة العربية‪ ،‬وهو املرشوع الذي أفشلته‬ ‫املقاومة الوطنية وسوريا بعد االجتياح اإلرسائييل‬ ‫للبنان‪ ،‬وكان يستهدف تركيب حكم لبناين موالٍ‬ ‫للعدو ويو ّقع معه اتفاق سالم‪ ،‬عُ رف باتفاق ‪17‬‬ ‫أيار الذي أسقطته القوى والشخصيات الوطنية‬ ‫اللبنانية مبساعدة سوريا‪ ،‬ومت ّكنت من أن تهز‬

‫الحكم الكتائبي برئاسة أمني الجميل‪ ،‬الذي كان‬ ‫من إفرازات االحتالل‪.‬‬ ‫وقد ظهر الرصاع عىل أشده بني مرشوعني‪،‬‬ ‫األول وطني مقاوم حليف لسوريا‪ ،‬والثاين مساوم‬ ‫واستسالمي حليف ألمريكا ومرشوعها‪ ،‬وهو ما‬ ‫انعكس يف اإلعالم والسياسة‪ ،‬وبرز انقسام حاد‬ ‫داخل املجتمع اللبناين‪ ،‬إذ بدأ فريق لبناين مت ّثله‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬ير ّوج للعداء لسوريا وإيران ويح ّرض‬ ‫عىل املقاومة‪ ،‬وال ينفك يقول بأن كل من يتحدّث‬ ‫عن قتال “إرسائيل”‪ ،‬ومناهضة أمريكا التي تحمل‬ ‫الدميقراطية اىل لبنان واملنطقة‪ ،‬يحمل خطاباً‬ ‫رجعياً ولغة خشبية‪ ،‬وسادت عبارة ثقافة الحياة‪،‬‬ ‫يف وجه ثقافة املوت وفق نظريتهم التي متثلها‬ ‫املقاومة‪.‬‬ ‫هذه البيئة السياسية والفكرية‪ ،‬والتي متتد‬ ‫جذورها اىل بداية القرن املايض‪ ،‬وترعرعت يف‬ ‫كنف مدرسة انعزالية مثلتها الكتائب كحزب‪،‬‬ ‫أقام أول اتصال بالعدو اإلرسائييل يف الخمسينات‬ ‫وفق مذكرات مويش شاريت‪ ،‬الذي كشف عن‬ ‫أن “إرسائيل” تبحث عن من يتبنى قيام “دولة‬ ‫مارونية”‪ ،‬أو مسيحية يف لبنان‪ ،‬تكون حليفة‬ ‫لـ “إرسائيل”‪ ،‬وهذه النظرية كادت أن تتحقق‬ ‫يف مطلع السبعينات‪ ،‬وكشفت عنها الوقائع‬ ‫من خالل الغزو الصهيوين للبنان عام ‪ ،1982‬وما‬ ‫إرسائييل‬ ‫أظهرته الوقائع من تعاون كتائبي‪-‬‬ ‫عب عنه دعوة بشري الجميل إلقامة دويلة‬ ‫موثق‪ ،‬رّ‬ ‫مسيحية من جرس كفرشيام اىل املدفون‪.‬‬ ‫فمثل هذه البيئة الحزبية والسياسية وغريها‬ ‫من البيئات التي تعترب أن العاملة لـ “إرسائيل”‪،‬‬ ‫وجهة نظر‪ ،‬وقد شجع عىل تطور ثقافة العاملة‪،‬‬ ‫األبواب التي فتحتها األنظمة العربية للمفاوضات‬ ‫مع “إرسائيل”‪ ،‬وكذلك املعاهدات التي تم توقيعها‬ ‫مع الدولة العربية‪ ،‬إضافة اىل التنازالت التي‬ ‫قدمتها السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫يف املقابل‪ ،‬كانت يف لبنان تنمو ثقافة املقاومة‬ ‫التي تكرست وتعززت بعد االنتصارين اللذين‬ ‫تحققا يف أيار ‪ 2000‬وآب ‪ ،2006‬وتبعهام االنتصار‬ ‫الذي تحقق يف غزة مطلع ‪ ،2009‬حيث بدأت أمام‬ ‫تقدم ثقافة املقاومة‪ ،‬وسقوط التطبيع الشعبي‬ ‫مع “إرسائيل”‪ ،‬ومحارصة األنظمة العربية‬ ‫املستسلمة وانسداد أفق السالم مع الكيان‬ ‫الصهيوين الذي مل يوقف بناؤه للمستوطنات‬ ‫واستمر يف رفع جهوزيته للحرب‪.‬‬ ‫هذه الثقافة املقاومة‪ ،‬فضحت العمالء‪ ،‬وبدأت‬ ‫شبكاتهم تنكشف‪ ،‬وما ساعد يف لبنان عىل‬ ‫ذلك‪ ،‬هو أن فرع املعلومات يف قوى األمن الداخيل‪،‬‬ ‫وبعد أن رست حوله الكثري من الشائعات واألخبار‬ ‫عن تورط عنارص منه‪ ،‬يف أثناء العدوان‪ ،‬وبعد أن‬ ‫ظهرت صورة الضابط يف قوى األمن الداخيل‬ ‫عدنان داوود يقدم الشاي لضباط وجنود العدو‬ ‫اإلرسائييل يف ثكنة مرجعيون‪ ،‬هذه الصورة‬ ‫حاولت قوى األمن محوها من خالل اعتقالها‬ ‫لعدد من العمالء‪ ،‬وكان إنجاز وطني حاز عىل تأييد‬

‫سيايس وشعبي لبناين‪،‬‬ ‫لكن بقيت ثغرة حصل‬ ‫عليها جدل‪ ،‬وهو حول‬ ‫العميل قزي ومعرفة فرع‬ ‫املعلومات به‪ ،‬وتأخره عن‬ ‫كشفه واعتقاله‪ ،‬وهي‬ ‫األمني‬ ‫وجهها‬ ‫أسئلة‬ ‫العام لـ “حزب الله” السيد‬ ‫حول‬ ‫نرصالله‪،‬‬ ‫حسن‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬حيث جاء‬ ‫الرد‪ ،‬من مصادر يف قوى‬ ‫األمن‪ ،‬أن هذا العميل كان‬ ‫مرصوداً من فرع املعلومات بشري الجميل وشارون‪ :‬التحضري لالجتياح االرسائييل عام ‪1982‬‬ ‫لكن تأخر وزارة االتصاالت‬ ‫يف إعطاء األذن مبراقبة‬ ‫خطه الهاتفي‪ ،‬هو الذي‬ ‫سمح ملديرية املخابرات يف‬ ‫الجيش بتوقيفه‪.‬‬ ‫والسؤال ليس حول‬ ‫التنافس الذي يظهر بني‬ ‫األجهزة األمنية‪ ،‬يف هذا‬ ‫املوضوع أو غريه‪ ،‬ولكن ماذا‬ ‫عن تحصني املجتمع اللبناين‬ ‫يف وقف تغلغل العدو‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬والذي يساعده‬ ‫هو الجو السيايس الذي‬ ‫أوصل اىل حد اعتبار سوريا‬ ‫هي العدو و”إرسائيل”‬ ‫عب التدمري يف الضاحية من صنع العمالء‬ ‫الصديق‪ ،‬وهذا ما‬ ‫رّ‬ ‫عنه قياديون سياسيون‬ ‫بالصوت والصورة يف لبنان‪،‬‬ ‫لكن أخطر ما يف سيطرة “إرسائيل” عىل‬ ‫وكان أفصحهم سمري جعجع عندما قال البحر شبكة االتصاالت‪ ،‬عرب عمالء لها‪ ،‬هو ما ميكن‬ ‫من أمامنا والعدو من ورائنا‪ ،‬وهذه ثقافة ترىب استخدامه يف املحكمة الدولية‪ ،‬التي نرش عنها‬ ‫عليها رئيس “القوات اللبنانية” فكرياً وسياسياً‪ ،‬يف مجلة “دير شبيغل” األملانية أنها لديها‬ ‫وكانت الشعارات تكتب يف املناطق التي سيطرت معلومات استفتها من اتصاالت لعنارص من‬ ‫عليها القوات أثناء الحرب‪ ،‬بأن “السوري عدو”‪ ،‬وهو “حزب الله”‪ ،‬كانوا يتحدثون فيام بينهم حول‬ ‫ما سعى البعض يف أن يتس ّلل‬ ‫ويترسب اىل اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬تدينهم بأنهم‬ ‫ّ‬ ‫الرشيحة اإلسالمية‪ ،‬السنية والدرزية‪ ،‬وتم التصدي متورطون‪ ،‬وهو ما ترك األمني العام لـ “حزب‬ ‫لها وإسقاط هذه املقوالت وقد تراجعت منذ الله” السيد حسن نرص الله يشكك باملحكمة‬ ‫عامني‪ ،‬بعد التحوالت التي حصلت مع النائب وليد وعملها‪ ،‬إذا كانت ستستند يف قرارها االتهامي‪،‬‬ ‫جنبالط الذي عاد للتأكيد عىل العمق السوري عىل مزاعم إرسائيلية وبذلك تكون محكمة‬ ‫للبنان‪ ،‬وعىل تضحيات سوريا يف سبيل لبنان‪ ،‬إرسائيلية‪ ،‬تستهدف املقاومة أوالً وأخرياً‪ ،‬ولهذا‬ ‫ومثله بدأ يفعل الرئيس سعد الحريري الذي عليه أن تصبح “إرسائيل” متهمة باغتيال الحريري للوصول‬ ‫يزيل من جمهوره فكرة العداء لسوريا‪ ،‬حيث البيئة اىل املقاومة وإلشعال فتنة مذهبية سنية ‪-‬‬ ‫عب عنها رئيس أركان الجيش اإلرسائييل‬ ‫املسلمة يف لبنان‪ ،‬بيئة وطنية قومية وحدوية شيعية رّ‬ ‫عربية مقاومة‪ ،‬وهذا التبدل يف املواقف واملواقع‪ ،‬غايب أشكينازي عندما أعلن أن لبنان سيشهد‬ ‫ّ‬ ‫حصن الوضع الدرزي والسني الداخيل‪ ،‬بعد أن توتراً وحرباً داخلية عىل خلفية القرار الظني أو‬ ‫متكنت املقاومة من تحصني مجتمع حاضن لها يف االتهامي الذي ستصدره املحكمة يف أيلول املقبل‬ ‫البيئة الشيعية‪ ،‬وكذلك يجهد “التيار الوطني وتتهم فيه “حزب الله”‪ ،‬كام ذكرت “دير شبيغل”‬ ‫الحر” و”تيار املردة” وشخصيات مسيحية وطنية‪ ،‬متاماً وهذا يعني أن “إرسائيل” تحرض أليلول أسود‬ ‫لفك ارتباط التفكري املسيحي بالغرب وتالياً بـ يف لبنان‪.‬‬ ‫“إرسائيل” كصديق‪ ،‬والتوجه نحو الجذور املرشقية‬ ‫سامر الشويف‬ ‫للمسيحية‪ ،‬وأن قاتل املسيح هم اليهود‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب لبناين‬

‫تحولت عناصر من القوات الدولية‬ ‫هل ّ‬ ‫الى عمل استخباري لـ «إسرائيل»؟‬ ‫عندما صدر القرار ‪ 1701‬عن مجلس األمن‬ ‫الدويل‪ ،‬لوقف األعامل العسكرية الناتجة عن‬ ‫العدوان اإلرسائييل عىل لبنان صيف ‪ ،2006‬كان‬ ‫االتجاه يف مجلس األمن‪ ،‬أن يندرج تحت الفصل‬ ‫السابع ويكون للقوات الدولية دور يف نزع‬ ‫السالح من املقاومة‪ ،‬وتقوم بدور القوة الضاربة‬ ‫يف الجنوب‪.‬‬ ‫هذا القرار القى اعرتاضاً من املقاومة أوالً ومن‬ ‫حلفائها ثانياً‪ ،‬يف الوقت الذي كان رئيس الحكومة‬ ‫فؤاد السنيورة يجنح نحو أن يكون القرار تحت‬ ‫الفصل السابع‪ ،‬وقد سانده حلفاؤه يف ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫بعد أن أظهرت “إرسائيل” عجزاً عن القضاء عىل‬ ‫“حزب الله” ومقاومته وقيادته‪ ،‬وتدمري سالحه‪،‬‬ ‫فكان ال بد من أن تتم العملية بأدوات دولية‪ ،‬إ ّال‬ ‫أن روسيا والصني‪ ،‬العضوان يف مجلس األمن‪ ،‬مل‬ ‫ينساقا وراء الدعوة ملثل هذا التوجه‪ ،‬كام تصدى‬ ‫رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يتوىل‬ ‫املفاوضات باسم املقاومة‪ ،‬لهذه املحاولة فصدر‬ ‫القرار‪ ،‬يحمل يف مضمونه‪ ،‬مبا يقارب الفصل‬ ‫السابع باعتامد القوة‪ ،‬عند وجود مسلحني‪ ،‬عىل‬ ‫أن تكون القوات الدولية مساندة للجيش اللبناين‬ ‫وتنسق معه‪.‬‬ ‫يف مهامه ّ‬ ‫فالقرار الدويل صدر يف منزلة ما بني الفصلني‬ ‫السادس والسابع أي ‪ 6.5‬كام ذكر السنيورة‪ ،‬وهو‬ ‫لذلك حدد قواعد اإلشتباك للقوات الدولية‪ ،‬مبا‬ ‫يجنبها االحتكاك مع األهايل‪ ،‬ووضعها خلف‬ ‫الجيش الذي يطالبها باملؤازرة واملساندة‪ ،‬كام‬ ‫أن هذه القوات استعني بها لتضمن السالم‬ ‫عند الحدود بني لبنان وفلسطني املحتلة‪ ،‬ومتنع‬ ‫االخرتاقات واالعتداءات اإلرسائيلية عىل لبنان‪.‬‬ ‫هذه هي مهمة قوات الطوارئ‪ ،‬التي قبلها‬ ‫لبنان كضامنة دولية لعدم تكرار االعتداءات‬ ‫عليه‪ ،‬وتنفيذ القرارات الدولية‪ ،‬املتعلقة بتحرير‬ ‫ما تبقى من أرضه املحتلة يف مزارع شبعا وتالل‬ ‫كفرشوبا والجزء الشاميل من مدينة الفجر‪ ،‬لكن‬ ‫ما حصل‪ ،‬هو أن الخروقات استمرت‪ ،‬حيث سجل‬ ‫حوايل ‪ 700‬خرق إرسائييل منذ أربع سنوات‬ ‫لألجواء واألرايض واملياه اللبنانية‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫خطف مواطنني كان آخرهم أحد الرعاة‪ ،‬والتوغل‬ ‫داخل األرايض اللبنانية عىل مرأى ومسمع من‬ ‫هذه القوات‪ ،‬التي كانت تتدخل لتسجيل محرض‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫فمثل هذه األجواء التي أحاطت عمل القوات‬ ‫الدولية‪ ،‬هي بنظر أهل الجنوب مفرتض أن تكون‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫صديقة لهم‪ ،‬متنع حصول اعتداءات إرسائيلية‬ ‫عليهم‪ ،‬لكن منذ وصولها اىل لبنان يف العام‬ ‫‪ 1978‬لتطبيق القرار ‪ 425‬الصادر عن مجلس‬ ‫األمن الدويل‪ ،‬مل تقم مبا هو مطلوب منها‪ ،‬فلم‬ ‫تساعد يف تحرير الجنوب من االحتالل اإلرسائييل‬ ‫او انتشار الجيش يف الجنوب الذي وقف يف بلدة‬ ‫كوكبا‪ ،‬ال بل إن العدو اإلرسائييل قام بغزو لبنان‬ ‫عام ‪ ،1982‬وم ّر من أمام هذه القوات‪ ،‬ووصل اىل‬ ‫العاصمة بريوت‪ ،‬وصدر القرار ‪ ،520‬الذي طالب‬ ‫“إرسائيل” بسحب قواتها‪ ،‬إ ّال أنها مل تستجب‬ ‫لذلك‪ ،‬مام أشعل املقاومة بوجه االحتالل‪ ،‬ويف‬ ‫أقل من شهر عىل االجتياح اإلرسائييل‪ ،‬وكان أول‬ ‫انسحاب تحت نريان وقذائف املقاومة من بريوت‬ ‫ثم من الجبل ورشقي صيدا اىل أن كان التحرير يف‬ ‫العام ‪ ،2000‬دون أن تقدم القوات الدولية مساندة‬ ‫للبنان‪ ،‬سوى بعض املساعدات االجتامعية‬ ‫واإلنسانية واإلمنائية‪ ،‬قامت بها يف بعض القرى‬ ‫الجنوبية‪.‬‬ ‫ومن خالل تجربة الجنوبيني مع القوات الدولية‪،‬‬ ‫فهم تساكنوا معها وصاهروها إ ّال أنهم مل يثقوا‬ ‫بها‪ ،‬إنها تشكل لهم قوة حفظ السالم‪ ،‬ألنه‬ ‫بوجودها‪ ،‬استمر االحتالل‪ ،‬وتواصلت االعتداءات‬

‫‪10‬‬

‫لذلك كان التعاطي مع الوجود الدويل كأمر‬ ‫واقع‪ ،‬ولالستفادة منه يف تسجيل الخروقات‬ ‫اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫لذلك جاءت الحوادث يف األشهر األخرية‪،‬‬ ‫بني بعض القوات الدولية وأهايل بعض القرى‬ ‫الجنوبية‪ ،‬عىل خلفية تو ّلد عدم ثقة‪ ،‬ال سيام‬ ‫مع الكتيبة الفرنسية ثم اإلسبانية‪ ،‬ومعهام‬ ‫تقع اإلشكاالت والحوادث‪ ،‬وتحت خلفيات سياسية‬ ‫لهاتني الكتيبتني‪ ،‬إذ هام يتبعان حكومتيهام‬ ‫بدالً من أن يكونا يف إمرة وقيادة القوات الدولية‪،‬‬ ‫وهو ما ترك شكوكاً حول مامرسات قام بها عنارص‬ ‫من الوحدتني الفرنسية واإلسبانية‪ ،‬وهي جاءت‬ ‫بعد ترصيح للرئيس الفرنيس نيكوال ساركوزي‬ ‫الذي طالب رئيس الحكومة اإلرسائيلية بنيامني‬ ‫نتنياهو تجنيب قوات بالده خصوصاً والقوات‬ ‫الدولية عموماً من أي عدوان محتمل عىل لبنان‪،‬‬ ‫مام زرع قلقاً لدى أهايل الجنوب‪ ،‬عن دور فرنيس يف‬ ‫تأمني غطاء سيايس لحرب إرسائيلية عىل لبنان‪،‬‬ ‫يهيء لها قادة العدو‪ ،‬من خالل عدد من املناورات‬ ‫شملت إضافة اىل الجيش‪ ،‬الجبهة الداخلية كام‬ ‫أن وزير خارجية فرنسا برنارد كوشنري رّبش هو‬ ‫أيضاً باحتامل اندالع حرب عىل لبنان‪.‬‬

‫هذه األجواء استفزت الجنوبيني‪ ،‬الذين بدأوا‬ ‫يشاهدون تحركات عنارص الوحدة الفرنسية‪،‬‬ ‫من خارج املهام املوكولة اليها يف القرار ‪،1701‬‬ ‫وهي تقوم بأعامل مسح وتصوير ومناورات‪ ،‬حيث‬ ‫اشتىك األهايل اىل الجيش اللبناين الذي أبلغهم‬ ‫أنه سيبحث املوضوع مع قيادة هذه القوات‪ ،‬وقد‬ ‫قام بذلك محذراً من الخروج عىل التنسيق معه‪،‬‬ ‫ألن بذلك مخالفة للقرار ‪ ،1701‬وسيدفع األهايل‬ ‫اىل املواجهة مع القوات الدولية‪.‬‬ ‫لكن تحذير الجيش مل تأخذ به الوحدة الفرنسية‬ ‫التي أعطت تفسرياً للقرار الدويل‪ ،‬بأنه يسمح‬ ‫لها بالتحرك منفردة والقيام مبناورات وتدريبات‬ ‫ودوريات‪ ،‬وهذا ما فتح باباً حول ما إذا كانت مثة‬ ‫محاولة لتغيري قواعد االشتباك من خالل جر‬ ‫القوات الدولية اىل صدام مع األهايل‪ ،‬ثم طلب‬ ‫تعزيز صالحياتها ونقل مهامها اىل الفصل‬ ‫السابع الذي يعطيها حق استخدام القوة‪.‬‬ ‫لقد تن ّبه “حزب الله” لهذا املوضوع‪ ،‬ورأى يف‬ ‫تحرك األهايل عم ًال عفوياً‪ ،‬غري مرتبط بأجندة‬ ‫ما‪ ،‬بل هو اعرتاض عىل خروج هذه القوات عن‬ ‫التنسيق مع الجيش اللبناين الذي هو املرجعية‬ ‫األمنية الرسمية لألهايل‪ ،‬وبالتايل ال سلطة‬ ‫لهذه القوات عىل البلدات الجنوبية‪ .‬وما أقلق‬ ‫املقاومة وبيئتها املدنية‪ ،‬بأن الوحدتني الفرنسية‬ ‫واإلسبانية تتحركان يف مناطق وأحياء سكنية‬ ‫حيث ذكرت املعلومات أن وراء ما تقومان به له‬ ‫عالقة بالبحث عن مخازن أسلحة‪ ،‬واستجامع‬ ‫معلومات عن أماكن تواجد منصات صواريخ‪،‬‬ ‫وتصوير منازل مام خلق حذراً لدى األهايل‪ ،‬الذين‬ ‫استطاعوا مبقاومتهم وصمودهم يف صيف‬ ‫‪ ،2006‬بوجه العدوان اإلرسائييل من أن مينعوا‬ ‫احتالل بلداتهم وقدموا الشهداء والجرحى وآالف‬ ‫املنازل املدمرة‪.‬‬ ‫فال ميكن للقوات الدولية وتحت ذريعة قيام‬ ‫مناورات تقديم معلومات استخبارية عن ما‬ ‫تسميه “إرسائيل”‪“ ،‬املحميات املدنية” التي يختبئ‬ ‫فيها مقاتلو “حزب الله”‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬فإن التصعيد الذي شهدته بعض‬ ‫البلدات الجنوبية يف مواجهة قوات الطورائ جاء‬ ‫تحت خلفية‪ ،‬منع عنارص يف هذه القوات من أن‬ ‫تتجسس عىل املقاومة ومجتمعها‪ ،‬ال سيام بعد‬ ‫أن أعلنت “إرسائيل”‪ ،‬أن معلوماتها االستخبارية‬ ‫ازدادت عام كانت عليه عام ‪ ،2006‬وهي‬ ‫باستطاعتها أن تقوم بعمل عسكري ناجح عام‬ ‫حصل يف الحرب السابقة‪ ،‬وهو ما يكشف من أن‬ ‫العدو اإلرسائييل وبعد أن تم اعتقال عدد كبري من‬ ‫عنارص شبكات التجسس اللبنانية التي أنشأها‪،‬‬ ‫من قبل األجهزة األمنية اللبنانية‪ ،‬فإنه يعتمد‬ ‫عىل عنارص وضباط يف القوات الدولية‪.‬‬ ‫وهذا ما طرح السؤال عن املهام التي تقوم‬ ‫بها عنارص فرنسية يف وادي الحجري الذي شهد‬ ‫مجزرة لدبابات “املريكافا” اإلرسائيلية‪ ،‬إذ د ّمر‬ ‫املقاومون حوايل ‪ 35‬آلية لقوات االحتالل يف حرب‬

‫المكتب اإلعالمي «للتيار‬ ‫الشيعي الحر»‬ ‫ينفي ما ورد حول رئيسه‬ ‫نفى املكتب اإلعالمي يف “التيار الشيعي‬ ‫الحر”‪ ،‬يف رد له اىل “منرب التوحيد”‪ ،‬ما نرش‬ ‫يف عددها ‪ ،42‬ويف مقال للزميل أنطوان خري‬ ‫الله‪ ،‬من أن رئيسه الشيخ محمد الحاج حسن‪،‬‬ ‫هو من بني شخصيات ُذكر أنها قبضت أمواالً‬ ‫من اإلدارة األمريكية‪ ،‬كام ذكر السفري السابق‬ ‫يف لبنان جيفري فيلتامن‪ ،‬من أنه دفع مبلغ‬ ‫‪ 500‬مليون دوالر لشخصيات وأحزاب وتيارات‪،‬‬ ‫لتشويه صورة “حزب الله”‪.‬‬ ‫واعترب رد املكتب اإلعالمي‪ ،‬أن ما ورد يف املقال‬ ‫هو “اتهام عا ٍر عن الصحة جملة وتفصي ًال‪ ،‬وهو‬ ‫مدان ومرفوض التطاول عىل مقام ديني رفيع‬ ‫متمثل باملرجع السيد عيل األمني الذي هو‬ ‫رسول وفاق ولجم للفتنة‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” استندت يف مقال الزميل‬ ‫خري الله‪ ،‬اىل تحليل سيايس‪ ،‬واىل الشخصيات‬ ‫واألحزاب التي كانت تهاجم “حزب الله”‪ ،‬وتعمل‬ ‫لتشويه صورته‪ ،‬وهو أمر موثق بالترصيحات‬ ‫واملواقف‪ ،‬ومل يكن ما ُكتب يستهدف االتهام‪،‬‬ ‫أو االعتداء الشخيص عىل أحد أو اإلهانة‬ ‫للكرامة‪.‬‬ ‫وإن عدم نرشنا الرد كام ًال ألنه يحتوي عىل‬ ‫عبارات غري الئقة‪.‬‬ ‫‪ ،2006‬وأيضاً فعلوا يف وادي السلوقي‪ ،‬وعند جرس‬ ‫الغندورية‪ ،‬ويف سهل الخيام‪ ،‬مام أربك خطة العدو‬ ‫يف اجتياح جديد ألجزاء من الجنوب‪ ،‬بعد أن فشل‬ ‫عدوانه الجوي بعد ثالثة أيام من بدئه‪ ،‬ألن بنك‬ ‫األهداف الذي منه رصف عىل غاراته بتدمري البنى‬ ‫التحتية للمقاومة كام للدولة اللبنانية‪ ،‬مل مينع‬ ‫من استمرار انطالق الصواريخ عىل املستوطنات‬ ‫ويف عمق الكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فإن تفسري ملا قامت به عنارص يف‬ ‫القوات الدولية‪ ،‬ليس سوى تنسيق مع الجيش‬ ‫اإلرسائييل ال مع الجيش اللبناين‪ ،‬تحت ذريعة‬ ‫البحث عن السالح‪ ،‬بعد أن قدمت الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية اعرتاضاً عىل عمل القوات الدولية‪،‬‬ ‫بأن “حزب الله” عزز تواجده العسكري جنوب‬ ‫الليطاين منذ عام ‪ ،2006‬وزاد من كمية تسلحه‪،‬‬ ‫وهذا ما يخالف القرار ‪ 1701‬وال بد من التفتيش‬ ‫عن هذا السالح ومصادرته‪.‬‬ ‫هذه املهمة التي تحاول “إرسائيل” أن تلبسها‬ ‫للقوات الدولية من خارج إطار الرشعية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬يعني أنها تسعى اىل تبديل قواعد‬ ‫اللعبة‪ ،‬ومحاولة استصدار قرار عن مجلس‬ ‫األمن الدويل بانتداب القوات الدولية تحت الفصل‬

‫‪11‬‬

‫السابع‪ ،‬ليكون لها فاعلية ومتنع حصول تدهور‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬لكن هذه املحاولة فشلت‪.‬‬ ‫هذه الذرائع الصهيونية تعمل بها بعض‬ ‫الدول ضمن نطاق القوات الدولية‪ ،‬وبطريقة‬ ‫أحادية‪ ،‬ومن دون علم ومعرفة وتنسيق مع الجيش‬ ‫اللبناين‪ ،‬الذي تتذرع القيادة الدولية بأنه خفف‬ ‫من حضوره العسكري ونقل قواته اىل داخل لبنان‬ ‫وهذا أمر صحيح وحصل‪ ،‬بعد أحداث مخيم نهر‬ ‫البارد ‪ ،2007‬وإثر حوادث ‪ 7‬ايار ‪ ،2008‬ولضبط‬ ‫الوضع األمني ومنع انزالق لبنان نحو حرب أهلية‪،‬‬ ‫ووعدت قيادة الجيش بزيارات عديدة وإرسال ألوية‬ ‫جديدة اىل الجنوب‪ ،‬عىل أن تلتزم القوات الدولية‬ ‫أعامل التنسيق مع الجيش‪.‬‬ ‫ومل تنجح محاولة ربط ما حدث من تطورات‬ ‫أمنية يف الجنوب‪ ،‬بالعقوبات التي فرضها مجلس‬ ‫األمن الدويل عىل إيران حول برنامجها النووي‪ ،‬او‬ ‫استباقاً ملا سيتضمنه القرار الظني للمحكمة‬ ‫الدولية بشأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬حيث‬ ‫كشف رئيس األركان اإلرسائييل غايب اشكنازي‬ ‫أن توتراً سيشهده لبنان يف أيلول املقبل مع‬ ‫صدور القرار الظني وهذه إشارة إرسائيلية الفتة‬ ‫عن الدور الذي أنشئت له املحكمة‪ ،‬والتسييس‬ ‫الذي نخرها‪ ،‬وهو توجيه اتهام اىل “حزب الله”‬ ‫بناء عىل معطيات مل توضحها املحكمة‪ ،‬بعد أن‬ ‫انتقل االتهام السيايس من سوريا اىل املقاومة‪،‬‬ ‫مام يعني أن الحرب التي تهدد بها “إرسائيل” ضد‬ ‫لبنان ومقاومته ستامرسها من خالل املحكمة‬ ‫الدولية التي تكون بذلك قد أعدت العدة إلشعال‬ ‫فتنة مذهبية‪ ،‬وحرب سنية – شيعية‪ ،‬قد تكون‬ ‫بدي ًال عن عدوان إرسائييل سيكون مكلفاً للدولة‬ ‫العربية وهو أقل ما ستدفعه من أجل أن تصدر‬ ‫املحكمة قراراً اتهامياً ضد عنارص من “حزب الله ”‬ ‫أملحت إليه مجلة “دير شبيغل” عندما ذكرت‬ ‫أسامء هذه العنارص املتورطة بالجرمية من خالل‬ ‫معلومات تلقتها لجنة التحقيق عرب االتصاالت‬ ‫الهاتفية لهؤالء األشخاص كام ذكرت املجلة‬ ‫األملانية‪ ،‬والتي يستند اليها البعض‪ ،‬يف أن القرار‬ ‫الظني سيتجه نحو “حزب الله” الذي ال تشغله‬ ‫هذه املزاعم‪ ،‬وهو تعاون مع املحكمة وقدم لها‬ ‫شهوداً وأدلة‪.‬‬ ‫فام حصل يف الجنوب بني القوات الدولية‪،‬‬ ‫وبعض األهايل غري منظم وال عالقة لـ “حزب‬ ‫الله” به‪ ،‬بل هو نتيجة معاناة املواطنني مع هذه‬ ‫القوات‪ ،‬التي مل يروا أنها ش ّكلت ضامنة لهم‪،‬‬ ‫بعدم االعتداء عليهم‪ ،‬وقد انزرعت الشكوك‬ ‫حول دور محتمل لبعض القوات العاملة فيها‬ ‫يف أي عدوان إرسائييل‪ ،‬مام خلق جواً من التشنج‪،‬‬ ‫تم التعبري عنه بإشكاالت ومواجهات بقيت تحت‬ ‫السيطرة بالتأكيد بالتنسيق بني القوات والجيش‪،‬‬ ‫وعدم التحرش باألهايل واستفزازهم واحرتام‬ ‫تقاليدهم‪.‬‬

‫انطوان خري الله‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب لبناين‬

‫المفاهيم العسكرية لحرب تموز ‪2006‬‬ ‫ماذا بقي من قدرات الردع اإلسرائيلية؟‬ ‫اهتزت دعائم الكيان الصهيوين ووصلت هيبته‬ ‫اىل الحضيض أمام العامل أجمع بعد التصدي‬ ‫البطويل لرجال املقاومة يف لبنان آللة الحرب‬ ‫اإلرسائيلية‪ ،‬وحتى لدى الصهاينة أنفسهم‪،‬‬ ‫أنها حرب متوز ‪ 2006‬التي غريت وجه الرصاع يف‬ ‫منطقة الرشق األوسط‪.‬‬ ‫تقول صحيفة “جويش كرونيك” التي متثل‬ ‫يهود بريطانيا‪“ :‬أن أحد أسباب تراجع مكانة‬ ‫“إرسائيل” لدى يهود العامل هو النتائج الكئيبة‬ ‫لحرب متوز ‪ ،2006‬وبات يهود الواليات املتحدة‬ ‫قلقني بشأن املستقبل األمني لـ “إرسائيل” يف‬ ‫ضوء نتائج هذه الحرب‪ ،‬ويف أوروبا يشعر اليهود‬ ‫بأن “إرسائيل” مل تعد مصدر األمن والثقة التي‬ ‫اعتادت أن متثله بالنسبة إليهم”‪.‬‬ ‫لقد دفعت نتائج الحرب تلك‪ ،‬العدو اىل إعادة‬ ‫حساباته والنظر من جديد يف أرقام موازناته‪،‬‬ ‫وتبنى الكنيست اإلرسائييل موازنات جديدة‬ ‫وصلت يف العام ‪ 2008‬اىل ‪ 78‬بليون دوالر‪ ،‬حيث‬ ‫ارتفعت موازنة الدفاع ‪ 12‬بليون دوالر عن العام‬ ‫السابق بينها مساعدات سنوية أمريكية بلغت‬ ‫ما يقارب ‪ 3‬بليون دوالر‪.‬‬ ‫وال ميكن فهم حالة االستنفار الدائم لدى‬ ‫الصهاينة واملناورات التي تجري كل عام إ ّال من‬ ‫منظار نتائج حرب متوز‪ ،‬واملحاوالت اإلرسائيلية‬ ‫التي تسعى الستعادة الهيبة والقدرة عىل الردع‬ ‫بعد اإلخفاقات التي مني بها هؤالء انطالقاً من‬ ‫املستوى االسرتاتيجي والتكتييك مروراً مبستوى‬ ‫اتخاذ القرار عىل الصعيد السيايس الكبري‪.‬‬ ‫وبعد حرب متوز‪ ،‬ليس من السهل عىل‬ ‫“إرسائيل” أن تقوم مبغامرة جديدة وتخرج بنتائج‬ ‫مامثلة عليها أن تحقق نتائج مغايرة‪ ،‬وإ ّال تحققت‬ ‫مقولة بن غوريون‪“ ،‬تسقط إرسائيل عندما‬ ‫تخرس أول حرب”‪ ،‬فكيف إذا حصل األمر مرتني؟‬ ‫يقول الباحث العسكري رالف بيرتز‪ ،‬الذي زار‬ ‫لبنان خالل حرب متوز‪ ،‬يف مقالة ملجلة “قوات الجيش‬ ‫نب “حزب الله” خطاً دفاعياً بل‬ ‫األمرييك”‪ :‬مل ي ِ‬ ‫أقام شبكة من الدفاعات التي ميكنها امتصاص‬ ‫االخرتاقات واالستمرار يف القتال‪ ،‬لتقوم مبهام‬ ‫إنهاك القوات املتقدمة‪.‬‬ ‫ومنذ عقود طويلة من الجهود التي قام بها‬ ‫االستعامر‪ ،‬تبلورت منهجية خاصة ملواجهة‬ ‫املقاومة الشعبية‪ ،‬متيزت بالوقت الطويل‬ ‫الذي تتطلبه‪ ،‬ومبواجهتها ملقاومة الشعب‬ ‫بعد احتالل أرضه‪ ،‬وأطلق عىل هذا النوع من‬ ‫الرصاعات عنوان “حرب من الجبل الرابع”‪ ،‬بتميزها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السيد نرص الله‪ :‬املقاومة عنوان العزة والسيادة للبنان‬

‫عن الحرب بني الجيوش الكالسيكية‪ ،‬وبدأ الحديث‬ ‫عن “حرب من الجيل الخامس” التي شكلت حرب‬ ‫متوز ‪ 2006‬منطلقاً يف نشوئها‪ ،‬كنوع جديد‬ ‫من الحروب‪ ،‬نشاهد هذا التحول يف الرصاع بني‬ ‫الجيش الكالسييك وقوات املقاومة الشعبية من‬ ‫عدة أسباب‪ ،‬تتمثل يف تطور منظومة وطريقة‬ ‫عمل املقاومة‪ ،‬ففي املنظومة مل يعد ممكناً‬ ‫إطالق تسمية “الحرب غري النظامية” عىل نشاط‬ ‫املقاومة‪ ،‬و من جهة أخرى اعتامد املقاومة عىل‬ ‫أسلحة تقليدية مثل الصواريخ الباليستية‬ ‫املتوسطة املدى وصواريخ “بر – بحر” متطورة‪،‬‬ ‫وصواريخ مضادة للدبابات العالية التقنية‪ ،‬أما‬ ‫يف طريقة العمل فلم يعد التهرب من مواجهة‬ ‫التشكيالت النظامية املعادية سمة ثابتة‪ ،‬حيث‬ ‫استطاعت املقاومة الدفاع عن األرض والثبات‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫األسباب املساعدة عىل نشوء الحرب من‬ ‫الجيل الخامس تتلخص يف قيام “إرسائيل”‬ ‫بالهجوم نحو أراض تنترش فيها قوات املقاومة‬ ‫يف استعداد قتايل‪ ،‬هجوماً خاطفاً يهدف‬ ‫لردع املقاومة وإضعافها ثم الخروج من تلك‬ ‫األرايض‪ ،‬معتمدة التكتيكات التالية‪ ،‬رضب‬ ‫أهداف محتملة‪ ،‬الصدم والرتويع لكرس إرادة‬ ‫القتال‪ ،‬فض االلتفاف الشعبي تحت الضغط‬ ‫الدموي واعتامد سالح الجو عرب االستفادة من‬

‫‪12‬‬

‫االستخبارات‪.‬‬ ‫حرب متوز تشكل منطلقاً للنقاش الدائر حول‬ ‫طبيعة الحرب يف املستقبل‪ ،‬وما ميكن قوله‪ ،‬لقد‬ ‫انطلق الرصاع بني “إرسائيل” واملقاومة اللبنانية‬ ‫بعد التحرير عام ‪ 2000‬من حرب األدمغة اىل‬ ‫حرب املفاهيم العسكرية‪ ،‬وهو أعىل مستوى‬ ‫للرصاع‪ ،‬واألكرث تعقيداً ومفاجآت‪ ،‬واليوم بات‬ ‫اإلرسائيليون يسألون بعضهم “ماذا بقي من‬ ‫قدرات الردع والرعب اإلرسائيلية؟ أي دور للكيان‬ ‫الصهيوين بالنسبة اىل الغرب عدا كونه طفيلياً‬ ‫ثقي ًال ميتص املساعدات‪ ،‬وأي دور إقليمي لهذا‬ ‫الكيان بعد أن فقد قدرته يف القمع واإلرهاب‬ ‫يف الدول العربية وبني شعوب املنطقة؟ وصورة‬ ‫الجيش اإلرسائييل اهتزت‪ ،‬وكيف ميكن االستمرار‬ ‫بسقف مطالب سياسية عالية يف هذا الحال؟‬ ‫يف حرب متوز ‪ ،2006‬بدت “إرسائيل” واضحة‬ ‫ومكشوفة أمام العامل أجمع‪ ،‬غطرسة وعجرفة‪،‬‬ ‫عمى استخباري‪ ،‬خوف من مواجهة املقاومة‪،‬‬ ‫وخالفات شخصية وسياسية مستحكمة بني‬ ‫املسؤولني وكبار الضباط وكلها مؤرشات تدل‬ ‫عىل الفشل يف ميدان املعركة‪.‬‬ ‫ويف الطرف اآلخر‪ ،‬كانت املقاومة اللبنانية‪،‬‬ ‫متامسكة وقوية وفاعلة‪ ،‬وهذا عائد اىل اإلرادة‬ ‫السياسية واألداء امليداين املختلف‪ ،‬إرادة وعزمية ال‬ ‫تلني‪ ،‬ومقاومة باسلة كبدت العدو أفدح الخسائر‪،‬‬

‫ومفاجآت متالحقة أذهلت العدو وكانت محط‬ ‫إعجاب املاليني من أبناء األمة العربية وأحرار‬ ‫العامل‪ .‬لقد كانت خطط املقاومة متكاملة‪ ،‬من‬ ‫الناحية املادية والتعبوية‪ ،‬واستفادت اىل الحد‬ ‫األقىص من نقاط القوة واستغالل أمثل لنقاط‬ ‫ضعف “إرسائيل”‪.‬‬ ‫دان حالوتس‪ ،‬الرئيس السابق ألركان الجيش‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬حاول تسويق “نظرية التأثريات‬ ‫العسكرية” خالل الحرب بهدف تحقيق النرص‪،‬‬ ‫حيث أعطى سالح الجو أهمية كبرية جداً من‬ ‫أجل حسم املعركة‪ ،‬باعتامد نريانه البعيدة املدى‪،‬‬ ‫وانعكست رؤية حالوتس عىل نظرية “تشغيل‬ ‫القوة” لدى الجيش اإلرسائييل‪ ،‬وطوال أيام الحرب‬ ‫الـ ‪ 33‬عمدت الطائرات اإلرسائيلية‪ ،‬اىل إيجاد‬ ‫ما ميكن تسميته “إدراك الهزمية يف وعي العدو‪،‬‬ ‫وإدراك النرص يف وعي الذات”‪ ،‬لكن دون جدوى‪،‬‬ ‫ويضاف اىل ذلك أن مخططي الحرب‪ ،‬الصهاينة‪،‬‬ ‫كانوا يأملون أن يسبب ما يصيب اللبنانيون يف‬ ‫أرواحهم وممتلكاتهم انقالباً عىل املقاومة‪ ،‬وأن‬ ‫ينتج عن ذلك ديناميكية ما‪ ،‬ولكنهم خرسوا‬ ‫هذا الرهان‪.‬‬ ‫وحاول قادة “إرسائيل” يف األيام األخرية للحرب‬ ‫تفعيل سالح الرب‪ ،‬ودفعوا بعرشات اآلالف‬ ‫من الجنود اىل األرايض اللبنانية بعدما ملسوا‬ ‫عدم فائدة نظرية “التأثريات”‪ ،‬ومنع املقاومون‬ ‫اللبنانيون ميدانياً عن الجيش اإلرسائييل االنتصار‬ ‫املأمول‪.‬‬ ‫وتنشغل “إرسائيل” منذ تلك الحرب بإعادة‬ ‫ترميم جيشها ونظرياتها القتالية بنا ًء عىل‬ ‫دروس حرب متوز ‪ 2006‬وصوالً اىل جهوزية‬ ‫عسكرية مطلوبة‪ ،‬بغية ردع أعدائها كام‬ ‫تدعي‪ ،‬أو متكينها من شن حروب قد تتطلبها‬ ‫املصلحة اإلرسائيلية‪ ،‬ولذلك ما دامت جهوزية‬ ‫“إرسائيل” العسكرية غري كاملة‪ ،‬كام يؤ ّكد‬ ‫نفر من العسكريني الصهاينة‪ ،‬فال يستبعد أن‬ ‫يكون أي كالم تهديدي للبنان أو جهات أخرى‪ ،‬يف‬ ‫مرحلة العجز العميل عن تحقيق أهداف أي حرب‬ ‫إرسائيلية مستقب ًال‪.‬‬ ‫وأشار وزير الدفاع اإلرسائييل إيهود باراك يف‬ ‫أكرث من مناسبة “أن ال مصلحة لـ “إرسائيل” يف‬ ‫خوض حروب وأنه يجب منع الحرب وإ ّال فالعمل‬ ‫عىل تأجيلها قدر املستطاع”‪.‬‬ ‫وخالل حرب متوز ‪ ،2006‬ويف ‪14‬متوز بالتحديد‪،‬‬ ‫أعلنت وزيرة الخارجية األمريكية كونداليزا رايس‬ ‫يف واشنطن‪“ :‬أن بالدها تدعم “إرسئيل” يف‬ ‫حربها ضد لبنان”‪ ،‬وقالت‪“ :‬نحن ال نقف يف وجه‬ ‫أي أحد يريد الدفاع عن نفسه يف وجه هجامت‬ ‫صاروخية”‪.‬‬ ‫ويف ‪ 18‬متوز‪ ،‬قالت رايس‪“ :‬أنها مستعدة‬ ‫للقدوم اىل املنطقة عندما يكون ذلك مناسباً‬ ‫ورضورياً ومفيداً”‪ ،‬ويف هذا كانت تنتظر أن يحقق‬ ‫الجيش اإلرسائييل نرصاً ساحقاً عىل املقاومة‬ ‫وعبت عن رفضها وقف إطالق النار‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫رّ‬

‫من اليمني اوملرت‪ ،‬ليفني‪ ،‬باراك ‪ :‬املهزومون‬

‫الجيش الذي ابكته املقاومة‬

‫قبل أن يحقق العدوان اإلرسائييل أهدافه‪،‬‬ ‫وقالت يف ‪ 21‬متوز “إن وقف إطالق النار سيكون‬

‫رايس ‪ :‬رشق اوسط دموي يف لبنان‬

‫‪13‬‬

‫مبثابة وعد كاذب إذا أعادنا اىل الوضع السابق”‪،‬‬ ‫وذهبت رايس اىل أبعد من ذلك يف طموحاتها‬ ‫وآمالها وأحالمها‪ ،‬ووصفت العدوان اإلرسائييل‬ ‫عىل لبنان بأنه “آالم مخاض لوالدة رشق أوسط‬ ‫جديد”‪ ،‬ثم عادت يف ‪ 24‬متوز‪ ،‬وأ ّكدت دعمها‬ ‫الكامل للموقف اإلرسائييل مشددة عىل رضورة‬ ‫تطبيق القرار ‪.1559‬‬ ‫ويف ‪ 26‬متوز‪ ،‬بدت مؤرشات خيبة األمل لدى‬ ‫الصهاينة وانعكس هذا يف أقوال رايس عندما‬ ‫قالت يف روما “إننا نريد إنهاء العنف بشكل‬ ‫عاجل عىل أساس أن يكون األمر هذه املرة بشكل‬ ‫دائم‪ ،‬ألنه كان يف هذه املنطقة‪ ،‬الكثري من الخروق‬ ‫لوقف عمليات إطالق النار”‪.‬‬ ‫وقالت رايس يف مقابلة مع شبكة “فوكس‬ ‫نيوز” يف ‪ 3‬أب‪“ :‬إن الواليات املتحدة تعمل عىل‬ ‫التوصل اىل وقف إطالق النار بصورة دامئة‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب لبناين‬ ‫وتضمن عدم عودة الوضع اىل ما كان عليه‬ ‫سابقاً‪ ،‬وإن واشنطن تتشاور مع “إرسائيل” بشأن‬ ‫سبل وقف أعامل العنف بطريقة‪“ ،‬تكفل منع‬ ‫“حزب الله” من ادعاء االنتصار ومتنع عودة الوضع‬ ‫السابق اىل ما كان عليه قبل اندالع املعارك”‪.‬‬ ‫يقول بن كاسبيت يف صحيفة “معاريف”‪ ”:‬إن‬ ‫لجنة فينوغراد زرعت الكثري من األشجار ولكنها‬ ‫مل تغرس سياجاً‪ ،‬فالتقرير االنتقايل للجنة يف ‪30‬‬ ‫نيسان ‪ 2007‬حول أوملرت اىل مجرم قومي محكوم‬ ‫باإلعدام‪ ،‬جثة سياسية تنتظر دفنها بصمت”‪،‬‬ ‫ويف صحيفة “هارتس” رأى عكيفا الدار “أن حجم‬ ‫التوقع اإلرسائييل كان كحجم خيبة األمل‪ ،‬واآلثار‬ ‫السياسية للتقرير ستنطبع قريباً بالوعي”‪.‬‬ ‫أما يف تقرير دوف فايسغالس‪ ،‬املستشار‬ ‫السيايس لرئيس الوزراء األسبق “شارون” رأى‪:‬‬ ‫“أن الجمهور الغاضب جداً بقي مرتبكاً‪ ،‬ال يعرف‬ ‫من هو املتح ّمل للمسؤولية وعىل من ينبغي أن‬ ‫يغضب”‪.‬‬ ‫ومييض عوزري بنزميان يف “هارتس”‪“ :‬أوملرت‬ ‫مصاب بخلل أخالقي‪ ،‬فهو يقول شيئاً ويفعل‬ ‫شيئاً آخر ولجنة فينوغراد مل تربئه من املسؤولية‬ ‫رصح يف أيام الحرب “بأننا نحرز‬ ‫كام يدعي”‪ ،‬الذي ّ‬ ‫االنتصار” وعندما وصلت مشاهد الحرب البائسة‪،‬‬ ‫ادعى أن “أبطالنا يتغلبون عىل “حزب الله” يف‬ ‫كل املعارك”‪ ،‬وأثنى عىل قدرة سكان الشامل‬ ‫عىل الصمود بينام نصفهم كان قد ف ّر من‬ ‫هناك‪ ،‬والنصف اآلخر األضعف اختبأ عاجزاً يف‬ ‫املالجئ‪ ،‬لقد اعرتف أوملرت أمام لجنة فينوغراد‬ ‫أن هناك أموراً تقال ألن “قولها واجب”‪ ،‬وبعد‬ ‫نرش التقرير حرص أتباعه عىل تركيز االهتامم‬ ‫الشعبي حول فشل الجيش بينام كان يصوغ‬ ‫بياناً يعانق الجيش‪.‬‬ ‫أما وزير الدفاع إيهود باراك‪ ،‬وبعد صدور‬ ‫تقرير فينوغراد‪ ،‬زعم أنه قادر عىل إخراج الجيش‬ ‫واملؤسسة من مأزقهام بعد الحرب‪.‬‬ ‫ويف خضم هذه املعمعة واالرتباك واإلحباط‬ ‫الذي خلفته الحرب وإخفاقاتها‪ ،‬ومن ثم تقرير‬ ‫فينوغراد بدا الرأي العام والجمهور اإلرسائييل‬ ‫وكأنه ضرُ ب عىل رأسه بعد أن اهتزت الثقة‬ ‫بالجيش واملؤسسة العسكرية واالستخبارات‪،‬‬ ‫وكذلك باملستوى السيايس اىل مستوى غري‬ ‫مسبوق يف تاريخ الكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫يقول الروايئ اإلرسائييل دافيد غروسامن‬ ‫‪”:‬صحيح أن القلق الوجودي يرافقنا دامئاً تقريباً‪،‬‬ ‫وهو يخ ّيم فوق رؤوسنا دامئاً كسحابة‪ ،‬وبعد‬ ‫إقامة “إرسائيل” بـ ‪ 60‬عاماً‪ ،‬أصبح لزاماً عليها أن‬ ‫تعد لنفسها مضامني ُتعيد إشعال هذه الحركة‬ ‫املندفعة اىل األمام‪ ،‬فمن دون عالج جديد ستجد‬ ‫“إرسائيل” صعوبة يف االستمرار يف الحركة”‪.‬‬ ‫تداعيات الهزمية التي تلقاها الجيش اإلرسائييل‬ ‫خالل عدوانه عىل لبنان ‪ ،2006‬ألقت بظاللها‬ ‫عىل مختلف مجاالت الكيان اإلرسائييل‬ ‫وبعد الحرب مبارشة‪ ،‬استقاالت وإقاالت ولجان‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب التيار‬

‫شارك في احتفال اتحاد الصحافيين في طرطوس‪:‬‬ ‫وهاب ‪ :‬من يراهن أن سوريا ستتخلى عن المقاومة واهم‬

‫ما خلفه عدوان متوز يف الضاحية الجنوبية‬

‫تحقيق ودراسات واعرتافات لكبار الشخصيات‬ ‫السياسية والعسكرية بالفشل والهزمية‪.‬‬ ‫وأىت التقرير الصادر عن لجنة الخارجية واألمن‬ ‫يف الكنيست اإلرسائييل تحت عنوان‪ ،‬استخالص‬ ‫العرب من حرب لبنان الثانية‪ ،‬ليعزز ويثبت حقيقة‬ ‫أن الجيش اإلرسائييل بكل ما ميتلكه من إمكانات‬ ‫ووسائل قتالية وتكنولوجية متطورة‪ ،‬فشل يف‬ ‫حربه مع “حزب الله”‪.‬‬ ‫وق ّيمت اللجنة قرار الخروج اىل الحرب‪ ،‬من‬ ‫خالل ثالثة خيارات‪ :‬األول‪ ،‬ويتض ّمن رد عسكري‬ ‫إرسائييل محدود‪ ،‬بدون إدخال قوات برية اىل‬ ‫لبنان “يف أعقاب إقدام “حزب الله” عىل أرس‬ ‫جنديني وقتل آخرين”‪ ،‬والثاين‪ ،‬إعداد القوى‬ ‫والجبهة الداخلية للقيام بعملية واسعة عىل‬ ‫أن يتم تنفيذها يف مرحلة الحقة‪ ،‬والثالث البدء‬ ‫بعملية عسكرية وسياسية واسعة بشكل‬ ‫فوري‪ ،‬وميكن يف هذه الحالة مفاجأة “حزب الله”‬ ‫وتحطيم قوة ردعه وتوجيه رضبة عسكرية‬ ‫قاسية‪ ،‬واعترب الخيار الثالث هو األمثل واألنجح‬ ‫واألقل كلفة لـ “إرسائيل”‪ ،‬ولكن عند التجربة‬ ‫كانت النتائج مغايرة‪.‬‬ ‫العمليات اإلرسائيلية والقصف الجوي والربي‬ ‫كلها فشلت يف التأثري عىل وعي أبطال املقاومة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ومل تؤد اىل تقليص عمليات إطالق‬ ‫الصواريخ وكانت عدمية الجدوى‪ ،‬وعىل العكس من‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد سحقت قوة وصورة الجيش اإلرسائييل‬ ‫يف ظل استمرار إطالق الصواريخ‪ ،‬كام مل يتم‬ ‫املس مبنظومات القيادة والسيطرة لـ “حزب‬ ‫الله” مبن فيهم الشخصيات املركزية‪ ،‬ويشار‬ ‫يف هذا السياق اىل أن الحكومة اإلرسائيلية‬ ‫أصدرت تعليامتها للجيش يف ‪ 19‬متوز بالعمل‬ ‫عىل إيقاف إطالق الصواريخ عىل املستوطنات‬ ‫واألهداف اإلرسائيلية وإزالة هذا التهديد عنها‪،‬‬ ‫ولكن الجيش مل يتمكن من تنفيذ هذه املحكمة‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫وعىل ضوء ما تقدم وجدت القيادتان‬ ‫السياسية والعسكرية نفسها مضطرة اىل‬ ‫القيام بعملية برية واسعة من أجل إيقاف إطالق‬ ‫الصواريخ اىل الجبهة الداخلية‪ ،‬ومت ّيزت هذه‬ ‫املرحلة التي بدأت يف ‪ 27‬متوز وانتهت يف ‪ 14‬آب‬ ‫موعد وقف إطالق النار بالرتدد وعدم اتخاذ قرارت‬ ‫حاسمة وبالتشكيك بقدرات القوات الربية عىل‬ ‫استكامل املهمة يف جنوب لبنان‪ ،‬حيث عارض‬ ‫رئيس الحكومة إيهود أوملرت‪ ،‬يف بداية املرحلة‪،‬‬ ‫القيام بعملية برية واسعة جنوب لبنان “بسبب‬ ‫الثمن الوطني” املرتتب عىل سقوط أعداد كبرية‬ ‫من القتىل يف صفوف الجيش باملقارنة مع حجم‬ ‫اإلنجاز املتوقع يف هذه العملية “الربية”‪.‬‬ ‫إن إطالق “حزب الله” ‪ 250‬صاروخاً يف اليوم‬ ‫األخري دليل عىل أن الجيش اإلرسائييل خرس يف‬ ‫الحرب‪.‬‬ ‫أدىل وزير الدفاع اإلرسائييل إيهود باراك‬ ‫بترصيح أمام مؤمتر مجلس السالم واألمن يف‬ ‫تل أبيب قائ ًال‪“ :‬إن “حزب الله” عزّز قوته سواء يف‬ ‫مجال كمية الصواريخ أو بنوعيتها‪ ،‬وبدالً من‬ ‫إضعاف هذا التنظيم‪ ،‬استجمع قواه‪ ،‬وحصل‬ ‫عىل صواريخ بعيدة املدى تصل اىل مسافات‬ ‫أطول بكثري من تلك التي أطلقت يف الحرب‬ ‫األخرية”‪ ،‬وانضم اىل سلسلة القادة واملراقبني‬ ‫الذين أقروا بهزمية أو فشل “إرسائيل” أيضاً‪،‬‬ ‫رئيس األركان ووزير الدفاع األسبق شاؤول موفاز‬ ‫الذي أعلن بشكل رصيح ومبارش “أن “إرسائيل”‬ ‫خرست الحرب وأن “حزب الله” خرج منها معززاً‬ ‫وفق ما صدر يف صحيفة “يديعوت أحرنوت‬ ‫‪ ،”2008/1/13‬وح ّمل موفاز القيادة السياسية‬ ‫مسؤولية الخسارة التي تحققت واتهمها بأن‬ ‫“إدارة حرب لبنان كانت فاشلة”‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫ل ّبى رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب دعوة اتحاد الصحافيني يف مدينة طرطوس‬ ‫للمشاركة يف احتفال االتحاد‪ ،‬بحضور أعضاء‬ ‫مجلس الشعب عن املحافظة وأعضاء من قيادة‬ ‫حزب البعث العريب االشرتايك‪ ،‬ومشاركة من‬ ‫الصحافيني واإلعالميني وحشد من املواطنني‪،‬‬ ‫حيث ألقى كلمة أ ّكد فيها عىل أن “الرهان اليوم‬ ‫عىل صامم األمان السوري‪ ،‬طاملا أن دوالً عربية‬ ‫كثرية ويف طليعتها اململكة العربية السعودية‬ ‫تراهن عىل ذلك ودور سوريا يف لبنان‪ .‬متوجهاً‬ ‫للبعض ليعودوا إىل رشدهم ألنهم ليسوا‬ ‫بحجم املعركة التي يحاولون افتعالها”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬أنتم يا أيها املتنمرون علينا من‬ ‫عىل املنابر‪ ،‬ويف وسائل اإلعالم قبل السابع من‬ ‫أيار‪ ،‬نعرف كيف هربتم وتركتم الناس ملصريها‪،‬‬ ‫كنتم تهددون بتهجرينا من لبنان‪ ،‬وباحتالل البلد‬ ‫ورمينا يف السجون وقتلنا‪ ،‬وبعد بداية الرد مل‬ ‫تستغرقوا بضع دقائق”‪.‬‬ ‫وتساءل وهاب‪“ :‬ليس يف برنامجنا سابع من‬ ‫أيار جديد‪ ،‬ولكن هل أنتم لديكم مرشوع خامس‬ ‫من أيار آخر؟ ليس يف برنامجنا أن نعرضكم ملا‬ ‫تعرضتم له يف السابق‪ ،‬ولكن هل يف برنامجكم‬ ‫مؤامرة جديدة عىل لبنان؟»‪ ،.‬منبهاً إىل أن “هذه‬ ‫املرة لن يستطيع أحد أن يرد الناس عنكم‪ ،‬يف‬ ‫السابق تدخل سامحة السيد شخصياً ومنع‬ ‫الرضبة القاضية عن البعض الذي تجرأ عىل‬ ‫املقاومة‪ ،‬ولكن هذه املرة لن يستطيع أحد‬ ‫التدخل ملصلحتكم”‪.‬‬

‫وتابع وهاب‪“ :‬لقد دخلوا يف لعبة أكرب منهم‬ ‫وهم اليوم يأتون إىل سوريا ملساعدتهم عىل‬ ‫الخروج من هذه اللعبة‪ ،‬إ ّال قلة قليلة منهم تحاول‬ ‫االستمرار يف هذه اللعبة”‪ .‬وأضاف وهاب‪“ :‬سوريا‬ ‫ستساعد كل اللبنانيني دون استثناء عىل الخروج‬ ‫من هذه اللعبة الكربى‪ ،‬أما إذا أرص البعض عىل‬ ‫االستمرار يف هذه اللعبة فليتحمل مسؤولية‬ ‫بقاءه‪ .‬وسوريا لن متيز بني لبناين وآخر‪ ،‬إ ّال من حاول‬ ‫التآمر عليها وعىل املقاومة‪ ،‬وستعتربه جزءاً من‬ ‫املرشوع اإلرسائييل ويف هذا األمر حت ًام فإنها لن‬ ‫تهادن أحداً»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬لقد تعرضنا سوياً يف لبنان‬ ‫وسوريا لشتى أنواع الضغط واإلرهاب وخاص ًة‬ ‫بحق سوريا‪ ،‬ووصلت األمور إىل حد التهديد‬ ‫باجتياح سوريا كام فعلوا يف العراق‪ ،‬ولكنها مل‬ ‫تتخل عن قناعاتها”‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب اىل الذين يراهنون اليوم عىل‬ ‫ّ‬ ‫أن سوريا ممكن أن تتخىل عن املقاومة يف‬ ‫لبنان أو يتوهمون بأنها ميكن أن تتآمر عىل‬ ‫املقاومة‪ ،‬ليؤكد لهم أن املقاومة يف لبنان‬ ‫متثل رشف وعز هذه األمة‪ ،‬وسوريا ما تعودت‬ ‫إ ّال أن تبقى إىل جانب العز‪ ،‬ولن تتخىل عن‬ ‫رشفها‪ ،‬وهي ستبقى إىل جانب املقاومة طاملا‬ ‫بقيت “إرسائيل” وهناك فلسطني مغتصبة‪،‬‬ ‫واىل الذين يراهنون يف لبنان عىل ما يراهنون‬ ‫نقول لهم إن آخر شعرة يف رأس مقاوم يف‬ ‫املقاومة تساوي كل محاكمكم الدولية‬ ‫وقضاتكم الدوليني‪ ،‬ومؤامراتكم وتلفيقاتكم‬

‫‪15‬‬

‫املزورة‪ ،‬وإن كل شعرة من رأس مقاوم إذا مست‬ ‫ستدفعون كلكم الثمن‪ ،‬وكام مل تحميكم ال‬ ‫“كول” وال غري “كول” يف املايض لن يحميكم‬ ‫أحد يف املستقبل‪ ،‬وإياكم أن ترتكبوا الخطأ‬ ‫مرة ثانية‪ ،‬ونحذركم إنكم لو اقرتبتم من‬ ‫كرامتنا من املقاومة لن يستطيع أحد يف‬ ‫العامل حاميتكم وقد تحملناكم مبا فيه‬ ‫الكفاية طيلة سنوات من التآمر والدسائس‬ ‫عىل لبنان ورشفائه”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬لقد طفح كيلنا ولن نستطيع‬ ‫تحملكم أكرث‪ ،‬لذا نرجوكم أن ال تدخلوا البلد يف‬ ‫أزمة جديدة‪ ،‬أتت “إرسائيل” وتخلت عنكم يف‬ ‫الـ ‪ 82‬ودفعتم الثمن‪ ،‬وبعدها الحلف األطليس‬ ‫كذلك‪ ،‬ولو أىت العامل اليوم لن يستطيع‬ ‫حاميتكم‪ ،‬ألننا أصحاب حق ووطنية وانتم‬ ‫أصحاب دسائس وتقارير مزورة‪ ،‬وليس لديكم إ ّال‬ ‫أن تراهنوا عىل عقالنية الحكامء فيكم‪ ،‬ونحن ما‬ ‫زلنا نراهن عىل عقالنيتهم ويف الطليعة رئيس‬ ‫الحكومة املعني األول بهذه األزمة وما هو آت إىل‬ ‫لبنان»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬نراهن عىل عقالنيته وأن ال‬ ‫يورطه أحد يف مرشوع ال قدرة له وال للبنان عىل‬ ‫تحمل نتائجه‪ ،‬وبالطبع نراهن عىل عقلية آخرين‬ ‫ترصفوا يف املرحلة األخرية بعقالنية كبرية‬ ‫ويف طليعتهم النائب وليد جنبالط‪ .‬متمنياً أن‬ ‫تتضافر جهود العقالنيني من رئيس الحكومة‬ ‫وآخرين من أجل حوار عقالين وهادئ ينقذ البلد‬ ‫من أزمته الحالية»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬ ‫قرار ظني من املحكمة قال قامطي‪ :‬إن “ذلك متوقعاً‬ ‫بنا ًء عىل ما قالته صحيفة “ديرشبيغل” منذ‬ ‫أكرث من سنة عن أسامء لبنانية متهمة وهناك‬ ‫من قال بأسامء لبنانية مسؤولة قبل الصحيفة‬ ‫بأشهر وكانوا يعلمون بالسيناريو قبل االستامع‬ ‫إىل الشهود من “حزب الله”‪ ،‬وقبل التحدث معهم‪،‬‬ ‫ونحن نؤكد عدم خشيتنا من االتهامات أو أي‬ ‫قرار اتهامي ظني ونحن يف أقىص درجات الراحة‬ ‫النفسية والوعي ألن كل ما يجري هو ضمن حلق ُة‬ ‫تآمرية جديدة ضد املقاومة‪ ،‬لكنهم سوف يفشلون‬ ‫يف ذلك»‪.‬‬

‫وهاب التقى السيد نصرهللا على‬ ‫مدى ثالث ساعات واستعرض‬ ‫معه آفاق المرحلة المقبلة‬ ‫التقى رئيس «تيار التوحيد» الوزير السابق وئام وهّ اب األمني‬ ‫العام لـ «حزب الله» السيد حسن نرصالله بحضور عضو‬ ‫املكتب السيايس يف الحزب محمود قامطي‪.‬‬ ‫واستعرض وهّ اب مع السيد نرصالله عىل مدى ثالث ساعات‬ ‫الوضع املحيل واإلقليمي وآفاق املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫استقباالت رئيس «تيار التوحيد»‬

‫وهاب التقى وفداً من حزب الله‪:‬‬ ‫املحكمة الدولية إرسائيلية‬ ‫استقبل رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬وفداً من “حزب الله” برئاسة عضو‬ ‫املكتب السيايس يف الحزب الحاج محمود قامطي‪،‬‬ ‫وعضوية الحاج د‪ .‬أحمد ميل‪ ،‬الحاج د‪.‬عيل ضاهر‬ ‫والحاج عيل الرز (أبو حوراء)‪ ،‬بحضور نائب رئيس‬ ‫“تيار التوحيد” الشيخ سليامن الصايغ‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء أ ّكد وهاب أنه “أىت يف إطار تنسيق‬ ‫القضايا بني التيار والحزب كحلفاء‪ ،‬حيث جرى‬ ‫البحث يف املؤامرة اإلرسائيلية الجديدة عىل‬ ‫املقاومة والتي تتخذ الطابع القضايئ‪ ،‬ألن العدوان‬ ‫اإلرسائييل عىل لبنان كل فرتة يتخذ شك ًال جديداً‬ ‫كام جرى يف حرب متوز بشكل عدوان عسكري‪،‬‬ ‫بينام اليوم يأيت تحت شعار ما يسمى املحكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬وهي محكمة إرسائيلية‪ ،‬وكالمي هنا‬ ‫هو رأيي الشخيص وال يلزم أحداً‪ ،‬وموقفي معروف‬ ‫منذ خمس سنوات ومل أغريه»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬ما يهمني التايل‪ :‬نتمنى أن‬ ‫يكون هناك وعي خاص ًة عند بعض املعنيني من أن‬ ‫ال يجرهم أحد إىل مؤامرة هم ليسوا بحجمها‬ ‫وليس لديهم أي إمكانية ملجاراتها‪ ،‬والبلد ليس‬ ‫لديه أي إمكانية ملجاراتها‪ .‬واألمر اآلخر بالنسبة‬ ‫إىل مؤسسات الدولة‪ ،‬وأنا أتحدث باسم جزء من‬ ‫املعارضة وال أعرف موقف “حزب الله”‪ ،‬أن أي تعامل‬ ‫مع أي قرار فتنة من قبل بعض األجهزة الرسمية‬ ‫يف الدولة ستدفع مثن‪ ،‬إن كانت قضائية أم‬ ‫عسكرية يف حال حصل أي قرار‪ .‬ولن نسمح حتى‬ ‫بأي تهويل جديد ألخذ ما عجزت عنه “إرسائيل” يف‬ ‫الحرب‪ ،‬وخاص ًة يف العام ‪ .2006‬وكل ما يقال عن‬ ‫عالقة قيادة “حزب الله” أو عنارص غري منضبطة‬ ‫وما إىل ذلك‪ ،‬فليعلم الجميع أن كرامة آخر عنرص‬ ‫يف هذه املقاومة‪ ،‬التي هي عزنا ورشفنا وكرامتنا‬ ‫وكرامة األمة‪ ،‬هي كرامتنا جميعاً وليعلم القايص‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪...‬و الطاشناق‬ ‫كام استقبل رئيس «تيار التوحيد» الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب يف مكتبه أمني عام حزب الطاشناق‬ ‫هوفيك مختاريان‪ ،‬وعضو تكتل التغيري واإلصالح‬ ‫أغوب بقرادونيان عىل رأس وفد من الحزب‪ ،‬بحضور‬ ‫عضوي املكتب السيايس يف «تيار التوحيد»‬ ‫يارس الصفدي وهشام األعور‪ ،‬ونائب رئيس مجلس‬ ‫األمناء عصمت العرييض واألمني جواد زرقطة‪.‬‬

‫بقرادونيان‪ :‬نعمل ضد الفتنة‬ ‫وفد «حزب الله» يف مقر «تيار التوحيد»‬

‫والداين‪ ،‬وليحذر الجميع أي منقلب ينقلبون»‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال حول من يتنبأ عن عودة‬ ‫االغتياالت قال‪“ :‬من يطلق هذا الكالم لديه خربة‬ ‫كبرية يف هذا املجال‪ ،‬وهو معتاد عىل هذا املوضوع‪،‬‬ ‫وموقفنا مل نستح به وهو لديه إنجازات كبرية فيه‪،‬‬ ‫محذراً البعض منه‪ ،‬وهو يف العام ‪ 1982‬دخل يف‬ ‫املؤامرة وشاهدنا كيف كانت النتيجة‪ ،‬لألسف‬ ‫تابع وهاب‪ ،‬حصد جزء من املسيحيني هذه النتيجة‬ ‫رغم إرصارنا عىل وجود مسيحي قوي يف لبنان‬ ‫ونعترب أن أحد أهم مميزات لبنان هي وجود مسيحي‬ ‫قوي وفاعل‪ .‬لكن هذا الرجل دخل يف مغامرات منذ‬ ‫العام ‪ 82‬ورأينا ماذا حصل يف الجبل‪ ،‬ثم رشق صيدا‬ ‫ثم يف رصاع مسيحي ‪ -‬مسيحي مع الوزير األسبق‬ ‫املرحوم اييل حبيقة وسقط مئات الشهداء‪ ،‬ثم‬ ‫مع العامد ميشال عون‪ ،‬حتى اتفاق الطائف الذي‬ ‫يشكو منه بعض املسيحيني هو مثرة ما قام به‬ ‫يف تلك الفرتة”‪ .‬ويف الختام نصح وهاب الجميع بأن‬ ‫“ال يراهن أحد عىل مشاريع وآراء هذا الرجل»‪.‬‬

‫قامطي ‪ :‬ال نخىش من‬ ‫االتهامات‬ ‫من جهته أكد قامطي أن “الزيارة أتت يف إطار‬

‫‪16‬‬

‫التنسيق الدائم مع “تيار التوحيد” بشخص رئيسه‬ ‫وقيادته‪ ،‬وتطرقنا إىل األمور واملستجدات‪ ،‬وتوقفنا‬ ‫عند خطر العمالء الذي يداهم لبنان وشبكات‬ ‫التجسس وعند التهديدات اإلرسائيلية املتتالية‬ ‫وخاصة تهديدات اشكينازي‪ ،‬والتي تريد أن تحدث‬ ‫فتنة يف لبنان ومنها عرب املحكمة الدولية تار ًة أو‬ ‫عرب تحريض اليونيفيل تار ًة أخرى‪ ،‬وأنها ال تستطيع‬ ‫التدخل بوجود األهايل فيام يتعلق بسالح املقاومة‪،‬‬ ‫وكل هذه املحاوالت والفنت واألجواء اإلرسائيلية‬ ‫الواضحة‪ ،‬نأمل أن يجتمع اللبنانيون يف موقف‬ ‫واحد وطني مضاد لهذه املحاوالت‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫يحاول البعض يف لبنان التناغم مع العدو والوقوف‬ ‫معه يف خندق واحد‪ ،‬عن قصد أو عن غري قصد‪،‬‬ ‫ولكن مل يعد هناك أحد يف لبنان ال يعلم ما يقول‬ ‫أو يقصد‪ ،‬وبالتايل نحن نعلن كـ “حزب اللهط‬ ‫أنه وأمام كل محاوالت الفتنة‪ ،‬نتمسك بالسلم‬ ‫األهيل واالستقرار والتوافق والتفاهم يف العمل‬ ‫السيايس والوحدة الوطنية ألنها السالح األمىض‬ ‫يف مواجهة العدو‪ ،‬ونح ّذر كل الذين يخرجون عن‬ ‫هذا اإلطار بأنهم يقفون يف االتجاه املناوئ واملخالف‬ ‫لوحدة لبنان ومخالف ملصلحتهم طاملا استخدموا‬ ‫يف املايض من قبل األمريكيني واالستكبار العاملي‬ ‫و”إرسائيل”‪ ،‬ثم تركوا يف وسط الطريق»‪.‬‬ ‫وردا عىل سؤال حول ردة فعل “حزب الله” عىل أي‬

‫واعترب بقرادونيان أن هذه الزيارة تأيت‬ ‫من ضمن الجوالت التي يقوم بها حزب‬ ‫الطاشناق عىل املرجعيات والشخصيات‬ ‫التي تتمتع بأثر كبري عىل السياسة‬ ‫الداخلية‪ .‬ودعا اللبنانيني اىل الوقوف‬ ‫صفاً واحداً‪ ،‬واىل التكاتف والتضامن‬ ‫ملواجهة كل محاوالت الفتنة الداخلية‪،‬‬ ‫مشرياً اىل تطابق اآلراء مع الوزير وهاب‬ ‫يف اعتبار أي اعتداء عىل لبنان‪ ،‬هو‬ ‫اعتداء عىل جميع اللبنانيني من مختلف‬ ‫الديانات واملذاهب واألطراف السياسية‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق دعا بقرادونيان اىل‬ ‫وقفة وطنية جامعة ضد كل محاوالت‬ ‫الفتنة والتفرقة‪.‬‬

‫قيادة تيار التوحيد تستقبل وفد الطاشناق‬

‫وهاب‪ :‬هزمية «حزب الله»‬ ‫مستحيلة وممنوعة‬ ‫من جهته أشار وهاب اىل العالقة الثابتة‬ ‫مع حزب الطاشناق التي استمرت خالل فرتة‬ ‫السنوات املاضية وستبقى عىل ما هي عليه‪.‬‬ ‫واعترب وهاب أن اإلخوان يف حزب الطاشناق‬ ‫واألرمن بشكل عام لعبوا دوراً إيجابياً يف‬ ‫لبنان منذ زمن طويل يف الحرب عندما جن‬ ‫جنون الجميع‪ ،‬فكانوا هم األعقل خالل‬ ‫الحرب األهلية‪ ،‬وترصفوا كأنهم معنيني‬ ‫بكل اللبنانيني يف كافة املناطق دون متييز‬ ‫بني املسلمني واملسيحيني‪ ،‬واستمروا عىل‬ ‫تواصل مع كل القوى والفئات اللبنانية دون‬ ‫أن يدخلوا يف منطق الحرب األهلية‪ .‬وطبعاً‬ ‫اليوم عندما يشعرون بأن الوضع بدأ يقرتب‬ ‫من خطر ما حت ً‬ ‫ام نراهم يتحركون يف كل‬ ‫االتجاهات ألنهم يشكلون حلقة تواصل بني‬ ‫كافة األطراف يف لبنان‪ ،‬خاصة ونحن عىل‬ ‫أبواب عدوان إرسائييل جديد عىل لبنان‬ ‫واملقاومة‪ ،‬وهذا العدوان يأخذ برأي وهاب من‬ ‫املحكمة الدولية عنواناً له‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬نحن نتشارك مع حزب‬ ‫الطاشناق يف الدعوة اىل معرفة حقيقة من‬ ‫اغتال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬ونقدر بأن سعد‬ ‫الحريري من حقه أن يعرف من قتل والده‪،‬‬

‫ولكن األهم بالنسبة لنا ان ال يستعمل أحد‬ ‫لبنان كمنصة يف مواجهة إيران أو املقاومة‬ ‫أو سوريا‪ ،‬كام كان يف الفرتة السابقة‪ ،‬كاشفاً‬ ‫عن تقدم يف التدخل اإلرسائييل يف مواجهة‬ ‫“حزب الله”‪ ،‬ويتخذ هذا التدخل وجهاً جديداً هو‬ ‫املحكمة الدولية‪.‬‬ ‫ورأى وهاب أنه ومنذ حرب متوز باتت هزمية‬ ‫“حزب الله” مستحيلة وهزميته ممنوعة يف‬ ‫كل املعايري املحلية واإلقليمية والدولية‪ ،‬سواء‬ ‫كان هذا االستهداف قضائياً أم سياسياً أم‬ ‫عسكرياً أم أمنياً فنحن جميعاً سنقف اىل‬ ‫جانب “حزب الله” كطرف لبناين أسايس ح ّرر‬ ‫وطرد العدو اإلرسائييل من لبنان وأعاد سيادة‬ ‫لبنان وحامه حفاظاً عىل كرامة األمة‪ ،‬لذلك‬ ‫ن ّبه وهاب من اللعب يف هذا املوضوع متمنياً‬ ‫عىل امللك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أن‬ ‫يبادر عند زيارته اىل لبنان وهو الذي قام بخطوات‬ ‫أساسية يف املرحلة السابقة لتشجيع العالقات‬ ‫اللبنانية السورية ولتربيد الوضع اللبناين‪ ،‬اىل‬ ‫اتخاذ خطوات جديدة متنع من استخدام الخارج‬ ‫لبعض اللبنانيني يف ملف املحكمة الدولية ألن‬ ‫هذا املوضوع حت ًام وبحسب وهاب سيدفع مثنه‬ ‫الجميع ونحن عندما نح ّذر‪،‬أضاف وهاب ال نقول‬ ‫أننا نريد أن ندفع فريقاً لبنانياً‪ ،‬فقط هذا الثمن‬ ‫بل أن كل اللبنانيني سيدفعون الثمن اذا تجاوبوا‬ ‫مع هذا املرشوع اآليت اىل لبنان‪.‬‬

‫‪...‬والخري‪ :‬املحكمة صناعة إرسائيلية‬ ‫وأهل الجامعة والسنّة‬ ‫لن يدعوها متر‬ ‫استقبل رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب رئيس املركز الوطني للعمل االجتامعي يف‬ ‫الشامل كامل الخري‪ ،‬وبعد اللقاء ألقى الخري كلمة جاء‬ ‫فيها‪ :‬قمنا بزيارة األخ والصديق والحبيب معايل الوزير‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬وتباحثنا معه يف أمور الساعة وتحديداً يف‬ ‫موضوع املحكمة الدولية التي يراد من خاللها استهداف‬ ‫املقاومة بعد املحاوالت الفاشلة يف استهدافها‬

‫وهاب أثناء استقباله الخري‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬ ‫عسكرياً يف حرب متوز‪ ،‬لذلك نرى اليوم محاوالت إلعادة‬ ‫استهدافها باالحتيال عن طريق املحكمة الدولية التي‬ ‫نعتربها مسيسة وفاشلة وساقطة من األساس‪،‬‬ ‫وتبني اتهاماتها الباطلة عىل أساس شهود الزور‪،‬‬ ‫وتوقف أناس أبرياء ومظلومني ملدة ‪ 4‬سنوات‪ .‬واعترب‬ ‫الخري أن أي قرار يصدر عن املحكمة الدولية سواء كان‬ ‫ظنياً أو غري ظني‪ ،‬ويستهدف املقاومني هو صناعة‬ ‫إرسائيلية ولن ندعه مير‪ ،‬وإذا كان هناك من يرص عىل‬ ‫إحداث الفتنة السنية‪ -‬الشيعية‪ ،‬فلهؤالء نبرشهم‬ ‫بأن أهل الجامعة والسنة لن متر عليهم مثل هذه‬ ‫األكذوبة “وليخيطوا بغري هاملسلة»‪.‬‬

‫‪...‬والشيخ الحراش‪ :‬أدعو نواب‬ ‫عكار أن ال يحرضوا الناس عىل‬ ‫املقاومة‬

‫استقبل رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬يف مكتبه‪ ،‬يف برئ حسن وفداً من ندوة العلامء‬ ‫املسلمني يف عكار والشامل برئاسة الشيخ عبد‬ ‫السالم الحراش‪ ،‬يرافقه الشيخ معن عبود‪ ،‬والشيخ‬ ‫مروان النشار‪ ،‬والشيخ خالد عبد القادر عبد الفتاح‪.‬‬ ‫بعد اللقاء تحدث الشيخ الحراش فقال‪ :‬من‬ ‫الطبيعي أن نزور رئيس «تيار التوحيد» الوزير وئام‬

‫رئيس «تيار التوحيد» زار بتلون والتقى أهاليها‪:‬‬

‫إذا كانت المحكمة ً‬ ‫حبال سيلف أعناق المقاومة والشرفاء سنقطعه‬ ‫وهاب مستقب ًال وفد ندوة العلامء املسلمني‬

‫وهاب الذي أصنفه يف خانة املقاوم الشجاع‪ ،‬يف هذه‬ ‫املرحلة الصعبة وأن نقف عىل آرائه خصوصاً يف هذه‬ ‫املرحلة‪.‬‬ ‫وحول القرار االتهامي أو الظني للمحكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬اعترب الحراش أن مفاهيم العدالة انسحبت‬ ‫مام يسمى بالرشعية الدولية‪ ،‬وأن التسلل اإلرسائييل‬ ‫واألمرييك اىل هذه املحكمة بدا واضحاً لالقتصاص‬ ‫من املقاومني الذين سطروا أروع البطوالت‪ ،‬دفاعاً عن‬ ‫أرضهم وأهلهم‪ .‬وعندما تسيس مثل هذه املحكمة‬ ‫فعىل الجميع أن يقف يف مواجهتها ألن العدل عندنا‬ ‫منابعه‪ ،‬ونحن نعرف أن رجاالً وقفوا يف وادي الحجري‪،‬‬

‫سليمان الصايغ شارك في إفطار‬ ‫الرابطة الخيرية في الهاللية‬ ‫شارك “تيار التوحيد” مم ّث ًال بنائب رئيس التيار سليامن الصايغ‪ ،‬ونجل‬ ‫الرئيس هادي وئام وهاب يف “الرتويقة القروية” التي أقامتها “الرابطة‬ ‫الخريية يف الهاللية” يف مركز الرابطة‪ -‬الهاللية‪ ،‬بحضور رؤساء بلديات‬ ‫ومخاتري‪ ،‬ومسؤويل األحزاب السياسية يف منطقة املنت األعىل وحشد‬ ‫من األهايل‪.‬‬ ‫تخ ّلل الرتويقة كلمة لرئيس الرابطة‪ ،‬مف ّوض “تيار التوحيد” يف‬ ‫الهاللية كريم زيتوين أ ّكد فيها عىل أهمية استمرار العمل االجتامعي‬ ‫الهادف إىل تعزيز روابط التضامن ملا فيه خري الجميع وإمناء البلدة‪.‬‬

‫أمانة الشؤون الدولية زارت سفارات‬ ‫أستراليا والنمسا والهند وشاركت في‬ ‫احتفال سفارتي فنزويال وإسبانيا‬ ‫قامت أمينة الشؤون الدولية يف “تيار التوحيد” فريال أبو ذياب بزيارة‬ ‫سفارة أوسرتاليا يف لبنان‪ ،‬فالتقت نائب رئيس البعثة اإلسرتالية‪،‬‬ ‫السكريتري األول بروس ادوارز‪ ،‬وجرى بحث يف آخر املستجدات السياسية‬ ‫يف لبنان واملنطقة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪18‬‬

‫ووقفوا يف ساحات الرشف‪.‬‬ ‫وتابع الحراش‪ :‬لقد كان الرئيس رفيق الحريري رفيق‬ ‫املقاومة الدائم فال يعقل أن نسمح لهؤالء ولو مجرد‬ ‫اتهام يتهم مثل هؤالء الرجال‪ ،‬مشرياً اىل وجود مسألة‬ ‫ثانية يجب وضعها يف هذه املرحلة تكمن يف الفتنة‬ ‫القادمة التي يحرض لها األمرييك واإلرسائييل‬ ‫ما يدفعنا لدعوة نواب املستقبل وخصوصاً يف‬ ‫عكار أن يوافقوا ويتوافقوا مع سعد الحريري الذي يدنو‬ ‫اىل أفضل العالقات مع سوريا فال يهشموا دوره‪ ،‬وال‬ ‫يشوهوه يف تحريض الناس عىل املقاومة وعىل‬ ‫سوريا‪.‬‬

