Manbar altawhid issue 24

Page 1

‫العدد ‪ 24‬ــ كانون الثاني ‪2009‬‬

‫أنيس النقاش‪:‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫عام التراجعات‬ ‫الدولية ألوباما‬

‫أبو جمرا‪:‬‬ ‫صالحيات نائب رئيس‬ ‫الحكومة ستبقى عقدة‬ ‫مع كل حكومة‬

‫الرئيس لحود لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫لدي أمل ّ‬ ‫أن الرئيس سليمان سيُكمل ما بدأناه‬ ‫ّ‬ ‫إلغاء الطائفية يض ّر بالطبقة السياسية‬ ‫لم أسمع الحريري يتذ ّمر من الوجود السوري‬ ‫صفحة سوداء ُط ِويت مع رحيل بوش‬

‫غ ّزة تقاوم المحرقة اليهودية‬

‫حذاء‬ ‫الزيدي‪:‬‬ ‫ال ّدمار‬ ‫الشامل‬ ‫في وجه‬ ‫بوش‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر‬ ‫التوحيد‬


‫منبر التوحيد‬

‫في هذا العدد‬ ‫املنبر اللبناني‬

‫عون زار سوريا لتطبيع العالقات شعبيا ً بعد عبورها رسميا ً ص‪22‬‬

‫احداث لبنان ‪ 2008‬ص‪28‬‬

‫منبر التيار‬

‫أبو موســى لـ “منبر التوحيـد”‪ :‬حلفـاؤنا‬

‫أول الكالم‬

‫خرج ّ‬ ‫بخفي منتظر‬

‫كفرحيم تنجو من مجزرة ص ‪48‬‬

‫املنبر الفلسطيني‬

‫نشرة شهرية داخلية تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‬ ‫العدد الرابع والعشرون ‪ /‬كانون الثاني ‪2009‬‬ ‫السنة الثانية‬

‫هــم قوى املـمانعة‬

‫واملــقاومة‬

‫ص‪62‬‬

‫املنبر اإلقتصادي‬

‫‪ 2008‬بأزمتها املالية إلى التاريخ ص‪64‬‬ ‫د‪ .‬جنيب عيسى لـ “منبر التوحيد”‪ :‬اخلوف من انعكاسات األزمة‬ ‫املالية على اقتصاد اخلليج ص‪75‬‬

‫املنبر العربي‬

‫العراق دخل في االستعمار األميركي واخلالص منه بتصعيد‬ ‫ص‪77‬‬ ‫املقاومة‬

‫املنبر الدولي‬

‫روسيا تعود إلى أميركا الالتينية ص ‪87‬‬

‫املنبر الثقافي‬

‫الشاعر نعيم تلحوق لـ “منبر التوحيد” مجموعتي أثارت نقمة املتشددين‬

‫دينيا ً ص‪96‬‬

‫املنبر االجتماعي‬

‫العقيد جوزيف الدويهي لـ “منبر التوحيد”‪ :‬احلادث ليس صدفة بل هو‬ ‫فعل إنساني ص‪100‬‬

‫املنبر الرياضي‬

‫ألن حكماء صهيون ما زالوا يحلمون بالرد على‬ ‫القائد البابلي الكبير نبوخذ نصر‪ ،‬عملت دوائر‬ ‫إعالمهم واستخباراتهم منذ القدم للوصول‬ ‫إلى مثل تلك الساعة املشؤومة‪ ،‬ساعة غزو‬ ‫العراق‪ ،‬فقد زينوا للمهووس بوش االبن أنه‬ ‫مياثل موسى كليم اهلل في هذا العصر‪ ،‬وأن إله‬ ‫اليهود قد اختاره ليكون منفذا ً إلرادته في قتل‬ ‫األغيار و”إعادة امللك إلسرائيل”‪.‬‬ ‫لذلك اقتنعت اإلدارة األميركية املتصهينة‬ ‫بحسنات غزو بالد الرافدين مهد احلضارات‬ ‫أجمع‪ ،‬بحجة أن النظام آنذاك ميتلك أسلحة‬ ‫الدمار الشامل‪ ،‬وأن البشرية في خطر داهم‬ ‫وعليها القيام بضربة وقائية حلماية العوملة‬ ‫ولبناء شرق أوسط جديد يولد من الفوضى‬ ‫البنّاءة التي يجب أن تسود العالم‪ ،‬وخاصة‬ ‫الثالث منه‪.‬‬ ‫ولضعف مدارك بوش الصغير بتاريخ األمم‬ ‫والشعوب احلية‪ ،‬حشد لغزو العراق جحافل‬ ‫اجليوش من كل الدول التي تدور في محور‬ ‫الشر الصهيوني‪ ،‬ووضع كل اإلمكانات املالية‬ ‫واإلعالمية والعسكرية في خدمة ذلك‬ ‫االستهداف الظالم النابع من احلقد التاريخي‬ ‫على وطننا الكبير‪ ،‬فدمر كل مقومات الوجود‬ ‫العراقي التاريخي واحلضاري واإلنساني‪ ،‬وقتل‬ ‫وشرد املاليني من شعبنا تنفيذا ً ملآرب يهودية‬ ‫صهيونية حاقدة لم تعد خافية على أحد‪.‬‬ ‫لقد جاء اجملرم بوش إلى العراق بحثا ً عن‬ ‫يدعي‪ ،‬وعندما فشل‬ ‫أسلحة الدمار الشامل كما ّ‬ ‫في إثبات أضاليله وأكاذيبه التلمودية‪ ،‬ونتيجة‬ ‫للمقاومة الباسلة التي تذيق جيشه الغازي م ّر‬ ‫العذاب‪ ،‬سعى إلى عقد اتفاقية تش ّرع ما قام به‬ ‫وتنظم انسحابه املزعوم بعد ثالث سنوات‪ ،‬وفي‬ ‫حلظة االحتفال بتوقيع تلك االتفاقية ‪ -‬الصفقة‬ ‫مع حكام العراق‪ ،‬تلقى صفعة من حذاء حر‬ ‫تلخص ما جتيش به الصدور العربية احلرة‬ ‫عراقي ّ‬ ‫فصح فيه القول‬ ‫خاصة‪،‬‬ ‫العراقي‬ ‫والشعب‬ ‫عامة‬ ‫ّ‬ ‫املأثور‪“ :‬خرج بخفي حنني” واألصح أن يقال‪ :‬خرج‬ ‫بخفي منتظر الزيدي‪.‬‬ ‫وما أكثر املتخاذلني و”املعتدلني” الذين‬ ‫يستحقون أن يولد لهم كل يوم منتظر جديد‬ ‫يقذفهم مبا يستحقون من النعال‪.‬‬

‫“أسرة التحرير”‬

‫مانشيستر يونايتد‪ ...‬الشياطني احلمر ص ‪108‬‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬

‫تتقدم أسرة “منبر التوحيد”‬ ‫ّ‬ ‫بالتهاني من اللبنانيني عموما ً‬ ‫ولقرائها خصوصا ً ملناسبة األعياد‬ ‫املباركة‪.‬‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫غزة‬ ‫تستكمل‬ ‫انتصارات‬ ‫المقاومة‬ ‫في لبنان‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فعلها الرئيس املضروب باحلذاء جورج بوش‪ ،‬قبل أن يرحل عن‬ ‫البيت األبيض مهزوماً‪ ،‬وأعطى الضوء األخضر للعدو اإلسرائيلي‬ ‫لشن حرب على الفلسطينيني في غزة‪ ،‬وهو القرار نفسه الذي‬ ‫أبلغه إلى رئيس احلكومة اإلسرائيلية إيهود أوملرت‪ ،‬بالقيام‬ ‫بعملية عسكرية ضد لبنان ومقاومته وشعبه‪ ،‬إلنهاء كل من‬ ‫يقف في وجه مشروعه “للشرق األوسط اجلديد” الذي حتتل فيه‬ ‫إسرائيل القيادة‪ ،‬وهو نسخة منقحة عن مشروع شيمون بيريز‬ ‫للشرق األوسط‪ ،‬الذي أطلقه بعد حرب اخلليج الثانية وإخراج‬ ‫اجليش العراقي بقيادة صدام حسني من الكويت‪ ،‬وافتتاح مؤمتر‬ ‫مدريد للسالم‪.‬‬ ‫لقد استغلت اإلدارات األميركية املتعاقبة احلروب العدوانية‬ ‫اإلسرائيلية وتوسعها‪ ،‬من أجل فرض واقع استسالمي على‬ ‫العرب‪ ،‬يقر بوجود الكيان الغاصب‪ ،‬ويعترف له باحتالله األرض‪،‬‬ ‫ويتواطأ معه على عدم عودة الفلسطينيني‪ ،‬وأال تكون القدس‬ ‫عاصمة الفلسطينيني‪.‬‬ ‫إن إسرائيل استفادت من انقسام العرب وتشتيتهم‪ ،‬كما‬ ‫استغلت ضعفهم وهزائمهم‪ ،‬فضمت األراضي احملتلة في‬ ‫حروبها‪ ،‬بعدما ش ّردت شعبها‪ ،‬وه ّودت املدن والقرى‪ ،‬واستقدمت‬ ‫املستوطنني اليهود من العالم‪ ،‬لتسكنهم في مستوطنات‬ ‫أقامتها لهم‪ ،‬ملواجهة النمو السكاني لدى العرب‪ ،‬ال سيما في‬ ‫األراضي الفلسطينية احملتلة عام ‪ ،1948‬حيث بلغ عددهم مليونا ً‬ ‫ونصف مليون فلسطيني‪ ،‬أي ربع عدد السكان‪ ،‬وسيبلغون في‬ ‫عام ‪ 2020‬نصف عدد اليهود‪ ،‬وسيقفز عدد الفلسطينيني في‬ ‫كل فلسطني إلى حوالى ‪ 8‬ماليني فلسطيني مقابل أربعة ماليني‬ ‫يهودي‪ ،‬حيث لم تعد تفيد برامج العودة لليهود إلى “أراضي التوراة”‬ ‫كما حصل في السنوات السابقة‪ ،‬ال بل إن إقرار بوش “بيهودية‬ ‫الدولة العبرية”‪ ،‬إشارة واضحة إلى اخلوف من التطور”الدميوغرافي”‬ ‫للفلسطينيني‪ ،‬وإن بناء اجلدار العازل يكشف أيضا ً عن عنصرية‬ ‫الدولة اليهودية‪ ،‬التي باتت عبئا ً على من صنعها وأقامها من‬ ‫الدول األوروبية‪ ،‬التي لم تعد حتتمل أن يبقى هذا الكيان املسخ‪،‬‬ ‫يهدد السالم ليس في املنطقة فقط بل في العالم‪ ،‬إذ تبني أن‬ ‫كره الشعوب للدول الغربية وحتديدا ً األميركية‪ ،‬بسبب سياسة‬ ‫االنحياز األعمى إلى هذه الدولة التي ترتكب اجملازر منذ نشوئها‬ ‫على أرض فلسطني في عام ‪ 1948‬بقوة احلديد والنار‪.‬‬ ‫فما يحدث في غزة التي لم يتمكن االحتالل اإلسرائيلي من‬ ‫البقاء فيها‪ ،‬فانسحب منها‪ ،‬وفكك مستوطناته‪ ،‬يشير إلى أن‬ ‫املقاومة قد بدأت تفعل فعلها‪ ،‬وكانت دروس لبنان هي األفعل في‬ ‫طرد القوات الغازية دون قيد أو شرط‪ .‬وبرهنت املقاومة الوطنية‬ ‫واإلسالمية اللبنانية‪ ،‬أنها قادرة على انتزاع حقوقها‪ ،‬وباتت هي‬ ‫النموذج الذي يحتذى‪ ،‬وقد سلكته املنظمات الفلسطينية في‬ ‫فلسطني احملتلة‪ ،‬التي رأت في املفاوضات السلمية واالتفاقات‬ ‫اجلزئية واملنفردة‪ ،‬مضيعة للوقت‪ ،‬فلم حتترم اتفاق أوسلو الذي لم‬ ‫يعد األرض ألصحابها‪ ،‬فكانت السلطة الوطنية الفلسطينية‬ ‫التي أنتجها االتفاق املذكور‪“ ،‬قناعا ً لالحتالل”‪.‬‬


‫ففي ظل هذه السلطة‪ ،‬استمر بناء املستوطنات وارتفع اجلدار‬ ‫العنصري العازل‪ ،‬واقتطعت األراضي‪ ،‬كما مت جتويع الشعب‬ ‫الفلسطيني ومحاصرته‪ ،‬ولم تتوقف االعتداءات العسكرية‬ ‫عليه من قصف ودمار‪ ،‬والكل يتذكر احلصار الذي تعرض له‬ ‫الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مقره في رام اهلل‪،‬‬ ‫في ظل تدمير ممنهج له‪ ،‬على مرأى العالم وسمعه‪ ،‬ولم يخرج‬ ‫منه إال مسموماً‪ ،‬ألنه رفض التنازل عن احلقوق الكاملة ولم يقبل‬ ‫بأن يوقف املقاومة‪ ،‬التي أرادها رافعة له في املفاوضات تعطيه‬ ‫قوة في التمسك باحلق‪.‬‬ ‫كان اغتيال عرفات بداية تصفية املسألة الفلسطينية‪ ،‬حتت‬ ‫عنوان “السالم”‪ ،‬وقد تنبه الشعب الفلسطيني لذلك‪ ،‬فاختار‬ ‫من ميثله في االنتخابات التشريعية أي من يقاتل ال من يفاوض‪،‬‬ ‫وانتصر خيار املقاومة‪ ،‬ففازت “حماس” في املقاعد النيابية‪،‬‬ ‫واحتلت موقع رئاسة احلكومة‪ ،‬مما أفسد على اإلدارة األميركية‬ ‫مشاريعها‪ ،‬وعلى احلكومات اإلسرائيلية تطويع الفلسطينيني‬ ‫وتركيعهم‪ ،‬فكان القرار الدولي “والعربي املعتدل”‪ ،‬إسقاط‬ ‫“حماس” باالغتيال‪ ،‬وقتل جمهورها باحلصار الغذائي والصحي‪،‬‬ ‫من أجل أن تستسلم‪ ،‬وقد ساندت السلطة الفلسطينية هذا‬ ‫التوجه الدولي والعربي‪ ،‬إلزاحة “حماس” ومن يحالفها عن موقع‬ ‫القرار الفلسطيني‪ ،‬ألنها أربكت من ا ّدعى أنه ميثل الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬فتبني عكس ذلك‪ ،‬وأن الفلسطينيني يريدون‬ ‫أرضهم في كل فلسطني‪ ،‬ويطلبون حق العودة إليها وال يساومون‬ ‫على الالجئني وال يتخلون عن القدس عاصمة لدولتهم‪.‬‬ ‫يشبه وضع “حماس” واملنظمات املقاومة في فلسطني ما هو‬ ‫قائم في لبنان‪ ،‬والسيناريو الذي نفذته إسرائيل بحق املقاومة‬ ‫في عدوانها صيف ‪ ،2006‬هو نفسه الذي كررته مع املقاومة‬ ‫الفلسطينية في نهاية ‪ ،2008‬والنتيجة التي ستخرج منها‬ ‫هي نفسها التي عرفتها في لبنان‪ ،‬هزمية جليشها واندحار له‪،‬‬ ‫وانتصار للمقاومة‪ ،‬باعتراف تقرير جلنة “فينوغراد”‪.‬‬ ‫فاملقاومة في لبنان مع حلفائها في املعارضة‪ ،‬فرضت نفسها‬ ‫شريكة في احلكم في عام ‪ ،2008‬بعد سلسلة حتركات سياسية‬ ‫وأخرى أمنية‪ ،‬فرضتها عليها قرارات حكومة غير شرعية استأثر‬ ‫بقرارها فؤاد السنيورة وفريقه السياسي من قوى ‪ 14‬شباط‪،‬‬ ‫الذي كان يريد نزع سالح املقاومة‪ ،‬وسحب قرار مواجهة إسرائيل‬ ‫منها‪ ،‬فكان يعمل على جتويف االنتصار الذي حققته املقاومة‬ ‫بوجه العدوان اإلسرائيلي‪ ،‬لكنه لم يتمكن‪ ،‬بعد الهزائم التي‬ ‫حلقت باملشروع األميركي للمنطقة‪ ،‬وصمود سوريا بوجه‬ ‫الضغوط عليها‪ ،‬والقرارات الظاملة بحقها‪ ،‬كما لم تنجح أميركا‬ ‫وحلفاؤها في ثني اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية عن برنامجها‬ ‫النووي السلمي‪ ،‬وفشلت محاوالتها جلمع الدول العربية التي‬ ‫سمتها معتدلة ضدها‪ ،‬حتت ذريعة أنها دولة تساعد املقاومة‬ ‫وتساند دول املمانعة‪ ،‬فكان عام ‪ ،2008‬عام انتصارات املقاومة‬ ‫في لبنان‪ ،‬وهو اخلط التصاعدي الذي بدأ مع حترير اجلنوب والبقاع‬ ‫الغربي في عام ‪ ،2000‬إلى االنتصار املدوي في عام ‪ ،2006‬إلى‬ ‫الصمود بوجه الفتنة املذهبية خالل السنوات األربع املاضية التي‬ ‫أعقبت الرئيس رفيق احلريري‪.‬‬

‫إن انتصارات املقاومة واملعارضة في لبنان‪ ،‬كانت لها تداعياتها‬ ‫في فلسطني التي صمدت املقاومة فيها‪ ،‬ومنعت السلطة‬ ‫الفلسطينية من أن تخطف القرار منها‪ ،‬فحررت غزة من الوصاية‬ ‫األميركية عليها‪ ،‬وتصدت للحصار‪ ،‬وقاومت االعتداءات‪ ،‬وستخرج‬ ‫“حماس” كما خرج “حزب اهلل” منتصرا ً في املعركة الواحدة‪ .‬فما‬ ‫يجري في غزة هو استكمال ملا جرى في لبنان‪ ،‬وإن اجليش اإلسرائيلي‬ ‫يحاول أن يستعيد قوة ردعه‪ ،‬وأن يعيد الهيبة إليه‪ ،‬بعدما مت ّرغت‬ ‫قوته في جنوب لبنان‪ ،‬في مارون الراس وعيتا الشعب واخليام ووادي‬ ‫احلجير والغندورية وغيرها من املناطق‪ ،‬وهو تدحرج في بيت حانون‬ ‫والشجاعية ورفح وغيرها من املدن في غزة‪.‬‬ ‫لم تعد املقاومة تستفرد في لبنان وفلسطني أو العراق‪ ،‬فهي‬ ‫واحدة في هذا الصراع املصيري‪ ،‬فاندحار القوات األميركية في‬ ‫بالد الرافدين‪ ،‬إشارة إلى انتصار الشعب العراقي الذي أمامه‬ ‫معركة االنتصار في وحدته‪ ،‬وكذلك فعلت املقاومة في لبنان‪،‬‬ ‫فتمكنت من أن تعيد التوازن الداخلي‪ ،‬ومنعت أميركا من أن‬ ‫تفرض سيطرتها على القرار داخل املؤسسات الدستورية‪ ،‬وهي‬ ‫طرحت الشراكة في احلكم‪ ،‬وطالبت بتكامل املقاومة مع اجليش‬ ‫واحتضانها من الشعب‪ ،‬حيث باتت ثقافة املقاومة تتقدم على‬ ‫يدعي زورا ً أنه يريد “ثقافة احلياة” أي ثقافة االستسالم واخلنوع‬ ‫من ّ‬ ‫والتخلي عن الكرامة الوطنية والسيادة واالستقالل‪.‬‬ ‫ثقافة املقاومة انطلقت من لبنان‪ ،‬وعمت فلسطني التي لم‬ ‫يقبل شعبها اخلنوع واالستسالم‪ ،‬وكان يتحني الفرص حلمل‬ ‫السالح وانتهاج الكفاح سبيالً الستعادة أرضه‪ ،‬وكانت جتاربه‬ ‫غنية في املقاومة والتضحية‪ ،‬فأعاد فلسطني إلى اخلارطة‪ ،‬بعدما‬ ‫قررت إسرائيل شطبها منها‪ ،‬مستعينة بالدول االستعمارية‬ ‫منذ مؤمتر بال عام ‪ 1897‬إلى وعد بلفور ‪ ،1917‬الى قيام الكيان‬ ‫الغاصب عام ‪ ،1948‬إلى هزمية العرب في عام ‪.1967‬‬ ‫فإسرائيل تو ّقف مشروعها مع حرب تشرين ‪ 1973‬واالنتصار الذي‬ ‫حققه اجلندي العربي‪ ،‬وبدأ العد العكسي لوجودها‪ ،‬فاجتياحها‬ ‫للبنان عامي ‪ 1978‬و‪ ،1982‬انتهى إلى االندحار‪ ،‬واحتاللها لغزة‬ ‫والضفة الغربية لن يطول وستُطرد باملقاومة‪ ،‬وزوال إسرائيل‬ ‫ليس أمرا ً مستحيالً‪ ،‬وقد أدرك قادة العدو ذلك‪ ،‬وباتوا على يقني‬ ‫تعمر في هذه املنطقة‪ ،‬وأن الهجرة‬ ‫بأن دولتهم املصطنعة لن ّ‬ ‫املعاكسة منها بدأت‪ ،‬وأن حق اليهود بالعودة إليها اندثر وحق‬ ‫العودة للفلسطينيني أقوى‪.‬‬ ‫إن إسرائيل تعيش مأزق مشروعها‪ ،‬وإن حربها على غزة وتصديها‬ ‫للمقاومني في الضفة الغربية‪ ،‬إشارات إلى أن الدولة التي كانت‬ ‫تفتش عن حدود آمنة بحروبها التوسعية‪ ،‬بدأت تفتش عن جدار‬ ‫يقيها هجمات الفلسطينيني على جيشها ومستوطناتها‪.‬‬ ‫إن عام ‪ 2009‬سيحمل في طياته بذور اندحار املشروع‬ ‫االستيطاني الصهيوني‪ ،‬وإن املواجهة معه بدأت في لبنان‬ ‫وانتقلت إلى غزة وستتوسع إلى الضفة الغربية‪ ،‬وإن ما حصل‬ ‫في عام ‪ 1948‬وعام ‪ 1967‬لن يتكرر‪ ،‬وإن صيف ‪ 2006‬كان نقطة‬ ‫االنطالق لبداية نهاية املشروع اإلسرائيلي االستيطاني‪.‬‬

‫“منبر التوحيد”‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الغالف‬

‫تواطؤ مصري سعودي أميركي في حرب إبادة غزة‬

‫ ‬

‫ما يحصل في غزة ليس وليد اللحظة الراهنة‪ ،‬فاالحتالل الصهيوني‬ ‫لألراضي العربية يواجه باملقاومة‪ ،‬والشعب الفلسطيني في قطاع غزة كما‬ ‫في باقي األراضي الفلسطينية يؤمن للمقاومة طريقا ً للتحرير‪ ،‬ويشاركه في‬ ‫ذلك الشعب العربي من احمليط الى اخلليج‪ ،‬وهو التواق إلعادة االعتبار للعروبة‬ ‫احلقيقية واحلفاظ على كرامة هذه األمة وكبريائها واملساهمة في حترير‬ ‫االراضي العربية وبناء نهضة حقيقية تنهي االحتالل ومرتكزاته في املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬والسبيل الى ذلك مير من خالل اعادة تقييم املرحلة السابقة‪ ،‬وقد‬ ‫دجنت وباتت‬ ‫انكشف املستور عن معظم األنظمة الرسمية العربية‪ ،‬التي ّ‬ ‫تخدم االحتالل الصهيوني وتساهم مباشرة في خدمة الواليات املتحدة‬ ‫وبقية الطامعني في خيرات هذه األمة‪ ،‬وألن املقاومة العربية هي العائق أمام‬ ‫أهدافهم الهزيلة‪ ،‬فقد كانت املقاومة هي املستهدفة في فلسطني ولبنان‬ ‫والعراق وفي كل مكان من أرضنا العربية‪.‬‬ ‫ما يحصل اليوم في قطاع غزة من قبل جيش االحتالل الصهيوني هو‬ ‫محاولة صهيونية ـ أميركية مبشاركة بعض األنظمة الرسمية العربية‬ ‫التي أوغلت في الهوان وارتبطت باألجنبي الى غير رجعة‪ ،‬ولم يعد يهمها إال‬ ‫مصاحلها الضيقة ورضى سيدها األميركي والصهيوني‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬فإن حجم الهجمة على قطاع غزة جتاوزت كل احلدود واستخدمت‬ ‫فيها أحدث األسلحة األميركية‪ ،‬والهدف الرئيسي القضاء على معقل‬ ‫أساسي في املقاومة العربية في غزة بعد محاصرته لسنوات وحتت يافطة‬ ‫االتفاقيات الدولية واتفاقات املعابر ومعاهدات الذل في كامب دايفيد وغيرها‪.‬‬ ‫ما يحصل في قطاع غزة هو استمرار للهجمة الصهيونية واألميركية على‬ ‫لبنان عام ‪ 2006‬ومحاولة االستفادة من األخطاء التي ارتكبت وأربكت جحافل‬ ‫االحتالل الصهيوني عند غزوة لبنان‪ ،‬إال أن إرادة املقاومة والصمود في لبنان‬ ‫أفشلت كل مخططات االعتداء‪ ،‬ولذلك فالعدو يحاول أن يعيد الكرة مرة اخرى‬ ‫على قطاع غزة لعله بذلك يتمكن من ترميم قدراته العسكرية التي تعرضت‬ ‫لصدمة كبيرة بعد فشله في حتقيق أهدافه في لبنان عام ‪ ،2006‬فالعدو‬ ‫هذه املرة لعب على املتناقضات في املنطقة وحاول كسب الوقت بحديثه‬ ‫عن التهدئة وضرورة التوصل الى احللول (السلمية)‪ ،‬وساعده في ذلك بعض‬ ‫من (العرب) الذين ارتهنوا ملشيئة االحتالل وباعوا ما بقي من ضمائرهم ومن‬ ‫صفة العروبة التي ينعتون بها زوراً‪ ،‬وقدموا كل التسهيالت للعدو الصهيوني‪،‬‬ ‫وبعض احلكام العرب حتدث عن املفاوضات مع االسرائيلي بأنها طريق اخلالص‬ ‫إلعادة جزء من االرض العربية‪ ،‬وحتدثوا عن الراعي األميركي والوسيط النزيهة‬ ‫في محاولة خلداع اجلماهير العربية‪ ،‬بأنهم يبحثون عن السالم‪ ،‬وفي حقيقة‬ ‫األمر هو خانعون وجبناء وال ميتّون إلى العروبة بأي صلة إال االسم‪ ،‬فهم اخلونة‬ ‫والعمالء والوكالء والسماسرة ومن باعوا ضمائرهم وخدعوا شعوبهم‪ ،‬والتاريخ‬ ‫لن يرحم أمثال هؤالء الذين يكيلون التهديد والوعيد للمقاومني ويشكلون‬

‫باقون على هذه االرض رغم اجملازر بدمهم تنبت االرض اآلف املقاومني‬

‫من شهداء غزة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ارض الكنانة مصر العروبة باتت مرتع للصهاينة‬

‫‪4‬‬


‫اوملرت وباراك وليفني‪ :‬الشياطني الثالثة استباحوا الدم الفلسطيني‬

‫غطا ًء لكل املشاريع التي حتاول تفتيت هذه األمة وإضعافها بعدما فشلت كل‬ ‫محاوالت األعداء من النيل من املقاومة العربية في كل مكان‪.‬‬ ‫لقد أثبتت األحداث‪ ،‬ولو بالعودة قليالً إلى الوراء منذ قام نظام كامب ديفيد‬ ‫(بجهوده للوساطة) بني الكيان الصهيوني وفصائل املقاومة في غزة حتت ذريعة‬ ‫التهدئة ملدة ستة شهور‪ ،‬لتأمني األجواء األفضل للبحث عن احللول واحلوار‬ ‫واملفاوضات مع العدو‪ ،‬وساهم الصمت الرسمي العربي والتواطؤ الدولي في‬ ‫يعد جلولة‬ ‫عملية اخلداع هذه‪ ،‬وفي حقيقة األمر كان العدو خالل هذه الفترة ّ‬ ‫جديدة من جرائمه الوحشية ومحاولة التمويه باملفاوضات اجلارية مع السلطة‬ ‫الفلسطينية التي لم تكن إال ستارا ً خادعا ً للحقيقة املرة التي مت ابتالعها هذه‬ ‫املرة على أيدي نظام كامب ديفيد في مصر‪ ،‬بينما كان العدو يعد العدة لإلجهاز‬ ‫على كل ما هو أصيل وشريف ومقاوم في أمتنا العربية‪ ،‬هذه األمة الصابرة‬ ‫الصامدة‪ ،‬التي ابتليت ببعض احلكام الفاقدي الكرامة واملرتبطني مبؤامرات وفنت‬ ‫تستهدف األمة بأسرها‪ ،‬وهم يحاولون القضاء على كل مرتكز للمقاومة‪ ،‬ومن‬ ‫ثم يستهدفون حزب اهلل وسوريا وإيران ويكيلون التهم جزافا ً ملعاقل الصمود‬ ‫واملمانعة‪ ،‬ويساعدون العدو وينسقون معه بشكل يندى له اجلبني‪.‬‬

‫توقيت العملية الصهيونية ضد قطاع غزة‬

‫املتتبع لتطور األحداث في املنطقة منذ احلرب االسرائيلية الفاشلة على‬ ‫لبنان عام ‪ ،2006‬وهزمية العدو أمام صمود املقاومة اللبنانية وما أعقبها من‬ ‫فضائح وضعف وارتباك في جيش االحتالل الصهيوني وقيادته‪ ،‬وتقرير فينوغراد‬ ‫الذي أطاح الكثير من الرؤوس‪ ،‬جعل العدو يفكر في أساليب أخرى أكثر دها ًء‬ ‫وخبثا ً وأقل خسائر‪ ،‬والبحث عن كل ما هو شيطاني في هذا الكيان املصطنع‬ ‫الذي رعته وأنشأته الدول االستعمارية الكبرى في منطقتنا وأوكلت إليه‬ ‫وظيفة حماية املصالح االستعمارية في املنطقة وغذته بكل أسلحة الدمار‬ ‫الشامل وما توصلت اليه مصانع املوت واحلقد لديهم‪ ،‬هذا الكيان أصبح اليوم‬ ‫شريكا ً أساسيا ً للقوى الطامعة في خيرات هذه األمة‪.‬‬ ‫ومن هنا سارعت الواليات املتحدة ومعها باقي الدول العربية السائرة في‬ ‫فلكها حملاولة تقدمي الدعم للكيان الصهيوني ومنعه من االنهيار وهو يواجه‬ ‫تناقضاته بعدما أثبتت املقاومة هي طريقنا ونهجنا ملقاومة احتالله‪ ،‬وهي‬ ‫الوحيدة املؤمتنة والقادرة على إعادة األرض وحفظ الكرامة في هذه األمة‪.‬‬ ‫ولم تكتف الواليات املتحدة بتقدمي السالح احلديث والصواريخ والقذائف‬ ‫“الذكية” لتطال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتوجه ضربة قوية الى‬ ‫قطاع غزة ذي املساحة الضيقة نسبيا ً والتي ال تتجاوز ‪ 365‬كلم‪ 2‬لتصب عليها‬ ‫األطنان من قنابلها وصواريخها‪ ،‬وفي محاولة لتطويع هذه املقاومة الصاعدة‬ ‫أو القضاء عليها‪ ،‬ولكي تقول انظروا هذا هو النموذج لكل من يحاول مواجهة‬ ‫االحتالل في املنطقة‪ ،‬وهي رسالة إلى لبنان ومقاومته والى سوريا املمانعة‬ ‫وإلى إيران اإلسالم وثورته‪.‬‬ ‫إذا ً ما يحصل في غزة هو جزء من مخطط شامل يستهدف املنطقة برمتها‬ ‫وليس غزة وحدها‪ ،‬إنه بداية السيناريو الذي مت االتفاق عليه بني الصهاينة‬ ‫وحماتهم األميركيني ومن يقف معهم وبتواطؤ األنظمة الرسمية العربية‬ ‫املسماة (االعتدال) جتاوزاً‪ ،‬وهو مبثابة اعتالل في هذا اجلسد العربي وجب‬ ‫استئصاله وثبت أنه موغل في غيه ومؤامرته وجتاوز كل اخلطوط ولم يعد لديه‬ ‫أي طريق للعودة إلى الكرامة بعدما باع ما بقي من أخالق العروبة‪.‬‬

‫إدارة جورج بوش صهيونية حتى آخر حلظة‬

‫وإدارة جورج بوش التي ساهمت في تدمير العراق واحتالله ونهب خيراته‪،‬‬ ‫وهيأت للصهاينة كل األسباب لالستمرار في القيام بالدور املنوط بهم‪ ،‬وقالت‬ ‫للصهاينة‪ :‬هذا هو العراق قد انتهى وما كنتم تخشون منه اآلن حتت اليد‬

‫ومت توقيع معاهدة شرعنة االحتالل‪ ،‬واآلن جاء دوركم إلكمال املهمة‪ ،‬وإدارة‬ ‫جورج بوش سيسجلها التاريخ بأنها كانت أكثر صهيونية من إسرائيل ذاتها‪،‬‬ ‫هذه اإلدارة التي تودع آخر أيامها واملثقلة باملتاعب واألزمات املالية واألخالقية‬ ‫والفساد‪ ،‬كانت الى جانب الكيان أكثر من أي إدارة أميركية أخرى‪ ،‬وشكلت‬ ‫غطا ًء سياسيا ً للكيان وقدمت املشاريع الواهمة للسالم في انابوليس في‬ ‫الوقت الذي كانت متد الكيان باألسلحة وتهيئ األنظمة املعتدلة في املنطقة‬ ‫لتأمني محيط فاسد يحفظ احتاللها للعراق ويساهم في القضاء على‬ ‫املقاومة العربية في كل مكان في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫والتغطية الرسمية العربية جرى إعدادها جيداً‪ ،‬وما كان مستورا ً صار‬ ‫فاضحاً‪ ،‬وأصحابه ال يشعرون بالعار‪ ،‬وباتوا يشكلون غطا ًء غير مسبوق‬ ‫للهجمة الصهيونية األميركية‪ ،‬وحتى تصريحاتهم التي تحُ ّمل املقاومة‬ ‫في غزة املسؤولية عن تطور األحداث‪ ،‬فهذا يعني أنهم باتوا شركاء للعدو‪،‬‬ ‫بعدما كانوا عمالء ومأجورين‪ ،‬وهذا التطور الالفت يجب أن يؤخذ باحلسبان في‬ ‫املواجهة املستمرة في قطاع غزة وفي منطقتنا عموماً‪.‬‬ ‫وليس صحيحا ً ما يقال بأن حماس وفصائل املقاومة هي املسؤولة عن نهاية‬ ‫التهدئة‪ ،‬فالتهدئة أرادها احملتل من أجل كسب الوقت‪ ،‬وأصحاب نظام كامب‬ ‫ديفيد في مصر يعرفون جيدا ً ما يفعلون‪ ،‬فهذا هو دورهم وهل هناك أبلغ من‬ ‫منطق يلقي بالالئمة على الضحية وأصحاب احلق ويقف الى جانب الكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬ما الذي يجري في املنطقة ليجعل وزيرة اخلارجية االسرائيلية‬ ‫تسيبي ليفني تهدد حماس واملقاومة الفلسطينية من أرض مصر العروبة؟‬ ‫اجلماهير العربية في مصر مطالبة اليوم لتقول كلمتها إلعادة مصر الوجه‬ ‫العربي األصيل واملقاوم‪ ،‬ومصر التي قدمت مئات اآلالف من الشهداء هي مصر‬ ‫العروبة وليس النظام املرتهن للصهاينة وحماتهم‪.‬‬

‫األهداف البعيدة للعدوان الصهيوني‬

‫احلسابات الداخلية في الكيان الصهيوني ليست بعيدة كما يحصل في‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬والكيان يحاول مللمة صفوفه بعدما هيأ كل األسباب التي جتعله‬ ‫يكون قادرا ً على التحرك‪ ،‬فالدعم االميركي وصل الى ذروته‪ ،‬واالدارة االميركية‬ ‫برئاسة بوش تودع آخر أيامها وهي بحاجة ايضا ً لتحاول إعادة االعتبار لذاتها‬ ‫ولتؤكد أنها موجودة وما زالت تقدم الدعم للصهاينة‪ ،‬وهي محاولة للتغطية‬ ‫على األزمة املالية الكبرى التي تعانيها الواليات املتحدة‪ ،‬وهي حتاول التغطية‬ ‫على عيوبها ودمارها الذي أحلقته باالقتصاد العاملي‪ ،‬وامللف امليداني جليش‬ ‫االحتالل ومحاولة وزير الدفاع االسرائيلي ايهود باراك إثبات قدراته العسكرية‬ ‫الفذة على حساب دماء الفلسطينيني في غزة وتواطؤ األنظمة الرسمية‬ ‫العربية‪ ،‬ولذلك فالتغطية باتت ُمحكمة متاما ً ومن السهل إلقاء التهم على‬ ‫املقاومني‪ ،‬واسرائيل حتاول إعادة االعتبار ملنطق الهيمنة والقوة الردعية الذي‬ ‫تآكل في لبنان بفضل املقاومة والتفاف الشعب اللبناني وطالئعه الوطنية‬ ‫والقومية حولها‪.‬‬ ‫وفي حقيقة االمر ستثبت األحداث أن ما يفعله الكيان الصهيوني اليوم في‬ ‫قطاع غزة هو مجرد البداية‪ ،‬والبداية فقط ألن منطق التاريخ يقول إن االحتالل‬ ‫الى زوال‪ ،‬وان املقاومة هي الباقية ألننا أصحاب هذه األرض‪ ،‬األمور وصلت الى‬ ‫نقطة انعطاف مصيرية وآن األوان لنتحدث عن مقاومة عربية من احمليط الى‬ ‫اخلليج‪ ،‬ونحن أمام انتفاضة عربية جديدة عنوانها املقاومة طريقنا للتحرير‪،‬‬ ‫إسرائيل تتصرف كدولة مجنونة وتتصرف بوحشية‪ ،‬إنها في آخر أيامها وهي‬ ‫في طريق الزوال‪ ،‬وضربات املقاومة العربية ستثبت هذا في القريب العاجل‪،‬‬ ‫ولن يضيع احلق طاملا بقيت املقاومة سبيلنا الستعادة احلقوق‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الغالف‬

‫الرئيس لحود يتحدث بعد عام من مغادرته رئاسة الجمهورية لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫إلغاء الطائفية يضر بالطبقة السياسية‬ ‫لم أسمع الحريري يتذ ّمر من الوجود السوري وكان يبلغني دعمه له‬ ‫طائر غرد خارج سربه‪ ،‬رجل مقاوم‪ ،‬وأكبر من‬ ‫أن يكون رئيساً‪ ،‬إنسان يصعب أن يتكرر حضوره‪،‬‬ ‫شجاع‪ ،‬مؤمن بالقضية العربية‪ ،‬تلك القضية‬ ‫التي يحملها مَن ال يرضى بأن يكون ضعيفاً فخرج‬ ‫من القصر كبيرا ً كما دخله‪.‬‬ ‫نشأ في كنف عائلة خطت طريقها إلى الشأن‬ ‫العام في ضوء مصلحة الشعب والوطن قبل أي‬ ‫اعتبار آخر‪.‬‬ ‫ابن مدرسة سياسة التصدي للرشوة واملال‬ ‫السياسي واستغالل الوظيفة والنفوذ‪ ،‬وترسيخ‬ ‫الكرامة الوطنية في أذهان اللبنانيني الذين‬ ‫تخلوا عن مقولة أن لبنان قوي بضعفه وانتفضوا‬ ‫لكرامتهم الوطنية ودعموا اجليش الوطني‬ ‫واملقاومة الباسلة في معارك استعادة الشرف‬ ‫الوطني بوجه أعتى قوة في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫مقاوم وصلب ومتمسك باملبادئ الوطنية‪ ،‬وغير‬ ‫متخل عنها حتت أي ضغط أو مقاطعة مشبوهة‪،‬‬ ‫ما ينم عن ثبات في املوقف‪ ،‬واقتناع راسخ في‬ ‫ّ‬ ‫وترفع عن‬ ‫التوجه‪ ،‬وضمير حي في املمارسة‪،‬‬ ‫الصغائر واملصالح الشخصية‪.‬‬ ‫فكان النصير في زمن ّ‬ ‫قل فيه النصير‪ ،‬لذلك‬ ‫ليس قليالً لو كتبنا اسمه بأحرف من ذهب‪.‬‬ ‫إنه الرئيس احلادي عشر للجمهورية اللبنانية‬ ‫(من ‪ 24‬تشرين الثاني ‪ 1998‬حتى ‪ 23‬تشرين الثاني‬ ‫‪ ،)2007‬العماد إميل جميل حلود‪ ،‬رئيس اجلمهورية‬ ‫اللبنانية من مواليد بيروت (‪ 12‬كانون الثاني‬ ‫‪ ،)1936‬جنل العماد جميل حلود أحد قادة احلركة‬ ‫االستقاللية‪.‬‬ ‫اشتهر خالل واليته بدعمه للمقاومة الوطنية‪،‬‬ ‫ورفضه للتدخالت األجنبية في شؤون لبنان الطبقة السياسية في لبنان اعتادت على نسج مصالح شخصية تسمو فوق املصلحة العامة‬ ‫الداخلية‪ .‬خلفه العماد ميشال سليمان بعد‬ ‫التي ميثلها هو والرئيس السوري بشار األسد‪ ،‬بقوله‪« :‬ولكنهم ال‬ ‫فراغ رئاسي تسلمت خالله احلكومة مجتمعة أعمال الرئاسة‪.‬‬ ‫اعتبر حلود بالده جمهورية ذات سيادة شعبية تتفق عليها كل يعرفونني وال يعرفون الرئيس بشار األسد‪ ،‬الذي هو أشد من والده»‪،‬‬ ‫مجددا ً اتهامه إلسرائيل واألصولية السنية باغتيال احلريري‪،‬‬ ‫الفصائل واألحزاب السياسية‪ ،‬موضحاُ أن «هيكلية لبنان تختلف‬ ‫اعتقادا ً منه بوجود صلة بني هذين الطرفني‪« ،‬ألن ممولهما واحد»‪.‬‬ ‫عن الدول األخرى‪ ،‬ما جعل البلد مسرحاً للخالفات بني التيارات‪،‬‬ ‫ومبناسبة مرور عام على انتهاء واليته كرئيس للجمهورية‬ ‫حيث استغل البعض اغتيال املرحوم احلريري لتحقيق مصاحله اللبنانية‪ ،‬كان لـ»منبر التوحيد» وقفة على أهم املراحل واإلجنازات‬ ‫اخلاصة من خالل أقلية أو أكثرية»‪.‬‬ ‫في عهده‪ ،‬وما يليها من تطلعات على كل الصعد احمللية واإلقليمية‬ ‫أشار إلى أن اغتيال الرئيس احلريري كان سببه ضرب املمانعة والدولية‪ ،‬في حوار هذا نصه‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪6‬‬


‫السنة األولى من العهد‬ ‫ـ ما هي الصعوبات التي واجهت فخامتكم عند توليكم العهد‪،‬‬ ‫وأيهما أسهل اإلدارة العسكرية أم إدارة البالد؟‬ ‫إن الطبقة السياسية في لبنان قد اعتادت على نسج مصالح شخصية‬ ‫تسمو على املصلحة العامة‪ .‬وكي أكون أكثر حتديدا أقصد معظم الطبقة‬ ‫السياسية مع بعض االستثناءات الباهرة التي يعرفها اجلميع باالسم‪ .‬وأنا‬ ‫لم آت من هذه اخللفية‪ ،‬إذ نشأت في كنف عائلة خطت طريقها الى الشأن‬ ‫العام في ضوء مصلحة الشعب والوطن قبل أي اعتبار آخر‪ .‬أنا ابن هذه‬ ‫املدرسة‪ ،‬ومن هنا سياسة التصدي للرشوة واملال السياسي واستغالل‬ ‫الوظيفة والنفوذ التي انتهجت طوال حياتي العامة‪ ،‬مما أدى الى صدام‬ ‫وتوسل السلطة باجلاه واملال متجاوزا ً مصلحة‬ ‫مع من انتهج نهجا ً آخر‬ ‫ّ‬ ‫الشعب‪ .‬وقد تكون اإلدارة العسكرية أسهل مناالً‪ ،‬في ضوء املبادئ أعاله‪ ،‬من‬ ‫إدارة البالد‪ ،‬ألن املؤسسة العسكرية تنتظم ضمن مبادئ الشرف والتضحية‬ ‫والوفاء وتنبذ باملبدأ صغائر األمور‪ .‬إال أن ما واجهته في قيادة اجليش هو‬ ‫اعتياد الطبقة السياسية على التدخل في شؤونه‪ ،‬فوضعت حدا ً لذلك‬ ‫ودمجت األلوية ورسخت في اجليش عقيدته الوطينة التي لن يحيد عنها‪.‬‬ ‫ـ واكبتم وقمتم بالعديد من اإلجنازات في عهدكم على الصعيد‬ ‫االجتماعي وغيره‪ ،‬ما هي هذه اإلجنازات وما الذي ّ‬ ‫حتقق منها؟‬ ‫أهم اإلجنازات كانت على الصعيد الوطني‪ ،‬وأقصد التحرير واستعادة‬ ‫األرض واألسرى وترسيخ الكرامة الوطنية في أذهان اللبنانيني الذين تخلوا‬ ‫عن مقولة إن لبنان قوي بضعفه وانتفضوا لكرامتهم الوطنية ودعموا‬ ‫اجليش الوطني واملقاومة الباسلة في معارك استعادة الشرف الوطني‬ ‫بوجه أعتى قوة في الشرق األوسط‪ .‬وإني فخور مبثل هذه اإلجنازات الوطنية‪،‬‬ ‫التي أضيف إليها االستقرار األمني الذي وصل لبنان فيه بعهدي إلى املرتبة‬ ‫األولى في دراسة مقارنة وضعها االنتربول قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق‬ ‫احلريري‪ ،‬حيث بدأت املؤامرة على هذه املنجزات جميعها بهدف ضرب وحدة‬ ‫الشعب واحلقوق املكتسبة بفعل هذه اإلجنازات‪.‬‬ ‫أما على الصعيد االجتماعي‪ ،‬وبكل فخر‪ ،‬نظرت نظرة كان يتحلى بها‬ ‫والدي‪ ،‬وهي ان البشر قبل احلجر‪ ،‬وأن رغد العيش هو عنصر من عناصر‬ ‫التمسك بالوطن‪ ،‬فذهبت في سياستي الى حيث مصلحة الشعب‬ ‫وحقوقه االجتماعية واملدنية‪ ،‬فوضعت مشروع ضمان الشيخوخة وأسس‬ ‫البطاقة الصحية املوحدة‪ ،‬وأنشأت وسيط اجلمهورية كي يصبح للمواطن‬ ‫مرجع إذا جتاوزت اإلدارة حقوقه وأنكرتها عليه‪ ،‬وبذلت جهودا ً جبارة كي أدرج‬ ‫سد شبروح ومشاريع سائر السدود في س ّلم أولويات األشغال الكبرى‪ ،‬وأجنز‬ ‫للتصحر وهدر املياه التي يعاني‬ ‫السد األول من ضمن سياسة التصدي‬ ‫ّ‬ ‫منها لبنان‪.‬‬ ‫ـ ّ‬ ‫كل عهد مي ّر بضغوطات سياسيّة داخليّة وفي كثير من األحيان‬ ‫خارجيّة ـ دوليّة‪ ،‬ما هي الضغوطات التي واجهتكم‪ ،‬وفي أيّة حقبة من‬ ‫العهد؟‬ ‫الضغوطات الداخلية كثيرة ومتشعبة وعنوانها واحد‪ :‬املصلحة‬ ‫الشخصية فوق املصلحة العامة‪ .‬أما الضغوطات العربية‪ ،‬فهي من نوع‬ ‫آخر‪ ،‬إذ أتى معظمها ممن كان يضرهم التوافق اللبناني ‪ -‬السوري في ظل‬ ‫قيادة الرئيس الراحل حافظ األسد ومن ثم الرئيس الدكتور بشار األسد‪ ،‬إذ‬ ‫كنت مؤمنا ً بأن احملاور تؤذي وال تنفع في دنيا العرب‪ ،‬إال أني لم أعتبر يوما ً أن‬ ‫ما يجمع لبنان بسوريا هو محور من ضمن محاور أخرى‪ ،‬بل هو من صلب‬ ‫مصلحة لبنان االستراتيجية العليا‪.‬‬ ‫أما الضغوطات الدولية‪ ،‬فالكل يعلم أنها أميركية مع أولبرايت وباول‬ ‫ورايس‪ ،‬وفرنسية مع شيراك‪ ،‬إذ ان األولني كانوا ينظرون أوال وأخيرا الى‬ ‫مصلحة إسرائيل‪ ،‬واآلخر الى مصلحته الشخصية املرتبطة مبصالح‬ ‫فئوية في لبنان‪ ،‬بينما كنت أنظر في اجتاه واحد‪ ،‬أي احلق اللبناني واملصلحة‬ ‫اللبنانية العليا‪.‬‬ ‫ـ إن رفض تعديل الدستور بهدف السماح لكم بوالية ثانية كان‬ ‫مبثابة مشروع أميركي ـ فرنسي‪ ،‬الهدف منه إثارة الشرارة ضد الوجود‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الغالف‬ ‫السوري في لبنان‪ ،‬وتدخله بشؤونه الداخلية من جهة‪ ،‬وردة فعل‬ ‫فرنسية عكسها صدور القرار ‪ 1559‬من األمم املتحدة من جهة ثانية‪،‬‬ ‫كيف تعاملتم مع هذا القرار؟ ما هو وصفكم له؟‬ ‫إن القرار ‪ 1559‬لم يأت نتيجة الوالية املمددة‪ ،‬بل هو يندرج في سياق بدء‬ ‫مؤامرة تفتيت لبنان وضرب عالقاته املميزة مع سوريا‪ .‬والدليل األبرز أن هذا‬ ‫لينقض على وحدة الشعب اللبناني‬ ‫القرار توسل التمديد الذي لم أسع إليه‬ ‫ّ‬ ‫ومنعة مقاومته وقوة جيشه الباسل ووطنيته وبطوالته في التصدي‬ ‫إلسرائيل‪ .‬إن القرار أتى في نشوة حرب العراق‪ ،‬قبل أن يقع األميركيون في‬ ‫املستنقع الذي يسعى اليوم الرئيس املنتخب أوباما الى إخراجهم منه بأقل‬ ‫ضرر ممكن‪ ،‬إذ اعتبر هؤالء أن استباحة العراق سوف متكنهم من استباحة‬ ‫لبنان وفلسطني ومن ثم االنقضاض على سوريا بهدف إرساء مشروع الشرق‬ ‫األوسط اجلديد‪ ،‬وقد كان شيراك شريكهم في هذا املنحى‪ .‬إال أن األمور‬ ‫انتهت إلى عكس ذلك‪ ،‬وذهب املتآمرون عن بلداننا وكرامتنا وتبددت األوهام‬ ‫وعاد الشرفاء واملمانعون الى صدارة اجملالس‪ ،‬والكلمة لهم اآلن‪.‬‬

‫العالقة مع الرئيس رفيق احلريري‬ ‫ـ كيف تصفون عالقتكم بالرئيس الراحل رفيق احلريري‪ ،‬متى بدأت هذه‬ ‫العالقة بالتوتر‪ ،‬مبعنى هل دار حديث ما في ما بينكما بشأن االنسحاب‬ ‫السوري من لبنان كحل مبدئي إلنقاذ البلد قبل اندالع األزمات واإلخالل‬ ‫باالستقرار األمني الذي عاناه لبنان؟‬ ‫إن عالقتي بالرئيس الراحل رفيق احلريري كانت عالقة رئيس جمهورية‬ ‫برئيس مجلس وزراء أو رئيس كتلة معارضة‪ ،‬يلتقي معه عند االتفاق على‬ ‫املبادئ والقناعات التي شرحت‪ ،‬ويبتعد عنه عند الشطط‪ .‬أما جلهة تذمره‬ ‫من الوجود السوري‪ ،‬فلم أسمعه يوما ً يتذمر‪ ،‬بل على العكس كان‪ ،‬في‬ ‫كثير من األحيان‪ ،‬يتذرع بأن رأي اإلخوان السوريني يدعم موقفه من مسائل‬ ‫معينة‪ .‬أما ردي فكان دائما ً أنني أنظر إلى مصلحة البلد والشعب وأحرص‬ ‫على املال العام‪ ،‬وال يضيرني املوقف السوري املزعوم‪ ،‬ال سيما أني كنت أعرف‬ ‫في قرارة نفسي أن القيادة السورية العليا لم تطلب مني يوما تبديال في‬ ‫قناعاتي أو قراراتي أو منهجي في العمل‪ .‬فهذا األمر كان يعنيني كرئيس‬ ‫جمهورية لبنان وبالتالي يعني الكرامة الوطنية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لعالقتي الشخصية معه‪ ،‬فكانت على ما يرام‪ ،‬إذ لم أعتد‬ ‫العداوات الشخصية يوماً‪.‬‬

‫أثر اغتيال الرئيس احلريري‬ ‫في زعزعة املوقع الرئاسي‬ ‫ـ كيف تلقيتم خبر اغتيال احلريري؟‬ ‫كنت في القصر اجلمهوري وجاءني أحد املستشارين يبلغني بتفجير كبير‬ ‫وضحايا كثر‪ ،‬ولم نكن نعرف بداية من هو املستهدف‪ .‬وعندما عرفت باألمر‪،‬‬ ‫هالني هذا االغتيال الشنيع وأنا بطبعي أنبذ العنف بأشكاله كلها‪ ،‬وبادرت‬ ‫إلى دعوة مجلس الوزراء الى جلسة طارئة وكذلك اجمللس األعلى للدفاع‬ ‫حيث مت اتخاذ القرارات الالزمة التي تتناسب مع هذا احلدث اجللل‪ .‬وبادرت علنا‬ ‫الى الدعوة الى حتقيق دولي‪.‬‬ ‫ـ برأيكم ما هو الدافع الغتيال احلريري‪ ،‬هل هو إعالنه عن معارضته‬ ‫للوجود السوري في لبنان وفق ما أعلنته اللجنة األميركية من أجل حترير‬ ‫لبنان في بيانها الذي وزّعته في الساعة التي تلت االنفجار‪ ،‬أم هناك‬ ‫معلومات ومصادر أخرى عن جرمية االغتيال؟‬ ‫لم أسمع يوما موقفا سلبيا من الرئيس الراحل احلريري جتاه سوريا‪ ،‬بل‬ ‫على العكس‪ .‬وأنا من القائلني إن الدافع في كل جرمية مرتبط باملستفيد‬ ‫منها‪ ،‬وان استهداف احلريري كان يتجاوز شخصه الى استهداف أمن لبنان‬ ‫وسوريا وتصديهما معا ملشاريع التشرذم والقهر والعدوان‪ .‬وفي ضوء ذلك‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪8‬‬

‫استهداف احلريري كان يتجاوز شخصه‬ ‫الى استهداف أمن لبنان وسوريا‬ ‫هالني اغتيال احلريري وبادرت علناً‬ ‫الى الدعوة الى حتقيق دولي‬

‫صرحت بأن من أقدم على هذا االغتيال إمنا هو عدو للبنان وسوريا‪ ،‬لذا ال‬ ‫ميكن إال أن أسمي إسرائيل وبعض شبكاتها األصولية املستخدمة منها‬ ‫لزعزعة األوضاع في لبنان وسوريا‪ .‬ولكني أترك كل ذلك للتحقيق الدولي‬ ‫الذي كنت أول املنادين الرسميني به حرصا على احلياد وعدم التسييس‬ ‫ومعرفة احلقيقة‪.‬‬ ‫ـ هل بقاؤكم في س ّدة الرئاسة حتى آخر دقيقة لنهاية عهدكم‪ ،‬هو‬ ‫للجم ما كان يصدر من اتهامات بحقكم في اغتيال الرئيس احلريري‬ ‫التي أعلنها علناً الوزير حمادة حني أشار بأصابع االتهام إلى دمشق مروراً‬ ‫بفخامتكم أم هناك شيء آخر دفعكم للبقاء؟‬ ‫أنا سعيد بأنك طرحت هذا السؤال‪ ،‬ذلك أن ما كنت أخشاه قد حصل‬ ‫بالفعل‪ ،‬وهو تسييس العدالة وإضاعة السبل الى احلقيقة اجملردة‪ .‬مت توقيف‬ ‫الضباط األربعة املمسكني باألمن في عهدي‪ ،‬ولم يستشرني أحد أو يأخذ‬ ‫إذنا ً مني‪ ،‬وفي الوقت ذاته لم يجد ممانعة مني‪ ،‬ألني على يقني مطلق بأنهم‬ ‫أبرياء كليا من دم هذا الصديق‪ .‬أرادوا أسر العهد من خالل أسر األبرياء‬ ‫من العسكريني واملدنيني‪ ،‬فرفضت اإلذعان خملططهم‪ ،‬وناديت بالتحقيق‬ ‫الدولي وأدليت بشهادتي لدى جلنة التحقيق الدولية التي زارتني في القصر‬ ‫وانتفضت على ما جرى في معرض إقرار احملكمة الدولية باعتماد أساليب‬ ‫غير دستورية وملتوية كأنه يراد إنشاؤها خلسة‪ ،‬وذهبت مذهب حتصينها‬ ‫ضد التسييس في مالحظاتي اخلطية على مشروعي االتفاق ونظام احملكمة‬


‫اللذين لم يبلغا مني إال في مرحلة متقدمة من وضعهما في أخطر عملية‬ ‫التفاف على الدستور وامليثاق‪ .‬وعندما طلب مني أن أمنح كتاب تعهد مبنح‬ ‫العفو عن عقوبة اإلعدام في حال تسليم شاهد الزور محمد زهير الصديق‬ ‫من السلطات الفرنسية الى السلطات اللبنانية ومحاكمته وإدانته‬ ‫باالشتراك باجلرمية على ما أق ّر هو واحلكم عليه باإلعدام‪ ،‬لم أتردد حلظة‬ ‫في صياغة كتاب بهذا الشأن بتوجيهه الى السلطات الفرنسية اخملتصة‬ ‫بواسطة وزير العدل‪ .‬وال أعرف حلينه ماذا حل بهذا الكتاب‪ ،‬وما إذا جرى‬ ‫إبالغه من السلطات الفرنسية أو إهماله‪ ،‬ولكني أعرف أن زهير الصديق‬ ‫حر طليق في حني أنه أقر باشتراكه باجلرمية واعتبر «الشاهد امللك» ضد‬ ‫الضباط األربعة الذين ال يزالون قيد التوقيف‪ ،‬فيما شهادته قد مت تشريحها‬ ‫وتعريتها متاما وإهمالها في أحد تقارير برامرتس‪ .‬هل هذه هي العدالة التي‬ ‫نسعى اليها؟ ويؤسفني أن أقول إن املتآمر هو أول من ميشي في اجلنازة‬ ‫ويصرخ ويلطم الوجه ويذرف الدموع والشرفاء يتأملون في اخللف‪ ،‬ألنهم‬ ‫يعرفون أن مثل هذا الدمع يستغل الدم‪.‬‬

