Manbar altawhid issue 38

Page 1

‫رياض تقي الدين‪ :‬إسرائيل غبية إذا ّ‬ ‫شنت حرباً على لبنان‬ ‫مصطفى حمدان‪ :‬أدعو الحريري لتنظيم مؤتمر للمواجهة‬

‫كمال فغالي ‪ :‬خفض سن االقتراع لن يغ ّير في األرقام‬ ‫العدد ‪ 38‬ــ آذار ‪ - 2010‬السنة الرابعة‬

‫قمة القوة الرادعة ملواجهة‬ ‫احلرب اإلسرائيلية الشاملة‬ ‫الموساد‬ ‫يقتل‬ ‫نفسه‬ ‫باغتيال‬ ‫المبحوح‬

‫مزورة؟‬ ‫هل ثلث األدوية في لبنان ّ‬

‫‪1‬‬

‫انتفاضة‬ ‫الجوالن‬ ‫تباشيـر‬ ‫النصـر‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الرحلة األخيرة‪...‬‬ ‫‪ 180‬ثانية‪ ،‬كانت كافية‪ ،‬لتنهي حياة ‪ 90‬راكباً‪ ،‬كانوا على منت الرحلة ‪،409‬‬ ‫للخطوط اجلوية اإلثيوبية‪ ،‬كانت متوجهة من مطار بيروت الى أديس أبابا‪.‬‬ ‫إنه القدر‪ ،‬أن يخطئ قائد الطائرة‪ ،‬وتسقط في البحر‪ ،‬وتتناثر اجلثث‪،‬‬ ‫وتبدأ عملية جمع األشالء‪ ،‬بعد أن تبني أن عملية اإلنقاذ مستحيلة‪ ،‬بعد أن‬ ‫ابتلعت املياه الهادرة األجساد‪ ،‬وخطف املوت األرواح‪ ،‬وقذفت األمواج الهائجة‪،‬‬ ‫مبواطنني كانت رحلتهم األخيرة‪ ،‬من بينهم ‪ 54‬لبنانياً‪ ،‬و‪ 30‬أثيوبيا ور ّبان‬ ‫الطائرة ومضيفيها الستة‪.‬‬ ‫إنه القضاء والقدر‪ ،‬إنها رحلة املوت‪ ،‬إنه التسليم مبشيئة اهلل‪.‬‬ ‫جلنة التحقيق تقدم تقريرها وحتدد املسؤوليات‪ ،‬وتدفع التعويضات‪ ،‬لكن‬ ‫األحبة رحلوا‪ ،‬اآلباء واألشقاء واألزواج والزوجات واألبناء واألحفاد‪ ،‬إنها كارثة‪،‬‬ ‫هي الفجيعة‪ ،‬هو اليوم األخير‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪38‬‬

‫آذار ‪ 2010‬السنة الرابعة‬ ‫صفحة‬

‫ص‪12‬‬

‫الدكتور فايز عز الدين ‪:‬‬

‫«إسرائيل»‬ ‫مأزومة داخلياً‬ ‫ص‪20‬‬

‫ورقة التفاهم‬ ‫تصمد‬ ‫للعام الرابع‬ ‫ص‪78‬‬

‫ميراي بانوسيان‪:‬‬

‫ال شيء يصعب‬ ‫على الممثل‬ ‫كفرمتى‪:‬‬

‫ص‪82‬‬

‫أم المصــالحـات‬ ‫جرحٌ ينزف‬ ‫منبر التوحيد‬

‫نشرة شهرية داخلية تصدر‬ ‫عن امانة االعالم‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‬

‫ ‬ ‫‪15‬‬

‫لبنانيات‬

‫ ‬ ‫‪22‬‬

‫حتقيق‬

‫ ‬ ‫‪32‬‬

‫تيار‬

‫ ‬ ‫‪58‬‬

‫فلسطينيات‬

‫ ‬ ‫‪60‬‬

‫عربيات‬

‫ ‬ ‫‪63‬‬

‫دوليات‬

‫ ‬ ‫‪70‬‬

‫اقتصاد‬

‫ ‬ ‫‪75‬‬

‫ثقافة‬

‫ ‬ ‫‪78‬‬

‫فن‬

‫ ‬ ‫‪82‬‬

‫مناطق‬

‫ ‬ ‫‪90‬‬

‫مرأة‬

‫ ‬ ‫‪92‬‬

‫بيئة‬

‫ ‬ ‫‪96‬‬

‫رياضة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪ 0966600099 :‬الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬

‫‪3‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫بعد خمس سنوات يعود السفير األميركي الى دمشق‪ ،‬وتزامنت‬ ‫عودته مع الذكرى اخلامسة الغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬والذي تسبب‬ ‫بسحب الواليات املتحدة األميركية لسفيرها‪ ،‬بعد أن وجه رئيسها‬ ‫آنذاك “جورج بوش” وإدارته‪ ،‬أصابع االتهام الى القيادة السورية‪ ،‬بأنها‬ ‫تقف وراء اجلرمية ومت حتريك ما سمي بـ “ثورة األرز” والتسمية لـ “بوش”‬ ‫نفسه الذي استند في ذلك الى وجود معارضة كانت ترعاها اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬ممثلة “بلقاء قرنة شهوان” الذي انتدب له البطريرك املاروني‬ ‫نصر اهلل صفير املطران يوسف بشارة لترؤس اجتماعاته وتوجيهه‪،‬‬ ‫ألن الهدف كان إخراج القوات السورية من لبنان‪ ،‬ولم يكن ممكنا ً‬ ‫ذلك دون حدث كبير بحجم تفجير موكب احلريري‪ ،‬إلحداث صدمة‬ ‫كبيرة‪ ،‬واستنفار الشارع وإيقاظ مشاعره وغرائزه‪ ،‬وهذا ما حصل‪ .‬وقد‬ ‫استدرك الرئيس بشار األسد املؤامرة عليه وعلى بالده بعد االحتالل‬ ‫االميركي للعراق‪ ،‬والدعوة “البوشية” لقيام “شرق أوسط كبير” فقرر‬ ‫االنسحاب كليا ً من لبنان عسكريا ً وأمنيا ً وسياسيا ً ملواجهة ما‬ ‫يحاك ضد سوريا التي حوسبت على دعمها للمقاومة بوجه االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي في لبنان وفلسطني واألميركي في العراق‪.‬‬ ‫قرار إدارة بوش كان في عزل سوريا وحتجيم دورها عربيا ً وإقليميا‬ ‫ومنع أية إطاللة دولية لها‪ ،‬وشحن بعض القوى اللبنانية ضدها‪ ،‬وقد‬ ‫استخدمتهم في التحريض على النظام إلسقاطه‪ ،‬كما ساعدت‬ ‫املعارضة السورية لتتحرك‪ ،‬وكل ذلك بالتعاون مع دول عربية ال تؤمن‬ ‫باملقاومة‪ ،‬وتسير في نهج االستسالم وال ترى شرا ً في “إسرائيل”‪ ،‬بل‬ ‫في إيران ونفوذها الديني والفارسي‪ ،‬كما كانت تتحدث قياداتهم في‬ ‫مواقفها وتصاريحها‪.‬‬ ‫صمدت سوريا رغم كل القوانني والقرارات التي صدرت حملاسبتها‪،‬‬ ‫كما تخطت موضوع جلان التحقيق الدولية التي أنشئت إثر اغتيال‬ ‫الرئيس احلريري وتعاونت معها‪ ،‬وكان املقصود منها تشكيل أداة‬ ‫ضغط عليها‪ ،‬فلم تنجح احملاولة‪ ،‬كما فشل مشروع تطويع وإقصاء‬ ‫حلفائها في لبنان‪ ،‬الذين تصدوا للهيمنة األميركية وأدواتها‬ ‫الرسمية والسياسية واحلزبية‪ ،‬التي كانت ممثلة بـ “قوى ‪ 14‬آذار”‬ ‫وسقطت الفتنة املذهبية التي رفعوها بوجه “حزب اهلل” لدفعه‬ ‫الى االقتتال الداخلي‪ ،‬وجتريد سالحه من صفة املقاومة وحتويله الى‬ ‫سالح ميليشيا‪ ،‬لكن صمود املقاومة بوجه العدوان اإلسرائيلي في‬ ‫متوز ‪ ،2006‬وتصديها خالل ‪ 33‬يوما ً له‪ ،‬بالرغم من استخدام “إسرائيل”‬ ‫لكل أصناف أسلحة الدمار‪ ،‬فمارس سالح املقاومة دور الردع وربح‬ ‫لبنان املعركة‪ ،‬ومعه سوريا التي مدته بالسالح‪ ،‬الذي اكتسب شرعية‬ ‫في امليدان ضد العدو اإلسرائيلي الذي بات يحسب ألف حساب ألي‬ ‫حرب جديدة يهدد بها‪.‬‬ ‫وقد حذر األمني العام “حلزب اهلل” السيد حسن نصر اهلل قادة‬ ‫العدو بان الدفاع عن لبنان سيكون مختلفا ً هذه املرة‪ ،‬والرد سيكون‬ ‫مؤذيا ً في حال التعرض للمدنيني أو للمرافق العامة‪ ،‬أو للمدن والقرى‪،‬‬ ‫فمقابل بيروت والضاحية اجلنوبية‪“ ،‬تل ابيب”‪ ،‬ومقابل مطار الرئيس‬ ‫الشهيد رفيق احلريري مطار “بن غوريون”‪ ،‬ومقابل كل قرية سواء في‬ ‫اجلنوب أو خارجه مستوطنة‪.‬‬ ‫فالقوة التي أظهرتها املقاومة في حرب متوز قبل أربع سنوات‬ ‫والتحذيرات التي أطلقها السيد نصر اهلل أعطت قوى الصمود‬ ‫واملمانعة الدور في تقرير مصير ومستقبل املنطقة‪ ،‬وباتت سوريا‬ ‫الرقم الصعب في معادلتها‪ ،‬ولم يعد التهديد الذي يحمله إليها كما‬ ‫الى لبنان موفودون دوليون‪ ،‬يربكها أو يرعبها‪ ،‬إذ كان الرئيس األسد‬ ‫واضحا ً ان “إسرائيل” تقود املنطقة الى حرب شاملة‪ ،‬كما جاء رد وزير‬

‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫سوريا‬ ‫تحصنت‬ ‫ّ‬ ‫بموقفها‬ ‫فجاء‬ ‫الموفدون‬ ‫إليها‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪4100‬‬


‫اخلارجية السورية وليد املعلم على تصريحات وزير خارجية “إسرائيل”‬ ‫“افيغدور ليبرمان”‪ ،‬عالي النبرة بوصف قادة العدو بـ “الزعران”‪ ،‬وأن املدن‬ ‫اإلسرائيلية ستكون في مرمى الصواريخ السورية‪ .‬وقد أصبحت سوريا‬ ‫في موقع متقدم عما كانت عليه قبل خمس سنوات‪ ،‬وأسقطت ما‬ ‫كان يسمى حصارا‪ ،‬ولم تنفع معها عقوبات بقيت حبرا ً على ورق‪،‬‬ ‫وباتت هي املمر اإلجباري ملن يريد من اخلارج الدخول الى املنطقة‪ ،‬ألنها‬ ‫متلك مفتاح احلل والربط فيها‪ ،‬وقد اعترفت لها دول العالم بدءا ً من‬ ‫أميركا مرورا ً بأوروبا‪ ،‬ووصوال ً الى آسيا‪ ،‬وبالطبع الدول العربية‪ ،‬أنها‬ ‫صاحبة أوراق اللعبة‪ ،‬األمر الذي فرض على زعماء العالم ان يأتوا الى‬ ‫دمشق للقاء الرئيس األسد‪ ،‬والتباحث معه في شؤون املنطقة‪ ،‬وطلب‬ ‫مساعدة سوريا في السالم واالستقرار‪.‬‬ ‫لقد رحلت حقبة “بوش ‪ -‬شيراك” اللذين أصدرا القرار ‪ 1559‬مطلع‬ ‫أيلول ‪ ،2004‬ليكون أداة ضغط على سوريا وحلفائها في لبنان‪ ،‬وبدأت‬ ‫مرحلة جديدة‪ ،‬بعد أن سقطت مفاعيل هذا القرار‪ ،‬ولم يعد سوى‬ ‫حبر على ورق‪ ،‬وغاب ناظر هذا القرار “تيري رود الرسن”‪ ،‬لكنه يحاول‬ ‫أن يحرك من فترة الى أخرى‪ ،‬موضوع سالح املقاومة على أنه ما زال‬ ‫موجودا‪ ً ،‬لكنه لم يلق التجاوب من الداخل اللبناني‪ ،‬سوى من قلة‬ ‫سياسية وحزبية قليلة‪ ،‬بعد أن تنكر أطراف لبنانيون لهذا القرار‪ ،‬الذي‬ ‫ثبت أنه قرار فتنة‪ ،‬واعترفت احلكومات املتعاقبة منذ العام ‪ 2005‬على‬ ‫أن املقاومة شرعية وحق طبيعي للبنان أن تدافع عن أرضه مع اجليش‬ ‫والشعب‪.‬‬ ‫ففي سوريا اليوم سفير أميركي جديد اسمه “روبرت فورد”‪ ،‬الذي وافق‬ ‫الرئيس االميركي “باراك اوباما” على تعيينه في اليوم الذي استشهد الرئيس‬ ‫احلريري‪ ،‬ولهذا التعيني رمزيته في هذا التاريخ‪ ،‬إذ حتاول اإلدارة االميركية‬ ‫اجلديدة التكفير عن ما ارتكبته اإلدارة السابقة التي فشلت في عزل سوريا‬ ‫كما أعلنت‪ ،‬وبات املوفدون األميركيون في زيارات دائمة لدمشق‪ ،‬يبحثون مع‬ ‫املسؤولني السوريني في املساعدة بحل أزمات بالدهم في املنطقة ال سيما في‬ ‫العراق‪ ،‬إضافة الى عملية السالم‪ ،‬والتعهدات التي تقدمت بها واشنطن من‬ ‫خالل إدارتني جمهورية ودميقراطية في البيت األبيض في قيام دولتني إسرائيلية‬ ‫وفلسطينية وجتميد املستوطنات اليهودية‪ ،‬ليبدأ البحث في احلل النهائي‪.‬‬ ‫فاإلدارة األميركية اجلديدة لم تر أمامها سوى سوريا بابا ً للحل‪ ،‬كما قالت‬ ‫قبل سنوات رئيسة مجلس النواب االميركي “نانسي بيلوسي” وهي من احلزب‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬وقد حضر مؤخرا ً الى دمشق مساعد وزير اخلارجية االميركي‬ ‫“وليم برنز”‪ ،‬وحمل معه رسالة من الرئيس “اوباما” الى الرئيس األسد‪ ،‬يؤكد‬ ‫فيها ان “بالده مستعدة لتحسني العالقات مع سوريا‪ ،‬وااللتزام بتحقيق سالم‬ ‫عادل وشامل بني العرب واإلسرائيليني على كل املسارات”‪.‬‬ ‫ورسالة “اوباما” واضحة‪ ،‬وهي اعتراف لسوريا بدورها وحجمها‪ ،‬وهو‬ ‫ما سبقه إليه أيضا الرئيس الفرنسي “نيكوال ساركوزي” الذي بدأ‬ ‫عهده باالنفتاح على الرئيس األسد‪ ،‬ودعوته للمشاركة في احتفاالت‬ ‫الثورة الفرنسية في متوز ‪ ،2008‬ثم زيارته الى دمشق مرتني‪ ،‬وزيارة ثانية‬ ‫للرئيس السوري الى باريس‪ ،‬حيث قطعت العالقات بني البلدين شوطا ً‬ ‫متقدماً‪ ،‬تُوجت بزيارة رئيس احلكومة الفرنسية “فرانسوا افينيون”‬ ‫وهي األولى منذ ‪ 13‬سنة‪ ،‬والتوقيع على اتفاقيات اقتصادية ومالية‬ ‫وأمنية‪.‬‬ ‫لم تعد فرنسا تنظر الى سوريا إال نظرة الشريك‪ ،‬كما أن دوال ً أوروبية‬ ‫أخرى‪ ،‬سعت إلى تطوير العالقات معها وأق ّرت بدخولها في االحتاد‬ ‫املتوسطي‪ ،‬ألن حجم التبادل التجاري لبعض الدول األوروبية مع سوريا‬ ‫ليس بالقليل‪ ،‬ويصل الى حوالي العشر مليارات دوالر‪ ،‬حتتل فرنسا‬ ‫وإيطاليا واسبانيا وأملانيا‪ ،‬موقعا ً مهما ً في امليزان التجاري‪ ،‬إضافة الى‬

‫استثمارات أوروبية في سوريا‪.‬‬ ‫فالتعاون الذي تبديه واشنطن مع دمشق تريده أن يبدأ من محاربة‬ ‫“اإلرهاب”‪ ،‬وتريده سوريا أن يكون وفق مفهومها وتوصيفها لإلرهاب الذي متيزه‬ ‫عن املقاومة‪ ،‬إذ حضر مع “بيرنز” منسق وزارة اخلارجية ملكافحة اإلرهاب “دان‬ ‫بينجامني”‪ ،‬وتداول مع املسؤولني السوريني في محاربة اإلرهاب‪ ،‬إذ أن واشنطن‬ ‫مدينة لدمشق بتقدمي معلومات لها عن شبكات إرهابية لتنظيمات إسالمية‬ ‫أصولية‪ ،‬والتي خبرتها سوريا منذ الثمانينات من القرن املاضي‪ ،‬وخاضت‬ ‫معارك معها الجتثاث الفكر اإلرهابي‪ ،‬حيث دعا الرئيس الراحل حافظ‬ ‫األسد الى عقد مؤمتر دولي للتعريف باإلرهاب‪ ،‬ومتييزه عن املقاومة‬ ‫وهو موضع خالف أميركي – سوري‪ ،‬حيث تصنف الواليات املتحدة‬ ‫سوريا بأنها دولة راعية لإلرهاب ذلك أنها تدعم املقاومة‪ ،‬دون ان تشير‬ ‫الى ان “إسرائيل” دولة إرهابية منذ نشوئها وحتى اليوم‪ ،‬وما اغتيال القيادي‬ ‫في حركة “حماس” محمود املبحوح في دبي‪ ،‬واكتشاف منفذي اجلرمية من‬ ‫“املوساد” اإلسرائيلي‪ ،‬وتزويدهم جوازات سفر أوروبية‪ ،‬إال تأكيد على إرهاب‬ ‫الدولة العبرية منذ نشوئها‪ ،‬وهذا يفرض أن تتحرك األمم املتحدة ومجلس‬ ‫األمن الدولي باجتاه وضع “إسرائيل” على الئحة الدول اإلرهابية‪ ،‬وهذه معركة‬ ‫على الدول العربية وحلفائها في العالم أن يخوضوها أمام الرأي العام الدولي‬ ‫ومنظمات حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫لقد ربحت سوريا معركتها السياسية‪ ،‬بوجه املشروع االميركي السابق‬ ‫للشرق األوسط‪ ،‬ودحرته مع املقاومة في لبنان‪ ،‬وبالتحالف مع إيران التي تخوض‬ ‫معركة برنامجها النووي السلمي في مواجهة تهديدات دولية بفرض عقوبات‬ ‫عليها‪ ،‬مع تناسي أن “إسرائيل” متتلك أسلحة ورؤوسا ً ومراكز نووية‪ .‬واالنتصار‬ ‫الذي حققته سوريا‪ ،‬بصمودها خالل السنوات اخلمس املاضية‪ ،‬وثباتها على‬ ‫مواقفها الوطنية والقومية‪ ،‬ورفضها بيع املقاومة والقبض عليها‪ ،‬هو ما‬ ‫جعلها موقع احترام الدول‪ ،‬التي لم يعد يزعجها أن تطور عالقاتها معها‪،‬‬ ‫ألن من دونها لن يكون هناك سالم واستقرار في املنطقة‪ ،‬وقد سعت إليهما‬ ‫القيادة السورية‪ ،‬لكن “إسرائيل” ليست على هذا النهج‪ ،‬بل هي تعد جيشها‬ ‫وقواتها حلرب جديدة من خالل مناوراتها وتعبئة اجلبهة الداخلية‪ ،‬وسد الثغرات‬ ‫التي ظهرت في حرب متوز ‪ ،2006‬وفق تقرير جلنة “فينوغراد”‪.‬‬ ‫إن هذا الدور القيادي الذي اتخذته سوريا في العالم العربي‪ ،‬دفع بدول عربية‬ ‫الى مصاحلتها‪ ،‬ال سيما السعودية التي تراجعت عن اتهام نظامها باغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬وتعاونت معها على إعادة ترتيب الوضع اللبناني‪ ،‬وكان لدمشق الدور‬ ‫الفاعل في تسهيل حصول انتخابات رئاسة اجلمهورية‪ ،‬كما في تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية ترتاح للتعامل معها‪ ،‬كما ابتعدت عن التأثير في‬ ‫االنتخابات النيابية‪ ،‬وتركت الشعب اللبناني يعبر عن رأيه‪ ،‬وقد ساهم ذلك‬ ‫في فتح طريق بيروت ‪ -‬دمشق التي زارها سعد احلريري رئيسا ً للحكومة‪ ،‬كما‬ ‫تستعد الستقبال النائب وليد جنبالط‪ ،‬وهي بذلك تقف على مسافة واحدة‬ ‫من اجلميع‪.‬‬ ‫لقد حتصنت سوريا مبواقفها ولم تتزحزح عنها‪ ،‬ففرضت على اآلخرين‬ ‫اجمليء إليها‪ ،‬الى املوقع الصح‪ ،‬بعد أن غادروا أمكنتهم اخلاطئة التي راهنت‬ ‫على مشروع أميركي يفرض هيمنته على املنطقة ويقيم أنظمة تابعة له‬ ‫حتت عنوان الدميقراطية‪ ،‬لكنها ستكون مستسلمة أمام العدو اإلسرائيلي‬ ‫واالعتراف بكيانه الغاصب‪ ،‬وفتح احلدود معه‪ ،‬لتحقيق “الشرق األوسط‬ ‫اجلديد” الذي اقترحه الرئيس اإلسرائيلي احلالي “شيمون بيريز” في مطلع‬ ‫التسعينات من القرن املاضي‪ ،‬لتكون “إسرائيل” الدولة األقوى في املنطقة‬ ‫اقتصادياً‪ ،‬وتدخل من باب التطبيع إلى األسواق العربية التي تتحول إلى مراكز‬ ‫الستهالك الصناعات اليهودية‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫«منبر التوحيد»‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫قمة القوة في دمشق تمنع وتردع الحرب في المدى المنظور؟‬ ‫شكلت القمة التي جمعت في دمشق الرئيسني‬ ‫السوري بشار األسد واإليراني أحمدي جناد واألمني‬ ‫العام حلزب اهلل السيد حسن نصراهلل‪ ،‬محطة‬ ‫هامة ومفصلية وحتمل العديد من الرسائل‬ ‫والتوجهات‪ ،‬وهي جاءت ؤدأ مباشرا ً على مجمل‬ ‫التهديدات اإلسرائيلية السابقة‪ ،‬ورسالة لإلدارة‬ ‫األميركية التي حاولت توجيه تهديدات مباشرة‬ ‫أو غير مباشرة لسوريا بضرورة اإلبتعاد عن إيران‬ ‫وعدم تسليح حزب اهلل‪ ،‬في هذه القمة كان األسد‬ ‫واضحا ً للجميع وأكد بأن ال مسافة تفصله عن‬ ‫إيران الداعمة لسوريا واملقاومة في لبنان وللقضية‬ ‫الفلسطينية التي حاولت أميركا ان تفصلها‬ ‫عنها‪ ،‬وان مفاعيل اللقاء الثالثي حملور املقاومة‬ ‫والقوة وصلت الى من يعنيه األمر‪ ،‬وهو أعاد رسم‬ ‫فرضية جديدة في املنطقة واملشهد في دمشق‬ ‫يوم راكم على الصهاينة في إسرائيل إرباكا ً إضافيا ً‬ ‫على إرباكها القائم حيال املقاومة‪ ،‬وقلص اخليارات‬ ‫املمكنة جتاهها‪ ،‬وهي باتت تدرك جيداً‪ ،‬ما يعنيه‬ ‫اجتماع القدرات واإلرادات واحتادها في بوتقة واحدة‪،‬‬ ‫وإسرائيل مضطرة للتراجع خطوات الى اخللف‬ ‫وابتالع تهديداتها‪ ،‬واتخاذ موقف جديد‪ ،‬وبات عليها‬ ‫ان تبحث عن خيارات دفاعية حيال محور املقاومة‬ ‫واملمانعة‪ ،‬في احلاضر واملستقبل‪ .‬وكان األمني العام‬ ‫حلزب اهلل السيد حسن نصراهلل قد أكد بأنه قادر‬ ‫وينوي في سيناريوهات دفاعية محددة‪ ،‬ان يضرب‬ ‫إسرائيل ومنشآتها احليوية‪ ،‬في رد تناسبي على أي‬ ‫اعتداء على البنية التحتية اللبنانية‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫وجود أسلحة كاسرة للتوازن‪ ،‬مبا في ذلك النوع‬ ‫والعدد الكافي‪ ،‬وهنا ال بد من استحضار ما قاله‬ ‫وزير الدفاع اإلسرائيلي ايهود باراك في صحيفة‬ ‫هارتس بتاريخ ‪“ 2009/11/24‬هناك محاوالت خلرق‬ ‫التوازن في االرض (صواريخ دقيقة) واجلو (الدفاع‬ ‫اجلوي)‪ ،‬وفي اللحظة التي نقتنع فيها بأنهم جنحوا‬ ‫في خرق التوازن‪ ،‬سنضطر الى دراسة خطواتنا”‪.‬‬ ‫ولذلك فتهديدات باراك من واشنطن مؤخراً‪ ،‬لم‬ ‫يكن لها أي وزن مماثل لتهديداته السابقة‪ ،‬او لغيره‬ ‫من املسؤولني اإلسرائيليني‪ ،‬وهو بات يعي األن بأن‬ ‫قدرات إيران متتد الى أبعد من إسرائيل‪ ،‬وهي مؤشر‬ ‫واضح حلالة الذعر التي أصابت الكيان الصهيوني‪.‬‬ ‫وكان وزير الدفاع اإلسرائيلي إيهود باراك‪ ،‬أمام‬ ‫حشد من ضباط جيشه عن استراتيجية العمل‬ ‫األمني والعسكري بشكل عام في املنطقة‪ ،‬وحتدث‬ ‫بلغة متغطرسة قائالً‪“ :‬بأن الشرق األوسط هو حارة‬ ‫صعبة جداً‪ ،‬وال توجد إمكانية العيش للضعفاء‪،‬‬ ‫وال تعطى ألحد فرصة ثانية‪ ،‬وما دام هناك من‬ ‫يرى “إسرائيل” ضعيفة فإنه لن يفتش عن تسوية‬ ‫معها‪ ،‬وأن “إسرائيل” لن تقع في مصيدة العسل‬ ‫الدبلوماسية على حساب أمنها وقوتها‪ ،‬وقال‬ ‫أيضاً‪ ،‬ال يجوز لـ “إسرائيل” أن تض ّيع فرصة السالم‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرئيسان االسد وجناد والسيد نصر اهلل‪ :‬املقاومة قوة الردع‬

‫ألن إضاعة الفرصة تعني التدهور في حرب شاملة‪،‬‬ ‫تكون سوريا عنصرا ً أساسيا ً فيها‪ ،‬وهذا أمر ال‬ ‫حتبذه “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ويُذكر أن مفهوم احلرب الشاملة في “إسرائيل”‬ ‫اليوم‪ ،‬يعني حربا ً مع إيران‪ ،‬و”حزب اهلل” في لبنان‪،‬‬ ‫وحركة املقاومة الفلسطينية في غزة‪ ،‬إضافة الى‬ ‫سوريا في آن واحد‪.‬‬ ‫والتصريحات الرسمية اإلسرائيلية‪ ،‬كما‬ ‫االستعدادات العسكرية وآخرها مناورات صحراء‬ ‫النقب‪ ،‬واقترنت هذه املرة بتحذيرات إيهود باراك من‬ ‫إمكانية اندالع مواجهة مفتوحة بني “إسرائيل”‬ ‫وسوريا قد تتطور الى حرب إقليمية واسعة‪ ،‬وهذا‬ ‫الكالم جاء بعد يومني من مناورات صحراء النقب‬ ‫التي حتاكي حربا ً على سوريا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكل‬ ‫واجلولة الثانية من التهديدات‪ ،‬التي‬ ‫الوجه اآلخر للمناورات العسكرية‪ ،‬جاءت على‬ ‫لسان أفيغدور ليبرمان‪ ،‬وزير اخلارجية اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫الذي قال في مؤمتر صحافي‪“ :‬التهديدات التي‬ ‫أطلقها الرئيس السوري بشار األسد حيال إمكان‬ ‫دخول سوريا في أي حرب تُشن في املنطقة‬ ‫ومهاجمة “إسرائيل” كانت مبثابة تغيير لقواعد‬ ‫اللعبة بشكل دراماتيكي وتهديد مباشر‪.‬‬ ‫التهديدات اإلسرائيلية والتطورات في املنطقة‬ ‫في ظروف معينة‪ ،‬تتمثل في اخلشية من أن يؤدي‬ ‫أي عمل ضد إيران الى التسبب بأزمة لن يبقى‬ ‫لبنان بعيدا ً منها‪ ،‬ومن واقع أن الدول الغربية وعلى‬ ‫رأسها الواليات املتحدة تتجه لفرض عقوبات على‬ ‫إيران‪ ،‬ولكن املسؤولون في هذه الدول يخشون أال‬ ‫تكون العقوبات شافية بحيث ال تردع “إسرائيل”‬ ‫عن القيام بضربة ما إليران‪ ،‬وما ميكن ان يتشظى‬ ‫عن ذلك في لبنان في احتماالت وسيناريوهات‬ ‫عدة‪ ،‬بينها أن تعمد “إسرائيل” الى توجيه ضربة‬

‫‪6‬‬

‫استباقية تستهدف لبنان و”حزب اهلل”‪ ،‬من أجل‬ ‫أال تترك خاصرتها معرضة ألي خطر في حال‬ ‫قررت القيام بالضربة العسكرية إليران‪ ،‬وفي حال‬ ‫لم تعمد الى ذلك استباقاً‪ ،‬فإن احتماالت الرد من‬ ‫جانب “حزب اهلل” ستؤدي على األرجح الى سيناريو‬ ‫مماثل‪.‬‬ ‫وثمة رادع لـ “إسرائيل”‪ ،‬طبيعة احلرب نفسها‬ ‫تغ ّيرت‪ ،‬في السابق كان في وسع “إسرائيل” شن‬ ‫احلروب الوقائية أو االستباقية أو الهجومية‪ ،‬من‬ ‫دون أن تخشى أي تهديد جلبهتها الداخلية‪ ،‬بيد أن‬ ‫هذه الصيغة سقطت في حرب ‪ ،2006‬حني ح ّول‬ ‫“حزب اهلل” أراضي فلسطني ‪ 1948‬الى ساحة حرب‬ ‫فعلية للمرة األولى منذ ‪ 70‬عاماً‪ ،‬وأن حربا ً جديدة‬ ‫ستنشب وستكون “إسرائيل” برمتها من صحراء‬ ‫النقب (حيث مفاعل دميونا) الى جبال اجلليل (حيث‬ ‫الصناعات التكنولوجية املتطورة) حتت مرمى‬ ‫صواريخ إيران و”حزب اهلل” وسوريا‪.‬‬ ‫ورغم أن “إسرائيل” تعيش حربا ً مفتوحة منذ‬ ‫نشأتها إالّ أنها تخوض اليوم نقاشا ً معمقا ً في‬ ‫قضايا احلرب والسلم‪ ،‬وهذه النقاشات تترافق‬ ‫مع نقاشات في املنطقة‪ ،‬وخصوصا ً في لبنان‬ ‫وفلسطني وسوريا حول احتماالت حرب قريبة‪،‬‬ ‫وفي الواقع أن أي قراءة ملا يصدر عن “إسرائيل” من‬ ‫تصريحات وكتابات تبينّ صورة متناقضة بعض‬ ‫الشيء‪ ،‬إالّ أن الشيء الوحيد املؤكد لديها‪ ،‬جتربة‬ ‫حربَي لبنان وغزة‪ ،‬دفعت “إسرائيل” الى تصنيف‬ ‫منظمات املقاومة بشكل متزايد في دائرة اخلطر‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬ومركز دراسات األمن القومي‬ ‫الصهيوني يك ّرس معظم مواده لقضايا منظمات‬ ‫املقاومة‪ ،‬وانعدام إمكانية حتقيق (حسم وانتصار)‪،‬‬ ‫وفي واقع يغدو فيه الصاروخ السالح املركزي‪ ،‬وبناء‬ ‫قوة “حزب اهلل” تثير هلع الكيان‪ ،‬وجتربة حرب ‪2006‬‬


‫أثبتت قدرة “حزب اهلل” على التكيف مع الظروف‬ ‫وحتقيق املفاجآت‪ ،‬ولذلك فـ “إسرائيل” متيقنة‬ ‫بأنها ستواجه في أي حرب مقبلة‪ ،‬قوة تختلف‬ ‫كليا ً عن تلك التي قاتلتها في احلرب السابقة‪.‬‬ ‫“إسرائيل” تتحدث عن احلرب‪ ،‬ومن املالحظ‬ ‫أن كثرة احلديث عن احلرب والتنظير ملعطياتها‬ ‫املستقبلية مبا تنطوي عليه من مخاطر وحتديات ال‬ ‫جتعل فعل احلرب أسهل مما كان‪ ،‬واملعطيات املتوفرة‬ ‫تُظهر أكثر من أي وقت مضى أن التهديد باحلرب‬ ‫هذه األيام صار تعبيرا ً عن اخلوف منها أكثر مما هو‬ ‫رغبة في وقوعها‪ ،‬واحلرب تبدأ من نقطة معلومة‪،‬‬ ‫لكن أحدا ً ال يتوقع نقطة النهاية فيها ال زمنيا ً وال‬ ‫مكانيا ً على األقل في ظل الواقع الراهن‪.‬‬

‫الواليات املتحدة‬ ‫تشن حرب نفسية‬ ‫نشرت الواليات املتحدة شبكة دفاعات جديدة‬ ‫في منطقة اخلليج ومنها منظومات بطاريات‬ ‫صواريخ من طراز (باتريوت)‪ ،‬باإلضافة الى الدوريات‬ ‫البحرية التي ترصد الشواطئ اإليرانية‪ ،‬هذا األمر‬ ‫يوحي بأن “إسرائيل” قد حزمت أمرها بشكل نهائي‬ ‫واتخذت قرارا ً مبهاجمة املنشآت النووية اإليرانية‪،‬‬ ‫ولكن واقع احلال يشير الى أن واشنطن تعد حلماية‬ ‫مصاحلها االستراتيجية والنفطية بصورة خاصة‬ ‫في حال القيام بأي عمل يستهدف إيران‪ ،‬من شأنه‬ ‫أن يع ّرض املنشآت النفطية واحلشود األميركية في‬ ‫اخلليج بصورة عامة للخطر‪.‬‬ ‫وقد أعلن أوباما للمرة األولى عدم استبعاد اخليار‬ ‫العسكري من بني اخليارات املطروحة للتعامل مع‬ ‫إيران في حال فشل احلوار‪ ،‬وعادت وزيرة خارجيته‬ ‫هيالري كلينتون الى اتباع األسلوب األميركي‬ ‫التقليدي في التعامل مع خصوم واشنطن‬ ‫والتأكيد بأن احلوار مع طهران لن يبقى مفتوحا ً الى‬ ‫األبد‪ .‬لكن إيران‪ ،‬التي يتصرف قادتها بهدوء وثقة‬ ‫عالية تتهم الواليات املتحدة بشن حرب نفسية‬ ‫في املنطقة عن طريق تصوير طهران بأنها مصدر‬ ‫التهديد األول لدول اخلليج‪ ،‬وحلث هؤالء على هدر‬ ‫األموال على شراء الصواريخ األميركية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فهم ال يريدون أن يروا عالقات جيدة ومتينة بني‬ ‫إيران وجيرانها‪ ،‬وهكذا بدأوا حربا ً نفسية‪ ،‬وفي هذا‬ ‫اجملال قال رئيس أركان القوات املسلحة اإليرانية “أن‬ ‫نصب صواريخ باتريوت املضادة للصواريخ خدعة‬ ‫جديدة إلفراغ جيوب دول اخلليج الغنية‪ ،‬وأنا أنصح‬ ‫الدول اإلقليمية‪ ،‬خصوصا ً الدول اإلسالمية‪ ،‬بعدم‬ ‫إهدار أموالها على هذه الصواريخ التي لم تكن‬ ‫فعالة في أي مكان”‪.‬‬ ‫واملوقف األميركي في حقيقة األمر يتأرجح‬ ‫في مواجهة إيران‪ ،‬وأن االعتماد على “دبلوماسية‬ ‫الباتريوت” حلماية “دول اخلليج”‪ ،‬يوحي باجتاه‬ ‫عسكري تصعيدي حيال إيران‪ ،‬ويلتقي الهدف‬ ‫السياسي لصواريخ أوباما مع هدف صواريخ‬

‫سلفية بوش األب عام ‪ 1991‬وبوش االبن ‪،2003‬‬ ‫قطع الطريق على تس ّلم “إسرائيل” املبادرة في‬ ‫التعامل مع ملف إيران النووي‪ ،‬ويعكس هاجس‬ ‫اإلدارة الدميقراطية من احتمال مصادرة “إسرائيل”‬ ‫دور شرطي الشرق األوسط‪ ،‬وبالتالي توريطها في‬ ‫حروب ال تناسب أجندة البيت األبيض سواء في‬ ‫أولوياتها أو في توقيتها‪ ،‬األمر الذي يتط ّلب تقدمي‬ ‫(ضمانة أمنية) لـ “إسرائيل” تقطع عليها حجة‬ ‫التدخل العسكري في إيران “حلماية “أمنها‪.‬‬ ‫إن قرار البيت األبيض بنشر صواريخ الباتريوت‬ ‫والسفن األميركية في مياه اخلليج يصب في خانة‬ ‫اإلجراءات التصعيدية‪ ،‬التي توحي بترجيح اخليار‬ ‫العسكري على غيره في هذه املرحلة‪ ،‬وتكفي‬ ‫إشارة توني بلير‪ ،‬رئيس احلكومة البريطانية السابق‬ ‫(‪ )58‬مرة الى خطر إيران النووي في الشهادة التي‬ ‫أدلى بها أمام جلنة التحقيق البريطانية في احلرب‬ ‫األميركية‪ ،‬التي شنت على العراق عام ‪،2003‬‬ ‫وكذلك فالتصعيد األميركي اخلطير ميهّ د لتطبيق‬ ‫عقوبات اقتصادية وجتارية أشد صرامة على إيران‬ ‫وهو خيار تثبته عروض التفاوض املتكررة التي‬ ‫طرحها أوباما على طهران‪ ،‬وآخرها العرض الذي‬ ‫رفضته إيران بشأن تخصيب اليورانيوم في اخلارج‪.‬‬ ‫لذلك وعلى خلفية رغبة إدارة أوباما في الظهور‬ ‫مبظهر احلريص على جتنب أخطاء سلفه اجلمهوري‬ ‫(بوش)‪ ،‬يصح االفتراض أن اإلجراءات العسكرية‬ ‫األميركية في اخلليج ليست متهيدا ً للحرب بقدر ما‬ ‫هي توطئة لتشديد العقوبات االقتصادية واحلصار‬ ‫الدبلوماسي على إيران‪ ،‬وفي حال العودة الى الدروس‬ ‫التي استقتها الواليات املتحدة من جتربة احتاللها‬ ‫املكلف للعراق‪ ،‬لن جتد اإلدارة الدميقراطية صوتا ً‬ ‫واقعيا ً يشجعها على خوض مغامرة عسكرية‬ ‫أخطر وعلى ساحة أكثر تعقيدا ً من العراق‪.‬‬ ‫واالعتقاد السائد هو أن إيران تدير بذكاء لعبة‬ ‫اختبار حدود قوة الغرب‪ ،‬وحتى إذا كان البعض في‬ ‫الغرب يعتبر أن هذه اللعبة هي جتسيد لسياسة‬ ‫(حافة الهاوية)‪ ،‬فإن هذه السياسة ال تعني الرغبة‬ ‫في الصدام‪ ،‬بقدر ما تعني استخدام اخلوف منه‬ ‫من أجل حتقيق أكبر قدر ممكن من املصالح‪.‬‬ ‫والكثير من الدراسات العسكرية تثبت أن اخليار‬ ‫العسكري اإلسرائيلي ضد إيران‪ ،‬هو في الغالب خيار‬ ‫تلويحي أكثر مما هو خيار فعلي‪ ،‬وهذا التقدير ينبع‬ ‫من أنه إذا كانت عواقب ضربة عسكرية إسرائيلية‬ ‫إليران ستقع على كاهل أميركا وحلفائها‪ ،‬فلماذا‬ ‫تسمح أميركا أصالً لـ “إسرائيل” بتنفيذ الضربة؟‬ ‫فإذا كانت أميركا معنية بالضربة‪ ،‬فمن األسهل‬ ‫لها تبرير قيامها هي بذلك وليس تبرير قيام‬ ‫“إسرائيل” بتوجيه ضربة في مركز الطاقة العاملية‬ ‫في اخلليج‪ ،‬وهذا يقود الى نتيجة منطقية ستلجأ‬ ‫“إسرائيل” الى االختفاء خلف الواجهات الدولية‬ ‫األكثر صخبا ً في كل ما يتعلق بإيران‪.‬‬ ‫“إسرائيل” ستحاول استدراج إيران الى االشتباك‬ ‫معها‪ ،‬هكذا تشير بعض التحليالت‪ ،‬من خالل قيام‬ ‫“إسرائيل” بتوجيه ضربة لـ “حزب اهلل” في لبنان‬

‫‪7‬‬

‫أو باألحرى الى لبنان كله‪ ،‬والوضع الهادئ اليوم‬ ‫سيتغير إذا تأكدت “إسرائيل” أن أوباما صار مضطرا ً‬ ‫الى التفرغ ملعاجلة القضايا الداخلية‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يسمح لها بإخراج مخططاتها العدوانية املتنوعة‬ ‫من األدراج‪ ،‬والواليات املتحدة اآلن قال وزير الدفاع‬ ‫األميركي روبرت غيتس‪”:‬ال تفكر في عمل عسكري‬ ‫ضد إيران وال ميكن أن تسمح به‪.‬‬

‫«إسرائيل» تدفع املنطقة‬ ‫باجتاه احلرب‬ ‫وزير اخلارجية السوري وليد املعلم رد على‬ ‫التهديدات اإلسرائيلية القائلة‪ ،‬أن احلرب مع سوريا‬ ‫تعني حرب شاملة‪ ،‬بالقول‪”:‬أن قادة “إسرائيل”‬ ‫يهددون أمن املنطقة”‪ ،‬ووجه حتذيره لقادة‬ ‫“إسرائيل”‪”:‬كفى لعب دور الزعران في املنطقة‪ ،‬مرة‬ ‫يهددون غزة وتارة جنوب لبنان ثم إيران واآلن سوريا”‬ ‫ودعاهم للعودة الى رشدهم‪ ،‬وكان الرئيس بشار‬ ‫األسد قد أكد أن “إسرائيل” غير جادة في حتقيق‬ ‫السالم ألن كل الوقائع تشير الى أن “إسرائيل”‬ ‫تدفع املنطقة باجتاه احلرب وليس باجتاه السالم‪.‬‬ ‫وفي مؤمتر صحافي عقده الوزير وليد املعلم‬ ‫نظيره اإلسباني ميغيل أنخيل موراتينوس قال‬ ‫املعلم‪”:‬ال تختبروا أيها اإلسرائيليون عزم سوريا‪،‬‬ ‫تعلمون أن احلرب في هذا الوقت ستنتقل الى‬ ‫مدنكم”‪.‬‬ ‫أما عن التوقيت الذي اختارته سوريا لإلعالن عن‬ ‫نواياها‪ ،‬وحسب املعلومات‪ ،‬أن إسرائيل قد أعدت‬ ‫العدة لشن حرب على لبنان‪ ،‬وأن سوريا لن تبقى‬ ‫خارج دائرة اخلطر باعتبارها الداعم لـ “حزب اهلل”‬ ‫بالسالح‪ ،‬وهذا يخل بالتوازن االستراتيجي في‬ ‫املنطقة‪ ،‬مثل هذه التهديدات اإلسرائيلية جعلت‬ ‫دمشق ترد بقوة وتطلق تصريحاتها في رسالة‬ ‫واضحة غير ملتبسة‪ ،‬مفادها أن موقف سوريا‬ ‫ثابت‪ ،‬وال مجال للمساومة عليه‪ ،‬وهي ماضية فيه‬ ‫صدر الى “حزب اهلل”‬ ‫الى النهاية‪ ،‬وأن السالح الذي يُ ّ‬ ‫هو جزء من سياستها ومن منظومتها الدفاعية‬ ‫في غياب الفرص احلقيقية للسالم‪ ،‬والتبجح‬ ‫بالنوايا العدوانية لـ “إسرائيل”‪ ،‬التي ال تنفك تهدد‬ ‫وتتوعد في كل زمان ومكان‪ ،‬ولعل املوقف السوري‬ ‫األخير‪ ،‬هو رد استباقي على هذه التهديدات وإشارة‬ ‫واضحة الى جهوزية محور املمانعة واملقاومة ألي‬ ‫مواجهة محتملة‪.‬‬ ‫والسيد حسن نصراهلل األمني العام لـ”حزب‬ ‫اهلل” رد على التهديدات اإلسرائيلية في ‪ 17‬كانون‬ ‫الثاني املاضي بالقول‪”:‬أعدكم‪ ،‬بالنظر الى كل‬ ‫التهديدات التي تسمعونها اليوم‪ ،‬أنه إذا ما اندلعت‬ ‫حرب جديدة مع الكيان الصهيوني‪ ،‬فإننا سنسحق‬ ‫العدو‪ ،‬وسنخرج منتصرين ونغير وجع املنطقة‪ ،‬وإن‬ ‫شاء اهلل‪ ،‬ستختفي إسرائيل واالحتالل والهيمنة‬ ‫خالل ذلك”‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫«إسرائيل» تضع المنطقة أمام حرب شاملة وسوريا ّ‬ ‫تحذرها‬ ‫مفاجأة المقاومة ‪ :‬صواريخ مضادة للطائرات‬

‫الرئيس األسد‪ :‬سوريا مستعدة لكل االحتماالت‬

‫منذ وصول اليمني اإلسرائيلي الى احلكم‪ ،‬بعد‬ ‫فوزه في انتخابات الكنيست‪ ،‬برئاسة بنيامني‬ ‫نتنياهو الذي شارك حزب العمل بزعامة إيهود باراك‪،‬‬ ‫في حكومة “ائتالف وطني” دخل إليها متطرفون‪،‬‬ ‫فاحتل رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” افيغدور ليبرمان‬ ‫املهاجر من روسيا‪ ،‬مطلع التسعينات‪ ،‬منصب‬ ‫وزير اخلارجية‪ ،‬حيث يكشف يوميا ً عن توجهاته‬ ‫العنصرية ضد الفلسطينيني والعرب‪ ،‬إذ دعا الى‬ ‫تدمير غزة‪ ،‬والى ضرب مصر وسد أسوان‪ ،‬وتهجير‬ ‫الفلسطينيني وإبادتهم‪.‬‬ ‫توجه احلكومة‬ ‫فما يقوله ليبرمان‪ ،‬يع ّبر عن ّ‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬التي تعمل للحرب وليس للسالم‪،‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫عطلته‪ ،‬ولم تستجب للدعوات األميركية‬ ‫التي أطلقها الرئيس باراك اوباما‪ ،‬وقبله الرئيس‬ ‫السابق جورج بوش‪ ،‬إلقامة دولتني فلسطينية‬ ‫وإسرائيلية‪ ،‬لكن التعنّت اإلسرائيلي‪ ،‬أوقف عملية‬ ‫السالم‪ ،‬واستمرت احلكومات اإلسرائيلية املتعاقبة‬ ‫من حزبَي العمل والليكود‪ ،‬في إقامة املستوطنات‪،‬‬ ‫وقضم األراضي وبناء جدار الفصل العنصري‪،‬‬ ‫واإلعالن عن يهودية الدولية العبرية التي باركتها‬ ‫اإلدارة األميركية احلالية والسابقة‪ ،‬الى مشروع‬ ‫طرد الفلسطينيني القاطنني في األراضي احملتلة‬ ‫منذ العام ‪.1948‬‬ ‫كل هذه املؤشرات‪ّ ،‬‬ ‫تدل على أن “إسرائيل” دولة‬ ‫حرب دائمة‪ ،‬وليست معنية بالسالم الذي رفضت‬ ‫مقايضته باألرض‪ ،‬وفق أسس مؤمتر مدريد‪ ،‬الذي‬ ‫بنيت عليه‪ ،‬من خالل مجلس األمن الدولي‪ ،‬مما يؤكد‬ ‫أن النوايا اإلسرائيلية العدوانية‪ ،‬ال تزال قائمة‪ ،‬وأن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫نصراهلل‪ :‬جهوزية املقاومة‬

‫املؤسسة العسكرية الصهيونية تتحينّ الفرص‬ ‫من أجل شن حروب واعتداءات جديدة‪ ،‬ولو كانت‬ ‫أحيانا ً حتاول أن تستظل عملية سالم‪ ،‬كما حصل‬ ‫في اتفاقية “كامب دايفيد”‪ ،‬التي و ّقعتها مع مصر‪،‬‬ ‫وأخرجتها من الصراع العربي – اإلسرائيلي بإعادة‬ ‫سيناء إليها‪ ،‬وهي ليست حاجة إستراتيجية‬ ‫لـ “إسرائيل”‪ ،‬بعد ان ح ّولت النظام املصري في‬ ‫املعاهدة التي و ّقعتها معه‪ ،‬الى حرس حدود لها‬ ‫وضامن ألمنها‪ ،‬وحت ّولت الى جنوب لبنان‪ ،‬حتتل أرضه‬ ‫في آذار ‪ ،1978‬حتت اسم “عملية الليطاني” بإبعاد‬ ‫املقاومة الفلسطينية وسالحها عن احلدود‪ ،‬الى‬ ‫مسافة ‪ 20‬كلم‪ ،‬وهي املسافة التي كانت تطلق‬ ‫منها صواريخ “الكاتيوشيا” الى اجلليل األعلى‬ ‫واملستوطنات القائمة فيه‪.‬‬ ‫خروج مصر من الصراع العربي – اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫ف ّرغ الكيان الصهيوني الى حروب ضد املقاومة في‬ ‫لبنان وفلسطني‪ ،‬فكان اجتياح العام ‪ 1982‬الذي‬ ‫وصل الى بيروت الذي جابهته املقاومة وأخرجته من‬ ‫أجزاء كبيرة من األراضي احملتلة‪ ،‬حتى كان التحرير‬ ‫في العام ‪ ،2000‬الذي سبقته حربني في متوز ‪ 1993‬و‬ ‫‪ 1996‬إضافة الى االعتداءات اإلسرائيلية التي حلقت‬ ‫باملقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة‪،‬‬ ‫بعد أن ظهرت انتفاضة احلجارة في العام ‪1987‬‬ ‫ثم تطورت الى الكفاح املسلح والى العمليات‬ ‫االستشهادية التي هزت أمن “إسرائيل” وأجبرت‬ ‫ارييل شارون على االنسحاب من محيط قطاع غزة‪،‬‬ ‫وإزالة ‪ 21‬مستوطنة يهودية‪.‬‬ ‫هذه احلروب املستمرة‪ ،‬تعتبرها “إسرائيل” ترتبط‬

‫‪8‬‬

‫ببقاء كيانها الغاصب‪ ،‬وللحفاظ على أمنها‪ ،‬إذ‬ ‫خاضت حروبها حتت هذا العنوان‪ ،‬وكان شارون يرى‬ ‫أن أمن “إسرائيل”‪ ،‬يبدأ في باكستان وصوال ً الى‬ ‫إفريقيا‪ ،‬وأن احلروب التوسعية الصهيونية‪ ،‬كانت‬ ‫حتت عنوان “األمن الوقائي”‪ ،‬وقد خاضت حرب ‪2006‬‬ ‫ضد لبنان‪ ،‬مستهدفة املقاومة فيه التي متتلك‬ ‫صواريخ تصيب عمق الكيان الصهيوني‪ ،‬ففشلت‬ ‫في تدمير الترسانة الصاروخية “حلزب اهلل”‪ ،‬التي‬ ‫زادت حسب تقارير إسرائيلية‪ ،‬الى حوالي أربعة‬ ‫أضعاف‪ ،‬وبات احلزب ميلك حوالي ‪ 180‬ألف صاروخ‪،‬‬ ‫كما يقول شيمون بيريز‪ ،‬رئيس الدولة العبرية‪،‬‬ ‫ويعتقد وزير الدفاع إيهود باراك أن عدد الصواريخ‬ ‫بلغ حوالي الـ ‪ 40‬ألف صاروخ‪.‬‬ ‫فـ “إسرائيل”‪ ،‬تستعد حلرب جديدة‪ ،‬وهي تقوم‬ ‫مبناورات وتدريبات‪ ،‬وإعداد اجلبهة الداخلية‪ ،‬حلرب‬ ‫منتظرة‪ ،‬وقد حاولت في نهاية العام ‪ 2008‬ومطلع‬ ‫العام ‪ ،2009‬التعويض عن خسارتها في لبنان‪،‬‬ ‫بعدوان على غزة‪ ،‬فالقت املصير نفسه‪ ،‬إذ صمدت‬ ‫ّ‬ ‫تتمكن قوات االحتالل‬ ‫املقاومة فيها‪ 22 ،‬يوماً‪ ،‬ولم‬ ‫من وقف الصواريخ على مستوطناتها‪ ،‬وال التي‬ ‫وصلت الى عمقها‪ ،‬كما لم حت ّرر اجلندي اإلسرائيلي‬ ‫األسير جلعاد شاليط‪ ،‬وهو السيناريو نفسه‪ ،‬الذي‬ ‫حصل في لبنان‪ ،‬ولذلك يستعد اجليش الصهيوني‬ ‫حلرب جديدة‪ ،‬ليستعيد فيها هيبته وقوة ردعه‪ ،‬بعد‬ ‫أن أذ ّلته املقاومة‪ ،‬باعتراف تقرير جلنة فينوغراد‪ ،‬وأن‬ ‫اخلوف والرعب يسيطران على املستوطنات واملدن‬ ‫اإلسرائيلية الكبرى‪ ،‬من سقوط الصواريخ في أية‬ ‫حلظة تقع احلرب على لبنان أو غزة أو سوريا وإيران‪،‬‬


‫ولقد سعت الصناعة العسكرية اإلسرائيلية‪ ،‬الى‬ ‫بناء “القبة الفوالذية”‪ ،‬ملواجهة سقوط الصواريخ‪،‬‬ ‫وستكون جاهزة للعمل في حزيران املقبل‪.‬‬ ‫فاالستعدادات اإلسرائيلية للحرب قائمة‪ ،‬وهو ما‬ ‫دفع الرئيس السوري بشار األسد‪ ،‬الى التنبيه من أن‬ ‫الدولة العبرية ال تريد السالم‪ ،‬وقد أبلغ وزير اخلارجية‬ ‫اإلسبانية ميكال أنخيل موراتينوس‪ ،‬الى أن احلرب هذه‬ ‫املرة ستكون شاملة‪ ،‬إذا ما بدأتها “إسرائيل”‪ ،‬التي‬ ‫ال تعمل للسالم أبداً‪ ،‬بعكس سوريا التي لم تنفك‬ ‫تسعى له‪ ،‬وهي أ ّيدت مبادرة تركيا لوساطة غير‬ ‫مباشرة‪ ،‬ولم ترَ مانعا ً أن تلعب فرنسا دوراً‪ ،‬وكذلك‬ ‫االحتاد األوروبي الذي تترأسه إسبانيا هذه الدورة‬ ‫مبساع في هذا اإلطار‪ ،‬كما كانت‬ ‫ويشجعها أن تقوم‬ ‫ٍ‬ ‫مطالبة سورية دائمة للواليات املتحدة األميركية‪،‬‬ ‫للقيام بدور الراعي النزيه‪ ،‬وكذلك لألمم املتحدة‪.‬‬ ‫ففي الوقت الذي تؤيد سوريا مساعي السالم‪،‬‬ ‫فهي أيضا ً ال تأمن لـ “إسرائيل” وقد ّ‬ ‫حذرها وزير‬ ‫اخلارجية السورية وليد املعلم‪ ،‬من أن أي حرب‬ ‫تشنّها على سوريا‪ ،‬فلن تكون املدن اإلسرائيلية‬ ‫بعيدة عن صواريخها‪ ،‬كما أعلن تضامنه مع‬ ‫املقاومة في لبنان وفلسطني‪.‬‬ ‫والتصعيد اإلسرائيلي ضد سوريا‪ ،‬يكشف‬ ‫هدد‬ ‫عن أن احلرب املقبلة قد ال تكون بعيدة‪ ،‬إذ ّ‬ ‫قائد املنطقة الوسطى في “إسرائيل” العقيد‬ ‫آفي مزراحي باحتالل دمشق وإحلاق هزمية باجليش‬ ‫السوري‪ ،‬وقد تطابق كالمه مع وزير اخلارجية‬ ‫ليبرمان‪ ،‬الذي قال أن احلرب املقبلة ستطيح بالنظام‬ ‫في سوريا‪ ،‬وستقضي على آل األسد‪ ،‬مما خلق حالة‬ ‫من االحتقان والتشنج‪ ،‬الذي كان الرد السوري عليه‬ ‫قاسيا ً باستهداف عمق الكيان الصهيوني‪ ،‬مما وضع‬ ‫املنطقة أمام خطر االنفجار العسكري‪ ،‬وهو ما أقلق‬ ‫اإلدارة األميركية التي حتاول أن حترك عملية السالم‪،‬‬ ‫من خالل املوفد األميركي الى الشرق األوسط جورج‬ ‫ميتشل‪ ،‬الذي وصل في جولته األخيرة الى شبه‬ ‫طريق مسدود‪ ،‬وكان الرئيس اوباما قد أعلن أنه‬ ‫لم يكن يعتقد أن عملية السالم معقدة وملا كان‬ ‫خاطر في رصيده‪ ،‬واندفع نحو املنطقة وقدم نفسه‬ ‫على أنه يعمل للتغيير‪ ،‬فأصيب بخيبة أمل وإحباط‬ ‫بسبب الغطرسة اإلسرائيلية وعدم جتاوب احلكومة‬ ‫اإلسرائيلية مع الدعوات األميركية لتجميد‬ ‫االستيطان‪ ،‬وقد انقلب رئيسها بنيامني نتنياهو‬ ‫على وعوده لإلدارة األميركية بوقف االستيطان‬ ‫لفترة زمنية‪.‬‬ ‫فارتفاع حرارة التهديدات اإلسرائيلية بأن تشمل‬ ‫احلرب سوريا‪ ،‬دفع بها الى إجراء اتصاالت سريعة‬ ‫مع الدول املعنية فجاءتها تطمينات أميركية‪ ،‬أن‬ ‫“إسرائيل” لن تلجأ الى هذا اخليار‪ ،‬وقد أبلغت إدارة‬ ‫أوباما احلكومة الصهيونية استياءها من تصريحات‬ ‫ليبرمان مما دفع نتنياهو الى إرسال إشارات‬ ‫تطمينية‪ ،‬الى سوريا والتزامه بالسالم‪ ،‬ومثله حاول‬ ‫وتوعد سوريا‪ ،‬التي تز ّود‬ ‫هدد ّ‬ ‫باراك‪ ،‬الذي كان أول من ّ‬ ‫“حزب اهلل” بالسالح‪ ،‬حيث نقل نائب وزير اخلارجية‬ ‫اإلسرائيلية دانيال أيالون الى منسق األمم املتحدة‬

‫حكومة احلرب اإلسرائيلية‬

‫في لبنان مايكل ويليامز‪ ،‬قلق “إسرائيل”‪ ،‬من امتالك‬ ‫وهدد بأن بالده لن تسكت‬ ‫“حزب اهلل” للصواريخ‪ّ ،‬‬ ‫عنها‪ ،‬وقد نقل وليامز التهديدات اإلسرائيلية الى‬ ‫املسؤولني اللبنانيني الذين أخذوها على محمل اجلد‬ ‫بعد أن تلقوا حتذيرات أميركية وفرنسية ومصرية‪،‬‬ ‫من احتمال قيام “إسرائيل” بعدوان شامل‪ ،‬إذ أعلن‬ ‫نتنياهو وباراك وغيرهما من القادة الصهاينة‪ ،‬أن‬ ‫ستتحمل املسؤولية‪ ،‬وستع ّرض‬ ‫احلكومة اللبنانية‬ ‫ّ‬ ‫لبنان كله للعدوان‪ ،‬ولن توفر بناه التحتية‪.‬‬ ‫وما يقلق “إسرائيل”‪ ،‬هو امتالك “حزب اهلل”‬ ‫لصواريخ مضادة للطائرات‪ ،‬إذ أعلن يوسي بيليد‬ ‫وغيره من املسؤولني الصهاينة‪ ،‬أن سوريا ز ّودت‬ ‫املقاومة في لبنان بصواريخ من نوع “سام – ‪ ”2‬وأنه‬ ‫جرى تدريب عناصرها عليها‪ ،‬في سوريا‪ ،‬وقد متّ نشر‬ ‫صواريخ في منطقتي البقاع وأجزاء من الشمال‬ ‫والسفوح الشرقية جلبال لبنان‪ ،‬وهذا يعتبر خرقا ً‬ ‫للقرار ‪ .1701‬لذلك فإن “إسرائيل” تتهيأ إلزالة هذه‬ ‫الصواريخ‪ ،‬وهي ّ‬ ‫تذكر باملرحلة التي سبقت االجتياح‬ ‫الصهيوني للبنان عام ‪ ،1982‬عندما نشرت سوريا‬ ‫صواريخ في سهل البقاع وسفوح جبل صنني‪،‬‬ ‫تهدد أمنها‪ ،‬وهي‬ ‫فاعتبرتها الدولة العبرية أنها ّ‬ ‫ترى أن زرع صواريخ املقاومة‪ ،‬يشبه تلك املرحلة‪ ،‬ولن‬ ‫مهدداً‪ ،‬وهي ستضطر أن تقوم‬ ‫نقبل أن يكون أمنها ّ‬ ‫باجتياح لألراضي اللبنانية‪ ،‬لتدمير أماكن تواجد‬ ‫الصواريخ‪ ،‬التي زرعتها املقاومة في أنفاق‪.‬‬ ‫والسيناريو اإلسرائيلي‪ ،‬يقوم على اجتياح ب ّري‬ ‫للبقاع ابتداء من البقاع الغربي‪ ،‬وصوال ً الى البقاع‬ ‫تزج “إسرائيل”‬ ‫األوسط والشرقي والشمالي‪ ،‬وقد ّ‬ ‫حوالي ‪ 125‬ألف جندي وفق تقديرات صهيونية‪،‬‬ ‫وهذا ما أشار إليه أيضا ً األمني العام “حلزب اهلل”‬ ‫السيد حسن نصراهلل‪ ،‬عندما حتدث في أكثر من‬ ‫مناسبة عن احتمال أن تدفع القوات الصهيونية‬ ‫ما بني خمسة وعشرة ألوية في حرب مقبلة‪،‬‬ ‫وستواجهها املقاومة بآالف املقاتلني في كل مدينة‬ ‫وقرية ووادٍ وجبل‪.‬‬ ‫وإذا كانت “إسرائيل” ستختار البقاع‪ ،‬حلربها‬

‫‪9‬‬

‫ستوسعها باجتاه سوريا‪ ،‬التي لن‬ ‫املقبلة‪ ،‬فهي‬ ‫ّ‬ ‫تسكت على وجود القوات اإلسرائيلية عند حدودها‪،‬‬ ‫وعلى مسافة قريبة من دمشق‪ ،‬وستضطر أن تدخل‬ ‫املعركة‪ ،‬كما فعلت في العام ‪ ،1982‬عندما واجهت‬ ‫قوات االحتالل عند خاصرتها‪ ،‬في السلطان يعقوب‪،‬‬ ‫وقرب املصنع‪ ،‬وعلى طريق بيروت – دمشق‪.‬‬ ‫لذلك فإن تهديد “إسرائيل” لسوريا‪ ،‬بأن احلرب‬ ‫ستشملها وستصل قواتها الى دمشق‪ ،‬هو حتذير‬ ‫لها‪ ،‬بأن توقف أوال تزويد “حزب اهلل” بالسالح‪ ،‬وأن‬ ‫تسحب الصواريخ التي وفرتها له‪ ،‬وأنها تتحمل‬ ‫املسؤولية مع لبنان على حد سواء‪ ،‬وستكون‬ ‫عاصمتها حتت مرمى النيران اإلسرائيلية وقد تصل‬ ‫القوات اإلسرائيلية إليها وحتت ّلها‪ ،‬فرد الوزير املعلم‬ ‫على التهديدات الصهيونية‪ ،‬بأن املدن اإلسرائيلية‬ ‫لن تكون بعيدة عن الصواريخ السورية‪ ،‬فإذا أرادتها‬ ‫حرب مدن فلتكن‪.‬‬ ‫ومع الرد السوري القاسي سواء من الرئيس األسد‬ ‫أو الوزير املعلم‪ ،‬وهو األول من نوعه منذ سنوات‪،‬‬ ‫فان “إسرائيل” تب ّلغت رسالة سورية قاسية‪ ،‬بأن‬ ‫دمشق لن تقف مكتوفة األيدي‪ ،‬كما حصل أثناء‬ ‫حرب صيف ‪ ،2006‬إذ رفضت املقاومة دخولها فيها‪،‬‬ ‫ألنها ليست بحاجة لها‪ ،‬ولكن هذه املرة فإن احلرب‬ ‫إذا ما اقتربت من حدودها‪ ،‬فإنها ستكون شاملة وأن‬ ‫بعض احمل ّللني في “إسرائيل” يرونها ضرورية‪ ،‬لفرض‬ ‫شروط على سوريا‪ ،‬وحتريك عملية السالم‪.‬‬ ‫فهل تُق ِدم الدولة العبرية على شن حرب جديدة‪،‬‬ ‫وهل أنهت استعداداتها لها‪ ،‬وهل ستحصل على‬ ‫الضوء األخضر األميركي؟‬ ‫تتحضر‬ ‫كل املؤشرات تعطي أجوبة‪ ،‬بأن “إسرائيل”‬ ‫ّ‬ ‫للحرب‪ ،‬وهي لن تقبل أن تتساكن مع آالف الصواريخ‬ ‫احمليطة بها‪ ،‬وأن تعيش املستوطنات تعيش بحالة قلق‪،‬‬ ‫واجليش يسعى الستعادة هيبته‪ ،‬كما أن األزمة التي‬ ‫تعيشها مع عملية السالم‪ ،‬قد يدفعها الى احلرب‪،‬‬ ‫لع ّلها تفرض شروطها‪ ،‬لكن الوقائع ال تعطي أي فرصة‬ ‫لـ “إسرائيل” للفوز باحلرب‪.‬‬

‫زهير العياش‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫اللواء تقي الدين لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫انتصار «حزب هللا» في تموز‬ ‫سيمنع إسرائيل من ّ‬ ‫شن حرب‬ ‫البحث في اإلستراتيجية الدفاعيّة للبنان ال ميكن أن يتم إال‬ ‫من منظار إقليمي‪ ،‬وآخر دولي أوسع ‪ ،‬وال ميكن ذلك إال بدراسة‬ ‫اللبناني‪ ،‬حيث ال يتم إهمال العامل اجلغرافي‪،‬‬ ‫اجليوبوليتيك‬ ‫ّ‬ ‫فللجغرافيا معناها السياسي الذي ال ميكن إغفاله‪.‬‬ ‫ولبنان كان وال يزال ساحة تصفية للحسابات‪ ،‬وهو يشكل‬ ‫نقطة تالقي خطي االندفاع والتمدد في الوقت ذاته من جهة‬ ‫“إسرائيل” أو من جهة سوريا‪.‬‬ ‫بالنسبة لـ “إسرائيل” فإن اجلبهة الشمالية ‪-‬أي لبنان‪ -‬هي‬ ‫التي تشكل خطراً مصيرياً عليها‪ ،‬خصوصاً بوجود قوة مسلحة‬ ‫في هذه اجلبهة تتمتع بامتداد إقليمي إيراني‪ -‬سوري‪ ،‬وحتى دولي‬ ‫في حال تدخل روسيا كما هو حال حزب اهلل‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بسوريا فيعد لبنان الدولة العازلة لها‪ ،‬فسوريا‬ ‫دون لبنان دولة عادية في املنطقة‪ ،‬ومع لبنان هي دولة إقليمية ذات‬ ‫قدرات عالية‪ .‬واجلغرافيا السياسية للبنان تفرض عليه ثقافة‬ ‫إستراتيجية‪ ،‬ومسلمات جيوبوليتيكية على رأسها كيفية حماية‬ ‫أمنه القومي‪ ،‬وبالتالي بناء إستراتيجية األمن القومي اخلاص به‪.‬‬ ‫لقد ُطرح مصطلح اإلستراتيجية الدفاعية في لبنان للمرة‬ ‫األولى على طاولة احلوار اللبناني عام ‪ ،2006‬حيث ناقش الفرقاء‬ ‫موضوعات أساسية من بينها السالح الفلسطيني وسالح حزب‬ ‫اهلل‪ ،‬واختلفوا بني مطالب مبنظومة حتمي لبنان‪ ،‬وبني مطالب‬ ‫بنزع سالح املقاومة املتمثلة في حزب اهلل‪ ،‬رغم أن تلك املقاومة‬ ‫اكتسبت مشروعية وطنية عامة باتفاق الطائف‪ ،‬والذي حدد‬ ‫“إسرائيل” عدوا‪.‬‬ ‫واالنقسام اللبناني حول سالح املقاومة واإلستراتيجية‬ ‫الدفاعية ظهر مجددا بعد صدور القرار ‪ ،1559‬فتبني خمسة مواقف‬ ‫مختلفة حول االستراتيجية الدفاعية متثلت في تلك التي طرحها‬ ‫“حزب اهلل”‪ ،‬مدعوماً من حركة أمل واألحزاب الوطنية اليسارية‬ ‫وفئات إسالمية ومسيحية شتى‪ ،‬وتبلورت في استمرار الوضع‬ ‫على ما هو عليه‪ ،‬ومواجهة العدو –إسرائيل‪ -‬تكون بإستراتيجية‬ ‫تقوم على الثنائية العسكرية‪ ،‬بتنسيق ترعاه السلطة بني جيش‬ ‫رسمي قوي وتنظيمات شعبية مسلحة‪.‬‬ ‫هناك من يرى في إسرائيل‪ ،‬العدو الذي‬ ‫يه ّدد لبنان‪ ،‬ومنهم من يرى أن سالح املقاومة‬ ‫وامتداداته اإلقليمية هو مصدر اخلطر الفعلي‪،‬‬ ‫رغم التباين بني مختلف الفرقاء السياسيني‬ ‫حول قضايا كثيرة بقيت مقولة “االستراتيجية‬ ‫الدفاعية”‪ ،‬العنوان الرئيس الذي يطرحه الفرقاء‬ ‫موضوعاً للبحث ويتجاذبون حوله‪ ،‬فهل ينتهي‬ ‫احلوار فعالً الى حتديد استراتيجية دفاعية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وإستراتيجية أخرى طرحتها فئة متحالفة مع املقاومة على‬ ‫رأسها التيار الوطني احلر‪ ،‬وتتمحور مبركزية القرار لدى الدولة‬ ‫والمركزية التنفيذ لدى خاليا املواجهة والقتال‪ ،‬وتطرح نظرية‬ ‫املقاومة على كل شبر من األرض والشعب املقاوم بكل فئاته ضد‬ ‫األخطار اخلارجية والتي أهمها إسرائيل‪.‬‬ ‫املوقف الثالث ميثله تيار املستقبل وحلفائه من ذوي الوزن‬ ‫االقتصادي واملالي‪ ،‬ويقول بأن “الدولة فقيرة‪ ،‬واملقاومة تستجلب‬ ‫الدمار”‪ ،‬وتطالب أن تكون إستراتيجية الدفاع بيد السلطة وترفض‬ ‫وجود أي سالح قد يهدد السلطة أو الثروات‪ ،‬مع االستعانة بالغرب‬ ‫وأميركا وقرارات األمم املتحدة‪.‬‬ ‫إستراتيجية يقدمها احلزب التقدمي االشتراكي وتقوم على‬ ‫اعتبار املواثيق واملعاهدات الدولية هي األساس في حماية لبنان‪،‬‬ ‫واجليش هو الوحيد اخملول بالدفاع عن البالد‪ ،‬ولكن هذه الفئة تسلم‬ ‫باملقاومة ودورها‪ ،‬وتطرح فكرة دمج املقاومة ونقلها إلى اجليش‬ ‫تدريجياً‪ .‬فيما استراتيجية “القوات اللبنانية” والكتائب تقف في‬ ‫مواجهة مع الفئتني األولى والثانية‪ ،‬وال ترى في “إسرائيل” عدوا‬ ‫حقيقياً للبنان‪ ،‬وترفض من حيث املبدأ سالح املقاومة اللبنانية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وتطالب بنزعه فوراً‪ ،‬وحصر املهمة الدفاعية باجليش‬ ‫دون حتديد واضح ضد من يكون الدفاع‪.‬‬ ‫والعتماد إستراتيجية دفاعية توافقية في لبنان يجب أوال‬ ‫التوحد حول الهدف وحول العدو‪ ،‬وسبل مواجهته‪.‬‬ ‫ولكن مع اختالف نظرة الفرقاء للعدو‪ ،‬وارتباطهم بهذا احملور‬ ‫الدولي أو ذاك‪ ،‬فإن البحث احلالي في اإلستراتيجية الدفاعية‬ ‫في لبنان هو بحث عقيم‪ ،‬وقد ال يصل األطراف إلى اتفاق‪ ،‬وتبقى‬ ‫اإلستراتيجية الدفاعية الواقعية نفسها والتي اعتمدت منذ‬ ‫عام ‪1991‬والزالت معتمدة حتى اآلن‪ ،‬العنوان الرئيس الذي يطرحه‬ ‫الفرقاء موضوعاً للبحث ويتجاذبون حوله‪ ،‬فهل ينتهي احلوار فعال‬ ‫إلى حتديد إستراتيجية دفاعية ترضي اجلميع؟ وهل ميكن التنسيق‬ ‫بني سرية املقاومة واجليش اللبناني؟ وغيرها من األسئلة كانت‬ ‫محور لقاءنا مع اللواء املتقاعد رياض تقي الدين في حوار هذا‬ ‫نصه‪:‬‬

‫ترضي اجلميع؟‬ ‫مشكلة لبنان أنه منذ بداية تاريخه لم يكن‬ ‫صادقا ً ال مع نفسه وال مع العرب‪ ،‬ما يعني أنه‬ ‫كلما عانى من مشكلة ما ال يعاجلها بل على‬ ‫العكس يتركها ليتناول أخرى‪ ،‬فمنذ بداية‬ ‫القضية الفلسطينية‪ ،‬بدأ اللبنانيون يتلكؤون في‬ ‫إيجاد احللول لها‪ ،‬على عكس العرب الذين تعاطوا‬ ‫معها بشكل أفضل‪ ،‬بسبب التناقض في األراء‪،‬‬

‫‪10‬‬

‫كل العرب أجمعوا على إيجاد احلل املناسب الذي‬ ‫يقضي بتقوية أنفسهم عسكريا ً بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫وأقاموا تنظيمات خاصة بهم‪ ،‬إذا ً بشكل أو بآخر‬ ‫وقفوا مع الفلسطينيني مع احملافظة على قرارهم‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫ثانيا ً إن لبنان أثبت أن قوته بضعفه بهدف عدم‬ ‫التورط مع إخوانه العرب‪ ،‬ما جعل الفلسطينيون‬ ‫يجدون في لبنان منبرا ً قويا ً على الصعيد اإلعالمي‬


‫وحضنا ً واسعا ً على الصعيد الشعبي‪ ،‬فدخلوا الى‬ ‫لبنان‪ .‬ودفع ابن اجلنوب ثمن ذلك من دمه وأرضه‬ ‫بسبب إهمال الدولة للجنوب اللبناني وما يدور في‬ ‫كنفه من مؤمرات حاكها العدو الصهيوني بهدف‬ ‫الرد على الفلسطينيني‪ ،‬الذين بدأوا حتركهم من‬ ‫اجلنوب اللبناني‪ ،‬والعرب وقفوا موقف املتف ّرج حلل‬ ‫القضية الفلسطينية على أرض لبنان وليس على‬ ‫أراضيهم‪ .‬وعند اشتباك اجليش مع الفلسطينيني‬ ‫وجدنا أن احلل األنسب بعد مجيء الرئيس عبد‬ ‫الناصر الى احلكم في مصر‪ ،‬هو أن نقتطع قسما ً‬ ‫من جنوب لبنان للفلسطينيني‪.‬‬ ‫إذا لقد عانى اجلنوب اللبناني كثيرا ً مع القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ومع بروز نهضة خمينية في إيران‬ ‫ذات طموحات معينة على الساحة اإلقليمية ما‬ ‫أعاد االعتبار الى الفلسطينيني وتوازنهم على‬ ‫الساحة اإلقليمية‪ ،‬ما جعل ابن اجلنوب يلجأ الى‬ ‫الدفاع عن نفسه بقوة السالح في ظل الغياب‬ ‫قدم خدمات لسوريا‬ ‫الرسمي‪ ،‬إذا ً بهذه املعادلة ّ‬ ‫وإليران ما أجنح تلك العالقات املتبادلة بشكل أو‬ ‫بآخر ووصل الى وقت شعر فيه أن مصيره أصبح‬ ‫بيده‪ ،‬فدافع عن نفسه‪.‬‬ ‫ولكن هذا لم مينع أن يكون البن اجلنوب طموحات‬ ‫تتعارض مع املشكلة اللبنانية الداخلية‪ .‬وحرب‬ ‫متوز كانت خير دليل على ذلك بحيث جرت احلرب‬ ‫دون أي علم مسبق للحكومة اللبنانية‪ ،‬ما‬ ‫جعل الناس يشعرون بأن هناك قرارات مصيرية‬ ‫في البلد تؤخذ من دون علم احلكومة أو اجليش‪.‬‬ ‫وأتت السياسة اللبنانية لتزيد الوضع سو ًءا‪،‬‬ ‫ولكن شئنا أم أبينا املقاومة اللبنانية ّ‬ ‫متكنت من‬ ‫مواجهة العدو اإلسرائيلي خالل ‪ 33‬يوما ً في وقت‬ ‫خسر فيه العرب سياسيا ً منذ األيام اخلمسة‬ ‫األولى‪ ،‬وذلك بقوة السالح‪ ،‬وتنظيم قتاله‪ ،‬وصمود‬ ‫املقاومة ألول مرة في وجه العدوان‪ ،‬وإحلاق الفشل‬ ‫باملنطق العسكري للعدو‪ ،‬تُرجم بنصر عربي كبير‬ ‫على أرض الواقع‪ .‬وبالرغم من ذلك كان لبنان هو‬ ‫الذي يدفع الثمن دائماً‪.‬‬ ‫فمنطق املقاومة بالدفاع عن لبنان بشكل عام‬ ‫واجلنوب اللبناني بشكل خاص‪ ،‬كان صحيحا ً ولكن‬ ‫األحداث واملشاكل التي عصفت بلبنان دفعته‬ ‫الى استعماله في الداخل‪ ،‬ما جعلنا نقع في‬ ‫أزمة كبيرة‪ ،‬أ ّدت الى بروز “تنغيمة” االستراتيجية‬ ‫الدفاعية‪ ،‬التي لم تكن يوما ً إالّ كالم سياسي‬ ‫مستهلك ال معنى له‪ ،‬إذ ال ميكن لـ “حزب اهلل”‬ ‫الذي يحفظ أمنه بنفسه في ظل غياب الدولة‬ ‫أن يس ّلم سالحه‪ .‬وأتى ظرف معني كي يدافع عن‬ ‫نفسه‪ ،‬والذي تبينّ من خالله أنه أكثر مصداقية‬ ‫من الدولة نفسها‪ .‬فهل سيستغني عن سالحه‬ ‫بعد كل ذلك؟‬ ‫املشكلة الوحيدة في لبنان هي عدم التوصل‬ ‫الى إيجاد استراتيجية دفاعية‪ ،‬ألن االستراتيجية‬ ‫الدفاعية شبيهة باملعادلة احلسابية التي حتتاج‬ ‫الى إقامة توازن وتعادل بني طرفني قادرين على‬ ‫القيام بتلك املعادلة وهذا ما يفتقد إليه لبنان‬

‫الميكن التنسيق بني سرية املقاومة واجليش والبحث‬ ‫عن استراتيجية دفاعية بحث عقيم‬

‫اليوم‪.‬‬ ‫من هنا ال ميكن خلق استراتيجية دفاعية أو‬ ‫هجومية ألن االستراتيجية الدفاعية بحاجة الى‬ ‫سرية كاملة ال يجب اإلعالن عنها‪ ،‬ما يجعل‬ ‫من االستراتيجية الدفاعية التي يتك ّلم عنها‬ ‫اللبنانيون اليوم فولكلوراً‪ ،‬كما أنه ال ميكن القيام‬ ‫موحد القيادة‬ ‫بعمل عسكري إال بوجود تنسيق‬ ‫ّ‬ ‫واألهداف واخلطة والقرار والتنفيذ‪ ،‬كما أنه ال ميكن‬ ‫للبنان أن ميلك استراتيجية دفاعية دون القيام‬ ‫مبعادلة جتعل املواطنني يثقون ببعضهم البعض‪،‬‬ ‫وفي كفة واحدة أمنياً‪ ،‬وتخلق جهازا ً قادرا ً على‬ ‫تنظيم التحركات الدفاعية‪.‬‬ ‫هل يرى اللواء تقي الدين من إمكانية‬ ‫للتنسيق بني سرية املقاومة واجليش‪ ،‬وهل‬ ‫اجليش بإمكانياته احلالية قادر على صد‬ ‫االعتداءات اإلسرائيلية؟‬ ‫ال ميكن أبدا ً التنسيق بني سرية املقاومة‬ ‫واجليش‪ ،‬كما أن الكالم عن نزع سالح املقاومة هو‬ ‫كالم ال يقبل به املنطق‪ ،‬ولكن إذا كانت هناك إرادة‬ ‫منسقة بني “حزب اهلل واخلارج”‪ ،‬ال أستطيع أن‬ ‫أجزم مدى حرية قرار “حزب اهلل”‪ ،‬بوجود حلفائه‪.‬‬ ‫كيف ينظر اللواء تقي الدين الى مواصفات‬ ‫االستراتيجية الدفاعية وأسسها؟‬ ‫من أهم مواصفات االستراتيجية الدفاعية هو‬ ‫توحيد موقف الشعب اللبناني‪.‬‬ ‫كيف تقرأ االستراتيجية الدفاعية من منظار‬ ‫دولي في ظل التحالفات اإلقليمية والدولية؟‬ ‫في هذا اإلطار شئنا أم أبينا‪ ،‬إن استراتيجيتنا‬ ‫الدفاعية‪ ،‬كي تصبح ذات قيمة معنوية يجب أن متر‬ ‫حد ما حرة‪ ،‬وهذا ما ال نشهده اليوم‬ ‫عبر إرادة الى ّ‬ ‫خاصة بعد تبدل العديد من املواقف السياسية‬ ‫اللبنانية‪ .‬ما يدل على أننا جماعة تلقي وألجل‬

‫‪11‬‬

‫الصدف يشكل املسؤولون السياسيون في لبنان‬ ‫جز ًءا من جماعة التلقي تلك‪ ،‬وليس من جماعة‬ ‫املبادرة‪ ،‬إذ أن الوحيد الذي لديه مبادرة حرة في‬ ‫لبنان هو “حزب اهلل”‪.‬‬ ‫كيف ينظر اللواء تقي الدين الى املساعدات‬ ‫العسكرية األميركية الى اجليش اللبناني؟‬ ‫وما تأثير السياسة األميركية على‬ ‫االستراتيجية الدفاعية اللبنانية؟‬ ‫نعم‪ ،‬من املمكن أن تؤثر السياسة األميركية‬ ‫على االستراتيجية الداخلية‪ ،‬كون األسلحة التي‬ ‫تقدمها الى لبنان جميعها كانت بهدف مكافحة‬ ‫ّ‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬كما حصل في مخ ّيم نهر البارد إذ لوال‬ ‫وصول تلك املساعدات العسكرية ملا ّ‬ ‫متكن اجليش‬ ‫اللبناني من حسم احلرب في نهر البارد‪.‬‬ ‫وأميركا لن تتأخر يوما ً عن تقدمي أية مساعدات‬ ‫ميكن أن تصب في وقت الحق في خدمة مصاحلها‪.‬‬ ‫ولكن ميكن للجيش اللبناني أن يستخدم هذا‬ ‫السالح في مواجهة العدو اإلسرائيلي‪ ،‬في حال ّ‬ ‫نفذ‬ ‫تهديداته‪ ،‬وقام بحرب على لبنان؟‬ ‫في هذا اإلطار إن “إسرائيل” لن تقدم على إعالن‬ ‫أي حرب على لبنان‪ ،‬وليست غبية الى درجة أن تلحق‬ ‫القتل مبواطنيها‪ ،‬خاصة وأن انتصار “حزب اهلل” في‬ ‫حرب متوز أثبت عدم قدرة “إسرائيل” القيام بهذه احلرب‪،‬‬ ‫بعد أن أجرى تغ ّيرا ً كبيرا ً في ذهنيتها العسكرية‪.‬‬ ‫كما أنه لن يحدث أي اجتياح إسرائيلي على لبنان‬ ‫إالّ إذا لبنان أشار الى “إسرائيل” بذلك‪ ،‬ألن الوضع‬ ‫اإلسرائيلي اليوم يختلف عما كان عليه سابقاً‪ ،‬بحيث‬ ‫تدفع باهظا ً ألميركا في حصولها على السالح‪ .‬ولكن‬ ‫ذلك ال مينعنا من تسليح الشعب اللبناني كأداة‬ ‫لتوحيد موقف الشعب ونظرته للعدو‪.‬‬ ‫وعليه فان البحث احلالي في اإلستراتيجية‬ ‫الدفاعية في لبنان هو بحث عقيم‪ ،‬خاصة وأن‬

‫األمر يظهر كصورة لصراع مشروعني دوليني على‬ ‫أرض لبنان‪ ،‬ينتصر أحدهما إن بقيت املقاومة‬ ‫واعتمدت إستراتيجية دفاعية في وجه “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وينتصر اآلخر بزوالها‪ .‬وألن املقاومة متلك من‬ ‫القدرة ما مينع إزالتها‪ ،‬واآلخر يتمسك باملوقف‬ ‫الذي يحول دون القبول بها‪ ،‬فإننا ال نتصور اتفاقا ً‬ ‫على صيغة خطية ملثل هذه اإلستراتيجية أو‬ ‫تلك‪ ،‬وستعتمد عوضا ً عن ذلك اإلستراتيجية‬ ‫الواقعية التي يفرضها الفريق األقوى في امليدان‪،‬‬ ‫إستراتيجية تبقى عرضة للتقلب والتجاذب‪،‬‬ ‫تقلب قوة األطراف وعالقاتها اخلارجية‪ .‬وبذلك‬ ‫نرجح أن تستمر املقاومة كما هي‪ ،‬ويستمر‬ ‫اجليش على حاله معها‪ ،‬وسيكون الطرفان‬ ‫محكومني بالتكامل والتنسيق الذي اعتمداه‬ ‫تنفيذا ً لإلستراتيجية الدفاعية الواقعية نفسها‬ ‫والتي اعتمدت والزالت معتمدة إلى يومنا هذا‬ ‫منذ العام ‪.1991‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير عباس خشاب‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫الدكتور فايز عز الدين لـ «منبر التوحيد»‬

‫«إسرائيل» مأزومة داخلياً‬ ‫والحرب القادمة شاملة‪ ...‬والغرب لن يدعمها‬

‫ً‬ ‫قيادة‬ ‫بني خطاب حربي ناري ضد سوريا‬ ‫وشعباً وأرضاً‪ ،‬وبني راغب في السالم معها‬ ‫كخيار استراتيجي ال غنى عنه‪ ،‬تتوزع‬ ‫تصريحات احلكومة اإلسرائيلية التي‬ ‫تتخبط في أزماتها الداخلية العسكرية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬باحثة عن مخرج‬ ‫لها‪ ،‬فال جتد غير التهديد والوعيد لتصدير‬ ‫هذه األزمات التي تسعى حللها عبر خلق‬ ‫بؤر توتر‪ ،‬وشن حروب تؤكد كل الدراسات‬ ‫االستراتيجية والتقارير االستخباراتية حتى‬ ‫تلك الصادرة في “إسرائيل” أن ال قبل لها‬ ‫بتحمل نتائجها‪ ،‬خاصة مع تسرب مصطلح‬ ‫احلرب الشاملة إلى الساحة مؤخرا‪ ،‬سواء‬ ‫عن طريق قادة املنطقة أو صحفها وتقاريرها‪،‬‬ ‫حيث وألول مرة منذ زمن نسمع من القيادة‬ ‫السورية ردا ً واضحاً ليس فيه لبس‪ ،‬بعيدا ً عن‬ ‫الدبلوماسية رغم أنه جاء من أرفع مستوى‬ ‫دبلوماسي وزير اخلارجية يضع معادلة سورية‬ ‫للحرب إذا ما قررتها “إسرائيل” بحيث تكون‬ ‫كل املدن اإلسرائيلية حتت مرمى الصواريخ‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫وبني احلرب والالحرب تصطبغ املنطقة‬ ‫بلون رمادي يخيم على الوضع بشكل عام‪،‬‬ ‫خاصة مع التهديدات املتواترة إليران من قبل‬ ‫اإلدارتني االمريكية واإلسرائيلية‪ ،‬ومتنع الدول‬ ‫األوروبية واإلقليمية كروسيا والصني والهند‬ ‫عن خوض غمارها وتفضيل احلل السلمي‬ ‫لهذا امللف الشائك‪.‬‬ ‫ولنتبني اخليط األبيض من األسود في‬ ‫مسألة وقوع احلرب من عدمها‪ ،‬والستيضاح‬ ‫املوقف السوري مما يجري في املنطقة‬ ‫توجهت مجلة منبر التوحيد إلى الدكتور‬ ‫فايز عز الدين مستشار مركز الدراسات‬ ‫االستراتيجية والبحوث الشبابية في احلوار‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ماذا عن التهديدات اإلسرائيلية للمنطقة‬ ‫ولسوريا بشكل خاص وفي أي خانة ميكن‬ ‫وضعها وتصنيفها؟‬ ‫هذه التهديدات تعبر عن التعقيد احلاصل في‬ ‫املؤسسة الصهيونية عموما‪ ،‬حيث تشتبك اليوم‬ ‫خيوط اللعبة في الكيان الصهيوني وتصطرع‬ ‫العناصر الداخلية فيه اصطراعا كبيرا‪ ،‬مما يدلل‬ ‫على أن هذه املؤسسة لم تعد متوافقة‪ ،‬مبعنى‬ ‫أنها كيان غاصب استيطاني استحاللي‪ ،‬لكنه‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كيان منقسم من الداخل بني املستوى العسكري‬ ‫والسياسي‪ .‬واحلروب التي شنتها “إسرائيل” منذ‬ ‫عام ‪ 2006‬على جنوب لبنان و‪ 2009‬على غزة‪،‬‬ ‫لم تعط أي مكسب عسكري أو سياسي‪ ،‬بل‬ ‫أفشلت “إسرائيل” وهزمتها واتضح للعالم أنها‬ ‫لم تعد متتلك القوة مبفردها‪ ،‬فصحيح أنها صبت‬ ‫أكثر من مئة طن في الهجمة األولى من طائرات‬ ‫الـ “أف ‪ ،”16‬لكن هذه الهجمة قتلت النساء‬ ‫واألطفال ودمرت البناء التحتي وأحدثت أكثر‬ ‫من ‪ 1500‬شهيد‪ ،‬مما أدى إلى تقرير “غولدستون”‬ ‫ومطاردة “إسرائيل”‪ ،‬وازدياد مشاعر الكراهية‬ ‫لها‪ .‬هذه الدولة أصبحت مأزومة من الداخل‬ ‫بعدم التوافقات بينها‪ ،‬ومأزومة من اخلارج بعدم‬ ‫قدرة الغرب اإلمبريالي على أن يبقى داعما لها‪،‬‬ ‫ال سيما أن أميركا “أوباما” تريد أن تختط طريقا‬ ‫آخر بالنسبة للصراع ككل ولإلسالم خصوصا‬ ‫يسمى “األوبامية اجلديدة” وليس “البوشية”‪،‬‬ ‫فإذا “أوباما” اليوم حرجه كبير وجزء من حرج‬ ‫هذه املؤسسة في الداخل‪ ،‬هنا منطلق تصدير‬ ‫األزمة في العقل الصهيوني فلتكن التهديدات‪،‬‬ ‫وليكن شفير الهاوية‪ ،‬املهم أن جتد “إسرائيل” حال‬ ‫ألزماتها بتصدير احلرب إن استطاعت‪ ،‬أو بخلق‬ ‫ورفع نسب بؤر التوتر إلى أعلى درجة ممكنة‪ ،‬تعتقد‬ ‫من خاللها أنه بإمكانها إفشال ما يسمى حل‬ ‫الدولتني ووقف االستطيان‪ .‬ومن ثم هذا التهديد‬ ‫لسوريا من جهة أخرى يراد منه رفع املعنويات‬ ‫املفقودة في اجليش اإلسرائيلي‪ ،‬وحتت هذا العنوان‬ ‫ميكن قراءة ما قامت به “إسرائيل” في النقب من‬ ‫مناورات حتت حجة احتالل قرية سورية‪.‬‬ ‫هل تسطيع “إسرائيل” حتمل نتائج تصدير‬

‫‪12‬‬

‫األزمة إذا ما قامت بشن حرب على املنطقة؟‬ ‫قدميا عندما كانت تهدد “إسرائيل” باحلروب كان‬ ‫تهديدها من موقع القوة الوحيدة القادرة على‬ ‫فعل ما تشاء‪ ،‬وكان هذا املوقع يؤهلها أن متارس‬ ‫التهديد وتفلح فيه‪ ،‬وحتقق النتائج املرجوة منه‪.‬‬ ‫اآلن معادلة القوة انكسرت في املنطقة سواء‬ ‫مع حزب اهلل أو في غزة‪ ،‬كذلك قد انكسرت في‬ ‫تقاريرها الداخلية‪ .‬فحني يقول “عاموس يادلني”‬ ‫رئيس االستخبارات العسكرية اإلسرائيلية إن‬ ‫احلرب مع سوريا ستكون مضروبة بثمانية مرات‬ ‫مما كانت عليه احلرب مع جنوب لبنان‪ ،‬وإذا علمنا‬ ‫أن احلرب هجرت مليون مستوطن من شمال‬ ‫فلسطني إلى الداخل‪ ،‬فكيف ستكون مفاعيل‬ ‫هذه احلرب ونتائجها وما الذي ستطاله؟! املسألة‬ ‫اليوم أصبحت مختلفة ولم تعد محدودة كما‬ ‫كانت قدميا‪“ ،‬إسرائيل” تشن احلرب احملدودة وتتقدم‬ ‫فيها على عمق معني‪ ،‬فتحتل األرض وينتهي‬ ‫احلال‪ .‬اآلن األمر مختلف متاما وال سيما بالرد‬ ‫الرسمي السوري الذي أعلنه وزير اخلارجية وليد‬ ‫املعلم‪.‬‬ ‫كيف ميكن أن نقرأ هذا ا لرد الرسمي السوري‪،‬‬ ‫وعلى لسان وزير اخلارجية‪ ،‬وقد تكون املرة األولى‬ ‫التي يأتي فيها الرد السوري بهذا الوضوح‪،‬‬ ‫وعلى هذا املستوى خاصة وقد تلته رسالة من‬ ‫الرئيس جناد في ذكرى الثورة بضرورة التكاتف‬ ‫والوقوف معا في وجه أي عدوان؟‬ ‫هذا الوضع يقرأ من االستراتيجية احلربية‬ ‫اإلسرائيلية أوال‪ ،‬والتي من غير املسموح لها أن‬ ‫تستفرد بأي جهة عربية‪ ،‬واالستراتيجية املقابلة‬ ‫إقليمية تقول باحلرب الشاملة‪ ،‬إذ ملاذا يسمح‬ ‫لـ “إسرائيل” بشن احلروب على األطراف العربية‬ ‫كما تشاء دون أن توقفها أميركا؟!‪ ،‬وملاذا ال‬ ‫يحق لألطراف اإلقليمية وهي التي تعيش وحدة‬ ‫التهديد أن تدافع عن نفسها حتى لو اضطرت‬ ‫إلى خوض غمار احلرب‪ .‬فاجلميع مهدد من قبل‬ ‫“إسرائيل” سوريا وإيران وتركيا‪ ،‬وكما قال “أردوغان‪:‬‬ ‫هل يريدوننا أن نصفق للقنابل الفوسفورية‪ ،‬لم‬ ‫تعد تركيا قادرة على الصمت”‪ ،‬وقد عاب “أردوغان”‬ ‫على اجملتمع الدولي صمته‪ .‬هنا أصبحت العوامل‬ ‫اخملتلفة في املنطقة تتكامل وتتفاعل من منظور‬ ‫ما يسمى الوحدة السياسية والعسكرية‬ ‫واالقتصادية ما بني سوريا وتركيا وإيران‪ ،‬وما بني‬ ‫ذراعهما في حزب اهلل وغزة‪ ،‬والقوة العربية في‬ ‫الشارع العربي الداعمة‪ .‬فنحن أمام متحول‬ ‫جديد بانضمام الدائرة اإلسالمية إلى الدائرة‬


‫العربية في مسؤولية الصراع ضد “إسرائيل”‬ ‫لتحرير القدس‪.‬‬ ‫مضت فترة تدريب ومناورات بعد حرب ‪،2006‬‬ ‫لتقوية اجليش اإلسرائيلي‪ ،‬كانت مبثابة الدفاع‪،‬‬ ‫اليوم وقد بدأ مرحلة االغتياالت هل ميكن القول‬ ‫أنها قد انتقلت إلى مرحلة الهجوم؟‬ ‫ما يحدث ليس جديدا‪ ،‬وهو في أساس العقلية‬ ‫الصهيونية منذ فطير صهيون‪ ،‬وعلينا اآلن أن‬ ‫نتصور حال “إسرائيل” من الداخل وقدرتها على‬ ‫احتمال حرب‪ ،‬خاصة إذا كانت ستأخذ الطبيعة‬ ‫الشاملة كما صرحت بها سوريا على لسان‬ ‫وزير اخلارجية‪ .‬مما سيدخل “إسرائيل” فيما ال‬ ‫ميكنها حتمله أبدا‪ .‬من هنا إذا كانت “إسرائيل”‬ ‫تعتقد أنها بدفعها املنطقة إلى شفير الهاوية‬ ‫ستجعل العرب يحققون نوعا من التراخي في‬ ‫مسألة احلقوق أو الوقوف إلى جانب غزة‪ ،‬فهذا‬ ‫جو مختلف‪.‬‬ ‫كأنك تعول على األنظمة العربية إذا ما‬ ‫اندلعت احلرب؟‬ ‫نحن ال نلغي املعادلة العربية في أساس أي‬ ‫صراع إذا ما نشأ‪ ،‬وتبقى في احملصلة استراتيجيا‬ ‫القوى الضاربة في سوريا وحلفائها هي التي‬ ‫ستتلقى الضربة األولى وسترد‪ ،‬أو ستبدأ الضربة‬ ‫األولى ويرد عليها‪ .‬لكن بكل االحتماالت ليس‬ ‫سهال أن تشن “إسرائيل” حربا اآلن‪ ،‬فهي باملقدار‬ ‫الذي حتاول به عن طريق “كلينتون” أو “نتنياهو”‬ ‫بزيارته لروسيا أن يصور أن العدو هو إيران‪ ،‬واخلطر‬ ‫الوحيد على املنطقة بأكملها‪ ،‬كل هذه األالعيب‬ ‫هي إلعادة التقاط األنفاس‪ ،‬ألنها من الداخل‬ ‫مأزومة‪ ،‬واجملتمع اإلسرائيلي مجتمعا مأزوما‪،‬‬ ‫وهذا ما عبر عنه تقرير جمعية “راؤوت” الذي صدر‬ ‫منذ وقت قصير إذ يقول‪“ :‬إن إسرائيل أصبحت‬ ‫بفعل الشبكة العاملية التي تشكلت من أفراد‬ ‫ومنظمات مجتمع مدني وجامعات وأصحاب‬ ‫رأي‪ ،‬أصبحت متثل بالنسبة للعالم شيطانا‬ ‫واستعمارا ذا كيان مجذوم”‪ ،‬هذه صورة “إسرائيل”‬ ‫من داخلها وعبر صحفها ومفاعيلها التي ال تقر‬ ‫ما تتصرفه حكومة احلرب والتوتر هذه‪.‬‬ ‫يبدو أن ثمة تناقضات بني تصريحات احلكومة‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬وخطابا رمبا يكون مزدوجا بني من‬ ‫يهدد باحلرب على سوريا ومن يعتبر السالم‬ ‫معها خيارا استراتيجيا‪ ،‬كيف ميكن قراءة هذه‬ ‫التصحريات املتناقضة؟‬ ‫عبر تاريخ “إسرائيل” في املنطقة وتاريخ‬ ‫استيطانها‪ ،‬كان التبادل في األدوار السياسية‬ ‫ورادا لدى القادة الصهاينة‪ ،‬لكن اآلن األمر ليس‬ ‫تبادل أدوار‪ ،‬بل أصحبت آراء حقيقية في مواجهة‬ ‫بعضها‪ ،‬فمثال “جول ستريت” في أمريكا منظمة‬ ‫تنشأ في مواجهة “إيباك” بسياسة مختلفة‬ ‫عنها‪ ،‬فـ “إيباك” لم تعد قادرة مبفردها على متثيل‬ ‫الصوت اليهودي في أمريكا كلوبي يضغط على‬ ‫اإلدارة األمريكية كما يشاء‪ ،‬فيما يعني استبقاء‬ ‫“إسرائيل” على االحتالل واالستيطان واالستحواذ‬

‫على األرض واألمن والسالم‪ .‬فـ “جول ستريت”‬ ‫تقول باملنطق الذي نادى به “أوباما” حل الدولتني‪،‬‬ ‫وإيقاف االستيطان‪ ،‬والنظر في مسألة الالجئني‪،‬‬ ‫وتكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطني‪ .‬إذا‬ ‫هناك إجماع في الرأي يشير إلى أن املؤسسة‬ ‫اإلسرائيلية لم تعد موحدة‪ .‬وباملقابل هناك بذور‬ ‫القوة التي منت عبر املقاومة واإلصرار على هذا‬ ‫النهج‪ ،‬وحتشيد القوى وإعداد املواطن العربي‪،‬‬ ‫في سوريا وفلسطني ولبنان والعراق‪ ،‬هناك قوى‬ ‫مقاومة صارت متثل جبهة حققية ال تستطيع‬ ‫“إسرائيل” جتاهلها‪.‬‬ ‫مما تقدم نفهم أنك ال ترجح قيام حرب في‬ ‫املنطقة رغم أن كل املؤشرات تؤدي إلى ذلك؟‬ ‫من يرجح احلرب أو ال هم االستراتيجيون‬ ‫العسكريون الكبار‪ ،‬لكن وفق القراءة الدولية‬ ‫الراهنة فإن احلرب مكلفة على “إسرائيل”‬ ‫وأمريكا‪ ،‬وستثير في املنطقة استعدادات جديدة‬ ‫وجبهات عربية أخرى تنضم إليها‪ ،‬وبالتالي ليس‬ ‫من مصلحة “إسرائيل” أن تؤلب عليها هذه‬ ‫الدول‪ ،‬ولو درسنا كل تاريخ حروبها سنجد أنها‬ ‫لم تعط سوى متانة في الصف العربي قبالتها‪،‬‬ ‫ومزيدا من متسك الفلسطينيني بحقهم كذلك‬ ‫السوريني واللبنانيني‪ .‬احلروب اليوم لم تعد تعط‬ ‫أي نتائج‪ ،‬وأعتقد أن تاريخ احلرب انتفى بالنسبة‬ ‫لـ “إسرائيل”‪ ،‬لكنه سيبقى موجودا بالنسبة‬ ‫للعرب ما دامت أرضهم محتلة‪ ،‬فمن حقهم‬ ‫استرجاع أرضهم حربا أوسلما‪ .‬وبالتالي القوة‬ ‫التي ميتلكها العرب لم تعد تيسر لـ “إسرائيل” أي‬ ‫حرب عدوانية لتنتصر فيها‪ ،‬فكل حرب تخوضها‬ ‫ستخسرها‪ ،‬وإذا كانت هذه احلرب شاملة ستعلن‬ ‫عن تدمير “إسرائيل” بالكامل‪.‬‬ ‫بناء عليه هل ميكن أن تعود “إسرائيل”‬ ‫لطاولة املفاوضات؟‬ ‫هذا مرهون بجدية أمريكا‪ ،‬فمن املعروف‬ ‫أن القادة األمريكان كانوا حني يختلفون مع‬ ‫املؤسسة الصهيونية يستدعون رئيس الوزراء‬ ‫الصهيوني ويتفاهمون معه على حل جديد‪،‬‬ ‫وبالتالي املطلوب من “أوباما” أن يكون جادا ً في‬

‫‪13‬‬

‫تنفيذ مبادرته ودعم “ميتشل”‪ ،‬وتشكيل اللجنة‬ ‫التي كانوا قد أعلنوا عنها لبدء املفاوضات غير‬ ‫املباشرة ملدة ثالثة أشهر على أن يسفر ذلك عن‬ ‫تثبيت موقف صهيوني كامل‪ ،‬وإعطاء العرب‬ ‫حقهم باخلروج من اجلوالن واجلنوب اللبناني‪،‬‬ ‫ووقف االستيطان‪ ،‬واإلعالن عن قيام الدولة‪،‬‬ ‫والقبول بالقدس الشرقية عاصمة لها‪ ،‬والنظر‬ ‫لعودة الالجئني وفق القرار ‪ ،194‬هذه املسألة‬ ‫بتقديري الشخصي ستكره عليها “إسرائيل”‬ ‫في الشهور القادمة‪ ،‬ألن العالم كله أصبح ينظر‬ ‫إليها على أنها كيان ال يستأهل الوجود‪ ،‬بل كيانا‬ ‫استيطانيا غاصبا نازيا عنصريا‪ ،‬فروديسيا التي‬ ‫انتهت ستنتهي وراءها “إسرائيل” بالتأكيد‪.‬‬ ‫حتدثت عن اخلط األوبامي وإحراجه‪ ،‬وقد مضى‬ ‫عام على حكمه ولم يحدث أي خرق أو تغيير‪،‬‬ ‫ولم يستطع حتى وقف االستيطان ألشهر‪،‬‬ ‫فأي تعويل على سياسة “أوباما” في املنطقة‬ ‫بعد؟ أليست وجها آخر للعملة ذاتها؟‬ ‫هذا يصادق على مقولة طرفي الصراع وتنافر‬ ‫األقصيني في السياسة األمريكية ذاتها‪ ،‬لم‬ ‫يعد “أوباما” قادرا على أن يبقى “بوش”‪ ،‬ولم يعد‬ ‫باإلمكان إعادة اخلط البوشي من جديد‪ ،‬فأمريكا‬ ‫اليوم أصبحت مأزومة بني خطني ال تستطيع‬ ‫إال أن تنطلق من خالل ما قد طرحه “أوباما” في‬ ‫برنامجه السياسي ليكون رئيسا‪ ،‬وال تستطيع‬ ‫اآلن أن حتقق هذا البرنامج بالسرعة املمكنة‪ ،‬من‬ ‫اصطدامات العناصر الداخلية في أمريكا ذاتها‪،‬‬ ‫اإلدارة األمريكية منقسمة ومأزومة‪ ،‬وكذلك اإلدارة‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬األوربيون اآلن يحاولون االنفضاض‬ ‫عما كانت أمريكا تأمله منهم‪ ،‬ولن يقبلوا بعد‬ ‫اليوم أن تكون حروبها بضحايا وكلف أوروبية‪،‬‬ ‫وهذا مفاعل رمبا ال يساعد اإلدارة األمريكية لتبقى‬ ‫كما كانت في الطريقة البوشية‪ .‬ورمبا “أوباما”‬ ‫اليوم يحاول االستفادة من عنصر الوقت لترويض‬ ‫الطرف اآلخر الذي لم ير إال باحلروب االستباقية‬ ‫حال‪ .‬وهو في رسالته األخيرة للمنتدى األمريكي‬ ‫اإلسالمي في قطر‪ ،‬قد أوضح أنه سيتعامل مع‬ ‫اإلسالم واملسلمني‪ ،‬وسيطفئ بؤر التوتر العالقة‬ ‫مبا يعني العدل الدولي‪ ،‬لكنه إلى اآلن لم يتمكن‬ ‫من حتويل النية إلى عمل وفعل صحيح‪.‬‬ ‫تقول إن أوروبا غير مستعدة لدفع أثمان احلروب‬ ‫األمريكية ولكن ما يحدث في أفغانستان‬ ‫والهجوم على هلمند واملوقف البريطاني‬ ‫واألوروبي يقول بعكس ما ذهبت إليه؟‬ ‫األوروبيون يناقشون جتربة “بلير” ويجدون أنها‬ ‫لم تعد صاحلة لهم‪ ،‬كما يناقشون مدى تدخل‬ ‫أمريكا في سياسات العالم‪ ،‬ويجدون أنها لم تعد‬ ‫عليهم بأي نفع‪ ،‬كذلك األزمة املالية واحتياجاتها‪.‬‬ ‫اآلن ثمة أصوات وحتالفات أوروبية ما بني روسيا‬ ‫وأملانيا وفرنسا‪ ،‬تشير إلى أجواء تتصفى فيها‬ ‫املسائل دون لغة احلرب حتى فيما يتعلق بإيران‪.‬‬ ‫فأوروبا تعيد طرح املسألة فيما يعني تبادل‬ ‫التخصيب ويجعلون من تركيا وسيطا‪ ،‬فأوروبا‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬ ‫لم تعد كما كانت‪ ،‬والقضاء البريطاني يطالب‬ ‫باعتقال الصهاينة‪ ،‬وجامعة “اكسفورد” تخرج‬ ‫السفير “يعالون” منها‪ ،‬و”غاالوي” يقود شريان‬ ‫احلياة إلى غزة‪ ،‬و”ستالي كوهني” اليهودي املعروف‬ ‫عامليا يتظاهر ويقول‪“ :‬أحس بالعار مما تفعل هذه‬ ‫املؤسسة الصهيونية في بالد العرب”‪ ،‬كل هذه‬ ‫أمور تعطي إنذارات بأن أوروبا لن تكون سياسيا‬ ‫تابعة إلى ما كانت أمريكا تريده منها‪ ،‬وهي اآلن‬ ‫تستقل بسياستها نسبيا‪.‬‬ ‫نعم من الصحيح أن هذا االستقالل لم‬ ‫يترجم بعد‪ ،‬واشتركوا في أفغانستان‪ ،‬لكن‬ ‫ضمن سياسة حلف شمال األطلسي‪ ،‬هم اآلن‬ ‫ال يريدون البقاء في أفغانستان‪ ،‬وال يريدون أيضا ً‬ ‫أن يخرجوا منه مهزومني‪ .‬ولكن بكل االحتماالت‬ ‫أوروبا لن تبقى جتري وراء أمريكا‪.‬‬ ‫أمريكا غارقة في الوحول في أكثر من منطقة‪،‬‬ ‫ولكنها باملقابل تعزز قواعدها العسكرية في‬ ‫اخلليج العربي كيف نقرأ هذا التعزيز؟‬ ‫استراتيجيا يؤخذ في مجال الرد على تنامي‬ ‫القوة اإليرانية‪ ،‬فإيران النووية تعني نهاية‬ ‫للمشروع اإلسرائيلي‪ ،‬وإنهاء املشروع اإلسرائيلي‬ ‫في املنطقة العربية يعني إنهاء كل أشكال‬ ‫التواجد األمريكي فيها‪ ،‬من جتريف الثروات‬ ‫واالعتداءات على مياهنا وبحارنا وسمائنا‪ .‬لذا‬ ‫فهي حتاول أن تضمن هذه املنطقة التي تسمى‬ ‫املياه الدافئة التي لطاملا تصارعت مع االحتاد‬ ‫السوفييتي عليها‪ .‬ولعل التعزيز األمريكي يشير‬ ‫من ناحية أخرى إلى القوة العربية التي حالفت‬ ‫في يوم ما أمريكا وشعرت باإلحباط منها‪ ،‬حيث‬ ‫أن أمريكا لم تستطع أن تقر أي قرار ينقذ ماء‬ ‫وجه حلفائها ونفذته “إسرائيل”‪ ،‬فمعسكر‬ ‫االعتدال العربي الذي لم يكن في مصلحة العرب‬ ‫قد خذلته “إسرائيل” في احلرب على غزة‪ ،‬فما الذي‬ ‫ينتظره اآلن اخلليجيون وهم اليوم قد اكتشفوا‬ ‫كل األهداف األمريكية؟! وعلى العموم إذا كانت‬ ‫هناك معاهدات ألمن اخلليج الذي كان يجب أن‬ ‫يكون عربيا منذ العدوان العراقي على الكويت‪،‬‬ ‫والذي مع األسف قد أفشلوا في ذلك الوقت إعالن‬ ‫دمشق ولم يصلوا إلى أمن عربي للخليج‪ ،‬وهاهي‬ ‫أمريكا تكثف قوتها فيه لعلها حتقق غرضني‪:‬‬ ‫الضغط على إيران من ناحية‪ ،‬واستبقاء العنصر‬ ‫العربي الذي حالفها من ناحية أخرى‪.‬‬ ‫معنى ذلك أن أمريكا غير مستعدة لشن‬ ‫حرب على إيران في حال مضت في قرراها‬ ‫النووي؟‬ ‫املسألة مرهونة مبجموعة من االعتبارات‪،‬‬ ‫فإن استطاعت أمريكا نسف املنشآت النووية‬ ‫اإليرانية دون أن تتلقى ردا إيرانيا فلن تتورع عن‬ ‫ذلك‪ ،‬ولن تقول لنفسها عيب‪ ،‬و”إسرائيل” كذلك‪،‬‬ ‫فهما على جبهة واحدة فيما يتعلق بامللف‬ ‫النووي اإليراني‪ .‬لكن الصعوبة أن امللف النووي‬ ‫اإليراني محمي‪ ،‬وإيران قد وضعت كل احلسابات‬ ‫االستراتيجية للحرب والضربة األولى لن تنهيها‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫«عاموس يادلني» رئيس االستخبارات‬ ‫العسكرية اإلسرائيلية‪ :‬احلرب مع‬ ‫سوريا ستكون مضروبة بثمانية مرات‬ ‫«ستالي كوهني» يقول‪« :‬أحس بالعار‬ ‫مما تفعل هذه املؤسسة الصهيونية‬ ‫في بالد العرب»‬ ‫تاريخ احلرب انتفى بالنسبة‬ ‫لـ «إسرائيل»‪ ،‬لكنه سيبقى موجودا‬ ‫بالنسبة للعرب‬ ‫األوربيون يحاولون االنفضاض عما‬ ‫كانت أمريكا تأمله منهم‪ ،‬ولن يقبلوا‬ ‫بعد اليوم أن تكون حروبها بضحايا‬ ‫وكلف أوروبية‬ ‫تعزيزات اخلليجج تعني الضغط على‬ ‫إيران من ناحية واستبقاء العنصر‬ ‫العربي الذي حالفها‬ ‫من ناحية أخرى‬ ‫وهذا يعني أنهم هم الذين لن يحتملوا الضربة‬ ‫اإليرانية‪ .‬هذه هي الصورة‪ ،‬بني الضربة والرد تقف‬ ‫كل هذه املسائل‪ ،‬والشعور األوروبي عموما ال يزال‬ ‫يقول باحلل السلمي لهذه املسألة وعدم اللجوء‬ ‫للحرب‪ ،‬وكذلك هو موقف كل الالعبني اإلقليميني‬ ‫من الصني والهند وروسيا‪ ،‬وبالتالي ال زال صعبا‬ ‫اتخاذ قرار احلرب‪ ،‬و”بريجنسكي” في هذا الصيف‬ ‫جمللة “دير شبيغل” حتدث عن احلروب التي من‬ ‫املمكن للدول الكبرى في العالم أن تشنها‪ ،‬وقال‬ ‫صراحة‪“ :‬إن أي دولة بدءا من أمريكا تشن حربا‬ ‫على دولة أخرى في العالم ستخرج من التاريخ‬ ‫السياسي لهذا العالم‪ ،‬ألن األزمة املالية ال ميكن‬ ‫أن تدعم أي حرب تشنها دولة على أخرى”‪.‬‬ ‫في ظل هذه املعطيات كيف نقرأ موقف‬ ‫بعض العرب الرافض لهذا الوجود التركي‬ ‫اإليراني على الساحة العربية ويعتبره تدخال‬ ‫في الشؤون العربية؟‬ ‫هذا في السياسة تستطيح للحالة العربية‬ ‫اإليرانية من ناحية‪ ،‬والعربية التركية من ناحية‬ ‫أخرى‪ .‬فالعرب في صراعهم مع “إسرائيل” إذا‬ ‫تدعم موقفهم‪،‬‬ ‫انضمت إليهم أي قوة في األرض ّ‬ ‫فلماذا االلتفاف من بعض األطراف إلى تفسير‬ ‫املوقف اإليراني بغير ظروفه‪ ،‬والرئيس بشار األسد‬ ‫قال‪“ :‬إننا إذا اختلفنا مع إيران سيكون لنا آراء‪..‬‬ ‫لكننا في كل ما يتعلق بشؤون املنطقة لم‬

‫‪14‬‬

‫نختلف معها على شيء بعد”‪ .‬والسؤال إذا كنا‬ ‫لم نختلف معها على شيء بعد ملاذا ال يكون‬ ‫بيننا حتالفا استراتيجيا كامال ضد هذا العدو‬ ‫الصهيوني؟!‪.‬‬ ‫رمبا هناك من يشير في هذا إلى سلبيات ما‬ ‫يراها في املوقف اإليراني جتاه العراق؟‬ ‫حتى ولو كان لبعض العرب بعض اآلراء على‬ ‫إيران في العراق‪ ،‬يجب أن ال يخسروا موقف إيران‬ ‫معهم ضد العدو اإلسرائيلي ومن أجل القدس‪.‬‬ ‫علينا أن نف ّرق بني ما ميكن أن ميثل خصومة أو‬ ‫تعارضات في هذا املكان‪ ،‬أو أن يكون بيننا حلفا‬ ‫استراتيجيا واحدا ضد عدو مهدد للجيمع‪.‬‬ ‫ومهما بلغت تدخالت إيران في العراق على ما‬ ‫يزعمون‪ ،‬سيبقى العراق قادرا على تنظيم هذه‬ ‫املسألة بقواه الداخلية‪ ،‬وسيبقى قادرا على‬ ‫أن يكون كما يرغب في تقرير مصيره‪ .‬لكن اآلن‬ ‫هذه القوة اإليرانية حينما تنضم إلينا في حترير‬ ‫القدس والضغط على “إسرائيل” وتشكيل وحدة‬ ‫إقليمية يكون هذا أفضل بكثير‪.‬‬ ‫وماذا عن فتح اجلبهة اليوم في اليمن وهل‬ ‫ميكن تناوله على أنه شأن داخلي محض خاصة‬ ‫إذا ما نظرنا ملسارعة أمريكا في التدخل وخلق‬ ‫أبعاد أخرى لهذا النزاع؟‬ ‫هذا صراع يغيض كل عربي‪ .‬أن يتم النزاع ما بني‬ ‫أطراف ما والدولة ومؤسسات الوطن ككل‪ ،‬وأن‬ ‫تضطر الدولة إلى حرب ضدها‪ .‬نحن مع املصاحلة‬ ‫وإنهاء هذه احلرب والتوصل إلى تفاهمات وطنية‬ ‫بحيث يبقى اليمن موحدا‪ ،‬وأعتقد أن املسألة‬ ‫داخلية بكل االحتماالت ومتعلقة باليمن كدولة‪.‬‬ ‫لكن رمبا قد يكون هناك في املنطقة قوة أخرى‬ ‫استشعرت بخطورة ما يحدث‪ ،‬أو أخطاء ارتكبها‬ ‫الطرف اآلخر باالعتداء على حدود دولة ثانية جعل‬ ‫هذه الدولة تتدخل لتأمني سالمة حدودها‪ ،‬لكن‬ ‫بالتأكيد ال نستطيع أن نستبعد اإلدارة األمريكية‬ ‫من توتيرها لهذه البؤر‪ ،‬فهي قدميا استطاعت‬ ‫توظيف اإلسالم مبا يعني إخراج االحتاد السوفياتي‬ ‫من أفغانستان‪ ،‬حيث ركب اإلسالم موجة‬ ‫“االنتوكومست” مبعنى أن أمريكا تساعدنا على‬ ‫حترير بالدنا من املوجة الشيوعية‪ ،‬لكن هل قامت‬ ‫أمريكا بإعطاء من حالفها على األقل حقهم في‬ ‫مشاريعهم الوطنية؟! على العكس قبضت على‬ ‫مشروعهم الوطني وحاولت إعادة توظيفهم‬ ‫باجتاهات خاطئة ليكونوا ضد اإلسالم في يوم ما‪،‬‬ ‫ألنها تريد تصميم عدو دولي اسمه اإلسالم‪ ،‬وتريد‬ ‫أن يكون بشكل عملهم ما يوحي بأنهم إسالم‬ ‫متعصب متطرف‪ ،‬يقف حجر عثرة في طريق‬ ‫العاملية املعاصرة وفكرة احلضارة‪ .‬وهذا االحتياطي‬ ‫الرجعي موجود في كل دولة عربية‪ ،‬تنميه أمريكا‬ ‫وتضعه في وجه دولته ليكون مؤشرا لتدخل‬ ‫أمريكي أو غيره في شؤون الدولة الوطنية‪.‬‬

‫مكتب دمشق ـ هدى مطر‬


‫منبر لبناني‬

‫الحريري أطلق وعوداً وح ّدد أولويات‬ ‫فمن أين يبدأ ومتى؟‬ ‫انتهت فترة السماح التي تعطى عادة للحكومات‪،‬‬ ‫ومضى على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أكثر‬ ‫من ثالثة أشهر‪ ،‬ولم تق ّلع حتى اآلن‪ ،‬سوى حركات‬ ‫اإلقالع لطائرتي رئيس اجلمهورية العماد ميشال‬ ‫سليمان ورئيس احلكومة سعد احلريري‪ ،‬في جوالت‬ ‫متسارعة الى اخلارج‪ ،‬مبعدل رحلتني في الشهر‬ ‫لكل منهما‪ ،‬ومبرر ذلك هو وضع لبنان على خارطة‬ ‫العالم‪ ،‬دون أن يتقدم الوضع الداخلي سياسيا ً‬ ‫واقتصاديا ً واجتماعياً‪.‬‬ ‫فاحلكومة بعد مئة يوم على نيلها الثقة‪ ،‬لم‬ ‫تتمكن من أن تنفذ أي بند من بيانها الوزاري‪ ،‬وما‬ ‫زالت تتعثر في إطالق الوعود التي وعد رئيسها بأن‬ ‫تكون في أولويات عملها‪ ،‬جلهة االهتمام بقضايا‬ ‫املواطنني االقتصادية واالجتماعية واحلياتية‬ ‫واخلدماتية‪ ،‬حيث تبرز أزمات سياسية يعاني منها‬ ‫املواطنون‪ ،‬وهي استمرار انقطاع الكهرباء وزيادة‬ ‫ساعات التقنني‪ ،‬والكلفة التي يتكبدونها‪ ،‬إضافة‬ ‫الى ما تخسره خزينة الدولة في هذا القطاع مبا‬ ‫يعادل أكثر من مليار دوالر سنوياً‪ ،‬وهو ما يزيد من‬ ‫عجز املوازنة‪ ،‬وتراكم الدين العام وخدمته‪ ،‬والذي‬ ‫يقول املسؤولون أن ثلثه هو من الدعم الذي تقدمه‬ ‫احلكومة للكهرباء‪.‬‬ ‫وقد مضى عشرون عاما ً على وقف احلرب األهلية‪،‬‬ ‫ولم تنجح احلكومات املتعاقبة في حل أزمة‬ ‫الكهرباء‪ ،‬التي لم يأت وزير الى وزارة الطاقة واملياه‪،‬‬ ‫إال وتقدم باقتراحات وأفكار تبدأ باخلصخصة‪ ،‬الى‬ ‫رفع الدعم وربط لبنان في الشبكة السباعية لعدد‬ ‫من دول املنطقة الخ‪...‬‬ ‫فملف الكهرباء‪ ،‬من امللفات املستعصية‪ ،‬ولم‬ ‫يلمس املواطنون بداية دخول للحكومة في حل‬ ‫له‪ ،‬بالرغم من أن وزير الطاقة جبران باسيل باشر‬ ‫العمل من املكان الذي كان فيه سلفه آالن طابوريان‪،‬‬ ‫الذي كان عضوا ً في كتلة اإلصالح والتغيير التي‬ ‫ينتمي إليها من خالل “حزب الطاشناق”‪ ،‬والذي كان‬ ‫تقدم بخطة للحكومة السابقة يطرح فيها حلوال ً‬ ‫ألزمة الكهرباء‪ ،‬لكن الرئيس فؤاد السنيورة لم‬ ‫يستجب مع طروحاته‪ ،‬ولم ميكنه من عرضها على‬ ‫مجلس الوزراء‪ ،‬ألن نهج السنيورة االقتصادي واملالي‬ ‫واالجتماعي يختلف عن املعارضة السابقة‪.‬‬ ‫لذلك يُنتظر من الوزير باسيل أن يعالج أزمة‬ ‫الكهرباء‪ ،‬انطالقا ً مما قدمه سلفه طابوريان‪ ،‬وإنه‬ ‫أمام امتحان أن ينجح في تقدمي احلل‪ ،‬ووضع خطة‬ ‫إنقاذ لهذا القطاع‪ ،‬وهو سبق له وأن خاض عملية‬ ‫إصالح في قطاع االتصاالت‪ ،‬واستطاع أن يقدم‬ ‫منوذجا ً رغم محاوالت التضييق التي تع ّرض لها‪،‬‬

‫حكومة الشلل الوطني‬

‫من أصحاب مصالح‪ ،‬كانوا يسعون للعودة الى‬ ‫اخلصخصة‪ ،‬بعد أن كانت الدولة في عهد الرئيس‬ ‫اميل حلود استردت هذا القطاع من الشركتني‪ ،‬ويدر‬ ‫على اخلزينة حوالي مليار ومئتي مليون دوالر سنوياً‪،‬‬ ‫وميكن زيادة الدخل عبر تخفيض سعر املكاملات‬ ‫وتقدمي حوافز للمشتركني فيزداد عددهم‪ ،‬إذ ان ثلث‬ ‫موارد اخلزينة يقوم على هذا القطاع‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن أزمة الكهرباء معقدة‪ ،‬إالّ أن حلها‬ ‫ليس مستحيالً‪ ،‬على أن تبدأ احلكومة من نقطة ما‪،‬‬ ‫وهو ما ينتظره املواطنون‪ ،‬ويتأكدوا من نقلة نوعية‬ ‫قد بدأت‪ ،‬وأن جدية عند الوزراء في العمل موجودة‪،‬‬ ‫على أن ال تطول فترة االنتظار‪ ،‬وتتم االستفادة من‬ ‫االستقرار الداخلي‪ ،‬كما من املصاحلات التي حتصل‪،‬‬ ‫ومن كون احلكومة متثل الوفاق الوطني‪ ،‬املتجلي في‬ ‫متثيل الكتل النيابية األساسية فيها‪ ،‬فهذا يعطيها‬ ‫الدفع للعمل كفريق عمل متجانس ومتضامن‪.‬‬ ‫والى جانب أزمة الكهرباء الدائمة‪ ،‬فإن ملف‬ ‫الضمان االجتماعي‪ ،‬هو من األولويات لدى املواطنني‪،‬‬ ‫ومن صلبه الضمان الصحي‪ ،‬والعمل على معاجلة‬ ‫ما يشكو منه‪ ،‬ال سيما موارده املالية التي لم تعد‬ ‫تكفي لسد النفقات املتصاعدة‪ ،‬إضافة الى ضرورة‬ ‫مكننته وتعزيزه بعناصر بشرية شابة وكفوءة‪،‬‬ ‫إضافة الى وقف الهدر فيه‪ ،‬وقد بدأ وزير العمل‬ ‫بطرس حرب ورشة عمل في وزارته‪ ،‬افتتحها بعقد‬ ‫مؤمتر حول الضمان االجتماعي‪ ،‬وهو ليس األول الذي‬ ‫ينظم‪ ،‬لكن املشكلة ليست في عرض ما يعانيه‬ ‫الضمان‪ ،‬بل في اتخاذ قرار سياسي‪ ،‬إلنقاذ هذا‬ ‫املرفق االجتماعي الذي يؤمن االستقرار حلوالي ثلث‬ ‫الشعب اللبناني املنتسب الى هذه املؤسسة التي‬ ‫كانت من أهم أجنارات عهد الرئيس فؤاد شهاب في‬ ‫امن للموظفني‬ ‫مطلع الستينات من القرن املاضي‪ ،‬إذ ّ‬ ‫والعمال مكسبا ً اجتماعيا ً في حفظ تعويضاتهم‬ ‫في نهاية اخلدمة‪ ،‬ثم في تأمني ضمان صحي لهم‪،‬‬

‫‪15‬‬

‫وفي منحهم تعويضات عائلية‪ ،‬ثم منح مدرسية‪،‬‬ ‫دون أن يتوصل الى حتويل تعويض نهاية اخلدمة الى‬ ‫تقاعد لضمان الشيخوخة‪ ،‬كما في مؤسسات‬ ‫القطاع العام‪.‬‬ ‫فالصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬مهدد‬ ‫باإلفالس حسب تقارير ودراسات‪ ،‬وإذا لم تبادر‬ ‫احلكومة الى معاجلة وضعه‪ ،‬واتخاذ قرارات جذرية في‬ ‫إيجاد احللول له‪ ،‬فان خطرا ً يتهدد وجوده‪ ،‬وسينعكس‬ ‫ذلك سلبا ً على السلم االجتماعي‪ ،‬وهو ما ال يقبل‬ ‫به املضمونون الذين يخشون على مؤسستهم من‬ ‫االنهيار‪ ،‬ال سيما وأن هناك من حاول مترير مشروع‬ ‫خلصخصة الضمان وحتويل املضمونني الى شركات‬ ‫التأمني‪ ،‬وقد مت التصدي له منذ سنوات‪ ،‬ويخشى أن‬ ‫تكون هذه الفكرة تراود البعض‪.‬‬ ‫فالشق االجتماعي ال يقتصر على الضمان فقط‪،‬‬ ‫فهناك البطاقة الصحية التي يعمل وزير الصحة‬ ‫محمد خليفة عليها‪ ،‬لتوحيد صناديق االستشفاء‬ ‫واملرض‪ ،‬وهي محاولة إصالحية جريئة‪ ،‬لكن لم‬ ‫يقدر لها بعد أن تبصر النور‪ ،‬وهي إن حتققت فقد‬ ‫يصبح الشعب اللبناني بأغلبه مضموناً‪ ،‬وهذا عمل‬ ‫متقدم عن كثير من الدول املتقدمة وذات األنظمة‬ ‫التي تعمل حلقوق االنسان‪.‬‬ ‫فاحلكومة أمام امتحان كما وعد رئيسها‪ ،‬إجناز‬ ‫ملفات اجتماعية خدماتية وإمنائية‪ ،‬لتتقدم نحو‬ ‫حترير املواطن من البطالة‪ ،‬التي ارتفعت نسبتها‬ ‫في صفوف الشباب املتخرج من اجلامعات واملعاهد‪،‬‬ ‫والذين يخرجون الى سوق العمل‪ ،‬فال يجدون‬ ‫مؤسسات تضمهم بفعل السياسة االقتصادية‬ ‫املتبعة منذ ما بعد اتفاق الطائف والتي لم تؤمن‬ ‫استثمارات في قطاعات إنتاجية‪ ،‬وقد تركز االستثمار‬ ‫في املصارف والعقارات ومرافق سياحية‪ ،‬وقد رفعت‬ ‫من النمو االقتصادي‪ ،‬لكن لم يكن لها تأثير على‬ ‫شرائح أخرى من اللبنانيني‪ ،‬حيث تعاني الصناعة من‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫تراجع الصادرات وهو ما أقفل مصانع ويهدد أخرى‪،‬‬ ‫إضافة الى تدني اإلنتاج الزراعي وقضم األراضي‬ ‫الزراعية لصالح األعمال العقارية وهذه سياسة‬ ‫إذا لم يتم ضبطها حكومياً‪ ،‬فإن لبنان مقبل على‬ ‫أزمة سكنية كبرى‪ ،‬مع ارتفاع أسعار العقارات‪ ،‬التي‬ ‫بدأت تقف سدا ً أمام الشباب الستئجار شقة‪ ،‬أو‬ ‫شراء منزل‪ ،‬بحيث لم يعد الدخل الفردي في لبنان‪،‬‬ ‫قادرا ً على تأمني مستلزمات العيش فيه‪ ،‬فتنفتح‬ ‫أبواب الهجرة أمام آالف اللبنانيني الى مجاهل األرض‬ ‫يفتشون عن لقمة عيشهم‪ ،‬وهي مغمسة بالعرق‬ ‫والدم‪ ،‬وكانت الهجرة على البعض نعمة وعلى‬ ‫البعض اآلخر نقمة‪ ،‬ولوال االغتراب اللبناني ملا صمد‬ ‫اللبنانيون املقيمون‪ ،‬الذين يستفيدون من حتويالت‬ ‫أقاربهم في اخلارج‪ ،‬إذ يسد مبلغ ‪ 7‬مليارات دوالر عوز‬ ‫آالف العائالت‪ ،‬ويعزز هذا املبلغ االقتصاد الوطني‪،‬‬ ‫ويرفع من عائدات دخل األفراد والعائالت‪.‬‬ ‫فأزمة السكن التي غابت عن البيان الوزاري‬ ‫للحكومة‪ ،‬بدأت تطل وتفرض نفسها‪ ،‬إذ ارتفعت‬ ‫األسعار حوالي ‪ %562‬منذ ست سنوات‪ ،‬وفي ظروف‬ ‫غير طبيعية‪ ،‬وال مستقرة امنيا ً وسياسيا ً في‬ ‫لبنان مما يطرح السؤال عن أسبابها وهل لها عالقة‬ ‫باملضاربات العقارية كما يقول خبراء اقتصاديون‪،‬‬ ‫وقد يكون لها انعكاسات سلبية كبرى‪ ،‬إذا لم يتم‬ ‫وضع اليد عليها‪ ،‬وترشيد هذه العملية‪ ،‬التي قد‬ ‫تنذر بعواقب وخيمة على االقتصاد الوطني‪.‬‬ ‫فأزمات الكهرباء والضمان االجتماعي والسكن‬ ‫مع ارتفاع نسبة البطالة وازدياد عدد الفقراء حيث‬ ‫تتحدث التقارير االقتصادية واالجتماعية عن نسب‬

‫تفوق التوقعات في املناطق الريفية والنائية وبعض‬ ‫ضواحي العاصمة‪ ،‬مما يؤشر الى أن األزمة تكبر‪ ،‬إذا‬ ‫لم تتحرك احلكومة ملعاجلتها‪ ،‬وهي لم تبدأ بعد‪،‬‬ ‫وما زالت تقف عند حدود حل أزمة التعيينات في‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬والتي يتم التعاطي معها‬ ‫بالعقلية نفسها‪ ،‬وهي احملاصصة‪ ،‬ولكن يتم‬ ‫جتميلها بإحلاقها بعبارة الكفاءة عليها‪ ،‬وهو عنوان‬ ‫سلبي للعبور الى الدولة وبناء مؤسساتها‪ ،‬التي‬ ‫هي شعارات العديد من القوى السياسية واحلزبية‪،‬‬ ‫التي تقف حائالً دون الوصول الى الدولة‪ ،‬التي يغرق‬ ‫نظامها السياسي بالطائفية‪ ،‬التي أوصى اتفاق‬ ‫الطائف بتشكيل هيئة وطنية إللغائها‪ ،‬لكن‬ ‫مبادرة الرئيس نبيه بري البدء بتطبيق هذه البند من‬ ‫الدستور جوبهت بالرفض والتحفظ من مختلف‬ ‫األطراف السياسية والتي أعلنت بأن الدعوة إليها‬ ‫مبكرة‪ ،‬وبالرغم من أن مطلب إلغائها ورد في املادة‬ ‫‪ 95‬من الدستور‪ ،‬وتبنت أول حكومة بعد االستقالل‬ ‫عام ‪ 1943‬أن تضعها موضع التنفيذ في اليوم‬ ‫املناسب‪ ،‬الذي لم يأت بعد‪.‬‬ ‫فبعد أشهر ثالثة من عمر احلكومة‪ ،‬لم تعالج‬ ‫فأجلت التعيينات اإلدارية ولم‬ ‫أي ملف حتى اآلن‪ّ ،‬‬ ‫تتوصل الى تفاهم حول إصالح قانون االنتخابات‬ ‫البلدية‪ ،‬ولم تفتح امللفات التي يئن منها املواطن‪،‬‬ ‫ولم تدخل الى اإلصالح اإلداري‪ ،‬كما لم تعالج‬ ‫موضوع الفساد املستشري في مؤسسات الدولة‪،‬‬ ‫ولم توقف الهدر ومتنع الرشوة‪ ،‬كما لم تنظم السير‪،‬‬ ‫ولم تخفف من اجلرمية‪ ،‬وتقضي على ظاهرة سرقة‬ ‫السيارات وعلى انتشار جتارة اخملدرات وترويجها‪ ،‬وقد‬

‫غزت املدارس واجلامعات‪ ،‬وأذهلت األرقام التي رفعت‬ ‫الى مراجع رسمية وأخرى سياسية‪ ،‬عن ارتفاع‬ ‫املدمنني بني الشباب من عمر ‪ 17‬وما فوق‪ ،‬وهي تهدد‬ ‫اجملتمع باالنحالل األخالقي والتردي التربوي والثقافي‪،‬‬ ‫وتفشي السرقة واجلرائم‪ ،‬واندثار األسرة اللبنانية‬ ‫وهو ما دفع باألمني العام “حلزب اهلل” السيد حسن‬ ‫نصراهلل الى التنبيه من هذه الظاهرة املدمرة‪ ،‬ودعا‬ ‫الى مواجهتها والوقوف بوجهها‪ ،‬ال سيما من أجهزة‬ ‫الدولة وهيئات اجملتمع املدني‪.‬‬ ‫واحلكومات في لبنان‪ ،‬ال تعمر كثيراً‪ ،‬وإن معدل‬ ‫عمرها ال يتجاوز العامني‪ ،‬لذلك فإن احلكومة‬ ‫احلالية‪ ،‬وقد جتاوزت عمر الثالثة أشهر‪ ،‬عليها أن‬ ‫تبدأ باحلركة ثم بالسير‪ ،‬لتحقيق إجنازات وعدت بها‬ ‫في بيانها الوزاري‪ ،‬وعلى أساسها نالت ثقة مجلس‬ ‫النواب‪ ،‬الذي عليه دور وصالحيات في املساءلة‬ ‫واالستجواب وطرح الثقة باحلكومة مجتمعة أو‬ ‫بوزير منها‪ ،‬على ضوء أعمالها‪ ،‬وهو ما نص عليه‬ ‫الدستور‪ ،‬وفصل بني السلطات وطالب بتعاونها‪،‬‬ ‫لكن في شكل احلكومة احلالي‪ ،‬فال فصل سلطات‪،‬‬ ‫ألن الكتل النيابية كلها ممثلة فيه‪ ،‬وهي لن تتقدم‬ ‫نحو املساءلة‪ ،‬فيبقى على األحزاب وهيئات اجملتمع‬ ‫املدني‪ ،‬وهي مت ّثل شرائح كبيرة في اجملتمع‪ ،‬وغير‬ ‫ممثلة في مجلس النواب أو احلكومة‪ ،‬أن تقوم بهذه‬ ‫املهمة وتشكل أدوات ضغط شعبية ونقابية‬ ‫وشبابية على احلكومة لتحقيق األولويات التي‬ ‫تبقي اللبنانيني على قيد احلياة!‬

‫انطوان خيراهلل‬

‫خمس سنوات والحقيقة ضائعة في اغتيال الحريري‬

‫خمس سنوات مرت على اغتيال الرئيس رفيق‬ ‫احلريري‪ ،‬دون أن تصدر بعد مضبطة اتهام مبرتكبي‬ ‫اجلرمية‪ ،‬وما زال الغموض يلف هذه القضية‪ ،‬حيث‬ ‫لم تتوصل جلنة التحقيق الدولية‪ ،‬التي شكلها‬ ‫مجلس األمن الدولي ملساعدة لبنان‪ ،‬على كشف‬ ‫احلقيقة‪ ،‬بالرغم من تبوؤ رئاستها أربعة محققني‬ ‫دوليني‪ ،‬فيتز جيرالد‪ ،‬ديتليف ميلس‪ ،‬سيرج برامرتز‪،‬‬ ‫ودانيال بيلمار‪ ،‬وقد أوردوا في تقاريرهم‪ ،‬ما كانت‬ ‫السلطات األمنية اللبنانية‪ ،‬توصلت إليه في‬ ‫األيام األولى من التحقيقات‪ ،‬بأن االنفجار وقع‬ ‫فوق األرض‪ ،‬وأن انتحاريا ً بسيارة “ﭭان” قام باختراق‬ ‫موكب احلريري وتفجير نفسه‪ ،‬كما أعلنت األجهزة‬ ‫األمنية اللبنانية‪ ،‬عن التقاطها التصاالت هاتفية‪،‬‬ ‫بني مجموعة أصولية إسالمية‪ ،‬سافرت فور وقوع‬ ‫اجلرمية الى أستراليا‪.‬‬ ‫فبعد ‪ 1825‬يوما ً من اجلرمية‪ ،‬التي استغلت عربيا ً‬ ‫وإقليميا ً ودولياً‪ ،‬باإلضافة الى االستفادة منها‬ ‫سياسيا ً وأمنيا ً على املستوى الداخلي اللبناني‪،‬‬ ‫فإن التحقيق فيها‪ ،‬لم يتوصل الى ما يشير الى‬ ‫اجملرمني واجلهات التي تقف وراءهم‪ ،‬وقد متّ استهالك‬ ‫آالف الصفحات من التحقيقات والتقارير‪ ،‬ومئات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الشهود‪ ،‬لم يظهر منهم سوى شهود الزور‪ ،‬الذين متّ‬ ‫توظيفهم لإلدالء بشهادات كاذبة‪ ،‬اعترفت احملكمة‬ ‫الدولية بعدم صحتها‪ ،‬وأطلقت سراح الضباط‬ ‫األربعة من اللبنانيني الذين شكلوا أساس النظام‬ ‫ينسق مع القوات السورية‬ ‫األمني اللبناني الذي كان ّ‬

‫‪16‬‬

‫وأجهزة استخباراتها العاملة في لبنان‪ ،‬حيث تبينّ‬ ‫للمدعي العام للمحكمة‪ ،‬بأن توقيف الضباط‬ ‫األربعة “اللواء جميل السيد‪ ،‬اللواء علي احلاج‪،‬‬ ‫العميد رميون عازار والعميد مصطفى حمدان”‪ ،‬لم‬ ‫يكن قانونياً‪ ،‬حيث استند القضاء اللبناني‪ ،‬الى‬


‫توصية من احملقق األملاني ديتليف ميليس‪ ،‬الذي‬ ‫جيء به لتسييس التحقيق وتوجيهه نحو سوريا‬ ‫فتم تشكيل غرفة عمليات‬ ‫وحلفائها في لبنان‪ّ ،‬‬ ‫سياسية ‪ -‬أمنية ‪ -‬قضائية إعالمية‪ ،‬استحضرت‬ ‫أشخاصاً‪ ،‬كان بعضهم له عالقات أو اتصاالت مع‬ ‫اخملابرات السورية‪ ،‬ومتّ تزويدهم بسيناريو معلومات‪،‬‬ ‫كان أبرز من أدلى به الشاهد املفبرك محمد زهير‬ ‫الصديق‪ ،‬الذي يتحدث بشهادة أسقطتها احملكمة‬ ‫ّ‬ ‫فيما بعد‪ ،‬وكان املقصود منها توريط ضباط لبنانيني‬ ‫وسوريني‪ ،‬في زعمه أنه كان يحضر معهم اجتماعات‬ ‫في لبنان( شقة في الضاحية اجلنوبية) وفي سوريا‬ ‫(القصر اجلمهوري) جرى في هذه األمكنة وغيرها‬ ‫التخطيط والتحضير لتنفيذ اجلرمية‪ ،‬وهذه الشهادة‬ ‫الصديق‪ ،‬أدخلت الضباط اللبنانيني‬ ‫التي أدلى بها‬ ‫ّ‬ ‫األربعة الى السجن‪ ،‬دون قرار ظني‪ ،‬حتى دون إجراء‬ ‫مواجهات بينهم وبني الصديق وشهود آخرين مثله‪،‬‬ ‫كهسام هسام‪ ،‬وإبراهيم جرجورة وغيرهما‪.‬‬ ‫فاالتهامات التي كان يسوقها فريق األكثرية‬ ‫النيابية‪ ،‬ضد سوريا وحلفائها‪ ،‬أنها تقف وراء اغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬وغيرها من اجلرائم والتفجيرات‪ ،‬فكان‬ ‫ادعاؤهم أنها تأتي في سياق االتهامات السياسية‪،‬‬ ‫التي تبرر قيامهم باالنقالب على سوريا‪ ،‬والسعي الى‬ ‫إسقاط نظامها عبر التحالف مع املشروع األميركي‬ ‫للمنطقة‪ ،‬الذي أعلنه الرئيس جورج بوش‪ ،‬ويتضمن‬ ‫إقامة الدميقراطية بإزاحة أنظمة دكتاتورية كما‬ ‫حصل في العراق‪ ،‬وأخرى دينية متطرفة كما جرى‬ ‫في أفغانستان‪ ،‬ليشمل “الشرق األوسط الكبير”‪.‬‬ ‫لكن هذه االتهامات التي كانت توصف بالسياسية‪،‬‬ ‫لم تقم قوى ‪ 14‬آذار أي دليل حولها‪ ،‬بد ًءا بأول محاولة‬ ‫اغتيال جرت للوزير والنائب مروان حمادة في أول‬ ‫تشرين األول عام ‪ ،2004‬ثم في اغتيال الرئيس احلريري‬ ‫في ‪ 14‬شباط ‪ ،2005‬وما حصل بعدهما‪ ،‬إذ تبينّ أن‬ ‫هذا الفريق السياسي الذي انغمس في املشروع‬ ‫األميركي‪ ،‬وقرأ التحوالت التي جرت في املنطقة‬ ‫بعد احتالل العراق‪ ،‬واندفاع إدارة الرئيس بوش‪ ،‬في‬ ‫حروب استباقية‪ ،‬ظن هذا الفريق أنه بهذا التحول‬ ‫الدولي الذي لعبت فرنسا برئاسة جال شيراك‪ ،‬دروا ً‬ ‫في التحالف الذي نشأ مع الرئيس بوش‪ ،‬ميكنه أن‬ ‫يحقق أهدافه مستغالً قضية اغتيال احلريري‪ ،‬بإخراج‬ ‫القوات السورية من لبنان‪ ،‬وإسقاط النظام األمني‬ ‫فيه‪ ،‬أوالتهويل باحملكمة الدولية لفرض شروط على‬ ‫النظام السوري‪ ،‬وفق “املفكرة األميركية للمنطقة”‪.‬‬ ‫هذه التحوالت لم ّ‬ ‫متكن هذا الفريق الذي فاز‬ ‫بأكثرية نيابية في انتخابات عام ‪ ،2005‬عبر التحالف‬ ‫الرباعي بني “أمل” و”حزب اهلل” و”تيار املستقبل”‬ ‫واحلزب التقدمي االشتراكي‪ ،‬وأقام حكومة وفاق‬ ‫وطني‪ ،‬من أن يلتزم رئيسها فؤاد السنيورة بالبيان‬ ‫الوزاري الذي ش ّرع املقاومة مع اشتداد الضغط عليه‬ ‫أميركياً‪ ،‬لنزع سالح املقاومة‪ ،‬الذي أحاله الرئيس‬ ‫نبيه بري الى طاولة احلوار‪ ،‬ليبحث ضمن استراتيجية‬ ‫دفاعية‪ ،‬وهذا ما لم يرق لإلدارة األميركية التي‬ ‫أعطت الضوء األخضر األميركي لـ “إسرائيل” لشن‬ ‫عدوان على لبنان في صيف ‪ ،2006‬لضرب املقاومة‬ ‫فيه‪ ،‬وشل إرادة الصمود لدى شعبه‪ ،‬الذي استطاع‬

‫أن يتصدى خالل ‪ 33‬يوما ً ألبشع عدوان‪.‬‬ ‫فاجلرمية التي أودت باحلريري‪ ،‬كان لها وظيفة‬ ‫سياسية‪ ،‬ومن نفذها كان يهدف الى الضغط‬ ‫على سوريا لالستجابة‪ ،‬للشروط األميركية‪ ،‬التي‬ ‫رفضتها منذ أن وطأت قدم جندي أميركي أرض‬ ‫العراق‪ ،‬فلم يقبل الرئيس بشار األسد‪ ،‬التعاون مع‬ ‫االحتالل األميركي‪ ،‬ضد مقاومته‪ ،‬وال وقف الدعم‬ ‫للمقاومة في لبنان‪ ،‬وال التراجع عن تأييد حركة‬ ‫ّ‬ ‫وشكل موقفه الرافض‬ ‫املقاومة في فلسطني‪،‬‬ ‫صفعة لإلدارة األميركية التي ظنت أن الضغوط‬ ‫على سوريا وقرار الكونغرس األميركي مبحاسبتها‪،‬‬ ‫واغتيال احلريري‪ ،‬والقرارات الدولية التي صدرت بعد‬ ‫اجلرمية‪ ،‬سوف يدفعها الى أن تخضع‪ ،‬وكانت محاولة‬ ‫أميركية للمقايضة على الوجود السوري في لبنان‬ ‫بالتضييق على املقاومة اللبنانية‪ ،‬لكن القيادة‬ ‫السورية رفضت إمالءات وزير اخلارجية األميركية‬ ‫األسبق كولن باول الذي اعترف فيما بعد بالعار الذي‬ ‫حلق به عندما وافق على احتالل العراق‪ ،‬دون أي وجه‬ ‫قانوني وإنساني‪.‬‬ ‫لم تنجح عملية اغتيال احلريري‪ ،‬في لَ ّي الذراع‬ ‫السورية وال في تقهقر القوى احلليفة لها في لبنان‪،‬‬ ‫إذ تلقفت دمشق ما يتدبر من مؤامرة ضدها‪ ،‬وسحبت‬ ‫قواتها من لبنان بقرار جريء من الرئيس األسد اتخذه‬ ‫بعد ثالثة أسابيع من وقوع اجلرمية‪ ،‬وفاجأ به خصومه‪،‬‬ ‫الذين راهنوا على أن يساوموا معه على الوجود‬ ‫السوري‪ ،‬وأن تشتد احلملة الشعبية من قوى ‪ 14‬آذار‬ ‫عليه‪ ،‬واخلوض ضده بعمليات عبر أساليب مختلفة‬ ‫ومنها القوة‪ ،‬إالّ أن الرئيس السوري ّ‬ ‫عطل عليهم‬ ‫مشروعهم‪ ،‬وف ّرغ “ثورة األرز” من مضمون شعاراتها‪،‬‬ ‫وهي االستقالل والسيادة‪ ،‬وجاء اخلروج السوري‪ ،‬بقرار‬ ‫ثم من خالل اجتماع للمجلس األعلى‬ ‫ذاتي سوري‪ّ ،‬‬ ‫اللبناني – السوري جمع مسؤولي البلدين على‬ ‫مستوى رؤساء اجلمهورية ومجلس النواب واحلكومة‪،‬‬ ‫والوزراء اخملتصني‪ ،‬ومتّ التوقيع على محضر اجتماع‬ ‫يقر بانسحاب القوات السورية‪ ،‬التي كانت قد بدأت‬ ‫قبل سنوات باالنسحاب من أماكن كثيرة من بيروت‬ ‫ومناطق عدة‪ّ ،‬‬ ‫وتركز وجودها في البقاع والشمال‪،‬‬ ‫نص اتفاق الطائف‪ ،‬على حقّ ها في ذلك ألسباب‬ ‫وقد ّ‬ ‫تتع ّلق بالصراع العربي – اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫خروج القوات السورية السريع‪ ،‬أجهض املشروع‬ ‫األميركي‪ ،‬وفقدت قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬قضية كانت تناضل من‬ ‫أجلها‪ ،‬فلم يب َق أمام أصحاب املشروع‪ ،‬سوى احملكمة‬ ‫الدولية مسلطة فوق رأس النظام في سوريا‪ ،‬التي‬ ‫تعاملت بحزم ضد محاولة تسييسها‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي تعاونت مع جلان التحقيق الدولية‪ ،‬وقدمت‬ ‫ما عندها من معلومات وسمحت لضباط منها أن‬ ‫يدلوا بإفادات أمامها‪ ،‬لكن ما حصل هو أن انكشاف‬ ‫فتم تبديل ميليس‬ ‫شهود الزور‪ ،‬أربك التحقيق‪ّ ،‬‬ ‫يتبدل‪ ،‬ويتراجع ال‬ ‫ببراميرتس‪ ،‬وبدأ مجرى التحقيق ّ‬ ‫بل ينفي توجيه الشبهة وليس االتهام الى النظام‬ ‫األمني – اللبناني السوري املشترك‪ ،‬بعد أن سقطت‬ ‫كل االدعاءات حول تو ّرط الرئيس األسد والرئيس‬ ‫إميل حلود وشخصيات سورية ولبنانية سياسية‬ ‫وحزبية‪ ،‬وأعلن الرئيس الثاني للجنة التحقيق‪ ،‬أنه ال‬

‫‪17‬‬

‫توجد أدلة على تو ّرط أي مسؤول لبناني أو سوري في‬ ‫اجلرمية‪ ،‬وأعطى توصية بإطالق سراح املوقوفني الذين‬ ‫كان القضاء اللبناني ممثالً بسعيد ميرزا‪ ،‬يرفض‬ ‫إخراجهم من السجن ألسباب سياسية‪ ،‬كان يبوح‬ ‫بها للمقربني منه‪ ،‬كما أعلن عن ذلك اللواء السيد‬ ‫أكثر من مرة‪ ،‬واضطر الى تقدمي شكاوى على ميرزا‬ ‫والقاضي صقر صقر‪ ،‬بعد تنحية القاضي الياس عيد‬ ‫الذي أوشك على فك أسر الضباط‪ ،‬حيث استمر‬ ‫املدير العام السابق لألمن العام في شكاويه في‬ ‫لبنان وسوريا وفرنسا‪ ،‬ضد كل من تو ّرط في تقدمي‬ ‫معلومات كاذبة الى التحقيق‪ ،‬وتس ّبب بسجنه مع‬ ‫زمالئه ومواطنني لبنانيني آخرين‪.‬‬ ‫فاحملكمة الدولية وبعد خمس سنوات من اغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬لم تستدع أي متهم للمثول أمامها‪ ،‬وال‬ ‫يوجد موقوفون لديها‪ ،‬كما لم يتقدم املدعي العام‬ ‫بلمار بقرار ظني ضد أشخاص‪ ،‬مما قد يضع القضية‬ ‫في غياهب النسيان‪ ،‬إذا لم تبرز معطيات ما‪ ،‬يقدمها‬ ‫االدعاء العام للمحكمة‪ ،‬حيث ما زال رئيسها القاضي‬ ‫اإليطالي أنطونيو كاسيزي متفائالً بإمكانية الوصول‬ ‫الى معلومات حولها‪ ،‬دون أن يحدد الفترة الزمنية‪ ،‬أو‬ ‫يشير الى جهة ما تقف وراء اجلرمية‪.‬‬ ‫ولقد س ّلم آل احلريري مبا سيصدر عن احملكمة‪،‬‬ ‫وتراجعت اتهاماتهم ضد سوريا‪ ،‬كما عن النظام‬ ‫األمني السابق‪ ،‬وجاءت زيارة الرئيس سعد احلريري‬ ‫الى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار األسد‪،‬‬ ‫ليفك االرتباط بني العالقة األخوية مع سوريا كما‬ ‫يقول هو‪ ،‬واجلرمية التي مع سقوط التسييس عنها‪،‬‬ ‫انتظمت العالقات اللبنانية – السورية‪ ،‬كما استقرت‬ ‫الساحة اللبنانية الداخلية‪ ،‬إذ لم حتقق عملية‬ ‫االغتيال أهدافها بإشعال صراع سني – شيعي‪،‬‬ ‫بعد اجلرمية مباشرة‪ ،‬وبدأت أصابع االتهام تتجه نحو‬ ‫الضاحية اجلنوبية كونها تشكل “املربع األمني حلزب‬ ‫اهلل” بأن السيارات تفخخ فيها‪ ،‬وقد أعلن أكثر من‬ ‫مسؤول في قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬بأن “حزب اهلل” ليس بعيدا ً‬ ‫عن االغتياالت والتفجيرات كونه القوة األمنية‬ ‫والعسكرية األقوى في لبنان‪ ،‬دون أن يتذكر من أطلق‬ ‫هذه املزاعم‪ ،‬أن األجهزة األمنية ألقت القبض على‬ ‫شبكات تخريب إسرائيلية‪ ،‬اعترف أعضاؤها بارتكاب‬ ‫عمليات اغتيال وتفجير طالت عناصر وقيادات من‬ ‫املقاومة‪ ،‬إضافة الى أعمال إرهابية أخرى‪ ،‬وكذلك‬ ‫اخلاليا اإلسالمية املتطرفة التي ألقي القبض‬ ‫عليها‪ ،‬واعترفت بقيامها بأعمال اغتيال‪ ،‬ومن هذه‬ ‫اخلاليا مجموعة ما يسمى الـ‪ ،13‬التي اعترفت بأنها‬ ‫وراء اغتيال احلريري ولكن مت طمس هذه املعلومات‪،‬‬ ‫بالرغم من تأكيد تقارير جلان التحقيق الدولية‪ ،‬من‬ ‫أن أصوليني وراء اجلرمية‪.‬‬ ‫فاحلروب التي حصلت في العالم‪ ،‬كانت تبدأ‬ ‫باغتيال‪ ،‬وفي لبنان نشبت املعارك الداخلية إثر اغتيال‪،‬‬ ‫هكذا فقد انفجر االقتتال في العام ‪ 1958‬بعد اغتيال‬ ‫الصحافي نسيب املتني‪ ،‬واندلعت احلرب األهلية عام‬ ‫‪ ،1975‬بعد اغتيال معروف سعد في صيدا‪ ،‬وإن اغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬كان إلعادة جتديد احلرب األهلية‪ ،‬التي شهدنا‬ ‫نصفها‪ ،‬وأوقفها اتفاق الدوحة‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫مقابلة‬ ‫استقال من الجيش إلعادة تنظيم حركة «المرابطون»‬

‫العميد مصطفى حمدان لـ «منبر التوحيد»‪ :‬أدعو الحريري‬ ‫لتنظيم موتمر في السراي تحت عنوان المواجهة والصمود‬ ‫في النهج السياسي “القومي العربي” الذي بدأه جمال عبد الناصر وتابع طريقه‬ ‫خاله إبراهيم قليالت (أبو شاكر)‪ ،‬مؤسس ورئيس حركة الناصريني املستقلني (املرابطون)‪،‬‬ ‫قرر قائد احلرس اجلمهوري السابق العميد مصطفى حمدان متابعة مسيرته السياسية‬ ‫والفكرية التي كانت انطالقتها األولى في العمل الفدائي ضد العدو «اإلسرائيلي» في‬ ‫إطار حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)‪ ،‬قبل أن ينخرط في املؤسسة العسكرية‬ ‫التي رأى أنها جتسد تطلعاته‪ ،‬ويستطيع من خاللها استكمال عمله النضالي‪.‬‬ ‫نزاع قضائي مع اجلهة السياسية التي رمت به في املعتقل‬ ‫وال يزال يرفض الدخول في ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مسوغ قانوي‪ ،‬تاركاً احلكم للشعب اللبناني والتاريخ‪ .‬وال يرى في توقيفه‬ ‫دون أي‬ ‫من ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫استهدافاً شخصياً له‪ ،‬بل يضعه في سياق “الهجمة التلمودية” على املنطقة‪ ،‬والتي‬ ‫اس ُتهلت في العراق‪ ،‬وحاولت أن متتد إلى سوريا ولبنان لضرب آخر معاقل املمانعة في‬ ‫منيع‪ ،‬أال وهو مشروع املقاومة في لبنان‪ ،‬الذي‬ ‫بسد‬ ‫العالم العربي‪ ،‬غير أنها اصطدمت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دولة قد تتهدد‬ ‫أسقط “مشروع تفتيت” املنطقة‪ ،‬وكشف كذبة تفوّق “إسرائيل” على أي ٍ‬ ‫كيانها وجيشه الذي «ال يقهر»‪.‬‬ ‫كالم قائد احلرس اجلمهوري السابق العميد مصطفى حمدان جاء في حديث جمللة‬ ‫«منبر التوحيد»‪ ،‬الذي بدأه في ر ًد على سؤال ما إذا كان العمل السياسي‪ ،‬وإحيائه تنظيم‬ ‫حركة الناصريني املستقلني‪-‬املرابطون هو سبب استقالته من العمل العسكري‪،‬‬ ‫فأجاب‪:‬‬ ‫لعدم االزدواجية في االنتماء والوالء‪ ،‬قرر‬ ‫االستقالة من اجليش‪ ،‬وإعادة تنظيم حركة‬ ‫سياسية‪ ،‬يعتبرها مدرسته األولى في الفكر‬ ‫والنضال‪ ،‬وهي حركة الناصريني املستقلني‬ ‫«املرابطون»‪ ،‬والتي سيسعى من خاللها إلى‬ ‫تعميم فكر جمال عبد الناصر‪ ،‬الداعي إلى الوحدة‬ ‫العربية التكاملية‪ ،‬ال االندماجية‪ ،‬ودعم حركات‬ ‫املمانعة واملقاومة في وجه املشاريع التقسيمية‬ ‫التي تواجه العاملني العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫وانسجاما ً منه مع النهج اآلنف الذكر‪ ،‬وإميانا ً‬ ‫منه بفكر خاله ابراهيم قليالت “أبو شاكر”‬ ‫الالطائفي‪ ،‬القومي العربي‪ ،‬الوعاء الذي نشأ‬ ‫ّ‬ ‫وشكل الرئيس جمال عبد الناصر أحد أهم‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫رموزه‪ ،‬كان من الطبيعي أن يعاود ممارسة عمله‬ ‫النضالي السياسي ضمن حركة الناصريني‬ ‫املستقلني‪-‬املرابطون‪.‬‬ ‫وأشار حمدان‪ :‬الى أنه حتى أثناء تواجده في‬ ‫املدرسة احلربية‪ ،‬وفي الفترات التي حدثت فيها‬ ‫احلروب األهلية‪ ،‬واالجتياح اإلسرائيلي الذي أعتبره‬ ‫نقطة مضيئة في تاريخه النضالي‪ ،‬كانت حركة‬ ‫الناصريني املستقلني هي اجملال الذي ميارس فيه‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فكره النضالي‪ ،‬مع التأكيد على أنه كان في‬ ‫أحدى الفترات‪ ،‬في التنظيم الناصري‪« ،‬احتاد قوى‬ ‫الشعب العامل»‪ ،‬الذي يرأسه كمال شاتيال‪،‬‬ ‫معتبرا ً أن كل القوى الناصرية القومية العربية‪،‬‬ ‫هي الوعاء واملركز واجملال‪ ،‬الذي ميارس فيه اإلنسان‪،‬‬ ‫الذي يتمتع بالفكر الناصري القومي العربي‪،‬‬ ‫فكره النضالي‪.‬‬ ‫ولم يستغرب حمدان عودته الى عمله‬ ‫النضالي من خالل حركة الناصريني املستقلني‪-‬‬ ‫املرابطون‪ ،‬املوجودة بشبابها‪ ،‬ونضالها‪ ،‬وجهادها‪،‬‬ ‫وإن كانت منكفئة عن التدخل رسمياً‪.‬‬ ‫وفي حديثه كشف حمدان‪ :‬عن أن حركة‬ ‫املرابطون اليوم تضم شبانا ً وكوادر جدد‪ ،‬إضافة‬ ‫الى الكوادر القدامى‪ ،‬يعملون على ما يسمى‬ ‫مشروع حتديث العمل السياسي حلركة الناصريني‬ ‫املستقلني‪-‬املرابطون‪ ،‬الذين بدأوا العمل به‬ ‫من خالل ورش عمل فكرية أقاموها في فندق‬ ‫«املاريوت» في بيروت‪.‬‬ ‫وأضاف حمدان‪ :‬إن هذا املشروع قائم على‬ ‫شقّ ني أساسيني‪ :‬األول إعادة صياغة نداء سياسي‬ ‫على الواقع الذي نعيشه‪ ،‬أُنجِ ز العمل به من خالل‬

‫‪18‬‬

‫كوادر جديدة وأصبح جاهزا ً لإلعالن عنه بانتظار‬ ‫التوقيت املناسب‪.‬‬ ‫والشق الثاني يتع ّلق بالهيكلية التنظيمية‬ ‫التي ستُبنى على صيغة متطورة ومرنة تعتمد‬ ‫باألساس على الفكر االنتخابي القائم على‬ ‫النسبية من القاعدة الى القمة‪ ،‬اعت ُِمد فيها‬ ‫على جتارب أحزاب قدمية‪ ،‬منها أحزاب الكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬مشيرا ً الى جهوزية التفاصيل‪،‬‬ ‫ولكنهم بطور عرض هذا املشروع على األخ «أبو‬ ‫شاكر» لوضع اللمسات األخيرة عليه‪ ،‬لإلعالن‬ ‫عنه في الوقت املناسب‪.‬‬ ‫وش ّدد حمدان على نقطة هامة‪ ،‬يجب التركيز‬ ‫عليها‪ ،‬وهي أن إحياء احلركة اليزال مشروعاً‪ ،‬ميكن‬ ‫أن يجد أن صيغته غير مكتملة وفعله السياسي‬ ‫ليس في وقته‪ ،‬ألجل ذلك ميكن لهذا املشروع أن‬ ‫يبصر النور أو أن يتو ّقف بحسب الظروف الداخلية‬ ‫السياسية للحركة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد حمدان على أنه لن يكون هناك أي وثيقة‬ ‫سياسية للحركة‪ ،‬بل سيكون هناك نداء سياسي‬ ‫سيوجه للجماهير‪ ،‬يعكس الفكر القومي العربي‬ ‫ّ‬ ‫الناصري والفعل البراغماتي الواقعي ورؤية حركة‬


‫الناصريني املستقلني‪-‬املرابطون للواقع‪.‬‬ ‫وعن عودة إبراهيم قليالت «أبو شاكر»‬ ‫إلى لبنان‪ ،‬لفت حمدان إلى أن هذه‬ ‫العودة يقررها أبو شاكر شخصيا ً عندما‬ ‫يرى الظرف مناسبا ً له‪ ،‬وللحركة في آن‪.‬‬ ‫وقبل احلديث عن التمويل السياسي‬ ‫للحركة‪ ،‬أشاد حمدان بنهج «حزب‬ ‫اهلل» املقاوم‪ ،‬الذي استطاع من خالل‬ ‫الرؤية االستراتيجية الفذة للسيد حسن‬ ‫نصر اهلل بالتحديد‪ ،‬باإلضافة الى الفكر‬ ‫اإلسالمي الذي يتمتّع به كقائد عروبي‬ ‫أساسي في املعركة والصراع العربي‬ ‫التلمودي من الوقوف في وجه العدو‬ ‫الصهيوني‪ ،‬مشيرا ً الى أن العالقة مع‬ ‫احلزب خارج إطار التصنيف لها طابع‬ ‫خاص يتع ّلق بالواقع املقاوم‪ ،‬وطموح‬ ‫حركة الناصريني املستقلني‪-‬املرابطون في‬ ‫أن تكون مع حزب اهلل على احلدود اجلنوبية‬ ‫للبنان‪ ،‬ملتابعة نهج املقاومة في مواجهة‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً على أنه ليس‬ ‫العدو الصهيوني‪،‬‬ ‫هناك أي دعم من «حزب اهلل» للحركة‪.‬‬ ‫وحول على سؤال ماذا تقولون في‬ ‫الذكرى اخلامسة الستشهاد الرئيس‬ ‫رفيق احلريري؟‬ ‫أجاب حمدان‪ :‬أوالً‪ ،‬أو ّد أن أقول ما سبق‬ ‫جعجع أخطر من آن يكون عميالً‬ ‫وص ّرحت به من على منبر تيار التوحيد‪،‬‬ ‫أن ليبرمان أعاد تصويب املسار الى موقعه‬ ‫احلقيقي‪ ،‬وأن الفتنة املذهبية وما حدث‬ ‫في السنوات اخلمس املاضية التي بُنيت‬ ‫على الباطل‪ ،‬كان املصدر األساسي له‪،‬‬ ‫اجملرمون الصهاينة‪.‬‬ ‫وأضاف حمدان‪ :‬إن «جعجعة» ليبرمان‬ ‫التي تقابلها بعض «اجلعجعة» في الداخل‬ ‫تصب في خانة واحدة‪ ،‬راداً على من يقول‬ ‫بأنه عاد لي ّتهم بالعمالة قسم معينّ‬ ‫من الشعب اللبناني»‪ ،‬بأنه ال يتهم‬ ‫قسم من الشعب اللبناني‪ ،‬وال يتّهم‬ ‫سمير جعجع أنه يتلقى فعل «اجلعجعة‬ ‫الصهيونية»‪ ،‬موضحا ً أن سمير جعجع‬ ‫هو أخطر من أن يكون عميالً‪ ،‬ألنه أداة‬ ‫أساسية ّ‬ ‫وحتضر اجلو إلجناح مشروع‬ ‫تنفذ‬ ‫ّ‬ ‫الهجمات االستعمارية التي كانت عصبة‬ ‫لف ّ‬ ‫اجملرمني‪ :‬جورج بوش ومن ّ‬ ‫لفهم وبقايا‬ ‫الدميقراطيني فيلتمان وغيره تديرها في‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫وأوضح حمدان في حديثه‪ :‬أنه عندما‬ ‫نتحدث عن شخص سمير جعجع ال‬ ‫نقصد حزب القوات اللبنانية السياسي‪،‬‬ ‫ولكن نقصده كشخص وليس كتنظيم‪،‬‬ ‫ودائما ً عندما تتوحد الساحة اللبنانية فإنه الطائفة املسيحية‪ ،‬بحيث أن القتل واألذى الذي‬ ‫وبواسطة ماكنة القتل لديه يتحرك ليعمل أحلقه بالداخل املسيحي أخطر بكثير من الذي‬ ‫على تقسيم وتفتيت الساحة الداخلية‪ ،‬ليس أحلقه خارجه‪ ،‬من أجل ذلك في ذكرى الـ‪ 14‬من آذار‪،‬‬ ‫نقدر املوقف واخلطاب السياسي للرئيس سعد‬ ‫ّ‬ ‫على الصعيد الوطني فقط‪ ،‬بل أيضا ً على صعيد‬

‫‪19‬‬

‫احلريري ما أرجع الشريحة التي ننتمي‬ ‫إليها‪ ،‬وأرجع ساحة الشهداء وساحة‬ ‫الشهيد الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬الذي‬ ‫نعتبره من القياديني والرموز األساسية‬ ‫لهذه الساحة العربية الوطنية‪ ،‬الى‬ ‫موقعها الطبيعي وتاريخها العروبي‬ ‫والوطني‪ ،‬الذي سلكه الشهيد الرئيس‬ ‫رفيق احلريري قبل أن يكون في السلطة‬ ‫وبعد وصوله إليها وأثناء ممارسته لها‪،‬‬ ‫وقد م ّثل دوره في بعض املواقع‪ ،‬متمنيا ً‬ ‫من الرئيس سعد احلريري عقد مؤمترا ً‬ ‫وطنيا ً في السراي الكبير حتت عنوان‬ ‫«مؤمتر املواجهة والصمود» للتأكيد على‬ ‫تالزم اجليش والدولة واملقاومة واجملتمع‬ ‫املدني ككتلة متراصة في وجه العدو»‪،‬‬ ‫ما يعيد للشريحة السنية التي ننتمي‬ ‫إليها دورها العروبي‪ ،‬الذي حاول بعض‬ ‫األطراف ولسنوات عدة أن يعكسوا‬ ‫صورتها‪ ،‬مشيرا ً الى سير األمور في‬ ‫اجتاهها الصحيح‪.‬‬ ‫وختم حمدان اللقاء بالقول إن ما نشهده‬ ‫اليوم على صعيد سوريا‪ ،‬يزيد قناعاتنا وفكرنا‬ ‫والتزامنا باخلط القومي العربي السوري‪،‬‬ ‫وذلك يعود الى النهج السياسي‪ ،‬والرؤية‬ ‫االستراتيجة الفذة للدكتور بشار األسد جتاه‬ ‫أهمية الوجود املسيحي في منطقة الشرق‪،‬‬ ‫الذي ُع ِّبر عنه في القداس الذي أقيم مبناسبة‬ ‫إحياء عيد مار مارون في براد‪.‬‬ ‫فبهذه النظرة الواقعية للوجود‬ ‫املسيحي املشرقي‪ ،‬والرؤية االستراتيجية‬ ‫استطاع الرئيس األسد مواجهة أقصى‬ ‫هجمة استعمارية على الشرق‪ ،‬ما جعل‬ ‫سوريا ترسم اخلطوط العريضة ملا سيأتي‬ ‫والتي ستكون لصالح النضال العربي‬ ‫القومي‪ ،‬مشيرا ً الى أن أشخاصا ً مثل‬ ‫العماد عون والرئيس إميل حلود والوزير‬ ‫سليمان فرجنيه يدركون‪ ،‬بانتمائهم‬ ‫للفكر القومي العربي‪ ،‬أهمية موقعهم‬ ‫القيادي الطليعي في منطقة الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬ودورهم املسيحي املشرقي‪،‬‬ ‫الذي هو أهم بكثير من أن يكونوا تابعني‬ ‫ملوظف صغير في أي وزارة خارجية في‬ ‫الدول االستعمارية الغربية الكبرى‪.‬‬ ‫إذا ً يعود مصطفى حمدان إلى الساحة‬ ‫السياسية اللبنانية من باب حركة‬ ‫«املرابطون»‪ ،‬بعدما أمضى سنوات في‬ ‫اجليش اللبناني‪ ،‬ونحو أربع سنوات وراء‬ ‫القضبان‪ ،‬في قضية لم ينكشف النقاب‬ ‫عنها بعد‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير عباس خشاب‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‬

‫ورقة التفاهم بين حزب هللا‬ ‫والتيار الوطني الحر‬ ‫تصمد للعام الرابع‬ ‫متيزت احلياة احلزبية اللبنانية بالتنوع والتقلب الشديد سواء في مواقف‬ ‫األحزاب نفسها أو في التحالفات فيما بينها‪.‬‬ ‫وفيما حكمت االنتماءات الطائفية الكثير من التشكيالت احلزبية‪ ،‬كانت‬ ‫املصالح الشخصية والفئوية حاضرة بقوة في مختلف القوى احلزبية‬ ‫والطائفية والتحالفات فيما بينها في بلد متتع بتجربة دميقراطية فريدة في‬ ‫العالم العربي‪.‬‬ ‫فأصبحت بالتالي التحالفات احلزبية‪ ،‬ضمن النظام الطائفي ‪ -‬التوافقي‪،‬‬ ‫مجرد حتالفات انتخابية فقط غير مبنية على برامج حكم متكاملة‪ ،‬التي‬ ‫يفترض بها أن تتخطى العناوين والشعارات االنتخابية العامة‪ ،‬ومكرس ًة‬ ‫مبدأ يقوم على أن ال إصالح أو حكم إالّ بالتوافق‪ .‬فيتراجع اهتمام األحزاب‬ ‫باملشاريع اإلصالحية‪ ،‬ويطغى هذا املفهوم على هدف وصولها إلى السلطة‪،‬‬ ‫ويتراجع بالتالي دور األحزاب عموما وعلى الصعد اخملتلفة‪.‬‬ ‫ولكن هذا لم يكن شأن “حزب اهلل” و”التيار الوطني احلر” اللذين و ّقعا‬ ‫ورقة التفاهم فيما بينها بهدف البحث عن شيء جديد ومستقبل وطني‬ ‫يتخطى املفهوم القدمي للتعاون السياسي‪ ،‬واحلوار على معاجلة القضايا‬ ‫اللبنانية‪ ،‬حيث أثبتت الورقة‪ ،‬وعلى مدى أربع سنوات صوابيتها حني‬ ‫ساهمت في جتاوز عددٍ من التحديات الكبرى التي شهدها لبنان‪ ،‬بد ًءا بحرب‬ ‫متوز ‪ ،2006‬مرورا ً باعتصام وسط بيروت واتفاق الطائف‪ ،‬وصوال ً الى تشكيل‬ ‫حكومة الوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫ففي السادس من شباط ‪ ،2006‬قرر التيار “الوطني احلر” في لبنان و”حزب‬ ‫اهلل” جتاوز الواقع السياسي املسيطر آنذاك نحو املبادرة حلل النقاط اخلالفية‬ ‫بواسطة احلوار‪.‬‬ ‫وللمرة االولى يوقع طرفان لبنانيان ورقة مبادئ تسمى بورقة تفاهم‪ ،‬تقوم‬ ‫آليه تطبيقها على تبادل اآلراء بهدف التوصل الى حلول لبنانية للمشاكل‬ ‫اللبنانية‪ ،‬مترجمة ممارسة اجتماعية وسياسية وحياتية‪ ،‬لم تكن لتذيب‬ ‫طرفا ً في آخر‪ ،‬بل تركت هوامش اختالف وليس خالفاً‪ .‬هوامش تشير الى أن‬ ‫ما جمع حزب اهلل والتيار الوطني احلر هو التالقي على ممارسة الدميوقراطية‬ ‫احلقيقية كما قال البعض‪ ،‬وهذا ما أثبته كل من عضو اجمللس السياسي‬ ‫في في “حزب اهلل” غالب أبو زينب والقيادي في التيار “الوطني احلر” زياد عبس‬ ‫لـ “منبر التوحيد”‪ ،‬الذي قال أن الشيئ الهام الذي حققته ورقة التفاهم‬ ‫هو أنها ّ‬ ‫متكنت من إرساء التفاهم بني فريقني أساسيني في تركيبة اجملتمع‬ ‫اللبناني‪ ،‬ما انعكس على كثير من األمور التي تهم الشأن العام اللبناني‪.‬‬ ‫ولقد أثبتت هذه الوثيقة على أنها تفاهم حقيقي استمر ‪ 4‬سنوات‬ ‫في ظروف صعبة جداً‪ّ ،‬‬ ‫متكن خاللها من االنعكاس على مختلف أوجه‬ ‫احلياة لفترة‪ ،‬ما جعل اخلصم السياسي يتموضع في وجه هذا التفاهم‬ ‫وتداعياته وكل حمالته على اخليارات السياسية للتيار الوطني احلر و»حزب‬ ‫اهلل» التي نشأ قسمها األكبر على هذا التفاهم‪ ،‬كما أثبتت في محطات‬ ‫أساسية خالل حرب متوز ‪ ،2006‬وخالل االعتصام في وسط بيروت واجتماع‬ ‫الدوحة‪ ،‬واالنتخابات النيابية األخيرة وتشكيل احلكومة وصوال ً الى اليوم‪،‬‬ ‫االستحقاقات املطروحة على طاولة احلكومة للحوار‪ ،‬أنها تفاهم جدي‬ ‫وعميق ليس فقط بني قيادة حزبني بل بني قواعد مجتمعني انعكست على‬ ‫قيادة حزبني‪.‬‬ ‫وحول جتديد قانون االنتخاب وتخفيض سن االقتراع ومشاركة اإلغتراب‬ ‫اللبناني في انتخابات االستحقاق املقبل املتع ّلق بانتخابات اجملالس البلدية‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫رأى عبس أنه حان الوقت اليوم ألن يكون هناك إصالح حقيقي‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫االستحقاق البلدي ليس محطة يجب االستخفاف بها‪ ،‬ألنها ستنعكس‬ ‫على اإلدارة احمللية للبلديات واملواطنني على مدى السنوات القادمة‪ ،‬وأنه‬ ‫حان الوقت أن ينتج هذا القانون سلطة محلية مت ّثل املواطنني‪ ،‬وتعمل على‬ ‫توظيف أشخاص كفؤ لتحسني ما ميكن حتسينه خاصة وأننا نطمح الى‬ ‫إدارة المركزية تُعنى بشأن املواطنني‪.‬‬ ‫من هنا جند أن األولوية تكمن في عدم تأجيل اإلصالح بحجة عامل الوقت‪،‬‬ ‫فاليوم هناك ضرورة إلصالح هذا القانون وإدخال اإلصالحات الضرورية عليه‬ ‫حتى لو اضطرنا ذلك الى تأجيل االنتخابات البلدية ألشهر‪ ،‬وتابع عبس‬ ‫حديثه قائالً‪ :‬اليوم األولوية في أن نؤمن استحقاقات حقيقية وجدية‬ ‫ونؤمن صحة التمثيل من جهة‪ ،‬وإمكانية إمناء فعال ومتوازن من أن نقوم‬ ‫باالنتخابات البلدية في موعدها‪.‬‬ ‫وأشار عبس الى أن هناك عناوين كثيرة متّ طرحها والتفاهم عليها في‬ ‫ورقة التفاهم‪ ،‬التي توضح املوقف املشترك لكل من «التيار الوطني احلر»‬ ‫و»حزب اهلل»‪ ،‬ولكن حتقيقها يتط ّلب تعاون السلطة القائمة‪ ،‬ففي موضوع‬ ‫الفساد مثالً هناك الكثير من األمور التي قمنا بها خاصة منذ وجود سلطة‬ ‫سياسية قادرة على أن تنتج‪ ،‬سواء منذ تشكيل احلكومة الى اليوم أو خالل‬ ‫احلكومة التي كانت قبل االنتخابات‪ ،‬إالّ أنه يبقى الكثير من األمور التي‬ ‫ّ‬ ‫لنتمكن مع الوقت‬ ‫يجب بحثها وفق معارف مشتركة من أجل حتقيقها‬ ‫من حتسني أداء هذه السلطة‪ ،‬بهدف التوصل الى سلطة العدل االجتماعي‬ ‫والتوازن والتمثيل الصحيح‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬قال أبو زينب إن هدف التفاهم هو بناء العالقة املتينة والتفاهم‬ ‫بني «التيار الوطني» احلر و»حزب اهلل» بشكل خاص‪ ،‬وبني أركان املعارضة‬ ‫بشكل عام‪ ،‬هذا املوضوع بدأ من حالة متّ فيها دراسة املوضوعات اخملتلف‬ ‫عليها‪ ،‬حيث متّ اتخاذ مواقف مشتركة تبلورت في عشر نقاط انطلقنا منها‬ ‫الى حالة من العمل اليومي الذي نتفاهم من خالله على الكثير من املواقف‬ ‫السياسية والتقاطعات الكبرى بني «حزب اهلل» و»التيار الوطني احلر»‪،‬‬ ‫وشهد أكثر من محطة من التفاهمات الكبيرة مثل محطة متوز ‪ ،2006‬حيث‬ ‫اتخذ التيار مواقف أساسية في هذه احلرب‪ ،‬إضافة الى االعتصام الذي حدث‬ ‫في وسط بيروت حيث كان هناك فهم مشترك لهذا املوضوع‪ ،‬وجت ّلى كذلك‬ ‫في موضوع املشاركة في احلكومة‪ ،‬ما يعني أن هناك مسارا ً سياسيا ً فرضته‬ ‫ورقة التفاهم‪ ،‬هذا املسار السياسي له أبعاد مختلفة‪ ،‬البعد األول هو أن‬ ‫التفاهم جرى حول أشياء محددة تطور من خالل العمل الدؤوب بني التيار‬ ‫واحلزب الى أن يكون ليس فقط تفاهم حول ما ُوضع وإمنا على مستوى حتالف‬ ‫أساسي ال يضم التيار واحلزب فقط وإمنا كل من ميلك ذات النظرة السياسية‬ ‫والتوجه الذي عمل عليه التيار واحلزب من القوى الوطنية ‪ ،‬وأعتقد أن من‬ ‫إحدى املسائل األساسية التي ّ‬ ‫أكدها احلزب هي مسألة االستقرار السياسي‬ ‫الداخلي وكذلك على مستوى املشاركة السياسية بحيث أن انعكاسات‬ ‫التفاهم اإليجابية ّ‬ ‫أكدت على أنه الميكن إلغاء أحدا ً من املعادلة السياسية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وبالتالي املطلوب مشاركة اجلميع وهذا ما كنا نلمسه بشكل‬ ‫واضح في الفترة األخيرة في الساحة اللبنانية‪ ،‬من إعادة ترتيب أوضاع الواقع‬ ‫املسيحي بحيث أصبح مطمئنا ً لوجود شركاء فعليني‪.‬‬ ‫أما من جهة أخرى وعلى املستوى التفصيلي‪ ،‬أوضح أبو زينب أن هناك‬ ‫الكثير من النقاط التي ّ‬ ‫شكلت األساس في موضوع الورقة‪ ،‬التي حتققت‬

‫‪20‬‬


‫أبو زينب‪ :‬الكثير عبس‪ :‬نتطلّع‬ ‫منها تحقق‬ ‫الى إصالح‬ ‫كالعالقات‬ ‫حقيقي‬ ‫اللبنانية‪-‬‬ ‫والملف‬ ‫السورية‬ ‫ويبقى بناء الفلسطيني‬ ‫بيد مجلس‬ ‫الدولة وهو‬ ‫الوزراء‬ ‫هدف بعيد‬ ‫ومنها العالقات اللبنانية‪-‬السورية‪ ،‬وفق الرؤية التي نقدمها والتي بالرغم‬ ‫من أنها عالقة ندية إالّ أنها كانت من أفضل العالقات‪ ،‬هذه الرؤية كانت‬ ‫نحدد كيفية‬ ‫جاهزة بالنسبة لنا وأخذت هذا املنحى السياسي ما جعلنا ّ‬ ‫التعامل مع هذا املوضوع‪ ،‬هناك نقاط أخرى أساسية كبناء الدولة والفساد‬ ‫وغيرها من املسائل التي نعمل عليها وهي ذات أهداف بعيدة األمد‪ ،‬ال يتم‬ ‫حتقيقها في وقت قصير إمنا حتتاج الى جهد جماعي حتى لو أراد التيار‬ ‫أو احلزب هذه املسألة فإذا لم يكن هناك إجماع وطني ونوع من االلتفاف‬ ‫الوطني حول هذا املوضوع وهذه القناعة ال ميكننا الوصول الى أي مكان‪.‬‬ ‫إضافة الى احلوار‪ ،‬بحيث أخذنا بعض األمور الى طاولة احلوار وجنحنا في أن‬ ‫نعمم لغة حوار أساسية أصبحت سائدة بشكل كامل في املرحلة األخيرة‬ ‫‪ ،‬ومنها املوضوع الفلسطيني‪ ،‬وموضوع االستراتيجية الدفاعية التي‬ ‫تبنيناها في طاولة احلوار الوطني‪.‬‬ ‫ويعتقد أبو زينب أن قيمة الورقة بغض النظر عن بنودها التفصيلية‬ ‫واألساسية التي لها أكثر من بعد‪ ،‬تكمن في أنها ّ‬ ‫متكنت من خلق مناخات‬ ‫أساسية ّ‬ ‫متكنت أن تقفز بها في الوضع الداخلي من وضع التقاتل واالحتراب‪،‬‬ ‫الى االستقرار األمني والسياسي وأطلقت الى األمام عملية ترتيب األوضاع‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً توسع ورقة التفاهم لترسم خطا ً عاماً‪،‬‬ ‫السياسية واالجتماعية‪،‬‬ ‫ليس خاصا ً بالتيار الوطني احلر و»حزب اهلل»‪ ،‬وإمنا خاص بكل الوطنيني‬ ‫في لبنان‪ ،‬وهذا اخلط العام هو في عملية تصاعدية سياسية يتقن أداءه‬ ‫السياسي ومنطه مقابل تراجع اآلخرين مبعنى الذين يريدون نهجا ً آخر‪ ،‬نهج‬ ‫إعادة حتت عنوان الالمركزية املوسعة‪ ،‬إعادة القوقعة‪ ،‬فهذا اخلط العام لن‬ ‫يفسح اجملال لهؤالء الناس‪ ،‬وسيندفع الى األمام باجتاه أن يكون لبنان جلميع‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬وأن ال يسمح ألولئك الذين أخذوا البالد مرة الى أماكن ال يريدها‬ ‫اللبنانيون ّ‬ ‫مؤكدا ً سير األمور في هذا االجتاه‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫أكد أبو زينب على أن أطراف ورقة التفاهم لم تقفل بل تركت يداها‬ ‫مبسوطتني لتضم من يرغب باالنضمام اليها‪ ،‬فضالً عن انها قابلة للتعديل‬ ‫والتجديد في اي وقت كان‪.‬‬ ‫وفيما يتع ّلق بالعالقات السورية اللبنانية وملف املفقودين في السجون‬ ‫السورية‪ّ ،‬‬ ‫أكد عبس معاجلة هذا امللف من قبل احلكومة احلالية من خالل‬ ‫تشكيل جلنة تتناول هذا املوضوع بطريقة علمية ألن امللف تتداخل فيه‬ ‫األحزاب اللبنانية‪ ،‬واليوم هناك توافق على مقاربته مقاربة علمية‪ ،‬كتأمني‬ ‫بنك فحص السائل املنوي لكل أهالي املفقودين‪ ،‬هذه اخلطوة في خطوة‬ ‫األلف‪ ،‬والعمل تدريجيا ً على مالحقة املعلومات‪ ،‬ملعرفة مكان املفقودين‬ ‫واملعتقلني في السجون السورية إن ُوجدوا‪ ،‬اليوم مطلوب من احلكومة‬ ‫اللبنانية مقاربة جدية لهذا املوضوع وأعتقد أن الوضع السياسي واالستقرار‬ ‫بني البلدين يسمح ملقاربة جدية تؤدي الى إنهاء حزب شريحته كبيرة من‬ ‫اللبنانيني‪.‬‬ ‫وفيما يتع ّلق بامللف الفلسطيني وأوضاع اخمليمات والسالح خارج اخمليمات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أكد عبس أن هذا امللف هو في يد مجلس الوزراء‪ ،‬آمالً أن يكون من املواضيع‬

‫التي سيتم التوافق عليها من قبل مختلف اللبنانيني‪ ،‬في إمكانية مقاربة‬ ‫هذه امللفات‪.‬‬ ‫وحول موقع التحالف مع النائب وليد جنبالط وما إذا كان هناك أوراق تفاهم‬ ‫جديدة مع قوى سياسية أخرى أشار عبس الى وجود مصلحة مشتركة‪ ،‬بني‬ ‫التيار الوطني احلر واحلزب التقدمي االشتراكي تتم ّثل في التخفيف من حدة‬ ‫ّ‬ ‫يشكل‬ ‫االحتقان السياسي املوجود‪ ،‬وخاصة في اجلبل الذي بطبيعة تكوينه‬ ‫النقطة األساسية لكثير من اللبنانيني‪ ،‬واملصاحلة غير املكتملة بحاجة الى‬ ‫مقاربة بني املواضيع اخملتلف عليها‪ ،‬بحيث نتفق واحلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫باحلد األدنى على املوضوع الداخلي بالرغم من أننا نختلف في وجهات النظر‬ ‫في مواضيع أخرى كبيرة‪ ،‬التي نعمل على تذليلها باحلوار‪ ،‬والهدوء‪ ،‬احملطة‬ ‫األولى ستكون في االلتقاء على املواضيع التي تعني أهل اجلبل‪ ،‬للتوصل‬ ‫تدريجيا ً الى األمور اجلدية‪ ،‬واستمرار هذا التحالف يتوقف على مدى‬ ‫املصداقية في مقاربة املواضيع حتى تلك اخملتلف عليها وينتهي في مقاربة‬ ‫للمواضيع التي ال تع ّبر بشكل صحيح عن حقيقة املوقف‪ ،‬وبشكل جدي‪.‬‬ ‫وتابع عبس أنه منذ إعالن ورقة التفاهم متّ التأكيد على أن هذه اخلطوة‬ ‫هي األولى وغير كافية إذا لم يتم العمل على خلق تفاهمات جديدة بني‬ ‫مختلف شرائح اجملتمع اللبناني وقواه السياسية‪.‬‬ ‫من جهته‪ّ ،‬‬ ‫أكد أبو زينب أن العالقة مع النائب جنبالط في تط ّور إيجابي‪،‬‬ ‫وتتط ّور من مكان الى آخر بشكل إيجابي بانتظار أن تتبلور األمور بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬ما يشير الى أن هناك نوعا ً من العالقة اإليجابية ومن املمكن أن‬ ‫تتط ّور وفق مقتضيات احلال‪ ،‬التي حتددها ظروف املعطيات املستقبلية‪ ،‬وال‬ ‫بحده األدنى الوضع مع النائب‬ ‫ميكن أن نحكم على أي مسألة اآلن ولكن‬ ‫ّ‬ ‫وليد جنبالط واحلزب التقدمي االشتراكي إيجابي وهو في تط ّور مستمر‬ ‫ونحو األفضل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يشكل يوما ً بالنسبة لـ “حزب‬ ‫وحول القرار ‪ 1559‬اعتبر أبو زينب أنه لم‬ ‫اهلل” أي عقدة وال نعتبر أنفسنا معن ّيون به‪ ،‬ألن سالح املقاومة سالح‬ ‫شرعي‪ ،‬وثانيا ً سالح املقاومة ليس فقط لتحرير األرض‪ ،‬بل للدفاع عن لبنان‪،‬‬ ‫وله وظيفة دفاعية وهذا ما سوف يتم االتفاق عليه‪ ،‬لكيفية االستفادة‬ ‫من سالح املقاومة‪ ،‬لبناء استراتيجية دفاعية وطنية يتفق عليها اللبنانيون‬ ‫ويكون قوة رادعة بوجه “إسرائيل”‪ ،‬تستطيع أن متنع أي عدوان ومتنع حتى‬ ‫العدو من أن ّ‬ ‫يفكر باالعتداء على لبنان‪.‬‬ ‫من جهته‪ّ ،‬‬ ‫أكد عبس أن القرار ‪ 1559‬ال يقارب إالّ في الداخل اللبناني‪،‬‬ ‫الرتباطه بكافة املواضيع التي تعني اللبنانيني دون غيرهم‪ ،‬واخلطاب‬ ‫السياسي ملعظم اللبنانيني يؤيد إعادة طرحه على طاولة احلوار الداخلي‬ ‫انطالقا ً من النقاط التي متّ تناولها في ورقة التفاهم‪.‬‬ ‫إذا ً أربع سنوات مرت على توقيع ورقة التفاهم‪ ،‬حصد فيها لبنان اخلير‬ ‫الوفير‪ ،‬والسبب شفافية األهداف ووضوحها‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫ليديا أبودرغم‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‪/‬حتقيق‬

‫كمال فغالي ‪ :‬األرقام لن تغ ّير كثيراً في النتائج والفارق‪ 1‬أو ‪%2‬‬

‫خفض ّ‬ ‫سن االقتراع بين القول والممارسة‬ ‫وربط المقيمين بالمغتربين للتوازن الطائفي‬ ‫واجه مجلس الن ّواب‪ ،‬في محطاته االشتراعية‪،‬‬ ‫يتأجل‬ ‫حتديا ً شبابياً‪ ،‬هو خفض سن االقتراع الذي ّ‬ ‫منذ سنني‪ ،‬وما عاد معلوما ً من معه ومن ضده‪، ،‬‬ ‫إذ أن أحد املطارنة يرى أن خفض سن االقتراع يؤ ّثر‬ ‫في التوازن الطائفي‪ ،‬والرئيس ب ّري وأعضاء كتلته‬ ‫مص ّرون على إقرار خفضه‪ ،‬وحزب اهلل‪ ،‬على لسان‬ ‫نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم‪ ،‬رأى في األمر‬ ‫«املدخل لإلصالح السياسي في لبنان»‪ ،‬كما أن‬ ‫احلزب االشتراكي يُص ّر دائما ً على هذا احلق‪ ،‬ويعتبر‬ ‫نفسه جزءا ً أساسيا ً في حملة خفض سن االقتراع‪.‬‬ ‫كذلك احلزب السوري القومي االجتماعي وحزب‬ ‫البعث وقد ص ّوتت كتلهم النيابية الى جانب خفض‬ ‫سن االقتراع‪ ،‬فيما ربطت كتل نيابية كاملستقبل‬ ‫واإلصالح والتغيير والقوات والكتائب على ربط‬ ‫موضوع سن االقتراع باستعادة املغتربني للجنسية‬ ‫وحقّ هم في االقتراع‪ ،‬ومنذ البداية‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ما سبب التغ ّير؟ هل التوازن الطائفي الذي‬ ‫يكرسه النظام السياسي‪ ،‬وتخشى الطوائف من‬ ‫اختالله؟‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يقول بعض الطامحني لتخفيض‬ ‫سن اقتراع الشباب إن هناك إمكان ّية عبر تعديل‬ ‫القانون االنتخابي‪ ،‬وحتديدا ً املادة ‪ 29‬منه التي تنص‬ ‫على‪« :‬يجب على رؤساء دوائر وأقسام النفوس في‬ ‫املناطق أن يرسلوا سنويا ً إلى املديرية العامة لألحوال‬ ‫الشخص ّية‪ ،‬بني اخلامس من كانون األول واخلامس من‬ ‫كانون الثاني‪ ،‬لوائح أولية تتضمن أسماء األشخاص‬ ‫املسجلني الذين تتوافر فيهم الشروط القانون ّية‬ ‫للقيد في القوائم االنتخابية‪ ،‬وأسماء األشخاص‬ ‫الذين سوف تتوافر فيهم هذه الشروط بتاريخ جتميد‬ ‫القوائم االنتخابية‪ ،‬وكذلك أسماء الذين أُهمل‬ ‫قيدهم أو توفوا أو شطبت أسماؤهم من سجالت‬ ‫األحوال الشخصية ألي سبب كان»‪.‬‬ ‫نص هذه املادة‬ ‫لذلك‪ ،‬فإن هؤالء يرون أن تعديل ّ‬ ‫يُعطي إمكان ّية ألن ينتخب هؤالء‪ ،‬وخصوصا ً أن‬ ‫املادة ‪ 25‬تنص على إمكان إعادة النظر في القوائم‬ ‫االنتخابية وفقا ً ألحكام القانون‪.‬‬ ‫لكن هذا الطرح يفتقر إلى التوافق السياسي‪ ،‬إذ‬ ‫تُع ّبر أغلب القوى السياس ّية عن أنها ال تؤ ّيد هذا‬ ‫التعديل‪ ،‬وال سيما أن بعض الكتل ربطه بإقرار‬ ‫تصويت املغتربني واستعادة جنسيتهم‪.‬‬ ‫ولم يسبق ألي زعيم سياسي أن طرح خفض‬ ‫سن االقتراع مبثل هذا احلماس وهذه احلرارة كما‬ ‫يفعل الرئيس نبيه بري‪ ،‬اذ كان بعض السياسيني في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املاضي يطرحون موضوع خفض سن االقتراع على‬ ‫ابواب املواسم االنتخابية‪ ،‬السترضاء الناخبني او‬ ‫لالطاللة على اجلمهور بخطاب غير تقليدي سرعان‬ ‫ما كان يخبو وينطفىء بعد إقفال صناديق االقتراع‪.‬‬ ‫وبقيت األمور على هذه احلال الى أن أُق ّر هذا املطلب‬ ‫السنة املاضية نتيجة توافق للقوى السياسية‬ ‫األساسية على ربطه بإعطاء حق االقتراع للمغتربني‬ ‫يتم األخذ به في‬ ‫وبقانون استعادة اجلنسية على أن ّ‬ ‫انتخابات ‪ 2013‬ضمن سلة متكاملة‪ ،‬وبعد أن تكون‬ ‫التحضيرات ملشاركة املغتربني في احلياة السياسية‬ ‫ّ‬ ‫ولعل املفاجىء في موقف الرئيس‬ ‫قد استكملت‪.‬‬ ‫بري دعوة مجلس النواب الى جلسة تشريعية‬ ‫يوم االثنني في ‪ 25‬كانون الثاني والبالد على أبواب‬ ‫االنتخابات البلدية واالختيارية وعلى أبواب إدخال‬ ‫تعديالت إصالحية على قانون االنتخاب وذلك قبل‬ ‫العاشر من شهر شباط‪ ،‬والكل متخوف من املماطلة‬ ‫في اقرار هذه التعديالت لتطيير هذا االستحقاق‬ ‫االمنائي والدميقراطي احليوي‪ ،‬أو ربط إجراء االنتخابات‬ ‫بإقرارها بحيث تصبح الفرصة سانحة أمام املناورات‬ ‫والتجاذبات السياسية وحلسابات الربح واخلسارة‬ ‫عند كل فريق سياسي‪ ،‬وكأنه كتب على اللبنانيني‬ ‫أن يتنقلوا بني االنقسامات من انقسام الى آخر‪ ،‬فال‬ ‫يكاد يختم جرح حتى ينفتح آخر‪ .‬وفي هذا السياق‬ ‫جتدر االشارة الى ضرورة اعادة النظر في برامج‬ ‫التربية الوطنية والتاريخ قبل الزج بأفواج جديدة‬ ‫من املقترعني في أتون الصراعات القائمة‪ ،‬الضافة‬ ‫نوعيات جديدة على احلياة السياسية بدل إضافة‬

‫‪22‬‬

‫أعداد ال حتدث أي تغيير في املسار السياسي العام‪.‬‬ ‫في اخلامس والعشرين من كانون الثاني املنصرم‪،‬‬ ‫كان من املقرر أن تلتئم الهيئة العامة جمللس النواب‪،‬‬ ‫بناء على دعوة من رئيسه نبيه بري‪ ،‬كانت وجهت‬ ‫قبل ذلك التاريخ وعلى جدول أعمالها عدد من‬ ‫مشاريع واقتراحات القوانني وفي مقدمها مشروع‬ ‫قانون تعديل املادة ‪ 21‬من الدستور الرامي الى خفض‬ ‫سن االقتراع الى ‪ 18‬سنة‪ ،‬إال أن القدر شاء آنذاك‬ ‫أن تتأجل تلك اجللسة الى ‪ 22‬و ‪ 23‬شباط املنصرم‬ ‫بسبب الكارثة التي حلت بلبنان نتيجة حتطم‬ ‫الطائرة االثيوبية‪ ،‬وبالتالي تأجل معها البحث‬ ‫والسجال الذي دار بني القوى السياسية والكتل‬ ‫النيابية حول خفض سن االقتراع‪ ،‬ال سيما أن هذا‬ ‫املوضوع شكل ما يشبه خلط األوراق جلهة املواقف‬ ‫منه حتى بني أركان الفريق الواحد سياسياً‪ ،‬وتنوعت‬ ‫املواقف بني متمسك بهذا األمر مثل الرئيس بري‬ ‫وكتلته وبعض احللفاء‪ ،‬وبني من طالب بربطه بإقرار‬ ‫قانون استعادة اجلنسية كتكتل “التغيير واإلصالح”‬ ‫و”القوات اللبنانية” و”الكتائب” وتضامنت معهم‬ ‫كتلة املستقبل‪ ،‬وقد حضرت هذه الكتل اجللسة‬ ‫العامة ومتّ تأمني النصاب القانوني‪ ،‬لكن باالمتناع‬ ‫عن التصويت‪ ،‬وهو يعني رفض املشروع كما ش ّبه‬ ‫األمر ‪ ،‬الرئيس بري‪ ،‬وقد ّ‬ ‫شكل موقف هذه الكتل‬ ‫صدمة وخيبة لدى الشباب اللبناني‪ ،‬املوعود من‬ ‫أحزابه وتياراته وزعمائه‪ ،‬وألن له احلق في املشاركة‬ ‫باحلياة السياسية‪ ،‬وبالتالي توحد موقف القوى‬ ‫املسيحية املمثلة في مجلس النواب حول هذا‬ ‫األمر‪ ،‬وكثرت االجتهادات الدستورية والقانونية حول‬ ‫الصيغ التي ميكن اعتمادها لتفادي اخلالفات وجتاوز‬ ‫هذا املوضوع احلساس‪ ،‬لكن دون الوصول الى تسوية‬ ‫وسقط مشروع القانون الذي وافقت عليه احلكومة‬ ‫السابقة‪ ،‬املك ّونة من كل الكتل النيابية األساسية‪.‬‬ ‫واجلدل في لبنان بني أطراف مسيحية وأخرى‬ ‫مسلمة حول تخفيض سن االقتراع إلى ‪ 18‬عاما ً‬ ‫واحتمال تأثيره في التركيبة الطائفية للنظام على‬ ‫اعتبار أن أكثرية الشباب اللبناني مناملسلمني حتديداً‪،‬‬ ‫وجتلى في املوقف الذي ع ّبر عنه البطريرك املاروني مار‬ ‫نصر اهلل بطرس صفير في عظته األخيرة والتي رأى‬ ‫فيها أنه “علينا التبصر في مفاعيل تخفيض سن‬ ‫االقتراع بعد سنوات قبل اإلقدام عليه اليوم”‪.‬‬ ‫ومنهم من اعتبرها «كارثة دميوغرافية» آتية على‬ ‫لبنان بعد ‪ 4‬سنوات‪ .‬فالشبان‪ ،‬الذين تتراوح أعمارهم‬ ‫بني عامي ‪ 18‬و‪ ،21‬والذين س ُيحرمون من التصويت‬


‫في استحقاق االنتخابات البلدية املرتقب بعد ‪4‬‬ ‫أشهر‪ ،‬سيفعلون ذلك بعد ‪ 4‬سنوات في االنتخابات‬ ‫النيابية املقبلة‪ ،‬وسيضاف إليهم أيضا ً الشبان‬ ‫الذين سيكونون قد جتاوزوا الـ‪ 18‬أيضاً‪.‬‬ ‫«الكارثة الدميوغرافية» التي يرى بعض السياسيني‬ ‫أن منح احلق للشباب في التصويت‪ ،‬سيس ّببها‪ ،‬آتية‬ ‫حتماً‪ .‬لذلك يكون السؤال مشروعا ً عما يقوم به‬ ‫هؤالء السياسيون لتداركها؟‬ ‫ما نعرفه إلى اليوم أن ّ‬ ‫احلل يقوم على مقايضة‬ ‫مطلب خفض سن االقتراع‪ ،‬بإعطاء احلق للمغتربني‬ ‫بالتصويت! معادلة توحي بكل بساطة (أو فجاجة)‬ ‫بأن املعركة االنتخابية‪ ،‬البلدية كما النيابية‪ ،‬قائمة‬ ‫على املواجهة بني املسلمني‪ ،‬األكثر عددا ً في لبنان‪،‬‬ ‫واملسيحيني األكثر عددا ً في اخلارج‪ ،‬وفق ما هو‬ ‫متداول من أرقام‪ .‬وهذا يعني أن اإلصالحات التي‬ ‫يطالب بها املعنيون‪ ،‬ال تهدف بالدرجة األولى إلى‬ ‫النهوض بالعمل البلدي ألن االستحقاق القريب هو‬ ‫االنتخابات البلدية‪ ،‬وال بالبحث عن وسيلة أفضل‬ ‫تتيح للمجالس البلدية التي ستُنتَخب أن تقوم‬ ‫بعمل تنموي ميهّ د الطريق نحو تطبيق الالمركزية‬ ‫اإلدارية‪ ،‬الشعار الكبير لهذا العهد‪ ،‬بل هي إصالحات‬ ‫حتاول تدوير الزوايا‪ ،‬محاولة االبتعاد قدر اإلمكان عن‬ ‫الكارثة التي يبدو أنها تالحقها!‬ ‫لكن‪ ،‬هل نحن فعالً أمام «كارثة دميوغرافية»‬ ‫كما يشاع وكما بات يعتقد اجلميع؟ هذا ما حاولنا‬ ‫معرفته من خالل البحث في أرقام وأماكن توزّع‬ ‫الناخبني الذين كانوا سيضافون إلى لوائح الشطب‬ ‫لو مت االتفاق على خفض سن االقتراع‪.‬‬ ‫وتفيد أرقام «مكتب اإلحصاء والتوثيق» بأن عدد‬ ‫الناخبني من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بني‬ ‫عامي ‪ 18‬و‪ 20‬عاماً‪ ،‬يصل إلى ‪ 215857‬ألف شاب‬ ‫(فيما تشير أرقام الوزارة إلى ‪ 283‬ألف شاب)‪ .‬وهم‬ ‫يتوزّعون‪ ،‬على الطوائف‪ ،‬وفق اجلدول اآلتي ‪ :‬لكن إذا‬ ‫دققنا في اللوائح‪ ،‬نكتشف أن الطريقة التي يتوزّع‬ ‫فيها هؤالء الشباب في مناطقهم ال ميكنها أن تغ ّير‬ ‫كثيرا ً في النتائج املتوقعة‪ ،‬ألن شبان ّ‬ ‫كل طائفة‬ ‫يتكاثرون في املناطق التي تشكل فيها طوائفهم‬ ‫أصالً الثقل األكبر‪.‬‬

‫فارق ال يتجاوز الـ‪%2‬‬ ‫‪,‬يؤكد مدير مركز بيروت لإلحصاء والتوثيق‪ ،‬كمال‬ ‫فغالي‪ ،‬لـ “منبر التوحيد” أن هذه األرقام لن تغ ّير كثيرا ً‬ ‫في النتائج‪ .‬لكن ما يحرص على التأكيد عليه هو أن‬ ‫ّ‬ ‫احلل ملا يتوقعه البعض كارثة‪« ،‬ال يكون حتما ً مبقايضة‬ ‫هذا املطلب بإعطاء احلق للمغتربني في االنتخاب»‪،‬‬ ‫متسائالً بداية عن «أي مغتربني نتحدث؟ وهل ميكن‬ ‫حتديدهم؟ وكيف؟»‪ .‬بالنسبة إلى األرقام املتوافرة بني‬ ‫يديه‪ ،‬يقول إن الناخبني احلاليني‪ ،‬غير املقيمني في لبنان‪،‬‬ ‫ينقسمون بني ‪ %51.3‬مسيحيني و‪ %47.9‬مسلمني‬ ‫و‪ %0.8‬يهود‪ .‬أي أن هذه املقايضة لن حتدث أثرا ً كبيرا ً في‬ ‫النتيجة‪« ،‬قد ال يتجاوز التغيير الـ‪ 1‬أو ‪.»%2‬‬

‫قوائم مع ّدة سلفاً في ‪ 6‬أيام؟‬ ‫يصح القول أن‬ ‫وإذا كانت املهل معيارا ً فعالً‪ ،‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫املطلب اإلصالحي القاضي باعتماد البطاقة املع ّدة‬ ‫سلفاً‪ ،‬ال ميكنه أن يتحقق ضمن املهل احملددة في‬ ‫مشروع القانون املق ّدم من وزير الداخلية زياد بارود‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬يق ّدم كمال فغالي الرأي اآلتي‪« :‬آلية‬ ‫هذا االقتراح تفرض إلغاءه بسبب استحالة تصميم‬ ‫نحو ألفي ورقة اقتراع مطبوعة سلفاً‪ ،‬وعرضها على‬ ‫جدول أرقام الناخبون من الشبان الذين تتراوح‬ ‫أعمارهم بين عامي ‪ 18‬و‪ 20‬عاماً‬

‫العدد‬

‫الطائفة‬

‫‪85624‬‬

‫شيعة‬ ‫سنة‬

‫‪62671‬‬

‫موارنة‬

‫‪33142‬‬ ‫‪11836‬‬

‫دروز‬ ‫أرثوذكس‬

‫‪8978‬‬

‫كاثوليك‬

‫‪7121‬‬

‫أرمن أرثوذكس‬

‫‪2400‬‬

‫علويون‬

‫‪1386‬‬

‫سريان أرثوذكس‬

‫‪671‬‬

‫أرمن كاثوليك‬

‫‪586‬‬

‫إنجيليون‬

‫‪445‬‬

‫سريان كاثوليك‬

‫‪423‬‬

‫التين‬

‫‪368‬‬ ‫‪108‬‬

‫كلدان‬

‫‪84‬‬

‫آشوريون‬ ‫بدون طائفة‬

‫‪9‬‬

‫إسرائيليون‬

‫‪5‬‬

‫املرشحني للتأكد من عدم ورود أخطاء فيها‪ ،‬ثم‬ ‫طباعتها وتوضيبها وتوزيعها على مراكز االقتراع خالل‬ ‫‪ 6‬أيام‪ ،‬وذلك بحسب املهل في املادة ‪ 11‬من مشروع‬ ‫القانون‪ ،‬التي نصت على تقدمي طلبات الترشيح قبل‬ ‫موعد االنتخاب بـ‪ 21‬يوماً‪ ،‬وح ّددت ‪ 3‬أيام إلصدار قرار‬ ‫قبول الطلب أو رفضه من القائمقامية أو احملافظة‪،‬‬ ‫وأسبوعا ً للمرشح ملراجعة مجلس شورى الدولة إذا‬ ‫رفض الترشيح‪ ،‬و‪ 5‬أيام للفصل باالعتراض من قبل‬ ‫اجمللس‪ ،‬فيبقى ‪ 6‬أيام إلعداد أوراق االقتراع املطبوعة‬ ‫سل ًفا»! فهل تستطيع الوزارة إجناز هذه املهمة في‬ ‫ستة أيام؟‬ ‫وعن احلديث عن اإلصالحات يقول فغالي‪ ،‬ميكن‬ ‫االنتقال إلى احلديث عن سبب اقتراح تقليص مدة‬ ‫والية اجمللس البلدي‪ .‬الوزير بارود اقترح تقليصها إلى‬ ‫خمس سنوات‪ ،‬فيما اقترحت احلملة املدنية لإلصالح‬ ‫االنتخابي تقليصها إلى أربع‪ .‬ومن املفيد اإلشارة في‬

‫‪23‬‬

‫هذا اإلطار‪ ،‬إلى أن احلملة املدنية تربط بني تقصير‬ ‫مدة والية اجمللس‪ ،‬وعدم موافقتها على انتخاب رئيس‬ ‫البلدية مباشرة من الشعب «ملا يق ّوي ذلك الفرد على‬ ‫حساب اجملموعة»‪ ،‬علما ً بأن قانون البلديات أعطى‬ ‫رئيس البلدية صالحيات واسعة جداً‪ ،‬تسمح له فعليا ً‬ ‫أن يكون قوياً‪ ،‬على نحو فردي‪ ،‬على حساب اجملموعة‪.‬‬ ‫وما انتخابه من قبل أعضاء اجمللس البلدي‪ ،‬ثم تعريضه‬ ‫للمساءلة بعد ثالث سنوات‪ ،‬إال نوع من تقليص تلك‬ ‫الصالحيات ووضعه حتت رحمة السياسيني والفاعلني‬ ‫الذين قد يأتون به إلى اجمللس‪ .‬وتكفي التجربة احلالية‬ ‫الستبعاد هذا األمر‪ ،‬إذ أن السماح بطرح الثقة برؤساء‬ ‫البلديات بعد ثالث سنوات من ممارستهم لعملهم‪ ،‬أدى‬ ‫حاليا ً إلى وجود ما يناهز الـ‪ 150‬بلدية منح ّلة‪ ،‬من أصل‬ ‫‪ 950‬تقريباً‪ ،‬وذلك بسبب خالفات على تداور الرئاسة أو‬ ‫رغبة في االنتقام من الرئيس‪ .‬أضف إلى ذلك عشرات‬ ‫الدعاوى املرفوعة في احملاكم في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫األهم الذي يجب التوقف عنده في هذا‬ ‫أما األمر‬ ‫ّ‬ ‫اإلطار يشرح فغالي‪ :‬هل تكفي املدة املقترحة لوالية‬ ‫يحاسب‬ ‫اجمللس البلدي‪ ،‬للقيام بإجنازات حقيقية‬ ‫َ‬ ‫عليها؟ ذلك أن الكثير من البلديات اللبنانية هي‬ ‫بلديات صغيرة جداً‪ ،‬واألموال التي حتصل عليها من‬ ‫الصندوق البلدي املستقل ال تكفي‪.‬‬ ‫والطريف في هذا اجملال أن عدد هذه البلديات ال‬ ‫يزال يرتفع تدريجا ً مع استمرار صدور قرارات إنشاء‬ ‫بلديات جديدة حتى تاريخه‪ ،‬عوض التفكير بدمج‬ ‫البلديات واقتراح آلية تسمح بتمثيل ّ‬ ‫كل ممثلي املناطق‬ ‫الصغيرة التي ستنضوي فيها‪ ،‬مبا يضمن حصولها‬ ‫على حقوقها؟‬ ‫من هنا يرى فغالي‪ ،‬أنه ال جدوى عمليا ً من مسألة‬ ‫عدم خفض سن االقتراع‪ ،‬فالفئات العمرية بني ‪ 18‬و‪21‬‬ ‫سنة ستصبح فئات ناخبة بعد ‪ 4‬سنوات عندما تصل‬ ‫إلى عمر ‪ 21‬سنة‪ .‬ويقول إنه «إذا كانت هذه كارثة‪ ،‬فهي‬ ‫واقعة بعد أربع سنوات»‪ ،‬وبرأيه أن «الشباب يستبعدون‬ ‫ألنهم أكثر تطرفاً‪ .‬فسياسة عدم خفض سن االقتراع‬ ‫هي سياسة لها عالقة بالتوجه السياسي للجيل‬ ‫الشاب»‪.‬‬ ‫وتابع فغالي حديثه‪ :‬إن عدد الناخبني املسلمني‬ ‫يزيد عن عدد الناخبني املسيحيني في لوائح الشطب‪.‬‬ ‫وتزيد بوضوح أعداد الش ّبان املسلمني بني ‪ 18‬و‪21‬‬ ‫سنة عن نظرائهم املسيحيني‪ ،‬ولكن هذا األمر يرتبط‬ ‫بطبيعة التحوالت اإلجتماعية التي تعيشها اجلماعات‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وما يرتبط بها من اختالف في نسبة الوالدات‪.‬‬ ‫فهو بالتالي واقع ال ميكن تغييره مبجرد استبعاد الفئات‬ ‫العمرية بني ‪ 18‬و‪ 21‬سنة‪ ،‬فهذه الفئات ستصبح‬ ‫ناخبة مع الزمن (بعد أربع سنوات)‪ ،‬ميكن استقصاء‬ ‫الواقع الدميغرافي الذي تعيشه الطوائف اللبنانية‬ ‫الست الكبرى من خالل أعداد ناخبيها املسجلني على‬ ‫لوائح الشطب‪.‬‬ ‫أخيرا ً السؤال يطرح نفسه‪ :‬هل يبقى طرح بند‬ ‫خفض سن االقتراع في أدراج مجلس النواب أو سيبصر‬ ‫النور في العام ‪ 2013‬خالل االستحقاق النيابي‪ ،‬بعد‬ ‫إحراءات اإلصالحات القانونية عيله؟‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير عباس خشاب‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‪/‬حتقيق‬ ‫استطالع آراء مسؤولي الشباب والطالب في بعض األحزاب الوطنية حول «تخفيض سن االقتراع»‬

‫إجماع شبابي على إقراره رغم الخبية‬ ‫مرة أخرى يُقصى الشباب اللبناني عن حقوقه في التعبير عن رأيه الختيار ممثليه في البلديات بعد أن حُ ِر َم سابقاً من اختيار ممثلي األمة في‬ ‫االنتخابات النيابية‪ .‬هؤالء الذين لم يصوّتوا على خفض سن االقتراع حتى ‪ 18‬سنة‪ ،‬فخانوا طموح الشباب الذي اقتادوه إلى الهاوية في أكثر من‬ ‫مظاهرة أو جتمّ ع سياسي‪ ،‬وهو الذي آم َ​َن بهم ومشى معهم بعينني مغمضتني‪ ،‬لكنهم بادلوا معروفه مبنعه عن اإلدالء بصوته الذي لطاملا عال في‬ ‫األصداء من أجلهم‪ ،‬فأثبتوا مرة جديدة أن النظام الطائفي وتقسيماته قضى على أمنيات الشباب في أن يكون صوته عالمة فارقة في النتائج‪.‬‬ ‫ال شك أن الشباب الذي بلغ سن الثامنة عشر‪ ،‬أصبح ميتلك الوعي السياسي والفكري الذي ّ‬ ‫ميكنه من ممارسة حقوقه الكاملة‪ ،‬ولكن لألسف‬ ‫س ُتجرى االنتخابات البلدية بدون “املواطنني اللبنانيني” الذين تتراوح أعمارهم بني ‪ 18‬و‪ 21‬سنة‪ ،‬بعكس ما حتصل عليه هذه الفئة العمرية من‬ ‫حرية التعبير عن الرأي وحرية االقتراع‪ ،‬في معظم الدول في العالم‪ .‬إذاً‪ ،‬م ّر يوم الثاني والعشرين من شهر شباط ‪ ،2010‬لتنتهي جلسة مجلس‬ ‫النواب اللبناني بعدم التصويت على تعديل الدستور خلفض سن االقتراع‪ ،‬مما يؤكد على عدم مشاركة مَن هم دون الواحد والعشرين من العمر‬ ‫في االنتخابات البلدية املقبلة‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” استطلعت آراء بعض مسؤولي الشباب في األحزاب‪ ،‬فجاءت على الشكل التالي‪:‬‬

‫مساعد رئيس مكتب الشباب‬ ‫والرياضة املركزي في حركة أمل‪:‬‬ ‫احملامي يوسف جابر‬

‫بتاريخ ‪ 27‬نيسان ‪ ،1997‬تداعت معظم القوى‬ ‫الطالبية واملنظمات والهيئات الشبابية ونحن‬ ‫جزء منها‪ ،‬لتطلق احلملة الوطنية لتخفيض سن‬ ‫االقتراع‪ .‬وعن غاية هذه احلملة فاألسباب عدة‬ ‫أبرزها‪:‬‬ ‫ أوال‪ :‬عند بلوغ الشاب أو الفتاة سن الـ ‪ 18‬عاما ً‬‫فإنه يصبح راشدا ً بنظر الدستور‪ ،‬له حقوق وعليه‬ ‫واجبات (يبرم عقود واتفاقات‪ ،‬يستحصل على رخصة‬ ‫قيادة‪ ،‬يخضع خلدمة العلم‪ ،‬يدفع الضرائب‪ ،)...‬وإذا‬ ‫كان الشاب يتمتع بهذه االمتيازات القانونية‪ ،‬فمن‬ ‫باب أولى أن ميارس حقه باالقتراع‪.‬‬ ‫ ثانياً‪ :‬الشاب يدخل اجلامعة في سن الثامنة‬‫عشر وحتى أق ّلها أحياناً‪ ،‬ويقترع ويترشح لالنتخابات‬ ‫الطالبية ويقود اجلماعات الطالبية ويدافع عن‬ ‫حقوقهم‪ ،‬إضافة إلى أ ّن الشباب كانوا في مرحلة‬ ‫ما بعد ‪ 14‬شباط ‪ 2005‬وبعد االنقسامات التي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫شهدها وطننا العزيز (‪ 8‬و ‪ 14‬آذار)‪ ،‬السواد األعظم‬ ‫من جمهور هذه التظاهرات‪.‬‬ ‫ ثالثاً‪ :‬إ ّن معظم الشهداء الذين سقطوا دفاعا ً‬‫عن لبنان بوجه العدو الصهيوني ال تتجاوز أعمارهم‬ ‫الـ ‪ 21‬عاماً‪.‬‬ ‫لهذه األسباب وغيرها‪ ،‬جند أنه واجب علينا أن‬ ‫نعمل لتخفيض سن االقتراع‪.‬‬ ‫لكن بعد أن أق ّرت جلنة اإلدارة والعدل مشروع‬ ‫رسل من احلكومة خلفض سن االقتراع‬ ‫القانون امل ُ َ‬ ‫باإلجماع‪ ،‬حدد دولة رئيس مجلس النواب األستاذ‬ ‫نبيه بري جلسة عامة لتعديل املادة ‪ 21‬من الدستور‪،‬‬ ‫فقامت الدنيا ولم تقعد وأصبح من الضروري ربط‬ ‫تخفيض سن االقتراع باستعادة اجلنسية‪ ،‬وبحل‬ ‫أزمة اليمن والسالح النووي اإليراني ‪ ...‬يا للسخرية‪.‬‬ ‫يتحملوا‬ ‫ورغم أنه على جميع النواب أن‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولياتهم جتاه طالبهم وشبابهم ومناصريهم‪،‬‬ ‫ويعملون على تعديل املادة ‪ 21‬من الدستور اللبناني‬ ‫صار إلى خفض سن االقتراع‪ ،‬إال أ ّن ذلك لم يحصل‪.‬‬ ‫ل ُي َ‬ ‫وهنا أو ّد أن أختم كالمي بقول للراحل الكبير جبران‬ ‫خليل جبران‪ٌ :‬‬ ‫ضحت بشبابها من أجل‬ ‫“ويل ألم ٍة َّ‬ ‫شيبها”‪.‬‬

‫رئيس جلنة الشباب والشؤون‬ ‫الوطني احلرّ‪:‬‬ ‫الطالبية في التيار‬ ‫ّ‬ ‫املهندس ماريو شمعون‬ ‫ّ‬ ‫أكد رئيس جلنة الشباب والشؤون الطالبية‬ ‫في التيار الوطني احلر املهندس ماريو شمعون‬ ‫“أن التيار مع أي طرح إصالحي‪ ،‬ويؤ ّيد مبدئيا ً خفض‬ ‫سن االقتراع‪ ،‬ولكن من الضروري اإلشارة إلى أ ّن‬ ‫منع النشاطات السياسية في اجلامعات واملدارس‪،‬‬ ‫واالنقسام السياسي احلاد خالل السنوات الثالث‬ ‫األخيرة‪ ،‬لم يسمح للشباب بتطوير املفاهيم‬

‫‪24‬‬

‫السياسية‪ ،‬فورثوا معتقدات محيطهم التقليدية‬ ‫كالطائفية واالقطاعية وغيرها”‪.‬‬ ‫كما قال‪“ :‬من املهم جدا ً أن تُفتح املدارس‬ ‫واجلامعات للتثقيف السياسي وإعادة احلياة‬ ‫السياسية إليها‪ ،‬إضافة لالهتمام بالتربية الوطنية‬ ‫واالجتماعية حتى يتمكن الشباب من املشاركة في‬ ‫انتخابات عام ‪ 2013‬حاملني في جعبتهم األفكار‬ ‫السليمة للدولة احلديثة املتط ّورة»‪.‬‬

‫رئيس منظمة شباب االحتاد‪:‬‬ ‫فريد ياسني‬ ‫والتقينا رئيس منظمة شباب االحتاد األستاذ‬ ‫فريد ياسني‪ ،‬الذي أبدى رأي احلزب وشبابه في‬ ‫موضوع خفض سن االقتراع فقال‪ :‬نحن كمنظمة‬ ‫شباب االحتاد وانطالقا ً من أننا شريحة شا ّبة من‬ ‫شرائح مجتمعنا الوطني‪ ،‬ومنذ انطالقتنا التزمنا‬ ‫بقضية جوهرية تتعلق بدور الشباب في احلياة‬ ‫العامة ودخولهم في معترك احلياة السياسية‬ ‫ومواجهة محاوالت إقصائهم عن حقهم بتلك‬


‫حتقيق إصالح سياسي حقيقي دميقراطي‪ ،‬وليس‬ ‫استجد من تطورات على‬ ‫التأقلم املصلحي مع ما‬ ‫ّ‬ ‫الساحة السياسية‪ ،‬وعلينا وضع برنامج يعتمد‬ ‫على رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية‬ ‫وصحية إذا أردنا التطلع إلى مستقبل أفضل‬ ‫لبلدنا‪.‬‬

‫املشاركة‪ .‬فأخذنا على عاتقنا كمنظمة وقطاع‬ ‫شبابي ج ْعل شعار «تخفيض سن االقتراع» إلى‬

‫مسؤول قطاع الشباب والطالب في‬ ‫حركة الشعب‪ :‬حسني اجلمّ ال‬

‫الثامنة عشر عاماً‪ ،‬كمدخل سياسي لهذه املشاركة‪،‬‬ ‫فابن الثامنة عشر الذي تك ّونت شخصيته وتعزّزت‬ ‫ثقافته الوطنية من مجتمعه ومؤسساته التربوية‬ ‫يتحمل‬ ‫جدي ٌر بهذه املشاركة‪ ،‬فالشاب بهذا السن‬ ‫ّ‬ ‫كافة املوجبات من دفع الضرائب‪ ،‬واملساهمة في‬ ‫عجلة اإلنتاج الوطني‪ ،‬واملشاركة في خدمة العلم‪،‬‬ ‫واخلدمة العسكرية‪ ،‬دون أن يُعطى حقه في ترجمة‬ ‫خياراته السياسية‪ ،‬واختيار ممثليه في الندوة‬ ‫البرملانية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ :‬نحيل إلى قاعدة مبدئية‬ ‫في احلقوق واملوجبات التي تقول «الغرم بالغنم»‪.‬‬ ‫وإننا إذ ندين سلوك القوى السياسية التي تربط‬ ‫عملية موافقتها على مشاركة الشباب في سن‬ ‫الثامنة عشر في االنتخابات‪ ،‬وتشترط لتمرير القانون‬ ‫إقرار قوانني أخرى ألسباب طائفية ومذهبية‪ ،‬يشكل‬ ‫ضد الشباب وخياراتهم‪،‬‬ ‫قيدا ً طائفيا ً جديدا ً يمُ ارَس ّ‬ ‫فهذه املواقف فيها دعوة واضحة وصريحة إلى‬ ‫«كهولة سياسية» متارسه تلك القوى بحق الوطن‪،‬‬ ‫كما متارسه داخل أحزابها بإقصاء الشباب عن‬ ‫املشاركة في قرارات أحزابها وقواها‪.‬‬ ‫فنحن نص ّر على حق َمن هم في سن الثامنة‬ ‫عشر باملشاركة في االنتخابات العامة‪ ،‬ألننا نريد‬ ‫إصالحا ً في احلياة السياسية على أسس وطنية‬ ‫وسنصعد النضال حتى‬ ‫ال على خلف ّيات طائفية‬ ‫ّ‬ ‫إجناز القانون الذي يتيح لهم املشاركة في إنتاج‬ ‫إصالح سياسي وطني عبر مشاركتهم باالنتخابات‬ ‫ترشيحا ً واقتراعاً‪.‬‬

‫مسؤول قطاع الشباب‬ ‫والطالب في حزب احلوار الوطني‪:‬‬ ‫إياد سكرية‬ ‫أما عضو املكتب السياسي مسؤول قطاع‬ ‫الشباب والطالب في حزب احلوار الوطني األستاذ‬ ‫إياد سكر ّية‪ ،‬فيعتبر «أ ّن ما جرى في جلسة مجلس‬

‫النواب «مهزلة سياسية»‪ ،‬وتأكيد واضح وفاضح‬ ‫على أ ّن الدميقراطية في لبنان هي مج ّرد فولكلور‬ ‫ألنها تفتقد للمحاسبة واملساءلة»‪ ،‬حيث قال‪:‬‬ ‫كنّا وسنبقى في ستاتيكو العصبيات املذهبية‬ ‫والطائفية‪ ،‬وسنظل نفتقر إلى االرتقاء في العمل‬ ‫السياسي طاملا احلسابات واملصالح ضيقة وفئوية‪.‬‬ ‫إننا كحزب حوار وطني من الس ّباقني باملطالبة في‬ ‫البرنامج السياسي بجعل سن الرشد السياسي‬ ‫مساويا ً لسن الرشد املدني‪ ،‬أي منح حق االنتخاب‬ ‫لكل مواطن بلغ الثامنة عشرة من عمره‪ ،‬وعملنا‬ ‫جاهدين مع املنظمات الشبابية والطالبية لتحقيق‬ ‫ذلك الهدف على قاعدة أ ّن مشاركة الشباب في‬ ‫سن الـ ‪ 18‬في عملية االقتراع تساعد اجملتمع في‬ ‫اإلفادة من طاقاتهم وقدراتهم في االختيار الصحيح‬ ‫ضمن عملية حضارية‪ ،‬بدال ً من حصر اإلفادة من‬ ‫هؤالء في سواعدهم وقبضاتهم‪ ،‬الفتا ً إلى أن «هؤالء‬ ‫الشباب لطاملا كانوا احمل ّرك األساسي في الشوارع‬ ‫والساحات التي كانت ‪ -‬حتى وقت قريب ‪ -‬امللجأ‬ ‫خملتلف القوى السياسية لضمان مصاحلها وتعديل‬ ‫ميزان القوى فيما بينها‪ ،‬فكيف يتم إقصاؤهم عن‬ ‫العملية الدميوقراطية‪ ،‬إال إذا كان الهدف هو إبقاء‬ ‫غب الطلب‬ ‫هذا اخلزين من اجملتمع اللبناني مط ّية ّ‬ ‫عند الصراعات السياسية فحسب‪.‬‬ ‫وأ ِم َل سكر ّية أن ال تكون املواضيع املطروحة‬ ‫من إلغاء الطائفية السياسية إلى تخفيض سن‬ ‫اإلقتراع من باب النكاية والفلكور اللبناني‪ ،‬أل ّن علة‬ ‫ومرض لبنان في العصبيات املذهبية والطائفية‪.‬‬ ‫كما قال‪ :‬كفانا استغباء للشعب اللبناني‬ ‫مبمارسة السياسات االنتقائية واملزاجية على قاعدة‬ ‫أ ّن البعض يتمسك باتفاق الطائف في البنود واملواد‬ ‫التي تخدم مصاحله‪ ،‬ويرفض البنود األخرى أل ّن‬ ‫ذلك يؤثر على نفوذه‪ .‬وأضاف سكرية‪ :‬كفانا تعبئة‬ ‫مذهبية وطائفية عن قصد أو عن جهل‪ ،‬وكفانا‬ ‫صفقات واتفاقات سياسية على تقسيم لبنان‬ ‫وفرزه إلى طوائف ومذاهب‪ ،‬ولتكن هذة املرة صفقة‬ ‫عنوانها «الوحدة الوطنية اجلدية والعيش املشترك‬ ‫الصادق»‪ ،‬الذي يتمدد ليطال القاعدة ويلغي كل‬ ‫احلواجز النفسية أل ّن دائرة اخلطر تتسع وميكن أن‬ ‫تؤدي إلى إغراق اجلميع كبارا ً وصغاراً‪.‬‬ ‫خامتا بالقول‪ :‬من املهم والضروري أن نعمل على‬

‫‪25‬‬

‫كذلك استطلعنا رأي مسؤول قطاع الشباب‬ ‫والطالب في حركة الشعب األستاذ حسني‬ ‫اجلمّ ال الذي قال‪ :‬شهدت الساحة السياسية‬ ‫في اآلونة األخيرة فصالً جديدا ً من معركة تعديل‬ ‫القانون االنتخابي‪ ‬حتديدا ً بتعديل سن االقتراع‬ ‫وتخفيضه الى سن الثامنة عشر‪ ،‬خصوصا ً بعد‬ ‫ارتفاع أبواق املطالبني بإلغاء الطائفية السياسية‬ ‫من مراكز القرار والسلطة السياسية في لبنان‪،‬‬ ‫ولكن كالعادة تصطدم هذه األصوات دائما باحلواجز‬ ‫واملتاريس الطائفية‪ ،‬فمنهم َمن يقترح إلغائها من‬ ‫النفوس قبل النصوص‪ ،‬ومنهم َمن جاهر بأ ّن تعديل‬ ‫سن االقتراع‪ ‬يؤثر على التوازنات الدميواغرفية‬ ‫واملذهبية في الوطن مما ينعكس على نتائج‬ ‫االنتخابات القادمة سواء كانت بلدية أو نيابية أو‬ ‫اختيارية‪ ،‬وتبقى حركة الشعب والقوى العلمانية‬ ‫الالطائفية مبفردها جا ّدة في النضال من أجل حتقيق‬ ‫هذا املطلب الشبابي العادل الذي تكفله كل‬ ‫الدساتير وقوانني احلقوق في العالم‪.‬‬ ‫وفي اإلطار ذاته‪ ،‬وفي‪ ‬كافة املؤمترات التي نظمتها‬ ‫حركة الشعب أو شاركت فيها‪ ،‬كانت نقطة تعديل‬ ‫سن االقتراع من األولويات التي تنادي بها ّ‬ ‫حلث‬ ‫الشباب على املشاركة في احلياة السياسية اليومية‬ ‫ليكونوا رياح التغيير في املستقبل‪ .‬وفي مؤمتر‬ ‫التحالف التقدمي الوطني الذي شاركت فيه حركة‬ ‫الشعب‪ ،‬أق ّر املؤمترون بالعمل اجلماهيري واحلقوقي‬ ‫حلث الطبقة السياسية احلاكمة على تعديل قانون‬ ‫سن االقتراع وإلغاء الطائفية السياسية‪ .‬هذا‬ ‫املتجدد هو الركيزة األساسية لدفع‬ ‫املطلب القدمي‬ ‫ّ‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‪/‬حتقيق‬ ‫لتحمل مسؤولياته الوطنية حيث‬ ‫الشباب اللبناني‬ ‫ّ‬ ‫أن القانون اللبناني يعتبر َمن بلغ سنة الثامنة عشر‬ ‫راشدا ً‬ ‫ويحاسب على أي فعل يرتكبه‪ ،‬كما ويعطيه‬ ‫َ‬ ‫كافة حقوقه املدنية‪ ‬إال االقتراع‪ ،‬فيا له من قانون‬ ‫متعسف وجائر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منذ قيام حركة الشعب‪ ،‬التي قامت باألساس‬ ‫مبسعى شبابي جامعي‪ ،‬كانت وال تزال تسعى‬ ‫لعلمنة هذا البلد وفصل الدين عن الدولة‪ .‬ونؤكد‬ ‫من منبركم الكرمي‪ ،‬بأننا مستمرون في هذه املعركة‬ ‫مهما طال الزمن‪ ،‬واخلوف كل اخلوف ممّن يخوض اليوم‬ ‫من الطبقة السياسية ويزايد في هذا املطلب أن‬ ‫تكون فقاعة إعالمية جديدة أمام اجملتمع اللبناني‪،‬‬ ‫ففي ظل وجود هذه األحزاب الطائفية واملذهبية‪ ‬‬ ‫والتي هي املتضررة األولى من قانون تعديل سن‬ ‫االقتراع‪ ،‬ال بد من الضغط الشعبي واإلعالمي‬ ‫واإلعالني‪ ،‬وعبر كافة اجملاالت إليصال آرائهم‪ ،‬علما ً‬ ‫بأ ّن آثار االستمرار‪ ‬بالقانون احلالي‪ ،‬أي االنتخاب حني‬ ‫فإما‬ ‫بلوغ الواحد و العشرين من العمر واضحة‪ّ ،‬‬ ‫أن يحبط الشاب اللبناني من مط ّبات السياسة‬ ‫الطائفية اليومية ويتقوقع وينعزل ويهدر صوته و‬ ‫يفكر بالهجرة أو يتأقلم في لعبة الطوائف ليحمي‬ ‫نفسه داخل كيان الدويالت املذهبية املشكلة‪ ،‬والتي‬ ‫توفر له حاجاته االقتصادية واالجتماعية والصحية‬ ‫والتربوية بديالً عن الدولة اللبنانية‪ ،‬علم ّا أنهم‬ ‫أساس التركيبة السياسية احلاكمة‪ .‬ومن برامج‬ ‫ونشاطات حركة الشعب في اجلامعات واملؤسسات‬ ‫في املرحلة املقبلة‪ ،‬العمل على توسيع دائرة‬ ‫العمل‪ ‬الشعبي اجلماهيري داخل هذه املؤسسات‬ ‫ونوجه الدعوة‬ ‫وأمام الوزارات املعنية واجمللس النيابي‪ّ ،‬‬ ‫لعامة الشعب وكافة الكوادر الشبابية واحلزبية‬ ‫إلى العمل اجلاد والدؤوب في هذا املشروع‪ ،‬الذي هو‬ ‫نقطة ارتكاز تصحيح العلل واملشاكل واخلطوة‬ ‫األولى نحو بناء مجتمع مدني قادر على إعادة إنتاج‬ ‫طبقة شبابية فكرية حتملنا نحو حتقيق األفضل‪.‬‬

‫عمدة التربية والشباب‬ ‫في احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي‪ :‬رامي قمر‬ ‫كذلك استطلعنا رأي عمدة التربية والشباب في‬ ‫احلزب السوري القومي االجتماعي‪ ،‬من خالل رامي‬ ‫قمر الذي قال‪« :‬أصيب الشباب اللبناني بخيبة أمل‬ ‫كبيرة بعد سقوط اقتراح تعديل املادة ‪ 21‬القاضي‬ ‫بخفض سن االقتراع من ‪ 21‬الى ‪ 18‬سنة في مجلس‬ ‫النواب وقد شكل هذا اليوم نكسة كبيرة للذين‬ ‫عقدوا اآلمال على تطوير النظام االنتخابي اللبناني‬ ‫وذلك كبداية إلصالح النظام السياسي عبر إشراك‬ ‫الشباب اللبناني في العملية الديقراطية إلنتاج‬ ‫السلطة باختيار من ميثلهم في مجلس النواب‬ ‫واجملالس البلدية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولألسف هناك متييز غير مبرر جتاه هذه الفئة‬ ‫العمرية وتناقض بني سن الرشد السياسي احملدد‬ ‫بـ ‪ 21‬عاما ً وسن الرشد القانوي احملدد بـ ‪ 18‬عاما ً‬ ‫وفق قانون املوجبات والعقود‪ ،‬أبعد من ذلك فإن‬ ‫الشاب اللبناني في سن الـ ‪ 18‬يؤمتن على السالح‬ ‫وعلى أرواح املواطنني من خالل انخراطه في القوات‬ ‫املسلحة‪.‬‬ ‫وإننا نأسف الزدواجية املواقف لدى العديد من‬ ‫الكتل التي وافقت على االقتراح في جلسة ‪ 19‬آذار‬ ‫‪ ،2009‬والبعض من النواب قد وافق على املشروع في‬ ‫احلكومة بصفته الوزارية‪ ،‬أما يوم التصديق على‬ ‫تعديل القانون حنث هؤالء النواب بوعودهم التي‬ ‫أغدقوها على الشباب عشية االنتخابات يوم كانوا‬ ‫بحاجة إلى جهودهم ضمن املاكينات االنتخابية‬ ‫ولتأمني احلشود في مهرجاناتهم واحتفاالتهم‪.‬‬ ‫إننا في احلزب السوري القومي االجتماعي قد‬ ‫ساهمنا في إطالق احلملة الوطنية الشبابية‬ ‫والطالبية خلفض سن االقتراع‪ ،‬بل أكثر من ذلك إننا‬ ‫في احلزب نسمح ملن بلغ السادسة عشرة من العمر‬ ‫باالنتماء إلى احلزب ال سن الثامنة عشرة‪ ،‬إننا نرى أن‬ ‫حرمان هذه الفئة العمرية من املشاركة في االنتخابات‬ ‫هو إجحاف كبير بحقها‪ .‬ونؤكد على متابعة النضال‬ ‫حتى احلصول على هذا احلق ونعاهد الشباب اللبناني‬ ‫أن نستمر في هذه احلملة من ضمن برنامج عمل‬ ‫للمرحلة املقبلة بالتعاون مع القوى الوطنية والكتل‬ ‫النيابية‪ ،‬التي أكدت جديتها بإجراء إصالح حقيقي‬ ‫في النظام االنتخابي وصوال ً إلى تغيير في النظام‬ ‫الطائفي الذي يتحكم مبصير اللبنانيني»‪.‬‬

‫أمني التربية والشباب في تيار‬ ‫التوحيد‪ :‬ماهر سري الدين‬ ‫ميثل الشباب حاجزا ً مرتفعا ً في وجه املؤامرات‬ ‫التي تحُ اك ضد أوطانهم‪ ،‬حيث تنطلق شعلة احلرية‬ ‫ويقدم‬ ‫واملواجهة من املدارس واملعاهد واجلامعات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشباب الشهداء دفاعا ً عن حقوقهم وكرامة‬ ‫أوطانهم‪ .‬وميتلك شباب لبنان مخزونا ً معرفيا ً‬ ‫وعلميا ً ال ينضب‪ ،‬إال أنه يُسخَّ ر في معارك الشوارع‬ ‫السياسية املتناقضة‪ .‬ويعمل بعض السياسيني‬

‫‪26‬‬

‫في وطننا على استثمار قطاع الشباب في زواريب‬ ‫السياسة السلبية دون النظر إلى دورهم احلقيقي‬ ‫أمتهم مما يجعل‬ ‫في بناء وطنهم‪ ،‬والدفاع عن ّ‬ ‫الشباب اللبناني مرتهنا ً بقراره السياسي ملرجعية‬ ‫تؤمن له املقعد الدراسي‬ ‫سياسية طائفية‬ ‫ّ‬ ‫والوظيفة‪ .‬إنها باختصار‪ ،‬عملية ابتزاز النظام‬ ‫السياسي الطائفي العقيم‪ ،‬لشبابنا الذي ميلك كل‬ ‫مق ّومات االرتقاء والتط ّور‪.‬‬ ‫مقدمة الدستور ونصوص وثيقة الوفاق‬ ‫إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫الوطني واضحة جلهة إلغاء الطائفية السياسية‪،‬‬ ‫واإلصالح السياسي وممارسة الدميقراطية واحلريات‪،‬‬ ‫وبالتالي فإن تأمني املشاركة السياسية الشعبية‬ ‫عبر حتقيق الدميقراطية على أساس املساواة‬ ‫والعدالة االجتماعية‪ ،‬بوضع قانون انتخاب ال طائفي‬ ‫على أساس الدائرة الواحدة وفق نظام النسبية مع‬ ‫تخفيض سن االقتراع إلى ‪ 18‬سنة‪ ،‬هو واجب وطني‬ ‫متليه طبيعة املرحلة املقبلة‪ ،‬وضرورة موضوعية إذا‬ ‫ما أردنا الذهاب لبناء دولة قوية قادرة‪ ،‬يكون جميع‬ ‫شبابها ومبدعيها في النسيج الوطني ذات البعد‬ ‫القومي الواحد‪ .‬كما أ ّن عدم إجراء اإلصالحات‬ ‫السياسية وتعزيز دور املواطن اإلنسان الذي له‬ ‫حقوقا ً تضمنها شرعة حقوق اإلنسان والدستور‪،‬‬ ‫وعليه واجبات‪ ،‬يعني االستمرار والتأكيد على‬ ‫املذهبية والطائفية وتكريس املزارع بدل الدولة‪.‬‬ ‫كو َن نظامنا السياسي ما زال يعيش في‬ ‫ذهنية الدنكيشوت ّية‪ ،‬وما زال مبدأ االستزالم في‬ ‫املؤسسات والدوائر هو الطاغي على بنية دولتنا‪،‬‬ ‫فإننا ال نرى أمالً في االنقالب على هذا الواقع إال من‬ ‫خالل مشاركة الشباب الواعي املثقف في احلياة‬ ‫السياسية وتخفيض سن االقتراع إلى ‪ 18‬عاماً‪،‬‬ ‫كي متارس الشريحة األكبر حق َمن ميثلها في إدارة‬ ‫شؤونها ورعاية مصاحلها‪.‬‬ ‫إننا في تيار التوحيد نؤمن بالشباب‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يعكس وجود قيادة سياسية ج ّلها من الشباب‬ ‫تلتف حول رئيس تيار التوحيد الرفيق وئام وهاب‬ ‫مفعمة بالنشاط واحليوية واإلمكانات‪ ،‬ونستثمر‬ ‫في ت ّيارنا كل اجلهود في بناء جيل شبابي مؤمن‬ ‫بوطنه لبنان القوي املقاوم واملمانع‪ ،‬وطن املؤسسات‬ ‫والكفاءات‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬سالي نوفل‬


‫مقابلة‬

‫المسيحيون في الشرق من يضمن بقاءهم؟‬

‫جيروم شاهين لـ «منبر التوحيد» ‪ :‬الطائف ق ّدم‬ ‫للمسيحيين في لبنان ضمانة بالمناصفة ال تع ّوض‬

‫قبل نحو ‪ 500‬سنة وصف البابا الوون العاشر‬ ‫املسيحيني في الشرق بأنهم “كالوردة بني‬ ‫األشواك‪ ،‬لتبدو الصورة اليوم‪ ،‬أقل وردا ً وأكثر‬ ‫شوكا ً للشرق وملسيحييه‪ ،‬وبالتالي لكل أهله‬ ‫وساكنيه‪.‬‬ ‫إن املسيحيني كانوا ميثلون ‪ %20‬من السكان‬ ‫في الشرق األوسط خالل القرن العشرين‪ ،‬ولكن‬ ‫اليوم ميثلون أقل من ‪ ،%7‬وقد شهد العراق أكبر‬ ‫تراجع للوجود املسيحي فيها‪ ،‬فتقديرات أعداد‬ ‫املسيحيني في فترة الغزو األميركي للعراق‬ ‫في ‪ 2003‬تشير الى أن استهدافهم بالقتل‬ ‫واالختطاف والتهديدات جعل عددهم ينخفض‬ ‫ليتراوح ما بني ‪ 500‬الى ‪ 600‬ألف فقط‪.‬‬ ‫إن السبب وراء ترك املسيحيني بالدهم هو‬ ‫االقتصاد أكثر من االضطهاد وإن الناس يسعون‬ ‫الى حياة أفضل وهذا ينطبق على اجلميع في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وعلى املسلمني أيضاً‪ ،‬ومع انخفاض‬ ‫معدل املواليد بني املسيحيني أكثر من املسلمني‪،‬‬ ‫فإن أعدادهم ستتراجع حتى بدون هجرة‪ ،‬كما‬ ‫أن التمييز العنصري عامل آخر‪ ،‬حيث يقول‬ ‫املسيحيون في مصر أنهم يتعرضون لتمييز‬ ‫عنصري منهجي من قبل احلكومة‪.‬‬ ‫هذا ويظل العراق أكثر أمثلة النزف املسيحي‬ ‫الشرقي سخونة‪ ،‬فمن جهة حتاول بعض‬ ‫املعلومات رسم صورة إيجابية عن املرحلة التي‬ ‫تلت سقوط نظام صدام حسني‪ ،‬فتتحدث عن‬ ‫انتعاش نسبي للحضور املسيحي في العراق في‬ ‫األعوام الثالثة املاضية‪ ،‬وتقدم وجهة النظر هذه‪،‬‬ ‫أمثلة بسيطة مؤيدة لرأيها‪ ،‬منها قيام كلية بابل‬ ‫للفلسفة والالهوت في بغداد أخيراً‪ .‬وتتحدث عن‬ ‫بدء الكنائس العراقية‪ ،‬اخملتلفة وافتتاح مدارسها‬ ‫األهلية‪ ،‬وعن حملة كبيرة إلعادة بناء عشرات‬ ‫القرى املسيحية التي هدمت في املاضي‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى تقدم تلك املعلومات صورة أكثر‬ ‫سوداوية‪ ،‬فتتحدث عن هجرة كلدانية جماعية‬ ‫نحو الدول االسكندينافية‪ ،‬قدرت أعدادها بنحو‬ ‫يقدمها‬ ‫‪ 40‬ألف مسيحي‪ ،‬وتتم عبر تسهيالت ّ‬ ‫لها مسؤولون روحيون في الداخل واخلارج‪ ،‬وتعطي‬ ‫هذه اجلهات رقما ً ال يقل عن ‪ % 30‬من املهاجرين‬ ‫من أصل مسيحيي العراق في األعوام املاضية‪.‬‬ ‫وإزاء هذه األمثلة تتحدث املعلومات األخرى‬ ‫عن بعض استقرار مسيحي دميغرافي في األردن‬ ‫ولبنان وسوريا نسبة الى أوضاع البلدان األخرى‪.‬‬

‫تصوير عباس خشاب‬

‫أراء عديدة اتفقت واختصرت األسباب‬ ‫املوضوعية للهجرة بقولها أن الناس يهاجرون‬ ‫عندما يبتلون بطاعون احلزب الواحد‪ ،‬وعندما‬ ‫يعيشون في وطن حتول الى مزرعة ليس فيها أي‬ ‫ضمانة اجتماعية وأمنية تذكر‪ ،‬ما يضطرهم الى‬ ‫الهجرة بحثا ً عن بالد احلرية ومجتمعات ينعم‬ ‫فيها اإلنسان بالضمانات واألمان واالستقرار‪،‬‬ ‫ليالحظ آخرون أنها ليست سوى تعبيرات متعددة‬ ‫ألزمة واحدة‪ ،‬أزمة املنطقة مع املعاصرة‪ ،‬أزمة‬ ‫الدميقراطية اخلاصة في هذا الشرق‪ ،‬وأزمة ما‬ ‫ينبثق منها من رفض لآلخر‪ ،‬بحيث نخلص الى أن‬ ‫غياب الدميقراطية في هذه املنطقة هو ما أطاح‬ ‫باالستقرار السياسي واالزدهار االقتصادي وحقوق‬ ‫اإلنسان دفعة واحدة‪.‬‬ ‫إالّ أن تفاقم هذا الوضع وتأثيره األقوى على‬ ‫حضور املسيحيني في هذه املنطقة أصبح يظهر‬ ‫بصورة خاصة في لبنان منذ اندالع األحداث‬ ‫على أرضه في العام ‪ ،1975‬وفي العراق حيث‬ ‫مأساة الهجرة املسيحية تطرح أسئلة صعبة‬ ‫على الضمير الوطني والعاملي على حد سواء‪،‬‬ ‫فلبنان ميثل وطنا ً من األوطان العربية له اختياره‬ ‫التاريخي اخلاص في العيش املشترك بني مجمل‬ ‫الطوائف املسيحية واإلسالمية فيه‪ ،‬وذلك‬ ‫منذ مئات السنني‪ ،‬وقد توصل لبنان الى إرساء‬ ‫املشاركة السياسية واالجتماعية والثقافية‬ ‫بني أبنائه املسيحيني و املسلمني ما جعل منه‬

‫‪27‬‬

‫منوذجا ً يحتذى به‪ .‬وليس قليالً أن يطلق البابا‬ ‫الراحل عن هذا البلد مقولة تاريخية‪ ،‬مفادها أن‬ ‫لبنان هو أكثر من وطن‪ ،‬إنه رسالة في العيش‬ ‫الواحد الكرمي للشرق والغرب معا ً من أجل خير‬ ‫العالم وتقدمه‪ ،‬لكن األحداث التي وقعت منذ‬ ‫أكثر من ثالثني عاما ً راحت تطرح على العالم‬ ‫وعلى اللبنانيني وعلى املسيحيني بصورة خاصة‬ ‫أكثر من سؤال حول انطباق هذا الرأي على بلد‪،‬‬ ‫لم يعرف كيف يصل الى االستقرار ولوفي حده‬ ‫األدنى‪ ،‬وال نقول أن هذا العيش سيتوقف ألنه واقع‬ ‫تاريخي قدمي‪ ،‬ومحبب لدى أبناء الشعب اللبناني‪،‬‬ ‫لكنه قد يتأثر بوقع رسالته في العالم‪ ،‬إن لم يبقَ‬ ‫فاعالً ومنتجا ً حلضارة التالقي‪.‬‬ ‫أما في العراق فتبرز مشكلة كبيرة ناجمة‬ ‫عن تهديد مستقبل املسيحيني واستمرارهم في‬ ‫العيش في أرض‪ ،‬هي أرضهم تاريخياً‪ ،‬من خالل‬ ‫عمليات التهجير القسري التي يتعرضون لها‪،‬‬ ‫أضف الى عمليات القتل وسوء املعاملة التي‬ ‫يتع ّرض أليها رجال الدين املسيحيني‪ ،‬رغم أن‬ ‫العراق بلد أعطى فيه املسيحيون تاريخيا ً زخما ً‬ ‫للحضارة ال ينسى‪ ،‬عن طريق ترجمات قاموا بها‬ ‫لكنوز الفكر العاملي التي نقلوها من اليونانية‬ ‫الى العربية ومنها الى اللغات األوروبية كافة‪ ،‬ما‬ ‫أغنى الشرق والغرب معا ً بهذه العطاءات‪.‬‬ ‫وهكذا فإن الوضع املسيحي العام في مجمل‬ ‫بلدان الشرق األوسط يعاني من عدم االستقرار‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫مقابلة‬ ‫ويدفع بعدد كبير منهم الى تفضيل الهجرة الى‬ ‫دول أخرى على البقاء في أرضهم التاريخية‪.‬‬ ‫أما جلهة األسباب فهناك ظروفا ً تاريخية‬ ‫سجلت تأزما ً قدميا ً في العالقات بني املسيحيني‬ ‫واملسلمني‪ ،‬بفعل تدخالت خارجية كان لها أثرها‬ ‫السلبي على املواطنني في الشرق‪ ،‬فاالستعمار‬ ‫الغربي أعطى شعورا ً في منطقتنا بأن الدول‬ ‫املستعمرة تفرض على الشعوب سياستها‬ ‫ومصاحلها فرضاً‪ .‬وأكبر دليل على ذلك‪ ،‬الظلم‬ ‫اجلائر الذي أحلق بالشعب الفلسطيني بتشريده‬ ‫من أرضه وجتريده من كامل حقوقه اإلنسانية‬ ‫عمق لدى البعض فكرة ارتباط الغرب‬ ‫واملدنية‪ ،‬ما ّ‬ ‫املستعمر بالديانة املسيحية‪ ،‬فيما املسيحية ال‬ ‫عالقة لها بسياسة هذا الغرب املستعمر‪ ،‬أضف‬ ‫الى ذلك‪ ،‬األوضاع املستجدة بني الشرق والغرب‬ ‫من جراء اإلرهاب الذي ينسب الى املسلمني من‬ ‫دون سبب مقبول والذي يحاول املسيحيون رفض‬ ‫ربطه باإلسالم‪.‬‬ ‫فاإلسالم واملسيحية من حيث الدين‪ ،‬تأمران‬ ‫بالرحمة وحسن التعاطي واحملبة بني جميع‬ ‫املؤمنني‪ ،‬واالنفتاح على اجلميع دون استثناء‪ ،‬لكن‬ ‫ترميم جسور الثقة بني أبناء الشعب الواحد‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬التتم إالّ بالسعي احلثيث‬ ‫واملتواصل للهيئات املدنية والتربوية والتعليمية‬ ‫على أنواعها‪.‬‬ ‫لذلك فان مصير املسيحيني في الشرق مرتبط‬ ‫مبصير إخوانهم املسلمني سياسيا ً واجتماعياً‪،‬‬ ‫وإن عدوهم احلقيقي له وجهني‪ ،‬وجه االستعمار‬ ‫الصهيوني والوجه اآلخر املتمثل باجلهل والفقر‬ ‫واألمية والقمع والتخلف‪.‬‬ ‫وإن الطبقات املسيطرة في العالم العربي‪ ،‬التي‬ ‫يشكل زعماء الطوائف جزءا ً منها‪ ،‬هي التي تهجر‬ ‫املسيحيني واملسلمني على السواء‪ ،‬وتسلبهم‬ ‫حقوقهم اإلنسانية وتسحق تطلعاتهم الى‬ ‫مجتمع شرقي عربي يصون كرامة املواطن‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تصوير عباس خشاب‬

‫ويحتضن تطلعاته الى احلرية والكرامة والعدل‬ ‫السياسي واالجتماعي‪ .‬لم يكن مصير مسيحيي‬ ‫الشرق مهددا ً مرة كما هو اليوم‪ ،‬بحيث زوالهم‬ ‫بات احتماال ً متزايد الترجيح‪ ،‬مع التردي املتواصل‬ ‫للوضع‪ ،‬فالهجرة تتحول اقتالعا ً كامالً‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يجعلها خطرا ً محدقاً‪ ،‬لذلك يجب طرح مسألة‬ ‫هجرة املسيحيني من الشرق في كل األندية وفي‬ ‫الرأي العام اإلسالمي واملسيحي معاً‪ ،‬فتتحول الى‬ ‫جزء من النظرة املشرقية العامة الى املستقبل‬ ‫الواحد‪ ،‬وأن يشاركوا في احلياة الوطنية والنضال‬ ‫الوطني الواحد كي يتقدم هذا الشرق وينتصر‪.‬‬

‫جيروم شاهني‬ ‫وحول الوضع املسيحي ودوره في الشرق كان‬ ‫لـ “منبر التوحيد” لقاء مع الدكتور في كلية‬ ‫اإلعالم والتوثيق جيروم شاهني‪ ،‬أوضح خالله‬ ‫أسباب الهجرة املسيحية في الشرق‪ ،‬واصفا ً‬ ‫هجرة املسيحيني في الشرق وتناقص عددهم‬ ‫بهذا الشكل الدراماتيكي باملسألة اخلطيرة جداً‪،‬‬

‫‪28‬‬

‫خاصة وأنهم كانوا يشكلون ‪ %12‬من سكان‬ ‫العالم العربي‪ ،‬وبالرغم من أن هذا التناقص‬ ‫يختلف بني بلد وآخر‪ ،‬إالّ أنه سيخلق واقعا ً‬ ‫جديدا ً لم يعرفه العالم منذ قرون‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫الوجود املسيحي لم يكن طارئا ً إذ أن املسيحية‬ ‫موجودة منذ والدة املشرق العربي الذي هو مثال‬ ‫تعايش األديان‪ ،‬خصوصا ً بني الديانتني املسيحية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬إضافة الى الدين اليهودي الذي كان‬ ‫موجودا ً قبل أن تولد دولة “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ولم يتوا َن شاهني عن ذكر تلك األيام التي‬ ‫قضاها اليهود في مصر واملغرب العربي ولبنان‬ ‫وسوريا قبل نشوء الكيان الصهيوني والصراع‬ ‫العربي اإلسرائيلي وتعايشهم مع املسيحيني‬ ‫واإلسالم في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫وعدد شاهني خالل حديثه األسباب الرئيسية‬ ‫التي أدت الى هذا التناقص اخمليف الذي قد‬ ‫يهدد باستمراره بزوال املسيحية‪ ،‬ومنها الوضع‬ ‫االقتصادي املتردي الذي دفع باملسيحيني الى‬ ‫الهجرة من الشرق‪ ،‬والذي يظهر جليا ً في الهجرة‬ ‫املسيحية أكثر منه في الهجرة اإلسالمية نسبة‬ ‫الى العامل الدميغرافي‪ ،‬وذلك يعود الى العوملة‬ ‫االقتصادية اجلديدة التي جعلت العالم الثالث‬ ‫يزداد فقراً‪ ،‬وحتت سيطرة أميركا وحلفائها ما ألغى‬ ‫الثنائية (أميركا وروسيا) التي حتكم العالم‪ ،‬لتبرز‬ ‫أحادية متمثلة بالواليات املتحدة األميركية‪ ،‬التي‬ ‫فج‪ ،‬وبنوع من الرأسمالية‬ ‫حتكم العالم بشكل ّ‬ ‫املتوحشة‪ ،‬ما خلق مشكلة اقتصادية كبيرة في‬ ‫العالم وبالتالي شجع على الهجرة التي تقع في‬ ‫نطاقني مشروعة وغير مشروعة‪ ،‬حيث أن األخيرة‬ ‫توسع مستمر‪.‬‬ ‫في ّ‬ ‫وتابع شاهني عرضه لألسباب التي أدت الى‬ ‫تفاقم هجرة املسيحيني في الشرق‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫الى أسباب أخرى تتعلق باملسيحيني كديانة‬ ‫مسيحية‪ ،‬وذلك يعود الى أن املسيحيني بالنسبة‬ ‫الى الغرب لم يعودوا همزة وصل بينهم وبني‬ ‫املسلمني‪ ،‬حيث كان املسيحيون في املاضي جسرا ً‬ ‫يعبر عليه الغرب الى الشرق وخصوصا ً الى الدول‬ ‫اإلسالمية لعدم وجود تلك العالقات املباشرة بني‬


‫أوروبا وأميركا والعالم اإلسالمي والتي كانت متر‬ ‫عبر مسيحيي الشرق‪.‬‬ ‫وأضاف شاهني اليوم لم يعد للمسيحيني‬ ‫هذا الدور‪ ،‬إذ أصبحت العالقة األوروبية األميركية‬ ‫الغربية متر مباشرة بينها وبني املسلمني عبر‬ ‫الدول النفطية‪ ،‬بحيث انتفى االهتمام الغربي‬ ‫باملسيحيني كجسر يعبرون من خالله الى الدول‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وأصبح االتصال بني العالم الغربي‬ ‫والعالم العربي واخلليج خصوصا ً مباشراً‪ ،‬عبر‬ ‫العالقات االقتصادية النفطية التي ّ‬ ‫شكلت هذا‬ ‫االتصال‪ ،‬وبالتالي لم يعد للمسيحيني أي دور‬ ‫يذكر حتى ضمن بلدهم الواحد‪.‬‬ ‫إضافة الى أسباب أخرى ال متت الى االقتصاد‬ ‫بصلة‪ ،‬وتعود الى الفترة التي سبقت تعصب‬ ‫بعض التيارات اإلسالمية املتطرفة‪ ،‬واألصولية‬ ‫اإلسالمية وخاصة جماعة التكفير‪ ،‬تلك‬ ‫األصولية العنيفة‪ ،‬ما جعل املسيحيون‬ ‫يتساءلون عن دورهم‪ ،‬وبالتالي يفكرون بالهجرة‬ ‫نظرا ً للصعوبات االقتصادية اجلمة‪.‬‬ ‫وحول دور املسيحيني في الشرق‪ ،‬انتقد شاهني‬ ‫الذين يرون أن املسيحيني بعالقتهم مع الغرب‬ ‫يشكلون ما يسمى الطابور اخلامس أو صليبيون‬ ‫جدد‪ ،‬أو متحالفون مع الصهاينة‪ ،‬بحيث جند‬ ‫العكس إذا نظرنا الى الواقع العربي‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫املسيحيني كانوا من أشرس من حارب الصهيونية‬ ‫ومنهم مسيحيو لبنان بالدرجة األولى‪ ،‬أضف‬ ‫الى املطران كبوجتي واملطران حلام في القدس‪،‬‬ ‫الذين حاربوا واليزالون الصهاينة‪ ،‬مشيرا ً الى أن‬ ‫مسيحيي الشرق عانوا من الصليبيني كما عانى‬ ‫سلبت أديرتهم وكنائسهم‪،‬‬ ‫املسلمون‪ ،‬بحيث ُ‬ ‫وبالتالي املسيحيون الشرقيون عانوا من الغرب‬ ‫املسيحي بقدر املسلمني إذا لم نقل أكثر‪.‬‬ ‫واملسلمون اليوم يرون أن املسيحيني مخلصون‬ ‫في وطنيتهم وقوميتهم التي أسست القومية‬ ‫العربية‪ ،‬التي واجهت النير العثماني‪ ،‬بهدف إيجاد‬ ‫الدولة القومية احلديثة التي تبنى على قومية‬ ‫العرق واملصير والتاريخ املشترك بني املسيحية‬ ‫واإلسالم‪ ،‬وليس على الدين الواحد‪.‬‬ ‫وحول الواقع املسيحي في لبنان ودوره رأى‬ ‫شاهني أن مسيحيي لبنان هم في ورطة كبيرة‪،‬‬ ‫حيث أن البعض منهم يسير بعكس التيار‪،‬‬ ‫بالرغم من أن الطائف قدم لهم ضمانة ال تع ّوض‪،‬‬ ‫مت ّثلت باملناصفة‪ ،‬التي يجب على املسيحيني أن‬ ‫يتمسكوا بها وبالتالي أن يدفعوا ثمنها‪ ،‬علما ً أن‬ ‫عدديا ً ودميقراطيا ً مبعنى الدميقراطية العددية هي‬ ‫دميقراطية فاعلة في كل العالم‪ ،‬معتبرا ً أنه إذا‬ ‫أ ُ ِخذ بها‪ ،‬لم يعد املسيحيون في لبنان مناصف ًة‪،‬‬ ‫بالرغم من أن عدد املسيحيون في االغتراب‬ ‫اللبناني أكثر من املسلمني ولكن ال ميكننا األخذ‬ ‫به‪.‬‬ ‫وأشار شاهني في حديثه الى وجود فكرة‬ ‫خاطئة لدى املسيحيني بالنسبة للعدد‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬ ‫يشكلون في لبنان ‪،%45‬‬ ‫أنهم يعتقدون بأنهم‬

‫في حني أنهم ال يشك ّلون أكثر من ‪.%35‬‬ ‫ورأى شاهني أن الدميقراطية التوافقية هي احلل‬ ‫الوحيد حتى يبقى لبنان مثاال ً ومنوذجا ً لتعايش‬ ‫األديان والطوائف‪ ،‬متخوفا ً من ثمن كبير س ُيدفع‪،‬‬ ‫في القضايا الوطنية خصوصا ً القومية‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫الى أهمية وجود نظرة واحدة وموحدة لدى‬ ‫اجلميع‪ ،‬بعيدا ً عن الطائفية املؤسساتية‪ ،‬معتبرا ً‬ ‫أن وجود الطوائف واالحتفاظ بها كتعددية‬ ‫شيئ هام جداً‪ ،‬ولكن الطائفية السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية واألحوال الشخصية‬ ‫تقدم لبنان‪ ،‬وخير مثال‬ ‫جميعها عائق في سبيل ّ‬ ‫على ذلك األحزاب التي تعتمد الطائفية كأساس‬ ‫لها بحيث جند أحزابا ً مارونية وسنية وشيعية‬ ‫ودرزية وأرمنية‪.‬‬ ‫وتساءل شاهني‪ :‬إذا كانت األحزاب تستمر‬ ‫بالطائفية فكيف ميكن أن يكون انتماء اإلنسان‬ ‫وتوجهه عربياً؟‬ ‫وحول املسيحيون في القدس اعتبر شاهني‬ ‫أنها أكبر مثل لنزف الهجرة املسيحية في الشرق‬ ‫بالرغم من جتمع كافة البطريركيات الشرقية‬ ‫فيها من السريان واألرثودكس والكاثوليك والالتني‬ ‫إلخ‪ ،..‬حيث كان مسيحيو القدس يشكلون ‪%45‬‬ ‫من سكان القدس قبل وجود الكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫أما اليوم فإنهم يصلون الى ‪ 300‬ألف نسمة‪ ،‬من‬ ‫هنا الوجود املسيحي في فلسطني مهم جدا ً‬ ‫وإالّ تصبح أرض املسيح حجرا ً بال بشر‪ ،‬بسبب‬ ‫العداء مع “إسرائيل” الذي له أسباب كثيرة منها‬ ‫تهجير املسيحيني نفسهم من فلسطني أكثر‬ ‫من الفلسطينيني املسلمني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق مبسيحيي مصر أشاد‬ ‫أما في ما‬ ‫شاهني بدور البابا شنودا الكبير في احلفاظ على‬ ‫املسيحيني في مصر‪ ،‬خاصة بعد وصول الرئيسني‬ ‫أنورالسادات وحسني مبارك الى احلكم في مصر‬ ‫حيث كان على األقباط أن يأخذوا موقفا ً محددا ً‬ ‫إما أن يكونوا مع اإلسرائيليني أو ضدهم‪ ،‬فأتى‬

‫‪29‬‬

‫البابا شنودا مبواقفه اجلريئة ليمنع من خاللها‬ ‫أبناء الكنيسة القبطية الى احلج في القدس قبل‬ ‫حتريرها‪ ،‬ما جعل األقباط في مصر يقفون موقفا ً‬ ‫أكثر عروبة جتاه املسلمني‪ ،‬علما ً بأن األقباط كانوا‬ ‫منعزلني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وحذر شاهني في حديثه األقباط من هذا‬ ‫اإلنعزال الذي لن يعمل فقط على تقوية األقباط‬ ‫مسيحيا ً بل أيضا ً سيعمل على تقوية اإلخوان‬ ‫املسلمني في مصر‪.‬‬ ‫وحول احللول التي حتول دون زوال املسيحية‬ ‫في الشرق‪ ،‬رأى شاهني أنه يصعب على املرء‬ ‫يتحدث عن حلول جذرية ولكن هناك حلول‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫متهيدية‪ ،‬كإطالق حركة تبرز أهمية العيش‬ ‫املشترك اإلسالمي املسيحي‪ ،‬مشيرا ً الى جناح‬ ‫هذه احلركة من خالل دعم الدول لها‪ ،‬خصوصا ً أن‬ ‫هذا العيش املشترك هو أكبر مثال حلوار احلضارات‪،‬‬ ‫وخير دليل على ذلك أن لبنان أصبح مركزا ً تعترف‬ ‫به األمم املتحدة حلوار احلضارات ومنوذجا ً يحتذى‬ ‫به ألن احلل اليوم بحوار احلضارات وليس بالصراع‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً عدم وجود حوار عقائدي‬ ‫لعدم تكافئه‪،‬‬ ‫بني األديان‪ ،‬ألن قبول اآلخر وفهمه كما هو‪ ،‬حجر‬ ‫األساس‪ ،‬ما يخفف من قوة العصبية ويسهّ ل‬ ‫الوجود املشترك في احلياة االجتماعية‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫الى أهمية الوعي السياسي ألجل الدفاع عن‬ ‫احلقوق‪ ،‬والى أهمية االحتاد مع بعضنا البعض‬ ‫على أساس وطني قومي ذاو قضايا مشتركة‬ ‫وليس على أساس ديني‪.‬‬ ‫وحول املسيحيني في سوريا والعراق استبعد‬ ‫شاهني أن يكون هناك هجرة للمسيحيني في‬ ‫سوريا في حني أن املسيحية في العراق قد انتهت‪،‬‬ ‫وذلك ال يعود الى سبب ديني‬ ‫بل ألن العراق يتكون طائفيا ً من جديد وال وجود‬ ‫للمسيحيني فيه وفي التركيبة السياسية اجلديدة‪.‬‬

‫حوار رونالد حمدان‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر لبناني‪/‬حتقيق‬

‫«منبر التوحيد» تستكمل استطالع آراء بعض السياسيين‬ ‫واألحزاب حول ملف إلغاء الطائفية السياسية‬ ‫استأثر موضوع نية الرئيس نبيه بري في تشكيل‬ ‫الهيئة الوطنية إللغاء الطائفية السياسية اهتمام‬ ‫اجلسم السياسي الحتالل هذا املوضوع مركز‬ ‫الصدارة وسط املناقشات املتعلقة مبستقبل النظام‬ ‫السياسي ومصير الدميقراطية في لبنان‪ ،‬خاصة‬ ‫وأنه على مدى عقود كانت السياسة احمللية والدولية‬ ‫واإلقليمية تعتبرها ع ّلة العلل‪ ،‬ومصدر اخللل وأساس‬ ‫األزمات املتالحقة التي يعاني منها لبنان‪ ،‬والعقبة‬ ‫أمام حمايته من التحديات واالعتداءات اخلارجية‬ ‫التي سعت من خاللها الى استخدام بعض األطراف‬ ‫السياسية كأداة لتنفيذ مآربها بغية الوصول الى‬ ‫حتقيق أهدافها االستعمارية في املنطقة‪.‬‬ ‫فمبادرة إلغاء الطائفية السياسية اليوم لم تعد‬ ‫خيارا ً شخصيا ً أو فئوياً‪ ،‬بل مطلبا ً لبنانيا ً بلوره ميثاق‬ ‫وعمده الدستور من خالل إشارات واضحة‬ ‫الطائف‪ّ ،‬‬ ‫فيهما الى ضرورة إلغاء الطائفية السياسية والى‬ ‫إلغاء الطائفية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تزاحم امللفات وضغطها‪ ،‬تنصب‬ ‫اجلهود على مللمة تداعيات طرح رئيس اجمللس النيابي‬ ‫نبيه بري املتعلق بإلغاء الطائفية السياسية وردود‬ ‫مسيحيي األكثرية عليها‪ ،‬باعتبار ذلك يثير مخاوف‬ ‫وهواجس لديها‪.‬‬ ‫وفي حني تؤكد األوساط القريبة من الرئيس‬ ‫بري أن هذا الطرح ليس لالستهالك االعالمي‪ ،‬بل‬ ‫للوضع موضع التنفيذ‪ ،‬خصوصا ً أن املطروح في هذه‬ ‫املرحلة هو تشكيل الهيئة العليا إللغاء الطائفية‬ ‫السياسية‪ ،‬مع ما يعني ذلك من جلسات حوارية‬ ‫تتمحور حول هذا الطرح دون سواه‪ ،‬أسوة بالكثير‬ ‫من امللفات والطروحات واملشاريع النائمة في األدراج‪،‬‬ ‫ألن إلغاء الطائفية من النظام «يحتاج الى جهد‬ ‫كبير ويتطلب نقاشا ً حرا ً وطويالً ويأتي في إطار‬ ‫تطبيق ما لم ينفذ من نقاط في اتفاق الطائف‪،‬‬ ‫كما أن هذه املرحلة بنتيجة التوافق احلاصل رمبا‬ ‫تكون األفضل لوضع األمور في سياقها الطبيعي‪،‬‬ ‫ولتفنيذ ما تبقى من بنود الدستور التي تكرست في‬ ‫النصوص لتشكيل الهيئة العليا إللغاء الطائفية‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫من هنا ال بد من تغيير النظرة الطائفية لألمور عبر‬ ‫النظر إلى مصالح الوطن بعيدا ً عن املنطق الطائفي‪،‬‬ ‫غير أن «طرح إلغاء الطائفية السياسية في الوقت‬ ‫الراهن هو طرح متس ّرع ويضر بالتركيبة اللبنانية‬ ‫احلالية مبا في ذلك التوازنات إن على صعيد السلطة‪،‬‬ ‫التوظيف‪ ،‬توزيع الصالحيات‪ ،‬توزيع الرئاسات‪ ،‬مما يؤثر‬ ‫سلبا ً على الطوائف اللبنانية أجمع»‪ ،‬ألن األمور ال‬ ‫تزال غير ناضجة إللغاء الطائفية السياسية في‬ ‫لبنان خصوصا ً في ظل حالة االصطفافات الطائفية‬ ‫واملذهبية احلادة السائدة في البلد‪ ،‬مما قد يؤدي إلى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تفجير أزمة لم تكن في احلسبان‪.‬‬ ‫فإلغاء الطائفية السياسية يستلزم إعادة‬ ‫نظر شاملة في بنود الدستور التي فيها الكثير‬ ‫من املضامني الطائفية‪ ،‬ومن تلك األسباب القول‬ ‫إن تشكيل الهيئة اليوم دونه مخاطر‪ ،‬ألن الوضع‬ ‫الطائفي مستفحل‪ ،‬وطرح مبدأ إلغاء الطائفية‬ ‫في ظل هذا الوضع في غير محله‪ ،‬مما يوجب التريث‪،‬‬ ‫وبعضهم قال بالتشاور أوالً‪.‬‬ ‫وإذا كان اجلميع يعترف بوجود وضع طائفي‬ ‫مستفحل‪ ،‬فمثل هذا االعتراف يفرض عليهم‪،‬‬ ‫وخصوصا ً املسؤولني منهم والقيادات‪ ،‬العمل سريعا ً‬ ‫ملواجهة هذا االستفحال‪ ،‬بدال ً من تركه يتنامى مع‬ ‫مرور األيام‪.‬‬ ‫فمن املمكن متاما أن يكون اجملتمع متعدد املذاهب‬ ‫واإلثنيات والعرقيات من دون أن يؤدي ذلك إلى نشوء‬ ‫دولة طائفية أو سيطرة الطائفية على احلياة‬ ‫السياسية‪ ،‬ألن الوالء هو للدولة والقانون الذي‬ ‫متثله‪.‬‬ ‫فالطائفية ليست مجرد شعور عدائي ألفراد من‬ ‫أيضا استراتيجية‬ ‫طائفة نحو طائفة أخرى‪ ،‬بل هي ً‬ ‫موازية تستخدمها بعض فئات النخبة السياسية‬ ‫في التنافس على السلطة أو سياسة منهجية‬ ‫تتبعها سلطة معينة في سبيل تأمني قاعدة‬ ‫اجتماعية شعبية أو إتنية أو مذهبية تعزز مواقعها‬ ‫االستراتيجية وهو ما تعمد اليه األحزاب الطائفية‬ ‫املؤدجلة في لبنان لتكريس الطائفية كحتمية‬ ‫اجتماعية وتاريخية ال ترد‪.‬‬ ‫هل طرح تشكيل الهيئة الوطنية إللغاء‬ ‫الطائفية أصبح ممكنا؟ ملاذا االعتراض عليها‪ ،‬ولم‬ ‫تتضح الظروف السياسية بالنسبة إليها بعد؟‬ ‫إلغاء الطائفية يستلزم إعادة نظر شاملة في بنود‬ ‫الدستور التي فيها الكثير من املضامني الطائفية‪،‬‬ ‫فهل البلد جاهز اليوم لذلك؟ ما هو البديل عن‬ ‫التأخير في البدء بإلغاء الطائفية؟ أسئلة طرحتها‬ ‫“منبر التوحيد” على عدد من األحزاب واملفكرين‪،‬‬ ‫فتراوحت آراؤهم بني القبول بها أو رفضها‪:‬‬

‫«حزب اهلل» ‪ :‬مطلوب اتفاق‬ ‫اللبنانيني على ما يريدون‬

‫عضو اجمللس السياسي في «حزب اهلل» غالب أبو‬ ‫زينب اعتبر أن املطروح اليوم ليس إلغاء الطائفية‬ ‫السياسية بل إيجاد هيئة ملناقشة إمكانية إلغاءها‪،‬‬ ‫بحيث ميكن أن يتم حتديد وتطوير اآلليات والصيغ‬ ‫حول إلغاء الطائفية السياسية أو تثبيتها أو العمل‬ ‫وفق صيغ ممكنة على ضوء املناقشات التي ستتم‪،‬‬ ‫باتفاق اللبنانيني على ما يريدون في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫من هنا املطلوب مقاربة إيجابية‪ ،‬ليستطيع من‬

‫‪30‬‬

‫خاللها اللبنانيون أن يفهموا إما إبقاء الطائفية‬ ‫في لبنان وتثبيتها في النظام‪ ،‬أو املضي قدما ً باجتاه‬ ‫ترتيب وضع دراسة كيفية إلغاءها‪ ،‬وفي حال اقتنع‬ ‫اللبنانيون بذلك‪ ،‬يجب البحث عن املترتبات التي‬ ‫حتمي احلقوق الطائفية باملعنى الديني‪ ،‬وتسمح‬ ‫للمواطن بأن ميارس مواطنيته‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫الطائفة التي ينتمي إليها‪ ،‬وهذا إشكال مطروح‪،‬‬ ‫على اللبنانيني أن يعاجلوه في املرحلة املقبلة‪ ،‬ال أن‬ ‫يبقوا بعيدين عنه ويتف ّرجون على أنفسهم في هذا‬ ‫اإلطار‪.‬‬

‫«التيار الوطني احلر »‪:‬‬ ‫نطمح لدولة مدنية‬

‫من جهته رأى زياد عبس‪ ،‬قيادي في «التيار الوطني‬ ‫احلر» أن إلغاء الطائفية السياسية يعني الوصول الى‬ ‫الدولة املدنية العادلة‪ ،‬التي هي بحاجة الى سلسلة‬ ‫إجراءات تبدأ باألمور العملية قبل الشكلية منها‪،‬‬ ‫التي ال نخفي عليها بعض القوانني‪ ،‬التي تتمتع‬ ‫بأهمية كبرى‪ ،‬ولكن األهم مقاربة هذا املوضوع من‬ ‫بعض األمور العملية التي تسهل األمور حول هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬كالزواج املدني‪ ،‬وكيفية مقاربة التعاليم‬ ‫الدينية في املدارس الرسمية وإعطاء فرصة للتالميذ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نتمكن‬ ‫لالطالع على الديانات السماوية الى أن‬


‫تدريجيا ً من الوصول الى نوع من الثقافة املواطنية‬ ‫التي متكننا من إلغاء الطائفية تدريجياً‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫هذا املوضوع بحاجة الى نقاش نطمح من خالله الى‬ ‫التحضير للدولة العصرية التي نؤمن بها وتشكل‬ ‫جز ًءا أساسيا ً من ميثاق التيار الوطني احلر‪.‬‬

‫تيار املردة ‪ :‬ال بد من إجماع وطني‬

‫من جهتها‪ ،‬مسؤولة القطاع النسائي في تيار‬ ‫املردة‪ ،‬ميرنا زخريا ّ‬ ‫أكدت أن موضوع إلغاء الطائف ّية‬ ‫شك َل مؤخرا ً الشغل الشاغل لكلّ‬ ‫السياس ّية ّ‬ ‫اللبنانيينّ على ُمختلف طوائفهم‪ .‬فمنهم من أراد‬ ‫إلغاءه من النفوس أوالً‪ ،‬ومنهم من أراد إلغاءه من‬ ‫هم إلى أي فئة ينتمي القارئ‬ ‫النصوص أوالً‪ .‬وال ي َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتابع‪ ،‬فإ َّن هكذا مسألة تتطلب التحضيرات‪،‬‬ ‫إللغائها من النفوس كما من النصوص‪ ،‬وذلك قبل‬ ‫التصدي لها‪.‬‬ ‫يتم‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫وتابعت زخريا قولها بأن املوضوع الطائفي موضوع‬ ‫حساس جدا ً بحد ذاته‪ ،‬والطائفية أصبحت م َؤخرا ً‬ ‫ّ‬ ‫متأصلة في مجتمعاتنا‪ ،‬وقد يكون السبب األساسي‬ ‫َمسار احلُكم اخلاطئ على مدى السنوات السابقة‪.‬‬ ‫املفضل أن يكو َن للدميقراط ّية‬ ‫من هنا ربمّ ا من‬ ‫ّ‬ ‫أولو ّية حال ّية‪ ،‬على األقل إلقناع الناس بأنهم في دولة‬ ‫قانون‪ .‬لكن لألسف ما نُعاني منه هو تعطيل آلليات‬ ‫احملاسبة‪ ،‬وهذا من شأنه إعاقة منو الدميقراط ّية‬ ‫َ‬ ‫نظاما ً وممارس ًة وثقاف ًة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬لو ُفتح‬ ‫اإلختالس‪ ،‬يُعتبر‬ ‫ملف أحدهم في الهدر ِ أو التزويرِ أو‬ ‫ِ‬ ‫ذلك مباشر ًة وكأنه َم ّسا ً بطائفته وليس بشخصه‪،‬‬ ‫مع أن الفساد لم يَقتصر على طائفة دون أُخرى‪ ،‬إلى‬ ‫َوع جدي ٍد من أنواع الثقافات‬ ‫أن بُتنا اليوم نسمع بن ٍ‬ ‫أال وهي ثقافة الفساد‪ .‬من هنا قول ضمير لبنان‬ ‫احلص أ َّن «لبنان بلد كثرت فيه احلرية‬ ‫الرئيس سليم ّ‬ ‫وق ّلت فيه الدميقراطية» لذلك جند أ َّن قانون اإلثراء‬ ‫غير املشروع لم يُط َّبق ولو مل ّر ٍة واحد ٍة حتى أنه لم‬ ‫تتم مالحقة أحد إلى يومنا هذا‪ .‬وبالنتيجة ها‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫كيف أ َّن التقصير ي َ ّ‬ ‫حث املواطن على‬ ‫نح ُن ن َختبر‬ ‫اإلنتماء الطائفي بدل اإلنتماء الوطني‪ ،‬ما ينعكس‬ ‫سلبا ً على ُسلوكيات اجملتمع ككل‪ ،‬أكانت طائفية أو‬ ‫أمنية أو ثقافية أو غيرها‪.‬‬

‫وبالعودة إلى موضوعنا‪ ،‬أي الهيئة التي لم‬ ‫تُشكل بعد‪ ،‬تساءلت زخريا ألم يكن من الواجب‬ ‫تشكيلها بعد انتخابات العام ‪ 1992‬التي انبث َق‬ ‫عنها للم ّرة األُولى مجلس نيابي ُمنتخب على أساس‬ ‫املناصفة؟ ألم يكن اجل ّو العام في ذاك الوقت أفضل‬ ‫من الوقت احلاضر للبدء بالتحضير‪ ،‬لو بوشرَ بتطبيق‬ ‫البنود كاف ًة عقب اتفاق الطائف‪ ،‬ربمّ ا ملا كنا وصلنا‬ ‫إلى ما وصلنا إليه‪ .‬فاليوم علينا قبل كل شيئ‪ ،‬أن‬ ‫نعمل على إرساء التالحم بني اللبنانيني وليس على‬ ‫إحداث التصادم بينهم‪ ،‬خاص ًة وأ َّن موضوع الطائفية‬ ‫السياسية هو من أد ّق املواضيع في وطننا لبنان‪ ،‬إذ‬ ‫أ َّن فلسفة الكيان اللبناني قائمة على التوافق‪،‬‬ ‫مع التنويه بأ َّن البعض يوافق عليه علنا ً وبسرعة‪،‬‬ ‫والتقدمية‬ ‫جملرَّد كونه شعار الفت ُمرتبط باحلضارية‬ ‫ّ‬ ‫وليس بالق َبلية والرجعية‪.‬‬ ‫وأضافت زخريا أنه من املؤكد أ َّن هكذا مسائل‬ ‫وطنية ‪َ -‬مصيرية ال تُدار مبزاجية – إنتقائية‪ ،‬وذلك كي‬ ‫ال ن َقع باخلطأ‪ ،‬أل َّن قرار من هذا املعيار‪ ،‬سوف يؤ ّدي إلى‬ ‫مسارٍ طويل وليس إلى خطوة مرحلية‪ .‬والدستور‬ ‫اللبناني احلديث في املادة ‪ ،95‬وأيضا ً وثيقة الطائف‬ ‫نصت على أ َّن‪ :‬التمثيل النيابي‬ ‫في اإلصالحات َّ‬ ‫يكون مناصفة بني املسيحيني واملسلمني‪ ،‬كما أنها‬ ‫أعطت رؤساء الطوائف الدين ّية صالحية االعتراض‬ ‫على املسائل األساس ّية‪ ،‬وكذلك عبارة العيش‬ ‫عدة مواد‪ ،‬أال يعني هذا كله إدخال‬ ‫املشترك وردت في ّ‬ ‫الطائفية من بابها العريض؟ أهكذا نتخ ّلص من‬ ‫الطائفية السياسية؟ وهل باإلمكان إلغاء الطائفية‬ ‫السياسية دون إلغاء الطائفية بكاملها؟ وماذا عن‬ ‫اللبنانيني الذين يُنادون بالعلمانية؟‬ ‫إ َّن إتفاق الطائف الذي صيغ عام ‪ 1989‬تض َّمن‬ ‫وج َب علينا مناقشة ‪18‬‬ ‫كما نعلم ‪ 18‬موضوعاً‪ ،‬إذن ُ‬ ‫موضوعا ً منها اإلصالحات السياسية‪ ،‬والالمركزية‬ ‫اإلدارية‪ ،‬ووِحدة األرض والشعب‪ ،‬وقانون انتخابات‪،‬‬ ‫وحترير األرض وسيادة الدولة‪ .‬إذن من املفترض البحث‬ ‫في سلة مملوءة باإلصالحات‪ ،‬تُعزِّز وِحدتنا الوطنية‬ ‫بدل إنتماءاتنا الطائفية‪ .‬فاملسؤولية الوطنية‬ ‫ت َفرض تأمني االطمئنان لكافة الطوائف‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإ َّن إلغاء الطائفية السياسية يُفترض أن يع ِّبر عن‬ ‫وجماعية‪ ،‬ممّا يَدل أ َّن كل املواطنني‬ ‫موافقة طبيعية َ‬ ‫اللبنانيني أصبحوا حاضرين ومؤهلني لتق ّبل هذا‬ ‫القرار‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫سياسي يَعتبر أ َّن‬ ‫طاع نسائي في ت ّي ٍار‬ ‫ق‬ ‫ك‬ ‫ونحن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تن ّوعنا هو بالطبع نعمة وليس نقمة‪ ،‬ن َخشى على‬ ‫مستقبل لبنان إذا استمرَّ الوضع احلالي‪ ،‬لكن بنفس‬ ‫الوقت أيضا ً نخشى على مستقبل لبنان إذا صدر‬ ‫قانون اإللغاء دون توافق جميع اجلهات املعنية‪ .‬وهذا‬ ‫ما قد يوافق الكيان الصهيوني الذي يُع ِّول على أدنى‬ ‫خالف‪ ،‬ويتمنّى بأن يصبح أكبر اختالف‪ .‬فال يَكفي أن‬ ‫إطمئن‪ ،‬بل يجب أن يشعر هو نفسه‬ ‫نقول لشريكنا‬ ‫ّ‬ ‫غض النظرِ عن انتمائه‬ ‫فكل‬ ‫باإلطمئنان‪.‬‬ ‫مواطن‪ ،‬وب ِ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫الديني أو الطائفي أو املناطقي‪ ،‬يجب أن يشعر‬ ‫باإلطمئنان واألمن واألمان في وطنه لبنان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ولنك ْن صريحني‪ ،‬إ َّن املسيحي غير مستعد اآلن‬

‫‪31‬‬

‫للمضي مبشروع تشكيل جلنة إللغاء الطائفية‬ ‫السياسية‪ ،‬فهو عنده هواجسه‪ ،‬متاما ً مثلما كان‬ ‫املسلم سابقا ً عنده هواجسه‪ ،‬وشعر بالغنب حني‬ ‫كان املسيحي حاكم أي حني كان لرئيس اجلمهورية‬ ‫صالحيات تُذكر‪ .‬وهذا حتديدا ً ما ع ّبرت عنه املواقف‬ ‫التي أطلقها مسيح ّيي املعارضة واملواالة على‬ ‫ح ِّد سواء‪ .‬مع اإلشارة إلى أ َّن الكنيسة املارونية‬ ‫لم ترفضه بل ّ‬ ‫حتفظت على طرحه أل َّن املزاج غير‬ ‫مناسب‪ ،‬علما ً أ َّن أهداف الرابطة املارونية خالية من‬ ‫ِ‬ ‫املبادئ الطائفية وال تُشير إالّ إلى املبادئ اإلنسانية‪.‬‬ ‫هناك حتد ّيات يواجهها املسيح ّيون في عددٍ من بلدان‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬مع أننا متأصلون في شرقنا من ُذ‬ ‫عهد املسيح وال ُرسل أي من ُذ أكثر من أل َفي سنة‪،‬‬ ‫وقد لعب املسيح ّييون إلى جانب إخوانهم املسلمني‪،‬‬ ‫دورا ً في نهضتنا الثقافية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬ ‫وأضافت زخريا أنه عند اتخاذ هكذا قرارات‪ ،‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫وطني يتناول كافة الطوائف دون‬ ‫إجماع‬ ‫ب َّد من‬ ‫ٍ‬ ‫استثناء‪ .‬بحيث يبدو أ َّن أغلبية الردود كانت رافضة‬ ‫أو بأفضل األحوال متحفظة‪ ،‬لذا من الواضح أن األمر‬ ‫يتطلب تهيئة الظروف واختيار التوقيت واحترام‬ ‫الهواجس‪ ،‬خاص ًة وأ َّن أحدا ً لم يد ُع إلى إلغاءه بل‬ ‫فقط إلى تأجيله حلني تكون األجواء اللبنانية أكثر‬ ‫انسجاما ً واألجواء الوطنية أكثر متان ًة‪ .‬وبالنهاية ال‬ ‫ب َّد من السوأل‪ ،‬إن كنا نستطيع أن نُلغي الطائفية‬ ‫من النصوص بقرار‪ ،‬فهل نستطيع أن نُلغيها من‬ ‫النفوس أيضا ً بقرار؟‬ ‫وختمت زخريا حديثها بإضافة بعض املالحظات‪،‬‬ ‫كونها ُمجازة ب ِعلم النفس‪ ،‬إذ لفتها ما رأيناه‬ ‫وسمعناه وقرأناه م َؤخراً‪ ،‬بأنه علينا ُمعاجلة النفوس‬ ‫ِ‬ ‫قبل النصوص في إلغاء الطائفية السياسية‪،‬‬ ‫أل َّن ما يترت َّب علينا العمل على إلغاءه في الوقت‬ ‫التعصب‪ .‬فليس بسرٍّ أنه يوجد عند‬ ‫احلاضر هو‬ ‫ّ‬ ‫العديد من املواطنني صور سلبية عن شركائهم‬ ‫بالوطن‪ ،‬ممّا يعني أ َّن بعضنا أصالً ال يتق َّبل اآلخر‬ ‫أكانت الطائفية موجودة أو ملغاة‪ .‬إذا ً اخلطوة األُولى‬ ‫يجب تكون قبل كل شيء برفع احلواجز النفسية‬ ‫بني املواطنني‪ ،‬وهذه بالطبع ال حتدث تلقائياً‪ ،‬بل من‬ ‫خالل التركيز على التالقي واإلنفتاح واإلختالط بني‬ ‫جميع اللبنانيينّ ‪ .‬وإن كنّا فعالً جد ّيني‪ ،‬فهذا هدف‪ ،‬ال‬ ‫ب َّد أن يتضافر من أجله كافة املسؤولني‪ :‬يحيث يجب‬ ‫أن ال يُح ّرضوا املواطن في الدين‪ ،‬وال يُح ِّوروا الكالم في‬ ‫اإلعالم‪ ،‬والعمل على تنشئة وطنية صحيحة تربوياً‪،‬‬ ‫موحد ثقافياً‪ ،‬وبناء روح اإلنفتاح‬ ‫وعلى كتاب تاريخ ّ‬ ‫واحملاسبة في العائلة‪ ،‬وتأسيس لقوانني انتخابية‬ ‫َ‬ ‫تتمتع مبصداقية عالية سياسياً‪ ،‬والعدل بني كافة‬ ‫شرائح اجملتمع قضائياً‪ .‬عندها تتحرَّر النفوس من‬ ‫احملسوب ّية واملناطق ّية والطبق ّية والعدوان ّية وحتى‬ ‫الطائف ّية‪ ،‬وذلك بصور ٍة ِج ّد طبيع ّية‪ ،‬فتُصبح‬ ‫الهيئة الوطن ّية إللغاء الطائف ّية‪ ،‬مطلب كل‬ ‫لبناني ولبنان ّية‪ ،‬ونمَ ضي قدما ً يدا ً بيد بهذه القض ّية‪،‬‬ ‫سائلني اهلل أن يرعى هذه القفزة النوع ّية‪.‬‬

‫اعداد ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫ُمنح قالدة الدولة الفاطمية‬

‫وهاب‪ :‬الوجبة األولى مئات الصواريخ على تل أبيب مقابل أي قرية لبنانية‬ ‫كان تيار التوحيد على موعد آخر من األحداث‬ ‫عندما سطعت قالدة فاطمة ابنة الرسول الكرمي‬ ‫وورثة علي وبنيه بنورها فوق بلدة اجلاهلية‪،‬‬ ‫فأضاءت بوهجها الفاطمي صفحة مشرقة من‬ ‫تلك األيام الغابرة التي كانت أن اتسعت رقعتها‬ ‫اجلغرافية وانبسط نفوذها حتى وصل إلى دمشق‬ ‫وفلسطني واحلجاز واليمن ومصر‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫املغرب العربي الكبير‪.‬‬ ‫في ذلك اليوم اختصر التاريخ الفاطمي في قالدة‪ ‬‬ ‫من الدرجة األولى في االستحقاق والتميز منحها‬ ‫الدكتور محمد الطريحي رئيس ‪ “ ‬اجملمع العلمي‬ ‫الفاطمي “ في “أكادميية الكوفة “ ‪ ‬لكل من رئيس تيار‬ ‫التوحيد الوزير السابق وئام وهاب تقديرا ملساهمته‬ ‫في تنمية األخوة والوئام والتسامح والتعاون بني‬ ‫مختلف البشر‪ ،‬وللباحث الدكتور مازن يوسف‬ ‫ص ّباغ تقديرا ً جلهوده في مجال التوثيق والكتابة‬ ‫التي سطر كلماتها بحروف من املعرفة واحلقيقة‪،‬‬ ‫وذلك في احتفال أقامه الوزير وهاب باملناسبة في‬ ‫منزله في اجلاهلية بحضور املرجع الروحي لطائفة‬ ‫املوحدين الدروز الشيخ أبوعلي سليمان أبو ذياب‪،‬‬ ‫رئيس هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح ضو‬ ‫على رأس وفد من مشايخ الهيئة‪ ،‬والنواب السابقني‬ ‫زاهر اخلطيب وحسني يتيم‪ ،‬نائب رئيس اجمللس‬ ‫السياسي في حزب اهلل احلاج محمود القماطي‪،‬‬ ‫مطران طائفة السريان جورج صليبا‪ ،‬وفد من‬ ‫جتمع العلماء املسلمني برئاسة الشيخني حسني‬ ‫غبريس وماهر مزهر‪ ،‬مفتي بعلبك الشيخ أحمد‬ ‫املهاجر‪ ،‬قاضي املذهب الدرزي الشيخ مرسل نصر‪،‬‬ ‫األب سهيل قاشا‪ ،‬األب انطوان ضو‪ ،‬رئيس بلدية‬ ‫قرنايل األستاذ خالد األعور على رأس وفد من اجمللس‬ ‫البلدي‪ ،‬نائب رئيس تيار التوحيد ‪ ‬سليمان الصايغ‬ ‫املستشار السياسي لرئيس التيار‪ ،‬ومعرف احلفل‬ ‫عصمت العريضي‪ ،‬نائب رئيس املكتب السياسي‪ ‬‬ ‫بهاء عبد اخلالق‪ ،‬أعضاء ‪ ‬املكتب السياسي حافظ‬ ‫أبي املنى‪ ،‬رمزي وهاب ويوسف أبو ذياب‪ ،‬واألمناء‪ :‬‬ ‫ياسر الصفدي‪ ،‬هشام األعور‪ ،‬ماهر سري الدين‪،‬‬ ‫لؤي أبو ذياب‪ ،‬محمد الصايغ‪ ،‬فدى وهاب‪ ،‬كارين‬ ‫نصار‪ ،‬ماهر وهاب باإلضافة إلى فعاليات اجتماعية‬ ‫وتربوية وعدد من املهتمني‪.‬‬

‫الدكتور محمد الطريحي ‪:‬‬ ‫مجدا ً للحكمة التي ّ‬ ‫جتلت في‬ ‫التوحيد وأهله‬ ‫بعد الترحيب من الرفيق عصمت العريضي‪،‬‬ ‫حتدث األمني العام للمجمع العلمي الفاطمي‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من اليمني وهاب‪ ،‬صباغ‪ ،‬الشيخ أبو ذياب‪ ،‬الطريحي واألب ضو‬

‫تقليد وهاب القالدة‬

‫ورئيس أكادميية الكوفة الدكتور محمد سعيد‬ ‫الطريحي الذي قال‪:‬‬ ‫معا ً ُّ‬ ‫نحل في لبنان احملبة والوئام في هذه الدار‬ ‫الفاطمية املبروكة ضيوفا ً على بيت الرشد‬ ‫وموضع الظفر بإطاللتنا الباذخة على جبل لبنان‪،‬‬ ‫جبل النور وينبوع احلكمة‪ ،‬دار بق ّية الهدى ومنار‬ ‫التوحيد‪.‬‬ ‫باسم أكادميية الكوفة واجملمع العلمي‬ ‫الفاطمي‪ ،‬أح ّييكم وأشكر أخي الفاطمي األصيل‬ ‫معالي األستاذ وئام وهاب‪ ،‬الذي أبى أن يكون‬ ‫املضمخة‬ ‫احتفال هذا اليوم السعيد إال في دارته‬ ‫ّ‬

‫‪32‬‬

‫بالعطر وطيب الفواطم ولطفهم وكرمهم‪،‬‬ ‫وحيث نعيش هذه السويعات املباركة في ذكرى‬ ‫املولد املرميي‪ ،‬حيث العذراء في مثل هذه األيام‬ ‫حسب التقومي الفاطمي اإلمامي‪ ،‬وبهذه املناسبة‬ ‫أقدم حملة موجزة عن املفهوم الفاطمي ملبدأ تالقي‬ ‫ّ‬ ‫األديان ّ‬ ‫مركزا ً احلديث عن اإلسالم واملسيحية‪.‬‬ ‫يعمل اجملمع العلمي الفاطمي في ج ٍّو شرقي‬ ‫وسط بيئة غربية املنهج والتقليد‪ ،‬وهذا ما يُلقي‬ ‫عليه مسؤوليات خطيرة الشأن وأهمها احلوار‬ ‫وترسيخ التعايش‪ .‬وخالل عملنا في العقدين‬ ‫امللحة التي ينبغي‬ ‫املاضيني‪ ،‬رأينا أ ّن نتبني األمور‬ ‫ّ‬


‫على العالم اإلسالمي أن يُعنى بها‪ .‬أوالً‪:‬‬ ‫فهم العالم الغربي احلديث كما هو على‬ ‫يقدم‬ ‫حقيقته‪ ،‬ثانياً‪ :‬على العالم اإلسالمي أن ّ‬ ‫اإلسالم واحلقائق اإلسالمية اخلالصة كما هي‬ ‫على حقيقتها في القرآن الكرمي وتضمنها‪ ،‬آخذا ً‬ ‫من أ ّن اإلسالم هو دين التوحيد وجميع املظاهر‬ ‫ّ‬ ‫تشف عن هذا‬ ‫الباهية في عقائده وفرائضه‬ ‫املبدأ الرئيسي فيه‪ .‬وفي املفهوم الفاطمي‪،‬‬ ‫فإ ّن الوسيلة املثلى التي يتم فيها التوحيد‬ ‫هو البعد الباطني الذي يسعى إلى تكامل‬ ‫اإلنسان في أبعاده عمقا ً وسع ًة وفي أوسع‬ ‫تضمها طبيعة اإلنسان الكامل والوحي‬ ‫حدود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املصغرة‬ ‫لدى أهل التوحيد هو الظاهرة الكونية‬ ‫للعقل الكلي‪ ،‬وهي أيضا ً كلمة اهلل التي هي‬ ‫ّ‬ ‫املصغرة للعقل الكوني في‬ ‫تعبير عن الظاهرة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والشريعة اإلله ّية التي تقي اإلنسان‬ ‫من شر شهواته اخلاصة‪ّ ،‬‬ ‫ومتكن العقل اإلنساني‬ ‫من احملافظة على سالمته من العالم بأسره‪،‬‬ ‫إسالميا ً وغير إسالمي‪ ،‬بحاجة إلى هذه احلكمة‬ ‫وإلى فلسفة تقيم اإلنسان على أساسها وهذه‬ ‫احلكمة ميكن بعثها من جديد‪ ،‬ورد احلياة إليها‬ ‫بإفراغها بقالب يناسب األوضاع احلديثة عن طريق‬ ‫الرجوع إلى التراث اإلسالمي احلقيقي الفني‪،‬‬ ‫وبالذات قدرة الوحي اإلسالمي على التركيب‬ ‫والتنسيق والدمج مما يتيح ببركة األنبياء واألولياء‬ ‫املتحدرة من اخلط‬ ‫في األديان السابقة‪ ،‬وال سيما‬ ‫ّ‬ ‫اإلبراهيمي‪ ،‬أن تصل إلى املسلم بفضل النصوص‬ ‫التي أنزلت على نبي اإلسالم محمد (ص) والبركة‬ ‫اإللهية مفتوحة‪ ،‬والنبي في سماء اإلسالم هو‬ ‫والقديسني‬ ‫البدر السافر‪ ،‬وسواه من األنبياء‬ ‫ّ‬ ‫كالنجوم التي تشهد في السماء نفسها‪ ،‬لكن‬ ‫تفعل ذلك ببركة النبي عليه السالم‪ ،‬واملسلم‬ ‫له أن يصلي ملوسى واملسيح‪ ،‬ولكن ال على أن‬ ‫األول نبي اليهود‪ ،‬والثاني نبي نصارى‪ ،‬ولكن‬ ‫على أنهما نب ّيان ُمسلمان وهو بواقع األمر كثيرا ً‬ ‫ما يفعل ذلك بشهادة التح ّيات عند إخواننا‬ ‫أهل السنّة‪ ،‬ودعاء الوارث عند الشيعة‪ ،‬وعلى‬ ‫ذلك فإ ّن قوة اإلسالم التركيبية قد أمكنت من‬ ‫تنسيق األقطاب الروحيني السابقني في داخل‬ ‫ويسرت لبركاتهم اخلاصة أن‬ ‫عالم اإلسالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تعمل ناشطة في ذلك العالم‪ ،‬وهذه امليزة‬ ‫اإلسالمية البالغة األهمية في شعائر املسلمني‬ ‫هي كذلك ذات أهمية عظمى عقليا ً وروحيا ً في‬ ‫موضوع املقاومة من الزاوية اإلسالمية‪ .‬ومن‬ ‫هذا املنطلق فإ ّن التاريخ اإلنساني يشتمل على‬ ‫دورات من النب ّوة‪ ،‬ومع كل نب ّوة جديدة تبدأ دورة‬ ‫جديدة من الدورات اإلنسانية‪ ،‬واإلسالم يعتبر‬ ‫نفسه أيضا ً إثباتا ً مجددا ً للدين األصلي ولعقيدة‬ ‫ويتعدى‬ ‫التوحيد التي كانت أزال ً وستبقى أبداً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا املفهوم ليشمل الديانات غير السماوية ومن‬ ‫بينها الهندوسية‪ ،‬والتي اعتبرها بعض املفكرين‬ ‫اإلسالميني الهنود خالل العصر املغولي من‬ ‫أهل الكتب املُنزلة‪ ،‬وجعلوهم تابعني لسلسلة‬

‫وهاب أثناء استقباله املطران صليبا والشيخ أبو ذياب‬

‫األنبياء التي سبقت اإلسالم‪ ،‬وبدأت بآدم‪ .‬وقد‬ ‫املفسرين الهنود املسلمني أ ّن‬ ‫اعتبر بعض‬ ‫ّ‬ ‫النبي “الفيفث” الوارد في القرآن الكرمي هو بوذا‪،‬‬ ‫واعتبروا شجرة الدين املذكورة في سورة التني‬ ‫(اآلية األولى) هي الشجرة التي تلقى حتتها بوذا‬ ‫املوحدين يضمرون دوما ً‬ ‫اإللهام‪ ،‬إ ّن املسلمني‬ ‫ّ‬ ‫إحساسا ً فطريا ً بأ ّن العقائد التي أعلنتها جميع‬ ‫األديان قبلهم هي عندهم في أنقى صورها أي‬ ‫التوحيد في داللته الفلسفية املاورائية‪ ،‬واملسلم‬ ‫احلقيقي هو الذي يعتقد أ ّن جميع األنبياء قد دعوا‬ ‫إلى التوحيد‪ ،‬ولهذا السبب فإ ّن ظهور املهدي أو‬ ‫اخمل ّلص في نهاية هذه الدورة ليكشف عن املعنى‬ ‫الباطني املشترك بني جميع األديان‪.‬‬ ‫وبعيدا ً عن كل املواجهات اجلدلية بني اإلسالم‬ ‫من جهة واملسيحية من جهة أخرى باعتبارها‬ ‫األكبر واألنشط في محيطنا العربي‪ ،‬فما يعتبره‬ ‫املسلمون‪ ،‬اخلاصة وخاصة اخلاصة‪ ،‬من أهل احلق‬ ‫والتأويل والصدق‪ ،‬فإ ّن املسيح عليه السالم يلعب‬ ‫دورا ً هاما ً جدا ً في اإلسالم‪ ،‬وكذلك بالنسبة إلى‬ ‫س ّيدة نساء عاملها الس ّيدة مرمي عليها السالم‬ ‫التأمل الشيعي تطابقا ً مع الس ّيدة‬ ‫التي تعني في ّ‬ ‫تاما ً يجمع‬ ‫تاما ً وتناغما ً ّ‬ ‫فاطمة الزهراء‪ ،‬تطابقا ً ّ‬ ‫بني اإلس َمني الشريفني جمعا ً حسابيا ً يوازي بني‬ ‫الشخصيتني ليظهر أ ّن مرمي هي فاطمة وفاطمة‬ ‫هي مرمي‪ ،‬ففاطر اإلسم الرمزي لفاطمة‪ ،‬هذا هو‬ ‫التطابق التالي حيث أ ّن اجملموع العددي السم‬ ‫مرمي بحساب اجلمل أيضا ً (م‪ +‬ر‪ +‬ي‪ +‬م= ‪ 290‬أيضاً)‪.‬‬ ‫وعلى هذا التفسير الرمزي‪ ،‬اعتمد الفاطم ّيون‬ ‫في دعوتهم وقاموا عام ‪ 290‬للهجرة‪ ،‬فانتصروا‬ ‫في “خراسان” مع غياث‪ ،‬كما انتصروا في اليمن‬ ‫مع منصور‪ ،‬وفي اجلزائر وفي غيرها من املناطق‪،‬‬ ‫وهكذا بدا جنم الفاطمية بالظهور واالنتشار‪،‬‬ ‫وتفاؤال ً باجملموع العددي الفاطمي املرميي حيث‬ ‫فسروا انتصاراتهم ببركة االسم الشريف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لقد م ّثل املسيح عليه السالم جانبا ً خف ّيا ً من‬ ‫جوانب التعليم االبراهيمي‪ ،‬وهو اجلانب الداخلي‬ ‫األول من الدين‪ ،‬دين الفطرة‪ ،‬الذي هو طريقة‬

‫‪33‬‬

‫يأت الس ّيد املسيح‬ ‫موحية وليست شريعة‪ ،‬ولم ِ‬ ‫بوحي ألي شريعة‪ ،‬بل جاء بطريق ٍة ترتكز على‬ ‫محبة اهلل‪ ،‬وقد اعترف اإلسالم باجلانب الهام‬ ‫الذي قام به املسيح‪ ،‬ذلك العمل الذي اختلف عن‬ ‫سائر األعمال التي قام بها األنبياء اآلخرون الذين‬ ‫جاؤوا بالشريعة أو أصلحوا شريعة قدمية‪ ،‬وكذلك‬ ‫باعترافه أنه روح اهلل‪ ،‬وبدالالته العجيبة من‬ ‫العذراء مرمي التي أحصنت فرجها فنفخنا فيها‬ ‫من روحنا وجعلناها وابنها آية للعاملني‪ .‬إ ّن املسيح‬ ‫عيسى ابن مرمي رسول اهلل وكلمته ألقاها إلى‬ ‫مرمي وروح منه‪ ،‬وأخذا ً من هذا املفهوم القرآني‬ ‫والتفسير الفاطمي لدورة الدهر الكبرى التي‬ ‫تشمل سبع دائرات كبرى‪ ،‬من دائرات النب ّوة‪ ،‬فإ ّن‬ ‫السيد املسيح عليه السالم ميثل النبي اخلامس‬ ‫في الدائرة البشرية احلالية‪ ،‬وهو نصير ابن سمعان‬ ‫وشمعون الصفا في بعض املصادر أو بطرس‪ ،‬وهو‬ ‫ميثل “كهمة” في مقام النبي محمد (ص) ووسيم‬ ‫عليه السالم‪ ،‬بحسب الفهم الفاطمي‪ ،‬اجملانس‬ ‫للوضع امليتافيزيقي للعالم الذي خُ لقَ على املثال‬ ‫السماوي حيث يتألف من سبع سماوات وسبع‬ ‫أئمة‪.‬‬ ‫أراض وسبع دوائر نبوية وسبع ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حال‪ ،‬فاملسيح عليه السالم يلعب‬ ‫وعلى كل ِ‬ ‫دورا ً على جانب كبير من األهمية وينظر له‬ ‫اإلسالم عموما ً نظرة احترام وتكرمي وتبجيل‪ ،‬وقد‬ ‫استم ّرت هذه االتصاالت ذات الطابع الالهوتي‬ ‫بني الفاطمية واملسيحية حينا ً من الدهر‪،‬‬ ‫وجت ّلت خالل احلكم الفاطمي ملصر‪ ،‬والذي اتّسم‬ ‫بسياسة التسامح الديني‪ ،‬تلك السياسة التي‬ ‫كان صداها حسب شعراء ذلك العصر ويقول‪:‬‬ ‫دين حق عليه زماننا هذا يدل‬ ‫تنصر‬ ‫فالتنصر ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫وجل وعد ٌل‪ ،‬ما ساواهم فهو‬ ‫قل بثالثة‪ :‬ع ٌّز‬ ‫عدل‬ ‫فيعقوب الوزير أب‪ ،‬وهذا العزيز ابن وروح القدس‬ ‫فضل‬ ‫أعتذر عن اإلشارة لبعض احلاكمني الكبار من‬ ‫األديان األخرى في زمن السلطنة الفاطمية‪ ،‬ولقد‬ ‫بقي نصارى مصر يذكرون تلك املرحلة بكثير من‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬ ‫التجلي إلى يومنا هذا‪ ،‬حيث يقول الدكتور ميالد‬ ‫حنّا‪ ،‬وهو َمن عاش مع البابا شنودا‪“ :‬مصر من‬ ‫الناحية الرسمية السنّية‪ ،‬ودمها شيعي فاطمي‪،‬‬ ‫وقلبها قبطي بعظام فرعونية”‪ .‬على كل حال‪ ،‬ال‬ ‫نقلل من االحتجاجات الكالمية التي جرت بني‬ ‫اإلسالم واملسيحية واجلدال في موضوع الالهوت‪،‬‬ ‫وعلم الكالم واملناظرات اللسانية األخرى‪ ،‬والتي‬ ‫وقعت بني بقية الفرق اإلسالمية وبني املسيحية‪،‬‬ ‫أل ّن ما يعنينا في هذه العجالة هو أ ّن نصف‬ ‫اخلالف بحسب الفهم الباطني‪ ،‬الذي حافظ على‬ ‫اتصاالته الالهوتية والروحية بني الطائفتني‪ .‬ومنذ‬ ‫فترة ليست بالبعيدة‪ ،‬امتدح شاعر من بالد فارس‬ ‫هو هاتف األصفهاني‪ ،‬مدح النصرانية باعتبارها‬ ‫أنها تأكيد للوحدانية اإللهية إذا ما فهمت‬ ‫عقيدة التثليث من مدلولها الالهوتي الصحيح‪،‬‬ ‫وقال في قصيدته “ترجيح بند”‪ ،‬وهي في العربية‪:‬‬ ‫في الكنيسة سألت مسيحي ًة تسحر القلوب‬ ‫واأللباب‬

‫يا أيتها التي اصطادت فؤادي بشباكها التي‬ ‫نسجت زنارها في خيوط شعري‪ ،‬إلى متى‬ ‫تواصلني ضاللتي على طريق الوحدة اإللهية‪،‬‬ ‫وإلى متى تلحقني بالواحد األحد‪ ،‬عيب التثليث‪،‬‬ ‫أسمي اإلله الواحد أبا ً وابنا ً وروح‬ ‫يصح أن‬ ‫كيف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القدس‪ .‬فافترت شفتاها‪ ،‬هذه املسيحية عن‬ ‫ابتسامة عذبة وأجابت وهي تضحك‪ ،‬فيسيل‬ ‫كنت واقفا ً على‬ ‫لعابها عسالً من شفتيها‪ :‬لو‬ ‫ُ‬ ‫سر الوحدة اإللهية‪ ،‬ملا وصمتنا بوصمة الشرك‬ ‫عن محياه املشرق‪ ،‬يرسل جماله األزلي شعاعا ً‬ ‫في ثالث مرايا‪ ،‬واحلرير ليصبح ثالثا ً إذا دعوته‬ ‫حريرا ً وخزا ً وديباجاً‪ ،‬وبينما نحن في هذ احلوار‪،‬‬ ‫انطلق من ناقوس الكنيسة اجملاور نشيد يس ّبح‪:‬‬ ‫إنه واح ٌد وليس في الوجود إال الواحد‪ ،‬ال إله إال‬ ‫هو واحد”‪.‬‬ ‫في هذه األبيات صدى ألبيات قالها أمير‬ ‫املؤمنني اإلمام علي بن أبي طالب (عليه السالم)‪،‬‬ ‫إمام الشيعة األول‪ ،‬وهو نفسه إمام الباطن‪ ،‬وعنه‬

‫انحدر التش ّيع العلوي الفاطمي التوحيدي ليكون‬ ‫مبجمله تفسيرا ً أشد باطنية للوحي‪ ،‬كما انحدر‬ ‫عنه التص ّوف في عالم أهل السنّة واجلماعة‪ ،‬إمام‬ ‫الباطن عليه السالم‪ ،‬كأن يأنس لسماع صوت‬ ‫بديارات عاصمته الكوفة‪،‬‬ ‫الناقوس حني مي ّر قربها‬ ‫ٍ‬ ‫فينشر مع د ّقات الناقوس النصراني ويقول‪“ :‬حقا ً‬ ‫حقا ً صدقا ً صدقاً”‪.‬‬ ‫يا ابن الدنيا جمعا ً جمعا ً‬ ‫إ ّن الدنيا قد غ ّرتنا‬ ‫يا ابن الدنيا مهالً مهالً‬ ‫لسنا ندري ما ف ّرطنا‬ ‫يوم ميضي عنا‬ ‫ما من ٍ‬ ‫إال أوها منّا ركنا‬ ‫يوم ميضي عنا‬ ‫ما من ٍ‬ ‫إال أمضى منّا قرنا‬ ‫هكذا استطاع اإلمام علي عليه السالم أن‬ ‫يستنطق الناقوس فيظهره بهيئ ٍة روحانية‬ ‫باطنية رمزية بعيدا ً عن معناه املادي‪ ،‬وانطالقا ً من‬

‫القالدة الفاطمية ؟‬ ‫القالدة الفاطمية تكرمي فخري من الدرجة األولى‬ ‫في االستحقاق والتميز‪ ،‬مينحها ( اجملمع العلمي‬ ‫الفاطمي) لألعالم املتميزين الذين قدموا خدمة‬ ‫لإلنسانية ضمن اختصاصاتهم في كافة العلوم‬ ‫واآلداب والفنون وساهموا في تنمية اإلخوة والوئام‬ ‫والتسامح والتعاون بني مختلف البشر‪ ،‬وهو الهدف‬ ‫النبيل الذي سعت إليه الدعوة الفاطمية منذ ما‬ ‫يزيد على ألف عام‪.‬‬ ‫كما متنح للمؤسسات العلمية والثقافية‬ ‫واخليرية والهيئات األهلية السائرة في هذا الطريق‬ ‫بإخالصها هلل والبشرية‪.‬‬ ‫وتتشرف القالدة بحمل اسم الصديقة الطاهرة‬ ‫فاطمة الزهراء عليها السالم ابنه الرسول املصطفى‬ ‫صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وزوج اإلمام علي‬ ‫املرتضى‪ ،‬وأم احلسنني السبطني (عليهم السالم)‬ ‫وتذكارا ً باسم الفاطميني األحرار وحضارتهم الرائعة‬ ‫التي خلدها التاريخ بحروف من نور خالل خالفتهم‬ ‫وقيادتهم للعالم اإلسالمي (‪567 – 297‬هـ‪– 909/‬‬ ‫‪1171‬م)‪.‬‬ ‫تقدم القالدة الفاطمية للشخصية أو املؤسسة‬ ‫املكرمة بعد ترشيح رسمي مقدم شخصيات او‬ ‫مؤسسات ذات صلة باجملتمع العلمي الفاطمي‬ ‫يتضمن سجالً لسيرة وأعمال املرشح وبعد موافقة‬ ‫مجلس أمناء اجملمع‪.‬‬ ‫أما مضامني القالدة فإنها تتكون مما يلي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬وجه القالدة الفاطمية‬ ‫مركز الوجه‪ :‬محمد وعلي باخلط الكوفي‬ ‫الفاطمي‪.‬‬ ‫الطوق االول‪ :‬أكادميية الكوفة باخلط الكوفي‬ ‫القدمي‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الطوق الثاني‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم (إنمّ ا يُريد‬ ‫اهلل ليذهب عنكم ال ّرجس أهل البيت ويطهركم‬ ‫تطهيراً)‬ ‫األحزاب ‪ 33‬باخلط الكوفي الفاطمي‪.‬‬ ‫الطوق الثالث‪ :‬مستطيالت مدورة النهايات‬ ‫عددها ‪ 14‬وهي مترابطة ببعضها البعض وترمز الى‬ ‫املعصومني االثني عشر ‪.‬‬ ‫أما الطوق الرابع واالخير‪ :‬فهي زخارف من التراث‬ ‫الفني الفاطمي‪ ،‬وجميع هذا الوجه مستوحى‬ ‫من شكل فاطمي مثبت في واجهة اجلامع األقمر‬ ‫بالقاهرة املعزّية احملروسة‪.‬‬ ‫ظهر القالدة الفاطمية‬ ‫مركز الظهر‪ :‬شعار أكادميية الكوفة وهي‬ ‫املؤسسة التي حتتضن (اجملتمع العلمي الفاطمي)‬ ‫وهو عبارة عن شكل مثمن مستوحى من اآلية‬ ‫الكرمية (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية)‬ ‫(احلاقة‪.)17 :‬‬ ‫ويلي هذا الشكل املثمن شكل آخر رباعي األركان‬ ‫وفي كل ركن منه ثالثة أضالع مثلثة الزوايا أشبه‬ ‫باألقالم املشرعة‪ ،‬عدا الضلع االوسط للركن القائم‬ ‫باجتاه السماء الذي ميثل باب الفتح = األمل= الرجاء‬ ‫– املهدي – القائم‪.‬‬ ‫واألضالع األخرى ترمز لألبواب التي مجموعها‬ ‫‪ 12‬اثنا عشر بابا ً تزود العالم املرئي واحملسوس‬ ‫بالعلم‪ ،‬والشعار مبجموعه هو صحن املعرفة والذي‬ ‫تتوسطه النجمة املثمنة وبوسطها نافورة املاء‬ ‫التي ترمز للمحور الذي تنطلق منه املعرفة الى ما‬ ‫ال نهاية وفق قوله منة السالم (العلم دين يدان به)‪،‬‬ ‫وفي أسفله كتبت عبارة (أكادميية الكوفة) باحلروف‬ ‫العربية والالتينية‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫الطوق االول‪ :‬مستطيالت مقوسة األضالع عددها‬ ‫‪ 12‬وهي مترابطة فيما بينها وترمز لألئمة االثني‬ ‫عشر الذين أولهم على (ع) وأخرهم القائم املهدي‬ ‫عجل اهلل فرجه)‪ .‬وبعد هذا الطوق كتبت عبارة‪:‬‬ ‫اجملمع العلمي الفاطمي‪ ،‬القالدة الفاطمية‪،‬‬ ‫باللغتني العربية واالجنليزية‪ ،‬وفي الشريط الكتابي‬ ‫نفسه ث ّبتت خمسة جنوم ثمانية الشكل ترمز‬ ‫للخمسة املطهرة (محمد وعلي و فاطمة واحلسن‬ ‫واحلسني)‪.‬‬ ‫وأخيرا فهناك الطوق الثاني النهائي (السرمدي)‬ ‫الذي يحيط بكل ما ذكرناه وهو رمز مكرر من وجه‬ ‫القالدة ويشير الى ‪ 14‬إماما ً معصوما ً و‪ 14‬خليفة‬ ‫من الفاطميني‪.‬‬ ‫وقد ثبتت بأعلى القالدة (عني فاطمة) وسط‬ ‫مثلث يرمز الى (كف فاطمة) املشهور في شمال‬ ‫أفريقيا خاصة وقد استعملت العني املفتوحة فيها‬ ‫إلدخال سلسلة ذهبية مخصصة حلمل القالدة التي‬ ‫حتيط‬ ‫برقبة الشخصية املكرمة وهي ترمز حلديث‬ ‫(سلسلة الذهب) الذي تعود روايته لإلمام علي بن‬ ‫موسى الرضا (‪203 – 148‬هـ) ولي عهد اخلليفة‬ ‫العباسي املأمون (‪218 – 198‬هـ)‪.‬‬ ‫صنعت القالدة من البرونز والذهب اخلالص مبدينة‬ ‫مومباي الهندية‪ ،‬وهي تزن ‪ 100‬غم‪ ،‬وذات قياس‬ ‫اعتباري (‪8‬سم) كما صنعت ألجلها محفظة‬ ‫مخصصة لها سهلة التناول واخلزن‪.‬‬ ‫قام بوضع فكرة (القالدة) وتصميمها العبد الفقير‬ ‫تراب أقدام الفاطميني محمد سعيد الطريحي‪ ،‬وهلل‬ ‫احلمد واملنة وعليه االتكال وآخر دعوانا ان احلمد هلل‬ ‫رب العاملني‪.‬‬


‫هذا النور اإلمامي‪ ،‬انطلق الفاطميون‪ ،‬انطلقت‬ ‫احلكمة والفلسفة الكامنة في املعنى الباطني‬ ‫للدين التي تقود إلى والدة اإلنسان‪ ،‬والدة روحانية‬ ‫خالص من‬ ‫حيث يتح ّول فيها إلى إنسان جديد‬ ‫ٍ‬ ‫الشوائب‪ ،‬وليس من باب الصدف‪ .‬إن الفاطمية‬ ‫تشعباتها عندما تكون متمتّعة بالقوة‬ ‫بكل‬ ‫ّ‬ ‫تتفجر طاقاتها في حقول الفنون والعلوم‬ ‫كانت‬ ‫ّ‬ ‫واآلداب واملعرفة‪ ،‬وال سيما في العلوم العقلية‪.‬‬ ‫فاألزهر مثالُ‪ ،‬وهو أعظم املؤسسات العلمية‬ ‫الدينية في العالم اإلسالمي‪ ،‬أسسه الفاطميون‪.‬‬ ‫إن النشاط الذي رافق العلوم العقلية في مصر‬ ‫الفاطمية‪ ،‬بفضل علماء عظماء مثل ابن يونس‬ ‫وابن الهيثم له عالقة وطيدة بالعقيدة الفاطمية‬ ‫الدينية‪ ،‬بصلته الوثيقة احلكمة‪ ،‬بحسب املفهوم‬ ‫الفاطمي‪ ،‬وبالوحي ذاته‪ ،‬وهو بفضل هذه العقيدة‬ ‫أصبحت القاهرة تنافس بغداد وقرطبة‪ ،‬وليس‬ ‫من الصدفة أن تكون حركة إخوان الصفا وخالن‬ ‫الوفا من نتائج الفاطميني‪ ،‬وإمنا بسبب أخذها‬ ‫بهذا املفهوم اإلنساني األوسع للعالم الذي نشأ‬ ‫في ظل أهل البيت (عليهم السالم)‪ ،‬والتزاما ً‬ ‫بهذا الفهم الكوني‪ ،‬فقد ع ّرف أخوان الصفا‬ ‫اإلنسان املثالي الكامل خلقيا ً أنه شرقي فارسي‬ ‫النشأة ذو تربية عراقية بابلية تلميذ املسيح في‬ ‫تقي‬ ‫سلوكه‪ ،‬عربي في إميانه‪ ،‬عبري في دهائه‪ٌ ،‬‬ ‫كراهب سرياني‪ ،‬يوناني في العلوم الفردية‪ ،‬هندي‬ ‫في تفسيره لأللغاز‪ ،‬صوفي في مجمل حياته‬ ‫الروحية‪ ،‬وهذا هو ما يدعو إليه عقالء عالم اليوم‪،‬‬ ‫لألخذ به في إطار حوار احلضارات أو تالقيها‪،‬‬ ‫فمرحى للكلمة وسقيا ً للفكر اخلالق‪ ،‬ومجدا ً‬ ‫للحكمة التي جت ّلت في التوحيد وأهل التوحيد‪،‬‬ ‫وسبحان اهلل الذي يدعونا إلى دار السالم‪.‬‬ ‫ثم علل الدكتور الطريحي أسباب منح‬ ‫معالي الوزير وئام وهاب والدكتور مازن صباغ‬ ‫هذه القالدة‪ ،‬بالقول‪:‬‬ ‫نقدم القالدة الفاطمية إلى موض َعي‬ ‫ّ‬ ‫املؤكد‪ ،‬والشرف املؤ ّيد‪ ،‬إلى أخواننا‬ ‫االستحقاق‬ ‫معالي الوزير وئام وهاب والدكتور مازن يوسف‬ ‫ص ّباغ‪ ،‬وهما َمن ح ّلقا في خدماتهما املميزة‬ ‫للصالح العام‪ ،‬والتزما بالنهج اإلنساني‪ ،‬وكانا‬ ‫وسخرا ما‬ ‫محالً لكل سر ومنزعا ً لكل خير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ميلكان خلدمة األمة العربية واإلسالمية‪ ،‬فكانا‬ ‫بذلك محل ثقة‪ ،‬ثقة اجملمع العلمي الفاطمي‪،‬‬ ‫وموضع تقديره‪ ،‬فحقٌ لهما أن ي ُ ّ‬ ‫رشحا بالقالدة‬ ‫املعنوية احلاملة لألسماء املطهّ رة الفاطمية‪،‬‬ ‫عرفانا ً بدورهما و ّفقهما اهلل إلى املزيد من عمل‬ ‫اخلير واملواقف النبيلة‪.‬‬ ‫عندما أنظر إلى األستاذ وئام وهاب‪ ،‬أنظر إليه‬ ‫نظري إلى الشجاع املقدام‪ ،‬أو اجلندي الباسل‬ ‫املقاوم الذي يخوض معاركه الفكرية والوطنية‬ ‫محصنا ً‬ ‫وجل‪ ،‬وهو في سبيل املبدأ‬ ‫دون‬ ‫ّ‬ ‫خوف أو َ‬ ‫ٍ‬ ‫بحجة قوية تستهزأ باخلصم‪ ،‬فهو كما في‬ ‫ّ‬ ‫اصطالحنا “ ُمكاسر فاطمي توحيدي”‪ ،‬وفي اجلانب‬ ‫اآلخر جند مذهبه في الوئامية التوحيدية طريقا ً‬