‫ويف إطار آخر‪ ،‬أطلعت أبو ذياب ادوارز عىل أهم أهداف ومبادئ “تيار‬ ‫التوحيد” التغيريية التي حصلت يف مسريته عىل مدى األربع سنوات‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫كام أ ّكدت أبو ذياب خالل زيارتها سفرية النمسا يف لبنان إيفا ماريا‬ ‫زيغالر‪ ،‬عىل موقف “تيار التوحيد” من الوحدة الوطنية بني اللبنانيني‪ ،‬والحد‬ ‫من التدخالت الخارجية يف شؤون لبنان‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬شكرت زيغالر املبادرة التي يقوم بها “تيار التوحيد” لجهة‬ ‫التواصل الدبلومايس والثقايف مع السفارة النمساوية‪.‬‬ ‫ويف سفارة الهند التقت أبو ذياب سفري الهند الجديد رايف ط ّبار يف‬ ‫مبنى السفارة‪ ،‬وتناول اللقاء عدداً من املواضيع السياسية والثقافية التي‬ ‫تهم الجانبني‪.‬‬ ‫كام قدّ مت أبو ذياب واجب التعزية باسم “تيار التوحيد” بوفاة‬ ‫السيد طانوس كرم ضومط والد قنصل اإلكوادور يف لبنان كرم‬ ‫ضومط‪.‬‬ ‫ومبناسبة الذكرى السنوية الـ‪ 199‬لتوقيع معاهدة االستقالل‬ ‫للجمهورية البوليفارية الفنزويلية‪ ،‬وتحت عنوان “أنغام التكامل” شاركت‬ ‫أبو ذياب يف الحفل املوسيقي الفولكلوري الفنزوييل الذي أقيم عىل‬ ‫مرسح األونيسكو – بريوت‪ ،‬بحضور عدد من الدبلوماسيني وممثيل األحزاب‪،‬‬ ‫وشخصيات رسمية‪.‬‬ ‫كام شاركت أبو ذياب بحفل كوكتيل أقامته السفرية الفنزويلية يف‬ ‫لبنان سعاد كرم يف هذه املناسبة يف املارينا ضبية بريوت بحضور عدد من‬ ‫الدبلوماسيني‪ ،‬حيث ألقت السفرية كرم كلمة ر ّكزت فيها عىل معاين‬ ‫ّ‬ ‫موضحة تضحيات الشعب الفنزوييل يف سبيل الحرية‬ ‫هذه املناسبة‪،‬‬ ‫واالستقالل‪ .‬كام شاركت أبو ذياب يف احتفال نهاية الرئاسة اإلسبانية‬ ‫لإلمناء األورويب الذي نظمته السفارة اإلسبانية وبعثة االتحاد األورويب اىل‬ ‫لبنان يف بريوت سيتي‪.‬‬

‫اعترب رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬خالل زيارته منزل أمني بو وادي‪ ،‬يف بلدة بتلون‬ ‫الشوفية‪ ،‬بحضور رئيس البلدية سليامن كامل الدين‬ ‫وحشد كبري من أهايل البلدة‪ ،‬أن طائفة املوحدين‬ ‫الدروز قد م ّرت يف مرحلة صعبة‪ ،‬وأن هدف جميع‬ ‫قياداتها كان نبي ًال يف التفتيش عن سبل حاميتها‪،‬‬ ‫وهي اقتضت منا جميعاً أفعاالً وردود أفعال بحجم‬ ‫خطورة املشاريع الخارجية‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬نحن مل نصنع دوراً للطائفة‪ ،‬وإمنا‬ ‫نحن حراس عىل دور الطائفة العرويب الذي ش ّكل‬ ‫أساس وجودنا ودميومتنا وموقعنا وماضينا ومستقبلنا‪،‬‬ ‫داعياً اىل رضورة ترفع الجميع عن الخالفات السياسية‬ ‫ألن الناس هم بحاجة اىل قدراتنا وليس اىل خالفاتنا‪،‬‬ ‫واصفاً الوضع الداخيل الدرزي باملثايل بعد أن ت ّوحد‬ ‫بالكامل موقف جميع الفرقاء السياسيني‪ ،‬وهم‬ ‫مدركون لخطورة األمور اآلتية اىل املنطقة‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬سنبقى يف هذا املوقع املوحد واملثايل‬ ‫عىل الساحة اللبنانية بعد أن زال الخالف السيايس‬ ‫اىل غري رجعة‪ ،‬وأصبحت خيارات الجميع واضحة من‬ ‫ضمن خط العروبة التي حمتنا وستحمينا‪ ،‬مشيداً‬ ‫بحديث رئيس اللقاء الدميقراطي النائب وليد جنبالط‪،‬‬ ‫خالل املؤمتر االغرتايب الذي وصفه بأنه كالم سيايس‬ ‫أسايس ومهم‪ ،‬واعتربه وثيقة سياسية داعياً الجميع‬ ‫اىل العمل مبوجبها‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬نحن دور وليس حج ًام‪ ،‬دورنا كبري يف‬ ‫الوطن العريب من سلطان باشا األطرش اىل كامل‬ ‫جنبالط اىل كل القيادات الدرزية األخرى‪ ،‬اىل دروز‬ ‫فلسطني املحتلة‪ ،‬اىل إخواننا يف الجوالن املحتل منذ ‪43‬‬ ‫عاماً‪ ،‬والذين يقاومون االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬ويرصون‬ ‫عىل هويتهم السورية والعودة اىل وطنهم‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬نحن دفعنا بهذا االتجاه خالل السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬وعملنا من أجله وليس دورنا أن نتقوقع وننعزل‬ ‫يف بقعة جغرافية معينة ألن التقوقع هو مبثابة املوت‬ ‫بالنسية إلينا‪ً.‬‬ ‫وتأكيداً عىل موضوع الوحدة الوطنية‪ ،‬شدد وهاب‬ ‫عىل الرشيك املسيحي يف منطقة الجبل والذي يتطلب‬ ‫منا جميعاً العمل واملساعدة عىل عودته‪ ،‬ألن الجبل‬ ‫لن ينهض اقتصادياً واجتامعياً وسياحياً وسياسياً‬ ‫إ ّال بعودة هذا الرشيك‪ ،‬معترباً أن الجبل فقد نصفه‬ ‫اآلخر منذ أكرث من ‪ 27‬سنة‪ ،‬ونحن وكام اآلخرين نرص‬ ‫بالطبع عىل تأمني عودة كرمية للمسيحيني‪ ،‬ومستمرة‬ ‫وليس “ويك اند “‪ ،‬وإمنا إقامة يومية ودامئة يك نبني‬ ‫وإياهم مؤسسات للمنطقة‪ ،‬لذلك علينا جميعاً أن‬ ‫ال ننىس عودة هذا الرشيك التاريخي‪ ،‬مشرياً اىل أنه‬ ‫بالرغم من مرور فرتات من الخالف بيننا وبني الرشيك‬ ‫املسيحي إ ّال أن هذه الفرتات ميكن اعتبارها قليلة أمام‬ ‫الفرتات الكربى من التحالف‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬نحن تحالفنا مئات السنوات مع‬ ‫املسيحيني مقابل خالف كان يحصل معهم لسنوات‬

‫قليلة‪ ،‬نتيجة تدخل العامل الخارجي‪ ،‬متوجهاً اىل‬ ‫اآلخرين بالقول إنه يف العام ‪ 1982‬تدخلت “إرسائيل”‬ ‫وافتعلت فتنة الجبل‪ ،‬واآلن “إرسائيل “ تتدخل مجدداً‬ ‫عرب ما يسمى محكمة دولية الفتعال معركة ثانية‬ ‫يف لبنان شبيهة بحرب الجبل‪ .‬لذلك ح ّذر وهاب من‬ ‫الوقوع يف مثل هذه املعركة واصفاً موقف الرئيس‬ ‫سعد الحريري تجاه سوريا باملمتاز‪ ،‬ألنه من املهم جداً أن‬ ‫يؤسس عىل مثل هذا املوقف داعياً اىل رضورة تطوير‬ ‫هذه العالقة مع سوريا كون هذا املوقف يحمي لبنان‬ ‫وسوريا والجميع ملا فيه مصلحة البلدين والشعبني‪.‬‬ ‫الفتاً اىل أن العداوة مع سوريا مل تكن كام اعترب‬ ‫البعض منذ ‪ 6‬سنوات مربحة‪ ،‬ولكن الحمد لله اليوم‬ ‫رمبا يوجد قناعة بأن الصداقة والتحالف مع سوريا‬ ‫والعالقات املميزة معها هي األربح‪.‬‬ ‫وحول موضوع املحكمة الدولية اعترب وهاب ان‬ ‫املحكمة آتية بحبل تريد أن تلفه عىل اعناق املقاومة‬ ‫والرشفاء يف هذا البلد‪ ،‬ولكن سوف نقطع هذا‬ ‫الحبل قبل أن يستخدمه أحدهم ولن نراعي أحدا يف‬ ‫هذا األمر‪ .‬وأضاف وهاب‪ :‬اليوم استمعت اىل الرئيس‬ ‫الحريري وهو يقول روح رفيق الحريري لن تكون سبباً‬ ‫يف إحداث فتنة يف لبنان وهذا تطور إيجايب يجب‬ ‫أن نؤسس عليه‪ ،‬وليس عىل الغوغائية يف تحريض‬ ‫الشارع او الحديث‪ ،‬وكأن املحكمة يشء منزّل من‬ ‫السامء‪ ،‬الفتاً اىل وجود قضاة يفتعلون ويسوقون‬ ‫اتهامات يف املحكمة‪ ،‬ولدينا الكثري من الوثائق التي‬ ‫تدين هذه املحكمة‪ ،‬وسوف نعلنها يف الوقت املناسب‪.‬‬ ‫من ّوهاً مبوقف رئيس الجمهورية ميشال سليامن الذي‬ ‫تحدث عن إقحام املواطنني يف معارك سياسية يف‬ ‫حني هناك أمور أخرى تتطلب املعالجة مثل موضوع‬ ‫الخدمات التي يتوجب عىل الدولة االنرصاف له‬ ‫بعد مرور ‪ 6‬سنوات عىل عدم االهتامم بهذا امللف‬ ‫الحيوي مقابل إلهاء الناس يف رصاعاتنا السياسية‬ ‫وإضاعتهم عن مطلبهم األسايس أال وهو مصلحتهم‬

‫‪19‬‬

‫وواجبات الدولة تجاههم‪ ،‬داعياً اىل رضورة التخلص من‬ ‫هذا الرصاع الكبري الذي أىت به املرشوع األمرييك اىل‬ ‫املنطقة منذ احتالل العراق وحتى اليوم‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬هذه الدول تعمل دامئاً من أجل‬ ‫مصالحها وهذا ما بينته األحداث خالل السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬عندما تبينّ للبعض كيف باعتهم هذه الدول‬ ‫عندما تعاملوا معها يف العام ‪ ،1982‬وعندما تعاملوا‬ ‫مع األطليس أو خالل اتفاق الطائف‪ ،‬فلنعمل نحن‬ ‫ولو ملرة أن نفكر بطريقة لبنانية وعربية رصفة بدون‬ ‫مصالح هذه الدول الكربى‪.‬‬ ‫وتط ّرق وهاب‪ :‬اىل موضوع اإلمناء يف منطقة الجبل‪،‬‬ ‫وكشف عن اهتامم بالغ يقوم به بالتعاون مع جنبالط‬ ‫واآلخرين لبذل أقىص جهد مع دوائر ووزارات الدولة يف‬ ‫كل املجاالت من أجل مواجهة هذا الحرمان الذي نعيشه‬ ‫منذ ما قبل وما بعد استقالل لبنان فيام ال أحد يدّعي‬ ‫أنه يستطيع أن يكون بدي ًال عن الدولة‪ ،‬ولكن نحن‬ ‫قادرون أن نساعد يف الكثري من األمور حسب قدراتنا‬ ‫وإمكانياتنا‪ ،‬وعىل حث الدولة عىل القيام بدورها‬ ‫اإلمنايئ بدل من اعتبار لبنان‪ ،‬وكأنه سوليدير والعمل‬ ‫فقط عىل الطرقات التي توصل اىل سوليدير‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس هذا هو لبنان الذي توجد فيه مناطق أخرى‬ ‫محرومة وهي متتد من عكار اىل إقليم الخروب اىل‬ ‫الجنوب اىل الجبل اىل البقاع‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪ :‬باإلشارة اىل بعض األصوات التي بتنا‬ ‫نسمعها اليوم والتي تدعو اىل دعم الزراعة والصناعات‬ ‫الخفيفة الجبلية من أجل تحقيق اإلمناء املتوازن‪ ،‬إن هذا‬ ‫األمر يتطلب بعض الوقت من أجل تحقيقه‪ ،‬وال ميكن‬ ‫تحميل تقصري الدولة لألحزاب أو لألفراد أو للفئات وال‬ ‫يستطيع أحد أن يأخذ مكان الدولة وعندما تطالب‬ ‫هذه الدولة بحقها‪ ،‬عليها يف املقابل تأمني حقوق‬ ‫املواطنني‪ ،‬معترباً أن املعركة هي كيف ميكن تحويل‬ ‫مؤسسات الدولة اىل مؤسسات قادرة أن تقوم بدورها‬ ‫من أجل تأمني خدمات الناس‪.‬‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب خالل جولة في كفرحيم ‪:‬‬ ‫المنطقة بحاجة إلى خدماتنا ال إلى صراعاتنا‬ ‫جال رئيس “تيار التوحيد» الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب يف بلدة كفرحيم الشوفية‪ ،‬يرافقه‬ ‫رئيس هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح‬ ‫ضو‪ ،‬فزار حلمي أبو رضغم يف منزله‪ ،‬الذي‬ ‫رحب فيها بالحارضين‪ ،‬وبالوزير‬ ‫ألقى كلمة‬ ‫ّ‬ ‫وهاب جاء فيها‪« :‬أه ًال وسه ًال بك يف بلدتك‬ ‫وأنت ابن بلدتنا مثلام أنت ابن الجاهلية‪ ،‬ومن‬ ‫ميتلك هذه املواصفات ليست كبرية عليه‬ ‫العباءة التي قدمت إليه يف جبل العرب‪ ،‬ونحن‬ ‫باملقابل نقدم لك هذه العباءة بشكل رمزي‬ ‫تقديراً ملواقفك وعملك املتواصل‪ ،‬ومن منزل‬ ‫الوفاء واملحبة نقدم لك هذه الهدية الرمزية»‪.‬‬

‫وهاب يف منزل حلمي أبودرغم‬

‫يف منزل رئيس البلدية‬ ‫وتابع وهاب جولته‪ ،‬فزار رئيس البلدية سمري‬ ‫أبوخزام يف منزله بحضور أعضاء املجلس البلدي‬ ‫واملخاتري وحشد من األهايل‪ ،‬وألقى كلمة جاء‬ ‫فيها‪« :‬هذا املنزل الكريم وأهله الذي له أفضال‬ ‫عىل الضيعة واملنطقة وله موقعه واحرتامه‪،‬‬ ‫ووجود رئيس البلدية األستاذ سمري أبو خزام‬ ‫عىل رأس البلدية اليوم ما هو إال تتمة لدوره‬ ‫السابق‪ .‬ونحن يف فرتات سابقة رمبا ظلمناه‬ ‫ومل نعطه حقه ولكن هذه املرة فقد كانت‬ ‫األمور عىل ما يرام‪ ،‬وهو قادر أن يقود البلدية‬ ‫نحو الهدف الصحيح»‪ .‬وتابع وهاب‪« :‬حرام أن‬ ‫تدفع كفرحيم مثن رصاعاتنا‪ ،‬وهي رصاعات بال‬ ‫قيمة فعلية‪ ،‬بل سطحية‪ ،‬واملرحلة السوداء‬ ‫التي مرت علينا انتهت ولن تعود»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬أولويتنا وحدتنا يف إطار هذا‬ ‫املوقع الذي متركزنا فيه اليوم بالتعاون مع‬ ‫النائب وليد جنبالط يف املوقع املقاوم الذي‬ ‫يعرب عن تاريخ الدروز‪ ،‬ونحن سنكون موحدين‬ ‫يف مواجهة العواصف مهام كانت قوية‪،‬‬ ‫داخلية أو خارجية‪ .‬ومعركتنا اليوم إمنائية‬ ‫وسنعمل عىل رفع مستواها ودفع رشيكنا يف‬ ‫هذه املنطقة للعودة إىل الجبل واملساهمة يف‬ ‫تطويره وإمنائه‪ ،‬بعد مئات السنوات من حالة‬ ‫الرصاع الدائم التي مل تؤد إ ّال ملزيد من البعد‬ ‫والتخلف والبغض بني الناس‪ ،‬وتأخري لإلمناء‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪ :‬التوافق يفسح املجال أمام رفع‬ ‫مستوى اإلمناء‪ ،‬واملنطقة بحاجة إىل خدماتنا‬ ‫ال إىل رصاعاتنا متمنياً تقديم ما يستطيع‬ ‫عليه»‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ويف منزل العميد فؤاد أبو خزام‬

‫بو نرص الدين‬ ‫بعدها زار وهاب كل من محمد أبو رضغم‪،‬‬ ‫وجواد أبو رضغم‪ ،‬ود‪ .‬نسيب أبو رضغم‪ ،‬والقائد‬ ‫السابق للرشطة القضائية العميد فؤاد أبو‬ ‫خزام‪ ،‬والعميد رياض أبو خزام‪ ،‬وعضو مجلس‬ ‫البلدية عفيف أبو خزام‪ ،‬واملختار سعيد غنام‪،‬‬ ‫واختتم جولته يف منزل الدكتور رمزي أبو‬ ‫رضغم بحضور أعضاء املجلس البلدي واملخاتري‬ ‫وحشد من أبناء البلدة‪ ،‬حيث استهل الحديث‬ ‫املدير العام السابق للنقل األستاذ رضوان أبو‬ ‫نرص الدين‪ ،‬يف كلمة جاء فيها‪“ :‬إن موقف‬ ‫معايل الوزير وهاب الكبري مل ينسحب فقط‬ ‫عىل التوافق يف البلدية‪ ،‬واالتفاق الذي حصل‬ ‫أوصل فريق عمل متجانس نأمل أن ينجح يف‬ ‫خدمة البلدة وأهلها‪ ،‬واألهم أنه كام منع وليد‬ ‫بيك يف املايض تجاوز الخطوط الحمر‪ ،‬كذلك‬ ‫معاليه منع تجاوز الخطوط الحمر التي قد‬ ‫تودي إىل مشاكل نحن بغنى عنها‪ ،‬ولك منا‬ ‫يا معايل الوزير دين علينا عىس أن نستطيع‬ ‫إيفاءك حقك»‪.‬‬

‫ويف منزل رمزي أبو درغم‬

‫وهاب يف منزل جواد أبو درغم‬

‫وهاب‬ ‫ويف منزل محمد أبو رضغم‬

‫ويف منزل رئيس البلدية سمري أبو خزام‬

‫ويف منزل نسيب أبو رضغم‬

‫‪20‬‬

‫من جهته‪ ،‬أ ّكد وهاب يف كلمته حرصه‬ ‫الدائم «أن ال يتخذ االستحقاق البلدي ناحية‬ ‫الرصاع العائيل‪ ،‬ومصلحة كفرحيم تقتيض‬ ‫الذي حدث‪ ،‬وأن تتحول البلدة ساحة لكل‬ ‫أهلها‪ ،‬وهي عائلة واحدة‪».‬‬ ‫وشكر وهاب لوزارة األشغال جهودها‪،‬‬ ‫منتقداً “وزارة املالية لحجزها أموال البلديات”‪،‬‬ ‫متمنياً “لو أن وزير الداخلية والبلديات يطرح‬ ‫هذا امللف عىل طاولة مجلس الوزراء‪ ،‬ألن هذه‬ ‫األموال حق للبلديات‪ ،‬وهي بحاجة إليها‪ ،‬عىل‬ ‫األقل لتتمكن من مواجهة استحقاقات ما‬ ‫قبل فصل الشتاء‪ ،‬مشرياً اىل رضورة تشجيع‬ ‫الرشيك املسيحي عىل العودة‪ ،‬ألن فقدان‬ ‫الجناح اآلخر يف الجبل يسهم يف تراجع الدور‬ ‫االقتصادي لهذه املنطقة‪ .‬وهنا يتوجب عىل‬ ‫الدولة اإلرساع يف إنجاز ملف عودة املهجرين‬ ‫وأن تؤمن املال الالزم لذلك‪ ،‬باإلضافة إىل تأمني‬ ‫بنية تحتية وتأمني فرص عمل لتحقيق اإلمناء‬ ‫املتوازن عىل كافة الصعد»‪.‬‬ ‫وكان وهاب قد استقبل يف دارته يف الجاهلية‬ ‫رئيس بلدية قرنايل املهندس نزار األعور ورئيس‬ ‫وأعضاء املجلس البلدي يف ديركوشه – الشوف‪،‬‬ ‫ووفداً كبرياً من عائالت الباروك‪ ،‬ووفداً من آل‬ ‫عيد يف بشامون‪.‬‬

‫ويف منزل املختار سعيد غنام‬

‫ويف منزل رياض أبو خزام‬

‫ويف منزل عضو البلدية عفيف أبوخزام‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫رئيس «تيار التوحيد» زار بلدة شارون‪:‬‬ ‫حفظ لبنان بوجه العاصفة القادمة قبل مصالحنا وثأرنا الخاص‬

‫الشيخ امني الصايغ مستقب ًال وهاب‬

‫زار رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب املرجع الروحي لطائفة املوحدين الدروز‬ ‫الشيخ أمني الصايغ يف دارته يف بلدة شارون‪،‬‬ ‫حيث تم البحث يف شؤون الطائفة وعمل‬ ‫مؤسساتها‪ ،‬وإىل وجود عاصفة سياسية قوية‬ ‫يحاول الخارج دفعها نحو لبنان‪ ،‬وقال وهاب ‪ :‬نحن‬ ‫نراهن عىل وعي الجميع‪ ،‬وخاص ًة رئيس الحكومة‬ ‫سعد الحريري‪ ،‬ونراهن أن نكون موحدين يف الرأي‬ ‫أن الوطن أهم من األشخاص مهام كانوا مهمني‪،‬‬ ‫وعلينا حفظ لبنان قبل مصالحنا الخاصة أو‬ ‫حقوقنا أو ثأرنا الخاص”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬رغم ارتفاع حدة النقاش السيايس‪،‬‬ ‫فإننا مطمئنون ألن الجيش اللبناين قادر عىل‬ ‫حامية املجتمع والوطن‪ ،‬وحريص عىل حفظ‬ ‫السلم األهيل‪ ،‬واملؤسسة العسكرية تتمتع‬ ‫بثقة كل الشعب اللبناين ملواجهة العدو وعمالئه‬ ‫وشبكاته‪ ،‬مؤ ّكداً عىل أن رفضه للمشاركة يف‬ ‫ما سمي بـ”مؤمتر املغرتبني الدروز” املنعقد يف‬ ‫هذه األيام‪ ،‬يعود اىل فقدان هذا املؤمترألي برنامج‬ ‫واضح ومحدد يف ما يتع ّلق بالسياسة أو األمور‬ ‫االجتامعية وغريها‪ ،‬مقدّراً جهود كل املشاركني‬ ‫فيه‪ ،‬بالرغم من أنهم ميثلون جز ًءا من الطائفة‬ ‫الدرزية وليس بأكملها‪ ،‬واملواقف التي ستخرج‬ ‫منه «‪ .‬وسأل وهاب منظمي املؤمتر‪“ ،‬ماذا جلبتم‬ ‫للدروز ملعالجة أزماتهم ومشاكلهم؟ وكيف‬ ‫تواصلتم مع هموم وشجون الناس؟‪ ،‬مشرياً اىل‬ ‫حاجة املجتمع الدرزي إىل الخدمات وليس اآلراء‪،‬‬ ‫وبالتايل إىل أشياء عملية‪ ،‬متأسفاً لعدم وجود‬ ‫أي خطة عمل”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬هناك خالف حول املجلس املذهبي‬ ‫يستوجب إجراء تسوية كون هناك توافق سيايس‬ ‫يف هذا الظرف‪ ،‬بني كل القيادات السياسية‬ ‫وخاصة يف مجال العالقة مع سوريا واملقاومة‬ ‫والعروبة ولكن هناك أيضاً عدم وحدة دينية‬ ‫حول مشيخة العقل بالرغم من وجود مراجعنا‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب يف منزل مختار شارون يوسف الصايغ‬

‫وهاب اثناء زيارته الشيخ ابو مجيد الصايغ‬

‫الروحية‪ ،‬كالشيخ أبو محمد جواد ويل الدين‪،‬‬ ‫الشيخ أبو سليامن حسيب الصايغ‪ ،‬الشيخ‬ ‫أبو سعيد أمني أبو غنام‪ ،‬الشيخ أمني الصايغ‪،‬‬ ‫الشيخ أبو عيل سليامن أبو ذياب والشيخ أبو‬ ‫سهيل غالب قيس وغريهم من املراجع املحرتمة‬ ‫التي هي فوق الرصاعات السياسية‪ ،‬مشرياً اىل‬ ‫االنقسام الذي اليزال قامئاً يف مشيخة العقل‬ ‫بني شيخ ميتلك الرشعية القانونية الرسمية‬ ‫وآخر ميتلك الرشعية الشعبية حني نادينا به‬ ‫كفريق سيايس شيخاً للعقل‪ ،‬وهذا األمر بحاجة‬ ‫اىل تسوية‪ ،‬والحل ليس بجلسة عىل صحن تبولة‬ ‫وحمص يف مطعم»‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬ما أحاول قوله هو وجع الناس وأبناء‬ ‫الطائفة وأبناء الجبل ونحاول نقل همومهم‪،‬‬ ‫وأعتقد أن أهلها يستحقون العيش الكريم والعزة‬ ‫والكرامة وهم أه ًال لذلك” الفتاً إىل أن “املكان‬ ‫محفوظ للجميع داخل الطائفة الدرزية‪ ،‬وهم‬ ‫قادرون عىل استيعاب الجميع‪ ،‬وال ميكن ألحد‬ ‫أن يأخذ مكان اآلخر‪ ،‬أو يأخذ من درب اآلخر‪ ،‬ألن‬ ‫الطريق فسيحة والهموم كبرية وكثرية‪ ،‬وتابع‪:‬‬

‫‪22‬‬

‫“إذا ما توزعنا هذه الهموم يبقى هناك الكثري‬ ‫من األمور التي تحتاج إىل املعالجة‪ ،‬وأيضاً فإن‬ ‫عىل املغرتبني واجباً أن يضعوا أيديهم بأيدي أبناء‬ ‫الوطن املقيمني‪ ،‬وكل قراهم ومجتمعهم بحاجة‬ ‫إىل بناء مؤسسات ومشاريع تستوعب اليد‬ ‫العاملة وتنهض مبجتمعنا‪ ،‬ولذلك نرى أن املؤمتر‬ ‫سينتهي مع العشاء الذي سيقام وال يتعدى‬ ‫هذا اإلطار‪ ،‬من هنا وجدنا أن زيارة املشايخ األجالء‬ ‫أفضل من املشاركة يف مؤمتر شكيل‪ ،‬مناشداً‬ ‫الجميع وخاص ًة املغرتبني بأن لديهم قدرات كبرية‪،‬‬ ‫كام لدى الوقف الدرزي‪ ،‬بحاجة إىل استثامر‬ ‫ومساعدة الفقراء من أبناء الطائفة‪ .‬ونحن ال‬ ‫ندعي أننا ميكن أن نكون بدي ًال عن الدولة‪ ،‬ولكنه‬ ‫ميكننا أن نساند عملها عرب مشاريع متعددة”‪.‬‬ ‫كذلك جال وهاب يف بلدة شارون والتقى‬ ‫الشيخ الجليل أبو مجيد سليامن الصايغ‪ .‬ومن‬ ‫ثم التقى فاعليات البلدة يف منزل مختار شارون‬ ‫ً‬ ‫يوسف الصايغ‪ ،‬كام قام بعدة زيارات اجتامعية‬ ‫تناول خاللها ما آلت إليه أوضاع الطائفة‬ ‫الدرزية‪.‬‬

‫‪ ...‬والتقى في الورهانية فعالياتها‪:‬‬ ‫الدروز ليسوا رأس حربة ومن لديه حسابات أخرى فليخضها بنفسه‬ ‫أكد رئيس «تيار التوحيد» الوزير السابق وئام وهاب خالل زيارته نائب رئيس بلدية‬ ‫الورهانية عثامن عساف‪ ،‬يرافقه رئيس بلدية الجاهلية أمني أبوذياب‪ ،‬قضاء الشوف‪،‬‬ ‫أثناء جولة يف البلدة‪ ،‬أن «الوضع الصعب يف املايض قد انتهى واستطعنا أن‬ ‫ننتقل خالل الفرتة القصرية املاضية من الرصاع إىل التعاون والعمل سوياً ضمن‬ ‫خط سيايس واحد‪ ،‬وهذا يلقي بظالل من الراحة عىل الجو العام ويحصن الساحة‬ ‫يف وجه العواصف القادمة‪ ،‬وكام هو اآلن موحد فإننا نستطيع املواجهة بسهولة‬ ‫ونتمكن من حامية أنفسنا ومجتمعنا»‪ .‬وأشار إىل أن «هناك حمالت تشن بالجملة‬ ‫وتستهدف النائب وليد جنبالط ومواقفه األخرية التي حصنت وضع الجبل بشكل‬ ‫خاص والوضع الداخيل اللبناين بشكل عام‪ ،‬يف أن يكون الدروز يف مقدمة أي‬ ‫مواجهة ميكن أن تحصل‪ ،‬لكن أهم ما يف األمر أننا قد سحبنا فتيل أي مواجهة يف‬ ‫البلد ندفع نحن مثنها‪ ،‬ومن لديه أي حسابات أخرى فليذهب إىل خوضها بنفسه‬ ‫وليس عرب اآلخرين ولسنا مستعدين أن ندفع مثن هذه الحسابات»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪« :‬البعض كان يراهن أن يكون الدروز إىل جانبه يف مشاريع ومعارك‬ ‫سياسية‪ ،‬لكننا متكنا‪ ،‬كقوى سياسية يف الطائفة‪ ،‬من االنتقال إىل موقع آخر‬ ‫جميعاً‪ ،‬ونحن متضامنون لحامية هذا املجتمع‪ ،‬من خالل املوقع الذي ننتمي إليه‪،‬‬ ‫ليس يف لبنان وحسب بل يف كل املنطقة‪ ،‬ونحن دفعنا منذ زمن مثن هذا املوقف‬ ‫للحفاظ عليه‪ ،‬ولسنا ملحقني بأحد يف السابق أو يف املستقبل‪ ،‬ونحن من اخرتع‬ ‫فكرة وجود الكيان اللبناين»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬كل هذا بالتعاون مع الرشيك املسيحي‪ ،‬الذي رّنص عىل عودته‬ ‫الكرمية إىل الجبل كام كانوا يف السابق‪ ،‬ملا له من دور كبري ومهم وأسايس يف‬ ‫الجبل عىل الصعد كافة‪ ،‬متمنياً أن يتم التعاون مع الجميع من أجل ضامن عودة‬ ‫كرمية لهؤالء‪ ،‬إلعادة إحياء واقع الجبل والنهضة باقتصاده وواقعه الصعب‪،‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬علينا التفرغ ملواجهة استحقاقات اإلمناء ورفع مستوى املعيشة‪،‬‬ ‫ألن معركة اإلمناء أصعب من أي معركة أخرى‪ .‬وعندما يكون الجبل موجوداً ومتفاع ًال‬ ‫بجناحيه تكون أسهل‪ ،‬مستغرباً نهج الدولة يف هذا املوضوع‪ ،‬خاصة وأنها مل‬ ‫تلحظ يف املوازنة أي بند يتعلق بإمناء حقيقي للمناطق‪ ،‬إذ كل ما ورد فيها ُحصرِ‬ ‫مبعالجة الدين العام ودفع الرواتب‪ ،‬وهذان األمران ال يخترصان البلد‪ ،‬متسائ ًال أين‬ ‫أولوية الزراعة؟ أو تشجيع الصناعات الريفية؟ أو الصناعات املتوسطة؟”‪.‬‬ ‫ومن جه ٍة أخرى رأى وهاب أن “وزارة املالية بدأت بالقرصنة عىل وزارة األشغال‬ ‫كونها تعمل عىل تأمني بعض الخدمات بالحد األدىن املتوافر لديها ملنعها من‬ ‫استكامل مشاريعها‪ ،‬وبدالً من مساعدة هذه الوزارة وتشجيعها‪ ،‬التي تعمل مببادرة‬ ‫فردية بنشاط وزيرها ألن الحكومة مجتمع ًة شبه مشلولة‪ ،‬مشرياً اىل وجود عدد من‬ ‫الوزراء الذين ال يعلمون واقع املناطق من أقىص الجنوب والجبل وعكار والبقاع‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ “ :‬الناس يف محافظة جبل لبنان تقوم بأداء واجباتها تجاه الدولة‬

‫من دفع الرضائب وامليكانيك وغريها‪ ،‬وكل اهتامم الدولة يصب عىل بقعة صغرية‬ ‫يف وسط بريوت‪ ،‬متسائ ًال كيف ميكن خدمة أصحاب الرأسامل يف ظل غياب‬ ‫أي سياسة إمنائية؟ معتقداً أننا متجهون نحو معركة اقتصادية اجتامعية كون‬ ‫االقتصاد اليوم يعتمد عىل أموال املغرتبني التي قد تكون مهددة يف أي لحظة‬ ‫بالتوقف‪ ،‬ما يجعلنا بحاجة إىل سياسة اقتصادية ثابتة تنظر إىل إمناء حقيقي‬ ‫يف املناطق”‪ .‬وأشار وهاب‪ :‬إىل أن السياسيني “يخرتعون األزمات إللهاء الشعب‬ ‫اللبناين عن قضاياه الحقيقية‪ ،‬وينىس الناس همومهم مقابل تشنجات ال تغني‬ ‫وال تسد من جوع‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى كشف وهاب عن جهد يبذل مع النائب جنبالط وبعض‬ ‫املرجعيات عىل ملف األوقاف واملجلس املذهبي‪ ،‬وقال إنه “ال يجوز أن يكمل امللف‬ ‫أراض للوقف الدرزي‬ ‫عىل هذا املنوال وهناك مث ًال يف بلدة بعورته‪ ،‬قضاء عاليه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تبلغ مساحتها ما يزيد عن ‪ 400‬ألف مرت مربع ميكن بناء مجمعات سكنية عليها‬ ‫بأسعار تشجيعية مخفضة للشباب يف سن الزواج‪ ،‬وميكن أن تتسع ألكرث من ‪20‬‬ ‫ألف عائلة”‪ .‬وأشار إىل أن “وحدة املوقف السيايس بني قيادات الطائفة يجب أن‬ ‫تنعكس عىل وحدة املرجعية الروحية القانونية أي مشيخة العقل‪ ،‬ويجب بحث‬ ‫املوضوع بجدية‪ ،‬وأن ال يبقى عىل حاله من أجل االستفادة من األوقاف‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫أبناء الطائفة بحاجة إىل خدماتنا أكرث مام هم بحاجة إىل رصاعاتنا‪ ،‬ويكفي ما‬ ‫دفعناه خالل قرون من الرصاعات الداخلية‪ ،‬مشرياً إىل واقع الدروز ودورهم عىل‬ ‫مستوى لبنان واملنطقة‪ ،‬وهو ما تدركه كل القيادات من خالل التحالف مع سوريا‬ ‫واملقاومة‪ ،‬ومع كل القوى التي تؤمن مثلنا بالعروبة واملقاومة‪ ،‬وهذا التحالف يجب‬ ‫أن يرتافق مع ترجمة إمنائية فعلية‪ ،‬وهي أفكار للنقاش”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬الدروز مل يقرصوا يف تاريخهم يوم ناداهم الواجب الوطني‬ ‫والقومي واستجابوا لزعامئهم يف سبيل الدفاع عن األرض وهم يستحقون‬ ‫التفاتة منهم ترد لهم جز ًءا من حقهم”‪.‬‬

‫‪ ...‬وزار الشيخ أبو محمد جواد ولي‬ ‫الدين وق ّدم التعازي آلل القعسماني‬ ‫في بعقلين وآل فرحات في نيحا‬ ‫زار وهاب املرجع الروحي األعىل لطائفة املوحدين الدروز الشيخ‬ ‫أبو محمد جواد ويل الدين الذي «أثنى عىل دور وهاب التوفيقي‬ ‫وعىل مواقفه الوطنية»‪ ،‬وأ ّكد ويل الدين أنه مرتاح للعالقة الجيدة‬ ‫بني جنبالط وسوريا‪.‬‬ ‫كام قدم وهاب واجب التعازي يف بلدة بعقلني وقدم التعازي‬ ‫عند آل القعسامين‪ ،‬وزار بلدة نيحا وقدم التعازي عند آل فرحات‬ ‫بحضور حشد من أبناء البلدة‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب للـ «أم تي في»‪ :‬هناك‬ ‫محققون في المحكمة يحملون‬ ‫الجنسية اإلسرائيلية‬ ‫كشف رئيس “تيار التوحيد” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬خالل مقابلة يف‬ ‫برنامج “مبوضوعية” مع الزميل وليد‬ ‫عبود عىل قناة الـ”‪ ،”VTM‬أن “هناك‬ ‫محقق يف املحكمة الدولية مرصي‬ ‫الجنسية اسمه حسن بكر أخرب‬ ‫قاض لبناين أن املحكمة الدولية‬ ‫ٍ‬ ‫سخيفة‪ ،‬وأن بعض املحققني فيها‬ ‫يحملون جنسيات إرسائيلية وأوروبية يف ذات الوقت‪ ،‬وأن ميليس أخربه أنه لو نجد‬ ‫شخصاً ونقول أنه القاتل ثم يقتل يف ظروف غامضة‪ ،‬وبذلك ننته من املأزق الذي‬ ‫نحن فيه”‪ ،‬مشرياً إىل أن “هناك شاهد زور جديد موجود يف فرنسا واسمه األول‬ ‫عامد‪ ،‬والحقاً نعلن اسمه الكامل وهو مرسل من اإلرسائيليني وتتكلف فرنسا‬ ‫بتغطية نفقات إقامته يف أحد الفنادق الفرنسية»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬أنه “منذ ثالث سنوات قال الرئيس سعد الحريري يف حديث مع‬ ‫السيد حسن نرصالله أن قتلة رفيق الحريري هم مجموعة الـ ‪ 31‬ولكنهم مخرتقون‬ ‫من املخابرات السورية‪ ،‬وبعد أحداث ‪ 7‬أيار قال له أيضاً أن قتلة الرئيس الحريري هم من‬ ‫“حزب الله” وعىل رأسهم الشهيد عامد مغنية‪ ،‬أما الرواية الثالثة واألخرية أن قتلة‬ ‫الرئيس الحريري هم عنارص غري منضبطة من “حزب الله” وبتوجيه من بعض األجهزة‬ ‫اإليرانية وعىل رأسهم قاسم سليامين»‪.‬‬ ‫أغي رأيي باملحكمة الدولية منذ اغتيال الرئيس الحريري‪ ،‬وهي‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬مل رّ‬ ‫مرشوع خطري عىل البلد وكأنها شكلت قبل االغتيال‪ ،‬ورغم أن هناك جرائم عديدة‬ ‫قبل اغتيال الرئيس الحريري ومل تشكل محاكم عىل شاكلة هذه املحكمة‪ .‬ومن هنا‬ ‫أنا من الذين يخافون عىل البلد ونحن لسنا مثل غرينا وطننا هو حقيبة السفر‬ ‫أو املصارف واألموال‪ ،‬ولكن اغتيال الرئيس الحريري جاء يف إطار مخطط للداخل‬ ‫اللبناين‪ ،‬واملحكمة الدولية مل تعط صك براءة من فريق املعارضة ولو ملرة واحدة‪.‬‬ ‫وقد حاول محققوها إغراء بعض الضباط السوريني لتلفيق سيناريو اغتيال الحريري‪.‬‬ ‫وهذه املحكمة شغلها الشاغل تدمري لبنان‪ ،‬ولن تكشف الحقائق يف هذه الجرمية‪.‬‬ ‫وباملحصلة فإنه وحسبام قال يل أحد السفراء األوروبيني أن املجتمع الدويل أعقل من‬ ‫أن يقدم عىل إعالن قرار ظني من املحكمة الدولية‪ ،‬وهو يحسب مدى انعكاساتها‬ ‫عىل الواقع”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪ :‬انه “ليس هناك عدالة دولية بل مصالح دولية‪ ،‬ولو وجدت العدالة‬ ‫الدولية ألقدمت عىل محاكمة جورج بوش بتهمة جرائم حرب دولية”‪ ،‬ناق ًال عن‬ ‫النائب وليد جنبالط أنه “عندما كان جنبالط يف مكتب ستيفن هاديل دخل عليهم‬ ‫جورج بوش ووضع يده عىل كتف النائب جنبالط وقال له‪ :‬سأعلق بشار األسد من‬ ‫خصيتيه يف ساحة املرجة»‪.‬‬ ‫وعن تزوير االتصاالت قال “ميكن استعامل بعض الهواتف الخلوية بال بطاقة‬ ‫الهاتف‪ ،‬وهذا ما حصل مع أحد املقربني من الرئيس بري»‪.‬‬ ‫ورد وهاب‪ :‬عىل بعض نواب تكتل املستقبل بأن “نواب تكتل املستقبل ال يعرفون‬ ‫شيئاً عن الحديث الذي دار بينه وبني السيد نرصالله‪ ،‬ولكن الحريري يعرف أن هذا الكالم‬ ‫صادق وموثق”‪ ،‬محذراً “من عراق آخر عرب سيارات مفخخة كام يفعل األمريكيون‬ ‫هناك‪ ،‬وأن “حزب الله قد دفع ‪ 0002‬شهيد يف حرب التحرير ضد “إرسائيل” ومل‬ ‫يتدخل يف الحرب األهلية اللبنانية أو ذبح عىل الهوية»‪.‬‬ ‫وعن موضوع اليونيفيل قال وهاب‪“ :‬منذ أسابيع استدعي بعض الضباط‬ ‫الفرنسيني “عددهم ‪ ”51‬إىل فرنسا حني اكتشفوا بأنهم عمالء للموساد اإلرسائييل‬ ‫دون مقابل بل هم يهود فرنسيني‪ ،‬وأن الدبابة الفرنسية ‪ RELKEL‬تدخل الزواريب‬ ‫واألحياء يف القرى واملناطق الجنوبية الكتشاف أنفاق املقاومة عرب أجهزة استشعار‬ ‫فيها‪ ،‬وإذا كانت مهمة اليونيفيل منع الخرق فلتمنع الخروقات اإلرسائيلية”‪ .‬وأ ّكد أن‬ ‫“حزب الله” لن يبادر إىل شن حرب ضد “إرسائيل”‪ ،‬وحتى العمليات التذكريية مل يقم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بها حفاظاً عىل الهدوء‪ ،‬وذلك أيضاً إلميان الحزب بأن “إرسائيل” ستتآكل من الداخل‬ ‫واملقاومة الفلسطينية بخري”‪.‬‬ ‫وأشار وهاب‪ :‬إىل أن “القرار ‪ 1071‬قرار مفروض عىل لبنان تحت النار‪ ،‬ويومها كان‬ ‫فؤاد السنيورة يريد أكرث من األمريكيني‪ ،‬وقد قالها دايفيد ولش للرئيس بري‪ ،‬وأنا لن‬ ‫أتعاون مع مرشوع فؤاد السنيورة الذي يعمل ليل نهار عىل تفشيل الرئيس سعد‬ ‫الحريري والقول ألصحاب القرار يف العامل إنه هو األفضل لقيادة مهمتهم يف لبنان‪،‬‬ ‫ولكن هناك رشفاء كرث يف “تيار املستقبل” ومن املعيب اعتبار السنّة طائفة أو تيار‬ ‫بل هم أ ّمة‪ ،‬وكالم الوزير محمد الصفدي اليوم عقالين جداً وما قاله كبري ومهم‬ ‫جداً”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬نحن ال نتمنى ‪ 7‬أيار جديداً‪ ،‬ولكن ال يقدموا عىل ‪ 5‬أيار جديد‪ ،‬وكل‬ ‫من يتهم اتهام سيايس يجب أن يقطع لسانه‪ ،‬وجنبالط اعرتف بجرأة كبرية أنه كان‬ ‫أداة صغرية يف لعبة كبرية‪ ،‬والساذج من يظن أن األمرييك ال يعرف منفذ االغتياالت‬ ‫يف لبنان ومنهم قتلة الرئيس الحريري‪ .‬وهذا سيناريو كتبه صحايف إرسائييل قبل‬ ‫اغتيال الحريري بأن خروج سوريا من لبنان يلزمه حدث كبري تعقبه فوىض”‪ .‬وأضاف‬ ‫“هناك ظلم لحق بالناس ومنهم الضباط األربعة ملدة أربع سنوات واملحكمة ليست‬ ‫ذات مصداقية‪ ،‬وأنا أخاف من املستقبل بعد هذه الوقائع وأخاف تحديداً من الفتنة‪،‬‬ ‫وما هي االكتشافات الجديدة التي قدمتها املحكمة الدولية عن املحارض التي قالتها‬ ‫التحقيقات اللبنانية‪ ،‬وهناك اعرتافات بأن جامعات أصولية قد اغتالت النائب وليد‬ ‫عيدو رداً عىل موقف الحريري من نهر البارد‪ .‬ومن األمثلة عىل فوىض االتهامات بأن‬ ‫وزير الداخلية السابق حسن السبع اتهم السوريني بتفجري عني علق وتبني غري ذلك‬ ‫بعد التحقيقات”‪ .‬وأشار إىل أن “الرئيس سعد الحريري يحاول أن يترصف بعقالنية يف‬ ‫هذه املرحلة ولكن حلفاءه يضغطون عليه‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬الرئيس بشار األسد هو الوحيد القادر عىل ضبضبة الوضع اللبناين‬ ‫وإجراء تسوية ما‪ ،‬وهو ميون عىل الجميع بد ًءا من الرئيس سعد الحريري‪ ،‬وزيارة ملك‬ ‫السعودية عبد الله بن عبد العزيز الذي سيدعو كل االفرقاء اللبنانيني لالحتكام‬ ‫للعالقة مع سوريا‪ .‬وسوريا قالت لبعض اللبنانيني أنها استطاعت تحمل االتهامات‬ ‫ألربع سنوات ولكن الوضع اللبناين الداخيل ال يحتمل هذه الزكزكة»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬عرضوا عىل سوريا مقايضة منذ العام ‪ 5002‬ومل تقبل وهي اآلن‬ ‫لن تقبل وال يف املستقبل‪ ،‬وهي تلعب دوراً إقليمياً كبرياً وخاصة يف العراق واملوضوع‬ ‫اللبناين مرتوك يف الثالجة ولبنان خارج التغطية األمريكية‪ ،‬وهي تفاوض سوريا‬ ‫عىل الوضع يف املنطقة والصفقات تتم بني الكبار ولبنان ليس فيها إال املقاومة‪،‬‬ ‫وأص ًال رئيس الحكومة يستقبل يف الخارج بسبب وجود املقاومة يف لبنان»‪.‬‬ ‫وعن الوضع املسيحي قال وهاب‪“ :‬تطبيق اتفاق الطائف والهجوم عىل العامد‬ ‫عون يف مطلع التسعينات‪ ،‬كان بتغطية من القوى املسيحية يف املنطقة‪ ،‬ومن‬ ‫الخطأ أن نظلم الوجود السوري يف لبنان”‪ ،‬متوقعاً وجود اتفاق دويل عىل تلزيم الوضع‬ ‫اللبناين إىل سوريا يف املرحلة املقبلة بال وجود عسكري‪ ،‬ألن الجيش اللبناين قادر‬ ‫عىل حفظ األمن وبظل قيادته الحكيمة دون وجود جيش آخر”‪.‬‬ ‫وعن زيارات العربية املرتقبة إىل لبنان قال وهاب‪“ :‬هناك رضورة ملظلة عربية‬ ‫للوضع اللبناين وخاصة من سوريا وخوفها من أي فتنة قادمة‪ ،‬وزيارة امللك السعودي‬ ‫ملدة أربع ساعات سيحيل بعدها امللف اللبناين إىل سوريا‪ ،‬وسيبلغ ذلك إىل األفرقاء‬ ‫الذين سيلتقيهم”‪ .‬أما “أمري قطر سيكون يف لبنان ضمن استقبال يليق به وهو‬ ‫يستأهل كل التكريم وله ثقل معنوي كبري يف لبنان»‪.‬‬ ‫وعن الوضع الحكومي قال وهاب‪“ :‬الحكومة غائبة عن الوعي وهناك وزراء ناجحون‬ ‫كأفراد وليس هناك عمل حكومي جامعي‪ ،‬ورئيس الحكومة لديه قلة خربة يف‬ ‫العمل كرئيس حكومة‪ ،‬وال يستطيع أن يترصف كرشيك يف سوليدير وهو رئيس‬ ‫حكومة»‪.‬‬ ‫وعن املوضوع الدرزي أشار وهاب اىل أنه “رفض استقبال اللجنة االغرتابية يف‬ ‫املجلس املذهبي ألننا ال نعرتف باملجلس املذهبي”‪ ،‬داعياً إىل اعتامد “كالم النائب‬ ‫جنبالط يف املؤمتر الدرزي كوثيقة تاريخية حول كل القضايا”‪.‬‬ ‫وعن مقاطعته للمؤمتر أ ّكد وهاب‪“ :‬أنا ال أترك شيخ العقل الشيخ نرصالدين‬ ‫الغريب وحيداً ويجب أن نحل هذا اإلشكال مبا يحفظ كرامة الجميع‪ ،‬ونحن لدينا‬ ‫مشكلة أن شيخ العقل الشيخ نعيم حسن ميتلك الرشعية القانونية وال ميتلك‬ ‫املبادرة‪ ،‬بينام الشيخ نرص الدين الغريب ميتلك الرشعية الشعبية واملبادرة دون‬ ‫الرشعية القانونية‪،‬‬ ‫وختم وهاب بجملة قالها دبلومايس عريب أن “اللبنانيني يختلفون عىل أمرين غري‬ ‫موجودين‪ :‬املحكمة الدولية والنفط»‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫هيئة العمل التوحيدي شاركت في المؤتمر العالمي السنوي‬ ‫السابع لجامعة الحضارة اإلسالمية المفتوحة في العالم‬ ‫ل ّبت هيئة العمل التوحيدي ممثل ًة برئيس الدائرة‬ ‫الثقافية الشيخ راتب نرصالله دعوة العالمة الشيخ‬ ‫الدكتور مخلص أحمد الجده رئيس ومؤسس جامعة‬ ‫الحضارة اإلسالمية املفتوحة يف العامل‪ ،‬للمؤمتر‬ ‫العاملي السنوي السابع لجامعة الحضارة اإلسالمية‬ ‫املفتوحة يف العامل‪ ،‬الذي ُع ِقد يف ‪ 28‬آيار ‪ ،2010‬يف‬ ‫قاعة املؤمترات الكربى يف فندق السفري – الروشة‪،‬‬ ‫تحت شعار‪« :‬منهجية الفقه املقارن تعزيز لروح‬ ‫الحوار بني املذاهب»‪ ،‬وذلك مبناسبة صدور املوسوعة‬ ‫الكويتية الفقهية عىل املذاهب الثامنية مبجلداتها‬ ‫العرشة‪ ،‬بالتعاون مع الهيئة العاملية للفقه‬ ‫اإلسالمي ومع أكادميية الكوفة يف هولندا‪ ،‬وذلك‬ ‫بحضور شخصيات علمية وأكادميية ودبلوماسية‪،‬‬ ‫ووزراء‪ ،‬ونواب ورجال فكر وقضاة‪ ،‬وهيئات روحية من‬ ‫كافة الطوائف‪.‬‬ ‫بداية افتتح املؤمتر بتالوة آيات مباركات تالها املقرئ‬ ‫األستاذ صالح ميوت‪ ،‬ثم ُع ِزف النشيد الوطني‪ ،‬بعدها‬ ‫افتتح معايل الربوفيسور العالمة الشيخ مخلص‬ ‫أحمد الجده‪ ،‬رئيس ومؤسس جامعة الحضارة اإلسالمية‬ ‫املفتوحة يف العامل أعامل املؤمتر بصفته األمني‬ ‫العام للمؤمتر‪ ،‬حيث تطرق يف كلمته التوجيهية‬ ‫إىل رضورة طرح اإلسالم كمذاهب ومدارس فقهية‬ ‫وفكرية‪ ،‬وعدم طرحه كطوائف وأحزاب وتيارات‬ ‫تقوم بتسييس الدين واملذهب ملصالحها وأنانياتها‪،‬‬ ‫وهذا األمر ج ّد خطري مام يتولد عنه نزاعات وأحقاد‬ ‫بني املسلمني أنفسهم‪ ،‬وذكر ّأن اإلسالم هو ثالث‬ ‫ّ‬ ‫وكل هذه الديانات تقع ضمن‬ ‫الديانات اإلبراهيمية‬ ‫اإلميان اإلبراهيمي‪ ،‬وال يجوز أبداً تكفري أتباع هذه‬ ‫الديانات وال تكفري أصحاب الديانات العاملية األخرى‪،‬‬ ‫وباألحرى عدم تكفري املسلمني بعضهم بعضاً‪.‬‬ ‫وتابع الجده‪ :‬كل املذاهب اإلسالمية تعترب صحيحة‬ ‫ورشعية وقانونية‪ ،‬ويجب إتباع طريق الحوار العلمي‬ ‫الهادئ بني مختلف املذاهب واألديان يف العامل من‬ ‫أجل التوصل إىل السالم العاملي املنشود بني كافة‬ ‫الديانات واملذاهب‪ .‬وكذلك يجب تحريم وتجريم عملية‬ ‫التبشري داخل هذه املذاهب واألديان‪ ،‬خصوصاً إذا كانت‬ ‫مسيسة وال تخضع مليزان القناعات الشخصية‪.‬‬ ‫بعدها كانت كلامت للوزير فوزي صلوخ‪ ،‬واألب‬ ‫الربوفيسور بولس عقل اقرتح فيها إدراج املذاهب‬ ‫الح ّية واملعارصة اليوم كمذهب املوحدين الدروز‪،‬‬ ‫واملذهب اإلسامعييل‪ ،‬واملذهب العلوي جنباً إىل‬ ‫جنب مع املذاهب الثامنية‪ :‬الجعفري والزيدي والحنفي‬ ‫واملاليك والشافعي والحنبيل والظاهري واإلبايض‪،‬‬ ‫وبهذا يكتمل عقد املذاهب اإلسالمية كافة‪.‬‬ ‫بعدها تحدث املفتي الدكتور الشيخ محمد‬ ‫عسريان بصفته أمني عام الهيئة العاملية للفقه‬ ‫اإلسالمي واملفتي الجعفري يف صيدا‪ ،‬تلته كلمة‬

‫الربوفيسور مح ّمد سعيد الطريحي بصفته رئيس‬ ‫أكادميية الكوفة يف هولندا‪ ،‬ثم تحدث سامحة الشيخ‬ ‫الدكتور مالك الشعار مفتي طرابلس والشامل‬ ‫تحدث بعده سامحة الشيخ القايض مرسل نرص‬ ‫رئيس املحاكم االستئنافية الدرزية العليا سابقاً يف‬ ‫لبنان‪ ،‬موضحاً بعض أسس فقه املذهب التوحيدي‬ ‫الذي يجمع يف بنائه الجوهري جوهر اإلسالم‪ .‬كام‬ ‫كانت كلمة للمطران جورج صليبا مطران الرسيان‬

‫قرارات المؤتمر‬ ‫ تحريم وتجريم التبشري داخل اإلسالم وبني‬‫املذاهب واألديان كافة ‪.‬‬ ‫ يجب احرتام البرش كافة فكلهم أخوة‬‫ونرضاء يف اإلنسانية وهذا هو جوهر الدين‪.‬‬ ‫ إن عملية تسييس الدين واملذهب تعترب‬‫خطيئة كربى بحق الله واإلنسان ‪.‬‬ ‫ إعتناق الدين واملذهب يجب أن يكون‬‫منطلقاً عن القناعات الشخصية ال عن‬ ‫طريق التسييس والتبشري‪.‬‬ ‫ تجريم وتحريم التكفري ألتباع الديانات‬‫واملذاهب كافة‪ .‬فكل الديانات واملذاهب تقع‬ ‫ضمن اإلميان اإلبراهيمي ‪.‬‬ ‫ يجب طرح اإلسالم عىل أساس املذاهب‬‫واملدارس الفكرية ال عىل أساس الطوائف‬ ‫واألحزاب والتيارات‪.‬‬ ‫ يجب األخذ بفقه كل املذاهب اإلسالمية‪،‬‬‫وعدم االقتصار عىل فقه مذهب معني ‪.‬‬ ‫ ّإن الفرقة الناجية هي التي تلتزم نهج‬‫املحبة والحوار وقبول اآلخر واحرتام حقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫تىل املؤمتر حفل عشاء ‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫يف جبل لبنان‪ ،‬وكذلك تحدث سيادة الربوفيسور األب‬ ‫سهيل قاشا أمني عام جامعة الحضارة اإلسالمية‬ ‫املفتوحة يف العامل‪ ،‬بعده تحدث سفري جمهورية‬ ‫العراق يف لبنان الدكتور عمر الربزنجي‪ ،‬وكانت‬ ‫كلمة للدكتور مح ّمد رؤوف وزير التجارة السابق يف‬ ‫كردستان العراق‪ ،‬بعده تحدث سعادة املهندس بشار‬ ‫حسني عيل نارص القطان بصفته املرشف العام‬ ‫عىل طباعة املوسوعة الكويتية الفقهية‪ ،‬بعده‬ ‫تحدث سعادة املستشار الدكتور حسني عبد الكريم‬ ‫الرمضان وهو مؤلف وصاحب املوسوعة الكويتية‬ ‫الفقهية عىل املذاهب الثامنية‪ ،‬وكانت قصيدة‬ ‫باملناسبة لرئيس الدائرة الثقافية يف هيئة العمل‬ ‫التوحيدي الشيخ راتب نرص الله أيب ذياب ‪ ،‬بعدها‬ ‫قامت رئاسة جامعة الحضارة اإلسالمية املفتوحة يف‬ ‫العامل بشخص رئيسها العالمة الربوفيسور الشيخ‬ ‫مخلص أحمد الجده بصفته أمني عام املؤمتر بتوزيع‬ ‫شهادات التقدير عىل كل من العلامء املفكرين‪:‬‬ ‫املفتي الدكتور الشيخ مالك الشعار‪ ،‬والقايض‬ ‫الرئيس مرسل نرص واملستشار الدكتور حسني‬ ‫عبدالكريم الرمضان والوزير مح ّمد رؤوف‪ ،‬كذلك قام‬ ‫الجده بتسليم مصاحف خط ّية بخط اإلمام عيل‬ ‫بن أيب طالب (عليه السالم)‪ ،‬وهي مصاحف كوفية‬ ‫نادرة‪ ،‬للمشاركني يف أعامل املؤمتر ومنهم‪ :‬الوزير‬ ‫الربوفيسور فوزي صلوخ واملطران جورج صليبا‪،‬‬ ‫واملفتي الشيخ محمد عسريان والربوفيسور محمد‬ ‫سعيد الطريحي‪ ،‬والسفري الدكتور عمر الربزنجي‪،‬‬ ‫واملهندس بشار حسني القطان‪ ،‬والشيخ راتب نرص‬ ‫الله أيب ذياب‪ ،‬والشيخ محمد زغموت رئيس تجمع‬ ‫علامء فلسطني‪ ،‬واآلباء الربوفيسور سهيل قاشا‪،‬‬ ‫والربوفيسور بولس عقل‪ ،‬والشاعر اللبناين الكبري‬ ‫الدكتور ميشال جحا ولنائب بريوت السابق الدكتور‬ ‫حسني يتيم ولرئيس وفد الجامعة يف حلب الكتور‬ ‫محمد غسان شايب‪.‬‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب التيار‬ ‫تابعت أمانة اإلعالم يف «تيار التوحيد» التطورات السياسية واألمنية واإلجتامعية‪،‬‬ ‫يف لبنان والعامل العريب وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السيايس منها‪ ،‬وجاءت‬ ‫عىل الشكل اآليت‪:‬‬ ‫احتل انعقاد مؤمتر املغرتبني الدروز‬ ‫حيزاً من بيانات أمانة اإلعالم يف تيار‬ ‫التوحيد‪ ،‬التي مل تر فيه إال مزيداً‬ ‫من الترشذم الدرزي بعد التوجه‬ ‫السيايس املوحد للقيادات الدرزية‪،‬‬ ‫وجاء يف مواقفها‪:‬‬

‫من كلف سري الدين‬ ‫الدعوة لمؤتمر‬ ‫المغتربين الدروز‬ ‫يقوم املدعو كميل رسي الدين بإعداد مؤمتر‬ ‫تحت عنوان “ مؤمتر املغرتبني الدروز” مستغ ًال‬ ‫صالته بالبعض إلقامة مؤمتر مبتور يكرس‬ ‫انقسام الجاليات الدرزية لذا يهمنا التأكيد عىل‬ ‫اآليت‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬كنا نتمنى أن ال ميارس السيد رسي الدين‬ ‫وجاهته عىل حساب وحدة الجاليات الدرزية وان‬ ‫يتصل بجميع الجاليات دون استثناء وبعيداً عن‬ ‫املزاج‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬ما هو املسوغ القانوين الذي ميلكه رسي‬ ‫الدين للدعوة ملثل هذا املؤمتر ومن الذي اختاره‬ ‫ليوجه هذه الدعوة؟‬ ‫ثالثاً‪ :‬كنا نتمنى عىل السيد رسي الدين الذي‬ ‫يعرف أن الوضع الدرزي اليوم موحد سياسياً وما‬ ‫نعمل عليه هو توحيد مشيخة العقل ولسنا‬ ‫بحاجة ملرشوع انقسام جديد عىل مستوى‬ ‫املغرتبني‪.‬‬ ‫رابعاً‪ّ :‬‬ ‫إن مراجعات كثرية حصلت معنا لذا‬ ‫نتمنى عىل املعنيني عدم إعطاء رسي الدين أ ّية‬ ‫تغطية‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬نتمنى عىل املغرتبني الذين يريدون‬ ‫مساعدة إخوانهم الدروز املقيمني‪ ،‬الدخول‬ ‫يف مشاريع إنتاجية واستثامرية وعدم‬ ‫االكتفاء مبؤمترات تنتهي دون نتائج كام يفعل‬ ‫رسي الدين الن الدروز بحاجة إىل مساعدات‬ ‫حقيقية عىل األرض وليسوا بحاجة آلراء‬ ‫حديثي النعمة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫كالم جنبالط استراتيجية‬ ‫مستقبلية لجهة موقع‬ ‫الطائفة‬ ‫توقفنا باهتامم امام الخطاب الذي ألقاه رئيس‬ ‫اللقاء الدميقراطي النائب وليد جنبالط يف املؤمتر‬ ‫يصح ان يكون وثيقة سياسية‬ ‫االغرتايب والذي‬ ‫ّ‬ ‫يف‬ ‫مستقبلية‬ ‫اسرتاتيجية‬ ‫عليها‬ ‫تبنى‬ ‫التعاطي بني كل االحزاب والفعاليات املوجودة‬ ‫عىل الساحة الدرزية‪ ،‬نظراً ألهمية ما تضمنته‬ ‫من نظرة شاملة لكل القضايا الوطنية‬ ‫والقومية لجهة موقع الطائفة واسرتاتيجيتها‬ ‫القومية‪.‬‬ ‫إن القراءة التي اجراها النائب جنبالط ال تظهر‬ ‫فقط جرأة يف املراجعة السياسية بل تؤكد‬ ‫اسرتاتيجية نظرته اىل موقع الطائفة ودورها‬ ‫يف لبنان وكل املنطقة وهو املوقع املقاوم واملامنع‬ ‫تحت كل الظروف‪ .‬ان مالحظاتنا الشكلية عىل‬ ‫بعض املنظمني وبعض التفاصيل ال تؤثر عىل‬ ‫موقفنا املؤيد ملواقف الوزير جنبالط االساسية‬ ‫التي اعلنت فيه‪.‬‬

‫ننصح شاشات التلفزة‬ ‫تشوه نفسها‬ ‫أن ال ّ‬ ‫بصورة راغدة درغام‬ ‫نشكر محطة الجديد التي ع ّرفتنا أن ناقلة‬ ‫االخبار الكاذبة راغدة درغام تنتمي اىل الطائفة‬ ‫الدرزية خاصة وان شكلها اقرب اىل البداوة وهي‬ ‫التي شكلت رق ًام قياسياً خالل السنوات املاضية‬ ‫يف االخبار الكاذبة التي كانت تتلقاها مقابل اجر‬ ‫من املحافظني الجدد‪ ،‬فحفاظاً عىل الذوق العام‬ ‫وسعياً وراء البيئة النظيفة ننصح الشاشات ان‬ ‫ال تشوه نظر الناس بهذه الصحافية اللقيطة‬ ‫الشمطاء‪.‬‬ ‫وتوقفت حول تسمية “مؤمتر املغرتبني الدروز”‬ ‫توقفت امانة االعالم حول ما اطلق عليه‬ ‫البعض تسمية “ مؤمتر املغرتبني الدروز” الذي‬

‫‪26‬‬

‫وبدل ان يكون تكريساً ملنطق االنفتاح الحاصل بني‬ ‫جميع االطراف السياسية الدرزية‪ ،‬وتوافقها حول‬ ‫مجموعة من الثوابت واملرتكزات القومية لطائفة‬ ‫املوحدين الدروز‪ ،‬جاء يخلق حالة من االنقسام‬ ‫والترشذم مل تقترص عىل وحدة ابناء الجاليات‬ ‫الدرزية فحسب امنا تعدّاها اىل مستويات اخرى‪.‬‬ ‫لذلك يهم امانة االعالم توجيه السؤالني‬ ‫التاليني‪:‬‬ ‫ملاذا استبعدت املرجعيات الروحية العليا‬ ‫لطائفة املوحدين الدروز عن مثل هذا املؤمتر الذي‬ ‫من املفرتض كام نقل عنه انه سيبحث يف امور‬ ‫درزية تشكل محور اهتامم جميع ابناء الدروز دون‬ ‫استثناء‪.‬‬ ‫هل وصل وضع شيخي العقل نعيم حسن‬ ‫ونرص الدين الغريب اىل الحد الذي يسمح للبعض‬ ‫بإقصائهم بهذه الطريقة عن املؤمتر مع علمنا ان‬ ‫الشيخ حسن انتخب بطريقة قانونية والشيخ‬ ‫الغريب لديه رشعية شعبية كبرية‪.‬‬ ‫امام هذا املشهد غري املقبول يجدد تيار‬ ‫التوحيد دعوته اىل رضورة توحيد مشيخة العقل‬ ‫وانتشالها من حالة االنقسام التي تعيشها‪،‬‬ ‫كام يؤكد عىل موقفه الرافض النعقاد “ مؤمتر‬ ‫املغرتبني الدروز”‪ ،‬ويعلن عن انه بصدد تنظيم‬ ‫مؤمتر يف املستقبل القريب يبحث يف الشؤون‬ ‫االجتامعية واالقتصادية والسياسية للموحدين‬ ‫الدروز سوف يتم االعالن عنه يف الوقت املناسب‬ ‫وسيتم التشاور بشأنه مع الجميع ليكون شام ًال‬ ‫كل التيارات السياسية والثقافية واالجتامعية‬ ‫والحزبية‪.‬‬ ‫ان تيار التوحيد بشخص رئيسه الوزير وئام‬ ‫وهاب رفض حضور هذا املؤمتر ألنه اعترب ان ال‬ ‫نتائج جدية له والدروز بحاجة لجهود جدية عىل‬ ‫اكرث من صعيد ملساعدة املجتمع الدرزي‪.‬‬

‫تنديد باعتقال «إسرائيل»‬ ‫لمواطن في الجوالن‬ ‫ندّدت أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد بسياسة‬ ‫“ارسائيل” املمنهجة يف مامرسة االساليب‬ ‫القمعية املتمثلة يف االعتقال والتنكيل واالهانة‬ ‫بحق اهلنا يف الجوالن السوري املحتل وآخرها كان‬ ‫اعتقالها للمواطن السوري فداء الشاعر من بلدة‬

‫مجدل شمس‪.‬‬ ‫ورأت األمانة ان هذه املامرسات القمعية غري‬ ‫قادرة عىل محو ما ترسخ يف ذاكرة الشباب‬ ‫عن ارتباط الجوالن املحتل بوطنه األم سورية أو‬ ‫أن تثنيهم عن متابعة مسرية النضال بكافة‬ ‫الوسائل املمكنة حفاظاً عىل مرشوعية املامنعة‬ ‫يف الجوالن وهويته السورية ودوره يف الوقوف اىل‬ ‫جانب القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫ودعت االمانة اىل االفراج فوراً عن االسري‬ ‫الشاعر وعن كل رجال املقاومة الوطنية‬ ‫السورية يف الجوالن السوري املحتل‪ ،‬كام‬ ‫اعتربت انه من العار عىل املجتمع الدويل‬ ‫الذي يدّ عي الحرية واملدنية الوقوف بهذا‬ ‫الشكل املخز أمام كل ما متارسه “ارسائيل”‬ ‫من اعتداءات تطال سالمة املواطنني وحرمة‬ ‫البيوت واملمتلكات‪.‬‬

‫ ‬

‫تنبيه من إبرام‬ ‫اتفاقيات ال تراعي‬ ‫خصوصية المجتمع‬ ‫اللبناني المقاوم‬

‫مرة جديدة تنكشف الساحة اللبنانية‬ ‫امام ما يتم التسويق له من قبل البعض‬ ‫من اتفاقات امنية غربية وآخرها كان الرتويج‬ ‫لالتفاقية االمنية املزمع توقيعها مع الحكومة‬ ‫الفرنسية بحجة مكافحة “االرهاب” دون ان‬ ‫يتم تحديد املعنى الحقيقي لهذا املصطلح يف‬ ‫ظل وجود تباين واضح عىل معنى او تفسري‬ ‫واحد لـ “االرهاب” بني الجانبني‪.‬‬ ‫ونبهت االمانة من املخاطر املرتتبة عن مثل‬ ‫هذه االتفاقية التي ال تراعي بالطبع املستجدات‬ ‫االقليمية االخرية وامام تزايد الضغوطات‬ ‫االمريكية _ االرسائيلية عىل املنطقة والتي‬ ‫تدفعنا اىل تكثيف جهودنا للدفاع عن مصالحنا‬ ‫وحقنا يف مواجهة االحتالل االرسائييل من‬ ‫منطلق حقنا يف تقرير مصرينا عرب املقاومة‬ ‫املسلحة ضد العدوان االرسائييل‪.‬‬ ‫ودعت االمانة اىل اهمية مراعاة خصوصية‬ ‫املجتمع اللبناين املقاوم قبل االقدام عىل توقيع‬ ‫اي نوع من االتفاقيات وان تأخذ بعني االعتبار‬ ‫رضورة مدّ جسور التعاون مع الدول الشقيقة‬ ‫والصديقة وبذل الجهود واالجراءات االمنية‬ ‫الالزمة ملواجهة مخاطر االرهاب الحقيقي الذي‬ ‫متثله الواليات املتحدة من خالل مامرساتها‬ ‫االجرامية يف كل من العراق وافغانستان‬ ‫فيام يقف العامل متفرجا امام الغطرسة‬

‫االرسائيلية التي مل تتورع عن مامرسة ابشع‬ ‫انواع االرهاب بحق اهلنا املحارصين يف فلسطني‬ ‫املحتلة‪.‬‬

‫دعوة الى وضع حد‬ ‫لزمرة نذائر الشؤم‬ ‫مثنت أمانة اإلعالم كالم األمني العام لحزب‬ ‫الله سامحة السيد حسن نرص الله مبا تضمنه‬ ‫من عناوين متثلت يف كشف املستور عام يحاك‬ ‫للبالد من مؤمرات عن طريق املحكمة الدولية‪.‬‬ ‫وتوقفت األمانة عند خطورة الدور الذي‬ ‫تؤديه قوى ‪ 14‬آذار وسعيها اىل استثارة جو من‬ ‫اإلنقسام بني اللبنانيني عن طريق املحمكة الدولية‪،‬‬ ‫متهيداً لرضبة إرسائيلة محتملة ‪ ،‬ورأت األمانة‬ ‫يف املؤرشات التي تحصل حالياً عرب ما يصدر‬ ‫عىل ألسنة هؤالء أصحاب الخطف عىل الهوية‪،‬‬ ‫والذبح عىل الهوية‪ ،‬ليست بريئة وال سيام عندما‬ ‫يبرشون اللبنانيون بالقرار الظني للمحكمة الذي‬ ‫يراد منه كام يرغب هؤالء اإلنتفاض عىل املقاومة‬ ‫وتشويه صورة رموزها الذين شكلوا مصدر فخر‬ ‫وإعتزاز األمة‪.‬‬ ‫ودعت األمانة اىل رضورة وضع حد لهذه الزمرة‬ ‫التي رفعت نذائر الشؤم عند حديثها عن الفتنة‬ ‫الداخلية‪ ،‬املتأمرة عىل سالمة املواطن وأمنه‪،‬‬ ‫وعدم السامح لها بجر البالد اىل غياهب اإلرتهان‬ ‫الخارجي عىل إيقاع الروزنامة اإلرسائيلية‪ ،‬واىل‬ ‫إرساء جبهة وطنية لتعبري عن أقوى أوارص‬ ‫الوحدة ملواجهة إستحقاقات خارجية لن تجلب‬ ‫اىل لبنان سوى الخراب والتآكل والتدمري‪.‬‬

‫حظ القوات كبير ألن‬ ‫لبنان يفتقد الى بنية‬ ‫الدولة‬ ‫إستغربنا الحرص الكبري للقوات اللبنانية من‬ ‫خالل بيانها ضد رئيس التيار عىل أمن الدولة‬ ‫الداخيل وهيبة القانون بعد أن وضعت القوات‬ ‫اللبنانية قوانينها ومحاكمها الخاصة بها طيلة‬ ‫الخمسة عرش عاماً‪ .‬لذا يهمنا أن نسأل الدائرة‬ ‫اإلعالمية ما ييل‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬هل نحن الذين رضبنا مؤسسات الدولة‬ ‫وأعدمنا الضباط يف ثكنة رصبا وقمنا باحتالل‬ ‫قيادة قوى األمن الداخيل؟‬ ‫ثانياً‪ :‬هل نحن من كان يرشف عىل الدوائر‬ ‫العقارية ويأخذ الخ ّوات من الناس عىل كل‬

‫‪27‬‬

‫قطعة أرض تباع وتشرتى؟‬ ‫ثالثاً‪ :‬هل نحن كنا نضع الرضائب والرسوم‬ ‫عىل املطاعم والفنادق واملؤسسات والحواجز؟‬ ‫رابعاً‪ :‬هل نحن قتلنا رشيد كرامي‪ ،‬وداين‬ ‫شمعون‪ ،‬واللواء خليل كنعان‪ ،‬والياس الزايك‪،‬‬ ‫ومئات املسيحيني اآلخرين الذين خالفونا‬ ‫الرأي؟‬ ‫خامساً‪ :‬هل نحن أرسلنا السيارات املفخخة‬ ‫اىل املناطق اآلهلة؟‬ ‫إذا كان كل ذلك ليس فيه تعد عىل الدولة‬ ‫والقانون‪ ،‬فهل كالم رئيس التيار التحذيري‬ ‫لتاليف الفتنة فيه تعد عىل القانون وهو‬ ‫الذي حذركم منذ ‪ 6‬سنوات اىل كل ما‬ ‫وصلتم اليه‪ ،‬ثم لو أن هناك دولة يف لبنان‬ ‫تحرتم نفسها كان كثريون اليوم مجردون من‬ ‫حقوقهم املدنية وال يستطيعون الحصول‬ ‫عىل سجل عديل ولكن حظ البعض كبري‬ ‫بأن ليس هناك دولة يف لبنان‪.‬‬ ‫وخم البيان اننا نناشد القوات اللبنانية‬ ‫كوادرا وأعضاء وفيهم الكثري ممن نحرتمهم‬ ‫ونحبهم بأن يلزموا قيادتهم بعدم الذهاب‬ ‫بعيدا يف معركة ال قدرة لهم عىل تحمل‬ ‫نتائجها ونحن كنّا اول من رفض عزل أي‬ ‫فريق لبناين وسنبقى عىل هذا املوقف ألن أي‬ ‫محاولة لعزل فريق فيه رضر للبنان‪.‬‬

‫تهنئة الـ «أو‪.‬تي‪.‬في»‬ ‫بعيدها الثالث‬ ‫السيد مدير قناة ال» ‪ »OTV‬املحرتم‬ ‫السادة اإلعالميني يف قناة ال» ‪ »OTV‬مذيعيني‬ ‫وفنيني ومراسلني داخل وخارج القناة‪.‬‬ ‫يطيب ألمانة اإلعالم يف تيار التوحيد التي‬ ‫تناضل من أجل التغيريأن تتقدم بخالص آيات‬ ‫التهاين والتربيكات بالعيد الثالث لقناة ال‬ ‫«‪ »OTV‬متمنني لكم ولقناة ال»‪ »OTV‬التقدم‬ ‫والرقي يف الرسالة اإلعالمية النبيلة‪.‬‬ ‫ثالث سنوات متر من عمر ال»‪ »OTV‬الربتقالية‬ ‫قصري بحجم الزمن لكن كبري مبا تحقق خالل هذه‬ ‫السنوات من عمرها وكانت من القنوات الرائدة‬ ‫يف مجتمعنا التي كرست املحظورات يف سبيل‬ ‫رفع شأن الكلمة الحرة والرأي السديد‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫الذي نهنئكم بعيد قناتكم الثالث نحب أن‬ ‫نسجل هنا بهذه املناسبة الوطنية حبنا وتقديرنا‬ ‫لهذه القناة الرائدة‪ ،‬قناة اإلصالح والتغيري‪ ،‬داعني‬ ‫لها اىل املزيد من التقدم والرقي والوصول اىل‬ ‫قمة اإلعالم العاملي‪.‬‬ ‫وعام سعيد عليكم وعىل قناة ال»‪ »OTV‬وكل‬ ‫عام وأنتم بخري‪.‬‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫تحقيق‬

‫الحقوق المدنية لالجئين الفلسطينيين في لبنان‬ ‫استحقاق واجب تنفيذه بسرعة‬ ‫يعود ملف الحقوق االجتامعية الالجئني‬ ‫يف‬ ‫التداول‬ ‫دائرة‬ ‫اىل‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫لبنان‪ ،‬وأن حرمانهم من حقوقهم املدنية‬ ‫بشكل‬ ‫يتعارض‬ ‫واإلنسانية‬ ‫والسياسية‬ ‫صارخ مع الدستور اللبناين ورشعة حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وكان من املفروض عىل السلطتني‬ ‫منح‬ ‫اللبنانية‬ ‫والتنفيذية‬ ‫الترشيعية‬ ‫اغتصاب‬ ‫منذ‬ ‫حقوقهم‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫فلسطني عام ‪ 1948‬وليس اليوم حتى ال‬ ‫تضعف قدرتهم يف مواجهة مشاريع‬ ‫بحقهم‬ ‫والتمسك‬ ‫والتهجري‬ ‫التوطني‬ ‫باملقاومة والتحرير والعودة لفلسطني كل‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫أما اليوم وبعد أثنني وستني عاماً من‬ ‫اغتصاب فلسطني والشعب الفلسطيني‬ ‫محروم من حقوقه يف لبنان‪ ،‬ويعاين األمرين‬ ‫من الفقر واملرض والظلم والقهر والبطالة‬ ‫والحصار‪ .‬يتقدم البعض مببادرة لطرح‬ ‫اقرتاح قانون عىل مجلس النواب اللبناين‬ ‫ملنح الفلسطينيني حقوقهم ولو بشكل‬ ‫متأخر‪ ،‬لكن البعض انتفض ليتعامل مع‬ ‫هذه املبادرة يف حدود عنرصية تستحرض‬ ‫الطائفية السياسة بكل أشكالها املقيتة‬ ‫لخلط األوراق متجاه ًال أن من يدعم حق‬ ‫ويرفض‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫لالجئني‬ ‫العودة‬ ‫التوطني من املفروض عليه املساهمة يف‬ ‫منحهم حقوقهم املدنية واإلنسانية ويف‬ ‫مقدمتها حق العمل والتملك واالستفادة‬ ‫من الضامن الصحي‪.‬‬ ‫لذلك البد من مناقشة هذه املشكلة‬ ‫من منطلق عرويب إنساين وليس من‬ ‫منطلق عنرصي طائفي قد يدفع سكان‬ ‫املخيامت لليأس والتطرف الذي سينعكس‬ ‫سلباً عىل الشعب الفلسطيني وقضيته‬ ‫العادلة أوال وعىل لبنان واللبنانيني والعرب‬ ‫ثانياً وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية أوال‬ ‫والجامعة العربي ًة واألمم املتحدة‪ ،‬وخاصة‬ ‫قبل‬ ‫املقاومة‬ ‫الفلسطينية‬ ‫الفصائل‬ ‫غريها‪ ،‬خاصة أن الالجئني الفلسطينيني‬ ‫الذين يعيشون يف مخيامت لبنان يحرتمون‬ ‫سيادة واستقالل لبنان وكرامة اللبنانيني‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫حق العودة ال التوطني‬

‫ويعتربون لبنان ممراً وليس مستقراً ويأملون‬ ‫سوريا‬ ‫يف‬ ‫بالفلسطينيني‬ ‫مبساواتهم‬ ‫املتساوين بالحقوق والواجبات مع املواطنني‬ ‫االنتخاب‬ ‫حق‬ ‫باستثناء‬ ‫السوريني‪،‬‬ ‫والرتشيح ملناصب قيادية يف املؤسسات‬ ‫حفاظاً‬ ‫عىل‬ ‫والتنفيذية‬ ‫الترشيعية‬ ‫وحقهم‬ ‫الفلسطينية‬ ‫الوطنية‬ ‫هويتهم‬ ‫بالعودة ألرضهم بعد التحرير‪ ،‬وخاصة‬ ‫أنهم مواطنني يف بلدهم الثاين وليسو‬ ‫الجئني كام قال الرئيس بشار األسد‪.‬‬ ‫وقد بدأ املجلس النيايب اللبناين درس‬ ‫إعطاء بعض الحقوق املدنية لالجئني‬ ‫الفلسطينيني ‪ ،‬وال سيام حق العمل‬ ‫والضامن اإلجتامعي مع بعض الضوابط‪،‬‬ ‫دون البحث يف حق التملك‪.‬‬ ‫لبنان‪ ،‬واضع رشعة حقوق اإلنسان يف‬ ‫األمم املتحدة مل مينح الفلسطينيني الحقوق‬ ‫املدنية‪ ،‬ما عدا حق اإلقامة‪ ،‬ونتج عن‬ ‫االعرتاف لهم مبامرسة أكرث من ‪ 72‬مهنة‬ ‫يحددها وزير العمل وفق التعامل باملثل مع‬ ‫دول عربية وأجنبية‪ ،‬وصارت البطالة هي‬ ‫السائدة يف أوساط الفلسطينيني (حوايل‬ ‫‪ ،)%48‬ما دفعهم إىل هجرة واسعة خالل‬ ‫العقدين األخريين (وصل عدد الالجئني إىل‬ ‫لبنان عام ‪ 48‬إىل حواىل ‪ 85‬الفاً‪ ،‬واليوم‬

‫‪28‬‬

‫وصل عددهم إىل حواىل ‪ 400‬ألف حسب‬ ‫إحصائيات األونروا‪ ،‬فض ًال عن التهميش‬ ‫املؤسسايت‪،‬‬ ‫والتهميش‬ ‫االقتصادي‪،‬‬ ‫والتهميش املكاين (حرصهم يف مخيامت‬ ‫محددة)‪ ،‬هذا باإلضافة إىل أن الفلسطينيني‬ ‫يف لبنان يعاملون معاملة األجانب‪ ،‬بل فئة‬ ‫خاصة من األجانب (قانون التملك يف ‪2001‬‬ ‫يسمح بتملك األجنبي لعقارات يف لبنان‪،‬‬ ‫بينام يحرم الفلسطيني بحجة أن ليس‬ ‫لديه دولة معرتف بها للمعاملة باملثل)‪،‬‬ ‫فض ًال عن غياب للشخصية القانونية‬ ‫ألكرث من ‪ 3500‬الجئ من فاقدي األوراق‬ ‫الثبوتية ‪ ،‬هذا باإلضافة إىل اعتياد النخب‬ ‫السياسية ربط الحقوق املدنية أو حتى‬ ‫تحسني رشوط الحياة بقضية التوطني‪،‬‬ ‫واتباع املديرية العامة للشؤون السياسية‬ ‫والالجئني لوزارة الداخلية كمؤرش عىل‬ ‫أن املوضوع الفلسطيني يف لبنان أمني‬ ‫بالدرجة األوىل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن منحها‬ ‫رغم كونها حقوقاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالقطارة‪،‬‬ ‫للفلسطين ّيني ُيراد لها أن تكون‬ ‫وأالً تكون كاملة‪ ،‬ولو بحدّها األدىن‪ .‬حقّ‬ ‫التم ّلك ساقط من أذهان السياس ّيني حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬وكذلك الضامن الصحي‪ .‬أ ّما الباقي‪،‬‬ ‫ففيه نقاش‪.‬‬

‫حق العمل‬ ‫منذ العام ‪ ،1962‬عند صدور قانون عمل األجانب‬ ‫يف لبنان‪ ،‬تم اعتبار الالجئني الفلسطينيني أجانباً‬ ‫ينطبق عليهم القانون رقم ‪ ،17561‬الذي تضمن‬ ‫بنوداً مجحفة بحقهم‪ ،‬فقد اشرتط املرسوم أن‬ ‫يحصل األجنبي عىل إجازة عمل يك يتمكن من‬ ‫مامرسة عمله يف لبنان‪ ،‬ومل يضع أي متييز خاص‬ ‫للفلسطينيي بسبب وضعه الناجم عن االحتالل‬ ‫اإلرسائييل ألرضه وعدم قدرته عىل مامرسة حق‬ ‫العودة وعدم اعرتاف لبنان بدولة فلسطني مام أدى‬ ‫عملياً اىل عدم حصول الفلسطيني عىل إجازة إال‬ ‫نادراً‪ .‬وكان الحصول عليها يتطلب إجراءات عديدة‬ ‫مثل دفع الرسوم الباهظة‪ ،‬فيام كانت مدة إجازة‬ ‫العمل تعطى لسنة واحدة يجرب الالجىء عىل‬ ‫تجديدها كام أنها مختصة بعقد عمل مع جهة‬ ‫محددة فإذا تبدلت أو ألغيت صالحيتها‪.‬‬ ‫أما يف حال املهن الحرة كالطب واملحاماة‬ ‫والصيدلة وغريها‪ ،‬فإن الترشيعات اللبنانية تحرص‬ ‫مامرستها ضمن نقابات‪ ،‬ال يستطيع الفلسطيني‬ ‫االنتامء إليها الشرتاطها يف أنظمتها الداخلية‬ ‫أن يكون العضو لبنانياً منذ أكرث من عرشة أعوام‪،‬‬ ‫أو التزام دولة طالب االنتساب مببدأ املعاملة باملثل‪.‬‬ ‫واعتادت وزارة العمل أن تعاقب الذي يستخدم‬ ‫أجنبياً بعقد عمل أو إجازة صناعية بدون موافقة‬ ‫مسبقة أو إجازة عمل‪ ،‬بغرامة مالية مرهقة‪،‬‬ ‫األمر الذي دفع أصحاب العمل اللبنانيني إىل‬ ‫العزوف عن استخدام الفلسطينيني لديهم‪.‬‬ ‫إضافة لهذا كان الفلسطيني غري مشمول‬ ‫يف الضامن االجتامعي‪ ،‬الذي يشتمل عىل‬ ‫ضامن املرض واألمومة‪ ،‬ضامن طوارىء العمل‬ ‫واألمراض املهنية‪ ،‬نظام التعويضات العائلية‬ ‫ونظام تعويض نهاية الخدمة‪ ،‬فقد ورد يف الفقرة‬ ‫الرابعة من املادة ‪ 9‬من قانون الضامن االجتامعي‬ ‫“ال يستفيد األجراء األجانب الذين يعملون عىل‬ ‫أرايض الجمهورية اللبنانية من أحكام هذا القانون‬ ‫يف بعض أو جميع فروع الضامن االجتامعي إال‬ ‫برشط أن تكون الدولة التي ينتسبون إليها تقر‬ ‫مبدأ املساواة يف املعاملة مع رعاياها فيام يتعلق‬ ‫بالضامن االجتامعي” وهكذا يلزم الفلسطيني‬ ‫حك ًام بالقانون بدفع رسوم الضامن دون التمكن‬ ‫من االستفادة من تقدمياته وخدماته‪.‬‬ ‫إن املرسوم املتعلق بتنظيم عمل األجانب يف‬ ‫لبنان وقانون الضامن االجتامعي‪ ،‬أرسيا قاعدتني‬ ‫لألجانب (ومنهم الفلسطينيون) الراغبني يف‬ ‫العمل يف لبنان هام‪ :‬قاعدة املعاملة باملثل‪،‬‬ ‫وقاعدة الحصول املسبق عىل إجازة عمل‪ .‬وأضيف‬ ‫لهام رشوطاً تحديدية‪ ،‬تتعلق بحرص بعض املهن‬ ‫باللبنانيني دون سواهم‪ ،‬وتتقرر دورياً من قبل وزير‬ ‫العمل الذي يحددها بقرار إداري يصدره‪ .‬وقد اعتاد‬ ‫الوزراء السابقون أن يض ّمنوا الالئحة نحواً من‬ ‫سبعني مهنة محظورة‪ .‬ومل يتبق عملياً سوى‬

‫حقهم يف الحقوق املدنية‬

‫املهن التي ال تحتاج إلجازة عمل كالعامل الزراعيني‬ ‫وعامل البناء‪ .‬فالوزير الدكتور عدنان مروة‪ ،‬أصدر‬ ‫القرار رقم ‪ 1/289‬يف ‪ 18‬كانون أول ‪ ،1982‬حرص‬ ‫عدداً من املهن باللبنانيني دون غريهم‪ .‬ففي فئة‬ ‫األجراء منع األعامل اإلدارية واملرصفية وبصورة‬ ‫خاصة عمل املدير‪ ،‬نائب املدير‪ ،‬رئيس املوظفني‪،‬‬ ‫أمني الصندوق‪ ،‬املحاسب‪ ،‬سكرتري الوثيق‪ ،‬أمني‬ ‫املحفوظات‪ ،‬الكومبيوتر‪ ،‬الحاجب‪ ،‬الناطور‪ ،‬الحارس‪،‬‬ ‫أمني املستودع‪ ،‬البائع‪ ،‬الصرييف‪ ،‬الصياغة‪ ،‬املخترب‪،‬‬ ‫الحالقة‪ ،‬التمديدات الكهربائية‪ ،‬األدوات الصحية‪،‬‬ ‫تركيب الزجاج‪ ،‬امليكانيك‪ .‬أما فئة أرباب العمل‬ ‫فقد حظر األعامل التجارية‪ ،‬وبصورة خاصة‬ ‫التجارة العامة‪ ،‬االسترياد والتصدير‪ ،‬الكومسيون‬ ‫(السمرسة) والتمثيل التجاري‪ ،‬محالت بيع‬ ‫األلبسة الجاهزة‪ ،‬الرصافة‪ ،‬الصياغة‪ ،‬تجارة الذهب‬ ‫واملجوهرات واألحجار الثمينة‪ ،‬تجارة السيارات‬ ‫ومشتقاتها‪ ،‬تجارة األبنية‪.‬‬ ‫ثم جاء الوزير عبد الله األمني يف ‪11‬‬ ‫كانون ثاين ‪ 1993‬وأصدر قراراً بحرص املهن‬ ‫باللبنانيني ومنع األجانب‪ ،‬وطبعاً هذا يتضمن‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬بالقرار رقم ‪ ،1/3‬كرر فيه املواد‬ ‫ذاتها‪ ،‬لألجراء‪ ،‬التي وردت يف قرار الدكتور مروة‬ ‫وأضاف التايل يف املراحل االبتدائية واملتوسطة‬ ‫والثانوية باستثناء تدريس اللغات األجنبية‬ ‫عند الرضورة‪ ،‬األعامل الهندسية‪ ،‬السائق‪،‬‬ ‫السفرجي‪ ..‬كذلك زاد يف فئة أرباب عدد من‬ ‫األعامل األخرى‪ .‬أما الوزير أسعد حردان‪ ،‬بتاريخ‬ ‫‪ 18‬كانون اول ‪ 1995‬بالقرار ‪ ،621/1‬فقد كرر فيام‬ ‫يخص األجراء وأصحاب العمل البنود ذاتها‪،‬‬ ‫التي وضعها الوزير األمني‪ .‬إال أن ما اختلف به‬ ‫الوزيران األمني وحردان عن الدكتور مروة هو يف‬ ‫تساهل هذا األخري النسبي بعدد من املهن‪،‬‬ ‫وإمكانية إعطاء إذن عمل فيها‪ ،‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫نص قرار الوزيرين األمني وحردان عىل استثناءات‬ ‫محصورة لألجانب‪ ،‬حيث ميكن استثناء األجانب‬ ‫ممن يتوافر فيهم أحد الرشوط الواردة يف املادة‬

‫‪29‬‬

‫‪ 8‬من املرسوم ‪( 17561‬تنظيم عمل األجانب)‪،‬‬ ‫أي خصوصاً األجنبي إذا كان مقي ً‬ ‫ام يف لبنان‬ ‫منذ الوالدة‪ ،‬أو مولوداً من أم لبنانية أو من أصل‬ ‫لبناين او اذا كان متأه ًال من لبنانية منذ أكرث‬ ‫من سنة‪.‬‬ ‫وجاء قرار الوزير طراد حامدة مبذكرة حملت‬ ‫الرقم ‪ 67/1‬يف ‪ 27‬حزيران ‪ ،2005‬تنص عىل‬ ‫استثناء “من أحكام املادة األوىل من القرار ‪79/1‬‬ ‫بتاريخ ‪ 2‬حزيران ‪( 2005‬التي تنص عىل حرص‬ ‫بعض املهن باللبنانيني)‪.‬‬ ‫وإذا كان القرار قد أتاح الفرصة يف مجاالت‬ ‫محددة‪ ،‬كاملوظف واملحاسب وناطور البناية‬ ‫وغريها فإنه مل يبدل الواقع إزاء الفلسطيني‬ ‫املؤهل ملامرسة املهن الحرة‪ ،‬وهم الذين تخرجوا‬ ‫من الجامعات‪ ،‬تلك املهن التي تشرتط أنظمة‬ ‫نقاباتها العضوية فيها قبل مامرسة املهنة‪.‬‬ ‫والعضوية بناء ألنظمتها الداخلية مرشوطة‬ ‫بدورها بأن يكون املرشح لها يحمل الجنسية‬ ‫اللبنانية وألكرث من عرشة سنوات‪ .‬وهذ‬ ‫النقابات بلغت ‪ 21‬نقابة‪ .‬باالضافة اىل ذلك‪،‬‬ ‫فام زال الفلسطينيون املؤهلون لالستفادة من‬ ‫القرار خاضعون الشرتاطات الحصول عىل إذن‬ ‫العمل من الوزارة املعنية‪ ،‬ودفع الرسوم‪.‬‬ ‫هناك لغط كبري بني رفض التوطني مطلقاً‬ ‫وبني حرمان الفلسطينيني من حقوقهم‬ ‫املدنية والسياسية واالقتصادية واالجتامعية‬ ‫والثقافية‪ ،‬ورغم ان لبنان كان من الدول‬ ‫املصادقة عىل معظم بنود بروتوكول الدار‬ ‫البيضاء عام ‪ ،1965‬ذلك الربوتوكول الذي ينص‬ ‫عىل رضورة معاملة الفلسطينيني يف الدول‬ ‫العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم‬ ‫يف إقامتهم وسفرهم وتيسري فرص العمل‬ ‫لهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية‪،‬‬ ‫فقد بقي الالجئون الفلسطينيون يف لبنان‬ ‫يعاملون كأجانب محرومني من أبسط الحقوق‬ ‫املنصوص عليها يف املواثيق الدولية من حيث‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫تحقيق‬ ‫العمل وامللكية‪ ،‬وما يتفرع عنهام من حقوق‬ ‫كثرية‪ ،‬ورغم أن لبنان قد أكد يف مقدمة‬ ‫دستوره عىل احرتامه لإلعالن العاملي لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والقانون الدويل لحقوق اإلنسان‪ ،‬إال ان‬ ‫واقع الحال يشري بخالف ذلك‪ ،‬وهنا استعراض‬ ‫لبعض الحقوق التي يحرم منها الالجئ‬ ‫الفلسطيني يف لبنان‪.‬‬

‫حق التنقل‬ ‫باالضافة اىل جميع املحظورات‬ ‫عىل الالجئني الفلسطينيني فقد‬ ‫الحد من حرية حركتهم داخل‬ ‫فضال عن السفر خارجه خالل‬ ‫‪ 1990‬و‪1998‬‬

‫التي فرضت‬ ‫عانوا من‬ ‫البلد نفسه‬ ‫الفرتة بني‬

‫حق املسكن‬ ‫بحكم النمو الطبيعي للسكان تضاعفت‬ ‫أعداد الالجئني عدة مرات منذ العام ‪1948‬‬ ‫حتى اليوم لتبلغ نسبة النمو ‪ %3.3‬سنوياً‬ ‫حسب معطيات املكتب املركزي لإلحصاء‬ ‫الفلسطيني الذي أجرى عدة مسوحات يف‬ ‫األوساط الفلسطينية يف لبنان وعىل الرغم‬ ‫من ذلك فإن الحكومة اللبنانية تتعاطى مع‬ ‫هذا األمر انطالقاً من الءات ثالث‪:‬‬ ‫‌أ‪ -‬ال العادة بناء املخيامت الثالث املدمرة‪.‬‬ ‫‌ب‪ -‬ال لبناء مخيامت جديدة‪.‬‬ ‫‌ج‪ -‬ال لتوسيع املخيامت القامئة‬ ‫فتبقى املخيامت عىل ما هي مساحتها‬ ‫منذ عام ‪ 1948‬رغم النمو السكاين‪.‬‬ ‫ويفرتض الحصول عىل ترخيص من مخابرات‬ ‫الجيش لرتميم أو بناء أي منزل جديد يف‬ ‫املخيم‪.‬‬

‫البطاقات الشخصية‬ ‫عىل كل فلسطيني ان يحصل عىل بطاقة‬ ‫وجميع‬ ‫بالفلسطينيني‬ ‫خاصة‬ ‫شخصية‬ ‫الفلسطينيني الغري مسجلني أثناء اإلحصاء‬ ‫الرسمي للعام ‪ 1951‬وال ميلكون بطاقات‬ ‫شخصية يعترب وجودهم يف لبنان غري رشعي‬ ‫ويحتمل طردهم اىل املكان الذي قدموا منه‪،‬‬ ‫لو توفرت اإلمكانية القانونية والسياسية‬ ‫لذلك‪.‬‬

‫وثائق السفر‬ ‫متنح لالجئني للسامح لهم مبغادرة لبنان‬ ‫من قبل إدارة األمن العام إ ّال أن هذه األذونات‬ ‫وجوازات السفر ال تعطى إ ّال برشوط معينة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الحق يف امتالك بيت الئق‬

‫الد‪ .‬صالح الدباغ‪ :‬من حق‬ ‫الفلسطينيني العمل يف لبنان‬ ‫ويف ما يتعلق بحقوق املدنية للفلسطينيني‬ ‫خاصة حق العمل والتملك كان لـ «منرب‬ ‫التوحيد» لقاء مع الدكتور صالح الدباغ أ ّكد‬ ‫فيه أن حرمان الفلسطينيني من حق العمل يف‬ ‫لبنان ال يعود إىل األوضاع االقتصادية الخاصة‬ ‫بلبنان فقط‪ ،‬بل يعود بالدرجة األوىل إىل أسباب‬ ‫سياسية‪ .‬ودليل ذلك ّأن لبعض البلدان العربية‬ ‫التي منحت حق العمل للفلسطينيني أوضاع‬ ‫اقتصادية أصعب من أوضاع لبنان االقتصادية‪،‬‬ ‫كالجمهورية العربية السورية واململكة األردنية‬ ‫الهاشمية‪.‬‬ ‫واألسباب السياسية هذه تعود إىل ّأن قس ًام‬ ‫من اللبنانيني ال يعترب الفلسطينيني أشقاء عرب‬ ‫بل غرباء‪ .‬ومر ّد ذلك‪ّ ،‬أن هذا القسم ال يق ّر ّ‬ ‫بأن لبنان‬ ‫ّ‬ ‫وبأن قضية‬ ‫هو وطن عريب وجزء من األمة العربية‬ ‫فلسطني هي القضية العربية األوىل‪ ،‬وعىل‬ ‫لبنان أن يتح ّمل النتائج السياسية واالقتصادية‬ ‫املرتتبة عىل ذلك‪.‬‬ ‫ورأى الدباغ‪ :‬أن رفع شعار «لبنان أوالً» هو دليل‬ ‫موجه فقط من أجل تخيل لبنان‬ ‫عىل ذلك‪ ،‬إذ أنه ّ‬ ‫بالقضية الفلسطينية‪ ،‬قضية‬ ‫عن ارتباطه‬ ‫العرب األوىل‪ ،‬وبالتايل فإن شعار «لبنان أوالً»‬ ‫كشعار «مرص أوالً» أو «األردن أوالً» يعني تخيل‬ ‫لبنان عن التزاماته تجاه القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫وفيام يتعلق بحق العمل وجد الدباغ‪ :‬أن‬ ‫من حق الفلسطينيني العمل يف لبنان‪ ،‬ذلك أن‬ ‫العمل يرتبط ارتباطاً عضوياً‪ ،‬بكرامة اإلنسان‪.‬‬ ‫فبرصف النظر عن املردود املادي للعمل‪ ،‬فإن يف‬ ‫العمل تحقيق لذات اإلنسان ولكرامته‪ .‬وهذا الحق‬ ‫ونص عىل‬ ‫املتعلق بكرامة اإلنسان قد كلفه‬ ‫ّ‬ ‫حاميته اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واالتفاقية‬ ‫الدولية للقضاء عىل جميع أشكال التمييز‬

‫‪30‬‬

‫العنرصي التي انضم إليها لبنان مبوجب القانون‬ ‫رقم ‪.1971/44‬‬ ‫وهذه املعاهدات قد و ّقع عليها لبنان وانضم‬ ‫إليها‪ .‬وتبعاً لذلك‪ ،‬فإن نصوص هذه املعاهدات‪،‬‬ ‫حسب قانون أصول املحاكامت املدنية‪ ،‬تسمو‬ ‫عىل القانون املحيل وتكون واجبة التطبيق‪ ،‬حتى‬ ‫وإن خالف نص قانوين نصوص هذه املعاهدات‬ ‫واالتفاقيات‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يكون العمل للفلسطينيني هو حق‬ ‫مبوجب القواعد القانونية يف لبنان وليس مطلباً‬ ‫كام يحلو للبعض أن يس ّميه‪.‬‬ ‫أما فيام يتصل بحقوق التملك يف‬ ‫لبنان‪ ،‬أ ّكد الدباغ أن القانون اللبناين يعامل‬ ‫الفلسطيني املقيم يف لبنان كأي عريب آخر‪،‬‬ ‫فكان له حق التملك يف لبنان كسائر العرب‪،‬‬ ‫فكان له مبوجب القانون الصادر عام ‪ ،1969‬الحق‬ ‫يف متلك ليس شقة فحسب بل مساحة من‬ ‫األرض غري املبنية‪ ،‬بدون أدىن معاملة أو إجراء‪،‬‬ ‫ال تزيد مساحتها عن ثالثة آالف مرت مربع‪ .‬وأن‬ ‫يقيم عىل هذه املساحة من األرض أي بناء يرغب‬ ‫يف إنشائه‪ .‬أي أنه كان يستطيع أن يتملك أكرث‬ ‫من شقة لسكنه‪.‬‬ ‫ثم أىت القانون الصادر عام ‪ ،2001‬ومنع عىل‬ ‫الفلسطينيني الذين ال يتمتعون بجنسية دولة‬ ‫أخرى (أي الالجئني الفلسطينيني يف لبنان ويف‬ ‫غريه من الدول العريب) حق متلك أي عقار مبني‬ ‫أو غري مبني‪ .‬وكان السبب املعلن وراء ذلك هو‬ ‫الخشية من التوطني‪ .‬وهذا الخطر مردود ملا ييل من‬ ‫األسباب‪:‬‬ ‫فمن ناحية أوىل‪ ،‬إن حق التملك منفصل متاماً‬ ‫عن مسألة التوطني‪ ،‬الذي يعني إعطاء الجنسية‬ ‫والحقوق السياسية كحق االنتخاب وتويل‬ ‫الوظائف واملناصب الرسمية األخرى‪.‬‬ ‫بينام حق التملك منفصل متاماً عن ذلك‪.‬‬ ‫ومن ناحية ثانية‪ :‬وهذا مهم‪ ،‬فإن حق التملك‬ ‫هذا كان مباحاً للفلسطينيني منذ عام ‪1948‬‬ ‫وحتى عام ‪ 2001‬أي طيلة أكرث من نصف قرن‪،‬‬ ‫ومل يؤ ِّد ذلك إىل توطني الفلسطينيني يف لبنان‪.‬‬ ‫ومن هنا يصح االستنتاج بأن الزعم الذي ير ّوجه‬ ‫البعض من ّأن إعطاء الفلسطينيني حق التملك‬ ‫يف لبنان يؤدي إىل توطينهم هو زعم ال يستند‬ ‫إىل أي أساس‪ ،‬بل هو فزّاعة يلجأ إليها البعض‬ ‫حينام تعوزهم الحجج الصحيحة واملنطقية‪ .‬ويف‬ ‫هذا املجال‪ ،‬يذكر أن الحكومة التي تقدمت مبرشوع‬ ‫القانون الذي يحظر عىل الفلسطينيني حق‬ ‫التملك‪ ،‬كانت قد أصدرت تعليامتها بعدم دخول‬ ‫الفلسطينيني الالجئني يف لبنان واملسجلني‬ ‫يف سجالت وزارة الداخلية إال بعد الحصول عىل‬ ‫تأشرية دخول يحصلون عليها من السفارات‬ ‫اللبنانية يف الخارج‪ .‬وهذا أيضاً يندرج يف سلسلة‬ ‫التدابري الالإنسانية غري املربرة بحق الفلسطينيني‪.‬‬ ‫وعندما أتت حكومة الرئيس سليم الحص عمدت‬ ‫فوراً إىل إلغاء هذا التدبري التعسفي‪.‬‬

‫ومن ناحية ثالثة‪ ،‬فإن املعاهدات التي‬ ‫انضم إليها لبنان تعطي الفلسطينيني‬ ‫ّ‬ ‫حق التملك‪ ،‬كاإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان‬ ‫نصت الفقرة األوىل من املادة ‪ 17‬منه‬ ‫الذي ّ‬ ‫عىل ما ييل‪:‬‬ ‫«لكل فرد حق يف التملك‪ ،‬مبفرده أو‬ ‫باالشرتاك مع غريه»‪.‬‬ ‫أي أن حق التملك هو حق من حقوق‬ ‫اإلنسان األساسية‪ ،‬املقررة يف اإلعالن‬ ‫نصت املادة‬ ‫العاملي لحقوق اإلنسان‪ ،‬كام ّ‬ ‫الثانية من هذا اإلعالن عىل ما ييل‪:‬‬ ‫«لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق‬ ‫والحريات الواردة يف هذا اإلعالن‪ ،‬دون أي متييز‪،‬‬ ‫كالتمييز بسبب العنرص أو اللون أو الجنس‬ ‫أو اللغة أو الدين أو الرأي السيايس أو اي رأي‬ ‫آخر‪ ،‬أو األصل الوطني أو االجتامعي أو الرثوة‬ ‫أو امليالد أو أي وضع آخر‪ ،‬دون أي تفرقة بني‬ ‫الرجال والنساء‪.‬‬ ‫وفض ًال عام تقدّم فأن يكون هناك أي‬ ‫متييز أساسه الوضع السيايس أو القانوين‬ ‫أو الدويل للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها‬ ‫الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة‬ ‫ً‬ ‫مستقأل أو تحت الوصاية أو غري متمع‬ ‫بالحكم الذايت أو كانت سيادته خاضعة ألي‬ ‫قيد من القيود»‪.‬‬ ‫ومن هذه املعاهدات أيضاً‪ ،‬املنضم‬ ‫إليها لبنان مبوجب القانون رقم ‪،1971/44‬‬ ‫االتفاقية الدولية للقضاء عىل جميع‬ ‫التمييز العنرصي التي تنص املادة الخامسة‬ ‫منها عىل ما ييل‪:‬‬ ‫«إيفاء لاللتزامات األساسية املقررة يف‬ ‫املادة ‪ 23‬من هذه االتفاقية‪ ،‬تتعهد الدول‬ ‫األطراف بحظر التمييز العنرصي والقضاء‬ ‫عليه بكافة أشكاله‪ .‬وبضامن حق كل‬ ‫إنسان‪ ،‬دون متييز بسبب العرق أو اللون أو‬ ‫األصل القومي أو األثني‪ ،‬أو املساواة أمام‬ ‫القانون‪ ،‬ال سيام بصدد التمتع بالحقوق‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫والضامن‬ ‫والتنقل‪،‬‬ ‫العمل‪،‬‬ ‫حق‬ ‫االجتامعي‪ ،‬والحصول عىل أوراق ثبوتية وحق‬ ‫التملك مبفرده أو باالشرتاك مع اآلخرين‪.‬‬ ‫ويف ختام الحديث ال يتوقع الدباغ أن ينال‬ ‫الفلسطينييون املقيمون يف لبنان أي شيئ‬ ‫بالنسبة إىل حق التملك‪ ،‬حتى وإن كان ذلك‬ ‫متلك شقة سكن‪ .‬فمن املالحظ أن املجلس‬ ‫النيايب قد أرجأ هذا املوضوع إىل وقت الحق‪،‬‬ ‫وحرص البحث يف الحق يف العمل‪ ،‬متخوفاً‬ ‫من أن يكون هذا التأجيل ينطوي عىل عدم‬ ‫إثارة املوضوع يف املجلس النيايب إىل ما ال‬ ‫نهاية‪.‬‬ ‫أما فيام يتصل بحق العمل‪ ،‬فالشمروع‬ ‫املطروح‪ ،‬من قبل األكرثية النيابية‪ ،‬حسب‬ ‫املعلومات التي حصلنا عليها‪ ،‬وإن جاء‬

‫لماذا تحبون الفلسطينيين في غزة‬ ‫وتكرهونهم عندكم؟‬

‫الد‪ .‬صالح الدباغ‬

‫مقرصاً كثرياً عماّ‬ ‫أحكامه وتأويله‪.‬‬ ‫فمن ناحية‪ ،‬منع مرشوع القانون هذا‬ ‫الفلسطينيني يف لبنان من حق مامرسة‬ ‫جميع املهن الحرة دون استثناء‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن هذا املرشوع قد‬ ‫فرض عىل الفلسطينيني الحصول عىل‬ ‫إجازة عمل كرشط مسبق للعمل‪ ،‬وتساءل‬ ‫الدباغ ولنئ كان حق العمل هو حق فلامذا‬ ‫ُيشرتط الحصول املسبق عىل إجازة عمل‪،‬‬ ‫وهل ستعطي وزارة العمل هذه اإلجازة أم‬ ‫تفرض رشوطاً للحصول عليها؟‬ ‫ومن ناحية ثالثة‪ ،‬فإن مرشوع القانون‬ ‫نص عىل حق الفلسطينيني يف العمل يف‬ ‫«أعامل القطاع الخاص» وكلمة «أعامل»‬ ‫بدون الـ»تعريف» هي عرضة للتأويل‪ ،‬إذ هي‬ ‫ليست شاملة لجميع األعامل يف القطاع‬ ‫الخاص (باستثناء املهن الحرة)‪ ،‬وكذلك‪ ،‬فإن‬ ‫املرشوع مل ينص عىل إعطاء أرباب العمل‬ ‫الحق يف العمل يف القطاع الخاص‪ ،‬وال بد‬ ‫من أن ُيتدارك هذا األمر‪ ،‬ألن القانون الحايل‬ ‫يحظر عىل الفلسطينيني حق مامرسة‬ ‫العمل كرب عمل‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬يف إمكان الفلسطينيني االطمئنان‬ ‫إىل أنه لن ُتشطب أو ُتنزع صفة «الجئ»‬ ‫عنهم‪ ،‬والسبب بكل بساطة هو أن «الدولة‬ ‫اللبنانية تتعامل مع مسألة الالجئني‬ ‫كقضية ذات أهمية قصوى سياسياً‬ ‫ودميوغرافياً وارتباطها بحل مسألة العودة‬ ‫إىل ديارهم‪ ،‬إضافة إىل العامل الدويل‬ ‫املتم ّثل يف عدم خسارة التمويل الذي ُيدفع‬ ‫لالجئني الفلسطينيني يف دول العامل واألمم‬ ‫املتحدة وهيئاتها‪ ،‬األونروا خاصة‪ ،‬والذي مي ّثل‬ ‫عام ًال مساعداً للبنان عىل تحمل أعبائهم‬ ‫انتظاراً للعودة‪.‬‬ ‫هو مطلوب‪ ،‬لغموض‬

‫أعداد وحوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫‪31‬‬

‫مام ال شك فيه أن املسألة الفلسطينية تعدت‪ ،‬منذ‬ ‫بداية املخطط االستعامري لتقسيم املنطقة‪ ،‬كونها‬ ‫مسألة وطنية فلسطينية ذاتية‪ ،‬لتغدو مسألة إنسانية‪،‬‬ ‫فقد أصدرت الجمعية العامة لألمم املتحدة ومجلس األمن‬ ‫الدويل الكثري من القرارات واملواثيق واملعاهدات الدولية‬ ‫التي مل تستطع – عىل كرثتها ‪ -‬أن تحفظ الحقوق املدنية‬ ‫يف‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫لالجئني‬ ‫واالجتامعية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫لبنان‪ ،‬هذه الحقوق املرتبطة ارتباطاً عضوياً بكرامة اإلنسان‬ ‫الفلسطيني الالجئ‪ ،‬والتي كفلتها االتفاقيات العربية‬ ‫والدولية‪ ،‬كاتفاقية جنيف لعام (‪ )1951‬التي أعطت الالجئني‬ ‫يف املادة «‪ »24‬منها‪« ،‬حقَّ االستفادة من كل االمتيازات‪،‬‬ ‫كالضامن االجتامعي‪ ،‬واألجور والتعويضات العائلية‪ ،‬ومدة‬ ‫ساعات العمل وغريها»‪.‬‬ ‫“ملاذا تحبون الفلسطينيني يف غزة‪ ،‬وتكرهون‬ ‫الفلسطينيني عندكم؟” سؤال بال إجابة أطلقته “مونيكا”‬ ‫الناشطة األوروبية يف وكالة الغوث يف مخيامت الالجئني‬ ‫يف لبنان‪ ،‬فمنذ بداية املسألة الفلسطينية‪ ،‬وعىل الرغم‬ ‫من التزام الدستور اللبناين يف مقدمته باإلعالن العاملي‬ ‫لحقوق اإلنسان الذي ينص عىل “رفض التمييز بني البرش‬ ‫عىل أساس الجنس والعرق والدين واللغة”‪ ،‬تعاطت ‪ -‬والزالت‬ ‫ السلطات اللبنانية املتعاقبة مع الالجئني الفلسطينيني‬‫عىل أراضيها وفقاً للهواجس والتحفظات اللبنانية املتولدة‬ ‫عن الرتكيبة الطائفية واملذهبية لهذا البلد الذي يعيش‬ ‫فيه أكرث من أربعامئة ألف الجئ فلسطيني – حسب‬ ‫إحصائيات وكالة غوث وتشغيل الالجئني‪ -‬يف ظروف‬ ‫اقتصادية واجتامعية أقل ما يقال عنها أنها سيئة تربرها‬ ‫السلطات اللبنانية عىل أنها “محاربة للتوطني”‪.‬‬ ‫إن ما تفرضه القوانني اللبنانية الجائرة‪ ،‬وما نتج عن‬ ‫عنرصية بعض األطراف السياسية اللبنانية تجاه الالجئني‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬ح ّول حياتهم إىل جحيم ال يطاق‪ ،‬فالقوانني‬ ‫اللبنانية متنع عىل الالجئني إعادة بناء مخيامتهم املدمرة‪،‬‬ ‫أو إنشاء مخيامت جديدة‪ ،‬ومتنع إدخال مواد البناء والرتميم‬ ‫لعدد من املخيامت‪ ،‬كام تحظر عىل الالجئني الفلسطينيني‬ ‫حقَّ اإلقامة والتن ُّقل والعمل يف أكرث من (‪ )73‬مهنة‪،‬‬ ‫كام تحظر عليهم إقامة املؤسسات الخاصة‪ ،‬وحق العمل‬ ‫النقايب‪ ،‬وحق امللكية العقارية حسب القانون الصادر يف‬ ‫‪ ،2001/4/5‬والذي منع متلك العقارات ومنع اإلرث عمن كان‬ ‫متملكا‪ ،‬وغريها من الحقوق‪.‬‬ ‫والالجئون الفلسطينيون يف لبنان محرومون من الخدمات‬ ‫الصحية الحكومية‪ ،‬ومن الضامن االجتامعي‪ ،‬وهناك قيود‬ ‫مشددة عىل تعلمهم يف املدارس الحكومية‪ ،‬كل هذا‬ ‫أدى إىل هجرة عرشات اآلالف من الالجئني الفلسطينيني‬ ‫املوجودين يف لبنان إىل الدول الغربية ودول الخليج كام‬ ‫أدى إىل ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبري‪ ،‬وانتشار اآلفات‬ ‫االجتامعية كالعنف األرسي‪ ،‬وعاملة األطفال‪ ،‬وتعاطي‬ ‫املخدرات وغريها‪.‬‬ ‫من هنا يجب عىل السلطات اللبنانية العمل عىل إعطاء‬ ‫الالجئني الفلسطينيني حقوقهم املدنية‪ ،‬التي متثل حقاً‬ ‫طبيعياً تكفله لهم الواجبات القومية‪ ،‬فضال عن القوانني‬ ‫واملواثيق الدولية‪.‬‬

‫مهند محمد عمر‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب فلسطيني‪/‬مقابلة‬

‫السفير الفلسطيني في لبنان عبد هللا عبد هللا لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫لبنان يعامل الفلسطيني بطريقة ال تليق به‬ ‫وال تخدم مصالحه‬ ‫عندما يتع ّلق العنوان مبسألة الحقوق املدنية‬ ‫املعادلة‬ ‫تصبح‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫يف‬ ‫للفلسطينيني‬ ‫املطروحة‪ ،‬مخاوفاً من التوطني‪ ،‬وحالة الخلط‬ ‫هذه لها أبعادها السياسية البعيدة املدى هنا‬ ‫يف لبنان‪ ،‬بسبب سوء الفهم أوالرغبة لدى‬ ‫البعض للقيام بدور مرسوم ال يخدم القضية‬ ‫الفلسطينية والحقوق املرتبطة بها‪ ،‬وأهمها حق‬ ‫العودة‪ ،‬واىل حني تحقيق هذا الهدف الذي هو أحد‬ ‫األهداف األساسية لدى الشعب الفلسطيني‬ ‫ولكافة القوى الوطنية والقومية واإلسالمية‬ ‫املؤمنة بهدف التحرير‪ ،‬طريقاً اىل تحقيق حق‬ ‫العودة‪ ،‬واىل حني إحقاق هذا الحق وبكافة أشكال‬ ‫النضال املتاحة‪ ،‬تخرج بعض األصوات التائهة‬ ‫يف محاولة منها اىل فرض معادلة جديدة‬ ‫تحت ذريعة محاربة التوطني‪ ،‬وأحد أهم أهداف‬ ‫مروجي مقولة التوطني هي يف دفع الشعب‬ ‫الفلسطيني اىل التهجري تحت ذرائع ومقوالت ال‬ ‫تستقيم مع الواقع‪.‬‬ ‫مواضيع حق العمل وحق متلك مسكن الئق‬ ‫للفلسطيني يف لبنان وهو حق يقع يف خانة‬ ‫الحقوق اإلنسانية‪ ،‬وكذلك حق األخ عىل أخيه‪.‬‬ ‫ومن هنا توجهت منرب التوحيد اىل السفري‬ ‫الفلسطيني يف لبنان الدكتور عبد الله عبد الله‬ ‫وحاورته يف مسألة الحقوق املدنية للفلسطينيني‬ ‫يف لبنان ويف قضايا تتعلق بالنضال الوطني‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬فكان الحوار التايل‪:‬‬ ‫واإلنسانية‬ ‫املدنية‬ ‫الحقوق‬ ‫مسألة‬ ‫للفلسطينيني يف لبنان‪ ،‬وخاصة حق العمل‬ ‫والتملك ُوضعت عىل الطاولة هذه املرة وبقوة‪،‬‬ ‫ما هو تقييمكم ملجمل املواقف املتعلقة بهذه‬ ‫الحقوق؟ وهل تتوقعون تحقيق أي شيئ يف هذا‬ ‫املجال؟ وما هي العوائق؟ وماذا تطلبون كحد‬ ‫أدىن؟‬ ‫إن مسألة الحقوق املدنية واإلنسانية ّتم طرحها‬ ‫يف ‪ 15‬حزيران املايض عرب الحوار اللبناين الداخيل‪،‬‬ ‫وأعتقد أن طرحه بهذه الصيغة س ّلط الضوء‬ ‫عىل قضية موجودة يعرتف بها الجميع‪ ،‬ولكن مل‬ ‫تتم مناقشتها‪ ،‬وأخذ اإلجراءات للتعامل معها‬ ‫وإيجاد حلول منطقية منسجمة مع الدستور‬ ‫اللبناين والتزامات لبنان العربية والقوانني واملواثيق‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫وكان للحوار دوافع عديدة ال نريد أن ندخل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الفلسطيني لن يأخذ الوظيفة من اللبناين‪ ،‬ألن لبنان سوق حر مفتوح‪ ،‬وصاحب العمل هو الذي يحدد الكفاءات‬

‫فيها‪ ،‬ولكن إذا تع ّمقنا يف صلب املوضوع نجد أن‬ ‫معاملة الفلسطينيني يف لبنان حتى اآلن كانت‬ ‫تتم بطريقة غري صحيحة‪ ،‬ال تليق بلبنان وال تخدم‬ ‫مصالحه‪ ،‬من هنا بدأ الحديث يف التفاصيل‪ ،‬وصحيح‬ ‫أن الطروحات شملت أربعة أنواع من الحقوق‬ ‫املرتبطة بحق العمل‪ ،‬والتملك والتنقل‪ ،‬والحصول‬ ‫عىل وثيقة ثبوتية‪ ،‬لكن الرتكيز كان بصفة أشد‬ ‫عىل حق العمل‪ ،‬رمبا ألن هذا املوضوع كان يش ّكل‬ ‫جدالً داخلياً يف لبنان بسبب تباين وجهات النظر‬ ‫التي ال متت اىل قوانني حقوق اإلنسان واملعاملة‬ ‫السليمة بصلة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للتملك لقد كان هناك تخوف كبري‪،‬‬ ‫لعدم استيعاب املوضوع‪ ،‬ما يعني أن الفلسطيني‬ ‫عندما طالب بحق التملك مل يكن مطلبه بهدف‬ ‫رشاء أرض لبنانية وإقامة مصنع عليها‪ ،‬بل بهدف‬ ‫حق امتالك مسكن الئق يقيم فيه هو وعائلته‪،‬‬ ‫هذا الحق الذي ُح ِرم منه يف العام ‪ ،2001‬ويسعى‬ ‫اليوم ملنحه ألوالده‪ ،‬غري أن هذا املوضوع ّتم تأجيله‬ ‫ألن هناك مرشوع قانون حق التملك لغري اللبنانيني‬ ‫يتم العمل عليه بشكل عام‪ ،‬ولكن املهم يف هذا‬ ‫القانون أن ال يستثنى الفلسطيني ألنه فلسطيني‪،‬‬ ‫من أجل ذلك ّتم الرتكيز عىل حق العمل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وط ِرحت مخاوف ال أساس لها من الصحة‬ ‫مطلقاً‪ ،‬وليس لها قاعدة‪ ،‬فمنهم من تخوف من‬ ‫أن الفلسطينيني عددهم يف لبنان ‪ 400‬ألف‪،‬‬

‫‪32‬‬

‫إذاً هم بحاجة اىل ‪ 400‬ألف شقة‪ ،‬التي ال ميكن‬ ‫أن يوفرها لبنان‪ ،‬ما يجعل أسعار الشقق ترتفع‪،‬‬ ‫وبالتايل يجعل املواطن اللبناين عاجزاً عن رشاء‬ ‫شقة بسبب ارتفاع أسعار قطاع العقارات‪ .‬وهذا‬ ‫كالم ال يقبله املنطق رصاحة‪ ،‬إذ املقصود منه‬ ‫التهويل للرفض‪ ،‬أضف اىل اعرتاضات أخرى تتعلق‬ ‫يف أن الفلسطيني سيأخذ الوظيفة من اللبناين‪،‬‬ ‫هذا الكالم أيضاً غري واقعي‪ ،‬ألن لبنان يعيش يف‬ ‫االقتصاد الحر حيث تطلب الوظيفة من هو أقدر‬ ‫عىل القيام بغض النظر عن جنسيته‪.‬‬ ‫ففي لبنان هناك ‪ 146‬ألف أجنبي لديه رخصة‬ ‫عمل‪ ،‬فام الذي مينع الفلسطيني الذي ُولد وترىب‬ ‫وتعلم ويعيش عىل هذه األرض ويرصف مدخوله‬ ‫يف هذا البلد من الحصول عىل حق العمل الذي‬ ‫هو من حقوقه منطقياً واقتصادياً قبل أي عامل‬ ‫أجنبي آخر‪ ،‬الذي يحول ما يجنيه من لبنان اىل‬ ‫الخارج؟‬ ‫كذلك ّتم التوضيح حول هذه النقطة وتجاوزها‪،‬‬ ‫أضف اىل ذلك‪ ،‬هناك من يتحدث عن التوطني‪،‬‬ ‫الذي نعتربه بدورنا “فزاعة”‪ ،‬حتى بالنسبة للذين‬ ‫يتكلمون عنها دون اقتناع بها‪ ،‬ما يجعل التوطني‬ ‫كـ “الغول” أداة للتخويف فقط وفق ما يرد يف‬ ‫ميثولوجيا األطفال الذين يحاولون إرهابهم بالغول‬ ‫عند القيام بشيئ خاطئ‪.‬‬ ‫من هنا نؤ ّكد أن الفلسطيني لن يأخذ الوظيفة‬

‫من اللبناين‪ ،‬ألن لبنان سوق حر مفتوح‪ ،‬وصاحب‬ ‫العمل هو الذي يحدد الكفاءات التي ستشغر‬ ‫وظيفة ما لديه‪ ،‬وما نطالب به إذا كان وقع االختيار‬ ‫عىل عامل ما يجب أن ال ُيرفض ألنه فلسطيني‪،‬‬ ‫ما يعني أنه من حيث املناسبة للعمل هو مناسب‬ ‫لكن ألنه فلسطيني ال ميكنه أن يقوم بهذا العمل‪،‬‬ ‫هذا الكالم يوجد فيه متييز وال يليق بلبنان‪ ،‬ونحن ال‬ ‫نريد أن نك ّرر مراراً أننا نحب لبنان واللبنانيني لعدة‬ ‫اعتبارات‪ :‬عندما حصلت نكبة ‪ ،1948‬اللبنانيون‬ ‫الذين عادوا من فلسطني اىل لبنان وأجربوا للدخول‬ ‫إليه كان عددهم ‪ 100‬ألفاً‪ ،‬غري التزاوج وغري‬ ‫العقلية وأكرث من مسؤول لبناين يقول نحن يف‬ ‫صغرنا نعرف ما حصل يف الجنوب وال نعرف غري‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬هذا هو الرتابط والشيئ اإليجايب‪.‬‬ ‫يوحد وليس الذي يف ّرق‪.‬‬ ‫ونحن نبحث عىل الذي ّ‬ ‫اعرتاض آخر عىل حق العمل بحيث أن هذا الحق‬ ‫يضع أعباء عىل الدولة اللبنانية خاصة وأنها ال‬ ‫تستطيع أن تدفع ضامن للبنانيني‪ ،‬فكيف إذاً األمر‬ ‫بالنسبة للفلسطينيني الذين عددهم ‪ 400‬ألف‪،‬‬ ‫نحن مل نطلب ذلك‪ ،‬مؤ ّكدين بأننا سنتوىل الضامن‬ ‫الصحي واالجتامعي للفلسطينيني‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫ال يعني أننا نريد أن نعفي األمم املتحدة واملجتمع‬ ‫الدويل من مسؤوليته تجاه املهاجر الفلسطيني‬ ‫ألن املجتمع الدويل له مسؤولية مبارشة يف قلب‬ ‫قضية فلسطني‪ ،‬فهو الذي قسم فلسطني‬ ‫وساعد “إرسئيل” لطردنا بالعنف والدم واملذابح‪،‬‬ ‫فإذاً عليه تحمل املسؤولية اىل أن نستعيد حقنا‪.‬‬ ‫هذه األمور كان فيها نوع من العقالنية وجهد‬ ‫كبري من جانب األشقاء اللبنانيني ونحن نث ّمنه‪،‬‬ ‫خاصة يف ما يتعلق يف إقناع بني أمتهم أن هذه‬ ‫األمور ليست كام يدعون‪ ،‬وهي أبسط من ذلك‬ ‫بكثري‪ ،‬ما سهّل الطريق قلي ًال أمام مرشوع قانون‬ ‫حق العمل‪.‬‬ ‫أضف اىل أن هناك بعض األشياء التي بحاجة‬ ‫اىل بعض التحضري‪ ،‬لكن املهم أن ال يشعراملواطن‬ ‫الفلسطيني بالتمييز بينه وبني غريه‪ .‬حتى أننا‬ ‫سهلنا عليهم بعدم قبول وظائف القطاع العام‬ ‫وال الجنسية‪ .‬لكن نظام الرتكيبة الدميغرافية يف‬ ‫لبنان يحتم علينا ذلك طاملا أن اللبنانيني اختاروه‬ ‫نحن نحرتمه‪ ،‬وال نريد بأي حال من األحوال أن نتهم‬ ‫بإخالل التوازن الدميغرايف يف لبنان الذي ال يريده‬ ‫اللبنانيون ألنفسهم‪ ،‬كام أننا ال نقبل أن يعتربنا‬ ‫املسيحيني مسلمون ما يزيد من أعداد املسلمني يف‬ ‫البلد‪ ،‬وال نقبل أن يقولوا الشيعة أن الفلسطينيني‬ ‫هم سنة ما يخل بالتوازن الطائفي‪.‬‬ ‫من هنا ال نريد أن ندخل يف الرتكيبة الدميغرافية‪،‬‬ ‫وإمنا نريد القواعد التي رتبها بعض علامء االجتامع‬ ‫وفق هرم حقوق اإلنسان بحيث وضعوا الحقوق‬ ‫األساسية التي تبدأ بحق العمل والسكن الالئق‬ ‫وغريها من حقوق الطبابة والضامن االجتامعي‬ ‫والصحة والتعليم وحقوق الرفاهية التي يجب أن‬ ‫تضمن ألي مواطن‪ .‬تلك الرفاهيات وضعناها جانباً‬ ‫لكن القواعد األساسية مضمونة يف كل الرشائع‬

‫املهم أن ال يشعراملواطن الفلسطيني بالتمييز بينه وبني غريه‬

‫الدولية‪ ،‬لذلك نحن متمسكني بها‪.‬‬ ‫املفاوضات غري املبارشة مل تسفر عن أي‬ ‫جديد سوى أنها كانت وسيلة لكسب الوقت‬ ‫من الجانب اإلرسائييل ولتلميع صورة نتنياهو‬ ‫أمام املجتمع الدويل وإلعطاء أوباما ما يحتاجه‬ ‫كونه نادى بحل الدولتني‪ ،‬ومل يفلح يف التقدم‬ ‫بأية خطوة باتجاه إيجاد أي حل يلبي طموحات‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬والسؤال ما هو تقييمكم‬ ‫للمفاوضات غري املبارشة؟‬ ‫مل تحقق تلك املفاوضات أي شيئ حتى اآلن‪،‬‬ ‫الحكومة اإلرسائيلية الحالية‪ ،‬كام الحكومات‬ ‫السابقة التريد أن تضع حداً لالحتالل‪ ،‬كل‬ ‫االتفاقات واملشاريع إن كان من قرارات األمم املتحدة‬ ‫والتي بدأت منذ القرار ‪ 242‬يف ترشين أول ‪،1967‬‬ ‫اىل مؤمتر مدريد‪ ،‬اىل اتفاق أوسلو ‪ ،1993‬اىل‬ ‫خارطة الطريق يف العام ‪ ،2004‬اىل مؤمتر أنابوليس‬ ‫‪ ،2007‬كلها تشدد عىل هدفني لعملية السالم‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬الهدف األول يكمن يف إنهاء االحتالل‬ ‫والعربية‬ ‫الفلسطينية‬ ‫لألرايض‬ ‫اإلرسائييل‬ ‫منذ عام ‪ ،1967‬والهدف الثاين إقامة الدولة‬ ‫الفلسطينية املرتابطة جغرافياً عىل األرايض‬ ‫التي ستنسحب منها “إرسائيل”‪ ،‬ومنذ مؤمتر‬ ‫“كامب دايفيد” يف العام ‪ ،2000‬مل يكن هناك أي‬ ‫اتصال أو مفاوضات بل عىل العكس كان هناك‬ ‫إعادة احتالل وحرب رضوس شنتها “إرسائيل” عىل‬ ‫األرايض الفلسطينية املحتلة‪ ،‬وعىل لبنان وغزة بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬حتى فرتة عقد مؤمتر أنابوليس يف ترشين‬ ‫ثاين ‪ ،2007‬مل يكن هناك أي مفاوضات باملطلق مبا‬ ‫يعني أن اإلرسائيليني أقنعوا األمريكيني بعدم وجود‬ ‫طرف فلسطيني‪ ،‬ومنذ مؤمتر “أنابوليس” حاولنا أن‬ ‫نعمل مفاوضات كبداية‪ ،‬ولكنها مل تبدأ وكانت‬ ‫فرتة آخر سنة ‪ 2008‬مع رئيس الوزراء اإلرسائييل‬ ‫السابق إيهود أوملرت (منذ بداية ‪ 2008‬حتى كانون‬ ‫األول)‪ ،‬وتوقف كل شيئ بعد حرب غزة‪ ،‬ولكن حتى‬ ‫اآلن املفاوضات إن كانت مدتها قصرية أم طويلة‬ ‫مل تنتج أي مردود مادي عىل األرض‪ ،‬إذ استمرت‬

‫‪33‬‬

‫“إرسائيل” يف سياساتها اإلجرامية بالرغم من‬ ‫االعرتاضات الدولية مبا يف ذلك اعرتاضات الواليات‬ ‫املتحدة نفسها‪ ،‬ما جعلنا أمام خيارين يف أي‬ ‫رصاع سيقوم به العدو اإلرسائييل‪ ،‬إما أن ُيحسم‬ ‫الرصاع بالرضبة العسكرية أو أن نتبع أسلوباً آخر‬ ‫حيث تشكل املفاوضات إحدى هذه األساليب التي‬ ‫هي أيضاً من العوامل املساعدة ومرافقة لها‪.‬‬ ‫هذا الكالم أؤ ّكد أنه كان موجوداً عندنا‪ ،‬ألن الخيار‬ ‫العسكري لألسف غري مطروح عربياً ونحن جربنا‬ ‫املقاومة املسلحة‪ ،‬أو االنتفاضة املسلحة ولكننا‬ ‫وجدنا أن املقاومة املسلحة املبارشة ال تستطيع أن‬ ‫تتصدى منفردة للقوى العسكرية اإلرسائيلية التي‬ ‫تعترب‪ ،‬رابع قوة يف العامل‪ ،‬وأن عديد الدول العربية‬ ‫مجتمعة مل تستطع أن تقف يف وجهها‪.‬‬ ‫استطعنا أن نقف يف وجه العنجهية‬ ‫اإلرسائيلية من خالل مقاومتنا املستمرة‬ ‫بأساليبنا البعيدة كل البعد عن العنف‪ ،‬عىل‬ ‫سبيل املثال بعض األطراف الفلسطينية اختاروا‬ ‫إطالق الصواريخ‪ ،‬النتيجة يف ‪ 7‬سنوات يف إطالق‬ ‫صواريخ كان مجموع الضحايا اإلرسائيليني ‪ 4‬يف‬ ‫حني أن مجموع الضحايا الفلسطينيني باملئات غري‬ ‫التدمري و”تشويه الصورة الفلسطينية يف الخارج”‪،‬‬ ‫بعد استخدام الفلسطينيني للصواريخ التي أثارت‬ ‫حفيظة الرأي العام الدويل ضد الفلسطينيني‪،‬‬ ‫لكن املقاومة الشعبية املوجودة اآلن وأسلوبها يف‬ ‫كل املناطق الفلسطينية‪ ،‬أكرث من ‪ 45‬موقع فيها‬ ‫مقاومة بأساليب مختلفة‪ ،‬كالتصدي الذي يحصل‬ ‫يف القدس للحفاظ عىل عروبتها‪ ،‬وقدسيتها‪،‬‬ ‫ومنع التدنيس ومحاوالت التهويد وطمس هوية‬ ‫القدس كمدينة عربية إسالمية مسيحية لها‬ ‫تراثها وانتامؤها الوطني ومواطنيها‪.‬‬ ‫هذه األنواع من املقاومة التي ال يستطيع‬ ‫اإلرسائيليون أن منعها وهزميتها‪ ،‬وخري دليل عىل‬ ‫ذلك امرأة عجوز‪ ،‬يف غرفة‪ ،‬يف بلد يدعى النبي‬ ‫ساموئيل جنب القدس‪ ،‬هذه العجوز “الحاجة‬ ‫شكرية” حتى اآلن صامدة يف وجه املرشوع‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب فلسطيني‪/‬مقابلة‬ ‫اإلرسائييل الذي يسعى لتهويد تلك القرية‬ ‫بالرغم من أن منزلها محاط باملستوطنني والجيش‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬وهي مبفردها ترفض كل املحاوالت‪ ،‬هذا‬ ‫الصمود باإلضافة اىل تصدي األطفال ملحاوالت‬ ‫االعتداء‪ ،‬هو يف الوقت الراهن الذي يحرج “إرسائيل”‬ ‫ويجعل منظامت املجتمع املدين ومنظامت األمم‬ ‫املتحدة ومندوب األمني العام روبرت سرييت كل‬ ‫شهر يقدم تقريراً اىل مجلس األمن يشري فيه‬ ‫اىل الصمود الفلسطيني واملقاومة الفلسطينية‬ ‫والجرائم اإلرسائيلية الوحشية التي تواجه بها‬ ‫“إرسائيل” هذه املقاومة‪ ،‬ما يعطي نتيجة ألنه‬ ‫يف عدم وجود الخيار العسكري غري املطروح يف‬ ‫املنطقة تبدو “إرسائيل” محارصة‪ ،‬كام حصل يف‬ ‫جنوب إفريقيا‪ ،‬ما يجعل صورتها تصبح كام تقول‬ ‫رشعيتها موضع شك‪ ،‬ويف خطر نتيجة ما يشهده‬ ‫العامل من جرائم حرب ترتكبها بحق اإلنسانية يف‬ ‫خروجها عن االتفاقات والقوانني الدولية لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬كل هذه األمور ستزيد من عزلة “إرسائيل”‬ ‫وحصارها حتى لو وقفت اىل جانبها أمريكا ودول‬ ‫حليفة أخرى‪.‬‬ ‫اليوم يدور الحديث لالنتقال اىل املفاوضات‬ ‫املبارشة‪ ،‬ما هي الرشوط الفلسطينية لالنتقال‬ ‫للمفاوضات تلك‪ ،‬وهل من ضامنات أمريكية‬ ‫أوروبية أخرى لنجاح هذه املفاوضات؟ وهل هناك‬ ‫من خطط أخرى غري املفاوضات تجرب العدو عىل‬ ‫االندحار عن األرض الفلسطينية؟‬ ‫أوالً الضامنات هي يف صمودنا‪ ،‬وعزميتنا‪ ،‬وقوة‬ ‫إرادتنا‪ ،‬ووحدتنا يف تحدي االحتالل‪ ،‬ألنها الطريقة‬ ‫األمثل التي سنتمكن من خاللها طلب دعم‬ ‫العامل‪ ،‬ثانياً نحن نقول يك تنجح املفاوضات التي‬ ‫هي وسيلة متبعة‪ ،‬لسنا ضدها باملطلق وبالتايل‬ ‫لسنا معها إذا كانت لتقطيع الوقت فقط دون‬ ‫تحقيق النتائج‪ ،‬نحن ندرك أهمية وجود مرجعية‬ ‫واضحة ومحددة لهذه املفاوضات تستند اىل‬ ‫مرجعيات عملية السالم كلها منذ مؤمتر مدريد‬ ‫حتى اآلن وهي إنهاء االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬حتى‬ ‫حدود العام ‪ ،1967‬الذي يشكل مبدأ املرجعية‬ ‫السياسية‪ ،‬نريد أن يكون لهذه املفاوضات سقفاً‬ ‫زمنياً محدداً دون التفاوض اىل ما ال نهاية‪ ،‬ثالثاً‬ ‫واألهم وجود مرجعية سياسية محددة تستند اىل‬ ‫وقف كل اإلجراءات التي تستبق نتائج املفاوضات‬ ‫كاالستيطان والجدار ومحاولة تغيري هوية القدس‬ ‫وطابعها ومحاولة إبعاد أو طرد الفلسطينيني من‬ ‫أراضيهم وخاصة من مدينة القدس كام حصل‬ ‫مع النواب الثالثة‪ ،‬أما يف ما يتعلق بالوسائل التي‬ ‫تساعدنا يف املفاوضات هي أوالً صمودنا يف أرضنا‪،‬‬ ‫ومتسكنا بحقوقنا ومواصلة مواجهة مخططات‬ ‫االحتالل يف كافة املناطق الفلسطينية‪ ،‬من خالل‬ ‫املظاهرات التي تحصل باستمرار يف الخليل والقدس‬ ‫ونابلس ويف القرى التي تحدد فيها “إرسائيل” بناء‬ ‫الجدار‪ ،‬وتحاول مصادرة أراضيها وبناء املستوطنات‪،‬‬ ‫كل هذه العوامل إضافة اىل كشف الجرائم‬ ‫اإلرسائيلية التي تقع يف مخالفاتها النتهاكات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب رأي‬

‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وارتكاب هذه الجرائم كام حصل يف‬ ‫عدوانها عىل غزة ويف هجومها عىل سفينة مرمرة‬ ‫التابعة ألسطول الحرية‪ ،‬كل هذه القضايا ال بد أنها‬ ‫تضع “إرسائيل” يف عزلة دولية يف هذه املرحلة‬ ‫ستصل “إرسائيل” اىل مرحلة االستسالم لرشوط‬ ‫املفاوضات التي تهدف كام حددها املجتمع الدويل‬ ‫اىل إنهاء االحتالل اإلرسائييل الذي وقع يف العام‬ ‫‪ ،1967‬واىل إقامة الدولة الفلسطينية املستقلة‬ ‫واملتواصلة جغرافياً وعاصمتها القدس‪ .‬ونتذكر أن‬ ‫جنوب إفريقيا مل يسقط باملواجهة املسلحة التي‬ ‫عادة يف الرضبة القاضية يستسلم العدو كام‬ ‫حصل يف الحرب العاملية الثانية ولكن كل املعارك‬ ‫األخرى برزت فيها عوامل مساعدة‪ ،‬منها املقاومة‬ ‫باألشكال املتاحة واملمكنة وبالضغط الدويل‬ ‫التي تجرب املعتدي عىل إنهاء عدوانه والتوصل اىل‬ ‫الحل‪ ،‬هذه هي االسرتاتيجية التي تتبعها القيادة‬ ‫السياسية الفلسطينية يف مواجهة االحتالل‬ ‫ومخططاته‪.‬‬ ‫ما الذي يقف عائقاً يف عملية املصالحة بني‬ ‫حركتي فتح وحامس وهل من جديد عىل هذا‬ ‫الصعيد؟‬ ‫ليس هناك من جديد عىل هذا الصعيد‪ ،‬والذي‬ ‫يقف عائقاً أمامها هو تدخل بعض األطراف التي‬ ‫تشجع حامس عىل عدم املصالحة‪ ،‬وحامس من‬ ‫جهتها عليها أن تقتنع أن املصلحة الوطنية‬ ‫الفلسطينية ومصلحة حركة حامس نفسها‬ ‫ال يخدمها تسلط حامس وإبقاء سيطرتها عىل‬ ‫قطاع غزة ألن هذا يصب يف الهدف اإلرسائييل‬ ‫الذي كان واضحاً عندما انسحبت “إرسائيل”‬ ‫انسحاباً أحادياً يف أيلول ‪ 2005‬وعندما أ ّكد الهدف‬ ‫اإلرسائييل من هذا االنسحاب وزير الخارجية الحايل‬ ‫أفيغدور ليربمان عندما قال عىل “إرسائيل” أن تغلق‬ ‫كل عالقة لها مع قطاع غزة وترتك غزة عىل حالها‪،‬‬ ‫ما يقسم األرض الفلسطينية ومينع إقامة الدولة‬ ‫الفلسطينية ألنه ال ميكن إقامتها عىل جزء من‬

‫‪34‬‬

‫أرضنا حيث اعرتف العامل بأن قطاع غزة والضفة‬ ‫الغربية وحدة ترابية واحدة مبا فيها القدس‪ ،‬لذلك‬ ‫حامس عليها أن تقتنع أن وجودها يف الكل هو‬ ‫الذي يعطيها الدور يف أن تكون رشيكة يف القرار‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ويف مسؤولية املواجهة أمام العامل‬ ‫الخارجي ما يجعل صمودنا أقوى وجبهتنا الداخلية‬ ‫أكرث فاعلية وإمكانية حشد جبهة مساندة‬ ‫لحقوقنا الوطنية بشكل أفضل‪ ،‬وال يقول لنا أحد‬ ‫اذهبوا واتفقوا فيام بينكم قبل أن تطلبوا ما هو‬ ‫لكم‪ ،‬هذه مسؤولية وطنية نحن وكل الفرقاء‬ ‫وإن كانوا عرباً أو فلسطينيني أو غريه نضعها‬ ‫بني أيديهم ليتدخلوا ويزوروا قطاع غزة ويدفعوا‬ ‫حامس ليك تصل اىل نتيجة وأن يلتم الصف‬ ‫الفلسطيني لتتخىل عن إمكانية أن تقيم سلطة‬ ‫مستقلة لوحدها يف قطاع غزة‪.‬‬ ‫هل تتوقعون عدواناً إرسائيلياً قريباً يستهدف‬ ‫لبنان أو غزة للهروب من مسألة املفاوضات‬ ‫ومحاولة خلط األوراق؟‬ ‫“إرسائيل” إذا شعرت أنها يف عزلة ومحارصة‬ ‫تلجأ دامئاً اىل تصدير الفتنة الداخلية أو عزلتها‬ ‫يف عدوان خارجي‪ ،‬لكن حتى اآلن “إرسائيل” يف‬ ‫جبهتها الداخلية أكرث متاسكاً مام يتصور البعض‪،‬‬ ‫ومتيل كلها باتجاه واحد‪ ،‬أضف اىل أن “إرسائيل”‬ ‫تحصد نتيجة التجربتني السابقتني يف العام‬ ‫‪ ،2006‬يف عدوانها عىل لبنان‪ ،‬حيث اكتشفت أن‬ ‫الثمن كان باهظاً بالرغم من أنها أوقعت خسائر‬ ‫مدمرة يف لبنان‪ ،‬ولكن الخسارة عىل “إرسائيل”‬ ‫كانت باهظة‪ ،‬وعدوانها عىل غزة أيضاً أوقعت‬ ‫خسائر ودمار كبري ولكن سمعتها الدولية الزالت‬ ‫حتى اآلن مالحقة نظراً لتقرير “فينوغراد” الذي أ ّكد‬ ‫عىل ارتكابها لجرائم الهرب وجرائم ضد اإلنسانية‬ ‫وهذا ما يساعد ويساهم يف عزلة “إرسائيل”‬ ‫واتهامها عىل الصعيد الدويل بأكمله‪ ،‬لذلك‬ ‫فإنها تفكر كثرياً قبل أن ترتكب حامقة من هذا‬ ‫القبيل‪ ،‬وهذا ال يعني أننا يف مأمن ألن “إرسائيل”‬ ‫أبضاً قد تنظر أن أي عدوان مقبل سيساعد يف‬ ‫متزيق الجبهة العربية رمبا أو إضعاف املوقف العريب‬ ‫أو الفلسطيني الصلب يف وجه صالبتها وتحدياتها‬ ‫وجرامئها قد تلجأ اىل حامقة من هذا النوع لذلك‬ ‫علينا أن نكون حذرين دون أن يصيبنا الهلع‪.‬‬ ‫يف‬ ‫الفلسطيني‬ ‫للشعب‬ ‫تقولون‬ ‫ماذا‬ ‫الشتات بشأن حق العودة‪ ،‬وهل هذا املوضوع‬ ‫مطروح بشكل جدي يف ملف املفاوضات؟‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬إن هذا امللف مطروح بشكل جدي‬ ‫إذ منذ العام ‪ 1974‬أقر املجتمع الدويل يف قراراته‬ ‫الصادرة يف ترشين الثاين ‪ ،1974‬أن حقوق الشعب‬ ‫الفلسطيني غري القابلة للترصف هي حق العودة‪،‬‬ ‫وحق إقامة الدولة الفلسطينية املستقلة وكذلك‬ ‫إنهاء االحتالل اإلرسائييل عىل أرض فلسطني‪،‬‬ ‫ونحن متمسكون بهذه الحقوق ونرص عليها وهذا‬ ‫من إرصار قوتنا يف مواجهة االحتالل اإلرسائييل‪.‬‬

‫حوار‪:‬ليديا أبودرغم‬

‫األحزاب واإلصالح‬ ‫المفقود‬ ‫إن األحزاب السياسية هي من أهم املؤسسات التي‬ ‫تمُ ّكن الدولة من تجديد ُنخبها الحاكمة يف نظامها‬ ‫البريوقراطي‪ ،‬والعمل السيايس هو مجموع نشاطات‬ ‫األحزاب يف املجال السيايس‪ ،‬حيث ُتطرح االسرتاتيجيات‬ ‫السياسية املكشوفة حول تداول السلطة واتخاذ‬ ‫القرارات املتعلقة بالشأن العام‪ ،‬وتنظيم الحياة‬ ‫االجتامعية‪-‬السياسية‪.‬‬ ‫إ ّال أن األحزاب السياسية‪ ،‬وإن كانت تمُ ثل املؤسسات‬ ‫األساسية التي تؤطر العمل السيايس‪ ،‬فإنها ليست‬ ‫الطرف الوحيد الذي يمُ ارس الفعل السيايس‪ ،‬وذلك أن‬ ‫العملية السياسية تحمل تعقيدات املجتمع‪ ،‬فاملقصود‬ ‫من الفعل السيايس هو العمل الذي ُينتج تأثرياً يف‬ ‫املجال السيايس‪.‬‬ ‫إن النهضة االجتامعية السياسية تع ّرب نظرياً‬ ‫وعملياً عن االستعداد للدخول ضمن رشوط املامرسة‬ ‫موحد‬ ‫الحزبية الصحيحة‪ ،‬التي تهدف اىل بناء مجتمع‬ ‫ّ‬ ‫االنتامء‪ ،‬وكذلك تحقيق نظام سيايس ُيعنى باملواطن‬ ‫واحتياجاته‪ ،‬أو استحقاقاته املعيشية‪ ،‬ويضع الخطط‬ ‫واألهداف لتطويره والنهوض به‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحل املناسب لإلصالح بدالً من دويالت‬ ‫فالدولة هي‬ ‫تم تظهريها عرب عقود بتوازنات “األحزاب”‬ ‫الطوائف التي ّ‬ ‫التي ترعى حصص تلك الطوائف ومكتسباتها‪.‬‬ ‫كذلك اآلحاديات القطبية القابعة عىل بؤر الفساد‬ ‫واملحسوبية‪ ،‬والتي تشكل مصدر رزقها ومن ّو ثرواتها عىل‬ ‫حساب قيام الدولة‪ .‬فخيار الدولة واملؤسسات يق ّلص ذلك‬ ‫التضخم الحاصل يف حجم املامرسة السياسية القامئة‬ ‫عىل التسابق لتحقيق املصالح واملكاسب الخاصة‬ ‫الضيقة‪ ،‬وكذلك مساحة التناقض بني األحزاب من جهة‬ ‫وبني السلطة الحاكمة والنخبة من جهة أخرى‪.‬‬ ‫إذ أن التحالف عىل السلطة بني األحزاب‪ ،‬يعترب وجوده‬ ‫ورشعيته قامئني عىل استئصال مرشوع الدولة واإلصالح‪.‬‬ ‫وقد أدت سياسة االستئصال الحاصلة منذ عقود اىل‬ ‫تدهور عالقة املجتمع باملرشوع اإلصالحي املزعم إقراره‪،‬‬ ‫املقسمة بني الطوائف‬ ‫كام زعزعت الثقة به‪ .‬إذ أن الدولة‬ ‫ّ‬ ‫“األحزاب” استعملت كل وسائل التعتيم والتضليل إضافة‬ ‫اىل تكريس ثقافة العنف واالنقسام والتباعد بني أفراد‬ ‫املجتمع من أجل فرض عزلة قرسية عليه‪ ،‬وبالتايل إخراج‬ ‫املرشوع اإلصالحي من أولويات الدولة‪ ،‬للهيمنة عىل القرار‬ ‫السيايس وإحباط قوة تأثري املجتمع عرب تفكيكه‪ ،‬وصوالً‬ ‫اىل إلغاء صيغة الدولة مبفهومها املؤسسايت واملرجعية‬ ‫الوحيدة للجميع‪ .‬إن هذا الواقع‪ ،‬يحتاج من املجتمع السعي‬ ‫اىل استعادة رمزيته االجتامعية وثقافته السياسية‬ ‫من خالل إعادة دوره يف النضال االجتامعي والسيايس‬ ‫والثقايف‪ ،‬ومن خالل تقديم تجربة جديدة للشباب يك‬ ‫يستعيد زمام املبادرة يف عملية التغيري واملحاسبة لتحرير‬ ‫الدولة ومؤسساتها‪.‬‬

‫بهاء عبدالخالق‬ ‫نائب رئيس املكتب السيايس‬

‫اإلمام الخميني تاريخ ثورة ومقاومة‬ ‫في تمدد مستمر‬ ‫مل تنشأ الثورة بقيادة املرجع الديني اإلمام الخميني بقرار دويل أو دعم خارجي من أجل وضع حد‬ ‫لنظام الشاه الذي ارتهن قراره الداخيل خدمة للسياسات الغربية العابثة بأمن ومصالح الشعوب‬ ‫العربية واإلسالمية ‪.‬‬ ‫لقد نجح اإليرانيون من خالل ثورتهم يف تقديم منوذج لإلسالم الحيوي الذي حقق تغيرياً سلمي ُاً‬ ‫عىل صعيد الحكم يف إيران وهو ما أربك العديد من الدول العربية التي شعرت بالقلق إزاء النموذج‬ ‫الدميقراطي الجدي الذي سرُ عان ما تعاطفت معه شعوبها بقوة‪.‬‬ ‫مل يكن اإلمام الخميني فرداً متميزاً أو شخصية قومية إسالمية فحسب‪ ،‬وهو مل يكن مناض ًال‬ ‫عقائدياً فقط‪ ،‬أو مجرد ممثل للموقف الجذري الذي يذهب بالتناقض مع أعداء األمة إىل نهاية املطاف‪...‬‬ ‫بل كان عنواناً ملرشوع املقاومة يف مواجهة عامل الغطرسة واالستكبار‪ ،‬وقد أثبتت األيام صحة‬ ‫دعواته املتكررة والتي شكلت صامم األمان يف وحدة األمة املناضلة‪ ،‬ويف الدفاع عن مرشوعها‬ ‫النهضوي االستقاليل‪ ،‬وهي تجربة تحتاج إىل نظرة جدية بعد اإلنجازات العظيمة التي حققتها‬ ‫وتبوأت مكانة رفيعة يف التاريخ الحديث واملعارص لألمة‪.‬‬ ‫وقد ُكتب الكثري عن الركائز الثقافية واالجتامعية والسياسية واالقتصادية للمجتمع اإليراين‪،‬‬ ‫التي جسدها رصاحة شعب آمن حقاً بقضيته‪ ،‬وسعى إىل بناء منوذج عاملي يهدف إىل نرصة جميع‬ ‫املستضعفني عىل املستكربين‪ ،‬وعىل مواصلة الجهاد مبا يضمن زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية‪،‬‬ ‫والخالص من النظام االستبدادي‪ ،‬واإلقرار مببدأ حق الشعوب يف تقرير مصريها‪ ،‬واالنحياز إىل جانب‬ ‫حركات املقاومة وااللتزام بالقضية الفلسطينية التي شكلت إحداهم ثوابت الثورة اإليرانية‪.‬‬ ‫ولكن تبقى امليزة األساس يف إنجازات الثورة إعالن الرئيس أحمدي نجاد عن امتالك إيران‬ ‫التكنولوجيا النووية‪ ،‬والذي أثار قلق عدد من الدول وأدى يف ما أصطلح تسميته عىل “االصطفاف‬ ‫االسرتاتيجي الجديد”‪ ،‬متثل بوالدة تضامن ثاليث ضم إىل جانب إيران كل من الربازيل وفنزويال‪ ،‬التي‬ ‫جاءت جميعها تؤكد باإلضافة اىل حق إيران يف خيارها النووي‪ ،‬وإمنا عىل البعد العاملي واإلنساين‬ ‫للقضية الفلسطينية‪ .‬هكذا وجد لبنان نفسه كطرف مبارش يف هذا املشهد الدويل‪ ،‬والذي ترجم‬ ‫خالفاً داخلياً عىل طاولة مجلس الوزراء‪ ،‬بني فريق انحاز إىل املوقف اإليراين يف التمسك بخياره‬ ‫النووي وآخر ُسمي بفريق املواالة الذي يقف عىل املقلب اآلخر من الطموح اإليراين‪ ،‬وهو ما أدى إىل‬ ‫تكريس دولة “الالقرار” بعد امتناع مندوب لبنان‪ ،‬واملمثل للموقف العريب عىل طاولة مجلس األمن‬ ‫من التصويت مع أو ضد مرشوع العقوبات التي عملت عليه الواليات املتحدة‪ ،‬يف حني وقفت الربازيل‬ ‫وتركيا إىل جانب الحقوق اإليرانية يف الحصول عىل التكنولوجيا النووية‪.‬‬ ‫هو أسلوب العقوبات والخطر االقتصادي الذي طرحه القرار الدويل ‪ 1929‬وكشف عن إسرتاتجية‬ ‫هجومية ضد إيران بقصد عزلها وتصويرها كعنرص مهدد للسلم واألمن الدوليني‪ ،‬ثم إثارة الرأي‬ ‫العام الغريب ضدها‪ ،‬وتنفيذ ضغوط أكرب عليها‪.‬‬ ‫لقد بدأ أوباما سياسته الخارجية من بوابة القلق األمرييك إزاء برنامج إيران النووي الذي ترغب‬ ‫واشنطن محارصته وتطويقه من دون أن تستثني الخيار العسكري من االحتامالت والسيناريوهات‬ ‫التي رمبا تلجأ إليها ملنع إيران من امليض قدماً يف تطلعاتها النووية بعد أن بات هذا الخيار مطروحاً لدى‬ ‫الكثري من مراكز األبحاث والدراسات االسرتاتجية األمريكية‪.‬وكان منطقياً والحال كهذه‪ ،‬أن يستند‬ ‫التضامن اإليراين – الرتيك ‪ -‬الربازييل وإىل جانبهم سوريا‪ ،‬اىل شعور مشرتك يف التوصل إىل‬ ‫موقف واحد تفرضه متغريات تقود اىل عملية “التوحد” واالندماج االسرتاتيجي التي أملته أحقية‬ ‫مواجهة األحادية األمريكية وانحيازها الوقح ملصلحة الكيان الغاصب‪ ،‬وتخيل العديد من الدول‬ ‫العربية ذات الثقل التاريخي يف املنطقة مثل مرص والسعودية عن لعب دورها القومي يف الوقوف‬ ‫إىل جانب فلسطني ونرصة أهلها املحارصين من كل صوب وجانب‪ ،‬من غريب غا ٍز وممثل طامع‪.‬‬ ‫إن هذا االستعراض الرسيع لثوابت محور املامنعة ومتدده العاملي ُيقصد منه التأكيد أيضاً عىل‬ ‫حقيقة التامهي بني تاريخني غري منفصلني‪ ،‬يتمثالن يف الذكرى السنوية لغياب كل من اإلمام‬ ‫الخميني‪ ،‬باين الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬والرئيس حافظ األسد باين مجد سوريا وعزتها‪ .‬إنه‬ ‫تاريخ واحد مازال وسيبقى يف موقع التمرد عىل اتفاقيات السالم كالتي عقدتها مرص “كامب‬ ‫ديفيد” واألردن “وادي عربة” مع “إرسائيل”‪ ،‬والتي شكلت البداية يف تصدع بنيان األمن القومي العريب‪.‬‬ ‫لذلك التقت كل من إيران وسوريا بطبيعة الحال عىل تكريس خيار املقاومة التي قلبها مع فلسطني‬ ‫املحتلة وسيوفها تلمع من فوق املسجد األقىص وكنيسة القيامة من أجل بناء رشق أوسط جديد‬ ‫كام دعا إليه الرئيس السوري بشار األسد والذي كانت أوىل مطالعه قد ظهرت يف حرب متوز ‪2006‬‬ ‫وليس آخرها أساطيل الحرية املتوجهة اىل غزة لفك الحصار عن أهل فلسطني كل فلسطني‪.‬‬

‫أمني اإلعالم هشام األعور‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب فلسطيني‬

‫ما هو مضمون المفاوضات المباشرة القادمة؟‬ ‫«إسرائيل» دولة فصل عنصري على كامل فلسطين التاريخية‬ ‫القضية الفلسطينية يف وضع متدهور سواء‬ ‫عىل الصعيد الفلسطيني أو العريب‪ ،‬واألسباب‬ ‫املبارشة لهذا الوضع باتت معروفة‪ ،‬ألن كل مبادرات‬ ‫ما سمي بـ “السالم” تجاوزاً‪ ،‬كانت مجرد وسيلة‬ ‫من جانب العدو لفرض وقائع جديدة عىل األرض‬ ‫تجعل إمكانية النهوض الفلسطيني والعريب شبه‬ ‫معدومة‪ ،‬ما جعل وجود حاجة ماسة ملراجعة هذا‬ ‫الوضع والخروج بربنامج عمل سيايس قابل للتطبيق‬ ‫أساسه امليثاق الوطني لعام ‪ 1969‬وخالصته‬ ‫فلسطني عربية‪ ،‬وأن املقاومة بكافة أشكالها هي‬ ‫وسيلة العمل‪.‬‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬هذا الكيان املصطنع هي صهيونية‪،‬‬ ‫ولو تخ ّلت عن صهيونيتها ملا أصبحت “إرسائيل”‪،‬‬ ‫وملا أصبح يف فلسطني جالية يهودية‪ ،‬لذلك ال‬ ‫فائدة من البحث يف الركام عن قائد “إرسائييل” ‪-‬‬ ‫ال قيمة فعلية له‪ -‬يؤمن بالحقوق الفلسطينية‪،‬‬ ‫و”إرسائيل” ال تزال متمسكة بخريطة الحدود التي‬ ‫ُقدّمت من قبل املنظمة الصهيونية ملؤمتر السالم‬ ‫يف فرساي عام ‪ 1919‬وكل األحداث التي وقعت منذ‬ ‫ذلك الحني اىل اليوم تؤكد ذلك‪.‬‬ ‫مل يعد استيالء “إرسائيل” الكامل عىل الضفة‬ ‫رساً حتى يف األوساط اإلرسائيلية والغربية‪ ،‬ولقد‬ ‫أوضح هذا األمر الربوفسور جون مريز هامير وستيفن‬ ‫والت يف تقرير “اللويب اإلرسائييل” ومحارضه يف‬ ‫مركز فلسطني يف واشنطن‪“ :‬الضفة الغربية‬ ‫مقبلة عىل التهويد الكامل مع بقاء بقع عربية‪،‬‬ ‫مام يجعل “إرسائيل” دولة فصل عنرصي عىل كامل‬ ‫فلسطني التاريخية‪ ،‬ويفتح الباب أمام تهجري‬ ‫جامعي للفلسطينيني”‪.‬‬ ‫ويستنتج الربوفسور مريز هامير‪“ ،‬أن “إرسائيل”‬ ‫ستقاوم انخفاض عدد اليهود أو نسبتهم‪ ،‬إما‬ ‫عن طريق تشجيع هجرة جديدة‪ ،‬وهذا صعب يف‬ ‫الوقت الحايل بسبب نضوب املصادر‪ ،‬أو عن طريق‬ ‫طرد الفلسطينيني املوجودين عىل أرض فلسطني‬ ‫التاريخية‪ ،‬مستخدمة كل الوسائل‪ ،‬حتى اىل حد‬ ‫استخدام “سياسات إجرامية” مثل التهجري العرقي‬ ‫أو أسوأ من ذلك‪ ،‬وقد تستخدم هذه السياسة دون‬ ‫تردد تحت غطاء حرب إقليمية أو محاربة اإلرهاب”‪.‬‬ ‫ويقول مخطط “إرسائيل” لعام ‪ ،2020‬إن غرض‬ ‫“إرسائيل” من السالم مع العرب‪ ،‬ليس خشية من‬ ‫قوتهم العسكرية‪ ،‬ورغبة يف تسويق منتجاتهم‬ ‫العالية التقنية يف األسواق العربية‪ ،‬وإمنا ألن‬ ‫“السالم” واملقصود به اعرتاف برشعية “إرسائيل”‪،‬‬ ‫وهذا يهدئ مخاوف الغرب عىل استثامراته يف‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬التي تحتاج اىل تدفق هذه األموال‪ ،‬وأي‬ ‫خطر يهدد “إرسائيل” مهام كان صغرياً‪ ،‬سيكون له‬ ‫تأثري سلبي عىل اقتصاد كل من”إرسائيل” والغرب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الداعم لها‪ ،‬ما يفرس سعي “إرسائيل” الدائم اىل‬ ‫عرض واجهة سالم مزيفة والدخول يف مفاوضات‬ ‫أبدية غرضها إعطاء الغرب وبعض العرب االنطباع‬ ‫بأن “السالم” قادم ال محالة‪ ،‬وأنه ال خوف عىل‬ ‫استثامرات الغرب‪ ،‬ال من ناحية فعلية‪ ،‬وال من ناحية‬ ‫قانونية دولية‪ ،‬أي عزلها دولياً‪ ،‬وتقديم قادتها ملحكمة‬ ‫جرائم الحرب‪.‬‬ ‫ومن هنا ميكن القول إن نتائج لقاء الرئيس باراك‬ ‫أوباما برئيس الوزراء اإلرسائييل ال رّ‬ ‫تبش بالخري‪،‬‬ ‫وهي معاكسة للتطلعات العربية والفلسطينية‪،‬‬ ‫فاملفاوضات غري املبارشة كانت فاشلة بامتياز‪،‬‬ ‫ومل تسجل التقدم املزعوم الذي ميهد لالنتقال اىل‬ ‫مفاوضات مبارشة‪ ،‬ورغم ذلك يواجه رئيس السلطة‬ ‫الفلسطينية ضغوطاً من واشنطن للموافقة عىل‬ ‫محادثات مبارشة‪ ،‬وانتقدت السلطة هذه الدعوات‪،‬‬ ‫وطالبت بإحراز تقدم يف ملفي الحدود واألمن قبل‬ ‫الحديث عن االنتقال اىل املفاوضات املبارشة‪ ،‬فوجهت‬ ‫رسالة اىل املبعوث األمرييك جورج ميتشل بعد‬ ‫زيارته الحادية والعرشين اىل املنطقة وأطلعته عىل‬ ‫حجم العقبات التي تضعها “إرسائيل” يف طريق‬ ‫املفاوضات املبارشة التي يخصص جولته اىل رشوط‬ ‫عب عن خيبة أمله من‬ ‫إطالقها‪ ،‬ويذكر أن ميتشل رّ‬ ‫سلوك نتنياهو يف كل ما يتعلق مبحادثات التقارب‬ ‫مع السلطة الفلسطينية‪ ،‬واإلحباط األمرييك ينبع‬ ‫من أن نتنياهو مل يعط حتى اآلن أجوبة واضحة يف‬ ‫موضوع حدود الدولة الفلسطينية وك ّرسا قس ًام‬ ‫كبرياً من املحادثات ملسائل مثل املياه والعالقات‬ ‫االقتصادية وتطوير ثقافية “السالم” يف الدولة‬ ‫الفلسطينية املستقبلية‪.‬‬

‫أوباما طلب من العرب دعم‬ ‫االنتقال اىل املفاوضات املبارشة‬ ‫وكشفت‬

‫مصادر‬

‫دبلوماسية‬

‫‪36‬‬

‫أن‬

‫الرئيس‬

‫األمرييك باراك أوباما طلب يف لقاءات عقدها‬ ‫أخرياً يف واشنطن من ملوك ورؤساء عرب كان‬ ‫آخرهم العاهل السعودي امللك عبد الله بن عبد‬ ‫العزيز‪ ،‬دعم انتقال املفاوضات غري املبارشة القامئة‬ ‫حالياً بني “إرسائيل” والسلطة الفلسطينية اىل‬ ‫مفاوضات مبارشة‪ ،‬وهذا الدعم يندرج يف إطار‬ ‫تأمني التغطية السياسية للسلطة الفلسطينية‬ ‫الرافضة االنتقال اىل املفاوضات املبارشة ما‬ ‫مل تحصل عىل ضامنات بوقف “إرسائيل” بناء‬ ‫املستوطنات‪ ،‬عل ًام أن لجنة املبادرة العربية للسالم‬ ‫ساهمت يف تغطية إجراء املفاوضات غري املبارشة‬ ‫ملدة أربعة أشهر تنتهي يف أيلول املقبل‪.‬‬ ‫والسؤال هل سيتم ترجيح مقاومة الضغط‬ ‫األمرييك من أجل تأمني التغطية السياسية‬ ‫لالنتقال من املفاوضات غري املبارشة اىل املفاوضات‬ ‫املبارشة‪ ،‬أو درس إمكان االنتقال اىل مجلس األمن‬ ‫الدويل بعد مهلة األشهر األربعة التي و ّفرتها‬ ‫املفاوضات غري املبارشة يف حال مل تسفر عن أي‬ ‫تقدم من جانب “إرسائيل”؟‪.‬‬ ‫ويكتسب موضوع االنتقال اىل املفاوضات‬ ‫املبارشة أهمية الفتة‪ ،‬ليس فقط من ناحية‬ ‫قيمتها بذاتها خصوصاً أنه سبق للطرفني أن‬ ‫أجريا مثل تلك املفاوضات ألعوام عدة‪ ،‬بل ألن‬ ‫االنتقال أصبح مرتبطاً باشرتاط حصول تقدم يف‬ ‫موضوع وقف االستيطان‪ ،‬وإذا مل يحصل مثل هذا‪،‬‬ ‫فإن وضع السلطة الفلسطينية سيكون صعباً‬ ‫للغاية وخاصة أن مثل هذا املطلب هو دون الحد‬ ‫األدىن املطلوب من جانب السلطة الفلسطينية‪،‬‬ ‫ويالحظ هنا كيف تراجع سقف املطالب وصوالً اىل‬ ‫تهميش القضية‪.‬‬ ‫والالفت أيضاً‪ ،‬أن الواليات املتحدة تراجعت عن‬ ‫موقفها األصيل املعلن بالضغط عىل “إرسائيل”‬ ‫لتحقيق تقدم يف عملية السالم وبدالً من ذلك‪،‬‬ ‫فهي تضغط عىل العرب ليضغطوا بدورهم‬ ‫عىل السلطة الفلسطينية للقبول باملفاوضات‬

‫املبارشة وفق تسلسل ُيبقي حكومة نتنياهو يف‬ ‫موقفها وموقعها من دون تقديم تنازالت تذكر وال‬ ‫تقلل املصادر الدبلوماسية الغربية بنوع خاص‬ ‫جدية التزام أوباما إليجاد حل للرصاع يف منطقة‬ ‫الرشق األوسط‪ ،‬لكن استحقاق االنتخابات‬ ‫النصفية للكونغرس األمرييك يف ترشين الثاين‬ ‫املقبل يفرض نفسه بقوة عىل جدول أعامل‬ ‫أوباما‪ ،‬وهناك من يفرتض بأن الدعوة ملفاوضات‬ ‫مبارشة أينام تأيت نتيجة الندفاع رئيس الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية نتنياهو وحكومته يف هذا االتجاه‪،‬‬ ‫وتبنّي أوباما وجهة النظر اإلرسائيلية‪ ،‬ويالحظ بأن‬ ‫جزءاً كبرياً من حفاوة االستقبال الذي خصصه‬ ‫أوباما لنتنياهو يف واشنطن أخرياً‪ ،‬كان مرتبطاً‬ ‫بذلك‪ ،‬وليس االلتزام األمرييك لصالح “إرسائيل”‬ ‫وأمنها فحسب‪.‬‬ ‫“إرسائيل” متاطل وتستفيد من عامل الوقت‬ ‫بهدف فرض وقائع جديدة‪ ،‬وبات واضحاً للعامل‬ ‫أجمع‪ ،‬أنها ال تريد سالماً تدفع مثنه غالياً حتى لو‬ ‫كان من كيس الفلسطينيني والعرب الذين تحتل‬ ‫أراضيهم‪ ،‬وليس يف نيتها االنسحاب منها كام ًال‬ ‫ألنها تطمع باملياه‪ ،‬وال تريد أن تقوم دولة فلسطينية‬ ‫اىل جانبها‪ ،‬لذا تعمل عىل قضم األرايض تدريجياً‬ ‫بإقامة مستوطنات عليها‪ ،‬إ ّال إذا كانت شبه دولة‬ ‫أو مجرد حكم ذايت للفلسطينيني‪ ،‬كام أنها ال تريد‬ ‫عودة الالجئني الفلسطينيني اىل ديارهم لئال تشكل‬ ‫خطراً يف املستقبل عىل الدميوغرافيا اليهودية‪.‬‬ ‫لذلك فإن “إرسائيل” تريد سالماً برشوطها وليس‬ ‫برشوط العرب والفلسطينيني‪ ،‬فهي تريد السالم‬ ‫الذي يحقق لها األمن و ُيبقي لها قس ًام من األرايض‬ ‫العربية التي تحتلها‪ ،‬وهذا ما يتناقض والقرارات‬ ‫الدولية التي تقول مبقايضة األرض بالسالم وليس‬ ‫مقايضة السالم بالسالم أو األمن باألمن‪.‬‬ ‫إن استمرار الوضع الراهن والدخول يف لعبة‬ ‫املفاوضات وتحت مسميات واهية‪ ،‬يضع القضية‬ ‫الفلسطينية يف املجهول‪ ،‬فيتضاءل األمل يف إقامة‬ ‫دولة فلسطينية‪ ،‬ألن “ارسائيل” تكون قد أكملت‬ ‫تنفيذ خطتها يف بناء املستوطنات ورسمت‬ ‫الحدود النهائية لدولتها‪ ،‬وبات مصري الشعب‬ ‫الفلسطيني يف الشتات كمصري شعوب أخرى‬ ‫تهجرت وفقدت أرضها ووطنها وأصبحت مجردة‬ ‫جالية يف العديد من الدول التي تقيم فيها‪.‬‬ ‫وإزاء هذه األوضاع القامئة‪ ،‬أطلق وزير الخارجية‬ ‫اإلرسائييل أفيغدور ليربمان ترصيحات متشددة‬ ‫يف كل ما يتعلق بـ “عدم جدوى” املفاوضات مع‬ ‫السلطة الفلسطينية‪ ،‬ويف محاولته إلقناع‬ ‫رئيس حكومة بنيامني نتنياهو بأن يجعل من‬ ‫الربنامج السيايس لحزبه “إرسائيل بيتنا” كربنامج‬ ‫للحكومة‪ ،‬وهو يدعو اىل تبادل السكان وأراض‬ ‫مع السلطة الفلسطينية‪ ،‬كام دعا اىل انفصال‬ ‫“إرسائيل” عن قطاع غزة وتسليم مهمة إدارة‬ ‫املعابر‪ ،‬ووصف مصدر يف الخارجية اإلرسائيلية‬ ‫املفاوضات غرب املبارشة مع السلطة الفلسطينية‬ ‫بالعبثية وإنها لن تقود اىل أي مكان‪ ،‬وقال إن عودة‬

‫“إرسائيل” اىل حدود العام ‪ 1967‬تعترب انتحاراً‪.‬‬ ‫إن إحدى أهم النتائج التي توصل إليها رئيس‬ ‫الحكومة اإلرسائيلية نتنياهو يف واشنطن خالل‬ ‫لقائه األخري بالرئيس أوباما‪ ،‬أن اإلدارة األمريكية‬ ‫أسقطت االرتباط الرشطي‪ ،‬الذي فرضته هي‪،‬‬ ‫بني مفاوضات التسوية املأمولة بني “إرسائيل”‬ ‫والسلطة الفلسطينية‪ ،‬وتجميد االستيطان الجزيئ‬ ‫يف الضفة الغربية‪ ،‬حسبام بات واضحاً‪ ،‬تضغط‬ ‫واشنطن عىل رئيس السلطة محمود عباس‬ ‫لالنتقال من “محادثات التقريب” التي مل تقرب‬ ‫شيئاً خالل الفرتة املاضية اىل املفاوضات املبارشة‪،‬‬ ‫حتى قبل انتهاء موعد تجميد االستيطان يف أيلول‬ ‫املقبل بعد أن تواضعت املطالب األمريكية اىل‬ ‫االكتفاء بتعهد رسي‪ ،‬بأن ال تقدم تل أبيب عىل‬ ‫اتخاذ خطوات استيطانية صاخبة يف القدس‬ ‫الرشقية وتحديداً يف املناطق اآلهلة بالسكان‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬وللتخفيف من حدة الرتاجع‬ ‫األمرييك‪ ،‬ويف محاولة لتكوين طابع تباديل‬ ‫للتنازالت األمريكية‪ ،‬استبدل تجميد االستيطان‬ ‫بخطوات “بناء الثقة” عىل شاكلة تقليص‬ ‫النشاط العسكري اإلرسائييل يف عدد من املدن‬ ‫الفلسطينية يف الضفة الغربية إضافة اىل إزالة‬ ‫عدد من الحواجز ونقل املسؤولية األمنية عن مناطق‬ ‫إضافية اىل أجهزة السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫لذا قد نشهد يف املستقبل القريب محاوالت‬ ‫أمريكية ضاغطة عىل دول عربية‪ ،‬لتشجيع‬ ‫السلطة الفلسطينية عىل الرضوخ مرة أخرى‬ ‫الجرتار عبثي كام حدث منذ أوسلو ‪ 1993‬وبالتايل‬ ‫يتم عملياً فقدان ما تبقى لفلسطني من عنارص‬ ‫القضية املركزية‪ ،‬خاصة وأن الرئيس األمرييك أوباما‬ ‫كان أ ّكد وبصوت عال‪“ ،‬أن “إرسائيل” لن تزول‪ ،‬ألنها‬ ‫ُوجدت لتبقى‪ ،‬وما يسمى بفلسطني التاريخية لن‬ ‫تعود‪ ،‬وعىل الجميع أن يعرتفوا بهذه الحقيقة‪ ،‬وأن‬ ‫يدركوا أن أمريكا ستظل حامية وضامنة لوجود‬ ‫“إرسائيل” وأمنها‪ ،‬ولن تعرتف برشعية أي طرف ال‬ ‫يعرتف برشعية الدولة اليهودية”‪.‬‬ ‫أخريأً‬ ‫وضعت‬ ‫الفلسطينية‬ ‫السلطة‬ ‫ورقة تفاوضية ُقسمت اىل خمسة عناوين‪:‬‬ ‫هي الحدود‪ ،‬والقدس‪ ،‬واملياه‪ ،‬واألمن‪ ،‬والالجئون‪،‬‬ ‫والورقة تتحدث عن دولة عىل ذات املساحة التي‬ ‫احتلت يف حزيران ‪ ،1967‬بينام كانت املطالب‬

‫‪37‬‬

‫العربية السابقة أن ال عودة اىل حدود ‪،1967‬‬ ‫والورقة تك ّرس “مبدأ تبادل األرايض” بحدود ‪1.6‬‬ ‫من مساحة الضفة الغربية‪ ،‬وهذا ميثل الكتل‬ ‫االستيطانية الكربى التي تنوي “ارسائيل” ضمها‬ ‫بعد االتفاق النهايئ‪.‬‬ ‫وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود‬ ‫عباس‪ ،‬أنه عىل استعداد لحل قضية القدس “بناء‬ ‫عىل مقرتحات الرئيس األمرييك األسبق بيل‬ ‫كلينتون”‪ ،‬وأشار اىل رشط قبول “إرسائيل” طرفاً‬ ‫ثالثاً لالنتقال اىل املفاوضات املبارشة “قوات دولية‬ ‫ستكون منترشة بني الدولتني”‪ ،‬ودولة منزوعة‬ ‫السالح وقوات دولية عىل الحدود واملعابر‪ ،‬وانتشار‬ ‫قوات دولية يف األغوار‪ ،‬والتطرق اىل وضع الالجئني‬ ‫لكن من دون حق العودة ويشري بالحرف “اىل الحق‬ ‫السيادي املطلق للدولة الفلسطينية يف أن‬ ‫تستقبل ما تشاء من الجئيها من أي جهة أتوا”‪،‬‬ ‫والحديث يجري عن عودة اىل حدود ‪ ،1967‬أما العودة‬ ‫اىل أرايض ‪ 1948‬فتتحدث الورقة عن “التوافق عىل‬ ‫عودة أعداد من الفلسطينيني” وهي عبارة خاضعة‬ ‫للمساومة والتأويل‪.‬‬ ‫إن يف ترسيب مثل هذه الورقة التفاوضية ما‬ ‫يشري اىل املخفي واملستور رغم أن الورقة تتحدث‬ ‫عن سقف “حده األقىص”‪.‬‬ ‫والسؤال يف ضوء هذا الوضوح‪ ،‬عىل ماذا سيتم‬ ‫التفاوض عندما تنطلق املفاوضات املبارشة‪ ،‬وهل‬ ‫بقي يشء للتفاوض عليه؟!‪...‬‬ ‫ما سبق يؤ ّكد أن استمرار التفاوض هو مجرد‬ ‫ملهاة ليس إ ّال‪ ،‬وعدونا ماكر وهو يدير حرباً عىل‬ ‫الفلسطينيني والعرب ويهدد حارضهم ومستقبل‬ ‫أجيالهم‪ ،‬بينام يأمل البعض يف أن مينّ عليهم‬ ‫الظامل ببعض الفتات من األرض التي هي أرضهم‪،‬‬ ‫وبالقدر الذي يكفي لحامية مصالحه وعىل حساب‬ ‫شعبنا الفلسطيني الذي قدّم التضحيات‪ ،‬ومل‬ ‫يبخل يوماً يف العطاء ورضب مثاالً رائعاً يف‬ ‫املقاومة والصمود‪ ،‬وهو عىل استعداد أن يعطي‬ ‫املزيد‪.‬‬ ‫إن خيار املقاومة هو األجدى الستعادة الحقوق‬ ‫الفلسطينية والعربية‪ ،‬هذا هو الدرس الذي‬ ‫تعلمناه من تجاربنا‪ ،‬وعىل األخص من تجربة لبنان‬ ‫املقاومة والوعد الصادق‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب عريب‬

‫األسد يرى من أميركا الالتينية خارطة جديدة للعالم‬ ‫جنوب ناهض سياسياً واقتصادياً يكسر الشمال المحتكر‬ ‫ضمن الرؤية الهادفة المتالك القدرة وتعزيزها‬ ‫واالنتقال خطوة إضافية اىل األمام‪ ،‬ويف ظل‬ ‫التمسك بالثوابت الوطنية والقومية‪ ،‬تحرك‬ ‫الرئيس بشار األسد جنوب القارة األمريكية هادفاً‬ ‫اىل تنشيط عالقات سوريا بدول أمريكا الالتينية‪،‬‬ ‫تلك العالقات التي تستند اىل أبعاد اجتامعية‬ ‫إنسانية وسياسية‪ ،‬ولكنها تنتظم ضمن إطار‬ ‫يصب يف مصلحة الدول العربية التي واجهت‬ ‫االستعامر ومازالت يف حالة رصاع يف مواجهة‬ ‫الكيان الصهيوين‪ ،‬وسوريا اليوم تتواصل مع‬ ‫التاريخ واملواقف املرشفة التي صاغها قادة كبار‪،‬‬ ‫وأسامء عظيمة محفورة يف الذاكرة العربية‬ ‫بشكل عام والسورية بشكل خاص‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫نفسه فإن لدول أمريكا الالتينية تاريخاً حاف ًال يف‬ ‫مجال العالقات املتميزة مع دول املنطقة‪.‬‬ ‫وسوريا التي تقوم بعملية بناء ذات جذور‬ ‫راسخة‪ ،‬ومرشوع تغيري كبري‪ ،‬ومعطيات واضحة‬ ‫تقول أن املستقبل لهذه الدول ودورة الحياة تتجدد‬ ‫بعزمية وإرادة وتخطيط محكم‪ ،‬وهذا من شأنه‬ ‫أن يح ّول تلك الدول اىل قلعة يف وجه القوى‬ ‫الكربى‪ ،‬وتحقيق قدر أكرب من العدالة لشعوبها‬ ‫املتطلعة اىل حياة أفضل بعيداً عن الهيمنة‬ ‫االستعامرية ورسقة ثروات البلدان‪.‬‬ ‫وضمن هذا السياق كانت جولة الرئيس بشار‬ ‫األسد اىل عدد من دول أمريكا الالتينية والتي‬ ‫مازال البعض منها يرتبط بعالقات و ّد مع العديد‬ ‫من الدول العربية‪ ،‬كام أنها مازالت تحتفظ‬ ‫بعالقات وطيدة مع سوريا‪ ،‬وأهمية الجولة ال‬ ‫تقترص عىل الرغبة السورية يف تنشيط عالقاتها‬ ‫مع هذه الدول التي كانت يف مرحلة من املراحل‬ ‫تشرتك معها يف العديد من الثوابت‪ ،‬وإمنا من‬ ‫الثقل الذي تتمتع به هذه الدول ضمن سياسة‬ ‫العامل الحديث‪ ،‬حيث بدأت تقف نداً للعديد من‬ ‫الدول الكربى‪ ،‬سواء يف املجاالت االقتصادية أو‬ ‫السياسية‪ ،‬ومن ثم املواقف املنارصة للقضايا‬ ‫العربية وخصوصاً القضية الفلسطينية‪ ،‬حيث‬ ‫بدأت هذه الدول وشعوبها تقرتب كثرياً من نبض‬ ‫الشارع العريب‪ ،‬وخصوصاً توجهاتها املناهضة‬ ‫للهيمنة األمريكية عىل شؤون العامل واالنحياز‬ ‫األمرييك اىل جانب الكيان الصهيوين عىل‬ ‫حساب ثوابت عديدة‪.‬‬ ‫الرئيس األسد رّ‬ ‫بش بخريطة جديدة للعامل‬ ‫وأشار اىل الثقل السيايس الذي بدأ يتحرك صوب‬ ‫الجنوب‪ ،‬ومل يعد حكراً عىل دول الشامل و”منها‬ ‫أوروبا والواليات املتحدة”‪ ،‬وتح ّدث عن ثقل كبري‬ ‫تجاوز حدود املناطق الجغرافية لهذه الدول التي‬ ‫زارها “من كوبا اىل الربازيل واألرجنتني وفنزويال‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تشافيز مستقب ًال الرئيس االسد‬

‫إضافة اىل إسبانيا”‪ ،‬ووصف يف ترصيحات‬ ‫صحافية خالل جولته املبادرة الربازيلية والرتكية‬ ‫بشأن امللف النووي اإليراين بأنها تستند عىل‬ ‫عرض مرشوع قدمته الدولتان اىل الدول الكربى‬ ‫“تبادل اليورانيوم اإليراين الخصب مقابل وقود‬ ‫نووي”‪ ،‬وهو املرشوع الذي حرص األسد عىل‬ ‫الرتويج له ورضب مثاالً للعالقات املتطورة بني‬ ‫بالده وإيران عىل أساس أنها النموذج للمواجهة‬ ‫مع الغرب‪ ،‬و ُيعترب هذا املرشوع أحد أهم عنارص‬ ‫التغيري التي رّ‬ ‫يبش بها ليس يف جولته الحالية‬ ‫فقط‪ ،‬وإمنا بشكل عام‪ ،‬وأوضح أن موقف سوريا‬ ‫يقوم عىل “تحويل الرشق األوسط اىل منطقة‬ ‫منزوعة السالح النووي”‪ ،‬وحذر من أنه لو بدأ‬ ‫سباق التسلح النووي يف هذه املنطقة‪“ ،‬فلن‬ ‫يكون باإلمكان التحكم به”‪ ،‬وأشار اىل خطورة‬ ‫مواصلة “إرسائيل” العمل كدولة نووية باملعنى‬ ‫العسكري‪ ،‬وأكد أن ذلك يعني إطالق السباق‬ ‫الذي سيبدأ يوماً ما”‪.‬‬ ‫وشكر الرئيس األسد األرجنتني ونظريته‬ ‫األرجنتينية كرستينا كريشرن عىل الدعم الذي‬ ‫تقدمه لسوريا يف جهودها الستعادة هضبة‬ ‫الجوالن‪ ،‬ويف كوبا بحث تطورات املوقف يف‬ ‫املنطقة والعامل‪ ،‬ويف مقدمتها “التوترات يف‬ ‫منطقة الرشق األوسط” حيث التقى نظريه‬ ‫الكويب راؤول كاسرتو‪ ،‬كام بحث معه سبل‬ ‫تعزيز العالقات مع الدول يف أمريكا الالتينية‬ ‫بشكل عام ويف كوبا بشكل خاص‪ ،‬وبعد أمريكا‬ ‫توجه األسد اىل مدريد واجتمع مع‬ ‫الالتينية‬ ‫ّ‬ ‫امللك اإلسباين خوان كارلوس وكان له مواقف‬ ‫الفتة‪ ،‬ورأى “أن فرص السالم ترتاجع عىل حساب‬ ‫مصلحة فرص الحرب”‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫أبعاد الجولة‬ ‫بدا واضحاً من خالل متابعة ترصيحات الرئيس‬ ‫األسد ومحادثاته ولقاءاته يف الدول األربع‪ ،‬أن‬ ‫الجولة رمت اىل تحقيق ثالثة أهداف‪ ،‬سيايس‪،‬‬ ‫اقتصادي‪ ،‬وآخر له عالقة بالجالية السورية يف‬ ‫القارة األمريكية‪.‬‬ ‫ففي البعد السيايس نرى أن قادة الدول أعلنوا‬ ‫يف مناسبات عدة تأييدهم املوقف العريب يف‬ ‫الرصاع العريب – اإلرسائييل‪ ،‬إضافة اىل تأييد‬ ‫كامل الستعادة سوريا مرتفعات الجوالن املحتلة‪،‬‬ ‫كام أظهرت هذه الدول استقاللية يف القرار‬ ‫السيايس عىل رغم كونها “الحديقة الخلفية”‬ ‫ألمريكا‪ ،‬وقدمت الكثري من األدلة عىل ذلك‪،‬‬ ‫خصوصاً يف السنوات األخرية‪ ،‬إذ بعدما كانت‬ ‫جز ًءا من رابطة الدول األمريكية التي تضم‬ ‫الواليات املتحدة وكندا‪ ،‬أسست رابطة “أوناسور”‬ ‫التي تضم فقط دول أمريكا الجنوبية‪ ،‬ثم أسست‬ ‫قبل فرتة رابطة “مريكيسور” لتضم األرجنتني‬ ‫والربازيل واألورغواي وفنزويال ودوالً أخرى بصفة‬ ‫مراقب‪ ،‬لتحرير التبادل التجاري فيام بينها مع‬ ‫تهميش للرابطة األمريكية األوسع‪.‬‬ ‫وتأيت زيارة األسد اىل هذه الدول للتعبري عن‬ ‫تقدير هذه املواقف واستقاللية قرارها والحفاظ‬ ‫عىل هذه الدينامية اإليجابية يف العالقات بني‬ ‫املنطقة العربية والقادة الالتينية ذلك أن القضايا‬ ‫العربية ال تنتظر التأجيل‪.‬‬ ‫وانطالقاً من القاعدة العسكرية اإليجابية‪،‬‬ ‫وترجمة السياسة اىل اقتصاد‪ ،‬فقد تم توقيع عدد‬ ‫من االتفاقيات االقتصادية بني سوريا وكل من‬ ‫هذه الدول األربع‪ ،‬واالتفاق عىل آليات للمتابعة‬

‫وتنفيذ االتفاقات وأن تقوم وفود اقتصادية وفنية‬ ‫بزيارة دمشق لوضع تصورات ومقرتحات لتطوير‬ ‫العالقات‪.‬‬ ‫وتم البحث يف انضامم سوريا اىل كتلة‬ ‫“مريكيسور” ذلك أن األرجنتني التي ترتأس الدورة‬ ‫الحالية اتفقت مع الربازيل عىل دعم توقيع‬ ‫سوريا اتفاقية للتبادل التجاري مع هذه الكتلة‪،‬‬ ‫وتستظل هذه الخطوة برؤية إسرتاتيجية أوسع‬ ‫رشحها الرئيس األسد‪ ،‬خصوصاً يف فنزويال‪،‬‬ ‫وينطلق ذلك من الرؤية التي قدمتها سوريا‬ ‫لنفسها يف الفرتة األخرية لتكون ممراً ورابطاً بني‬ ‫البحور الخمسة‪ :‬البحر األبيض املتوسط‪ ،‬وقزوين‪،‬‬ ‫واألسود واألحمر والخليج العريب‪ ،‬تكون نقطة‬ ‫التقاء لخطوط الغاز والنفط والطاقة والنقل‪،‬‬ ‫بحيث تكون سوريا بوابة القارة األمريكية اىل‬ ‫الرشق األوسط وفنزويال بوابة سوريا والعامل‬ ‫العريب اىل القارة األمريكية‪ ،‬وكان هناك حرص‬ ‫عىل أن تقوم القيادات السياسية واملغرتبون‬ ‫باختصار املسافات بني هاتني القارتني‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫تفعيل الخط الجوي بني دمشق وكراكاس وإقامة‬ ‫خط نقل بحري بني موانئ البلدين‪.‬‬ ‫والبعد الهام الذي يتعلق بوجود ماليني‬ ‫املغرتبني يف هذه الدول‪ ،‬إذ ساهم وجود هؤالء‬ ‫يف تخفيف الغربة السياسية للقضايا العربية‬ ‫يف فنزويال واألرجنتني والربازيل‪ ،‬كام ساهم يف‬ ‫اختصار املسافات والزمن‪.‬‬ ‫إن جولة الرئيس األسد يف دول أمريكا الالتينية‬ ‫كانت ناجحة للغاية وحققت اخرتاقاً اسرتاتيجياً‬ ‫يف قارة ناهضة تضم دول كربى مثل الربازيل التي‬ ‫تشكل االقتصاد الثامن يف العامل وستكون رق ًام‬ ‫سياسياً مه ًام يف السياسة الدولية يف العقد‬ ‫املقبل‪ ،‬لكن التحدي األساس هو يف الحفاظ عىل‬ ‫دينامية النجاح وتنفيذ االتفاقيات املتفق عليها‬ ‫والبحث عن نقاط املصالح املشرتكة‪.‬‬ ‫إن قدرة سوريا عىل الصمود جاءت من براعتها‬ ‫يف استثامر الرياح السياسية التي تح ّرك‬ ‫املنطقة‪ ،‬والسنوات العرش التي مضت من تويل‬ ‫الرئيس األسد دفة القيادة‪ ،‬أثبتت مكانة سوريا‬ ‫يف املنطقة ودورها الذي ال ميكن تجاوزه‪.‬‬ ‫لقد وصف الرئيس األسد جولته يف دول‬ ‫أمريكا الالتينية بأنها كانت مبثابة عملية “جس‬ ‫نبض” آلفاق العالقة مع القارة التي ترتبط مع‬ ‫منطقتنا بروابط برشية كبرية‪ ،‬وقال أن الجولة‬ ‫ستساهم يف وضع تصورات ملستقبل العالقة‬ ‫مع البلدان “الصاعدة”‪ .‬وشدّد عىل رغبة الجانيني‬ ‫يف تطوير هذه العالقة‪ ،‬وعىل مت ّيز هذه البلدان‬ ‫باستقاللية قرارها السيايس وموقفها الداعم‬ ‫للقضايا العربية‪.‬‬ ‫وأشاد بجهود الرئيس الربازييل لويس اينا‬ ‫سيولوال داسيلفا مع رئيس الوزراء الرتيك رجب‬ ‫طيب أردوغان للتوصل اىل االتفاق الثاليث مع إيران‬ ‫إزاء ملفها النووي‪ ،‬هذه الجهود التي نقلت الدور‬ ‫الربازييل اىل مستوى جديد عاملياً ونحن نتطلع‬

‫الرئيس االسد وراؤول كاسرتو‬

‫الرئيس األسد وداسيلفا‬

‫بأمل اىل هذا الدور مبا مي ّكنه من العمل عىل‬ ‫استقرار الرشق األوسط‪.‬‬

‫توقيتها مرتبط بتطور األوضاع‬ ‫يف املنطقة‬ ‫وقال الرئيس األسد إن “الخطر موجود دوماً يف‬ ‫غياب السالم‪ ،‬ووجود حكومة إرسائيلية تعمل‬ ‫ضد توجهات السالم يعني احتامالً أكرب لقيام‬ ‫حرب يف املنطقة‪،‬‬ ‫ومن إسبانيا التي أعقبت جولته عىل دول يف‬ ‫أمريكا الالتينية‪ ،‬بدا املوقف الذي أطلقه الرئيس‬ ‫األسد أقرب ما يكون اىل األمل األخري املتاليش يف‬ ‫“عملية السالم” وما حصل من تدهور العالقات‬ ‫الرتكية اإلرسائيلية منذ حرب غزة وتداعياتها‪،‬‬ ‫واالعتداء اإلرسائييل الدموي عىل أسطول‬ ‫الحرية‪ ،‬هذه القطيعة اآلخذة يف التباعد‪ ،‬عزلت‬ ‫الدور الرتيك املؤهل عن القيام بدور يف “عملية‬ ‫السالم”‪ .‬إن هامش املفاوضات بات ضيقاً رغم‬ ‫الحديث عن مفاوضات مبارشة وغري مبارشة‪،‬‬ ‫وبعد إسقاط املبادرة الرتكية ‪ -‬الربازيلية‪ ،‬مل يعد‬ ‫من مجال إال الستخدام القوة والحرب‪ ،‬ويف البحث‬ ‫عن ذريعة مدير االستخبارات املركزية األمريكية‬ ‫رجح حصول إيران عىل قنابل نووية سنة وسنة‬ ‫أخرى للتحميل واإلطالق‪.‬‬ ‫والسؤال هنا‪ ،‬ما الذي يعنيه استمرار‬ ‫“إرسائيل” يف التوسع االستيطاين الذي بلغ حد‬

‫‪39‬‬

‫ابتالع ما نسبته ‪ 42‬يف املائة من أرايض الضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬وأن ما يجري يف األرايض الفلسطينية‬ ‫هو بداية “الرتانسفري” الذي طال الحديث عنه‪،‬‬ ‫التطورات املتواصلة واألوضاع غري املحتملة ال‬ ‫ميكن أن تستمر دون انفجار‪ ،‬يضاف اىل ذلك‬ ‫التحريض املتواصل ضد “حزب الله” من قبل‬ ‫مواقع القرار الغريب وتأليب اليونيفل بحجة‬ ‫وجود أسلحة يف أماكن سكنية‪ ،‬وعىل وقع ما‬ ‫سيصدر عن املحكمة الدولية يف الهاي يف أيلول‬ ‫املقبل والذي بدت مؤرشاته اإلرسائيلية واضحة‬ ‫يف ترسيبات صحيفة “دير شبيغل” األملانية‪،‬‬ ‫وما الذي تعنيه العقوبات الجديدة عىل إيران‬ ‫والتفتيش عىل السفن القادمة إليها‪ ،‬األوضاع‬ ‫املرشحة لالحتكاك تجعل األجواء يف املنطقة‬ ‫محتقنة وقابلة لالنفجار يف أية لحظة وميكن‬ ‫أن تراها “إرسائيل” ومن يدعمها بأنها مواتية‬ ‫إلحداث فوىض‪ ،‬وحروب بني دول املنطقة نتيجة‬ ‫هذه التداعيات‪.‬‬ ‫وللحرب أشكالها أيضا‪ ،‬وماذا يعني انسداد‬ ‫األفق وانكشاف وهم التسويات يف املنطقة‪،‬‬ ‫وتطور األوضاع يف منطقتنا‪ ،‬لذلك جاء التحرك‬ ‫السوري وجولة الرئيس األسد يف دول أمريكا‬ ‫الالتينية ليضع النقاط عىل الحروف‪ ،‬ولينقل‬ ‫الوقائع اىل من يهمه األمر‪ ،‬وليثبت للعامل‬ ‫صحة الرؤية ووضوح الهدف ومن امتلك القدرة‬ ‫واإلرادة والعزمية سيصل حت ًام اىل تحقيق أهدافه‬ ‫وغاياته‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب عريب‬

‫أميركا تريد الشراكة االستراتيجية‬ ‫مع بالد الرافدين بعد انسحابها العسكري‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ ‬ ‫عالوي‬

‫ ‬ ‫املاليك‬

‫جالل الطالباين‬

‫ال يزال االحتالل البغيض جامثاً عىل أرض‬ ‫العراق الطاهرة‪ ،‬وقد تصدى له أبطال املقاومة‬ ‫وأجربوه عىل تغيري خططه واسرتاتيجيته التي‬ ‫اعتمدها يف احتالله للعراق أكرث من مرة‪ ،‬وعىل‬ ‫جدوله انسحابه برغم صلفه وجربوته‪ ،‬وهم‬ ‫الذين سينهون وجوده يف العراق عاج ًال أم أجال‪.‬‬ ‫االنتخابات العراقية النيابية جرت يف ظروف‬ ‫وأوضاع مأساوية قاسية‪ ،‬وع ّول عليها الكثريون‪،‬‬ ‫أمال يف تغيري هذه األوضاع والتقليل من رشها‬ ‫وقسوتها‪ ،‬ولكن مل يحدث يش من ذلك‪ ،‬وإمنا‬ ‫الذي حدث هو العكس‪ ،‬وهو تعقيد األمور وزيادة‬ ‫األوضاع سو ًءا‪.‬‬ ‫من الناحية النظرية‪ ،‬ستبدأ قوات االحتالل‬ ‫األمريكية واملتعددة الجنسيات‪ ،‬انسحابها من‬ ‫العراق اعتباراً من شهر آب الحايل كام هو مفرتض‪،‬‬ ‫والسؤال كيف سيتفاعل العراقيون مع واقعهم‬ ‫الجديد بعيد ذلك؟ وكيف سيكون العراق؟ وإذا‬ ‫نظرنا اىل لوحة االقتصاد والخدمات وتناقضاتها‬ ‫تلك‪ ،‬سرنى أنها انعكاس للوحة السياسية‬ ‫ومجرياتها‪ ،‬ففي أواسط آذار املايض كانت‬ ‫االنتخابات الربملانية قد جرت‪ ،‬وكان عىل املجلس‬ ‫النيايب أن ينعقد مبارشة‪ ،‬لكن املشهد العراقي‬ ‫احتاج حتى اىل ثالثة أشهر ليعقد جلسته‬

‫الربملانية األوىل‪ ،‬وضاعت معاين نتائج االنتخابات‬ ‫النيابية يف الخالف بني الكتل السياسية حول‬ ‫تفسري عبارة دستورية واحدة تقول ما ييل‪:‬‬ ‫“تتوىل تأليف الحكومة الكتلة األكرب”‪.‬‬ ‫أسئلة عديدة تنتظر األجوبة أمام حالة فريدة‬ ‫من نوعها تجمع بني االنقسام فعلياً والدميقراطية‬ ‫نظرياً‪ ،‬وإذا بدأت عملية انسحاب القوات األجنبية‬ ‫من العراق مع نهاية شهر آب‪ ،‬فهل سيستطيع‬ ‫العراقيون الحفاظ عىل الهدوء النسبي الذي‬ ‫تشهده البالد منذ ثالث سنوات؟ أم سيعودون‬ ‫للغرق يف بحر العنف األهيل؟‬ ‫مت ّثل األوضاع الحالية يف العراق تحدياً جوهرياً‬ ‫لقدرة العراقيني عىل عبور التحوالت السياسية‪،‬‬ ‫فاالنتخابات األخرية أثبتت عمق متظهر الهوية‬ ‫الطائفية للعراقيني عىل شكل هوية سياسية‪،‬‬ ‫وهذا بالطبع يخدم االسرتاتيجية الجديدة التي‬ ‫طرحها الرئيس األمرييك باراك أوباما مؤخراً‪ ،‬وهي‬ ‫تشمل يف مضمونها الوضع العاملي عموماً‪ ،‬ال‬ ‫تختلف يف أطروحاتها عن االسرتاتيجية السابقة‬ ‫إلدارة الرئيس السابق جورج بوش‪ ،‬ولكنها تبدو‬ ‫أنها ترتاجع يف بعض املجاالت خطوات محدودة‬ ‫لتتقدم خطوات جديدة يف امليادين األخرى‪،‬‬ ‫ويف خطابه يف ‪ 22‬أيار املايض يف األكادميية‬

‫عب أوباما عن موقفه من‬ ‫العسكرية األمريكية‪ ،‬رّ‬ ‫العراق قائ ًال‪“ :‬اإلدارة مصممة عىل االنسحاب‬ ‫ضمن خطوتني‪ ،‬انسحاب القوات املقاتلة يف‬ ‫نهاية آب‪ ،‬واالنسحاب الشامل يف نهاية ‪2011‬‬ ‫مع استمرار الدعم يف التدريب والجاهزية”‪.‬‬ ‫لكن النقطة املركزية التي مل تذكر طبعاً يف‬ ‫التقرير االسرتاتيجي وجانبه العراقي‪ ،‬هو القرار‬ ‫التنفيذي الذي اتخذه أوباما من البيت األبيض‬ ‫يف ‪ 10‬أيار املايض‪ ،‬وهو الذي يحدد العالقة‬ ‫االسرتاتيجية بني أمريكا “املؤسسة” والعراق‬ ‫القادم! والقرار يشري بالتفاصيل العامة اىل‬ ‫تشكيل مكتب جديد سمي “مكتب الرشاكة‬ ‫االسرتاتيجية” وهو يحل بدل “مكتب مساعدة‬ ‫العراق االنتقايل” ويستمر يف القيام باملهامت‬ ‫نفسها مع الزيادة يف الكثري من النشاطات‬ ‫الجديدة عىل ضوء املستجدات التي تحصل أو‬ ‫ستقع بعد تشكيل الحكومة املقبلة‪.‬‬ ‫أما الخطط التي وضعت بخصوص “املرحلة‬ ‫االنتقالية” الجديدة‪ ،‬فهي تتضمن النقاط‬ ‫الفكرية – السياسية التالية‪ :‬بقاء الوضع‬ ‫الطوائفي العرقي وهي الصيغة املهيمنة يف‬ ‫السيطرة السياسية عىل السلطة والرثوات‬ ‫العامة‪ ،‬وإجراء تغيريات طفيفة عىل تفاصيل‬

‫‪40‬‬

‫هذه العملية‪ ،‬وتجاوز تعقيدات التجربة السابقة‬ ‫وعرثاتها‪ ،‬خاصة االنتخابات يف عام ‪ ،2005‬والقيام‬ ‫باستنباط وسائل جديدة يف شكل السيطرة‬ ‫“الطوائفية العرقية” للحفاظ عىل العملية‬ ‫السياسية وقدرتها عىل إنجاز املخطط العام‪ ،‬وهذا‬ ‫ال يتوافر إ ّال بجملة من اإلجراءات الشكلية التي‬ ‫ال متس جوهر االسرتاتيجية العامة للطوائفية‪،‬‬ ‫وتقليم أظافرها املذهبية والعناية بتطورها‬ ‫الهادئ باتجاه التعاون مع أمريكا يف عراق جديد‪،‬‬ ‫واملعادلة األمريكية الجديدة ضمن امتيازات تليق‬ ‫مبكانتها وامتدادها العريب واإلسالمي‪.‬‬ ‫ويؤكد التقرير من خالل قراءة معمقة يف األمن‬ ‫القومي االسرتاتيجي‪ ،‬كام أشار تشارلز دوين‪،‬‬ ‫ايلني اليبسون عىل النقاط الجوهرية التالية‪ ،‬أن‬ ‫حكومة املاليك تدين بالوالء السيايس ألمريكا‬ ‫حتى وهي تحاول إدارة وموازنة املتطلبات والدوافع‬ ‫األخرى‪،‬‬ ‫والسياسية‬ ‫والثقافية‬ ‫اإليديولوجية‬ ‫وكذلك أهمية قدوم ائتالف علامين طائفي‪،‬‬ ‫واملقدرة عىل التعاون يف القضايا اإلقليمية‪ ،‬ومن‬ ‫ثم سيكون العراق الجديد العباً إقليمياً متميزاً‬ ‫ورشيكاً يف األهداف األمريكية يف املنطقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويتضمن التقرير تعريفاً جيدا لـ “الرشاكة‬ ‫االسرتاتيجية” بكونها أهم من التحالف‪ ،‬ويجزم‬ ‫التعريف بالنقاط التالية‪ :‬عىل القادة العراقيني‬ ‫التعاون بشكل وثيق مع واشنطن يف السياسات‬ ‫اإلقليمية وبهدف إدارة وتقليل التوتر يف منطقة‬ ‫الخليج‪ ،‬ودور قوي للعراق يف إدارة األزمات اإلقليمية‬ ‫والحفاظ عىل األمن للدول‪ ،‬ومن هذه الزاوية‪،‬‬ ‫فإن العراق الجديد “تحت مظلة النظام العريب‬ ‫الرسمي” سيعيد دوره التاريخي يف االندماج مع‬ ‫االسرتاتيجية الغربية العامة بإطارها األمرييك‬ ‫الكوين الجديد‪ ،‬واقتصاد داخيل تتحكم به آالف‬ ‫الرشكات العاملية وسن قوانني جديدة‪ ،‬مع اإلقرار‬ ‫الضمني لوجهة نظر كولن باول الشهرية حني‬ ‫قال‪“ :‬ليس يف العراق الجديد زعامات متميزة‬ ‫كاريزمية‪،‬فهناك طبيعة للزعامات الفردية‪ ،‬وإن‬ ‫أي تجاوز لها سيؤدي اىل الكوارث الشاملة”‪.‬‬ ‫العراق يدخل يف الشهر الخامس وهو بحكومة‬ ‫ترصيف أعامل‪ ،‬بينام ال يزال أقطاب االئتالف‬ ‫الواحد يتقاذفون التهم بشأن تأخري االتفاق‬ ‫عىل رئيس حكومة جديد‪ ،‬وهذا أحد مؤرشات‬ ‫األزمة‪ ،‬ويف هذا الشأن قال رئيس املجلس األعىل‬ ‫اإلسالمي العراقي عامر الحكيم إن “منطق الـ‬ ‫“أنا” الذي ينسب كل اإليجابيات اىل الرجل الواحد‬ ‫والحزب الواحد والكتلة الواحدة ويرمي بالسلبيات‬ ‫والتبعات عىل اآلخرين‪ ،‬ال ميكن أن يحقق الرشاكة‬ ‫الحقيقية بني أبناء الوطن الواحد”‪ ،‬ويرى الحكيم‬ ‫“أن القوة الحقيقية تكمن يف التحالفات الوطنية‬ ‫الواسعة التي تحقق التمثيل الواسع لجميع‬ ‫أطياف الشعب العراقي وعندما نتجاوز األنانيات‬ ‫وننصف اآلخرين وننفتح عىل من نتّفق معهم‬

‫جوزيف بايدن‪ :‬نائب الرئيس االمرييك‬ ‫يف الرأي وعىل من نختلف معهم‪ ،‬نكون قريبني‬ ‫من تحقيق الرشاكة الحقيقية”‪.‬‬

‫مناورات ومحاوالت‬ ‫البتزاز املواقف‬ ‫تم بني ائتاليف دولة القانون بزعامة‬ ‫اللقاء الذي ّ‬ ‫رئيس الوزراء نوري املاليك املنتهية واليته وبني‬ ‫زعيم القامئة العراقية إياد عالوي وصفته أوساط‬ ‫يف التحالف الوطني املشكل مؤخراً بـ”اللقاء‬ ‫الخجول” وقالت هذه املصادر‪“ ،‬إن املاليك يحاول‬ ‫من خالل طلبه لقاء عالوي ابتزاز االئتالف الوطني‬ ‫الذي يدخل معه يف تحالف يشهد خالفات كثرية‪،‬‬ ‫خصوصاً مع متسك املاليك برتشيحه ملنصب‬ ‫رئاسة الحكومة املقبلة”‪.‬‬ ‫وحول متسك املاليك مبنصب رئاسة الحكومة‪،‬‬ ‫وما إذا كان ذلك من ضمن املواضيع التي نوقشت‪،‬‬ ‫قال قيادي يف القامئة العراقية “إن القامئة‬ ‫ومنذ البداية أ ّكدت عىل خيارها االسرتاتيجي‬ ‫بتمسكها بتشكيل الحكومة عىل اعتبار أن‬ ‫العراقية تعد الكتلة الفائزة األوىل‪ ،‬ودستورياً‬ ‫يحق لها تشكيل الحكومة ورئاستها”‪.‬‬ ‫وعملية تشكيل اللجان التفاوضية مستمرة‬ ‫بني مختلف القوائم وهذه اللجان ستحدد شكل‬ ‫الحكومة‪ ،‬وقامئة عالوي “العراقية” تتوقع اتفاقاً‬ ‫قريباً مع املاليك حول تشكيل الحكومة وتوزيع‬ ‫الرئاسات الثالث‪ ،‬وهي رفضت عرضاً من ائتالف‬ ‫دولة القانون بإعطائها رئاستي الجمهورية والربملان‬ ‫مقابل احتفاظ املاليك برئاسة الحكومة‪.‬‬ ‫دخلت األزمة الحكومية العراقية منعطفاً‬ ‫حساساً مع انتهاء املهلة الدستورية املحددة يف‬

‫‪41‬‬

‫‪ 13‬متوز‪ ،‬وبالتزامن مع هذا التوقيت جاء نائب‬ ‫الرئيس األمرييك جوزيف بايدن وقدم عرضاً مغرياً‬ ‫للجميع يف العراق‪ ،‬وفيه “الرئاسة لجالل طالباين”‪،‬‬ ‫ورئاسة الحكومة لنوري املاليك‪ ،‬ورئاسة الربملان‬ ‫ألسامة النجيفي‪ ،‬مع تكليف عالوي رئاسة‬ ‫مجلس األمن الوطني بعد تعزيز صالحياته”‪.‬‬ ‫وترى املصادر العراقية القريبة من املاليك‬ ‫أن خطة بايدن الجديدة هي خطة موجهة ضد‬ ‫إيران‪ ،‬التي ضغطت بكل ثقلها لتأليف التحالف‬ ‫الوطني‪ ،‬وب ّررت صحيفة “ذي نايشون” األمريكية‬ ‫عرض بايدن للحل هو بهدف ضامن اإلمساك‬ ‫باملفاصل األمنية‪.‬‬ ‫وقال قيادي يف القامئة العراقية أن “نائب‬ ‫الرئيس األمرييك جورج بايدن ّ‬ ‫حث عىل االتفاق مع‬ ‫وعب عن شعوره برضورة أن تتفق كل من‬ ‫املاليك‪ ،‬رّ‬ ‫القامئة العراقية وائتالف دولة القانون‪ ،‬باعتبار أن‬ ‫االئتالفني يشكالن رغبة الشارع العراقي‪ ،‬وشدد‬ ‫عىل أهمية تشكيل حكومة رشاكة وطنية‬ ‫تضم الجميع”‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون يف الشأن العراقي أن زيارة بايدن‬ ‫التي جاءت يف شكل مناسبة مزدوجة‪ ،‬االحتفال‬ ‫مع القوات األمريكية بالعيد الوطني مع مواكبة‬ ‫والثانية‬ ‫لالنسحاب‪،‬‬ ‫العسكرية‬ ‫التحضريات‬ ‫التشاور مع الكتل الرئيسية للتقريب يف وجهات‬ ‫النظر‪ ،‬يف ما يشكل الربط بني موعد التشكيل‬ ‫وموعد االنسحاب‪ ،‬ورغم ذلك تبقى هذه الزيارة‬ ‫عاجزة عن فرض حلول واقعية عىل األرض يف‬ ‫ظل متسك كل طرف مبطالبه وابتزاز اآلخر بلعبة‬ ‫الوقت والرهان عىل تطورات داخلية وإقليمية‪.‬‬ ‫إ ّال أن بايدن استطاع نقل رسالة اىل الجميع‬ ‫مفادها‪ ،‬أن استمرار العالقات األمريكية مع العراق‬ ‫يعتمد عىل طبيعة تشكيل الحكومة املرتقبة‪،‬‬ ‫وابتعادها عن منوذج املحاصصة الطائفية‪ ،‬ومل‬ ‫ينس بايدن أن يذكر أنه يف حال فشل العراقيون‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بتسهيل موضوع تشكيل الحكومة‪ ،‬فإن لألمم‬ ‫املتحدة دوراً يف هذا البلد رمبا تتدخل إليجاد‬ ‫صيغة مقبولة للحل‪ ،‬وهو ما حذر منه كثري من‬ ‫السياسيني العراقيني “تدويل أزمة العراق”‪.‬‬ ‫والرئيس األمرييك باراك أوباما يتعجل لحث‬ ‫السياسيني العراقيني عىل فتح األبواب املوصدة‬ ‫أمام تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية شهر آب‪،‬‬ ‫املوعد الذي حددته اإلدارة األمريكية لالنسحاب‬ ‫العسكري من العراق‪.‬‬ ‫مهلة الشهر الدستورية للجلسة املفتوحة‬ ‫انتهت يوم ‪ 2010/7/13‬وتم تأجيلها ألسبوعني‬ ‫إلعطاء الحوارات هامش أوسع واستمرار املفاوضات‬ ‫للتوصل اىل تفاهم بني الكتل الربملانية واألحزاب‬ ‫وبذلك تم إرجاء انتخاب الرئاسات الثالث صفقة‬ ‫واحدة‪.‬‬

‫أدهم محمود‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب دويل‬

‫ً‬ ‫حامال «مغلفاً أسمراً»‬ ‫يسهر عند ملياردرية فرنسية ويخرج‬ ‫ساركوزي يرتشي والفساد يحيط به ونجمه في طريق األفول‬ ‫مسلسل الفضائح مستمر‪ .‬ال تكاد تهدأ‬ ‫فضيحة حتى تشتعل أختها‪ .‬الرئيس الفرنيس‪،‬‬ ‫نيكوال ساركوزي‪ ،‬يعيش أسوأ أيامه‪ .‬بعد اتهامات‬ ‫باملحاباة والفساد‪ ،‬واستقالة وزيرين‪ ،‬يواجه اتهامات‬ ‫بتلقي أموال من األثرياء عىل أبواب انتخابات‬ ‫رئاسية‪ .‬وها هي سهام الفضيحة التي أخذت‬ ‫تقرتب من الرئيس الفرنيس‪ ،‬نيكوال ساركوزي‪،‬‬ ‫الذي بدا أنه يف مواجهة أخطر أزمة سياسية منذ‬ ‫بداية واليته الرئاسية يف ‪ ،٢٠٠٧‬مع بروز اسمه‬ ‫يف فضيحة وزير العمل إيريك وورث‪ ،‬املعطوفة‬ ‫عىل فضيحة الرثية ليليان بيتانكور‪ ،‬صاحبة ثالث‬ ‫ثروة يف فرنسا‪ ،‬ووريثة مجموعة مستحرضات‬ ‫التجميل «لوريال»‪ ،‬واالتهامات باالستفادة من‬ ‫مبلغ ‪ ١٥٠‬ألف يورو تس ّلمه نقداً وورث لتمويل‬ ‫حملة ساركوزي الرئاسية‪ ،‬ومن املعروف ّأن القيمة‬ ‫القصوى املسموح بالتربع بها من األفراد ألي حزب‬ ‫هي ‪ ٧٥٠٠‬يورو‪ ،‬ولشخصية سياسية ال تتعدى الـ‬ ‫‪ ٤٦٠٠‬يورو‪ ،‬ما يجعل الرقم املعلن مخالفة قانونية‬ ‫فاضحة‪.‬‬ ‫مل تنفع استقالة وزيرين أو إقالتهام المتصاص‬ ‫الجدل الذي تثريه قضية «عائلة وورث – بيتانكور»‪.‬‬ ‫وبدأت أوساط اليمني والحزب الحاكم تدخل يف‬ ‫د ّوامة الشك يف قدرة الحكومة عىل التامسك‬ ‫يف مواجهة سلسلة الفضائح والقضايا املثرية‬ ‫للجدل التي تهزها‪.‬‬ ‫واكتفى ساركوزي باعتبار االتهامات التي‬ ‫توجه إىل وورث مجرد «افرتاء يهدف اىل تلطيخ‬ ‫ّ‬ ‫السمعة دون أيّ أساس»‪ .‬وحاول أن يظهر كأنه غري‬ ‫مستهدف البتة‪.‬‬

‫فضيحة تلو األخرى‬ ‫وكان ساركوزي الذي يواجه الفضيحة تلو‬ ‫األخرى ضحى بوزيرين من الصف الثاين‪ ،‬هام وزير‬ ‫الدولة للتعاون أالن جويانديه‪ ،‬ووزير الدولة لتنمية‬ ‫العاصمة كريستيان بالن‪ ،‬املتهامن بترصيف النفوذ‬ ‫يف استخدام املال العام‪ .‬واعترب رئيس املجموعة‬ ‫النيابية للحزب االشرتايك املعارض جان مارك‬ ‫ايرولت أن «مسالة بيتانكور» بدأت تخلق «أزمة‬ ‫سياسية عىل راس الحكومة»‪ ،‬مجدداً املطالبة‬ ‫بلجنة تحقيق من دون الذهاب بعيداً واملطالبة‬ ‫بتنحي إريك وورث‪ .‬وسأل «أين هي اليوم مصداقية‬ ‫الحكومة التي تبرش الفرنسيني بالتقشف‪ ،‬وتطلب‬ ‫منهم بذل مجهود وهي يف الوقت عينه ال تشكل‬ ‫لهم منوذجا يحتذى به؟»‪ .‬ونوى ساركوزي عىل ما‬ ‫أفادت صحيفة لوفيغارو القريبة جداً من السلطة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ساركوزي ‪ :‬ومن الفساد ما قتل‬

‫التعجيل يف موعد التعديل الحكومي املرتقب يف‬ ‫ترشين األول‪.‬‬ ‫ويف طبيعة الحال‪ ،‬من غري املنتظر أن ال يستعجل‬ ‫ساركوزي إجراء تغيري حكومي كان متوقعاً يف‬ ‫مطلع الخريف‪ ،‬إ ّال أن السؤال بات اليوم هل يكفي‬ ‫هذا المتصاص نقمة املواطنني عىل الحكم قبل‬ ‫عام وبضعة أشهر عىل االنتخابات الرئاسية؟ أم‬ ‫ّأن اليمني بدأ البحث عن مرشح جديد يبعد عنه‪،‬‬ ‫أو عىل األقل يخ ّفف شبح خسارة محتملة يف‬ ‫الظروف الحالية؟‬ ‫س ّلطت األزمة التي تعصف بالعهد الساركوزي‬ ‫األضواء عىل مواقع الخلل يف الهيكلية األساسية‬ ‫لرتكيبة حكومته‪ ،‬بحيث باتت االنتقادات‪ ،‬التي‬ ‫الرس بسبب‬ ‫توجه اىل برنار كوشنري يف‬ ‫كانت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أداؤه غري املتناسق والذي يسعى دامئاً وراء الرضبة‬ ‫اإلعالمية اللامعة؛ وضعفه وعدم مقاومته لـ «وضع‬ ‫يد اإلليزيه» عىل مقدرات الدبلوماسية الفرنسية‬ ‫الخارجية؛ أضف اىل الضعف والوهن اللذان أصابا‬ ‫الـ «يك دورسيه» نتيجة سياسته اإلدارية التي‬ ‫يقارنها البعض بـ «تسويق سلع ترفيهية بعيداً‬ ‫عن أهداف دبلوماسية سياسية متامسكة»‪،‬‬ ‫تخرج عالياً اىل العلن مع األزمة الحكومية‪ ،‬ورمبا‬ ‫يكون «املستقيل» الثالث؛ فمع إدارته‪ ،‬ابتعدت‬ ‫الدبلوماسية الفرنسية عن أهدافها ومسارها‬ ‫التاريخي‪ ،‬وال سيام تجاه العرب لتصبح أكرث انحيازاً‬ ‫لـ «إرسائيل»‪.‬‬ ‫وطالت الفضيحة التي اندلعت بشكل أسايس‬ ‫وزير العمل والتضامن ايريك ويرت الذي يتوىل أيضاً‬ ‫أمني الصندوق بالحزب الحاكم وهي حقيقة وصفها‬ ‫منتقدون بأنها متثل تضارباً واضحاً يف املصالح‪.‬‬ ‫ويتهم ويرت بأنه تلقى ‪ 150‬ألف يورو (‪180‬‬ ‫ألف دوالر) نقدا من ليليان بيتانكور أغنى امرأة‬ ‫يف فرنسا للمساعدة يف متويل حملة ساركوزي‬

‫‪42‬‬

‫االنتخابية عام ‪ .2007‬ونفى وزير العمل بشدة هذه‬ ‫االتهامات مثلام فعل ساركوزي الذي ورد اسمه‬ ‫يف بداية األمر يف إطار التحقيق يف القضية بأنه‬ ‫تلقى أمواالً من بيتانكور قبل أن ترتاجع شاهدة‬ ‫رئيسية عن هذه االدعاءات‪.‬‬ ‫شهدت فرنسا أشد حاالت التشاحن السيايس‬ ‫وذلك خالل جلسة عاصفة بالربملان ملناقشة‬ ‫فضيحة تورط الرئيس الفرنيس تلقي أمواالً من‬ ‫مليارديرة فرنسية‪ ،‬وتبادلت املعارضة والحزب الحاكم‬ ‫االتهامات يف الجلسة التي انتهت بانسحاب‬ ‫النواب االشرتاكيني من النقاش احتجاجاً عىل‬ ‫سياسة الرئيس الفرنيس‏‪ ،‬التي بدأت تلتقط‬ ‫أنفاسها األخرية خاصة وأن الفرنسيني ضاق بهم‬ ‫األمر وانخفضت معنوياتهم ومل يعد لديهم ثقة‬ ‫يف رجال الدولة نظراً لفقدان الشفافية وتفاقم‬ ‫قضايا الفساد داخل الحكومة ما من شأنها أن‬ ‫تتحول اىل أزمة سياسية خطرية‏‪.‬‏‬

‫صفقة الغواصات والعموالت‬ ‫وقد سبق هذه الفضيحة املالية فضيحة صفقة‬ ‫الغواصات الفرنسية مع الباكستان‪ ،‬بعد فتح‬ ‫ّ‬ ‫ملف صفقة الغ ّواصات الفرنسية مع باكستان‪،‬‬ ‫وعملية كراتيش (‪ )2001‬التي أسفرت عن مقتل‬ ‫‪ 14‬شخصاً بينهم ‪ 11‬فرنسياً‪ ،‬بحيث كان‬ ‫ّ‬ ‫امللف الرئيس ساركوزي بالذات‪،‬‬ ‫املقصود بفتح هذا‬ ‫وذلك قبل سنتني من موعد االنتخابات الرئاسية‬ ‫ّ‬ ‫امللف‬ ‫املقبلة‪ .‬واألرجح أن املستفيد من فتح هذا‬ ‫هو رئيس الحكومة السابق «دومينيك دو فيلبان»‪،‬‬ ‫الذي انتهت محاكمته بتربئته من تهمة املشاركة‬ ‫يف تزوير وثائق تطال الرئيس ساركوزي‪ ،‬قبل أن تق ّرر‬ ‫النيابة العامة استئناف الحكم‪ .‬والرتجيحات هي‬ ‫أن «دومينيك دو فيلبان»‪ ،‬الذي ُيحظى بدعم جاك‬ ‫ّ‬ ‫يرتشح للمنصب الرئايس ضد‬ ‫شرياك‪ ،‬سوف‬ ‫نيكوال ساركوزي بعد سنتني‪.‬‬ ‫ما عالقة نيكوال ساركوزي بعموالت ناجمة عن‬ ‫صفقات عسكرية مع باكستان‪ ،‬عل ًام أنه مل يكن‬ ‫وزيراً للدفاع يف منتصف التسعينات؟‬ ‫العالقة أكرث من وثيقة‪ .‬فحتى العام ‪ ،2000‬حينام‬ ‫سنّت فرنسا قانوناً ملنع «الفساد» (أي «الرشاوى»‬ ‫يف بلدان العامل الثالث خصوصاً)‪ ،‬كان «الفساد»‬ ‫نظاماً معموالً به ومقبوالً بصورة رسمية يف اإلدارة‬ ‫الفرنسية‪ .‬فكانت الرشكات الفرنسية‪ ،‬الحكومية‬ ‫أو الخاصة‪ ،‬التي ترغب يف دفع «رشاوى» ملسؤولني‬ ‫أو وسطاء أجانب تتقدّم بـ»طلب رسمي» إىل وزارة‬ ‫املال تعرض فيه ما ستدفع من «عموالت»‪ .‬وبعد‬

‫الحصول عىل موافقة الوزارة‪ ،‬أي حت ًام «الوزير» يف‬ ‫عمليات ضخمة تشمل مئات املاليني من الفرنكات‬ ‫الفرنسية‪ ،‬فإن الرشكات كانت تدفع «العموالت»‬ ‫وتقتطعها من أرباحها الخاضعة للرضائب‬ ‫يعني ذلك أن وزير املال يف حينه‪ ،‬نيكوال ساركوزي‪،‬‬ ‫الذي كان الناطق بلسان حملة باالدور االنتخابية‬ ‫وأبرز أعوانه‪ ،‬هو الذي وافق «رسمياً» عىل عموالت‬ ‫الصفقة الباكستانية‪ ،‬وهو الذي وافق‪ -‬وهنا بيت‬ ‫القصيد‪ -‬عىل عمولة إضافية «غري م ّربرة» بقيمة‬ ‫‪ 4‬باملئة من قيمة عقد الغواصات الباكستانية‪،‬‬ ‫وهذا إضافة إىل العمولة األساسية التي فاقت ‪6‬‬ ‫باملئة التي ميكن اعتبارها «م ّربرة» ألنها سمحت‬ ‫برشاء ِذ َمم مسؤولني كبار يف الدولة الباكستانية‪.‬‬ ‫منذ العام ‪ 2007‬و»الفضائح» الصغرية تالحق‬ ‫الرئيس الفرنيس‪ .‬ظهر اسمه للمرة األوىل يف‬ ‫تقرير للرشطة املالية (‪ )DNIF‬بتاريخ ‪2007/3/5‬‬ ‫يتعلق بقضية رشوة عندما كان وزيراً للموازنة‪.‬‬ ‫يومذاك أعطى موافقته عىل إنشاء رشكة مقرها‬ ‫لكسمبورغ متكن مديرية ورش بحرية من تحويل‬ ‫عموالت رساً اىل وسطاء أجانب‪ .‬ويظهر التقرير أن‬ ‫إنشاء رشكة هني (‪ )Heine‬يف النصف الثاين من‬ ‫العام ‪ 1994‬تم بعد موافقة نيكوال بازير مدير مكتب‬ ‫إدوار بالدور رئيس الحكومة الفرنيس األسبق والوزير‬ ‫نيكوال ساركوزي يف ذلك الوقت‪ ،‬وهناك رابط بني‬ ‫هذه املوافقة ومتويل حملة بالدور الرئاسية يف‬ ‫العام ‪ ،1995‬عل ًام أن نيكوال بازير كان شاهداً يف‬ ‫زواج ساركوزي من زوجته الحالية كارال بروين‪ ،‬أي أنه‬ ‫كان وال يزال صديقاً للرئيس‪.‬‬ ‫يف ‪ 27‬آذار (مارس) ‪ 2008‬نرشت صحيفة‬ ‫«لوموند» رسالة موقعة من ساركوزي عندما كان‬ ‫رئيس مجلس منطقة الـ ‪ Seine de -Hauts‬إحدى‬ ‫ضواحي باريس الغنية‪ ،‬تتعلق بقضية تحويل أموال‬ ‫عامة‪ ،‬معروفة بقضية هامون (‪ .)Hamon‬الرسالة‬ ‫تحمل تاريخ ‪ 13‬ترشين األول) ‪ ،2004‬وتتصل برهونات‬ ‫وإجراءات قضائية وإفادة غري رشعية‪ ،‬وتزوير‬ ‫واستعامل املزور‪ ،‬كام ورد يف القضية نفسها‬ ‫اسم رشيدة دايت التي اختارها ساركوزي وزيرة‬ ‫للعدل يف أول حكوماته‪ ،‬ألنها كانت نائبة له يف‬ ‫املجلس املذكور‪.‬‬ ‫يف ملف ثالث هو «ملف نادي األلعاب كوكورد»‬ ‫الذي يعود اىل العام ‪ ،2005‬ورد أن ساركوزي لعب دوراً‬ ‫يف قضية صاحب املرصف املعتقل يف مرسيليا‪،‬‬ ‫وأنه كان طرفاً مبارشاً أو غري مبارش يف العمليات‬ ‫التي نسبت اىل املرصف وصاحبه فرانسوا روج‪،‬‬ ‫كاإلجرام‪ ،‬وتبييض األموال‪ ،‬وتكوين جمعيات غري‬ ‫رشعية واللجوء اىل أساليب ملتوية للتخلص‬ ‫من منافسيه‪ .‬وقد طلب القايض توضيحات لدور‬ ‫ساركوزي يف افتتاح هذا النادي يف العام ‪ 2005‬يوم‬ ‫كان وزيراً للداخلية‪.‬‬ ‫هذه امللفات مل تؤ ِّد يف حينه اىل تلطيخ سمعة‬ ‫ساركوزي‪ ،‬لكن بروز اسمه مؤخراً يف فضيحة وزير‬ ‫العمل ايريك وورث املعطوفة عىل فضيحة ليليان‬ ‫بيتانكور وريثة «لوريال» صاحبة ثالث ثروة يف‬

‫فرنسا والرقم ‪ 17‬بني أغنى أغنياء العامل (‪ 20‬مليار‬ ‫دوالر)‪ ،‬واالتهامات املبارشة املوجهة إليه بأنه كان‬ ‫يستفيد من هدايا شخصية (مغلفات خاصة)‪،‬‬ ‫وأنه كلف وزير العمل (بصفته أمينا لصندوق حزب‬ ‫االتحاد من أجل حركة شعبية ‪ -‬أي حزب األكرثية‬ ‫الحاكم ‪ )UMP‬قبض هذه األموال‪ ...‬هذه الفضيحة‬ ‫لن متر هكذا من دون تداعيات‪ .‬وإذا أضفنا اىل هذه‬ ‫التهمة رواية محاسبة بيتانكور التي تؤكد أن‬ ‫ساركوزي كان دامئاً ضيفاً عىل مائدة آل بيتانكور‬ ‫األثرياء وأنه «كباقي السياسيني كان يخرج ويف‬ ‫يده مغلف أسمر»‪ ،‬فإن املسألة تزداد خطورة‪.‬‬ ‫حتى اآلن مل تنفع استقالة وزيرين‪ ،‬أو إقالتهام‪،‬‬ ‫هام آالن جوانديه وكريستيان بالن (بسبب البذخ‬ ‫الذي ميارسانه يف حياتهام الخاصة) يف تهدئة‬ ‫خواطر الفرنسيني املطالبني بالتقشف ألن الديون‬ ‫العامة تتعاظم حيث الدين العام الفرنيس أن يبلغ‬ ‫‪ 83.7‬يف املئة من إجاميل الناتج املحيل هذه السنة‬ ‫ويستم ّر يف االرتفاع ليصل إىل ‪ 87.5‬يف املئة سنة‬ ‫‪ .2012‬وهناك اجتهادات تقول أن فرانسوا فيون‬ ‫رئيس الحكومة قد يجد نفسه مضطراً لالستقالة‬ ‫يف الخريف‪ ،‬ما مل يلملم ساركوزي الوضع ويرشح‬ ‫للفرنسيني حقيقة ما جرى ويجري‪ ،‬يف كل امللفات‬ ‫املفتوحة حتى اآلن‪ .‬ويبدو أن صدقية حكومة فيون‬ ‫باتت موضع تشكيك ألنه يطالب الفرنسيني بـ‬ ‫«شد األحزمة» وبذل جهود إضافية لتجاوز آثار‬ ‫األزمة املالية‪ ،‬يف الوقت الذي ينفق وزراؤه مئات‬ ‫آالف «اليوروات» يف رحالتهم الرتفيهية‪.‬‬

‫هل بدأت الساركوزية يف‬ ‫االنحسار؟‬ ‫الظن الراجح أن الوهج الساركوزي خبا بعد‬ ‫أسابيع قليلة من وصول الرئيس الحايل اىل موقعه‬ ‫يف ربيع ‪ ،2007‬والكالم الذي يرتدد اليوم عن أن ليليان‬ ‫بيتانكور وريثة «لوريال» كانت تختيل بعد كل‬ ‫عشاء بالرجل الذي سيصبح رئيساً للجمهورية‬ ‫الفرنسية‪ ،‬ال يفاجئ أحداً من الفرنسيني‪.‬‬ ‫وساركوزي مل يكن يقصد منزل العجوز الرثية ألنه‬ ‫كان مولعاً مبا يحرضه طباخها‪ ،‬لكنه كان يذهب‪،‬‬ ‫كسواه من السياسيني‪ ،‬يك يسحب أسبوعياً‬ ‫حصته من «املساعدة»‪ ،‬التي كانت يف حدود ‪50‬‬ ‫الف يورو يف األسبوع‪.‬‬ ‫مل يطالب أحد ساركوزي باالستقالة حتى‬

‫‪43‬‬

‫اآلن‪ ،‬لكن حديث الصالونات واألروقة السياسية‬ ‫بدأ يطرح السؤال حول مستقبله السيايس‬ ‫ومستقبل اليمني الحاكم‪ .‬والوقائع التي تنرشها‬ ‫مواقع االنرتنت‪ ،‬بجرعات مدروسة‪ ،‬يوما بعد يوم‪،‬‬ ‫توحي بأن محاولة الرئيس الفرنيس استعادة‬ ‫املبادرة او حتى الدفاع عن نفسه‪ ،‬باتت عملية‬ ‫صعبة‪ .‬واالستياء الشعبي يكرب تحت وطأة األزمة‬ ‫املالية والديون املرتاكمة عىل الخزينة‪ ،‬وقد تؤدي‬ ‫فضائح أخرى اىل إحداث تصدعات حقيقية يف‬ ‫الجسم الحكومي‪ ،‬واىل تراجع إضايف يف شعبية‬ ‫الرئيس‪ ،‬وهي دون الـ‪ 28‬يف املئة يف الوقت الحارض‪.‬‬ ‫واإلشارات تتزايد عىل أن السفينة الساركوزية‬ ‫مرشحة للغرق قبل انتهاء الوالية يف العام ‪،2012‬‬ ‫عل ًام أنه مل يقرر بعد ما إذا كان سوف يرشح‬ ‫نفسه لوالية ثانية‪ ،‬وإذا ما أثبت التحقيق أن‬ ‫االتهامات التي تساق اىل الوزراء‪ ،‬أو بعضهم عىل‬ ‫األقل‪ ،‬يف مكانها‪ ،‬فإن األكرثية اليمينية سوف‬ ‫تعمل عىل التخلص من الرئيس ساركوزي‪ ،‬قبل أن‬ ‫تنتهي واليته‪ ،‬حرصاً عىل صدقيتها السياسية‪.‬‬ ‫وقارن البعض بني رئاسته وحكم سلفه الرئيس‬ ‫السابق جاك شرياك الذي مازال يتمتع بشعبية‬ ‫واسعة بني الفرنسيني رغم توجيه اتهامات له‬ ‫بالفساد حينام كان يشغل منصب عمدة باريس‬ ‫فشرياك يف نظر الفرنسيني هو اإلنسان‬ ‫املبتسم دامئاً الذي استطاع‬ ‫الخلوق املهذب‬ ‫‏تحصني منصب الرئاسة ضد الفضائح السياسية‬ ‫واألخالقية‪ ،‬بينام جاء ساركوزي عكسه متاماً بل‬ ‫ووصفته صحيفة “ليبرياسيون” يف مقال بعنوان‬ ‫“ساركوزي زعيم العامل” باملغرور واملتكرب لكرثة‬ ‫‏حديثه عن نفسه‪.‬‬ ‫ويف ضوء ما سبق‪ ،‬فإن فرص ساركوزي باتت‬ ‫ضعيفة للفوز بفرتة رئاسية ثانية‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫نقابات العامل التي كان يعتمد عليها يف السابق‬ ‫للتصدي لعدد من االضطرابات يف قطاع النقل‬ ‫تراجعت عن تأييده وهو أمر لن تفوته املعارضة‬ ‫االشرتاكية للفوز باالنتخابات الرئاسية املقبلة‪.‬‬ ‫ويف حال تحقق هذا األمر ‪ ،‬فإن “إرسائيل” ستكون‬ ‫أكرث املترضرين ليس فقط ألنها كانت تفتخر ليل‬ ‫نهار بأن ابنها املطيع ذي الجذور اليهودية هو سيد‬ ‫قرص اإلليزيه‪ ،‬وإمنا ألن ساركوزى أظهر أيضاً عداء‬ ‫واضحاً تجاه قضايا العرب واملسلمني وأنهى “الحقبة‬ ‫الذهبية” للتعاطف الفرنىس معهم منذ عهد‬ ‫شارل ديغول‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب دويل‬

‫واشنطن تطرد الحرية‬ ‫هيلين توماس وأوكتافيا نصر خارج الخدمة في اإلعالم األميركي‬ ‫بعد الحرب العاملية الثانية عاشت أمريكا تحت‬ ‫رحمة لجنة السيناتور جوزف مكاريث‪ ،‬وسميت‬ ‫تلك الفرتة باسمها «املكارثية»‪ ،‬وهي كانت‬ ‫تحاسب كل من يثبت أن لديه ميوالً يسارية أو‬ ‫يؤيد الشيوعية‪ ،‬وأشاعت تلك اللجنة حاالً من‬ ‫الخوف والشك بني الناس‪ ،‬وأصبح اإلنسان يخىش‬ ‫التعبري عن رأيه أمام أقرب الناس إليه‪ ،‬صارت‬ ‫أمريكا تعيش أجواء دكتاتورية الرأي بعيداً عن‬ ‫شعار الحرية ومتثالها املرفوع يف نيويورك‪ .‬اليوم‬ ‫يتكرر املشهد عىل نحو مفزع‪ ،‬ولكن مع تغري‬ ‫األسباب واملسمى‪ ،‬فأمريكا تعيش اليوم مرحلة‬ ‫ميكن تسميتها بـ «اإلرسائيلية»‪ ،‬وبات كل من‬ ‫يثبت أن لديه ميوالً لرفض ترصفات «إرسائيل»‪،‬‬ ‫أو إغضابها‪ ،‬يفقد وظيفته ورمبا يتم تدمريه‬ ‫معنوياً‪.‬‬ ‫األكيد أن اإلعالم األمرييك تخىل عن أسس‬ ‫ومبادئ الحرية التي قامت عليها أمريكا‪ ،‬أو هو‬ ‫يف طريقه اىل هذا‪ .‬اإلعالم األمرييك يعيش‬ ‫مكارثية مخيفة‪ ،‬أجهزت حتى اآلن عىل ضحيتني‬ ‫هام هيلني توماس‪ ،‬وأوكتافيا نرص‪ ،‬والبقية عىل‬ ‫الطريق‪.‬‬ ‫وتأيت قضية ‪‎‬الصحافية نرص لتفضح‬ ‫مجدداً هذا االعالم الذي أقال عميدة الصحافة‬ ‫االمريكية هيلني توماس ‏بسبب دعوتها اليهود‬ ‫اىل العودة من حيث أتوا‪ ،‬وترك فلسطني ألهلها‪،‬‬ ‫وهو اإلعالم نفسه الذي ‏دفع بكاتب املدونة يف‬ ‫صحيفة “واشنطن بوست” ديف ويغل اىل‬ ‫االستقالة بعد أن تجاوز الخطوط ‏التي فرضتها‬ ‫الصحيفة عىل ‏املرجع السيد محمد حسني‬ ‫فضل الله‪.‬‏‬ ‫مل يعد خافياً عىل أحد ذاك الدور الذي يلعبه‬ ‫اإلعالم األمرييك أو يوظف من أجله من قبل‬ ‫‏صنّاع القرار يف البيت األبيض والبنتاغون لتربير‬ ‫أي غزو عسكري يقوم به األمريكيون وإعطائه‬ ‫‏طابعاً و ُبعداً إنسانيا للتعمية عىل الهدف‬ ‫الحقيقي ألي احتالل او غزو‪ ،‬وبات معلوماً كيف‬ ‫‏وظفت واشنطن وسائل إعالمها ومنذ لحظة‬ ‫استهداف برجي التجارة العاملية‪ ،‬وبعد انهيار‬ ‫النظام ‏الشيوعي يف االتحاد السوفيايت سابقاً‪،‬‬ ‫تحولت طالبان االرهابية اىل هدف أمرييك – غريب‪،‬‬ ‫فتولت ‏واشنطن ومعها الغرب مهمة مكافحتها‬ ‫والقضاء عليها كذريعة الحتالل أفغانستان‪.‬‬ ‫‏واملشهد يف العراق ال يختلف كثرياً عن‬ ‫هذا السياق‪ ،‬فـ “الربوباغندا” األمريكية التي تم‬ ‫تسويقها عن ‏امتالك نظام صدام حسني ألسلحة‬ ‫الدمار الشامل ثبت زيفها‪ ،‬ومع مرور األعوام بات‬ ‫جلياً الهدف ‏األمرييك الكامن وراء احتالل بالد‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أوكتافيا نرص‬

‫الرافدين للسيطرة عىل ثرواته النفطية ونهب‬ ‫خرياته‪ ،‬‏والقضاء عىل حضارته التي تعود اىل‬ ‫آالف السنني‪ ،‬ونقل االف التامثيل واللوحات االثرية‬ ‫من ‏متاحف العراق اىل املتاحف االرسائيلية يف‬ ‫فلسطني املحتلة‪ ،‬ولعل ‏صور التعذيب التي تم‬ ‫ترسيب بعضاً منها حول عمليات التعذيب يف‬ ‫سجن “أبو غريب” التي يقرتفها الجنود األمريكيني‬ ‫بحق ‏األرسى العراقيني خري دليل عىل هذه‬ ‫الدميقراطية املزعومة‪.‬‏‬

‫‏ دعم عدوانية «إرسائيل»‬ ‫أما يف فلسطني املحتلة فأبعد ما يكون هذا‬ ‫اإلعالم األمرييك عن املوضوعية والشفافية‬ ‫فهو يسعى ‏اىل قلب الحقائق وتصوير الجالد بأنه‬ ‫ضحية‪ ،‬فتتحول الحجارة الفلسطينية بوجه‬ ‫من يحتل أرضه اىل أسلحة نووية ‏التي تنفرد‬ ‫“إرسائيل” بحيازتها يف منطقتنا‪ .‬وهو اإلعالم‬ ‫األمرييك نفسه الذي يظهر عرب قنواته ‏ووسائله‬ ‫املتعددة الجنود اإلرسائيليني يف موقع املدافعني‬ ‫عن أنفسهم أثناء ارتكابهم ألي مجزرة ‏يف إحدى‬ ‫املدن أو البلدات الفلسطينية املحتلة‪ ،‬وهو ما ظهر‬ ‫بوضوح أثناء العدوان ‏اإلرسائييل عىل غزة‪ ،‬حيث‬ ‫تعمد هذا اإلعالم إظهار صواريخ حركة حامس‬ ‫بأنها الخطر الذي يتهدد ‏حياة وأمن املستوطنات‬ ‫ومن فيها متجاه ًال كل الجرائم التي اقرتفها آلة‬ ‫التدمري اإلرسائيلية‪ ،‬واستخدام األسلحة املح ّرمة‬ ‫دولياً‪ ،‬وتجاهل اإلعالم األمرييك أن واشنطن عملت‬

‫‪44‬‬

‫عىل منع تنفيذ ‏قرارات الرشعية الدولية حيث‬ ‫وقفت ‪ -‬كام تفعل دامئاً‪ -‬اىل جانب “إرسائيل”‬ ‫منعاً إلدانتها ‏من خالل تقرير غولدستون الذي أثبت‬ ‫ارتكاب “إرسائيل” جرائم حرب وقتل ضد املدنيني‬ ‫العزل عام ‪ 2009 -2008‬أثناء العدوان عىل غزة‪.‬‬ ‫وال يتواىن اإلعالم األمرييك يف التعمية عىل‬ ‫االستيطان اإلرسائييل‪ ،‬وعىل الحصار الصهيوين‬ ‫‏الوحيش املفروض عىل قطاع غزة والذي يذهب‬ ‫ضحيته من األطفال والشيوخ واملرىض ألنهم‬ ‫يقتقدون ‏اىل أبسط مستلزمات البقاء عىل قيد‬ ‫الحياة من طعام ودواء‪ ،‬وهو نفسه اإلعالم األمرييك‬ ‫الذي ‏اكتفى باألسف بعد املجزرة التي ارتكبها الجنود‬ ‫الصهاينة بحق ناشطي اسطول الحرية ما أودى‬ ‫‏بحياة تسعة من الناشطني األتراك وعدد آخر من‬ ‫الجرحى وكل ذنبهم أنهم أرادوا إدخال ‏املساعدات‬ ‫من أدوية وأغذية اىل أهايل غزة املحارصين‪.‬‏‬ ‫بات واضحاً حجم ومدى التأثري اإلرسائييل يف‬ ‫اإلعالم األمرييك حيث يسعى عرب اللويب الصهيوين‬ ‫‏الذي ميسك بزمام السياسة األمريكية اىل الرتويج‬ ‫والتسويق لسياسة “إرسائيل” بشكل مبارش أو‬ ‫دلي ًال ‏واضحاً عىل السيطرة الصهيونية والتغلغل‬ ‫يف اإلعالم األمرييك‪ ،‬فقد ّتم إعفاء الصحافية‬ ‫توماس ‏من مهامها اإلعالمية بعد ترصيحها الذي‬ ‫يصب يف خانة املناهضة لـ “إرسائيل” حيث دانت‬ ‫مجزرة اسطول ‏الحرية ورصحت‪“ :‬إن حل الرصاع‬ ‫ىف الرشق األوسط سهل وبسيط‪ ،‬ويتمثل يف‬ ‫عودة اليهود إىل ‏ديارهم التى جاءوا منها ىف بولندا‬ ‫وأملانيا‪ ،‬وتذكروا أن هؤالء األشخاص محتلون”‪.‬‬ ‫إن السبب ‏املبارش إلعفاء توماس بدون أدىن‬ ‫شك سببه خضوع اإلعالم األمرييك لألهواء‬ ‫اإلرسائيلية‪.‬‏‬ ‫‏فهل بات مجرد تعبري الصحافية توماس عن‬ ‫وجهة نظرها بعد الجرمية الوحشية التي ارتكبها‬ ‫‏عنارص الكوماندوس اإلرسائييل ضد ناشطي‬ ‫العزل سبباً يك تفقد عملها‬ ‫اسطول الحرية‬ ‫ُ‬ ‫كواحدة ‏من بني الصحافيني الحائزين عىل مقعد‬ ‫دائم ىف الصف األول يف البيت األبيض داخل قاعة‬ ‫املؤمترات ‏الصحفية؟ وهل انتقاد توماس لالحتالل‬ ‫اإلرسائييل يعد جرمية يدفع كبار املسؤولني‬ ‫األمريكيني ‏الحاليني والسابقني اىل إدانة ترصيحات‬ ‫عميدة الصحافة األمريكية ومطالبتها بالرتاجع‬ ‫عن‏انتقادها لـ “إرسائيل”؟‏‬

‫‏ هيلني توماس تتحدى االنتقادات‬ ‫انترشت كلامت هيلني املنتقدة لـ “إرسائيل”‪،‬‬

‫«أنا حزينة لتبلغي نبأ وفاة آية الله محمد حسني فضل‬ ‫الله‪ ،‬أحد عاملقة رجال «حزب الله»‪ ،‬فأنا كنت أحرتمه‬ ‫جداً»‪.‬‬ ‫وهى اآلن كاتبة عمود ىف صحيفة “هريست”‪،‬‬ ‫ضمن مقاطع ‏فيديو عىل موقع “يوتيوب”‪ ،‬وشاهده‬ ‫ماليني األشخاص‪ ،‬مام أثار جدالً واسعاً خصوصاً‬ ‫بني أوساط ‏اليهود األمريكيني‪ ،‬ورغم االنتقادات‬ ‫الالذعة التى تعرضت لها لدفعها إىل اإلعراب عن‬ ‫أسفها ‏العميق عىل تعليقها املثري‪ ،‬إ ّال ان عميدة‬ ‫الصحفيني األمريكيني رسعان ما ردت بشدة عىل‬ ‫‏منتقديها وواجهت املسؤولني األمريكيني‪ ،‬فخالل‬ ‫مؤمتر صحفى بالبيت األبيض قالت ‏هيلني تعليقاً‬ ‫عىل تجنب املتحدث الرسمى باسم البيت األبيض‬ ‫روبرت غيبس إدانته الهجوم ‏اإلرسائييل عىل‬ ‫أسطول الحرية‪ ،‬واصفة موقف بالدها منذ البداية‬ ‫من املجزرة “كجرمية دولية ‏ومجزرة متعمدة”‪ ،‬بأنه‬ ‫“موقف يرىث له‪ ..‬ماذا تعني بقولك إنك تأسف‬ ‫ملا كان من الواجب ‏إدانته بشدة ورصامة أكرث؟‬ ‫وأى عالقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس‬ ‫وتحارص أى نجدة ‏لهم وتحارصهم‪..‬‏ األسف لن يعيد‬ ‫الحياة ملن قتلوا”‪.‬‏‬ ‫‏‬

‫انزعاج أمرييك رسمي‏‬ ‫أكد العديد من املسؤولني األمريكيني‬ ‫السابقني يف إداريت بوش الجمهورية‪ ،‬وكلينتون‬ ‫‏الدميقراطية انزعاجهم الشديد مام ذكرته هيلني‪،‬‬ ‫وطالب املتحدث الرسمى السابق باسم البيت‬ ‫‏األبيض آرى فليترش “برضورة فصلها من صحيفة‬ ‫هريست‪ ،‬حيث تعمل ككاتبة عمود‪ ،‬ويجب أن‬ ‫تنزع ‏عنها بطاقتها الصحفية املعتمدة ىف‬ ‫البيت األبيض”‪.‬‏‬ ‫وتزايدت املطالب الداعية إىل طرد هيلني من‬ ‫جمعية ‏مراسيل البيت األبيض املرموقة ىف‬ ‫واشنطن وهي الجمعية التى تحتضن كل مراسيل‬ ‫البيت األبيض‏الدامئني ‪.‬‏‬ ‫والصحافية هيلني من أصول لبنانية واكبت‬ ‫عرشة رؤساء منذ انتخاب الرئيس جون كنيدى‪،‬‬ ‫‏وعملت ملدة ستني عاماً مراسلة لوكالة أنباء‬ ‫يونايتد برس ىف البيت األبيض ‪.‬‏‬ ‫الفضيحة اإلعالمية التي أطاحت بعميدة‬

‫املراسلني يف البيت األبيض هيلني توماس التي‬ ‫مل يشفع لها تاريخها السيايس‪ ،‬وال خربتها‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬وال مواكبتها لعرشة رؤساء يف البيت‬ ‫األبيض من االنقالب عليها فجأة‪ ،‬والتسارع إىل‬ ‫اإلعالن عن التخيل عنها رغم وصفها بسيدة‬ ‫البيت األبيض األوىل بسبب تعليق أغضب‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬ليتكرر اليوم السيناريو مع الصحافية‬ ‫األمريكية اللبنانية األصل اوكتافيا نرص بعد‬ ‫عرشين عاماً من العمل يف شبكة (يس‪ .‬ان‪ .‬ان)‬ ‫اإلخبارية‪.‬‬ ‫مرة جديدة يكشف اإلعالم األمرييك عن‬ ‫صورته الحقيقية التي ميكن وصفها بالحد األدىن‪،‬‬ ‫أنها أبعد ما ‏تكون عن شعارات الدميقراطية‬ ‫والحرية الزائفة التي يتخذ منها اإلعالم ستاراً‬ ‫وهمياً إلخفاء ‏صورته الحقيقية‪ ،‬املنحازة ضد كل‬ ‫القضايا العادلة يف العامل‪ ،‬ويف مقدمها الرصاع‬ ‫الحاصل يف ‏فلسطني املحتلة مروراً بلبنان والعراق‪،‬‬ ‫والتي تشكل محور اهتامم أمرييك ‪ -‬إرسائييل‬ ‫عىل حد ‏سواء‪ .‬وجاء فصل مديرة مكتب ورئيسة‬ ‫قسم شؤون الرشق األوسط لقناة «يس ان ان»‬ ‫يف بريوت ‏الصحافية اوكتافيا نرص‪ ،‬بسبب نرشها‬ ‫تعليقاً عىل موقع «تويرت» عربت فيه عن حزنها‬ ‫عىل رحيل محمد حسني فضل الله‪ .‬وسارعت‬ ‫نرص اىل اإلعراب عن أسفها العميق عىل املوقع‬ ‫االلكرتوين للمحطة عن الرسالة التي كتبتها‪،‬‬ ‫وقالت أن األمر يتعلق بخطأ ألنها كتبت تعليقاً‬ ‫من هذا النوع وبهذه البساطة وأوضحت أنها‬ ‫كانت تقدر موقفه املتميز بني رجال الدين حول‬ ‫حقوق املرأة‪ ،‬وأن هذا ال يعني» أنها كانت تحرتمه‬ ‫لكل يشء قاله أو قام به»‪.‬‬ ‫ورغم االعتذار العلني قالت نائبة رئيس‬ ‫القسم الدويل يف الشبكة «باريسا خورسايف»‬ ‫أنها بحثت األمر مع نرص‪ ،‬وقررت أن عليها أن تغادر‬ ‫املحطة‪ ،‬وأشارت اىل أن تعليقها خلق ردود فعل‬ ‫كثرية وأن مصداقيتها كصحافية متخصصة‬ ‫يف شؤون الرشق األوسط قد اهتزت‪.‬‬ ‫وقبل إقالة نرص التي تعمل مع «يس ان ان»‬ ‫منذ عرشين سنة‪ ،‬تعرضت السفرية الربيطانية‬ ‫يف لبنان فرانسيس غاي للوم شديد‪ ،‬وأرغمت‬

‫‪45‬‬

‫عىل حذف الكلمة التي رثت بها فضل الله يف‬ ‫مدونتها الشخصية عىل اإلنرتنت‪.‬‬

‫محارصة الرأي الحر‬ ‫إنها سياسة إعالمية أمريكية جديدة تحارص‬ ‫الرأي الحر تنتهجها إحدى أهم الشبكات اإلخبارية‬ ‫يف العامل لتهتز بذلك مصداقيتها اإلعالمية من‬ ‫جهة وريادتها للكلمة الحرة من جهة ثانية‪.‬‬ ‫مل تقف اإلعالمية املتخصصة يف شؤون‬ ‫الرشق األوسط يف محطة التلفزيون األمريكية‬ ‫«يس أن أن» أوكتافيا نرص أمام الكامريا لتعرب‬ ‫برصاحة للعديد من املشاهدين‪ ،‬عن حزنها‬ ‫لرحيل السيد محـمد حسني فضل الله‪ .‬كل‬ ‫ما فعلته اإلعالمية األمريكية (الفلسطينية‬ ‫األصل واملولـودة يف لبنان من أم لبنانية)‪ ،‬أنها‬ ‫دونت رسالة جديدة يف هاتفها الخلوي‪ ،‬وكتبت‬ ‫جــملة من مئة وأربعني حرفاً تقول فيها‪« :‬أنا‬ ‫حزينة لتبلغي نبأ وفاة آية الله محمد حسني‬ ‫فضل الله‪ ،‬أحد عاملقة رجال «حزب الله»‪ ،‬فأنا‬ ‫كنت أحرتمه جداً»‪.‬‬ ‫هذه العبارة‪ ،‬التي كتبتها خالل إجازة تقضيها‬ ‫يف بريوت‪ ،‬نرشتها عىل صفحتها الخاصة عىل‬ ‫موقع «تويرت» اإللكرتوين للتواصل االجتامعي‪.‬‬ ‫مل تكن نرص داخل استديوهات ومطابخ التحرير‪،‬‬ ‫كانت خارج مهامها‪ ،‬تعرب عن رأي خاص وفردي‪،‬‬ ‫املفرتض أنه حق مكفول‪ .‬وهو الحق الذي اختزلته‬ ‫املحطة العاملية‪ ،‬بأقل من مثاين وأربعني ساعة‪،‬‬ ‫حيث أجربت نرص عىل االستقالة‪ ،‬سالبة إياها‬ ‫حق التعبري عن رأيها‪ ،‬كإنسانة‪ ،‬وإعالمية عربية‬ ‫عارصت املرجع الراحل‪.‬‬ ‫منذ اللحظة التي نرش فيها التعليق‪ ،‬انفجر‬ ‫الحقد اإلرسائييل‪ ،‬واندفعت صحف إرسائيلية‬ ‫ومؤسسات مثل «مركز ساميون وايزنثال» (أضخم‬ ‫منظمة يهودية لحقوق اإلنسان)‪ ،‬للمطالبة‬ ‫مبعاقبة نرص «الحرتامها ملن يعترب الراعي الدويل‬ ‫لإلرهاب»‪ .‬ورسعان ما توالت ردود الفعل األمريكية‬ ‫والتقارير التلفزيونية املناهضة لنرص‪ُ ،‬مدينة إياها‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب دويل‬ ‫«لدفاعها عن اإلمام اإلرهايب»‪ ،‬و»الشخصية التي‬ ‫أدرجتها الواليات املتحدة عىل الئحة اإلرهابيني‬ ‫الدوليني»‪.‬‬ ‫ومل يقترص موقف القناة عىل إقالة موظفتها‪،‬‬ ‫بل كـانت طلبت منها االعتذار‪ ،‬ما دفعها اىل‬ ‫االعتذار عرب مدونتها يف املوقع‪ ،‬وهو ال يتضمن‬ ‫بالرضورة تراجعاً عن رأيها بالراحل خصوصاً يف‬ ‫قضية املرأة‪ .‬وقد تضمن اآليت‪« :‬نرش التعليق كان‬ ‫خطأ من قبيل‪ ،‬لكني كنت أقدر موقـف فضل‬ ‫الله املتميز بني رجــال الدين الشيعة حول حقوق‬ ‫املرأة»‪ .‬وعادت لتوضح «ال يعني أين كنت أؤيد كل‬ ‫مقوالته»‪.‬‬ ‫وبالرغم من هذا االستدراك‪ ،‬مل تشــف «يس‬ ‫أن أن» غليلها‪ ،‬إذ أعلنت عىل موقـعها اإللكرتوين‬ ‫أن «رأي نصــر آثار موجـة عارمة من االنتـقادات‪،‬‬ ‫وكان سوء تقدير منها أن تنرش هذا التعليق بهذه‬ ‫البساطة»‪ .‬واعتذرت القناة عن «أي إهانة سببها‬ ‫هذا التعليق‪ ،‬الذي ال يتالقى مع معايريها يف‬ ‫التحرير‪ .‬وهي مسألة جدية وسيتم البت فيها»‪.‬‬ ‫ومل ينته األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل أعلنت نائبة‬ ‫رئيس «يس أن أن انرتناشونال» باريسا خورسايف‪،‬‬ ‫أننا «بحثنا املسألة مع نرص وقررنا أن تغادر املحطة‪،‬‬

‫هيلني توماس‬

‫متخصصة‬

‫معتربة «أن مصداقيتها كصحافية‬ ‫ىف شؤون الرشق األوسط قد تأثرت»‪.‬‬ ‫هكذا بات اسم أوكتافيا نرص متداوالً عرب‬ ‫عرشات اآلالف من املقاالت والتعليقات عىل‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬التي عرب كثري منها عن انحياز فاضح‬

‫ومعيب للقناة األمريكية‪ .‬وهو انحياز كانت‬ ‫طاولت مفاعليه عميدة املراسلني يف البيت‬ ‫األبيض هيلني توماس التي أحيلت منذ شهر‬ ‫إىل التقاعد بعدما قالت لحاخام يهودي‪« :‬قل‬ ‫لهم (لإلرسائيليني) أن يغادروا فلسطني‪ ،‬وتذكر‬ ‫أن هذا الشعب (الفلسطيني) خاضع لالحتالل‪،‬‬ ‫وهي أرضه‪ ،‬يجب أن يعودوا إىل ديارهم إىل بولندا‪،‬‬ ‫أملانيا والواليات املتحدة»‪.‬‬ ‫كتوماس متاماً‪ ،‬دفعت نرص الثمن‪ ،‬ألن «الحريات»‬ ‫األمريكية مل تتسع لتعليق حول شخصية‬ ‫مشهود لها باعتدالها‪ .‬ومل تستطع احرتام حق‬ ‫التعبري‪ ،‬وهو الحق الذي استخدمته السفرية‬ ‫الربيطانية يف بريوت فرانسيس غاي عرب نرشها‬ ‫عالنية مقالة رصينة عىل مدونتها‪ ،‬مودعة فيها‬ ‫السيد فضل الله‪ .‬وعربت فيها عن إعجابها‬ ‫باملرجع الراحل‪ ،‬فكتبت «عند زيارته ميكنك أن‬ ‫تكون متأكداً من حصول نقاش حقيقي مع جدال‬ ‫محرتم وكنت تعلم أنك سوف ترتكه مع شعور‬ ‫بأنك أصبحت شخصاً أفضل‪ .‬هذا بالنسبة يل‬ ‫هو األثر الفعيل لرجل الدين الحقيقي الذي يرتك‬ ‫أثراً عىل جميع من يلتقيهم بغض النظر عن‬ ‫دينهم»‪.‬‬

‫نماذج عن الديمقراطية في الغرب‬ ‫التذرع بحجة حرية التعبري لتربير املوقف الذي يدل عىل ازدواجية املعايري الغربية والكيل مبكيالني يف هذا الشأن‪ .‬وهو نهج دأب عليه الغرب وأصبح‬ ‫ديدنه‪ ،‬وندلل عىل ذلك بالسوابق التالية‪:‬‬ ‫‪ – 1‬يف أواخر عقد الثامنينيات من القرن املايض أصدرت إحدى الجامعات الفرنسية قرارا ال سابقة له‪ ،‬يقيض بسحب درجة الدكتوراة من أحد‬ ‫الباحثني‪ ،‬الذي شكك يف رسالته للدكتوراة يف أعداد ضحايا املحرقة النازية من اليهود يف أوروبا أثناء الحرب العاملية الثانية‪ .‬وبالرغم من أن موضوع‬ ‫الرسالة كان من املوضوعات العلمية يف مجال التاريخ‪ ،‬وبالرغم من أن الباحث حصل عىل الدكتوراة بعد إجازة رسالته طبقا لألصول العلمية‬ ‫املرعية‪ ،‬إال أن الضغط الصهيوين الشديد استطاع أن يرغم الجامعة عىل أن تهدر مبدأ حرية التعبري عن الرأي وتجرد الباحث من الدرجة العلمية التي‬ ‫استحقها عن جدارة‪ .‬كام أحيل املفكر الفرنيس املسلم روجيه جارودي إىل إحدى املحاكم الفرنسية بتهمة معاداة السامية‪ ،‬ألنه أ ّلف كتابا تناول‬ ‫فيه بالنقد العلمي معظم االدعاءات واملزاعم اليهودية التي استندت إليها الحركة الصهيونية يف إقامة دولة “إرسائيل”‪ ،‬ومنها االدعاء أن عدد ضحايا‬ ‫اليهود يف محارق النازية بلغ ستة ماليني‪ ،‬وأثبت أن هذا الرقم مبالغ فيه‪ ،‬وأنه استخدم البتزاز التعويضات واملساعدات من الدول األوروبية‪ ،‬وقد أصدرت‬ ‫املحكمة الفرنسية حكام يقيض مبعاقبة املفكر جارودي بجزاءات مالية وجزاءات سالبة للحرية “الحبس”‪ .‬وأصبح هذا الحكم سيفاً مسلطاً عىل رقبة‬ ‫كل من يحاول أن يوجه نقداً للحركة الصهيونية والسياسة اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫‪ – 2‬يف سنة ‪ ،2003‬اضطرت اإلمارات العربية املتحدة إىل إغالق مركز زايد الثقايف بسبب الضغوط األمريكية الشديدة واتهامها املركز بأنه يروج‬ ‫للفكر املعادي للواليات املتحدة األمريكية واملعادي أيضا للسامية‪ .‬وكان أكرث ما أخذ عىل املركز أنه استضاف الكاتب الفرنيس تريي ميسون‪ ،‬الذي‬ ‫شكك يف أحد كتبه يف أحداث ‪ 11‬أيلول ‪ 2001‬واعتربها أكذوبة‪ .‬وهكذا خرس العامل العريب أحد املراكز البحثية املرموقة بسبب عدم استطاعة‬ ‫الغرب تحمل الرأي املخالف‪ .‬علام أنه يوجد يف الواليات املتحدة العديد من مراكز األبحاث املتخصصة يف نرش (الدراسات) التي ال تتسم باملوضوعية‬ ‫وتنطوي عىل اإلساءة إىل العرب واملسلمني وبث الكراهية ضدهم‪.‬‬ ‫‪ – 3‬أقامت وسائل اإلعالم الربيطانية والغربية الدنيا ومل نقعدها حني نرش الدكتور غازي القصيبي‪ ،‬عندما كان سفرياً للسعودية يف بريطانيا‪،‬‬ ‫قصيدته التي أشاد فيها بالفدائية الفلسطينية الشهيدة وفاء إدريس‪ ،‬واعتربتها وسائل اإلعالم الغربية قصيدة تحرض عىل األعامل االنتحارية ضد‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬وتجاهل اإلعالم الغريب أن هذه القصيدة كانت ردة فعل مواطن عريب لواقع احتالل “إرسائيل” األرايض العربية ومامرستها أبشع أنواع القمع‬ ‫واإلرهاب وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫‪ – 4‬يف سنة ‪ 2004‬رصح أالن مينارغ مدير األخبار يف إذاعة فرنسا الدولية‪ ،‬بأن “إرسائيل” دولة عنرصية‪ ،‬فشنت املنظامت الصهيونية ضده حملة‬ ‫شعواء أدت إىل استقالته من منصبه ومل يسعفه مبدأ حرية الرأي والتعبري يف مواجهة تلك الحملة‪.‬‬ ‫‪ – 5‬يف ‪ 2005/11/18‬اعتقلت السلطات النمساوية املؤرخ الربيطاين الشهري ديفيد إيرفينج بتهمة معاداة السامية‪ ،‬ألنه نفى وجود أفران الغاز‬ ‫واملحرقة النازية لليهود‪ ،‬ومل ينقذه مبدأ حرية الرأي والتعبري من االعتقال‪.‬‬ ‫هذا غيض من فيض ملعايري الغرب املزدوجة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪46‬‬

‫صحافيون وأميركيون تعرضوا لإلرهاب الفكري‬ ‫وإن كانت هيلني توماس هي الضحية اليوم‬ ‫‪ ،‬فإن غريها كانوا بدورهم ضحايا ازدواجية‬ ‫املعايري ‪ ،‬فقد تم مؤخراً مهاجمة الفيلم‬ ‫األمريـيك»‬ ‫«املتطـرف‬ ‫األمرييك‬ ‫الوثائقي‬ ‫‪ Radical American‬عن الربوفيسور األمرييك‬ ‫اليهودي نورمان فينكليستاين املؤيد للقضايا‬ ‫العربية‪ ،‬والذي انتقد “إرسائيل” علناً يف املحافل‬ ‫الدولية مته ًام إياها بالعنرصية‪ ،‬وباستغالل‬ ‫ما يسمى باملحرقة لتربير عدوانها عىل العرب‪،‬‬ ‫ألنه مسموح لـ “إرسائيل” انتقاد العامل‪ ،‬وتحدي‬ ‫قراراتها الدولية‪ ،‬يف حني مينع اآلخرون من‬ ‫التعرض لها ولو من خالل ترصيحات صحفية‬ ‫أو أفالم وثائقية‪.‬‬ ‫ويف نهاية املطاف‪ ،‬فاملسألة ليست ما إذا كانت‬ ‫أوكتافيا نرص هددت األمن الوطني األمرييك‪..‬‬ ‫كام فعل الجرنال ستانيل ماكريستال بانتقاده‬ ‫اسرتاتيجية الحرب األمريكية بأفغانستان‪ ،‬بقدر‬ ‫ما هي وجود جهة داخل الواليات املتحدة مرصة‬ ‫عىل أخذ الرأي العام األمرييك رهينة‪ ،‬بينام هي‬ ‫تتآمر عىل العرب يف كل مكان‪ ،‬وتبيع وتشرتي‬ ‫يف مصائرهم وكياناتهم الهشة يف “سوق‬ ‫نخاسة” مظلم‪ .‬وبعدما صور هذا “اللويب” فتاة‬ ‫جميلة يف مقتبل العمر اسمها رميا فقيه عىل‬ ‫أنها حالة اخرتاق لـ “حزب الله” مبجرد فوزها‬ ‫بلقب ملكة جامل الواليات املتحدة‪ ،‬صارت‬ ‫هيلني توماس (‪ 89‬سنة) عميدة مراسيل البيت‬ ‫األبيض ‪ -‬وهي أيضا مسيحية لبنانية األصل ‪-‬‬ ‫تجسيداً للعنرصية والعداء للسامية إلطالقها‬ ‫موقفاً لفظياً حوارياً هاجمت فيه االستيطان‬ ‫اإلرسائييل‪.‬‬ ‫وبالعكس متاماً‪ ،‬فإن أحداً يف واشنطن من‬ ‫قمة هرم السلطة إىل أصغر صحايف‪ ..‬ال يجرؤ‬ ‫عىل مواجهة بنيامني نتنياهو بأن مستوطناته‬ ‫املتوسعة واملتمددة أبداً تهجر وترشد األلوف‬ ‫سنوياً‪ ،‬وتشكل أقوى دعم تجنيدي وعقائدي لكل‬ ‫الحركات األصولية املتشددة املناوئة للواليات‬ ‫املتحدة يف العامل اإلسالمي‪.‬‬ ‫أوكتافيا نرص‪ ،‬هيلني توماس‪ ،‬قنوات العامل‬ ‫اإليرانية واألقىص واملنار‪ ،‬ليست كلامت‬ ‫متقاطعة وإمنا هي أصوات تصادمت مع التطرف‬ ‫األمرييك الراعي للمصالح اإلرسائيلية نتيجة‬ ‫لشعور بواجب ال إنساين تشبع به اإلدارة و‬ ‫املؤسسات اإلعالمية األمريكية عقلها الباطن‬ ‫الذي يصور لها أن “إرسائيل” ليست سوى‬ ‫الصورة – النسخة عن بربريتها الذاتية كدولة‬ ‫استيطان قامت عىل أنقاض شعوب أخرى‬ ‫أبيدت دون ذنب او حاجة أو مسوغ ‪.‬‬ ‫أمريكا التي متارس دميقراطية انتقائية ال‬

‫تقبل بتعدد اآلراء حني يتعلق األمر بـ “إرسائيل”‬ ‫حتى وإن كان الثمن رمي قوانني حامية الحريات‬

‫حرية الرأي والتعبري االمريكية يف قبضة «الصهيونية»‬

‫العامة واإلعالمية خلف حاجز املعايري املزدوجة‪،‬‬ ‫ما يثبت أن أمريكا ليست رسول حرية‪ ،‬وعندما‬ ‫تجد أن أسلوب الدميقراطية والحرية ال يحقق‬ ‫مصالحها تنقض عليه وتغريه‪.‬‬ ‫النموذج األمرييك يف اإلعالم أصبح أكرث‬ ‫وضوحاً اآلن فهو إعالم عسكري ممسوك من‬ ‫السياسيني الذين يديرون اإلدارة األمريكية‬ ‫يف العلن ويف الخفاء‪ ،‬وذلك اإلعالم له قشور‬ ‫من التجميل الذي يعطيه شك ًال من أشكال‬ ‫الحرية‪ ،‬بينام هو يف العمق إعالم رسمي ينتمي‬ ‫للسلطة الصهيونية عىل أمريكا بكل ما فيها‬ ‫من بشاعة وحقد عىل كل من يخالفها‪.‬‬ ‫ومزيد من الالمباالة األمريكية ملشاعر‬ ‫الشعوب العربية واإلسالمية يف مقابل مزيد‬ ‫من التقديس لجرائم اإلرسائيليني‪.‬‬ ‫الصحفية “أوكتافيا نرص” آخر ضحايا انتهاك‬ ‫حرية التعبري يف الواليات املتحدة‪ ،‬والسبب‬ ‫احرتامها للمواقف املعتدلة للعالمة محمد‬ ‫حسني فضل الله؛ بضع كلامت أنهت مسرية‬ ‫نرص املهنية يف ‪ .CNN‬أما هيلني توماس ‪ -‬أكرب‬ ‫صحفيي البيت األبيض – فقد انتهى بها الحال‬ ‫إىل التقاعد الجربي بسبب ترصيحها العفوي‬ ‫حول أصول الصهاينة وبالدهم التي يجب أن‬ ‫يعودوا إليها يف أوروبا وأمريكا؛ فكل ما ميس‬ ‫“إرسائيل” حتى وإن رسب من نافذة الحياة الخاصة‬

‫‪47‬‬

‫لشخصيات اعتبارية أمريكية هو يف عداد‬ ‫املحرمات بالنسبة لسياسة الواليات املتحدة‬

‫فرانسيس غاي‬

‫ومنظومتها اإلعالمية‪.‬‬ ‫أمريكا التي تطالب الحكومات األخرى‬ ‫باستمرار بسن ترشيعات مت ّكن اإلعالم من آفاق‬ ‫أوسع‪ ،‬متارس الحجر هي نفسها عىل إعالمييها‬ ‫إن اقرتبوا من املحرمات الصهيونية ما ييسء يف‬ ‫املقام األول لعقلية املواطن األمرييك املؤمن‬ ‫بالحقوق التي متكنه من استعراض كل اآلراء‬ ‫واصطفاء الحقيقة املناسبة‪.‬‬ ‫تهديد الحريات اإلعالمية لألمريكيني ظهر يف‬ ‫األشهر القليلة املاضية يف أكرث من موقف فقبل‬ ‫نرص وتوماس والقرار ‪ 2278‬حظي املفكر األمرييك‬ ‫نعومي تشومسيك بنصيبه من االستجوابات‬ ‫اإلرسائيلية عىل الحدود الفلسطينية األردنية‪،‬‬ ‫و ُمنع بعدها من الدخول بسبب حمولته‬ ‫من األفكار والحقائق التي تخشاها الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية دون أن ترد السلطات األمريكية‬ ‫ولو باستنكار عىل ذلك التعسف بحق مواطن‬ ‫ومفكر من أبرز أكادميييها ‪.‬‬ ‫هذه األحداث تثري الدهشة واالستغراب‬ ‫خاصة حينام تصدر عن بلد كنا نرى فيه نفاقاً‬ ‫وامربيالية وإجراماً بحق الشعوب األخرى‪ ،‬لكننا‬ ‫مل نعرف بأنه أصبح محكوماً بديكتاتورية‬ ‫تطلق النار عىل أرجلها لعيون الصهاينة‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫الذهب األسود في بحر وبر لبنان‬

‫النفط مقابل الديون‬ ‫قصة وجود أو احتامل وجود النفط يف لبنان‬ ‫قدمية‪ ،‬وأشارت دراسات لبنانية محلية عديدة‬ ‫اىل وجود مخزون نفطي كبري يف املياه اإلقليمية‬ ‫ويف الرب عىل السواء‪ ..‬وقد بدأ العمل الجدي عىل‬ ‫التنقيب عرب فريق متخصص يف املجلس األعىل‬ ‫للخصخصة عام ‪ ،2000‬وذلك عندما طلبت وزارة‬ ‫الطاقة من املجلس تحضري قانون خاص بعملية‬ ‫استخراج النفط والتنقيب‪ .‬يف حينه جرى‬ ‫االتفاق مع رشكة أمريكية متخصصة‪ ،‬ولكن‬ ‫رّ‬ ‫تعث الحقاً االتفاق بني الرشكة ووزارة الطاقة‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 2007‬أبدت رشكات عاملية عدة‬ ‫كرشكة “يب جي أس” الرنويجية اهتامماً كبرياً‬ ‫بالقطاع اللبناين‪ ،‬وأعدت وزارة الطاقة يف‬ ‫عهد الوزير محمد فنيش مرشوع قانون حول‬ ‫استكشاف النفط بالتعاون مع البنك الدويل‬ ‫ووزارة املال ووزارة البيئة وعدد من الخرباء الرنوجيني‬ ‫والفرنسيني والعرب‪ .‬ووقعت وزارة الطاقة اتفاقا‬ ‫مع رشكة نرويجية عملت عىل إجراء الدراسات‬ ‫واملسوحات املطلوبة لتحديد وجود الغاز والنفط‬ ‫يف املياه اللبنانية‪.‬‬ ‫ومتيزت عملية املسح الثاليث األبعاد األخرية عن‬ ‫الدراسات السابقة بأنها “وصلت إىل عمق طال‬ ‫العرص الترييايس الذي يعد أقدم من ‪ 145‬مليون‬ ‫سنة”‪ .‬وتم تحديد مناطق تحتمل وجود النفط يف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املياه اإلقليمية يف الشامل وبريوت والجنوب‪.‬‬ ‫عملت وزارة طابوريان عىل تحضري مرشوع‬ ‫قانون خاص بالنفط وأنهت العمل عليه عىل‬ ‫أساس أن يوضع يف آخر جلسة للحكومة عىل‬ ‫طاولة مجلس الوزراء‪ ،‬ولكن حصل خالف حول‬ ‫موضوع الكهرباء وأمور أخرى مع الرئيس فؤاد‬ ‫فسحب كل مواضيع الوزارة ولهذا مل‬ ‫السنيورة‪َ ،‬‬ ‫يتم طرحه‪.‬‬ ‫وكان الوزير باسيل قدم مرشوع قانون اىل‬ ‫الحكومة‪ ،‬إ ّال أن االستكشافات التي حصلت‬ ‫يف “ارسائيل”‪ ،‬والتهديدات الصهيونية األخرية‬ ‫استدعت اإلرساع بالسري فيه خصوصاً أنه أخذ‬ ‫سنوات من العمل لدى الحكومة‪ ،‬وكانت الخطوة‬ ‫األخرية تقديم عضو كتلة التحرير والتنمية‬ ‫النائب عيل حسن خليل اقرتاحاً للمجلس‬ ‫النيايب لتنظيم التنقيب‪.‬‬ ‫هذه الخطوة أثارت عىل ما يبدو مسألة‬ ‫تداخل الصالحيات بني السلطتني الترشيعية‬ ‫والتنفيذية حول األولوية التي تتمتع بها كل‬ ‫من الجهتني يف إعداد مرشوع قانون يحيط بكل‬ ‫جوانب عملية استثامر الرثوة النفطية والغازية‪،‬‬ ‫كام أثارت تحفظات من قبل أطراف سياسية‬ ‫أكـدت أن القانون املعد سابقاً هو األكرث مالءمة‬ ‫ويشكل الوسيلة األرسع لإلفادة من الرثوة‬

‫‪48‬‬

‫النفطية‪ ،‬فيام اعترب وزير الطاقة جربان باسيل‬ ‫أن “الحكومة متتلك املؤهالت التقنية‪ ،‬والوزارة‬ ‫لديها خرباء قد يكونون غري متوافرين يف مجلس‬ ‫النواب”‪.‬‬ ‫بعد هذا التجاذب حصلت تسوية اقتضت‬ ‫تأخري بت االقرتاح يف املجلس النيايب بانتظار‬ ‫إقرار املرشوع يف اللجان النيابية املشرتكة التي‬ ‫ناقشت اقرتاح القانون املقدم من النائب خليل‬ ‫وأقرت املادة األوىل منه‪ ،‬وأرجئ البحث فيه إلعطاء‬ ‫مهلة للحكومة إلنجاز مرشوعها حول التنقيب‪.‬‬ ‫نتائج الدراسات األولية التي خلصت إليها‬ ‫رشكة «يب‪ .‬جي‪ .‬اس» الرنويجية التي تولت‬ ‫عمليات التنقيب عن النفط يف لبنان‪ ،‬أكدت‬ ‫وجود معطيات وإشارات نفطية مهمة يف املياه‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬لرتتفع نسبة احتامل وجود كميات‬ ‫تجارية إىل أكرث من ‪ ،% 50‬مع تقديرات بأن لبنان‬ ‫ميتلك مخزوناً قد يصل إىل ‪ 8‬مليارات برميل‪.‬‬ ‫وبدالً من االستفادة من هذه املؤرشات الواعدة‪،‬‬ ‫دخلت هذه القضية كواليس مجلس النواب‪ ،‬ومل‬ ‫تخرج بترشيعات وتصورات تالقي الرثوة املوعودة‬ ‫املفرتض أن ترفد االقتصاد اللبناين مبقومات دعم‬ ‫أساسية من شأنها الحد من مفاعيل أزماته‬ ‫القامئة‪ ،‬ال بل استحرضت هذه القضية املشاكل‬ ‫والتناحر يف وجهات النظر‪.‬‬

‫الرشكة الرنويجية املتعاقدة مع‬ ‫وزارة الطاقة واملياه ملدة ‪ 7‬سنوات‪ ،‬رأت‬ ‫أن مثة رضورة إلعداد الكوادر العلمية‬ ‫الالزمة ملواكبة عمليات التنقيب‪ ،‬ألن‬ ‫لبنان يعاين نقصاً يف الخرباء‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أن وجود النفط يف لبنان بات يستند‬ ‫إىل معطيات ودراسات علمية موثقة‪،‬‬ ‫بعد مسح ‪ 1528‬كيلومرتاً مربعاً‪ ،‬عىل‬ ‫عمق ‪ 1200‬إىل ‪ 1500‬مرت‪ ،‬فض ًال عن أنه‬ ‫أجريت ‪ 203888‬محاولة تنقيب‪ ،‬و ُرصدت‬ ‫‪ 2880‬إشارة‪ ،‬وسجلت ‪ 590‬مليون إشارة إىل‬ ‫وجود النفط‪.‬‬ ‫كذلك تم مسح ‪ 700‬كلم مربع‪ ،‬عىل عمق‬ ‫‪ 1500 – 1000‬مرت‪ ،‬ما يعني أن استخراج النفط‬ ‫سيتم عىل عمق بني ‪ 3000‬و‪ 3200‬مرت‪ ،‬وهو عمق‬ ‫وسطي من ناحية التقنيات والتكاليف‪ .‬لكن غري‬ ‫املؤكد‪ ،‬وفق املسح‪ ،‬هو املاهية النفطية أو الغازية‬ ‫من جهة كونها سائال يف فراغ طبيعي‪ ،‬أي‬ ‫مخزنة‪ ،‬وهذا هو املطلوب لتكون كميات تجارية‪ ،‬أو‬ ‫كونها ممزوجة باألتربة ما يتطلب عمليات معقدة‬ ‫لتخليصها تنفي أهميتها التجارية‪.‬‬ ‫كذلك فإن تقدير الكميات ال ميكن حرصه قبل‬ ‫التنقيب الفعيل وبلوغ الحقول املستهدفة‪ ،‬وأن‬ ‫تكن اإلشارات واآلمال تعد مبا يراوح بني ‪ 5‬مليارات‬ ‫و‪ 8‬مليارات برميل‪ ،‬وبحسب الدراسة تم التوصل‬ ‫إىل وجود كميات من النفط يف املياه الساحلية‬ ‫الشاملية اللبنانية املمتدة من البرتون وصوالً‬ ‫إىل صيدا‪ .‬وحتى اآلن مل ُيسن القانون الذي‬ ‫ينظم آلية املحافظة عىل املوارد النفطية وحسن‬ ‫سالمة إدارتها‪.‬‬ ‫ومع تأكيدات وجود النفط أو الغاز‪ ،‬أو كليهام‪،‬‬ ‫يف بحر لبنان‪ ،‬وب ّره أيضاً‪ ،‬نرى شبه غياب ملواقع‬ ‫القرار يف لبنان‪ ،‬يحول حتى اآلن دون دفع هذه‬ ‫القضية إىل أولوية االهتامم واملتابعة‪ ،‬ال سيام‬ ‫وأن مثة أسئلة مرشوعة تتطلب إجابات واضحة‬ ‫نتيجة التداخل الطبيعي للحدود اللبنانية‬ ‫مع سوريا من جهتي الرشق والشامل‪ ،‬ومع‬ ‫قربص غربا (تداخل الحدود املائية)‪ ،‬ومع األرايض‬ ‫الفلسطينية املحتلة من جهة الجنوب‪ ،‬حيث‬ ‫تواصل “إرسائيل” عمليات البحث والتنقيب يف‬ ‫عمق املياه اإلقليمية بني غزة والناقورة‪.‬‬ ‫سعت قربص قبل أشهر عدة‪ ،‬إىل عقد اتفاق‬ ‫لرتسيم الحدود السيادية البحرية مع لبنان‪،‬‬ ‫ورشعت أيضاً يف تكثيف املسوحات املمهدة‬ ‫لبدء عمليات التنقيب عن النفط والغاز‪ ،‬فيام‬ ‫يتعذر‪ ،‬حكام‪ ،‬عىل الدولة اللبنانية عقد اتفاق‬ ‫مامثل مع “إرسائيل”‪ ،‬فيام يغيب أيضاً أي تحرك‬ ‫جدي لحفظ الحقوق اللبنانية عىل هذه الجبهة من‬ ‫خالل تقديم طلب رسمي إىل األمم املتحدة مبوجب‬ ‫القوانني الدولية الخاصة التي تنظم املصالح‬ ‫املتشابكة يف املناطق الحدودية الربية واملائية‪.‬‬ ‫لكن ما يدعو لألسف بداه ًة‪ ،‬أنه ليس للبنان‬ ‫قانون خاص بالنفط يحدد االسرتاتيجية الوطنية‬

‫والترشيعية بشكل واضح وشفاف‪ ،‬املفرتض أن‬ ‫يكون املدخل الطبيعي والوحيد لجذب الرشكات‬ ‫العاملية‪ ،‬وعقد اتفاقات التنقيب‪ ،‬خصوصا أن‬ ‫وضع املوازنة العامة ال يسمح بتخصيص أي‬ ‫استثامرات ذات شأن لهذا القطاع‪ .‬كام ال ميلك‬ ‫لبنان ما يكفي من خربات وتقنيات ومراكز أبحاث‬ ‫متخصصة تؤهله لدور متقدم يف هذا املضامر‪،‬‬ ‫ومن غري املعروف‪ ،‬إن كان مرشوع القانون النفطي‬ ‫الخاص سيجد طريقه الدستوري كأولوية‪.‬‬ ‫فالقانون هو األساس واملرجع الصالح‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل الكثري من القيود املنظمة‪ ،‬من بينها الرتتيب‬ ‫التجاري لتنظيم عقود الرشكات العاملية‬ ‫للتنقيب عن النفط‪ ،‬واالتفاق عىل ما إذا كانت‬ ‫َ‬ ‫ستنشأ رشكة وطنية‬ ‫الحكومة ستقوم بذلك‪ ،‬أم‬ ‫للنفط لتكون املسؤولة عن العقود‪.‬‬

‫البحث والتنقيب عن النفط‬ ‫إنها مغامرة حقيقية‪ .‬فالدخول إىل عامل‬ ‫التنقيب عن النفط ليس باملهمة السهلة‪،‬‬ ‫ال بل إن األكالف املفرتض دفعها باهظة جداً‪،‬‬ ‫واالستثامر يف هذا القطاع مل يعد جاذباً‬ ‫كاملايض‪ ،‬ولذلك أعلن عدد من الخرباء عن الخطوات‬ ‫التي عىل لبنان اتباعها لتقوية عنارصه الجاذبة‪،‬‬ ‫واالستعداد باإلرادة املطلوبة للبدء بعملية‬ ‫التنقيب عن النفط ‪ ،‬إذ منذ عام ‪ 1945‬ولبنان‬ ‫يطرح فكرة التنقيب عن النفط عىل أراضيه‬ ‫ومياهه‪ .‬الكثري من البلدان املجاورة نفذت املهمة‪،‬‬ ‫غيت مسارها االقتصادي‪ .‬أما‬ ‫ووصلت إىل نتائج رّ‬ ‫لبنان‪ ،‬فال يزال ينازع الفكرة‪ ،‬وبني مامطلة وأخرى‬ ‫يبقى وجود النفط والغاز مجرد احتامل‪ ،‬ويبقى‬ ‫الذهب األسود كنزاً مفقوداً ينتظر من يكتشفه‬ ‫أو يعلن أنه أسطورة! ففي عام ‪ ،1996‬استعان‬ ‫لبنان بالرنوج ملساعدته يف التنقيب عن النفط‪،‬‬ ‫واالستعدادات طالت‪ ،‬واإلجراءات العملية يبدو‬ ‫أنها ستطول أعواماً أيضاً‪.‬‬ ‫بعد اكتشافه‪ ،‬يف النصف الثاين من أواخر‬ ‫القرن التاسع عرش‪ ،‬كمصدر للطاقة خضع‬ ‫النفط للبحث والتحليل والدراسة يف جميع‬ ‫الوجوه والجوانب العلمية تفصي ًال وتدقيقاً•‬ ‫وبعد تركيز الرشكات عىل اكتشاف مكامن‬ ‫النفط يف شبه الجزيرة العربية نظراً لتمتعها‬ ‫بالرشوط الجيولوجية الالزمة لوجوده أثبتت‬

‫‪49‬‬

‫العمليات التنقيبية غزارته يف هذه‬ ‫املنطقة ومن ضمنها لبنان حيث برز‬ ‫وجود الغاز والنفط يف مناطق مختلفة‬ ‫عىل اليابسة ويف البحر‪ ،‬وبدل أن تلقى‬ ‫هذه الدراسات والعمليات التنقيبية‬ ‫االهتامم الالئق من قبل الدولة والوزارات‬ ‫اللبنانية املعنية‪ ،‬تهافتت الرشكات‬ ‫األجنبية عىل إقامة مشاريع تنقيبية‬ ‫يف مختلف املناطق التي أظهرت‬ ‫عالمات إيجابية يف هذا املجال‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك يتم دون أي مالحقة أو متابعة من‬ ‫الوزارات املعنية ما يدعو إىل تساؤل جوهري حول‬ ‫وجود إرادة قوية إلبقاء موضوع الغاز والنفط‬ ‫اللبنانيني طي الكتامن‪.‬‬ ‫من هنا كان ال بد من توجيه األنظار وإلقاء‬ ‫الضوء عىل موضوع وجود الغاز والنفط من‬ ‫خالل التقارير والدراسات الصادرة عن العلامء‬ ‫والرشكات يف التأكيدات عىل وجوده يف لبنان‬ ‫واالنعكاسات املحتملة له‪.‬‬

‫مراحل التنقيب‬ ‫تم حفر اآلبار األوىل واألخرية يف لبنان ما بني‬ ‫أواسط األربعينيات وحتى العام ‪ 1955‬وتم يف‬ ‫هذه املرحلة حفر سبعة آبار عميقة‪ ،‬وإن أعطت‬ ‫بعض الدالئل النفطية إ ّال أنها كام يبدو مل تكن‬ ‫منتجة‪.‬‬ ‫ويف املرحلة الالحقة استمرت الدراسات‬ ‫والنرشات العلمية تتعاطى مع موضوع النفط‪،‬‬ ‫ولو بشكل غري منتظم إ ّال أن ذلك يدل عىل عدم‬ ‫فقدان االهتامم واألمل بتوقع اكتشاف النفط‪.‬‬ ‫والنتائج التي توصلت إليها الدراسات أعطت‬ ‫أم ًال واضحاً يف اكتشاف النفط سواء كان املسح‬ ‫عىل اليابسة ‪ onshore‬أو يف البحر ‪.offshore‬‬ ‫املوجهة يف االستكشاف النفطي‬ ‫الدراسات ّ‬ ‫يف زمن االنتداب الفرنيس‪ ،‬أخذت السلطة‬ ‫الفرنسية قراراً بدراسة جيولوجية املنطقة‬ ‫التي تخضع لسلطتها‪ ،‬أي لبنان وسوريا‬ ‫والقسم الجنويب من تركيا‪ ،‬وبالفعل قام‬ ‫املهندس الجيولوجي الفرنيس لويس دوبرتريه‬ ‫منتدباً من إدارة املناجم يف فرنسا ومن املتحف‬ ‫الوطني للتاريخ الطبيعي بإطالق مرشوع املسح‬ ‫الجيولوجي‪ ،‬وعىل امتداد خمس وعرشين سنة‬ ‫عمل دوبرتريه ومجموعة من املساعدين عىل‬ ‫تنظيم خريطة لبنان الجيولوجية وقد تم إنجازها‬ ‫جميعها بحلول عام ‪.1955‬‬ ‫وساهمت مشاريع التنقيب الفعلية والتقارير‬ ‫والدراسات التي قام بها العديد من العلامء‬ ‫بشكل مبارش وغري مبارش يف تسليط الضوء‬ ‫والتأكيد عىل وجود النفط والغاز يف لبنان‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1953‬قامت الرشكة األمريكية‬ ‫‪ .CO Western pacific US‬مبشاركة الرشكة‬ ‫اللبنانية للبرتول ‪des Libanaise Compagne‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫‪ Petroles‬بحفر برئ يف بلدة يحمر الواقعة يف‬ ‫الجزء الجنويب يف وادي البقاع‪ ،‬وب ّينت عمليات‬ ‫التنقيب عن وجود مادة الغاز عىل عمق ‪700‬م‬ ‫‪ day/m.cu 50‬ومادة اإلسفلت من‬ ‫ومبعدل‬ ‫عمق ‪650‬م إىل ‪1134‬م‪ .‬ويف عام ‪ 1995‬قام العامل‬ ‫الفرنيس جورج رينوار بدراسة وأعد تقريراً شمل‬ ‫جميع محاوالت استكشاف النفط والغاز يف‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫وخلص رينوار يف تقريره إىل أن األرض اللبنانية‬ ‫غنية باملواد العضوية وتتمتع بحركة جيولوجية‬ ‫خفيفة وأن هناك دالئل أكيدة عىل وجود النفط‬ ‫يف لبنان من ضمنها اآلبار املحفورة‪.‬‬ ‫وأشار رينوار إىل النتائج التي توصل إليها‪ ،‬من‬ ‫ضمنها دالئل عىل وجود اإلسفلت السميك يف‬ ‫سحمر وتربل وإسفلت سائل يف حاصبيا‪ ،‬هذا‬ ‫باإلضافة إىل إسفلت جامد يف مرتيت ويحمر‬ ‫وتراكامت اسفلتية صغرية يف البقاع الجنويب‬ ‫والساحل اللبناين وشقوق محملة باإلسفلت‬ ‫عىل طول البقاع الجنويب‪.‬‬ ‫أما الدالئل عىل وجود الغاز فأكد رينوار نتيجة‬ ‫لعمليات التنقيب وجود غاز يف يحمر مبعدل ‪50‬‬ ‫‪ day/cu‬وغاز كربيتي هيدروجيني يف منجم يف‬ ‫حاصبيا أظهرت النتائج املخربية لها أن ‪ %16.8‬هي‬ ‫غاز امليثان‪.‬‬ ‫كام أشار رينوار يف الدراسة التي نرشتها‬ ‫نقابة علامء البرتول األمريكيني إىل قيام‬ ‫الرشكة الفرنسية العامة للعلوم الجيولوجية‬ ‫بثالث دراسات مغناطيسية لنهر إبراهيم أشارت‬ ‫إىل وجود طبقات فاعلة عىل عمق ‪ 600‬م تحت‬ ‫سطح النهر‪.‬‬ ‫وهذا يستدعي وفقاً لرينوار برضورة استكشاف‬ ‫هذه املناطق مجدداً للتأكد ما إذا كان هناك نفط‬ ‫أو غاز‪ ،‬بحكم الطبقة الجوراسية الكربونية التي‬ ‫متتاز بها هذه املناطق الغنية وفقاً للباحثني‬ ‫ببقايا نفطية‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1979‬وبعد دراسة للعامل اللبناين‬ ‫زياد بيضون أشارت إىل وجود مادة النفط عىل‬ ‫األرايض اللبنانية وخصوصاً عىل الشواطئ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وهذا سببه وجود النفط عىل السطح‬ ‫الخارجي والباطني يف سوريا واألردن‪ ،‬مام يعزز‬ ‫بحسب رأيه أرجحية وجود هذه املادة يف‬ ‫لبنان وهذا برأيه مؤرش مهم لتطوير وتوسيع‬ ‫االستكشاف من أجل إيجاد النفط يف باطن‬ ‫األرايض اللبنانية‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬فإنه وفقاً لبيضون فإن العنرص‬ ‫األسايس لبدء عملية االستكشاف هو يف البدء‬ ‫يف معاينة جديدة للطبقة الجيولوجية لألرايض‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫وبتأثري مبارش منه قامت الدولة اللبنانية‬ ‫بأول محاولة لالستكشاف النفطي يف البحر‬ ‫يف بداية التسعينيات وقد تم اختيار املنطقة‬ ‫الشاملية املمتدة من طرابلس جنوباً حتى الحدود‬ ‫اللبنانية شامالً‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ووفقاً لبيضون فإن املؤرشات تدل إىل وجود‬ ‫النفط عىل مستوى ‪ 3‬كلم تحت البحر اللبناين‬ ‫و ‪ 6‬كلم تحت منخفض البقاع‪.‬‬ ‫وبالفعل قامت وزارة النفط يف حينه‬ ‫باستخدام رشكة دراسات جيوفيزيائية قامت‬ ‫باملسح السايزمي للمنطقة املذكورة‪ ،‬وأثبت‬ ‫املسح وجود تراكيب وبنى صالحة الحتواء‬ ‫النفط‪ ،‬كام تبني أنه يف العديد من الطبقات‬ ‫التي تم مسحها وخصوصاً يف جانب املساحة‬ ‫الشاطئية تبينّ أيضاً احتامل وجود مادة الغاز‬ ‫والنفط عىل مقربة من الشواطئ اللبنانية‪.‬‬ ‫ويف سنة ‪ 2000‬قامت إحدى الرشكات مبسح‬ ‫الشاطئ اللبناين بنفس الطريقة ولكن خارج‬ ‫الحدود اإلقليمية‪ ،‬ويبدو أن النتائج التي توصلت‬ ‫إليها هذه الرشكة كانت إيجابية بدليل أنه تم‬ ‫االتفاق عىل إعادة املسح الزلزايل للمنطقة‬ ‫الشاملية مع رضورة إكامل املسح عىل‬ ‫اليابسة‪.‬‬ ‫وقد اتخذت السلطات اللبنانية بناء عىل‬ ‫تقارير لجنة املتابعة ملوضوع املسح قراراً قىض‬ ‫بإعادة دراسة اآلبار املحفورة يف الخمسينيات‬ ‫والستينيات لدراستها من جديد وإعادة النظر‬ ‫مبجمل املعارف الحديثة الناتجة عن هذه األعامل‪،‬‬ ‫وكانت األعامل العلمية األخرى والتي كانت‬ ‫مثمرة بشكل مؤثر تعطي دامئاً االنطباع بأن‬ ‫الدالئل عىل وجود النفط أصبحت عديدة منها‬ ‫اكتشاف آثار نفطية يف أحد اآلبــار املحفورة من‬ ‫أجــل ميـاه الــرشب يف بــلــدة بر الياس‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ ،2002‬تم االنتهاء من املسح الزلزايل‬ ‫الجديد الذي تبنته وزارة الطاقة واملياه وخرجت‬ ‫النتائج لتعطي انطباعاً إيجابياً آخراً حول وجود‬ ‫النفط يف البنى املكتشفة‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 2006‬قامت رشكة‪Spectrum :‬‬ ‫الربيطانية بعمليات تنقيب واسعة عن البرتول‬ ‫وختمت أعاملها دون تزويد الدولة اللبنانية‬ ‫والوزارة املعنية بالتقرير النهايئ ألعاملها‪.‬‬

‫انعكاسات اقتصادية‬ ‫إن الكتشاف النفط والغاز يف لبنان انعكاسات‬ ‫اقتصادية تتمثل يف دور الرشكات األجنبية‬ ‫الكربى عىل عملية التنقيب‪ ،‬فكام هو متعارف‬ ‫عليه فإن سوق النفط يخضع لتأثري مبارش واسع‬ ‫للرشكات النفطية العمالقة‪ ،‬ويف ما يتعلق‬ ‫بالوضع اللبناين ويف ظل ضعف اإلمكانات املادية‬ ‫الحكومية‬ ‫والرشكات‬ ‫للمؤسسات‬ ‫والتقنية‬ ‫التوجه سوف‬ ‫فإن‬ ‫بالبرتول‬ ‫املتخصصة‬ ‫والخاصة‬ ‫ّ‬ ‫يكون نحو الرشكات النفطية العمالقة‪.‬‬ ‫كل املعطيات والدرسات والتقارير تشري إىل‬ ‫وجود النفط والغاز يف لبنان‪ ،‬فإىل متى هذا‬ ‫التجاهل لهذه الرثوة؟‬ ‫أما التساؤل الكبري فهو أنه منذ عدة أشهر‪،‬‬

‫‪50‬‬

‫وبنا ًء عىل طلبها تم توقيع اتفاق بني قربص ولبنان‬ ‫لتحديد الحدود البحرية اإلقليمية بني البلدين‪،‬‬ ‫فلامذا هذا التوقيت بالذات؟ فهل القبارصة‬ ‫جاهلون بوجود البرتول‪ ،‬ولكنهم حالياً يقومون‬ ‫بعمليات تنقيب يف البحر؟‬ ‫ونختم بالقول إنها جرمية كربى أن نبقي‬ ‫موضوع وجود النفط والغاز يف لبنان أمراً رسياً‬ ‫ال يجب التعاطي معه• فهل هناك إرادة من أجل‬ ‫اخفاء موضوع البرتول؟‬ ‫عاد الحديث عن الرثوة النفطية يف لبنان‬ ‫وكيفية استخراجها ليطرح إشكالية كربى‬ ‫عىل ‏الساحة اللبنانية نظراً ألهمية هذه‬ ‫ّ‬ ‫تشكل أحد أهم مصادر الطاقة‬ ‫املسألة كونها‬ ‫التي يفتقدها ‏لبنان‪ ،‬وهو بحاجة فعلية وماسة‬ ‫للحصول عليها‪ .‬ويف الوقت نفسه ليس خافياً‬ ‫عىل أحد أن ‏موضوع الطاقة أو الذهب األسود‬ ‫من نفط وغاز طبيعي تعد سبباً رئيسياً يف‬ ‫اندالع النزاعات ‏والحروب بني الدول ولعل حرب‬ ‫“الخليج األوىل” بني العراق والكويت كانت بسبب‬ ‫الخالف عىل حقل ‏الرميلة املشرتك بينهام‪،‬‬ ‫كذلك الحرب األمريكية عىل أفغانستان والعراق‬ ‫الحقاً‪.‬‬ ‫أما يف لبنان بات الحديث عن موضوع النفط‬ ‫ضمن املياه اللبنانية حقيقة مؤكدة إ ّال أن هناك‬ ‫‏أكرث من عقبة تحول دون الرشوع باستخراج هذه‬ ‫الرثوة الكامنة يف باطن البحر ويف مقدمها‬ ‫‏النزاع مع “إرسائيل”‪ ،‬وعليه فإن مسألة التنقيب‬ ‫عن النفط وكيفية استخراجه سيشكل ‏مصدراً‬ ‫جديداً للرصاع‪ ،‬ال سيام وأن “إرسائيل” استدعت‬ ‫رشكات أجنبية لهذه الغاية‪.‬‏‬ ‫التنقيب عن النفط يف لبنان ال يعترب‬ ‫باألمر الجديد فهو يعود اىل حقبة الثالثينيات‬ ‫‏واألربعينيات حيث بدأ التنقيب عن النفط يف‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫إن موضوع الغاز والنفط قد ث ّبت ذلك من خالل‬ ‫دراسة ذات أبعاد ثالثية نفذتها الحكومة ‏اللبنانية‬ ‫مبساعدة الحكومة الرنوجية التي أشارت اىل‬ ‫وجود كميات كبرية من الغاز الطبيعي يف ‏البحر‬ ‫اللبناين‪ ،‬قد تناهز قيمته ‪ 5‬مليارات دوالرسنوياً‪،‬‬ ‫مبعنى أنها توفر نحو ‪ 100‬مليار ‏دوالر عىل مدى ‪20‬‬ ‫سنة قبل أن تنضب‪ .‬وركزت هذه الدراسة عىل‬ ‫منطقتني يف لبنان للتنقيب‪ :‬‏األوىل يف عكار‬ ‫ومن طرابلس حتى البرتون بحرا يف الشامل‪،‬‬ ‫والثانية من العاصمة بريوت حتى صيدا يف‬ ‫‏الجنوب‪ .‬كام أن معظم الدراسات السايزمية‬ ‫األولية التي أجريت منذ األعوام ‪ 1976‬و‪1982‬‬ ‫‏و‪ 1993‬اىل اليوم تربز احتامالت كبرية لوجود‬ ‫مخزون من الهيدروكربون يف املياه اإلقليمية‬ ‫‏اللبنانية‪ ،‬ألن الواقع الجغرايف يشري اىل أنه يوجد‬ ‫حقل غاز كبري ميت ّد عىل مسافات طويلة لجهة‬ ‫‪‎‬سوريا‪ ،‬ناهيك عن وجود بقعة غاز أخرى عىل بعد‬ ‫‪ 1700‬مرت عند الحدود اللبنانية ولجهة ‪‎‬الداخل‬ ‫الفلسطيني املحتل‪.‬‏‬

‫وابتدأت الدراسات الفعلية يف أواسط‬ ‫األربعينات وال سيام أن استخراج النفط كان‬ ‫قد بدأ ‏فعلياً ‪ -‬يف أواخر الثالثينات‪ .‬وقد تم حفر‬ ‫اآلبار األوىل يف ما بني أواسط األربعينات وحتى‬ ‫‏العام ‪ ،1955‬وتم يف هذه املرحلة حفر سبعة آبار‬ ‫عميقة‪ .‬إ ّال أن هذه اآلبار وإن أعطت بعض ‏الدالئل‬ ‫النفطية‪ ،‬إ ّال انه ميكن االستناد اىل ما نرش‬ ‫حولها ‏من تقارير للتعرف اىل معطيات هذه اآلبار‬ ‫أما معطياتها املادية فال نجد لها أثراً‪.‬‏‬ ‫ووفق دراسة أجريت العام ‪ 2007‬تم التوصل‬ ‫اىل وجود كميات من النفط يف املياه الساحلية‬ ‫‏الشاملية اللبنانية املمتدة من البرتون وصوالً اىل‬ ‫صيدا‪ ،‬ويف املنطقة االقتصادية البحرية ‏الواقعة‬ ‫بني لبنان وقربص‪ .‬وكانت رشكات قد كلفت‬ ‫مبسح جيولوجي تقني لطبقات األرض يف قاع‬ ‫‏البحر‪ ،‬استنتجت أنها تحوي عىل مواد برتولية‪ ،‬إ ّال‬ ‫أن الجزم بنوعيتها وكميتها يحتاج اىل ‏عمليات‬ ‫الحفر يف األعامق‪.‬‏‬

‫مرشوع قانون‬ ‫مع الحديث عن إمكانية وجود الرثوة النفطية‬ ‫يف املياه اللبنانية بدأ الحديث اآلن عن رضورة‬ ‫‏وضع قانون لتنظيم عملية استخراج النفط‬ ‫مبا يضمن حق لبنان يف الحصول عىل حقه من‬ ‫كمية ‏النفط والغاز التي تقع يف املياه اإلقليمية‬ ‫اللبنانية‪.‬‏‬ ‫وهو ‏قانون يشمل التنقيب عن النفط وكيفية‬ ‫استثامره يف املياه االقتصادية اللبنانية التي‬ ‫‏تتطلب تثبيت حدودها يف األمم املتحدة‪ .‬وتجرى‬ ‫دراسة مرشوع القانون داخل الربملان اللبناين ‏كام‬ ‫أن بحث مرشوع القانون يتم يف ظل هاجس آخر‬ ‫هو الصالحيات يف اإلرشاف عىل املوارد ‏البرتولية‬ ‫إذ أنه ينص عىل تشكيل مؤسستني‪ ،‬األوىل هي‬ ‫هيئة إدارة قطاع البرتول تتبع لوزير ‏الطاقة ويدور‬ ‫نقاش حول ما إذا كان دورها استشارياً وتعود‬ ‫القرارات للوزير يف النهاية‪ ،‬‏أم أن لها دوراً تقريرياً‬ ‫يف بعض املجاالت‪ ،‬فيام تعود القرارات يف مجاالت‬ ‫أخرى اىل مجلس الوزراء ‏بنا ًء القرتاح الوزير‪ ،‬وال‬ ‫سيام أن الصالحيات املنوطة بها تتناول دراسة‬ ‫الرتويج للموارد ‏البرتولية‪ ‎‬وتقويم طلبات الرتخيص‬ ‫للحقوق البرتولية وحسن تنفيذ الرتاخيص‬ ‫واالتفاقات ‪‎‬والتفاوض حول اتفاقات استكشاف‬ ‫الرثوة البرتولية‪ .‬أما املؤسسة الثانية فهي‬ ‫الصندوق ‏السيادي الذي يوظف عائدات هذه‬ ‫الرثوة عىل اإلمناء واحتواء الدين العام‪ ،‬ويرتك‬ ‫جز ًءا ‏منها لألجيال املقبلة (وفق ما هو معمول به‬ ‫يف دول أخرى) عىل أن يديره املجلس األعىل إلدارة‬ ‫‏عائدات البرتول برئاسة رئيس الجمهورية ويضم‬ ‫رئيس مجلس الوزراء ووزراء املالية‪ ،‬الطاقة ‏واملياه‪،‬‬ ‫االقتصاد والتجارة وحاكم مرصف لبنان‪.‬‏‬

‫ياغي‪ :‬كمية النفط ما بني ‪ 25‬و‪80‬‬ ‫تريليون قدم مكعب‬

‫فالنفط والغاز يشكالن عصب النمو والتطور‬ ‫الصناعي واالقتصادي يف املجتمعات وهناك نقلة‬ ‫نوعية للبنان يف حال اقرار القانون مام سيحول‬ ‫لبنان من بلد سياحي يعيش عىل الخدمات اىل‬ ‫بلد منتج ملادة اساسية للعامل كله وله‪.‬‬ ‫ويف أقل تقدير سنتمكن من تسديد الدين‬ ‫العام‪ ،‬لكن األهم االنتباه اىل أن الوقت يرصدنا‪،‬‬ ‫هذا ما يؤكده املستشار يف الشؤون النفطية‬ ‫املهندس الدكتور ربيع ياغي‪ ،‬مضيفاً‪ :‬هذا فض ًال‬ ‫عن الوفر املادي الذي سيؤمنه هذا القطاع‬ ‫للخزينة اللبنانية‪.‬‬ ‫ويبدو أن ما كان حل ًام بالنسبة للبنانيني بات‬ ‫واقعاً‪ ،‬وإن النفط الرابض عند شواطئنا ينتظر‬ ‫اتخاذ اإلجراءات الالزمة الستخراجه‪ ،‬ويف هذا‬ ‫رصح‬ ‫الصدد كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ّ‬ ‫أن لبنان ال ميكن أن يف ّرط بأي نقطة من مياهه‬ ‫أو برتوله‪.‬‬ ‫ويف لغة األرقام فإن لبنان يستهلك من النفط‬ ‫قرابة الـ‪ 92‬الف برميل يوميا مستوردة من الخارج‬ ‫فيام الفاتورة النفطية بلغت عام ‪ 2009‬نحو ‪3.1‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬أما مجموع استرياد مشتقات البنزين‬ ‫والديزل والغاز املنزيل فيشكل حواىل ‪ %59‬من‬ ‫الفاتورة النفطية مبعنى آخر ان ‪ %60‬من هذه‬ ‫الفاتورة تطال املواطنني بشكل مبارش‪.‬‬ ‫ويبدو ان التهديدات اإلرسائيلية للبنان حول‬ ‫البرتول أضافت بنداً جديداً عىل الئحة أطامعها‬ ‫يف األرض واملياه وهو الرثوة الطبيعية الجديدة‪.‬‬ ‫وحول هذه التهديدات يعلق ياغي‪“ :‬هي نغمة‬ ‫اعتاد عليها الشعب اللبناين وتصب يف خانة‬ ‫املزايدات اإلرسائيلية يف الداخل اإلرسائييل كونه‬ ‫ال تستطيع أي دولة مبا فيها “إرسائيل” انتهاك‬ ‫حرمة ما أقره ورشعه قانون البحار الدويل‪ ،‬وهو‬

‫‪51‬‬

‫القانون الذي يحمينا ألنه مفصل‪ ،‬مؤكدا أنه‬ ‫حتام سيكون االنسجام قامئا حول هذا امللف‬ ‫واصفاً املوقف اإلرسائييل باملوجة الجديدة من‬ ‫العدائية لكل ما هو جيد لهذه املنطقة وكأنها‬ ‫تقول ويشري ياغي اىل التكامل والتنسيق‬ ‫املوجودان بني عدة وزارات معنية وعىل رأسها‬ ‫وزارة الطاقة مروراً بوزارة البيئة والعدل والداخلية‬ ‫وليس انتهاء بوزارة املالية‪.‬‬ ‫وعرض ياغي خالل اللقاء مراحل املسح‬ ‫“يب‪.‬جي‪.‬يس”‬ ‫الرنوجية‬ ‫للرشكة‬ ‫الجيولوجي‬ ‫(برتوليوم جيو رسفيس)‪ ،‬الذي بدأته عام ‪2006‬‬ ‫واستكملته عام ‪ ،2008‬مبا يسمى عملية مسح‬ ‫جيوفيزيايئ ثنايئ وثاليث األبعاد‪ ،‬باستعاملها‬ ‫أحدث الوسائل التقنية املتبعة دولياً يف عمليات‬ ‫املسح البحري‪ .‬وبعد ظهور التحاليل الناجمة عن‬ ‫هذا املسح‪ ،‬تبني بالدليل العلمي أن النتائج يف‬ ‫املياه اإلقليمية اللبنانية واملنطقة االقتصادية‬ ‫الخالصة العائدة اىل الوالية القضائية اللبنانية‬ ‫إيجابية جداً وواعدة‪ ،‬من حيث الوفرة يف ماديت‬ ‫الغاز أو النفط الخام أو كليهام معا‪.‬‬ ‫ويلفت ياغي اىل أن هذه النتائج‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫ما تم اكتشافه علمياً يف شامل فلسطني‪،‬‬ ‫اكتسبت صدقية أعمق وأوجدت اهتامماً دولياً‬ ‫واسعاً من الرشكات الكربى باملياه اإلقليمية‬ ‫اللبنانية الواعدة‪.‬‬ ‫ووفقا للنواحي التقنية لهذه النتائج‪ ،‬يؤكد‬ ‫ياغي “أن املناطق الواقعة خارج الحدود اإلقليمية‪،‬‬ ‫أي معظم املناطق الواعدة‪ ،‬هي يف املنطقة‬ ‫االقتصادية الخالصة التي تصل بني لبنان وقربص‪،‬‬ ‫وقد تم اتفاق مبديئ عىل تقسيم هذه املناطق‪ ،‬أي‬ ‫مبعنى ‪ % 50‬لكل بلد”‪ ،‬مشرياً اىل “أن املسافة بني‬ ‫لبنان وقربص كمعدل عام هي يف حدود ‪ 125‬مي ًال‬ ‫بحرياً‪ ،‬ويف املحصلة فإن للبنان الحق يف التنقيب‬ ‫واالستكشاف بـ‪ 60‬مي ًال بحرياً‪ ،‬كذلك لقربص”‪.‬‬ ‫ويوضح ياغي “أن الرشكات تأيت اىل لبنان‪،‬‬ ‫بناء عىل الدورة األوىل من استدراج العروض‬ ‫التي يسبقها إعالن كامل ملدة ستة أشهر يف‬ ‫الجرائد واملجالت املحلية والعاملية‪ ،‬وتكون معظم‬ ‫هذه الرشكات قد قامت برشاء الداتا واملعلومات‬ ‫الجيولوجية التي أظهرها مسح الرشكة‬ ‫الرنوجية”‪.‬‬ ‫ويشري اىل “أن لبنان يقع ضمن حوض شبيه‬ ‫بحوض الدلتا يف مرص‪ ،‬وهو واعد جداً‪ ،‬والتقديرات‬ ‫األولية لحوض تقع ضمنه فلسطني املحتلة ولبنان‬ ‫وقربص وجزء من سوريا كذلك‪ ،‬تشري اىل إمكان‬ ‫احتوائه عىل الغاز أو النفط‪ ،‬وعىل ‪ 122‬تريليون‬ ‫“كيوبيك فيلد” من الغاز الطبيعي‪ ،‬وما يقارب‬ ‫ملياراً ونصف مليار برميل من النفط الخام”‪.‬‬ ‫ويلفت ياغي اىل “أن االستكشاف والحفر‬ ‫التجريبي يظهران حجم الكمية يف كل بلد أو‬ ‫يف كل منطقة‪ .‬وأظهرت النتائج األولية خالل‬ ‫االستكشافات يف شامل فلسطني املحتلة‪ ،‬وجود‬ ‫نحو ‪ 25‬تريليون قدم مكعب من الغاز‪ ،‬وأصبح‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫هناك احتياط ثابت‪ ،‬وبالتايل إذا كان عندهم هذه‬ ‫الكمية‪ ،‬فيمكن أن نجد يف لبنان الكمية نفسها‬ ‫أو ‪ 70‬أو ‪ 80‬تريليونا”‪ ،‬مقدراً قيمة الـ ‪ 25‬تريليوناً‬ ‫بـ ‪ 300‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫وقياساً باألسعار اليوم‪ ،‬فإن ‪ 25‬تريليون قدم‬ ‫مكعب من الغاز يوازي ‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬وهنا‬ ‫يؤكد ياغي “أن العائدات املالية واملتوقعة من‬ ‫جراء استخراجه ستكون مرتفعة جدا وستغطي‬ ‫ديوننا وأكرث”‪ ،‬معتربا “أن لبنان يف طريقه اىل‬ ‫أن يكون بلداً نفطياً بحسب النتائج العلمية‬ ‫للمسح الجيولوجي”‪.‬‬ ‫ويقول ياغي‪“ :‬مبا أن النفط موضوع اسرتاتيجي‬ ‫وحيوي وحساس وواعد‪ ،‬فقد ارتفعت وترية الحوار‬ ‫بني السلطات التنفيذية والترشيعية‪ ،‬وذلك من‬ ‫أجل هدف وحيد هو ترسيع مناقشة وبت قانون‬ ‫النفط‪ ،‬الذي هو مبثابة حجر الزاوية يف السياسة‬ ‫النفطية املستقبلية للدولة اللبنانية‪ ،‬وطبيعة‬ ‫الحوار القائم اليوم ليس جدلياً‪ ،‬وأؤكد أن ك ًال من‬ ‫رئاستي الحكومة ومجلس النواب يعمالن عىل‬ ‫اإلرساع عىل إقرار قانون النفط ويف أقرب وقت‬ ‫ممكن ولكن بدون ترسع‪ .‬ومن املعلوم أن القانون‬ ‫املوضوع اليوم عىل نار حامية يف شقه التقني‬ ‫مقتبس عن مسودة القانون الرنويجي التي‬ ‫تتامىش مع ما هو متعارف عليه دولياً بشأن‬ ‫التنقيب واالستكشاف يف املياه البحرية سواء‬ ‫بالنسبة للغاز الطبيعي أو النفط الخام”‪.‬‬ ‫وأضاف ياغي متوقعاً “صدور قانون النفط‬ ‫خالل األسابيع القليلة املقبلة‪ ،‬ومن ثم تبدأ‬ ‫ورشة إصدار املراسيم التطبيقية وما سوف‬ ‫يليها من تحضريات لإلعالن عن استدراج عروض‬ ‫االستكشاف واإلنتاج من قبل الرشكات العاملية‬ ‫التي أبدت اهتامماً ملحوظاً يف هذا املوضوع‪ ،‬كام‬ ‫أن لديها كامل االستعداد لالستثامر يف عملية‬ ‫االستطالع والتنقيب رغم التكلفة العالية لهذا‬ ‫األمر‪ ،‬خصوصاً وأننا نتكلم عن مناطق بحرية‬ ‫يصل عمق املياه فيها اىل نحو ‪ 4500‬مرت”‪.‬‬ ‫هناك بعض األمور تحتاج اىل تدوير زوايا لكن ال‬ ‫توجد خالفات‪ ،‬والهدف من مناقشة قانون النفط‬ ‫هو إصداره يف أقرب وقت‪ ،‬خصوصاً وأن مرشوع‬ ‫القانون املذكور يلحظ أموراً تنظيمية لحقوق‬ ‫وواجبات األفرقاء يف اتفاقيات االستشكاف‬ ‫واإلنتاج مستقب ًال أي بني الدولة والرشكات‬ ‫املهتمة بهذا النشاط‪ ،‬وليس يف القانون أي مجال‬ ‫أو ثغرة لفكرة املحاصصة أو اقتسام املغانم”‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬هل هناك فع ًال نفط خام أو غاز طبيعي‬ ‫يف املياه اإلقليمية واالقتصادية اللبنانية؟ وقد‬ ‫يكون من املفيد التذكري أن لبنان‪ ،‬أجرى أكرث من ‪7‬‬ ‫محاوالت للتنقيب عن النفط والغاز ما بني العامني‬ ‫‪ 1947‬و‪ ،1966‬فض ًال عن الدراسات حول هذا املوضوع‪،‬‬ ‫لتعود املحاوالت مع رشكتي “سبكرتوم” و”جي يب‬ ‫أس”‪ ،‬ففي العام ‪ ،2003‬لفت وزير الطاقة آنذاك‬ ‫محمد عبد الحميد بيضون‪ ،‬أن مسح “سبكرتوم”‬ ‫الزلزايل بني أن يف لبنان إمكانات كبرية وهائلة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لوجود النفط والغاز‪ .‬لتؤكد الرشكة الرنوجية‪،‬‬ ‫احتامل وجود لكميات نفطية تجارية يف مياه لبنان‬ ‫اإلقليمية‪.‬‬ ‫والكالم عن وجود النفط يعود اىل الخمسينات‪،‬‬ ‫إ ّال أن التقديرات آنذاك كانت تشري اىل أن تكلفة‬ ‫استخراجه ال تربر القيام بذلك باعتبار األمر غري‬ ‫مجد‪ ،‬إذ مل يكن يتجاوز سعر الربميل بضعة‬ ‫دوالرات‪ ،‬وكان من األفضل استرياده من مصادره‪،‬‬ ‫بدالً من التنقيب عنه يف أرضنا‪.‬‬ ‫ويلفت الخبري ياغي اىل أنه “يجب أال ننىس أن‬ ‫لبنان وفلسطني املحتلة وقسم من سوريا وقربص‬ ‫تقع ضمن الحوض املرشقي عىل طول شاطئ البحر‬ ‫األبيض املتوسط‪ ،‬الذي يتمتع برتكيبة جيولوجية‬ ‫متشابهة‪ ،‬وبحكم نتائج املسح الجيولوجي‬ ‫لهذا الحوض منذ نهايات القرن املايض والتحاليل‬ ‫اإليجابية لهذه النتائج ابتدا ًء من غزة ومروراً‬ ‫بفلسطني املحتلة ولبنان وقربص‪ ،‬تزايد وبشكل‬ ‫ملفت اندفاع الرشكات العاملية الكربى باتجاه‬ ‫هذه املنطقة الواعدة والتي تشكل مصدراً جديداً‬ ‫للطاقة والهايدروكاربون”‪.‬‬ ‫ويضيف ياغي‪“ :‬عليه فإن االهتامم املتنامي‬ ‫مبسألة التنقيب عن النفط والغاز محلياً ودولياً‬ ‫بهذ الرثوة هي اهتامم جدي ال ينبع من فراغ‬ ‫بل أصبح األمر مؤكداً علمياً إذ أن كامل املياه‬ ‫االقتصادية التابعة للوالية القضائية للبنان هي‬ ‫منطقة واعدة جداً مبا تختزن يف مكامنها من‬ ‫كميات غري محددة حتى اآلن من الغاز الطبيعي‬ ‫والنفط الخام‪ ،‬وتحديد هذه الكميات ال ميكن أن‬ ‫يصبح مؤكداً إال بعد بدء عمليات االستكشاف‬ ‫وحفر اآلبار التجريبية لهذا الغرض‪.‬‬ ‫وعملياً‪ ،‬االستكشاف هو الخطوة األساسية‬ ‫يف تنفيذ العقود املرتقبة بني لبنان والرشكات‬ ‫النفطية التي سوف ترسو عليها حقوق االمتياز‬ ‫للتنقيب واإلنتاج‪ ،‬ولكن يجب أال ننىس أن الفرتة‬ ‫الزمنية ليست بقصرية وقد تطول اىل ‪ 8‬سنوات‬ ‫وهذه الفرتة هي الفاصلة ما بني بدء استدراج‬ ‫العروض وعمليات بدء االنتاج التجاري‪ ،‬الذي من‬ ‫املزمع أن تبدأه “إرسائيل” خالل العام ‪”.2012‬‬ ‫ويسأل ياغي ما الذي مينع “إرسائيل” من مد يدها‬ ‫اىل موارد لبنان الطبيعية‪ ،‬كام حدث يف مسائل‬ ‫املياه واألرايض؟ هنا ال يستبعد ياغي هذا األمر‪“ ،‬بيد‬ ‫أن لبنان بات أكرث حصانة من ذي قبل‪ ،‬و”إرسائيل”‬ ‫ال تستطيع رسقة املخزونات الطبيعية من هاتني‬ ‫املادتني يف حال وجدتا‪ ،‬وخصوصاً أنهام تقعان ضمن‬ ‫الحدود اإلقليمية واملنطقة االقتصادية التابعة‬ ‫للبنان‪ ،‬فهي ُم ٌ‬ ‫لك مضمون لدولة لبنان‪ ،‬وفقاً لقانون‬ ‫األمم املتحدة الصادر بهذا الشأن يف العام ‪،1982‬‬ ‫الذي يحدد املناطق االقتصادية واإلقليمية للدول‪،‬‬ ‫وذلك بهدف حفظ حقوق الدول املتجاورة بحراً يف‬ ‫مسألة استغالل ثرواتها الطبيعية التي تقع تحت‬ ‫سطح البحر‪ .‬من هنا يتوجب علينا كخطوة أوىل‬ ‫تثبيت حدودنا البحرية واالقتصادية لدى املنظامت‬ ‫األممية‪ ،‬بإرسال الخرائط الجغرافية املوجودة بحوزتنا‬

‫‪52‬‬

‫إىل األمم املتحدة‪ ،‬وكذلك علينا البدء وبأرسع وقت‬ ‫يف تطبيق قانون النفط املرتقب‪ ،‬يك تتمكن‬ ‫الرشكات املهتمة من توقيع عقودها مع لبنان‬ ‫والبدء بالتايل مبامرسة نشاطها االستكشايف‬ ‫يف معظم املناطق البحرية اللبنانية”‪.‬‬ ‫ويقول ياغي “ إن األوضاع األمنية والسياسية‬ ‫يف الداخل اللبناين مل تكن مشجعة ألي استثامر‬ ‫أجنبي يف هذا القطاع‪ ،‬ومل يكن لدينا أي قانون‬ ‫نفطي يحمي هذا النوع من االستثامرات أو‬ ‫ينظمها‪ ،‬كام أن املسوح الجيولوجية القدمية مل‬ ‫تكن عىل مستوى من التطور التقني بحيث تؤكد‬ ‫وجود النفط أو الغاز‪ ،‬إمنا اليوم ونتيجة استقرار‬ ‫األوضاع السياسية واألمنية وكذلك النتائج‬ ‫العلمية الواضحة بخصوص املسح الجيولوجي‬ ‫املتطور‪ ،‬فقد أضحى التعامل الرسمي أكرث‬ ‫جدية‪ ،‬إذ أضافت االكتشافات الهائلة يف شامل‬ ‫فلسطني بحراً وعىل مسافة ‪ 40‬كيلو مرتاً عن‬ ‫حدودنا الجنوبية املعطيات إلنضاج موضوع قانون‬ ‫النفط‪ ،‬وصدوره املرتقب خالل األسابيع القليلة‬ ‫املقبلة”‪.‬‬ ‫وحول التنقيب برا وبحرا يقول الخبري ياغي إن‬ ‫“التعامل مع موضوع التنقيب بحراً من الناحية‬ ‫اإلدارية أسهل بكثري من مسألة التنقيب براً‪،‬‬ ‫كون املياه اإلقليمية واالقتصادية اللبنانية التابعة‬ ‫لها ملكية ثابتة للدولة اللبنانية فقط‪ .‬يف حني‬ ‫أن الرب اللبناين هو مبعظمه عبارة عن ملكيات‬ ‫خاصة‪ ،‬وبالتايل فإن عمليات التنقيب تحتاج اىل‬ ‫أذونات ومراسيم لتسهيل عمليات االستكشاف‬ ‫والتنقيب‪ ،‬ولكن علينا أال نهمل املسح الجيولوجي‬ ‫الزلزايل لكافة األرايض اللبنانية واملبارشة فيها‬ ‫بأرسع وقت ممكن‪ ،‬وهو ما يفرض تحديد املناطق‬ ‫الواعدة مبخزون برتويل (غاز أو نفط) وبناء عىل‬ ‫نتائج هذا املسح يتعني عىل الدولة يف حينه إصدار‬ ‫الترشيعات البحرية لبدء عمليات االستكشاف‪،‬‬ ‫عل ًام أن ال فرقاً كبرياً بني قانون النفط البحري‬ ‫والربي‪ .‬وكام أسلفنا فإن قانون النفط البحري‬ ‫املرتقب هو حجر الزاوية للسياسة النفطية‬ ‫اللبنانية وصدوره سيسهل عملية إصدار قانون‬ ‫نفطي لألرايض اللبنانية‪ .‬لبنان عليه أن يبدأ‬ ‫بتحضري وتنظيم السياسة النفطية العامة‬ ‫وضمن حدوده الربية والبحرية‪.‬‬ ‫يشري ياغي اىل أن املخزونات املفرتضة بحسب‬ ‫البيانات األمريكية يف الحوض املرشقي كله من‬ ‫غزة اىل قربص تقدر بـ ‪ 122‬تريليون قدم مكعب‬ ‫من الغاز الطبيعي واملخزون املكتشف يف فلسطني‬ ‫املحتلة يقدر بـ ‪ 25‬تريليون قدم مكعب من الغاز‬ ‫الطبيعي‪ ،‬وهو ما يكفي االحتالل اإلرسائييل نحو‬ ‫‪ 5‬عقود مقبلة إلنتاج ‪ 11‬ألف ميغاوات من الطاقة‬ ‫الكهربائية‪ .‬ما يعني أن القسم املتبقي من الحوض‬ ‫املرشقي للبحر األبيض والذي يقع لبنان ضمنه‬ ‫يختزن نحو ‪ 100‬تريليون قدم مكعب من الغاز‬ ‫الطبيعي‪.‬‬ ‫ويؤكد ياغي‪ :‬أن لبنان لن يدفع فلساً واحداً بدءاً‬

‫من عمليات االستكشاف مروراً‬ ‫مبرحلة الحفر ووصوالً اىل مرحلة‬ ‫االنتاج التي ستوزع نسبها بني‬ ‫الرشكات والدولة اللبنانية‪ ،‬وعىل‬ ‫هذا األساس فإن الدولة تسري‬ ‫بخطى حثيثة لتحقيق هذا األمر‪.‬‬ ‫وبحسب مصادر مطلعة فإن‬ ‫تكلفة حفر برئ بعمق يراوح بني‬ ‫‪ 1500‬و‪ 2000‬مرت يرتاوح بني ‪ 50‬و ‪ 70‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫الفتاً اىل أن القانون يلحظ سقفاً مالياً لعمليات‬ ‫التنقيب وللمدة الزمنية املطلوبة‪.‬‬ ‫إن كمية الغاز املكتشفة قبالة شواطئ‬ ‫فلسطني املحتلة‪ ،‬تقدر قيمتها بـ ‪ 15‬مليار دوالر‬ ‫باألسعار الحالية‪ ،‬إ ّال أن سعر الغاز ارتفع بعدما‬ ‫كان منخفضا‪ ً،‬وهذا بالطبع سيحدث نقلة نوعية‬ ‫كبرية بالنسبة للبنان‪ ،‬يف ما لو تم اكتشاف الغاز‬ ‫أو النفط لدينا‪ ،‬فباب الخالص سيصبح مفتوحاً‬ ‫أمام لبنان ساعتئذ ليتحرر من ديونه‪ ،‬ويحقق‬ ‫عامل الرخاء لألجيال املقبلة‪ ،‬لكن علينا أوال وقبل‬ ‫أي يشء آخر أن نبدأ‪.‬‬ ‫ويلفت ياغي اىل أن هذه النتائج‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫ما تم اكتشافه علميا يف شامل فلسطني‪،‬‬ ‫اكتسبت صدقية أعمق وأوجدت اهتامماً دولياً‬ ‫واسعاً من الرشكات الكربى باملياه اإلقليمية‬ ‫اللبنانية الواعدة‪.‬‬ ‫ووفقا للنواحي التقنية لهذه النتائج‪ ،‬يؤكد‬ ‫ياغي “أن املناطق الواقعة خارج الحدود اإلقليمية‪،‬‬ ‫أي معظم املناطق الواعدة‪ ،‬هي يف املنطقة‬ ‫االقتصادية الخالصة التي تصل بني لبنان وقربص‪،‬‬ ‫وقد تم اتفاق مبديئ عىل تقسيم هذه املناطق‪،‬‬ ‫أي مبعنى ‪ 50‬يف املئة لكل بلد”‪ ،‬مشرياً اىل “أن‬ ‫املسافة بني لبنان وقربص كمعدل عام هي يف‬ ‫حدود ‪ 125‬مي ًال بحرياً‪ ،‬ويف املحصلة فإن للبنان‬ ‫الحق يف التنقيب واالستكشاف بـ ‪ 60‬مي ًال بحرياً‪،‬‬ ‫كذلك لقربص‪.‬‬ ‫ويضيف ياغي‪“ :‬إذا كان هناك من مكامن‬ ‫مشرتكة عىل الخط الفاصل‪ ،‬تستثمر ويتم‬ ‫تقاسمها تبعاً لنسبة وجودها يف الداخل‬ ‫اللبناين أو يف الداخل القربيص‪ ،‬وهذه العملية‬ ‫يحكمها قانون البحار الذي أقرته األمم املتحدة‬ ‫عام ‪ ،1982‬مبا يسمى ‪،seas water compaction‬‬ ‫مام يعني أن املياه اللبنانية من الشامل اىل الجنوب‪،‬‬ ‫هي مناطق واعدة جدا‪ ،‬حيث أن قعر البحر عىل‬ ‫امتداد الشاطئ اللبناين أو السواحل اللبنانية‬ ‫هو “‪ ،”salty plate‬أي طبقة مالحة‪ ،‬وعادة ما تخفي‬ ‫هذه الطبقات تحتها الـ ‪ ،Hydrocarbons‬وهي‬ ‫بسامكة تراوح بني ‪ 700‬وألف مرت‪ ،‬وهذه الطبقات‬ ‫تكون دامئاً مؤرشا اىل وجود ما يف باطنها”‪.‬‬

‫النتائج مؤرش علمي‬ ‫ويوضح ياغي‪“ :‬أن نتائج البحوث والتحاليل‬

‫الـ‬ ‫تعطينا مؤرشا علميا لحتمية وجود‬ ‫‪ ،Hydrocarbons‬ناهيك بالقيمة املضافة التي‬ ‫فلسطني‪،‬‬ ‫شامل‬ ‫يف‬ ‫االكتشافات‬ ‫أعطتها‬ ‫التي تتمتع بالجيولوجيا نفسها‪ ،‬فهي األقرب‬ ‫اىل جنوب لبنان‪ ،‬وبالتايل هذا االمتداد الجغرايف‬ ‫الذي يجمع بني فلسطني املحتلة وقربص ولبنان‪،‬‬ ‫وهذا التطابق الجيولوجي واالمتداد الجيولوجي‬ ‫الواحد‪ ،‬يؤكد أنه ما دام الـ ‪Hydrocarbons‬‬ ‫موجوداً يف شامل فلسطني‪ ،‬سيكون موجوداً‬ ‫يف لبنان وحتى يف قربص”‪ .‬ويضيف ياغي‪“ :‬نحن‬ ‫يف مرحلة تأكيد علمي‪ ،‬لكن التثبيت‪ ،‬أي اإلنتاج‬ ‫التجاري‪ ،‬هو يف حاجة اىل عملية حفر‪ ،‬وتسمى‬ ‫عملية استكشاف لقاع البحر أو ما تحته‪ .‬ونحن‬ ‫نتحدث عن ‪ 4‬آالف مرت تحت سطح البحر‪ ،‬ألن‬ ‫معدل املناطق التي سيتم الحفر فيها هو بني ‪3‬‬ ‫و‪ 5‬آالف مرت”‪.‬‬ ‫ويشدد ياغي عىل “أن الحفر التجريبي هو الذي‬ ‫يعطينا نتائج عن الكميات املتوقع وجودها‪ ،‬وهل‬ ‫هي من حيث الحجم ذات جدوى اقتصادية أم ال؟‬ ‫ونستطيع القول علمياً إن النتائج مطمئنة مئة‬ ‫يف املئة‪ ،‬لكن عمليات الحفر التجريبي رضورية‬ ‫لندحض الشك باليقني‪ ،‬وذلك سيحصل بعد‬ ‫تقسيم املناطق البحرية اللبنانية اىل قطع‬ ‫تطلق عليها تسميات كامتياز للرشكات العاملية‬ ‫املتقدمة بعروض‪ ،‬بغرض االستكشاف واإلنتاج‪،‬‬ ‫ثم إن نتائج بداية العمل لهذه الرشكات هي‬ ‫التي تؤكد ذلك”‪.‬‬ ‫ويرشح ياغي‪“ :‬بحسب األعراف‪ ،‬فإن الرشكة‬ ‫عندما تكون لديها نتائج واعدة يف منطقة معينة‬ ‫لكونها قامت بالعمل دون مقابل‪ ،‬فهي تسرتد ما‬ ‫تكلفته من خالل بيعها لهذه املعلومات‪ ،‬التي‬ ‫هي واعدة جدا‪ .‬وتتقاسم العائدات مع الدولة‬ ‫صاحبة امللكية لهذه الرثوة”‪.‬‬

‫حاجة لبنان‬ ‫فإذا أنتجنا ‪ 25‬تريليونا‪ ،‬تكفينا ملدة ‪ 25‬سنة‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يتحول لبنان من بلد منتج اىل بلد‬ ‫مصدر‪ ،‬وبعد تغطية االستهالك املطلوب‪ ،‬ميكن‬ ‫تصدير الفائض بكل سهولة‪ ،‬ويكون لبنان قد‬ ‫حصل عىل االكتفاء الذايت يف خصوص إنتاج‬ ‫الطاقة من مادة نظيفة كالغاز الطبيعي‪ ،‬ال‬ ‫تلوث فيها‪ ،‬والباقي للتصدير‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫إنشاءات وتجهيزات خاصة بعملية تسييل الغاز‬ ‫بغرض تصديره بواسطة البواخر أو مبد أنابيب‬

‫‪53‬‬

‫لتصديره يف حالته الطبيعية‪ .‬لكن‬ ‫هذه العملية كلها تحتاج اىل عمل‬ ‫دؤوب‪ .‬وللقيام بعمليات التنقيب‬ ‫وبدء االنتاج التجاري‪ ،‬تلزمنا ست أو‬ ‫سبع سنوات‪.‬‬ ‫وقياسا باألسعار اليوم‪ ،‬فإن ‪25‬‬ ‫تريليون قدم مكعب من الغاز يوازي‬ ‫‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬وهنا يؤكد ياغي “أن‬ ‫العائدات املالية واملتوقعة من جراء استخراجه‬ ‫ستكون مرتفعة جدا وستغطي ديوننا وأكرث”‪،‬‬ ‫معتربا “أن لبنان يف طريقه اىل أن يكون بلدا‬ ‫للمسح‬ ‫العلمية‬ ‫النتائج‬ ‫بحسب‬ ‫نفطيا‬ ‫الجيولوجي»‪.‬‬ ‫وال يرى أي عوائق داخلية أمام استخراج النفط‬ ‫من البحر‪ ،‬مشريا اىل “أن القانون قيد اإلنجاز‬ ‫بالتكامل بني السلطتني التنفيذية والترشيعية‪،‬‬ ‫ثم تأيت اإلجراءات اإلدارية وعملية تنظيم استدراج‬ ‫العروض واإلعالن عنها ومفاوضة الرشكات‬ ‫واختيار أفضل الرشوط حتى يتم التفاوض معها‬ ‫الستكامل هذه اإلجراءات‪ ،‬عندها عىل الرشكة‬ ‫التي رسا االتفاق عليها ووقع العقد معها (عقد‬ ‫االستكشاف واالنتاج)‪ ،‬أن تبارش عملها يف‬ ‫أرسع وقت ممكن‪ ،‬عل ًام أنه ال ميكن لرشكة أن‬ ‫تضع استثامرا معينا‪ ،‬ثم تتباطأ بالعمل‪ .‬كل‬ ‫الرشكات الكربى تريد املبارشة اليوم قبل الغد‪،‬‬ ‫وهناك رشكات عاملية عدة تنتظر قانون النفط‬ ‫يف لبنان حتى تجري اتصاالتها بالجهات املعنية‪،‬‬ ‫بهدف الحصول عىل حق امتياز التنقيب»‪.‬‬ ‫وعن تهديدات العدو اإلرسائييل‪ ،‬يقول ياغي‬ ‫“إن القانون الدويل وقانون األمم املتحدة القتسام‬ ‫الرثوات البحرية واضح‪ ،‬ولكل دولة الحق يف‬ ‫استكشاف ثرواتها الطبيعية واستثامرها داخل‬ ‫مياهها اإلقليمية واملناطق االقتصادية الخالصة‬ ‫العائدة اليها‪ ،‬والتي يضمنها القانون الدويل‬ ‫الصادر عام ‪.»1982‬‬ ‫ويخلص ياغي اىل القول إن األهم “هو أن قانون‬ ‫النفط املرتقب يف لبنان عىل نار قوية‪ ،‬وسيصدر‬ ‫خالل األسابيع القليلة املقبلة يف الجريدة‬ ‫الرسمية‪ ،‬بعد مناقشته يف مجلس النواب‪ .‬أما‬ ‫الخطوة التالية‪ ،‬فهي العملية التنظيمية التي‬ ‫ستقوم بها الوزارة املعنية والحكومة‪ ،‬حتى تتم‬ ‫عملية تثبيت الحدود اللبنانية البحرية من خالل‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬وتقسيمها اىل قطع او “بلوكات”‬ ‫حتى يتم تلزيم كل “بلوك” لرشكة معينة‪ ،‬وحينها‬ ‫تكون لكل رشكة مساهمة محددة يف عمليات‬ ‫االستكشاف والتنقيب وما يقتضيه ذلك من بناء‬ ‫منصات ومد أنابيب وكابالت‪ ،‬أي أنه ستكون هناك‬ ‫ورشة حقيقية كام يف أي بلد ينتج النفط»‪.‬‬ ‫وال يخفي ياغي‪“ :‬أن لبنان تنقصه الخربات البرشية‪،‬‬ ‫إذ إن معظم الجيولوجيني وأصحاب هذا االختصاص‬ ‫يعملون يف الخارج لدى رشكات أجنبية كربى»‪.‬‬ ‫ويرى ياغي‪“ :‬أن عىل لبنان أن يبدأ بالتنقيب يف‬ ‫أماكن ال خالف عليها مع العدو‪ ،‬وميكن أن تكون‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫قبالة شواطئ بريوت‪ ،‬وعىل املسؤولني أن يتحركوا‬ ‫قانونياً للمحافظة عىل حق لبنان يف التنقيب‬ ‫ضمن مياهه اإلقليمية‪ ،‬وأال ينتظروا قانون التنقيب‬ ‫عن النفط لتحديد مياهنا االقتصادية‪ ،‬بل يجب‬ ‫التالزم بني األمرين‪ ،‬وعندما يحدد لبنان مياهه‬ ‫االقتصادية تسهل عليه املطالبة بحقه”‪.‬‬ ‫ويكشف ياغي‪ :‬أن ما قامت به “ارسائيل”‬ ‫يف التنقيب‪“ ،‬ميكن أن يكون ملصلحة لبنان‬ ‫واالستفادة منه‪ ،‬بخاصة أن موقفه يف هذا‬ ‫الجانب أقوى من موقف الدولة املحتلة‪ ،‬وال سيام‬ ‫يف موقع التفاوض مع الرشكات العاملية‪ ،‬حيث‬ ‫أصبح لبحر لبنان قيمة اقتصادية تتنافس عليها‬ ‫الرشكات الكربى‪ ،‬الفتاً اىل أنه “يجب أال ننىس‬ ‫أن لبنان وفلسطني املحتلة وقسم من سوريا‬ ‫وقربص تقع ضمن الحوض املرشقي عىل طول‬ ‫شاطئ البحر األبيض املتوسط‪ ،‬الذي يتمتع‬ ‫برتكيبة جيولوجية متشابهة‪ ،‬وبحكم نتائج‬ ‫املسح الجيولوجي لهذا الحوض منذ نهايات القرن‬ ‫املايض والتحاليل اإليجابية لهذه النتائج ابتدا ًء‬ ‫من غزة ومروراً بفلسطني املحتلة ولبنان وقربص‪،‬‬ ‫تزايد وبشكل ملفت اندفاع الرشكات العاملية‬ ‫الكربى باتجاه هذه املنطقة الواعدة والتي تشكل‬ ‫مصدراً جديداً للطاقة والهايدروكاربون”‪.‬‬ ‫وعملياً‪ ،‬االستكشاف هو الخطوة األساسية‬ ‫يف تنفيذ العقود املرتقبة بني لبنان والرشكات‬ ‫النفطية التي سوف ترسو عليها حقوق االمتياز‬ ‫للتنقيب واالنتاج‪ ،‬ولكن يجب أال ننىس أن الفرتة‬ ‫الزمنية ليست بقصرية وقد تطول اىل ‪ 8‬سنوات‬ ‫وهذه الفرتة هي الفاصلة ما بني بدء استدراج‬ ‫العروض وعمليات بدء االنتاج التجاري‪ ،‬الذي من‬ ‫املزمع أن تبدأه “ارسائيل” خالل العام ‪.”2012‬‬ ‫إذ بينّ بعض الخرباء الذين حرضوا الجلسة أن‬ ‫العدو اإلرسائييل مل يبدأ ولن يبدأ بضخ الغاز من‬ ‫اآلبار قبل سنة ‪ ،2012‬وأنه يجري حالياً مد االنابيب‬ ‫التي تحتاج اليها عملية ضخ الغاز‪ .‬وتبني لنا أيضا‬ ‫أن هناك حقال يف جوار فلسطني املحتلة تسميه‬ ‫“ارسائيل” حقل الوف‪ ،‬وهو مالصق لحدود لبنان‪،‬‬ ‫وحتام متداخل معها‪ ،‬كام تبني أن التطور العلمي‬ ‫وصل اآلن اىل القدرة عىل الحفر األفقي ملسافة‬ ‫‪ 12‬كيلومرتا‪ ،‬وهذا يجعل إمكان الحفر من داخل‬ ‫األرايض املحتلة اىل املياه اإلقليمية اللبنانية أمراً‬ ‫ممكناً‪ ،‬وحتى ضمن األرايض اللبنانية يصبح ممكناً‪،‬‬ ‫وهناك توقع أنه خالل بضع سنوات سيصبح يف‬ ‫اإلمكان التوصل اىل حفر أفقي يصل اىل ‪ 25‬أو ‪30‬‬ ‫كيلومرتا‪ ،‬وهي املسافة التي تفصل الحقل الذي تم‬ ‫اكتشافه فعلياً تجاه حيفا عن الحدود اللبنانية”‪.‬‬ ‫ويف إطاللة عىل معطيات نرشت يف صحف‪،‬‬ ‫أن املصارف الدولية ترفض متويل االمتيازات التي‬ ‫متنحها “إرسائيل” للتنقيب عن النفط والغاز‪،‬‬ ‫باعتبار أنها مخالفة للقانون الدويل‪ ،‬إذ أن هذا‬ ‫القانون الذي تعرتف به كل دول العامل حدد لكل‬ ‫دولة منطقة بحرية تصل اىل ‪ 12‬ميال بحريا أو‬ ‫‪ 22‬كيلومرتا عن الشاطئ‪ ،‬ويف وسع كل دولة أن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫محافظة السويداء على خارطة االستثمارات‬

‫تضيف مسافة مامثلة‪.‬‬ ‫وتسمح املعاهدة الدولية لقوانني البحار من‬ ‫العام ‪ 1982‬باإلعالن عن مسافة إضافية تصل اىل‬ ‫‪ 200‬ميل بحري كمنطقة اقتصادية خاصة‪.‬‬ ‫وألن كل اكتشافات الغاز‪ ،‬استناداً اىل تحليالت‪،‬‬ ‫تقع خارج املياه اإلقليمية اإلرسائيلية‪ ،‬ميكن‬ ‫للدول املترضرة أن تعرتض عىل ذلك وتحسم األمر‬ ‫يف مؤسسات األمم املتحدة‪ ،‬وتقايض “إرسائيل”‬ ‫أمام محاكم دولية‪ ،‬كاملحكمة يف الهاي التي لها‬ ‫صالحية للبحث يف هذه املسألة‪.‬‬ ‫ولجني هذه الثامر‪ ،‬بدأ لبنان بالتحضري مللف‬ ‫قانوين عرب وزارة الخارجية أمام مجلس األمن يف‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬إلثبات حقه يف مياهه اإلقليمية او‬ ‫االقتصادية‪ ،‬إال أن األمر لن يكون سهال‪ ،‬لكون لبنان‬ ‫ال يعرتف بوجود “دولة إرسائيل”‪.‬‬

‫الجوين‪ :‬إشكالية كربى‬ ‫يف ترسيم الحدود‬ ‫وبحسب الخبري يف القانون الدويل د‪.‬حسن‬ ‫الجوين‪ ،‬عىل مجلس النواب اآلن أن يعمل عىل قانون‬ ‫للنفط‪ ،‬ينظم عملية تلزيم التنقيب واستخراج‬ ‫النفط للرشكات العاملية‪ ،‬يحدد رشوط التلزيم‪،‬‬ ‫ويحدد صندوق خاص للرثوة النفطية‪ ،‬أما يف ما‬ ‫يتعلق برتسيم الحدود البحرية غالبا ما تتفق الدول‬ ‫يف ما بينها‪ ،‬وهذا ال يعود اىل الحكومة اللبنانية‬ ‫بل يعود اىل ترسيم الحدود املائية التي تقوم به‬ ‫الحكومة اللبنانية بعد إصدار قانون يحدد هذه‬ ‫الحدود‪ ،‬هذا العمل مطلوب من الخرباء باملشاركة‬ ‫مع الجيش اللبناين وغريه بحسب القانون الدويل‬ ‫العام‪ ،‬وبحسب قانون البحار خاصة بعد اقرتاح‬ ‫جاميكا ‪ ،1982‬واقرتاح جنيف ‪ ،1952‬املتعلقان‬ ‫بقانون البحار‪.‬‬ ‫اإلشكالية هي يف تحديد وترسيم الحدود‬ ‫البحرية‪ ،‬وكام هو معروف التحديد ليس سه ًال أبداً‬ ‫كون لبنان هو منحدر وبالتايل من الصعوبة أخذ‬ ‫خط أفقي ميتد من الرب أو أن نأخذ زاوية ‪ 90‬درجة‬ ‫عىل الشاطئ أو أخذ خط وسط‪ ،‬بكل األحوال لو‬ ‫أخذنا هذه الخطوط‪ ،‬وهذه االحتامالت الثالث يكون‬ ‫ذلك لصالح لبنان و ستعود أعامق البحار الحاوي‬ ‫عىل الغاز والنفط ملصلحة لبنان‪.‬‬ ‫إن “إرسائيل” ترفض ذلك وهي ترسم الحدود عىل‬ ‫طريقتها‪ ،‬وطريقة رسم “إرسائيل” لحدودها مع‬ ‫فلسطني املحتلة هي طريقة عجيبة غريبة ال متت‬ ‫اىل القانون الدويل العام بصلة‪ ،‬وبالتايل سيكون‬ ‫هناك خالف بدون أدىن شك من ناحية الرتسيم‪.‬‬ ‫وهي ستطلب من األمم املتحدة اعتامد الخريطة‬ ‫التي تعتتربها صحيحة بالنسبة لها‪ ،‬ونحن بدورنا‬ ‫سرنسم خريطة الحدود التي نعتربها صحيحة‬ ‫بالنسبة لنا‪.‬‬ ‫ويسأل‪“ :‬كيف يذهب لبنان اىل طلب التحكيم‬ ‫مع دولة ال يعرتف بوجودها؟” الفتاً اىل كونها‬

‫‪54‬‬

‫“إشكالية كربى‪ ،‬إضافة اىل أن مجلس األمن‬ ‫الدويل غري معني برتسيم الحدود بني الدول‪ ،‬ومل‬ ‫يسبق لألمم املتحدة أن رسمت حدودا‪ ،‬وقد حصل‬ ‫ذلك أيضا ملرة واحدة يف ما يتعلق بالحدود بني‬ ‫العراق والكويت‪ ،‬مام شكل سابقة خطرية آنذاك”‪.‬‬ ‫ويشري جوين اىل “أن مثة خالفات حدود بني دول‬ ‫عدة‪ ،‬إ ّال أن اإلشكاالت ُتحل إما باتفاق بني الدولتني‪،‬‬ ‫وإما بالذهاب اىل التحكيم يف محكمة العدل”‪،‬‬ ‫يلفتجوين اىل “أن أكرث القضايا املطروحة او تلك‬ ‫التي طرحت أمام هذه املحكمة تتعلق مبسألة‬ ‫الحدود البحرية”‪.‬‬ ‫بإزاء ذلك‪ ،‬يجدد جوين سؤاله‪ ،‬هل يستطيع‬ ‫لبنان الذهاب اىل محكمة العدل؟ ويجيب‪:‬‬ ‫“بالطبع ال‪ ،‬ألنه ال يعرتف بـ “إرسائيل‪ .،‬لذا‪ ،‬عىل‬ ‫الحكومة اللبنانية أن تطلب من مجلس األمن‬ ‫الدويل ترسيم الحدود بينها وبني فلسطني‪ ،‬وذلك‬ ‫بالعودة اىل اتفاق الهدنة‪ ،‬إذ أن حدودنا معروفة‬ ‫وعىل مجلس األمن دعوة “إرسائيل”اىل احرتامها”‪.‬‬ ‫ويؤكد جوين “أن القضية حساسة وغري واضحة‬ ‫من اللحظة األوىل‪ ،‬واملطلوب من مجلس األمن‬ ‫تشكيل لجنة تحقيق فورية يف ملف التنقيب عن‬ ‫النفط”‪.‬‬ ‫واستباقا ألية تطورات أو مضاعفات فإن مجلس‬ ‫الوزراء اللبناين يعمل لرتسيم الحدود البحرية‬ ‫الجنوبية للمنطقة االقتصادية الخالصة اليداعها‬ ‫لدى األمني العام لألمم املتحدة بان يك مون تحمل‬ ‫عنوانني قانوين وآخر تقني واالنطالق سيكون‬ ‫من خط الهدنة الذي تم وضعه يف عام ‪ 1949‬بني‬ ‫لبنان و”إرسائيل” وسيكون ذلك مبثابة رسالة اىل‬ ‫الرشكات التي تنقب عن النفط لصالح “إرسائيل”‬ ‫بالتنبه اىل وجود مشكلة قانونية حقيقية مع‬ ‫الجوار ال بد من أخذها بعني االعتبار‪.‬‬ ‫إذاً لبنان أمام اختبار جديد مام يجعل مستقبل‬ ‫الرصاع مع االحتالل مفتوحاً عىل آفاق شتى‪.‬‬

‫إعداد‪:‬ليديا أبو درغم‬

‫شهدت محافظة السويداء خالل العرش سنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬من مسرية التطوير والتحديث‪ ،‬عدداً‬ ‫كبرياً من اإلنجازات االقتصادية والخدماتية والزراعية‬ ‫والصناعية‪ ،‬مام أعطاها وهجاً جديداً شمل مختلف‬ ‫أنحاء املحافظة‪ ،‬حيث ّتم قطع أشواطاً هامة يف إنجاز‬ ‫تلك املشاريع‪ ،‬التي انعكست إيجابياً عىل البنية‬ ‫التحتية للمحافظة وتطويرها‪ ،‬وقد كان للمؤمترات‬ ‫واملهرجانات والجوالت امليدانية مكانة ذات أهمية‬ ‫للتامس مع املواطنني‪ ،‬واالطالع عىل شؤونهم‬ ‫واحتياجاتهم التي ّتم تنفيذها ضمن برامج خاصة‪.‬‬ ‫ولعل أبرز ما شهدته املحافظة خالل العقد األول‬ ‫من والية الرئيس بشار األسد هي‪ ،‬زيارته التاريخية‬ ‫ملحافظة السويداء يف ‪ ،2006/11/28‬والتي ج ّذرت‬ ‫االنتامء الوطني والقومي‪ ،‬وكان لكلمته التي ألقاها‬ ‫خالل الحشد الكبري ألبناء املحافظة‪ ،‬األثر يف تعزيز‬ ‫هذا االنتامء وخاصة عندما قال‪“ :‬السويداء بلد‬ ‫البازلنت‪ ،‬هي صخرة يف وجه املخططات املعادية‪ ،‬وأن‬ ‫سوريا قلعة وطنية عصية عىل االخرتاق‪ ،‬والسويداء‬ ‫هي الصخرة األقوى يف هذه القلعة‪ ،‬وكام التقى‬ ‫جيل اآلباء واألجداد‪ ،‬ممث ًال بالقائد الخالد حافظ األسد‪،‬‬ ‫وبالقائد املجاهد سلطان باشا األطرش‪ ،‬فنحن أبناء‬ ‫الثورة واملقاومة‪ ،‬نلتقي اليوم لنحمل الشعلة‪،‬‬ ‫ولنكمل املسرية إىل األمام”‪.‬‬ ‫وقد كان ملكرمة الرئيس األسد خالل زيارته‬ ‫للمحافظة االهتامم الكبري لتطويرها‪ ،‬وتلبية‬ ‫احتياجات املواطنني‪ ،‬ويف مقدمة هذه املكرمة‬ ‫اإلرساع يف تنفيذ طريق دمشق – السويداء‪ ،‬وإحداث‬ ‫فرع لجامعة دمشق يضم أربعة كليات (الزراعة –‬ ‫اآلداب – الرتبية – الفنون الجميلة)‪ ،‬ووضع الدراسات‬ ‫الالزمة لتنفيذ املدينة الصناعية‪ ،‬واالعتامدات‬ ‫الالزمة إلنهاء مرشوع املدينة الرياضية‪ ،‬وإنهاء‬ ‫تنفيذ مرشوع مشفى شهبا‪ ،‬ووضع الدراسات‬ ‫لبناء مقر لفرع جامعة دمشق‪ ،‬واملبارشة لبناء قرص‬ ‫عديل يف السويداء‪ ،‬ومنح مئة مليون لرية سورية‬ ‫ملجلس مدينة السويداء والوحدات اإلدارية‪.‬‬ ‫وحول اإلنجازات التي ّمتت خالل الخطة االستثامرية‬ ‫لعام ‪ ،2009‬وتطلع املحافظة للخطة االستثامرية‬ ‫لعام ‪ ،2011‬أفاد السيد املحافظ بأنه بلغت امليزانية‬ ‫االستثامرية يف محافظة السويداء لعام ‪2009‬‬ ‫‪ /988 /‬مليون لرية‪ ،‬وزعت عىل مختلف املشاريع‬ ‫الخدماتية عىل مستوى املحافظة‪ ،‬ويف مقدمتها‬ ‫مشاريع أبنية التعليم‪ ،‬والصحة‪ ،‬والخدمات الفنية‪،‬‬ ‫والنفايات الصلبة‪ ،‬وحققت الخطة نسبة يف اإلنجاز‬ ‫بلغت ‪.%100‬‬ ‫أما بالنسبة لألجهزة املركزية‪ ،‬فقد تجاوزت امليزانية‬ ‫االستثامرية مليار ومئتي مليون لرية‪ ،‬و ‪ 93.5‬مليون‬ ‫لرية ملجلس املدينة‪ ،‬إضافة لذلك كان هناك متابعة‬ ‫حثيثة لتنفيذ امليزانية املستلقة‪ ،‬حيث ّتم تنفيذ‬ ‫عدد من املشاريع عىل مستوى الوحدات اإلدارية‬

‫الدكتور مالك محمد عيل‬ ‫محافظ السويداء‬ ‫والبلديات‪ ،‬شملت تنفيذ عدداً من الطرق وخطوط‬ ‫الرصف الصحي‪ ،‬ورشاء آليات وأعامل النظافة‪،‬‬ ‫وقد انعكس تنفيذ هذه املشاريع انعكاساً تنموياً‬ ‫إيجابياً عىل مختلف أنحاء املحافظة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة ملشاريع الخطة االستثامرية لعام‬ ‫توسعت عماّ‬ ‫‪ 2010‬فيمكننا القول بأنها خطة‬ ‫ّ‬ ‫سبقها‪ ،‬وتجاوز املبلغ يف امليزانية ليصل إىل مليار‬ ‫ومئة مليون لرية لألجهزة املحلية‪ ،‬وبلغت نسبة‬ ‫اإلنفاق لتاريخه ‪ ،% 41‬ومتوقع أن تصل يف الشهر‬ ‫التاسع إىل ‪ّ ،% 80‬‬ ‫وأن جميع املشاريع الواردة يف‬ ‫الخطة ّتم التعاقد عليها من خالل التتبع والتواصل‬ ‫مع كافة األعامل لكافة املشاريع يف أماكن‬ ‫تنفيذها‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للجهات املركزية‪ ،‬فقد ازدادت‬ ‫امليزانية لتصل إىل مليار و‪ 400‬مليون‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫يعكس مدى التوسع والنمو يف تنفيذ املشاريع عىل‬ ‫مستوى املحافظة‪ ،‬وهذا ما ينطبق أيضاً عىل مجلس‬ ‫مدينة السويداء‪ ،‬الذي بلغت ميزانيته االستثامرية‬ ‫مئة مليون لرية‪ ،‬وتجاوزت نسبة اإلنفاق ‪ ،%50‬وتقوم‬ ‫دامئاً بتتبع املشاريع إلنجازها يف مواعيدها املحددة‪.‬‬ ‫وفيام يتعلق بخطة املحافظة للنهوض بالواقع‬ ‫الخدمايت يف السويداء لقد خطة واسعة وطموحة‪،‬‬ ‫تشمل كافة القطاعات الخدمية‪ ،‬وهناك بعض‬ ‫املشاريع تتابع لالنتهاء منها‪ ،‬وهي بح ّد ذاتها‬ ‫مشاريع اسرتاتيجية عىل مستوى املحافظة‪ ،‬كطريق‬ ‫دمشق – السويداء‪ ،‬ومشاريع الرصف الصحي‪،‬‬ ‫ومراكز معالجة النفايات الصلبة‪ ،‬ونحن نتطلع‬ ‫خالل الخطة الخمسية الحادية عرش لحل مشكلة‬ ‫النفايات الصلبة والرصف الصحي‪ ،‬من خالل إنهاء‬

‫‪55‬‬

‫خطة تنفيذ مركز معالجة النفايات الصلبة يف‬ ‫عريقة‪ ،‬واالنتهاء من تنفيذ املحطات املركزية للرصف‬ ‫الصحي‪ ،‬إضافة لتنفيذ محطات رصف صحي من‬ ‫خالل ميزانية مستلقة‪ ،‬والتي بدانا بها هذا العام‬ ‫يف ثالث محطات‪ ،‬إضافة ملحطة معالجة النفايات‬ ‫الطبية‪.‬‬ ‫وكان النعقاد مؤمتر االستثامر يف املنطقة‬ ‫الجنوبية يف إطار الطموح والتنمية املستدامة‪،‬‬ ‫التي تعيشها سوريا بقيادة الرئيس بشار األسد‬ ‫وبرعاية كرمية من رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬فافتتح‬ ‫مؤمتر االستثامر يف املنطقة الجنوبية وتجسدت‬ ‫أهدافه بالنقاط التالية‪:‬‬ ‫الرتويج لالستثامر وفرص االستثامر املتاحة‪.‬‬ ‫التعريف ببيئة االستثامر ومتطلباته يف املنطقة‬ ‫الجنوبية‪.‬‬ ‫إلقاء الضوء عىل مقومات االستثامر يف املنطقة‬ ‫الجنوبية‪.‬‬ ‫تحفيز املستثمرين واملغرتبني عىل توظيف‬ ‫استثامراتهم وأموالهم يف املشاريع املطروحة يف‬ ‫املؤمتر‪.‬‬ ‫إظهار محافظة السويداء مبناخها اللطيف‬ ‫واألوابد التارخية واآلثار الجميلة يف كافة أرجاء‬ ‫املحافظة‪.‬‬ ‫وخلص املؤمتر بجملة من النتائج التي أخذت‬ ‫وسجل خالله إقبال‬ ‫طريقها اىل التطبيق الفعيل‪ُ ،‬‬ ‫كبري لألخوة املغرتبني واملستثمرين من داخل وخارج‬ ‫املحافظة والقطر‪ ،‬وانعكس ذلك مع تشميل عدد‬ ‫من املشاريع يف فرع هيئة االستثامر‪ ،‬بلغد عددها‬ ‫‪ 11‬مرشوعاً‪ ،‬وحجز ‪ 14‬مرشوعاً أيضاً من أصل ‪35‬‬ ‫مرشوعاً تم طرحها يف املؤمتر‪ ،‬وزعت عىل النحو‬ ‫التايل‪:‬‬ ‫‪ 11‬مرشوعاً يف املجال الخدمي و ‪ 11‬مرشوعاً يف‬ ‫املجال السياحي‪ ،‬و‪ 8‬مشاريع يف املجال الصناعي‪،‬‬ ‫مرشوعان يف املجال التنموي و ‪ 3‬مشاريع يف املجال‬ ‫الزراعي‪.‬‬ ‫واآلن يقوم فرع االسثامر يف املحافظة بتنفيذ‬ ‫اإلجراءات الخاصة بالتخرايص النظامية‪ ،‬من خالل‬ ‫التواصل مع املستثمرين املعنيني‪.‬‬ ‫وعليه فإن املؤمتر كان ناجحاً‪ ،‬وحقق األهداف‬ ‫املرجوة منه‪ ،‬وكان تشميل املشاريع شام ًال بشكل‬ ‫عام عىل مستوى املحافظات الثالث ( السويداء – درعا‪-‬‬ ‫القنيطرة)‪ ،‬واستطعنا من خالل هذا املؤمتر أن نظهر‬ ‫وبشكل واقعي الخارطة االستثامرية يف املنطقة‬ ‫الجنوبية‪ ،‬وما متتلكه هذه املنطقة من محفزات‬ ‫لإلنتاج‪ ،‬كانت محطة إعجاب وتقدير من كافة‬ ‫املستثمرين‪ ،‬وظهرت املنطقة الجنوبية أنها متتلك‬ ‫كامل الرشوط املوضوعة لعملية االستثامر يف إطار‬ ‫الترشيعات التي أقرتها الحكومة مبختلف أنواعها‪.‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب تربوي‬

‫د‪ .‬حسين يتيم لـ «منبر التوحيد»‪ :‬نحن في لبنان وطن بال تربية‬

‫أكثر من نصف قرن ومؤسسات‬ ‫المعهد العربي التربوية في تق ّدم مستمر‬

‫من فكر البعث والنهج النارصي بدأ‪ ،‬وعىل‬ ‫خطى اإلمام موىس الصـدر أكمل‪ ،‬ودع ًام‬ ‫ليؤسس مؤسسات‬ ‫للحركات القومية عمل‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫“املعهد العريب الرتبوية” التي خ ّرجت آالف‬ ‫الطالب من أجيال لبنان والعرب‪ .‬لقد آىل‬ ‫الدكتور حسني يتيم عىل نفسه تربيتهم عىل‬ ‫الحس القومي العرويب أل ّمة رشذمتها الطوائف‬ ‫والزعامات واملحسوبيات والرجعية‪.‬‬ ‫وكام بدأ باالنخراط بالحركات القومية‬ ‫بقي حتى اليوم ينادي بالعودة إىل‬ ‫العروبية‬ ‫َ‬ ‫الوطنية السليمة املرتبطة بالعروبة الحقة‬ ‫ممن أخضعتهم الرتبية‬ ‫التي فقدها كثريون‬ ‫َّ‬ ‫الرديئة لإلبتعاد عن هذه القيم‪ .‬لقد وجد‬ ‫أن الرتبية عىل املقاومة هي البداية لثقافة‬ ‫املقاومة فنهض بهذه املسؤولية منذ العام‬ ‫‪.1952‬‬ ‫لقد مىض أكرث من نصف قرن عىل تأسيس‬ ‫مؤسسات املعهد العريب الرتبوية‪ ،‬ونظراً ملا‬ ‫وصلت إليه من تقدّم‪ ،‬التقينا رئيسها نائب‬ ‫بريوت السابق الدكتور حسني يتيم‪ ،‬وكان لنا‬ ‫معه هذا الحوار‪:‬‬ ‫كـمؤسس ملؤسسات “املعهد العريب” منذ‬ ‫حوايل النصف قرن‪ ،‬أخربنا عن هذه التجربة‪،‬‬ ‫ومن أين أتت فكرة املعهد العريب؟‬ ‫مل يكن خياري األول إنشاء مؤسسة تربوية‪،‬‬ ‫ال بل كان هذا خياري الثاين‪ ،‬إذ كان الخيار األول‬ ‫أن أتخصص يف الطب‪ ،‬ولكنني مل أستطع ذلك‬ ‫ألسباب ضيق اليد وفقـر الحال‪ ،‬فأنا من أبناء الريف‬ ‫اآلتني إىل بريوت من الجنوب‪ ،‬ومل أستطع تحقيق‬ ‫حلمي كطبيب ّ‬ ‫(فالحي)‪ ،‬ومن هنا‬ ‫ألن والديَّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تأثرت باملرحوم الوزير‬ ‫مارست مهنة التعليم‪ ،‬وقد‬ ‫السابق رشيد بيضون‪ ،‬رئيس الجمعية الخريية‬ ‫اإلسالمية “العاملية”‪ ،‬التي تتلمذت مجاناً يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكنت‬ ‫أصبحت مديراً فيها‪.‬‬ ‫مدارسها‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يومئ ٍذ ال أزال حديث السن‪ ،‬وكان هذا يف بداية‬ ‫الستينات‪ .‬لكنّ رغبتي بتطوير نفيس إىل معلم‬ ‫كبري‪ ،‬جعلتني أنهض بتأسيس مدرسة خاصة‬ ‫يف منطقة شعبية عاملية بروليتارية‪ ،‬هي‬ ‫ُ‬ ‫فآثرت تأسيس مدرسة‬ ‫“زقاق البالط” يف بريوت‪.‬‬ ‫خاصة تخدم طبقات الشعب العامل‪ ،‬وذلك‬ ‫خدمة للبيئة التي أنتمي إليها‪ .‬وجاء التأسيس‬ ‫يف العام ‪ 1958‬ألنه كان عام الثورة الوطنية عىل‬ ‫الرئيس كميل شمعون‪ ،‬بعد حرب أهلية دامت‬ ‫حوايل السنة‪ .‬يومذاك قام رصاع بني املد القومي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الشيخ بيار الجم ّيل أىب إعطايئ رخصة للمعهد تحت‬ ‫اإلسم املختار “املعهد العريب”‬

‫واملد االنكفايئ الذي مثله الرئيس شمعون‬ ‫حيث أراد الدخول فيه عرب حلف بغداد مع نوري‬ ‫السعيد (العراق) وامللك حسني (األردن)‪ .‬يومذاك‬ ‫كان القائد جامل عبد النارص رئيساً ملرص وحزب‬ ‫البعث حاك ًام عىل سوريا (ميشال عفلق)‪ .‬قامت‬ ‫الثورة ضد كميل شمعون ألنه أراد الدخـول يف‬ ‫حلف بغداد (أي حلف أمرييك– أورويب) ضد الحالة‬ ‫القومية التي كـان يقودها الرئيس جامل عبد‬ ‫النارص وحزب البعث وحركة القوميني العرب‪ .‬أن‬ ‫الثورة يف بريوت عام ‪ 1958‬ضد كميل شمعون‬ ‫حصلت ملنع التجديد له‪ ،‬وبالتايل ُم ِن َع لبنان من‬ ‫الدخول يف حلف بغداد‪ .‬فذهب كميل شمعون‬ ‫إىل بيته بدون تجديد واليته‪ ،‬وسقط حلف بغداد‪،‬‬ ‫و ُق ِتل نوري السعيد‪ ،‬وسقط النظام املليك كله‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬كان لدينا قناعة يف لبنان برضورة‬ ‫إقامة مؤسسات قومية‪ ،‬تربوية وثقافية وإعالمية‬ ‫توجه الجيل بشكل سليم‪ ،‬وتكسبه مناعة‬ ‫ّ‬ ‫قومية‪ .‬ومع موجات االعتقال ضدّنا‪ ،‬صممنا‬ ‫عىل إقامة أول مؤسسة يف بريوت تحت اسم‬ ‫املعهد العريب‪ ،‬فقـام املعهد تحت هذا اإلسم‪،‬‬ ‫وتف ّرع عىل مدى خمسني سنة إىل سبعة فروع‬ ‫متتد من بريوت إىل الضاحية الجنوبية‪ .‬والشيخ‬ ‫بيار الجم ّيل الذي كان وزيراً للرتبية يومذاك أىب‬ ‫إعطايئ رخصة للمعهد تحت اإلسم املختار‬ ‫“املعهد العريب”‪ ،‬وبقيت الرخصة مج ّمدة‪ ،‬حتى‬ ‫املرسوم بالضغط السيايس‪.‬‬ ‫عىل‬ ‫حصلنا‬ ‫ومؤسساتنا اليوم تضم بالدرجة األوىل األيتــام‬

‫‪56‬‬

‫الذين ال كفيل لهم وفقراء الناس وأبناء الشهداء‬ ‫وهم يأخذون منا االهتامم األكرب‪ .‬ونحن نرسخ‬ ‫يف طالبنا الرتبية عىل استقالل لبنان‪ ،‬وانتامئه‬ ‫العريب‪ .‬وهكذا خ َّرجنا أجياالً عىل الوعي الوطني‬ ‫والقومي وفلسطني والجزائر والوحدة‪ .‬ولقد واكبنا‬ ‫العرص‪ ،‬وفتحنا مدارس مهنية وتقنية‪ ،‬بحيث‬ ‫يتخرج طالبنا حاملني الشهادات العليا التي تصل‬ ‫لإلمتياز الفني مبستوى جامعي بعد البكالوريا‬ ‫الفنية‪ ،‬يف االختصاصات التي يحتاجها املجتمع‬ ‫املتقدم يف عصور التكنولوجيا واملعلومات‪ ،‬إن‬ ‫طالبنا هم بآالف األعداد كل عام‪.‬‬ ‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬فنحن نعتز كثرياً أن أول شهيد‬ ‫سقط يف جنوب لبنان يف منطقة العرقوب وهو‬ ‫األخرض العريب “أمني سعد”‪ ،‬كان أستاذاً ومديراً‬ ‫يف املعهد العريب‪ ،‬وقاد حركة املقاومة من هذا‬ ‫املعهد‪ .‬فقد أسس فوج املقاومة األول يف بنت‬ ‫جبيل ولقب نفسه بــ “األخرض العريب” ألنه مل‬ ‫يكن يكتب وال يرسم سوى بالحرب األخرض‪ .‬وتكرمياً‬ ‫له نحن نحيي ذكراه يف كانون األول من كل عام‪،‬‬ ‫وقد استشهد يف السبعينات بعد أن تعقبته‬ ‫الطائرات اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫ماذا عن مواكبة الشباب بعد التخ ّرج ويف‬ ‫سوق العمل؟‬ ‫ألنني كائن تربوي واجتامعي وسيايس‪ ،‬ال‬ ‫تنتهي عالقايت بالخ ّريجني‪ .‬لقد أسسنا جمعية‬ ‫للخريجني وأنا أصادفهم يف لبنان وباريس‬ ‫وواشنطن وباقي الدول‪ .‬ولدينـا آالف اآلالف من‬ ‫الخ ّريجني‪ ،‬إضافة إىل أنني أستاذ يف الجامعتني‬ ‫اللبنانية واإلسالمية‪ ،‬وبالتايل أصبح يل هذا‬ ‫الكم الضخم من الخ ّريجني يف املعهد العريب‬ ‫ّ‬ ‫واملدرسة العاملية والجامعات‪ .‬ومن طاليب وزراء‬ ‫ونواب وأطباء وضباط وإعالميون ورجال دين‬ ‫ومقاومون كــ “غازي زعيرت وعباس هاشم وقبالن‬ ‫قبالن وحسن فضل الله ومحمد فنيش” ومسؤول‬ ‫منطقة الجنوب يف حزب الله الشيخ نبيل قاووق‬ ‫وغريهم‪ .‬وجمعية الخريجني تعمل عىل إقامة‬ ‫العالقات بني الخريجني يف األطر االجتامعية‬ ‫والوطنية والفكرية‪ ،‬ومقرها املعهد العريب‪ ،‬وهي‬ ‫تجتمع دورياً‪.‬‬ ‫ماذا عن الواقع الرتبوي يف لبنان ال سيام مع‬ ‫االنفالش الحاصل بازدياد الجامعات الخاصة؟‬ ‫ال بد من التمييز بني الرتبية وبني التعليم‪،‬‬ ‫إذ هناك فرق بني الرتبية عىل القيم األخالقية‬ ‫والوطنية‪ ،‬وبني تعليم العلوم مسلوخة عن قيم‬

‫الروح وعن األخالق التي تهذب األمم واملجتمعات‪ .‬إذاً‬ ‫ال بد بداية من العمل عىل الطرق املثىل لرتبية‬ ‫الولد يف املنزل ملعرفة قيم األسـرة‪ ،‬ألنها الخلية‬ ‫األوىل لبناء املجتمع‪ .‬نحن يف لبنـان وطن بال‬ ‫تربية‪ ،‬ألننـا ال منلك نظاماً تربوياً يربيّ بالشكل‬ ‫ّأن الرتبية هي املناعة‬ ‫الصحيح‪ ،‬متناسني‬ ‫الحقيقية للوطن‪ .‬يقولون ّأن لبنان مدرسة الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬ويوجد فيه ‪ 45‬جامعة‪ ،‬وحوايل الـ ‪2000‬‬ ‫مدرسة خاصة‪ ،‬و‪ 2000‬مدرسة رسمية‪ ،‬ويأيت‬ ‫املتعلمون من جميع أقطار العامل ليتعلموا يف‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكن لألسف فالرتبية فيه غائبة‪ .‬لو أننا‬ ‫تر ّبينا عىل مفهوم لبنان الواحد والشعب الواحد‪،‬‬ ‫ملا كانت “إرسائيل” اخرتقتنا بشبكات التجسس‪.‬‬ ‫لقد ازداد عدد العمالء ألنه ال يوجد لدينا منعة‬ ‫تربوية كافية تدعو لحب األرض‪ ،‬بعكس ما يقوم‬ ‫به املجاهدون الذين يسقطون شهداء فدا ًء لها‪ .‬إن‬ ‫هذا الكم الهائل من املدارس والجامعات ال ينفع‬ ‫يف بناء األمة طاملا أن املنهج الرتبوي هش وكتب‬ ‫التاريخ والرتبية والدين والثقافة غائبة‪.‬‬ ‫ماذا عن اهتامماتك الثقافية والرتبوية؟‬ ‫ال أدّعي أنني أديب ولكننـي أكتب بذوق أديب‬ ‫وأقرض الشعـر أيضاً‪ ،‬وال غرابـة فأنـا من عاميل‬ ‫النشأة‪ .‬ومن اهتاممايت القراءة الدامئة يف‬ ‫جميع املواضيع وأهوى الشعر كثرياً‪ ،‬واختصايص‬ ‫أتوجـه بالنصيحة‬ ‫يف التاريخ يدعونـي ألن‬ ‫ّ‬ ‫لكل طالـب معرفة قراءة تاريخ األمم والحضـارات‬ ‫ّ‬ ‫ألن اإلضاءة عىل التاريخ تكشف الحارض وتنري‬ ‫املستقبل‪ .‬أعتقد أنه ليست وحدها الرتبية يف‬ ‫املدارس هي التي تربيّ اإلنسان‪ ،‬وليس فقط العلم‬ ‫هو الذي يق ّوي اإلنسان يف املدارس‪ ،‬ال بل هناك‬ ‫بيئة ثقافية يف األمة‪ ،‬وهذه البيئة لها عالقة‬ ‫وهنا‬ ‫مؤثرة يف بناء املواطن املثقف الواعي‪.‬‬ ‫تكمن أهمية وزارة الثقافة يف العمل عىل نرش‬ ‫الثقافة القومية عرب املراكز والنوادي وعرب وسائل‬

‫تصوير‪ :‬عباس خشاب‬

‫رسم ‪ :‬االخرض العريب‬

‫اإلعالم املتطورة‪ .‬لألسف ال يزال هناك من ال يرى‬ ‫األخطار عىل لبنان من “إرسائيل”‪ ،‬وهناك من‬ ‫مل يشاهد “مجازر قانا” أطفاالً ونسا ًء وشيوخاً‬ ‫ُي ْقتًلون تحت خيمة األمم املتحدة بسالح الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬إنهم يتحدثون فقط عن الخطر السوري‬ ‫والفلسطيني واإليراين وغريه‪ .‬ماذا عن الرتبية‬ ‫لدينا؟ هل خ ّرجنا أمهات صالحات ُيع ّلمن أبناءهنّ‬ ‫ما هو صالح لألمة؟ هل خ ّرجنا معلمني صالحني؟‬ ‫وهل راقبنا سريورة التعليم الوطني السليم؟‪.‬‬ ‫وماذا تعرف أجيالنا عن جغرافية لبنان والوطن‬ ‫العريب‪ ،‬وعن تاريخنا وحضارتنا الغابرة التي يجب‬ ‫أن تعود إىل مرسح الحضارات املعارصة؟ قلة هم‬ ‫الذين يعرفون‪ ،‬وكرثة ال يعرفون‪ ،‬وهذا هو نظام‬ ‫امللل والطوائف؟‬ ‫املطلوب من الجميع العودة إىل الينابيع‬ ‫الصافية‪ ،‬ماذا عن تجربتك كنائب يف الربملان‬ ‫اللبناين؟ هل قد َ‬ ‫ّمت مشاريع قوانني يف الشأن‬ ‫الرتبوي والثقايف؟‬ ‫نعم‪ ،‬تقدّمت مبرشوع كتاب التنشئة الدينية‬ ‫يف املدارس‪ .‬لكن رؤساء الطوائف الدينية مل‬ ‫يقبلوا به باستثناء املغفور له اإلمام شمس‬ ‫الدين‪ .‬لألسف ال يوجد كتاب تنشئة دينية تعلم‬

‫د‪ .‬حسني يتيم‪ :‬نائب بريوت عن «حركة أمل» يف كتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري‬ ‫(عام ‪ُ .)1996‬ولِد عام ‪ 1934‬يف كفردونني (قضاء بنت جبيل – جنوب لبنان)‪ ،‬حائز عىل‬ ‫دكتوراه دولة يف التاريخ‪ ،‬وماسرت يف الرتبية وإجازة يف األدب العريب من جامعة القاهرة‬ ‫وجامعة بريوت العربية‪ .‬ويجيد إىل اللغة العربية‪ ،‬الفرنسية واإلنكليزية‪.‬‬ ‫ مؤسس مدارس املعهد العريب الرتبوية (عام ‪ ،)1958‬ومع َلم ومدير يف املدارس العاملية‬‫سابقاً‪ ،‬إضافة إىل أنه أستاذ محارض يف الجامعة اللبنانية والجامعة اإلسالمية يف لبنان‪.‬‬ ‫رئيس نقابة أصحاب املدارس الخاصة يف لبنان‪ .‬عضو املجمع الثقايف العريب‪.‬‬ ‫ عضو مؤسس يف املجلس اإلسالمي الشيعي األعىل‪ ،‬وعضو مؤسس يف حركة «أمل‬‫املحرومني»‪ ،‬عضو يف الوفد املرافق لإلمام الصدر إىل القاهرة ملقابلة الرئيس جامل عبد‬ ‫النارص وإىل فرنسا‪.‬‬ ‫ كذلك هو عضو يف وفد املجلس اإلسالمي الشيعي األعىل ملقابلة األمني العام لألمم‬‫املتحدة كورت فالدهايم يف موضوع إخفاء اإلمام موىس الصدر (عام ‪ .)1981‬ويف وفد‬ ‫«حركة أمل» للمؤمتر اإلسالمي يف الرباط يف املوضوع نفسه (عام ‪.)1983‬‬

‫‪57‬‬

‫أديان التوحيد يف وطن األديان لبنان‪ .‬ولألسف ّ‬ ‫فإن‬ ‫الجيل يرتبىّ بدون معرفة يشء عن دين اآلخـر‪،‬‬ ‫أجيالنا تجهل األديان واإلميان واإلنسان عدو ما‬ ‫َج ِه َل‪ .‬هل يعلم هذا الجيل ماذا قالت املسيحية؟‬ ‫“املجد لله يف األعايل وعىل األرض السالم ويف‬ ‫املرسة”؟ وما قابلها من تحية إسالمية‪:‬‬ ‫الناس‬ ‫َّ‬ ‫“السالم عليكم ورحمة الله وبركاته”‪ .‬إذاً علينا‬ ‫بالرتبية التي تعلم أجيالنا بأن األديان الساموية‬ ‫نادت بالسالم واملحبة‪ .‬أما عن تجربتي كلها كنائب‪،‬‬ ‫فهي كمن دخل مغارة عيل بابا‪ ،‬وكان يف ظنه‬ ‫أنه دخل بيت األمة‪ ،‬لذلك أخرجوين‪ .‬أحرجتهم‬ ‫فأخرجوين‪ ،‬فاملؤسسات وهمية وفاسدة وما‬ ‫يبنى عىل الفساد هو فاسد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أنت من مؤسيس حركة أمل (املحرومني)‪ ،‬ماذا‬ ‫تقول يف الذكرى الـ ‪ 32‬لتغييب اإلمام موىس‬ ‫الصدر؟‬ ‫لقد غ ِّيب هذا الرجل العظيم‪ ،‬كام غيب كامل‬ ‫جنبالط‪ ،‬وكام غاب اليوم السيد محمد حسني‬ ‫فضل الله وكام غاب جامل عبد النارص والشهيد‬ ‫رفيق الحريري‪ .‬هؤالء من عظامء لبنان والعامل‬ ‫العريب عق ًال ووعياً وإخالصاً‪ .‬لقد ُغ ِّيب اإلمام‬ ‫الصدر ألنه أسس املقاومة‪ ،‬فتواطأت عىل تغييبه‬ ‫“إرسائيل” وأمريكا وأنظمة عربية وإسالمية‪ .‬وهو‬ ‫القائل‪(“ :‬إرسائيل) ٌ‬ ‫رش مطلق‪ ،‬قاتلوها”‪.‬‬ ‫بالفعل‪ ،‬نحن من مؤسيس “حركة أمل”‬ ‫ُ‬ ‫تركت “التنظيم” يف منتصف الثامنينات‬ ‫ولكنني‬ ‫ألسباب تنظيمية‪ ،‬وأهمية “حركة أمل” هي فكر‬ ‫اإلمام الصدر املنفتح عىل العدالة االجتامعية‬ ‫واإلصالح والتغيري واملقاومة بل هو من أرىس‬ ‫الدعائم األوىل ملدرسة املقاومة التي ينتجها‬ ‫“حزب الله” اليوم‪ .‬وبالتايل فاملطلوب من الجميع‬ ‫هو العودة إىل الينابيع الصافية مليثاق كل تنظيم‪،‬‬ ‫بحيث يجب العمل بالقيم التي قام عليها‪.‬‬ ‫والرئيس بري وحده‪ ،‬بذكائه وتوقد ذهنه وإخالصه‬ ‫هو القادر عىل إعادة النظر بتكوين التنظيم حتى‬ ‫يستقيم بناء الهيكل بالهيكلية‪.‬‬ ‫ويف النهايـة‪ ،‬أوجه تحيايت للوزير الصديق وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬مقرونة بتقديري لـه‪ ،‬فهو ظاهرة سياسية‬ ‫وطنية قومية مهمة يف زمن الهشاشة الوطنية‬ ‫والقومية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫المرجع الديني والمظلة الروحية يرحل إلى جوار أجداده األئمة (ع)‬ ‫العالمة المرجع محمد حسين فضل هللا‪ :‬مجتهد متنور انطفأ سراجه‬ ‫زمن أحوج ما يكون إليه الناس املحرومون‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫رحل املرجع العالمة محمد حسني‬ ‫املؤمنون‪،‬‬ ‫فضل الله (رضوان الله عليه) تاركاً خلفه آالف‬ ‫املقلدين واملح ّبني‪ ،‬آالف األبناء الذين نسوا معنى‬ ‫“ال ُيتم” حني رأوه‪ ،‬وترعرعوا بني يديه الفاضلتني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حمل اإلسالم مشع ًال يف فكره وروحه‬ ‫وكتاباته ومواعظه الدينية ومجالسه التي أ َّمها‬ ‫“أح ّبته” ومقلديه واملؤمنني‪.‬‬ ‫رحل الس ّيد فضل الله وكالم الله يرافقه حتى‬ ‫النفس األخري‪ ،‬وصالته ال تفارقه حتى بوجود‬ ‫األنابيب الطبية عىل جسده‪.‬‬ ‫‪ 75‬عاماً م ّرت من عمر متد ّي ٍن ُمجتهد يف‬ ‫جميع املجاالت الروحية والفقهية والفكرية‪،‬‬ ‫عمل باستمرار عىل االنفتاح عىل جميع‬ ‫االتجاهات واالنتامءات‪ ،‬وعىل جميع القضايا‬ ‫الوطنية والقومية واإلسالمية لأل ّمتني العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬ألن شعاره الدائم كان ّأن “الحقيقة‬ ‫ُ‬ ‫بنت الحوار”‪.‬‬ ‫مل يكن سامحته مرجعاً دينياً فقط‪ ،‬ال‬ ‫بل كان أباً‬ ‫أليتام جار عليهم الزمن وقدَّ ر الله‬ ‫ٍ‬ ‫لهم بالعيش بدون أرسة‪ ،‬فكان الس ّيد فضل‬ ‫الله مرجعهم وأرستهم وحاضنهم وأباهم‬ ‫ومرشدهم‪ ،‬مرشد األجيال التي مل تعد يتيمة‬ ‫بوجوده‪.‬‬

‫مرشد املقاومة‬ ‫ُولِ َد لإلسالم‪ ،‬وعاش له‪ ،‬وبناءاً عليه أطلق عمل‬ ‫املقاومة اإلسالمية يف لبنان‪ ،‬فكانت امتداداً‬ ‫لفكره ونهجه ومسريته الجهادية املؤمنة‪.‬‬ ‫ودّع الحياة الدنيا إىل جوار األ ّمئة وال ُر ُسل‬ ‫ٌ‬ ‫وكلامت قليلة‪ ،‬عميقة املضمون‪ ،‬ترتدد عىل‬ ‫شفتيه‪“ :‬لن أرتاح إال بزوال “إرسائيل”‪ .‬ف ِمن‬ ‫املقاومني‪ ،‬ألف تحية لسامحتك أيها الس ّيد‪،‬‬ ‫ووعدٌ صادق كوعد س ّيد املقاومة باستمرار الجهاد‬ ‫واملقاومة حتى زوال الكيان الصهيوين‪ .‬فارقد يا‬ ‫َ‬ ‫ألنك حت ًام عىل‬ ‫سيد األحرار بسالم يف جوار ر ّبك‬ ‫ثقة باملقاومني املجاهدين الذين حملوا مشعلك‬ ‫وساروا إىل الجهاد والشهادة‪ ،‬متسلحني باإلسالم‬ ‫واإلميان بعظمة الخالق الج ّبار الذي سيدفعهم‬ ‫قدماً لكرس جربوت العدو الصهيوين كام فعلوا‬ ‫يف حرب متوز ‪.2006‬‬

‫الس ّيد املرجع‬ ‫َ‬ ‫خاطبت الجميع باستمرار‪“ :‬يا أيها األحبة”‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السيد فضل الله‬ ‫مع األمني العام‬ ‫لـ “حزب الله”‬ ‫السيد نرص الله‬

‫واإلجتامع؟ ماذا نكتب يف تلك اإلطاللة ا ُملرشقة‬ ‫َ‬ ‫كنت تطل بها عىل املؤمنني املصلني؟ هل‬ ‫التي‬ ‫نكتب عن أب األيتام‪ ،‬أو عن املرجع الديني‪ ،‬أو عن‬ ‫املقاوم املجاهد‪ ،‬أو عن الس ّيد املنفتح عىل جميع‬ ‫خلق الله؟‬ ‫ّ‬ ‫ليعجز يا سامحة الس ّيد عن‬ ‫إن القلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بيديك الطاهرتني‬ ‫بتاريخ مجيد سط ّرت ُه‬ ‫اإلحاطة‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وبصالتك التي أ ّمت‬ ‫وبوجهك املشع نوراً وابتهاالً‪،‬‬ ‫املساجد واملجالس الدينية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بكتك يا سامحة الس ّيد‪ ،‬وشاركت‬ ‫كل الناس‬ ‫يف تشييع جثامنك الطاهر‪ ،‬وكأنهم عرفوا‬ ‫َ‬ ‫قيمتك املباركة يا حفيد اإلمام عيل بن أيب‬ ‫َ‬ ‫كنت تطلب‬ ‫طالب (ع)‪ ،‬وكأنهم “فهموك” كام‬ ‫منهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سيفتقدك الجميع يا سامحة الس ّيد‪،‬‬ ‫حت ًام‬ ‫َ‬ ‫خالفك الرأي يف كثري‬ ‫نعم “الجميع”‪ ،‬حتى َمن‬ ‫َ‬ ‫وسيفتقدك أبناء امل ّربات الخريية‬ ‫من األحيان‪،‬‬ ‫التي أسستها الحتضانهم‪ ،‬فكانوا أن وصلوا‬ ‫وتعلموا‪ ،‬وكانوا األفضل بصلواتك ودعواتك‬ ‫ودعمك وأب ّوتك‪ .‬هؤالء أكرث َمن سيفتقدك‬ ‫ألنهم – وبعد فقدانهم أهلهم – افتقدوا َوالدَهُ م‬ ‫الروحي ومرجعهم الديني وداعمهم األساس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عشت لها‬ ‫كنت تقول‪“ :‬أمنيتي الوحيدة التي‬ ‫ُ‬ ‫وعملت ألجلها هي أن أكون خادماً لله ولرسوله‬ ‫(ص) وألهل بيته (ع) ولإلسالم واملسلمني”‪.‬‬ ‫حت ًام لن تجف دموع املؤمنني بغيابك‪ ،‬ولن ترقد‬ ‫عيونهم قبل تنفيذ وصيتك بحفظ اإلسالم‬ ‫ووحدة األمة‪ ،‬وبتحقيق أمنيتك بزوال “إرسائيل”‬ ‫وعودتهم إىل املسجد األقىص‪.‬‬ ‫ومن كل أبناءك يف مؤسساتك االجتامعية‬ ‫َ‬ ‫ألنك ع ّو َ‬ ‫ضت عنهم حنان‬ ‫تحية من القلب‬ ‫َ‬ ‫فكنت األمني املعني لهم يف‬ ‫األرسة التي فقدوا‪،‬‬ ‫علمهم وعيشهم وبقائهم مك ّرمني وجعلهم‬ ‫فاعلني يف املجتمع‪.‬‬

‫املطران داما كينوس منصور (من الربازيل)‬

‫وسفرية برطانيا يف لبنان فرانسيس غاي‬

‫السرية الذاتية‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫كنت تعترب الجميع مح ّبيك‪ ،‬فأنت الذي‬ ‫ألنك‬ ‫قال‪“ :‬إين ال أضمر يف قلبي أي حقد عىل مؤمن‪،‬‬ ‫وال أحمل يف قلبي سوءاً عىل أحد‪ ،‬ألين أحبكم‬ ‫جميعاً‪ ،‬أحب أن نعيش معاً‪ ،‬من أجل األخ ّوة يف‬ ‫الله‪ ،‬ومن أجل أن نتعاون عىل أن يكون الحب‬

‫‪58‬‬

‫للجميع‪ ،‬أن نحب كل الناس‪ ،‬أن نحب الذين‬ ‫يتفقون معنا لنتعاون معهم‪ ،‬والذين يختلفون‬ ‫معنا لنتحاور معهم”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأنت خ ُري‬ ‫عنك يا سامحة الس ّيد‬ ‫كيف نكتب‬ ‫كتب يف الفقه واإلسالم والدين والشعر‬ ‫َمن‬ ‫َ‬

‫هو‪ :‬السيد محمد حسني ابن السيد عبد‬ ‫الرؤوف ابن نجيب الدين ابن السيد محي الدين‬ ‫ابن السيد نرص الله ابن محمد بن فضل الله‬ ‫(حيث نسبت األرسة إليه)‪ ،‬ابن محمد بن محمد‬ ‫بن يوسف بن بدر الدين بن عيل بن محمد بن‬ ‫جعفر بن يوسف بن محمد بن الحسن بن عيىس‬ ‫بن فاضل بن يحي بن حوبان بن الحسن بن ذياب‬ ‫بن عبد الله بن محمد بن يحي بن محمد بن‬ ‫داوود بن ادريس بن داوود بن أحمد بن عبد الله بن‬ ‫موىس بن عبد الله بن الحسن املثنى بن الحسن‬ ‫السبط ابن اإلمام عيل بن أيب طالب (ع)‪.‬‬ ‫هو ابن النجف األرشف يف العراق حيث ُولِ َد‬ ‫هناك بعد مهاجرة والده السيد عبد الرؤوف من‬ ‫لبنان إليها‪.‬‬ ‫بدأ دراسته يف أحضان الحوزة العلمية الكربى‬

‫و وفد من مشايخ الطائفة السن ّية‬

‫‪59‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫ويف العلوم الدينية يف عم ٍر مبكر‪ .‬ومن ثم عاد‬ ‫إىل لبنان وأسس مؤسسات متعددة االتجاهات‬ ‫بهدف واحد هو مساعدة املحتاجني والفقراء‪.‬‬

‫أب العمل الخريي‬ ‫ُ‬

‫أسس سامحة السيد فضل الله جمعية‬ ‫املربات الخريية تحت اسم “مربة اإلمام الخويئ”‪،‬‬ ‫ومن ثم تط ّورت ليزداد عددها واحدة تلو األخرى‬ ‫فتو ّزعت بني املناطق اللبنانية لتحتضن أيتام‬ ‫أوجدتهم الحرب األهلية‪ ،‬وازداد عددهم يوماً بعد‬ ‫يوم‪ .‬هذا باإلضافة لثالث مدارس لذوي الحاجات‬ ‫الخاصة حملت نور الله واإلسالم وهي‪ :‬مدرسة‬ ‫للصم‪،‬‬ ‫النور للمكفوفني‪ ،‬مدرسة الرجاء‬ ‫ّ‬ ‫ومدرسة النطق واللغة‪.‬‬ ‫و ِب ِسعة إميانه باملجتمع وبأهمية أن يكون أبناء‬ ‫م ّرباته فاعلني كغريهم‪ ،‬عمل سامحة السيد‬ ‫عىل تطوير عمل املربات الستيعاب أكرب عدد‬ ‫ممكن من األيتام واملعوزين‪ ،‬والستكامل تحصيلهم‬ ‫العلمي حتى تخ ّرجهم الجامعي‪.‬‬ ‫ولإلطالع عىل نشاط جمعية املربات بعد‬ ‫رحيل سامحته‪ ،‬لإلحاطة مبكانته بني أيتامه‪،‬‬ ‫كان لنا لقاء مع مدير دائرة التكفل والعالقات‬ ‫الخارجية يف جمعية املربات الخريية الحاج جعفر‬ ‫عقيل الذي تحدّث لـ”منرب التوحيد” بالرغم من‬ ‫الصدمة التي حلت عىل أفراد الجمعية برحيل‬ ‫سامحة السيد فضل الله ملا له من مكانة‬ ‫روحية دينية أبوية لدى الجميع‪.‬‬

‫أيتام املربات الخريية بزيارة ألبيهم الروحي املرجع فضل الله‬

‫الحاج جعفر عقيل‪ :‬سامحته‬ ‫كان املظلة الروحية واألبوية‬ ‫والرسالية للم َّربات‬ ‫بداية تح ّدث عقيل عن الوضع الحايل للمربات‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬جمعية املربات الخريية كام تعلمون‪،‬‬ ‫تأسست سنة ‪ ،1978‬عىل يد سامحة املرجع‬ ‫الراحل السيد فضل الله‪ ،‬من أجل رعاية األيتام‬ ‫يف البداية‪ ،‬باعتبار أن أعداد األيتام تزداد كل يوم‬ ‫ج ّراء الحرب األهلية التي كانت بدأت عام ‪.1975‬‬ ‫الحقاً‪ ،‬تطورت جمعية املربات الخريية بتوجيه‬ ‫من سامحة الس ّيد (رضوان الله عليه)‪ ،‬وأصبحت‬ ‫كام هي عليه اآلن‪ ،‬عبارة عن مجموعة كبرية من‬ ‫املؤسسات املتنوعة االهتاممات‪ :‬من مؤسسات‬ ‫لأليتام‪ ،‬عددها ‪ 9‬م ّربات ترعى األيتام‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫ثالث مؤسسات للمع ّوقني من الصم والبكم‬ ‫سمى بـ”ذوي االحتياجات‬ ‫واملكفوفني أو ما ُي َّ‬ ‫الخاصة”‪ ،‬وعدد كبري من املدارس األكادميية‪ ،‬وثالث‬ ‫معاهد تعنى بالتعليم املهني‪ ،‬إضافة إىل دار‬ ‫للمعلمني وهناك أيضاً دار للمسنني وعدد كبري‬ ‫من املراكز الثقافية ومستشفى وعدة مراكز‬ ‫صحية‪.‬‬ ‫ما يهمنا القول يف هذه املرحلة‪ ،‬مرحلة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أطفال املربات تنهل من تربيكات السيد فضل الله‬

‫ما بعد سامحة السيد‪ ،‬رداً عىل التساؤالت‬ ‫الكثرية‪ّ ،‬أن هذه املؤسسات ستستمر بوترية‬ ‫أقوى مام كانت عليه‪ّ ،‬‬ ‫ألن سامحة السيد علمنا‬ ‫أن نكون أقوياء‪ ،‬وأن نكون الرياديني واملتم ّيزين‪،‬‬ ‫وهذا ليس مجرد كالم‪ ،‬وإمنا هنالك تخطيط بدأ‬ ‫منذ أكرث من عرش سنوات بطلب من سامحته‬ ‫حني قال‪“ :‬إبدأوا بالتخطيط ملرحلة ما بعد‬ ‫الس ّيد”‪ ،‬وهو منذ ذلك الوقت مل يتدخل إدارياً‬ ‫يف عمل املؤسسات‪ ،‬وإمنا كان يشكل املظلة‬ ‫الروحية واألبوية والرسالية للجمعية‪ ،‬إمنا عمل‬ ‫جمعية املربات اإلداري والتنظيمي كان ‪ -‬وبطلب‬ ‫من سامحته ‪ -‬منوطاً بإدارة الجمعية‪ .‬وإذا أردنا‬ ‫تفصيل ذلك‪ ،‬أقول أن الجمعية ومنذ حوايل‬ ‫العرش سنوات بدأت بإعادة هيكلة إداراتها‬ ‫وبالتدريب والتأهيل عىل املرحلة الالحقة‪،‬‬ ‫ورسمت كل هيكلياتها وخططها التنفيذية‬

‫‪60‬‬

‫بحيث أنه لو حصل ما حصل يف يوم من األيام‪،‬‬ ‫ستكون هذه املؤسسات ُمصانة ومحفوظة‬ ‫بدون أن تتأثر بيشء‪.‬‬ ‫وعن وجود أقسام تابعة للمربات خارج لبنان‪،‬‬ ‫قال‪ :‬ليس هناك مربات تابعة لنا خارج لبنان إ ّال‬ ‫مربة واحدة مل تبدأ العمل حتى اآلن موجودة يف‬ ‫منطقة الكاظمية يف بغداد‪ ،‬ولكن قريباً إنشاء‬ ‫الله س ُيع َمل عىل تجهيزها الستقبال األيتام‬ ‫يف العراق‪ .‬املربات يف لبنان منترشة يف الجنوب‬ ‫والبقاع وبريوت وجبل لبنان والشامل‪ .‬أما يف‬ ‫سوريا‪ ،‬فليس هناك مربات تابعة لنا‪ ،‬بل هناك‬ ‫حوزة علمية تتبع إلدارة الحوزات العلمية التابعة‬ ‫لسامحة الس ّيد فضل الله‪ ،‬وهنالك أيضاً مكتباً‬ ‫ُيعنى بشؤون الفقراء واملعوزين واأليتام من‬ ‫السوريني والعراقيني والالجئني وغريهم‪ ،‬ولكن‬ ‫ال عالقة إدارية لجمعية املربات الخريية بهم‪ ،‬وإمنا‬ ‫مكتب سامحته هو الذي يدير هذه املؤسسات‬ ‫يف الخارج‪.‬‬ ‫وحول السؤال عن مشاركة السيد فضل‬ ‫الله يف اإلفطارات السنوية للمربات‪ ،‬ومواكبته‬ ‫الدامئة لهم‪ ،‬أجاب‪ :‬ال شك أننا فقدنا بحرسة‬ ‫وأمل املظلة الروحية التي كانت موجودة‪ ،‬وأعتقد‬ ‫أن حضور سامحة السيد كان يشكل زخ ًام‬ ‫كبرياً‪ ،‬ويستقطب الكثري من الشخصيات‬ ‫والفعاليات والناس‪ .‬طبعاً لقد ترك سامحة‬ ‫السيد أثراً بالغاً عىل مستوى األنشطة والرعاية‬ ‫واملظلة الروحية التي كان يشكلها‪ ،‬والرعاية‬ ‫الرشعية‪ .‬لكن أعتقد أن هناك فراغاً س ُيسدُّ‬ ‫إىل ح ٍّّد ما من خالل ما تركه سامحة السيد من‬ ‫أبناء وتالمذة‪ ،‬خاصة بالنسبة لسامحة السيد‬ ‫عيل فضل الله الذي يتوىل رئاسة الجمعية منذ‬ ‫أكرث من ثالث سنوات‪ ،‬ومن خالل املكتب الرشعي‬ ‫لسامحته‪ .‬أما أن نقول أن هذا سيع ِّوض خسارة‬ ‫سامحة السيد فال أعتقد ذلك ال اآلن وال يف‬ ‫املنظور القريب‪.‬‬ ‫أما عن عالقة سامحة الس ّيد باأليتام وذوي‬ ‫الحاجات الخاصة‪ ،‬فتحدث عقيل قائ ًال‪ :‬نحن من‬ ‫أكرث الذين واكبوا هذا األمر منذ أكرث من ‪26‬سنة‪،‬‬ ‫لقد عشنا مع سامحة الس ّيد واأليتام كل تلك‬ ‫الفرتة‪ .‬كان سامحته يسأل باستمرار عن كل‬ ‫صغرية وكبرية تتعلق باأليتام‪ ،‬وكان األحب إىل‬ ‫يتيم يف حضنه ليمسح عىل‬ ‫قلبه أن يجلس‬ ‫ٌ‬ ‫رأسه‪ .‬حتى أنه قال م َّرة‪“ :‬إذا اضطرين األمر يوماً‬ ‫ما أن أنزل إىل الشارع وأ ُمدَّ يدي ألتس ّول لأليتام‪،‬‬ ‫فلن أتواىن لحظة”‪ .‬كان بحق “أبا األيتام”‪ ،‬وكان‬ ‫عندما يذهب إىل املربات‪ ،‬يحرص وبشكلٍ كبري‬ ‫عىل أن يجول عىل غرف املنامة واملطعم وأماكن‬ ‫األنشطة‪ .‬كان يتت ّبع كل ما يتعلق برعاية األيتام‬ ‫يف املربات لحظة بلحظة‪ ،‬ويردد قول أمري املؤمنني‬ ‫عيل بن أيب طالب (ع)‪“ :‬الله الله يف األيتام‪،‬‬ ‫فال تغ ُّبوا أفواههم وال يضيعوا بحرضتكم”‪.‬‬ ‫إذا سألتم كل األيتام يف املربات‪َ :‬من أبوكم؟‬ ‫سيقولون‪“ :‬سامحة الس ّيد”‪.‬‬

‫والسيدة رباب الصدر‬

‫الكل يعلم أن جمعية املربات تعتمد يف‬ ‫رعاية األيتام عىل الناس‪ ،‬ال عىل الدولة وال عىل‬ ‫أي مؤسسة يف العامل‪ .‬كنا نقول له يف بعض‬ ‫األحيان‪“ :‬يا موالنا‪ ،‬األوضاع االقتصادية صعبة‪،‬‬ ‫وعدد األيتام يف املربات كبري‪ ،‬ماذا نفعل؟ فكان‬ ‫يقول‪“ :‬األيتام‪ ،‬الله وا ُملوكل بهم‪ .‬استقبلوا‬ ‫األيتام‪ ،‬ال ترتكوهم‪ ،‬احتضنوهم‪ ،‬والله سبحانه‬ ‫وتعاىل هو الذي يرزقهم”‪ .‬وبالفعل‪ ،‬كانت رؤيته‬ ‫ثاقبة فيام يتعلق باملستقبل‪ .‬ال شك أن الحديث‬ ‫يطول ويطول عن عالقة سامحة السيد باأليتام‪.‬‬ ‫إذ كان ال يرىض أن يعيش األيتام حياة عادية‬ ‫يف املربات‪ ،‬وقد أوالهم اهتامماً خاصاً‪ ،‬وأراد أن‬ ‫يعيشوا أفضل بكثري مام يعيشون يف بيوتهم‪.‬‬ ‫وعن الوصية الدامئة لسامحة السيد‬

‫‪61‬‬

‫باملوضوع الخريي واالجتامعي‪ ،‬قال‪ :‬الوصية‬ ‫األساس‪“ :‬ال أريدكم أن تنجحوا فحسب‪ ،‬بل أن‬ ‫تكونوا املتميزين الرياديني‪ ،‬أريد لكم أن تكونوا‬ ‫املؤسساتيني”‪.‬‬ ‫أقول‪“ :‬يا سامحة السيد‪ ،‬صحيح أنك تركت‬ ‫َ‬ ‫ألقيت‬ ‫يف قلوبنا حرسة‪ ،‬وحرسة كبرية‪ ،‬لكن‬ ‫علينا مسؤولية أكرب‪ ،‬ونحن كلنا يف جمعية‬ ‫املربات نعاهدك‪ ،‬أن نحقق بعض أحالمك‪ ،‬وال أقول‬ ‫كلها ألنها كانت كثرية‪ .‬سنبذل جهوداً كبرية‬ ‫ومكثفة لتحقيق الحلم واآلمال والطموحات‬ ‫َ‬ ‫أردت لنا من خاللها أن نكون املميزين‬ ‫التي‬ ‫والرياديني يف جميع املجاالت سواء كان يف رعاية‬ ‫األيتام أو ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬أو يف احتضان‬ ‫الفقراء واملحتاجني أو يف املؤسسات التعليمية‬ ‫والصحية وكل مؤسساتك التي تركتها أمانة‬ ‫يف أعناقنا‪.‬‬ ‫أمضيت ‪ 26‬سنة يف مؤسسات سامحة‬ ‫السيد فضل الله‪ ،‬ماذا تقول يف حرضته؟‬ ‫لقد اهتم سامحته بجميع املواضيع‪ ،‬خاصة‬ ‫يف موضوع الفتنة الكبرية التي أوجدوها بني‬ ‫السنّة والشيعة‪ ،‬وال أبالغ إذا ُ‬ ‫قلت ّأن َمن خفف‬ ‫من ح ّدة هذه الفتنة هو سامحة الس ّيد‪ ،‬فقد‬ ‫السنَّة أن هناك بني الشيعة‬ ‫أكد مراراً لألخوة ُ‬ ‫أشخاصاً عقالء ميلكون رؤية واضحة‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬عىل مستوى االستكبار العاملي‪،‬‬ ‫خاصة يف موضوع أمريكا واحتالل املنطقة ال‬ ‫سيام العراق وفلسطني وأفغانستان‪ ،‬لألسف‬ ‫مل يكن هناك أي مرجعية سنية أو شيعية‬ ‫وقفت وتحدثت عن ماهية ورضورة مواجهة هذا‬ ‫االستكبار العاملي سوى سامحته‪.‬‬ ‫لقد تحدّث سامحة األمني العام لـ “حزب الله”‬ ‫السيد نرص الله عن أربعة أمور تتعلق بالسيد‬ ‫فضل الله فيام يتعلق باملقاومة‪ ،‬فقال له‪“ :‬فقدنا‬ ‫أباً رحي ًام‪ ،‬ومرشداً حكي ًام‪ ،‬وكهفاً حصيناً‪،‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫وسنداً قومياً”‪ .‬بالفعل‪ ،‬كان “أباً رحي ًام”‪ ،‬فهو تبنى‬ ‫املقاومة منذ تأسيسها األول‪ ،‬وقد ُولِدَت بظالل‬ ‫عباءته‪ ،‬وقادة املقاومة تر ّبوا تحت رايته‪ .‬ويف وقت‬ ‫لتحدي‬ ‫من األوقات عندما تع ّرضت املقاومة‬ ‫ٍ‬ ‫وجود أو عدم وجود‪ ،‬وقف سامحة السيد فضل‬ ‫َ‬ ‫لقاتل‬ ‫الله وقال‪“ :‬لو كان اإلمام الحسني موجوداً‪،‬‬ ‫مع هؤالء املجاهدين”‪ .‬وعندما كانت املقاومة‬ ‫مكشوفة رشعاً يف حرب متوز ‪ -‬ويف وقت مل‬ ‫يتجرأ أحد من مراجعنا عىل ترصيح واحد ‪-‬‬ ‫وقف السيد فضل الله ليخاطب املجاهدين بالـ‬ ‫“البدر ّيني”‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬يف موضوع الحوار اإلسالمي املسيحي‪،‬‬ ‫أعتقد أنه ال يوجد أحد يف الطائفة الشيعية‬ ‫يريد محاورة املسيحيني‪ ،‬أما سامحة السيد‬ ‫فكان يقول‪“ :‬الله حاور إبليس‪ ،‬فلامذا ال نحاور‬ ‫الجميع؟ والله أمرنا يف القرآن الكريم مبحاورة‬ ‫الغري”‪ ،‬وقد أصدر سامحة السيد كتابه‪“ :‬يف‬ ‫آفاق الحوار اإلسالمي املسيحي” للتأكيد عىل‬ ‫أهمية هذا املوضوع‪.‬‬ ‫سوريا‬ ‫لقد قال عنه عميد كلية الرشيعة يف‬ ‫الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور‪“ :‬أروع ما يف السيد‬ ‫ وهو ما مل نجده عند كل علامء الدين من السنّة‬‫والشيعة ‪ -‬أنه طرح اإلسالم للعامل كله وليس لفئة‬ ‫أو مذهب واحد”‪.‬‬ ‫كان سامحته يردد دامئاً قول اإلمام الصادق (ع)‪:‬‬ ‫“وهل الدين إال الحب”‪ .‬إذ كان يقول ّأن أقرب طريق إىل‬ ‫العقل هو الحب‪ .‬وردد باستمرار القول‪“ :‬قل اللهم إهدي‬ ‫قومي فإنهم ال يعلمون”‪ ،‬نظراً لكرثة َمن وقف ضدّه‬ ‫وحاربه بشتى الوسائل‪.‬‬ ‫وكان لـ «منرب التوحيد» وقفة مع فيض من غيض‬ ‫َمن عرف سامحة املرجع الراحل‪ ،‬فخطوا بأقالمهم‬ ‫كلامت من القلب تحدّثوا من خاللها عن مرجعية‬ ‫شغلت الناس بصفاء فلبها وإميان روحها‪ ،‬فجاءت‬ ‫سطورهم عىل الشكل التايل‪:‬‬

‫مطران جبل لبنان وطرابلس‬ ‫للرسيان األرثوذكس‪ ،‬ثاوفيلوس‬ ‫جورج صليبا‪:‬‬ ‫أحب الحوار‬ ‫الس ّيد فضل الله ّ‬ ‫ومارسه هدفاً ورسالة‬

‫وجهٌ مرشق وشخصية ف ّذة وعالِم كبري‪ ،‬مرجع‬ ‫يف فكره ومواهبه ومعرفته الدينية العميقة‪.‬‬ ‫رس سامعه ويتمنى أال‬ ‫يرتاح إليه جليسه‪ ،‬و ُي ُّ‬ ‫يتوقف عن الكالم ّ‬ ‫ألن فمه يقطر عس ًال‪.‬‬ ‫مت ّيز املغفور له ‪ -‬سامحة السيد محمد حسني‬ ‫فضل الله ‪ -‬باستعامل مواهبه يف خدمة الدين‬ ‫وإسعاد اإلنسان‪ ،‬أل ّنه كان يتمتّع بعقل رّني ورؤية‬ ‫ونفس رض ّية ترى مصلحة اآلخر مهمة‬ ‫بعيدة‬ ‫ٍ‬ ‫للوصول إىل الحقيقة التي هي هدف ومرتجى كل‬ ‫عاقل‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫هاتيك الخصال وتلك الصفات‪ ،‬ليعكسوها‬ ‫هم أيضاً عىل الناس‪ ،‬كل الناس‪ ،‬الذين ّمثنوا‬ ‫َ‬ ‫أنت أحد أسباب‬ ‫معرفتك ومواقفك‪ .‬فتكون‬ ‫جمع اللبنانني والعرب يف وحدة وطنية ُيشار‬ ‫إليها بالبنان‪.‬‬ ‫فلريحمك الله‪ ،‬ويسكب التعزيات الساموية‬ ‫عىل قلوب من افتقدوك‪.‬‬

‫الرئيس السابق للقضاء املذهبي‬ ‫الدرزي الشيخ مرسل نرص‪ :‬كان‬ ‫للمقاومة سنداً فكرياً ومعنوياً‬

‫أحب الحوار ومارسه هدفاً ورسال ًة للوصول إىل‬ ‫ّ‬ ‫ما يجمع‪ ،‬وكان يكره الفرقة والتفرقة بني الناس‪،‬‬ ‫ال س ّيام يف العقائد الدينية‪ ،‬وهو صاحب املبدأ‬ ‫ّ‬ ‫“إن ما يجمع املسيحيني واملسلمني هو‬ ‫املشهور‪:‬‬ ‫أكرث بكثري مام يفرقهم‪ .‬فالعقائد السياسية‬ ‫مشرتكة بينهم‪ ،‬ولكل واحد من املؤمنني آراؤه‬ ‫ّ‬ ‫وإن التط ّرف‬ ‫ومواقفه ونظرته إىل هذه العقائد‪.‬‬ ‫يف إبداء املواقف ُّ‬ ‫يرض وال ينفع‪ ،‬واألهم أن يجد‬ ‫املتحاورون أساساً وركائز يعتمدون عليها يف‬ ‫تضييق اله َّوة وتقريب املسافات وهدم جدران‬ ‫التف ّرقة واملباعدة‪.‬‬ ‫ومن مبادئ الحوار‪ ،‬أنه إذا التقى محاوران عىل‬ ‫مائدة الحوار والتفاوض‪ ،‬أن يزول خمسني باملئة من‬ ‫الخالفات‪ ،‬وما يتب ّقى ُيقلص و ُيخترص ليكون الحوار‬ ‫ّ‬ ‫تتحطم‪،‬‬ ‫ناجحاً و ُمثمراً‪ .‬فالجدران تتهدّم واألسوار‬ ‫وبوصول الواحد إىل اآلخر تتع ّبد الطرق وتسهل‬ ‫أمامها ليتفاهام‪.‬‬ ‫وكم خ ّفت الخالفات وضاقت أبواب املنازعات‬ ‫مبعرفة الواحد لآلخر‪ ،‬بالجلوس إليه ومبادلته اآلراء‬

‫‪62‬‬

‫واألفكار والتط ّلعات‪.‬‬ ‫عند العرب مثل يقول “اإلنسان عدو ما يجهل”‪،‬‬ ‫وهذه مقولة مهمة‪ ،‬أل ّنه كلام عرف اإلنسان اآلخر‬ ‫وتفحص عقائده ومبادئه‪،‬‬ ‫ومحض‬ ‫وفهمه‪ ،‬ودرس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأدرك دواخله‪ ،‬ازداد تع ّلقاً به وتقديراً ألفكاره وآرائه‬ ‫بالشعور ّأن الناس أحرار يف أفكارهم وآرائهم‬ ‫وعقائدهم‪ ،‬ما دامت غري مرضّ ة باآلخرين‪.‬‬ ‫وقد جاء يف الحديث الرشيف “لكم دينكم ولنا‬ ‫ديننا‪ ،‬فلنجتمع عىل كلمة سواء”‪ .‬وبهذا املوقف‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة‬ ‫يصبح قبول اآلخر أحد أهم املبادئ‬ ‫ملسرية الحياة وعالقة الناس ببعضهم‪.‬‬ ‫هذه كانت رسالة سامحة السيد املرجع‬ ‫محمد حسني فضل الله‪ ،‬و”سبحان الله الذي‬ ‫يفيض مواهبه عىل البرش ويختار النخبة”‪.‬‬ ‫فسامحته من النخبة‪ ،‬له املحبة يف كثري من‬ ‫القلوب ويف معظم األفئدة العاقلة خاص ًة‪،‬‬ ‫فالعقل يرى طريقه إىل العقل‪ .‬ويف معظم‬ ‫األحوال‪ ،‬إن املعرفة هي ملك العقل البرشي عامة‪،‬‬ ‫إذ ليست وقفاً عىل فرد أو جامعة أو عشرية أو‬ ‫م ّلة أو طائفة أو وطن دون سواه‪ ،‬أو عىل زمان أو‬ ‫ّ‬ ‫ولكل ما ميلكه من ِن َعم‬ ‫مكان‪ .‬هي لكل الناس‪،‬‬ ‫الله ومواهبه ليستعملها يف الخري العام وحقوق‬ ‫الناس يف هذه الحياة الدنيا‪.‬‬ ‫عندما نكتب عن هذا اإلنسان العالِم العلم‪،‬‬ ‫ونجسم شخص ّيته ال ّالمعة وعقله الراجح‬ ‫نجسد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومعرفته الواسعة والتزامه بدينه بعصب إيجايب‬ ‫رس تقديرينا نحن ومعظم‬ ‫غري‬ ‫ّ‬ ‫متعصب‪ ،‬وهذا هو ّ‬ ‫الذين عرفوه عن قرب أو اتصلوا به أو سمعوا عنه‬ ‫أو قرأوا أو تابعوا رسالته يف هذه الحياة‪.‬‬ ‫سامحة املرجع الس ّيد محمد حسني فضل‬ ‫َ‬ ‫والتحقت بهؤالء‬ ‫الله‪ ،‬لنئ غا َد ْرتنا من هذه الدنيا‪،‬‬ ‫الذين سبقوك من النخبة لتكون مع الخالدين‪،‬‬ ‫نسألك من عليائك أن تستودع مح ّبيك وقادريك‬

‫قيل‪ :‬موت األعيان من تعس الزمان‬ ‫لقد رحل الصديق الفقيه‪ ،‬العالِم العا ِمل‬ ‫املعلم املخلص آية الله محمد حسني فضل الله‪،‬‬ ‫وانقطع مبوته ما مل ينقطع مبوت غريه من الفقه‬ ‫والثقافة والسداد‪ ،‬ورحل معه االعتدال وحسن‬ ‫الخلق الذي اتصف بهام‪ ،‬وقد عرفناه صديقاً‬ ‫مخلصاً يف قوله وفعله‪ ،‬وعهدنا فيه قوة يف‬ ‫الدين‪ ،‬وحزماً يف لني‪ ،‬وعرفناه يف الشدائد صبوراً‪،‬‬ ‫ويف الرخاء شكوراً‪ ،‬يعمل األعامل الصالحة وهو‬ ‫وجل‪ ،‬حذراً من الغفلة‪ ،‬فرحاً مبا أصاب من‬ ‫عىل َ‬ ‫الفضل والنعمة‪ ،‬ل ِّيناً قوله‪ ،‬مقب ًال خريه مد ِّبراً‬ ‫َّ‬ ‫التعصب‬ ‫رشه‪ ،‬عرف اإلسالم بشمولية ال تعرف‬ ‫ّ‬ ‫والعصبية‪ ،‬جريئاً يف قول الحق‪ ،‬شفافاً يف نضاله‬ ‫وجهاده ضد العابثني يف اإلسالم والعاملني عىل‬ ‫تفتيته رساً وعالنية‪ ،‬وعقل الدين عقل ِوعَا َية‬ ‫ورعاية‪ ،‬ال عقل سامع ورواية‪ ،‬فكان من دعائم‬ ‫اإلسالم ووالئج االعتصام‪.‬‬ ‫عمن تباع َد عنه زهداً ونزاهة‪ ،‬ودنا‬ ‫فقيه تباعد َّ‬ ‫ممن دنا منه لينا ورحمة‪ ،‬مل يكن تباعده بكرب‬ ‫َّ‬ ‫وعظمة‪ ،‬وال دنوه مبكر وخدعة‪.‬‬ ‫عرفناه رج ًال قد مزج العلم بالحلم‪ ،‬والقول‬ ‫بالعمل‪ ،‬مل يخرجه غضبه عن الحق ومل يدخله‬

‫رضاه يف الباطل‪ ،‬يمُ يس وه ّمه الشكر ويصبح‬ ‫وه ّمه الذكر‪.‬‬ ‫أقام الرصوح الرتبوية‪ ،‬ورعى األيتام رعاية األب‬ ‫الصالح‪ ،‬فكان بهم رفيقاً وعليهم شفيقاً‪،‬‬ ‫وبغيابه بكاه األولياء واألمهات‪ ،‬والفتيان‬ ‫والفتيات‪ ،‬وكان منبعاً للتسامح الديني‬ ‫واملذهبي‪ ،‬عام ًال دؤوباً يف سبيل التقريب بني‬ ‫املذاهب اإلسالمية‪ ،‬داعياً إىل الحوار الهادىء‬ ‫والبنّاء بني اإلسالم واملسيحية‪ ،‬محافظاً عىل‬ ‫العيش املشرتك‪ ،‬وقد أفاض عىل الحسين ّيات‬ ‫والجوامع من املواعظ واملحارضات لهداية الناس‬ ‫إىل سواء السبيل‪ ،‬ال يخىش يف الله لو َم الئم‪،‬‬ ‫عرف الدنيا دار ممر واآلخرة دار مستقر‪ ،‬فأخذ من‬ ‫مم ّره إىل مستق ّره‪ .‬وكان للمقاومة سنداً فكرياً‬ ‫ومعنوياً‪ ،‬فدعا األ َّمة بلسان الصدق إىل سبيل‬ ‫الحق‪ ،‬وحث عىل مجاهدة األعداء بنرص الله‬ ‫ومعونته‪.‬‬ ‫وكان الفقيد منارة يف زمن ليس فيه يشء‬ ‫أخفى من الحق‪ ،‬وال أظهر من الباطل‪ ،‬وال يف‬ ‫البالد يشء أنكر من املعروف‪ ،‬وال أع َرف من ا ُملنكر‪،‬‬ ‫القائل بالحق قليل‪ ،‬ولسان الصدق كليل‪ ،‬وامللتزم‬ ‫بالحق ذليل‪ ،‬وأهله معتكفون عىل العصيان‪،‬‬ ‫مصطلحون عىل النفاق واإلذعان‪ ،‬فكان الفقيد‬ ‫التوسط‬ ‫مرشداً‪ ،‬يف قوله الصواب‪ ،‬ويف سلوكه‬ ‫ّ‬ ‫واالقتصاد‪ ،‬فغدَا قدوة للمؤمنني‪ ،‬ومحطاً ألنظار‬ ‫العلامنيني‪ ،‬وناصحاً للناس يك يتقوا سكرات‬ ‫النعمة‪ ،‬ويحذروا بوائق النقمة‪ ،‬ويحذرهم من‬ ‫أن يكونوا أنصاب الفنت‪ ،‬وأعالم البدَع‪ ،‬وأن يتقوا‬ ‫مجارج الشيطان‪ ،‬ومهابط العدوان‪ ،‬وأضحى‬ ‫لوعظه منتظرين‪ ،‬وإلرشاداته‬ ‫جمهور املؤمنني‬ ‫ِ‬ ‫وأمست القلوب تهفو إىل لقاءه‪،‬‬ ‫مستمعني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وتصغي إىل أقواله‪ ،‬ترتوي من علمه وفقهه‪ ،‬ورأوا‬ ‫فيه خري خلف وخري سلف‪ ،‬فخسارة الس ّيد ال‬ ‫تغمد ُه الله‬ ‫تع َّوض وس َّببت ثلمة يف اإلسالم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وألهم‬ ‫بواسع رحمته‪ ،‬وأسكنه فسيح الجنان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ذويه ومح ِّبيه جميل الصرب والسلوان‪.‬‬

‫املدير العام للعالقات العامة‬ ‫واإلعالم يف دار الفتوى الشيخ‬ ‫خلدون عرميط‪ :‬الس ّيد فضل الله‬ ‫الع ّالمة املج ّدد‪ ،‬تجاوز باجتهاده‬ ‫حدود األوطان وخنادق املذاهب‬ ‫والطوائف‬ ‫املوت واالنتقال إىل العامل اآلخر هو قدر‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ال مف ّر من عبوره‪ ،‬وغياب الكبار باملوت‬ ‫ّ‬ ‫لرس الوجود وحياة‬ ‫محطة تأ ّمل‪ ،‬واسترشاف‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬الذي ك ّرمه الله‪ ،‬وشاءت إلرادته أن يبقى‬ ‫مك ّرماً‪ ،‬ويكاد قطار الحياة املتسارع نحو املجهول‪،‬‬ ‫أن ال يقف أو يتوقف إال بفقدان ورحيل الكبار‬

‫‪63‬‬

‫فقهاً وعل ًام وفكراً وإصالحاً‪ ،‬أو موقعاً وسلطة‪،‬‬ ‫قيادات‬ ‫وليس مصادفة أن يحمل هذا الـ”لبنان”‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وعلامء‪ ،‬مجتهدين ومصلحني وزهّ اداً‬ ‫ونساكاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مألوا الدنيا مبا حملوا من فكر وإبداع‪ ،‬والعالمة‬ ‫الفقيه واملجتهد الراحل مح ّمد حسني فضل‬ ‫الله‪ ،‬هو صفحة استثنائية من صفحات هذا‬ ‫الوطن‪ ،‬وهذه األ ّمة‪ ،‬الباحثة عن طريق النهوض‬ ‫واالستنهاض لتحسني ذاتها‪.‬‬ ‫لقد أدرك الراحل الكبري الع ّالمة فضل‬ ‫ّ‬ ‫وأن‬ ‫الله مب ّكراً‪ّ ،‬أن الحقيقة هي بنت الحوار‪،‬‬ ‫اإلنسان هو الغاية‪ّ ،‬‬ ‫وأن وحدة األ ّمة هي الهدف‪،‬‬ ‫ومرشوعه‬ ‫وإجتهاده‬ ‫وعلمه‬ ‫فتجاوزبفكره‬ ‫اإلصالحي‪ ،‬حدود األوطان املصطنعة‪ ،‬وخنادق‬ ‫املذاهب والطوائف ا ُملكهربة ليح ّلق بفكره‬ ‫ومق ّلديه إىل رحاب األ ّمة‪ ،‬وشمول ّية اإلسالم‬ ‫نبي اإلنسانية‬ ‫وإنسان ّية الرسالة‪ ،‬التي حملها‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‬ ‫مح ّمد عليه الصالة والسالم‪ ،‬فهو‬ ‫ّ‬ ‫اللبنا ّين‪ ،‬والعر ّيب الشمو ّيل‪ ،‬واملسلم اإلنسا ّين‪،‬‬ ‫أنتج عىل مدى نصف قرن‪ ،‬ثقافة التواصل بني‬ ‫املدارس الفقه ّية اإلسالمية‪ ،‬فهو الجعفريّ ‪،‬‬ ‫الشافعي‪ ،‬املال ّ‬ ‫يك‪ ،‬الحنب ّ‬ ‫يل‪ ،‬ليبث يف‬ ‫الحنفي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن اإلسالم‬ ‫عقول جمهوره ومريديه ومح ّبيه‪،‬‬ ‫رحمة‪ ،‬والتعصب املذهبي نقمة‪ ،‬فح ّرم رضب‬ ‫الرؤوس يف عاشوراء‪ ،‬وله رأيٌّ معت ٌرب يف نظر ّية‬ ‫والية الفقه‪ ،‬لكنّه دافع عن تجربة الجمهورية‬ ‫اإلسالم ّية يف إيران‪ ،‬رغم توافقه أحياناً واختالفه‬ ‫يف بعض األحيان معها‪ ،‬وتواصل مع العواصم‬ ‫والحوارض العربية واإلسالم ّية‪ ،‬ورفض التخندق‬ ‫خلف الشعوب ّيات أو املذهب ّيات‪ ،‬فهو اللبنا ّين‪،‬‬ ‫والفلسطيني‪ ،‬والعريبّ‪ ،‬وهو الذي يحمل جرح‬ ‫ّ‬ ‫األ ّمة يف فلسطني‪ ،‬منذ بدأ مشواره الطويل‪،‬‬ ‫املحفوف باملخاطر واالغتياالت‪ ،‬من النجف إىل‬ ‫النبعة (رشق بريوت) إىل ضاحية بريوت الجنوبية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫“نذرت نفيس لإلسالم ووحدة األ ّمة‪،‬‬ ‫وهو القائل‪:‬‬ ‫ولن ترتاح األ ّمة وأرتاح‪ ،‬إ ّال بسقوط “إرسائيل”‪،‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫لعروبتها‪،‬‬

‫وأهلها‪،‬‬

‫مسلمني‬

‫وعودة فلسطني‬ ‫ومسيحيني”‪.‬‬ ‫رحل الع ّالمة فضل الله عن هذه الدنيا‬ ‫الفانية‪ ،‬ليرتك للوطن واأل ّمة‪ ،‬أمانة الجهاد لنرصة‬ ‫فلسطني‪ ،‬وتحرير العقل الذي أراد البعض تحنيطه‬ ‫لتغييبه عن مسار األحداث‪ ،‬وليرتك ثقافة املح ّبة‬ ‫ّ‬ ‫والتمسك بالعيش‬ ‫الصف اإلسالمي‪،‬‬ ‫ووحدة‬ ‫ّ‬ ‫املشرتك بني أبناء الوطن ومكنونات األ ّمة‪ ،‬عىل‬ ‫تن ّوع عقائدها‪ ،‬وغنى مدارسها الفقه ّية‪ ،‬فاحرتم‬ ‫الرأي والرأي اآلخر‪ ،‬ورفض الخضوع لإلحتالل‪ ،‬سوا ٌء‬ ‫أرض عرب ّية‬ ‫كان إحتالالً أمريكياً أو إرسائيلياً‪ ،‬ألي‬ ‫ٍ‬ ‫أو إسالم ّية‪ ،‬هو األساس يف املرشوع اإلصالحي‬ ‫للع ّالمة فضل الله‪ ،‬ولنئ رحل الس ّيد فضل الله‬ ‫جسداً وهذا قدر املؤمنيني‪ ،‬فإن الع ّالمة فضل‬ ‫واإلصالحي‪ ،‬ورائد الوحدة‬ ‫الله الفقيه واملجتهد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم ّية‪ ،‬وحامل فكر التصحيح والتنوير‪،‬‬ ‫والعودة إىل األصول‪ ،‬واملتجاوز لحدود األوطان‪،‬‬ ‫فكراً وعل ًام وإصالحاً‪ ،‬يبقى مدرس ًة ونهجاً‬ ‫ملح ّبيه وعارفيه ومق ّلديه‪ ،‬ولجمهور املسلمني‪،‬‬ ‫ليكملوا طريق الوحدة بني أبناء األ ّمة‪ ،‬ونهج‬ ‫الحفاظ عىل عروبة املرجع ّية الدين ّية وتجذرها‬ ‫يف األرض واأل ّمة‪ ،‬التي ك ّرمها الله بحمل رسالة‬ ‫ّ‬ ‫الهاشمي‪،‬‬ ‫وفضلها بنب ّيها العر ّيب‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لتكون أ ّم ًة وسط ّي ًة‪ ،‬شاهد ًة للحق والعدالة‪،‬‬ ‫وحامل ًة أمانة الرسالة اإلسالم ّية‪ ،‬لتكون رحم ًة‬ ‫ّ‬ ‫لكل الناس بعربها وعجمها‪ ،‬وبرشقها وغربها‪،‬‬ ‫رافض ًة للظلم‪ ،‬داعم ًة للمظلوم‪ ،‬ثائرة ملواجهة‬ ‫الطغاة والظاملني‪ ،‬أفراداً كانوا أو قوى مستبدّة‪،‬‬ ‫تحلم مبحارصة وامتصاص خريات املرشق العريب‬ ‫واإلسالمي‪ ،‬العابق برساالت اإلميان‪ ،‬واملتجدد‬ ‫بالقيادات االستثنائ ّية‪ ،‬والعلامء والفقهاء‪ ،‬الذين‬ ‫تجاوزوا عقدة “األنا” وهوى السلطة‪ ،‬ليبقوا أحراراً‪،‬‬ ‫وأبناءاً ملدرسة النب ّوة التي كانت وستبقى لتكريم‬ ‫اإلنسان والحفاظ عىل حريته وخلوده بحمل‬ ‫رسالة التوحيد‪.‬‬ ‫رحم الله الع ّالمة املجدد‪ ،‬الس ّيد مح ّمد حسني‬ ‫فضل الله‪ ،‬وع ّوض الوطن واأل ّمة بعلامء أحرار‪،‬‬ ‫ليوحدوا األ ّمة‪ ،‬ويح ّرروا األرض واإلرادة‪.‬‬ ‫وقادة كبار ّ‬

‫د‪.‬نجيب نورالدين ‪ ،‬املستشار‬ ‫الثقايف للمرجع الراحل‪:‬‬ ‫رحيل آخر العاملقة‬ ‫برحيل سامحة الع ّالمة املرجع السيد محمد‬ ‫ِ‬ ‫حسني فضل الله إىل جوار ربه‪ ،‬خسرِ العامل‬ ‫املعارص رج ًال من أبرز رجاالته املتم ّيزين يف حقول‬ ‫ال ِعلم والحوار واملحبة‪ ،‬وسوف ننتظر طوي ًال يك‬ ‫يأيت من يع ّوض األمة والعامل هذه الخسارة‬ ‫الفادحة‪ .‬لقد ع ّلمنا التاريخ أن الرجال العظامء‬ ‫ال يتكررون بسهولة‪ ،‬بل هم منارات ُتشاد عىل‬ ‫املنعطفات الرئيسية ملسار الحضارات اإلنسانية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يك تكون دليلها إىل التقدم والرقي‪.‬‬ ‫سامحة السيد الراحل مل يكن صاحب رسالة‬ ‫ساموية جديدة‪ ،‬بل كان صاحب قلب واسع‬ ‫لقيم الرساالت الساموية جميعاً‪ ،‬وعقل انفتح‬ ‫عىل كل أفكار العامل‪ ،‬قدميها وحديثها‪ ،‬ومل‬ ‫يكن ُيؤمن يوماً بأن املعرفة إذا تعددت مواردها‬ ‫ميكن أن تض ّلل أحداً‪ ،‬بل كانت قناعته دوماً أن‬ ‫املعرفة هي مراكمة نوع ّية يشرتك يف جمعها‬ ‫كل املبدعني يف املجتمعات اإلنسانية ألجل تقدم‬ ‫البرشية جمعاء‪.‬‬ ‫وبهذا املعنى كان رج ًال إحيائياً لألديان‬ ‫وأفكارها وروحها‪ ،‬استلهم منها املحبة يك‬ ‫يزرعها يف قلوب أتباع األديان جميعاً‪ ،‬بل الناس‬ ‫جميعاً‪ ،‬فالتقى عليه املح ّبون من كل األديان‬ ‫املتعصبون من كل األديان‬ ‫واملذاهب‪ ،‬وتفرق عنه‬ ‫ّ‬ ‫واملذاهب‪ ..‬كان يرى يف األديان قيمة إلهية كربى‬

‫يجب أن يتم ّثلها املؤمنون سلوكاً وبرامج عمل‬ ‫ليك يكون هدفها خدمة اإلنسان الذي خلقه‬ ‫ليحسن‬ ‫الله‪ ،‬فأحسن َخلقه‪ ،‬وأرسل له األديان‬ ‫ّ‬ ‫ُخلقه‪ ،‬فيحصل بذلك التكامل الذي يبتغيه‬ ‫الله للكائن البرشي بتوازنه بني َ‬ ‫الخلق الحسن‬ ‫واألخالق الحسنة‪.‬‬ ‫لقد مت ّيز سامحته عن علامء دين ُكرث من كل‬ ‫األديان واملذاهب أنه كان دامئاً ُيعيل من شأن‬ ‫املشرتكات بني األديان‪ ،‬أي التي تجمعها وتدعو‬ ‫لتكاملها‪ ،‬يف وقت ذهب كثريون إىل التأكيد‬ ‫عىل خصوصيات النـزعات املذهبية يف األديان‪،‬‬ ‫وجعلوها حصوناً يتمرتسون خلفها يف مقابل‬ ‫أتباع األديان األخرى‪ ،‬وأوكاراً إلنتاج العصبيات‬ ‫وقيم العداوة والحقد والبغضاء‪ ،‬كان سامحته‬ ‫ميقت هذا النوع من التفكري الديني‪ ،‬ويرى فيه‬

‫‪64‬‬

‫انحرافاً عن مقاصد الدين األساسية التي‬ ‫أرسل الله األديان الساموية ألجلها‪ ،‬ويرى أن‬ ‫املجد الذي ميكن أن يصنعه اإلنسان من التأكيد‬ ‫عىل العصبية ال يساوي شيئاً أمام من يجعل‬ ‫من األديان طريقاً اىل عروش القلوب املحبة عند‬ ‫الناس الطيبني‪..‬‬ ‫كان العالِم الذي اخترب الحياة‪ ،‬واعترب أن‬ ‫العيش مع الناس هو الطريق الذي ال بد لعالِم‬ ‫الدين أن يسلكه كأحد أوىل واجباته يف الحياة‪،‬‬ ‫ألن العالقة مع الناس تجعلك تفهمهم‪ ،‬وتعايش‬ ‫مشاكلهم‪ ،‬وتعيش معهم أحالمهم وآمالهم‪،‬‬ ‫وبالتايل تجعلك أقدر عىل زرع قيم الدين بطريقة‬ ‫أسهل يف ذواتهم عقيدة ورشيعة وسلوك‬ ‫حياة‪.‬‬ ‫وألن سامحة السيد كان كذلك فقد وجد فيه‬ ‫الناس أباً وأخاً ومعل ًام ومرشداً وقائداً ‪.‬‬ ‫ووجد فيه اللبنانيون ملجأً حني كانت تضيق‬ ‫املسافات فيام بينهم‪ ،‬وجرس تواصل يق ّرب‬ ‫القلوب واملواقف واألفكار‪.‬‬ ‫ووجد فيه العرب عروبياً مدافعاً عن قضايا‬ ‫العرب املحقة يف الحرية والسيادة والكرامة‪.‬‬ ‫ووجد فيه املسلمون قيمة دينية كربى‬ ‫ومعل ًام من معامل الدعوة اىل وحدتهم‪ ،‬وإعالء‬ ‫شأن أمتهم اىل املكانة الالئقة بني األمم‪.‬‬ ‫ووجد فيه املسيحيون رجل حوار وتواصل‬ ‫ومعقد أمل وخالص من إرث العداوة بني األديان‪.‬‬ ‫ووجد فيه العامل رج ًال حراً ومفكرا مبدعاً‬ ‫وصوتاً للعدالة اإلنسانية ومدافعاً عنيداً عن‬ ‫حقوق االنسان‪ ،‬واملستضعفني منهم بشكل‬ ‫خاص‪.‬‬ ‫إن أجمل ما قيل يف وصف غياب سامحة‬ ‫السيد أنه كان “رحيل آخر العاملقة”‪ ،‬بالتاكيد‬ ‫من قال هذه العبارة كان يعني ما يقول‪ ،‬ليس ألن‬ ‫الراحل الكبري كان رجل دين استطاع أن يعتيل‬

‫مرتبة املرجعية الدينية فحسب‪ ،‬بل ألنه ش ّكل‬ ‫بشخصه وفكره ورحابة صدره‪ ،‬مساحة تقاطع‬ ‫إنساين كبري‪ ،‬ونقطة التقاء فكري وثقايف‬ ‫وحضاري نفتقر إليه بني رجاالت العامل اليوم‪،‬‬ ‫وواحة محبة وألفة بتنا أحوج ما نكون إليها يف‬ ‫دنيا أخذت فيها الرصاعات والنزاعات كل القضايا‬ ‫اإلنسانية إىل مهاوي العدمية التي تظهر مدى‬ ‫التغ ّول الذي وصل إليه أصحاب القرار يف املجتمع‬ ‫اإلنساين يف أربع أطرافه‪..‬‬ ‫ولعله أيضاً من أجمل االنطباعات التي يخرج‬ ‫بها املرء بعد مراجعته لعديد املقاالت والكتابات‬ ‫التي تناولت سامحة السيد بعد رحيله‪ ،‬سواء‬ ‫ممن كان يعرفه أو ممن سمع به أو شاهد له مقابلة‬ ‫مقروئة او مرئية أو مسموعة‪ ،‬تعب ٌري جاء بأكرث‬ ‫من صياغة‪ ،‬أن رحيل سامحته أشعر كل أحد‬ ‫من هؤالء‪ ،‬أنه كان يف داخله شيئ من السيد‪،‬‬ ‫وإن رحيل سامحته جعله يتحسس هذا الشيئ‬ ‫ويعيد اكتشافه‪ ،‬بعد أن ترسب إليه دون وعي‬ ‫منه‪ ،‬أو مل يكن يلتفت إليه أثناء وجود سامحته‬ ‫عىل قيد الحياة‪ .‬ويشري هذا األمر عىل املساحة‬ ‫التي كان يحتلها سامحته يف قلوب ووجدان‬ ‫كل هؤالء عىل اختالف انتامءاتهم ومشاربهم‪.‬‬ ‫ولعل هذا االجتامع عىل سامحته‪ ،‬يكشف‬ ‫عن ميزة مهمة كان يتمتع بها الراحل الكبري‪،‬‬ ‫وهي أنه كان جرس صلة بني الجميع‪ ،‬ونقطة‬ ‫التقاء املختلفني‪ ،‬وهذه السمة ال تتوفر إ ّال لدى‬ ‫شخصية كبرية مل تكن تحمل مواقف مس ّبقة‬ ‫من أحد‪ ،‬سواء كان هذا األحد ينتمي اىل دين‬ ‫ساموي أو عقيدة وضعية أو فكر إنساين عام‪..‬‬ ‫من هنا وجدنا بابه كام قلبه منفتحاً عىل‬ ‫الجميع ومحاوراً ومحباً للجميع‪..‬‬ ‫ولعل من غرائب الصدف‪ ،‬أن ترى رج ًال يكتب‬ ‫فيه مخالفوه يف الفكر والعقيدة‪ ،‬بنفس‬ ‫الطريقة الروحية الحميمة التي يكتب ويرصح‬ ‫بها عنه محبوه ومؤيدوه‪ ،‬وهذه ميزة ق ّلام نجدها‬ ‫قد اجتمعت عىل شخصية من شخصيات‬ ‫العامل املعارص‪.‬‬ ‫توجه سامحة السيد‬ ‫من جهة أخرى نجد أن ّ‬ ‫الوحدوي مل يكن باتجاه املسلمني ومذاهبهم‬ ‫فقط‪ ،‬أو بني أبناء الوطن الواحد فحسب‪ ،‬بل‬ ‫كان وحدوياً باتجاه اإلنسانية جمعاء‪ ..‬كان يرى أن‬ ‫اإلنسان ذو قيمة عالية مبعزل عن انتامءه أو دينه‬ ‫أو فكره أو لون برشته أو مكان وجوده الجعرايف‬ ‫عىل األرض‪ ..‬فكان لحفظ إنسانية اإلنسان‬ ‫األولوية عنده عىل أي انتامء آخر‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫ُيعد هدفاً مشرتكاً لكل الرساالت الساموية‬ ‫واملنظومات الفكرية الراجحة لدى البرش‪ ،‬لذلك‬ ‫نال ثقة كل الناس املنصفني‪ ،‬ووجدوه شفافاً يف‬ ‫معالجاته للمشاكل التي تقع تحت يده‪ ،‬كام كان‬ ‫“كهفاً حصيناً” يف امللامت‪ ،‬وحني تشت ّد الفنت‪،‬‬ ‫مراجل العصبيات‬ ‫السبل‪ ،‬وتستعر‬ ‫وتتعرث‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الخاصة‪،‬‬ ‫بنزعاتها‬ ‫واملناطقيات‬ ‫والفئويات‬ ‫وانزالقاتها اإللغائية العمياء‪..‬‬

‫التكفري واالستكبار واالستئثار والظلم‪ ،‬وكان‬ ‫مواجهاً صلباً لكل محاوالت حرف اإلنسانية‬ ‫عن مسارها األخالقي واإلنساين النبيل‪ ،‬واعترب‬ ‫ان الوقوف يف وجه هؤالء‪ ،‬هو انتصار لكل قيم‬ ‫وأهداف الرساالت الساموية‪ ،‬ومحاولة صادقة‬ ‫لكف ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل األيدي التي تعبث عن عمد مبصائر األمم‬ ‫والشعوب‪..‬‬ ‫رحم الله سامحة العالمة املرجع السيد‬ ‫محمد حسني فضل الله‪ ،‬ونسأل الله العىل‬ ‫القدير أن يق ّيد لهذه األمة من يع ّوض عليها‬ ‫خسارتها بفقده‪ ،‬وأن يع ّوض اإلنسانية جمعاء‬ ‫هذه الخسارة الفادحة ‪.‬‬

‫هيئة العمل التوحيدي‪:‬‬ ‫ضياء شامل ال يستثني مكاناً‬ ‫من اإلنارة الروحية‬

‫كان سامحته يرى يف اآلخر املختلف‪ ،‬الوجه‬ ‫اآلخر لوجوده اإلنساين الذي ال بد أن يلتقي معه‬ ‫ويحاوره ليعزّز مساحة اللقاء عىل املشرتكات‬ ‫معه‪ ،‬ألنه اعتقد أن من شأن ذلك أن يخلق‬ ‫الفضاءات الرحبة‬ ‫املناخات اإليجابية‪ ،‬ويوسع‬ ‫الختالفات الناس‪ ،‬ويربد انفعاالتهم وغلوائهم‪،‬‬ ‫ويقربهم من بعضهم البعض‪ ،‬ويض ّيق عىل‬ ‫أصحاب الرؤوس الحامية واملقفلة مساحات‬ ‫حركتها واشتغالها‪ ،‬وبالتايل فإن من شأن ذلك‬ ‫أن يح ّد من حجم النـِزاعات والصرِ اعات بني‬ ‫غنى إلنسانية‬ ‫الناس‪ ،‬و ُيحيل اختالفاتهم مصدر‬ ‫ً‬ ‫اإلنسان بدل أن تكون أسباباً تس ّوغ لنـزاعات‬ ‫ورصاعات واقتتال‪ ..‬من هنا كان سامحته ينبذ‬ ‫التوجهات التكفريية واإللغائية‪ ،‬ألنها كانت من‬ ‫وجهة نظره اعتداءات‪ ،‬ليس عىل من تختلف‬ ‫معه فحسب‪ ،‬وإمنا عىل اإلنسانية جمعاء‪.‬‬ ‫من هنا مل يكن سامحته يرى عدواً له سوى‬ ‫الكيان الصهيوين املغتصب لألرض‪ ،‬ولحقوق‬ ‫الشعب الفلسطيني بالحياة عىل أرض آبائه‬ ‫وأجداده‪ ،‬وكان يرى يف هذا الكيان‪ ،‬ليس اعتدا ًء‬ ‫عىل الفلسطينيني والعرب فحسب‪ ،‬بل عىل‬ ‫كل قيم الحق والحرية وحقوق اإلنسان يف‬ ‫العامل أجمع‪ ،‬وكذلك كان صارماً يف مواجهته‬ ‫لالستكبار األمرييك وغريه من االتجاهات الدولية‬ ‫التي اجتمعت عىل محارصة األمة العربية‬ ‫الحر‪ ،‬ومحاوالت هذه‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬ومصادرة قرارها ّ‬ ‫الدول الدؤوبة‪ ،‬استتباع الدول والشعوب العربية‬ ‫واإلسالمية لسياساتها الظاملة‪ ،‬ومامرسة أبشع‬ ‫الطرق والوسائل لنهب ثرواتها‪ ،‬ومسخ قيمها‬ ‫وأفكارها‪ ،‬وصورة حضارتها‪ ،‬والح ّد من قدراتها‬ ‫عىل أخذ مكانها الالئق بني الشعوب واألمم‪.‬‬ ‫لقد كان سامحته مكافحاً ضد كل نزعات‬

‫‪65‬‬

‫ويعم‬ ‫عندما ُترشق الشمس تنرش أشعتها‬ ‫ُّ‬ ‫ضياؤها بال استثناء‪ ،‬وإذا مل تستطع الوصول‬ ‫اىل أعامق الغابات والكهوف ترسل أشعتها‬ ‫لتتألأل بني األغصان‪ ،‬واملهم ّأن الشمس ساطعة‬ ‫والضياء شامل‪ ،‬و َمن ال يستطيع رؤية هذا النور‬ ‫ف ِلع ّل ٍة يف نظره أو كام قال الخفاش لصحبه‪:‬‬ ‫“أشعلوا الرساج”‪ ،‬فقالوا‪“ :‬لقد طلع الصباح”‪،‬‬ ‫فقال‪“ :‬ارحموا َمن ال يف َّرق بني الليل والنهار”‪.‬‬ ‫لقد كنت أيها السيد ضياءاً شام ًال ال يستثني‬ ‫مكاناً من اإلنارة الروحية وكان فكرك منهجاً‬ ‫تكاملياً يحمل عطاءاته لتغذية كل األهداف‬ ‫النبيلة دينياً وفقهياً ووطني ًة ودع ًام للمقاومة‬ ‫والجهاد والصرب والثبات عىل الحق‪ ،‬وصونه‬ ‫وحفظه صموداً وقناعة‪ ،‬فنال الوطن من هذا‬ ‫الفكر املنهل العذب حظه‪ ،‬ونالت املقاومة حظها‬ ‫الكبري من هذا العطاء االرشادي املرشف عىل‬ ‫األبعاد ومعرفة العدو عىل حقيقيته وما يحيط‬ ‫به و َمن يقف خلفه‪ ،‬ونالت الحاالت االجتامعية‬ ‫والرتبوية واإلنسانية حظها من أفكارك ومثرات‬ ‫َ‬ ‫فكنت أباً من آباء هذا الوطن‪،‬‬ ‫مساعيك الحميدة‪،‬‬ ‫مرشداً رؤوفاً‪ ،‬معل ًام داعياً اىل وحدة الصف‬ ‫َ‬ ‫والكلمة يف وجه عد ٍو غاد ٍر‪ ،‬إمياناً‬ ‫ّ‬ ‫بأن‬ ‫منك‬ ‫قيام هذا الكيان اإلرهايب املحتل وغطرسته هو‬ ‫مدعوماً من االستكبار العاملي وكل َمن يتحالف‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب مرأة‬ ‫معه ضد الحق العريب واالسالمي يف هذا الرشق‬ ‫وخصوصاً يف فلسطني ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كنت ترعاه بهدوء‬ ‫وأم ٌر آخر ال يقل خطورة‬ ‫وحكمة وعلم ومعرفة وعمق بصرية ناه ًال من‬ ‫السلف الصالح لتكون الفروع والثمرات يف‬ ‫ثابت‪ ،‬معتمداً القرآن‬ ‫حارضنا نتاج منهلٍ أصيلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الكريم وحديث نب ّيه الكريم عليه الصالة والسالم‪،‬‬ ‫وموحد لألمة ال‬ ‫فالدين واحد والفقه جامع‬ ‫ّ‬ ‫مف ّرق‪ ،‬واألديان رسالة الله لخلقه عىل ُسنَّة‬ ‫أنبيائه ورسله فهي مقدسة أيضاً‪ ،‬واتحاد األديان‬ ‫عىل جوه ٍر تجتمع فيه القواسم املشرتكة لبناء‬ ‫صالح يحب بعضه البعض اآلخر‬ ‫مجتمع فاضلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وال يكفره ويزدريه فينهض الوطن وتكون الحضارة‬ ‫املعارصة‪ ،‬حضارة رقي وفكر وفقه منفتحاً آخذاً‬ ‫مبفاتيح األبواب لحياة أفضل شامل ًة جامع ًة وفق‬ ‫عقلٍ يستوعب‪ ،‬يحلل‪ ،‬ويحاور ويناقش ويرى‬ ‫لكل حالٍ من أحوال الواقع اإلنساين ح َّال يليق‬ ‫به حضارياً ووحدوياً وحباً وتآخياً‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كنت هكذا أيها العالمة الجليل راعي‬ ‫لقد‬ ‫املدرسة الفقهية الدينية الحضارية املنفتحة‬ ‫َ‬ ‫بقيت كنزاً ومنه ًال لألجيال‬ ‫عىل العامل‪.‬‬ ‫ليتعلموا كيف يكون الدين يف الوطن وكيف‬ ‫يكون الوطن يف الدين‪ .‬أيها الراحل الذي مل ترحل‬ ‫رسالته وتعاليمه وقواعدة العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫لقد ع ّلمت هذا الوطن معنى الوحدة والتآخي‬ ‫َ‬ ‫فأحبك الجميع وبىك عىل رحيلك الجميع ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أقمت الفق َه بينهم ِفق َه‬ ‫بحق ملّا‬ ‫فعدلت‬ ‫ٍ‬ ‫ّواريب‪...‬‬ ‫التوحي ِد ال فق َه الز ِ‬

‫إعداد‪ :‬سايل نوفل‬ ‫هيئة العمل التوحيدي تعزي‬ ‫بالعالمة المرجع الكبير‬ ‫سماحة السيد محمد حسين‬ ‫فضل هللا‬ ‫تتقدم هيئة العمل التوحيدي بأح ّر‬ ‫التعازي اىل األمة اإلسالمية والعربية‬ ‫واملراجع الدينية كاف ًة واىل لبنان حوار‬ ‫األديان بوفاة العالمة املرجع الكبري‬ ‫سامحة السيد محمد حسني فضل‬ ‫الله‪ ،‬كام تتقدم اىل ذويه وصحبه ومحبيه‬ ‫بعميق شعور األىس عىل فقده‪ ،‬ألهم الله‬ ‫الجميع الصرب والسلوان‪ ،‬فإنه غاب جسداً‬ ‫وبقي ذكراً وفكراً ومنهجاً وعم ًال ودعوة‬ ‫محبة وانفتاحاً‪ ،‬وجمع الشمل بوحدة‬ ‫الوطن ليبقى عىل ما توخاه الفقيد الراحل‬ ‫قو ًة ومنع ًة وصموداً ملنهج املقاومة يف وجه‬ ‫األخطار املحدقة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫في رثاء السيد فضل هللا‪:‬‬ ‫كتـاب هللاِ فـي قولك حكـ ٌم‬ ‫مـن‬ ‫ِ‬

‫الشعب بالفكـ ِر الحكيم‬ ‫يـا حكيـم‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫والعلوم‬ ‫عشت مضيا َء املعاين‬ ‫ِ‬ ‫هـج أجـدا ٍد علـى ِفقـ ٍه تليــ ٍد‬ ‫َن ُ‬ ‫القديم‬ ‫فيه قاعُ البح ِر باألصل‬ ‫ِ‬ ‫حكـم‬ ‫كتـاب الل ِه فـي قولك‬ ‫مـن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫جامـع للدين َّ‬ ‫الكريم‬ ‫عب‬ ‫ٌ‬ ‫والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫نبـي الل ِه فـي قولـك رأيٌ‬ ‫مـن ّ‬ ‫النجـوم‬ ‫فيـه لألديـانِ آال ُء‬ ‫ِ‬ ‫شـع فـي قولك حقٌ‬ ‫علـي َّ‬ ‫مـن ِّ‬ ‫املستديم‬ ‫وهو من نهج الفقيه‬ ‫ِ‬ ‫ّهج علمـاً ونضـاالً‬ ‫يـا‬ ‫َ‬ ‫حكيـم الن ِ‬ ‫ّسيم‬ ‫لك ذك ٌر َ‬ ‫طاب يف ِّ‬ ‫طي الن ِ‬ ‫َ‬ ‫شمس وهي تبقى‬ ‫أنت يف األوطانِ‬ ‫ٌ‬ ‫عينهـا ُ‬ ‫الهجوم‬ ‫لبنان يف َص ِّد‬ ‫ِ‬

‫اإلسـالم ٌ‬ ‫لرأي‬ ‫لـك فـي‬ ‫آيـات ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العظيم‬ ‫من ذرا طهران لألر ِز‬ ‫ِ‬ ‫مطم ّ‬ ‫نئ البـال متيض عـن بال ٍد‬

‫ض ّوأت رؤياك ذكرى َّ‬ ‫يوم‬ ‫كل ِ‬ ‫رئيس الدائرة الثقافية يف هيئة العمل التوحيدي‬

‫الشيخ راتب نرص الله‬

‫أمانة اإلعالم ‪ :‬السيد فضل هللا‬ ‫عنوان ع ّزة األمة وكرامتها‬ ‫أصدرت أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد بياناً نعت فيه العالمة محمد حسني فضل الله وجاء‬ ‫فيه‪:‬‬ ‫مل يكن رحيل آية الله السيد محمد حسني فضل الله رحمه الله أمراً عادياً‪ ،‬ففقدان‬ ‫الكبار له تأثري عىل األمة الس ّيام إذا كان عىل مستوى العالمة فضل الله صاحب املؤلفات‬ ‫القيمة التي امتألت بها رفوف املكتبات واستفاد منها الجمع الغفري من طلبة املعرفة يف‬ ‫الفقه والسياسة والدين‪ ،‬وهو الذي كان له أثر كبري يف املحافظة عىل نهج املقاومة و ّبني‬ ‫أهميتها ومكانتها‪ ،‬ومل يرتك مناسبة إ ّال ودافع عنها بكل ما أويت به من كلمة مؤمنة‬ ‫وموقف صلب‪.‬‬ ‫لقد خرست األمة برحيل السيد فضل الله واحداً من علامئها األجالء البارزين ورمزاً من رموزها‬ ‫الذين تفانوا يف إبقائها عنواناً للعزة والكرامة‪ ،‬ومثاالً للعامل املعتدل املستنري الذي ينبذ العصبية‬ ‫بكل أشكالها وألوانها‪.‬‬ ‫إن تيار التوحيد وإذ يشاطر أبناء األمة يف هذا املصاب األليم يسأل الله العيل القدير أن يتغمد‬ ‫الفقيد الكبري واسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يلهم جميع أهله وذويه وكافة تالمذته‬ ‫ومحبيه الصرب والسلوان‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫جمعية «ممكن» تجمع بين النظرية والممارسة‬

‫غادة فغالي ‪ :‬نر ّكز على دعم المرأة المنتجة‬ ‫وألنه من املمكن العمل من أجل مجتمع‬ ‫حضاري يجمع بني النظرية واملامرسة‪،‬‬ ‫والرتبية‬ ‫واالقتصاد‬ ‫بالسياسة‬ ‫ويرقى‬ ‫والبيئة والثقافة اىل مستوى الرقي‬ ‫والتقدم‪ ،‬أسوة ببالد العامل املتحرضة‪.‬‬ ‫وألنه من املمكن العمل من أجل مجتمع‬ ‫مدين تسود فيه املساواة واملواطنة‬ ‫الصالحة والعلامنية ودولة املؤسسات‬ ‫والقانون والعدالة االجتامعية‪.‬‬ ‫ومن املمكن أيضاً شد أوارص املجتمع عرب‬ ‫االلتزام باملشاركة يف كل مشاكل األفراد‬ ‫والجامعات يف الرتبية واملواطنة والعمل‬ ‫االجتامعي‪ .‬ومن املمكن تعميق وعي‬ ‫املواطنني وإيقاظ حسهم باملسؤولية‪،‬‬ ‫وتحفيز طاقاتهم ودفعهم اىل العمل‬ ‫الدؤوب من أجل الوطن واإلنسان فيه‪ .‬كام أيضاً‬ ‫من املمكن توعية املرأة اىل ذاتها اإلنسانية حتى‬ ‫تستخدم طاقاتها الفكرية والجسدية وتقوم‬ ‫بدورها يف املجتمع‪.‬‬ ‫‪ ...‬وألنه من املمكن املساهمة يف كل ما ذكر‬ ‫آنفا‪،‬‬ ‫‪ ...‬وألن ال يشء ممكن إال ويستحق املحاولة‪،‬‬ ‫‪ ...‬وألن ال يشء مستحيل‪،‬‬ ‫‪ ...‬ق ّررنا تأسيس جمعية “ممكن”‪ ،‬هكذا أخربتنا‬ ‫السيدة غادة فغايل رئيسة جمعية “ممكن” عن‬ ‫الهدف األسايس لتأسيس هذه الجمعية‪ ،‬وذلك‬ ‫بعد لقائنا بها وإجراء حوار عن الجمعية وكان هذا‬ ‫نص الحوار‪:‬‬ ‫للوهلة األوىل‪ ،‬نتوقف عند كلمة «ممكن» وملاذا‬ ‫اعتمدت هذه اللفظة كاسم لجمعيتكن؟ متى تم‬ ‫تأسيس هذه الجمعية؟‬ ‫تقول الرواية أن حريق اندلع يف غابة و ف ّرت كل‬ ‫الحيونات ما عدى سنونة و كانت مبنقارها تسعى‬ ‫إلطفاء الحريق ألنها آمنت أنها تعمل ما أمكنها‪ ،‬من‬ ‫هنا جاءت تسمية “ممكن”‪ ،‬وتأسست الجمعية يف‬ ‫نيسان من عام ‪ 2010‬مبوجب علم وخرب رقم ‪.601‬‬ ‫ما هي أبرز األعامل التي قامت بها هذه‬ ‫املؤسسة؟‬ ‫ دعم املدارس الرسمية تأهي ًال وبرامجاً وتعلي ًام‬‫لكافة الفئات العمرية ويف مختلف املناطق‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫ دورات صيفية ترفيهية لألوالد من ‪ 6‬اىل ‪12‬‬‫سنة‪.‬‬ ‫ تشجيع الثقافة واآلداب والفنون والرياضة‬‫بكافة الوسائل‪.‬‬ ‫‪ -‬ورش ودورات تأهيل كوادر للعمل األهيل واملدين‪.‬‬

‫ أنشطة بيئية‬‫والتشجري وتدوير النفايات‪.‬‬ ‫ دعم املرأة املنتجة من خالل دورات تأهيلية‬‫تدريبية لألعامل الحرفية والفنّية وإقامة املعارض‬ ‫واملشاركة مع هيئات املجتمع املدين‪.‬‬ ‫ دعم املرأة املنتجة من خالل تحفيز صناعة‬‫الحلويات واملأكوالت وتسويقها‪.‬‬ ‫من يقوم بدعم هذه الجمعية‪ ،‬وهل استطاعت‬ ‫أن تحقق شيئاً من أهدافها؟‬ ‫الدعم يأيت من بيع منتوجاتنا «من دياتنا» يف‬ ‫املعارض‪ ،‬ومن خالل العشاء السنوي الذي يقام‬ ‫متنوعة‬

‫كقطاف‬

‫املواسم‬

‫والتربعات و االشرتاكات التي تقدم من خالل‬ ‫هذه االحتفاالت‪ ،‬حتى اآلن حققت»ممكن»‬ ‫كل األنشطة املذكورة سابقاً‪ ،‬واألهداف‬ ‫التي تسعى اليها‪.‬‬ ‫هناك جمعيات كثرية‪ ،‬البعض منها‬ ‫لكسب مادي والبعض اآلخر للوجاهة‪ ،‬أين‬ ‫أننت من هذه الجمعيات‪ ،‬وما هو دوركن يف‬ ‫تنمية املجتمع؟‬ ‫نحن جمعية ال تبغى الربح وال الوجاهة‪،‬‬ ‫ونقوم فقط بالنشاط الذي نستطيع‬ ‫تنفيذه ومتويله الذايت كام نعمل يف حدود‬ ‫املمكن‪.‬‬ ‫نعلم أن لديكن تجربة سابقة‪ ،‬يف‬ ‫تجمع النهضة النسائية‪ ،‬ما الذي توصلنت‬ ‫اليه من أجل حقوق املرأة بعد تجاربكن‬ ‫السابقة والحالية‪ ،‬وهل استطعنت أن تحققوا‬ ‫شيئاً للمرأة العربية بشكل عام واملرأة اللبنانية‬ ‫بشكل خاص؟ وخاصة أن قضية املرأة قضية تهم‬ ‫املجتمع بأرسه‪ ،‬ما هي درجة اهتامم جمعيتكن‬ ‫بهذه القضية؟‬ ‫طبعاً من خالل تجاريب السابقة والحالية‪ ،‬أؤمن‬ ‫أن ال فرق بني املراة والرجل بل أسعى اىل بناء إنسان‬ ‫مواطن مسؤول منتج داعم للقضايا املحقة واملرأة‬ ‫مثل الرجل عليها أن تعمل لتحقيق ذلك ونحن‬ ‫جمعية «ممكن» مند لهذه املرأة يد العون‪.‬‬ ‫ما تعليقكن عىل القول‪« :‬املرأة هي نصف‬ ‫املجتمع»؟‬ ‫هذا القول فيه شئ من السذاجة ألن املشكلة‬ ‫ليست بالكمية أو األرقام بل بنوعية هذا أو ذاك‬ ‫النصف‪.‬‬ ‫ظاهرة العنف ضد املرأة‪ ،‬ظاهرة سلبية ومدمرة‬ ‫ودليل تخلف واضح‪ ،‬وجرمية بحق املرأة‪ ،‬كيف‬ ‫ميكن القضاء عىل هذه الظاهرة السيئة؟‬ ‫هنا يجب عىل كل املجتمع األهيل التضامن للعمل‬ ‫والضغط عىل رجال السياسة والدين للسري نحو‬ ‫العلمنة أوال التي توصل اىل مساواة للمواطن‪ ،‬ثم‬ ‫العمل عىل توعية املراة عىل ذاتها‪ ،‬وأخرياً وليس‬ ‫آخراً توعية املواطن عىل اتخاذ القرار الصائب فيام‬ ‫يختار لترشيع قوانني حضارية‪.‬‬ ‫يالحظ تدين نسب املشاركة يف الحياة‬ ‫االجتامعية‪،‬‬ ‫واألعامل‬ ‫والربملانية‬ ‫السياسية‬ ‫ملاذا؟‬ ‫ألن األحزاب العقائدية خاصة تغاضت ومازالت‬ ‫تقرص يف هذه الناحية وتهتم فقط بالشأن‬ ‫السيايس اآلين‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب فني‬

‫عمالق الفن اللبناني العربي يتحدث لـ«منبر التوحيد»‬

‫وديع الصافي‪ّ :‬‬ ‫غنيت لبنان ألني مؤمن‬ ‫بوطن ّيتي وبأرضي المق ّدسة الطاهرة‬ ‫موهبة فريدة ُولِدَت يف بلدة نيحا الشوفية‬ ‫يف العام ‪ ،1921‬ودخلت الوسط الفني من‬ ‫بابها الواسع يف سن مبكرة‪ ،‬بحنجرة “ذهبية”‬ ‫وخامة صوتية نادرة قادرة عىل أداء كل أنواع‬ ‫ّ‬ ‫املوشح إىل املوال وامليجانا والعتابا‬ ‫الغناء من‬ ‫واألوبرا والصوفيات الدينية التي جمع صاحبها‬ ‫من خاللها بني الديانتني املسيحية واإلسالمية‪،‬‬ ‫فأصبح بفنه الراقي معادلة صعبة يف الوسطني‬ ‫الفني واملرسحي‪.‬‬ ‫هو وديع بشارة فرنسيس‪ ،‬صاحب الصوت املميز‬ ‫الذي ورثه عن عائلته وأجداده‪ ،‬إذ حفظ العتابا‬ ‫وامليجانا من جدّه يوسف وهو يف سن الطفولة‪،‬‬ ‫كان تنقل مراراً يف بداياته بني القرى الشوفيه‬ ‫مالئاً بحنجرته الرخيمة أصداء أحيائها‪ ،‬حيث‬ ‫اشتهر بحفلة أقامها يف منزل السيدة نظرية‬ ‫جنبالط فكانت حفلة مميزة أثارت إعجاب الجميع‬ ‫بابن التاسعة املوهوب‪.‬‬ ‫عاش وديع فرنسيس حياة فقر وحرمان يف‬ ‫عائلة مؤلفة من مثانية فتيان وخمس فتيات‪،‬‬ ‫مام اضطره للتوقف عن دراسته يف سن مبكرة‬ ‫إلعالة عائلته مع والده بشارة‪ ،‬الرقيب يف قوى‬ ‫األمن الداخيل‪ .‬من أخواته‪ :‬ناديا املعروفة باسم‬ ‫“هناء الصايف” والتي غنّت أغنية “يا بيتي يا‬ ‫بويتايت”‪ ،‬وشقيقه “إيليا” الذي أصبح فيام بعد‬ ‫قائداً ملوسيقى قوى األمن الداخيل‪.‬‬ ‫إذاً تح ّولت عائلة “بشارة فرنسيس” لعائلة فنية‬ ‫بامتياز تحمل لقب “الصايف”‪ ،‬وهو ما أصبح عليه‬ ‫اسم العائلة فيام بعد وحتى اآلن‪ .‬أما أبناء “وديع‬ ‫الصايف” اليوم‪ ،‬فهُم‪ :‬أنطوان وجورج وفادي وميالد‬ ‫ودنيا ومرلني‪ .‬ويحمل ك ًال من أنطوان وجورج إرثاً‬ ‫فنياً صعب التفريط به‪ ،‬ليكمال درباً بدأه أباهام‬ ‫فكانا أن وعدا بإكامل املسرية الفنية عىل‬ ‫خطى متينة أصيلة‪ ،‬فأخذا بركة العمالق الذي‬ ‫ً‬ ‫أكد خالل لقاءنا به‪ ،‬تفاؤله من أنهام س ُيكمالن‬ ‫مسرية السبعون سنة من الفن العريق املميز‬ ‫بكل ثبات وإرصار‪.‬‬ ‫حافظ الصايف باستمرار عىل الرتاث والحضارة‬ ‫وجمع بني الكلمة واآلداء األصيل‪ ،‬واللحن‬ ‫والقواعد املتينة‪ ،‬فكانت عائلته الفنية “صافية”‬ ‫كصفاء اسمها‪ ،‬وهو اإلسم الفني الذي أصبح‬ ‫وديع فرنسيس يحمله بعد أن أطلقه عليه‬ ‫ميشيل خياط‪ ،‬حيث كانت بداياته الفنية األوىل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الصايف يف زيارة للرئيس بشار األسد‬

‫تصوير‪ :‬عباس خشاب‬ ‫يف العام ‪ 1938‬يف اإلذاعة اللبنانية حني فاز‬ ‫باملرتبة األوىل لحناً وغناءاً وعزفاً يف مبارة لإلذاعة‪،‬‬ ‫فكان أن أصبح “وديع الصايف” لصفاء صوته الذي‬ ‫وصفه لنا بـ”الصوت اإللهي”‪.‬‬

‫الصوت الذي ال حدود له‬ ‫غنى لشعراء وملحنني كبار كفريد األطرش‬ ‫(عىل الله تعود)‪ ،‬ومحمد عبد الوهاب (عندك‬ ‫بحرية)‪ ،‬وبليغ حمدي (عىل رمش عيونها)‪ ،‬ورياض‬ ‫البندك ( يا عيني عَ الصرب)‪ ،‬إضافة ألسعد‬ ‫السبيل ومارون كرم واألخوين الرحباين وزيك‬ ‫ناصيف وفيلمون وهبي وعفيف رضوان‪ .‬ومع هذا‬ ‫ّ‬ ‫فضل الصايف تلحني الكثري من أغنياته‬ ‫كله‪،‬‬ ‫بنفسه إلدراكه ملسافات صوته وإمكاناته‪.‬‬ ‫وكان للبنان الحصة األكرب يف أغنياته‪ ،‬فتغنى‬ ‫بجامله وغنى “خرضا يا بالدي خرضا”‪ ،‬وقد رافقه‬ ‫يف كل مكان إىل أن غنى له “لبنان يا قطعة سام‬ ‫عَ األرض تاين ما إال”‪ ،‬وألنه عاش الحرب والفنت بني‬ ‫أهل بلده‪ ،‬حلم دامئاً بالسالم بني األخوة اللبنانيني‬ ‫فغنّى “أريض عم بتقايس حاجتها حرام”‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل أغاين‪“ :‬زرعنا تاللك يا بالدي‪ ،‬واملجد مع ّمرها‪،‬‬ ‫وس ّيجنا لبنان‪ ،‬ورصخة بطل”‪.‬‬ ‫كام يحمل الوطن العريب مكانة كبرية يف‬ ‫قلب العمالق الصايف‪ ،‬إذ لطاملا ردد قائ ًال‪“ :‬نحن‬

‫‪68‬‬

‫عرب بكل األديان‪ ،‬والدين لله الذي نعبده جميعاً‪،‬‬ ‫ونحن أخوة يف العروبة بالدم والتاريخ”‪.‬‬ ‫ق ّدم الكثري الكثري للفن‪ ،‬فكانت ثروة مميزة‬ ‫جمعت أكرث من خمس آالف أغنية صدرت‬ ‫بتوقيع عمالق من لبنان اسمه “وديع الصايف”‪،‬‬ ‫منها‪ :‬ال عيوين غريبي‪ ،‬رصت مت َلك بيَ ‪ ،‬عادت‬ ‫تسألني‪ ،‬ع ّمر يا مع ّلم‪ ،‬الليل يا ليىل‪ ،‬برتوحلك‬ ‫مشوار‪ ،‬عاللوما اللوما‪ ،‬رح حلفك بالغصن‬ ‫يا عصفور‪ ،‬يا ابني‪ ،‬يا أم الظفاير‪ ،‬الله يرىض‬ ‫عليك يا ابني‪ ،‬بالساحة تالقينا‪ ،‬قتلوين عيونا‬ ‫رجيل‪ ،‬بتحبني‬ ‫السود‪ ،‬يا قمر الدار‪ ،‬يا بو املَ َ‬ ‫وشهقت بالبيك‪ ،‬وكربنا‪ .‬كذلك شارك يف أكرث‬ ‫من فيلم سيناميئ منها‪“ :‬نار الشوق” و”غزل‬ ‫البنات” و”خمسة جنيه”‪ ،‬إضافة إىل العديد من‬ ‫املرسحيات التي ز ّين خشباتها بحضوره الالفت‬ ‫وصوته املميز‪.‬‬ ‫ُك ِّر َم العمالق وديع الصايف من العديد من‬ ‫الدول‪ ،‬ونال العديد من األوسمة املهمة وأبرزها‬ ‫“وسام األرز الوطني من رتبة كومندور” من‬ ‫الرئيس السابق للجمهورية اللبنانية إميل لحود‪،‬‬ ‫و”الدكتوراه الفخرية” من جامعة الروح القدس‬ ‫وهي أول دوكتوراه فخرية متنحها الجامعة‪.‬‬ ‫وحمل الصايف جنسيات متعددة‪ :‬املرصية‬ ‫والفرنسية والربازيلية إضافة إىل الجنسية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬التي كانت أكرث ما يفخر بها وكان‬ ‫يقول دامئاً‪“ :‬ما أعز من الولد إال البلد”‪.‬‬

‫هو عمالق الطرب األصيل و”الصوت األكرب من‬ ‫أن ُيوصف” كام وصفه املوسيقار محمد عبد‬ ‫الوهاب‪ ،‬الذي ل ّقبه بـ “س ّيد املطربني العرب”‪.‬‬ ‫كام قال عنه الناقد املوسيقي كامل النجحي‪:‬‬ ‫“غناؤه راحة لألرواح والقلوب”‪ ،‬ووصف صوته‬ ‫“علمياً” بأنه مك ّون من مثانية عرش مقاماً ال‬ ‫اختالل بينها ال بل انضباط وتناسق تام‪.‬‬ ‫شجع العمالق الصايف املواهب الجديدة‬ ‫ّ‬ ‫باستمرار‪ ،‬وشاركها يف برامج الهواة‪ ،‬وكانت آخر‬ ‫تشجيعاته للمشرتك السوري ناصيف زيتون‬ ‫الذي أبدى قدرة كبرية عىل آداء أغاين الصايف‬ ‫بكل سهولة‪ ،‬بعد أن غنّاه سابقاً ابن بعلبك‬ ‫الفنان معني رشيف‪ ،‬فكان من خري َمن غنّى هذا‬ ‫الفن الراقي من زمن الفنانني الكبار الذي أكد‬ ‫نجل العمالق الصايف الفنان جورج الصايف عىل‬ ‫روح الزمالة التي كانت تجمعهم بعكس ما هو‬ ‫موجود اليوم بني أبناء الفن الجديد‪.‬‬

‫التاريخ العريق يبقى ببقاء‬ ‫صانعيه وخلود أعاملهم‬ ‫املقاوم‪،‬‬ ‫مبقامك‬ ‫وطهارة‬ ‫س ّيجته‬ ‫بأصالة‬

‫واليوم‪ ،‬كام نعتز بأننا من أرض لبنان‬ ‫أرض أولدَت عمالقاً‬ ‫نعتز أيضاً أننا من‬ ‫ٍ‬ ‫أيها العمالق‪ ،‬ونفخت فيك روح املسيح‬ ‫األنبياء‪ ،‬وحت ًام سيبقى لبنان الذي‬ ‫بأغنيتك و”شعشعت رساجه” أصي ًال‬ ‫فنك وتاريخك العريق‪.‬‬ ‫ولكن نسأل‪ :‬ملاذا ال ُيك َّرم الفنانون الكبار مادياً‬ ‫أيضاً بدل األوسمة التي ال تساوي سوى قيمة‬ ‫معنوية فقط‪ .‬وهل سيعيش كبارنا الذين نقلوا‬ ‫حضارة لبنان وثقافته إىل جميع أقطار العامل‬ ‫وكأنهم أفسدوا يف هذا الوطن وبدون ر ّد الجميل‬ ‫لهم؟‬ ‫ومع هذا نقول‪ “ :‬ستبقى أيها العمالق عمالق‬ ‫الفن العريب وعمالق األغنية اللبنانية التي‬ ‫َ‬ ‫وكنت‬ ‫حملتها أمانة بني يديك إىل العامل كله‬ ‫خري مؤ ٍّد لها بجميع ألوانها”‪.‬‬

‫الزميلة نوفل تنقل تحيات أرسة “منرب التوحيد” للعمالق الصايف‬

‫[] أصحبت أغنيايت رمزاً للوطن متاماً‬ ‫كالنشيد الوطني‬ ‫[] سوريا تأيت باملرتية األوىل مبستوى‬ ‫اهتاممها بالفنان‬ ‫[] أصبحت األغاين تحمل كلامت بالية ال‬ ‫طعم لها وال لون‬ ‫[] أنا متفاءل بالجيل الشاب الذي يسري‬ ‫عىل نهج «وديع الصايف»‬ ‫‪69‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب فني‬

‫«منرب التوحيد»‬ ‫زارت العمالق وديع الصايف‬ ‫مع ما قدّمه للوطن واألمة‪ ،‬ومع الرثوة التي‬ ‫أوجدها بصوته وموهبته‪ ،‬ترشفت مجلة “منرب‬ ‫التوحيد” بزيارة العمالق وديع الصايف‪ ،‬الذي‬ ‫ما زال صفاء وجهه وروحه يشع من وجنتيه‪،‬‬ ‫فكان لقا ًء رائعاً مع فنانٍ عريق قدّم مبوهبته‬ ‫املميزة وصوته الرخيم أجمل األغاين واملواويل‬ ‫لفن لبناين وعريب بالعموم يفتقد اليوم ألصول‬ ‫ٍ‬ ‫الفن الراقي الذي قدّمه عمالق لبنان والعرب وديع‬ ‫الصايف وغريه من الفنانني الذين كانت رسالتهم‬ ‫أساس الفن املميز واألعامل الخالدة‪ .‬وقد ملسنا‬ ‫تواضع العمالق الكبري وصفاء روحه وإنسانيته‬ ‫عندما قلنا له‪“ :‬أصبحت يف التاسعة والثامنني‬ ‫من العمر”‪ ،‬أجاب‪“ :‬ال بل ال ُ‬ ‫زلت يف سن الثامنة‬ ‫والثامنني وستة أشهر‪ ،‬وميالدي يأيت يف يوم عيد‬ ‫القدّيسني”‪ ،‬وكأن ذلك العمالق يعيش يوماً بيوم‬ ‫فنّه الراقي ويتنفس عبق لبنان وترابه الذي لطاملا‬ ‫تغنى به‪ .‬وهنا نص الحوار‪:‬‬ ‫كانت رحلة فنية عريقة للعمالق وديع‬ ‫الصايف‪ .‬حدّثنا عن هذه التجربة املميزة ملوهبة‬ ‫كبرية؟‬ ‫نحن مناضلون ألننا أصحاب فكرة وعقيدة‪،‬‬ ‫وعملنا موضوعي يحمل رسالة كبرية‪ .‬الفن‬ ‫ُيوجد قيم للوطن والدين‪ ،‬ليكون صديقاً للناس‬ ‫بأخالقياتهم‪ .‬ليست رسالته إفساد األخالق‪ ،‬وال‬ ‫شك أن الفنان الذي ميلك األخالق الحميدة يلقى‬ ‫إعجاب الناس والجمهور وتقديرهم‪ ،‬ما يأخذ‬ ‫بالفن إىل املزيد من السمو والعال‪ .‬واإلنسان‬ ‫وخاصة الفنان الخلوق هو الذي يجعل أعامله‬ ‫خ ّالقة وخلوقة‪ .‬نتمنى من جميع الفنانني اعتامد‬ ‫املبادىء واألخالق لتبقى سامية صافية‪ ،‬إذ ال‬ ‫يكفي الصوت الجميل واإلنتاج الوفري‪.‬‬ ‫ماذا تخربنا عن بدايات وديع الصايف؟ ماذا‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الصايف‬ ‫مستقب ًال‬ ‫النجم السوري‬ ‫ناصيف زيتون‬ ‫تتذكر منها؟‬ ‫بدأ الفن معي منذ الصغر‪ ،‬إذ كنت أعزف عىل‬ ‫الطبلة وأدندن وأنا يف سن الرابعة‪ .‬ومن ذلك‬ ‫الوقت بدأت رحلتي الفنية‪ ،‬ومل أزل‪ .‬اخرتعت‬ ‫األغنية اللبنانية األصيلة بعد أن كانت محصورة‬ ‫بأبو الزلف واملعنّى والعتابا‪ ،‬فكانت أغنيتي عربية‬ ‫لبنانية عام ّية‪.‬‬ ‫أين أصبحت األغنية األصيلة اليوم؟ َمن يعيد‬ ‫إليها استمراريتها ورق َّيها؟‬ ‫هناك العديد من املحاوالت لكنها مل تصل إىل‬ ‫الهدف املرجو بعد‪ .‬أدعو بالتوفيق للجميع‪ ،‬لكن‬ ‫برشط املحافظة عىل الفن الراقي ليبقى مميزاً‪.‬‬ ‫ما رأيك بجيل الشباب الجديد الذي يدخل‬ ‫الوسط الفني اليوم بطرق مختلفة لكنّ‬ ‫بعضه يدخله بكل أصالة كاملشرتك السوري‬ ‫يف إحدى برامج الهواة ناصيف زيتون والذي‬ ‫َ‬ ‫أبديت إعجابك بصوته وموهبته بعد أن أدّى‬ ‫أغانيك بطريقة مميزة؟ هل ستتبنّاه فنياً؟‬ ‫أنا ال أتبنّى أحد اليوم‪ ،‬إذ لديّ ولداي جورج‬ ‫وأنطوان اللذان سيكمالن مسرييت وعندي الثقة‬ ‫بأنهم سيحافظون عىل فنّي األصيل من بعدي‪.‬‬ ‫وال شك ّأن كل َمن يغني يل هو أيضاً من أبنايئ‬

‫‪70‬‬

‫وأقدّم مساعديت للجميع يف حال ُط ِل َب مني‬ ‫ذلك‪ّ ،‬‬ ‫ألن الفن أخالق و”إمنا األمم باألخالق”‪ ،‬فالفن‬ ‫هو العطاء والكلمة واللحن والصوت الج ّيد‪.‬‬ ‫ماذا عن أنطوان وجورج؟‬ ‫هام السند الوحيد يل من بعد الله‪ ،‬ألنهام‬ ‫حضناين وخدموين منذ صغرهم‪ ،‬وحتى اآلن‪.‬‬ ‫ولهام الفضل الكبري ع ّ‬ ‫يل وعىل إبقاء فني‬ ‫ملحنان‬ ‫واستمرارهام عىل النهج نفسه‪ .‬وهام‬ ‫ّ‬ ‫ومغن ّيان كبريان‪ ،‬ويؤدّيان الفن األصيل وليس الفن‬ ‫امللتزم ألنهام يعيان قيمة اإلسم الذي يحمالنه‪.‬‬ ‫هل لديك مرشوع كتابة مذ ّكراتك الفنية؟‬ ‫كرث قاموا بذلك‪ ،‬واليوم يوجد الكثري من‬ ‫العروض لكتابتها ولكن أنتظر العرض األفضل‬ ‫األصح‪،‬‬ ‫لذلك‪ ،‬والذي يقدّر مذكرايت بالشكل‬ ‫ّ‬ ‫لتتح ّول فيام بعد إىل مسلسل سيناميئ عن‬ ‫“وديع الصايف”‪.‬‬ ‫أصبحت أغاين وديع الصايف رديف للنشيد‬ ‫الوطني اللبناين‪ .‬ما تقول عن ذلك؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬أصبحت أغنيايت رمزاً للوطن متاماً‬ ‫كالنشيد الوطني‪ .‬والحمد لله أخذت أجري‬ ‫وقيمتي املعنوية لدى الناس ولكن ليس مادياً‪.‬‬

‫الفنان اللبناين‪ :‬ما مصريه؟‬ ‫ماذا عن قيمتك لدى دولتك اللبنانية‪ ،‬هل‬ ‫ك ّر َ‬ ‫متك؟‬ ‫ُ‬ ‫نلت العديد من األوسمة‪ ،‬ولهم الشكر‬ ‫الكبري‪ .‬وكان التكريم الكبري من الرئيس إميل‬ ‫لحود الذي وضع طائرة هيلكوبرت للجيش اللبناين‬ ‫ترصيف للقيام بجولة فوق األرايض اللبنانية‬ ‫يف‬ ‫ّ‬ ‫بالكامل‪ ،‬يف يوم “وديع الصايف األخرض”‪ ،‬وكان‬ ‫هذا اليوم يوماً شعبياً بامتياز حيث استقبلني‬ ‫اللبنان ّيون يف كل املناطق استقبال الفاتحني‪.‬‬ ‫ماذا عن وديع الصايف اليوم يف عمر‬ ‫الشيخوخة؟ هل هو مضمون من الدولة‬ ‫والحكومة اللبنانية؟‬

‫ال يوجد أي ضامنة مادية وهذا حال جميع‬ ‫الفنانني‪ ،‬يوجد فقط األوسمة املعنوية‪.‬‬ ‫هل تكفي هذه األوسمة والتكرميات إليفاء‬ ‫عمالق كـ”وديع الصايف” حقه مع كل ما قدّمه‬ ‫للبنان والفن العريب واللبناين؟‬ ‫بالطبع ال‪ّ ،‬‬ ‫ألن لإلنسان قيمة‪ .‬وقد ك ّرمتني‬ ‫الكثري من الدول بتقديم مبالغ مادية إىل جانب‬ ‫األوسمة‪ ،‬كامللك املغريب والسعودي والعاهل‬ ‫األردين‪ ،‬وكان املبلغ يزيد مع ازدياد قيمة الوسام‬ ‫املمنوح يل‪.‬‬ ‫ماذا عن دولتك اللبنانية؟ هل َ‬ ‫لك “عتب”‬ ‫مقصة بحقك؟‬ ‫عليها ألنها رّ‬ ‫ال ألوم دولتي ألنها مل تصل بعد إىل هذا‬ ‫النوع من التكريم‪ .‬أعتقد أنها مقرصة بحق‬ ‫جميع الفنانني‪ ،‬فالحكام متلهّون بأشياء أخرى وال‬ ‫يهت ّمون ملا نطلبه أو ملا قدّمناه‪.‬‬ ‫نالحظ أنه عندما ُيصاب أي فنان لبناين‬ ‫بنكسة صحية يلقى االهتامم األكرب من‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد وسابقاً من الرئيس‬ ‫الراحل حافظ األسد؟ ماذا تقول عن ذلك؟‬ ‫نعم‪ ،‬لديهام أعامل خريية كثرية بهذا اإلطار‪،‬‬ ‫وقد ك ّرماين عدة مرات‪ .‬سوريا تأيت يف املرتبة‬ ‫األوىل مبستوى اهتاممها بالفنان‪ ،‬ومن ثم مرص‬ ‫يف املرتبة الثانية‪ ،‬مع تقديري لكل الدول التي‬ ‫اهتمت لـ”وديع الصايف”‪.‬‬ ‫شكل “وديع الصايف” مدرسة فنية عريقة‬ ‫عىل نطاق العامل العريب‪ ،‬برأيك هل س ُيتم‬ ‫الحفاظ عىل هذه الرثوة الق ّيمة؟‬ ‫املفروض الحفاظ عليها ألنها تاريخ بح ّد ذاته‪،‬‬ ‫و َمن ال يهتم مبرياثه يصبح بال تاريخ‪.‬‬ ‫هل تعترب أن األغنية األصيلة انقرضت أمام‬ ‫األغنية الشعبية الصاخبة؟‬ ‫ال يزال هناك شيئاً من األصالة ولكن لألسف‬ ‫كرث اليوم يتلهّون بالقشور‪ ،‬ويتناسون ّأن للفن‬ ‫أصول وقيم وأخالقيات يجب العمل عليها قبل‬ ‫كل يشء‪ ،‬يك يبقى الفن ثابتاً لري ّقي الشعوب‪،‬‬ ‫ويأخذ باملجتمعات إىل األعىل‪.‬‬ ‫ملاذا وصلنا إىل هذه الحالة؟‬ ‫املشكلة تكمن يف غياب الرقابة‪ ،‬فأصبحنا‬ ‫كام يقول املثل‪“ :‬كل مني إيدو إلو”‪ ،‬وأصبحت‬ ‫األغاين تحمل كلامت بالية ال طعم لها وال لون‪،‬‬ ‫لحن يرافقها‪ ،‬وغابت‬ ‫هي مج ّرد كلامت ُتقال مع‬ ‫ٍ‬ ‫الرقابة اإلعالمية الفنية عن الالأخالقيات‬ ‫الفنية التي ّ‬ ‫تفشت بني الجمهور بدون أي عقاب‬ ‫لفاعليها‪.‬‬ ‫ما رس اخرتاق األغنية اللبنانية للعامل‬ ‫العريب بهذه القوة بد ًءا من وديع الصايف إىل‬ ‫نرصي شمس الدين وفريوز وصباح وزيك ناصيف‬ ‫والرحابنة وغريهم من كبار فناين لبنان؟‬ ‫لقد قمنا بالفعل مبوجة حضارية مهمة بهذه‬ ‫األسامء‪ ،‬وقدّمنا األعامل األصيلة يف حفالت‬ ‫مهمة جداً واخرتقنا حدود العامل العريب والعامل‬ ‫أجمع‪.‬‬

‫الصايف وولديه انطوان وجورج‬

‫هل تنفصل األغنية اللبنانية عن محيطها‬ ‫العريب؟‬ ‫أبداً‪ ،‬ولكنّ قيمتها خ ّفت عماّ كانت يف‬ ‫أ ّيامنا حني كان محمد عبد الوهاب والسنباطي‬ ‫وغريهام من عاملقة الفن املرصي يتأثران‬ ‫باألعامل اللبنانية‪ ،‬ملا وصلت إليه من أوج النجاح‬ ‫والشهرة واالنفتاح‪ ،‬خاصة مع املهرجانات التي‬ ‫قمنا بها مجتمعني خاصة مهرجانات الرحابنة‪.‬‬ ‫لقد تكاتفنا جميعاً من أجل هذا الوطن وبقائه‬ ‫وتط ّوره واستمراريته واإلرتقاء به إىل املزيد من‬ ‫النجاح‪.‬‬

‫أميل الوحيد الحفاظ‬ ‫عىل الوطن «لبنان»‬ ‫غنّيت “لبنان يا قطعة سام” إضافة إىل‬ ‫العديد من األغنيات الوطنية‪ .‬أين لبنان لدى‬ ‫وديع الصايف؟‬ ‫يف “عيوين”‪ ،‬ويبقى لبنان لدي “لبنان املقدّس”‪،‬‬ ‫بوجود القدّيسني والرشفاء فيه‪ .‬غنّيته ألنني‬

‫‪71‬‬

‫مؤمن بوطن ّيتي وبأريض املقدّسة الطاهرة مع‬ ‫كل ما يفسدون فيه‪ .‬يجب املحافظة عىل الوطن‪،‬‬ ‫ألنه والعائلة واألرض مقدّسون‪.‬‬ ‫ماذا عن أغنية “أريض عم بتقايس حاجتها‬ ‫حرام”؟‬ ‫ُ‬ ‫عملت مراراً عىل توعية الناس والشعب‬ ‫العريب عىل أهمية حب الوطن واألرض إلبقائه‬ ‫ُ‬ ‫فقلت‪“ :‬أرضك عرضك‪ ،‬وطنك‬ ‫ح ّياً مشعاً بالنور‪.‬‬ ‫رشفك‪ ،‬يا ب ّياعني األوطان‪ ،‬بعتوا وحرقتوا لبنان”‪.‬‬ ‫يبدو أنهم نسوا أو تناسوا ّأن الوطن ليس للبيع‪،‬‬ ‫أو املقايضة‪.‬‬ ‫قام املوسيقار فريد األطرش بتلحني أغنية‬ ‫“عىل الله تعود” لك‪ .‬ما الذي مييز زمانكم عن‬ ‫الزمان الحايل؟‬ ‫لقد كان زمن العطاء والفن الحقيقي الروحاين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن روح التعاون كانت موجودة‪ ،‬واأللفة كانت‬ ‫طاغية عىل التعامل الفني‪ .‬أما اليوم فأصبح‬ ‫الفن عبارة عن عصابات تعمل عىل سحق‬ ‫بعضها البعض للوصول إىل النجاح املطلوب‪.‬‬ ‫أين أصبح املرسح الغنايئ اليوم‪ ،‬خاصة‬ ‫َ‬ ‫وأنك قدّمت العديد من املرسحيات الغنائية‬ ‫املهمة؟‬ ‫مل يعد للمرسح الغنايئ رهجته التي كان‬ ‫عليها‪ ،‬ولكن لديّ أمل بأن يعود لينطلق من جديد‬ ‫ويعود ألمجاده‪ .‬وعىل الحكومة اللبنانية العمل عىل‬ ‫ذلك ووضع الفن بأكمله تحت رقابتها‪.‬‬ ‫هل تخاف عىل الوضع الفني اللبناين؟‬ ‫ال شك أنه يتع ّرض كل فرتة لنكسات لكنه‬ ‫يعود ويقوم من جديد كأي يشء آخر وكأنه تآخى‬ ‫مع الوضع اللبناين بالعموم‪ ،‬ولكني متفاءل بالجيل‬ ‫الشاب الذي يسري عىل نهج “وديع الصايف”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لدولتك اليوم؟‬ ‫ماذا تقول‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أنا ال أطلب شيئا لنفيس‪ ،‬ألن الدولة اللبنانية‬ ‫ُمدينة و”مديونة” لكل أهل الفن والعطاء والشعر‬ ‫واألدب‪ .‬عليها أن تقدّر الجميع وليس فقط وديع‬ ‫الصايف ألننا جميعاً قدّمنا الكثري للبنان‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫المعرض الجديد لـ «سفير السالم» ح َم َل رونق الطبيعة الجبلية‬

‫عماد أبو عجرم‪ :‬الحركة التشكيلية اللبنانية جيدة‬ ‫ويلزمها متحفاً لبنانياً لجمعها‬ ‫هي إذاً لوحات تروي حكاية القرية اللبنانية‪ ،‬تحرض‬ ‫رسومات تك ّونت بتاميل ريشة‬ ‫فيها الطبيعة بقوة يف‬ ‫ٍ‬ ‫تاريخ تشكييل بارز لتعطي بألوانها بريقاً جلياً‬ ‫فنانٍ ذو‬ ‫ٍ‬ ‫ح ّول الورقة البيضاء بني يديه ألشكال ملموسة واقعية‬ ‫املناظر وال ُرؤى‪.‬‬ ‫لوحات متنوعة أرادها الفنان عامد أبو عجرم لتز ّين‬ ‫معرضه األخري يف وزارة السياحة اللبنانية‪ ،‬ليؤكد من‬ ‫جديد عىل قدرة الفنان رؤية التفاصيل الصغرية التي ال‬ ‫ميكن لإلنسان العادي رؤيتها وتفكيك رموزها‪ ،‬لتخرج من‬ ‫بني يديه وريشته مناظر خالبة تظهر فه ًام كبرياً لأللوان‬ ‫وتقديراً لها بكل ثرائها وق ّوتها‪ ،‬بعد أن متتزج ببعضها‬ ‫البعض لتصبح ك ًال واحداً‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” التقت الفنان عامد أبو عجرم يف‬ ‫معرضه‪ ،‬وتنقلت بني رسوماته الجديدة‪ ،‬فكان الحوار‬ ‫التايل‪:‬‬ ‫حدّثنا عن معرضك الجديد‪ ،‬واللوحات التي طغى عليها‬ ‫الطابع الجبيل؟‬ ‫هو املعرض العرشون بني املعارض الشخصية‪ ،‬والثامنون بني‬ ‫املعارض املشرتكة التي توزعت بني لبنان ومعظم دول العامل‪.‬‬ ‫مل أضع له عنواناً ألنه مشاهدات ورؤى من الواقع‪ ،‬إذ هناك املنظر‬ ‫ُ‬ ‫استعملت مادة األكواريل‬ ‫الطبيعي والزهور واآلواين وغريها‪ .‬لقد‬ ‫التي أعمل عليها منذ ‪ 35‬سنة كتقنية‪ ،‬ألنها قادرة عىل تسجيل‬ ‫املشاهدات والرؤى بشكل عفوي بدون أن تحمل إعادة العمل‬ ‫باللوحة مل َّرة ثانية‪ .‬فلألكواريل خصائص كثرية وخاصة الشفافية‬ ‫اللونية والضوء الذي ترينه يف اللوحة والذي يصدر من عمق الورق‬ ‫وليس من الخارج‪ ،‬والنضارة حيث يبقى اللون نرضاً مع مرور الزمن‪،‬‬ ‫إضافة لوجود استخدامات محددة لأللوان‪ ،‬خاصة اللون األبيض‬ ‫الذي يأيت من لون الورق ا ُملستخدَم‪ ،‬كام تلعب عملية معيار كمية‬ ‫املاء مع اللون دوراً يف إعطاءنا اللون األبيض الساطع أو الخافت أو‬ ‫غريه‪ .‬لقد تأ ّلف املعرض من ‪ 33‬لوحة هي نتاج سنتني من العمل‬ ‫تو ّزعت بني ‪ 2009‬و‪ ،2010‬معظمها حديث جداً‪.‬‬ ‫ما سبب طغيان املناظر الطبيعية والوجوه القروية عىل‬ ‫َ‬ ‫ألنك من قرية شوفية ومتأثر بالطبيعة القروية‬ ‫لوحاتك‪ ،‬هل‬ ‫وبرؤى شخصية داخل قريتك؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬أحب الطبيعة منذ بدايايت ألنها العامل األسايس‬ ‫للتعبري الرومانيس‪ ،‬وأشعر أنها األصدق ألنها ال تتغري إال بالفصول‬ ‫األربعة‪ .‬هي أغنية متعددة اإليحاءات واأللوان والتفاصيل‪ ،‬وبالطبع‬ ‫سعيد بالحصار الطبيعي املوجود حويل‪ ،‬كوين ُمحاصرَ باأللوان‬ ‫ُ‬ ‫وضعت نفيس فيه‬ ‫الطبيعية‪ ،‬وأبتسم دامئاً لهذا السجن الذي‬ ‫بني األشجار والزهور‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪72‬‬

‫َ‬ ‫قمت برسمها‬ ‫ماذا عن اللوحة الجدارية التي‬ ‫َ‬ ‫ونلت عليها‬ ‫لتسجيد ثقافة الدين اإلسالمي‪،‬‬ ‫جائزة منظمة السالم العاملية؟‬ ‫منظمة السالم العاملية هي منظمة عاملية مق ّرها‬ ‫يف نيويورك‪ ،‬تطلق كل عام مؤمتراً تحت عنوان معني‪،‬‬ ‫وقد اختارت موضوع مؤمترها الذي ُع ِق َد هذا العام يف‬ ‫كوريا الجنوبية (العاصمة سيول) بعنوان «السالم بني‬ ‫األديان»‪ ،‬من خالل الدين اإلسالمي واملسيحي والبوذي‬ ‫والكونفوشوسية (الرشق األدىن)‪ .‬يف املقابل أيضاً‪ ،‬كان‬ ‫لديها منظمة تريد تدشني أكرب معبد ديني يف العامل يف منطقة «بادونغ» يف‬ ‫كوريا الجنوبية‪ ،‬وتزيينه مبا يوحي بهذه األديان بأربع لوحات جدارية متثل األديان‬ ‫املختلفة ودور كل دين يف إرساء ونرش ثقافة السالم يف العامل‪ .‬من هنا‪ ،‬اختارتني‬ ‫املنظمة من بني فناين العامل لتنفيذ لوحة جدارية حول دور الدين اإلسالمي‬ ‫يف ثقافة السالم‪ .‬طبعاً اللوحة صعبة ألن الرسم حول الدين اإلسالمي معقد‬ ‫ُ‬ ‫أردت رسم‬ ‫نوعاً ما‪ ،‬فالتعبري بالرسم يف األديان األخرى أكرث سهولة‪ ،‬إذ أنني إذا‬ ‫الدين املسيحي ّ‬ ‫فإن صورة الس ّيد املسيح (ع) تكفي لذلك‪ ،‬وكذلك لدى الدين‬ ‫البوذي يكفي رسم «بوذا»‪ .‬أما يف الدين اإلسالمي فرسم صورة النبي محمد‬ ‫(ص) ُمح َّرم‪ ،‬ولذلك كان لدي الخيار الصعب بأخذ العنارص املعامرية والخصائص‬ ‫الدينية يف الدين اإلسالمي‪ ،‬أي املسجد واملأذنة والق ّبة‪ .‬من هنا‪ ،‬تشكلت اللوحة‬ ‫ُ‬ ‫فرسمت واجهات أكرب ثالث مآذن يف العامل من إيران ومرص‬ ‫عىل هذا األساس‪،‬‬ ‫تشع من خاللها كلامت‪« :‬بسم الله الرحمن الرحيم»‪ ،‬و»ال إله إال الله‬ ‫وسوريا‪ّ ،‬‬ ‫محمد رسول الله»‪ ،‬بلونية نورانية من خالل األلوان التي استُخ ِدمت و ُعر َفت‬ ‫يف الدين اإلسالمي خاصة اللونني األصفر واألزرق بجميع مستوياته‪ ،‬واألخرض‬ ‫وكل األلوان الرتابية‪ .‬ونرى كذلك يف فضائية هذه اللوحة طيور السالم البيضاء‬ ‫تأيت أرساباً أرساب رّ‬ ‫لتبش بالسالم‪ .‬كذلك‪ ،‬كان يل أثناء املؤمتر بعض الرسومات‬ ‫ُ‬ ‫قمت مث ًال برسم وجه‬ ‫الرسيعة املبارشة لشخصيات مشاركة يف املؤمتر حيث‬ ‫ابنة املناضل الكبري «نلسن مانديال» خالل تقديم خطابها بفرتة عرش دقائق‪ .‬من‬ ‫خالل هذا النشاط‪ ،‬اجتمعت اللجنة وانتخبتني سفرياً للسالم لنرش ثقافة‬ ‫الدين اإلسالمي‪.‬‬ ‫يقول الكثري من الفنانون اللبنانيون‪« :‬نحن ُنك َّرم يف الخارج أكرث منه‬ ‫يف لبنان»‪ ،‬كيف ترى تكريم الفنانني إن يف لبنان أو يف الخارج؟‬ ‫عىل الصعيد الشخيص‪ ،‬أشكر وزير الثقافة اللبنانية الذي أقام تكرمياً‬ ‫رسمياً يل يف الوزراة‪ ،‬إىل جانب التكريم العام الذي نطمح إليه يف الفن‬ ‫اللبناين‪ ،‬والذي ال يحصل إال من خالل إقامة متحف عام عىل امتداد ‪ 150‬سنة‬ ‫للحركة التشكيلية اللبنانية ألننا ما زلنا متأخرين جداً عن الدول الحضارية‬

‫وبعيدين كل البعد عن مفهوم الثقافة الفعلية‪ ،‬إىل حني إنشاء متحف يجمع‬ ‫الرتاث اللبناين للفنانني اللبنانيني منذ أواخر القرن الثامن عرش وحتى اليوم‪،‬‬ ‫ليشكل مرجعاً لكل الباحثني‪ ،‬ويحمي تراثنا إذ هناك أعامل متعددة لفنانني‬ ‫كبار ِلحق بها اإلهامل وأصبحت من املايض‪ .‬التكريم الحقيقي لكل فنان لبناين‬ ‫يكون بإيجاد نفسه وأعامله يف متحف أمام جميع الناس‪ ،‬وليست مقولة بل‬ ‫حقيقة‪ّ ،‬أن املبدع اللبناين بكل املستويات وامليادين‪ ،‬يلقى التشجيع والدعم‬ ‫من الخارج أكرث من وطنه‪.‬‬ ‫ممن التقصري برأيك؟‬ ‫َّ‬ ‫من النظام العام غري املبني عىل القيم الحضارية التي ترعى الثقافة‪ ،‬هذا‬ ‫النظام الذي يتناىس أنه ال يبقى من الدول إال ثقافتها وفنونها‪ ،‬إذ يقول‬ ‫أحد كبار الفالسفة يف القرن العرشين «دوبان» ّأن الدول التي ال متلك فنوناً‪،‬‬ ‫متوت برداً‪.‬‬ ‫كأستاذ يف كلية الفنون الجميلة يف الجامعة اللبنانية‪ ،‬هل تعتقد‬ ‫أنهم سيالقون الدعم الالزم يف الحقل الفني التشكييل؟‬ ‫ال شك من وجود إقبال كبري عىل دراسة الفنون التشكيلية‪ ،‬إذ يتم كل‬ ‫عام ضخ رسب جديد من الفنانني الشباب‪ .‬ال شك أن الطالب يقفون يف‬ ‫َحيرْ ة كبرية إذ يجدون صعوبة يف القيام بأي دراسة حول الفنانني اللبنانيني‪،‬‬ ‫وال يجدون أي مرجع يستندون إليه سوى بعض الكتابات‪ ،‬ألن الكتابة‬ ‫النقدية املوضوعية الصحيحة ال تزال غري معروفة يف لبنان‪ .‬هناك ما‬ ‫يسمى بالتغطية اإلعالمية‪ ،‬وهناك بعض الكتابات التي تأخذ طابع ذايت‬ ‫بحيث يطرح الناقد نفسه عىل الجمهور أكرث مام يطرح اللوحة وتفاصيلها‪.‬‬ ‫فإن الحركة التشكيلية الشبابية بحالة مقبولة نوعاً‬ ‫بالرغم من كل ذلك‪ّ ،‬‬ ‫ما‪ ،‬والجمهور اللبناين ذ ّواق ورائع‪ ،‬يتقبل كل التجارب و ُيق ِبل عىل املعارض‬ ‫بكل شغف‪ّ ،‬‬ ‫ألن كل فنان له خصوصيته وإبداعاته‪ .‬كل هذه األمور ُتطمنئ‬ ‫ّأن الحركة التشكيلية اللبنانية بحالة جيدة‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫تشكيلي دائم‬ ‫«بترا» تصالح المدينة فن ّياً وثقافياً عبر معرض‬ ‫ٍّ‬

‫نزيه خاطر وبول شاوول معاً من جديد‬ ‫الفنانني‬ ‫من‬ ‫جديدة‬ ‫كوكبة‬ ‫التشكيليني ستتخ ّرج من مركز “برتا”‬ ‫للثقافة والفنون الذي تز ّين افتتاحه‬ ‫بتكريم الناقد التشكييل واملرسحي‬ ‫الكبري نزيه خاطر‪ ،‬وبـ”مصالحة”‪ ،‬إن‬ ‫صح التعبري‪ ،‬جرى خاللها لقاءه بالفنان‬ ‫ّ‬ ‫بول شاوول بعد ميض سنوات عديدة‬ ‫من الجفاء والبعد بينهام‪ ،‬مبشاركة‬ ‫عدد من الفنانني م ّمن كتب عنهم‬ ‫نزيه خاطر‪ ،‬فز ّينوا بريشاتهم لوحات‬ ‫املعرض الدائم الذي سيل ّون باستمرار‬ ‫جدار املركز‪ ،‬وبحضور مدير عام وزارة‬ ‫الثقافة عمر حلبلب ممث ُال لوزير الثقافة‬ ‫اللبنانية سليم وردة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بحضور‬ ‫تكلل‬ ‫فراق‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫هو إذاً لقاء‬ ‫املصالحة بني خاطر وشاوول‪ ،‬و”برتا” تراقب‬ ‫الفنانني‪ :‬جميل مالعب‪ ،‬عصام عبدالله‪،‬‬ ‫حسن جوين‪ ،‬نزار ضاهر‪ ،‬عادل قديح‪،‬‬ ‫ماّ‬ ‫غريتا نوفل‪ ،‬ريتا النخل‪ ،‬رشبل فارس‪ ،‬فاطمة الحاج‪ ،‬نبيل الس ن‪ ،‬عيل شمس‪ ،‬شوقي دالل‪ ،‬عمران القييس‪ ،‬الياس ديب‪،‬‬ ‫وأمني حامد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هؤالء جميعهم جمعتهم “برتا” بعد أن ب ّعدتهم املسافات أيضا‪ ،‬والترشذمات املختلفة املوجودة فيام بينهم‪ ،‬اجتمعوا‬ ‫ليك ّرموا نزيه خاطر‪ ،‬الذي أفنى عمره بالحديث عن مدينة “بريوت” وفنانيها‪ ،‬وكتب بقلمه الراقي ما رأته عينيه الثاقبتني يف‬ ‫لوحاتهم ورسوماتهم‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد”‪ ،‬ومن خالل منربها الثقايف والفني ك ّرمت هذا الناقد الكبري مبقابلة ‪ -‬بالتأكيد غري قادرة عىل اإلحاطة‬ ‫ملم باملواضيع الفنية الق ّيمة‪.‬‬ ‫مبخزونه الفكري والثقايف ‪ -‬فالتقته وتحدّثت إليه مبحاولة للتع ّرف عىل شخصية كاتب‬ ‫ّ‬ ‫كام كان لها لقاء مع مديرة “برتا” الفنانة التشكيلية نريمني أبو خليل والفنان املشارك يف املعرض جميل مالعب‪ ،‬وكانت‬ ‫البداية مع الناقد نزيه خاطر فكان الحوار التايل‪:‬‬

‫نزيه خاطر‪ :‬بريوت تفخر بفنانيها‬ ‫وتكرب بطموحاتهم وتط ّورهم‬ ‫حدّثنا عن تكريم نزيه خاطر يف مركز “برتا‬ ‫للثقافة والفنون”؟ وماذا عن املعرض الذي‬ ‫َ‬ ‫كتبت عنهم‬ ‫تض ّمن فنانني من عدة أجيال‬ ‫باستمرار؟‬ ‫ُ‬ ‫رافقت بريوت بوالدتها منذ الستينات وحتى‬ ‫وعمن سبقهم‬ ‫اليوم‪ .‬نعم كتبت عن هؤالء‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫كـ”شفيق عبود‪ ،‬فريد عواد‪ ،‬جورج خليفة‪ ،‬سعيد‬ ‫عقل‪ ،‬إييل كنعان‪ ،‬ميشال بصبوص”‪ ،‬وغريهم‪.‬‬ ‫كل ما ُ‬ ‫كنت أبحث عنه هو اإلنسان‪ ،‬لذلك لطاملا‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫اهتممت بالجيل الجديد وقد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّمت الدعم للجميع ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫ومازلت حتى اليوم ‪ -‬خاصة يف مجال الصحافة‬ ‫واإلعالم‪ ،‬أدعم الصحايف الشاب يف جميع‬ ‫امليادين‪.‬‬ ‫أمل يكن من املفروض أن يتم تكرميك من‬ ‫دولتك اللبنانية وليس بجهود فردية؟‬ ‫لقد كانت الدولة ممثلة مبدير عام وزارة الثقافة‬ ‫خالل التكريم‪ ،‬ولكن أعتقد أن هذا التكريم أفضل‬ ‫بالنسبة يل مام لو أىت رسمياً من الدولة‪ ،‬ألنه لو‬ ‫قبلت‪ .‬لقد ُك ِّر ُ‬ ‫ُ‬ ‫مت من‬ ‫ف ّكرت الدولة بتكرميي‪ ،‬ملا‬ ‫عدة دول كسوريا وتونس ومرص‪ ،‬أما يف لبنان فلم‬ ‫أقبل تكرميي أبداً‪ ،‬بالرغم من العروضات املتعددة‬ ‫للتكريم‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫أال يستأهل العمل لخمسني سنة يف خدمة‬ ‫الوطن الثقافة والفكر‪ ،‬التكريم الرسمي؟‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫كنت أكتب مقااليت يف الجريدة‪،‬‬ ‫عندما‬ ‫أشعر أنني أتحدّث للمدينة‪ ،‬وهي تتحدّث إ ّيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكنت أعلم ّأن‬ ‫فقد كانت حارضة يف داخيل‪،‬‬ ‫أصداء مقااليت موجودة يف أنحائها‪ ،‬هذا كان‬ ‫أفضل تكريم يل‪ّ ،‬‬ ‫ألن جلويس يف زاوية املقهى‬ ‫يف املدينة هو بح ّد ذاته كرم املدينة والحياة‪ .‬لقد‬ ‫جبلنا بريوت بعرق جبيننا‪ ،‬مع كل فناين ومثقفي‬ ‫الستينات والسبعينات‪ .‬هي وليدة حب وعطاء‪،‬‬ ‫وقد عشناها بكل وجوهها‪ ،‬وكنا نفخر بها كلام‬ ‫تيضء إشعاعاً متزايداً‪ ،‬ونرى أنفسنا مك ّرمني‬ ‫بفنانيها‪ .‬صحيح أنهم ك ّرموين اليوم‪ ،‬لكن‬

‫نزيه خاطر‬ ‫املدينة تفخر بهم وبأمثالهم ألنهم أعطوا الكثري‬ ‫ُ‬ ‫وكنت أقول لهم دامئاً ّأن “بريوت تفخر بهم‬ ‫لها‪،‬‬ ‫وتكرب بطموحاتهم وتط ّورهم”‪ ،‬فام أجملها بهم‬ ‫اليوم‪ .‬ال يشء يخلق اإلنسان سوى الزمان واملكان‪،‬‬ ‫ألنك ال تستطيعني أن تكوين‬ ‫وهذا يشء مميز‬ ‫ِ‬ ‫خارجهام‪ ،‬وخارج اآلخر‪ .‬أنا ابن قرية‪ ،‬عندما أكون‬ ‫فيها أنظر للشجر والطبيعة‪ ،‬وعندما أكون يف‬ ‫املدينة أنظر للناس من حويل‪ ،‬وهنا أجد الجامل‬ ‫يف املنظرين‪.‬‬ ‫أين بريوت بعيون نزيه خاطر؟‬ ‫ُ‬ ‫كتبت عن املدينة‪ ،‬فهي مميزة لديّ ‪ .‬أردنا أن‬ ‫لطاملا‬ ‫تكون بريوت عاصمة ثقافية للمدن العربية‪ ،‬وكرث‬ ‫ممن غنّوا‬ ‫ساهموا بذلك‪ ،‬ونجحنا‪ .‬وجاء العديد َّ‬ ‫لبريوت وكتبوا عنها كمحمود درويش وأنيس‬ ‫ممن أح ّبوا‬ ‫الحاج وأدونيس ومحمد املاغوط وغريهم َّ‬ ‫بريوت ألننا أحببناها وأردناها للحب واالنفتاح‪.‬‬ ‫آمنّا ببعضنا‪ ،‬وآمنّا ببريوت‪ ،‬وهذا نادر اليوم‪ .‬نحن‬ ‫ضحى بنفسه ألجل بريوت‪ ،‬بينام الكثريون‬ ‫ممن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫اليوم يأتون إليها الستغاللها فقط‪.‬‬ ‫أال يعمل الجيل الجديد الشاب من الفنانني‬ ‫النمط‬ ‫عىل‬ ‫اليوم‬ ‫واملثقفني‬ ‫التشكيليني‬ ‫نفسه الذي عملتم عليه‪ ،‬ويسري عىل الطريق‬ ‫الذي رستم عليه؟‬ ‫لألسف‪ ،‬فإن الجيل الجديد يهاجر للخارج‪ ،‬يرتك‬ ‫بريوت من خالل انتقاله من اللغة العربية إىل‬ ‫األجنبية عىل أجهزة الكومبيوتر‪ .‬لقد عشنا‬ ‫سابقاً يف الخارج‪ ،‬يف باريس ونيويورك وبرلني‬ ‫وروما‪ ،‬ولكن كان حلمنا الدائم العودة إىل بريوت‪،‬‬ ‫ألنها مميزة‪ ،‬وألنها كبرية أصبحنا كبار مثلها‪.‬‬ ‫“مل أصنع” بريوت كام قال البعض عني‪ ،‬ال بل‬ ‫ُ‬ ‫فازددت بها وتط ّورت‬ ‫ممن صنعتهم بريوت‪،‬‬ ‫إنني َّ‬ ‫بتط ّورها‪ .‬هي يف لهجتي وكالمي وعميل وتعبي‬ ‫وجهدي املتواصل‪ .‬أعتقد أن تكرميي الحقيقي‬ ‫كان بوجودي يف بريوت‪ .‬طبعاً‪ ،‬كل الشكر ملركز‬

‫درع “برتا” للناقد نزيه خاطر‪ ،‬جربان عريجي‪ ،‬جميل مالعب‪ ،‬نعيم تلحوق عمر حلبلب‪ ،‬خاطر‪ ،‬ابو خليل وشاوول‬

‫“برتا” والق ّيمني عليه الذين قاموا بتكرميي‪ ،‬ألنهم‬ ‫جعلوين أكتشف جامل املدينة مجدداً‪ ،‬وأحب‬ ‫فنانيها وكل األشياء الجديدة التي تحصل فيها‪.‬‬ ‫ملاذا قبلت بتكرميك من مركز “برتا” يف حني‬ ‫َ‬ ‫أنك مل تقبل دعوات التكريم من‬ ‫أنك ذكرت‬ ‫جهات مختلفة؟‬ ‫هذا املركز هو مولود جديد‪ ،‬ولهذا رأيت ّأن من‬ ‫واجبي املشاركة يف والدته‪ ،‬ألنني حارض دامئاً لكل‬ ‫يشء شاب‪ .‬تكرميي كان بوالدة هذا املركز‪ ،‬ألنه‬ ‫س ُيخ ّرج فنانني جدد‪ .‬طبعاً‪ ،‬أشكر وزراة الثقافة‬ ‫أيضاً‪ ،‬والتي ك ّرمتها شخصياً بإرسال أكرث من‬ ‫فنان وتطويره لنيل جوائز عربية كـ”حسن جوين”‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أرسلت خمسة فنانني إىل‬ ‫و”ريتا النخل”‪ .‬وكذلك‬ ‫القاهرة‪ ،‬أربعة منهم نالوا الجوائز األوىل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫راهنت باستمرار عىل الفنانني الشباب‪.‬‬ ‫رس هذه املراهنة مع َ‬ ‫أنك تحدّثت عن تدين‬ ‫ما ّ‬ ‫املستوى الشبايب اليوم؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬الفنانون الشباب ليسوا عىل قدر‬ ‫ُ‬ ‫راهنت عىل الجيل‬ ‫محبة املدينة‪ ،‬عل ًام أنني‬ ‫الشاب سابقاً‪ ،‬ألننا كنا شباب ونراهن عىل‬ ‫أنفسنا ونجحنا يف كسب الرهان‪ .‬كانت بريوت‬ ‫تولد من جديد‪ ،‬فوصلت للقمة يف الستينات‬ ‫ْ‬ ‫وبقيت عىل مجدها حتى اجتياح‬ ‫والسبعينات‪،‬‬ ‫العدو اإلرسائييل لها‪ ،‬فرتك بصامته التي جعلتنا‬ ‫نعلن من جديد حبنا للمدينة ودعمنا لها‪ ،‬لتكون‬ ‫ذات والدة جديدة ضد “الصهيوين”‪ .‬نحن أوالد‬ ‫حرب‪ ،‬وعشنا معلنني الحرب بـ “أن نكون وأن تكون‬ ‫املدينة”‪ .‬بدأت حربنا يف العام ‪ ،1958‬إذ ُولدنا مع‬ ‫املدينة‪ ،‬فقمنا بتأسيسها خالل قيامنا باملحاربة‪.‬‬ ‫هذا ما كنا عليه‪ ،‬وهو ما ليس موجوداً اليوم‪.‬‬ ‫كيف تصف عالقتك باملثقفني خاصة مع‬ ‫املصالحة التي ّمتت بينك واألستاذين بول شاوول‬ ‫وعباس بيضون؟‬ ‫َ‬ ‫أردت أن تكون‬ ‫لطاملا حدّثتني أمي قائلة‪“ :‬إذا‬

‫‪75‬‬

‫ناقداً حقيقياً‪ ،‬فعليك انتقاد جميع الناس بدون‬ ‫استثناء‪ .‬ولكنّ ذلك سيخلق َ‬ ‫لك أعداء ّ‬ ‫ألن املدينة‬ ‫ُ‬ ‫عملت عليه‪،‬‬ ‫غري ُمعتادة عىل النقد”‪ .‬وهذا ما‬ ‫فكانت املدينة سالحاً كافياً يل‪ ،‬وقوة ألكون صادقاً‬ ‫ُ‬ ‫تخصصت أكادميياً يف‬ ‫يف كتابايت النقدية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت ثاقباً يف قراءة اللوحة‬ ‫النقد الفني‪ ،‬لذلك‬ ‫متاماً كام تقرأ القصيدة‪ ،‬فاللوحة بالنسبة يل‬ ‫هي نص مكتوب‪.‬‬ ‫أين نزيه خاطر اليوم بعد توقفه عن الكتابة‬ ‫يف جريدة “النهار”؟‬ ‫لديّ عروض كثرية للعمل يف أماكن مختلفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫زلت أقوم مبراجعايت وحسابايت الختيار‬ ‫ولكني ما‬ ‫األفضل‪ ،‬واستخالص ‪ 45‬سنة يف جريدة النهار‪،‬‬ ‫التي كانت منزيل الثاين‪ ،‬فـ”غسان تويني” كان‬ ‫ُ‬ ‫آمنت به‪ ،‬لذلك‬ ‫صديقاً ودوداً يل‪ ،‬وآمنَ يب كام‬ ‫ُ‬ ‫كنت حراً بشكل دائم أثناء عميل بها‪ .‬أمتنى‬ ‫النجاح الدائم لها‪ ،‬عىل أمل أن يكون العاملني‬ ‫فيها أفضل منّا‪.‬‬ ‫هل ترى نقداً بنّاءاً يف الوسائل اإلعالمية؟‬ ‫ثقافتنا فيها السالح كام القلم‪ ،‬والسالح‬ ‫يكون أخطر من القلم يف بعض األوقات‪ ،‬لكنّ‬ ‫بريوت تغامر أن تبقى وتكون‪ ،‬إن من خالل القلم أو‬ ‫من خالل السالح‪ .‬وأعتقد أن كل َمن يحمل قل ًام‬ ‫ليكتب عن املدينة‪ ،‬يخدم وطنه ويح ّبه أكرث‪ ،‬حتى‬ ‫لو مل يكن متخصصاً‪ .‬ال شك بوجود أكرث من‬ ‫ممن يكتبون النقد الفني‪،‬‬ ‫شخص يف كل جريدة َّ‬ ‫وهذا ما يجعلني أطم ّ‬ ‫نئ أن هذه املدينة مستحيل‬ ‫أن تغيب‪ ،‬فالقلم يحاول باستمرار أن يكون املدافع‬ ‫عنها بدون أي خوف‪.‬‬ ‫مبا تتوجه للصحافيني الشباب؟‬ ‫حاولوا أن يكون نقدكم نقداً شاباً‪ ،‬إن كنتم‬ ‫يف مقتبل العمر أو يف السبعينات‪ .‬احملوا روح‬ ‫الشباب يف داخلكم بشكل دائم‪ ،‬لتبقى املدينة‬ ‫مضيئة بكم‪.‬‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب ثقايف‬ ‫الفنان جميل مالعب‪:‬‬ ‫نعد نزيه خاطر‬ ‫باملحافظة عىل مبادئه‬

‫بعدها كان الحديث مع الفنان جميل مالعب‬ ‫الذي حدّثنا عن عالقته بـ”نزيه خاطر” قائ ًال‪:‬‬ ‫ألتقي بـ”نزيه خاطر” منذ أكرث من ‪ 20‬سنة يف‬ ‫ُ‬ ‫مقاهي املدينة‪ .‬تع ّر ُ‬ ‫أقمت معرض‬ ‫فت عليه عندما‬ ‫“لو بروف دارتيست” وكان عبارة عن محفورات‬ ‫باألبيض واألسود تناولت مآيس الحرب‪ ،‬وض ّمنتها‬ ‫ُ‬ ‫بدأت‬ ‫مالمح واقعية فولكلورية‪ .‬يف تلك األيام‪،‬‬ ‫بالتع ّرف إىل مقاالت نزيه خاطر‪ ،‬بعد أن كتب‬ ‫عني بشكل خاص وحساس‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‪،‬‬ ‫بدأت لقاءاتنا يف مقاهي املدينة‪ ،‬مع ّأن كالنا أبناء‬ ‫قرية‪ ،‬فهو من رويسة النعامن وأنا من بيصور‪ ،‬أي‬ ‫من قمة جبلني يطالن عىل بعضهام‪.‬‬ ‫نزيه خاطر ناقد مح ِّرض‪ ،‬لذلك حصل تعارف‬ ‫ُ‬ ‫كنت أرسم ما يف‬ ‫جميل جداً بيننا‪ ،‬وكأنني‬ ‫مخ ّيلته‪ .‬حدّثني عن أهل قرية بتاتر من مشايخ‬ ‫وفالحني ومزارعني وكأنه يتحدث عن أهايل بيصور‪.‬‬ ‫لطاملا تحدث عن تجريدية اللون وتعبري ّيته عندما‬ ‫ُ‬ ‫كنت أرسم املناظر القروية‪ .‬وعندما سافرت إىل‬ ‫نيويورك‪ ،‬قارن نزيه خاطر بني حيايت هناك ويف‬ ‫لبنان‪ ،‬حيث كتب مرة قائ ًال‪“ :‬اإلنسان يف نيويورك‬ ‫يعيش ك َمن يحمل روحه يف جيبه”‪ ،‬ولطاملا‬ ‫تحدث عن غرابة التقاء فنان وناقد معاً‪ .‬منذ أكرث‬ ‫من خمس سنوات‪ ،‬ونحن عىل نقاش مستمر‬ ‫عىل بحث واقعي للوحتي‪ ،‬إذ يقدّم العديد من‬ ‫النصائح يف هذا اإلطار‪ ،‬فلديه عني ثاقبة‪ ،‬نادراً‬ ‫ما تخطأ‪ ،‬عني واعية وعميقة‪ .‬فهو مث ًال مل‬ ‫يشجعني بداية عىل رسم معامل قروية واقعية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب ريايض‬ ‫يف لوحايت‪ ،‬ولكنه اعرتف بخطأ عدم تشجيعي‬ ‫ُ‬ ‫بدأت رسم‬ ‫عندما رأى أعاميل فيام بعد عندما‬ ‫مالمح القرية مستخدماً األلوان الزيتية‪.‬‬ ‫نزيه خاطر ال يساوم‪ ،‬ال بل يخاطر‪ .‬ال يسامح‪،‬‬ ‫وال يقبل أبداً أن يقع اإلنسان بروتينية وأن يقع‬ ‫عمله الفني باكتفاء ذايت‪ ،‬وهذا ما جعلني‬ ‫أشعر أنني تجريبي أيضاً‪ ،‬أبحث عن أي يشء يك‬ ‫أصل للمستوى الجدير بالحياة والرتاث واملعرفة‬ ‫الفنية األكادميية يك تتطور لوحتي‪ ،‬وهذا ال ُينال‬ ‫بسهولة‪.‬‬ ‫إن أكرث ما ميكن اكتشافه يف نزيه خاطر هو‬ ‫دقة مالحظته للوحة وإبداء رأيه املبارش بها‬ ‫بشكل تقني مميز‪ .‬يقول‪“ :‬أرسم دامئاً‪ ،‬وتأكدي‬ ‫ّأن باستطاعتك تقديم عمل جديد باستمرار”‪.‬‬ ‫هو بالفعل يريح الفنان عندما يقع بعقدة‬ ‫تشكيلية بإعطاء آراء دامئة والقيام مبناقشات‬ ‫متعددة‪ ،‬خاصة وأنه يرشح اللوحة لونياً‬ ‫وتشكيلياً وموضوعياً وتاريخياً‪ .‬لقد جاء تكرميه‬ ‫رائعاً‪ ،‬ألنه كان دامئاً يقف يف الظل‪ ،‬ولعب دوراً‬ ‫كبرياً بتألق املرسح العريب وبناء الخط األبيض‬ ‫الغري متح ّيز يف اللوحة‪ .‬أهمية نزيه خاطر أنه‬ ‫ال يساوم‪ ،‬ولذلك كان هذا التكريم مبثابة ر ّد الجميل‬ ‫له لفضله عىل الحركة الثقافية اللبنانية ملنع‬ ‫متييعها وتسطيحها‪ .‬نعده باملحافظة عىل هذه‬ ‫املبادىء‪ ،‬وبالرسم الدائم بقوة وبإميان وببحث دائم‬ ‫بروح التلميذ املكتشف باستمرار‪.‬‬

‫مديرة مركز «برتا» الفنانة‬ ‫التشكيلية نريمني أبو خليل‪:‬‬ ‫اقرتحنا تكريم خاطر من الدولة‬ ‫اللبنانية وسنتابع املوضوع‬ ‫كذلك التقينا مديرة مركز “برتا” للثقافة‬ ‫والفنون التي تحدّثت عن املركز وعن تكريم الناقد‬ ‫نزيه خاطر قائلة‪“ :‬برتا” مركز لتعليم املوسيقى‬ ‫والرسم‪ ،‬طالبنا ليسوا جميعهم عىل يقني‬ ‫بأساليب الرسم األساسية‪ .‬ما نقدّمه هو قواعد‬ ‫وأصول الرسم إضافة إىل املوهبة التي تكون‬ ‫موجودة طبعاً‪ .‬الالفت يف املوضوع وجود بعض‬ ‫الطالب املسنني الذين يعطون نتائج مذهلة‬ ‫حقاً‪ .‬سنقيم نهاية كل سنة معرضاً مشرتكاً‬ ‫يضم لوحات الطالب‪ ،‬عىل أن يتم تقدميهم‬ ‫كـ”رسامون” عىل الساحة التشكيلية الفنية‪،‬‬ ‫فأعاملهم ال تقل أبداً عن فنانني آخرين يعرضون‬ ‫يف الصاالت‪.‬‬ ‫بالنسبة للمعرض الدائم‪ ،‬أردنا افتتاح‬ ‫املركز مبعرض للفنانني املخرضمني واألوائل‪ ،‬كل‬ ‫الفنانني الذين راهن عليهم نزيه خاطر‪ ،‬منذ‬ ‫بدايتهم منذ ‪ 30‬سنة‪ ،‬فنجحوا‪ ،‬وهنا نرى كم‬ ‫كانت نظرة نزيه خاطر ثاقبة‪ ،‬وكم كان ناقداً‬ ‫مبدعاً‪ ،‬وهو أهم ناقد ليس فقط يف لبنان‪ ،‬ال‬

‫‪76‬‬

‫االتحاد الجديد لكرة السلة برئاسة بركات أمام االختبار‬ ‫منتخب لبنان يجتاز األزمة السلوية ويتألق في تايوان‬

‫بل يف العامل العريب كله‪.‬‬ ‫أردنا من خالل هذا املعرض الذي رافق االفتتاح‬ ‫أن يردّوا بدورهم التحية بالكتابة عنه كام فعل‬ ‫هو‪ ،‬لتأيت كتاباتهم ولوحاتهم تكرمياً له ملا كتبه‬ ‫عنهم‪ .‬من هنا دعونا ‪ 15‬فناناً‪ ،‬وكان االفتتاح‬ ‫مبشاركة وزارة الثقافة ‪ -‬وليس برعايتها‪ -‬من‬ ‫خالل حضور مديرها العام األستاذ عمر حلبلب‪،‬‬ ‫وبالفعل كان الحفل رائعاً جداً خاصة بوجود‬ ‫شعراء وأدباء ومثقفني‪ .‬أما بالنسبة ملا ُحيك‬ ‫عنه عىل أنه مصالحة بني نزيه خاطر وبول‬ ‫تم ليس لوجود الخالف فيام بينهام‬ ‫شاوول فقد ّ‬ ‫ال بل ال ُبعد والجفاء فقط‪ ،‬لكن مع وجود االحرتام‬ ‫الدائم‪ ،‬وهنا نجد كم من أشخاص ميلكون الرقي‬ ‫والحضارة بالتعاطي مع اآلخرين حتى لو اختلفت‬ ‫وجهات النظر يف كثري من األحيان‪ .‬والالفت أيضاً‬ ‫أن كل الفنانني املشاركني يف املعرض كانوا عىل‬ ‫جفاء عن بعضهم البعض‪ ،‬فكان املعرض فرصة‬ ‫لجم ِعهم تحت اسم “برتا”‪ ،‬وتكريم نزيه خاطر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لقد م ّر نزيه خاطر بأزمة صحية صعبة‪،‬‬ ‫وبعدها ترك عمله الصحايف يف جريدة النهار‪،‬‬ ‫فجاء تكرميه بدون تحضري ُمس َبق‪ ،‬وبفكرة رسيعة‬ ‫خالل جلسة يف إحدى مقاهي املدينة‪ ،‬تحدّثنا‬ ‫خاللها عن عدم وجود أي تكريم لهذا اإلنسان الذي‬ ‫أعطى من عمره خمسني سنة للكتابة والنقد‬ ‫لذلك طلبنا من الفنانني‬ ‫التشكييل واملرسحي‪.‬‬ ‫املدع ّوين للمشاركة يف املعرض أن يكتبوا عنه‪،‬‬ ‫وأعتقد أ ّنه كان يجب عىل الدولة تكرميه منذ زمن‬ ‫وليس نحن فقط‪ ،‬ألنه مك َّرم يف قلوبنا‪ ،‬واقرتحنا‬ ‫أن تك ّرمه الدولة اللبنانية بتقديم وسام له عىل‬ ‫األقل‪ ،‬وسنعمل عىل ذلك مع املعنيني بهذا‬ ‫املوضوع‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عباس خشاب‬

‫حسم األمر يف االتحاد اللبناين لكرة السلة‪،‬‬ ‫وانتخبت لجنة إدارية جديدة لالتحاد برئاسة جورج‬ ‫بركات‪ ،‬وبالتزكية خالل الجمعية العمومية‬ ‫“الهادئة” التي انعقدت يف أوديتوريوم املدرسة‬ ‫املركزية (جونيه) لتتهيأ اللعبة اىل انطالقة‬ ‫جديدة محلياً وعربياً وقارياً وعاملياً‪.‬‬ ‫الرئيس الجديد بركات هو الخامس يف العرص‬ ‫الذهبي لكرة السلة اللبنانية يف التسعينات‬ ‫واأللفية الثانية بعد أنطوان شارتييه‪ ،‬الذي خلف‬ ‫طوين خوري رئيس االتحاد السابق‪ ،‬وجان هامم‬ ‫وميشال طنوس وأخرياً بيار كاخيا‪.‬‬ ‫وكان ‪ 11‬مرشحاً أعلنوا انسحابهم لريسو‬ ‫عدد املرشحني عىل ‪ 13‬وهو العدد املطلوب مللء‬ ‫مقاعد اللجنة اإلدارية لالتحاد ومن بينهم ‪3‬‬ ‫مرشحني حياديني وفق القانون‪.‬‬ ‫وتم اإلعالن عن فوز املرشحني الـ ‪ 13‬بالتزكية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ثم عقد األعضاء الفائزون جلسة توزيع املناصب‬ ‫يف إحدى قاعات املدرسة املركزية ليخرج فارس‪،‬‬ ‫ويتلو بياناً أشار فيه اىل أن الجلسة ترأسها‬ ‫تم توزيع‬ ‫أكرب األعضاء سناً نزار رواس‪ ،‬حيث ّ‬ ‫املناصب بني األعضاء عىل الشكل التايل‪ :‬جورج‬ ‫بركات(رئيساً)‪ ،‬الدكتور روبري أبو عبدالله (نائباً أول‬ ‫للرئيس)‪ ،‬جودت شاكر(نائباً ثان للرئيس)‪ ،‬نزار رواس‬ ‫(نائباً ثالث للرئيس)‪ ،‬املحامي غسان فارس (أميناً‬ ‫عاماً)‪ ،‬فيكني جريجيان (أميناً للصندوق)‪ ،‬سابا‬ ‫مخلوف (محاسباً)‪ ،‬فادي تابت (مديراً للمنتخبات‬ ‫الوطنية)‪ ،‬إييل فرحات (مدققاً للحسابات)‪ ،‬مارون‬ ‫جربايل‪ ،‬هادي غمراوي‪ ،‬فادي محفوظ ورشبل‬ ‫باخوس (مستشارون)‪.‬‬ ‫وبانتخاب اللجنة الجديدة تعود كرة السلة‬ ‫اىل “سكتها”‪ ،‬لكن طريقها سيكون شائكاً‬ ‫بسبب الخالفات العميقة بني األطراف املتنازعة‬ ‫والتي نتجت عنها غياب ممثلني فاعلني عن‬ ‫اللجنة املنتخبة‪ :‬عن حركة “أمل” يارس الحاج‬ ‫ونادر بسمة‪ ،‬وعن نادي الحكمة جورج شلهوب‪،‬‬ ‫وعن نادي الهومنتمن كريستابور ليباريان‪ ،‬وذلك‬ ‫رغم التوافق يف أرسع جلسة انتخاب يف تاريخ‬ ‫كرة السلة اللبنانية‪ ،‬لتأيت اللجنة بالتزكية دون‬ ‫عملية اقرتاع‪.‬‬

‫االتحاد الجديد أمام االختبار‬ ‫وسيكون االتحاد الجديد أمام االختبار‬ ‫الحقيقي عندما سيواجه محطات عديدة‬ ‫بارزة ويف مقدمها تحضريات املنتخب الوطني‬

‫اللجنة االدارية الجديدة لالتحاد اللبناين لكرة السلة‬ ‫لخوض بطولة العامل التي ستقام يف تركيا‬ ‫بني ‪ 28‬آب و‪ 12‬أيلول مبشاركة ‪ 24‬منتخباً‬ ‫عاملياً منها لبنان‪ ،‬الذي سيكون حارضاً يف‬ ‫الحدث العاملي الكبري للمرة الثالثة عىل‬ ‫التوايل بعد مونديايل ‪ 2002‬و‪ 2006‬وذلك‬ ‫بطاقة دعوة بعد حلوله رابعاً يف بطولة‬ ‫آسيا األخرية خلف ايران البطلة والصني‬ ‫الثانية واألردن الثالث‪.‬‬ ‫البعض انتقد املشاركة ببطاقة دعوة بعد دفع‬ ‫نصف مليون دوالر‪ ،‬لكن يف الحقيقة ليس عيباً‬ ‫أن يشارك أي منتخب وخصوصاً املنتخب اللبناين‬ ‫يف مثل هذا الحدث العاملي ببطاقة دعوة‪ ،‬ألن‬ ‫دوالً أخرى تفوقنا إمكانات مادية وفنية وتدريبية‬ ‫ستشارك هي أيضاً ببطاقة دعوة مثل أملانيا‬ ‫وروسيا وليتوانيا‪.‬‬

‫امتحان البطوالت املحلية‬ ‫وفض ًال عن تحضريات املنتخب‪ ،‬تنتظر االتحاد‬ ‫الجديد مهمة تنظيم البطوالت املحلية وكيفية‬ ‫توزيع الالعبني الدوليني عىل األندية بعدما كان‬ ‫االتحاد السابق فرض عدداً معيناً من العبي‬ ‫املنتخب عىل كل نادي‪ .‬ولن تكون مهمة اللجنة‬ ‫الجديدة سهلة يف ظل الرصاع املتواصل بني‬ ‫أندية املقدمة الريايض بريوت والشانفيل واملتحد‬ ‫والحكمة‪.‬‬ ‫وهنا يجب أن يكون االتحاد حريصاً عىل تطبيق‬ ‫القوانني بحذافريها بعيداً عن املحسوبيات‬ ‫واملسايرة كام حصل يف السابق‪ ،‬وأن يكون‬ ‫حيادياًَ يف إدارته للبطوالت ومساعداً لألندية‬ ‫لتأمني استمرارية اللعبة التي وصلت اىل املرتبة‬ ‫العاملية‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫منتخب لبنان‬ ‫أما عىل صعيد املنتخب اللبناين للرجال‪ ،‬فقد‬ ‫نجح هذا املنتخب يف فرض نفسه رغم اآلالم‬ ‫النفسية التي أصيب بها الالعبون جراء وضع‬ ‫االتحاد بعد استقالة تسعة أعضاء قبل انطالق‬ ‫التحضريات‪ ،‬فتفوق املنتخب اللبناين عىل األزمة‬ ‫السلوية عندما حقق ‪ 5‬انتصارات يف ‪ 6‬مباريات‬ ‫عىل منتخبات اليابان (‪ ،)82-87‬وتايوان (‪-93‬‬ ‫‪ ،)84‬وتايوان للشباب (‪ ،)66-96‬وعىل تاونسفيل‬ ‫األسرتايل (‪ ،)52 -81‬وعىل الفيليبني (‪ )62-73‬يف‬ ‫حني خرس أمام املنتخب اإليراين (‪ )79-71‬يف دورة‬ ‫كأس وليام جونز الدولية التي أقيمت يف تايوان‬ ‫ليعيد األمل والثقة اىل اللبنانيني‪.‬‬ ‫واملنتخب الذي يقوده حالياً املدرب األمرييك‬ ‫توماس بالدوين ويعاونه اليونانيان نيكوالوس‬ ‫دمييرتيو وجيورجيوس كريسافيس يسري عىل‬ ‫الطريق الصحيح بفضل معنويات الالعبني‬ ‫وإرصارهم عىل إظهار الصورة الحسنة املعروفة‬ ‫عن كرة السلة اللبنانية‪.‬‬ ‫ويضم املنتخب‪ :‬فادي الخطيب‪ ،‬روين فهد‪ ،‬جان‬ ‫عبد النور‪ ،‬غايب رضا‪ ،‬اييل اسطفان‪ ،‬رودريك عقل‪،‬‬ ‫عيل محمود‪ ،‬عيل فخر الدين‪ ،‬اييل رستم‪ ،‬روي‬ ‫سامحة‪ ،‬أحمد ابراهيم‪ ،‬حسني توبة‪ ،‬عمر الرتك‪،‬‬ ‫مازن منيمنة‪ ،‬بريان بشارة‪ ،‬صباح خوري‪ ،‬باسم‬ ‫بلعة‪ ،‬عيل كنعان‪ ،‬وليام فارس‪ ،‬دانيال فارس‪ ،‬مات‬ ‫فريجة‪ ،‬وجاكسون فرومان‪.‬‬ ‫وتنتظر املنتخب اللبناين استحقاقات عديدة‬ ‫يف آب حيث سيستضيف دورة ستانكوفيتش‬ ‫الدولية قبل أن يسافر اىل تركيا حيث سيدخل‬ ‫يف معسكر تدريبي قبل أيام قليلة من انطالق‬ ‫بطولة العامل يف ‪ 28‬آب‪.‬‬

‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب ريايض‬

‫مونديال ‪ 2010‬خروج الكبار ومفاجآت الصغار‬ ‫الكأس إلسبانيا وعقدة لهولندا والمستقبل إللمانيا‬

‫من الدور األول يجرون أذيال الخيبة وسط حرسة‬ ‫مواطنيهم عىل هذا املنتخب الذي ظهر بأسوأ‬ ‫صورة ميكن تصورها‪.‬‬

‫جنوب إفريقيا أول دولة‬ ‫مستضيفة تخرج من الدور األول‬ ‫وباتت جنوب إفريقيا أول دولة مضيفة تخرج‬ ‫من الدور األول يف تاريخ مسابقات كأس العامل‬ ‫عندما احتلت املركز الثالث يف مجموعتها خلف‬ ‫األوروغواي األوىل‪ ،‬واملكسيك الثانية‪.‬‬

‫انكلرتا يعاكسها اإلرهاق ‪...‬‬ ‫والحكم‬

‫العامل يف‬ ‫يف تاريخها‬ ‫(‪ )0-1‬بعد‬ ‫يف مدينة‬

‫تربعت إسبانيا عىل عرش كأس‬ ‫كرة القدم بإحرازها اللقب ألول مرة‬ ‫بفوزها يف املباراة النهائية عىل هولندا‬ ‫التمديد عىل ملعب «سوكر سيتي»‬ ‫جوهانسبورغ يف جنوب إفريقيا‪.‬‬ ‫وجاء فوز إسبانيا باللقب تتويجاً ملسرية حافلة‬ ‫باإلنجازات الرياضية لإلسبان الذين توجوا أبطاالً‬ ‫ألوروبا يف كرة القدم قبل عامني عىل حساب أملانيا‬ ‫(‪ )0-1‬يف العاصمة النمسوية فيينا‪ ،‬كام أحرزوا‬ ‫لقب كاس العامل يف كرة السلة قبل ‪ 4‬سنوات‬ ‫عىل حساب اليونان (‪ )47-70‬يف املباراة النهائية‬ ‫التي استضافتها اليابان‪ ،‬فض ًال عن إنجازاتهم يف‬ ‫كرة املرضب والرياضات األخرى املتنوعة‪.‬‬ ‫وحاز األوروغوياين دييغو فورالن عىل لقب‬ ‫أفضل العب فيام منح االتحاد الدويل لقب‬ ‫الهداف لألملاين توماس مولر الذي نال أيضاً لقب‬ ‫أفضل العب صاعد‪.‬‬ ‫وعىل صعيد النتائج احتلت أملانيا املركز الثالث‬ ‫بفوزها عىل األوروغواي (‪.)2 -3‬‬ ‫والبارز يف املونديال هو خروج حاملة اللقب‬ ‫إيطاليا وفرنسا الوصيفة من الدور األول يف‬ ‫سابقة أوىل من نوعها يف تاريخ كأس العامل‪،‬‬ ‫فيام مل تتمكن الربازيل من تجاوز الدور ربع‬ ‫النهايئ للمونديال الثاين عىل التوايل بخسارتها‬ ‫أمام هولندا (‪.)2 -1‬‬ ‫وشهد املونديال أيضاً تألقاً الفتاً للمنتخب‬ ‫األملاين الشاب الذي حاز إعجاب الجميع مبستواه‬ ‫الراقي واملمتع والذي كان األفضل بني املنتخبات‬ ‫األخرى‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫واىل جانب إسبانيا خطف األخطبوط “بول”‬ ‫األضواء أيضاً يف املونديال بتوقعاته الصائبة‬ ‫ملباريات املنتخب األملاين‪ ،‬وللمباراة النهائية‪.‬‬

‫خروج مهني إليطاليا‬ ‫فبالنسبة إليطاليا حاملة اللقب كان خروجها‬ ‫مهيناً أمام سلوفاكيا (‪ )3-2‬يف املباراة الثالثة من‬ ‫الدور األول‪ ،‬والتي كانت فيها إيطاليا بحاجة اىل‬ ‫التعادل ليك تضمن مقعداً لها يف الدور الثاين‪.‬‬ ‫مستوى املنتخب اإليطايل جاء مخيباً جداً‬ ‫بسبب افتقاده لصانع ألعاب كبديل ألندريا بريلو‬ ‫املصاب والبعيد عن مستواه‪ .‬وهنا كان الخطأ‬ ‫الكبري للمدرب مارتشيلو ليبي بعدم استدعائه‬ ‫فرانشيسكو تويت وأليساندرو دل بيريو اىل‬ ‫صفوف املنتخب إذ أنه كان بحاجة ماسة اىل‬ ‫العب من وزنهام لتحريك الفريق نظراً للمستوى‬ ‫الهزيل لالعبني اآلخرين‪ .‬ال شك بأن املنتخب‬ ‫اإليطايل مل يستعد بالشكل املناسب للمونديال‬ ‫خصوصاً من الناحية النفسية حيث بدا الالعبون‬ ‫وكأنهم يف واد آخر غري مالعب املونديال العاملي‪.‬‬ ‫وهذا ما أدى منطقياً اىل هذه النتائج التي تعترب‬ ‫األسوأ إليطاليا منذ عام ‪.1966‬‬

‫فرنسا والخروج املذل‬ ‫من جهتها‪ ،‬واجهت فرنسا أقىس محنة يف‬ ‫تاريخ منتخبها الكروي‪ .‬فبعد التعادل السلبي‬

‫‪78‬‬

‫يف املباراة األوىل أمام األوروغواي أصيبت البعثة‬ ‫الفرنسية اىل املونديال مبا يشبه الهزة األرضية‬ ‫عندما خرج اىل العلن الخالف املخبىء بني املدرب‬ ‫والالعبني‪ .‬قصة الخالف بدأت قبل املونديال عندما‬ ‫منح املدرب رميون دومينيك شارة القائد لباتريس‬ ‫إيفرا‪ ،‬مام أثار حنق املدافع وليامس غاالس الذي‬ ‫اعترب نفسه أنه أحق بالشارة من إيفرا‪ ،‬فسكت‬ ‫عىل مضض‪ .‬كام أن استبعاد بعض الالعبني‬ ‫املمتازين مثل العب الوسط املوهوب سمري‬ ‫نرصي واملهاجم كريم بنزميا عن صفوف املنتخب‬ ‫فض ًال عن طريقة لعب املدرب غري املناسبة أثر‬ ‫كثرياً عىل معنويات الالعبني‪.‬‬ ‫ومع انطالق املونديال بدأ الخالف يشتد وخصوصاً‬ ‫بني الجهازين الفني والتدريبي والالعبني‪ .‬وجاء‬ ‫ترصف نيكوال انيلكا املشني مع مدربه عندما‬ ‫توجه اليه بعبارات نابية ليزيد من الطني بلة‬ ‫فتم طرد انيلكا من معسكر املنتخب‪ .‬وعندما‬ ‫ترسبت األخبار اىل الصحف أرضب الالعبون‬ ‫الباقون احتجاجاً عىل طرد زميلهم يف واقعة‬ ‫غري مسبوقة أطاحت بكل القيم املعروفة عن‬ ‫العبي فرنسا‪ .‬ووصلت األزمة اىل قرص اإلليزيه‬ ‫يف باريس حيث تدخل الرئيس نيكوال ساركوزي‬ ‫شخصياً وأوفد وزيرة الشباب والرياضة اىل جنوب‬ ‫إفريقيا لضبط الوضع‪.‬‬ ‫يف املباراة الثالثة أمام جنوب إفريقيا الدولة‬ ‫املضيفة مل يقدم العبو منتخب فرنسا ما يليق‬ ‫بهم أو بصورة املنتخب الراقية التي صنعها‬ ‫سابقاً زين الدين زيدان ورفاقه‪ ،‬فتم تجاوز األزمة‬ ‫بأقل الخسائر املمكنة (‪ )2-1‬ليخرج الفرنسيون‬

‫رغم خسارتها املؤملة أمام أملانيا (‪ )4-1‬يف‬ ‫الدور الثاين‪ ،‬مل يكن خروج انكلرتا مستحقاً‬ ‫ألنها تعرضت لظلم كبري يف املباراة أمام أملانيا‬ ‫عندما كانت النتيجة تشري اىل تقدم األملان‬ ‫(‪ .)1-2‬فسجل فرانك المبارد هدف التعادل قبل‬ ‫نهاية الشوط األول إ ّال أن الحكم األوروغوياين مل‬ ‫يحتسب الهدف رغم أن الكرة تجاوزت خط املرمى‬ ‫بحواىل املرت يف سابقة أعادتنا بالذاكرة اىل‬ ‫نهايئ مونديال ‪ 1966‬عندما سجل اإلنكليز هدفاً‬ ‫مشكوكاً يف صحته أمام األملان بالذات‪.‬‬ ‫لكن يف مقابل ذلك مل يقدم اإلنكليز املستوى‬ ‫الالئق املعروف عنهم وخصوصاً النجوم الكبار‬ ‫مثل واين روين‪ ،‬وستيفن جريارد‪ ،‬وفرانك المبارد‪،‬‬ ‫وجون تريي الذين خيبوا أمال مواطنيهم‪ .‬والسبب‬ ‫يف ذلك يعود اىل اإلرهاق الذي أصابهم جراء‬ ‫املوسم الطويل يف بالدهم ويف أوروبا‪.‬‬

‫األرجنتني سقطت يف الفخ‬ ‫األملاين‬ ‫دخلت األرجنتني املونديال كأبرز املرشحني إلحراز‬ ‫اللقب‪ ،‬وقد أثبتت ذلك بثالثة انتصارات يف الدور‬ ‫األول عىل نيجرييا (‪ )0-1‬وكوريا الجنوبية (‪)1-4‬‬ ‫واليونان (‪ )0-2‬وثم عىل املكسيك يف الدور الثاين‬ ‫(‪ ،)0-3‬يف مباراة شهدت خطأ تحكيمياً فادحاً‬ ‫باحتساب هدف األرجنتني األول والذي سجله‬ ‫كارلوس تيفيز من تسلل واضح‪.‬‬ ‫ويف الدور ربع النهايئ مل يحسن املدرب دييغو‬ ‫مارادونا قراءة أسلوب املنتخب األملاين‪ ,‬اذ اكتفى‬ ‫بإشعال الحامس يف العبيه قبل املباراة كام بدا‬ ‫عىل الشاشة‪ ،‬وعندما بدأ اللقاء أصيب مارادونا‬ ‫بصدمة بالهدف األملاين الرسيع يف الدقيقة‬

‫الثالثة عرب توماس مولر‪ .‬لكن األرجنتينيني‬ ‫استوعبوا ذلك واقرتبوا من املرمى األملاين يف‬ ‫أكرث من مناسبة‪ ،‬حتى منتصف الشوط الثاين‬ ‫عندما وجه األملان ‪ 3‬رضبات قاضية بثالثة أهداف‬ ‫استعراضية بواسطة مريوسالف كلوزه (‪)2‬‬ ‫وآرنه فريدريتش‪ ،‬فأطاحت هذه األهداف بآمال‬ ‫األرجنتينيني يف الثأر من منافسيهم لخروجهم‬ ‫أمامهم يف املونديال السابق برضبات الرتجيح‪،‬‬ ‫لكنها مل تطح بثقة األرجنتينيني مبدربهم‬ ‫مارادونا فاستقبلوه استقبال األبطال لدى عودته‬ ‫مع الالعبني اىل بالدهم‪ ،‬فآثر مارادونا البقاء يف‬ ‫مهمته مدرباً للمنتخب بسبب هذا االستقبال‬ ‫الحار‪.‬‬

‫الربازيل بني شوط أول رائع وثان‬ ‫سيىء ‪ ...‬ماذا حصل ؟‬ ‫خروج الربازيل من املونديال فاجأ الجميع ألنها‬ ‫كانت من أبرز املرشحني إلحراز اللقب بعد فوزها‬ ‫بكأس «كوبا أمريكا» قبل عامني وكأس القارات‬ ‫قبل عام واحد فض ًال عن تصدرها تصفيات أمريكا‬ ‫الجنوبية‪.‬‬ ‫ال شك بأن املدرب كارلوس دونغا مل يوفق‬ ‫يف اختيار تشكيلته ألنها مل تكن منسجمة‬ ‫ومثمرة‪ .‬ففي وقت استبعد رونالدينيو والكسندر‬ ‫باتو نهائياً عن املنتخب‪ ،‬مل يرتك حرية الحركة‬ ‫للنجم كاكا الذي وقع يف فخ محدودية تحركه‬ ‫التي فرضها عليه املدرب‪ .‬وعندما تجاوزت الربازيل‬ ‫الدور األول متصدرة املجموعة‪ ،‬نجحت يف فرض‬ ‫هيبتها أمام تشييل (‪ )0-3‬لتتأهل اىل الدور ربع‬ ‫النهايئ ملواجهة هولندا‪.‬‬ ‫خروج الربازيل من بطوالت كأس العامل‬ ‫السابقة كان دامئاً يلفه الغموض‪ ،‬ويف مباراتها‬ ‫مع هولندا يف مونديال جنوب إفريقيا مل تشذ‬ ‫الربازيل عن القاعدة‪ .‬فبعد شوط أول رائع أمثر‬ ‫عن هدف وفرص عدة محققة وعرض استعرايض‪،‬‬ ‫انعكست األمور كلياً يف الشوط الثاين بشكل‬ ‫غريب فرتاجع مستوى الربازيل اىل الحضيض‪ ،‬وزاد‬ ‫من الطني بلة الخطأ الدفاعي املشرتك بني الحارس‬ ‫جوليو سيزار والالعب فيليبي ميلو والذي أدى اىل‬ ‫هز الشباك الربازيلية بهدف التعادل لهولندا‪ .‬ومل‬ ‫تقف األمور عند هذا الحد بل اقتنص الهولنديون‬ ‫هدفاً ثانياً مباغتاً بكرة رأسية لويسيل سنايدر‬ ‫غري املراقب وسط مدافعي الربازيل ليخرج‬ ‫منتخب “السيليساو” من الدور ربع النهايئ‬ ‫للمونديال الثاين عىل التوايل‪.‬‬ ‫ال شك بأن املدرب دونغا يتحمل القسط‬ ‫األوفر من الخسارة ألنه مل يحسن اختيار العبيه‬ ‫وعمليات التبديل التي جاءت سلبية خصوصاً‬

‫‪79‬‬

‫أمام هولندا‪ .‬وهنا بدا واضحاً خطأه الكبري بعدم‬ ‫استدعاء رونالدينيو وباتو اىل التشكيلة‪.‬‬

‫أملانيا خرست أمام إسبانيا‬ ‫وكسبت منتخباً للمستقبل‬ ‫بعد ‪ 20‬عاماً من الخيبات املتتالية ومن األداء‬ ‫اململ والعقيم‪ ،‬نجحت أملانيا أخرياً بقيادة املدرب‬ ‫يواكيم لوف يف تقديم كرة قدم راقية وممتعة‬ ‫بفضل منتخب شاب ينتظره مستقب ًال باهراً‬ ‫خصوصاً بعدما مدد لوف عقده مع املنتخب حتى‬ ‫بطولة أمم أوروبا عام ‪.2012‬‬ ‫فاملنتخب األملاين كان أكرث املنتخبات متعة‬ ‫يف مونديال ‪ 2010‬من خالل انتصاراته الرباعية‬ ‫املتعددة عىل أسرتاليا (‪ )0-4‬يف الدور األول‪ ،‬وعىل‬ ‫انكلرتا (‪ )1-4‬يف الدور الثاين‪ ،‬وعىل األرجنتني‬ ‫(‪ )0-4‬يف الدور ربع النهايئ‪ .‬وتعترب املباراة األخرية‬ ‫األفضل لألملان منذ عام ‪ ،1990‬أقله من حيث‬ ‫األداء‪ .‬يف حني تعترب األفضل لهم يف تاريخ كأس‬ ‫العامل ألنهم مل يسبق لهم أن فازوا عىل منتخب‬ ‫كبري مثل األرجنتني مبثل هذه النتيجة‪.‬‬ ‫وعندما وصل األملان اىل االمتحان اإلسباين‬ ‫يف الدور نصف النهايئ‪ ،‬بدا الالعبون متعبني‬ ‫وغري قادرين عىل الحركة‪ ،‬كام فعلوا يف السابق‬ ‫أمام انكلرتا واألرجنتني‪ ،‬وزاد من صعوبة املباراة‬ ‫مواجهتهم لفريق عظيم يعترب األفضل يف‬ ‫تاريخ إسبانيا‪ .‬ورغم وجود عامل الثأر عند األملان‬ ‫لخسارتهم يف نهايئ أمم أوروبا قبل عامني أمام‬ ‫إسبانيا بالذات (‪ ،)1 -0‬فإن جهود األملان كانت أقل‬ ‫من املتوقع‪ ،‬فحسم هدف بويول األمر قبل ربع‬ ‫ساعة عىل نهاية املباراة‪ .‬لتخرج أملانيا من الدور‬ ‫نصف النهايئ مرفوعة الرأس‪ ،‬قبل أن تحرز املركز‬ ‫الثالث عىل حساب األوروغواي (‪.)2 -3‬‬

‫هولندا ثانية‬ ‫يعترب وصول هولندا اىل املباراة النهائية إنجازاً‬ ‫لها ألن مستواها مل يكن يؤهلها اىل النهايئ‪.‬‬ ‫لكنها نجحت بفضل حنكة مدربها بريت فإن‬ ‫مارفيك يف اقتناص الفوز يف كل مباراة خاضتها‬ ‫قبل أن تسقط يف االمتحان األخري أمام إسبانيا‬ ‫(‪ )1-0‬بعد التمديد‪.‬‬ ‫ويبدو أن النحس ما زال يالزم الهولنديني يف‬ ‫املباريات النهائية لكأس العامل إذ سبق لهم أن‬ ‫خرسوا نهايئ مونديال ‪ 1974‬أمام أملانيا (‪)2-1‬‬ ‫ونهايئ مونديال ‪ 1978‬أمام األرجنتني (‪ )3-1‬بعد‬ ‫التمديد‪.‬‬

‫إعداد ‪ :‬جورج عون‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫«اليازا» تواجه الموت على الطرقات‬ ‫ال تسرع فالموت أسرع‬ ‫لقد كان وفاة طارق عايص‪ ،‬سبباً رئيساً لدفع‬ ‫زميله يف دراسة الهندسة يف الجامعة األمريكية‬ ‫يف بريوت زياد عقل إىل تأسيس جمعية “يازا”‪،‬‬ ‫حيث يروي لنا أمني رس الجمعية كامل ابراهيم‬ ‫القصة‪ ،‬قائ ًال‪:‬‬ ‫يف ترشين األول ‪ ،1993‬التقى زياد عقل بالشاب‬ ‫طارق عايص ألول مرة يف كلية الهندسة يف‬ ‫الجامعة األمريكية يف بريوت حيث كانوا يخضعون‬ ‫المتحانات دخول‪ ،‬مت ّيزت مبنافسة حادة بني آالف من‬ ‫الطالب املرشحني‪.‬‬ ‫بعد أن تم قبولهم يف الجامعة‪ ،‬شاءت الصدف‬ ‫أنهم كانوا يسكنون يف نفس البلدة “الحازمية”‪،‬‬ ‫فاتفقوا عىل استعامل سيارة أحدهم مداورة‬ ‫للذهاب معاً إىل الجامعة والعودة منها‪ .‬مع مرور‬ ‫الوقت‪ ،‬ومع ظروف الدرس الشاق يف التحصيل‬ ‫العلمي‪ ،‬نشأت بني زياد عقل وطارق عايص أوارص‬ ‫صداقة متينة اتسمت باملحبة واالحرتام املتبادلني‪.‬‬ ‫ذات يوم‪ ،‬يف ‪ 18‬آب ‪ ،1994‬أوصل طارق األستاذ‬ ‫عقل بسيارته إىل املنزل وتوجه إىل بلدة والدته‬ ‫“صغبني” يف البقاع الغريب‪ ،‬بينام توجه عقل إىل‬ ‫“إهدن” بلدة والدته‪ ،‬يف الشامل ملدة أربعة أيام من‬ ‫أجل املذاكرة والتحضري الجيد المتحانات نهاية‬ ‫الفصل‪.‬‬ ‫بعد عودته‪ ،‬يف ‪ 22‬آب وكان يوم اثنني‪ ،‬توجه‬ ‫مبارشة إىل منزل “أعز أصدقائه” ألصطحابه‬ ‫معه إىل الجامعة!‪ .‬لدى وصوله إىل منزل طارق‪،‬‬ ‫انتظره لبعض الوقت ولكنه تأخر يف الخروج عىل‬ ‫غري عادته!‪ .‬فأخذ يستعمل منبه سيارته بقصد‬ ‫استعجاله وإ ّال تأخرا إىل الجامعة‪.‬‬ ‫وبعد أن بدأ بعض الجريان بالظهور عىل الرشفات‬ ‫ومل يظهر طارق‪ ،‬ترجل من السيارة وتوجه مرسعاً‬ ‫إىل مدخل منزله غري مدرك ملا سيكتشفه بعد‬ ‫لحظة‪.‬‬ ‫وبدأ يقول‪ :‬يا للهول‪ ،‬يا للكابوس املزعج‪ .‬غري‬ ‫معقول‪ .‬ال بد أنني أحلم‪ .‬ال بد أن هذه الصورة‬ ‫لشخص آخر‪ُ .‬صعق لهول ما رأى‪ .‬لقد رأى صورة‬ ‫طارق مع بيان ينعيه عىل الباب الذي كان ينتظر‬ ‫خروجه منه!‪.‬‬ ‫ويقول إنه مل يد ِر كم م ّر من وقت قبل أن بدأ‬ ‫ويستوعب الوضع بعض‬ ‫يستعيد رباطة جأشه‬ ‫ُ‬ ‫اليشء‪.‬‬

‫صدمة ما قبلها وما بعدها صدمة‬ ‫لقد كانت املرة األوىل التي يقف فيها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تأسيس تجمع الشباب للتوعية‬ ‫اإلجتامعية – (يازا ‪)YASA‬‬ ‫‪Social for Association Youth‬‬ ‫‪Awareness‬‬ ‫تجمع الشباب للتوعية االجتامعية ‪”-‬يازا”‪،‬‬ ‫تجمع أهيل تأسس إثر وفاة الشاب طارق عايص‪،‬‬ ‫ابن التاسعة عرشة من العمر‪ ،‬يف حادث سري‬ ‫مؤسف يف آب ‪.1994‬‬

‫أهدافها‬

‫أمني رس الجمعية كامل ابراهيم‬

‫مشدوهاً أمام مفاجأة املوت وهيبته‪ ،‬وموت‬ ‫من؟‬ ‫مللم نفسه وجراحه وتوجه متثاق ًال إىل‬ ‫“تربل” يف وسط البقاع حيث قرية طارق‬ ‫ومثواه األخري‪ ،‬ومكان الحادث‪ .‬وعندما رآه أهل‬ ‫طارق وخاصة والدته التي كانت تعتربه مبعزَّة‬ ‫ولدها‪ ،‬شعروا وكأنهم رأوا طارق‪ ،‬وبأن طارق‬ ‫عاد من جديد‪.‬‬ ‫حقيق ًة‪ ،‬أعجز عن وصف تلك اللحظات وما‬ ‫جرى فيها من أمور وترصفات مؤ ِّثرة‪.‬‬ ‫كانت تلك أول صدمة تلقاها يف حياته ولكنها‬ ‫لألسف مل تكن األخرية‪.‬‬ ‫فبعد مرور حوايل سنة ونصف عىل خسارة‬ ‫طارق‪ ،‬تلقى صدمة أخرى كبرية متثلت مبوت ابن‬ ‫عمه “أندره عقل”‪ ،‬أيضاً بحادث سري مفجع‪ ،‬وكان‬ ‫يف الحادية والعرشين من عمره‪.‬‬ ‫فكانت هاتان الصدمتان كافيتني لحث زياد عقل‬ ‫عىل اتخاذ قرار حاسم حيث كان عىل مفرتق طرق‪،‬‬ ‫فإما أن ينىس ما حصل ويتابع دراسة الهندسة‪،‬‬ ‫وإما أن يختار طريقاً آخراً لعمل شيئ ما ملواجهة‬ ‫مشكلة املرور يف لبنان والتخفيف من خطرها‬ ‫املتعاظم يوماً بعد يوم وتأثريها املأساوي عىل‬ ‫أفراد املجتمع‪.‬‬ ‫وطبعاً كان القرار هو الخيار الثاين‪ ،‬فكانت‬ ‫نشأة “اليازا” وبداية نشاطها يف لبنان‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫تهدف اليازا اىل تأمني وتطوير السالمة العامة‪،‬‬ ‫وتاليف الحوادث واإلصابات الناتجة عنها وذلك عن‬ ‫طريق توعية املجتمع املدين‪ ،‬ونرش املعرفة بني‬ ‫أفراده ومؤسساته‪ .‬منذ تأسيسها يف لبنان‪.‬‬ ‫وتعاونت “اليازا” مع مؤسسات وهيئات محلية‬ ‫أهلية وحكومية كالجيش اللبناين‪ ،‬قوى األمن‬ ‫الداخيل‪ ،‬الدفاع املدين‪ ،‬مؤسسة زينة حوش‪،‬‬ ‫اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث املدرسية‪-‬‬ ‫السا وغريها‪.‬‬ ‫وحازت عام ‪1996‬عىل “العلم والخرب” كجمعية‬ ‫أهلية غري حكومية يف لبنان ومنذ العام ‪2001‬‬ ‫انطلقت “اليازا الدولية” يف نشاطات وبرامج‬ ‫عديدة هادفة اىل تطوير السالمة العامة‪ .‬منذ‬ ‫تأسيسها وعىل مدى سنوات طويلة من العمل‬ ‫املتواصل‪ ،‬نظمت “اليازا” حمالت الوقاية من‬ ‫كافة أنواع الحوادث واإلصابات عرب جميع وسائل‬ ‫التوعية والتثقيف املتاحة‪ ،‬باإلضافة إىل متابعة‬ ‫املطالب والتوصيات املتعلقة بتحقيق أهداف‬ ‫الجمعية‪.‬‬ ‫لقد سعت الجمعية وال تزال‪ ،‬إىل نرش التوعية‬ ‫لكافة املواطنني وخاصة الجيل الصاعد حول‬ ‫مواضيع السالمة العامة والوقاية من الحوادث‬ ‫من خالل رشاكات عديدة مع مؤسسات إعالمية‬ ‫وتربوية‪ .‬كام أنها أبدت رأيها ومالحظاتها أثناء‬ ‫التحضري لعدد كبري من القوانني املتعلقة‬ ‫بالسالمة العامة يف عدد من الدول العربية‪.‬‬ ‫كام تسعى “اليازا” جاهدة إىل زيادة‬ ‫الرشاكة والتعاون مع مؤسسات املجتمع األهيل‬ ‫واملؤسسات الحكومية املعنية‪ ،‬وذلك للحد من‬ ‫الكوارث الناجمة عن الحوادث واإلصابات يف عدد‬ ‫من الدول العربية‪.‬‬

‫ومن أهدافها‪ ،‬عىل سبيل الذكر وليس الحرص‪،‬‬ ‫اىل تحقيق ما ييل‪:‬‬ ‫_ سالمة األطفال‬ ‫_ سالمة املشاة‬ ‫_ صيانة الطرق والبنى التحتية‬ ‫_ إساءة استهالك الكحول ومخاطر اإلرهاق‬ ‫والنعاس‬ ‫_ السالمة من اإلصابات أثناء استعامل‬ ‫املركبات‪ :‬السيارات‪ ،‬الشاحنات‪ ،‬الدراجات النارية‬ ‫والهوائية‬ ‫_ تطوير إجازات السوق وتطوير برامج تحسني‬ ‫القيادة‬ ‫_ تطوير أنظمة اإلسعاف والطوارئ‬ ‫_ زيادة التعاون الدويل للوقاية من مختلف‬ ‫أنواع اإلصابات‬

‫التعريف مبجموعة اليازا للسالمة‬ ‫العامة «يازا الدولية»‬ ‫بعد تفاقم مشكلة حوادث السري والكوارث‬ ‫الناجمة عنها يف معظم الدول العربية‪،‬‬ ‫انطلقت مجموعة اليازا للسالمة العامة “اليازا‬ ‫الدولية” من عدد كبري من الجمعيات األهلية غري‬ ‫الحكومية “ال تتوخى الربح املادي” التي تنظم‬ ‫حمالت دامئة بهدف تطوير السالمة العامة‬ ‫والوقاية من مختلف أنواع الحوادث عرب التعاون‬ ‫الدائم واملشاركة فيام بينها بهدف تطوير‬ ‫السالمة والوقاية من جميع أنواع املخاطر‪.‬‬

‫نشاطات اليازا الدولية‬ ‫تنظم “اليازا الدولية” العديد من الدراسات‬ ‫والنشاطات الهادفة إىل‪:‬‬ ‫‪ -1‬زيادة التعاون العريب عىل غرار التعاون‬ ‫األورويب بني املؤسسات الرسمية والخاصة املعنية‬ ‫بالسالمة العامة‪.‬‬ ‫‪ -2‬تفعيل دور الشباب يف النشاطات والحمالت‬ ‫املتعلقة بالوقاية من الحوادث‪.‬‬ ‫‪ -3‬نرش رشعة إعالن الشباب يف العامل‬ ‫العريب وللناطقني باللغة العربية يف جميع‬ ‫أنحاء العامل عرب مواقع إلكرتونية شبابية تتعلق‬ ‫بتنشيط دور الشباب يف السالمة املرورية‪.‬‬ ‫من أجل تحقيق األهداف املشار إليها‪ ،‬و ّقعت‬ ‫مجموعة “اليازا” للسالمة العامة “اليازا‬ ‫انرتناشيونال” عدداً من االتفاقيات ومذكرات‬ ‫التفاهم‪ ،‬أبرزها‪:‬‬ ‫‪ -1‬اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العاملية من‬ ‫خالل مكتبها اإلقليمي‪ ،‬وقد شملت هذه االتفاقية‬ ‫التعاون يف عدد كبري من مجاالت السالمة العامة‪،‬‬ ‫وخاصة يف مجال األبحاث والدراسات‪.‬‬ ‫‪ -2‬اتفاقية تعاون مع اللجنة االقتصادية‬ ‫واالجتامعية لغرب آسيا يف األمم املتحدة يف‬

‫‪ ،2006/12/18‬وقد تضمنت هذه االتفاقية التعاون‬ ‫مع “اإلسكوا” يف عدد من النشاطات التي ُنفذت‬ ‫مبناسبة أسبوع األمم املتحدة األول لسالمة السري‬ ‫تم يف ‪ 29 - 23‬نيسان من العام ‪.2007‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫‪ -3‬مذكرة تفاهم مع وزارة النقل يف سوريا‪.‬‬ ‫‪ -4‬مذكرة تفاهم مع هيئة الطرق واملواصالت‬ ‫يف ديب‪ ،‬باإلضافة إىل عدد من االتفاقيات األخرى‪.‬‬ ‫‪ -5‬مذكرات تعاون وتفاهم مع عدد من الجمعيات‬ ‫األهلية اللبنانية املتخصصة يف قضايا السالمة‬ ‫العامة‪:‬‬ ‫ اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث املدرسية‬‫السا‬ ‫ اللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق‬‫ الجمعية اللبنانية للوقاية من اإلصابات‬‫الرياضية‬ ‫ مؤسسة األبحاث العلمية‬‫‪ -‬الهيئة اللبنانية لحقوق الطفل‬

‫‪81‬‬

‫ شبكة سالمة املباين‬‫كام انتسبت “اليازا” منذ العام ‪ 2003‬اىل االتحاد‬ ‫األورويب لضحايا املرور‪ ،‬وشاركت يف عدد من‬ ‫نشاطاته يف هولندا‪ ،‬النمسا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬اليونان‪،‬‬ ‫لوكسمبورغ‪.‬‬ ‫كام تعاونت مع جامعة كارولينسكا‬ ‫السويدية‪ ،‬ومع عدد كبري من الجمعيات األهلية‬ ‫املتخصصة بسالمة السري يف عدد كبري من دول‬ ‫العامل‪ ،‬وخاصة الجمعيات الوطنية الناشطة يف‬ ‫العامل العريب‪.‬‬ ‫منذ تأسيسها وعىل مدى سنوات طويلة من‬ ‫العمل املتواصل‪ ،‬نظمت “اليازا” حمالت الوقاية‬ ‫من كافة أنواع الحوادث واإلصابات عرب جميع‬ ‫وسائل التوعية والتثقيف املتاحة‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫متابعة املطالب والتوصيات املتعلقة بتحقيق‬ ‫أهداف الجمعية‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬


‫منرب حر‬

‫الرئيس‬ ‫بشار األسد‬ ‫عشر سنوات‬ ‫من التألق‬ ‫ماهر رسي الدين‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫سنوات عرش مرت عىل خطاب قسم الدكتور بشار األسد كانت‬ ‫سوريا آنذاك تقف أمام مرحلة مفصلية وحرجة حيث عقارب الساعة‬ ‫العربية املعطلة‪ ،‬أصال تعود إىل الوراء معلنة سقوط بغداد ودخول أشباه‬ ‫الرجال يف أنظمة االنهزام العريب «كوما» املال والفساد والتسابق إىل‬ ‫كأدوات يف املرشوع األمرييك‪ -‬الصهيوين القادم‬ ‫السلطة واالنخراط‬ ‫للتغيري والتقسيم واالقتتال‪.‬‬ ‫لقد صور لهم شيطانهم األمرييك أنهم عىل بعد خطوات من‬ ‫التهام كعكة العيد الشامية بعد أن طوعوا الرمال العربية ورشبوا‬ ‫نخب مقدراتها وثرواتها مع “غلامنهم املتزعمني لكن أسوار دمشق‬ ‫العظيمة واملرتفعة بهامة رجالها وعنفوان بشارها ابن املدرسة‬ ‫العروبية القومية النقية واملشبعة باملبادئ والقيم السامية‪ ،‬حولت‬ ‫أحالمهم إىل كوابيس تقض مضاجع ساستهم وجرناالتهم وتبعث‬ ‫بهم إىل حانة الخمر واالنتحار‪ ،‬ومجالس املنجمني ليسألوا عن الخلطة‬ ‫السحرية التي جبلت بها السياسة السورية‪ ،‬باحثني عن خلطة أو‬ ‫حجاب “تيسري أمر” بهدف إقناع القيادة السورية عىل استقبالهم أو‬ ‫منحهم تأشريات دخول مؤقتة أو مرشوطة‪ ،‬لكن السياسة السورية‬ ‫التي ترتكز إىل األخالق والحق متثلت بأخالقيات وأدبيات الرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬وخالفاً لكل التوقعات واملراهنات ودون رشوط مسبقة‪ ،‬كام‬ ‫هي العادة يف التعاطي السيايس فتح أبواب دمشق للمستسلمني‪،‬‬ ‫والتائبني‪ ،‬ومنح فرصة للباحثني عن عالج نفيس بأصول املعرفة والكرم‬ ‫واألخالق التي هي من املكونات األساسية يف نسيج شخصية الرئيس‬ ‫األسد‪ ،‬كام أنها ذات البنية السلوكية التي يتمتع بها الشعب السوري‬ ‫امللتف حول قيادته املعربة عن ثوابته وخياراته الكربى يف املقاومة‬ ‫واملامنعة والتحرير والبناء‪.‬‬ ‫لقد أقسمت سوريا مع رئيسها لتدحر مشاريعهم التقسيمية‪،‬‬ ‫وتدحض أكاذيبهم وادعاءاتهم ولتجعل منهم هزأة عىل التاريخ‪،‬‬ ‫شكلت السنوات العرش املاضية ملحمة وطنية وقومية متألقة‬ ‫صنعها الرئيس األسد بثبات املوقف وشجاعة األداء وحكمة العقالء‪،‬‬ ‫وأدار األزمات العاصفة واملربمج لها عىل املستوى الدويل واإلقليمي‬ ‫والعريب ونقل املعركة التي أرادها أعداء سوريا من أسوار دمشق إىل‬ ‫قلب عواصمهم فباتت سوريا كام كانت مفتاحاً للحل الدويل وبدأت‬ ‫رحلة جباة املواقف الذين طاروا إىل دمشق مطلقني الترصيحات الرنانة‬ ‫ألنهم عرفوا أن قواعد اللعبة تغريت وتبدلت‪.‬‬ ‫سوريا بنهجه املقاوم مل تتغري أو تتبدل كام روج لهم أسيادهم ال بل‬ ‫طلبوا العون ليبقوا عىل ما هم عليه يف بالدهم‪.‬‬ ‫نعم إنها سنوات النرص والتألق فقاسيون يا سيادة الرئيس سيبقى‬ ‫الجبل الذي يحتضن جبل الشهامة بشار األسد‪ ،‬وبردى لن يتوقف عن‬ ‫الهدير واالندفاع يف مرشوعك الوطني والقومي فيام الجامع األموي‬ ‫يصيل لطهارتك ونبل أخالقك وعزة دينك أما بانوراما حرب ترشين‬ ‫تنتظر بلهفة العاشق أن ترسم عىل جدرانها كام رسم القائد الخالد‬ ‫حافظ األسد أنشودة النرص الحاسم وزوال “إرسائيل”‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫‪www.tayyar-tawhid.org‬‬ ‫زوروا موقع تيار التوحيد اللبناني‬ ‫العدد ‪ -43‬آب ‪2010‬‬ ‫‪83‬‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫‪2009‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.