‫يقسم إلى فريق أزرق وفريق أحمر‪ ،‬لم يكونوا يقولون صراحة من هو العد ّو‬ ‫الصديق‪ .‬أنا عندما أصبحت قائدا ً للجيش اللبناني أدخلت ضمن‬ ‫ومن هو ّ‬ ‫التعليم العسكري أ ّن إسرائيل هي العد ّو وسوريا هي الصديق‪ ،‬وقلت إ ّن لدينا‬ ‫على احلدود جارا ً واحدا ً هو سوريا‪ .‬لذا عندما سألني في بداية التسعينيات‬ ‫قائد لواء اجليش اللبناني املوجود في اجلنوب هل يقبض على املسلحني؟‬ ‫سألته من هم هؤالء املسلحون‪ ،‬هل هم فلسطينيون؟ أجابني هم لبنانيون‬ ‫يريدون استعادة أرضهم فقلت له كيف ميكن لنا أن نصادر سالحهم أو‬ ‫أن نوقفهم‪ ،‬هل مننعهم من العودة الى أرضهم وحتريرها؟ مطلوب منكم‬ ‫دعم املقاومة ومؤازرتها‪ ،‬قلت له باحلرف الواحد‪ :‬أنتم اجليش حيث توجدون‬ ‫تواجهون العد ّو ّ‬ ‫بكل ما لديكم من ق ّوة وسالح‪ ،‬هم املقاومة حيث يوجدون‬ ‫يقاتلون العد ّو مبا لديهم‪ ،‬ودوركم ودورهم متكامالن‪.‬‬

‫عهد الرئيس سليمان‬

‫ـ عام على انتهاء العهد‪ ،‬ما هي العالمات الفارقة بني عهدكم‬ ‫وعهد الرئيس سليمان‪ ،‬وهناك من يقول إنه مكمّ ل لكم من الناحية‬ ‫حرب متوز ‪ 2006‬واالستراتيجية الدفاعية‬ ‫االستراتيجية بالعالقة مع سوريا ودعم املقاومة؟‬ ‫من املبكر احلكم على العهد احلالي‪ ،‬لكن كلني أمل بأنّه سيكمل‬ ‫ـ هل كنتم وقيادة اجليش على علم بعملية‬ ‫ويواصل ما بدأناه‪ .‬إن الرئيس سليمان كان قائدا ً‬ ‫حزب اهلل في خطفه للجنديني اإلسرائيليني‬ ‫للجيش وقد سميته في عهدي‪ ،‬وكان يشاطرني‬ ‫متهيداً إلعالن حرب متوز ‪ 2006‬التي كانت‬ ‫أشد من أزره في األوقات‬ ‫املبادئ والقناعات‪ ،‬وكنت‬ ‫ّ‬ ‫متّ توقيف الضباط األربعة‬ ‫متوقعة في اخلريف من العام نفسه؟‬ ‫الصعبة واحلرجة‪ ،‬ولم يحد عن العقيدة الوطنية‬ ‫يقني‬ ‫على‬ ‫وأنا‬ ‫أحد‪،‬‬ ‫يستشرني‬ ‫ولم‬ ‫اهلل‬ ‫نصر‬ ‫حسن‬ ‫األمني العام حلزب اهلل الس ّيد‬ ‫للجيش‪ .‬فلماذا قد يحيد اليوم؟ إذا كان حاضر‬ ‫احلزب‬ ‫في‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫امليدان‬ ‫أعلن إثر عمل ّية متّوز أ ّن القيادة‬ ‫ّ‬ ‫بأنهم أبرياء من دم هذا الص ّديق‬ ‫الشخص ماضيه فالرجل سائر الى حيث يجب‪.‬‬ ‫في‬ ‫فرصة‬ ‫لها‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ارتأت‬ ‫لها حر ّية احلركة‪ ،‬فإذا ما‬ ‫ّ‬ ‫أما اذا غ ّير في القناعات والسلوك‪ ،‬فسيرى نفسه‪،‬‬ ‫في‬ ‫أخضر‬ ‫ضوء‬ ‫فلها‬ ‫اإلسرائيليني‬ ‫خطف اجلنديني‬ ‫قبل أن يراه غيره‪ ،‬في وضع يصعب عليه معه قيادة‬ ‫االستراتيجية الدفاعية التي‬ ‫على‬ ‫اهلل‬ ‫وحزب‬ ‫اجليش‬ ‫قيادة‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫يعلم‬ ‫ذلك‪ ،‬اجلميع‬ ‫ّ‬ ‫السفينة‪.‬‬ ‫األمور‪،‬‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫في‬ ‫قان‬ ‫ينس‬ ‫واليتي‬ ‫األقل خالل‬ ‫وضعتها وأنا قائد للجيش هي‬ ‫ّ‬ ‫ـ كيف تصفون الوضع اللبناني اليوم سياسياً‬ ‫ً‬ ‫امليداني‪.‬‬ ‫املقاومة‬ ‫عمل‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫يوم‬ ‫ل‬ ‫لكنّنا لم‬ ‫نتدخّ‬ ‫واقتصادياً ومالياً؟‬ ‫التنسيق بني املقاومة واجليش‬ ‫وسالحه‬ ‫اهلل‬ ‫حزب‬ ‫مقاتلي‬ ‫بدمج‬ ‫رأيكم‬ ‫ـ ما‬ ‫الوضع غير مريح على الصعد السياسية‬ ‫وما زالت قائمة‬ ‫اللبناني؟‬ ‫باجليش‬ ‫واألمنية واالقتصادية واملالية‪ .‬وكان ينقص لبنان‬ ‫كثيرا ً ما رددت‪ ،‬في ضوء خبرتي العسكرية‬ ‫الركود االقتصادي العاملي اآلتي من الغرب والذي‬ ‫الطويلة‪ ،‬أن قوة املقاومة هي في أنها مقاومة‬ ‫ّ‬ ‫لدي أمل أن العهد احلالي سيكمل وصل الى اخلليج العربي‪ ،‬مما يؤثر على املغتربني‬ ‫متخفية ومنبثقة من الشعب مباشرة في املدن‬ ‫اللبنانيني ومكانتهم املالية ودفق مساعدتهم‬ ‫ويواصل ما بدأناه‬ ‫والقرى‪ ،‬كما في سرعة حركتها وعدم ثبات‬ ‫وتوظيفاتهم في لبنان‪ ،‬ومما يرتد سلبا على‬ ‫مواقعها وعنصر املباغتة الذي تتمتع به في‬ ‫االقتصاد اللبناني‪ .‬إال أن لبنان يبدو‪ ،‬أقله على‬ ‫التصدي للعدوان‪ .‬وهذا ما يفسر انتصاراتها‪ .‬وليد جنبالط متقلب في مواقفه‬ ‫صعيد األزمة املالية‪ ،‬مبنأى عن عاصفتها املباشرة‪،‬‬ ‫واجليش الوطني له قسط كبير في هذه‬ ‫وذلك بفضل التدابير املالية حلاكمية مصرف لبنان‬ ‫ولم أستطع مساعدته‬ ‫االنتصارات إذ انه احلامي لهذه املقاومة وهي‬ ‫في عهدي‪.‬‬ ‫على تخطيها‬ ‫بالنتيجة من أرضه وشعبه وأهله‪ .‬وأبرز دليل حرب‬ ‫ـ كيف تصفون عالقتكم بالنائب وليد‬ ‫متوز ‪ 2006‬حيث سقط للمقاومة واجليش معا‬ ‫جنبالط قبل نهاية العهد وخالله وبعده؟‬ ‫متقلبة تبعا ً لتقلبه متاما ً وتقلب مواقفه‪.‬‬ ‫شهداء أبرياء سقت دماؤهم الغالية أرض الوطن‪ .‬رفضت دوماً تشكيل كتلة نيابية‬ ‫ق ّوة املقاومة أنّها مثل الهواء ال ميكن التقاطها‬ ‫أنا راسخ في اقتناعاتي ومواقفي وغير متلون‬ ‫َ‬ ‫أسع إلى تأسيس تيار‬ ‫وال يعرف أين مسؤولوها‪ .‬فإذا دمجناها باجليش كما أني لم‬ ‫بطبعي‪ ،‬فيما غالبا ما ينقلب حتى على ذاته‪.‬‬ ‫سياسي‬ ‫أصبحت أماكن وجودها معلومة وحت ّولت بالتالي‬ ‫وهذه مشكلة تعنيه ولم أستطع مساعدته على‬ ‫إلى جيش تقليدي‪ ،‬ونحن نعلم أ ّن اجليش اللبناني‬ ‫تخطيها‪.‬‬ ‫مينع عنه السالح الثقيل واملتط ّور‪ ،‬فإذا ً تكون العماد عون خطا خطوة مهمة جدا ً‬ ‫ـ هل سيصار إلى مصاحلة مسيحية ‪-‬‬ ‫النّتيجة خسارة اجليش وخسارة املقاومة في آن‪.‬‬ ‫مسيحية قبل املصاحلة الوطنية املقررة في‬ ‫سوريا‬ ‫بزيارة‬ ‫دفاعية‬ ‫ـ هل وضعتم استراتيجية عسكرية‬ ‫القصر اجلمهوري؟‬ ‫خالل توليكم قيادة اجليش؟ وما هي؟‬ ‫أنا كنت دائما ً أنظر إلى األمور من منظار وطني‪،‬‬ ‫قائد‬ ‫وأنا‬ ‫وضعتها‬ ‫االستراتيجية الدفاع ّية التي‬ ‫لذا ال وجود في قاموسي لشيء اسمه مصاحلة‬ ‫علي‬ ‫الضغوطات العربية ّ‬ ‫بني‬ ‫التنسيق‬ ‫أي‬ ‫هذا‪،‬‬ ‫للجيش قائمة حتى يومنا‬ ‫ّ‬ ‫مسيح ّية وإسالم ّية‪ ،‬أنا مع تدعيم املصاحلات‬ ‫كانت ممن كان يضرهم التوافق‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫عمل‬ ‫في‬ ‫أحد‬ ‫ل‬ ‫املقاومة واجليش دون أن‬ ‫يتدخّ‬ ‫الوطن ّية وتقويتها ألننا نرى لألسف أ ّن احلوار‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫العسكر‬ ‫ّمارين‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫خالل‬ ‫اجليش‬ ‫في املاضي كان‬ ‫اللبناني ـ السوري‬ ‫ّ‬ ‫القائم حاليا ً غير مج ٍد‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الغالف‬ ‫ـ هل ترشيح جنلكم إميل للنيابة‪،‬‬ ‫ـ هل املصاحلات كانت للتعبير عن‬ ‫كان بهدف حفظ املوقع السياسي‬ ‫تصفية النفوس‪ ،‬أم هي هدنة مؤقتة‬ ‫لعائلتكم؟‬ ‫ملا بعد االنتخابات؟‬ ‫لم أرشح ابني إميل ألي موقع‪ ،‬حتى‬ ‫هذا السؤال يجب أن يسأل‬ ‫أنني رفضت توزيره عندما طلب مني‬ ‫للمتصاحلني لكن األحداث ال تطمئن‬ ‫الرئيس احلريري ذلك لتولي حقيبة‬ ‫خيراً‪.‬‬ ‫الشباب والرياضة‪ ،‬وذلك كي ال أقع في‬ ‫ـ هل شعر الرئيس حلود بأنه كان‬ ‫شرك املساومة‪ ،‬وال أحكم على النيات‪،‬‬ ‫معزوالً في نهاية عهده؟‬ ‫اذ كان الرجل صادقا في طرحه‪ ،‬إال أني‬ ‫لم أشعر يوما بأني معزول في نهاية‬ ‫لم أر األمر من هذه الزاوية ورفضت أن‬ ‫عهدي ألن العزل احلقيقي ينبع من الذات‪،‬‬ ‫يتبوأ أحد من أوالدي أي موقع بسبب‬ ‫وأنا كنت متصاحلا مع نفسي وضميري‬ ‫موقعي‪ .‬أنا لم أرشح إميل الى النيابة‬ ‫الوطني‪ ،‬لذا لم أكترث للمقاطعة ولم‬ ‫بل طلبت منه عدم الترشح‪ ،‬وهو لم يرد‬ ‫أشعر بها اذ كنت على يقني بأني على‬ ‫لي طلبي بل ذكرني بأني رفضت يوما‬ ‫حق ومن هو على حق قد يهلك ولكن‬ ‫نصيحة والدي بعدم دخول اجليش‪ ،‬وأنه‬ ‫يبقى رأسه مرفوعا وضميره مرتاحا‬ ‫سوف يكرر هذه التجربة مرة أخرى في‬ ‫وشعبه ينظر اليه كمقاوم وصلب‬ ‫الندوة البرملانية اذا ق ّيض له النجاح‪.‬‬ ‫ومتمسك باملبادئ الوطنية وغير متخل‬ ‫وعندما ترشح لم أعد أصعد الى منزل‬ ‫عنها‪ ،‬ألنه تعرض لضغط أو مقاطعة‬ ‫العائلة في بعبدات ألكثر من ستة‬ ‫مشبوهة‪ .‬ولكن من املؤسف أن أكثر‬ ‫أشهر كي ال يقال إن الرئيس يحاول‬ ‫املقاطعات شبهة هي مقاطعة بعض‬ ‫التأثير في العملية االنتخابية‪ .‬وقد‬ ‫املعارضة لقصر بعبدا في حينه‪ ،‬وال‬ ‫ما يجمع لبنان بسوريا من صلب مصلحة‬ ‫جنح إميل في حينه‪ ،‬ثم اتخذ عام ‪2005‬‬ ‫تفسير لذلك إال املصالح املتقاطعة‬ ‫لبنان االستراتيجية العليا‪.‬‬ ‫قرارا بعدم الترشح من جديد لكنه‬ ‫التي لم أدخل في شبكتها يوما‪.‬‬ ‫لم ينقطع عن العمل السياسي‪ ،‬وقد‬ ‫ـ من يرى الرئيس حلود أنّه انقلب‬ ‫القيادة السورية العليا لم تطلب مني يوما‬ ‫اختار سبيله‪ ،‬كما سبق لي أن اخترت‬ ‫عليه؟‬ ‫سبيلي في املؤسسة العسكرية التي‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫على‬ ‫انقلب‬ ‫علي‬ ‫انقلب‬ ‫من‬ ‫ً‬ ‫تبديال في قناعاتي أو قراراتي أو منهجي‬ ‫بها آمنت‪ .‬أما أن يترشح اميل في‬ ‫لدي قناعات‪ ،‬وقد عملت وفق ضميري‪.‬‬ ‫االنتخابات القادمة‪ ،‬فهذا شأن عائد‬ ‫يتبدل‬ ‫لم أغير في قناعاتي والضمير ال ّ‬ ‫في العمل‬ ‫اليه‪ ،‬وقد تكون له معطيات تدعوه الى‬ ‫وال مصالح شخصية لي‪ ،‬والوصولية‬ ‫هذا الترشح‪ ،‬وهذا حق من حقوقه‪.‬‬ ‫ال وجود لها في قاموسي‪ .‬ان من انقلب‬ ‫أدخلت في التعليم العسكري أن إسرائيل‬ ‫ـ ماذا عن زيارتكم األخيرة إليران؟‬ ‫علي هو عكس ما أنا عليه من ثبات‬ ‫سدة‬ ‫في املوقف واقتناع راسخ في التوجه‬ ‫هي العدو وسوريا هي الصديق‪ ،‬ودور اجليش‬ ‫تلقيت دعوة لزيارة إيران وأنا في ّ‬ ‫الرئاسة‪ ،‬لكن الظروف لم تساعدني‬ ‫وضمير حي في املمارسة وتر ّفع عن‬ ‫واملقاومة متكامالن‬ ‫وجددوا الدعوة‬ ‫على تلبيتها‪ ،‬فعادوا‬ ‫الصغائر واملصالح الشخصية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد ل ّبيتها وكانت زيارة مم ّيزة‪ ،‬فتعرفت‬ ‫ـ يقال إنكم لم تختاروا‬ ‫برحيل بوش وإدارته طويت صفحة سوداء‬ ‫على إيران وشعبها الطيب وقيادتها‬ ‫مستشاريكم ومعاونيكم كما يلزم‪،‬‬ ‫الرشيدة والداعمة لقضايا لبنان احملقة‬ ‫ما هو ر ّدكم؟‬ ‫في تاريخ املنطقة‬ ‫في مواجهة مشاريع الهيمنة‪.‬‬ ‫ردي بديهي عن هذا السؤال‪ ،‬وهو‬ ‫ـ بعد وصول الدميوقراطي باراك‬ ‫التالي‪ :‬أن املستشارين واملعاونني‬ ‫أوباما لسدة الرئاسة‪ ،‬كيف تقرأون‬ ‫اخلاصني هم الذين آمنوا معي بأن الدولة‬ ‫تبنى على مبادئ وتوجهات وممارسة‪ ،‬وهم الذين بقوا معي في السفينة املرحلة املقبلة في املنطقة وبالتالي تأثير ذلك على لبنان؟‬ ‫برحيل بوش وإدارته طويت صفحة سوداء في تاريخ املنطقة‪ ،‬إدارته‬ ‫عندما كانت األنواء تضرب بها‪ ،‬وهم الذين شهد لهم اجلميع بعلمهم‬ ‫والدمار‪ .‬نحن نعلم أ ّن السياسة‬ ‫وخبرتهم وجتردهم وإخالصهم للوطن وملشروع الدولة‪ .‬كثيرون كانوا يدعون لم جتلب إال اخلراب والويالت والقتل‬ ‫ّ‬ ‫االستشارة‪ ،‬وقلة كانوا يشيرون وفقا ً الختصاصاتهم‪ .‬األمور كانت تدرس األميركية في املنطقة عموما ً منحازة إلى إسرائيل لكنّها حتت إدارة‬ ‫تشددا ً وتط ّرفا ً من‬ ‫من جوانبها كلها‪ ،‬واآلراء كانت دائما موثقة‪ .‬إن فريق العمل في القصر بوش كانت أكثر من منحازة‪ ،‬فاألميركيون كانوا أكثر‬ ‫ّ‬ ‫الذي كان يعاونني هو محط أنظار واحترام اجلميع‪ ،‬وهم محترفون كل في اإلسرائيليني حتّى‪ ،‬ولألسف شاركت بعض األنظمة العرب ّية إدارة بوش‬ ‫ومخز في الوقت نفسه‪ .‬آمل من الرئيس‬ ‫موقفها هذا‪ ،‬وهذا أمر محزن‬ ‫اختصاصه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫املنتخب أوباما أن يحقق ما أعلنه من انسحاب من العراق‪ ،‬وترك الشعوب‬ ‫ـ هل كان في نيّتكم تأسيس تيار سياسي؟‬ ‫لم أسع يوما الى تأسيس تيار سياسي أو املمارسة السياسية باملعنى تقرر مصائرها‪ .‬كما آمل منه‪ ،‬على عكس ما أعلن‪ ،‬أال يكون االنحياز الى‬ ‫الض ّيق‪ ،‬وأبرز دليل على ذلك أني رفضت دوما تشكيل كتلة نيابية بناء على اسرائيل انحيازا مطلقا‪.‬‬ ‫ـ عالقتكم بالقيادة السورية وحتديداً بالرئيس بشار األسد‪ ،‬في أي إطار‬ ‫إصرار البعض‪ ،‬وهم ذاتهم الذين ينصحون الرئيس اليوم بتشكيل كتلة‬ ‫نيابية له‪ .‬وفي هذا الصدد إقول إن رئيس اجلمهورية هو رئيس الدولة ورمز تكمن هذه العالقة‪ ،‬في اإلطار السياسي أم العائلي؟‬ ‫العالقة سياس ّية وعائل ّية في آن‪ ،‬فال ّرئيس بشار تع ّرفت عليه قبل أن‬ ‫وحدة الوطن وليس فريقا في سباق انتخابي‪ ،‬ذلك أن من يشترك في السباق‬ ‫سدة ال ّرئاسة وهو متاما ً كوالده مؤمن بالقضايا العرب ّية احملقّ ة وداعم‬ ‫يخسر دوره كحكم‪.‬‬ ‫يتب ّوأ ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪10‬‬


‫للمقاومة‪ .‬وهو صديق على الصعيد الشخصي‬ ‫وكان من دون ّ‬ ‫شك وال يزال حليفا ً سياسيا ً ألنّنا‬ ‫نتشارك ال ّرؤية ذاتها في معظم األمور‪.‬‬ ‫ـ كيف يقضي الرئيس حلود أيامه اليوم‪ ،‬وما‬ ‫هي املشاريع املستقبلية؟‬ ‫أنا أواصل عملي الوطني وأستقبل الزّوار‬ ‫ملح‪،‬‬ ‫وأعطي رأيي عندما يكون هناك أمر‬ ‫ّ‬ ‫قدمت حياتي خدم ًة لوطني وهذا‬ ‫وأنا ّ‬ ‫املهم أن يخدم‬ ‫أمر لن أتو ّقف عنه اليوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بغض النّظر عن املوقع الذي‬ ‫اإلنسان وطنه‬ ‫ّ‬ ‫يشغله‪.‬‬

‫في الساحة احمللية‬ ‫واإلقليمية والدولية‬ ‫ما هي انعكاسات وصول أوباما إلى س ّدة‬ ‫الرّئاسة على الساحة احملليّة واإلقليميّة‬ ‫والدوليّة؟‬ ‫مهم فنحن رأينا كيف‬ ‫التّغيير في األشخاص‬ ‫ّ‬ ‫أ ّن رحيل شيراك ومجيء ساركوزي أ ّدى إلى تغيير‬ ‫جوهري في سياسة فرنسا جتاه لبنان وسوريا‬ ‫ّ‬ ‫شك بأ ّن رحيل بوش‬ ‫أي‬ ‫لدي ّ‬ ‫واملنطقة‪ ،‬وليس ّ‬ ‫سيؤدي إلى أي تغيير على مستوى‬ ‫ومجيء أوباما‬ ‫ّ‬ ‫السياسة األميرك ّية في املنطقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تفسرون زيارة العماد عون‬ ‫ـ ماذا ترون وكيف‬ ‫إلى سوريا؟‬ ‫مهم‬ ‫الزيارة كانت ج ّيدة وهي أتت في وقت‬ ‫ّ‬ ‫جدا ً في تاريخ البلدين والشعبني‪ ،‬وهي إمنا ّ‬ ‫تؤكد‬ ‫ّ‬ ‫عمق العالقة التاريخ ّية التي تربط البلدين منذ‬ ‫مئات السنني‪ ،‬فالعالقة بني لبنان وسوريا يجب‬ ‫أن تكون دائما ً مم ّيزة‪ ،‬وما رأيناه في السنوات الثالث‬ ‫األخيرة هو حالة شاذة‪ .‬وأنا أعتبر أ ّن العماد عون‬ ‫جدا ً في اجتاه إعادة العالقة‬ ‫خطا خطوة‬ ‫مهمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى ما كانت عليه في السابق‪.‬‬ ‫ـ انطالقاً من صالحياتكم كرئيس جمهوريّة‬ ‫سابق‪ ،‬هل ترون ضرورة في تعديل الطائف؟‬ ‫وملاذا لم ّ‬ ‫ينفذ بكامله؟‬ ‫يعدل‪ .‬أي‬ ‫الطائف ليس إجنيالً أو قرآنا ً كي ال ّ‬ ‫اتّفاق هو اتفاق أصبح دستورا ً وهناك آليات‬ ‫معروفة لتعديل الدستور‪ ،‬وبعد عشرين سنة‬ ‫طبيعي أن يكون للبعض رأي في‬ ‫على توقيعه‬ ‫ّ‬ ‫تعديالت على اتفاق الطائف‪ .‬أما ملاذا لم ّ‬ ‫ينفذ‬ ‫بكامله فأل ّن اإلصالحات األساس ّية فيه من إلغاء‬ ‫السياسية وغيرها من األمور التي هي‬ ‫للطائفية ّ‬ ‫في رأيي جوهر الطائف تض ّر معظم الطبقة‬ ‫السياس ّية اللبنان ّية‪ .‬وهذه الطبقة عملت جاهد ًة‬ ‫وبكل ما أوتيت من ق ّوة للمحافظة على نظام‬ ‫احملاصصة الطائف ّية‪ ،‬في املاضي كانوا يقولون إ ّن‬ ‫سوريا مسؤولة عن عدم تطبيق الطائف اليوم‬ ‫أسأل هل سوريا هي أيضا ً مسؤولة عن عدم‬ ‫تطبيقه؟‬

‫انتسب للكلية احلربية في عام ‪ .1956‬وعني قائدا ً للجيش عام ‪ 1989‬وذلك بعد إقصاء‬ ‫قائد اجليش األسبق ميشال عون الذي كان يتولى ممانعة ضد احلكم اجلديد في لبنان‬ ‫ويتحصن بقصر بعبدا‪ ،‬انتخب رئيسا ً للجمهورية اللبنانية عام ‪ 1998‬ومدد له لفترة‬ ‫رئاسية ثانية عام ‪.2004‬‬ ‫انتهت واليته الدستورية بتاريخ ‪ 23‬تشرين الثاني ‪ 2007‬وغادر في متام الساعة الثانية‬ ‫عشرة من ليل ‪ 24‬تشرين الثاني قصر بعبدا من غير أن يسلم السلطة إلى رئيس‬ ‫جديد‪ ،‬بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بني األفرقاء اللبنانيني النتخابه‪ .‬وقد أعلن عند‬ ‫مغادرته القصر الرئاسي أن ضميره مرتاح وأن لبنان بألف خير وأن اجلميع يجب أن يعودوا‬ ‫إلى ضميرهم ويعرفوا أن لبنان مختلف عن دول العالم كلها وحتكمه الدميوقراطية‬ ‫التوافقية‪.‬‬ ‫تطوع في اجليش بصفة تلميذ ضابط والتحق باملدرسة احلربية في ‪ 1‬تشرين األول ‪1956‬‬ ‫ورُ ّقي لرتبة مالزم بحري في ‪ 18‬أيلول ‪ .1959‬وخضع لعدة دورات داخلية في توجيه الطائرات‬ ‫واخملابرات ودورات خارجية في مجال البحرية في كل من بريطانيا والواليات املتحدة‪ .‬وتدرج‬ ‫في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة عماد بتاريخ ‪ 28‬تشرين الثاني ‪ 1989‬وذلك‬ ‫عند صدور مرسوم من الرئيس إلياس الهراوي بترقيته إلى رتبته اجلديدة وتعيينه قائدا ً‬ ‫للجيش اللبناني‪ .‬سرح من اخلدمة العسكرية بعد انتخابه رئيسا ً للجمهورية في ‪24‬‬ ‫تشرين الثاني ‪.1998‬‬ ‫متزوج من أندريه عمدوني (أندريه حلود) وله ثالثة أوالد‪:‬‬ ‫كارين (متزوجة من الوزير إلياس املر)‪.‬‬ ‫إميل (نائب سابق في البرملان اللبناني لدورة (‪ ،)2005 - 2000‬ورالف‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبو درغم‬ ‫‪11‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫نائب رئيس الحكومة اللواء عصام أبو جمرا لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫إذا تأجلت مسألة صالحيات نائب رئيس الحكومة‬ ‫فستكون العقدة عند تشكيل أول حكومة‬

‫وقفت السياسة على منعطف استثنائي في املشهد اللبناني‪،‬‬ ‫فرئيس التيار الوطني احلر العماد ميشال عون‪ ،‬بعد خصام طويل‪،‬‬ ‫لقي في سوريا استقباالً رسمياً وشعبياً حاشداً‪.‬‬ ‫الزيارة فاجأت فريق ‪ 14‬شباط وأفقدته رشده‪ ،‬بعدما أثار العديد‬ ‫من زيارات الوزراء اللبنانيني حفيظة أركانه‪ ،‬فتطايرت تصريحاتهم‬ ‫من هنا وهناك‪ ،‬وفي كل اجتاه‪ .‬فمنهم من يرفض الزيارات إلى‬ ‫سوريا‪ ،‬آخر يريدها مبوافقة مجلس الوزراء‪ ،‬وآخر يحاول نشر جو من‬ ‫الدميوقراطية تاركاً حرية اخليار ملن أراد زيارة سوريا‪.‬‬ ‫على ضوء الزيارة احلدث‪ ،‬كان املشهد ال يفوّت‪ ،‬أصداء الزيارة بدأت‬ ‫قبل أن تبدأ‪ ،‬وكان اجلنرال كزعيم لبناني وطني يحظى باحترام في‬ ‫املنطقة‪ .‬املعارضة أثنت على الزيارة ورأت فيها تعميقاً للعالقات‬ ‫اللبنانية السورية‪ ،‬ما من شأنه أن يعود باخلير على البلدين‪ ،‬أما‬ ‫قوى ‪ 14‬شباط فذهبت في حتليالتها بعيداً‪ ،‬فمنهم من رأى فيها‬ ‫مغامرة ستأخذ اجلنرال وتياره إلى احلضيض‪ ،‬والبعض اآلخر قرأ فيها‬ ‫عملية دفع فواتير‪ ،‬وآخرون ربطوها باالنتخابات باعتبار أنها محاولة‬ ‫تعومي انتخابية‪ .‬في ضوء هذا‪ ،‬كان احلديث املترافق عن شعبية‬ ‫التيار كالبورصة‪ً ،‬‬ ‫تارة تعلو وطوراً تنخفض‪ ،‬لكن حتى اآلن ال خسائر‬ ‫ملموسة‪ .‬فال تزال هناك أشهر قليلة تفصل عن استحقاقات‬ ‫االنتخابات ليدرك اجلميع وجهة املزاج املسيحي وتأثره بخطوات‬ ‫اجلنرال على الصعيد اإلقليمي كما احمللي‪ ،‬بعد ما خاضه ويخوضه‬ ‫من معارك في مجلس الوزراء‪ ،‬أهمها معركة صالحيات نائب رئيس‬ ‫احلكومة التي أيضاً حاول الفريق اآلخر استغاللها لتوجيه سهامه‬ ‫إليه وإلى نائب رئيس احلكومة اللواء عصام أبو جمرا‪ ،‬عبر سيل من‬ ‫االتهامات‪.‬‬ ‫نائب رئيس احلكومة عصام أبو جمرا وصف حمالت قوى ‪14‬‬ ‫شباط على اجلنرال عون بعملية “إطالق اخلرطوش ّ‬ ‫اخللبي” و”تفقيع‬ ‫البالونات”‪ ،‬تاركاً اخليار للمواطنني حملاسبة اجلنرال في صناديق‬ ‫االقتراع‪ ،‬مستغرباً موقف ‪ 14‬شباط املعادي للتيار الوطني احلر منذ‬ ‫ما قبل وصول اجلنرال إلى لبنان‪ .‬كما حتدث تفصيلياً عن مسألة عون رجل نشأ في مؤسسة منطقية واقعية‪ ،‬ونشأ على حب لبنان وسيادته‬ ‫صالحيات نائب رئيس احلكومة واالنتخابات النيابية في حوار مع وحرية الشعب اللبناني واستقالليته‪ ،‬وأقسمنا اليمني سويا ً منذ كان عمره ‪18‬‬ ‫عاما ً عند دخوله إلى اجليش‪ ،‬فال يزايد أحد علينا في موضوع السيادة واحلرية‬ ‫“منبر التوحيد” هذا نصه‪:‬‬

‫املهم عزة لبنان ورفعته‬ ‫ـ ملاذا هذه احلمالت على زيارة اجلنرال عون إلى سوريا؟‬ ‫أنا وصفت ما يقوم به الفريق اآلخر بإطالق “اخلرطوش اخل ّلبي” أو “تفقيع‬ ‫البالونات”‪ .‬ال أعتقد أن ما يهمنا هو غير مصلحة لبنان وشعبه سواء زار اجلنرال‬ ‫سوريا أو إيران أو السعودية أو فرنسا‪ .‬ما يهم اجلنرال هو عزة لبنان ورفعته‪،‬‬ ‫وأي تفسير غير هذا يدخل في إطار عملية “تفقيع بالونات”‪ ،‬ما يهمنا ويهم‬ ‫اجلنرال هو أن ننهي حياتنا السياسية والعسكرية بشرف كما بدأناها‪ ،‬فاجلنرال‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪12‬‬

‫واالستقالل‪.‬‬ ‫ـ يقال إنكم ذهبتم من أجل مصلحة خاصة؟‬ ‫نحن لسنا “مصلحجية”‪ ،‬فبالنسبة لنا املصلحة اخلاصة أصبحت خلفنا‪.‬‬ ‫ـ ولكن دولة الرئيس يقال أيضاً إن اجلنرال عون يقيم عالقات مع سوريا منذ‬ ‫كان في باريس وحتدث أكثر من طرف في ‪ 14‬آذار عن وجود عالقة قائمة منذ‬ ‫أكثر من سنتني بني اجلنرال وسوريا؟‬ ‫هذا كالم يحوي الكثير من اخليال‪ ،‬أنا كنت في فرنسا وكنت مع اجلنرال‪.‬‬ ‫اجلنرال زاره أناس كثر من الغرب والشرق ومن كل الفئات‪ ،‬وكان منزله وال يزال‬ ‫حتى اآلن مفتوحاً‪ ،‬حتى من د ّبر له مكيدة الغتياله وحتى أعداؤه أتوا ليزوره‪.‬‬ ‫اجلنرال عون يسمع كل الناس لكن يقوم مبا هو ملصلحة تياره وملصلحة لبنان‬


‫والشعب اللبناني وما يراه صحيحاً‪ ،‬وال يقوم باألشياء التي تتطلب منه “كيف‬ ‫ما كان”‪ ،‬وهذا من أبرز مميزاته‪.‬‬ ‫سابقا ً كنا نطالب بخروج سوريا من لبنان وفقا ً ملقولة سوريا في سوريا‬ ‫ونحن في لبنان‪ ،‬وذهبنا الى أميركا لنصدر قانون سيادة لبنان واستقالله وخروج‬ ‫سوريا من لبنان‪.‬‬ ‫ـ أي قانون محاسبة سوريا؟‬ ‫ال‪ ،‬هم أضافوا اليه محاسبة سوريا‪ ،‬إمنا القانون كان قانون سيادة لبنان‬ ‫واستقالله وخروج سوريا منه‪ .‬ما كنا نعتقده أن سوريا ال ميكن أن تخرج من‬ ‫لبنان باتفاق الطائف‪ ،‬بل تستطيع أن تبقى الى أبد اآلبدين‪ .‬كما رأينا أن سوريا‬ ‫ميكن أن تخرج بواسطة الـ‪ 520‬وبواسطة األمم املتحدة‪ ،‬ومبا أن أميركا القوة‬ ‫الفاعلة في األمم املتحدة ذهب اجلنرال الى أميركا وطالب بخروج سوريا من لبنان‪.‬‬ ‫إذا ً طالبنا بخروج سوريا من لبنان وعندما خرجت عدنا‪.‬‬ ‫منذ عام ‪ 1988‬كنا نقول فلتخرج سوريا من لبنان وسنكون معها على أفضل‬ ‫العالقات‪ .‬فنحن نعرف أهمية سوريا بالنسبة للبنان ودورلبنان بالنسبة لسوريا‪،‬‬ ‫ونعرف الى أي مدى العالقات واحلدود املشتركة مهمة للبلدين‪ ،‬إضافة الى أن‬ ‫الكثير من املشاكل املوجودة عندنا ال نستطيع ح ّلها إذا لم نكن على عالقات‬ ‫ممتازة مع سوريا‪ .‬كيف سنرسم احلدود اذا كانت سوريا ال تريد أن ترسم معنا؟‬ ‫كيف سنرى اذا كان لدينا مفقودون في سوريا إذا كنا ال نتكلم مع سوريا؟ كيف‬ ‫سنحل قضية مزارع شبعا‪ ،‬وهي األهم‪ ،‬إذا لم تقل سوريا إنها لبنانية وأعطتنا‬ ‫األوراق‪ ،‬تبقى هذه القضية معلقة الى أبد اآلبدين؟ كيف سنقيم عالقات‬ ‫دبلوماسية إذا كنت تهاجم سوريا؟‬

‫ابو جمرا يتحدث للزميلة ابو ذياب‬

‫العماد عون‬ ‫ليس أسير المصالحة‬ ‫مع سوريا بل مصلحة لبنان‬

‫تصريحات ‪ 14‬شباط متناقضة‬ ‫ـ لكنهم متخوفون من أن تفرض عليكم سوريا شروطاً أو أن تقدموا لها‬ ‫“الطاعة” ‪...‬؟‬ ‫حسناً‪ ،‬هل العماد عون أسير؟ في املاضي قال إنه سيقيم أفضل العالقات‬ ‫مع سوريا‪ ،‬اذا كان املسرى السياسي يسمح له بالتصالح معها‪ ،‬فما الذي مينع؟‬ ‫كما ذهب الى إيران‪ ،‬وكان سيزور السعودية قبل ذلك تلبية لدعوة‪ ،‬ولكن بعد‬ ‫استشهاد بيار اجلميل تأجل املوعد الى وقت الحق‪ ،‬وهذا الوقت الالحق لم يحصل‬ ‫حتى اآلن‪ .‬هذا معناه أن اجلنرال عون ليس أسير املصاحلة‪ ،‬إذا كنت تتذكرين اجلنرال‬ ‫تعدوا على الرئيس السنيورة‬ ‫عون انتقد سوريا في عدة مواقف حتى عندما ّ‬ ‫ووليد جنبالط وعلى الكل رد عليهم‪ ،‬وحتى في إطار التصرفات من مدة‪ ،‬عندما‬ ‫قالوا إذا اجليش يتدخل أو ال يتدخل‪ ...‬أي نحن لسنا أسرى إال مصلحة لبنان‬ ‫وحرية لبنان وسيادته‪.‬‬ ‫ـ يبدو أن احلمالت على الزيارات الى سوريا ال تقتصر على اجلنرال عون‬ ‫بل طالت الوزير بارود وقائد اجليش العماد قهوجي‪ .‬برأيك ملاذا هذه احلمالت‬ ‫والتوتر عند الفريق اآلخر؟‬ ‫ذكرت هناك حمالت كثيرة على زائري سوريا‪ ،‬فالفريق اآلخر غير واثق‬ ‫كما‬ ‫ِ‬ ‫من نفسه ومبا يفعل‪ ،‬وكل التصريحات التي انطلقت حولها حتوي الكثير‬ ‫من التناقضات‪ ،‬فعلى ما يبدو يغيرون رأيهم بني احلني واآلخر‪ .‬ففخامة‬ ‫الرئيس زار سوريا بعلم مجلس الوزراء ‪ ،‬والوزير بارود زار سوريا بناء على‬ ‫قرار من اجمللس‪ ،‬وكما زيارة قائد اجليش قهوجي التي كانت احلكومة على‬ ‫علم مسبق بها عبر وزير الدفاع الذي سيزور أيضا ً سوريا بعلم من مجلس‬ ‫الوزراء‪ .‬انتقدوا في السابق الوزير بارود‪ ،‬إال أنهم اآلن ش ّرعوا زيارة سوريا‬ ‫بعلم مجلس الوزراء‪.‬‬

‫من افتعل الفرقة؟‬ ‫ـ تكلمت دولة الرئيس عن افتعال فرقة مع اجلنرال عون منذ ما قبل‬ ‫وصوله إلى لبنان‪ ،‬واليوم تتعرضون حلمالت هجومية كثيرة بسبب زيارة‬ ‫اجلنرال إلى سوريا أو أداء اجلنرال عون؟ برأيك ملاذا هذه احلمالت املتواصلة‬ ‫على اجلنرال؟‬ ‫سألت منذ زمن‪ ،‬وقلت ملرسيل غامن عندما كان عنده مقابلة مع سعد‬ ‫احلريري أن يسأله مباذا يزعجه التيار الوطني احلر‪ ،‬هل نحن من قتلنا أباه أو ماذا؟‬

‫يروج‬ ‫الفريق اآلخر ّ‬ ‫لتأجيل االنتخابات للمحافظة‬ ‫على األكثرية‬ ‫فليخبرنا؟ هذه العداوة القوية ضد فئة من الفئات ال يفهمها أحد‪ ،‬إال إذا كان‬ ‫بينه وبينهم دم‪ ،‬ونحن سألناه ما هو سبب العداوة بيننا؟ حتى اآلن لم نتلقَ‬ ‫جواباً‪.‬‬ ‫ـ تتوجهون وتسألون سعد احلريري بينما هو وكل أطراف ‪ 14‬آذار‬ ‫يهاجمونكم‪ ،‬أترى أنكم أنتم افترقتم عنها؟‬ ‫هم افتعلوا الفرقة قبل وصول اجلنرال عون ورفاقه إلى لبنان‪ ،‬وهم اختاروا‬ ‫عدم الوجود معنا‪ ،‬وأي ادعاء آخر هو مفتعل وباطل‪ .‬عند عودتنا كنا مند يدنا‬ ‫لسعد احلريري ووليد جنبالط دون أي حتفظ‪ ،‬لكن ما حدث أنه عندما كنا آتني‬ ‫إلى لبنان وما ّدين لهم يدنا كانوا يذهبون إلى الرئيس الفرنسي آنذاك شيراك‬ ‫ليقولوا له ال تدعهم يعودوا إلى لبنان‪ ،‬وفعالً أرسل لنا شيراك رئيس مكتبه‪،‬‬ ‫جنرال “طويل عريض”‪ ،‬وذهبت معه الى اجلنرال عون وقال لنا إن هناك صواريخ‬ ‫منصوبة في املطار ستسقط الطائرة التي كنا سنستقلها‪ ،‬قلنا له نحن نقبل‬ ‫أن تسقط طائرتنا ولنصبح شهداء كالرئيس احلريري‪ ،‬شهيدكم الكبير‪ ،‬فنحن‬ ‫حياتنا مبنية على هذا األساس‪ ،‬فالشهادة شرف‪ .‬وأتينا الى لبنان‪ .‬ذهبنا لنضع‬ ‫زهورا ً على قبر الرئيس احلريري ولم يكن هناك أحد من أفراد العائلة‪ ،‬كان من‬ ‫املفترض أن يكون قانون االنتخاب على أساس القضاء فما كان إال أن بقي قانون‬ ‫الـ‪ 2000‬فقلنا “ماشي احلال”‪ ،‬ومن ثم استبعدنا من احللف الرباعي‪ .‬في هذه‬ ‫احلال‪ ،‬من يكون افتعل الفرقة؟ يقول البعض اجلنرال عون؟ هذا ليس صحيحا ً‬ ‫بل العكس”‪.‬‬ ‫ـ رمبا ألنكم تدعون لفتح موضوع احلسابات‪ ،‬أي تريدون العودة حملاسبة‬ ‫الرئيس احلريري ومن كان إلى جانبه على الهدر والصفقات؟‬ ‫هذا موضوع ال يهم اجلنرال عون وحده بل كلنا‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫بحث عن الوزير للتحقيق معه نتيجة كيد سياسي أو شيء ما‪ ،‬بل سارت األمور‬ ‫بهذا الشكل‪.‬‬ ‫ـ لهذا سألت دولتك عن خوف الفريق اآلخر من شعار احملاسبة على الهدر‬ ‫والدين‪...‬‬ ‫موضوع فتح احلسابات والصفقات يرد تباعا ً في وقته‪ ،‬ال نستطيع أن نأتي‬ ‫ونقول إننا نريد أن نقوم باحملاسبة فنوقف كل العمل وتضع الناس قيد احملاسبة‬ ‫عبر التحقيق‪ .‬كل حادثة وكل قضية لها أصولها‪ ،‬اليوم نسمع أن هيئة اإلغاثة‬ ‫و ّقعت شيكات بال رصيد‪ ،‬البعض يقول هناك قسم مدفوع وآخر ال‪ ،‬هذه ليست‬ ‫محاسبة‪ .‬اليوم نستطيع التأكد ملاذا ال تدفع حقوق املواطنني‪ ،‬وإذا كان فعالً‬ ‫هناك مال أم ال‪ ،‬وإذا كان هناك هدر ام ال‪ .‬عندما نثبت أن هناك هدرا ً في مؤسسة‬ ‫ما نحاسبها‪ ،‬إذا كانت لدينا إثباتات سابقة أن هناك هدراً‪.‬‬ ‫بصورة عامة نحن كسياسيني واجلنرال عون عندما نرى أن البلد حتت عبء ‪50‬‬ ‫مليارا ً دينا ً منفقا ً على أمور غير معروفة‪ ،‬منلك حق السؤال عن مكان إنفاقه‪،‬‬ ‫سواء كان عبر سوء استعمال‪ ،‬أو تصرف غير محق‪ ،‬عبر حتمل كل شخص‬ ‫ملسؤولياته‪ ،‬فعندما نكون في وزارة نستطيع احملاسبة عبر مجلس النواب‪،‬‬ ‫واجلنرال كنائب يطالب باحملاسبة من خالل مجلس النواب‪ ،‬ونحن عندما نستلم‬ ‫وزارة ويضع الوزير يده على صفقات سابقة فيها خلل‪ ،‬يستطيع أن يطالب‬ ‫وحكما ً سيطالب ولن يغض النظر عن أي خلل في استخدام األموال‪.‬‬

‫مررنا بأوقات سيئة‬

‫ـ سواء زار اجلنرال سوريا أو إيران أو السعودية‬ ‫أو فرنسا‪ ،‬ما يهمنا مصلحة لبنان وشعبه‪.‬‬ ‫ـ ال يزايد أحد علينا في موضوع السيادة‬ ‫واحلرية واالستقالل‪ ،‬فاجلنرال عون رجل‬ ‫نشأ على حب لبنان وسيادته‪.‬‬ ‫لسنا نعاجاً وال دجاجاً‬ ‫ـ ولكن جزءاً من الرأي العام يتأثر مبا يقوله ‪ 14‬شباط‪ ،‬ويرى أنكم أينما‬ ‫وجدمت تخلقون بلبلة‪ ،‬فوضى‪ ...‬دخلتم إلى احلكومة‪ ،‬فكان موضوع اخللوي‬ ‫وصالحيات نائب رئيس احلكومة والهيئة العليا لإلغاثة‪ .‬باختصار دولة‬ ‫الرئيس ولنكن صريحني‪ ،‬البعض يرى أنكم “مشاغبون” ويتهمكم بخلق‬ ‫املشاكل أينما وجدمت لوضع العراقيل في وجه الفريق اآلخر‪.‬‬ ‫نحن لسنا نعاجا ً وال دجاجاً‪ ،‬من فتح موضوع اخللوي؟ ومن املسبب في مسألة‬ ‫نائب رئيس احلكومة؟‬ ‫ـ هل تظن أن ذلك بسبب نهج التيار‪ ،‬أي التغيير واإلصالح؟‬ ‫ال‪ ،‬انظري‪ ،‬هذا الشيء بطبعنا‪ ،‬هذه طبيعتنا‪ .‬أنا عندما أتيت الى الوزارة في‬ ‫سنة ‪ 1988‬أيضا ً لم أكن سهالً بتصرفاتي عندما رأيت أشياء غير صحيحة‪.‬‬ ‫ـ تعني أنك كنت صارماً‪ ،‬تقول لهم “نقطة على السطر”؟‬ ‫أكثر من “نقطة على السطر”‪ ،‬جوزيف الهاشم ال يزال حيا ً يرزق‪ ،‬عندما أتيت‬ ‫أنا الى وزارة االتصاالت‪ ،‬من كان ال يعرف أن هناك على باب الوزارة شخصا ً يقبض‬ ‫‪ 2000‬دوالر على الهاتف‪ ،‬حتول الى احملكمة‪ ،‬وتبني بالتحقيق من خالل اعترافاته‬ ‫أن الوزير كان مسؤوال ً عنه‪ ،‬فطلبنا الوزير على التحقيق‪ .‬هنا لسنا نحن من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪14‬‬

‫ـ يحكى عن تراجع في شعبية اجلنرال‪ ،‬وخاصة بعد زيارته إلى سوريا‪ ،‬هل‬ ‫أنتم مطمئنون إلى ما ستكون عليه االنتخابات؟‬ ‫باملاضي مررنا مبراحل كهذه‪ ،‬وعندما عدنا إلى لبنان كنا آتني بتوجه وغيرناه‬ ‫كلياً‪ .‬وأنا فعالً في جلسات مع اجلنرال تساءلنا عن اآلثار التي من املمكن أن‬ ‫يحدثها هذا التغير في املواقف‪ ،‬فالتيار منذ العام ‪ 1988‬وقبل ذلك بسنوات‬ ‫بنى شعبيته على مواقف معينة‪ ،‬وتعرض أنصاره لألذية فعالً‪ ،‬وأنا شخصيا ً‬ ‫وعائلتي لدينا عدة جتارب في هذا املوضوع‪ ،‬وبالتالي هذا املوضوع كان مبثابة‬ ‫صدمة‪ .‬وفي االنتخابات عام ‪ 2005‬كان الوضع حساساً‪ ،‬ميشال املر أعلن في‬ ‫اليوم األخير أنه سيكون معنا في االنتخابات وقبلنا بطالل أرسالن وحتالفنا مع‬ ‫الوزير سليمان فرجنية‪ .‬وكان هناك كالم ضدنا حول التحالف مع ميشال املر‪،‬‬ ‫ويسألوننا كيف سنحارب الفساد إذا كان َمن إلى جانبنا من الفاسدين‪ .‬وأنا‬ ‫وجه إلي هذا السؤال على شاشة املنار وأجبت “طبخة بحص نبلعها لكن ال‬ ‫ّ‬ ‫نهضمها”‪ .‬ثم جاء توقيع الوثيقة مع حزب اهلل‪ ،‬وهذا املوضوع كبير جدا ً ونال‬ ‫الكثير من األخذ والرد‪ ،‬إال أن املسيحيني عادوا وأدركوا أنها ليست بالسوء الذي‬ ‫ص ّور لهم‪ .‬فحزب اهلل ثلث الشعب اللبناني‪ ،‬وهم جماعة يخافون اهلل ولديهم‬ ‫ُ‬ ‫مواقف وطنية ضد عدو محدد أذانا جميعاً‪ ،‬مبدئيا ً تذهب إلى اجلنوب وال جتد‬ ‫قطعة سالح بينما عندما يأتي الوقت املناسب السالح موجود‪ .‬في حرب متوز‬ ‫فتحنا أبوابنا وكل بيوت اللبنانيني فتحت مبختلف انتماءاتهم‪ .‬وفقا ً لتنظيم‬ ‫التيار ومنسقياته كان من السهل التنظيم وفتح املدارس واملؤسسات اخليرية‬ ‫التي كانت جاهزة مع التيار‪ ،‬واستقبلناهم استقباال جيدا‪ .‬سمعنا كالما ً‬ ‫كثيرا ً عن إمكانية عدم رحيلهم واستمالكهم في بيوتنا؟ فكانت النتيجة أن‬ ‫غادروا جميعا ً شاكرين في وقت ال يتعدى الـ‪ 24‬ساعة‪.‬‬ ‫تعرضنا في متوز و‪ 6‬شباط واالنتخابات‪ ،‬وعندما زاراجلنرال إيران واليوم بزيارته‬ ‫إلى سوريا‪ .‬املواطن رأى أن حرب متوز رفعت رؤوسنا‪ ،‬كل الناس تتعرض في هذه‬ ‫احلياة‪ ،‬وفي النهاية أصبح لدينا صديق دخلنا في قلبه‪ .‬أنا سمعتها كثيراً‪“ ،‬أنتم‬ ‫أوادم اهلل يخليكم”‪ ،‬هؤالء ثلث الشعب اللبناني‪ .‬إذا كانوا هم على خطأ ونحن‬ ‫على حق فأعتقد أننا نستطيع أن نصلحهم قدر املستطاع‪ ،‬وإذا نحن على خطأ‬ ‫وهم على حق يستطيعون إصالحنا‪ .‬املسيحيون يعيشون من الضاحية إلى جبل‬ ‫لبنان الى بعض األطراف في اجلبل واجلنوب والبقاع رأوا وشعروا أن هناك محبة‪.‬‬ ‫مررنا بأوقات سيئة‪ ،‬كنا في فترة على خالف مع املستقبل واالشتراكي‪،‬‬ ‫و ُوضعنا خارجا ً في االنتخابات وربحنا‪ ،‬وعندما ُش ّكلت احلكومة‪ ،‬قبلوا بنا في‬ ‫البدء‪ ،‬ثم وضعونا خارجا ً مجدداً‪ ،‬وأخذ احللف الرباعي احلكومة متحالفا ً مع حلود‬ ‫وأصبحنا نحن املعارضة ‪ .%100‬في ذاك الوقت لم يكن لدينا اتصال مع اآلخرين‬ ‫إال مع ميشال املر ومن تشارك معنا في االنتخابات‪.‬‬ ‫الفريق اآلخر اختلف مع حزب اهلل ونحن اتفقنا معه‪ ،‬في البدء كان معهم‬


‫وكانوا يحبونه‪ ،‬أما بعد ورقة التفاهم فأصبحوا يكرهونه ويكرهوننا معه‪ .‬اآلن‬ ‫أصبحوا يستطيعون التفاهم مع ميشال املر‪ ،‬عندما كان معنا لم يعجبهم‪،‬‬ ‫أما اآلن فأصبحوا يحبونه‪ .‬ملاذا ّ‬ ‫أذكر أنا بهذا؟ فقط ليرى الرأي العام كيف هي‬ ‫مواقفهم‪.‬‬ ‫ـ لكن في أحداث الشياح حاولوا استغاللها وكأننا عدنا إلى خطوط‬ ‫التماس؟‬ ‫قولي لي من افتعل هذه األحداث‪ ،‬ومن خفف مشاكلها؟ أليس وجود اتفاق‬ ‫بني التيار الوطني احلر مع حزب اهلل‪ .‬لو تفاقمت أحداث الشياح لكنا عدنا الى‬ ‫احلرب‪.‬اليوم ورغم كل ما حصل في حوادث الشياح ال نستطيع مقارنتها مبا‬ ‫حصل في ‪ 5‬شباط في االشرفية‪ .‬ما أود أن أقوله إن مواقفنا تصب في إطار‬ ‫احملافظة على العيش املشترك اللبناني‪ ،‬ووفاقنا مع حزب اهلل طرحناه مع كل‬ ‫الناس‪ ،‬واليوم يشكل خارطة طريق لكل املصاحلات‪ ،‬املشكلة أنه “يسرقون منه‬ ‫وال يعترفون به”‪.‬‬ ‫ـ على طاولة احلوار أخذوا بنقاطه؟!‬ ‫على طاولة احلوار وغيرها‪ ،‬كل ما يحصل أساسه هذه الـ‪ 6‬بنود التي وضعت‬ ‫لتكون أساسا ً للمستقبل‪ .‬املواطن يفهم‪ ،‬األمور ليست “عنزة ولو طارت”‪.‬‬ ‫املواطن يعلم أننا بحاجة لسوريا لترسيم احلدود وبالوفاق يعود املفقودون ومزارع‬ ‫شبعا كما أنه من دون شك يعلم أن سوريا هي بابنا الى اخلليج‪ ،‬وبالتالي من‬

‫الضروري أن نفتح طرقا ً اقتصادية وجتارية معها‪.‬‬

‫نتائج مزوّرة‬ ‫ـ ما هي توقعاتكم لالنتخابات‪ ،‬خاصة في ضوء هذه الزيارة‪ ،‬واحلديث عن‬ ‫تدنّي شعبيّة التيار؟‬ ‫االنتخابات عادة يوضع لها بروباغندا أو دعاية‪ ،‬وهذه إذا تعدت املعقول تفقد‬ ‫قيمتها‪ .‬ميشال عون ذهب الى سوريا‪ ،‬ونحن تعاملنا وسنتعامل مع كل‬ ‫التصريحات سلبا ً أو إيجابا ً ملصلحة لبنان‪ .‬هناك وقت لالنتخابات وسيرون نتائج‬ ‫الزيارة‪ ،‬اذا وجدوا أن هناك بيعا ً كما كانوا يقومون هم من أجل مصلحة أو وظيفة‬ ‫أو فائدة آنية‪ ،‬يستطيعون املقاطعة‪ ،‬ال يزال هناك ‪ 6‬أشهر لالنتخابات‪.‬‬ ‫ـ يأخذ عليكم البعض أن املزاج املسيحي مع الغرب وأنتم تذهبون إلى‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫السياسة ميكن أن تكون في اجتاه وميكن أن تكون في كل االجتاهات‪ ،‬ال شيء‬ ‫مينع‪ .‬أنا كثر من أفراد عائلتي في أميركا‪ ،‬أخي وأختي وأنا أيضا ً درست في أميركا‪.‬‬ ‫أخي منذ عام ‪ 1988‬في أميركا وأختي منذ اخلمسينيات تعيش في كندا وخالي‬ ‫منذ زمن طويل سافر وتوفي هناك‪ ،‬وال يزال أفراد أسرته هناك‪ .‬لكن في السياسة‬ ‫األمور تتغير‪ ،‬األميركيون كانوا في وقت من األوقات ضدنا‪ ،‬نحن كيف نفينا في‬ ‫عام ‪1990‬؟ يقولون لنا يجب أال تنسوا‪ .‬كما يجب أال ننسى السوري‪ ،‬يجب أال‬ ‫ننسى األميركي‪ ،‬إذا كان علي أن أكره السوري فيجب أن أكره األميركي قبله‪.‬‬ ‫هناك بعض املنطق‪ ،‬والشعب املسيحي يفهم‪ ،‬إذا كانوا غير راضني عن زيارتنا‬ ‫إلى سوريا‪ ،‬فلماذا يرضون عن زيارتنا ألميركا؟ من أدخل السوري الى لبنان عام‬ ‫‪ 1990‬هو األميركي‪ ،‬بايكر هو من جلبهم من سوريا واجتمعوا في شتورة‪...‬‬ ‫ـ لكن بحسب ‪ 14‬آذار‪ ،‬مؤشرات االنتخاباتت تظهر في االنتخابات النقابية‬ ‫واجلامعية أنكم متثلون ‪ %30‬وهم ‪%70‬؟‬ ‫في االنتخابات التي حتصل في النقابات واجلامعات‪ ،‬تربح مرة وتخسر أخرى‪،‬‬ ‫النتائج تختلف وفقا ً للتحالفات والنشاط والترويج والتمويل‪ .‬مثالً تدخل الى‬ ‫اجلامعة في السنة األولى يكونون في غير جامعات‪ ،‬وعندما تأتي االنتخابات‬ ‫تدفع لهم‪ .‬نتائج اجلامعات ال تدل على شيء‪ ،‬إنها مزورة‪.‬‬ ‫ـ هل تتوقع تأجيل االنتخابات؟‬ ‫الفريق اآلخر يروج لهذا للمحافظة على األكثرية‪ ،‬فهذه الدعايات ليست‬ ‫ملصلحة املعارضة‪.‬‬ ‫إذا لم حتصل االنتخابات يحافظ الفريق اآلخر على األكثرية‪ ،‬ويحافظون على‬ ‫احلكومة احلالية فتمد بأكثريتهم وبرئاسة السنيورة‪.‬‬

‫ال مصاحلات‬

‫نحن نعرف أهمية سوريا بالنسبة‬ ‫للبنان ودور لبنان بالنسبة لسوريا‪،‬‬ ‫ونعرف إلى أي مدى العالقات واحلدود‬ ‫املشتركة مهمة‬

‫ـ ال يزال هناك بعض الوقت لالنتخابات‪ ،‬هل ميكن أن تشهد الساحة‬ ‫املسيحية مصاحلة ما قبل ذلك؟‬ ‫ما حكي عنه اليوم من مصاحلات انتهى‪ .‬وإذا حصلت املصاحلة‪ ،‬فأنا أسميها‬ ‫مصافحة‪ ،‬ال نستطيع أن نسميها مصاحلة في عز معركة انتخابية‪ .‬لن يكون‬ ‫هناك حتالفات‪ ،‬الفريقان ال ميكن أن يصبحا حلفا واحدا‪.‬‬ ‫ـ ماذا سيكون مصير الشارع في هذا الوضع‪ ،‬فمن املتوقع أن تشهد‬ ‫الساحة املسيحية معارك انتخابية شرسة؟‬ ‫إذا حصلت “املصافحة” كما أسميتها‪ ،‬ميكن أن تخفف من املشاكل ولكن‬ ‫ال تلغيها‪.‬‬ ‫أنا دعوت إلدارة الوضع بروح رياضية‪ ،‬هناك فريقان على الساحة واحد منهم‬ ‫سيخسر‪ ،‬عندما تنتهي املعركة حتصل املصاحلة واالعتراف باآلخر‪ .‬أنا أمتنى ذلك‪،‬‬ ‫وصادق في متنياتي بخصوص املصاحلات‪ ،‬سواء بني املردة والقوات أو التيار وغيره‪.‬‬ ‫واع فليأخذ خياره بحرية ومن يربح فمبروك‬ ‫هذا خيار سياسي‪ ،‬الشعب اللبناني ٍ‬ ‫عليه ‪ 4‬سنوات‪ ...‬هذا ما قلناه‪ ،‬وأطراف أخرى في املعارضة قالت ذلك‪.‬‬ ‫إذا حصلت املصافحة‪ ،‬فما دام هناك أطراف انتخابية مختلفة فلن تنتهي‬ ‫املشاكل‪ ،‬إذا ألقى أحد األطراف خطابا شاذا ً أو كانت نبرته عالية‪ ،‬نعود إلى‬ ‫نقطة الصفر‪.‬‬ ‫ـ إذاً مهما حصل فالتحالفات ستبقى نفسها؟‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫نعم‪ ،‬وأنا لهذا أقول لك مصافحة‪ ،‬وليس مصاحلة‪ ،‬ألنها لن تغ ّير التحالفات‪.‬‬ ‫إمكانية االحتكاك موجودة‪ ،‬املهم أال “تشرقط”‪ ،‬كما املهم أن نحافظ على أعصابنا‬ ‫لتمر دون وقوع مشاكل دموية على األرض تسيء للسلم األهلي وللمصاحلة في‬ ‫ما بعد‪ .‬لننظر إلى أوباما وماكني‪ ،‬عندما انتهت االنتخابات اعترف ماكني بأوباما‬ ‫كرئيس بالرغم من أن أوباما لونا ً ودينا ً وتربويا ً مختلف‪ ،‬وأيضا ً بني أوباما وهيالري‬ ‫كلينتون‪ ،‬كانت ضده واليوم هي وزيرة خارجية‪ .‬وانتهت املعركة واملهزوم اعترف‬ ‫بالرابح وهو جابه الذي كان ضده وهزمه‪ ،‬أتى به ليشاركه في السياسة اخلارجية‪.‬‬ ‫حقاً‪ ،‬هذه الروح الدميوقراطية والتربية الشعبية‪ ،‬الشعب األميركي قبل النتيجة‬ ‫ولم ينطلق الى الشارع ‪ .‬بالرغم من أن املعارك كانت قاسية بني املرشحني منذ‬ ‫شهرين‪ .‬خصمه اجلمهوري اعترف به وقال له أنت ربحت وانتهينا‪ ،‬من هنا إلى ‪4‬‬ ‫سنوات نحضر أنفسنا‪ ،‬انتهى كل شيء وكله ذهب الى عمله بالرغم من أنها‬ ‫كلفت ماليني الدوالرات ‪ .‬ملاذا ال تكون هذه عبرة من الدول املتحضرة؟‬ ‫ـ أال تظن أن النظام السياسي في لبنان يفرض هذا على لبنان؟‬ ‫املشكلة تكمن في أن كل شخص يعتبر أن املركز الذي يشغله ملكه‪ ،‬وهذه‬ ‫واحدة من مشكالت رئاسة احلكومة‪ ،‬ليس هناك ملك ألحد‪ ،‬في كل األمور‬ ‫السياسية في لبنان يصل الشخص إلى ما يعتبره ملكه وملك ابنه من بعده‪،‬‬ ‫وعائلته أجمع؟ هل هذا معقول؟ نحن في لبنان بدأنا منذ اآلن ملعركة ضمن‬ ‫‪ 6‬أشهر‪ ،‬أول شيء يجب أن نحافظ عليه هو روح الدميوقراطية‪ .‬فهل بكالمنا‬ ‫وتهجماتنا نظهر أنفسنا أننا نحن األفضل؟ إذا ربحنا‪ ،‬فخصمنا يجب أن يعترف‬ ‫بفوزنا‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬وهكذا نحافظ على استقرار بلدنا‪.‬‬ ‫ـ مبدئياَ ال تغيير في التحالفات‪ ،‬فإذاً هي معروفة‪ ،‬يبقى أن نسأل عن‬ ‫التباين بني أطراف املعارضة أنفسهم؟‬ ‫برأيك هل يعقل أال حتصل هذه التباينات؟ هذه أمور طبيعية‪ .‬إذا كنت مرشحة‬ ‫ورفيق آخر لك في احلزب نفسه مرشح‪ ،‬فسيحصل تباين بينكما‪ ،‬أو حتى أتى‬ ‫شخص آخر من مكان ما وفضل ترشيحه رئيس احلزب ألسباب مستقبلية أنت‬ ‫ال ترينها وفضله عليك‪ ،‬فستتنحني جانباً؟ أنا شخصيا ً مررت بهذه املرحلة في‬ ‫الـ‪ 2005‬ولم تزعجني‪.‬‬ ‫ـ سيترشح اللواء عصام أبو جمرا؟‬ ‫نحن انضباطية في التيار وترشيحنا يصدر بقرار يعلنه الرئيس‪.‬‬ ‫ـ حضرتك مرشح عن املقعد األرثوذكسي‪ ،‬وهناك مقعد للحزب القومي‬ ‫في مرجعيون‪ ،‬هل ميكن أن يحصل هناك تبادل في املقاعد مثالً؟‬ ‫بالتفاهم ممكن‪ ،‬أنا في الدورة املاضية عندما رأيت أن احللف في مرجعيون‬ ‫شكل الئحته وأخذ معه مرشحا أرثوذكسيا‪ ،‬لم أترشح‪.‬‬ ‫ـ متى سيعلن التيار عن مرشحيه؟‬ ‫آخر الشهر أو تتأخر بعض الشيء‪ ،‬ال نعرف‪ ،‬فعند اجلنرال‪.‬‬ ‫ـ هل هناك الكثير من التبديالت في األسماء؟‬ ‫هناك أشياء ثابتة وهناك أشياء حتتاج الى تبديل‪.‬‬

‫صالحيات نائب رئيس احلكومة‬ ‫ـ بينما هناك اتهامات كثيرة لدولتك وللجنرال في موضوع صالحيات نائب‬ ‫رئيس احلكومة‪ ،‬اعتبرت اآلن أنهم هم السبب مبا حصل في هذه املسألة‪،‬‬ ‫ما الذي جرى حتديداً وملاذا أخذت األمور هذا املنحى وجرت هذه االتهامات‬ ‫واحلمالت على اجلنرال وعليك شخصياً؟‬ ‫أنا زرت الرئيس السنيورة في ‪ 15‬متوز في أول زيارة بروتوكولية‪ ،‬وقال لي عن هذا‬ ‫املوضوع إنه سيستأجر لي في بناية خارج السرايا‪ .‬أنا بعرفي وقاموسي العملي‬ ‫التنظيمي خالل خدمتي الطويلة في اجليش حيث كان عندنا قادة ومساعدون‬ ‫ورئيس ونائب رئيس أركان كلهم موجودون في املبنى نفسه‪ ،‬ويعملون مع‬ ‫بعضهم‪ ،‬أنا تفاجأت بهذا املوضوع‪ .‬أنا كنائب رئيس حكومة كيف ستستأجر‬ ‫لي خارج السرايا؟‬ ‫(ويتابع بغضب شديد) قلت له ضاربا ً يدي على الطاولة‪“ :‬إلى أين أنت ذاهب‪،‬‬ ‫ارجع إلى الوراء‪ ،‬أنا نائب رئيس حكومة‪ ،‬إذا ً أفهم أنني مساعدك ومستشارك في‬ ‫حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬أنا أتيت إلى املركز ممثالً أوال ً عن الطائفة األرثوذكسية‪،‬‬ ‫ثانيا ً ممثالً عن التيار الوطني احلر واملعارضة‪ ،‬أي أنا ‪ 1‬من ‪ 11‬ممثالً للمعارضة‪ ،‬ماذا‬ ‫تقول لي؟ تستأجر لي خارج السرايا؟ في السرايا األمانة وكل األمور التي احتاج‬ ‫إليها في عملي‪ ،‬كلما أردت أي شيء لعملي آتي وأطلبه بالواسطة‪ .‬وقلت له‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪16‬‬

‫ـ الفريق اآلخر غير واثق من نفسه ومبا يفعل‬ ‫وما يقوم به من حمالت‬ ‫على اجلنرال هو عملية “تفقيع بالونات”‬ ‫ـ سألنا سعد احلريري عن سبب العداوة بيننا‬ ‫َ‬ ‫نتلق جواباً‪.‬‬ ‫ولكن حتى اآلن لم‬ ‫حرفيا ً “إذا أنا جايي لزقة ال يا خيي‪ ،‬اآلن اقلب لك الطاولة‪ ،‬اآلن أخرج وأذهب‪ ،‬ال‬ ‫تظن أني طالب وظيفة‪ .‬أنا عندما كنت نائب رئيس حكومة كنت أنت ال تزال‬ ‫موظفا في البنك‪ ،‬الى أين أنت ذاهب”‪ .‬وقلت له‪“ :‬انتبه‪ ،‬هذه القصة تخلق‬ ‫مشكلة‪ ،‬حتى انها ليست ملصلحتك سياسيا ً ومحليا ً وطائفياً‪ ،‬فبني السنّة‬ ‫واألرثوذكس في بيروت عيش مشترك‪ ،‬كما العديد من الطوائف اخملتلطة في‬ ‫القصة؟”‪.‬‬ ‫أماكن بعضها ببعض‪ .‬ملاذا تلعب هذه اللعبة؟ شو‬ ‫ّ‬ ‫ـ وماذا عن الدستور في هذا املوضوع؟‬ ‫قلت له إنك تستند إلى املادة ‪ 53‬في تأليف احلكومة‪ ،‬مرسوم تأليف احلكومة‬ ‫رقم ‪ 18‬مستند إلى املادة ‪ 53‬من الدستور‪ ،‬التي تقول أن تشكل احلكومة لكن‬ ‫دون حتديد كيف‪ .‬أنت شكلت احلكومة‪ ،‬أجنزت املرسوم‪ ،‬فإذا ً املرسوم مستند الى‬ ‫الدستور فإذا ً كل شيء ورد في مرسوم تشكيل احلكومة دستوري وأخذنا الثقة‬ ‫على أساسه في مجلس النواب‪ ،‬هناك مكان ما في املرسوم ال يوجد نائب رئيس‬ ‫حكومة‪ ،‬فلنصلحه‪ ،‬إذا ً االثنان دستوريان‪ ،‬إذا ً تنظيم أعمال مجلس الوزراء ال‬ ‫يضم نائب رئيس احلكومة‪ ،‬إذا لم نصلحه تكون على خطأ‪.‬‬ ‫ـ كيف تصلحه؟‬ ‫مبرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫ـ لكن ملاذا تتهمون مبحاولة تفجير احلكومة؟‬ ‫هم يتبعون مبدأ “ضربني وبكى سبقني واشتكى”‪ .‬أنا قلت له ما تتكلم‬ ‫به ال يقنعني‪ ،‬وإذا كان كالمي ال يقنعك فيجب أن يكون بيننا حكم‪ ،‬واحلكم‬ ‫هو مجلس الوزراء الذي يقرر‪ ،‬أنت ال تستطيع أن تبقي طلبا ً ألبو جمرا عندك ‪4‬‬ ‫أشهر في األدراج وال تعرضه على جدول أعمال اجمللس‪ ،‬ليعرض هذا املوضوع على‬


‫مجلس الوزراء وتنتهي هذه املسألة‪“ .‬ما يحصل عيب‪ ،‬أنت تضيع قيمتي وكل‬ ‫جهدي بقولك إني قيمة مضافة”‪ ،‬قلت له‪“ :‬اذا كنت تعتبرني هكذا فلنذهب‬ ‫إلى مجلس الوزراء وليقل ما يراه صحيحاً‪ ،‬وأنا أسكت إذا لم أقتنع بقراره وأنتظر‬ ‫مجلس وزراء أفضل”‪.‬‬ ‫ماذا عن مجلس الشورى؟‬ ‫عندما ارسلوا املرسوم الى مجلس الشورى ليناقشوه‪ ،‬رد عليهم ان هذا املرسوم‬ ‫خطأ ووقعه القاضي سهيل بوجي عندما كان امني السر‪ .‬وحدد اذا غاب رئيس‬ ‫احلكومة ينوب عنه نائبه‪ ،‬واذاغاب االثنان فاالكبر سناً‪ .‬فإذا ً املوضوع ليس موضوعا ً‬ ‫طائفيا ً بل تنظيمي‪ ،‬والدليل ان مجلس الشورمىنذ عام‪ 1992‬تكلم عنه‪.‬‬ ‫ـ الرئيس ميشال سليمان ما موقفه من هذا املوضوع؟‬ ‫فخامة الرئيس من املمكن أن يكونوا وضعوه بصورة أن هذا املوضوع قدمي‬ ‫وبدأ منذعام ‪ 1992‬وفي الطائف رُفض‪ ،‬علما ً بأنه منذ العام ‪ 1941‬نائب رئيس‬ ‫قدمت له عددا كبيرا من‬ ‫احلكومة موجود في احلكومة ويوقع مراسيم‪ ،‬وقد ّ‬ ‫املراسيم موقعة‪ ،‬فخامة الرئيس قال لي إن املوضوع بعهدته ليدرسه ولكنه لم‬ ‫يحدد لي متى‪ ،‬بل طلب مني إعطاءه بعض الوقت‪ .‬فهمت منه أنه أخذها بعني‬ ‫االعتبار حتى اني علمت من أحد الوزراء أنه في نية إيجاد حل للمسألة وطلب‬ ‫مني مشروع املرسوم املعدل الذي أعددته في ‪ 1‬أيلول‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن اللجان التي كلفت بها وأعلنت عن اعتذارك عن العمل؟‬ ‫هذا املوضوع فتح في إحدى جلسات مجلس الوزراء‪ ،‬وأنا قلت لهم إنني‬ ‫ال أريد العمل ألن هناك أولوية‪ ،‬هي تنظم أعمال مجلس الوزراء حتى يصبح‬ ‫هناك حيثية ومكان ومقومات للعمل لنتمكن من العمل كما يجب‪ .‬فللعمل‬ ‫مقومات واملكان أحد هذه املقومات وضرورة‪ ،‬لو لم يكن كذلك ملا كان الناس‬ ‫يقيمون مكاتب للعمل ويدفعون اإليجارات‪.‬‬ ‫ـ لكن رئيس احلكومة عرض عليك مكتباً ما؟‬ ‫نعم‪ ،‬في احلقيقة عرض علي مكتبا ً لكني في الواقع رأيت تكاليف إصالح‬ ‫البناية وجتهيزها مليوني دوالر‪ ،‬إضافة إلى ‪ 300‬إلف دوالر إيجار‪“ ،‬فأشفقت”‪.‬‬ ‫السرايا كما يقولون “فيها ما فيها” من مساحة‪ ،‬وهناك ايضا ً مجلس اإلعمار‬ ‫آخذ اجلناح الشمالي وكبير جداً‪ ،‬بناية ضخمة‪ .‬ملاذا يستأجر لي خارجاً‪ ،‬هذا‬ ‫عدا املستندات واالتصاالت والهيبة ‪ ...‬هذا وتفاجأت إنه طالب بتلزمي إعادة بناء‬ ‫وإنشاءات بقيمة ‪ 7‬ماليني دوالر في السرايا‪ .‬ملاذاً؟ حقا ً ال أعرف‪.‬‬ ‫ـ إذاً ليس كما يظن البعض أنه وضع على الرف؟‬ ‫هذه قضية ال توضع على الرف‪ ،‬وإذا تأجلت في تأليف أول حكومة فستكون‬ ‫العقدة‪ ،‬ومن سيكون نائبا ً لرئيس احلكومة لن يرضى بأن يكون دون حيثية‪.‬‬ ‫ـ حتى لو كان من قوى ‪ 14‬آذار؟‬ ‫حتى لو كان من قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬الناس ستضحك عليه إذا لم يفتح هذه القضية‬ ‫وسيكون محط كالم الناس وس ُيسأل كيف قبل‪ ،‬فهذه قضية ال يحق له التنازل‬ ‫عنها‪ ،‬أنا أمام املطرانية قلت بالرغم من أني رجل متد ّين لكن ال يجوز لرجال‬ ‫الدين وال ألي أحد أن يتنازل عن حقوق الطائفة في بلد طوائفي وفيه محاصصة‬ ‫طائفية‪ ،‬ألنه سيسيء له ولطائفته وسيسيء للطوائف األخرى وللتوازنات‪.‬‬ ‫رئيس احلكومة معه نائب رئيس ورئيس اجمللس معه نائب رئيس‪ ،‬إذا أخرجت نائب‬ ‫رئيس احلكومة أصبح متفردا ً بالسلطة‪ ،‬بينما رئيس اجمللس النيابي معه نائب‬ ‫يساعده‪ ،‬فعندئ ٍذ يرى رئيس اجمللس أنه أيضا ً ال يحتاج الى نائب رئيس يساعده‪.‬‬ ‫ـما صحة ما حكي عن ضغوط عربية‪ ،‬وخاصة قطرية‪ ،‬عليكم وعلى‬ ‫اجلنرال حتى تتوقفواعن هذه املعركة؟‬ ‫لم أسمع بهذا‪.‬‬ ‫ـ صحيفة عربية ذكرت أنه انطوى هذا املوضوع بعد تدخالت من‬ ‫عمرو موسى والدولة القطرية من أجل احلفاظ على اتفاق الدوحة وعلى‬ ‫احلكومة؟‬ ‫من دون تدخالت أنا قلتها في أول مرة ُحكي عن استقالة‪ ،‬قلت انني لن‬ ‫استقيل فأنا اعلم ان االستقالة تؤذي‪ ،‬أستطيع أن أعتكف وأن أعمل قيمة‬ ‫مضافة‪ ،‬إذا لم يكن هناك نتيجة‪ ،‬أجلس لشرب القهوة ولكن شخصيا ً أشعر‬ ‫أني لست أنا‪.‬‬ ‫ـ لكن املراقبني يقولون إنها وضعت على الرف نتيجة لتسوية ما؟‬ ‫طلبت بعض اجلهات األرثوذكسية أال نثيرها بانتظار االنتخابات اآلتية‪ ،‬لرمبا‬ ‫يظنون أنهم في االنتخابات القادمة سيحصلون على األكثرية ويعينون نائب‬ ‫رئيس‪ .‬لكن السؤال‪ :‬هل سيقبل نائب الرئيس اجلديد أن يكون دون تصحيح‬

‫ـ الفريق اآلخر افتعل الفرقة معنا‪ ،‬وأي ادعاء آخر‬ ‫هو مفتعل وباطل‪.‬‬ ‫ـ ورقة التفاهم مع حزب اهلل تشكل خارطة‬ ‫طريق لكل املصاحلات‪.‬‬ ‫ـ ما حكي عنه اليوم من مصاحلات انتهى‪ ،‬وإذا‬ ‫حصلت أسميها مصافحة‪.‬‬ ‫املرسوم أو ال يقبل‪.‬‬ ‫ـ فريد مكاري يقبل؟‬ ‫فريد مكاري يتحسب لهذا األمر وليس ضد تصحيح املرسوم‪ ،‬وقال لي عند‬ ‫التقائنا صدفة إنه مع حتديد الصالحيات‪ .‬قلت له إنه لم يكن واضحاً‪ ،‬ففهمت‬ ‫منه أنه ليس ضد املوضوع بل بالعكس يتساءل إذا جاء نائب رئيس حكومة‬ ‫فماذا سيفعل؟‬ ‫ـ ولكن البعض قال إنكم تستغلونها انتخابياً؟‬ ‫في مرجعيون ال األرثوذكس وال الدروز يرجحون كفة النتائج‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫معروف‪.‬‬ ‫ـ كيف ترى عمل وزراء املعارضة باحلكومة وخاصة أداء وزراء التيار؟‬ ‫حتى اآلن ماشي احلال‪ ،‬نحن أقلية ويجب أن ننسجم مع اآلخرين‪ .‬هناك شيء‬ ‫مهم يجب حقا ً أن ندركه وهو أننا ال نستطيع ان نغير كل شيء‪ ،‬حتى في‬ ‫الوزارات التي يشغلها وزراؤنا‪ ،‬فالوزارة ليست للتيار‪ ،‬والوزير يتبعه مدراء واملدراء‬ ‫تابعون لعهد سابق؟ ماذا سنفعل؟ إذا أقلناه من منصبه يقيلون أحد أعضاء‬ ‫التيار من مكان آخر‪ ،‬إذا اشتغلنا “مضبوط” نتأذى في غير مكان‪ .‬القضية ليست‬ ‫سهلة وإدارتها حتتاج إلى بعض الوقت إال إذا التقطنا غلطة كبيرة‪ ،‬مع األخذ‬ ‫بعني االعتبار أن عمراحلكومة احلالية قصير أساساً‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬وعد ابو ذياب‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الغالف‬

‫فعلها الزيدي في المكان والزمان المناسبين‬ ‫ورمى بفردتي حذائه في وجه بوش‬ ‫بعد اكثر من خمس سنوات من الغزو االميركي البريطاني للعراق‪ ،‬الذي‬ ‫حتول الى كارثة حقيقية للمحتلني وحلفائهم‪ ،‬وللشعب العراقي في آن معاً‪،‬‬ ‫الصحافي العراقي منتظر الزيدي يرمي بفردتي حذائه في وجه رئيس اقوى‬ ‫امبراطورية عرفها التاريخ‪ ،‬ليسجل بذلك حدثا ً تاريخيا ً مهماً‪ ،‬سرعان ما‬ ‫اصبح املادة االعالمية االولى في القنوات الفضائية العربية والعاملية‪ ،‬وصورة‬ ‫الرئيس بوش وهو يتحاشى احلذاء شاهدة على واليتني ملطختني بأكبر اخفاق‬ ‫اميركي في منطقة الشرق االوسط‪ ،‬السيما املشروع االميركي للتغيير الذي‬ ‫طرحه احملافظون اجلدد‪ ،‬مشروع نشر الدميقراطية‪ ،‬واثبتت االحداث عكس ذلك‬ ‫متاماً‪ ،‬فالرئيس بوش ال ميلك مشروع للتغيير سوى مشروع الهيمنة االمبريالية‬ ‫وفي سياق توسيعها وتعزيزها تتهيأ السرائيل فرصة التحول الى كيان اوسع‬ ‫واداة مدعومة‪.‬‬ ‫وبعد سنوات االحتالل ها هو احلذاء العراقي يعبر عن الطاقة املكبوتة في‬ ‫الشارع العراقي والعربي‪ ،‬التي تطالب برحيل القوات االميركية من العراق‪،‬‬ ‫وبرفض التغيير اخلادع اآلتي عن طريق الدبابات االميركية‬ ‫وعبر هذا احلذاء‪ ،‬عن عمق ورمزية بالغة التأثير من حيث املوقف من احلرب‬ ‫االميركية على العراق‪ ،‬وفي زمن رديء‪ ،‬اصبح حذاء الزيدي رمزا ً ملاليني العرب‬ ‫في اجملتمعات ذات ماليني العاطلني عن العمل من ذوي االحذية املثقوبة النعال‬ ‫املتزايدين واملتجهني نحو ثقافة اكثر تعبيرا ً ترى ان احلق يؤخذ وال يعطى وان‬ ‫االحتالل يقاوم‪.‬‬

‫احلذاء ذوالوقع العاملي‬ ‫ولو كان هناك انصافا ً في املسؤوليات لكان يجب ان يكون هذا احلذاء والواقع‬ ‫العاملي قد اطلق من فلسطني ايضا ً او من كل عربي غيور على امته‪ ،‬ففي‬ ‫الصراع العربي – االسرائيلي‪ ،‬ارتكب جورج بوش افدح اجلرائم البشعة بتزويده‬ ‫الكيان الصهيوني بأحدث الطائرات والقذائف املتطورة‪ ،‬لتقصف االطفال‬ ‫والنساء والشيوخ في فلسطني احملتلة‪ ،‬فعن اي دميوقراطية يتحدث جورج بوش‬ ‫ومحافظيه اجلدد‪ ،‬ومشروعهم للتغيير في املنطقة لم يكن اال بهدف احتالل‬ ‫العراق ونهب خيراته واشاعة احلروب التدميرية ضمن البلد الواحد‪ ،‬واتاحة‬ ‫الفرصة االمثل السرائيل لتشن حروبها على لبنان ومقاومته وحتاول محاصرة‬ ‫الفلسطينيني الجبارهم على التنازل على حقوقهم واال فمصيرهم الفناء‪،‬‬ ‫والضغط على سورية ومحاصرتها ومحاولة عزلها عربيا ً ودولياً‪ ،‬ولكن هذا لم‬ ‫يحصل بفعل املقاومة واملمانعة وارادة احلياة التي هي اقوى من كل اسلحة‬ ‫دمارهم وحقدهم‪.‬‬ ‫وفي صورة املشهد الكثير من العبر‪ ،‬بعد املصافحة بني بوش واملالكي في‬ ‫اخر لقاء بينهما احتفا ًء باالتفاقية التي تشرعن االحتالل االميركي‪ ،‬قام مراسل‬ ‫البغدادية منتظر الزيدي الذي كان واقفا ً بني زمالئه برمي حذائه باجتاه الرئيس‬ ‫االميركي بوش من دون ان يصيبه‪ ،‬لتمر فردة حذاء الزيدي االولى مبحاذاة رأس‬ ‫بوش الذي تنحى عنها‪ ،‬اما فردة احلذاء الثانية فأصابت العلم االميركي خلفه‬

‫ضربة حذاء‪ ...‬اقوى من كل االسلحة‬ ‫ان عمل الزيدي اعادنا بالذاكرة الى عدة حوادث حيث كان السالح البدائي‬ ‫اصدق تعبير من العسكري‪ ،‬واولها حادثة املزارع العراقي (املنقاشي) الذي‬ ‫اسقط طائرة االباتشي االميركية ببندقية صيد في بداية االحتالل االميركي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪18‬‬

‫للعراق وهي في طريقها لزراعة املوت‬ ‫وحادثة الزيدي تذكرنا بالقائد السوفياتي الراحل “خورتشوف” الذي عبر‬ ‫هو االخر وبطريقته اخلاصة‪ ،‬ومن خالل احلذاء عندما وضعه على الطاولة في‬ ‫قاعة االمم املتحدة‪ ،‬واخذ يضرب الطاولة تعبيرا ً عن سخطه الشديد من الدول‬ ‫الغربية ومن النظام الرأسمالي الذي يسرق ثروات الشعوب الى املستعمرين‬ ‫واالقلية‪ ،‬وقد اصبحت تلك احلادثة محط ترحيب لدى املضطهدين والفقراء‬ ‫في العالم‪ ،‬فقد اراد الزعيم (خورتشوف) اهانة الواليات املتحدة تعبيرا ً عن‬ ‫رفض الظلم‪ ،‬وحني سأله احد الصحافيني عن الفرق بني مرشحي الرئاسة‬ ‫االميركية عام ‪ 1960‬جون كنيدي وريتشارد نيكسون‪ ،‬اجاب خورتشوف انهما‬ ‫متشابهان مثل فردتي حذاء‪.‬‬ ‫صحيفة نيويورك تاميز اعتبرت انها املرة االولى التي ينظر فيها الى احلذاء في‬ ‫العالم العربي باعتباره رمزا ً للسخط على حرب لم حتظ بشعبية‪ ،‬واضافت انها‬ ‫فرصة نادرة لتحقيق الوحدة في العالم العربي رغم ما يعج به من خالفات”‬ ‫ضربة الزيدي جاءت متردا ً على السكوت واخلنوع العربي وتفوقا ً على كل‬ ‫االسلحة الفتاكة التي ضربت العراق وعاثت فيه دمارا ً وخراباً‪ ،‬صحيح ان احلذاء‬


‫لم يصب بوش على عكس االسلحة االميركية التي اخترقت ارواح واجساد‬ ‫العراقيني اال انها جاءت اشد وقعا ً منها‪ ،‬فقد اخترقت وجدانية كل عربي ثائر‬ ‫على رضوخ حكامه‪ ،‬والسؤال احملير هنا هل بات احلذاء احد االسلحة الفتاكة‪،‬‬ ‫كونه متوفرا ً في جميع الدول وخاصة تلك الواقعة حتت الهيمنة االميركية‪،‬‬ ‫والسؤال هل اعاد احلذاء جزءا ً من الكرامة املهدورة لهذه االمة في زمن اصبح‬ ‫فيه السالح سيد املوقف!‪ ..‬نقول انها البداية‪ ...‬واالتي اعظم الن اميركا التي‬ ‫حتتل وتغتصب اراضينا وتقتل وتذل معتبرة هذا دميقراطية‪ ،‬فجاء الرد احلذائي‬ ‫مناسبا ً وهذا يعني ان الفشل هو العنوان الكبير لكل السياسة االميركية‬ ‫التي قادها احملافظون اجلدد وفي مقدمهم بوش الذي يطوي صفحات رئاسته‬ ‫االخيرة على حصيلة هائلة من اجلرائم التي ارتكبها جيشه في العراق‪ ،‬ومثل‬ ‫هذه السياسة اخلاطئة ستؤدي الى مزيد من الفشل واملزيد من االحذية وهي‬ ‫متوفرة من جميع املقاسات‪.‬‬ ‫ان االميركيني العاديني يقرأون حدث احلذاء باعتباره تعبيرا ً عن سياق اميركي‬ ‫اكثر مما هو سياق عربي‪ ،‬وهم انتخبوا رئيسا ً جديدا ً كان بني قلة في الطبقة‬ ‫السياسية االميركية عارضت املغامرة االميركية في العراق‪ ،‬والسؤال هل‬ ‫نستوعب احلدث وابعاده؟‬ ‫فاحلدث ادخل بوش التاريخ من باب واخرجه من بقية االبواب‪ ،‬وعادة ميكن‬ ‫ان يخرج رئيس دولة من السلطة بـ “خفي حنني” لكنها املرة االولى في تاريخ‬ ‫اميركا يغادر فيها رئيس السلطة بضربة حذاء‪ ،‬وبتوديع الئق في بلد يدعي هو‬ ‫انه “حرره وبنى دميوقراطيته”! وهكذا فأننا امام رئيس يخرج من التاريخ ويدخل‬ ‫في املقابل حذاء‪.‬‬

‫الزيدي لـ بوش‪ :‬هذه قبلة الوداع ايها الكلب‬ ‫واذا اردنا معرفة ابعاد احلدث علينا العودة الى وقائع املؤمتر الصحافي الذي كان‬ ‫الرئيس جورج بوش يعقده برفقة رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي في قصر‬ ‫االخير‪ ،‬في ختام الزيارة الرابعة االخيرة للرئيس بوش املنتهية واليته للعاصمة‬ ‫العراقية‪ ،‬بينما كان االثنان يتصافحان‪ ،‬باغت منتظر الزيدي (كان جالسا ً في‬ ‫الصف الثالث) اجلميع ورمى فردة حذائه االولى في اجتاه بوش وهو يصرخ‪“ ،‬هذه‬ ‫قبلة الوداع من الشعب العراقي ايها الكلب”‪ ،‬وعندما لم يصبه باحلذاء االول‬ ‫بادره الزيدي بلمح البصر بالفردة الثانية وهو يصرخ‪“ :‬وهذه من االرامل وااليتام‬ ‫واالشخاص الذين قتلتهم في العراق” وحاول املالكي صد احلذاء بيده لكنه لم‬ ‫يتمكن‪ ،‬في حني جنح بوش للمرة الثانية في جتنب احلذاء الطائر‪.‬‬ ‫لقد اختار الزيدي املكان والزمان املناسبني‪ ،‬بوش‪ ،‬للمرة االخيرة في العراق‬ ‫وامام عدسات العالم اجمع‪ ،‬يتحدث بوقاحة عن قراره الصائب بغزو العراق!‬ ‫لم يكن ينقص هذا احلدث االحتفالي سوى ابتداع الفعل الذي يستطيع‬ ‫مباغتة اجراءات احلراسة املشددة‪ ،‬والذي يليق فعالً بهذه املناسبة ويحولها‬ ‫الى فضيحة رمزية سترافق بوش مدى حياته‪ ،‬كونها تكشف حقيقة مشاعر‬ ‫الكثير من العراقيني جتاه الرئيس االميركي بوش وجتسد فشل املشروع‬ ‫االميركي في العراق وتعبر عن غضب مئات الوف العراقيني الذين حول االحتالل‬ ‫حياتهم جحيماً‪.‬‬ ‫استطاع الزيدي ان ينجح بفعلته الرمزية هذه وان ميرر رسالة بسيطة‬ ‫ومعبرة الى العالم اجمع اختصرتها كلماته الوداعية جلورج بوش‪ ،‬وهو ما‬ ‫يجمع عليه الكثير من العراقيني وباقي امم املعمورة ‪.‬‬

‫ومشاعر االبتهاج للواقعة‬ ‫هذه احلادثة التي سميت “واقعة بغداد” اثارت الكثير من مشاعر االبتهاج‬ ‫في الشارع العربي بشكل عام وفي فلسطني اجلريحة بشكل خاص وعكست‬ ‫مدى السخط والكراهية للسياسة االميركية‪ ،‬وقالت رسالة تناقلها‬ ‫الفلسطينيون على هواتفهم النقالة‪“ :‬توقعت الرسالة ارتفاع مبيعات‬ ‫االحذية في اسواق رام اهلل استعدادا ً لزيارة وزيرة اخلارجية االميركية كوندوليزا‬

‫رايس”‬ ‫واعلنت رسالة ثانية “اعتقال صحافي بحوزته كمية كبيرة من االحذية منر‬ ‫(‪ )44‬كان يحاول تهريبها من غزة الى رام اهلل”‬ ‫وكانت الرسالة االكثر تداوال ً بني الصحافيني تنص على ان االجهزة االمنية‬ ‫تدهم مصانع االحذية في مدينة اخلليل (تنتشر فيها اكبر مصانع االحذية‬ ‫الفلسطينية بعد اكتشاف مخزن لالحذية في نقابة الصحافة‪ ،‬ونقيب‬ ‫الصحافيني ينفي عالقة النقابة باخملزن”‬ ‫في العراق خرجت اجلماهير الى الشارع في العديد من املدن العراقية تندد‬ ‫بالرئيس بوش‪ ،‬وهتف املتظاهرون خاللها “بوش بوش اسمع زين ضربناك‬ ‫بكندرتني”‬ ‫في التاريخ محطات هامة‪ ،‬يجب التوقف عندها لنتعظ ونتعلم وال ننسى‬ ‫اننا اصحاب حق‪ ،‬ونواجه اعتى هجمة استعمارية اميركية وصهيونية‪،‬‬ ‫واملعركة مستمرة للدفاع عن وجودنا وكرامة هذه االمة‪ ،‬وحادثة الزيدي اضافت‬ ‫شيئا ً جديداً‪ ،‬وهي جرس االنذار للمحتل االميركي والصهيوني للخروج من‬ ‫ارضنا‪ ،‬الوسائل املتاحة كثيرة‪ ،‬من احلجر الى املقالع وحتى احلذاء الذي ودع بوش‬ ‫في اخر ايامه وهذا هو مصير الظاملني ومن على شاكلتهم‪.‬‬

‫اعداد ادهم محمود‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الغالف‬

‫تحية الى منتظر الزيدي‬

‫وس ٌّم على وجه بوش‬

‫خذ املواعظ من بغداد والعبرا ‬

‫أبرق الى العرب ا َّن شرار ًة بر َق ْت‬ ‫من ارض دجلة فيها َّعز ُة العرب‬

‫ ‬

‫القلب بعد جراحة خطفت‬ ‫واستيقظ‬ ‫ُ‬ ‫النبض للعصب‬ ‫منه احليا َة فعاد‬ ‫ُ‬

‫ ‬ ‫بل عادَ دجلة انشادا ً وتهنئ ًة‬ ‫ ‬ ‫ملّا الزبيدي اطلق من يد سلمت‬ ‫ ‬

‫بالسحب‬ ‫بحفل‬ ‫الفرات‬ ‫ضم‬ ‫َ‬ ‫الهطل ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫م ّر الغزاة كثيرا ً فوق تربتنا‬ ‫ال يعودوا سوى احملمول في اخلشب‬

‫يل‬ ‫قد طال ظلمك يا ابليس في ِح ٍ‬ ‫واحلق يعلو على بطل ومغتصب‬ ‫ ‬ ‫واالن شمس لدى احرار امتنا‬ ‫إشارات لدى الكتب‬ ‫فيها الضياء‬ ‫ٌ‬

‫ان العدالة حقٌّ عند خالقنا‬ ‫ ‬

‫وأطلق ّ‬ ‫اخلف في وجه املغتصب‬

‫حتى القيامة من ي ِّد الفتى العربي‬

‫زاء والكلب‬ ‫بعض االباعر وامل ْع ِ‬

‫ ‬

‫واجملرمون عليهم سوء منقلب‬

‫وأمتع السمع واألبصار والنظرا‬

‫ان السيادة‪ ،‬ال باجلرم‪ ،‬والكذب‬

‫ه ّال يحقق آماال ً به انطلقت‬ ‫يُخلي العراق ويطوي صفحة العطب‬

‫ ‬ ‫ال بد يعرف ان العدل قاعد ٌة‬ ‫ ‬

‫يعلو عليها لنيل اجملد بالطلب‬

‫الشيخ راتب نصراهلل ابو ذياب‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪20‬‬

‫وأيقظ الصخر واألخشاب واحلجرا‬

‫وأفرح احلرف في أوراق ما كتبت‬ ‫عنه الصحائف حسن القول وانتشرا‬ ‫زيدي د ّون في التاريخ مأثر ًة ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فاخلف أسكت صوت الشر وانتصرا‬ ‫وأربك احلكم في سادات أمتنا ‬ ‫وأفشل الزحف واإلخضاع واخلفرا‬ ‫حجج‬ ‫وأرهق البال في احلكام من‬ ‫ٍ‬ ‫فلك‬ ‫ّ‬ ‫زيدي إسمك ضوء صار في ٍ‬

‫ترممّ الصدع في أفعال ما كسرا‬ ‫يجاور الشمس واإلشعاع والقمرا‬

‫حذاؤك اليوم في ساحاتنا نصاب‬ ‫ويُفرح الناس في األقطار قاطبة‬

‫واالن يعرف (أوباما) ودولته‬ ‫ ‬

‫الهم والكدرا‬ ‫عانى اجلراح وعانى‬ ‫ّ‬

‫عرب‬ ‫وأنعش النفس في األحرار من ٍ‬

‫(يا جورج بوش) وان البوش في لغتي‬

‫ ‬

‫وطن‬ ‫شعب وعن‬ ‫فأبعد الذل عن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫النحس والنّكب‬ ‫نعليه يقذف وجه‬ ‫ِ‬

‫عنك البطولة احفاد لدى النّسب‬

‫ ‬

‫أهدى العراق إباء كان منتظرا‬

‫ورنمّ الصوت إذالال ً‬ ‫ملؤمتر ‬ ‫ٍ‬

‫يا رمح خالد زغرد إنهم ورثوا‬ ‫ ‬

‫وارفع حتية إجالل ملنتظر ‬

‫وأحسن الرسم في الشاشات والصورا‬

‫ختم احلذاء على عرنني جبهته‬ ‫ ‬

‫إنسان إذا اقتدرا‬ ‫واذكر شجاعة‬ ‫ٍ‬

‫يش ّرف البدو في العربان واحلضرا‬ ‫ويُطلق العزم في األبرار والشررا‬

‫سالحك النعل قد أردت رصاصته‬ ‫سالحك النعل قد فاقت ذخيرته‬

‫ظلما ً‬ ‫بكون أهان األرض والبشرا‬ ‫ٍ‬ ‫كل الذخائر في األعراب وانتصرا‬

‫فخر الصحافة أن ترعاك يا بطالً‬ ‫وأن تعيشك مجدا ً ح ّول القدرا‬

‫غازي مراد‬


‫قوى ‪ 14‬شباط تضغط الستقالة الحكومة‬

‫بكركي تلعب دور المح ّرض على مسيحيي المعارضة‬ ‫نقض االتفاق حول المجلس الدستوري في مجلس النواب كشف اللعبة‬ ‫هل تصمد احلكومة الى االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫وجتري باشرافها‪ ،‬ام تتألف حكومة اخرى حيادية‪،‬‬ ‫تنجز االنتخابات؟‬ ‫هذا السؤال طرح في أروقة قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬وفي‬ ‫لقاءات بني اقطابها‪ ،‬وهم يعتبرون احلكومة احلالية‪،‬‬ ‫التي سميت “حكومة وحدة وطنية”‪ ،‬كانت نتاج‬ ‫تغيير في املعادلة الداخلية‪ ،‬فرضتها املعارضة مع‬ ‫بدء اعتصامها في أول كانون األول ‪ ،2006‬وصوال ً‬ ‫إلى التحرك العسكري على األرض في ‪ 7‬ايار من‬ ‫العام ‪ ،2008‬وفرض شروطها على املواالة في اتفاق‬ ‫الدوحة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬يسعى فريق األغلبية النيابية احلالية‬ ‫إلى الثأر من هذه احلكومة بدفعها إلى اإلستقالة‬ ‫من خالل املعارضة اخراج في عدد من املسائل‬ ‫األساسية‪ ،‬منها عدم تلبية طلب نائب رئيس‬ ‫احلكومة عصام أبو جمرا في استحداث مكتب له‬ ‫في السراي احلكومي‪ ،‬وإعطائه صالحيات معينة‪،‬‬ ‫من خالل إقرار نظام داخلي جمللس الوزراء‪ ،‬ثم ترفض‬ ‫املواالة إعطاء املعارضة ما تريده من أعضاء في‬ ‫اجمللس الدستوري‪ ،‬ولو أدى ذلك إلى عدم تشكيله‪،‬‬ ‫إضافة إلى استمرار عمل الهيئة العليا لإلغاثة‬ ‫حتت إشراف رئيس احلكومة‪ ،‬وليس وزارة الشؤون‬ ‫اإلجتماعية‪ ،‬والعمل على وضع العراقيل في وجه‬ ‫وزير اإلتصاالت جبران باسيل لتفشيله في مشروعه‬ ‫اإلصالحي واسترداد أموال الدولة من الهاتف‬ ‫اخللوي‪ ،‬وتخفيض سعر املكاملات الهاتفية‪.‬‬ ‫وقد ظهر أن قوى ‪ 14‬شباط تريد اخراج وزراء‬ ‫املعارضة من احلكومة‪ ،‬وقد حاولت طرح الثقة بوزير‬ ‫الطاقة واملياه آالن طابوريان في جلسة املناقشة‬ ‫العامة للحكومة في مجلس النواب ألنه حتدث في‬ ‫مجلس الوزراء عن أن املعارضة ستستخدم حقها‬ ‫في الثلث املعطل في أي قرار‪ ،‬وقد استدرك الرئيس‬ ‫حضر لطابوريان ومنع حصوله‪ ،‬ون ّبه‬ ‫نبيه بري ما يُ ّ‬ ‫الرئيس السنيورة إلى خطورة ما يفعله فريقه‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫يفجر الوضع احلكومي‪ ،‬هو ما أقدمت‬ ‫قد‬ ‫ولكن ما‬ ‫ّ‬ ‫عليه األغلبية النيابية‪ ،‬بنقضها اإلتفاق حول‬ ‫أسماء للمجلس الدستوري الذي يجري انتخابهم‬ ‫في مجلس النواب‪ ،‬مما أغضب الرئيس بري الذي‬ ‫حمل املسؤولية للنائب وليد جنبالط‪ ،‬الذي طلب‬ ‫ّ‬ ‫من النائب سعد احلريري عدم السير باإلتفاق الذي‬ ‫توصل إليه رئيس مجلس النواب مع نائبه فريد‬ ‫مكاري‪ ،‬ومع رئيس احلكومة‪ ،‬ومت اختيار األعضاء‬ ‫من املسيحيني املوالني لـ ‪ 14‬شباط‪ ،‬انتقاما َ من‬ ‫العماد ميشال عون‪ ،‬وإلرضاء من وقف منهم‬ ‫سياسيا ً إلى جانب “ثورة األرز”‪ ،‬وفي إطالق احملكمة‬

‫الدولية باغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬حيث اعتبر‬ ‫رئيس “التيار الوطني احلر” انه جرى تسييس اجمللس‬ ‫الدستوري‪ ،‬باختيار أعضائه‪ ،‬بعد أن متّ تعطيله ملدة‬ ‫البت بالطعون العشرة التي متّ‬ ‫أربع سنوات‪ ،‬لعدم ّ‬ ‫تقدميها امامه‪ ،‬بعد اإلنتخابات النيابية عام ‪.2005‬‬ ‫وبعد اخلديعة التي تلقتها املعارضة في مجلس‬ ‫النواب من املواالة التي لم تعترف بوجود اتفاق‬ ‫حول أعضاء اجمللس الدستوري‪ ،‬وانها مارست‬ ‫حقها كأكثرية وفاز من فاز‪ ،‬فإن املعارضة قررت‬ ‫املواجهة في مجلس الوزراء‪ ،‬واستخدام حقها‬ ‫ّ‬ ‫املعطل‪ ،‬والذي اعتبره البطريرك‬ ‫الدستوري بالثلث‬ ‫املاروني نصراهلل صفير في رسالة امليالد‪ ،‬أنه‬ ‫تعطيل للحكومة التي تسير بعربتني أولى إلى‬ ‫األمام وثانية إلى الوراء‪ ،‬وقد غمز من قناة املعارضة‬ ‫أنها تضع البالد أمام أزمة جديدة‪ ،‬دون أن يشير‬ ‫إلى أن التوافق أفضل من التصادم‪ ،‬وان لبنان‬ ‫تس ّيره “دميقراطية توافقية”‪ ،‬وأن ما يتحدث عنه‬ ‫صفير حول أكثرية حتكم واقلية تعارض‪ ،‬فهذه‬ ‫الدميقراطية متارسها شعوب ال يحكمها نظام‬ ‫سياسي طائفي‪ ،‬ومحاصصات طائفية‪ ،‬بل أحزاب‬ ‫سياسية‪ ،‬ال احزاب طائفية‪.‬‬ ‫ويبدو أن صفير قرر أن يصطف في اإلنتخابات‬ ‫النيابية مع ‪ 14‬شباط‪ ،‬وهو اتفق مع أقطابها على‬ ‫ويحمل فيها‬ ‫أن يبدأ بسلسلة مواقف وعظات احد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املعارضة السيما املسيحية منها مسؤولية ما‬ ‫يحصل في لبنان‪ ،‬لتشويه صورتها‪ ،‬ولتوجيه الرأي‬ ‫العام املسيحي ضدها في االنتخابات‪ ،‬وهذا ما ملح‬ ‫اليه رئيس «تيار املردة» سليمان فرجنية‪ ،‬عندما ذكر‬ ‫ان املشكلة مع البطريرك هي في انحيازه الى فريق‬ ‫سياسي منذ زمن بعيد‪ ،‬وعندما يختار احلياد فنحن‬ ‫معه‪ ،‬لكنه عندما يقف الى جانب مسيحيي‬ ‫‪ 14‬شباط‪ ،‬وقد رعاهم سياسيا ً في «لقاء قرنة‬

‫‪21‬‬

‫شهوان» واحتضنهم في مقر املطرانية في قرنة‬ ‫شهوان وترأس اجتماعاتهم املطران يوسف بشارة‪،‬‬ ‫فامنا يؤكد وقوفه ودعمه لهذا الفريق السياسي‬ ‫ضد فريق سياسي اخر على الساحة املسيحية‪.‬‬ ‫فاحلملة على املعارضة داخل احلكومة بدأت‪،‬‬ ‫وعلى القوى املسيحية فيها وكل ذلك من اجل‬ ‫دفعها نحو االستقالة التي مينع اتفاق الدوحة‬ ‫حصولها قبل االنتخابات النيابية‪ ،‬وقد يكون هو‬ ‫احلصانة الستمرار احلكومة التي لن تخرج منها‬ ‫املعارضة مهما كان الوضع السياسي‪ ،‬ولن تكرر‬ ‫جتربة حكومة الرئيس عمر كرامي الذي استقال‬ ‫حتت ضغط الشارع‪ ،‬والكلمة االستفزازية التي‬ ‫واجهته فيها النائبة بهية احلريري في مجلس‬ ‫النواب في ‪ 28‬شباط ‪.2005‬‬ ‫فاملعارضة ستصمد في وجه الفريق املوالي‬ ‫الذي يستفزها لالستقالة من احلكومة‪ ،‬وحتميلها‬ ‫املسؤولية امام من رعى اتفاق الدوحة‪ ،‬وقد تنبهت‬ ‫لهذا اخملطط‪ ،‬الذي بدأ حتريكه من بكركي‪ ،‬التي‬ ‫زارها سعد احلريري بعد رسالة صفير مباشرة‪،‬‬ ‫ليتضامن معه ويؤيده حول ما قاله عن انه ال يجوز‬ ‫ان تكون هناك معارضة في احلكومة‪ ،‬بل ان تعارض‬ ‫من خارجها في اشارة الى وجوب ان تكون احلكومة‬ ‫من لون واحد‪ ،‬واذا كان هذا االمر متعذرا ً فتأليف‬ ‫حكومته حيادية‪ ،‬ولكن يتم تطعيمها بوزراء قريبني‬ ‫من ‪ 14‬شباط‪ ،‬على غرار ما حصل مع حكومة جنيب‬ ‫ميقاتي ومع الوزراء الذين انقلبوا على الرئيس اميل‬ ‫حلود في حكومة فؤاد السنيورة االولى‪.‬‬ ‫ان سيناريو تغيير احلكومة يدور في عقل وفكر‬ ‫‪ 14‬شباط لكنه لن يصل الى التطبيق‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫زار سوريا لتطبيع العالقات شعبياً بعد عبورها رسمياً‬

‫عون اس ُتقبل كرجل دولة و ُك ّرم كصديق‬ ‫وحصاده السياسي للدولة‬

‫الرئيس بشار األسد مستقبالً العماد عون‬

‫م ّثل االستقبال احلار والكبير‪ ،‬للعماد ميشال‬ ‫عون في سوريا‪ ،‬مفاجأة للجميع‪ ،‬إذ ك ّرم الرئيس‬ ‫السوري الدكتور بشار األسد ضيفه تكرميا ً يليق‬ ‫برجال الدولة‪ ،‬مما أثار خصوم عون في لبنان‪،‬‬ ‫على هذه احلفاوة التي قوبل بها من املسؤولني‬ ‫السوريني‪ ،‬وفي مقدمهم الرئيس السوري‪ ،‬الذي‬ ‫التقاه ثالث مرات‪ ،‬وح ّول اللقاءات من طابعها‬ ‫الرسمي‪ ،‬إلى عائلية وحميمية‪ ،‬بحيث التقت‬ ‫عائلتا األسد وعون‪ ،‬في تفقّ د املعالم األثرية في‬ ‫مدينة حلب‪ ،‬وفي الغداء الذي جمعهما‪ ،‬في لفتة‬ ‫إلى أن سوريا ربحت صديقا ً جديدا ً في لبنان‪،‬‬ ‫بعدما كان خصما ً شريفاً‪.‬‬ ‫فالزيارة فاقت في برنامجها ما كان متوقعاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتخطت الطابع الرسمي إلى تفاعل عون والوفد‬ ‫املرافق له من “التيار الوطني احلر”‪ ،‬مع شرائح‬ ‫الشعب السوري إلنهاء مرحلة سوداء من العالقة‬ ‫اللبنانية ـ السورية‪ ،‬اعتبر الطرفان أنها أصبحت‬ ‫من املاضي‪ ،‬دون نسيانها‪ ،‬لكي تبقى في الذاكرة‪،‬‬ ‫ومتنع العودة إليها‪ .‬وقد غمز رئيس “تكتّل اإلصالح‬ ‫والتغيير” من قناة مسؤولني لبنانيني وسوريني‬ ‫كانوا ممسكني بالوضع اللبناني‪ ،‬أنهم كانوا وراء‬ ‫انتكاسة العالقات‪ ،‬بسبب االرتباكات والتجاوزات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التي حصلت‪ ،‬وتسببت بارتفاع وتيرة التوتر الذي‬ ‫حت ّول إلى اشتباكات ومعارك عسكرية‪ ،‬وهو كان‬ ‫يقصد املرحلة التي كان امللف اللبناني فيها بيد‬ ‫نائب الرئيس السوري السابق عبد احلليم خدام‬ ‫وشريكيه فيه‪ ،‬رئيس األركان العماد حكمت‬ ‫الشهابي ورئيس جهاز األمن واالستطالع العميد‬ ‫غازي كنعان‪ ،‬ومن كان يؤازرهم في لبنان‪.‬‬ ‫فتلك الفترة انتهت‪ ،‬وبدأ عهد جديد من‬ ‫التعاون‪ ،‬بعدما خرجت سوريا من لبنان‪ ،‬وقد سبق‬ ‫للعماد عون أن كرر أنه مع أفضل العالقات معها‪،‬‬ ‫عندما تسحب قواتها‪ .‬وقد التزم مبا عمل له‪،‬‬ ‫وقاتل من أجله‪ ،‬ولم يرفع شعارات إسقاط النظام‬ ‫السوري‪ ،‬وال احتالل سوريا‪ ،‬وال استخدام احملكمة‬ ‫الدولية باغتيال الرئيس رفيق احلريري لالنتقام من‬ ‫الرئيس األسد‪ ،‬كما فعل أقطاب ‪ 14‬شباط وعلى‬ ‫رأسهم النائب وليد جنبالط‪ ،‬الذي جاهر علنا ً أنه‬ ‫ذهب إلى الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬يطلب رأس‬ ‫النظام في سوريا‪ ،‬فجوبه بكالم صريح من وزيرة‬ ‫اخلارجية كونداليزا رايس ومسؤولني أميركيني‬ ‫آخرين‪ ،‬بأن املطلوب تغيير سلوكه ال تغييره‪.‬‬ ‫فالعماد ميشال عون افترق عن قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫في النظرة إلى العالقة مع سوريا‪ ،‬كما لفهم‬

‫‪22‬‬

‫توصل مع “حزب اهلل” إلى‬ ‫سالح املقاومة‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ورقة تفاهم حول السالح ومسائل أخرى‪ ،‬وهذا‬ ‫ما لم يقبل به “ثوار األرز”‪ ،‬الذين التزموا أمام‬ ‫اإلدارة األميركية بنزع السالح من املقاومة‪ ،‬إذا لم‬ ‫يتم باحلوار‪ ،‬فباحلرب التي شنّتها إسرائيل على‬ ‫ّ‬ ‫تدمر املقاومة‬ ‫املقاومة ولبنان‪ ،‬ولم‬ ‫تتمكن من أن ّ‬ ‫أو تنهي سالحها الذي حت ّول إلى قوة للبنان‪ ،‬وحقق‬ ‫انتصارا ً على اجليش اإلسرائيلي‪ ،‬وهزمه بعد عدوان‬ ‫مدمر دام ‪ 33‬يوماً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فوقوف رئيس “التيار الوطني احلر” إلى جانب‬ ‫املقاومة‪ ،‬وحماية سالحها‪ ،‬واحتضان جمهورها‬ ‫في أثناء احلرب‪ ،‬كان تأشيرة مروره إلى سوريا‪،‬‬ ‫التي وضعت ثقتها برجل يفي بتعهداته‪ ،‬ويلتزم‬ ‫بتحالفاته‪ ،‬ويقرن قوله بالفعل‪ ،‬فلم يطعن‬ ‫املقاومة‪ ،‬وراهن عليها بأنها ستنتصر‪ ،‬بالرغم من‬ ‫كل التهديدات التي تلقاها‪ ،‬واتخاذ إسرائيل قرارا ً‬ ‫بقصف مقر عون في الرابية‪ ،‬إال أنه استمر في‬ ‫تشكيل غطاء سياسي وشعبي للمقاومة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما أنزل غضب اإلدارة األميركية وحلفائها عليه‪،‬‬ ‫وكذلك من الفريق احلاكم في لبنان‪ ،‬وبدأ احلديث‬ ‫عن حت ّول عون إلى احملور السوري ـ اإليراني‪ ،‬وقامت‬ ‫حملة ضده على أنه تخ ّلى عن مبادئه في السيادة‬


‫واالستقالل والقرار احلر‪ ،‬وهو يتق ّرب من “حزب اهلل”‬ ‫ليؤمن له الوصول لرئاسة اجلمهورية‪ ،‬إضاف ًة إلى‬ ‫ما قيل عنه أنه يتلقى مساعدات مالية وغير ذلك‪.‬‬ ‫كل هذه احلملة‪ ،‬لم تؤثر على خيارات عون‬ ‫السياسية‪ ،‬فهو رأى في املقاومة قوة للبنان‪،‬‬ ‫يجب أن تتكامل مع اجليش اللبناني في‬ ‫استراتيجية دفاعية‪ ،‬كما اعتبر سوريا اجلار الذي‬ ‫ال ميكن إزاحته بواقع اجلغرافيا والتاريخ والعالقات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والروابط التي جتمع‬ ‫عائالت وأبناء البلدين الشقيقني‪ ،‬وقد رسم‬ ‫استراتيجيته السياسية على هاتني القاعدتني‪،‬‬ ‫وهما متباعدتان عن قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬فخُ ّون‪ ،‬واتُّهم‬ ‫بتوجهاته‪،‬‬ ‫بأنه يخالف “املزاج الشعبي املسيحي” ّ‬ ‫ويعمل ضد قناعات تياره السياسي وأنصاره‪ ،‬فهو‬ ‫خاض “حرب حترير” ضد سوريا‪ ،‬فال ميكنه إعطاؤها‬ ‫صك براءة بالذهاب إليها‪ ،‬دون أن تعتذر منه ومن‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬كما ال يجوز أن تهدر نضاالت قوى‬ ‫سياسية وحزبية لبنانية أخرجت سوريا من لبنان‪،‬‬ ‫فيأتي عون إلدخالها مرة جديدة إليه من الباب‬ ‫املسيحي‪ ،‬فكان رد عون على هذه األقوال واملزاعم‬ ‫بأنه كان ينتظر االعتذار من لبنانيني أساؤوا إليه‬ ‫وشاركوا مع مسؤولني سوريني في اقتالعه من‬ ‫لبنان‪ ،‬وهو لم يذهب إلى سوريا لطلب دخولها‬ ‫إلى لبنان‪ ،‬كما فعل غيره‪ ،‬وهو كان يستذكر‬ ‫مرحلة منتصف السبعينيات مع بداية احلرب‬ ‫األهلية‪ ،‬عندما ذهب وفد من “اجلبهة اللبنانية”‬ ‫ضم الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار اجلميل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يطلب من الرئيس حافظ األسد إرسال قوات‬ ‫تقدم قوى‬ ‫سورية إلى لبنان حلماية املسيحيني من ّ‬ ‫احلركة الوطنية والفصائل الفلسطينية باجتاه‬ ‫املناطق الشرقية من أعالي املنت وكسروان‪ ،‬ول ّبى‬ ‫الرئيس السوري نداء هؤالء‪ ،‬بعدما استعان رئيس‬ ‫اجلمهورية آنذاك املرحوم سليمان فرجنية رسمياً‪،‬‬ ‫بسوريا للتدخّ ل بقواتها لوقف حمام الدم بني‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬وقد حظي طلبه مبوافقة دولية‪ ،‬وقرار‬ ‫عربي اتخذته اجلامعة العربية‪.‬‬ ‫فهذا الدخول السوري حكمته ظروف داخلية‬ ‫وخارجية‪ ،‬كما أن خروج القوات السورية فرضته‬ ‫أيضا ً تطورات عربية وإقليمية ودولية‪ ،‬وصدور االقرار‬ ‫‪ ،1559‬لكن كيف متّ التعامل مع االنسحاب السوري‪،‬‬ ‫الذي أراده عون أن يكون نقطة انطالق لترميم‬ ‫العالقة بني البلدين‪ ،‬وهو ما ترجمه فعلياً‪ ،‬وقد‬ ‫تقدم باقتراح على طاولة احلوار في مجلس النواب‪،‬‬ ‫أن يذهب وفد منها إلى سوريا‪ ،‬الستعادة العالقة‪،‬‬ ‫لكن جنبالط رفض هذا االقتراح‪ ،‬وانضم إليه احلريري‬ ‫وجعجع‪ ،‬فيما تر ّيث الرئيس أمني اجلميل في إعطاء‬ ‫جواب‪ ،‬ألنه لم يقطع خطوط التواصل مع القيادة‬ ‫السورية‪ ،‬وقد كشف أخيرا ً أنه تلقّ ى دعوة لزيارتها‪،‬‬ ‫كما تلقى دعوة أخرى لزيارة إيران‪.‬‬ ‫وكان العماد عون جريئا ً‬ ‫قبل دعوة‬ ‫عندما‬ ‫ِ‬ ‫القيادة السورية التي حملها إليه وزير اخلارجية‬ ‫وليد املعلم‪ ،‬وقرر تلبيتها بعد االنتخابات‬ ‫تفسر على أنه يزورها لتدعمه‬ ‫الرئاسية كي ال‬ ‫ّ‬ ‫في الدخول إلى رئاسة اجلمهورية التي كان‬ ‫وفضل أن‬ ‫مرشحا ً لها‪ ،‬ويلقى دعم املعارضة‪،‬‬ ‫ّ‬

‫حتصل قبل االنتخابات النيابية بسبعة أشهر‪،‬‬ ‫كي ال حتسب على أنه تلقى الدعم منها‪ ،‬حيث‬ ‫وضعها بعض أطراف ‪ 14‬شباط في خانة تلبية‬ ‫رغباته في االنتخابات‪ ،‬والطلب من حلفاء سوريا‬ ‫تسهيل مهمته في تشكيل اللوائح‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫يناقض ما أعلنه هؤالء أنفسهم من أن زيارته إلى‬ ‫سوريا ستفقده شعبيته‪ ،‬وقد سخر عون من هذا‬ ‫الكالم‪ ،‬وأعلن أنه يقدم ما يخسره إلى خصومه‪،‬‬ ‫حيث ب ّينت استطالعات الرأي أن اللبنانيني‬ ‫عموما ً واملسيحيني خصوصاً‪ ،‬مع إعادة العالقات‬ ‫بني سوريا ولبنان‪ ،‬وتنقيتها من الشوائب‪ ،‬وإجراء‬ ‫مراجعة لها‪ ،‬وقد ذهب رئيس “التيار الوطني احلر”‬ ‫إليها من أجل هذه الغاية‪ ،‬وأهمية ذهابه إلى‬ ‫دمشق هو أنه كان خصما ً لها وأكثر املطالبني‬ ‫بخروج جيشها‪ ،‬وقد خاض معارك ضدها‪ ،‬وهو‬ ‫املؤهل إلجراء مصارحة ومصاحلة مع قيادتها‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫ما حصل فعليا ً في اللقاء الذي دام ساعتني بينه‬ ‫وبني الرئيس األسد‪ ،‬واتفقا على أن العالقات متر‬ ‫عبر الدولة ومؤسساتها‪ ،‬وأن هذه الزيارة ليست‬ ‫بديالً لها‪ ،‬وال هي على نقيض ما اتفق عليه مع‬ ‫رئيس اجلمهورية حول أسس العالقات التي‬ ‫حتكمها معاهدة أخوة وتعاون وتنسيق واتفاقات‬ ‫متت برعاية اجمللس األعلى اللبناني ـ السوري‪.‬‬ ‫فزيارة عون مكملة للقمة التي جمعت‬ ‫الرئيسني اللبناني والسوري‪ ،‬ومتّ فيها تطبيع‬ ‫العالقات الرسمية‪ ،‬من خالل الزيارات التي قام‬ ‫بها وزير الداخلية زياد بارود‪ ،‬وقائد اجليش العماد‬ ‫جان قهوجي‪ ،‬واالجتماعات التي يحضرها وزراء‬ ‫من البلدين في إطار اجلامعة العربية أو في الزيارة‬ ‫التي يستعد لها وزير الدفاع الياس املر الذي رفض‬ ‫تأخيرها‪ ،‬ألن الظروف األمنية تفرض حصولها‪،‬‬ ‫حتى لو لم يتم تبادل السفراء‪ ،‬وهو بذلك ّ‬ ‫غطى‬ ‫زيارة قائد اجليش الذي قامت حملة ضده من قبل‬ ‫فريق ‪ 14‬شباط ألنه التقى الرئيس األسد‪ ،‬وأعاد‬ ‫التأكيد على التنسيق مع اجليش السوري في‬ ‫التدريب والتسليح‪.‬‬ ‫فالعماد عون أعاد تطبيع العالقات شعبياً‪ ،‬خالل‬ ‫برنامج زيارته‪ ،‬فذهب إلى األحياء الشعبية‪ ،‬واألماكن‬ ‫الدينية املسيحية واإلسالمية‪ ،‬واختلط بالشعب‬ ‫السوري‪ ،‬لينهي حالة من العداء بني اللبنانيني‬ ‫والسوريني‪ ،‬متّ الترويج لها أثناء الوجود العسكري‬ ‫واألمني السوري في لبنان‪ ،‬نتيجة املمارسات‬ ‫اخلاطئة من الطرفني‪ ،‬واستغالل هذا الوجود من‬ ‫اجلانبني ملصالح سياسية وفئوية ومادية‪.‬‬ ‫فالشعب السوري الذي حمل في السابق‬ ‫صور الرئيس املصري جمال عبد الناصر في‬ ‫اخلمسينيات‪ ،‬وصور األمني العام لـ”حزب اهلل”‬ ‫السيد حسن نصر اهلل منذ مطلع التسعينيات‬ ‫من القرن املاضي وما زال‪ ،‬رفع صور العماد عون‬ ‫وعلم “التيار الوطني احلر”‪ ،‬وكانت كلها عفوية‪،‬‬ ‫تقديرا ً للدور الذي أ ّداه دفاعا ً عن املقاومة‪ ،‬ثم‬ ‫ألنه رفض أن يتقوقع لبنان‪ ،‬وينعزل عن محيطه‬ ‫الطبيعي‪ ،‬فأعلن انتماء املسيحيني املشرقي‪ ،‬وهذا‬ ‫هو واقعهم اجلغرافي والتاريخي والديني‪ ،‬فنسب‬ ‫الكنيسة املارونية إلى السريانية‪ ،‬وذهب إلى قبر‬

‫‪23‬‬

‫القديس مارون الذي أسس الطائفة املارونية‪ ،‬ومن‬ ‫حلب كان مهد املارونية‪ ،‬كما كانت سوريا مهد‬ ‫املسيحية التي زارها البابا يوحنا بولس الثاني‪،‬‬ ‫ومشى على الطريق الذي سار عليه يوحنا الرسول‬ ‫مبشرا ً باملسيحية في أعوامها األولى‪.‬‬ ‫لقد أخرج اجلنرال عون املسيحيني من االنعزال‬ ‫الذي حاول بعض “املتلبننني” وضعهم فيه‪ ،‬وعدم‬ ‫تفاعلهم مع محيطهم املشرقي‪ ،‬وهم الذين‬ ‫ينتمون إلى بطريركيات انطاكية مشرقية‪ ،‬وكل‬ ‫البطاركة‪ ،‬مبن فيهم بطريرك املوارنة‪ ،‬يسمون‬ ‫بطاركة انطاكية وسائر املشرق‪ ،‬حيث هناك عدة‬ ‫أبرشيات مارونية في سوريا‪ ،‬زارها عون للتأكيد‬ ‫على الترابط بني البلدين‪ ،‬إذ أعلن أنه لم ير‬ ‫املسافة بعيدة بني حلب وجبل لبنان‪.‬‬ ‫ففي زيارته حقق العماد عون نتائج إيجابية‪،‬‬ ‫فهو كسر احلاجز النفسي الذي كان قائما ً بني فئة‬ ‫من اللبنانيني وسوريا‪ّ ،‬‬ ‫وركز على حاجة البلدين‬ ‫ّ‬ ‫متنفس‬ ‫بعضهما لآلخر اقتصادياً‪ ،‬إذ ان سوريا‬ ‫لبنان إلى اجلوار العربي‪ ،‬وهي بهذا املعنى يجب‬ ‫أن تكون العالقة معها مميزة‪ ،‬كما أنه حصل على‬ ‫جتديد ملا سبق أن أكده الرئيس السوري األسد‪ ،‬أن ال‬ ‫عودة للقوات السورية إلى لبنان‪ ،‬حتى لو كان اجلنة‪،‬‬ ‫وقد قطع بذلك كل االدعاءات التي حتدثت عن عودة‬ ‫سوريا إلى لبنان‪ ،‬مستغلة احلشود العسكرية‬ ‫السورية على احلدود‪ ،‬التي أُبلغت بها قيادة اجليش‬ ‫اللبناني وهي ملنع تسلل عناصر إرهابية‪ ،‬تبينّ أنها‬ ‫تقوم بأعمال تفجير في البلدين‪.‬‬ ‫أما ما حاول خصوم عون مطالبته بتحقيقه‪،‬‬ ‫جلهة ترسيم احلدود في مزارع شبعا‪ ،‬ومعرفة‬ ‫مصير املفقودين واملعتقلني‪ ،‬وتبادل السفراء‪،‬‬ ‫فهذه املسائل التي يقر رئيس “تكتل التغيير‬ ‫واإلصالح” بضرورة تنفيذها‪ ،‬إال ألنه يترك أمرها إلى‬ ‫الدولتني‪ ،‬واملؤسسات اخملتصة‪ ،‬حيث أُجنز املوضوع‬ ‫الدبلوماسي‪ ،‬وقد ينتهي التمثيل خالل نهاية‬ ‫العام‪ ،‬أو مطلع العام املقبل‪ ،‬وأن املفقودين تد ّقق‬ ‫جلان مشتركة بلوائحهم منذ سنوات للكشف‬ ‫عن مصيرهم‪ .‬أما املعتقلون فقد أفرجت سوريا‬ ‫عنهم على دفعات منذ سنوات‪ ،‬وقد وعدت‬ ‫بإطالق سراح املسجونني سياسيا ً أو جنائياً‪ ،‬وقد‬ ‫أبلغت وزير العدل اللبناني إبراهيم جنار بذلك‪.‬‬ ‫لذلك لم يذهب عون إلى سوريا ليحصد‬ ‫سياسيا ً أو انتخابياً‪ ،‬بل ذهب إليها الستكمال‬ ‫التطبيع الرسمي‪ ،‬بالتطبيع الشعبي‪ ،‬وهو لهذه‬ ‫الغاية استقبل بهذا التكرمي الذي يليق باخلصوم‬ ‫الشرفاء‪ ،‬الذين لم يتقلبوا في مواقفهم‬ ‫وتعهداتهم‪ ،‬كما فعل بعض احللفاء الذين‬ ‫صنعتهم سوريا‪ ،‬فانقلبوا عليها كما فعل‬ ‫جنبالط‪ ،‬وهذا ما يردده دائما ً املسؤولون في سوريا‪،‬‬ ‫ويقولون إن طريقه إلى دمشق مزروعة بالشوك‪...‬‬ ‫ألن ما فعلته له سوريا‪ ،‬لم تفعله مع أي حليف‬ ‫لها في لبنان‪ ،‬سوى املقاومة‪ ،‬وعندما كان يرى‬ ‫الظرف مؤاتيا ً والتحوالت متوافرة‪ ،‬كان ينقلب‬ ‫عليها‪ ،‬ويطعن بها‪ ،‬ويريد لها السوء‪.‬‬

‫جورج معوض‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫‪ 2008‬لبنانياً ‪:‬‬

‫إعادة التوازن الداخلي وانتخاب مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية‬ ‫انتهى عام ‪ 2008‬على استئناف احلوار في‬ ‫القصر اجلمهوري‪ ،‬وهو الثالث‪ ،‬بعد إطالقه من‬ ‫قبل رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان‬ ‫حول االستراتيجية الدفاعية‪ ،‬والذي تزامن مع‬ ‫حشد دولي لتسليح اجليش اللبناني‪ ،‬حيث جاءت‬ ‫املفاجأة من روسيا‪ ،‬التي أبلغت وزير الدفاع الياس‬ ‫املر أثناء زيارته لها على رأس وفد عسكري‪ ،‬أنها‬ ‫ستقدم هبة عشر طائرات عسكرية من طراز‬ ‫“ميغ‪ ”29-‬وهي طائرة دفاعية متطورة‪ ،‬إضافة الى‬ ‫“دبابات ت ‪ ،”90 -‬وصواريخ وقاذفات صاروخية‪ ،‬وقد‬ ‫ح ّرك العرض الروسي‪ ،‬احلماسة األميركية‪ ،‬ملعرفة‬ ‫الغاية من هذا التسليح الذي كانت واشنطن‬ ‫تريد حصره فيها‪ ،‬للتحكم به ومنع استخدامه‬ ‫في مواجهة إسرائيل‪ ،‬وتزويد اجليش بسالح ال يقع‬ ‫في يد املقاومة‪ ،‬وهو شرط أميركي‪ -‬إسرائيلي‬ ‫وضع في وجه احلكومة اللبنانية‪ ،‬التي سعت الى‬ ‫التحرر منه‪ ،‬وعدم االلتزام به‪ ،‬وقررت تنويع تسليح‬ ‫اجليش‪ ،‬وتعدد مصادره‪ ،‬لكن السؤال الذي طرح‪:‬‬ ‫هل االستعجال في استدراج عروض التسليح‪،‬‬ ‫الذي قام به كل من رئيس “تيار املستقبل” النائب‬ ‫سعد احلريري ورئيس احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫النائب وليد جنبالط‪ ،‬هو من أجل الرد على مقولة‬ ‫األمني العام “حلزب اهلل” السيد حسن نصر اهلل‪،‬‬ ‫أنه في ظل عدم وجود قدرات عسكرية قتالية‬ ‫لدى اجليش‪ ،‬فإن املقاومة متأل الفراغ‪ ،‬وقد كشفت‬ ‫زيارة احلريري الى روسيا ومطالبته بالسالح‪،‬‬ ‫وكذلك جنبالط في زيارته الى الواليات املتحدة‬ ‫األميركية‪ ،‬ودعوته اإلدارة فيها الى اإلسراع ومد‬ ‫اجليش بالسالح‪ ،‬وعزم دول خليجية وفي طليعتها‬ ‫السعودية واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬دفع ثمن‬ ‫السالح‪ ،‬أشارات الى أن الهدف من ذلك‪ ،‬هو‬ ‫القول “حلزب اهلل” إن اجليش أصبح مجهزا ً ومدربا ً‬ ‫كاف‪ ،‬ولم يعد لسالح املقاومة مبرر‬ ‫ولديه عديد ٍ‬ ‫لبقائه خارج إطار الدولة‪ ،‬وأن يندمج في اجليش‪،‬‬ ‫ويكون من ضمن استراتيجيته‪ ،‬حتت عنوان ان‬ ‫قرار احلرب والسلم هو بيد الدولة فقط‪ ،‬وهو‬ ‫ما يردده فريق ‪ 14‬شباط‪ ،‬وطرحه أقطابه على‬ ‫طاولة احلوار‪ ،‬وقدموا الدراسات واألفكار بشأنه‪،‬‬ ‫مبا يعاكس وجهات نظر رئيس اجلمهورية وقيادة‬ ‫اجليش‪ ،‬بأن املقاومة واجليش يتكامالن‪ ،‬ويتناعم‬ ‫معهما الشعب اللبناني‪ ،‬وهو ما ورد في البيان‬ ‫الوزاري للحكومة‪ ،‬وفي خطاب القسم للرئيس‬ ‫سليمان‪ ،‬وفي كلمته بعيد اجليش‪ ،‬وكذلك في‬ ‫عيد االستقالل‪ ،‬كما في افتتاح جلسات احلوار‬ ‫في القصر اجلمهوري‪.‬‬ ‫فاالستراتيجية الدفاعية احتلت األولوية في‬ ‫عام ‪ ،2008‬ألنها تبحث في سالح املقاومة‪ ،‬الذي‬ ‫تصر املواالة على أن يسلم الى الدولة‪ ،‬وأال تعود‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫طاولة احلوار في القصر اجلمهوري‬

‫أحداث أيار في اجلبل ( الشويفات وعاليه)‬

‫أحداث سعدنايل‬

‫‪24‬‬


‫قلق من أن تفجر‬ ‫المحكمة الدولية‬ ‫حرباً أهلية‬ ‫إذا س ّيست‬ ‫له وظيفة‪ ،‬حيث التركيز على أنه ح ّول “حزب‬ ‫اهلل” الى “دولة ضمن دولة” ولديه سالح متطور‬ ‫أكثر من اجليش اللبناني الذي يُس ّلح ليتفوق‬ ‫على املقاومة‪ ،‬وليس على مواجهة إسرائيل‪،‬‬ ‫كما يؤكد فريق ‪ 14‬شباط‪ ،‬الذي التزم أمام اإلدارة‬ ‫األميركية وحلفائها في الدول األوروبية والعربية‬ ‫بإخراج سالح املقاومة كليا ً من معادلة الصراع‬ ‫مع إسرائيل ومن أخصامه في الداخل‪ ،‬بحيث‬ ‫ال يصبح له أهمية‪ ،‬وهو عمل على تنفيذه مع‬ ‫حكومة السنيورة األولى‪ ،‬عندما استفرد بالقرار‬ ‫داخل مجلس الوزراء‪ ،‬وحتينّ الفرص لالنقضاض‬ ‫على سالح املقاومة حيث فشل العدوان‬ ‫اإلسرائيلي في عام ‪ ،2006‬في حتقيق هدفه‬ ‫بتدمير املقاومة وتعطيل سالحها‪ ،‬فكان ال بد من‬ ‫أن يدخل هذا املوضوع في صلب قرار يصدر عن‬ ‫مجلس األمن الدولي‪ ،‬لوقف احلرب اإلسرائيلية‬ ‫املدمرة على لبنان‪ ،‬لكن مت التصدي له‪ ،‬وجاء‬ ‫القرار ‪ ،1701‬ليتحدث عن عدم وجود مسلحني‪،‬‬ ‫وقد مت تطبيقه‪ ،‬لكن املقاومة على لسان قائدها‬ ‫السيد نصراهلل‪ ،‬أعلنت أنها أعادت جتهيز نفسها‬ ‫وإعادة تأهيل عناصرها‪ ،‬وقد كشف وزير الدفاع‬ ‫اإلسرائيلي إيهود باراك أن املقاومة باتت متتلك‬ ‫‪ 40‬ألف صاروخ‪ ،‬أي ثالثة أضعاف ما كانت متتلكه‬ ‫قبل ‪ 12‬متوز ‪.2006‬‬ ‫وظل سالح املقاومة هدفا ً لبنانيا ً داخليا ً عند‬ ‫الفريق املتحالف مع أميركا والسعودية أو ما‬ ‫يسمى “دول االعتدال العربي”‪ ،‬ونظمت حملة‬ ‫سياسية وإعالمية عليه‪ ،‬كان رأس احلربة فيها‬ ‫وليد جنبالط يسانده حلفاؤه في ‪ 14‬شباط‪،‬‬ ‫فهدد بسحب الصواريخ من املقاومة‪ ،‬وح ّرض‬ ‫عليها‪ ،‬وأعلن أنه “سيحرق األخضر واليابس”‪،‬‬ ‫مس بقائدها‪ ،‬وكوادرها وجمهورها ولم‬ ‫بعدما ّ‬ ‫يتوان عن اتهامها بأعمال “االغتيال والتفجير”‬ ‫ووجه أصابعه نحو أبرز رموزها ومناضليها‬ ‫وقادتها عماد مغنية‪ ،‬قبل اغتياله بأسبوعني‪،‬‬ ‫وقد ترك هذا االتهام عالمة استفهام حول من‬ ‫يقف وراء تفجير سيارة عماد مغنية في دمشق‪.‬‬ ‫واستمر وليد جنبالط في تصعيده ضد‬ ‫املقاومة‪ ،‬في كل االجتاهات‪ ،‬وأشار في أحد‬ ‫تصريحاته الى امتالكها شبكة اتصاالت‬ ‫هاتفية‪ ،‬وأنها تشتري األراضي في البقاع الغربي‬ ‫وجزين‪ ،‬كما لم يتوقف عن ادعائه أن السيارات‬

‫مؤمتر احلوار في الدوحة‬

‫القمة الرباعية في باريس‬

‫تشكيل حكومة الوحدة الوطنية‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫تفخخ في الضاحية اجلنوبية وفي املربع األمني‬ ‫حلزب اهلل هذا ما أعلنه بعد اغتيال الرائد وسام‬ ‫عيد مباشرة كما في تصريحات سابقة له‪ ،‬كان‬ ‫يقول إن حلفاء النظام السوري هم وراء االغتياالت‬ ‫والتفجيرات‪ ،‬وعندما كان يُسأل مع سياسيني‬ ‫من حلفائه عن امتالكه مستندات ووقائع كان‬ ‫يشير الى أن اتهاماته سياسية‪ ،‬وقد وصل به‬ ‫األمر الى أن ضغط على مجلس الوزراء‪ ،‬التخاذ‬ ‫قرار بإزالة شبكة اتصاالت املقاومة‪ ،‬وقد عرض‬ ‫خارطة تبني متددها في كل لبنان‪ ،‬وربطها أيضا ً‬ ‫بسيطرة “حزب اهلل” على جهاز أمن مطار بيروت‬ ‫وتركيب آالت تصوير على املدارج‪ ،‬ال سيما مدرج‬ ‫الشخصيات ملعرفة حتركاتهم‪ ،‬في تلميح منه‪،‬‬ ‫الى أن احلزب يقف وراء االغتياالت‪ ،‬وطالب بإقالة‬ ‫قائد جهاز أمن املطار العميد وفيق شقير‪ ،‬ألنه‬ ‫يسهل للمعارضة احلصول على معلومات أمنية‪،‬‬ ‫تتعلق بقوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬حيث سبق جلنبالط أن‬ ‫اتهم أمن املطار بأنه أبلغ عن عودة النائب جبران‬ ‫تويني من اخلارج‪ ،‬واغتيل بعد ساعات من عودته‪.‬‬ ‫كان قرار احلكومة بفكفكة شبكة اتصاالت‬ ‫املقاومة متزامنا ً مع قرار إقالة العميد شقير‪،‬‬ ‫إعالن احلرب على املقاومة وحلفائها من املعارضة‪،‬‬ ‫واعتبر السيد نصر اهلل املس بسالح االتصاالت‬ ‫خطا ً أحمر‪ ،‬ال ميكن السكوت عنه‪ ،‬فقرر التصدي‬ ‫له بالسالح‪ ،‬بعدما كانت املعارضة تتوسل الطرق‬ ‫السلمية في حتركها منذ اعتصامها في أول كانون‬ ‫األول ‪ ،2006‬الذي امتد طيلة العام ‪ ،2007‬الى أن‬ ‫كانت املواجهة في ‪ 7‬أيار من العام احلالي‪ ،‬عندما‬ ‫ساندت املعارضة حترك االحتاد العمالي العام حول‬ ‫الغالء‪ ،‬فقرر فريق السلطة التصدي للعمال في‬ ‫كورنيش املزرعة‪ ،‬وحتويل املطالب االجتماعية الى‬ ‫صراع مذهبي‪ ،‬وحتويل شوارع بيروت الى حرب بني‬ ‫السنة والشيعة‪ ،‬فاضطرت املعارضة الى الرد‬ ‫على السالح املوالي‪ ،‬بالسالح دفاعا ً عن املقاومة‪،‬‬

‫انتخاب ميشال سليمان‬ ‫ومتت السيطرة على العاصمة‪ ،‬في أقل من أربع‬ ‫ساعات‪ ،‬وسقطت مكاتب “تيار املستقبل”‬ ‫واحلزب التقدمي االشتراكي‪ ،‬دون مواجهات ومت‬ ‫تسليمها الى اجليش‪ ،‬وقد حاول جنبالط نقل‬ ‫املعركة الى اجلبل‪ ،‬لتخفيف الضغط عن بيروت‪،‬‬ ‫وهو احملاصر فيها‪ ،‬وقد استنجد بالرئيس نبيه بري‬ ‫لعدم التعرض ملنزله في كليمنصو‪ ،‬ومثله فعل‬ ‫سعد احلريري‪ ،‬لكن ما حصل في اجلبل مت تطويقه‬ ‫بسرعة‪ ،‬مع سقوط مناطق يسيطر عليها‬ ‫االشتراكيون واحلريريون في عرمون والشويفات‬ ‫وديرقوبل‪ ،‬وأصبحت عاليه بحكم الساقطة‬ ‫عسكرياً‪ ،‬فجرت اتصاالت بني جنبالط والوزير‬ ‫طالل ارسالن مت خالله تطويق االشتباكات‪ ،‬وجنح‬

‫أحداث ‪ 7‬أيار في بيروت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪26‬‬

‫رئيس “تيار التوحيد اللبناني” الوزير وئام وهاب‬ ‫بتحييد الشوف عن املعارك‪.‬‬ ‫شكلت انتفاضة ‪ 7‬أيار من قبل املعارضة ضد‬ ‫السلطة‪ ،‬بداية التحول في املعادلة الداخلية‪،‬‬ ‫ورضخت قوى ‪ 14‬شباط للشروط التي عرضتها‬ ‫املعارضة‪ ،‬بعدما حتركت قطر واستضافت مؤمترا ً‬ ‫للحوار بني أطراف الصراع اللبناني‪ ،‬فكان اتفاق‬ ‫الدوحة الذي أمن انتخاب رئيس للجمهورية‪ ،‬بعد‬ ‫فراغ دام ستة أشهر‪ ،‬مع انتهاء والية الرئيس اميل‬ ‫حلود‪ ،‬فانتخب العماد ميشال سليمان مرشحا‬ ‫توافقيا مدعوما من مصر وفرنسا ومن دون “فيتو”‬ ‫أميركي‪ ،‬بعدما قبلت قوى ‪ 14‬شباط به مرشحاً‪،‬‬ ‫وسقط خيارها بانتخاب نسيب حلود بالنصف‬ ‫زائدا ً واحداً‪.‬‬ ‫وضع اتفاق الدوحة آلية للحل‪ ،‬يبدأ بانتخاب‬ ‫رئيس للجمهورية‪ ،‬وقد حصل في ‪ 25‬أيار‪ ،‬ومت‬ ‫تشكيل حكومة وحدة وطنية حددها االتفاق بـ‪16‬‬ ‫للمواالة‪ ،‬و‪ 11‬للمعارضة و‪ 3‬لرئيس اجلمهورية‪،‬‬ ‫وضمنت فيها املعارضة الثلث الضامن‪ ،‬بعد‬ ‫عام ونصف العام على استقالة وزراء املعارضة‬ ‫من حكومة السنيورة التي استأثرت بالقرار بعد‬ ‫انقالب الوزراء الذين كانوا محسوبني على الرئيس‬ ‫اميل حلود‪ ،‬وانتقالهم الى موقع ‪ 14‬شباط‪،‬‬ ‫فأخلوا بالتوازن داخل احلكومة التي حاولت‬ ‫أثناء حرب متوز‪ ،‬أن تفرض على املقاومة تسليم‬ ‫سالحها‪ ،‬وهذه كانت إشارة الى ضرورة التصدي‬ ‫لهذا الواقع فكانت االستقالة واالعتصام‪ ،‬الذي‬ ‫رافقه حترك لألمني العام للجامعة العربية عمرو‬ ‫موسى‪ ،‬دام حوالى عام‪ ،‬رافقته اجتماعات لوزراء‬ ‫اخلارجية العرب‪ ،‬أكدوا على اعتماد احلل العربي‪،‬‬ ‫القائم على مرشح توافقي وحكومة وحدة‬ ‫وطنية وقانون انتخاب يعتمد قانون ‪ ،1960‬في‬ ‫وقت كانت أميركا تضغط لعدم حتقيق‬


‫املعارضة ومن خاللها “حزب اهلل” أية مكاسب‪،‬‬ ‫ستكون ملصلحة حلفاء سوريا وإيران وعودة‬ ‫نفوذها الى لبنان‪ ،‬وهو ما رفضته السعودية‪،‬‬ ‫التي شجعت على تعطيل االتفاق بافتعال‬ ‫مشاكل من قبل “تيار املستقبل” في سعدنايل‬ ‫وتعلبايا في البقاع ومناطق أخرى‪ ،‬وكذلك بني‬ ‫باب التبانة وجبل محسن في طرابلس‪ ،‬مما فرض‬ ‫ظهور قوى إسالمية أصولية‪ ،‬رأى سعد احلريري‬ ‫أنه مطوق بها‪ ،‬وأن محاوالته إظهارها مبواجهة‬ ‫“حزب اهلل” ارتدت عليه أوروبيا ً وأميركيا ً وعربياً‪،‬‬ ‫بعدما بدأت تتسرب معلومات عن دعم سعودي‬ ‫عبر “تيار املستقبل” لقوى سلفية وأصولية وبات‬ ‫محشورا ً بها‪ ،‬فجرت اتصاالت مصرية بضرورة‬ ‫وقف االشتباكات في طرابلس‪ ،‬التي ستتحول‬ ‫الى “إمارة إسالمية” لن تكون ملصلحة النظام‬ ‫املصري الذي يشكو من النفوذ اإلسالمي القوي‪،‬‬ ‫وهكذا توقفت املعارك في إطار مصاحلة سنية ـ‬ ‫علوية‪ ،‬سبقها حتذير من الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد من حتويل الشمال الى مركز “لإلرهاب”‬ ‫من قبل قوى أصولية‪ ،‬وهو فاحت الرئيس الفرنسي‬ ‫نيكوال ساركوزي باألمر‪ ،‬وكذلك أمير قطر ورئيس‬ ‫وزراء تركيا‪ ،‬وحذر الرئيس اللبناني من مغبة ذلك‪،‬‬ ‫وطالبه بتعزيز اجليش في الشمال‪ ،‬فواجهته قوى‬ ‫‪ 14‬شباط‪ ،‬بحملة سياسية وإعالمية عن تدخله‬ ‫في لبنان وانه يحشد قواته على احلدود لعودة‬ ‫اجليش السوري اليه‪ ،‬فرد بأنه لو كان لبنان اجلنة‬ ‫فال عودة اليه‪ ،‬وقطع الطريق على احملرضني على‬ ‫سوريا‪ ،‬التي جنحت في إعادة التنسيق بني البلدين‪،‬‬ ‫من خالل القمة التي جمعت الرئيسني األسد‬ ‫وسليمان‪ ،‬وتبعتها زيارات لكل من وزير الداخلية‬ ‫زياد بارود الى دمشق‪ ،‬التي لم ترق نتائجها لفريق‬ ‫‪ 14‬شباط فهاجمها حتت عنوان عودة النفوذ‬ ‫السوري عبر اللجان املشتركة‪ ،‬وهو ما حصل‬ ‫مع زيارة قائد اجليش العماد جان قهوجي‪ ،‬الذي‬ ‫رد على املنتقدين‪ ،‬بأن ذهب الى سوريا والتقى‬ ‫رئيسها األسد‪ ،‬ألن االوضاع األمنية املشتركة بني‬ ‫البلدين‪ ،‬تفرض ذلك‪.‬‬ ‫وهكذا كان عام ‪ ،2008‬عاما ً لبنانيا ً ـ سوريا ً‬ ‫بامتياز‪ ،‬إذ عادت العالقات الطبيعية واملميزة‪ ،‬وعاد‬ ‫تنشيط اجمللس األعلى اللبناني ـ السوري‪ ،‬كما مت‬ ‫تبادل السفارات واتفق على ترسيم احلدود‪ ،‬وعلى‬ ‫البحث مبوضوع املفقودين‪.‬‬ ‫وفيما كانت العالقات الرسمية تأخذ طريقها‪،‬‬ ‫كان العماد ميشال عون ينقلها الى تعزيز الثقة‬ ‫بني البلدين‪ ،‬وهو زار سوريا خصما ً شريفا ً لها‪ ،‬بعد‬ ‫ان قاتلها في أثناء وجود قواتها في لبنان‪ ،‬وعندما‬ ‫خرجت‪ ،‬تطلع الى عالقات ممتازة معها‪ ،‬وذهب‬ ‫اليها‪ ،‬يصاحلها مصاحلة الشجعان بعد مصارحة‬ ‫رئيسها الذي كرمه تكرميا ً يليق بالكبار وبرجال‬ ‫الدولة‪ ،‬مما أغضب خصومه في لبنان الذين لم‬ ‫يتصوروا أن يعود عون من سوريا بطريركا ً سياسيا ً‬ ‫للمسيحيني‪ ،‬بعدما أكد أنهم مشرقيون‪ ،‬وأن‬ ‫مهدهم في سوريا‪ ،‬وانطالق املوارنة كان من حلب‪،‬‬ ‫فربط املسيحيني مبحيطهم القومي الطبيعي‪،‬‬

‫العماد عون في سوريا‪ :‬تذكير املسيحيني مبشرقيتهم‬

‫العماد قهوجي في دمشق‬ ‫وأن رسالتهم في الشرق يجب أن تبقى كما أوصى‬ ‫السنودس اخلاص بلبنان‪ ،‬فزار إيران لتأمني استمرار‬ ‫الوجود املسيحي في هذا الشرق بعدما هدده‬ ‫االحتالل األميركي للعراق واالحتالل اإلسرائيلي‬ ‫لفلسطني‪ ،‬حيث قامت هجرة مسيحية الى‬ ‫خارج البلدين‪.‬‬ ‫فزيارة عون الى سوريا وطهران‪ ،‬كانت مكملة‬ ‫جلوالت الرئيس سليمان‪ ،‬ولم تتناقض معه‪،‬‬ ‫بعدما عاد لبنان يحتل موقعه على الساحة‬ ‫الدولية‪ ،‬كما قال رئيس اجلمهورية الذي بانتخابه‬ ‫عادت املؤسسات لتنتظم‪ ،‬فأقر مجلس النواب‬ ‫قانون االنتخاب‪ ،‬وأمسكت احلكومة الوضع‪ ،‬رغم‬ ‫تعرضها النتكاسات داخلية‪ ،‬تتعلق مبطالبة‬ ‫نائب رئيس احلكومة عصام ابو جمرا‪ ،‬بصالحيات‬ ‫يلحظها نظام داخلي جمللس الوزراء‪ ،‬إضافة‬ ‫الى مطالبة رئيس اجلمهورية بإعادة البحث‬ ‫بصالحياته‪ ،‬حيث شكا من عدم توازنها مع الوزراء‬ ‫كل من الرئيسني الياس الهراوي وإميل حلود‪ ،‬وقد‬ ‫طالب العماد عون بالنظر في هذه املسائل فتم‬ ‫الرد عليه بأنه يريد نسف اتفاق الطائف فيما هو‬ ‫حتدث عن تعديل فيه‪ ،‬وقد حصل ذلك مع قانون‬

‫‪27‬‬

‫االنتخاب وعدد النواب‪ ،‬إضافة الى عدم تطبيقه‪.‬‬ ‫فالعام ‪ 2008‬لبنانياً‪ ،‬كان عام إعادة التوازن‬ ‫السياسي‪ ،‬فنجحت املعارضة في تكريسه‪،‬‬ ‫وفي انتخاب مرشح توافقي لرئاسة اجلمهورية‪،‬‬ ‫وتأمني الثلث الضامن داخل احلكومة‪ ،‬وإقرار قانون‬ ‫انتخاب‪ ،‬كانت عليه مالحظات ألنه أعاد لبنان‬ ‫إلى الوراء نصف قرن‪ ،‬كما مت فيه فتح حوار حول‬ ‫االستراتيجية الدفاعية‪ ،‬التي ستكون املقاومة‬ ‫جزءا ً منها‪.‬‬ ‫أقفلت سنة ‪ 2008‬على حوار‪ ،‬وتطل السنة‬ ‫اجلديدة على انتخابات البعض يخشى أال حتصل‬ ‫وان تعطلها احملكمة الدولية التي ينتظر “ثوار‬ ‫األرز” انعقادها مطلع آذار ألنها ستكون حاسمة‬ ‫في قرار اتهامها كما يقول هؤالء‪ ،‬وأنها ستغير‬ ‫في الواقع السياسي اللبناني‪ ،‬دون أن يشيروا‬ ‫الى أنها قد تكون مدخالً الى حرب أهلية اذا ما‬ ‫س ّيست‪ ،‬وهنا مكمن اخلطر الذي يقلق اللبنانيني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وان تكون الطريق اليها عمليات اغتيال يجري‬ ‫التحذير من وقوعها‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫أحداث لبنان ‪ 2008‬في آراء وتحليالت وزراء ونواب وسياسيين وعسكريين‪:‬‬

‫عام التحوالت نحو التوافق والمصالحة‬ ‫وتقدير للجيش والمقاومة وتمتين العالقة مع سوريا‬

‫منذ ‪ 12‬شهراً‪ ،‬أطل عام ‪ 2008‬مثقالً بفواتير عجزت ‪ 2007‬عن تسديدها‪ ،‬فآنذاك عام املتاعب والتحديات أبى إال أن يحمل ‪ 2008‬أعباءه‪.‬‬ ‫لم يسعنا آنذاك إال أن نرحب مبجيء العام اجلديد‪ ،‬بالرغم من سوداوية الرؤية أمامنا‪ ،‬فلم يكن باستطاعة أحد التكهن بانفراج قريب‬ ‫لألزمة السياسية والدستورية آنذاك‪ ،‬في وقت كان البلد يتجه نحو االنهيار‪ .‬إال أن ‪ ،2008‬عام التحوالت‪ ،‬حفل بأحداثه التي لم تخيب‬ ‫آمال اللبنانيني بالرغم من سواد بعضها‪ ،‬فخرج البلد من نفق أزمته الدستورية والسياسية‪ ،‬كما عادت األطراف املتصارعة للتالقي في‬ ‫إطار مصاحلات واتفاقات لوأد الفنت‪ ،‬لكن حدة التوتر بني االطراف استمرت فكان تراشق وسجاالت إعالمية‪ ،‬ترافقت مع توترات أمنية‪،‬‬ ‫فتعرض اجليش الستهدافات عديدة‪ ،‬وشهد اجلبل عملية اغتيال استهدفت الشهيد صالح العريضي‪ .‬كما شهد العام انتصارات‬ ‫للمقاومة فرضت معادالت جديدة في الصراع مع العدو اإلسرائيلي‪ .‬أما العالقات اللبنانية السورية فسلكت منحى جديداً‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” تستذكر هذة األحداث عبر لقاءات أجرتها مع وزراء ونواب وسياسيني وعسكريني‪.‬‬

‫‪ :2008‬لبنان يخرج‬ ‫من عنق الزجاجة‬ ‫انتهت االزمة السياسية األسوأ في تاريخ‬ ‫لبنان منذ انتهاء احلرب االهلية بعد ‪ 18‬شهراً‪،‬‬ ‫بتحقيق املعارضة مطالبها‪ ،‬وخسارة املواالة‬ ‫رهاناتها‪ ،‬ال سيما االميركية‪ ،‬وعاد التوازن‬ ‫الداخلي‪ ،‬بعد سقوط أكثر من مئة شهيد‬ ‫وعشرات اجلرحى وأضرار مادية‪.‬‬ ‫مرت األشهر األولى قاسية على لبنان‪ ،‬ففي‬ ‫كانون الثاني كان اإلرهاب يتنقل في كل مكان‪،‬‬ ‫وكل تقدم في الوقت يالزمه اتساع في الشرخ‬ ‫بني الفريقني‪ ،‬ال سيما في ظل تعثر املبادرات‬ ‫واحللول وتلويح فريق ‪ 14‬شباط بانتخاب رئيس‬ ‫للجمهورية بالنصف زائدا ً واحدا ً وفي جانب‬ ‫آخر إطالق املعارضة حتذيراتها من اللجوء‬ ‫الى هذه اخلطوة‪ .‬آنذاك كانت قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫تتهم املعارضة بإطالة أمد األزمة وحتملها‬ ‫مسؤوليتها ومسؤولية االنهيارالذي كان يتجه‬ ‫البلد نحوه‪.‬‬ ‫مع تهديد كل فريق باللجوء الى خطوات‬ ‫تصعيدية كان التشنج السياسي على االرض‬ ‫يتصاعد‪ ،‬مترافقا ً مع توتر أمني‪ ،‬حتى جاء قرار‬ ‫احلكومة املتعلق بشبكة اتصاالت املقاومة‬ ‫ليفجر الوضع السياسي واالمني‪ ،‬فقامت‬ ‫املعارضة بقيادة حزب اهلل بعملية جراحية‬ ‫وانتشار مسلح لردع احلكومة والضغط عليها‬ ‫للتراجع عن قرارها‪.‬‬ ‫في ضوء حسم املعارضة لنتائج حتركها‬ ‫على االرض‪ٌ ،‬قررت املشاركة في طاولة حوار‬ ‫تعقد في الدوحة بعدما ُ‬ ‫ش ّكلت جلنة وزارية‬ ‫عربية برئاسة وزير خارجية قطر الشيخ حامد‬ ‫بن جاسم‪ .‬فحضرت اللجنة الى بيروت ومت‬ ‫فتح طريق املطار لها‪ ،‬في وقت كانت احلكومة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تلغي قرارها ضد املقاومة‪ ،‬وتوصلت اللجنة‬ ‫العربية الى برنامج للحوار واصطحبت معها‬ ‫فريقي الصراع على طائرة واحدة ليتحاورا في‬ ‫الدوحة على بندي اخلالف وهما احلكومة وقانون‬ ‫االنتخاب‪ .‬عاد أطراف النزاع الى لبنان ومت انتخاب‬ ‫العماد ميشال سليمان رئيسا ً للجمهورية‬ ‫بإجماع دولي وتأييد عربي وإقليمي‪ ،‬لم يشهده‬ ‫استحقاق رئاسي سابق‪ .‬ومن ثم مت تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية وإقرار قانون الستني قانونا ً‬ ‫النتخابات عام ‪ ،2009‬ودعا رئيس اجلمهورية الى‬ ‫حوار انطلق في شهر ايلول‪.‬‬

‫فنيش‪ 7 :‬أيار رد دفاعي‬

‫وزير العمل محمد فنيش‬

‫في سؤال عن مســـؤولية املعـارضة عن‬ ‫إطالة أمد األزمة رفض الوزير محمد فنيش هذا‬

‫‪28‬‬

‫االدعاء رفضا ً قاطعا ً وأجاب‪“ :‬املعارضة ال تتحمل‬ ‫مسؤولية اطالة أمد االزمة بقدر ما يتحملها‬ ‫الفريق اآلخر نتيجة تعنته ورفضه للشراكة‪،‬‬ ‫مع العلم انه غير قادر ان يحكم البلد ويحظى‬ ‫باملشروعية الدستورية وامليثاقية مبفرده‪ ،‬توجيه‬ ‫هذا االتهام لها ينم عن عدم معرفة بأسباب‬ ‫االزمة وال عن قراءة في مسارها وال إدراك ملواقف‬ ‫الفريق اآلخر‪.‬‬ ‫مطلب املعارضة املتمثل بحكومة مشاركة‬ ‫وطنية كان واضحا ً منذ البداية وحتى قبل حرب‬ ‫متوز اثناء طاولة احلوار‪ .‬حيث كان من متطلبات‬ ‫التوافق الوطني في احلوار وجود حكومة شراكة‬ ‫تتحمل مسؤولية تنفيذ ما يتم االتفاق عليه‬ ‫ّ‬ ‫على طاولة احلوار‪ .‬إجناحا ً للحوار ونتائجه كان‬ ‫ال بد من إشراك غالبية القوى صاحبة التمثيل‬ ‫الشعبي‪ ،‬ألن هناك إمكانية متثيل وتطبيق ما‬ ‫يتفق عليه املتحاورون‪ ،‬ثم جاء عدوان متوز ليؤكد‬ ‫احلاجة ملثل هذه احلكومة‪.‬‬ ‫مكابرة الفريق اآلخر ورفضه ملبدأ الشراكة‬ ‫واستمراره في حكومة غير شرعية وغير‬ ‫ميثاقية عكس ميال ً نحو االستئثار بالسلطة‬ ‫وميال ً نحو التفرد باخليار السياسي في ادارة‬ ‫البلد وحتديد موقعه ودوره‪ .‬تعاملت املعارضة‬ ‫َ‬ ‫يحظ آنذاك باملشروعية‬ ‫مع هذا املنحى الذي لم‬ ‫الدستورية امليثاقية نتيجة الستقالة وزراء‬ ‫طائفة بكاملها‪ ،‬باالشكال التعبيرية املتاحة‬ ‫وفقا ً للدستور والقانون‪ ،‬لكن رد الفريق اآلخر‬ ‫في مواجهة حتركات املعارضة‪ ،‬خصوصا ً بعد‬ ‫القرارين اجلرميتني أو اخلطيئتني‪ ،‬حيث تعامل‬ ‫مبنطق استخدام امليلشيا في الشارع ملنع‬ ‫املعارضة من ممارسة حقها في التعبير‪ ،‬مما أدى‬ ‫الى تصادم في الشارع وعدنا بعدها الى التوافق‬ ‫في مؤمتر الدوحة‪ ،‬وحتقق مطلب الشراكة ومت‬ ‫االتفاق على إعادة تكوين السلطات والوفاق‬


‫حول قانون االنتخابات‪ ،‬وتشكلت حكومة‬ ‫الشراكة وطبق ما اتفق عليه‪.‬‬ ‫ال ميكن أن نتهم من يطالب بالشراكة‪،‬‬ ‫حتى عندما حصلت أحداث أيار والتحوالت‬ ‫في الشارع بقيت املعارضة مكتفية مبطلبها‬ ‫لتحقيق الشراكة‪ ،‬الفريق اآلخر حاول تشويه‬ ‫مواقف املعارضة في تلك الفترة‪ ،‬لو كانت‬ ‫املعارضة متمسكة بالسلطة وأرادت القيام‬ ‫بانقالب لكان هذا االمر متاحا ً بعد ‪ 7‬ايار‪ 7 .‬أيار‬ ‫كان ردا ً دفاعيا ً وهدفه إنقاذ البلد من مشروع‬ ‫حرب أهلية حتضر من خالل تغذية اجتاهات‬ ‫ميليشياوية ومشاريع إنشاء ميليشيات‪.‬‬ ‫وهذا كان مطلبنا منذ البداية‪ ،‬ولو كان هناك‬ ‫استجابة لهذا املطلب لكنا وفرنا على البلد‬ ‫معاناة ومشاكل وأزمات ولم نكن لنضيع‬ ‫هذا الوقت الثمني في ظل اوضاع اقتصادية‬ ‫واجتماعية وأمنية تلقي بكاهلها وثقلها على‬ ‫الناس ومعيشتهم وحياتهم‪.‬‬ ‫على أي حال وقانا اهلل شر تلك الفتنة وجنبنا‬ ‫البلد مسار حرب أهلية لو جنحت لكانت أودت‬ ‫بكل ما بُني وأعيد إعماره‪ ،‬واألخطر انها كانت‬ ‫أودت باللحمة الوطنية التي حرصنا ونحرص‬ ‫على إبقائها متينة وسليمة وبعيدة عن النزاع‬ ‫والشقاق واالنقسام‪.‬‬

‫وهاب‪:‬‬ ‫حذرناهم من املس‬ ‫باخلط األحمر‬

‫الداخل‪ .‬فكانت تستفيد من هذه احلالة منذ‬ ‫مقتل الرئيس احلريري بتسخير القضاء واالجهزة‬ ‫االمنية وكل أجهزة الدولة ملصلحتها‪.‬‬ ‫الفريق احلاكم لم يستمع لتحذيراتنا‬ ‫املستمرة بعدم بلوغ اخلط األحمر‪ ،‬ألنه سيدفع‬ ‫ثمن اخلطأ‪ ،‬واتخذت القرارين الشهيرين في‬ ‫ظروف إقليمية معينة‪ ،‬متوهم ًة أنها تستطيع‬ ‫توظيف الدول التي تدعمها ملصلحتها‪ ،‬وفي‬ ‫اعتقادها أن هذه الظروف ميكن أن تساعد عبر‬ ‫تدخل من االرادة األميركية‪ ،‬إال أن التطورات‬ ‫أثبتت أن الدول تعمل ملصاحلها‪ .‬ففريق ‪14‬‬ ‫شباط بدا مكشوفا ً وبدا وحده في املواجهة‪،‬‬ ‫وطبعا ً دفع الثمن‪ .‬فاملعارضة أمام القرارين‬ ‫اللذين شكال اعتدا ًء مباشرا ً على املقاومة‪،‬‬ ‫اتخذت قرار بتوجيه ضربة تأديبية لم تستخدم‬ ‫فيها سالح املقاومة بل نفذتها مجموعة‬ ‫من فصائل سرايا املقاومة اللبنانية الداعمة‬ ‫للمقاومة التي ال تشكل جزءا ً من بنيتها‪.‬‬ ‫‪ 7‬أيار أظهرت أن توازن القوى على األرض ليس‬ ‫ملصلحة الفريق احلاكم الذي حكم لبنان بدم‬ ‫رفيق احلريري بعد عملية اغتياله‪ ،‬واملعارضة‬ ‫لم يكن بنيتها الذهاب حتى النهاية في هذه‬ ‫املواجهة‪ ،‬لذلك وجهت ضربة محدودة أدت‬ ‫للوصول الى اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس‬ ‫ميشال سليمان لرئاسة اجلمهورية وأخذت‬ ‫املعارضة الثلث املعطل في االتفاق وحصل ما‬ ‫حصل من نتائج سياسية‪.‬‬

‫نقوال‪:‬‬ ‫اضطررنا للقبول‬ ‫باتفاق الدوحة‬

‫املشاكل‪ ،‬الدستور اللبناني ال يحل املشاكل‬ ‫بني اللبنانيني‪ ،‬فمواده تخرق في أي حلظة‪ ،‬لذلك‬ ‫نحن بحاجة لشخص ثالث ليحل أي إشكال‪.‬‬ ‫دائما ً نصل الى مكان نسأل من يفسر مواد‬ ‫الدستور‪ ،‬بنظرهم ‪ ،‬يقولون مجلس النواب‪،‬‬ ‫ماذا لو اختلف مجلس النواب؟ املفروض ان‬ ‫يكون هناك سلطة تفسر هذه القوانني وليس‬ ‫فقط مجلس النواب‪ .‬لهذا السبب هناك بعض‬ ‫األوقات نضطر الى القبول بأمور حتى ال نصل‬ ‫الى األمور السلبية أو تصادم في البلد‪ ،‬كاتفاق‬ ‫الدوحة واتفاق الطائف”‪.‬‬ ‫ويؤكد نقوال ان التيار الوطني احلر خاض‬ ‫عملية شد حبال حتى استطاع احلصول على‬ ‫قانون يعيد املشاركة احلقيقية الى البلد‪ ،‬بعدما‬ ‫كان العديد من اللبنانيني قد شعروا أنهم‬ ‫مهمشون نتيجة قانون الـ‪ 2000‬في االنتخابات‪،‬‬ ‫خاصة أن التيار يدعو دائما ً للعلمنة‪.‬‬ ‫وفي ما خص انتخاب الرئيس ميشال سليمان‬ ‫أكد نقوال ان التيار لم يكن له يوما ً مشكلة‬ ‫مع شخص رئيس اجلمهورية بل مع صالحياته‬ ‫امللغاة‪ .‬ولهذا ضغط التيار في أماكن متعددة‬ ‫من أجل إعادة الدور لرئيس اجلمهورية‪ ،‬كحد‬ ‫أدنى أن يكون رجال توافقيا يستطيع أن يحكم‬ ‫بني اللبنانيني‪.‬‬

‫اتفاقات ومصاحلات‬ ‫جرت على قدم وساق‬ ‫إذا كان العام بدأ بتنافر وسجاالت بني أقطاب‬ ‫الفريقني‪ ،‬فإنه لم يكمل هكذا‪ .‬بل شهد‬ ‫عام ‪ 2008‬مصاحلات واقتراب ألطراف بعضها‬ ‫من بعض ولعل كان أولها التفاهم األرسالني‬ ‫ـ اجلنبالطي في اجلبل‪ ،‬الذي فوجئ كما كل‬ ‫أقطاب اجلبل في شهر ايلول باغتيال صالح‬ ‫العريضي‪ ،‬بتفجير سيارته في بيصور‪ .‬ما‬ ‫ألبس هذا احلدث طابع املفاجأة‪ ،‬حصوله في‬ ‫توقيت يعيش اجلبل أجواء التفاهم بني طالل‬ ‫ارسالن ووليد جنبالط‪ ،‬وانفتاح احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي على “حزب اهلل” وتأليف جلنة امنية‬ ‫مشتركة حلل أي إشكال يقع بينهما‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬االتفاق الثنائي ال يفرض‬ ‫تهدئة في اجلبل‬

‫اغتيال العريضي حمل رسالة تقول‪“ :‬ممنوع‬

‫رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب‬

‫وحتدث رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب عن ظروف اتخاذ قراري‬ ‫احلكومة وحترك املعارضة قائالً‪“ :‬احلكومة‬ ‫وبالتحديد ما متثله من فريق ‪ 14‬شباط كانت‬ ‫حتاول القيام باختبارات للمعارضة‪ ،‬وكان لديها‬ ‫قناعة بأن املعارضة لن تستخدم قوتها على‬ ‫األرض حتى ال يقال إن سالح حزب اهلل وجه الى‬

‫عضو تكتل التغيير واإلصالح النائب نبيل نقوال‬

‫أما النائب نبيل نقوال فق ّلل من أهمية االتفاق‬ ‫املوقع في الدوحة قائالً‪“ :‬اوال ً اتفاق الدوحة كما‬ ‫اتفاق الطائف‪ ،‬كلها اتفاقات حتصل عندما ال‬ ‫يكون هناك ضوابط ودستور يستطيع حل‬

‫‪29‬‬

‫أن يعيد اجلبل متوضعه باجتاه املقاومة وسوريا”‬ ‫في معرض رده عن سؤال حول توقيت اغتيال‬ ‫العريضي في هذه الظروف‪ ،‬يرفض رئيس التيار‬ ‫التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫عم في ذاك الوقت في‬ ‫احلديث عن وفاق قد يكون ّ‬ ‫فوهاب يرى‬ ‫اجلبل نتيجة هذا التوافق الثنائي‪ّ .‬‬ ‫أن االتفاق بني هذين الطرفني ال يؤدي الى توافق‬ ‫في اجلبل‪ ،‬وأثبت أن االرض ال يضبطها اتفاق‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫ثنائي‪ ،‬بل يضبط املشكلة بني احلزب االشتراكي‬ ‫واحلزب الدميوقراطي‪ .‬ويؤكد ان هذا االمر أثبت‬ ‫فشله وال سيما في األشهر االخيرة من العام‬ ‫التي شهدت أحداثا ً أثبتت فشل هذا املوضوع‪،‬‬ ‫حيث ظهر أن هناك اطرافا ً أخرى كتيار التوحيد‬ ‫واحلزب القومي موجودة في اجلبل‪ ،‬وبالتالي‬ ‫من دون توسيع مروحة هذا التفاهم ال ميكن‬ ‫الوصول الى تهدئة في اجلبل‪ ،‬وهذا أدركه وليد‬ ‫جنبالط أخيرا ً فحاول توسيع مروحة التفاهم‬ ‫مع اآلخرين‪ .‬وتابع‪“ :‬نحن كتيار توحيد لم نف ّوض‬ ‫أحدا ً للتوصل إلى اتفاقات باسمنا وأعتقد أن‬ ‫القوميني واالطراف االخرى كذلك”‪.‬‬ ‫“وعن اغتيال صالح العريضي حتدث وهاب‬ ‫قائالً‪“ :‬صالح العريضي استشهد في وقت كان‬ ‫خالله اجلبل يعيد متوضعه السياسي‪ ،‬مبا في‬ ‫ذلك وليد جنبالط الذي كان في موقع معني‪،‬‬ ‫وكان يحاول إعادة متوضعه‪ .‬ولذلك جاء اغتيال‬ ‫صالح العريضي كرسالة تقول “ممنوع ان يعيد‬ ‫اجلبل متوضعه باجتاه املقاومة وسوريا”‪ ،‬كانت‬ ‫رسالة قاسية هدفها إبقاء جزء من اجلبل في‬ ‫املوقع الذي وضع فيه منذ أربع سنوات في قلب‬ ‫املشروع االميركي االسرائيلي”‪.‬‬ ‫وعن تأثير عملية االغتيال على إعادة‬ ‫التموضع الذي كان كان يجريه جنبالط أجاب‬ ‫وهاب‪“ :‬وليد جنبالط ال يقيس سياسته فقط‬ ‫بهذه األحداث‪ ،‬لديه حسابات معينة‪ .‬أنا أرى‬ ‫أن هناك مصلحة لنحدد كقياديني وكأبناء في‬ ‫هذه الطائفة أين هي املصلحة الدرزية عموماً‪،‬‬ ‫ال يستطيع أحد أن يفرض وجهة نظره اخلاصة‬ ‫في هذا املوضوع‪ ،‬االستاذ وليد جنبالط يقول “أنا‬ ‫لدي نظرة معينة”‪ ،‬نعم ولكن هو ليس شخصا ً‬ ‫بل ميثل شريحة معينة‪ ،‬يجب أن يضمن‬ ‫مصاحلها ويسأل نفسه عما اذا كانت سياسته‬ ‫ضمن مصالح هذه الشريحة أم ال‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫ال تضمن مصاحلها يكون بحاجة إلعادة النظر‬ ‫وإشراك جزء من الناس بالقرار‪ ،‬هناك مشايخ‬ ‫وفعاليات يجب أن تشترك في القرار وحتدد أين‬ ‫مصلحة الدروز مع سوريا ومع املقاومة”‪.‬‬ ‫فنيش‪ :‬املصاحلات وأدا ً للفتنة‬ ‫عقب اغتيال العريضي عقد لقاء مفاجئ بني‬ ‫“حزب اهلل” و”احلزب التقدمي االشتراكي” في دارة‬ ‫الوزير طالل ارسالن‪ .‬كما عقد لقاء مصاحلة في‬ ‫تشرين األول بني األمني العام حلزب اهلل السيد‬ ‫حسن نصر اهلل وئيس تيار املستقبل النائب‬ ‫سعد احلريري‪ .‬أكد الوزير محمد فنيش ان هذه‬ ‫اللقاءات ليست بعيدة عن توجهات املعارضة‬ ‫ككل‪ .‬فاملعارضة في مشروعها حريصة على‬ ‫السلم االهلي واستقرار البلد‪ ،‬وحريصة على‬ ‫إعادة تكوين السلطات واحترام دور املؤسسات‬ ‫والشراكة في السلطة‪ ،‬وبالتالي هذه جاءت في‬ ‫سياق حتصني هذه األهداف وتصحيح اخللل الذي‬ ‫اعترى العالقات‪ ،‬على املستوى السياسي لم‬ ‫تتغير املواقف ولم تتبدل املواقع‪ ،‬لكن اخلطورة‬ ‫ملا كان ينتقل االنقسام السياسي كما حصل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫في ‪ 7‬أيار وقبله ليتحول مادة نزاع وحتريض‬ ‫وتهديد للنسيج االجتماعي‪ .‬فخطورة استمرار‬ ‫اخلالفات بني مكونات اجملتمع أخطر بكثير من‬ ‫ان يكون هناك خالف سياسي‪ ،‬وبالتالي توفيرا ً‬ ‫ملناخات جناح اتفاق الدوحة وتصحيحا ً ملا شاب‬ ‫العالقات االجتماعية بني الناس‪ ،‬وأدا ً ملشاريع‬ ‫الفتنة‪ ،‬تعزيزا ً حلالة السلم الداخلي كانت هذه‬ ‫اللقاءات وهذا هو سياق هذه اللقاءات‪ ،‬وأعتقد‬ ‫أن احلكم على هذه النتائج يؤكد أن هذا املنحى‬ ‫إيجابي وكان مطلوبا ً بالتأكيد وليس بعيدا ً عن‬ ‫توجهات املعارضة وقياداتها‪.‬‬

‫نقوال‪ :‬أرفض املصاحلات‬

‫أما في ما يعود الى املصاحلات املسيحية‬ ‫املسيحية التي شكلت حادثة بصرما ساعة‬ ‫الصفر النطالق مسعى الرابطة املارونية‬ ‫إلمتامها‪ ،‬فرفض النائب نبيل نقوال الكالم عن‬ ‫وجود مصاحلات مسيحية مسيحية قائالً‪:‬‬ ‫“أنا أرفض هذه الكلمات‪ ،‬املصاحلات ال تكون‬ ‫بني طائفة وطائفة‪ ،‬فاملصاحلات هي مصاحلات‬ ‫وطنية في النهاية‪ ،‬اذا كانت بني املسيحي‬ ‫واملسيحي أو بني املسلم واملسلم‪ .‬املصاحلات‬ ‫تكون مع الوطن ال مع فريق‪ ،‬فلسنا عصابات‬ ‫تختلف ومن ثم تتصالح‪ .‬اخلالف بني املسيحيني‬ ‫خص لبنان‪ ،‬نحن‬ ‫يعود الى الرؤى اخملتلفة في ما ّ‬ ‫املوحد القوي القادر على االهتمام‬ ‫نريده لبنان‬ ‫ّ‬ ‫بشؤون مواطنيه وهم يريدون حصة لهم ضمن‬ ‫الوطن‪ ،‬فإذا ً االختالف بالرأي مسموح‪.‬‬ ‫وعن سبب فشل املصاحلات أكد نقوال ان ال‬ ‫أحد يستطيع أن يتمم املصاحلات إال بوجود دولة‬ ‫قوية حتفظ شؤون املواطنني‪ ،‬وتابع قائالً‪“ :‬اذا‬ ‫تصالح اليوم فريق مع فريق آخر ال تعود حقوق‬ ‫املواطنني‪ ،‬لذلك رأى وجوب وجود دولة قوية‬ ‫تعطي اجلميع حقوقهم‪ ،‬اذ ان املصاحلة تكون‬ ‫بإعادة سيطرة الدولة على األراضي اللبنانية‪،‬‬ ‫عندما يشعر كل مواطن بأن الدولة قادرة على‬ ‫ان ترد هذا االعتداء عنه وليس طائفته أو الفئة‬ ‫التي ينتمي لها”‪.‬‬

‫‪ :2008‬املقاومة‬ ‫تفرض معادلة جديدة‬ ‫فيما كانت املعارضة تخوض معركة‬ ‫سياسية ضخمة‪ ،‬بعدما ج ّندت الواليات‬ ‫املتحدة كل العالم سياسياً خلوضها ولقنت‬ ‫حلفاءها في الداخل اللبناني دروساً مكثفة‬ ‫في تصويب حمالتهم اإلعالمية والسياسية‬ ‫على املقاومة وسالحها عبر التحريض‬ ‫الشعبي‪ ،‬كانت املقاومة على موعد مع‬ ‫إجنازات غيرّت في تاريخ الصراع مع العدو‬ ‫اإلسرائيلي‪ .‬عام ‪ 2008‬كان حافالً للمقاومة‬ ‫بأحداث زادت تألقها ووهجها واخرى آملتها‬ ‫دون أن تضعفها‪“ .‬منبر التوحيد” تستذكر‬

‫‪30‬‬

‫الشهيد عماد مغنية‬

‫مع الوزير محمد فيش هذه األحداث وتقرأ‬ ‫آثارها على مسيرة املقاومة وتاريخها‪.‬‬ ‫كانت املقاومة على موعد مع تقرير فينوغراد‬ ‫في نهاية كانون الثاني‪ ،‬ليضع حدا ً للغط الكثير‬ ‫الذي أثير حول نتائج حرب متوز جلهة التشكيك‬ ‫في انتصاراملقاومة وحتميلها مسؤولية احلرب‬ ‫في اطار حرب نفسية شنها فريق السلطة‬ ‫على الشعب اللبناني الداعم للمقاومة‪ .‬الوزير‬ ‫محمد فنيش رأى ان تقرير فينوغراد بالنسبة‬ ‫يأت في إطار محاسبة للذات‬ ‫لالسرائيليني لم ِ‬ ‫وال يقظة ضمير وال تكفير عن جرائم وال مجازر‬ ‫وال عدوان قاموا به‪ .‬كما لم يكن بقصد إبداء‬ ‫ندامة على ما ارتكب في حرب متوز‪ ،‬وال اعترافا ً‬ ‫باملسؤولية عن هذه احلرب بقدر ما كان محاولة‬ ‫من اجل حتديد اسباب إخفاق هذه احلرب‪ .‬فهذا‬ ‫التقرير الصادر عن جلنة تعتبر أعلى السلطات‬ ‫القضائية في كيان العدو االسرائيلي شكل‬ ‫بنتيجته إقرارا ً من العدو االسرائيلي مبسؤوليته‬ ‫عن احلرب ور ّد على كل الذين أرادوا ان يغطوا‬ ‫العدوان االسرائيلي باتهام املقاومة باملسؤولية‬ ‫عن احلرب‪ .‬فالعدو االسرائيلي وفي معرض‬ ‫حتديده ألسباب إخفاقات القيادات السياسية‬ ‫والعسكرية أقر بأنه باشر احلرب‪ ،‬وهذا بحد ذاته‬ ‫إنهاء لكل التشكيك مبسؤولية الطرف الذي‬ ‫أقدم على إشعال هذه احلرب‪.‬‬ ‫كما قال فنيش ان هذا التقرير أقر بانتصار‬ ‫املقاومة وهزمية العدو وعجزه‪ ،‬عبر قوله ان أكبر‬ ‫جيش في منطقة الشرق االوسط عجز أمام‬ ‫مواجهة مجموعات صغيرة قتالية في لبنان‪.‬‬ ‫كما أكد عبر تناوله النواحي السياسية في‬ ‫مواضيع لم تنشر حرصا ً على مصلحة الكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬أن هذه احلرب لم تكن اسرائيلية‬ ‫فقط‪ ،‬فإسرائيل باشرتها لكن في مراحلها‬


‫وفي أول أسبوع منها كان من الواضح أن‬ ‫قرار االستمرار فيها لم يعد بيدها بل أصبح‬ ‫جزءا ً من مشروع أميركي إسرائيلي واألهداف‬ ‫السياسية ليست فقط أهدافا ً اسرائيلية‪،‬‬ ‫إمنا راهن الكثيرون على أهداف هذه احلرب من‬ ‫دول عربية وايضا ً من قوى محلية‪ ،‬وهذا كان‬ ‫منعكسا ً في األداء السياسي الذي سبب خالفا‬ ‫كبيرا في الداخل ورافق هذه احلرب‪.‬‬ ‫ويتابع الوزير فنيش استذكار ما م ّرت به‬ ‫املقاومة خالل عام ‪ 2008‬وحتديدا ً في شهر‬ ‫شباط حيث كان اغتيال الشهيد عماد مغنية‬ ‫الذي ختم عمره مبا يليق بتاريخه البطولي‬ ‫املقاوم‪ .‬ينتظر الوزير فنيش بعض الوقت قبل‬ ‫أن يقول‪“ :‬بالتأكيد خسارة الشهيد عماد‬ ‫ال تع ّوض‪ ،‬من يعرف الشهيد عماد وتاريخه‬ ‫اجلهادي وميزاته القيادية وإبداعاته في املواجهة‬ ‫مع العدو االسرائيلي‪ ،‬والذي سمي بصدق قائد‬ ‫االنتصارين‪ ،‬يدرك مدى اخلسارة التي حلقت‬ ‫باملقاومة جراء استهداف هذا القائد الفذ‪.‬‬ ‫املقاومة استطاعت بسرعة فائقة بالرغم من‬ ‫شعورها بفداحة األلم واخلسارة أن متأل الفراغ‬ ‫الذي حدث بعد استشهاد الشهيد عماد‪.‬‬ ‫فمسيرة املقاومة مع نهج الشهيد عماد‬ ‫ومدرسته جتاوزت مرحلة الشخص القائد الى‬ ‫املؤسسة القائد‪ ،‬وهذا ما عمل عليه الشهيد‬ ‫عماد في مسار عمله ومتابعته لترسيخ‬ ‫مسيرة املقاومة‪ ،‬ان تنتقل هذه املقاومة من‬ ‫قيادة االشخاص لتصبح مدرسة في توليد‬ ‫القيادات وإنتاجها‪ ،‬وبالتالي أصبحت املقاومة‬ ‫مؤسسة كبيرة جدا ً مبدعة‪ ،‬واستطاعت أن‬ ‫حتتوي اآلثار التي أراد العدو االسرائيلي إحداثها‬ ‫في بنية املقاومة أو مسيرتها‪ .‬فاليوم املقاومة‬ ‫وكما يشهد العدو‪ ،‬في أعلى جهوزية ولم تعد‬ ‫تتوقف على شخص أو أشخاص بل أصبحت‬ ‫مدرسة في املواجهة واجلهاد والثقافة والقيادة‬ ‫واخلطط العسكرية وكل متطلبات الصراع مع‬ ‫العدو االسرائيلي‪.‬‬ ‫وعن سؤاله عن محاولة البعض زرع الشكوك‬ ‫بني املقاومة وسوريا عقب عملية االغتيال عبر‬ ‫اتهام سوريا بتنفيذها يقول فنيش‪“ :‬جرمية‬ ‫اغتيال الشهيد القائد عماد مغنية واضح بكل‬ ‫االدلة والبصمات ان العدو االسرائيلي وراءها‪،‬‬ ‫البعض يتبرع مجانا ً لتبرئة ساحة العدو‬ ‫اإلسرائيلي ولعدم حتميله مسؤولية جرائمه‬ ‫والبعض يتبرع عمداً‪ .‬وهذه إحدى املشكالت‬ ‫الكبيرة التي أصيب بها لبنان‪ ،‬أي ان يكون بني‬ ‫ظهرانينا من ال يتو ّرع قبل ان يتثبت من تبرئة‬ ‫العدو من العديد من اجلرائم”‪.‬‬ ‫وحيث وصل بنا املطاف مع الوزير فنيش‬ ‫الى شهر متوز‪ ،‬حني صدق وعد السيد حسن‬ ‫نصراهلل الذي أطلقه بعد عملية “الوعد‬ ‫الصادق” التي أُسر فيها جنديان اسرائيليان‬ ‫وأكد فيه انه سيأتي اليوم الذي سيكون سمير‬ ‫القنطار بيننا‪ ،‬واضطرت اسرائيل لإلفراج عنه‬

‫اجلنرال عون اثناء زيارته الى سوريا‬

‫في عملية تبادل بعد ما يزيد عن ‪ 29‬سنة من‬ ‫االعتقال‪ ،‬يؤكد فنيش ان هذه العملية جاءت‬ ‫لتثبت للعدو أن هناك من يالحق قضايانا‬ ‫احملقة دون أي تباطؤ أو تهاون أو تراجع‪ .‬ويتابع‬ ‫شارحا‪“ :‬سماحة األمني العام السيد حسن‬ ‫نصر اهلل كان واضحا ً عندما قال‪“ :‬نحن قوم ال‬ ‫نترك أسرانا في سجون العدو”‪ ،‬وهذا ما أثبتته‬ ‫املقاومة بعدما التزمت منذ انطالقتها باملبدأ‬ ‫القائل ان مسار املقاومة يقتضي على املقاومني‬ ‫ان يعطوا اهتماما ً ملتابعة قضية حترير رفاقهم‬ ‫وإخوانهم في سجون العدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫عملية استرداد حرية سمير القنطار واإلخوان‬ ‫الذين معه‪ ،‬كانت آخر حلقات املواجهة مع‬ ‫العدو اإلسرائيلي وآخر داللة على مصداقية‬ ‫املقاومة‪ .‬وبذلك استطاعت املقاومة ان تفرض‬ ‫معادلة جديدة وتثبتها وهي ان “ال بقاء ألسير‬ ‫في سجون العدو اإلسرائيلي” الى جانب معادلة‬ ‫“ال هزائم بعد اليوم”‪ .‬فك ّرست بذلك املزيد من‬ ‫مصداقيتها ومن قدرتها على حتقيق ما تعد به‪،‬‬ ‫رغم وحشية العدو وإخالله بالتزاماته السابقة‪،‬‬ ‫فقبل هذه العملية كانت هناك عمليات تبادل‬ ‫تضمنت حترير سمير القنطار لكن العدو‬ ‫يف بتعهداته‪.‬‬ ‫اإلسرائيلي لم ِ‬ ‫فقبل هذه التجربة في الصراع مع العدو‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬كان هناك نسيان لقضايا األسرى‪.‬‬ ‫فهناك العديد من الشبان اللبنانيني والعرب‬ ‫الذين قدموا حياتهم وشبابهم دفاعا ً عن بلدهم‬ ‫ووطنهم وعروبتهم وعن قضيتهم احملقة‪،‬‬ ‫لكنهم وعائالتهم لم يجدوا من املنظمات وال‬ ‫السلطات اهتماما ً ملتابعة قضيتهم والسعي‬ ‫من أجل استرداد حريتهم‪ ،‬في وقت كان العدو‬ ‫دائما ً يتباهى بأنه ال يترك أسيرا ً أو جريحا ً وال‬ ‫جثة في أرض املواجهة‪ ،‬مما كان يعطي جيشه‬ ‫معنوية كبيرة ويظهره بقوة وصالبة أمامه‪،‬‬

‫‪31‬‬

‫لم يكن معروفا ً في تاريخ صراعنا مع العدو‬ ‫اإلسرائيلي اننا نتحلى بصفة الوفاء للذين‬ ‫يقدمون التضحيات‪ ،‬كسمير القنطار الذي‬ ‫وقدم زهرة شبابه‬ ‫شكل رمزا ً من رموز املقاومة ّ‬ ‫في مواجهة العدوان اإلسرائيلي وقضى اكثر‬ ‫من ‪ 30‬عاما ً في سجن االحتالل االسرائيلي‪،‬‬ ‫وكان ميكن أن يقضي وهو في هذه السجون‬ ‫دون ان يكون هناك أمل في استرداد حريته أو‬ ‫حتريره”‪.‬‬

‫‪ 2008‬اجلنرال عون صدق الرؤية‬ ‫واالستراتيجية‬ ‫“وصرت إذا أصابتني سهام ‪ ...‬تكسرت النصال‬ ‫على النصال”‪ ،‬هذا ما كان حال التيار الوطني‬ ‫احلر ورئيسه اجلنرال ميشال عون في عام‬ ‫‪ .2008‬فال الكلل وال اليأس وجد مأخذا ً من قوى‬ ‫‪ 14‬شباط التي لم تتوقف وال يوما ً واحدا ً عن‬ ‫إطالق تصريحاتها الهجومية على اجلنرال عون‪.‬‬ ‫فكل ما ينطق به لسانه يستدعي ما يشبه‬ ‫ثورات غضب كالمية على اجلنرال‪ .‬عضو تكتل‬ ‫التغيير واإلصالح حتدث لـ”منبر التوحيد”عن‬ ‫زيارت اجلنرال عون في الداخل واخلارج وطروحاته‬ ‫التي أشعلت نار غضب الفريق اآلخر وما يتم‬ ‫تداوله عن تراجع كبير في شعبية التيار خالل‬ ‫عام ‪ 2008‬نتيجة ما يتخذه اجلنرال من حتركات‬ ‫في الساحة السياسية اللبنانية واإلقليمية‪.‬‬ ‫بدأ عضو تكتل التغيير واإلصالح النائب‬ ‫نقوال حديثه عن زيارة اجلنرال الى اجلنوب التي‬ ‫حاول الفريق اآلخر آنذاك تشويه أهدافها‬ ‫بالقول‪“ :‬اجلنرال عون لم يقم بشيء من اجل‬ ‫مركز سياسي‪ ،‬فزيارات اجلنرال تأتي من قناعة‬ ‫لديه بأن بناء وطن يحتاج الى عيش مشترك بني‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫كل أبنائه‪ ،‬فاجلنرال الذي خدم طيلة فترة وجوده‬ ‫في اجليش في األطراف‪ ،‬كان يشعر بفروقات‬ ‫كبيرة بني اللبنانيني‪ ،‬ففيما كانت آنذاك مناطق‬ ‫كثيرة حيث كانت خدمته تتعرض للقصف‪،‬‬ ‫كان يشعر ان جبل لبنان ليس قطعة من لبنان‪،‬‬ ‫كما الحظ ان ابناء لبنان ال يشعر بعضهم مع‬ ‫بعض‪.‬‬ ‫وهذا رسخ في تفكيره‪ ،‬كما اعتبر ان كل‬ ‫شخص اجنبي موجود في لبنان يساهم في‬ ‫تفكيكه‪ ،‬لهذا السبب قام مبا سمي بحرب‬ ‫التحرير وقال دائما “عندما تذهب سوريا من‬ ‫لبنان أنا مستعد إلقامة أفضل العالقات معها”‪.‬‬ ‫ن ُفي العماد عون‪ ،‬وكان كل همه بناء وطن ال‬ ‫مركز أو زعامة سياسية‪ ،‬وانطالقا ً من هذا مد‬ ‫يده لكل اللبنانيني بكل فئاتهم عندما كان في‬ ‫املنفى‪ .‬وتابع بعد عودته من فرنسا ذلك‪ ،‬فزار‬ ‫سمير جعجع في السجن وزار ضريح الشهيد‬ ‫احلريري ومد يده لوليد جنبالط‪ .‬هناك من لم‬ ‫يتجاوب معه‪ ،‬وهناك من جتاوب معه فوقع معه‬ ‫ورقة تفاهم شكلت أول حجر أساس لبناء‬ ‫الوطن‪ .‬وزيارته للجنوب أتت في اطار تتويج‬ ‫لورقة التفاهم فكلنا نعلم أن اجلنوب تعرض‬ ‫حلرب مدمرة من قبل اسرائيل وقاومها ورد‬ ‫للبنان والعرب كرامتهم‪ ،‬فأقل شيء نستطيع‬ ‫ان نقوم به هو زيارة هذه املنطقة كمسؤولني”‪.‬‬ ‫وعن هدف زيارات العماد عون الى اخلارج ّ‬ ‫أكد‬ ‫انها تنطلق من رؤية ميلكها اجلنرال تقول ان‬ ‫لبنان يجب ان تكون له صداقات في العالم‬ ‫كله وليس صداقة معينة مع دولة معينة‪ ،‬فأي‬ ‫انحياز للبنان ميكن ان يعرضه ملشاكل داخلية‪،‬‬ ‫كما أكد ان هذه الزيارات أتت في اطار تلبية‬ ‫لدعوات من كل من ايران وسوريا‪ ،‬الفتا ً الى‬ ‫انه لو تلقى اجلنرال دعوة من السعودية لكان‬ ‫سيزورها‪.‬‬ ‫وعن زيارة اجلنرال عون الى سوريا وما نالته‬ ‫من أخذ ورد قال‪“ :‬اجلنرال لديه خيار وعقيدة‬ ‫ان لبنان ال ميكن ان يبنى باألحقاد وال من طرف‬ ‫دون اآلخر‪ .‬ومبا ان هناك رواسب ال تزال موجودة‬ ‫من السابق‪ ،‬وجد العماد عون ضرورة في تنقية‬ ‫الذاكرة وتبييض الضمير مع السوريني‪ ،‬فل ّبى‬ ‫هذه الزيارة انطالقا ً من هذا املبدأ”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬من انتقد العماد عون هم بقايا‬ ‫املليشيات‪ ،‬ومن يسمونهم بديوك احلي‪ ،‬أي‬ ‫من كانوا زعماء أحياء وميليشيات‪ ،‬أي الذين‬ ‫كانوا يعتبرون ان البلد “مزرعة” ويستطيعون‬ ‫ان ميتلكوا جزءا ً منه‪ .‬وهؤالء من الطبيعي ان‬ ‫ينتقدوا اجلنرال الذي يتمتع بتفكير توحيدي‬ ‫بعكس تفكيرهم التقسيمي‪ .‬أما الذين‬ ‫يهدفون الى تكوين وطن‪ ،‬فلم نسمع منهم اي‬ ‫انتقاد”‪.‬‬ ‫ورد نقوال على سؤال عما مت توجيهه من‬ ‫انتقادات للجنرال عن ملف املفقودين قائالً‪:‬‬ ‫اوال ً املفقودون ليسوا مفقودين منذ اآلن أو منذ‬ ‫فترة قصيرة‪ ،‬فقضية املفقودين عمرها عدة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سنوات‪ .‬إضافة الى أن املفقودين فقدوا على يد‬ ‫ميليشيات الذين نعرف جميعا ً من هم‪ .‬لذلك ال‬ ‫نستطيع ان نلقي باملسؤولية في هذه القضية‬ ‫على العماد عون‪ ،‬وخصوصا ً انه في تاريخه‬ ‫ليس هناك أي عملية خطف‪ .‬وهو كان من أوائل‬ ‫املهتمني في هذه القضية‪ ،‬حتى عندما كان‬ ‫في فرنسا كان يطالب بالكشف عن مصير‬ ‫املفقودين ليس من باب نكء اجلراح بل من أجل‬ ‫تصفية الضمير‪ .‬وتابع‪“ :‬نحن اليوم لسنا آتني‬ ‫لتعليق املشانق‪ ،‬لكننا ال ميكن ان نبني وطنا ً اذا‬ ‫لم يعرف ما مصير هؤالء األشخاص‪ .‬فالبعض‬ ‫يعيش مأساة بسبب هذه القضية‪ .‬اجلنرال‬ ‫عون تكلم في موضوع املفقودين في سوريا‬ ‫وقال انه لتنقية العالقة بني لبنان وسوريا وألن‬ ‫سوريا كانت موجودة في لبنان وألنها متهمة‬ ‫باملشاركة في هذا املوضوع‪ ،‬انطالقا ً من هذا‬ ‫املبدأ قال لهم‪“ ،‬من املفروض أن ينتهي هذا‬ ‫املوضوع”‪ ،‬وفوجئ بأن السوريني هم على عجلة‬ ‫اكثر منا كلبنانيني لالنتهاء من هذا امللف ألنه‬ ‫أصبح يشكل عبئا إنسانيا وسياسيا عليهم‪.‬‬ ‫ولفت الى عدم جتاوب الدولة اللبنانية في هذا‬ ‫املوضوع قائالً‪“ :‬سوريا ليست وحدها املسؤولة‬ ‫بل إن احلكومات اللبنانية املتعاقبة عليها لم‬ ‫تعط املوضوع هذه االهمية الالزمة‪ ،‬فخالل ‪15‬‬ ‫ِ‬ ‫سنة وبعد ذهاب العماد عون‪ ،‬كل احلكومات‬ ‫املتعاقبة لم حتاول التفتيش عن مصير أولئك‬ ‫االشخاص حتى تكشف مصيرهم أمام‬ ‫أهاليهم‪ ،‬من مات ومن ال يزال حياً‪ .‬اليوم نأمل‬ ‫أن يصل املوضوع الى خامتة‪ ،‬وأ ّلفت جلنة وبدأت‬ ‫بالعمل اجلدي‪ ،‬وأعتقد أن رئيس اجلمهورية أخذ‬ ‫على عاتقه هذا املوضوع‪.‬‬ ‫وفي سؤال عن إمكانية لعب دور أساسي‬ ‫للجنرال في هذا املوضوع قال نقوال‪“ :‬اجلنرال‬ ‫يستطيع أن يساعد لكن احلل في يد الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ال ميكن ألي شخص اليوم أن يحل‬ ‫محل الدولة في هذا املوضوع‪ .‬اذا أعلن العماد‬ ‫عون عن مكان املفقودين‪ ،‬فسيقولون انه‬ ‫يستغل هذا املوضوع ألسباب سياسية او‬ ‫انتخابية”‪.‬‬ ‫وعن طرحهم لتعديل الطائف وما أثاره من‬ ‫سجاالت إعالمية قال‪“ :‬الطائف ال ميكن رؤيته‬ ‫من خارج نطاق إنتاجه‪ ،‬ملاذا حصل الطائف؟‬ ‫كان هناك حرب‪ ،‬توقفت ووقع الطائف‪ ،‬خارج‬ ‫هذا االطار ال ميكن رؤية الطائف‪ .‬اليوم ابتعدنا‬ ‫كثيرا ً عن احلرب األهلية التي كانت موجودة‪ ،‬إذا ً‬ ‫الدستور يكون في خدمة املواطن ال العكس‪،‬‬ ‫كما ان الدستور ليس قرآنا ً أو إجنيالً‪ ،‬أي حتجر في‬ ‫أي قانون يحجر البلد ويكبله‪ .‬اآلن البلد يتطور‬ ‫ال ميكن أن ننظر الى الطائف نظرة عام ‪،1990‬‬ ‫اليوم هناك نظرة أخرى مختلفة‪ .‬وبالتالي‬ ‫يجب أن يط ّورالطائف الذي يحتاج دائما ً الى‬ ‫عراب‪ ،‬سوري أو أميركي أو سعودي أو غير ذلك‪.‬‬ ‫ولنتخلص من هذا‪ ،‬املفروض أن نعود ونط ّور هذه‬ ‫القوانني املوجودة داخل الطائف والتي حتتاج الى‬

‫‪32‬‬

‫إعادة قراءة‪ .‬وتساءل قائالً‪“ :‬ال أفهم أين اخلطأ اذا‬ ‫تكلمنا بتطوير الدستور أو مجتمعنا؟”‪ .‬وتابع‪:‬‬ ‫“نحن كتكتل التغيير واالصالح نذهب باجتاه‬ ‫اإلصالح اينما جنده‪ ،‬ال نستطيع أن نقول ال‬ ‫لشيء ألنه ميس بطائفة من الطوائف‪ ،‬فالوطن‬ ‫ملك اجلميع وليس ملك فئة دون اخرى‪ ،‬وليكن‬ ‫هذا معلوما ً عند اجلميع‪ .‬رئيس اجلمهورية‬ ‫أواحلكومة أو أي نائب أو وزير مي ّثل طائفة‪ ،‬ولكنه‬ ‫رئيس أو نائب لكل لبنان‪ .‬واذا لم ننظر الى األمور‬ ‫بهذه النظرة فلن نتقدم أي خطوة الى األمام”‪.‬‬ ‫وفي سؤال عن وجود التيار الوطني احلر في‬ ‫احلكومة أشار نقوال الى ان جتربة التيار في‬ ‫احلكومة ليست ايجابية جداً‪ ،‬إذ تبينّ أن رئيس‬ ‫احلكومة يستأثر بكل مفاصل البلد‪ ،‬حيث ال‬ ‫يستطيع أي وزير أن يحكم نتيجة ارتباط جميع‬ ‫األمور برئيس احلكومة‪ ،‬اذا أراد ميشي البلد واذا‬ ‫ال يقف”‪.‬‬ ‫ودعا النائب نقوال الى إعادة الصالحيات‬ ‫لكل الوزارات وإعادة النظر في صالحيات رئيس‬ ‫احلكومة وتوزيعها على الوزراء‪ .‬وتابع قائالً‪:‬‬ ‫“لهذا دعونا الى إعادة قراءة التفاق الطائف الذي‬ ‫أعطى لكل وزير صالحية‪ .‬ولهذا ندعو الى إعادة‬ ‫قراءة الطائف الذي حدد صالحية كل وزير‪ .‬أين‬ ‫هي صالحيات الوزراء اليوم؟ من يسأل اليوم عن‬ ‫‪ 50‬مليار دوالر دين‪ ،‬وعن هدر األموال والفلتان‬ ‫األمني”‪.‬‬ ‫وعن شعبية التيار التي يؤكد اطراف ‪14‬‬ ‫شباط تدنيها يقول نقوال‪“ :‬هذا املوضوع‬ ‫أصبح مضحكا ً في البالد‪ ،‬االنتخابات فقط‬ ‫تبرز شعبية التيار الوطني احلر‪ .‬عندما طالب‬ ‫بانتخابات مسبقة‪ ،‬هاجموه‪ .‬ملاذا ال يريدون‬ ‫االنتخابات أو استفتاء شعبياً؟ أليس ألنهم‬ ‫يتخوفون من اخلسارة”‪.‬‬

‫اجليش في عام ‪2008‬‬ ‫خرج اجليش اللبناني من األزمة السياسية‬ ‫والدستورية قوياً متماسكاً بعدما فشلت‬ ‫كل محاوالت زجه في الصراعات الداخلية‪،‬‬ ‫إال أن هذا لم يقه شر اإلرهاب املتنقل في‬ ‫لبنان‪ ،‬حيث اس ُتهدف اجليش مرتني في شهر‬ ‫حزيران في العبدة وعني احللوة وفي شهر آب‬ ‫في طرابلس‪.‬‬

‫“يو اس اس كول” حلماية إسرائيل‬

‫كما برز هذا العام تركيز من الدول الكبرى على‬ ‫موضوع تسليح اجليش وخاصة الواليات املتحدة‬ ‫التي لم تتو ّرع طيلة فترة االزمة السياسية في‬ ‫التدخل في شؤون لبنان الداخلية‪ ،‬ولعل أبرزها‬ ‫إرسال املدمرة األميركية “يو اس اس كول”‬ ‫الى محاذاة املياه اللبنانية اإلقليمية معلن ًة‬ ‫عن قلقها بشأن األزمة السياسية اللبنانية‪.‬‬ ‫إال أن العميد وليد سكرية يرى أن إرسال هذه‬ ‫املدمرات لم يكن للتدخل في الشأن الداخلي‬


‫العميد وليد سكرية‬

‫اللبناني أو في األزمة اللبنانية ألنها ال تتمتع‬ ‫بطيران أو قوات إنزال بري بل هي درع صاروخي‬ ‫فقط‪ .‬فأميركا أدركت أن املنطقة قد تشتعل‬ ‫وتؤدي الى حرب إقليمية بعد استشهاد‬ ‫الشهيد عماد مغنية وتهديد سماحة السيد‬ ‫حسن نصر اهلل بالثأر‪ ،‬فأرسلت املدمرة كول‬ ‫وغيرها من املدمرات (روسو وفيليبني) إلى‬ ‫السواحل الشرقية للبحر االبيض املتوسط‪ ،‬أي‬ ‫قبالة سواحل فلسطني احملتلة وليس كما قيل‬ ‫قبالة السواحل اللبنانية‪ ،‬حلماية اسرائيل من‬ ‫الصواريخ الباليستية‪ .‬هذه املدمرات مسلحة‬ ‫بدرع صاروخي للدفاع عن األسطول عبر صد‬ ‫الصواريخ عنه وعن السواحل اذا كانت قريبة‬ ‫من االهداف البرية الساحلية‪ ،‬فهذه املدمرات‬ ‫تستطيع صد الصواريخ املتوسطة املدى اذا‬ ‫أطلقت من إيران باجتاه الكيان الصهيوني‪.‬‬ ‫مهمة هذه املدمرات كانت حماية الكيان‬ ‫لذلك‬ ‫ّ‬ ‫تفجر الصراع في‬ ‫الصهيوني من الصواريخ إذا ّ‬ ‫املنطقة‪ ،‬والدليل انه عندما أصبحت األجواء‬ ‫أكثر هدوءا َ وأصبحت احتماالت احلرب ضعيفة‬ ‫غادرت هذه السفن سواحل شمال البحر‬ ‫املتوسط وعادت الى مواقعها‪.‬‬

‫التفجيرات أربكت اجليش‬

‫وعن العمليات التفجيرية التي طالت اجليش‬ ‫يعتقد العميد سكرية انها انكفأت بعد كشف‬ ‫الشبكة التي تقف وراءها والقبض على جماعة‬ ‫تنتمي الى فتح اإلسالم ورئيسهم املدعو جوهر‬ ‫الذي تبني ان له عالقة بالتفجيرات التي حصلت‬ ‫في منطقة طرابلس‪ .‬كما ان الشبكة بعد‬ ‫إلقاء القبض على عناصرها وفرار املسؤول األول‬ ‫منها أصبحت بوضع الهرب واملطاردة ولم تعد‬ ‫بوضع املستتر واملهاجم الذي يستطيع النيل‬ ‫من اجليش اللبناني‪.‬‬ ‫ويرى سكرية أن التفجيرات كانت مؤذية‬ ‫للجيش ألنها كانت تشكل حالة إرباك له‪،‬‬ ‫فالعسكريون بصورة دائمة موجودون في الطرق‬

‫اللبنانية‪ ،‬إما عبر مراكزهم املتنقلة أو الدوريات‬ ‫أو اجلنود املأذونني املتوجهني الى منازلهم‪.‬‬ ‫وعن انتماء هذه اجملموعات قال سكرية‪:‬‬ ‫“هذة مجموعات سلفية أصولية ‪ ،‬لن أحتدث‬ ‫عن انتمائها ومن يقف وراءها‪ .‬رمبا أراد البعض‬ ‫استخدامها لغاية سياسية في الداخل‬ ‫اللبناني‪ ،‬لكن أعتقد أنه فقد السيطرة عليها‬ ‫وأصبحت تعمل حلسابها اخلاص‪ .‬قد تكون‬ ‫بهذا الشكل‪ ،‬ألنه ليس من مصلحة أي فريق‬ ‫سياسي استهداف اجليش اللبناني”‪.‬‬ ‫ورأى سكرية أن اخلطر من استهداف للجيش‬ ‫ضعف لكنه ال يزال موجودا ً ما دام هناك‬ ‫شبكات تتمتع بخاليا كامنة ومسؤولني فارين‪،‬‬ ‫وما زال هناك من يحاول استغاللها سياسيا ً‬ ‫لتحقيق أهداف سياسية معينة اذا لم يكن‬ ‫اآلن فرمبا مستقبالً‪ ،‬هناك من يريد النيل من‬ ‫اجليش اللبناني أو إحداث بلبلة في الساحة‬ ‫اللبنانية لسبب ليس له عالقة بفتح اإلسالم‬ ‫أو مجموعة هنا أوهناك‪ ،‬بل يستغلها ويدفع‬ ‫لها ويو ّرطها مبسائل أخرى‪.‬‬

‫لتسليح اجليش اللبناني وان تقيم عالقة ما بني‬ ‫اجليش اللبناني وبينها”‪.‬‬

‫‪ 2008‬العالقات اللبنانية‬ ‫السورية أمام خطوات جريئة‬

‫دعم اجليش حلفظ األمن الداخلي‬

‫وعن تركيز أطراف خارجية على دعم اجليش‪،‬‬ ‫وال سيما الواليات املتحدة‪ ،‬قال العميد سكرية‪:‬‬ ‫“الواليات املتحدة تتولى حصرا ً إعادة تسليح‬ ‫وتدريب وتنظيم اجليش اللبناني وحتى دراسة‬ ‫عقيدته العسكرية‪ ،‬هذا كالم حكي في‬ ‫اإلعالم من قبل مسؤولني أميركيني‪ .‬أميركا في‬ ‫األساس ترفض تسليح اجليش اللبناني مبا يؤذي‬ ‫اسرائيل ويهدد أمنها‪ ،‬ولكن بعد معركة نهر‬ ‫البارد‪ ،‬أدركت أنها بحاجة لتحسني قوة اجليش‬ ‫اللبناني ملواجهة احلركات وما تسميه “اإلرهاب”‬ ‫في الداخل‪ ،‬أي حتصني قوته ألداء حفظ األمن‬ ‫الداخلي وليس لقتال إسرائيل‪ ،‬فرمبا قرروا‬ ‫تزويده ببعض العتاد ولكنهم تريثوا الى ما‬ ‫بعد االنتخابات خوفا ً من أن تربح املعارضة‬ ‫االنتخابات ويصبح اجليش بإمرتها‪.‬‬ ‫وعن زيارة وزير الدفاع الياس املر والوفد‬ ‫العسكري الى روسيا‪ ،‬أكد سكرية ان روسيا‬ ‫كما أميركا تسعى لربط لبنان بها بشراكة‬ ‫استراتيجية‪ ،‬فروسيا وفي اطاراملنافسة‬ ‫االميركية الروسية‪ ،‬تسعى ملد نفوذها وعالقاتها‬ ‫مع كل الدول فعرضت على لبنان طائرات ميغ‬ ‫‪ 29‬ألن حياتها على االقل تبلغ ‪ 20‬سنة وتتطلب‬ ‫تدريب طيارين وفنيني في روسيا وصيانة وقطع‬ ‫غيارعلى طوال فترة حياتها‪ ،‬وهذا ما يقيم نوعا ً‬ ‫من العالقة ما بني اجليش اللبناني وروسيا‪.‬‬ ‫وتابع سكرية‪“ :‬هذا العمل سيتحقق أم‬ ‫سيعطل الحقاً‪ .‬لننتظر ونرَ‪ .‬األميركيون مبدئيا ً‬ ‫ضد أي مد للخيوط الروسية الى الساحة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وخسرت إمكانية قيام شراكة‬ ‫استراتيجية ما بينها واجليش اللبناني‪ .‬هناك‬ ‫صراع بني الدول على مد نفوذها وربط لبنان‬ ‫بسياساتها‪ .‬ايضا ً هناك دول اخرى مستعدة‬

‫‪33‬‬

‫األمني القطري حلزب البعث العربي اإلشتراكي الوزير‬ ‫فايز شكر‬

‫مرت العالقات اللبنانية السورية في‬ ‫عام ‪ 2008‬مبراحل متعددة‪ ،‬فالعام بدأ بفترة‬ ‫دقيقة على هذا الصعيد‪ ،‬إذ بقي الفريق اآلخر‬ ‫مستمرا ً في حمالته على سوريا وتوجيه‬ ‫اتهاماته لها من كل حدب وصوب‪ ،‬إلى أن وقع‬ ‫اتفاق الدوحة وانتخب العماد ميشال سليمان‬ ‫رئيساً للجمهورية الذي زار سوريا في أول‬ ‫زيارة خارجية له‪ ،‬ثم تبعت هذه الزيارات زيارات‬ ‫عديدة ملسؤولني لبنانيني مختلفني وإقرار‬ ‫لتبادل العالقات الدبلوماسية‪ ،‬إال أن فريق ‪14‬‬ ‫شباط لم ينكفئ أمام األحداث التاريخية‬ ‫التي تشهدها العالقات بني البلدين اجلارين‬ ‫وتابع هجومه على سوريا وعلى زائريها‪ .‬األمني‬ ‫القطري حلزب البعث العربي االشتراكي الوزير‬ ‫د‪ .‬فايز شكر حتدث لـ”منبر التوحيد” عن‬ ‫مسار العالقة بني البلدين طوال عام ‪2008‬‬ ‫في حديث هنا نصه‪:‬‬ ‫استهل الوزير شكر حديثه بالكالم عن‬ ‫الفترة الدقيقة التي مرت بها العالقات‬ ‫اللبنانية السورية في األشهر األولى من‬ ‫العام مبا يلي‪“ :‬شهد عام ‪ 2008‬الكثيرمن‬ ‫احملطات واألحداث البارزة التي تسارعت بوتيرة‬ ‫مثيرة‪ ،‬فعصفت رياحها التغييرية بالعديد‬ ‫من الثوابت في اخلريطة السياسية العربية‪.‬‬ ‫وكان هذا الواقع مقصودا ً خلدمة املشاريع‬ ‫التآمرية للواليات املتحدة وربيبتها اسرائيل‪،‬‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫حيث عمدت الى تخريب العالقات اللبنانية‬ ‫السورية‪ ،‬بدءا ً من أحداث خُ طط لها سلفاً‪،‬‬ ‫بدأت بجرمية اغتيال الشهيد رفيق احلريري‪،‬‬ ‫واستمرت بسلسلة من عمليات القتل‬ ‫والتفجير إلرباك الساحة احمللية اوالً‪ ،‬وملنع‬ ‫عودة العالقات الطبيعية بني لبنان وسوريا‪،‬‬ ‫التي بقيت زمنا ً طويال ً املرجتى للعالقات‬ ‫العربية وكذلك الوطنية‪.‬‬ ‫بعد اتفاق الدوحة الذي عقد بني األطراف‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وباكورته انتخاب الرئيس العماد‬ ‫ميشال سليمان رئيسا ً للجمهورية‪ ،‬انهار‬ ‫جدار القطيعة بني البلدين‪ ،‬وعادت احلرارة‬ ‫الى مسار األوضاع العربية التي كانت تعاني‬ ‫بعض اخللل‪ .‬على اعتبار ان الفتور احلاصل‬ ‫بني العرب ضرب جذور التضامن العربي الذي‬ ‫طاملا سعت اليه سوريا‪ ،‬وهذا ما أدى الى‬ ‫حتول الصف الواحد الى صفوف أخذت شكل‬ ‫محاور متنافرة ومتنافسة على قضايا جزئية‪،‬‬ ‫مقابل إهمال العدو القومي وما يشكل من‬ ‫خطر على العرب وعلى سوريا ولبنان بالذات‪.‬‬ ‫وفي رد على سؤال بشأن عودة العالقات‬ ‫اللبنانية السورية الى طبيعتها بعد اتفاق‬ ‫الدوحة وانتخاب العماد ميشال سليمان‬ ‫رئيسا ً للجمهورية أجاب‪“ :‬ال شك بأن رئيس‬ ‫اجلمهورية ميشال سليمان عمل جاهدا ً منذ‬ ‫استالمه احلكم‪ ،‬لعودة العالقات األخوية الى‬ ‫طبيعتها مع سوريا‪ .‬وأولى زياراته اخلارجية‬ ‫كانت الى دمشق حيث التقى الرئيس د‪ .‬بشار‬ ‫االسد‪ ،‬وكان اللقاء صريحا ً واضحا ً عكس ما‬ ‫روجت له أبواق املأجورين‪ .‬وأفضى لقاء جلسة‬ ‫ّ‬ ‫واحدة الى التوافق التام على جميع القضايا‬ ‫العالقة‪ ،‬حتى ان الرئيس األسد قدم كل‬ ‫التسهيالت لتذليل املعوقات بالرغم من كل‬ ‫التجني‪ ،‬وذلك ألن النهج اللبناني يعيش في‬ ‫قلب الرئيس االسد والتضحيات التي قدمتها‬ ‫دمشق من أجل وحدة هذا البلد‪ ،‬تدل على‬ ‫مدى الظلم الذي حلق بالدور القومي لسوريا‬ ‫عندما كان لبنان يحترق باملؤامرات والفنت‬ ‫واجلميع يقف موقف املتفرج‪ .‬ولوال النجدة‬ ‫السورية التي أخمدت احلرائق الشتعلت‬ ‫املنطقة بأسرها‪ ،‬ال سيما بعدما انكشفت‬ ‫النوايا االميركية واالسرائيلية الحقاً‪ ،‬عند‬ ‫غزو العراق واحتالله واجملازر الوحشية في‬ ‫فلسطني احملتلة وحتديدا ً في غزة احملاصرة‪،‬‬ ‫وكلها عناوين فشلت في مشروع الشرق‬ ‫االوسط اجلديد ‪.”...‬‬ ‫وعن إقرار العالقات الدبلوماسية حتدث‬ ‫الوزير شكر قائالً‪“ :‬لطاملا كانت سوريا تريد‬ ‫إقامة عالقات دبلوماسية مع لبنان‪ ،‬على‬ ‫أساس االحترام املتبادل بني البلدين‪ ،‬إال أن‬ ‫الظروف املأساوية التي م ّر بها لبنان منذ عام‬ ‫‪ ،1975‬واألطماع الصهيونية بهذا البلد‪ ،‬التي‬ ‫ترجمت اعتداءات واجتياحات عديدة‪ ،‬عدا بقاء‬ ‫قسم من األراضي اللبنانية في يد العدو‪ ،‬وهذا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ما كان مينع إجناز هذه اخلطوة‪ ،‬وأتت من بعدها‬ ‫اجلرائم واالغتياالت بحق شخصيات لبنانية‪،‬‬ ‫وتفجيرات طالت مؤسسة اجليش اللبناني‬ ‫الوطني‪ ،‬والكل يذكر الغاية من عدوان متوز‬ ‫‪ 2006‬للقضاء على املقاومة البطلة‪ ،‬ومؤامرة‬ ‫“فتح اإلسالم” واألدوار التي شارك فيها بعض‬ ‫قوى “األكثرية الوهمية”‪.‬‬ ‫إال أن هذا الفشل الذريع الذي منيت به‬ ‫واشنطن وتل أبيب أعاد الظروف إلقامة عالقة‬ ‫طبيعية بني لبنان وسوريا‪ ،‬مع العلم أن فريق‬ ‫احلكم قبل مجيء الرئيس سليمان‪ ،‬كان ال‬ ‫يترك مناسبة ومحطة إال ويطلق االتهامات‬ ‫الظاملة جزافا ً بحق دمشق واملسؤولني فيها‪.‬‬ ‫فكيف يتم إعادة تصحيح للعالقة في ظل‬ ‫مناخ عدائي كان شاذا ً في ما مضى‪ ،‬في ظل‬ ‫املراهنات على احلصار الذي جرى أو حاولت‬ ‫بعض اجلهات اإلقليمية تسويقه؟‬ ‫اآلن‪ ،‬بعد فشل املؤامرة التي بُنيت على‬ ‫أوهام وتخ ّيالت خاطئة‪ ،‬أض ّرت مبسيرة الوفاق‪،‬‬ ‫وبالعالقات الطبيعية مع سوريا‪ ،‬ال سيما أنها‬ ‫وقفت دائما ً الى جانب لبنان في أوج محنته‬ ‫وأزمته‪ ،‬وأعادت اللحمة إلى مؤسساته‬ ‫وعملت جاهدة لوحدة هذا البلد جيشا ً‬ ‫وشعباً‪ ،‬وهذا ما سعى إليه الرئيس سليمان‬ ‫الذي رأى ان إعادة العالقات األخوية‪ ،‬يرتكز‬ ‫على منوذج تطوير طبيعة هذه العالقة‪ ،‬ال‬ ‫سيما في مسار األخطار التي تواجه البلدين‬ ‫الشقيقني من قبل األعداء‪ ،‬وهذا أيضا ً ما‬ ‫دفع جميع اخمللصني للعمل الدؤوب إلزالة‬ ‫التشنجات والرواسب التي وضعها البعض‪،‬‬ ‫خصوصا ً أن دمشق التي راهنوا على إضعافها‬ ‫واستهدافها كانت محور االستقطاب في‬ ‫املنطقة التي من دونها ال حلول فعلية وال‬ ‫انفراجات للسالم الذي يعمل جميع اخمللصني‬ ‫من أجله‪ ،‬وأولهم سوريا العروبة‪.‬‬ ‫الكل يعرف أن دمشق عرضت سابقا ً‬ ‫وحاليا ً تقدمي كل ما يلزم وما يحتاج اليه‬ ‫احلكم إلجناح مسيرة الوفاق‪ ،‬وإعادة اللحمة‬ ‫والوحدة لكل مؤسسات الدولتني‪ ،‬وهنا نقول‬ ‫إن محاولة البعض عرقلة املسار الطبيعي‬ ‫للعالقة بني البلدين لم يجد نفعاً‪ ،‬بل أخفق‪،‬‬ ‫كما املراهنات السابقة التي تع ّودنا عليها‬ ‫في كثير من القضايا وامللفات التي تضر‬ ‫بالوطن وال تعمل ملصلحة الشعب اللبناني‪.‬‬ ‫ومن املهم أن نعترف بأن بعض األخطار التي‬ ‫ارتكبت في املاضي كان مرتكبوها ممن يدعون‬ ‫السيادة واالستقالل اليوم‪ ،‬لذلك فإن العالقات‬ ‫الدبلوماسية ستكون بني مؤسسات وإدارات‬ ‫البلدين وضمن االحترام املتبادل‪ ،‬بحيث ال يكون‬ ‫لبنان ممرا ً للمشاريع واخملططات واملؤامرات‬ ‫اخلارجية‪ ،‬مثلما كان يحاك لـ فوضى خالقة”‬ ‫تعصف باملنطقة بأسرها‪.‬‬ ‫ما حتقق حتى اآلن هو اخلطوة الصحيحة‬ ‫والسليمة النطالقة عالقات أخوية بني لبنان‬

‫‪34‬‬

‫وسوريا‪ ،‬خصوصا ً أن هذا الوطن بدأ يستعيد‬ ‫عافيته في عهد الرئيس ميشال سليمان‪،‬‬ ‫بفضل صالبة مقاومته وجيشه‪ ،‬واملساندة‬ ‫السورية له بتوجيهات الرئيس د‪ .‬بشار األسد‬ ‫الذي يبقي لبنان في قلب دمشق‪ ،‬مهما‬ ‫عصفت املشاريع التآمرية على املنطقة‪.‬‬ ‫وعن احلمالت الهجومية التي يشنها‬ ‫فريق ‪ 14‬شباط على زائري سوريا قال‪ :‬إن ما‬ ‫يسمى بـ”فريق األكثرية الوهمية” حاول ج ّر‬ ‫الساحة اللبنانية إلى ساحة عداء ضد سوريا‬ ‫مستعمال ً كل األساليب امللتوية والتكاذب‪،‬‬ ‫على أمل خدمة مشروع “الفوضى اخلالقة”‬ ‫أو “الشرق األوسط اجلديد”‪ ،‬وأخذ “صك براءة”‬ ‫من أميركا‪ ،‬ووسام اخليانة من إسرائيل‪ ،‬بعدما‬ ‫حتامل على الدور القومي لدمشق وطالب بنزع‬ ‫سالح املقاومة في أوج صراعها ومواجهتها‬ ‫لالعتداءات الوحشية اإلسرائيلية في محطات‬ ‫ال تعد وال حتصى‪ .‬وكان آخرها عدوان متوز ‪،2006‬‬ ‫ناهيك عن األحداث النشاز لهذا الفريق الذي‬ ‫يطلق املواقف والتصريحات املتشنجة ضد‬ ‫دمشق‪ ،‬على أمل تأليب الرأي العام اللبناني‪،‬‬ ‫وحتى العربي‪ ،‬في محاولة يائسة لكسب‬ ‫أصوات الناخبني على أبواب االستحقاق‬ ‫النيابي الذي يحل موعده بعد فترة‪.‬‬ ‫الرئيس ميشال سليمان الذي زار سوريا‬ ‫وعقد لقاء قمة مع الرئيس د‪ .‬بشار األسد‪،‬‬ ‫أراد أن يوجه رسالة إلى بعض املتشددين بأن‬ ‫قرارات احلكم جدية وال مجال لتمييع اإلجنازات‬ ‫أو باألحرى قرارات لقاء الدوحة‪ .‬والثابت أن‬ ‫القيادة السورية أبدت للرئيس سليمان‬ ‫وغيره من املسؤولني اللبنانيني الذين زاروا‬ ‫دمشق‪ ،‬أنها على استعداد لتقدمي كل الدعم‬ ‫واملساندة املطلوبة للبنان وشعبه‪ ،‬ألن غاية‬ ‫سوريا إنهاء النزف واجلرح اللبناني الذي يدمي‬ ‫كل من يحب مصلحة لبنان العربي املستقل‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن بعض األفرقاء‪ ،‬ال سيما من‬ ‫يطلق عليهم “األكثرية الوهمية” يسعون‬ ‫إلى املناورة من أجل كسب الوقت واملناورة‬ ‫على أمل تغيرات خارجية مرهونة‪ ،‬وهذه‬ ‫العراقيل تهدف إلى االبتزاز واملساومة وزعزعة‬ ‫املنسق واملستمر‬ ‫األوضاع‪ ،‬خصوصا ً الهجوم‬ ‫ّ‬ ‫لزيارات بعض الوزراء والقيادات إلى دمشق‪،‬‬ ‫والتي جاءت حسب األصول الدستورية بل‬ ‫أخذت موافقة كل الوزراء‪ ،‬وخوف املعترضني‬ ‫واملعرقلني‪ ،‬والتستر على األدوار التي يقومون‬ ‫بها وفق إمالءات أميركا وإسرائيل‪ ،‬ناهيك‬ ‫من أن “السيادة واالستقالل” التي يتشدقون‬ ‫بها في مواقفهم وتصريحاتهم ما هي إال‬ ‫دعايات انتخابية ألهداف رخيصة تع ّودوا‬ ‫عليها‪ ،‬ومراهاناتهم الوهمية على “الكرتون”‬ ‫األميركي ‪-‬اإلسرائيلي والهزائم املتكررة في‬ ‫أكثر من موقع وجهة ومنطقة”‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬وعد أبو ذياب‬


‫منبر رأي‬

‫الصهيونية المغلفة بحوار األديان‬ ‫إلى كل مواطن عربي ح ّر ومتحرر من‬ ‫قيود األنظمة الهالكة البائسة‪ ،‬التي‬ ‫تعيش على الذل واخلنوع لرغبات األنظمة‬ ‫الرأسمالية االنتهازية‪ ،‬التي تتحكم بهذا‬ ‫العالم‪ ،‬وخاصة بهذا الشرق العربي الذي‬ ‫حباه اهلل ما يستحق من قدسية واحترام‪،‬‬ ‫وخصه بالرساالت السماوية التي‬ ‫ّ‬ ‫أصبحت دستور الشعوب وثقافة احلياة‬ ‫ومهد احلضارات وملتقى الديانات‪.‬‬ ‫في بيت حلم ولد السيد املسيح ومبياه‬ ‫تعمد‪ ،‬ومن بالدنا انطلق مبشرا ً‬ ‫نهر األردن ّ‬ ‫برسالة اخلير واإلميان‪ ،‬داعيا ً إلى التسامح‬ ‫واحملبة ونبذ التفرقة‪ ،‬عامالً على املساواة‬ ‫وعمت رسالته بالد الشرق‬ ‫بني البشر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نبي‬ ‫ولد‬ ‫واحلجاز‬ ‫جند‬ ‫بالد‬ ‫وفي‬ ‫والغرب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اهلل الرسول األكرم محمد بن عبد اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ .‬وخصه‬ ‫بالنبوة وأنزل عليه القرآن ونشر الدعوة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وأمر بعبادة اهلل سبحانه‬ ‫وتعالى ونهى عن عبادة األصنام واألوثان‪،‬‬ ‫وكانت دعوته خامتة األديان وأصبح اإلسالم‬ ‫دين الرحمة في كل زمان ومكان‪ ،‬فإذا كان‬ ‫هذا الشرق مبا يختزنه من قيم ومبادئ‬ ‫وتالق بني األديان واحلضارات وهي علة‬ ‫وجوده ومصدر غناه‪ ،‬فهل يليق بنا أيها‬ ‫لكي‬ ‫الزمان‬ ‫اإلخوة العرب واملسلمني أن ينحدر بنا‬ ‫ّ‬ ‫نصبح ألعوبة بيد بعض احلكام وامللوك؟ الذين‬ ‫من أجل احلفاظ على دميومة العرش والسلطان‬ ‫باعوا األمة بثالثني من الفضة الى الصهاينة‬ ‫واألميركان‪ .‬كما فعل االسخريوطي عندما‬ ‫س ّلم السيد املسيح الى هؤالء القتلة أنفسهم‬ ‫وهم يسيرون في مشاريع مشبوهة‪ ،‬ولن يكون‬ ‫آخرها اللقاء املشؤوم حتت عنوان حوار األديان‪،‬‬ ‫وهل وصل الشعب العربي الى الدرك األسفل‬ ‫من عدم املعرفة والوعي واإلدراك حتى تهزأون به‬ ‫بشعاراتكم املزيفة‪ ،‬ألن حقيقة احلوار بني األديان‬ ‫هو واقع جتسد بالبالد العربية قوال ً وفعالً‪ ،‬ولكن‬ ‫احلوار يجب أن يكون مع من يؤمنون باحلوار ال مع‬ ‫السفلة اجملرمني‪ٌ .‬‬ ‫ويل لكم أيها املتناسون حلقائق‬ ‫التاريخ العابثون بكرامة امتكم‪ ،‬الهالكون عما‬ ‫قريب على أيدي الشعوب املؤمنة الصادقة التي‬ ‫انصهرت في ما بينها بثقافة أديانها وتوحدت‬ ‫بتعدديتها الدينية والثقافية على قاعدة االحترام‬ ‫واحملبة (الدين هلل والوطن للجميع)‪ ،‬والعجيب في‬ ‫الزمن الذي تغتصب فيه أرضنا وحقوقنا على أيدي‬ ‫من استباح األرض واملقدسات وانتهكوا احلرمات‬ ‫وشردوا أهلنا في فلسطني ويرتكبون أبشع اجملازر‬ ‫ليالً ونهارا ً أمام أعني العالم أجمع‪ ،‬وما يسمى‬ ‫باملنظمات الدولية وحقوق اإلنسان‪ ،‬ومجلس‬

‫األمن الذي أنتم شركاء فيه ومن مؤسسيه‪،‬‬ ‫ولم يرف جفن لهذه املنظمات‪ .‬ولم يستطيعوا‬ ‫أن يردعوا هؤالء اجملرمني عن عدوانهم‪ ،‬ضاربني‬ ‫بعرض احلائط كل القرارات الدولية‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫من أجل أال يخرج جورج بوش مهزوما ً املنقرض‬ ‫عهده غير املأسوف عليه‪ .‬هذا اجملنون الذي لم‬ ‫يترك منطقة في العالم إال وترك بصمات شره‬ ‫وإجرامه عليها‪ ،‬ذهبتم صاغرين عندما أمركم‬ ‫س ّمي زورا ً بحوار األديان‪ ،‬وهل من ارتكب‬ ‫إلى مؤمتر ُ‬ ‫مجزرتي قانا وذبح األطفال والنساء والشيوخ في‬ ‫لبنان وفلسطني وشرد الشعب العراقي الشقيق‬ ‫وذبح أكثر من مليون من أهله‪ ،‬هل أصبح شيمون‬ ‫بيريز وغانية العصر ليفني وبوش قديسني‪ ،‬ومن‬ ‫أهل الفقه؟ حتى يُدعوا إلى حوار األديان؟ وهل‬ ‫لهؤالء صلة بالدين؟ وهل أظهروا فعل الندامة‬ ‫على ما اقترفوه حتى تعطى لهم فرصة التوبة؟‬ ‫لقد ناشدكم عشية املؤمتر القائد املسلم العربي‬ ‫الصادق وقبلة العرب واملسلمني سماحة السيد‬ ‫حسن نصر اهلل وتوجه اليكم بالقول‪“ :‬أيها‬ ‫امللوك واحلكام ال تقبلوا بدعوة اجملرم والقاتل الى‬ ‫الطاولة التي جتلسون إليها”‪ .‬ألنه كان يفترض‬ ‫أن لديكم بقية شهامة ونخوة عربية لتكونوا‬ ‫صلة الوصل مع األمة التي متثلون‪ ،‬ولكن عبثا ً‬ ‫يحاول السيد إنقاذكم وكأني بلسان حاله‬ ‫يقول “على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟”‪ .‬تعودوا أن‬

‫‪35‬‬

‫يدفنوا رؤوسهم في الرمال كالنعامة‬ ‫ولكنهم منكشفون‪ ،‬واملفارقة ان اجملرم‬ ‫ال يجاريهم في ما جاروه بل تكلم هو‬ ‫وغانيته ليفني بجرأة ووجهوا االنتقادات‬ ‫الى حكام العرب واملسلمني ألنهم‬ ‫يد ّرسون دين اإلسالم في املدارس بحيث‬ ‫يرون باإلسالم تطرفا ً وخطرا ً عليهم‬ ‫ألنهم يطالبون باسترجاع مقدساتهم‬ ‫وأراضيهم وال يرون في احتاللهم‬ ‫لألرض وقتل األبرياء وتشريدهم خطرا ً‬ ‫على أحد‪ .‬ولكن لألسف لم نسمع ردا ً‬ ‫من امللوك واحلكام باستثناء الرئيس‬ ‫اللبناني واملقاوم الوطني العريق فخامة‬ ‫العماد ميشال سليمان الذي خبر هذا‬ ‫العدو عن قرب حيث أكد على مسمع‬ ‫ومرأى اجلميع‪ ،‬مبن فيهم األعداء‪ ،‬أنه‬ ‫ال جدوى من حوار في ظل االحتالل‬ ‫ورفض حق العودة واستباحة احلقوق‪.‬‬ ‫ألن للحوار قواعد يبنى عليها ولكنها‬ ‫يدعي‬ ‫حفلة تكاذب وتبادل األنخاب ومن ّ‬ ‫حماية املسلمني وخدمة احلرمني يشرب‬ ‫نخب اجملرمني بكل صفاقة أمام أعني‬ ‫األطفال والثكالى في فلسطني والعراق‪.‬‬ ‫لقد سقط القناع وانكشفت العورات‬ ‫ولم ميتثلوا للقول احلكيم “اذا بليتم‬ ‫باملعاصي فاستتروا” ولكن األحرار في العالم‬ ‫العربي سلكوا طريق املقاومة واجلهاد وبدأت‬ ‫االنتصارات تتحقق ونصر متوز ‪ 2006‬خير شاهد‬ ‫إن كنتم ممن تتعضون‪ ،‬وعما قريب سوف ترون أي‬ ‫منقلب‪ ،‬ألن اهلل وعد املؤمنني بالنصر وهو نصير‬ ‫املؤمنني وأصدق القائلني‪ ،‬واعلموا أن للباطل جولة‬ ‫وللحق كل جولة ومن يحاور العدو يحاور باسمه‬ ‫واألمة منه براء وال صلة له بالشعب املقاوم‬ ‫األصيل الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل‬ ‫كرامته‪ .‬فشعلة املقاومة توهجت وال تستطيع‬ ‫أي قوة في العالم إخمادها‪ ،‬وهنا يحضرني القول‬ ‫املأثور للبطل العربي واجملاهد املوحد قائد الثورة‬ ‫السورية الكبرى سلطان باشا األطرش‪:‬‬ ‫يقولون وجه السيف أبيض دائما ً‬ ‫ابيض إال وهو أحمر بالدما‬ ‫وما‬ ‫ّ‬ ‫فإذا كان دفع الش ّر بالرأي حازما ً‬ ‫فما زال دفع الش ّر بالش ّر أحزما‬ ‫تأملت في صرف الزمان فلم أجد‬ ‫سوى الصارم البتّار للس ّلم سلما‬ ‫فما العيش إال أن منوت أعزة‬ ‫وما املوت إال أن نعيش ونسلما‬

‫الشيخ صالح ضو‬ ‫رئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫تطبيع العالقات السورية ـ اللبنانية إنهاء للوصاية األميركية‬

‫العماد قهوجي في دمشق‪ :‬عودة التنسيق‬ ‫مع الجيش السوري‬

‫األسد مستقبالً العماد قهوجي‬

‫مع كل زيارة يقوم بها مسؤؤل لبناني إلى سوريا‪،‬‬ ‫تتوتر قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬وتعتبر أن سوريا تتسلل تدريجيا ً‬ ‫إلى الداخل اللبناني‪ ،‬وتعود “الوصاية “ إليه‪ ،‬وقد ظهر‬ ‫الهلع على النائب وليد جنبالط العائد من الواليات‬ ‫املتحدة األميركية‪ ،‬ألن التطبيع األميركي ـ السوري‬ ‫سيعود إلى سابق عهده مع اإلدارة األميركية‬ ‫اجلديدة برئاسة باراك أوباما‪ ،‬يضاف إليه انتقال‬ ‫التطبيع اللبناني ـ السوري سريعا ً إلى املرحلة‬ ‫التي كان فيها الوجود السوري عسكريا ً وأمنيا ً في‬ ‫لبنان‪ ،‬وقد ارتعب من أن يعود اللواء رستم غزالي‬ ‫إلى فرض نفوذه من دمشق وريفها‪ ،‬أي عودة اخملابرات‬ ‫السورية وفق تصريحه األخير من بكركي‪ ،‬التي زارها‬ ‫ليح ّرض البطريرك املاروني نصر اهلل صفير على زيارة‬ ‫رئيس “التيار الوطني احلر” العماد ميشال عون إلى‬ ‫سوريا‪ ،‬وحتطيم صورته مسيحيا ً عشية االنتخابات‬ ‫النيابية‪ ،‬الستعادة الكتلة النيابية املسيحية في‬ ‫جبل لبنان منه‪ ،‬وبذلك تضمن قوى ‪ 14‬آذار األغلبية‬ ‫في مجلس النواب‪.‬‬ ‫فتطبيع العالقات بني لبنان وسوريا‪ ،‬يعني إنهاء‬ ‫الوصاية األميركية على لبنان‪ ،‬التي بدأت في العام‬ ‫‪ ،2005‬مع ما سمي بـ”ثورة األرز” التي أطلقها‬ ‫الرئيس األميركي جورج بوش‪ ،‬من ضمن مشروعه‬ ‫“للشرق األوسط اجلديد” لتعميم الدميوقراطية‪ ،‬ومع‬ ‫خروجه من البيت األبيض وخسارة احلزب اجلمهوري‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لرئاسة اجلمهورية‪ ،‬فإن مرحلة جديدة بدأت مع‬ ‫احلزب الدميوقراطي‪ ،‬ملسها رئيس احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي أثناء لقاءاته في واشنطن مع مسؤولني‬ ‫أميركيني‪ ،‬بأن لبنان لم يعد أولوية عند اإلدارة‬ ‫اجلديدة جلهة وضعه في مواجهة سوريا‪ ،‬أو اتخاذه‬ ‫ساحة ضد قيادتها لفرض شروط عليها‪ ،‬ما دامت‬ ‫هناك قناعة‪ ،‬بأن احلل مير عبر سوريا‪ ،‬وهو ما أكدته‬ ‫رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي تنتمي‬ ‫إلى الدميوقراطيني‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق يظهر القلق لدى قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬عند‬ ‫كل زيارة يقوم بها وزير لبناني إلى سوريا‪ ،‬وإن داخل‬ ‫هذا الفريق من لم ينظر إلى عقد رئيس اجلمهورية‬ ‫العماد ميشال سليمان قمة مع نظيره السوري‬ ‫الرئيس الدكتور بشار األسد‪ ،‬بارتياح بل انزعج منها‪،‬‬ ‫وهي أول زيارة خارجية له بدأها من سوريا‪ ،‬بعدما‬ ‫كان قد التقى الرئيس األسد في باريس وشارك معه‬ ‫في قمة رباعية ضمته إلى الرئيس الفرنسي نيكوال‬ ‫ساركوزي وأمير قطر الشيخ حمد بن جاسم آل‬ ‫ثاني‪ ،‬وكان لألخيرين الدور الرئيسي في رعاية االتفاق‬ ‫بني األطراف اللبنانية في الدوحة ووضع آلية حل‬ ‫لألزمة‪ ،‬بدأت مع انتخاب املرشح التوافقي العماد‬ ‫ميشال سليمان رئيسا ً للجمهورية‪ ،‬ثم تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية‪ ،‬ووضع قانون لالنتخابات‬ ‫النيابية‪ ،‬وقد فتح تطبيق اتفاق الدوحة باب استعادة‬

‫‪36‬‬

‫فرنسا وسوريا عالقاتهما الطبيعية‪ ،‬التي تكرست‬ ‫باتفاقات‪ ،‬وولوج دمشق إلى اتفاق الشراكة مع أوروبا‬ ‫واضطالع الرئيس ساركوزي بدور إلعادة العالقات‬ ‫السورية ـ السعودية إلى طبيعتها‪ ،‬بعد االنتكاسة‬ ‫التي رافقتها منذ اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪،‬‬ ‫حيث أظهرت القيادة كل جتاوب مع جلنة التحقيق‬ ‫الدولية في جرمية االغتيال‪ ،‬إلى املساهمة في حل‬ ‫األزمة اللبنانية‪ ،‬ولم يعد هناك من سبب المتناع‬ ‫الرياض عن حتسني عالقتها مع دمشق‪ ،‬إال رغبة‬ ‫لدى حكام السعودية‪ ،‬بأن تقطع سوريا عالقتها مع‬ ‫إيران‪ ،‬وتوقف دعمها للمقاومة وتساند السنة في‬ ‫لبنان من خالل تسهيل السلطة آلل احلريري‪ ،‬كما‬ ‫كان الوضع أيام الرئيس رفيق احلريري‪.‬‬ ‫وحتت هذه العناوين‪ ،‬ترى السعودية وحلفاؤها‬ ‫في لبنان‪ ،‬أن العالقات اللبنانية ـ السورية تعود إلى‬ ‫طبيعتها‪ ،‬مبا يضمن للسعودية نفوذها في لبنان‪،‬‬ ‫وعدم وقوعه حتت “الهيمنة اإليرانية”‪ ،‬كما يؤكد‬ ‫املسؤولون في اململكة‪ ،‬ويعبر عنها حلفاؤهم في‬ ‫لبنان في “تيار املستقبل” وجنبالط وآخرون‪ ،‬إذ تقف‬ ‫هي عقبة في وجه حتسني العالقات مع دمشق قبل‬ ‫أن يتم التطبيع معها‪ ،‬وهو ما يبقي الوضع الداخلي‬ ‫غير مستقر‪ ،‬كما مت في املرحلة األخيرة وضع القوى‬ ‫السلفية واألصولية اإلسالمية في الواجهة‪ ،‬في‬ ‫الشمال والبقاع‪ ،‬عند خاصرة سوريا للضغط عليها‪،‬‬


‫وقد كان التفجير الذي وقع على طريق مطار دمشق‬ ‫بالقرب من مقام السيدة زينب‪ ،‬رسالة واضحة إلى‬ ‫القيادة السورية التي اعتقلت اجملرمني‪ ،‬وكشفت‬ ‫التحقيقات عن متويل لهم من دول خليجية و”تيار‬ ‫املستقبل” في لبنان‪ ،‬وفق ما ذكرت وفاء العبسي‬ ‫ابنة زعيم تنظيم “فتح اإلسالم” شاكر العبسي‪.‬‬ ‫وألن الوضع األمني املتفجر والعمليات اإلرهابية‬ ‫التي تستهدف البلدين‪ ،‬استدعت اإلسراع في‬ ‫حصول لقاءات أمنية وعسكرية بني املسؤولني‬ ‫في البلدين‪ ،‬بعدما اتُّفق على التنسيق بينهما في‬ ‫القمة التي جمعت الرئيسني األسد وسليمان‪ ،‬حيث‬ ‫شدد البيان املشترك على أهمية استعادة التعاون‬ ‫ّ‬ ‫بني البلدين والتبادل الدبلوماسي‪ ،‬وترسيم احلدود‪،‬‬ ‫ومتابعة أوضاع املعتقلني واملفقودين من البلدين‬ ‫عبر اللجان املشتركة‪.‬‬ ‫وجاءت زيارة قائد اجليش العماد جان قهوجي حتت‬ ‫سقف ما صدر عن القمة اللبنانية ـ السورية‪ ،‬ولم‬ ‫تخرج عن إطار ما رسمه البيان الوزاري للحكومة‪،‬‬ ‫وال عن التوجه العام عند اللبنانيني بأن تكون‬ ‫العالقة طبيعية‪.‬‬ ‫لكن زيارة قهوجي قوبلت باالنتقاد نفسه الذي‬ ‫قوبلت به زيارة وزير الداخلية زياد بارود‪ ،‬الذي ذهب‬ ‫إلى دمشق بقرار من مجلس الوزراء‪ ،‬وسمى الوفد‬ ‫الرسمي الذي رافقه‪ ،‬لكن لم يكن يخطر ببال قوى‬ ‫‪ 14‬آذار أن العالقة ستعود سريعة بهذا الشكل‪،‬‬ ‫وكانوا ينتظرونها من تبادل السفراء‪ ،‬وبعدها يبدأ‬ ‫احلديث عن زيارات‪ ،‬وكانوا يريدون أخذ فسحة من‬ ‫الوقت حتى إجراء االنتخابات النيابية في الربيع‬ ‫املقبل‪ ،‬وعلى ضوء نتائجها يقررون اجتاه العالقة‬ ‫مع سوريا‪ ،‬ألن التطبيع املبكر معها سيؤثر برأي‬ ‫األغلبية النيابية‪ ،‬على نتائج االنتخابات‪ ،‬جلهة‬ ‫تغيير املناخ الشعبي ضدها‪ ،‬بعدما استُثمر في‬ ‫االنتخابات املاضية‪ ،‬بعد توجيه االتهامات إلى‬ ‫نظامها األمني الذي كان موجودا ً في لبنان بأنه قد‬ ‫يكون ضالعا ً أو مطلعا ً على اغتيال احلريري‪ ،‬ولم تعد‬ ‫هذه االتهامات تفيدهم بعدما أظهرت تقارير جلنة‬ ‫التحقيق الدولية تعاون سوريا‪ ،‬وعدم تورط أي من‬ ‫مسؤوليها فيها‪ ،‬وانفتاح دولي عليها‪ ،‬وما زاد من‬ ‫حذر قوى ‪ 14‬آذار هو احلشود العسكرية السورية‬ ‫على احلدود مع لبنان في الشمال والبقاع‪ ،‬واعتبارها‬ ‫أنها ستؤثر في االنتخابات النيابية‪ ،‬مع حملة‬ ‫إعالمية وسياسية‪ ،‬وأن القوات السورية ستعود‬ ‫إلى لبنان‪ ،‬أو هي ستدخل احلدود‪ ،‬ملالحقة إسالميني‬ ‫أصوليني متهمني بأعمال إرهابية‪ ،‬أو أنها ستدخل‬ ‫إلى الشمال‪ ،‬ملنع إبادة “العلويني” فيه من قبل قوى‬ ‫سلفية وإسالمية لبنانية‪ ،‬كما حصل مع الدخول‬ ‫التركي إلى شمال العراق ملالحقة “البشمركة”‪.‬‬ ‫لذلك فإن زيارتي بارود وقهوجي‪ ،‬خلقتا إرباكا ً‬ ‫لدى “ثوار األرز”‪ ،‬الذين بدأت تتوارد معلومات إليهم‬ ‫عن أن سوريا مصممة على أن يكسب حلفاؤها‬ ‫االنتخابات النيابية‪ ،‬وتنتهي “األكثرية الوهمية”‬ ‫التي حتدث عنها مرة الرئيس األسد‪ ،‬وأن تتحول‬ ‫األكثرية احلقيقية إلى املعارضة اآلن‪ ،‬أي قوى ‪ 8‬آذار‪،‬‬ ‫واإلمساك بالقرار داخل احلكومة‪.‬‬ ‫وقد فاجأت النتائج التي خرج بها قائد اجليش‬

‫من لقاءاته مع القيادة السورية‪ ،‬واستقبال الرئيس‬ ‫بشار األسد له‪ ،‬وقد كانت الزيارة سريعة‪ ،‬إذ لم مير‬ ‫شهران على تعيني قهوجي حتى كان اللقاء في‬ ‫قصر املهاجرين‪ ،‬حيث نظرت إليه قوى ‪ 14‬آذار على‬ ‫أنه إشارة مرور إلى رئاسة اجلمهورية‪ ،‬وهو ما ع ّبرت‬ ‫عنه في بيانها تعليقا ً على الزيارة بالقول عن ترغيب‬ ‫بالسلطة‪ ،‬وأن دمشق كانت توحي لقادة اجليش في‬ ‫لبنان بأن طريقهم من اليرزة (مقر وزارة الدفاع) إلى‬ ‫قصر بعبدا (مقر رئاسة اجلمهورية) سهلة ومؤمنة‪،‬‬ ‫هذا ما حصل مع الرئيس إميل حلود ومع الرئيس‬ ‫ميشال سليمان‪ ،‬وأنهما انصاعا الى “الوصاية‬ ‫فأمنا وصولهما إلى الرئاسة األولى‪ ،‬وهذا‬ ‫السورية” ّ‬ ‫ما يخشى منه فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬وحتديدا ً املوارنة فيه من‬ ‫أن تتكرر جتربتا حلود وسليمان مع قهوجي‪ ،‬فحاصروه‬

‫أمر طبيعي أن تقوم املؤسسات بني الدولتني كل‬ ‫باختصاصها بعملها املشترك‪.‬‬ ‫لكن ما أغضب قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬هو البيان املشترك‬ ‫الذي صدر بعد زيارة قائد اجليش الذي أكد على‬ ‫تفعيل التعاون في مجاالت التدريب واللوجستية‪،‬‬ ‫ومواجهة التهديدات اإلسرائيلية ضد البلدين‬ ‫الشقيقني وتنسيق اإلجراءات امليدانية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ترفضه هذه القوى رفضا ً كامالً‪ ،‬بأن يبنى اجليش‬ ‫على عقيدة قتالية‪ ،‬وعلى قتال العدو اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫وأن يتدرب في سوريا ويتسلح منها وهو أمر غير‬ ‫مرغوب أميركياً‪ ،‬وهذا ما يناقض خطها السياسي‪،‬‬ ‫برفض العداء إلسرائيل‪ ،‬كما أعلن أكثر من مسؤول‬ ‫فيها‪ ،‬وأن اتفاق الهدنة يجب أن ينفذ عند احلدود‪،‬‬ ‫وعدم بناء جيش قوي مقاتل‪ ،‬بحيث ال تسمح‬

‫عودة الثقة بني اجليشني‬

‫بحملة سياسية وإعالمية‪ ،‬كما فعلوا مع بارود وهو‬ ‫وزير ماروني أيضاً‪ ،‬ولم يفعلوا ذلك مع الوزيرين طارق‬ ‫متري ومتام سالم اللذين زارا سوريا‪ ،‬كما ذهب إليها‬ ‫وزير اخلارجية فوزي صلوخ ووقع مع نظيره وليد املعلم‬ ‫اتفاق تبادل السفارات‪ ،‬الذي توقع رئيس اجلمهورية‪،‬‬ ‫أن يتم نهاية العام احلالي‪ ،‬أو مطلع العام املقبل‬ ‫بحيث تخطو العالقات خطوات إلى األمام‪ .‬أما تذرع‬ ‫القوى املناوئة لسوريا‪ ،‬بأنه ال يجوز أن حتصل الزيارات‬ ‫قبل تعيني السفيرين‪ ،‬فهو ال يدخل في إطار القانون‬ ‫الدولي‪ ،‬ألن هناك دوال ً ال تقيم عالقات في ما بينها‬ ‫ويحصل تعاون اقتصادي وغيره معها‪.‬‬ ‫وكان رد وزير الدفاع الياس املر موضوعياً‪ ،‬عندما‬ ‫أشار إلى أن زيارة قهوجي وقبله زيارة بارود‪ ،‬فرضتهما‬ ‫الظروف األمنية‪ ،‬حيث ال ميكن تأجيل عقد لقاءات‬ ‫أمنية لبنانية ـ سورية‪ ،‬ملعاجلة الوضع األمني الذي‬ ‫تفرضه احلدود املشتركة بني البلدين وضرورة ضبطها‪،‬‬ ‫ال سيما بعد صدور القرار ‪ ،1701‬وهذا ما أثاره الطرف‬ ‫اللبناني في اجتماعاته مع نظرائه السوريني‪.‬‬ ‫فالضرورة األمنية كانت هي األولوية في استعادة‬ ‫التنسيق األمني‪ ،‬الذي حاولت قوى ‪ 14‬آذار ربطه‬ ‫مبجلس الوزراء‪ ،‬وهذا أمر بتّه األخير بعد احلملة على‬ ‫وزير الداخلية‪ ،‬الذي أق ّر له مبا توصل إليه من نتائج‬ ‫أثناء زيارته إلى دمشق‪ ،‬وتشكيل جلنة متابعة‪ ،‬أو‬ ‫جلنة أمنية مشتركة ملتابعة القضايا األمنية‪ ،‬وهو‬

‫‪37‬‬

‫اتفاقية الهدنة بذلك‪.‬‬ ‫فالضيق الذي ظهر فيه فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬هو من‬ ‫النتائج التي خلصت إليها زيارة العماد قهوجي‪،‬‬ ‫وهي عودة التنسيق بني اجليشني‪ ،‬وفق معاهدة‬ ‫األخوة والتعاون‪ ،‬التي يجسدها اجمللس األعلى‬ ‫اللبناني ـ السوري‪ ،‬واالتفاقات املعقودة بني البلدين‪،‬‬ ‫وهو ما ترفضه األغلبية النيابية‪ ،‬وتطالب بإلغاء‬ ‫اجمللس‪ ،‬وإعادة النظر باالتفاقيات وعدم اإلسراع‬ ‫في تطبيع العالقات‪ ،‬التي تسقط كل مقوالتها‬ ‫ونهجها السياسي‪ ،‬فتفقد شعبيتها التي بنتها‬ ‫على العداء لسوريا‪ ،‬وعلى أن نظامها سيسقط‪،‬‬ ‫وأن حلفاءها في لبنان سيضعفون وينقرضون‪،‬‬ ‫وتستأثر هي باحلكم‪ ،‬فبينت الوقائع عكس ذلك‪،‬‬ ‫فسوريا بقيت قوية ولم تضعف أمام الضغوطات‬ ‫األميركية‪ ،‬وال جنح احلصار في عزلتها‪ ،‬ال بل عادت‬ ‫مرجعية عربية وإقليمية‪ ،‬ورقما ً في معادالت‬ ‫املنطقة‪ ،‬وحلفاؤها في لبنان‪ ،‬استعادوا املبادرة في‬ ‫أيار املاضي‪ ،‬وهم سيحققون انتصارا ًَ في االنتخابات‬ ‫النيابية‪ ،‬ولم تتمكن األغلبية احلالية من السيطرة‬ ‫على اجليش الذي بقي على مسافة واحدة من‬ ‫اجلميع‪ ،‬ولم يخضع قائده اجلديد البتزازهم‪ ،‬كما لم‬ ‫يخضع سلفه‪.‬‬

‫أنطوان خير اهلل‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫المر يأتي بالسالح الروسي‬ ‫إلى لبنان‬

‫الوزير املر أثناء وصوله الى روسيا‬

‫شكلت زيارة وزير الدفاع الياس املر الى روسيا‪،‬‬ ‫مفاجأة‪ ،‬بنتائجها العسكرية‪ ،‬جلهة قبول وزارة‬ ‫الدفاع الروسية الئحة باحتياجات اجليش اللبناني‪،‬‬ ‫وعن إعطاء هبة بعشر طائرات “ميغ‪ ،”29 -‬بقيمة‬ ‫‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬وهو ما كشف عنه الوزير املر‬ ‫‪ ،‬وهذه هي املرة االولى التي يحصل اجليش على‬ ‫مثل هذه الهبة‪ ،‬وهذا النوع من السالح‪ ،‬حيث‬ ‫يفتقد اليه‪ ،‬مما اضطره الى إعادة تأهيل طائرتي‬ ‫“هوكر هنتر”‪ ،‬كانتا متوقفتني عن االستخدام‪،‬‬ ‫ويعود تاريخ صنعهما إلى مرحلة األربعينيات‪.‬‬ ‫وقد حاول اجليش جتهيز نفسه بالطائرات‬ ‫ومبحطات رصد جوي وصواريخ أرض جو منذ‬ ‫الستينيات‪ ،‬الن أجواءه كانت مخروقة من‬ ‫الطيران احلربي االسرائيلي‪ ،‬وقد أقر وزراء الدفاع‬ ‫العرب‪ ،‬ومن ضمن خطة دفاعية مشتركة بعد‬ ‫حرب حزيران ‪ ،1967‬تزويد لبنان بشبكة “رادارات”‪،‬‬ ‫ومت تركيب “رادار” في الباروك في جبل لبنان‪ ،‬لرصد‬ ‫حتركات الطيران املعادي املنطلق من اسرائيل‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وأهميته أنه يغطي ليس لبنان فقط‪ ،‬بل كل‬ ‫املنطقة احملاذية في سوريا واألردن ومصر‪ ،‬ويعطي‬ ‫إنذارا ً مبكرا ً للقوات السورية‪ ،‬اجملاورة للحدود‬ ‫اللبنانية‪ ،‬عند دخول الطيران اإلسرائيلي اجملال‬ ‫اجلوي اللبناني‪ ،‬وقد استهدفته إسرائيل في‬ ‫حرب تشرين عام ‪ 1973‬ودمرته‪ ،‬ألنه ّ‬ ‫عطل حركة‬ ‫طيرانها فوق دمشق‪ ،‬التي تعرضت لغارات جوية‪،‬‬ ‫إسرائيلية‪ ،‬جابهتها بصواريخ “سام ـ ‪ ”6‬و “سام ـ‬ ‫‪ ،”7‬وكانت لها نتائج فعالة في إسقاط الطائرات‬ ‫املغيرة‪.‬‬ ‫ففي غمرة احلديث واحلوار في القصر اجلمهوري‪،‬‬ ‫عن استراتيجية دفاعية حتمي لبنان من العدوان‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وبناء على جتارب سابقة‪ ،‬وما تقدم‬ ‫من دراسات وأبحاث واقتراحات حولها‪ ،‬تبني أن‬ ‫لبنان بحاجة ماسة الى شبكة صواريخ دفاعية‬ ‫أرض ـ جو‪ ،‬ملواجهة االعتداءات اإلسرائيلية‪ ،‬وهذه‬ ‫الثغرة ظهرت في حرب متوز ‪ 2006‬األخيرة‪ ،‬ففي‬ ‫الوقت الذي كانت فيه املقاومة تسجل انتصارات‬

‫‪38‬‬

‫على األرض‪ ،‬وتلحق خسائر بالقوات البرية للعدو‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬ومتنع دباباته “امليركافا” من التقدم‪،‬‬ ‫على مدى ‪ 33‬يوماً‪ ،‬كانت سماء لبنان مفتوحة‬ ‫أمام الطائرات اإلسرائيلية تغير على مدنه وقراه‬ ‫وبناه التحتية واجلسور والطرق من اجلنوب الى‬ ‫الشمال مرورا ً بالبقاع واجلبل وبيروت وضاحيتها‬ ‫سدت املقاومة هذه الفجوة‪ ،‬من‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ضمن إعادة جتهيز وتأهيل ما فقدته خالل حرب‬ ‫متوز‪ ،‬فوضعت في استراتيجيتها امتالكها‬ ‫صواريخ “ارض ‪ -‬جو”‪ ،‬حيث استخدمت صاروخا ً‬ ‫في األيام األخيرة‪ ،‬ضد طائرة “اباتشي” وأسقطت‬ ‫مع طياريها فوق وادي احلجير في اجلنوب‪.‬‬ ‫وقد عرض الوزير املر على نظيره الروسي انتولي‬ ‫سيرديكوف حاجات لبنان العسكرية‪ ،‬من دبابات‬ ‫وصواريخ‪ ،‬حيث متت املوافقة على الطلبات‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وقد فاجأ الوفد الروسي ضيفه اللبناني‪،‬‬ ‫بهدية الطائرات العشر‪ ،‬التي لم يكن يضعها في‬ ‫برنامج تسليحه للجيش‪ ،‬ألنها تستلزم تدريب‬


‫ثالثني طيارا ً لبنانيا ً على هذا النوع من الطائرات‪،‬‬ ‫مع حوالى مئة فني‪ ،‬وتزويدها بصواريخ جوـ جو‪،‬‬ ‫وجو ـ ارض‪.‬‬ ‫ولقد عاد وزير الدفاع مبوافقة روسية مبدئية‪،‬‬ ‫على تزويد اجليش “بدبابات ت ـ ‪ ،”90‬وهي من اجليل‬ ‫املتقدم في الدبابات الروسية‪ ،‬وكذلك بالنسبة‬ ‫لشبكة الصواريخ “ارض ـ جو” وهي ضرورية‬ ‫للبنان‪ ،‬حيث كشفت املعلومات ان هذا النوع‬ ‫من السالح تلحظه الدراسة املقدمة من العماد‬ ‫ميشال عون حول مشروعه لقيام استراتيجية‬ ‫دفاعية‪ ،‬وتسليح اجليش بهذا النوع من السالح‪،‬‬ ‫مبا ميكنه من صد أي عدوان بري وجوي‪ ،‬وقد أثبت‬ ‫اجليش في أكثر من مرحلة‪ ،‬أنه قادر على مواجهة‬ ‫القوات اإلسرائيلية في البر‪ ،‬وما زالت معركة‬ ‫جسر اخلردلي في عام ‪ ،1972‬تشهد على قدرة‬ ‫اجليش في منع تقدم القوات االسرائيلية‪ .‬وأهمية‬ ‫ذهاب وزير الدفاع الى روسيا‪ ،‬هو اتخاذ لبنان‬ ‫قرارا سياسيا‪ ،‬بتنويع مصادر تسليحه للجيش‬ ‫من عدة دول‪ ،‬وحترره من أن يكون سالحه من‬ ‫أميركا فقط‪ ،‬أو من دول غربية‪ ،‬وهو لم يحصل‬ ‫من الواليات املتحدة‪ ،‬سوى على دعم عسكري‬ ‫يصل الى ‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬لتجهيز اجليش وقوى‬ ‫األمن الداخلي‪ ،‬على أن يكون السالح لالستخدام‬ ‫الداخلي فقط‪ ،‬أو ما يسمى محاربة “اإلرهاب”‪ ،‬إذ‬ ‫إن السخاء األميركي جاء بعد معركة مخيم نهر‬ ‫البارد‪ ،‬حيث تبني أن جتهيزات اجليش ضعيفة‪ ،‬من‬ ‫املناظير الليلية الى الدروع والقاذفات الصاروخية‪،‬‬ ‫والدبابات‪ ،‬إضافة طبعاً‪ ،‬الى الطائرات املروحية‪،‬‬ ‫وقد وافقت االدارة االميركية على تزويده‪ ،‬بأسلحة‬ ‫ال تقع في يد “حزب اهلل” وال تستخدمها املقاومة‬ ‫ضد اسرائيل‪ ،‬لذلك لم يخرج القرار األميركي عن‬ ‫هذا النوع من السالح‪ ،‬وقد كشفت املعلومات عن‬ ‫موافقة اميريكية على تزويد لبنان بـ”دبابات ـ ام‬ ‫‪.”60‬‬ ‫وتنويع مصادر التسليح‪ ،‬قرار لبناني سليم‪،‬‬ ‫حيث يبحث رئيس اجلمهورية العماد ميشال‬ ‫سليمان‪ ،‬في زياراته الى اخلارج به‪ ،‬وقام في أثناء‬ ‫زيارته الى اجلمهورية اإلسالمية االيرانية بتفقد‬ ‫مصانع أسلحة‪ ،‬وقد وافقت احلكومة االيرانية‬

‫الوزير املر ونظيره الروسي انتولي سيرذيكوف‬ ‫على تزويد اجليش مبا يحتاج اليه من أسلحة‪،‬‬ ‫وتقدمي هبات له‪ ،‬كما جرى البحث في األردن على‬ ‫تدريب عناصر أمنية ملكافحة االرهاب‪.‬‬ ‫أما في سوريا التي تربطها مع لبنان معاهدة‬ ‫أخوة وتعاون وتنسيق‪ ،‬ومكتب تنسيق مشترك‬ ‫بني اجليشني اللبناني والسوري‪ ،‬فإن زيارة قائد‬ ‫اجليش العماد جان قهوجي‪ ،‬وقبله القمة التي‬ ‫جمعت الرئيسني ميشال سليمان وبشار األسد‪،‬‬ ‫جرى خاللهما التأكيد على عودة التعاون في‬ ‫مجال التدريب واللوجستية‪ ،‬وإذا ما مت تزويد لبنان‬ ‫بالسالح الروسي‪ ،‬فإن تدريب القوات العسكرية‬ ‫اللبنانية سيحصل في جزء كبير منه في سوريا‪،‬‬ ‫التي تتزود بالسالح نفسه‪.‬‬ ‫أما عن متويل التسليح والتدريب للجيش من‬ ‫الدول التي توافق على ذلك‪ ،‬فإن مصادر وزارية‬ ‫كشفت أن الرئيس سليمان يبحث هذا األمر مع‬ ‫رؤساء وملوك الدول التي يزورها‪ ،‬وأنه نال موافقة‬ ‫العديد من هذه الدول مبساعدة لبنان‪ ،‬حيث ذكرت‬

‫املعلومات ان عددا ً من دول اخلليج قررت التبرع‬ ‫مببالغ ثمن هذا السالح‪.‬‬ ‫وموضوع تسليح اجليش وزيارة املر الى روسيا‬ ‫ستكونان مادة للحوار في القصر اجلمهوري‪ ،‬حول‬ ‫االستراتيجية الدفاعية وهل يتطابق هذا السالح‬ ‫معها‪ ،‬ام انه لالستخدام الداخلي فقط‪.‬‬ ‫إال أن البارز في زيارة وزير الدفاع‪ ،‬هو االستقبال‬ ‫الكبير الذي لقيه‪ ،‬والتكرمي الذي حظي به‬ ‫والسخاء الذي قوبل به لتسليح اجليش‪ ،‬وقد‬ ‫فسره بعض املراقبني أنه رد روسي على تردد‬ ‫أميركا بتزويد اجليش باالسلحة املتطورة‪ ،‬وهو‬ ‫دخول موسكو على الوضع اللبناني خصوصاً‪،‬‬ ‫واملنطقة عموماً‪ ،‬وهو ما أقلق إسرائيل التي‬ ‫فاجأها املوقف الروسي‪ ،‬الذي ال يتوانى عن دعم‬ ‫إيران للتزود بالوقود النووي‪ ،‬وعن تسرب السالح‬ ‫الروسي الى املقاومة‪ ،‬وعن مد سوريا بشبكة‬ ‫صواريخ “ارض ـ جو” وحتديث سالحها‪.‬‬ ‫والتطور الذي طرأ على ذهاب املر الى روسيا‬ ‫للتزود بالسالح‪ ،‬هو “النقزة” التي أصابت واشنطن‬ ‫منها‪ ،‬فطلب وزير الدفاع األميركي روبرت غيتس‬ ‫لقاء نظيره اللبناني‪ ،‬لالطالع منه عن املدى الذي‬ ‫سيذهب به لبنان‪ ،‬باجتاه روسيا‪ ،‬مع عودة احلديث‬ ‫عن “حرب باردة جديدة”‪ ،‬مع التمدد الروسي في‬ ‫أكثر من منطقة في العالم‪ ،‬وأهمها الشرق‬ ‫االوسط‪ ،‬الذي تعتبره أميركا ملعبها‪ ،‬وهي متنع‬ ‫حليفتها أوروبا ان تكون فيه‪ ،‬و وصل الوجود‬ ‫الروسي الى أميركا الالتينية‪ ،‬وهي احلديقة‬ ‫اخللفية للواليات املتحدة‪ ،‬التي أقامت روسيا مع‬ ‫دولها معاهدات عسكرية‪ ،‬قد تكون ردا ً على نشر‬ ‫الدرع الصاروخية في بولندا ودول أوروبية على‬ ‫احلدود مع روسيا‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫توقيع املوافقة على طلب حاجات لبنان العسكرية‬

‫‪39‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر‬ ‫التوحيد‬


‫مقال‬

‫الدفاع عن الحق أولى‬ ‫يا غبطة البطريرك‬ ‫يذكرنا كالم البطريرك املاروني الذي جاء‬ ‫في عظة األحد املاضي بتصريحات املونسنيور‬ ‫فاخوري في مطلع األربعينيات‪ ،‬عندما صرح بأنه‬ ‫“كم كانت احلرية جميلة حتت االنتداب الفرنسي”‬ ‫التي أعلن فيها‪ ،‬ذلك املفترض به أن يكون رجل‬ ‫دين يهتم بشؤون رعيته الروحية‪ ،‬أن “إسرائيل‬ ‫هي امللجأ الوحيد”‪ ،‬ذلك الكالم يومها كان‬ ‫موجها َ ضد كل توجه وحدوي وكان يدعم ذلك‬ ‫االستعداء بعض رجال االكليروس الذين يتدخلون‬ ‫في الشؤون السياسية‪.‬‬ ‫السؤال املطروح بقوة هذه األيام‪ :‬ملاذا صبر‬ ‫غبطة البطريرك على املطالبة بإعادة النظر في‬ ‫بعض األحكام في “زمن االحتالل” الى يومنا هذا‪،‬‬ ‫وملاذا تزامنت خطبته مباشرة بعد عودة اجلنرال‬ ‫ميشال عون من زيارته التاريخية الى مسقط‬ ‫رأس مؤسس الطائفة املارونية وإقامة القداس‬ ‫األول بجانب قبره في بلدة براد؟ أألن اجلماهير‬ ‫التي استقبلته بحفاوة بالغة على مدى أيام‬ ‫الزيارة تلك قد بايعته جنراال َ على أنطاكية‬ ‫وسائر املشرق‪ ،‬بعدما تخلى بطريرك الطائفة‬ ‫عن شمولية سلطته الكنسية وحصرها في‬ ‫إطارها الكسرواني الضيق وبات ال يرى من أبناء‬ ‫مدعي زعامتها وعلى رأسهم من‬ ‫الطائفة إال ّ‬ ‫ساهم بتهجير املسيحيني من مجمل املناطق‬ ‫اللبنانية خدمة لطموحاته التقسيمية؟ وهل‬ ‫بات البطريرك مقتنعا ً بأن سمير جعجع قد‬ ‫صدرت بحقه أحكام جائرة وظاملة وان القضاء‬ ‫اللبناني لم يكن نزيها ً في أحكامه؟‪...‬‬ ‫لقد أعاد غبطة البطريرك املاروني بعظته‬ ‫تلك الزمن الى عهد االنتداب الفرنسي الذي‬ ‫قسم بالدنا الى دويالت مزيفة كان من مفاعيلها‬ ‫ّ‬ ‫سلخ جبل لبنان عن محيطه الطبيعي وإعالنه‬ ‫دولة ترتكز على مجموعة طوائف‪ ،‬وكل طائفة‬ ‫دولة في فدرالية تسمى اليوم العيش املشترك‬ ‫وأكذوبة لبنان الكبير‪.‬‬ ‫نقول لغبطة البطريرك إن االنعزال الطائفي‬ ‫والروحي هو مروق على القضية القومية وتنكر‬ ‫حلقيقة أن املوارنة هم سريان سوريون‪ ،‬هذه‬ ‫احلقيقة التي لم يتمكن “من أعطي مجد لبنان‬ ‫له” أن يثبت عكسها أبدا ً رغم كل الشحن‬ ‫االنعزالي على مدى عقود من الزمن ورغم‬

‫االنغماس في تغريب أبناء الطائفة أو بعضهم‬ ‫في مفاهيم مزيفة أصبحت اليوم تنضح أكثر‬ ‫فأكثر بأكاذيب صهيونية مدعومة بأموال اإلدارة‬ ‫األميركية إلحالل الصهيونية املسيحية محل‬ ‫املسيحية املشرقية التي بدت طالئعها جلية في‬ ‫عيون من زاروا مهد الطائفة املارونية في سوريا‪.‬‬ ‫إن االنفصال الروحي والقومي الذي يسعى‬ ‫بطريرك املوارنة الى تكريسه بني سوريا ولبنان‬ ‫ليس بجديد‪ ،‬فقد سبقه املطران مبارك الذي‬ ‫لقب “مبطران اليهود” في ما مضى الى‪ ،‬بإعالنه‬ ‫مع مجموعة من رجال االكليروس ترحيبهم بقيام‬ ‫“الدولة اليهودية” الى جانب “الدولة املسيحية”‪،‬‬ ‫وما زال هذا احللم الزائف يراود مخيلة املتهودين‬ ‫من رجال االكليروس حتى تاريخه‪.‬‬ ‫نقول لغبطة البطريرك املاروني‪ :‬إما أن ترتدي‬ ‫رداء مدنيا ً وتتكلم بالسياسة‪ ،‬فذلك أفضل من‬ ‫أن ترتدي رداء كهنوتيا ً رسوليا ً وتتكلم بغير ما‬ ‫تسمح به رسالة التسامح واحملبة التي نادى بها‬ ‫السيد املسيح وسار على خطاه من أتى بعده من‬ ‫القديسني كمار مارون املتحدر من سوريا ومطلق‬ ‫دعوته من أعالي العاصي الى شمالي لبنان وباقي‬ ‫البقاع اللبنانية‪ ،‬والذي تريد غبطتكم أن تأسره‬ ‫في كسروان وبعض بالد جبيل وتسعى الى لبننته‬ ‫ووضعه في قمقم وإقفاله‪.‬‬ ‫ألم يعد في لبنان من مشاكل اجتماعية يجب‬ ‫حلها‪ ،‬حتى يطلع علينا غبطته باملطالبة بإعادة‬ ‫النظر باألحكام في “زمن االحتالل”‪ ،‬وهل وجود‬ ‫سوريا في لبنان بطلب من الغالبية اللبنانية‬ ‫منعا ً للتقسيم والتفتيت واحملافظة على االقليات‬ ‫الدينية وخاصة املسيحيني بالدرجة األولى كان‬ ‫احتالالً؟‬ ‫وكيف يصف اجتياح اسرائيل للبنان وتدميرها‬ ‫ملقومات وجوده وقتل آالف األبرياء على مدى عقود‬ ‫من الزمن والسعي لتقويض استقراره وإقامة‬ ‫الدويالت الطائفية؟‬ ‫ّ‬ ‫نذكر البطريرك املاروني بأن جنود االحتالل‬ ‫يستحمون عراة على قارعة‬ ‫اليهودي كانوا‬ ‫ّ‬ ‫الطريق وفي وضح النهار‪ ،‬بينما كان اجليش‬ ‫السوري يعمل جاهدا وتستشهد عناصره على‬ ‫عدة محاور لإلبقاء على استقالل لبنان ومنع‬ ‫تقسيمه وتهجير أبنائه‪ ،‬وهل سها عن بال‬

‫‪41‬‬

‫غبطته أن ما أوحى به في عظته وطالب بإعادة‬ ‫النظر في األحكام التي صدرت بحقه هو الذي‬ ‫كان وراء تهجير املسيحيني من اجلبل ومن أكثر‬ ‫املناطق اللبنانية وجعل من الفرز الطائفي همه‬ ‫األول لتحقيق مشروعه التقسيمي تبريرا ً لوجود‬ ‫دولة االغتصاب الصهيوني التي يأمتر بأوامرها‬ ‫والتي تدرب على أيدي مخابراتها هو وكل عناصر‬ ‫قواته اجملرمة‪.‬‬ ‫وهل فرغت جعبة البطريرك من املواضيع‬ ‫الهامة التي تعنى بشؤون املواطنني من أمور‬ ‫معيشية وأمنية أو االهتمام بشؤون طائفته‬ ‫وخاصة الشباب منهم والعمل على مساعدتهم‬ ‫لتالفي الهجرة القاتلة وإيجاد ما يلزم لإلبقاء على‬ ‫وجودهم وجتذرهم في تربة الوطن‪ ،‬مع العلم بأن‬ ‫إمكانات الكنيسة كافية إلقامة مشاريع منتجة‬ ‫وتقدمي حوافز في شتى احلقول وخاصة السكنية‬ ‫للوصول الى املبتغى املنشود‪.‬‬ ‫نسأل غبطة البطريرك‪ :‬ملاذا كلما هدأت‬ ‫الصيحات الظاملة بحق دولة شقيقة تعود من‬ ‫خالل “عظاتك” الى تسعيرها من جديد؟‬ ‫لقد كان األولى بكم أن تذكروا تلك “األحكام‬ ‫الظاملة” وبحق من صدرت وألية أسباب موجبة‬ ‫كانت‪ ،‬ومن هم احملكومون ظلما ً حتى يطلع الرأي‬ ‫العام على حياديتكم ونزاهتكم!!‬ ‫ألم يسترع انتباهكم أن في السجن أربعة‬ ‫ضباط أوقفوا ظلما ً دون أية تهمة مثبتة حتى‬ ‫تاريخه وهم من خيرة الضباط اللبنانيني؟ أال‬ ‫يقضي الواجب واحلق أن تذكرهم ولو ملرة واحدة‬ ‫في بياناتك التي تطلقها كل يوم أحد مملوءة‬ ‫بالسياسة والكالم الذي ال يساعد على بلسمة‬ ‫اجلراح والتطلع الى الغد األفضل!!‬ ‫ثمة أمور كثيرة كنا نود التحدث عنها ّ‬ ‫عل‬ ‫ضمير من و ّلي على كرسي أنطاكية وسائر املشرق‬ ‫يستفيق ولو للحظة واحدة ويأتي على ذكرها ولو‬ ‫من باب العلم بالشيء‪ ،‬نذكر واحدة منها حصلت‬ ‫مدعي احلرص على‬ ‫أخيرا ً على مرأى ومسمع كل ّ‬ ‫سالمة األحكام أال وهي مجزرة حلبا املروعة التي‬ ‫لم يأت غبطته على ذكرها ولو من باب الوصية‬ ‫القائلة “ال تقتل”‪ ،‬وال عجب إذا كان ال يذكر كيف‬ ‫قتل داني شمعون وعائلته وقبلها طوني فرجنية‬ ‫وزوجته وابنته أيضا ً واملونسنيور خريش وكثر‬ ‫من الشهداء الذين لطخت دماؤهم يدي سمير‬ ‫جعجع وزمرته اجملرمة التي وصمت مدعي حماية‬ ‫املسيحيني من رجال االكليروس ومرجعيتهم‬ ‫الدينية بالعار الذي لن ميحوه كالم باطل يقال من‬ ‫منابر كان األجدر بها أن تكون منابر بشارة برسالة‬ ‫الناصري ال لشريعة العني بالعني والسن بالسن‬

‫ ‬

‫واآلتي أعظم‪.‬‬

‫شبلي بدر‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫جنبالط قلق من خسارة نتائج االنتخابات النيابية‬ ‫ظهور تيارات سياسية وتوزير وهاب دق له ناقوس الخطر‬ ‫لم يعد النائب وليد جنبالط يخشى من‬ ‫“االغتيال اجلسدي”‪ ،‬وإن كان هذا القدر يضعه‬ ‫في إطار املوروث العائلي‪ ،‬من اغتيال علي‬ ‫جنبالط‪ ،‬إلى جده فؤاد ووالده كمال‪ ،‬ويسكنه‬ ‫هو أيضاً‪ ،‬وهو ما يردده في مجالسه‪ ،‬إال أن‬ ‫ما يقلقه هو “االغتيال السياسي”‪ ،‬وهذا ما‬ ‫أعلنه أخيرا ً في تصريحاته الصحافية‪ ،‬وما‬ ‫أكده في اجلمعية العمومية حلزبه التقدمي‬ ‫االشتراكي في بعقلني عندما أشار في كلمته‬ ‫إلى أن نتائج االنتخابات النيابية املقبلة‪،‬‬ ‫هي مبثابة “حياة أو موت” لقوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬وهي‬ ‫بالنسبة إليه تتعلق بوجوده السياسي‪،‬‬ ‫وبزعامة آل جنبالط السياسية‪ ،‬التي متتد إلى‬ ‫حوالى أربعمئة سنة‪ .‬وأكثر ما يقلق الزعيم‬ ‫اجلنبالطي هو العودة السورية إلى لبنان من‬ ‫خالل ما ستسفر عنه االنتخابات النيابية‪ ،‬إذ‬ ‫أعلن صراحة أن جناح املعارضة سيقضي على‬ ‫“احلركة االستقاللية”‪ ،‬وستكون نهاية “ثورة‬ ‫األرز” التي كانت صناعة أميركية‪ ،‬سينتهي‬ ‫مفعولها مع رحيل الرئيس جورج بوش وإدارته‬ ‫عن البيت األبيض‪ ،‬وهو ما عاد به جنبالط من‬ ‫نتيجة بعد زيارته إلى واشنطن‪.‬‬ ‫فحالة العداء التي ذهب فيها رئيس احلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي جتاه سوريا‪ ،‬وبقاء نظامها‬ ‫حيا ً سياسياً‪ ،‬وعودة تطبيع العالقات معه‬ ‫دولياً‪ ،‬وفشل رهانه على تغييره‪ ،‬ثم استعادة‬ ‫العالقات مع الدولة اللبنانية‪ ،‬كل ذلك دفع‬ ‫بجنبالط إلى اخلوف من اغتياله سياسياً‪ ،‬وأن‬ ‫يتقدم خصومه السياسيون في املعارضة‬ ‫حلصد مقاعد نيابية‪ ،‬وهذا ما يشغله في هذه‬ ‫املرحلة‪ ،‬مستذكرا ً أن السوريني كانوا يقدمون‬ ‫له االنتخابات عبر قانون يرضيه‪ ،‬فيفوز بكتلة‬ ‫نيابية تؤمن له حجز مقاعد وزارية في احلكومة‪،‬‬ ‫وبعد خروج السوريني من لبنان‪ ،‬ذهب إلى حزب‬ ‫اهلل وحركة أمل‪ ،‬ليفوز باملقاعد في عاليه ـ‬ ‫أمن له‬ ‫بعبدا وفي البقاع الغربي ـ راشيا‪ ،‬وقد ّ‬ ‫التحالف الرباعي ‪ 17‬مقعدا ً في مجلس النواب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يحظ به والده كمال جنبالط في‬ ‫وهو عدد لم‬ ‫عزه السياسي والوطني‪.‬‬ ‫فلدى جنبالط جتربة في محاولة اغتياله‬ ‫سياسياً‪ ،‬بعد التمديد للرئيس إميل حلود‬ ‫ثالث سنوات في رئاسة اجلمهورية‪ ،‬وقد وقف‬ ‫ضده‪ ،‬وحرض الرئيس رفيق احلريري أال يغطي‬ ‫العهد بتشكيل احلكومة‪ ،‬في شبه مقاطعة‬ ‫له‪ ،‬وحاول الطرفان استدراج الرئيس نبيه بري‬ ‫لكنهما فشال‪ ،‬فكان الرد عليهما بتكليف‬ ‫الرئيس عمر كرامي تشكيل احلكومة التي‬ ‫شارك فيها ممثلون عن الدروز عبر كل من‪:‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫جنبالط‬ ‫النائب وليد‬ ‫(احلزب الدميوقراطي اللبناني)‪،‬‬ ‫أرسالن‬ ‫طالل‬ ‫محمود عبد اخلالق (احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي)‪ ،‬وئام وهاب (تيار التوحيد اللبناني)‪،‬‬ ‫وقد شكل تعيني هؤالء وزراء‪ ،‬نكسة كبيرة‬ ‫جلنبالط‪ ،‬ال سيما توزير وهاب الذي رأى فيه‬ ‫محاولة لكسر الهيمنة اجلنبالطية على‬ ‫القرار الدرزي‪ ،‬ثم دخوله طرفا ً ثالثا ً خارج‬ ‫الثنائية الدرزية (اجلنبالطية ـ األرسالنية)‪،‬‬ ‫كما أن وصول قومي درزي إلى املقعد احلكومي‪،‬‬ ‫م ّثل خرقا ً أيضا ً ملا هو مألوف‪ ،‬وهو ما سيفتح‬ ‫الباب ملشاركة درزية من خارج التقليد الدرزي‪،‬‬ ‫ويقدم منوذجا ً جديداً‪ ،‬وقد حصلت سوابق في‬ ‫توزير عصام نعمان وقبله سامي يونس‪ ،‬وعادل‬ ‫حمية وحسن مشرفية وفؤاد النجار وأنور‬ ‫اخلليل واللواء محمود طي أبو ضرغم‪ ،‬وقد‬ ‫قوبل توزيرهم برفض جنبالطي ـ أرسالني‪ ،‬أو‬ ‫عدم رضى عن وصولهم‪.‬‬ ‫فاالغتيال السياسي الذي حتدث عنه جنبالط‪،‬‬ ‫يقصد به حتجيم كتلته النيابية‪ ،‬حيث توقعت‬ ‫مصادر خبراء االنتخابات ومكاتب اإلحصاء‪ ،‬أن‬ ‫يفقد أربعة مقاعد درزية أو ثالثة في عاليه‬ ‫وبعبدا وراشيا والبقاع الغربي‪ ،‬ومقعد حاصبيا‬ ‫مرجعيون الذي يشغله النائب أنور اخلليل‪ ،‬وهو‬ ‫غير محسوب من كتلته بل من كتلة التنمية‬ ‫والتحرير التي يرأسها الرئيس نبيه بري‪.‬‬ ‫ولن تكون خسارته درزية فقط‪ ،‬بل مسيحية‬ ‫أيضاً‪ ،‬إذ هو سيفقد ثالثة نواب مسيحيني في‬

‫‪42‬‬

‫دائرة بعبدا‪ ،‬إضافة إلى نائب مسيحي في‬ ‫عاليه‪ ،‬وس ُيفرض عليه نواب مسيحيون في‬ ‫الشوف لن يكونوا من كتلته النيابية‪ ،‬حتى‬ ‫لو كانوا من كتلة حليفه‪ ،‬كالنائب السابق‬ ‫غطاس خوري الذي سيترشح في الشوف‪،‬‬ ‫والنائب عن “القوات اللبنانية” جورج عدوان‪،‬‬ ‫إضافة إلى دوري شمعون‪ .‬ولن يكون النائب‬ ‫باسم السبع في كتلته النيابية عن املقعد‬ ‫الشيعي في بعبدا‪ ،‬حيث يرجح أن يكون‬ ‫للمعارضة‪.‬‬ ‫وستكون كتلة جنبالط الفعلية‪ ،‬بني سبعة‬ ‫أو عشرة نواب‪ ،‬وسيخسر حوالى نصف ما هي‬ ‫عليه اآلن‪ ،‬وفي املقابل قد تقوم كتلة نيابية‬ ‫درزية معارضة تضم طالل أرسالن‪ ،‬فيصل‬ ‫الداوود‪ ،‬وئام وهاب‪ ،‬أنور اخلليل‪ ،‬وهذه الكتلة‬ ‫محكومة مبا ستقرره املعارضة جلهة املرشحني‬ ‫والدوائر التي سيترشحون عنها‪.‬‬ ‫ووصول كتلة نيابية درزية معارضة‪ ،‬سيحرر‬ ‫القرار الدرزي من سيطرة جنبالط على املقاعد‬ ‫الدرزية‪ ،‬ويفتح الطريق إلعادة البحث في‬ ‫قانون مشيخة العقل للطائفة الدرزية‪ ،‬حيث‬ ‫استفاد جنبالط من عدم وجود معارضة درزية‬ ‫في مجلس النواب‪ ،‬فمرره حتت عنوان “اإلجماع‬ ‫الدرزي النيابي” عليه‪ ،‬وأدى ذلك إلى وجود‬ ‫شيخي عقل‪ ،‬واحد بالقانون الشيخ نعيم‬ ‫حسن‪ ،‬وآخر باألمر الواقع هو الشيخ نصر‬ ‫الدين الغريب الذي سماه “لقاء خلدة”‪ ،‬بحضور‬


‫كل القوى السياسية واحلزبية والفعاليات‬ ‫ورجال الدين املناوئني جلنبالط‪.‬‬ ‫وال يقف املوضوع عند هذا احلد‪ ،‬فجنبالط‬ ‫الذي اعترف بهزميته العسكرية في ‪ 7‬أيار‬ ‫املاضي إثر حوادث بيروت واجلبل بني املعارضة من‬ ‫جهة وأطراف احلكومة الال شرعية من جهة‬ ‫ثانية‪ ،‬وسلم بالهزمية السياسية في انتخاب‬ ‫املرشح التوافقي العماد ميشال سليمان‪،‬‬ ‫ثم في تشكيل حكومة وحدة وطنية نالت‬ ‫املعارضة فيها الثلث الضامن‪ ،‬فهو يخشى مع‬ ‫انكسار املشروع األميركي في لبنان واملنطقة‪،‬‬ ‫أن حتصل املعارضة على األغلبية النيابية‪،‬‬ ‫حيث تشير اإلحصاءات إلى أنها ستفوز بها‬ ‫بحوالى ‪ 70‬مقعداً‪ ،‬ما يعني إمساكها بالقرار‬ ‫في احلكومة من رئيسها إلى األكثرية فيها‪،‬‬ ‫وسيعني ذلك جناح سوريا في وصول حلفائها‪،‬‬ ‫وأن االنتقام السياسي سيكون أوال ً من‬ ‫جنبالط على حساب توزيره في احلكومة‪ ،‬التي‬ ‫قد ال يدخلها ويبقى معارضا ً لها‪ ،‬وسينعكس‬ ‫ذلك عليه في التعيينات اإلدارية والتشكيالت‬ ‫العسكرية وفي اخلدمات‪ ،‬وهذا كله يفقده‬ ‫من رصيده السياسي وحضوره الشعبي‪ ،‬وهو‬ ‫بهذا املعنى يعتبر نفسه معرضا ً لالغتيال‬ ‫السياسي‪ ،‬أي لوجود الزعامة اجلنبالطية‪،‬‬ ‫التي استمدت قوتها من خالل مؤسسات‬ ‫الدولة‪ ،‬وما كانت تقدمه حملازبيها وأنصارها‪،‬‬ ‫فاستفاد كمال جنبالط من العهد الشهابي‬ ‫إلى أقصى احلدود‪ ،‬ثم من عهد الرئيس‬ ‫شارل حلو‪ ،‬وبعده الرئيس سليمان فرجنية‪،‬‬ ‫وعندما بدأ املعسكر االشتراكي يظهر في‬ ‫املنطقة‪ ،‬تقرب منه‪ ،‬وتلقى دعما ً كبيرا ً من‬ ‫املنح التربوية والتعليمية والصحية واملالية‪،‬‬ ‫إضافة إلى السالح‪ ،‬ووقف إلى جانب املقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فأمنت له غطا ًء إسالميا ً وعربيا ً‬ ‫ودعما ً معنويا ً ومادياً‪ ،‬فبات الناطق باسم‬ ‫املسلمني في لبنان‪ ،‬يسمي رئيس احلكومة‬ ‫منهم‪ ،‬وميتحن رئيس اجلمهورية‪ ،‬وهو ما ورثه‬ ‫منه ابنه وليد بعد اغتياله‪ ،‬إذ احتضنته سوريا‬ ‫ووفرت له كل الدعم‪ ،‬ال سيما في حرب اجلبل‬ ‫أثناء االحتالل اإلسرائيلي ودخوله مع عمالئه‬ ‫من “القوات اللبنانية” إليه‪ ،‬وفرضته رقما ً‬ ‫وأمنت له كل‬ ‫صعبا ً في املعادلة الداخلية‪ّ ،‬‬ ‫قوانني االنتخاب التي توفر له الفوز‪ ،‬وكذلك‬ ‫وزارة املهجرين ووزارات أخرى كانت خزان املال‬ ‫السياسي واخلدمات له‪.‬‬ ‫فإذا ما انعدمت كل هذه املؤثرات واحلوافز‪،‬‬ ‫فإن جنبالط سيفقد ليس فقط اخلدمات‬ ‫بل املوقع السياسي‪ ،‬وال يعود فاعالً‪ ،‬ويتقدم‬ ‫معارضوه وينمو حضورهم‪ ،‬ال سيما من هم‬ ‫خارج الزعامتني التقليديتني‪ ،‬اجلنبالطية‬ ‫واألرسالنية‪ ،‬وفي مقدمهم “تيار التوحيد‬ ‫اللبناني” ورئيسه وئام وهاب‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫لماذا الربط بين وقوع اغتياالت واالنتخابات‬

‫وبدء أعمال المحكمة الدولية‬

‫الوزير سليمان فرجنية‬

‫ارتفعت في الفترة األخيرة تصريحات‬ ‫سياسيني من قوى املواالة واملعارضة‪،‬‬ ‫تتحدث عن اغتياالت قد حتصل‪ ،‬للتأثير‬ ‫على االنتخابات النيابية‪ ،‬وكان أول املبشرين‬ ‫بها رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات‬ ‫اللبنانية” سمير جعجع‪ ،‬الذي كان دائم‬ ‫التنبؤ بذلك‪ ،‬وحتصل عمليات اغتيال‪ ،‬كما‬ ‫في جرمية اغتيال النائب والوزير بيار اجلميل‪،‬‬ ‫حيث لفت األنظار تصريحه في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫وصحت توقعاته في املسائل األمنية‪ ،‬وفشل‬ ‫في القضايا السياسية‪ ،‬جلهة إخراج الرئيس‬ ‫السابق إميل حلود من القصر اجلمهوري في‬ ‫آذار عام ‪ ،2006‬وحدد موعد أسبوعني له‪ ،‬ثم‬ ‫في إشارته إلى عدم متكن املعارضة من منع‬ ‫حصول انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف‬ ‫زائدا ً واحداً‪ ،‬أو وصول مرشح توافقي كالعماد‬ ‫ميشال سليمان‪ ،‬أو حتقيق املعارضة شروطها‬ ‫وأهدافها السياسية في تشكيل حكومة‬ ‫وحدة وطنية لها فيها الثلث الضامن‪ ،‬أو‬ ‫عدم متكنها من قطع طريق املطار‪ ،‬وقد هدد‬ ‫جعجع بأنه “يفتحها ويفتح أبوها أيضاً”‪.‬‬ ‫فكالم جعجع من أن املعارضة قد تلجأ إلى‬ ‫االغتياالت ألنها ستخسر في االنتخابات‪ ،‬ال‬ ‫سيما في الدوائر ذات الكثافة املسيحية‪،‬‬

‫‪43‬‬

‫يشير إلى أنه قد يحصل ذلك ضد شخصيات‬ ‫بارزة في املعارضة‪ ،‬ولكن من جهات تريد منع‬ ‫حصول االنتخابات إذا كانت ستنقل لبنان‬ ‫من موقع سياسي إلى آخر‪ ،‬وهذا ما أعلنه‬ ‫رئيس “تيار املردة” الوزير السابق سليمان‬ ‫فرجنية‪ ،‬عندما رد على ما يحكى عن إمكانية‬ ‫وقوع اغتياالت‪ ،‬ال سيما من رئيس “القوات‬ ‫اللبنانية”‪ ،‬فأشار في تقديره السياسي‪ ،‬دون‬ ‫أن ميلك معلومات كما قال‪ ،‬إلى أنه إذا وقع‬ ‫اغتيال فقد يكون بحجم الذي أودى بالرئيس‬ ‫رفيق احلريري‪ ،‬أي زلزاال ً أمنيا ً وسياسيا ً كبيراً‪،‬‬ ‫تكون له انعكاساته الكبيرة على الواقع‬ ‫السياسي اللبناني‪ ،‬إذ إن استشهاد احلريري‬ ‫أدى إلى خروج القوات السورية من لبنان‪ ،‬وإلى‬ ‫استقالة احلكومة التي كان يترأسها عمر‬ ‫كرامي‪ ،‬وإلى إعالن الرئيس األميركي جورج‬ ‫بوش عن “قيام ثورة األرز” في لبنان إلحلاقه‬ ‫مبشروعه “للشرق األوسط اجلديد” وتعميم‬ ‫الدميوقراطية” كما حصل في أوكرانيا من‬ ‫خالل “الثورة البرتقالية”‪ ،‬وإلى وضع لبنان‬ ‫حتت الوصاية األميركية‪ ،‬وإلى استقدام جلنة‬ ‫حتقيق دولية مبقتل احلريري‪ ،‬وإلى استصدار‬ ‫قرارات عن مجلس األمن الدولي مبا يخص‬ ‫لبنان‪ ،‬فتم تدويل أزمته‪ ،‬وإلى إجراء انتخابات‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫نيابية مفروضة بقانون العام ‪2000‬‬ ‫املعروف “بقانون غازي كنعان”‪ ،‬واملرفوض‬ ‫من أغلبية اللبنانيني‪ ،‬وإلى افتعال قيام‬ ‫حتالف رباعي بني حركة “أمل” و”حزب‬ ‫اهلل” من جهة “وتيار املستقبل” واحلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي من جهة ثانية‪ ،‬حتت‬ ‫عنوان منع وقوع فتنة مذهبية بني السنة‬ ‫والشيعة‪ ،‬وكأن من اغتال احلريري قصد‬ ‫ذلك‪ ،‬وأظهرت الوقائع صحة هذا التخوف‪،‬‬ ‫بعد حديث امللك األردني عبد اهلل الثاني‪،‬‬ ‫عن “هالل شيعي”‪ ،‬ومواقف جاءت من‬ ‫القاهرة والرياض عن نفوذ إيراني ميتد من‬ ‫العراق إلى لبنان ويجتاح سوريا‪ ،‬وأن هناك‬ ‫محاوالت إيرانية “لتشييع” املشرق العربي‪،‬‬ ‫ووضعه حتت السيطرة “الفارسية”‬ ‫الستعادة االمبراطورية‪ ،‬وقد كان صداها‬ ‫في لبنان من خالل التصدي لـ”حزب‬ ‫اهلل” وحلفائه‪ ،‬حتت هذه العناوين‪ ،‬ولكن‬ ‫املقصود واحد وهو سالح املقاومة‪ ،‬وع ّبر‬ ‫عن ذلك بالتصريح واملمارسة كل الفريق‬ ‫احلاكم‪ ،‬وكان آخر ما استصدروه قرار إلغاء‬ ‫شبكة اتصاالت املقاومة ومت إسقاطه‪.‬‬ ‫وما قاله فرجنية يشير إلى أن أي اغتيال قد‬ ‫يحصل هو بهذا احلجم‪ ،‬ألن هناك في لبنان‬ ‫وبعض الدول العربية املسماة “معتدلة”‪،‬‬ ‫لم يسلموا بعد بأن ميزان القوى اللبناني‬ ‫الداخلي لم يعد ملصلحة قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬ال‬ ‫بل مال أكثر نحو املعارضة التي متكنت من‬ ‫أن تكون شريكة في احلكم وهي تسعى ألن‬ ‫تصبح أغلبية في االنتخابات النيابية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما ال ترغب بحصوله السعودية وحلفاء لها‪،‬‬ ‫حيث لم تهضم بعد ما حصل في ‪ 7‬أيار‬ ‫املاضي‪ ،‬من هزمية حللفائها‪ ،‬وتخشى أال يعود‬ ‫“تيار املستقبل” وحلفاؤه ميلكون األغلبية‪ ،‬وال‬ ‫يكون رئيس احلكومة منهم‪.‬‬ ‫حتت هذه العناوين‪ ،‬يضع رئيس “تيار املردة”‬ ‫وفق حتليله السياسي‪ ،‬وقراءته ملا جرى وقد‬ ‫يجري‪ ،‬احتمال جلوء أطراف خارجية مع قوى‬ ‫داخلية الى عمليات اغتيال‪ ،‬ألن التحقيق‬ ‫الدولي بجرمية مقتل احلريري أكد أن إسالميا ً‬ ‫أصوليا ً كان في السيارة التي انفجرت في‬ ‫املوكب‪ ،‬والتركيز يتم على من يقف وراءه‪،‬‬ ‫واجلهات التي أرسلته‪ ،‬وألي هدف‪ ،‬وأن التقرير‬ ‫األخير لرئيس جلنة التحقيق القاضي الكندي‬ ‫دانيال بلمار‪ ،‬لم يشر إلى أسماء‪ ،‬كما ذكر‬ ‫سابقاً‪ ،‬ولم يعلن اتهامات‪ ،‬بل ترك األمر‬ ‫للمحكمة الدولية مع بدء أعمالها في‬ ‫أول آذار املقبل‪ ،‬كما أعلن األمني العام لألمم‬ ‫املتحدة بان كي مون‪ ،‬وقد توقف املراقبون أمام‬ ‫هذا التاريخ الذي يسبق موعد االنتخابات‬ ‫النيابية بشهرين‪ ،‬حيث سربت قوى ‪14‬‬ ‫شباط معلومات‪ ،‬عن أن احملكمة ستتهم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الضباط األربعة املوقوفني وهم‪ :‬جميل‬ ‫السيد‪ ،‬علي احلاج‪ ،‬رميون عازار ومصطفى‬ ‫حمدان‪ ،‬وسيمثل أمامها ضباط سوريون‪،‬‬ ‫إضافة إلى شهود لبنانيني وسوريني‪ ،‬وأشارت‬ ‫أيضا ً إلى أن هناك ‪ 120‬شخصا ً من املعارضة‬ ‫س ُيستدعون إلى مقر احملكمة في الهاي‬ ‫لالستجواب‪ ،‬وقد ُم ّررت هذه املعلومات عبر‬ ‫بعض الصحف اللبنانية واخلليجية‪ ،‬كما‬ ‫جرت العادة منذ اغتيال احلريري‪ ،‬حيث نشرت‬ ‫جريدة “السياسة الكويتية” بعد حصول‬ ‫اجلرمية بأيام وبأسطر قليلة أسماء ضباط‬ ‫لبنانيني وسوريني متورطني في اجلرمية‪ ،‬قبل أن‬ ‫يبدأ أي حتقيق دولي‪ ،‬وبعكس ما انتهى إليه‬ ‫القضاء اللبناني من أن التفجير حصل فوق‬ ‫األرض وبسيارة فيها انتحاري‪ ،‬له صلة بقوى‬ ‫إسالمية أصولية‪ ،‬لكن لم يؤخذ بالتحقيق‬ ‫اللبناني بل أعطي ديتليف ميليس بعد‬ ‫تعيينه رئيسا ً للجنة التحقيق‪ ،‬رواية جريدة‬ ‫السياسة‪ ،‬وما كتبته جريدة “املستقبل”‪ ،‬وما‬ ‫ص ّرح به سياسيون من قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬بأن‬ ‫النظام األمني اللبناني ـ السوري املشترك‬ ‫هو من اغتال احلريري‪ ،‬فأمر ميليس بتوقيف‬ ‫الضباط األربعة‪ ،‬وحقق مع ضباط سوريني‬ ‫عملوا في جهاز االستخبارات أثناء وجودهم‬ ‫في لبنان‪ ،‬ومنهم اللواء رستم غزالي والعميد‬ ‫جامع جامع‪ ،‬وبينت تقارير جلنة التحقيق‬ ‫بعد إعفاء ميليس من رئاستها‪ ،‬أن ال وجود‬ ‫لقرار اتهامي بحق هؤالء‪ ،‬ألنه ال أدلة وقرائن‬ ‫تدينهم‪ ،‬بعد انكشاف أن الشهود ز ّوروا في‬ ‫إفاداتهم‪ ،‬ال سيما ما يسمى بـ”الشاهد‬ ‫امللك” محمد زهير الصديق‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫وعشية االنتخابات النيابية تنطلق احملكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬ويراهن عليها فريق ‪ 14‬شباط‪ ،‬بأنها‬ ‫ستربك املعارضة‪ ،‬التي تؤكد أن التحقيق‬ ‫الدولي قد ال يقدم للمحكمة معلومات‬ ‫جديدة‪ ،‬وقد ُم ّدد عمل اللجنة شهرين‬ ‫إضافيني مع مطلع العام وحتى بداية شهر‬ ‫آذار‪ ،‬مما يعني أنه خارج ما ذكر عن انتحاري‬ ‫نفذ العملية‪ ،‬ال معطيات ضد املوقوفني‬ ‫الضباط‪ ،‬وفق ما يؤكد محاموهم‪.‬‬ ‫ويحاول الفريق املوالي أن يربط االغتياالت‬ ‫أيضا ً ببدء عمل احملكمة لتعطيلها أو إرباكها‪،‬‬ ‫وهو عاد إلى احلديث عنهما‪ ،‬الستنهاض‬ ‫شعبيته‪ ،‬واستخدامهما في حتريكها‪ ،‬بعد‬ ‫الضمور الذي أصابها إثر أحداث أيار املاضي‬ ‫والهزمية التي أصابت أحزاب ‪ 14‬شباط من‬ ‫جراء سقوطها السريع أمام املعارضة‪ ،‬التي‬ ‫تؤكد أنه لم يعد يفيد هذا الفريق التلويح‬ ‫باالغتياالت أو احملكمة‪ ،‬ألن العالم يتغير لغير‬ ‫صاحلهم‪ ،‬وأن لبنان ‪ 2005‬غيره في العام ‪،2009‬‬ ‫وأن قول سعد احلريري إن االنتخابات ستجري‬ ‫لو كنت أنا الضحية‪ ،‬هو استجرار للعطف‬ ‫الشعبي‪ ،‬ولشد عصب تياره وأنصاره‪ ،‬وقد‬ ‫يفهم أن تستخدم في االنتخابات كل‬ ‫األسلحة السياسية واإلعالمية واملالية وقد‬ ‫أصبحت في املعركة‪ ،‬لكن لم تعد لعبة الدم‬ ‫تفيد أحداً‪ ،‬ال سيما أن اتفاق الدوحة أكد‬ ‫عدم استخدام العنف‪ ،‬وأن طرفي الصراع في‬ ‫لبنان‪ ،‬ذهبا إلى مصاحلات بعد أحداث أيار‪ ،‬ومت‬ ‫االتفاق على إجراء انتخابات هادئة‪ ،‬فلماذا إذا ً‬ ‫يتحدث جعجع عن االغتياالت؟‬

‫يوسف زين الدين‬


‫منبر التيار‬ ‫“تيار التوحيد اللبناني” تضامن مع الصحافي منتظر الزيدي في نقابة الصحافة‬

‫وهاب‪ :‬فعلها باسم أطفال لبنان وفلسطين والعراق‬ ‫أبو زينب‪ :‬عبر عن مشاعر األمة تجاه االحتاللين األميركي واإلسرائيلي‬ ‫عقد تيار التوحيد اللبناني لقاء تضامنيا ً مع الصحافي العراقي‬ ‫في تلفزيون “البغدادية” منتظر الزيدي‪ ،‬في دار نقابة الصحافة‪،‬‬ ‫شارك فيه رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‪ ،‬وعضو‬ ‫املكتب السياسي في “حزب اهلل” احلاج غالب أبو زينب بحضور عدد‬ ‫من ممثلي األحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية ووفد من هيئة‬ ‫العمل التوحيدي وأعضاء التيار ومناصريه‪.‬‬ ‫بدأ اللقاء بالنشيد الوطني‪ ،‬ثم ألقيت كلمات عدة نددت‬ ‫وشجبت اعتقال الصحافي العراقي منتظر الزيدي مطالبة اإلفراج‬ ‫عنه‪ .‬ومنها كلمة ممثل نقابة الصحافة االستاذ فؤاد احلركة التي‬ ‫أشار فيها إلى “أن العمل الذي قام به الزميل العراقي منتظر‬ ‫الزيدي‪ ،‬بقذفه حذاءه في وجه الرئيس جوج بوش يعتبر أكبر رد‬ ‫للتشفي واالنتقام من املمارسات الشاذة التي ارتكبتها قوات‬ ‫االحتالل األميركي في العراق من نهب خليراته ومحاكمتها بطريقة‬ ‫غير إنسانية وفي صبيحة أول أيام عيد األضحى املبارك للرئيس‬ ‫صدام حسني‪ ،‬إضافة الى اإلهانات التي كانت تلحقها بكل عربي‬ ‫مخلص”‪ ،‬مشيرا ً الى أن حذاء الزيدي وطريقة رميه بوجه بوش‬ ‫يدالن بوضوح على رفضه وإدانته واستنكاره لكل أعمال العنف‬ ‫والقهر التي مارستها ومتارسها القوات األميركية في العراق‪.‬‬ ‫وناشد احلركة باسم نقابة الصحافة‪ ،‬الدول العربية وهيئات‬ ‫حقوق اإلنسان “العمل ملنع إيذاء هذا البطل الذي سجل في تاريخ‬ ‫العراق والعرب أعظم موقف ضد أكبر الدول في العالم”‪ ،‬مطالبا ً‬ ‫حكومة العراق باإلفراج عنه‪.‬‬ ‫كما ألقى الوزير وهاب كلمة قال فيها‪“ :‬فعلها منتظر الزيدي‪،‬‬ ‫باسم كل الشرفاء في هذه األمة‪ ،‬باسمنا جميعاً‪ ،‬باسم هدى‬ ‫غالية التي كانت تنتحب على رمال غزة على عائلتها‪ ،‬باسم‬ ‫محمد الدرة‪ ،‬باسم أطفال قانا‪ ،‬باسم كل املقهورين في الوطن العربي‪ ،‬من‬ ‫أمهات ثكالى‪ ،‬وأطفال أيتام‪ ،‬نعم فعلها باسم كل الشرفاء الذين قاتلوا‬ ‫العدو االسرائيلي وهزموه في حرب متوز‪ ،‬باسمنا جميعاً‪ ،‬لكن أصاب بحذائه‬ ‫كل العرب املتخاذلني أمام جورج بوش‪ ،‬الذين يحاصرون غزة اليوم ويجوعون‬ ‫ويساهمون في قتل أطفالها”‪ .‬ودعا احلكومة العراقية إلى إطالق سراح هذا‬ ‫“الصحافي الشريف”‪ ،‬وقال‪“ :‬لتتخذ هذه احلكومة هذا املوقف وتظهر أنها‬ ‫ليست أداة بيد االحتالل‪ ،‬بل هي تنفذ رغبات شعبها”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬لنرفع الصوت من بيروت عاليا ً ونقول ان شرف االمة اليوم له عالقة‬ ‫بهذا الرجل‪ ،‬كل العرب الشرفاء ينظرون الى مصير هذا الرجل”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬تضامننا اليوم مع رجل فعل فعلة كبيرة نعم فعل فعلة‬ ‫كبيرة‪ ،‬كنا نتمنى احملاكمة جلورج بوش ورمبا بعضنا متنى موته‪ ،‬لكن ما فعله‬ ‫هذا الرجل أهم من موته وأهم من احملاكمة”‪.‬‬ ‫من جهته قال أبو زينب‪“ :‬أيها الشرفاء من لبنان على امتداد العالم العربي‬ ‫واإلسالمي إلى كل العالم‪ ،‬منتظر الزيدي اختصر في حلظات مشهدا ً كرميا ً‬ ‫كان ميتد منذ اللحظة األولى التي وطأ فيها االحتالل األميركي‪ ،‬بقرار من اجملرم‬ ‫جورج بوش‪ ،‬أرض العراق‪ .‬غسل منتظر الزيدي املشهد في صورة أبلغ من كل‬ ‫الكالم‪ ،‬غسله في فعل قام به وهو مقتنع كل االقتناع ومدرك كل اإلدراك‬ ‫ما يقوم به‪ ،‬وأبعد كأس الذل عن العراق وعن كل أولئك الذين يرفضون بكل‬ ‫األشكال أن يكون هناك احتالل‪.‬‬ ‫حلظة ارتسام الصورة كان هناك قول واحد للمحتل انه ال يتم التعامل‬ ‫معك إال باحلذاء‪ ،‬وان هذه الشعوب التي غلبت على أمرها باالحتالل وابتليت‬

‫بقيادات سكتت عن هذا االحتالل وتواطأت معه وشعوب قد أظهرت املمانعة‬ ‫بالوقوف الى جانب الشعب العراقي‪ ،‬في نضاله املستمر ضد هذا االحتالل‪،‬‬ ‫جاء الزيدي ليعلن أن خامتة هذا االحتالل قد بدأت وان رأس هذا االحتالل‬ ‫س ُيسحق باحلذاء”‪.‬‬ ‫واعتبر أبو زينب أن هذه الضربة أتت لتعبر عن كل مشاعر األمة جتاه هذا‬ ‫“الكريه جورج بوش واحتالله في العراق‪ ،‬عسى أن يستفيقوا ويدركوا ان هذه‬ ‫الشعوب العربية ال ميكن أن تبيع فلسطني أو العراق وال أي بقعة من هذه‬ ‫البقاع وأن عرب فلسطني ‪ 48‬ليسوا للترحيل وال العراق للتقسيم وال أي بلد‬ ‫عربي مستعد ألن يكون راضخا ً لالحتالل‪ .‬لقد قال باسم كل الشعوب‪“ :‬ال‬ ‫لالحتالل”‪.‬‬ ‫كما كانت كلمة لهيئة العمل التوحيدي ألقاها الشيخ راتب نصر اهلل‬ ‫أبو ذياب‪ ،‬طالب فيها باإلفراج عن الزيدي ورفع الصوت عاليا ً حتى حتقيق ذلك‪،‬‬ ‫شاكرا ً الزيدي على وقوفه الشجاع بوجه اجملرم الكبير العاملي بحق االنسانية‬ ‫والعروبة واإلسالم‪ ،‬بوجه الرئيس اخمللوع إنسانيا ً واملهزوم خلقيا ً امليت مع‬ ‫األموات تاريخيا ً ال رحمة اهلل عليه‪ ،‬وعجل باالنتقام منه‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن أول انتقام منه كان هذا احلذاء املوجه الى جبهته بيد ح ّر‬ ‫عربي بطل ليكون عبرة لكل ظالم مستبد ومستعمر‪ ،‬وخصوصا ً االستعمار‬ ‫الصهيوني لفلسطني احملتلة‪ ،‬وهذه احلادثة تدل على أن هناك أحرارا ً ال ينامون‬ ‫على ضيم وحكم مستعمر والتاريخ مشرف بالشواهد‪.‬‬ ‫وفي اخلتام شكر ممثل نقابة الصحافة فؤاد احلركة الوزير وئام وهاب وتيار‬ ‫التوحيد اللبناني الذي كان السباق في املطالبة بإخالء سبيل منتظر الزيدي‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫ً‬ ‫مستقبال قيادة تيار التوحيد اللبناني‬ ‫لحود‬

‫وهاب ‪ :‬ندعو كل الفرقاء لرفع الغطاء عن الجميع‬ ‫زار وفد من تيار التوحيد اللبناني برئاسة‬ ‫الوزير وئام وهاب رئيس اجلمهورية السابق‬ ‫إميل حلود‪ .‬بعد اللقاء‪ ،‬قال وهاب‪ :‬أطلعنا‬ ‫الرئيس حلود على األجواء التي جرت في اجلبل‬ ‫في األيام األخيرة‪ ،‬واحلمد هلل متكن اجليش‬ ‫من ضبط الوضع األمني وإعادة االستقرار‬ ‫وتوقيف كل الذين شاركوا في االعتداءات‬ ‫األخيرة‪ ،‬وهذا أمر إيجابي‪ ،‬ولكن نالحظ منذ‬ ‫فترة أن هناك مشاكل وحوادث متنقلة‪ ،‬ويبدو‬ ‫أن هناك طابورا خامسا وراء هذه احلوادث‪،‬‬ ‫لذلك ندعو كل الفرقاء في اجلبل‪ ،‬الوزير‬ ‫وليد جنبالط‪ ،‬والوزير طالل أرسالن‪ ،‬واحلزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي وفيصل الداود‬ ‫بوجوده الفاعل في منطقة وادي التيم‪،‬‬ ‫ندعو كل هؤالء الفرقاء الى رفع الغطاء عن‬ ‫اجلميع ليتمكن اجليش من أخذ دوره‪ ،‬والقوى‬ ‫األمنية والشرطة القضائية من أخذ دورها‬ ‫في منطقة اجلبل‪ ،‬ألن هذه احلوادث ال يعرف‬ ‫أحد الى أين ستصل اذا استمرت‪.‬‬ ‫ما يجري اليوم من بحث حول موضوع‬ ‫الطائف وتعديله‪ ،‬فلنناقش األمر بعقالنية‬ ‫وهدوء‪ ،‬هل كل واحد منا يريد مصلحة‬ ‫طائفته ومذهبه أم مصلحة الوطن؟‬ ‫اليوم رئيس اجلمهورية بعد الطائف مجرد‬ ‫من صالحياته‪ ،‬فأين املشكلة في البحث‬ ‫بتعديل الدستور‪ ،‬وهنا ال نقول هذا الكالم‬ ‫ملصلحة املوارنة مثال في مواجهة السنة‪،‬‬

‫األمر ليس هكذا‪ ،‬األمر هو مصلحة لبنان‬ ‫التي تقتضي بأن الطائف كان نتيجة‬ ‫توافق أميركي ـ سوري على إدارة ما للبنان‬ ‫بعد الطائف‪،‬هذه اإلدارة لم تعد موجودة‪،‬‬ ‫لبنان منذ أربع سنوات‪ ،‬لذلك نرى كل هذه‬ ‫الفوضى السياسية‪ ،‬فلماذا ال يحصل‬ ‫التوافق على البحث في جزء من صالحيات‬ ‫رئيس اجلمهورية واستعادة جزء من هذه‬ ‫الصالحيات التي تسمح لرئيس اجلمهورية‬

‫أن يكون حكما قادرا على حسم األمور‪.‬‬ ‫وردا ً على سؤال قال‪ :‬حذاء منتظر الزيدي‬ ‫باألمس (بوجه الرئيس جورج بوش)‪ ،‬كان هو‬ ‫الرد على كل هذا املوضوع‪ ،‬ولكن هذا احلذاء‬ ‫الذي ضرب به الرئيس بوش أصاب كل الزعماء‬ ‫وامللوك والرؤساء العرب الذين يزورون جورج‬ ‫بوش ويستقبلونه والذين ينفذون أوامر جورج‬ ‫بوش والذين يحاصرون غزة‪ ،‬والذين ينفذون‬ ‫السياسة األميركية في املنطقة‪.‬‬

‫وهاب ‪ :‬ندعو اإلشتراكي والديمقراطي والقومي‬ ‫الى تثبيت مرجعية الدولة في منطقة الجبل‬ ‫نظرا ً للحوادث األمنية املشبوهة التي مر‬ ‫بها اجلبل في اآلونة األخيرة صدر عن املكتب‬ ‫اإلعالمي لرئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫وئام وهاب البيان اآلتي‪:‬‬ ‫كثرت في اآلونة األخيرة بعض احلوادث األمنية‬ ‫املشبوهة في اجلبل واملتنقلة بني منطقة وأخرى‪،‬‬ ‫وكان آخرها منذ أيام‪ ،‬إذ أقدم مجهولون على‬ ‫إحراق سيارة نبيل الدبيسي في بقعاتا وحسن‬ ‫العريضي في بيصور ووضاح ناصر الدين في دير‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قوبل حيث قتل سائقها‪.‬‬ ‫إن هذه احلوادث املتنقلة تدعونا إلى التأكيد‬ ‫على األمور اآلتية‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬ضرورة إطالق يد الدولة واألجهزة األمنية‬ ‫من جيش وقوى أمن داخلي لكشف الفاعلني‬ ‫وسحب أي غطاء سياسي عنهم‪ .‬وهنا علينا‬ ‫االستفادة من الفرصة املتاحة أمامنا بوجود رجل‬ ‫استثنائي على رأس قيادة اجليش ووزير موثوق على‬ ‫رأس وزارة الداخلية‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫ثانياً‪ :‬إننا ندعو الوزير وليد جنبالط والوزير طالل‬ ‫ارسالن واحلزب السوري القومي االجتماعي وكل‬ ‫القوى العمل الى تثبيت مرجعية الدولة في‬ ‫منطقة اجلبل حتى ال تؤدي هذه احلوادث في حلظة‬ ‫معينة إلى تفجيرات أمنية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن هذه احلوادث تظهر أن هناك طابورا ً‬ ‫خامسا ً يتنقل بني املناطق لإلبقاء على االهتزاز‬ ‫األمني وعدم االستقرار مما يستدعي موقفا ً حازما ً‬ ‫من اجلميع‪.‬‬


‫وهاب‪ :‬مستعد للتجاوب الفوري مع جهود الرئيس سليمان‬ ‫لوقف الحمالت المتبادلة مع النظام السعودي‬

‫ردا ً واستغراباً على احتجاج السفير‬ ‫السعودي في لبنان على املواقف الصادرة عن‬ ‫بعض السياسيني اللبنانيني ضد السعودية‪،‬‬ ‫صدر عن رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام‬ ‫وهاب البيان اآلتي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬هل سأل السفير نفسه عن األسباب التي‬ ‫دفعت الى هذه املواقف بعدما كان اللبنانيون‬ ‫منذ سنوات مجتمعني على املوقف االيجابي من‬ ‫السعودية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬هل سأل السفير نفسه عما فعله هو‬ ‫في لبنان طيلة السنوات املاضية‪ ،‬بعدما تسلم‬ ‫السفارة‪ ،‬وكل اللبنانيني يقدرون موقف اململكة‪.‬‬

‫واليوم أصبح أكثر من نصف اللبنانيني يعتبرون‬ ‫هذا الدور مشبوها ً وسلبياً‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬هل سأل أحد من املسؤولني السفير‬ ‫خوجة عن ماليني الدوالرات التي يوزعها على‬ ‫بعض اللبنانيني‪ ،‬لشتم دول صديقة وشقيقة‬ ‫حلساب سعودية‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬هل خطر في بال السفير السعودي‬ ‫أن يسأل املوظفني من السياسيني اللبنانيني‬ ‫الذين يتلقون منه األموال عن سبب حمالتهم‬ ‫املستمرة منذ سنوات على دول‪ ،‬للبنان معها‬ ‫مصالح كبيرة‪.‬‬ ‫وأخيرا ً يهمنا أن نؤكد أن فخامة الرئيس‬

‫لديه مونة كبيرة على اجلميع‪ ،‬وهو يستطيع‬ ‫أن يلعب دورا ً في وقف كل احلمالت على الدول‬ ‫الشقيقة دون متييز بني دولة واخرى‪ ،‬خاصة‬ ‫أننا لم نسمع منذ سنوات موقفا ً رسميا ً‬ ‫يدين جوقة الشتامني التي لم تترك كلمة‬ ‫إال واستعملتها بحق سوريا وإيران بتشجيع‬ ‫سعودي مباشر‪.‬‬ ‫ومبا يعنيني إنني مستعد للتجاوب الفوري مع‬ ‫كل جهد يبذله فخامة الرئيس لوقف احلمالت‬ ‫املتبادلة شرط أن يلتزم اإلعالم السعودي في‬ ‫لبنان واخلارج وقف حمالته على قوى املعارضة‬ ‫وعلى كل الدول الداعمة والصديقة للبنان‪.‬‬

‫على النظامين السعودي والمصري لعب دور‬ ‫إيجابي‪ً ،‬‬ ‫بدال من الدور الصهيوني‬

‫العدو الرئيسي هو الكيان الصهيوني الغاصب‬ ‫الذي يستبيح كرامة العرب والمسلمين‬

‫مجموعة من العمليات النوعية‬ ‫التي قام بها‪.‬‬ ‫يشاطر تيار التوحيد شعبنا‬ ‫الفلسطيني في غزة‪ ،‬آالمه‪ ،‬ويعتبر‬ ‫حصاره اجلائر قمة اإلرهاب الدولي‬ ‫املنظم‪ ،‬كونه يستهدف عشرات‬ ‫آالف األطفال الفلسطينيني‪.‬‬ ‫ويستغرب تيار التوحيد بعض‬ ‫الرسمية‬ ‫العربية‬ ‫املواقف‬ ‫املتخاذلة واملتآمرة على شعبنا‬ ‫البطل‪ ،‬ويدعو لكسر احلصار عن‬ ‫أهلنا بكل الوسائل‪ ،‬ويطالب‬ ‫النظامني السعودي واملصري‬ ‫بلعب دور إيجابي‪ ،‬بدال ً من الدور‬ ‫الصهيوني‪ ،‬والكف عن تصدير‬ ‫االرهاب الى دول املواجهة وشرب‬ ‫اخلمر على دماء الفلسطينيني‬ ‫التي تسفك كل يوم على أيدي‬ ‫الصهاينة‪ ،‬والتوقف عن مالحقة‬ ‫املقاومني الفلسطينيني على‬ ‫احلدود املصرية الفلسطينية‪،‬‬ ‫والذين ينقلون الطعام والدواء‬ ‫ألهلنا وشعبنا‪ ،‬وفتح معبر «رفح»‬ ‫فوراً‪ .‬ويدعو الشعب العربي‬ ‫املصري إلى أن يسترد دوره القومي‬ ‫والفاعل‪.‬‬ ‫ختاما ً يتوجه تيار التوحيد‬ ‫بالتهنئة للعرب واملسلمني في‬ ‫لبنان والعالم مبناسبة حلول‬ ‫عيد األضحى املبارك‪ ،‬أعاده‬ ‫اهلل على اجلميع باخلير واليمن‬ ‫والبركة‪.‬‬

‫ردت أمانة اإلعالم في تيار التوحيد اللبناني على ما ورد في البيان السعودي‬ ‫الصادربإسم الداعي الشهال‪ ،‬بالبيان اآلتي‪:‬‬ ‫أطل علينا باألمس «الفرسان الوهابيون» يصولون ويجولون ويهددون‬ ‫بأنهم سيقتلون ويدمرون‪ ...‬وإذا بهم من النوم يصحون بعد سبات عميق‪،‬‬ ‫نسوا خالله كل فنون الفروسية بعدما استبدلوا السيف باخلمر واحلصان‬ ‫بالكابرس‪.‬‬ ‫إن تيار التوحيد اللبناني ال يقدح وال يذم أهل «احلسب والنسب» بل يعبر عن‬ ‫واقع حقيقي ملموس‪ ،‬وينقله بشكل صحيح‪ ،‬ألن رئيس تيار التوحيد ورفاقه‪،‬‬ ‫لم يكونوا يوما ً سماسرة وجتار صفحات الطاعة والوالء لدى بالط امللوك‬ ‫واألمراء‪.‬‬ ‫يرى تيار التوحيد أن ما ورد في البيان السعودي والناطق باسمه املدعي‬ ‫واملنتحل الصفة الشهال‪ ،‬إمنا هو تهديد صريح بالقتل ضد رئيس تيار التوحيد‬ ‫ومقدمة لفعل إرهابي ضد التيار‪.‬‬ ‫وبهذا اخلصوص يوجه تيار التوحيد حتذيرا ً شديدا ً للعصابات املأجورة للنظام‬ ‫السعودي وللمسهلني لعملها واحلاضنني لنشاطها‪ ،‬بأن أي اعتداء على تيار‬ ‫التوحيد بشكله املادي أو املعنوي إمنا هو إعالن تهديد بارتكاب فعل إرهابي‬ ‫وسيالقي الرد املناسب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يذكر تيار التوحيد (دونكيشوت الشهال)‪ ،‬أن العدو الرئيسي هو الكيان‬ ‫الصهيوني الغاصب الذي يستبيح كرامة العرب واملسلمني‪ .‬أما اجلهاد في‬ ‫سبيل اهلل فهو في الدفاع عن فلسطني والعراق ووقف مسلسل الدم الذي‬ ‫يسببه االحتالل األميركي وليس في مقاهي ومالهي العالم‪.‬‬ ‫وإذا كان الشهال وأسياده حريصني على األمة‪ ،‬فاجلهاد فرض عني على كل‬ ‫مسلم ومكانه الطبيعي فلسطني‪ ،‬ويجب أال ننسى أن السعودية سهلت‬ ‫احتالل العراق‪.‬‬ ‫«وستبقى مرتزقا ً صغيرا ً مهما قدموا لك من مال»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ونذكر الشهال‪:‬‬ ‫بأن السفيه هو الذي خرج عن سنة رسول اهلل ودينه‪ ،‬واحتسى اخلمر مع‬ ‫قائده القاتل بوش‪.‬‬ ‫السفيه هو من تنازل عن مكة املقدسة وباعها بأبخس األثمان‪.‬‬ ‫السفيه هو الذي يأخذ أموال املسلمني ويستثمرها في بناء قصور اخلالعة‪.‬‬ ‫أما القضاء فيجب أن يعاقب الشبكات اإلرهابية األصولية‪ .‬وأنت أخبر بها‬ ‫كونك صاحب جتربة طويلة‪.‬‬

‫تطرق مجلس االمناء في‬ ‫تيار التوحيد اللبناني خالل‬ ‫اجتماعه الدوري الى االوضاع‬ ‫واإلقتصادية‬ ‫االجتماعية‬ ‫والسياسية واإلقليمية على‬ ‫كافة الصعد‪.‬‬ ‫حيث أكد على أهمية إعطاء‬ ‫الوضع املعيشي واحلياتي للمواطن‬ ‫اللبناني حقه‪ ،‬وال سيما أننا‬ ‫دخلنا موسم الشتاء واملدارس‪،‬‬ ‫مما يوجب على احلكومة اتخاذ‬ ‫مجموعة من االجراءات الكفيلة‬ ‫بتحسني حالة املواطن اللبناني‬ ‫الذي يعاني على جميع املستويات‬ ‫وفي كل القطاعات‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫املطالبة بخفض سعر صفيحة‬ ‫املازوت لتتناسب مع القدرة‬ ‫الشرائية للمواطن‪ ،‬والكف عن‬ ‫االجتار بحاجات الناس واستغاللها‬ ‫في خدمة املصالح السياسية‬ ‫واالنتخابية الضيقة‪.‬‬ ‫يثمن تيار التوحيد عاليا ً اجلهود‬ ‫ّ‬ ‫الكبيرة التي يبذلها الرئيس‬ ‫ميشال سليمان واالنفتاح‬ ‫السياسي املتوازن الذي يخدم‬ ‫املصلحة الوطنية والقومية‬ ‫للبنان‪ .‬وفي هذا السياق يوجه تيار‬ ‫التوحيد التحية للجيش اللبناني‬ ‫الذي يسهر على حماية الوطن‬ ‫واملواطن‪ ،‬ويثبت يوما ً بعد يوم انه‬ ‫صمام األمان‪ ،‬من خالل كشفه‬ ‫عصابات اإلرهاب واإلجرام بعد‬

‫‪47‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫مسلحون إشتراكيون استهدفوا بالرصاص مناسبة اجتماعية‬ ‫ً‬ ‫احتفاال بميالد إبن شقيقته‬ ‫تواجد فيها وهاب‬

‫كفرحيم تنجو من مجزرة‬

‫أنتج التحريض السياسي واإلعالمي خالل‬ ‫األعوام املاضية حالة من التوتر‪ ،‬والتشنج‬ ‫جتلت في العديد من أشكال الغنب املثقلة كان‬ ‫آخرها حادثة كفرحيم التي استهدفت رئيس‬ ‫تيار التوحيد اللبناني‪ ،‬الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫وعائلته وأقاربه وأصدقائه في بلدة كفرحيم‬ ‫الشوف‪.‬‬ ‫بأمس احلاجة اليوم الى اإلمناء‬ ‫وفي حني أن اجلبل‬ ‫ّ‬ ‫املتوازن على كافة الصعد وال سيما اإلقتصادي‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬فقد بات مرفوضا ً املساس بأمنه‬ ‫واستقراره ووحدة أبنائه كونه ميثل حذوة للعمل‬ ‫الوطني والقومي‪ .‬وفي تفاصيل احلادثة هو أن ما‬ ‫حصل في بلدة كفرحيم الشوف ليلة الثامن من‬ ‫كانون األول الواقع فيها حلول ليلة عيد األضحى‬ ‫املبارك‪ ،‬حيث كانت املعايدة من نوع آخر‪ ،‬من نوع‬ ‫ّ‬ ‫قل نظيره بني أهل بلدة نشأت على تراص الصفوف‬ ‫في وجه أي مغتصب أو محتل وطأ أرضها‪.‬‬ ‫ولكن تلك الليلة‪ ،‬ويا لها من ليلة ظلماء‬ ‫عمل فيها الشيطان فعلته الشنيعة‪ ،‬فقام‬ ‫بزرع غريزة احلقد والتعصب‪ ،‬صفتان متالزمتان‬ ‫لصفة اإلقطاع‪ ،‬في عقول املغرضني احلاسدين‬ ‫من مناصري و”أزالم” احلزب التقدمي االشتراكي‪،‬‬ ‫تلك الصفات التي فطروا عليها‪ ،‬وهذا ليس‬ ‫مبستغرب حيث أنهم جعلونا نستدرك ونستذكر‬ ‫أصلهم اإلقطاعي‪ ،‬وما كان يقوم به اإلقطاع في‬ ‫سالف األزمان من انتهاك‪ ،‬والذي زرعته السلطنة‬ ‫العثمانية آنذاك في بعض عائالت اإلقطاع احلقد‬ ‫والظلم‪ ،‬ومن بينها عائلة “جانبوالد” (جنبالط)‪،‬‬ ‫نسبة الى علي باشا جنبوالد‪ ،‬الزعيم الكردي‬ ‫الذي استأثر بوالية حلب‪ ،‬ثم هاجر قسم من‬ ‫رجاله بعد مماته الى لبنان‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬أي زعماء‪ ،‬زعماء احلقد‪ ،‬والبطش‪،‬‬ ‫واإلقطاع‪ .‬وقد برز ذلك جليا ً في تلك الليلة‬ ‫الظلماء واملليئة باملفاجآت‪ ،‬كما جتلى في حادثة‬ ‫كفرحيم التي كادت أن تتحول الى مشهد‬ ‫دراماتيكي ماساوي ودموي لوال تدخل القدر‪.‬‬ ‫فحادثة كفرحيم كانت والتزال سيناريو أجاد‬ ‫حبكه مناصرو احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫مبنأى رمبا عن قيادته ورئاسته‪ ،‬ونفذه على األرض‬ ‫“كومبارسيو” و”أزالم” وليد جنبالط بحسب‬ ‫وصفه إياهم‪ ،‬وإعالنه صراحة عن عدم التخلي‬ ‫عنهم‪ .‬بيد أن تلك الليلة لم تكن في حسبانه‪،‬‬ ‫إذ خذله أزالمه بفشلهم في تنفيذ السيناريو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫آثار االعتداء على منزل شقيقة الوزير وهاب في كفرحيم‬

‫املعد‪ ،‬ما اضطره فيما بعد الى رفع الغطاء عنهم‬ ‫واعترافه وألول مرة بوجود فعالية سياسية‬ ‫درزية غير األرسالنية هي وئام وهاب ‪ ،‬رئيس تيار‬ ‫التوحيد اللبناني‪ ،‬والتي لها احلق كغيرها من‬ ‫الزعامات السياسية مبمارسة عملها السياسي‬ ‫واالجتماعي في اجلبل‪.‬‬ ‫ألم يكن من األجدى االعتراف بهذا احلق من‬ ‫خالل الطرق السلمية النزيهة دون اللجوء الى‬ ‫أعمال البطش واحلقد واإلقطاع‪ ،‬الذي لم يكن‬ ‫الهدف منه يوما ً وفي تلك الليلة بالذات‪ ،‬ولوال‬ ‫تدخل القدر سوى إراقة الدماء وافتعال مجزرة‬ ‫ّ‬ ‫قل نظيرها‪ ،‬ألنها لم تكن هناك مواجهات بني‬ ‫ومغتصب حقه ومسلوب أرضه‪ ،‬بل كانت‬ ‫َ‬ ‫عدوٍّ‬ ‫بني أهل ضيعة‪ ،‬صلة العداء بينهم هو اختالف‬ ‫في السياسة وحتديد الزعامة‪.‬‬ ‫وبالفعل كان للقدر شأن عظيم في تلك‬ ‫الليلة حيث أن كل احليثيات والوقائع التي حصلت‬ ‫كادت بالفعل أن تؤدي الى مجزرة شنيعة كانت‬ ‫ستسجل ليس في تاريخ لبنان فقط بل أيضا ً في‬ ‫تاريخ العالم أجمع‪.‬‬ ‫فكيف جرت الوقائع‪ ،‬وكيف تالحقت أحداث‬

‫‪48‬‬

‫االعتداء الذي تعرض له الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫في بلدة كفرحيم الشوف‪ ،‬مشاهد سنعرضها‬ ‫عليكم بشهادة شاهد من كان في موقع احلادثة‬ ‫التي كان من املمكن أن تتحول الى ملحمة‬ ‫تاريخية تتألف من مشاهد عدة‪ ،‬رُ ِفع خاللها‬ ‫الستار على مشهد األوالد وأصواتهم وبهجتهم‬ ‫بحلول العيدين‪ :‬عيد األضحى املبارك‪ ،‬وعيد ميالد‬ ‫الطفل بهاء أبودرغم الذي جمع في تلك الليلة‬ ‫شمل العائلة واألصدقاء واألقارب الذي ف ّرقه‬ ‫يوما ً اإلقطاع وأفعال مناصريه الدنيئة في البلدة‬ ‫بهدف السيطرة‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬في تلك الليلة امتزجت أصوات البراءة‬ ‫بأصوات وابل الرصاص املتساقط على منزل‬ ‫شقيقة الرئيس وهاب بعد وصوله بدقائق بعد‬ ‫انقطاع عن مسقط رأسه الثاني دام ثالثة أعوام‬ ‫منعا ً إلثارة النعرات السياسية التي قد تغرق‬ ‫البلدة بالدماء واحلقد واالنتقام‪ ،.‬وبعد انقطاع‬ ‫التيار الكهربائي‪ ،‬الذي لم يُعرف حتى اآلن سبب‬ ‫انقطاعه ما اضطر األطفال الى الدخول الى‬ ‫املنزل حيث اجتمع الوزير وهاب مع أهله وأقاربه‬ ‫على مأدبة عشاء‪ ،‬كاد أن يح ّولها املعتدون الى‬


‫مائدة‪ ،‬صحونها مليئة بالدماء‪.‬‬ ‫وهذا بالفعل ما جرى‪ ،‬فعند انقطاع الكهرباء‪،‬‬ ‫دخل األوالد جميعهم الى املنزل في وقت كان‬ ‫احلاضرون يستقبلون عقيلة الوزير وهاب وأوالده‬ ‫ووفد األقارب واألهل املرافق لها‪.‬‬ ‫وبعد ربع ساعة من الوقت ظهر الوزير وهاب‬ ‫بصفحة وجه يعلوها الثقة بالنفس والعنفوان‬ ‫ّ‬ ‫قل نظيرها‪ ،‬أثار حفيظة احلاضرين الذين لم‬ ‫يكونوا على علم بحضوره‪ ،‬وبعد تبادل القبالت‬ ‫والسالم‪ ،‬جلس الوزير وهاب بني احلضور‪ ،‬وبدأ‬ ‫التحضير للمأدبة بعد عودة التيار الكهربائي‬ ‫والذي جاء هذه املرة بنذير شؤم للحاضرين‪ .‬وما‬ ‫هي إالّ دقائق حتى جفل احلاضرون بعد سماع دوي‬ ‫الرصاص الذي لم يكن كما هو من املعروف إنذارا ً‬ ‫صد‬ ‫ببهجة العيد‪ ،‬بل كان هذه املرة رصاص غدر ُق ِ‬ ‫به االعتداء على الوزير وهاب وحثه على اخلروج‬ ‫حلمله على مغادرة كفرحيم دون عودة‪ ،‬بعد أن‬ ‫وجه بعض أنصار احلزب التقدمي االشتراكي في‬ ‫البلدة وابل الرصاص الى منزل شقيقة الوزير‬ ‫وهاب‪ ،‬ما اضطر أنصار تيار التوحيد اللبناني‬ ‫الى الرد‪ ،‬فدارت اشتباكات عنيفة بني الفريقني‬ ‫استمر فيها اطالق النار دون توقف ملدة ساعة‬ ‫تعمد إلى قطع‬ ‫ونصف الساعة تقريباً‪ ،‬تخللها ّ‬ ‫الهاتف األرضي ملنع أي تواصل يذكر بني املوجودين‬ ‫في الداخل واخلارج‪ ،‬حيث بقيت صلة االتصال‬ ‫باخلارج الوحيدة الهاتف اخللوي ولو بصعوبة‪ ،‬ما‬ ‫ّ‬ ‫مكن الوزير وهاب من االتصال بالقوى العسكرية‬ ‫وقوى اجليش التي وصلت أخيرا ً بعد إمتام العديد‬ ‫من االتصاالت باملسؤولني والسياسيني لدرء‬ ‫مجزرة دموية قد حتصل إذا لم يتوقف إطالق النار‪،‬‬ ‫الذي زرع في نفوس األطفال خوفا ً رهيبا ً وحقدا ً‬ ‫لم ينشأوا عليه أصالً‪ ،‬هو حقدهم على من‬ ‫تربوا على احلقد في حزب يرفع شعارات وميارس‬ ‫ّ‬ ‫وجتذر في نفوسهم‬ ‫أعضاؤها عكسها‪ُ ،‬ح ِفر‬ ‫بالرغم من صغر سنهم إذ أن األكبر من بني‬ ‫األطفال لم يتجاوز بعد ‪ 14‬عاماً‪ ،‬وهنا لم تعد‬ ‫أصواتهم كما كانت في بادئ األمر أصوات فرحة‬ ‫العيد‪ ،‬بل على العكس ارتفعت أصواتهم تهليالً‬ ‫هلل عبر آيات قرآنية حفظها بعضهم‪ ،‬فترى‬ ‫الصغير منهم رافعا ً يديه الى اهلل تعالى‪ ،‬يتضرع‬ ‫إليه لينقذ الوزير وهاب أو والده أو أمه أو أخاه أو‬ ‫أخته من شر احلاقدين املغرضني الذين ال يحركهم‬ ‫سوى حقد اإلقطاع‪ّ .‬‬ ‫وكل هذا في غرفة ال منفذ‬ ‫دخل إليها حوالي ‪ 35‬طفالً ليكونوا بعيدا ً‬ ‫فيها أ ُ ِ‬ ‫عن خط نيران الظلم واجلور‪ ،‬ليجتمع في الغرفة‬ ‫اجملاورة كل من تبقى من احلضور برفقة الوزير‬ ‫وهاب مقدمني أرواحهم ودماءهم فداء للوزير‬ ‫وهاب الذي أعلن عن استيائه ملا يقوم به أنصار‬ ‫احلزب التقدمي االشتراكي من أعمال شنيعة‬ ‫تنم عن سوء توجيه قادتهم‪.‬‬ ‫يتعمد وصول‬ ‫وكما في األفالم البوليسية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫القوى األمنية دائما ً بعد فوات األوان‪ ،‬هكذا حصل‬ ‫في كفرحيم حيث لم تتمكن القوى األمنية‬ ‫واجليش من الوصول إالّ بعد ساعة ونصف‬

‫الوفود املستنكرة‬

‫الشيخ سامي ابو ذياب‬

‫الشيخ صالح ضو‬

‫الساعة من بداية إطالق الرصاص وبعد مداوالت‬ ‫واتصاالت مع القيادات املعنية متكنوا من إيقاف‬ ‫النار والدخول الى املنزل ومعاينة مكان االعتداء‬ ‫واملوجودين الذين كادوا أن يصبحوا رهائن بيد‬ ‫اإلقطاع أو ضحايا مجزرته احملتملة‪ ،‬كما ألقوا‬ ‫القبض على كل من قام بإطالق النار وساهم في‬ ‫هذه العملية البشعة من بعيد أو من قريب‪.‬‬ ‫وبعد مفاوضات دامت تقريبا ً ساعة‪ ،‬وإلدخال‬ ‫البهجة من جديد الى قلوب األطفال عمد الوزير‬ ‫وهاب الى إطفاء شمعة العيد بأمنية عبر فيها‬ ‫اجملتمعون عن زوال اإلقطاع وعصيانه الغاشم‪.‬‬ ‫فعند الساعة الواحدة تقريبا ً من ذلك الليل‬ ‫الطويل أسدل الستار على نفوس جبلت باإلقدام‬ ‫الالمتناهي لدرء اإلقطاع وإنقاذ اجلبل األشم‬ ‫من براثنه‪ ،‬فهل تتحقق األمنية في تلك الليلة‬ ‫املباركة؟‬

‫اللبنانيني بحلول عيد األضحى املبارك‪ .‬واعتبر‬ ‫أن خيار التوحيديني الصحيح سيواجه باإلرهاب‬ ‫النفسي واملادي واجلسدي‪ ،‬ولكن لن يهابه‬ ‫أحد‪ ،‬مشددا ً على أن التوحيديني لن يخضعوا‬ ‫إال ملشيئة اهلل‪ ،‬وسيستمرون في عطاءاتهم‬ ‫ومشاريعهم االجتماعية والثقافية واإلمنائية‪،‬‬ ‫التي كان آخرها تأسيس اجلمعية التوحيدية‬ ‫للخدمات االجتماعية التي امتدت أياديها البيض‬ ‫عشية األضحى املبارك إلى كل بيت حاولت أن‬ ‫جترفه الرياح اإلقطاعية‪ ،‬وعبثا ً حتاول!!‬ ‫وتوجه إلى رئيس التيار بالقول‪« :‬إن جتديد الوالء‬ ‫لتيار التوحيد في مثل هذه املناسبة الكرمية هو‬ ‫حاجة ملحة ال يفرضها نص دستوري أو قانوني‬ ‫بل متليها اإلرادة الصادقة ملا مثلتموه من إجنازات‬ ‫وانتصارات ومواقف شقّ ت حجاب الظالم ولم‬ ‫يبق إال القليل من ظلمة الليل لتشرق شمس‬ ‫التوحيد»‪.‬‬

‫الوفود املستنكرة‬ ‫أمت دارة‬ ‫وعلى أثر هذه احلادثة املستنكرة ّ‬ ‫الوزير وهاب في اجلاهلية وفودا ً شعبية مستنكرة‬ ‫ومتضامنة ومهنئة بالعيد من كافة املناطق‬ ‫اللبنانية‪ ،‬باإلضافة الى عدد كبير من مشايخ‬ ‫طائفة املوحدين الدروز الذين كان لهم موقفا ً‬ ‫مستنكرا ً دعوا فيه الى رص الصفوف والتماسك‬ ‫ووقف عمليات العبث بأمن اجلبل والعقيدة التي‬ ‫تر ّبى عليها أبناء هذه الطائفة‪.‬‬ ‫وفي املناسبة ألقيت كلمات عدة‪ ،‬استهلها‬ ‫أمني الداخلية هشام األعور الذي هنأ جميع‬

‫‪49‬‬

‫الشيخ سامي أبو ذياب‬ ‫كما ألقى عضو هيئة العمل التوحيدي الشيخ‬ ‫سامي أبو ذياب كلمة توجه فيها إلى رئيس التيار‬ ‫الوزير وهاب قائالً‪« :‬أيها القائد الشجاع!! لم‬ ‫تنل منك األزمات‪ ،‬ولم تهزك األعاصير‪ ،‬وأنقذتك‬ ‫يد إحسانك بإذن اهلل‪ ،‬وصانتك العناية اإللهية‬ ‫من املتغطرسني املغرورين‪ ..‬بشائر اخلير نسجت‬ ‫اسم بلدتنا‪ ،‬فتربعت على عرش ذهبي وأطل‬ ‫القائد بفكره الوطني العروبي‪ ،‬وتوشحت معاقل‬ ‫العز بوهج بيرق توحيدي‪ ،‬وتناقلت األجيال عراقة‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬ ‫األصالة املترافقة مع ذاك النسيم الشرقي»‪.‬‬

‫الشيخ صالح ضو‬ ‫ثم كان لرئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫الشيخ صالح ضو كلمة توجه فيها باسم‬ ‫الهيئة الى كل اللبنانيني والى كل املسلمني‬ ‫في البالد العربية واإلسالمية والى املوحدين‬ ‫أينما وجدوا وخاصة في سوريا (قبلة العرب‬ ‫وقلعة الصمود واملمانعة وملجأ األحرار) والى‬ ‫القيادة السورية احلكيمة وشعبها األبي‬ ‫بأصدق معاني التهنئة والتبريك بحلول هذا‬ ‫العيد املبارك‪ .‬وقال‪»:‬لم ولن ننسى غزة وأرض‬ ‫غزة»‪ ،‬فتوجه الى شعبها الكرمي الذي يعاني‬ ‫احلصار العربي اجلائر بالتهنئة‪ ،‬مستصرخا ً‬ ‫ضمائر بعض احلكام العرب متسائالً‪« :‬اذا كان‬ ‫العالم بأسره يقف صامتا ً‬ ‫أبكم أمام هول اجملازر‬ ‫َ‬ ‫اجلماعية التي ترتكب بحق اإلخوة في فلسطني‪،‬‬ ‫فهل نصمت نحن العرب ايضا ً حتى ال نخدش‬ ‫سمع آذان الصهاينة ومن ورائهم الغرب واالدارة‬ ‫األميركية؟ أليس من املشني واملعيب أن يعاني‬ ‫أبناء غزة احلصار واجلوع‪ ،‬ومصدر الطاقة من‬ ‫بالدنا وعلى بعد أميال من غزة؟ وأموال الشعوب‬ ‫العربية تذهب لتدارك األزمة التي تسبب بها‬ ‫جشع النظام الرأسمالي وسياسة بوش اخلرقاء‬ ‫التي أوصلت االقتصاد العاملي الى تداعيات‬ ‫وانهيار لم يسبق له مثيل!!»‪.‬‬ ‫وتابع الشيخ ضو قائالً‪« :‬نعلن شجبنا‬ ‫واستنكارنا لالعتداء اجلبان واملدان الذي حصل‬ ‫باألمس على بيت كرمي اعتاد أن يستقبل الشرفاء‬ ‫وكان يستضيف معالي الوزير وئام وهاب وجمعا ً‬ ‫من الشرفاء واألحرار مبناسبة عائلية وفي ليلة‬ ‫العيد املبارك التي يجب ان تكون ليلة لقاء‬ ‫ومحبة بني اجلميع‪ ».‬وتوجه الى كل املراجع‬ ‫املسؤولة عن أمن املواطن وحرمته مناشدا ً‬ ‫إياها‪ ،‬وحتديدا ً قيادة اجليش‪ ،‬بأن تبادر الى مالحقة‬ ‫العصابات ومعاجلتها من خالل القانون وإنزال‬ ‫أقصى العقوبات بكل من يحاول تهديد السلم‬ ‫األهلي‪ ،‬والتعدي على الناس اآلمنني في بيوتهم‪،‬‬ ‫قبل ان تفلت األمور من عقالها ال سمح اهلل‪،‬‬ ‫معتبرا ً انه «ال ميكن املساومة على كراماتنا‬ ‫مهما غلت التضحيات»‪.‬‬

‫الوزير وهاب‬

‫الشيخ راتب نصراهلل‬

‫يريد أن يقتلع األشجار الواربة‪ ،‬يجب أن يعرف أنها‬ ‫زرع توحيدي إلهي‪ ،‬يحمل رسالة سماوية ال ميكن‬ ‫أن يزعزعها ش ّر وال ميكن للعواصف أن ته ّز صخور‬ ‫اجلبال وهي حتمل راية التوحيد»‪.‬‬ ‫وباملناسبة ألقى وهاب كلمته أمام الوفود‬ ‫شدد فيها على ضرورة التعقل والتفكير‬ ‫املهنئة ّ‬ ‫باخملاطر التي قد حتصل نتيجة هذه التصرفات‬ ‫املتهورة والتي من املمكن أن جتر الطائفة الى‬ ‫اقتتال داخلي وهذا ما ال يرده أحد منا‪.‬‬ ‫فوجه نقدا ً الذعا ً لتلفزيون‬ ‫وتابع وهاب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املستقبل الذي أحاط احلادثة باألكاذيب واألضاليل‬ ‫وكذلك صحيفة العرب القطرية ورأى أنها تساهم‬ ‫في رفع حالة التوتر واالنقسام داخل اجلبل‪.‬‬ ‫واعتبر وهاب أن الدور السعودي الذي يرتكز‬ ‫على تأليب الرأي العام من خالل ما تدفعه من‬ ‫أموال في لبنان قد يسيء الى اتفاق الطائف‬ ‫ويوقع البلد في أزمة سياسية‪.‬‬ ‫توجه الوزير وهاب بالتهنئة الى‬ ‫وفي اخلتام ّ‬ ‫اللبنانيني عامة واملسلمني خاصة بحلول عيد‬ ‫األضحى املبارك‪.‬‬

‫الشيخ راتب نصر اهلل‬ ‫ثم حتدث الشيخ راتب نصر اهلل‪ ،‬عضو هيئة‬ ‫العمل التوحيدي‪ ،‬مناشدا ً اللبنانيني عامة وأبناء‬ ‫طائفة املوحدين الدروز حتديدا ً بأن يكونوا رعاة‬ ‫املوقف الوطني والقومي‪ ،‬وأن يكونوا صفا ً واحدا ً‬ ‫وكلمة واحدة في درء كل فتنة تظهر‪ ،‬وإال كما‬ ‫قلنا في العام املاضي‪« :‬إن الفأس بيد احلطاب‬ ‫خجلت ووقعت من يده خجالً‪ ،‬فإنها في هذا العام‬ ‫ستقع على رقبته وتقضمها‪ ،‬ألن احلطاب الذي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لقاء هيئة العمل التوحيدي‬

‫‪50‬‬

‫املساعي من أجل‬ ‫تطويق تداعيات احلادثة‬ ‫وضمن إطار حادثة كفرحيم الشوف‪ ،‬نشطت‬ ‫حركة املساعي من أجل تطويق تداعيات احلادثة‬ ‫من قبل مشايخ وعقالء الطائفة‪ ،‬واجليش‬ ‫اللبناني‪ ،‬وقادة األجهزة األمنية‪ ،‬عقد بعدها‬ ‫النائب جنبالط مؤمترا ً صحفيا ً رفض من خالله‬ ‫هذه التصرفات لبعض عناصر احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي ومناصريه ورفع الغطاء عنهم‪ ،‬مرحبا ً‬ ‫بحرية العمل السياسي واالجتماعي في اجلبل‪.‬‬ ‫وردًّا على إيجابية كالم جنبالط الذي يصب في‬ ‫مصلحة اجلبل وأبناء طائفة املوحدين الدروز وفي‬ ‫اجتماع لقيادة هيئة العمل التوحيدي يحضور‬ ‫رئيسها الشيخ صالح ضو ونائب رئيس التيار‬ ‫حتدث وهاب‪،‬‬ ‫سليمان الصايغ وعدد من املشايخ‪ّ ،‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫«أوال‪ :‬ال بد من االشارة الى أن رفع االستاذ وليد‬ ‫جنبالط الغطاء عن الذين قاموا باعتداء كفرحيم‪،‬‬


‫هو أمر إيجابي‪ .‬ونحن حريصون على اجلبل‪ ،‬وعلى‬ ‫أمن أبنائه مسلمني ومسيحيني‪ ،‬وهذا ما يجب‬ ‫أن يدفعنا إلطالق يد األجهزة األمنية حلفظ االمن‪.‬‬ ‫أما الشق املتعلق بأمن وليد جنبالط‪ ،‬فنحن نعتبر‬ ‫أنفسنا معنيني به ويهمنا كما يهمه‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬حرية العمل السياسي هي أمر أساسي‪،‬‬ ‫ويجب أن نقتنع بضرورة قبول اآلخر‪ .‬وهذا الكالم‬ ‫موجه لنا ولغيرنا‪ .‬فيجب أن نتنافس على إمناء اجلبل‬ ‫وتطويره‪ ،‬ألن اجلبل بحاجة الى خدماتنا وإمنائنا ال الى‬ ‫مشاكلنا‪.‬‬ ‫ثالثا ً بالنسبة للعالقة بيننا وبني احلزب االشتراكي‪،‬‬ ‫لقد ف ّوضنا مرجعا ً أمنيا ً ليتوالها‪ ،‬وستبقى محصورة‬ ‫بهذا املرجع‪ ،‬وليس هناك مشكلة بلجنة مشتركة‬ ‫تتولى حل املشاكل االمنية التي حتصل على االرض‪.‬‬ ‫وهذه إشكاالت كثرت في اآلونة االخيرة رغم انها‬ ‫لم تخرج جميعها الى اإلعالم‪ ،‬ولكن وقع الكثير من‬ ‫اإلشكاالت في الفترة االخيرة‪ ،‬في العبادية وقرنايل‬ ‫واملناصف وقرى عدة في اجلرد‪ .‬ونحن نحصر هذه‬ ‫العالقة باملرجع االمني الذي ف ّوضناه‪ ،‬وقد فوضه‬ ‫ايضا ً االستاذ وليد جنبالط ملعاجلة هذه االمور قبل‬ ‫أن تتطور وتستفحل‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬رمبا أطلقت عبارات قاسية بعد احلادثة‪،‬‬ ‫نعم‪ .‬ولكن كان لدي أربعة أوالد في املنزل الذي‬ ‫تعرض للرصاص‪ ،‬باإلضافة الى حوالى الثالثني طفالً‬ ‫من أقاربي هم مبثابة أوالدي أيضاً‪ .‬طبعا ً أطلقت‬ ‫عبارات قاسية ولكن احلدث فرض ذلك‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬سياسياً‪ ،‬ال مينع اخلالف السياسي مع‬ ‫االستاذ وليد جنبالط‪ ،‬أن تكون األمور على االرض‬ ‫هادئة‪ .‬فاخلالف السياسي ال يزال قائماً‪ ،‬على النظرة‬ ‫الى العالقة مع سوريا وعلى املوقف من املقاومة‪.‬‬ ‫ونحن متمسكون مبوقفنا من املقاومة ومن حتالفنا‬ ‫مع سوريا‪.‬‬ ‫سادساً‪ :‬نحن الدروز لنا مصلحة أن تكون عالقتك‬ ‫بسوريا وحزب اهلل واملقاومة جيدة جدا ً‬ ‫سابعا ً ‪ :‬االستاذ وليد جنبالط يدرك متاما ً الدور‬ ‫حتمله‬ ‫الذي لعبته ما قبل العام ‪ 2004‬ويعرف ما ّ‬ ‫معي بعض املسؤولني السوريني الذين كانوا يتابعون‬ ‫امللف اللبناني‪ ،‬لترتيب وحتسني وتطوير عالقته مع‬ ‫سوريا قبل العام ‪ ،2004‬ولكن أتى اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري وحصل التباعد الكبير‪ .‬ولكن لم أشعر‬ ‫يوما ً أن سوريا تضمر عدا ًء لوليد جنبالط‪ ..‬وأنا أقول‬ ‫لك‪« :‬فلنترك املاضي‪ ،‬ولنتناقش باملاضي ومبسؤوليات‬ ‫املاضي في ما بعد‪ ،‬وليكن النقاش هذا فقط نقاشا ً‬ ‫للتاريخ‪ .‬ويجب أن ننظر الى هذه العالقة من هذه‬ ‫الزاوية وليس من مسألة العالقة الشخصية أو الثأر‬ ‫الشخصي أو املوقف الشخصي‪ .‬فهناك شريحة‬ ‫درزية موجودة في لبنان وسوريا وفي كل املنطقة‪،‬‬ ‫يجب ان نحدد مصاحلها ونتصرف على أساس هذه‬ ‫املصالح‪ .‬ولنترك موقفنا الشخصي الذي لن يأخذه‬ ‫منا أحد جانباً‪ .‬ولكن أنا أعلم أن الرئيس األسد لم‬ ‫يحقد يوما ً عليك ولم يضمر لك السوء في يوم من‬ ‫االيام‪ ،‬ال في املاضي وال في احلاضر وال في املستقبل‪.‬‬ ‫فلنخرج من هذه العقدة‪ .‬املسألة بأكملها‪ ،‬أنك‬ ‫راهنت على مشروع معني‪ ،‬وهذا حق لك‪ ،‬وهذا‬

‫عائلة آل ابو ضرغم تتلي بيان االستنكار‬

‫املشروع انتهى‪ .‬ولكن هل اذا انتهى املشروع تنتحر‬ ‫معه؟!! جورج بوش ذهب الى االنتحار السياسي‪،‬‬ ‫وحتى احلزب اجلمهوري في أميركا اليوم يشتم‬ ‫جورج بوش وسياسته‪ .‬ما هو املطلوب؟! الذهاب‬ ‫مع مشروع جورج بوش؟! ال‪ ،‬فاخليارات واسعة‪،‬‬ ‫ونحن مستعدون للمساعدة لفتح هذه اخليارات‬ ‫أكان مع املقاومة أو مع سوريا‪ .‬ولكن أعود وأكرر‬ ‫املوقف الشخصي شيء وموقف الشخص الذي‬ ‫يكون مؤمتنا ً على شريحة معينة يجب ان يكون‬ ‫شيئا ً آخر‪ .‬هناك مصالح الشريحة‪ ،‬وفي هذا االطار‬ ‫يجب أن ندع املواقف الشخصية جانباً‪ ،‬خاصة أنه‬ ‫جتاوزت فيها موقفك‬ ‫كنت قد‬ ‫م ّرت سنوات طويلة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الشخصي‪ ،‬حتى انك رفضت وقتها املناقشة في‬ ‫اجلهة التي اغتالت الشهيد كمال جنبالط!‬ ‫ختاما ً وبالنسبة حلادثة كفرحيم‪ ،‬قال وهاب إن‬ ‫املعنيني باحلادث من آل أبو ضرغم قد ف ّوضوه مبتابعة‬ ‫االمر‪ ،‬وأبلغوا جلنة املشايخ التي اتصلت بهم بأن‬ ‫القرار عنده‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نسفه املشايخ وسيكون‬ ‫وتابع وهاب‪« :‬طبعا ً لن‬ ‫هناك اتصاالت بني املشايخ املكلفني وبني املشايخ‬ ‫اآلخرين من هيئة العمل التوحيدي ملعاجلة هذا‬ ‫االمر‪ .‬ونحن ليس لدينا أي مشكلة أو ثأر شخصي‬ ‫مع احد‪ .‬يكفي أن يُرفع الغطاء السياسي عن كل‬

‫الناس لكي ال يتجرأ أحد على إعادة الك ّرة مرة اخرى‪.‬‬ ‫فاحلمد هلل مضت احلادثة هذه املرة على خير‪ .‬ونتمنى‬ ‫أال تتكرر مرة ثانية»‪.‬‬ ‫وهذا ما أعلن عنه أيضا آل أبوضرغم في بيانهم‬ ‫الذي جاء استنكارا ً لالعتداء الذي تعرض له رئيس‬ ‫تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب في بلدة‬ ‫كفرحيم‪ ،‬والذي عقده آل أبو ضرغم في منزل السيد‬ ‫مرجتى أبو ضرغم حيث متّ البحث في مالبسات‬ ‫االعتداء‪ ،‬جاء فيه‪:‬‬ ‫عقد آل أبو ضرغم اجتماعا ً في منزل السيد مرجتى‬ ‫أبو ضرغم حيث متّ التأكيد على األمور التالية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬استنكار ما حدث ليلة عيد األضحى من‬ ‫اعتداء على منزل السيد مرجتى أبو ضرغم‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬تهيب العائلة بالقوى األمنية أخذ دورها‬ ‫باتخاذ كل اإلجراءات الالزمة لصون األمن وضمان‬ ‫حريات الناس‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬شكلت العائلة وفدا ً ملراجعة كل القوى‬ ‫السياسية ووضعها في أجواء ما حدث‪.‬‬

‫مصاحلة كفرحيم‬ ‫هذا وتواصلت اجلهود إلقامة مصاحلة في‬ ‫بلدة كفرحيم حيث ُع ِقد في دار البلدة في‬

‫املصاحلة في كفرحيم‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬ ‫كفرحيم‪ ،‬وبرعاية جلنة من مشايخ الطائفة‬ ‫الدرزية‪ ،‬لقاء مصاحلة‪ ،‬حضره وفدان مركزيان‬ ‫من تيار التوحيد اللبناني واحلزب االشتراكي‪،‬‬ ‫بغياب رئيس التقدمي ورئيس التيار‪ ،‬حيث ترأس‬ ‫وفد التقدمي عضو مجلس قيادة احلزب ناصر‬ ‫زيدان‪ ،‬ووفد تيار التوحيد نائب الرئيس سليمان‬ ‫الصايغ‪.‬‬

‫الصايغ‬

‫زيدان‬

‫وحتدث باملناسبة زيدان قائالً‪“ :‬أيها املشايخ‬ ‫الكرام األجالء‪ ،‬إخواني في تيار التوحيد‪ ..‬نحن‬ ‫بني األهلية والسياسة واحلزبية والتفرقة‪،‬‬ ‫بالتأكيد نحن إلى جانب األهلية‪ .‬فنحن أبناء‬ ‫بيئة ومنطقة واحدة‪ ،‬نتشارك األفراح واألتراح‪،‬‬ ‫مصيرنا أن نكون مع بعضنا جميعا ً وسنكون‬ ‫مع بعضنا جميعاً‪ .‬إن اختالف الرأي في‬ ‫السياسة ضمن الضوابط ال يفسد في الود‬ ‫قضية‪ ،‬فتراثنا وتقاليدنا التي اكتسبناها من‬ ‫آبائنا وأجدادنا هي قدوة الطريق بالنسبة لنا‪ .‬أما‬ ‫حرية العمل السياسي واحلزبي فهي مصونة‬ ‫للجميع بحكم الدستور والقانون‪ .‬الدولة‬ ‫اللبنانية حتفظ هذا األمر بقوانينها وأجهزتها‬ ‫ومؤسساتها‪ .‬ونحن في احلزب االشتراكي ومن‬ ‫صلب عقيدتنا نؤمن بحرية الرأي والتفكير‬ ‫واملعتقد واألديان‪ ،‬هذا ما نتمسك به اليوم أكثر‬ ‫من أي وقت مضى‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق باحلادثة التي حصلت‪،‬‬ ‫فنكتفي مبا قاله رئيسنا وليد جنبالط‪ ،‬وما‬ ‫قاله ملزم لنا ونلتزم به باستمرار‪.‬‬ ‫نشكر مساعيكم جميعاً‪ ،‬واملشايخ األجالء‪.‬‬ ‫ونشكر املؤسسات األمنية وفي طليعتها‬ ‫اجليش اللبناني وقوى األمن الداخلي‪ .‬ونشكركم‬ ‫جميعا ً على هذا اللقاء ونتمنى أن يتط ّور أكثر‬ ‫في املستقبل”‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ثم حتدث الصايغ‪“ :‬حضرات املشايخ األفاضل‪،‬‬ ‫حضرة ممثل معالي األستاذ وليد جنبالط‪ ،‬أيها‬ ‫احلضور الكرمي‪.‬‬ ‫ال شك بأن ما حصل في كفرحيم مرفوض‬ ‫منا جميعاً‪ ،‬وهو بعيد كل البعد عن أصالة‬ ‫بني معروف وتقاليدهم التي جتمع وال تف ّرق‪.‬‬ ‫قدرنا كثيرا ً وعاليا ً موقف األستاذ وليد‬ ‫نحن ّ‬ ‫جنبالط برفع الغطاء لوأد الفتنة في مهدها‪،‬‬ ‫ولعدم اجنرار بعض الشباب إلى ما ال تحُ مد‬ ‫عقباه‪ .‬ونشكر أيضا ً جهود املشايخ األفاضل‪،‬‬ ‫كما نشكر حضرة العميد أنور يحيى‪ ،‬قائد‬ ‫الشرطة القضائية‪ ،‬ملا قام به من جهود حثيثة‪.‬‬ ‫ونشكر اجليش اللبناني ملوقفه احلازم والصارم‬ ‫والسريع والتدخل حلماية السلم األهلي‪ .‬وإننا‬ ‫نكتفي أيضا ً مبا قاله األستاذ وليد جنبالط‬ ‫حول حرية العمل السياسي وأن تكون الدولة‬ ‫مرجعيتنا في األمن‪ ،‬والقضاء مرجعيتنا‬ ‫في القانون‪ ،‬وأن نحتكم إلى حكم القضاء‬ ‫والقانون‪ .‬ونحن من جهتنا كتيار توحيد لبناني‬

‫نرفع الغطاء عن أي مخل باألمن‪ ،‬وأي متساهل‬ ‫بالتواطؤ على أمن اجلبل وكرامته‪ ،‬ألن كرامتنا‬ ‫واحدة وال تتجزأ‪ .‬وإذا كان هناك من خالف في‬ ‫العمل السياسي في ما بيننا‪ ،‬فهذا يبحث‬ ‫في الغرف املغلقة وما بني العقالء ورجال‬ ‫السياسة واخملتصني بهذا املوضوع‪ ،‬لنحدد‬ ‫جميعا ً رؤية واحدة إذا متكنا من ذلك‪ ،‬وهذا ما‬ ‫نسعى إليه‪ .‬ونتمنى مشاركة املشايخ األجالء‬ ‫لنحدد جميعا ً ومعا ً احلد األدنى من مصلحتنا‪،‬‬ ‫مصلحة أبناء طائفتنا وأبناء هذا اجلبل‬ ‫ونكون متوافقني‪ ،‬ولكن هذا املوضوع ال يصار‬ ‫إلى بحثه في الشارع وفي الدكاكني‪ ،‬وبني‬ ‫األطفال واملهووسني‪ ،‬وبني الذين ال يفهمون‬ ‫وال يفقهون‪ ...‬إن هذا املوضوع خطير‪ ،‬وملقى‬ ‫على عاتق األجاويد‪ ،‬وأصحاب العقل والفكر‬ ‫والرأي‪ .‬وإن هذه الطائفة‪ ،‬الطائفة الفاطمية‪،‬‬ ‫املوحدين الدروز‪ ،‬لها امتداد منذ أكثر من ألف‬ ‫سنة‪ ،‬وكان لنا احلمد هلل املرجعيات الدينية‬ ‫والسياسية التي كانت دائما ً تقف إلى جانب‬ ‫مصالح الطائفة وكرامتها وعزّها‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بحادثة كفرحيم‪ ،‬فإنه‬ ‫بالنسبة إلينا منت ٍه‪ ،‬وكأنه لم يحصل‪ .‬وهذا ما‬ ‫نتمناه‪ .‬وأيدينا ممدودة‪ ،‬وعقولنا وقلوبنا مفتوحة‬ ‫لتجاوز أي مشكلة في املستقبل‪ .‬وليبقَ النقاش‬ ‫السياسي نقاشا ً راقيا ً وحضارياً‪ ،‬ولنحتكم‬ ‫دوما ً للغة العقل الذي جن ّله ونعبده”‪.‬‬ ‫توجه أحد املشايخ األجالء في كفرحيم‪،‬‬ ‫ثم ّ‬ ‫الشيخ سلمان أبو ضرغم بكلمة قال فيها‪:‬‬ ‫“أهال ً بكم في منزلكم في كفرحيم‪ ،‬هذا‬ ‫املنزل الذي يحضن اإلخوان واحملبني‪ .‬وهذا اللقاء‬ ‫ليس للمصاحلة بل للمعايدة‪ ،‬كي نعيش سويا ً‬ ‫بكرامة وعزة كما اعتدنا”‪ .‬وعن كفرحيم قال‪:‬‬ ‫كفرحيم ركن بهالشوف األبي‬ ‫مجد البطولة بأرضها ترعرع وعاش وربي‬ ‫ومهما عليها األعادي جت ّرب تفوت‬ ‫ما بتنحني إال هلل والنبي”‬ ‫الشيخ ناظم أبو ذياب‬ ‫من جهته شكر الشيخ ناظم أبو ذياب اجلميع‬ ‫على جهودهم‪ ،‬متمنيا ً أن تكون هذه احلادثة‬ ‫خامتة احلوادث‪ ،‬ومعتبرا ً أن ما حصل هو امتحان‪،‬‬ ‫كي نكون محبني ومخلصني ومتسامحني في‬ ‫ما بيننا‪.‬‬

‫االستنكارات‬ ‫استنكارا ً لالعتداء الذي تعرض له في بلدة كفرحيم الشوف‪ ،‬تلقى الوزير وئام وهاب عددا ً‬ ‫من االتصاالت الهاتفية املستنكرة والشاجبة لالعتداء كان من بينها اتصال من رئيس كتلة‬ ‫الوفاء واملقاومة النائب محمد رعد‪ ،‬ومن رئيس التيار الوطني احلر العماد ميشال عون‪ ،‬ورئيس‬ ‫اجلمهورية السابق إميل حلود‪ ،‬ورئيس تيار املردة الوزير سليمان فرجنية ووزير الداخلية زياد بارود‪،‬‬ ‫وقائد اجليش جان قهوجي‪.‬‬ ‫وفي اإلطار نفسه زار الوزير وهاب في دارته في اجلاهلية وزير الزراعة إيلي سكاف وعدد من‬ ‫الوزراء والنواب احلاليني والسابقني‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫تيار التوحيد اللبناني يتضامن مع أهل غزة المحاصرة‬ ‫انتصارا ً للشعب الفلسطيني وتضامنا ً مع أهل غزة احملاصرة‪ ،‬ل ّبى تيار‬ ‫التوحيد اللبناني ممثالً برئيسة “املؤسسة التوحيدية االجتماعية”‪ ،‬عقيلة الوزير‬ ‫وئام وهاب السيدة لني وهاب وأمني العالقات السياسية والدولية الرفيق ياسر‬ ‫الصفدي والوفد املرافق‪ ،‬دعوة هيئة الدعم النسائية في حزب اهلل للمشاركة‬ ‫في اللقاء السياسي الذي أقيم صباح اليوم استنكارا ً ملسلسل اجلرائم‬ ‫الصهيونية في فلسطني‪ ،‬في مطعم الساحة ‪ -‬طريق املطار بحضور الشيخ‬ ‫نعيم قاسم وسفير اجلمهورية اإلسالمية في لبنان السيد محمد رضا شيباني‪،‬‬

‫وسفير كوبا السيد داريو دي أورا وسفير السودان في لبنان السيد جمال محمد‬ ‫إبراهيم والعديد من الشخصيات السياسية واحلزبية والفلسطينية‪.‬‬ ‫ألقيت خالل اللقاء كلمات نددت باستمرار احلصار الصهيوني على غزة‪،‬‬ ‫حيث هناك أكثر من مليون ونصف فلسطيني‪ ،‬وهو الذي يجسد النموذج‬ ‫احلي لسياسة التمييز العنصري الذي ميارسه الكيان الغاصب بحق‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬مؤكدة استمرار املقاومة في سبيل حترير األراضي الفلسطينية‬ ‫من أيادي العدو الغاشم‪.‬‬

‫التيار يشارك في اعتصام الضاحية تضامناً مع غزة‬ ‫لبى وفد من مناصري وقادة تيار التوحيد اللبناني‬ ‫دعوة املشاركة في االعتصام التضامني‬ ‫مع الشعب الفلسطيني احملاصر في غزة‬ ‫الذي دعا إليه حزب اهلل من بعدظهر اليوم‬ ‫في الضاحية اجلنوبية‬ ‫بحضور كافة أحزاب املعارضة‬ ‫تنديدا ً باحلصار الغاشم على الشعب الفلسطيني‬ ‫وما يلحقه من جوع وقتل‬ ‫للعديد من األطفال األبرياء‪.‬‬

‫حملة تشجير‬ ‫في الجاهلية‬ ‫أطلق رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب حملة تشجير في‬ ‫منطقة الشوف‪ ،‬حيث وزّع التيار عشرة آالف نصبة زيتون وصنوبر إلعادة‬ ‫تشجير األحراج واملناطق التي التهمتها احلرائق‪ .‬وباملناسبة قال وهاب أمام‬ ‫احلاضرين‪:‬‬ ‫“نعلن اليوم عن بدء حملة التشجير التي سيقوم بها التيار‪ ،‬مبساعدة‬ ‫البلديات في املنطقة‪( ،‬في الشوف وغيره)‪ ،‬على أثر احلرائق الكبيرة التي‬ ‫تعرضت لها املنطقة وخاصة في الشوف‪ .‬وبالطبع سيتم التعاون في هذه‬ ‫احلملة مع البلديات واملدارس واخملاتير والفعاليات‪ .‬وقد وصلنا بعض التبرعات‪،‬‬ ‫سنبدأ اليوم بتوزيع عشرة آالف نصبة من الزيتون والصنوبر‪ ،‬وسنكملها‬ ‫بنصوب أخرى ستصلنا تباعاً‪ ،‬وهذه احلملة نعتبرها من أقل واجباتنا جتاه‬ ‫هذه املنطقة التي أصابتها النيران‪ ،‬والتي تغيب الدولة عن مسؤولياتها‬ ‫جتاهها‪ ،‬وأنا أتفاجأ بعد شهرين من حصول احلرائق أنه لم يصر بعد إلى‬ ‫مسح األضرار‪ ،‬ولم نر أية خطوة من قبل الهيئة العليا لإلغاثة التي توزع‬ ‫خدماتها أينما كان‪ ،‬إال في األماكن التي تستحق املساعدات‪ ،‬رغم أن معظم‬ ‫الناس في هذه املنطقة يعتاشون من هذه األرزاق ومن الزيتون والصنوبر التي‬ ‫اشتعلت‪ .‬وهذا النداء ليس موجها ً إلى رئيس احلكومة‪ ،‬فهو طبعا ً ال يبالي‪،‬‬ ‫خصوصا ً باملناطق الفقيرة! بل موجه إلى وزراء املعارضة الذين يجب عليهم‬ ‫االهتمام باملناطق الفقيرة والنائية والضغط على الهيئة العليا لإلغاثة‬ ‫إلجراء مسح في هذه املناطق‪ ،‬خاصة في الدبية واجلاهلية وعني احلور وكل‬ ‫املناطق التي تعرضت للحرائق الكبيرة‪ ،‬والتعويض على الناس املتضررين‪.‬‬ ‫واألمر اآلخر الذي أود أن أقوله هو‪ ،‬وكي ال يتحول وزراء املعارضة في‬ ‫احلكومة إلى شهود زور‪ ،‬يجب أن يضعوا حدا ً لتصرفات فؤاد السنيورة‪،‬‬

‫وخاصة في موضوع الصرف غير املدروس وموضوع الهيئة العليا لإلغاثة‪،‬‬ ‫ومواضيع كثيرة أخرى كالبنزين مثالً‪ ،‬حيث تأخذ الدولة من املواطن‪ ،‬عن‬ ‫كل صفيحة بنزين حوالى ‪ 12‬ألف ليرة‪ .‬فلتتحمل الدولة النصف‪ ،‬واملواطن‬ ‫النصف اآلخر‪ ،‬خاصة في ظل هذا الوضع االقتصادي الصعب‪ .‬واملازوت أيضاً‪،‬‬ ‫ميكن للدولة أن تخفض ‪ 7‬أو ‪ 8‬آالف ليرة من سعره دون أن تدفع من جيبها‬ ‫شيئاً‪ ،‬خاصة على أبواب موسم الشتاء!‬ ‫أدعو وزراء املعارضة ألن يخوضوا معركة “املواطنني” داخل احلكومة‪،‬‬ ‫وليضعوا جانبا ً موضوع التضامن احلكومي واالتفاق الذي حصل في الدوحة‬ ‫على مسألة التضامن احلكومي‪ .‬نعم‪ ،‬لقد حصل اتفاق في الدوحة على هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬ولكن التضامن احلكومي يجب أال يكون على حساب الناس ولقمة‬ ‫الفقير ومعيشته‪ .‬فأمتنى على وزراء املعارضة أن يخوضوا هذه املعركة وأال‬ ‫يراعوا فؤاد السنيورة‪ ،‬فمراعاتهم له ستحولنا كمعارضة إلى شركاء في‬ ‫عملية الفساد‪ ،‬وهذا ال يجوز‪ .‬يجب أن يكون موقف وزراء املعارضة حاسما ً‬ ‫وإال فمغادرة احلكومة أفضل من البقاء كشهود زور”‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫تيار التوحيد اللبناني يعتصم‬ ‫في بلدة الجاهلية تضامناً مع غزة‬

‫الرفيق بهاء عبد اخلالق‬

‫املعتصبون املشاركون في االعتصام‬

‫بدعوة من تيار التوحيد اللبناني وهيئة‬ ‫العمل التوحيدي‪ ،‬أقيم في بلدة اجلاهلية‬ ‫في الشوف اعتصام تضامني مع الشعب‬ ‫الفلسطيني املنكوب‪ ،‬حيث جتمّ ع أكثر من ‪500‬‬ ‫معتصم من مختلف القرى‪ ،‬أطلقوا شعارات‬ ‫منددة ومستنكرة للمجازر التي يقوم بها‬ ‫العدو الصهيوني بحق هذا الشعب األبي في‬ ‫قطاع غزة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عبد اخلالق‬ ‫وباملناسبة ألقى نائب رئيس املكتب السياسي‬ ‫بهاء عبد اخلالق كلمة‪ “ :‬ما يحدث في غزة هو‬ ‫جرمية إبادة جماعية‪ ،‬ومحرقة جديدة بحق شعبنا‬ ‫الفلسطيني الصابر املقاوم للغطرسة والغدر‬ ‫اإلسرائيلي والعربي‪.‬‬ ‫في هذه املرحلة‪ ،‬دم جديد ومجازر جديدة‬

‫‪54‬‬

‫وخطة جديدة لتصفية القضية العربية املركزية‬ ‫أمام أنظار العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫هذا الدم الفلسطيني الذي يجب أال يكون‬ ‫رخيصاً‪.‬‬ ‫هذا الدم الذي ألجله يجب أن تنتفض‬ ‫الشعوب اإلسالمية والعربية على أنظمتها‬ ‫املهترئة البالية‪ ،‬السابح بعضها في املنظومة‬ ‫اإلسرائيلية ‪ -‬األميركية‪.‬‬ ‫وهذه اجملازر الوحشية التي آن لها أن توقظ‬ ‫الرفض الغربي وتستصرخ ضمائر الشرفاء‬ ‫للنهوض والتأسيس لثورة إنسانية عربية جارفة‬ ‫لسلطاتها املتآمرة بدل اخلضوع واخلنوع ملمارسات‬ ‫القمع واالضطهاد والكبت املمنهج للسكوت‬ ‫عن مؤامراتها وسياساتها الداعمة للمشروع‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فيا أهلنا في غزة‪ ،‬املقاومة هي خيارنا الوحيد‬ ‫في وجه عد ّونا املتهاوي‪ ...‬ويا أهلنا في غزة‪،‬‬ ‫متسكوا مبقاومتكم وامضوا في اجلهاد واصبروا‬ ‫على الظلم والدم واعتصموا بحبل اهلل إنه‬ ‫لناصركم بإذنه تعالى‪.‬‬ ‫يجب أال يكون لنا بعد اليوم استراتيجية‬ ‫عربية سوى املقاومة‪ ،‬فهي السبيل الوحيد‬ ‫ّ‬ ‫املتعطش‬ ‫لتحرير فلسطني وردع هذا العدو‬ ‫للدم‪ ،‬وإسقاط سياساته للهيمنة على األرض‬ ‫واإلنسان‪.‬‬ ‫أما األنظمة العربية فهي تدفع بشعبنا‬ ‫الفلسطيني إلى دفع أثمان خضوعها وتبعيتها‬


‫منذ أكثر من أربعني عاماً‪.‬‬ ‫آن األوان ألن تنتفض شعوبنا العربية وتثور‬ ‫من أجل القدس وفلسطني‪ ،‬من أجل أطفالها‬ ‫ونسائها وشيوخها‪ ،‬من أجل حقها في العيش‬ ‫والبقاء على أرضنا وفي عاملنا‪.‬‬ ‫آن األوان ألن نضع حدا ً ملمارسات هذه األنظمة‪.‬‬ ‫كفاها رقصا ً على دماء األبرياء والشهداء األبرار‪..‬‬ ‫كفاها ذال ً وهربا ً من الواجب اإلنساني والقومي‪.‬‬ ‫كفانا أمالً بالهدنة والسالم املزعوم املز ّيف‪.‬‬ ‫فعد ّونا ال يؤمن إال بالدم واالحتقار لشعوبنا‬ ‫وحلقوقنا العربية‪.‬‬ ‫فالدم أيقظ الدم‪ ،‬وأنتم ما زلتم واهمني‬ ‫مراهنني‪ ،‬جامدين بال حراك‪.‬‬ ‫فأنتم وصمة عار على جبني كل عربي‬ ‫وفلسطيني شريف‪ .‬أنتم تاريخ الذل والضعف‬ ‫لهذه األمة‪.‬‬ ‫أما أنتم يا أهلنا في مصر‪ ،‬فه ّبوا لنجدة‬ ‫أهلكم في غزة‪ ،‬افتحوا املعابر بقوة إميانكم‬ ‫ودينكم‪ ..‬وساندوا أهل غزة بالسالح والدواء‬ ‫والطعام‪ ..‬قوموا للجهاد وتخ ّلصوا من نظامكم‬ ‫املتآمر على قضايا األمة‪ ،‬واملساند الدائم للعدو‬ ‫اإلسرائيلي‪..‬‬ ‫مزّقوا كامب دايفيد‪ ..‬ودوسوا بأقدامكم على‬ ‫رموزه‪ ..‬عمالء إسرائيل‪ ..‬فعبد الناصر يناديكم‪..‬‬ ‫أنتم أمل الشعب الفلسطيني‪ ..‬أنتم أمل القدس‬ ‫وأمل األمة‪.‬‬ ‫وأخيرا ً حتية وألف حتية إليك يا غزة العرب‬ ‫الصامدة‪ ..‬إليك يا درة الكرامة واإلباء‪ ..‬إليك يا‬ ‫عنوان العروبة والصمود والتصدي‪ ..‬حتية إلى‬ ‫كل طفل وامرأة وشيخ‪ ،‬حتية إلى كل دمعة‪،‬‬ ‫وكل قطرة طاهرة من دماء حاضنة لألرض‪،‬‬ ‫معانقة للسماء‪ ،‬ومؤمنة باحلق والدين‬ ‫واألرض واإلنسان‪ ..‬أعانكم اهلل والنصر آت آت‬ ‫آت”‪.‬‬

‫الشيخ ضو‬ ‫ثم كانت كلمة لرئيس هيئة العمل‬ ‫التوحيدي الشيخ صالح ضو قال فيها‪“ :‬أيها‬ ‫اإلخوة املشاركون في اللقاء التضامني مع أهلنا‬ ‫وإخواننا في غزة اجلريحة التي تتعرض ألبشع‬ ‫اجملازر واإلبادة اجلماعية على أيدي مغول هذا‬ ‫العصر وبرابرة التاريخ‪ .‬هؤالء اجملرمون الذين ال‬ ‫يعيشون إال على الدماء والقتل منذ أن زرعوا في‬ ‫أرضنا العربية ظلما ً وعدوانا‪ .‬هؤالء الذين قتلوا‬ ‫األنبياء واملرسلني ووحشيتهم تنبئ عنهم أينما‬ ‫حلوا‪ ،‬وبصمات إجرامهم في كل بقعة في هذه‬ ‫األرض التي تشهد على همجيتهم وغدرهم‪.‬‬ ‫وها هم اليوم وأمام أعني اجملتمع الدولي وأهل‬ ‫األرض قاطبة يرتكبون أبشع اجملازر ويقصفون‬ ‫ويدمرون بطائرات حقدهم البيوت على رؤوس‬ ‫اآلمنني ويقتلون الشيوخ والنساء واألطفال دون‬ ‫رحمة‪ .‬وأهل غزة يستغيثون وما من مغيث‪،‬‬

‫جانب آخر من املعتصمني‬

‫الشيخ صالح ضو‬

‫الرفيق جهاد ابو ذياب‬

‫وملوك العرب وبعض احلكام املهزومني اجلبناء‬ ‫الذين خانوا دينهم وشعوبهم‪ ،‬يتفرجون على‬ ‫شالالت الدماء تسيل من هذا الشعب‪ ،‬الذي‬ ‫جرميته أنه لم يكن جبانا ً مثلهم ومتسك بحقه‬ ‫بأرضه وكرامة وجوده‪ ،‬ولم يساوم على وطنيته‬ ‫ولم يسلك طريق الذل واخلنوع الذي سلكتموه‪،‬‬ ‫ألهذا تعاقبونه؟‬ ‫ونسأل هل كانت عصبة األمم املتحدة لتقف‬ ‫متفرجة لو كان االعتداء على الصهاينة ولم‬ ‫يصدر عنها سوى بيان خجول تساوي فيه بني‬ ‫الضحية واجلالد؟ لقد سقط الرهان وبدأ عصر‬ ‫املقاومة والشرفاء‪ .‬وها هو محور املمانعة‬ ‫واملقاومة يثبت من جديد أنه الطريق الوحيد‬ ‫السترجاع احلقوق واحلفاظ على الكرامة‪ ،‬ولن‬ ‫يكون مصير هؤالء اجلبناء الذين هربوا كالفئران‬ ‫من اجلنوب اللبناني أمام اجملاهدين وعلى أيدي‬ ‫رجال اهلل‪ ،‬لن يكون مصيرهم في غزة أفضل‪،‬‬ ‫ولن يكون باستطاعتهم أن ينالوا من غزة وإن‬ ‫عظمت التضحيات‪ ،‬ولن يستعيدوا هيبتهم‬ ‫التي فقدوها‪ ،‬وعنفوانهم الذي مت ّرغ حتت أقدام‬ ‫املقاومني األبطال‪ ،‬ولن يكون أمامهم إال الهزمية‪.‬‬ ‫وشدوا‬ ‫وحدوا صفوفكم‬ ‫ّ‬ ‫لذلك أيها اإلخوة‪ّ ،‬‬ ‫عزميتكم واصبروا والنصر سيكون حليفكم إن‬ ‫شاء اهلل‪ ،‬ولن يجعل اهلل للكافرين على املؤمنني‬

‫سبيالً‪ ،‬وستكون هذه الدماء الطاهرة بداية‬ ‫اإلعصار الذي سوف يزلزل عروش املتآمرين على‬ ‫شعوب األمة‪ .‬ولن يهدأ غضب اجلماهير احلية بعد‬ ‫اليوم‪ .‬إن اهلل وعد املؤمنني بالنصر وكان وعد اهلل‬ ‫حقا”‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫أبو ذياب‬ ‫وألقى جهاد أبو ذياب كلمة باسم مفوضية‬ ‫اجلاهلية جاء فيها‪“ :‬إننا في تيار التوحيد اللبناني‬ ‫نعتصم اليوم استنكارا ً ملا يتع ّرض له أهلنا في‬ ‫غزة وأطفالها الذين يحاصرون ويحرمون ملذة‬ ‫العيد وفرحته‪.‬‬ ‫نعتصم اليوم ّ‬ ‫عل صرختنا تصل الى الذين‬ ‫تعنيهم هذه القضية‪ .‬من هنا باسمي وباسم‬ ‫كل املعتصمني نناشد اجملتمع الدولي واجلامعة‬ ‫العربية والدول العربية وبعض احلكام العرب‬ ‫املتخاذلني أن يلتفتوا ولو ملرة واحدة بجدية جتاه‬ ‫هؤالء الناس وقضيتهم التي تعني كل عربي‬ ‫مخلص وكل مسلم مؤمن‪.‬‬ ‫أما ألهلنا في غزة فنقول‪ :‬ما عليكم إال الصبر‬ ‫والصمود فنحن معكم ومتمسكون بقضيتكم‬ ‫حتى حتقيق النصر”‪.‬‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫زيارة سفارة جمهورية فنزويال‬ ‫البوليفارية في دمشق‬ ‫قامت مسؤولة العالقات اخلارجية في تيار التوحيد فريال أبو ذياب‬ ‫بزيارة سفارة جمهورية فنزويال البوليفارية في دمشق‪ ،‬حيث التقت‬ ‫سعادة السفيرة ضياء العنداري والوزير املفوض السيد وليد اجلردي‪.‬‬ ‫رحب سعادة السفير بلقاء أبو ذياب‪ ،‬ودار نقاش سياسي حول آخر‬ ‫املستجدات على الساحة اللبنانية‪ ،‬حيث أكدوا أهمية احلوار الداخلي‬ ‫للدخول الى مرحلة إمتام االنتخابات النيابية مبا يخدم املصالح الوطنية‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫وشددت سعادة السفيرة على املواقف الوطنية والقومية واإلنسانية‬ ‫البارزة للوزير وهاب وأبدت إعجابها بنشاطاته الدبلوماسية جلهة‬ ‫االنفتاح والتواصل‪ .‬وحملت أبو ذياب حتياتها للوزير وهاب وقدمت له‬ ‫دعوة لزيارة السفارة في دمشق‪.‬‬

‫استقالل رومانيا‬

‫وشاركت أبو ذياب ممثلة رئيس التيار الوزير وئام وهاب في حفل عشاء‬ ‫خاص‪ ،‬أقامته سفارة رومانيا في أوتيل “فينيسيا” في بيروت‪ ،‬مبناسبة ذكرى‬

‫وهاب يستنكر ما‬ ‫حصل في نيجيريا‬

‫استقالل جمهورية رومانيا‪ .‬وقد حضرته شخصيات سياسية ودبلوماسية‬ ‫وممثلون عن وزراء ونواب‪.‬‬

‫‪...‬وفي الهند‬

‫استنكر رئيس تيار التوحيد اللبناني‬ ‫الوزير وئام وهاب ما حصل من أحداث‬ ‫وتطورات سياسية أخيرة في مدينة جوس‬ ‫في نيجيريا‪ ،‬ما أدى إلى نعرات طائفية‪،‬‬ ‫ويأسف حلدوث مثل هذه الهجمات في بلد‬ ‫عرف نعمة العيش املشترك‪،‬‬ ‫ويتقدم بالتعزية من جمهورية نيجيريا‬ ‫حكومة وشعبا ً ومن سفارتها في لبنان‬ ‫متمنني لها اخلروج العاجل من مصابها‬ ‫األليم‪.‬‬

‫استنكر رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫قيام جماعات إرهابية في بومباي باالعتداء السافر الذي‬ ‫أدى إلى مقتل أكثر من ‪ 195‬شخصا ً وجرح آخرين‪ .‬إننا‪،‬‬ ‫بعد ما عانيناه في لبنان من أعمال عدائية مشابهة‪،‬‬

‫بشار عادل أبو ناصيف‬ ‫تتوجه مفوضية اجلاهلية في تيار‬ ‫التوحيد اللبناني بتهنئة الرفيق عادل‬ ‫أبو ناصيف وعقيلته باملولود اجلديد‬ ‫“بشار” ألف مبروك‪،‬‬

‫نؤكد وقوفنا إلى جانب الشعب الهندي الصديق‪،‬‬

‫وئام نجم الخلفاني‬

‫والطمأنينة إلى هذا البلد العزيز واملسالم‪ ،‬كما نتقدم‬

‫كما تتوجه أسرة مجلة منبر‬ ‫التوحيد الى السيد جنم اخللفاني‬ ‫بالتهاني باملولود اجلديد «وئام»‬ ‫فاألطفال زينة احلياة الدنيا‪.‬‬

‫وعلى أهمية معاقبة الفاعلني‪ ،‬ونتمنى عودة االستقرار‬ ‫من الدولة الهندية وحكومتها وأهالي الضحايا‬ ‫وسفارتها في لبنان بالتعزية‪ ،‬متمنني الشفاء العاجل‬ ‫للجرحى‪.‬‬

‫لقاء في راشيا لتفعيل عمل‬ ‫«الحركة النسائية التوحيدية»‬

‫تلبية للدعوة املوجهة من الرفيقات في مفوضية العقبة‪ ،‬وتوسيعا ً‬ ‫لالنتشار التنظيمي “للحركة النسائية التوحيدية”‪ ،‬نظم لقاء مع‬ ‫سيدات وصبايا العقبة في منزل عضو املكتب السياسي الرفيق مرسل‬ ‫الشعار في راشيا‪ ،‬بحضور وفد من األمناء ضم‪ :‬نائب رئيس مجلس‬ ‫األمناء الرفيق شبلي بدر‪ ،‬أمينة شؤون املرأة الرفيقة فدى وهاب‪ ،‬أمني‬ ‫الداخلية الرفيق هشام األعور‪ ،‬أمني اإلعالم الرفيق ماهر سري الدين‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪56‬‬

‫ومفوض العقبة الرفيق فارس بو علي‪ ،‬وقد جرت خالل اللقاء نقاشات‬ ‫حول أهداف احلركة وطروحاتها بهدف تعزيز استكمال مسيرة التغيير‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫وهذا يتطلب االهتمام بقضايا املرأة كي تتمكن من املساهمة في عملية‬ ‫التطور االجتماعي‪ ،‬وحتريرها من الرواسب والقيود التي تعطل وعيها وإرادتها‬ ‫كي تصبح قادرة على تقرير مصيرها بحرية ومسؤولية‪.‬‬


‫وجهة نظر‬

‫فلسطين وعام جديد ينقضي‬ ‫منذ أكثر من ستة عقود والفلسطيني يو ّدع‬ ‫سنة ليستقبل أخرى‪ ،‬لع ّله يجد في السنة‬ ‫اجلديدة ما يضع حدا ً لغربته التي طالت وطال‬ ‫معها الشوق إلى األهل والديار‪.‬‬ ‫لم ينس الفلسطيني منذ جلوئه أن في‬ ‫هذا اللجوء قريبا ً من األرض التي أحبها حتى‬ ‫الشهادة‪ ،‬يكمن التحدي اليومي واملباشر للعدو‬ ‫اإلسرائيلي املتغطرس‪ ،‬الذي ظن أن في قيام‬ ‫كيانه على أرض فلسطني تنتهي إلى األبد حقبة‬ ‫فلسطني العربية‪ ،‬لتبدأ حقبة إسرائيل اليهودية‬ ‫الصرفة على قاعدة أن ما يسمى بالفلسطينيني‬ ‫سينقرضون‪ ،‬وأوهم مستوطنيه أن دولتهم هي‬ ‫اجلنة املوعودة‪ ،‬وأن قوتهم هي ضمانة بقائهم‬ ‫وسط محيط يناصبهم العداء ويتربص بهم‬ ‫الدوائر‪ ...‬لكن هذه املقولة سقطت وتهاوت معها‬ ‫كل أحالم الصهاينة في كيان آمن ومستقر‪ ،‬فإذا‬ ‫باحللم الفلسطيني في العودة يصبح واقعا ً‬ ‫يقض مضاجع احملتلني‬ ‫على كل شفة ولسان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويُعيد إلى الذاكرة حتمية زوال كيانهم بعدما‬ ‫بدأت تداعيات هزائمهم املتالحقة وفسادهم‬ ‫املستشري تفعل فعلها في بنية هذا الكيان‬ ‫املتداعي وأسسه‪...‬‬ ‫إذا ً فقد جنح الفلسطيني‪ ،‬رغم كل ظروفه‬ ‫القاسية‪ ،‬في إفشال كل اخملططات اإلسرائيلية‬ ‫التي رمت إلى طمس الهوية الفلسطينية‬ ‫وصوال ً إلى إلغائها‪ ،‬وسقطت مع هذا الفشل كل‬ ‫ادعاءاته في دولة عنصرية ال تتسع إال للصهاينة‬ ‫بعد التصدي البطولي ألهلنا في فلسطني احملتلة‬ ‫دفاعا ً عن هويتهم الفلسطينية وانتمائهم‬ ‫القومي ألمتهم العربية‪.‬‬ ‫وقد جنح الفلسطيني أيضا ً حني أخفق‬ ‫اإلسرائيلي في إدامة لغة التقاتل والصراع‬ ‫الدموي في الساحة الفلسطينية‪ ،‬وعاد‬ ‫الفلسطينيون يبحثون عن قنوات تواصل وحوار‬ ‫في ما بينهم لرأب الصدع‪ ،‬وتفويت الفرصة على‬ ‫العدو لالستفادة من األوضاع القائمة‪ ،‬والغريبة‬ ‫عن أخالقنا وأدبياتنا وتاريخنا‪ ،‬وجنح الفلسطيني‬ ‫أيضا ً في خلق معادلة صراع جديدة أجبرت العدو‬ ‫على االنكفاء‪ ،‬وإعادة حساباته قبل اإلقدام على‬ ‫أي عمل أحمق بحق أهلنا في الضفة والقطاع‪،‬‬ ‫وأدرك املستوطنون أنهم بعد أكثر من ستني عاماً‪،‬‬ ‫ليسوا في مأمن من االنتقام والرد الفلسطيني‬ ‫على اعتداءاتهم‪.‬‬ ‫وجنح الفلسطيني عندما أحبط أهلنا في‬ ‫غزة كل محاوالت تركيعهم‪ ،‬تارة باحلصار‪ ،‬وطورا ً‬ ‫بالقتل والتدمير‪ ،‬ما خلق حالة من اإلرباك في‬ ‫الشارع اإلسرائيلي‪ ،‬وحالة من التضامن في‬ ‫الشارع العربي والعاملي‪ ،‬فإذا باملسيرات احلاشدة‬ ‫تخترق جدار صمت األنظمة الغارقة في سباتها‪،‬‬

‫وإذا بالسفن احململة باألدوية واألغذية تكسر‬ ‫احلصار فتصل إلى موانئ غزة لتعلن بداية حملة‬ ‫تضامنية مستمرة لرفع احلصار عن أهلنا‪.‬‬ ‫أمام هذا الواقع الفلسطيني واإلرباك‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬يتحرك الرئيس األميركي بوش وهو‬ ‫في آخر أيام واليته‪ ،‬وبعدما فشل في تنفيذ‬ ‫أجندته‪ ،‬لتعميم الفوضى الدائمة في منطقتنا‬ ‫انطالقا ً من العراق‪ ،‬يطل هذا األميركي بسالح‬ ‫الكذب من جديد‪ ،‬السالح نفسه الذي خدع به‬ ‫العالم لغزو العراق‪ ،‬فيدعو مجلس األمن لتبني‬ ‫ورقة إعالن نوايا حتث الفلسطينيني واإلسرائيليني‬ ‫على املضي قدما ً في عملية السالم وفق الرؤية‬ ‫األميركية‪!!..‬‬ ‫وبوش في الربع الساعة األخير من عهده ال‬ ‫يتردد في تسديد الفاتورة كاملة للصهاينة‬ ‫الذين منحوه واليتني كاملتني ليحقق لهم ما‬ ‫فشلوا في حتقيقه على مدار أكثر من نصف قرن‬ ‫من الزمان‪ ،‬وحتديدا ً جلهة متزيق العراق واحتالله‪،‬‬ ‫وإشاعة حالة من االنقسام واخلصومة بني األقطار‬ ‫العربية وصوال ً إلى إشاعة حالة من االستقطاب‬ ‫لهذا الطرف أو ذاك‪ ،‬ووضعه في مواجهة األطراف‬ ‫األخرى‪ ،‬كما هي احلال في لبنان والعراق وفلسطني‬ ‫وأفغانستان وغيرها‪...‬‬ ‫اإلدارة األميركية في سعيها هذا‪ ،‬تستعني‬ ‫مبن راهن على نواياها احلسنة في املنطقة‪ ،‬وهي‬ ‫ال تنقطع عن التأكيد‪ ،‬رغم مأزقها التاريخي‬ ‫داخل أميركا‪ ،‬على دور أميركي فاعل في عملية‬

‫‪57‬‬

‫السالم في الشرق األوسط لإلبقاء على حالة‬ ‫من البلبلة والفوضى بني مصدق الدعاءاتها‬ ‫وتوجهاتها نحو السالم في املنطقة ورافض لها‪،‬‬ ‫األمر الذي يشير إلى استمرار املأزق الفلسطيني‬ ‫ما دام هناك من يودع إدارة راحلة ليستقبل إدارة‬ ‫محملة حسب زعمه بالكثير من‬ ‫واعدة جديدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التطمينات التي لن ترقى بكل تأكيد إلى مستوى‬ ‫الترجمة العملية املترافقة مع الضغط على‬ ‫العدو اإلسرائيلي للوفاء بالتزاماته نحو الطرف‬ ‫الفلسطيني املفاوض‪...‬‬ ‫إنها اإلدارة الصهيو ـ أميركية التي عودتنا‬ ‫على التنصل من كل االلتزامات إذا كان فيها ما‬ ‫يشير ولو بإدانة إلى العدوان اإلسرائيلي املستمر‪،‬‬ ‫فكيف واحلال هذه تو ّقع موقف أميركي ضاغط‬ ‫على العدو اإلسرائيلي الذي لم يتقدم ولو‬ ‫بإكرامية حتفظ ماء الوجه للذين فاوضوا وأثبتوا‬ ‫أنهم األقدر واألكثر جرأة على شطب املواثيق‬ ‫والتخلي عن الثوابت الوطنية التي أجمع عليها‬ ‫الشعب الفلسطيني‪!!...‬‬ ‫واحملزن في األمر كله أن املفاوض الفلسطيني‬ ‫لم يتعلم بعد من كل مساراته املاراتونية‬ ‫التفاوضية‪ ،‬أن أميركا داعمة هذا الكيان الغاصب‬ ