Manbar altawhid issue 36

Page 1

‫‪20‬‬ ‫‪20 10‬‬ ‫‪09‬‬

‫العدد ‪ 36‬ــ كانون الثاني ‪ - 2010‬السنة الرابعة‬

‫عام األزمات والتحوالت‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التوحيد‬

‫في هذا العدد‬

‫نرشة شهرية داخلية تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف تيار التوحيد اللبناين‬

‫منرب لبناين‬

‫العدد السادس والثالثون ‪ /‬كانون الثاين ‪ 2010‬السنة الرابعة‬

‫ص ‪24‬‬

‫الحريري اىل دمشق لكتابة صفحة بيضاء‬

‫ناصيف قزي لـ «منرب التوحيد»‪ :‬العودة قامئة‬ ‫وستتواكب مع حالة تنموية يف الجبل‬

‫أول الكالم‬

‫ص ‪30‬‬

‫تدخل «منرب التوحيد» عامها الرابع‪ ،‬ويتزامن‬ ‫ذلك مع عام جديد‪ ،‬ليطوي سنة من عمر‬ ‫اإلنسان واألوطان‪ ،‬حيث مقياس األفعال هو‬ ‫ميزان التاريخ‪.‬‬ ‫وقياسنا يف عامنا الرابع‪ ،‬هو استمراريتنا‪،‬‬ ‫كمنرب إعالمي‪ ،‬يحمل املبادئ والتوجهات‬ ‫السياسية لـ «تيار التوحيد»‪ ،‬الذي أثبت خالل‬ ‫سنواته األربع أيضاً‪ ،‬عىل أنه قادر عىل التأثري‬ ‫يف السياسة اللبنانية‪ ،‬ولعب دوراً فاع ًال‪ ،‬قام‬ ‫به رئيسه وئام وهاب‪ ،‬بدينامية سياسية‪ ،‬أ ّكدت‬ ‫صحة الخيارات السياسية واالسرتاتيجية التي‬ ‫ا ّتخذها‪.‬‬ ‫فـ «منرب التوحيد»‪ ،‬وهي تدخل سنتها الرابعة‪،‬‬ ‫أ ّكدت حضورها اإلعالمي‪ ،‬وواكبت األحداث‬ ‫وقراءتها‪ ،‬والتقت قيادات سياسية وحزبية‬ ‫وخرباء يف مختلف الشؤون‪ ،‬فأبدوا رأيهم عىل‬ ‫صفحاتها يف كل ما يدور من تطورات وتحوالت‪،‬‬ ‫بحيث باتت املجلة مقروءة‪ ،‬من أصحاب القرار‪،‬‬ ‫ومراكز الدراسات ورشائح واسعة من املواطنني‬ ‫املهتمني‪ ،‬وهي تتلقى التهاين عىل ما تتضمنه‬ ‫من مقاالت ومواضيع وتحقيقات‪ ،‬يف ظل‬ ‫إمكانات متواضعة‪ ،‬لكن بعزمية وإرادة عىل إنتاج‬ ‫أفضل للمواضيع يف السياسة املحلية والعربية‬ ‫والدولية‪ ،‬واىل صفحات مم ّيزة ثقافة وفكراً وفناً‬ ‫وتحقيقات اجتامعية واقتصادية دون إغفال حق‬ ‫املرأة يف أن تكون عىل صفحاتها‪ ،‬تدافع عن‬ ‫مطالبها‪ ،‬كام الطالب والطفل وأصحاب ذوي‬ ‫الحاجات‪.‬‬ ‫تتوجه «منرب التوحيد» اىل‬ ‫الرابع‪،‬‬ ‫العام‬ ‫يف‬ ‫ّ‬ ‫قرائها تشكرهم عىل متابعتهم لها‪ ،‬كام تحيي‬ ‫كل الذين يتعاونون معها‪ ،‬وال يقفلون الطريق‬ ‫أمامها‪ ،‬وهي تعد بأنها ستستفيد من سنواتها‬ ‫األربع‪ ،‬للتقدّم‪ ،‬وإعطاء املزيد‪ ،‬وتقديم املعلومات‪،‬‬ ‫وتكثيف املواضيع التي لها عالقة بحياة املواطنني‪،‬‬ ‫ومشاكلهم االقتصادية واالجتامعية‪.‬‬ ‫وملناسبة األعياد املجيدة من األضحى املبارك اىل‬ ‫السنة الهجرية وامليالد ورأس السنة امليالدية‪،‬‬ ‫نهنّئ الجميع بها‪ ،‬ونتمنّى للبنان االستقرار‬ ‫والتقدم‪ ،‬واىل شعبه الطأمنينة‪ ،‬واىل فلسطني‬ ‫التحية ملقاومتها‪ ،‬واىل سوريا دوام االزدهار‪ ،‬واىل‬ ‫العراق عودة الوحدة إليه‪ ،‬واىل العامل العريب‬ ‫التوجه نحو الحداثة والدميقراطية‪ ،‬واىل أحرار‬ ‫ّ‬ ‫العامل شكرنا لهم ملنارصتهم قضايانا الوطنية‬ ‫والقومية‪.‬‬

‫منرب فلسطيني‬

‫عام عىل عملية الرصاص املسكوب عىل قطاع‬ ‫غزة‬

‫‪2009‬‬

‫منرب عريب‬

‫االنتخابات‬ ‫النفط‬

‫العراقية‬

‫ضغوط‬

‫أمريكية‬

‫لغزو‬

‫منرب دويل‬

‫ص ‪58‬‬

‫ص ‪62‬‬ ‫ص ‪64‬‬

‫عام عىل انتخاب أوباما‬

‫منرب اقتصادي‬

‫ديب‪ ...‬هل تبقى لؤلؤة الخليج‬

‫ص ‪66‬‬

‫منرب فني‬

‫ص ‪70‬‬

‫«إربت تنحل» بني التلفزيون واملرسح‬

‫منرب اجتامعي‬

‫كامل مهنا لـ «منرب التوحيد»‪ :‬مؤسسة عامل‬ ‫جمعية مدنية ذات منفعة عامة‬

‫ص ‪74‬‬

‫منرب مرأة‬

‫العنف األرسي ضد املرأة من يوقفه املجتمع أم‬ ‫القوانني؟‬

‫منرب مناطق‬

‫ص ‪78‬‬ ‫ص ‪84‬‬

‫بيصور أم الشهداء‬

‫منرب ريايض‬

‫العامل الريايض ينحني أمام الفتى الذهبي‬

‫ص ‪94‬‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪ 0966600099 :‬الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬

‫‪2‬‬

‫‪1003‬‬

‫«أرسة التحرير »‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫عام مىض عىل حدث وطني وقومي‪ ،‬متثل بزيارة رئيس حكومة‬ ‫كل لبنان إىل سوريا‪ ،‬والزائر هو سعد الحريري‪ ،‬الذي حمل جروحه‬ ‫الشخصية‪ ،‬وذهب اىل دمشق للقاء الرئيس الدكتور بشار األسد‪،‬‬ ‫الذي أ ّيد ودعم تشكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬تشرتك فيها القوى‬ ‫السياسية والحزبية التي متثل مجموعات الطوائف واملذاهب التي‬ ‫انتخبتها‪ ،‬فجاءت والدة الحكومة‪ ،‬لتعرب عن الدميقراطية التوافقية‪،‬‬ ‫التي أرستها مقدمة الدستور اللبناين‪ ،‬بأن ال رشعية ألية سلطة‪ ،‬إذا‬ ‫مل تعرب عن صيغة العيش املشرتك‪.‬‬ ‫فقيام حكومة وحدة وطنية‪ ،‬بعد أزمة سياسية ودستورية عصفت‬ ‫بلبنان‪ ،‬وكادت أن تودي به إىل حرب أهلية‪ ،‬كان ختام عام لبناين‪،‬‬ ‫جرت فيه انتخابات نيابية‪ ،‬عكست وفق القانون الذي حصلت عىل‬ ‫أساسه‪ ،‬متثيل الطوائف واملذاهب‪ ،‬بالزعامء واألحزاب الذين ميسكون‬ ‫بها‪ ،‬لكنها ال تؤسس إللغاء الطائفية‪ ،‬وال تنشئ دولة مؤسسات‪ ،‬وال‬ ‫تتجه باللبنانيني نحو تنقية دستورهم من الطائفية التي تكرست‬ ‫مؤقتاً باملادة ‪ 95‬فيه‪ ،‬واعترب اليوم الذي تلغى فيه يوماً وطنياً ومجيداً‪.‬‬ ‫لذلك فإن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري‪ ،‬إىل تشكيل الهيئة‬ ‫الوطنية إللغاء الطائفية‪ ،‬دعوة صائبة وصحيحة ودستورية‪ ،‬ألن من‬ ‫صلب صالحياته‪ ،‬أن يدعو اىل قيام هذه الهيئة التي تأخرت عرشين‬ ‫عاماً‪ ،‬وال ميكن االستمرار من دون وجودها‪ ،‬لوضع اآلليات املناسبة‬ ‫لتجاوز الحالة الطائفية ليست السياسية فقط‪ ،‬بل يف كل مناحي‬ ‫وشؤون املجتمع‪ ،‬ومن دون البدء بها بعد أن تم انتخاب مجلس نواب‬ ‫مناصفة بني املسلمني واملسيحيني‪ ،‬فإن النظام السيايس سيبقى‬ ‫يو ّلد األزمات‪ ،‬وال استقرار يف لبنان‪ ،‬إال بالخروج من هذا املرض الذي‬ ‫أنهك الجسد اللبناين‪ ،‬وفتك به‪ ،‬فرشط االستقرار هو العالج إىل بناء‬ ‫الدولة الالطائفية‪.‬‬ ‫فتكرار إجراء االنتخابات النيابية عىل أساس طائفي‪ ،‬هو توليد‬ ‫لألزمات السياسية‪ ،‬وإنتاج للحروب األهلية‪ ،‬وس ّلم اللبنانيون بذلك‬ ‫منذ عقود‪ ،‬ورأوا أن العلة هي يف الطائفية‪ ،‬فلامذا البقاء عليها‪،‬‬ ‫وعدم استئصالها‪ ،‬وال بد من ترشيع قانون انتخاب ال استثنايئ‪ ،‬وال‬ ‫ملرة واحدة‪ ،‬وال يقاس عىل مصالح الزعامء واألحزاب الطائفية‪ ،‬بل‬ ‫عىل مساحة الوطن إلخراجه من التمثيل الطائفي واملذهبي‪ ،‬اىل‬ ‫التمثيل السيايس عىل قاعدة الدائرة الكربى‪ ،‬وقد أقر اتفاق الطائف‬ ‫باملحافظة واعتامد النسبية‪ ،‬ومبثل هذا القانون‪ ،‬فإن لبنان يكون قد‬ ‫دخل مرحلة االستقرار السيايس‪ ،‬وك ّون سلطة وطنية‪ ،‬ال سلطات‬ ‫طائفية ومذهبية‪ ،‬وأوقف انفجار الخالفات من داخل املؤسسات عىل‬ ‫أساس طائفي‪ ،‬وليس عىل برامج‪.‬‬ ‫فاالستقرار الذي يأمله اللبنانيون خالل العام الحايل دليلهم إليه‪،‬‬ ‫إن املسؤولني‪ ،‬ويف أعىل املواقع‪ ،‬ويف مراكز القرار‪ ،‬يتحدثون عن أن‬ ‫هذه السنة ستكون سنة اإلصالح‪ ،‬وأن ورشة ستقوم يف مجلس‬ ‫الوزراء ويف مجلس النواب‪ ،‬ويف مختلف املؤسسات من أجل تحقيق‬ ‫اإلصالح‪ ،‬الذي رسم اتفاق الطائف خارطة طريق له‪ ،‬وال ميكن الخروج‬ ‫عنه‪ ،‬إال بعد استكامله‪ ،‬وهذه الورشة إذا ما بدأت فإنها تنقل الرصاع‬ ‫من اإلطار الضيق والفئوي‪ ،‬إىل مدار الوطن‪ ،‬حيث بات من املستحيل‬ ‫أن تبقى األمور تسري كام هي يف الرتقيع وتراكم األزمات‪ ،‬وال بد‬ ‫من وقفة شجاعة وقرار وطني‪ ،‬باالنتقال بلبنان قوالً وفع ًال اىل دولة‬ ‫املواطنة‪ ،‬واىل مجتمع العدالة واملساواة‪ ،‬وهذا يستلزم الصدق مع‬ ‫النفس‪ ،‬وتغيري السلوك لدى القيادات التي متسك بالقرار التخاذه‪،‬‬ ‫واستصدار قوانني تبني دولة حديثة‪ ،‬وتؤسس لدميقراطية شعبية‬ ‫لبنانية‪ ،‬ال دميقراطية طائفية‪ ،‬يطلق عليها اصطالحاً الدميقراطية‬ ‫التوافقية‪.‬‬ ‫فتحقيق اإلصالح ممر إجباري لالستقرار‪ ،‬وعىل اللبنانيني ان يعربوه‪،‬‬

‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫‪2010‬‬ ‫عام‬ ‫االستقرار‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪4100‬‬

‫وفلسطني‪ ،‬فسقطت كل هذه السيناريوهات‪ ،‬وبقيت سوريا رق ً‬ ‫ام‬ ‫صعباً يف املعادلة الجيو – سياسية‪ ،‬والجيو – إسرتاتيجية‪ ،‬وأصبحت‬ ‫محور التضامن العريب وعربها متر املصالحات العربية‪ ،‬ومن خاللها‬ ‫تعيش أو متوت املبادرات العربية‪ ،‬وعرب موقعها الجغرايف ووزنها‬ ‫العريب تكون التسوية أو ال تكون‪ ،‬ومير السالم أو يتعرث‪ ،‬طاملا هي‬ ‫متمسكة بالحقوق الوطنية القومية وال تف ّرط بها‪.‬‬ ‫هذا الثبات لسوريا‪ ،‬ومواجهتها للتحوالت التي حصلت يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬وفشل تغيري نظامها وسلوكها‪ ،‬كام ظن البعض يف‬ ‫لبنان والخارج‪ ،‬عزز وضعها يف موقع القرار العريب واالقليمي والتأثري‬ ‫الدويل‪ ،‬فجاء األمريكيون واألوروبيون إليها يحاورونها‪ ،‬ويسألونها‬ ‫املساعدة لالستقرار يف العراق‪ ،‬ويتمنون عليها املساهمة يف‬ ‫مساعدة اللبنانيني للخروج من أزمتهم‪ ،‬ولكنهم مل يتمكنوا منها‬ ‫يف تغيري سلوكها لجهة وقف دعم حركات املقاومة مام أكد عىل‬ ‫حجمها ووزنها‪ ،‬فأعادت السعودية عالقاتها معها‪ ،‬بعد مصالحة‬ ‫ملكها الرئيس األسد يف الكويت فارتاحت الساحة اللبنانية‪ ،‬ونزع‬ ‫فتيل االنفجار فيها‪ ،‬مع تغذية بعض الدول العربية للمذهبية يف‬ ‫لبنان تحت عنوان محاربة النفوذ الشيعي فيه املتمثل بـ”حزب الله”‬ ‫وسالحه‪ ،‬إىل إخراج الدور اإليراين من العامل العريب‪.‬‬ ‫عجل يف زيارة الحريري إىل‬ ‫هذا التقارب السوري – السعودي‪ّ ،‬‬ ‫دمشق‪ ،‬بعد خمس سنوات من التوترات السياسية واألمنية‪ ،‬وقد‬ ‫رسمت خارطة طريق لعالقات لبنانية – سورية‪ ،‬متر عرب املؤسسات‬ ‫مع ترسيخ الثقة بني القيادات اللبنانية والسورية‪ ،‬التي اهتزت ال‬ ‫سيام مع من كانوا يف موقع الحليف لسوريا وانقلبوا عليها‪ ،‬وباتوا‬ ‫عىل يقني أنهم فشلوا يف رهاناتهم عىل قلب النظام وإسقاط‬ ‫القيادة‪ ،‬وأن الجغرافية السياسية كام الطبيعية واالقتصادية‬ ‫تفرض اإلقرار مبوقع سوريا ودورها يف لبنان‪ ،‬الذي ال ميكن بناء جدران‬ ‫بينه وبينها كام قال الحريري بعد زيارتها‪ ،‬بل دورة اقتصادية – حياتية‬ ‫مبا يجمع بينهام من روابط جغرافية وتاريخية واجتامعية‪ ،‬بحيث‬ ‫اعرتف كل من الحريري وجنبالط‪ ،‬بعد التحوالت التي حصلت‪ ،‬إنه‬ ‫ال ميكن رفع العداء لسوريا ونظامها‪ ،‬وبان من سبق وفعل ذلك يف‬ ‫كل العهود والعقود مل يتمكن منها‪ ،‬بل أوقع القطيعة بني البلدين‬ ‫وأقفلت الحدود‪ ،‬وتعطلت مصالح املواطنني وتقطعت أوصال القرىب‪،‬‬ ‫لكن الحقيقة الجغرافية واالقتصادية واالجتامعية‪ ،‬كانت أقوى من‬ ‫التأثريات السياسية واملؤامرات الخارجية‪.‬‬ ‫فزيارة الحريري اىل سوريا‪ ،‬ك ّرست التواصل والتفاعل وجددت وأكدت‬ ‫عىل العالقات األخوية كام أرادها البيان الوزاري للحكومة اللبنانية‬ ‫وهذه مؤرشات إيجابية‪ ،‬وإن بعض األطراف يف قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬قد تعلموا‬ ‫درساً يف الجغرافيا‪ ،‬كام تلقنوا أمثولة‪ ،‬أن ال يلعبوا يف لعبة األمم‪ ،‬وال‬ ‫حملوا‬ ‫يتورطوا يف مشاريع كبرية ليس باستطاعتهم تحملها‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫لبنان أوزارها ومآسيها‪ ،‬وبعضهم يحاول اليوم وما زال يعمل من أجل‬ ‫مرشوع آخر‪ ،‬هو استهداف املقاومة من جديد‪ ،‬بعد أن فشلوا يف‬ ‫تغيري النظام يف سوريا‪ ،‬ويف إنهاء املعارضة يف لبنان‪ ،‬وهذا البعض‬ ‫املتمثل مبا تبقى من قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬يعملون “لتجمع مسيحي” جديد‬ ‫من عناوينه‪ ،‬ال وجود لسالحني الجيش واملقاومة‪ ،‬وهو يؤسس لزعزعة‬ ‫االستقرار يف لبنان‪ ،‬الذي هو أقوى من أن تقوم مجموعة بخرقه أو‬ ‫هزه‪ ،‬طاملا أن قرار القوى األساسية يف لبنان هو مع التهدئة والحوار‪،‬‬ ‫واالتفاق عىل القضايا السياسية واالسرتاتيجية‪ ،‬ومنها املقاومة‬ ‫املتكاملة مع الجيش‪ ،‬وأن املصالحة السورية – السعودية أمنت هي‬ ‫املظلة للوفاق اللبناين واالستقرار الذي هو سمة عام ‪.2010‬‬

‫وإذا مل يفعلوا فهم يتحملون املسؤولية‪ ،‬وعليهم ان ميارسوا الضغط‬ ‫عىل من انتخبوهم وأوكلوا إليهم متثيلهم‪ ،‬ان يثبتوا باملامرسة أنهم‬ ‫فع ًال مع دولة ال تأرس تطورها الطائفية السياسية وغري السياسية‪،‬‬ ‫ويربهنوا عىل أنهم رجال دولة ميكنهم بناء دولة حقيقية‪ ،‬بعيدة عن‬ ‫ما هو قائم منها بأنه دولة املزرعة وأكلة الجنة واملحاصصات‪ ،‬وتقاسم‬ ‫املغانم‪ ،‬وأن والء املواطن فيها لطائفته ومذهبه وزعيم منطقته‪ ،‬وليس‬ ‫لدولته ومؤسساتها‪.‬‬ ‫فالتحدي هذا العام كبرياً‪ ،‬أمام مجلس نيايب منتخب قبل أشهر‪،‬‬ ‫ويعترب التمثيل الطائفي فيه غري منقوص‪ ،‬وبعد تشكيل حكومة‬ ‫وحدة وطنية متثلت الكتل النيابية األساسية فيها‪ ،‬فغاب عنها فصل‬ ‫السلطات ولكن املربر أن نظامنا برملاين وهو يف الحقيقة طوائفياً‪ ،‬ومن‬ ‫متثل هم الطوائف التي متثلها الكتل النيابية‪ ،‬بحيث أن الجميع موجود‬ ‫يف السلطة الترشيعية كام يف السلطة التنفيذية‪ ،‬ويجمعهم‬ ‫سقف الطائف ودستوره‪ ،‬وال ميكن ألحد أن يتهرب من مسؤولياته‪،‬‬ ‫يف عدم تحقيق اإلصالح‪ ،‬أو يف التفريط بحقوق املواطنني‪ ،‬فرئيس‬ ‫الجمهورية العامد ميشال سليامن أكد عىل انه سيفتح ورشة‬ ‫اإلصالح‪ ،‬وعدد عناوينها‪ ،‬والرئيس نبيه بري دعا اىل إنشاء الهيئة‬ ‫الوطنية إللغاء الطائفية اىل بنود إصالحية اخرى‪ ،‬ورئيس الحكومة‬ ‫سعد الحريري نال الثقة عىل بيان وزاري فيه أكرث من فقرة عن اإلصالح‬ ‫السيايس واإلداري واالقتصادي‪ ،‬ورؤساء األحزاب يتغنون بأنهم من‬ ‫دعاة اإلصالح والتغيري‪ ،‬وبناء الدولة والعبور إليها‪ ،‬فمن إذن سيعرقل‬ ‫اإلصالح ومينع قيام الدولة؟‬ ‫إن أداء مجلس النواب والحكومة ومامرسة األحزاب‪ ،‬هو الذي‬ ‫سيكشف من يعطل اإلصالح‪ ،‬ويقف بوجه االستقرار‪ ،‬حيث سيثبت‬ ‫أن أسبابه داخلية‪ ،‬رغم تأثري العوامل الخارجية عىل لبنان‪ ،‬وفعل‬ ‫التطورات والتحوالت العربية واإلقليمية والدولية علية‪ ،‬ألنه مل يعد‬ ‫يحصن‬ ‫مسموحاً أن يبقى لبنان مفتوحاً أمام الرياح الخارجية‪ ،‬دون أن‬ ‫ّ‬ ‫داخله‪ ،‬ليمنع العواصف من تخريب داخله‪ ،‬وقد شهد خالل السنوات‬ ‫الخمس املاضية ما حل فيه‪ ،‬عندما ّ‬ ‫رشع أبوابه للمرشوع األمرييك‬ ‫الذي أراد الرئيس االمرييك السابق “جورج بوش” ان يبدأه من لبنان‬ ‫بقيام رشق أوسط جديد‪ ،‬فك ّلف اللبنانيني اغتياالت وتفجريات‪،‬‬ ‫وحرب إرسائيلية عليه‪ ،‬وإيقاظ الفتنة املذهبية والطائفية بني‬ ‫أبنائه‪.‬‬ ‫لقد متكن لبنان من اجتياز املؤامرة عليه والتي بدأت يف القرار‬ ‫‪ ،1559‬الذي كان بداية الفتنة‪ ،‬ألنه قرار اقتتال بني اللبنانيني وبينهم‬ ‫وبني السوريني والفلسطينيني‪ ،‬لكن وعي من رفضوا هذا القرار‬ ‫وتصدوا له‪ ،‬خفف من خسائره‪ ،‬فسحبت سوريا جيشها من لبنان‪،‬‬ ‫بعد ان أدرك رئيسها حجم املؤامرة األمريكية – اإلرسائيلية‪ ،‬كام‬ ‫استطاعت املقاومة وحلفاؤها الصمود وعدم االنجرار اىل حرب‬ ‫أهلية‪ ،‬مبامرسة املعارضة عرب االعتصام السلمي والتظاهر الشعبي‬ ‫وأحيانا بالعصيان املدين‪ ،‬وصدت عدواناً إرسائيليا لتدمري املقاومة‬ ‫ونزع سالحها فانترصت عىل الجيش اإلرسائييل وأسقطت املرشوع‬ ‫االمرييك‪ ،‬وأعادت التوازن اىل الداخل اللبناين يف اتفاق الدوحة‪،‬‬ ‫وأزالت االستئثار بالسلطة مقيمة حكومة وحدة وطنية‪.‬‬ ‫هذه اإلنجازات للمقاومة واملعارضة الوطنية اللبنانية‪ ،‬عزز موقع‬ ‫سوريا العريب واإلقليمي والدويل‪ ،‬فلم تشطب من املعادلة بعد‬ ‫أن ظهرت قوة حلفائها يف لبنان‪ ،‬وبعد صمود املقاومة يف غزة‬ ‫وانتصارها‪ ،‬وتراجع الهيمنة األمريكية‪ ،‬بات الجميع يذهب إىل دمشق‪،‬‬ ‫بعد أن ظنوا أنهم يعملون عىل تحجيمها‪ ،‬وإسقاط أوراق قوة من‬ ‫يدها‪ ،‬والتأثري عىل موقعها املامنع مبحاولة فصلها عن حليفتها‬ ‫اإلسرتاتيجية إيران‪ ،‬أو بنزع مكانها املساند للمقاومة يف لبنان‬

‫‪5‬‬

‫«منرب التوحيد »‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫أحداث العام ‪ 2009‬في قراءة‬ ‫باحثين وخبراء وأكادميين‬ ‫إيران لليورانيوم الذي يش ّكل خطراً عىل أمن‬ ‫«إرسائيل» وآبار النفط العريب‪ ،‬وصوالً إىل ما‬ ‫شهدته العالقات العربية العربية من تطور‬ ‫وتقدم ملحوظ عرب املصالحة التي أعلنها‬ ‫امللك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يف‬ ‫قمة الكويت االقتصادية‪ ،‬حني أعلن عن‬ ‫انتهاء الخالف بني العرب بدون استثناء أو‬ ‫رشوط‪ ،‬وشهدت القمة مصافحة بني امللك‬ ‫عبد الله والرئيس بشار األسد والرئيس‬ ‫حسني مبارك واألمري حمد آل ثاين‪ ،‬ما يدل‬ ‫عىل نجاح السياسة السورية الخارجية‪ ،‬يف‬ ‫منطقة تشهد املزيد من الغليان والتحوالت‬ ‫وإعادة تشكيل التحالفات الجيوسياسية‪.‬‬ ‫ورغم أن مطلع العام املنرصم حمل حرب غزة إىل واجهة‬ ‫األحداث‪ ،‬وسوريا كانت معنية رمبا أكرث من غريها بهذه الحرب‪،‬‬ ‫إ ّال أن الحرب نفسها ما إن وضعت أوزارها‪ ،‬ساهمت يف إعادة‬ ‫التموضع لسوريا التي أظهرت أنها قوة عربية وإقليمية استفادت‬ ‫من التناقضات وح ّولتها ألوراق تستخدم عند الحاجة‪ ،‬إذ تعاملت‬ ‫مع هذا الحدث بكثري من الشحن والتجييش‪ ،‬وتحولت ساحات‬ ‫وشوارع املدن السورية إىل مسريات مؤيدة للمقاومة ومنددة‬ ‫بالعدوان اإلرسائييل عىل غزة املحارصة التي يتخذ قادة املقاومة‬ ‫الفلسطينية من دمشق مقرا لهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكشفت حرب غزة حجم التباعد العريب‪ ،‬وأفرزت اختالفا يف‬ ‫املواقف من املقاومة والرصاع مع إرسائيل‪ ،‬و تابعت وسائل اإلعالم‬ ‫العربية الشارع الذي انشطر إىل قسمني‪ ،‬كام هو حال الوضع‬ ‫الرسمي العريب املنقسم بني دول االعتدال ودول املامنعة‪ ،‬وتبادلت‬

‫شهد العامل تحوالت كربى‪ ،‬مل تكن‬ ‫عىل الصعيد االقتصادي وحسب‪ ،‬بل عىل‬ ‫الصعيد السيايس كذلك‪ ،‬أدت إىل سقوط‬ ‫قوى سياسية عظمى وصعود قوى جديدة‪،‬‬ ‫وامتدت هذه التحوالت من الواليات املتحدة‬ ‫حيث كان الحدث السيايس األبرز يف هذا‬ ‫العام‪ ،‬إذ وألول مرة يف تاريخ الواليات املتحدة‬ ‫يصل رئيس من أصول أفرو‪ -‬أمريكية إىل‬ ‫تم ترشيحه عن الحزب الدميقراطي‬ ‫الحكم‪ّ ،‬‬ ‫ليحقق نرصا ساحقا عىل السيناتور «جون‬ ‫ماكني» مرشح الحزب الجمهوري‪ ،‬والذي يف‬ ‫مطلع خطاب تنصيبه رئيسا للواليات‬ ‫املتحدة األمريكية قال‪ « :‬هذا هو معنى‬ ‫حريتنا وعقيدتنا – عندما يستطيع رجال ونساء وأطفال من كل‬ ‫عنرص وعقيدة االشرتاك يف االحتفال عرب هذا امليدان الرائع‪ ،‬وملاذا‬ ‫يستطيع اآلن رجل رمبا مل يكن والده قبل أقل من ‪ 60‬عاما قادرا‬ ‫عىل ارتياد مطعم محيل‪ ،‬يقف اآلن أمامكم ألداء أقدس قسم‪،»...‬‬ ‫مستغ ًال بذلك تعب الشعب األمرييك من سياسة «بوش» الحربية‬ ‫التي أغرقت أمريكا يف وحول يصعب الخروج منها سواء يف العراق‬ ‫أو أفغانستان مروراً بإيران‪ ،‬حيث فاز الرئيس أحمدي نجاد بوالية‬ ‫ثانية لرئاسة الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬محققاً فوزاً ساحقاً‬ ‫عىل منافسيه مري حسني موسوي‪ ،‬ومهدي ك ّرويب بنسبة ‪%64‬‬ ‫من أصل ‪ %80‬من نسبة املشاركة يف االنتخابات‪ ،‬ما أثار بلبلة‬ ‫وأزمة سياسية يف إيران بعد اتهام السلطات بالتزوير‪ ،‬حركت‬ ‫الشارع اإليراين وزجته يف وحول الفتنة‪ ،‬األمر الذي استغلته‬ ‫امريكا يف خدمة مرشوعها يف املنطقة واملتع ّلق بوقف تخصيب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪6‬‬

‫وسائل إعالم وشعوب كل معسكر االتهامات‬ ‫و ُمزقت أعالم و ُأحرقت صور رؤوساء وملوك يف كل‬ ‫مكان‪.‬‬ ‫عندها أعلنت سوريا توقفها عن املفاوضات غري‬ ‫املبارشة مع «إرسائيل» والتي كانت جارية برعاية‬ ‫تركية كادت تتحول يف أيامها األخرية ‪ -‬بعد عدة‬ ‫جوالت جرت يف اسطنبول ‪ -‬إىل مفاوضات مبارشة‬ ‫قبل أن تسقطها مقدمات حرب غزة‪.‬‬ ‫وبذلك اجتازت سوريا امتحان الضغط والعزلة‪،‬‬ ‫وبدأت مؤرشات االنفتاح تظهر مع زيارة العديد‬ ‫من وفود الكونغرس األمرييك والرسائل املسبقة‬ ‫التي حملتها هذه الوفود إىل القيادة السورية‬ ‫تؤكد رغبة إدارة أوباما الجديدة يف االنفتاح عىل‬ ‫سوريا‪ ،‬وأصبح االنفراج العريب تدريجياً يصل إىل سوريا‪ ،‬تىل ذلك‬ ‫مصالحة قمة يف السعودية تبعها األسد بزيارة أخرى‪ ،‬إىل أن وصل‬ ‫العاهل السعودي إىل سوريا أواخر أيلول املنرصم‪ ،‬ليعلن الجانبان‬ ‫أنهام طويا خالفات املايض ويتجهان إىل تعزيز مصالحهم املتبادلة‬ ‫الثنائية واإلقليمية مؤكدين عىل األطراف اللبنانية املتنازعة‬ ‫رضورة اإلرساع يف تشكيل حكومة وفاق وطني يرتأسها سعد‬ ‫الدين رفيق الحريري بعد سنوات من رصاع وتجاذبات قوى سياسية‬ ‫لبنانية مثلت كل منها مصالح الالعبني اإلقليميني والدوليني‪،‬‬ ‫ابتدأت بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناين األسبق رفيق الحريري يف‬ ‫‪ 14‬شباط عام ‪.2005‬‬ ‫وتحقق بالفعل تشكيل الحكومة اللبنانية يف الشهر املايض بعد‬ ‫إعطاء الثقة للحكومة عىل بيانها الوزاري‪ ،‬وقام الحريري بأول زيارة له‬ ‫لدمشق منذ دخوله حلبة العمل السيايس‪ ،‬حيث اتفق مع الرئيس‬ ‫بشار األسد عىل فتح آفاق جديدة يف العالقات بني البلدين‪.‬‬ ‫أما عىل صعيد تركيا‪ ،‬فقد متكن حزب العدالة والتنمية‬ ‫الحاكم من الحصول عىل الغالبية الكربى من أصوات الناخبني‬ ‫األتراك وأصبح ميثل القوة الكربى يف الربملان‪ ،‬ومت ّكن من شغل‬ ‫منصبي رئيس الدولة ورئيس الحكومة‪ ،‬وقد نالت حكومة حزب‬ ‫العدالة والتنمية رضا الدول الغربية والعربية عىل حد سواء‪،‬‬ ‫من خالل سياستها اإلصالحية الداخلية ومواقفها الخارجية‬ ‫املعتدلة‪ ،‬وقد أدت سياسات حكومة الحزب املعتدلة واملنفتحة‬ ‫عىل الرشق والغرب إىل إعالن استئناف مفاوضات انضامم تركيا‬

‫لالتحاد األوريب وتحسن مطرد لعالقات تركيا مع العامل العريب‬ ‫واإلسالمي واألوريب ‪.‬‬ ‫القضية الفلسطينية شهدت أيضاً تطوراً ملموساً خالل‬ ‫العام ‪ ،2009‬حيث حققت القضية الفلسطينية تقدما جوهريا‪،‬‬ ‫حيث أصبح حق الشعب الفلسطيني يف تأسيس دولة مستقلة‬ ‫عقيدة دولية‪ ،‬وأصبحت معظم الدول وعىل رأسها الواليات‬ ‫املتحدة رافضة لالستيطان يف الضفة الغربية وداعية الستئناف‬ ‫املفاوضات من أجل حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫وضامن حصول الشعب الفلسطيني عىل حقوقه املرشوعة‪ ،‬ويف‬ ‫قضية ذات صلة ص ّوتت العديد من الدول عىل تقرير «غولدستون»‬ ‫الذي أدان االنتهاكات اإلرسائيلية يف الحرب التي شنّها الجيش‬ ‫اإلرسائييل عىل غزة‪.‬‬ ‫ويف إطار تلك األحداث السياسية الدولية واإلقليمية‬ ‫استطلعت «منرب التوحيد» آراء بعض املحللني السياسيني‪ ،‬حيث‬ ‫كان لها لقاء مع مدير مؤسسة ‪ MADMA‬للمسائل اإلحصائية‬ ‫والدراسات االقتصادية واالجتامعية وسفري لبنان السابق يف‬ ‫واشنطن الدكتور رياض طبارة‪ ،‬الذي تناول الوضع األمرييك بد ًءا‬ ‫من وصول أوباما إىل الحكم وصوالً إىل عالقاتها مع دول املنطقة‪،‬‬ ‫أما يف ما يتعلق بالوضع الدويل‪ ،‬كان لها حوار مع كل من الدكتور‬ ‫وليد عربيد‪ ،‬ورغيد الصلح‪ ،‬كام تناولت مع الباحث والخبري يف‬ ‫الشؤون الرتكية الدكتور محمد نور الدين الدور الرتيك املتقدم‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬فجاءت الحوارات عىل الشكل اآليت‪:‬‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬ ‫طبارة‬

‫التغيري يف أمريكا شك ًال‬ ‫وليس مضموناً‪ ،‬و «أوباما» فشل‬ ‫يف التأثري عىل «إرسائيل»‬ ‫لن يتبدل موقف أمريكا‬ ‫من امللف النووي اإليراين‬ ‫عىل حدود النفط العريب و‬ ‫«إرسائيل»‬

‫ففي ما يتع ّلق بالوضع األمرييك اعترب طبارة‬ ‫أن وصول أول رئيس من أصول أفرو‪ -‬أمريكية اىل‬ ‫الحكم يف أمريكا‪ ،‬يش ّكل حدثاً هاماً ليس فقط‬ ‫ألمريكا بل أيضاً لكافة دول العامل‪ ،‬لكن السؤال‬ ‫الذي ُيطرح‪ ،‬هل هو ملرة واحدة أم هو حدث مي ّثل‬ ‫التغيري الجذري يف التفكري األمرييك‪ .‬ما يجعل‬ ‫هذا األمر يصبح حقيقة واقعية‪.‬‬ ‫وبالرغم من الهجوم الكبري عىل “أوباما”‬ ‫من قبل اليمني املتطرف يف أمريكا‪ ،‬مام يسمى‬ ‫باملسيحيني الصهاينة إىل ما يسمى باملحافظني‬ ‫الجدد أو املحافظني القدماء‪ ،‬إ ّال أن وصوله مل يكن‬ ‫لوال انتهاك املجتمع األمرييك من سياسة “بوش”‬ ‫الذي بتغيرّ سياسته أنهك األمريكيني وأغرق‬ ‫الواليات املتحدة يف وحول العراق وأفغانستان‪،‬‬ ‫وأزمة اقتصادية كبرية كانت بغنى عنها‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن “بوش” بعد ‪ 11‬أيلول انتهج سياسة جديدة‬ ‫وضع من خاللها تدريجياً املحافظني الجدد جانباً‬ ‫وعاد اىل كنف األمم املتحدة من جديد‪.‬‬ ‫من هنا التغيري يف أمريكا كان يف الشكل‬ ‫وليس يف املضمون‪ ،‬خاصة يف بداية عهد‬ ‫“أوباما”‪ ،‬الذي أىت حام ًال معه الوعود الكبرية‪،‬‬ ‫معتمداً سياسة معاكسة لسياسة “بوش”‬ ‫متناسياً وجود املؤسسات الفاعلة التي تعمل‬ ‫خارج الحكم كاللوبيات ومراكز الدراسات وتؤ ّثر‬ ‫يف صناعة القرار‪ ،‬ما يؤ ّثر بالتايل عىل املنطقة‪،‬‬ ‫فحاول أن يكون عادالً بني كافة األطراف املتنازعة‬ ‫ّ‬ ‫فاستهل حكمه‬ ‫يف كافة دول العامل واملنطقة‪،‬‬ ‫مطالباً‬ ‫املستوطنات‬ ‫بإيقاف‬ ‫اإلرسائيليني‬ ‫مقابل دخول الفلسطينيني يف مفاوضات‬ ‫خاصة وأنهم ه ّدأو األمور من جهتهم والتي‬ ‫ُط ٍلبت من أمريكا حتى يتم الوصول اىل إيقاف‬ ‫بناء املستوطنات‪ ،‬ولكنه فشل كام فشل غريه‬ ‫من رؤساء أمريكا يف محاولتهم التأثري عىل‬ ‫“إرسائيل” لوقف االستيطان وبناء املستوطنات‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫إذ اعترب نفسه شبيهاً لـ “لنكسون” الذي وصل‬ ‫اىل الحكم من الوالية ذاتها التي صعد منها‬ ‫“أوباما”‪ ،‬وما إن وصل قام بتعيني املرشحني‬ ‫اآلخرين اللذين ترشحا ضده يف االنتخابات‪،‬‬ ‫فجعل أحدهام وزيراً للخارجية وآخر وزيراً‬ ‫للدفاع‪ ،‬وأدخلهم يف الحكم تحت قيادته‪ ،‬وهذا‬ ‫ما فعله “أوباما” بالتحديد عندما أىت “بهيالري”‬ ‫وزيرة للخارجية‪ ،‬وغريها من خصومه يف الحملة‬ ‫االنتخابية ووضعهم يف أماكن حساسة تحت‬ ‫إدارته‪ .‬وكان لديه ثقة بأنه يستطيع كام كان‬ ‫“لنكسون” أن يقنع الناس بالحجة‪ ،‬فتص ّور أن‬ ‫قدراته أكرب بكثري مام هي عليه يف الحقيقة‪،‬‬ ‫األمر الذي جعله يواجه مصاعب جمة مل يق َو‬ ‫عىل تحقيقها بالكالم‪ ،‬ومنها مواجهته مع‬ ‫“نتنياهو”‪ ،‬ما جعل السياسة األمريكية تعود‬ ‫إىل سابق عهدها القائم عىل حامية “إرسائيل”‬ ‫وآبار النفط‪ .‬فـ “أوباما” فتح كل هذه الجبهات‪،‬‬ ‫من جبهة “غوانتنامو”‪ ،‬وحل مشكلة الرصاع‬ ‫العريب اإلرسائييل‪ ،‬وسحب الجيش األمرييك‬ ‫من العراق قبل العام ‪ ،2011‬كام أنه ح ّول جهده‬ ‫اىل أفغانستان‪ ،‬لريبح حرباً نهائياً عىل طالبان‪،‬‬ ‫لكن الذي حصل أن “غوانتنامو” ما زال موجوداً‬ ‫ومل يتغيرّ فيه يشء حتى يف أصول املحاكامت‬ ‫فالتغيريات بسيطة‪ ،‬واملفاوضات مع “إرسائيل”‬ ‫سجلت تراجعاً يف املعركة األوىل‪ ،‬واليزال غارقاً‬ ‫يف وحول العراق‪ ،‬ولن يتم ّكن من االنسحاب‬ ‫منها‪ .‬وأفغانستان تردّد فيها بشكل كبري فوصل‬ ‫إىل نتيجة أسعدت الجهتني‪ ،‬أن تزيد أمريكا‬ ‫‪ 30‬ألف جندي أمرييك عىل أن تنسحب يف‬ ‫النهاية‪ ،‬ولكن دون تحديد العام الذي سيحصل‬ ‫فيه االنتخاب‪.‬‬

‫تدين شعبية أوباما‬ ‫أضاف‪ :‬وبعد خسارة “أوباما” يف كل هذه‬ ‫الجبهات‪ ،‬تد ّنت شعبيته كثرياً بطريقة مل‬ ‫يسبق لها مثي ًال لدى أي رئيس من رؤساء أمريكا‪،‬‬ ‫عام كانت أثناء وصوله اىل البيت األبيض‪ ،‬كام‬ ‫خرس قدرته عىل التأثري عىل األمور وخاصة يف‬

‫‪8‬‬

‫ما يتع ّلق مبنطقة الرشق األوسط‪ ،،‬ما يعني‬ ‫أن أمريكا عادت اىل النهج الذي سارت عليه‬ ‫تجسد يف الرشق األوسط بحامية‬ ‫سابقاً‪ ،‬والذي‬ ‫ّ‬ ‫“إرسائيل” وآبار النفط‪ ،‬وخري مثال عىل ذلك هو‬ ‫العراق وإيران‪ ،‬كونه يهدد بعقوبات متاماً كام‬ ‫فعل “بوش” آخر أيامه‪.‬‬ ‫ويعتقد طبارة أن “أوباما” يقوم برضب من‬ ‫الخيال إذا حلم بأن تعود أمريكا اقتصادياً أقله‬ ‫اىل موقعها منذ الحرب العاملية الثانية‪ ،‬خاصة‬ ‫مع وجود الصني التي ينمو اقتصادها بشكل‬ ‫رسيع يف وقت االقتصادات األمريكية واألوروبية‬ ‫يف حالة جمود‪ ،‬وروسيا التي عادت مع ارتفاع‬ ‫البرتول كالعب هام أق ّله سياسياً واقتصادياً‪،‬‬ ‫وغريها من دول أمريكا الالتينية والهند‪ ،‬ما‬ ‫همه األكرب إنقاذ أمريكا من الورطة‬ ‫جعل‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادية التي أدخل بوش أمريكا فيها‪ ،‬وعىل‬ ‫سبيل املثال البطالة التي تصل اىل ‪ %13‬أو ‪،%16‬‬ ‫بهدف التغ ّلب عىل الصني ووقف هيمنتها عىل‬ ‫االقتصادات العاملية‪ .‬لقد خرس “أوباما” العديد‬ ‫من املواجهات وخاصة تلك املتع ّلقة باملشكلة‬ ‫املركزية يف العامل العريب واإلسالمي املتمثلة‬ ‫سياسته‬ ‫بسبب‬ ‫الفلسطينية‬ ‫بالقضية‬ ‫الداخلية التي اعتادت عىل حامية أمن “إرسائيل”‬ ‫الذي يفرضه عليه النظام األمرييك املبني عىل‬ ‫اللوبيات‪ ،‬ومنها اللويب اليهودي الذي يؤ ّثر كثرياً‬ ‫يف قرارات السياسة األمريكية‪ .‬من هنا فإن أي‬ ‫يتم إ ّال تدريجياً‪ ،‬وكذلك‬ ‫تغيري يف أمريكا لن‬ ‫ّ‬ ‫األمر بالنسبة للتغيري يف عالقتها مع العامل‬ ‫اإلسالمي والعريب وقضيته املركزية فلسطني‪،‬‬ ‫التي لن تتغري إ ّال بوجود لويب عريب يف أمريكا‬ ‫يتمتع يقدرة قوية عىل التأثري يف القرارات‬ ‫السياسية األمريكية‪ ،‬ودون ذلك لن يحدث‬ ‫أي تغيرّ عىل صعيد السياسة األمريكية يف‬ ‫الرشق األوسط‪.‬‬ ‫أما عن موقع لبنان يف سياسة “أوباما”‪ ،‬أشار‬ ‫طبارة اىل خوف بعض السياسيني اللبنانيني‬ ‫منها‪ ،‬حيث هناك تصور بأن أمريكا تريد بيعنا‬ ‫إىل سوريا كام فعلت يف السابق‪ ،‬وهذا غري‬ ‫صحيح‪ ،‬ففي املرة األوىل كانت هناك حالة‬ ‫خاصة‪ ،‬مت ّثلت بالحرب األهلية يف لبنان‪ ،‬التي‬ ‫عجز جميع الفرقاء عن ح ّلها‪ ،‬حتى أن “إرسائيل”‬ ‫عندما حاولت أن تنهي الحرب بدخولها إىل‬ ‫لبنان عام ‪ ،1982‬فشلت‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫ألمريكا وفرنسا وإيطاليا‪ ،‬حيث اعتربت يومها‬ ‫أمريكا‪ ،‬أن لبنان أصبح فربكة إرهاب‪ ،‬خطف هنا‬ ‫وقتل هناك‪ ،‬ويجب حل املشكلة‪ ،‬ومبا أن سوريا‬ ‫هي األقوى لجأت أمريكا إليها ضمن رشوط‬ ‫معينة لتنهي مشكلة الحرب األهلية يف لبنان‪.‬‬ ‫وهذه كانت حالة خاصة‪ ،‬أما اليوم هناك‬ ‫محاولتها‬ ‫يف‬ ‫ألمريكا‬ ‫جديدة‬ ‫مصلحة‬ ‫لتحسني العالقات السورية اللبنانية‪ ،‬ما يعطي‬ ‫لبنان أهمية كربى بالنسبة ألمريكا لسببني‬ ‫أساسيني‪ :‬أوالً أنه يش ّكل باباً اىل الرشق‬ ‫األوسط مبعنى أن لديه الحريات املطلوبة‪ ،‬وقادر‬

‫التي‬ ‫ومن‬ ‫تعمل‬ ‫لذلك‬ ‫الذي‬ ‫خطراً‬

‫عىل استيعاب املؤسسات األمريكية‬ ‫منها تنطلق أمريكا اىل الرشق األوسط‪،،‬‬ ‫جهة ثانية هو عىل حدود “إرسائيل” التي‬ ‫أمريكا دامئاً عىل تأمني أمنها وحاميتها‪،‬‬ ‫لن ُيضحى بلبنان‪ ،‬مع العلم أن لبنان‬ ‫يريدونه هو لبنان الهادئ الذي ال يشكل‬ ‫عىل “إرسائيل”‪.‬‬ ‫هذا يف ما يتع ّلق بلبنان‪ ،‬أما عىل الصعيد‬ ‫األورويب‪ ،‬فأوروبا س ّلمت قضية الرشق األوسط‬ ‫ألمريكا‪ ،‬كونها الوحيدة القادرة عىل حامية‬ ‫النفط الذي عىل أساسه تعيش أوروبا‪ ،‬وكذلك‬ ‫االتحاد السوفيايت يف أيام الحرب الباردة مل يج ّرأ‬ ‫ولو ملرة واحدة أن يه ّدد النفط العريب ألن أمريكا‬ ‫حارضة بكل قوتها لحاميته‪ ،‬ويف نفس الوقت‬ ‫أوروبا تستعمل أمريكا يف مفاوضاتها مع‬ ‫“إرسائيل” عندما زاد اللويب اليهودي التواقيع‬ ‫يف أمريكا ألجل مصالحة “إرسائيل” ألجل ذلك‬ ‫ساند األوروبيون”أوباما” يف سياسته‪.‬‬ ‫لذلك الترصيح األخري بإعالن القدس عاصمة‬ ‫للدولتني‪ ،‬ليس ترصيحاً غري مدروس‪ ،‬ألنه يدخل‬ ‫ضمن إطار الضغط األورويب‪ -‬األمرييك عىل‬ ‫“إرسائيل” لتقبل حلحلة بعض األمور وتبدأ‬ ‫باملفاوضات مع الفلسطينيني‪ ،‬ويف إطار حلحلة‬ ‫الليكود اليميني املتط ّرف ليبدأ يف املفاوضات‪.‬‬ ‫فجميع دول املنطقة‪ ،‬وحتى تركيا تدخلت يف‬ ‫قضية الرشق األوسط تحت القيادة األمريكية‪،‬‬ ‫التي و ّزعت األدوار يف سياستها بحيث س ّلمت‬ ‫“حامس” اىل املرصيني‪ ،‬و سوريا إىل تركيا‪،‬‬ ‫وعندما تق ّدمت األمور مع األتراك استقدموا‬ ‫الفرنسيني فدخلوا فجأة عىل الخط‪ ،‬وإيران‬ ‫كانت بيد األوروبيني‪ ،‬وأمريكا التتدخل يف تلك‬ ‫األمور مبارشة إال إذا تق ّدمت األمور‪ ،‬لذلك يعترب‬ ‫دخول تركيا وأوروبا وفرنسا عىل الرشق األوسط‬ ‫تدخال ضمن إطار عملية السالم التي ترعاها‬ ‫بشكل أسايس الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫أما يف ما يتع ّلق بامللف النووي اإليراين‬ ‫أ ّكد طبارة عىل أن وجود بلد نووي عىل حدود‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬وحدود النفط العريب‪ ،‬غري مقبول‬ ‫يف أمريكا‪ ،‬وكذلك الضغط الذي يستخدمه‬ ‫“أوباما” عىل “إرسائيل” خالل املناوشات القامئة‪،‬‬ ‫بإرساله مندوباً إىل اجتامع جنيف للبحث يف‬ ‫امللف املتع ّلق بالسالح النووي اإليراين‪ ،‬ومطالبته‬ ‫“إرسائيل” بالدخول يف معادلة حظر استعامل‬ ‫األسلحة النووية‪ ،‬يش ّكل حدثاً تاريخياً إذ ألول‬ ‫مرة يف التاريخ تطلب أمريكا من “إرسائيل”‬ ‫هذا األمر‪ ،‬ذلك ألن السالح النووي اإليراين يه ّدد‬ ‫الركيزتني األساسيتني اللتني هام حامية النفط‬ ‫وحامية “إرسائيل”‪ ،‬ما سيجعل السياسة‬ ‫األمريكية تجاه امللف يف مفاوضات مستمرة‬ ‫قدر اإلمكان تليها عقوبات‪ ،‬حتى أنها استغ ّلت‬ ‫الشارع اإليراين يف ضغطها عىل إيران‪ ،‬وكأن‬ ‫أمريكا بهذه الطريقة تعتمد سياسة “ العصا‬ ‫والجزرة”‪ ،‬التي انتهجها “روزفلت” ومن خلفه يف‬ ‫حكم أمريكا‪.‬‬

‫من هنا فإن موقف أمريكا من السالح‬ ‫النووي اإليراين عىل حدود النفط العريب وحدود‬ ‫“إرسائيل” لن يتب ّدل وستعمل قدر املستطاع‬ ‫ملنع إيران من الحصول عىل قنبلة نووية‪ ،‬ما يجعل‬ ‫أمريكا تعرتف بالدور اإليراين يف املنطقة‪.‬‬ ‫وتص ّور طبارة أنه يف العقد املقبل بني عامي‬ ‫‪ 2010‬و‪ ،2019‬سيكون هناك اعرتاف أمرييك بقوة‬ ‫اقتصادية أخرى يف العامل‪ ،‬كام أنها ستعمل‬ ‫أيضاً عىل التفكري يف كيفية التعايش مع‬ ‫هذه القوة االقتصادية والتنسيق معها تفادياً‬ ‫للمواجهات يف السياسة الداخلية‪ ،‬أما من‬ ‫حيث السياسة الخارجية فالحرب عىل اإلرهاب‬ ‫مستمرة بالطريقة التي تعتمدها القوى‬ ‫املكافحة له‪ .‬وفيام يتع ّلق بالرشق األوسط يرى‬ ‫طبارة أنه لن يشهد تغيرياً جذرياً يف السياسة‬ ‫األمريكية‪ ،‬كاملواجهة التي حصلت بخصوص‬ ‫املستوطنات‪ ،‬كام أن املواجهات ستكون عىل‬ ‫شكل ضغوطات كحظر سفر‪ ،‬أوعرب اتحادات‬ ‫أوروبية للوصول اىل قناعة دولية بأنه مل يعد‬ ‫لـ”إرسائيل” أي حجة لالستمرار يف سياسة‬ ‫بناء املستوطنات والتهجري والتعديات‪ ،‬دون أن‬ ‫يدخل الرئيس “أوباما” يف مواجهة مبارشة مع‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬ما يشري اىل أن عهد املبارشات انتهى‬ ‫إىل خسارة أوباما املعركة األوىل يف مواجهته‬ ‫مع “إرسائيل”‪ ،‬وستعود األمور اىل ضغوطات‬ ‫هنا وهناك كام كانت يف السابق للوصول اىل‬ ‫حل نهايئ‪.‬‬

‫الصلح‬

‫منها النظام اإلقليمي العريب‪ ،‬مبا فيها العراق‬ ‫والسودان واليمن‪ ،‬وهذا يعود يف بادئ األمر‬ ‫اىل األسباب الداخلية املتمثلة مبواقف النخب‬ ‫السياسية الفاعلة‪ ،‬وبالتايل باملعارضات والقوى‬ ‫العربية املامنعة‪ ،‬التي بالرغم من متتعها بالحد‬ ‫األدىن من االستقاللية‪ ،‬التبذل جهداً كافياً‬ ‫للحفاظ عىل النظام اإلقليمي العريب من‬ ‫أجل تنميته وتطويره‪ ،‬عىل غرار ما تقوم به‬ ‫أوروبا وأمريكا الالتينية وحتى أفريقيا لتطوير‬ ‫أنظمتها‪ ،‬إن من خالل االتحاد األورويب أو من خالل‬ ‫االتحاد اإلفريقي‪ ،‬بالرغم من أنه ميكن اعتبار‬ ‫جامعة الدول العربية والنظام اإلقليمي العريب‬ ‫من أقدم األنظمة اإلقليمية يف العامل حيث‬ ‫نشأت عام ‪1945‬بعد الحرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬وبالرغم من محاوالت تطوير النظام‬ ‫اإلقليمي العريب‪ ،‬إ ّال أن كثريين يعملون عىل‬ ‫تفكيكه من خالل إقامة مشاريع بديلة كاالتحاد‬ ‫املتوسطي‪ ،‬والرشق األوسط الجديد‪ ،‬التي تهدف‬ ‫إىل استبدال النظام اإلقليمي العريب بأنظمة‬ ‫إقليمية أخرى ذات هوية جديدة وبأطراف‬ ‫مختلفة وعقلية معينة‪ ،‬وذلك لتطويع املنطقة‬ ‫ما يخدم الهيمنة األمريكية – اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫ويؤدي بالتايل إىل تحالف معلن واسرتاتيجي مع‬ ‫التحالف األمرييك‪ -‬اإلرسائييل‪ ،‬بحيث يش ّكل‬ ‫األخري الوزن األكرب يف املنطقة‪ ،‬ما يجعله‬ ‫يستحوذ عىل ثرواتها املادية وطاقاتها البرشية‬ ‫يف الوقت الذي يجب أن يكون العكس‪.‬‬ ‫وهذا بالفعل ما شهدناه يف العام ‪،2009‬‬ ‫من خالل حصول تطورات هامة خارج املنطقة‪،‬‬ ‫تركت أثرها عىل املنطقة‪ ،‬حيث شهدنا تب ّدالً‬

‫بالرغم من محاوالت تطوير‬ ‫النظام اإلقليمي العريب إال أن‬ ‫كثريين يعملون عىل تفكيكه‬ ‫إلقامة مشاريع بديلة كاالتحاد‬ ‫املتوسطي أو الرشق الجديد‬ ‫العامل يشهد تراجعا لقوى‬ ‫عظمى وصعود قوى جديدة‬ ‫شكلت الصني النموذج األبرز‬

‫أما عىل الصعيد العريب واإلقليمي يرى‬ ‫الدكتور رغيد الصلح أن األحداث أتت تجليات‬ ‫للظواهر العامة‪ ،‬حيث املسار العام يف املنطقة‬ ‫يشهد تفككاً يف النظام اإلقليمي العريب‬ ‫امتد أثره اىل كيانات الدول نفسها التي تش ّكل‬

‫‪9‬‬

‫رسيعاً يف موازين القوى العاملية‪ ،‬والتي كان‬ ‫من أهمها وصول “أوباما” إىل سدة الرئاسة يف‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ما يحفظ اىل أبعد‬ ‫ح ّد موقع أمريكا كدولة عظمى يف العامل‬ ‫خاصة بعد تراجع الزعامة األمريكية مع فشل‬ ‫املرشوع األمرييك بقيادة الرئيس “بوش”‪ ،‬من هنا‬ ‫إن وصول “أوباما” إىل الحكم يف الواليات املتحدة‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫ش ّكل واليزال ظاهرة منتقاة وليس صدفة‪ ،‬ليس‬ ‫عىل أساس انتقال بالواليات املتحدة من عامل‬ ‫اىل آخر‪ ،‬بل عىل أساس العودة اىل ما كانت‬ ‫عليه يف املايض‪ ،‬ما شكل نوعاً من التغيري‬ ‫الجذري يف ظاهرة “جورج بوش” الذي ابتعد‬ ‫ابتعاداً كلياً عن قواعد كانت تضبط السياسة‬ ‫األمريكية يف السابق منها الـ”الرباغامتية”‬ ‫يف عالقاتها مع دول العامل‪ ،‬فـ “أوباما” يحاول‬ ‫العودة بأمريكا اىل عهودها وقواعدها السابقة‪،‬‬ ‫أي إىل يشء من “الرباغامتية” التي تظهر من‬ ‫خالل تقربه من املشاكل الدولية التي يحاول‬ ‫حلها يف حدود اإلمكانيات املتاحة‪ ،‬ألن أمريكا‬ ‫ال تستطيع خوض حرب يف أفغانستان والعراق‬ ‫والباكستان‪ ،‬وأن تفتح عىل جبهات العامل مع‬ ‫التهديدات يف كوريا الشاملية وانفجارات إلخ‪..‬‬ ‫أما إذا أردنا أن نحكم عليه من خالل البيئة‬ ‫التي نشأ فيها‪ ،‬والعالقات التي كانت لديه داخل‬ ‫الحزب الدميقراطي وخارجه وقربه من اليسار‬ ‫واألجواء الليربالية‪ ،‬ما يجعله عىل دراية واسعة‬ ‫عن العامل املتواجد خارج الواليات املتحدة‪ ،‬فهو‬ ‫بشكل من األشكال يعطي لشعوب األمم األخرى‬ ‫فرصة للتأثري عىل السياسة األمريكية‪ ،‬فإذا‬ ‫أحسنت االستفادة منها ميكن أن تخفف الكثري‬ ‫من املشاكل عىل أمريكا والعامل يف نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬وهذا ما تفعله الصني وروسيا والربازيل‬ ‫وأمريكا الالتينية وغريها‪ ،‬حيث يشهد العامل‬ ‫اليوم تراجعاً لقوى عظمى‪ ،‬يقابله صعود لقوى‬ ‫جديدة ش ّكلت الصني النموذج األبرز بينها حيث‬ ‫عرفت الصني مرحلة جديدة‪ ،‬فالسوق الصينية‬ ‫الداخلية منت بحيث أصبح بإمكانها االستغناء‬ ‫عن السوق األمريكية‪ ،‬كام أنها تستخدم‬ ‫معظم صادراتها يف سوقها الداخلية بحيث‬ ‫سجلت هذه السنة أكرث من الواليات املتحدة‬ ‫يف نسبة استهالكها للسيارات‪ ،‬كام أنها‬ ‫خصصت أكرث من ترليون دوالر لبناء البنى‬ ‫التحتية عىل النطاق اإلقليمي العاملي بحيث‬ ‫أنها أصبحت بحد ذاتها السوق األساسية‬ ‫للصادرات اآلسيوية ما يخلق مناخاً جديداً يف‬ ‫العامل‪ ،‬والسري ببطء أو عرب التدرج الرسيع نحو‬ ‫عامل تعددي‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة لروسيا‬ ‫التي عادت لتربز من جديد فارضة زعامتها‬ ‫الدولية سياسياً واقتصادياً‪ ،‬أضف اىل ذلك‬ ‫التحول الكبري الذي يحصل اليوم يف أمريكا‬ ‫الالتينية حيث الرصاع بني تيارين رئيسيني‪:‬‬ ‫اشرتايك معتدل من جهة واشرتايك راديكايل‬ ‫من جهة أخرى‪ .‬كل ذلك يقع يف خانة املتغيرّ ات‬ ‫الدولية املهمة وال بد يف النهاية أن تؤثر عىل‬ ‫املنطقة نظراً لوجود حاجة ملحة للتغيرّ يف‬ ‫الداخل‪ ،‬وخري دليل عىل ذلك التحالف السوري‬ ‫– اإليراين الذي كان أثره كبرياً يف تغيرّ موازين‬ ‫القوى يف املنطقة‪ ،‬واألثر املبارش كان خالل‬ ‫تحالف‬ ‫السنة املاضية مع سقوط منظومة‬ ‫الدول العربية املعتدلة مع “إرسائيل”‪ ،‬التي‬ ‫سقطت بسقوط مرشوع “بوش”‪ ،‬الذي أرص‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عىل إقامة هذا التحالف بالرغم من أن البعض‬ ‫و”رايس” بالتحديد كانت تعرف أن هذا التحالف‬ ‫سيشكل حرجاً لدى تلك الدول العربية املعتدلة‬ ‫وبالتايل مشاكل وحروباً كبرية‪ ،‬وامتد هذا األثر‬ ‫اىل ترميم للعالقات السعودية السورية‪.‬‬ ‫وبالرغم من تلك املتغيرّ ات الحاصلة يف‬ ‫املنطقة التي ميكن أن تش ّكل مدخ ّال ملعالجة‬ ‫مسألة النظام اإلقليمي العاملي حفاظاً عىل‬ ‫الكيان العريب‪ ،‬واالستقرار يف املنطقة‪ ،‬ذلك‬ ‫االستقرار الذي يسمح بالتطور عىل الصعيدين‬ ‫االقتصادي والسيايس‪ ،‬إ ّال أن تلك املتغيرّ ات تبقى‬ ‫إيجابية من الخارج وليس من الداخل‪ ،‬خاصة يف‬ ‫ما يتعلق يف تطوير العالقات العربية‪ ،‬واإلصالح‬ ‫الداخيل الذي يبدأ بالنخب الحاكمة‪.‬‬ ‫أما يف ما يتعلق بالقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫فهي مرتبطة مبوضوع الخيارات والسيناريوهات‬ ‫والحلول املطروحة لها دولياً وحتى عربياً إلعالن‬ ‫الدولة الفلسطينية التي ليست “إرسائيل” يف‬ ‫وارد إعطاءها لها‪ ،‬بوجود شخص مثل “نتنياهو”‬ ‫أقىص ما توصل إليه هو استعداد “إرسائيل”‬ ‫إلعطاء الفلسطينيني دولة‪ ،‬وذلك بترصيح منه‪،‬‬ ‫كأن يطرح دولة مثل “أندورا” أو “بوستوريكو”‬ ‫وعىل الفلسطينيني االختيار‪ ،‬هذا الشعب الذي‬ ‫عاىن منذ حواىل ‪ 100‬عام‪ ،‬منذ قيام الدولة‬ ‫العربية‪ ،‬ويق ّدم التضحيات ويعاين من املهانة‬ ‫والذل‪ ،‬من املستبعد أن يقبل ح ًال من هذا النوع‬ ‫من هنا‪ ،‬كل تفكري يف حل ما يف ظل الظروف‬ ‫الراهنة خصوصاً العربية‪ ،‬هو تفكري غري واقعي‪،‬‬ ‫لعدم امتالك القيادات الفلسطينية يف الوضع‬ ‫الراهن ألي طرح‪ ،‬تقنع من خالله اإلرسائيليني‬ ‫فاإلرسائيليون يأخذون ما‬ ‫بتقديم التنازالت‪،‬‬ ‫يريدون‪ ،‬من بناء املستوطنات‪ ،‬وإقامة الجدار‬

‫‪10‬‬

‫العازل‪ ،‬والحصول عىل مساعدات من أمريكا‪،‬‬ ‫كام أنهم متكنوا من غزو األسواق العربية‪ ،‬كام‬ ‫ساهموا يف إسقاط الحكم يف العراق وتفكيكه‬ ‫بالرغم من وجود أكرب قوة عربية فيه تتمتع‬ ‫بالتوازن العسكري والدميوغرايف واالقتصادي‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬إذا كان هناك حل متوازن أم ال‪ ،‬فذلك ال‬ ‫يكون إ ّال يف ظل توازن قوى عربية‪ -‬إرسائيلية‪،‬‬ ‫وهذا غري متوفر يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫الجميع يبحث عن تنمية جديدة ومستدامة‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬والخروج من الهيمنة األجنبية‪،‬‬ ‫سواء كانت أمريكية أو أوروبية أو غريها‪ ،‬لكن‬ ‫ومتنام ال‬ ‫لحصول ذلك بشكل رسيع وفعال‬ ‫ٍ‬ ‫ب ّد من تفاهم عريب – إيراين هذا التفاهم غري‬ ‫موجود حالياً‪ ،‬ألنه يصطدم مبشاكل يجب حلها‬ ‫عىل وجه الرسعة مع قياداتها العربية‪ ،‬إضف‬ ‫اىل وجود رصاعات ذات طابع عقائدي وسيايس‬ ‫وشخيص‪ ،‬يجب االنتهاء منها وإعادة إرساء‬ ‫العالقات عىل أساس موضوعي يستفيد منه‬ ‫الطرفان موضوع الخالف‪ ،‬فمصلحة إيران اليوم‬ ‫أن يبقى العراق موجوداً يف الساحة العربية ألن‬ ‫العراق يش ّكل أحد مرتكزات النظام اإلقليمي‬ ‫العريب ومرص عندما يتم االتفاق فيام بينهم‬ ‫تعود املجموعة العربية إىل قوتها السابقة‪،‬‬ ‫والعالقات العربية العربية تشهد منواً وتطوراً‬ ‫من جديد‪ ،‬هذا رضوري من أجل إخراج املنطقة‬ ‫العربية من الهيمنة الخارجية‪ ،‬أضف إىل قضايا‬ ‫اسرتاتيجية أخرى ميكن التفاهم حولها‪ ،‬والتعاون‬ ‫يف إطارها ملصلحة البلدين املتخاصمني‪،‬‬ ‫ومنها مسألة امللف النووي اإليراين‪ ،‬حيث يربز‬ ‫التعاطي الدويل معه‪ ،‬كالتعاطي األمرييك‬ ‫بشكل انتقايئ الينسجم مع‬ ‫بصورة خاصة‪،‬‬ ‫الترشيعات الدولية‪ ،‬فإيران برتكيزها عىل حقها‬

‫يف استخدام الطاقة النووية كحق مطلق‪،‬‬ ‫تسعى اىل وضع املوضوع يف إطاره الصحيح‪،‬‬ ‫خاصة بعد إعالنها بأنها مع رشق أوسط خالٍ‬ ‫من أسلحة الدمار الشامل والنووي مقابل‬ ‫إعطاءها ضامنات بحصول ذلك‪ ،‬وهذا من حقها‬ ‫يف ظل وجود دولة كـ”إرسائيل” متلك أكرث من‬ ‫‪200‬رأس نووي أو رمبا متلك قنبلة نووية‪.‬‬ ‫كام أن الدور الرتيك ال يقل شأناً عن الدور‬ ‫اإليراين يف املنطقة خاصة يف مقدرته عىل‬ ‫الحفاظ عىل النظام الدميقراطي‪ ،‬يف منطقة‬ ‫مع األسف الشديد يشوبها تخلفاً كبرياً يف‬ ‫هذا اإلطار‪ ،‬إضف اىل الدميقراطية املوجودة‬ ‫هناك وما تشهده تركيا من تنمية واستقرار‪.‬‬ ‫ولكن ذلك ال مينع وجود تحديات تتعلق بكيفية‬ ‫حل مشكلة األقلية الكردية وغريها من‬ ‫القضايا‪ ،‬فهناك تركيز عىل أولوليات‪ ،‬دون‬ ‫االنجرار إىل رصاعات جانبية‪ ،‬من هنا موضوع‬ ‫األسلحة النووية يف العالقات اإليرانية الدولية‬ ‫ميكن أن يأخذ ح ّيزاً هاماً لكن ليس بأهمية البناء‬ ‫يف الداخل والتنمية وتطوير العالقات مع دول‬ ‫الجوار‪ ،‬وأهمية البنية الدفاعية‪ ،‬وحق االستخدام‬ ‫السلمي للطاقة النووية‪.‬‬ ‫بهذا املعنى موقف تركيا هو األقرب إىل‬ ‫الصواب‪ ،‬فرتكيا تحولت إىل منر آسيوي جديد‬ ‫كام حصل يف أندونيسيا وماليزيا ودول أخرى يف‬ ‫جنوب رشق آسيا‪ ،‬يف وقت مل يحقق فيه أي بلد‬ ‫عريب هذا االخرتاق ال عىل الصعيد االقتصادي‬ ‫وال عىل الصعيدين السيايس واألمني‪.‬‬

‫عربيد‬ ‫ويف اإلطار نفسه‪ ،‬و يف قراءة لألوضاع‬ ‫السياسية التي حصلت يف العام ‪ 2009‬عىل‬ ‫الصعيد الدويل والعريب بد ًءا من إيران مروراً‬ ‫برتكيا وصوالً إىل تقدم اليمني يف أوروبا كان‬ ‫لـ “منرب التوحيد” لقاء مع الدكتور وليد عربيد‬ ‫األستاذ الجامعي والباحث ورئيس جمعية‬ ‫خريجي الجامعات الفرنسية‪ ،‬يف قراءة حول‬ ‫األحداث السياسية التي حصلت يف املنطقة‬ ‫والعامل وتداعياتها‪ ،‬حيث أشار إىل أننا اليوم يف‬ ‫عامل يتغيرّ ويتّجه نحو التحوالت الكربى يف‬ ‫قلب معادلة جديدة هي عامل تعدد األقطاب‪ ،‬مع‬ ‫سقوط مقولة النظام العاملي بقيادة الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬ما دفعها إىل التشاور مع‬ ‫االتحاد األورويب‪ ،‬وإعادة النظر يف املعاهدات التي‬ ‫و ّقعتها مع االتحاد السوفيايت سابقاً خاصة‬ ‫يف تقليص أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬وانتهاج‬ ‫مباحثات مع العمالق االقتصادي الجديد الصني‪،‬‬ ‫املؤهلة ألن تكون قطباً دولياً كالهند والربازيل‬ ‫نظراً للتحوالت الحاصلة‪ ،‬خاصة بعد األزمة‬ ‫املالية العاملية التي حصلت يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬وما نتج عنها من انهيار تام للفكر‬ ‫االقتصادي األمرييك‪.‬‬

‫االسرتاتيجية األمريكية حققت‬ ‫هدفها الباطني من غزو العراق‪،‬‬ ‫من خالل عقد اتفاقية تعاون‬ ‫مع حكومة املاليك تتيح لها‬ ‫االستفادة من النفط العراقي‬ ‫متوضع تركيا داخل العامل‬ ‫اإلسالمي إىل جانب إيران‪ ،‬ال مينع‬ ‫من زيارة «أردوغان» إىل الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية وطرح دور يف‬ ‫إعادة تشكيل ما يسمى بالعامل‬ ‫اإلسالمي والرشق األوسط الجديد‪،‬‬ ‫وهذا ما تخافه «إرسائيل»‬ ‫لقد شهد العام ‪ 2009‬تغيرّ ات جديدة عىل‬ ‫الساحة الدولية مت ّثلت بوصول أ ّول رئيس من‬ ‫أصول أفرو‪-‬أمريكية إىل الحكم يف الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬الذي كان انتخابه انتقائياً لسحب‬ ‫اإلدارة األمريكية من الوحول التي وقعت فيها‬ ‫يف العراق وأفغانستان‪ ،‬وما حصل يف الرشق‬ ‫األوسط من حرب متوز ‪ 2006‬وما نتج عنها من‬ ‫توريط االقتصاد األمرييك‪ ،‬الذي مل يكن لديه‬ ‫سبب األزمة االقتصادية‬ ‫رادع أو معايري لربطه ما‬ ‫ّ‬ ‫التي كانت من املمكن أن تؤدي إىل انهيار تام‬ ‫لالقتصاد األمرييك‪.‬‬ ‫واعترب عربيد أن انتخاب “أوباما” يعود أوالً إىل‬ ‫حل األزمة االقتصادية التي وقعت فيها الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية وثانياً استعادة حديقتها‬ ‫الخلفية‪ ،‬أي أمريكا الجنوبية‪ ،‬إذ نالحظ اليوم‬ ‫تم‬ ‫مت ّرداً كبرياً هو “تشافيز” و”موراليس” الذي ّ‬ ‫انتخابه‪ ،‬و”تشييل” وغريهم‪ ،‬وثالثاً وهي نقطة‬ ‫أساسية ال أحد يعريها انتباها‪ ،‬هو التوجه اليوم‬

‫‪11‬‬

‫إىل رصاع مستقبيل جديد يتمثل يف القارة‬ ‫اإلفريقية‪ ،‬خاصة بعد غزو األسواق الصينية‬ ‫لها‪ ،‬وإىل تحديد أولويات السياسة الخارجية‬ ‫األمريكية يف كيفية تطويق اإلرهاب ومنعه من‬ ‫الدخول إىل العمق األمرييك االسرتاتيجي‪ ،‬ما‬ ‫يعني القضاء عىل اإلرهاب يف معقل داره يف‬ ‫الباكستان وأفغانستان‪ ،‬لذلك كانت األولوية‬ ‫يف خطاب “أوباما” واالسرتاتيجية األمريكية‬ ‫تقوم عىل كيفية السيطرة أو حسم املعركة‬ ‫يف أفغانستان‪.‬‬ ‫كل هذه املعايري تجعلنا نرى إىل أين الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية ذاهبة يف وضع اسرتاتيجية‬ ‫القرن الواحد والعرشين‪.‬‬ ‫أما يف العمق بالنسبة إىل ما يربط الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية بالرشق األوسط‪ ،‬فالواليات‬ ‫املتحدة األمريكية منذ حرب ‪ 2003‬عىل العراق‬ ‫حني اتخذت األمم املتحدة القرار ‪ 1441‬ون ّفذته‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا يف حربها‬ ‫عىل العراق بحجة امتالكه ألسلحة الدمار‬ ‫الشامل‪ ،‬يف حني أن هناك هدفاً آخر لتلك الحرب‬ ‫هو وضع اسرتاتيجية كاملة ملنطقة الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬ورسم خريطة سياسية جديدة لها‪.‬‬ ‫فالحرب عىل العراق كانت أهميتها أنه يف شهر‬ ‫واحد دخلت أمريكا العراق‪ ،‬ولكن انعكاسها‬ ‫عىل الواليات املتحدة األمريكية كان أكرب‪ ،‬إذ‬ ‫دخلت يف وحول العراق ووحول منطقة الرشق‬ ‫األوسط ألنها مل تستطع إىل اآلن أن تجد ح ًال‬ ‫للوضع األسايس يف منطقة الرشق األوسط‬ ‫الذي هو القضية الفلسطينية‪ ،‬ولكن بالرغم‬ ‫من أن االسرتاتيجية األمريكية اصطدمت‬ ‫بعراقيل إ ّال أنها حققت هدفها الباطني من‬ ‫خالل االتفاقية التي عقدتها مع حكومة‬ ‫املاليك عىل إقامة اتفاقية تعاون أمريكية‬ ‫عراقية‪ ،‬تتيح للواليات املتحدة األمريكية‬ ‫االستفادة من النفط العراقي‪ ،‬من هنا نالحظ‬ ‫أن القوات العسكرية األمريكية أينام ُو ِجدت‪،‬‬ ‫إن ُو ِجدت يف الجنوب يف مناطق الشيعة ويف‬ ‫الشامل يف مناطق األكراد‪ ،‬يتزامن ذلك مع‬ ‫انتقاء نائب رئيس الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫“جو بايدن” الذي كان صاحب القرار الشهري‬ ‫يف مجلس الشيوخ عىل أن العراق ليس دولة‬ ‫موحدة‪ ،‬بل يجب أن يكون دولة فيدرالية قابلة‬ ‫للتقسيم‪ ،‬ما يتيح إقامة دولة كردية مستقلة‪،‬‬ ‫قادرة أن تؤذي جريانها وبالتحديد تركيا‪ ،‬أضف‬ ‫إىل وجود نقطة جد أساسية يف منطقة‬ ‫الرشق األوسط غري امللف العراقي هو امللف‬ ‫النووي اإليراين‪ ،‬من هنا نجد أن حلف بغداد‬ ‫الذي هدف لتطويق االتحاد السوفيايت كان له‬ ‫زاويتان أساسيتان هام تركيا وإيران‪ ،‬وكذلك‬ ‫مواجهة الصعود القومي العريب يف وجه عبد‬ ‫النارصالذي يتم ّثل اليوم بإيران‪.‬‬ ‫فإيران بنتيجة القول‪ :‬دولة مهمة يف أمن‬ ‫منطقة الرشق األوسط‪ ،‬وزاوية أساسية يف‬ ‫العالقات الدولية‪ ،‬كام أنها دولة صاعدة وواعدة‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫يف نفس الوقت‪ ،‬صاعدة بأن ث ّبتت أقدامها يف‬ ‫هذه املنطقة‪ ،‬وواعدة كونها تلعب دوراً كبرياً يف‬ ‫منطقة الرشق األوسط‪ ،‬باتجاه حلحلة الوحول‬ ‫التي غطست فيها ليس فقط الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية بل أيضاً الحلف األطليس وحلفائها‬ ‫الغربيني يف الباكستان وأفغانستان‪ ،‬لذلك فإن‬ ‫امللف النووي اإليراين ما هو إ ّال م ّربر للمباحثات‬ ‫الفعلية مع إيران‪ ،‬ألن الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫تتخ ّوف اليوم من أن تقع هذه الطاقة الجديدة‬ ‫يف أيدي ما يسمى “اإلرهاب”‪.‬‬ ‫التحوالت الكربى الحاصلة أعادت متوضع‬ ‫العامل اإلسالمي‪ ،‬هذا العامل الكبري والفضفاض‬ ‫الذي يتسع ملليار و‪ 200‬مليون نسمة‪ ،‬يشمل‬ ‫إيران والعامل الرتيك والعامل العريب‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من كل ذلك نالحظ اليوم أن العامل العريب‬ ‫مرشذم ضمن محاور تختلف فيام بينها‪،‬‬ ‫والدليل عىل ذلك أزمة العراق‪ ،‬واألزمة اللبنانية‬ ‫واألزمة الفلسطينية‪ ،‬وأزمة اليمن والصومال‬ ‫وأزمة السودان‪ ،‬دارفور‪ ،‬إضافة اىل أزمة س ُيط َلق‬ ‫عليها فيام بعد أزمة النظام يف مرص بحيث‬ ‫أصبح النظام املرصي نظاماً عجوزاً يجب إعادة‬ ‫تجديده‪.‬‬ ‫ويرى عربيد أن السؤال األكرث طرحاً اليوم هو‬ ‫تركيا‪ ،‬التي وقفت يف العام ‪ 1945‬عىل مفرتق‬ ‫طرق لتواجد تيارين فيها‪ ،‬أحدهام إسالمي‬ ‫وعمقه االسرتاتيجي العامل اإلسالمي والعامل‬ ‫العريب مهمته القيام بإعادة تفاهم ومتوضع‬ ‫للعامل الرتيك‪ ،‬وآخر يتم ّثل بالجيش والعلامنيني‬ ‫كامل‬ ‫مصطفى‬ ‫مسرية‬ ‫متابعة‬ ‫مهمته‬ ‫“أتاتورك” لتغريب املجتمع الرتيك والدولة‪ ،‬وهذا‬ ‫االتجاه نجح حني أرسلت تركيا قوات عسكرية‬ ‫ملساندة الواليات املتحدة األمريكية واألمم املتحدة‬ ‫يف الحرب الكورية عام ‪ 1950‬ما جعلها عضواً‬ ‫فاع ًال يف الحلف األطليس‪ ،‬وقاعدة التنصت‬ ‫عىل االتحاد السوفيايت‪.‬‬ ‫بذلك أصبح هناك تالقياً بني املؤسسة‬ ‫التيار‬ ‫الراعية للعلمنة وبني‬ ‫العسكرية‬ ‫اإلسالمي املعتدل‪ ،‬من أجل الحفاظ عىل‬ ‫املكتسبات التاريخية للشعب الرتيك‪ ،‬وهو‬ ‫العودة إىل ما يسمى الدور الرتيك‪ ،‬ليس مبثابة‬ ‫الدولة العثامنية‪ ،‬بل مبثابة عودة تركيا إىل الجذور‬ ‫العربية املكتسبة بأن تكون أوالً عىل عالقة‬ ‫ممتازة مع الواليات املتحدة األمريكية والغرب‪،‬‬ ‫ولكن يف نفس الوقت أن تكون عىل عالقة‬ ‫مميزة أيضاً مع الدول العربية والدول اإلسالمية‪،‬‬ ‫وبالتحديد إيران وسوريا والعراق‪.‬‬ ‫ويعتقد عربيد أن متوضع تركيا داخل العامل‬ ‫اإلسالمي إىل جانب إيران‪ ،‬ال مينع أن يقوم‬ ‫“أردوغان” بزيارة إىل الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫ويطرح دوراً يف إعادة تشكيل ملا يسمى العامل‬ ‫اإلسالمي والرشق األوسط الجديد‪ ،‬ما جعل‬ ‫“إرسائيل” تخاف من الدور الذي تلعبه تركيا‪،‬‬ ‫وترفض دخولها كوسيط يف املباحثات غري‬ ‫املبارشة بني سوريا و”إرسائيل”‪ ،‬عىل عكس‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫سوريا التي تطالب بأن يكون لرتكيا دوراً فاع ًال‬ ‫يف املباحثات غري املبارشة بينها وبني “إرسائيل”‪،‬‬ ‫مشرياً إىل السيناريو الثاين الذي هو من غري‬ ‫املمكن أن يكون‪ ،‬واملتع ّلق يف رغبة الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية يف التوجه نحو إقامة عراق‬ ‫فيدرايل‪ ،‬والذي يخبئ أفكاراً مبطنة حول قيام‬ ‫دولة كردية مستقلة الحقاً‪ ،‬والتي ستكون‬ ‫مبثابة “فك كامشة” للضغط عىل الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وهذا ما ال ترىض به ال إيران وال تركيا‬ ‫وال سوريا وال حتى العراق‪ ،‬ألن الدولة الكردية‬ ‫املستقلة تعني تفتيت بعض الدول وبالتحديد‬ ‫تركيا‪ ،‬هذا ما يدفعها أن تكون متيقظة إىل‬ ‫التغيرّ ات التي من املمكن أن تحصل يف الرشق‬ ‫األوسط‪.‬‬ ‫امللف الرابع هو ملف إعالن االتحاد األورويب‬ ‫عن شبه قرار يف جعل القدس عاصمة‬ ‫للدولتني‪ ،‬ما يؤ ّكد اعرتاف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية ألول مرة بإقامة دولة للفلسطينيني‬ ‫والذي اصطدم بعقلية اإلرسائييل وعقيدته‪،‬‬ ‫وخاصة اليمني املتطرف املوجود يف السلطة‬ ‫الذي لديه اسرتاتيجية أخرى وهي تهجري كل‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬غري أن حرب ‪ 2006‬أثبتت أن‬ ‫“إرسائيل” ال تستطيع اليوم وحتى بطرحها‬ ‫االسرتاتيجية الجديدة‪ ،‬هل “إرسائيل” الزالت‬ ‫قاعدة متقدمة بالنسبة للواليات املتحدة‬ ‫بقاعدة‬ ‫استبدالها‬ ‫سيتم‬ ‫أم‬ ‫األمريكية‬ ‫أو حليف آخر يحمي مصالحها‪ ،‬وهنا تعي‬ ‫“إرسائيل” ويف تحليل شامل للعالقات الدولية‬ ‫بالنسبة للقضية الفلسطينية‪ ،‬أن الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية منذ مبادرة “وليام روجرز”‬ ‫عام ‪ 1970‬وبعده “هرني كسنجر”‪ ،‬كانت‬ ‫تلعب دور الوسيط لحلحلة عقد منطقة‬ ‫الرشق األوسط التي هي من ضمن مصالحها‪،‬‬ ‫ما يؤ ّكد أن الواليات املتحدة األمريكية كانت‬ ‫وسيطاً ويف الوقت نفسه تعترب أن “إرسائيل”‬ ‫هي حاملة الطائرات الربية للواليات املتحدة‬ ‫األمريكية إن لتطويق االتحاد السوفيايت‬ ‫وحامية آبار النفط أو لتطويع دول املنظومات‬ ‫العربية كاملة‪ ،‬خاصة بعد أن شعر الرئيس‬ ‫“بوش” بالخطر يحدق بقيادته‪ ،‬بسبب املثلث‬ ‫النفطي إيران الذي هو مشكلته حتى اآلن‪،‬‬ ‫ما جعل بوش يطرح ما يسمى مرشوع‬ ‫الفلسطينية‪-‬‬ ‫اإلرسائيلية‪-‬‬ ‫الكونفدرالية‬ ‫األردنية التي قابلها يف التسعينات دائرة‬ ‫أخرى سورية‪ -‬لبنانية‪ ،‬وكان هناك خالفاً حول‬ ‫من سيسيطر عىل الفراغ االسرتاتيجي‬ ‫املوجود يف العراق‪ ،‬وهذه كانت اللعبة‬ ‫االسرتاتيجية لوصول ‪ 11‬أيلول الذي أحدث‬ ‫خل ًال يف املعادلة‪.‬‬ ‫فالواليات املتحدة األمريكية ألول مرة‬ ‫برئاسة “أوباما” وقبله “بوش”‪ ،‬نظرت إىل الدولة‬ ‫الفلسطينية ليس محبة فيها‪ ،‬بل ألن كل‬ ‫األزمات والحركات االستعامرية التي بدأت يف‬ ‫القرن العرشين‪ ،‬تم إيجاد حل لها حتى قضية‬

‫‪12‬‬

‫جنوب أفريقيا‪ ،‬لتبقى املسألة الوحيدة التي‬ ‫ألنها‬ ‫الفلسطينية‬ ‫القضية‬ ‫هي‬ ‫تشغلها‬ ‫واقتصادية‪،‬‬ ‫جيوسياسية‬ ‫بعوامل‬ ‫مرتبطة‬ ‫وكذلك بسؤال يفرض نفسه ماذا تفعل بـ‬ ‫“إرسائيل” التي عملت عىل إنشائها عام ‪1948‬‬ ‫لتحمي مصالحها‪.‬‬ ‫ويعترب الدكتور عربيد أن العامل األسايس‬ ‫اليوم هو ما صدر يف االتحاد األورويب من اتخاذ‬ ‫قرار دويل لالعرتاف بالقدس عاصمة للدولتني‪،‬‬ ‫والجميع يعرف أنه قبل استالم “أوباما” السلطة‬ ‫وقعت الحرب عىل غزة‪ ،‬بفعل القرار الذي اتخذ‬ ‫رساً يف “بروكسل”‪ ،‬بأن تعرض أمريكا عىل‬ ‫“إرسائيل” ثالث نقاط لحلحلة امللف الفلسطيني‬ ‫والتي تشمل القدس عاصمة الدولتني‪ ،‬الالجئني‪،‬‬ ‫وأيضاً أمن وحامية “إرسائيل”‪ .‬ثالث نقاط جد‬ ‫أساسية‪ :‬بدأ اليوم األوروبيون بالقدس ولكن‬ ‫“نتنياهو” مل يقبل بها‪( ،‬كادميا) َق ِبل بها مع‬ ‫تعديل موازين القوى الدميغرافية يف القدس‪،‬‬ ‫ترسع‬ ‫ومنذ صدور هذا القرار كانت “إرسائيل”‬ ‫ّ‬ ‫يف تهديم البيوت العربية لتقيم املستوطنات‬ ‫مكانها‪ ،‬إىل أن توصلوا إىل اتفاق بتدويل القدس‬ ‫ليكون هناك رشطة دولية تحمي األماكن‬ ‫الدينية املسيحية واإلسالمية واليهودية‪ ،‬وقبلوا‬ ‫بها وبإعادة فتح منزل الرشق الذي اعترب سفارة‬ ‫فلسطينية يف “إرسائيل” ومع اصطدام هذه‬ ‫النقاط بعراقيل‪ ،‬اضطرت “إرسائيل” إىل القيام‬ ‫بحرب عىل غزة‪.‬‬ ‫فيام يتع ّلق بالالجئني‪ ،‬لقد تك ّفل بإقامة‬ ‫صندوق متويل بقيمة ‪ 200‬مليار دوالر مم ّول من‬ ‫رحبت‬ ‫بعض الدول العربية واالتحاد األورويب‪ ،‬وقد ّ‬ ‫القيادات اإلرسائيلية بهذا القرار ما عدا بعض‬ ‫الفصائل الفلسطينية التي رفضتها ألن هذا‬ ‫األمر ّ‬ ‫يخل بقرار األمم املتحدة ‪ 194‬واملتع ّلق بحق‬ ‫العودة‪.‬‬ ‫النقطة الثالثة وهي حامية”إرسائيل”‪ ،‬التي‬ ‫تطالب بوضع قوات دولية عىل حدود غزة متنع‬ ‫دخول السالح إليها‪ ،‬فيام الهدف الحقيقي‬ ‫منه نرش قوات دولية وبالتحديد أوروبية لحامية‬ ‫“إرسائيل” عىل طول حدود الـ‪.67‬‬ ‫من هنا‪ ،‬نحن اليوم أمام ما يسمى تسوية‬ ‫تاريخية يف هذا امللف‪ ،‬ولكن حتى اآلن مل‬ ‫تستطع الدول األوروبية وال األمريكية تغيري أو‬ ‫إيجاد حل عادل لحقوق الشعب الفلسطيني‬ ‫التي يربزها اإلعالم أمام العامل‪ ،‬ألن “إرسائيل”‬ ‫التزال تحاول عرقلة األمور تحت روادع عديدة منها‪:‬‬ ‫عمقها االسرتاتيجي يف حال أصبح هناك‬ ‫دولة قابلة للحياة‪ ،‬كام أنه من املمكن أن تقوم‬ ‫“إرسائيل” بتوريط الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫بشن غارة جوية عىل املفاعل واملنشآت النووية‬ ‫يف إيران‪ ،‬وهنا الواليات املتحدة األمريكية يف‬ ‫املناورات التي قامت بها مع “إرسائيل” وتركها‬ ‫لبارجة مدمرة فيها إمنا لتقول لها‪ :‬إن حاميتها‬ ‫مؤمنة وليس فقط من الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية بل أيضاً من قيادتها العسكرية‪،‬‬

‫وهنا ال ميكن القول أن أمريكا مؤمنة الحامية‬ ‫لـ”إرسائيل”‪ ،‬بل عىل “إرسائيل” أن تقتنع وترىض‬ ‫بهذا القرار‪.‬‬ ‫ما حصل اليوم يف تكبيل اسرتاتيجية‬ ‫وسياسة “أوباما” تجاه حلحلة امللف اإلرسائييل‬ ‫وحتى يف خطابه الذي أعلنه يف القاهرة وتركيا‪،‬‬ ‫أثبت اليوم أنه ليس قادراً عىل التغ ّلب عىل‬ ‫اللوبيات اإلرسائيلية واليهودية املوجودة يف‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬إضافة إىل الضعف‬ ‫العريب الناتج عن عدم قيام قوة عربية يكون لها‬ ‫دوراً فعاالً داخل املحافل الدولية‪ ،‬ما يؤ ّكد اليوم أن‬ ‫سياسة القوة التي تنتهجها “إرسائيل” يجب‬ ‫أن يقوم مقابلها اسرتاتيجية قوة أخرى تقول أن‬ ‫املبادرة التي طرحتها اململكة العربية السعودية‬ ‫يف مؤمتر القمة العربية يف بريوت عام ‪2002‬‬ ‫هي مبادرة تحتكم إىل إقامة سالم شامل‬ ‫وعادل السرتداد األرايض العربية التي احتلتها‬ ‫“إرسائيل” ما يش ّكل مكسباً لها وليس للعرب‬ ‫الذين يخرسون اليوم يف االتفاق عىل قيام دولة‬ ‫فلسطني‪ ،‬يف حني أن “إرسائيل” أصبحت كيانا‬ ‫موجودا عىل نقيض فلسطني‪ ،‬وهنا ستنشأ‬ ‫معارضة من العرب إليجاد سالم شامل وعادل‬ ‫يؤدي إىل اسرتداد األرايض‪ .‬فـ”إرسائيل” اليوم‬ ‫يف بناء الجدار العازل إمنا تعمل عىل حاميتها‬ ‫وليس منعاً لدخول األسلحة‪ ،‬وهكذا من املمكن‬ ‫أن ُتحمى “إرسائيل” من قبل القرارات الدولية‬ ‫والتفاعل أيضاً من قبل الفصائل الفلسطينية‬ ‫املقاتلة‪ ،‬ألن املقاومة هي مقاومة عسكرية‬ ‫وسياسية يف املفاوضات‪.‬‬ ‫فاليوم هناك عودة لتموضع اليمني املتطرف‬ ‫األورويب‪ ،‬ليس فقط يف فرنسا وأملانيا بل يف كل‬ ‫أوروبا‪ ،‬وذلك يعود النتكاسات النظام املعييش‬ ‫واالجتامعي وحتى االقتصادي يف تلك الدول‪.‬‬ ‫ضم التناقضات‬ ‫وبالرغم من أن االتحاد األورويب ّ‬ ‫األوروبية يف دولها وإثنياتها ضمن إطار سقف ما‬ ‫يسمى االتحاد األورويب‪ ،‬يعتقد عربيد بأنه يجب‬ ‫عىل العرب التوجه أكرث فأكرث إىل التفاهم مع‬ ‫املجتمع األورويب كوننا نش ّكل مداه االسرتاتيجي‬ ‫كام يش ّكل مدانا االسرتاتيجي‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫املشاريع األورومتوسطية‪ ،‬أو االتحاد من أجل‬ ‫املتوسط‪ ،‬ورغم ذلك التزال هناك عقدة أساسية‬ ‫يجب عىل أوروبا والواليات املتحدة األمريكية‬ ‫ح ّلها‪ ،‬هي مسألة الحقوق املرشوعة للشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬

‫محمد نور الدين‬ ‫أما عىل صعيد الدور الرتيك يف املنطقة‪،‬‬ ‫أ ّكد نور الدين أن املوقف الرتيك من الربنامج‬ ‫وموحد يف الوقت نفسه‪،‬‬ ‫النووي اإليراين واضح‬ ‫ّ‬ ‫يتجسد يف النقاط التالية‪:‬‬ ‫ذلك ألنه هذا األمر‬ ‫ّ‬ ‫أوالً من حيث املبدأ‪ ،‬تركيا ضد وجود سالح‬ ‫نووي ليس فقط يف إيران بل يف كل املنطقة‬

‫ تركيا تؤ ّيد حق إيران املطلق‬‫يف استخدام الطاقة النووية‬ ‫ألغراض سلمية‪ ،‬وهو ما تضمنه‬ ‫القوانني الدولية ووكالة الطاقة‬ ‫الذرية‬

‫وهي تشري دامئاً اىل “إرسائيل” وباالسم‪ ،‬وثانياً‬ ‫إن تركيا تؤ ّيد حق إيران املطلق يف استخدام‬ ‫الطاقة النووية ألغراض سلمية‪ ،‬وهذا الحق‬ ‫تضمنه القوانني الدولية ووكالة الطاقة الذرية‪،‬‬ ‫ليس فقط إليران بل لكل دول العامل‪ ،‬أما‬ ‫النقطة الثالثة يف املوقف الرتيك من الربنامج‬ ‫النووي اإليراين‪ ،‬تؤ ّكد عىل أن هذا امللف ال ميكن‬ ‫أن ُي َحل أبداً عن طريق العنف واستخدام القوة‪،‬‬ ‫أي من خالل توجيه رضبة عسكرية عىل إيران‪،‬‬ ‫تكتف بإظهار‬ ‫بل بالطرق السلمية‪ .‬وتركيا ال‬ ‫ِ‬ ‫هذا املوقف‪ ،‬كونها تدرك جيداً أن أي رضبة‬ ‫تجاه إيران تحت ذريعة احتامل إنتاج إيران لقنبلة‬ ‫إيرانية سينعكس كارثة‪ ،‬ليس فقط عىل إيران‬ ‫بل عىل كل املنطقة‪ ،‬وستكون تركيا من أوائل‬ ‫الدول املترضرة من هذه الرضبة‪ ،‬أوالً ألن العالقات‬ ‫الرتكية تتو ّثق يوماً بعد يوم مع إيران اقتصادياً‬ ‫وسياسياً وما اىل ذلك‪ ،‬إضف اىل أن العنف‬ ‫كام حدث يف العراق‪ ،‬عندما يبدأ يف منطقة‬ ‫ومع دولة كبرية مثل إيران فإنه لن يعدم احتامل‬ ‫انتقاله اىل دول أخرى‪ ،‬وأيضاً كانت تركيا تتخوف‬ ‫من أن تكون أي رضبة إليران هي املحطة الثانية‬ ‫يف مسلسل بدأ يف العراق وقد يستكمل دوره‬ ‫عىل صعيد رضب الدول املركزية يف املنطقة‬ ‫اىل أن تكون تركيا إحدى محطاته الالحقة‪،‬‬ ‫ولهذا السبب تسعى تركيا بكل قوتها اىل عدم‬ ‫لجوء الغرب حتى اىل محاولة تشديد العقوبات‬ ‫عىل إيران ألن مثل هذه العقوبات سترض أيضاً‬ ‫برتكيا‪ ،‬عىل اعتبار أنها دولة مجاورة جغرافياً‬ ‫إليران‪ ،‬وبالتايل تركيا عىل استعداد لتقديم كل‬ ‫التسهيالت سواء للغرب أو للجانب اإليراين‬ ‫من أجل حل هذه املشكلة سلمياً‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫استضافة محادثات بينهام عىل األرايض‬ ‫الرتكية‪ ،‬واستعدادها “الستضافة” اليورانيوم‬ ‫عىل أراضيها بني إيران والعامل الغريب‪.‬‬ ‫وأشار نور الدين اىل أن العالقات الرتكية –‬ ‫اإلرسائيلية متر مبرحلة من التوتر الواضح‪ ،‬الذي‬ ‫بدأ بشكل ج ّدي بعد العدوان عىل غزة‪ ،‬الذي‬ ‫أعقب زيارة رئيس حكومة العدو “أوملرت” اىل‬

‫‪13‬‬

‫ العالقات الرتكية – اإلرسائيلية‬‫متر مبرحلة من التوتر الواضح‬ ‫الذي بدأ بعد العدوان عىل غزة‪،‬‬ ‫وتركيا تريد إيجاد موطئ قدم‬ ‫لها لتصعيد نفوذها وتأثريها يف‬ ‫العامل العريب واإلسالمي‬ ‫تركيا بعدة أيام‪ ،‬وبالتايل بدا كام لو أن تركيا‬ ‫عىل علم مسبق بهذا العدوان وبالتايل بدت‬ ‫وكأنها أعطت الضوء األخرض بشكل أو بآخر‬ ‫للقيام به‪ ،‬وهذا ما أثار حفيظة األتراك ورأوا‬ ‫أنه يف مثل هذا الجو العدواين عىل غزة ال‬ ‫ميكن الحديث عن أي محادثات سالم بني سوريا‬ ‫و”إرسائيل”‪ ،‬وبالتايل توقفت هنا الوساطة‬ ‫ليست برغبة تركية‪ ،‬ولكن ألن “إرسائيل” هي‬ ‫وجهت رضبة قوية ملثل هذه الوساطة‪،‬‬ ‫التي ّ‬ ‫ومع ذلك ميكن القول أنه رغم كل التوترات‬ ‫يف العالقات بني تركيا و”إرسائيل” التزال هناك‬ ‫حاجة‪ ،‬كام ذكر الرئيس بشار األسد‪ ،‬اىل أن‬ ‫تكون العالقات الرتكية جيدة مع “إرسائيل”‪،‬‬ ‫ألنه من دون عالقات جيدة من الجانب الرتيك مع‬ ‫أطراف النزاع ال ميكن لها القيام بدور الوساطة‪،‬‬ ‫وأ ّكد نور الدين عىل أن تركيا ليست هي التي‬ ‫تبادر اىل فرض نفسها كوسيط بني سوريا‬ ‫و”إرسائيل” أو بني هذا الطرف أو ذاك يف املنطقة‬ ‫بالنسبة لنزاعات أخرى‪ ،‬بل هي تقوم مبثل هذا‬ ‫الدور بناء لطلب من األطراف املعنية‪ ،‬مشرياً‬ ‫اىل أنه عندما حاولت “إرسائيل” القول أنها‬ ‫ليست بحاجة اىل الوسيط الرتيك وأنه ميكن‬ ‫لها أن تجلس مبارشة يف مفاوضات مع سوريا‪،‬‬ ‫هو كالم يعرف الجميع أنه ال ميكن تحقيقه عىل‬ ‫أرض الواقع‪ ،‬ألنه إذا كانت “إرسائيل” تريد ذلك‬ ‫فسوريا عىل األقل ترفض مثل هذا األمر بل‬ ‫وأكرث من ذلك سوريا رفضت حتى الوساطة‬ ‫وترص عىل أن‬ ‫الفرنسية بينها وبني “إرسائيل”‬ ‫ّ‬ ‫تكون تركيا هي الوسيط‪ ،‬اىل جانب الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬الوسيط الفعيل والحقيقي‬ ‫القادر عىل الضغط عىل “إرسائيل” وحامية أي‬ ‫يتم التوصل إليه‪ ،‬وهذا ما يجمع عليه‬ ‫اتفاق قد ّ‬ ‫كل األطراف‪.‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫واعترب نور الدين أن االنفتاح الرتيك عىل‬ ‫سوريا هو جزء من السياسة الخارجية الرتكية‬ ‫الجديدة‪ ،‬قوامها الخروج من االصطفافات‬ ‫السابقة وعدم بقائها يف املحاور التي كانت فيها‬ ‫تركيا‪ ،‬وهو املحور الغريب اإلرسائييل‪ ،‬مشرياً اىل‬ ‫أن هذا ال يعني أن تركيا يف صدد إنشاء محاور‬ ‫جديدة تكون جزءا منها‪ ،‬فخروجها أو عدم‬ ‫بقائها يف الرشوط نفسها التي كانت عليها‬ ‫يف املحور الغريب السابق ال يعني استبداله‬ ‫مبحاور جديدة‪ ،‬ألن السياسة الرتكية الجديدة‬ ‫تقول بأن تبقى تركيا عىل مسافة واحدة من‬ ‫كل األفرقاء والجريان‪ ،‬وأن تكون عالقاتها جيدة‬ ‫ضمن ما يسمى بسياسة تصفري “من كلمة‬ ‫صفر” املشكالت مع جريانها‪ ،‬يف هذا اإلطار‬ ‫أينام ّ‬ ‫متكنت تركيا من أن تط ّور عالقاتها مع‬ ‫َ‬ ‫تتوان عن فعل‬ ‫جريانها أو مع غريهم‪ ،‬فهي ال‬ ‫ذلك‪ ،‬ووجدت يف سوريا جاراً قادراً ملالقاتها‪ ،‬ليس‬ ‫يف منتصف الطريق بل اىل حدّ أقىص إلقامة‬ ‫تحسن‬ ‫أفضل العالقات بني الطرفني‪ ،‬بهدف‬ ‫ّ‬ ‫االنفتاح السوري‪-‬الرتيك الذي وصل اىل مرحلة‬ ‫إلغاء تأشريات الدخول أو أصبح ُيعرف بفتح‬ ‫الحدود‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية ألن تركيا‬ ‫وسوريا تتقاسامن التحديات التي تواجههام‬ ‫يف بعض املسائل‪ ،‬فرتكيا بحاجة اىل التعاون‬ ‫مع قوى إقليمية أخرى مثل سوريا والعراق‬ ‫وإيران ملواجهة أحد أكرب التحديات الذي نتجت‬ ‫ثم إن‬ ‫عن احتالل العراق أي املشكلة الكردية‪ّ ،‬‬ ‫سوريا من جهة ثالثة هي البوابة الرتكية اىل‬ ‫العامل العريب‪ ،‬ومن دون عالقات جيدة مع سوريا‬ ‫ال ميكن ألي عالقات تركية‪ -‬عربية أن تستقيم‪،‬‬ ‫مهام كانت جيدة مع باقي الدول‪ ،‬كل هذه‬ ‫العوامل دفعت اىل أن تكون العالقات بني‬ ‫تركيا وسوريا ممتازة وصوالً اىل تأسيس مجلس‬ ‫التعاون االسرتاتيجي‪ ،‬ومثل هذه السياسة ال‬ ‫ميكن أن تنجح لوال وجود قيادة يف سوريا تنظر‬ ‫أيضاً اىل العالقات مع تركيا عىل أنها رضورة‬ ‫اسرتاتيجية ملصالح سوريا والعامل العريب‬ ‫عموماً ولرتكيا خصوصاً‪.‬‬ ‫أما يف ما يتع ّلق بالدور الرتيك ورؤيته للقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬أوضح نور الدين أنه عىل الرغم‬ ‫من مرور أكرث من ستني عاماً عىل عالقات وثيقة‬ ‫وصلت أحياناً اىل درجة التحالف بني تركيا‬ ‫و”إرسائيل”‪ ،‬وعىل الرغم من أن تركيا كانت أول‬ ‫دولة تعرتف بـها‪ ،‬إ ّال أن ذلك بقي عىل مستوى‬ ‫النظام يف تركيا‪ ،‬ألن القضية الفلسطينية‬ ‫موجودة يف وجدان الشعب الرتيك منذ أيام‬ ‫العثامنيني وحتى هذه اللحظة بل أكرث من‬ ‫ذلك‪ ،‬كان بعض السياسيني عىل الرغم من‬ ‫عالقاتهم الجيدة مع “إرسائيل”‪ ،‬يضطرون تحت‬ ‫ضغط الرأي العام والشارع الرتيك ألن يتخذوا‬ ‫إجراءات حتى أحياناً ضد “إرسائيل”‪ ،‬انسجاماً‬ ‫مع رأي الشارع الرتيك‪ ،‬فالتوتر األكرب يف‬ ‫العالقات الدبلوماسية حصل يف عهد حكومة‬ ‫االنقالب العسكري الذي جرى يف ‪ 12‬أيلول‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪ ،1980‬وأقفلت العالقات اىل رتبة سكريتري‬ ‫ثانٍ ‪ ،‬وأيضاً رئيس الحكومة السابق “بوالند‬ ‫أجاويد” يف العام ‪ ،2002‬وصف مامرسات “أرييل‬ ‫شارون” ضد جنني والضفة الغربية باإلبادة‪،‬‬ ‫وهو العلامين والعدو اللدود للتيار اإلسالمي‪،‬‬ ‫كذلك الرئيس رجب الطيب أردوغان تحدث‬ ‫عن إرهاب الدولة يف “إرسائيل” وأخرياً وقفته‬ ‫املشهود لها يف “دافوس”‪ ،‬بالتايل ومن حيث‬ ‫املبدأ القضية الفلسطينية موجودة يف وجدان‬ ‫الشعب الرتيك من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية فإن‬ ‫حزب العدالة والتنمية رغم أنه يف سياساته‬ ‫الخارجية يغ ّلب مصلحة تركيا العليا عىل أي‬ ‫يشء آخر‪ ،‬إال أن جذوره اإلسالمية تدفعه أحياناً‬ ‫اىل توظيف هذا العامل ليلعب دوراً يف مواقفه‬ ‫من بعض القضايا وال سيام يف ما حدث يف‬ ‫غزة‪ ،‬وهو ما تك ّرر حتى هذه اللحظة وطوال‬ ‫العام ‪ 2009‬عىل لسان الرئيس رجب طيب‬ ‫أردوغان‪ ،‬وخصوصاً يف عبارته املشهورة “حيث‬ ‫يكون مظلومون فنحن سنكون معهم”‪ .‬كذلك‬ ‫األمر بالنسبة لوزير الخارجية الرتيك أحمد داود‬ ‫أوغلو الذي تحدث عن أنه مادام هناك مأساة يف‬ ‫غزة فال ميكن أبداً أن تصطلح العالقات الرتكية‬ ‫اإلرسائيلية أو أن تعود تركيا اىل دور الوسيط‬ ‫بني سوريا و”إرسائيل”‪ ،‬مبعنى أن غزة تح ّولت اىل‬ ‫معيار يف السياسة الخارجية الرتكية‪ ،‬وهذا‬ ‫يف‬ ‫الفلسطينية‬ ‫القضية‬ ‫أهمية‬ ‫يعكس‬ ‫السياسة الخارجية الرتكية‪ ،‬مع اإلشارة اىل أنه‬ ‫من دون املرور بالقضية الفلسطينية يعتقد نور‬ ‫الدين أنه ال ميكن ألي دولة عربية أو إسالمية‬ ‫أو دولية أن تجد معرباً لها اىل قلوب العرب‬ ‫واملسلمني‪ .‬من هنا فإن تركيا يف سياستها‬ ‫الخارجية الجديدة تريد أن تجد موطئ قدم لها‪،‬‬ ‫وأن يتص ّعد نفوذها وتأثريها يف العامل العريب‬ ‫يتم إ ّال من خالل‬ ‫واإلسالمي وهذا ال ميكن أن ّ‬ ‫القرارات الفلسطينية تحديداً‪.‬‬ ‫ويف إطار االتفاق الرتيك‪ -‬األرمني الذي ُو ّقع‬

‫‪14‬‬

‫تم التوصل إليه يف عام‬ ‫يف نهاية آب ‪ 2009‬أو ّ‬ ‫ثم ُو ِّقع يف مطلع ترشين األول ‪،2009‬‬ ‫‪ّ ،2009‬‬ ‫اعترب نور الدين أنه الشك إنجاز تاريخي‪ ،‬وخرق‬ ‫يتم‬ ‫لجدار العداء بني تركيا وأرمينيا‪ ،‬إذ ألول مرة ّ‬ ‫التوصل اىل اتفاق بني البلدين منذ تأسيسهام‬ ‫بعد الحرب العاملية األوىل‪ ،‬بالرغم من أنه التزال‬ ‫أمامه العديد من العقبات والعراقيل التي‬ ‫يتم سحبه‬ ‫قد تحول دون تنفيذه وبالتايل قد ّ‬ ‫من التداول أو إلغاؤه‪ .‬ومع وجود مخاطر من‬ ‫إمكانية إلغاء هذا االتفاق‪ ،‬لكنه وال شك‬ ‫خطوة إيجابية اىل األمام تعطي األمل بحل‬ ‫هذه املشكلة املزمنة والتي يكاد يقارب عمرها‬ ‫املئة عام بعد عدة سنوات‪ .‬وأ ّكد نور الدين عىل‬ ‫أن هذا االتفاق مل يكن السبب املبارش يف توتر‬ ‫العالقات بني تركيا و “إرسائيل”‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أ ّنه ق ّلل من حاجة تركيا اىل “إرسائيل”‪ ،‬ألن‬ ‫االنطباع أو القناعة التي تحاول بعض الفئات‬ ‫داخل تركيا ويف “إرسائيل” والغرب ترسيخها‬ ‫يف أذهان األتراك‪ ،‬هو أن مامرسة الواليات املتحدة‬ ‫تأثريها يف القضايا‪ ،‬التي تهم تركيا مت ّر عرب‬ ‫إقامة عالقات جيدة مع “إرسائيل”‪ ،‬وبالتايل‬ ‫اللويب اليهودي املوجود يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية وغالباً ما كان ُيص ّور عىل أن موقف‬ ‫اللويب اليهودي يف الكونغرس يف مواجهة‬ ‫اللوبيني األرمني واليوناين هو الذي يحسم‬ ‫بعض املواقف األمريكية لصالح تركيا‪.‬‬ ‫وحول نظرة تركيا اىل اإلرهاب الدويل‪ ،‬أشار نور‬ ‫الدين اىل معاناة تركيا بعد ‪ 11‬أيلول‪ ،‬كغريها‬ ‫من الدول‪ ،‬من بعض العمليات التي ُن ِسبت اىل‬ ‫تنظيم القاعدة وحصل فيها عدة تفجريات‪،‬‬ ‫تركيا بحكم أنها بلد مسلم وعىل حدود أوروبا‬ ‫وذات موقع مهم يفتح عىل عوامل متعددة ويف‬ ‫متفجر‪ ،‬إن كان يف القوقاز أو البلقان‬ ‫محيط‬ ‫ّ‬ ‫املضطرب مبشكالت البوسنة وكوسوفو الخ‪...‬‬ ‫ونظراً اىل الحجم الكبري للمشكالت التي‬ ‫تعانيها تركيا يف الداخل وعىل حدودها يجعل‬

‫منها بلدا مكشوفا اىل حد كبري أمام محاوالت‬ ‫أي تنظيامت أو مجموعات للقيام بعمليات‬ ‫ما يف الداخل‪ ،‬لكن يف هذا اإلطار تركيا جزء‬ ‫من الحراك الدويل ملكافحة اإلرهاب املتم ّثل يف‬ ‫تنظيم القاعدة بشكل أو بآخر‪ ،‬لهذا السبب‬ ‫تشارك قوات لها يف أفغانستان وإن كانت قوات‬ ‫غري محاربة‪ ،‬لكن كتعبري واضح عن أنها جزء‬ ‫من حركة هي ضد اإلرهاب الدويل‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫نفسه ال تتفق مع التفسري الذي ُيعطى اىل‬ ‫مصطلح اإلرهاب الدويل‪ ،‬فهل حامس وحزب‬ ‫الله هام من ضمن هذا املصطلح؟‪ ،‬تركيا طبعاً‬ ‫تعارض سحب املصطلح عىل هذه املنظامت‪،‬‬ ‫وبالتايل كلمة اإلرهاب الدويل كلمة كبرية‪،‬‬ ‫لكن من حيث املبدأ نظرياً تركيا تعترب نفسها‬ ‫إحدى الساحات التي يتحرك فيها اإلرهاب‬ ‫الدويل‪ ،‬وهي معنية مبكافحته‪.‬‬ ‫بعد كل ذلك‪ ،‬يعتقد نور الدين أن من‬ ‫ينظر اىل الدور الرتيك الجديد واملتنامي يف‬ ‫املنطقة من جانب بعض العرب‪ ،‬كام لو أنه‬ ‫دور منافس أو مواز أو متص ٍّد للدور اإليراين‪ ،‬هو‬ ‫خطأ كبري ترتكبه بعض األنظمة العربية‪،‬‬ ‫ألن السياسة الرتكية الخارجية ال تنطلق من‬ ‫منطلقات قومية أو دينية ومذهبية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫الرهان عىل مثل هذا الدور لرتكيا لتوازي أو‬ ‫لتواجه إيران أوالً يف غري مح ّله‪ ،‬وثانياً ينطلق‬ ‫من نتيجة الخواء الذي مت ّر به األمة العربية يف‬ ‫هذه املرحلة‪ ،‬داعياً بعض العرب اىل تجاوز هذا‬ ‫الدور املؤ ّيد للقضية الفلسطينية‪ ،‬كام دعا‬ ‫دول املنطقة وال سيام سوريا والعراق وإيران‬ ‫وكل العامل العريب ألن يكون قراره بيده‪،‬‬ ‫وأن يكون حل املشكالت من خالل إرادة هذه‬ ‫الدول وليس من خالل تدخالت خارجية‪ ،‬عرب‬ ‫تعاون عريب‪ -‬تريك‪ ،‬ألن املواقف الرتكية تصب‬ ‫يف مصلحة القضية العربية وكذلك األمر‬ ‫فالسياسات‬ ‫اإليرانية‪،‬‬ ‫للمواقف‬ ‫بالنسبة‬ ‫الرتكية الجديدة ليست منحازة لطرف دون‬ ‫آخر‪ .‬هذا وأ ّكد نور الدين أن املطلوب اآلن وحدة‬ ‫هذه املكونات الثالثة األتراك والعرب واإليرانيني‪،‬‬ ‫ملواجهة التدخالت الخارجية الخطرية والكبرية‪،‬‬ ‫مع عدم استبعاد مكونات أخرى أساسية يف‬ ‫املنطقة ويف مقدمتها األكراد‪.‬‬ ‫وبالرغم من كل مل تقدّ م نجد أن العامل‬ ‫العريب بحاجة إىل املزيد من اإلنجازات والحصول‬ ‫عىل الكثري من املكاسب حتى ميكن من‬ ‫التحول إىل قاعدة مركزية تنبثق عنها نهضة‬ ‫عربية واعدة‪ ،‬وهذا وإن كان صعب املنال وبعيد‬ ‫املدى يف الوقت الراهن إال أنه بتضافر الجهود‬ ‫وتسخري الطاقات واإلمكانيات من املمكن‬ ‫الوصول إىل هذه املرحلة املتقدمة‪ ،‬التي ميكن‬ ‫أن تشكل نقطة انطالق لتجاوز إشكاليات‬ ‫الهويات والرصاعات والبدء بتأسيس هوية‬ ‫مركزية ودوال وطنية حقيقية ومجتمعات‬ ‫عربية ناهضة ومتمدنة‪.‬‬

‫ماجد عزام ما يطرح على‬ ‫الفلسطينيين حكم ذاتي بلدي‬ ‫ً‬ ‫احتياال دولة‬ ‫يس ّمى مجازاً أو‬

‫اإلدارة األمريكية تنظر‬ ‫اىل التسوية يف فلسطني‬ ‫كعامل مهم إلنجاح وتسهيل‬ ‫سياستها يف الخروج اآلمن‬ ‫والسلس من العراق وأفغانستان‬ ‫حل الدولتني الذي يتحدّث‬ ‫عنه األوروبيون‪ ،‬رمبا يكون‬ ‫أفضل من أن يكون‬ ‫عىل ‪ 08‬أو‪ %09‬من الضفة‬ ‫الغربية‬

‫ّ‬ ‫احتل املوضوع الفلسطيني االهتامم يف‬ ‫ظل استمرار حالة االنقسام بني أبنائه يف ظل‬ ‫الظروف الصعبة التي يعاين منها الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وغريها من األمور املتعلقة بالقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ودور كل من الواليات املتحدة ومرص‬ ‫يف إنجاح املفاوضات الفلسطينية – اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫أضف اىل الذكرى ‪ 45‬النطالق الثورة الفلسطينية‬ ‫الكربى‪ ،‬كان لـ “منرب التوحيد” حوار مع مدير عام‬ ‫مركز املتوسط للصحافة واإلعالم‪ ،‬الباحث والخبري‬ ‫يف الشؤون الفلسطينية واإلرسائيلية ماجد‬ ‫عزام‪ ،‬الذي وجد أن حالة االنقسام السيايس‬ ‫والجغرايف بني القيادات الفلسطينية ال جدوى‬ ‫منها‪ ،‬خاصة يف ظل ما يحدث يف القدس من‬ ‫تهويد واستيطان ومصادرة لألرايض ومحاولة‬ ‫فرض األمر الواقع يف الحرم القديس ومحيطه‪،‬‬ ‫وتساءل كيف ميكن لهذا االنقسام أن يستمر يف‬ ‫ظل الحصار عىل قطاع غزة وتعرث عملية إعادة‬ ‫اإلعامر‪ ،‬وانسداد أفق التسوية يف املدى املنظور‪،‬‬ ‫مع انحياز املجتمع اإلرسائييل إىل اليمني بشكل‬ ‫مستمر‪ ،‬خاصة بعد أن حازت أحزاب اليمني عىل‬ ‫‪ 106‬مقاعد من أصل ‪ 120‬مقعداً الئتالف اليمني‬ ‫الحايل‪ ،‬األكرث تطرفاً‪ ،‬يف االنتخابات اإلرسائيلية‬ ‫لعام ‪ ،2009‬وتهدئة غري معلنة يف قطاع غزة؟‬ ‫وأ ّكد عزام عدم إمكانية الوفاق الفلسطيني‬ ‫عىل عملية التسوية‪ ،‬ألن ما تطرحه “إرسائيل”‪،‬‬ ‫تحت سقف ما يس ّمى ثوابت اإلجامع الصهيوين‬ ‫يندرج يف رفضها لحق العودة‪ ،‬وتقسيم القدس‬ ‫والعودة اىل حدود الـ‪ ،67‬إذ ما يتبقى هو حكم‬ ‫موسع عىل نصف أو ‪ %60‬أو ‪ %70‬من‬ ‫ذايت بلدي ّ‬ ‫الضفة ميكن مجازاً أو احتياالً تسميته دولة‪ ،‬داعياً‬ ‫اىل وجوب إنهاء االنقسام وإقامة وحدة وطنية‬

‫‪15‬‬

‫لالنكباب عىل امللفات الداخلية الفلسطينية‬ ‫املتعلقة بإعادة اإلعامر وترتيب البيت الوطني‬ ‫الداخيل‪ ،‬وإعادة بناء منظمة التحرير وإدارة‬ ‫الرصاع مع “إرسائيل” خصوصاً أن الرأي العام‬ ‫العاملي والغريب تحديداً يف ظل االنفتاح وتدفق‬ ‫املعلومات يبدو منفتحاً ومتفه ًام لوجهة النظر‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬خاصة وأن الجرائم اإلرسائيلية‬ ‫فاقت أي ح ّد وال ميكن إخفاءها بد ًءا من الجدار‬ ‫الفاصل مروراً بالتهويد والحصار القاتل ضد حصار‬ ‫غزة‪ ،‬ما يقدّم عوامل عديدة لصالح الشعب‬ ‫الفلسطيني يتم ّكن من خاللها الضغط عىل‬ ‫“إرسائيل” واستنزافها وإجبارها عىل الرضوخ‬ ‫للمطالب الفلسطينية أو عىل األقل الحد األدىن‬ ‫منها‪ ،‬قد تكون مساعدة أو مساندة إلنهاء‬ ‫االنقسام‪.‬‬ ‫ويف إطار رشوط تجميد االستيطان بشكل‬ ‫كامل للعودة اىل املفاوضات كام تراه السلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬أشار عزام اىل أن الفلسطينيني‬ ‫هم اليوم أمام خديعة كربى أوالً‪ :‬ألن ليس هناك‬ ‫تجميد لالستيطان بل عىل العكس كبح‪ ،‬وفق‬ ‫املصطلح الذي استخدمه “أوباما” يف نيويورك‬ ‫أثناء اللقاء الثاليث بينه وبني “بنيامني نتنياهو”‬ ‫ومحمود عباس للبحث يف العالقات العامة‪،‬‬ ‫أو تقليص مؤقت لالستيطان ملدة ‪ 10‬شهور‪ ،‬ال‬ ‫يشمل القدس الرشقية التي ال يعتربها “نتنياهو”‬ ‫ويترصف وفق ما يسمى اإلجامع‬ ‫مستوطنة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املوحدة‬ ‫الصهيوين عىل أنها العاصمة األبدية‬ ‫ّ‬ ‫للدولة اليهودية‪ ،‬كام أنه ال يشمل ‪ 3500‬وحدة‬ ‫سكنية قيد البناء حالياً‪ ،‬وما يسمى باملؤسسات‬ ‫العامة كاملدارس واملستوصفات وروضات األطفال‬ ‫والبنى التحتية‪ ،‬ما يؤ ّكد قول الوزير “بني بيغن”‬ ‫أنه خالل ‪ 10‬شهور سيزيد عدد املستوطنني‬ ‫بحوايل ‪ 10‬آالف ليصل اىل ‪ 310‬آالف يف الضفة‬ ‫الغربية إضافة اىل ‪ 200‬ألف مستوطن يف‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫القدس الرشقية‪ ،‬وثانياً هذا ال يتطابق مع ما‬ ‫تطلبه السلطة الفلسطينية من تجميد كامل‬ ‫يف الضفة الغربية والقدس الرشقية‪ ،‬وما هو‬ ‫حسب املطالب‬ ‫موجود يف خارطة الطريق‪،‬‬ ‫األولية إلدارة “باراك أوباما” واملطالب األوروبية‪.‬‬ ‫وتابع عزام‪“ :‬نتنياهو” يريد التفاوض مع‬ ‫الفلسطينيني دون رشوط كام يطرح تجاه‬ ‫السوريني‪ ،‬ما يعني إرصاره عىل قيام دولة يهودية‪،‬‬ ‫وبالتايل ال يعني أنه سيتم استئناف املفاوضات‬ ‫من النقطة التي توقفت عندها دون أي تحديد‬ ‫ملرجعيات التفاوض وهدفه واألسس التي‬ ‫سيستند عليها‪.‬‬ ‫ورأى عزام أن املشهد الفلسطيني أمام محاولة‬ ‫فلسطينية متأخرة للتفاوض وفق ما يعرف‬ ‫بالطريقة السورية التي طالبت بتحديد الهدف‬ ‫النهايئ والقبول باالنسحاب اىل حدود الرابع‬ ‫ثم التفاوض عىل اآلليات‪ ،‬موضحاً أن‬ ‫من حزيران ّ‬ ‫الفلسطينيني فاوضوا ‪ 20‬عاماً عىل اآلليات دون‬ ‫التفاوض عىل الهدف الحقيقي‪ ،‬ما ّ‬ ‫يدل عىل نقطة‬ ‫ضعف املوقف الفلسطيني آم ًال أن تكون املطالبة‬ ‫بتجميد االستيطان بداية ملوقف جيد وبداية‬ ‫لتفاوض جديّ حتى وفق املنطق السوري مع فارق‬ ‫أن االحتالل هو لكامل فلسطني‪ ،‬مشرياً اىل أنه‬ ‫ال ميكن االعتامد فقط عىل التفاوض ألنه بحاجة‬ ‫رمبا اىل ما سامه مروان برغويت مزاوجة خالقة بني‬ ‫املفاوضات أو العمل السيايس واملقاومة عىل‬ ‫األرض وهذا موجود يف وثيقة امليثاق الوطني التي‬ ‫مت ّثل الح ّد األدىن املجمع عليه فلسطينياً‪ ،‬لقاء‬ ‫عمل سيايس ودبلومايس ومقاومة أو تصدي‬ ‫يتم بطريقة‬ ‫لالحتالل‪ ،‬معتقداً أن التفاوض كان ّ‬ ‫خاطئة أوصل القضية الفلسطينية اىل ما هي‬ ‫عليه اليوم يف الضفة الغربية والقطاع ما مينع‬ ‫قيام دولة فلسطينية جدّية حتى قابلة للحياة‬ ‫وفق املصطلح العريب واألورويب واألمرييك‪.‬‬ ‫ويقول عزام أنه يكفي فقط أن يعود‬ ‫“بنيامني نتنياهو”‪ ،‬ويحاول أن يستدرج السلطة‬ ‫الفلسطينية عىل معاودة التفاوض‪ ،‬الذي إذا‬ ‫حكومة‬ ‫مع‬ ‫الفلسطينية‬ ‫السلطة‬ ‫قابلته‬ ‫“نتنياهو‪ -‬ليربمان‪ -‬باراك” سيكون اعرتاف منها‬ ‫بأن هذه الحكومة تسعى من أجل السالم أو‬ ‫إضفاء قناع السالم ما سيعطي رشعية لكل‬ ‫الخطوات التي ستقوم بها الحكومة اإلرسائيلية‬ ‫سواء يف القدس أو يف الضفة الغربية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫لتكريس األمر الواقع عىل األرض والتهويد يف‬ ‫القدس تحديداً واالستيطان يف الضفة الغربية‬ ‫والحصار ورمبا الحرب ضد قطاع غزة‪.‬‬ ‫وهذ ما أ ّكده الرئيس محمود عباس كام يشري‬ ‫عزام أثناء وجوده يف األرجنتني منذ شهر تقريباً‪،‬‬ ‫عندما قال أن اإلرسائيليني يريدون مفاوضات‬ ‫عىل نحو التايل‪“ :‬نحن نقول ما نريد عىل طاولة‬ ‫املفاوضات وهم يفعلون ما يريدون عىل األرض”‬ ‫ولكن لألسف بعد ‪ 20‬عاماً اكتشف الرئيس‬ ‫عباس وهو املفاوض الفلسطيني البارز واألسايس‬ ‫هذه العقيدة اإلرسائيلية للتفاوض بعدما فرضت‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫“إرسائيل” األمر الواقع عىل األرض من مستوطنات‬ ‫وجدار واستخدمت املفاوضات كغطاء أو رمبا‬ ‫كرشعية للخطوات االستيطانية عىل األرض‪.‬‬ ‫ويف إطار ما تحاول إدارة “أوباما” تحريره بالتعاون‬ ‫مع دول االتحاد األورويب فيام يتع ّلق باملفاوضات‬ ‫اإلرسائيلية أشار عزام اىل أن اإلدارة األمريكية تنظر‬ ‫اىل التسوية يف فلسطني عىل أنها عامل مهم‬ ‫إلنجاح وتسهيل سياستها سواء يف الخروج اآلمن‬ ‫والسلس من العراق وبالتايل يف أفغانستان التي‬ ‫تحتاج فيها اىل دعم دول عربية وإسالمية مهمة‪،‬‬ ‫لكن يف النهاية الحليف األساس للواليات املتحدة‬ ‫يف املنطقة هو “إرسائيل”‪ ،‬التي تحاول حكومة‬ ‫“باراك أوباما” تخليصها من مشاكلها األمنية‬ ‫الدميغرافية من جهة املتع ّلقة بتزايد السكان‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬واإليديولوجية من جهة أخرى‬ ‫املتع ّلقة بهوية الدولة يف ظل وجود مليون وربع‬ ‫مواطن فلسطيني يف األرايض املحتلة عام ‪،1948‬‬ ‫وخري دليل عىل هذا التحالف‪ ،‬الدعم العسكري‬ ‫والتبادل االستخبارايت والتقني وإدخال “إرسائيل”‬ ‫اىل الدوريات البحرية لحلف الشاميل األطليس‬ ‫يف البحر املتوسط‪ ،‬ما يشري اىل أن التسوية التي‬ ‫تتحدّث عنها الواليات املتحدة وتحاول إرشاك االتحاد‬ ‫األورويب فيها ليست تسوية تحت سقف ما يسمى‬ ‫بثوابت اإلجامع الصهيوين بعدم العودة اىل حدود‬ ‫أراض‪ ،‬دون الحديث عن حق‬ ‫‪ ،67‬بل حديث عن تبادل ٍ‬ ‫عودة الالجئني‪ ،‬ما ّ‬ ‫يدل أن هناك حديث عن توطني أو‬ ‫سواء يف الدولة الفلسطينية أو خارج فلسطني‬ ‫وعن حل إبداعي ما يف القدس‪ ،‬رمبا يكون عاصمة‬ ‫للفلسطينيني يف الضواحي وحل ما لألماكن‬ ‫املقدسة‪ ،‬لكن األوروبيني يعتقدون أن استمرار‬ ‫النزاع يف املنطقة يؤثر عىل املصالح السياسية‬ ‫واالقتصادية واألمنية األوروبية‪ ،‬وكذلك الواليات‬ ‫املتحدة تعتقد أن استمرار الرصاع دون حل يؤثر‬ ‫عىل املصالح القومية األمريكية يف العراق‬ ‫وأفغانستان‪ ،‬لكن يف جميع األحوال حتى الحل‬ ‫الذي تبحث عنه الواليات املتحدة واالتحاد األورويب ال‬ ‫يتساوق أو يتطابق مع حكومة اليمني املوجودة اآلن‬ ‫يف “إرسائيل”‪ ،‬والتي تقدّم للعرب والفلسطينيني‬ ‫والسوريني املفاهيم أو املصطلحات اليمينية‬ ‫التقليدية‪ :‬تجاه سوريا هناك حديث عن سالم‬ ‫مقابل سالم دون أي إشارة لالنسحاب من الجوالن‪،‬‬ ‫وتجاه الفلسطينيني هناك أحاديث عن حكم ذايت‬ ‫موسع شبيه بطرح “ميناحيم بيغن” عىل‬ ‫بلدي‬ ‫ّ‬ ‫السادات يف “كامب دايفيد” األوىل يف السبعينات‪،‬‬ ‫ولكن مع تحديث لهذا املصطلح بالتغايض عن‬ ‫تسمية دولة‪ ،‬لكن الدولة التي يوافق عليها‬ ‫“بنيامني نتنياهو” أو ما يسمى ضمن حل الدولتني‬ ‫هي دولة يهودية اىل جوار دولة فلسطينية منزوعة‬ ‫السالح ال متلك الحق يف إنشاء جيش‪ ،‬كام أنه ال‬ ‫متلك الحق يف إقامة معاهدات دفاعية وعسكرية‬ ‫وال تسيطر عىل الحدود واألجواء وعىل موجات البث‬ ‫الكهرومغناطييس وآبار أو أحواض املياه‪ .‬ما يعني‬ ‫أن الفلسطينيني هم يف النهاية أمام حكم ذايت‬ ‫موسع ميكن تسميته دولة‪.‬‬ ‫بلدي ّ‬

‫‪16‬‬

‫من هنا قال عزام إن الحل الذي يتحدّث عنه‬ ‫األوروبيون‪ ،‬حل الدولتني يأيت رمبا أفضل قلي ًال من‬ ‫أن يكون عىل ‪ 80‬أو‪ %90‬من الضفة الغربية‪ ،‬عن‬ ‫موسع كام قال “نتنياهو”‬ ‫كيان ذات حكم ذايت‬ ‫ّ‬ ‫ألحد الصحفيني “ساخراً”‪“ :‬حكم ذايت زائد أو دولة‬ ‫ناقص”‪ ،‬يف النهاية ما يتحدّث عنه “نتنياهو”‬ ‫هو أقرب اىل املناطق الصناعية وليس اىل دولة‬ ‫جديدة كاملة السيادة‪.‬‬ ‫وعن الدور املرصي حالياً‪ ،‬وتشييد الجدار‬ ‫الفوالذية عىل حدود غزة مع مرص‪ ،‬يعتقد عزام أن‬ ‫مرص مل تصل االستنتاجات املناسبة بعد حرب‬ ‫غزة‪ ،‬والتي من أهمها استحالة إزاحة “حامس‬ ‫من املشهد السيايس الفلسطيني إذ أصبحت‬ ‫تش ّكل قوة مؤثرة رمبا فلسطينياً ورمبا إقليمياً‬ ‫كذلك‪ ،‬وأن عهد الوساطة املرصية الحرصية قد‬ ‫انتهى‪ ،‬وهذا ما رأيناه يف تفاوض األرسى ودخول‬ ‫العنرص األملاين‪ .‬من هنا كان ال ب ّد من وجود لجنة‬ ‫من الجامعة العربية أو تدخل من دول عربية أخرى‪،‬‬ ‫دون اللجوء اىل الوساطة املرصية الحرصية ألجل‬ ‫إنجاح املصالحة الفلسطينية‪.‬‬ ‫أما يف ما يتع ّلق مبوضوع الجدار الفوالذي‪ ،‬يرى‬ ‫الباحث عزام أنه ميكن النظر إليه ثقافياً عىل‬ ‫أنه خطوة متأخرة‪ ،‬ألن ثقافة الجدران‪ ،‬وثقافة‬ ‫الحدود قد انتهت‪ ،‬إذ أن العامل اليوم يتحدّث‬ ‫كام رأينا يف “كوبنهاغن” مث ًال‪ ،‬الذي انعقد لحل‬ ‫مشكلة االنحباس الحراري عن قرية واحدة يف‬ ‫موحدة ال‬ ‫ظل تدفق املعلومات‪ ،‬وعن مشاكل‬ ‫ّ‬ ‫بد من املشاركة يف مواجهتها‪ ،‬أما سياسياً إن‬ ‫هذا الجدار يستبطن مشكلة سياسية أو فكرية‬ ‫كبرية يتم التعاطي معه وكأن الفلسطينيني‬ ‫واملقاومة وحامس يش ّكلون جذر املشكلة وليس‬ ‫االحتالل اإلرسائييل يف الضفة الغربية وقطاع‬ ‫غزة الذي بإزالته ُتحل املشكلة الفلسطينية‪.‬‬ ‫وعن الذكرى ‪ 45‬للثورة الفلسطينية‪ ،‬قال عزام‪:‬‬ ‫أن إحياءها يثبت أنه رغم عاملية املرشوع اإلرسائييل‬ ‫والدعم الهائل له‪ ،‬مت ّكن الشعب الفلسطيني من‬ ‫تحقيق إنجازات كبرية‪ ،‬مشرياً اىل أنه يجب أن ال‬ ‫ننىس أنه يف العام ‪ 1979‬حتى مع “كامب دايفيد”‬ ‫انسحبت “إرسائيل” من سيناء لتحتفظ بجنوب‬ ‫لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية والجوالن‪ ،‬وعام‬ ‫‪ 2000‬انسحبت من جنوب لبنان لتحتفظ بالضفة‬ ‫الغربية وغزة والجوالن‪ ،‬وعام ‪ 2005‬انسحبت من‬ ‫قطاع غزة لتحتفظ بالضفة الغربية والجوالن‬ ‫وها هي اآلن مستعدة لتنسحب حتى من نصف‬ ‫الضفة الغربية رغم األزمات واملشاكل ورغم األداء‬ ‫السيايس الفلسطيني والعريب السيئ‪ ،‬ما يدل‬ ‫عىل زوال “إرسائيل” وانهيارها كمرشوع استعامري‪،‬‬ ‫وذلك يعود اىل العقل الجمعي الفلسطيني‪ ،‬الذي‬ ‫مازال متامسكاً وصامداً خصوصاً يف الداخل‬ ‫والخارج الفلسطيني‪.‬‬

‫اعداد وحوار ‪:‬‬ ‫ليديا ابو درغم ورونالد حمدان‬

‫سوريا‪ ..‬من المقاومة إلى المبادرة‬ ‫ال ميكننا أن نقدم يف هذه اإلطاللة ج ْردة حساب‬ ‫سورية عىل مجمل حراك سوري سنوي‪ ،‬إذ أنني‬ ‫ال أؤمن بالقطع عىل مستوى الزمن‪ ،‬وال أؤمن‬ ‫بأن مجمل املنتج السيايس أو حتى االقتصادي‬ ‫ميكنه أن يستقيم إذا ما تم التعامل معه عىل‬ ‫هذا األساس‪ ،‬أو التعامل مع نتائجه عىل أساس‬ ‫هذه النظرية‪ ،‬باعتبار أن مقياس أو معايرة املنتج‬ ‫السيايس أو االقتصادي ألي كيان سيايس مرتبط‬ ‫بعنارص ورشوط لها عالقة بالظروف التي متر عىل‬ ‫هذا الكيان‪ ،‬داخليا وخارجيا‪ ،‬وليس لها عالقة‬ ‫بعنارص ورشوط زمنية أو تاريخية‪ ،‬رغم إمياننا أن‬ ‫الزمن أو الوقت عنرص هام للداللة عىل سريورة‬ ‫جملة تلك املفاهيم‪ ،‬أما املنتجات واملنجزات‬ ‫فداللتها مرتبطة بالصريورة التي ال ميكن أن‬ ‫تكون محكومة بالضبط بسريورة زمنية‪..‬‬ ‫من هنا ميكننا القول بأن الحراك السوري ال ميكن‬ ‫أن يكون بعيدا عن هذا املسقط الريايض الذي‬ ‫تقاس عىل أساسه املنجزات السياسية‬ ‫تفس أو‬ ‫ُ‬ ‫رَّ‬ ‫واالقتصادية ألي كيان سيايس‪ ،‬األمر الذي يحتّم‬ ‫علينا أن نفهم حصيلة حراك سوري عىل مدار‬ ‫عام عىل أنه مل يكن معزوال أو مفصوال عن جملة‬ ‫مقدمات تداخلت زمنيا بني عام مىض أو عامني‬ ‫أو أكرث من ذلك‪ ،‬باعتبار أن صريورة هذا الحراك‬ ‫كانت مرتبطة بجملة مقدمات أساسية يف‬ ‫عملية املواجهة التي فرضت عىل سورية خالل‬ ‫السنوات القليلة املاضية‪ ،‬وأن هذه املقدمات‬ ‫كانت أيضا غري مرتبطة بعامل الزمن مبقدار ما‬ ‫كانت مرتبطة بحيثيات املواجهة ذاتها‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فإن نتائج املواجهة‪ ،‬أي صريورة الحراك السوري يف‬ ‫هذا املستوى كانت مرهونة بحجم القدرة عىل‬ ‫الثبات والصمود وإدارة الرصاع وفق أدوات غري‬ ‫مرتبطة أصال بعنارص السريورة‪..‬‬ ‫رغم كل ذلك ميكننا اإلشارة إىل أن هناك‬ ‫مرحلة جديدة تجاوزت املعنى الحسايب من جردة‬ ‫عام إىل جردة حساب ملرحلة‪ ،‬لكن هذا العام مل‬ ‫يكن مفصوال عن مقدمات كنا قد أملحنا لها آنفا‪،‬‬ ‫وبالتايل فإن التوقف عند حصيلة هذا العام ال‬ ‫ميكن تحديدها بقطع تاريخي زمني محدّد‪ ،‬لكنه‬ ‫ميكننا أن نقوم بفعل إلحاق ووصل لها مع تلك‬ ‫املقدمات األخرى التي بدت تظهر خالل عام‬ ‫منرصم من تحوالت ونتائج ومنجزات بدت واضحة‬ ‫بفعل الصمود والقدرة عىل الحفاظ عىل أوراق‬ ‫محددة‪ ،‬وتسليك إمكانيات هامة يف إدارة الرصاع‬ ‫الذي فرض عىل سورية خالل األعوام األخرية‬ ‫املاضية‪ ،‬من هنا ميكننا القول بأننا قادرون إذا‪ ،‬وفق‬ ‫هذا املعنى‪ ،‬أن نتابع جملة تحوالت ونتائج بعيدا‬

‫عن معنى القطع عىل مستوى الزمن بشكل‬ ‫دقيق له‪..‬‬ ‫إن حراكا سياسيا سوريا مل يكن بعيدا عن‬ ‫أساس اقتصادي له‪ ،‬يف كثري من األحيان بلور‬ ‫أو صبغ االسرتاتيجية السورية خالل املرحلة‬ ‫املاضية‪ ،‬ويف ذات الوقت كانت جملة هذه‬ ‫األساسات االقتصادية عندما تتعارض مع جملة‬ ‫ثوابت لها عالقة باألمن القومي العريب أو باألمن‬ ‫الوطني كانت سورية تسارع للتنازل عنها‪ ،‬ال بل‬ ‫تعمل عىل الوقوف ضدها‪ ،‬يف اآلن الذي كانت‬ ‫قانعة متاما أنه ال سياسة بدون اقتصاد‪ ،‬أي‬ ‫بدون مصالح تع ّمد السياسة‪ ،‬أو تقيم جسور‬ ‫التشابك مع اآلخر عىل مستوى اإلقليم أو‬ ‫املستوى الدويل‪ ،‬لهذا كانت هناك مالحظتان‬ ‫هامتان عىل هذا الحراك‪:‬‬ ‫املالحظة األوىل‪:‬‬ ‫لقد استطاع السوريون بإرصارهم عىل أن‬ ‫العدو الرئييس لألمة يتمثل يف االحتالل الغاصب‬ ‫لفلسطني‪ ،‬أن يبقوا عىل مسافات خرضاء هامة‬ ‫مع جملة محيطهم أو عاملهم العريب‪ ،‬رغم‬ ‫حجم التصدير إلحداث مشاكل بينية عىل هذا‬ ‫املستوى‪ ،‬فقد أرص السوريون عىل عدم تسخني‬ ‫هذه امللفات واإلبقاء عىل األبواب مرشعة مع كل‬ ‫األطراف والتعويل عىل إمكانية استعادة هذه‬ ‫العالقات دون أية رشوط مسبقة‪ ،‬وعىل العكس‬

‫‪17‬‬

‫متاما مل يقع السوريون يف فخ اإلعالم السيايس‬ ‫الذي نصب لهم يف أكرث من منعطف أو مفصل‬ ‫من أجل التأثري سلبا عىل إمكانية إنجاز دور سوري‬ ‫فاعل عىل مستوى املنطقة‪ ،‬من خالل حجز مربع‬ ‫فعل عريب قادر عىل أن ينجز مبعزل عن أجندات‬ ‫خارجية كانت تع ّد للمنطقة‪ ،‬وخاصة الجزء‬ ‫العريب منها‪..‬‬ ‫ال ميكننا أن ننىس أن هناك جملة أخرى من‬ ‫املتغريات التي رافقت هذه النتائج‪ ،‬فعىل حجر‬ ‫الصمود والرفض واملامنعة مل يكن السوريون‬ ‫بعيدين عن جملة انتصارات حققوها مع أكرث‬ ‫من طرف ش ّكلوا له عمقا اسرتاتيجيا عىل هذا‬ ‫املستوى‪ ،‬فقد أعادوا الك ّرة من جديد وأعادوا‬ ‫تجربتهم يف الوقوف إىل جانب املقاومة اللبنانية‬ ‫من خالل وقوفهم إىل جانب أخوانهم يف القطاع‬ ‫الغزاوي حني شكلوا لهم غطاء سياسيا هاما‪،‬‬ ‫وعمقا مل يكن خاليا من دعم واضح تجلىّ‬ ‫يف جملة من اإلجراءات املادية واملعنوية التي‬ ‫ساهمت يف صمود فلسطيني مل يكن مطلوبا‬ ‫أكرث منه يف مواجهة آلة العدوان الصهيوين‪،‬‬ ‫رافقت تغريات هامة عىل مستوى الدعم الذي‬ ‫كانت تقدمه اإلدارة األمريكية السابقة لهذا‬ ‫العدوان‪ ،‬ففي اآلن الذي كانت تعلن اإلدارة‬ ‫األمريكية الجديدة موقفها الجديد عىل مستوى‬ ‫املنطقة‪ ،‬سارع السوريون إىل االنفتاح عىل‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫العامل من جديد‪ ،‬من خالل مدخل فرنيس ظنّه‬ ‫الكثريون عىل أنه التفاف أورويب إلدخال السوريني‬ ‫بيت الطاعة األوروبية‪ ،‬غري أن السوريني كانوا قد‬ ‫أحكموا القبض عىل جملة أوراق هامة‪ ،‬واشتغلوا‬ ‫عليها يف مواجهة هذا املدخل الفرنيس‪ ،‬حني‬ ‫أكدوا عىل أنهم فاعل إقليمي ال ميكن للرشق أن‬ ‫يقوم بدون دورهم‪ ،‬وعىل أنهم مفتاح الحل لجملة‬ ‫تهم العامل عىل مستوى‬ ‫قضايا وملفات ساخنة‬ ‫ّ‬ ‫املنطقة‪ ،‬فهم من جهة كانوا وما زالوا طرفا‬ ‫رئيسيا يف الرصاع مع العدو الصهيوين‪ ،‬وهم‬ ‫بوابة العراق التي غرق بها االحتالل األمرييك‪،‬‬ ‫وهم مفتاح آسيا من خالل البوابة الرتكية‪ ،‬وهم‬ ‫الداعم األهم للمقاومة اللبنانية التي أضحت‬ ‫تشكل رقام صعبا عىل مستوى املنطقة‪ ،‬وهم‬ ‫أيضا‪ ،‬من جهة أخرى وليست أخرية‪ ،‬عنرص‬ ‫رئييس يف حفظ األمن واالستقرار للمنطقة‪،‬‬ ‫نتيجة هذه املساحة السياسية التي شغلوها‪..‬‬ ‫يف مطلع هذا العام‪ ،‬ومع مجيء اإلدارة‬ ‫األمريكية الجديدة‪ ،‬كان السوريون يسابقون الزمن‪،‬‬ ‫ويحصدون نتائج صمودهم وألق دبلوماسية‬ ‫ارتقت بالفعل العريب السيايس إىل أماكن‬ ‫ومراتب متقدمة جدا‪ ،‬فقد سجلوا انفتاحا عىل‬ ‫أوروبا‪ ،‬تجسد هذا االنفتاح بحجيج أورويب لقادة‬ ‫ووفود وشخصيات مل ينقطع حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫ومبالحقة أوروبية تحمل طابع االسرتضاء لسورية‪،‬‬ ‫متثل األمر يف مواقف جديدة لبعض الحكومات‬ ‫األوروبية‪ ،‬ويف قراءة جديدة ملساحة ومعنى‬ ‫الرصاع الذي تخوضه املنطقة يف مواجهة‬ ‫االحتالل الصهيوين‪..‬‬ ‫وهنا علينا أن نتذكر‪ ،‬ونتذاكر أيضا‪ ،‬بأن سورية‬ ‫خالل السنوات القليلة املاضية كانت تسعى‬ ‫جاهدة للتوقيع عىل رشاكة أوروبية ميكن أن‬ ‫تشكل لها منفذا سياسيا يخرجها من محاوالت‬ ‫حصار عديدة‪ ،‬ونجحت الدبلوماسية السورية‬ ‫يف االشتباك إيجابيا مع عدد من أطراف البيت‬ ‫األورويب للداللة عىل رؤية سورية تريد أن تكون‬ ‫جزءا من فضاء عاملي مستقر ومتعاون يك توضح‬ ‫من خالله املعنى الحقيقي للصلف األمرييك من‬ ‫خالل اإلدارة األمريكية السابقة‪ ،‬وعلينا أن نعرتف‬ ‫هنا أن السوريني مل ينجحوا يف الولوج إىل هذا‬ ‫البيت‪ ،‬غري أنهم أسسوا منصات هامة ملوقع‬ ‫أقدامهم ومساحات أخرى كانت أكرث أهمية‬ ‫ملصداقية ورؤية كانت تؤكدها صريورة الحراك‬ ‫العام للعامل واملنطقة‪..‬‬ ‫لعل قسام من األوروبيني كانوا يدركون هذا‬ ‫الدور السوري وكانوا ميدون له يدا من هنا ويدا أخرى‬ ‫من هناك‪ ،‬غري أن املناخ العام لطبيعة ملحقات‬ ‫وتبعات املواجهة التي قامت بها الواليات املتحدة‬ ‫مع قوى أخرى عىل مستوى املنطقة كانت ما زالت‬ ‫مبقية عىل احتامالت أخرى لحسابات مل تنجز‪،‬‬ ‫األمر الذي أبقى عىل هذا الرتدّد األورويب والذي‬ ‫أفىض أخريا وخالل هذا العام إىل انفتاح واسع‬ ‫وحاجة إىل سورية مل تخفها هذه األطراف‪..‬‬ ‫هذه نقطة هامة عىل مستوى التطور والتح ّول‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الذي أمثر عنه الحراك السوري خالل العام املنرصم‪،‬‬ ‫واألهم منه أن هناك ما هو أعمق من ذلك‪ ،‬وهي‬ ‫املالحظة الثانية التي ميكن أن نسوقها تاليا‪..‬‬ ‫املالحظة الثانية‪:‬‬ ‫لقد أظهر السوريون‪ ،‬وإىل جانب قوى أخرى عىل‬ ‫مستوى املنطقة‪ ،‬جلها حركات املقاومة العربية‪،‬‬ ‫مقاومة ومامنعة هامتني‪ ،‬غري أن هذه املقاومة‬ ‫وتلك املامنعة مل تعد كافيتني خالل مطلع هذا‬ ‫العام‪ ،‬فقد أصبح مطلوبا من السوريني أن ينجزوا‬ ‫املبادرة‪ ،‬أي كان مطلوبا منهم عنرص املبادرة‪ ،‬أو‬ ‫وضع إسرتاتيجية البناء عىل ما تم‪ ،‬وفعال فقد‬ ‫استطاع السوريون أن يقوموا بذلك‪ ،‬من خالل‬ ‫مقدمات كانت واضحة عىل مستوى الحراك‬ ‫السوري الخارجي‪ ،‬وتجىل ذلك يف أكرث من معنى‪،‬‬ ‫أو أكرث من نقطة‪:‬‬ ‫فأوال‪:‬‬ ‫مال السوريون إىل استعامل نظرية هامة يف‬ ‫السياسة‪ ،‬وهي النظرية التي تفيض إىل إطفاء‬ ‫كل الحرائق واإلبقاء عىل حريق بعينه‪ ،‬يك يبقى‬ ‫ظاهرا ويك يشكل مسألة هامة متقدمة يف‬

‫‪18‬‬

‫وعي الناس ويف مصالح اآلخرين‪ ،‬حيث حاولت‬ ‫الدبلوماسية السورية العمل عىل االتصال‬ ‫بكل أطراف ومكونات اإلقليم والعمل عىل حل‬ ‫كل األزمات العالقة‪ ،‬سياسيا وتاريخيا‪ ،‬بني تلك‬ ‫املكونات‪ ،‬من أجل الرتكيز عىل امللف األسخن‬ ‫والشائك‪ ،‬أو الحريق الذي ال ميكن أن يطفأ بذات‬ ‫الطريقة التي ميكن لكل ملفات اإلقليم أن‬ ‫تطفأ من خاللها‪ ،‬وهو بالطبع الحريق الذي أحدثه‬ ‫االحتالل يف فلسطني‪ ،‬وفعال تم تجاوز كثريا من‬ ‫القضايا العالقة بني كثري من مكونات املنطقة‪،‬‬ ‫تم تحييد الخالف القائم‪ ،‬أو إخامده‪ ،‬أو حتى‬ ‫أو ّ‬ ‫التأسيس لقناعات جديدة ميكنها أن تساهم‬ ‫يف إنجاز احتامالت جديدة لفض تلك املسائل أو‬ ‫األزمات البينية‪ ،‬والحظنا هنا كيف أن الرئيس‬ ‫بشار األسد قد ساهم من خالل جملة زيارات‬ ‫ولقاءات واستقباالت لزعامء عىل مستوى العامل‬ ‫للعمل عىل تكريس هذا املعنى‪ ،‬ساهم ذلك كله‬ ‫يف الرتكيز أكرث عىل القضية الفلسطينية‬ ‫وعىل الرصاع العريب الصهيوين‪..‬‬ ‫يف ظل هذا املعنى أو هذا الفهم‪ ،‬تم إنشاء هذا‬

‫التالقح املصلحي السوري – اإليراين – الرتيك‪ ،‬وتم‬ ‫إنجاز هذا الفضاء اإلقليمي الهام الذي لعبت فيه‬ ‫سورية دورا بارزا وهاما‪...‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬ ‫لقد عمل السوريون عىل محاولة سحب‬ ‫العراق من تحت االحتالل‪ ،‬من خالل املبادرة إللحاقه‬ ‫ومساعدته يف تأمني فضائه اإلقليمي‪ ،‬حيث‬ ‫ارتقى مستوى العمل السوري مع العراق إلنجاز‬ ‫معادل عراقي جديد ليس له عالقة باالحتالل‪،‬‬ ‫بعيدا عن جملة حسابات ميكنها أن تضيق‬ ‫عىل مستقبل العراق الواحد واملستقل‪ ،‬حيث‬ ‫تم االشتغال عىل إنجاز مستوى اسرتاتيجي من‬ ‫العالقات معه‪ ،‬إلحداث تسلل سيايس سوري‬ ‫واضح خلف خطوط املحتل األمرييك‪ ،‬األمر‬ ‫الذي ينجز عراقا ال يعتمد عىل االحتالل‪ ،‬كون‬ ‫أن إسرتاتيجية االحتالل كانت تقوم عىل هذه‬ ‫الخاصية‪ ،‬وهي التي تبقي العراق بحاجة مستمرة‬ ‫لالحتالل ذاته‪ ،‬من هنا ميكن قراءة التحول الذي‬ ‫أحدثته حكومة املاليك بعد اتهام سورية بأنها‬ ‫كانت وراء بعض التفجريات األخرية يف العراق‪..‬‬ ‫ثالثا‪:‬‬ ‫لقد بادر السوريون إىل متابعة الرضب عىل‬ ‫التواصل مع األشقاء يف السعودية‪ ،‬كونهم‬ ‫أدركوا أن الرصاع يف إحدى صوره يتمثل يف‬ ‫قدرتهم عىل استاملة السعودية وسحبها‬ ‫من إمكانية استغاللها أمريكيا عىل مستوى‬ ‫املنطقة‪ ،‬كون أن جملة ظروف عديدة خالل تلك‬ ‫املرحلة ساهمت يف إنجاز سيطرة أمريكية أفادها‬ ‫يف هذا االتجاه‪ ،‬األمر الذي جعل السوريني قادرين‬ ‫عىل تفهم املرحلة والتحوالت واملواقف التي‬ ‫حكمتها خالل تلك الفرتة‪..‬‬ ‫ففي اآلن الذي خال البيت األبيض من «بوش»‬ ‫االبن كانت سورية بانتظار األشقاء يف اململكة‪،‬‬ ‫ال بل أكرث من ذلك‪ ،‬ففي اآلن الذي كانت تخفق‬ ‫اإلدارة األمريكية يف تحقيق انتصاراتها يف أكرث‬ ‫من مفصل كان السوريون مييلون لالقرتاب أكرث‬ ‫من اململكة‪ ،‬والتأكيد عىل أن صالح األمة كامن‬ ‫يف عالقات متينة بني مكوناتها‪ ،‬وهذا ما أكدته‬ ‫سورية يف مطلع هذا العام من خالل القمتني‬ ‫العربيتني األخريتني‪.‬‬ ‫ويف تقديري أنها كانت األقدر عىل تفهم‬ ‫دعوة امللك عبد الله للمصالحة العربية عىل أنها‬ ‫ليست مصالحة نتيجة خالفات عربية مبقدار ما‬ ‫هي صفحة جديدة لعالقات جديدة بعد انحسار‬ ‫الدور األمرييك وتراجع الضغط الذي مورس‬ ‫ضدها‪..‬‬ ‫رابعا‪:‬‬ ‫ك ّلل السوريون جهودهم بعالقات لبنانية‬ ‫شبه كاملة ومتكاملة‪ ،‬ال ميكن أن يقاس أو يتم‬ ‫التوقف عند الشاذ منها‪ ،‬كون أن هناك مساحات‬ ‫جديدة من التداخل قد متت بني البلدين‪ ،‬فقد نجح‬ ‫السوريون يف اإلبقاء عىل موقفهم من املقاومة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وساهموا يف إنجاز حكومة لبنان‪ ،‬كل‬ ‫لبنان‪ ،‬وأبقوا كل األبواب مرشعة مع كل تلك‬

‫املكونات‪ ،‬حني فهموا جيدا أن املصالح ال ميكن‬ ‫لها أن تقوم إال يف ظل حالة متبادلة منها‪ ،‬فقد‬ ‫استطاع السوريون إيصال املوقف السوري جيدا‬ ‫من خالل تكريسهم وتركيزهم عىل هذا املوقف‪،‬‬ ‫حيث أصبحت العالقة مع سورية من قبل مجمل‬ ‫الطيف اللبناين حاجة ماسة لبنانية‪ ،‬ال ميكنها‬ ‫أن تندرج تحت عنوان الرتف أو أي عنوان آخر‪..‬‬ ‫نجح السوريون خالل هذا العام يف استكامل‬ ‫لجم إمكانية استعامل لبنان منصة للتأثري سلبا‬ ‫عىل سورية‪ ،‬وكانوا بانتظار هذه الهزمية الداخلية‬ ‫لبعض مكونات الداخل اللبناين التي أرادت أن‬ ‫تلعب هذا الدور يف مترير أجندات خارجية إلقامة‬ ‫هذه املنصة‪ ،‬وتعاملوا معها عىل أنها جزء هام‬ ‫من لبنان‪ ،‬بالرغم من فهمهم العميق بأن التاريخ‬ ‫ال ميكن أن يغفر ألحد‪ ،‬غري أن السياسة تنتجها‬ ‫اللحظة وتنتجها املصلحة أيضا‪ ،‬ومصلحة‬ ‫سورية ولبنان اآلن أن يكون هذا التقارب وهذا‬ ‫الرجوع لجهة عالقة سورية – لبنانية تكون يف‬ ‫مصلحة البلدين‪..‬‬ ‫كل ذلك كان مسنودا بفعل املبادرة املبنية‬ ‫عىل نتائج املقاومة واملامنعة‪ ،‬وال ميكن أن ينىس‬ ‫يف هذا السياق الدور التاريخي الذي لعبته‬ ‫سورية عىل مستوى م ّد جسور الفعل العريب‬

‫‪19‬‬

‫لجهة السودان واإلبقاء عىل عالقات عربية قادرة‬ ‫عىل تفعيل طاقات وحقوق األمة يف مواجهة‬ ‫امل ّد االستعامري الذي أراد له البعض أن يكون من‬ ‫خالل أياد أرادت أن تعبث عىل أساس حقوقي أو‬ ‫جنايئ تنال من قيادة السودان‪ ،‬ففي هذا العام كان‬ ‫لسورية دور هام عىل هذا املستوى‪ ،‬حني ساهمت‬ ‫يف إنجاز موقف عريب لتعطيل قرار جنايئ دويل‬ ‫بحق الرئيس السوداين عمر البشري‪ ،‬وهي بذلك‬ ‫أسست لحالة رفض عريب مبني عىل إمكانيات‬ ‫الرفض التي متتلكها األمة‪ ،‬وهي إمكانيات ال‬ ‫تقاس دامئا بحجم مادي‪ ،‬مبقدار ما هي إمكانيات‬ ‫لها عالقة بالكرامة والسيادة والحقوق التي تتعلق‬ ‫بالهوية والتاريخ والوجدان‪..‬‬ ‫ال أعتقد أن دورا بهذا الحجم وأن فعال بهذه‬ ‫القيمة وهذه النتائج كان بإمكانه أن ينجز بعيدا‬ ‫عن قدرة ثاقبة عىل القراءة‪ ،‬وقدرة هائلة تقوم عىل‬ ‫مخيال سيايس فائق ومتميز‪ ،‬وال أعتقد أن قدرة‬ ‫عىل القراءة وأن مخياال سياسيا متميزا ميكنه‬ ‫أن ينجز هذا الفعل بعيدا عن بنية متامسكة‬ ‫لداخل سوري رأسها مرشوع وطني بامتياز‪...‬‬

‫دمشق‪ -‬خالد العبود‬

‫عضو مجلس الشعب السوري‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫يقومان األزمة االقتصادية‬ ‫يشوعي وأبو مصلح ّ‬ ‫العالمية وانعكاساتها على لبنان‬

‫شهد العام ‪ 2009‬العديد من األحداث الهامة عىل املستوى االقتصادي‪،‬‬ ‫ويبقى رصد هذه األحداث بهدف توثيق ما حدث عىل نحو ميكن من خالله‬ ‫استخالص الدروس املستفادة من هذا العام والعمل عىل تعزيز اإليجابيات‬ ‫و التعامل مع األحداث السلبية لتفادي تداعياتها يف املستقبل‪.‬‬ ‫فعىل الصعيد االقتصادي اعتاد العامل منذ سقوط املرشوع األمرييك‬ ‫الصهيوين عىل استقبال العام الجديد بأزمة اقتصادية ميتد ارتدادها إىل دول‬ ‫العامل كافة‪ ،‬ففي العام املايض شهد العامل األزمة املالية العاملية التي مل‬ ‫تهز سوق «نيويورك» املايل فقط ‪ ،‬بل اهتزت معها األسواق املالية العاملية‬ ‫بأكرثها ما ألحق الكثري من الخسائر يف دول العامل بشكل عام‪ ،‬والدول‬ ‫العربية بشكل خاص‪ ،‬والزالت تحصد نتائجها حتى اليوم‪ ،‬حيث وصلت‬ ‫قمتها مع األزمة املالية التي هزت اقتصاد أكرب دولة عربية نجحت حتى اآلن‬ ‫يف تحقيق ليربالية السوق املايل من خالل خلق فضاء حر لالستثامرات التي‬ ‫شغلت الحيز األكرب من الناتج املحيل لها‪ ،‬وكان ارتدادها وتداعياتها وخي ًام‬ ‫عىل دول املنطقة والجوار وبالتايل عىل العامل‪ ،‬ما جعله مير بأزمة خانقة‬ ‫سجل‬ ‫بدأت معاملها مع انخفاض أسعار النفط واألزمة املالية العاملية‪ ،‬إذ ّ‬ ‫متوسط أسعار النفط ‪ 35‬باملائة يف عام ‪ 2009‬نتيجة لتباطؤ الطلب‬ ‫العاملي‪ ،‬وتباطؤ النمو االقتصادي يف املنطقة‪ ،‬ليصل إىل ‪ % 2.7‬هذا العام‪.‬‬ ‫أما يف العراق ولبنان فقد أدى تحسن الظروف األمنية إىل مزيد من‬ ‫االنتعاش االقتصادي يف عام ‪ .2008‬كام كان ألزمة االئتامن العاملية تأثريات‬ ‫قاسية عىل القطاعات املرصفية يف الكويت واململكة العربية السعودية‬ ‫واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬بسبب ارتباط هذه الدول املبارش بأسواق املال‬ ‫ورأس املال العاملي‪ ،‬وخري دليل عىل ذلك أزمة ديب االقتصادية األخرية‪ ،‬التي‬ ‫بالرغم من قوة أوضاعها املالية واالستثامرية والحامية الخارجية‪ ،‬إ ّال أنها‬ ‫انفجرت أخرياً بعد محاولتها امتصاس ارتدادات األزمة املالية العاملية‪،‬‬ ‫ما أدّى إىل حدوث تأخري‪ ،‬أو رمبا توقف العديد من املشاريع االستثامرية‬ ‫والعقارية الكبرية التي يقوم عليها اقتصادها‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬واجه االقتصاد الرتيك حالة كساد شديدة بسبب ضعف الطلب‬ ‫الخارجي واملحيل‪ ،‬ومن املتوقع أن يبلغ متوسط النمو يف إجاميل الناتج املحيل‬ ‫‪ 2.8‬باملائة فقط يف عام ‪ - 2008‬وهو أقل معدل له منذ أزمة االئتامن يف‬ ‫البالد بعام ‪ ،2001‬غري أنه يتوقع أن ينجو اقتصادها من الركود‪ ،‬بحسب‬ ‫التنبؤات األساسية لعام ‪.2009‬‬ ‫هذا وكان انعكاس األزمة كبرياً عىل معدالت البطالة السيام بني‬ ‫الشباب يف العديد من دول غرب آسيا‪ ،‬وكذلك يف اقتصادات الدول غري‬ ‫املصدرة للبرتول‪ ،‬رغم االنتعاش االقتصادي يف السنوات األخرية‪ .‬وهذا ما‬ ‫ح ّذر منه صندوق النقد الدويل من تعرض االقتصاد العاملي خالل العام‬ ‫الحايل ألسوأ أداء له‪ ،‬إذ أن أكرث من ‪ 50‬مليون شخص عىل مستوى العامل‬ ‫فقدوا وظائفهم‪.‬‬ ‫وذكرت منظمة العمل الدولية أن ما يصل إىل ‪ 51‬مليون وظيفة يف‬ ‫مختلف أنحاء العامل قد تختفي بنهاية العام الجاري‪ ،‬نتيجة للتباطؤ‬ ‫االقتصادي الذي تحول إىل أزمة عمل عاملية‪ ،‬وأشارت املنظمة أنه حسب‬ ‫تقديراتها فإن العام الحايل سينتهي بانضامم ‪ 18‬مليون شخص إىل‬ ‫صفوف العاطلني عن العمل مقارنة مع نهاية عام ‪ ،2007‬وترى املنظمة أن‬ ‫‪ 30‬مليون شخص آخرين قد يخرسون وظائفهم إذا استمرت االضطرابات‬ ‫املالية خالل عام ‪ ،2009‬مام يرفع معدل البطالة العاملي إىل ‪ %6.5‬مقارنة مع‬ ‫‪ %6‬يف ‪ 2008‬و ‪ % 5.7‬يف ‪.2007‬‬ ‫ويأيت ذلك التحذير يف الوقت الذي أعرب فيه بنك االحتياط الفيدرايل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عقدت الدول الغربية وحلفاؤها عدة مؤمترات‬ ‫أسفرت عن تعهدات يف مؤمتر باريس (‪ ،)3‬بتقديم‬ ‫أموال قيمتها ‪ 7.5‬مليار دوالر‪ ،‬منها ‪ 1.278‬مليار‬ ‫من بنك االستثامر األورويب و‪ 1.1‬مليار دوالر من‬ ‫السعودية و‪ 975‬مليون من البنك الدويل و‪890‬‬ ‫مليون من الواليات املتحدة و‪ 750‬مليون من‬ ‫الصندوق العريب لإلمناء االقتصادي واالجتامعي‪،‬‬ ‫إىل جانب تعهدات أخرى من فرنسا واإلمارات‬ ‫وإيطاليا وأسبانيا وبريطانيا وبلجيكا وتركيا‬ ‫وكندا والرنويج واملفوضة األوروبية والبنك‬ ‫اإلسالمي للتنمية وصندوق النقد العريب‪.‬‬ ‫وتم التوقيع بالفعل عىل مبالغ قيمتها ‪5‬‬ ‫مليار و‪ 583‬مليون دوالر حتى آذار من العام الحايل‪،‬‬ ‫منها ‪ 4.2‬مليار يف صورة قروض إىل جانب ‪1.3‬‬ ‫مليار يف صورة منح‪ ،‬األمر الذي يعنى ارتباط‬ ‫تقديم املساعدات بالدول الغربية‪ ،‬وزيادة حجم‬ ‫الدين الخارجي من ناحية أخرى‪ ،‬ما يعنى استمرار‬ ‫الدوران يف فلك العجز باملوازنة‪.‬‬

‫عجز مزمن للموازنة اللبنانية‬ ‫عن قلقه إزاء مخاطر الكساد والركود الذي يشهده اقتصاد العديد من دول‬ ‫العامل‪ ،‬والسيام الدول املصنعة‪ ،‬مشريا إىل ظهور املزيد من أعراض الضعف‬ ‫عىل أداء االقتصاد األمرييك والربيطاين واألملاين والياباين وغريهم‪.‬‬ ‫وأشار صندوق النقد الدويل يف تعديل جديد لتقديراته االقتصادية‬ ‫السابقة‪ ،‬إىل أن توقعات النمو لالقتصاد العاملي قد تم خفضها بأكرث من‬ ‫‪ ، %1.5‬عىل الرغم من أنه قد تم األخذ بعني االعتبار وألول مرة‪ ،‬خطط اإلنعاش‬ ‫االقتصادي التي أقرتها حكومات العديد من دول العامل‪ ،‬وتوقع الصندوق‬ ‫يف تقرير له عن حدوث انكامش القتصاديات الدول املتقدمة بحوايل ‪%2‬‬ ‫خالل العام الحايل‪ ،‬ليكون االقتصاد الربيطاين األكرث ترضرا‪.‬‬ ‫وكان صندوق النقد قد رفع يف وقت سابق تقديراته املتعلقة بخسائر‬ ‫االئتامن يف األصول واملوجودات األمريكية‪ ،‬وذلك من ‪ 1400‬مليار دوالر إىل‬ ‫‪ 2200‬مليار دوالر‪ ،‬كام أشار الصندوق إىل أن الناتج اإلجاميل العاملي والذي‬ ‫يتم قياسه عىل أساس أسواق أسعار الرصف معرضاً للرتاجع العام الحايل‬ ‫وذلك للمرة األوىل منذ الحرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن أثر األزمة كبري عىل دول املنطقة‪ ،‬إ ّال أن لبنان بقي مبنأى‬ ‫عنها بسبب استمرار االستقرار السيايس واألمني من جهة‪ ،‬وضبط‬ ‫السوق املايل من جهة أخرى‪ ،‬من قبل البنك املركزي الذي ا ّتخذ إجراءات‬ ‫تنظيمية أثبتت جدواها عىل الصعيد املرصيف والنقدي‪ ،‬وهذا ما أشارت‬ ‫إليه جهات رسمية لبنانية وصندوق النقد الدويل بأن يبلغ النمو االقتصادي‬ ‫يف لبنان هذا العام ‪ 7‬يف املئة رشط استمرار االستقرار السيايس واألمني‬ ‫يف البالد‪.‬‬ ‫ولكن الواقع يثبت غري ذلك‪ ،‬فلبنان شهد ارتفاعا يف حجم الديون‬ ‫الداخلية والخارجية منذ انتهاء الحرب األهلية التي استمرت خمسة عرش‬ ‫عاما‪ ،‬وتم إنفاق الكثري من األموال من أجل إعادة اإلعامر‪ .‬وتستقطب‬ ‫فوائد وأقساط تلك الديون مبالغ كبرية من إنفاق املوازنة اللبنانية؛ ما‬ ‫أدى الستمرار العجز فيها‪ ،‬وهو ما يعني اقرتاضا جديدا لسد ذلك العجز‬ ‫وارتفاعا لقيمة الديون‪ ،‬إذ يتم متويل ذلك العجز من خالل إصدار السندات‬ ‫التي يتم رشاء جانب منها يف الخارج‪ ،‬وهو ما ربط سداد العجز بالبيع لتلك‬ ‫األوراق املالية هناك‪.‬‬ ‫وجاءت حرب متوز ‪ 2006‬لتزيد من الحاجة لعمليات إعادة اإلعامر‪ ،‬وهنا‬

‫‪20‬‬

‫ويعد عجز املوازنة املزمن من عوامل الضعف‬ ‫الرئيسية باالقتصاد اللبناين والتي قد تضاعف‬ ‫من التأثري السلبي ألي خطوات أمريكية وغربية‬ ‫محتملة ردا عىل فوز املعارضة‪ .‬فرغم تحسن‬ ‫(نسبة عجز املوازنة إىل الناتج املحيل اإلجاميل)‬ ‫عام كانت عليه قبل سنوات حني بلغت ‪% 16‬‬ ‫عام ‪ ،2002‬إال أن استمرار مشكلة خدمة الدين‬ ‫الداخيل والخارجي يدفع باتجاه استمرار العجز؛‬ ‫فقد بلغت قيمة خدمة الدين خالل العام املايض‬ ‫‪ 3.3‬مليار دوالر‪ ،‬أي ما ميثل ‪ % 51‬من إجاميل إيرادات‬ ‫املوازنة‪ ،‬كام ميثل نسبة ‪ % 45‬من إجاميل نفقات‬ ‫املوازنة خالل نفس العام‪ ،‬األمر الذي يضطر‬ ‫الحكومة ملزيد من االقرتاض لسداد العجز‪ ،‬وهو‬ ‫ما ينعكس بدوره عىل خدمة الدين يف موازنات‬ ‫السنوات القادمة‪.‬‬ ‫وقد بلغت قيمة الدين العام ‪ 48‬مليار دوالر وهو‬ ‫ما يعادل ‪ % 166‬من الناتج املحىل اإلجاميل‪ ،‬وهو‬ ‫رقم مرشح للزيادة بنهاية العام الحايل‪ ،‬وكانت‬ ‫الديون بالعمالت األجنبية قد بلغت ‪ 21.1‬مليار‬ ‫دوالر العام املايض‪ .‬ونتيجة ملطالبة صندوق النقد‬ ‫الدويل لبنان بخفض نسبة الدين إىل الناتج‬ ‫املحىل‪ ،‬اتجهت الحكومة من جديد إىل خصخصة‬ ‫رشكات الهاتف الجوال‪ ،‬غري أن ظروف السوق‬ ‫الحالية ليست مالمئة للحصول عىل األسعار‬ ‫األفضل‪ ،‬ما يعنى استمرار االعتامد عىل الديون‬ ‫لسداد العجز باملوازنة لبعض الوقت‪.‬‬ ‫غري أن تنوع مصادر وتن ّوع االقتصاد اللبناين من‬ ‫السياحة والتحويالت والصادرات واالستثامرات‪،‬‬ ‫ورغم تداعيات األزمة املالية‪ ،‬فقد حقق امليزان‬ ‫الكيل للمدفوعات فائضا بلغ ‪ 1.2‬مليار دوالر‬ ‫خالل الثلث األول من العام الحايل‪.‬‬

‫أبو مصلح‬ ‫ملتابعة األزمة املالية العاملية وانعكاساتها‬ ‫استطلعت منرب التوحيد آراء خرباء اقتصاديني‬ ‫حول اقتصاد العام ‪ 2009‬وأزماته املالية‬ ‫واالقتصادية وتداعياتها عىل دول العامل بشكل‬ ‫عام واملنطقة بشكل خاص‪ ،‬فالتقت بكل من‬ ‫الدكتور إييل يشوعي وغالب أبو مصلح الذي‬ ‫أوضح‪ :‬بأن القراءة التي ُطرحت فيها األزمة املالية‬ ‫العاملية‪ ،‬وعولجت عرب الصحافة واألدبيات كام‬ ‫عرب السياسات التي اتبعتها دول املراكز املالية‬ ‫الكربى‪ ،‬كانت خاطئة‪ ،‬ألنها ص ّورت األزمة عىل‬ ‫أساس أنها أزمة مالية‪ ،‬بالرغم من أنها ليست‬ ‫كذلك‪ ،‬بل هي أزمة بنيوية بالنسبة للنظام‬ ‫الرأساميل‪ ،‬نتجت عن طريق الخلل بني العرض‬ ‫والطلب‪ ،‬بني قدرات اإلنتاج وقدرات االستهالك‪،‬‬ ‫بني توزيع القيمة الفائضة والناتج املحيل القائم‪،‬‬ ‫بني عاملني أساسيني يف اإلنتاج هام‪ :‬القوى‬ ‫العاملة‪ ،‬الرواتب واألجور ورؤوس األموال‪ ،‬فدامئاً‬ ‫كانت كام وصفها ماركس بأنها أزمة بنيوية‬ ‫متجددة بشكل مستمر بني فرتة وأخرى‪ ،‬ولكن‬ ‫مع وصول الليربالية الجديدة واملحافظني الجدد‬ ‫اىل السلطة يف بريطانيا «تاتشري» عام ‪1979‬‬ ‫ثم «ريغان» يف أمريكا عام ‪ ،1980‬حاملني‬ ‫ّ‬ ‫مبادئ ليربالية جديدة‪ ،‬ظ ّناً منهم أن هذه‬ ‫السياسات قادرة أن تتخطى األزمات الدورية‪،‬‬ ‫عرب ترك الحرية آلليات السوق لتامرس دورها‬ ‫يف عمليات التصحيح‪ ،‬غري أنه عملياً مل تحل‬ ‫هذه السياسات األزمة السابقة بل دفعتها اىل‬ ‫األمام‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬هناك مشكلة انخفاض‬ ‫مضمون التوظيفات املالية‪ ،‬الذي انخفض إىل ما‬ ‫دون الـ ‪ ،%6‬نتيجة زيادة الرتاكم الرأساميل‪ ،‬مبا‬ ‫مل يرتك مجاالً لتوظيفات جديدة لهذا الرأسامل‬ ‫ما جعله معط ًال ويتزاحم عىل فرص محددة يف‬ ‫التوظيف ما أدّى إىل تدين املردود‪.‬‬ ‫من هنا عملت الليربالية الجديدة عىل حل‬ ‫هذه املشكلة عرب ثالث طرق‪ :‬أوالً أعادت توزيع‬ ‫الناتج املحيل بني رؤوس األموال والقوى العاملة‪،‬‬ ‫مبا يعني أنها خ ّفضت عملياً الرواتب واألجور‬ ‫الحقيقية‪ ،‬حتى يف الواليات املتحدة مث ًال فقد‬ ‫تم تخفيض القيمة الحقيقية ملجمل الرواتب إىل‬ ‫ّ‬ ‫أكرث من ‪ %12‬بني عامي ‪ 1975‬و‪ ،2005‬لتذهب‬ ‫عملياً اىل رؤوس األموال لتعويض الخفض‪ ،‬وثانياً‬ ‫عملت عىل خلق فضاء تدور فيه األموال بعيداً‬ ‫عن التوظيف املنتج وعالقات إنتاجه‪ ،‬يرتكز عىل‬ ‫املضاربات عملياً‪ ،‬والبورصات‪ ،‬مح ّوالً العامل ك ّله‬ ‫إىل كازينو جديد للمقامرة‪ ،‬ما جعل الفقاعات‬ ‫يف أسعار األسهم‪ ،‬وأسعار العقارات‪ ،‬إلخ‪..‬‬ ‫تتفاقم‪ ،‬ثالثاً عرب تراكم الديون حيث قامت‬ ‫برتاكم الديون‪ ،‬معتربة أن الديون عىل املستهلك‬ ‫ترفع قدرته عىل االستهالك مؤقتاً‪ ،‬دون أن تأخذ‬ ‫بعني االعتبار أن هذه الديون ميكن أن تخ ّفض‬ ‫قدرة املستهلك عىل االستهالك آج ًال‪ ،‬خاصة‬ ‫مع انخفاض القيمة الحقيقية للرواتب واألجور‪،‬‬

‫‪21‬‬

‫أبو مصلح‬ ‫يف‬ ‫املتناقضة‬ ‫الطروحات‬ ‫البيان الوزاري الزالت متشبثة‬ ‫بالليربالية الجديدة‪ ،‬وبرنامج‬ ‫باريس‪ 3‬هي التي أدّت إىل ما‬ ‫نحن عليه اليوم من الفقر‬ ‫ما يزيد مستقب ًال من أرباح رؤوس األموال بفعل‬ ‫الفوائد عىل تلك الديون‪ .‬ففي سنة ‪،2008‬‬ ‫أصبحت كلفة الديون عىل املستهلك تش ّكل‬ ‫‪ %14‬من الدخل الحقيقي للموظف‪ ،‬كل ذلك‬ ‫ذهب اىل رؤوس األموال وبالتايل أدى اىل ارتفاع‬ ‫أسعار العقارات واألسهم وغريها من الفقاعات‬ ‫النقدية وذلك نتيجة املضاربات‪.‬‬ ‫والحتواء هذه األزمة عمدت بعض الدول‬ ‫وخاصة أمريكا اىل ضخ املزيد من السيولة ما‬ ‫ّ‬ ‫حل مشكلة األسهم مؤقتاً‪ ،‬ولكنه و ّلد الفقاعة‬ ‫العقارية‪ ،‬التي عندما انفجرت أدّت اىل انهيارات‬ ‫يف األسواق املالية خاصة يف صناديق االئتامن‪،‬‬ ‫وصناديق التوظيف يف قطاع املشتقات النقدية‪،‬‬ ‫صناديق قطاعات املشتقات النقدية‪ ،‬وأدّت اىل‬ ‫إفالسات كبرية وخاصة يف البضاعة املشملة‬ ‫واملورقة‪ ،‬أي ديون يتم جمعها ككتلة واحدة ويتم‬ ‫تسنيدها وبيعها يف األسواق العاملية‪ ،‬ما أدّى‬ ‫اىل تو ّزع املخاطر عملياً وهذا ما حصل يف السوق‬ ‫األمريكية‪ ،‬فانهيار أسعار العقارات واإلقراض‬ ‫العقاري الكبري أدّى اىل تشميل وتوريق السندات‬ ‫العقارية وتوزيعها يف كل أنحاء العامل مبردود‬ ‫مرتفع‪ ،‬بغض النظر عن املخاطر‪ ،‬وعمدت البنوك‬ ‫اىل رشائها طلباً للمردود األعىل ألن املردود األعىل‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪20010‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عام األزمات والتحوالت‬

‫غالف‬

‫عملياً يضمن مخاطر أعىل وبالتايل انفجرت‬ ‫هذه الفقاعة العقارية‪ ،‬وانترشت يف كل أنحاء‬ ‫العامل تقريباً‪ ،‬ولكنها مل تدخل اىل الدول التي‬ ‫تفتقد لألسواق الكبرية‪ ،‬كالسوق املايل اللبناين‪،‬‬ ‫إضافة اىل قضايا كبرية أخرى حالت دون دخولها‬ ‫اىل لبنان‪ ،‬مث ًال زيادة املديونية ال تشمل القطاع‬ ‫الخاص فقط بل أيضاً القطاع العام‪ ،‬وهذه هي‬ ‫إحدى املشاكل السياسية األساسية التي تحصل‬ ‫بني دول مراكز الرأساملية ودول األطراف‪ ،‬فخالل‬ ‫املرحلة املاضية ويف سيادة الحقبة الليربالية‬ ‫الجديدة تضاعفت الهوة ومعدل املداخيل بني‬ ‫دول املركز ودول األطراف‪ ،‬وبني دول الشامل ودول‬ ‫املراكز الرأساملية‪ ،‬فكيف ميكن أن تعالج هذه‬ ‫املشكلة؟ حتى اآلن ليس هناك عالج جذريّ لهذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬ألن معظم األسباب الحقيقية لألزمة‬ ‫العاملية وكل مقوماتها مازالت موجودة‪ ،‬من‬ ‫ضخ السيولة بكميات هائلة لتعمل عىل تجدد‬ ‫املضاربات‪ ،‬وبالتايل إىل ارتفاع أسعار األسهم‬ ‫وكذلك أسعار العقارات‪ ،‬ما ع ّمق الهوة بني‬ ‫القدرات اإلنتاجية والطلب‪ ،‬وحاولوا أن يحفزوا‬ ‫الطلب نتيجة زيادة القروض‪ ،‬ففي لبنان فائدة‬ ‫العقارات هي ‪ %0‬لزيادة الطلب الذي هو نتيجة‬ ‫الديون وليس نتيجة القدرة الرشائية الحقيقية‪،‬‬ ‫ما سيؤدي اىل املزيد من األزمات وتعميقها يف‬ ‫املستقبل حتى يتم تصحيح الخلل األسايس‬ ‫كل املعالجات التي تقوم‬ ‫البنيوي‪ ،‬وبالتايل‬ ‫بها البنوك املركزية مع سياسات التحفيز‬ ‫االقتصادي ليست ح ًال للمشكلة البنيوية بل‬ ‫تأجيال وتعميقا لهذه األزمة‪.‬‬ ‫وأ ّكد بو مصلح اىل أن بقاء لبنان يف منأى عن‬ ‫هذه األزمة يعود اىل تخلف السوق املايل بشكل‬ ‫تم نتيجة‬ ‫خاص‪ ،‬مشرياً اىل أن االقتصاد اللبناين ّ‬ ‫السياسات الخاطئة منذ التسعينات حتى اآلن ما‬ ‫أدى اىل تقلص قطاعات االنتاج الحقيقي للزراعة‬ ‫والصناعة ومنو قطاعات الخدمات التي اعتاد‬ ‫لبنان أن يصدرها اىل الخارج‪ ،‬خاصة يف املحيط‬ ‫العريب الذي ينتج من الخدمات أكرث من لبنان‪،‬‬ ‫عىل سبيل املثال ديب‪ ،‬لقد كان لبنان خاصة بعد‬ ‫إقفال مرفأ حيفا عام ‪ ،1948‬وإغالق قناة السويس‬ ‫لفرتة محددة وبعد االنقالبات الراديكالية التي‬ ‫حدثت يف املحيط العريب وأدّت اىل هجرات رؤوس‬ ‫األموال والخربات‪ ،‬عقدة مواصالت ومنتج ومصدر‬ ‫للخدمات للمحيط الذي يحتاجه وإن عملياً‪،‬‬ ‫ولكن منذ بداية السبعينات بدأ هذا االتجاه لنمو‬ ‫طلب الخدمات ينخفض‪ ،‬فلم يعد لبنان بوابة‬ ‫املرشق العريب بل ديب‪ ،‬وأكرث االنتاج الذي تستورده‬ ‫ليس من أوروبا بل من جنوب رشق آسيا والصني‪،‬‬ ‫فديب تستقبل ما بني ‪ 6‬أو ‪ 12‬مليون سائح‪ ،‬بينام‬ ‫لبنان اليستقبل هذا العدد‪ ،‬إذ إن السواح هم‬ ‫من اللبنانيني‪ ،‬أضف اىل أنه ال يوجد يف لبنان‬ ‫سياحة شعبية كام يحصل يف مرص وتركيا‬ ‫وتونس‪ ،‬حيث يعتمد عىل القطاع السياحي‬ ‫النخبوي‪ ،‬كام أن السوق املالية اللبنانية مل تعد‬ ‫سوق العرب التي مت ّول التجارة الخارجية للمرشق‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫العريب‪ ،‬بل عىل العكس‬ ‫أصبحت األسواق املالية‬ ‫يف الخليج والسعودية‬ ‫والبحرين من أهم‬ ‫األسواق العربية التي‬ ‫مت ّول التجارة الخارجية‬ ‫وذلك من حيث نوعية‬ ‫الخدمات التي تقدمها‬ ‫التعاطي‬ ‫ونوعية‬ ‫فيها‪ ،‬كام أن لبنان‬ ‫مل يتوصل اىل بنية‬ ‫الشاملة‪،‬‬ ‫البنوك‬ ‫ال‬ ‫احتكارية‬ ‫فهي‬ ‫وجود للمزاحمة فيها‪،‬‬ ‫ألن جمعية املصارف‬ ‫يف لبنان تلغي آلية‬ ‫السوق وتح ّدد الفوائد الدائنة واملدينة عملياً‪،‬‬ ‫وكلفة الوساطة فيها مرتفعة جداً إذ تشكل‬ ‫أضعاف كلفة الوساطة يف أي بقعة من العامل‪،‬‬ ‫وبالتايل هذا التخلف حمى السوق املالية من‬ ‫ارتدادات األزمة املالية العاملية‪ .‬إن املشكلة يف‬ ‫لبنان بنيوية‪ ،‬وليس املهم أن تتدفق األموال إليه‬ ‫(‪ 15‬أو ‪ )16‬مليار دوالر العام املايض‪ ،‬بل املهم‬ ‫كيفية إنفاقها واستعاملها‪ ،‬فعادة العديد من‬ ‫الدول تهتم بهذا الدفق نتيجة التوظيف املنتج‪،‬‬ ‫لكن لبنان ّ‬ ‫وظف قسم منها يف سندات خزينة‬ ‫ّ‬ ‫معطل مي ّول منها املضاربات‪ ،‬ما‬ ‫والقسم اآلخر‬ ‫جعل لبنان يبحث لقسم منها عن توظيفات‬ ‫خارجه‪ ،‬من هنا تأيت حاجة بعض البنوك اىل‬ ‫إقامة فروع لها يف الخارج تبحث عن فرص‬ ‫توظيف‪ ،‬ما أدّى اىل إلحاق األذى بلبنان عملياً ألنه‬ ‫يدفع فوائد عالية تفوق ما تدفعه األسواق املالية‬ ‫يف الخارج‪ ،‬ما يؤدي اىل استنزاف للدخل الوطني‪.‬‬ ‫أما الصعود الذي نجده يف قطاع العقارات‬ ‫فهذا يعود اىل املضاربات الداخلية والخارجية‪،‬‬ ‫فالبنوك اللبنانية أصبحت تقوم بتمويل األفراد‬ ‫مبا يعني متويل االستهالك الذي كان يف املايض‬ ‫يشكل ‪ 3‬أو ‪ %4‬من إقراض البنوك‪ ،‬وأصبح اليوم‬ ‫يش ّكل أكرث من ‪ ،%20‬ما يؤدي اىل املضاربات‬ ‫وارتفاع األسعار العقارية‪ ،‬وبالتايل اىل تراكم‬ ‫الديون عىل اللبنانيني وعىل القطاع املنزيل‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬أما قروض التجارة فهي تشكل‬ ‫‪ %45‬وتذهب للتمويل التجاري الداخيل والخارجي‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬ولكن هناك إجحاف يف متويل‬ ‫قطاعي الزراعة والصناعة وذلك النعدام البنوك‬ ‫املتخصصة يف اإلقراض الزراعي‪ ،‬وكذلك األمر‬ ‫بالنسبة للصناعة ألن مخاطر الصناعة مرتفعة‬ ‫جداً والسياسات التي يتبعها النظام اللبناين‬ ‫معادية للزراعة والصناعة‪ ،‬وبالتايل يؤدي اىل‬ ‫عملية إغراق للسوق‪.‬‬ ‫أما فيام يتعلق بالبيان الوزاري عىل صعيد‬ ‫البند املتعلق بالتنمية االقتصادية‪ ،‬رأى أبو‬ ‫مصلح أنه ليس أول بيان وزاري يعد اللبنانيني‬ ‫«باملن والسلوى»‪ ،‬فكل بيان وزاري وخاصة خالل‬

‫‪22‬‬

‫يشوعي‬

‫حكومة الحريري والسنيورة‪ ،‬كان هناك وعود‬ ‫كثرية‪ ،‬عملت جميعها عىل إخضاع اقتصاد‬ ‫األمريكية‬ ‫اإلمربيالية‬ ‫الهيمنة‬ ‫اىل‬ ‫لبنان‬ ‫واإلرسائيلية‪ ،‬ما أدّى اىل زيادة املديونية‪ ،‬وارتفاع‬ ‫الدين العام الذي وصل اليوم اىل ما يزيد عن ‪50‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬دون األخذ بعني االعتبار الديون غري‬ ‫املورقة التي ال يوجد فيها سندات‪ ،‬ويحاولون‬ ‫نتيجة لغياب اإلحصاءات تظليل اللبناين عن‬ ‫األرقام الصحيحة للنمو‪ ،‬فالوعود يف االزدهار‬ ‫مالزمة للحكومات اللبنانية املتعاقبة‪ ،‬ولكن ال‬ ‫أحد يحاسب عىل النتائج «املخزية» التي تقول أن‬ ‫نصيب القوى العاملة والرواتب واألجور من الناتج‬ ‫املحيل القائم اللبناين الحقيقي انخفض جداً‪،‬‬ ‫بفعل التضخم الذي يأكل منها شيئاً فشيئاً‬ ‫كل عام يف وقت ترتفع فيه أرباح املصارف‪ ،‬ولكن‬ ‫ذلك ال يعني أن املصارف تتمتع بكفاءة عالية‬ ‫وتخدم االقتصاد الللبناين‪ ،‬بل عىل العكس فهي‬ ‫تعمل عىل تدمري القطاعات األخرى‪.‬‬ ‫وأشار بومصلح اىل أن الطروحات املتناقضة‬ ‫يف البيان الوزاري‪ ،‬الزالت متشبثة بالليربالية‬ ‫الجديدة‪ ،‬وبرنامج باريس‪ ،3‬التي أدّت اىل ما نحن‬ ‫عليه اليوم من الفقر‪ ،‬ومنو الفروقات الطبقية‪،‬‬ ‫وتهميش قطاعات إنتاج السلع‪ ،‬واملزيد من‬ ‫ظلم التوزيع بني املناطق واملركز بريوت‪ ،‬حتى‬ ‫عملياً مدخرات امللحقات يف املناطق أكرثها‬ ‫يذهب إىل بريوت‪ ،‬بينام يعد البيان الوزاري بنمو‬ ‫يتم ذلك يف ظل استمرار‬ ‫متوازن‪ ،‬فكيف ميكن أن ّ‬ ‫السياسات الليربالية الجديدة التي د ّمرت هذا‬ ‫النمو املتوازن بني كافة القطاعات‪.‬‬ ‫وللتخيل عن تلك السياسات الليربالية‬ ‫الجديدة‪ ،‬ال بد من اتباع سياسات الـ»ماكرو‬ ‫عىل صعيد السياسة املالية‬ ‫اقتصادية»‬ ‫والنقدية والرضائبية‪ ،‬وبالتايل عىل صعيد‬ ‫التنمية‪ ،‬الفتاً إىل أن أهم دور ملجلس النواب اليوم‬ ‫يكمن يف وضع مرشوع املوازنة ومناقشته‪،‬‬ ‫لتصحيحها وترشيدها لخدمة الهدف االقتصادي‬ ‫االجتامعي ال لخدمة الدين‪ ،‬بل للمحاسبة عىل‬ ‫كيفية اإلنفاق‪.‬‬

‫من جهته وجد يشوعي أن السبب الرئييس‬ ‫لنشوء األزمة املالية العاملية يعود اىل تطور‬ ‫األسواق املالية وفذلكاتها‪ ،‬وتنوع األدوات‬ ‫والوسائل واألوراق التي ال تخضع للرقابة الكافية‬ ‫واملضاربة‪ ،‬وعدم مراعاة مبدأ املخاطرة كام يجب‪،‬‬ ‫كل هذه العوامل مجتمعة تسببت يف نشوء‬ ‫هذه األزمة‪ ،‬والتي تعرفنا عىل نتائجها‪.‬‬ ‫أما ملاذا بقي لبنان مبنأى عن تداعيات وارتدادات‬ ‫تلك األزمة؟ فالجواب هو يف اإلهامل الحاصل‬ ‫للسوق املالية اللبنانية الداخلية‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫صغر حجمها واحتواءها لعدد محدود جداً من‬ ‫الرشكات واألسهم التي ليست مدرجة ال يف‬ ‫بورصات إقليمية‪ ،‬وال يف بورصات عاملية إ ّال بعض‬ ‫‪ GTR‬لرشكة «السوليدير» املدرجة يف بورصة‬ ‫لندن‪ ،‬فإهامل السوق املايل يف لبنان هو الذي‬ ‫جعله يبقى يف منأى عن ارتدادات األزمة املالية‬ ‫العاملية‪ ،‬والسبب ال يعود إىل إهامل السوق املايل‬ ‫فقط بل إىل إهامل االقتصاد برمته‪.‬‬ ‫أما يف ما يتع ّلق بالبيان الوزاري‪ ،‬فقد وصفه‬ ‫ضم مجموعة‬ ‫إذ‬ ‫يشوعي بعناوين بال آليات‬ ‫ّ‬ ‫عناوين عامة (حوايل ‪ 100‬عنوان)‪ ،‬وإذا تحققت‬ ‫جميعها‪ ،‬فهذا أمر جيد جداً‪ ،‬لكن هذا يحتاج إىل‬ ‫تحديد اآلليات‪ ،‬ال العناوين العريضة فقط‪ ...‬وعىل‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬تعهّد البيان العمل عىل إعادة تكوين‬ ‫الطبقة الوسطى‪ ،‬من دون أن يشري إىل اآللية‪...‬‬ ‫وهذا ينطبق عىل معظم البنود املذكورة يف‬ ‫البيان الوزاري الواسعة والعريضة والتي ال يوجد‬ ‫خالف عليها‪ ،‬عىل الرغم من أن بعضها يشمل‬ ‫العديد من التحفظات خاصة عىل البند املتعلق‬ ‫باملقاومة التي أصبحت جز ًءا من حياتنا الوطنية‬ ‫وجز ًءا من السياسة اإلقليمية‪ .‬وما تب ّقى عناوين‬ ‫عريضة واسعة عامة ال يوجد خالف عليها‪.‬‬ ‫ولكن الخوف اليوم ويف املستقبل هو يف إمكانية‬ ‫حصول خالف داخل مجلس الوزراء حول آليات‬ ‫تنفيذ املشاريع املطروحة يف البيان الوزاري نتيجة‬ ‫وجود سلطة تنفيذية عليها تطبيق ما ورد فيه‪،‬‬ ‫والذي من املفرتض أن يكون فيه أعامل ومشاريع‬ ‫واضحة وعىل سبيل املثال‪ ،‬أشار البيان إىل «تحرير‬ ‫قطاع االتصاالت وضامن فاعلية أكرب ملردوده»‪،‬‬ ‫ودعا اىل «إرشاك اللبنانيني يف الخصخصة»‪،‬‬ ‫ومل يحدد ما الذي سيجري خصخصته‪ ...‬وأوضح‬ ‫يشوعي أنه عندما نقول بتحرير قطاع االتصاالت‬ ‫لتقوية قطاع اإلنتاج‪ ،‬يجب أن يكون هناك آلية‬ ‫نستند إليها‪ ،‬وتشمل كيفية تحرير القطاع‪،‬‬ ‫هل عرب خصخصة اإلدارة أو الـ ‪ ،BOT‬أو عقود‬ ‫االمتياز‪ ،‬أو البيع الكليّ ‪ ،‬هذه اآلليات هي التي‬ ‫سيتم الخالف عليها داخل مجلس الوزراء‪ ،‬ألن‬ ‫ّ‬ ‫البيان صيغ بطريقة‪ ،‬بأن ال يكون هناك سالح‬ ‫حاد حول النقاط العامة التي تط ّرق إليها‪ ،‬ولكن‬ ‫الخالف سيكون عىل صعيد التطبيق والتوافق عىل‬ ‫آليات التنفيذ‪ ،‬كيف سنخصخص‪ ،‬وكذلك األمر‬ ‫بالنسبة ملصايف النفط‪ ،‬وإعادة تكوين الطبقة‬

‫الوسطى‪ ،‬وتشجيع القطاع الزراعي والصناعي‪،‬‬ ‫فعىل سبيل املثال لتشجيع القطاع الزراعي‬ ‫والصناعي يجب إعادة النظر يف السياسة‬ ‫الجمركية يف لبنان التي يجب أن تأخذ بعني‬ ‫االعتبار دولة املنشأ آخذين كذلك بعني االعتبار‬ ‫كلفة اإلنتاج يف كل دولة‪ ،‬فإذا كانت كلفة اإلنتاج‬ ‫يف دولة املنشأ تفوق كلفة اإلنتاج يف لبنان يجب‬ ‫رفع الرسم الجمريك‪ ،‬أما إذا كانت كلفة اإلنتاج‬ ‫متدنية فيجب أن يكون الرسم الجمريك متدنٍ ‪،‬‬ ‫تم طرحه يف البيان الوزاري نكون‬ ‫هذا التمييز لو ّ‬ ‫قد تحدّثنا عن آلية‪ ،‬رمبا تؤدي إىل االختالف حولها‬ ‫بسبب تدخل البنك الدويل ومطالبته بالتحرير‬ ‫االقتصادي‪ ،‬فأمريكا حررت اقتصادها ولكن أين‬ ‫أصبحت اآلن‪ ،‬فال نستطيع ترك األسواق مفتوحة‬ ‫بعضها عىل بعض‪ ،‬وكأن الدول أصبحت دولة‬ ‫ٍّ‬ ‫لكل منها ميزاتها وأكالفها وظروفها‬ ‫واحدة‪ ،‬ألن‬ ‫واقتصادها‪ ،‬ال وجود حتى اآلن للوحدة االقتصادية‬ ‫عاملياً لفتح الحدود بدون قيد أو رشط‪ ،‬عىل سبيل‬ ‫املثال الرضيبة عىل القيمة املضافة يف لبنان‪،‬‬ ‫اهتم بإنقاذ الخزينة‪ ،‬واملالية العامة‪،‬‬ ‫وباريس ‪ 3‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫والفريق املمسك بهذا امللف‪ ،‬دون االقتصاد برمته‬ ‫خاصة عندما استبدل ديناً بآخر‪ ،‬ديناً قامئاً بفائدة‬ ‫عالية بدين بالعملة األجنبية بفائدة أدىن بهدف‬ ‫التوفري يف خدمة الدين العام يف املوازنة العامة‪،‬‬ ‫والتخفيف من عجزها‪ ،‬كل ذلك كان خدمة‬ ‫للفريق املمسك بامللف املايل وقتئ ٍذ‪ ،‬فباريس ‪3‬‬ ‫ليس له عالقة‪ .‬واستغرب يشوعي مناداة البنك‬ ‫الدويل بالخصخصة واإلصالح اإلداري‪ ،‬متسائ ًال‬ ‫كيف؟ فباريس ‪ 3‬يف نظر يشوعي‪ ،‬مل يكن إ ّال‬ ‫إلنقاذ الخزينة اللبنانية واملالية العامة يف لبنان‬ ‫وليس لالعتناء باالقتصاد اللبناين‪.‬‬ ‫ودعا يشوعي املسؤولني إىل الرتكيز عىل نقاط‬ ‫قوتنا يف الداخل‪ ،‬واالستفادة من مواردنا املالية‬ ‫املتاحة‪ ،‬من خالل إعادة النظر بالسياسة النقدية‬ ‫ليك تتيح سيولة أكرب من القطاع الخاص‪ ،‬كام‬ ‫طالب القطاع العام بانضباط مايل كامل خالٍ‬ ‫من أي هدر أو رسقة أو تطاول عىل املال العام‪،‬‬ ‫ألن الهدر والخصخصة كانا من أهم أسباب تراكم‬ ‫الدين يف لبنان‪ ،‬وليس كام يقول البعض بإيعازهم‬ ‫سبب الديون إىل الكهرباء‪ ،‬الكهرباء لديها‬ ‫عجز ولكن ليست هي السبب الوحيد السبب‬ ‫الدين‪ ،‬املحاصصة والهدر والصفقات وتقاسم‬ ‫مال اللبنانيني هو الذي راكم الدين العام‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن سياسة الفوائد الباهظة واملرتفعة عىل‬ ‫استدانة كثيفة كانت تقرر من قبل وزارة املال‪،‬‬ ‫مبعزل عن البنك املركزي ومن دون أي ردة فعل من‬ ‫قبله (البنك املركزي) عىل تلك السياسة‪.‬‬ ‫فسابقاً القطاع العام يف التسعينات كان مي ّول‬ ‫مشاريع إعامر‪ ،‬وهذا كان بداية تراكم الديون وحتى‬ ‫تع كيف‬ ‫اليوم ال نزال نتخبط فيها‪ ،‬وإذا الحكومة مل ِ‬ ‫تك ّبل حجم االقتصاد يف لبنان‪ ،‬فلن نستطيع فع ًال‬ ‫أن نبدأ بتصويب املسار و تصحيح النتائج‪.‬‬ ‫من هنا فاألسس الصحيحة لتنمية السياسة‬ ‫االقتصادية يف لبنان هي النجاح يف وضع‬

‫‪23‬‬

‫يشوعي‬ ‫باريس ‪ 3‬مل يكن إ ّال إلنقاذ‬ ‫الخزينة اللبنانية واملالية العامة‬ ‫لالعتناء‬ ‫وليس‬ ‫لبنان‬ ‫يف‬ ‫باالقتصاد اللبناين برمته‬ ‫سياسات االستقرار االقتصادي‪ ،‬بحيث تكون‬ ‫توجه جديد‪ ،‬علمية وموضوعية‪،‬‬ ‫جديدة وذات‬ ‫ّ‬ ‫مجردة من الغايات الخاصة‪ ،‬من دون أي خلفية‪،‬‬ ‫إذاً سياسات استقرار تقوم عىل سياسة نقدية‬ ‫جديدة تو ّفر السيولة بالكلفة املعتدلة جداً‬ ‫للقطاعات املنتجة‪ ،‬سياسة مالية تضع موازنة‬ ‫تكون أقرب إىل الواقع ومحفزة أكرث للنمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وسياسة تشجيع االستثامر‪ ،‬وحامية‬ ‫االستثامرات الداخلية‪ ،‬التي من شأنها أن تخلق‬ ‫فرص عمل جديدة‪ ،‬وأن تحتفظ بواسطتها بطاقاتنا‬ ‫الشابة وكفاياتنا البرشية‪ ،‬فض ًال عن سياسات‬ ‫تفعيل العمل اإلداري والقضايئ يف لبنان‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل خصخصة مدروسة جداً من دون التخيل عن‬ ‫امللكية للخدمات العامة األساسية يف لبنان‬ ‫من كهرباء وماء ومصايف نفط وسكك حديد‬ ‫إلخ‪ ..‬مبعنى آخر إرشاك القطاع الخاص بعملية‬ ‫التحديث والعرصنة‪ ،‬وإعطائه إمكانية اإلدارة مع‬ ‫فرض سعر عليه يوازي السعر العاملي تحت مراقبة‬ ‫الوزارات‪ ،‬مع إبقاء الوصاية وامللكية للشعب‬ ‫اللبناين‪ ،‬وهذا ما يسمى بخصخصة اإلدارة‪.‬‬ ‫أيا تكن أسباب األزمات وغريها عىل دول‬ ‫العامل‪ ،‬هل ستتم ّكن الدول العربية يوماً ما من‬ ‫تحرير اقتصادها من هيمنة األخطبوط الليربايل‬ ‫الذي يجعل العامل رازخاً تحتحه؟! وهل سنتم ّكن‬ ‫من إنشاء سوق عربية مشرتكة قادرة عىل‬ ‫حامية اقتصادها؟!‬

‫إعداد وحوار ليديا أبو درغم‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب لبناين‬

‫الحريري في دمشق لكتابة صفحة بيضاء‬ ‫يف املمر الذي يصله اىل الجناح الرئايس‬ ‫يف قرص الشعب الذي بناه والده الرئيس رفيق‬ ‫الحريري‪ ،‬كان رئيس الحكومة اللبنانية سعد‬ ‫الحريري يسري بخطى بطيئة واحياناً ثقيلة‪،‬‬ ‫ملصافحة الرئيس السوري بشار الدكتور بشار‬ ‫االسد‪ ،‬هي مسافة زمنية لنحو خمس سنوات‬ ‫انقطعت فيها العالقة‪ ،‬او توترت بني فريق من‬ ‫اللبنانيني والقيادة السورية‪ ،‬بسبب االنفعاالت‬ ‫واالتهامات غري املربرة واملسندة‪ ،‬التي وجهت‬ ‫النظام االمني اللبناين – السوري املشرتك يف‬ ‫اغتيال الرئيس الحريري‪ ،‬وتبني عدم صحتها‪ ،‬بدليل‬ ‫عدم صدور قرار بحق املسؤولني يف هذا النظام‪،‬‬ ‫بل اطالق رساح الضباط االربعة من اللبنانيني‬ ‫واربعة مدنيني اوقفوا معهم ايضاً‪ ،‬دون ان توجه‬ ‫اليهم تهمة‪ ،‬كام سبق وذكر شهود الزور‪ ،‬من‬ ‫انهم خططوا مع ضباط سوريني‪ ،‬واجتمعوا يف‬ ‫اكرث من مكان‪ ،‬من القرص الجمهوري يف سوريا‪،‬‬ ‫اىل شقة الضاحية الجنوبية‪ ،‬وكان القصد اصابة‬ ‫النظام يف سوريا‪ ،‬و”حزب الله” يف لبنان‪ ،‬وقد‬ ‫اعلنت املحكمة الدولية واملدعي العام فيها دانيال‬ ‫بلامر‪ ،‬عدم صحة اقوال محمد زهري الصديق‬ ‫وهسام هسام وابراهيم جرجورة وغريهم‪ ،‬ممن‬ ‫استقدمهم فريق سيايس امني –اعالمي من‬ ‫قوى ‪ 14‬اذار وزودهم باملعلومات الكاذبة‪ ،‬استند‬ ‫اليها املحقق االملاين ديتليف ميليس يف تقريره‬ ‫واوىص القضاء اللبناين بتوقيف الضباط االربعة‪،‬‬ ‫وكان يسعى اىل توقيف زمالء لهم من الضباط‬ ‫السوريني‪ ،‬لكن القيادة السورية‪ ،‬قبلت االستامع‬ ‫اىل افادتهم امام لجنة التحقيق الدولية يف‬ ‫جنيف او دمشق وعودتهم اىل مراكز عملهم‪.‬‬ ‫فجرت جرمية اغتيال الحريري‪ ،‬العالقة بني سوريا‬ ‫وفريق سيايس لبناين‪ ،‬ارتبط مبرشوع امرييك‬ ‫يهدف اىل قيام “رشق اوسط جديد” طرحه‬ ‫الرئيس جورج بوش يطيح بأنظمة يف املنطقة‬ ‫يعتربها غري دميقراطية‪ ،‬كام حصل يف العراق‬ ‫باحتالل واسقاط حكم حزب البعث فيه وعىل‬ ‫رأسه صدام حسني الذي اعدم فيام بعد مع عدد‬ ‫من قيادات نظامه‪.‬‬ ‫كان اغتيال الحريري‪ ،‬الوسيلة للوصول اىل‬ ‫عجل باخراج القوات‬ ‫نظام االسد يف سوريا‪ ،‬حيث ّ‬ ‫السورية‪ ،‬كام قال النائب وليد جنبالط الذي‬ ‫راهن وعمل عىل ان رأس النظام السوري سيطري‬ ‫وسيكون مصريه‪ ،‬كمصري تؤامه يف العراق‪ ،‬وكان‬ ‫التحريض والتجييش وسوق االتهامات التي قيل‬ ‫انها سياسية‪ ،‬وبان سوريا وراء االغتياالت والجرائم‬ ‫يف لبنان‪ ،‬وكانت التعبئة الشعبية تبلغ ذروتها‬ ‫مع حلول الذكرى السنوية ملقتل الحريري يف ‪14‬‬ ‫شباط من كل عام‪ ،‬وتوجيه اقىس االنتقادات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫والذع االلفاظ واقبحها‪ ،‬واستخدام الفاظ بذيئة‬ ‫ومهينة التي طالت الرئيس السوري‪ ،‬مام رفع من‬ ‫التوتر والضغينة والحقد‪ ،‬وترجم ذلك بالتعرض‬ ‫للمواطنني السوريني والعامل منهم‪ ،‬اضافة اىل‬ ‫احتضان معارضني سوريني‪ ،‬للهجوم عىل النظام‬ ‫والعمل عىل اسقاطه‪.‬‬ ‫هذه االجواء من التعبئة ضد النظام يف سوريا‪،‬‬ ‫بدأت ترتاجع بعد احداث ايار من عام ‪ ،2008‬وقد‬ ‫التقط جنبالط اشارات أمريكية بان النظام باق‬ ‫يف سوريا‪ ،‬وغيرّ ت االنتخابات النيابية االمريكية‬ ‫اإلدارة وحل الدميقراطيون محل الجمهوريون يف‬ ‫مجليس الشيوخ والنواب‪ ،‬وصوالً اىل رئاسة‬ ‫الجمهورية‪ ،‬فذهب “املحافظون الجدد”‪ ،‬وبدأت مرحلة‬ ‫من الحوار مع القيادة يف سوريا‪ ،‬كام خرج الرئيس‬ ‫الفرنيس السابق جاك شرياك من قرص االليزيه‪،‬‬ ‫والذي كان رشيكاً مع نظريه االمرييك بوش يف‬ ‫استصدار للقرار ‪ 1559‬عن مجلس االمن‪ ،‬الذي‬ ‫طالب باخراج القوات السورية من لبنان‪ ،‬ونزع‬ ‫سالح املقاومة‪ ،‬فكان رحيلهام من السلطة‪،‬‬ ‫انتهاء مرحلة من الضغط عىل سوريا عرب لبنان‪،‬‬ ‫من خالل فريق سيايس امني واعالمي تجند بدعم‬ ‫عريب (مرصي – سعودي) الخراج لبنان من محور‬ ‫املامنعة والصمود الذي متثله سوريا وايران مع‬ ‫حلفائهام يف املقاومة يف لبنان وفلسطني‪.‬‬ ‫انترصت املقاومة عىل ارسائيل يف لبنان‪،‬‬ ‫وصدت العدوان خالل ‪ 33‬يوماً يف صيف ‪،2006‬‬ ‫ومثلها فعلت توأمها يف غزة‪ ،‬وربحت سوريا‬ ‫يف خيارها السيايس ضد “عرب االعتدال”‪ ،‬الذي‬ ‫وصفهم الرئيس االسد‪ ،‬بأنهم “اشباه الرجال”‬ ‫نتيجة مواقفهم من املقاومة‪ ،‬وانحيازهم اىل‬

‫‪24‬‬

‫جانب ارسائيل يف عدوانها‪ ،‬واعتبار ما قامت به‬ ‫املقاومة يف لبنان بأرس الجنديني مغامرة‪ ،‬مام زاد‬ ‫من االنقسام العريب‪ ،‬الذي انعكس عىل الساحة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬مع تزايد الرصاع السوري‪ -‬السعودي‪ ،‬اذ‬ ‫شهدت فرتة ما بعد عدوان متوز‪ ،‬تحركا للمعارضة‬ ‫للمشاركة يف السلطة‪ ،‬ومنع استئثار الفريق‬ ‫الذي يأمتر باوامر واشنطن والرياض والقاهرة من‬ ‫االمساك بالقرار‪ ،‬وطرح املشاركة يف السلطة‪،‬‬ ‫ومتكنت املعارضة من تحقيق اهدافها السياسية‪،‬‬ ‫بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة‬ ‫وحدة وطنية‪ ،‬تنفيذاً التفاق الدوحة‪.‬‬ ‫بدأت قوى ‪ 14‬اذار بالرتاجع عن اهدافها‬ ‫السياسية وترافق ذلك مع هزمية املرشوع‬ ‫االمرييك يف لبنان واكرث من منطقة‪ ،‬وانكسار‬ ‫قوة الردع عند الجيش االرسائييل‪ ،‬فقرأ رأس‬ ‫حربة فريق املواالة النائب وليد جنبالط املشهد‬ ‫السيايس‪ ،‬وقال لحلفائه يجب ان نغيرّ سلوكنا‪،‬‬ ‫فالنظام يف سوريا لن يتبدل‪ ،‬واملقاومة انترصت‬ ‫يف لبنان وفلسطني‪ ،‬وامريكا ستخرج من العراق‬ ‫فقرر االنفتاح عىل حلفاء سوريا متهيداً للعودة‬ ‫اليها‪ ،‬وهذا ما حصل‪ ،‬اذ كان يطلق ترصيحات‬ ‫ومواقف مختلفة كلياً عن املرحلة السابقة‪،‬‬ ‫فاصبحت سوريا العمق القومي وسالح املقاومة‬ ‫رضورة للدفاع عن لبنان‪ ،‬وان امريكا تتبع‬ ‫مصالحها‪ ،‬وفرنسا اعادت عالقاتها مع سوريا بعد‬ ‫وصول نيكوال ساركوزي اىل رئاسة الجمهورية‪،‬‬ ‫ومل تعد السعودية قادرة عىل تجاهل دور سوريا‬ ‫يف لبنان‪ ،‬بعد ان ظنت انها طردتها منه‬ ‫واستولت عليه عرب “تيار املستقبل” وحلفائه‪،‬‬ ‫من خالل تزويدهم باملال ملنع وقوعه تحت سيطرة‬ ‫“حزب الله” والنفوذ االيراين الذي يتوسع يف‬ ‫املنطقة كام اعلن السعوديون الذين حاولوا‬ ‫مذهبة الرصاع يف املنطقة وقد وافقهم الرئيس‬ ‫املرصي حسني مبارك عندما تحدث عن عدم والء‬ ‫الشيعة الوطانهم‪ ،‬والعاهل االردين عن مرشوع‬ ‫ايراين”لهالل شيعي”‪.‬‬ ‫يف ظل هذه التحوالت التي طرأت عىل‬ ‫الوضع اللبناين الداخيل‪ ،‬الذي مل ينفع فوز‬ ‫‪ 14‬اذار باكرثية يف االنتخابات النيابية االخرية‪،‬‬ ‫الن تشكيل الحكومة ممرها هو مشاركة القوى‬ ‫الرئيسية فيها‪ ،‬مام يعني عدم متكن هذه االكرثية‬ ‫من ان تحكم منفردة‪ ،‬وهذا ما دفع بالسعودية‬ ‫اىل ان تقر بوجود املعارضة وفعاليتها‪ ،‬بعد ان‬ ‫صالحت سوريا يف قمة الكويت االقتصادية‪،‬‬ ‫واعلن امللك عبدالله انه غري متمسك مببادرته‬ ‫للسالم التي دفنتها ارسائيل‪ ،‬وقد فتح الحوار‬ ‫السوري –السعودي باب االمل يف االستقرار‬ ‫بلبنان‪ ،‬وهو ما كان يتمناه الرئيس نبيه بري‪،‬‬

‫ان يقوم توافق سعودي – سوري (س‪-‬س) يف‬ ‫لبنان‪ ،‬فتحل االزمة فيه‪ ،‬وهكذا بعد مصالحة‬ ‫الكويت بني امللك عبد الله والرئيس االسد‪ ،‬عادت‬ ‫العالقات بني البلدين‪ ،‬وجرت االنتخابات النيابية‬ ‫يف لبنان‪ ،‬بعيدة عن املؤثرات الخارجية‪ ،‬فارتاحت‬ ‫الرياض لنتائجها‪ ،‬ورحبت فرنسا بحياد سوريا‪،‬‬ ‫وبدأت الساحة اللبنانية تتجه نحو االستقرار‪،‬‬ ‫واعلن سعد الحريري انه ميد يده لتشكيل حكومة‬ ‫وحدة وطنية‪ ،‬وانه ال ميانع يف زيارة سوريا كرئيس‬ ‫للحكومة‪ ،‬وكان يتجاوب مع الرغبات السعودية‬ ‫التي كانت تطالبه ان يسري يف االتجاه نحو‬ ‫املصالحة مع سوريا‪ ،‬ضمن املصالحات العربية‬ ‫التي افتتحت الطريق للحريري نحو سوريا‪ ،‬التي‬ ‫اتفقت معها عىل صيغة للحكومة من ‪ 15‬وزيراً‬ ‫لالكرثية و‪ 10‬للمعارضة و‪ 5‬لرئيس الجمهورية‪،‬‬ ‫حيث نجحت املساعي يف الوصول اىل حكومة‬ ‫متثلت فيها كل االطراف‪ ،‬وقد لعبت دمشق‬ ‫والرياض دوراً يف تقريب وجهات النظر‪ ،‬يف الوقت‬ ‫الذي كان مدير املخابرات السعودية االمري مقرن‬ ‫بن عبد العزيز يعمل مع نجل العاهل السعودي‬ ‫االمري عبد العزيز بن عبدالله يف تعزيز الحوار‬ ‫السوري – السعودي‪ ،‬وعىل متتني العالقات التي‬ ‫توجت بزيارة قام بها الرئيس االسد اىل جده‬ ‫لحضور حفل افتتاح جامعة امللك عبدالله الذي‬ ‫رد عليها بزيارة دمشق‪ ،‬حيث كانت نتائجها‬ ‫ايجابية عىل لبنان الذي خ ّيمت عليه مناخات‬ ‫املصالحات بني قياداته رعاها رئيس الجمهورية‬ ‫العامد ميشال سليامن‪ ،‬واخرى متت مببادرات بني‬ ‫قوى واحزاب يف املواالة واملعارضة‪.‬‬ ‫تغري املشهد اللبناين بعد انتخابات عام‬ ‫‪ ،2009‬وتبدلت التحالفات وزال من حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية تصنيف املواالة واملعارضة‪ ،‬وبات‬ ‫الجميع تحت مظلة التوافق السوري – السعودي ‪،‬‬ ‫وعاد اللبنانيون اىل املرحلة التي جاءت بعد اتفاق‬ ‫الطائف وتحت سقفه‪ ،‬الذي اوكل تنفيذه اىل‬ ‫سوريا بدعم عريب ودويل‪ ،‬وان الوضع اليوم يؤرش‬ ‫اىل اعرتاف بدور سوريا يف لبنان وتأثريها فيه‪.‬‬ ‫وهذا الوضع السيايس يف لبنان‪ ،‬دفع بالحريري‬ ‫ان يتوجه اىل دمشق للقاء الرئيس االسد‪ ،‬وقد‬ ‫سبق لشقيقة والده النائب بهية الحريري ان‬ ‫اعلنت يف ‪ 14‬اذار عام ‪ ،2005‬اىل اللقاء سوريا‪،‬‬ ‫مسترشفة ان الجغرافيا تفرض مثل هذا اللقاء‬ ‫الذي تاخر حوايل اربع سنوات‪ ،‬وكانت متنعه‬ ‫ظروف خارجية ومرشوع امرييك للمنطقة‪ ،‬الذي‬ ‫منع التواصل بعد زيارة الرئيس فؤاد السنيورة‬ ‫اىل سوريا يف ‪ 31‬متوز ‪ ،2005‬وبعد ايام من نيل‬ ‫حكومته الثقة‪ ،‬والتي ذهب اليها الحريري ايضاً‬ ‫بعد ايام من نيل حكومته الثقة‪ ،‬ليستقبله‬ ‫الرئيس االسد بحفاوة وتكريم الرؤساء وامللوك‪،‬‬ ‫فخصه بلفتات من املودة واالخوة‪ ،‬وتعامل معه‬ ‫كاحد افراد البيت فنام يف القرص الرئايس‬ ‫للتأكيد عىل عمق العالقة التي يريدها الرئيس‬ ‫السوري وإلشعار ضيفه ان سوريا ستدعمه‬ ‫وستحتضنه وستقدم له كل املساعدة لعودة‬

‫العالقات التي اكد الحريري يف البيان الوزاري عىل‬ ‫ان تكون اخوية وليست ندية‪ ،‬وجاء االستقبال‬ ‫والضيافة والخروج بالسيارة معاً‪ ،‬كتعبري‬ ‫الصداقة واالخوة والتعاون بينهام‪.‬‬ ‫مل تكن الزيارة سهلة عىل الحريري الذي مل‬ ‫يوفر مناسبة واتهم النظام يف سوريا باغتيال‬ ‫والده‪ ،‬لكن مجريات التحقيق الدويل‪ ،‬مل يعطه‬ ‫دلي ًال‪ ،‬فبات يتحدث عن انه اصبح يف عهدة‬ ‫املحكمة الدولية‪ ،‬التي توافقه دمشق الرأي ايضاً‪،‬‬ ‫التي تعاونت مع التحقيق‪ ،‬بعد ان كان الرئيس‬ ‫االسد اكد اكرث من مرة ويف مناسبات عدة‪ ،‬انه‬ ‫اذا ثبت تورط احد السوريني يف الجرمية فسيخضع‬ ‫للمحاكمة ويعاقب‪ ،‬وهذا ما وضع عملية االغتيال‬ ‫واملحكمة خارج التداول وفك ارتباط بني التحقيق‬ ‫والعالقة مع سوريا التي اكدت للرئيس الحريري‬ ‫انها تريد عالقات بني املؤسسات‪ ،‬وان املجلس‬ ‫االعىل اللبناين – السوري ما هو اال صيغة لهذه‬ ‫العالقة التي ال ميكن ان تربطها عالقات شخصية‪،‬‬ ‫بل روابط جغرافية واقتصادية واجتامعية‪ ،‬وهو‬ ‫ما ملسه رئيس الحكومة من خالل لقاءاته التي‬ ‫امتدت عىل مثاين ساعات مع الرئيس السوري‪،‬‬ ‫واكدت عىل رضورة استعادة الثقة بني البلدين‪،‬‬ ‫وعىل معالجة امللفات العالقة بينهام بعيداً عن‬ ‫التحدي والغوغاء‪ ،‬بل عىل اسس من املصالح‬ ‫املشرتكة لجهة ترسيم الحدود دون ان يستخدم‬ ‫لصالح العدو االرسائييل الذي اتفق الرئيسان‬ ‫عىل رضورة توحيد الجهود املشرتكة ملواجهته‬ ‫وتحرير االرايض اللبنانية والسورية املحتلة‪.‬‬ ‫فالزيارة التي اعطيت اوصافاً عدة‪ ،‬ف ُو ِصفت‬ ‫بالتاريخية وطي صفحة املايض‪ ،‬ولقاء املصارحة‬ ‫واملصالحة‪ ،‬وجلسة تعارف بني الرجلني وكل‬ ‫هذه املصطلحات تنطبق عىل الزيارة‪ ،‬وميكن‬ ‫االضافة عليها الكثري‪ ،‬اال ان الحكم عليها وهو‬ ‫بنتائجها اذ دخل الحريري قرص املهاجرين بطيء‬ ‫الخطى‪ ،‬متجهم الوجه مثقل اليدين‪ ،‬ليخرج‬

‫‪25‬‬

‫برفقة الرئيس االسد بسيارة واحدة اىل احد‬ ‫مطاعم دمشق القدمية‪ ،‬وقد بدأت عىل شفتيه‬ ‫االبتسامة‪ ،‬وعىل وجهه الفرح‪ ،‬وخطواته ثابتة‪،‬‬ ‫كام كان يف املؤمتر الصحايف مرتاحاً‪ ،‬حيث‬ ‫عكس مواقف تؤكد عىل ان العالقة بني الدولتني‬ ‫عادت اىل مجراها الطبيعي وان السنوات الخمس‬ ‫املاضية الثقيلة مبآسيها‪ ،‬قد ولت اىل غري رجعة‪،‬‬ ‫وان صفحة بيضاء فتحت بني البلدين سترتجم‪،‬‬ ‫يف عدم تكرار املامرسات السابقة‪ ،‬وقد اصبحت‬ ‫سوريا بقواتها خارج لبنان‪ ،‬الذي ستتعاطى‬ ‫معه من دولة اىل دولة وهي اقرت بذلك بتبادل‬ ‫العالقات الديبلوماسية وفتح سفارتني بينهام‪،‬‬ ‫ال مينع قيامها استمرار املجلس االعىل اللبناين –‬ ‫السوري يف عمله‪ ،‬بعد تقويم لتجربته واالتفاقات‬ ‫التي عقدت بني الدولتني‪.‬‬ ‫فكيمياء العالقة بني االسد والحريري‪ ،‬اصبحت‬ ‫سارية املفعول‪ ،‬حيث يعرف الرجالن انهام ال ميكن‬ ‫لبلديهام ان يستقرا اذا كانت ساحة كل منهام‪،‬‬ ‫تعبث بساحة االخر‪ ،‬الن امنها مشرتك وان‬ ‫محاولة العبث بالنظام فيهام‪ ،‬سيلحق الرضر‬ ‫باالخر‪ ،‬وان سوريا يؤملها االنقسام واالقتتال بني‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬ويزيد خوفها اذا اتخذ طابعاً طائفياً‬ ‫ومذهبياً يوصل اىل التقسيم‪ ،‬الذي حاربته‬ ‫ودخلت بقواتها ملنعه ووقف الحرب االهلية‪.‬‬ ‫فالحريري ذهب اىل دمشق رئيساً لحكومة كل‬ ‫لبنان‪ ،‬وهو رفض التجاوب مع دعوات البعض‬ ‫من فريقه بارجائها‪ ،‬او بفرض رشوط لحصولها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فضل الذهاب اليها‪ ،‬متخطياً املسائل‬ ‫وهو‬ ‫الشخصية النه رجل دولة ويريد ان يحكم يف‬ ‫لبنان‪ ،‬دون معاداة سوريا‪ ،‬وقد شهد ان مرحلة‬ ‫االربع سنوات التي خاض فريقه العداء مع سوريا‬ ‫كيف كانت االوضاع يف لبنان؟‬

‫زهري العياش‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب لبناين‬

‫وهاب كان األجرأ في طرح أسئلة حول زيارته‬

‫هل حمل سليمان معه من واشنطن‬ ‫تهديداً بحرب إسرائيلية على لبنان؟‬ ‫رافقت زيارة رئيس الجمهورية العامد ميشال‬ ‫سليامن اىل الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬تساؤالت‬ ‫كثرية‪ ،‬حول توقيتها وأهدافها‪ ،‬وما ستخرج منها‪،‬‬ ‫وكان رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب األجرأ يف‬ ‫طرح األسئلة‪ ،‬دون التشكيك بالرئيس سليامن‬ ‫وما ميكن أن يطرحه‪ ،‬بل بالدور األمرييك العدايئ‬ ‫ترسب من نتائج الزيارة‪ ،‬أ ّكد ما‬ ‫للبنان إذ أن ما ّ‬ ‫ذهب إليه وهاب‪ ،‬عندما طالب الرئيس سليامن‪ ،‬أن‬ ‫يعلن للبنانيني‪ ،‬ما سمعه من الرئيس األمرييك‬ ‫باراك أوباما‪ ،‬ومن املسؤولني يف اإلدارة األمريكية‪،‬‬ ‫الذين أملحوا أمامه‪ ،‬ال بل أ ّكدوا بأن “إرسائيل” قد‬ ‫تقوم بعمل عسكري ضد لبنان‪.‬‬ ‫ترسبت‪ ،‬ومنها‬ ‫فإذا كانت املعلومات التي‬ ‫ّ‬ ‫من كان يف الوفد اللبناين‪ ،‬عن تحذير أمرييك‬ ‫من عدوان إرسائييل جديد إذا تبنّت الدولة‬ ‫اللبنانية املقاومة وسالحها‪ ،‬وهو ما يضعها‬ ‫أمام التهديدات اإلرسائيلية التي تبلغتها اإلدارة‬ ‫األمريكية من املسؤولني الصهاينة‪ ،‬وعىل رأسهم‬ ‫رئيس حكومة العدو بنيامني نتنياهو‪ ،‬وهو الذي‬ ‫دفع بالرئيس أوباما اىل سؤال الرئيس سليامن‪،‬‬ ‫عن استمرار تدفق السالح اىل “حزب الله”‪.‬‬ ‫لذلك عىل الرئيس سليامن أن يقول للبنانيني‬ ‫أن ينتبهوا ألن تقوم “إرسائيل” بحرب جديدة عىل‬ ‫لبنان‪ ،‬وهو ما تضعه املقاومة يف حسابها‪ ،‬لكن‬ ‫قائدها السيد حسن نرص الله‪ ،‬يعتربها تدخل‬ ‫يف إطار الحرب النفسية‪ ،‬ومع ذلك فإن االستعداد‬ ‫لها قائم‪.‬‬ ‫وكانت اآلراء تباينت حول زيارة رئيس الجمهورية‬ ‫العامد ميشال سليامن إىل الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬فالبعض رأى أنها لن تغيرّ من‬ ‫موقف اإلدارة األمريكية تجاه لبنان وانحيازها‬ ‫إىل “إرسائيل” ورفضها لوجود املقاومة وحتى‬ ‫تنسيقها مع الجيش اللبناين الذي يتم فرض‬ ‫بأسلحة‬ ‫لتسليحه‬ ‫عليه‬ ‫أمريكية‬ ‫رشوط‬ ‫خفيفة‪ ،‬وال متكنه من الدفاع عن أرضه‪ ،‬يف حني‬ ‫أن البعض اعترب أن الزيارة تواكب الجوالت التي‬ ‫يقوم بها رئيس الجمهورية إىل الخارج لوضع‬ ‫لبنان عىل الخارطة العربية واإلقليمية والدولية‪،‬‬ ‫ونقل وجهة نظره إىل العامل‪ ،‬وطلب مساعدته‪،‬‬ ‫وإن اللقاء مع الرئيس األمرييك “باراك اوباما”‬ ‫يفيد يف فتح حوار مع اإلدارة األمريكية الجديدة‪،‬‬ ‫والطلب منها الضغط عىل “إرسائيل” لتنفيذ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عىل اسرتاتيجية دفاعية للدفاع عن أرضهم‪،‬‬ ‫وعامد هذه االسرتاتيجية هو الجيش اللبناين‪،‬‬ ‫الذي كرر الرئيس سليامن للرئيس “اوباما”‪ ،‬إن‬ ‫طلب مساعدة تسليح الجيش هي لتمكينه من أن‬ ‫يكون القوة األساسية والرئيسية يف الدفاع عن‬ ‫لبنان مبواجهة العدو اإلرسائييل‪ .‬وهذا أمر طبيعي‬ ‫وشأن سيادي ومهمة كل الجيوش يف العامل‪ ،‬وال‬ ‫ميكن للسالح الذي نطلبه يقول رئيس الجمهورية‬ ‫إال للدفاع‪ ،‬وإن الجيش بحاجة ألسلحة دفاعية وهي‬ ‫من اختصاص قيادة الجيش يف طلب ما تحتاج‪.‬‬ ‫وأعاد سليامن التذكري بأن تسليح الجيش ملحاربة‬ ‫اإلرهاب الذي خاض معركة ضده يف مخيم نهر‬ ‫البارد‪ ،‬ويف أكرث من منطقة لبنانية‪ ،‬ومل تقدم‬ ‫له أمريكا األسلحة املناسبة‪ ،‬وهو يف هذه‬ ‫الحرب إمنا يواكب الحرب عىل اإلرهاب التي‬ ‫اتفقت الدول عىل القضاء عليه‪ ،‬ألنه يدمر‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫والعنوان األبرز الذي حرض يف املحادثات‬ ‫اللبنانية – األمريكية‪ ،‬كان رفض توطني‬ ‫النازحني الفلسطينيني‪ ،‬الذي أكد سليامن‪،‬‬ ‫أنه من صلب الدستور الذي هو نتاج وثيقة‬ ‫الوفاق الوطني التي وقعت يف الطائف‪،‬‬ ‫وال ميكن للبنانيني أن يتنازلوا عنها‪ ،‬ألنها‬ ‫تفجر حرباً جديدة فيام بينهم‪ ،‬كام أن‬ ‫الفلسطينيني ال يقبلون التوطني ويرصون‬ ‫عىل حق العودة‪ ،‬الذي أكدت عليه املبادرة‬ ‫العربية للسالم‪ ،‬التي أقرتها قمة بريوت العربية‬ ‫عام ‪ ،2002‬وأعادت التأكيد عليها قمة الدوحة يف‬ ‫العام ‪ ،2009‬ما يعني أن رفض التوطني هو مطلب‬ ‫لبناين فلسطيني وعريب‪ ،‬يستند إىل قرار دويل‬ ‫رقمه ‪ ،194‬والذي ينص عىل حق العودة‪ ،‬وصدر يف‬ ‫العام ‪.1948‬‬ ‫ومتسك الرئيس سليامن برفض التوطني‬ ‫وتأكيده عدم حصول أية صفقة دولية عىل‬ ‫حساب لبنان‪ ،‬دفعت الرئيس “اوباما” إىل تطمينه‪،‬‬ ‫لكن من منطلق البحث يف حل للرصاع العريب –‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬مل يلمس الرئيس اللبناين تقدماً فيه‪،‬‬ ‫بل تعرثاً‪ ،‬إذ مل يبلغه الرئيس األمرييك أي جديد‪،‬‬ ‫سوى ما سبق وأكد عليه وهو العمل لتسوية حول‬ ‫وجود دولتني فلسطينية وإرسائيلية (يهودية)‪.‬‬ ‫مل يخرج الرئيس سليامن من البيت األبيض‬ ‫بوعود وردية‪ ،‬بل رمادية‪ ،‬إذ صدمه كالم الرئيس‬ ‫“اوباما” عن استمرار تدفق السالح إىل “حزب الله”‬ ‫دون أن ي ّذكره رئيس الجمهورية باملناورات األمريكية‬ ‫– اإلرسائيلية األخرية‪ ،‬وال باملساعدات العسكرية‬ ‫السنوية لـ “إرسائيل”‪ ،‬وال بالجرس الجوي الذي‬ ‫فتحته الواليات املتحدة أمام الجيش اإلرسائييل‬ ‫أثناء عدوان صيف ‪ 2006‬عىل لبنان‪ ،‬وهذه نقاط‬ ‫يقول معارضون أو متحفظون عىل الزيارة بأنه كان‬ ‫عىل رئيس الجمهورية أن يستغل لقاءه لفضح‬ ‫املوقف األمرييك املنحاز لـ “إرسائيل”‪ ،‬كرد عىل‬ ‫“اوباما” أن سبب السالح املتدفق إىل املقاومة‬ ‫يرض بأمن “إرسائيل”‪ ،‬وقد اكتفى سليامن بأن‬

‫أكد عىل أن موضوع سالح املقاومة مرتوك‬ ‫للحوار الداخيل‪ ،‬حيث ذكرت املعلومات أن الرئيس‬ ‫األمرييك تفهم الوضع‪ ،‬ولكنه شدد عىل عدم‬ ‫استخدامه ضد “إرسائيل”‪ ،‬وعىل أن يتم تطبيق‬ ‫القرارات الدولية ذات الصلة‪ ،‬ومنها القرار ‪1559‬‬ ‫الذي كان رئيس الجمهورية يريد أن يتم التوافق‬ ‫مع الرئيس االمرييك عىل عدم التداول به‪ ،‬ألنه‬ ‫سبب املآيس واألزمات والحروب التي حلت بلبنان‬ ‫منذ صدوره يف أيلول ‪.2004‬‬ ‫فالرئيس اللبناين أوصل ما عنده من أفكار هي‬ ‫ثوابت لبنانية لخصها وهي‪:‬‬ ‫تطبيق القرار ‪ 1701‬باالنسحاب من مزارع‬ ‫شبعا وتالل كفرشوبا والجزء الشاميل من مدينة‬

‫تباين حول المقاومة‬

‫رفيق الحريري يف عهد الرئيس الياس الهراوي عام‬ ‫‪ ،1997‬ومل يتم تنفيذ أي بند من بنوده‪ ،‬وقد تم ربط‬ ‫املساعدات بوقف املقاومة‪ ،‬وهي الرشوط نفسها‬ ‫التي ما زالت تتكرر مع كل العهود الرئاسية‬ ‫واإلدارات األمريكية‪ ،‬التي تضع أمن “إرسائيل”‬ ‫ومصلحتها ووجودها فوق كل اعتبار‪ ،‬وأن لبنان لن‬ ‫يتمكن من تحصيل مساعدات تذكر من أمريكا‪،‬‬ ‫وهذا هو الحذر الذي رافق زيارة سليامن أن تضغط‬ ‫السياسية‬ ‫مطالبه‬ ‫لتلبية‬ ‫واشنطن‬ ‫عليه‬ ‫والعسكرية واالقتصادية بالخضوع لرشوطها‪.‬‬ ‫لكن رئيس الجمهورية كان واضحاً وشفافاً‪،‬‬ ‫وهو مل يف ّرط بالثوابت الوطنية وال بالعالقة‬ ‫مع املقاومة التي احتضنها ونسق معها عندما‬ ‫كان قائداً للجيش‪ ،‬بالقفز فوق العالقة‬ ‫املميزة واألخوية مع سوريا‪ ،‬وهو الذي‬ ‫يدرك أن من سبقه يف موقعه‪ ،‬وانحاز إىل‬ ‫الرشوط واملطالب واملشاريع األمريكية‬ ‫مل يصمد وضعضعت سلطته‪ ،‬ومل‬ ‫يتمكن من أن يحكم‪ ،‬وتجربة الرئيس فؤاد‬ ‫السنيورة وفريقه السيايس من قوى ‪14‬‬ ‫آذار يف السلطة ماثلة أمامه وأفقها‪،‬‬ ‫تؤكد أن الرهان عىل املرشوع األمرييك قد‬ ‫سقط‪ ،‬واتعظ النائب وليد جنبالط منه‪،‬‬ ‫وعاد إىل موقعه الوطني والقومي‪ ،‬وهذا‬ ‫الواقع السيايس هو الذي يعطي لرئيس‬ ‫الجمهورية الغطاء بأن ال يخرج عن املوقع‬ ‫الذي هو فيه منذ سنوات‪ ،‬والذي فتح الطريق له‬ ‫إىل رئاسة الجمهورية‪ ،‬من خالل عالقاته الجيدة‬ ‫مع سوريا واملقاومة‪ ،‬والتي ال ميكنه التنكر لها‪،‬‬ ‫إذ بذلك يفقد صدقيته‪ ،‬وهو خرب أن من استند‬ ‫إىل الدعم األمرييك مل يصمد يف حكمه‪ ،‬منذ‬ ‫عهد الرئيس كميل شمعون‪ ،‬يف الخمسينات من‬ ‫القرن املايض‪ ،‬ومروراً بعهد أمني الجميل وصوالً إىل‬ ‫حكومة الرئيس السنيورة‪ ،‬لذلك هو ال يخطئ يف‬ ‫التقدير والتحليل وقراءة التحوالت‪ ،‬وهو مل يتحول‬ ‫يف عز األزمة التي عصفت بلبنان منذ العام ‪،2004‬‬ ‫عن الثوابت وحافظ عىل الجيش ووحدته ومل يزجه‬ ‫يف الرصاعات الداخلية‪ ،‬مام عزز الثقة به كقائد‬ ‫للجيش ومن ثم كرئيس للجمهورية‪.‬‬ ‫فالزيارة األمريكية‪ ،‬وهي الثانية للرئيس‬ ‫سليامن إىل واشنطن‪ ،‬واألوىل له التي يلتقي‬ ‫فيها الرئيس “اوباما”‪ ،‬بعد أن ودّع الرئيس السابق‬ ‫“جورج بوش” الذي انهزم مرشوعه يف لبنان‪ ،‬وقد‬ ‫حققت الزيارة بعداً معنوياً‪ ،‬بأن رئيس الجمهورية‬ ‫ينقل صوت لبنان إىل العامل ويؤكد عىل الثوابت‬ ‫الوطنية‪ ،‬ويطلب املساعدة حيث يراها رضورية‪.‬‬ ‫رئيس الجمهورية ذهب لبنانياً وعاد لبنانياً‪ ،‬وال‬ ‫ميكن أن يعود أمريكياً باملعنى السيايس‪ ،‬ألنه مع‬ ‫القول الشائع”من ج ّرب املج ّرب كان عقله مخرب”‬ ‫فهل يج ّرب امريكا من جديد‪ ،‬وهي التي خ ّربت‬ ‫لبنان‪ ،‬وكادت أن توقعه يف حرب أهلية من جديد‪،‬‬ ‫وهي التي شجعت عليها يف العام ‪ 1958‬و ‪1975‬‬ ‫و ‪ 1982‬و ‪.2004‬‬

‫والمساعدات مرفوضة إذا‬

‫القرار ‪ ،1701‬الذي التزم به لبنان ويطبقه‪ ،‬يف‬ ‫حني أن الدولة العربية تخرقه يومياً‪ ،‬وقد بلغت‬ ‫خروقاتها للسيادة اللبنانية أكرث من سبعة آالف‬ ‫خرق منذ وقف األعامل العدوانية اإلرسائيلية يف‬ ‫‪ 14‬آب ‪.2006‬‬ ‫هذا التباين يف الرأي حول الزيارة‪ ،‬بدده الرئيس‬ ‫سلميان عندما أعلن أمام الرئيس “اوباما” الثوابت‬ ‫اللبنانية املوجودة يف الدستور‪ ،‬ويف القسم الذي‬ ‫أقسمه بعد انتخابه رئيساً للجمهورية‪ ،‬ويف‬ ‫كل الخطابات والكلامت التي ألقاها خالل العام‬ ‫ونصف العام من وجوده يف القرص الجمهوري‪،‬‬ ‫إضافة إىل البيان الوزاري للحكومة‪ ،‬وإىل اتفاقات‬ ‫بني اللبنانيني هي مبثابة مواثيق وطنية عبرّ عنها‬ ‫اتفاقي الطائف والدوحة‪.‬‬ ‫فاملوقف اللبناين الرسمي عبرّ عنه رئيس‬ ‫الجمهورية رصاحة أمام الرئيس “اوباما”‪ ،‬لجهة رفض‬ ‫“إرسائيل” لالنسحاب من مزارع شبعا وتالل كفرشوبا‬ ‫والجزء الشاميل من مدينة الغجر‪ ،‬مام يعني بقاء أرض‬ ‫لبنانية تحت االحتالل اتفق اللبنانيون عىل تحريرها‬ ‫بالوسائل املتاحة‪ ،‬وأفسحوا املجال للدبلوماسية‬ ‫وملجلس األمن تطبيق القرار ‪ ،1701‬النسحاب قوات‬

‫‪26‬‬

‫االحتالل اإلرسائييل من األرض اللبنانية‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫مل يحصل‪ ،‬وهو ما دفع بالحكومة إىل أن تؤ ّكد يف‬ ‫بيانها الوزاري عىل حق لبنان جيشاً وشعباً ومقاومة‬ ‫يف الدفاع عن أرضه‪.‬‬ ‫فتذكري لبنان ألكرب دولة يف العامل باستمرار‬ ‫االحتالل االرسائييل ألجزاء من أرض لبنانية‪ ،‬هو‬ ‫رسالة إىل اإلدارة األمريكية بأنها تكيل مبكيالني‬ ‫مع القرارت الدولية‪ ،‬فهي تطالب لبنان بتطبيق‬ ‫القرار ‪ 1559‬الذي ينزع سالح امليليشيات واملقصود‬ ‫سالح املقاومة‪ ،‬وال تتطلع إىل رفض “إرسائيل”‬ ‫تطبيق أي بند فيام يتعلق بلبنان أو فلسطني‪،‬‬ ‫حيث قال الرئيس اللبناين لنظريه األمرييك‬ ‫“إرسائيل” مل تطبق القرار ‪ 425‬الذي صدر عام‬ ‫‪ 1978‬إثر اجتياح ألجزاء كبرية من جنوب لبنان‪،‬‬ ‫ال بل هي غزت لبنان يف العام ‪ ،1982‬ووصلت إىل‬ ‫العاصمة بريوت وحاولت أن تفرض عليه اتفاقاً‪،‬‬ ‫ومل تخرج “إرسائيل” من لبنان عام ‪ ،2000‬إال‬ ‫باملقاومة التي فرض نشوئها هو االحتالل وهو‬ ‫ما دعا أكرثية اللبنانيني إىل تأييدها واعتامدها‬ ‫كوسيلة للتحرير وردع العدوان‪ ،‬فعندما تتحرر كل‬ ‫األرايض اللبنانية‪ ،‬يتفق اللبنانيون فيام بينهم‬

‫ما ربطت بنزع سالحها‬ ‫الغجر‪.‬‬ ‫رفض توطني الفلسطينيني وتأمني حق عودتهم‬ ‫إىل ديارهم‪.‬‬ ‫مساعدة الجيش اللبناين ليقو عىل الدفاع عن‬ ‫أرضه يف مواجهة العدو اإلرسائييل ومحاربة‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫مساعدة لبنان اقتصادياً لتامني فرص عمل‬ ‫ألبنائه‪ ،‬يك ال يهاجروا أو يتحولوا إىل العنف مام‬ ‫يؤدي إىل زعزعة االستقرار‪.‬‬ ‫الوقوف إىل جانب لبنان سياسياً يك ال تكون‬ ‫الحلول عىل حسابه‪.‬‬ ‫هذه البنود حصل الرئيس سليامن عىل وعد‬ ‫من الرئيس “اوباما”‪ ،‬بأن تكون بالده رشيكاً فعلياً‬ ‫يف مسار تعزيز قدرة لبنان وقدرة الجيش اللبناين‪،‬‬ ‫دون أن يذكر بأي اتجاه سيستفيد لبنان من هذه‬ ‫القدرات‪ ،‬التي تخىش “إرسائيل” إذا ما تسلح‬ ‫الجيش اللبناين أن يقع السالح بيد “حزب الله”‪.‬‬ ‫وهذا الرأي له من يسانده داخل اإلدارة األمريكية‬ ‫التي ال ترى رضورة تزويده بالسالح الثقيل‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يحصل إذ أن السالح الذي وصل من قيمة‬ ‫املساعدة األمريكية وهي بحدود ‪ 425‬مليون دوالر‬ ‫أمرييك‪ ،‬كانت سيارات نقل وألبسة عسكرية‬ ‫وأعتدة وذخائر وبعض اآلليات العسكرية من نوع‬ ‫ناقالت جند أم – ‪113‬وهامر‪.‬‬ ‫أما الدعم االقتصادي‪ ،‬فلبنان مل يتلق أية‬ ‫مساعدات أمريكية تذكر منذ أن عقد مؤمتر‬ ‫أصدقاء لبنان يف واشنطن‪ ،‬يف حكومة الرئيس‬

‫‪27‬‬

‫سامر الشويف‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب لبناين‬

‫مواقف بعض أطرافها من المقـاومة ال يعكـــــــــــــس عنوانها الوفـاقي‬

‫الحكومة عبرت اآلليات الدستورية ويبقى عليــــــــــها تطبيـق بيـانهـا الوزاري‬

‫عربت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري‬ ‫باب مجلس النواب الذي مثلت أمامه لنيل الثقة‬ ‫عىل بيانها الوزاري‪ ،‬الذي مل يختلف كثرياً عن‬ ‫بيانات حكومات سابقة‪ ،‬حيث تضمن وعوداً‬ ‫بتحقيق إصالحات إدارية‪ ،‬وتخفيض الدين العام‬ ‫وكلفته‪ ،‬وخصخصة بعض القطاعات توافقاً‬ ‫مع مقررات مؤمتر باريس ‪ ،3‬إىل معالجة األوضاع‬ ‫االقتصادية واالجتامعية وإعطائها األولوية‪.‬‬ ‫إال أن املناقشات التي رافقت إقرار البيان الوزاري‬ ‫سواء يف لجنة الصياغة الوزارية‪ ،‬أو يف مجلس‬ ‫الوزراء‪ ،‬تركزت عىل موضوع املقاومة وسالحها‪،‬‬ ‫الذي متسك مسيحيو ‪ 14‬آذار مبحاولة إخراجه‬ ‫من النص‪ ،‬وحرص قرار الحرب والسلم بيد الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وتضمينه عبارة “أن الحكومة اللبنانية‬ ‫هي املعنية بالدفاع عن لبنان”‪ ،‬أو ان تكون الصيغة‬ ‫مشمولة فقط بالجيش والشعب يف الدفاع عن‬ ‫السيادة اللبنانية‪ ،‬دون ذكر املقاومة‪ ،‬لكن كل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫هذه املحاوالت باءت بالفشل ألن مثة متغريات‬ ‫حصلت عىل املستوى الداخيل‪ ،‬بعد ترنح قوى‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬وخروج الحزب التقدمي االشرتايك‬ ‫منها‪ ،‬وتأكيد رئيس “تيار املستقبل” أن املقاومة‬ ‫وسالحها هام خارج التداول‪ ،‬ويتم البحث فيهام‬ ‫عىل طاولة الحوار‪ ،‬وهذا ما أخفق به وزراء “القوات‬ ‫اللبنانية” والكتائب وبطرس حرب‪ ،‬يف أن مينعوا‬ ‫تكرار الفقرة عن املقاومة التي وردت يف الحكومة‬ ‫السابقة برئاسة فؤاد السنيورة‪ ،‬والتي أكدت‬ ‫عىل حق لبنان جيشاً وشعباً ومقاومة‪ ،‬يف تحرير‬ ‫مزارع شبعا وتالل كفر شوبا والجزء اللبناين من‬ ‫قرية الغجر واسرتجاعها‪ ،‬والدفاع عن لبنان يف‬ ‫مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه يف مياهه‪،‬‬ ‫وذلك بالوسائل املرشوعة واملتاحة كلها‪.‬‬ ‫هذه الفقرة من البند السادس من البيان‬ ‫الوزاري اعرتض عليها الوزير حرب وتحفظ عليها‬ ‫وزراء القوات والكتائب‪ ،‬وهو املوقف الذي اتخذه‬

‫‪28‬‬

‫نوابهم أيضا يف جلسات الثقة‪ ،‬وأظهر الحكومة‬ ‫غري متضامنة‪ ،‬وال متثل الوحدة الوطنية‪ ،‬بل‬ ‫تعكس خالفاً اساسياً حول املقاومة وسالحها‪،‬‬ ‫كاد يف السنوات األربع املاضية أن يفجر حرباً‬ ‫أهلية‪ ،‬تنبه لها النائب وليد جنبالط الذي أعاد‬ ‫التأكيد عىل أن املقاومة وسالحها رضورة للبنان‬ ‫يف الدفاع عنه‪ ،‬ويجب بحث وضعها من ضمن‬ ‫اإلسرتاتيجية الدفاعية‪.‬‬ ‫فسالح املقاومة الذي يتم الرتكيز عليه من‬ ‫قبل البطريرك املاروين نرص الله صفري‪ ،‬وكل‬ ‫القوى السياسية املسيحية التي تدور يف فلكه‪،‬‬ ‫تؤرش إىل أن هذا املوضوع يريدون منه أن يبقى‬ ‫نقطة سجال خاليف داخيل‪ ،‬يتم االستفادة منه‬ ‫من قبل العدو االرسائييل‪ ،‬إذ يصب يف خانة نزع‬ ‫هذا السالح‪ ،‬تحت ذريعة مرجعية السالح بيد‬ ‫الدولة‪ ،‬ورفض ترشيع املقاومة وقوننة سالحها‪.‬‬ ‫واستغلت “إرسائيل” هذا الخالف‪ ،‬لتدخل عليه‬

‫من باب أن الجيش الفعيل يف لبنان هو املقاومة‪،‬‬ ‫حيث هدد رئيس حكومتها “بنيامني نتنياهو”‬ ‫برضب كل لبنان مبناطقه ومؤسساته املدنية‬ ‫والعسكرية‪ ،‬وهو دعم للمطالبني من بعض‬ ‫اللبنانيني بشطب عبارة املقاومة من البيان‬ ‫الوزاري‪ ،‬لتجنيب لبنان أي اعتداء إرسائييل عليه‪،‬‬ ‫يف حني أن داخل الكيان الصهيوين من يحسب‬ ‫ألف حساب للمقاومة وسالحها‪ ،‬ويعترب أن‬ ‫امتالكها للصواريخ البعيدة املدى التي تصل اىل‬ ‫حوايل ‪ 360‬كلم يهدد عمق األمن االرسائييل‪،‬‬ ‫وبات يشكل قوة ردع يف مواجهة االعتداءات‪،‬‬ ‫يرى الكثري من اللبنانيني رضورة االستفادة منها‪،‬‬ ‫لتكون قوة احتياط للجيش اللبناين‪ ،‬وتتزاوج‬ ‫مع املقاومة‪ ،‬كام ورد يف الوثيقة السياسية‬ ‫«لحزب الله» لتضعه يف إطاره اللبناين الوطني‪،‬‬ ‫وتزيل كل ما قيل وأشيع‪ ،‬عىل أن حزب الله هو‬ ‫امتداد للحرس الثوري اإليراين‪ ،‬ويتلقى تعليامته‬ ‫من مرشد الثورة اإليرانية آية الله السيد عيل‬ ‫خامنئي‪ ،‬ويدين بالوالء “لوالية الفقيه”‪ ،‬حيث‬ ‫ردت الوثيقة السياسية للحزب عىل كل هذه‬ ‫الطروحات‪ ،‬وحسم األمني العام للحزب السيد‬ ‫حسن نرص الله‪ ،‬هوية الحزب اللبنانية بأن لبنان‬ ‫هو “وطن األجداد واآلباء واألبناء واألحفاد واألجيال‬ ‫القادمة”‪ ،‬وقد أخذ عليه البعض‪ ،‬أنه مل يذكر‬ ‫نهائية الكيان اللبناين كوطن‪ ،‬فكان الرد‪ ،‬أن‬ ‫االعرتاف باتفاق الطائف ووثيقته الوفاقية‪ ،‬تأكيد‬ ‫عىل أن الحزب يرى يف لبنان وطناً له ولجميع‬ ‫أبنائه‪.‬‬ ‫وهكذا م ّر قطوع املقاومة يف البيان الوزاري‪،‬‬ ‫كام يف جلسات الثقة بالحكومة‪ ،‬ولو أن البعض‬ ‫حاول تسجيل مواقف‪ ،‬الكتساب الشعبية‬ ‫وإلرضاء الجمهور‪ ،‬وإثارة غريزة ما‪ ،‬إال أن الوقائع‬ ‫أكدت حاجة لبنان إىل هذه املقاومة التي مل‬ ‫تستأذن أحدا يف التصدي لالحتالل اإلرسائييل‪،‬‬ ‫وهي بالتأكيد ليست فقط مقاومة “حزب‬ ‫الله” بل كل األحزاب والتيارات والشخصيات‬ ‫والفعاليات وهيئات املجتمع املدين التي مارست‬ ‫املقاومة‪ ،‬سواء بالسالح أو باملوقف أو بإطالق‬ ‫ثقافة املقاومة‪ ،‬او يتحصني املجتمع يف االلتفاف‬ ‫حولها‪ ،‬بحيث أصبحت مالزمة للبنان‪ ،‬طاملا‬ ‫هناك احتالل إرسائييل وخطر صهيوين البتالع‬ ‫األرض وقضمها‪ ،‬أو رسقة املياه واالستيالء عليها‪،‬‬ ‫كام باتت بعد سنوات من التنسيق والتعاون مع‬

‫الجيش والتكامل معه‪ ،‬يف تزاوج بينهام‪ ،‬وهي‬ ‫العبارة التي جاءت يف الوثيقة السياسية “لحزب‬ ‫الله” كتعبري عن مدى التالحم والتفاعل امليداين‬ ‫وليس النظري بينهام‪ ،‬والتي تقوم فلسفة‬ ‫اإلسرتاتيجية الدفاعية عىل ذلك‪ ،‬إذ ال فصل بني‬ ‫الجيش واملقاومة‪ ،‬والتفاف الشعب حولهام‪.‬‬ ‫عربت الحكومة اآلليات الدستورية‪ ،‬من‬ ‫تشكيلها إىل صياغة بيانها الوزاري الذي هو‬ ‫برنامج عملها‪ ،‬ثم نيلها الثقة لتحكم بإرادة‬ ‫الشعب اللبناين الذي يعرب عنه مجلس النواب‪،‬‬ ‫والذي تألفت الحكومة من كتله النيابية‪ ،‬مام‬ ‫يعطيها دفعاً قوياً لتعمل إذ ال يهددها سحب‬ ‫الثقة منها‪ ،‬طاملا هي ترفع وتعمل بشعار حكومة‬ ‫الوفاق الوطني‪ ،‬الذي يجب أن يتكرس عملياً عىل‬ ‫األرض‪ ،‬بإزالة كل الحواجز النفسية التي نشأت بني‬ ‫اللبنانيني مع االنقسام الذي حصل بني قوى ‪ 8‬و‬ ‫‪ 14‬آذار والتي اختلطت داخل الحكومة‪ ،‬وستظهر‬ ‫تحالفات جديدة مع التطورات السياسية الرسيعة‬ ‫التي تشهدها الساحة اللبنانية‪.‬‬ ‫فالحكومة أمام اختبار ترجمة بيانها الوزاري‬ ‫إىل أفعال‪ ،‬إذ كانت كل البيانات السابقة تتضمن‬ ‫أفكارا جميلة‪ ،‬ومشاريع مميزة‪ ،‬ورؤى جديدة‪ ،‬لكنها‬ ‫كانت تقف عند تنفيذها‪ ،‬وهذه كانت نقاط‬ ‫ضعف أغلب الحكومات‪ ،‬وهو ما تنبه له رئيس‬ ‫الحكومة الجديدة‪ ،‬الذي أكد عىل رضورة أن تكون‬ ‫األهداف محدودة‪ ،‬ومعالجة األولويات من حاجات‬ ‫الناس‪ ،‬يك يلمسوا تغيرياً ملا حصل‪ ،‬لجهة إنهاء‬ ‫ملفات ساخنة وخدماتية ومعيشية حيث باتت‬ ‫مزمنة‪ ،‬كالكهرباء واملياه والضامن االجتامعي‬ ‫وأزمة السكن إىل مشاكل السري‪ ،‬وتحسني أوضاع‬ ‫اإلدارة‪ ،‬ومكافحة الفساد ومحاربة الرشوة‪ ،‬ورفع‬ ‫مستوى الخدمات الرتبوية واالجتامعية والصحية‪،‬‬ ‫وإيجاد حلول للبطالة وهجرة الشباب السيام‬ ‫منهم خريجي الجامعات‪.‬‬ ‫هذه األولويات يضعها الرئيس الحريري يف‬ ‫أولويات برنامجه‪ ،‬فهو يريد أن يخلق صدمة‬ ‫إيجابية لدى املواطنني‪ ،‬وقد بدأ عمله من خالل‬ ‫عقد اجتامعات للبدء بالتنفيذ‪ ،‬وبارش البحث‬ ‫يف وضع أزمة السري‪ ،‬وهي قضية ساخنة تؤثر‬ ‫عىل الدورة االقتصادية‪ ،‬كام عىل قدوم املسافرين‬ ‫والسياح وتخفف من األعباء املادية عىل‬ ‫املواطنني‪.‬‬ ‫ويضع الحريري جدوالً زمنياً ملعالجة هذه امللفات‪،‬‬

‫‪29‬‬

‫ويؤكد أمام زواره وعىل مسمع من املسؤولني‪ ،‬أنه‬ ‫يريد تتويج دخوله إىل الرساي الكبري بإنجازات‬ ‫ويرتك بصامت‪ ،‬ويحقق عدداً من النجاحات يف‬ ‫حل أزمة الكهرباء التي هي عىل متاس مع حياة‬ ‫املواطنني‪ ،‬ووقف العجز فيها والذي يكلف الخزينة‬ ‫نحو أكرث من مليار دوالر سنوياً‪ ،‬وأن جزءاً من‬ ‫الديون مرتتب من الكهرباء‪ ،‬كام لن ينفك عن‬ ‫البحث لحل أزمة العجز يف بعض فروع الضامن‬ ‫االجتامعي السيام الصحي منه‪ ،‬الذي تتم‬ ‫االستدانة له من صندوق تعويضات نهاية الخدمة‪،‬‬ ‫مام يؤئر عىل تعويضات املضمونني‪.‬‬ ‫ومع هذه األولويات‪ ،‬تربز زيارة الحريري إىل سوريا‪،‬‬ ‫والتي أكد أنه سيقوم بها‪ ،‬كام فعل الرئيس‬ ‫فؤاد السنيورة الذي بدأ أوىل جوالته الخارجية‬ ‫من دمشق التي زارها يف ‪ 13‬متوز ‪ ،2005‬وبعد نيل‬ ‫حكومته الثقة مبارشة‪ ،‬وهذا ما ينتظر أن يفعله‬ ‫خلفه‪ ،‬إذ قطعت االتصاالت شوطاً متقدماً‪،‬‬ ‫لتكون الزيارة ناجحة‪ ،‬أوال بإعادة الثقة بني الحريري‬ ‫والقيادة السورية‪ ،‬والتي اهتزت عىل خلفية‬ ‫االتهام السيايس لها‪ ،‬بأنها تقف وراء اغتيال‬ ‫الرئيس الحريري‪ ،‬وبينت التحقيقات عدم وجود‬ ‫أدلة حول ذلك‪ ،‬مام فتح الباب لعودة العالقات بعد‬ ‫أربع سنوات وأكرث من القطيعة‪ ،‬والتي توقعت ال‬ ‫بل تنبأت النائب بهية الحريري أنها ستعود يوماً‪،‬‬ ‫فأعلنت بعد أربعني يوماً من استشهاد شقيقها‬ ‫إىل “اللقاء سوريا” الذي أراده الحريري االبن‪ ،‬أن‬ ‫يكون أخوياً‪ ،‬فرفض أن يتضمن البيان الوزاري‬ ‫عبارة الندية يف العالقات اللبنانية – السورية‬ ‫بل األخوية‪ ،‬كام حذفت من البيان عبارة استعادة‬ ‫الجثامني من سوريا للبنانيني قيل أنهم فقدوا‬ ‫فيها‪ ،‬أو خطفوا عىل يد جنودها يف لبنان‪ ،‬أثناء‬ ‫وجودهم فيه‪ ،‬وهو أمر غري مؤكد وقد شكلت‬ ‫لجنة لبنانية – سورية‪ ،‬من كافة األجهزة واإلدارات‬ ‫ملتابعة هذا امللف الدقيق والحساس‪.‬‬

‫فحكومة الحريري االبن‪ ،‬أمام امتحان‬ ‫تطبيق بيانها الوزاري‪ ،‬كام هي أمام اختبار‬ ‫تعزيز الوحدة الوطنية‪ ،‬بحيث تخرج كل‬ ‫املواقف املناهضة للمقاومة من التداول‬ ‫بعد أن نالت الحكومة الثقة‪ ،‬ألن ال تربير‬ ‫لها‪ ،‬سوى متزيق الحكومة وإظهارها‬ ‫مبظهر املنقسم‪ ،‬وأن شعارها الوفاقي‬ ‫فارغ من الداخل‪ ،‬وقد يؤدي إىل انفجار‬ ‫مجلس الوزراء من الداخل‪ ،‬وتستعاد تجربة‬ ‫الحكومتني السابقتني للسنيورة اللتني‬ ‫مل تتمكنا من أن تحكام فعلياً بسبب‬ ‫التناقض السيايس بني أعضائها‪ ،‬وقد‬ ‫فرضت وجودهام ظروف إقليمية ودولية‪،‬‬ ‫وهو ما ينطبق عىل الحكومة الحالية‪،‬‬ ‫تحصن نفسها من الداخل‬ ‫التي عليها أن‬ ‫ّ‬ ‫أوال‪ ،‬وهي مهمة رئيسها الذي عليه أن‬ ‫يلجم حلفاءه املسيحيني‪ ،‬وأن ال يذهبوا‬ ‫يف تصعيدهم السيايس ضد املقاومة‪،‬‬ ‫رمبا ال يخدم الوفاق والوحدة واالستقرار‪.‬‬

‫انطوان خريالله‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫مسيرتنا الطويلة مرتبطة بملف العودة وتفعيلها إلقفال الملف نهائياً‬

‫ناصيف قزي‪ :‬متفقون مع النائب وليد جنبالط على خيار المقاومة‬ ‫والعالقة مع سوريا‪ ،‬والمصالحات بين القوى السياسية‬ ‫نص‬ ‫‪ 18‬عاماً عىل اتفاق الطائف الذي ّ‬ ‫املهجرين الالمرشوطة‪ 15 ،‬عاماً‬ ‫عىل عودة‬ ‫ّ‬ ‫املهجرين‪ 7 ،‬سنوات وأكرث عىل‬ ‫من عمر وزارة‬ ‫ّ‬ ‫زيارة البطريرك صفري التاريخية إىل الجبل‪،‬‬ ‫وها نحن اليوم مع إعطاء الثقة للحكومة‬ ‫عىل بيانها الوزاري‪ ،‬التي رافقتها مصالحات‬ ‫بني القوى السياسية‪ ،‬خاصة املصالحة‬ ‫التي ّمتت بني التيار الوطني بقيادة العامد‬ ‫ميشال عون والحزب التقدمي االشرتايك‬ ‫بقيادة النائب وليد جنبالط الذي أعلن لدى‬ ‫خروجه من بعبدا بعد اللقاء أنه كان لقاء‬ ‫مصارحة وليس مصالحة‪ ،‬ما يشري إىل‬ ‫عدم تواجد أي خالفات من األساس‪ .‬وها هو‬ ‫واملهجرين ُيسحب من األدراج‬ ‫ملف العودة‬ ‫ّ‬ ‫يتم دفع كافة الحقوق‬ ‫إلقفاله نهائياً بعد أن ّ‬ ‫باألموال‬ ‫املرتبطة‬ ‫للناس‪،‬‬ ‫والتعويضات‬ ‫املوجودة من الصندوق أو التي ستمنحها‬ ‫الدولة من خالل موازنتها‪.‬‬ ‫صحيح أن البلد شهد استقراراً‬ ‫سياسياً بعد والدة حكومة الوحدة‬ ‫الوطنية‪ ،‬لكن األصح أيضاً أن مثة ملفات‬ ‫إنسانية مفتوحة منذ ما يزيد عىل ربع قرن‬ ‫وال تحتمل اإلهامل أكرث‪ ،‬وإن كانت متوقفة‬ ‫حتى إشعار آخر‪ ،‬ولو بأي ذريعة‪.‬‬ ‫ومن بني هذه امللفات التي تشغل‬ ‫اليوم الحيز األكرب عىل لسان املسؤلني‬ ‫السياسيني‪ ،‬حيث يتم تحضري ورقة‬ ‫العودة بني التيار الوطني الحر‪ ،‬والحزب‬ ‫االشرتايك إلمتام هذا امللف وإقفاله نهائياً‪،‬‬ ‫وعىل أنه ليس مرتبطاً فقط باألموال‬ ‫بل أيضاً بالعملية التنموية يف الجبل‬ ‫ما يؤ ّمن االستقرار االجتامعي والصحي‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬وبالتايل تفعيل العودة وبقاء‬ ‫املواطنني يف بلداتهم‪.‬‬ ‫اىل أين وصل امللف‪ ،‬وماذا بعد املصالحة‬ ‫بني عون وجنبالط‪ ،‬وغريها من األسئلة‬ ‫كانت محور لقاءنا مع املسؤول اإلعالمي‬ ‫يف التيار الوطني الحر الدكتور ناصيف قزي‬ ‫يف هذا الحوار‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫اىل أين وصل ملف املهجرين والعودة اليوم؟‬ ‫من املعروف أن ملف عودة املهجرين بدأ منذ‬ ‫وتم دفع تعويضات ألناس كرث‪ ،‬يف‬ ‫العام ‪،1991‬‬ ‫ّ‬ ‫وقت كانت تعاين فيه وزارة املهجرين من خلل‬ ‫سببه نقص باألموال لتسديد التعويضات‪ ،‬أما يف‬ ‫ما يخص التيار الوطني الحر يف امللف اليوم‪ ،‬هو‬ ‫أنه يتعاطى مع امللف يف ش ّقني‪ :‬التقني ا ُملعنى‬ ‫بإنهائه‪ ،‬و ُك ّلف فيه من قبل التيار الوطني الحر‬ ‫النائب آالن عون‪ ،‬وعن الحزب التقدمي االشرتايك‬ ‫الوزير أكرم شهيب‪ ،‬والشق اآلخر املتع ّلق بتفعيل‬ ‫تم تكليفي من قبل التيار الوطني الحر‪،‬‬ ‫العودة ّ‬ ‫ونارص زيدان عن الحزب التقدمي االشرتايك‪ ،‬كام‬ ‫ُك ّلف أنطوان شقري من قبل رئيس الجمهورية‬

‫‪30‬‬

‫ملتابعة امللف‪ .‬أما بالنسبة للملف‪ ،‬ال ميكننا‬ ‫التحدث فيه قبل تأمني أموال صندوقه‪ .‬وإذا ما‬ ‫يتم العمل عىل إقفاله‬ ‫تأ ّمنت األموال سوف‬ ‫ّ‬ ‫نهائياً‪ ،‬إذ أن النية تكمن يف إقفال امللف ووزارة‬ ‫املهجرين بعد إعطاء الحقوق ألصحابها‪.‬‬ ‫من هنا املسرية طويلة ومرتبطة مبلف العودة‬ ‫وتفعيلها‪ ،‬وبناء املجتمع‪ ،‬وفق خطة عمل مشرتكة‬ ‫مع الحزب التقدمي االشرتايك تعدّها لجنة‬ ‫مشرتكة‪ ،‬قد تشمل كل القوى السياسية يف‬ ‫الجبل فموضوع العودة مشرتك بني الجميع‪ ،‬وذلك‬ ‫إلعادة ترسيخ دعائم العيش الواحد واملشرتك‪،‬‬ ‫وهذا ما مل يتم منذ ‪ 18‬سنة حتى اليوم‪ .‬ونحن‬ ‫يف عملنا انطلقنا من نقطة س ّلمنا فيها جدالً‬

‫أن الحرب كانت استثناء يف الجبل‪ ،‬والعيش الواحد‬ ‫واملشرتك كان حقيقة تاريخية‪ ،‬هو حقيقة لبنان‪،‬‬ ‫ألن الجبل يش ّكل نقطة هامة بالنسبة للبلد‬ ‫ككل‪.‬‬ ‫العودة مرتبطة أيضاً بالعامل البيئي‬ ‫سيتم العمل عىل‬ ‫للمناطق املهجرة‪ ،‬كيف‬ ‫ّ‬ ‫تأمني العودة قبل حل املشكلة البيئية؟‬ ‫البيئة موضوع عام‪ ،‬ونحن رشكاء مع حزب‬ ‫البيئة إليجاد حل له‪ .‬فالبيئة همنا األساس‬ ‫ونسعى إليجاد حلول لها‪ ،‬خاصة فيام يتع ّلق‬ ‫مبسألة النفايات والرصف الصحي وغريها من‬ ‫األمور‪ .‬وبالنسبة ملكبات النفايات الزالت الحلول‬ ‫مبددة‪ ،‬حتى عىل مستوى الدولة تبدّدت من‬ ‫الكسارات اىل النفايات اىل الرصف الصحي‪،‬‬ ‫هذه األمور بحاجة اىل رؤية صحية وسليمة‬ ‫مستندة اىل طريقة حديثة إلعادة “‪”recyclage‬‬ ‫أو إعادة التصنيع‪ ،‬ونحن مع نظرية حزب البيئة‬ ‫الذي يقول بأنه ميكننا تصنيع كل النفايات بحيث‬ ‫ال يبقى منها إ ّال نسبة ‪ %10‬منها للطمر‪.‬‬ ‫ستتم العودة نهائياً؟‬ ‫متى ّ‬ ‫العودة قامئة وستتواكب مع حالة تنموية نعمل‬ ‫عىل تفعيل مسارها‪ ،‬من توفري للظروف املؤاتية‪،‬‬ ‫والجو السيايس املالئم ما يساعد عىل االستقرار‬ ‫األمني واالجتامعي‪ ،‬وهنا يأيت دور املجتمع املدين‬ ‫والكنيسة واملقامات الدينية وكذلك الدولة التي‬ ‫يجب أن تلعب دوراً هاماً لتؤ ّمن العودة الكاملة‬ ‫وبشكل متوازن عىل كافة الصعد الحياتية‬ ‫الرتبوية التعليمية والصحية واالقتصادية‪ ،‬ما‬ ‫يسهل ويشجع الناس عىل العودة‪ .‬حيث نعمل‬ ‫عىل خلق الجو‪ .‬لدينا مرحلة أساسية تتمثل‬ ‫بتوعية الناس عىل حقيقة ما يجب أن يكون‪،‬‬ ‫خاصة وأنه يف فرتة من الفرتات لعبت العوامل‬ ‫الخارجية دوراً سيئاً منذ االجتياح يف العام ‪،1982‬‬ ‫التي سببت حرب الجبل‪ ،‬فـ “إرسائيل” لعبت عىل‬ ‫الغرائز والتناقضات من ضمن الحروب العبثية‬ ‫العقيمة التي عاشها لبنان‪ ،‬واليوم يعترب الزمن‬ ‫والظروف مؤاتية إذا ما تو ّفرت الرشوط‪ ،‬قادرة‬ ‫عىل تفعيل العودة وزيادة عدد املقيمني يف الجبل‬ ‫باختالف طوائفهم‪ ،‬وكذلك تفعيل القطاع‬ ‫السياحي من خالل توسيع املحميات وإقامة‬ ‫املحميات البحرية‪ ،‬كل ذلك يش ّكل عوامل إيجابية‬ ‫لبقاء الناس وتوفري إمكانيات العمل‪ ،‬مبا أن النوايا‬ ‫جيدة والقلوب مفتوحة‪ ،‬والجراح تض ّمد‪.‬‬ ‫ما هي الربامج املتبعة للترسيع يف العودة؟‬ ‫هناك عمل عىل مستويات عدة‪ ،‬بد ًءا باملستوى‬ ‫الثقايف مروراً بالنهوض عىل املستوى الفكري‬ ‫والتوعية‪ ،‬وصوالً اىل مستوى التنمية والسياسة‪،‬‬ ‫ويف نهاية املطاف الغاية هي اإلنسان واملجتمع‪ ،‬إن‬ ‫كان بإمتام الوثيقة سياسية أم ال‪ .‬إذ التعاقد فيام‬ ‫بيننا والتالقي ينطوي تحت العملية البنيوية‪.‬‬ ‫اىل أين وصلت املصالحة بني العامد عون‬ ‫والنائب جنبالط؟‬ ‫مل يكن هناك خالف بني الفريقني‪ ،‬الخالف‬ ‫الوحيد كان حول مسألة إقفال ملف املهجرين‬

‫وهذا ما ُأعلن عنه منذ فرتة طويلة‪ ،‬حتى خالل‬ ‫االنتخابات النيابية كنا نتح ّدث عن هذا املوضوع‬ ‫بالذات‪ ،‬والنائب جنبالط عندما خرج من بعبدا‬ ‫رصح بأن اللقاء كان لقاء مصارحة وليس‬ ‫ّ‬ ‫مصالحة‪ ،‬ألنه مل يكن هناك خالف‪ ،‬نحن مل نكن‬ ‫رشكاء يف حرب الجبل يف األساس‪ ،‬وهمنا هو‬ ‫وطني واجتامعي‪ ،‬وهنا نلتقي مع النائب جنبالط‪،‬‬ ‫وهذا الشيئ بدأ يتأسس منذ الثامنينات‪،‬‬ ‫فعندما كان العامد عون قائداً للجيش كان يف‬ ‫الحد األدىن لديه تواصل مع النائب جنبالط‪ ،‬وحتى‬ ‫عام ‪ّ 1988‬‬ ‫غطى الجرنال عون الذين خرجوا من‬ ‫املنطقة املعروفة حينها بـ “الرشقية” وحرضوا‬ ‫مؤمتر العودة‪ ،‬التي أعلن عنها العامد عون‬ ‫يومئ ٍذ‪ ،‬والذي ُم ِنعنا من حضوره من قبل دولة‬ ‫األمر الواقع يف تلك الفرتة‪ .‬كام شارك العامد‬ ‫عون أناس كرث وكان هناك تواصل عىل مستوى‬ ‫حتى بعد ‪ 13‬ترشين‪ ،‬والكثري من الرفاق مروا‬ ‫عرب املختارة‪ ،‬بعد معركة ‪ 13‬ترشين التي سقط‬ ‫فيها العامد عون وبدأت مرحلة املنفى‪ .‬كام كان‬ ‫هناك تواصل مع الحزب التقدمي االشرتايك‬ ‫عىل مستوى الطالب يف الجامعة يف بدايات‬ ‫سنة ‪ 2004‬حتى يف انتخابات العام ‪ 2000‬حيث‬ ‫كنا ألول مرة نشارك بعد مقاطعة طويلة‪ ،‬كان‬ ‫هناك رغبة من الجرنال عون عندها يف التقارب‬ ‫ويف انتخابات عام ‪ 2000‬أ ّيدنا وليد جنبالط‪،‬‬ ‫وكذلك األمر يف العام ‪ 2003‬و‪ 2004‬حيث كان‬ ‫هناك تحضري لتالقي بني الحزبني‪ ،‬إمنا حدّة الرصاع‬ ‫واغتيال الرئيس الحريري جعلت األمور تتباعد‬ ‫اىل ما وصلت عليه‪ ،‬وكذلك يف العام ‪2006‬‬ ‫نقلنا للنائب جنبالط‪ ،‬بطلب من العامد عون‬ ‫وثيقة التفاهم بني التيار الوطني الحر و”حزب‬ ‫الله” وكان هناك اجتامعات مشرتكة بيننا وبني‬

‫عندما كان العامد عون قائداً‬ ‫للجيش كان عىل تواصل‬ ‫مع النائب جنبالط‬ ‫عام ‪ّ 1988‬‬ ‫غطى الجرنال عون‬ ‫الذين خرجوا من املنطقة‬ ‫املعروفة حينها‬ ‫بـ «الرشقية»‬ ‫وحرضوا مؤمتر الودة‬ ‫العودة قامئة‬ ‫وستتواكب مع حالة تنموية‬ ‫نعمل عىل تفعيل مسارها‬

‫‪31‬‬

‫الحزب االشرتايك يف بعقلني‪ ،‬حيث حدثت عدة‬ ‫اجتامعات‪ ،‬اكتفينا فيها يف الشق السيايس‬ ‫إذ مل يكن هناك إمكانية للتالقي‪ ،‬واكتفينا‬ ‫بأن يبقى هناك عالقات طبيعية عىل مستوى‬ ‫القرى واملجتمع يف الجبل‪ ،‬وعىل مستوى العالقات‬ ‫اليومية‪ ،‬حتى انتخابات ‪ 2009‬خضناها يف الجبل‬ ‫بهدوء ومل يحصل أي صدامات خاللها‪.‬‬ ‫منذ تلك الفرتة كان ال بد لنا من أن نلتقي‬ ‫مع النائب جنبالط يف املفهوم الوطني العام‬ ‫وإن اختلفنا يف الشأن السيايس‪ ،‬كان ه ّمنا‬ ‫األسايس واملشرتك بني كل القوى الوطنية‪ ،‬هو‬ ‫العودة التي تشكل كذلك العودة السياسية عىل‬ ‫مستوى القوى السياسية كافة‪ .‬من هنا نحاول‬ ‫جهدناً بالعمل عىل خلق حالة من الدميقراطية‬ ‫يف الجبل‪.‬‬ ‫هل سيكون هناك ورقة تفاهم بني العامد‬ ‫عون والنائب جنبالط‪ ،‬كتلك التي ُو ّقعت بني‬ ‫التيار الوطني الحر و”حزب الله”؟‬ ‫ال ميكننا الحديث عن ورقة تفاهم بل عن خطة‬ ‫عمل مشرتكة تتض ّمن كل الجوانب الحياتية‪ ،‬بد ًءا‬ ‫بالجانب النفيس مروراً باالجتامعي والفكري وحتى‬ ‫السيايس‪ ،‬وهذه أمور تأيت الحقاً بعد اتفاقنا‬ ‫عىل الوثيقة السياسية التي اتفقنا مسبقاً‬ ‫عىل عناوينها الكربى‪ ،‬إن كان من حيث مسألة‬ ‫بناء الدولة‪ ،‬والقضية االجتامعية‪ ،‬ومسائل أخرى‬ ‫هامة‪ .‬ولكن غايتنا الوحيدة من العودة هي العودة‬ ‫إىل لبنان كام يجب أن يكون عليه‪ .‬أما يف الشأن‬ ‫السيايس فهذا مسار مازال يف بدايته ومن‬ ‫املمكن أن نتوافق عىل مسائل سياسية أو ال‪،‬‬ ‫ولكن ما يظهر اليوم بحسب ما يجري واملواقف‬ ‫التي يعلنها النائب جنبالط‪ ،‬نحن متفقون عليها‪،‬‬ ‫إن كان عىل خيار املقاومة‪ ،‬أو العالقة مع سوريا‪،‬‬ ‫أو املصالحات التي تتم بني القوى السياسية‪ ،‬أو‬ ‫عىل الوحدة الوطنية‪ ،‬لكن يبقى هناك موضوعا‬ ‫ذو أهمية كربى يتعلق بالتنمية‪ ،‬فالجبل بحاجة‬ ‫اىل تنمية أكرث من غريه من املناطق‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫املسألة تتط ّلب منا أن “نستنطق األرض”‪ ،‬ونبحث‬ ‫عن الحاجات التي تث ّبت الناس يف قراها‪ ،‬بد ًءا من‬ ‫الناحية الرتبوية والتعليمية من تأمني املدارس‬ ‫والثانويات والجامعات واملواصالت وما اىل ذلك‪،‬‬ ‫وهي أمور تشجع عىل االستقرار االجتامعي‬ ‫وتخ ّفف من حدّة الهجرة الداخلية وبالتايل‬ ‫الخارجية‪ ،‬وذلك ال ميكننا القيام به لوحدنا‪ ،‬فنحن‬ ‫بحاجة اىل الدولة لتؤ ّمن كل مقومات البقاء‬ ‫والحياة يف الجبل‪.‬‬ ‫هل ستؤ ّثر املصالحة بني عون وجنبالط عىل‬ ‫تحالفات كل من الفريقني وخاصة يف الجبل؟‬ ‫عىل العكس‪ ،‬إن ذلك سيعطي قيمة إضافية‬ ‫لكل التحالفات‪ ،‬ونتمنى أن يكون هناك حالة‬ ‫تالقي وطني فيام بيننا ألننا بحاجة اليوم للجميع‬ ‫إلعادة لبنان اىل صفائه بعد “الهجوج واملجوج”‬ ‫الذي عشناه منذ ‪ 4‬سنوات‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫مأتم رسمي وشعبي حاشد لفيصل مجيد ارسالن ووهاب يق ّدم التعازي‬

‫وهاب يقدم التعازي لزوجة الفقيد حياة ارسالن‬

‫يف مأتم رسمي وشعبي وروحي حاشد‪ ،‬ش ّيعت‬ ‫مدينة عالية وجوارها الفقيد املغفور له فيصل‬ ‫مجيد ارسالن بحضور ممثل رئيس الجمهورية‬ ‫الوزير أكرم شهيب‪ ،‬ممثل رئيس مجلس النواب‬ ‫النائب هرني حلو‪ ،‬ممثل رئيس مجلس الوزراء‬ ‫الوزير حسن منيمنة‪ ،‬وممثل الرئيس السوري‬ ‫بشار األسد السفري السوري يف لبنان الدكتور‬ ‫عيل العيل‪ ،‬باإلضافة إىل عدد من الوزراء والنواب‬ ‫ورؤساء بلديات املنطقة واملخاتري وفاعليات حزبية‬ ‫وحشد كبري من األهل واألقارب واألصدقاء واملحبني‬ ‫من كافة املناطق اللبنانية‪.‬‬ ‫وتخلل العزاء عدد من الكلامت لسامحة‬ ‫شيخ العقل نرص الدين الغريب‪ ،‬ونجل الفقيد‬ ‫عادل فيصل ارسالن الذي ألقى كلمة العائلة‬ ‫والتي جاء فيها‪« :‬والدي يا مدرسة يف الوطنية‬ ‫تربيت عليها‪ ،‬يا معلام يف اإلخالص أتبع خطاك‪،‬‬ ‫يا متأملا عىل وطن ما يزال ينزف‪ ،‬معكم نتأمل‬ ‫ونعرتف أننا ال نقدر عىل إيقاف النزف‪ ،‬يا من‬ ‫ضحيت مبصلحتك الشخصية لتحفظ مصلحة‬

‫‪...‬ونجله عادل‬

‫الوطن‪ ،‬يا من خاطرت وغامرت لتبقى عىل روابط‬ ‫وأوارص العائالت اللبنانية يف أخطر الظروف‬ ‫وأكرثها حرجا‪ ،‬يا من قرأ كتاب الوطن يف صفحة‬ ‫واحدة بعنوان واحد هو وحدتنا قوتنا مصريك من‬ ‫مصري الوطن‪ ،‬ظلم الوطن ملوقعه ولونه وظلمت‬ ‫ملوقعك ودورك‪ ،‬تاريخك الناصع املرشف كان يوما‬ ‫تهمة عند املتآمرين‪ ،‬ذنبك أنك بكرت بالسعي‬ ‫لوأد الفتنة بني أبناء الوطن الواحد‪ ،‬ويومها‬ ‫كانت الفتنة مطلوبة من القوى التي تدير وتدمر‬ ‫األوطان‪ ،‬ذنبك اليوم أنك تبكر بالرحيل وترتك‬ ‫وطنا يداوي جراحا‪ ،‬وعائلة تذرف دمعة ودما‪ ،‬اليوم‬ ‫تالقي جدي األمري مجيد ارسالن‪ ،‬قل له نفتقدك‪،‬‬ ‫نفتقد رجولتك وفراستك وفروسية الرجال‬ ‫لرجالك»‪ .‬اضاف ارسالن‪“ :‬يا فيصل‪ ،‬يا أمري عىل‬ ‫َ‬ ‫تخش اللقاء فهو‬ ‫وسع الوطن‪ ،‬يا من تالقي ربك ال‬ ‫عليم بصفاء روحك‪ ،‬قل لرب العاملني أنك وفيت‬ ‫ضمريك تجاه وطنك وأطلب منه أن يلهم اآلخرين‬ ‫للحفاظ عىل هذا الوطن‪ ،‬قل لرب العاملني أنك‬ ‫فضلت عائلتك عىل املراكز الفانية‪ ،‬قل لرب‬

‫استقبل وزير الداخلية والبلديات زياد بارود‪،‬‬ ‫الوزير السابق وئام وهاب الذي زاره للمعايدة‬ ‫مبناسبة األعياد‪ ،‬وليثني عىل جهوده يف وزارة‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫ودعا وهاب الجميع إىل دعم بارود “يف كل الجهود‬ ‫التي يبذلها من إصالح األجهزة األمنية وتطويرها‬ ‫وتطوير عملها والتنسيق بينها‪ ،‬إىل كل القضايا‬ ‫األخرى وآخرها باألمس بالتعاون مع قيادة الجيش‬ ‫ووزارة الدفاع إللقاء القبض عىل الشخص يف‬ ‫منطقة الشامل الذي حاول أن يحدث فتنة ما رداً‬ ‫عىل زيارة دولة الرئيس سعد الحريري إىل سوريا»‪،‬‬ ‫معترباً أن «الرسعة التي تحركت بها األجهزة‬ ‫األمنية إللقاء القبض عليه كانت مسألة مميزة‬ ‫وتدل عىل جدية تعاطي األجهزة مع مثل هذه‬ ‫األحداث والخروق»‪.‬‬ ‫وح ّيا قيادة الجيش اللبناين “التي أثبتت مع‬ ‫العامد جان قهوجي أنها قادرة عىل سد كل‬ ‫الفراغات األمنية عىل الساحة اللبنانية وعىل‬ ‫تشكيل صامم أمان لكل اللبنانيني يف املرحلة‬ ‫املقبلة”‪ ،‬مشيداً بكالم وزير الدفاع الياس املر يف‬ ‫الجنوب “لجهة التمسك بحق املقاومة يف مامرسة‬ ‫دورها يف مواجهة العدوان والخروق اإلرسائيلية‬ ‫املستمرة»‪.‬‬ ‫وأشار إىل أنه بحث مع بارود يف “الزيارة‬ ‫التاريخية التي قام بها رئيس مجلس الوزراء سعد‬ ‫الحريري إىل سوريا والتي ستعطي نتائجها يف‬ ‫القريب العاجل لجهة تطوير العالقات بني البلدين‬

‫والشعبني مبا يخدم لبنان وسوريا‪ ،‬وللبنان مصالح‬ ‫كبرية‪ ،‬وكلبنانيني نقول ذلك من خالل تطوير هذه‬ ‫العالقات»‪ .‬ورأى «أن مجلس الوزراء كان مرتاحاً‬ ‫لنتائج هذه الزيارة وميكن أن نؤسس عليها يف‬ ‫املستقبل‪ ،‬خصوصاً أن سوريا تعطي يف الصداقة‬ ‫واملحبة أكرث بكثري مام تعطي بالتحدي»‪.‬‬ ‫وأكد «أن املطلوب أوال بناء الثقة‪ ،‬وحسنا فعل‬ ‫الرئيس سعد الحريري عندما دخل من هذا الباب‪،‬‬ ‫باب بناء الثقة‪ ،‬والعالقة الشخصية تساعد كثرياً‬ ‫يف القضايا األخرى العامة والعالقة»‪ ،‬متوقعاً أن‬ ‫«توصل هذه العالقة يف النهاية إىل معالجة كل‬

‫القضايا العالقة‪ ،‬وال أعتقد أن هناك مشكلة‬ ‫مع سوريا يف بحث قضية ما بانفتاح وإيجابية‪،‬‬ ‫ولكن يف أجواء إيجابية وليس يف أجواء تحد»‪.‬‬ ‫ونصح الجميع يف مناسبة األعياد «أن تتم‬ ‫مراجعة سياسية للوضع»‪ .‬وقال‪« :‬كلنا يف فرتة‬ ‫كانت أصواتنا عالية وتطرفنا‪ ،‬ولكن العاقل هو‬ ‫من يقرأ األوضاع والتطورات بشكل جيد‪ ،‬وأنا‬ ‫أنصح اآلخرين بقراءة التطورات بشكل جيد‪،‬‬ ‫التطورات أكرب منا نحن اللبنانيون‪ ،‬ودورنا محدود‬ ‫يف التطورات الكربى التي تجري يف املنطقة‬ ‫بشكل جيد»‪.‬‬

‫‪ ...‬ويشارك في وضع‬ ‫حجر أساس مبنى السفارة‬ ‫اإليرانية الجديد في بيروت‬ ‫بدعوة خاصة من السفارة اإليرانية شارك رئيس‬ ‫تيار التوحيد وئام وهاب يف وضع حجر األساس‬ ‫ملبنى السفارة الجديد يف برئ حسن بحضور كل‬ ‫من وزير الخارجية اإليراين منوشهر متيك‪ ،‬مساعد‬ ‫وزير الخارجية اإليرانية لشؤون الرشق األوسط‬ ‫محمد رضا شيباين‪ ،‬القائم بأعامل السفارة‬ ‫اإليرانية يف لبنان السيد حسينيان‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫النواب عيل عامر‪ ،‬مروان فارس‪ ،‬والنائبني السابقني‬ ‫كميل خوري‪ ،‬وأمني رشي‪ ،‬ورئيس بلدية الغبريي‬ ‫الحاج أبو سعيد الخنسا‪ ،‬ونائب رئيس مجلس‬ ‫األمناء يف تيار التوحيد يارس الصفدي‪.‬‬

‫وفد تيار التوحيد أثناء تقديم التعازي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫العاملني‪ ،‬أنك كنت كبريا بتواضعك وبتسامحك‬ ‫وبتضحياتك‪ ،‬بالصفات التي منحك أياها رب‬ ‫العاملني‪ ،‬قل لرب العاملني أننا موجودون مؤمنون‬ ‫بدين حمزة‪ ،‬مؤمنون وعىل هديه سائرون‪ ،‬مع‬ ‫السالمة يا والدي مع السالمة يا فيصل»‪.‬‬ ‫وختم ارسالن شاكرا «كل الرؤساء الذين‬ ‫شاركوننا مصابنا وأخص بالشكر الرئيس بشار‬ ‫األسد»‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬أقيمت الصالة عىل الجثامن ثم نقل‬ ‫بعدها إىل مدافن العائلة يف خلدة‪.‬‬ ‫وكان رئيس تيار التوحيد وئام وهاب يرافقه‬ ‫نائبه سليامن الصايغ عىل رأس وفد من هيئة‬ ‫العمل التوحيدي وأعضاء املكتب السيايس‬ ‫واألمناء يارس الصفدي‪ ،‬هشام األعور‪ ،‬لؤي‬ ‫أبوذياب‪ ،‬وائل صعب‪ ،‬محمد الصايغ‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫عدد من مفوضيات املناطق يف تيار التوحيد‪ ،‬قد‬ ‫قدم التعازي بالفقيد املغفور له يف دارته يف‬ ‫عاليه بحضور زوجته السيدة حياة وهاب ونجله‬ ‫عادل وعدد من أفراد العائلة‪.‬‬

‫وهاب يزور الوزير بارود ‪:‬‬ ‫نتائج زيارة الحريري لسوريا قريباً‬

‫‪32‬‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬ ‫وهاب يستقبل المرجع الشيخ أبو سليمان الصايغ مع وفد كبير من المشايخ ‪:‬‬

‫الدروز حماة الثغور في مواجهة االستعمار واالحتالل‬ ‫استقبل رئيس تيار التوحيد الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب يف دارته يف بلدة الجاهلية‬ ‫املرجعية الروحية يف طائفة املوحدين الدروز‬ ‫املرجع الشيخ أبو سليامن حسيب الصايغ‬ ‫عىل رأس وفد من كبار مشايخ الطائفة‪،‬‬ ‫وذلك كتقدير “للمواقف الوطنية الجامعة‬ ‫التي اتخذها الوزير وهاب منذ سنوات”‪.‬‬

‫وهاب‬

‫بعد ترحيب بالضيوف من املشايخ األجالء‬ ‫وخاص ًة “أولئك القادمون من جبل العرب من‬ ‫سوريا” أكد أن “ما يجمعنا مع سوريا هو‬ ‫أكرب بكثري مام يفرق‪ ،‬ونحن اليوم يف وضع‬ ‫مرتاح جداً عىل صعيد طائفة املوحدين‬ ‫الدروز مبختلف قواها السياسية من األستاذ‬ ‫وليد بك جنبالط إىل األمري طالل ارسالن إىل‬ ‫فيصل بك الداوود والقوى واألحزاب األخرى‬ ‫يف املوقع الوطني الطبيعي للطائفة وهذا‬ ‫ما ورثناه عن آبائنا وأجدادنا ومل نخرتعه‪ ،‬وهو‬ ‫منذ أكرث من ألف عام يوم أىت املوحدون إىل‬ ‫هذه الشواطئ كحامة للثغور اإلسالمية‪،‬‬ ‫ونحن نجدد هذه املهمة التي أىت من أجلها‬ ‫األجالء‬ ‫مشايخنا‬ ‫وتوجيهاتكم‬ ‫أسالفنا‪،‬‬ ‫تقول أننا سيف العروبة واإلسالم وهذا ما‬ ‫سنكمله‪ .‬بالنسبة لنا فإن سوريا ولبنان‬ ‫بلدان مستقالن ولكنهام شعب واحد ونحن‬ ‫إخوة وأهل وكل تاريخنا مقاومة‪ ،‬وليس‬ ‫هناك من خوف عىل طائفتنا ولن تضيع‬ ‫البوصلة وهي موحدة يف العناوين العريضة‬ ‫من املقاومة إىل العالقة املميزة مع سوريا‪،‬‬ ‫وسنكمل الطريق الذي رسمه أجدادنا‬ ‫وخاص ًة منهم الشيخ إبراهيم الهجري‬ ‫وأبو عيل الحناوي وسلطان باشا األطرش يف‬ ‫مواجهة االستعامر”‪.‬‬ ‫وأضاف “نحن دامئاً سنبقى حراسا لهذا‬ ‫الرتاث‪ ،‬وهذا ما فعلناه يف السنوات األخرية‬ ‫يف مواجهة الهجمة االستعامرية عىل‬ ‫منطقتنا‪ ،‬واملواقف التي تتخذها املرجعيات‬ ‫الروحية يف الطائفة الدرزية مل تكن بعيدة‬ ‫عن املواقف الوطنية والعربية واإلسالمية‬ ‫األصيلة‪ ،‬ودامئاً كانت دمشق وسوريا هي‬ ‫قبلتنا الثالثة ونحن مل نخطئ يف هذا‬ ‫الحساب كام غرينا ورمبا كان يف مواقع عليا‬ ‫ويرى أن الرتياق يأيت من أمريكا أو غريها أما‬ ‫نحن فإننا نرى دامئاً أن املحيط العريب هو‬ ‫الحاضن لنا‪ ،‬ونحن رمبا الطائفة الوحيدة التي‬ ‫ليس لها أي مرجع يف العامل إال هذه البوتقة‬ ‫وهي العروبة التي نحن روادها»‪.‬‬

‫الشيخ أبو ذياب‬

‫وكانت كلمة للمرجع الشيخ أبو عيل‬ ‫سليامن أبو ذياب أكد فيها عىل “دعم مواقف‬ ‫الوزير وئام وهاب وخاص ًة يف إطار حفظ‬ ‫السلم الوطني الجامع البعيد عن التعصب‬ ‫البغيض وحاجتنا إىل انفتاح الفكر والعقل‬ ‫طريقاً إىل التكامل ال التنازع والتفاسد‪،‬‬ ‫لنكون يداً واحد ًة يف بناء رصح الوطن”‬ ‫ودعا أبناء طائفة التوحيد إىل “التامسك‬ ‫والعمل سوياً يك يكونوا حجراً صلباً يف‬ ‫بناء رصح الوطن وإرضاء الخالق جل وعال مبا‬ ‫يليق بهم وبتاريخهم‪ ،‬كام دعا اىل ذلك بقية‬ ‫للتعاون‬ ‫طوائف وعائالت الوطن الروحية‬ ‫معاً يف وجه عدو واحد حاقدُ راصد ومكابر‬ ‫وال يثنيه عام يريد إال مجاهد منترص بإذن‬ ‫الله”‪ .‬وأضاف “مبساندتكم للمقاومة أيها‬ ‫املشايخ األجالء ويا معايل الوزير وهاب فإنكم‬ ‫تسريون يف الطريق الصحيح وخاص ًة يف‬ ‫األوقات الصعبة يف الدفاع عن الوطن ومل‬ ‫يكن بد من قيام هذه املقاومة قبل أن يقوم‬ ‫العدو بابتالع الوطن لقم ًة سائغ ًة يف فم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫“إرسائيل” املعتدية مدعومة من قوى كربى‪.‬‬ ‫وسوريا التي حورصت من قبل قوى االستعامر‬ ‫عرفت كيف تفك الطوق عنها بفضل حكمة‬ ‫قائدها وكذلك يف دعمنا إليران التي تدعم‬ ‫لبنان من أجل مصلحة لبنان‪ ،‬ويف كل ذلك‬ ‫تنجح خياراتنا يف طائفة املوحدين الدروز‪،‬‬ ‫ونحن نثني عىل تلك الخيارات»‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب من مخيم البارد ‪ :‬على الدولة اللبنانية أن تقوم‬ ‫بواجبها اإلنساني تجاه الفلسطينيين في المخيمات‬

‫‪ ...‬ووهاب‬

‫عبد العال يلقي كلمته‬

‫دعا رئيس تيار التوحيد وئام وهاب الدولة‬ ‫اللبنانية “ممثل ًة بالحكومة الجديدة وخاص ًة‬ ‫رئيسها دولة الرئيس سعد الحريري‪ ،‬بأن املطلوب‬ ‫أن ال يتجاوز وعود أسالفه للشعب الفلسطيني‬ ‫يف املخيامت‪ ،‬فهؤالء برش ولهم حقوق علينا‪،‬‬ ‫ليست حقوق وطنية وقومية فحسب بل حقوقا‬ ‫أخالقية‪ ،‬فمن غري األخالقي أن يستمر التعامل‬ ‫مع الفلسطينيني يف املخيامت كام هو الحال‬ ‫اليوم”‪ ،‬وطالب وهاب الرئيس الحريري وكل أعضاء‬ ‫حكومته بإعادة إعامر مخيم نهر البارد وبالرسعة‬ ‫املطلوبة وإعطاء اإلخوة الفلسطينيني كل‬ ‫حقوقهم املدنية املرشوعة مع التمسك برفض‬ ‫التوطني وحق العودة”‪ .‬وسأل وهاب “ إذا كانت ثالثة‬ ‫أرباع العاصمة بريوت أصبحت ملكاً لألجانب‬ ‫فأين املشكلة إذا متلك الفلسطيني شقة يسرت‬ ‫عائلته فيها”‪ ،‬فالترصف العنرصي هذا هو الذي‬ ‫يسمح لقلة قليلة باالستغالل داخل املخيامت فال‬ ‫يجوز أن يعامل الشعب الفلسطيني يف جريرة‬ ‫القلة القليلة التي تحاول التخريب وال متثلهم‪...‬‬ ‫وعىل الدولة اللبنانية أن تقوم بواجبها اإلنساين‬ ‫تجاههم”‪.‬‬

‫وهاب‬

‫وأضاف وهاب‪ ،‬خالل احتفال أقيم يف مخيم‬ ‫نهر البارد ملناسبة الذكرى ‪ 42‬النطالقة الجبهة‬ ‫الشعبية لتحرير فلسطني بحضور مسؤول‬ ‫الجبهة الشعبية يف لبنان وعضو مكتبها‬ ‫السيايس مروان عبد العال وعددا من قيادات‬ ‫الجبهة وأهايل املخيم والقيادات الفلسطينية‪،‬‬ ‫وبحضور عضو املكتب السيايس يف تيار‬ ‫التوحيد يارس الصفدي‪ ،‬إننا يف هذه الذكرى‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مقدمة الحضور‬

‫نقف أمامكم عىل أطالل مخيم نهر البارد‬ ‫لنحيي هذه املناسبة وكأن الزمان قد استدار من‬ ‫جديد لنطل عىل ذاكرة شعبنا العريب من فوق‬ ‫الركام واألطالل‪ ،‬هو تاريخ األنظمة التي تحكمت‬ ‫باملسار وربطت وجودها واستمرارها باملشاريع‬ ‫األجنبية واالستعامرية وبات عليها تسديد‬ ‫فواتريها ولو عىل حساب القضية ألويل األمر‬ ‫وأصحاب الشأن‪.‬‬ ‫وتابع “إنه الزمن العريب الرديء حيث مل يعد‬ ‫لجوهر القضية رابط يجمع بينهم ومل يعد‬ ‫للمقدسات وعوامل التوحد أي خيط نستطيع‬ ‫من خالله اإلمساك باملسار والتوثب نحو‬ ‫االنتصار‪ ،‬إنه زمن يدفعنا إىل إطالق املبادرات‬ ‫لعودة التواصل بني كافة القوى الحية يف أمتنا‬ ‫وإعادة صياغة العمل الوطني والقومي وإىل‬

‫‪36‬‬

‫تالزم املسارات اإلقليمية الهادفة إىل املواجهة‬ ‫دفاعاً عن حق شعبنا واستعادة كل شرب من‬ ‫فلسطني كل فلسطني‪ .‬و تابع وهاب‪ :‬إن االحتالل‬ ‫والغزو “اإلرسائييل” الجاثم عىل صدر فلسطني‬ ‫منذ عقود والذي ميارس شتى أنواع القتل والقهر‬ ‫والدمار ويستمر يف تهويد فلسطني ومحارصة‬ ‫املقدسات اإلسالمية واملسيحية والقابض عىل‬ ‫قطاع غزة مبنع كل اإلمدادات والتواصل معها‬ ‫يدفعنا للسؤال إىل متى يا عرب ؟ واحتالل العراق‬ ‫والسيطرة عىل موارده وقتل اإلنسان فيه إضافة‬ ‫إىل ما يجري يف اليمن كلها أسئلة محقة” ؟ا‬ ‫وتابع “لقد راهنت األنظمة العربية عىل‬ ‫التسوية ودخلت منظمة التحرير يف هذا‬ ‫اإلطار اعتقاداً منها بأن باب املفاوضات السبيل‬ ‫الستعادة الحقوق املرشوعة‪ ،‬وها هو األخ أبو مازن‬

‫يصل إىل نفس النتيجة التي وصل إليها قبله‬ ‫الرئيس يارس عرفات‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬والذي اعترب‬ ‫يف سنواته األخرية أن “أوسلو” لن تؤدي إىل الحل‬ ‫العادل للقضية لذلك قتلوه‪ .‬ولذا ال بد لنا من‬ ‫طرح القضية بشكل موضوعي وبناء‪ ،‬إذ أنه ومنذ‬ ‫بدء التفاوض بعد مؤمتر الخرطوم بدأ االنحدار‬ ‫يف سقف نقاط التفاوض‪ ،‬وها هي مرص واألردن‬ ‫يوقعان االتفاقات املنفردة وبات الوضع العريب يف‬ ‫حالة ترشذم وانقسام وباتت األجيال عندنا تذكر‬ ‫قادتها الكبار عىل درب الشهادة والنضال كأنها‬ ‫بذلك تعود بالذاكرة للوقوف عىل األطالل أيام‬ ‫الفتوحات العربية واإلسالمية‪ .‬لكن فعل املقاومة‬ ‫كان الشعلة املضيئة يف تاريخ الرصاع العريب‬ ‫اإلرسائييل ونحن جيل استفاق عىل وقع انطالقة‬ ‫الثورة الفلسطينية ومقولة العمل الفدايئ”‬ ‫كلنا فدائيون”‪ ،‬نحن جيل عارص تلك املرحلة يف‬ ‫انطالقتها والتي شكلت رافع ًة للعمل السيايس‬ ‫فكانت انطالقتنا نحن مع الحركات الطالبية‬ ‫والشبابية‪ ،‬والتي حولت بريوت عاصمة حاضن ًة‬ ‫للعمل الفلسطيني املعرب عن إرادة شعبنا يف‬ ‫الحياة الحرة الكرمية‪ ،‬ولهذا كان احتالل بريوت‬ ‫والدخول إليها يف العام ‪ 1982‬استهدافاً لرضب‬ ‫تلك املرحلة ملا متثل من اندفاعة وطنية وقومية‬ ‫وحاضنة لكل قوى التحرر العريب والعاملي‪،‬‬ ‫ومن ثم كان إسقاط ‪ 17‬أيار و انطالقة املقاومة‬ ‫الوطنية اللبنانية عام ًال حاس ًام لتحرير الجنوب‬ ‫عام ‪ 2000‬والتصدي للعدوان اإلرسائييل عام‬ ‫‪ 2006‬وإلحاق الهزمية به‪ ،‬وجاء عدوان غزة املؤرش‬ ‫الواضح للنيات الصهيونية واألمريكية لرضب‬ ‫املقاومة من لبنان إىل فلسطني إىل العراق‪ .‬وما‬ ‫يؤسفنا اليوم أن نسمع أن مرص العروبة وعبد‬ ‫النارص ستقوم ببناء جدران عازلة يف منطقة‬ ‫رفح مع قطاع غزة املحارص‪ ،‬ويؤسفنا أكرث أن‬ ‫تتناول بعض األنظمة موضوع وقف االستيطان‬ ‫وكأنه قضية هامشية‪ ،‬أو كأن القضية وقف بناء‬ ‫مستوطنة هنا أو هناك‪ ،‬بينام القضية بالنسبة‬ ‫إلينا هي فلسطني كل فلسطني‪ ،‬وذلك يدعونا‬ ‫إىل أن نتوجه إليكم أيها الرفاق يف الجبهة‬ ‫الشعبية كفصيل أسايس من فصائل الثورة‬ ‫الفلسطينية للمبادرة الرسيعة والعمل عىل‬ ‫توحيد الصفوف‪ ،‬تحت راية الكفاح املسلح “ كلنا‬ ‫عائدون” ألن ما أخذ بالقوة ال يسرتد بغري القوة”‬ ‫والرصاع مع “إرسائيل” ليس رصاع حدود وترسيم‬ ‫قطاعات وضفاف‪ ،‬بل هو رصاع عقائدي يندرج من‬ ‫تعاليم واستنادات دينية لديهم تحدد دولتهم من‬ ‫الفرات إىل النيل‪ ،‬إنه رصاع بدأ يأخذ بعده باإلميان‬ ‫والجهاد السرتجاع الحقوق املغتصبة‪ .‬وها هي‬ ‫“إرسائيل” اليوم تقف عاجز ًة عن خوض مغامرات‬ ‫تدرك سلفاً أنها ستؤدي بها إىل الهالك سواء‬ ‫يف الداخل الفلسطيني أو عىل لبنان حيث تقف‬ ‫املقاومة اللبنانية شامخة بقيادة السيد حسن‬ ‫نرص الله الذي كان خري نصري لكم ولشعبكم‬ ‫ومخيمكم يف األوقات الصعبة»‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب إىل “قيادة الجبهة وأفرادها”‬

‫الحضور‬

‫وجانب آخر منه‬

‫مهنئاً بـ”ذكرى االنطالقة” ومشدداً عىل “وضع‬ ‫إسرتاتيجية عربية هادفة وأتوجه بالتحية إىل‬ ‫روح كبري من أمتنا هو جورج حبش‪ ،‬وأبو عيل‬ ‫مصطفى وروح املناضل وديع حداد‪ ،‬واىل املناضل‬ ‫األسري أحمد سعدات وكل الرفاق واإلخوة الذين‬ ‫أعدموا “رحبئام زئيفي” الذي كان يستحق‬ ‫اإلعدام‪ .‬جئت إىل البارد اليوم وكل الثقة أن زمن‬ ‫االنتصارات هو زماننا‪ ،‬وهو زمن العشق لبيسان‬ ‫وحيفا ويافا والقدس‪ ،‬وكل شرب من فلسطني‬ ‫املغتصبة وزمن القوة الفصل يف امتالك الحق‬ ‫القومي‪ ،‬والحرية حقنت بالدماء الحرة األبية‪ ،‬والرتاب‬ ‫اغتسل باألشالء‪ ،‬والسالم عليكم جميعاً ومنكم إىل‬ ‫فلسطني أرض الرسل والسالم والشعار سيبقى إىل‬ ‫األبد عائدون عائدون عائدون إىل كل فلسطني‪.‬‬

‫عبد العال‬

‫كذلك تحدث مسؤول الجبهة الشعبية يف لبنان‬ ‫مروان عبد العال وأكد أن “مسألة نهر البارد هي‬ ‫أكرب من املخيم وأكرب مام حدث‪ ،‬وسيأيت اليوم الذي‬ ‫نتحدث فيه ونكشف كل الذي حدث وخطط‪ ،‬وطالت‬ ‫الكارثة أهل املخيم جميعاً وباآلالف‪ ،‬واستشهاد ‪45‬‬ ‫شخصاً مدنياً من أبناء املخيم‪ ،‬و استشهاد أكرث من‬ ‫‪ 130‬شهيداً من الجيش اللبناين وعدداً من املعاقني‪.‬‬ ‫والسؤال ملاذا حدث ذلك؟‪ .‬والجواب أنه كان يخطط لنهر‬

‫‪37‬‬

‫البارد أن يكون الرشارة األوىل إلثارة حرب أهلية جديدة‬ ‫يف لبنان”‪ .‬وأضاف “سمعنا الكثري من االقرتاحات‬ ‫حول إعادة إعامر املخيم ولكن نقول‪ :‬إننا بحكم بداية‬ ‫العبور نحو إعادة اإلعامر وبفضل لجنة املتابعة من كل‬ ‫الفصائل‪ ،‬واملؤسسات األهلية واملدنية يف نهر البارد‬ ‫والعمل الفصائيل والجامهريي ومن خالل الناس‪ .‬وهناك‬ ‫من ساعدنا من خالل إخراج ملف البارد من صندوق‬ ‫املراسالت وإبعاده من شورى الدولة‪ ،‬وقد ساعدنا بذلك‬ ‫التيار الوطني الحر وتفهمنا الجميع‪ ،‬إننا خارج التجاذبات‬ ‫وكذلك فعل حزب الله مبساعدته عىل معالجة املوضوع‪،‬‬ ‫وأخرج ملف البارد من التجاذب‪ ،‬ولكن الدرب طويل‬ ‫ونطلب تغيري القوانني املجحفة بحق الفلسطينيني‪،‬‬ ‫والقانون أعوج يف هذا امللف ونطلب استثناء املخيم من‬ ‫القوانني املجحفة حتى نتمكن من إنقاذ أهلنا والوضع‬ ‫املزري الذي تعيشه الناس”‪.‬‬ ‫ووجه عبد العال التحية إىل “روح املكان الذي‬ ‫يجمعنا هو مخيم نهر البارد‪ ،‬التي بدأت منذ العام‬ ‫‪ 1948‬يوم رفعت الخيمة األوىل وهو املخيم األول يف‬ ‫لبنان”‪ .‬مستذكراً “جيل األوائل من املؤسسني يف‬ ‫كل املجاالت‪ ،‬ومنها انطالقة الثورة الفلسطينية‬ ‫من أبناء املخيامت”‪ ،‬ووجه التحية إىل املناضلني‬ ‫الرشفاء واملقاومني‪ ،‬وعىل رأسهم اليوم أمينها‬ ‫العام أحمد سعدات القابع يف سجون االحتالل‪،‬‬ ‫والتحية إىل الشهداء األبرار”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب زار بري مؤيداً تشكيل‬ ‫الهيئة الوطنية إللغاء الطائفية‬ ‫أيد رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب‪ ،‬طرح رئيس مجلس‬ ‫النواب تشكيل الهيئة الوطنية إللغاء الطائفية‪.‬‬ ‫ونقل وهاب موقفه إىل الرئيس بري يف زيارة قام بها إىل‬ ‫عني التينة‪ ،‬ومتنى عليه أن تبدأ ورشة تنفيذ بنود اتفاق الطائف‬ ‫اإلصالحية‪ ،‬ويجب أن يتبع البدء بدرس املقرتحات إللغاء الطائفية‪،‬‬ ‫وضع إنشاء مجلس الشيوخ عىل نار حامية‪ ،‬ألنه خطوة مكملة‬ ‫لألوىل‪ ،‬يف اتجاه الوصول إىل دولة ال طائفية ونظام سيايس ال‬ ‫طائفي‪ ،‬قائم عىل قانون انتخاب خارج القيد الطائفي‪.‬‬

‫وهاب بعد لقائه عون ‪ :‬األجهزة األمنية بحاجة‬ ‫إلى «نفضة» والزيارات الخارجية ليست ضرورية‬ ‫اكد رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن “املصالحات يف الجبل ليست‬ ‫عىل حساب مصالحات أخرى أو عىل حساب أحد” معتربا أن “هذه‬ ‫املصالحات تعطي دفعا باتجاه حل ملف املهجرين”‪ ،‬داعيا الحكومة إىل‬ ‫تأمني األموال الالزمة إلنهاء هذا امللف”‪.‬‬ ‫وأضاف بعد لقائه رئيس تكتل التغيري واإلصالح العامد ميشال‬ ‫عون يف الرابية‪“ :‬بعد الخطوات الكبرية التي حققها العامد عون عىل‬ ‫كل الصعد الوطنية كان ال بد من التشاور مع دولة الرئيس أبرزها يف‬ ‫أمرين األول عىل صعيد الجبل واملصالحات الوطنية بشكل عام‪ .‬ومن‬ ‫هنا فإن ما حصل يف الجبل من مصالحات فهي ليست عىل حساب‬ ‫مصالحات أخرى بل ستعزز أجواء االئتالف‪ ،‬والجبل يتسع للجميع مبن‬ ‫فيهم األخصام ونحن حريصون عىل إعادة بناء الجبل بالتعاون مع‬ ‫الخصوم السياسيني والحلفاء‪ ،‬واألمر الثاين هو فيام يتعلق مبوضوع‬ ‫املهجرين يف الجبل‪ ،‬وما حصل من لقاءات بني دولة الرئيس عون والنائب‬ ‫جنبالط هو إيجايب جداً ونحن عملنا عليه يف السابق وحسناً فعل‬ ‫فخامة الرئيس حني دعا إىل هذا اللقاء ألنه يعزز أجواء التفاهم يف‬ ‫الجبل‪ ،‬والعامد عون يفهم حقيق ًة تركيبة الجبل بعكس آخرين‪ ،‬وقد عاش قريباً‬ ‫منها ويفهمها بالنسبة إىل لبنان”‪ .‬وأضاف “يجب إنهاء موضوع املهجرين‬ ‫يف وقت قريب والحكومة الجديدة مطالبة بتأمني األموال الالزمة لذلك والتي‬ ‫تحتاج رمبا إىل ما بني ‪ 200‬إىل ‪ 250‬مليون دوالر إلنهاء هذا امللف وإلغاء الوزارة‪،‬‬ ‫وموضوع التعويضات أسايس‪ ،‬إذ ال ميكن دفع املبلغ ذاته الذي كان يدفع يف‬ ‫العام ‪ ،1998‬أي أن مبلغ الـ ‪ 20‬ألف دوالر للمنزل‪ ،‬بينام اليوم ال تكفي إلعامر‬ ‫غرفة يف منزل‪ ،‬ويلزم للمناطق التي سيعود إليها مهجرين أن يزاد املبلغ إىل‬ ‫‪ 50‬أو ‪ 60‬ألف دوالر وذلك حسب تقدير اللجان ليعود املواطن بكرامته إىل‬ ‫منزله بعد عرشبن عاماً من التهجري‪ ،‬خاص ًة يف قرى مثل بريح بعد إجراء‬ ‫املصالحات وكذلك يف قرى الشحار‪ ،‬كفر متى‪ ،‬عبيه‪ ،‬وكفر سلوان وغريها”‪،‬‬ ‫وأبدى وهاب تفاؤله “إلنهاء ملف املهجرين‪ ،‬فاملصالحات األخرية إيجابية وتعطي‬ ‫دفعاً إلنهاء امللف وختم الجرح الكبري واالنطالق نحو بناء الجبل»‪.‬‬ ‫وحول التعيينات األمنية واإلدارية قال وهاب‪ :‬أن األجهزة األمنية بحاجة إىل‬ ‫“نفضة” كبرية وتعيينات جديدة تعيد الثقة لديها يف املرحلة املقبلة‪ ،‬بعد أن‬ ‫فقد كثري من اللبنانيني الثقة ببعض األجهزة األمنية‪ ،‬وأن ال يستثنى أحد وأن‬ ‫تتم عىل أسس واضحة ورصيحة»‪.‬‬ ‫وبخصوص التعيينات اإلدارية‪ ،‬انتقد وهاب ما وقع من “عمليات التهريب يف‬ ‫امليدل إيست وكازينو لبنان مؤخراً‪ ،‬مع احرتام كل من كان وراء هذا األمر‪ ،‬وإذا‬ ‫ما استكملت األمور عىل هذا النحو فإن مشكلة كبرية ستقع يف موضوع‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التعيينات”‪ .‬داعيا إىل أن “تراعي التعيينات اإلدارية الكفاءات حيث هناك‬ ‫كفاءات كبرية‪ ،‬وأن ال تتخذ املواضيع عىل أساس الصداقة والعالقات مع هذا‬ ‫املسؤول أو ذاك‪ ،‬ويجب أن يعلم الجميع أن ليس كل األطراف التي شاركت يف‬ ‫السلطة ستقبل بذلك إذا ما تكرر هذا يف املستقبل‪ ،‬ومن هنا يجب إعطاء‬ ‫منوذج آخر للبنانيني يف موضوع التعيينات تقطع مع املايض‪ ،‬وتراعي الكفاءة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتلطى كل شخص خلف طائفته حتى يتعني‪ ،‬فليس هناك مشكلة‬ ‫وأن ال‬ ‫طائفية مع الشخصيات الكفوءة”‪ .‬و “من مصلحة الرئيس الحريري أن يقطع‬ ‫مع املرحلة املاضية ويركز عىل تعيني الكفاءات يف اإلدارة”‪.‬‬ ‫وانتقد وهاب “الزيارات الكثرية للبعض إىل الخارج فيام البالد بحاجة إىل‬ ‫ورشة داخلية كبرية‪ ،‬إال إذا كان لدى البعض أفكاراً كبرية من قبيل إعطاء‬ ‫النصح لـ “اوباما” يف ملفات أفغانستان والعراق‪ ،‬إلنقاذه من مأزقه‪ ،‬وغري ذلك‬ ‫ليس لدى “اوباما” أي يشء يعطينا إياه”‪ .‬معتربا أنه “من الغباء أن نصدق أن‬ ‫أمريكا تريد مساعدة الجيش اللبناين للتصدي للعدو اإلرسائييل خصوصا أن‬ ‫أمريكا مل تعزم عىل أي خطوة لتسليح الجيش دون موافقة “إرسائيل” عىل‬ ‫ذلك‪ ،‬ولدينا خيارات أخرى كثرية من أجل تسليح الجيش ومنها إيران وسوريا‬ ‫وبعض الدول األوروبية”‪.‬‬ ‫وحول زيارة النائب جنبالط إىل سوريا‪ ،‬لفت وهاب إىل أن “األولوية هي يف‬ ‫زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إىل سوريا بعد نيل الحكومة الثقة‪ ،‬وتليها‬ ‫زيارات أخرى‪ ،‬فسوريا لديها دوراً أساسياً يف لبنان‪ ،‬وهي العب رئييس يف‬ ‫الداخل اللبناين”‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫وهاب في حفل توقيع كتاب «محطات صحافية»‪:‬‬ ‫الكالم الذي يتسرب من أميركا خطير جداً على لبنان‬ ‫خالل حفل توقيع كتاب “محطات صحافية”‬ ‫للكاتب والباحث مازن يوسف صباغ بدعوة من‬ ‫مؤسسات املعهد العريب الرتبوية وجامعة‬ ‫الحضارة اإلسالمية املفتوحة‪ ،‬وبحضور رئيس‬ ‫مؤسسات املعهد العريب النائب السابق حسني‬ ‫يتيم وحشد من السياسيني واملثقفني‪ ،‬شارك فيه‬ ‫رئيس تيار التوحيد وئام وهاب الذي أ ّكد يف كلمة‬ ‫له أن “ما بدأ يترسب إلينا من عاصمة القرار يف‬ ‫العامل “واشنطن” خطري جداً‪ ،‬خاص ًة وأنه يأيت‬ ‫بعد زيارة فخامة رئيس الجمهورية العامد ميشال‬ ‫سليامن إليها وما سمعه من كالم من بعض‬ ‫املسؤولني األمريكيني»‪ .‬وهنا «ال شك بأن موقف‬ ‫فخامة الرئيس كان ممتازاً‪ ،‬ولكن بكل محبة نقول‬ ‫لفخامته انه يتوجب وضع كل اللبنانيني يف صورة‬ ‫املباحثات التي جرت هناك‪ ،‬ويف صورة الكالم الذي‬ ‫نقل عن بعض املسؤولني األمريكيني والذي يحمل‬ ‫تهديداً خطرياً للبنان ولكل الساحة العربية‪،‬‬ ‫خاص ًة وأن هناك جواً أمريكيا معيناً يتحدث عن‬ ‫رضب ٍة إرسائيلية يف زمن ما للبنان‪ ،‬أو كالم أمرييك‬ ‫يتحدث عن تطورات خطرية ستحصل يف املنطقة‪،‬‬ ‫وهنا عىل فخامة الرئيس أن يصارح اللبنانيني بهذا‬ ‫يك نكون مستعدين لها يف املرحلة املقبلة»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬إن ما «شاهدناه باألمس من‬ ‫احتضان سوريا لرئيس الحكومة اللبنانية‪ ،‬يؤكد‬ ‫أنها ما فعلت يوماً إال ما يصب يف مصلحة لبنان‬ ‫واألمة‪ ،‬ألنها الشام التي تلبي النداء عندما يحتاجها‬ ‫شقيق أو شقيقة انطالقاً من دورها القومي لدعم‬ ‫لبنان يف مهمة إعادة إحياء مؤسسات الدولة‬ ‫ودعم املقاومة وتحصينها يف كل االستحقاقات‬ ‫القادمة‪ ،‬وهذه االستحقاقات كبرية وخطرية ‪،‬‬ ‫خاص ًة فيام يتعلق بالتهديدات اإلرسائيلية الجدية‬ ‫دامئاً يف استهداف لبنان واألمة العربية»‪.‬‬ ‫وتابع مخاطباً الكاتب مازن صباغ إنه «يف‬ ‫انحناءات الزمن‪ ،‬تأخذ الكلمة مداها وتسافر يف‬ ‫األقالم إىل حيث تعبرّ عن ذاتها‪ ،‬فيهدأ القرطاس‬ ‫تحت وطأة التدوين‪ ،‬ويف زمن املتغريات‪ ،‬تنتصب‬ ‫الرؤى يف الخواطر‪ ،‬وتذهب اىل البعيد يف أعامق‬ ‫الوطن‪ ،‬تفتش عن الذاكرة‪ ،‬يف محطات التاريخ‪،‬‬ ‫والبقاء يف استمرارية الوجود‪ ،‬فتزهر املكتبات‪،‬‬ ‫بعبق املضامني املؤرخة للحقائق‪ ،‬وبشذى األفكار‬ ‫املنبعثة من صلب القضية‪ ،‬ورحم األمة‪ .‬إنه زمن‬ ‫التحوالت‪ ،‬يف مسرية القدرة عىل اإلبداع‪ ،‬واالتكاء‬ ‫عىل نبض العقل‪ ،‬والرسم بالريشة واأللوان‪،‬‬ ‫لرتسيم الواقع‪ ،‬مبا يحقق التعبري املطلق‪ ،‬عن‬ ‫جراحات مازالت يف طور العالج والنقاهة»‪.‬‬ ‫وأردف “تأخذك املشاهد املتنقلة‪ ،‬وتأرسك‬ ‫اللوحات ورمزيتها‪ ،‬يف سياق القفز نحو االنعتاق‪،‬‬

‫من عوامل التجزئة واالستفراد‪ ،‬فيأيت البحث‬ ‫جراحات متالحقة‪ ،‬لواقع بات يعتقلك بني‬ ‫السالسل والكوابيس‪ ،‬هنالك ترتاكم األسئلة‬ ‫والصور‪ ،‬وتقبض عىل عقلك وأناملك‪ ،‬وتذهب‬ ‫لتالمس الحقائق املعربة عن ذاتها‪ ،‬بل الصاخبة بكل‬ ‫أنواع املوسيقى‪ ،‬فيتكامل املشهد‪ ،‬وتفتح الستائر‪،‬‬ ‫ويبدأ االستعراض الذي يليق بالحرية وااللتزام‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬تقف السنابل فوق املروج الوادعة‪ ،‬ويأيت‬ ‫عصفور الدوري يبرش القرميد األحمر بشقائق‬ ‫النعامن‪ ،‬ويلفظ البحر من أعامقه‪ ،‬ما احتبس من‬ ‫عوامل مناخية‪ ،‬وتسقط السامء عىل صدر االرض‪،‬‬ ‫رس التكوين‪،‬‬ ‫كل مقومات الحياة واستمراريتها‪ ،‬إنه ّ‬ ‫بل صريورة املوت‪ ،‬وانبعاث الوجود من جديد‪.‬‬ ‫هي رحلة املسافر‪ ،‬بل رحلة املهاجر‪ ،‬إنها الخيم‬ ‫العتيقة‪ ،‬والجباه العنيدة‪ ،‬كوفية املجاهد‪ ،‬ومناديل‬ ‫اإلميان‪ ،‬التي تلوح لالقىص وبيت لحم‪ ،‬إنها أبجدية‬ ‫الجنوب‪ ،‬وحضارة بابل والرافدين‪ ،‬هي طفلة الجوالن‪،‬‬ ‫وأغنية بيسان‪ ،‬واصوات االجراس التي تقرع مبشرّ ة‬ ‫مبيالد سعيد‪ ،‬هي نزف الرشايني‪ ،‬ونحيب النساء‪،‬‬ ‫هي الوعد املنتظر‪ ،‬وعودة املسيح‪ ،‬هي قيامة‬ ‫الساعة وإزهاق الباطل‪ ،‬إنها جدارية أراها يف عيني‬ ‫الشاخصة نحو البعيد‪ ،‬ويف جذوة الشعور الذي‬ ‫ميتلك كياين‪ ،‬انها القصيدة واملواويل‪ ،‬واشتياق‬ ‫الناي لبوحه فوق الروايب ومنحنيات الوديان‪ ،‬إنها‬ ‫املحطات‪ ،‬ولكل محطة حكاية‪ ،‬ولكل محطة عنوان‪،‬‬ ‫هي ابنة العقل‪ ،‬وصحوة املعرفة‪ ،‬بل هي االنتامء‬ ‫لألرض‪ ،‬حيث تصبح إضاءة الشموع أحرفاً تتشابك‪،‬‬ ‫ونقاط تقع فوقها وتحتها‪ ،‬فتولد الجملة‪ ،‬بل املقالة‬ ‫ويقف الكتاب شاهداً‪ ،‬يف محكمة الفصل والقرار‪.‬‬ ‫هو املازن والوازن يف الصباغ االرجواين‪ ،‬وهو الكاتب‬ ‫والباحث‪ ،‬ينحني ملالمسة الياسمني‪ ،‬ويتمدد ملحاكاة‬ ‫الواقع‪ ...‬ويلتقط مفاتيح الخزائن واملدائن‪ ،‬ويغني‬ ‫للعشق اآليت‪ ،‬للوطن واألرض‪ ،‬وينام تحت الشمس‪،‬‬

‫‪39‬‬

‫مغمضاً عينيه عىل خيوطها الذهبية‪ ،‬وتأيت‬ ‫صحوة الفرح لديه‪ ،‬إنه باق ولو أىت زمن الرحيل‪،‬‬ ‫رحالة املرحلة‪ ،‬يحايك االسامء‪ ،‬ويستعرض‬ ‫هو‬ ‫ّ‬ ‫األحداث‪ ،‬يجذبك للمتابعة‪ ،‬ويدفعك دامئاً ملالقاته‬ ‫حيث يشاء‪ ،‬هو حركة ال تهدأ‪ ،‬دائم السؤال‪ ،‬وإن‬ ‫اعتقدنا للحظة بأنه غاب‪ ،‬يأتيك من حيث ال تدري‪،‬‬ ‫مجدداً ومتجدداً يف إطالالته املميزة‪ ،‬إنه أسلوب‬ ‫آخر‪ ،‬حملته اليوم إليك يا مازن‪ ،‬تناسيت السياسة‪،‬‬ ‫ألن للسياسة اآلن يف محطاتك أبحاث وتفاصيل‪،‬‬ ‫وألن يف عداد املتكلمني كلامت تتالقى يف ما‬ ‫نبتغي وما نريد»‪.‬‬ ‫وختم بالقول “إنه إصدار للمحطات الصحفية‪،‬‬ ‫وإصدار للمواقف الوطنية والقومية‪ ،‬إنه هوية‬ ‫العام الجديد‪ ،‬للعرص الجديد‪ ،‬والقنديل الساكن‬ ‫تحت القناطر القدمية‪ ،‬إنها محطات كتبها الكاتب‬ ‫السوري مازن يوسف صباغ وقدم لها الربوفيسور‬ ‫العراقي املعروف رئيس جامعة الحضارة اإلسالمية‬ ‫املفتوحة الدكتور مخلص أحمد الجدّة‪ ،‬ونحتفل‬ ‫بالكتاب يف بريوت‪ ،‬إنه الدليل عىل وحدة األمة‬ ‫وترابطها‪ ،‬بني مدنها من العراق إىل القدس إىل‬ ‫عامن إىل الشام التي تحتضن كل العرب‪ .‬لك املحبة‪،‬‬ ‫ولك السالم‪ ،‬والينابيع يف كانون تتدفق بغزارة‬ ‫اإلنتاج ملا فيه خري الناس‪ ،‬واملجتمع‪ ،‬واألمة»‪.‬‬ ‫كذلك تحدث يف االحتفال كل من رئيس جامعة‬ ‫الحضارة اإلسالمية املفتوحة الربوفيسور مخلص‬ ‫أحمد الجدة‪ ،‬رئيس مجلس إدارة تلفزيون املنار عبد‬ ‫الله قصري‪ ،‬املحامي والصحايف جوزف أبو فاضل‪،‬‬ ‫رئيس مؤسسات املعهد العريب الرتبوية نائب‬ ‫بريوت السابق الدكتور حسني عيل يتيم‪ ،‬وكانت‬ ‫كلمة ختامية للكاتب مازن صباغ شكر فيها «كل‬ ‫من ساهم يف إنجاح إنجاز هذا الكتاب واملشاركة‬ ‫يف حفل التوقيع»‪ ،‬وكان حفل كوكتيل عىل رشف‬ ‫الحضور‪.‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب بعد استقباله السفير السوداني‪:‬‬

‫الستكمال إلغاء الطائفية السياسية وإسقاط نظام زعماء وإقطاعيات الطوائف‬ ‫السفير سليمان‪ :‬ينبغي أن توجه المحكمة الدولية إلى العدو اإلسرائيلي‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن “الوضع‬ ‫اللبناين متجه إىل املزيد من االستقرار والتفاهم‬ ‫بني اللبنانيني‪ ،‬والنقاط الخالفية تعالج بشكل‬ ‫جيد‪ ،‬وكان للتدخل اإليجايب للرئيس سعد‬ ‫الحريري يف موضوع البيان الوزاري األثر الجيد‪،‬‬ ‫خاص ًة يف قضية العالقات اللبنانية السورية‬ ‫لجهة التخلص من بعض الكلامت الفارغة التي‬ ‫استحدثت خالل السنوات املاضية‪ ،‬وهي كلامت ال‬ ‫تؤدي إىل مكان وال تبني ثقة بني البلدين‪ ،‬وموضوع‬ ‫العالقات اللبنانية السورية يشكل تحدياً كبرياً‬ ‫أمام الحكومة‪ ،‬باإلضافة إىل تحدي كيفية مواجهة‬ ‫االعتداءات اإلرسائيلية وتعزيز املقاومة”‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬بعد استقباله السفري السوداين‬ ‫يف لبنان إدريس سليامن يف مكتبه وبحضور‬ ‫املستشار السيايس للوزير وهاب عصمت‬ ‫العرييض‪ ،‬أمني اإلعالم يف التيار هشام األعور‪،‬‬ ‫مدير العالقات العامة يف املؤسسة التوحيدية‬ ‫للخدمات االجتامعية بيار أيب سمرا‪ ،‬حيث تم‬ ‫البحث يف القضايا التي تهم العالقات بني لبنان‬ ‫والسودان‪ ،‬أنه “تم البحث يف بعض تفاصيل‬ ‫السياسة الداخلية اللبنانية رغم أن سعادته عىل‬ ‫مسافة من الجميع”‪ .‬واستغرب وهاب “الحملة التي‬ ‫شنت عىل دولة الرئيس نبيه بري بعد إعالنه عن‬ ‫موضوع إلغاء الطائفية السياسية‪ ،‬وكأن البعض‬ ‫مل يقرأ ما قاله رئيس املجلس النيايب‪ ،‬وهو قد أكد‬ ‫أنه يريد تنفيذ الطائف‪ ،‬ونسأل كيف شكل املجلس‬ ‫الدستوري واملجلس االقتصادي االجتامعي وغريها‬ ‫من املؤسسات التي دعا إليها اتفاق الطائف؟‬ ‫الرئيس بري دعا فقط إىل تشكيل الهيئة لبحث‬ ‫السبل اآليلة إىل إلغاء الطائفية السياسية وهذه‬ ‫الهيئة برئاسة رئيس الجمهورية وما هي املشكلة‬ ‫يف هذا املوضوع؟‪ ،‬ثم عند تشكيل هذه الهيئة‬ ‫ستؤدي يف مكان ما إىل تشكيل مجلس الشيوخ‪،‬‬ ‫ونحن كطائفة درزية نرص عىل هذا األمر‪ ،‬ونعتقد‬ ‫أن هناك ظل ًام كبرياً قد لحق بنا يف هذا املجال وعدم‬ ‫إعطائنا حقوق مكتسبة لنا‪ ،‬ومشاركتنا يف‬ ‫السلطة التنفيذية ويف الكثري من األمور يف املرة‬ ‫املقبلة متوقفة عىل قضايا ال ميكن أن نتنازل عنها‬ ‫بعد اآلن‪ ،‬ونحن نطلب من الرئيس بري استكامل‬ ‫هذا األمر‪ ،‬ووضعه موضع التنفيذ ألنه رضوري‬ ‫وال يجوز أن نبقى يف إطار نظام يخدم الطوائف‬ ‫وزعامء الطوائف وإقطاعيات الطوائف‪ ،‬وآن لنا أن‬ ‫نفكر يف كيفية بناء نظام يخدم اللبنانيني مبعزل‬ ‫عن انتامءاتهم الطائفية واملذهبية”‪.‬‬ ‫وتابع “التقيت سعادة السفري اليوم يف زيارة‬ ‫تعارف‪ ،‬وناقشنا كذلك الوضع يف السودان ولبنان‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫واملنطقة بشكل عام وموقفنا واضح يف التضامن‬ ‫مع السودان الدولة العربية التي تعاين من الكثري‬ ‫من صنوف الظلم ومن الهجمة االمربيالية عليها‬ ‫منذ فرتة طويلة‪ ،‬يف استهداف لوحدة السودان‬ ‫قيادة وشعبا ونظاما واستهدافا لوحدة أرضه‪ .‬ومن‬ ‫هنا نحن مع الوحدة السودانية وكذلك الوحدة‬ ‫اليمنية وكل األقطار العربية‪ ،‬ومع تعزيز وحدة‬ ‫السودان وقوته‪ ،‬وهو البلد الغني مبوارده الطبيعية‪،‬‬ ‫وهذا رمبا ما يح ّول الغنى إىل عبئ وليس إىل ثروة‬ ‫حقيقية‪ ،‬وهذا ما يجعله مستهدفاً من أكرث‬ ‫من دولة كربى‪ ،‬وكذلك ما يجعله مستهدفاً من‬ ‫املحكمة الدولية التي حاولت أن ترضب رضبتها‬ ‫يف السودان عرب استهداف الرئيس عمر حسن‬ ‫البشري‪ ،‬ولكنه واجهها بكل شجاعة‪ ،‬وباملناسبة‬ ‫هذه املحكمة تحاول أن تزور يف كل مكان وأصبحت‬ ‫دائرة من دوائر الخارجية األمريكية وليست محكمة‬ ‫جنائية دولية مستقلة أو تابعة لألمم املتحدة‪ ،‬بل‬ ‫هي تنفذ األوامر األمريكية يف كل مكان‪ .‬وطبعاً‬ ‫الرئيس البشري يف مواجهته لهذه املحكمة متكن‬ ‫من إيقافها عند حدودها‪ ،‬وكرامة الرئيس البشري‬ ‫من كرامة كل العرب خاص ًة وأن املطلوب هو‬ ‫إخافة كل العرب عرب رضبها رئيساً عربياً‪ ،‬أو عرب‬ ‫محاولتها لجر رئيس عريب إىل املحكمة لتخيف كل‬ ‫الناس وتقول أن من يحاول مخالفة األوامر هذا‬ ‫مصريه”‪.‬‬ ‫وأضاف “عىل ما يبدو أن السودان بدأ يتجاوز‬ ‫هذا القطوع الكبري الذي مر به عرب صموده أوالً‬ ‫والتضامن العريب وضعف الحملة التي دعمت‬ ‫املدعي العام (اوكامبو) يومها إلصدار مثل هذه‬

‫‪40‬‬

‫املذكرة التي مل تلق تجاوباً من الكثري من الدول‪،‬‬ ‫وهذا أمر إيجايب لوضع حد ملثل هذه القرصنة التي‬ ‫هي مثل القرصنة التي يقوم بها بعض القراصنة‬ ‫الصوماليني‪ ،‬ولكنها تحمل ما يسمونه الصفة‬ ‫الدولية” ولكنها قرصنة عرب مؤسسات دولية”‪.‬‬

‫السفري سليامن‬ ‫من جهته شكر السفري سليامن “الوزير وهاب‬ ‫عىل مواقفه” وقال “وجدته صاحب رؤية واضحة‬ ‫وثاقبة ومعلومات حرة‪ ،‬وقد تداولنا يف هذه‬ ‫الجلسة حول كل الشجون واألمور ذات االهتامم‬ ‫املشرتك يف قضايا ومشاكل املنطقة وكيفية‬ ‫حلها من لبنان إىل السودان‪ ،‬وهذه قضايا تهمنا‬ ‫وخاص ًة الشأن اللبناين‪ ،‬ونهتم بنمو وازدهار لبنان‪،‬‬ ‫وأن يجد موقعه يف العامل كام يستحق وهو‬ ‫البلد الزاخر بالخريات واملقدرات وامليلء بالبرش‬ ‫املقتدرين يف كل تفاصيل الحياة‪ ،‬ومتنينا أن تحل‬ ‫كل مشاكله‪ ،‬فاللبناين إنسان مثقف ونحن ال‬ ‫نخىش عىل لبنان وهو الذي علم البرشية اإلبحار‬ ‫ويستطيع أن يسري وسط العواصف السياسية‬ ‫املتالطمة يف املنطقة‪ ،‬وهو املجاور لعدو رشس جداً‬ ‫لألمة العربية‪ ،‬ويسعى إىل تفتيتها واغتصاب‬ ‫حقوقها وارتكاب كل الجرائم التي يعاقب عليها‬ ‫القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬إذا كان هناك حقاً قانوناً‬ ‫إنسانياً ورشعة دولية ينبغي أن توجه ضد العدو‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬ألنه صاحب األيادي الطويلة والسوداء‬ ‫يف ارتكاب جرائم الحرب واإلبادة وخرق كل الرشائع‬ ‫الدولية وضد اإلنسانية”‪.‬‬

‫وهاب ‪ :‬الحديث عن سالح المقاومة «خيانة»‬ ‫وجنبالط إلى دمشق بواسطة «السيد نصر هللا»‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد أن “التمسك بسالح‬ ‫املقاومة هو متسك بنقاط قوة كبرية وكل كالم‬ ‫عن هذا السالح يف الوقت الراهن ميكن أن ندرجه‬ ‫يف خانة “الخيانة الوطنية” خاص ًة بعد الكالم‬ ‫الخطري الذي سمعه الرئيس ميشال سليامن يف‬ ‫واشنطن والترسيبات اإلرسائيلية عن تحضريات‬ ‫الجتياح بري عىل لبنان‪ ،‬وباألساس السالح باقٍ‬ ‫حتى حل القضية الفلسطينية‪ ،‬واملقاومة هي‬ ‫جزء من الشعب اللبناين‪ ،‬والكالم األمرييك‬ ‫للرئيس سليامن غري مطمنئ وهو كالم خطري»‪.‬‬ ‫وكشف أن «الرتتيبات جارية لزيارة النائب وليد‬ ‫جنبالط إىل دمشق وأن سامحة السيد حسن‬ ‫نرص الله سيساهم يف ذلك بعد أن ينتهي من‬ ‫مراسم عاشوراء والزيارة ستحصل إنشاء الله»‪.‬‬ ‫وأضاف‪ ،‬خالل مقابلة ضمن برنامج “حوار اليوم”‬ ‫عىل قناة الـ”او يت يف” مع اإلعالمية دميا صادق‪ ،‬أن‬ ‫“كل من يتحدث اليوم عن تنفيذ القرار ‪ 1559‬هو‬ ‫رهن إشارة أمريكية واضحة‪ ،‬والقرار ‪ 1559‬جاء‬ ‫علينا بالنكبات رغم أنه عملياً قد نفذ بالكامل‬ ‫ومل يعد موجوداً‪ ،‬قانونياً هذا القرار نفذ من خالل‬ ‫ثالث أمور أوالً انتخاب رئيس الجهورية وانسحاب‬ ‫الجيش السوري وحل امليليشيات اللبنانية»‪ ،‬الفتاً‬ ‫إىل أن «بند رئيس الجمهورية ُنفذ‪ ،‬وبند انسحاب‬ ‫الجيش السوري ُنفذ أيضاً ولكن يبقى الجدل عىل‬ ‫البند األخري وهو حل امليليشيات اللبنانية‪ ،‬وحزب‬ ‫الله ليس ميليشيا بل مقاومة ولكن هناك من‬ ‫يعتربها كذلك‪ ،‬والبيان الوزاري تحدث عن املقاومة‬ ‫ونحن نعتمد اليوم البيان‬ ‫وأعطاها رشعية‪.‬‬ ‫الوزاري الذي صدر من أسبوعني وأعطى رشعية‬ ‫حكومية للمقاومة‪ ،‬وما يفعله حزب الكتائب‬ ‫من طعن يف البيان الوزاري هو «مزحة» وليس‬ ‫له قيمة عىل أرض الواقع‪ ،‬واإلجامع حول سالح‬ ‫املقاومة يصل إىل ‪ %90‬من الشعب اللبناين‪،‬‬ ‫ومن يعارض عىل طريقة حزب الكتائب والقوات‬ ‫أصبحوا أقلية األقلية‪ ،‬ال بل كيف ميكن أن يفكروا‬ ‫مبعارضة هذا السالح بعد كالم الرئيس سليامن‬ ‫يف واشنطن وما سمعه الرئيس هناك‪ ،‬وكل من‬ ‫يتحدث بالسلبية عن سالح املقاومة يوضع يف‬ ‫موقع الخيانة‪ ،‬وإما أن لديهم معلومات ما ملالقاة‬ ‫العدوان كام يف العام ‪ ،1982‬وهنا يصبح حديث‬ ‫آخر مختلف‪ ،‬أين القضاء ملالحقة مثل هذه‬ ‫التوجهات؟ وأتعجب ملاذا نواب وقيادات املقاومة‬ ‫وحلفاءها يبقون يف موقع الدفاع وال يتحولون إىل‬ ‫صيغة الهجوم يف الرد عىل هذه الطروحات!!‪،‬‬ ‫والكالم الذي يرتدد يف و»اشنطن وإرسائيل» هو‬ ‫عن صيغة اجتياح بري إرسائييل عىل لبنان‪».‬‬ ‫من جه ٍة ثانية أكد وهاب أن “هناك استقرار‬

‫ممتاز يف الوضع الداخيل هو نتيجة توافق دويل‬ ‫ومساعدة إقليمية يف إدارة الوضع اللبناين‪ ،‬وإن‬ ‫كل ما حصل اليوم من تشكيل الحكومة واالتفاق‬ ‫عىل ‪ 5-10-15‬وذهاب رئيس الحكومة سعد الحريري‬ ‫إىل دمشق هي نتيجة التفاهم الحاصل بني سوريا‬ ‫والسعودية»‪ .‬معترباً أن «الكالم عن أن سوريا‬ ‫والسعودية اتفقوا عىل إشاعة الجو اإليجايب غري‬ ‫دقيق»‪ ،‬مؤكدا أن «ما يعنينا هو النتائج اإليجابية‬ ‫التي حصلت»‪ .‬وردا عىل سؤال‪ ،‬رأى أن «هناك‬ ‫قانون يف الرصاع يقيض بأن السوري ربح خمس‬ ‫سنوات من املواجهة»‪ ،‬الفتاً إىل أنه «يف هذه‬ ‫الخمس سنوات من املواجهة سوريا حققت نتائج‬ ‫يف ثالث ساحات كانت مفتوحة أمام املواجهة‪،‬‬ ‫وهي العراق وفلسطني ولبنان»‪ ،‬مشرياً إىل أنه‬ ‫«من املمكن أن يكون اليوم تفاهام يف موضوع‬ ‫العراق ألن االثنني مع وحدة العراق»‪ .‬ولفت إىل أن‬ ‫«امللك السعودي أعقل من أن يسمع لألمريكيني‬ ‫وملنطقهم بعد الذي حصل يف العراق»‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أن «ما حصل يف العراق أعطى درساً لكل‬ ‫الناس عن الجنون األمرييك‪ ،‬والجرمية التي ارتكبت‬ ‫فيه»‪ .‬واعترب أنه «يجب أن نتمسك بكل نقاط‬ ‫القوة ال سيام سالح املقاومة حتى حل القضية‬ ‫الفلسطينية ولو ملائة عام ألن املقاومة هي جزء‬ ‫من الشعب اللبناين»‪.‬‬ ‫وأكد أن “التحالف السوري اإليراين أعمق مام‬ ‫نتصور جميعاً‪ ،‬ولو أراد الرئيس األسد التسوية‬ ‫مع األمرييك واإلرسائييل عىل حساب املقاومة‬ ‫ملا كان تحمل كل هذه السنوات من الهجمة عىل‬ ‫سوريا‪ ،‬وهو قد أضاف إىل الرئيس حافظ األسد‬ ‫الذي جعل العالقة مع إيران إسرتاتيجية‪ ،‬عالقة‬ ‫الرئيس بشار اإلسرتاتيجية مع تركيا‪ ،‬ومن هنا‬ ‫علينا استغالل العالقة مع إيران وتركيا عىل‬ ‫الصعيد االقتصادي والسيايس إىل أبعد حدود‪،‬‬ ‫وليس هناك أفق ألي خالف سوري إيراين والذين‬ ‫يفكرون بهذه الطريقة «يتسلوا بغريا» أفضل من‬ ‫أن يضيعوا وقتهم»‪.‬‬ ‫وأشار إىل أنه «ليس صحيحا أن التعصب‬ ‫فقط هو عند الطائفة املسيحية‪ ،‬بل األرضية‬ ‫الصلبة عند املسيحيني ما زالت ثابتة وهي عند‬ ‫العامد ميشال عون‪ ،‬لكن عىل الشباب يف التيار‬ ‫الوطني الحر أن يرسعوا يف العمل للحاق بالعامد‬ ‫عون عىل أرض الواقع»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬الرصاع مل يفك مع إرسائيل طاملا‬ ‫جزء من أرض لبنان محتلة‪ ،‬ومع وجود ‪ 500‬ألف‬ ‫فلسطيني يف لبنان‪ ،‬وموضوع السالح يحل‬ ‫عندما يحل موضوع التوطني ولو احتاج إىل مئة‬ ‫عام‪ ،‬ونقاش السالح مضيعة للوقت ويعطيهم‬

‫‪41‬‬

‫خسارة جديدة»‪ .‬وسأل‪« :‬هل سمع الرئيس‬ ‫سليامن يف واشنطن أي كلمة للحل عن القضية‬ ‫الفلسطينية حتى ننزع سالح املقاومة؟ وبعدما‬ ‫خرج ملف الوجود السوري من التداول يف لبنان‬ ‫فتشوا عن مسألة تعطيهم الحياة السياسية‬ ‫واليوم يتاجرون بسالح املقاومة»‪ .‬وأكد أنه «عىل‬ ‫الدولة اللبنانية أن تتعامل بإنسانية مع قضية‬ ‫مكاسب‬ ‫وتعطيهم‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫الالجئني‬ ‫اجتامعية»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬سوريا دخلت لبنان بقرار إقليمي دويل‪،‬‬ ‫ويوم وصل الرئيس بشار األسد إىل الرئاسة كان‬ ‫عدد الجيش السوري يف لبنان ‪ 40‬ألف جندي‪،‬‬ ‫ويوم خرج من لبنان كان عدده ‪ 14‬ألف عسكري»‪.‬‬ ‫أما «استقبال سوريا للرئيس الحريري كان لطي‬ ‫صفحة املايض املؤملة‪ ،‬بعدما شعر الرئيس‬ ‫الحريري أن الفريق املحيط به قد خدعه‪ ،‬كيف ال‬ ‫وهناك عرشات مكاتب الدراسات املضللة يف‬ ‫واشنطن قد أقفلت بعد خروج «جورج بوش»‬ ‫من السلطة‪ ،‬واليوم سعد الحريري أفضل بكثري‬ ‫مام كان عليه يوم ورث والده بعد استشهاده‪ ،‬وال‬ ‫يستأهل بعض نواب تكتل لبنان أوالً الرد عليهم‬ ‫ألنهم ال يعرفون ماذا يجري‪ ،‬وبعضهم بحاجة‬ ‫إىل أطباء للعالج ال االستامع إىل رأيهم‪ ،‬خاص ًة‬ ‫أولئك الذين يهزون ويرتجفون أمام الكامريات‬ ‫وعىل الشاشات يف وقت يتحدث فيه سعد‬ ‫الحريري بإيجابية كبرية‪ ،‬وكل السياق الذي قام‬ ‫به إيجايب وكان لديه شجاعة‪ ،‬ونحن كفريق‬ ‫املعارضة بحاجة أيضا إىل مراجعة نقدية‬ ‫ملسارنا خالل السنوات املاضية»‪ .‬وتابع «عندما‬ ‫تتهدد سوريا تزداد رشاسة ودفاعا عن نفسها‪،‬‬ ‫وعندما ترتاح فإنها تعطي الكثري‪ ،‬وقد أدرك‬ ‫الرئيس الحريري هذه الحقيقة وسيأخذ بالصداقة‬ ‫منها الكثري‪ ،‬لذا ذهب وحده إىل سوريا حتى‬ ‫تكون األمور واضحة وشفافة»‪.‬‬ ‫أما عن زيارة رئيس فرع املعلومات املقدم وسام‬ ‫الحسن إىل دمشق‪ ،‬قال “يبدو أنه قد زار دمشق‪،‬‬ ‫وهو مل يؤذينا عرب فرع املعلومات يف أي وقت يف‬ ‫السابق»‪.‬‬ ‫وكشف أن “الحريري نقل إىل جنبالط رسالة‬ ‫إيجابية من سوريا»‪ .‬وأشار إىل أن «قرار عودة‬ ‫الدروز إىل الحضن السوري الدافئ هو قرار درزي‬ ‫من هيئاتها الروحية والسياسية‪ ،‬ونحن كدروز‬ ‫عشرية وعىل سوريا أن تحتضن كل أعضاء هذه‬ ‫العشرية‪ ،‬والسيد حسن نرص الله سيعمل عىل‬ ‫إمتام زيارة جنبالط إىل دمشق بعد انتهاء مراسم‬ ‫عاشوراء»‪ .‬وختم أن هناك «زوار كرث عىل طريق‬ ‫دمشق ولكن ليسوا من أقلية األقلية‪».‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب لـ «صوت المدى» ‪:‬‬ ‫اللبنانيون ال يستطيعون العيش في عداء مع سوريا‬ ‫أكد رئيس تيار “التوحيد” الوزير األسبق‬ ‫وئام وهاب يف حديث إىل “صوت املدى” أن‬ ‫“تأخر زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إىل‬ ‫سوريا هو بسبب انشغال الرئيس السوري‬ ‫بشار األسد بتلقي التعازي”‪ ،‬مشرياً إىل أنه‬ ‫“ال سبب آخر”‪.‬‬ ‫واعترب وهاب أن “سوريا تستطيع مساعدة‬ ‫الحريري يف مهمته كرئيس حكومة‪ ،‬ولكن‬ ‫ال أعتقد أنها هي من يحتاج إىل الحريري”‪،‬‬ ‫مذكراً أن “سوريا تقوم منذ أشهر إليجاد‬ ‫جو سيايس مستقر يف لبنان”‪ ،‬الفتاً إىل أن‬ ‫“التقارب السوري السعودي ساهم يف تأمني‬ ‫التغطية السياسية لهذا االستقرار إال يف‬ ‫حال حصول أي اعتداء أو تدخل إرسائييل”‪.‬‬ ‫وعن زيارة الحريري إىل دمشق‪ ،‬لفت وهاب إىل‬ ‫أنه “ال يعلم إذا كان الحريري سيذهب بدعوة‬

‫رسمية أو هو من طلب ذلك”‪ ،‬مشدداً عىل‬ ‫أن “هذه التفاصيل ليست مهمة”‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أن “رئيس الحكومة لديه جولة عربية تبدأ‬ ‫من سوريا القادرة عىل املساعدة وعىل إنجاح‬ ‫مهمة الحريري أكرث من غريها”‪.‬‬ ‫وشدد وهاب عىل أن “الثقة التي أعطيت‬ ‫للحكومة هي فرصة أمام الحريري لالستفادة‬ ‫منها لبدء العمل”‪.‬‬ ‫وعن االستنابات القضائية السورية‪ ،‬رأى‬ ‫وهاب أنها “دعوة أناس للمثول أمام القضاء”‪،‬‬ ‫مؤكداً أن “ال علم للقيادة السياسية السورية‬ ‫بهذه االستنابات وهي خارج املوضوع”‪.‬‬ ‫واعترب وهاب أن “زيارة رئيس “اللقاء‬ ‫الدميقراطي” النائب وليد جنبالط لدمشق‬ ‫مرتبطة بزيارة الحريري إليها”‪ ،‬مشرياً إىل‬ ‫أن “هناك بعض الشكليات التي يتم‬

‫معالجتها”‪.‬‬ ‫ورأى وهاب أن “واجب العزاء بشقيق األسد‬ ‫من املمكن أن يشكل مناسبة للكل لزيارة‬ ‫دمشق”‪ ،‬مؤكدا أن “ليس هناك عقبة أمام أحد‬ ‫باملوضوع االجتامعي من زيارتها”‪ ،‬مشدداً عىل‬ ‫أنه “ليس من أخالقيات الرئيس األسد وضع‬ ‫فيتو عىل أحد يف املواضيع االجتامعية”‪.‬‬ ‫وأكد وهاب أن “اللبنانيني ال يستطيعون‬ ‫العيش بعداء مع سوريا”‪ ،‬متمنياً عىل‬ ‫“البعض يف لبنان أن يكون لديهم جرأة‬ ‫املصالحة معها”‪.‬‬ ‫وأكد وهاب أن “ال أحد يعلم إذا ما كان‬ ‫الحريري سيمر بدمشق قبل ذهابه إىل‬ ‫“كوبنهاغن” لتقديم واجب العزاء اىل األسد”‪،‬‬ ‫الفتاً إىل أنه “سمع كالماً بهذا الخصوص يف‬ ‫بريوت”‪.‬‬

‫‪...‬ولـ «الجديد»‪:‬‬ ‫فرضية األصوليني يف اغتيال الرئيس الحريري أضحت أمراً واضحاً‬ ‫كان من خطابات عنيفة كان حفلة جنون نتمنى أال نعود إليها»‪.‬‬ ‫وأردف إن « لكل ظرف كالمه وبحسب الواقع‪ ،‬وخويف يف السابق‬ ‫كان عىل طائفة املوحدين الدروز‪ ،‬والخطأ كان يف التطاول الشخيص‪،‬‬ ‫ومل يذهب سوى جنبالط مذهب االتهامات الشخصية والتدخل يف‬ ‫الشؤون الداخلية السورية ومنها العمل عىل تغيري النظام يف سوريا‪،‬‬ ‫ولكن يحسب لقوى عديدة من فريق ‪ 14‬آذار ومنها حزب الكتائب‬ ‫اللبنانية أنه مل يغيرّ موقفه السيايس تجاه سوريا وحلفائها يف‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكنهم مل يذهبوا بعيداً يف اتهاماتهم وشخصنة املعركة‬ ‫مع القيادة السورية»‪.‬‬ ‫وكشف أن «فرضية األصوليني يف جرمية اغتيال الرئيس رفيق الحريري‬ ‫أضحت أمر ُا واقعاً‪ ،‬وأصبح واضحاً أن مسألة رشيط الفيديو الذي نرش‬ ‫بعد االغتيال عن أبو عدس والذين ذهبوا إىل اسرتاليا أضحى حقيقة‪،‬‬ ‫وأن التحقيق يذهب يف هذا االتجاه»‪.‬‬

‫أكد رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن «اللقاء بني الرئيس بشار األسد‬ ‫والرئيس سعد الحريري كان لقاء ودياً وحمي ً‬ ‫ام‪ ،‬وهو قد حرص بني الرجلني‬ ‫بهدف املصارحة بينهام‪ ،‬ومشهد العام ‪ 2005‬لن يتكرر وقد اختلفت‬ ‫الوقائع حيث يومها كان «جورج بوش» هاج ً‬ ‫ام عىل العامل مع فريقه‬ ‫من املحافظني الجدد يسقطون كل املحرمات‪ ،‬بينام اآلن امريكا منكفئة‬ ‫إىل الداخل بشكل كبري‪ ،‬وتتخبط مبشاكلها التي أغرقت نفسها بها‬ ‫يف العراق وأفغانستان وفلسطني‪ ،‬فحجم سوريا اإلقليمي كبري جداً‪،‬‬ ‫وقد لعب الرئيس األسد لعبة محرتفة جداً وضعت بلده بقوة عىل‬ ‫خريطة املنطقة»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬خالل مقابلة عىل برنامج «للنرش» عىل محطة الجديد‬ ‫مع اإلعالمي طوين خليفة‪ ،‬إن «ما يسمى ‪ 14‬آذار قد انتهت مبعناها‬ ‫السيايس‪ ،‬وأضحت مجموعة من القوى واألحزاب‪ ،‬ومن هنا فإننا أمام‬ ‫مشهد سيايس جديد‪ ،‬وأمتنى أال نعود إىل املايض القريب والبعيد‪ ،‬وما‬

‫‪...‬و لـ «األنباء الكويتية» ‪:‬‬ ‫مؤشرات المصالحة بين الحريري ووهاب‬ ‫دعواه‪.‬‬ ‫وذكرت صحيفة “األنباء” الكويتية إن السؤال اليوم‪ :‬هل إسقاط الدعوى‬ ‫يؤرش إىل مصالحة قريبة بني الحريري ووهاب بعد زيارة رئيس الحكومة إىل‬ ‫دمشق؟!‬

‫أصدرت محكمة املطبوعات يف بريوت أمس األول برئاسة‬ ‫القايض “روك رزق” قرارا قىض بإسقاط دعوى الحق العام عن الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب يف ادعاء رئيس الحكومة سعد الحريري عليه‬ ‫بجرم القدح والذم به‪ ،‬تبعا إلسقاط الحريري الحق الشخيص يف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪42‬‬

‫‪...‬ولـ«‪»syria news‬‬ ‫العالقات بين الحريري وسوريا ستتطور بوقت قياسي‬ ‫مميزة بني البلدين»‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب أن “الزيارة رمبا مل تحمل جدول أعامل وملفات للبحث‪ ،‬إال‬ ‫أنها بال شك زيارة لكرس الجليد والتعارف بني الرئيس األسد والحريري»‪ ،‬معرباً‬ ‫عن اعتقاده أن «العالقات بني الحريري وسورية ستتطور قي وقت قيايس»‪.‬‬

‫اعترب رئيس تيار التوحيد وئام وهاب يف حديث ملوقع «‪»syria news‬‬ ‫االلكرتوين أن «زيارة الحريري إىل دمشق تأيت يف سياق عودة طبيعية‬ ‫للعالقات السورية اللبنانية بعد ‪ 5‬سنوات من املحاوالت األمريكية لزعزعة‬ ‫هذه العالقات»‪ ،‬مشرياً إىل أن «كل يشء يثبت اآلن أنه ال مجال إال لعالقات‬

‫ّ‬ ‫وهاب لـ «القدس العربي»‪:‬‬ ‫األسد سيتجاوب حتماً مع الدروز‪ ..‬والقرار موجود باستقبال جنبالط‬ ‫أكد رئيس ‘تيار التوحيد’ الوزير السابق وئام وهّ اب‪ ،‬وجود قرار سوري‬ ‫باستقبال رئيس اللقاء الدميوقراطي النائب وليد جنبالط وتبقى بعض‬ ‫التفاصيل‪ .‬وقال وهّ اب يف حديث اىل ‘القدس العريب’ هناك قرار بعودة‬ ‫جميع أبناء الطائفة الدرزية اىل حضن الشام‪ ،‬وهذا قرار طائفة بأكملها‪،‬‬ ‫وإن الرئيس بشار األسد سيتجاوب حت ًام مع قرار الطائفة‪ ،‬وكل الكالم‬ ‫اآلخر كالم صحف>‪.‬‬

‫ويأيت موقف الوزير وهاب بعد الحديث عن تأخري زيارة النائب جنبالط إىل‬ ‫دمشق بسبب ترسيبات إعالمية يف بريوت نق ًال عن مصادر سورية تفيد أن‬ ‫مزاج الشارع السوري غري مهيأة بعد الستقبال جنبالط بعد اإلساءات التي‬ ‫وجهها اىل الرئيس األسد يف ذكرى ‪ 14‬شباط‪ ،‬وأن املطلوب محاكاة هذا‬ ‫الشارع من قبل زعيم املختارة من خالل اعتذار أو بالطريقة التي يعرفها رئيس‬ ‫االشرتايك‪.‬‬

‫‪ ...‬ولـ «العالم اإلخبارية»‬ ‫لبنان لم يشعر بالسيادة يوما قبل المقاومة‬ ‫املقاومة موجه للعدو فقط‪ ،‬معترباً أن ترصيحات وزير الخارجية السعودي‬ ‫سعود الفيصل األخرية حول سالح املقاومة مرفوضة وتنم عن قراءة غري‬ ‫واقعية عن الساحة اللبنانية‪ ،‬وترتبط بأجندات سعودية داخلية‪.‬‬ ‫وأعرب وهاب عن أسفه لعدم وجود خطة عربية لدعم املقاومة يف‬ ‫لبنان وفلسطني‪ ،‬مشتغرباً قرار مرص يف بناء جدار عازل مع قطاع غزة‪،‬‬ ‫معتربا ذلك جرمية بحق الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫منتقداً التحريض السعودي ضد إيران عىل خلفية برنامجها النووي‬ ‫السلمي وقال‪ :‬إن القوة اإليرانية هي قوة للمنطقة كلها‪ ،‬بعد أن حملت‬ ‫راية دعم املقاومة التي تنصل منها كل املعنيون بها‪.‬‬

‫اعترب رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن هزمية كيان االحتالل يف عام‬ ‫‪ 2006‬أمام املقاومة اللبنانية أخرجت سالح املقاومة من دائرة حزب‬ ‫الله‪ ،‬وجعلته ملكا للشعب العريب كله‪ ،‬وأعرب عن أسفه لعدم‬ ‫وجود خطة عربية لدعم املقاومة يف لبنان وفلسطني‪ ،‬مؤكداً أن قوة‬ ‫إيران هي قوة لكل املنطقة‪.‬‬ ‫وقال وهاب يف ترصيح خاص ضمن برنامج “مع الحدث” لقناة العامل‬ ‫اإلخبارية‪« :‬إن اتفاقا سياسيا بني السعودية وسوريا‪ ،‬ومبشاركة إيرانية‬ ‫وغربية أدى إىل تهدئة األمور يف لبنان والتوصل إىل تفاهم لتشكيل‬ ‫الحكومة وتحييد بعض األمور املطروحة يف السابق عن بساط البحث‬ ‫والنقاش يف لبنان‪ ،‬وعىل رأسها سالح املقاومة الذي تم االتفاق عىل‬ ‫تعزيزه يف ظل تهديدات حكومة االحتالل»‪ .‬وأضاف‪« :‬إن لبنان مل يشعر‬ ‫بالسيادة يوما قبل املقاومة منذ أن أنشئ كيان االحتالل الذي يواصل منذ‬ ‫اليوم األول اعتداءاته عىل لبنان‪ ،‬حيث قام منذ عام ‪ 1948‬باالعتداء عىل‬ ‫قراه الجنوبية‪ ،‬مشرياً إىل أن اللبنانيني يعتربون سالح املقاومة مصدر‬ ‫عزتهم وكرامتهم»‪.‬‬ ‫واعترب أن الهزمية املدوية لكيان االحتالل يف عام ‪ 2006‬أخرجت سالح‬ ‫املقاومة من دائرة حزب الله‪ ،‬وجعلته ملكا للشعب العريب كله‪ ،‬نافيا أن‬ ‫يكون حزب الله قد استبعد بقية األحزاب اللبنانية من املقاومة حيث‬ ‫قدم الكثري منها شهداء يف سبيل تحرير األرض ضمن عمليات املقاومة‪.‬‬ ‫مضيفاً أنه من الطبيعي أن يفرض سالح املقاومة معادلة خاصة يف‬ ‫الداخل اللبناين‪ ،‬نافيا أن يكون حزب الله قد استخدم سالحه يف الداخل‬ ‫إال ملا تم استهدافه من قبل الحكومة اللبنانية السابقة برئاسة فؤاد‬ ‫السنيورة‪.‬‬ ‫مؤكداً أن التسلح مرفوض يف لبنان جملة وتفصيال‪ ،‬إال أن سالح‬

‫تيار التوحيد‬ ‫يعزي باستشهاد اإلمام الحسين‬ ‫في المستشارية الثقافية اإليرانية‬ ‫زار وفد قيادي من تيار التوحيد ضم أمني رس مجلس‬ ‫األمناء ماهر رسي الدين‪ ،‬أمني التعبئة محمد الصايغ‪ ،‬وأمينة‬ ‫العالقات الدولية فريال أبو ذياب‪ ،‬املستشارية الثقافية اإليرانية‬ ‫يف بريوت حيث التقوا سامحة السيد محمد حسني رئيس‬ ‫زاده وقدموا له التربيك والتعازي بذكرى استشهاد اإلمام‬ ‫الحسني بن عيل‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫تيار التوحيد يزور المرجعيات الدينية مهنئاً باألضحى‬ ‫العريضي‪ :‬لتمتين الوحدة الداخلية في مواجهة األخطار الخارجية‬

‫وهاب يشارك في تشييع جثمان المغفور له‬ ‫مجد حافظ األسد ويق ّدم التعازي للرئيس السوري‬ ‫غ ّيب املوت صباح يوم السبت ‪ 2009/12/12‬مجد األسد شقيق رئيس الجمهورية العربية‬ ‫السورية الدكتور بشار األسد‪ ،‬إثر معاناته من مرض عضال‪ .‬ومجد يف العقد الرابع من العمر‬ ‫حاصل عىل إجازة االقتصاد من جامعة دمشق وهو ثاين أبناء العائلة بعد املرحوم الشهيد‬ ‫باسل األسد‪.‬‬ ‫وقد نعى الرئيس الدكتور بشار األسد شقيقه الذي ووري جثامنه الرثى يف بلدته القرداحة‬ ‫يف محافظة الالذقية حيث كان له مأتم شعبي مهيب‪.‬‬ ‫وقد شاركت وفود سياسية وحزبية وشخصيات لبنانية الرئيس األسد مبصابه‪ ،‬وقد شارك‬ ‫وفد من تيار التوحيد برئاسة الوزير السابق وئام وهاب ‪ ،‬يف مراسم التشييع يف القرداحة وقدم‬ ‫التعازي للرئيس االسد وعائلته‪.‬‬

‫وهاب لـ «ليبانون فايلز»‪:‬‬

‫زيارة جنبالط غير مؤجلة وسيب ّتها الس ّيد نصر هللا بعد عاشوراء‬ ‫الكيمياء سرت بين األسد والحريري‬ ‫نفى رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب ما‬ ‫تردّد عن تأجيل لزيارة رئيس اللقاء الدميوقراطي‬ ‫النائب وليد جنبالط إىل سوريا وقال يف حديث‬ ‫ّ‬ ‫لكل ما‬ ‫صحة‬ ‫إىل موقع «ليبانون فايلز»‪« :‬ال‬ ‫ّ‬ ‫قيل عن تأجيل الزيارة‪ ،‬والصحيح هو ّ‬ ‫أن النائب‬ ‫جنبالط سيزور سوريا‪ ،‬وسوريا من جهتها‬ ‫ستستقبله‪ ،‬لكنّ مثة تفاصيل قليلة عالقة‬ ‫يتم العمل عليها‪ .‬وأعتقد بأن زيارة جنبالط هي‬ ‫ّ‬ ‫موضع إجامع درزي عام وسوريا حت ً‬ ‫ام تأخذ هذا‬ ‫اإلجامع بعني اإلعتبار»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬أعتقد بأن أمني عام “حزب الله” السيد‬ ‫حسن نرص الله قادر عىل إنهاء هذا األمر بعد‬

‫مناسبة ذكرى عاشوراء‪ ،‬وخصوصاً أن النائب‬ ‫جنبالط وضع األمر بني يدي السيد حسن»‪.‬‬ ‫هذا وقرأ وهاب زيارة رئيس الحكومة اللبنانية‬ ‫سعد الحريري إىل دمشق بعني إيجابية معتربا‬ ‫بأنها «األوىل بعد تس ّلمه رئاسة الحكومة ودخوله‬ ‫إىل املعرتك السيايس ولكنّها لن تكون األخرية‬ ‫وستكون زيارات عدة بني لبنان وسوريا‪ ،‬وهذه‬ ‫الزيارة أسست لعالقة جيدة بني البلدين»‪.‬‬ ‫تابع وهاب‪“ :‬لقد أتقن الرئيس الحريري‬ ‫الترصف من خالل محاولته بناء عالقة‬ ‫شخص ّية ج ّيدة مع الرئيس بشار األسد وهو‬ ‫قادر أن يفيد لبنان كثرياً عرب نسج صداقة‬

‫شخص ّية مع الرئيس السوري»‪.‬‬ ‫وعماّ إذا كان من جدول أعامل محدد للزيارة‬ ‫يقول وهاب‪“ :‬مل يكن من جدول أعامل معينّ‬ ‫بل لقاء مصارحة وتعارف‪ ،‬عىل الرغم من أ ّنني‬ ‫تم اإلتيان عىل ذكرها‪ ،‬وقد‬ ‫أعتقد بأن كل األمور ّ‬ ‫بادر الرئيس األسد للحديث يف امللفات كلها‬ ‫وكذلك فعل الرئيس الحريري”‪ .‬وعن االنطباع‬ ‫السوري عن الزيارة قال وهاب‪« :‬ال يحق يل نقل‬ ‫االنطباع السوري لكنني أعترب بأنها زيارة ناجحة‬ ‫يف نظر الطرفني وهذا ما تعكسه األجواء يف‬ ‫سوريا وكذلك أوساط الحريري‪ ،‬ومن الواضح ّ‬ ‫بأن‬ ‫الكيمياء رست بني الطرفني»‪.‬‬

‫زار وفد من تيار التوحيد كال من نائب رئيس‬ ‫املجلس اإلسالمي الشيعي األعىل الشيخ‬ ‫عبد األمري قبالن‪ ،‬ومقر حركة التوحيد‬ ‫اإلسالمي حيث التقى الشيخ عبد النارص‬ ‫جربي والشيخ بالل شعبان ومقر حزب الوالء‬ ‫الوطني برئاسة الحاج محمد عمريات‪ .‬ثم‬ ‫انتقل الوفد يف ثاين أيام العيد لزيارة الشيخ‬ ‫عفيف النابليس رئيس تجمع علامء جبل‬ ‫عامل‪ ،‬وإمام مسجد القدس الشيخ ماهر‬ ‫حمود‪ ،‬ورئيس التنظيم الشعبي النارصي‬ ‫الدكتور أسامة سعد‪ ،‬ورئيس بلدية صيدا‬ ‫الدكتور عبد الرحمن البزري‪.‬‬ ‫ضم الوفد كال من نائب رئيس‬ ‫وقد‬ ‫ّ‬ ‫مجلس األمناء يارس الصفدي‪ ،‬واملستشار‬ ‫السيايس لرئيس التيار عصمت العرييض‪،‬‬ ‫واألعضاء مفيد حمزة‪ ،‬جواد زرقطة‪ ،‬بيار أبو‬ ‫سمرا‪.‬‬ ‫وقد أكد العرييض خالل الجولة عىل‬ ‫أهمية التواصل والحوار ومتتني الوحدة‬ ‫الداخلية وبناء الدولة القوية والقادرة‪،‬‬ ‫والحفاظ عىل سالح املقاومة يف مواجهة‬ ‫األخطار الخارجية واالطامع األجنبية‪،‬‬ ‫الهادفة للسيطرة عىل موارد األمة‬ ‫وثرواتها‪ ،‬ناق ًال متنيات رئيس تيار التوحيد‬ ‫وئام وهاب بأن يأيت العيد القادم وتكون‬ ‫األمة قد استعادت ما تبقى من أراضيها‬ ‫املحتلة واملقدسات الرشيفة‪...‬‬

‫وأسامة سعد‬

‫والشيخ عبد الله الجربي‬

‫برقية تعزية من أمانة اإلعالم‬ ‫في تيار التوحيد‬ ‫بوفاة الرفيق فيصل القنطار‬ ‫أصدر أمني اإلعالم الرفيق هشام األعور برقية تعزية بوفاة الرفيق‬ ‫فيصل القنطار جاء فيها‪:‬‬ ‫تلقينا بأىس نبأ وفاة الرفيق فيصل القنطار عضو الهيئة العامة‬ ‫يف مفوضية راشيا العامة‪ ،‬وبهذه املناسبة األليمة تعبرّ األمانة‬ ‫عن تعازيها الصادقة ومواساتها لرفاقنا يف مفوضية راشيا العامة‬ ‫وإىل جميع مفوضياتها املحلية وعائلة الفقيد‪ ،‬وتدعو الله العيل‬ ‫القدير أن مين عىل الفقيد برحمته الواسعة يسكنه جنة من جناته‬ ‫العىل‪ ،‬ويلهم أهله وذويه ورفاقه الصرب والسلوان‪.‬‬

‫من الشامل املرحوم الرفيق فيصل القنطار يف أحد اللقاءات يف راشيا‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪44‬‬

‫الشيخ النابليس مستقب ًال الوفد‬

‫ورئيس بلدية صيدا‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬ ‫تابعت أمانة اإلعالم يف «تيار التوحيد» التطورات السياسية واألمنية واإلجتامعية‪ ،‬يف لبنان والعامل العريب‪،‬‬ ‫وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السيايس منها‪ ،‬وجاءت عىل الشكل اآليت‪:‬‬

‫استنكار القرار األميركي إدانة ممارسات إسرائيل‬ ‫بحق سعيد نفاع‬ ‫بإعادة محاكمة‬ ‫أدانت أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد الئحة‬ ‫الكوبيين الخمسة االتهام اإلرسائيلية ضد النائب العريب يف‬ ‫ّ‬

‫نستغرب بشدة هذه اإلجراءات التعسفية‬ ‫التي متارسها املحكمة الفيدرالية األمريكية‬ ‫بحق املعتقلني الكوبيني الخمسة يف السجون‬ ‫األمريكية وبدل من أن تسارع املحكمة إىل إطالق‬ ‫رساحهم فورا‪ ،‬عمدت ومن دون إعادة محاكمة‬ ‫إىل إصدار أحكام خفضت مبوجبها وبطريقة‬ ‫استنسابية عقوبة السجن التي كانت فرضتها‬ ‫سابقا عىل املعتقلني‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد تستنكر‬ ‫قرار املحكمة الذي غلب عليه الطابع السيايس‪،‬‬ ‫وتطالب األمانة املجتمع الدويل بالوقوف إىل‬ ‫جانب هؤالء األبطال الخمسة وعائالتهم ‪،‬‬ ‫والتحرك من أجل إطالق رساحهم‪.‬‬

‫تحذير من ممارسات‬ ‫مسؤول أحد األجهزة‬ ‫األمنية‬ ‫بعد أن بلغت املامرسات التي يقوم بها أحد‬ ‫مسؤويل االجهزة األمنية وأقربائه حداً ال يطاق‬ ‫وجدنا أنفسنا مضطرين للتنبيه اىل هذا‬ ‫األمر‪ ،‬ولن نسمي األسامء اليوم لعدة أسباب‬ ‫لكننا وإذا مل تتم املبادرة إىل وضع حد لهذه‬ ‫املامرسات سنسمي األشياء بأسامئها من‬ ‫االبن إىل الشقيق إىل كافة الذين يسيئون إىل‬ ‫املؤسسة املذكورة‪.‬‬ ‫إننا نناشد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة‬ ‫باملبادرة إىل وضع حد لهذا املسؤول وإقالته‬ ‫بشكل رسيع حتى ال تتحول هذه املؤسسة‬ ‫إىل مؤسسة غري قابلة لإلصالح نتيجة هذه‬ ‫املامرسات بعد أن كانت يف فرتة معينة من‬ ‫أفضل مؤسسات الدولة‪ ،‬خاصة وأن الكالم الذي‬ ‫يثار حولها قد يصل أحيانا إىل إساءة ال ميكن أن‬ ‫نقبلها ملراجع أساسية لذا سننبه اليوم‪ ،‬لكننا‬ ‫قريباً سنضع الئحة بأسامء املطاعم واملراقص‬ ‫واملؤسسات التي يجري ابتزازها من قبل هؤالء‬ ‫الناس‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الكنيست اإلرسائييل سعيد نفاع عىل خلفية‬ ‫زيارته لسوريا عام ‪2007‬‬ ‫واعتربت أن مثل هذه اإلجراءات املتمثلة‬ ‫بالعقلية اإلرسائيلية يف محاربة األرض والوطن‬ ‫واإلنسان وإسكات الصوت العريب املقاوم وكل‬ ‫ينم عن سياسة عنرصية تستهدف‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫تشويه النضال السيايس والوطني الذي يقوم‬ ‫به املناضل ن ّفاع ورفاقه‪.‬‬ ‫إن هذه السياسة املشابهة لقوانني “غرينربغ”‪،‬‬ ‫تؤكد عىل حق كل رشيف حر يف مواجهة كل‬ ‫املحاوالت التي متارسها حكومة “نتنياهو” يف‬ ‫تكبيل نشاط أعضاء الكنيست العرب ملنعهم‬ ‫من زيارة دولة مامنعة استطاعت أن تدق أسافني‬ ‫يف نعش الكيان الغاصب املهزوم‪.‬‬

‫موقف سعود الفيصل‬ ‫يتماهى مع أميركا‬ ‫بموضوع «حزب هللا»‬ ‫إن املوقف الالفت لوزير الخارجية السعودي‬ ‫األمري سعود الفيصل لصحيفة “هريالد‬ ‫تربيون” الذي اعترب فيه “أن لبنان لن يصبح‬ ‫سيداً ما دام حزب الله ميتلك أسلحة أكرث من‬ ‫الجيش النظامي‪ .‬وعوضا من أن يقف الفيصل‬ ‫إىل جانب دعم لبنان وشعبه ومقاومته يف‬ ‫الحفاظ عىل أرضه وعرضه‪ .‬جاء هجومه املركز‬ ‫عىل حزب الله ليتامهى مع ما كان قد أعلنه‬ ‫مساعد وزيرة الخارجية األمريكية لشؤون‬ ‫الرشق األوسط “جيفري فيلتامن” الذي متيز‬ ‫بوالئه املطلق واملعلن لـ “إرسائيل” ودعم‬ ‫مشاريعها العدوانية عىل لبنان‪ ،‬بوصفه حزب‬ ‫الله بـ “امليليشيا” مام يثري تساؤالت يف اتجاهات‬ ‫مختلفة حول مؤرشات عن تغيري ما طرأ عىل‬ ‫تفاصيل االتفاق السعودي – السوري الذي سهل‬ ‫يف السابق والدة حكومة الوحدة الوطنية‬ ‫مبباركة الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫إعادة التباين عىل مستوى وجهات النظر حيال‬ ‫منهجية الدفاع عن لبنان املوحد واملقاوم لكل‬

‫‪46‬‬

‫أشكال الهيمنة واالحتالل‪.‬‬ ‫وما ميكن تسجيله هنا والتأكيد عليه هو‬ ‫أن املقاومة التي تناولها هذا األمري وصب‬ ‫جام غضبه عليها‪ ،‬هي مصدر كرامتنا وعزتنا‬ ‫كلبنانيني‪ ،‬والطريق الوحيد لخروج لبنان من‬ ‫الفتنة الداخلية ومنع وقوعه مجدداً يف أتون‬ ‫الحرب األهلية‪ ،‬ولسنا بحاجة إىل رأي األمري‬ ‫الذي عليه أن يهتم بأموره قبل أن يهتم بقضايا‬ ‫أخرى‪ .‬كام أننا نستغرب تحريضه العامل عىل‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية التي وقفت إىل‬ ‫جانب قضايانا يف لبنان وفلسطني عندما‬ ‫تخىل األمري وأمثاله عن ذلك وتساءلت األمانة‪:‬‬ ‫هل موقف األمري منسجم مع موقف قيادته‬ ‫التي ساهمت يف الوصول إىل االستقرار التي‬ ‫تشهده الساحة اللبنانية حالياً؟ أم أن األمري‬ ‫الذي بدأ يفقد نفوذه الداخيل أراد أن يسجل‬ ‫حضوراً يف قضايا أخرى فخرج مبثل هذا‬ ‫الترصيح‪.‬‬

‫وتنبّه من الحملة‬ ‫على القاضي غانم‬ ‫الحملة السياسية التي يشنها‬ ‫ونبهت من‬ ‫البعض بحق القايض كلود غانم‪ ،‬املشهود له‬ ‫بالنزاهة والرتفع والتقيد بأحكام القوانني‪،‬‬ ‫ومن الحملة الشعواء التي تحاول االنتقاص من‬ ‫القايض املنزّه عن الشبهة واملحاباة والفساد‪،‬‬ ‫وندعو مجلس القضاء األعىل بالتدخل مبارشة‬ ‫لوضع حد أمام التعدي الذي يتعرض له‬ ‫القايض غانم من خالل تسلل فساد السياسة‬ ‫إىل الجسم القضايئ حفاظا عىل استمرارية‬ ‫املجلس واستقالله عن التدخالت السياسية‬ ‫وضامن فاعليته‪.‬‬

‫إدانة كالم كوشنير‬ ‫وترحيب بزيارة المر‬ ‫إلى الجنوب‬ ‫اعتاد اللبنانيون بني الحني واآلخر عىل سامع‬ ‫األسطوانة الغربية املعتادة يف الهجوم عىل‬

‫سالح املقاومة والتي كان آخرها ما صدر عن‬ ‫وزير الخارجية الفرنسية «برنار كوشنري» عندما‬ ‫اعترب أن سالح حزب الله عقبة أمام محاوالت‬ ‫استئناف املفاوضات السورية اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫إن امانة اإلعالم يف تيار التوحيد تدين هذا‬ ‫املوقف الصادر عن الدبلوماسية الفرنسية‬ ‫التي تحاول إعادة لبنان إىل املرحلة السابقة‬ ‫يف االنقسامات السياسية بني فئاته التي‬ ‫ارتضت مؤخراً فيام بينها عىل تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية أقرت برشعية املقاومة‬ ‫للدفاع عن لبنان ضد أي هجوم إرسائييل‪،‬‬ ‫كام يرفض تيار التوحيد االنحياز الوقح الذي‬ ‫أظهره «كوشنري» وشكل فضيحة ألنه‬ ‫يغطي السبب الحقيقي لعدم االستقرار يف‬ ‫لبنان واملنطقة املتمثل باستمرار االحتالل‬ ‫والخروقات والعدوان اإلرسائييل‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬أشاد تيار التوحيد باملوقف‬ ‫املسؤول لوزير الدفاع الوطني الياس املر أثناء‬ ‫زيارته إىل الجنوب برفقة قائد الجيش العامد‬ ‫جان قهوجي خصوصا لجهة تأكيده عىل دور‬ ‫الجيش الباسل يف رد أي اعتداء إرسائييل‪،‬‬ ‫وتأكيده عىل التمسك بكامل بنود البيان‬ ‫الوزاري وتحديدا التزامه بالفقرة املتعلقة‬ ‫باملقاومة‪ ،‬ألن معادلة الجيش واملقاومة هي‬ ‫التي حفظت لبنان يف السابق‪ ،‬وهي السد‬ ‫املنيع يف مواجهة التهديدات اإلرسائيلية‬ ‫املتكررة من الشعب اللبناين‪ .‬وتكراراً ملواقفه‬ ‫الثابتة‪ ،‬يؤكد تيار التوحيد عىل أهمية‬ ‫ومحورية الدور املركزي للجيش اللبناين يف‬ ‫الوطن وعىل مناقبيته‪ ،‬قادة وضباطاً وأفراد‪،‬‬ ‫والوقوف إىل جانبه يف ترسيخ عقيدته‬ ‫القتالية ودعم مهامه عىل كل املستويات‪،‬‬ ‫متمنني عىل الحكومة الجديدة أن تأخذ بعني‬ ‫االعتبار حاجات الجيش‪ ،‬وأن تعمل عىل تأمني‬ ‫كل ما يلزمه لوجستياً ومعنوياً يك يستطيع‬ ‫استكامل مسريته املرشفة‪.‬‬

‫تيار التوحيد‬ ‫لمن يراهن على ضربة‬ ‫اسرائيلية للبنان‪:‬‬ ‫البادئ سيكون اظلم‬ ‫عقد املكتب السيايس يف تيار التوحيد‬ ‫اجتامعا برئاسة رئيس التيار الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب وناقش االوضاع العامة واصدر البيان‬ ‫التايل‪:‬‬ ‫اوالً‪ّ :‬مثن املكتب الزيارة الهامة التي قام‬

‫بها سعد الحريري اىل الشام‪ ،‬واالجواء التي‬ ‫تلتها‪ ،‬خاصة ما طرحه رئيس الحكومة لجهة‬ ‫بناء الثقة بني لبنان وسوريا وطريقة معالجة‬ ‫القضايا العالقة بروح االخوة بعيداً عن املزايدات‬ ‫الرخيصة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬توقف املكتب امام الجوقة الدولية‬ ‫االقليمية التي عادت للرتكيز عىل موضوع‬ ‫سالح املقاومة والتي قرعت اجراسها يف‬ ‫واشنطن وبدأنا نسمع صداها يف لبنان‪ .‬ويبدو‬ ‫واضحاً ان هذه الجوقة تلقت امر عمليات جديد‬ ‫دفعها لتحريك هذا امللف مجدداً‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬ان الكالم الذي سمعه رئيس الجمهورية‬ ‫يف واشنطن والذي ر ّد عليه يف مؤمتره الصحفي‬ ‫يدفعنا اىل تعزيز املقاومة وسالحها الن‬ ‫االمركيني بدوا واضحني بأنهم ارسى السياسة‬ ‫االرسائيلية تجاه لبنان واملنطقة‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬ان رهان البعض عىل رضبة ارسائيلية‬ ‫للبنان سيخيب وسيدفع االرسائيليون مثناً‬ ‫كبرياً اذا حاولوا االعتداء علينا وعندها لن نلتزم‬ ‫بأية خطوط حمر الن البادئ سيكون اظلم‪.‬‬

‫أمانة اإلعالم في ذكرى‬ ‫العدوان على غ ّزة ‪:‬‬ ‫حصار ظالم بتواطؤ عربي‬ ‫ومباركة أميركية‬ ‫األوىل للعدوان‬ ‫الذي أدى إىل‬ ‫فلسطيني وتهجري‬ ‫من ستة آالف‬

‫إنها الذكرى السنوية‬ ‫اإلرسائييل عىل قطاع غزّة‬ ‫استشهاد أكرث من ‪1400‬‬ ‫مئة ألف بعد تدمري أكرث‬ ‫منزل‪.‬‬ ‫الصامد‬ ‫القطاع‬ ‫وأهايل‬ ‫مضت‬ ‫سنة‬ ‫يحتفلون بذكرى صمودهم األسطوري وهم‬ ‫ال يزالون تحت حصار ظامل تفرضه “إرسائيل”‬ ‫بتواطؤ عريب ومباركة أمريكية‪.‬‬ ‫إن الصمت الرسمي العريب حيال املأساة‬ ‫اإلنسانية يف القطاع ساهم يف دفع “إرسائيل”‬ ‫للتامدي يف الحصار‪ ،‬وما نشهده اليوم من بناء‬ ‫ملا يسمى “ السور املرصي “ الفوالذي هو محاولة‬ ‫بائسة لعزل غزّة عن عمقها العريب املقاوم‪،‬‬ ‫وتجويع أطفالها وأيتامها‪.‬‬

‫وبهذه املناسبة تهنئ أمانة اإلعالم أهلنا‬ ‫الغزاويني بالصمود األسطوري ونشد عىل أيدي‬ ‫املقاومني يف وجه آلة الحرب الرببرية اإلرسائيلية‬ ‫التي لن تثنيهم عن امليض قدماً يف معركة‬ ‫حفظ كرامة العرب وعزتهم‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫أمانة اإلعالم في تيار‬ ‫التوحيد تدين العمل‬ ‫اإلرهابي على حماس‬ ‫يف الوقت الذي كنا نؤكد فيه عىل حقنا‬ ‫يف الوقوف إىل جانب أهلنا يف فلسطني‬ ‫املحتلة بكل اإلمكانات املتاحة لنا‪ ،‬حفاظا‬ ‫عىل مرشوع املقاومة واملامنعة يف األمة‪،‬‬ ‫توقفت أمانة اإلعالم عند عملية التفجري‬ ‫التي استهدفت مقر حركة “حامس” يف‬ ‫حارة حريك وسقوط شهيدين وجرح ‪ 7‬آخرين‪،‬‬ ‫واعتبار هذا االنفجار مبثابة العمل اإلرهايب‬ ‫الذي يضاف إىل مسلسل العمليات اإلرهابية‬ ‫السابقة للنيل من أمن لبنان واستقراره‬ ‫ووحدة شعبه‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم تستنكر هذا العمل اإلرهايب‬ ‫وتدعو إىل الوقوف صفاً واحداً إىل جانب‬ ‫إخواننا يف حركة حامس بوجه كل املحاوالت‬ ‫الرامية إىل النيل من وحدة اللبنانيني وسعيهم‬ ‫لتحقيق آمالهم يف االستقرار‪ ،‬كام تطالب‬ ‫األجهزة املختصة إىل املسارعة يف الكشف عن‬ ‫مالبسات الحادث‪.‬‬

‫تيار التوحيد ‪ :‬الحملة‬ ‫على سالح المقاومة‬ ‫تخدم العدو وأهدافه‬ ‫توقفت “أمانة اإلعالم” يف “تيار التوحيد”‬ ‫عند الحملة املركزة عىل املقاومة وسالحها‪،‬‬ ‫وعىل ما ورد حول البيان الوزاري من قبل أقلية‬ ‫األقلية يف املجلس النيايب‪ ،‬وأكدت عىل األمور‬ ‫الثالثة التالية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬إن الحملة عىل املقاومة وسالحها ترتب‬ ‫نتائج قانونية عىل من يقوم بها‪ ،‬لذا عىل‬ ‫النيابات العامة أن تتحرك باستدعاء الذين‬ ‫يقفون وراء الحملة وكشف خلفياتهم ألنهم‬ ‫يثبطون الروح الوطنية عند املواطنني ويروجون‬ ‫لدعاية تخدم العدو وتلتقي مع منطقه‬ ‫وأهدافه‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن املقاومة ليست بحاجة ملن يدافع‬ ‫عنها وليست يف موقع الدفاع عن النفس ألنها‬ ‫تعطي الرشعية الوطنية لكل من يقرتب منها‬ ‫وليست بحاجة لرشعية من أحد‪.‬‬ ‫طعن ما ال قيمة له‪ ،‬ال‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن ما يحىك عن‬ ‫ٍ‬ ‫دستورية وال قانونية وال حتى سياسية بل هو‬ ‫من باب املزايدات السياسية‪.‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وفد من تيار التوحيد‬ ‫يزور مرجعيات‬ ‫روحية مسيحية‬

‫ضم املستشار السيايس لرئيس التيار عصمت العرييض‪ ،‬وجواد زرقطة‬ ‫جال وفد من تيار التوحيد ّ‬ ‫وبيار أيب سمرا عىل املرجعيات الروحية املسيحية حيث زاروا سيادة مطران الروم األرثوذكس جورج‬ ‫خرض‪ ،‬سيادة مطران الروم الكاثوليك جورج صليبا وراعي أبرشية بريوت املارونية سيادة املطران بولس‬ ‫مطر لتقديم التهنئة بعيدي امليالد ورأس السنة‪.‬‬ ‫وخالل الجولة أكد العرييض عىل دور املسيحيني يف املرشق العريب لتثبيت مقتضيات العيش‬ ‫املشرتك والحفاظ عىل السلم األهيل‪.‬‬

‫إدارة مدرسة الجاهلية الرسمية‬ ‫تك ّرم األستاذ حمد أبو ذياب لمناسبة إحالته على التقاعد‬

‫أمانة اإلعالم تشارك في حوار حول االقتصاد السياسي اللبناني‬ ‫وقد حرض اللقاء إىل جانب الرؤساء حسني الحسيني والدكتور‬ ‫سليم الحص حشد من السياسيني وممثيل األحزاب واألجهزة األمنية‬ ‫واالقتصاديني وعدد من املهتمني واملتابعني‪.‬‬ ‫وذلك يف املقر الرئييس لحزب الحوار الوطني الكائن يف بريوت – رأس‬ ‫النبع ‪.‬‬

‫شارك أمني اإلعالم يف تيار التوحيد هشام األعور يف اللقاء‬ ‫الحواري الذي دعا إليه منتدى الحوار يف حزب الحوار الوطني تحت‬ ‫عنوان االقتصاد السيايس اللبناين “كيفية االنتقال من االقتصاد‬ ‫الريعي إىل االقتصاد اإلنتاجي” مع معايل الوزير الدكتور جورج‬ ‫قرم ‪.‬‬

‫مدير املدرسة يقدم درعاً للمكرم‬

‫‪ ...‬وأمانة الداخلية في األعمال التحضيرية‬ ‫للملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة‬ ‫والذي تخلله طرح مرشوع جدول أعامل تضمن عرض ورقة‬ ‫عمل امللتقى التي أقرتها اللجنة التحضريية والتحضريات‬ ‫الجارية‪.‬‬ ‫إضافة إىل تشكيل لجنة متابعة مصغرة‪.‬‬

‫يف ضوء التحضريات النعقاد امللتقى العريب الدويل لدعم‬ ‫املقاومة يف ‪ 15‬و ‪ 17‬كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2010‬يف بريوت‪ ،‬شارك نائب‬ ‫رئيس مجلس األمناء يارس الصفدي يف أعامل لجنة لبنان التحضريية‬ ‫للملتقى العريب الدويل لدعم املقاومة‪.‬‬

‫‪ ...‬وأمانة العالقات الخارجية في ندوة سياسية‬ ‫حارض فيها مستشار الرئيس الرتيك السيد «أرشد‬ ‫التوجهات الجديدة للسياسة‬ ‫هرموزلو» رشح خاللها‬ ‫ّ‬ ‫وتوجهها نحو الرشق‪ ،‬ودعمها للقضية‬ ‫الخارجية الرتكية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬

‫حرضت مسؤولة العالقات الخارجية يف تيار التوحيد السيدة فريال‬ ‫أبو ذياب ندوة سياسية أقامها املركز االستشاري للدراسات والتوثيق‬ ‫«التوجهات الجديدة للسياسة‬ ‫يف فندق «كورال بيتش» بعنوان‬ ‫ّ‬ ‫الخارجية لرتكيا»‪،‬‬

‫‪ ...‬وعشاء في سفارة االكوادور‬ ‫أقام القنصل يف سفارة االكوادور السيد كرم ضومط عشاءاً العالقات الخارجية يف تيار التوحيد السيدة فريال ابو ذياب ممثلة‬ ‫عىل رشف وزير الدولة يف االكوادور سعادة الدكتور «غوستافو رئيس التيار الوزير وئام وهاب‪.‬‬ ‫جلخ» يف فندق «الجفينور‪ -‬روتانا» يف بريوت‪ .‬حرضته مسؤولة‬

‫‪...‬ومفوضية المناصف تحيي عيد األضحى المبارك بحفل عشاء‬ ‫مبناسبة عيد األضحى املبارك ‪ ،‬أقام تيار التوحيد – مفوضية‬ ‫املناصف‪ /‬الشوف‪ ،‬حفل عشاء ساهر حرضه إىل جانب نائب رئيس‬ ‫التيار الرفيق سليامن الصايغ مدير مكتب الرئيس الرفيق عصمت‬ ‫العرييض‪ ،‬ونائب رئيس مجلس األمناء الرفيق يارس الصفدي‪ ،‬وعضو‬ ‫املكتب السيايس الرفيق رمزي وهاب إىل جانب األمناء الرفاق‪ :‬أمني‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫رس مجلس األمناء ماهر رسي الدين‪ ،‬أمينة الشؤون القانونية كارين‬ ‫نصار‪ ،‬أمني اإلعالم والثقافة هشام األعور‪ ،‬أمني التخطيط لؤي بو دياب‪،‬‬ ‫أمني املالية ماهر وهاب‪ ،‬أمني العمل والنقابات وائل صعب باإلضافة‬ ‫إىل مفويض مناطق الشوف وهيئاتهم اإلدارية وعدداً من املنتسبني‬ ‫واملنارصين للتيار‪ ،‬وذلك يف مطعم “ يازو” ملتقى النهرين ‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫جانب من الحضور‬

‫ك ّرمت إدارة مدرسة الجاهلية الرسمية‬ ‫والهيئة التعليمية فيها زميلهم األستاذ‬ ‫الشيخ حمد أبو ذياب مبناسبة إنهاء خدماته‬ ‫يف املدرسة وإحالته عىل التقاعد يف احتفالٍ‬ ‫كب ٍري شارك فيه ممثل الوزير وئام وهاب السيد‬ ‫بهاء عبد الخالق ورئيس بلدية الجاهلية أمني‬ ‫أبو ذياب وأعضاء املجلس البلدي واملختار عز‬ ‫الدين أبو ذياب وأعضاء الهيئة اإلختيارية‬ ‫والهيئات التعليمية والرتبوية واالقتصادية‬ ‫والفكرية بحضور املفتشة الرتبوية السيدة‬ ‫مي مرشاد‪ ،‬وقد م ّثل املنطقة الرتبوية يف‬ ‫جبل لبنان األستاذ سلامن نرص حيث ألقى‬ ‫كلمة باملناسبة‪ ،‬كام كان للهيئة التعليمية‬ ‫يف املدرسة كلمة ألقاها األستاذ محمد أبو‬ ‫ناصيف‪ ،‬وكلمة للمحتفى به األستاذ حمد أبو‬ ‫ذياب‪ ،‬وألقى مدير املدرسة الرفيق يوسف ابو‬ ‫ذياب كلمة باملناسبة جاء فيها‪:‬‬ ‫إن املحتفى بتكرميه اليوم هو األخ‪ ،‬والصديق‪،‬‬ ‫والزميل‪ ،‬والرفيق‪ ،‬والحليم‪ ،‬والجليس‪ ،‬والنديم‪،‬‬ ‫الشيخ حمد أبو ذياب الذي ش ّكل عىل مدى‬ ‫أربعني عاماً حالة تربوية وأخالقية مميزة‪ ،‬وتحلىّ‬ ‫ّ‬ ‫وظل مجاهداً من اللحظة‬ ‫بالصرب واملروءة‬ ‫األوىل‪.‬‬ ‫فأنت أيها املعلم املعطاء‪ ،‬أنت يا شيخ حمد‪،‬‬ ‫آمنت وال زلت تؤمن بالدور الطليعي للعلم‬ ‫والرتبية يف حياة املجتمعات‪ ،‬إليك أيها الزميل‬ ‫الحبيب ألف تحية‪ ،‬وألف شكر ‪ ،‬وألف تقدير‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫في مأتم شعبي مهيب وحشد من المشايخ وبحضور وهاب‬

‫الجاهلية تودع أحد رجاالتها‬ ‫ذوقان أبو ذياب (أبو أكرم)‬ ‫مآقي من دموع األىس مجرحة‪ ،‬صدور من‬ ‫غاممات الحزن متعبة‪ ،‬لقد رحل أبو أكرم‪ ،‬فبىك‬ ‫جفن الضحى وغزى عتم الليل بيوت الجاهلية‬ ‫التي أبت أن تنكس أو تتداعى إىل اليأس والقنوط‪،‬‬ ‫فجذبت بشموخها وأنفتها أبناء التوحيد من كل‬ ‫ناحية وصوب‪ ،‬ليشدوا من عزمها وليطمئنوها‬ ‫بأن الرفيق أبا أكرم الذي ترجل عىل غفلة من‬ ‫الزمن قد ش ّد للكثريين من األهل واألصدقاء‬ ‫والرفاق خيول الرفعة والقدوة مبثله ومحبته‬ ‫ومحبة الناس له ولقيمه‪.‬‬ ‫عم ٌر قد انقىض يف ذلك اليوم املهيب الذي‬ ‫وقف فيه التوحيديون يبكون رفيقهم الغايل‪،‬‬ ‫شاكني ظلم القدر فصل ّوا عىل جثامنه الطاهر‬ ‫رافعني األكف كأغصان السنديان طالبني من‬ ‫الله الرحمة والغفران‪ ،‬وإسكانه فسيح الجنان‪.‬‬ ‫غفا أبو أكرم يف عني تراب الجاهلية عىل حلم‬ ‫أن تطول أعشاب البيدر لتحمي الغلة الوفرية‪،‬‬ ‫وعىل حلم أن يكرب الصغار يك يكونوا رافدا‬ ‫للتوحيد ‪.‬‬ ‫وألن الكلامت مع الكبري تظل كبرية‪ ،‬فام‬ ‫قيل يف وداع‪ ‬أيب أكرم كان صهرا ملعادن مثينة‬ ‫يف قدر اللغة الالمحدود التي متردت عىل املوت‬ ‫والقدر‪ ،‬وما قال عنه رفيقه الرئيس وئام وهاب إنمّ ا‬ ‫رصع بها صدر الجاهلية وجبني الجبل‬ ‫قالئد فريدة ّ‬ ‫الذي ما انحنى لغاصب أو طامع‪.‬‬ ‫لقد شيعت بلدة الجاهلية يف الشوف املرحوم‬ ‫ذوقان ابو ذياب يف حضور رئيس تيار التوحيد الوزير‬ ‫وئام وهاب وقيادة التيار وأعضائه وحشد شعبي‬ ‫من أبناء الجبل وحضور عدد كبري من مشايخ‬ ‫الطائفة الدرزية يتقدمهم الشيخ املرجع ابو‬ ‫عيل سليامن ابو ذياب حيث أقيم للفقيد مأتم‬ ‫مهيب القيت فيه كلامت اشادت مبزابا الراحل‪.‬‬

‫كلمة منري أبو ذياب‬ ‫والقى كلمة التعريف منري أبو ذياب فقال‪:‬‬ ‫الخلق وودائع الله أرضه واملوت عدل يف بريته‪،‬‬ ‫وفيه اسرتداد وديعته‪ ،‬وما لنا إال الرىض والتسليم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪50‬‬

‫ألمر العزيز الحكيم‪.‬‬ ‫زين الشباب أبا أكرم‬ ‫كذا جملت قنديل موتك ورحلت‪ ،‬يع ّز علينا‬ ‫رحيلك والدار تليق بعد ملحياك‪.‬‬ ‫اليوم تبكيك الجاهلية وتندبك أرضها وسامؤها‪،‬‬ ‫قد اكتىس موتك صدور األهل واملحبني‪ ،‬واغتسلت‬ ‫القلوب باألىس خلف الشهفة الراحلة‪.‬‬ ‫يا حبيباً م ّر من واحتنا‬ ‫نضجه للشجر الضامئ ريٌّ‬ ‫الح يف األفق رشاعاً وانطوى‬ ‫سني‬ ‫مثلام يعربنا برق ُ‬ ‫حسب هاتيك العطايا أنها‬ ‫سخي‬ ‫سنة أرضعها جرح ُّ‬ ‫رشف السيف أن ُيسل وأنت سيف ُس ّل‬ ‫تسري بنا األقدار فرتسم الخط البياين ملسرية‬ ‫حياتنا‪ ،‬وقد تضيق بنا أرض فنخلع إغفاءنا يك منر‪،‬‬ ‫ففي ريعان الشباب تنكب ذوقان عب املسؤولية‬ ‫كلمة رئيس الرابطة األدبية‬ ‫ودخل حلبة الرصاع إال وتجند له كاملنظور عن‬ ‫االجتامعية‬ ‫العطاء‪ ،‬كالسيف الشجاع‪ ،‬كم ّوال يف رجة‬ ‫مجداف‪ ،‬فمنذ أن تأسست الرابطة األدبية‬ ‫والقى رئيس الرابطة األدبية االجتامعية‬ ‫االجتامعية الخريية وهو من املواسني إىل أن سال‬ ‫دم الحسني يف عري الشمس‪ ،‬يف مقلع التضحية‪ .‬ومدير مدرسة الجاهلية األستاذ يوسف أبو‬ ‫واكب أبو أكرم مسرية البذل والعطاء فكان عىل ذياب كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫ ‬ ‫ه ّال عرفتم عىل األعواد من حملوا‬ ‫سوية الحدث الجلل بعزمية األشاوس والعنادل‬ ‫إذا جهلتم فأهل املكرمات سلوا‬ ‫األماجد‪ ،‬فازداد إرصارا وراح يشحذ الهمم كتلك‬ ‫ ‬ ‫هذا الذي عمت الدنيا مكارمه‬ ‫التي كانت تشحذ السيوف يف البرصة‪ ،‬وكان‬ ‫للسيف للضيف فهو املطعم البطل‬ ‫بيته ملتقى الغيارا الذين تعاقدوا فاستجاب لهم ‬ ‫أيها املعزون الكرام‬ ‫القدر‪ ،‬ورغم قساوة املرض بقي كامللدوغ من حبه‬ ‫من منكم ال يعرف املرحوم ذوقان أبو ذياب‪ ،‬ابن‬ ‫واجب إال وانربى إليه‬ ‫لبيئته ومجتمعه فام من‬ ‫ِ‬ ‫إىل أن أصبحت عيونه مغمضة وجناحه جريحة‪ ،‬شهيد املروءة والواجب املرحوم الشيخ حسني ابو‬ ‫أتعبه النداء والتربيح‪ ،‬ناداه رسب عابر وغادرته ذياب الذي قىض يف الخطوة األوىل ملرشوع بناء‬ ‫املدرسة منذ ثالثني سنة ون ّيف حني وقف أبو أكرم‬ ‫الريح‪ ،‬دعوه يف غفوته البيضاء يسرتيح‪.‬‬ ‫ما أذكره ولن أنساه يوم هوى الوالد فوق الصخور بجرأته املعهودة قائ ًال‪« :‬دم أيب‪ ،‬فداء ألبناء بلديت‪،‬‬ ‫وكم كان يشبه قساوتها وعروقها يف سبيل رشط أن تبنى املدرسة»‪ ،‬فكان له ما أراد وشيدت‬ ‫الخري‪ ،‬ذهبنا إىل الجنوب ويف كحل الليل كنا نطرق‬ ‫األبواب بحثاً عنك‪ ،‬كلهم كانوا يعرفونك يف تلك‬ ‫القرى والدساكر‪ ،‬إىل أن حظينا بك يف «عيرتون»‬ ‫فنهضت عاقد الحاجبني ومل تنبس بكلمة‪ ،‬وألنك‬ ‫كنت تخبئ يف جوانحك قلباً أطرا من شيوخ‬ ‫الزنبق تساقطت دموعك وكأنك عرفت الرس‬ ‫فبىك جميع من كان يف البيت كباراً وصغاراً‪.‬‬ ‫فهناك يف الجنوب عرفتك حقول التبغ وبيادر‬ ‫العدس ومروج السنابل فكنت ألصحابها‬ ‫صديقاً صدوقاً معيناً لهم يف غفلة من قساوة‬ ‫السلطة‪ ،‬فكنت تفىض الطرق عن زرعهم ألنه‬ ‫مصدر رزقهم وغالل حياتهم‪ ،‬فأحبك الجنوبيون‬ ‫ألنك ابن األرض الخصيبة وابن الجاهلية‪.‬‬ ‫موت ليك تعرف أنا توأمان‪ ..‬كان ال‬ ‫كان ال بد من ٍ‬ ‫بد من ريح ليك نسكن جذع السنديان‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫املدرسة مبواكبته وتحت إرشافه‪.‬‬ ‫يا أبا اكرم‪ ،‬أيها الفارس بإقدامك‪ ،‬والغزير‬ ‫بعطائك‪ ،‬والشجاع برأيك والكبري بكرمك‬ ‫والضعيف بإساءتك‪.‬ففيك يصح القول‪:‬‬ ‫رضبت عليه املكرومات قبا ُبها ‬ ‫األطناب‬ ‫فعال العمودُ‪ ...‬وطالت‬ ‫ُ‬ ‫كنت يف الريجي موظفاً من الطراز األول مثابراً‬ ‫مداوماً‪ ،‬تأيت عملك غادياً‪ ،‬وكنت إنساناً خلوقاً‬ ‫محباً ومحبوباً من زمالئك وعارفيك حملت‬ ‫امليزان متساوي الكفتني بني املؤسسة واملزارعني‬ ‫الكادحني أثناء قيامك بعملك وواجبك‪ ،‬فام‬ ‫طاغ‪ ...‬وال حنيت رأسك ملتسلط أو زعيم‪،‬‬ ‫خش ّيت ٍ‬ ‫سخرت من الذين كانوا يأتون إليك باألتاوة تارة‪،‬‬ ‫وبهرتهم شارة وزجرتهم عارضة وبياناً‪ ،‬هدفك‬ ‫الكسب الحالل‪ ،‬ومحبة الناس املخلصني‪.‬‬ ‫وكام يف الوظيفة الحكومية كنت يف‬ ‫الوظيفة األهلية واالجتامعية ناشطاً مقداماً‪،‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬ ‫ال سيام أنك تسلمت رئاسة الرابطة ردحاً من‬ ‫الزمن أثبت خاللها كفاءة عالية‪ ،‬بحكمتك‬ ‫يف التعامل‪ ،‬ونصحك يف املودة‪ ،‬وإخالصك يف‬ ‫القول والعمل‪ ،‬وسخائك يف الضيافة‪ ،‬وإغاثتك‬ ‫للملهوف والعاثر‪ ،‬ثابرت عىل العمل االجتامعي‬ ‫دون كلل أو ملل حتى اجتلدت اإلناء وما كدت‬ ‫ترتوي فكنت للرابطة أماً وأباً ومرجعاً يحتذى‪.‬‬ ‫فلنئ بكيناك يا أبا أكرم إمنا نبيك فيك املروءة‬ ‫نبيك فيك الصدق واملعرش الحسن‬ ‫نبيك فيك النخوة العربية األصيلة‬ ‫لقد ظلمناك يا أبا أكرم نحن معرش الرابطة‬ ‫ومل نفك حقك يف التكريم ونعرتف بتقصرينا‪ ،‬ألن‬ ‫التكريم ع ٌز يف الحياة ورحمة يف املامت‪ ،‬ومل نكن‬ ‫نعلم بأن املرض سيلوي ذراعك بهذه الرسعة‬ ‫وأنت عىل آخر خشب ٍة من مرسح الحياة‪.‬‬ ‫فيا رفيق الدرب‬ ‫نودعك كام يودعك أكرم اآليت عىل جناح‬ ‫وجوم‪ ،‬وعىل‬ ‫الرسعة من اسرتاليا‪ ،‬وعىل الوجوه‬ ‫ٌ‬ ‫الشفاه صمت‪ ...‬ويف العيون دموعٌ ‪ ،‬ويف الكلامت‬ ‫ٌ‬ ‫غصة ووجع‪ ...‬صوتك يرن يف اآلذان‪ :‬أ ْك َرم‪ ،‬أ ْك َرم‪...‬‬ ‫أ ْك ِر ْم من واساك وال تدع الضعف يشل قدميك‪،‬‬ ‫وال تنىس الوصية‪ ،‬طيفك يا أبا أكرم يرحل بني‬ ‫املساء والغيوم ويسيل رذاذاً وندى‪ ،‬محبتك باقية‬ ‫يف األلباب واألفئدة‪ ،‬وذك ُر َك باقٍ ما بقيت املدرسة‬ ‫وما بقي هذا الرصح‪.‬‬ ‫رحمك الله يا أبا أكرم وأسكنك يف جنة‬ ‫تجري من تحتها األنهار وألهم أهلك وذويك الصرب‬ ‫والسلوان‪.‬‬

‫أصدقاء الفقيد‬

‫أصدقاء‬

‫والقى كلمة‬ ‫العياص قال فيها ‪:‬‬ ‫اللهم ن ّور عقولنا وقلوبنا إلدراك الحق‪ ،‬واشدد‬ ‫عزامئنا للجهر به‪ ،‬واجعلنا من األوفياء ألصحاب‬ ‫الفضل‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الفقيد‬

‫األستاذ‬

‫نبيه‬

‫بعض الناس يرحلون من هذه الدنيا إمنا يرتكون‬ ‫دو ّياً يف سمع الزمن يقوي اإلرادة‪ ،‬ويشد العزمية‪،‬‬ ‫وفقيدنا واحد من هؤالء‪.‬‬ ‫نعرتف بأننا مل نف فقيدنا حقه يف حياته‪،‬‬ ‫نوجه إليه كتاب‬ ‫فال أقمنا له حف ًال تكرميياً‪ ،‬ومل ّ‬ ‫شكر أو تقدير ألنه كان ميتعض من الثناء‪ ،‬ويعشق‬ ‫العمل‪ ،‬ويقل الكالم‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫أما يف هذه اللحظة‪ ،‬فيقتضينا الواجب والوفاء‬ ‫واإلنصاف متوسلني من الله‪ ،‬أن يقدرنا عىل قول‬ ‫كلمة حق مقرونة بالوقائع يف يوم وداعه‪.‬‬ ‫لقد كان أبو أكرم فارساً يف ميدان العمل‬ ‫االجتامعي‪ ،‬ما هدأ صهيل جواده‪ ،‬وال ك ّلت ‪ ‬إرادته‪،‬‬ ‫وال وهنت عزميته‪ ،‬التصق بقضايا الناس ودخل‬ ‫قلب املسألة االجتامعية فكان مجلياً فيها‪،‬‬

‫كان كرمياً سخياً كام السيوف الصقيلة‪ ،‬ودوداً‬ ‫يف عرشته‪ ،‬ح ّول منزله إىل منتدى للنشاط‬ ‫االجتامعي‪ ،‬وال بد يف هذا املقام أن نتذكر معاّ‬ ‫واقعتني أو محطتني مضيئتني تربز بعض بصامته‬ ‫يف سجل النشاطات االجتامعية لبلدتنا وعىل‬ ‫مدى أكرث من ربع قرن من الزمن‪.‬‬ ‫األوىل‪ :‬يوم استشهد والده الشيخ أبو ذوقان وهو‬ ‫يضع الركائز األوىل ملرشوع بناء مدرسة الجاهلية‪،‬‬ ‫يومها وقف أبو أكرم ويف غمرة الحزن‪ ،‬وقف كاألسد‬ ‫الجريح ليقول‪ »:‬إن دماء والدي هي فداء ألبناء‬ ‫الجاهلية‪ ،‬واعتربه شهيد هذا املرشوع وعزايئ‬ ‫وطلبي الوحيد هو أن نستكمل ما بدأه والدي»‪.‬‬ ‫وبالفعل انطلق يف مقدمة كوكبه من شباب‬ ‫الرابطة‪ ،‬مقدماً وقته وبعض ماله‪ ،‬وخربته‬ ‫االجتامعية حتى تم إنجاز ذاك الرصح الرتبوي الذي‬ ‫شكل عام ًال مه ًام يف تحقيق مرشوع بناء بيت‬ ‫البلدة الذي نستظله اليوم‪.‬‬ ‫واملأثرة الثانية‪ :‬عندما قدّم مبلغاً من املال‬ ‫الستكامل ما تبقى من مثن األرض ملرشوع بيت‬ ‫البلدة‪ ،‬وكان قد استدانه من املرصف إلقامة فرح‬ ‫ولده الوحيد أكرم العائد من املهجر حيث كان‬ ‫موعده بعد ثالثة أسابيع من ذلك التاريخ‪ ،‬مفض ًال‬ ‫تأجيل أو إلغاء فرح ولده يك تصبح قطعة األرض‬ ‫ملكاً ألبناء البلدة‪.‬‬ ‫وبعون الله تعاىل الذي مل يرتك عبده أكرم‬ ‫منه‪ ،‬متكنّا من تأمني املبلغ وإعادته إليه يف املهلة‬ ‫املحددة فكان للرابطة الوفاء ألصحاب األرض وكان‬ ‫عرس ولده أكرم يف موعده‪.‬‬ ‫وتابع فقيدنا مسرية العمل االجتامعي جاداً‬ ‫مواظباً رغم تقدمه يف السن حتى أجربه املرض‬ ‫عىل مالزمة منزله‪ ،‬ولكن مل مينعه ذلك ‪ ‬من‬ ‫مواكبة العمل بعقله وقلبه ودعمه املعنوي‬ ‫واملادي يف اللحظات الحرجة‪.‬‬ ‫واسمحوا يل أن أخاطب أبا أكرم رفيق الدرب‬ ‫الطويل قائ ًال له‪ :‬مهام خفت صوتك سيظل‬ ‫مدوياً يف آذاننا‪ ،‬ألنه مض ّمخ بطيب النخوة‬ ‫واملروءة‪ ،‬وعابق بربكات التضحية والعطاء‪ ،‬وبقدر‬ ‫ما يفنيك ترابك تبقيك قلوبنا‪( ،‬فافن ما شئت‬ ‫لنبقيك ما تشاء‪ ،‬تويل أنت وحدك وال يشء ومام‬ ‫ويقيم الكثري‪ ‬عندنا من‬ ‫يف مشاعرنا الحرار)‬ ‫تضحياتك فنزله يف األحداق واألعامق‪ ،‬فالذي‬ ‫مات هو نحن فيك والذي عاش هو أنت فينا‪ ،‬فيا‬ ‫ليتنا بعد الجوار الحبيب بيننا وبينك مسافة شوق‬ ‫ال مسافة فراق‪ ،‬ولو كان ذلك من دنياك عمراً‬ ‫فقط‪ ،‬أللحدناك يف النسوة العجىل‪ ،‬لكن عمرك‬ ‫غري (بضوع) النهار وحلوك الليل‪ ،‬إمنا هو‪ ‬دفق من‬ ‫عطاء ونبل‪ ‬يف املواقف‪ ،‬وإذا كان يف املستقبل‬ ‫من سجل للعمل االجتامعي يف بلدتنا‪ ،‬فلسوف‬ ‫يتصدر اسمك وسريتك أوىل صفحاته‪ ،‬فمنها‬ ‫نشحذ الهمم‪ ،‬ومن عزميتك نستمد القوة ومن‬ ‫شجاعتك وإقدامك نقهر الصعاب‪.‬‬ ‫وإن كنا جميعاً نشعر بفداحة الخسارة‪ ،‬إال‬ ‫أنه ال يسعنا إال أن نتقدم من أرستك وأقاربك‬ ‫وأصدقائك وأعضاء الرابطة االجتامعية بأحر‬

‫التعازي سائلني الله عز ّوجل أن يلهمهم الصرب‬ ‫والسلوان‪ ،‬ويسكنك فسيح جنانه‪.‬‬

‫رئيس البلدية أمني أبو ذياب‬ ‫والقى رئيس البلدية أمني أبو ذياب كلمة جاء‬ ‫فيها ‪:‬‬

‫‪53‬‬

‫أريث قريباً إنه أقرب مني إىل نفيس‬ ‫أريث صديقاً إنه أصدق األصدقاء‬ ‫أريث أخاً إنه أعز األخوة‬ ‫أريث أبا أكرم إنه أبو الكرم وأكرم الكرماء‬ ‫إنها مشيئة الله وما عىل املرء إال أن يرىض بها‬ ‫ويسلم‬ ‫ّ‬ ‫نلتف اليوم بعباءة الحزن واألىس‪ ،‬أن‬ ‫قدرنا أن‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬ ‫فإن غبت عنا جسداً فروحك باقية يف قلوبنا‬ ‫كحبة قمح ستمأل مروجنا بسنابل الخري‬ ‫والعطاء‪ ،‬أو كشجرة زيتون متأل خوابينا باألمان‬ ‫واالطمئنان‪.‬‬ ‫وإذا رحلت الزهور يوماً فشذاها سيبقى فواحاً‬ ‫يف أفالك الطبيعة واملجتمع‪.‬‬

‫أهل الفقيد‬

‫وتغص مجاري قلوبنا‪ ،‬ونلتوي‬ ‫تحرتق مآقي عيوننا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أسفاً‪ ،‬عىل رجل ارتوت نفسه من صهيل املروءة‬ ‫والكرم والكرامة‪ ،‬فغدا مقداماً أب ّياً يف ميادين‬ ‫بلدتنا الفيحاء‪ ،‬وقلباً نابضاً باملحبة والخري والعطاء‪،‬‬ ‫إال وهو املرحوم أبو أكرم ذوقان حسني أبو ذياب‪،‬‬ ‫فيا أخي أبا أكرم‬ ‫يا شقيقاً كرمياً لكل إنسان ت ّعرف إليك‪ ،‬يا‬ ‫صديقاً وفياً لكل من أعطاك قلبه‪ ،‬وم ّد إليك يد‬ ‫املحبة والصداقة‪،‬‬ ‫يا أكرم الرجال يف ساحات الرشف واإلباء‬ ‫والعىل‪ ،‬فغري كثري ع ّ‬ ‫يل أن أبكيك هنا اليوم وكل‬ ‫يوم‪ ،‬ألنك تناولت من يد املرحوم والدك شعلة‬ ‫التضحية‪ ،‬عندما سقط شهيداً وهو يؤسس‬ ‫لألجيال مدرسة العلم والثقافة والحضارة‪ ،‬ألنك‬ ‫اعتربت شهادته نرباساً للعمل الخريي‪ ،‬ألنك‬ ‫سلكت طريقه‪ ،‬ونذرت نفسك مثله ألبناء بلدتك‬ ‫يك يصبحوا ميامني يف بناء املجتمع والوطن‪.‬‬ ‫لقد ترأست الرابطة االجتامعية الخريية يف‬ ‫بلدتنا الجاهلية‪ ،‬وبذلت مع رفاق لك كل جهد‬ ‫لبناء مدرسة ألبناء البلدة‪.‬‬ ‫وبعد أن تحقق هذا املرشوع‪ ،‬انتقل حلمك‬ ‫مع الخريين والواعني من أبناء البلدة إىل تحقيق‬ ‫مرشوع آخر أال وهو بناء بيت ‪ ‬البلدة تقام فيه‬ ‫األفراح واألتراح‪ ،‬وها هو بيت البلدة يضمك بني‬ ‫جناحيه مفتخراً ومعتزاً بك وبكل من أسهم يف‬ ‫استكامله وإعالء شأنه‪.‬‬ ‫وبكل صدق وشفافية أقول‪ :‬إن املرحوم أبا أكرم‬ ‫كان مثاالً وقدوة يف التضحية والعطاء‪ ،‬فكثرياً‬ ‫ما كان يحرم نفسه وعائلته من هناء العيش‬ ‫ليقدمه هباء من كل قلبه إىل العمل االجتامعي‪،‬‬ ‫وما وقعت مشكلة يف البلدة إال وتدخل مصلحاً‬ ‫من غري تفريق أو متييز‪ ،‬وما نبغ شاب يف بلدتنا إال‬ ‫ووقف إىل جانبه وشجعه‪ ،‬وحضه عىل العمل‬ ‫من أجل خري هذه البلدة ورفعتها‪.‬‬ ‫قىض حياته مقداماً يف العمل االجتامعي‬ ‫الخريي‪ ،‬وأطبق جفنيه حاملاً بوطن يسوده العلم‬ ‫والعدل واملساواة‪ ،‬بعيداً عن الطائفية واملناكفات‬ ‫الحزبية الضيقة‪.‬‬ ‫رحامت الله عليك يا أبا أكرم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أهل الفقيد األستاذ نضال أبو‬

‫والقى كلمة‬ ‫ذياب جاء فيها ‪:‬‬ ‫ال أدعي متثيل أهل الفقيد‪ ،‬أنتم أهل الفقيد ‪،‬‬ ‫فاملدرسة الرسمية يف الجاهلية هي أهل الفقيد‪،‬‬ ‫وطالبها يف املايض والحارض واملستقبل هم أهل‬ ‫الفقيد‪.‬‬ ‫هذا الرصح الضيعوي الكبري محج الناس يف‬ ‫أفراحهم وأتراحهم هو أهل الفقيد‪.‬‬ ‫أيها املشيعون ال يسعني إال أن أشد عىل‬ ‫صحة قول زماليئ الذين سبقوين يف الكالم‬ ‫عن مساهمة أيب أكرم يف بناء مدرسة الجاهلية‬ ‫الرسمية وبناء بيت القرية حيث الفقيد املسجى‬ ‫ذوقان ابن ايب ذوقان زارع العلم وحاصد الثناء‬ ‫واملعروف‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬مأتم أيب أكرم له نكهة خاصة ألن‬ ‫شخصية الفقيد لها نكهة خاصة‪ ،‬طيب‬ ‫الخلق واألخالق تجده يف أيب أكرم‪ ،‬كرم النفس‬ ‫وحسن الذوق‪ ،‬تجده يف أيب أكرم‪ ،‬محبة االهل‬ ‫تجدها يف أيب اكرم‪ .‬كل الصفات الحميدة تجدها‬ ‫عند أيب أكرم‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك بني الفقيد‬ ‫عالقات حسن جوار مع جرياننا وإخواننا يف القرى‬ ‫املسيحية صادقهم وصادقوه‪ ،‬أحبهم وأحبوه‪،‬‬ ‫وجاؤوا يوم مامته وبكوه‪.‬‬ ‫أخرياً أشكر كل من واسانا يف ‪ ‬مصابنا‪ ،‬وندعو‬ ‫للجميع بطول العمر والعيش الرغيد‪ ،‬ونطلب‬ ‫لعائلة الفقيد الصرب عىل قضاء الله‪ .‬‬ ‫والقى الشاعر طليع حمدان قصيدة رىث فيها‬ ‫الفقيد‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫في رحيل‬ ‫الرفيق ابي ‪ ‬أكرم ‪:‬‬ ‫يف ذلك اليوم ‪ ،‬وفوق بلدة الجاهلية‬ ‫الشوفية طاف قلمي يلملم غصة‬ ‫وحزنا كاويا‪ ،‬ويجدف بالحروف املستحيلة‬ ‫عماّ يختلج يف القلب من نزف جرح غري‬ ‫ملتئم‪ ،‬بفقدان رفيقنا الكبري أيب أكرم‬ ‫ذوقان بوذياب‪ ،‬الذي استعجل الرحيل‬ ‫ملبيا دعوة الحق إىل دنيا األبدية ‪.‬‬ ‫كان القدوة‪ ،‬وكان األخ والرفيق ‪.‬‬ ‫كان سيد املوقف‪ ،‬وصاحب القرار‬ ‫الحر ‪.‬‬ ‫كان من بني الذين انكبوا عىل العمل‬ ‫االجتامعي‪ ‬بصمت املتحسس بأوجاع‬ ‫قريته وهواجس أهلها‪ ،‬فلم تهن إرادته‬ ‫يوما ومل تكل عزميته‪ ،‬بل انصب بكل‬ ‫جدية وجهد‪ ،‬عىل تأدية الرسالة التي‬ ‫نذر نفسه ألجلها ‪.‬‬ ‫وإذ باأليام تناديه بالتنايئ‪،‬‬ ‫فل ّبى الدعوة مؤمنا بحكم السامء‪،‬‬ ‫تاركا يف عرين بيته بصامت مرشقة‬ ‫تشكل عربة لنا ولألجيال القادمة يف‬ ‫مجال العمل االجتامعي واالستقامة‬ ‫والنزاهة والجرأة ونكران الذات والتفاين‬ ‫يف أداء الواجب‪.‬‬ ‫لقد رحل الرفيق أبو أكرم عن هذه‬ ‫الدنيا إىل جوار ربه‪ ،‬حيث الطأمنينة‬ ‫والسكينة تاركا وراءه نار األشواق تزداد‬ ‫يف مدفأة الحب‪ ،‬وعرفانا بالجميل لوفائه‬ ‫يف زمن الشدائد واملحن‪.‬‬ ‫وبهذه املناسبة األليمة‪ ،‬تتوجه أمانة‬ ‫اإلعالم يف تيار التوحيد إىل عائلة‬ ‫الفقيد‪ ،‬وإىل رفاقه يف التيار وأصدقائه‬ ‫بأعمق التضامن والتعزية واملواساة‪،‬‬ ‫سائلني الله عز وجل‪ ‬أن يتغمد روحه‬ ‫الطاهرة بواسع رحمته‪ ،‬وأن مينّ عىل‬ ‫األهل والرفاق بطول العمر وجميل‬ ‫الصرب والسلوان ‪.‬‬

‫أمني اإلعالم ‪ :‬هشام األعور‬

‫وهاب لموقع شوكوماكو‪ :‬أتخوف من التسريبات األميركية عن لبنان‬ ‫يصعب محادثة رئيس “تيار التوحيد”الوزير‬ ‫اللبناين األسبق وئام وهاب دون «تشويش» ومرات‬ ‫من املقاطعة‪ ،‬بني رنني هاتفيه النقال واألريض‪،‬‬ ‫وطرق الزوار عىل الباب دون مواعيد‪ ،‬وهو يرص‬ ‫ويرفض تغيري منط حياته الذي أضحى مرهقاً‪ ،‬وال‬ ‫ينىس بذلك إال أن ميرر الرسائل امام الجميع «يا‬ ‫شباب نحن نواجه اإلقطاع والتقليد البايل فكيف‬ ‫نضع حواجز أمام األهل واألصدقاء واملراجعني»‪،‬‬ ‫وهو يتابع من الصباح الباكر عىل كل «الجبهات»‪،‬‬ ‫وال ينىس مناقشة عدد كبري من مقاالت الصحف‬ ‫يومياً مع كتابها أو األصدقاء‪ ،‬هذا عدا عن زياراته‬ ‫ونشاطاته خارج املكتب‪ ،‬فريق العمل إىل جانبه‬ ‫دائم الشكوى والتذمر من الضغط واملالحقة‬ ‫والسهر واملتابعة‪ ،‬وهو ال يهدأ «يا أخي ما زلت يف‬ ‫سن الشباب (‪ 45‬عاماً) وعيل أن أستغل كل لحظة‬ ‫إلنجاز املرشوع الحلم وهو الخروج من آتون الواقع‬ ‫الذي فرض علينا منذ قرون‪ ،‬وأنا مل أولد وبفمي‬ ‫ملعقة من ذهب‪ ،‬ومل أرث عن أهيل إال مشاعر‬ ‫الوطنية واالنتامء واألخالق الحميدة‪ ،‬وذلك ميكن‬ ‫ترجمته عىل أرض الواقع بالعمل الدؤوب والجاد‬ ‫إلنجاز ما كان يعتقده كثريون أنه مستحيل»‪.‬‬

‫منعنا انجراف طائفتنا وراء‬ ‫املرشوع األمرييك اإلرسائييل‬ ‫هكذا وبكل بساطة يدخل إىل صلب القضايا‬ ‫السياسية والعناوين التي يطرحها دامئاً ليتشارك‬ ‫بها مع الجميع «لقد نجح مرشوعنا السيايس‪،‬‬ ‫الوطني والقومي‪ ،‬عىل مستوى كل املنطقة يف‬ ‫مواجهة املشاريع االستعامرية املتجددة دوماً‪،‬‬ ‫وبأوجه مختلفة وتحت عناوين تتناسب وكل عرص‪،‬‬ ‫إمنا مرشوع نهب ثروات شعوب األرض عام ًة واحتالل‬ ‫منطقتنا العربية والسيطرة عليها خاص ًة وهي‬ ‫تحوي يف باطنها عصب ورشيان الحياة الصناعية‬ ‫الغربية‪ ،‬ونحن نعترب أنفسنا قد ساهمنا يف‬ ‫جزء من هذه النهضة العربية واإلسالمية العامة‬ ‫عندما منعنا انجراف طائفتنا بالكامل باتجاه‬ ‫املرشوع األمرييك اإلرسائييل‪ ،‬أما اليوم فإن‬ ‫جميع القوى قد عادوا اىل مواقعهم الطبيعية‬ ‫التي تعترب بوصلتها يف كل اتجاه مقاوم ورافض‬ ‫للمشاريع االستعامرية اىل جانب سوريا ودورها‬ ‫املحوري يف املنطقة‪ ،‬وما ييل ذلك من رصاع بني‬ ‫القيادات السياسية فإنها تبقى يف إطارها املحيل‬ ‫غري الخطر اسرتاتيجياً عىل الطائفة الدرزية يف‬ ‫لبنان وسوريا وفلسطني واألردن»‪.‬‬

‫ما خص به األسد الحريري‬ ‫موجه للبنان ‪ ..‬كل لبنان‬ ‫ونعود معه اىل تقييم زيارة الرئيس سعد‬

‫الحريري اىل دمشق‪ ،‬والحفاوة الالفته التي لقيها‬ ‫من الرئيس بشار االسد‪ ،‬يرد وهاب بإسهاب‬ ‫عن “جرأة الرئيس الحريري باتخاذه قرار الزيارة‪،‬‬ ‫وهي التي ستمثل تحوالً ونقطة فصل يف تاريخ‬ ‫العالقات بني الشعبني والبلدين وبداية مرحلة‬ ‫جديدة‪ ،‬خاص ًة بعد ان مارست قوى محلية ودولية‬ ‫عديدة التحريض عىل الزيارة وبناء عالقات جيدة‬ ‫بني الفريقني‪ .‬إن تعكري صفو العالقات بني بلدينا‬ ‫ترض بالدرجة األوىل لبنان‪ ،‬ويكون املقصود بذلك‬ ‫أن يؤخذ لبنان إىل العزل ومن ثم باتجاه الصلح‬ ‫املنفرد مع لبنان‪ ،‬ويصبح خنجراً يف الخارصة‬ ‫السورية والعربية»‪ .‬ويؤكد أن «القوى اللبنانية‬ ‫الوطنية تعول عىل هذه الزيارة‪ ،‬ونعترب أن ما خص‬ ‫به الرئيس األسد الرئيس الحريري هو موجه اىل‬ ‫لبنان‪ ،‬وسوريا تقف اىل جانب أشقائها العرب من‬ ‫لبنان اىل فلسطني والعراق وكل االقطار العربية‬ ‫الشقيقة‪ ،‬ونحن سنعمل قدر إمكانياتنا مساعدة‬ ‫الحريري عىل النجاح بخطواته‪ ،‬وقد فتحت القوى‬ ‫اللبنانية األساسية صفحة جديدة‪.‬‬

‫املمكن أن يسلح الجيش اللبناين و»إرسائيل»عىل‬ ‫حدودنا‪ ،‬وأنها من املمكن أن تساعدنا فع ًال‪ ،‬كام‬ ‫راهنت األنظمة العربية عىل التسوية ودخلت‬ ‫منظمة التحرير يف هذا اإلطار اعتقاداً منها‬ ‫بأن باب املفاوضات هو السبيل الستعادة الحقوق‬ ‫املرشوعة‪ ،‬وها هو أبو مازن يصل إىل نفس النتيجة‬ ‫التي وصل إليها قبله يارس عرفات‪».‬أوسلو» لن‬ ‫تصل إىل الحل العادل للقضية‪ ،‬وال بد لنا من‬ ‫طرح القضية بشكل موضوعي وبناء‪ ،‬إذ أنه ومنذ‬ ‫بدء التفاوض بعد مؤمتر الخرطوم بدأ االنحدار يف‬ ‫سقف نقاط التفاوض‪ ،‬وبات الوضع العريب يف‬ ‫حالة ترشذم وانقسام‪ ،‬لكن فعل املقاومة كان‬ ‫الشعلة املضيئة‪ ،‬التي ساهمت يف عودة الروح‬ ‫لألمة‪ .‬وما أخذ بالقوة ال يسرتد بغري القوة والرصاع‬ ‫مع «إرسائيل» ليس رصاع حدود وترسيم قطاعات‬ ‫وضفاف‪ ،‬بل هو رصاع عقائدي يندرج من تعاليم‬ ‫واستنادات دينية لديهم تحدد دولتهم من الفرات‬ ‫إىل النيل‪ ،‬إنه رصاع بدأ يأخذ بعده باإلميان والجهاد‬ ‫السرتجاع الحقوق املغتصبة وها هي «إرسائيل»‬ ‫اليوم تقف عاجز ًة عن خوض مغامرات تدرك سلفاً‬ ‫أنها ستؤدي بها إىل الهالك سواء يف الداخل‬ ‫الفلسطيني أو عىل لبنان‪ ،‬أو عىل أي من األقطار‬ ‫العربية»‪.‬‬

‫وقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري يبدو أن نتائج‬ ‫التحقيق تؤكد أن سوريا خارج االتهام والتحقيقات‬ ‫تشري إىل أن األصوليني وراء االغتيال»‪.‬‬ ‫وعن دور سوريا يف املرحلة املقبلة يقول “إن دورها‬ ‫كان دامئاً إىل جانب كل اللبنانيني دون متييز‪ ،‬وضد‬ ‫سياسة عزل اي فئة او فريق‪ ،‬وذلك يبدو واضحاً‬ ‫من خالل دورها يف الفرتة األخرية وتوج دورها يف‬ ‫املساهمة يف تشكيل حكومة وحدة وطنية‬ ‫لبنانية»‪ .‬ويرفض بشكل قاطع وعصبي الحديث عن‬ ‫«وصف مرحلة وجود الجيش السوري يف لبنان بأنها‬ ‫مرحلة سوداء أو سيئة‪ ،‬وكيف ميكن تقييم املرحلة‬ ‫من خالل ترصفات بعض العسكر أو األجهزة عىل‬ ‫مستوى فردي‪ ،‬يف وقت ساهمت سوريا يومها يف‬ ‫إعادة وحدة لبنان ومنعت التقسيم ووحدت الجيش‬ ‫واملؤسسات»‪ .‬وإن «مثل هذا الكالم فيه الكثري‬ ‫من الظلم واملغالطة التاريخية وهذه مرحلة مرت‬ ‫منذ بضع سنوات وما زلنا نذكرها جيداً‪ .‬وبدالً‬ ‫من ذلك علينا أن نعمل عىل إجراء قراءة متأنية‬ ‫وعلمية لكيفية تطوير وتعميق العالقات الثنائية‬ ‫ونحن يف عرص التكتالت الكربى‪ ،‬واملثال األورويب‬ ‫خري دليل كيف تجاوز حروباً بني دوله كلفته ماليني‬ ‫الضحايا ونحن نصطنع الحدود الوهمية بيننا»‪.‬‬ ‫ويكرر بقلق هاجسه من «الترسيبات التي تأتينا‬ ‫من أمريكا‪ ،‬حول توجهات يف اإلدارة ناحية العودة‬ ‫إىل الهجوم عىل املنطقة‪ ،‬ورمبا مل يتعلموا مام‬ ‫أصاب مرشوع املجنون «جورج بوش»‪ ،‬وما زال بعض‬ ‫االغبياء لدينا هنا يف لبنان يظن أن األمرييك من‬

‫األكرثية مصطلح مل يعد موجودا‬ ‫إال يف «مانشيتات» النهار التي‬ ‫يكتبها موظف مأجور‬

‫نتائج التحقيق تشري إىل جهات‬ ‫إسالمية وراء اغتيال الحريري‬

‫‪55‬‬

‫وأشار إىل أن “مصطلح األكرثية يف مجلس‬ ‫النواب اللبناين مل يعد موجوداً إال يف مصطلحات‬ ‫و»مانشيت» صحيفة «النهار» اللبنانية والذي‬ ‫يكتبها أحد املوظفني املأجورين‪ ،‬ويتحدث بعضهم‬ ‫عن القرارات الدولية‪ ،‬وكأن القرارات الدولية نفذتها‬ ‫«إرسائيل»‪ .‬نحن خارج التفكري بتنفيذ قرارات مثل‬ ‫‪ 1559‬ألننا خارج هذا املوضوع‪ ،‬والقرار ‪1559‬مات‬ ‫وانتهى وهو غري موجود ونحن غري معنيني به‪،‬‬ ‫واملطلوب من لبنان بعدما يصبح يف مجلس األمن‬ ‫العمل عىل تنفيذ كل القرارات لتحرير فلسطني‬ ‫وأولها القرار ‪ 194‬الذي يتحدث عن عودة الالجئني‬ ‫الفلسطينيني إىل ممتلكاتهم وقراهم‪ ،‬أما مسألة‬ ‫سالح املقاومة فإنها خارج النقاش واملسألة‬ ‫طويلة جداً وتستمر رمبا ملئة عام حتى تحل املسألة‬ ‫الفلسطينية قبل الحديث عن ما يسمى القرارات‬ ‫الدولية نريد حقنا العريب والقومي»‪.‬‬ ‫ويعود للتأكيد يف الختام إن «أزمة لبنان‬ ‫والعامل العريب تتمثل بالطائفية السياسية التي‬ ‫تستغلها قوى الغرب للتفرقة بني فئات شعبنا‪،‬‬ ‫ولن يكون هناك تقدم وترق إال عرب تجاوز هذه‬ ‫القضية إىل رحاب املواطنية التي تحمي املواطن‬ ‫بكرامته وحقه يف العيش الكريم»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب رأي‬

‫قراءة في الوثيقة السياسية لحزب هللا‬ ‫يقتيض بالرضورة “إنهاء كل األجواء السلبية التي شابت عالقات البلدين يف‬ ‫السنوات القليلة املاضية والعودة بهذه العالقات إىل وضعها الطبيعي يف‬ ‫أرسع وقت ممكن”‪ .‬فضال عن دعوة الوثيقة اىل أهمية التعاون مع إيران اإلسالم‬ ‫باعتبارها “دول ًة مركزي ًة مهم ًة يف العامل اإلسالمي‪ ،‬فهي التي أسقطت بثورتها‬ ‫نظام الشاه ومشاريعه الصهيونية ـ األمريكية‪ ،‬ودعمت حركات املقاومة يف‬ ‫منطقتنا‪ ،‬ووقفت بشجاعة وتصميم اىل جانب القضايا العربية واإلسالمية‬ ‫وعىل رأسها القضية الفلسطينية‪ ،‬القضية املركزية ُ‬ ‫األوىل واألهم للعرب‬ ‫واملسلمني”‪ ،‬حفاظا عىل حقوق الشعب الفلسطيني يف مواجهة الخطط‬ ‫واملشاريع التهويدية التي متارسها “إرسائيل” التي تتمثل بطرد الفلسطينيني‬ ‫“ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم وإحاطتها بأحياء يهودية وأحزمة وكتل‬ ‫استيطانية وخنقها بجدار الفصل العنرصي‪ ،‬باإلضافة إىل املساعي األمريكية‬ ‫ـ اإلرسائيلية املتواصلة لتكريسها عاصم ًة أبدي ًة للكيان الصهيوين باعرتاف‬ ‫دُو ّيل‪ ،‬كلها إجراءات عدوانية مرفوضة ومدانة”‪ .‬إضافة إىل اعتداءاتها املتكررة‬ ‫عىل املقدسات واألماكن الدينية ومن بينها “االعتداءات الخطرية املتواصلة‬ ‫واملتكررة عىل املسجد األقىص املبارك وما ين َّفذ يف نطاقه من حفريات وما ُي َع ّد‬ ‫من خطط لتدمريه”‪ ،‬ما يشكل بحسب الوثيقة “خطراً جدياً وحقيقياً يهدد‬ ‫وجودَه وبقاءه و ُينذر بتداعيات خطرية عىل املنطقة بأرسها”‪ ،‬لذلك اعتربت ّ‬ ‫“أن‬ ‫واجب‬ ‫واجب ُنرصة القدس وتحريرها والدفاع عن املسجد األقىص وحاميته‪ ،‬هو‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ومسؤولية إنسانية وأخالقية يف عنق كل ح ّر ورشيف من أبناء أمتنا‬ ‫ديني‬ ‫العربية واإلسالمية وكل أحرار ورشفاء العامل‪».‬‬ ‫ويف االتجاه املوازي دعت الوثيقة اىل رفض منطق التسوية واالتفاقات التي‬ ‫أنتجها مسار مدريد التفاويض عرب «اتفاق وادي عربة» وملحقاته و«اتفاق‬ ‫أوسلو» وملحقاته ومن قبلهام «اتفاق كامب ديفيد» وملحقاته‪ ،‬ملصلحة‬ ‫العودة إحياء لجهود التنسيق العريب الرسمي تحت وطأة الضغط الشعبي”‪،‬‬ ‫ولذلك قال السيد نرص الله‪“ :‬لقد كان موقفنا وال يزال وسيبقى موقفا ثابتاً‬ ‫ودامئاً ونهائياً‪ ،‬غري خاضع للرتاجع أو املساومة‪ ،‬حتى لو اعرتف العامل ُكله‬ ‫بـ”إرسائيل”‪ ،‬وأضاف‪“ :‬من هذا املنطلق ومن موقع األخ ّوة واملسؤولية والحرص‪،‬‬ ‫فإننا ندعو املسؤولني العرب إىل أن يلتزموا خيارات شعوبهم عرب إعادة النظر‬ ‫بالخيار التفاويض وإجراء مراجعة لنتائج االتفاقات املو َّقعة مع العدو الصهيوين‪،‬‬ ‫والتخيل الحاسم والنهايئ عن عملية التسوية الوهمية الظاملة املسماّ ة‬ ‫زوراً وبهتاناً “عملية السالم”‪ ،‬ال سيام ّأن َمن راهنوا عىل دور لإلدارة األمريكية‬ ‫املتعاقبة كرشيك ووسيط نزيه وعادل يف هذه العملية‪ ،‬قد عاينوا مبا ال يقبل‬ ‫الشك أنها خذلتهم‪ ،‬ومارست عليهم الضغط واالبتزاز‪ ،‬وأظهرت العداء‬ ‫لشعوبهم وقضاياهم ومصالحهم‪ ،‬وانحازت بشكل كامل وسافر إىل جانب‬ ‫حليفها االسرتاتيجي الكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫هذا أبرز ما جاءت تطرحه الوثيقة السياسية لحزب الله يف محاولة لبلورة‬ ‫معامل خط سيايس لحزب مقاوم عريض يحمل عىل كاهله مرشوع النهوض‬ ‫العريب واإلسالمي يف القرن الواحد والعرشين‪.‬‬ ‫ولكن إذا كان جزءا ال بأس به من مكونات هذه الوثيقة قد حدد اتجاه البوصلة‬ ‫ورسم الخطوط العريضة لدليل عمل ووضع األسس التي ميكن أن يتم البناء‬ ‫عليها‪ ،‬وألن هذا هو املقصود‪ ،‬يصبح تساؤلنا مرشوعاً عن عدم تطرق الوثيقة‬ ‫اىل عدد من القضايا املفصلية املطروحة يف خضم حوارات عامة أو خاصة‬ ‫دارت من حولها األقالم خالل السنوات املنرصمة‪ .‬ومن بني هذه املواضيع الوضع‬ ‫االقتصادي واملعييش للمواطن‪ ،‬ومسألة العروبة اللذان يعتربان من صلب‬ ‫اهتاممات تيار التوحيد‪.‬‬ ‫فلام كان حزب الله يشكل الصوت املدوي‪ ،‬إىل جانب عمله املقاوم‪ ،‬يف‬ ‫ساحة الدفاع عن حقوق الكادحني من العامل والفالحني والذود عن مطالبهم‬ ‫االجتامعية واملعيشية‪ ،‬غاب عن الوثيقة أي إشارة للحقلني االقتصادي‬ ‫واالجتامعي‪ ،‬يف ظل ما باتت تعاين منه الرشيحة األكرب من الشعب اللبناين‬ ‫من تهميش وفقر بعد السياسة املالية التي انتهجتها الحكومات املتعاقبة منذ‬ ‫اتفاق الطائف ومن نتائجها حرص الرثوة يف يد أقلية محتكرة‪ ،‬والتفاوت املتزايد‬ ‫يف توزيع الرثوات واملداخيل‪ ،‬سواء عىل مستوى السكان أو عىل مستوى املناطق‪،‬‬

‫تعدت الوثيقة التي أعلن عنها األمني العام لحزب الله السيد حسن نرص الله‬ ‫من كونها ترتيب داخيل لحزب معني إىل إطار أوسع وأشمل‪ ،‬بعد أن جاءت لتعرب‬ ‫عن رؤية عربية – إسالمية ‪ ،‬ولتشكل جزءا مهام من ثقافتنا ورؤيتنا التغيريية‪،‬‬ ‫وواحدة من مرجعيات السلوك املامنع واملقاوم‪ ،‬فضال عن كونها مادة نقاش مع‬ ‫الطرف اآلخر بهدف خلق نقاط التقاطع الحواري يف أوسع مساحة ممكنة‪.‬‬ ‫لقد حاولت الوثيقة أن تحرك الراكد يف الحياة السياسية العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫وأن تجد أجوبة عن مجموع األسئلة التي تطرح حول رؤية الحزب من إشكاليات‬ ‫عدة أبرزها موقفه من املقاومة والدولة يف لبنان والقضية الفلسطينية‬ ‫والعروبة والعالقة مع إيران‪.‬‬ ‫أما قيمة هذه الوثيقة تأيت من قيمة صاحبها الذي شكل املرجعية‬ ‫التنظريية والعمالنية للعمل املقاوم‪ ،‬وأحد املساهمني األساسيني يف اإلضاءة‬ ‫عىل مبهامت لبنان الضعيف يف الثامنينات من القرن املايض‪ ،‬وأيضا المتالكه‬ ‫نوعا من الكاريزما التي أتاحت له التفكري بكل حرية يف قضايا داخلية بشكل‬ ‫خاص‪ ،‬أو ذات ارتباط بالوضع العريب واإلسالمي العام ‪.‬‬ ‫وقد أتت الوثيقة كنتيجة لوضعية حزب الله وموقفه من أزمة النظام‬ ‫السيايس‪ ،‬واملدخل يف خلق حياة سياسية تدور يف رحاها برامج إصالحية تكون‬ ‫الرتجمة الفعلية لرغبات وهموم الشعب يف لبنان الذي هو بحسب الوثيقة‬ ‫“وطننا ووطن اآلباء واألجداد كام هو وطن األبناء واألحفاد وكل األجيال اآلتية (‪)...‬‬ ‫والوطن الذي نريده لكل اللبنانيني عىل حد سواء (‪ )...‬واحدا موحدا‪ ”،‬بعيدا عن‬ ‫“أي شكل من أشكال التقسيم أو “الفدرلة” الرصيحة أو املقنعة”‪ .‬كام كشفت‬ ‫الوثيقة عن اآلفاق املمكنة املقبلة التي ستشكل األرضية للعمل السيايس‬ ‫بعد أن رأت أن “املشكلة األساسية هي الطائفية السياسية” وأن “الرشط‬ ‫األسايس لتطبيق دميقراطية حقيقية ميكن عىل ضوئها ان تحكم األكرثية‬ ‫وتعارض األقلية هو إلغاء الطائفية السياسية”‪ .‬إال أن الوثيقة عادت وركزت‬ ‫عىل مبدأ الدميقراطية التوافقية واعتربتها مرحلة انتقالية حتى يتم التوصل‬ ‫إىل إلغاء الطائفية السياسية عندما قالت أنه (وإىل أن يتمكن اللبنانيون‬ ‫من تحقيق هذا اإلنجاز) إلغاء الطائفية السياسية) فإن الدميقراطية التوافقية‬ ‫تبقى القاعدة األساس للحكم يف لبنان (‪ )...‬وتشكل صيغة سياسية مالمئة‬ ‫ملشاركة حقيقية من الجميع»‪.‬‬ ‫وتوقفت الوثيقة عند موضوع املقاومة التي أفردت لها مجاال واسعا معتربة‬ ‫ان “دورها ووظيفتها رضورة وطنية دامئة دوام التهديد اإلرسائييل ودوام أطامع‬ ‫العدو يف أرضنا ومياهنا ودوام غياب الدولة القوية القادرة”‪ .‬وشددت عىل ان‬ ‫“التهديد االرسائييل الدائم يفرض عىل لبنان تكريس صيغة دفاعية تقوم عىل‬ ‫املزاوجة بني وجود مقاومة شعبية (‪ )...‬وجيش وطني (‪ )...‬يف عملية تكامل‬ ‫أثبتت املرحلة املاضية نجاحها يف إدارة الرصاع مع العدو»‪.‬‬ ‫التحوالت التي يشهدها النظام الدويل نتيجة‬ ‫وأملحت الوثيقة إىل‬ ‫انكسارات أو انهزامات عسكرية وإخفاقات سياسية أظهرت فش ًال متالحقاً‬ ‫لإلسرتاتيجيات األمريكية ومشاريعها واحداً تلو اآلخر‪ ،‬فضال عن االنهيارات‬ ‫يف األسواق املالية األمريكية والعاملية ودخول االقتصاد األمرييك يف حالة‬ ‫تخ ّبط وعجز‪ ،‬والتي تعبرِّ عن ذروة تفاقم املأزق البنيوي يف األمنوذج الرأساميل‬ ‫املتغطرس‪ .‬لذلك اعتربت الوثيقة “أننا أمام تحوالت تاريخية ُتنذر برتاجع الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية كقوة مهيمنة وبداية تش ّكل مسار األفول التاريخي املتسارع‬ ‫للكيان الصهيوين»‪ .‬وقالت‪ :‬إن املقاومة راكمت تط ُّور مرشو ِعها من قوة تحرير‬ ‫ردع ودفاع‪ ،‬مضافاً إىل دورها السيايس‬ ‫إىل قوة توازن ومواجهة ومن َث ّم إىل قوة ٍ‬ ‫الداخيل كركن مؤ ّثر يف بناء الدولة القادرة والعادلة‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق دعت الوثيقة لبنان إلعادة صياغة عالقاته مع دول الجوار‬ ‫العريب كتأكيد منه عىل هويته العربية‪ ،‬والتي تحتّم عليه االلتزام بالقضايا‬ ‫العربية العادلة‪ ،‬ويف طليعتها قضية فلسطني والرصاع مع العدو اإلرسائييل‪،‬‬ ‫وهذا ما يفرس تشديد الوثيقة عىل رضورة انتهاج سياسة التقارب الشديد مع‬ ‫سوريا والتمسك بالعالقات املميزة بني البلدين “بوصفها حاج ًة سياسي ًة وأمني ًة‬ ‫واقتصادي ًة مشرتك ًة‪ ،‬تمُ ليها مصالح البلدين والشعبني ورضورات الجغرافيا‬ ‫السياسية وموجبات االستقرار اللبناين ومواجهة التحديات املشرتكة‪ ،‬وهذا‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪56‬‬

‫كام يبدو من مضمون الوثيقة‪ ،‬والتشديد عىل رابطها الحضاري الذي يبقي‬ ‫نسيج املنطقة متامسكا من الناحية الثقافية‪ ،‬فيام يصبح البديل عن العروبة‬ ‫تفيش ظاهرة الهويات الكيانية والطائفية واألثنية واإلقليمية املتناحرة يف ظل‬ ‫ما تر ّوج له كل من الواليات املتحدة والكيان الغاصب من “ رشق أوسط جديد”‪،‬‬ ‫أو حتى انعدام الهوية أي التبعية الثقافية الكلية ‪.‬‬ ‫وفلسطني التي تقع يف قلب الوطن العريب والتي دعت الوثيقة إىل رضورة‬ ‫تحريرها‪ ،‬تتعرض اليوم إىل محاوالت طمس لهويتها العربية من قبل أعداء‬ ‫األمة‪ ،‬وفصل عروبة أرضها عن عروبة أهلها الحقيقيني‪ ،‬وصوال إىل شطب عروبة‬ ‫سكانها األصليني عن طريق تفكيك هويتهم العربية باستبدال أسامء مدنهم‬ ‫العربية ومقدساتهم التاريخية بأسامء ومعاين يهودية‪ .‬وهذا ما يساهم‬ ‫بتكريسه املعرتفون بـ “عرب إرسائيل “ كقومية لينكروا عروبة فلسطني عندما‬ ‫يعرتفون مجاهرة بدولة “إرسائيل”‪ ،‬ويكرسها الداعون أيضا لدولة “ثنائية‬ ‫القومية”‪ ،‬دون اإلرصار عىل عروبة فلسطني التي تشكل جزءا ال يتجزأ من األمة‬ ‫العربية ‪.‬‬ ‫يبقى أن نؤكد ونحن نقرأ الوثيقة السياسية لحزب الله عىل حقنا املرشوع‬ ‫يف املقاومة‪ ،‬وأن نفخر بأنه بينام يهب إخواننا يف الحزب أرواحهم يف املعركة‬ ‫املصريية ضد العدو الصهيوين‪ ،‬نترشف نحن باملهمة يف الدفاع عن تضحياتهم‬ ‫يف مجال الفكر واإلعالم‪ .‬هذه هي مهمة الساعة‪ ،‬التي يجب عىل كل الكتاب‬ ‫واملثقفني والرشفاء أن يك ّرسوا لها أنفسهم‪ ،‬بل تلك هي مهمة املدافعني عن‬ ‫التغيري والعدالة يف كل مكان‪.‬‬

‫وفقدان التخطيط االقتصادي للنهوض بقطاعي اإلنتاج الزراعي والصناعي‬ ‫بغية إبقاء البالد رازحة تحت تأثري نري قطاع الخدمات والتجارة‪ ،‬هذا فضال عن عجز‬ ‫هذه السياسة (التي كانت أن التصقت باسم الرئيس رفيق الحريري وباتت تعرف‬ ‫بالحريرية االقتصادية)‪ ،‬عن استيعاب طالب العمل الذين يخ ّرجهم املجتمع سنويا‬ ‫بشكل متزايد‪ ،‬وتفاقم شبح البطالة وهجرة أبناء القرى الفقرية إىل ضواحي‬ ‫بريوت‪ .‬األمر الذي يجعلنا نتساءل‪ :‬ملاذا تغاضت الوثيقة عن كل هذه األمور؟‬ ‫علام أن حزب الله بوضعه املقاوم عىل أسس عقائدية وطنية وتغيري اجتامعي‬ ‫نحو األفضل‪ ،‬كفيل بأن يضمن انتقال لبنان من وضعه الراهن املتخلف إىل‬ ‫الوضع املنشود الذي رسمنا أحد معامل مشاكله العريضة ‪.‬‬ ‫وكان الدستور قد حسم يف مقدمته بعد اتفاق الطائف مسألة هوية‬ ‫لبنان وانتامئه العريب‪ ،‬ووضع حدا للنزعات الفينيقية والكنعانية واالنعزالية‬ ‫وغريها من الدعوات األخرى التي تعزز االنقسامات بني أبناء الوطن الواحد‪.‬‬ ‫وإذا كان التغيري الحقيقي ال يقوم به إال الضالعون برياضيات الحلم‪ ،‬ويف‬ ‫وطننا العريب يحلم الكثريون مبرشوع تغيري جذري مقاوم عىل أساس نوع من‬ ‫العالقات والتفاعالت تفرض وجودا إقليميا عابرا للحدود السياسية املصطنعة‬ ‫بني األقطار العربية‪ ،‬وتأثريات أقوى من الخطوط يف الرمال تفعل فعلها عرب‬ ‫القوانني الحديدية للجغرافيا السياسية‪ .‬لذلك كانت العروبة هي الحل األنسب‬ ‫ملواجهة شعارات أمريكية – صهيونية مثل‪ :‬لبنان أوال‪ ،‬العراق أوال‪ ،‬األردن أوال‪،‬‬ ‫مرص أوال‪ ،‬أو القرار الفلسطيني املستقل‪ ،‬والغاية منها جميعا إثارة موضوع‬ ‫األقليات واألقاليم عىل حساب مشاريع النهضة والوحدة ‪ .‬انطالقا من هذا‬ ‫املفهوم للعروبة كان عىل حزب الله برأينا أن يأيت عىل ذكر العروبة التي حذفت‬

‫أمني اإلعالم هشام األعور‬

‫عوامل نجاح االستراتيجية النووية اإليرانية‬ ‫التحالف السوري‪-‬اإليراين واالرتكاز اىل املقاومة كخيار أسايس يف مواجهة‬ ‫مشاريع الذل واالستسالم‪.‬‬ ‫تبدّل موازين القوى يف منطقة الرشق األوسط وبروز الدور الرتيك الباحث عن‬ ‫مكانة وموقع إلقليمي متم ّيز مام يزيد من تعقيدات تشابك املصالح واستثامر‬ ‫السوريني لطموح تركيا اإلقليمي وتسخريه يف خدمة املرشوع املامنع واملقاوم‬ ‫للمرشوع األمرييك‪.‬‬ ‫انصب االهتامم الصهيوين بعد أن حققت الثورة اإلسالمية انتصاراً تاريخياً‬ ‫ّ‬ ‫لجهة تكريس دعامئها يف بناء الدولة ومؤسساتها الجديدة حول البعد العقائدي‬ ‫اإلسالمي املتط ّور وتأثرياته عىل دول املواجهة واملتصلة بالرصاع العريب‪-‬‬ ‫اإلرسائييل مبارشة‪.‬‬ ‫باتت إيران املسلحة خطراً محدقاً‪ ،‬يقض مضاجع الساسة الصهاينة عندما‬ ‫تح ّولت أكرب قوة إقليمية من موقع الحليف زمن الشاه إىل موقع العدو املرت ّبص‬ ‫الذي ينوي القضاء عىل وجود ما يس ّمى “بدولة إرسائيل”‪ ،‬وال سيام عندما اعترب‬ ‫اإلمام الخميني أن الكيان الصهيوين غدة رسطانية يجب اقتالعها‪.‬‬ ‫وارتفع الخطر اإليراين اىل مستوى التهديد الوجودي للعدو الصهيوين بعد أن‬ ‫استطاعت إيران أن تحقق تطوراً نوعياً يف قدراتها العسكرية الصاروخية‪ ،‬كان‬ ‫آخرها التجارب الناجحة ملنظومة الصواريخ البالستية البعيدة املدى وإمكانية‬ ‫تحميل هذه الصواريخ رؤوساً نووية‪.‬‬ ‫تندرج التجارب الصاروخية اإليرانية يف سياق توجيه الرسائل املبارشة إىل‬ ‫كل من الكيان الصهيوين والواليات املتحدة األمريكية بهدف التأكيد عىل أن‬ ‫إيران قادرة عىل رضب أي نقطة يف الرشق األوسط وهدم صورة ونظرية أمن‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬األمر الذي أصبح مباحاً أمام الحرس الثوري اإليراين الذي ميلك كل‬ ‫مقومات االنتصار‪ ،‬هذا إذا ما غضينا الطرف عن القدرات النوعية للمقاومة‬ ‫والقادرة عىل رضب العمق الصهيوين‪.‬‬ ‫تسري املفاوضات الجارية بشأن امللف النووي اإليراين نحو رضوخ املجتمع الدويل‬ ‫لرغبة اإليرانيني يف امتالك القدرات النووية النوعية لألغراض السلمية وسوف‬ ‫تشهد األسابيع املقبلة حراكاً سياسياً‪ ،‬إقليمياً ودولياً باتجاه إيران كمحاولة‬ ‫لتحقيق بعض املكتسبات األمنية يف ظل ثبات املوقف اإليراين‪.‬‬

‫جاء انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لوالية رئاسية ثانية ليقسم ظهر‬ ‫الجاموس األمرييك‪ ،‬ويف الوقت ذاته بدّد كل أحالم الطامعني والراغبني يف‬ ‫رؤية سياسية نووية إيرانية جديدة‪ ،‬كام زاد انتخاب نجاد اإلرصار عىل متابعة‬ ‫إيران المتالك القدرات النووية حيث مل يظهر أي تغيرّ يف السياسة الخارجية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬بعد أن تخ ّلت إيران عن دفة الرئيس خامتي ودبلوماسيته‪ ،‬وعادت ألسلوب‬ ‫الواقعية والثورة املفعمة بالحركة والحيوية والتمسك بالثوابت االسرتاتيجية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬املنبثقة من روح الثورة املباركة التي قادها آية الله الخميني‪.‬‬ ‫استطاعت إيران أن تفرض إيقاعها السيايس العايل عىل الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬وعملت عىل ج ّرها اىل لعبة الوقت الطويل باملحافظة عىل‬ ‫االسرتاتيجية األساسية القامئة عىل حق إيران بامتالك الطاقة النووية‪ ،‬وتغيرّ‬ ‫التكتيك يف األداء الدبلومايس واإلعالمي‪.‬‬ ‫إن تكتيك إيران الحايل هو االستمرار يف برنامج تخصيب اليورانيوم مهام‬ ‫ك ّلفها الثمن وترص عىل أن لها الحق يف ذلك بالتزامن مع الدخول يف لعبة شد‬ ‫الحبال ولعل املرونة األخرية باملوافقة عىل تخصيب اليورانيوم خارج إيران‪ ،‬إمنا يأيت‬ ‫يف سياق كسب املزيد من الوقت لتحسني القدرات العسكرية واالقتصادية‬ ‫والسياسية والنووية للجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪.‬‬ ‫وضعت إيران جميع أنشطتها تحت ترصف لجنة املفتشني الثانية للوكالة بعد‬ ‫أن وافقت كل من بريطانيا وفرنسا وأملانيا عىل قرار إيران باالنفتاح‪.‬‬ ‫تصب جميع التغريات اإلقليمية والدولية يف صالح الجمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية مام يجعل عوامل انتصار إرادة شعبها وحكومتها أمراً شبه حتمي وذلك‬ ‫بسبب‪:‬‬ ‫الوضع اإلقليمي املرتدي يف أفغانستان‪ -‬العراق‪ -‬باكستان والخسائر املادية‬ ‫والبرشية الكبرية التي تل ّقتها الواليات املتحدة وحلفائها مبا يضع إدارة “أوباما”‬ ‫بني مطرقة اإليرانيني وسندان الخسائر الفادحة‪.‬‬ ‫اتساع حركة املناهضة للمرشوع األمرييك يف العامل‪.‬‬ ‫ارتفاع أسعار النفط واألزمة املالية العاملية‪ ،‬وهذا ما يدفع الكثري من رشكات‬ ‫األسلحة واملعدات التقنية اىل تقديم كل ما تريده إيران مقابل الحصول عىل‬ ‫املال‪.‬‬ ‫التط ّور التكنولوجي ‪ -‬العسكري ‪ -‬اإليراين وقدرته عىل إنزال خسائر فادحة‬ ‫قد تصل اىل زوال ونهاية دول عن خارطة الرشق األوسط‪.‬‬

‫ماهر رسي الدين‬

‫‪57‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب فلسطيني‬

‫عام على عملية الرصاص المسكوب على قطاع غزة‬ ‫سقطت عقيدة «الحرب الجامحة» الصهيونية‬ ‫متر يف هذه األيام ذكرى الحرب الوحشية التي‬ ‫شنها جيش االحتالل الصهيوين عىل قطاع‬ ‫غزة‪ ،‬يف السابع والعرشين من كانون األول ‪2008‬‬ ‫والتي استمرت ألكرث من ثالثة أسابيع‪ ،‬استخدم‬ ‫العدو خاللها أحدث األسلحة األمريكية الفتاكة‬ ‫واملحرمة دولياً من الفوسفور األبيض والقنابل‬ ‫الحارقة والفتاكة من العيار الثقيل‪ ،‬والصواريخ ومن‬ ‫األسلحة التي مل تستخدم بعد يف الحروب‪.‬‬ ‫كلم‬ ‫‪365‬‬ ‫مساحته‬ ‫قطاع غزة الذي ال تتجاوز‬ ‫‪2‬‬ ‫ويقطنه أكرث من مليون ونصف املليون فلسطيني‬ ‫هجروا من ديارهم عام ‪،1948‬‬ ‫ومعظمهم من الذين ّ‬ ‫يف هذه املساحة الضيقة واملكتظة‪ ،‬حاول العدو‬ ‫الصهيوين كرس إرادة املقاومة لدى الفلسطينيني‬ ‫يف محاولة لتطويع املقاومة الفلسطينية وفرض‬ ‫الرشوط عليها أو القضاء عليها‪ ،‬يك يقول‪ ،‬انظروا‬ ‫إىل هذا النموذج‪ ،‬وهذه األرض املحروقة‪ ،‬إنها مصري‬ ‫كل من يحاول مواجهة االحتالل‪ ،‬وهي رسالة إىل‬ ‫كل املقاومني يف هذه األمة واملساندين لقضايا الحق‬ ‫والعدل يف العامل‪.‬‬ ‫لقد كان واضحاً ومنذ بداية الهجمة الصهيونية‪،‬‬ ‫أنها مبثابة جزء من مخطط يستهدف املنطقة‬ ‫وليس غزة وحدها‪ ،‬واستغل العدو ما سمي بالتهدئة‬ ‫التي صاغها نظام “كامب ديفيد” يف مرص‪ ،‬وأراد‬ ‫الصهاينة من وراءها كسب الوقت وإعداد العدة بعد‬ ‫الهزمية املذلة التي تعرض لها الجيش الصهيوين‬ ‫عىل أيدي رجال املقاومة يف لبنان عام ‪ 2006‬ويف‬ ‫محاولة السرتداد بعض من الهيبة املفقودة يف‬ ‫تلك الحرب التي أطاحت برموز أركان قادة الكيان‪،‬‬ ‫وبعد محارصة قطاع غزة باتفاق املعابر ومعاهدات‬ ‫املجتمع الدويل املتواطئ‪ ،‬ورشوط اللجنة الرباعية‬ ‫الدولية‪ .‬وحاول العدو االستفادة من األخطاء التي‬ ‫ارتكبت وأربكت جحافل االحتالل عند محاولة غزو‬ ‫لبنان عام ‪ ،2006‬وإعادة الكرة مرة أخرى عىل قطاع‬ ‫غزة لعله يتمكن من ترميم قدراته العسكرية‪،‬‬ ‫ومستفيداً من التمويه واملفاوضات التي كانت تجري‬ ‫مع السلطة الفلسطينية‪ ،‬التي مل تكن إال ستاراً‬ ‫خادعاً للحقيقة املرة التي تم ابتالعها هذه املرة‪.‬‬ ‫أما إدارة الرئيس االمرييك “جورج بوش” والتي كانت‬ ‫تودع آخر أيامها قد أعطت الضوء األخرض للهجوم‬ ‫اإلرسائييل عىل قطاع غزة‪ ،‬والتاريخ سيسجل لها‬ ‫بأنها كانت أكرث صهيونية من “إرسائيل” ذاتها‪ ،‬هذه‬ ‫اإلدارة التي كانت مثقلة باملتاعب واألزمات املالية‬ ‫واألخالقية والفساد‪ ،‬شكلت غطا ًء سياسياً للكيان‬ ‫وقدمت للمفاوض الفلسطيني املشاريع الواهمة‬ ‫للسالم يف “انابوليس” يف الوقت الذي كانت متد‬ ‫فيه الكيان الصهيوين باألسلحة‪ ،‬وتحاول تهييئ‬ ‫محيط فاسد يساهم يف القضاء عىل املقاومة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الدمار يف قطاع غزة‬

‫يف كل مكان يف هذه املنطقة‪ .‬وليس صدفة أن‬ ‫وزيرة الخارجية اإلرسائيلية آنذاك هددت املقاومة‬ ‫الفلسطينية بينام كانت تزور نظام “كامب ديفيد”‬ ‫يف مرص‪ ،‬والحسابات الداخلية يف الكيان ليست‬ ‫بعيدة أمام ما حصل من عدوان عىل غزة‪ ،‬ومحاولة‬ ‫وزير الدفاع اإلرسائييل “ايهود باراك” إثبات قدراته‬ ‫العسكرية (الفذة) عىل حساب دماء الفلسطينيني‬ ‫يف غزة‪ ،‬بهدف العودة إىل منطق الهيمنة والقوة‬ ‫الردعية الذي تآكل يف لبنان بفضل املقاومة‬ ‫اإلسالمية والوطنية والتفاف الشعب اللبناين‬ ‫وطالئعه الوطنية والقومية خلفها‪.‬‬

‫عقيدة «الحرب الجامحة»‬ ‫الصهيونية‬ ‫بعد كل جولة من جوالت الحرب ينرصف‬ ‫السياسيون إىل احتساب مكاسبهم وهذا ما‬ ‫يحصل لدى كل الجيوش‪ ،‬هذا من املنطق العسكري‪،‬‬ ‫ويف منطق موازين القوى‪ ،‬وعىل أهمية الحسابات‬ ‫والتساؤالت‪ ،‬وملاذا شنت “إرسائيل” هذه الحرب‬ ‫الوحشية؟ ومن هو املستهدف؟ ميكن لنا أن نقرأ‬ ‫اللوحة بشكل أكرث موضوعية‪ ،‬ولكن يف الحرب‬ ‫اإلرسائيلية عىل غزة ال مكان للمقارنة هنا‪ ،‬فبعد‬ ‫عام عىل العدوان‪ ،‬بقيت إرادة املقاومة وبقي الشعب‬ ‫الفلسطيني صامداً رغم الحصار الظامل واملتعدد‬ ‫األطراف وتحت مسميات شتى‪ ،‬بعضها ناعم ولكنه‬ ‫قاتل وناجم عن ظلم املجتمع الدويل‪ ،‬وبعضها‬ ‫ناجم عن التواطؤ املستمر من قبل بعض األنظمة‬ ‫التي رضيت بالهوان‪ ،‬والعدوان الصهيوين ما زال‬ ‫مستمراً‪.‬‬ ‫لقد فشلت عقيدة (الحرب الجامحة) والتي هي أحد‬

‫‪58‬‬

‫وجوه نظرية (الجدار الحديدي) التي صاغها “فالدميري‬ ‫جابوتنسيك” والتي تقول “إن العرب سيحاولون‬ ‫دامئا مهاجمة إرسائيل من دون كلل‪ ،‬يف كل مرة‬ ‫تتوفر لهم الوسائل املالمئة‪ ،‬وسيتوقف العرب‬ ‫عندما يدركون أن الهجوم املتكرر عىل إرسائيل‬ ‫سيكون مثل محاولة اخرتاق جدار حديدي قاس‪،‬‬ ‫مستحيلة وتحطم الجامجم‪ ،‬وهذه النظرية التي‬ ‫زرعها “دافيد بن غوريون” وكان آخر ممثل لها “ايهود‬ ‫باراك”‪ ،‬عالوة عىل “اريئيل شارون”‪ ،‬ومن الناحية‬ ‫التطبيقية تقوم هذه النظرية عىل استغالل التفوق‬ ‫العسكري لتحطيم الخصم كقوة مقاتلة‪ ،‬وإضعاف‬ ‫موقعه كحركة سياسية‪ ،‬وتغيري عقيدته وهو ما‬ ‫يسمى بـ (يك الوعي)‪ ،‬وكان واضحاً منذ خريف‬ ‫‪ 2008‬أن “إرسائيل” كانت تستعد لتجريب أحد فنون‬ ‫هذه النظرية يف غزة‪ ،‬من خالل توجيه رضبة غري‬ ‫متكافئة ومفاجئة‪ ،‬وقوية للمقاومة وشعبها يف‬ ‫غزة‪ ،‬يفرض عليها االضطرار إىل القيام بعمليات‬ ‫ترميم طويلة املدى ومكلفة‪ ،‬وهذا السيناريو ما‬

‫حاول العدو تطبيقه يف قطاع غزة‪.‬‬

‫أهداف العدوان عىل غزة‬ ‫وفور بدء العدوان الصهيوين عىل غزة‪ ،‬أصدر‬ ‫العدو البيان األول الذي أصدره الجيش االرسائييل‬ ‫وأعلن عن توجيه رضبة قاسية لحركة حامس‬ ‫وللمقاومة يف غزة وبنيتها التحتية‪ ،‬ومن ثم نيتها‬ ‫لفرض نظام جديد للرقابة عىل الحدود املرصية –‬ ‫الفلسطينية من شأنه أن مينع تهريب األسلحة إىل‬ ‫غزة عرب سيناء‪.‬‬ ‫ووزير الدفاع اإلرسائييل “ايهود باراك” كان أكرث‬ ‫وضوحاً وتفصي ًال فوضع للحرب عىل غزة عدة أهداف‬ ‫منها‪ ،‬اختبار قوة الردع لدى الجيش اإلرسائييل وإثبات‬ ‫تفوق سالحي الجو واالستخبارات‪ ،‬واختبار مدى‬ ‫فاعلية التنسيق بني هذين السالحني‪ ،‬وتوجيه رضبة‬ ‫قوية لحامس وفصائل املقاومة ومن ثم تغيري صورة‬ ‫الوضع القائم عىل الحدود بني مرص وغزة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ينهي فاعلية األنفاق وتهريب السالح من سيناء إىل‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫وبعد عام من العدوان الصهيوين عىل القطاع‪،‬‬ ‫نثري التساؤل التايل‪ :‬هل حقق العدوان عىل غزة أي‬ ‫من أهدافه املعلنة؟ وماذا يعني االنتصار؟‬ ‫العدو مل يحقق أهدافه حيث فشل يف امليدان‬ ‫كام فشل يف السياسة‪ ،‬واضطر إىل االنسحاب‬ ‫من دون اتفاق أو رشوط تلزم املقاومة أو تقيدها‪،‬‬ ‫واملقاومة انترصت يف إجبار العدو عىل وقف‬ ‫العدوان وإجباره عىل االنسحاب دون أن يحقق شيئاً‪،‬‬ ‫ورغم الخسائر املادية والبرشية الهائلة يف صفوف‬ ‫الفلسطينيني يف القطاع (أكرث من ‪ 1500‬شهيد‬ ‫وآالف الجرحى وتهديم البيوت واملؤسسات)‪ ،‬التي حاول‬ ‫العدو من خاللها توجيه رضبة موجعة إىل املخزون‬ ‫البرشي الفلسطيني الذي يرفد املقاومة باملقاتلني‬ ‫املتسلحني باإلرادة والوعي والتصميم عىل مواجهة‬ ‫العدو الصهيوين والصمود واالستعداد الدائم‬ ‫النتظار اللحظة الحاسمة‪ ،‬فقضية فلسطني ليست‬ ‫قضية فلسطينية فقط بل هي قضية عربية‬ ‫وإسالمية وعاملية وهي قضية حق وعدل‪ ،‬واملهم يف‬ ‫األمر هو عدم التنازل والتمسك بالحقوق والثوابت‬

‫اوملرت‪ ،‬ليفي باراك نتنياهو ليربمان‪ :‬أوجه الحرب الصهيونية الوحشية عىل قطاع غزة‪.‬‬

‫الوطنية وصد العدوان انتظاراً ليوم التحرير‪.‬‬

‫التهدئة الحاصلة‬ ‫يف غزة مجرد وهم‬ ‫عملية (الرصاص املسكوب) اإلرسائيلية عىل‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬كانت حملة همجية بكل املقاييس‪،‬‬ ‫والتهدئة الحاصلة اآلن‪ ،‬هي هدوء ما قبل العاصفة‪،‬‬ ‫فالرصاع مستمر بني الحق والباطل‪ ،‬بني أصحاب‬ ‫األرض من الفلسطينيني وبني الصهاينة الذين أتوا‬ ‫من جميع بقاع األرض بفعل الدعم االستعامري‬ ‫الغريب واألمرييك‪.‬‬ ‫التهدئة الحالية يف قطاع غزة هي تهدئة خادعة‪،‬‬ ‫والعدو سيحاول معاودة هجومه عندما تحني الفرصة‬ ‫املناسبة‪ ،‬وما قيل عن التهدئة وفوائدها ورضورة‬ ‫التعامل مع املجتمع الدويل متهيداً لفك الحصار عن‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬مل تكن سوى مجرد وعود واهية‪.‬‬ ‫حالة االنقسام السائدة بني حركتي فتح وحامس‬ ‫تخدم العدو الصهيوين وهي الرتبة الخصبة لتحقيق‬ ‫أهداف العدو وتشجيعه عىل استهداف املقاومني‬ ‫وبنفس الوقت فهي ستؤدي إلضعاف محصلة‬ ‫الجهد الفلسطيني وإضعاف الفلسطينيني عىل‬ ‫كافة املستويات‪ ،‬خاصة وأن التسوية املزعومة كانت‬ ‫مجرد رساب خادع‪ ،‬استفاد العدو فيها من عامل‬ ‫الوقت لريسخ احتالله لألرض ويوسع االستيطان‬ ‫ويخلق الوقائع الجديدة عىل األرض‪ ،‬ويجعل أي تسوية‬ ‫قادمة مجرد استمرار للوضع الراهن الذي يستفيد‬ ‫منه العدو الصهيوين تحت ذريعة املفاوضات ودعم‬ ‫الدول املانحة‪.‬‬ ‫العدو اليوم يضع رشوطاً جديدة‪ ،‬ويتجه إىل‬ ‫ترسيخ كيانه من خالل (يهودية إرسائيل) متهيداً‬ ‫ملرحلة أخرى من العدوان وتهجري ما تبقى عىل‬ ‫أرض فلسطني عام ‪ ،1948‬والعدو ال يحتاج إىل ذرائع‬ ‫الستمرار عدوانه وأطامعه‪.‬‬

‫مخاطر االنقسام الفلسطيني‬ ‫ويف ظل األوضاع الخاصة التي يعاين منها‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬فإن حالة االنقسام بني غزة‬ ‫والضفة الغربية هي مبثابة معول يهدم جميع‬ ‫الرتاكامت النضالية للشعب الفلسطيني الذي‬ ‫قدم مئات اآلالف من الشهداء والجرحى واألرسى‪،‬‬ ‫ومخاطر االنقسام اجتامعياً وثقافياً واقتصادياً‬ ‫وبرشياً‪ ،‬ستؤدي إىل منزلقات خطرية يراهن العدو‬

‫‪59‬‬

‫عىل ترسيخها بهدف إضعاف الشعب الفلسطيني‬ ‫وقدرته عىل املقاومة والصمود‪ ،‬وسيتحول‬ ‫الفلسطينيون إىل العيش يف كيانني بائسني‬ ‫بامتياز‪ :‬األول سعيد يف حصاره‪ ،‬والثاين تعيس يف‬ ‫حصاره‪ ،‬وبذلك يكون املرشوع الوطني الفلسطيني‬ ‫الذي أطلقته الثورة الفلسطينية‪ .‬قد دخل يف‬ ‫متاهات جديدة ومخاطر التدمري الذايت‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن االتفاقات التي أبرمت مع الكيان الصهيوين‬ ‫أعطته رشعية فلسطينية ودولية سمحت له‬ ‫باملناورة والتضليل ومصادرة األرايض الفلسطينية‬ ‫وإقامة املستوطنات وخلق وقائع جديدة عىل األرض‬ ‫لن تسمح للفلسطينيني حتى بإقامة مجرد كيان‬ ‫فلسطيني اسمه دولة‪.‬‬ ‫إن حالة التبايك السائدة لدى البعض ومحاولة‬ ‫إلقاء التهم جزافاً‪ ،‬وهي وسيلة إللقاء التبعات‬ ‫عىل الغري لن تجدي نفعاً أمام صورة البؤس والحصار‬ ‫الظامل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني يف‬ ‫قطاع غزة والضفة الغربية‪ ،‬فاألوضاع ليست كام‬ ‫يقال هادئة والتنمية قامئة عىل قدم وساق‪ ،‬وبوادر‬ ‫السالم االقتصادي الذي يتحدث عنه “نتنياهو” ما‬ ‫هي إال أكذوبة فاضحة‪.‬‬ ‫فجرافات االحتالل الصهيوين تعمل يف أرايض‬ ‫الضفة الغربية واالستيطان يتوسع والقدس تهدر‪،‬‬ ‫وعملية وقف االستيطان ملدة عرش شهور التي‬ ‫أعلن عنها ال تعدو أن تكون كالما نظريا ومحاولة لجر‬ ‫السلطة الفلسطينية إىل املفاوضات الواهمة مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬والفاتورة القادمة ستكون باهظة الكلفة‪،‬‬ ‫فـ “اوباما” ما يزال يروج للوصول إىل اتفاق يعطي‬ ‫“إرسائيل” ما عجزت عن تحقيقه آلتها العسكرية‪،‬‬ ‫يهودية الكيان مقابل ‪ %60‬من أرايض الضفة الغربية‬ ‫إلقامة شبه كيان فلسطيني اسمه “دولة” وما‬ ‫يتبع ذلك من خطوات صهيونية جديدة تسمح لها‬ ‫بالتخلص من أعباء االحتالل وإلقاء ذلك عىل كاهل‬ ‫السلطة الفلسطينية واملجتمع الدويل‪ ،‬وتسمح‬ ‫لها من خالل تطور الحق بتهجري فلسطينيي عام‬ ‫‪ 1948‬إىل الدولة الفلسطينية املوعودة من “باراك‬ ‫اوباما” كتلك الدولة التي وعد بها “جورج بوش”!‬ ‫وهنا ال بد من القول‪ :‬إن العدو الصهيوين هو‬ ‫املستفيد من حالة االنقسام الفلسطيني ويسعى‬ ‫إىل تكريسها‪ ،‬والسؤال‪ :‬إىل متى تستمر هذه‬ ‫الحالة‪ ،‬أمل نستوعب الدرس بعد؟ املقاومة هي‬ ‫خيارنا الوحيد الستعادة الحقوق‪ ،‬واملفاوضات فشلت‪،‬‬ ‫والتسوية وهم‪ ،‬والتاريخ لن يرحم من يضيع الوقت‪،‬‬ ‫فهل استفدنا من تجربة غزة؟‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب دويل‬

‫مسارات التطبيع‬ ‫بين مبارك والكيان الصهيوني‬

‫مصفات البرتول‬

‫يخجل التاريخ من أن يسجل يف‬ ‫صفحاته أشخاصاً تنازلوا عن قيم‬ ‫وأخالقيات مجتمعهم وأمتهم‪ ،‬خوفاً من‬ ‫أن تقرأ االجيال أوراقاً سوداء قامئة‪ ،‬هكذا‬ ‫هو حال حسني مبارك الذي تابع مسرية‬ ‫“كامب ديفيد” وكان أكرث قدرة عىل التالئم‬ ‫مع املرشوع الصهيوين‪ ،‬فاتحاً آفاقاً جديدة‬ ‫يف مسار تطور العالقات الديبلوماسية‬ ‫الكيان‬ ‫بني‬ ‫واالقتصادية‬ ‫والسياسية‬ ‫الصهيوين والنظام الحاكم يف مرص‪.‬‬ ‫افتتحت السفارة اإلرسائيلية يف قلب‬ ‫القاهرة يوم ‪ 1980/2/26‬معلنة جملة‬ ‫والسياسية‬ ‫العسكرية‬ ‫االتفاقيات‬ ‫من‬ ‫لتشكل‬ ‫والعلنية‬ ‫الرسية‬ ‫والثقافية‬ ‫مشهداً شديد التأثري والبؤس ملشاعر‬ ‫املرصيني اوالً والعرب ثانياً‪.‬‬

‫بدايات التطبيع السيايس‬ ‫واالقتصادي والثقايف‬

‫باتت السفارة الصهيونية الواقعة يف‬ ‫العقار رقم ‪ 6‬شارع مالك بالجيزة الطابقني‬ ‫‪ 15-14‬مركزاً أمنياً متقدماً يف قلب األمة‬ ‫العربية وبؤرة للدسائس واملؤامرات التي‬ ‫متر بإذن رسمي من النظام الحاكم ووفق‬ ‫النظرية الصهيونية فإن “إرسائيل” (جيش‬ ‫بنيت له دولة وليس دولة لها جيش) وهذا‬ ‫ما يفرس تويل تسعة سفراء من كبار‬ ‫رجال املخابرات الصهيونية هم‪“ :‬إلياهو‬ ‫بن اليسار”‪“ ،‬موشيه ساسون”‪“ ،‬سيمون‬ ‫شامري”‪“ ،‬جربائيل واربورج”‪“ ،‬ديفيد سلطان”‪،‬‬ ‫“تسيفي مازئيل”‪“ ،‬اييل شاكيد”‪“ ،‬شالوم‬ ‫كوهني”‪.‬‬

‫املركز األكادميي اإلرسائييل‬ ‫يعد املركز األكادميي اإلرسائييل املوجود‬ ‫يف القاهرة الذراع الثقايف املوجه للعالقات‬ ‫السياسية اإلرسائيلية الخارجية‪ ،‬ويقوم‬ ‫بجمع املعلومات السياسية واالقتصادية عن‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التطبيع الزراعي وبخاصة يف مجاالت‬ ‫األسمدة والزور واملبيدات اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫حيث كانت متثل ‪ 45‬باملئة من السلع التي‬ ‫يستخدمها الفالح املرصي بالتزامن مع‬ ‫وجود ثالث مستوطنات زراعية إرسائيلية‬ ‫يف املنوفية – العامرية‪ -‬طريق االسكندرية‬ ‫الصحراوي وهي ملكية خاصة كام تصدر‬ ‫مرص ثالثني سلعة وتستورد ‪ 64‬سلعة‬ ‫إرسائيلية‪.‬‬

‫أنشئت مصفاة البرتول يف االسكندرية‬ ‫برعاية رجال أعامل مرصيني وإرسائيليني‬ ‫عام ‪ 1994‬وسميت مصفاة نفط الرشق‬ ‫األوسط وبدأت عملها الفعيل عام ‪،1998‬‬ ‫وكانت حصة الهيئة املرصية العام للتربول‬ ‫‪ ٪20‬فقط‪ ،‬وإذا كان اليشء باليشء يذكر‬ ‫فال بد من اإلشارة إىل ما يسمى بجمعية‬ ‫القاهرة للسالم التي تعمل عىل تدجني‬ ‫األفكار الثورية وتقديم مناذج استسالمية‬ ‫تسمم أفكار الشباب يف القضايا التي‬ ‫تطرحها‪ ،‬وتحرف اهتامماتهم الوطنية‬ ‫والقومية نحو ما يسمى بالدميقراطية‬ ‫الحرة ومفاهيم التعايش واالنخراط بالنهج‬ ‫الغريب للتفكري‪.‬‬

‫مرص ومحيطها العريب‪ ،‬ويهتم هذا املركز‬ ‫بدراسة املجتمع املرصي وأحشائه‪ ،‬ويدير هذا‬ ‫املركز مختصني أمنيني تم إعدادهم يف مراكز‬ ‫استخبارات إرسائيلية‪ ،‬وعمل هؤالء عىل‬ ‫تقديم دراسة ميدانية كاملة عن طرق عيش‬ ‫املرصيني ومنط سلوكهم‪ ،‬ونقاط ضعفهم‬ ‫وقوتهم‪ ،‬وآليات التأثري عليهم‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫بحث ودراسة شخصيات ونشاطات الرؤساء‬ ‫العرب واملرصيني‪.‬‬ ‫أنشأ الكيان الصهيوين قنصلية يف‬ ‫القاهرة‪ ،‬حيث يتوىل إدارتها “اييل ليفي”‬ ‫وهو احد أهم خرباء األمن اإلرسائييل‪،‬‬ ‫وتشري املعلومات واألرقام املتاحة أن حجم‬ ‫العالقات االقتصادية والثقافية املرصية‬ ‫– اإلرسائيلية‪ ،‬تزايدت بشكل ملحوظ‬ ‫حيث تم توقيع اتفاقية “الكويز” االقتصادية‬ ‫وأطلق الجاسوس عزام متعب عزام كام‬ ‫كان لالستخبارات املرصية التابعة لنظام‬ ‫مبارك دوراً رئيسياً يف اتفاقيات التهدئة‬ ‫بني الفلسطييني واإلرسائيليني بعد لقاءات‬

‫‪60‬‬

‫رشم الشيخ مارس ‪ ،2005‬ووفق هذا النمط‬ ‫نالحظ مدى التطور الرسيع لعالقات النظام‬ ‫املرصي والكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ 1980‬كانت الصادرات املرصية‬ ‫لـ “إرسائيل” تصل إىل ‪ 12‬مليون دوالر ‪،‬‬ ‫ويف عام ‪ 1996‬أي بعد انتخاب “نتنياهو”‬ ‫وصلت إىل ‪ 84.116‬مليون دوالر ويف عام‬ ‫‪ 1997‬بلغ ‪ 107‬مليون دوالر‪ ،‬كام مثل البرتول‬ ‫املرصي عام ‪ 1997‬املصدر األول للطاقة يف‬ ‫“إرسائيل” بنسبة وصلت إىل ‪ 30‬يف املئة‬ ‫من احتياجات الكيان الغاصب‪.‬‬ ‫لعل الشكل األكرث خطورة يأيت بقياس‬ ‫ما تصدره مرص إىل “إرسائيل” وميثل ‪ 72‬يف‬ ‫املئة عام ‪1996‬فيام مل تتجاوز الصادرات‬ ‫املرصية إىل الدول العربية ‪ 10‬يف املئة‪.‬‬

‫املشاريع الزراعية املشرتكة‬ ‫تحت رعاية مبارك وبفضل وجود يوسف‬ ‫ويل وزير الزراعة األسبق ازدهرت مشاريع‬

‫الوكالء الحرصيني‬ ‫للعدو الصهيوين‬ ‫عمل رجال األعامل الصهاينة بالتعاون‬ ‫مع جهاز األمن الخارجي الصهيوين عىل‬ ‫وضع خطط اقتصادية الهدف منها اخرتاق‬ ‫شبكة األمن االقتصادي لألمة العربية‬ ‫بقية تخريب أمناط العيش لألفراد وبث حالة‬ ‫من الفوىض املالية للضغط عىل الشارع‬ ‫واألنظمة يف آن واحد‪.‬‬ ‫واالستسالم‬ ‫اإلذغان‬ ‫التفاقيات‬ ‫كان‬ ‫وباالخص مع مرص الدور االسايس يف‬ ‫لالقتصاد‬ ‫الصهيوين‬ ‫االخرتاق‬ ‫تحقيق‬ ‫واملجتمع العريب‪.‬‬

‫الرشكات اإلرسائيلية يف مرص‬ ‫رشكة “مريال لينش”‪:‬‬ ‫أمريكية برأسامل يهودي‬ ‫اعامل البورصة املرصية‪.‬‬ ‫مجمع “ميدور” لتكرير البرتول رشكة‬ ‫رشكة يهودية‬ ‫وتسيطر عىل‬

‫مشرتكة‬

‫إرسائيلية‬

‫مرصية‬ ‫االسكندرية‪.‬‬ ‫رشكة “دلتا تكستايل ايجيبت”‪ :‬وهي‬ ‫توكيل لرشكة “سان مايكل” مع العلم ان‬ ‫جميع القيادات يف هذه الرشكة يهود من‬ ‫جنسيات مختلفة متخصصة باملنسوجات‬ ‫القطنية واملالبس الداخلية‪.‬‬ ‫رشكة “كارمل”‪ :‬ص ‪ .‬ب ‪ 9081‬القاهرة‬ ‫وتعمل عىل ترويج املنتوجات والسلع‬ ‫اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫رشكة “اجروالند الفيوم” تقوم ببيع‬ ‫املخصبات الزراعية اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫رشكة “تكنو جرين” القاهرة وكيلها‬ ‫مجدي منصور‪.‬‬ ‫رشكة “سيف اجريق”‪ :‬وكالء لرشكة‬ ‫“تتانيم” اإلرسائيلية ‪.‬‬ ‫رشكة “اجروتك”‪ :‬تستورد املستلزمات‬ ‫اإلرسائيلية وتستعني بالخرباء الصهاينة‬ ‫وميلكها هاين عبد املوىل‪.‬‬ ‫مجموعات رشكات “هريزا‪ -‬حيفا‪ -‬كالك”‬ ‫تروج املنتوجات اإلرسائيلية ومتلك توكيالت‬ ‫مبارشة من الرشكات اإلرسائيلية مقرها‬ ‫طريق الفيوم الصحراوي‪.‬‬ ‫مجلس املحاصيل البستانية صاحبها عالء‬ ‫ابو جازية ويتعاون مع رشكة “اجروكيميالز”‬ ‫اإلرسائيلية عام ‪.1981‬‬ ‫رشكة “ستار سيدس ايجيبت”‪ :‬مديرها‬ ‫العام صالح سليامن محمد‪ ،‬وتستورد من‬ ‫“إرسائيل” الفلفل من نوع ماكايب‪.‬‬ ‫إضافة اىل هذه الرشكات يوجد أكرث‬ ‫من اربع رشكات يف مجاالت االلكرتونيات‬

‫‪61‬‬

‫مقرها‬

‫والصناعة واملجال املالحي‪.‬‬ ‫ولعل أهم الرشكات التي أنهت عملها‬ ‫يف مرص هي رشكة “بنزايون” واسمها‬ ‫االرسائييل “بن زايون” أي ابن صهيون كام‬ ‫تشري املعلومات والوثائق إىل أن ‪ 14‬دولة‬ ‫عربية أجرت خالل العام ‪ 2003‬مجموعة‬ ‫كبرية من عمليات التبادل التجاري مع الكيان‬ ‫الصهيوين حيث بلغ نحو ‪ 960.391‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬واحتلت اململكة األردنية الهاشمية‬ ‫املركز األول بقيمة إجاملية ‪ 200.131‬مليون‬ ‫ومرص يف املركز الثاين بإجاميل ‪160.84‬‬ ‫مليون‪.‬‬ ‫أمام كل هذه املعطيات تبدو مشاركة‬ ‫بعض األنظمة العربية واضحة يف ذبح‬ ‫بوسائل‬ ‫الفلسطيني‬ ‫العريب‬ ‫الشعب‬ ‫وطرق مختلفة‪ ،‬وميارس النظام الرسمي‬ ‫املرصي دور السياف الذي يرضب أعامق‬ ‫الفلسطينيني الذين اعتادوا عىل استقبال‬ ‫طعنات الخيانة والتآمر بصدور مفتوحة‬ ‫متلهفة بالشهادة‪ ،‬واألمر األكرث وضوحاً‬ ‫أن هناك دول عربية ال تزال تحافظ عىل‬ ‫وتقاوم‬ ‫الفلسطينية‬ ‫القضية‬ ‫مركزية‬ ‫السياسية‬ ‫الوسائل‬ ‫بشتى‬ ‫العدوان‬ ‫االقتصادية العسكرية‪ ،‬وخري دليل عىل‬ ‫هذا املتسوى القومي املتقدم الجمهورية‬ ‫العربية السورية واملقاومة اللبنانية‪.‬‬ ‫فيام سنعرض يف العدد القادم أحد‬ ‫أهم وأخطر االتفاقيات االستسالمية التي‬ ‫وقعتها الحكومة املرصية و”إرسائيل” وهي‬ ‫اتفاقية “الكويز” االقتصادية يف ‪2004/12/14‬‬ ‫والتي تعترب “كامب ديفيد” االقتصادية‪.‬‬

‫ماهر رسي الدين‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب عريب‬

‫االنتخابات التشريعية العراقية ضغوط‬ ‫أميركية لتمريرها مع غزو شركات النفط‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫نور املاليك‬

‫إياد عالوي وصالح املطلك‬

‫يبدو للوهلة األوىل أن املحتل األمرييك للعراق‬ ‫حريصاً عىل إجراء االنتخابات الترشيعية العراقية‬ ‫ونجاحها‪ ،‬فاإلدارة األمريكية أدلت بدلوها وبشكل‬ ‫واضح إذ بادرت اىل مامرسة نوع آخر من الضغوط‬ ‫بغية اإلرساع يف تحديد موعدها تحت عنوان‪“ :‬عىل‬ ‫العراقيني العمل إليجاد حل رسيع لالنتخابات‬ ‫الترشيعية”‪ ،‬وكان أبرز الداعني إىل هذا األمر نائب‬ ‫الرئيس االمرييك “جوزيف بايدن” الذي أعلن أن‬ ‫البيت األبيض قد تحدث مع مسؤولني عراقيني‬ ‫وشجعهم عىل التوصل إىل تسوية تكون‬ ‫“منصفة” لجميع األطراف وتتيح إجراء انتخابات‬ ‫وطنية طبقاً لتطلعات الشعب العراقي وملا ينص‬ ‫عليه دستور العراق‪ .‬وحسب املعلومات الرائجة‬ ‫يف األوساط السياسية يف بغداد‪ ،‬فإن أكرث‬ ‫الجهات التي دخلت عىل خط مساعي الوساطة‬ ‫الهادفة إىل ضامن إجراء االنتخابات هي مفوضية‬ ‫األمم املتحدة والسفارتان األمريكية والربيطانية‪،‬‬ ‫وقد وضعت تلك األطراف كل ثقلها للتوصل إىل‬ ‫اتفاق حول قانون االنتخابات وصوالً إىل حلول‬ ‫توافقية لقانون االنتخابات تجنباً لحدوث فراغ‬ ‫دستوري‪ ،‬وذهبت اإلدارة األمريكية اىل أبعد من‬ ‫ذلك‪ ،‬حني تعهدت خالل اتصاالتها مع كبار القادة‬ ‫العراقيني ضامن وزنهم يف املعادلة العراقية‬ ‫برصف النظر عن حجم التمثيل النيايب‪.‬‬ ‫وقال الناطق باسم البيت األبيض “روبرت‬ ‫غيبس‪ :‬إن الرئيس باراك اوباما ونائبه جوزيف‬ ‫بايدن جددا تأكيد التزام الواليات املتحدة البعيد‬

‫األمد يف العراق”‪ ،‬وما سبق هي مؤرشات توضح‬ ‫أن التعقيدات التي فرضها التوازن السيايس يف‬ ‫االنتخابات السابقة ‪ 2005‬ستحاول إعادة فرض‬ ‫نفسها يف االنتخابات املقبلة التي تقررت يف‬ ‫السابع من آذار ‪ 2010‬وعىل مستوى إعادة تشكيل‬ ‫الحكومة التي ال يتوقع أن تشهد تغيريات جوهرية‬ ‫يف خريطتها لجهة التقسيم الطائفي والعرقي‬ ‫للمناصب‪ ،‬مع إمكان حدوث تغيريات ملصلحة‬ ‫شخصيات جديدة قد تكون رئاسة الوزراء بينها‪.‬‬ ‫وأرىس القرار الذي أصدره الربملان العراقي‬ ‫قاعدة لطريقة احتساب املقاعد يف الربملان‬ ‫املقبل‪ ،‬بعد زيادة إىل (‪ )325‬مقعداً بعد أن كانت‬ ‫‪ 275‬مقعداً‪.‬‬

‫رضورة التغيري يف العراق‬ ‫إن منوذج العملية السياسية الذي فرض عىل‬ ‫العراقيني منذ االحتالل األمرييك للعراق عام‬ ‫‪ ،2003‬خدم املحتل االمرييك وادخل العراقيني‬ ‫يف لعبة ضارة يف مواجهة بعضهم البعض‬ ‫وأرض بالعراقيني وتسبب يف أحداث الفوىض‬ ‫واالنقسام‪ ،‬فالعملية السياسية انطلقت من‬ ‫توصيف خاطئ للعراق باعتباره بلد مكونات‪،‬‬ ‫ولذلك تركت الطائفية السياسية وأصبحت‬ ‫األحزاب والكيانات السياسية رهينة ألجندة‬ ‫املكونات دون اكرتاث بالهموم واملطالب الوطنية‬

‫‪62‬‬

‫املشرتكة التي وضعت عىل الرف ومل تعط‬ ‫االهتامم الكايف‪ ،‬واملصلحة الوطنية اليوم وبعد‬ ‫قراءة املشهد السيايس عىل مدى السنوات‬ ‫السبع املاضية تقتيض تغيري وصف العراق من‬ ‫دولة مكونات إىل عراق دولة املواطنة‪ ،‬ويف هذا‬ ‫املجال أكد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية‬ ‫“إن التغيري لن يتحقق يف إطار التنظري السيايس‬ ‫فقط‪ ،،‬بل ال بد من كرس االستقطاب العرقي‬ ‫والطائفي فعلياً يف إطار تشكيل أحزاب وكيانات‬ ‫سياسية عابرة للطوائف واألعراق واألديان”‪.‬‬ ‫ويرى الهاشمي أنه “علينا البحث عن‬ ‫مشرتكات تجمع كل الطوائف واألعراف واألديان‬ ‫وهذه جمعناها يف العقد الوطني‪ ،‬وها أنا أتحرر‬ ‫من حزبيتي الضيقة الهتم بالعراق كله”‪ ،‬وكان‬ ‫الهاشمي قد استقال قبل فرتة من أمانة الحزب‬ ‫اإلسالمي”‪.‬‬ ‫وخارطة الطريق التي ستعتمدها الجبهة‬ ‫املقبلة (الهاشمي وإياد عالوي) رئيس الوفاق‬ ‫العراقي‪ ،‬وصالح املطلك‪ ،‬رئيس جبهة الحوار‬ ‫الوطني‪ ،‬ورافع العيساوي‪ ،‬نائب رئيس الوزراء‬ ‫وأسامة النجيفي رئيس تجمع (عراقيون) ستكون‬ ‫منوذجاً لكيان سيايس رمبا سيشكل سابقة‬ ‫سياسية ملحة لصالح العراق”‪.‬‬ ‫مصادر االئتالف الوطني العراقي الذي يضم‬ ‫املجلس األعىل اإلسالمي بزعامة عامر الحكيم‬ ‫والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر‪ ،‬ذكرت أن‬ ‫نور املاليك رئيس (ائتالف دولة القانون) اشرتط‬

‫طارق الهاشمي‬

‫عامر الحكيم‬

‫مقتدى الصدر‬

‫الحصول عىل منصب رئاسة الوزراء مقابل‬ ‫التحالف‪ ،‬وتجري مفاوضات بني ائتالف املاليك‬ ‫والحكيم لخوض االنتخابات ضمن جبهة واحدة‬ ‫لكن بقامئتني منفصلتني‪ ،‬ومن جهة أخرى دعا‬ ‫املاليك العشائر إىل الوقوف إىل جانب الحكومة‬ ‫العراقية قائ ًال‪“ :‬إن كل ما نريد من العشائر أن‬ ‫تقف إىل جانب الدولة واألجهزة األمنية للحفاظ‬ ‫عىل اإلنجازات التي تحققت”‪ ،‬وكان املاليك قد دعم‬ ‫بشكل واسع ما أطلق عليه (مجالس األستاذ)‬ ‫العشائرية يف جنوب العراق لدعم الحكومة‬ ‫العراقية لتحقيق األمن‪ ،‬وتم تزويد تلك املجالس‬ ‫باألموال واألسلحة‪ ،‬غري أن قوى سياسية عراقية‬ ‫قالت أن أهدافا انتخابية وقفت وراء دعم العشائر‬ ‫للحصول عىل أصواتها يف انتخابات مجالس‬ ‫املحافظات التي جرت عام ‪ 2008‬والتي حقق فيها‬ ‫تحالف دولة القانون بزعامة املاليك فوزاً ساحقاً‪.‬‬ ‫عىل الرغم من أن االنتخابات القادمة ستشهد‬ ‫تعددية القوائم االنتخابية الكردية‪ ،‬لكن جميع‬ ‫القوى الكردستانية تتمسك بالثوابت القومية‬ ‫والوطنية وترى فيها الضامن للحفاظ عىل‬ ‫املكاسب الدستورية‪ ،‬وإدامة الدور الكردي‬ ‫الفاعل يف مراكز القرار يف بغداد‪ ،‬وحول املخاوف‬

‫التي تبديها األوساط الكردية من التحالفات‬ ‫السياسية الحالية وما بعد االنتخابات قال‬ ‫“كورست رسول عيل” نائب مسعود بارزاين يف‬ ‫رئاسة اإلقليم‪“ :‬التوازن السيايس مل يختل حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬ومن حق القوى العراقية أن تعقد تحالفاتها‬ ‫مبا يتوافق مع مصالحها‪ ،‬ولكن تبقى وحدة الصف‬ ‫الكردي واالتفاق عىل الثوابت األساسية هي‬ ‫الضامن األوحد”‪.‬‬

‫العاملية وإثراء النخب املحلية من التكنوقراط‬ ‫الذين يساعدون تلك الرشكات‪.‬‬ ‫وهناك مخاوف وقلق لدى العراقيني بشأن‬ ‫مستقبل رشكات النقط العراقية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فإن جوالت العروض النفطية وغزارة الرشكات‬ ‫النفطية العاملية يف ظل االحتالل االمرييك لن‬ ‫تؤدي إىل إعادة بناء وتنمية مستقلة لصناعة‬ ‫النفط والغاز الوطنية العراقية عىل العكس من‬ ‫ذلك‪ ،‬فإنها ستؤدي اىل تفكيك هذه الصناعات‬ ‫الوطنية وإعطاء السيطرة الحقيقية عىل هذه‬ ‫الصناعات لرشكات النفط العاملية‪ ،‬وذلك‬ ‫للمرة األوىل منذ عمليات التأميم يف منتصف‬ ‫السبعينات من القرن املايض‪ .‬إن خلق مؤسسات‬ ‫التشغيل امليدانية ما هو إال عملية إعطاء دور‬ ‫كبري لرشكات النفط العاملية يف صنع القرار‬ ‫ويف مراقبة جميع الحقول العمالقة وإدارتها‬ ‫وتشغيلها‪ ،‬ومن ثم إعطاءها السيطرة متاماً عىل‬ ‫املعروضة يف هذا العرض‪ ،‬مبا يف ذلك السيطرة‬ ‫عىل عمليات االستكشاف والتطوير واإلنتاج‪.‬‬ ‫والسؤال املطروح هل ستبقى هناك صناعات‬ ‫نفطية وطنية حقيقية يف العراق؟ أم يخفض دور‬ ‫رشكات النفط الوطنية العراقية يف املستقبل‪،‬‬ ‫يك ال يكون العراقي أكرث من مراقب لتطور‬ ‫العمل يف الحقول العمالقة التي ستكون إدارتها‬ ‫كاملة من جانب رشكات النفط العاملية؟‪.‬‬ ‫إن زيادة اإلنتاج بهذه الطريقة تؤدي خدمة‬ ‫ملصالح الواليات املتحدة وحكومات أوروبا الغربية‪،‬‬ ‫الذين يرغبون فقط يف رؤية العراق بوصفه مجرد‬ ‫دولة نفطية تعمل عن كثب مع رشكات الطاقة‬ ‫األجنبية االحتكارية لزيادة إمدادات النفط‬ ‫العاملية‪ ،‬وبحامية القوات األمريكية من أجل‬ ‫توفري األمن ملنابع النفط والغاز‪.‬‬

‫عودة الرشكات النفطية!!‬ ‫أعلن وزير النفط العراقي حسني الشهرستاين‬ ‫(فوز رشكات من جنسيات مختلفة بعقود‬ ‫لتطوير سبعة حقول نفطية)‪ ،‬وتعود هذه‬ ‫الرشكات إىل العراق للمرة األوىل منذ ثالثة عقود‬ ‫ونصف عقد‪ ،‬وتشمل عقود تلك الرشكات إدارة‬ ‫وتطوير اثنني من حقول الغاز وستة من حقول‬ ‫النفط العمالقة التي تنتج نحو(‪ )80‬يف املئة من‬ ‫مجموع ‪ 2.5‬مليون برميل من النفط الذي ينتجه‬ ‫العراق يف اليوم الواحد‪.‬‬ ‫إن مثل هذه الخطط ستؤدي إىل تحويل العراق‬ ‫إىل مضخة نفط وغاز لخدمة السوق النفطية‬

‫والسؤال‪ :‬هل يستقيم القول حول “حرص‬ ‫املحتل األمرييك عىل إنجاح االنتخابات العراقية‬ ‫وبناء عراق سيد وحر”‪.‬‬

‫أدهم محمود‬

‫حقول نفط عراقية‬

‫‪63‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب دويل‬

‫بعد عام على انتخابه‬ ‫«أوباما» يخ ّيب اآلمال في التغيير‬ ‫قبل عام تحديداً شهدت الواليات املتحدة فتح صفحة جديدة يف تاريخها‬ ‫مع انتخاب “باراك حسني اوباما” رئيساً للواليات املتحدة‪ ،‬وبينام مل يستلم‬ ‫الرئيس املنتخب منصبه رسمياً حتى كانون الثاين من العام املايض‪ ،‬فان‬ ‫الكثري من سياساته وعمله انطلق من يوم ‪ 4‬ترشين الثاين ‪ 2008‬عندما‬ ‫حصل عىل تأييد ‪ 52.5‬يف املائة من الناخبني األمريكيني‪ ،‬وقد شهد العام‬ ‫املايض ارتفاع شعبيته وتراجعها يف فرتات مختلفة‪ ،‬لتقف اليوم بنسبة‬ ‫‪ ،%53‬بعدما كانت قد وصلت اىل ‪.%69‬‬ ‫وبينام يحتفل “اوباما” بالعام األول منذ انتخابه يواجه يف الوقت نفسه‬ ‫تحديات كبرية‪ ،‬فهناك تحديات داخلية وعىل رأسها العمل عىل إصالح نظام‬ ‫الرعاية الصحية‪ ،‬إضافة اىل تحديات خارجية وخصوصاً الحرب يف أفغانستان‪،‬‬ ‫وعىل الرغم من وصول “اوباما” اىل البيت األبيض بأجندة تغيري واسعة‪ ،‬فإن‬ ‫الكثري من سياسات التغيري ما زالت بحاجة اىل التطبيق‪.‬‬ ‫وميكن القول أن تراجع شعبية الرئيس “اوباما” تعود يف املقام األول‬ ‫إلغفاله لتطلعات الشعب االمرييك يف جعل شعار حملته االنتخابية‬ ‫“التغيري الذي نؤمن به” حقيقة واقعة‪ ،‬وتبنّيه لسياسات مشابهة للنهج‬ ‫الذي اتبعه سلفه “جورج بوش” ال سيام تجاه أوضاع القوات األمريكية يف‬ ‫العراق وأفغانستان وهو ما يضع الحزب الدميقراطي الذي ينتمي إليه يف مأزق‬ ‫سيايس قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس‪ ،‬ويجعل مراجعة‬ ‫السياسات األمريكية عىل املستوى الخارجي أحد أهم اإلجراءات التي ينبغي‬ ‫عىل إدارته االهتامم بها‪.‬‬ ‫فعىل صعيد السياسات الخارجية يرى املحللون السياسيون أنه عىل الرغم‬ ‫من الخسائر األمريكية يف أفغانستان واسرتاتيجية اإلدارة األمريكية للتصدي‬ ‫لحركة طالبان‪ ،‬استمر “اوباما” يف تبني النهج الذي اتبعه سلفه “جورج‬ ‫بوش” املتمثل يف زيادة عديد القوات األمريكية يف أفغانستان‪ ،‬ويف السياق‬ ‫نفسه‪ ،‬استمرت األوضاع السياسية واألمنية يف العراق غري مستقرة عىل‬ ‫الرغم مام بذلته إدارته من جهود‪ ،‬حيث ال تزال الخالفات محتدمة بني التكتالت‬ ‫السياسية املختلفة يف العراق حول تعديالت قانون االنتخابات الربملانية‪ ،‬ومن‬ ‫ثم ربطت الواليات املتحدة سحب قواتها بصورة نهائية من العراق بإمكان‬ ‫تأجيل االنتخابات العراقية إثر الخالفات الحادة بني األطراف العراقية‪ .‬وفيام‬ ‫يتعلق بالقضية الفلسطينية‪ ،‬فقد فشل “اوباما” يف إقناع أو إجبار “إرسائيل”‬ ‫عىل وقف بناء املستوطنات كخطوة أساسية متهيدا للبحث عن حل نهايئ‬ ‫للنزاع‪ ،‬وازداد األمر تعقيداً بعدما رفضت الدول العربية تقديم بعض التنازالت‬ ‫حول التطبيع الجزيئ مقابل اجتذاب “نتنياهو” اىل حلبة النقاش‪.‬‬ ‫فالعامل العريب أصيب بصدمة كبرية‪ ،‬وليس فقط بخيبة أمل‪ ،‬حني رأى‬ ‫رئيس أقوى دولة يف العامل يرتاجع بشكل مذل ومهني أمام رجل يف حجم‬ ‫“نتنياهو” حني رفض التجاوب مع مطالب املجتمع الدويل بوقف كل أشكال‬ ‫االستيطان يف الضفة الغربية مبا فيها القدس الرشقية‪ .‬وأكرث من ذلك هناك‬ ‫من الدالئل التي تشري اىل أن “إرسائيل” رميا تكون نجحت بالفعل يف تغيري‬ ‫التوجهات الرئيسية لسياسة اإلدارة األمريكية الجديدة تجاه الرشق األوسط‬ ‫عن طريق إقناعها بأن الربنامج النووي اإليراين‪ ،‬وليس القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫هو مصدر التهديد الرئييس للمصالح األمريكية يف املنطقة‪.‬‬

‫تغيري حقيقي يف الداخل يقل معه نفوذ جامعات الضغط‪ ،‬ويزيد من‬ ‫الشفافية الحكومية‪ ،‬إال أنه وبعد عام عىل انتخابه‪ ،‬تزداد دعوى التشكيك‬ ‫فيام حققه “أوباما” حتى اآلن‪ ،‬ويزداد التشكيك يف استمرار استخدامه‬ ‫عبارات تطالب بالتغيري الذي مل يأت هو به بعد‪.‬‬ ‫وميثل ملف الرعاية الصحية أحد أهم األمثلة عىل اإلشكاليات الداخلية‬ ‫التي تواجهه بعدما حاول التصدي الفتقاد ‪ 47‬مليون أمرييك للرعاية‬ ‫الصحية والزيادة يف التكلفة والتي وصلت عام ‪ 2007‬اىل حوايل ‪ 2.4‬تريليون‬ ‫دوالر‪ ،‬من خالل خطة لإلصالح تتضمن إنشاء برنامج للتامني الصحي ترعاه‬ ‫الحكومة األمريكية ويكون بوسع أي مواطن أمرييك االنضامم إليه‪ ،‬ووضع‬ ‫قيود عىل رشكات التأمني إلنهاء مامرستها التعسفية ضد األمريكيني‪ .‬وأثار‬ ‫نهج “اوباما” يف هذا الصدد جدالً واسع النطاق يف الواليات املتحدة حول‬ ‫الدور الذي ستلعبه الحكومة الفيدرالية يف تنفيذ هذه الخطة واحتامالت‬ ‫زيادة عجز امليزانية بنحو ‪ 293‬مليار دوالر خالل السنوات العرش املقبلة‪،‬‬ ‫وبدأ الجمهوريون واليمني املحافظ ووسائل اإلعالم املرتبطة بهام يف انتقاده‬ ‫وتنظيم مسريات احتجاجية لالعرتاض عىل مرشوعه للرعاية الصحية‬ ‫بدعم من رشكات التأمني الكربى صاحبة املصلحة يف إفشال املرشوع‪.‬‬ ‫ويف نفس السياق التزال تداعيات األزمة املالية العاملية القضية األوىل التي‬ ‫تأيت عىل رأس أجندة الرئيس “أوباما” والتي يوليها القدر األكرب من االهتامم‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من جهوده‪ ،‬فإن أوضاع االقتصاد األمرييك التزال غري مستقرة‪،‬‬ ‫حيث وصلت البطالة إىل أعىل مستوى لها يف ‪ 26‬عاماً متخطية نسبة‬ ‫‪ ،%9.8‬وأعلنت رشكات صناعة السيارات األمريكية مثل رشكة “فورد وجرنال‬ ‫موتورز” عن تقليص العاملة وإغالق عدد من فروعها وهو ما تواكب مع تجاوز‬ ‫عجز املوازنة األمريكية لعام ‪ 2009‬حوايل ‪1.8‬ترليون دوالر‪ .‬ويف مواجهة‬ ‫تداعيات األزمة املالية آثر “أوباما” اللجوء آلليات التدخل املبارش مثل الدعم‬ ‫املايل للرشكات والبنوك املتعرثة مالياً أو قيامها برشاء الرشكات واملؤسسات‬ ‫املالية التي تعلن إفالسها مام أثار تحفظات وانتقادات التيار املحافظ يف الواليات‬ ‫املتحدة بالنظر اىل تصاعد دور الدولة يف تنظيم وإدارة االقتصاد‪ ،‬وتجددت‬ ‫تلك االنتقادات مع إعالن “اوباما” عن تقدمه مبقرتح ترشيع للكونغرس إلنشاء‬ ‫مجلس تنظيمي للرقابة عىل البنوك واملؤسسات التمويلية وال سيام ما‬ ‫يتعلق بأنشطة القروض واإلبداع واالحتياطات املالية‪.‬‬

‫«أوباما» يف الداخل‬ ‫يرى الكثري من الخرباء داخل الواليات املتحدة ان إدارة “اوباما” تسعى إلحداث‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪64‬‬

‫من الواضح ان “اوباما” يجد صعوبة هائلة يف تغيري‬ ‫األداء السيايس االمرييك بسبب وجود دور بارز لجامعات‬ ‫الضغط الذي يعكر صورة مامرسة السياسة خاصة داخل‬ ‫أروقة الكونغرس‪ .‬فاللويب يتبنى سياسة التخويف‬ ‫وميارسها بالفعل عىل العديد من أعضاء مجلس النواب‬ ‫بصورة ناجحة للغاية‪ ،‬وبسبب تكرار االنتخابات كل‬ ‫عامني‪ ،‬ال يخاطر أغلب النواب بتبني مشاريع وقرارات‬ ‫دراماتيكية تعارض الوضع القائم بدءاً من التأمني‬ ‫الصحي وصوالً لقضايا الرصاع العريب – اإلرسائييل‪.‬‬ ‫مام اضطر “اوباما” للرضوخ للكثري من الضغوط‬ ‫داخل حزبه وخارجه‪ ،‬ومل يعرب خالل السنة االوىل من‬ ‫عهده عن مالمح فلسفة واضحة لحكمه‪ ،‬فمن اليسار‬ ‫باملعايري األمريكية بدأ بنداء لتوفري تامني صحي جزءاً‬ ‫منه حكومي وللجميع‪ ،‬وصوالً ألقىص درجات دعم قطاع‬ ‫األعامل الخاص االمرييك بأموال دافعي الرضائب‪ ،‬وهو ما‬ ‫أدى الحقاً اىل مقاومة الجمهوريني لرغبته يف دور اكرب‬ ‫للحكومة يف إدارة االقتصاد‪.‬‬ ‫وزاد من صعوبة مواقفه اكتساح الجمهوريني االنتخابات‬ ‫التي أجريت الختيار حاكمي واليتي فرجينيا ونيوجريس‪،‬‬ ‫والذي تواكب مع الذكرى األوىل لنجاح باراك “أوباما” يف‬ ‫االنتخابات الرئاسية‪.‬‬ ‫جيش أجنبي‪.‬‬ ‫ورأى البعض أن تحديد موعد لالنسحاب خطأ اسرتاتيجياً‪ ،‬ويرسل رسائل‬ ‫محبطة لحلفاء واشنطن األفغان مفادها أن الواليات املتحدة (كالعادة)‬ ‫عازمة عىل التخليّ عن أعوانها يف منتصف الطريق‪ ،‬أما بالنسبة لطالبان‬ ‫فإن ذلك املوعد يعني أن ما يفصلها عن النرص اليتجاوز ‪ 18‬شهراً‪ ،‬وعليها‬ ‫أن تقضيها إما يف املناورة وتفعيل حرب “الغريلية” (العصابات)‪ ،‬أو بتصعيد‬ ‫وترية الهجامت وتوجيه رضبات نوعية إلجهاض أي آمال أمريكية يف إدراك‬ ‫النرص‪ .‬واالنتقادات املوجهة لالسرتاتيجية ر ّكزت كذلك عىل عدم واقعية‬ ‫مهلة الـ ‪ 18‬شهراً‪ ،‬فام عجزت القوات األمريكية عن إنجازه يف ‪ 98‬شهراً‪ ،‬لن‬ ‫تستطيع أن تنجزه يف هذه املهلة القليلة‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن إدارة “أوباما” تسعى بقوة لرتويج هذه االسرتاتيجية‬ ‫بوصفها جز ًءا من تحرك دويل واسع‪ ،‬بدعوى أن الفشل يف أفغانستان سيجر‬ ‫تبعات لن تقترص فقط عىل الواليات املتحدة‪ ،‬وإن هزمية طالبان والقاعدة‬ ‫ليست مرشوعاً أمريكياً خاصاً‪ ،‬لكنه هدف يلتقي حوله تحالف دويل كبري‪،‬‬ ‫فدول مثل أملانيا وتركيا وفرنسا تضع قيوداً صارمة عىل تحركات قواتها‪،‬‬ ‫ومتنعها من االشرتاك الفعيل يف القتال ضد طالبان وليقترص دورها عىل‬ ‫املهام اللوجستية‪.‬‬ ‫وهذا ما يعني أن مهمة القتال سوف تقترص بشكل عميل عىل‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬التي ستبلغ قواتها مع اكتامل وصول الجنود اإلضافيني‬ ‫نحو ‪ 100‬ألف جندي‪ ،‬إضافة اىل بريطانيا التي تنرش نحو ‪ 10‬آالف‬ ‫جندي‪ ،‬وفور إعالن أوباما عن اسرتاتيجيته الجديدة‪ ،‬تعهّدت حركة طالبان‬ ‫بتصعيد هجامتها عىل القوات الدولية‪ ،‬وأن الحركة مستعدة للرد عىل‬ ‫هذه التعزيزات األمريكية وسيتم تدمري هذه القوات مؤ ّكدة امتالك خطة‬ ‫مامثلة ملواجهة الواليات املتحدة وحلفائها‪ ،‬ويف نفس السياق تواجه هذه‬ ‫االسرتاتيجية اختباراً صعباً جداً‪ ،‬وأن ما فعله أوباما هو تحطيم جميع‬ ‫اآلمال واألحالم التي ع ّلقها عليه ماليني البرش داخل الواليات املتحدة‬ ‫وخارجها‪ ،‬فال جدال يف أن هناك قوى رسمية وشعبية يف العامل بدأت‬ ‫تفقد ثقتها يف قدرته عىل إحداث التغيري املنشود يف سياسة الواليات‬ ‫املتحدة تجاه قضايا كثرية جداً‪ ،‬خصوصاً يف أفغانستان والرشق األوسط‬ ‫وامللف النووي اإليراين‪.‬‬

‫«أوباما» يف الخارج‬ ‫كل ما أنجزه “جورج بوش” ومحافظيه الجدد هو إغراق الواليات املتحدة‬ ‫يف وحول العراق وأفغانستان‪ ،‬وسبب فوز الرئيس “أوباما” يف االنتخابات هو‬ ‫قطعه وعد لشعبه بسحب القوات األمريكية من العراق‪ ،‬والرتكيز عىل‬ ‫زجت بالده ودول‬ ‫كسب الحرب يف أفغانستان رغم علمه بأن إدارة “بوش” قد ّ‬ ‫حلف “الناتو” يف نفق مظلم بات الخروج منه شبه مستحيل‪.‬‬ ‫لذلك يرى “أوباما” اليوم أن حسم الحرب يف أفغانستان هو وهم كبري مهام‬ ‫بدّل ون ّوع من االسرتاتيجيات أو غيرّ وبدّل من الضباط والقيادات‪ ،‬ويف نفس‬ ‫الوقت مياطل بسحب قواته من العراق يك يتفادى غضب اليمني املحافظ‬ ‫واللويب الصهيوين‪ .‬ولقد خصص الكثري من الوقت للقضية األفغانية‪،‬‬ ‫ودعا أصواتاً متباينة يك تتناقش أمامه من مسؤولني سياسيني وعسكريني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل الرئيس وكبار مستشاريه يدرسون تقارير استخباراتية‪ ،‬ومل يكن يشعر‬ ‫بالرىض وطرح سلسلة من التساؤالت‪ :‬هل تحتاج الواليات املتحدة لهزمية‬ ‫حركة طالبان يك تهزم القاعدة؟ هل ميكن أن تثمر اسرتاتيجية مكافحة‬ ‫التم ّرد داخل أفغانستان يف ضوء املشكالت التي تعانيها الحكومة هناك؟‬ ‫وإذا استعادت حركة طالبان السيطرة عىل أفغانستان‪ ،‬هل سيأيت الدور‬ ‫عىل باكستان التي لديها أسلحة نووية؟‬ ‫من الواضح أن “أوباما” يريد أن يخرج من املأزق الذي يشبه الطريق املسدود‬ ‫ويبحث عن أجوبة‪ ،‬لذلك أق ّر بأن قرار إرسال ثالثني ألف جندي لتعزيز القوات يف‬ ‫أفغانستان مع تحديد شهر متوز ‪ 2011‬موعداً لالنسحاب‪ ،‬كان القرار األصعب‬ ‫منذ وصوله إىل البيت األبيض‪ ،‬وأ ّكد أن الواليات املتحدة ستكون بحاجة اىل‬ ‫املزيد من التعاون مع باكستان ملكافحة القاعدة‪ ،‬وأن املناطق القبلية شامل‬ ‫غرب باكستان واملجاورة ألفغانستان والتي ال تبسط فيها إسالم أباد نفوذها‬ ‫متثل مركز التطرف العنيف الذي يستهدف الواليات املتحدة‪ .‬لكن الجدل‬ ‫بقي يتصاعد يف األيام األخرية حول هذه االسرتاتيجية الجديدة‪ ،‬وخاصة‬ ‫فيام يتع ّلق بتحديد موعد لالنسحاب‪ ،‬وكون الحرب يف أفغانستان غري‬ ‫شعبية بسبب غياب أي مؤرشات ملموسة لنرص يلوح يف األفق القريب‪،‬‬ ‫دفع “أوباما” للموازنة بني رغبة قادته العسكريني يف الدفع مبزيد من القوات‬ ‫إلدراك ما يرونه نرصاً ممكناً‪ ،‬وبني الرغبة الشعبية يف وضع نهاية إلنفاق نحو‬ ‫ملياري دوالر شهرياً‪ ،‬سعياً وراء نرص مل متنحه جبال أفغانستان يوماً ألي‬

‫رونالد حمدان‬

‫‪65‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫ديب هي واحدة من اإلمارات السبع التي تشكل‬ ‫اإلمارت العربية املتحدة‪ ،‬واإلمارة الوحيدة التي‬ ‫متتلك احتياطات جيدة من النفط والغاز هي‬ ‫أبو ظبي‪ ،‬وبالتايل هي املسيطرة عىل اإلمارات‬ ‫وخاصة فيام يتعلق بالدفاع والسياسية الخارجية‬ ‫منذ تشكيل اإلمارات عقب االنسحاب الربيطاين‬ ‫من الخليخ عام ‪.1971‬‬ ‫ورغم ذلك بقيت ديب تتمتع ببعض االستقالل‬ ‫الذايت عىل ضوء التجربة الطويلة واملتميزة ملدينة‬ ‫ديب كميناء عىل الخليج‪ ،‬وحتى عند وضع الدستور‬ ‫تم األخذ بعني االعتبار االستقالل‬ ‫الدائم لإلمارات ّ‬ ‫الذايت لكل إمارة من حيث إدارة مواردها الذاتية‬ ‫وحرية منوذج التنمية الذي تختاره‪.‬‬ ‫وكانت ديب قد تخلت عن قوات األمن الخاصة‬ ‫بها وس ّلمت مهمة الدفاع للحكومة االتحادية‪،‬‬ ‫وقد فرس املراقبون تلك الخطوة بأنها تهدف اىل‬ ‫التخليّ عن هذه املهمة املكلفة مالياً ليك تتفرغ‬ ‫ملرشوعها االقتصادي‪ ،‬الذي وضعها يف موضع‬ ‫“املعجزة االقتصادية”‪ ،‬خصوصاً أن ال نفط لديها‪،‬‬ ‫جسدت الحداثة وسط الصحراء مبوارد‬ ‫وبالتايل‬ ‫ّ‬ ‫محدودة‪ ،‬ما جعلها تنجح يف أن تصبح مركزاً‬ ‫ألهم الرشكات العاملية‪ ،‬ومحط أنظار كبار رجال‬ ‫املال‪ ،‬مش ّكلة بذلك املثال األساس يف نجاح‬ ‫العوملة وأهمية الليربالية االقتصادية‪.‬‬ ‫فديب هزمت هونغ كونغ وسنغافورة‪ ،‬من‬ ‫خالل بناءها ألضخم الناطحات وأعظم جزيرة‬ ‫اصطناعية‪ ،‬وأعىل برج وأضخم فندق يف‬ ‫العامل‪ ،‬ما دفع مدن الخليج األخرى اىل تقليدها‪،‬‬ ‫واملثال الذي يثبت كل اآلليات التي باتت تتبعها‬ ‫الرأساملية وهي تحرر الفضاء املايل‪.‬‬

‫نهاية النجاح‬ ‫ومع نشوب األزمة املالية العاملية العام املايض‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تراجعت شهية املستثمرين لالستثامر يف‬ ‫ديب وبدأت بوادر األزمة التي تواجهها‪ ،‬ألن أغلب‬ ‫املشاريع القامئة كانت بحاجة اىل متويل عىل‬ ‫املدى القصري‪ ،‬وحاولت الحكومة خالل العام الجاري‬ ‫إيجاد مصادر متويل دولية لهذه املشاريع لكنها‬ ‫أخفقت يف ذلك‪.‬‬ ‫تفادت ديب األزمة بفضل الدعم املادي املحدود‬ ‫الذي تلقته من حكومة أبو ظبي أوائل هذا العام‬ ‫والشهر الجاري‪ ،‬والتي كان آخرها منحة بلغت ‪10‬‬ ‫مليارات دوالر نقداً‪ ،‬كمساعدة لتجاوز التأخريات‬ ‫يف سداد الديون‪ ،‬بالرغم من أنه يف بادئ األمر‪،‬‬ ‫رفضت األخرية إنقاذ ديب مالياً بشكل كامل‪،‬‬ ‫فاتجهت األنظار اىل العالقة بني اإلمارتني‪ ،‬فإذا‬ ‫مل تبادر أبو ظبي اىل تقديم الدعم املايل لديب‬ ‫تعترب األخرية يف طريقها اىل اإلفالس‪ ،‬ما دفع‬ ‫حاكم ديب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اىل‬ ‫توبيخ الصحفيني الذين تحدثوا عن أبو ظبي وديب‬ ‫باعتبارهام إمارتني منفصلتني كام أن آل مكتوم‬ ‫وحكام أبو ظبي آل نهيان لهام نفس الجذور‬ ‫العشائرية‪ ،‬حيث تنتميان اىل بني ياس‪.‬‬ ‫لكن عالقة العائلتني ال تخلوا من الرصاع‬ ‫والحروب حيث انفصلت ديب عام ‪ 1833‬عن ابو ظبي‬ ‫ولجأت اىل الحامية الربيطانية‪ ،‬ويف أربعينيات‬ ‫القرن املايض نشب رصاع مسلح بني اإلمارتني‪.‬‬ ‫كام أن هناك تنافسا بني اإلمارتني حيث أقامت‬ ‫كل منهام الخطوط الجوية الخاصة بها‪.‬‬ ‫والشك أن تأثري األزمة سينعكس عىل الكثريين‬ ‫يف ديب‪ .‬فهناك حالياً آالف العامل وخاصة من‬ ‫اآلسيويني عالقني يف ديب ال يستطيعون السفر‬ ‫وسيزداد عددهم مع توقف العمل يف مزيد من‬ ‫املشاريع‪.‬‬ ‫كام سيخرس املزيد من املوظفني من الدول‬ ‫الغربية وظائفهم يف اإلمارة إضافة اىل تكبد‬ ‫املستثمرين يف القطاع العقاري فيها خسائر‬

‫‪66‬‬

‫دبي‪...‬‬ ‫هل تبقى‬ ‫لؤلؤة‬ ‫الخليج؟‬ ‫فادحة بسبب تراجع أسعار العقارات بشدة‪.‬‬ ‫“الفقاعة” انفجرت أخرياً‪ ،‬وتبينّ أن رشكة‬ ‫واحدة من رشكاتها تعاين من أزمة مديونية تبلغ‬ ‫‪ 59‬مليار دوالر‪ ،‬وأن مجموعها يصل اىل حوايل‬ ‫‪ 80‬مليار دوالر‪ ،‬فقد تبينّ أن رشكة ديب العاملية‬ ‫وفرعها رشكة النخيل عاجزة عن سداد مبلغ ‪3.5‬‬ ‫مليارات دوالر مستحقة‪ ،‬واألخطر هو أن اإلمارة‬ ‫أعلنت بأنها لن تحمي الرشكة (التي ال تعود اىل‬ ‫اإلمارة)‪ ،‬وح ّملت الدائنني مسؤولية ما جرى‪ ،‬رمبا‬ ‫ألنها اتكأت عىل ارتباط الرشكة باإلمارة‪.‬‬

‫تتوسع‪ ،‬حيث بدا أن اإلمارة‬ ‫وبدأت التداعيات‬ ‫ّ‬ ‫تسري نحو اإلفالس‪ ،‬وتأثرت بنوك أساسية يف كل‬ ‫من بريطانيا وأملانيا وفرنسا‪ ،‬وبدأت آليات االنهيار‬ ‫تصيب األسواق املالية يف الهند والقاهرة وقطر‪،‬‬ ‫إضافة اىل األسواق األوروبية‪ ،‬ويف ما ييل ميكن‬ ‫تل ّمس كيف أن انفجار الفقاعة يف ديب انعكس‬ ‫عىل مناطق واسعة من بريطانيا اىل الهند و “وول‬ ‫سرتيت”‪ :‬فرشكة ديب العاملية مدينة اىل البنوك‬ ‫الربيطانية مببلغ ‪ 50‬مليار دوالر‪ ،‬والفرنسية ‪11.3‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬واألملانية ‪ 10.6‬مليارات‪ ،‬والواليات‬ ‫املتحدة ‪ 10.6‬مليارات واليابان ‪ 9‬مليارات‪ ،‬إضافة‬ ‫اىل تأثري االنهيار عىل رؤوس األموال املوظفة‬ ‫من أطراف مختلفة‪ ،‬وكذلك أ ّثر االنهيار عىل‬ ‫استثامرات اإلمارة عىل الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫والديون التي تتعرض لها مجموعة ديب‬ ‫العاملية‪ ،‬وبعض الرشكات األخرى هي مفرزات‬ ‫طبيعية لألزمة املالية العاملية‪ ،‬التي رضبت‬ ‫أقوى الدول وأعتى االقتصادات ومل تسلم منها‬ ‫أي سوق‪ ،‬وكل سوق تأ ّثر مبقدار تطوره وتعاونه‬ ‫وانفتاحه عىل الدول األخرى‪.‬‬

‫مبلغاً يراوح بني ‪13‬و‪ 17‬مليار دوالر ُيستحق يف‬ ‫العام املقبل‪ ،‬وقدّرت وكالة “ستاندرا آند بورز”‬ ‫للتصنيف أن هناك ‪ 50‬مليار دوالر يتعينّ سدادها‬ ‫بحلول عام ‪.2012‬‬ ‫هذه املديونية الهائلة جاءت نتيجة لعملية‬ ‫توسع جريئة شهدتها ديب يف األعوام األخرية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جعلت رشكات تطوير التجارة والنقل والسياحة‪،‬‬

‫ضعف االقتصاد اإلمارايت كثرياً‪ ،‬فبعد‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫نسبة منو بلغت ‪ %6.3‬و ‪ %7.4‬يف العامني‬ ‫املاضيني‪ ،‬غرقت األرقام باألحمر يف العام ‪2009‬‬ ‫ليتق ّلص الناتج بنسبة ‪ ،%0.1‬والسبب يف ذلك‬ ‫يعود يف الدرجة األوىل اىل األزمة املالية العاملية‬ ‫التي كشفت خيبات الفقاعات يف املنطقة‬ ‫متاماً‪ ،‬وبالتايل خيبات العوملة غري املسؤولة‪،‬‬ ‫التوسعية التي أدّت اىل‬ ‫والسياسات اإلئتامنية‬ ‫ّ‬ ‫وصول دين ديب اىل ‪ 100‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫إن عبء الديون هو الذي أثار معظم القلق‬ ‫بشأن مستقبل ديب‪ ،‬فبعد ذروة االقرتاض‬ ‫كانت الحكومة تحاول‪ ،‬حتى قبل األزمة‪ ،‬أن تجمع‬ ‫الرشكات تحت قيادة مؤسسة ديب العاملية‪،‬‬ ‫يك تضمن سيطرة أفضل عىل الشؤون املالية‪،‬‬ ‫ويشمل الدين اإلجاميل لديب الذي يبلغ نحو ‪80‬‬ ‫أو ‪100‬مليار دوالر‪ ،‬قرابة ‪ 19‬مليار دوالر مرتتبة عىل‬ ‫وزارة املالية ومؤسسة ديب العاملية‪ ،‬و‪ 22‬مليار‬ ‫دوالر مرتتبة عىل ديب العاملية‪ ،‬و ُيعتقد أن هناك‬

‫مثل مؤسسة ديب العاملية للموانئ أن تضع‬ ‫بصمتها عىل الساحة العاملية‪ ،‬وعرب إقامة‬ ‫سلسلة من املناطق الحرة التي يختص كل منها‬ ‫بقطاع معينّ ‪ ،‬استقطبت ديب خاللها العديد من‬ ‫الرشكات األجنبية لرشاء العقارات يف بعض‬ ‫األحياء الخاصة ما ز ّود املنطقة باملزيد من األموال‪،‬‬ ‫وجعل ديب تنجرف مع النجاح الذي ح ّققته‪،‬‬ ‫فشجعت القامئني عىل رشكات الحكومة اإلتيان‬ ‫ّ‬ ‫تم متويل كثري منها بالدين‪،‬‬ ‫بأفكار ومشاريع جديدة‪ّ ،‬‬ ‫كام أسست بعض املجموعات العمالقة رشكات‬ ‫استثامرية وعقارية أخذت تنافس بعضها بعضاً‪،‬‬ ‫وقامت بعدئ ٍذ بتأسيس رشكات تابعة لها دُفعت‬ ‫هي األخرى للتنافس فيام بينها‪ .‬وعندما أصبح‬ ‫هناك ما ال يعد وال يحىص من املشاريع العقارية‪،‬‬ ‫فقدت الحكومة القدرة عىل متابعة األوضاع‬ ‫املالية الخاصة بالرشكات التي تسيطر عليها‪،‬‬ ‫وعندما رضبت األزمة املالية رضبتها‪ ،‬كانت‬

‫االنهيارات غير المعلنة في الشركات‬ ‫استغنت «ديب للعقارات» عن خدمات ‪ 250‬موظفاً الشهر الفائت‪ ،‬والكثري من الرشكات‬ ‫الكربى ً‬ ‫أيضا حذت الفعل نفسه منها‪« :‬سام ديب» رسحت حوايل ‪ 300‬موظفاً‪ ،‬أما «إعامر»‬ ‫فقد رصفت حوايل‪ 500‬من موظفيها‪ ،‬و»نخيل» ‪ 500‬موظفاً ‪ ،‬فيام رسحت «باريس غالريي»‬ ‫‪ 100‬عامل‪ ،‬رشكة «إنجاز» رصفت حوايل ‪ 70‬موظفاً ‪ ،‬أما رشكة «أرابتك» فقد استغنت‬ ‫عن ‪ 200‬موظفاً ‪ ،‬و»تعمري» رسحت ‪ 300‬موظفاً‪ ،‬فيام رصفت «داماك» منذ شهرين حوايل‬ ‫‪ 200‬من عاملها‪ ،‬مؤسسة «بن هندي» ‪ 100‬موظفاً‪ ...‬وقد تم إغالق عدة محالت يف «السيتي‬ ‫سنرت»‪.‬‬ ‫السوق العقارية من أوىل ضحاياها‪ ،‬إذ خرست‬ ‫‪ %50‬من قيمتها‪ ،‬ما ع ّرض نوعية موجودات‬ ‫البنوك للخطر‪.‬‬ ‫مام جعل خرباء االقتصاد يل ّمحون اىل نوع‬ ‫من التآمر للتأثري يف ديب واإلمارات العربية‬ ‫وأسواقها‪ ،‬ويف النهضة االقتصادية فيها‪ ،‬وهو ما‬ ‫أراده الغرب من خالل تضخيم املشكلة وإعطاءها‬ ‫ّ‬ ‫يعظم الدور االقتصادي‬ ‫صفة الكارثية حتى ال‬ ‫والتنموي الذي مت ّثله هذه اإلمارة الصغرية عىل‬ ‫مستوى االقتصاد العاملي‪ ،‬وليكبح جامحها يف‬ ‫النمو املطرد ألنها استطاعت مقاومة تيار األزمة‬ ‫العاملية الجارف ألكرث من سنة‪ ،‬وهذا بالتأكيد جعل‬ ‫الدول العظمى صغرية أمام عظمة اإلمارة التي‬ ‫ستجعل من خالل استقرارها ومنوها املستثمرين‬ ‫وأصحاب رؤوس األموال يتدافعون نحو االستقرار‬ ‫الذي تحققه ديب‪ ،‬وبالتايل اىل توظيف أموالهم‬ ‫فيها‪.‬‬

‫ديب‪ :‬مشاهد من واقع بعد‬ ‫الصدمة‬

‫‪67‬‬

‫بالرغم من أن مرشوعات إنشائية كثرية قد‬ ‫تم إطالق مرتو ديب‪ ،‬وال أحد‬ ‫توقفت يف ديب‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ينكر أن األزمة طالت كل يشء‪ ،‬وطبعا قطاع‬ ‫اإلعامر والعقارات الذي وصل الحال فيه اىل األسوأ‬ ‫رمبا مع نهاية العام املايض وبداية العام الحايل‪.‬‬ ‫ويف مجال اإلنشاءات فإن العمل يبدو متباطئا‬ ‫يف كثري من املواقع ورمبا توقف يف بعضها‪.‬‬ ‫أضف اىل رجال أعامل انطلقوا بسياراتهم‬ ‫وتركوها يف ساحة املطار‪ ،‬تاركني كل يشء‬ ‫وراءهم مبا يوحي مبشهد الفرار من السفينة‬ ‫الغارقة وأن ديب أصبحت منطقة طاردة ملن فيها‬ ‫ال جاذبة لهم‪.‬‬ ‫آخرون ممن يعملون يف ديب يشكون من معاناة‬ ‫ارتفاع األسعار وخفض أو تجميد املرتبات وإرصار‬ ‫بعض األزواج عىل البقاء وحيدين يف ديب وعودة‬ ‫الزوجة واألبناء اىل بالدهم توفريا للنفقات‪.‬‬ ‫كام بدأت رشكات تطوير كربى يف ديب ترسيح‬ ‫عاملة وتقليص مرشوعات‪ ،‬وأوقف بنك اإلمارات‬ ‫ديب الوطني‪ ،‬منح ائتامن ملوظفي رشكات تواجه‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫مخاطر‪ ،‬بينام أوقفت رشكة إقراض عقاري كربى‬ ‫واحدة عىل األقل اإلقراض كليا‪.‬‬ ‫ويخىش املستثمرون أن يواجه األفراد‬ ‫واملؤسسات عىل السواء مشكالت يف سداد ديون‬ ‫ديب غري املرصفية واملقومة بالعملة األجنبية‬ ‫والتي قدّرتها مؤسسة فيتش للتصنيف‬ ‫االئتامين بأقل قليال من ‪ 70‬مليار دوالر‪.‬‬

‫تأثريات األزمة عىل لبنان‬ ‫ما حصل يف ديب سيلفت االنتباه إىل مديون ّية‬ ‫ّ‬ ‫كل دول املنطقة‪ ،‬وقد يكون ما حصل جرس إنذار‬ ‫ملن يريد أن يعترب يف لبنان‪ .‬فحكومة الوحدة‬ ‫الوطن ّية نالت الثقة وفيها وزراء إنتاج ّيون‪،‬‬ ‫وهناك قطاع مرصيف متامسك وكتلة نقد ّية‬ ‫كبرية كام هو معروف‪ .‬وكلها عوامل تش ّكل‬ ‫فرصة ذهب ّية لصحوة ضمري عند املسؤولني ّ‬ ‫بأن‬ ‫عىل لبنان أن يستبق األزمات ويستفيد من ّ‬ ‫كل‬ ‫اإليجاب ّيات الحال ّية إلدارة الدين العام‪ ،‬وإ ّال يكون قد‬ ‫ض ّيع فرصة ذهب ّية كام فعل يف السابق‪ .‬سياحياً‬ ‫ّ‬ ‫سيترضر‬ ‫سيستفيد لبنان من أزمة ديب غري أ ّنه‬ ‫عرب طرد بعض العاملني يف الرشكات العاملة‬ ‫هناك‪.‬‬

‫‪ ...‬وعىل دول الخليج‬ ‫ما مارسته ديب متارسه أيضاً بلدان أخرى يف‬ ‫منطقة الخليج‪ .‬فإمارة أبو ظبي دفعت حوايل‬ ‫مليار دوالر الستقدام متحف اللوفر لخمس‬ ‫سنوات‪ ،‬ومليار دوالر الستمالك نادي كرة القدم‬ ‫اإلنكليزي «‪ .”manchester city‬أ ّما رشكاتها‪،‬‬ ‫“آبار” و”طاقة” و”مبادلة” و”شبكة التطوير‬ ‫السياحي”‪ ،‬فال تختلف عن شبكة رشكات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ديب العنكبوت ّية‪ ،‬التي تتنافس فيام بينها يف‬ ‫مجاالت غري التي ّأسست من أجلها لتستملك‬ ‫مث ًال يف مجموعة سباق الس ّيارات “‪Brown‬‬ ‫‪ ”GP‬يف الـ”‪ ”formula one‬اسمها‪ ،‬ورشكة‬ ‫“‪ ”Ferrari‬و”‪ ”AMD‬املنتجة للرشائح اإللكرتون ّية‪،‬‬ ‫وهذه الرشكة شبه مفلسة‪ .‬إضافة إىل رشكة‬ ‫“‪ ”Aerospace - Virgin‬للفضاء‪ ،‬والتي دُفع مثن‬ ‫ربعها حوايل ‪ 200‬مليون دوالر لغرض نقل ر ّكاب‬ ‫األرض إىل الفضاء مستقب ًال‪.‬‬ ‫ناهيك عن “هيئة أبو ظبي لالستثامر” و”رشكة‬ ‫أبو ظبي لالستثامر” و”املجلس االستثامري ألبو‬ ‫ظبي”‪.‬‬ ‫الخاصة‬ ‫فاملؤسسات االستثامر ّية‬ ‫أ ّما الكويت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيها كانت س ّباقة يف عمل ّيات االستمالك غري‬ ‫املجدية منذ مثانين ّيات القرن املايض‪ .‬ويف املقابل‪،‬‬ ‫كانت استثامرات الجهاز الحكومي لالستثامرات‬

‫‪68‬‬

‫ج ّيدة إنمّ ا أطيح بها نتيجة حرب الخليج‪.‬‬ ‫قطر استفادت من إنقاذ مرصف “‪”barclays‬‬ ‫الربيطاين لتجني ‪ 250‬مليون جنيه اسرتليني‬ ‫ربحاً خالل أشهر‪ ،‬ولكنّها خالل أ ّيام الفورة بالغت‬ ‫يف استثامراتها العقار ّية وغطست يف محاولة‬ ‫مت ّلك مجموعة “‪.”Sainsbury‬‬ ‫السعود ّية كانت البلد الخليجي الوحيد تقريباً‬ ‫الذي مل ينجرف يف إغراءات االقرتاض بل ج ّمع‬ ‫احتياطه النقدي واستثمره يف اقتصاده الداخيل‬ ‫أو يف سندات الخزينة‪ .‬ولكن من سوء ّ‬ ‫حظه أن‬ ‫تربز لديه أزمة مجموعتي “أحمد حمد القصيبي‬ ‫و”سعد” (معن الصانع) اللتان ترزحان تحت عبء‬ ‫مديون ّية غري معروف حتّى اآلن حجمها الحقيقي‬ ‫غري أ ّنها تقد ّر بـ‪ 30‬مليار دوالر يف الح ّد األدىن لـ‪40‬‬ ‫مرصف‪ .‬وهناك شائعات عن ضغوطات متارسها‬ ‫مصارف أجنب ّية عىل حكوماتها للضغط‬ ‫عىل الرياض إلعالن ن ّيتها معالجة هذه األزمة‬ ‫االئتامن ّية‪.‬‬ ‫حني انفجرت االزمة املالية العاملية يف الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية اعترب مراقبون كرث أن انفجار‬ ‫بعض األسواق يف العامل بات أمرا محتوماً كون‬ ‫هذه األسواق هي يف الواقع عينات من أسواق‬ ‫املال العاملية ويف الوقت نفسه هي مرآة لها‪ ،‬ويف‬ ‫طليعة هذه األسواق تقف ديب‪.‬‬ ‫ففي األيام األوىل للعاصفة املالية املذكورة‬ ‫وقبل حتى وصولها اىل أوروبا‪ ،‬شهدت اإلمارة‬ ‫املذكورة سحوبات من ودائع جهازها املرصيف‬ ‫ناهزت الخمسني مليار دوالر‪ ،‬ولو مل تسارع حينها‬ ‫إمارة أبو ظبي اىل مدها بحوايل أربعني مليار‬ ‫دوالر لوقع السيناريو األسوأ يومها‪ .‬وبعد هذا‬ ‫التاريخ تحولت واحة الخليج وقنبلتها االستثامرية‬ ‫والعقارية واملالية اىل واحة مأزومة تتجىل مظاهر‬ ‫األزمة فيها يف كل امليادين والقطاعات من إلغاء‬ ‫ملشاريع عقارية مرسومة عىل الورق أو محفورة‬ ‫بدايتها عىل األرض‪ ،‬وكانت تتجاوز حينها املئة‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬مروراً بإقفال رشكات ومؤسسات‪،‬‬

‫وانتقال وتغيرّ املوقع من جاذب للعاملة اىل‬ ‫مصدر لها‪ ،‬وصوالً اىل أزمات دين مع رشكات‬ ‫ومؤسسات عربية وعاملية وجدولة استحققات‬ ‫مع بدء مفاوضات لبيع أصول لطاملا اعتربت‬ ‫مفخرة اإلمارة ورمزاً من رموز نهضتها العمرانية‬ ‫املتواصلة منذ خمسة عرشة عاماً‪...‬‬ ‫استحقاقات للدين ُأ ِّجلت‪ ،‬واملشاريع الضخمة‬ ‫التي كانت افرتاضية ووظفت فيها أموال‬ ‫وأدرجت أسهم رشكاتها يف البورصة دون أن‬ ‫تتحول اىل وقائع وأرقام ملموسة‪ ،‬صارت اليوم‬ ‫أمام امتحان الواقع‪ ،‬فأسعارها السوقية صارت‬ ‫واقعية‪ ،‬مبعنى أنها قريبة من مشاريع ورقية أو‬ ‫من انخفاض األسعار الحاد الذي تجاوز ‪ %50‬يف‬ ‫سوق ديب العقاري مع جمود شبه كيل‪ ،‬لبدائل‬ ‫تساعد يف احتواء األزمة وسط توقف مساندة‬ ‫أبو ظبي‪ ،‬والذي كان يسمح باالنهيار البطيء‬ ‫للقطاعني العقاري واملايل يف ديب‪ ،‬دون ضجيج‬ ‫وضوضاء استثنائيني‪ ،‬مرده إما لالختالف عىل‬ ‫تسعري األصول والتي كانت تنتقل ملكيتها اىل‬ ‫ابو ظبي مقابل املبالغ املدفوعة‪ ،‬إما ألن حجم‬ ‫األرقام املطلوبة والتي تزيد يوماً بعد يوم صار‬ ‫خطراً مفتوحاً بفعل الغموض املحيط بعرشات‬ ‫مليارات‬ ‫بعرشات‬ ‫واملرتجمة‬ ‫االستحقاقات‬ ‫الدوالرات‪ .‬كل هذا ترافق مع قيود استثنائية‬ ‫عىل حركة تبييض األموال مبعناها الواسع والتي‬ ‫كانت تجعل من إمارة ديب ملجأ طبيعياً ألموال‬ ‫ساهمت حك ًام يف االزدهار غري املنطقي لها‪.‬‬ ‫منوذج ديب هو منوذج الفقاعة مبعناها القيايس‬ ‫أي منوذج حرية االستدانة والسري بالقطاعات املالية‬ ‫والعقارية والخدماتية اىل أقىص حدود ممكنة دون‬ ‫االرتكاز اىل القطاعات اإلنتاجية‪ ،‬حتى تحولت ديب اىل‬ ‫الجاذب األكرب إقليمياً للودائع الخليجية وللرشكات‬ ‫العقارية األمريكية واألوروبية‪ .‬وحجم التسامح‬ ‫الذي وفره هذا الغطاء الغريب أتاح لها يف عز الحصار‬ ‫املفروض عىل دول كالعراق مث ًال وإيران‪ ،‬أن تلعب أدواراً‬ ‫متويلية وتجارية كان مجرد التفكري فيها لدول أخرى‬ ‫يعرضها للمحاسبة والعقوبات‪.‬‬ ‫صحيح أن هذه اإلمارة العربية قد تستطيع أن‬ ‫تتكيف مع الواقع الجديد لها‪ ،‬أي مع احتواء أزمتها‬ ‫وخسائرها بأشكال متعددة‪ ،‬ولكن األسايس فيها‬ ‫هو التسليم بأن الخسارة وقعت‪ ،‬والتكلم بالعواطف‬ ‫لن ينقذ ديب من أزمتها‪ ،‬فأزمتها منوذج مثايل لألزمات‬ ‫التي نشأت عن تحرير الفضاء املايل‪ ،‬نتيجة الحاجة بعد‬ ‫الرتاكم الهائل يف األموال التي ال تجد مجاالً للتوظيف‬ ‫يف االقتصاد الحقيقي‪.‬‬ ‫هذه هي األزمة الحقيقية التي باتت تحكم النمط‬ ‫الرأساميل‪ ،‬والتي سوف ُتبقي األزمة مستمرة‪.‬‬ ‫بحيث ال يجب أن ننىس أن األزمة املالية العاملية‬ ‫قد نهبت مبالغ هائلة (‪ 2.5‬تريليون دوالر كام أشري‬ ‫حينها) من الدول الخليجية نتيجة اإلفالسات‬ ‫واالنهيارات يف الرشكات األمريكية‪ ،‬ورمبا تكمل‬ ‫أزمة ديب عىل ما بقي‪.‬‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬

‫غالب بو مصلح‪ :‬أزمة دبي ت ّم المبالغة فيها‬ ‫«منرب التوحيد» استطلعت آراء بعض الخرباء االقتصاديني‬ ‫اللبنانيني عن أسباب أزمة ديب املالية وتداعياتها عىل العامل‬ ‫بشكل عام واملنطقة ودول الجوار ولبنان بشكل خاص‪ ،‬حيث اعترب‬ ‫تم املبالغة فيها كثرياً‪ ،‬ألن‬ ‫الدكتور غالب أبو مصلح‪ ،‬أن أزمة ديب ّ‬ ‫اقتصاد ديب مل ينشأ عىل املضاربات العقارية بل عىل مقومات‬ ‫أخرى مرتبطة بقطاع سياحي متط ّور‪ ،‬وسوق ديب الكبري التي‬ ‫يخ ّولها لتتعامل مع االسترياد من جنوب رشق آسيا وكل أنحاء‬ ‫العامل والتصدير اىل محيطها كباكستان وإيران‪ ،‬ما عمل عىل‬ ‫تنمية دور ديب حتى يف الصناعة‪ ،‬لكن املخاطر األساسية لهذا‬ ‫االنكامش االقتصادي يف بلد من بلدان يعود اىل البطالة التي‬ ‫تضغط سياسياً واقتصادياً الخ‪ ..‬ولكن ديب مل تتأثر بها ألن اليد العاملة فيها أجنبية بأكرثيتها‪،‬‬ ‫وبالتايل لديهم مرونة يف هذه الناحية‪ ،‬بحيث أن من يعاين من اليد العاملة األجنبية من البطالة‬ ‫ميكنه مغادرة ديب‪ ،‬ولكنها أ ّثرت جزئياً عىل العاملة اللبنانية بحيث خرس العديد منها ثرواتهم‬ ‫نتيجة دخولهم يف املضاربات العقارية‪ ،‬ما يؤدي بالتايل اىل نقص يف التحويالت املالية اىل لبنان‪،‬‬ ‫التي تش ّكل حوايل ‪ %27‬من الدخل الوطني‪ ،‬لكن لبنان ع ّوض عن هذا النقص يف التحويالت بتدفقات‬ ‫رؤوس األموال التي تأيت نتيجة املضاربات‪ ،‬التي مت ّثلت بالهجمة الخليجية عىل التوظيفات املالية يف‬ ‫لبنان خاصة يف القطاع العقاري‪ ،‬ما يؤدي اىل رفع مداخيل حقيقية للبنانيني ويزيد من قدرتهم‬ ‫الرشائية‪ .‬وتبقى هناك مشكلة مستقبلية يغفل عنها البعض وهي أن اللبنانيني بهذه التوظيفات‬ ‫سيصبحون نواطري ملمتلكات الخليجيني يف لبنان‪.‬‬

‫إيلي يشوعي‪ :‬الثقة بالنموذج االقتصادي‬ ‫في دبي اهتزت‪ ،‬وتشوّ هت صورة اإلمارة‬ ‫ومن جهته‪ ،‬رأى الدكتور اييل يشوعي أن سبب األزمة يف‬ ‫ديب يعود اىل النموذج القائم عىل استدانة كثيفة‪ ،‬ورهانات‬ ‫وتحويالت مالية كثيفة من الخارج‪ ،‬وكذلك عىل بيوعات مربحة‬ ‫اىل آخره‪ ،‬ومشاريع ذات كلفة باهظة‪ .‬ومع وصول األزمة املالية‬ ‫العاملية أصبح هناك ركود عاملي‪ ،‬ما أثر عىل البيوعات املربحة‪،‬‬ ‫كام أن أزمة السيولة العاملية أ ّثرت عىل تحويالت الرساميل ما‬ ‫جعل الرشكات العقارية الكبرية التي كانت تنفذ مشاريع‬ ‫عمالقة عرب اعتامد قروض عقارية كبرية من مصارف أوروبية‬ ‫وآسيوية إلخ غري قادرة عىل دفع استحقاقاتها املالية‪ ،‬ومبا أن الحكومة مالكة لغالبية األسهم فيها‪،‬‬ ‫فقد اتخذت موقفاً أعلنت خالله عن حاجتها إلعادة جدولة ديون هذه الرشكات ومنها مجموعة ديب‬ ‫العاملية‪ ،‬ومجموعة نخيل‪ ،‬التي تفوق الـ‪ 60‬مليار دوالر ومبجرد هذا االعالن فإن رشكاء ديب يف اإلمارات‬ ‫مل يكونوا متحمسني لتعويم أو إلنقاذ رشكات ديب العقارية من مأزقها املايل‪ ،‬ما انعكس سلبا عىل‬ ‫سيولة املصارف املقرضة وعىل الكثري من الرشكات الدائنة‪ ،‬فكرت السبحة مع تدهور األسواق‬ ‫املالية يف أبو ظبي وأوروبا وغريها‪.‬‬ ‫وأشار يشوعي اىل أن الثقة بالنموذج االقتصادي يف ديب اهتزت‪ ،‬كام تش ّوهت صورة اإلمارة اىل‬ ‫حد دفع بعض الرشكاء للطلب من العائلة الحاكمة إعادة النظر بهذا النموذج باتجاه منوذج آخر أكرث‬ ‫واقعية عىل الصعيد االقتصادي واالجتامعي‪.‬‬ ‫من هنا انتقد يشوعي الطريقة التي تعاطى بها املسؤولون يف ديب مع األزمة‪ ،‬يف تحميلهم‬ ‫يشجع يف املستقبل عىل إقراض رشكات ديب ألن‬ ‫املصارف املقرضة املسؤولية‪ ،‬الفتا اىل أن هذا ال‬ ‫ّ‬ ‫الدولة نفسها ال تضمن دفع الديون‪ ،‬لذلك لن يتجرأ أحد يف هذه الحالة عىل املخاطرة بإقراض هذه‬ ‫الرشكات‪ .‬وبالرغم من ارتدادات تلك األزمة عىل بعض دول املنطقة والخليج العريب والعامل بقي‬ ‫لبنان مبنأى عنها وذلك يعود اىل عدم امتالك الدولة اللبنانية لرشكات عقارية‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫لرشكة الـ”سوليدير” العقارية التي مل تتأثر بأزمة ديب األمر الذي يعود اىل عدم التزامها مبشاريع‬ ‫ذات كلفة باهظة‪ ،‬أضف اىل أن وضعها املايل جيد وال تعتمد نظام مثيالتها من الرشكات القامئة‬ ‫يف ديب‪ .‬وإذ اعترب يشوعي أن األزمة املالية عامة رضبت األسواق املالية املتطورة و»املتفذلكة»‪ ،‬لفت‬ ‫اىل أن لبنان يرتكز عىل سوق مايل رضيع‪ ،‬لذلك ال تداخل بني سوق بريوت املايل واألسواق العاملية‬ ‫وأضاف‪« :‬سوق بريوت يعمل وحده لذلك بقينا مبنأى عن أزمة ديب التي هي يف النهاية أزمة سوق‬ ‫عقاري كبري‪ .‬أما لبنانياً‪ ،‬فالعملية محصورة‪ ،‬خاصة أن القطاع الخاص يبقى أسلم من القطاع العام‪،‬‬ ‫من هنا مل نتأثر كثرياً يف أول أزمة واملقصود بها األزمة املالية العاملية‪ ،‬وبالتايل مل نتأثر باألزمة‬ ‫الثانية‪ ،‬أي أزمة ديب»‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب فني‬

‫«إربت تنحل» بين التلفزيون والمسرح ‪:‬‬

‫نجاح مستمر لمتح ّدثين باسم اللبناني المتعَب من الهموم اليومية‬ ‫منبر التوحيد تلتقي الفنان شربل اسكندر‪ ،‬وتتح ّدث لفريق «اربت تنحل»‬ ‫زمن كثرُ َت فيه املشاحنات‬ ‫التي أوجدها مح ّبو املناصب‬ ‫والوزارية‪ ،‬فاض اللبناين بأحقاده‬ ‫والسياسية‪،‬‬ ‫الطائفية‬ ‫أحقاده‬ ‫«فريق اربت تنحل» فاض مبواقفه‬ ‫من األوضاع اليومية التي تثقل‬ ‫السياسيني‬ ‫وخطابات‬ ‫اللبنانيني‪،‬‬ ‫أخطأ اللبناين بإيصالهم ملقاعد‬

‫يف‬ ‫السياسية‬ ‫النيابية‬ ‫الخف ّية‪،‬‬ ‫لكنه كـ‬ ‫الساخرة‬ ‫كاهل‬ ‫الذين‬ ‫الربملان‪.‬‬ ‫أربعة من الفنانني املحرتفني يف عامل‬ ‫الكوميديا‪ ،‬يز ّينون شاشاتنا كل أسبوع‬ ‫بحلقة ال يتعدى وقتها الساعة‪ ،‬يف محاولة‬ ‫لالنتقاد الساخر الهادف لوضع «اليد عىل‬ ‫الجرح» وإدخال الفرحة للقلوب‪ .‬هذه الفرحة‬ ‫كـ”سياسيي‬ ‫التي ذهبت بوجود سياسيني‬ ‫ّ‬ ‫لبنان”‪ ،‬مقروناً بـ”ال وعي” الشعب الذي ال‬ ‫يندم عىل بيع صوته للمرشحني إال بعد‬ ‫أن تبدأ معاناته االقتصادية واالجتامعية و‬ ‫«الطائفية»‪.‬‬ ‫رشبل اسكندر‪ ،‬والذي ملجرد لقائه متر يف‬ ‫الذاكرة صورة «صربي‪ ،‬وأبو عبدو‪ ،‬والبريويت»‪،‬‬ ‫وغريها من الشخصيات التي نجح بإغناءها‬ ‫وتطويرها‪ ،‬لتصبح محط كالم املشاهدين‪،‬‬ ‫حتى أولئك املغايرين يف النمط واالتجاه‬ ‫السيايس‪ .‬كبرية هي الغصة التي يشعر‬ ‫بها رشبل من الوالء للخارج‪ ،‬ومن تذابح‬ ‫السيايس‬ ‫االختالف‬ ‫بسبب‬ ‫اللبنانيني‬ ‫والطائفي‪ ،‬خاصة وأنه م ّمن تعرضوا ملحاولة‬ ‫متمسكاً‬ ‫االعتداء عليه‪ ،‬ورغم ذلك ال يزال‬ ‫ّ‬ ‫بعمله يف الكوميديا ضمن برنامج «اربت‬ ‫تنحل»‪ ،‬الذي نجح بفضل محبة ومتاسك‬ ‫فريقه‪ ،‬وتبادل اآلراء بني فريق العمل واملخرج‬ ‫اييل فغايل‪.‬‬ ‫«منرب التوحيد» تلتقي الفنان رشبل‬ ‫اسكندر وفريق العمل خالل تصويره لحلقة‬ ‫جديدة من برنامج «اربت تنحل» يف حوار‬ ‫هذا نصه‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫رشط أن يبقى الخالف “فكرياً”‪ .‬لألسف‪ ،‬أنا من‬ ‫األشخاص الذين تع ّرضوا ألكرث من محاولة‬ ‫ُ‬ ‫كنت أقدّمه‬ ‫تهديد بالقتل‪ ،‬ج ّراء موقفي الذي‬ ‫مع أنني كنت “أم ّثل”‪ .‬هل هذا هو لبنان “الحرية‬ ‫يف إبداء الرأي”‪ ،‬لبنان “الدميقراطية”؟ أين تحصل‬ ‫هذه األمور؟ كنا نقول سابقاً أن السوريني كانوا‬ ‫يقمعون الناس عندما كانوا يف لبنان‪ ،‬لكنني‬ ‫أؤ ّكد أين تع ّر ُ‬ ‫ضت للتهديد بعد خروجهم‪،‬‬ ‫بغض النظر عام تع ّر ُ‬ ‫ضت له خالل وجودهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت من الوحيدين الذين انتقدوهم‬ ‫خاصة أنني‬ ‫وتحدّثوا ضدّهم أثناء وجودهم يف لبنان‪ .‬مل‬ ‫“أمترجل” عليهم حني خرجوا كام فعل البعض‪،‬‬ ‫بل انتقدتهم بكل جرأة وهُ م هنا‪ ،‬وأنا ال أتحدث‬ ‫عن السوريني كـ “شعب سوري”‪ .‬ولكن هل‬ ‫أصبح اللبنانيون يتحدّثون بـ “الدميقراطية”‬ ‫بعد خروج السوريني؟ أين هو “لبنان الحر” عندما‬ ‫يهجمون عىل س ّياريت يف محاولة لقتيل‪ ،‬أو‬ ‫يرتصدين أحدهم “مسلحاً” اىل محل تجاري‬ ‫ّ‬ ‫ويقول يل‪“ :‬أنا مبعوث من ِق َبل فالن لقتلك”؟ هل‬ ‫هذه “دميقراط ّيتهم” التي يتغن َ‬ ‫ّون بها؟ إذا كانت‬ ‫كذلك‪ ،‬فأنا ال أريدها أبداً‪.‬‬

‫شخصيات دخلت قلوب‬ ‫املشاهدين بدون استئذان‬

‫ازدادت أعداد الربامج الكوميدية يف الفرتة‬ ‫األخرية‪ .‬ما رأيك بها؟‬ ‫نحن نتحدث عن أشياء تحصل يف لبنان‪،‬‬ ‫فالصحايف مث ًال يغطي خرباً معيناً عن موضوع‬ ‫محدد بطريقة خاصة به‪ ،‬وصحايف آخر يطرحه‬ ‫بطريقة أخرى‪ .‬الفكرة نفسها تنطبق عىل هذه‬ ‫األنواع من الربامج‪ ،‬مع العلم أن االصطفافات‬ ‫يف برامج كهذه خ ّفت قلي ًال‪ ،‬إذ كان لدينا سابقاً‬ ‫اصطفافاً بني املواالة واملعارضة‪ ،‬فـ “اربت تنحل”‬ ‫يقابلها “ال يمُ َل”‪ .‬لكن ميكن القول أننا الفريق‬ ‫الوحيد الذي استمر بالنقل بشكل صحيح‬ ‫ملا يحصل عىل أرض الواقع وبكل موضوعية‪،‬‬ ‫ودون تجريح بأحد‪ .‬فإذا رصح جعجع عىل سبيل‬ ‫املثال بيشء ما سيايس يقبل االنتقاد سننتقده‬ ‫ونتناوله يف “ اسكتشات” الكوميدية‪ ،‬أما دون‬ ‫ذلك من أمور شخصية كام فعل البعض من‬ ‫تعليق عىل قضية إنجاب االطفال فهذا ال نخوض‬ ‫به‪.‬‬ ‫يضيف رشبل‪ :‬إن أغلبية الزعامء السياسيني‬ ‫الذين كانوا خارج إطار “املعارضة” يف حينها‪،‬‬ ‫يتابعون “اربت تنحل”‪ ،‬ويثنون عىل الربنامج‬ ‫بالقول‪“ :‬أنتم تتكلمون ض ّدنا‪ ،‬ولكن فقط عن‬ ‫مواقفنا السياسية وبطريقة مح ّببة وسلسلة‪،‬‬ ‫وليس عرب الكالم البذيء واملج ّرح”‪ .‬وهذا ما مي ّيز‬ ‫“اربت تنحل” عن غريه من الربامج‪ .‬وبالنسبة‬

‫‪70‬‬

‫يل فإن كرثة الربامج تبشرّ بالخري‪ ،‬وهي ملصلحة‬ ‫الناس الذين يرونها ويتابعونها جميعها‪ ،‬ولكن‬ ‫يف النهاية يفضلون برنامجا عىل اآلخر‪ ،‬وهنا‬ ‫تظهر قدرة كل فريق أو كاتب أو مخرج للعمل‬ ‫عىل تقديم الربنامج بشكل متميز ليجذب أكرب‬ ‫عدد من املشاهدين‪.‬‬ ‫تحد َ‬ ‫ّثت عن الخط السيايس للربنامج‪ ،‬هل‬ ‫أنتم ملتزمون بالخط السيايس للمحطة‬ ‫التي تعملون لصحالها “تلفزيون الجديد”؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬فهل ميكن أن تكوين مث ًال يف تيار‬ ‫التوحيد ومع الوزير وهاب‪ ،‬وتكتب َ‬ ‫ني بعكس‬ ‫قناعاته ومبادئه؟ بالتأكيد ال‪ .‬إذاً حتى لو مل يكن‬ ‫اإلنسان ضمنياً مع خط معني‪ ،‬ال بد من السري‬ ‫وفق ما ُيق ّرر له طبعاً مع وجود الحرية الفردية‪.‬‬ ‫أتعتقد أنكم تلعبون أحياناً دوراً سلبياً‬ ‫يف االسكتشات التي تقدّمونها كممثلني‬ ‫كوميديني وخاصة يف برنامج “اربت تنحل”‪،‬‬ ‫خصوصاً يف أوقات املشاحنات السياسية‬ ‫الصعبة؟‬ ‫ما هو األفضل‪“ ،‬االسكتش” الذي نقدّمه لنعلق‬ ‫عىل موضوع معني‪ ،‬أم الترصيح السيايس الذي‬ ‫يوصل الناس اىل الشارع‪ ،‬ويتذابح “اللبنانيون‬ ‫األخوة” مع بعضهم البعض بسببه؟ أنا من‬ ‫جهتي أفتخر أن يكون لدي اختالف سيايس‬ ‫فكري مع أشخاص يعيشون معي يف لبنان‪،‬‬

‫كيف تخرتعون وجوهاً أو شخصيات‬ ‫جديدة‪ ،‬مع وجود الشخصيات املوجودة سابقاً‬ ‫والتي أح ّبها املشاهدين كـ “صربي وأبو عبدو‬ ‫وغز ّيل” وغريها؟‬ ‫بشكل عام‪ ،‬كل فرد من فريق “اربت تنحل”‬ ‫يخرتع شخص ّياته‪ ،‬فشخصيايت التي ذكرتها‬ ‫اضافة اىل “البريويت والرشطي الشاميل”‬ ‫وغريها‪ ،‬كل شخص يقرر ما سريتدي‪ ،‬وكيف‬ ‫يتحرك لتبقى مستمرة بهدفها‪ ،‬وإال فستم ّر‬ ‫مرة واحدة ومن ثم يختفي بريقها‪ .‬ويك تكون‬ ‫مستمرة يجب أن يكون لها برنامج يحتضنها‪،‬‬ ‫فمث ًال “صربي”‪ ،‬رجل “رقع” ال يعجبه يشء‪ ،‬ال‬ ‫يه ّمه ال سياسة وال أي يشء آخر‪ ،‬ويسعى‬ ‫باستمرار لالطاحة بالجميع بـ”صوت واحد”‪ .‬دخل‬ ‫اىل “بوش” ود ّوخه‪ ،‬ومن ثم دخل اىل “كوشنري‬ ‫وكونداليزا رايس” وحتى رستم غزايل وغريهم‬ ‫كرث‪ ،‬ومل يرتك أي فرصة للتحدّث باسم كل‬ ‫الشعب اللبناين‪ ،‬ومن ثم تتطور‪ ،‬وأصبح لديه‬ ‫برنامجه الخاص “روق عَ صربي”‪ ،‬الذي استقبل‬ ‫خالله سياسيني من جميع الطوائف السياسية‬ ‫وليس (الدينية)‪ .‬وهنا ال بد أن أشري اىل العتب‬ ‫ُ‬ ‫استقبلت‬ ‫الذي أظهره البعض بالتساؤل ملاذا‬ ‫أغلبية من ‪ 8‬آذار‪ ،‬وما أقوله هنا هو أن فريق ‪14‬‬ ‫آذار‪ ،‬وضعوا جدارا للمشاركة يف الربنامج‪ ،‬ومل‬ ‫يشارك منهم سوى أربع شخصيات‪ ،‬وعندما‬ ‫ُ‬ ‫كنت أتصل بهم كانوا يضعون الحجج حتى أن‬ ‫بعضهم كان يقفل هاتفه عند سامعه بـ”‪New‬‬ ‫‪.”TV‬‬

‫«رشبل اسكندر»‬ ‫يف «روق عَ صربي»‬ ‫ماذا كان هدف برنامج “روق عَ صربي”‪،‬‬ ‫صح‬ ‫هل هو للفكاهة أم لالستفزاز إذا‬ ‫ّ‬ ‫التعبري؟‬ ‫ُ‬ ‫وكنت‬ ‫ليس استفزازاً‪ ،‬بل حلقات ُم َسلية‪،‬‬ ‫أقوم ببحث كامل عن كل ضيف وترصيحاته‬ ‫يف املايض والحارض‪ ،‬ونحاول مامزحتهم بطريقة‬ ‫سلسلة‪ ،‬فحني كان النائب انطوان زهرا ضيفاً‬ ‫يف إحدى الحلقات خيرّ ته بني وردة صفراء‬ ‫وأخرى برتقالية فاختار الربتقالية‪ ،‬ووضعها‬ ‫َ‬ ‫لبث بعد حوايل العرش‬ ‫بجانبه‪ ،‬لكنه ما‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫دقائق أن سأل‪“ :‬هل ستبقى بجانبي”‪ ،‬قلت له‬ ‫َ‬ ‫أردت سأجلب الوردة الصفراء‪ ،‬فقال‪“ :‬ال هذه‬ ‫إذا‬ ‫أفضل”‪ .‬لقد كان ضيوف الربنامج يحاولون أن‬ ‫يظهروا الوجه اآلخر لشخص ّيتهم‪ ،‬وجميعهم‬ ‫محرتَمني‪ ،‬ومل نستضف أحداً لـ “نذ ّله” أو‬ ‫نقلل من مقامه‪.‬‬ ‫ملاذا توقف الربنامج مع كل النجاح الذي‬ ‫القاه؟‬ ‫ً‬ ‫لقد كان ذلك قرارا من إدارة املحطة إذ جاءت فرتة‬ ‫االنتخابات النيابية يف ‪ 7‬حزيران‪ ،‬وكانت األمور‬ ‫كلها مختلطة وكل سيايس يخاف من قول أي‬ ‫يشء ميكن أن يؤثر عىل أصوات الناخبني‪ ،‬لذلك‬ ‫كان القرار بتوقيف الربنامج‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سرناك يف برنامج جديد خاص بـ”رشبل‬ ‫هل‬ ‫اسكندر”؟‬ ‫حالياً ال‪ ،‬أنا اليوم فقط يف برنامج “اربت تنحل”‬ ‫مع املخرج اييل فغايل‪ ،‬وأعضاء الفريق‪ :‬ميالد‬ ‫وباتريسيا ورودريك‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫محبة تجمع الفريق وتساعد يف‬ ‫استمرا ّيته‬ ‫يف‬

‫الفريق‬

‫نالحظ وجود امرأة واحدة‬ ‫“باتريسيا داغر”‪ ،‬ما الذي مي ّيزها عنكم؟‬ ‫باتريسيا “غنّوجة” الفريق‪ ،‬وشقيقة الجميع‬ ‫بالطبع‪ ،‬لقد أثر وجود عنرص األنوثة بشكل كبري‬ ‫عىل الفريق‪ ،‬وهي أثبتت وجودها بشخص ّياتها‬ ‫الخاصة‪ .‬هذه الشخصيات التي لها أه ّميتها يف‬ ‫الربنامج‪ ،‬والتي أح ّبها املشاهدون كـ”مس أورونج‪،‬‬ ‫وصوفيا‪ ،‬وكييك” وغريها‪ ،‬وباتريسيا موهوبة‬ ‫ولديها إبداع يف كل يشء تقوم به‪.‬‬ ‫أنتم أربعة ضمن الفريق‪ ،‬ما الذي مي ّيز كل فرد‬ ‫عن اآلخر؟‬ ‫صح التعبري باتريسيا‪ ،‬هي “الشق الناعم”‬ ‫إذا‬ ‫ّ‬ ‫يف الربنامج‪ ،‬والتي تربز من خالل شخص ّياتها‬ ‫النعومة واألنوثة‪ ،‬إضافة اىل اإلبداع يف الكتابة‬ ‫حيث أنها تكتب معظم االسكتشات‪ .‬بالنسبة‬ ‫لـ”ميالد”‪ ،‬فهو أيضاً مبدع يف الكتابة خاصة يف‬ ‫شهر رمضان إضافة إىل أنه موسيقي‪ .‬كذلك‬ ‫فشخص ّياته سلسة وخفيفة وقريبة من الناس‪.‬‬ ‫أما “رودريك” فهو “الدينامو واللولب السيايس”‬ ‫للفريق‪ ،‬وال يفوته تقليد أي شخصية‪ .‬باإلضافة‬ ‫إىل شخص ّياته الخاصة بالربنامج كـ “أبو فشخة‬ ‫وسعيد والولد” وغريها‪ .‬هو ميلك النشاط‬ ‫السيايس األكرب‪.‬‬ ‫ما يجمعنا جميعاً هو تعاوننا املطلق‪ ،‬طبعاً‬ ‫هذا غري اإلرشاف العام للربنامج من املخرج اييل‬ ‫بشخصني مه ّمني‬ ‫فغايل‪ ،‬وهنا ال بد من التذكري‬ ‫َ‬ ‫يف كتابة نصوص الربنامج هام “حسني ونبيل‬ ‫عبد الساتر”‪ ،‬وهام ركيزتان أساس ّيتان بالنسبة‬ ‫لنا‪.‬‬ ‫ماذا عن املخرج “اييل فغايل”؟ ‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب فني‬ ‫الجميل يف املخرج اييل فغايل أنه ال مييز بيننا‬ ‫بالرغم من أن باتريسيا زوجته‪ ،‬وال يستثني‬ ‫أحداً منّا‪ .‬مل مييز يوماً بني فرد وآخر ال بل كلنا‬ ‫متساوين لديه‪ ،‬وهذا ما جعلنا مجموعة‬ ‫يف “شخص واحد” بالفعل‪ ،‬لقد انعكست‬ ‫نفس ّيته بالكامل عىل الفريق‪ ،‬وغابت “الغرية”‬ ‫كلياً عن عملنا‪ .‬هذا باإلضافة إىل ارشاكنا‬ ‫بانتقاء االسكتشات ما عدا أعامله األخرى‬ ‫الدرامية الناجحة‪.‬‬ ‫ما الفرق بني ما تقدّ مونه عىل شاشة‬ ‫التفلزيون وتلك التي عىل املرسح؟‬ ‫كون التلفزيون وسيلة تدخل إىل املنازل بدون‬ ‫استئذان‪ ،‬فال بد من املحافظة عىل احرتام ج ّو‬ ‫املنازل وجميع الفئات التي ستشاهدنا‪ .‬أما‬ ‫عىل املرسح‪ ،‬فهناك خط أوسع من الحرية‬ ‫للكالم واالسكتشات و”التلطيش”‪ .‬إضافة إىل‬ ‫ّ‬ ‫أن االتصال مع الناس يعطي قيمة جاملية‬ ‫أكرب للعمل‪ ،‬خاصة وأن العديد من الوزراء‬ ‫يذهبون لحضور مرسحنا أكرث من مرة‪ ،‬كمعايل‬ ‫حصته األكرب من‬ ‫الوزير وئام وهاب الذي يأخذ ّ‬ ‫االنتقاد‪ ،‬ولكن “عىل قلبه مثل العسل”‪ ،‬خاصة‬ ‫وأنه صديق حميم للربنامج‪.‬‬ ‫هل لديكم صداقات مع سياسيني آخرين‬ ‫أم أنهم ينزعجون من انتقادكم؟‬ ‫نعم بالطبع لدينا صداقات كثرية‪ .‬حتى‬ ‫الذين ننتقدهم‪ ،‬فاالنتقاد يختلف متاماً عن‬ ‫الكره‪ .‬وبالنسبة يل‪ ،‬لديّ تواصل وصداقات‬ ‫مع العديد من السياسيني‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫قاموا بيشء يستدعي االنتقاد‪ ،‬فأنا حت ً‬ ‫ام‬ ‫سأنتقدهم‪.‬‬ ‫هل يعاتبكم البعض لعدم ذكره يف‬ ‫اسكتشاتكم؟‬ ‫نعم‪ ،‬وهذه شكلت صدمة “ايجابية”‬ ‫بالنسبة يل حني قال أحدهم‪“ :‬اشتمني ولكن‬ ‫اتذكرين يف أحد االسكتشات”‪ ،‬ألن البعض‬ ‫مي ّرون يف الحياة السياسية وال أحد يدري بهم‪،‬‬ ‫بينام آخرون يكون لهم وقع سيايس مميز‪.‬‬ ‫كيف تخرتعون اسكتشات جديدة يف‬ ‫حال كانت األوضاع هادئة نوعاً ما كام هي‬ ‫اليوم؟‬ ‫اذا هدأ الوضع يف لبنان‪ ،‬فلدينا حوايل‬ ‫الخمسني سنة لنتحدّ ث عماّ حصل‪ ،‬ألنه ميلء‬ ‫باملشاكل‪ .‬أنا أرى أن املصالحات التي تحصل‬ ‫اليوم‪ ،‬يف ظل التوافق العريب والدويل‪ ،‬هي‬ ‫مج ّرد “تقبيل ذقون”‪ .‬املشكلة أنهم مرتهنني‬ ‫للخارج لذلك يبقى لدينا دامئاً ما نتحدّ ث‬ ‫عنه وننتقده‪ ،‬اضافة اىل املشاكل االقتصادية‬ ‫واالجتامعية وغريها‪ .‬والغريب أن كل التعبئة‬ ‫التي قام بها السياسيون يف قلوب الناس منذ‬ ‫فرتة ذهبت مع الريح‪ ،‬ومل يكن من املفروض‬ ‫ايجادها أص ًال‪ .‬ما أمتناه أن تدوم هذه املصالحات‬ ‫يك تهدأ األوضاع‪ ،‬ولكني أشك بذلك‪ ،‬ألننا‬ ‫حتى اليوم مل ن َر سوى نواياهم السلبية ضد‬ ‫لبنان واللبنانيني‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫«اربت تنحل» مستمر بدون‬ ‫تخطي الخطوط الحمراء‬ ‫“اربت تنحل” ُيع َرض منذ حوايل السبع‬ ‫سنوات‪ ،‬إىل متى سنقول “اربت تنحل”؟‬ ‫نعم‪ ،‬الربنامج ُيع َرض منذ عام ‪ ،2003‬و”اربت‬ ‫َ‬ ‫“كلمتك مدى الحياة” كام نقول دامئاً‬ ‫تنحل” هي‬ ‫يف الحلقات‪ .‬لقد قلناها من األساس‪ ،‬وما زلنا‬ ‫مرصين عليها‪ .‬ال ميكن أن ُي َحل يشء يف لبنان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصة يف ظل وجود ‪ 18‬طائفة‪ ،‬وال واحدة منها‬ ‫تتقبل األخرى إال عىل أساس مصالح معينة‪،‬‬ ‫ومج ّرد أن يتحدث شخص عن الدين‪ ،‬يعودون‬ ‫ليتقوقعوا حول طائفتهم‪ .‬إضافة اىل ذلك‪،‬‬ ‫لدينا معمعة الوالء السيايس‪ ،‬خاصة الخارجي‬ ‫أتأسف أن ال يكون هناك حزباً يف لبنان‬ ‫منه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ذو والء لبناين بحت‪ .‬ملاذا يجب أن نبقى موالني‬ ‫للخارج؟ ألننا ال منلك ثقة بالنفس‪ ،‬ونستقوي‬ ‫دامئاً بالخارج‪ .‬يبدو أنه ال ميكننا العيش متحا ّبني‬ ‫دون مشاكل وحروب‪ .‬لقد وصل خويف اىل حد‬ ‫ُ‬ ‫اشرتيت يف فرتة االنتخابات “طوقاً” من‬ ‫أنني‬ ‫ُ‬ ‫وأدخلت الحديد بداخله ألضعه حول عنقي‬ ‫الجلد‬ ‫خوفاً من أن يتم ذبحي‪ .‬املشكلة ّ‬ ‫أن ال يشء يتم‬ ‫إال يف حال التوافق‪ ،‬حتى لتعيني شاويش يف‬ ‫أقىص جرود عكار‪ ،‬أو إلصالح طريق ما‪ .‬ويوجد‬ ‫الكثري من املناطق املحرومة‪ ،‬فمث ًال منطقة‬ ‫كرسوان ُحر َمت امنائياً فقط ألنها انتخبت‬ ‫الجرنال ميشال عون‪ ،‬وما زالت كذلك‪ ،‬يف حني‬ ‫أن العامل يف “وسط بريوت” ينظفون إشارات‬ ‫السري‪ ،‬بينام مت ّرين عىل “أوتوسرتاد” جونيه‪،‬‬ ‫وال أقول أحياء‪ ،‬وترين كلباً مقتوالً تحت دواليب‬ ‫السيارات ويبقى عىل الطريق حتى يهرتأ‪ .‬ملاذا‬ ‫ع ّ‬ ‫يل أن أدفع رضيبة ليتن ّعم بها َمن يسكن يف‬ ‫بريوت أو الضيوف الذين يأتون من الخارج؟ هل‬ ‫ع ّ‬ ‫يل أن أمرض وأشم رائحة جثث الكالب فقط‬ ‫يك يكون زوار بريوت فرحني‪ .‬بالطبع‪ ،‬يجب أن‬ ‫يكون بلدي كله نظيفاً وليس فقط منطقة‬ ‫تابعة لرشكة معينة‪.‬‬ ‫أين تصل حدود الربنامج؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬نحن ال نتط ّرق لرجال الدين ألنهم‬ ‫ميلكون حصانة يحميها الدستور‪ ،‬إضافة‬ ‫للحصانة من ِق َبل املخرج بأنه لدينا أشياء كثرية‬ ‫لنتحدّ ث عنها‪ ،‬وليس بالرضورة أن نستذكرهم‪.‬‬ ‫عل ً‬ ‫ام أن بعضهم ينسون أنهم رجال دين‪،‬‬ ‫سلسة‬ ‫بطريقة‬ ‫نظرهم‬ ‫نلفت‬ ‫وحينها‬ ‫بأنكم رجال دين وواجبكم جمع الناس وليس‬ ‫تفريقهم‪ .‬كذلك من املح ّرمات يف الدستور‪،‬‬ ‫مقام رئاسة الجمهورية وشخص الرئيس‪ ،‬عل ً‬ ‫ام‬ ‫أنها ان ُت ِهكت مرات عديدة يف عهد الرئيس‬ ‫لحود‪ .‬ومن املمنوعات أيضاً التط ّرق ملؤسسة‬ ‫الجيش‪ ،‬إضافة إىل كل ما ميكن أن يثري النعرات‬ ‫الطائفية‪ .‬سقفنا هو سقف املحطة‪ ،‬ونحاول أن‬ ‫نبقى مبستواه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫معكم‬ ‫الناس‬ ‫تفاعل‬ ‫ترون‬ ‫كيف‬

‫‪72‬‬

‫كشخصيات “اربت تنحل”؟‬ ‫لقد أعطانا الله بحق أكرث مام نستحق‪ ،‬مع‬ ‫العلم أنه من غري املح ّبذ رؤيتنا أو الحديث عنا‬ ‫يف بعض املناطق‪ ،‬لكنّ ذلك قليل جداً‪ ،‬عىل‬ ‫الجميع أن َي ُعوا أننا نقوم بأدوار متثيلية ال غري‪.‬‬ ‫هناك مناطق أخرى تستقبلني بحرارة كبرية‪،‬‬ ‫وأنا أتأثر بذلك كثرياً‪ ،‬وأشكر الله أنني أستطيع‬ ‫أدخل الضحكة اىل قلوب الناس‪ ،‬حتى أن‬ ‫أن‬ ‫ِ‬ ‫البعض تخطى الحاجز أو الربوتوكول الديني‪،‬‬ ‫ودعا زوجته ملدّ اليد والسالم ع ّ‬ ‫يل بتسميتي‬ ‫(أخوها أو ابنها)‪ .‬بالفعل‪ ،‬هذه املحبة أكرب‬ ‫مني‪ ،‬وال يسعني إال تقبيل يدهم كشكر عىل‬ ‫مح ّبتهم وإدخايل ملنزلهم‪ .‬مل أتخ ّيل أبداً أن‬ ‫يدخل أحداً من فريقنا اىل محال تجارية لرشاء‬ ‫حاجات ملنزله‪ ،‬وال يأخذوا مثنها‪ .‬بالفعل‪ ،‬لقد‬ ‫وصلت محبة الناس اىل هذا الحد‪ ،‬ويف ظل هذه‬ ‫األوقات االقتصادية الصعبة‪ .‬ما أمتنّاه من الذين‬ ‫يكرهونني أن يحاولوا تق ّبيل واحرتام آرايئ‪،‬‬ ‫ألنني حقاً أحرتم آرائهم‪.‬‬

‫«وعي» بارز لدى «اسكندر»‬ ‫افتقده العديد من اللبنانيني‬ ‫هل تشارك يف مسلسالت أو برامج غري‬ ‫َ‬ ‫شاركت به‬ ‫“اربت تنحل” كاملسلسل الذي‬ ‫قدمياً بعنوان “ش ّلة عله ّلة”؟‬ ‫إذا عُ ِر َض ع ّ‬ ‫يل عمل يناسبني‪ ،‬فحت ً‬ ‫ام‬ ‫ُ‬ ‫شاركت سابقاً يف “الدراما”‬ ‫سأشارك به‪ .‬لقد‬ ‫وليس فقط “الكوميديا”‪ ،‬ألنني يف النهاية ممثل‪.‬‬ ‫وقد م ّث ُ‬ ‫لت دور “املحقق” يف مسلسل “امرأة من‬ ‫ُ‬ ‫وكنت رسمياً جداً‪،‬‬ ‫ضياع” للمخرج اييل فغايل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫شاركت‬ ‫وقمت بدوري عىل أكمل وجه‪ .‬كذلك‬ ‫يف املسلسل السيناميئ السويدي “زوزو”‪،‬‬ ‫وكانت انطالقتي األوىل يف مسلسل “شكتني‬ ‫رودينة” للكاتبة واملخرجة “جنفياف عطا الله”‪،‬‬ ‫وكان دوري قريب من الكوميديا وعُ ِر َض تقريباً‬ ‫ُ‬ ‫شاركت يف أكرث من مسلسل‬ ‫يف العام ‪.1996‬‬ ‫عىل قنوات متعددة كـ”‪ ،MTV ،LBC‬تلفزيون‬ ‫لبنان‪ ،‬الجديد‪ ،‬و‪ tele lumiere‬وغريها‪.‬‬ ‫هل تشارك يف جميع القنوات بغض النظر‬ ‫عن انتامءك ألرسة تلفزيون “الجديد”؟‬ ‫هناك َمن ينتقون شخصاً ينتمي لخطهم‪،‬‬ ‫ويجوز أن يتم استثنايئ من بعض األعامل‪ ،‬ولكن‬ ‫بالنسبة يل ال أهتم بهذه األشياء‪ ،‬وسبقَ يل أن‬ ‫ُ‬ ‫كنت ضيفاً ُمك ّرماً عىل الـ”‪ ،”MTV‬مع العلم‬ ‫ّ‬ ‫أن إحدى مقدّ مات الربامج عىل قناة معينة‬ ‫ذكرت اسمي فجاءها أمر بعدم ذكري يف املحطة‬ ‫كلها‪ .‬عل ً‬ ‫ام أن تلفزيون الجديد ال يضع “ممنوع”‬ ‫عىل أي شخص‪ ،‬حتى لو كان أكرب املنافسني‬ ‫إعالمياً‪ .‬يف النهاية‪ ،‬لكل شخص تفكريه وأنا‬ ‫أحرتم ذلك‪.‬‬ ‫ويف كلمة أخرية لـ”منرب التوحيد”‪ ،‬قال‬ ‫اسكندر‪ :‬هنيئاً لكم بالوزير وهاب لك َرم أخالقه‬

‫وصداقته التي أشعرنا بها يف كل لقاء معنا‪،‬‬ ‫عىل أمل أن تصلوا اىل كل ما تصبون اليه من‬ ‫توحيد الجميع عىل وطن واحد اسمه “لبنان”‪.‬‬ ‫خصيتموين بهذه املقابلة‪.‬‬ ‫وأشكركم أنكم‬ ‫ّ‬ ‫كذلك بالنسبة لعميل‪ ،‬أشكر املخرج اييل فغايل‬ ‫عىل كل جهوده معنا‪ ،‬ومدير االنتاج جيلبري ضو‬ ‫وكل َمن يساهم يف إيصالنا للجمهور بأجمل‬ ‫صورة من اضاءة وهندسة صوت وغريه‪ .‬لقد‬ ‫أصبحت “وحدة الحال” بالفعل‪ ،‬عنوان عملنا‪.‬‬

‫بني ميالد وباتريسيا وردوي‬ ‫ورشبل‪ ..‬عائلة واحدة يجمعها‬ ‫التعاون‬ ‫كذلك تحدّ ثنا يف “منرب التوحيد” ألعضاء‬ ‫فريق “اربت تنحل” ألخذ رأيهم مبواضيع‬ ‫عديدة والحديث عن شخصية الفنان “رشبل‬ ‫اسكندر”‪:‬‬

‫ميالد رزق‪ :‬نجاحنا ليس نجاح «فرد‬ ‫واحد» بل مجموعة متامسكة‬

‫بداية تحدّ ث الفنان ميالد رزق عن برنامجهم‬ ‫قائال‪“ :‬اربت تنحل هي “العائلة” الواحدة‪ ،‬ألننا‬ ‫حقاً كذلك‪ .‬ونحن نلمس محبة الناس من‬ ‫خالل احتكاكنا املبارش بهم‪ ،‬ونرى “التزامهم”‬ ‫مبتابعتنا بكل محبة‪ .‬هذا النجاح ليس نجاح‬ ‫“فرد”‪ ،‬بل نجاح عدة آراء تكتب وتتبادل األفكار‬ ‫حب التم ّلك‪ ،‬إذ أنني‬ ‫واملواضيع‪ ،‬بدون غرية أو ّ‬ ‫يف كثري من األحيان أكتب اسكتشات رودي‬ ‫وباتريسيا أكرث من اسكتشايت‪ ،‬وهم يبادلونني‬

‫العمل نفسه‪ .‬أعتقد أنه عندما يصل اليوم‬ ‫الذي يبدأ فيه أي شخص بالتفكري بنفسه‪،‬‬ ‫فحت ً‬ ‫ام سنفشل ونتفكك‪ .‬حتى أننا نجتمع‬ ‫بشكل دائم خارج العمل‪ ،‬ألننا أصبحنا فع ًال‬ ‫عائلة واحدة‪ .‬واألهم بالنسبة لنا “الوعد الذي‬ ‫قطعناه عىل بعضنا البعض” أننا اذا دُعينا‬ ‫كـ”فريق” اىل مكان ما‪ ،‬فال نذهب إذا كان أحدنا‬ ‫غائب‪.‬‬ ‫أما بالحديث عن “رشبل”‪ ،‬فنحن أصدقاء‬ ‫منذ زمن طويل‪ ،‬وقد بدأنا العمل سوياً منذ‬ ‫ما قبل “اربت تنحل”‪ .‬ما مييزه أن الجميع يح ّبه‪،‬‬ ‫ويحدّ ثونني عنه بصفتي “أخوه”‪ ،‬ويسألونني‬ ‫عن تفاصيل حياته اليومية‪ .‬حتى أنه لو قىس‬ ‫يف بعض األحيان عىل أحد‪ ،‬فال يكرهه‪ .‬نحن‬ ‫واملحب”‪ ،‬إذ أنه ال‬ ‫يف الفريق نصفه بـ”املصلح‬ ‫ّ‬ ‫يحب أن يرى أحداً مزعوجاً من يشء”‪.‬‬ ‫وحول سؤالنا عماّ يضيفه كل شخص‬ ‫إىل الفريق قال رزق‪“ :‬لكل فرد منا شخص ّياته‬ ‫الخاصة‪ ،‬ولكننا جميعاً نضيف باستمرار أفكاراً‬ ‫جديدة للربنامج‪ ،‬وتعدّ د هذه األفكار هي “رس”‬ ‫نجاح برنامجنا‪ ،‬مع العلم أن القرار النهايئ‬ ‫باالختيار هو للمخرج “اييل فغايل”‪.‬‬

‫شخصية لها طابعها الخاص الذي ّمييزها‪،‬‬ ‫خاصة شخصية “صوفيا” وهي املحببة لدي بني‬ ‫الشخصيات األخرى”‪.‬‬ ‫أما عن تن ّوع “االرتجال” بني التلفزيون‬ ‫واملرسح‪ ،‬فأجابت‪“ :‬بالطبع يتفاعل معنا‬ ‫الناس أكرث عىل املرسح ونحن نرتجل أكرث ومنزح‬ ‫معهم”‪.‬‬ ‫ولدى السؤال عن انتقالها من مجال‬ ‫الحقوق (متخ ّرجة من كلية الحقوق) اىل مجال‬ ‫الكوميديا‪ ،‬قالت‪“ :‬لقد كان األمر بداي ًة للعمل‬ ‫ُ‬ ‫نجحت يف‬ ‫عىل تأمني قسط الجامعة‪ ،‬لكنني‬ ‫عامل الكوميديا‪ ،‬وانا فخورة بذلك‪.‬‬

‫رودريك غصن‪« :‬اإلميان هو الذي‬ ‫يجمعنا ويق ّوينا»‬

‫باتريسيا داغر‪« :‬اربت تنحل»‬ ‫اليوم املتفوق بني الربامج‬ ‫الكوميدية‬ ‫أما باتريسيا داغر‪“ ،‬غنّوجة” الربنامج كام‬ ‫وصفها زمالؤها‪ ،‬فقالت عن الفنان رشبل‬ ‫اسكندر‪“ :‬رشبل من األسس الذي قام عليها‬ ‫“اربت تنحل”‪ ،‬وقد أثبت نفسه كركيزة أساسية‪،‬‬ ‫وكام يقول الجرنال عون‪“ :‬السيارة ال تسري بثالثة‬ ‫دواليب”‪ ،‬لذلك فإذا غاب رشبل لظرف ما‪ ،‬فإن‬ ‫الفريق بأكمله يتأثر كوننا “أخوة ضمن عائلة‬ ‫واحدة”‪ .‬نحن نتمي ّز باملحبة التي تجمعنا كأعضاء‬ ‫فريق اضافة اىل املخرج‪ ،‬وهي التي تجعلنا أكرث‬ ‫متاسكاً وتق ّوي استمرار ّيتنا للمستقبل‪ .‬أنا‬ ‫أتابع اليوم كل الربامج الكوميدية عىل جميع‬ ‫املحطات التلفزيونية‪ ،‬وأعتقد أن برنامج “اربت‬ ‫تنحل” متف ّوق بأشواط عىل كل تلك الربامج‬ ‫حتى التي تأسست قبلنا‪ ،‬إذ أن جميعهم‬ ‫يستخ ّفون بعقل الشعب اللبناين‪ ،‬ومعظم‬ ‫نصوصهم تفتقد للقاعدة األساس‪ .‬ما يتبينّ‬ ‫اليوم أننا يف الدرجة األوىل بني الربامج‬ ‫الكوميدية‪ ،‬وال يسع أحد انتقادنا‪ ،‬فليتعبوا‬ ‫عىل أنفسهم وليبذلوا جهداً أكرب ليصلوا اىل‬ ‫ما وصلنا اليه‪ ،‬وأنا أعرتف أننا كنّا يف البداية‬ ‫مبرتبة عادية ولكننا أثبتنا أنفسنا عىل الساحة‬ ‫الكوميدية‪.‬‬ ‫وعن تق ّبل الناس لها كعنرص أنثوي‬ ‫وكمظهر خارجي للشخص ّيات‪ ،‬قالت داغر‪:‬‬ ‫“يل شخص ّيايت التي أح ّبها الناس‪ ،‬وكل‬

‫‪73‬‬

‫ومن ثم انتقلنا اىل “متعدد الشخصيات”‬ ‫و”املقلد الجريء”‪ ،‬فتحدّ ثنا للفنان رودريك‬ ‫غصن الذي قال‪:‬‬ ‫“اربت تنحل يتقدم يوماً بعد يوم‪ ،‬ويتميز‬ ‫بطريقة كتابة النصوص‪ ،‬وتقديم الشخصيات‪،‬‬ ‫ونحن اىل مزيد من التقدّ م‪ .‬كام أن العالقة‬ ‫الشخصية التي تجمع أعضاء الفريق‪ ،‬تؤثر‬ ‫وتنعكس ايجاباً عىل عملنا ضمن الربنامج‪.‬‬ ‫أعتقد أن رس هذه املحبة التي تجمعنا هو االميان‬ ‫الذي يحيطنا‪ ،‬ألننا مؤمنني بحق‪.‬‬ ‫وحول السؤال عن إمكانية تغيري القناعات‬ ‫غصن‪:‬‬ ‫أجاب‬ ‫للمشاهدين‬ ‫السياسية‬ ‫برنامجنا انتقادي للشخصيات‪ ،‬ولكن بالتأكيد‬ ‫ّ‬ ‫تخطيه وهو “كرامة”‬ ‫هناك خط أحمر ال ميكن‬ ‫األشخاص‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫مناضل قومي ووطني تق ّرب من الفقراء فأسس جمعية «عامل» قبل ‪ 30‬سنة‬

‫الدكتور كامل مهنا لـ«منبر التوحيد» ‪ 27‬مركزاً و‪ 250‬متفرغاً‬ ‫ومئات المتطوعين و‪ 30‬سيارة إسعاف‬ ‫“إن لبنان الذي يعترب منوذجاً مخيفاً لبلد أضنته الحرب األهلية‬ ‫واالحتالل اإلرسائييل‪ ،‬حيث ترك االثنان مجتمعاً ممزقاً‪ ،‬يحاول منذ‬ ‫اتفاق الطائف وبدء مسرية السلم األهيل‪ ،‬التغلب عىل ‪ 16‬سنة‬ ‫من املحن التي حصدت أكرث من ‪ 150‬ألف قتيل‪ ،‬وخلفت نحو ‪200‬‬ ‫ألف جريح و‪ 700‬الف مهاجر‪.‬‬ ‫وقد أدت الحرب الطويلة وما تالها من أحداث إىل تدمري البنية‬ ‫االقتصادية واالجتامعية للبالد‪.‬‬ ‫فمؤسسة عامل هي جمعية مدنية ذات منفعة عامة‪ ،‬وذات‬ ‫صفة استشارية خاصة لدى املجلس االقتصادي االجتامعي التابع‬ ‫لألمم املتحدة وتحمل شعار «معا» من أجل تنمية مستدامة‪.‬‬ ‫وحرصت «عامل» عىل ربط والدتها عام (‪ )1979‬بأحداث وطنية‬ ‫كبرية انطالقاً من دورها االجتامعي واإلنساين والوطني‪ ،‬معتربة‬ ‫أن عملية التغيري هي مسؤولية األحزاب السياسية بالدرجة‬ ‫األوىل‪.‬‬ ‫هذا ما قاله رئيس مؤسسة «عامل» الدكتور كامل مهنا خالل‬ ‫لقاء معه أجرته «منرب التوحيد»‪ ،‬حيث بدأ حديثه عن إنشاء‬ ‫جمعية «عامل» وأهدافها‪ ،‬والخدمات التي تقدمها‪ ،‬وعن مراكزها‪،‬‬ ‫فذكر ان‪:‬‬

‫التأسيس‬

‫بعد عوديت طبيباً من فرنسا‪ ،‬ذهبت إىل ظفار‪ ،‬وأمضيت مع ثوارها ستة‬ ‫اشهر‪ ،‬ثم انخرطت يف حركة النضال الفلسطيني‪ ،‬وأسست خاللها جمعية‬ ‫“النجدة االجتامعية”‪ ،‬إىل أن شعرت أن جنوبنا العزيز يغرق يف مآسيه أيضاً‪،‬‬ ‫حيث يصليه العدوان اإلرسائييل قت ًال وتدمرياً وتهجرياً وذلك عام ‪ ،1978‬وإزاء‬ ‫هذا الواقع مل يكن من خيار غري التصدي للعدوان والقيام بالواجب الوطني‬ ‫واالجتامعي نحو هذه البقعة املباركة من أرضنا الغالية‪ ،‬وخصوصاً بعد مأساة‬ ‫بلديت التي فيها ولدت وترعرعت أي الخيام‪.‬‬ ‫يف ظل هذه املشاعر وتحديات املرحلة‪ ،‬ولدت مؤسسة “عامل” التي أكملت‬ ‫اليوم عامها الثالثني‪ ،‬غري أنها يف صياغة مرشوعها مل تكن مرة أخرى جنوبية‬ ‫باملعنى الجغرايف‪ ،‬ولكنها انطلقت يف املدى الوطني واإلنساين‪ ،‬وما تزال تحمل‬ ‫همومها الكبرية‪ ،‬وتنترش مساحة وفكراً عىل هذا املدى الواسع‪ ،‬وهي مل‬ ‫تدخر جهداً يف الحرب أو يف السلم من أجل مساعدة اإلنسان‪ ،‬أي إنسان‪ ،‬إىل‬ ‫أن اصبحت مجاالً وطنياً عىل املنظامت العربية والدولية‪.‬‬

‫تأسيس جمعية “عامل” جاء يف أعقاب الغزو اإلرسائييل لجنوب لبنان عام‬ ‫‪ ،1978‬فأنا من الجنوب‪ ،‬من بلدة الخيام التي هي من أكرث البلدان التي عاشت‬ ‫االحتالل والحروب ودمرت أكرث من مرة وأعيد بناؤها‪ ،‬أكملت دراستي يف فرنسا‪،‬‬ ‫ويف عام ‪ 1967‬كان الغزو اإلرسائييل وهزمية حزيران ومسرية حيايت مرتبطة‬ ‫بهذا التاريخ‪ ،‬وكطلبة عرب كنا نختبأ يف الزوايا لتجنب ردات فعل الغربيني‪،‬‬ ‫ومبا أن الحق كله إىل جانبنا‪ ،‬والحق يجب أن تحميه القوة‪ ،‬فلذلك قررت وبعد‬ ‫فشل األنظمة العربية بالتصدي لـ “إرسائيل”‪ ،‬ومبا أنني أؤمن بنظرية تيش‬ ‫غيفارا “البؤر الثورية”‪ ،‬ويومها كنت مسؤول الطلبة يف فرنسا‪ ،‬قمت باحتالل‬ ‫السفارة مرتني‪ ،‬وبعدها تم ترحييل من فرنسا من أجل فلسطني‪ ،‬وكانوا‬ ‫يسموننا (كون بندت) العرب قائد الثورة الطالبية عام ‪ ،1968‬وقررت حينها أن‬ ‫أعمل مع املقاومة الفلسطينية‪ ،‬وليس يف إطار الحركة الوطنية اللبنانية‪،‬‬ ‫وكنت متأثراً بأحمد سعيد املذيع الشهري يف صوت العرب الذي كان يتحدث‬ ‫عن االنتصارات‪ ،‬وكنا يومها نواجه هزمية‪ ،‬هزمية كبرية‪ ،‬واستنتجت أننا نتكلم‬ ‫الكثري وال نفعل إال القليل‪ ،‬فالذي يقوم بعملية التغيري هي األحزاب التغيريية‪،‬‬ ‫إمنا بالفكر اليساري الرديكايل‪ ،‬وكان “تيش غيفار” هو النموذج‪.‬‬ ‫ومبا أنني طبيب أطفال وأستاذ يف الجامعة‪ ،‬ومن خالل مهنتي يف الطب‬ ‫أطبق أفكاري التغيريية والتقدمية التي أقتنع فيها عرب العمل مع الناس‪.‬‬ ‫أضاف‪ :‬منذ عمر ‪ ،37‬وعرش سنوات أمضيتها يف فرنسا‪ ،‬اكتشفت الناس‬ ‫وأهمية العالقة معهم ألن األحزاب بشكل عام يغلب عليها الطابع العقائدي‪،‬‬ ‫وليس السيايس‪ ،‬إذ ليس لديها برامج سياسية‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ملاذا إسم «عامل»؟‬ ‫وعن إسم الجمعية يقول مهنا‪ :‬أطلقت الجمعية اسم “عامل”‪ ،‬أو ًال ألنها‬ ‫انطلقت بعد عملية الليطاين وذلك محاولة للتخفيف من معاناة أهلنا من‬ ‫الناحية االقتصادية واالجتامعية واملعيشية‪ ،‬وعملنا كان ميدانياً‪ ،‬ومل يكن‬ ‫طائفياً‪ ،‬فالله هو الذي خلقنا وخلق ديننا وهذا ليس اختيارنا وال اخرتنا اسمنا‬ ‫وال عائلتنا وال منطقتنا‪ ،‬كلها ورثناها عن أجدادنا‪ ،‬املهم هو العمل الذي نقوم‬

‫‪74‬‬

‫به مع بعضنا‪ ،‬وكام يرمز عامل إىل جبل عامل يف الجنوب الذي يعاين من وكانت الحاجة إىل إعادة تنظيم املؤسسة مبا يتالءم مع متطلبات املرحلة‬ ‫الحرمان وتسلط اإلقطاع‪ ،‬والرصاع القومي مع “إرسائيل” الدولة املغتصبة‪ ،‬القادمة‪ ،‬فجرى تنظيم انتخابات لهيئة إدارية جديدة يف عام ‪ ،1991‬يف جو‬ ‫كام يرمز إىل العمل الذي يعمل عىل التغيري‪ ،‬فبالتايل االسم كان مدروسا‪ ،‬من املنافسة الحرة بني الئحتني‪.‬‬ ‫لقد ترافقت عملية التنظيم اإلداري واملايل (تكليف رشكة تدقيق ومحاسبة‬ ‫وكلمة عامل سهلة االستعامل‪.‬‬ ‫االنطالقة الواقعية ملؤسسة “عامل” كانت عام ‪ 1982‬يف الغزو اإلرسائييل إلعادة تنظيم الجهاز اإلداري واملايل واعتامد مستشار قانوين ينظم ممتلكات‬ ‫الثاين عىل لبنان‪ ،‬بدأناها يف مواجهة هذا الواقع املأساوي بحمالت تلقيح لحوايل املؤسسة ويصوب قراراتها)‪ .‬بعد االنتخابات واجهتنا أزمة داخلية يف “عامل”‪،‬‬ ‫‪ 7000‬آالف طفل‪ ،‬ويومها مل يكن لدينا ماالً إلنشاء مركز لعامل‪ ،‬فاستعملت حيث اعتربها البعض خروجاً من األزمة‪ ،‬فيام اعتربها البعض اآلخر دخوالً يف أزمة‬ ‫عياديت يف الرببري‪ ،‬وأخذنا اللقاحات من وزارة الصحة واليونسيف‪ ،‬وتلقينا كبرية‪ ،‬فقمنا بإحضار ثالثة خرباء من خارج املؤسسة الدكتور أحمد البعلبيك‪،‬‬ ‫والدكتورة آمال منصور‪ ،‬والدكتور انطوان حداد‪،‬‬ ‫العون واملساعدة من مجالس سياسية‬ ‫مع خرباء من هولندا‪ ،‬وقمنا بتقويم لتجربة‬ ‫كانت تؤمن لنا الطعام‪ ،‬وبعد فرتة قمت‬ ‫“عامل” وأنشانا كتابا‪ ،‬ومن ثم مكتباً لألبحاث‬ ‫بكتابة رسائل شخصية إىل وفود أجنبية‬ ‫والتوجيه‪ ،‬وكان عملنا مؤسساتيا‪ ،‬حيث‬ ‫كانت تقوم بتحقيقات يف القرى وبعدها‬ ‫قمنا بتسليم ممتلكات “عامل” جميعها إىل‬ ‫بدأت مبساعدتنا‪.‬‬ ‫أضاف‪ :‬ومن ثم تم االتفاق عىل تجهيز‬ ‫املحامي نبيل مشمويش‪ ،‬الذي نظم كل أوضاع‬ ‫مجموعة من املستشفيات امليدانية يف‬ ‫املمتلكات‪ ،‬وعندما كان يستفيض شيئا من‬ ‫مالجئ عدد من األبنية بالتعاون بني وزارة‬ ‫املال نشرتي به ممتلكات لـ”عامل”‪ ،‬وكان عملنا‬ ‫الصحة التي كانت يومها وزير الصحة الدكتور‬ ‫إنشاء مستشفيات لديها التقنيات واملعدات‬ ‫نزيه البزري‪ ،‬والهيئات األهلية‪ ،‬فكان نصيب‬ ‫الحديثة‪ ،‬واستنتجنا بعد كل هذه الدراسات‬ ‫عامل منها ثالثة من أصل ستة مستشفيات‬ ‫أن عملنا ينقسم إىل قسمني‪ ،‬قسم مشاريع‬ ‫أدارتها الهيئات األهلية‪ ،‬ودور املستشقيات كان‬ ‫الخدمات الصحية االجتامعية والتأهيلية‬ ‫كبرياً‪ ،‬ففي مستشفى املصيطبة امليداين‬ ‫والرتبوية‪ ،‬تستوجب تأمني اكتفاء ذايت من‬ ‫تم عالج عرشات الجرحى‪ ،‬ويومها كان الدكتور‬ ‫خالل مساهامت رمزية لألفراد والعائالت‬ ‫بهيج عربيد عضو يف الهيئة اإلدارية يف‬ ‫واملجتمع تحت شعار “خدمة أفضل بكلفة أقل”‬ ‫“عامل” ومفوض الصحة يف الحزب التقدمي‬ ‫باملقارنة مع القطاع الخاص‪.‬‬ ‫والقسم الثاين‪ :‬برامج تنموية وهنا تكمن‬ ‫االشرتايك‪ ،‬ومستشفى أخرى يف وادي جبيل‪،‬‬ ‫حاجاتنا للمساعدات‪ ،‬حيث نؤمن ‪ %53‬من‬ ‫ومستشفى ثالثة يف مركز بلدية حارة‬ ‫موازنة عامل من الناس‪ ،‬وهذا بالنسبة للعمل‬ ‫حريك‪ ،‬واستمرت “عامل” يف تطوير وتعزيز‬ ‫اإلنساين يعترب أمراً كبرياً‪ ،‬وكان لدينا دامئاً‬ ‫دورها‪ ،‬فتمكنت من إنشاء مراكز صحية‬ ‫أزمة مالية‪ ،‬األمر الذي جعلنا نقوم بتجربة مع‬ ‫ودور للتوليد ومستوصفات ورياض لألطفال‬ ‫بعد عوديت طبيباً من فرنسا‪ ،‬ذهبت إىل‬ ‫القطاع الخاص تحت شعار‪“ :‬أنسنة القطاع‬ ‫ووحدات تنموية يف كل من بريوت وجبل‬ ‫الخاص واحرتاف القطاع اإلنساين” وتعاقدنا مع‬ ‫لبنان والشوف والبقاع والجنوب والضاحية‬ ‫ظفار‪ ،‬وأمضيت مع ثوارها ستة اشهر‬ ‫معهد “بيبلوس” يف الرشقية وكان يستقبل‬ ‫الجنوبية‪ ،‬حيث بات لدينا ‪ 27‬مركزاً أنشئت‬ ‫طالبنا من الضاحية الجنوبية وبهذه الطريقة‬ ‫وفقاً للحاجة والوضع الصحي واالجتامعي‬ ‫استطعنا حل عقدة الفوقية والدونية‪،‬‬ ‫يف املناطق الشعبية‪ ،‬إضافة إىل آلية جهاز‬ ‫إنشاء مراكز صحية ودور للتوليد‬ ‫وخرجنا من الطابع الطائفي والديني‪ ،‬وهكذا‬ ‫دفاع مدين مزود بـ ‪ 30‬سيارة إسعاف‪ ،‬وتم إيفاد‬ ‫ومستوصفات ورياض لألطفال‬ ‫متكنا من أن نصبح جميعنا يف مستوى واحد‬ ‫‪ 1200‬جريحاً عولجوا يف الخارج‪ ،‬وتركيب ‪400‬‬ ‫هو الطريق نحو املواطن‪ ،‬وبهذا الخيار أصبح‬ ‫طرف اصطناعي للمعوقني‪ ،‬ولدى عامل‪250‬‬ ‫ووحدات تنموية يف كل من بريوت‬ ‫متفرغاً ومئات املتطوعني‪ .‬وهكذا أصبحت‬ ‫لدينا مدخوال من املرشوع‪ ،‬وهذا خفف من‬ ‫وجبل لبنان والشوف والبقاع‬ ‫“عامل” بعد الحرب من املؤسسات الكبرية‬ ‫األزمة املالية التي كنا نعاين منها‪.‬‬ ‫يف لبنان‪ ،‬ونجحت بالتمتع بحرية الحركة‬ ‫والجنوب والضاحية الجنوبية‬ ‫بني مختلف املناطق واألحياء دون االعرتاض‬ ‫االكتفاء الذايت‬ ‫عليها من قبل املتحاربني وراء املتاريس‪،‬‬ ‫فشكلت خرقاً نوعياً للوضع السائد آنذاك‬ ‫وتحدث مهنا عن متويل الجمعية‪ ،‬فقال‪ :‬إن “عامل” ليس لديها االكتفاء الذايت‪،‬‬ ‫والذي من سامته االنقسام والفرز والتطيف واالنحياز لهذا الطرف أو ذاك داخل‬ ‫وتقوم مبشاريع عدة خالل السنة‪ ،‬وما لديها هو موارد محلية كالقيام بحفالت‬ ‫الصف الواحد‪.‬‬ ‫عىل الحاصباين وصور وبريوت‪ ،‬ونرسل رسائل يف شهر رمضان يعود ريعها‬ ‫إىل املؤسسة ويتم استثامر (محالت وشقق يف الضاحية وبناية يف حارة‬ ‫هيئة الرعاية‬ ‫حريك) وهي أمالك لـ”عامل” ‪ ،‬ولدينا عجز يبلغ شهرياً ‪ 35‬مليون دوالر‪ ،‬وتأتينا‬ ‫مساعدات عرب تقديم مشاريع إىل االتحاد األورويب وملنظمة الصحة العاملية‬ ‫ويكشف مهنا يف حواره عن إنشاء هيئة الرعاية التي تضم ك ًال من الرئيس اليونيسف ولكن كلها مبالغ صغرية‪.‬‬ ‫سليم الحص‪ ،‬الرئيس نبيه بري‪ ،‬النائب وليد جنبالط وقيادات أخرى إلنشاء‬ ‫النقطة الثالثة يف هذا التوجه الذي تعتمده “عامل” هو العمل عىل تعزير‬ ‫مستشفيات‪ ،‬فأخذنا مبنى عىل طريق املطار وأرضاً يف صور‪ ،‬وكان عملنا ثقافة الحقوق املدنية‪ ،‬أي حق الناس يف التعبري والصحة والسكن والبيئة‬ ‫جامعياً غري فئوي‪.‬‬ ‫والغذاء والعمل‪ ،‬وتطوير مفهوم التنمية التشاركية بدءاً من املرأة والشباب‪،...‬‬ ‫بعد اتفاق الطائف توقفت املساعدات وبتنا أمام مشكلة إكامل املسرية‪ ،‬باتجاه بناء املواطن اإلنسان مبعزل عن الخريات السياسية والثقافية‪.‬‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب تربوي‬

‫منرب اجتامعي‬ ‫تلعب “عامل” دور املحرك يف إطار املنظامت‪ ،‬فنحن كتجمع الهيئات األهلية واإلعالمية والفنية‪ ،‬وكل واحد منا يجب أن يعمل‪ ،‬واألنظمة العربية قدمت‬ ‫الذي يضم الجمعيات الكبرية يف لبنان‪ ،‬ككاريتاس ومجلس كنائس‪ ،‬ومؤسسة لـ “إرسائيل” عام ‪ 2002‬مبادرة رسمية رفضتها “ارسائيل”‪ .‬عام ‪ 1993‬عمل‬ ‫فرح‪ ،‬ومركز التنمية االجتامعية‪ ،‬النجدة الشقا عامل‪ ،‬جمعية تنظيم أبو عامر مبادرة “اوسلو” ومل تستطع “إرسائيل” تطبيقها‪ ،‬وبعدها “انابوليس”‬ ‫االرسة‪ ،‬مؤسسة معروف سعد‪ ،‬االسعاف الشعبي‪ ،‬هو حركة اجتامعية‪ ،‬وخارطة الطريق االستيطان‪ ،‬هناك رفض لكل املبادرات‪ ،‬هناك إعادة تهويد‬ ‫وكلها جمعيات كبرية‪ ،‬وكمسؤول يف تجمع الهيئات األهلية وإىل جانبي القدس‪ ،‬هناك رفض قبول أي حلول إلعادة الشعب الفلسطيني‪ ،‬وبالتايل نحن‬ ‫انطوان حداد‪ ،‬عملنا عىل تعزيز ثقافة املواطن واالعرتاف باآلخر والتعاون مع كمنظامت للمجتمع املدين جزء من هذه العملية‪ ،‬ويجب أن نعمم ثقافة‬ ‫البعض‪ ،‬وبالتحديد الحاجات وكيفية تلبيتها‪ ،‬والعنوان العام عقلنة تعاطينا املقاومة‪ ،‬لتكون فلسطني هي الحلقة املركزية‪ ،‬وال استقرار يف لبنان إال إذا‬ ‫مع قضايانا‪ ،‬واكتشفنا أن العامل العريب ومن ضمنه لبنان فيه غياب للرؤية كان هناك حال عادال للفلسطينيني‪ ،‬فهناك ‪ 400‬ألف فلسطيني يف لبنان‪،‬‬ ‫وليس لديه اسرتاتيجية‪ ،‬وبنظري نعمل باألرجل أو باألطراف أو بالتفاصيل‪.‬‬ ‫و”ليربمان” وزير خارجية “إرسائيل” يهدد بتهجري فلسطينيي ‪.1948‬‬ ‫النقطة الثانية ثقافة االنقسام‪ ،‬فبقدر ما نكون متفقني مع بعضنا بنسبة‬ ‫إن عامل يف ظل هذا الواقع تعترب املعرب للمواطنة ولتخفيف العصبيات‪،‬‬ ‫‪ %95‬عىل بعض األعامل‪ ،‬نختلف عىل نسبة الـ‪ %5‬الباقية من االتفاق‪ ،‬هناك ولبناء اإلنسان املواطن والدولة املدنية‪ ،‬وهمها تنمية املناطق الريفية‪ .‬إنهم‬ ‫ثقافة النقد الهدام إذا اختلفنا مع أحد ما نيسء إىل إنسانيته‪ ،‬هيمنة يتكلمون عن الطائفية يف الشامل خاصة عكار والبقاع والجنوب والشوف‬ ‫الشخص وحب السيطرة والتسلط‪ ،‬فليس هناك عمل جامعي‪ .‬ثقافة كل وإقليم الخروب والضاحية الجنوبية‪ ،‬وجميعها مناطق لديها معاناة‪ ،‬ونحن نقدم‬ ‫يشء أو ال يشء‪ ،‬نريد أن نغري العامل يف يوم واحد أو ال‬ ‫أحسن الخدمات يف املناطق‬ ‫نعمل يشء‪ ،‬وبدال من أن نعمل لتطوير الواقع ليصبح‬ ‫الشعبية‪ ،‬ومراكز “عامل” لديها‬ ‫قريباً من وجهة نظرنا‪ ،‬نبدأ باالنتقاد‪ ،‬وبضوء هذه‬ ‫أحدث املعدات واآلالت الطبية‬ ‫املعطيات اخرتنا يف “عامل” ثالث شعارات‪:‬‬ ‫(ترقق العظم‪ ،‬مخترب علم‬ ‫األول‪ :‬هو التفكري اإليجايب والتفاؤل املستمر‪ ،‬ونحن‬ ‫فيزيايئ‪ ،‬أشعة‪ ،‬عيون‪ ،‬إيكو)‪،‬‬ ‫منلك إرادة تخولنا العمل مع الجانب اإليجايب لكل‬ ‫لديهم‬ ‫جميعهم‬ ‫واملوظفني‬ ‫شخص‪ ،‬ومثة مثل عريب يقول‪“ :‬كلمة بتجنن وكلمة‬ ‫خربة واختصاص‪ ،‬ونؤمن الخدمة‬ ‫بتحنن”‪ ،‬وعلينا أن نعمل بالجوانب اإليجابية‪.‬‬ ‫الجيدة واألولوية لها‪ ،‬فخدماتنا‬ ‫الشعار الثاين‪ :‬هو ثالث ميامت‪ ،‬يجب أن يكون لدينا‬ ‫ليست مجانية‪ ،‬بل عبارة عن‬ ‫مبدأ يف الحياة‪ ،‬وموقف منسجم مع املبدأ‪ ،‬واملامرسة‬ ‫رمز بسيط يؤخذ من الناس‬ ‫احرتاماً‬ ‫يجب أن يكون لها عالقة باملبدأ واملوقف‪.‬‬ ‫إلنسانيتهم‪،‬‬ ‫وذلك‬ ‫الشعار الثالث‪ :‬يف املجتمع هناك “إرسائيل” دولة عدوة‪،‬‬ ‫والخدمة الجيدة تعني عالقة‬ ‫يف الداخل هناك األصدقاء واملحايدين والخصوم‪ ،‬فتوثيق‬ ‫سليمة مع املجتمع املحيل‪ .‬ومن‬ ‫العالقة مع هؤالء‪ ،‬وتحويل املحايدين إىل أصدقاء والخصوم‬ ‫الخدمة الجيدة إىل التنمية‪،‬‬ ‫إىل أحالف‪ ،‬هنا العمل يكون عكس الثقافة الثابتة‪،‬‬ ‫وهي مشاركة الناس يف تحديد‬ ‫يف العامل العريب هناك عودة إىل الفئوية والعصبيات‬ ‫الحاجات وكيفية تلبيتها من‬ ‫واالنتامءات القوية‪ ،‬نعمل عىل تعزيز إنسانية اإلنسان‪،‬‬ ‫التنمية إىل ثقافة الحقوق‪ ،‬ومن‬ ‫مث ًال منطقة حاصبيا بلدية صغرية فيها تركيبة املجتمع‬ ‫الرضوري أن يكون يف املجتمع‬ ‫اللبناين‪ ،‬لدينا مراكز يف مناطق عدة منها مركز الخيام‬ ‫هيئات وفئات تقدم رسالة‪.‬‬ ‫نؤمن ‪ %35‬من موازنة عامل‬ ‫وتابع‪ :‬لذا أنشأنا مراكزنا‬ ‫ويضم عدداً كبرياً من السنة والشيعة وأكرث العاملني‬ ‫من الناس‪ ،‬وهذا بالنسبة‬ ‫املتعددة عىل األرض والهدف‬ ‫يف املركز من املسيحيني‪ ،‬مركز فريديس (دروز) ومركز‬ ‫منها إعطاء منوذج للمنظامت‬ ‫مرجعيون (مسيحيني) مركز للصابون يف ابل السقي‬ ‫للعمل اإلنساين يعترب أمراً كبرياً‬ ‫(دروز ومسيحيني)‪ ،‬يف الضاحية ‪ 8‬مراكز‪ ،‬وافتتح مؤخراً‬ ‫الدولية والوزارات‪ ،‬ولنلعب دور‬ ‫املحرك ليك نثبت أن هناك بنية‬ ‫يف عني الرمانة مركزاً أثناء الرصاع السني والشيعي‪،‬‬ ‫تحتية جيدة‪ ،‬فهذا يريح الناس‬ ‫ولدينا أيضاً مركز يف (عرسال) منذ ‪ 30‬سنة قمنا‬ ‫لدينا عجز يبلغ شهرياً ‪ 35‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫ويجعلهم يف حالة بعيدة عن‬ ‫بتطويره وإحضار معدات حديثة إليه (للعيون وتصوير‬ ‫وتأتينا مساعدات عرب‬ ‫التوتر‪ .‬وقد زارنا مجموعة من‬ ‫صويت وعيادة أسنان) كامل اللوز هناك مركز قديم‬ ‫الشباب تضم حوايل ‪ 30‬شاباً‬ ‫للفلسطينيني والسودانيني واألفغان واألتراك‪.‬‬ ‫تقديم مشاريع إىل االتحاد األورويب‬ ‫من فنلندا وفلسطني واليونان‬ ‫وملنظمة الصحة العاملية اليونيسف‬ ‫ومكثوا أسبوعا يف ابل السقي‪،‬‬ ‫فلسطني القضية‬ ‫وتعرفوا عىل ثقافة املقاومة‬ ‫ولكن كلها مبالغ صغرية‬ ‫والجنوب واالعتداءات اإلرسائيلية‬ ‫وخالل الحوار قرر مهنا الحديث عن فلسطني القضية‬ ‫واملقاومة الفلسطينية‪ ،‬ونقوم‬ ‫املركزية يف العامل العريب ‪ ،‬وعمله تجاهها‪ ،‬فقال‪ :‬هي‬ ‫دامئاَ باستقبال الوفود‪ ،‬ويف كل‬ ‫ملقاضاة‬ ‫املتابعة‬ ‫اللجنة‬ ‫ومن خالل عميل كمسؤول يف‬ ‫قضية فلسطني‪،‬‬ ‫أسبوع استقبل سفرياً وأع ّرفه عىل واقعنا يف الجنوب‪ ،‬وآخر زيارة كانت للسفري‬ ‫أقول‬ ‫واللبناين‪،‬‬ ‫الفلسطيني‬ ‫املدين‬ ‫واملجتمع‬ ‫غزة‬ ‫عىل‬ ‫العدوان‬ ‫“إرسائيل” بعد‬ ‫الكندي الذي أبلغني إعجابه بلبنان‪ ،‬واملناطق التي تعيش ضمن اختالط طائفي‬ ‫أن قضية فلسطني هي الحلقة املركزية‪ ،‬وعملنا يجب أن يعتمد عىل تعميم وجمعيات مدنية تعمل فيها‪ ،‬والناس تعيش مع بعضها‪ ،‬حيث كان لديه اعتقاد‬ ‫ثقافة املقاومة‪ ،‬وعام ‪ 2006‬كان محطة مفصلية يف حياتنا‪ ،‬فألول مرة أن هناك جوا عسكريا يسيطر‪ ،‬لكنه تفاجأ بالناس تعيش يف جو طبيعي‪ ،‬ورأوا‬ ‫“إرسائيل” أقوى قوة عسكرية يف املنطقة ورابع دولة عسكرية يف العامل كيف دمرت “إرسائيل” الجنوب وكيف أعادت الناس إعامر بيوتها‪.‬‬ ‫هزمت‪ ،‬وبالتايل ليس لدينا خياراً إال خيار املقاومة‪ ،‬ولكن املقاومة لها عدة‬ ‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫جوانب‪ ،‬املقاومة السياسية والعسكرية واالقتصادية واالجتامعية واإلنسانية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪76‬‬

‫جامعة األندلس الخاصة للعلوم الطب ّية‬ ‫تأمين فرص تعليم ّية بمستوى تدريسي عالمي‬ ‫بصدور املرسوم الجمهوري رقم ‪ / 191 /‬تاريخ ‪/ 2005‬‬ ‫‪ 6 / 5‬القايض بتأسيس جامعة األندلس بذلك تنضم‬ ‫مؤسسة تعليم ّية جديدة إىل منظومة التعليم‬ ‫الخاص يف سورية حل ًام بات حقيقة لطاملا راود أطباء‬ ‫املغرتب لسنوات طوال‪ ،‬ورغبة منهم يف إنشاء أقنية‬ ‫لنقل املعرفة املتطورة مبجال الصحة والتعليم فقد َّتم‬ ‫االتفاق بني مجموعة من األطباء السوريني يف املهجر‬ ‫من جهة وبعض املساهمني املحليني وبني الرشكة‬ ‫الهندس ّية للمنشآت التعليمية من جهة أخرى عىل‬ ‫تأسيس جامعة خاصة تضم كليات الطب البرشي‬ ‫وطب األسنان والصيدلة والهندسة الطب ّية‪ ،‬وإدارة‬ ‫املشايف والتمريض‪ ،‬حيث تقع يف أجمل منطقة‬ ‫اصطيافية بسورية لتمتعها بهوائها العليل املنعش‬ ‫يف منطقة القدموس يف ريف طرطوس لالطالع‬ ‫عىل هذا املرشوع األكادميي العلمي الكبري ودوره‬ ‫يف رفد مسرية التعليم يف سورية للمساهمة يف‬ ‫تأهيل كوادر وطنية متخصصة التقت منرب التوحيد‬ ‫الدكتور محمود فتح الله رئيس الجامعة الذي قال‪:‬‬ ‫منذ الفصل الشتوي لعام ‪ 2007‬تم افتتاح كل من‬ ‫كليتي طب األسنان والصيدلة‪ ،‬كام أن مجموعة‬ ‫األندلس كانت قد بدأت نشاطها بسلسلة من‬ ‫رسة يرتاوح ما بني ( ‪ ) 60 – 250‬رسيراً‪،‬‬ ‫املشايف بعدة أ َّ‬ ‫حيث تم افتتاح مشفى األندلس يف دمشق ويف‬ ‫حمص قيد اإلنجاز ويف حلب قيد الرتخيص‪.‬‬

‫آلية القبول‬ ‫وعن آلية القبول يقول د فتح الله‪ :‬إن الجامعة تقبل‬ ‫الطالب حملة الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها‬ ‫بغض النظر عن تاريخ الحصول عليها مبعدل يتوافق مع‬ ‫رشوط وزارة التعليم العايل واألسس املوضوعة لكل‬ ‫كلية من قبل الجامعة بعد أن يجتاز املقابلة الشخصية‬ ‫بنجاح‪ ،‬يتقدّم المتحان تحديد مستوى اللغة اإلنكليزية‬ ‫للطالب وتحديد مدى حاجته لدورات التقوية‪.‬‬ ‫وتقبل الشهادات غري السورية عىل أن تتم‬ ‫معادلتها ومصادقتها أصوالً‪ ،‬بعد أن يتعهد الطالب‬ ‫بااللتزام بالدوام املقرر من قبل الجامعة وأنظمتها‪،‬‬ ‫كام ميكن للراغبني من الطلبة التسجيل مبدئياً‬ ‫ريثام تعلن الشهادات الثانوية ويتم اإلعالن رسمياً‬ ‫للتسجيل بالجامعة‪.‬‬

‫رئيس الجامعة محمود فتح الله‬

‫غاية الجامعة‬

‫مشرياً إىل أن غاية الجامعة النوعية ال العدد‪،‬‬ ‫فقد كان عدد الطالب يف السنة األوىل ‪ 60‬طالباً‬ ‫والسنة الثانية نفس الرقم‪ ،‬أما لهذا العام تستقبل‬ ‫الجامعة (‪ )150‬طالباً لكل كلية‪ ،‬وبعد التخ ّرج تعمد‬ ‫الجامعة إىل إرسال الطلبة املتفوقني إىل جامعات‬ ‫متميزة خارج القطر لتبادل املعلومات وأخذ الخربة‪،‬‬ ‫حيث ملوفديها العودة للجامعة والعمل فيها أو يف‬ ‫مشافيها وذلك ضامناً ألبنائنا املتفوقني‪ .‬وهناك فكرة‬ ‫إجراء امتحان عىل مستوى القطر للخريجني من‬ ‫قبل وزارة التعليم العايل ومن سيجتاز هذا االمتحان‬ ‫يعطى املوافقة من قبل وزارة التعليم العايل بإمتام‬ ‫دراسته يف الخارج مع االعرتاف بشهادته عاملياً‪.‬‬ ‫وعن أهم االتفاقيات املوقعة مع الجامعة للتعاون‬ ‫قال د فتح الله‪ :‬االتفاقيات هي مع جامعة «إيرلنفن»‬ ‫األملانية ومنظمة الصحة العاملية ومركز تدريب‬ ‫العلوم الصحية (مجلس وزراء الصحة العرب –‬ ‫جامعة الدول العربية)‪.‬‬

‫أهم األهداف‬ ‫وعن األهداف األساسية التي تسعى الجامعة‬ ‫لتحقيقها يتابع د فتح الله قائ ًال‪:‬‬

‫‪77‬‬

‫بداية إن تأسيس الجامعة انطلق من شعور‬ ‫باملسؤولية تجاه جيل املستقبل ورغبة بخدمة الوطن‬ ‫وتقديم املساعدة والدعم ألجهزته التعليمية‪ ،‬وتقديم‬ ‫الفرصة ملتابعة الدراسة التي يرغبونها دون عناء‬ ‫ومشقة وتكاليف السفر إىل الخارج‪ ،‬واألهم رفع‬ ‫السوية العلمية والتعليمية يف سورية يف مجال‬ ‫تدريس العلوم الطبية مبا يتامىش مع التطور العلمي‬ ‫الحديث‪ ،‬وتشجيع البحث العلمي عن طريق التعاون‬ ‫مع مراكز األبحاث العاملية وتبادل الخربات واملعلومات‬ ‫وتطويرها‪ ،‬واستقطاب العقول املهاجرة وتشجيعها‬ ‫للعودة إىل الوطن من خالل تأمني بيئة علمية‪ ،‬ذات‬ ‫مستوىً موا ٍز للبيئة العلمية التي يعيشها أطبائنا‬ ‫يف املهجر‪ ،‬وتأمني فرص تعليمية محلية ذات‬ ‫مستوا عالٍ تسمح للطالب مبتابعة االختصاص يف‬ ‫الجامعات العاملية‪ ،‬والتعاون مع مؤسسات تعليمية‬ ‫عاملية مميزة بهدف تأمني سوية علمية عالية من‬ ‫خالل اختيار الطالب وتأمني الهيئة التدريسية ذات‬ ‫الكفاءات العلمية العالية‪ ،‬كام تتط َّلع جامعة‬ ‫األندلس باإلضافة إىل خلق جيل جديد وتدبري املريض‬ ‫بشكل مثايل وبأفكار تقنية وطرق جديدة وتقنيات‬ ‫عالية املستوى‪ .‬كام أشار إىل أن جامعة األندلس هي‬ ‫الوحيدة التي تد ّرس العلوم الطبية باللغة العربية‬ ‫إىل جانب اإلنكليزية‪ ،‬مؤكداً أن الجامعة تسعى‬ ‫ملكافحة بعض العادات السيئة كالتدخني لذلك‬ ‫انطلق اسم الجامعة (جامعة بدون تدخني) وقد صدر‬ ‫قرارا بهذا الشأن و ُع ِّمم عىل الوزارات واملنظامت‬ ‫العاملية (اليونسف – الصحة)‪ ،‬كام أسست عيادة‬ ‫ملساعدة من يرغب برتك التدخني)‪.‬‬ ‫واختتم د فتح الله إن مرشوع الجامعات يف‬ ‫سورية حديثة العهد‪ ،‬لكن الجهود املبذولة من قبل‬ ‫وزارة التعليم العايل تسعى لعدم وجود أي ثغرات‪،‬‬ ‫وبالتايل تكون التجربة ناجحة والوزارة ال ترتك‬ ‫جهداً من أجل ذلك‪ ،‬فهي تتابع املسرية التعليمية‬ ‫يف هذه الجامعات بشكل علمي ودقيق‪ ،‬وتصب يف‬ ‫رفع املستوى العلمي وتخريج كوادر علمية وعىل‬ ‫املستوى املطلوب‪ ،‬لذا نرجو لهذه التجربة كل‬ ‫النجاح فنجاحها هو نجاح للمسرية العلمية يف‬ ‫قطرنا العزيز‪.‬‬

‫طرطوس‪ -‬سمر رقية‪.‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب املرأة‬

‫العنف األسري ضد المرأة من يوقفه المجتمع أم القوانين؟‬

‫ميرنا زخريا لـ«منبر التوحيد»‪ :‬ال ب ّد من محكمة أسرية‬ ‫تهتم بقضايا العنف داخل االسرة‬ ‫العنف األرسي ضد املرأة‪ ،‬يحتل‬ ‫مرتبة متقدمة‪ ،‬يف تحديث القوانني‪ ،‬مبا‬ ‫يرفع عن املرأة األذى والتمييز‪ ،‬واستخدام‬ ‫العنف ضدها‪.‬‬ ‫وقد اهتمت األمم املتحدة‪ ،‬بهذه‬ ‫واإلجتامعية‪،‬‬ ‫اإلنسانية‬ ‫القضية‬ ‫وعقدت مؤمترات من أجل إعطاء املرأة‬ ‫حقوقها‪.‬‬ ‫ويف لبنان‪ ،‬أقام مجلس النواب‬ ‫ورشة عمل بالتعاون مع األمم املتحدة‬ ‫وجمعيات نسائية‪ ،‬الستصدار قوانني‬ ‫توقف العنف األرسي ضد املرأة‪.‬‬ ‫ولإلضاءة عىل اليوم العاملي للقضاء‬ ‫عىل العنف ضد املرأة‪ ،‬استطلعت‬ ‫«منرب التوحيد» رأي السيدة مرينا زخريا‬ ‫املسؤولة النسائية يف «تيار املردة»‪،‬‬ ‫وكان هذا الحوار‪:‬‬ ‫ما هي أسباب العنف األسرَ ي ضد املرأة‪ ،‬وما‬ ‫الذي أدّى إىل َرفع الصوت عالياً اآلن؟‬ ‫السبب األسايس يف كث ٍري من األحيان هو‬ ‫التنشئة الخاطئة‪ ،‬حيث تبدأ التفرقة بني الفتى‬ ‫والفتاة منذ الوالدة‪ .‬وبالتايل فإنه ملنَ البديهي‬ ‫ْ‬ ‫أن يتولىّ القانون حامية حقوق الناس‪ ،‬كل‬ ‫الناس‪ ،‬أكانوا من الرجال أو من اإلناث‪.‬‬ ‫أ ّما ما أدّى إىل رفع الصوت عالياً بالنسبة إىل‬

‫موضوع العنف ُ‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً‪ ،‬فبكل بساطة‬ ‫األسرَ ي‬ ‫مل َيعد ممكناً تجاهل هذه الظاهرة ـ اآلفة‬ ‫املام َرسة ضد النساء‪ ،‬فآثار العنف بدأت َتظهر‬ ‫ملموس‪ ،‬ما ُيثبت أنه ما يزال‬ ‫إىل العلن بشكلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫فكان ال بدَّ من تح ّرك جدّ ي‬ ‫يف ارتفاع مستمر‪.‬‬ ‫ل َوقف تكاثره‪ ،‬ومن َث َّم إصالح ما ميكن إصالحه‪،‬‬ ‫إىل أن نقيض عىل هذا النوع من العنف الذي‬ ‫يبدو أنه أصبح من أكرث أنواع العنف البرشي‬ ‫انتشاراً‪.‬‬

‫نحنُ يف ت ّيار املردَه َن ُض ّم صوتنا‬ ‫إىل َصوت َحملة التحالف الوطني‬ ‫لتَرشيع حامية النساء من العنف ُ‬ ‫األسرَ ي‬ ‫ثلث نساء العامل قد وقعنَ ضح ّية شكل‬ ‫من أشكال العنف خالل حياتهنَّ‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪78‬‬

‫اآلن باتت املطالبة بشكلٍ عَلني وليس كام‬ ‫يف السابق حني كان من املواضيع املح َّرمة يف‬ ‫املجتمع كام يف اإلعالم‪ ،‬لهذا يجب أن يكون‬ ‫هناك قانون خاص َيحمي النساء من العنف‬ ‫عام ًة ومن العنف ا ِألسرَ ي خاص ًة‪َ ،‬سواء كان‬ ‫الترصف عن قصد أو عن غري قصد‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫ونحن يف ت ّيار املردَه وعىل رأسه سليامن‬ ‫فرنج ّية‪ُ ،‬نعلن أ ّننا مع وجود آل ّية قانون ّية ت َؤ ِّمن‬ ‫الحامية للنساء ا ُملعنَّفات وألطفالهنَّ ‪ .‬وذلك من‬ ‫دون منَّة ٍ من أح ٍد َّ‬ ‫ألن املرأة كام الرجل لها الحق‬ ‫رصحنا سابقاً‬ ‫بحيا ٍة إنسان ّي ٍة كرمي ٍة‪ ،‬متاماً كام َّ‬ ‫أ ّننا لسنا مع الكوتا النسائ ّية َّ‬ ‫ألن املرأة كام‬ ‫الرجل أيضاً لها الحق باملشا َركة من دون م َّن ٍة‬ ‫من أح ٍد‪ .‬وهنا السوأل الذي َيطرح نفسه‪ ،‬أين‬ ‫القانون اللبناين من هذا املوضوع اإلنساين؟‬ ‫سيايس ‪ٍ ،‬‬ ‫أنتم ك ِقطاع ٍ نسايئ ٍ يف ت ّيار ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الصدَد؟‬ ‫ما الذي تأملون بتحقيقه بهذا َ‬ ‫نحنُ يف ت ّيار املردَه َن ُض ّم صوتنا إىل َصوت‬ ‫َحملة التحالف الوطني لتَرشيع حامية النساء‬ ‫األسرَ ي‪ .‬كام ونشكر ُ‬ ‫من العنف ُ‬ ‫األستاذ نبيه‬ ‫ب ّري الذي أدىل خالل جلسة تنصيبه رئيساً‬ ‫ملجلس الن ّواب يف ‪ 25‬حزيران ‪َّ 2009‬‬ ‫أن “املجلس‬ ‫ً‬ ‫النيايب الجديد يجب أن يكون َمعن ّيا بإقرار‬ ‫الترشيعات الالزمة الضامنة ملشا َركة املرأة‬ ‫الكاملة يف حياة الدولة واملجتمع وحاميتها من‬ ‫العنف و َتعديل القوانني التَمييز َّية املوجودة يف‬ ‫القانون اللبناين يف هذا املجال”‪.‬‬ ‫الصدَد فه َو‪:‬‬ ‫أهم ما نأمل أَن َيتح َّقق بهذا َ‬ ‫أ ّما ّ‬ ‫قانون خاص َيحمي املرأة من العنف ُ‬ ‫األسرَ ي و‬ ‫محكمة أسرَ َّية َتهتم ِبقضايا العنف داخل‬ ‫ُ‬ ‫األرسة‪ .‬إذ ال َينتج عن هكذا فلتان ٍ يف عدد ٍ من‬ ‫املنازل‪ ،‬سوى رضب ٍ وتجريح ٍ وتعذيب ‪ ٍ ،‬وال أحد‬ ‫حاسب وكأ َّنها‬ ‫َيجرؤ عىل الكالم فالضح َّية ُت َ‬ ‫الج ّالد‪ .‬فهذا العنف أو باألحرى هذه الجرمية ما‬ ‫َ‬ ‫خلف مفاهيم ٍ وعادات ٍ و ُمعتقدات‬ ‫زالت َتستترِ‬ ‫تعترب َّ‬ ‫أن مام َرسة العنف ضدّ املرأة هو مسألة‬ ‫ّ‬ ‫خاصة جدّ ا ً‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ة‪،‬‬ ‫خاص‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عائل ّية ّ‬ ‫فاملادّة ‪ 56‬عىل َسبيل املثال‪ ،‬من قانون‬ ‫تنص عىل‬ ‫الخاصة بجرمية الرشف‪،‬‬ ‫العقوبات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العذر املخ َّفف إذا ما ار ُتكبت جرمية‬ ‫اإلستفادة من ُ‬ ‫يف ّ‬ ‫سمى جرمية ال َ‬ ‫شجع هذا‬ ‫رشف‪ .‬أال ُي ّ‬ ‫ظل ما ُي ّ‬ ‫ممن يتسا َءل‬ ‫بحدّ ذاته عىل قتل املرأة؟؟ ف َع َجباً َّ‬ ‫ماذا تريد املرأة بعد!!‬

‫ما هي َتوصيات ُ‬ ‫األمم املتَّحدة بالنسبة‬ ‫ملرشوع حامية النساء من العنف‬ ‫ُ‬ ‫األسرَ ي؟‬ ‫ُ‬ ‫لقد أعلنت الجمع ّية العا ّمة لألمم املتّحدة‬ ‫ُ‬ ‫منذ العام ‪َّ 1999‬‬ ‫أن يوم ‪ 25‬ترشين الثاين‬ ‫يوماً عامل ّياً ملناهضة العنف ضدّ املرأة‪ .‬وقد‬ ‫تبينّ َ م َؤخراً َّ‬ ‫أن ثلث نساء العامل قد وقعنَ‬ ‫ضح ّية شكل من أشكال العنف خالل‬ ‫حياتهنَّ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أألمم املتَّحدة أولت اهتاممها بهذه‬ ‫ّ‬ ‫القضة منذ سنة ‪ 1993‬ح َ‬ ‫ني أصدرت‬ ‫ً‬ ‫َبعدها َت َّم إصدار منوذج‬ ‫إعالنا خاصا بها‪،‬‬ ‫الجهود كان يف‬ ‫قانون سنة ‪ ،1995‬وآخر ُ‬ ‫شباط ‪ 2008‬ح َ‬ ‫ني أطلق األمني العام “بان‬ ‫يك مون” حمل ًة عامل ّي ًة بعنوان “ا ّتحدوا‬ ‫إلنهاء العنف ضدّ املرأة” محدِّداً أهدافاً‬ ‫أساس ّي ًة لتحقيق هذا املَطلب خالل سنة‬ ‫َّ‬ ‫استهل ترصيحه قائ ًال‪ “ :‬إن‬ ‫‪ .2015‬وقد‬ ‫هناك حقيقة عامل ّية واحدة تنطبق عىل‬ ‫جميع البلدان والثقافات واملجتمعات وهي‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫إن العنف ضد املرأة ال يمُ كن عىل اإلطالق‬ ‫العذر له أو التهاون‬ ‫القبول به أو التامس ُ‬ ‫بشأنه”‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن ألقطاع النسايئ يف ت ّيار املردَه ُيث ِمن‬ ‫هذه املبادرة التي من شأنها َصون كرامة‬ ‫املرأة والسهر عىل ضامن املساواة بني املرأة‬ ‫والرجل‪ ،‬إذ لطاملا اعتربنا َّ‬ ‫أن الوطن ال ميكن‬ ‫ْ‬ ‫بجناحني اثنني‬ ‫بجناح واح ٍد بل‬ ‫أن َيزدهر‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫وأن قض ّية املرأة هي قض ّية‬ ‫ُمتكاملني‪،‬‬ ‫حضارة ومن الطبيعي ْ‬ ‫أن تكون مح َور‬ ‫اهتامماتنا‪.‬‬ ‫لكن ولألسف‪ ،‬ما تزال قض ّية العنف‬ ‫ضدّ املرأة كام كل القضايا املتع ّلقة باملرأة‪،‬‬ ‫خارج جد َول األولو ّيات يف املجلس النيايب‬ ‫كام يف مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫ماذا عن َورشة “مرشوع قانون حامية‬ ‫النساء من العنف ُ‬ ‫األسرَ ي” الذي شاركتم به‬ ‫داخل املجلس النيايب؟‬ ‫َورشة العمل هذه التي ُأقيمت يف مجلس‬ ‫الن ّواب برعاية الرئيس ب ّري‪ّ ،‬‬ ‫نظمتها األمانة‬

‫العا ّمة ملجلس الن ّواب وبرنامج ُ‬ ‫األمم املتّحدة اإلمنايئ‬ ‫يف مجلس الن ّواب‪ ،‬بالتعاون مع الهيئة الوطن ّية‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمة كفى عنف‬ ‫لشؤون املرأة اللبنان ّية‬ ‫قيم هذا النشاط إث َر استجابة‬ ‫واستغالل‪ .‬وقد ُأ َ‬ ‫املجلس النيايب اللبناين لدَعوة االتحاد الربملاين‬

‫ما تزال قض ّية العنف ض ّد املرأة كام كل القضايا املتع ّلقة باملرأة‬ ‫خارج جد َول األولو ّيات يف املجلس النيايب كام يف مجلس الوزراء‬ ‫ُمبادرة البيان الوزاري األخري تخصيص فقرة للمرأة‬ ‫تع َّه َد فيها بالعمل عىل ترشيع حامية النساء‬ ‫من العنف ُ‬ ‫األسرَ ي‬ ‫‪79‬‬

‫العاملي إىل إطالق أنشطة جد ّية مبناسبة‬ ‫اليوم العاملي للقضاء عىل العنف ضدّ‬ ‫املناسبة‪ ،‬ال َي َسعني ِسوى أَ ْن‬ ‫املرأة‪ .‬بهذه‬ ‫َ‬ ‫ُأهنّئ باسم اللجان النسائ ّية يف ت ّيار املردَه‬ ‫َّ‬ ‫وأخص بالشكر‬ ‫املنظامت املَعن ّية كا ّف ًة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة كفى التي قامت بجهو ٍد جبار ٍة‬ ‫من أجل حامية حقوق املرأة والطفل ِبدأً‬ ‫مبُرافقة الضحايا ُمروراًَ ب َرفع التَوعية ُوصوالً‬ ‫إىل استحداث القوانني‪َّ .‬‬ ‫إن ُمحاربة العنف‬ ‫هو مسؤول ّية من ا ُملفرتض ْ‬ ‫أن يتكاتف من‬ ‫أجلها ليس فقط الوزراء والن ّواب‪ ،‬بل أيضاً‬ ‫أجهزة الدولة ونقابة املحامني‪ ،‬متاماً كام‬ ‫مؤسسات املجتمع املدين اللوايت َندعم‬ ‫َّ‬ ‫َمطالبهن و َنفتخر بإنجازاتهن‪.‬‬ ‫يف الختام‪ ،‬ما هي اإلجراءات ا ُملقرتَحة‬ ‫والخطوات ا ُملنتظرة أزا َء ما ت َقدَّ م؟‬ ‫تتحمل الدولة اللبنان ّية‬ ‫حقيقة‬ ‫ً ّ‬ ‫مسؤول ّية ً َجسيمة ً إزا َء هذه الظاهرة‬ ‫املأساو ّية‪ ،‬فالدولة عندما ال ت َؤ ِّمن املساواة‬ ‫ب َ‬ ‫الجنسني تكون ك َمن َيخلق َج ّوا ً انحياز ّيا‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ً عُ نرص ّيا ً ُسلطو ّياً‪ ،‬وهكذا َج ّو ُيع ِّزَز هكذا‬ ‫عنف‪ .‬فوعىل املجلس الترشيعي ْ‬ ‫أن ُيدافع‬ ‫عن حقوق الشعب الذي انتخبهُ‪ ،‬أ َو ْ‬ ‫ليست‬ ‫النساء من هذا الشعب؟ كام و ُيصا ِدف‬ ‫هذه السنة َّ‬ ‫بأن العامل َيحتفل مبرور ثالث َ‬ ‫ني‬ ‫عاماً عىل ُصدور اتفاق ّية إلغاء جميع‬ ‫أشكال التمييز ضدّ املرأة‪ ،‬ونحن نتسا َءل‬ ‫ماذا ح ّققنا بع َد حوايل ثالثة عرش عاماً‬ ‫عىل انضامم لبنان لهذه االتفاق ّية؟‬ ‫اإلجراءات‬ ‫ملوضوع‬ ‫بالنسبة‬ ‫أ ّما‬ ‫ا ُملقرتَحة‪ ،‬فقد ارتأى التحالف الوطني‬ ‫لحامية النساء “رضورة العمل من أجل‬ ‫تجريم مام َرسات العنف املنزيل ع َرب َبلورة‬ ‫مرشوع قانون خاص لحامية النساء من‬ ‫العنف ُ‬ ‫فهذه القض ّية مل‬ ‫األسرَ ي”‪.‬‬ ‫تأخذ حتّى يومنا هذا االهتامم الكامل‬ ‫الذي َتستح ّقه‪ ،‬لكن َّمثة بوادر جد َّية إيجاب ّية‬ ‫و ِفعل ّية ظهرت يف ُ‬ ‫األفق وهي‪ُ :‬مبادرة البيان‬ ‫خص َص فقرة للمرأة تع َّه َد‬ ‫بحيث َّ‬ ‫الوزاري األخري َ‬ ‫فيها بالعمل عىل ترشيع حامية النساء من‬ ‫العنف ُ‬ ‫األسرَ ي‪ ،‬وكذلك ُمبادرة املجلس النيايب‬ ‫بحيث أشا َر رئيسه إىل رضورة الترشيع من‬ ‫َ‬ ‫أجل حامية النساء والفتيات من العنف‪.‬‬ ‫ختاما‪ ،‬نحنُ يف ت ّيار املردَه ضدّ العنف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أعظم‬ ‫عنف‬ ‫كل أنواع العنف‪ ...‬وهل ِمن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫منَ الذي أصا َبنا يف مجزرة إهدن ؟؟؟ هذا‬ ‫طال حتّى ُ‬ ‫َ‬ ‫األم وطفلتها !!! وقد‬ ‫العنف الذي‬ ‫سا َمحنا !!! سا َمحنا من أجل “ لبنان الح ّر‬ ‫املوحد”‪ .‬فلن َو ّحد ُجهودنا من أجلِ القضا ِء‬ ‫َّ‬ ‫عىل العنف ضدّ املرأة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫ذكرى‬

‫ولي من لبنان‬ ‫بمناسبة مرور ستة أعوام على وفاة ّ‬

‫المرحوم الشيخ أبو حسن عارف حالوي‪...‬‬ ‫تجسدت في شخصه قيم الدين وآدابه‬

‫بعد أن اقرتن بالسيدة الفاضلة زهر الصايغ كرمية املرجع الروحي الشيخ‬ ‫أبو حسيب أسعد الصايغ صاحب العاممة املكولسة‪ .‬فأمىض يف بلدة‬ ‫معرصيتي التي شكلت له خلوة طبيعية غالبت عمره املديد‪ .‬ولقد َح ِظ َي‬ ‫مبعامل ٍة مميز ٍة من عمه املرحوم الشيخ أسعد الصايغ‪ ،‬وملا ملس الشيخ من‬ ‫صهره الكريم الورع والتقى‪ ،‬وأنه ملن املهم اإلشارة هنا إىل أن الشيخ عارف‬ ‫الس َن َة وتزوج‪ ،‬ولكن لتكون زوجته عوناً له يف دينه بعيداً‬ ‫حالوي قد التزم ُّ‬ ‫عن الشهوة وإنجاب األوالد‪ ،‬وبهذا يكون الشيخ قد عصم نفسه يف البيت‬ ‫الزوجي ونذر ال ِع ّفة‪.‬‬ ‫صفات متعددة‪ ،‬ومنها رجاحة‬ ‫شخصيته‬ ‫يف‬ ‫الجليل‬ ‫الشيخ‬ ‫لقد حوى‬ ‫ٍ‬ ‫العقل‪ ،‬وصفاء الروح‪ ،‬وطهارة الجسد‪ .‬وكان تركه للدنيا وزهده ببهارجها‪،‬‬ ‫زهد العارفني العاملني‪ ،‬زهد من خال قلبه من حب الدنيا وجاهها املنقرض‪.‬‬

‫العاممة املكولسة‬ ‫موسع أقيم يف بلدة الباروك عام ‪ 1934‬م قام سيدنا‬ ‫اجتامع ديني‬ ‫ويف‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الشيخ أبو حسني محمود فرج (رئيس الهيئة الروحية العليا للطائفة يف‬ ‫ذلك الوقت) بتتويج الشيخ أبو حسن عارف حالوي بالعاممة املكولسة التي‬ ‫تقى والتي تؤهلهم ليك يكونوا املرجعية الروحية‬ ‫متنح للمشايخ األكرث‬ ‫ً‬ ‫العليا لطائفة املوحدين‪ ،‬وكان قد بلغ من العمر خمسة وثالثني عاماً فزادته‬ ‫هذه العاممة ُحسناً وجامالً إضافة إىل الهيبة والوقار‪ ،‬وقال فيه الشيخ‬ ‫أحمد تقي الدين شعراً‪:‬‬

‫ولد الشيخ عارف حالوي يف بلدة الباروك قضاء الشوف عام ‪ 1316‬هـ‪ ،‬أخالقه واستشعار خالقه وإىل التأمل والصفاء‪.‬‬ ‫كان َر ِح َم ُه الله معتدل القامة‪ ،‬رشيق الحركة‪ ،‬وكان أستاذ الكالم صاحب‬ ‫يشع روحاني َة وصفاء‪.‬‬ ‫املوافق ‪1899‬م‪ ،‬من أبوين د ّينني‪ ،‬ويف منزل متواضع‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تلقى علومه االبتدائية يف مدرسة البلدة‪ ،‬وكانت مكارم األخالق تلوح عىل منطق عذب مع إيثار واضح للصمت‪ ،‬فصمته كان تعليام للناس بالحال‬ ‫صح صمته أضحى كالمه درراً‪ .‬حارض البديهة صمته وقار‬ ‫محياه منذ صغر سنه‪ .‬وأثناء الحرب العاملية االوىل عام ‪ 1914‬م عاىن ما وليس باملقال‪ ،‬وملّا َّ‬ ‫أدب‪ ،‬مأل السالم قلبه وكيانه وتدفق عىل حواسه وجوارحه‪ ،‬عيناه‬ ‫عاناه مثل الكثريين من أهوال الحرب وشبح املجاعة‪ ،‬فصقلت هذه التجربة وكالمه‬ ‫ٌ‬ ‫روحه الطاهرة وشدت عزميته وق ّوة عوده‪ .‬وبحسب ما نقل أنه حني بلغ الصغريتان ال ّرباقتان حليفتا القراءة والسهر والنظر‪ ،‬عىل اعتبار أن فيهام‬ ‫أديب حتى يتعب األدب‪ ،‬ليله سهر‬ ‫السابعة عرشة من عمره توجه نحو طريق الدين فالتزم بقواعده ورشوطه فراسة املؤمن الثاقبة وذكاء الشيخ الو ّيل‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الصارمة بإخالص ووفاء‪ ،‬حيث كانت خطاه الدينية مبنية عىل أسس ثابتة‬ ‫ٌ‬ ‫شخصية ف ّذ ٌة‬ ‫ونهاره محافظة وجمع شمل‪،‬‬ ‫وقواعد متينة قوامها معرفة الحالل والحرام‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جمعت صفات حميدة ف َملك القلوب وأحبه‬ ‫وااللتزام باألمر والنهى‪ .‬ثم انقطع عن الناس‬ ‫ً‬ ‫الجميع‪.‬‬ ‫كان ينقطع أياما بلياليها الباردة‬ ‫واختىل يف خلوة الشيخ ع ّز الدين أيب ال ّرجال‬ ‫يف بلدة الفريديس القريبة من بلدته الباروك‪،‬‬ ‫وصقيعها القارس صامئاً النهار‬ ‫يف خلوة معرصيتي‬ ‫حيث كان ينقطع أياماً بلياليها الباردة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وصقيعها القارس صامئاً النهار‪ ،‬قامئاً الليل‪،‬‬ ‫قامئا الليل منك ّبا عىل العبادة‬ ‫بعد أن عاش فرتة شبابه يف بلدة الباروك‬ ‫وتصوف‪ ،‬وكان‬ ‫بتقشف‬ ‫منك ّباً عىل العبادة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫انتقل إىل بلدة معرصيتي قضاء الشوف‬ ‫وتصوف‪.‬‬ ‫بتقشف‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تواقاً إىل العزلة التي رأى فيها مالذا لتهذيب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪80‬‬

‫ّاس َتع ِر ُف َفض َل ُه‬ ‫يا (عارفاً) والن ُ‬

‫ُ‬ ‫ظاه ُر‬ ‫والفضل‬ ‫كالشمس املنري ِة ِ‬ ‫ِ‬

‫َتـكنّـى أبـا َح َس ٍن ُلك ِّل عظيم ٍة‬

‫مفـاخ ُر(‪)1‬‬ ‫بعاممـ ٍة فيها الكمـال‬ ‫ِ‬

‫إ ّبان االحتالل اإلرسائييل عام ‪ 1982‬أطلق حرماً دينياً عىل كل من يتعامل‬ ‫مع العدو الصهيوين أو يدخل األرايض املحتلة‪ ،‬ودعا إىل متتني أوارص القرىب‬ ‫مع العمقني العريب واإلسالمي‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1988‬م أيّ بعد أربعة وخمسني عاماً عىل تتويجه بالعاممة‬ ‫املكولسة قام بتتويج ثالثة مشايخ أج ّالء هم املرحوم الشيخ أبو محمد‬ ‫صالح العنداري من بلدة بعلشميه‪ ،‬واملرحوم الشيخ أبو ريدان يوسف‬ ‫شهيب من مدينة عاليه‪ ،‬والشيخ أبو محمد جواد و ّيل الدين أطال الله‬ ‫بقاءه من بلدة بعقلني‪ .‬وكام هو معروف للعاممة املكولسة شأناً مميزاً يف‬ ‫املجتمع الديني التوحيدي‪ ،‬وقد أصبحت تقليداً متوارثاً ُيح َف ُظ من خالله‬ ‫مقام املرجعية الدينية العليا لطائفة املوحدين‪ .‬وكون املرحوم سيدنا‬ ‫الشيخ أبو حسن عارف حالوي كان حينها الشيخ الوحيد املكولس‪ ،‬وحرصاً‬ ‫منه عىل إبقاء هذا التقليد ليكون حافزاً أساسياً اللتفاف املؤمنني حول‬ ‫قياداتهم الدينية‪ ،‬فقد بادر بهذه الخطوة املباركة وتوج املشايخ الثالثة‬ ‫املذكورين‪ ،‬والقت هذه الخطوة صدىً إيجابياً كبرياً يف أوساط املوحدين‪.‬‬

‫كان َر ِح َم ُه الله معتدل القامة رشيق الحركة‬ ‫وقد كان أستاذ الكالم صاحب منطق عذب مع‬ ‫إيثار واضح للصمت فصمته كان تعلي ًام للناس‬ ‫بالحال وليس بالقال‪.‬‬ ‫الس َن َة وتزوج ولكن لتكون زوجته عوناً له‬ ‫التزم ُّ‬ ‫يف دينه بعيداً عن الشهوة وإنجاب األوالد‪.‬‬ ‫‪81‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫ذكرى‬ ‫الخطاط والشاعر‬ ‫أتقن الشيخ أبو حسن الخط العريب وبرز فيه عىل أقرانه‪ ،‬وقد استعمله‬ ‫يف كتابة املصحف الرشيف‪ ،‬كام أن ذوفه الفنّي الروحاين وأذنه املوسيقية‬ ‫ساعدته عىل تأليف األشعار الدينية الروحانية وتلحينها‪ .‬هذه األشعار التي‬ ‫أسهمت يف جذب السامعني إىل رحاب الدين ومحبة الله سبحانه ورسوله‬ ‫(ص) ‪.‬‬ ‫وحدثنا الشيخ محمد حالوي الذي رافق الشيخ وخدمه حتى وفاته قائ ًال‬ ‫بأن سيدنا الشيح أبو حسن عارف حالوي حفظ املصحف الكريم وتع ّمق يف‬ ‫مفاهيمه ومعارفه وغرف من معني علومه‪ .‬وكان مرجعاً دينياً كبرياً‪ ،‬وأباً روحياً‪،‬‬ ‫وعميد الدوحة التوحيدية‪ .‬وكان يجمع تحت عباءته جميع األقطاب عند كل‬ ‫محطة ومفصل‪.‬‬ ‫تويف رحمه الله يوم األربعاء يف الثالث من شوال ‪1424‬هـ املوافق ‪ 26‬ترشين‬ ‫الثاين ‪ 2003‬م‪ ،‬وكان يوم عزائه يوماً مهيباً حرضه مئة وعرشون ألف شخص‬ ‫من لبنان وسوريا واألردن والجوالن العريب ومن املهجر‪ ،‬وشاركت فيه وفود‬ ‫رسمية ودينية من كافة الطوائف واملذاهب‪ .‬ولقد بقي قبل وفاته أسابيع عدة‬ ‫يصارع آالم املرض وبقي مقصداً للناس حتى آخر لحظات عمره‪ ،‬وتويف عن عمر‬ ‫يناهز املئة وأربعة أعوام‪.‬‬ ‫ونختم حديثنا عن الشيخ أيب حسن عارف حالوي مبسك الختام من بعض‬ ‫أقواله املأثورة وحكمه‪ ،‬فقد ُسئل يوماً متى يستعمل املرء عقله وتدبريه؟ ومتى‬ ‫يس ّلم أمره ويرىض بحكم خالقه؟ فأجاب ما كان تحت طاقة العقل وجب فيه‬ ‫السعى والتدبري‪ ،‬وما كان فوق طاقة العقل وجب فيه الرىض والتسليم‪ .‬وكان‬ ‫َر ِح َم ُه الله يعترب املبدأ التوحيدي ميزاناً لصفات املرء‪ ،‬وحقيقية املبدأ التزام‬ ‫املؤمن بالعهد مع خالقه وثبات عقيدته‪.‬‬

‫إعداد الدائرة الثقافية يف هيئة العمل التوحيدي‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫ديوان الشيخ أحمد تقي الدين ( ‪) 232 – 231‬‬ ‫مناهج التائبني ( م ‪ .‬سلامن ) _ ‪) 103 – 102‬‬ ‫حديث مع الشيخ محمد حالوي ‪)125-101( .‬‬ ‫مؤسسة سيدنا الشيخ ابو حسن عارف حالوي الخريية ‪.‬‬

‫عصم نفسه يف البيت الزوجي ونذر الع ّفة‪.‬‬ ‫صفات‬ ‫حوى الشيخ الجليل يف شخصيته‬ ‫ٍ‬ ‫متعددة منها رجاحة العقل وصفاء الروح‬ ‫وطهارة الجسد‬ ‫أتقن الشيخ أبو حسن الخط العريب وبرز فيه‬ ‫عىل أقرانه‪ ،‬وقد استعمله يف كتابة املصحف‬ ‫الرشيف‬ ‫أذنه املوسيقية ساعدته عىل تأليف األشعار‬ ‫الدينية الروحانية وتلحينها‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪82‬‬

‫رثاء سيدنا الشيخ‬ ‫أبو حسن عارف حالوي رحمة هللا عليه‬ ‫ُ‬ ‫الرحيل‬ ‫منار الدين أطفأه‬ ‫عىل َب ْد ٍر الدُّ جا تبيك ُنجوم ‬ ‫ ‬ ‫الكواكب وهو فيها‬ ‫وتبكيه‬ ‫ُ‬ ‫عىل صدر ال ِّرياض ُّ‬ ‫يحل ٌ‬ ‫ ‬ ‫ليل‬ ‫ ‬ ‫فال ط ٌري يغ ّرد يف فضاها‬ ‫كأن الشمس ُتعلنُ عن ِحدا ٍ د‬ ‫الع ْر ِب ٌ ‬ ‫برق‬ ‫و ُيعلنُ يف سام ِء ُ‬ ‫األرض َح ٌ‬ ‫رش؟ ‬ ‫يف‬ ‫َمنْ املفقودُ؟ هل‬ ‫ِ‬ ‫ ‬ ‫ماج ْت‬ ‫كأن بيا ِرقاً بيضا َء َ‬ ‫ُتنادي سيداً قد كان َصوتاً‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ُتشار ُكنا الطبيعة يف أسانا‬ ‫َ‬ ‫وفوق غصونها ناحت طيو ٌ ر‬ ‫ُ‬ ‫رياض ال ِّذك ِر يف شوقٍ وحزنٍ ‬ ‫ ‬ ‫فينساب الكالم مع الليايل‬ ‫ ‬ ‫هيم فؤادُهُ يف بح ِر ذك ٍر‬ ‫َي ُ‬ ‫ف َب ْل َس ُم ُه ابتسا ُم الوج ِه َد ْوماً‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫دين‬ ‫بِسرِ ّ النّو ِر‬ ‫ُ‬ ‫يحكم ُحكم ٍ‬ ‫َّ‬ ‫فإن َكال َم ُه يف الحقِّ ُنو ٌ ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫لجال ِس يف لقيا ُه َسعدٌ‬ ‫َف ِل ُ‬ ‫َف َي ْع ُذ ُب َقر ُب ُه َصمتاً وق ْوالً‬ ‫ ‬ ‫العلوم علوم حقٍّ‬ ‫ ‬ ‫فال غ َري‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ ‬ ‫نفس‬ ‫يفك ب َو ِ‬ ‫عظ ِه أقياد ٍ‬ ‫ ‬ ‫علم‬ ‫ُ‬ ‫ويرسم للخالص بنور ٍ‬ ‫ ‬ ‫َيفيدُ كأنمَّ ا هو ُمستفيدٌ‬ ‫ ‬ ‫س‬ ‫و َيسمو ِفكر ُه والنّو ُر ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫عارف لل ِه َيدعو‬ ‫فعقل َم ٍ‬ ‫َ‬ ‫تغ ّذى وارتوى من ف ْي ِض َحقٍّ ‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫اىل ِع ٍّز ب ِه‬ ‫الطاعات َزادٌ‬ ‫ ‬ ‫رأى الدّنيا طريقاً ال نعي ًام‬ ‫فأ ْد َرك عزة التوحيد ُجهداً‬ ‫ ‬ ‫قياماً أو ُقعوداً أو ُسجوداً‬ ‫ ‬ ‫تراهُ‪َ ،‬‬ ‫ ‬ ‫حال‬ ‫يراك‪ ،‬لكن أيَّ ٍ‬ ‫ ‬ ‫نعيم ِذك ٍر‬ ‫كفا ُه من الحياة ُ‬ ‫ ‬ ‫فجسم قد َبر ُاه ِجها ُد عُ م ٍر‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫لنا ِبدعا ِئ ِه أشجا ُر تقوى‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫كأن كواكباً ضاءت علينا‬ ‫كل البال ِد لهم ُس ٌ‬ ‫ففي ِّ‬ ‫ ‬ ‫لوك‬ ‫َ‬ ‫عليك من اإلله سال ُم حقٌّ‬ ‫ ‬ ‫ومن قط ِر السام ِء َ‬ ‫عليك ِعط ٌ ر‬ ‫ومن أسياد حكمته ٌ ‬ ‫سالم‬ ‫تبا َرك ذلك املَ ْثوى مزاراً‬ ‫ ‬

‫ونور الله باقٍ ال ُ‬ ‫يزول‬ ‫ُ‬ ‫واألصول‬ ‫وتف ِقده املنا ِق ُب‬ ‫عميدٌ ُم ْرشدُ فيها دليلُ‬ ‫فتلبس ثوبه حزناً ُ‬ ‫يطول‬ ‫يروق وال ُ‬ ‫وال صبح ُ‬ ‫أصيل‬ ‫غيم كليلُ‬ ‫ُ‬ ‫فيحجب نو َرها ٌ‬ ‫عي ال َب ْد ِر والدنيا ُ‬ ‫تقول‬ ‫ِن َّ‬ ‫راحل؟ ُقلنا‪ُ :‬‬ ‫نبي ٌ‬ ‫جليل‬ ‫ٌّ‬ ‫عىل ِق َم ٍم َشوا ِمخها َت ُ‬ ‫جول‬ ‫يست ُ‬ ‫َميل‬ ‫نذيراً أو يشرياً ْ‬ ‫رياضها فيها ذ ُبولُ‬ ‫ُّ‬ ‫فكل ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجميل‬ ‫العذب‬ ‫تو َّقف لحنُها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصيل‬ ‫لِن َْجوا ُه فموردُهُ‬ ‫ُ‬ ‫الوصول‬ ‫مناجا ٍة ل ُه فيها‬ ‫ُ‬ ‫وطول‬ ‫شواطئُ َم ْو ِج ِه َع ْر ٌض‬ ‫ُ‬ ‫العليل‬ ‫و َيش َفى بالدُّ عا من ُه‬ ‫عىل َنهج الصرِّ اط فال مييلُ‬ ‫الص ُ‬ ‫قيل‬ ‫َو َي ْق ُ‬ ‫الس ْي ُف ّ‬ ‫طع ِم ْث َلام ّ‬ ‫ُ‬ ‫رس ُحقولُ‬ ‫َ‬ ‫مثا ٌر قولهُ‪ ،‬غ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫املقيل‬ ‫طاب‬ ‫وعن َد مقيل ِه َ‬ ‫ُ‬ ‫البديل؟!‬ ‫فعن ذك ِر ووعظٍ ما‬ ‫هم ثقيلُ‬ ‫ُ‬ ‫ذنوب حياتها ٌّ‬ ‫عىل رسم ُ‬ ‫األلىَ عَنهم ُ‬ ‫يقول‬ ‫ديع ال ُيغال ُب ُه ُف ُ‬ ‫ضول‬ ‫َو ٌ‬ ‫اضا َء فؤادَهُ َف َله ُمثولُ‬ ‫فال وَهْ نٌ لديه وال ُخمول‬ ‫الس ُ‬ ‫هول‬ ‫و َر ّوى فا ْر َت َو ْت من ُه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الطويل‬ ‫دَعا يسمو به العم ُر‬ ‫َيشدُّ ُفؤادَهُ ‪َ ،‬ب ْل ال ُ‬ ‫مييل‬ ‫ُ‬ ‫ساح ِجهاده أبداً‬ ‫يصول‬ ‫ِب ٍ‬ ‫ُ‬ ‫بالضيا ِء فال أ ُف ُ‬ ‫َت َو َّحد ِّ‬ ‫ول‬ ‫ُ‬ ‫الذهول‬ ‫يكون بها فذاك هو‬ ‫وقلب ناطقان‪ ،‬فال ُغفولُ‬ ‫ٌ‬ ‫ولكن وج ُه ُه سرِ ُّ َي ًُ‬ ‫قول‬ ‫نسيم ِذكرها الجاري ُ‬ ‫عليل‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فضيل‬ ‫لنا فيهم عزا ٌء يا‬ ‫هم الحقائق ال ُ‬ ‫مثيل‬ ‫عىل ِف ِ‬ ‫فأنت لد ْيه يا ٌ‬ ‫ملك نزيلُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوصول‬ ‫فأهل الخري ِعط ُرهُ م‬ ‫ُ‬ ‫القبول‬ ‫َفشوقك عندهم فيه‬ ‫جيل ُ‬ ‫رضيح ُه ٌ‬ ‫فجيل‬ ‫َيؤ ُّم‬ ‫َ‬

‫ٌ‬

‫مرثاة الفاضل الطاهر العلم الكريم الزاهر‬ ‫الشيخ ابو حسن عارف حالوي رحمة الله عليه ورضوانه‬ ‫املوت الذي ُو ِك َل بكم ثم اىل ربكم ترجعون)‬ ‫(قل يتوفاكم م َل َك ِ‬ ‫يا ايتها النفس املطمئنة ارجعي اىل ربك راضية مرضية فادخيل‬ ‫يف عبادي وادخيل جنتي‬ ‫صدق الله العظيم ورسوله الكريم‬ ‫مفعم باملفاجآت والرزايا اذ عىل الخلق‬ ‫زمنٌ ميل ًء بالشدائد والباليا‬ ‫اسباب موجبات تؤدي اىل البليات زمن نفقد فيه الآلىل والجواهر واألعالم‬ ‫األفاضل األطهار‬ ‫ ‬ ‫األزاهر الرجال الكبار ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فصربا صربا يا أويل األلباب واالعتبار‬ ‫ ‬ ‫االنوار األزهار‬ ‫ً‬ ‫اىل رحمته املالذ والفرار‬ ‫ورىض وتسلي ًام اىل الرحيم الغفار ‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫بالدي هزّها ُ‬ ‫األليم ‬ ‫النبأ ُ‬ ‫وآملَ قل َبها ُ‬ ‫ ‬ ‫رصف الليايل‬ ‫ ‬ ‫وأقلقَ بالَها َف ْقدُ الآليل‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫جميل‬ ‫فصرباً يا بني قومي‬ ‫ً‬ ‫ ‬ ‫نعى لبنا َننَا عل ًام رفيعا‬ ‫وشيخاً عارفاً وأباً شفيقاً‬ ‫ ‬ ‫ ً‬ ‫و ِمفضاالً و ِمقداماً ُشجاعا‬ ‫ ‬ ‫قوم‬ ‫وس ّي َد أم ٍة ومال َذ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ ‬ ‫و ِك ْلم َة وحد ٍة جمعت بالدا‬ ‫أجل كنت النقا َو َة يف ُذرا ُه ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ ‬ ‫وكنت ُموقرا وجليل قدر‬ ‫وكنت ُمه ّذ َب االخالق فذاً‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫منبعث ‬ ‫الذات‬ ‫ٍ‬ ‫لطيف ِ‬ ‫ ‬ ‫انيس َك الباري تعاىل‬ ‫وكان ُ‬ ‫ً‬ ‫ ‬ ‫فتى فضيال‬ ‫سموت اىل العالء ً‬ ‫ ‬ ‫وزانتك الديانة باملزايا‬ ‫املشيب عُ ً‬ ‫ ‬ ‫ىل و ُنب ًال‬ ‫وك َّللك‬ ‫ُ‬ ‫والفضل رمز اً‬ ‫َّ‬ ‫فبت عىل التقى‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫عنوان ب ٍر‬ ‫ورصت مباركا‬ ‫جلست زمان هول الح َرب طوراً‬ ‫ ‬ ‫وقمت اىل السالم َّ‬ ‫ ‬ ‫داع‬ ‫اجل ٍ‬ ‫وكنت ألمة التوحيد تاجاً‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫ ‬ ‫وكنت لقلبنا يف الدار ُأ ْنسا‬ ‫ ‬ ‫رجانا‬ ‫فبعدك ما لنا إال َ‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫قلب االح ّبا‬ ‫غيا ُبك‬ ‫محزن َ‬ ‫الخالق املعبو ِد حقٌّ‬ ‫ ‬ ‫فأمر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫فعد يا عارف املوىل اليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫والرحامت َتترَ ى‬ ‫الرضوان‬ ‫لك‬

‫ونخضع لإلله الحقِّ طوعاً‬ ‫ ‬

‫الجسيم‬ ‫الخطب‬ ‫وهيج حز َنها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املستديم‬ ‫النائبات‬ ‫وح ْم ُل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العليم‬ ‫وأحزن حالها املوىل‬ ‫ُ‬ ‫الرحيم‬ ‫فذو اإلجالل مالِ ُكنا‬ ‫ُ‬ ‫كريم‬ ‫َو َندْباً ذكره الغايل ُ‬ ‫سليم‬ ‫وركنا قلبه الصايف ُ‬ ‫َ‬ ‫قويم‬ ‫وشه ًام ُ‬ ‫نهج ُه العايل ُ‬ ‫مستقيم‬ ‫رس‬ ‫ُ‬ ‫وحصنا فيه ٌّ‬ ‫الحكيم‬ ‫وبراً زا َن ُه الرأيُ‬ ‫ُ‬ ‫ميم‬ ‫والص ُ‬ ‫َصفا منك ا ُمل َح ّيا ّ‬ ‫يضيم‬ ‫يح ُّط وما ُ‬ ‫عَال عماّ ِ‬ ‫مي ّد وقا َر َك الخلقُ‬ ‫العظيم‬ ‫ُ‬ ‫النسيم‬ ‫كريحانٍ مييل به‬ ‫ُ‬ ‫وانت بقربه ُ‬ ‫الحليم‬ ‫األ ِن ُس‬ ‫ُ‬ ‫هيم‬ ‫بحب الله والهاديَ َت ُ‬ ‫قيم‬ ‫و ُد ْمت عىل مكار ِمها ُت ُ‬ ‫َ‬ ‫الوسيم‬ ‫طلعتك‬ ‫فبان بها ُء‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ميم‬ ‫والح ُ‬ ‫يرى النايئ ضيا َءك َ‬ ‫قسيم‬ ‫كأنك لِل َوال إلف ُ‬ ‫الشميم‬ ‫ُي َخ َّف ُض د ِو َنه الجبل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خيم‬ ‫له‬ ‫الصوت ا ُمل َس ّد ُد وال ّر ُ‬ ‫َسن ّياً صانه ُّ‬ ‫الضميم‬ ‫الطه ُر‬ ‫ُ‬ ‫التميم‬ ‫يهون بقربك ال ُّرز ُء‬ ‫ُ‬ ‫املقيم‬ ‫مراحم من له امللك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الكليم‬ ‫القلب‬ ‫يصنع ُ‬ ‫وماذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫قديم‬ ‫وعدل يف الورى باقٍ‬ ‫ُ‬ ‫العميم‬ ‫فعن َد جالله الجو ُد‬ ‫ُ‬ ‫َّعيم‬ ‫لك السعد املؤ َّبدُ والن ُ‬

‫ً‬ ‫حيم‬ ‫رىض بقضا ِئه وهو ال ّر ُ‬

‫“الفقري لله”‬ ‫الشيخ أبو عيل سليامن أابو ذياب‬

‫الشيخ راتب نرصالله ابو ذياب‬ ‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب مناطق‬

‫أول قرية لبنانية تستقبل أشعة الشمس صباحاً‬

‫«أم الشهداء» بيصور‪:‬‬ ‫تاريخ نضالي ناصع وموقع جغرافي مميز‬ ‫رضيح شهداء بيصور‬

‫هي القرية «الجبلية» التي قدّمت حوايل ‪150‬‬ ‫شهيداً مقاوماً يف التصدي للعدوان اإلرسائييل‬ ‫وعمالءه يف الداخل‪ ،‬هي التي ال زالت تحمل لقب‬ ‫«أم الشهداء» حتى اليوم‪ ،‬وصمودها أدهش‬ ‫العامل مرات ومرات حتى قالوا فيها «عني بيصور‬ ‫تقاوم املخرز اإلرسائييل»‪ .‬هي التي شكلت مثاالً‬ ‫ُيحتذى يف السلم كام الحرب بعاداتها وتقاليدها‬ ‫وأخالق بنيها‪ ،‬هي التي بنت األعراف «البيصورية»‬ ‫الوحدوية وكانت عىل كل مفرتق مشعة‬ ‫بنور الوحدة الوطنية بكل أطيافها وتنوعاتها‬ ‫السياسية واالجتامعية والثقافية‪ ،‬وقد لقبت‬ ‫عن حق بـ»أم الشهداء» منذ السبعينات‪ ،‬وهي‬ ‫اليوم «أم القرى» يف منطقة غرب عاليه‪ ،‬إنها‬ ‫بيصور‪.‬‬ ‫إنها أول قرية يف لبنان تستقبل أشعة‬ ‫الشمس صباحاً‪ ،‬وحني تصلها إشعاعات النور‬ ‫يكون اإلنذار لبدء نها ٍر جديد يف لبنان‪ ..‬هذه‬ ‫القرية التي لطاملا كانت األلفة واملودّة عنواناً‬ ‫للتعامل بني عائالتها‪ ،‬ال تزال اليوم «عروس الجبل»‬ ‫و «مرآة أشعة الشمس» عىل األرض‪.‬‬ ‫ونحاتني‬ ‫أبناؤها متعلمون ومثقفون من شعراء‪ّ ،‬‬ ‫وممثلني‪ ،‬وفنانني تشكيليني‪ ،‬ومهندسني وأطباء‪،‬‬ ‫وما مي ّيز هذه البلدة هو العدد الكبري من رجال‬ ‫الدين‪ ،‬وفيهم مراجع روحية كبرية ومقدّرة لدى‬ ‫املوحدين‪.‬‬ ‫طائفة ّ‬ ‫وأهم املوروثات عن األجداد يف بيصور ما‬ ‫يسمونه «الدستور البيصوري»‪ ،‬الذي ينص عىل‬ ‫عدم االقتتال الداخيل (ال بل تحرميه)‪ ،‬وعدم التفرقة‬ ‫بني العائالت‪ ،‬واعتامد تسمية قاعات العائالت‬ ‫بأسامء «القاعة الشاملية والقاعة الرشقية»‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وذلك مراعاة لعدم فصل العائالت حتى يف أماكن‬ ‫يتم‬ ‫املناسبات‪ .‬وكذلك تتميز القرية باللقاء الذي ّ‬ ‫بني أهايل البلدة صبيحة عيد األضحى املبارك‪.‬‬ ‫هذه العادة عمرها حوايل املئة والخمسون سنة‪،‬‬ ‫وقد وضعها الشيخ أبو عيل اسامعيل حسييك‬ ‫مالعب‪.‬‬ ‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬يتض ّمن «الدستور البيصوري»‬ ‫تنظيم أمور املآتم واألفراح واملناسبات يف البلدة‪.‬‬ ‫ومن أعرافها عملية تبادل مناصب البلدية‬ ‫والرابطة الثقافية وكل املؤسسات األهلية‬ ‫مداور ًة بني أبناء العائالت‪.‬‬ ‫ورغم كل ما حصل من مشاكل سياسية‬ ‫يف لبنان‪ ،‬تفخر بيصور بأبنائها الذين رغم وجود‬ ‫االختالف السيايس املعروف‪ ،‬مل يقع بينهم أي‬ ‫إشكال ُيذكر‪ ،‬وأص ًال يف تاريخ البلدة مل يكن‬ ‫هناك مشكلة تذكر بني العائلتني األكرب فيها آل‬ ‫العرييض وآل مالعب‪ ،‬أو مع العائالت األخرى‪ :‬آل‬ ‫القايض وآل طربيه‪.‬‬

‫أصل االسم «بيصور»‬ ‫حسب كل الدراسات يتبني أن االسم يعني‬ ‫عدة احتامالت وأهمها‪:‬‬ ‫أصل االسم رسياين ويعني «بيت يارص» أي‬ ‫مكان الخزّاف أو صانع الفخار الذي كان منترشاً‬ ‫يف املنطقة منذ وقت طويل‪.‬‬ ‫أو أن اسم «بيصور» يعني «السور» أي السياج‬ ‫املحيط مبساكن القرية قدمياً‪ ،‬إذ أن البلدة كانت‬ ‫محاطة ومس ّورة بأشجار الرمان التي اشتهرت‬ ‫فيها‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫ويعود تاريخ بيصور اىل عهد التنوخيني الذي‬ ‫كان أحدهم قاضياً وهو القايض الشيخ زين‬ ‫الدين التنوخي وبسببه ُو ِجدَت عائلة القايض‬ ‫التي كانت ُأوىل العائالت التي سكنت بيصور‪.‬‬

‫املوقع الجغرايف والتعريف‬ ‫تبعد قرية بيصور عن العاصمة بريوت ‪25‬‬ ‫كلم‪ ،‬و‪ 10‬كلم عن مركز املحافظة عاليه‪ ،‬وتقع‬ ‫بني كيفون‪ ،‬سوق الغرب‪ ،‬الغابون‪ ،‬مجدليا‪ ،‬دفون‪،‬‬ ‫رمحاال (قربشمون) وعيناب‪ ،‬وتبلغ مساحتها‬ ‫‪ 600‬هكتار‪ .‬يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر ‪850‬‬ ‫بوسط البلدة‪ ،‬و‪ 1000‬برأس الجبل (التي ُتس ّمى‬ ‫مبنطقة «الرادار»)‪.‬‬ ‫املعروف عن بيصور أن عدد سكانها الذي يتجاوز‬ ‫الـ ‪ 9000‬نسمة من املقيمني يف البلدة‪ ،‬موزعني‬ ‫بني عائالت‪ :‬مالعب‪ ،‬العرييض‪ ،‬القايض‪ ،‬طربيه‬ ‫ويصل عدد ناخبيها اىل حوايل الـ ‪ 4500‬ناخب‪.‬‬ ‫تحتوي البلدة عىل ‪ 11‬ينبوعاً طبيعياً‪ ،‬و‪ 9‬آبار‬ ‫ارتوازية‪ ،‬إضافة اىل رضيح للشهداء يحتضن‬ ‫ملنتج َعني‬ ‫جثامني (‪ 143‬شهيداً)‪ ،‬هذا باإلضافة‬ ‫َ‬ ‫سياح ّيني عىل ضفاف نهر بيصور وأماكن‬ ‫سياحية أخرى عديدة‪.‬‬ ‫وتزخر البلدة بعيون املاء والينابيع ومنها‪ :‬عني‬ ‫التميم‪ ،‬عني الضيعة‪ ،‬عني الشكارة‪ ،‬عني كريم‪،‬‬ ‫عني املجد‪ ،‬عني السمر‪ ،‬عني الج ّوانية‪ ،‬عني الوادي‪،‬‬ ‫عني الرساج‪.‬‬ ‫أما مياه الرشب فكانت ُتنقل من برئ شطرة‬ ‫وعني شطرة‪ ،‬و ُيقال بأن مياه هذه الربكة كانت‬ ‫تستعمل لتنظيف الذهب من شوائب املعادن‬

‫نصب تذكاري للشهيد صالح العرييض‬

‫واألتربة‪ ،‬ألنه يقوم عىل جانبها مرتفع صخري فيه‬ ‫جلول ما زالت حتى اليوم تس ّمى “جلول الذهب”‪.‬‬ ‫وتزخر البلدة مبناحل إنتاج العسل الطبيعي‬ ‫ويصل عدد منتجي العسل إىل حوايل الـ‪50‬‬ ‫نحاالً‪ .‬كذلك‪ ،‬تشتهر بيصور بصناعة الحلويات‬ ‫ّ‬ ‫العربية والغربية‪ ،‬وتصنَّف من األوائل فــي‬ ‫صناعة الحلويات‪.‬‬

‫الجمعيات األهلية واملؤسسات‬ ‫اإلدارية والعامة‬ ‫_البلدية وعدد أعضائها ‪ ،15‬ومختا َرين (املجلس‬ ‫االختياري مكون من ‪ 3‬اعضاء)‪.‬‬ ‫_مستوصف بيصور الخريي (تابع لوزاريت‬ ‫الصحة العامة والشؤون االجتامعية)‬ ‫(تأسست عام‬ ‫_الرابطة الثقافية الرياضية‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،)1961‬وتضم قاعة كبرية‪ ،‬ومكتبة عامة عىل‬ ‫مساحة تبلغ ‪ 350‬مرتاً مربعاً‪.‬‬ ‫_الجمعية التعاونية الزراعية‬ ‫_جمعية األرسى املحررين من السجون‬ ‫اإلرسائيلية (تجمع خاص للمحررين من سجون‬ ‫االحتالل)‪.‬‬ ‫_تحتوي ‪ 4‬مدارس (مدرسة بيصور املتوسطة‬ ‫الرسمية‪ ،‬ثانوية بيصور الرسمية‪ ،‬ومدرستني‬ ‫خاصتني (النجاح والهدى)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومعهد‬ ‫الكومبيوتر‪،‬‬ ‫لتعليم‬ ‫_معهدين‬ ‫لتعليم اللغات‪.‬‬ ‫_مركز “الشهيد صالح العرييض” الطبي‪.‬‬

‫ويف منطقة تسمى “عني املجد”‪.‬‬ ‫_محطة مراقبة ورصد جوي وإرسال تابعة‬ ‫لرشكة طريان الرشق األوسط املدين يف منطقة‬ ‫الرادار وهي ُمقامة عىل أمالك البلدية (وقد ُس ّم َي‬ ‫الجبل مبنطقة “الرادار” عىل اسم هذه املحطة)‪.‬‬ ‫تشتهر بأشجار الصنوبر والزيتون والسنديان‪،‬‬ ‫وتحتوي معرصيت زيتون (واحدة حديثة وأخرى‬ ‫قدمية)‪.‬‬ ‫_معامل إلنتاج الصابون‪.‬‬ ‫_‪ 5‬محطات للوقود‪.‬‬ ‫كام تشهد البلدة مشاريع جديدة من الخيام‬ ‫البالستيكية لزراعة الورود‪ ،‬وغريها من املشاريع‬ ‫الزراعية الصغرية‪.‬‬

‫«كيمياء» و «نازا» و «أرقام‬ ‫قياسية دخلت غينيس»‬ ‫تتم ّيز بيصور باملخزون الفكري البارز‪ ،‬وتحتضن‬

‫اآلثار يف البلدة‬ ‫_قلعة الربج العايل (تقع يف قمة جبل‬ ‫بيصور)‪ ،‬وتظهر من الربج جزيرة قربص بالعني‬ ‫املج ّردة‪ ،‬وتطل عىل أكرث من ‪ 36‬منطقة‪ ،‬وقد‬ ‫أصبحت اليوم منزالً ألحد أبناء البلدة‪.‬‬ ‫_أكرث من مطحنة أثرية عىل ضفاف النهر‬

‫خريطة لبنان محفورة عىل صخر يف مدخل بيصور‬

‫‪85‬‬

‫الكثري من اإلمكانات البرشية التي ساهمت يف‬ ‫إمناء البلدة وتطويرها‪ ،‬وتفخر بأبناءها الذين ُك ِّرموا‬ ‫بلقب “شهداء الوحدة الوطنية وعروبة الجبل”‬ ‫وآخرهم كان الشهيد الشيخ صالح العرييض‪.‬‬ ‫وتحتضن بيصور بني أبنائها العديد من املثقفني‬ ‫وذوي املراكز املهمة‪ ،‬فابنها الفنان العاملي األستاذ‬ ‫فارس مالعب دخل موسوعة غينيس لألرقام‬ ‫القياسية بعد أن كتب كلامت النشيد الوطني‬ ‫اللبناين عىل “شعرة”‪ ،‬وكتب ‪ 160‬صفحة عىل ورقة‬ ‫بقياس ‪ 5×7‬سنتم وذلك بالحرف النافر‪ ،‬والدكتور‬ ‫بشري العرييض أول َمن حصل عىل شهادة دكتوراه‬ ‫يف العلوم السياسية ضمن أبناء الطائفة الدرزية‪،‬‬ ‫وابنتها هند مالعب أبو عكر تعمل اليوم يف وكالة‬ ‫الفضاء األمريكية «النازا»‪ ،‬وابنها الدكتور وليد‬ ‫مالعب يعمل يف الكيمياء النووية يف اليابان‪.‬‬

‫أبناء بيصور يروون تاريخها‪،‬‬ ‫ويتحدثون عن نشاطات‬ ‫جمعياتها‬ ‫يف حني متنّع رئيس بلدية بيصور األستاذ‬ ‫أمني مالعب عن الحديث لـ»منرب التوحيد» عن‬ ‫إنجازات البلدية يف بيصور‪ ،‬واملشاريع اإلمنائية‬ ‫التي تقوم بها (ونحن بدورنا نشكره ونعذره‬ ‫عىل ذلك)‪ ،‬استقبلنا أهايل البلدة بكل محبة‬ ‫وتحدّثوا إلينا عن تاريخها والنشاطات التي‬ ‫تقوم فيها‪ .‬ومام ال شك فيه أنه ال ميكن حرص‬ ‫إنجازات أهايل بيصور‪ ،‬إال أننا حاولنا تناول‬ ‫جميع النواحي وتحدّثنا عن قطرة «مجيدة» مام‬ ‫سجله أبناءها يف صفحات تاريخها وتاريخ‬ ‫ّ‬ ‫هذا الوطن‪.‬‬ ‫بداية التقينا فضيلة الشيخ أبو حمزة عيل‬ ‫العرييض يف منزله فتحدث باسم الهيئة‬ ‫الروحية يف البلدة وتط ّرق للمواضيع التوحيدية‬ ‫الذي سعى املشايخ األجلاّ ء لنرشها ونرش املحبة‬ ‫واأللفة بني أبناء البلدة‪ .‬وفيام ييل نص الحوار‪:‬‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب مناطق‬

‫عن‬

‫حدثنا‬ ‫وبنوده؟‪.‬‬ ‫بيصور بلدة عريقة من بلدات جبل لبنان (قضاء‬ ‫عاليه) وقد يزيد عدد سكانها عن أحد عرش ألف‬ ‫نسمة‪ .‬تسعة آالف منهم مقيمني‪ ،‬وألفي نسمة‬ ‫مهاجرين‪ .‬ولها موقع جغرايف مميز‪ .‬و ُيقال أنها أول‬ ‫بلدة ُترشق عليها الشمس يف املنطقة ولها‬ ‫مكانة خاصة بني سائر القرى والبلدات املجاورة‪.‬‬ ‫فلبيصور تاريخاً عريقاً منذ مئات السنني‪ ،‬ولكن‬ ‫منذ حوايل مئة وخمسني عاماً برز يف بيصور‬ ‫عرص واحد نسميه‬ ‫ثالثة مشايخ أجالء يف‬ ‫ٍ‬ ‫عرص بيصور الذهبي وكانوا جميعهم مت ّوجني‬ ‫بالعاممة املكولسة‪ ،‬وهم املرحوم الشيخ ابو‬ ‫عيل اسامعيل حسييك‪ ،‬واملرحوم الشيخ‬ ‫أبو يوسف أمني أبو حرب‪ ،‬واملرحوم الشيخ أبو‬ ‫حسني عيل شاهني مالعب‪ ،‬وكانوا يف عرصهم‬ ‫من سادات البالد وهم الذين وضعوا «الدستور‬ ‫البيصوري»‪ .‬ويتكون املجتمع البيصوري من أرستني‬ ‫كبريتني‪ ،‬آل العرييض وآل مالعب‪ ،‬وأرسة ثالثة‬ ‫تتحدّر من أصل تنوخي وهم آل القايض‪ .‬وتتميز‬ ‫بيصور بعادات وتقاليد رشيفة ُتع َرف بـ»الدستور‬ ‫البيصوري»‪ ،‬الذي ينظم العالقة بني آل العرييض‬ ‫وآل مالعب‪ ،‬عىل قاعدة األلفة واملحبة والتسامح‬ ‫واالحرتام املتبادل‪:‬‬ ‫أ – يف األفراح‪ :‬تتعاون العائلتان يف الدعوة‪،‬‬ ‫وتستضيف العائلة الثانية العريس وأقربائه‬ ‫ويتناولون معاً الفطور ويلبس العريس بزة العرس‬ ‫وسط ج ّو من األهازيج والغناء والفرح والرسور‪،‬‬ ‫هذا يف الصباح‪ ،‬ثم يذهبون جميعاً إىل قاعة‬ ‫األفراح حيث ز ّفة العروس‪.‬‬ ‫ب – يف املآتم‪ :‬إذا كان الفقيد من عائلة العرييض‬ ‫يقوم آل مالعب بنعي القرى والبلدات‪ ،‬ويقومون‬ ‫بإجراء كل مراسم الدفن ويضعونه يف «النعش»‬ ‫ويحملونه عىل األكتاف إىل مثواه األخري‪ ،‬وال‬ ‫تكتب رسائل النعوة إ َّال بحضور العائلتني‪ .‬وإذا كان‬ ‫الفقيد من عائلة آل مالعب يقوم آل العرييض‬ ‫بهذ الواجب‪ .‬وعند الصالة يكون املصيل من‬ ‫عائلة ويكون اإلمام من العائلة الثانية‪.‬‬ ‫ج – يف األعياد‪ :‬تلتقي العائلتان آل العرييض‬ ‫وآل مالعب صبيحة عيد االضحى املبارك عند‬ ‫رشوق الشمس يف مكانٍ متفق عليه وسط‬ ‫البلدة ويتبادلون التهاين بالعيد‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بيصور‬

‫والدستور‬

‫البيصوري‬

‫د ‪ -‬إن شباب بيصور وبفضل الله عىل نسبة‬ ‫عالية من العلم والوعي والثقافة‪ ،‬ومشايخها‬ ‫اإلجلاّ ء يقومون بالتوجيه الدائم للشباب‪ ،‬وإذا‬ ‫حصل أيّ حادث أو إشكال يقوم املشايخ اإلجلاّ ء‬ ‫وفاعليات البلدة بالسعي للصلح وينجزون‬ ‫املصالحة يف اليوم ذاته‪.‬‬ ‫ه – هناك اتفاق بني العائلتني عىل السلطة‬ ‫املحلية تم إنجازه منذ عدة سنني بحيث يكون رئيس‬ ‫البلدية ونائبه من عائلة واحدة واملخاتري من العائلة‬ ‫الثانية بشكل دوري‪.‬‬ ‫وقد أضيف إىل الدستور البيصوري ثالثة بنود‬ ‫جديدة هي‪:‬‬ ‫ العشاء السنوي الذي يقام ثاين أيام عيد‬‫األضحى املبارك يف مركز الرابطة الثقافية‬ ‫مبساع من‬ ‫الرياضية وقد بدأ منذ ثالث سنوات‬ ‫ٍ‬ ‫الرابطة وبرعاية وحضور معايل الوزير األستاذ‬ ‫غازي العرييض الذي يقوم بدعم مشاريع البلدة‪،‬‬ ‫ونخص بالذكر رجل األعامل االستاذ غسان‬ ‫العرييض الذي يقوم مبساعدة أهل البلدة وإنجاز‬ ‫املشاريع أيضاً‪.‬‬ ‫ إحياء مناسبة عيد الرشوق‪ ،‬حيث يسهر‬‫أبناء البلدة يف تلة الرادار يف قمة جبل بيصور‬ ‫من منتصف الليل حتى رشوق الشمس صباحاً‪،‬‬ ‫يف منتصف شهر متوز من كل عام‪.‬‬ ‫ عشية عيد األضحى املبارك يجتمع أعضاء‬‫املجلس البلدي واملخاتري ومسؤويل األحزاب‬ ‫وفاعليات البلدة واألهايل عموماً يف ساحة‬ ‫بيصور ويتبادلون التهاين بالعيد وينشدون‬ ‫األشعار واألغاين البلدية القدمية مع عرض لفرقة‬ ‫الدبكة‪.‬‬ ‫هل الدستور البيصوري اليزال ساري املفعول‬ ‫بعد وفاة املشايخ األجلاّ ء الشيخ أبو صالح‬ ‫فرحان العرييض‪ ،‬والشيخ أبو فؤاد أمني مالعب‪،‬‬ ‫والشيخ أبو عيل انيس العرييض؟‬ ‫إن املشايخ اإلجلاّ ء الشيخ ابو عيل انيس‬ ‫العرييض‪ ،‬والشيخ ابو فؤاد امني مالعب‪ ،‬والشيخ‬ ‫ابو صالح فرحان العرييض‪ ،‬من إعالم طائفة‬ ‫املوحدين الدروز‪ ،‬وقد تركوا فراغاً كبرياً عىل‬ ‫مستوى الطائفة والبالد‪ ،‬وعىل بيصور بشكل‬ ‫خاص‪ ،‬ولكن بفضل الوعي والن ّيات الحسنة‬ ‫والرغبة الصادقة لدى املشايخ اإلجلاّ ء وفاعليات‬ ‫وشباب البلدة والسهر الدائم عىل أمن واستقرار‬ ‫بيصور فإن هذا الدستور اليزال ساري املفعول‬ ‫وسوف نستمر بالعمل به يف املستقبل إن شاء‬ ‫الله ‪.‬‬ ‫كم يبلغ عدد املزارات الدينية يف بيصور؟‬ ‫يف بيصور عدد من املزارات الدينية‪ ،‬وأحياناً‬ ‫يشتمل املزار الواحد (اي البناء الواحد) عىل عدة‬ ‫أرضحة لعدد من املشايخ ونذكر منهم‪:‬‬ ‫ مزار املرحوم الشيخ ابو عىل اسامعيل‬‫حسييك تاريخ الوفاة ‪1316‬هـ‪.‬‬ ‫ مزار املرحوم الشيخ ابو يوسف امني ابو‬‫حرب تاريخ الوفاة ‪1311‬هـ‪ .‬ويشمل املزار حفيده‬ ‫املرحوم الشيخ ابو عيل انيس ابو حرب العرييض‬

‫‪86‬‬

‫شعلة بيصور‬

‫تاريخ الوفاة ‪1422‬هـ‪ .‬ويشمل ايضاً مزار حفيده‬ ‫الشهيد املرحوم الشيخ ابو عارف كامل ابو حرب‬ ‫العرييض تاريخ االستشهاد ‪ 1983‬م‪.‬‬ ‫نصار‬ ‫ مزار املرحوم الشيخ ابو محمد عيل ّ‬‫تاريخ الوفاة ‪1342‬هـ‪.‬‬ ‫ مزار املرحوم الشيخ ابو كامل شاهني ابو‬‫حرب‪ ،‬ويشمل مقام نجله املرحوم الشيخ ابو‬ ‫يوسف حمد ابو حرب وحفيديه املرحوم الشيخ‬ ‫ابو عيل سليامن ابو حرب واملرحوم الشيخ ابو‬ ‫يوسف امني ابو حرب العرييض‪.‬‬ ‫ مزار املرحوم الشيخ ابو حسني عيل شاهني‬‫مالعب (رضيح بدون بناء)‪.‬‬ ‫ مزار املرحومني الشيخني االخوين الشيخ ابو‬‫نجيب محمد مالعب والشيخ ابو حسني محمود‬ ‫مالعب (رضيح بدون بناء)‪.‬‬ ‫ مزار املرحوم الشيخ ابو صالح فرحان‬‫العرييض‪.‬‬ ‫ما هو سبب وجود عدد كبري من رجال الدين‬ ‫يف بيصور ؟‬ ‫إن عدداً كبرياً من مشايخ بيصور الحاليني هم‬ ‫ّ‬ ‫الشك‬ ‫خلف عن سلف وهذا واقع الحال‪ ،‬ولكن‬ ‫أن اإلميان الراسخ لدى أهل بيصور بعقيدتهم‬ ‫التوحيدية والرتبية الصالحة والتوجيه الدائم من‬ ‫املشايخ اإلجلاّ ء ساهم يف الوصول إىل هذا العدد‬ ‫من املشايخ‪.‬‬ ‫هل هناك ميزة خاصة لبلدة بيصور؟‬ ‫إن لبيصور ميزة خاصة وهي التواصل الدائم‬ ‫بني رجال الدين والشباب‪ ،‬والشباب يحرتمون‬ ‫املشايخ ويقبلون نصحهم وإرشادهم‪ ،‬وقد‬ ‫خص الله سبحانه بيصور بنعم كثرية منها‬ ‫موهبة الشعر حيث يتواجد فيها عدداً كبرياً‬ ‫من الشعراء‪ ،‬والذين ال ينظمون الشعر يتذوقونه‬

‫ويستعذبون قراءته وسامعه‪ ،‬فبيصور وبفضل‬ ‫الله منبت للشعراء والنابغني‪ ،‬وقلعة للصمود‪،‬‬ ‫ومقلع للرجال‪ ،‬وأ ّم للشهداء‪ ،‬وموئل للمشايخ‬ ‫األتقياء األبرار‪ ،‬وقدوة يف الوفاق‪ ،‬ومثال يف التعاون‬ ‫والبناء ملا فيه مصلحة أهلها وخريهم‪.‬‬ ‫ماذا عن عالقة بيصور بالقرى املجاورة؟‪.‬‬ ‫إن عالقة بيصور مع القرى املجاورة عالقة أخوية‬ ‫قامئة عىل املحبة واالحرتام املتبادل واملساهمة‬ ‫يف األعياد واملآتم واملناسبات املختلفة‪ ،‬ونحن نعترب‬ ‫كيفون حارة بيصور الشاملية كام وصفها املرحوم‬ ‫الشيخ ابو صالح فرحان العرييض‪ ،‬وعالقتنا مع‬ ‫بلدات سوق الغرب والقامطية وعيناب ودفون‬ ‫ورمحاال وغريها‪ ،‬عالقة طيبة واملساهامت قامئة‬ ‫بيننا وبينهم يف املناسبات االجتامعية وغريها‪،‬‬ ‫وليس هناك من عائق يعكر صفوها‪.‬‬ ‫لوفاة‬ ‫السادسة‬ ‫السنوية‬ ‫الذكرى‬ ‫يف‬ ‫املرحوم الشيخ ابو حسن عارف حالوي هل ما‬ ‫زالت تعاليمه سارية املفعول بني أبناء املجتمع‬ ‫الديني؟‬ ‫إن تعاليم املرحوم الشيخ ابو حسن عارف حالوي‬ ‫مستوحاة من املذهب االسالمي التوحيدي‪ ،‬ولكن‬ ‫تقواه وصفاؤه الروحي ومسلكه الدقيق ورجاحة‬ ‫عقله ورحابة صدره وحلمه وصربه وحسن إدارته‬ ‫لألمور ولطافته ومنطقه السليم و َت َج ُّرده من‬ ‫فحجت‬ ‫الغايات جعلته قريباً ومقبوالً من الجميع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الناس إليه وارتضوه مصلحاً وحك ًام فيام بينهم‬ ‫وكان ينجح يف معظم الوساطات التي يقوم‬ ‫بها إن كان بني املسؤولني السياسيني او بني رجال‬ ‫الدين انفسهم‪ ،‬وغيابه ترك فراغاً كبرياً ال نزال‬ ‫نعاين منه حتى اآلن‪ ،‬ولكن ال خوف عىل طائفتنا‬ ‫وال عىل مجتمعنا الديني ألنه بفضل الله ال‬ ‫يزال لدينا مشايخ أتقياء إجلاّ ء وبحسن النوايا‬ ‫والتعاون فيام بينهم نأمل ان تسري االمور عىل‬ ‫خري مايرام‪.‬‬

‫الرابطة الثقافية الرياضية‪:‬‬ ‫متثل وحدة أهايل القرية‬ ‫مبختلف انتامءاتهم‬ ‫لإلضاءة عىل ما تقوم به الجمعيات األهلية‬ ‫يف البلدة‪ ،‬التقينا أمني رس الرابطة الثقافية‬ ‫الرياضية يف بيصور األستاذ يونس الجرماين‬ ‫الذي تحدث باسم الهيئة اإلدارية فيها‪ ،‬وقد قدم‬ ‫ملحة تاريخية عن الرابطة ونشاطاتها ضمن‬ ‫البلدة والتي قامت سابقاً بكل النشاطات‬ ‫التي من املفرتض عىل البلدية كإدارة رسمية‬ ‫القيام بها‪ ،‬واليوم تكمل مسريتها يف بناء‬ ‫البرش والحجر معاً‪ ،‬وكانت خري مثال عىل ه ّمة‬ ‫ونشاط أبنائها منذ التأسيس اىل اليوم‪.‬‬ ‫وقال الجرماين‪ ،‬وهو الشاب الذي ميثل الجيل‬ ‫املخرضم بني املؤسسني األوائل‪ ،‬وشباب اليوم‬ ‫املتابعني لخطوات َمن سبقهم يف تطوير العمل‬

‫مبنى الرابطة الثقافية الرياضية يف بيصور‬

‫اإلمنايئ والخدمايت التطوعي‪ :‬إن “قيمة الرابطة‬ ‫هي يف الفكرة التي تو ّلدت يف عقل مجموعة‬ ‫من األشخاص يف بيصور إلنشاء مؤسسة كهذه‪،‬‬ ‫والذين امتلكوا بعد نظر من أجل وحدة البلدة‬ ‫ومستقبلها وتطلعات أهلها الرياضة والثقافية‬ ‫ومشاركتهم حياتهم اليومية‪ .‬هذه الرابطة‬ ‫تأسست يف ‪ 1964/4/22‬حني أخذت العلم والخرب‬ ‫رقم ‪ ،118‬لكنّ عملها فعلياً بدأ منذ عام ‪،1961‬‬ ‫وكانت مك ّونة من ستة أشخاص‪ ،‬وشكلت نواة‬ ‫لنسيج بيصور‪ .‬عندما ُو ِجدَت فكرة الرابطة‪،‬‬ ‫وجدت معها أحالم وتطلعات فكرية وواقعية‬ ‫لجهة إنشاء مبنى الرابطة وامللعب الريايض‪.‬‬ ‫وعن النشاطات االجتامعية قال‪“ :‬عىل‬ ‫الصعيد االجتامعي بدأت الرابطة بإرشاك الناس‬ ‫يف نشاطاتها كمحاولة لتنمية العادات الج ّيدة‪.‬‬ ‫فقام أعضاؤها باستئجار مبنى لالجتامع فيه‬ ‫بعد أن كانوا منذ عام ‪ 1961‬وحتى عام ‪،1964‬‬ ‫يلتقون يف املنازل‪ .‬بدأوا يجتمعون يف مبنى‬ ‫الرابطة يف أحد أحياء بيصور القدمية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تطورت ليصبح لها دور كبري يف التواصل مع‬ ‫أبناء القرية‪ ،‬وقام أعضاؤها بنشاطات رياضية‬ ‫وفنية كاملوسيقى واملرسح والغناء‪ .‬لقد متكنوا‬ ‫من جمع أبناء القرية حول النشاطات الرياضية‪،‬‬ ‫ومن استقطاب سكان القرى املجاورة أيضاً‪.‬‬ ‫أما عن مهرجانات بيصور قال‪ :‬لقد متكنت‬ ‫الرابطة من التواصل فكرياً وحضارياً مع‬ ‫محيطها عن طريق الدعوة للمهرجانات الرياضية‬ ‫ومشاركتهم بالكرنفال وكان هذا هدفها‬ ‫األسايس‪ ،‬فبمج ّرد أن نتكلم عن “املهرجان”‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك يعني أننا نشارك الناس بالفرحة والبهجة‪.‬‬ ‫وقد كانت أسعار البطاقات مبعظمها تشجيعية‬ ‫إن مل تكن مجانية‪.‬‬ ‫لقد كانت الرابطة الداعم للبلدية‪ ،‬لجهة‬ ‫االجتامعية‬ ‫واملساعدات‬ ‫والنظافة‬ ‫التشجري‬ ‫ورعاية الطالب والعائالت املحتاجة‪ .‬إذاً‪ ،‬لقد لع َبت‬ ‫دوراً أكرب من الدور الذي يتوجب عليها‪ .‬فمن‬ ‫واجبات البلدية كمؤسسة رسمية أن تقوم بهذه‬ ‫األعامل‪ ،‬لكنّ الرابطة كانت تقف اىل جانبها‬ ‫يف تنفيذها‪ .‬هذا حتى عام ‪ 1977‬تقريباً‪ ،‬حيث‬ ‫تطورت الرابطة بشكل قوي جداً‪.‬‬ ‫لكن جاءت فرتة السلم يف العام ‪ ،1989‬فتوقف‬ ‫كل يشء عن الحراك والتطور يف لبنان‪ .‬بعد هذه‬ ‫الحرب مبارشة‪ ،‬عادت الرابطة للعمل من جديد‬ ‫وقد تجاوزعدد أعضاءها عام ‪ 1990‬الـ ‪ 300‬عضو‪،‬‬

‫‪87‬‬

‫وما م ّيز هؤالء األعضاء أنهم جميعهم كانوا‬ ‫ّ‬ ‫متعطشاً‬ ‫يعملون بدون استثناء‪ ،‬إذ كان الجميع‬ ‫للعمل االجتامعي بعد الخروج من فرتة حرب‬ ‫ويف حينها‪ ،‬أقمنا مهرجانات كانت‬ ‫منهكة‪.‬‬ ‫من األنجح عىل مستوى لبنان‪ ،‬والهدف ليس يف‬ ‫كمية الحارضين‪ ،‬بل ما كنا نراه يف وجوه الناس‬ ‫من فرحة ومحبة وحضور كبري من جميع أفراد‬ ‫العائلة‪.‬‬ ‫وعن تطور وضع الرابطة وتجدّد نشاطاتها‪،‬‬ ‫استكمل الجرماين قائ ًال‪ :‬توسع نشاط الرابطة‬ ‫عىل املناطق املجاورة‪ ،‬فكانت مث ًال ُتص ِدر مجلة‬ ‫خاصة بها وتضع إعالنات من جميع املناطق‬ ‫كإعالن لطريان الرشق األوسط وملحالت من‬ ‫األرشفية وفرن الشباك‪ ،‬وهذا ما يبينّ انتشارها‬ ‫عىل مساحة الوطن‪ .‬وإبرز النشاطات التي قامت‬ ‫بها‪:‬‬ ‫ إجراء امتحانات تجريبية لطالب الشهادة‬‫املتوسطة من املنطقة (قضاء عاليه) قبل‬ ‫االمتحانات الرسمية بشهر واحد‪ ،‬وذلك لضامن‬ ‫نجاحهم خاصة أن امتحاناتنا كانت تأيت أصعب‬ ‫من االمتحانات الرسمية‪ ،‬والطالب الذين كانوا‬ ‫يأخذون العالمات األعىل لدينا‪ ،‬كانوا بالفعل‬ ‫يحصدون املراتب األوىل عىل مستوى لبنان‪.‬‬ ‫تأمني املنح الثانوية يف املدارس الرسمية‬ ‫للطالب الناجحني‪.‬‬ ‫تط ّورت فكرة الرابطة‪ ،‬وأصبحت بحاجة فع ًال‬ ‫ملركز يكون مركزاً تربوياً ثقافياً رياضياً‪ ،‬وذلك‬ ‫بالطبع يحتاج إلمكانيات مادية‪ ،‬وهذا ما حاولنا‬ ‫تأمينه من املهرجانات ولكن ب ِن َسب قليلة‪ ،‬وجاءنا‬ ‫دعم كبري يف حينها من النائب االستاذ وليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬خاصة وأننا كنّا بحاجة لحوايل الـ ‪70‬‬ ‫ألف دوالر لبناء الرابطة‪ .‬إضافة اىل الدعم الذي‬ ‫كنا نتل ّقاه من خالل املهرجانات التي نقيمها‪،‬‬ ‫أحياناً برعاية مؤسسات مالية وإعالمية ابرزها‬ ‫بنك بريوت والبالد العربية‪ ،‬وتلفزيون الجديد (‪New‬‬ ‫‪ )TV‬التي كانت ترعى املهرجانات‪.‬‬ ‫ومن العادات التي ال تتخىل عنها الرابطة‪،‬‬ ‫إحياء عيد “األم” كل عام من خالل توزيع الورود‬ ‫عىل كل أم يف بيصور‪ ،‬وذلك بجهد الشباب‬ ‫الذين يتح ّمسون للعمل يف الرابطة‪ ،‬ونقوم بكل‬ ‫ذلك دون تقايض أي أجر‪ ،‬فالعمل بأكمله تط ّوعي‪.‬‬ ‫هذا باالضافة اىل ما قامت به الرابطة من تقديم‬ ‫أثاث املنزل لكل َمن يتز ّوج من العائلة األخرى‬ ‫يف بيصور وذلك بجه ٍد منها عىل توحيد أبناء‬ ‫موحدة‪.‬‬ ‫العائلتني يف بوتقة واحدة ّ‬ ‫إنشاء املكتبة العامة التي تحوي اآلن حوايل‬ ‫‪ 7000‬عنوان وعدد من أجهزة الحاسوب وهي‬ ‫مفتوحة أمام الجميع مجاناً‪( .‬والشكر ملعايل‬ ‫الوزير األستاذ غازي العرييض الذي ساهم يف‬ ‫ذلك بالتكاليف ومتابعة أعاملها)‪.‬‬ ‫إنشاء املعهد املوسيقي الذي يضم نخبة من‬ ‫األساتذة خريجي الكونرسفتوار الوطني‪ ،‬وضم‬ ‫يف األعوام املاضية نحو ‪ 83‬تلميذاً من فتيان‬ ‫البلدة والجوار‪ ،‬وبدأنا يف هذا العام إقامة الحفالت‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب مناطق‬ ‫املوسيقية التي يتوىل إدارتها الفنان األستاذ‬ ‫سمري نرص الدين (الذي كان يف املرتبة األوىل‬ ‫حني كان طالباً يف الكونرسفاتوار‪ ،‬ومل يجد‬ ‫مكانا للتعليم فيه)‪ .‬وفكرة املعهد املوسيقي‬ ‫يف بيصور فكرة رائدة‪ ،‬إذ يستوعب عدداً كبرياً‬ ‫من الطالب وقد أحيا املعهد ليلة “عيد رشوق‬ ‫الشمس” الذي أقمناه يف منطقة الرادار‪.‬‬ ‫“كرنفال الفرح”‪ :‬حسنة هذا الكرنفال أنه‬ ‫هو يتج ّول بنفسه يف البلدة وبني األهايل‪ ،‬وهو‬ ‫مبجسامت‬ ‫سابق للمهرجان الفني‪ ،‬حيث ينطلق‬ ‫ّ‬ ‫مختلفة كل سنة عن األخرى‪ ،‬وتأخذ األفكار‬ ‫من الناس‪ ،‬حيث أقمنا يف سنة من السنوات‬ ‫مجس ًام للسفينة التي أبحر فيها الفينيق ّيون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكان شكلها طبيعي مئة باملئة‪ ،‬وسارت‬ ‫مجس ًام حقيقياً‬ ‫يف القرية كلها‪ ،‬وكانت‬ ‫ّ‬ ‫إن بالكتابات املحفورة عليها أو بلباس الذين‬ ‫يقودونها‪ ،‬وأفكار اخرى ابتكرها اعضاء الرابطة‪،‬‬ ‫والصاج والجاروشة وغريها‬ ‫مثل معرصة الزيتون‬ ‫ّ‬ ‫املجسامت التي تج ّولت يف سائر أنحاء القرية‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ترافقها أصوات الطبول والزغاريد وكان األهايل‬ ‫جميعهم يسريون بجانبها‪.‬‬ ‫املهرجان الريايض‪ :‬بعد الكرنفال يأيت موعد‬ ‫يضم أندية املنطقة‬ ‫املهرجان الريايض‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫كلها وأندية أخرى عىل مستوى منتخب لبنان‬ ‫ويتم توزيع الكؤوس خالل املهرجانات الفنية‪.‬‬ ‫وعندما نتحدث عن مهرجان ريايض‪ ،‬فإننا حت ًام‬ ‫موحد‪ ،‬وغريه‪.‬‬ ‫نتحدث عن حشود كبرية وهندام ّ‬ ‫املهرجانات الفنية‪ :‬بعد هذه النشاطات‪،‬‬ ‫يبدأ املهرجان الفني الذي كان يتم ّيز بالتنظيم‬ ‫الشديد‪ ،‬خاصة استقبال األهايل والحضور‪ ،‬وكنا‬ ‫نحرص دامئاً عىل نرش السعادة والفرح بني‬ ‫الجميع‪ ،‬وأبناء البلدة يتخلون عن اماكنهم يف‬ ‫االحتفال يك يجلس عليها الحضور من الضيوف‬ ‫يغص املكان بالحشود‪ .‬لقد كان االهتامم‬ ‫بعدما‬ ‫ّ‬ ‫بارزاً باملهرجانات‪ ،‬إذ استقبلنا العديد من الفنانني‬ ‫الكبار مثل “صباح فخري‪ ،‬غسان صليبا‪ ،‬مارسيل‬ ‫خليفة‪ ،‬م ّيادة الحنّاوي‪ ،‬ملحم بركات‪ ،‬جورج‬ ‫وسوف‪ ،‬واملرحوم عايص الرحباين‪ ،‬وغريهم من‬ ‫الفنانني الكبار‪ ،‬إضافة إىل الفرق الفنية مثل‬ ‫َ‬ ‫حرضت هذه السنة‪ ،‬وهي فرقة‬ ‫فرقة الفيحاء التي‬ ‫حازت عىل جائزة “اإلنشاد العاملية”‪ ،‬وفرقة كركال‬ ‫والفرقة االرمنية للفلكلور الوطني وغريها‪.‬‬ ‫“عيد رشوق الشمس”‪ :‬يف كل عام وتقريباً‬ ‫يف منتصف شهر متوز مبا يصادف يوم سبت‬ ‫ليل األحد حيث تدعوا الرابطة األهايل إىل‬ ‫منطقة الرادار‪ ،‬وتبدأ السهرة عند الثانية فجراً‬ ‫عىل وقع املوسيقى واملأكوالت البلدية بانتظار‬ ‫رشوق خيوط الشمس األوىل عىل بلدة بيصور‪.‬‬ ‫وهذه ظاهرة علمية حقيقية مثبتة يف مراجع‬ ‫وحدة الشؤون الجغراف ّية يف الجيش اللبناين‪ ،‬إذ‬ ‫أن الشمس ترشق من ناحية الرشق وتتح ّول عن‬ ‫مسارها لتصل أشعة خيوطها األوىل إىل قرية‬ ‫بيصور‪ .‬بالطبع هناك قرى أخرى تقع عىل ارتفاع‬ ‫أعىل من ‪ 1000‬مرت ولكنّ بيصور هي القرية التي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تتوجه لناحية الرشق‪ .‬لقد كانت هذه املناسبة‬ ‫ّ‬ ‫فقط البتكار أشياء جديدة لجمع الناس وزرع‬ ‫الفرح بينهم‪.‬‬ ‫ومام أقامته الرابطة هذا العام يف عيد األضحى‬ ‫املبارك جمع الناس واستعادة تقاليد الدبكة‬ ‫البيصور ّية وصوت آلة “امل ِْجوز” وكل ما ّ‬ ‫يبث الفرح‬ ‫يف قلوبهم‪ ،‬مبشاركة املشايخ األجالء ومعايل‬ ‫الوزير األستاذ غازي العرييض‪.‬‬ ‫اليوم نقوم بإنشاء ملعب ريايض بقياسات‬ ‫أوملب ّية‪ ،‬ونتأ ّمل‪ ،‬بعد االنفراجات التي يشهدها‬ ‫لبنان‪ ،‬أن تتمكن الرابطة مجدداً من التط ّور‬ ‫بالشكل الذي كانت عليه‪.‬‬ ‫إن أعامل الرابطة مو ّزعة عىل لجان متعددة‪،‬‬ ‫وكل لجنة تنشط يف مجالها‪ ،‬فاملكتبة مث ًال من‬ ‫مسؤوليات اللجنة الثقافية‪ .‬ولكن عند الوصول‬ ‫لفرتة املهرجان‪ ،‬فإن أعضاء الرابطة بالكامل‬ ‫يتعاونون إلنجاحه‪.‬‬ ‫وختم األستاذ يونس الجرماين قائ ًال‪ :‬نشكر‬ ‫َمن ف ّكر يف إنشاء هذه الرابطة منذ البداية‬ ‫لتكون رابطا ثقافيا ورياضيا‪ ،‬ونقطة التقاء بني‬ ‫جميع أهايل البلدة‪ ،‬كام نشكر كل فرد من أفراد‬ ‫بيصور الذين واكبوا هذه الرابطة ودعموها بدون‬ ‫استثناء‪ ،‬وال بد من شكر النائب وليد جنبالط عىل‬ ‫مساعدته وتحييد الرابطة عن الخالفات السياسة‪،‬‬ ‫فكان دعمه مادياً ومعنوياً‪ ،‬وكذلك معايل الوزير‬ ‫األستاذ غازي العرييض‪ ،‬ولكن يف النهاية يبقى‬ ‫الجهد األكرب لكل َمن يعمل يف الرابطة من‬ ‫أعضاء ومتط ّوعني‪ ،‬وكل َمن تناوب عىل رئاستها‪.‬‬

‫املستوصف‪ :‬يجب تحسني األداء‬ ‫ورفع مستوى الخدمة فيه‬

‫كام تحدث األستاذ باسل سليم مالعب‬ ‫املوكل يف تنظيم شؤون مستوصف بيصور‬ ‫والسياسة‬ ‫اإلدارة‬ ‫يف‬ ‫الخريي(ماجستري‬ ‫الصحية – الجامعة األمريكية يف بريوت) والذي‬ ‫قال‪ :‬لعب مستوصف بيصور الخريي دوراً بارزاً‬ ‫خالل الفرتة املمتدة من تأسيسه اىل عام ‪1991‬‬ ‫من خالل الخدمات الطبية التي قدّمها‪ .‬واستمر‬ ‫هذا الدور اىل وقتنا هذا‪ ،‬ولكن يف ظل تراجع عدد‬ ‫املساعدات والت ّربعات املقدّمة‪ ،‬بات املستوصف‬

‫‪88‬‬

‫نقص حاد يف الجهاز البرشي‬ ‫يعاين من‬ ‫ٍ‬ ‫والتجهيزات الطبية الالزمة لتأمني استمرارية‬ ‫العمل‪ ،‬وجودة الخدمات الصحية ا ُملق َّدمة‪.‬‬ ‫هل ميكن إعطاءنا ملحة عامة عن مستوصف‬ ‫بيصور الخريي؟‬ ‫ميكن تقسيم تاريخ املستوصف عرب مراحل‬ ‫متعددة‪:‬‬ ‫مرحلة التأسيس حتى العام ‪ :1992‬تأسس‬ ‫مستوصف بيصور الخريي تحت اسم “مركز بيصور‬ ‫الطبي” سنة ‪ 1983‬يف مبنى بلدية بيصور‪،‬‬ ‫الطابق األريض‪ ،‬وتض ّمن هذا املركز يف بداية األمر‬ ‫خدمات الطوارىء ملعالجة جرحى الحرب‪ ،‬وكان يعمل‬ ‫كمستشفى ميدانيا يف تلك الفرتة العصيبة‬ ‫من تاريخ لبنان‪ ،‬ويغطي منطقة جغرافية تشمل‬ ‫بلدة بيصور واملنطقة الجغرافية املجاورة لها‪ .‬وقد‬ ‫كان للحزب التقدمي االشرتايك الدور األسايس‬ ‫يف دعم املركز وتقديم املساعدات العينية ودفع‬ ‫رواتب املوظفني العاملني يف املركز‪ ،‬واستمر هذا‬ ‫الدور حتى أوائل العام ‪ .1991‬وفيام بعد تسلمت‬ ‫لجنة دعم مركز بيصور الطبي ادارة هذا املركز‬ ‫بعد الحصول عىل اجازة استثامر للمستوصف‬ ‫مجانية وذلك لحاجة‬ ‫كمؤسسة صحية اجتامعية ّ‬ ‫بلدة بيصور واملنطقة املجاورة لها ملركز صحي وذلك‬ ‫يف العام ‪ .1992‬وقد توىل الشيخ أبو نبيل أديب‬ ‫مالعب إدارة املركز منذ ذلك الوقت‪.‬‬ ‫مرحلة ما بعد العام ‪:1992‬‬ ‫تابع املستوصف تقديم الخدمات الطبية‬ ‫ومعالجة املرىض‪ ،‬واستمر بالقيام يف هذه‬ ‫الرسالة التي ُو ِج َد من اجلها‪ ،‬وذلك بدعم من‬ ‫لجنة دعم املركز والسادة املت ّربعني‪ .‬ولكن نظراً‬ ‫لظروف عدّة‪ ،‬أخذ دور املستوصف بالرتاجع يف‬ ‫ظل ضعف اإلمكانيات املادية والعينية املقدّمة‬ ‫الشحار‬ ‫للمركز‪ ،‬فقد أعيد تأهيل مستشفى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقل االهتامم مبراكز الرعاية‬ ‫الغريب يف قربشمون‬ ‫الصحية واملستوصفات أي الـ “‪Health Primary‬‬ ‫‪ ،”Care‬وازداد االهتامم بالطب العالجي داخل‬ ‫املستشفى أو ما ُيعرف بالـ”‪ .”Care Curative‬كل‬ ‫هذه العوامل ساهمت يف إضعاف دور مستوصف‬ ‫بيصور الخريي وتراجع خدماته‪.‬‬ ‫طوال تلك الفرتة‪ ،‬عمل مدير املستوصف‬ ‫مشكوراً وبكل ج ّد وجهد لتأمني مستلزمات‬ ‫املركز الطبي عرب التواصل مع وزارة الصحة‬ ‫العامة‪ ،‬والجمعيات األهلية يف لبنان‪ ،‬لتأمني‬ ‫الت ّربعات لتغطية نفقات املركز‪.‬‬ ‫فرتة حرب متوز ‪:2006‬‬ ‫استقبلت بيصور كام غريها من قرى الجبل‬ ‫املقاوم أهلنا النازحون من جنوبنا الصامد‪ .‬وقد‬ ‫كان ملستوصف بيصور الدور البارز يف تقديم‬ ‫الخدمات الصحية للمحتاجني وأصحاب األمراض‬ ‫املزمنة عرب تأمني األدوية واملتابعة الصحية عىل‬ ‫واإلخصائيني يف املركز‪.‬‬ ‫يد األطباء‬ ‫ّ‬ ‫ما هو الوضع الحايل للمستوصف؟‬ ‫اعتمد مستوصف بيصور الخريي عىل التربعات‬ ‫املحدودة جداً من املواطنني‪ ،‬بي َد أنه ونتيجة األوضاع‬

‫االقتصادية الراهنة‪ ،‬فإن هذه املساعدات باتت‬ ‫نادرة وال تفي بالحد األدىن املطلوب الستمرارية‬ ‫عمل املستوصف الذي قام ويقوم حتى اآلن‬ ‫بتأمني األدوية الالزمة وبشكل دائم لألمراض‬ ‫املزمنة‪ .‬ويبلغ عدد مرىض األمراض املزمنة حوايل‬ ‫‪ 120‬مريض‪ ،‬وهم يستفيدون من تقدميات األدوية‬ ‫من جمعية الش ّبان املسيحيني (‪.)YMCA‬‬ ‫ما هو النطاق الجغرايف لخدمات املركز وما‬ ‫هي الخدمات الحالية فيه؟‬ ‫يؤ ّمن املستوصف تغطية طبية لنطاق جغرايف‬ ‫كبري يشمل بيصور (التي يبلغ تعداد سكانها‬ ‫حوايل الـ ‪ 9000‬نسمة)‪ ،‬وكيفون ومجدليا‬ ‫وقربشمون‪ .‬وحالياً هناك أط ّباء صحة وأمراض‬ ‫نسائية وأطفال وطبيب قلب ورشايني باالضافة‬ ‫اىل أخصايئ عالج فيزيايئ يقومون بتأمني خدمة‬ ‫صحية متواضعة يف ظل غياب الدعم الكايف‬ ‫الستمرارية العمل يف املركز‪ .‬كذلك يشارك‬ ‫املستوصف يف الحمالت السنوية للتلقيح التي‬ ‫أطلقتها وزارة الصحة العامة‪ ،‬ويقيم حمالت‬ ‫تثقيفية للمواطنني ضمن نطاق عمل املركز‪.‬‬ ‫ما هي الحاجات واملعدّات التي يفتقدها‬ ‫املستوصف؟‬ ‫غن املستوصف يفتقر حالياً إىل العديد من‬ ‫التجهيزات الطبية واملكتبية التي هي أساسية‬ ‫لتأمني خدمة طبية ذات جودة عالية وشاملة‬ ‫للمستفيدين ضمن النطاق الجغرايف للمركز‪.‬‬ ‫إضافة اىل أن املركز بحاجة إىل إعادة تأهيل‬ ‫للبناء وإجراء تنطيم اداري لضامن استمرارية‬ ‫العمل فيه‪ .‬إشارة هنا‪ ،‬إىل أن بلدة بيصور تفتقر‬ ‫إىل مركز رعاية صحية أولية يقدّم خدمات طبية‬ ‫وتثقيف صحي وبرامج تلقيح ومتابعة األطفال‪.‬‬ ‫ما هي الخطط املستقبلية للمستوصف؟‬ ‫هناك الكثري من العمل الذي يجب أن يتم من‬ ‫أجل تحسني أداء املستوصف ورفع مستوى الخدمة‬ ‫فيه وتشجيع املواطنني لالقبال عليه وذلك‬ ‫انطالقاً من مبدأ الرعاية الصحية األولية الذي‬ ‫ينص عىل توفري خدمة صحية شاملة‪ ،‬مقبولة‬ ‫الكلفة‪ ،‬قامئة عىل املساواة والجودة‪ .‬وتركز عىل‬ ‫الوقاية والكشف املبكر عن األمراض‪ .‬وتتلخص‬ ‫الخطة املستقبلية بالتايل‪:‬‬ ‫العمل عىل تأهيل بناء املستوصف وتأمني‬ ‫املواصفات القياسية فيه‬ ‫العمل عىل إدراج املستوصف ضمن شبكة‬ ‫الرعاية الصحية األولية التابعة لوزراة الصحة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫تأمني استمرارية العمل يف املركز وضامن‬ ‫جودة الخدمات املقدمة فيه عن طريق توفري الجهاز‬ ‫البرشي لتقديم الخدمات والتمويل الالزم لذلك‪.‬‬ ‫ويف الختام‪ ،‬ال بد من االشارة إىل أن هذه الخطة‬ ‫ال ميكن أن تتم بدون التعاون الوثيق بني الرابطة‬ ‫الثقافية وجمعية س ّيدات بيصور والق ّيمني عىل‬ ‫الشأن العام يف املنطقة وعىل رأسهم معايل‬ ‫الوزير غازي العرييض صاحب األيادي البيضاء يف‬ ‫دعم املشاريع وتنفيذها‪.‬‬

‫بيصور‪ ..‬بني األرس والتحرير‬

‫واملعروف عن بيصور أن ‪ 83‬شخصاً من‬ ‫أبناءها تع ّرضوا لالعتقال من ِق َبل جيش العدو‬ ‫اإلرسائييل الذي تساوي الدقيقة بني يديه‬ ‫جحي ًام ال يتح ّمله إنسان‪ ،‬وقد استقبلنا‬ ‫رئيس لجنة األرسى املحررين يف الجبل املهندس‬ ‫أديب مالعب‪ ،‬صاحب كتاب “الشقيف‪ ..‬نافذة‬ ‫عىل الوطن”‪ ،‬والذي قال يف صفحة (اإلهداء)‪:‬‬ ‫“اىل الذين وقفوا يوماً عىل مشارف الوطن‪ ،‬اىل‬ ‫الشموع التي ذابت يف عمق الرثى‪ ،‬اىل الذين‬ ‫مل تزل أحالمهم طيوراً تزهو بشمس جبال‬ ‫األطلس‪ ،‬وتنعم بدفء رمال الخليج”‪ ،‬والذي‬ ‫استذكر فيه لحظات البطولة والجهاد ضد عدّو‬ ‫غاشم ال يف ّرق بني مسلم ومسيحي‪ ،‬أو بني‬ ‫منطقة وأخرى‪ .‬وقد كتب مالعب لحظات األرس‬ ‫يف معتقل “أنصار”‪ ،‬ومعاناته بني أيدي الجنود‬ ‫واستذكاراً‬ ‫البطولة‬ ‫للحظات‬ ‫الصهاينة‪.‬‬ ‫والتحدّي واملواجهة‪ ،‬قال االستاذ اديب مالعب‬ ‫لـ”منرب التوحيد”‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫انطلقت فيها يف العمل‬ ‫بدأت املرحلة التي‬ ‫ُ‬ ‫وكنت حينها يف‬ ‫السيايس منذ عام ‪1967‬‬ ‫الحادية عرش من العمر‪ .‬وقد شكلت نكسة‬ ‫الـ ‪ 67‬صدمة للوعي القومي العريب‪ ،‬وكنا يف‬ ‫حالة من الغيبوبة السياسية اىل حني وقعت‬ ‫النكسة وحرب الـ ‪ .67‬لقد شكلت هذه الفرتة‬ ‫انتفاضة وعي لدى الشعب الذي أصبح متح ّمساً‬ ‫لالنسجام بكل ما يتفق مع تراثه وتاريخه‪ ،‬وأصبح‬ ‫كل مواطن يفتش عن أي طريقة للمشاركة يف‬ ‫النضال‪ ،‬حتى أن البعض تط ّوع للعمل الفدايئ‪.‬‬ ‫يف تلك الفرتة‪ ،‬بدأنا بالعمل السيايس والنضايل‪.‬‬ ‫ويف نفس الوقت‪ ،‬مل يكن هذا املوضوع منفص ًال‬ ‫كموحدين دروز يف‬ ‫عن تاريخنا ومنطقتنا‪ ،‬فنحن‬ ‫ّ‬ ‫هذه املنطقة أتينا مبهمة دفاعية عن املنطقة‬ ‫االسالمية‪ .‬كل ذلك أىت مبحاذاة التاريخ والوعي‬ ‫واملسار العام ضمن الطائفة الدرزية‪ ،‬الذين‬ ‫كان أمراؤها شهداء يف تلك الفرتة‪ .‬فقد كانت‬ ‫“اإلمارة” تتضمن معاين التحدّي واملعاناة وتقديم‬ ‫الدماء من أجل الوطن‪.‬‬ ‫وعن عدد األرسى من أبناء بيصور قال مالعب‪:‬‬ ‫منذ عام ‪ ،1975‬كنا يف بيصور نتعاون مع الثورة‬

‫‪89‬‬

‫الفلسطينية‪ ،‬وأسسنا تنظي ًام محلياً لبنانياً‪،‬‬ ‫ومن جميع العنارص الحزبية‪ ،‬وتو ّزعنا عىل جميع‬ ‫املناطق اللبنانية‪ ،‬بدءاً من جبال صنني ووصوالً اىل‬ ‫بنت جبيل‪ ،‬وكنا كأبناء بيصور نغطي مساحة‬ ‫كبرية‪ ،‬وكثري من شبابنا سقطوا يف بنت جبيل‬ ‫وغريها مثل الشهيد سامي مالعب الذي سقط‬ ‫عىل مشارف بنت جبيل‪.‬‬ ‫وحول سؤالنا عن تجربته يف مواجهة العدو‬ ‫الصهيوين‪ ،‬أجاب‪ :‬لقد كانت تجربتي يف قلعة‬ ‫“الشقيف” وقد س ّم ُ‬ ‫يت كتايب “الشقيف‪ ..‬نافذة‬ ‫ُ‬ ‫رأيت فلسطني ألول مرة من‬ ‫عىل الوطن” ألنني‬ ‫القلعة‪ ،‬إذ كنا نقاتل من أجل فلسطني ونحن‬ ‫مل ن َر أرضها أبداً‪ ،‬وكان بيننا رشيط الفصل‬ ‫“منطقة نفوذ العميل سعد حداد”‪ .‬امتدّت هذه‬ ‫الفرتة حتى عام ‪ 1982‬حيث غزى الصهاينة لبنان‬ ‫وقاموا مبجازر صربا وشاتيال‪ .‬يف تلك الفرتة‪ ،‬كانت‬ ‫الحرب مبثابة إعالن الهزمية‪ ،‬إذ ّأن الوضع السيايس‬ ‫والعسكري كان مرتهّ ًال‪ ،‬ودخلت التنظيامت‬ ‫الفلسطينية يف الجسم التنظيمي العسكري‬ ‫بعد أن تخلت عن حرب العصابات‪ .‬مل يكن‬ ‫هناك تف ّوقاً من ِقبلنا لجهة العتاد العسكري‪،‬‬ ‫بل ما ساعدنا هو االرادة بالقتال وليس التقنيات‬ ‫املوجودة‪ .‬وما يعرفه الجميع أن التف ّوق عىل‬ ‫“إرسائيل” ال يتحقق اال بالحرب املتح ّركة‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من الصمود االسطوري لقلعة الشقيف إال أنها‬ ‫سقطت يف النهاية بيد الصهاينة بعد قصف‬ ‫الطريان العنيف الذي اجتاحها‪ ،‬خاصة وأن العدو‬ ‫وصل اىل حدود بريوت وكانت القلعة مبَن فيها‬ ‫ال تزال تقاتل وتواجه بإمكاناتها القليلة وحتى‬ ‫املوت‪.‬‬ ‫أما منطقتنا يف جبل لبنان‪ ،‬فقد ع َر ْ‬ ‫فت‬ ‫صح التعبري‪ .‬فمن جهة كان‬ ‫عدواناً مزدوجاً‪ ،‬إذا ّ‬ ‫العدو الصهيوين يقاتلنا‪ ،‬ومن جهة أخرى كان‬ ‫هناك مرشوعاً انعزالياً ضمن املنطقة يحاول‬ ‫هزميتنا‪ ،‬وفرض نفسه علينا‪ .‬لقد اختلفت‬ ‫النظرة للمعركة التي قامت يف الجبل‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه املعركة ُف ِر َضت علينا‪ ،‬إضافة اىل املعركة‬ ‫مع “إرسائيل” التي كانت تهدف لرشخ الوطن‪.‬‬ ‫وقد حاربنا أيضاً مرشوع الدولة الدرزية العميلة‬ ‫التي حاول العميل أمل نرص الدين إقامتها يومها‬ ‫حني مجيئه إىل منطقة الجبل‪ ،‬ومحاولة إقامة‬ ‫ميليشيا تابعة لـ “إرسائيل”‪.‬‬ ‫لقد قمنا بعمليات متعددة ضد العدو‬ ‫وسقط يف إحداها حوايل ثالثني قتيل من الجيش‬ ‫الصهيوين‪ .‬لقد كانت املقاومة منترشة يف‬ ‫جميع املناطق كالشوف واملنت وراشيا وحاصبيا‬ ‫وتم اعتقايل يف‬ ‫وغريها وليس فقط يف بيصور‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بقيت سنة‬ ‫‪ 8‬كانون األول من العام ‪ ،1982‬وقد‬ ‫كاملة يف االعتقال‪.‬‬ ‫وعن األرسى الدروز يف معتقل أنصار قال‬ ‫مالعب‪ :‬حاولنا تشكيل لجنة ملساعدة الشباب‬ ‫يصب عملهم يف رفض التعاون‬ ‫املعتقلني يك‬ ‫ّ‬ ‫مع الصهاينة‪ .‬وقد تجاوز عددنا الـ ‪ 150‬أسرياً يف‬ ‫املعتقل‪ .‬إذاً مل تكن املقاومة يف لبنان محصورة‬ ‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب مناطق‬ ‫بطائفة معينة بل مبشاركة الجميع وبأشكال‬ ‫متعددة‪ .‬مقاومتنا كانت كلها ضمن ما كان‬ ‫ُيس ّمى بـ “اللجان الوطنية”‪.‬‬ ‫أما أساليب التعذيب فكانت متعددة‪ ،‬ومن‬ ‫األساليب املعت َمدة‪ :‬التعذيب بالكهرباء‪ ،‬والكالب‬ ‫البوليسية‪ ،‬والجلوس بالعراء بني مكعبات الثلج‪،‬‬ ‫وغريها من األساليب الخارجة عن كل رشائع‬ ‫حقوق االنسان‪ .‬ومام تع ّر ُ‬ ‫ضت له شخصياً‪ ،‬كان‬ ‫إبقايئ واقفاً ملدة أحد عرش يوماً مع منع التصاقي‬ ‫بالحائط‪ ،‬ويف ظل ظلمة دامئة بسبب القناع الذي‬ ‫غطى وجهي بالكامل‪ .‬وكانت االسرتاحة الوحيدة‬ ‫هي فرتة الطعام‪ .‬وبعد نقيل اىل معتقل أنصار‬ ‫بعد أن ُ‬ ‫كنت يف زنزانة انفرادية‪ ،‬حاولنا الهروب من‬ ‫تم‬ ‫ولكن‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫كنا‬ ‫التي‬ ‫الخيمة‬ ‫تحت‬ ‫نفق‬ ‫خالل حفر‬ ‫ّ‬ ‫كشفنا‪ ،‬مع العلم أن املعسكر رقم ‪ 8‬نجح بالهروب‬ ‫بعدما حفر نفقاً تحت األرض‪ .‬وقد كنا نؤ ّمن االضاءة‬ ‫اىل داخل النفق عرب عكس أشعة الشمس عرب‬ ‫فتحة يف الخيمة التي كنا فيها وعكسها عرب‬ ‫مرآة بزاوية ‪ 45‬درجة‪ ،‬مستعملني “وتد” الخيمة‬ ‫تم كشفنا قبل إنهاء الحفر‪.‬‬ ‫للحفر‪ .‬لألسف ّ‬ ‫وعن العملة املتداولة بني السجناء قال‪:‬‬ ‫كانت السجائر هي عملتنا التي نتداول بها حيث‬ ‫أضحت السيجارة هي العملة التي عىل أساسها‬ ‫نث ّمن األشياء‪.‬‬ ‫وقد ّمتت عملية اطالق رساحنا بعد أرس الجبهة‬ ‫الشعبية وحركة فتح ملجموعة من ستة جنود‬ ‫وتم استبدالهم‬ ‫صهاينة يف منطقة بعلشميه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وكنت من بينهم‪ ،‬وكانت هذه‬ ‫بستة آالف معتقل‬ ‫العملية أول عملية تبادل لألرسى‪.‬‬ ‫لقد حضرّ ُت كتاباً جديداً سيصدر قريبأً بعنوان‬ ‫“األرسى املحررون يف الجبل”‪ ،‬هو مبثابة أرشيف‬ ‫يحيك قصص االعتقال كاملة مع صور عن‬ ‫املناشري التي كنا نو ّزعها يف منطقة الجبل قبل‬ ‫اعتقالنا‪.‬‬

‫واج َه الصهاينة بالقول‪:‬‬ ‫وموحدون‬ ‫“نحن عرب أقحاح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ندافع عن أرضنا وعرضنا”‬ ‫كذلك التقينا األسري املحرر الشيخ أبو محمد‬ ‫سعيد مالعب وكان لنا معه هذا الحوار‪:‬‬ ‫بداية‪ ،‬ماذا تخربنا عن ظروف األرس‪ ،‬واملسرية‬ ‫الجهادية والنضالية يف ذلك الوقت؟‬ ‫ُ‬ ‫وكنت حينها‬ ‫تم اعتقالنا يف ‪،1983/1/25‬‬ ‫ّ‬ ‫مقات ًال أتنقل بني بيصور وعاليه وبعض املناطق‬ ‫لقتال اليهود‪ .‬ما حصل يف البداية أن اليهود‬ ‫كانوا قد أرسوا أحد ابناء البلدة املناضل نديم‬ ‫العرييض‪ ،‬الذي قام بعدّة عمليات نوعية ضد‬ ‫رسية عدّة لنقل‬ ‫االحتالل‪ ،‬وكان ميتلك أساليب ّ‬ ‫وتهريب األسلحة وتوزيعها عىل املقاتلني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فقمت بعملية تحريره من بني أيدي الجنود‬ ‫الصهاينة‪ ،‬وقمنا بتجريدهم من السالح املوجود‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫معهم والذخرية التي كانوا ينقلونها بآلياتهم‬ ‫العسكرية‪ ،‬ثم ألقينا بهم يف قناة املياه وحررنا‬ ‫األسري‪ .‬ويف اليوم التايل‪ ،‬جاءت الئحة بأسامء‬ ‫املطلوبني لالعتقال‪ ،‬أي أسامء الذين شاركوا‬ ‫ُ‬ ‫وكنت أول املطلوبني ألنني‬ ‫بعملية تحرير نديم‪،‬‬ ‫أنا َمن أخذ الخنجر من (املايجر ‪ )Major‬اليهودي‬ ‫ُ‬ ‫وقمت بقطع قيود نديم‪.‬‬ ‫طبعاً مل نكن بوارد تسليم أنفسنا وال بأي‬ ‫شكل من األشكال‪ ،‬رغم كل الضغوط التي‬ ‫ورست علينا بأن نسلم أنفسنا عىل أن يتم‬ ‫ُم َ‬ ‫إطالقنا بعد نصف ساعة (والنصف الساعة‬ ‫هذه استم ّرت ثالثة أشهر من التحقيق)‪ ،‬وإال‬ ‫قام العدو الصهيوين بعملية متشيط وقصف‬ ‫ُ‬ ‫اضطررت‬ ‫عشوايئ مكثف للبلدة‪ .‬ويف النهاية‬ ‫ُ‬ ‫فخرجت‬ ‫للتسليم‪ ،‬بعد أن ط ّوق اليهود منزيل‬ ‫وس ّل ُ‬ ‫مت نفيس خوفاً من مداهمة اليهود‬ ‫كنت قد خز ُ‬ ‫للبيت ألنني ُ‬ ‫ّنت ‪ 30‬صاروخ “غراد”‬ ‫بأمس الحاجة لهذه‬ ‫داخل إحدى الغرف‪ ،‬وكنا‬ ‫ّ‬ ‫وتم‬ ‫الصواريخ‪ ،‬واذا داهم اليهود منزيل العتقايل‬ ‫ّ‬ ‫كشف أمر الصواريخ‪ ،‬فسوف تتم مصادرتها‪،‬‬ ‫وبالتايل نخرس ما عندنا من ذخرية‪ .‬وقد كانت‬ ‫عملية تسليم نفيس عملية إلهاء لليهود‬ ‫ريثام يتم نقل الصواريخ من منزيل اىل مكان‬ ‫آخر‪ .‬ومن املعروف أن حجم صواريخ “الغراد” كبري‬ ‫جدا (طول الصاروخ ‪ 3‬أمتار)‪ ،‬ونقلها ليس سه ًال‬ ‫خصوصاً يف ظل وجود عدد كبري من الجنود‬ ‫الصهاينة‪.‬‬ ‫بعدها‪ ،‬أخذنا اليهود اىل منطقة “عاليه” يف‬ ‫جبل لبنان‪ ،‬وأبقونا خمسني ساعة معصويب‬ ‫األعني‪ ،‬ومق ّيدي األيدي‪ ،‬ومن ثم نقلونا اىل معتقل‬ ‫“أنصار”‪.‬‬ ‫هل كان هناك وجود عسكري يهودي كبري‬ ‫عندما أتوا العتقالكم؟‬ ‫نعم كانت البلدة مط ّوقة بالكامل‪ ،‬وكانت‬ ‫الطائرات االرسائيلية تنقل الدبابات من جبل‬ ‫الباروك اىل جبل بيصور (منطقة الرادار)‪ .‬وبالرغم‬ ‫من تطويق املنطقة‪ ،‬كان عدد املقاومني يف‬ ‫املنطقة كبرياً جداً‪.‬‬ ‫ما هي أساليب املقاومة التي استخدمتموها‬ ‫ملواجهة العدو الصهيوين يف ظل اإلمكانات‬ ‫املادية والعسكرية القليلة آنذاك؟‬ ‫لقد كانت األساليب خفيفة وتقليدية‪ :‬حرب‬ ‫شوارع وقتال عصابات وتفجريات وقنص وغريه‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫واملناضل نديم العرييض كان ميتلك قاذف صواريخ‬ ‫“سام” ُيح َمل عىل الكتف مع واحد وعرشين‬ ‫ماسة لكل رصاصة‬ ‫قذيفة فقط‪ ،‬وكنا بحاجة‬ ‫ّ‬ ‫خاصة يف مواجهة االنعزاليني يف املنطقة‬ ‫والعدو الصهيوين للدفاع عن أرضنا وعرضنا معاً‪.‬‬ ‫لقد اإلمكانات ضئيلة جداً ومل تكن تكفينا‪،‬‬ ‫وكنا نشرتي الذخرية من مالنا الخاص‪.‬‬ ‫هل كنتم داخل تنظيم محدد للمقاومة؟‬ ‫ال لقد كانت مقاومة شعبية‪ ،‬وأنا مل أكن يف‬ ‫أي تنظيم وال ُ‬ ‫زلت كذلك‪ ،‬مع أنني أثني عىل جهود‬ ‫ونضال كل مقاوم مهام كان انتامؤه‪ ،‬ألن املقاومة‬ ‫يف الحقيقة ثقافة تصدّي وبالتايل ثقافة حياة‪.‬‬ ‫عندما كنتم يف املعتقل‪ ،‬كيف كان الجنود‬ ‫الصهاينة يعملون عىل تدمري معنويات الشباب‬ ‫املقاومني؟‬ ‫بالفعل كانوا يعملون جاهدين عىل تدمرينا‬ ‫سخ َر أحدهم منا قائ ًال يل‪“ :‬أنتم‬ ‫بالكامل‪ ،‬وقد ِ‬ ‫ُ‬ ‫فقلت له‪ ،‬وأنا‬ ‫‪ 200‬مليون عريب وال تساوون شيئاً”‪،‬‬ ‫ال زلت يف غرفة التحقيق‪“ :‬نحن أكرث من ‪200‬‬ ‫موحدون‬ ‫مليون‪ ،‬ال بل نحن عرب أقحاح‪ ،‬ونحن‬ ‫ّ‬ ‫ندافع عن أنفسنا وعن حقوقنا‪ ،‬وكل عريب رشيف‬ ‫يساوي أكرث من ‪ 200‬مليون‪.‬‬ ‫كيف كنتم تتحايلون عىل الجنود أثناء‬ ‫محاولة أخذهم معلومات منكم عن املقاومة‬ ‫عرب إخضاعكم آللة كشف الكذب؟‬ ‫هم بالنهاية “يهود” وليس لهم حد يقفون‬ ‫عنده‪ .‬ومل نكن نهتم للضغوط النفسية‪ ،‬وقد‬ ‫اندحروا من أرضنا بقوة الله جل وعال‪.‬‬ ‫هل اعتمد الصهاينة أرس أشخاص من فئات‬ ‫حزبية او مذهبية محددة أو من كل الفئات؟‬ ‫لقد اعتقل العدو الصهيوين مقاومني من‬ ‫كل الفئات واألحزاب واملذاهب‪ ،‬من الذين قاوموا‬ ‫بالكلمة وبالقلم وباملدفع‪ ،‬حتى بالغناء واإلنشاد‬ ‫مثل الفنان مارسيل خليفة الذي التقيته يف‬ ‫األرس‪ .‬وقد كان معنا يف الخيمة رقم ‪ 31‬أشخاص‬ ‫من كل املذاهب‪ .‬ومام ال شك فيه فأن املقاومة ال‬ ‫ميكن حرصها بفئة أو طائفة أو مذهب وهي كام‬ ‫ُ‬ ‫قلت سابقاً‪ ،‬أصبحت ثقافة أمم ّية‪.‬‬ ‫هل وصلتكم حقوقكم من الدولة اللبنانية‬ ‫كأرسى محررين من ضامن صحي وبطاقات‬ ‫صحية وغريها؟‬ ‫ال أبداً‪ ،‬ما أعطوه وفق حساباتهم هو‬ ‫“مقطوعة” لكل أسري محرر‪ .‬وما كان مقرراً أن‬ ‫املحررين من األرس سيأخذون حقوقهم وأصبح‬ ‫امللف لدى قائد املقاومة سامحة الس ّيد حسن‬ ‫نرص الله عىل أساس أن ُتس َّوى أمورنا الصحية ال‬ ‫غري‪ ،‬ولكن لألسف مل يحصل ذلك حتى اآلن‪.‬‬

‫مناطق‬ ‫معرة النعمان‬ ‫مدينة أثرية تاريخية عارصت معظم العصور ويف إحدى الروايات هي‬ ‫ثالث مدينة يف سورية مبعاملها األثرية والسياحية كمتحف الفسيفساء‬ ‫العاملي وقلعتها األثرية التي توالت عليها عصور التاريخ إضافة إىل املسجد‬ ‫الكبري بطابعه األموي ومئذنته ذات الست أبراج والتي تعود للعهد األيويب‪،‬‬ ‫وكذلك رضيح أيب العالء املعري شاعر الفالسفة وفيلسوف الشعراء‪ ،‬وعىل‬ ‫مقربة من املدينة رشقا يوجد رضيح الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز‬ ‫إضافة لوجود آثار محيطة بها وهي آثار رسجيال وشنرشاح والبارة‪.‬‬ ‫تعترب مدينة معرة النعامن من املدن الصناعية والتجارية ويتبع لها‬ ‫حوايل ‪ /200/‬مئتي قرية وناحية كلها تصب بعملها يف املدينة وتشتهر‬ ‫مبطاعمها السياحية الفريدة عىل طريق حلب‪ -‬دمشق ويرتاد املدينة شهريا‬ ‫ما يقارب ‪ /3000/‬آالف سائح‪.‬‬ ‫بالنسبة للخدمات‪:‬‬ ‫بلغت نسبة تخديم الرصف الصحي حوايل ‪ %58‬من املدينة‬ ‫ونسبة تخديم املياه والكهرباء تقارب ‪ %90‬من املدينة‬ ‫ويتم العمل يف املدينة عىل ثالث محاور رئيسية وهي‪:‬‬ ‫املحور األول‪ :‬البنية التحتية الرئيسية وهي الرصف الصحي وذلك نتيجة‬ ‫لقدم الرصف الصحي وعدم استيعابه‪ ،‬ويتم اآلن إجراء دراسة الستبدال‬ ‫وتأهيل شبكة الرصف الصحي يف املدينة كاملة إضافة إىل تجهيز األرصفة‬ ‫يف الداخل ومشاريع تعبيد وصيانة الحفر يف املدينة‪.‬‬ ‫املحور الثاين‪ :‬هو حل مشكلة اإلختناقات املرورية يف املدينة وذلك بفتح‬ ‫شوارع جديدة ضمن األحياء القدمية حيث تم فتح أربع شوارع بطول ‪/300/‬م‬

‫للشارع الواحد إضافة لذلك يتم تجهيز كراج لتجميع السيارات الكبرية‬ ‫(الشاحنة الطويلة) وبانتظار قرض الوزارة لتجهيز كراج االنطالق ‪.‬‬ ‫املحور الثالث‪ :‬هو تجميل املدينة حيث تم تجميل بعض الدورات من قبل‬ ‫الفعاليات االقتصادية ويتم اآلن تجميل طريق حلب‪ -‬دمشق ضمن املدينة‬ ‫ورمبات الجسور عليه‪.‬‬ ‫أهم املشاريع املستقبلية هي‪:‬‬ ‫كاراج االنطالق‪ :‬وذلك للرضورة امللحة ولوجود الكثري من الكاراجات‬ ‫املنترشة يف املدينة‪.‬‬ ‫املنطقة الصناعية‪ :‬وذلك لوجود أكرث من ‪ /1000/‬ألف حريف يف املدينة‬ ‫وما تسببه من إقالق الراحة يف األحياء السكينة‪.‬‬ ‫تنفيذ دراسة مصبات الرصف الصحي املكشوفة شامل املدينة وما‬ ‫تسببه من أوبئة حيث تم تلزميها لإلسكان العسكري بكشف تقديري ‪/140/‬‬ ‫مائة وأربعون مليون لرية سورية‪.‬‬ ‫محطة معالجة مياه الرصف الصحي حيث تم تلزميها لإلسكان العسكري‬ ‫بكشف تقديري قيمته ‪ /1400000000/‬مليار وأربعامئة مليون لرية سورية‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫املطمر الصحي ملقلب القاممة حيث يتم الخلية األوىل فيه‪.‬‬ ‫نقل مؤسسة العمران من داخل املدينة إىل أطرافها وذلك جانب املنطقة‬ ‫الصناعية‪.‬‬ ‫تنفيذ حي البيئة يف املدينة حيث تم اختيار حي املساكن شامل املدينة‬ ‫ليصبح حي منوذجي من ناحية البنية التحتية والتجميل‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫نصار‬ ‫“منرب التوحيد” تشكر الشيخ حسام ّ‬ ‫والصحايف عامر مالعب عىل جهودهام يف‬ ‫املساعدة عىل إعداد هذا امللف‪.‬‬

‫املهندس حسام البش‬ ‫‪91‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫مناسبة‬

‫منرب اجتامعي‬

‫برعاية الرئيس الدكتور بشار األسد‬

‫محافظة إدلب تكرم ذوي شهدائها‬

‫تكريم المسنين في محافظة حماه‬

‫أقيم يف محافظة ادلب حفل تكريم لذوي أرس‬ ‫الشهداء‪ ،‬وذلك بتوجيه من السيد الدكتور بشار‬ ‫األسد رئيس الجمهورية العربية السورية‪ ،‬وبدعوة‬ ‫من محافظة ادلب املهندس خالد األحمد‪ ،‬وحضور‬ ‫عبد املالك جعفر أمني فرع ادلب لحزب البعث‬ ‫العريب االشرتايك‪ ،‬واللواء راقي عامر املدير العام‬ ‫ملكتب شؤون الشهداء يف سوريا‪ ،‬واللواء إبراهيم‬ ‫الغنب قائد املنطقة الشاملية وحشد كبري‬ ‫من ذوي أرس الشهداء‪ .‬وقد ألقى محافظ ادلب‬ ‫كلمة باملناسبة أكد فيها عىل «أهمية الشهادة‬ ‫وعظمتها والسري عىل نهج شهدائنا‪ ،‬والوالء‬ ‫لنهج السيد الرئيس بشار األسد الذي ارتقى‬ ‫بسورية إىل حيث الريادة»‪ .‬ويف ختام الحفل تم‬ ‫توزيع الهدايا التكرميية عىل أرس الشهداء ومبالغ‬ ‫مالية رمزية‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫قام النادي السوري الخريي لرتفيه املسنني‬ ‫بتكريم عدد من مسني محافظات الالذقية‬ ‫وحامة ودمشق وذلك بالتعاون مع املركز‬ ‫الثقايف يف مدينة محردة‪ ،‬وتحت رعاية أمني‬ ‫فرع الحزب عدنان العزو وبحضور قيادات من‬ ‫املنطقة وإعالميني‪ ،‬حيث تم توزيع الهدايا‬ ‫والدروع التكرميية‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫‪93‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب ريايض‬

‫العالم الرياضي‬ ‫ينحني أمام الفتى الذهبي‬ ‫ولد الالعب األرجنتيني ليونيل مييس مبدينة روزاريو األرجنتينية يف يوم‬ ‫‪ 24‬يونيو من سنة ‪ .1987‬بدأ مغازلته للكرة املستديرة و هو يف الخامسة من‬ ‫عمره عندما التحق بإحدى األندية األرجنتينية املتواجدة مبقر إقامة والديه‪،‬‬ ‫قبل أن ينضم للعب بنادي «نيوز أولد بويز” األرجنتيني للكرة القدم‪.‬‬ ‫عندما بلغ مييس العارشة من عمره كان طوله ال يتعدى املرت و إحدى‬ ‫عرش سنتيمرت مام دفع بوالديه للذهاب به اىل الطبيب والذي أخربه بأن‬ ‫الصغري ليونيل يعاين من مرض يف نقصان الهرمونات‪.‬‬ ‫يف تلك الفرتة الزمنية مل يكن أي فريق أرجنتيني مستعدا لتح ّمل‬ ‫عالجات مييس‪.‬‬ ‫فقام أب ليونيل بتقديم ولده للخضوع‬ ‫اىل اختبارات يف النادي الكتالين ا‪.‬ف‪.‬يس‪.‬‬ ‫برشلونة يف شهر يوليوز من سنة ‪.2000‬‬ ‫فأثار األرجنتيني الصغري إعجاب مسؤويل‬ ‫البلوغرانا من أول نظرة فاتفقت إدراة البارسا‬ ‫مع والد مييس عىل عقد ينص بالتزام النادي‬ ‫الكاتاالين بجميع مصاريف عالج ليونيل‬ ‫مييس‪.‬‬ ‫مند أول مبارياته مع فريق البارسا‪ ،‬فئة‬ ‫الشباب‪ ،‬أبدع مام جعله يلتحق بالفريق األول‬ ‫موسم ‪.2005/2004‬‬

‫أمام الخصم التقليدي ريال مدريد عندما متكن من تسجل ثالثة أهداف يف‬ ‫مرمى حارس الريال كاسياس لتتعادل البارسا مع الريال بنتيجة ‪ .3/3‬ويف‬ ‫سجل مييس هدفه التاريخي يف مرمى نادي خيتايف يف‬ ‫‪ 18‬نيسان ‪ّ 2007‬‬ ‫سجل هدفا مشابها‬ ‫إطار مباراة دور النصف النهايئ من كأس امللك عندما ّ‬ ‫للهدف األسطورة األرجنتينية دييغو مارادونا يف مرمى اإلنجليز يف كأس‬ ‫العامل سنة ‪ .1986‬ويف آخر املوسم كرر مييس لقطة مارادونية اخرى‪،‬‬ ‫عندما سجل هدفا بيده يف لقاء ديريب‪ -‬كاتاالنيا ‪.‬غري أن مييس مل يتمكن‬ ‫من إنجاز اي لقب خالل هذا املوسم ‪.‬‬ ‫يعد موسم سنة ‪ 2009-2008‬األفضل يف تاريخ مسرية مييس‪ ،‬إذ متكن‬ ‫بفضل أداءه الرائع اىل جانب تأ ّلق بعض‬ ‫العبي البارسا اآلخرين من تحقيق ثالثية‬ ‫تاريخية باعتبار البارسا أول فريق إسباين‬ ‫سجل العديد‬ ‫يحقق هدا اإلنجاز‪ .‬فمييس‬ ‫ّ‬ ‫من األهداف الحاسمة وم ّرر أيضا العديد من‬ ‫األهداف القاتلةيف الليغا‪ .‬البارسا سحق‬ ‫جميع منافسيه و بنتائج كبرية و كان ملييس‬ ‫دور كبري يف ذلك وتعد نتيجة ‪ 6-2‬التي فاز‬ ‫بها البارسا عىل الريال بالربنابيو األبرز و كان‬ ‫ملييس الدور األهم يف تحقيق ذلك بتسجيلة‬ ‫هدفني و ازعاجه يف كثري من املرات للحارس‬ ‫اإلسباين ايكر كاسياس لتمكن البارسا من‬ ‫تحقيق لقب الليغا‪.‬‬ ‫يف كأس امللك‪ ،‬شارك مييس يف أغلب‬ ‫مباريات الفريق وساهم بشكل كبري يف قيادة‬ ‫البارسا اىل املباراة النهائية التي تألق فيها‬ ‫مرة أخرى و سجل الهدف الثاين الذي فتح‬ ‫أمام زمالءه الطريق إلضافة الهدف الثالث‬ ‫و الرابع يف مرمى بلباو لتتمكن البارسا من‬ ‫تحقيق لقب كأس امللك بعد غياب لفرتة‬ ‫طويلة عن منصة التتويج بهذا اللقب‪.‬‬ ‫غري أن مشاركة مييس يف مبارايات‬ ‫دوري األبطال كانت هي األبرز و األمتع‪ .‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫مكنته‬ ‫وسجل أهدافا كثرية‬ ‫أبدع مييس‬ ‫ّ‬ ‫من إحراز لقب الهداف وأفضل العب‬ ‫بالبطولة‪.‬‬

‫‪ ..‬بداية إبداع ليونيل‬ ‫مع البارسا‪..‬‬ ‫يعد يوم ‪ 16‬ترشين أول من سنة ‪ 2004‬من‬ ‫بني أهم األيام يف مسرية األرجنتيني مييس‪،‬‬ ‫وكانت املناسبة مشاركة مييس يف أول‬ ‫مباراة مع الفريق األول لنادي برشلونة و هو‬ ‫يبلغ من العمر سبعة عرش سنة فقط برسم‬ ‫إحدى مبارايات الدوري اإلسباين املمتاز أمام‬ ‫نادي الباصيطي‪ .‬يف تلك املباراة أعلن مييس‬ ‫عن ظهور نجم جديد يف عامل كرة القدم‬ ‫عندما متكن بعد متريرة من العب البارسا يف‬ ‫ذلك املوسم رونالدينيو من تسجيل هدف‬ ‫بطريقة رائعة بعد رفعه الكرة عىل حارس‬ ‫الباصيطي‪.‬‬ ‫يف سنة ‪ 2007‬متكن مييس من الحصول‬ ‫عىل مركز اسايس بنادي البارسا‪ ،‬ويف ‪10‬‬ ‫مارس من سنة ‪ 2007‬مت ّكن مييس من إنقاد‬ ‫البارسا من الهزمية يف لقاء الكالسيكو‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تأ ّلق مييس خصوصاً يف املباراة‬ ‫يونايتد‬ ‫مانشسرت‬ ‫أمام‬ ‫النهائية‬ ‫سجل الهدف الثاين و القاتل‬ ‫حينام‬ ‫ّ‬ ‫يف مرمى فان دير سار برأسية‬ ‫جميلة‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫‪..‬مييس و منتخب التانغو‪..‬‬

‫بعد الفوز الكبري والصعب الذي حققه برشلونة يف نهايئ بطولة العامل لألندية عىل حساب‬ ‫الفريق األرجنتيني استوديانتيس ‪ ،2-1‬خرجت الصحافة اإلسبانية لتهلل باألداء الكبري والبطويل‬ ‫ألبناء املدرب جوسيب غوارديوال‪ ،‬حيث أشارت إىل أن الربشا كان األفضل طوال عمر هذه املباراة‪ ،‬يف‬ ‫حني شددت الصحافة املدريدية عىل أن الفريق الكاتالوين األفضل يف التاريخ‪.‬‬ ‫صحيفة الباييس عنونت يف صفحتها األوىل أن مييس جعل من برشلونة بط ًال مرة أخرى‪،‬‬ ‫وشددت الصحيفة عىل أن األمر استغرق ‪ 120‬دقيقة للتأكد من أن برشلونة هو أفضل نا ٍد يف‬ ‫العامل و‪ 110‬دقائق أخرى إلثبات أن مييس يعرف طريق النرص بعد الهدف الذي سجله بدرو يف‬ ‫الدقيقة ‪ 89‬والذي حبس أنفاس الجميع‪.‬‬ ‫أما صحيفة البرييوديكو فقد كتبت عنوان «أنت األفضل يف العامل»‪.‬‬ ‫وأشارت الصحيفة اىل أن برشلونة سيطر عىل املباراة عىل الرغم من سوء أداء الحكم إال أن‬ ‫ليونيل مييس عرف مرة أخرى كيف يتعامل مع هذا الوضع‪.‬‬ ‫صحيفة أي يب يس فتحت صفحاتها األوىل مع صور احتفال برشلونة يف امللعب‪ ،‬كام شددت‬ ‫الصحيفة عىل األداء البدين القوي للفريق والذي أحسن استغالله للفوز عىل استوديانتيس‪ .‬أما‬ ‫صحيفة ماركا فقد انهالت يف الثناء عىل الفريق الذي وصفته بأنه الفريق األفضل يف العامل بعد‬ ‫اإلنجاز الذي تحقق‪ .‬وشددت الصحيفة عىل أن برشلونة هو ببساطة «أفضل فريق يف التاريخ»‪ ،‬وأنه‬ ‫قد نقش أسمه بحروف من ذهب يف تاريخ كرة القدم عندما عاد وبقوة أمام فريق الطلبة ليصبح‬ ‫أول فريق يحصل عىل كل األلقاب يف عام واحد‪.‬‬ ‫من جانبها‪ ،‬أشارت صحيفة اآلس إىل أن الساحر مييس أنهى هذا العام مع برشلونة بعمل‬ ‫هائل تجاوز الحدود بعد أن عرف من أين تؤكل الكتف أمام فريق استوديانتيس األرجنتيني‪.‬‬

‫شارك مييس مع منتخب بالده للشباب‬ ‫خالل كأس العامل سنة ‪ 2005‬بهولندا حيث قاد‬ ‫منتخب التانغو إلحراز اللقب‪ ،‬وأحرز مييس لقب‬ ‫أفضل هداف بتسجيله ستة أهداف ولقب أفضل‬ ‫العب أيضاً تأ ّلق مييس دفع املدرب األرجنتيني‬ ‫بيكرمان استدعاؤه للمشاركة يف مونديال ‪2006‬‬ ‫بأملانيا‪ ،‬غري أ ّنه مل يقحم ليونيل للمشاركة‬ ‫كأسايس يف تشكيلة املنتخب‪ .‬وعىل الرغم من‬ ‫ذلك مت ّكن من تسجيل هدف أمام منتخب رصبيا‬ ‫ومونتينيغرو‪ ،‬وأقصيت األرجنتني أمام منتخب‬ ‫أملانيا ومل يظهر مييس كثرياً خالل هذا املونديال‬ ‫عىل الرغم من أنه أبدع خالل املبارايات القليلة‬ ‫التي لعبها‪.‬‬ ‫وخالل كوبا أمريكا ‪ 2007‬قدمت األرجنتني كرة‬ ‫جميلة وممتعة وسط تأ ّلق مييس غري أن األرجنتني‬ ‫مل تحرز اللقب بعد أداء غري متوقع يف لقاء النهايئ‬ ‫أمام الربازيل‪.‬‬ ‫و خالل األلعاب األوملبية يف بكني ‪ 2008‬شارك‬ ‫مييس مع املنتخب األرجنتيني األوملبي و تأ ّلق وقاد‬ ‫منتخب التانغو اىل احراز امليدالية الذهبية ملسابقة كرة القدم يف هذا‬ ‫املحفل الدويل الكبري‪.‬‬

‫‪2006‬‬ ‫لعب مباراة نهايئ كوبا أمريكا سنة ‪ 2007‬و خسارة النهايئ أمام‬ ‫الربازيل‬ ‫أحرز امليدالية الذهبية مع املنتخب األرجنتيني األوملبي يف األعاب األوملبية‬ ‫يف بكني ‪2008‬‬ ‫توج بلقب هداف دوري عصبة األبطال األوروبية ‪2009/2008‬‬ ‫أحسن العب يف األلعاب األوملبية يف بكني ‪2008‬‬ ‫ثاين افضل العب يف العامل حسب مجلة فرانس فوتبول سنة ‪2008‬‬ ‫ثاين أفضل العب حسب االتحاد الدويل لكرة القدم الفيفا سنة ‪ 2007‬و ‪2008‬‬ ‫ثالث افضل العب حسب مجلة فرانس فوتبول سنة ‪2007‬‬ ‫هداف كأس العامل للشباب لكرة القدم سنة ‪2005‬‬ ‫فاز بالكرة الذهبية سنة ‪2009‬‬

‫‪..‬إنجازاته‬ ‫فاز بالدوري االسباين لكرة القدم سنوات ‪ 2005‬و ‪ 2006‬ثم سنة ‪2009‬‬ ‫أحرز لقب كاس السوبر اإلسباين سنتي ‪ 2005‬و ‪2006‬‬ ‫أحرز لقب عصبة األبطال األوربية لكرة القدم مع البارسا سنة ‪2009‬‬ ‫فيام غاب عن نهايئ باريس سنة ‪2006‬‬ ‫فاز بكأس اسبانيا لكرة القدم سنة ‪2009‬‬ ‫أحرز لقب كأس العامل للشباب مع منتخب األرجنتني سنة ‪2005‬‬ ‫تأهل مع منتخب األرجنتني اىل ربع نهايئ كأس العامل بأملانيا سنة‬

‫اعداد ‪ :‬رونالد حمدان‬

‫حقق األرجنتيني العب برشلونة ليونيل مييس فوزاً كاسحاً يف ترشيحات الفرانس فوتبول‬ ‫ألفضل العب كرة قدم يف أوروبا لسنة ‪ .2009‬ليونيل مييس ابتعد عن كريستيانو رونالدو أقرب‬ ‫منافسيه بفارق ‪ 240‬نقطة و هو أكرب فارق يحدث يف تاريخ هذه الجائزة‪.‬‬ ‫ليونيل مييس فاز بالكرة الذهبية بعد أن حصل عىل ‪ 473‬نقطة من أصل ‪ 480‬نقطة ممكنة‪ .‬و‬ ‫بالرغم من صعوبة تأهل األرجنتني إىل نهائيات كأس العامل‪ ،‬إال أن مييس استطاع تحقيق األلقاب‬ ‫مع برشلونة مثل كأس امللك و الدوري و باألخص بطولة األبطال حيث كان هو هداف املسابقة‬ ‫والالعب الذي يسجل الهدف النهايئ يف املباراة النهائية بالرأس‪ ،‬بالرغم من كونه عاىن من‬ ‫مشاكل يف النمو‪.‬‬ ‫و بالرغم من عدم حصوله عىل لقب الهداف يف الدوري اإلسباين‪ ،‬إال أن األرجنتيني سجل ‪23‬‬ ‫هدفاً يف املسابقة حيث أصبح بذلك ثاين هدايف فريقه “برشلونة” بعد الهداف األول صاموئيل‬ ‫ايتو‪ .‬بهذه األهداف وطريقة لعبه املميزة خاصة بقدرته عىل الحفاظ عىل الكرة بني قدميه فإنه‬ ‫أصبح أبرز املرشحني للفوز بالكرة الذهبية‪.‬‬ ‫يذكر أن ليونيل مييس أصبح بذلك أول أرجنتيني يفوز بالكرة الذهبية منذ انطالق الجائزة يف‬ ‫سنة ‪.1995‬‬ ‫و جائت املراكز الخمسة األوىل عىل النحو التايل ‪:‬‬ ‫‪ -1‬ليونيل مييس (برشلونة) و حصل عىل ‪ 473‬نقطة ‪ -2‬كريستيانو رونالدو (مانشيسرت ثم ريال‬ ‫مدريد) و حصل عىل ‪ 233‬نقطة ‪ -3‬تشايف هريناندز (برشلونة) و حصل عىل ‪ 170‬نقطة ‪ -4‬اندرس‬ ‫انيستا (برشلونة) و حصل عىل ‪ 149‬نقطة ‪ -5‬صاموئيل ايتو (برشلونة ثم انرت ميالن) وحصل عىل‬ ‫‪ 75‬نقطة‬

‫‪95‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب مجتمع‬

‫منرب قراء‬

‫‪...‬في انتظار موقف شجاع‬ ‫تقاطعت الذكرى العرشون لتوقيع اتفاق الطائف دميقراطية قادرة وفاعلة تقوم عىل الحرية واملساواة‬ ‫بالتزامن مع أصوات متزايدة تدعو إىل استكامل والعدالة االجتامعية أمام القوانني واملواطنية الحقة‪،‬‬ ‫تطبيق بنود االتفاق ‪ ‬وعىل رأسها البند املتعلق وهي محاولة إلعادة إضفاء الصبغة الدميقراطية‬ ‫بإلغاء الطائفية السياسية التي كانت محط عىل نظامنا السيايس‪ ،‬بحيث تصبح كل محاولة‬ ‫مطالبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري‪ .‬إذا إصالحية عقيمة بدون إلغاء الطائفية السياسية‬ ‫وبعد عرشين عاما يطرح موضوع إلغاء الطائفية التي تف ّرخ دامئاً طائفيني سياسيني تتالىش معهم‪ ‬‬ ‫السياسية‪ ،‬فيام يقابله اآلخرون من أصحاب‪ ‬فكرة‪ ‬الوطن‪ ،‬وتتبخر فكرة الدولة وتضيع فكرة‬ ‫التصورات الخاطئة بافرتاض أن املجتمع اللبناين ثابت املصلحة العامة ويتحول البلد إىل ميدان سباق‬ ‫يف تفكريه وغري متحول يف‪ ‬خصائصه‪ ،‬ويكاد يبدو للمصالح الخاصة يديره ويسيرّ ه زعامء املال واإلقطاع‬ ‫حسب منطلقاتهم‪ ،‬مجتمعا متكامال ال يعاين من والجاه‪ .‬فينظمون حفالته ويتقاسمون ريعها ويرتكون‬ ‫مشاكل تعيق تكامله وتوافقه‪ ،‬وال‪ ‬من النزاعات‪ ‬للشعب حرية الرصاخ والقفز للتعبري عن فرصة‬ ‫التي متيز مجتمعات العامل الثالث أو ما دون ذلك‪ ..‬عابرة هزته أو نقمة طارئة أثارته‪.‬‬ ‫كام يتجاهلون تفسخه وترشذمه الطائفي الذي‬ ‫ويف حني يرى البعض استحالة إلغاء الطائفية‬ ‫ينذر يف كل مرة بوقوع حرب أهلية‪.‬‬ ‫السياسية ما مل يتم اوال فصل الدين عن الدولة‬ ‫“قيادة‬ ‫أنفسهم‬ ‫يعتربون‬ ‫‪ ‬املقلق حقا‪ ،‬هو أن من‬ ‫وإلغاء املواد الدستورية التي تكرس الطائفية‪،‬‬ ‫النظام‬ ‫عىل‬ ‫ينكرون‬ ‫أحزاب‪ ‬‬ ‫سياسية‪ ،‬او رؤساء‬ ‫وإيجاد أحزاب سياسية غري طائفية ينتمي إليها‬ ‫ترتفع‬ ‫أن‬ ‫من‬ ‫خوفا‬ ‫أزمة‬ ‫‪ ‬يف‬ ‫السيايس وقوعه‬ ‫مسلمون ومسيحيون من كافة املذاهب املوجودة‬ ‫هؤالء‬ ‫يسارع‬ ‫لذلك‬ ‫بالتغيري‪،‬‬ ‫املطالبة‬ ‫األصوات‬ ‫يف لبنان بحيث يعملون عىل مرشوع سيايس‬ ‫إىل إغراق املواطن اللبناين بالعنرتيات والفلسفات موحد‪ ،‬عىل أن يجري اإلقدام بعد كل ما ذكر عىل‬ ‫والنظريات‪،‬التي تخدم قبل كل يشء مصالحهم تطبيق بند إلغاء الطائفية السياسية‪ ،‬وأال يكون‬ ‫املادية والشخصية حتى ولو كانت عىل حساب األمر كمن يضع العربة قبل الحصان‪ ،‬يتمسك‬ ‫القضايا املصريية للوطن‪ ،‬وحق املواطن يف نظام البعض اآلخر كمرحلة انتقالية بالدميقراطية‬ ‫دميقراطي مدين يحرتم حقوقه بعيدا عن االعتبارات التوافقية التي تعني أن زعامء الطوائف ‪ ‬يف املجتمع‬ ‫الطائفية السياسية‪ ‬والعائلية‪ ،‬اآلخذة يف االنتشار التعددي تتعاون يف ائتالف واسع لحكم البالد‪ ،‬ويضم‬ ‫والسيطرة‪.‬‬ ‫هذا االئتالف كام يف نظم الدميقراطية التوافقية‬ ‫جزء‬ ‫إىل‬ ‫السياسية‬ ‫الطائفية‬ ‫تحولت‬ ‫أن‬ ‫وكانت‬ ‫أبرز وأهم األحزاب أو الجامعات السياسية يف البالد‪،‬‬ ‫باتت‬ ‫حتى‬ ‫والسيايس‬ ‫الحزيب‬ ‫الواقع‬ ‫من‬ ‫أسايس‬ ‫والغرض منه ‪ -‬كام يقول التوافقيون ‪ -‬إقامة «كارتل‬ ‫يف‬ ‫الفعالة‬ ‫للمشاركة‬ ‫املؤهلة‬ ‫الوحيدة‬ ‫البطاقة‬ ‫حاكم» يوطد النظام الدميقراطي والوحدة الرتابية‬ ‫املنافسة عىل املناصب السياسية ويف الوظائف‪ .‬للبالد‪ .‬ويتطلب االئتالف الكبري قيام أحزاب قوية ذات‬ ‫وقد نصت ‪ ‬املادة ‪ 95‬من الدستورعىل إلغاء الطائفية انتشار واسع‪ ،‬وقيام تكتالت نيابية قادرة عىل تكوين‬ ‫السياسية عندما اعتربت أنه ‪« ‬عىل املجلس النيايب أكرثيات مستقرة‪ ،‬ومتتلك برامج واضحة تشكل‬ ‫املنتخب عىل أساس املناصفة بني املسلمني أساساً للعالقة مع املواطنني وإلقامة التحالفات‬ ‫واملسيحيني إنجاز اإلجراءات املالمئة لتحقيق إلغاء املزدهرة‪ .‬واالئتالف الكبري يتطلب اعرتاف األطراف‬ ‫الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية‪ ،‬وتشكل الرئيسية ببعضها بعضاً واتفاقها عىل أساس‬ ‫هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم الربامج والتطلعات واألهداف املشرتكة‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس‬ ‫بني هذا الطرح وذاك يصبح من الرضوري‬ ‫واجتامعية»‪.‬‬ ‫الوزراء شخصيات سياسية وفكرية‬ ‫التفتيش عن موقف سيايس جريء يسأل عن‬ ‫واقع‬ ‫إىل‬ ‫ترتجم‬ ‫ولكن‪ ،‬من املالحظ أن هذه املادة مل‬ ‫العيب إذا ما تشكلت حكومة كفوءة كلها من‬ ‫تلت‬ ‫التي‬ ‫الفرتة‬ ‫فعيل عرب املرحلة املاضية‪ ،‬ال بل ‪ ‬إن‬ ‫الشيعة أو من السنة؟ أو من املوارنة أو الدروز او من‬ ‫مزيدا‬ ‫إال‬ ‫اللبناين‬ ‫اتفاقية الطائف مل تزد يف النظام‬ ‫األرذوكس؟ ولنكن جريئني وشجعان ولو ملرة ونقول‬ ‫خارجيا‬ ‫الطائفية‬ ‫من الترشذم الطائفي واستغالل‬ ‫ً نعم لدميقراطية األكرثية الربملانية التي تتكون من‬ ‫متسكهم‬ ‫عرب‬ ‫املحليني‪،‬‬ ‫وداخليا ً من قبل السياسيني‬ ‫مختلف الكتل واألحزاب والتي تنتج عن انتخابات‬ ‫وبالحصص‬ ‫املوروثة‬ ‫السياسية‬ ‫باملكتسبات‬ ‫شفافة ونزيهة يشرتك فيها الجميع دون تهميش أو‬ ‫حقها‬ ‫وفق‬ ‫طائفة‬ ‫لكل‬ ‫منحت‬ ‫التي‬ ‫السياسية‬ ‫استثناءات أو خطوط حمراء ألنها السبيل الوحيد‬ ‫والوزاري‬ ‫الربملاين‬ ‫التمثيل‬ ‫يف‬ ‫الطائف‬ ‫رشعه‬ ‫وما‬ ‫الذي نستطيع من خالله التخلص من املحاصصة‬ ‫واإلداري يف الدوائر الرسمية والعسكرية‪.‬‬ ‫الطائفية واملذهبية والعرقية املقيتة ونخلق‬ ‫الدعوة‪ ‬إىل‬ ‫إحياء‬ ‫‪ ‬يف ضوء ما تقدم‪ ،‬أعيد اليوم‬ ‫حكومة مركزية قوية وسلطة ترشيعية أقوى‪.‬‬ ‫تشكيل الهيئة الوطنية إللغاء الطائفية السياسية‬ ‫مفوضية املنت العامة‬ ‫بهدف إقامة‪ ‬دولة‬ ‫وإنشاء مجلس الشيوخ‪ ‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪96‬‬

‫أبناء‬ ‫الشهداء‬ ‫أن متر يف شارع عشية أو صبيحة العيد‪،‬‬ ‫وترى طف ًال عاري الصدر والكتفني‪ ....‬أو‬ ‫أرملة يف عمر الورود تستعطي ألطفالها‬ ‫رغيفاً وكساء‪......‬‬ ‫او أن ترى فتى أو فتاة يعمالن باإلجارة‬ ‫الزهيدة يف نقل هدايا امليالد وألعاب‬ ‫العيد إىل اطفال ميسورين كمن يحمل‬ ‫املاء وحلقه يشقق عطشاً لقطرة‬ ‫منه‪........‬‬ ‫ثم‪ ،‬بعد كل ذلك‪ ،‬أن تعرف أن هذا‬ ‫الطفل وتلك األرملة او ارملته‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ال يستطيع تقبله إنسان‪ ،‬أو الصمت‬ ‫عليه ما زال هناك صغري ينبض برشف‬ ‫وشهامة‪.‬‬ ‫ابن من كان‪ ،‬كرامة هذا الوطن ميد يده‬ ‫مستعطياً لقمة الحياة‪.‬‬ ‫أرملة البطل عنفوان شعبنا‪ُ ،‬تذل‬ ‫كرامتها وعنفوانها عىل أعتاب أثرياء‬ ‫الحرب لتحصل عىل رغيف وكساء‬ ‫ألطفالها‪ ،‬أبناء الشهيد‪ ،‬الجياع العراة‪.‬‬ ‫ويبقى أولئك امليسورين الذين مألوا‬ ‫خزائنهم الحديدية وجيوبهم وبطونهم‬ ‫من دماء شهداء االندفاعة الوطنية‬ ‫يف‬ ‫قابعني‬ ‫البطولية‪،‬‬ ‫العنفوانية‬ ‫أرستهم الوثرية بني حرير الرثاء‪.‬‬ ‫إن واحداً من هؤالء األثرياء مل تكن‬ ‫له شجاعة الكرم وانتفاضة الجود لرفع‬ ‫مذلة عن أبناء شهداء البطولة والكرامة‬ ‫والعنفوان‪.‬‬ ‫كان الصقيع ينخر عظامهم والجوع‬ ‫ميزق احشاءهم ومذلة االستجداء تب ّلل‬ ‫ثيابهم بينام‪ ،‬أثرياء الحرب أولئك غارقون‬ ‫يف تخمتهم الحديثة‪ ،‬وممدون عىل أنقاض‬ ‫ضامئرهم املهدمة‪ ،‬املنهارة مع الركام‬ ‫والحطام‪.‬‬ ‫ذات يوم سيكرب أبناء الشهداء‬ ‫وسيمرون بجوار من أثروا عىل هامش‬ ‫بطوالت آبائهم ومنهم سيسخرون‪.‬‬ ‫أما أولئك االثرياء الجدد فسيصغرون‬ ‫ويصغرون حتى الذوبان تحت قدمي ابن‬ ‫الشهيد‪ ،‬وستغرق وجوههم يف سواد‬ ‫ثوب أرملة شابة حتى االختناق‪.‬‬ ‫وسينخر النوم عظامهم حينذاك‬ ‫كام ينخر الصقيع اليوم عظام أطفال‬ ‫الشهداء‪.‬‬

‫إبن املعارص‬

‫ألف مبروك‬

‫احتفلت الطفلة مرييم غسان جبوري بعيد‬ ‫ميالدها وسط فرحة األهل واألصحاب و «عقبال‬ ‫املية سنة»‪.‬‬

‫الحمدهللا على السالمة‬ ‫يتقدم تيار التوحيد من الرفيقة هيام‬ ‫عبد الخالق بالدعوة لها بالشفاء العاجل‬ ‫بعد تعرضها لحادث مؤسف أدى إىل دخولها‬ ‫املستشفى‪ ،‬متمنني لها دوام الصحة‬ ‫والعافية والعودة بالقريب العاجل إىل‬ ‫استئناف نشاطها الحزيب‪.‬‬

‫يتقدم التيار التوحيد من أمني رس مجلس األمناء الرفيق ماهر رسي الدين وزوجته السيدة مهى‬ ‫بالتهنئة مبولوديهام التوأمني شام ووئام‪ ،‬آملني من الله عز وجل أن يحفظهام‪.‬‬ ‫كام يتقدم تيار التوحيد من الرفيق يوسف ضو عضو املكتب السيايس والرفيقة عبري بحصاص‬ ‫ضو مبولودهام أمني حفظه الله ورعاه‪.‬‬

‫يف حفل ضم األهل واألقارب واألصدقاء تم زفاف العروسني صالح ربيع‬ ‫وإنعام بدور مع متنياتنا بالرفاه والبنني‬ ‫‪97‬‬

‫يتقدم التيار بالتهنئة من الرفيق جهاد شعبان‬ ‫والرفيقة وداد العياص ملناسبة زفافهام‪.‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫منرب حر‬

‫بين سادة‬ ‫المقاومة‬ ‫وأشباه الرجال‬ ‫غزة تضفر‬ ‫أكاليل النصر‬ ‫محمود شيخ عيىس‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مل يكن سهال علينا يا غزة الجريحة الشامخة أن تكوين مثار استعادة بيت شعري فيه‬ ‫ما فيه من الربحاء واللوعة‪ ،‬لكني أجد نفيس مضطرا الستعادته ألنه يثري كل ما يف‬ ‫القلب من لواعج وأشجان‪ ،‬أمل يقل الشاعر يوما‪:‬‬ ‫عرفت بها عدوي من صديقي‬ ‫جزا الله الشدائد كل خري‬ ‫وأنت اليوم يا غزة اإلباء أنت املحك‪ ،‬وأنت السكني لكنه سكني من نوع آخر‪.‬‬ ‫الرجال من ترابك الطاهر انحدروا وقالوا للموت مرحبا مادام اللقاء بالحرية مثرة معلقة‬ ‫ّ‬ ‫يرشون‬ ‫عىل أغصان أشجارك الباسقة‪ ،‬ووحدهم امتلكوا عجينة الصمود وعرفوا كيف‬ ‫عليها ملح الرجولة‪ ،‬لتنضج يف مطبخ اإلميان بالنرص اآليت شاء أشباه الرجال أم مل‬ ‫يشاؤوا‪.‬‬ ‫انحدروا من ترابك وكان لهم جذور عميقة امتدت يف بعض أجزاء الوطن العريب الكبري‪،‬‬ ‫يف سوريا قلعة العروبة الشامخة‪ ،‬ويف كل أرض عربية خرج رشفاؤها مستنكرين تخاذل‬ ‫القريب وغدر وحقد البعيد‪.‬‬ ‫هؤالء الرجال كانوا مشعل الضياء‪ ،‬مل ينريوا طريق الشهادة والحرية ودماؤهم مرصة‬ ‫عىل أن يكون هذا الطريق فلق الصباح‪ ،‬وشموخ األصيل‪ ،‬ومترد الظهرية‪ .‬مل ينريوا هذا‬ ‫الطريق فحسب‪ ،‬بل أناروا حقيقة الثياب التي اختبأ البعض يف تالفيفها وتعاريجها‬ ‫وطفقوا يخصفون عليهم من ورقها البايل ليواروا سوءاتهم املفضوحة‪ ،‬وهم يلعنون‬ ‫أنهم أبرياء من دم غزة‪ ،‬مع أن أصابعهم والغة حتى األذقان والنوايص يف دم كل طفل‬ ‫وامرأة وشيخ فلسطيني سقطوا بآلة القتل اإلرسائيلية‪ ،‬هذه اآللة الهوجاء التي مل تكن‬ ‫تخىش نضوب سائح حياتها األسود ألن بعض دول االعتالل ال االعتدال طأمنت “إرسائيل”‬ ‫سلفا أنها لن تسمح باستخدام النفط كابوسا يؤرق الصهانية يف ليل إجرامهم ألنها‬ ‫ستستمر يف ضخه‪ ،‬ما دام الصهاينة راغبني يف ذلك‪ ،‬وما دامت سموم حقدهم عىل‬ ‫العروبة واإلسالم مستمرة جنونا وثورانا وتدفقا‪.‬‬ ‫أما أشباه الرجال فقد اكتشفوا فجأة ودون سابق إنذار أنهم متعمقون يف القانون‪،‬‬ ‫حريصون عىل الحقوق‪ ،‬فأطلقوا أبواقهم الفارغة معلنة أن إهاب حقدها ضاق بلحم‬ ‫لؤمها‪ ،‬وتجد نفسها مضطرة لرفع دعوى عىل رمز من رموز املقاومة السيد حسن نرص‬ ‫الله الذي رفع رأس الكرامة العربية عاليا عندما انطلقت املقاومة اللبنانية البطلة خالل‬ ‫عدوان متوز عام ‪ ،20006‬تعلن أن لبنان جنة املحبني ونار املبغضني‪.‬‬ ‫هذه األبواق فقدت آخر قطرة ماء يف وجوهها‪ ،‬فلم تجد إال التطاول عىل املقامات‬ ‫الشامخة‪ ،‬وهذه هي عقدة البغاث منذ األزل‪ ،‬يرى النرس يرتاد أعىل القمم فيحتقر نفسه‪،‬‬ ‫وليك يهرب من احتقار الذات يلجأ إىل شتم النرس والنيل من شموخه‪ ،‬وكأنه يريد أن‬ ‫يذكرنا دون قصد بقول الشاعر‪:‬‬ ‫وتطري النسور يف زحمة النجم ويف عشه البغاث يطري‬ ‫وأنت يا غزة السكني الذي يخرتق الجسد العريب فينرثه هنا وهناك شظايا‪ ،‬هذه الشظايا‬ ‫متتلك القدرة عىل االنتفاض واستعادة الحياة فيرصخ بأعىل صوته حي عىل الجهاد قد قام‬ ‫النرص القادم بهمة كل غزّاوي بل عريب رشيف‪.‬‬ ‫وبعض هذه الشظايا ارتىض املوت البطيء فارص عىل بناء مسكنه التافه خارج‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫ويف قاموس السياسة العربية اليوم مصطلحان هام خطان متوازيان لكنهام‬ ‫سيلتقيان قريبا ليظهر الخط األول عىل الثاين ويرميه يف غياهب النسيان‪.‬‬ ‫ومن منا مل يصب بصداع دول االعتدال التي متثل الخط الثاين‪ ،‬وقد رفعت عقريتها‬ ‫بالتشنيع عىل دول املامنعة‪ ،‬وقدميا التفت الشاعر ألمثال هؤالء الصبية الالهني فقال‬ ‫لهم‪:‬‬ ‫إن األسود أسود الغاب ه ّمتها يوم الكريهة يف املسلوب ال السلب‬ ‫واليوم نقول إن سوريا واملقاومة الوطنية اللبنانية وكل رشفائها ورشفاء غزة الصامدين‬ ‫سيبقون أشواكاً يف حلوق ومضاجع دول االعتدال‪ ،‬وليشهد الكون أ ّنا رافضون لكل ما‬ ‫يندرج يف كتاب الذل واملهانة واالستكانة‪.‬‬ ‫خط املامنعة هو خري وأبقى‪ ،‬والعريب مفطور عىل عشق الحرية‪ ،‬وغزة منشغلة بضفر‬ ‫أكاليل النرص ليزين العرب رأسها الرشيف بغار النرص‪ ،‬يوم َتب َي ّض وجوه املناضلني الرشفاء‪،‬‬ ‫وتس َو ّد وجوه املتخاذلني الجبناء‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫‪2009‬‬ ‫‪99‬‬

‫العدد ‪ -35‬كانون االول ‪2009‬‬


‫‪2009‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪100‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.