‫احلضور‬

‫ّ‬ ‫وسلوكا ً‬ ‫اختطه نهجا ً للطمأنينة بني احلضارات‬ ‫واألفكار‪.‬‬ ‫وأخي الدكتور مازن يوسف ص ّباغ وهو فرع من‬ ‫الدوحة التغلبية الصحيحة في العروبة‪ ،‬وهو‬ ‫مؤصلة في اخلير والوفاء‬ ‫في بيته األقرب‪ ،‬جذور‬ ‫ّ‬ ‫والوطنية الساحقة وأعماله التوثيقية التأريخية‬ ‫ضمنها‬ ‫فيها ما يُس ّر الناظر ويشرح اخلاطر‪ ،‬فقد ّ‬ ‫أمتنا املعاصر‪ ،‬وهو في‬ ‫كل نفيس وغالي من تاريخ ّ‬ ‫مواقفه اإلعالمية والصحافية شاهد أمني على‬ ‫الواقع‪ ،‬يختار مواضيعه وبحوثه التوحيدية التي‬ ‫زاد عددها على الثالثني كتاباً‪.‬‬

‫الشيخ أبو علي سليمان أبو ذياب ‪:‬‬

‫الفاطميون دولة الوحدة اإلسالمية‬ ‫وألقى املرجع الروحي الشيخ أبو علي سليمان‬ ‫نرحب بحضوركم‬ ‫آبو ذياب كلمة جاء فيها‪ّ :‬‬ ‫السار‪،‬‬ ‫تشريفكم‬ ‫ونقدر‬ ‫الكرمي في بلدة اجلاهلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ونؤهل بحضرتكم جميعاً‪ ،‬ونشكر سعادة األمني‬ ‫ّ‬ ‫العام للمجمع العلمي الفاطمي‪ ،‬رئيس أكادميية‬ ‫الكوفة الدكتور محمد سعيد الطريحي‬ ‫الشقيق‪ ،‬على هذا التكرمي الفخري من الدرجة‬ ‫األولى في االستحقاق والتم ّيز‪ ،‬مبنحه القالدة‬ ‫الفاطمية املم ّيزة‪ ،‬لعلمَينْ س ّيدين متم ّيزين هما‬ ‫معالي األستاذ وئام وهاب ابن هذه البلدة املك ّرم‪،‬‬ ‫وسعادة الدكتور مازن يوسف ص ّباغ‪ ،‬الكاتب‬ ‫والباحث الشقيق‪ .‬ونشكر أمني عام اللجنة‬ ‫األسقفية للحوار املسيحي اإلسالمي في لبنان‬ ‫األب انطوان ضو على حضوره‪ ،‬ونشكر جميع‬ ‫احلاضرين فردا ً فردا ً دون تسمية‪ ،‬فلحضرتكم‬ ‫الشكر الكثير‪ ،‬وبكم الترحيب الوفير‪.‬‬ ‫الفاطميون حقا ً أهل التاريخ الناصع‪ ،‬والعلم‬

‫‪35‬‬

‫الواسع‪ ،‬والفكر الالمع‪ ،‬واجملد الرائع‪ ،‬والبيت‬ ‫اجلامع‪ ،‬ذوو اإلمكان واإلحسان والقدر‪ ،‬وآل‬ ‫التسامح والتعاون بني مختلف البشر‪ ،‬أبناء‬ ‫الس ّيدة الكرمية األنس ّية احلوراء‪ ،‬فاطمة الزهراء‪،‬‬ ‫الص ّديقة الطاهرة العابدة‪ ،‬فتاة املروءة الراضية‬ ‫ّ‬ ‫السخية املُكابرة املجُ اهدة‪،‬‬ ‫املرض ّية الزكية‬ ‫ّ‬ ‫اجلوهرة الفريدة ذات الثقافة والعلم واألدب‪،‬‬ ‫القصد والطلب‪ ،‬الفصيحة‬ ‫احملدثة الشريفة‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫القلب واللسان‪ ،‬الواضحة البيان‪ ،‬الزّهراء ال ّلب‬ ‫والوجه واإلميان‪ ،‬الناهلة العلم من مدرسة النب ّوة‬ ‫واإلسالم‪ ،‬وجامعة الوحي والرسالة واإلمامة‬ ‫واألمانة والسالم‪ ،‬س ّيدة نساء العاملني‪ ،‬عليها‬ ‫السالم‪ ،‬التي قالت قبل وفاتها دون الثالثني سنة‬ ‫من عمرها‪ :‬السال ُم على جبريل‪ ،‬السال ُم على‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رضوانك‬ ‫اللهم في‬ ‫رسولك‪،‬‬ ‫اللهم مع‬ ‫رسول اهلل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هدوء‬ ‫في‬ ‫بليل‬ ‫َت‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫السالم‪،‬‬ ‫ودار‬ ‫ودارك‬ ‫وجوارك‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وسكون‪ ،‬حيث كانت قد نامت العيون‪ ،‬وحضر‬ ‫الصالة عليها السادات الصحابة األعالم‪ :‬سلمان‬ ‫وعمار الكرام‪.‬‬ ‫واملقداد وأبو ذر ٍّ ّ‬ ‫الفاطميون كانت دولتهم دولة الوحدة‬ ‫اإلسالمية الواحدة‪ ،‬دولة احلكم الراقي اجلامع‬ ‫جميع املذاهب على اختالف املشارب واملآرب‪ ،‬دولة‬ ‫العدالة واملساواة وعدم التط ّرف واملغاالة‪ ،‬دولة‬ ‫العمران واالزدهار واألمان واإلطمئنان‪ ،‬في كل‬ ‫النواحي وجوانب ملكها في كل مكان‪ ،‬كانت‬ ‫وفنت‬ ‫دولة التعايش اإلسالمي العام‪ ،‬دون نعرات‬ ‫ٍ‬ ‫وتكفير‪ ،‬وطعن وتشهير‪ ،‬فيها األمن والتسامح‬ ‫والسعة والغنى‪،‬‬ ‫والتآلف والتآخي‪ ،‬والرفق‬ ‫ّ‬ ‫والراحة واملس ّرات والهنا‪ ،‬إال ملَن مت ّرد ومتادى وطغا‪،‬‬ ‫الضالل وبغى‪ ،‬فكان العقاب له أحقّ وأولى‪،‬‬ ‫وآثر َّ‬ ‫كان فيها بناء املساجد ودُور العلم‪ ،‬وفيها ّ‬ ‫احلث‬ ‫على العبادة وطلب العلم‪ ،‬وفيها مراعاة حقوق‬ ‫الناس في شتّى اجملاالت‪ ،‬وفيها األفراح في األعياد‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬ ‫أمدت الناس باألوراق‬ ‫واللقاءات واملناسبات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واألرزاق‪ ،‬واحلبر واألقالم‪ ،‬وح ّثهم على طلب العلم‬ ‫وعمرت آالف املساجد في املدن‬ ‫واإلقبال عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والقرى‪ ،‬وصرفت عليها النفقات الالزمة‪ ،‬وحملت‬ ‫الناس على العبادة‪ ،‬ووزّعت املال والدواء على‬ ‫احملتاجني مجاناً‪ ،‬وأخمدت الفنت بني الطوائف‬ ‫تاماً‪ ،‬وقامت بنهضتها على‬ ‫واملذاهب إخمادا ً ّ‬ ‫املبادىء والقيم السامية‪ ،‬والقوانني واألنظمة‬ ‫الراقية‪ ،‬فلم يكن لها مثيل في الدول‪ ،‬في العدل‬ ‫واملساواة والقيم‪ ،‬والتسامح واملبادىء والنهضة‬ ‫والثقافة والكرم‪ ،‬والعمران واإلحسان‪.‬‬ ‫إن األمة اإلسالمية ذات الكتاب الواحد‪ ،‬ال‬ ‫تصح اخلالفات فيها‪ ،‬إذ التفسيرات املتعددة لآلية‬ ‫ّ‬ ‫الواحدة‪ ،‬ليست مادة للخالف‪ ،‬بل هي الدليل على‬ ‫قوة الكتاب و ِغناه وعظمته‪ ،‬وهي متام بعضها‬ ‫خالف وال نزاع‬ ‫بعضا ً وتكامله‪ ،‬واألفضل ي ُ َّت َبع‪ ،‬بال‬ ‫ٍ‬ ‫وال ب َِدع‪ ،‬وقبل وبعد َمن عمل صاحلا ً فلنفسه‪،‬‬ ‫و َمن أساء ف َعليها‪ ،‬وإلى اهلل يرجع األمر كله‪ ،‬أوَ‬ ‫يكف برب ِّ َك أنه على كل شيء شهيد‪ ،‬بلى إنه‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫بكل شيء محيط‪.‬‬ ‫إن الدولة الفاطمية منوذج فريد لإلسالم ولألمم‪،‬‬ ‫وقدرة و ِمثا ٌل يُقتدى به‪ ،‬إن أردنا الوفاق بيننا واأللفة‬ ‫والتآخي‪ ،‬فإمنا املؤمنون أخوة‪ ،‬وإ ّن أكرمكم عند‬ ‫اهلل أتقاكم‪ ،‬وإن اهلل ال يُضيع أجر احملسنني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خلف األسرة الفاطمية وأهلها‪ ،‬وحاملو‬ ‫إنكم‬ ‫مشاعلها‪ ،‬ويحق لنا ولكم جميعا ً أن نفخر بها‪،‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫األب انطوان ضو ‪:‬‬ ‫أهل التوحيد آمنوا بشرعية‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫وألقى االب انطوان ضو رئيس سيدة شمالن‬ ‫وأمني عام اللجنة األسقفية للحوار املسيحي‬ ‫اإلسالمي كلمة جاء فيها‪ :‬يشرفني ويسعدني‬ ‫أن أشارك في هذا االحتفال التكرميي الذي هو‬ ‫حدث إنساني واجتماعي وثقافي وحضاري ووطني‬ ‫وعربي‪ ،‬إضافة إلى أنه في لبنان ال يكون االحتفال‬ ‫احتفاالً‪ ،‬والفرح فرحاً‪ ،‬إال مبشاركة مسيحية‬ ‫إسالمية صادقة وحقيقية ليكون العمل مشرقا ً‬ ‫ينبع من فعل اإلرادة‪ ،‬وفعل الكرامة‪ ،‬وفعل احملبة‪،‬‬ ‫وفعل إبداع‪ ،‬وفعل تفاعل‪.‬‬ ‫هذا اللقاء الثقافي التاريخي الذي خالله‬ ‫سيجري التكرمي الفخري من الدرجة األولى في‬ ‫االستحقاق والتمييز‪ ،‬حيث يقلد فيه رئيس اجملمع‬ ‫العلمي الفاطمي في أكادميية الكوفة الدكتور‬ ‫محمد سعيد الطريحي «القالدة الفاطمية»‬ ‫إلى الصديق احلبيب معالي األستاذ وئام وهاب‬ ‫رئيس «تيار التوحيد»‪ ،‬املناضل في سبيل الوحدة‬ ‫الوطنية والعربية في احلرية والتنوع واحملبة‪،‬‬ ‫واملقاوم في سبيل حترير أرضنا العربية من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب والنائبان السابقان اخلطيب واليتيم‬

‫االحتالل العنصري الصهيوني وأعوانه‪ ،‬وسعادة‬ ‫الدكتور مازن يوسف صباغ أحد أركان ثقافة‬ ‫املقاومة والوحدة واإلنتاج‪.‬‬ ‫كما نرى في هذا التكرمي تكرميا ً للبنان الوطن‪،‬‬ ‫الرسالة‪ ،‬ألن دعوته التاريخية ومعناه احلقيقي‬ ‫هو أن يشهد أبناؤه أمام العالم على اإلميان وعيش‬ ‫القيم اإلنسانية واحلرية واحملبة واالستقالل‪،‬‬ ‫واالنفتاح والتفاعل احلضاري والثقافي والروحي‪،‬‬ ‫والعيش معا ً بأمان وسالم ومحبة‪.‬‬ ‫اجمليء من الكوفة مرورا ًبتاريخ احللفاء الفاطميني‬ ‫األربعة عشر‪ ،‬وصوال ً إلى جبل املوحدين‪ ،‬وفي بلدة‬ ‫اجلاهلية التي تأسس فيها «تيار التوحيد» الذي‬ ‫عليه أن ال يكون تيارا ً سياسيا ً فقط‪ ،‬إمنا حركة‬ ‫ثقافية تربي على ثقافة احلوار والعيش املشترك‬ ‫وتدعمها وتطورها‪.‬‬ ‫اخلالفة الفاطمية (‪ )1171 – 909‬التي توالى‬ ‫عليها ‪ 14‬خليفة منهم املنصور أبو علي املعروف‬ ‫باحلاكم بأمر اهلل (‪ )1020 – 996‬الذي أصدر في‬ ‫سنة ‪ 1017‬سجالً فيه بداية الدعوة‪ ،‬والتي أطلق‬ ‫عليها أصحابها دعوة التوحيد‪ ،‬والدعاة اخلمسة‬ ‫الذين قاموا بنشرها هي دعوة نابعة من اإلسالم‬ ‫وتتركز على احلقائق اإلسالمية اجلوهرية‪.‬‬ ‫أهل التوحيد هم أهل اإلميان والتقوى والقيم‬ ‫واألخالق والعقل واحلكمة والفلسفة واملعرفة‬ ‫والعلم واالجتهاد والصدق والتسامح والتصوف‬ ‫والزهد واخلشوع والنهضة والتجدد‪.‬‬ ‫أهل التوحيد آمنوا بشرعية حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫إنهم آمنوا بكرامة اإلنسان وبحرية الرأي والتعبير‬ ‫واملعتقد‪ ،‬وبكل ما يناضل من أجل حتقيقه أبناء‬ ‫عصرنا‪.‬‬ ‫ومن أهل التوحيد من تعبدوا هلل بعيدا ً عن‬ ‫عيون الناس وضوضاء العالم في خلوة مع الذات‬ ‫املتأملة في عظمة اخلالق الذين يلتقون في‬ ‫مسلكهم وزهدهم وتعبدهم مع النساك في‬ ‫جبل لبنان‪.‬‬ ‫ومن أهل التوحيد أيضا ً األمير السيد عبد اهلل‬ ‫التنوخي قدس اهلل سره‪ ،‬الذي ال يزال املرجع األكبر‬

‫‪36‬‬

‫حتى اليوم إلى شرح عقيدة التوحيد ومسلكها‪،‬‬ ‫إنه ولي عند املوحدين الدروز أي مبثابة قديس عند‬ ‫املسيحيني الذي يحب اهلل تعالى ويحب أخوته‬ ‫في وطنه محبة صادقة‪.‬‬ ‫ينفي البعض عن الدين اإلسالمي طابع كونه‬ ‫دينا ً ودولة‪ ،‬ويعتبر أنه دعوة ورسالة‪ ،‬ويشددون‬ ‫على الطابع الديني والروحي واألخالقي واإلنساني‬ ‫لإلسالم‪.‬‬ ‫ولكن الصراع بني املسلمني بعد وفاة الرسول‬ ‫كان صراعا ً سياسيا ً على السلطة واإلمامة‬ ‫واخلالفة والوراثة واملوارد‪ ،‬إلى األسباب السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية التي كانت‬ ‫وراء الفتنة واالنقسام عن جادة الدين احلق‪.‬‬ ‫كما ال ننكر األسباب الالهوتية والتفسير‬ ‫والتأويل واالجتهاد التي كانت جميعها وراء وجود‬ ‫طوائف ومذاهب وفرق بلغ عددها ‪ 72‬فرقة‪ ،‬أما‬ ‫احلركات اإلسالمية فهي عديدة للغاية‪ ،‬وكانوا‬ ‫يقولون في املاضي‪ :‬كل فرقة تدعي أنها «الفرقة‬ ‫الناجية» فيما سائر الفرق تسير على الضالل‬ ‫ومصيرها الهالك‪.‬‬ ‫في عصرنا يتحدثون عن السنة والشيعة‬ ‫وأعمالهما الطيبة واألقل طيبة‪ ،‬غير آبهني‬ ‫باملذاهب األخرى‪.‬‬ ‫أما اليوم وفي هذه اللحظة وفي اجلاهلية‬ ‫بالذات‪ ،‬أتيحت لنا الفرصة للعودة إلى الينابيع‬ ‫اإلسالمية في مكة املكرمة والكوفة املطيبة‪،‬‬ ‫وأن نتجرأ على التحدث عن العهد اإلسالمي‬ ‫الفاطمي وعن إجنازاته احلضارية والثقافية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬وأن يرتفع رأي بني معروف ليعلنوا‬ ‫اعتزازهم بالفاطميني وبآل البيت وباإلسالم كما‬ ‫يعتزون بوطنيتهم وعروبتهم‪.‬‬ ‫إن أهل التوحيد هم أهل الوحدة في احلرية‬ ‫واحملبة والتسامح‪ ،‬جتربة العيش املشترك في‬ ‫لبنان أصلها جتربة مارونية درزية و تاليا ً مسيحية‬ ‫إسالمية‪ ،‬آملني أن تصبح عربية وكوفية‪.‬‬ ‫إن علم التقريب بني املذاهب اإلسالمية من‬ ‫أجل حتقيق الوحدة اإلسالمية‪ ،‬والفكر املدني الذي‬


‫يسعى الى حتقيق الشراكة الكاملة والوحدة في‬ ‫التنوع بني الكنائس‪ ،‬أوال ً وبني اجلماعات املسيحية‬ ‫تاليا ً هذا العالم وهذا الفكر عليه أن يغتني‬ ‫بثقافة احلوار والعيش املشترك املبني على احترام‬ ‫حقوق األديان والطوائف واملذاهب في العالم‪،‬‬ ‫كجزء ال يتجزأ من احترام كرامة وحقوق اإلنسان‬ ‫واملرأة والطفل والتنوع وحرية وحق االختالف‪،‬‬ ‫ورفض كل أنواع وأشكال التمييز‪ ،‬واحترام املساواة‬ ‫والعدالة والسالم‪.‬‬ ‫إن العيش املشترك احلر‪ ،‬وإن كان صيغة لبنانية‬ ‫بامتياز فهذا العيش عليه أن يعم العالم العربي‬ ‫وبالتالي العالم كله‪ ،‬إن نظرية صراع احلضارات‬ ‫والثقافات واألديان مرفوضة باملطلق إنسانيا ً‬ ‫ومسيحيا ً وإسالمياً‪ ،‬ونحن مع صيغة حوار‬ ‫احلضارات والثقافات واألديان‪ ،‬والعيش معا ً بحرية‬ ‫ومساواة وعدالة واحترام وتعاون وثقة وسالم‬ ‫ومحبة‪.‬‬ ‫إن التطرف والغدر والتشدد واملبالغات‬ ‫واالنفعاالت والعنصرية والصهيونية واخلوف‬ ‫والتخويف من اإلسالم‪ ،‬واملصالح وسوء الفهم‬ ‫وانعدام الثقة املتبادلة واالنقسام واملصالح‬ ‫اخلاصة والفساد والظلم واالستغالل والعنف‬ ‫واحلروب مرفوضة معا ً جميعاً‪.‬‬ ‫مبارك مجيئك يا سماحة العالمة الدكتور‬ ‫محمد سعيد الطريحي إلى لبنان وطن‬ ‫املسيحيني واملسلمني املوحدين‪ ،‬وشكرا ً لتقليدك‬ ‫معالي األستاذ وئام وهاب «القالدة الفاطمية»‬ ‫في هذا اللقاء الثقافي الوطني العربي‪ ،‬طالبني‬ ‫لفلسطني والعراق ولبنان وسورية اخلالص من‬ ‫االحتالل الصهيو أميركي البريطاني وأعوانه‪،‬‬ ‫واحلرية واالستقالل والعدالة والوحدة والسالم‬ ‫والعزة‪.‬‬

‫والده في الدامنارك في العام ‪ 2002‬وترك أكثر من‬ ‫‪ 25‬كتابا ً ومؤلفا ً وأبحاثا ً في الدامنارك‪.‬‬ ‫واألخ محمد الطريحي يحمل إجازة في التاريخ‬ ‫من جامعة “فرناسا” في الهند‪ ،‬ويحمل دكتوراه‬ ‫الدولة في التاريخ اإلسالمي ويجيد اللغات العربية‬ ‫واإلنكليزية والهندية والفارسية والهولندية‪،‬‬ ‫ورئيس دائرة املعارف الهندية في “بومباي”‪ ،‬ورئيس‬ ‫مجمع املعارف احل ّرة‪ ،‬وهو مدير ومؤسس معهد‬ ‫ابن رشد لألديان في جامعة روتردام اإلسالمية‪.‬‬ ‫وهو صاحب ورئيس حترير مجلة “املواسم” التي‬ ‫تصدر في “الهاي” هولندا‪ ،‬وتصدر باللغة العربية‬ ‫منذ العام ‪ ،1984‬وتعنى باآلثار والتراث واحلضارة‪،‬‬ ‫وله عدد كبير من املؤلفات واألبحاث والدراسات‪.‬‬

‫مازن الصباغ‬

‫وهاب‬

‫وألقى الدكتور مازن يوسف صبّاغ كلمة جاء‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫أتش ّرف أن أقف بينكم بعدما تك ّرم اجملمع‬ ‫العلمي الفاطمي مبنحنا هذه القالدة الفاطمية‪،‬‬ ‫وهو تكرمي أزهو وأفتخر به وباجلهة املانحة‪،‬‬ ‫ويزيدني فخرا ً أن جنتمع في هذه الدائرة العامرة‬ ‫في جبل لبنان املع ّبرة عن أرفع درجات احملبة واملودة‬ ‫واالحترام املتبادل بني بيروت ودمشق بني سوريا‬ ‫ولبنان‪ ،‬فألخي وئام وهاب كل الشكر واالمتنان‬ ‫على هذه اجللسة اجلامعة والهادفة والدافئة‬ ‫وفيها كل املو ّدة والتواصل واألخ ّوة‪.‬‬ ‫وبإيجاز‪ ،‬فإن الدكتور محمد سعيد الطريحي‬ ‫من مواليد الكوفة في العراق في العام ‪،1957‬‬ ‫وتلقى تعليمه في احلوزة العلمية في النجف‬ ‫العالمة املرحوم الشيخ محمد‬ ‫األشرف‪ ،‬والده‬ ‫ّ‬ ‫الكاظم‪ .‬وآل الطريحي أسرة دينية عراقية‬ ‫معروفة تنحدر من قبيلة بني أسد العربية‪ .‬توفي‬

‫وآلقى رئيس تيار التوحيد وئام وهاب كلمة ّ‬ ‫أكد‬ ‫فيها على أن «التهديدات اإلسرائيلية بعدوان‬ ‫واجتياح للبنان‪ ،‬والبعض الذي ينتظره نحن‬ ‫نشفق عليه‪ ،‬ما استطيع أن أقوله‪ ،‬ونحن جزء من‬ ‫هذه املقاومة‪ ،‬إننا ال نخاف من التهديدات‪ ،‬ولسنا‬ ‫طالب حرب أو متشوقني لها‪ ،‬لكن إذا وقعت فإن‬ ‫املقاومة ستكسر عنجهيتهم للمرة األخيرة‪،‬‬ ‫وأن مئات الصواريخ ستكون وجب ًة أولى على‬ ‫تل أبيب وليس في أماكن أخرى داخل فلسطني‬ ‫احملتلة‪ .‬وهذه املرة لن نوفر مدين ًة من املدن احملتلة‬ ‫املغتصبة‪ ،‬ولن يبقى شبر داخل فلسطني‬ ‫املغتصبة إال وستطاله صواريخ املقاومة‪.‬‬ ‫واملعادلة اليوم أضحت مارون الراس وعيناتا وكل‬ ‫قرية من قرى لبنان مقابل تل أبيب وليست بيروت‬ ‫مقابل تل أبيب»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ ،‬هذا هو قرار املقاومة ومن ينتظر‬ ‫نتائج العدوان أو احلرب على لبنان أو سوريا أو إيران‬

‫الشيخ مرسل نصر والشيخ غبريس والشيخ مزهر‬

‫‪37‬‬

‫سينتظر طويال دون نتيجة‪ .‬ونقول للمرة األلف‬ ‫أنه علينا كلبنانيني أن ننسى مرحلة الرهان على‬ ‫اآلخر‪ ،‬قبلنا باجلميع شركاء حتى بعضهم الذي‬ ‫كان لديه سجالً أسودا ً في التعامل مع «إسرائيل»‪،‬‬ ‫واملقاومون القادرون على إعطاء شهادات في‬ ‫الوطنية من أجل وحدة لبنان‪ ،‬قبلوا بالتعاون مع‬ ‫كل اللبنانيني دون عودة إلى املاضي‪ ،‬ونتمنى على‬ ‫اآلخرين أن يأخذوا من املاضي عبر ًة ويبدأوا مرحلة‬ ‫جديدة والتعاون مع اجلميع من أجل بناء دولة ال‬ ‫ميزة فيها بني لبناني وآخر إال ميزة الكفاءة والوالء‬ ‫للوطن‪ .‬وسوريا التي تتعرض لبعض التهديدات‬ ‫اإلسرائيلية ونحن اخترنا الوقوف إلى جانب سوريا‬ ‫وقائدها الذي اختار الكرامة والعزة العربية‪،‬‬ ‫واختار أن يكون داعما ً للمقاومة على املوقع الذي‬ ‫يهدده فيه بعض التافهني اإلسرائيليني‪ ،‬إنه بني‬ ‫موقع يخضع لالحتالل واالغتصاب اإلسرائيلي‬ ‫واألميركي‪ ،‬وبني موقعه في قلوب وضمائر الشعب‬ ‫العربي فإنه قد اختار قلوب الناس»‪.‬‬ ‫وأضاف إن “الفاطميني الذين ورثوا العلم‬ ‫والرسالة عن نبي العرب والعجم‪ ،‬وأمام مكة‬ ‫وزمزم واملدينة واحلرم‪ ،‬الذين أقروا توحيدا ً‬ ‫بالشهادتني ووجوب الصوم والصالة والزكاة‬ ‫واحلج ملن استطاع إلى ذلك سبيال‪ ،‬وآمنوا‬ ‫باجلهاد والوالية‪ ،‬والذين أقاموا الشريعة وأمروا‬ ‫باملعروف والنهي عن املنكر‪ .‬واملوحدون نسبة‬ ‫إلى أتباع املدرسة التوحيدية التي نشأت‬ ‫بعد وفاة الرسول (ص) وتولى مسيرتها اإلمام‬ ‫علي (ع) وكان من بني قادتها سلمان الفارسي‬ ‫واملقداد وأبا ذر الغفاري وعمار بن ياسر وغيرهم‬ ‫رضي اهلل عنهم جميعاً‪ ،‬عاملني كشيعة‬ ‫موحدة لغاية اإلمام جعفر الصادق (ع)‪ ،‬وبعده‬ ‫جعلوا اإلمامة في ولده اسماعيل‪ ،‬واستمروا‬ ‫موحدين مع إخوانهم االسماعيليني لغاية‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلمام احلاكم (ع)‪.‬‬ ‫لقد جاهد املوحدون في ظل الدولة الفاطمية‬ ‫سب السلف‬ ‫لتوحيد املسلمني‪ ،‬وقد منع احلاكم ّ‬ ‫ممن تقدم على اإلمام علي (ع)‪ ،‬وأصدر سجالً ليقرأ‬ ‫في كل مكان على جميع الناس في رمضان سنة‬ ‫‪ 398‬هذا نصه‪« :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم من‬ ‫عبد اهلل ووليه أبي علي احلاكم بأمر اهلل أمير‬ ‫املؤمنني إلى كل حاضر وباد»‬ ‫أما بعد‪ ،‬فإن أمير املؤمنني يتلو عليكم آية‬ ‫من كتاب اهلل املبني «ال إكراه في الدين‪ ،‬مضى‬ ‫أمس مبا فيه‪ ،‬وجاء اليوم مبا يقتضيه‪ ،‬الصالح‬ ‫واإلصالح بني الناس أصلح والفساد واإلفساد‬ ‫بينهم مستقبح‪ ...‬معشر املؤمنني نحن األئمة‪،‬‬ ‫وأنتم األمة عليكم أنفسكم واليضركم من ّ‬ ‫ضل‬ ‫إذا اهتديتم إلى اهلل مرجعكم جميعا ً فينبئكم‬ ‫مبا كنتم تعملون‪ ،‬واحلمدهلل رب العاملني وصلواته‬ ‫على رسوله محمد وآله األكرمني»‪.‬‬ ‫وتابع “ذلك كان سجل احلاكم لذلك انتفض‬ ‫هؤالء األئمة األطهار املعصومون فهاجروا كهجرة‬ ‫جدهم وارحتلوا من سوريا إلى املغرب العربي‬ ‫ّ‬ ‫حيث أشرقت شمس اإلسالم والتوحيد وانبعث‬ ‫ضوئها واهتدى الناس بهديها على امتداد الوطن‬ ‫العربي واإلسالمي والعاملي‪ ،‬فأناروا األرض بأضواء‬ ‫دعاة توحيدهم‪ ،‬وفتحوا بالد األخشيد ليذودوا‬ ‫عن حياض املسلمني‪ ،‬وبنوا القاهرة وجعلوا من‬ ‫مصر حاضرة اإلسالم واملسلمني‪ ،‬ولم تزل آثارهم‬ ‫احلميدة في جامعها الكبير األزهر الشريف قبلة‬ ‫املسلمني ومدينتها املعزية القاهرة‪ .‬وقد متّ العبث‬ ‫مبكتبتها الفريدة التي ضمت بني جنباتها نفائس‬ ‫الكتب ونوادر املؤلفات واخملطوطات ما يربو على‬ ‫مليون وسبعماية ألف مجلد فعمدوا الى حرقها‬ ‫ومن ثم أغرقوا النيل فيها حتى بقي شهرا ً‬ ‫منصبغ بلونها وهي التي كانت حتتوي على فقه‬

‫األئمة وعلمهم الغزير‪.‬‬ ‫لذلك أمتنى أن تتضافر اجلهود إلحياء هذا التراث‬ ‫الذي دأب املتضررون على التزييف والتمزيق بحق‬ ‫هؤالء اجلهابذة املعصومني وأن تزول من صفحات‬ ‫الكتب البغيضة تلك املطاعن ليملئ بدال عنها‬ ‫اإلشراقات واإلرهاصات الفاطمية التي عجزت أن‬ ‫حتويها صفحات الكتب وصدور التابعني‪...‬‬ ‫تلك هي عقيدة التوحيد وإن كان هنالك من‬ ‫فوارق بني املذاهب اإلسالمية فيعود إلى االختالف‬ ‫في تفسير بعض اآليات واألحاديث وال يجوز أن‬ ‫تشكل هذه الفوارق حاجزا ً بني وحدة املذاهب‬ ‫كي تشكل سدا ً منيعا ً بوجه الطامعني في هذه‬ ‫األمة وخيراتها‪.‬‬ ‫إن االرتكاز لإلميان وفعله هو املقدمة األولى‬ ‫للوصول إلى املعرفة بحقيقة الوجود والتاريخ‬ ‫وكما عرفنا املاضي واحلاضر من خالل ما تقدم فال‬ ‫يساورنا الشك بالقدرة ملعرفة املستقبل بوضوح‬ ‫ويقني‪.‬‬ ‫وعليه كانت اخلطوة بإطالق تيار التوحيد‬ ‫حيث نسقط من قاموسنا كل عوامل التفرقة‬ ‫والتجزئة واالنقسام ونعمل للوحدة والتوحد‬ ‫حول حترير مقدساتنا وأرضنا من براثن االستعمار‬ ‫ومن أيدي الطغاة واملفسدين‪.‬‬ ‫لذلك فنحن في خندق املقاومة التي استعادت‬ ‫للبنان وجهه العربي والتي شكلت طليعة العمل‬ ‫املقاوم لكافة أبناء أمتنا حيث تتالقى مواجهة‬ ‫القهر واالغتصاب في فلسطني مع مقاومة‬ ‫االحتالل في العراق‪.‬‬ ‫إن متسكنا باملقاومة الشريفة واجملاهدة هو‬ ‫متسك بالتعاليم والقيم واملبادئ التي نشأنا‬ ‫عليها‪ ،‬بل هو إمساك بزمام املبادرة التي تنقذ‬ ‫أمتنا من األنظمة الرجعية املرتبطة بقوى الذل‬ ‫واالستكبار‪ ،‬وإن ارادة الصراع حق من حقوق‬

‫استقبل املرجعية الروحية الشيخ‬ ‫ابو علي سليمان ابو ذياب الوفد في‬ ‫منزله وأقام غداء على شرفه وجرى تبادل‬

‫الهدايا فق ّدم الشيخ املرجع أبو ذياب‬ ‫لوحات من رسومات الفنان منير أبو ذياب‬ ‫هدية وعربون تقدير لكل من الدكتور‬

‫‪38‬‬

‫الشعوب املظلومة واملقهورة وإن القتال في‬ ‫سبيل استعادة األرض واملقدسات هو قتال‬ ‫جهادي إلهي مقدس‪ .‬لذا كانت الهزمية للعدوان‬ ‫اإلسرائيلي على لبنان في متوز وعلى قطاع غزة‬ ‫منوذجني تفتخر بهما أجيال األمة ومستقبلها‪.‬‬ ‫وما يؤسفنا أكثر استمرار أنظمة العبودية في‬ ‫االرتهان للمشروع االستعماري وإقامة احلصار‬ ‫على كل الشرفاء واجملاهدين في سبيل اهلل وعز‬ ‫األمة إننا وفي هذه املرحلة من تاريخ أمتنا والعالم‬ ‫نؤمن بأن الذي غير املعادالت‪ ،‬وبدلها ذلك التالحم‬ ‫الوطني والقومي واإلسالمي من لبنان ومقاومته‬ ‫إلى فلسطني والعراق إلى دولة الصمود والتصدي‬ ‫وقيادتها احلكيمة والعاقلة في سوريا حيث أكدت‬ ‫قدرتها على إدارة الصراع‪ ،‬فشكلت مع إيران الثورة‬ ‫اإلسالمية املظفرة سدا ً منيعا ً في وجه الطغاة‪،‬‬ ‫واستطاعت أن تفتح مع تركيا صفحة جديدة من‬ ‫العالقات التي تصب في خدمة القضية الواحدة‪.‬‬ ‫فسارعت كل الدول العاملية لالتصال بها وإقامة‬ ‫أفضل العالقات معها‪.‬‬ ‫أيها احلضور الكرمي‪:‬‬ ‫إنني وفي هذه املناسبة الكرمية التي تقلدوني‬ ‫بها قالدة الدولة الفاطمية املباركة ازداد إميانا ً‬ ‫حملتموني مسؤولية‬ ‫ويقينا ً بكل ما تقدم‪ ،‬بل ّ‬ ‫تاريخية جديدة أطلب من اهلل سبحانه وتعالى‬ ‫أن يوفقني في ما نبتغيه جميعاً‪.‬‬ ‫إلى املزيد من التالقي والتشاور عبر األقنية‬ ‫املناسبة جلمع الكلمة وتوحيد الصفوف‬ ‫متوجها ً من اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫وقيادتها وشعبها بأصدق املشاعر في‬ ‫العيد احلادي والثالثون النتصارها‪ ،‬على أمل‬ ‫أن نلتقي وإياكم مجددا ملا فيه خير أمتنا‬ ‫وعاملنا العربي واإلسالمي‪ .‬والسالم عليكم‬ ‫ورحمة اهلل وبركاته»‪.‬‬

‫الطريحي والدكتور صبّاغ والوزير وهاب‪،‬‬ ‫كما متّ تقدمي مجموعة كتب من السيد‬ ‫الطريحي للشيخ أبو ذياب‪.‬‬


‫وهاب من بانياس‪:‬‬ ‫لتعميق العالقات‬ ‫االقتصادية مع سوريا‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن “العالقات‬ ‫اللبنانية السورية تعود أفضل مما كانت في السابق‪،‬‬ ‫ولكن ليس مبنطق بعض الذين كانوا يستغلون هذه‬ ‫العالقات ليبنوا أمجادأ ً وزعامات عليها في لبنان‬ ‫خاصة‪ .‬وبجردة حساب أمام الوقائع السياسية نرى‬ ‫أن لبنان أمام واقع جديد‪ ،‬األكثرية النيابية لم تعد‬ ‫أكثرية في مكانها السابق‪ ،‬وقد أصبحت في مكان‬ ‫آخر وأصبحنا في معادلة جديدة»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬خالل حفل ك ّرمته فيه مدينة‬ ‫بانياس السورية في احتفال شعبي أقيم في‬ ‫قاعة املركز الثقافي العربي في املدينة بدعوة‬ ‫من محافظة طرطوس وفرع حزب البعث العربي‬ ‫االشتراكي في املدينة بحضور احملافظ د‪ .‬عاطف‬ ‫النداف وأمني فرع احلزب د‪ .‬عدنان وسوف ومسؤولي‬ ‫احملافظة‪ ،‬وقدموا له سيفني عربيني عربون تقدير‬ ‫لدوره ومهامه العربية‪ ،‬إن «الرئيس احلريري قد‬ ‫قام بخطوات جريئة وشجاعة إلعادة مراجعة‬ ‫العالقات مع سوريا‪ ،‬ونحن نشجعه على ذلك ألنها‬ ‫مراجعة مطلوبة‪ ،‬وندعوه أن يذهب باجتاه املزيد‬ ‫منها‪ ،‬وتعميق العالقات التي هي حقائق التاريخ‬ ‫واجلغرافيا السياسية‪ ،‬وال يستطيع أحد أن يعمل‬ ‫في السياسة أو الشأن العام‪ ،‬وأن يغفل احلقائق‬ ‫اجلغرافية في هذه املنطقة‪ .‬لذا فإن تطوير العالقات‬ ‫اللبنانية السورية ضرورة خاص ًة للبنان قبل أن‬ ‫يكون ضرورة لسوريا‪ ،‬وباألخص تعميق العالقات‬ ‫االقتصادية وتطويرها مبا يتناسب مع التغ ّيرات‬ ‫االستراتيجية بني دول وأقطار املنطقة ملا فيه من‬ ‫مصلحة حترر هذه الدول من التبعية واالرتهان‪،‬‬

‫وهي لديها القدرة واملوارد شرط أن تستثمر في‬ ‫مكانها الصحيح»‪.‬‬ ‫وتابع “لقد لعب البعض على تشويه العالقات‬ ‫البينية ومحاولة التباعد‪ ،‬ولكنها ستعود بأفضل‬ ‫األحوال‪ ،‬ونحن اليوم في لبنان أمام معادلة جديدة‬ ‫وقد سقط الفريق الذي ركب على ظهره األميركيون‪،‬‬ ‫أي فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬ولم يبق منه إال بعض األشالء التي‬ ‫لن تؤدي إلى أي تعديل في موازين القوى‪ ،‬وهذه‬ ‫القوى التي حرضتها إدارة بوش طيلة السنوات‬ ‫اخلمس املاضية واعتقدت أنها ستغير العالم‪ ،‬ولكن‬ ‫الصمود في سوريا ولبنان غ ّير املعادالت‪ ،‬ولو جنحت‬ ‫إدارة «بوش» في القضاء على املقاومة في فلسطني‬ ‫ولبنان لكانت اإلدارة األميركية قد أعيد انتخابها‬ ‫والتجديد لها‪ ،‬لكن الصمود غ ّير في معادالت العالم‬ ‫وأدى إلى جناح إدارة جديدة في أميركا على األقل أنها‬ ‫ترفع شعارات اخلروج من مستنقع احلروب السابقة‪.‬‬ ‫وحتولت سوريا التي كانت محاصرة منذ خمس‬ ‫سنوات‪ ،‬ويهددونها بالويل والثبور وعظائم األمور‪،‬‬ ‫إلى ممر إلزامي وضروري في كل أمور وقضايا الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬ويؤكد ذلك األمريكيني بالتأكيد على أنه‬ ‫يجب التعاون مع سوريا ملعاجلة كل امللفات‪ ،‬والكالم‬ ‫الفرنسي عن أن سوريا هي املمر اإللزامي ملعاجلة‬ ‫كل قضايا املنطقة يؤكد هذه الوقائع‪ .‬أما الذين‬ ‫حاولوا التحريض في لبنان واملنطقة طيلة سنوات‬ ‫طويلة ودفعوا األموال الطائلة قبل االنتخابات‪،‬‬ ‫شكالً اعتقدوا أنهم قد ربحوا االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫لكن الوقائع السياسية جاءت لتغير كل هذا األمر‬ ‫واألكثرية النيابية أصبحت في مكان آخر»‪.‬‬

‫وتابع‪« :‬لقد فرض قائد هذه األمة الرئيس‬ ‫بشار األسد وسماحة السيد حسن نصر اهلل‬ ‫قائد املقاومة‪ ،‬معادلة جديدة في الصراع العربي‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬ولن يستطيع أيا ً يكن أن يتجاوزها‬ ‫بعد اليوم‪ .‬معهما نشعر بأننا أقوياء‪ ،‬ونحن الذين‬ ‫عشنا الهزمية وذقناها طيلة تاريخنا‪ ،‬وأقنعونا كل‬ ‫يوم بأنكم مهزومون وقدركم باستمرار أن تهزموا‬ ‫أمام «إسرائيل» وتركعوا لها‪ .‬اآلن تغير األمر‪ ،‬وفي‬ ‫زمن بشار األسد وحسن نصر اهلل أصبحت معادلة‬ ‫السيف أقوى ومختلفة‪ .‬نحن لسنا واهمون بأن‬ ‫«إسرائيل» قادرة على أن تدمر وتعتدي‪ ،‬ولكن تأكدوا‬ ‫أن كل ذلك في احلسبان‪ ،‬وإذا ما اعتدت «إسرائيل»‬ ‫على لبنان أو سوريا‪ ،‬والطيران اإلسرائيلي قادر على‬ ‫قصف بعض املواقع واألماكن‪ ،‬وأن يلحق بنا األذى‬ ‫في بعض املدن‪ ،‬ولكن تأكدوا بأن القوة الصاروخية‬ ‫السورية واللبنانية ستحافظ على آالف الصواريخ‬ ‫يوميا ً حتى آخر يوم من احلرب‪ ،‬وستتساقط على‬ ‫املدن في فلسطني احملتلة‪ ،‬وأن معادلة الصواريخ‬ ‫لن يستطيع اإلسرائيلي معاجلتها مهما كان‬ ‫لديه من تقنيات وأسلحة متطورة ولو تدخلت كل‬ ‫دول العالم‪ ،‬وستبقى هذه املعادلة تتحكم مبسار‬ ‫احلرب حتى اللحظة األخيرة‪ .‬هذا قرار اتخذ على‬ ‫مستوى القيادات‪ ،‬واملعادلة أنه بني رضا كل العالم‬ ‫وبني الكرامة الوطنية‪ ،‬فإن سوريا اختارت الكرامة‬ ‫الوطنية‪ ،‬وأنتم إلى جانب الرئيس بشار األسد‪ ،‬وإلى‬ ‫جانب دولتكم‪ ،‬فقد اخترمت الكرامة والعزة الوطنية‪،‬‬ ‫والنصر حتما ً إلى جانب أبناء األرض حافظي‬ ‫الكرامة الوطنية»‪.‬‬

‫«تيار التوحيد» يشارك في اعتصام ضد إقامة مصر «للجدار الفوالذي»‬ ‫نفذت األحزاب والقوى والشخصيات اللبنانية‬ ‫اعتصاما نهار اجلمعة الواقع في ‪ 12‬شباط ‪،2010‬‬ ‫أمام السفارة املصرية احتجاجا على «إقامة اجلدار‬ ‫الفوالذي الذي تشيده السلطات املصرية»‪.‬‬ ‫وقد ألقى رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬كلمة األحزاب والقوى والشخصيات الوطنية‪،‬‬ ‫اعتبر فيها‪“ :‬أن هذا اليوم هو يوم التعبير عن الغضب‬ ‫الشعبي ويوم من أيام بيروت املؤمنة واجملاهدة‬ ‫وامللتزمة وبيروت التي دحرت االجتياح اإلسرائيلي”‪،‬‬ ‫داعيا ً باسم املشاركني “الدول العربية املراهنة على‬ ‫السالم املوهوم بالعودة الى نبض الشارع العربي‬ ‫من العراق الى فلسطني ولبنان‪ ،‬واتخاذ املوقف الذي‬

‫يعيدها من الوصاية األميركية‪ ،‬حيث سقطت كل‬ ‫االتفاقيات‪ ،‬وكل نتائج املؤمترات‪ ،‬ومشاريع التسوية”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬ها هي تصريحات نتنياهو وليبرمان تهدد‬ ‫وتتوعد‪ ،‬ولن تنفعهم محادثات وال مفاوضات وال جوالت‪،‬‬ ‫مشيرا ً الى أن فعل املقاومة في فلسطني‪ ،‬واعتداء متوز‬ ‫على لبنان يعطي الصورة الواضحة بأن هذه الطريق‬ ‫وحدها الكفيلة باستعادة األراضي املغتصبة»‪.‬‬ ‫وأشار وهاب الى “أن “إسرائيل” بنت جدار العزل‬ ‫وأقامت املستوطنات‪ ،‬وته ّود فلسطني بالكامل‪،‬‬ ‫والنظام املصري يقيم جدار املوت واحلصار على أهلنا‬ ‫في غزة‪ ،‬وينتقم من شعبه العربي باحلصار االقتصادي‬ ‫والسياسي في الداخل‪ ،‬فيعتقل املناضلني‪ ،‬ويحتكر‬

‫‪39‬‬

‫السلع واملواد الضرورية حيث آخرها أزمة الغاز‬ ‫وبيعه لـ “إسرائيل” بأبخس االثمان»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬باسمكم جميعا أقول ملصر‪،‬‬ ‫مبارك سيسقط جدار الفصل في فلسطني‪،‬‬ ‫وسينهار جدار العار واملوت على معبر رفح‪.‬‬ ‫وسوف ترون بأن أي حرب قادمة رغم الوعيد‬ ‫والتهديد سوف تغير وجه هذه املنطقة‪ ،‬وكل‬ ‫أرضنا العربية واإلسالمية‪.‬‬ ‫وحيا وهاب املعتقل سامي شهاب ورفاقه‬ ‫بقوله “أنتم في سجنكم اليوم حتاصرون حسني‬ ‫مبارك ونظامه وليس هو من يعتقلكم بل أنتم‬ ‫الذين تعتقلونه على كرسيه»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب التقى جنبالط في المختارة ‪:‬‬ ‫مرحلة جديدة تستدعي من الجميع التضامن‬

‫زار رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫رئيس «اللقاء الدميوقراطي» النائب وليد جنبالط‪ ،‬في‬ ‫قصر اخملتارة‪ ،‬يرافقه نائبه سليمان الصايغ‪ ،‬وعلى‬ ‫األثر ص ّرح وهاب‪« :‬ما أشبه اليوم باألمس‪ ،‬عندما كنّا‬ ‫في العام ‪ 1982‬أثناء االجتياح اإلسرائيلي‪ ،‬وعندما‬ ‫انطلقت املواجهة من هنا من هذه الدار‪ ،‬وعندما هزم‬ ‫املشروع اإلسرائيلي من هنا وأسقط اتفاق ‪ 17‬أيار من‬ ‫هنا‪ ،‬يومها كنا جميعا ً في املواجهة»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪« :‬ما أشبه األمس باليوم عندما كنا‬ ‫متضامنني ضد التهديدات اإلسرائيلية وضد أي خطر‬ ‫يهدد سوريا ولبنان‪ ،‬خاصة أثناء املواجهة الكبرى في‬ ‫ّ‬ ‫العام ‪.»1982‬‬ ‫مضيفاً‪“ :‬إننا اليوم على أبواب مرحلة جديدة‬ ‫تستدعي من اجلميع تضامنا ً على األصعدة كافة‪،‬‬ ‫للتصدي والقتال بوجه أي مشروع أو عدوان إسرائيلي‬ ‫على لبنان أو املنطقة»‪.‬‬

‫‪...‬وأمام وفد من قياديي «التيار الوطني الحر»‪:‬‬ ‫لدعم عودة المهجرين عبر رفع سقف التعويضات‬

‫ّ‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن “الهم‬ ‫اليوم هو بعودة كل املهجرين وإقفال امللف‬ ‫وحفظ كرامات اجلميع‪ ،‬واخلطوات املهمة‬ ‫التي يقوم بها التيار الوطني احلر واحلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي في هذا الصدد‪ ،‬ونأمل‬ ‫أن تنعكس إيجابا ً ويتم تفعيلها من قبل‬ ‫احلكومة احلالية وإنهاء هذه املأساة الواقعة‬ ‫منذ سنوات”‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪ ،‬خالل استقباله وفدا ً من قيادة‬ ‫ضم مسؤول ملف عودة‬ ‫التيار الوطني احلر‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين ناصيف القزي‪ ،‬ومنسقو الشوف‬ ‫وعاليه وبعبدا في التيار الوطني جورج بستاني‪،‬‬ ‫زياد واكد وعماد مكرزل‪ ،‬بحضور نائب رئيس تيار‬ ‫التوحيد سليمان الصايغ ونائب رئيس مجلس‬ ‫األمناء ياسر الصفدي واملستشار السياسي‬ ‫لرئيس التيار عصمت العريضي‪ ،‬وأمني إعالم‬ ‫تيار التوحيد هشام األعور وعدد من أعضاء‬ ‫املكتب السياسي‪ ،‬أن «التعويضات يجب أن‬ ‫تتغ ّير‪ ،‬على أن يرفع سقفها احلالي ألصحاب‬ ‫احلقوق في ظل زيادة تكاليف البناء»‪ ،‬مؤكدا ً‬ ‫استعداده «شخصيا ً وتيار التوحيد للمساعدة‬ ‫مبختلف اإلمكانات في سبيل تثبيت وتعزيز‬ ‫العودة»‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قزي‬ ‫من جهته أكد ناصيف قزي أن “الزيارة هي‬ ‫في سبيل إطالع التيار على ما متّ التوصل إليه‬ ‫من اتفاق حول ملف العودة مع احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي‪ ،‬وزيارة الرئيس العماد ميشال عون إلى‬ ‫الشوف مع التمنّي على جميع القوى في اجلبل‬

‫‪40‬‬

‫شبك األيادي في سبيل إزالة كل رواسب املاضي‬ ‫األليم”‪ ،‬مشيرا ً الى أهمية “العيش املشترك في‬ ‫سبيل بقاء لبنان”‪ ،‬وبتفعيل “مستوى التقدميات‬ ‫االجتماعية واخلدماتية لتعزيز العودة وقيام أوسع‬ ‫حتالف وطني في اجلبل لتعزيز الوحدة الوطنية‬ ‫ما يعزز قوة ومنعة لبنان أمام اخملاطر وتعميق‬ ‫العالقة املميزة مع الشقيقة سوريا»‪.‬‬


‫وهاب بعد زيارته كرامي ‪ :‬الجميع يخاف اإلعالن‬ ‫عن رأيه بتأجيل االنتخابات البلدية‬

‫الحظ رئيس تيار التوحيد وئام وهاب خالل‬ ‫زيارته للرئيس عمر كرامي في منزله في بيروت‪،‬‬ ‫إن “هناك شلل على الصعيد احلكومي في‬ ‫عدة واجلميع أبدى استعداده ملساعدة‬ ‫قطاعات ّ‬ ‫احلكومة والرئيس سعد احلريري في حكومته‬ ‫األولى للوصول الى حتقيق مطالب املواطنني‪،‬‬ ‫خاصة فيما يتع ّلق بالتعيينات اإلدارية املتأخرة‬ ‫حتدث عنها الرئيس العماد ميشال سليمان‬ ‫التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫جدي معلنا ً عن متسكه بالكفاءة‪ ،‬بشكل‬ ‫بشكل ّ‬ ‫يرضي كل اللبنانيني‪ ،‬ولكن ذلك ال يكفي ألن‬ ‫«األهم هو أن يستطيع رئيس اجلمهورية تسويق‬ ‫هذه الفكرة مع اآلخرين ألن التعيينات اإلدارية‬ ‫وقفت عند موضوع احملاصصة املذهبية واحلزبية‬ ‫وهذا أمر خطير للغاية»‪ .‬وكذلك في موضوع‬ ‫االنتخابات البلدية الذي «يبدو أنهم ال يريدون‬ ‫لهذه االنتخابات أن حتصل‪ ،‬وبالوقت نفسه‬ ‫يخجلون من قول ذلك»‪.‬‬ ‫وردًا على سؤال زيارة جنبالط الى سوريا‬ ‫ّ‬ ‫أكد وهاب على “أن موضوع زيارة النائب وليد‬ ‫جنبالط الى سوريا محصور بسماحة السيد‬ ‫حسن نصراهلل‪ ،‬وبقرار الوزير جنبالط الذي بدوره‬ ‫حصره في هذا اإلطار”‪ ،‬مشيدا ً بالكالم الذي ورد‬ ‫على لسان الوزير جنبالط ملا فيه من “عودة إلى‬ ‫الينابيع والعروبة‪ ،‬وعودة الى املوقف احلقيقي‬ ‫للحزب التقدمي االشتراكي ولرئيسه‪ ،‬كما فيه‬ ‫عودة لتراث كمال جنبالط ما سيترك نتائج‬ ‫ايجابية على صعيد هذا امللف”‪.‬‬ ‫وحول التحضيرات اللبنانية ملواجهة “إسرائيل”‪،‬‬ ‫قال وهاب “التحضير اللبناني يجب أن يكون مبزيد‬ ‫من التماسك الداخلي‪ ،‬وهذا بصراحة ال نالحظه‪،‬‬ ‫هناك فريق معني ينتظر نتائج العدوان اإلسرائيلي‬ ‫لالستفادة من هذا املوضوع‪ ،‬وهو أمر خطير جدا ً‬

‫أن يفكر فريق لبناني بهذه الطريقة‪ ،‬متمنيا ً أن‬ ‫يبقى هذا الفريق منعزال ً في موقفه وأن ال يجر‬ ‫فرقاء أساسيني آخرين إليه‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬إن املقاومة مستعدة وليست‬ ‫داعية حلرب‪ ،‬ولن تترك مبررا ً لتلك احلرب على‬ ‫لبنان‪ ،‬وخاصة فيما يتع ّلق باملوضوع االستراتيجي‬ ‫والعقائدي الذي هو موضوع فلسطني‪ ،‬ونحن‬ ‫جميعا ً إلى جانب الشعب الفلسطيني بالرغم‬ ‫من أننا ندرك أنه ليس بحاجة ألن يساعده‬ ‫اللبنانيون في الداخل‪ ،‬ألن املقاومة الفلسطينية‬ ‫قادرة على أن تختار إستراتيجيتها في الداخل‪،‬‬ ‫لذلك املقاومة مستعدة لصد أي عدوان‪ ،‬ولكن‬ ‫في حال حدوث حرب‪ ،‬فإنها حتما ً ستقوم بكل‬ ‫ما عليها وسيفاجأ اإلسرائيلي بحجم الرد الذي‬ ‫سيكون‪ ،‬متوجها ً الى من يعتقد أنه قادر على‬ ‫االستفادة من هذا املوضوع بالقول إن هزمية‬ ‫املقاومة في لبنان ممنوعة حتى لو حصلت حرب‬

‫على كل املنطقة‪ ،‬ويجب أن يقتنع اللبنانيون‬ ‫بذلك‪ ،‬وأن يعتبروا “فموضوع املقاومة وحمايتها‬ ‫موضوع أساسي ومطلوب”‪ ،‬داعيا ً الى “وضع‬ ‫هذا النقاش جانبا ً والتفكير في األمور الداخلية‬ ‫امل ّلحة للمواطن‪”.‬‬ ‫وختم وهاب متمنيا ً أن يبقى املتآمرون على‬ ‫املقاومة معزولني عن أي تغطية دينية أو‬ ‫سياسية‪ ،‬مشيرا ً الى أن “اجلميع سينتظرون ما‬ ‫سيحدث في ذكرى ‪ 14‬شباط وماهية طبيعة‬ ‫اخلطاب السياسي خاللها‪ ،‬موضحا ً أن هناك فرقا ً‬ ‫في أن تكون ذكرى ‪ 14‬شباط ‪ ،‬ذكرى الستشهاد‬ ‫يقدره كل اللبنانيون‪ ،‬أو أن‬ ‫الرئيس احلريري‪ ،‬الذي ّ‬ ‫تكون مهرجانا ً سياسيا ً للقوات اللبنانية‪ ،‬الذي‬ ‫على ضوءه تتوقف مسألة التعاون داخل حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية في املستقبل والكثير من األمور‬ ‫والقضايا»‪.‬‬

‫وهاب زار‬ ‫صفير وقهوجي‬ ‫في إطار لقاءاته مع البطريرك‬ ‫نصراهلل صفير‪ ،‬قام رئيس “تيار التوحيد”‬ ‫وئام وهاب بزيارة الصرح البطريركي في‬ ‫بكركي‪ ،‬وعرض معه آخر التطورات‪،‬‬ ‫وكان اللقاء ايجابيا ً وجيداً‪ ،‬حسبما‬ ‫ص ّرح وهاب‪.‬‬ ‫كما زار قائد اجليش العماد جان‬ ‫قهوجي‪ ،‬وبحث معه شؤونا ً مختلفة‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب بعد استقباله سفير كوبا‬

‫من يريد استسالم لبنان أمام «إسرائيل» عليه الرحيل‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫بعد استقباله السفير الكوبي في لبنان «مانويل‬ ‫ماريا سيرانو كوستا» بحضور أمينة العالقات‬ ‫اخلارجية في التيار فريال أبو ذياب‪ ،‬على أن بعض‬ ‫الردود على خطاب سماحة السيد حسن نصر‬ ‫اهلل األخير‪ ،‬لم تقرأه جيداً‪ ،‬أو أنها تتخذ مواقف‬ ‫مسبقة من كل ما يقوله سماحة السيد وكل‬ ‫ما يصدر عن املقاومة»‪ .‬وأضاف «هذا األمر يجب‬ ‫أن يعالج بشكل جذري وأساسي‪ ،‬وعلى اجلميع أن‬ ‫يعلم أن السيد نصر اهلل أعلن عن ما ستفعله‬ ‫املقاومة إذا ما اعتدت «إسرائيل» على لبنان‪ ،‬داعيا ً‬ ‫«من يريد لنا االستسالم أمام االعتداءات الى‬ ‫مغادرة لبنان‪ ،‬وال أعتبر كالمي تهديدا ً ألن رمبا هذا‬ ‫ما يفكر به البعض»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬إن “البعض في الداخل يعتبر‬ ‫أن املطلوب من لبنان السكوت واالستسالم‬ ‫والذهاب إلى مجلس األمن الستعطاء القرارات‬ ‫أو التعاطف‪ ،‬وقد جرب لبنان ذلك طيلة ‪ 25‬عاما ً‬ ‫وبقيت أرضنا محتلة‪ .‬ومن هنا فليفهم البعض‬ ‫من هذه الرسالة أن لبنان لن يكون لعبة بيد‬ ‫“إسرائيل” أو خاضعا ً لها‪ ،‬ولن يقف ساكنا ً أمام‬ ‫أي اعتداء»‪.‬‬ ‫وأشار وهاب الى أن إقرار موضوع قانون البلديات‬ ‫أمر إيجابي‪ ،‬ويشكل انطالقة جيدة للدولة‪،‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة للنسبية‪ ،‬خاص ًة إذا‬

‫استكمل بقانون لالنتخابات النيابية على أساس‬ ‫النسبية من أجل اإلصالح‪ ،‬وإلغاء عامل املال‪،‬‬ ‫ومتّ العمل به على أساس الدوائر الكبرى على‬ ‫مستوى كل لبنان‪ .‬هذا هو الباب الوحيد لإلصالح‬ ‫وإلدخال دم جديد إلى اجمللس النيابي واحلياة‬ ‫السياسية في لبنان‪ ،‬وإعطاء فرصا ً للشباب حتى‬ ‫ال تبقى الديناصورات املالية تتحكم‪ ،‬والسياسة‬ ‫مسيطرة كما هو واقع اليوم»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪”:‬ما تناوله الرئيس سعد احلريري‬ ‫حول العالقات اللبنانية السورية‪ ،‬بأنه قام‬

‫بخطوة جريئة باجتاه هذه العالقات‪ ،‬بنا ًء لتدخل‬ ‫عربي معني‪ ،‬قد فهم خطأ‪ ،‬ألن الرئيس احلريري‬ ‫ذهب إلى دمشق مبلء إرادته وليس بأمر من أحد‪،‬‬ ‫ملا في هذه الزيارة من أهمية ومصالح للبنان‬ ‫تقتضي أن تكون العالقات بني البلدين على‬ ‫شدد‬ ‫أفضل ما يرام‪ ،‬وحتى ال يفسر هذا الكالم ّ‬ ‫وهاب على أن الرئيس احلريري ذهب الى سوريا دون‬ ‫أن يكون مقتنعا ً بضرورة هذه العالقة‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أننا نع ّلق اآلمال على تطورها وتقدمها‪ ،‬لتأمني‬ ‫االستقرار للحكومة وللبنان بشكل عام»‪.‬‬

‫السفير الكوبي يستضيف إعالميين بحضور «منبر التوحيد»‬ ‫استضاف سفير كوبا في لبنان مانويل‬ ‫ماريا سيرانو اكوستا‪ ،‬بعد توليه منصبه‬ ‫منذ أربعة أشهر‪ ،‬وفي أول إطاللة إعالمية‬ ‫له‪ ،‬عددا ً من اإلعالميني في لقاء تعارفي‬ ‫حضرته “منبر التوحيد” عبر مسؤول‬ ‫قسمها الدولي رونالد حمدان‪ ، ،‬حيث ر ّد على‬ ‫أسئلتهم‪ ،‬عارضا ً لألوضاع في كوبا‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫الى أن نسبة التعليم فيها تصل الى ‪%96‬‬ ‫من الشعب الكوبي املضمون صحياً‪.‬‬ ‫وحتدث عن السياحة في كوبا‪ ،‬التي‬ ‫تستقطب حوالي ثالثة ماليني سائح‬ ‫سنوياً‪.‬‬ ‫وكشف عن أن الرئيس األميركي باراك‬ ‫أوباما‪ ،‬خ ّيب اآلمال‪ ،‬بإحداث تغيير في‬ ‫السياسة األميركية‪ ،‬وأنها تريد من كوبا‬ ‫تغيير عقيدتها وسياستها والرضوخ لها‪ ،‬وهذا ال يقبل به الكوبيون الذين تأييده للمقاومة في لبنان وللقضايا العربية‪ ،‬وللشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫ارتفعوا بنظامهم ويعيشون منذ أكثر من نصف قرن في ظالله‪ .‬وأعلن واشار الى أن العالقات االقتصادية مع لبنان خفيفة‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪42‬‬


‫استقبل العميد مصطفى حمدان وجبهة العمل المقاوم‬

‫وهاب ‪ :‬تصريح ليبرمان يكشف‬ ‫من يقف خلف تقرير ديرشبيغل باتهام «حزب هللا»‬ ‫أكد رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬بعد استقباله العميد مصطفى حمدان‬ ‫في مكتبه‪ ،‬بحضور نائب رئيس مجلس األمناء‬ ‫في التيار ياسر الصفدي وأمني اإلعالم هشام‬ ‫األعور‪ ،‬أن “تصريح وزير خارجية العدو الصهيوني‬ ‫«ليبرمان» باتهام “حزب اهلل” باغتيال الرئيس رفيق‬ ‫احلريري أظهر من يقف حقيقة خلف معلومات‬ ‫“ديرشبيغل”‪ ،‬متمنيا ً أن تكون احلقيقة واضحة‬ ‫وأن ال يلعب أحد هذه اللعبة في املستقبل”‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬إننا “والعميد حمدان فريق واحد‬ ‫والسنوات املاضية جعلت تضامننا أقوى وأصلب‪،‬‬ ‫ألن منا من ُظلم داخل السجن وآخرون خارجه في‬ ‫احلقبة السابقة‪ ،‬ولكن عملية اغتيال الرئيس‬ ‫احلريري كانت لعبة إسرائيلية بامتياز واملطلوب‬ ‫منها الفتنة مع سوريا وحزب اهلل‪ ،‬وبالتالي فتنة‬ ‫سنية شيعية»‪ ،‬مشيرا ً الى أن احلملة األخيرة‬ ‫على الرئيس سعد احلريري تعني أن مواقفه‬ ‫األخيرة كانت في املكان واالجتاه الصحيح ونحن‬ ‫وكل اللبنانيني نتضامن معه بشدة ونشد على‬ ‫يده في مواجهة هذه احلملة الظاملة»‪.‬‬

‫حمدان‬ ‫من جهته أكد العميد مصطفى حمدان‬ ‫على “وحدة العمل النضالي املشترك بني القوى‬ ‫الوطنية اللبنانية‪ ،‬قائالً إن تصريح ليبرمان أعاد‬ ‫تصويب األمور إلى مكانها احلقيقي وهي أن العدو‬ ‫يعمل جاهدا ً على تفتيت الساحة الداخلية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬واخلطر الدائم على لبنان مصدره العقل‬ ‫اإلجرامي التلمودي”‪.‬‬ ‫وتابع حمدان‪”:‬إنه من األهمية أن يأتي شخص‬ ‫يجعجع كما ليبرمان حتى يكشف حقيقة هذا‬ ‫الفكر‪ ،‬وتوجيه التهديدات إلى الرئيس سعد‬ ‫احلريري يظهر بوضوح‪ ،‬أن هؤالء اجملرمني هم ضد‬ ‫كل الشعب اللبناني‪ ،‬وليس ضد فئة معينة‪ ،‬كما‬ ‫حاولوا تصويرها في األعوام القليلة املاضية‪ ،‬وكل‬ ‫لبنان مستهدف‪ ،‬ورأينا إجرامهم على مر التاريخ‬ ‫وفي حرب العام ‪ 2006‬األخيرة‪ ،‬واستهدافهم‬ ‫لألطفال والنساء”‪.‬‬ ‫وأضاف حمدان‪”:‬بكل أسف هذه اجلعجعة‬ ‫تتالقى مع بعض الداخل‪ ،‬وعندما نتحدث عن‬ ‫شخص سمير جعجع ال نقصد حزب القوات‬ ‫اللبنانية السياسي‪ ،‬ولكن نقصده كشخص‬

‫وليس كتنظيم‪ ،‬ودائما ً عندما تتوحد الساحة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬فإنه وبواسطة ماكنة القتل لديه‬ ‫يتحرك ليعمل على تقسيم وتفتيت الساحة‬ ‫الداخلية‪ ،‬ليس على الصعيد الوطني فقط‪ ،‬بل‬ ‫أيضا ً على صعيد الطائفة املسيحية الكرمية‬ ‫جتاوبا ً مع إرادة اخلارج‪.‬‬ ‫وأشار حمدان الى املوقف احلازم من دولة الرئيس‬ ‫احلريري واملواجهة مع العدو‪ ،‬متمنيا ً عليه عقد‬ ‫مؤمتر وطني في السراي الكبير حتت عنوان “مؤمتر‬ ‫املواجهة والصمود”‪ ،‬ما يرفع مستوى التعبئة‬ ‫النفسية والعملية في عملية املواجهة ضد‬ ‫ّ‬ ‫ويؤكد على تالزم اجليش والدولة‬ ‫هؤالء اجملرمني‬ ‫واملقاومة واجملتمع املدني ككتلة متراصة في وجه‬ ‫العدو»‪.‬‬

‫جبهة العمل املقاوم‬ ‫كما استقبل وهاب وفدا ً من جتمع جبهة‬

‫‪43‬‬

‫العمل املقاوم برئاسة الشيخ زهير اجلعيد‪ ،‬الذي‬ ‫قال بعد اللقاء “تشرفنا بزيارة معالي الوزير‬ ‫وئام وهاب احلليف في أيام املصاعب والشدائد‬ ‫ووقفنا سوي ًة بوجه العاصفة العاتية واستطعنا‬ ‫أن ننتصر عليها‪ ،‬وأن نعيد الوحدة إلى لبنان‬ ‫والعيش املشترك‪ .‬ونحن سويا ً مبواجهة أي عدوان‬ ‫قد يتعرض له لبنان بالتعاون مع اجلميع في أي‬ ‫مواجهة شاملة لتهديدات العدو الصهيوني‬ ‫الدائمة”‪.‬‬ ‫وتابع اجلعيد قوله‪“ :‬لن جتدوا في لبنان إال‬ ‫املقاومني الشرفاء من كل الطوائف‪ ،‬الذين سيقفون‬ ‫بوجهكم كي تتحقق هزميتكم النهائية”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وحذر اجلعيد “من يريد أن يلعب في الساحة‬ ‫الداخلية ويعيد لبنان إلى الوراء‪ ،‬إلى الفنت التي‬ ‫كان يراهن عليها العدو من خالل سياسة ف ّرق‬ ‫َسد‪ ،‬واللعب على الوتر الطائفي واملذهبي أو بدم‬ ‫ت ُ‬ ‫الرئيس احلريري من خالل اتهام حزب اهلل بعملية‬ ‫االغتيال‪ ،‬مشيرا ً الى أن الوحدة الوطنية اليوم‬ ‫محصنة”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫مستقبل العالقة بين التوحيد والديمقراطي اللبناني في سياق حادثتي الشويفات‬ ‫المفوض الجردي وأ ّكد على حرية العمل السياسي‬ ‫وهاب زار‬ ‫ّ‬ ‫ب ّينت جتربة الصراعات السياسية التي غالبا ً‬ ‫ما تطرأ على العالقة بني األحزاب السياسية‬ ‫التزامها بوجود خطوط حمر‪ ،‬لدرجة أن كل طرف‬ ‫سياسي يعرف الدور الذي ميكن للطرف اآلخر‬ ‫أن يذهب اليه‪ ،‬غير أن هذا األمر كاد أن ينطبق‬ ‫الى حدود بعيدة على مضمون العالقة بني تيار‬ ‫التوحيد واحلزب الدميقراطي لوال وقوع حادثتي‬ ‫الشويفات‪ :‬األولى متثلت بإحراق سيارة أمني‬ ‫العمل والنقابات وائل صعب‪ ،‬التي كانت راكنة‬ ‫قرب منزله‪ ،‬أما الثانية فكانت االعتداء بالضرب‬ ‫على مفوض عام الشويفات منذر اجلردي مما اضطر‬ ‫نقله الى املستشفى‪.‬‬ ‫حادثتان ال يقل شأن الواحدة عن االخرى‪ ،‬من‬ ‫حيث التوقيت واملكان‪ ،‬عكستا مدى تأزم العالقة‬ ‫بني حزبني معارضني يعمالن في مناطق مشتركة‬ ‫‪ ،‬من املفترض أنهما ينتميان الى خط واحد في‬ ‫السياسة العامة‪ ،‬والترفع فوق كل االعتبارات‬ ‫الشخصية واملناطقية الضعيفة‪ ،‬التي لم تتورع‬ ‫عن انتهاك حرمة البيوت‪ ،‬والتعدي على حرية‬ ‫املواطن الفردية في ممارسة حق االختيار والتعبير‬ ‫عن الرأي‪.‬‬ ‫لم يكن مستغربا ً على تيار التوحيد ما جرى‬ ‫بحقه في الشويفات حيث تع ّرض لشتى أنواع‬ ‫الضغط واالعتداء بحق محازبيه ومناصريه‬ ‫في املناطق والقرى في اجلبل‪ ،‬بغية إضعافه‬ ‫في معركة املواجهة السياسية ‪ ،‬والعمل على‬ ‫محاصرته متهيدا ً لعزله فيما بعد‪ ،‬إالّ أن ما فاجأ‬ ‫يصدق ما يحصل هو االعتداء‬ ‫التيار وجعله ال‬ ‫ّ‬ ‫عليه من قبل من صنفوا في خانة احللفاء عندما‬ ‫حاول إسماع رأيه السياسي‪ ،‬وتعميم وجهة‬ ‫نظره في املقاومة والعروبة على أوسع شريحة‬ ‫في اجلبل عموما ً والدروز خصوصاً‪ .‬فضالً عن‬ ‫دعواته الى حتقيق اإلمناء على مستوى القرى‬ ‫واملناطق الدرزية‪ ،‬كمحاولة في إثار اخلطوة‬ ‫العملية على الكم الهائل من الكالم النظري‪،‬‬ ‫واملداوالت املتواصلة‪ ،‬التي لم تعد تتماشى مع‬ ‫قناعات وتطلعات عدد ال بأس به من أهالي مدينة‬ ‫الشويفات‪ ،‬ومصلحتهم في خلق حراك جدي‬ ‫ومثمر يتخطى حد الشعارات واألمنيات والوعود‪،‬‬ ‫التي ال تكاد تنتهي االّ لتبدأ من جديد‪ .‬لذلك جاء‬ ‫تيار التوحيد ليعلن عن برنامج عمل يُخرج به‬ ‫الشويفات من منطق املناطق املغلقة حلساب‬ ‫جهة سياسية دون األخرى‪ ،‬الى واقع يتخطى‬ ‫حالة التبعثر والتشتت والبحث عن هدى في‬ ‫نهاية املنعطف املرجو‪ ،‬بعيدا ً عن مطرقة الذاتية‬ ‫ملصلحة التوحيد‪ ،‬والتوحد حول تأمني مستلزمات‬ ‫العيش الكرمي‪ ،‬وترجمته على أرض الواقع‪ ،‬بدل أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب مع وفد التيار يعود املفوض اجلردي في الشويفات‬

‫يقتصر الطموح السياسي على االحتماء حتت‬ ‫إطار شكلي يظلله ويوفر له مقومات وجود‬ ‫مصطنع ال ميكن أن يكتمل من غير رصيد ميداني‬ ‫وتنظيم فعلي ميأل الساحة الدرزية‪.‬‬ ‫باألمس كانت الشويفات محطة انقسام بني‬ ‫التوحيد والدميقراطي فسالت أقالم الصحف‬ ‫واجملالت تستنتج ما يحلو لها من أخبار وتسريبات‬ ‫من هنا وهناك‪ ،‬أما اليوم نسأل أنفسنا‪ :‬ماذا تعني‬ ‫لنا الشويفات‪ :‬واإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬هو أن‬ ‫هذه املدينة محطة رئيسية في حياة التوحيدي‬ ‫للتمسك بأرضه‪ ،‬واالرتباط بها والتذكير مبا حققه‬ ‫من خالل تأهيل املعاني التوحيدية‪ ،‬التي ترجمتها‬ ‫األفعال القائمة على أهداف وقناعات ال تتبدل ‪،‬‬ ‫فضالً عن خطوات فيها من اجلرأة املنضبطة ما‬ ‫مييزها‪ ،‬ألنها حولت تشخيص واقع قرانا ومدننا‬ ‫احملرومة‪ ،‬التي لم تكن مجرد مديحا ً أو تنظيرا ً أو‬ ‫ترديدا ً لديباجات ال تطعم خبزا ً وال تروي ظمأ‪.‬‬

‫وهاب يزور الشويفات‬ ‫وحول ما جرى في الشويفات‪ ،‬أكد رئيس تيار‬ ‫التوحيد الوزير السابق وئام وهاب في زيارة عاد‬ ‫خاللها مفوض تيار التوحيد في مدينة الشويفات‬ ‫«منذر اجلردي»‪ ،‬بعد عودته من املستشفى إلى‬ ‫منزله‪ ،‬إثر تعرضه للطعن في حادثة الشويفات‬ ‫األخيرة‪ ،‬يرافقه عضو املكتب السياسي بهاء‬ ‫عبد اخلالق‪ ،‬وأمني الداخلية ياسر الصفدي‪ ،‬وأمني‬

‫‪44‬‬

‫التعبئة محمد الصايغ‪ ،‬أنه والتيار ليس بن ّيته‬ ‫في السابق أو في املستقبل املواجهة مع أحد‪،‬‬ ‫موضحا ً أن دور التيار يكمن فقط في العمل‬ ‫السياسي‪ ،‬شأنه شأن باقي األحزاب السياسية‬ ‫في كل القرى واملدن‪ ،‬وأن القرى أو العائالت لم‬ ‫تعد مقفلة على العمل السياسي‪ ،‬وحرية‬ ‫األفراد أصبحت مطلقة في هذا اجملال في اختيار‬ ‫االنتماءات التي تستهويها‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬إن “تيار التوحيد يؤمن بحرية‬ ‫العمل السياسي لكل الناس دون استثناء‪ ،‬وهو‬ ‫قد تالفى فتنة كبرى في اجلبل‪ ،‬لذلك ال ميكنه أن‬ ‫ينزلق في فنت صغيرة‪ ،‬وما وقع مع منذر اجلردي‬ ‫أصابنا جميعا ً ونحن نعتبر أن كرامة أي عضو في‬ ‫التيار من كرامة اجلميع ونقف إلى جانبه‪ ،‬ونلتزم‬ ‫ونؤكد على حرصنا املطلق على مدينة الشويفات‬ ‫وعدم إثارة أي مشكلة أو توتير فيها‪ ،‬ويبقى أن‬ ‫تعمل القوى األمنية‪ ،‬ونحن بانتظارها‪ ،‬على‬ ‫مالحقة اجلاني وتوقيفه‪ ،‬ملعرفة من يقف خلفه‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للكالم الذي قيل عن انتساب‬ ‫اجلاني إلى تيار التوحيد ّ‬ ‫أكد وهاب بأنه كالم عارٍ‬ ‫من الصحة‪ ،‬ومنذر اجلردي مفوض التيار في املدينة‬ ‫ال يتقاضى أي بدل مادي عن عمله السياسي في‬ ‫التيار‪ ،‬ويتحمل عبء عمله السياسي من جيبه‬ ‫اخلاص‪ .‬وبانتظار أن تتحمل الدولة مسؤولياتها‬ ‫في توقيف الفاعل‪ ،‬نرفض االجنرار إلى لغة “األخذ‬ ‫بالثأر” وهذا ليس عجزا ً بل استدراكا ً لعدم الوقوع‬ ‫في الفخ‪ ،‬ونحن من يطالب دائما ً بدولة القانون‬


‫واملساواة في ظروف احلرب فكيف بنا اليوم حني‬ ‫قويت الدولة مبؤسساتها األمنية والقضائية وإذا‬ ‫لم يكن ذلك فإن لكل حادث حديث”‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول‪“ :‬منذ أشهر ونحن نسعى‬ ‫إلى وحدة اجلبل بكل قواه السياسية‪ ،‬واليوم‬ ‫فإن املوقف موحد إلى جانب سوريا واملقاومة‬ ‫والعداء لـ “إسرائيل” من كل القوى‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫كبير وأساسي‪ .‬وما يهمنا اليوم هو أن يكون‬ ‫للجبل ولطائفة املوحدين الدروز دور كبير في‬ ‫الصراع القائم في املنطقة‪ ،‬وأن يكون دورهم‬ ‫املتقدم في التوحد خلف القضايا السياسية‬ ‫الكبيرة بعيدا ً عن “احلرتقات” الصغيرة‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أن كرامة كل شاب في تيار التوحيد ليست‬ ‫تفصيل‪ ،‬وأي تقصير للدولة في هذا اجملال يعالج‬ ‫بالطرق املناسبة وليس بالبيانات أو عبر الصحف‬ ‫بل بطرق أخرى ولن نترك الساحة أمام بعض‬ ‫“الزعران”‪ ،‬كي يتحكموا فينا ولن نقبل مطلقا ً‬ ‫بذلك‪ ،‬ونحن نسامح أمام الكرماء وليس أمام‬ ‫من يغدرنا‪ ،‬ومن يحاولون تشويه السمعة أخطر‬ ‫من ضربة السكني‪ .‬ويبقى األهم خدمة أهلنا‬ ‫ومواطنينا‪ ،‬والشويفات هي ملك من يعمل لها‬ ‫وليست ملك أحد ولن يقفلها أي كان مبنطق‬ ‫سخيف ورجعي‪ ،‬وما جتربة منذر اجلردي ورفاقه إالّ‬ ‫دافع للتيار في أن يتص ّلب في موقفه أكثر فأكثر‬ ‫ومهما حاولت القوى أن تثنينا عن العمل بهذا‬ ‫األسلوب فإنها ستفشل»‪.‬‬ ‫من جهته أكد رجا اجلردي والد منذر أن العائلة ال‬ ‫تكن أي عداء ألي حزب سياسي وما حدث مع ولده‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن انتسب إلى تيار التوحيد‪ ،‬مع مجموعة‬ ‫من رفاقه‪ ،‬خلدمة مدينة الشويفات لم يكن‬ ‫بهدف افتعال املشكلة مشيرا ً الى أنه بالرغم‬ ‫من األسى الذي تعرضوا له فإنهم يتعالون على‬ ‫اجلراح بانتظار معاجلة املشكلة من قبل اجلهات‬ ‫اخملتصة في الدولة‪.‬‬

‫وهاب لـ «الرأي نيوز»‬ ‫وفي حديث لـ»الرأي نيوز»‪ ،‬ارتأى رئيس «تيار‬ ‫التوحيد» الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬عدم وضع‬ ‫اإلشكال األخير(االعتداء على مفوض عام‬ ‫شويفات منذر اجلردي)‪ ،‬الذي وقع في منطقة‬ ‫الشويفات ضمن سلسلة اإلشكاالت األمنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ً قراره بعدم دخول‬ ‫نظرا ً لطابعه الفردي‪،‬‬ ‫مدينة الشويفات حزبياً‪ ،‬بالرغم من وجود أكثر‬ ‫من سبعني محازبا ً من مدينة الشويفات في «تيار‬ ‫التوحيد»‪ ،‬كانوا يقومون بنشاط محدود رغم‬ ‫أن القيادة احلزبية لم تخصص لهم أي موازنة‪،‬‬ ‫موجها ً ضد احلزب الدميوقراطي‬ ‫كي ال يبدو األمر ّ‬ ‫اللبناني ورئيسه بالتحديد‪ ،‬ما يجنّب املنطقة أي‬ ‫حساسيات حزبية‪.‬‬ ‫ولفت وهاب إلى تدخّ له في اللحظة األخيرة‬ ‫الحتواء اإلشكال‪ ،‬تاركا ً األمر لألجهزة األمنية‪.‬‬

‫أما بشأن عالقته بالوزير ارسالن‪ ،‬فقد ّ‬ ‫أكد‬ ‫وهاب على أن عالقة صداقة تربطه بالوزير إرسالن‪،‬‬ ‫وبأنه قام مببادرات إيجابية كثيرة الى جانب‬ ‫تدخالت الكثير من األصدقاء لتقريب املسافات‪،‬‬ ‫ولكن دون جدوى “ألن الوزير إرسالن كان يرد عليها‬ ‫احلد من نشاط “تيار‬ ‫بطريقة سلبية الهدف منها ّ‬ ‫لتمسكه باتفاق‬ ‫التوحيد” في كل منطقة عاليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قدمي سبق وعقدناه منذ أكثر من اربع سنوات‪،‬‬ ‫ويقضي بأن أقوم بالدفاع عن منطقة الشوف في‬ ‫حال حصول أي تطورات على األرض‪ ،‬على أن يتولى‬ ‫احلزب الدميوقراطي الدفاع عن منطقة عاليه‪،‬‬ ‫ولكن هذا ال يعني إلغاء “تيار التوحيد”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬ال ميكن لهذا االتفاق أن يسري‬ ‫خلمسني سنة‪ .‬و”تيار التوحيد” ليس املسؤول عن‬ ‫انكفاء زعامة ارسالن‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال ماذا لو تطورت هذه االشكاالت؟‬ ‫أجاب وهاب‪ :‬كما رفضت اي ردة فعل من الشباب‬ ‫بعد احلادث األخير‪ ،‬سأتخذ نفس املوقف في‬ ‫حال تطورت األحداث‪ ،‬ال سيما وأن ثمة قاعدة‬ ‫مشتركة بني احلزبني‪ ،‬ولكنني في املقابل لن أقبل‬ ‫باالعتداء على قواعدي‪ ،‬وإذا استمرت املمارسات‬ ‫بحقنا‪ ،‬سنضطر للر ّد‪.‬‬ ‫وكشف وهاب عن تدخل احللفاء بني الفريقني‬ ‫لرأب الصدع‪ ،‬داعيا ً لوضع أسس التفاق جديد‪،‬‬ ‫وإن كانت كل احملاوالت التي تساق حتى الساعة‪،‬‬ ‫خجولة جداّ‪.‬‬

‫أمانة اإلعالم في تيار التوحيد‬ ‫وكانت أمانة اإلعالم في تيار التوحيد أصدرت‬ ‫بيانات عدة مستنكرة للحادثة فاعتبرت في‬ ‫بيان لها أن ما أورده احلزب الدميقراطي في فيلمه‬ ‫التلفزيوني عار من الصحة‪ ،‬كونه يحمل سلسلة‬ ‫من األكاذيب أولها أن الرفيق منذر اجلردي‪ ،‬مفوض‬ ‫عام الشويفات في تيار التوحيد وعد املتهم‬ ‫بأموال ّ‬ ‫مؤكدة أن الرفيق منذر اجلردي لم يتلق أي‬ ‫قرش من التيار منذ انتسابه بل هو يقوم ورفاقه‬ ‫في املفوضية بدفع تكاليف العمل احلزبي من‬ ‫جيبهم اخلاصة ‪.‬‬ ‫وتابعت األمانة في بيانها‪ ،‬أن النظام الداخلي‬ ‫وطلب االنتساب للتيار باإلضافة الى برنامج‬ ‫اخلالص الوطني والوثيقة السياسية للتيار يتم‬ ‫توزيعهم من عبر البريد االلكتروني الى جميع‬ ‫املواطنني ‪ ،‬واذا كان رؤوف اجلردي عضوا في تيار‬ ‫يدعي فليبرز صورة عن بطاقته‬ ‫التوحيد كما ّ‬ ‫احلزبية‪ ،‬معتبرة إعالن احلزب الدميقراطي عن عدم‬ ‫عالقته برؤوف اجلردي خطوة إيجابية‪ ،‬ما يستدعي‬ ‫من احلزب الدميقراطي التوقف عن حالة التحريض‬ ‫التي ميارسها ‪.‬‬ ‫وتساءلت أمانة اإلعالم في بيانها‪ ،‬ملاذا ال‬ ‫يسارع الى تسليم نفسه لألجهزة االمنية لكي‬ ‫تظهر احلقيقة‪ ،‬طاملا لدى رؤوف اجلردي هذه الثقة‬

‫‪45‬‬

‫بنفسه؟ معلنة أن تيار التوحيد سوف يتقدم‬ ‫بشكوى ضد املدعو رؤوف اجلردي بتهمة انتحال‬ ‫صفة انتسابه للتيار‪ ،‬وكل من سيظهره التحقيق‬ ‫شريكا ً في تركيب هذا الفيلم امللفق‪.‬‬ ‫وتابعت أمانة اإلعالم في بيان آخر استنكارها‬ ‫للحادثة‪ ،‬أوضحت فيه األمور اآلتية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬إن األحداث األخيرة التي شهدتها مدينة‬ ‫الشويفات التي كان آخرها إقدام املدعو رؤوف‬ ‫اجلردي الذي ينتمي إلى املتزعم الصغير على طعن‬ ‫مفوض الشويفات في تيار التوحيد منذر اجلردي‬ ‫في منزله محاوال ً اإليحاء أنه يريد أن يتحدث‬ ‫معه بأمر هام‪ ،‬لينفذ عملية غدر‪ ،‬فر بعدها إلى‬ ‫جهة مجهولة‪ ،‬وهذا االعتداء الثاني بعد أيام‬ ‫على حرق سيارة أمني العمل والنقابات في التيار‬ ‫وائل صعب‪ ،‬متمنيني أن املتزعم الصغير ينظر‬ ‫إلى مصالح املدينة وال يستمر في إثارة الفتنة‬ ‫فيها عبر محاولة عدد من “زعرانه” التعدي‬ ‫على كرامات الناس‪ ،‬وهو ما يدفع به للخسارة‬ ‫املستمرة التي تعكسها االنتخابات في املدينة‪.‬‬ ‫ويشن حملة حتريض ضد عناصر التيار في‬ ‫املدينة حتت شعار أن املدينة ملكه ولن يسمح‬ ‫لقوى أخرى بالنمو في املدينة مع العلم أن مرشح‬ ‫حزب الكتائب في قضاء عاليه نال في مدينة‬ ‫الشويفات أكثر من املتزعم الصغير بحوالي‬ ‫‪ 1200‬صوت ولم يتمكن املتزعم الصغير حتى في‬ ‫السنوات املاضية من الفوز بالبلدية‪.‬‬ ‫وتابعت أمانة اإلعالم بيانها ّ‬ ‫مؤكدة “أن االعتداء على‬ ‫الرفيق منذر اجلردي لن مير دون حساب‪ ،‬وحتميل املتزعم‬ ‫الصغير املسؤولية الكاملة عن هذا االعتداء ومطالبة‬ ‫القوى األمنية بحسم األمر حتى ال نضطر مكرهني‬ ‫إلى إجراء عملية تأديب لهذه الشلة التي تستسهل‬ ‫االعتداء على كرامات الناس”‪.‬‬ ‫وأضافت لقد سكتنا طويال خالل املرحلة املاضية‬ ‫مراعاة لتحالفاتنا‪ ،‬إال أن متادي هذا املتزعم الذي‬ ‫يستجدي القريب والبعيد بحثا ً عن نفوذ‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي يتنمر فيه على من يفترض أن يكون معهم في‬ ‫خط سياسي واحد‪ ،‬ولكن سكوتنا لن يستمر بعد هذه‬ ‫اللحظة خاصة وأن ما تعرض له الرفيق منذر اجلردي‬ ‫باألمس هو جرمية واضحة كانت تستهدف قتله‪.‬‬ ‫وأعتبرت أمانة إعالم التيار أن حق الشويفات على كل‬ ‫قواها أن تسعى لتطويرها وخدمة أهلها‪ ،‬ال أن يستمر‬ ‫البعض عبر لعبة مكشوفة إلى تخيير الناس بني الوالء‬ ‫لديناصورات منقرضة أو إقالقهم باملشاكل والفوضى‬ ‫واخلوف كما يفعل املتزعم الصغير الذي هرب يوم امن‬ ‫مدينة عاليه عندما سمع إطالق نار قريب من مكان‬ ‫كان موجودا ً فيه رغم أن البعض يقول أن إطالق النار‬ ‫لم يستهدفه‪ ،‬فهرب من عاليه ونزل إلى الشويفات‬ ‫لينشر فيها فتنة وهو ال يعرف أن اإلنسان حتى لو‬ ‫ربح الفتنة داخل بلدته فهو خاسر‪.‬‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫لقاء األحزاب في مكتب تيار التوحيد‬

‫بعض التصريحات خروج عن التوافق الوطني‬

‫عقد لقاء األحزاب والقوى اللبنانية‬ ‫اجتماعه الدوري في ‪ 25‬شباط ‪ ،2010‬في مقر‬ ‫تيار التوحيد اللبناني‪ ،‬ناقش فيه التطورات‬ ‫واملستجدات السياسية وأصدر في نهاية‬ ‫االجتماع البيان اآلتي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬توقف اللقاء أمام عودة التصريحات‬ ‫واملواقف التي تشكل خروجا ً على التوافق‬ ‫الوطني الذي كان من نتاجه تشكيل حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية‪ .‬وإذ يدين اللقاء املواقف التي‬ ‫صدرت عن بعض أفرقاء قوى ‪ 14‬شباط لناحية‬ ‫استئناف الهجوم على املقاومة واالشتراك‬ ‫إلى جانب العدو الصهيوني وحليفته الواليات‬ ‫املتحدة األميركية في احلرب النفسية ضد‬ ‫الشعب اللبناني ومقاومته‪ ،‬مما يؤكد استمرار‬ ‫هذه األطراف باملراهنة على العدو الصهيوني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والتواطؤ والتعامل معه ضد لبنان وأمنه‬ ‫واستقراره ووحدته الوطنية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬أدان اللقاء بشدة اجلرمية الصهيونية‬ ‫اجلديدة في االعتداء على املقدسات في‬ ‫فلسطني احملتلة عبر قرار تهويد احلرم‬ ‫اإلبراهيمي ومسجد بالل بن رباح‪ .‬ورأى أن‬ ‫هذا التصعيد الصهيوني في سياسات‬ ‫التهويد واالستيطان يعكس عنصرية الكيان‬ ‫الصهيوني وعدائه لكل القيم والعقائد‬ ‫الدينية‪ ،‬ويشكل انتهاكا ً فاضحا ً لكل‬ ‫القوانني واملواثيق الدولية‪.‬‬ ‫وأكد أن هذا التصعيد في العدوان‬ ‫الصهيوني لم يكن ليحصل لوال حالة‬ ‫التواطؤ والتراخي والصمت من قبل بعض‬ ‫األنظمة العربية وتغطية بعضها بجرمية‬

‫‪46‬‬

‫احلصار على قطاع غزة‪ .‬وفي هذا اإلطار يدعو‬ ‫اللقاء إلى أوسع حترك شعبي لبناني وعربي‬ ‫استنكارا ً وإدان ًة للهجمة الصهيونية اجلديدة‬ ‫القدمية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬استنكر اللقاء املواقف التي صدرت‬ ‫عن أمني عام األمم املتحدة “بان كي مون” والتي‬ ‫عكست انحيازه إلى جانب الكيان الصهيوني‬ ‫وعدائه للمقاومة اللبنانية والتنكر حلقها‬ ‫املشروع في مواجهة االحتالل والذي تكفله‬ ‫القوانني واملواثيق الدولية‪.‬‬ ‫وتساءل اللقاء عما إذا كان أمني عام األمم‬ ‫املتحدة قد أصبحت مهمته حماية األمن‬ ‫الصهيوني وتوفير الغطاء النتهاكاته‪ ،‬وليس‬ ‫تطبيق القرارات الدولية التي يضرب بها‬ ‫الكيان الصهيوني عرض احلائط‪.‬‬


‫تابعت أمانة اإلعالم في «تيار التوحيد» التطورات السياسية‬ ‫واألمنية واإلجتماعية‪ ،‬في لبنان والعالم العربي وأصدرت بيانات‬ ‫تعكس موقف التيار السياسي منها‪ ،‬وجاءت على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫لقاء «البريستول»‬ ‫نعي للذات‬ ‫اعتبر أمني اإلعالم في تيار التوحيد هشام األعور‬ ‫أن “نوعية املشاركني في «البريستول» ب ّينت‬ ‫التراجع بعد انسحاب النائب وليد جنبالط»‪،‬‬ ‫مضيفا ً أن «البيان الذي صدر عن اللقاء‪ ،‬من حيث‬ ‫أمن حلظة إعالمية ملا بات يعرف ببقايا‬ ‫الشكل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫املرحلة السابقة»‪ ،‬متمنيا على رئيس احلكومة‬ ‫سعد احلريري أن يح ّول ذكرى اغتيال والده الى‬ ‫مناسبة ذكرى وطنية جامعة لكل اللبنانيني‬ ‫وإخراجها من الفئوية التي حاول البعض حصرها‬ ‫بها‪ ،‬مذكرا ً بأن الرئيس الراحل رفيق احلريري كان‬ ‫يرفض من شارك في لقاء «البريستول» مثل‬ ‫رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»‬ ‫سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمني اجلميل‬ ‫الدخول إلى بيته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يشكل ورقة‬ ‫ولفت األعور إلى أن مضمون اللقاء‬ ‫نعي للذات‪ ،‬مشيرا ً إلى أن املواضيع التي بحثها‬ ‫اللقاء أصبحت من املاضي‪.‬‬

‫استنكار الحملة الميليشياوية‬ ‫على الجيش‬ ‫وتوقفت أمانة اإلعالم عند احلملة امليليشياوية‬ ‫التي تشن على أجهزة اجليش ورأت فيها مؤشرا ً‬ ‫خطيرا ً يدل على محاولة البعض تطويق املؤسسة‬ ‫العسكرية وشل عملها لتوسيع نشاطها األمني‬ ‫ورمبا الحقا ً التخريبي على الساحة اللبنانية‪،‬‬ ‫خاصة وأن ما تدعيه هذه امليليشيات أنه حصل‪،‬‬ ‫يحصل يوميا ً مع عدد من احلزبيني اآلخرين ويقع‬ ‫في إطار العمل الوقائي للجيش وهذا حق له‪.‬‬ ‫ودعت األمانة الرؤساء الثالثة ميشال سليمان‬ ‫ونبيه بري وسعد احلريري‪ ،‬إلى إعالن موقف حازم‬ ‫ال يراعي أحدا ً بدعم املؤسسة العسكرية‪ ،‬وعدم‬ ‫االستماع الى حملة من قاموا بضرب الدولة‬ ‫واملؤسسات واجليش طيلة تاريخهم األسود‪ .‬ودعت‬ ‫الرؤساء إلى حسم هذا النقاش ملصلحة اجليش‪،‬‬ ‫والقضاء إلى اتخاذ موقف شجاع ولو ملرة واحدة‬ ‫لوضع حد للتالعب بالسلم األهلي‪.‬‬

‫وح ّيت األمانة موقف وزير الدفاع الياس املر‬ ‫الداعم للمؤسسة العسكرية دون أية حسابات‬ ‫سياسية‪.‬‬

‫تيار التوحيد يسأل جعجع‬ ‫وتوقف باستغراب أمام كالم الدكتور سمير‬ ‫جعجع الذي سأل إذا ما كان السيد حسن نصر اهلل‬ ‫قد أخذ تفويضا ً من اللبنانيني ملقاتلة «إسرائيل»‬ ‫وطاملا فتح الدكتور جعجع أمام اللبنانيني مسألة‬ ‫التفويض يهمنا أن نطرح عليه األسئلة التالية‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬هل أخذ الدكتور جعجع تفويضا ً من‬ ‫اللبنانيني للذهاب إلى «إسرائيل» عشرات املرات‬ ‫والتعاون مع أجهزة مخابراتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثانيا‪ :‬هل أخذ الدكتور جعجع تفويضا من‬ ‫املسيحيني عندما صعد إلى اجلبل وساهم في‬ ‫تهجير مسيحييه‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬هل أخذ الدكتور جعجع تفويضا ً من‬ ‫اللبنانيني عندما قامت القوات اللبنانية بتصفية‬ ‫عشرات املسيحيني التابعني للوزير الراحل ايلي‬ ‫حبيقة‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬هل أخذ الدكتور جعجع تفويضا ً من‬ ‫اللبنانيني عندما قتل العميد خليل كنعان‬ ‫والدكتور الياس الزايد والشهيد داني شمعون‬ ‫والرئيس الشهيد رشيد كرامي‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬هل أخذ الدكتور جعجع تفويضا ً‬ ‫عندما أعدم ضباط اجليش في ثكنة صربا‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬هل أخذ الدكتور جعجع تفويضا ً من‬ ‫اللبنانيني عندما كان يجبي «اخل ّوات» على كل‬ ‫املؤسسات في ما كان يعرف باملنطقة الشرقية‬ ‫سابقاً‪.‬‬ ‫سابعا‪ :‬إن الدفاع عن كرامة لبنان ومقاومة‬ ‫«إسرائيل» في حال اعتدت على لبنان ليس بحاجة‬ ‫لتفويض من أحد‪ ،‬بل هو واجب يجب أن يقوم به‬ ‫كل لبناني شريف‪ ،‬ومن يتخاذل عن أداء هذه املهمة‬ ‫هو خائن لشعبه ووطنه‪ ،‬وليس السيد حسن‬ ‫بحاجة لتفويض ِمن َمن تعاملوا مع «إسرائيل»‪،‬‬ ‫بل هو حائز على تفويض الشرفاء كل الشرفاء‬ ‫في هذا الوطن وهذه األمة‪ ،‬والدفاع عن الكرامة‬ ‫هو شعور يتملك اإلنسان وليس بحاجة لتفويض‬ ‫رسمي من أحد‪ ،‬ولكن السؤال هل الدكتور جعجع‬ ‫حصل مؤخرا على تفويض من «إسرائيل» ليدافع‬ ‫عن عربدتها في لبنان‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫التوحيد‬ ‫السياسي‬ ‫‪ ‬ثمة بيئة توحيدية تقوم على خلق مناخات رحبة‬ ‫وجديدة‪ ‬مش ّبعة مبا يعرف بـ “التوحيد السياسي”‪،‬‬ ‫مبا يحمله من شفافية عند تعريف الذات ومخاطبته‬ ‫اآلخر ومحاولة فهمه‪ ،‬لتصويب النظرة الى حقائق‬ ‫األمور ‪ ،‬واالرتداد عن أخطاء املاضي ومعاصي‬ ‫االستبداد‪ ،‬واخلروج من املراكمات التاريخية الذاهبة‬ ‫الى إقصاء اآلخر‪ ،‬وجتريده من حلمه في العيش الكرمي‬ ‫واحلر ‪ .‬‬ ‫إنه “التوحيد السياسي” الذي يخرج اخلطاب من‬ ‫إطاره التقليدي الى آفاق أكثر شموال ً ومعاصرة‪،‬‬ ‫وينتقل من اإلقصاء الى احلوار‪ ،‬ومن الوهم الى الربط‬ ‫بالواقع واحلياة‪ ،‬ومن أحادية القرار الى املشاركة‬ ‫السياسية‪ ،‬ومن اإللغاء واملصادرة الى االعتراف‬ ‫والقبول‪ ،‬ومن القوالب اإلقطاعية الى مناهج‬ ‫سياسية تستوعب ضرورات التقدم وأمناطه اجلديدة‬ ‫في التعامل السياسي ‪.‬‬ ‫من هنا يشكل خطاب “تيار التوحيد” مرجعية‬ ‫مناسبة لقراءة معاني “التوحيد السياسي”‬ ‫ومقاربته من الناحية العملية‪ ،‬باعتباره املوقعية‬ ‫احملورية التي يشغلها موضوع‪ ‬مفاعيله على صعيد‬ ‫اجملتمع الدرزي‪ .‬بيد أن أي مقاربة لفهم “التوحيد‬ ‫السياسي” سوف تظل‪ ،‬الى حد ما‪ ،‬أسيرة املعيارية‬ ‫في الفهم والتقومي تبعا ً لألصول واملعتقدات البالية‪،‬‬ ‫التي ما زالت تخ ّيم على بعض العقول‪ ،‬حاجبة‬ ‫الرؤية عن الطروحات املرنة‪ ،‬التي طرحها “التوحيد‬ ‫السياسي” والتي تندرج تلقائيا ً في إطار الدعوة‬ ‫الى ضرورة تعزيز احلوار الدرزي – الدرزي والتواصل‬ ‫ملصلحة القيم املعنوية في مواجهة الالتوحيد‬ ‫وإفرازاته التفصيلية واجلزئية‪ ،‬وتعزيز احملاور الوفاقية‬ ‫اجلوهرية‪ ،‬التي باإلمكان الوقوف عليها وبلورتها‬ ‫تأسيسا ً لعالقة جديدة تقوم على الفهم املوضوعي‪،‬‬ ‫بعيدا ً عن أية مجاملة تفرضها بروتوكوالت احلوار‪،‬‬ ‫وعن أية مساجلة تقتضيها خصوصيات الكانتونات‬ ‫الضيقة‪.‬‬ ‫إن “التوحيد السياسي” هو محاولة إقناع اآلخر‬ ‫بحقانية ما يطرحه من خالل الدعوة الى احلوار‬ ‫احملكوم بالشفافية واالبتعاد عن اجملاملة والتجني‪،‬‬ ‫املؤسس على خلفية توحيدية متحررة من ربقة‬ ‫االسقاطات اإلقطاعية والقبليات‪ ،‬بقصد إزالة‬ ‫املعوقات وتقومي االعوجاج السياسي‪ ،‬واالنقالب على‬ ‫املوروثات التقليدية‪ ،‬ملصلحة الفهم احلقيقي لدور‬ ‫الطائفة الدرزية في املشرق العربي‪ ،‬انطالقا ً وتأكيدا ً‬ ‫على فاعلية وجودهم السياسي ومترتباته على‬ ‫صعيد الوطن واألمة ‪.‬‬

‫بقلم أمني األعالم هشام األعور‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫التوحيد يشارك في افتتاح أعمال‬ ‫أسبوع الصداقة اللبناني ــ اإليراني‬ ‫شارك أمني التربية والشباب ماهر سري الدين الى جانب أمني الداخلية‬ ‫ياسر الصفدي وأمينة الشؤون اخلارجية فريال أبوذياب في فعاليات أسبوع‬ ‫الصداقة اللبناني – اإليراني‪ ،‬الذي ّ‬ ‫تنظمه وزارة الشباب والرياضة باحتفال‬ ‫أقيم يوم اخلميس في ‪ 2010/1/28‬في قصر األونيسكو بحضور وزير الشباب‬ ‫والرياضة اللبناني علي عبد اهلل‪ ،‬ونائب رئيس املنظمة الوطنية للشباب‬ ‫ضم ‪ 69‬شخصا ً أبرزهم مستشار‬ ‫جناب آقاي مهرداد بذرباش‪ ،‬على رأس وفد ّ‬ ‫الرئيس مهدي صولي‪ ،‬والنائب في البرملان رئيس كتلة الشباب أحمد رضا‬ ‫دستغيب‪ ،‬والنائب في مجلس الشورى علي رضا دهقاني‪ ،‬باإلضافة الى‬ ‫شخصيات سياسية وفنية وإعالمية وصحية وثقافية وشبابية‪.‬‬ ‫تضمن األسبوع جلسات حوارية بني ‪ 120‬شابا ً وشابة مناصف ًة من‬ ‫البلدين‪ ،‬وأمسية موسيقية‪ ،‬ومعارض صور «فوتوغرافية»‪ ،‬وأعماال ً يدوية‬ ‫واختراعات وابتكارات الكترونية‪ ،‬وزيارات سياحية الى مغارة جعيتا‪،‬‬ ‫وسيدة حاريصا وقلعة بعلبك واملناطق احملررة في جنوب لبنان مبا فيها‬ ‫معتقل اخليام‪.‬‬ ‫وفي ختام االسبوع نال أمني التربية والشباب الرفيق ماهر سري‬ ‫الدين شهادة تقدير على حسن املشاركة في أسبوع الصداقة اللبناني‬ ‫االيراني‪.‬‬

‫نشاط أمانة العالقات الخارجية‬

‫زارت مسؤولة العالقات اخلارجية في تيار التوحيد فريال ابو ذياب‪ ،‬سفارة‬ ‫البرازيل في لبنان‪ ،‬حيث التقت سعادة السفير باولو روبرتو تاريس د فونتورا‪.‬‬ ‫توحد العرب‪،‬‬ ‫تخلل اللقاء تبادال ً في الرؤى حول أهمية دور وهاب في ّ‬ ‫وتكاتفهم في سبيل حل القضايا العربية عامة‪ ،‬والتوافق اللبناني‬ ‫خاصة‪ ،‬ملا فيه خير ومصلحة واستقرار البلد‪.‬‬ ‫من جهته دعا السفير باولو روبرتو ابو ذياب الى املشاركة في‬ ‫النشاطات التي ستقيمها السفارة‪ ،‬معلنا ً عن قدوم وفد من اجلانب‬ ‫التجاري البرازيلي الى لبنان قريباً»‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هذا ونقلت أبو ذياب حتيات رئيس تيار التوحيد‪ ،‬مقدمة شكر تيار‬ ‫التوحيد على السعي املستمر للتواصل واملشاركة في سبيل إجناح‬ ‫الروابط املتينة بني الشعبني اللبناني والبرازيلي‪.‬‬ ‫‪ ...‬وتشارك في استقبال نائب وزير اخلارجية الكوبي‬ ‫كما حضرت أبو ذياب حفل استقبال أقامه السفير الكوبي في لبنان‬ ‫مانويل سيرانو أكوستا في منزله‪ ،‬على شرف نائب وزير العالقات اخلارجية‬ ‫الكوبي ماركوس رودريغز اكوستا ومساعده ارنستو سوبيرون‪ ،‬بحضور‬ ‫حشد من الشخصيات السياسية واالجتماعية اللبنانية‪.‬‬

‫‪48‬‬


‫وهاب للـ «أو‪.‬تي‪.‬في»‪:‬‬

‫ال دور لي في زيارة جنبالط لسوريا‬ ‫والنسبية في البلديات ال معنى لها‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫في برنامج حوار اليوم مع الزميلة دميا صادق‪،‬على‬ ‫شاشة الـ “أو‪.‬تي‪.‬في” أن حل أزمة النظام السياسي‬ ‫اللبناني هي بإلغاء الطائفية السياسية‪ ،‬واعتماد‬ ‫قانون النسبية على أساس الدوائر الكبرى‪،‬‬ ‫وخفض سن االقتراع إلى سن ‪ ،18‬إالّ أن النسبية‬ ‫في البلديات ال معنى لها‪ ،‬ال بل تسبب الشلل‬ ‫في العمل اإلمنائي في القرى واملدن‪ ،‬هذه الوحدات‬ ‫اجلغرافية القادرة على إقامة التوازن في داخلها‬ ‫ومراعاة التنوع فيها”‪.‬‬ ‫وأشار وهاب إلى أن “حديث بعض النواب عن‬ ‫اجمللس اللبناني السوري األعلى “دمياغوجية” تفتقد‬ ‫الواقعية السياسية والعمالنية‪ ،‬ال بل تغفل ما‬ ‫تقدمه هذه االتفاقية من خدمة إلى لبنان‪”.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬إن العالقة اللبنانية السورية سابقا ً‬ ‫كان فيها أخطاء كبيرة ولكن هناك ظلم بحق‬ ‫اللواء رستم غزالي‪ ،‬وهم ال يتحدثون عن تصرفات‬ ‫عبد احلليم خدام وغازي كنعان‪ ،‬بينما اللواء غزالي‬ ‫عمل على امللف ملدة سنة ونصف فقط‪ ،‬وبعدما‬ ‫صدر القرار ‪ 1559‬قرر الرئيس بشار األسد االنسحاب‬ ‫من لبنان‪ .‬لكن بعد االنسحاب السوري شهد لبنان‬ ‫عددا ً كبيرا ً من االغتياالت والتفجيرات‪ ،‬منها نهر‬ ‫البارد‪ ،‬ولم يحاكم ولم يحاسب أي مسؤول أمني‪،‬‬ ‫ومن املعيب استسهال االتهام إلى شخص اللواء‬ ‫غزالي وأنا مررت بتجربة أيام وزارة البيئة ولم تكن‬ ‫العالقة معه كما يصفون ويتحدثون»‪.‬‬ ‫من جه ٍة أخرى أكد وهاب بأن “ليس له دور‬ ‫مباشر في زيارة النائب وليد جنبالط املرتقبة إلى‬ ‫سوريا‪ ،‬وأن األمر محصور بيد حزب اهلل والسيد‬ ‫حسن نصراهلل‪ ،‬كونه الوحيد القادر على تقدمي‬ ‫ضمانات في موضوع جنبالط‪ ،‬والدور الذي يقوم به‬ ‫ميكن ألي شخص أن يقوم به لتقريب جنبالط من‬ ‫دمشق‪ ،‬بينما حزب اهلل يستطيع تعميق العالقة‬ ‫بشكل حقيقي بينهما‪ ،‬مشيرا ً الى أن الرئيس نبيه‬ ‫بري كان قد نقل أجواء إيجابية جدا ً من دمشق”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬لم يطلب أحد من جنبالط قول‬ ‫الكالم الذي قاله في األيام األخيرة‪ ،‬وليس هناك أي‬ ‫مطلب سوري محدد من جنبالط وكل ما يتداوله‬ ‫اإلعالم عار من الصحة‪ ،‬وفي احلقيقة فإن جنبالط‬ ‫قد ذهب سياسيا ً إلى سوريا»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬سوريا تلعب دورا ً في املنطقة‬

‫أكبر من حجمها االقتصادي واجلغرافي وذلك نتيجة‬ ‫دور قيادتها السياسية‪ ،‬وهي تهتم مبلفات املنطقة‬ ‫في املنطقة أكثر بكثير من امللف اللبناني‪ ،‬وحلظة‬ ‫املصاحلة يختارها األقوى وهذا واقع سوريا اليوم»‪.‬‬ ‫كذلك تساءل وهاب عن سبب “كل ذلك‬ ‫التخبيص” في موضوع كارثة الطائرة اإلثيوبية‪،‬‬ ‫في حني كان يتوجب حتديد جهة واحدة محددة‬ ‫للتعاطي اإلعالمي مع هذه الكارثة‪ّ ،‬‬ ‫مؤكدا ً عدم‬ ‫شكوكه بنية وزير األشغال العامة غازي العريضي‪،‬‬ ‫داعيا ً الى الكف عن استغالل مآسي الناس‬ ‫باخلطابات والبيانات من كل املراجع السياسية‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬هل العهود السابقة والعهد‬ ‫احلالي أفضل من عهد الرئيس إميل حلود‪ ،‬ال سيما‬ ‫وأن انتخاب الرئيس ميشال سليمان‪ ،‬كان خرقا‬ ‫للدستور ولم يكن انتخابه قرارا ً لبنانياً‪ ،‬واللبنانيون‬ ‫عاد ًة ينفذون أوامر خارجية دائماً‪ ،‬وهذا ما يحدث في‬ ‫انتخاب رئيس اجلمهورية باستثناء انتخاب الرئيس‬ ‫سليمان فرجنية‪ ،‬والدول الفاعلة في الساحة‬ ‫اللبنانية تعمل مصلحتها دائماً‪ ،‬وشكل احلريات‬ ‫في لبنان مضبوط على اللعبة السياسية‪ ،‬وكثير‬ ‫من الصحافيني ينظرون للسلطان مقابل حفنة‬ ‫من الدوالرات‪ ،‬وما حدث في موضوع باسكال حلود‬ ‫خرق للحريات العامة في لبنان‪ ،‬وال ميكن لوسائل‬ ‫حتمل احلديث عن الفساد فعلياً‪ ،‬في حني‬ ‫اإلعالم ّ‬ ‫مثالً يستنتج بعض النخب اللبنانية بسخافة أن‬ ‫احلق دائما ً على الفلسطيني‪ ،‬واملقاومة‪ ،‬وحصار‬ ‫غزة أمر مشروع‪ ،‬وتتحمل مسؤوليته املقاومة‪ .‬في‬

‫‪49‬‬

‫لبنان لدينا حريات فردية سطحية وليس حريات‬ ‫سياسية باملعنى احلقيقي‪ ،‬فهناك وسائل إعالم‬ ‫قاطعتني ألشهر ألنني جترأت وانتقدت دولة عربية‪،‬‬ ‫وسبب الفساد في لبنان هو النظام السياسي‬ ‫وليس فقط الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬لكن ليس من‬ ‫حق الدولة أو أي جهة أن متنع أصوات مثل باسكال‬ ‫حلود من االنتقاد‪ ،‬رغم أن حرية الرأي يجب أن تبقى‬ ‫ضمن أطر محددة‪ ،‬والرئيس سليم احلص لم يدخل‬ ‫لعبة الفساد في البلد و ُهدد بالقتل على ذلك وهو‬ ‫رئيس حكومة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ينظر علينا باحلريات‬ ‫وسأل وهاب‪“ :‬هل‬ ‫والدميقراطية اليوم من قتل املئات وذبح على‬ ‫الهوية ومن قتل داني شمعون وضباط اجليش‬ ‫في صربا وجماعة ايلي حبيقة وغيرهم الكثير؟‬ ‫ّ‬ ‫بتحكم امليليشيات وأمثال سمير‬ ‫هل ثورة احلرية‬ ‫جعجع بالدولة اللبنانية؟” مشيرا ً إلى أن “املشكلة‬ ‫تكمن في أدائنا جتاه سوريا وكل دول العالم‪،‬‬ ‫وجتربة السنوات اخلمس املاضية أسوأ بكثير‬ ‫من السنوات التي سبقتها وما يسمونه حقبة‬ ‫الوصاية السورية‪ ،‬ولو أزيلت بعض الشوائب من‬ ‫لبنان لكان بألف خير‪ ،‬إمنا نحن دولة قاصرة في حل‬ ‫مشكالتنا الداخلية في أبسط أمورها في تعيني‬ ‫مدير أو حاجب‪ ،‬ومشكلتنا في السيادة هي أنه لو‬ ‫كنا نتكلم لغة انكليزية مع السوري كان الوضع‬ ‫أفضل؟ أوليس اللبنانيون هم من يتآمر بعضهم‬ ‫على بعض؟ ألم تكن النائبة نائلة معوض نائبة‬ ‫أيام الوصاية السورية أم ال؟ يوم خرج السوريون لم‬ ‫يعد يستطيع فارس سعيد أن ينجح مبقعد نيابي‪،‬‬ ‫كذلك األمر مع النائب السابق نسيب حلود الذي‬ ‫بقي نائبا ً طيلة فترة الوصاية»‪.‬‬ ‫واعتبر وهاب أن “الرئيس بري يعتبر نفسه‬ ‫مطبقا ً للطائف‪ ،‬مشيرا ً الى أنه مع تعزيز وطمأنة‬ ‫املسيحيني في لبنان ودورهم”‪ .‬ومتنى “لو نخفض‬ ‫طموحاتنا ونعالج أزمة السير‪ ،‬واالنتباه إلى بعض‬ ‫احملافظني الذين يعطون رخص حملطات بنزين دون‬ ‫مراعاة القانون‪ ،‬واالهتمام من الوزير بارود بالصورة‬ ‫أكثر من السلطة غير ضروري كأن يلتقط صور على‬ ‫إشارة السير للوزير ولكن السير لم ميش»‪.‬‬ ‫من جه ٍة أخرى توقع وهاب أنه “حتى اآلن ال حرب‬ ‫إسرائيلية‪ ،‬ولكن إذا ما غامرت إسرائيل فإنها‬ ‫ستدفع الثمن‪ ،‬ألن املقاومة جاهزة للرد والردع «‪.‬‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب لبرنامج « نهاركم سعيد» ‪ :‬المناصفة ضرورية‬ ‫حتى ولو أصبحت نسبة المسيحيين ‪ 5‬بالمائة‬ ‫أكد رئيس تيار “التوحيد” وئام وهاب أن‬ ‫“الشعب اللبناني مس ّير للخطابات الطائفية‬ ‫وما يجري في “جمهورية الوسام” معيب‬ ‫من حشد طائفي‪ ،‬واحلل في إيجاد كتلة‬ ‫وسطية حقيقية متثل خطا ً ثالثا ً في البلد‪،‬‬ ‫والنظام السياسي ال ينتج إال أزمات‪ ،‬والتيارات‬ ‫السياسية فقط تنتج بعضها بعضاً‪ ،‬وسالالت‬ ‫حاكمة تنتج نفسها في كل مرة‪ ،‬وديناصورات‬ ‫الطوائف تعيد إنتاج نفسها وتعني أزالمها في‬ ‫اإلدارة»‪.‬‬ ‫ودعا وهاب في حديث «للمؤسسة اللبنانية‬ ‫لإلرسال» ضمن برنامج «نهاركم سعيد» مع‬ ‫اإلعالمية دوللي غامن رئيس اجلمهورية ميشال‬ ‫سليمان إلى مصارحة اللبنانيني بأن «اإلصالح‬ ‫ضروري ويبدأ من الشعب وحسن خياراته في‬ ‫االنتخابات النيابية وغيرها‪ ،‬إلن النظام ينتج‬ ‫نفسه واإلصالح غير ممكن مع حماية الفاسدين‬ ‫في النظام الطائفي‪ ،‬فاللبناني محترم في كل‬ ‫دول العالم إال في وطنه لبنان‪ ،‬وتأمني اخلدمات‬ ‫الفعلية للمواطن تبعدنا عن احملاصصة‬ ‫الطائفية»‪ .‬وتساءل وهاب‪ :‬ملاذا ال تكون كل‬ ‫مؤسسات الدولة مماثلة للجيش اللبناني الذي‬ ‫يعني جميع اللبنانيني‪ ،‬ال طائفة دون أخرى؟»‪.‬‬ ‫وأشار وهاب إلى أن «االهتمام الغربي حاليا‬ ‫ينصب على إيران وبرنامجها النووي‪ ،‬وأولوية‬ ‫الراعي األميركي هي العراق وأفغانستان وليس‬ ‫لبنان‪ ،‬فالعراق يعيش حلظات مصيرية‪ ،‬وال احد‬ ‫يبالي في لبنان»‪ ،‬الفتا إلى ضرورة الوعي للوضع‬ ‫الداخلي‪ ،‬واصفا الكالم األميركي عن االهتمام‬ ‫بلبنان بأنه مجرد «شعر»‪ ،‬مؤكدا أن «إدارة‬ ‫الرئيس األميركي «باراك اوباما» اتخذت قرارا‬ ‫يقضي بالتقارب مع سوريا و»ميتشل» ميسك‬ ‫بامللف اللبناني وميكن استبعاد فيلتمان عن‬ ‫امللف لعدم إثارة حساسية سوريا»‪.‬‬ ‫واعتبر وهاب أن “املناصفة مطلوبة حتى‬ ‫ولو أصبح عدد املسيحيني قليال‪ ،‬ونسبتهم‬ ‫ال تشكل أكثر من ‪ 5‬باملائة من سكان لبنان‪،‬‬ ‫فالوجود املسيحي غنى للبنان‪ ،‬وضرورة إلبقاء‬ ‫الثقة باملواطنية اللبنانية”‪ ،‬وهو يرفض “العيش‬ ‫بظل نظام يصنف الطوائف وفقا ً لطبقات‪،‬‬ ‫ومن الطبيعي أن يطرح الرئيس نبيه بري‬ ‫موضوع خفض سن االقتراع‪ ،‬ولكن ضمن نظام‬ ‫طائفي علينا ان نراعي فيه حساسية بعض‬ ‫الطوائف وهواجسها‪ ،‬ونحن طائفة املوحدين‬ ‫الدروز نعطي احلرية للشباب في سن الـ ‪،15‬‬ ‫واحلل في نظام علماني شامل ولكن الواقع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مختلف اآلن‪ ،‬وهناك تعقيدات كبيرة في قضية‬ ‫اقتراع املغتربني وكيفية تطبيق هذا األمر‪،‬‬ ‫وهناك تغيير دميغرافي في لبنان بعد احلرب طال‬ ‫املسيحيني بشكل رئيسي‪ ،‬األفضل هو النظام‬ ‫العلماني‪ ،‬ولكن مهما تغير فإن املناصفة‬ ‫ستبقى بني املسيحيني واملسلمني‪ .‬والرئيس‬ ‫بري منسجم مع نفسه وبقي مصرا ً على‬ ‫طروحاته وهذا يستدعي بالطبع إجراء تعديل‬ ‫دستوري يطال تخفيض سن االقتراع‪ .‬وعلينا‬ ‫أيضا تعديل الدستور إلعادة تعزيز صالحيات‬ ‫رئيس اجلمهورية بعد ان بتنا نفتقده في قضايا‬ ‫مثل موضوع تخفيض سن االقتراع مثالً‪ ،‬وعليه‬ ‫أن يلعب دورا ً اكبر في كل القضايا”‪.‬‬ ‫وردا على سؤال عن موعد زيارة رئيس “اللقاء‬ ‫الدميقراطي” النائب وليد جنبالط إلى سوريا‬ ‫أجاب وهاب‪“ :‬الزيارة ستتم خالل أيام‪ ،‬ومن املمكن‬ ‫قبل نهاية الشهر‪ ،‬ألن جنبالط ذهب سياسيا‬ ‫ًإلى سوريا‪ ،‬ودمشق مستعدة الستقباله منذ‬ ‫هذه اللحظة”‪ .‬وأكد أن “جنبالط أجرى تغييرا ً‬ ‫كبيرا ً في السياسة ومواقفه يجب أن تكون‬ ‫محط ترحيب من اجلميع ومن سوريا أيضاً‪،‬‬ ‫وال مانع من استقباله جنبالط وليس مطلوبا ً‬ ‫منه أي شيء‪ .‬وهناك آلية ما فوض بها جنبالط‬ ‫السيد حسن نصر اهلل‪ ،‬والسيد لديه أولويات‬ ‫وواقع أمني ال ميكنه التحرك بحرية وسرعة‪.‬‬ ‫وثمن وهاب “صمود ارسالن وفريقه أمام كل‬ ‫هذا ّ‬ ‫ما تعرض له داخل الطائفة الدرزية في العقود‬ ‫األخيرة”‪ ،‬الفتا إلى أن “العالقة من ناحيتي‬ ‫جيدة وهذا ما يهمني‪ ،‬وأكن كل احملبة والتقدير‬ ‫إلرسالن وجمهوره‪ ،‬لكن ال ميكن أن يبقى الدروز‬ ‫ضمن الثنائية‪ ،‬واحلل بالدميقراطية والساحة‬ ‫تتسع للجميع”‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫من ناحية أخرى لفت وهاب إلى أن “الطاقم‬ ‫السياسي املوجود في البلد أقوى من طموحات‬ ‫وزير الداخلية زياد بارود اإلصالحية‪ ،‬الفتا إلى‬ ‫أنه وزير إصالحي ولكن “العصابة أقوى منه‬ ‫واجلميع ال يريد االنتخابات البلدية ولكن ال‬ ‫أحد يتجرأ على إعالن ذلك‪ ،‬والواقع يبدو أن‬ ‫االنتخابات ستتأجل للعام املقبل‪ .‬و اعتبر‬ ‫وهاب أن احلكومة غير موجودة فعليا على أرض‬ ‫الواقع‪ ،‬ولم تتمكن من فرض نفسها‪ ،‬ونحن‬ ‫مع جناح رئيس احلكومة‪ ،‬لكنه بحاجة إلى دعم‬ ‫وخبرة في إدارة شؤون الدولة”‪ .‬وأضاف “عالقة‬ ‫سوريا ال تنحصر فقط بالرئيس سعد احلريري‪،‬‬ ‫لكن زيارته األولى إلى دمشق كانت لكسر‬ ‫اجلليد ومعاجلة خمس سنوات من اخلالفات‪،‬‬ ‫ويحتاج جمهور املستقبل إلى وقت كي يتقبل‬ ‫هذا االمر‪ ،‬وعلى احلريري أن يعمل على حتقيق‬ ‫ذلك وجتاوز املستفيدين من التأزم مع دمشق‪،‬‬ ‫وأن يقرب منه العقالء والتشاور الدائم مع‬ ‫دمشق”‪.‬‬ ‫وعن امللف الدرزي الداخلي أشار وهاب إلى‬ ‫أن “هناك مراجع روحية متعددة اكبر من موقع‬ ‫شيخ العقل داخل الطائفة‪ ،‬لكن موقع شيخ‬ ‫العقل هو املمثل الشرعي والرسمي لدى‬ ‫السلطات الرسمية‪ ،‬ومن هنا أنا مع استقالة‬ ‫شيخي العقل وانتخاب واحد توافقي وقد‬ ‫يكون احدهما‪.‬‬ ‫وختم أنه «في حال وقوع عدوان إسرائيلي‬ ‫جديد على لبنان سنقف وضمن إمكانياتنا إلى‬ ‫جانب املقاومة كما فعلنا في حرب متوز‪ ،‬وليس‬ ‫هناك مشروع من قبلنا لتحرير فلسطني ألن‬ ‫فيها من القوى القادرة على القيام بذلك ونحن‬ ‫ندعمها بكل ما نستطيع»‪.‬‬


‫ً‬ ‫إكليال من الزهر‬ ‫هيئة العمل التوحيدي وضعت‬ ‫على ضريح القائد الشهيد عماد مغنية‬ ‫في الذكرى السنوية للقادة الشهداء في‬ ‫املقاومة االسالمية قام وفد من اجلهاز االداري في‬ ‫هيئة العمل التوحيدي بزيارة روضة الشهيدين‬ ‫في الضاحية اجلنوبية ووضع اكليالً من الزهر على‬ ‫ضريح القائد الشهيد عماد مغنية‪.‬‬ ‫تكلم بإسم الوفد أمني س ّر الهيئة الشيخ‬ ‫نصار بكلمة مقتضبة جاء فيها ‪:‬‬ ‫حسام ّ‬ ‫في الذكرى السنوية الثانية الستشهاد‬ ‫احلاج عماد مغنية نتقدم بأح ّر التعازي الى سيد‬ ‫املقاومة والى حزب اهلل وعائلة الشهيد وسائر‬ ‫عوائل الشهداء ‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه بأن عملية اغتيال القائد عماد‬ ‫مغنية شكلت عامالً رئيسيا ً إضافيا ً في رفع‬ ‫وتيرة املقاومة الشعبية ضد االحتالل الصهيوني‬ ‫ملعطيات‬ ‫في لبنان‪ ،‬هذه املقاومة التي أسست‬ ‫ٍ‬ ‫جديدة شجعت كافة الشعوب املستضعفة‬ ‫على إطالق انتفاضة في وجه كل محتل وغادر‪،‬‬ ‫من فلسطني احملتلة الى اجلنوب اللبناني املقاوم‬ ‫مرورا ً باجلوالن العربي الصامد وصوال ً الى العراق‪.‬‬ ‫كفاح‬ ‫قدم احلاج “رضوان” في حياته منوذ َ​َج‬ ‫لقد ّ‬ ‫ٍ‬ ‫كما قامت اللجنة الثقافية في هيئة‬ ‫العمل التوحيدي بزيارة البروفسور الدكتور‬ ‫الشيخ مخلص أحمد اجلدة‪ ،‬مؤسس‬ ‫جامعة احلضارة اإلسالمية املفتوحة في‬ ‫العالم‪ ،‬وذلك في ديوان احلضارة اإلسالمية –‬ ‫بيروت‪ ،‬مساء اجلمعة في ‪ ،2010/2/19‬وأخذ‬ ‫احلوار منطلقات حضارية عربية وإسالمية‬ ‫وإنسانية سامية‪ ،‬ذات عمق وفكر وضمير‬ ‫يهدف خلدمة اإلنسانية جمعاء‪ ،‬مبينا ً الدور‬ ‫القيادي لألمة العربية واإلسالمية استنادا ً‬ ‫إلى تاريخها املشرق بني احلضارات‪ ،‬والنظر‬ ‫في تفعيل ذلك ضمن مهمة أجيالها‬ ‫حاضرا ً ومستقبالً‪ ،‬ونبذ اخلالفات وجمع الرأي‬ ‫على وحدة الكلمة واملوقف في صالح األمة‬ ‫العربية واإلسالمية واإلنسانية جمعاء‪.‬‬ ‫وقد القت اللجنة الثقافية أروع الترحيب‬ ‫والتجاوب والتعاون في كافة اجملاالت‬ ‫الثقافية‪ ،‬وشكرت اللجنة بدورها معالي‬ ‫الدكتور الشيخ مخلص على جهوده‬ ‫العاملية السامية في خدمة احلضارة‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬وغادرت اللجنة ديوان‬ ‫اجلامعة مصحوبة بالسالم والتحية إلى‬ ‫سماحة املرجع الروحي الشيخ أبو علي‬ ‫سليمان أبو ذياب‪ ،‬والى رئيس تيار التوحيد‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬على أمل اللقاء فيما بعد‪.‬‬

‫متميز في مقاومة االحتالل الصهيوني‪ ،‬وترك‬ ‫ٍ‬ ‫بعد استشهاده اآلالف من املقاتلني الذين تتلمذوا‬ ‫على يده‪.‬‬ ‫يترجل عن صهوة جواد‬ ‫لم‬ ‫مغنية‬ ‫فعماد‬ ‫ّ‬ ‫املقاومة وما زال هاجسه يالحق العدو في كافة‬ ‫يقض مضاجع‬ ‫أرجاء العالم‪ ،‬هذا الهاجس الذي‬ ‫ّ‬ ‫بنصر‬ ‫يبشرنا‬ ‫الذي‬ ‫العدو‪ ،‬هو نفسه الهاجس‬ ‫ٍ‬ ‫آت إن شاء اهلل ‪.‬‬ ‫جدي ٍد ٍ‬

‫‪ ...‬ووفد من تيار التوحيد‬

‫أكد نائب رئيس تيار التوحيد سليمان الصايغ‬ ‫خالل زيارة وفد من قيادة تيار التوحيد ضريح‬ ‫القائد احلاج عماد مغنية في روضة الشهيدين‪،‬‬ ‫وبعد وضع اكليل من الزهر‪ ،‬وقراءة الفاحتة عن‬ ‫روحه الطاهرة‪ ،‬مبناسبة مرور الذكرى السنوية‬ ‫الثانية على استشهاده‪ ،‬ضم نائب رئيس املكتب‬ ‫السياسي بهاء عبد اخلالق واألمناء ياسر الصفدي‪،‬‬ ‫يوسف ضو‪ ،‬هشام االعور‪ ،‬ماهر وهاب‪ ،‬ماهر سري‬ ‫الدين‪ ،‬محمد الصايغ‪ ،‬أنه “اذا كان القائد الشهيد‬ ‫عماد مغنية قد حقق في حياته انتصارات نوعية‬ ‫على العدو‪ ،‬فإن استشهاده سيحقق النصر‬

‫النهائي بإذنه تعالى”‪ .‬وأضاف الصايغ‪ ،‬أنه “في‬ ‫حضرة القائد اجملاهد عماد مغنية الذي أعطى‬ ‫األمة العربية معنى العزة والكرامة واإلباء‬ ‫والعنفوان والشرف والذي أربك العدو الصهيوني‬ ‫وجعله مذعورا ً ألكثر من خمسة وعشرين عاما ً‬ ‫وأصبح بعد استشهاده أكثر إرباكا ً وذعراً‪ ،‬ألنه‬ ‫يعلم أن دماءه الطاهرة الذكية قد أشعلت جذوة‬ ‫النضال وعشق الشهادة في قلوب اآلالف من‬ ‫تالميذه املؤمنني اجملاهدين‪ ،‬وإننا نقسم على هذا‬ ‫الضريح ونردد مع روح القائد الشهيد هيهات منا‬ ‫الذلة”‪.‬‬

‫زار أمني التربية والشباب في تيار التوحيد ماهر سري الدين‪ ،‬ترافقه من املكتب الطالبي‬ ‫الرفيقتان سالي نوفل وفيرا أبو ذياب‪ ،‬مكتب حزب احلوار الوطني حيث ُع ِق َد اجتماع مع‬ ‫س ُبل تطوير‬ ‫مسؤول قطاع الشباب والطالب في احلزب إياد سكر ّية‪ .‬ودار النقاش حول ُ‬ ‫وجه سري الدين الدعوة لـ «سكر ّية»‬ ‫العالقات الشبابية والتربوية بني احلزبني‪ .‬كما ّ‬ ‫الجتماع مشترك في مق ّر أمانة التربية والشباب في تيار التوحيد‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫العقل الصهيوني يحاول إعادة االعتبار للـ«موساد»‬ ‫باغتيال القيادي من حماس «محمد المبحوح»‬ ‫أنشأ الكيان الصهيوني على أرض فلسطني‬ ‫بإرادة االستعمار الغربي والواليات املتحدة‬ ‫األميركية‪ ،‬كأداة ورأس حربة للمشروع الذي‬ ‫يستهدف األمة العربية واإلسالمية بحاضرها‬ ‫ومستقبلها ونهب خيراتها وثرواتها‪ ،‬ومت تقدمي‬ ‫كافة التسهيالت للكيان الناشئ ودعمه بآلة‬ ‫احلرب وأحدث ما في ترسانة تلك الدول من أسلحة‬ ‫الدمار‪ .‬هذا الكيان قام على العدوان واإلرهاب‪،‬‬ ‫وعلى حساب الشعب الفلسطيني الذي ُ‬ ‫ش ّرد‬ ‫من أرضه الى جميع نواحي املعمورة ودفع فاتورة‬ ‫ظلم اجملتمع الدولي‪ ،‬وقانون الغاب االستعماري‬ ‫الذي سيطر على عصبة األمم وبعدها هيئة األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬وصادر قرارها باسم الدميقراطية املزيفة‪،‬‬ ‫والكيان الصهيوني الناشئ‪ .‬وتابع مهمته ودوره‬ ‫في املنطقة كمعول هدم وسيف مسلط‪،‬‬ ‫باستخدام أحدث تقنيات احلرب والدمار التي‬ ‫متلكها تلك الدول التي ساهمت بشكل أساسي‬ ‫في نشوء الكيان‪.‬‬ ‫والسمة البارزة فيه‪ ،‬هي أنه يعيش على‬ ‫التناقضات العاملية ويستخدم اإلرهاب وسيلة‬ ‫لتحقيق غاياته‪ ،‬وال يتورع عن استخدام اجملازر‬ ‫كلما حانت الفرصة املناسبة‪ .‬فالعصابات‬ ‫الصهيونية التي ترافقت مع قيامه‪ ،‬ما زالت هي‬ ‫الفكرة املستمرة مع تطوره‪ ،‬ولكنها تل ّونت بلبوس‬ ‫الدميقراطية الغربية والفيتو األميركي املشرع‬ ‫دائما ً حلمايته‪ ،‬رغم اجلرائم اليومية التي تُرتكب‬ ‫بحق الفلسطينيني‪ .‬فاملشروع االستعماري ما‬ ‫زال قائماً‪ ،‬والصهيونية هي ذاتها اليوم رغم تغ ّير‬ ‫الزمان واملكان‪ ،‬وأداة اجلرمية‪.‬‬ ‫احلرب الصهيونية القذرة التي استهدفت‬ ‫الفلسطينيني وباقي العرب‪ ،‬لم تتوقف يوما ً‬ ‫منذ بدء املشروع الصهيوني على أرض فلسطني‬ ‫ّ‬ ‫شكل أول رئيس‬ ‫عام ‪ ،1948‬ومنذ العام ‪1949‬‬ ‫للوزراء في “إسرائيل” “ديفيد بن غوريون” جهاز‬ ‫التنسيق‪ ،‬أو املوساد‪ ،‬لإلشراف على األمن الداخلي‬ ‫واالستخبارات العسكرية‪ ،‬ويخضع املدير العام‬ ‫لهذا اجلهاز مباشرة إلشراف رئيس الوزراء‪ .‬ويعمل‬ ‫في جهاز املوساد الذي يقع مقره في “تل ابيب”‪،‬‬ ‫ويقوده حاليا ً “مائير داغان” (‪ )1500‬شخصا ً بينهم‬ ‫(‪ )100‬عميل ميداني‪ ،‬يعرفون باسم “كاتسا” وما‬ ‫بني (‪ )50-48‬شخصا ً يعملون في فرق اغتيال‬ ‫أو “كيدون”‪ ،‬وجلهاز “املوساد” نظام دعم من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫خالد مشعل‬

‫االحتياط يشمل عشرات اآلالف من األشخاص‬ ‫الذين يقدمون املساعدة “سبايانيم” في جميع‬ ‫أنحاء العالم‪.‬‬

‫أبرز عمليات املوساد‬ ‫في عام ‪ 1990‬اغتيل اخلبير الكندي في مجال‬ ‫الصواريخ البعيدة املدى الباليستية “جيرالد‬ ‫بُل” في بروكسل لدوره في مشروع تطوير‬ ‫مشروع املدفع العمالق لصالح العراق‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ 1995‬اغتيل أمني عام حركة اجلهاد اإلسالمي‬ ‫الفلسطينية فتحي الشقاقي في إطالق رصاص‬ ‫في مالطا‪ .‬وفشل فريق “كيدون” في اغتيال خالد‬ ‫مشعل رئيس املكتب السياسي حلركة حماس في‬ ‫عمان عام ‪ ،1997‬واعتقلت الشرطة األردنية اثنني‬ ‫من املتورطني‪ ،‬واليوم يقول املسؤولون في شرطة‬ ‫دبي أنهم على ثقة من أن جهاز االستخبارات‬ ‫اإلسرائيلية “املوساد” هو املسؤول عن اغتيال‬ ‫القيادي في حركة حماس محمود املبحوح في‬ ‫فندق البستان روتانا في دبي بتاريخ (‪)2010/1/20‬‬ ‫الذي كان ينزل فيه‪.‬‬ ‫“اسرائيل” لم تعترف بوقوف جهاز مخابراتها‬

‫‪52‬‬

‫الشهيد محمود املبحوح‬

‫اخلارجي “املوساد” وراء العملية‪ ،‬لكن صحفها‬ ‫نقلت عن عدة مصادر إسرائيلية إشادتها‬ ‫بالطريقة التي متت بها العملية وبنجاح‬ ‫املشاركني في دخول دبي واخلروج منها بأقنعة‬ ‫وجوازات سفر مزورة‪ .‬وأعلنت شرطة دبي انها‬ ‫طالبت بإصدار أوامر اعتقال دولية بحق جميع‬ ‫قتلة املبحوح وعددهم أحد عشر شخصاً‪،‬‬ ‫وتسعى الستجوابهم‪.‬‬ ‫وقد أثار نشر صور هؤالء في “إسرائيل” اهتماما ً‬ ‫بالغاً‪ ،‬اتسم بالزهو‪ ،‬واعتبروا الصور دليالً على‬ ‫اغتيال املبحوح مبهنية عالية جدا ً وراحوا ميجدون‬ ‫منفذي العملية‪ .‬لكن السلطات اإلسرائيلية‬ ‫سارعت وفي وقت مبكر للخروج بعدة استنتاجات‬ ‫وحاولت إيهام الرأي العام‪ ،‬بأن الصور التي نشرت‬ ‫ب ّرأت الوزير اإلسرائيلي “عوزي الندو” الذي أشير‬ ‫إليه بإحضار القتلة في حاشيته عندما زار دبي‪،‬‬ ‫وقالت السلطات بأن العملية تدل على مهنية‬ ‫غير عادية ظهرت في األسلوب الذي اتبعه‬ ‫منفذوها‪ ،‬فقد ارتدوا جميعا ً األقنعة والصور التي‬ ‫ظهروا فيها ليست صورهم احلقيقية‪ ،‬واملالبس‬ ‫التي ارتدوها اتخذت طابع التضليل‪ ،‬غير أنها‬ ‫مهملة وغير ملفتة للنظر‪ ،‬وأنهم تابعوا املبحوح‬


‫منذ وصوله الى دبي حلظة بلحظة‪ ،‬فشاهدوه‬ ‫يدخل غرفته والحقوه عندما خرج‪ ،‬وتتبعوا أثره‬ ‫في االجتماعات التي عقدها خارج الفندق‪ ،‬في‬ ‫حني دخل اثنان الغرفة في غيابه‪.‬‬ ‫وحسب املصادر اإلسرائيلية‪ ،‬فإن االغتيال نُفذ‬ ‫بطريقة تسميم محكمة وال تترك أثرا سريعا ً بعد‬ ‫أن نثروا عدة أدوية في الغرفة لتضليل احملققني‬ ‫واألطباء وإطالة التحقيق‪ ،‬فعنصر الوقت مهم‬ ‫جدا ً في هذه احلالة‪ ،‬وتصرفوا بأعصاب باردة‪ ،‬ومن‬ ‫دون توتر كما ظهر في الصور‪ .‬والذي كان مفاجئا ً‬ ‫هو زرع دبي بالكاميرات في كل زاوية وحي‪ ،‬وما‬ ‫ظهر في الصور التي عرضتها شرطة دبي تؤكد‬ ‫أن كل ما يجري في هذه املدينة موثقاً‪ ،‬وشرطتها‬ ‫استطاعت في وقت قصير نسبيا ً حتليل الصور‬ ‫القادمة إليها من جميع أنحاء املدينة وإجناز‬ ‫التحقيق والوصول الى االستنتاجات‪ .‬رغم أن هذه‬ ‫الكاميرات لم متنع االغتيال‪ ،‬لكنها ساهمت في‬ ‫ستصعب على من‬ ‫نسف ما حصل‪ ،‬وهي بالتالي‬ ‫ّ‬ ‫يريد تكرار احملاولة في املستقبل أن ينفذ بجلده‪،‬‬ ‫مع أن مالبسات العملية وعدم وضوح هوية‬ ‫القتلة احلقيقيني هي محط سعادة املسؤولني‬ ‫اإلسرائيليني ألن شرطة دبي ال تستطيع‬ ‫اتهامهم مباشرة حتى اآلن‪ ،‬ولكن يسجل قلق‬ ‫اإلسرائيليون وغيرهم من الذين انتحل منفذوا‬ ‫العملية أسماءهم‪.‬‬ ‫فبعد بضعة أسابيع من اغتيال القيادي‬ ‫محمود املبحوح‪ ،‬القيادي في حركة حماس في‬ ‫دبي في ‪ 20‬كانون الثاني املاضي‪ ،‬بدأت تسمع في‬ ‫“إسرائيل” انتقادات الذعة لهذه العملية وتبعاتها‬ ‫السياسية السلبية وانطلقت أصوات من داخل‬ ‫“إسرائيل” تدعو رئيس “املوساد” “مائير داغان”‬ ‫لالستقالة من منصبه نتيجة ذلك‪ ،‬وانتقدوا‬ ‫عددا ً من سلوكيات وحدة التصفيات التي نفذت‬

‫بن غوريون‪ :‬مؤسس دولة اإلرهاب «إسرائيل»‬

‫االغتيال في عدة اجتاهات منها‪ :‬أن‬ ‫منفذي العملية أخذوا احلذر من‬ ‫احتمال وجود كاميرات في الفندق‬ ‫الذي ن ُفذ فيه االغتيال‪ ،‬ولكنهم‬ ‫لم يأخذوا احلذر من احتمال وجود‬ ‫كاميرات أخرى في شوارع وأحياء‬ ‫دبي‪ ،‬وفوجئوا عندما علموا أن دبي‬ ‫كلها مكشوفة للكاميرات على‬ ‫طريقة لندن‪ ،‬وأن هذه الكاميرات‬ ‫وثقت كل حتركاتهم منذ نزولهم‬ ‫الى أرض مطار دبي يوم ‪ 19‬كانون‬ ‫الثاني وحتى مغادرتهم‪ ،‬وأن‬ ‫احملققني في شرطة دبي استطاعوا‬ ‫في غضون وقت قصير جدا ً حتليل‬ ‫الصور وتركيب فيلم يبينّ كل‬ ‫حتركاتهم‪ ،‬حيث ترك هؤالء وراءهم‬ ‫عالمات كثيرة‪ .‬حيث استخدم القتلة الصهاينة‬ ‫منفذوا العملية جوازات سفر‬ ‫سفر بريطانية مزورة‪ ،‬واحتمال أن تكون هويات‬ ‫بريطانية‪،‬‬ ‫منها‬ ‫لدول صديقة لـ “إسرائيل”‪ ،‬ست‬ ‫سرقت وهي‬ ‫شخصية ملواطنني بريطانيني قد ُ‬ ‫مت‬ ‫جميعها‬ ‫وفي‬ ‫وثالث ايرلندية‪ ،‬وأملانيا ً وفرنسياً‪،‬‬ ‫على صلة باملوضوع‪ ،‬قال السيناتور اإليرلندي‬ ‫استغالل املعلومات عن أصحاب اجلوازات‪ ،‬ومثل “مارك ديلي”‪“ :‬إن العالقات بني دبلن وتل ابيب‬ ‫هذا التصرف ميس بالعالقات مع هذه الدول‪ .‬حيث ليست في أحسن حاالتها‪ ،‬واستخدام جوازات‬ ‫تبني أن غالبية األسماء التي استخدمها منفذو مزورة يؤشر الى بداية أزمة دبلوماسية معقدة”‪.‬‬ ‫العملية أسماء حقيقية ملواطنني إسرائيليني‬ ‫ويتواصل اجلدل في “إسرائيل” في شأن تورط‬ ‫يحملون جوازات سفر مزدوجة‪.‬‬ ‫“املوساد” في عملية فاشلة من عدمه‪ ،‬واتفق‬ ‫توماس”‬ ‫“غوردن‬ ‫البريطاني‬ ‫الكاتب الصحافي‬ ‫كبار املعلقني على أن عملية االغتيال في حال‬ ‫كتب في صحيفة “ديلي تلغراف” مؤكدا أن عملية نفذها “املوساد” فعالً‪ ،‬قد شابتها عيوب وفي‬ ‫االغتيال متّت بأيدي املوساد‪ ،‬وأن هناك اعتقاد مقدمها عدم توقع مخططي العملية جناح‬ ‫بأن منفذيها كانوا (‪ )17‬شخصا ً وليس (‪ )11‬سلطات دبي من توصيل اخليوط والكشف عن‬ ‫شخصا ً كما ذكرت شرطة دبي‪ ،‬وأن األشخاص هوية املنفذين‪ ،‬والتحقيق الذي قامت به شرطة‬ ‫الستة‪ ،‬الذين لم يعلن عنهم غير معروفني حتى دبي يستدعي أسئلة صعبة عن وضع املؤسسة‬ ‫اآلن ويجري البحث عنهم‪ ،‬وقال “توماس” أن ما السياسية وأجهزة االستخبارات في “إسرائيل”‪،‬‬ ‫يقوله يستند الى معلومات يعرفها عن املوساد ولكن املعلق في صحيفة “يديعوت أحرنوت إيتان‬ ‫وتاريخه‪ ،‬وهو قد أ ّلف كتابا ً عنه‪ ،‬هاير” اعتبر العملية إجنازا ً حتى بثمن الكشف عن‬ ‫حيث أنه كان قد التقى مع أحد هوية العمالء‪ ،‬إذ حققت هدفني‪ :‬تصفية العدو‬ ‫رؤساء املوساد السابقني “مائير املرير‪ ،‬وعدم اعتقال أي من املنفذين‪ ،‬وقال آخر‬ ‫عميت”‪ ،‬الذي أعطاه تفاصيل مشيرا ً إلى فشل العملية‪ :‬أنه وبعد سنوات كان‬ ‫كثيرة عن اجلهاز وأساليب فيها “مائير داغان” معشوق اإلسرائيليني على‬ ‫عمله‪ ،‬وأكد أن اخللية التي نفذت خلفية ما نسب إليه من عمليات قام بها املوساد‬ ‫العملية في دبي تنتمي الى وحدة (وهالة كبيرة السمه)‪“ ،‬داغان” ُم ِني بالفشل في‬ ‫“كيدون” (سهم) التابعة للجهاز املهمة الرئيسية التي ألقيت عليه عند تعيينه‬ ‫وتضم (‪ )48‬عميالً بينهم ست قبل ثماني سنوات‪ ،‬وعند متديد واليته وهي منع‬ ‫نساء يتدربن على االغتياالت في إيران من بلوغ قدرات نووية‪ ،‬وإيران اليوم على عتبة‬ ‫قاعدة للموساد في النقب‪ ،‬وأن التحول إلى دولة نووية‪.‬‬ ‫طرق االغتياالت تتم بالرصاص‬ ‫والسجال الدولي على أشده في شأن قضية‬ ‫أو بالتسميم مبواد كيماوية مت االغتيال‪ ،‬بعد طلب كل من “دبلن” و”لندن”‬ ‫تركيبها في املوساد‪ .‬والورطة و”باريس” توضيحات من السفارات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫الدبلوماسية اإلسرائيلية مع في وقت أعلنت فيه منظمة االنتربول إصدار‬ ‫بريطانيا حتديدا ً على خلفية مذكرات تفتيش وجلب (مذكرات حمراء) بحق‬ ‫استخدام “املوساد” جوازات (‪ )11‬شخصا ً مطلوبني دوليا ً بعدما اتهمتهم‬

‫‪53‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬ ‫سلطات دبي بتنسيق وارتكاب جرمية بحق‬ ‫الفلسطيني محمود املبحوح‪.‬‬ ‫وفي “إسرائيل” هناك من يرى عملية‬ ‫املوساد (خلل إهمالي) ينبغي في‬ ‫ضوئه طرح أسئلة قاسية على القيادة‬ ‫السياسية وأجهزة االستخبارات حول‬ ‫توقيت العملية‪ ،‬ويتساءل عما إذا كان من‬ ‫املرغوب فيه استفزاز العدو في فترة التوتر‬ ‫الذي تتبادل فيه “إسرائيل” التهديدات‬ ‫مع إيران وحلفائها في املنطقة‪ ،‬بدال ً من‬ ‫احلفاظ على ضبط النفس وكبح اجلماح‪،‬‬ ‫مس بالعالقات‬ ‫ومع ما حتمله العملية من ّ‬ ‫مع دول أوروبية صديقة لـ “إسرائيل”‪ .‬هذا‬ ‫االغتيال ينقل العالم دفعة واحدة‪ ،‬إلى‬ ‫العصر اجلديد‪ ،‬العصر الذي لن يكون من‬ ‫املمكن العمل فيه‪ ،‬أي شيء سري دون تفوق‬ ‫تكنولوجي يسمح بالتشويش أو التحكم‪،‬‬ ‫أو شرب مخازن املعلومات والصور‪ .‬فبعد‬ ‫زمن قصير ستكون الكاميرات ووسائل‬ ‫البحث املتقدمة تكنولوجيا ً تسمح‬ ‫باستعادة كل شيء زمانا ً ووضعا ً ولن يكون‬ ‫ممكنا ً خداعها‪ .‬فتطور املعدات االلكترونية‬ ‫رئيس املوساد احلالي مائير داغان‬ ‫يجعل من عمل االستخبارات مهمة‬ ‫صعبة‪ ،‬إذ انتهى عصر التصفيات النظيفة تلك قلوب وعقول اجلماهير العربية واإلسالمية وكل‬ ‫الشرفاء واألحرار في العالم‪.‬‬ ‫التي ال تترك أثرا‪.‬‬ ‫وحتاول “إسرائيل” مللمة صفوفها واحليلولة دون‬ ‫حصول فترة (فراغ) تكون حافزا ً للقوى املقاومة‬ ‫فشل العدو في حروبه دفعه‬ ‫واملمانعة في هذه األمة‪ ،‬والتي بدأت بالفعل‬ ‫استثمار نصر متوز الذي مت بفضل صمودها‬ ‫لتبني إستراتيجية االغتياالت‬ ‫سياسيا ً وإعالميا ً ومضاعفة قوتها باملزيد من‬ ‫ما برحت “إسرائيل” تشن على قوى املقاومة وسائل القوة وتعبئة صفوفها‪ .‬هذا النهج‬ ‫الفلسطينية واللبنانية وحاضنتها سوريا اإلسرائيلي اجلديد القدمي (املستجد) واملتطور له‬ ‫وإيران‪ ،‬أوسع وأشرس حرب أمنية جند لها العقل فلسفته ومسوغاته لدى القيادة اإلسرائيلية‬ ‫العسكري اإلسرائيلي‪ ،‬جزءا ً ال يستهان به من واملستند على نظرية (األذرع أو الروافع) التي أتى‬ ‫آلته العسكرية واألمنية‪ .‬هذه احلرب التي يتوقع بها آنذاك “ايهود باراك” عندما كان رئيسا للوزراء‬ ‫لها أن تتوالى فصوالً‪ ،‬واملعد لها أن متتد إلى أجل وجددها بعد حرب متوز‪ ،‬وجوهر هذه النظرية‬ ‫غير مسمى‪ ،‬هي البديل العمالني‪ ،‬الذي شاءت يقوم على محاربة اخلصم بأسلوبه وبطريقته‬ ‫القيادة اإلسرائيلية إتباعه بعد حرب متوز على ودون االضطرار الى االشتباك املباشر وإياه‪ ،‬هذه‬ ‫لبنان في العام ‪ ،2006‬لتكون لها من ورائه أهداف النظرية تعتمد على أذرع املوساد واالستخبارات‬ ‫أساسية منها‪ :‬الرد بطريقة غير مباشرة على ما العسكرية التي طورت ميدان دورها من الداخل‬ ‫حلق بصورة الردع العسكرية لـ “إسرائيل” بفعل اإلسرائيلي ليطال لبنان واألردن وسوريا‪ ،‬إضافة‬ ‫حرب متوز‪ ،‬السيما بعد صدور تقرير “فينوغراد” الى “الشني بيت” املتخصص مبواجهة الفصائل‬ ‫الذي سجل إخفاقا ً عسكريا ً إسرائيليا ً في الفلسطينية في الداخل‪.‬‬ ‫إن العقل اإلسرائيلي خرج بخطة جديدة إلعادة‬ ‫مواجهة قوة “حزب اهلل”‪ ،‬وحتاول “إسرائيل”‬ ‫إرباك قوى املقاومة ومحوري املمانعة وذلك في االعتبار الى جهاز “املوساد” وتدعيمه وحتسني‬ ‫إطار سياسة كي الوعي العربي الذي شهد صورته بعدما أخفق‪ ،‬بينما جنح “حزب اهلل” من‬ ‫بعض االنتعاش والتحول بعد حرب متوز‪ ،‬والعجز توجيه ضربات موجعة له إبان فترة االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي البينّ عن حتقيق الهدف األعلى الذي اإلسرائيلي للشريط احلدودي وما بعدها‪ .‬حيث‬ ‫أعلنته عشية احلرب واملتمثل بتحطيم “حزب بادرت “إسرائيل” للمرة األولى‪ ،‬منذ قيامها الى‬ ‫اهلل” قوة وصورة‪ ،‬وإسقاط رمزيته املضيئة في كشف اسم رئيس جهاز املوساد “مائير داغان”‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪54‬‬

‫الذي أطلق عليه لقب (رجل السيارات‬ ‫املفخخة) في شوارع بيروت ‪ ،1982‬فهذا‬ ‫يحاول استرجاع هيبة اجلهاز املفقودة‬ ‫عن طريق فتح باب احلرب األمنية ضد‬ ‫قوى املقاومة واملمانعة‪ .‬وكل املؤشرات‬ ‫واملعطيات املتوفرة تشير الى أن األشهر‬ ‫املقبلة ستكون على موعد مع مزيد من‬ ‫أشكال هذه احلرب األمنية وفصولها‪،‬‬ ‫حيث يقول أحد اإلسرائيليني “يوسي‬ ‫ساريد” منتقدا عملية “املوساد” في دبي‪:‬‬ ‫“متابعة مغامرة دبي عبر وسائل اإلعالم‬ ‫متكننا فقط من االستنتاج أنه ال جديد‬ ‫حتت شمس عدسات التصوير‪ ،‬فاملوجود‬ ‫ال يخفى‪ ،‬واحليل الهاذية املسروقة معروفة‬ ‫من األدبيات البوليسية القدمية اجليدة‪،‬‬ ‫وسبق وكانت هناك جوازات سفر مزيفة‬ ‫هكذا هي احلال عندنا‪ ،‬املوساد ترعب‬ ‫العالم‪ ،‬إال أن هذا العالم يتعرف عليها‬ ‫من جديد‪ ،‬املنظمة األسطورة يتبني أنها‬ ‫وهم‪ ،‬أدوات أمن حتطمت‪ ،‬ثم أعيد حلمها‬ ‫وتطويرها‪ ،‬جترب األدوات واألشخاص إلى‬ ‫أن يكشف النقاب عنهم في أول فرصة‬ ‫بكامل ضعفهم”‪.‬‬

‫حماس تتوعد بالثأر‬ ‫خالد مشعل رئيس املكتب السياسي حلركة‬ ‫حماس قال في كلمة متلفزة خالل مهرجان‬ ‫تأبني الشهيد محمود املبحوح في شمال قطاع‬ ‫غزة بعنوان (عهد الرجال)‪“ ،‬انتهى وقت الوعيد‬ ‫والتهديدات واحلديث عن االنتقام‪ ،‬اليوم يوم‬ ‫عمل” مضيفا ‪”:‬من قتل املبحوح هي اجملموعات‬ ‫اجملرمة التي يبعثها املوساد شرقا ً وغرباً‪ ،‬يستبيح‬ ‫بها بلدان العالم دون أن يرف له جفن‪ ،‬ال يعبأ به‬ ‫أحد في الشرق والغرب”‪ .‬ومصادر حركة حماس‬ ‫قالت‪ ،‬إن قرار الرد واالنتقام قد مت اتخاذه وسيكون‬ ‫على قدر اجلرمية‪ ،‬وما على االحتالل سوى االنتظار‪،‬‬ ‫ورفضت حماس توجيه أصابع االتهام الى فتح‬ ‫أو السلطة‪ ،‬لكنها طالبت بالكف عن املهاترات‬ ‫اإلعالمية التي حتاول صرف البوصلة عن اجتاهها‬ ‫وتضليل التحقيق واملساهمة اجملانية في إعفاء‬ ‫االحتالل من مسؤولية هذه اجلرمية‪ ،‬ووصفت هذه‬ ‫املصادر محاولة “إسرائيل” استخدام عناصر من‬ ‫فتح في تنفيذ عملية االغتيال إمنا يهدف الى‬ ‫تكريس االنقسام‪ ،‬وما هو إال امتدادا لعملية‬ ‫التنسيق األمني التي تهدف الى شق الصف‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وستكشف التحقيقات إن كان‬ ‫(العنصران الفلسطينيان املشاركان في اجلرمية‬ ‫شاركا بشكل فردي أم ال)‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫انتفاضة الجوالن بين تباشير النصر ورايات الحرب‬

‫الوزير محسن بالل لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫يجب تسليط الضوء على تمسك أهلنا بهو ّيتهم العربية السورية‬

‫ثمان وعشرون عاما مرت‪ ،‬وال زالت مكبرات‬ ‫الصوت وقمم اجلبال‪ ،‬وأطراف الوديان وجوانب‬ ‫التالل هي السبيل للتواصل بني ضفتني ما كان‬ ‫لهما أن ينفصال يوما ال سيرة وال تاريخا وال نضاال‬ ‫وال جغرافيا‪ .‬وإن استطاع هذا الكيان العنصري‬ ‫ولو لبعض الوقت أن يفصل شطري الضفتني‬ ‫إلى حني‪ ،‬فهو لم يستطع منع التواصل وال قطع‬ ‫املشيمة بني الرحم واجلنني‪ ،‬وهاهم أبناء اجلوالن‬ ‫وفي كل عام يحاذون اجملد واإلباء‪ ،‬ويتحدون همجية‬ ‫ووحشية غاصب محتل‪ ،‬محتشدين في موقعي‬ ‫عني التينة ومجدل شمس إلحياء مناسبات‬ ‫الوطن األم من انتفاضة إلى حترير‪.‬‬ ‫وكعادتها هضاب اجلوالن ومرتفعاته وقممه‬ ‫وحرمونه في الرابع عشر من شباط ترتدي العز‬ ‫ثوبا تزدهي به وتتسامى فوق كل سامي‪ ،‬رافعة‬ ‫الرأس تردد أصقاع األرض ترانيمها‪ ،‬فيعود صدى‬ ‫صوتها رصاصا يزلزل األرض حتت قدمي محتلها‪،‬‬ ‫ومواقفا أجبرته على التراجع عن مخططاته‬ ‫للنيل من عروبة هذه القمم وإنسانها‪ ،‬فكان‬ ‫إضراب أهلها الذي دام لستة أشهر مترافقا‬ ‫مع أول انتفاضة عرفها تاريخ النضال العربي‬ ‫الصهيوني‪ ،‬سجل فيها أهلنا الصامدون في‬ ‫اجلوالن احملتل كل أنواع النضال رافضني قرار الضم‬ ‫اجلائر والالشرعي للجوالن‪ ،‬ومحاولة فرض الهوية‬ ‫اإلسرائيلية على أبنائه‪ ،‬فكان الرفض مدويا‪،‬‬ ‫وكانت اجملابهات واسعة شملت كل قرية وشارع‪،‬‬ ‫ولم يتوان عن املشاركة فيها شيخ وال طفل وال‬ ‫مرأة‪ ،‬مجابهات لم تهدأ حتى أجبرت هذا الكيان‬ ‫النازي على التراجع عن قرار فرض الهوية على‬ ‫شعب يتنفس العروبة ويحيا على االنتماء لوطنه‬ ‫األم سوريا‪.‬‬ ‫وحدها مكبرات الصوت تعرف حجم األلم ‪،‬‬ ‫كما تعرف ارتعاشات صوت بشر املقت وعاصم‬ ‫الولي ‪ ،‬كما خبرت تراقص صوت أم امتزج فيه‬ ‫الدمع والفرح تنادي “كيفك ميي” “ما تخافوش‬ ‫علينا ياسندي” نحنا بخير طمونني عنكن”‪.‬‬ ‫من يص ّبر من؟! ومن يحتمل األسى قابضا‬ ‫التأسي؟! باثا روح األمل خلف أسالك‬ ‫على جمر‬ ‫ّ‬ ‫شائكة حتط عليها عصافير الدوري قاطعة‬ ‫املسافة بني ضفتي القلب‪ ،‬حتمل وشوشات‬ ‫سوسنة عاشقة وقيسوم طال هجرانه‪ ،‬والشيح‬ ‫يشهد على نزف جراحاته التي تأبى االلتئام قبل‬ ‫أن يزهر دحنون مسعدة وبقعاثا ومجدل شمس‬ ‫وواسط والرمثانية واخلشنية‪.‬‬ ‫وإن كان اللقاء واالحتشاد عبر الضفتني‬ ‫سنّة قد مشت عليها القلوب امللتاعة‪ ،‬واألعني‬

‫الدامعة واالصوات املرتعشة‪ ،‬واأليادي اخلفاقة‬ ‫مبناديل اللهفة‪ ،‬فإن هذا العام استثناء‪ ،‬فها هي‬ ‫خفقات الضفتني يسمع هديرها‪ ،‬وأوار الشوق‬ ‫يتصاعد لهيبه‪ ،‬يحترق العودة مشهرا بنادقه‪...‬‬ ‫مش ّرعا ً سيوفه‪ ...‬يتحرى حلظة البدء‪ ...‬وشارة‬ ‫العد العكسي وليست ببعيدة‪ ،‬فكل املؤشرات‬ ‫تقول بقرب العودة‪ ،‬سلما‪ ...‬أوحربا‪ ...‬قمم حرمون‬ ‫لها مبرصدها‪ ،‬وطهر مائها‪ ،‬وإقدام رجالها‪ .‬فإن‬ ‫كانت السنوات املاضيات حتمل بني طياتها شيئا‬ ‫من يأس‪ ،‬فالقادم من األيام يحمل بني ثنايا غيبه‬ ‫تباشير النصر الذي تنسجه همة سيد الوطن‪،‬‬ ‫لتتغنى به صبايا حضر وجباثا وخان أرنبة‬ ‫والبطيحة واجلويزة وقصرين والقصبية‪.‬‬ ‫في هذا العام كان اللقاء مختلفا فكان‬ ‫عميد األسرى العرب بشر املقت الذي لم مير على‬ ‫حتريره بضعة أشهر‪ ،‬بعد ملتقى اجلوالن الذي‬ ‫أرسل عبره األسير احملرر وعميد األسرى العرب‬ ‫سمير القنطار رسالته “يا بشر لن يطول ليل‬ ‫سجنك”‪ ،‬فكانت احلرية بعد أيام لبشر وسلطان‪،‬‬ ‫وسينالها كل األسرى العرب في سجون االحتالل‪،‬‬ ‫فزمن الهزائم قد ولى وباتت كل كلمة من رجال‬ ‫املقاومة يحسب لها ألف حساب وحساب‪ ،‬على‬ ‫بيدر صهيون الذي ضاق به العالم وبإجرامه ذرعا‬ ‫وأول الغيث تقرير “غولدستون» وتقرير جمعية‬ ‫“راؤوت” الذي يقول‪“ :‬إن إسرائيل بفعل الشبكة‬ ‫العاملية التي تشكلت من أفراد ومنظمات‬ ‫مجتمع مدني وجامعات وأصحاب رأي‪ ،‬أصبحت‬ ‫متثل بالنسبة للعالم شيطان» ناهيك عن «جول‬

‫‪55‬‬

‫ستريت» املنظمة التي نشأت في أمريكا مقابل‬ ‫«إيباك» رافضة سياستها معبرة عن يهود أمريكا‬ ‫الذين يرفضون ما تذهب إليه إيباك واحلكومة‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬إضافة إلى الشارع األوروبي وحكوماته‬ ‫التي باتت تريد النأي بنفسها عن سياسة أمريكا‬ ‫ووريثتها إسرائيل‪ ،‬وفصل املقال ما قاله اليهودي‬ ‫العاملي ستالن كوهني‪ :‬بت أخجل من ممارسات‬ ‫«إسرائيل» في املنطقة العربية‪ .‬وإن كان ما تقدم‬ ‫عامل مساعد في العودة والتحرير والتغيير الذي‬ ‫يطرأ فإن ما نعول عليه إذ نقول بقرب العودة هو‬ ‫مقاومتنا وجبهتنا الداخلية وحلفاؤنا الذين بات‬ ‫اخلطر الصهيوني ذاته يتهددهم‪.‬‬

‫منبر التوحيد بني الضفتني‬ ‫إن أكثر ما كان مييز فعاليات إحياء انتفاضة‬ ‫أهلنا في اجلوالن احملتل لهذا العام هو رفع راية‬ ‫اإلعالم‪ ،‬والتأكيد على دوره في مسيرة التحرير‪،‬‬ ‫ومجلة منبر التوحيد كانت هناك تتابع فعاليات‬ ‫هذا اليوم اجمليد تؤرخ املعاناة والنضال منتظرة مع‬ ‫أهلنا وأحبائنا حلظة العودة التي أكد على قربها‬ ‫وزير اإلعالم الدكتور محسن بالل وهو يفتتح‬ ‫في ذكرى االنتفاضة الدورة التدريبية حتت عنوان‬ ‫اإلعالم واجلوالن التي تقيمها محافظة القنيطرة‬ ‫بالتعاون مع معهد التدريب اإلعالمي‪ ،‬حيث كان‬ ‫جمللتنا حضورها في هذه الفعالية في لقاءات‬ ‫على هامش الدورة‪:‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الغالف‬

‫وزير اإلعالم محسن بالل اجلوالن‬ ‫قلب سورية‬ ‫وفي دردشة مع «منبر التوحيد» دعا الوزير بالل‬ ‫وسائل اإلعالم إلى حتمل مسؤولية كشف وفضح‬ ‫ممارسات االحتالل اإلسرائيلي واعتداءاته في األراضي‬ ‫العربية احملتلة‪ ،‬وإطالع الرأي العام العاملي على‬ ‫جرائمه وإرهابه واغتصابه لألرض واالستيالء على‬ ‫مقدراتها ومواردها‪ ،‬إضافة إلى رفض «إسرائيل»‬ ‫لقرارات الشرعية الدولية‪ .‬مؤكدا ً أهمية دور‬ ‫اإلعالم في دعم قضية اجلوالن احملتل والتأكيد على‬ ‫احلقوق العربية وتسليط الضوء على صمود أهلنا‬ ‫ومتسكهم بهويتهم العربية السورية‪ .‬ومما جاء في‬ ‫محاضرته‪ « :‬إن القنيطرة قلب اجلوالن‪ ،‬واجلوالن‬ ‫هو قلب سورية املفعمة باألمل والثقة بأنفسنا‬ ‫وبقائدنا‪ ،‬واجلوالن سوف يتحرر ألنه القلب‪ ،‬ومحور‬ ‫مركز االهتمام السوري شعبا ً وحكومة وشبابا‬ ‫وأطفاال‪ .‬اجلوالن ألهل اجلوالن ولن يبقى حتت االحتالل‬ ‫وهذا عهد مطلق وموثق من سورية‪ .‬كما إن إعالمنا‬ ‫يتطور ويرتفع ليصبح في األعلى‪ ،‬يبث صوت احلق‪،‬‬ ‫وينقل للعالم أن سورية على حق‪ ،‬إضافة إلى نقل‬ ‫احلضارة والقيمة التي متلكها سورية من ثقافة‬ ‫وتاريخ وأخوة‪ ،‬ونعاهدكم بأن إعالمكم سيكون‬ ‫الصادق لصوتكم‪ ،‬وحلقكم‪ ،‬ألرض اجلوالن وسورية‬ ‫التي تعتبر اليوم مفتاح الشرق األوسط وهي‬ ‫املنطقة األكثر أهمية في العالم‪.‬‬

‫الدكتور رياض حجاب محافظ‬ ‫القنيطرة‬ ‫وحتدث محافظ القنيطرة الدكتور رياض‬ ‫ّ‬ ‫حجاب فأكد أن هذا األسبوع اإلعالمي هو خطوة‬ ‫لتعميق اإلحاطة بشؤون قضية اجلوالن العادلة‪،‬‬ ‫مشيرا ً إلى إطالق جريدة اجلوالن وإنشاء موقع‬ ‫اجلوالن االلكتروني وافتتاح مركز اجلوالن اإلذاعي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والتلفزيوني فضال عن ملتقى اجلوالن العربي‬ ‫الدولي وإصدار العديد من النشرات التعريفية‬ ‫باحملافظة وقضية اجلوالن احملتل‪ .‬فاإلعالم هو‬ ‫السلطة الرابعة في أي مجتمع وسالح فعال‬ ‫وخطير ومؤثر‪ ،‬ومقاومة االحتالل وصمود الشعب‬ ‫ضد احملتلني يكبر معه اإلعالم ألنه يستند إلى‬ ‫احلقائق‪ .‬وتأتي أهمية الدورة من أنها تركز على‬ ‫قضية حترير اجلوالن واحلراك التفاوضي من‬ ‫مدريد على مدى عشرون عاماً‪ ،‬وجغرافيا اجلوالن‬ ‫العسكرية والبشرية‪ ،‬وآثار اجلوالن احملتل بني‬ ‫السرقة والتزييف وجرائم االستيطان الصهيوني‬ ‫في اجلوالن وأطماع الصهاينة في مياه اجلوالن‬ ‫قدمية‪ ،‬واملمارسات الصهيونية واملقاومة‬ ‫املتصاعدة في اجلوالن وحرب تشرين التحريرية‬ ‫ونهوض احلركة الثقافية في اجلوالن وأسرى‬ ‫اجلوالن احملتل طليعة موكب التحرير القادم‪.‬‬

‫فكما تعني لي اجلوالن ولها مكانة غالية في‬ ‫وجداني كذلك اجلنوب اللبناني وفلسطني‬ ‫والعراق لكل شبر من هذه األرض املكانة ذاتها في‬ ‫الوجدان‪.‬‬ ‫أحد عشر عاما في سجون االحتالل فيها‬ ‫الكثير من اآلالم والتضحيات‪ ،‬لكنها مدرسة أخرى‬ ‫من مدارس النضال واملقاومة‪ ،‬حيث أثبت األسير‬ ‫أن ساحة املعتقالت هي ميدان حقيقي للتصدي‬ ‫للمحتل وكل أدوات قمعه‪ ،‬وهذا اليوم مناسبة‬ ‫للتواصل مع رفاقي األسرى داخل اجلزء احملتل من‬ ‫اجلوالن‪ ،‬الرفاق الذين جمعتني معهم اإلضرابات‬ ‫املفتوحة عن الطعام وساحات احللم باحلرية‪،‬‬ ‫وأمنياتنا أن تتحقق احلرية األوسع بعودة اجلوالن‬ ‫ألبنائه الذين هجروا قسرا إثر العدوان اإلسرائيلي‬ ‫وما زالوا متمسكني بالعودة إلى قراهم احملتلة‪.‬‬ ‫واسمحوا لي عبر صفحات مجلتكم أن أهدي‬ ‫رفاقي الذين ال زالوا في سجون االحتالل وردة حب‬ ‫وبطاقة صمود‪ ،‬كذلك إلى جميع املقاومني العرب‬ ‫في جنوب لبنان وفلسطني والعراق‪ ،‬وإلى قيادتنا‬ ‫احلكيمة التي أثبتت وجودها على الساحة العربية‬ ‫والعاملية والتي ال تقبل أي مساومة على أرضها‪.‬‬

‫ومن قرية كفر حارب املطلة على بحيرة طبرية‬ ‫التقت «منبر التوحيد» مع األسير احملرر علي‬ ‫محمد الذي قضى أحد عشر عاما في سجون‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬والذي حدثنا عن مشاركته‬ ‫في ذكرى اإلضراب ورفض الهوية قائالً من خلف‬ ‫األسالك في موقع عني التينة‪ :‬هنا نرى للحب‬ ‫طعم آخر‪ ،‬هو عشق الوطن وعشق املقاومة‬ ‫وعشق الشهداء الذين قضو نحبهم من أجل‬ ‫لبنان وفلسطني واجلوالن‪ .‬ففي هذا اليوم عبرت‬ ‫جماهير سوريا عن إرادتها احلرة ورفضت اإلذعان‬ ‫لبشاعة االحتالل وقدمت الشهداء واألسرى‪ .‬ومن‬ ‫واقع جتربتنا كأسرى عرب‪ ،‬يجب عدم احلديث عن‬ ‫أسير فلسطيني أو سوري أو لبناني‪ ،‬يجب رفض‬ ‫هذه التسميات فكلنا أسرى املقاومة العربية‪،‬‬

‫أحمد األحمد عضو القيادة‬ ‫املركزية للجبهة الوطنية‬ ‫التقدمية‪ :‬التاريخ سيشهد‬ ‫لنساء اجلوالن‬

‫األسير احملرر علي محمد‪ :‬علينا‬ ‫رفض التسميات القطرية فكلنا‬ ‫أسرى املقاومة‬

‫‪56‬‬

‫كما التقت مجلة «منبر التوحيد» مع أمني عام‬ ‫حركة االشتراكيني العرب أحمد األحمد املشارك‬ ‫في إحياء ذكرى هذه االنتفاضة اجمليدة‪ ،‬معتبرا أن‬ ‫اإلضراب العام الذي أعلنه أهلنا في اجلوالن رفضا‬ ‫لقرار الضم وفرض الهوية‪ ،‬هو موقف نابع من‬ ‫انتمائهم ألرضهم وهويتهم‪ ،‬فأهلنا في اجلوالن‬ ‫معروف عنهم رفضهم للهيمنة واحلفاظ على‬ ‫كرامتهم ومقدساتهم وكل جماهير شعبنا في‬


‫سورية يتميزون بهذا املوقف النضالي‪ .‬فالرفض‬ ‫جاء من خالل ثوابت وطنية وقومية مبنية على‬ ‫قاعدة صلبة من االنتماء لألرض والوالء للوطن‪.‬‬ ‫لقد كان رد األهل في اجلوالن احملتل قبل (‪ )28‬عاما‬ ‫على احملتل الصهيوني جريئا‪ ،‬والتاريخ يشهد على‬ ‫النساء اجلوالنيات حني أذقن قادة الكيان طعم‬ ‫العصي واحلجارة على رؤوسهم‪ ،‬وسجلوا بهم‬ ‫ساحات مجدل شمس واملوقف األكثر عظمة‬ ‫حني قذفوا بهويات االحتالل ومن جاء بها في‬ ‫وجوههم وأعلنوا إضرابا مفتوحا ضد احملتل حتى‬ ‫النصر والتحرير‪ .‬ومقابل ذلك فقد عانوا معانات‬ ‫كبيرة‪ ،‬حيث أسر شبابهم واستشهدوا وفرضت‬ ‫عليهم قيود سياسية واقتصادية صعبة حتملوها‬ ‫وناضلوا ضدها‪ ،‬وال يزالون يتطلعون إلى الوطن‬ ‫األم سوريا بكل األحاسيس واملشاعر الوطنية‬ ‫يتطلعون إلى أسرهم في دمشق وما حولها‬ ‫والسويداء‪ ،‬وكأنهم يقولون ال تقلقوا علينا‪ ،‬فهذه‬ ‫األسالك وهمية‪ ،‬وهذه احلواجز سنقتلعها‪ ،‬فنحن‬ ‫مؤمنون كما رفع الراحل اخلالد حافظ األسد علم‬ ‫سوريا فوق مدينة القنيطرة سيرفع زعيم األمة‬ ‫الدكتور بشار األسد علم حترير كامل اجلوالن‪.‬‬

‫االسير احملرر علي محمد من عني التينة‬

‫وقفة العزة والكرامة والثبات والصمود وصفحة‬ ‫جديدة ناصعة في تاريخ شعبنا العربي السوري‬ ‫احلافل باألمجاد‪ ،‬واالحتالل رغم كل ممارساته‬ ‫وتفننه بأساليب القمع واملكر والغدر لن ينال من‬ ‫عزميتنا وصمودنا‪.‬‏‏‬

‫سليمان الطويل رئيس املركز‬ ‫الثقافي في حضر‪ :‬املنية‬ ‫وال الدنية‬ ‫لقد أرادت»إسرائيل» تهويد اجلوالن ونزع‬ ‫اجلنسية العربية من مواطنيه وتسليمهم‬ ‫الهوية اإلسرائيلية فكانت هذه اإلرادة عصية‬ ‫على أبناء اجلوالن وكان شعارهم (املنية وال الدنية)‪.‬‬ ‫ومنذ ‪ 14‬شباط ‪ 1982‬إلى اآلن‪ ،‬أصبح هذا املوعد‬ ‫رمزا للتحدي وللصمود وانطالقا من قول الرئيس‬ ‫اخلالد حافظ األسد (سنجعل من اجلوالن وسط‬ ‫سوريا) حتول القطر السوري إلى ورشة نضالية‬ ‫لتحقيق هذا الشعار‪ ،‬وما الثقافة إال سالح‬ ‫فعال ال بد من استثماره‪ ،‬لذا كانت نشاطاتنا‬ ‫تأكيدا على عروبة اجلوالن وانتمائه إلى الوطن‬ ‫األم سوريا من خالل األمسيات الشعرية التي‬ ‫تهتم بقضية التحرير‪ ،‬حيث تشهد احملافظة في‬ ‫ذكرى االنتفاضة مهرجانا خطابيا في موقع عني‬ ‫التينة املطل على مجدل شمس احملتلة يحضره‬ ‫أهلنا في اجلوالن‪ ،‬نشد على أياديهم حتى تتحقق‬ ‫إرادتهم في النصر والتحرير‪.‬‬

‫مناف الفالح مدير معهد التدريب‬ ‫اإلعالمي‬ ‫لقاء الرابع عشر من شباط هو من أجل جتسيد‬ ‫الواقع الذي نعيشه‪ ،‬وكل ما نقوم به يأتي ضمن‬ ‫توجهات املعهد بإقامة دورات تخصصية‪ ،‬واختيار‬

‫األسيران احملرران بشر املقت‬ ‫وعاصم الولي‪:‬‬

‫االسير احملرر بشر املقت من مجدل شمش‬

‫اجلوالن واإلعالم عنوانا لهذه الدورة يهدف إلى‬ ‫إحاطة اإلعالميني الذين يتناولون قضية اجلوالن‬ ‫بكل املعلومات والوثائق املتعلقة باجلوالن احملتل‬ ‫واالنتقال إلى عمق اإلعالم من أجل الوصول إلى‬ ‫الهدف املنشود‪.‬‬

‫أهالي اجلوالن عبر املكبرات‬ ‫صامدون‬ ‫على ضفة القلب األخرى التي ميسك بها‬ ‫احملتل كان جتاوب أهلنا في اجلوالن أكبر من أي‬ ‫محاولة قمع أو أسر ‪ ،‬فوقفوا صامدين يؤكدون‬ ‫عبر مكبرات الصوت متسكهم بهويتهم العربية‬ ‫السورية‪ ،‬وانتماءهم للوطن األم‪ ،‬وبأن الهوية‬ ‫السورية هي وسام فخر واعتزاز‪ ،‬وسيبقى االنتماء‬ ‫لسورية وطناً‪ ،‬وللعروبة تربية‪ ،‬والوالء للسيد‬ ‫الرئيس بشار األسد‪.‬‏‏ وقالوا إن هذا اليوم هو ذكرى‬

‫‪57‬‬

‫لقد كان فخر هذه الذكرى لهذا العام مشاركة‬ ‫األسيرين بشر املقت وعاصم الولي في إحياء‬ ‫ذكرى هذا العام النتفاضة األهل التي ذهب فداء‬ ‫لها الكثير من الشهداء واألسرى‪ ،‬حيث ع ّبرا من‬ ‫اجلوالن احملتل عن عمق انتماء أهلنا في اجلوالن إلى‬ ‫الوطن األم ومتسكهم بهويتهم العربية السورية‬ ‫مجددين عهد الوفاء للشهداء األبطال‪ .‬هذا‬ ‫وأصدرت الهيئة الشعبية لتحرير اجلوالن بهذه‬ ‫املناسبة بيانا أكدت فيه أن انتفاضة أهلنا في‬ ‫اجلوالن شكلت حالة متقدمة من حاالت التصدي‬ ‫للمشروع الصهيوني مبا حملته من دالالت‪ ،‬وما‬ ‫أسفرت عنه من نتائج جاء في مقدمتها قدرة‬ ‫احلركة الشعبية في اجلوالن على خوض معركة‬ ‫الهوية واالنتماء واإلصرار على إجناز التحرير‬ ‫والعودة إلى أحضان الوطن األم سورية‪.‬‏‬ ‫ساعات مضت بني الضفتني صوت كأزيز‬ ‫الرصاص يتصاعد عبر فضاءات األمل بالعودة‬ ‫فيتردد صداه عزمية وإميانا في صدور رجاالت الوطن‬ ‫بانتظار ساعة الصفر التي نراها قاب قوسني‬ ‫أو أدنى‪ ،‬فاجلوالن في القلب وأهله شريان احلياة‪،‬‬ ‫وقراه رايات مجد لم تعرف يوما نكسة وال يأساً‪.‬‬

‫دمشق‪ -‬هدى مطر‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫يحول المفاوضات إلى هدف شكلي‬ ‫ميتشل ّ‬

‫وأوباما خ ّيبته عملية «السالم» وأحرجته فلسطين‬

‫منذ مباشرة الرئيس األميركي “باراك أوباما”‬ ‫مهامه كرئيس للواليات املتحدة األميركية قبل‬ ‫سنة واحدة‪ ،‬قيل الكثير عن مرحلة جديدة وإعادة‬ ‫تقييم شاملة للسياسات األميركية في العالم‪،‬‬ ‫وجرت عملية ترويج إعالمي واسعة بهدف تلميع‬ ‫صورة هذا القادم وكأنه من عالم ال يعرف الظلم‪،‬‬ ‫وكأن في قدومه احلل السحري ملشاكل العالم‪،‬‬ ‫وفي هذة احلالة وجب على البعض أن يصدق‪ ،‬ألنه‬ ‫ال ميلك أن ال يصدق‪ ،‬ومنذ أن زرع الواهمون األمل في‬ ‫غير تربته وقالوا‪ :‬إن ‪ %99‬من أوراق احلل في املنطقة‬ ‫هي في يد الواليات املتحدة‪ ،‬منذ ذلك احلني‪ ،‬أدخلوا‬ ‫املنطقة والقضية الفلسطينية في دهاليز‬ ‫وسراديب اخلداع والتضليل‪ ،‬فأشاعوا االنقسام‬ ‫في الساحة العربية‪ ،‬وأشعلوا احلروب من خالل‬ ‫االستعانة بالدعم األميركي الالمحدود للكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬بهدف مترير اتفاقيات “كامب ديفيد”‬ ‫التي أخرجت مصر من دائرة الصراع وصوال ً الى‬ ‫حرب اخلليج األولى ‪ 1990‬و”أوسلو” ‪ 1993‬واحتالل‬ ‫العراق ‪ ،2003‬ومحاوالت التطويع األميركية‬ ‫الصهيونية للمنطقة‪ ،‬فكانت احلرب اإلسرائيلية‬ ‫عام ‪ 2006‬على لبنان‪ ،‬والتي كانت محطة هامة‬ ‫ومفصلية‪ ،‬أثبتت قدرة املقاومة على التصدي‬ ‫وحتقيق االنتصار‪ ،‬وأمام هذه الصورة املشرقة‬ ‫للمقاومة حاول العدو مرة أخرى في قطاع غزة إالّ‬ ‫أنه مني بالفشل ذاته‪.‬‬ ‫“أوباما” لم يقرأ تاريخ املنطقة جيداً‪ ،‬وحاول‬ ‫بيع الوهم مرة أخرى‪ ،‬فال خطوات إجرائية جديدة‬ ‫للمفاوضات التي يروج لها‪ ،‬وعينّ “جورج ميتشل”‬ ‫ملنصب أكبر من حجمه‪ ،‬وأوضح أن السالم في‬ ‫الشرق األوسط هو مصلحة أميركية‪ ،‬ثم عاد‬ ‫وتراجع وقال بأنه لن يكون في وسعه الرغبة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بالسالم أكثر من اإلسرائيليني والفلسطينيني‪،‬‬ ‫حتدث عن‬ ‫وهكذا ق ّلص املساعي األميركية‪ ،‬وبعد ّ‬ ‫جتميد االستيطان كشرط ملعاودة املفاوضات‪،‬‬ ‫وأضاع أشهرا ً على تعريفه التجميد‪ ،‬لم يصر‬ ‫على الشرط الذي وضعه‪ ،‬و”إسرائيل” لم تستجب‬ ‫للحد األدنى من حاجاته‪ ،‬ولم يسارع الى التنكر‬ ‫لتصريحات وزيرة اخلارجية “هيالري كلينتون”‬ ‫عندما حاولت تلميع صورة احلكومة اإلسرائيلية‬ ‫ومواقفها بأن التجميد سابقة ال مثيل لها‪ ،‬كما‬ ‫أصر “أوباما” على استدعاء الطرفني الى قمة‬ ‫عمق خيبة األمل‬ ‫“نيويورك” ولكن دون جدوى مما ّ‬ ‫لدى املراهنني على احلل األميركي‪.‬‬ ‫ومبناسبة مرور سنة على توليه السلطة‪ ،‬ع ّبر‬ ‫“أوباما” عن شعوره باإلحباط إزاء اآلمال التي كان‬ ‫قد علقها على جهود إحياء عملية السالم في‬ ‫املنطقة وقال‪ :‬إنه لو أدرك طبيعة الصراعات مبكرا ً‬ ‫ملا كان له أن يرفع سقف التوقعات‪ ،‬داعيا الى وقف‬ ‫االستيطان والتوسع النسبي في تطبيع العالقات‬ ‫مع “إسرائيل” إلطالق مفاوضات تسوية القضية‬ ‫ولكن “إسرائيل” رفضت وقف االستيطان‪ .‬وفي‬ ‫حديث آخر له كانت داللته أعمق‪ ،‬حتدث عن أهم‬ ‫التحديات والقضايا الداخلية واخلارجية فجاءت‬ ‫اخلطبة في (‪ )5700‬كلمة‪ ،‬لم يذكر فيها القضية‬ ‫الفلسطينية ولو بكلمة واحدة‪.‬‬ ‫وإسقاط “أوباما” امللف الفلسطيني من خطابه‪،‬‬ ‫إمنا هو عبارة عن بعث رسائل عدة الى من يهمه األمر‬ ‫في بالدنا‪ ،‬وأولها‪ :‬إن أهمية القضية الفلسطينية‬ ‫تراجعت وصارت هما ً إقليميا ً ال شأنا ً دولياً‪ ،‬لكنه‬ ‫ترك الباب مفتوحا ً ملا ميكن أن يحققه مبعوثه الى‬ ‫املنطقة السناتور “جورج ميتشل”‪ ،‬في جوالته‬ ‫املكوكية بني العواصم العربية و”إسرائيل”‪ ،‬ولم‬

‫‪58‬‬

‫يضع قيودا ً حتول دون حتقيق التطلعات اإلسرائيلية‬ ‫خاصة وأن باب املرونة مفتوح على مصراعيه لدى‬ ‫السلطة الفلسطينية وعرب االعتدال‪.‬‬ ‫وبهذا حتول “أوباما” الى عامل ضاغط على‬ ‫العرب وح ّثهم على تقدمي التنازالت من خالل‬ ‫توظيف نفوذ إدارته خدمة لـ “إسرائيل”‪ ،‬فتحول‬ ‫مطلب وقف االستيطان والعودة الى املفاوضات‬ ‫بدون شروط مسبقة‪ ،‬وهذا يعني فرض التوسع‬ ‫االستيطاني والتهويد والوقائع التي تفرضها‬ ‫“إسرائيل” على األرض‪ ،‬وحتويل املفاوضات الى هدف‬ ‫يؤدي الى تسكني الوضع الفلسطيني والعربي أو‬ ‫تخديره بدعوة أن جهود التسوية مستمرة‪ ،‬وهذا‬ ‫يوفر لـ “إسرائيل” الوقت الكافي ألن تعربد على‬ ‫اجلبهات األخرى‪ ،‬لتضمن تركيع املنطقة‪ .‬والسلطة‬ ‫الفلسطينية بدورها‪ ،‬لم يعد لديها خيارات أخرى‬ ‫بعد أن التزمت ببنود خارطة الطريق‪ ،‬أما دول‬ ‫االعتدال فاكتفت باملبادرة العربية املفتوحة‪ ،‬ويبدو‬ ‫أنها مستعدة ملراجعة بعض بنودها التي اعترضت‬ ‫عليها “إسرائيل”‪ ،‬وعلى رأسها البند اخلاص بحق‬ ‫عودة الالجئني الى ديارهم‪.‬‬

‫املوقف األوروبي املضلل‬ ‫والداعم للصهاينة‬ ‫وحتاول دول االحتاد األوروبي تقدمي املساعدة‬ ‫للواليات املتحدة األميركية للقيام بدور ما‪ ،‬لدفع‬ ‫رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس‬ ‫نحو القبول بالعودة الى طاولة املفاوضات مع‬ ‫اإلسرائيليني بدون أي شروط مسبقة‪ ،‬وتطلب من‬ ‫عباس التراجع عن شروطه السابقة وأولها الوقف‬


‫التام لالستيطان وهو ما تصفه باريس بغير واقعي‪،‬‬ ‫إذ ترى أن من واجبها تنبيه عباس الى واقع مقلق‬ ‫بدأ في الظهور مع استفحال امللف النووي اإليراني‬ ‫واستحواذه االهتمام السياسي والدبلوماسي‬ ‫اإلقليمي والدولي‪ ،‬كما ترى باريس أن أي توتير‬ ‫في املنطقة من شأنه دفع النزاع الفلسطيني‪-‬‬ ‫اإلسرائيلي الى املربعات اخللفية‪ ،‬وعلى عباس‬ ‫عدم إضاعة الفرصة وعليه بقبول العودة الى‬ ‫املفاوضات (وامتحان) استعداد “إسرائيل” للتوصل‬ ‫الى اتفاق سالم واخلروج من موقع املتهم بتعطيل‬ ‫املفاوضات‪ ،‬وهو بهذا سيتمكن من إحراج اجملموعة‬ ‫الدولية التي ترى فيه شريكا ً ضروريا ً للسالم‪.‬‬ ‫ويبدو أن دول االحتاد األوروبي مبعظمها تغرد بعيدا ً‬ ‫عن احلقيقة‪ّ ،‬‬ ‫همها تقدمي املساعدة للرئيس‬ ‫وجل ّ‬ ‫األميركي باراك أوباما للتقدم ولو بخطوات رمزية‬ ‫وشكلية ولإليحاء بأن هناك تقدما ً في املفاوضات‬ ‫بني أطراف النزاع في الشرق األوسط‪ ،‬وخلق بعض‬ ‫األجواء املتفائلة التي تسمح للخارجية األميركية‬ ‫االدعاء بأن شيئا ً ما يتم حتضيره لعودة املفاوضات‬ ‫املباشرة أو غير املباشرة أو مجرد محادثات‬ ‫واتصاالت‪.‬‬ ‫وزير اخلارجية اإلسرائيلي‪ ،‬كان واضحا ً في تنكره‬ ‫وتنصله من عملية السالم برمتها وقال‪“ :‬إن الفكرة‬ ‫املتمثلة في أن النزاع في الشرق األوسط املمتد‬ ‫منذ عقود ميكن أن يُحل عن طريق تسوية على‬ ‫األراضي هي مجرد وهم‪ ،‬ليس من قبيل الصدفة‪،‬‬ ‫إنه لم يتم التوصل الى اتفاق سالم خالل الستة‬ ‫عشر عاما ً املاضية‪ ،‬وأي شخص يعتقد أنه ميكن‬ ‫التوصل الى سالم من خالل تسوية على األراضي‬ ‫يوهم نفسه واآلخرين”‪.‬‬ ‫وبالرغم من التصريحات اإلسرائيلية تلك‪،‬‬ ‫فهناك في الطرف الفلسطيني من يحاول بيع‬ ‫الوهم مرة أخرى ويتحدث عن مرجعية عملية‬ ‫السالم واألسس واجلدول الزمني من أجل إطالقها‪،‬‬ ‫ويؤكد على أن السلطة الفلسطينية ليست‬ ‫ضد استئناف املفاوضات وال تضع شروطا ً على‬

‫استئنافها‪ ،‬وترغب في إجناح جهود “أوباما”‬ ‫و”ميتشل” ويعتقد بأن جهودهما ستقود الى‬ ‫إنهاء االحتالل‪.‬‬ ‫والسؤال هنا‪ :‬ماذا يريد “اوباما” من الفلسطينيني؟‬ ‫وعن ماذا يتنازلون؟ وما هي املكاسب التي حققوها؟‬ ‫وملاذا تغيب احلقائق التي أقامتها “إسرائيل” على‬ ‫األراضي الفلسطينية احملتلة؟ وما تعني مطالبة‬ ‫الرئيس “اوباما” باالكتفاء بتجميد املستوطنات؟‬ ‫وماذا فعلت إدارته عندما أمعن “نتنياهو” باالستمرار‬ ‫في تهويد القدس وتكثيف املستوطنات القائمة؟‬ ‫إن املشروعات التي حملها املبعوث األميركي‬ ‫اخلاص الى الشرق األوسط “جورج ميتشل” هي ما‬ ‫دون املفاوضات املباشرة حول الوضع النهائي‪ .‬إنها‬ ‫مفاوضات غير مباشرة بواسطة ميتشل نفسه‪،‬‬ ‫وتذكر باملفاوضات السرية غير امللزمة حيث كان‬ ‫مندوبو الطرفني يتناقشون بحرية من دون ضغط‬ ‫االنتصارات اخلارجية‪ ،‬أي خارج طاولة املفاوضات‪.‬‬ ‫وهذه البدائل تتناسب أيضا وما لم يقله “أوباما”‬ ‫وهو ارتفاع سقف التفاوض لدى الطرفني‪.‬‬ ‫وفي خطوة تصعيدية واضحة‪ ،‬حركت “إسرائيل”‬ ‫جهاز مخابراتها اخلارجية “املوساد” واغتالت‬ ‫القيادي في حركة حماس محمود املبحوح في‬ ‫فندق في دبي في كانون الثاني املاضي مستفيدة‬ ‫من احلالة الراهنة في املنطقة واملوقف األميركي‬ ‫املنحاز واملتحالف أصالً مع هذا الكيان‪ ،‬وذهبت‬ ‫بعض املصادر اإلسرائيلية في التباهي واإلشادة‬ ‫بهذا اإلجناز قائلة‪ :‬إن اغتيال املبحوح مت مبهنية عالية‬ ‫جداً‪ ،‬وراحوا ميجدون منفذي العملية ويشيرون الى‬ ‫أداءهم املتقن‪ ،‬وأن عملية االغتيال ن ُّفذت بطريقة‬ ‫تسميم محكمة وال تترك أثرا ً سريعاً‪ ،‬حيث أن‬ ‫عنصر الوقت مهم جدا ً في هذه احلالة‪.‬‬ ‫وكانت صحيفة “التاميز” البريطانية قد نقلت‬ ‫عن مصدر دبلوماسي مصري قوله‪“ :‬إن “إسرائيل”‬ ‫زادت وتيرة تنفيذ االغتياالت في األشهر األخيرة في‬ ‫الدول العربية”‪ ،‬ونشرت بعض التقارير الصحافية‬ ‫أن حكومة “نتنياهو” اتخذت قرارا ً سريا ً منذ عدة‬

‫‪59‬‬

‫أشهر بشن حملة اغتياالت في عدد من الدول‬ ‫العربية تستهدف في املقام األول حركة حماس‪،‬‬ ‫وبدأت هذه احلملة في كانون األول املاضي بعملية‬ ‫تفجير حافلة ركاب إيرانية في دمشق‪ ،‬وكان آخرها‬ ‫في قطاع غزة في شباط املاضي‪ ،‬وبني االنفجار‬ ‫األول والثاني اغتال “املوساد” القيادي في حماس‬ ‫محمود املبحوح‪ ،‬وسبق االغتيال انفجار عبوة‬ ‫ناسفة قرب مقر حماس في بيروت‪ ،‬و واعتمدت‬ ‫أجهزة االستخبارات اإلسرائيلية عقيدة مفادها‬ ‫أن عمليات تصفية القادة من الصنف األول في‬ ‫فصائل املقاومة الفلسطينية هي وحدها التي‬ ‫ميكن أن يكون لها وقع استراتيجي‪ ،‬واعتمدت “تل‬ ‫أبيب” مؤخرا ً أسلوب الصمت حول االغتياالت التي‬ ‫تنفذها األجهزة االستخباراتية‪.‬‬ ‫إن التصعيد اإلسرائيلي ما هو إال محاولة جلر‬ ‫املقاومة الفلسطينية في غزة الى التصعيد لتكملة‬ ‫ما بدأته في حربها عليها‪ ،‬وبعد حتذيرات وزيرة اخلارجية‬ ‫األميركية “هيالري كلينتون” وكبير العاملني في‬ ‫البيت األبيض “مانويل راهم” من مخاطر السلوك‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وجه املبعوث األميركي الى الشرق األوسط‬ ‫“جورج ميتشل” تنبيها ً شديد اللهجة الى احلكومة‬ ‫اإلسرائيلية من أن اإلدارة األميركية قد توقف ضمانات‬ ‫القروض التي متنحها الى “إسرائيل” إذا لم تسع‬ ‫سعيا ً جديا ً الى إحياء عملية السالم‪ ،‬وجاءت الردود‬ ‫اإلسرائيلية شديدة القسوة وصلت الى حد توجيه‬ ‫اإلهانات الى األميركيني‪ ،‬وأعرب وزير املالية اإلسرائيلي‬ ‫“يوفال ستينيتز” عن المباالته بالتحذير األميركي قائالً‪:‬‬ ‫“إن االقتصاد اإلسرائيلي فيه من القوة بحيث ال يتأثر‬ ‫بخطوة أميركية كهذه”‪..‬‬ ‫وأمام هذا الواقع املرير الذي يعاني منه شعبنا‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ال ب ّد من إعادة تقييم شامل ومعمق‬ ‫جململ اخلطوات التي أوصلت القضية الفلسطينية‬ ‫إلى هذا الوضع الصعب‪ ،‬وإذا كانت التفرقة واالنقسام‬ ‫احلاصل عامل ضعف في اجلسد الفلسطيني‪ ،‬شجع‬ ‫العدو للتمادي في تنكره للحقوق الفلسطينية‪،‬‬ ‫بحيث جعل من ما يسمى بعملية التسوية مجرد‬ ‫وسيلة لكسب الوقت وفرض الوقائع اجلديدة على‬ ‫األرض‪ .‬فإن احلديث عن املصاحلة الفلسطينية وإنهاء‬ ‫االنقسام لم يعد عبارات وردية يرددها البعض‪ ،‬والسؤال‬ ‫املصاحلة مع من وملصلحة من؟ وما هي البرامج التي‬ ‫سيتفق عليها؟!‬ ‫ال شك أن قرار املصاحلة واجب وطني وخيار‬ ‫استراتيجي‪ ،‬ولكن ما هي األسس التي ستقوم عليها‬ ‫هذه املصاحلة‪ ،‬وهل تعني إلغاء األسباب التي قادت الى‬ ‫االنقسام واالختالف؟ وما هو مصير الرهان على املشاريع‬ ‫األميركية والغربية والتي هي أصل البالء‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫أن وصلت السلطة الفلسطينية إلى طريق مسدود‬ ‫في مفاوضاتها مع اإلسرائيليني‪ .‬وينظر البعض بنوع‬ ‫من األمل بعد اجتماع (‪ )13‬فصيالً فلسطينيا ً في‬ ‫قطاع غزة مؤخرا ً وضم االجتماع حركتي فتح وحماس‬ ‫ومت االتفاق على استمرار احلوار وجتاوز العقبات وصوال ً‬ ‫للمصاحلة وإنهاء حالة االنقسام‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر عربي‬

‫العراق ساحة واسعة للتجاذبات‬ ‫خالل االنتخابات وما بعدها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املالكي‬

‫طالباني‬

‫بدأت القوى السياسية في العراق محادثات‬ ‫مكثفة بينها‪ ،‬لتشكيل جبهة سياسية واسعة‬ ‫إلدارة مرحلة ما بعد االنتخابات التشريعية‬ ‫املقررة في آذار‪ ،‬وسط أجواء انتخابية مشحونة‪،‬‬ ‫ويُتو ّقع أن تشهد مفاوضات تشكيل احلكومة‬ ‫املقبلة سجاالت حادة على خلفية وجود العديد‬ ‫من االئتالفات اجلديدة التي برزت على الساحة‬ ‫السياسية أخيراً‪ ،‬وهناك شعور مشترك من‬ ‫قبل جميع القوى السياسية على أن االنتخابات‬ ‫املقبلة استحقاق كبير ومصيري‪ ،‬وهناك من يرى‬ ‫أن تشكيل جبهة سياسية واسعة هي احلل‬ ‫الوحيد لألزمات واملشاكل السياسية احلالية في‬ ‫البالد‪ ،‬وبهدف اخلروج من دولة احملاصصة الى دولة‬ ‫السيادة واخلدمات‪ ،‬فإن توزيع املناصب السياسية‬ ‫لن يحصل من دون هذه اجلبهة‪.‬‬ ‫ويتو ّقع مراقبون أن تكون مهمة تسمية رئيس‬ ‫الوزراء املقبل‪ ،‬وتشكيل احلكومة صعبة في‬ ‫ضوء اخلالفات املستحكمة من جهة‪ ،‬واحتمال‬ ‫توزيع أصوات الناخبني بني عدة ائتالفات أساسية‬ ‫وهي “االئتالف الوطني” و“ائتالف دولة القانون”‬ ‫و”القائمة العراقية”‪ ،‬و”التحالف الكردستاني”‬ ‫و”التغيير” و”ائتالف وحدة العراقي”‪ ،‬ما يحول‬ ‫دون حصول طرف على الغالبية التي متكنه من‬ ‫تشكيل احلكومة مبفرده‪.‬‬

‫وكذلك بات من املتعارف عليه أن االنتخابات لن‬ ‫تنتج كتلة أساسية واحدة أو كتلتني ميكنهما‬ ‫احلكم واستبعاد اآلخرين‪ ،‬والرأي املرجح هو الذي‬ ‫يتوقع ائتالفا ً حكوميا ً مكونا ً من الكتل املستقلة‬ ‫املتنافسة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملؤكد‪ ،‬أن شعار دولة القانون الذي رفعه‬ ‫رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي لم يعد قادرا ً‬ ‫على استقطاب ما ميكن اعتباره أساسا ً كافيا ً‬ ‫حلكومة مستقرة برئاسته‪ ،‬وخاصة بعد أن فقدت‬ ‫شعارات األمن السابقة بريقها‪ ،‬وثبتت هشاشة‬ ‫سيطرة املالكي على األمن‪ ،‬ومع اضطراب األمن‬ ‫توترت عالقة املالكي بحلفائه السابقني‪ .‬وأعاد‬ ‫رفع شعارات جديدة‪ ،‬وتوزيع التهم جزافا ً في كل‬ ‫االجتاهات‪ ،‬عائدا ً بذلك الى شعارات مرحلة بداية‬ ‫الغزو األميركي‪ ،‬ومهدداّ من يخالفه بتطبيق‬ ‫أحكام قاسية‪ ،‬هذا األمر‪ ،‬دفع خصومه لتسليط‬ ‫الضوء على الفساد املستشري في البالد وتدني‬ ‫مستوى األداء في األجهزة احلكومية‪ ،‬مما أفقد‬ ‫يقدم مشروعا ً مستقبليا ً‬ ‫تكتله كل ا ّدعاء بأنه ّ‬ ‫للعبور نحو الدولة في العراق‪.‬‬ ‫والتفكك السياسي سيقود الى‬ ‫مساومات طويلة عند تشكيل احلكومة‬ ‫العراقية اجلديدة‪ ،‬وبعد نتائج االنتخابات‪،‬‬ ‫سنكون أمام عينة مكررة من املساومات‬

‫الهاشمي‬

‫‪60‬‬

‫شبيهة بتلك التي أنتجت احلكومة احلالية‪.‬‬

‫عام االستحقاقات الكبرى‬ ‫في العراق‬ ‫الصورة الداخلية مضطربة أكثر من ذي قبل‪،‬‬ ‫وهي تزداد اضطرابا ً ك ّلما مر الوقت‪ ،‬وسنة ‪،2010‬‬ ‫وحتديدا ً في منتصف صيفها‪ ،‬هي موعد اخلفض‬ ‫الكبير في القوات األميركية املتواجدة في العراق‪،‬‬ ‫أي أننا سنكون أمام انخفاض العديد األميركي‬ ‫الى حوالي خمسني ألفا ً مع أفق االنسحاب‬ ‫الكامل في ‪.2011‬‬ ‫وفي املعادلة اجلديدة‪ ،‬لم تعد هناك صلة بني‬ ‫قرارات اإلنسحاب األميركي ووتيرته من ناحية‪ ،‬وبني‬ ‫اضطراب الوضع األمني من ناحية ثانية‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫له أسبابه‪ ،‬واالحتالل ال يهمه إالّ حتقيق مصاحله‬ ‫ّ‬ ‫وجل ما يفعله األميركيون‬ ‫وبأي طريقة كانت‪،‬‬ ‫اآلن هو دعوة الكتل السياسية العراقية الى جتاوز‬ ‫خالفاتها‪ ،‬واالحتالل األميركي استنفذ كل الصيغ‬ ‫واملعادالت ولديه حساباته اخلاصة‪ ،‬وكان قد لعب‬ ‫على التناقضات واستثمرها‪ ،‬وهم يجدون اآلن‬ ‫وبوضوح‪ ،‬أن ال تركيبة تتولى مسؤولية الوضع‬ ‫العراقي‪ ،‬وكذلك لم تنجح صيغ االستعانة‬


‫السامرائي‬

‫الصدر‬

‫بالالعبني اإلقليميني‪ ،‬تلك التي بدأت في عهد‬ ‫جورج بوش وانتهت في عهد أوباما‪ ،‬وح ّلت محل‬ ‫اللقاءات اإلقليمية الدورية التي كان يفترض أن‬ ‫تدعم وحدة العراق‪ ،‬وأمام الوقائع اجلديدة‪ ،‬العراق‬ ‫مرشح لالستمرار كساحة للتجاذب وبكافة‬ ‫أنواعه‪.‬‬

‫حملة إقصاء اخلصوم االنتخابية‬ ‫بدأت غربلة املرشحني لالنتخابات مبكراً‪،‬‬ ‫والتقرير عن الناخب قبل فتح الصناديق‪ ،‬إذ‬ ‫استبعدت هيئة املساءلة والعدالة في العراق‬ ‫أكثر من ‪ 500‬مرشح لالنتخابات‪ ،‬ومبا أن النظام‬ ‫في العراق ال يزال هشا ً وممسوكا ً وغير متماسك‪،‬‬ ‫فإن إجراء هيئة املساءلة أثار احتمالني‪ :‬األول‪،‬‬ ‫إنذار مبوجة عنف مذهبية جديدة رمبا تكون أسوأ‬ ‫مما سبقها‪ ،‬أما الثاني فهو اخلوف من عرقلتها‬ ‫ثم إرجاء املرحلة األولى من‬ ‫االنتخابات‪ ،‬ومن ّ‬ ‫اإلنسحاب األميركي الى آب املقبل‪ ،‬وعودة األمور‬ ‫في البلد الى املربع األول الذي أعقب الغزو‪.‬‬ ‫وبحكم التركيبة الطائفية ونظام احملاصصة‬ ‫العراقي‪ ،‬فإن احلل املتاح أمام العراقيني في هذه‬ ‫احلالة ملواجهة املعضلة القانونية والسياسية‬ ‫هو االلتفاف على القانون وإيجاد مخرج إلعادة‬ ‫ترشيح بعض الرموز املبعدة حتى ال يظهر إبعاد‬ ‫هؤالء وكأنه إبعاد ملك ّون عراقي‪ ،‬وأما احلل الثاني‪،‬‬ ‫فهو اإلصرار على إبعاد جميع الرموز املبعدة وعدم‬ ‫السماح لها بخوض االنتخابات‪ ،‬وهو االحتمال‬ ‫املرجح‪ ،‬وهذا يعني الدخول في متاهات كبيرة‬ ‫ودوامة ال تنتهي‪ ،‬وبعد مرور سبع سنوات على‬ ‫احلروب الداخلية املدمرة‪ ،‬ال يزال الشعب العراقي‬ ‫يبحث عن طريق اخلالص التي لن يجدها أبدا ً‬ ‫وسط الطائفية السياسية والعنصرية القومية‬ ‫وسهولة االرمتاء في األحضان األجنبية‪.‬‬ ‫إن حملة إقصاء اخلصوم التي تشنها بعض‬

‫احلكيم‬

‫األحزاب العراقية لغايات انتخابية‪ ،‬يراد منها خلط‬ ‫األوراق من جديد وحمل الناخبني على التصويت‬ ‫لقوائم دون األخرى‪ ،‬والناخبون الذين قرروا عدم‬ ‫التصويت لبعض األحزاب بسبب فشلها في إدارة‬ ‫العراق خالل السنوات اخلمس املاضية وتأجيجها‬ ‫لالختالفات املذهبية بني املواطنني وتسببها مع‬ ‫غيرها‪ ،‬في إشعال حرب طائفية دامت ثالثة‬ ‫أعوام‪.‬‬ ‫وهناك خيارات حقيقية أمام الناخب العراقي‬ ‫‪ ،‬لوجود قوائم غير طائفية‪ ،‬وإذا ما حتالفت هذه‬ ‫القوائم بعد االنتخابات‪ ،‬فإنها قادرة على تشكيل‬

‫‪61‬‬

‫احلكومة املقبلة‪ ،‬ولكن األمر يحتاج الى‬ ‫اجلهد واملثابرة خاصة وأن الناخب العراقي‬ ‫يتع ّرض حلملة انتخابية مكثفة تستخدم‬ ‫فيها كل الوسائل‪ ،‬مبا فيها املمنوعة‬ ‫قانونياً‪ ،‬كالتضليل وتشويه السمعة‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من أن املرجعيات الدينية ع ّبرت عن‬ ‫حياديتها ورغبتها في أن تكون بعيدة عن‬ ‫االنتخابات‪ ،‬إالّ أنها ستُزج في احلملة على‬ ‫األرجح‪ ،‬لذلك فإن وكالءها مطالبون باحلذر‬ ‫ومراقبة احلملة االنتخابية كي ال يستخدم‬ ‫اسم املرجعية الدينية مرة أخرى ألغراض‬ ‫انتخابية‪ ،‬وملواجهة لعبة خلط األوراق‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن خطوة هيئة‬ ‫املساءلة والعدالة‪ ،‬بإقصاء عدد من الرموز‬ ‫الوطنية‪ ،‬لم تكن باخلطوة املنفردة فهي‬ ‫طاولت أيضا ً ‪ 15‬كيافا ً سياسيا ً ضمت‬ ‫عشرات الشخصيات املعروفة والتي تنتمي‬ ‫الى كل أطياف اجملتمع العراقي الطائفي‬ ‫واملذهبي العرقي‪.‬‬ ‫املفوضية العليا املستقلة لالنتخابات‬ ‫ضمت أسماء‬ ‫في العراق أعلنت قائمة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 6172‬مرشحا ً لالنتخابات التشريعية‬ ‫املقبلة‪ ،‬وأوضحت أن هذه القائمة ال تشمل‬ ‫األسماء احملظورة حلني بت هيئة التمييز‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدة إجراء االنتخابات في ‪ 7‬آذار‬ ‫بأمرها‪،‬‬ ‫من دون تأجيل‪ ،‬في ‪ 18‬دائرة انتخابية في العراق‪،‬‬ ‫باإلضافة الى تنظيم انتخابات في ‪ 16‬بلدا ً عربيا ً‬ ‫وأجنبياً‪.‬‬ ‫وكانت الهيئات الرئاسية الثالث‪ ،‬اجلمهورية‬ ‫والوزراء ومجلس النواب‪ ،‬عقدت اجتماعا ً في ‪7‬‬ ‫شباط طالبت بحسم الطعون قبل االنتخابات‬ ‫وليس بعدها‪ ،‬ودعت هيئة التمييز الى إنهاء‬ ‫مهامها في موعد ال يتجاوز بدء احلملة االنتخابية‬ ‫املقرر إنطالقها في ‪ 12‬شباط‪ ،‬فيما طلبت‬ ‫املفوضية العليا لالنتخابات رأي احملكمة االحتادية‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر عربي‬ ‫بشأن قرار هيئة التمييز مشاركة املرشحني‬ ‫احملظورين‪ ،‬وهناك بعض اجلهات تطالب‬ ‫بتفعيل املادة السابعة من الدستور على‬ ‫جميع احلركات واألحزاب السياسية التي‬ ‫تنص على “حظر كل كيان أو نهج يتبنّى‬ ‫العنصرية أو اإلرهاب أو التكفير أو التطهير‬ ‫ميجد أو ير ّوج‬ ‫الطائفي أو يحرض أو ميهّ د أو ّ‬ ‫أو يب ّرر له”‪.‬‬ ‫ويذكر أن هيئة التمييز القضائية‬ ‫تقدم بها مئات من‬ ‫التزال تنظر في طعون ّ‬ ‫املرشحني الذين استُبعدوا من املشاركة في‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وهناك من ّ‬ ‫يحذر من حرب أهلية‬ ‫في العراق في حال رفض هيئة املساءلة‬ ‫والعدالة مشاركة مئات املرشحني في‬ ‫االنتخابات‪.‬‬ ‫والسؤال املطروح‪ :‬ماذا بعد خطوة‬ ‫حرمان الكيانات األخرى من املشاركة في‬ ‫االنتخابات؟ واستطراداً‪ ،‬ما الذي ميكن أن يرد‬ ‫به أولئك املستهدفون من القرار اجلديد؟‬ ‫يحمل املسؤولية حلكومة‬ ‫البعض‬ ‫ّ‬ ‫املالكي واحلاكمني في بغداد‪ ،‬وفي خانة‬ ‫معارضيهم‪ ،‬ولكن األمر الثابت حتى اآلن أن‬ ‫هؤالء ليسوا في وارد االنسحاب من املعركة البوالني‬ ‫وإخالء الساحة خلصومهم ومقاطعة‬ ‫احمللية وخريطة القوى في العراق‪.‬‬ ‫صالح‬ ‫هدد بعضهم مثل‬ ‫عملية االقتراع‪ ،‬كما ّ‬ ‫وأوضح خالل بيان له‪ ،‬بأن “حكومة املالكي‬ ‫املطلك وحلفاؤه في احلركة الوطنية العراقية‪ ،‬بائسة وال متلك السيادة وال االستقالل محذرا ً‬ ‫بأنهم سيعملون على خطني متوازيني‪ :‬األول من أن الشعب العراقي لن يص ّوت حلكومة‬ ‫الذهاب الى القضاء العراقي أي املعارضة من متهاونة بأمنه وغير ساعية الى خدمته‬ ‫ضمن العملية السياسية اجلارية‪ ،‬والثاني هو وحفظه‪ ،‬وهمها الوحيد حماية حزبها وكراسيها‬ ‫العمل بدأب لالستفادة من االرتدادات السلبية وأسيادها”‪ .‬ووصف حكومة املالكي بأنها “تتقاذف‬ ‫للقرار‪ ،‬وتوظيفها إعالميا ً وسياسيا ً لصاحلهم التهم وترميها على جيرانها وهي تتم ّلص من‬ ‫في املعركة االنتخابية القريبة‪.‬‬ ‫املسؤولية”‪.‬‬ ‫لقرار‬ ‫خفية‬ ‫أهداف‬ ‫واملراقبون يتحدثون عن‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الصدر‪ ،‬أن مقاومة احملتل من املبادئ‬ ‫البارز‬ ‫املرشح‬ ‫تتجاوز‬ ‫هيئة املساءلة والعدالة‪،‬‬ ‫يتمسك بها وعلى عكس أولئك‬ ‫الثابتة التي‬ ‫ّ‬ ‫حلفائه‬ ‫على‬ ‫الضغط‬ ‫صالح املطلك‪ ،‬وبالتالي‬ ‫الذين تفاوضوا مع احلكومة واحملتل‪.‬‬ ‫من‬ ‫ينسحب‬ ‫جلعله‬ ‫عالوي‬ ‫اآلخرين مثل إياد‬ ‫وبناء على كل املعطيات‪ ،‬فإن اإلطالالت‬ ‫ّ‬ ‫وارد‬ ‫غير‬ ‫األمر‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫شكل‪،‬‬ ‫املعركة بأي‬ ‫املتجددة للصدر وتياره في هذه املرحلة بالذات‪، ،‬‬ ‫في‬ ‫وسيمضي‬ ‫اجلرح‬ ‫على‬ ‫سيعض‬ ‫إطالقاً‪ ،‬وهو‬ ‫حيث يستعد العراق خلوض استحقاق سياسي‬ ‫اعتقاد‬ ‫وهناك‬ ‫القصوى‪،‬‬ ‫نهاياتها‬ ‫الى‬ ‫املواجهة‬ ‫وحاسم وفاعل‪ ،‬وهو خوض االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫التي‬ ‫املفاجأة‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫بأن‬ ‫املراقبني‪،‬‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫لدى‬ ‫الشك بأنها تؤدي الى أبعاد واحتماالت عدة أبرزها‪،‬‬ ‫نوعها‪،‬‬ ‫من‬ ‫األخيرة‬ ‫وال‬ ‫األولى‬ ‫تكون‬ ‫لن‬ ‫حصلت‬ ‫ممارسة الضغوط على املالكي وحزبه وائتالفه‬ ‫واملشهد العراقي مفتوح على مزيد من مثل هذه االنتخابي املسمى “دولة القانون”‪.‬‬ ‫املفاجآت الدراماتيكية مادام اجلميع يتص ّرف على‬ ‫وكذلك فعل عادل عبد املهدي نائب الرئيس‬ ‫أساس أن املعركة هي معركة كسر عظم‪ ،‬وما العراقي وأحد رموز اجمللس اإلسالمي األعلى‪ ،‬حيث‬ ‫بعدها ستكون هناك معادالت جديدة ولكنها بدأ حملة سياسية على املالكي متهما ً إياه بأنه‬ ‫أمن‬ ‫ستكون محكومة بالعملية السياسية ذاتها تف ّرد بحكم العراق‪ ،‬ومت ّرد على االئتالف الذي ّ‬ ‫مادام االحتالل األميركي جاثما ً على أرض العراق له جسر العبور الى رئاسة احلكومة في بغداد‪.‬‬ ‫وينهب ثرواته‪ ،‬بينما أبناء العراق يتقاتلون فيما‬ ‫واالئتالف الوطني العراقي الذي يضم بني‬ ‫بينهم ويتخبطون في ترتيب أولوياتهم‪.‬‬ ‫جناحيه اجمللس األعلى والتيار الصدري الى جانب‬ ‫الصدر‬ ‫مقتدى‬ ‫في هذه األوقات الصعبة‪ ،‬أطل‬ ‫التنظيمات والتيارات األخرى رفض في السابق كل‬ ‫إطالالته‬ ‫في‬ ‫ف‬ ‫من خالل شخصه وتياره‪ ،‬وك ّث‬ ‫احملاوالت وجهود الوساطة التي بذلت إلعادته الى‬ ‫ً‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫على‬ ‫السياسية وبدا متم ّردا ً خارجا‬ ‫حضن االئتالف العراقي ومظلته‪ ،‬بدت تصريحاته‬ ‫واحلسابات‬ ‫السياسية‬ ‫القيود واالصطفافات‬ ‫كجزء من الصراع بصورة معلنة تارة وبصورة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪62‬‬

‫مضمرة تارة أخرى‪.‬‬ ‫وحول ردود أفعال اجلانب األميركي الذي‬ ‫يحتل العراق منذ آذار ‪ ،2003‬فإن طول البال‬ ‫سيد املوقف‪ ،‬وال تعير اإلدارة احلالية لكل‬ ‫الوعود السابقة إالّ في حقل التردد باخلروج‬ ‫من العراق في الوقت احملدد واجلدول الزمني‬ ‫الغامض اجملهول‪ ،‬وحني حتاول اإليحاء بعدم‬ ‫التدخل في الشؤون الداخلية للبلد‪ ،‬إمنا‬ ‫تشجع عمليا ً على مزيد من االلتهاب‬ ‫ّ‬ ‫واستعصاء املشاكل التقليدية لبلد‬ ‫يخضع لالحتالل‪.‬‬ ‫وفي العراق مازالت القوى الطوائفية‬ ‫والعرقية على حالها السابقة‪ ،‬ونرى‬ ‫استمرارية النهج الطوائفي لدى اجلميع‬ ‫املنخرط في العملية السياسية‪ ،‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫تشكل احلماية املفترضة للجميع أيضاً‪،‬‬ ‫ولكن صعود بعض النتوءات هنا وهناك‬ ‫مايزال محكوما ً وال ميكن عزله عن السياق‬ ‫الطوائفي للمكونات األساسية للعراق‪.‬‬ ‫األسئلة كثيرة كما هو خلط األوراق‪،‬‬ ‫والعملية السياسية التي يديرها االحتالل‬ ‫فشلت‪ ،‬واملواطن العراقي يسأل أين‬ ‫املنجزات؟ وهل حتققت املصاحلة الوطنية‬ ‫الشاملة‪ ،‬وهل حتقق احلوار العربي الكردي‪،‬‬ ‫على أسس سليمة من االندماج السياسي في‬ ‫موحد‪ ،‬وما هي حدود املركزيات؟ وما هي‬ ‫عراق‬ ‫ّ‬ ‫تخومها السياسية واالجتماعية‪ ،‬وهل متّ إجراء‬ ‫تعديالت جادة على الدستور الطوائفي لعام‬ ‫‪.2005‬‬ ‫ميكن القول من دون تخطي املنطق الداخلي‬ ‫لألحداث الراهنة بأنه من الصعب التعامل مع‬ ‫التفاصيل بدون التنويه مبثالب الذين يدورون‬ ‫مع الطاحونة اليومية لالحتالل ومؤسساته‬ ‫الرسمية‪ ،‬وهذه التعامالت ال تأخذ بنظر االعتبار‬ ‫التضحيات الهائلة التي يدفعها املواطن العراقي‬ ‫بدون نتيجة‪.‬‬ ‫العراق سيبقى ساحة واسعة للتجاذبات‬ ‫بكافة أنواعها خالل مرحلة االنتخابات وما بعدها‪،‬‬ ‫وفي الظروف الراهنة مازالت العملية السياسية‬ ‫التي يديرها االحتالل تفعل فعلها‪ ،‬وإذا لم تتح ّرك‬ ‫القوى الوطنية في العراق في هذا الوقت بالذات‬ ‫وترتّب أولوياتها الوطنية التي يجب أن تبدأ بهدف‬ ‫أساسي إخراج احملتل من العراق وبكل الوسائل‬ ‫املتاحة‪ ،‬إذا لم يحصل مثل ذلك فنحن أمام‬ ‫معدلة حلكومة املالكي‪ ،‬واستمرار‬ ‫نسخة جديدة ّ‬ ‫الوضع الراهن الى حني‪.‬‬ ‫الشيئ الوحيد الذي ميكن الرهان عليه‪ ،‬هو املقاومة‬ ‫العراقية بكل أبعادها وضرورة تأمني مستلزمات‬ ‫تعزيزها وتصعيدها ألنها السبيل الوحيد لطرد احملتل‪،‬‬ ‫وهي أقصر الطرق لتحقيق الغايات‪ ،‬والتجارب ّ‬ ‫تؤكد‬ ‫صحة وصوابية هذا اخليار‪.‬‬

‫آدهم محمود‬


‫منبر دولي‬

‫أوكرانيا والعودة الى الحضن الروسي‬ ‫حددت االنتخابات الرئاسية التي جرت الشهر‬ ‫املاضي في أوكرانيا مصير البالد للسنوات اخلمس‬ ‫القادمة‪ ،‬بفوز زعيم حزب األقاليم فيكتور‬ ‫يانوكوفيتش املق ّرب من روسيا‪ ،‬والذي يرى أن ال‬ ‫بد من حل اخلالفات مع موسكو‪ ،‬ومنح اللغة‬ ‫الروسية صفة لغة رسمية وأن العالقة مع روسيا‬ ‫يجب أن تكون عنصر رئيسي وحاسم في بناء‬ ‫أوكرانيا احلديثة‪.‬‬ ‫وتأتي هذه االنتخابات بعد خمس سنوات على‬ ‫حتكم يوليا تيموشنكو رئيسة احلكومة األوكرانية‬ ‫حالياً‪ ،‬منادية بالتكامل مع الغرب‪ ،‬ورافضة وجود‬ ‫قوات أجنبية على األراضي األوكرانية (واملقصود‬ ‫به أسطول البحر األسود الروسي)‪ ،‬وفق القرار‬ ‫السياسي في البالد من خالل ما سمي بالثورة‬ ‫البرتقالية التي دعمها رئيس الواليات املتحدة‬ ‫األسبق جورج بوش‪.‬‬ ‫ومنذ زمن ليس بالبعيد‪ ،‬بدت روسيا نفسها‬ ‫وكأنها أصبحت مغمورة بتلك املوجة من‬ ‫االنتفاضات التي أطلق عليها مسمى “الثورات‬ ‫امللونة”‪ ،‬والتي اجتاحت بعض الدول السوفياتية‬ ‫السابقة مثل جورجيا وأوكرانيا وقرغيزستان‪،‬‬ ‫غيرأن ما حدث بعد سنوات من العمل امليداني‬ ‫االقتصادي والسياسي الصبور‪ ،‬إضافة الى اندالع‬ ‫حرب واحدة ضد جورجيا عام ‪ ،2008‬صنع فرقا ً‬ ‫بحيث تبدو روسيا اليوم وكأنها متجهة نحو‬ ‫استعادة نفوذ ال ينازعها فيه أحد على منطقة‬ ‫االحتاد السوفياتي السابق التي يعتبرها الرئيس‬ ‫الروسي ميدفيديف منطقة النفوذ الروسي‬ ‫احلقيقية‪.‬‬ ‫والشيء املتوقع اآلن هو أن يبادر الرئيس‬ ‫املنتخب يانوكوفيتش الى وضع نهاية لبعض‬ ‫السياسات “امللونة” واملناوئة ملوسكو التي كان‬ ‫يتبعها سلفه في احلكم فيكتور يوشينكو‪،‬‬ ‫الذي اعتبره الغرب بطالً لـ “الثورة البرتقالية”‪،‬‬ ‫ألنه كان يبيع السالح جلورجيا في حربها اخلاسرة‬ ‫مع روسيا‪.‬‬ ‫وكان الكرملني قد غ ّير أسلوبه في التأثير على‬ ‫أوكرانيا عبر التدخل السياسي الواضح والصريح‬ ‫الى الضغط التجاري‪ ،‬خصوصا ً في موضوع‬ ‫تزويد كييف باحتياجاتها من الغاز‪ ،‬وفرض قيود‬ ‫أكثر صرامة على املاليني من العمال األوكرانيني‬ ‫الباحثني عن فرص العمل في روسيا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الكرملني سعيد بالفوز الذي‬ ‫أحرزه يانوكوفيتش‪ ،‬إالّ أنه ال يتوقع من الرئيس‬ ‫املنتخب رفع الراية البيضاء‪ ،‬واخلضوع أمامه في‬ ‫النزاعات الثنائية مثل إمدادات الغاز والتجارة‪،‬‬ ‫ويقول بعض اخلبراء املتخصصني في الشؤون‬ ‫األوكرانية أن وصول يانوكوفيتش الى السلطة‪،‬‬

‫فيكتور يانوكوفيتش‬

‫قد يكون سببا ً في حد ذاته إلثارة نوع جديد من‬ ‫التفكير في أوكرانيا‪ ،‬حول الطريقة التي ميكن‬ ‫بها تكييف حتقيق التوازن األمثل في العالقات‬ ‫مع موسكو‪ ،‬وبني عالقاتها مع الناتو وجيرانها في‬ ‫االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫وأكدت نتيجة هذه االنتخابات فقدان الناخبني‬ ‫األوكرانيني ثقتهم بالنهج البرتقالي‪ ،‬وفشل‬ ‫هذا النهج في حتقيق أي من األهداف على‬ ‫الصعيد السياسي الداخلي واخلارجي‪ ،‬ما يدفع‬ ‫الى االعتقاد بأن أوكرانيا بدأت تستعيد هويتها‬ ‫املستقلة احلقيقية‪.‬‬ ‫أما روسيا التي توخّ ت اتخاذ موقف احلياد إزاء‬ ‫املرشحني أثناء احلملة االنتخابية‪ ،‬فقد اعترفت‬ ‫بعد إعالن النتائج أنها كانت ترصد باهتمام‬ ‫سير هذه االنتخابات التي مرت في موقف هادئ‬ ‫وطبقا ً لدستور أوكرانيا وتشريعاتها واملعايير‬ ‫الدولية املعترف بها‪ ،‬مع التأكيد على أن الشعب‬ ‫األوكراني أعرب عن خياره وإرادته بصورة حرة‪،‬‬ ‫وص ّوت الناخبون بأغلبيتهم ملصلحة التغيير‪.‬‬ ‫وحتى قبل إعالن النتائج النهائية الرسمية‪،‬‬ ‫أجرى الرئيس الروسي ميدفيديف اتصاال ً هاتفيا ً‬ ‫بيانوكوفيتش لتهنئته مبناسبة انتهاء احلملة‬ ‫االنتخابية والنجاح الذي أحرزه فيها‪ ،‬وجاء في‬ ‫بيان للخارجية الروسية أنها تأمل في أن حتقق‬ ‫القيادة اجلديدة في كييف آمال وأماني الشعبني‬ ‫الروسي واألوكراني وأن تسهم في تطوير شامل‬ ‫وواسع النطاق لعالقات الصداقة وحسن اجلوار‬ ‫بني البلدين‪.‬‬ ‫وتشكل هذه القضية في حقيقية األمر‪،‬‬ ‫قضية املصاحلة الوطنية في أوكرانيا‪ ،‬أكبر‬

‫‪63‬‬

‫دميتزي ميدفيديف‬

‫عقبة أمام الرئيس اجلديد‪ ،‬الذي إذا لم يفلح في‬ ‫حلها‪ ،‬سيجد نفسه عاجزا ً عن إحياء االقتصاد‬ ‫األوكراني وهذا بالذات أكثر ما تهتم به روسيا‬ ‫ألن احتدام الصراع السياسي الداخلي ميكن أن‬ ‫يشكل خطرا ً على نقل موارد الطاقة والوقود من‬ ‫روسيا الى أوروبا عبر األراضي األوكرانية‪.‬‬ ‫لذلك من املتوقع أن أوكرانيا ستسير بقيادة‬ ‫يانوكوفيتش نحو سياسة تفاهم واحترام‬ ‫مع موسكو‪ ،‬وأن تكون حليف صادق وشجاع‬ ‫في مواضيع عديدة وحساسة على الصعيد‬ ‫السياسي الداخلي واخلارجي‪.‬‬ ‫وهو ما تسعى إليه روسيا في أن تكون أوكرانيا‪،‬‬ ‫بلدا ً شقيقا ً ملتزما ً بالقضايا القومية والوطنية‪،‬‬ ‫ما يجنّبها الوقوع في براثن لعبة الغرب وخاصة‬ ‫الواليات املتحدة التي تستعمل الدول كسلعة‪،‬‬ ‫تباع وتشترى ملصاحلها اخلاصة‪.‬‬ ‫إن أوكرانيا اليوم خرجت من هذه اللعبة املدمرة‬ ‫واخلبيثة‪ ،‬وكذلك نفوذ الدب الروسي في املنطقة‬ ‫أصبح قويا ً جدا ً وواضحا ً حتى للواليات املتحدة‬ ‫والغرب‪.‬‬ ‫كما أن االنتخابات أعطت كييف منوذجا ً‬ ‫للمنطقة بأسرها من خالل انتصار الدميقراطية‪،‬‬ ‫وموقف شعبها‪ ،‬الذي أعلن عبر صناديق االقتراع‬ ‫أن أوكرانيا بتخليها عن السياسات امللونة‬ ‫والثورات الفاشلة تعود الى اخلط الوطني‪ ،‬وهو‬ ‫التحالف التام مع الكرملني بقيادة الرئيس‬ ‫الروسي ميدفيديف‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر دولي‬

‫قوتها العسكرية‬ ‫إيران تع ّزز ّ‬ ‫وأميركا تستحضر بوارجها إلى الخليج‬ ‫وقف املرشد األعلى للجمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية علي خامنئي شامخا ً على منت أول مدمرة‬ ‫إيرانية الصنع تطلق في اخلليج مهددا ً ومتوعدا ً‬ ‫الواليات املتحدة األميركية بهزمية نكراء‪ ،‬هي التي‬ ‫حتاول إخافة العرب من إيران بهدف ترويج وبيع‬ ‫أسلحتها الفاسدة‪ .‬إن الواليات املتحدة والكيان‬ ‫الصهيوني يحاوالن نشر االنقسام من أجل‬ ‫تشتيت انتباه الدول اإلسالمية عن عدوى العالم‬ ‫اإلسالمي وهما الواليات املتحدة و”إسرائيل”‪.‬‬ ‫جاء احتفال الشعب اإليراني الواحد والثالثني‬ ‫النتصار الثورة مضاعفا ً بعدما أعلن الرئيس‬ ‫اإليراني محمود أحمدي جناد أن بالده بدأت عملية‬ ‫إنتاج اليورانيوم اخملصب في نسبة ‪ ،%20‬كما‬ ‫أعلن وزير الدفاع “أحمد وحيدي” إن طهران على‬ ‫وشك صنع صواريخ اعتراض تساوي السام‬ ‫الروسي “أرض جو أس ‪ ”300‬قوة وفاعلية‪.‬‬ ‫وتزامن هذا اإلعالن العسكري اإليراني مع‬ ‫تلكؤ “الكرملني” في اتخاذ قرار لتزويد طهران‬ ‫بهذا السالح وكرسالة حتذير لروسيا أنها‬ ‫ستخسر صفقات كبيرة جدا ً إذا ما ذهبت نحو‬ ‫مراعاة الكيان الصهيوني‪ ،‬فيما وقعت إحدى‬ ‫الدول اخلليجية صفقة بقيمة بليوني دوالر مع‬ ‫روسيا بغية تعويضها عن الصفقة مع إيران‬ ‫وذلك في سياق محاصرة اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬إال أن اخلالف داخل “الكرملني” حول‬ ‫هذا امللف بني بوابتني املقتنع بدعم إيران وتقدمي‬ ‫األسلحة الدفاعية “ميدفيديف” الذي يحاول‬ ‫مراعاة األوضاع اإلقليمية والتساهل مع الكيان‬ ‫الصهيوني في لعبة شد احلبال‪.‬‬ ‫باشرت الواليات املتحدة األميركية في تعزيز‬ ‫ما يسمى بدفاعات اخلليج ملواجهة أي هجمات‬ ‫صاروخية محتملة‪ ،‬من خالل نشر بوارج وصواريخ‬ ‫اعتراضية متطورة في أربع دول هي‪ :‬الكويت‬ ‫والبحرين وقطر واإلمارات‪ ،‬وقدمت واشنطن‬ ‫قائمة بأسماء الشركات التي ميلكها أشخاص‬ ‫في “احلرس الثوري” حسب زعمها وادعت أن بوارج‬ ‫“ايجاكس” املزودة بنظام صواريخ “ايه ‪ ”3‬ستقوم‬ ‫بتفتيش كل البواخر في اخلليج العربي‪.‬‬ ‫فيما نشرت إيران سفن حربية في منطقتي‬ ‫باب املندب ومضيق «هرمز» كرد أولي على‬ ‫التحرك العسكري األميركي حيث يعتبر منطقة‬ ‫باب املندب الرابط بني خليج عدن والبحر األحمر‪،‬‬ ‫وإن ‪ %35‬من التجارة العاملية متر عبر هذا الرابط‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬وقد أعلن اجلنرال “يجي صفوي”‬ ‫أن املقولة ستنتقل إلى مضيق هرمز‪ ،‬وأن بالده‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ايران تعزز‬ ‫قدراتها‬ ‫العسكرية‬

‫مستعدة إلغالقه إذا ما تعرضت بالده إلى أي‬ ‫عمل عسكري‪.‬‬ ‫كانت املناورات العسكرية اإليرانية “الرسول‬ ‫األعظم – ‪ ”4‬تنطلق لتعلن للذين يعدون العدة‬ ‫ضد اجلمهورية اإلسالمية أن قدرات احلرس الثوري‬ ‫اإليراني تخطت التوقعات وجتاوزت كل اإلمكانات‬ ‫حتى مت اختبار صاروخ شهاب ‪ 3‬بعيد املدى‬ ‫الذي ميكنه ضرب الكيان الصهيوني والقواعد‬ ‫العسكرية األميركية في الشرق االوسط‪.‬‬ ‫كما أطلق احلرس الثوري صواريخ متوسطة‬ ‫وقصيرة املدى من طراز فتح ‪ 110‬وارض – أرض‬ ‫باإلضافة إلى توندار ‪ 69‬الذي يطلق من البحر‬ ‫ويصل إلى مدى الصواريخ الثالثة التي تعمل‬ ‫بالوقود الصلب ما بني ‪ 150‬و‪ 200‬كم‪.‬‬ ‫وأبدى قائد سالح الطيران في احلرس الثوري‬ ‫اإليراني اجلنرال حسني سالمي‪ :‬إلى أنه مت بنجاح‬ ‫جتربة نظام دفاعي إلطالق سلسلة صواريخ في‬ ‫آن واحد من نوع زلزال‪.‬‬

‫خيارات شن هجوم على إيران‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬ذكرت صحيفة “صنداي تاميز”‬ ‫البريطانية أن مخططني عسكريني أمريكيني‬ ‫وإسرائيليني درسوا خيارين لشن هجوم على إيران‪،‬‬ ‫يستهدف عشرات املواقع ذات الصلة ببرنامجها‬ ‫النووي‪ ،‬واملعروفة من قبل املسؤولني الغربيني‪.‬‬ ‫وقالت الصحيفة إن اخلبراء العسكريني‬ ‫في واشنطن وتل ابيب يدركون بأن شن ضربة‬ ‫جوية مباغتة سينجح فقط في تأخير عملية‬ ‫تطوير إيران أسلحة نووية‪ ،‬ولن يضمن التخلص‬

‫‪64‬‬

‫من تهديدها النووي حتى في حال كرروا ضرب‬ ‫منشآتها النووية املعروفة‪.‬‬ ‫وأضافت أن التزام الرئيس االميركي “باراك‬ ‫اوباما” بالضغوط الدبلوماسية في التعامل‬ ‫مع مشكلة إيران النووية‪ ،‬سيجعل السيناريو‬ ‫الوحيد احملتمل هو قيام “إسرائيل” بشن غارات‬ ‫جوية تتطلب استخدام اجملال اجلوي لدول عربية‪،‬‬ ‫مشيرة إلى أن األهداف احملتملة للهجمات‬ ‫اجلوية اإلسرائيلية هي مفاعالت “بوشهر وأراك‬ ‫ونطنز”‪ ،‬والتي تبعد حوالي ‪ 17000‬كيلومتر عن‬ ‫“اسرائيل”‪.‬‬ ‫وذكرت “صنداي تاميز” أن املشكلة التي‬ ‫يواجهها اخملططون العسكريون تتمثل في عدم‬ ‫امتالك أي وكالة استخبارات خارجية معلومات‬ ‫دقيقة عن املكان الذي تخفي فيه إيران تقنياتها‬ ‫املتعلقة بإنتاج األسلحة النووية‪.‬‬ ‫وفي ذات االطار تأتي جتارب الكيان الصهيوني‬ ‫للنوع اجلديد من الطائرات بال طيار تستطيع‬ ‫قطع مسافات طويلة دون تزويدها بالوقود‪ ،‬وهنا‬ ‫يتدخل املنطق العسكري القائل‪( :‬هل هذه‬ ‫الطائرات تستطيع الدخول دون إسقاطها من‬ ‫الدفاع اجلوي اإليراني؟ وما اإلمكانية التدميرية‬ ‫لها؟‬

‫اإلمكانات الصاروخية اإليرانية‬ ‫متلك القوات املسلحة اإليرانية عدة صواريخ‬ ‫قصيرة ومتوسطة وبعيدة املدى قادرة على بلوغ‬ ‫“إسرائيل” والقواعد العسكرية االميركية في‬


‫املنطقة‪ ،‬وليس هناك أي معلومة دقيقة حول‬ ‫عدد الصواريخ التي متلكها إيران‪ ،‬فيما أفادت‬ ‫مصادر غربية أنها قد تكون متلك املئات من‬ ‫شهاب – ‪ 3‬ذات املدى البعيد‪.‬‬ ‫في ما يلي مختلف انواع الصواريخ‬ ‫اإليرانية‪:‬‬ ‫(شهاب – ‪ )3‬يبلغ مدى الصاروخ شهاب‬ ‫– ‪ 3‬الفي كلم‪ ،‬وهو قادر على بلوغ األراضي‬ ‫اإلسرائيلية التي تبعد عن إيران ألف كلم فقط‪،‬‬ ‫وأجرت إيران خالل السنوات األخيرة جتارب على‬ ‫عشرات الصواريخ‪.‬‬ ‫ولشهاب ‪ 3-‬نسختان‪( :‬قدر – ‪ )1‬مداها ‪1800‬‬ ‫كلم ويعمل بالوقود املسائل ‪.‬‬ ‫و(عاشوراء) الذي يبلغ مداه ألفي كلم وقد‬ ‫أعلنت احلكومة أن جتربته جنحت في نوفمبر‬ ‫(تشرين الثاني) ‪.2007‬‬ ‫سجيل‪ ،‬ارض – ارض مداه ألفي كلم ومت‬ ‫اختباره ألول مرة في نوفمبر (تشرين الثاني) ‪2008‬‬ ‫ويتكون من طابقني ومحرك يستخدم وقودا ً صلبا ً‬ ‫مشتركاً‪.‬‬ ‫(شهاب –‪ )1‬ويبلغ مداه ‪300‬كلم‪.‬‬ ‫(شهاب ‪ )2-‬ويبلغ مداه ‪ 500‬كلم‪ ،‬وهما‬ ‫مقتبسان من سكود‪.‬‬ ‫(زلزال) يبلغ مداه زلزال ‪ 400‬كلم على أقصى‬ ‫تقدير‪.‬‬ ‫(فاحت ‪ )110‬ويبلغ مداه ‪ 200‬كلم‪.‬‬ ‫(نزعت) ويبلغ مداه مائة كلم‪.‬‬ ‫(فجر‪ )3‬ويبلغ مداه ‪ 45‬كلم‪ ،‬وتفيد املصادر‬ ‫الغربية ان إيران زودت حزب اهلل اللبناني بإعداد‬ ‫منه‪.‬‬ ‫(فجر ‪ )5‬ويبلغ مداه ‪ 75‬كلم‪.‬‬ ‫(عقاب) ويبلغ مداه ‪ 45‬كلم أيضا‪.‬‬ ‫إضافة إلى الصواريخ االعتراضية املتطورة‬ ‫(ارض – جو)‪.‬‬

‫املقدمات الدبلوماسية األمريكية‬ ‫الفاشلة‬ ‫باشرت الواليات املتحدة بحملة دبلوماسية‬ ‫ناشطة من أجل تليني موقف الصني التي ترى أنه‬ ‫من األفضل إعطاء إيران فرصة إضافية قبل فرض‬ ‫احلصار االقتصادي – العسكري وذلك بالتزامن‬ ‫مع االستياء الكبير للصني من االستفزازات‬ ‫األميركية جلهة تسليح “تايوان” واستقبال‬ ‫“الداالي ال ما” في البيت االبيض‪ .‬وفي هذا االطار‬ ‫طلبت “كلينتون” من السعودية زيادة إرادتها‬ ‫النفطية لدعم السوق الصيني‪ ،‬ألن املؤكد أن‬ ‫الصني لن تساير واشنطن او الكيان الصهيوني‬ ‫حتت أي إغراء إلنها تعرف سلفا ً أن امللف اإليراني‬ ‫عامل ضغط على التوازن الدولي الذي تسعى‬ ‫إليه الصني وروسيا‪.‬‬

‫رغم مطالبة روسيا وفرنسا بإيقاف تخصيب‬ ‫اليورانيوم بنسبة ‪ ،%20‬إال أن روسيا املستفيدة‬ ‫من امللف النووي اإليراني ماديا ً ومعنوياً‪ ،‬تخاف‬ ‫من تفجير هذا امللف والذهاب نحو املواجهة‬ ‫التي ميكن أن حتمل طابعا ً نوويا ً أو كيمياويا‪ ،‬وهذا‬ ‫بطبيعة احلال ما ترفضه موسكو العتبارات‬ ‫استراتيجية وجيوبولوتيكية‪.‬‬ ‫فيما سجل املوقف التركي مؤشرا ً منقذا ً‬ ‫يصب في مصلحة إيران بعدما رفضت احلكومة‬ ‫التركية برئاسة “رجا طيب اردوغان” طلبا ً أميركيا‬ ‫بنصب شبكة رادار على األراضي التركية في إطار‬ ‫نظام الردع الصاروخية حللف شمال األطلسي‬ ‫الهادف الى ما تسميه واشنطن أنه هجمات‬ ‫صاروخية محتملة من إيران‪.‬‬ ‫وانتقدت طهران “انخداع” أحد مسؤولي‬ ‫الدول العربية بالسياسات األميركية في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬متهما ً دولته بـ “التضحية بالتعاون‬ ‫اإلسالمي” من أجل “املغامرات” التي تقوم بها‬ ‫واشنطن في الشرق األوسط بهدف “إنقاذ‬ ‫نفسها من مستنقع أخطاء” العراق وأفغانستان‬ ‫وفلسطني ولبنان‪ ،‬في وقت تعهّ دت واشنطن‬ ‫باتباع طريق “أكثر صرامة” مع ايران في ما يتعلق‬ ‫ببرنامجها النووي‪.‬‬ ‫وأعرب رئيس مجلس الشورى اإليراني علي‬ ‫الريجاني‪ ،‬عن أسفه “حيال حالة النسيان‬ ‫السياسي لهؤالء الدبلوماسيني الذين كانوا‬ ‫يتحدثون قبل أيام عن التصدي إليران‪ ،‬ويرصدون‬ ‫امليزانيات لبحث استبدال احلكومة والقيادة‬ ‫واجمللس في ايران بدكتاتورية عسكرية”‪ ،‬وذلك في‬ ‫إشارة إلى تصريحات وزيرة اخلارجية األميركية‬ ‫“هيالري كلينتون” في السعودية مؤخراً‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫“هذا خير دليل على املستوى الفكري ملسؤولي‬ ‫تتشدق بإدارة العالم”‪.‬‬ ‫تلك البلدان التي‬ ‫ّ‬ ‫كما أعرب الريجاني عن أسفه حيال “انخداع‬ ‫أحد مسؤولي الدول العربية في املنطقة‬ ‫بالتس ّول األميركي لتجري على لسانه تصريحات‬ ‫تقضي بضرورة القيام بخطوات سريعة بغية‬ ‫التصدي للخطر اإليراني”‪ ،‬وذلك في إشارة‬ ‫ّ‬ ‫على ما يبدو إلى وزير اخلارجية السعودي األمير‬ ‫سعود الفيصل‪ .‬وقال مخاطبا ً مسؤولي البلد‬ ‫“ملاذا تربطون كرامتكم بالتصريحات األميركية‬ ‫يهتمون بأمراء الدول األخرى‬ ‫املتطاولة؟ إنهم‬ ‫ّ‬ ‫بقدر ما استغلوا شاه إيران”‪.‬‬ ‫ضحيتم بالتعاون‬ ‫وتابع الريجاني “لقد‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي من أجل املغامرات التي تقوم بها دولة‬ ‫تبحث عن ذريعة في املنطقة كي تنقذ نفسها من‬ ‫مستنقع أخطاء العراق وأفغانستان وفلسطني‬ ‫ولبنان”‪ .‬وقال‪“ :‬كما ص ّرح مرشد اجلمهورية (آية‬ ‫اهلل الس ّيد علي خامنئي)‪ ،‬فإ ّن استراتيجية‬ ‫النظام اإلسالمي مبنية على التعاون والدفاع عن‬ ‫الدول اإلسالمية في املنطقة”‪ ،‬مضيفا ً “إن إيران‬ ‫املقتدرة تشكل خطرا ً على املستكبرين‪ ،‬وليس‬ ‫األشقاء املسلمني في املنطقة”‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫وكان “الريجاني” دعا الرئيس األميركي “باراك‬ ‫أوباما” إلى “مراجعة مقاربات “كلينتون”‪ ،‬متهما ً‬ ‫إياها “بعدم التمكن من جتاوز حملة االنتخابات‬ ‫الرئاسية األميركية”‪ ،‬وبأ ّن السياسات التي‬ ‫تعتمدها “تهدد مصالح بالدها”‪ .‬كما اتهم‬ ‫الغرب مبحاولة استخدام تقرير املدير العام‬ ‫للوكالة الدولية للطاقة الذرية “يوكيا أمانو”‬ ‫“وفق مصاحله”‪ ،‬بعدما أشار التقرير إلى القلق من‬ ‫أن تكون طهران في صدد صنع سالح نووي‪.‬‬

‫إيران – سوريا – لبنان‪ -‬فلسطني‬ ‫الرباعي احلرج‬ ‫تأتي زيارة الرئيس اإليراني “احمدي جناد” إلى‬ ‫العاصمة السورية دمشق في سياق التعاون‬ ‫االستراتيجي القائم املستمر منذ الثمانينات‪،‬‬ ‫وتتطابق وجهات النظر جلهة املواقف الوطنية‬ ‫والقومية املركزية “القضية الفلسطينية‬ ‫والصراع العربي – اإلسرائيلي” وال يخفى على‬ ‫أحد أن سورية التي ردت بعنف على التهديدات‬ ‫اإلسرائيلية األخيرة‪ ،‬باتت في ظل القيادة‬ ‫احلكيمة للرئيس بشار األسد أكثر قوة ومناعة‬ ‫بعد اإلصالحات والتقانيات العلمية احلديثة‬ ‫املتطورة التي أدخلها األسد للجيش والقوات‬ ‫املسلحة السورية‪ ،‬بحيث أصبحت قادرة‬ ‫على توجيه ضربات قاسية وقاسمة للداخل‬ ‫اإلسرائيلي الذي أقام دولته العنصرية على‬ ‫أساس التفوق العسكري واإلقليمي‪ .‬إال أن هذه‬ ‫النظرية الصهيونية سقطت في جنوب لبنان‬ ‫وغزة‪ ،‬وبالتالي فإن املغامرة اإلسرائيلية إذا ما‬ ‫وقعت ستغير وجه الشرق األوسط الذي يشهد‬ ‫نهاية الكيان الغاصب‪.‬‬ ‫ولعل التحدي األكبر للحكومة اإلسرائيلية‬ ‫العدوانية في تركيبتها‪ ،‬اإلمكانات العسكرية‬ ‫والعقائدية للمقاومة اإلسالمية والشخصية‬ ‫العظيمة للسيد حسن نصر اهلل التي هزت‬ ‫اجملتمع اإلسرائيلي قواعدا ً وحكومة‪.‬‬ ‫إننا إذا ما أسقطنا املعادلة التالية على أي‬ ‫سيناريو عسكري محتمل‪( :‬كثافة صاروخية‪:‬‬ ‫ايرانية‪ -‬سورية ومقاومة على املساحة احملتلة‬ ‫من فلسطني مقابل كثافة جوية وصاروخية‬ ‫صهيونية)‪ ،‬والتي تقع على رقعة تساوي عشرات‬ ‫األضعاف من مساحة االحتالل‪ ،‬فإن هذا يعني‬ ‫بالعلم العسكري أن اجملال احليوي لقوى املقاومة‬ ‫واملمانعة هو في صاحلها إضافة جململ العوامل‬ ‫األخرى التي جئنا على ذكرها‪ ،‬وبالتالي فإن اخليار‬ ‫الذي تلوح به الواليات املتحدة و”إسرائيل” هو‬ ‫كالذي ينادي بأعلى صوته بواد سحيق‪ ،‬ليسمع‬ ‫صوته الفارغ‪.‬‬

‫ماهر سري الدين‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر دولي‬

‫تركيا الجديدة تنهض بدور استراتيجي هام‬ ‫إقليمياً ودولياً وتملك مقومات النجاح‬ ‫يتصاعد اجلدل في تركيا واملنطقة بشكل‬ ‫خاص وفي العالم أجمع‪ ،‬حول ماهية الدور‬ ‫التركي اجلديد بعد أن تغيرت أشياء كثيرة‬ ‫في املنطقة العربية والعالم‪ ،‬حيث سقطت‬ ‫إيديولوجيات ونشبت حروب وقامت حتالفات‬ ‫وتغيرت خرائط‪ .‬البعض يرى في توجهات‬ ‫السياسية اخلارجية التركية بأنها جاءت‬ ‫لتمأل (الفراغ املوحش) بعد أن اختلت املوازين‬ ‫منذ خروج نظام “كامب دايفيد” من معادلة‬ ‫الصراع‪ ،‬وازدياد الهجمة الصهيونية على لبنان‬ ‫وفلسطني وسوريا‪ ،‬وصوال ً لالحتالل األميركي‬ ‫للعراق وأفغانستان‪.‬‬ ‫في تركيا اليوم نقاش حاد حول التوفيق أو‬ ‫الفصل بني اجتاهات الدولة الدينية واجتاهاتها‬ ‫املدنية‪ ،‬ونقاش حول دور الطبقة الوسطى‬ ‫الصاعدة من املناطق الريفية في صنع مستقبل‬ ‫تركيا‪ ،‬وحول دور املؤسسة العسكرية وحدوده‪،‬‬ ‫والعودة إلى األساليب العثمانية التي قضت‬ ‫باالعتراف بالهو ّيات العرقية والدينية‪ ،‬والسؤال‬ ‫الكبير الذي يتردد في تركيا هل نحن صنيعة‬ ‫التاريخ أم صنيعة الغرب؟ واجلواب جنده عند‬ ‫حزب العدالة والتنمية الذي التزم أمام ناخبيه‬ ‫مبا وعد‪.‬‬ ‫وبدأت الدولة جتهد نفسها للتأثير من‬ ‫خالل حدودها باستخدام القوة الناعمة‪ ،‬ووزير‬ ‫اخلارجية التركي أحمد داود أوغلو قال‪“ :‬إن‬ ‫بالده متلك ثقة عظيمة في النفس” وبينما‬ ‫كان يتحدث في إسبانيا قال‪“ :‬لن تستطيعوا‬ ‫فهم تاريخ خمسة عشر عاصمة أوروبية إذا‬ ‫لم تفتحوا األرشيف العثماني وتقرأوا تفاصيل‬ ‫أحداث القرون اخلمسة املاضية”‪.‬‬ ‫إن حراك تركيا الدائم نحو الفلسطينيني‬ ‫وإصرارها على الوقوف الى جانب القضية‬ ‫الفلسطينية واحلق املشروع ورفض السياسات‬ ‫اإلسرائيلية في األراضي احملتلة من تهويد وتهجير‬ ‫وتدمير وتبديل معالم‪ ،‬أغضب اإلسرائيليني‪،‬‬ ‫ووقفة غزة األخيرة كانت نقطة االنفجار قبل أن‬ ‫متنح الردوغان نفسه‪.‬‬ ‫واالنفتاح التركي األخير على لبنان الذي توسع‬ ‫وتنوع بعد احلرب اإلسرائيلية على جنوبه قبل‬ ‫أربعة أعوام‪ ،‬حني سارعت تركيا إلرسال جنودها‬ ‫حتت مظلة األمم املتحدة واملشاركة في ورشة‬ ‫اإلصالح واإلعمار ملا خربته ودمرته “إسرائيل”‪،‬‬ ‫فكيف ال تغضب تل أبيب وأردوغان يحذرها‬ ‫ان الفترة لن تقبل بعد االن سياسة التهديد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اردوغان مع الرئيس األسد‬

‫واالختراق واعتماد لغة السالح والتدمير بحق‬ ‫الشعب اللبناني‪.‬‬ ‫وأتبع أردوغان هذا التحذير برسالته األخيرة‬ ‫الى تل ابيب التي تتعلق باملوضوع اإليراني عندما‬ ‫رد على ما يقال عن احتماالت مهاجمة الطائرات‬ ‫اإلسرائيلية إليران عبر اختراق األجواء التركية‬ ‫فصرخ قائالً‪ :‬سيكون الرد قاسيا ً وموجعا ً‬ ‫وعليهم أن يفكروا ألف مرة قبل اإلقدام على‬ ‫خطوة من هذا النوع‪.‬‬ ‫وتركيا اليوم وعت واستوعبت دورها الذاتي‬ ‫وعالقاتها املتنامية مع جميع الدول‪ ،‬وهي‬ ‫تصب في مصلحة اجلميع وتؤدي إلى التناغم‬ ‫والتفاهم ونقل اخلبرة والتكنولوجيا والتعليم‬ ‫والصناعة‪ ،‬والسياسة التركية احلديثة‪ ،‬ترى‬ ‫أنه لم يعد هناك مجال لسياسة احملاور وإنشاء‬ ‫مناطق النفوذ‪ ،‬كل الدول لها سيادتها وقرارها‬ ‫اخلاص وهي تعي الرأي اآلخر ومصاحلة‪ ،‬وتركيا‬ ‫باتت مقتنعة متاما ً أن العالم اإلسالمي والعربي‬ ‫هو عمقها التاريخي والديني والثقافي‪.‬‬ ‫والشارع التركي كان مميزا ً في مواقفه لنصرة‬ ‫القضية الفلسطينية‪ ،‬وهو يرى في فلسطني‬ ‫قضية مركزية مهمة ال تتعلق بالعرب فقط‪.‬‬ ‫حيث أدان العدوان اإلسرائيلي على غزة‪،‬‬ ‫وخرجت التظاهرات املليونية إلى الشوارع‬ ‫في أنحاء تركيا‪ ،‬وشاركت فيها جميع شرائح‬ ‫اجملتمع التركي‪ ،‬وليس هناك في تركيا َمن لم‬ ‫يدل بصوته واستهجانه ملا يجري من عدوان‬ ‫صهيوني على غزة‪.‬‬ ‫وزير اخلارجية التركي أحمد داود أدغلو كان قد‬ ‫انتقد اإلدارة األميركية برئاسة “باراك أوباما” حني‬

‫‪66‬‬

‫قال‪“ :‬إنه لم يلمس في أوباما أي خطط جديدة‬ ‫للسالم في املنطقة”‪ .‬وقال أيضاً‪“ :‬ملا ننتظر‬ ‫كل شيء من األميركيني‪ ،‬نحن منطقة لها‬ ‫قدراتها السياسة والبشرية ومركزها املتميز‬ ‫وإسهامها في احلضارة العاملية‪ ،‬فلماذا نعلق‬ ‫آمالنا على َمن يقول أنه سيقدم حال ً سحريا ً‬ ‫من خارج احلدود‪ ،‬ملاذا ال تبادر الدول واملنظومات‬ ‫الى تقدمي مشاريع مهيأة في مطبخها وليس‬ ‫في مطابخ اآلخرين لكي تقف أمام اإلدارة‬ ‫األميركية أو الدول الغربية مبتطلباتها‪ .‬وأسس‬ ‫احلل التي تراها؟” “وإن الدور األميركي والدول‬ ‫العظمى أمر مهم ال ميكن جتاهله‪ ،‬ولكن يجب‬ ‫أال نعلق أخطاءنا على شماعة اآلخرين وأن نبدأ‬ ‫ونستمر في حل جميع مشاكلها وليس من‬ ‫طريق املقاولني الثانويني”‪.‬‬ ‫وحول الدور التركي في العراق‪ ،‬فأولوية تركيا‬ ‫ترى أن يقوم العراقيون أنفسهم بإدارة شؤونهم‬ ‫بأنفسهم‪ ،‬وهي على مسافة متساوية مع‬ ‫جميع املكونات العراقية‪ ،‬وسياستها الثابتة‬ ‫هي تأييد وحدة التراب العراقي وعودة العراق إلى‬ ‫دوره البارز كما كان قدميا ً بلدا جارا ومهما‪.‬‬ ‫التغيير اجلذري الذي طرأ على سياسة حزب‬ ‫العدالة والتنمية في عالقة تركيا بدول اجلوار‬ ‫العربي – اإلسالمي‪ ،‬عبر عنها وزير اخلارجية‬ ‫التركي في عام ‪ 2001‬في كتابه (العمق‬ ‫االستراتيجي) وفي ظل إغالق األبواب أمام دخول‬ ‫تركيا الى االحتاد األوروبي قررت تركيا العودة الى‬ ‫محيطها‪ ،‬وهي بذلك تقيم جسر التواصل بني‬ ‫العاملني اإلسالمي وأوروبا وبقية العالم الغربي‬ ‫دون انتظار اآلخرين‪.‬‬

‫أوغ‬


‫وزير اخلارجية التركي‬ ‫داوود اوغلو انتقد‬ ‫اإلدارة األميركية‬ ‫برئاسة باراك اوباما‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫«انه لم يلمس من اوباما‬ ‫أي خطط جديدة للسالم‬ ‫في املنطقة»‪ ،‬وقال‪« :‬ملاذا ننتظر‬ ‫كل شيء من األميركيني‪،‬‬ ‫فنحن منطقة لها قدراتها‬ ‫السياسية والبشرية‬ ‫ومركزها املتميز وإسهامها‬ ‫في احلضارة العاملية»‬ ‫تركيا اقتصاد قوي والدولة (‪)17‬‬ ‫في حجم االقتصاد‬ ‫يشكل االقتصاد دافعا ً رئيسيا ً لالنفتاح‬ ‫التركي على الشرق االوسط‪ ،‬فاالقتصاد التركي‬ ‫متنام يقترب سريعا ً من رقم (تريليون دوالر) من‬ ‫الناجت احمللي اإلجمالي مما يخلق حاجات ملحة‬ ‫يأتي في طليعتها توفير أسواق قريبة للصادرات‬ ‫املتنامية‪ ،‬وتوفير الطاقة الالزمة الستمرار هذا‬ ‫النمو‪ ،‬وإدراك تركيا بحكم االحتكاك بالتجربة‬ ‫األوروبية‪ ،‬أن املصلحة القومية ترتبط بعمق‬ ‫االستقرار وباألسواق اإلقليمية الكبيرة‪ ،‬دفعاها‬ ‫الى تبني سياسة خارجية تسعى الى تهيئة‬ ‫البنية التحتية املناسبة لهذا النمو عبر ترسيخ‬ ‫العالقات مع الدائرة العربية‪.‬‬ ‫وتهدف تركيا اآلن بوصفها دولة إقليمية‬ ‫كبيرة إلى قيادة دول املنطقة في ظل مشروع‬ ‫شرق أوسطي‪ ،‬وهي مهيأة لهذا الدور‪ ،‬فمكانتها‬

‫الرئيسان التركي واإليراني‪ :‬تضارب وتفاهم‬

‫كأكبر قوة اقتصادية في منطقة الشرق االوسط‪،‬‬ ‫وحتتل املرتبة (‪ )17‬في العالم من حيث كبر حجم‬ ‫االقتصاد‪ ،‬وكقوة إسالمية معتدلة حتاول أن تقدم‬ ‫منوذجا ً مجتمعيا ً منفتحا ً يقوم على التوفيق‬ ‫بني احلداثة الغربية املستقرة والدور اجلديد‬ ‫في املنطقة الذي يراعي مصالح دول املنطقة‬ ‫وبنفس الوقت ميأل الفراغ الذي خلفته السياسات‬ ‫اخلاطئة لإلدارات األميركية املتعاقبة في املنطقة‬ ‫من خالل إثارة احلروب وازدواجية املعايير متهيدا ً‬ ‫لتحقيق توازنات جديدة وجتاوز األزمات الكبرى‬ ‫التي مني بها االقتصاد العاملي‪.‬‬

‫مالمح الدور اإلقليمي التركي‬ ‫تبلور الدور التركي وبدا واضحا ً في املنطقة‪،‬‬ ‫ويشارك بفاعلية في احلراك اجلاري على خلفية‬ ‫املصالح الوطنية التركية‪ ،‬هذا الدور بات ضروريا ً‬ ‫إلعادة التوازنات في املنطقة بعد االحتالل‬ ‫االميركي للعراق‪ ،‬حيث كانت تركيا ابرز اخلاسرين‬

‫وعلى كافة املستويات‪ ،‬مرورا ً بتهديد وحدة‬ ‫األراضي التركية وباألخص في جنوب شرق تركيا‬ ‫حيث الغالبية الكردية‪ ،‬وظهور كيان كردي بغطاء‬ ‫أميركي كان سيمنع نفوذ تركيا اإلقليمي من‬ ‫التمدد‪.‬‬ ‫تغير كل شيء في املشهد اإلقليمي‪ ،‬وعودة‬ ‫تركية واعدة الى قلب التوازنات حيث أصبحت‬ ‫تسيطر اقتصاديا ً على منطقة احلكم الذاتي‬ ‫الكردية في العراق عبر امتالك شطر كبير من‬ ‫السوق احمللي في كردستان وتصدير البضائع إليها‪،‬‬ ‫كما أصبحت املعبر اجلغرافي لصادرات كردستان‪،‬‬ ‫إضافة إلى أنها تعتبر طرفا ً أساسيا ً في حسابات‬ ‫اجلدوى االقتصادية للعديد من األطراف داخل‬ ‫العراق‪ ،‬وفي معادالت السياسة العراقية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما مت تعزيزه من خالل عشرات االتفاقيات التي مت‬ ‫توقيعها مؤخرا ً بني البلدين‪.‬‬ ‫وزادت مالمح الدور اإلقليمي لتركيا‪ ،‬من خالل‬ ‫املواقف الشجاعة وانخراط أنقرة في امللف‬ ‫الفلسطيني ودعم القضية الفلسطينية‪،‬‬

‫تركيا اليوم «ثقة عظيمة عزمية في النفس»‪« ،‬ولن تستطيعوا‬ ‫فهم تاريخ خمسة عشر عاصمة أوروبية إذا لم تفتحوا‬ ‫األرشيف العثماني وتقرأوا تفاصيل أحداث القرون اخلمس املاضية»‬

‫أوغلو‪ :‬مهندس السياسة اخلارجية‬

‫تركيا استوعبت دورها الذاتي وعالقاتها املتنامية‬ ‫مع جميع الدول‪ ،‬وهي تصب في مصلحة اجلميع‪ ،‬بعد ان توفرت‬ ‫اإلرادة السياسية لتركيا وجوارها‪ ،‬والشارع التركي كان مميزاً‬ ‫في مواقفه لنصرة القضية الفلسطينية‪ ،‬وهو يرى‬ ‫في فلسطني قضية مركزية مهمة ال تتعلق بالعرب فقط‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر دولي‬ ‫وأفلحت أنقرة في نسج شبكة عالقات امتدت‬ ‫الى مجلس التعاون اخلليجي واتفاقيات التفاهم‬ ‫االقتصادي والعالقات املميزة مع سورية التي‬ ‫أصبحت مثاال ً يحتذى للعالقات بني الدول‪.‬‬ ‫إن متدد تركيا إقليميا في املنطقة يتم بتكاليف‬ ‫سياسية أقل بكثير من العائد السياسي الذي‬ ‫جتنيه‪ ،‬بحيث أن اجلدوى اإلستراتيجية من لعب‬ ‫هذا الدور تكون متحققة متاما ً في حالة الشرق‬ ‫االوسط‪ ،‬الصورة االيجابية لتركيا عند شرائح‬ ‫عربية واسعة‪ ،‬والترحيب غير املسبوق بهذا الدور‪،‬‬ ‫هما مؤشران واضحان ألهمية الدور التركي في‬ ‫املنطقة‪ ،‬ووصل األمر الى حد احلديث عن النموذج‬ ‫التركي وضرورة االستفادة من الدروس التي‬ ‫يقدمها‪ ،‬وخاصة بسبب توافر تاريخ مشترك بني‬ ‫تركيا والعرب وهو ما ال يجعل تركيا عنصرا ً وافدا ً‬ ‫الى املنطقة ويسهل قيامها بهذا الدور‪.‬‬ ‫تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫اردوغان قبل عام في خطاب أمام الهيئة البرملانية‬ ‫حلزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه قال‪“ :‬على‬ ‫إسرائيل أن تعلم انه ليس زعيم دولة عادية‪ ،‬بل‬ ‫زعيم أحفاد العثمانيني”‪ ،‬واعتبر اخلبراء واحملللون‬ ‫أن هذا التوصيف ال يحمل أطماع اإلمبراطورية‬ ‫السابقة وليست لديها أهداف للسيطرة‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬استناداّ الى معطيات موضوعية‬ ‫معينة وأهمها غير واضح ما هو املطلوب اجلملة‬ ‫تريد إعادة صياغة وإكمال املعنى‪ ،‬فشل الواليات‬ ‫املتحدة األميركية في العراق‪ ،‬وفشلها املوازي‬ ‫في ترويض “إسرائيل” واحلد من عدوانيتها‪ ،‬هذه‬ ‫األسباب شجعت تركيا على اخلروج من قفص‬ ‫تأييد الواليات املتحدة‪ ،‬وتأكيد مكانتها كالعب‬ ‫قوي مستقل في قلب منطقة شاسعة متتد‬ ‫من الشرق االوسط الى البلقان حتى القوقاز‬ ‫وآسيا الوسطى‪ ،‬واعتبار مستقبل تركيا في‬ ‫آسيا والشرق األوسط وليس في أوروبا‪ ،‬وأدركت‬ ‫تركيا مكانتها وقيمتها اإلقليمية والدولية‬ ‫وفق املستجدات احلاصلة على صعيد السياسة‬ ‫العاملية‪.‬‬

‫تركيا وأهمية العالقة مع سوريا‬ ‫إن تطور عالقات تركيا مع جوارها اإلقليمي‬ ‫وخصوصا ً العربي منه‪ ،‬يتيح لها بناء حتالف‬ ‫إقليمي واسع يفرض قوته وسيطرته على‬ ‫الشرقني األوسط واألدنى‪ ،‬وهو أمر سيتيح ألنقرة‬ ‫مكانة ووزنا ً دوليا ً اكبر‪ ،‬وبدأت تركيا بالعالقة مع‬ ‫سوريا ألنها تدرك ان سوريا العب شرق أوسطي‬ ‫مهم بسبب موقعه اجليو استراتيجي‪ ،‬وبسبب‬ ‫العالقات التي أقامتها سوريا مع عدد من‬ ‫املكونات السياسية والفاعلني في املنطقة‪ ،‬وال‬ ‫ميكن لتركيا ان تلعب دورا ً مهما ً ومعترفا ً به في‬ ‫الشرف األوسط بدون البوابة السورية‬ ‫األمر الذي من شأنه أن يبرز دور تركيا بالنسبة‬ ‫لالحتاد األوروبي والواليات املتحدة األميركية‪ ،‬وقد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫توقيع اتفاقات سورية‪-‬تركية‬

‫التفتت مؤسسة «بروكنيغتز» للدراسة واألبحاث‬ ‫لهذه القضية في ورقة بحثية وقالت‪»:‬إن املمر‬ ‫السوري سيلعب دور البوابة الرئيسية التي‬ ‫ستتيح لتركيا االنطالق باجتاه بلدان الشرق‬ ‫االوسط الرئيسية وهو أمر سيعزز قوة االقتصاد‬ ‫التركي ويفتح الباب ألنقرة إزاء اخليارات احلرجة‬ ‫التي تأتي في مقدمها احتماالت تخلي تركيا عن‬ ‫«إسرائيل»‪.‬‬ ‫الدور التركي اجلديد ميثل حلقة في مسلسل‬ ‫مدروس‪ ،‬وينطلق من رؤية إستراتيجية واضحة‬ ‫املعالم‪ ،‬تستهدف إخراج تركيا من التصنيف‬ ‫الذي اعتبرها جسرا ً بني الغرب والشرق‪ ،‬ووضعها‬

‫االقتصاد التركي متنام‬ ‫ويقترب سريعاً من رقم‬ ‫(تريليون دوالر) من الناجت احمللي‬ ‫اإلجمالي‪ ،‬وحتتل تركيا املرتبة‬ ‫(‪ )17‬في العالم من حيث كبر‬ ‫حجم االقتصاد وحتاول ان تقدم‬ ‫منوذجاً مجتمعياً منفتحاً يقوم‬ ‫على التوفيق بني احلداثة الغربية‬ ‫والدور اجلديد الذي يراعي مصالح‬ ‫دول املنطقة وبنفس الوقت ميأل‬ ‫الفراغ الذي خلفته السياسات‬ ‫األميركية اخلاطئة‬

‫‪68‬‬

‫في موقع أكثر لياقة وتقدماً‪ ،‬بحيث تصبح دولة لها دورا‬ ‫بارزا وفاعال في منطقة الشرق االوسط‪ ،‬فتغدوا قاطرة‬ ‫جتر غيرها وراءها ال مجرد جسر يعبر عليه اآلخرون‪ .‬ومن‬ ‫الواضح أن توجه تركيا نحو الشرق االوسط هدفه‬ ‫تعومي دورها في املنطقة‪ ،‬وذلك لتحقيق أهداف بعيدة‬ ‫فهي ستوظف هذه املكانة باقتدار للدخول إلى االحتاد‬ ‫األوروبي من موقع متميز هذه املرة‪ ،‬وشركات االحتاد لن‬ ‫تستطيع التخلي عن مصاحلها املتزايدة في تركيا وهذا‬ ‫ما سيجعلها بوابة حصرية إلى الشرق االوسط‪.‬‬ ‫املواقف التركية املشرقة‪ ،‬عززت من مكانة‬ ‫تركيا في العاملني العربي واإلسالمي وخاصة‬ ‫الرد على أساليب وابتكارات الدبلوماسية‬ ‫اإلسرائيلية اجلديدة في التعامل مع الشعوب‪،‬‬ ‫املناسب ألنظمة االعتدال الرسمي العربي التي‬ ‫جنحت «إسرائيل» في حتييدها من خالل اتفاقيات‬ ‫أفقدها دورها ونفوذها وقدرتها على احلركة‪ ،‬رغم‬ ‫أن الشعوب العربية هي من دفع ثمن مثل تلك‬ ‫السياسة اخلطيرة املدمرة‪ ،‬التي كانت طعنة‬ ‫موجعة في خاصرة العاملني العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫امتنا متلك اإلمكانيات املادية والبشرية‪ ،‬ولديها‬ ‫القدرة واإلرادة لتصحيح ما اعوج‪ ،‬إذا أتيحت لها‬ ‫الفرصة املناسبة‪ ،‬وهنا نتذكر اإلعالمي التركي‬ ‫عبد احلميد بيليجي يروي لنا كيف أن بيضة نسر‬ ‫تختلط وبيض الدجاج ويخرج الفرخ منها ليتأمل‬ ‫بإعجاب النسور وهي حتلق من بعيد ويتحول الى‬ ‫سخرية لفراخ الدجاج‪ ،‬كل ما كان يحتاج إليه‬ ‫هو أن يذكره أحدهم أنه هو أيضاُ فرخ نسر وأنه‬ ‫بإمكانه التحليق ساعة يشاء‪.‬‬ ‫الكثير من دولنا‪ ،‬وبعض من النظام الرسمي‬ ‫العربي‪ ،‬تتأمل من بعيد السياسة اخلارجية‬ ‫التركية وهي حتلق وتنسى أنها هي أيضا متلك‬ ‫املواصفات واخلصائص ذاتها‪.‬‬ ‫إنها نظرية اإلرادة والعزمية واملقاومة بكافة‬ ‫أشكالها‪ ،‬وهي إرادة احلياة وشعوبنا جديرة بها‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫التنين في القارة السمراء‬ ‫متتلك الصني أكثر من نصف قرن من التفاعل‬ ‫مع أفريقيا‪ ،‬وتقدم العالقة مع القارة السمراء‬ ‫منوذجاً فريدا ً لنمو القوة الصينية على املسرح‬ ‫العاملي واتساع العالقة بني الصني والدول‬ ‫األفريقية التي تهمد الطريق خليار البديل‬ ‫الصيني ليحل محل النفوذ الغربي‪ ،‬حيث‬ ‫توفر أفريقيا للصني أمرين هامني األول الفرصة‬ ‫لكسب االحترام واملكانة العاملية التي ترى‬ ‫“بكني” أنها تستحقها مع تنامي نفوذها‬ ‫االقتصادي‪ ،‬والثاني أصدقاء ال يصدرون عليها‬ ‫األحكام وليس لديهم املبرر املباشر للخوف من‬ ‫صعود الصني‪.‬‬ ‫ويرجع دفء العالقات الصينية األفريقية‬ ‫عقودا ً إلى الوراء حني ساندت “بكني” الدول‬ ‫املستقلة حديثاً باإلضافة الى حركات التحرر‪،‬‬ ‫وكان دعم القارة السمراء ضرورياً لدخول الصني‬ ‫إلى األمم املتحدة عام ‪ .1971‬ومع حتول الصني‬ ‫إلى العب أكثر نشاطاً في الشؤون املتعددة‬ ‫األطراف أدركت حاجتها لشركاء‪ ،‬وأفريقيا‬ ‫شريك مناسب جداً بطرق كثيرة‪.‬‬ ‫انطالقا ً من هذه املعطيات ومن واقع منو‬ ‫االقتصاد الصيني السريع واملتزايد‪ ،‬لم‬ ‫يكن هناك من شك أبدا ً في حاجة الصني‬ ‫الى أفريقيا ومواردها وال سيما النفط‬ ‫واملواد األولية‪ ،‬لكن املالحظ أن العالقات‬ ‫الصينية – اإلفريقية قامت على أسس‬ ‫سياسية واقتصادية أوسع وأعمق من‬ ‫املفهوم الضيق الستحواذ الصني على‬ ‫املوارد‪ ،‬خاصة في ظل تداخل عوامل‬ ‫داخلية وخارجية صينية لعبت دورا ً في‬ ‫تشكيل السياسة املتبعة جتاه أفريقيا‪،‬‬ ‫إذ ساهمت اإليدولوجيا واالقتصاد‬ ‫والسياسة في تشكيل هذه السياسة اعتمادا ً‬ ‫على احلاجات واملتطلبات التي تقتضيها هذه‬ ‫العالقة في كل مرحلة من املراحل‪.‬‬ ‫ففي مرحلة الستينات والسبعينات‪ ،‬شكلت‬ ‫أفريقيا ساحة معركة بني الصني وتايوان حول‬ ‫موضوع السيادة‪ ،‬ومن الذي يحق له متثيل الصني‬ ‫ككل في احملافل الدولية‪ ،‬أما في املرحلة الالحقة‬ ‫أي في القرن الواحد والعشرين حتول االقتصاد‬ ‫الى قضية مركزية‪ ،‬مبا في ذلك ضمان الوصول‬ ‫إلى مصادر الطاقة في أفريقيا وإلى السلع‬ ‫واملواد األولية الالزمة لضمان التنمية االقتصادية‬ ‫الصينية‪ ،‬وقد اتسمت سياسة الصني في تلك‬ ‫املرحلة بدرجة من “البراغماتية” والليونة واملرونة‬ ‫في التعامل‪.‬‬ ‫وبالتوازي مع اإليدولوجيا‪ ،‬كانت الصني تسعى‬ ‫أيضا إلى جعل الدبلوماسية في خدمة السياسة‬

‫واألهداف السياسية اخلاصة بها‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬ ‫كانت مسائل مثل السيادة ووحدة األراضي‬ ‫الصينية واالعتراف الدولي حتظى بأولوية لدي‬ ‫“بكني” في عالقتها مع أي من الدول‪ ،‬ومن بينها‬ ‫الدول اإلفريقية بطبيعة احلال‪.‬‬ ‫القضية التايوانية كانت حاضرة دوماً‪ ،‬ففي‬ ‫الوقت الذي أنشئت فيه جمهورية الصني الشعبية‬ ‫العام ‪ .1949‬كانت “تايوان” متثل الصني في احملافل‬ ‫الدولية واألمم املتحدة أيضا‪ ،‬حيث استطاعت بدءا‬ ‫من العام ‪ 1949‬وحتى ‪ ،1970‬أن تكسب املعركة‬ ‫مع جمهورية الصني الشعبية‪ ،‬وأن حتظى باعتراف‬ ‫معظم الدول اإلفريقية املستقلة حديثاً‪ ،‬لكن‬ ‫سرعان ما تغيرت األمور وانقلبت لصالح جمهورية‬ ‫الصني الشعبية منذ أن اكتسبت األخيرة املقعد‬ ‫الدائم في األمم املتحدة كممثل شرعي للبالد‬ ‫بدال ً من تايوان في العام ‪ ،1971‬وعد ذلك انتصارا ً‬ ‫دبلوماسيا للصني في إفريقيا‪.‬‬ ‫فـ “بكني” ومنذ العام ‪ 1970‬وحتى ما قبل ذلك‬ ‫كانت تصر على مبدأ “ اعتراف اآلخرين بصني‬ ‫واحدة” وهو ما حصلت عليه في أفريقيا أيضا‪.‬‬ ‫ومنذ تلك الفترة عملت “بكني” على إعطاء‬

‫العالقات الثنائية الصينية – األفريقية بعدا ً‬ ‫خاصاً‪ .‬ولتعزيز العالقات الصينية – األفريقية‬ ‫قامت “بكني” باستخدام أدوات مختلفة بشيء‬ ‫من اإلبداع واحلنكة‪ ،‬ومنها األدوات االقتصادية‬ ‫األكثر تأثيراً‪ ،‬واعتمدت في هذا اجملال على ثالثة‬ ‫أشكال من املساعدات الرسمية والعالقات‬ ‫التجارية واالستثمار‪.‬‬ ‫واستخدمت الصني موقعها كثالث أكبر‬ ‫دولة جتارية في العالم العام ‪ 2008‬للممارسة‬ ‫الدبلوماسية التجارية مع أفريقيا‪ ،‬األمر الذي رفع‬ ‫من الرصيد التجاري مع هذه القارة من ‪ 5‬مليار‬ ‫في العام ‪ 1995‬الى أكثر من ‪ 100‬مليار العام‬ ‫‪ ،2008‬لتشكل ‪ %5‬من حجم التجارة الصينية‬ ‫مع العالم‪.‬‬ ‫أما على صعيد االستثمارات الصينية في‬ ‫العام ‪ 2003‬إلى ‪ 520‬مليون في العام ‪ ،2006‬إلى‬

‫‪69‬‬

‫‪ 2‬مليار عام ‪ ،2008‬وذلك بدفع من االحتياطي‬ ‫النقدي األجنبي للبالد والذي ظل يرتفع إلى أن بلغ‬ ‫‪ 2‬تريليون في آذار من العام ‪ ،2009‬ويبلغ إجمالي‬ ‫الناجت احمللي اإلفريقي نحو ‪ 1.2‬تريليون دوالر‪ ،‬أي ما‬ ‫يقارب ربع حجم االقتصاد الصيني وقيمته ‪4.4‬‬ ‫تريليون دوالر‪.‬‬ ‫ال شك إن عالقات الصني بأفريقيا قد تطورت‬ ‫خالل ما يزيد عن ‪ 60‬عاما ً بشكل كبير لتصبح‬ ‫أكثر عمقا ً وقوة‪ ،‬ولتتحول إلى شراكة عاملية مع‬ ‫نهاية الثمانينات بشكل يعكس قوة نفوذ وتأثير‬ ‫الصني في أفريقيا بشكل تصاعدي‪ ،‬ويقدمها‬ ‫كبديل محتمل عن تأثير هيكلية السلطة‬ ‫والثقافة الغربية في أفريقيا‪ .‬لكن يجب أن ال‬ ‫ننسى أن أوروبا والواليات املتحدة ال سيما األخيرة‪،‬‬ ‫مارست نفوذا ً وتأثيرا ً سياسيا ً واقتصاديا ً كبيرا ً‬ ‫على أفريقيا وال تزال‪ .‬لذلك فتجاهل هذا التأثير‬ ‫الكبير للواليات املتحدة وأوروبا على أفريقيا أمر‬ ‫غير ممكن‪ ،‬وال يفوتنا أن سيطرة هذه القوى على‬ ‫العوملة عمل على نشر تأثيرهم املباشر وغير‬ ‫املباشر ‪.‬‬ ‫وما يجب اإلشارة إليه أن العوملة لم تكن يوما ً‬ ‫ولن تكون باجتاه واحد‪ ،‬أي من الدول الغربية جتاه‬ ‫الدول غير الغربية‪ ،‬فاحلاجة إلى وجود عوملة بديلة‬ ‫تتحدى القوى التقليدية املسيطرة فعالً‪ ،‬وتبرهن‬ ‫على أن اجملتمعات غير الغربية لديها مبادرات‬ ‫ومساهمات على صعيد التطور والنمو احمللي‪،‬‬ ‫وعلى صعيد السياسة الدولية‪ ،‬لذلك ميكن‬ ‫القول‪ :‬إن العالقات الصينية – األفريقية تطورت‬ ‫على مراحل عديدة مع مرور الوقت واتخذت‬ ‫أشكاال مختلفة أيضا ومتنوعة‪ ،‬ومع كل مرحلة‬ ‫من هذه املراحل‪ ،‬وتطورت العالقة بني الطرفني‬ ‫بشكل أوسع وأكثر عمقاً‪ ،‬واستطاعت الصني‬ ‫تقدمي نفسها ألفريقيا “كبديل” لسياساتها‬ ‫احمللية التقليدية ولعالقاتها اخلارجية‪ ،‬وملمارستها‬ ‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ومتتلك القدرات الالزمة‬ ‫للمساهمة في تطوير القارة السمراء‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫المزور الذي وصلت نسبته الى ‪%35‬‬ ‫من يحمي المواطن من الدواء‬ ‫ّ‬

‫تسوق ‪ 53‬صنفاً‬ ‫سكرية‪ 13 :‬مستشفى ّ‬ ‫مزورة أو محدودة الصالحية‬ ‫من أدوية ّ‬

‫من املشاكل الصحية البارزة في لبنان‬ ‫األدوية املزورة التي تنتشر بكثرة وتغزو‬ ‫صيدليات عديدة دون وازع لدى املتاجرين بها‬ ‫الذين ال يكترثون بالتأثير السلبي لهذه األدوية‬ ‫على صحة املواطن‪.‬‬ ‫واملشكلة أن اكتشاف هذه األدوية يتم‬ ‫بصعوبة كما أن هناك تالعبا ً في تواريخ إنتاج‬ ‫يتم في‬ ‫األدوية وتاريخ صالحياتها‪ ،‬وكل ذلك ّ‬ ‫غفلة من املسؤولني والق ّيمني على القطاع‬ ‫الصحي في لبنان‪ ،‬الذي قد يكون قسم من‬ ‫املواطنني ضحية له بسبب الدواء املزور‪ ،‬ألن‬ ‫اخلسارة تقتصر في حدها األدنى على هدر‬ ‫املال‪ ،‬دون اإلدراك الى ما ميكن أن يلحق الدواء‬ ‫املزور باملريض من ضرر يؤدي أحيانا ً الى املوت‪،‬‬ ‫خاصة وأن االدوية املزيفة عادة ما حتتوي على‬ ‫املاء والسكر والكلس‪ ،‬وتس ّوق على أساس أنها‬ ‫أدوية فعالة‪ ،‬أضف الى أن الذين يشرفون على‬ ‫انتاجها وتوزيعها يستفيدون من غياب الرقابة‬ ‫الفعلية على الدواء املستورد (أو امله ّرب عبر‬ ‫أقنية سرية)‪ ،‬فيدفع الناس البسطاء أي املرضى‬ ‫حياتهم ثمناً‪.‬‬ ‫القصة بدأت في الصني‪ ،‬في أحد مصانع األدوية‬ ‫التي تقلد األدوية األوروبية أو األميركية حتى‬ ‫في التعليب‪ ،‬الى درجة أن الكثيرين من احملترفني‬ ‫(صيادلة وأطباء) ال يستطيعون التمييز بني‬ ‫األصلي واملزيف‪ .‬واألدوية املزيفة التي تدخل لبنان‪،‬‬ ‫عبر احلدود البرية على األرجح‪ ،‬ال يتجاوز سعرها ‪4‬‬ ‫دوالرات لكنها تباع في الصيدليات بسعرها األصلي‬ ‫ّ‬ ‫التحكم في‬ ‫(حوالى مئة دوالر اميركي)‪ ،‬بسبب‬ ‫استيراد الدواء عبر الوكاالت احلصرية من املستورد‪،‬‬ ‫وجعالة الصيدلي املرتفعة‪ ،‬ما يسهم في زيادة‬ ‫السعر عن بلد املنشأ أو األسواق القريبة بنسب‬ ‫تتراوح ما بني ‪ %30‬وأكثر من ‪.%100‬‬ ‫في السياق نفسه‪ ،‬لم يف ّرق أحد بني الدواء‬ ‫املز ّور واملق ّلد وامله ّرب‪ .‬فاألول هو عبارة عن عملية‬ ‫غش‪ ،‬والثاني يتع ّلق بدخول أدوية غير معتمدة‬ ‫في لبنان أسماؤها قريبة من الدواء األصلي‬ ‫ولديها التركيبة الكيميائية نفسها‪ ،‬لكن‬ ‫صنعتها شركات مختلفة‪ ،‬والثالث قد يكون‬ ‫الدواء األصلي أو املق ّلد‪ ،‬لكنه دخل عن طريق‬ ‫التهريب الى لبنان وسبب مبيع هذه األدوية أن‬ ‫سعرها أرخص‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واألدوية املزورة ال تطال فقط األمراض‬ ‫املستعصية كاألمراض السرطانية والسكري‬ ‫واألمراض الهرمونية واملضادات احليوية األنتيبيوتك‬ ‫وبعض أدوية الضغط‪ ،‬وغيرها‪ ،‬إذ قد يكون أي‬ ‫مواطن صحيح ضحية للمقلد من الدواء مبجرد‬ ‫تناول مسكن معتاد للصداع‪.‬‬ ‫عدد من الصيدليات وآخر من املستشفيات مت‬ ‫ضبط أدوية مزورة لديهم‪ ،‬وأنواع األدوية املضبوطة‬ ‫بالعشرات‪ ،‬من هنا تعقب هذا النوع من التزوير‬ ‫ليس مهمة سهلة‪ ،‬وعمليات اكتشافه تتم‬ ‫إما عقب عملية تفتيش روتينية في املؤسسات‬ ‫الطبية أو بعد تبليغ خاص لوزارة الصحة أو عند‬ ‫النقاط احلدودية‪.‬‬ ‫كما أن اكتشاف التزوير على ما يبدو ليس أمرا ً‬ ‫يسيرا ً بالنسبة للمواطن العادي‪ ،‬لكن إثارة امللف‬ ‫مؤخرا ً دفعت بالكثيرين إلى توخي احلذر والتدقيق‬ ‫فيما هو واضح من العالمات الفارقة أثناء الشراء‪،‬‬ ‫رغم ذلك ليس من السهل اجلزم كليا ً بجودة‬ ‫املنتج‪ ،‬متاما ً كما ال ميكن اجلزم بنسبة األدوية املزورة‬ ‫واملهربة املوجودة في السوق‪ .‬وتؤكد وزارة الصحة‬ ‫أن حتديد كميات هذه األدوية غير ممكن خاصة وأن‬

‫‪70‬‬

‫دفعات كبيرة قد ترسل إلى املؤسسات الطبية‬ ‫في أي حلظة‪.‬‬ ‫قدرت منظمة الصحة‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ّ ،‬‬ ‫العاملية نسبة األدوية املزورة بني ‪ %1‬في‬ ‫البلدان املتقدمة و‪ %30‬في البلدان طور النمو‪،‬‬ ‫فيما تصل نسبة األدوية املزورة التي تباع عبر‬ ‫االنترنت إلى ‪.%50‬‬ ‫واالستنتاجات ضاقت لدى البعض لتنحصر‬ ‫بأفكار تبسيطية عن الواقع الصحي‪ ،‬لتصل‬ ‫إلى اعتبار أن وجود أدوية مزورة بنسبة ‪ 5‬في‬ ‫املئة في لبنان ليست بكارثة وطنية‪ ،‬ما دامت‬ ‫ضمن حدود املعدل العاملي لألدوية املزورة! علما ً‬ ‫بأ ّن عددا ً من متابعي امللف الدوائي في لبنان‬ ‫يؤكدون أن نسبة األدوية املغشوشة وصلت‬ ‫إلى ‪ 35‬في املئة‪.‬‬ ‫املصدرة للدواء املز ّور هي الهند‬ ‫أكثر الدول‬ ‫ّ‬ ‫والصني واإلمارات العربية املتحدة‪ .‬أما السبب‬ ‫فيعود إلى وجود مناطق حرة غير خاضعة‬ ‫للرقابة‪ .‬ففي منطقة جبل علي في اإلمارات‬ ‫منطقة حرة ال يدخلها أي نوع من الرقابة‪.‬‬ ‫فالتهريب ينشط من هنا ويرتفع منسوبه خالل‬ ‫األزمات األمنية‪ ،‬وال أحد يعرف بدقة الوسائل‬ ‫التي يتم التهريب بها فرمبا تفي وسائط نقل من‬ ‫هذا النوع بالغرض أحياناً‪ ،‬كما أن عمليات التهريب‬ ‫ميكن أن تتم أيضا ً عبر النقاط احلدودية الرسمية‬ ‫خاصة إذا كانت العملية موضبة بأسلوب جيد‪،‬‬ ‫ومدروس‪.‬‬

‫سوق الدواء في لبنان‬ ‫ال تغطي صناعة األدوية محليا ً سوى ما يقدر‬ ‫بـ‪ %2‬من حاجات السوق‪ ،‬الساحة بالتالي تخلو‬ ‫لألدوية املستوردة التي ال تدخل لبنان إال بتراخيص‬ ‫من وزارة الصحة‪ ،‬لكن املشكلة أن التدقيق في‬ ‫جودة أصناف هذه األدوية يتم بحسب املتابعني ملرة‬ ‫واحدة فقط في مختبرات خارجية أو حتى داخلية‬ ‫وذلك بسبب افتقار البالد خملتبر مركزي يفحص‬ ‫بشكل دوري عينات من كافة كميات األدوية التي‬ ‫تتدفق إلى السوق‪ ،‬ال سيما األدوية التي تصنع في‬ ‫دول العالم الثالث لتضاف بذلك إلى الدواء املزور أو‬ ‫املهرب مشكلة من نوع آخر‪.‬‬


‫في هذا السياق‪ ،‬ردود الفعل اليوم على اكتشاف‬ ‫وزارة الصحة دواء الـ ‪ PLAVIX‬لعالج القلب املزور‬ ‫في السوق اللبنانية‪ ،‬فتح الباب على قطاع الدواء‬ ‫في لبنان والرقابة املفروضة عليه‪ ،‬وجدد املطالبة‬ ‫بكشف نتائج التحقيقات التي شملت خالل‬ ‫عام ‪ 2008‬عددا ً كبيرا ً من املستشفيات اللبنانية‬ ‫التي كانت تعمد إلى الغش في أدوية األمراض‬ ‫املستعصية واملزمنة‪ ،‬والتي لم يكشف النقاب‬ ‫حتى اآلن عن مصير التحقيقات التي طاولتها‪.‬‬ ‫ويشكل تنفيذ قرار وزارة الصحة بإقفال ثالث‬ ‫صيدالت إضافية اليوم ضربة كبيرة لبعض الثقة‬ ‫التي قد يكون شعر بها بعض املواطنني نتيجة‬ ‫إعالن اجلهات الرسمية اللبنانية في وقت سابق‬ ‫مصادرة كامل كميات «البالفيكس» املزور من‬ ‫األسواق اللبنانية‪ .‬وتكتسي قضية تزوير عقار‬ ‫مخصصا‬ ‫«البالفيكس» أهمية صحية كبرى كونه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تشكل اجللطات الدموية لدى مرضى القلب‬ ‫ملنع‬ ‫والشرايني والضغط وسواها‪.‬‬ ‫لكن لبنان لم يكن أول بلد يقع في فخ تزوير‬ ‫هذا الدواء‪ .‬ففي عام ‪ ،2006‬اكتشف األردن دواء‬ ‫الـ ‪ Plavix‬مزورا ً في بعض صيدلياته‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 2007‬اكتشفت وزارة الصحة ونقابة الصيادلة‬ ‫الفلسطينية وجود الدواء املذكور عينه مزورا ً‬ ‫كذلك في األراضي الفلسطينية احملتلة‪ ،‬وفي العام‬ ‫‪ ،2009‬ضبطت جلنة الصحة في سوريا مستودعا ً‬ ‫لألدوية األجنبية املهربة‪ ،‬وتبني أيضا ً بحسب تقرير‬ ‫اللجنة أن جميع األدوية مهربة ومزورة ومنتهية‬ ‫الفاعلية وبعضها خطر جدا ً ويؤدي إلى الوفاة‬ ‫مثل ‪ PLAVIX‬وخارج إطار الدول العربية‪ ،‬سحبت‬ ‫بريطانيا في عام ‪ 2007‬دواء الـ‪ plavix‬املزوَّر من‬ ‫أسواقها‪ ،‬بعدما اكتشفت وجود كميات ضخمة‬ ‫منه‪ ،‬وقد ُصنّف الدواء بأنه “من البضائع اخلطرة‬ ‫التي حتتوي على شوائب من املمكن أن تؤدي إلى‬ ‫مشكالت صحية أو إلى موت األشخاص ذوي‬ ‫األمراض القلبية الصعبة”‪ .‬من هنا‪ ،‬كان ال بد‬ ‫للجهات الصحية في لبنان التنبه الى وجود هذا‬

‫الدواء املزور في أسواق عربية‬ ‫وأجنبية الى جانب العشرات‬ ‫من األدوية األخرى املتوفرة في‬ ‫األسواق‪ ،‬خاصة وأن للجهات‬ ‫الرسمية قنوات رقابية عملها‬ ‫يختص باملراقبة والضبط‬ ‫واحملاسبة‪.‬‬ ‫أن إقفال الصيدليات الثالث‬ ‫يأتي على خلفية استمرار‬ ‫تسويق «البالفيكس» املز ّور‬ ‫عينه‪ ،‬مما يعني أن الدواء املز ّور‬ ‫ما زال متوافرا ً في بعض‬ ‫املؤسسات الصيدالنية والعالجية‬ ‫وهو ما يتناقض مع ما سبق وأعلن رسميا ً في هذا‬ ‫السياق‪.‬‬ ‫وتأتي خطوة اإلقفال هذه نتيجة استكمال‬ ‫التحقيقات التي ال تزال دائرة التفتيش في وزارة‬ ‫ّ‬ ‫التأكد من مصادرة‬ ‫الصحة تتابعها‪ ،‬على خلفية‬ ‫ّ‬ ‫كل الكميات املز ّورة من دواء «البالفيكس» املتوفرة‬ ‫في لبنان‪ ،‬وفق ما أكدته مصادر وزارة الصحة‪.‬‬ ‫ويشمل قرار اإلقفال «املؤقت» اجلديد أيضا ً‬ ‫أحد املراكز العالجية التابع ألحد املستشفيات‬ ‫املعروفة في لبنان‪ ،‬على خلفية تو ّرط املركز‬ ‫املعني في تسويق «البالفيكس» املز ّور من‬ ‫جهة‪ ،‬وبعض احلقن املمنوعة واملز ّورة من جهة‬ ‫الصحية الرسمية‬ ‫أخرى‪ ،‬ودائما ً وفق املصادر‬ ‫ّ‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫وأ ّدت متابعة ّ‬ ‫ملف التزوير ‪ ،‬وبالتعاون مع اجلمارك‬ ‫اللبنانية‪ ،‬إلى ضبط حلقة متكاملة من املتورطني‬ ‫في تزوير منشطات خاصة برياضة كمال األجسام‪،‬‬ ‫بدءا ً من املطبعة التي جتهّ ز علب املنشطات (اإلسم‬ ‫واحملتويات)‪ ،‬مرورا ً بتركيب املنشطات املز ّورة وصوال ً‬ ‫إلى تسويقها‪ ،‬ما أدى إقفال الصيدليات الثالث‬ ‫واملركز االستشفائي اجلراحي واملطبعة املتورطة‬ ‫«مؤقتاً»‪ ،‬على أن يح ّول ملفها بعد استكماله إلى‬ ‫نقابة الصيادلة والقضاء ليقول كلمته النهائية‬

‫‪71‬‬

‫وفقا ً لنتيجة ما تتوصل إليه االستقصاءات‬ ‫الالزمة‪.‬‬

‫إقفال صيدليات‬ ‫وتشير خطوة اإلقفال اليوم‪ ،‬التي تلي ما سبق‬ ‫الصحة من‬ ‫وقامت به دائرة التفتيش في وزارة‬ ‫ّ‬ ‫إقفال سبع صيدليات وأربعة مستودعات في وقت‬ ‫سابق‪ ،‬إال أن التحقيقات املستم ّرة في الوزارة في‬ ‫ملف «البالفيكس» املز ّور‪ ،‬أظهرت متورطني جددا‬ ‫في جرمية بيع وتسويق هذا الدواء اخلطير الذي‬ ‫انحسرت األضواء عنه في األسبوعني املاضيني‬ ‫بسب الكارثة املأساة التي مت ّثلت بحادث الطائرة‬ ‫األثيوبية املنكوبة‪.‬‬ ‫وتتم ّثل خطورة تزوير «البالفيكس» ليس فقط‬ ‫بصحة املريض لدرجة‬ ‫في احتمال إحلاق األذى‬ ‫ّ‬ ‫التسبب بوفاته‪ ،‬كون املز ّور منه ال يحتوي على‬ ‫أكثر من ‪ 45‬في املئة من الـ‪ 75‬ملغ من مادة‬ ‫الـ«كلوبيدوغريل» املعاجلة في «البالفيكس»‪،‬‬ ‫بل يزداد األمر خطورة إذا ما علمنا أن «الدواء‬ ‫اآلخر األقرب إلى «البالفيكس» تدور الشبهات‬ ‫حول فعاليته من جهة‪ ،‬وحول السماح به في‬ ‫بلد املنشأ من جهة ثانية‪ ،‬بسبب اعتبار اجلهات‬ ‫اخملتصة في البلد املعني أن فعالية الدواء املذكور‬ ‫ّ‬ ‫ضعيفة جداً»‪ ،‬على ما يؤكد لـ “منبر التوحيد”‬ ‫رئيس الهيئة الوطنية الصحية النائب السابق‬ ‫الدكتور اسماعيل سكرية‪.‬‬ ‫لكن تزوير «البالفيكس» ليس التزوير األول وال‬ ‫األخير‪ ،‬في بل ٍد تعاني فيه الرقابة في شتى اجملاالت‬ ‫من التدخالت السياسية واحملسوبيات والفساد‬ ‫املستشري في القطاعات كافة‪« .‬وال يسلم‬ ‫القضاء نفسه من هذا النوع من الضغوط»‪ ،‬وفق‬ ‫الدكتور سكرية الذي يعود بالذاكرة إلى واحدة من‬ ‫الصحي والتي حدثت‬ ‫أكبر الفضائح في امليدان‬ ‫ّ‬ ‫قبل عامني «وأظهرت تو ّرط ‪ 13‬مستشفى في لبنان‬ ‫بتسويق ‪ 53‬صنفا ً من األدوية املز ّورة التي تشمل‬ ‫تلك اخملصصة لعالج مرضى السرطان (حقن ماء)‪،‬‬ ‫ومرضى نقص املناعة املكتسبة ـ السيدا (خلطات‬ ‫وهمية)‪ ،‬وتسويق أدوية منتهية الصالحية»‪ ،‬ودائما ً‬ ‫وفق سكرية الذي يضيف أن األسوأ في املوضوع هو‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫ّ‬ ‫امللف إلى القضاء متّت «لفلفته»‬ ‫«أنه عند وصول‬ ‫وال زالت هذه املستشفيات بألف خير»‪.‬‬ ‫احلديث عن فضيحة «البالفيكس» املز ّور‪ ،‬يبقى‬ ‫غيضا ً من فيض‪ .‬إذ يعود ّ‬ ‫ملف تزوير الدواء في لبنان‪،‬‬ ‫يرجح كثيرون‪ ،‬إلى تاريخ قيام دولة لبنان‬ ‫على ما ّ‬ ‫الكبير‪ ،‬إذ احتكرت استيراد األدوية‪ ،‬منذ البداية‪،‬‬ ‫محددة من كبار التجار واملتمولني بغطاء‬ ‫مجموعة‬ ‫ّ‬ ‫من العائالت السياسية الكبرى في البلد‪.‬‬ ‫وتسبب إخراج فضيحة تزوير «البالفيكس» إلى‬ ‫الصحة نفسها‪،‬‬ ‫العلن‪ ،‬عبر وسائل اإلعالم ووزارة‬ ‫ّ‬ ‫بحالة من الهلع في صفوف املرضى الذين يتناولون‬ ‫هذا الدواء كعالج ضروري ومالزم ألي مريض قلب‬ ‫وشرايني بالدرجة األولى وبني عائالتهم أيضاً‪.‬‬

‫اسماعيل سكرية‬ ‫لتقت “منبر التوحيد” رئيس الهيئة الوطنية‬ ‫الصحية النائب السابق الدكتور اسماعيل‬ ‫سكرية الذي حمل خالل السنوات العشر األخيرة‬ ‫ملفات مكافحة اإلجتار في األدوية املزورة والتي‬ ‫تهدد حياة املرضى‪ .‬وكان وما يزال يدق ناقوس اخلطر‬ ‫ويدفع احلكومة ووزارة الصحة الى مكافحة هذه‬ ‫الظاهرة اخلطيرة من أدوية مزورة تباع في األسواق‬ ‫أو تعطى للمرضى في بعض املستشفيات‪ .‬وأعتبر‬ ‫الدكتور سكرية أن قضية دواء ‪ plavix‬خطوة نحو‬ ‫اإلجتاه الصحيح في طريق طويلة تتطلب الكثير‪،‬‬ ‫وإن جاءت متأخرة‪ .‬فأقله يتم الكشف عن مئات‬ ‫األدوية التي تتحرك في األسواق مبواصفات مزورة‬ ‫ومغشوشة و محدودة الصالحيات وتركيباتها‬ ‫وهمية خالية من أية مكونات دوائية‪ ،‬وهي ال تقل‬ ‫خطورة‪ ،‬بل هي األكثر استعماالً‪ ،‬ومنها أدوية‬ ‫هرمونية ومخدرة ومضادات حيوية‪”.‬‬ ‫ويتابع‪ »:‬في ظل غياب سياسة وطنية للدواء‬ ‫في لبنان‪ ،‬يشهد سوق الدواء دائما ً فلتانا ً وفوضى‬ ‫على صعيد ْي النوعية والتسعير‪.‬ففي الفترة‬ ‫األخيرة تضخمت آفة األدوية املزورة مستغلة غياب‬ ‫اخملتبر للمراقبة وفساد اإلدارة الداخلية في الوزارة‬ ‫والفساد السياسي الذي يقوم بتغطية اخلطأ‬ ‫حتت حجة إما املشاركة في الفساد‪ ،‬أو حتت غطاء‬ ‫احملسوبية السياسية‪.‬وعلينا التمييز بني اشكال‬ ‫التزوير ودرجاته‪ .‬فعندما اقول ان ثلث األدوية في‬ ‫لبنان ال حاجة لها ويجب سحبها من االسواق ‪،‬ال‬ ‫يعني كالمي هذا على انها ادوية مزورة‪ ،‬بل يعني‬ ‫ان هذا الثلث يجمع التالي‪ :‬ما هو مجتزأ الفعالية‬ ‫مثل دواء الـ‪ PLAVIX‬الذي تبني ان فعاليته ال‬ ‫تتعدى ‪ ،%45‬أو دواء مقلد أو ممدد الصالحية أو‬ ‫مزور مبعنى انه عبارة عن خلطة وهمية تنتجها‬ ‫عصابات محلية تقوم بتجميع اغلفة وكراتني‬ ‫األدوية من املستشفيات والصيدليات وتقوم‬ ‫بتعبئة الكابسوالت الوهمية في نفس غالف‬ ‫الدواء األصلي‪.‬هناك ادوية تروَّج من وقت آلخر‬ ‫ولكنها ليست أكثر من مياه او بودرة‪.‬وهذا يعيدنا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫غياب سلطة وطنية‬ ‫للدواء يفتح السوق‬ ‫أمام الفوضى‬ ‫بالذكرى الى فضيحة مستشفى احلياة والتي‬ ‫تبني من خالل التحقيق تورط ‪ 13‬مستشفى أخرى‬ ‫بعضها في الشمال واجلنوب والبقاع وفي مختلف‬ ‫املناطق اللبنانية‪.‬وهناك مجموعة من األدوية التي‬ ‫سحبت من األسواق العاملية وفقا ً لتوصية الهيئة‬ ‫الصحية في األمم املتحدة ملا لها من عوارض‬ ‫خطيرة‪ ،‬ومازالت تباع بكثرة في أسواقنا احمللية‪.‬‬ ‫علي أن أضع‬ ‫لكن في ظل غياب اخملتبر العلمي‪ّ ،‬‬ ‫عالمة إستفهام على كافة األدوية املستخدمة‬ ‫واملتواجدة في األسواق‪”.‬‬ ‫ويكمل سكرية‪»:‬لقد اطلعنا الزمالء النواب‬ ‫في العام ‪ 1998‬على عشرات علب األدوية املزورة‬ ‫التي كانت في االسواق‪ .‬ولكن السؤال الذي يطرح‬ ‫لم حتركت اجلهات اخملتصة اآلن وليس‬ ‫نفسه حالياً‪َ :‬‬ ‫من قبل؟ رمبا ألنها رضخت للضغط الذي مورس‬ ‫خالل ‪ 12‬عاما ً ونصف العام من املطالبة واملساءلة‬ ‫وما راكمته بوجدان الناس‪ .‬فموضوع تلك األدوية‬ ‫حديث اجملتمعات ووسائل اإلعالم وهو مثار في كثير‬ ‫من القنوات‪ ،‬وبدأت الناس تتساءل حول نوعية‬ ‫األدوية التي تتناولها‪ .‬لكن هل ميكنني إعتبار هذه‬ ‫اخلطوة بداية لتصحيح الواقع احلالي؟ قطعا ً ال‪.‬‬ ‫وميكن اعتبار هذه اللفتة من قبل اجلهات اخملتصة‬ ‫لتشتيت انتباهنا عن ما هو أخطر منه مثل‬ ‫مسألة أدوية األعشاب وغيرها‪ .‬كل اإلستنتاجات‬ ‫متاحة في ظل هذا املناخ السياسي واإلداري‬ ‫الفاسد ‪.‬ومن يعتقد أنه سينتج عن هذه اخلطوة‬ ‫أية عملية إصالح حقيقية فهو غبي‪».‬‬

‫‪72‬‬

‫وعندما سألناه تزويدنا ببعض أسماء األدوية‬ ‫املزورة و املطروحة في األسواق‪ ،‬أجاب الدكتور‬ ‫سكرية‪»:‬هذا ليس من اختصاصي‪ ،‬إنه من واجبات‬ ‫وزارة الصحة التي يفترض أن يكون لديها أجهزة‬ ‫تفتيش مركزي ووزاري ومراقبة‪ ،‬ومتلك الئحة‬ ‫بأسماء األدوية املزورة والصيدليات املتعاملة مع‬ ‫جتار االدوية ومستودعات التخزين‪ .‬يكفي ان يكون‬ ‫لي الدور الذي أمارسه منذ ‪ 12‬عاما ً والذي يخدم‬ ‫احلقيقة وصحة املواطن ‪».‬‬ ‫ودعا سكرية في حديثه إلى كشف املزيد من‬ ‫الصيدليات التي ما زالت تس ّوق هذه األدوية‪ ،‬وإلى‬ ‫تشديد الرقابة على اخملازن واملستوصفات‪ ،‬وكشف‬ ‫األوكار األخطر في تسويق هذه األدوية‪ ،‬وهي بعض‬ ‫املستشفيات‪ ،‬حيث يسهل إعطاؤها للمريض دون‬ ‫الشكل الصيدالني «أمبالج»‪.‬‬ ‫وأشار سكرية الى نتائج التحقيقات‬ ‫القضائية في آذار ‪ ،2008‬التي انطلقت من أحد‬ ‫مستشفيات العاصمة لتُظهر تورط ثالثة عشر‬ ‫مستشفى في تسويق ‪ 53‬صنفا ً من أدوية مزورة‬ ‫أو محدودة الصالحية أو مجرد مياه وخلطات‬ ‫وهمية تستعمل الشكل اخلارجي لعلب األدوية‬ ‫السليمة‪ .‬إضافة إلى إعادة فحص وتسجيل كل‬ ‫أدوية السوق‪ ،‬وذلك يتطلب ضرورة توافر مختبر‬ ‫للرقابة العلمية‪ ،‬ألن ثلث هذه األدوية ال تتوافر‬ ‫فيها الشروط‪ ،‬ومشبوهة‪ .‬وكذلك إعادة تسعير‬ ‫األدوية‪ ،‬انطالقا ً من أن العدالة في األسعار وحدها‬ ‫تخفف من آفة «أنفلونزا تزوير الدواء»‪ .‬وتابع‬ ‫سكرية حديثه عن دواء البالفيكس واكتشاف‬ ‫كميات منه مزورة فقال أنهنه دواء يعطى للمريض‬ ‫في القلب وملنع اجللطة‪ ،‬وسعره مرتفع باإلجمال‬ ‫(ثالث أضعاف دول املنشأ) وممكن االستعاضة عنه‬ ‫أحيان ًا باألسبرين‪ ،‬ومت اكتشاف أن هناك كميات‬ ‫كبيرة منه مزورة ومحدودة الفاعلية أي ‪،%45‬‬ ‫فأقفلت بعض الصيدليات و‪ 4‬مستودعات اقفلت ‪3‬‬ ‫أما الرابعة فصاحبها مدعوم سياس ًيا فلم تقفل‪،‬‬ ‫وأن عملية التزوير مت اكتشافها عندما قامت دورية‬ ‫تابعة ملصلحة التفتيش في الوزارة بزيارة إلحدى‬ ‫الصيدليات‪ ،‬ليتبني فيما بعد وجود ‪ 9‬صيدليات‬ ‫و‪ 4‬مستودعات في عدد من املناطق اللبنانية تبيع‬ ‫هذا الدواء‪ ،‬ومنها صيدلية الشعار ‪( TV‬تلة اخلياط)‪،‬‬ ‫صيدلية حبيب (األشرفية)‪ ،‬صيدلية جمال (حارة‬ ‫حريك)‪ ،‬الصيدلية احلديثة (بعلبك) والصيدلية‬ ‫الشعبية (اجلنوب‪ ،‬الصرفند)‪ .‬أما املستودعات فهي‪:‬‬ ‫مستودع ‪ ،PHP‬مستودع الفارابي‪ ،‬مستودع ‪royal‬‬ ‫‪ farm‬ومستودع ‪farm new‬‬ ‫أما عن املتورطني بهذه القضية يجيب‪ :‬قد ال‬ ‫يكونون بالضرورة يعرفون بأنها مزورة‪ ،‬ألن البعض‬ ‫منهم قد أتوا به من مستودع شرعي‪ ،‬واملسؤولية‬ ‫تقع أوال ً على وزارة الصحة العامة التي أبقت على‬ ‫غياب مختبر يفحص الدواء وفاعليته‪ ،‬ألن غيابه‬ ‫يفتح الباب أمام التشاطر‪ ،‬ألن معظم األدوية‬ ‫بودرة أو نشار خشب أو ماء‪.‬‬


‫الرقابة موسمية‬ ‫عن هيئات الرقابة يقول سكرية أنها تقوم‬ ‫موسم ًيا وخالل الضغط وللتنفيس مبهامها‪ ،‬وردًا‬ ‫على سؤال بأن مشكلة تكرار الدواء تتكرر منذ‬ ‫فترة واخرى ما هو احلل اجلذري لها‪ ،‬يجيب‪»:‬احلل‬ ‫اجلذري النهائي يحتاج الى تصحيح واقع سوق‬ ‫الدواء في لبنان وهذا التصحيح سوف يطيح‬ ‫بثلث األدوية املوجودة في السوق‪ ،‬ما يعني إهدار‬ ‫مئات املاليني من الدوالرات‪ ،‬ويجب تصحيح‬ ‫شبكة «مافيا» الدواء املتمثلة مبصالح جتار‬ ‫وإداريني في الوزارة متواطئني الى سياسيني‬ ‫وغطاءات سياسية‪ ،‬بحاجة الى قرار وطني كبير‬ ‫يغطي تنفيذه‪ ،‬باالبتعاد عن كل األلغام الطائفية‬ ‫واملذهبية والسياسية واملالية‪.‬‬ ‫وأوضح سكرية أن مصدر هذا التزوير يعود الى‬ ‫اعتماد العصابات احمللية تزوير أكبر عدد من تلك‬ ‫األدوية‪ ،‬ويأتي الباقي عبر املطار واملرفأ من الصني‬ ‫والهند وبعض الدول الالتينية‪.‬‬ ‫وختم سكرية حديثه بقوله أن صمام األمان‬ ‫يبقى في تأمني اخملتبر الذي يراقب األدوية ويفضح‬ ‫مدى فعاليتها وال شيء آخر‪ .‬ولكن ليس هناك من‬ ‫محاسبة من قبل املواطن‪ ،‬فتساءل من يحمي‬ ‫املواطن من الغش القاتل؟ من املفترض أن تكون‬ ‫الدولة‪ .‬من هنا يبقى على املواطن أن يتعاطى‬ ‫قدر اإلمكان مع صيدلي يثق به ويستفهم حول‬ ‫الدواء الذي يريد أن يدخله الى جسمه وما هي‬ ‫آثاره اجلانبية‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬سبق أن ُوجد الغطاء الرسمي في كثير‬ ‫من الفضائح السابقة وأخطرها كان فضائح‬ ‫املستشفيات‪ .‬وقد أُزيح أحد املستودعات األربعة‬ ‫الذي وجد متورطا ً مؤخرا ً بقضية البالفيكس من‬ ‫دائرة اخلطر فأصبحت التهم موجهة الى ثالثة‬ ‫مستودعات‪ ،‬كما ُقلِّص عدد الصيدليات املتورطة‬ ‫في نفس املوضوع من التسع صيدليات حتى‬ ‫أصبحت اليوم سبع صيدليات‪.‬‬ ‫قيل الكثير في لبنان حول األدوية املزورة في‬ ‫اآلونة األخيرة‪ ،‬والكل يدرك أن املكافحة املرجتاة‬ ‫حتول دونها عقبات كثيرة ترتبط مبجمل تعقيدات‬ ‫الوضع اللبناني‪ ،‬فعمل وزارة الصحة الذي يتم‬ ‫السعي لتطويره يبقى حتى اليوم دون القدرة‬ ‫على تأمني تغطية مرضية لكل مسارب التهريب‬ ‫واملؤسسات املعنية به‪.‬‬ ‫فهل يكون ملف «البالفيكس» املز ّور بداية‬ ‫عهد جديد تقوم فيه السلطات واملؤسسات‬ ‫املعنية بدورها الطبيعي‪ ،‬فتحارب التزوير‬ ‫القاتل للمريض حتى اقتالعه من جذوره؟ أم‬ ‫أنها مج ّرد «زوبعة في فنجان» قد تزول من‬ ‫دون أي إجناز يُذكر ما أن تصل إلى القضاء‬ ‫وتبدأ السياسة بالتدخل في تفاصيلها؟‬ ‫وهل ستستمر التحقيقات حتى الوصول‬ ‫إلى «الرؤوس الكبيرة» التي تقف وراء تزوير‬ ‫«البالفيكس» وسواه؟ أم أنها ستكتفي بصغار‬ ‫املتورطني لتقدميهم «كبش محرقة»؟‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬

‫أظهرت اإلحصاءات‪ ،‬وجود نسب كبيرة من االدوية املقلدة او املزورة‪ ،‬فكانت‬ ‫النتيجة وفق التالي‪:‬‬ ‫‪ - ١‬ادوية بدون مواد فعالة‪%٣٢‬‬ ‫‪ - ٢‬ادوية مبواد مغلوطة‪%٢٠‬‬ ‫‪ - ٣‬ادوية مبواد اولية مغايرة‪%٢١‬‬ ‫‪ - ٤‬ادوية بكميات منقوصة‪%١٥‬‬ ‫تُباع في لبنان أدوية حتمل اسم أدوية عاملية‪ ،‬ولكنها مز ّورة‪ ،‬هناك نسخ من‬ ‫أدوية «‪ ،»MABTHERA‬و «‪ ،»VIAL NEUPOGEN‬و«‪ »ELOXATIN‬و«‪»TAXOTERE‬‬ ‫و«‪ NAVELBIN‬و«‪ »ZOMETA‬التي تستعمل في عالج مرضى السرطان‪ ،‬ويبلغ سعر‬ ‫علبة الدواء ماليني الليرات‪ ،‬وقد ضبطت وزارة الصحة اللبنانية النسخ املز ّورة‪،‬‬ ‫وتُستخدم في بعض املستشفيات‪ ،‬وتباع بسعر الدواء األصلي! وتبني بعد حتليل‬ ‫النسخة املزورة من «‪ »MABTHERA‬مثالً أنها ّ‬ ‫مركبة من املاء فقط!‬ ‫أصدرت وزارة الصحة عشرات القرارات في السنوات الثالث األخيرة لسحب‬ ‫أدوية مز ّورة من األسواق‪ .‬ومن بينها نسخ مز ّورة من «‪ ،»PANADOL‬ودواء االلتهاب‬ ‫«‪ ،»AUGMENTIN‬واملنشط اجلنسي «‪ »CIALIS‬و«‪ ،»VIAGRA‬ومهدئ األعصاب‬ ‫«‪ ،»XANAX‬وأدوية الضغط «‪ »concor5‬و«‪ »diovan‬و«‪ ،»aprovel‬وغيرها املئات من‬ ‫األدوية‪.‬‬ ‫منظمة الصحة العاملية ‪ :‬دواء فاسد من كل ‪ 3‬أدوية في لبنان‬ ‫ّ‬ ‫أكدت منظمة الصحة العاملية أن ‪ %35‬من األدوية التي تباع في الشرق األوسط‬ ‫هي أدوية مزيفة‪ ،‬وتضمنت تقارير املنظمة إحصاءات عن مدى انتشار األدوية‬ ‫املزيفة‪:‬‬ ‫في العالم‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 10‬أدوية‬ ‫في أوروبا والواليات املتحدة‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 100‬دواء‬ ‫في لبنان‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 3‬أدوية‬ ‫في كينيا‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 3‬أدوية‬ ‫في روسيا‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 10‬أدوية‬ ‫في أندونيسيا‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 4‬أدوية‬ ‫في الصني‪:‬‬ ‫دواء فاسد من كل ‪ 10‬أدوية‬ ‫اطلعنا الزمالء النواب في العام ‪ 1998‬على عشرات علب األدوية املزورة التي‬ ‫كانت في األسواق‬

‫‪73‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر بيئة‬

‫تعاون سوري ‪ -‬تركي إلدارة الغابات‬

‫وزير الزراعة الدكتور سفر‪:‬‬ ‫ضرورة الحفاظ على المساحات الخضراء‬

‫على مدى سنتني قادمتني‬ ‫ستكون غابات منطقة جسر‬ ‫الشغور مبحافظة إدلب مسرحا ً‬ ‫ألنشطة وفعاليات مشروع بناء‬ ‫القدرات في مجال التخطيط‬ ‫لإلدارة املستدامة وإدارة حرائق‬ ‫الغابات في سورية الذي تنفذه‬ ‫وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة‬ ‫األغذية والزراعة لألمم املتحدة‬ ‫«الفاو» وبتمويل من احلكومة‬ ‫التركية‪.‬‬ ‫ويهدف املشروع إلى املساهمة‬ ‫في تطبيق مفاهيم اإلدارة‬ ‫املستدامة للغابات لدعم دورها‬ ‫في التنمية الشاملة على‬ ‫املستويني الوطني واحمللي‪ ،‬وتعزيز القدرات‬ ‫املؤسساتية ملديرية احلراج واجلهات املعنية‬ ‫لوضع وتطبيق خطة إدارة مناسبة وفق‬ ‫النهج التشاركي مع السكان احملليني‪،‬‬ ‫وإعداد خطة إدارة حرائق الغابات وزيادة اخلبرة‬ ‫واملعرفة في هذه اجملاالت من خالل االستفادة‬ ‫من خبرات املنظمات الدولية واجلانب‬ ‫التركي املمول للمشروع والذي ميتلك خبرة‬ ‫كبيرة في مجال إدارة الغابات‪ ،‬وقد مت اختيار‬ ‫احملافظة لتنفيذ املشروع ألهمية الغابات في‬ ‫ميزان استعماالت األراضي بوجود مساحة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قدرها ‪ 82‬ألف هكتار من الغابات الطبيعية‬ ‫واالصطناعية وتقدر ميزانية املشروع بحوالي‬ ‫‪ 200‬ألف دوالر أمريكي ‪.‬‬ ‫وكانت وزارة الزراعة قد أقامت ورشة‬ ‫عمل في محافظة إدلب بحضور الدكتور‬ ‫عادل سفر وزير الزراعة واإلصالح الزراعي‬ ‫إلطالق نشاطات املشروع‪ ،‬أكد خاللها أهمية‬ ‫الغابات باعتبارها احلاجز األساسي للحد من‬ ‫املشاكل البيئية والتغيرات املناخية احلاصلة‬ ‫في العالم‪ ،‬وضرورة حمايتها واستثمارها‬

‫‪74‬‬

‫واحلفاظ على استمراريتها وزيادة‬ ‫املساحات اخلضراء واحملافظة‬ ‫عليها‪ ،‬كذلك ضرورة االستفادة‬ ‫من التجربة التركية في موضوع‬ ‫إدارة الغابات وتنظيمها كونها‬ ‫جتربة غنية جدا ً ‪.‬‬ ‫ونوه املهندس خالد األحمد‬ ‫محافظ إدلب إلى أهمية املشروع‬ ‫إلعداد الكادر املدرب واملؤهل في‬ ‫مجال طرق إدارة املوارد الطبيعية‬ ‫والتخطيط إلدارة وتنظيم‬ ‫الغابات وإدارة حرائقها واإلشراف‬ ‫على مواردها‪ ،‬واكتساب خبرات‬ ‫التعامل مع فنون التكنولوجيا‬ ‫وخاصة في حسن تفسير صور‬ ‫األقمار الصناعية‪ ،‬وإعداد اخلرائط للمواقع‬ ‫احلراجية والكثير من القضايا املتعلقة بهذا‬ ‫القطاع احليوي ‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن محافظة إدلب شهدت‬ ‫خالل العام املاضي حوالي ‪ 54‬حريقا ً طالت‬ ‫مساحات محدودة من غابات احملافظة‪ ،‬حيث‬ ‫بلغت املساحة احملروقة نتيجتها حوالي ‪158‬‬ ‫دومنا‪.‬‬

‫منبر التوحيد ‪ -‬مكتب دمشق‬


‫منبر ثقافي‬

‫الزجل اللبناني بعيون ُم ْحترفيه‬

‫الشاعر عادل خ ّداج ‪ :‬أجمل األلوان‬ ‫وأغني للوطن والشعب والقضية‬ ‫ّ‬ ‫املثقف‪ ،‬وغيرها من الصفات الكثيرة‬ ‫ابن اجلبل‪ ،‬ابن الزجل‪ ،‬عاشق املنبر‪ ،‬الشاعر‬ ‫َ‬ ‫عشق املنبر الزجلي‪ ،‬وانتمى إليه‬ ‫التي يعجز اإلنسان عن إيجادها لوصف شاعرا ً ِ‬ ‫منذ سن الرابعة عشرة‪ ،‬فهو الذي أوصله طموحه الشعري اليوم ألن يصبح في‬ ‫جوقة الشاعر زغلول الدامور بعد أن كان طفالً ينتظر بفارغ الصبر حضور حفالته‬ ‫واإلستماع ألشعاره‪.‬‬ ‫يغني للوطن‪ ،‬للقضية‪ ،‬للشعب‪ ،‬لألديان‪ ،‬وال يتوانى عن املشاركة بحفالت‬ ‫املقاومة وأبطالها األبرار‪ ،‬فهو الذي قال في إحدى حفالت “هيئة دعم املقاومة‬ ‫اإلسالمية”‪ ،‬وبحضور العميد احملرّر سمير القنطار‪:‬‬ ‫ونغمة زَجَ ْل مع ْ‬ ‫كل تغريديْ‬ ‫ْ‬ ‫ ‬ ‫تقليدي‬ ‫ش ِعر‬ ‫ما ِجيْت غنِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫صليْل ْن بْبَحِّ ة أناشيدي‬ ‫ ‬ ‫جايي تا أنشد سيرة الثوّار‬ ‫حتيِّي ِم ْن ِحمَ ى َّ‬ ‫ْإسمْ الوفا اإلرثي وتقاليدي‬ ‫ ‬ ‫الش َّحار‬ ‫ب ِ‬ ‫جايبْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وأسرَى الوط ْن ش ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْم ِن الوقي ِدي‬ ‫ ‬ ‫للسيّد احمل َّرر سمير قنطار‬ ‫وجبْتي الكرا ِمي الكا ِن ْ‬ ‫إنت م َ‬ ‫ت ب ِْعي ِدي‬ ‫ ‬ ‫َسحْ تي العارْ‬ ‫يا مقا َو ِم ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫روحي وحَ‬ ‫دربْ وحْ دتْنا نْ َذر ْتُن ِن ِذر‬ ‫ع‬ ‫ ‬ ‫واألفكار‬ ‫الشعر‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫َا‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإنت ْ‬ ‫لب ْي م ّني شو ب ْت ِريْ ِدي‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫يتعطش الرسام لرشيته‪ ،‬وكما ينتظر البحر سفنه‪ ،‬يعتلي عادل خ ّداج‬ ‫كما‬ ‫ّ‬ ‫بكلمات تعبّر خير‬ ‫املنبر الزجلي ليكسر حدود األفكار واملعاني‪ ،‬وليتحدى منافسيه‬ ‫ٍ‬ ‫تعبير عن الصورة واإليقاع والقضية املستمدة من معاناة الشعوب واألوطان‪.‬‬ ‫ولإلطالع على واقع الزجل اليوم‪ ،‬كما على ماضيه‪ ،‬ولتكرمي شعراءنا الذين حملوا‬ ‫شعلة الشعر والفكر اللبناني وجالوا العالم باسمه‪ ،‬التقينا الشاعر عادل خ ّداج‪،‬‬ ‫املميّز بقصائده الزجلية وبتح ّدياته لكبار الشعراء على املنبر‪ ،‬وكان هذا احلوار‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بدأت مسيرة الزجل منذ الرابعة عشر من عمرك‪ .‬هل هي موهبة‪ ،‬أم‬ ‫شج َ‬ ‫وراثة من أحد أفراد عائلتك؟ ومَن الذي ّ‬ ‫عك على ذلك؟‬ ‫واعتليت املنبر في‬ ‫لدت وأنا أغني الزجل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إ ّن الشعر يخلق مع صاحبه‪ُ ،‬و ُ‬ ‫سن الرابعة عشر‪ ،‬وكانت أول حفلة لي في بلدة اجلاهلية في الشوف‪ ..‬لقد‬ ‫كنّا نعيش في كفرمتى في ج ّو زجلي‪ ،‬حيث كان فيها نخبة من الشباب‬ ‫الصاعدين الزجليني‪ ،‬فكنّا ننتظر حفالت الشعراء الكبار على شاشات‬ ‫التلفزة كـ “زغلول الدامور”‪ ،‬ونقرأ عنهم في اجملالت والكتب‪ .‬وقد شاءت‬ ‫الصدف أن أصبح اليوم صديق زغلول الدامور في اجلوقة نفسها‪ ،‬بعد أن‬ ‫غنّيت الزجل مع الشاعر موسى زغيب لفترة ‪ 12‬سنة‪ ،‬ومع الشاعر طليع‬ ‫مت العديد من البرامج‬ ‫وقد ُ‬ ‫حمدان لفترة ‪ 5‬سنوات‪ ،‬وأ ّل ُ‬ ‫فت فرقة “الليالي”‪ّ ،‬‬ ‫التلفزيونية واإلذاعية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كإبن اجلبل‪ ،‬هل ساعد ْ‬ ‫لهجتك اجلبلية على غناء الزجل‪ ،‬خاصة وأ ّن‬ ‫َت‬ ‫لهجة أبناء اجلبل حا ّدة بعض الشيء؟‬ ‫يسمونه بـ”ال ّلكنة املناطقية”‪.‬‬ ‫هذا ليس بالضروري‪ ،‬مع العلم أن هناك ما‬ ‫ّ‬ ‫في منطقتي اجلنوب والشمال‪ ،‬هناك العديد من شعراء الزجل‪ ،‬ولكن ال‬ ‫ميكن متييزهم عن بعضهم البعض مناطقياً‪ .‬من املمكن أن جتدي بعض‬ ‫الكلمات التي حتتوي حرف “القاف” مثالً‪ ،‬قد نقولها كأبناء اجلبل بطريقة‬ ‫كأي من‬ ‫أقوى من مناطق أخرى‪ ،‬مع العلم أنني أتكلم في احلياة العادية ّ‬

‫الشعراء اآلخرين‪ ،‬ولكن ال بد من اإلشارة إلى أن لفظ حرف “القاف” على‬ ‫املنبر له تعبيرا ً خاصاً‪.‬‬ ‫هل من شروط في انتقاء مفردات القصيدة؟‬ ‫ال شك أنّه في اختيار املفردات يجب األخذ بعني اإلعتبار اللغة‪ ،‬واألسلوب‬ ‫السهل املمتنع‪ ،‬ومبستوى ثقافة الشاعر العلمية‪ ،‬وبالتالي فأنا قارىء من‬ ‫الطراز األول‪ ،‬بحكم عملي السياسي في السابق‪ ،‬من هنا كانت مفرداتي‬ ‫علي‪ ،‬وكنت أُعرَف بـ”الشاعر املثقّ ف” في احلفالت الشعرية‪.‬‬ ‫تدل ّ‬ ‫ألّ َ‬ ‫فت مع عدة شعراء جوقات زجلية متعددة‪“ :‬نسور الزجل‪ ،‬جوقة‬ ‫املسرح‪ ،‬جوقة الربيع‪ ،‬جوقة الليالي”‪ ،‬وآخرها “جوقة القلعة” مع‬ ‫َ‬ ‫أصبحت هذه اجلوقات اليوم؟‬ ‫الشاعر موسى زغيب‪ .‬أين‬ ‫قدمنا واثنني‬ ‫منذ خمس سنوات‪ ،‬كنت خاللها في “جوقة زغلول الدامور”‪ّ ،‬‬ ‫من الشعراء ميلكان جوقة جديدة باسم “جوقة التراث”‪ ،‬بهدف تشجيعهما‬ ‫غص‬ ‫على املضي قدماً‪ ،‬حفلة في مطعم “بيبلوس باالس” في جبيل‪ ،‬وقد ّ‬ ‫عرس‬ ‫باجلمهور‪ ،‬حتى أن الكثير لم يجدوا لهم مكانا ً ‪ ،‬فكان اللقاء مبثابة‬ ‫ٍ‬ ‫زجلي‪ ،‬ما يدل بأ ّن الزجل مازال بألف خير‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫هل ما زال الزجل مطلوباً‪ ،‬خاصة مع توجّ ه جيل الشباب اجلديد نحو‬ ‫األغاني الشعبية؟‬ ‫نعم‪ ،‬ال يزال الزجل مطلوبا ً كما كان سابقاً‪ ،‬بالرغم من أن عصره قد‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫انقلب مع تزايد الفضائيات‪ ،‬واستمرار احلرب في لبنان ملدة عشرين سنة‪ ،‬التي‬ ‫قضمت من عمر التراث اللبناني‪ ،‬مازال العديد من الناس يتساءلون عن تلك‬ ‫ألفت “جوقة املسرح” مع الشعراء انطوان سعادة‬ ‫اجلوقات‪ .‬ففي العام ‪1972‬‬ ‫ُ‬ ‫جمول‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وبدأنا بإقامة احلفالت منذ ذلك‬ ‫والياس أبو راشد وأحمد ّ‬ ‫لكن احلرب األهلية قطعت أوصال املناطق عن بعضها البعض‪،‬‬ ‫الوقت‪ّ ،‬‬ ‫فسافرت إلى دبي حلوالي ثماني سنوات‪ ،‬وانطوان سعادة انتقل‬ ‫ُ‬ ‫تسمى بلغة احلرب)‪،‬‬ ‫إلى املنطقة الشرقية (كما كانت‬ ‫ّ‬ ‫أحييت العديد من احلفالت الزجلية في املهجر‪،‬‬ ‫كما‬ ‫ُ‬ ‫فت أول جوقة مع الشاعر‬ ‫وبعد عودتي في العام ‪ ،1984‬أ ّل ُ‬ ‫واستمريت فيها ملدة خمس سنوات‪ ،‬ومن‬ ‫طليع حمدان‬ ‫ُ‬ ‫مت حوالي اخلمسني برنامجا ً على‬ ‫وقد ُ‬ ‫ثم جوقة “الليالي”‪ّ ،‬‬ ‫إذاعة “صوت اجلبل” و”صوت الشعب”‪ ،‬وتلفزيون “لبنان”‪ .‬أما‬ ‫اليوم فقد تغ ّيرت األمور‪ ،‬بحيث جند أن اجلمهور أصبح يواكب‬ ‫صرعة الغناء العصري خاصة في مناطق الشوف وعاليه‪،‬‬ ‫ولكن هذا ال مينع وجود جمهور آخر في مناطق أخرى يح ّبذ‬ ‫الزجل ويطرب لسماعه‪.‬‬ ‫أين أصبحت “مهرجانات القلعة” التي ك ّنا نسمع بها‬ ‫سابقاً؟‬ ‫تتبدل بحسب‬ ‫ال تزال مهرجانات الزجل تُقام كل سنة‪ ،‬ولكنها ّ‬ ‫الظروف املوجودة‪ .‬فقبل مهرجانات القلعة‪ ،‬أ ّلف الشاعر خليل روكز‬ ‫جوقته مع الشاعر موسى زغيب‪ ،‬وكان أيضا ً زغلول الدامور في عزّه‪،‬‬ ‫وكانوا غالبا ً يقيمون حفالت الزجل في قرية “املتني”‪ .‬بعدها‪ ،‬جاءت‬ ‫مباراة القلعة‪ ،‬واعت ُِبرَت في حينها أول مهرجان زجلي يجمع أعدادا ً‬ ‫ثم أقي َمت مباراة “املدينة الرياضية” على ليلتني‬ ‫كبيرة من اجلماهير‪ .‬ومن ّ‬ ‫متتاليتني شارك فيها ‪ 16‬شاعرا ً من اجلبل واجلنوب والشمال‪ .‬اليوم ال تزال‬ ‫هذه املهرجانات تُقام وبحضور اآلالف‪ ،‬كمهرجان مدينة صور ومهرجانات‬ ‫ميروبا‪ ،‬مع العلم أننا كنّا ن ُحيي مهرجانات بيت الدين‪ ،‬ولكن لألسف ألغوا‬ ‫فيها ألسباب معينة‪ ،‬وأصبحوا‬ ‫الزجل من قائمة اإلحتفاالت‬ ‫الى هذا املوضوع‬ ‫يأتون بفنانني أجانب‪ ،‬وأشرت‬ ‫خالل حفلة في إحدى‬ ‫ّيت‬ ‫اجملمعات السياحية ومتن ُ‬ ‫ّ‬ ‫أن يتركوا على األقل ليلة‬ ‫واحدة إلقامته‪.‬‬ ‫حت ّد َ‬ ‫ثت عن قيامك‬ ‫بالعديد من احلفالت‬ ‫الزجلية في فترة‬ ‫اغترابك‪ .‬هل ما زلتم‬ ‫حفالت‬ ‫تقيمون‬ ‫كهذه اليوم؟‬ ‫مت‬ ‫بالطبع‪،‬‬ ‫قد ُ‬ ‫ّ‬ ‫حفلتني منذ فترة‬ ‫في السويد والنروج‬ ‫بطلب من اجلالية‬ ‫ا لفلسطينية ‪،‬‬ ‫و با تصا ل‬ ‫شاعر‬ ‫من‬ ‫فلسطيني وكانت من‬ ‫أجمل احلفالت الزجلية‪ .‬إضافة إلى إحياء‬ ‫وعمان وكندا واستراليا‪،‬‬ ‫العديد من احلفالت في أميركا‬ ‫ّ‬ ‫وعمان‪ ،‬وهنا ال بد من اإلشارة إلى أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫وأحضر اآلن حلفالت في أفريقيا وقطر ّ‬ ‫اللبنانيني في االغتراب يح ّبون الزجل أكثر من اللبنانيني املقيمني هنا‪.‬‬ ‫أين ترى التفاعل أكثر في اخلارج أم في لبنان؟‬ ‫اجلمهور في اخلارج يتفاعل أكثر مع الزجل مما هو في لبنان بالرغم من أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ %70‬منه هو من اللبنانيني املقيمني في اخلارج و‪ %30‬منه من الدول العربية‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫فكرة إنشاء جوقة زجل تضم‬ ‫هل راودتكم‬ ‫مجموعة متنوعة من الشعراء‬ ‫العرب؟‬ ‫نحن دائما ً نتشارك في احلفالت‪،‬‬ ‫وآخر حفلة لنا (أنا وزغلول الدامور)‬ ‫عمان مبشاركة‬ ‫كانت في‬ ‫ّ‬ ‫شاعرين فلسطينيني‪ ،‬بحضور‬ ‫جمهور كبير من فلسطني‪ .‬مع‬ ‫اإلشارة إلى النهضة الزجلية‬ ‫في سوريا ومشاركة العديد‬ ‫من الشعراء السوريني‬ ‫في حفالتي هناك‪ .‬ومع‬ ‫هذا كله‪ ،‬لم نعلن‬ ‫بعد عن إمكانية‬ ‫إنشاء جوقة حتوي‬ ‫اللبناني والسوري‬ ‫و ا لفلسطيني‬ ‫واألردني‪ .‬ولكن‪ ،‬هذا يدل‬ ‫أ ّن الزجل موجودا َ بأكثريته في بالد‬ ‫الشام‪ ،‬وال يزال في الطليعة وصاحب خبرة أكبر‬ ‫حتى مع وجود املواهب الكثيرة في البالد العربية الشقيقة‪،‬‬ ‫لكنها بحاجة لدعم أكبر ومتابعة متواصلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خاصة‬ ‫ما األقرب للشاعر عادل خداج‪ ،‬الغزل أم الوطنيات أم غيرها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أنك حت ّدثت عن مشاركتك في حفالت هيئة دعم املقاومة اإلسالمية؟‬ ‫ُعرفت بشاعر الوطنيات بامتياز‪ ،‬وال أشارك فقط في حفالت هيئة دعم‬ ‫املقاومة‪ ،‬بل في جميع احلفالت السياسية واملناسبات احلزبية التي أُدعى‬ ‫إليها‪ ،‬كما أنني اآلن بصدد اإلعداد لكتابي الثاني‪( ،‬وهو قيد الطبع) بعنوان‬ ‫“قصائد الوطن”‪ ،‬يحتوي قصائد وطنية تتناول قضايا املقاومة واملناضلني‬ ‫والشهداء‪ ،‬وقد صدر لي عام ‪ 2000‬كتاب بعنوان “جوالت‬ ‫شاعر”‪.‬‬ ‫أال يتم تسييس الشاعر الذي يشارك في احلفالت احلزبية‬ ‫السياسية؟‬ ‫أنا أعتبر أن الشعر بدون مضمون ليس شعراً‪ ،‬والفن للفن‬ ‫ليس له منفعة‪ ،‬وإذا لم يع ّبر الشعر عن قضية ما‪ ،‬فال نفع منه‪.‬‬ ‫فما الذي شهر الشعراء محمود درويش وسميح القاسم‪ ،‬وحتى‬ ‫نزار قباني بالرغم من أن األخير كان شاعرا ً غزلياً‪ ،‬ومع ذلك فقد‬ ‫اشتهر بالقصائد الوطنية‪.‬‬ ‫نقدم في حفالتنا مواضيع اجتماعية‪ ،‬وبطرق‬ ‫نحن كشعراء زجل ّ‬ ‫متعددة ألن الشاعر يجب أن يكون شاعرا ً مل ّونا ً ومتنوعاً‪ ،‬ولكن‬ ‫كصفة شخصية‪ ،‬اجلميع يعرف أ ّن لي رأي سياسي‪ ،‬وال أتوانى في‬ ‫التعبير عنه في قصائدي وشعري في جميع املناسبات‪.‬‬ ‫أين تظهر قوة الشاعر الزجلي‪ ،‬في صوته أم في مفردات شعره؟‬ ‫بد للشاعر‬ ‫يكمالن بعضهما البعض‪ ،‬ولكن ال ّ‬ ‫الصوت واملفردات ّ‬ ‫أن ميتلك أوال ً الشعر والثقافة وقوة انتقاء املفردات‪ ،‬إذ ال ينجح الصوت‬ ‫اجلميل بدون الثقافة الشعرية‪ ،‬مع العلم أن جمال الصوت للشاعر‬ ‫مهم جدا ً كي يتق ّبله اجلمهور‪ .‬لهذه األسباب‪ ،‬فإ ّن شعراء املنبر‬ ‫املنبري‬ ‫ٌ‬ ‫الزجلي في لبنان قالئل‪ ،‬مثال ً في منطقة اجلبل ال يوجد سواي والشاعر‬ ‫طليع حمدان‪ ،‬وفي اجلنوب الشعراء زين شعيب ومحمد املصطفى‬ ‫وأسعد سعيد‪ ،‬وعند األخوة املسيحيني هناك زغلول الدامور وخليل‬ ‫روكز وموسى زغيب وحنّا موسى وأنيس الفغالي‪ .‬مع اإلشارة إلى وجود‬ ‫بعض احملاوالت من ِق َبل بعض الشعراء‪ ،‬لكنهم لم يلمعوا في الشعر‬

‫‪76‬‬


‫املنبري كهؤالء‪ .‬إذاً‪ ،‬ال بد لصوت الشاعر املنبري‬ ‫أن يبدأ من الوسط إلى األعلى كي يحظى‬ ‫بقبول اجلمهور‪ ،‬وهنا تظهر موهبة كل شاعر‬ ‫على حدة‪ .‬فمثالً‪ ،‬حني يصنّفون شعراء لبنان‪،‬‬ ‫يقولون عن الشاعر طليع حمدان بأنه “صاحب‬ ‫الصوت اجلميل‪ ،‬والغزل ّيات الرائعة”‪ ،‬أما عندما‬ ‫يتكلمون عن عادل خداج فيقولون “الشاعر‬ ‫املثقّ ف‪ ،‬وصاحب القضية والكلمة”‪ .‬لذلك ال بد‬ ‫من أن تكون صفات الشاعر املنبري شاملة كي‬ ‫يتمكن من النجاح‪ ،‬وهنا تظهر كفاءته‪ ،‬خاصة‬ ‫وأننا لسنا فقط شعراء املنبر الزجلي‪ ،‬بل أيضا ً‬ ‫نشارك في املآمت وغيرها‪.‬‬ ‫أيّهما أفضل للشاعر‪ ،‬الكتابة أم‬ ‫االرجتال؟‬ ‫إذا لم يكن الشاعر الذي يعتلي املنبر لديه‬ ‫حضر‬ ‫ثقة باالرجتال‪ ،‬فهي مخاطرة‪ ،‬ألنه حتى لو ّ‬ ‫فاجأ بخصمه‪ ،‬فمثالً عند‬ ‫قصائده مسبقاً‪ ،‬قد ي ُ َ‬ ‫ذهابي إلى سوريا أتفاجأ بحضور شعراء سوريني‬ ‫لدي القدرة‬ ‫ملبارزتي على املنبر‪ ،‬وهنا إذا لم يكن ّ‬ ‫على االرجتال فحتما ً سأفشل‪ .‬بالطبع‪ ،‬هناك‬ ‫بعض احلفالت التي يجب حتضيرها مبواضيع‬ ‫مع ّينة‪ ،‬ولكن إذا متكن الشاعر ومنافسيه على‬ ‫املنبر من اإلرجتال‪ ،‬فهذا حتما ً أفضل ألنه سيو ّلد‬ ‫إنفعاال ً أكبر بينهم واجلمهور‪.‬‬ ‫ماذا عن نقابة “شعراء الزجل”؟‬ ‫إنني عضو في الهيئة التنفيذية في النقابة‪،‬‬ ‫التي كان رئيسها السابق الشاعر خليل شحرور‪،‬‬ ‫ورئيسها احلالي الشاعر جورج أبو أنطون‪ .‬هذه‬ ‫مسجلة رسمياً‪ ،‬وهناك إتصاالت عبر‬ ‫النقابة‬ ‫ّ‬ ‫وزارت َي الثقافة واإلعالم من أجل دعم شعراء‬ ‫الزجل كتأمني ضمان الشيخوخة وإقامة كيان‬ ‫جامع لشعراء الزجل وغيرها‪.‬‬ ‫هل متّ تكرميكم كشعراء زجل من ِقبَل الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬أو جمعيات أخرى؟‬ ‫مت بدرع تقديري في‬ ‫متّ تكرمينا أحياناً‪ ،‬فقد ُكرِّ ُ‬ ‫عهد الرئيس أميل حلود‪ ،‬وبآخر في قصر األونيسكو‬ ‫من الوزير محمد يوسف بيضون إثر تو ّليه مهام‬ ‫وزارة الثقافة‪ .‬ولكن برأيي‪ ،‬إ ّن تكرمي الشاعر‬ ‫ال يكون بالدروع فحسب‪ ،‬بالرغم من قيمتها‬ ‫يتقدم في‬ ‫املعنوية‪ ،‬بل باحتضان الدولة له‪ ،‬حني‬ ‫ّ‬ ‫السن‪ .‬فمثالً‪ ،‬الشاعر زغلول الدامور اليوم في‬ ‫ّ‬ ‫سن اخلامسة والثمانني‪ ،‬وقد جال العالم لفترة‬ ‫ّ‬ ‫خمسني سنة‪ ،‬حامالً إسم لبنان عالياً‪ ،‬فمن‬ ‫ّ‬ ‫ليتمكن من‬ ‫غير املعقول أن يجول العالم اليوم‬ ‫العيش‪ .‬وبالتالي‪ ،‬على الدولة اللبنانية تأمني راتب‬ ‫شهري له وضمان اجتماعي في املستشفيات‪،‬‬ ‫وغيرها من اخلدمات‪ .‬هكذا يكون تكرمينا بالشكل‬ ‫الصحيح‪ ،‬أل ّن الشاعر جزء من التراث اللبناني‪،‬‬ ‫واملفروض احلفاظ عليه‪.‬‬ ‫ش ْعرك؟‬ ‫ماذا عن القضايا الدينية في ِ‬ ‫لست طائفياً‪ ،‬ولكنّي أستشهد بعض األحيان‬ ‫ُ‬ ‫ببعض الرموز الطاهرة من األديان اخملتلفة‪ ،‬ألنها‬ ‫تع ّبر حقا ً عن إمياني بها‪ ،‬مع العلم أ ّن اإلميان يجب‬

‫أن ال يكون بخلق النزاعات املذهبية على املنبر‪،‬‬ ‫بأنك درزية أو شيعية أو مارونية أو‬ ‫كأن تتباهني ِ‬ ‫غيرها‪ .‬وال شك أنني أفتخر بانتمائي للطائفة‬ ‫أقدم قصائدي‬ ‫الدرزية‪ ،‬ولكنّي‬ ‫ُ‬ ‫لست طائفيا ً وال ّ‬ ‫على هذا األساس‪ ،‬بل أغنّي للوطن والشعب‬ ‫والقضية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يلخص الشاعر عادل خ ّداج تاريخ‬ ‫كيف‬ ‫الزجل اللبناني؟‬ ‫ال يزال الزجل اللبناني بنظري من أجمل األلوان‪.‬‬ ‫بعدة مراحل‪ ،‬بحيث كان يُغنّى أوال ً في‬ ‫لقد م ّر ّ‬ ‫القرى وأثناء املناسبات‪ ،‬وكان الغناء ارجتاليا ً‬ ‫وعفويا ً مبعظمه‪ ،‬ومن ثم بدأ الزجل املنبري مع‬ ‫شحرور الوادي‪ ،‬الذي أ ّلف جوقته باالشتراك مع‬ ‫الشعراء علي احلاج‪ ،‬أنيس روحانا‪ ،‬وطانيوس عبدو‪.‬‬ ‫هذه كانت أول فرقة زجلية اعتلت املنبر‪ ،‬وغنَّت في‬ ‫ورسخت الزجل‬ ‫جميع قرى لبنان لفترة ‪ 25‬سنة‪ّ ،‬‬ ‫اللبناني‪ .‬كما جاء في عصر الشحرور الشعراء‬ ‫زغلول الدامور‪ ،‬وخليل روكز‪ ،‬وزين شعيب‪ ،‬وكانت‬ ‫جوقة “زغلول الدامور” هي اجلوقة التي برزت بعد‬ ‫جوقة “شحرور الوادي”‪ ،‬ومن ثم بعدها جوقة‬ ‫الشاعر طليع حمدان‪ .‬بعد جوقة زغلول الدامور‪،‬‬ ‫أنشأ خليل روكز “جوقة اجلبل”‪ ،‬وجاءت من بعدها‬ ‫جوقات أخرى‪ .‬أما في الوقت احلاضر‪ ،‬فيوجد جوقة‬ ‫“زغلول الدامور” التي أنتمي إليها‪ ،‬وهي من أولى‬ ‫اجلوقات في لبنان‪ ،‬إضافة إلى “جوقة القلعة”‬ ‫للشاعر موسى زغيب‪ ،‬و”جوقة الربيع” للشاعر‬ ‫طليع حمدان‪ ،‬و”جوقة املسرح” للشاعرَين أنطون‬ ‫سعادة والياس خليل‪ ،‬و”جوقة اجلبل” للشاعر‬ ‫جريس البستاني‪ ،‬أعتقد أ ّن هذه اجلوقات تُعتبر‬ ‫األفضل في لبنان‪.‬‬ ‫ماذا عن تاريخ “عادل خ ّداج”؟‬ ‫كنت في عمر التاسعة تقريباً‪ ،‬أتى‬ ‫عندما‬ ‫ُ‬ ‫زغلول الدامور إلحياء حفلة زجلية في بلدتي‬ ‫وانتظرت وصوله ك َمن ينتظر نزول‬ ‫“كفرمتى”‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأصبحت شاعرا ً‬ ‫املالئكة على األرض‪ ،‬وم ّرت األيام‬ ‫ُ‬ ‫أغنّي إلى جانبه في اجلوقة نفسها‪ .‬بالطبع‪،‬‬ ‫ويسمونني في‬ ‫عملت جاهدا ً على نفسي‪،‬‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لبنان “ماسك اجليلني” ألنني الوحيد الذي غنّى‬ ‫وحتداهم على عدة منابر‪.‬‬ ‫مع الشعراء القدامى‪ّ ،‬‬ ‫أشجعه‬ ‫الذي‬ ‫اجلديد‪،‬‬ ‫كذلك بالنسبة للجيل‬ ‫ّ‬ ‫يتقدم في حقل الزجل‪ ،‬ألنه من‬ ‫وأقف بجانبه كي‬ ‫ّ‬ ‫أصعب أنواع الفنون‪ ،‬وليس كل َمن غنّاه أصبح‬ ‫شاعرا ً زجليا ً على املنبر‪ .‬بالطبع‪ ،‬أعت ّز مبسيرتي‬ ‫كنت الوحيد الذي جنح‬ ‫الزجلية‪ ،‬خاصة أنني‬ ‫ُ‬ ‫واستم ّر في الطائفة الدرزية بعد طليع حمدان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التف اجلميع حوله‪ ،‬وتلقّ ى الدعم من أبناء‬ ‫الذي‬ ‫بدأت مسيرتي‬ ‫الطائفة واملنطقة بق ّوة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ُ‬ ‫الزجلية من بعده‪ ،‬مع اإلشارة إلى فارق العمر‬ ‫بيني وبينه بالرغم من أن احلرب هي التي ظلمتني‬ ‫وه َدرَت من وقتي ومسيرتي‪.‬‬ ‫نوجه حتية سياسية وأخرى‬ ‫وختمَ خ ّداج قائالً‪ّ :‬‬ ‫ثقافية لـ”منبر التوحيد” وللوزير وئام وهاب‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪77‬‬

‫ُ‬ ‫لست طائفياً‪ ،‬لكني أستشهد‬ ‫في قصائدي ببعض الرموز الدينية‬ ‫الطاهرة من أديان مختلفة‬

‫إحدى قصائده الوطنية‪:‬‬

‫الشاعر ضروري يكون وجداني‬ ‫حا ِمل بفكرو طبع إنساني‬ ‫خل ِفيتو ب َ ْيضا ِم ِتل صنّني‬ ‫ْ‬ ‫عشقاني‬ ‫سيتو ال َبارُوك‬ ‫ن ْف ِ‬ ‫ِمش َ‬ ‫يفلسف أ ُمور ال ِّدين‬ ‫ش ِغلتُو‬ ‫ِ‬ ‫وال يفرِّق دياني عن دياني‬ ‫و ِمش بَس درزِي يكون ب ْب َعقلني‬ ‫وبكسروان يصير ُموراني‬ ‫ِ‬ ‫وال يصير شيعي نْرَاح َع ُحو ِمني‬ ‫بصيدا والبِس بطاني‬ ‫وسنّي َ‬ ‫بساتني‬ ‫وحة َ‬ ‫وال يصير رُوم ب َد ِ‬ ‫الكورَة احلَ ِّب ْت فكر ِعل َماني‬ ‫الشاعر ِخلِق ثورة من ال ِتكوين‬ ‫ِم ْ‬ ‫لك الوطن ِمش ِملك اخلْزاني‬ ‫ِم ْن َق ِبل ما يحكي كالمو يْزيْن‬ ‫ش ِغل اهلل ِم ِتل لبنان‬ ‫الشا ِعر ِ‬ ‫الزم ي ْ ِح ُّبو كل لبناني‬ ‫وال تخلو قصائده من املُزاح‪ ،‬حيث قال‬ ‫في طرفة غزلية (أثناء حفلة في استراليا‬ ‫ سيدني) رافقته خاللها زوجته‪ ،‬وبحضور‬‫الشاعر سميح خليل‪:‬‬

‫السعي‬ ‫رحنا “بسدني”‬ ‫نكس ِدر ّ‬ ‫ْ‬ ‫جند َّ‬ ‫وجهله بْال وعي‬ ‫أعزب‬ ‫“سميح”‬ ‫وح ِّدي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫شقرا َ‬ ‫إالّ ب ْ َ‬ ‫بش ِعرها املارِد وِ ِعي‬ ‫تتد ّلع وننده كفا تتد ّل ِعي‬ ‫وبْكم كلمة “إنكليش” ظ ْبطو معي‬ ‫عم ّ‬ ‫س َم ِعي‬ ‫ينقزْ َم ْ‬ ‫قالِ ْت كال َم ْك ْ‬ ‫شو بتشت ِغ ْل جاوَب ِ ْت يا حلوه اسمعي‬ ‫شاعر بْغنِّي للجمال مطالِ ِعي‬ ‫ص ُرفها َم َع ْك‬ ‫قالِ ْت أنا “ماي اليف” بُ ْ‬ ‫قلتلها “ماي وايف” يا حلوه معي‬

‫هديّة الشاعر‬ ‫لـ”منبر التوحيد”‪:‬‬ ‫س ِم ْعنا َع ْمنابِر لبنان‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫وجديدي‬ ‫بلغة ماضي ْ‬ ‫بيحكو وَيْن ما كا ْن‬ ‫ناس ْ‬ ‫بالتوحيد التقليدي‬ ‫وهاملنبر عندي عنوان‬ ‫ْح ِملتو بقلبي وبْإيدي‬ ‫هيدا منبر لإلنسان‬ ‫أ ّول منبر توحيدي‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر فني‬

‫اشتهرت بـ «أم طعّان»‪ ،‬واليوم تق ّدم‬ ‫مسرحيتها «سوزان وأم طعّان»‬

‫الفنانة ميراي بانوسيان‪:‬‬ ‫ال شيء يصعب‬ ‫على الممثل عندما يصل‬ ‫لمرحلة االحتراف‬

‫بدأت العمل املسرحي مع الفنان منير‬ ‫كسرواني الذي اختارها من معهد الفنون في‬ ‫اجلامعة اللبنانية لتأدية شخصية «أم ّ‬ ‫طعان»‪.‬‬ ‫تلك املرأة اجلنوبية التي حوّلت مسيرة «ميراي‬ ‫بانوسيان» إلى عالم النور والشهرة‪ ،‬فبرعت‬ ‫بأدائها بشكل ممتاز جذب اجلمهور إليها وأحبّها‬ ‫من خاللها‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وبعد غياب عشر سنوات‪ ،‬تطل الفنانة‬ ‫ميراي بانوسيان على عالم املسرح لتق ّدم‬ ‫مسرحية «سوزان وأم ّ‬ ‫طعان» التي تروي حياة‬ ‫أختني إحداهما بقيت في أرض اجلنوب املقاوم‬ ‫وهي «ناية» «أم طعان»‪ ،‬واألخرى هي «آية» التي‬ ‫غرّها التم ّدن البذيء والفن الرديء فنزحت إلى‬ ‫املدينة وأصبحت من مق ّدمي الفن الهابط باسم‬ ‫«سوزان»‪ ،‬لكنها ما لبثت أن تعرّضت ملشكلة‬ ‫ّ‬ ‫طعان» على‬ ‫فأجبرَت «أم‬ ‫أدخلتها السجن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اللحاق بها ملساعدتها‪ ،‬وهناك تبدأ مسيرة أم‬ ‫ّ‬ ‫طعان في املدينة‪ .‬ال شك أ ّن قدرة بانوسيان كبيرة‬ ‫ّ‬ ‫ملا تقدمه في مسرحيتها اجلديدة ضمن عمل‬ ‫ومجهود كبيرين وطريقة كوميدية بارزة‪ّ ،‬‬ ‫أكدا‬ ‫على احترافها في عالم املسرح‪.‬‬ ‫«منبر التوحيد» التقت الفنانة ميراي بانوسيان‬ ‫لتتعرّف على شخصية مَن دخلت قلوب الناس‬ ‫على أنها «أم ّ‬ ‫طعان» فما كانوا إال أن أحبّوها‬ ‫بشخصية «سوزان» وغيرها من الشخصيات‬ ‫التي أحكمت بانوسيان تقدميها بقالب متثيلي‬ ‫رائع‪.‬‬ ‫“سوزان وأم ّ‬ ‫طعان” مسرحية جديدة تق ّدمينها‬ ‫اليوم ماذا عنها؟ خاصة جلهة تقدمي شخصيتني‬ ‫في الوقت نفسه؟‬ ‫بالطبع هناك صعوبة في ذلك‪ ،‬ولكن عندما يصل‬ ‫املمثل ملرحلة االحتراف‪ ،‬فال شيء يصعب عليه‪،‬‬ ‫التحدي لفعل شيء ما جديد‪،‬‬ ‫وعند وجود نوع من‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فال بد من فعله‪ .‬لقد عرفتني الناس بشخصية “أم‬ ‫طع ّان”‪ ،‬وعر َفت أ ّن ميراي بانوسيان هي التي لع َبت‬ ‫هذا الدور‪ ،‬وبالتالي ال بد من اختراع شخصية جديدة‬ ‫التجدد‬ ‫يكون لها وقعها على اجلمهور‪ ،‬وال شك أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫لدى الفنان مهم جداً‪ ،‬كي ال يبقى على منط جامد‪،‬‬ ‫كنت أريد إلغاء شخصية “أم‬ ‫وفي الوقت نفسه ما ُ‬ ‫طعان” التي جنحت كثيرا ً وأصبح اجلمهور يُصغي ملا‬ ‫ّ‬ ‫تقوله بإمعان‪ ،‬وبالطبع هناك أشياء كثيرة ال ميكنني‬ ‫قمت في مسرحيتي‬ ‫إيصالها إال بلسانها‪ ،‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫طعان” مع خلق‬ ‫اجلديدة باإلبقاء على شخصية “أم ّ‬ ‫شخصية جديدة باسم “سوزان”‪ ،‬ولم أجد صعوبة‬ ‫في تأدية الدورين معاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن الناس اعتادت أن تقول «أم طعان» عندما‬ ‫نقول “ميراي بانوسيان”! أال تخافني من حصرك‬ ‫قمت بتأدية أدوار‬ ‫في هذه الشخصية حتى لو‬ ‫ِ‬ ‫أخرى؟‬ ‫صرت‬ ‫وقت من األوقات‬ ‫وجدت أنني ُح ُ‬ ‫ُ‬ ‫بالفعل‪ ،‬في ٍ‬ ‫طعان”‪ ،‬ولكنني اليوم أفكر بطريقة‬ ‫بشخصية “أم ّ‬ ‫أخرى خاصة بعد تو ّقفي عن املسرح لعشر سنوات‪،‬‬ ‫شعرت بأهم ّية أن تبقى شخصية “أم‬ ‫مع أنني‬ ‫ُ‬ ‫ُنتس مع مرور‬ ‫ّ‬ ‫طعان” ُمالزمة مليراي بانوسيان ولم ت َ‬ ‫الزمن ألنه من الصعب الوصول لقلوب الناس‬ ‫بشخصية منطية دون أن ينسوها‪ ،‬والدليل في‬ ‫ذلك ما أالقيه اليوم في مسرحيتي‪ ،‬وبالنسبة لي‬ ‫فإ ّن ّ‬ ‫طعان بعد هذه‬ ‫تذكر اجلمهور لشخصية أم ّ‬ ‫الفترة هو كنز‪ ،‬وهي بالطبع الشخصية احمل ّببة إلى‬ ‫قلبي ألنها رس َمت خط “ميراي بانوسيان”‪ ،‬علما ً‬ ‫أنه كان بإمكاني القيام بأدوار دراما أو غيرها وأم ّر‬ ‫طعان” أصبح‬ ‫مرور الكرام‪،‬‬ ‫ولكن تأديتي لدور “أم ّ‬ ‫ّ‬ ‫رمزا ً مهما ً وهذا ما يقوله اجلميع‪ ،‬ألنها أصبحت‬ ‫رمزا ً للمرأة اللبنانية وقيمها وتقاليدها وأخالقها‬ ‫اجملتمعية‪ ،‬تلك املرأة التي تواجه الصعاب وتؤمن‬ ‫بأرضها وتقف بوجه الظلم‪ ،‬لذلك فمن الطبيعي‬

‫‪78‬‬

‫أن أفرح بارتباط إسمي بـ”أم طعان” أل ّن ذلك قيمة‬ ‫مهمة بالنسبة لي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لك جتارب كثيرة مع الفنان منير كسرواني‬ ‫كان ِ‬ ‫ً‬ ‫خاصة أنه صانع شخصية «أم طعان»؟‬ ‫بدأت بالعمل مع األستاذ منير كسرواني في‬ ‫ُ‬ ‫عام ‪ 1993‬حيث اختارني للقيام بدور “أم طعان” في‬ ‫مسرحيته‪ ،‬وبالفعل كانت تلك السنوات ذهبية‬ ‫بالنسبة لي حيث بدأنا سويا ً مبسرحية “وزارة‬ ‫لله ّواره”‪ ،‬واستم ّرينا لفترة ‪ 3‬سنوات بتقدميها دون‬ ‫ّ‬ ‫الدكي”‪.‬‬ ‫قدمنا “فلِت املْلق” و”فوق‬ ‫تو ّقف‪ ،‬ومن ثم ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كانت تلك الفتر ًة عصرا مشرقا للمسرح اللبناني‪،‬‬ ‫أل ّن اإلنترنت والفضائ ّيات اليوم خففت كثيرا ً من‬ ‫لهفة وحماس اجلمهور للذهاب إلى املسرح‪ .‬لقد‬ ‫ع ّلمني األستاذ كسرواني أشياء كثيرة‪ ،‬ومنحني‬ ‫فعرفت‬ ‫خبرة ق ّيمة منذ عام ‪ 1993‬حتى ‪،2001‬‬ ‫ُ‬ ‫كيف أشعر بالكلمة على املسرح‪ ،‬خاصة املسرح‬ ‫الشعبي الذي يُعتبر من أصعب األنواع‪ ،‬أل ّن املمثل‬ ‫يجب أن يعلم كيف يشعر باجلمهور ويجعلهم‬ ‫يقدمه هذا‬ ‫يتفاعلون معه‪ .‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫عرفت قيمة ما ّ‬ ‫الفنان العظيم من خالل جتاربي املسرحية معه‪،‬‬ ‫واكتشفت تلك املقدرة التي ميلكها‪ ،‬ولكنني دائما ً‬ ‫ُ‬ ‫أقول أنه لم يأخذ حقه بالشكل املطلوب ملا لديه‬ ‫من طاقات للعب أدوار مركبة كالدور التركي أو‬ ‫األرمني أو احلدائقي أو غيره‪ ،‬وهذا ما ال جنده لدى‬ ‫الكثير من املمثلني‪ .‬منير كسرواني مدرسة بحد‬ ‫ذاته‪ ،‬وعملي معه أكسبني الكثير‪.‬‬ ‫هل ما زال اجلمهور يتقبّل املسرح اللبناني‬ ‫اليوم؟‬ ‫مهمة‬ ‫ال شك أ ّن الناس يعانون من مشكلة‬ ‫ّ‬ ‫بغض النظر عن املشكلة االقتصادية‪ ،‬وهي تأثير‬ ‫ّ‬ ‫املتقدمة على الناس وهذا‬ ‫كافة أنواع التكنولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫ما يقوله مبدعو املسرح‪ ،‬إضافة إلى ما نعانيه من‬ ‫أزمة تعلق الناس بـ “النرجيلة”‪ ،‬مع أنني ال أقبل أبدا ً‬


‫بإدخال هذه األشياء إلى مسرحي ألنني أعتبرها غير‬ ‫مقبولة أثناء حضور “مسرحية فنية ثقافية”‪ .‬إذا ً‬ ‫هناك مشكلة بتأسيس األجيال اجلديدة‪ ،‬وتناسي‬ ‫أهمية املسرح ملا له من دور في جمع الناس وتقريب‬ ‫بعضهم لبعض‪ .‬وهنا تبرز احلركة الثقافية التي‬ ‫يوجدها املسرح في تالقي جميع الفئات اجملتمعية‪،‬‬ ‫لذلك أعتبر أ ّن املسرح اليوم في أزمة حقيقية‪ ،‬مع‬ ‫العلم أنه ال يزال هناك ر ّواد للمسرح يأتون حلضورنا‬ ‫ويثنون على عملنا‪ ،‬وهذا ما يح ّثني على التفاعل‬ ‫أكثر مع اجلمهور الذي ينجذب باملسرحية‪ ،‬فأنسى‬ ‫تعبي بالكامل خاصة وأ ّن مسرحيتي اجلديدة‬ ‫أبدل مالبسي ‪ 14‬مرة بني‬ ‫متعبة للغاية ألنني ّ‬ ‫الشخصيتني‪ .‬أمتنى أن يعود املسرح كما كان عليه‬ ‫سابقا ً وهذا ما سأناضل من أجله‪.‬‬ ‫هل يأخذ املسرح حقه من شركات اإلنتاج مع‬ ‫تصاعد وتيرة اإلنتاج التلفزيوني والسينمائي؟‬ ‫لألسف‪ ،‬فإن املنتجني املتم ّولني ال مي ّولون املسرح‬ ‫اليوم‪ ،‬ال بل نحن َمن من ّوله لتقدمي مسرحياتنا‪ ،‬وهذا‬ ‫قمت به في مسرحيتي اجلديدة مبساعدة زوجي‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫ميالد أبو حيدر‪ ،‬فاملنتج يعلم جيدا ً أ ّن حالة املسرح‬ ‫ليست جيدة‪ ،‬ولكن بالرغم من ذلك فإن شغفي‬ ‫باملسرح هو الذي يدفعني قدماً‪ ،‬فاملسرح يشكل‬ ‫متعة كبيرة لي‪ ،‬وذلك ال يعني أنني ال أحب العمل‬ ‫ولكن متعة املسرح‬ ‫في التلفزيون أو السينما‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والتالقي مع الناس الذين ينتظرون خروجي بعد‬ ‫إنهاء تقدمي املسرحية فقط ليع ّبروا عن اشتياقهم‬ ‫أحتدث عن أصالة‬ ‫لـ “املسرح الهادف”‪ ،‬خاصة أنني ّ‬ ‫القرية اجلنوبية‪ ،‬والكثير منهم خرجوا من قراهم‬ ‫قسراً‪ ،‬ولم يعودوا إليها بعد‪ .‬إني أفتخر بهذا العمل‬ ‫الذي يتناول مأساتنا بقالب كوميدي جميل‪.‬‬ ‫أال جتدين نفسك بأدوار غير كوميدية؟‬ ‫رفت بالطابع الكوميدي منذ‬ ‫بالطبع‪ ،‬ولكنني ُع ُ‬ ‫أيامي اجلامعية‪ ،‬والناس أح ّبتني كما أنا‪ ،‬علما ً أنني‬ ‫أقدم مشاهد‬ ‫وفي دور “أم طعان” في املسرحية ّ‬ ‫شاركت مبسلسل درامي بعنوان‬ ‫درامية‪ ،‬حتى أنني‬ ‫ُ‬ ‫لعبت‬ ‫“اخلط األزرق” س ُيعرَض على قناة املنار‪ .‬كذلك‬ ‫ُ‬ ‫دورا ً دراميا ً باسم “أم حيدر” أيضا ً مبشاركة األستاذ‬ ‫منير كسرواني وسعد حمدان‪ .‬أعتقد أنني بارعة‬ ‫في التراجيديا ولدينا الكثير من الطاقات والوجوه‬ ‫اجلديدة التي يجب أن تُعطى فرصة إلبراز نفسها‬ ‫وشخصيتها‪.‬‬ ‫قمت بكتابة العديد من املسرحيات‪ ...‬هل‬ ‫ِ‬ ‫تفضلني لعب أدوار من كتابتك أم من كتابة‬ ‫اآلخرين؟‬ ‫ال شك أ ّن كتابة املسرحية مسؤولية بحد ذاتها‪،‬‬ ‫ألنك ستتعرضني للنقد‪ ،‬ولكنني أتق ّبل آراء اجلميع‬ ‫ِ‬ ‫اقتنعت‬ ‫وخاصة الفنانني الكبار وأغ ّير املشاهد إذا‬ ‫ُ‬ ‫بأنهم محقون‪ ،‬وهذا ما تعلمته خالل عملي مع‬ ‫وقمت به في مسرحيتي أل ّن‬ ‫األستاذ كسرواني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫العمل الناجح كجوهرة األملاس يلمع لدى ّ‬ ‫حكه‪ .‬من‬ ‫هنا أشعر باملسؤولية اخملتلفة عن النقد حول دور ما‬ ‫قمت بتأديته دون أن يكون من كتابتي‪ ،‬علما ً أنه في‬ ‫ُ‬ ‫ظرف كهذا فإن مسؤوليتي تكون في اختياري للدور‬ ‫ٍ‬

‫ ‬ ‫بانوسيان تتحدث للزميلة نوفل‬

‫وقبولي به‪ .‬وقد أثنى الكثير من الفنانني واخملرجني‬ ‫أقدمه‪ ،‬حيث أبدى الدكتور نبيل أبو مراد مثالً‬ ‫على ما ّ‬ ‫إعجابه لدمجي املسرح الشعبي باملسرح العصري‬ ‫وهذه وسيلة جديدة غير مستعملة سابقاً‪ ،‬إضافة‬ ‫جذبت اجلمهور كاملغناطيس كما قال‬ ‫إلى أنني‬ ‫ُ‬ ‫قدمة‬ ‫لي النائب سيمون أبي رميا‪ ،‬أل ّن املسرحية ُم ّ‬ ‫باحتراف يجذب اجلمهور من البداية حتى النهاية‬ ‫موجهة بطريقة‬ ‫ضمن حبكة ُمحكمة ورسالة‬ ‫ّ‬ ‫كوميدية‪.‬‬ ‫أال يزعجك النقد؟‬ ‫إذا كان بناءا ً فال بد من األخذ به ألنه سيقود‬ ‫إلى النجاح بالعمل‪ ،‬وتصحيح املشاهد الضعيفة‬ ‫وتقويتها‪ .‬أنا أتواصل بشكل دائم مع النقّ اد‬ ‫والصحافيني والفنانني الكبار املق ّربني‪ ،‬وأعمل على‬ ‫تصحيح الشوائب التي أكون غير منتبهة لها‪.‬‬ ‫ماذا عن عالقتك بالسياسيني خاصة أ ّن‬ ‫انتقادك لهم الذع حتى ولو بطريقة كوميدية؟‬ ‫ِ‬ ‫بالطبع هو الذع إال أ ّن أم طعان ال تقول شيئا ً‬ ‫سخيفاً‪ ،‬بل تضع األصبع على اجلرح ولكن بطريقة‬ ‫كوميدية‪ .‬واجلميل في األمر أ ّن اجلميع يتق ّبل ما‬ ‫تقوله بصدرٍ رحب‪ ،‬لذلك فإن عالقتي بالسياسيني‬ ‫جيدة جدا ً حتى أنني أخاطبهم بكالم الذع حني ألتقي‬ ‫بهم‪ ،‬ولكن طبعا ً بالطريقة اجلنوبية القروية لـ “أم‬ ‫طعان”‪ ،‬وهم حقا ً يفرحون بذلك ألنني في النهاية‬ ‫أنقل رأي الناس بهم وبأدائهم السياسي‪ ،‬فأنا من‬ ‫هذا الشعب الذي ضاق ذرعا ً من الوضع االقتصادي‬ ‫واالجتماعي الذي أوصلونا إليه‪ .‬وهذا أيضا ً ما تع ّبر‬ ‫عنه “أم طعان” في املسرحية كأن تقول لهم‪:‬‬

‫توجّ ه أسرة «منبر التوحيد»‬ ‫مت ّنياتها للفنان منير كسرواني‬ ‫دوام الصحة والعافية بعد‬ ‫خضوعه لعملية جراحية في‬ ‫ً‬ ‫مدرسة‬ ‫القلب‪ ،‬على أمل أن يبقى‬ ‫للمسرح اللبناني املتألق‪ ،‬ويشرق‬ ‫بأعمال جديدة ربمّ ا‬ ‫يفتقد اجلمهور إليها اليوم‬

‫‪79‬‬

‫(تصوير‪ :‬عباس خشاب)‬

‫“بتحكوا باحلضارة وإنتو ما خليتو عنّا إال حضارة‬ ‫احلقد واحلرب” و”بتحكوا بالثقافي وإنتو بتس ّبو‬ ‫تتوجه‬ ‫لبعض كل يوم‪( ،‬بس) بثقافي”‪ .‬هي بالفعل‬ ‫ّ‬ ‫للسياسيني بالقول أنهم إذا كانوا حقا ً مثقفني‬ ‫وحاملي شهادات الدكتوراه‪ ،‬ملَا كانوا يشتمون‬ ‫بعضهم البعض في كل تصريح يقولونه‪ ،‬وال بد‬ ‫من أن ميتلكوا احلكمة إلدارة هذا البلد بدون أن يُقتل‬ ‫شبابنا اجلامعيني في الطرقات ألنهم يؤ ّيدون هذا‬ ‫الزعيم أو ذاك‪ ،‬وإال فليرحلوا‪ .‬ومن هنا‪ ،‬أقول أ ّن دم كل‬ ‫شاب يسقط شهيدا ً على الطرقات بسببهم هو‬ ‫مسؤوليتهم ألنهم سيكونون شركاء في اجلرمية‪،‬‬ ‫علما ً أ ّن السياسيني ال يتشاجرون إال أمام املواطنني‪،‬‬ ‫السرية” فيجتمعون حول موائد‬ ‫أما في “اجللسات ّ‬ ‫الطعام بكل محبة‪ .‬هم قدوة لشبابنا ويجب أن‬ ‫يكونوا بقدر املسؤولية امللقاة على عاتقهم‪.‬‬ ‫ماذا عن مسلسل «قلب متوز»؟‬ ‫“قلب متوز” مسلسل من كتابتي يروي أيام حرب‬ ‫متوز ‪ 2006‬بوقائعها املو ّثقة يوما ً بيوم‪ ،‬ويصف التالقي‬ ‫الذي حصل بني اللبنانيني بجميع طوائفهم حني‬ ‫ُه ِّجرَ األخوة الشيعة من اجلنوب وتوزّعوا بني مناطق‬ ‫لبنان‪ ،‬فجاء قسم منهم إلى بيوت املسيحيني‬ ‫الذين استقبلوهم أفضل استقبال وفتحوا‬ ‫قلوبهم لهم‪“ .‬قلب متوز” يتحدث عن قلب اللبناني‬ ‫الذي ومبج ّرد أن تزيلي من حياته انتماءه السياسي‬ ‫وليس الديني (أل ّن األديان راقية جداً)‪ ،‬فحتما ً يعود‬ ‫إنسانا ً لبنانيا ً بحت‪ ،‬يستقبل أخاه اللبناني عندما‬ ‫يدق ناقوس اخلطر‪ .‬بالفعل لقد تعاون اللبنانيون‬ ‫للمهجرين‬ ‫حينها‪ ،‬حتى الفقير أعطى كل ما لديه‬ ‫ّ‬ ‫دون منّة أو تر ّدد‪ .‬هذا املسلسل يروي أحداث احلرب‬ ‫بطريقة أم طعان الكوميدية‪ ،‬والتي رفضت ترك‬ ‫منزلها في اجلنوب وقالت‪“ :‬سآكل ترابا ً إلى أن أموت‬ ‫وأصبح تراباً”‪ ،‬لكنها تضطر للنزوح إلى العاصمة‪،‬‬ ‫وحينها تبدأ مبراقبة كل شيء وال تسكت عن أي‬ ‫عرضت مواضيعا ً كثيرة خاصة جلهة‬ ‫خطأ‪ .‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫اإلعاشات واملؤن التي عملوا على سرقة الكثير‬ ‫منها‪ .‬لقد عملنا جاهدين‪ ،‬وكان العمل س ُيعرض‬ ‫على قناة الـ ‪ ،Otv‬ولكن لألسف فـ”احمل ّبني كثر” ولم‬ ‫نتفق على بعض األشياء‪ ،‬مع العلم أ ّن املسلسل‬ ‫يتضمن مثالً مشهدا ً ألم مسلمة تص ّلي‬ ‫رائع‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫البنها في نفس الوقت الذي كانت تقرع فيه أجراس‬ ‫الكنائس‪ .‬لقد كان املسلسل ممتازا ً وخضع إلشراف‬ ‫األستاذ شكري أنيس فاخوري ولكن لألسف لم يتم‬ ‫العمل عليه‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر فني‬

‫الفنانة السورية ضحى الدبس‪:‬‬

‫المسلسالت التركية المدبلجة‬ ‫ّ‬ ‫ومنفذين سوريين‬ ‫مؤامرة تحاك بأموال خليجية‬ ‫حلديثها جرأة الفنان املبدع‪ ،‬ضمن أجوبتها‬ ‫قنابل موقوتة جاهزة لتفجير حالة الصمت‬ ‫والركود اللذين تقع فيهما الدراما السورية‪،‬‬ ‫كيف ال وهي البنت البارة لقريتها “القرية”‬ ‫حيث انفجرت الثورة السورية الكبرى بقيادة‬ ‫الثائر الكبير سلطان باشا األطرش‪« ،‬منبر‬ ‫التوحيد» التقت الفنانة القديرة ضحى‬ ‫الدبس وكان معها هذا احلوار‪:‬‬ ‫بداية نود احلديث عن ما قدمته الدراما‬ ‫السورية خالل األربع سنوات املاضية؟‬ ‫فيما يخص الدراما السورية وما تعرضه‬ ‫من أفكار أجد أنها استطاعت أن حتقق نقلة‬ ‫نوعية على صعيد اخلطوط احلمراء التي كانت‬ ‫تقيدها قبل أربع سنوات‪ ،‬وهاهي اليوم متتاز‬ ‫بجرأة الطرح ونقل الواقع بشفافية ومصداقية‬ ‫عالية‪ ،‬ألن من املفروض على الدراما أن تكون‬ ‫واقعية دون إلغاء األنواع األخرى منها كاألعمال‬ ‫التاريخية واخليالية والكوميدية‪.‬‬ ‫ماهو تقييمك لألعمال الدرامية التي مت‬ ‫تقدميها حتى اآلن؟‬ ‫أصبحنا نشكو اليوم من قلة اإلنتاج وكم‬ ‫األعمال اجليدة لذا أشعر بتخوف من تكرار‬ ‫املواضيع ذاتها في الدراما السورية وأن نصل‬ ‫إلى مرحلة املراوحة في املكان‪ ،‬حيث بدأت‬ ‫أشعر بأن هناك أيادٍ خفية تسعى للنيل من‬ ‫النجاح الذي حققته الدراما السورية خالل‬ ‫السنوات املاضية‪.‬‬ ‫ماذا عن ردة الفعل السلبية التي تكرّسها‬ ‫بعض املسالسالت على املتلقي؟‬ ‫الدراما السورية تضع يدها على اجلرح وتدل‬ ‫عليه كي ترسل إشارة تنبيه للمتلقي مما ميكن‬ ‫أن يحدث له‪ ،‬لذا فإن العمل الدرامي عمل تربوي‬ ‫كونه يسعى لتوعية اجملتمع‪ ،‬وبرأيي ليست‬ ‫وظيفة الدراما التلفزيونية إيجاد احللول‪ ،‬وال‬ ‫جتميل الواقع‪ ،‬بل عليها طرح اإلشكالية في‬ ‫اجملتمع إلحداث يقظة في فكر املتلقي‪ ،‬ومن‬ ‫اجلدير في بعض األعمال إن لم تستطع وضع‬ ‫حل اإلشكالية أن تقدم مشروع حلول‪ ،‬كون‬ ‫مجتمعنا يبحث دائما ً عن احللول اجلاهزة‪ ،‬فإذا‬ ‫أردنا أن نوظف الدراما كوسيلة تربوية نحن‬ ‫بحاجة إلى استطالعات وبحوث اجتماعية‬ ‫دائمة دون االبتعاد عن عنصر املتعة كونه‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أياد خفية تعبث بتألق الدراما السورية‬

‫العنصر الرئيسي ملتابعة أي عمل‪ ،‬وهنا أناشد‬ ‫درامانا أن تأتي بكتّاب ميتلكون خبرة كافية على‬ ‫مستوى مجتمعاتهم النفسية واالجتماعية‬ ‫وعاداتهم وتقاليدهم‪ ،‬والسعى إلنقاذ درامانا‬ ‫مما يحدث ضمن هذه األجواء‪ ،‬فنحن نعاني من‬ ‫خلط وتقصير بالعمل الفني كون الهدف الذي‬ ‫بات يحكم درامانا الربح التجاري وتعبأة الوقت‬ ‫على احملطات الفضائية‪.‬‬ ‫ماذا عن الدبلجة وموجة املسلسالت‬ ‫التركية والفكر الذي تقدمه للمتلقي‬ ‫السوري؟‬ ‫إذا أردت أن أتكلم عن أي مشكلة تخص‬ ‫هذة الظاهرة فهي نتاج قضية أكبر وأعمق مما‬ ‫نشاهده كرسالة في الفن‪ ،‬فمجتمعنا العربي‬ ‫يعيش حالة فوضى لذلك أعود وأكرر أنني‬ ‫أشك بوجود أيادٍ خفية تسعى لتكريس حالة‬ ‫الفوضى املوجودة‪.‬‬ ‫رغم اخلط السياسي الذي تتواجد ضمنه‬ ‫تركيا اليوم والذي جنله ونحترمه‪ ،‬ونعترف‬ ‫أننا بحاجة إليه في قضايانا العربية‬

‫‪80‬‬

‫العادلة‪ ،‬ولكن املسلسالت التركية املدبلجة‬ ‫بلغة شامية في محطات خارجية وبأموال‬ ‫خليجية تطرح إشكالية تكريس بنية‬ ‫ذهنية عند جيل الناشئة‪ ،‬تؤكد على أن ديار‬ ‫بكر ونصيبني وانطاكية ولواء اسكندرون هي‬ ‫مناطق تركية األصل والتاريخ‪ ،‬فهل نحن‬ ‫مدركون لهذه القضية؟ و أين الفنان السوري‬ ‫من هذه اإلشكالية؟‬ ‫ّ‬ ‫يتحكم بهذه‬ ‫الفنان السوري ال يستطيع أن‬ ‫القضية لوحده‪ ،‬وكل ما يستطيع فعله هو‬ ‫اإلعتراض عن املشاركة في دبلجة املسلسالت‬ ‫التركية‪ ،‬وأنا كضحى الدبس أرفض الدبلجة‬ ‫كونها ال تضيف لي شيئاً‪ ،‬وليست من ضمن‬ ‫رسالتي‪ ،‬هذا ال يعني أنني ضد مسألة الدوبالج‪،‬‬ ‫لكنني ضد العمل الذي اليضيف ويشوه احلالة‬ ‫اإلبداعية عند املتلقي‪ ،‬ولألسف فإن األعمال‬ ‫التركية التي متت دبلجتها مصنفة من أسوأ‬ ‫األعمال الفنية في تركية‪ ،‬وأرى أن هناك خطة‬ ‫واضحة ومرتبة أوال مستوى دبلجة أعمال رديئة‬ ‫وهذا بتصنيف تركي حتى بالنسبة ألبطالها‪،‬‬


‫ثانيا ً لتفشي هذه املسلسالت بشكل غير‬ ‫طبيعي وبلهجة شامية؟‪،‬؟ ومخرجني منفذين‬ ‫سوريني‪ ،‬وأموال خليجية‪ ،‬إذا هناك مؤامرة من‬ ‫غايتها التجارة وبأقل التكاليف‪.‬‬ ‫إذا أردنا أن نستخدم مصطلح البعد‬ ‫التجاري ماذا عن املسلسالت التي تناولت‬ ‫احلارة الشامية وما الذي قدمته هذه األعمال‬ ‫لدمشق وكم أساءت إليها؟‬ ‫بالنسبة لي أجد أن اإلنسان العربي وصل‬ ‫إلى مرحلة إحباط وترحم على املاضي‪ ،‬ألن‬ ‫احلياة أصبحت أكثر تعقيدا ً وفقدت الكثير‬ ‫من معانيها‪ ،‬وبدأ اإلنسان يفقد نفسه‪ ،‬وبرأيي‬ ‫أن ما يجعل املتلقي متابعا ً لألعمال «البيئية»‬ ‫أقصد البيئة الشامية‪ ،‬هي حالة االستالب‬ ‫التي يعيشها‪ ،‬وليس البعد الفني الذي‬ ‫يقدمه العمل البيئي‪ ،‬فهو عمل ال ميت ألي‬ ‫حالة إبداعية‪ ،‬لكن هناك الوقوف على األطالل‪،‬‬ ‫واستعادة مفردات اجتماعية لم تعد موجودة‪،‬‬ ‫دون أن ننسى أن هناك بعض األعمال لم تقدم‬ ‫البيئة الدمشقية بشكلها احلقيقي‪ ،‬فاملرأة‬ ‫كانت ومازالت في دمشق هي صاحبة املنزل‪،‬‬ ‫ولم تعتد املرأة الشامية على أن تكون ضعيفة‬ ‫وتابعة للرجل‪ ،‬وهذا برأيي أهل هذه البيئة‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫عودة للمال اخلليجي والذي يقوم بإنتاج‬ ‫هذه املسلسالت‪ ،‬ما الذي يريد إنتاجه‬ ‫لألجيال القادمة‪ ،‬وأي صورة يود أن يكرس‬ ‫عن هذه البيئة الشامية‪ ،‬وعلى من تقع‬ ‫مسؤولية التمويل؟‬ ‫الدراما السورية‪ ،‬سورية اللهجة فقط‪،‬‬ ‫لذا فهي غير قادرة على التحكم مبصيرها وال‬ ‫إنتاجها وال أموالها وال أفكارها‪ ،‬واملمثل السوري‬ ‫يخضع لشروط خارجية‪ ،‬لذا أقول بأن الدراما‬ ‫السورية ليست سورية‪ ،‬هي دراما قائمة على‬ ‫أيادٍ عاملة سورية رخيصة‪ ،‬ولألسف الفنان‬ ‫السوري يعيش حالة استغالل‪ ،‬وال يستطيع‬ ‫أن يبقى رافضا ً لكل شيء ألنه بذلك سيبقى‬ ‫رهني املنزل!‪.‬‬ ‫بوجود قناة الدراما‪ ،‬ما هو املوقف الرسمي‬ ‫جتاه العمل الدرامي في سوريا مما يحدث وأين‬ ‫اجلهات املسؤولة عن تبنيه كي ال يطغى‬ ‫عليه الطابع التجاري؟‬ ‫ضمن ملتقى الدراما قلنا أنه ال ميكننا‬ ‫النهوض بالدراما السورية إذا لم تتبناها‬ ‫مؤسسة رسمية بعقلية منفتحة جديدة‪،‬‬ ‫تطغى على العقلية القدمية التي تتحكم‬ ‫بالدراما السورية‪ ،‬بحيث تصبح دراما سورية‬ ‫بكل ما حتمله الكلمة من معنى كتمويل‬ ‫وأفكار‪.‬‬ ‫ما رأيك ببرنامج ‪ actor the‬الذي تقدمه‬ ‫قناة دنيا الفضائية ؟‬ ‫أشك بأي محطة تقدم برنامجا لكشف‬ ‫املواهب كوني أرى أن هذه القنوات هدفها‬

‫املال‬ ‫اخلليجي‬ ‫سبب ركود‬ ‫الدراما‬ ‫السورية‬ ‫والدين‬ ‫والفن في‬ ‫صراع‬

‫الربح التجاري وللتسلية فقط‪ ،‬فنحن لدينا‬ ‫خريجو املعهد العالي للفنون املسرحية‬ ‫والذين ال يحظون بفرص للعمل‪ ،‬وهنا أقول أن‬ ‫اإليجابية الوحيدة التي شكلتها املسلسالت‬ ‫التركية هي أنها استطاعت تشغيل هؤالء‬ ‫اخلريجني الذين تآكلت أرواحهم وأنهكهم‬ ‫اإلنتظار‪ .‬وشخصيا ً تساءلت هل هو برنامج‬ ‫يخص املتعة! أم أنه باب آخر لتفريغ مواهب‬ ‫الناس باعتبار أننا ال منلك سوى معهد عالي‬ ‫للفنون املسرحية‪.‬‬ ‫كيف تنظر ضحى الدبس للمعهد العالي‬ ‫للفنون املسرحية في ظل الكثير من‬ ‫التساؤالت التي تطرحها حالته وواقعه؟‬ ‫املعهد العالي آيل للسقوط واالنهيار‪،‬‬ ‫وبدأ يتفرغ من محتواه كونه ال يحتوي‬ ‫على “كوادر” للتدريس فيه‪ ،‬فمعهد ال ميلك‬ ‫“كوادرا” والكفاءات‪ ،‬بحيث جند مديرا مطرودا‬ ‫من املعهد لعدة أسباب يعود فجأة ليصبح‬ ‫عميدا للمعهد‪ ،‬ماذا ترانا نقول في مثل هذه‬ ‫احلال؟! نحن ال منلك نواظم ألي شيء‪ ،‬نعيش‬ ‫ونعمل على السجية‪ ،‬وال منلك أفقا أو سياسة‬ ‫مستقبلية!!‬ ‫من الذي يحكم الفن في سوريا وماذا بني‬ ‫الدين والفن؟‬ ‫االقتصاد والسياسة والدين فالرقابة التي‬ ‫حتكمنا كعرب لها عالقة بعاداتنا وتقاليدنا‪.‬‬ ‫والدين لديه مشكلة مع الفن‪ ،‬فهناك جهات‬ ‫ترى أن الفن شجع على االنفتاح‪ ،‬وأن تنال املرأة‬ ‫حريتها‪ ،‬وهناك من يسعى إلغالق املعهد العالي‬ ‫للفنون املسرحية حيث يوجد تيارات معارضة‬ ‫للفن‪ ،‬ومن مصلحتها تدميره ومؤسساته‪.‬‬ ‫ماهو احلل ضمن هذه األجواء؟‬ ‫علينا أن نتحايل على الوضع ونعمل على‬ ‫خلق إبداع حقيقي في مجال الدراما السورية‪،‬‬ ‫ونأتي مبواهب حقيقية وممثلني أقوياء‪ ،‬وكتّاب‬

‫‪81‬‬

‫مبدعني ضمن املعطيات املتوفرة‪ ،‬ألن واقعنا‬ ‫لن يتغير وعلينا العمل ضمنه!‪.‬‬ ‫أعطني مسرحاً أعطك شعباً‪ ...‬ترى أين هو‬ ‫املسرح السوري اليوم؟‬ ‫في سوريا ال يوجد مسرح وهذه أكبر جرمية‪،‬‬ ‫فنحن كممثلني خريجي املعهد العالي للفنون‬ ‫املسرحية نشعر بالغنب كون اختصاصنا‬ ‫مسرح وما من مسرح!‪.‬‬ ‫أين تكمن مشكلة املسرح السوري؟‬ ‫أي مشكلة نريد البحث فيها هي مشكلة‬ ‫كوادر وقوانني حتكم مديرية املسارح‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى العقلية التي تدير مديرية املسارح‪ ،‬إذ‬ ‫يجب النظر بإعادة تغييرها‪ ،‬حيث ال بد من‬ ‫إلغاء مجمل هذه اإلشكاليات لتواكب‬ ‫احلداثة وتطور احلياة‪ ،‬وأن يتم رفد املسرح‬ ‫بكوادر جديدة‪ ،‬إضافة إلى التحرر بالعمل‬ ‫الفني‪.‬‬ ‫ماذا عن املسرح التجاري الكوميدي؟‬ ‫لست ضد التنوع وأنا مع حرية األذواق‬ ‫كونها حالة شخصية‪ ،‬لكن يبقى اخلوف من‬ ‫أن تكون هذه األعمال هي الوحيدة التي تهم‬ ‫جمهورنا!!‬ ‫أين هي ضحى الدبس من السينما؟‬ ‫بشكل عام إنتاجات السينما السورية‬ ‫قليلة‪ ،‬ولدي فيلمني ومشاركة بفيلم لشركة‬ ‫“اوربيت”‪ ،‬نحن ال منلك ظاهرة سينما سورية ألن‬ ‫اإلشكالية التي يعاني منها املسرح موجودة‬ ‫في السينما‪ ،‬وال يوجد لدينا حالة فتح أبواب‬ ‫املشاركات اخلارجية‪.‬‬ ‫هل أنت مع املشاركة بأعمال فنية عربية؟‬ ‫لست ضد املشاركة بأي عمل فني عربي‬ ‫ولكن بشروط وليس بالعقلية التي ينظرون‬ ‫بها إلى الفنان السوري‪.‬‬

‫حوار‪ :‬إيفلني املصطفى‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر مناطق‬

‫«منبر التوحيد» تزور البلدة‪ ،‬وتتحدث ألهلـــــــ‬ ‫كفرمتى‪ :‬أم المصــالحـات‪ ،‬جرحٌ ينزف منذ‬ ‫ّ‬ ‫الشحار الغربي في جبل لبنان‪ ،‬عانى أهلها‬ ‫هي قرية من قرى‬ ‫موعد‬ ‫على‬ ‫فكانت‬ ‫‪،1975‬‬ ‫عام‬ ‫حصلت‬ ‫التي‬ ‫األهلية‪،‬‬ ‫من ذيول احلرب‬ ‫ٍ‬ ‫جديد معها عام ‪ 1983‬حني وقع ما ُ‬ ‫سمّ َي بـ”حرب اجلبل”‪ ،‬حيث‬ ‫تالقى “العمالء” مع العدو الصهيوني على نفس الهدف‪ ،‬ودخلوا‬ ‫املنطقة في محاولة لفرض أنفسهم‪ ،‬وعرفوا كيف يُعيثون فساداً‬ ‫بالعيش املشترك بني أبنائها الدروز واملسيحيني‪ ،‬فوقعت احلرب‬ ‫مسب ً‬ ‫ّبة سقوط ‪ 107‬شهداء من أبناء القرية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن العبرة‬ ‫ال شك أن استذكار املاضي األليم ال يُجدي نفعاً‪،‬‬ ‫تبقى في اإلضاءة على مسبّبي احلرب والتأكيد على أهمية‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين املسيحيني إلى قريتهم إلستعادة ُ‬ ‫سبُل العيش‬ ‫عودة‬ ‫املشترك‪ ،‬وإلعادة إعمار كل ما ه ّدمه األعداء من بيوت وحتى من‬ ‫عالقات مشتركة‪ ،‬فاللبناني لم يعتد إال على العيش مع أخيه منظر عام للبلدة‬ ‫اإلنسان على إختالف أطيافهم‪.‬‬ ‫وال شك في أ ّن زيارة العماد ميشال عون إلى اخملتارة وقرى‬ ‫الشوف مؤخراً‪ ،‬شكلت مصاحلة جديدة بعد تلك التي حصلت في‬ ‫عامي ‪ 2001‬و‪ ،2008‬مع العلم أ ّن األخيرتني حصلتا على حساب‬ ‫الكثير من املتضررين‪ ،‬وبغياب الكثير من األطراف‪.‬‬ ‫يشرق صباح يوم جديد‪ ،‬لتشرق معه آمال العيش املشترك‬ ‫والتوحيد بني أهالي البلدة‪ ،‬ولكن تبقى التعويضات املستحقة‬ ‫املهجرين‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عل صفاء‬ ‫املهجرين العائق األكبر لعودة‬ ‫على وزارة‬ ‫النفوس ينعكس على اجلميع مقيمني وعائدين‪ ،‬لتتكلل محبة‬ ‫الطرفني لهذه القرية بالتالقي القريب بني ربوعها‪ .‬هذه احملبة تظهر‬ ‫في عيون وكالم كل فرد من أفراد هذه القرية‪ ،‬فهي التي قال فيها‬ ‫ساحة العني‬ ‫الشاعر حسيب الغريب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في وقتها لو فكر الرحمان‬ ‫يا كفرمتى انفار ِقك متى‬ ‫يخلق دني جديدي بنهج جديد‬ ‫ج ّنة بتبقي َع األرض ح ّتى‬ ‫بناجيه ّ‬ ‫خليني بكفرمتى‬ ‫تفنى الدني وتتغيّر األكوان‬ ‫“منبر التوحيد” تنقلت بني أحياء البلدة والتقت بعض أبناءها‪،‬‬ ‫ويتب ّدل احلكم بطرق ش ّتى‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين‪،‬‬ ‫بعد أن انتقلت إلى العاصمة لتلتقي أيضاً بأبنائها‬ ‫وما يعود في ذيب وحمل هربان‬ ‫ونفوس منها احلقد يتأتّى فكانت احلوارات التالية‪:‬‬

‫خالد خ ّداج‪ :‬مسيحيو كفرمتى‬ ‫ليسوا السبب في ما جرى‬ ‫روى األستاذ خالد خداج تاريخ القرية‪،‬‬ ‫متحدثاً عن عائالتها‪ ،‬ومتطرّقاً مللف عودة‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين‪ ،‬فقال‪ :‬نشأت البلدة على أنقاض قرية‬ ‫قدمية اسمها “رمطون”‪ ،‬وكانت تقع في وادي‬ ‫كفرمتى‪ ،‬التي حتتوي أيضا ً آثارا ً بيزنطية تؤكد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على قدم هذه املنطقة‪ .‬وأعتقد أن العائالت‬ ‫الدرزية سكنت كفرمتى منذ حوالي ‪ 800‬إلى‬ ‫‪ 1000‬سنة‪ ،‬ربطا ً بسقوط الدولة الفاطمية‪،‬‬ ‫ونزوح بعض القبائل هربا ً من اإلضطهاد‪ .‬من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬اعتنق السكان األصليون الدين التوحيدي‬ ‫نسبة إلى الداعية نشتكني الدرزي الذي ّ‬ ‫بشر‬ ‫بالدعوة الدرزية ونشرها في جبال لبنان‪.‬‬ ‫وتابع خداج‪ :‬من املمكن أن يكون سكان‬

‫‪82‬‬

‫كفرمتى قد أتوا أيضا ً من مناطق حلب وجبل‬ ‫العرب‪ ،‬بسبب اضطهاد القبائل التي اعتنقت‬ ‫مذهب التوحيد في ب ّر الشام‪ .‬واملؤرَّخ أ ّن أقدم‬ ‫والسجالت‬ ‫عمار‪ّ ،‬‬ ‫عائلة سكنت البلدة هي آل أبي ّ‬ ‫املوجودة تثبت أن العائالت األخرى هي جزء من‬ ‫عائالت موزّعة في قرى درزية أخرى‪ ،‬وكذلك‬ ‫بالنسبة للعائالت املسيحية (مع ّوض وحداد وأبي‬ ‫عبد اهلل)‪.‬‬


‫والمهجرين‬ ‫ــــــها من المقيمــين‬ ‫ّ‬ ‫العام ‪،1983‬وتنتظر حقوقها‬

‫ال شك أن أهالي كفرمتى كانوا جزءا ً من‬ ‫صد الغزوات الصليبية إلى جانب‬ ‫عمليات‬ ‫ّ‬ ‫التنوخيني‪ ،‬وهناك فترات طويلة من العيش‬ ‫املشترك مع األخوة املسيحيني‪ ،‬والدليل هو جذور‬ ‫هذا التواجد املشترك في كفرمتى وق َدمه كما‬ ‫في باقي القرى‪ .‬وقد اعتمدت كفرمتى بشكل‬ ‫أساسي على زراعة الزيتون وأشجار التوت‬ ‫لتربية دود الق ّز وصناعة احلرير‪ ،‬حيث متّ بناء أحد‬ ‫أكبر مصانع احلرير في املنطقة‪ .‬كذلك ازدهرت‬ ‫فيها ‪ 3‬معاصر للزيتون إضافة ملزرعة كفرمتى‬ ‫التي تُعتبر ثاني أكبر مزرعة في جبل لبنان بعد‬

‫مزرعة الشويفات‪ ،‬لكن لألسف‪ ،‬احلرائق واملرامل‬ ‫دمرَت هذه الثروة التي كانت حتتوي أشجارا ً يبلغ‬ ‫ّ‬ ‫عمرها أكثر من ‪ 1500‬سنة‪ ،‬مع العلم أن بعضها‬ ‫ال يزال موجوداً‪ .‬أما في العصر احلديث‪ ،‬فشهدت‬ ‫كفرمتى حت ّوال ً من الزراعة إلى العمل املدني ارتكز‬ ‫مبعظمه على العمل الفندقي‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫للعمل احلزبي‪ ،‬فقد دخل القرية في الثالثينات‬ ‫تقريبا ً عبر األحزاب الصاعدة (الشيوعي‪ ،‬احلركات‬ ‫القومية العربية) وغيرها‪ ،‬وتأثرت بتأسيس‬ ‫احلزب التقدمي اإلشتراكي والشهيد كمال‬ ‫جنبالط‪ ،‬وكان ذلك مهما ً لتجاوز مرحلة اإلقطاع‬ ‫السياسي‪ ،‬إال أن احلرب األهلية وحت ّولها ملواجهات‬ ‫طائفية‪ ،‬أعادت األمور إلى بدايتها‪ .‬وقد واجهت‬ ‫القرية العدو الصهيوني من خالل معسكر‬ ‫تدريبي جلبهة املقاومة الوطنية اللبنانية (احلزب‬ ‫ص َفت إثر املواجهة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫الشيوعي)‪ ،‬و ُق ِ‬ ‫حصلت مواجهات ضارية مع “القوات اللبنانية”‬ ‫وفرضت التجنيد اإلجباري على‬ ‫التي دخلت القرية‬ ‫َ‬ ‫مسيح ّييها‪ ،‬وانتهت في محاولة إجتياح املنطقة‬ ‫بعد اإلنسحاب اإلسرائيلي من ِق َبل حتالف اجليش‬ ‫اللبناني آنذاك والقوات اللبنانية مع العدو‪،‬‬ ‫انتهت إلى سقوط القرية بيد القوات وارتكابهم‬ ‫مجزرة بشعة بحق األطفال والنساء والشيوخ‪.‬‬ ‫لكن “القوات” دُ ِحرَت من مختلف القرى وحت ّرر‬ ‫ّ‬ ‫الشحار الغربي مبجمله‪ ،‬وجرى تهجير املسيحيني‬ ‫من معظم هذه القرى‪.‬‬ ‫وتابع خداج قائالً‪ :‬طبعا ً من املؤسف ّ‬ ‫تذكر هذه‬ ‫األحداث‪ ،‬إال أنها جزءا ً من تاريخ القرية‪ ،‬وحلسن‬

‫معمل احلرير القدمي‬

‫‪83‬‬

‫احلظ إن املصاحلات التي متّت في اجلبل بعد اتفاق‬ ‫الطائف وصلت إلى كفرمتى ولو متأخرة عشرين‬ ‫عاما ً “كما اإلعمار”‪ .‬ويجري اآلن بناء معظم البيوت‬ ‫املهدمة‪ ،‬بانتظار الدفعة الثانية املستحقة على‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين‪ .‬وعلى الرغم من الكثير من‬ ‫صندوق‬ ‫ّ‬ ‫الشوائب التي رافقت هذه املصاحلات‪ ،‬إال أنها‬ ‫تبقى حدثا ً مهما ً ومطلوباً‪ ،‬إذ جرى من خاللها‬ ‫جتاوز مرحلة احلرب األهلية‪ ،‬خاصة وأن سكان‬ ‫كفرمتى من املسيحيني‪ ،‬لم يكونوا اجلزء األكثر‬ ‫ظالما ً في ما جرى‪ .‬كذلك تأثرت كفرمتى‪ ،‬كما‬ ‫كافة قرى اجلبل‪ ،‬باالنقسام السياسي الذي ساد‬ ‫منذ القرار ‪ ،1559‬حيث تقابلت أنواع جديدة من‬ ‫اإلنقسامات التي لم نشهدها سابقا ً بني أحزاب‬ ‫املعارضة وأحزاب املواالة‪ ،‬وبالرغم من تلك األجواء‬ ‫إالّ أن القرية لم تشهد أي صدامات تُذكر‪ .‬اليوم‪،‬‬ ‫تتقدم إلى احلياة السياسية أجواء الوحدة حول‬ ‫املوقف من املشروع األميركي والعدوان اإلسرائيلي‬ ‫وسالح املقاومة والعالقات مع سوريا مما أعاد‬ ‫املياه إلى مجاريها‪ ،‬وإن بدا املشهد السياسي‬ ‫يفتقد إلى جمال السبعينات حيث كان العمل‬ ‫السياسي‪ ،‬مرتكزا ً على الثقافة والفكر‪ ،‬فيما هو‬ ‫اليوم مفعم بالعصبيات وبالطائفية والعائلية‪.‬‬ ‫تبقى كفرمتى من أجمل قرى الغرب‪ ،‬على كتف‬ ‫ّ‬ ‫مطل على البحر‪ .‬هذه القرية اليوم‪ ،‬تعيش‬ ‫مصاحلة مزدوجة إن بني املسيحيني واملسلمني‪ ،‬أو‬ ‫بني أطراف اإلنقسام األخير‪.‬‬

‫فؤاد خ ّداج‪ :‬نأمل أن يُعطى ملف‬ ‫كفرمتى اإلهتمام الالزم‬ ‫كما كان لنا لقاء مع رئيس البلدية األستاذ‬ ‫فؤاد خداج‪ ،‬وكان حوارنا حول أعمال البلدية‬ ‫واملشاريع التي قامت بها البلدية‪ ،‬وقال خداج‪:‬‬ ‫نحن في موقع رئاسة البلدية منذ ‪ 29‬سنة‪ ،‬وقد‬ ‫كان للبلدية دور كبير خاصة أثناء احلرب األهلية‪،‬‬ ‫وصوال ً ملشروع املصاحلة التي نعتبر أنها متّت منذ‬ ‫زيارة البطريرك صفير إلى اخملتارة‪ .‬منذ ذلك احلني‪،‬‬ ‫بدأنا العمل في منطقة الشحار الغربي‪ ،‬كفرمتى‬ ‫توصلنا لتوقيع إتفاقية العودة إليها‪،‬‬ ‫بالذات‪ ،‬حتى ّ‬ ‫مع العلم أ ّن اللقاءات كانت مستمرة بني أبناء‬ ‫كفرمتى املقيمني والعائدين‪ ،‬وتكللت بعودة احلياة‬ ‫إليها‪ ،‬وكما قال رئيس احلزب التقدمي اإلشتراكي‬ ‫وليد بك جنبالط بأن احلرب أصبحت وراءنا وعلينا‬ ‫نسيان املاضي‪ .‬وفي غمرة األحداث التي مررنا بها‪،‬‬ ‫أقامت بلدية كفرمتى توأمة مع بلدية مارتينيانو‬ ‫اإليطالية‪ ،‬وذلك في ‪ ،1989/12/30‬وكانت من أجنح‬ ‫التوأمات في لبنان نظرا ً الستمرارها املتواصل‬ ‫قدمتها بلدية مارتينيانو لبلدتنا‬ ‫واملشاريع التي ّ‬ ‫العامة‪ ،‬وكذلك إنشاء معصرة‬ ‫ومنها بناء القاعة‬ ‫ّ‬ ‫للزيتون بعد حضور وفد من اخلبراء وإجراء دراسة‬ ‫مستفيضة بعد الكشف على أشجار الزيتون‪،‬‬ ‫فتم ذلك بالتعاون مع مؤسسة جي تي أم‬ ‫ّ‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر مناطق‬ ‫ولكن سعر طن احلديد كان عند‬ ‫ليرة لبنانية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قبض الدفعة األولى ‪ ،$1600‬وهذا ال يكفي لبناء‬ ‫وحدة سكنية صغيرة‪ .‬وينتظر املواطنون في‬ ‫كفرمتى اليوم الدفعة الثانية ليتمكنوا من‬ ‫استكمال إعادة اإلعمار‪ ،‬علما ً أ ّن عددا ً كبيرا ً من‬ ‫تهجروا إلى القرى اجملاورة ولم يتمكنوا‬ ‫املقيمني ّ‬ ‫حتى اآلن من العودة بسبب تأخّ ر التعويضات‪.‬‬ ‫املهجرين أن يعطي ملف‬ ‫نأمل من معالي وزير‬ ‫ّ‬ ‫كفرمتى حقوقه على كل األصعدة حتى تكون‬ ‫املصاحلة التي قمنا بها متينة‪ ،‬كذلك نتمنى أن‬ ‫يساعدنا في تأمني البنى التحتية‪ ،‬وهذا يكون‬ ‫مبثابة تثبيت للعودة‪ ،‬أل ّن كفرمتى ورغم كل ما‬ ‫عانته‪ ،‬استجابت للمصاحلة والعودة إلى العيش‬ ‫املشترك‪ ،‬كما كانت قبل دخول العدو اإلسرائيلي‬ ‫إليها‪ .‬أما بالنسبة ملشاريعنا في الفترة احلالية‪،‬‬ ‫فقد قمنا بتنفيذ مشروع “مجاز كفرمتى” أي‬ ‫حتسني الشارع الرئيسي في البلدة‪ ،‬وأخيرا ً حفرنا‬ ‫يؤمن لنا اكتفاءا ً ذاتيا ً من املياه‬ ‫بئرا ً ارتوازياً‪ ،‬وهو ّ‬ ‫إلى جانب البئر االرتوازي املوجود‪.‬‬

‫الشاعر حسيب الغريب‪:‬‬ ‫كفرمتى «أم املصاحلات»‪،‬‬ ‫ويجب ّ‬ ‫حل ملفها سريعاً‬

‫اإليطالية‪ ،‬وهذه املعصرة ليست لـ”كفرمتى”‬ ‫فقط‪ ،‬وإمنا ملنطقة عاليه بكاملها‪ .‬إضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬قمنا بإنشاء “ميني ملعب” لكرتي القدم‬ ‫والسلة‪ ،‬وهذا املشروع أيضا ً تقدمة من بلدية‬ ‫مارتينيانو بالتعاون مع بلد ّيتنا‪ ،‬وأصبح جاهزا ً منذ‬ ‫شهر‪ ،‬وينتظر وصول وفدا ً من إيطاليا إلفتتاحه‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬متّ افتتاح ثانوية الشهيد كمال‬ ‫بك جنبالط في بلدة مارتينيانو في إيطاليا‪ ،‬وأثناء‬ ‫زيارتي إليها‪ ،‬افتتحنا قاعة “األرز”‪ ،‬ملا تعني هذه‬ ‫الكلمة من شعار للدولة اللبنانية‪ ،‬إلى جانب‬ ‫إرسال بعثة من أطفال كفرمتى‪ ،‬ومكثوا ‪ 15‬يوما ً‬ ‫بضيافة بلدية مارتينيانو‪ .‬وهنا ال بد من اإلشارة‬ ‫إلى الدور الكبير في حتقيق هذه املشاريع لعضو‬ ‫احلزب التقدمي اإلشتراكي الدكتور طالل خريس‬ ‫الذي كان صلة الوصل بيننا واإليطاليني‪ ،‬هذا مع‬ ‫التنويه مبا كان للحزب ولوليد بك جنبالط من‬ ‫مساهمات في دعم البلدية‪.‬‬ ‫وعن املصاحلات‪ ،‬قال خ ّداج‪ :‬لقد حتققت‬ ‫املصاحلات‪ ،‬ولكن هناك تقصيرا ً من الدولة‪ ،‬أل ّن‬ ‫املهجرين في الوزارة دفع الدفعة األولى‬ ‫صندوق‬ ‫ّ‬ ‫من التعويضات منذ سنتني تقريبا ً وحتى اآلن‬ ‫لم تُدفع الدفعة الثانية‪ ،‬مع العلم بأن املبلغ‬ ‫اخملصص للوحدة السكنية ُح ِّددَ بثالثني مليون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ّ‬ ‫فتذكر‬ ‫أما الشاعر حسيب الغريب‬ ‫النشطات األهلية التي أقيمت في كفرمتى‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬الرياضة عادة عامل انسجام بني األفراد‬ ‫واجلماعات‪ ،‬والتمني الوحيد هو أن تبقى مبنأى‬ ‫بتجمع شبابي في‬ ‫عن السياسة‪ .‬لقد انطلقنا‬ ‫ّ‬ ‫نادي الشباب الرياضي في كفرمتى‪ ،‬الذي كسر‬ ‫النعرة العائلية وجم َع العائالت حتت رايته‪ ،‬وكانت‬ ‫انطالقتنا مميزة بني كل النوادي في املنطقة‪ ،‬حيث‬

‫‪84‬‬

‫وصل عدد العناصر إلى أكثر من ‪ 150‬عنصراً‪.‬‬ ‫عام ‪ ،1979‬قمنا باحلفل األول وكان ريعه لترميم‬ ‫ملعب الداودية في قرية عبيه باإلتفاق مع‬ ‫املسؤولني في األوقاف الدرزية‪ ،‬وكانت تكلفته ‪16‬‬ ‫ألف ليرة (في ذلك الوقت)‪ .‬كذلك قمنا بنشاطات‬ ‫متعددة إضافة لدورات رياضية مبشاركة كل‬ ‫الفرق اللبنانية التي كانت تلعب بالدرجة األولى‪.‬‬ ‫لألسف‪ ،‬أصبح النادي يعيش على أمجاد املاضي‬ ‫عندما تدخّ لت السياسة به‪ ،‬وكذلك فعلت‬ ‫بالنسبة جلمعية إمناء كفرمتى‪ ،‬إذ هل يُعقل‬ ‫أن يكون هناك جمعية ناجحة‪ ،‬وتقوم بتنظيم‬ ‫مهرجانات كل عام‪ ،‬فتنتهي نهاية حزينة فقط‬ ‫بسبب الغايات الشخصية واملصالح الض ّيقة؟‬ ‫أما بالنسبة مللف عودة املهجرّين‪ ،‬فقال‬ ‫الغريب‪ :‬عند حصول حرب اجلبل عام ‪ ،1983‬لم‬ ‫املهجرين إلى كفرمتى مقبولة‪ ،‬وقد‬ ‫تكن عودة‬ ‫ّ‬ ‫طال التهجير حوالي ‪ 24‬سنة‪ ،‬إلى أن حصلت‬ ‫املصاحلة في قصر اخملتارة عام ‪“ 2008‬مب َ ْن حضر”‪.‬‬ ‫كنّا دائما ً نقول أننا مع العيش املشترك والوحدة‬ ‫الوطنية املتكاملة‪ ،‬ولكن بالرغم من املالحظات‬ ‫قدمناها بالنسبة للعودة‪ ،‬إال أنهم عادوا‬ ‫التي ّ‬ ‫قبل إمتام دفع التعويضات ممّا تسبب بتهجير‬ ‫الكثير من أبناء كفرمتى “الدروز” إلى خارج‬ ‫القرية‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬ال زالوا مياطلون ويراوغون‬ ‫في هذا امللف‪ ،‬خاصة في الدفعة الثانية من‬ ‫التعويضات‪ ،‬رغم أن األموال التي دُ ِف َعت ألهالي‬ ‫كفرمتى قليلة‪ ،‬مع الغالء الفاحش الذي يتخ ّبط‬ ‫به البلد من كل جوانبه‪ .‬ورغم مأساة كفرمتى‪،‬‬ ‫وما حصل فيها من أهوال‪ ،‬ح ّولها البعض ملا ّدة‬ ‫للتسلية‪ ،‬ودفعوا للوحدات السكنية على قياس‬ ‫األمتار‪ .‬كذلك فقد كان التمنّي أن تكون اللجنة‬ ‫املشتركة التي تشكلت بني احلزب التقدمي‬ ‫اإلشتراكي والتيار الوطني احلر جامعة لكل‬ ‫األحزاب الوطنية املوجودة في القرية‪ ،‬فاملشاركة‬ ‫اجلماعية حتما ً ستساعد في ّ‬ ‫حل هذا امللف‬ ‫ألنه ملف اجتماعي إنساني‪ ،‬والكل معني به‪ .‬ال‬ ‫شك أنه ال ميكن جتاهل ملف كفرمتى ألنها “أم‬ ‫املصاحلات”‪ ،‬ولكنه لألسف ال يزال يراوح مكانه‪،‬‬ ‫املهجرين استكمال‬ ‫ونتمنى من الدولة وصندوق‬ ‫ّ‬ ‫دفع حقوق املواطنني‪ ،‬والنظر للملف بالعني‬ ‫املفتوحة‪ ،‬ألنه ليس ماديا ً فقط‪ ،‬فاملُهم تصفية‬ ‫النفوس قبل “الفلوس”‪ ،‬ولكن لألسف فإ ّن دولتنا‬ ‫ال تنظر للملف إال بالطريقة التي ميكن أن تو ّفر‬ ‫بها على خزينتها‪ ،‬وال بد من اإلشارة إلى أ ّن حل‬ ‫هذا امللف لم يتم إال من خالل الشق املالي وبجزء‬ ‫بسيط منه‪ ،‬أما النواحي األخرى من ترميم‬ ‫طرقات وصرف صحي وغيرها فلم يتم النظر‬ ‫إليها أبداً‪ .‬أنا أسأل دولتنا ملاذا هذا اإلهمال بحق‬ ‫هذه البلدة التي صبرت على جروحها ‪ 24‬عاما ً‬ ‫ولم تكافأ سوى بدفعة زهيدة من األموال؟ ملاذا‬ ‫تناست دولتنا باقي البنود املتعلقة باملصاحلة؟‬ ‫في احلقيقة‪ ،‬هناك أشياء كثيرة أو ّد التحدث‬


‫عنها‪ ،‬ولكن في “فمي ماء”‪ ،‬وال أستطيع أن‬ ‫أكشف كل ما في القلب‪.‬‬

‫احملامي فادي حداد‪َ :‬م ْن ال ينتمي‬ ‫إلى قريته ليس له هويّة‬

‫وكي يكون امللف شامالً لكافة أهالي البلدة‪،‬‬ ‫ولألخذ بوجهات النظر من عدة نواحي‪ ،‬التقينا‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين‪ ،‬احملامي‬ ‫بابن كفرمتى من املسيحيني‬ ‫فادي حداد الذي حتدث عن كفرمتى وعودتهم‬ ‫إليها‪ ،‬فقال‪ :‬لقد قبض الناس الدفعة األولى‬ ‫من التعويضات‪ ،‬أما إذا أردنا الدخول في تطبيق‬ ‫القانون للنهاية في الدفعة الثانية‪ ،‬فهناك‬ ‫إستحالة أن يقبضها عدد كبير منهم أل ّن َمن‬ ‫قبض مجموعة تعويضات لعائلة قوامها خمس‬ ‫أفراد مثالً‪ّ ،‬‬ ‫متكن من بناء املنزل بحد أقصى أو منزل‬ ‫علمت مؤخرا ً أنه متّت معاجلة‬ ‫ونصف‪ ،‬ولكنني‬ ‫ُ‬ ‫املوضوع حيث أصدر الوزير أكرم شه ّيب قرارا ً بأن‬ ‫يتم الدفع على أساس الوحدة السكنية (‪30‬‬ ‫مليون على أساس ‪ 150‬متر)‪ .‬أعتقد أ ّن اعتماد‬ ‫ّ‬ ‫سيحل مشكلة الدفعة الثانية‬ ‫هذه الوسيلة‬ ‫ألن شرط استحقاق الدفعة الثانية كان بأن يبني‬ ‫املتوجبة من الدفعة‬ ‫املواطن مساحة الـ ‪ 150‬متر‬ ‫ّ‬ ‫األولى‪ ،‬وهذا أمر غير جائز من كل النواحي‪ .‬نأمل‬ ‫أن نلقى التجاوب املَرجو من كل املعنيني أل ّن‬ ‫ملف كفرمتى وغيره من امللفات ال يتعالج فقط‬ ‫املهجرين بل على مستوى‬ ‫على مستوى وزراة‬ ‫ّ‬ ‫صندوقها أيضاً‪ ،‬أما إذا أردنا طرح املوضوع من‬ ‫الناحية اجلماعية فإ ّن موضوع كفرمتى كمعظم‬ ‫قرى قضاء عاليه ُمه َمل‪ ،‬ويجب أن يلقى اإلهتمام‬ ‫الالزم‪ ،‬إن جلهة البنى التحتية أو األمور الثقافية‬ ‫والتربوية والصحية وتأمني املق ّومات احلياتية‪.‬‬ ‫وعن تأكيد عودة املسيحيني للعيش ضمن‬

‫البلدة بعد إمتام املصاحلات وملف العودة‪ ،‬أجاب‬ ‫حداد‪ :‬ال شك أ ّن غياب ‪ 25‬سنة عن البلدة هو‬ ‫فترة طويلة أ ّدت لظهور جيل جديد من أبنائنا‬ ‫الذين اعتادوا العيش في العاصمة وضواحيها‪.‬‬ ‫ال شك أ ّن تضافر كل اجلهود واحتاد جميع القرى‬ ‫مهم جداً‪ ،‬إذ ليست وزراة‬ ‫لتحقيق العودة‬ ‫ٌ‬ ‫املهجرين املعني الوحيد بهذ امللف‪ ،‬بل كذلك‬ ‫ّ‬ ‫وزارت َا التربية واألشغال أيضا ً معن ّيتان‪ ،‬واملفروض‬ ‫أن تساهم كل جهة من موقعها في ترسيخ هذه‬ ‫العودة‪ .‬أعتقد أ ّن كفرمتى ليست بعيدة جدا ً في‬ ‫املسافة عن بيروت وبالتالي ال مانع في السكن‬ ‫فيها‪ ،‬وإبقاء أعمالنا في العاصمة‪.‬‬ ‫وعن شروط العودة وصفاء النفوس‪ ،‬أجاب‬ ‫حداد‪ :‬الكل يعلم أن مسيحيي كفرمتى لم يكن‬ ‫لهم دورا ً في اجملازر التي حصلت في البلدة‪ ،‬وال‬ ‫شك أ ّن الضرر الذي أحلِقَ باألخوة املقيمني انعكس‬ ‫علينا أيضاً‪ ،‬ألننا في النهاية أبناء قرية واحدة‪.‬‬ ‫املسيحي عائد إلى كفرمتى بذهنية صافية‬ ‫للعيش املشترك مع املقيم‪ ،‬كما كنّا سابقا ً بدون‬ ‫أي استفزاز أو مشاكل‪ ،‬وهذا موضوع أساسي‬ ‫بالنسبة لنا‪ ،‬ألن املوضوع املادي – وبالرغم من‬ ‫أهم ّيته – ليس مهما ً لقسم كبير من املسيحيني‬ ‫امليسورين نوعا ً ما والذين ليسوا بحاجة للتعويض‪،‬‬ ‫بل الطلب الرئيسي هو تأمني اإلستقرار ضمن‬ ‫قريتهم‪ .‬بالطبع‪ ،‬ال بد من استكمال عملية دفع‬ ‫التعويضات ليتمكن املواطنون من تأمني احلد‬ ‫األدنى لشروط اإلقامة املقبولة‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫لتق ّبل املقيمني لعودتنا فال شك أن هناك فريقا ً‬ ‫ُمصابا ً بشكل مباشر ولم تتم مراعاته بالشكل‬ ‫الصحيح أثناء املصاحلات‪ ،‬مع اإلشارة لوجود‬ ‫سماحة شيخ عقل الطائفة الدرزية نصر الدين‬ ‫الغريب الذي له موقعه املم ّيز‪ ،‬أوال ً كشيخ عقل‬ ‫وثانيا ً كإبن بيت كرمي وهو ممّن فقد أخاه (قاضي‬ ‫نتأمل أن‬ ‫املذهب الدرزي) شهيدا ً في كفرمتى‪ّ .‬‬ ‫متحي عالقتنا املستقبلية ذيول املاضي‪ ،‬أل ّن حسن‬ ‫عالقتنا للمدى املنذور هو األمل في إزالة رواسب‬ ‫احلرب التي من املمكن أن تكون التزال موجودة‬ ‫حتى اليوم‪ .‬لقد كانت عالقتنا مع األخوة املقيمني‬ ‫(الدروز) على خير ما يرام وحصلت لقاءات متعددة‬ ‫فيما بيننا وكان التواصل دائماً‪ ،‬لكن طبعا ً ليس‬ ‫بالشكل املطلوب‪ .‬أمتنى أن تكون فترة البعد عن‬ ‫بعضنا البعض هي السبب فقط‪ ،‬على أمل أن‬ ‫يكون هناك مشاركة بني املقيمني والعائدين بعد‬ ‫حتقيق العودة على جميع النواحي جلهة األندية‬ ‫واجلمعيات األهلية والنشاطات البلدية وغيرها‪،‬‬ ‫أل ّن كفرمتى في النهاية قريتنا جميعا ً وال بد من‬ ‫بغض النظر عن‬ ‫القيام بنقلة نوعية ألخذها قدما ً ّ‬ ‫اختالف وجهات النظر السياسية واحلزبية أل ّن كل‬ ‫شخص يجب أن يكون فقط (إبن كفرمتى) عندما‬ ‫يصبح داخلها‪ .‬ال شك أ ّن اجليل اجلديد يعلم منذ‬ ‫ولكن املطلوب من‬ ‫الصغر أنه ينتمي لهذه البلدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجليل القدمي اليوم أن يعلم كيفية تربية أبنائه‬ ‫على محبة هذه القرية أل ّن َم ْن ال ينتمي إلى قريته‬

‫‪85‬‬

‫ليس له هو ّية‪ .‬بالطبع‪ ،‬هذا يستلزم مجهودا ً ووقتا ً‬ ‫كبيرَين أل ّن العامل الزمني كان كفيالً بإبعادهم‬ ‫عن كفرمتى‪ ،‬إمنا احلماس املوجود لدينا و ّل َد حركة‬ ‫ج ّيدة جدا ً في إعادة البناء واإلعمار‪.‬‬ ‫وعن اإلنتخابات البلدية‪ ،‬قال‪ :‬نحن بحكم‬ ‫القانون موجودون على لوائح الشطب في قرى‬ ‫املصاحلات وسنمارس حقوقنا باإلقتراع في بلدتنا‬ ‫إلختيار رؤساء البلديات ونأمل أن تكون اإلنتخابات‬ ‫البلدية مناسبة جلمع أبناء القرية مبختلف‬ ‫انتماءاتهم الدينية والسياسية ألنني أعتقد أ ّن‬ ‫الشحار‬ ‫كفرمتى قرية جميلة مبوقعها بني قرى‬ ‫ّ‬ ‫وتستأهل منّا اإلهتمام الالزم‪.‬‬

‫هال ح ّداد‪ :‬آمل رؤية مشهد‬ ‫وطني حلظة وضع احلجر األساس‬ ‫للكنائس في كفرمتى‬

‫كذلك التقينا في إذاعة “صوت ‪”VAN‬‬ ‫الزميلة هال حداد‪ ،‬التي لم تتوا َن عن الطلب‬ ‫احلثيث إلعادة إعمار كنيستي مار جريس ومار‬ ‫الياس‪ ،‬ملا للمواقع الدينية من أهمية في جمع‬ ‫الناس‪ ،‬فقالت‪ :‬إ ّن شرط أي مصاحلة أو أي عودة‬ ‫هو أن تكون كل األطراف على تواصل مع بعضها‬ ‫البعض‪ .‬لقد متّ تشكيل جلنة مشتركة بني احلزب‬ ‫التقدمي اإلشتراكي والتيار الوطني احل ّر‪ ،‬وذلك‬ ‫ّ‬ ‫مهم جداً‪ ،‬خاصة إذا نظرنا للمرحلة السياسية‬ ‫التي م ّر بها الطرفان ما قبل ‪ 11‬أيار وما تبعها‬ ‫وصوال ً إلى اللقاء األول في بعبدا ثم في الرابية ومن‬ ‫ولكن ذلك ال يلغي األطراف األخرى‬ ‫ثم في اخملتارة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصة احلزب الدميقراطي اللبناني الذي يعتبر‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر مناطق‬ ‫نفسه معن ّيا ً أكثر من غيره رمبا جلهة الضحايا‬ ‫التي خسرها‪ ،‬كذلك هناك سماحة شيخ عقل‬ ‫الطائفة الدرزية نصر الدين الغريب الذي لديه‬ ‫جرحه اخلاص من احلرب‪ ،‬وقد تكون املصاحلات على‬ ‫حسابه‪ ،‬وال بد من احترام مشاعره وكيان ّية ما‬ ‫ميثل‪ .‬كذلك‪ ،‬فالقوات اللبنانية هي أيضا ً طرف‬ ‫معني ألنها سبب في التهجير‪ ،‬وقامت مبصاحلة‬ ‫ّ‬ ‫تاريخية كانت مبثابة استفادة من الوقت حني‬ ‫كان التوافق أو التحالف موجودا ً بينها والنائب‬ ‫وليد جنبالط‪ .‬ميكن القول أ ّن تلك املصاحلة كانت‬ ‫مصاحلة فوقية جتاوزت الكثير من الناس‪ ،‬ال ميكن‬ ‫إعادتها اليوم‪ ،‬ولكن ميكن توسيعها وترميمها‬ ‫لنكون جميعا ً موجودين فيها‪ .‬نعم‪ ،‬هناك الكثير‬ ‫املهجرين الذين أعادوا إعمار بيوتهم‪ ،‬ولكن‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫“أحتدى” أن يكون عدد َمن سك َن منهم فيها‬ ‫ّ‬ ‫كبيراً‪ ،‬فالعبرة هي أن يكون املسيحي مقيما ً في‬ ‫قريته ومعن ّيا ً بها‪ .‬هذا وال ننسى أهمية إعادة بناء‬ ‫الكنائس‪ ،‬فقد م ّر أكثر من سنتني على قبض‬ ‫مستحقات الدفعة األولى من التعويضات‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫الكنائس لم تأخذ حقوقها من تلك الدفعة حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬وبالتالي فالكل يتساءل متخ ّوفا ً من وجود‬ ‫خفي لعدم التمكن من بناء الكنائس بعد‬ ‫شيء‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين عن دفع األموال لذلك‪.‬‬ ‫متنّع وزارة‬ ‫ّ‬ ‫وعن عدم إقامة العائدين في قريتهم وعدم‬ ‫حضورهم سوى في العطل األسبوعية‪ ،‬قالت‬ ‫حداد‪ :‬هذه مسؤولية الدولة إلقامة اإلمناء الالزم‬ ‫وتأمني فرص العمل‪ .‬ولتجزأة املوضوع إجتماعياً‪،‬‬ ‫ال بد من التذكير بأن املسنّني الذين ميلكون‬ ‫ذكريات كثيرة عن قريتهم‪ ،‬هم أكثر املص ّرين‬ ‫على العودة لِلمس أرضهم وأمالكهم وكل‬ ‫ما ّ‬ ‫يذكرهم بتاريخهم‪ .‬وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫للجيل الثاني‪ ،‬فأنا مثالً كغيري يجب أن أملك‬ ‫منزال ً في اجلبل وأنتمي لتلك املنطقة‪ .‬أما اجليل‬ ‫األصغر (‪ 20‬وما دون)‪ ،‬فهو طبعا ً يُس ُّر بزيارة‬ ‫املنطقة‪ ،‬نظرا ً لطبيعتها اجلبلية اجلميلة‪ ،‬ولكنه‬ ‫في النهاية ال ميلك األصدقاء هناك وال يعرف‬ ‫أحدا ً من أبناء قريته‪ ،‬خاصة بغياب النشاطات‬ ‫واألندية التي غالبا ً ما جتمع الشباب سوياً‪ ،‬وذلك‬ ‫ال يحصل إال بإنشاء كنيسة جتمعهم‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫اإلنتماء للمكان لدى كل الطوائف‪ ،‬هو اإلنتماء‬ ‫للجذور الدينية‪ .‬فحتى الدروز يحتاجون لـ”اخللوة”‬ ‫للصالة فيها‪ ،‬وتأدية الواجبات اإلجتماعية‪.‬‬ ‫كذلك األمر بالنسبة للحسين ّية أو املسجد‬ ‫لدى األخوة الشيعة أو السنّة‪ ،‬وهذا ينطبق‬ ‫علينا كمسيحيني أيضاً‪ ،‬إذ أ ّن بناء كنيستا الروم‬ ‫واألورثوذكس (مار جريس ومار الياس)‪ ،‬ليست‬ ‫مسؤولية مسيحييو كفرمتى الروم واملوارنة‬ ‫فقط‪ ،‬بل هي مسؤولية أهل اجلبل مجتمعني‬ ‫والدروز قبل املسيحيون‪ ،‬أل ّن وجودها يشكل‬ ‫استقرارا ً نفسياً‪ ،‬وال بد من التوحيد والتالقي‬ ‫إلعادة البناء‪ .‬كذلك حتتوي كفرمتى العديد من‬ ‫األشياء التي يجب استغاللها كالتوأمة مع‬ ‫مارتينيانو اإليطالية‪ ،‬والتي نتج عنها إنتاج القاعة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لقد اقترعنا في اإلنتخابات النيابية في قريتنا‪،‬‬ ‫حيث استجابت وزراة الداخلية لطلب املسيحيني‬ ‫بأن يكون املكان اخملصص لإلقتراع أمام كنيسة مار‬ ‫املهدمة‪ .‬أعتقد أن هذا ما سيحصل أيضا ً‬ ‫جريس‬ ‫ّ‬ ‫في اإلنتخابات البلدية إلى حني إعمار الكنائس‬ ‫من جديد‪ .‬أمتنى أن ال نخوض معركة إنتخابية‬ ‫بلدية في كفرمتى وأن يكون التوافق س ّيد املوقف‬ ‫بدون تدخّ ل احملاصصة أو احملسوبيات العائلية‪.‬‬

‫رشيد الغريب‪ :‬أمتنى أن يعمل‬ ‫اجلميع بوعي وأخالقية أكبر‬ ‫جزء من معصرة الزيتون‬

‫واملعصرة‪ ،‬اللتان ولألسف موجودتان في مكان‬ ‫ال يستطيع املسيحي اإلستفادة منهما‪ ،‬وهنا‬ ‫أقصد أنها موجودة في أحياء املقيمني‪ ،‬وكذلك‬ ‫األمر بالنسبة للمستوصف‪ .‬املشكلة إذا ً هي أ ّن‬ ‫القرية مقسومة لقسمني‪ :‬األول للمسيحيني‬ ‫واآلخر لألخوة الدروز‪ ،‬وبالتالي يجب املساعدة على‬ ‫كسر اخلوف املوجود لدى العائد لتكريس العيش‬ ‫املشترك‪ .‬أمتنى على الدروز إقامة يوما ً ل ّلقاء في‬ ‫املكان اآلخر لكسر احلواجز املوجودة‪ ،‬فالكثير من‬ ‫العائدين يصلون إلى كفرمتى وال يعلمون ماذا‬ ‫يوجد في اجلزء الثاني منها‪ ،‬وأنا واحدة من هؤالء‪.‬‬ ‫وجلهة عالقة العائدين باملقيمني‪ ،‬قالت حداد‪:‬‬ ‫لقد سكنت إحدى العائالت الدرزية منزلنا خالل‬ ‫ولكن عالقتنا بها لم تنقطع (حتى قبل‬ ‫التهجير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املصاحلات)‪ ،‬وكانت تزورنا في بيروت‪ .‬أما اليوم‪،‬‬ ‫فنلتقي باملقيمني عند زيارة القرية في العطل‬ ‫األسبوعية‪ ،‬ونحن على عالقة ممتازة بالكثير‬ ‫فهم يعلمون جيدا ً أ ّن مسيحيي كفرمتى‬ ‫منهم‪ُ ،‬‬ ‫ليسوا سببا ً في ما حصل‪ ،‬ولو كان لديهم خوف‬ ‫ويتحدثون‬ ‫أو شك أو حذر منّا ما كانوا ليزوروننا‬ ‫ّ‬ ‫إلينا‪.‬‬ ‫وحول السؤال عن التحضيرات للبدء بإعمار‬ ‫الكنائس‪ ،‬أجابت‪ :‬هناك جلان وقف تهتم‬ ‫ولكن العائق الوحيد أمامها هو املوضوع‬ ‫باملوضوع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين‪ ،‬ومبج ّرد أن تُفرِج‬ ‫املادي الذي متلكه وزارة‬ ‫ّ‬ ‫األخيرة عن الدفعة األولى اخملصصة إلعمار‬ ‫الكنائس‪ ،‬سيتم اإلعمار‪ .‬آمل رؤية مشهد وطني‬ ‫في كفرمتى حلظة وضع احلجر األساس للكنائس‬ ‫فيها‪ ،‬بحضور جميع األطراف السياسية بجميع‬ ‫أطيافها‪.‬‬ ‫وفي موضوع الدفعة الثانية من التعويضات‪،‬‬ ‫سخرَت حداد متساءلة‪ :‬هل س ُيس ّلف الرئيس‬ ‫ِ‬ ‫املهجرين خاصة بعد املوقف‬ ‫احلريري صندوق‬ ‫ّ‬ ‫الوسطي الذي اتخذه وليد بك جنبالط مؤخراً؟‬ ‫قدم مساعدات مالية إليجاد اإلستقرار‬ ‫هل س ُي ّ‬ ‫املطلوب؟ آمل أن يتم ذلك‪ ،‬وأن تتحقق “وعودهم”‬ ‫وال تبقى وعودا ً فقط‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لإلنتخابات البلدية‪ ،‬فقالت‪:‬‬

‫‪86‬‬

‫ولإلضاءة على النشاطات التنموية واألعمال‬ ‫اخليرية التي تقوم في البلدة‪ ،‬التقينا رئيس‬ ‫جمعية إمناء كفرمتى األستاذ رشيد الغريب‪،‬‬ ‫الذي أعطى حملة عامة عنها قائالً‪ :‬تأسست‬ ‫جمعية إمناء كفرمتى في ‪ 25‬نيسان ‪،1994‬‬ ‫َ‬ ‫وهدف‬ ‫بترخيص من وزارة الداخلية رقم (‪/147‬أ د)‪،‬‬ ‫إنشاؤها جلمع الشباب حتت مشعل الثقافة‬ ‫واإلنطالق للتخفيف من وطأة احلرب وكسر ما‬ ‫خ ّلفته في النفوس‪ ،‬وقد كان التواصل بشكل‬ ‫دائم مع بلدية كفرمتى‪ .‬فبعد التوأمة مع‬ ‫مارتينيانو اإليطالية وبطلب من الشيخ نعيم‬ ‫نكد الذي كان في إيطاليا نشأت فكرة بناء القاعة‬ ‫العامة في البلدة وبالتعاون مع احلزب التقدمي‬ ‫اإلشتراكي في ذلك الوقت‪ ،‬عبر األستاذ طالل‬ ‫خريس‪ .‬من هنا قامت اجلمعية بشراء األرض لبناء‬

‫القاعة‪ ،‬ومتّ ذلك طبعا ً بجهود أهالي كفرمتى‬ ‫مجتمعني وال بد هنا من التنويه باملساعدات التي‬ ‫قدمتها األحزاب السياسية خاصة شباب احلزب‬ ‫ّ‬ ‫أمنوا مواد البناء‪ ،‬مع اإلشارة إلى‬ ‫الشيوعي الذين ّ‬ ‫قدمها بعض املتم ّولني‬ ‫املساعدات اخل ّيرة التي ّ‬ ‫من أبناء املنطقة‪ ،‬طبعا ً بالتنسيق بني اجلمعية‬


‫قدمته‬ ‫والبلدية لتوسيع مساحة القاعة‪ ،‬أل ّن ما ّ‬ ‫إيطاليا كان مساحة قاعة صغيرة‪ .‬في حينها‪،‬‬ ‫كانت اجلمعية في إنطالقتها األولى‪ ،‬فقمنا‬ ‫مبهرجان الزيتون الذي جاء في املرتبة الثالثة‬ ‫وتضمن حفالت متعددة‪ ،‬وكان‬ ‫على صعيد لبنان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫برعاية وزارة السياحة متمثلة حينها بالس ّيدة‬ ‫منى فارس‪ .‬لقد قمنا بخمس مهرجانات متتالية‬ ‫منذ تأسيس اجلمعية‪ ،‬وكان املهرجان يصدر في‬ ‫مطبوعات وإعالنات وزارة السياحة إضافة لكتب‬ ‫التربية الوطنية‪ .‬واستكملنا بناء القاعة من ريع‬ ‫املهرجان‪ ،‬إضافة لشقّ طريقا ً زراعيا ً يربط القرية‬ ‫مبزرعة كفرمتى بِطول ‪ 2‬كلم‪ ،‬مع التنويه بفرقة‬ ‫الدبكة التي كانت حقا ً من “صنع كفرمتى”‪.‬‬ ‫أما عن توقف نشاطات اجلمعية‪ ،‬قال الغريب‪:‬‬ ‫مع كل الق ّوة واإلندفاع التي انطلقت بهما‬ ‫اجلمعية‪ ،‬إال أن األحداث في لبنان س ّببت بتو ّقف‬ ‫النشاطات لكن مع استمرار اجلمعية بشكل‬ ‫وجودي‪ .‬هي اليوم تهتم فقط بنشاطات القاعة‬ ‫ومعصرة الزيتون‪ ،‬هذا وقد أقمنا محاضرات ودورات‬ ‫عديدة داخل القاعة حول شجرة الزيتون أثناء بناء‬ ‫املعصرة‪ .‬لقد عملت املعصرة منذ عام ‪2004‬‬ ‫حتى عام ‪ ،2006‬وتوقفت في السنوات األخيرة‬ ‫ألسباب تقنية خاصة جلهة تصريف املياه‪ ،‬لكننا‬ ‫سنعالج هذه األسباب خالل الشهرين املقبلني‬ ‫بتحويل مياه املعصرة إلى السواقي الشتوية‬ ‫إلعادة العمل فيها‪.‬‬ ‫وحول السؤال عن أسباب توقف املهرجانات‪،‬‬ ‫أجاب الغريب‪ :‬لم تساعدنا األحداث التي حصلت‬ ‫في السنوات األخيرة والتي انعكست على الوضع‬ ‫املادي‪ ،‬في استكمال إقامة املهرجانات كما كانت‬ ‫عليه سابقا ً خاصة في توجيه الدعم املادي‬ ‫نحو مهرجانات بيت الدين وتناسي املهرجانات‬ ‫األخرى‪ ،‬ورمبا يكون التقصير بالفعل من اجلمعية‬ ‫أل ّن األشخاص الذين متكنوا من حتويل الالشيء‬ ‫إلى شيء مهما كانوا قادرين على العمل على‬ ‫استمرارية هذا املولود وتطويره بشكل أكبر وأهم‪.‬‬ ‫ما أمتناه هو أن يعمل اجلميع بوعي وأخالقية أكبر‬ ‫للوصول إلى النتيجة املرج ّوة إلزالة الصعوبات‬ ‫عن كاهلنا واإلبتعاد عن زواريب السياسة‪.‬‬

‫عصمت الغريب‪:‬‬ ‫املستوصف غير محسوب‬ ‫على أي حزب سياسي‬ ‫كذلك قمنا بزيارة “مركز كفرمتى الصحي”‬ ‫وحت ّدثنا ملديره األستاذ عصمت الغريب الذي‬ ‫قال‪ :‬إ ّن احلافز األهم الذي دفعني للتفكير بإنشاء‬ ‫“مركز كفرمتى الصحي” كان شخصيا ً ملا عانيته‬ ‫مع مرض طفلي‪ ،‬وهذا ما دفعني لإلنخراط‬ ‫بشكل أكبر ضمن العمل اخليري‪ ،‬فاستمريت‬ ‫حتى عام ‪ 2004‬بجمع التب ّرعات وشراء املواد‬

‫جزء من مركز كفرمتى الصحي‬

‫الغذائية والطبية للمحتاجني والعجزة واألرامل‪.‬‬ ‫حصلت على رخصة من وزارة الصحة‬ ‫ومن ثم‬ ‫ُ‬ ‫للتمكن من تلبية حاجات الناس في القرية‬ ‫وخارجها عبر تأسيس مركز كفرمتى الصحي‪،‬‬ ‫وقد قام الوزير محمد جواد خليفة بافتتاحه مع‬ ‫أ ّن األجهزة الطبية لم تكن متطورة وحديثة بقدر‬ ‫ما هي عليه اليوم‪ .‬كان لدينا في البداية ثمانية‬ ‫مختصني باألدوية والتمريض واخملتبر‬ ‫متط ّوعني‬ ‫ّ‬ ‫واإلسعافات األولية والعيادات‪ ،‬إضافة إلى قيامنا‬ ‫بدورات متريضية ودورات للصليب األحمر‪ ،‬وال شك‬ ‫رئيسي البلدية واجلمعية كانوا‬ ‫أن أهالي البلدة مع َ‬ ‫الداعم األكبر لنا‪ ،‬إضافة إلى مشايخنا األجالء‬ ‫وبركة املرجع الديني األكبر في الطائفة الدرزية‬ ‫املرحوم الشيخ أبو حسن عارف حالوي الذي زار‬ ‫املستوصف في األيام األولى إلفتتاحه وأثنى على‬ ‫جهودنا وح ّثنا على متابعة مسيرتنا اخليرية‬ ‫متج ّردين من أي غاية أو مصلحة شخصية‪ .‬لقد‬ ‫أصبحت خدمات املستوصف تغطي كافة قرى‬ ‫الشحار وعاليه والشوف أيضاً‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن‬

‫‪87‬‬

‫املستوصف غير محسوب على أي حزب سياسي‬ ‫وال يتلقى الدعم من وزارت َي الصحة أو الشؤون‬ ‫تقدم بعض احلصص‬ ‫اإلجتماعية‪ ،‬علما ً أ ّن األولى ّ‬ ‫من األدوية‪ ،‬لكنها غير كافية وغير مطلوبة كثيرا ً‬ ‫من ِق َبل األطباء‪ ،‬لكن ال زلنا نعمل على جمع‬ ‫التب ّرعات لشراء األدوية للمرضى خاصة املسنّني‬ ‫واملع ّوقني واألرامل‪.‬‬ ‫واستكمل الغريب‪ :‬لدينا أطباء لكافة‬ ‫معدات جديدة‬ ‫اإلختصاصات‪ ،‬وقد استحدثنا‬ ‫ّ‬ ‫للمركز كآلة التصوير الصوتي وجهاز فحص‬ ‫السكر في الدم بتقدمة من نادي روتاري‪ ،‬إضافة‬ ‫ألجهزة تخطيط السمع وجهاز الـ ‪monitor‬‬ ‫لفحص الضغط ودقات القلب لفترة ‪ 72‬ساعة‪،‬‬ ‫مع وجود مختبرا ً لسحب ع ّينات الدم‪ ،‬وعيادة‬ ‫لطب األسنان وهي تشكل عصب املستوصف‬ ‫ّ‬ ‫نؤمن بعض األدوية من‬ ‫واملنطقة كاملة‪ .‬كذلك‪ّ ،‬‬ ‫قدمنا‬ ‫جمعية الش ّبان املسيحيني (‪ ،)YMCA‬وقد ّ‬ ‫حوالي ‪ 12‬آلة للسمع‪ ،‬كما نعمل على إنشاء‬ ‫مركزا ً للعيون‪ .‬لقد قمنا بحملة طبية باإلشتراك‬ ‫مع نادي ‪ Lion‬استقبلنا خاللها ‪ 398‬مريضا ً‬ ‫من كافة مناطق اجلبل والشوف‪ ،‬جرى خاللها‬ ‫‪ 9‬عمليات للمياه الزرقاء وزرع عدسات للعيون‬ ‫وغيرها‪ ،‬إضافة إلى حمالت أسبوعية يقيمها‬ ‫املستوصف‪.‬‬ ‫وختم قائالً‪ :‬قمنا بتأسيس جمعية تابعة‬ ‫للمستوصف لتكون غطاءا ً له‪ ،‬بإسم “جمعية‬ ‫املنتدى الثقافي اإلجتماعي”‪ ،‬نقوم من خاللها‬ ‫ببعض ندوات التوعية‪ .‬كذلك أنشأنا نادي كفرمتى‬ ‫الرياضي لكرة الطاولة ورمي األطباق ودخلنا في‬ ‫إحتاد كرة الطائرة‪ ،‬ولدينا في الصيف القادم دورة‬ ‫تضم ‪ 80‬فريقا ً في جبل لبنان للتصفيات على‬ ‫الدرجة الرابعة‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر مناطق‬

‫براد قرية مار مارون المنسية تبعث إلى الحياة‬ ‫عبر الحجيج السياسي‪...‬‬ ‫واليونسكو ترشحها على الئحة التراث العالمي‬

‫هذه القرية املنسية من بني ‪ 800‬موقع أثري‬ ‫منسي في شمال سورية‪ ،‬يستفيق عليها العالم‬ ‫فجأة وعلى كنوزها التاريخية وأوابدها األثرية‪ ،‬هذه‬ ‫املدينة التي يعتبر عمرها من عمر التاريخ‪ ،‬والتي‬ ‫تقع على سلسة جبل سمعان وتبعد بـ ‪ 10‬كم‬ ‫عن قلعة سمعان العمودي‪ ،‬والتي كانت تسمى‬ ‫في النصوص اليونانية « كفرو بَرَدا «‪ ،‬هي التي‬ ‫نشأت من قرية صغيرة مبنية حول هيكل وثني‬ ‫قدمي‪ ،‬وأصبحت في العصر البيزنطي إحدى املدن‬ ‫الكبرى‪ .‬تعود مرحلة االستيطان البشري فيها إلى‬ ‫القرنني الثاني والثالث للميالد‪ ،‬وقد جاءت عليها‬ ‫فترة زمنية اعتبرت فيها مركزا ً إداريا ً وجتاريا ً ودينياً‪،‬‬ ‫وكان لها شأنها في غابر األزمان‪ .‬انتشرت فيها‬ ‫الديانة املسيحية أواخر القرن الرابع للميالد‪ ،‬وبنيت‬ ‫على أراضيها ثالث كنائس وديران و برج للمتوحدين‬ ‫و عمود نسكي‪ ،‬وازدادت أهميتها من خالل مسيرة‬ ‫حياة القديس «مار مارون» الذي وهب نفسه لطاعة‬ ‫اهلل‪ ،‬والناسك الذي قرر أن يعيش في «الهواء‬ ‫الطلق « منعزال ً عن حياة البشر‪ ،‬وتوفي دون أن يترك‬ ‫خلـف‬ ‫رهبانية أو يؤسس لطائفة أو ملذهب‪ ،‬بل ّ‬ ‫فضائل شاعت بني أهل زمانه فتحولت (كفر نبو)‬ ‫مكان إقامته لسنوات طوال إلى موئل للحجيج‪،‬‬ ‫وكذلك املعبد امللحق بكنيسة جوليانوس في براد‪.‬‬

‫آثار براد أو ساعي البريد‬ ‫اسم براد مشتق من اللغة السريانية‪ ،‬ويقصد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫به «ساعي البريد» ‪ ،‬أو «مكان الركض»‪ ،‬وقد‬ ‫عرفت براد كذلك باسم «كفر براد»‪ ،‬أما اليوم‬ ‫فتعرف ببراد فقط‪ ،‬غنية بآثارها التاريخية ففيها‬ ‫ثالث كنائس ودير وسوق جتاري كبير ودور سكن‬ ‫من مختلف األنواع من العهد الروماني (ق‪،)3-2‬‬ ‫وحمام عمومي وضريح روماني فخم‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫أبنية أخرى خاصة وعامة منتشرة على مسافة‬ ‫‪2‬كيلومتر‪ .‬ومن أهم مبانيها‪ :‬احلمام العام‪ :‬الذي‬ ‫يتوسطها بقاعاته املسقوفة بالعقد املتني‪،‬‬ ‫طوله ‪13.5‬متر‪ ،‬يتميز بإتقان البناء إلى أقصى حد‬ ‫من الداخل واخلارج وكذلك املدفن الضخم الذي‬ ‫بُني في مطلع القرن الثاني امليالدي‪ ،‬ويتألف من‬ ‫قبة هرمية الشكل قائمة فوق أربع قناطر‪ .‬كما‬ ‫شيد سكان هذه املنطقة برجا ً وفندقا ً الستقبال‬ ‫الضيوف الوافدين لزيارة ُمقام قبر «مار مارون»‪،‬‬ ‫ويقسم هذا الفندق إلى ثالثة أقسام‪ ،‬وفي كل‬ ‫قسم إسطبل ومعلف للخيول وغرف للزائرين‬ ‫وواجهات ذات أعمدة مربعة‪ ،‬وفي بعض أقسام‬ ‫الفندق أجران للماء ن ُقرت في أحجار ذات أعمدة‬ ‫مستديرة‪ ،‬إال إنه لم يبق شيئا ً منها سوى بعض‬ ‫احلجارة امللقاة على أرض القرية ‪.‬‬

‫األبنية الدينية املسيحية‬ ‫في مدينة براد ‪:‬‬ ‫بدأت احلياة الرهبانية في براد مع بعض‬

‫‪88‬‬

‫النساك الذين متركزوا ضمن أكواخ وأخربة‪،‬‬ ‫وحتلقوا حول معلمهم املتوحد‪ ،‬أو العمودي‪،‬‬ ‫ومن بعد موته بنى احلجاج و احملسنني وأهل‬ ‫اخلير املباني الرهبانية‪ ،‬والديرية التي زينت‬ ‫مدينة براد‪ ،‬حيث ازدهرت أمناط احلياة الرهبانية‬ ‫في القرن السادس‪ ،‬ومنها العيش املشترك‬ ‫ضمن جماعة رهبانية‪ ،‬ومنط احلبساء في‬ ‫صومعاتهم‪ ،‬ومنط النساك العموديني على‬ ‫أعمدتهم‪ .....‬كما بُنى ديران في براد واحد‬ ‫من جهة الشمال واآلخر من جهة اجلنوب‬ ‫وهو على مسيرة ربع ساعة إلى جنوب براد‬ ‫سمي بقصر براد‪ ،‬وهو من الوجهة الهندسية‬ ‫والدينية من أجمل األديرة في سوريا‪ ،‬يحتوي‬ ‫على كنيسة ال تزال في حالة جيدة‪ ،‬وعلى برج‬ ‫عال جدا ً ألحد النساك‪ ،‬وقاعدة يقوم فوقها‬ ‫عمود ناسك آخر وبقربه مدفن جماعي‪ ،‬وغرف‬ ‫للرهبان‪ .‬أما الكنيسة الكبرى والتي تعرف‬ ‫بالكاتدرائية‪ ،‬تسمى كنيسة جوليانوس‪،‬‬ ‫وقد دعاها بتلر كاتدرائية ألنها أكبر كنيسة‬ ‫في القسم اجلبلي شمالي سوريا باستثناء‬ ‫كنيسة مار سمعان العامودي‪ ،‬حيث بنيت‬ ‫على الطراز البازليكي املعروف بأسواقه الثالث‪،‬‬ ‫وال تزال بالطة املذبح موجودة في “احلنية”‬ ‫وفيها خمس ثقوب لقوائم مائدة املذبح‪،‬‬ ‫يتوسط السوق األوسط “بيماً” أي منبر‪ .‬إن‬ ‫الفن الزخرفي فيها متميز جداً‪ ،‬وقد جند ‪13‬‬ ‫كتابة يونانية في أماكن متفرقة منها ‪.‬‬


‫بعض ملحقات الكاتدرائية‪:‬‬ ‫ معبد املارتيريون أو معبد الشهداء‪ ،‬أضيف‬‫إلى غرفة اخلدمة الشمالية في أوائل القرن‬ ‫اخلامس ليضم رفات قديس عظيم يعتقد أنه‬ ‫القديس مارون ‪.‬‬ ‫ الكنيسة اجلنوبية وهى تقع في جنوب‬‫غربي اخلرائب‪ ،‬ولها سوق واحدة‪ ،‬وتعتبر من أكبر‬ ‫الكنائس ذات الصحن غير املنقسم ومحفوظة‬ ‫نسبيا ً بشكل جيد ‪.‬‬ ‫ الكنيسة الشمالية وبنيت في القرن‬‫السادس سنة ‪561‬م‪ ،‬وتقع شمال املدينة ولها‬ ‫طراز بازيليكي‪ ،‬صحنها منقسم إلى ثالثة‬ ‫أسواق وتفصل بينهما أعمدة وركائز ضخمة ‪.‬‬

‫براد تبعث‬ ‫مع القديس مار مارون‬ ‫لبراد قصة مع القديس مار مارون حيث‬ ‫تقول احلكايات أنه ومع وفاة هذا القديس في‬ ‫قريته «كفر نبو» التي قضى فيها جل حياته‬ ‫أتى رجال أشداء من قرية براد ال قبل ألهل كفر‬ ‫نبو والقرى اجملاورة مبصارعتهم أو قتالهم‪ ،‬أخذ‬ ‫أولئك الرجال جثمان القديس مار مارون ودفنوه‬ ‫في قريتهم التي تدعى براد‪ ،‬وذلك ليتبركوا به‬ ‫ومن ثم يجعل من قريتهم قبلة جتارية وأهمية‬ ‫بني القرى اجملاورة‪ .‬وكان ما أرادوا لبراد التي حتولت‬ ‫األنظار إليها كما طريق احلج‪ .‬وملار مارون ‪1600‬‬ ‫عام راقدا في ضريحه الذي يؤمه فقط أهل براد‬ ‫والقرى اجملاورة كما يؤمه أهل حلب من الذين‬ ‫يتبعون الكنيسة الغربية ويعتبرونه شفيعا‬ ‫لهم‪ .‬وبعد قرن ونصف يستفيق العالم على‬ ‫مثواه وأصله لتبعث قرية براد هذه القرية‬ ‫املنسية من كل اخلدمات من جديد إلى احلياة‬ ‫وتتصدر صفحات اجلرائد وتغدو عنوانا رئيسيا‬ ‫من عناوين نشرات األخبار‪ ،‬إثر الزيارة التي‬ ‫قام بها العماد ميشال عون إلى هذه القرية‬ ‫وضريح القديس مار مارون‪ ،‬لتتوالى بعدها‬ ‫الزيارات التي كان آخرها االحتفال بذكراه‬ ‫‪ ،1600‬ضمن فعاليات روحية لم يغب عنها‬ ‫البعد السياسي‪ ،‬ولكن ما يهمنا هو انتعاش‬ ‫هذه القرية وانبعاثها لدائرة احلياة واخلدمات‬ ‫من جديد‪ ،‬حيث قامت وزارة السياحة ومديرية‬ ‫اآلثار بوضع برامج عمل لتخدمي املنطقة‪ ،‬وإقامة‬ ‫املشاريع السياحية واخلدمية لتطوير املنطقة‬ ‫التي ستكون أهم نقطة جذب سياحي وديني‬ ‫يدر املاليني على خزينة الدولة‪ ،‬وفي الوقت ذاته‬ ‫تتحسن الظروف املعيشية لألهالي‪ ،‬حيث يغدو‬ ‫من احللول اإلسعافية الهامة تزفيت الطرق‬ ‫واألزقة الداخلية وتوفير اإلنارة الالزمة وتشديد‬ ‫احلراسة على اآلثار‪.‬‬

‫في قداس مار مارون في براد‪ ،‬من اليمني‪ :‬فرجنيه‪ ،‬حلود وعون‬

‫نقطة حتول‬ ‫الذي ال بد من ذكره أن االحتفال بالذكرى‬ ‫املئوية السادسة عشرة للقديس مارون يأتي‬ ‫فى إطار تسليط الضوء على األهمية التاريخية‬ ‫واألثرية والدينية لقرية براد وما حولها‪ ،‬والتي‬ ‫رشحتها اليونسكو لتكون واحدة من ثالث‬ ‫مواقع سيتم وضعها على الئحة التراث العاملي‬ ‫خالل العام احلالي‪ ،‬كما تسلط الضوء على روح‬ ‫احملبة مدرسة النسك التي أسس لها مار مارون‬ ‫شمال سورية‪.‬‬ ‫يبدو أن التاسع من شباط سيتحول إلى‬ ‫نقطة عالم فارقة في حياة هذه القرية النائية‬ ‫املشهود لها بصقيعها وبردها القارس‪ ،‬وهذا‬ ‫اليوم هو يوم مولد القديس مار مارون الذي‬ ‫ستصبح معه هذه القرية من أهم موائل‬ ‫السياحة الدينية في سورية وفي حلب‬ ‫خصوصا‪ ،‬حيث تعمل السلطات احمللية حاليا ً‬

‫‪89‬‬

‫على تطوير البنية التحتية في املنطقة بشق‬ ‫الطرق إلى الكنائس واألديرة وإقامة الساحات‬ ‫العامة الستقبال الزوار الوافدين‪ ،‬كما عمدت‬ ‫محافظة حلب إلى إعداد مخطط تنظيمي‬ ‫وأهلت الطريق‬ ‫للقرية ومسحا ً طبوغرافياً‪ّ .‬‬ ‫املؤدي إليها من حلب‪ .‬وتشهد املنطقة اجملاورة‬ ‫لـ «براد» إقباال من املستثمرين الذين يتهيأون‬ ‫إلقامة منشآت سياحية استعدادا ً الستقبال‬ ‫أعداد الزوار املتزايدة الى املنطقة‪ ،‬بعدما تقرر‬ ‫بناء كنيسة دائمة ألبناء الطائفة املارونية في‬ ‫كل من لبنان وسورية مالصقة ملدفن مار مارون‪.‬‬ ‫ونقطة التحول هذه ليست فقط في التجارة‬ ‫وبعث القرية إلى دائرة الضوء بل كذلك فتح‬ ‫باب جديد في العالقات السورية اللبنانية حيث‬ ‫يعتبر الكثير من مسيحيي لبنان القديس مار‬ ‫مارون شفيعا لهم ويتبعون نهجه وخطاه‪.‬‬

‫متابعة منبر التوحيد‪ -‬مكتب دمشق‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر مرأة‬

‫رفيقة العمر والنضال تتحدث عن جورج حبش في ذكراه الثانية‬

‫هيلدا حبش لـ«منبر التوحيد» ‪ :‬آمنت به وبمعتقداته‬ ‫وتحملت شظف العيش حيث لم نعش يوماً حياة أسرية عادية‬ ‫جورج حبش‪ ،‬الوطني الغيور والعربي األصيل‬ ‫واملناضل األممي العنيد‪ ،‬امتلك احلكمة والشجاعة‬ ‫وتسلح بوعي وإصرار على التمسك باألهداف‬ ‫واملبادئ و ُعرف باحلكيم‪ ،‬في حياته مسيرة كاملة‬ ‫وأحداث جسام وفلسطني حاضرة في ثواني عمره‪.‬‬ ‫كان صاحب املوقف املبدئي‪ ،‬ال يهادن في احلق‪ ،‬حافظ‬ ‫على األمانة ولم يلن‪ ،‬وبقي شامخا ً أصيال‪ ،‬ساهم‬ ‫في بناء جيل الشباب امللتزم بقضايا الوطن واألمة‪،‬‬ ‫هو األمني العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطني‪،‬‬ ‫وصاحب مدرسة وطنية وقومية مزجت الفكرة‬ ‫باملمارسة فكانت متراسا ً لألجيال‪.‬‬ ‫وللتعرف على هذا اإلرث النضالي في هذا الزمن‬ ‫الصعب‪ ،‬كان جمللة “منبر التوحيد” هذا اللقاء احلواري‬ ‫مع رفيقة دربه هيلدا حبش‪ ،‬هذا نصه‪:‬‬

‫أعطى احلكيم عمره وشبابه‬ ‫من أجل شعبه والقضية‬ ‫سيرة حكيم الثورة حافلة بالعطاءات حيث‬ ‫كان مدرسة في النضال الوطني القومي والعاملي‪،‬‬ ‫وعاش في وجدان الناس‪ ،‬وكرفيقة دربه ال بد وأن‬ ‫لديك الكثير الكثير مما يقال والسؤال‪ :‬مباذا متيز‬ ‫حكيم الثورة خالل مسيرة حياته وكيف وصل الى‬ ‫قلوب اجلماهير؟‬ ‫منذ ما يقارب النصف قرن من الزمن كان لي‬ ‫شرف االرتباط باحلكيم‪ ،‬ولم يكن ارتباطي به عن‬ ‫طريق الصدفة‪ ،‬بل كان يتردد على القدس لزيارتنا‬ ‫بحكم صلة القربى وخاصة بعد تخرجه من اجلامعة‬ ‫األمريكية في بيروت وانتقاله إلى عمان‪ ،‬وبدء نشاطه‬ ‫السياسي واملهني كطبيب في عيادة وسط البلد‬ ‫في عمان مع رفيق دربه وديع حداد‪.‬‬ ‫يعرف اجلميع أن نكبة ‪ 48‬كانت نقطة حتول في‬ ‫حياته‪ ،‬حيث كان طالبا ً متفوقا ً في كلية الطب في‬ ‫اجلامعة األميريكية‪ ،‬يعيش حياته وميارس نشاطاته‬ ‫وهواياته في القراءه والسباحة واملشي والنشاطات‬ ‫الثقافية في العروة الوثقى‪ ،‬إذ كان مسؤول الهيئة‬ ‫اإلدارية فيها ملدة سنتني متتاليني وسط صخب‬ ‫احلياة اجلامعية‪ .‬إالّ أن الصدمة الكبرى في حياته‬ ‫حصلت عندما بدأت العصابات الصهيونية ترتكب‬ ‫اجملازر بحق شعبنا في فلسطني‪ ،‬وتطرد السكان‬ ‫حتت تهديد السالح‪ ،‬وبدأت أفواج املهاجرين تصل‬ ‫تباعا ً إلى بيروت‪ ،‬فأبى احلكيم أن يقف موقف املتفرج‬ ‫قاطعا دراسته متوجها نحو فلسطني‪ ،‬ووصل إلى‬ ‫اللد في ظل ظروف أمنية خطيرة محاوال إنقاذ ما‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بدأ مع رفيق دربه‬ ‫د‪ .‬وديع حداد‬ ‫بتعبئة اجلماهير في اخمليمات‪،‬‬ ‫واإلعداد ملرحلة الكفاح‬ ‫املسلح‪ ،‬رافعا شعار‬ ‫حرب التحرير الشعبية‬ ‫طويلة األمد‪.‬‬ ‫ميكن إنقاذه‪ ،‬فالتحق مبستشفى اللد الذي كان يغص‬ ‫باجلرحى والقتلى‪ .‬لكن اجلرح العميق كان سقوط‬ ‫اللد على يد العصابات الصهيونية واخلروج من‬ ‫فلسطني حتت تهديد السالح‪ ،‬وبدأت رحلة العذاب‬ ‫التي استمرت ستني عاما ً من النضال الدؤوب‪.‬‬ ‫تفرغ احلكيم بكل طاقاته وأعطى عمره وشبابه‬ ‫من أجل شعبه والقضية‪ ،‬وظل مشهد الرحيل‬ ‫والقهر والظلم والتشرد واملوت على قارعة الطريق‬ ‫محفورا ً في ذاكرته ووجدانه‪ .‬وحتول من طبيب المع‬ ‫إلى ثائر على الظلم والطغيان‪ ،‬وبدأ مع رفيق دربه‬ ‫د‪ .‬وديع حداد بتعبئة اجلماهير في اخمليمات‪ ،‬واإلعداد‬ ‫ملرحلة الكفاح املسلح‪ ،‬وتشكيل خاليا سرية للقيام‬ ‫بعمليات ضد العدو الصهيوني‪ ،‬رافعا شعار حرب‬ ‫التحرير الشعبية طويلة األمد‪ .‬وكان يعالج الفقراء‬ ‫مجاناً‪ ،‬ويداوي جراحهم‪ ،‬عرفته السجون واملنافي‪،‬‬ ‫وعاش هموم شعبه مكرسا حياته من أجلهم‪ ،‬ومن‬ ‫أجل العمل على حترير كل ذرة تراب من أرض الوطن‬

‫‪90‬‬

‫الغالي‪ .‬عشق فلسطني واألرض‪ ،‬وعمل بكل تفان‬ ‫بني شعبه ليخفف من آالمهم وعذاباتهم وحمل‬ ‫همومهم صليبا ً على كتفيه‪.‬‬ ‫متيز بوضوح الرؤية وعمل على حتقيق أهدافه‬ ‫مستندا ً إلى رؤية علمية في إدارة الصراع ضد‬ ‫املشروع الصهيوني و أعداء األمة‪ .‬كان صادقا ً مع‬ ‫نفسه والناس‪ ،‬ومنسجما ً مع ذاته‪ ،‬ثورياً‪ ،‬حاملاً‪،‬‬ ‫نقياً‪ ،‬لم يعرف اليأس مكانا ً في قاموسه الثوري‬ ‫في يوم من األيام‪ .‬كان يفهم املسؤولية على أنها‬ ‫بذل وعطاء وإنكارا ً للذات‪ ،‬بعيدا ً عن االمتيازات‬ ‫واملصالح الشخصية وتاريخه حافل باألحداث‪ .‬من‬ ‫الصعب أن أفي هذا اإلنسان الكبير حقه مبجرد‬ ‫جواب على سؤال‪ ،‬وكزوجة ورفيقة درب شاركته‬ ‫مسيرته النضالية وكنت سندا ً حقيقيا ً له‪ .‬آمنت به‬ ‫ومبعتقداته وحتملت شظف العيش حيث لم نعش‬ ‫يوما ً حياة أسرية عادية‪ ،‬لكننا كأسرة كنا نشكل‬ ‫حزام أمان له‪ ،‬واستطعنا حمايته وذلك بفضل‬ ‫العناية اإللهية‪.‬‬ ‫كان احلكيم دمث اخللق ورقيق املشاعر‪ ،‬أحب رفاقه‬ ‫و أحبوه‪ ،‬فكان مبثابة األب الروحي لكل منهم‪ ،‬عاش‬ ‫همومهم و اهتم بشؤونهم العائلية بكل تفاصيلها‪.‬‬ ‫عاش معهم و من أجلهم متقدما ً املواقع األمامية‬ ‫في األزمات ليشد من أزر املقاتلني الذين أعطاهم‬ ‫من ذاته وعلى حساب صحته‪ .‬كان دميقراطيا ً بامتياز‬ ‫يؤمن باحلوار وحرية الرأي‪ ،‬كما شكل صمام أمان في‬ ‫حماية الوحدة الوطنية الفلسطينية واحلرص عليها‪،‬‬ ‫كل هذا جعله إنسانا ً استثنائيا ً متميزا ً أوصله إلى‬ ‫قلوب اجلماهير الفلسطينية والعربية‪ .‬هذا هو رجل‬ ‫املبادىء الذي استحق بجدارة لقب “ضمير الثورة”‪.‬‬

‫تأثر بتعاليم السيد املسيح‬ ‫في دعوته للمحبة‬ ‫والتسامح بال حدود‬ ‫ما هي العبارات التي كان يرددها يومياً على‬ ‫مسامعك وما هي وصيته؟‬ ‫رمبا ال أستطيع ذكر تعابير محددة‪ ،‬لكنه كانت‬ ‫تدهشني دائما ً قدرته على احملبة والتسامح والترفع‬ ‫عن الصغائر‪ ،‬وحديثه ودعوته وذكره الدائم بضرورة‬ ‫االمتثال بتلك القيم‪ .‬رغم كونه علمانيا ً وفي‬ ‫الوقت ذاته شديد االحترام واالعتزاز بثقافة األمة‬ ‫العربية وانتمائها الديني‪ ،‬إال أنه كثيرا ُ ما كان يبدي‬ ‫تأثره بتعاليم السيد املسيح في دعوته للمحبة‬


‫و التسامح بال حدود‪ ،‬كان ذلك راسخا ً في وجدانه‬ ‫وشديد األثر في شخصيته‪ .‬كذلك كان يؤرقه‬ ‫سؤال شغله كثيرا ً في سنواته األخيرة وهو‪ “ :‬ملاذا‬ ‫ُهزمنا” كأمة عربية رغم كل ما لديها من الطاقات‬ ‫واإلمكانيات والكفاءات العلمية والتضحيات‬ ‫اجلسيمة؟!‪ ،‬فأسس عام ‪ 2000‬و بعد استقالته من‬ ‫األمانة العامة للجبهة الشعبية مركز دراسات الغد‬ ‫العربي إلميانه بأن البحث ودراسة التاريخ برؤية علمية‬ ‫سيساعد األجيال القادمة على تدارك األخطاء‬ ‫السابقة بغية النهوض من جديد‪ ،‬ذلك النهوض‬ ‫الذي كان يراه دائما ً مسألة حتمية و أمرا ً ال مفر منه‪.‬‬ ‫كانت وصيته للرفاق احلفاظ على هذا املركز ورصد‬ ‫اإلمكانيات املادية الستمراره‪ ،‬لكنه أُغلق بعد وفاته‬ ‫مباشرة دون الرجوع ألعضاء األمانة العامة في املركز‬ ‫بالرغم من رغبتنا كعائلة في استمراره‪.‬‬

‫كان يبكي‬ ‫عند ذكر مجازر صبرا وشاتيال‬ ‫ما هي أصعب املواقف التي أثرت في شخصية‬ ‫احلكيم‪ ،‬وكيف كان يواجهها؟‬ ‫كانت نكبة عام ‪ 1948‬و اخلروج من فلسطني‬ ‫احلدث اجللل الذي غير مسار حياته متاما ً و حوله من‬ ‫شابا ً طموحا ً و طبيبا ً متميزا ً إلى ثائرا ً على الظلم و‬ ‫الطغيان‪ .‬كذلك هزمية عام ‪ 1967‬وسقوط ما تبقى‬ ‫من فلسطني باإلضافة إلى سيناء واجلوالن حيث‬ ‫بكى لدى سقوط القدس سيدة املدن في قبضة‬ ‫االحتالل‪ .‬لكنه كان يزداد تصميما ً وإصرارا ً على‬ ‫املضي ُقدما ً دون يأس أو كلل‪ ،‬فكلما اشتدت األزمات‬ ‫ازداد إميانا ً و عزمية على مواصلة الكفاح‪ ،‬متحليا ً‬ ‫برباطة جأش لم تفارقه يوماً‪ .‬ومن األيام الصعبة‬ ‫في حياته أيضا ً كان خروج املقاومة من بيروت عام‬ ‫‪ .1982‬واجملازر التي ارتكبتها القوات االنعزالية ضد‬ ‫املدنيني في صبرا و شاتيال‪ .‬رجالن كان مجرد ذكرهما‬ ‫يبكيه‪ ،‬هما الرئيس جمال عبد الناصر رجل املبادىء‬ ‫والقومية العربية حيث ترك رحيله بالغ األثر في‬ ‫نفسه‪ ،‬إذ كانت تربطه به عالقة حميمة‪ ،‬أما وفاة‬ ‫وديع حداد رفيق الدرب كان أشبه بفقدان قطعة‬ ‫من قلبه ووجدانه‪ ،‬وكان استشهاد الرفاق كغسان‬ ‫كنفاني و باسل الكبيسي و جيفارا غزة‪ ،‬وجميع‬ ‫الشهداء دون إستثناء يشكل بالنسبة له مرارة‬ ‫أشبه بالعلقم‪ ،‬وغصة دائمة تدفعه إلى املزيد من‬ ‫اإلصرار على مواصلة الدرب‪.‬‬ ‫ماذا تقولني إلى رفاق درب احلكيم‪ ،‬وما هي‬ ‫رسالتك لشعبنا الفلسطيني العظيم وألمتنا‬ ‫العربية؟‬ ‫أطالب رفاق الدرب باحملافظة على نهج احلكيم‪،‬‬ ‫نهج املقاومة‪ ،‬فاملقاومة خيار استراتيجي‪ ،‬وعدم‬ ‫املراهنة على املفاوضات‪ ،‬والتمسك بالثوابت‬ ‫الوطنية التي دفع احلكيم وكل الشهداء حياتهم‬ ‫من أجلها لتبقى الراية مرفوعة‪ ،‬وشعلة النضال‬ ‫متوهجة حتى حتقيق كامل أهدافنا الوطنية‬

‫والقومية العادلة‪ ،‬واحلصول على حقوقنا املشروعة‪.‬‬ ‫كذلك أوصى باحلفاظ على إرث احلكيم وتراثه الذي‬ ‫سيبقى أمانة في أعناق رفاقه و شعبه‪ ،‬وفي أعناقنا‬ ‫جميعا ً لنحميه في حدقات العيون‪.‬‬ ‫متيز احلكيم بعالقاته الواسعة على الصعيد‬ ‫العاملي‪ ،‬كيف متكن احلكيم من بناء تلك العالقات‬ ‫من الناحية الكمية والنوعية؟‬ ‫اَمن احلكيم أن ثورة اإلنسان على الظلم‬ ‫واالضطهاد هي في جوهرها قضية إنسانية تربط‬ ‫جميع الشعوب الثائرة في العالم ببعضها البعض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وانكب على دراسة وقراءة التجارب الثورية في‬ ‫العالم بشغف معتبرا ً أن إقامة عالقات وحتالفات‬ ‫مع احلركات الثورية وقوى التحرر في العالم قضية‬ ‫إستراتيجية تُثري الثورة الفلسطينية‪ ،‬وتُعطيها‬ ‫زخما ً ورؤية أفضل للصراع مع العدو الصهيوني‪،‬‬ ‫استقطب الشباب القومي العربي من املغرب‬ ‫والبوليساريو إلى اليمن و ُعمان واخلليج العربي‪،‬‬ ‫الكويت والبحرين‪ ،‬إلى سوريا واألردن ولبنان ومصر‬ ‫والعراق‪ ،‬وذلك منذ بداية اخلمسينات حيث أسس‬ ‫حركة القوميني العرب التي كان لها دورا ً رئيسا ً في‬ ‫حترير اليمن اجلنوبي‪ .‬أعطى احلكيم اليمن في مرحلة‬ ‫من املراحل كما أعطى فلسطني‪ ،‬كما كان للحركة‬ ‫دورا ً في دعم اجلبهة الشعبية لتحرير ُعمان‪ .‬ولعب‬ ‫دورا ً هاما ً في احلياة السياسية في الكويت من خالل‬ ‫الدكتور أحمد اخلطيب‪ ،‬وعدد آخر من شباب حركة‬ ‫القوميني العرب‪ .‬كذلك طرح القضية الفلسطينية‬ ‫على أنها قضية العرب جميعا ً بعيدا ً عن اإلقليمية‪،‬‬ ‫مؤمنا ً بالقومية العربية حتى اليوم األخير في حياته‪.‬‬ ‫وأرسى عالقات وطيدة مع احلركة الوطنية اللبنانية‬ ‫انطالقا ً من إميانه بأن املقاومة في لبنان هي جزء ال‬ ‫يتجزء من املقاومة الفلسطينية والعربية الشاملة‬ ‫في مواجهة املشروع الصهيوني في املنطقة‪ .‬وكان‬ ‫يجد في التحالف مع القوى الوطنية اللبنانية بعدا َ‬ ‫إستراتيجيا ً إلميانه بوحدة األهداف ووحدة املصير‪.‬‬ ‫كما استطاع ملا كان يتمتع به من مصداقية‬ ‫وفكر شمولي‪ ،‬ورؤية إستراتيجية وشخصية‬ ‫كارزمية من تأسيس شبكة عالقات مع جميع‬ ‫األنظمة التقدمية في الوطن العربي والعالم‪.‬‬ ‫أذكر من أبرزها عالقته التاريخية مع الرئيس “فيدل‬ ‫كاسترو” في كوبا وعالقاته الوطيدة مع ُمعظم‬ ‫بلدان املنظومة االشتراكية السابقة على رأسها‬ ‫موسكو وأملانيا الدميقراطية وتشيكوسلوفاكيا‬ ‫وبلغاريا وهنغاريا‪ ،‬حيث كان يُستقبل بحفاوة‬ ‫وترحيب وتكرمي كبير‪ .‬كما قدمت هذه البلدان دعما ً‬ ‫لوجستيا ً كبيرا ً للجبهة الشعبية من منح دراسية‬ ‫و عالجية‪ ،‬ودورات تدريبية و تثقيفية‪ ،‬و دراسات ُعليا‬ ‫في تخصصات عديدة‪ .‬كان هذا هو سر جناح احلكيم‬ ‫وسر مكانته السياسية والنضالية على صعيد‬ ‫العالم كله حتى الهند والصني واليابان‪ ،‬وفيتنام‬ ‫مما جعله زعيما ً أممياً‪ُ ،‬كتبت عنه املئات من املقاالت‬ ‫والشهادات الق ّيمة لدى رحيله ملا تركه من بصمات‬ ‫واضحة في التاريخ العربي احلديث‪.‬‬

‫كان يعالج الفقراء‬ ‫مجاناً‪ ،‬ويداوي جراحهم‪،‬‬ ‫وعرفته السجون واملنافي‬ ‫كان دميقراطياً بامتياز‬ ‫يؤمن باحلوار وحرية الرأي‬ ‫من األيام الصعبة‬ ‫في حياته‪ ،‬خروج املقاومة‬ ‫من بيروت عام ‪1982‬‬ ‫الرئيس جمال عبد‬ ‫الناصر رجل املبادىء‬ ‫والقومية العربية ترك‬ ‫رحيله بالغ األثر في‬ ‫نفسه‬ ‫أطالب رفاق الدرب‬ ‫باحملافظة على نهج احلكيم‪،‬‬ ‫نهج املقاومة‪ ،‬فاملقاومة خيار‬ ‫استراتيجي‪ ،‬وعدم املراهنة‬ ‫على املفاوضات‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬

‫‪91‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫منبر بيئة‬

‫يوسف ن ّداف لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬

‫ما صدر عن مؤتمر «كوبنهاغن» المناخي إعالن‬ ‫َمن يرى توافد رؤساء وممثلي دول العالم لـ»مؤمتر‬ ‫يظن أن‬ ‫كوبنهاغن» الذي ُعقد في الدامنارك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مشكلة االحتباس احلراري واالنبعاثات العاملية‬ ‫للغازات املسببة لالرتفاع في حرارة كوكب األرض‪،‬‬ ‫متراض بني‬ ‫ستُحل بسرعة قصوى وبتجاوب‬ ‫ٍ‬ ‫اجلميع‪ ،‬إالّ أن ما حصل في املؤمتر‪ ،‬وما نتج عنه‬ ‫يأت بحسب رغبات شعوب العالم خاصة في‬ ‫لم ِ‬ ‫الدول النامية‪ .‬ومما ال شك فيه أن الدول النامية‬ ‫واألقل منوا ً ليس لها شأن في ظاهرة انبعاثات‬ ‫الغازات الدفيئة التي تختص بدرجات التصنيع‬ ‫املتقدمة التي تقوم بها الدول الصناعية وعلى‬ ‫ّ‬ ‫رأسها الواليات املتحدة األميركية واالحتاد األوروبي‪،‬‬ ‫أصبحت الدول النامية‬ ‫لكن النتيجة كانت أن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ضحية سياسات التصنيع املتقدمة‪ ،‬وهي حتما ً‬ ‫ستبقى كذلك‪.‬‬ ‫تُع ّرف ظاهرة االحتباس احلراري على أنها نتيجة‬ ‫للتغ ّير في تدفق الطاقة احلرارية من البيئة وإليها‪.‬‬ ‫إنها االرتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة‬ ‫السفلى القريبة من سطح األرض من الغالف‬ ‫اجلوي احمليط بالكوكب‪.‬‬ ‫لقد كان العالم الكيميائي السويدي سفانتي‬ ‫آرينيوس محقا ً عندما أطلق عام ‪ 1896‬نظر ّيته‬ ‫القائلة أن الوقود األحفوري احملترق سوف يزيد من‬ ‫كميات ثاني أوكسيد الكربون في الغالف اجلوي‪،‬‬ ‫وسيؤدي حتما ً لزيادة درجة حرارة كوكب األرض‬ ‫مبعدل ‪ 4‬الى ‪ 5‬درجات‪ ،‬وهذا ما نشهده اليوم‬ ‫ّ‬ ‫واقعياً‪.‬‬

‫أميركا ‪ ..‬اجملرم البريء‬ ‫وقد برز االهتمام الواضح ألكثر الدول‬ ‫املسببة للمشاكل البيئية وخاصة مشكلة‬ ‫االحتباس احلراري أي «أميركا» من خالل ّ‬ ‫تأخر‬ ‫الرئيس األميركي أوباما بالوصول إلى املؤمتر‪ ،‬مما‬ ‫يبرز بحق أن الدولة األكثر ضررا ً في صناعتها‬ ‫غير مبالية مبا سيصدر عن هذا املؤمتر‪ ،‬وما‬ ‫سيحصل لكوكب األرض بعد سنوات قليلة‪.‬‬ ‫مع كل أخطاء الدول الصناعية والمباالتها‬ ‫بانعكاس قراراتها على العالم الثالث‪ ،‬خرج‬ ‫الرئيس األميركي باراك اوباما باجملاهرة أن االتفاق‬ ‫الصادر عن مؤمتر كوبنهاغن تضمّ ن تخصيص‬ ‫‪ 30‬مليار دوالر‪ ،‬لدعم الدول الفقيرة خالل‬ ‫السنوات الثالث القادمة من أجل مواجهة‬ ‫اآلثار السلبية للتغيرات املناخية على أن يتم‬ ‫ّ‬ ‫اخملصص إلى ‪ 100‬مليار دوالر‬ ‫رفع قيمة املبلغ‬ ‫بحلول عام ‪ ،2020‬وكأن «الضحك على الذقون»‪،‬‬ ‫سيؤدي الى معاجلة أزمة االحترار الكوني‪.‬‬ ‫لقد تبينّ أن البيان اخلتامي ملؤمتر كوبنهاغن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تراض بني الدول الصناعية الكبرى‬ ‫كان مجرد‬ ‫ٍ‬ ‫على حساب دول العالم النامي‪ ،‬وأن الدول‬ ‫الصناعية ستبقى تتقدم على حساب كوكب‬ ‫األرض والدول النامية معاً‪.‬‬ ‫ولإلضاءة على مؤمتر كوبنهاغن‪ ،‬زارت «منبر‬ ‫التوحيد» مسؤول نقطة االرتكاز في وزراة‬ ‫البيئة اللبنانية األستاذ يوسف ن ّداف‪ ،‬فكانت‬ ‫حملة عامة عن مهام (نقطة االرتكاز) في الوزارة‪،‬‬ ‫ومن ثم حوارا ً عن نتائج «كوبنهاغن» وأسباب‬ ‫االحتباس احلراري الذي تشهده الكرة األرضية‪.‬‬ ‫بداية‪ ،‬حت ّدث ن ّداف عمّ ا قامت به الوزارة في‬ ‫املناقشات البيئية العاملية‪ ،‬فقال‪ :‬وزارة البيئة‬ ‫هي نقطة االرتكاز التفاقية األمم املتحدة اإلطارية‪،‬‬ ‫بشأن تغ ّير املناخ أي ما يُعرَف بـ ‪UNFCCC‬‬ ‫(‪on Convention Framework Nations United‬‬ ‫‪ .)Change Climate‬وخُ ِّولَت وزارة البيئة من قبل‬ ‫احلكومة اللبنانية متابعة ملف تغ ّير املناخ ضمن‬ ‫هذه االتفاقية وما يصدر عنها‪ ،‬والتي أُحلِقَ بها‬ ‫بروتوكول «كيوتو»‪ .‬هناك عدد من املصالح ضمن‬ ‫الوزارة‪ ،‬واملصلحة أو الوحدة الوطنية املوجلَة‬ ‫متابعة هذا امللف هي «مصلحة الوقاية من‬ ‫مؤثرات التكنولوجيا واخملاطر الطبيعية»‪ ،‬والتي‬ ‫ستصبح بإسم «مصلحة التكنولوجيا» في‬ ‫املرسوم اجلديد‪ ،‬ومبا أنني عضو في هذه املصلحة‪،‬‬ ‫إلي هذا امللف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫س ّل َم ّ‬ ‫نداف‪ :‬لقد و ّق َعت احلكومة اللبنانية على‬ ‫وتابع ّ‬ ‫إتفاقية تغ ّير املناخ (‪ ،)UNFCCC‬في آب من العام‬ ‫‪ 1994‬ضمن القانون رقم ‪ .359‬وفي شهر أيار من‬ ‫العام ‪ ،2006‬أجاز اجمللس للحكومة االنضمام‬ ‫لـ»بروتوكول كيوتو»‪ ،‬الذي يص ّوب العالقة بيننا‬

‫‪92‬‬

‫واألمم املتحدة بشأن هذه االتفاقية‪ .‬وكأي اتفاقية‪،‬‬ ‫تقسم إلى‪:‬‬ ‫تتضمن الـ ‪ UNFCCC‬عدة بنود ومواد ّ‬ ‫‪ countries Annex‬و ‪،countries Annex-Non‬‬ ‫األولى مؤلفة من الدول الصناعية‪ ،‬والثانية من‬ ‫الدول النامية التي ينتمي إليها لبنان‪ ،‬وحتصل‬ ‫املفاوضات عبر هاتني اجملموعتني‪ .‬تضم مجموعة‬ ‫دول الـ ‪ Group Umbrella :Annex‬الواليات‬ ‫املتحدة واستراليا وكندا وغيرها‪ ،‬واالحتاد األوروبي‬ ‫الذي ميثل ‪ 27‬دولة أوروبية‪ .‬أما مجموعة الدول‬ ‫النامية (‪ ،) Annex-Non‬فتضم‪:‬‬ ‫ مجموعة دول الـ‪ 77‬والصني وهي أكبر‬‫مجموعة‬ ‫ ‪ AOSIS‬أي كل اجلزر النامية الصغيرة‬‫(املالديف‪ ،‬واجلزر الكاريبية ‪ )...‬التي تعاني اخلطر‬ ‫األكبر من تغ ّير املناخ بالنسبة الرتفاع نسبة مياه‬ ‫البحر‪.‬‬ ‫ اجملموعة األفريقية (‪)Group African‬‬‫ اجملموعة اآلسيوية (‪ )Group Asian‬ولكنها‬‫فعالة بشكل كبير في املفاوضات‪ ،‬أل ّن‬ ‫ليست ّ‬ ‫كل هذه الدول (دول آسيا) هي دول نامية باستثناء‬ ‫اليابان التي تنتمي جملموعة الـ ‪ ،Annex‬وبالتالي‬ ‫موحدا ً عن مجموعة الدول‬ ‫ال ميكن إصدار موقفا ً ّ‬ ‫اآلسيوية‪ ،‬مع االشارة إلى أ ّن اجملموعة الثانية‬ ‫والثالثة تابعتان جملموعة دول الـ‪ 77‬ولكن لك ٍّل‬ ‫منها خصوص ّيتها (فهذه اجملموعة جامعة لثالث‬ ‫قارات‪ :‬أميركا اجلنوبية وأفريقيا وآسيا)‪ ،‬وال شك‬ ‫في أ ّن مستوى التنمية يختلف من دولة ألخرى‪،‬‬ ‫فنحن مثالً قد ال نتأثر بإرتفاع مستوى مياه البحر‬ ‫مثلما نتأثر مبعدل تساقط األمطار‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫تختلف األولو ّيات ضمن هذه اجملموعة بالنسبة‬ ‫للمشكلة التي ستصادفها من ج ّراء تغ ّيراملناخ‪،‬‬ ‫وحسب مستوى التنمية االقتصادية لديها‪ ،‬إذ ال‬ ‫أصبحت دولة‬ ‫ميكن مقارنة لبنان مثالً بالصني التي‬ ‫َ‬ ‫ناشئة‪ ،‬وهي في طريقها ألن تصبح دولة صناعية‪.‬‬ ‫وعن دور لبنان في هذه املناقشات منذ العام‬ ‫‪ 1994‬وحتى اآلن‪ ،‬قال ن ّداف‪ :‬عام ‪ ،1999‬و ّقع‬ ‫لبنان على اتفاقية الـ ‪ ،UNFCCC‬وهدفها التزام‬ ‫كل دولة مو ّقعة مبوضوع التك ّيف وتخفيف‬ ‫االنبعاثات‪ ،‬وتقدمي الدول الصناعية التمويل الالزم‬ ‫للدول النامية‪ ،‬لتخفيف انبعاثاتها‪ .‬كما أ ّن إحدى‬ ‫يسمى‬ ‫تقدم كل الدول ما‬ ‫البنود املهمة هي أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫«البالغ الوطني» ‪،communication National‬‬ ‫ويحتوي ثالثة أجزاء‪ -1 :‬جردة على الغازات الدفيئة‬ ‫التي يبعثها لبنان من مختلف القطاعات‬ ‫االنتاجية االقتصادية‪ -2 ،‬حتديد القطاعات التي‬ ‫سمى‬ ‫ميكن أن تتأثر من ظاهرة تغ ّير املناخ‪ -3 ،‬ما يُ ّ‬ ‫بالـ ‪ ،Assessment Mitigation‬ويتضمن اخلطط‬ ‫التي من املفروض وضعها خملتلف القطاعات‬


‫اإلنتاجية للتخفيف من نسبة االنبعاثات‪ .‬هذا‬ ‫قدم كل خمس أو ست سنوات‪،‬‬ ‫التقرير أو البالغ ي ُ ّ‬ ‫به َبة‬ ‫‪،1999‬‬ ‫عام‬ ‫األول‬ ‫البالغ‬ ‫وقد قمنا بتقدمي‬ ‫ِ‬ ‫من مرفق البيئة العاملي‪ ،‬وعلى أثره وبالتعاون مع‬ ‫برنامج األمم املتحدة االمنائي‪ ،‬قمنا بتنفيذ هذا‬ ‫سمى بالـ‬ ‫املشروع (أو اجلردة)‪ .‬ومن ثم قمنا مبا يُ ّ‬ ‫‪ ،Assessments Needs Technology‬كي نحدد‬ ‫حاجاتنا لتنفيذ مشاريعنا‪.‬‬

‫لبنان ضمن مجموعة الـ ‪77‬‬ ‫شارك أيضاً في املؤمتر‬ ‫وعن مشاركته في مؤمتر كوبنهاغن‪ ،‬قال‬ ‫شاركت في املؤمتر ضمن الوفد اللبناني‬ ‫ن ّداف‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضم وفدا وزاريا برئاسة رئيس مجلس الوزراء‬ ‫الذي ّ‬ ‫لكن الفريق التقني كان من وزراة‬ ‫سعد احلريري‪ّ ،‬‬ ‫البيئة‪ ،‬وقد أكد الرئيس احلريري خالل املؤمتر أ ّن‬ ‫يتوجب عليه لتخفيف ‪ %12‬من‬ ‫لبنان سيقوم مبا‬ ‫ّ‬ ‫انبعاثات الغازات الدفيئة التي تنتجها قطاعاته‬ ‫االقتصادية االنتاجية‪.‬‬ ‫وتابع ن ّداف قائالً‪ :‬صحيح أ ّن املؤمتر لم يكن‬ ‫بنسبة اآلمال املتو ّقعة‪ ،‬خاصة من ِق َبل الدول‬ ‫النامية‪ ،‬أل ّن ما صدر عنه كان فقط مبثابة‬ ‫(إعالن سياسي) ملرحلة ‪ ،2010‬أي أنهم فقط‬ ‫وضعوا إطارا ً لهذا املوضوع‪ .‬لذلك أعلن «إتفاق‬ ‫كوبنهاغن» أ ّن الدول أخذت علما ً به‪ ،‬ولكنها لم‬ ‫تتبنّاه‪ .‬بعد هذه املرحلة‪ ،‬طلبت رئاسة املؤمتر أي‬ ‫الدامنارك‪ ،‬واألمني العام لألمم املتحدة بان كي مون‪،‬‬ ‫واملنظمة لإلتفاقية اإلعالن‬ ‫من الدول املنضمة‬ ‫ّ‬ ‫تضمن‬ ‫عما إذا كانت تدعم اإلتفاق أم ال‪ ،‬علما ً أنّه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حدودا ً إلنبعاثات الدول‪ ،‬فمنها احلدود اإلجبارية‬ ‫التي تُفرَض على الدول الصناعية وأخرى اختيارية‬ ‫للدول النامية‪ .‬إذا ً كان السؤال حول ما إذا كانت‬ ‫هذه الدول تدعم اإلتفاقية‪ ،‬إضافة إلى حتديد‬ ‫األنشطة لتخفيف اإلنبعاثات‪ ،‬وهذا بالطبع عائد‬ ‫نب هذا اإلتفاق‬ ‫لكل دولة على حدة‪ ،‬بعضها لم يت َّ‬ ‫كالسودان مثالً‪ ،‬كما أن جمهورية مصر العربية‬ ‫لم تعلن موقفها منه بعد‪ .‬أما الدول النامية‬ ‫األساسية كالصني والبرازيل والهند وأفريقيا‬ ‫اجلنوبية ّ‬ ‫فأكدوا دعمهم له‪ ،‬ولكنهم أعلنوا أ ّن‬ ‫ذلك ال يعني أنها ّ‬ ‫حتل مكان بروتوكول كيوتو‪،‬‬ ‫إذ هناك إجتاه للدول الصناعية إللغاء بروتوكول‬ ‫كيوتو واستبداله باتفاقية أخرى‪ ،‬وهذا بالطبع‬ ‫يلقى رفضا ً من الدول النامية أل ّن املفاوضات يجب‬ ‫أن تبقى ضمن إطار بروتكول كيوتو دون العمل‬ ‫على إلغائه‪ .‬وجتدر اإلشارة إلى أ ّن الواليات املتحدة‬ ‫هي من أكثر الدول التي تسعى إللغائه ألنه ال‬ ‫يناسبها يحيث رفضت سابقا ً أن تكون طرفا ً فيه‬ ‫وال زالت كذلك حتى اآلن‪ .‬املوضوع حتما ً يتعلق‬ ‫بالسياسة والتجارة‪ ،‬وباألخص التجارة الدولية‪،‬‬ ‫فمثالً الصني اليوم تخرق مبنتوجاتها األسواق‬ ‫العاملية‪ ،‬وبالتالي فإذا فرضنا على الدول الصناعية‬ ‫ومن بينها الواليات املتحدة تخفيض اإلنبعاثات‪،‬‬ ‫فإ ّن نسبة هذا التخفيض سيزيد كلفة اإلنتاج‬

‫لديها‪ ،‬مما سيض ّر مبصاحلها التجارية‪ ،‬أل ّن الصني‬ ‫ستبيع بأسعار أدنى‪ ،‬إذ لن يكون لديها التزامات‬ ‫إجبارية كونها تنتمي للدول النامية‪ .‬علما ً أ ّن‬ ‫الصني أعلنت مع الدول النامية أنها مع وضع‬ ‫حدود اختيارية‪ ،‬شرط توفر الدعم املالي والتقني‬ ‫من الدول الصناعية‪ ،‬وبالتالي هي مع تخفيض‬ ‫نسبة اإلنبعاثات‪ .‬فالدول الناشئة تقول أ ّن هدفها‬ ‫األول في إطار التنمية هو إخراج شعوبها من حالة‬ ‫يتوجب بناء الصناعات‬ ‫الفقر التي تعيشها‪ ،‬مما‬ ‫ّ‬ ‫تصب في‬ ‫وزيادة إنتاج الطاقة‪ ،‬وكل األشياء التي‬ ‫ّ‬ ‫إقتصادها الوطني‪ .‬كذلك أعلنت دولتي األردن‬ ‫واملغرب عن دعمهما لإلتفاق‪ ،‬إضافة إلى وضع‬ ‫األنشطة اإلختيارية التي ستُط ّبق ضمن أراضيها‬ ‫لتخفيف اإلنبعاثات‪ .‬بالنسبة للبنان‪ ،‬فإن العمل‬ ‫على تخفيض نسبة اإلنبعاثات هو من مهام وزراة‬ ‫الطاقة كونها املسؤولة عن إنتاج كافة أنواعها‪.‬‬ ‫أما وزارة البيئة‪ ،‬فعملها يرتكز بإعطاء املشورة‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬والقيام بالدراسات الالزمة‪ .‬وكي‬ ‫نستطيع فعل ذلك‪ ،‬نطالب بالتمويل الالزم لذلك‪،‬‬ ‫شأننا شأن باقي الدول النامية‪ ،‬إذ ال بد من تأمني‬ ‫التمويل الالزم كي نستطيع استخدام طاقات‬ ‫إنتاج متجددة‪ .‬وك ّلنا نعلم بوضع البلد املتر ّدي‪،‬‬ ‫واملديونية التي نعاني منها‪ ،‬وبالتالي نحن بحاجة‬ ‫لتمويل خارجي‪ ،‬وهذا ما تطلبه كافة الدول‬ ‫النامية إن جلهة التمويل املادي‪ ،‬أو جلهة اخلبرات‬ ‫التقنية كإنشاء معامل الطاقة الشمسية أو‬ ‫غيرها من اإلنتاجات املكلفة‪ ،‬والتي حتتاج خلبرة‬ ‫تقنية وعلمية‪ .‬إذاً‪ ،‬موقف لبنان يُعتبر من بني‬ ‫مواقف الدول النامية‪ ،‬كونه ضمن مجموعة الـ‬ ‫‪ 77‬بالرغم من وجود اختالف في اآلراء‪ ،‬ألن كل دولة‬ ‫تعمل طبعا ً ضمن مصاحلها‪ ،‬ومن مصلحة لبنان‬ ‫تخفيف فاتورته النفطية‪ ،‬وبالتالي فإن تخفيف‬ ‫نسبة اإلنبعاثات س ُيخفف منها ومن تلوث‬ ‫الهواء‪ ،‬وسينعكس إيجابا ً على صحة الشعب‬ ‫اللبناني‪ ،‬الذي أيضا ً لديه فاتورة صحية يدفعها‪،‬‬ ‫إما من ِق َبل الدولة إذا لم يكن مضموناً‪ ،‬أو عبر‬ ‫ّ‬ ‫الضمان اخلاص أو غيره‪.‬‬

‫اسرائيل سبّبت بإنبعاث‪180‬‬ ‫جيغاغرام من ثاني أوكسيد‬ ‫الكربون خالل حرب متوز‬ ‫وحول السؤال عمّ ا إذا تطرّقت املباحثات‬ ‫ملا ينتجه العدو الصهيوني‪ ،‬خاصة بعد أن‬ ‫ّ‬ ‫ذكرَت وزيرة البيئة السورية كوكب داية باحلرب‬ ‫ّ‬ ‫االسرائيلية التي شنها العدو على لبنان عام‬ ‫‪ ،2006‬والتي أ ّدت الى تلوّث الشاطئني اللبناني‬ ‫والسوري‪ ،‬وغياب األمن والسالم‪ ،‬إضافة الى‬ ‫سرقة «إسرائيل» للمياه‪ ،‬ودفن اخمللفات النووية‬ ‫في اجلوالن‪ ،‬مما يؤثر سلباً على البيئة ويزيد من‬ ‫مخاطر تغيّر املناخ‪ ،‬أجاب ن ّداف‪ :‬لقد ّ‬ ‫أكدنا‬ ‫في الدراسة التي قمنا بها في وزارة البيئة حول‬ ‫أضرار حرب متوز ‪ 2006‬على لبنان‪ ،‬حيث تبينّ أن‬

‫‪93‬‬

‫«اسرائيل» س ّببت بانبعاث ‪ 180‬جيغاغرام من‬ ‫ثاني أوكسيد الكربون فقط خالل ‪ 33‬يوم من‬ ‫حربها على لبنان‪.‬‬ ‫وعن استكمال املفاوضات‪ ،‬قال ن ّداف‪ :‬لقد‬ ‫كان «إتفاق كوبنهاغن» ضمن اإلعالن السياسي‬ ‫ولكن املفاوضات ستُستك َمل‬ ‫الذي صدر عن املؤمتر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حتى نهاية الـ ‪ ،2010‬وستكون متتالية‪ ،‬واملفروض‬ ‫أن يكون اإلطار القانوني العام لهذه اإلتفاقية‬ ‫حاضرا ً في نهاية العام كي تعتمده الدول‪.‬‬ ‫ض َعت في اإلتفاق ولكن يلزمها‬ ‫فاألهداف العامة ُو ِ‬ ‫صياغة كي تُط َّبق‪ ،‬وهذا هدف املفاوضات حالياً‪.‬‬ ‫وال شك أ ّن فشل أو جناح هذه املفاوضات هو‬ ‫وقف على موقف الدول الصناعية والنامية على‬ ‫ح ٍد سواء‪ ،‬علما ً أن األولى غالبا ً ما حتاول الهروب‬ ‫من التزاماتها الدولية‪ ،‬ومنها مبلغ الـ ‪ 30‬مليار‬ ‫صص ملساعدة الدول النامية‪ .‬لقد‬ ‫دوالر الذي خُ ّ‬ ‫وعدت الدول الصناعية بدفع هذا املبلغ على ثالث‬ ‫عما‬ ‫سنوات من ‪ 2010‬حتى ‪ ،2012‬ولكن ال نعلم ّ‬ ‫إذا كانت حتما ً‬ ‫ستقدمها‪ ،‬خاصة وأ ّن اإلتفاق لم‬ ‫ّ‬ ‫يتضمن آل ّية تقدمي هذا املبلغ‪ ،‬إن كان عبر برامج‬ ‫ّ‬ ‫األمم املتحدة أو عن طريق صندوق البيئة العاملي‪،‬‬ ‫أو البنك الدولي أو مباشر ًة بني حكومات الدول‬ ‫الصناعية والنامية! وهذا االقتراح األخير أي‬ ‫تفضله الدول النامية‬ ‫(التمويل املباشر) هو ما‬ ‫ّ‬ ‫على الرغم من تذ ّرع الدول الصناعية بالفساد‬ ‫املوجود في األولى وتقدمي التمويل عبر البرامج‬ ‫األخرى للتنمية‪.‬‬ ‫وعن احلديث حول إمكانية تخفيف أشعة‬ ‫الشمس عن الكرة األرضية‪ ،‬قال‪ :‬البشر دائما ً‬ ‫يحاولون التف ّوق على البيئة من خالل التطلع‬ ‫ولكن ذلك يستلزم‬ ‫مثالً لعكس أشعة الشمس‬ ‫ّ‬ ‫دراسات مؤكدة كي ال يحصل ما حصل في‬ ‫معاجلة تآكل طبقة األوزون‪.‬‬ ‫وحول السؤال عن تغيّر املناخ الذي نشهده‬ ‫اليوم‪ ،‬أجاب ن ّداف‪ :‬برأيي‪ ،‬ال ميكن أن جنزم إذا كان‬ ‫هذا التغ ّير سيحدث على التوالي كل عام في‬ ‫حتدثوا عن حصول شيء‬ ‫لبنان‪ ،‬فاملرة األخيرة التي ّ‬ ‫مماثل كان منذ خمسني عاما ً أي في العام ‪.1960‬‬ ‫طبعا ً ال بد من مراقبة هذه األوضاع واملتغ ّيرات‬ ‫عما إذا كانت ستستمر وتتكرر‪ ،‬مع البدء‬ ‫لنرى ّ‬ ‫بأخذ التدابير الالزمة ملواجهة ذلك‪ ،‬ألنها ستؤثر‬ ‫على كل القطاعات اإلقتصادية‪ .‬في علم البيئة‪،‬‬ ‫لدينا ما يسمى باملبادىء الوقائية أي أخذ اإلجراءات‬ ‫إلى حني توفر األدلة العلمية ألسباب التغ ّير‬ ‫املناخي‪ .‬وكما رأينا أن هناك بعض املزروعات التي‬ ‫بدأت تزهر وتثمر في غير موسمها‪ ،‬وطبعا ً إذا برد‬ ‫الطقس سيقضي على كل احملاصيل‪ ،‬خاصة وأ ّن‬ ‫تغ ّير املناخ سيؤثر أيضا ً على نوعية التربة التي‬ ‫ستصبح غير صاحلة للزراعة أو تضعف أمام‬ ‫الزالزل وغيرها من الكوارث الطبيعية‪.‬‬ ‫وختم قائالً‪ :‬كما نريد التمويل املادي لتخفيف‬ ‫اإلنبعاثات‪ ،‬نحن أيضا ً بحاجة للتمويل من‬ ‫أجل وضع آل ّيات التك ّيف والعمل وفقا ً لها‬ ‫لتطبيقها‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫مقابلة‬

‫نقيب مهندسي الالذقية الدكتور المهندس عمـــــــــ‬ ‫يعد بنقلة نوعية كبرى على صعيد العمل واإلنجاز‬ ‫استجاب ًة ملطالب عددٍ كبير من‬ ‫مهندسي محافظة الالذقية‪ ،‬ومحاول ًة منا‬ ‫للوقوف على برنامج العمل الذي ستقوم‬ ‫بتنفيذه نقابة املهندسني بالالذقية التي‬ ‫مت تعيني مجلس نقابتها مؤخراً‪ ،‬ونظرا ً‬ ‫للمسؤوليات الكبرى امللقاة على عاتق‬ ‫فرع النقابة اجلديد‪ ..‬حملنا أسئلتنا التي‬ ‫هي تعبير عن هموم وشجون القطاع‬ ‫الهندسي في الالذقية‪ -‬إلى رئيس فرع‬ ‫نقابة املهندسني بالالذقية الدكتور‬ ‫املهندس عمار األسد‪ ،‬لإلضاءة على طبيعة‬ ‫عمل مجلس فرع نقابة املهندسني اجلديد‪،‬‬ ‫والتعرف عن كثب على مجمل الطموحات‬ ‫واخلطوات العملية التي سيقوم أعضاء‬ ‫هذا اجمللس بالعمل عليها خالل املرحلة‬ ‫املقبلة في حوار هذا نصه‪:‬‬ ‫في البداية نبارك لكم ثقة القيادة‬ ‫السياسية مبجلس الفرع اجلديد‪..‬‬ ‫ونسأل‪ :‬جرت انتخابات نقابة املهندسني‬ ‫األخيرة ضمن أجواء دميقراطية شاركت فيها‬ ‫للمرة األولى معظم القواعد الهندسية في‬ ‫احملافظة بناء على ذلك‪ :‬ما هي خطط وبرامج‬ ‫مجلس فرع النقابة اجلديد ‪ -‬الذي جاء على‬ ‫خلفية تلك االنتخابات‪ -‬التي ستضعونها قيد‬ ‫التنفيذ الحقاً‪ ،‬وتعدون بها جماهير املهندسني‬ ‫في هذه احملافظة؟‬ ‫نشكركم على هذا اللقاء الذي أحتتموه‬ ‫لنا لنطل من خالل مجلتكم على جماهير‬ ‫املهندسني‪ ..‬ونؤكد على أننا سنعمل على حتقيق‬ ‫وجتسيد ثقة القيادة السياسية بنا‪ ،‬والتي يقف‬ ‫على رأسها سيد الوطن الرئيس بشار األسد‪،‬‬ ‫ونعاهده بأن نكون جنودا ً أوفياء في مسيرة الدولة‪،‬‬ ‫مسيرة احلزب والشعب التي يقودها سيادته‪،‬‬ ‫ونحن في الواقع –كفرع نقابة جديد‪ -‬آلينا على‬ ‫أنفسنا العمل اجلاد واخمللص الذي نبغي من خالله‬ ‫تلبية طموحات زمالئنا املهندسني في محافظة‬ ‫الالذقية‪.‬‬ ‫ومنذ بدء تولي الفرع اجلديد ملهامه ومسؤولياته‬ ‫حرصنا جميعا ً على مد جسور التعاون والتواصل‬ ‫الفعال واملنتج مع كل اجلماهير والقواعد‬ ‫الهندسية في احملافظة‪ .‬ويسعى فرع نقابة‬ ‫املهندسني في الالذقية من خالل ذلك إلى الوقوف‬ ‫اجلاد على كافة املعوقات التي ميكن أن حتول دون‬ ‫أخذ املهندس ملوقعه احلقيقي الطبيعي الذي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ارتأته له قيادة الدولة‪ .‬وانطالقا ً مما تقدم‪ ،‬بدأ‬ ‫مجلس الفرع باللقاءات واالجتماعات الفورية‬ ‫مع القواعد الهندسية لفهم مطالبها‪ ،‬ودراسة‬ ‫مالحظاتها‪ ،‬بهدف تالفي السلبيات واستدراك‬ ‫النقص والثغرات القائمة‪ ،‬وتعميق اإليجابيات‬ ‫وتفعيلها‪ ،‬واالنطالق بها نحو مواقع متقدمة‪.‬‬ ‫من هنا وحرصا ً على تعزيز ثقة املهندسني‬ ‫بنقابتهم األم‪ ،‬مت التركيز بداي ًة على الهيكلية‬ ‫اإلدارية‪ ،‬حيث مت تعيني أمناء سر جدد للوحدات‬ ‫الهندسية‪ ،‬كما تتم حاليا ً أعمال إعادة ترميم‬ ‫وجتميل املبنى الهندسي اخلاص بالنقابة (مبنى‬ ‫خزانة التقاعد)‪ ..‬كما ومت حلظ إنشاء غرف جديدة‬ ‫للجان النقابية‪.‬‬ ‫ ورغب ًة من النقابة في تعميق التواصل مع‬‫الزمالء املهندسني مت تفعيل املوقع اإللكتروني‬ ‫اجلديد لفرع النقابة‪ ،‬وبإمكان أي زائر أن يتصفح‬ ‫املوقع (‪،)php.index/org.lat-eng.www//:http‬‬ ‫ويتابع آخر املستجدات واألعمال واألخبار‬ ‫الهندسية أوال ً بأول‪.‬‬ ‫كما مت التعاقد مع شركة “سيرياتل” لتفعيل‬ ‫خدمة الـ «‪ ،»sms‬بهدف إعالم املهندسني‬ ‫بنشاطات وفعاليات الفرع اجلديد بالسرعة‬ ‫القصوى‪ ،‬وقام فرع النقابة اجلديد باالتفاق مع‬ ‫أحد البنوك اخلاصة من أجل تأمني قروض متنوعة‬ ‫(شخصية‪ -‬قروض سكنية‪ -‬سيارات‪-‬خليوي‪-‬‬ ‫كمبيوترات شخصية) للزمالء املهندسني‪.‬‬ ‫‪-‬وقام الفرع اجلديد بشراء أرض (مبساحة‬

‫‪94‬‬

‫‪ 770‬مترا ً مربعا ً ) من‬ ‫مجلس مدينة الالذقية‬ ‫مقابل الواجهة البحرية‬ ‫(ضمن املنطقة التجارية‪-‬‬ ‫الكورنيش الغربي) لبناء‬ ‫مقر جديد لفرع النقابة‪.‬‬ ‫حيث سيتم اعتماد برنامج‬ ‫وظيفي متطور ومتكامل‬ ‫إلطالق املسابقة املعمارية‬ ‫اخلاصة بأبناء الالذقية‬ ‫حصراً‪.‬‬ ‫ وقام الفرع اجلديد‬‫باملساهمة الكبيرة في‬ ‫تذليل وتسهيل انطالقة‬ ‫مشروع “الواديسيا” املتعثر‬ ‫منذ سنوات‪ ،‬حيث مت إقراره‬ ‫في اللجنة اإلقليمية‬ ‫حملافظة الالذقية‪ ،‬ومتت‬ ‫املصادقة عليه‪ ،‬وهو اآلن في طور التصديق‪ ،‬ليصار‬ ‫الحقا ً إلى إصدار الترخيص املطلوب من قبل وزارة‬ ‫السياحة‪ ..‬واملشروع عبارة عن فندق من فئة الـ ‪4‬‬ ‫جنوم‪ ،‬مكون من‪ 17‬طابقا ً مع طابقني مكرر‪.‬‬ ‫ميلك الفرع قطعة أرض ضمن املنطقة التي‬ ‫يتم فيها حاليا ً إنشاء مشروع سكن الشباب‬ ‫على شارع الثورة‪ ،‬مت شراؤها من قبل وزارة اإلسكان‬ ‫واملرافق‪ ،‬وستخصص إلنشاء مبنى إداري لنقابة‬ ‫املهندسني في الالذقية‪ ،‬وذلك بالتعاون والتنسيق‬ ‫مع مؤسسة اإلسكان واملرافق‪ ،‬وسيتم تصديق‬ ‫اخملطط وتسليمنا األرض بشكل قانوني ليتم‬ ‫حتويل ما تبقى من مبلغ بسيط من ثمن األرض‪،‬‬ ‫كما قام الفرع مؤخرا ً بإعالن مسابقة لتصميم‬ ‫بانوراما جدارية خارجية على واجهة مبنى فرع‬ ‫النقابة‪ ،‬وذلك مبناسبة الذكرى العاشرة ألداء‬ ‫السيد الرئيس القسم الدستوري‪.‬‬ ‫هذا وقام مجلس الفرع بإقامة مهرجان‬ ‫تكرميي ضخم للمتم ّيزين األوائل في شهادتي‬ ‫التعليم األساسي والثانوية بفروعها‪ ،‬واملتفوقني‬ ‫في كليات الهندسة جامعة تشرين والفائزين في‬ ‫املسابقة املعمارية التي أعلنت عنها النقابة‪ ،‬وقد‬ ‫القى هذا التكرمي أصداء إيجابية طيبة وواسعة‬ ‫لدى أبناء احملافظة‪ ،‬حيث مت تكرمي ‪ 112‬متفوقا‬ ‫ضمن مجال اختصاصه‪.‬‬ ‫لدى قيامنا باستطالعات ميدانية بني عدد‬ ‫غير قليل من الزمالء املهندسينن الحظنا‬


‫ـــــــــار األسد‬ ‫ات والخدمات‬ ‫وجود حالة عدم رضا على مجمل‬ ‫عمل فرع النقابة سابقاً‪ ..‬فهل‬ ‫ستعملون على تغيير هذه الصورة‬ ‫باملبادرة لالستجابة ملطالب القواعد‬ ‫الهندسية التي تتمحور أساساً‬ ‫حول توسيع قاعدة اخلدمات املقدمة‬ ‫للمهندس على مستوى السكن‬ ‫والضمان الصحي وغير ذلك‪ ..‬مع‬ ‫تفعيل موضوع قيام الفرع بتنفيذ‬ ‫مشاريع استثمارية عامة يكون‬ ‫لها عوائد ودخول مادية جيدة على‬ ‫النقابة وبالتالي على حياة املهندسني‬ ‫املنتمني لها عموماً؟‬ ‫بكل تأكيد وتصميم سنعمل على تبديل‬ ‫هذه الصورة النمطية السلبية من خالل األفعال‬ ‫قبل األقوال‪ ،‬حيث أننا سنقوم بجوالت ميدانية‬ ‫إلى كل اإلدارات واملؤسسات والشركات والدوائر‬ ‫التي يعمل فيها زمالؤنا املهندسون لاللتقاء بهم‬ ‫والوقوف على مشاكلهم ومعاناتهم‪ ،‬واالطالع‬ ‫ عن قرب ‪ -‬على صعوبات العمل التي يواجهها‬‫املهندسون في مختلف قطاعات العمل اإلداري‬ ‫وامليداني‪ ..‬وستتم محاورة إدارتهم حول تلك‬ ‫املشاكل والصعوبات العملية‪ ،‬للوقوف املتأني‬ ‫على احلقائق‪ ،‬ومحاولة إيجاد حلول عملية تلبي ًة‬ ‫لتطلعات زمالئنا املهندسني ما أمكننا ذلك‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للضمان الصحي فقد بلغت‬ ‫نفقات صندوق الضمان الصحي للعام ‪2009‬‬ ‫حوالي ‪ 13086000‬ل‪.‬س‪ ،‬استفاد منها ‪ 2191‬زميال‬ ‫منتسبا ً لصندوق الضمان الصحي‪ ،‬توزعت على‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ 11946000‬ل‪.‬س خدمات صحية‬‫‪ 1140000‬ل‪.‬س مساعدات وإعانات‬‫عقدمت منذ أيام االجتماع السنوي لهيئة فرع‬ ‫النقابة‪ ،‬وقد الحظنا خالل االجتماع وجود زخم‬ ‫إيجابي كبير‪ ،‬وانطالقة عملية جديدة بدأت‬ ‫تسري في داخل أروقة مجلس النقابة اجلديد‬ ‫بهدف التحول املباشر للعمل امليداني ولغة‬ ‫األرقام‪ ..‬ما هي أبرز النقاط التي ناقشتموها‬ ‫وستعملون على تنفيذها خالل هذا العام‪ ..‬ومن‬ ‫ثم ستضعونها بني أيدي جماهير املهندسني‬ ‫كمظهر من مظاهر العمل امليداني؟‬ ‫كان شعار االجتماع مقولة السيد الرئيس‪:‬‬ ‫«علينا االبتعاد عن االتكالية والفوضى وهدر‬ ‫الوقت‪ ،‬وااللتزام بالصدق واإلخالص والتفاني‬

‫بالعمل‪ ،‬ومضاعفة اجلهد لتالفي التقصير‬ ‫الذي حدث»‪ ..‬والتزاما ً منا بهذا القول‪ ،‬وضعنا‬ ‫– منذ االجتماع األول جمللس النقابة‪ -‬مفردات‬ ‫خطة العمل املستقبلية التي ركزنا فيها على‬ ‫القضايا الهندسية‪ ،‬من أجل حتقيق انطالقة‬ ‫نوعية فاعلة للنقابة على مختلف مسارات‬ ‫ومواقع العمل في احملافظة‪ ،‬من خالل ما تنوي‬ ‫هذه النقابة اجلديدة القيام به‪ ،‬والذي يتضمن‬ ‫تنظيم عدد من الندوات النوعية وإقامة ورشات‬ ‫العمل املتميزة‪ ،‬التي ستراعي من خاللها طبيعة‬ ‫احملافظة وخصوصيتها البحرية وتراثها العمراني‬ ‫ومخزونها الفكري العريق‪ ،‬بالتعاون مع اجلهات‬ ‫املعنية باحملافظة‪ .‬وستكون خطواتنا وبرامج‬ ‫عملنا الالحقة مرسومة كما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬إقامة ورشات عمل إلعادة دراسة واقع ضابطة‬ ‫البناء مبا يتالءم والوجه احلضاري واجلمالي ملدينة‬ ‫الالذقية‪ ،‬وكذلك للمدن األخرى في احملافظة وعلى‬ ‫رأسها مدينة القرداحة التي يقصدها سنويا ً عشرات‬ ‫اآلالف من الزوار لزيارة ضريح القائد اخلالد حافظ األسد‬ ‫الذي أضحى مزارا ً ومحجا ً لكل شرفاء هذا العالم‪.‬‬ ‫‪ -2‬يقوم فرع النقابة في الالذقية حاليا ًَ بدراسة‬ ‫عدة أمكنة ومواقع استثمارية (اصطيافية في كسب‬ ‫وصلنفة‪ ،‬وبحرية على امتداد الشريط الساحلي)‬ ‫إلقامة قرية سياحية منوذجية متكاملة‪ ،‬سيلحظ فيها‬ ‫ومن خاللها بناء ضاحية سكنية لزمالئنا املهندسني‪.‬‬ ‫‪ -3‬العمل على إقامة مركز تأهيل متطور ضمن‬ ‫املبنى اجلديد لفرع النقابة أو في املبنى احلالي‪.‬‬ ‫وسيتم إصدار نشرة دورية باسم “الواديسيا” عن‬ ‫فرع نقابة املهندسني في الالذقية مرة كل ثالثة أشهر‪،‬‬ ‫ستظهر نشاطات وفعاليات الفرع‪ ،‬مع ذكر ألهم‬ ‫األحداث واملستجدات‪ ،‬وذلك من قبل جلنة اإلعالم‬ ‫والنشر‪.‬‬ ‫‪ -4‬إيجاد نظام أمتتة متكامل كمرحلة أولية‬

‫‪95‬‬

‫ضمن برنامج الربط اإللكتروني مع‬ ‫النقابة املركزية بدمشق‪.‬‬ ‫‪ -5‬السعي إلى متثيل فرع النقابة‬ ‫في اللجنة اإلقليمية وغيرها من‬ ‫مواطن صنع القرار الهندسي في‬ ‫احملافظة‪.‬‬ ‫‪ -6‬إيجاد أفضل الطرق والسبل‬ ‫للتواصل الدائم مع الزمالء‬ ‫املهندسني‪.‬‬ ‫‪ -7‬إقامة الندوات واملعارض التي‬ ‫تخص صلب االختصاصات الهندسية‪،‬‬ ‫ونخص منها ورشة عمل من ضمن‬ ‫ندوة “التخطيط العمراني واملعماري”‬ ‫املزمع عقدها بالتعاون مع مجلس‬ ‫املدينة وجامعة تشرين‪.‬‬ ‫‪ -8‬زيادة النشاطات االجتماعية‬ ‫من خالل الرحالت الداخلية واخلارجية‬ ‫املدعومة من النقابة بنسبة تتراوح‬ ‫بني ‪ % 20-15‬من قيمة الرحلة الكلية‪.‬‬ ‫‪ -9‬تعريف الزمالء املهندسني وطلبة‬ ‫السنوات األخيرة في كليات الهندسة باجلامعة‬ ‫بنظام مزاولة املهنة عن طريق توزيع (‪ )CD‬تعريفي‬ ‫خاص‪.‬‬ ‫‪ -10‬سيقوم مجلس فرع النقابة بزيارة للسيد‬ ‫النائب العام في الالذقية ملناقشة املادة ‪/73/‬‬ ‫من قانون مزاولة املهنة (مهنة الهندسة) لعام‬ ‫‪ 1981‬حول حتصني املهندس لدى مساءلته أمام‬ ‫القضاء‪.‬‬ ‫ما هي أهم العقبات امليدانية التي تواجه‬ ‫االنطالقة النوعية لعمل مجلس فرع النقابة‬ ‫اجلديد؟‬ ‫الحظنا أن هناك مجموعة من القوانني‬ ‫والتشريعات حتتاج إلى إعادة دراسة‪ ،‬ومنها‬ ‫التشريعات املتعلقة باملهندس املقيم ومهندس‬ ‫التصنيف‪ ..‬وقد ملسنا جتاوبا ً كبيرا ً وتعاونا ً مثمرا ً‬ ‫من مختلف اجلهات العامة في احملافظة وعلى‬ ‫رأسها قيادة فرع احلزب برئاسة الدكتور فاروق‬ ‫بديوي (أمني الفرع) والدكتور خليل مشهدية‬ ‫محافظ الالذقية‪ ،‬وأمني فرع احلزب في جامعة‬ ‫تشرين‪ ،‬ورئيس اجلامعة‪.‬‬ ‫كما أننا اعتمدنا منهجية شفافة للتحاور مع‬ ‫نقابة املقاولني ومجلس مدينة الالذقية بهدف‬ ‫معاجلة مختلف العقبات والقضايا الصعبة التي‬ ‫قد تعترض حسن سير العمل‪ ،‬وذلك ملصلحة‬ ‫املهندس واملقاول‪ .‬كما وسيتم مد قنوات التفاهم‬ ‫وجسور التعاون املثمر والبنّاء مع كافة النقابات‬ ‫واملنظمات الشعبية بهدف إسهام النقابة‬ ‫في تعميق التواصل ونهج العمل التشاركي‪،‬‬ ‫وترسيخ دعائم العمل التطوعي‪ ،‬من أجل إبراز‬ ‫الوجه املتألق والبهي لهذه احملافظة التي تعتبر‬ ‫البسام على شاطئ املتوسط‪.‬‬ ‫ثغر سوريا ّ‬

‫منبر التوحيد ‪ -‬مكتب دمشق‬ ‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫جنوب أفريقيا‬ ‫يستعد لمونديال ‪2010‬‬

‫أعلن جنوب إفريقيا أن استضافة كأس العالم لكرة‬ ‫القدم عام ‪ 2010‬سيكلفه ‪ 3.7‬مليار دوالر أمريكي‪ ،‬بعد‬ ‫قدر عام ‪ 2006‬كلفة بطولتها بنحو ‪ 295‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫وأوعز الزيادة الى ارتفاع أسعار املواد اخلام وتكاليف‬ ‫املنشآت اخلاصة باملونديال‪ ،‬بعد أن أضيف إلى امليزانية‬ ‫األصلية تكاليف إنشاء استادين في كيب تاون وديربان ‪.‬‬ ‫وباشرت احلكومة في عمليات تطوير لوسائل النقل‬ ‫والبنية األساسية واخلدمات األخرى‪ ،‬وتمّ تخصيص ‪2.5‬‬ ‫مليون دوالر للبنية األساسية فقط‪.‬‬ ‫وأعلنت نائبة رئيس البالد فومزيل مالمبو‪ ،‬عقب‬ ‫تلقيها تقريرا عن آخر االستعدادات التنظيمية من وزير‬ ‫الرياضة ماكينكيز ستوفايل‪ ،‬أن ميزانية املونديال لن‬ ‫تكون مفتوحة‪ّ ،‬‬ ‫مؤكدة التزام بالدها بكل تعهداتاه لالحتاد‬ ‫الدولي لكرة القدم (الفيفا) فيما يختص بالبطولة‪.‬‬ ‫وقد بدأت قوات الشرطة مهام التدريب األساسية‬ ‫على تأمني البطولة في املدن التي ستقام بها املباريات‪،‬‬ ‫واختتم التدريب الرئيسي في كيب تاون‪.‬‬ ‫وقد وقعت قرعة كأس العالم لكرة القدم ‪2010‬‬ ‫منتخب اجلزائر ممثل العرب الوحيد في البطولة باجملموعة‬ ‫الثالثة في النهائيات بجانب اجنلترا والواليات املتحدة‬ ‫وسلوفينيا‪.‬‬ ‫وتستهل اجلزائر مشوارها في البطولة مبواجهة‬ ‫سلوفينيا لتلعب مع اجنلترا قبل أن تختتم مبارياتها‬ ‫بدور اجملموعات أمام الواليات املتحدة‪.‬‬

‫كما أوقعت القرعة منتخب فرنسا بطل العالم عام‬ ‫‪ 1998‬ووصيف بطل ‪ 2006‬في اجملموعة األولى مع جنوب‬ ‫إفريقيا صاحبة الضيافة‪.‬‬ ‫هذا وسيلعب جنوب إفريقيا أمام املكسيك يوم‬ ‫‪11‬حزيران في افتتاح البطولة التي يشارك فيها ‪32‬‬ ‫منتخبا ً وتختتم في احلادي عشر من متوز‪ ،‬ولن يكون‬ ‫طريقها سهالً نحو دور الستة عشر‪.‬‬ ‫أما منتخب أوروجواي الذي سبق له الفوز بكأس‬ ‫العالم مرتني جاء الفريق الرابع في اجملموعة األولى‪.‬‬ ‫وبدت اجملموعة السابعة التي تضم البرازيل صاحبة‬ ‫الرقم القياسي في الفوز باللقب والبالغ خمس مرات‬ ‫والبرتغال وساحل العاج وكوريا الشمالية هي األصعب‪،‬‬ ‫فيما تبدو مجموعة ايطاليا بطلة العالم ‪ 2006‬أفضل‬ ‫نسبيا ً إذ وقعت مع باراجواي ونيوزيلندا وسلوفاكيا في‬ ‫اجملموعة السادسة‪.‬‬ ‫وضمت اجملموعة الثانية األرجنتني بطلة العالم مرتني‬ ‫مع اليونان‪ ،‬بطلة أوروبا عام ‪ 2004‬باإلضافة إلى كوريا‬ ‫اجلنوبية ونيجيريا‪.‬‬ ‫وأوقعت القرعة منتخبا ً إفريقيا ً آخر‪ ،‬هو غانا في‬ ‫اجملموعة الرابعة مع أملانيا والنمسا وصربيا‪ ،‬فيما ضمت‬ ‫اجملموعة اخلامسة هولندا والدامنرك واليابان والكاميرون‪.‬‬ ‫وجاءت إسبانيا بطلة أوروبا ‪ 2008‬على رأس اجملموعة‬ ‫الثامنة التي ضمت أيضا ً سويسرا وهندوراس وتشيلي‪.‬‬ ‫وضمت مراسم القرعة رسالة مسجلة بالفيديو من‬

‫القائمة الكاملة للمجموعات‬

‫اجملموعة األولى‪ :‬جنوب إفريقيا واملكسيك وأوروجواي وفرنسا‪.‬‬ ‫اجملموعة الثانية‪ :‬األرجنتني ونيجيريا وكوريا اجلنوبية واليونان‪.‬‬ ‫اجملموعة الثالثة‪ :‬إجنلترا والواليات املتحدة واجلزائر وسلوفينيا‪.‬‬ ‫اجملموعة الرابعة‪ :‬أملانيا واستراليا وصربيا وغانا‪.‬‬ ‫اجملموعة اخلامسة‪ :‬هولندا والدامنرك واليابان والكاميرون‪.‬‬ ‫اجملموعة السادسة‪ :‬ايطاليا وباراجواي ونيوزيلندا وسلوفاكيا‪.‬‬ ‫اجملموعة السابعة‪ :‬البرازيل وكوريا الشمالية وساحل العاج والبرتغال‪.‬‬ ‫اجملموعة الثامنة‪ :‬إسبانيا وسويسرا وهندوراس وتشيلي‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪96‬‬


‫“نيلسون مانديال” أول رئيس أسود جلنوب إفريقيا‪،‬‬ ‫إلى العالم‪.‬‬ ‫قبل إجراء مراسم القرعة مت وضع البرازيل‬ ‫ أسبانيا ‪ -‬هولندا ‪ -‬إيطاليا ‪ -‬أملانيا ‪ -‬األرجنتني‬‫ بريطانيا على رأس اجملموعات السبع باعتبارها‬‫متثل املستوى األول‪ ،‬على أن تنضم جنوب إفريقيا‬ ‫الدولة املضيفة ليصبح عدد اجملموعات ثمانى‬ ‫مجموعات‪.‬‬ ‫وتضمن املستوى الثانى كال من استراليا ‪ -‬اليابان‬ ‫ كوريا الشمالية ‪ -‬كوريا اجلنوبية ‪ -‬هندوراس ‪-‬‬‫املكسيك ‪ -‬الواليات املتحدة ‪ -‬نيوزيلندا‪.‬‬ ‫وضم املستوى الثالث كال من اجلزائر ‪ -‬الكاميرون‬ ‫ كوت ديفوار ‪ -‬غانا ‪ -‬نيجيريا ‪ -‬شيلى ‪ -‬باراجواى‬‫ أوروجواى‪.‬‬‫وفى املستوى الرابع كانت الدمنارك ‪ -‬فرنسا ‪-‬‬

‫اليونان ‪ -‬البرتغال ‪ -‬صربيا ‪ -‬سلوفاكيا ‪ -‬سلوفيينا‬ ‫ سويسرا‪.‬‬‫وأجريت القرعة على التصنيفات من الثاني إلى‬ ‫الرابع لتحديد اجملموعة‪ ،‬التى ستلعب فيها من‬ ‫اجملموعات الثماني‪ ،‬كما مت مراعاة املوقع اجلغرافي‬ ‫عند إجراء القرعة‪ ،‬بحيث ال يلعب فريقان ينتميان‬ ‫إلى قارة واحدة فى نفس اجملموعة باستثناء الدول‬ ‫األوروبية بحيث ال تزيد على دولتني فى اجملموعة‬ ‫الواحدة‪.‬‬ ‫وتوقع رئيس جنوب إفريقيا احلالي “جاكوب‬ ‫زوما “أن الكأس ستبقى في القارة السمراء‪ ،‬إذ‬ ‫سيفوز بها منتخب إفريقي للمرة األولى مثلما‬ ‫هي املرة األولى التي تقام فيها النهائيات بالقارة‬ ‫اإلفريقية»‪.‬‬

‫إعداد رونالد حمدان‬

‫بطولة كأس العالم عبر التاريخ‬ ‫تعتبر بطولة كأس العالم لكرة القدم أهم‬ ‫مسابقة يقيمها االحتاد الدولي لكرة القدم‬ ‫الـ(فيفا)‪ .‬يعقد كأس العالم لكرة القدم كل‬ ‫أربع سنوات منذ عام ‪( 1930‬ماعدا بطولتي عام‬ ‫‪ 1942‬و‪ 1946‬واللتان ألغيتا بسبب احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1950‬كانت الدورة الرابعة بعد أن‬ ‫انقطعت مدة اثني عشر عاما ً بسبب احلرب‬ ‫العاملية الثانية وحدثت بضخامة في البرازيل‪،‬‬ ‫ولكن موعد البرازيل مع الكأس لم يكن مقدرا ً‬ ‫حيث فاز به األوروغواي‪.‬‬ ‫عام ‪ 1954‬كان من نصيب السويسريني ضيافة‬ ‫ولألملان(الغربيني) فوزاً‪ ،‬وكانت بداية مسيرتهم‬ ‫مثلما كانت بداية مسيرة البرازيل عام ‪ 1958‬في‬ ‫السويد‪.‬‬ ‫واستمر البرازيل في مشواره بالكأس الثاني‬ ‫لتحتدم املنافسة لنيل كأس جول رمييه للمرة‬ ‫الثالثة واألخيرة لذاك الكأس‪.‬‬ ‫لكن مشوار البرازيل انقطع في بطولة ‪1966‬‬ ‫عندما فازت إنكلترا أصحاب األرض واجلمهور‬ ‫بالكأس‪ ،‬لتمنعهم من اإلحتفاظ به وحتقق احللم‬ ‫البرازيلي في املكسيك عام ‪ ،1970‬واحتفظوا‬ ‫بالكأس عندما فازوا على البيرو‪.‬‬ ‫وأوقف التقليد املتبع بإعطاء الكأس ملن يفوز‬ ‫به ثالث مرات‪ .‬وبعد غياب دام عشرون عاما ً عن‬ ‫املركز األول في منصة التتويج‪ ،‬كان لألملان شرف‬ ‫حمل الكأس ذو الشكل اجلديد وانتصارهم الثالث‬ ‫وحلسن حظهم كان ذلك في أرضهم‪.‬‬

‫عقد كأس ‪ 1978‬في األرجنتني‪ ،‬وفاز به املضيف‪،‬‬ ‫وكأس ‪ 1982‬في اسبانيا وكان من نصيب إيطاليا‪.‬‬ ‫وكأس ‪ 1986‬كان في املكسيك مرة أخرى ولكنه‬ ‫كان من نصيب األرجنتني وجنمها مارادونا‪ .‬كأس‬ ‫‪ 1990‬لألملان في بلد الطليان‪ .‬وكأس البرازايل‬ ‫الرابع في أمريكا عام ‪ .1994‬في ‪1998‬كان في‬ ‫فرنسا وللمرة األولى فازت بالكأس لتنضم‬ ‫فرنسا للوحة الشرف‪.‬‬ ‫وقد كانت هذه املرة السادسة في تاريخ‬ ‫البطولة التي يفوز بها البلد املضيف ولكن‬ ‫السابعة في ‪2002‬لم حتدث إذ أن البرازيل فازت‬ ‫بالبطولة التي استضافتها اليابان وكوريا‬ ‫اجلنوبية‪ .‬و في ‪ 2006‬كان في املانيا و من نصيب‬ ‫الطليان‪.‬‬ ‫ويشارك في كأس العالم ‪ 32‬منتخب مقسمة‬ ‫على ‪ 8‬مجموعات كل مجموعة بها ‪ 4‬منتخبات‬ ‫ويتأهل منتخبني من كل مجموعة للدور الذي يلي‬ ‫الدور التمهيدي‪ .‬ويعد املنتخب البرازيلي صاحب‬ ‫الرقم القياسي في إحراز كأس العالم (‪ 5‬مرات)‪،‬‬ ‫يليه املنتخب اإليطالي الذي فاز به ‪ 4‬مرات‪.‬‬ ‫ويحظى كأس العالم مبتابعة كبيرة حيث أن‬ ‫القنوات التي تنقل املونديال بلغت ‪ 208‬قنوات‪،‬‬ ‫ويعتبر هذا رقما ً قياسيا ً كبيراً‪ ،‬بينما بلغ عدد‬ ‫مشاهدي نهائي كأس العالم ‪ 2006‬بني فرنسا‬ ‫وإيطاليا مليار ونصف متفرج (رقم قياسي)‪،‬‬ ‫بينما تقول دراسات أن عدد مشاهدي مباريات‬ ‫البطولة مجتمعة التي تبلغ عددها ‪ 64‬مباراة‬ ‫أكثر من ‪ 40‬مليار متفرج‪.‬‬

‫‪97‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية في‬ ‫عيدها الوطني المجيد‬ ‫أيقظت بلدانا‬ ‫يا شمس تبريز قد‬ ‫ِ‬ ‫كان َت تراقب خيط الفجر أزمانا‬ ‫ملا سقتها ال ّرؤى من فكر عاملها‬ ‫علم اخلُميني ّ‬ ‫بث الفكر ألوانا‬ ‫بأرض فه ّبت من مواجعها‬ ‫نادى‬ ‫ِ‬ ‫تلك ّ‬ ‫الشعوب على بُشراه إمعانا‬ ‫ألقوا القيود مع اآلهات وانطلقوا‬ ‫نحو التّح ّرر أفعاال ً وإميانا‬ ‫خفق ال ّلواء على مرآتهم نظروا‬ ‫ً‬ ‫للقدس رسما على ال ّرشاش إعالنا‬ ‫فال ّرمز ّ‬ ‫ْ ‬ ‫ولدت‬ ‫بشر باآلتي وما‬ ‫رحم الهداية من سقيا ُه إنسانا‬ ‫نهج احل ّر في دمه ‬ ‫إنسان ُه احل ُّر ُ‬ ‫فهو املقاوم في الدنيا وما النا‬ ‫أزكى النفوس التي ائتمت به هلالً‬ ‫فيما يقول مبا يأتي وما كانا‬ ‫الغيث بغسله‬ ‫فارتاح وادٍ بهطل‬ ‫ِ‬ ‫متتد أحلانا‬ ‫حتّى السواقي له ّ‬ ‫يا للعلوم التي في صدره كمنت‬ ‫كم أشغلته الى أن ثار بركانا‬ ‫ط ّلت عليه من األنحاء أمته‬ ‫ّ‬ ‫بعد الظماء ترى مجراه غدرانا‬ ‫فالفجر ّ‬ ‫الدجى ولها‬ ‫حطم أقياد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫للشمس تشرق تبريزا وطهرانا‬ ‫فيها العقائد إسالم على أسس‬ ‫نبي قال سلمانا‬ ‫من آل بيت ُّ‬ ‫أمة منك يا سلمان يهزمها ‬ ‫هل ّ‬ ‫السرب عقبانا‬ ‫قوم البغاث ّ‬ ‫يظن ّ‬ ‫علي إذا ما صلت حيدرة ‬ ‫أم يا ّ‬ ‫يهوي احلسام على األعداء فرحانا‬ ‫أم يا حسني إذ ناديْت فاطم ً ة‬ ‫فيما أجبت فس ُّر اهلل قد بانا‬ ‫قد م ّزقوا الدين أزمانا بنا سلِ َف ْت‬ ‫ال نسمح اليوم متزيقا ً وبُهتانا‬ ‫بل أمة اهلل في توحيده انطلقت‬ ‫إذ يدفع النور عن عينيه دخانا‬ ‫األئمة أعطوا ما أتى لهم ‬ ‫إن ّ‬ ‫للناس نهجا ً فكن يا شعب يقظانا‬ ‫نور الهداية يجري في جواهرنا ‬ ‫يا جوهر ال ّروح لن تفنى ف ُبشرانا‬ ‫وحد واإلخالص شاهد ُه‬ ‫ّ‬ ‫فالدين ّ‬ ‫فيه التقينا وبالتفريق بلوانا‬ ‫فيم التف ّرق واآليات ناطق ُ ة‬ ‫ضرمت شعوبا ً أليس النبع قرآنا‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪98‬‬

‫الشيخ‬ ‫راتب نصراهلل أبو ذياب‬

‫أسس‬ ‫يا شمس تبريز هذا اجملد من‬ ‫ٍ‬ ‫باهي الضياء سناه ضاء أركانا‬ ‫جاء الربيع به في ثور ٍة نهضت ‬ ‫ه ّبت سحيرا ً فح ّلت في حنايانا‬ ‫قمع وغطرس ٍة‬ ‫فيها التّحرر من ٍ‬ ‫فيها الت ّ‬ ‫ّحقق للبرهان برهانا‬ ‫هدف‬ ‫التوحد لإلسالم في‬ ‫فيها‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫نهج الكتاب لها تعلو به شانا‬ ‫إن العروبة في اإلسالم توأمها ‬ ‫فاحلرف أبجد واملعنى لها صانا‬ ‫عند التخاطب ال تبقى فواصله‬ ‫ُ‬ ‫والقرآن جنوانا‬ ‫احلرف‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫بل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فيها املصير الذي في احلال مشترك‬ ‫من بدء إيران حتى ّ‬ ‫حل وهرانا‬ ‫التوحد في األخطار يدفعها‬ ‫نعم‬ ‫ّ‬ ‫توحي ُد نهج به التوحيد منجانا‬ ‫فاهنأ بشمسك يا إيران منطلقا ً‬ ‫السناء وجنم صار عنوانا‬ ‫أعلى ّ‬ ‫شمس احلضارة ضاءت في معارفها‬ ‫فيها الثوابت قانونا ً وإميانا‬ ‫فاخلير عندك موفور مناهله ‬ ‫حتى تف ّرع آفاقا ً وعرفانا‬ ‫ملا تبوأ علمك فوق ما علموا‬ ‫سمهم بانا‬ ‫صاروا أفاع عليهم ّ‬ ‫ح ّلق عليهم بتصنيع ومخترع ‬ ‫بحديه قضايانا‬ ‫نعم السالح ّ‬ ‫هل يحسبون الهوى فيما هوايتهم‬ ‫كيف القبول وقد خطوا منايانا‬ ‫حقّ التم ّلك هذا حقّ أمتنا‬ ‫للذود عنها مقاوم ًة ألعدانا‬ ‫السلم نرقى الى أسمى مآربنا‬ ‫في ّ‬ ‫حيث السالم على أفواه بنيانا‬ ‫فالشعب يعرف أطماع العدى سلفا ً‬ ‫هل بات يأمن أمريكا وصهيونا؟‬ ‫فازأر بأرضك ليث الشرق منتفضا ً‬ ‫يا أحمدي فإن الفجر قد حانا‬ ‫أهال تبارك هذا النور نور لكم ‬ ‫صارت لسانا لينطق احلقّ نادانا‬ ‫صارت سيوفا ً بوارقها مأللئة ‬ ‫ً‬ ‫للقدس تهتف حتريرا وملقانا‬ ‫مد النور أشرع ًة‬ ‫يا‬ ‫شمس تبريز ّ‬ ‫ُ‬ ‫تغزو العوالم أمصارا ً وحسبانا‬ ‫والقدس ضاحكة‬ ‫ال تهدأ ّن سوى‬ ‫ُ‬ ‫للقادمني لها أهال وخُ ّالنا‬


‫‪99‬‬

‫العدد ‪ -38‬آذار ‪2010‬‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫‪2009‬‬

‫زوروا موقع تيار التوحيد اللبناني ‪www.tayyar-tawhid.org‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪100‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.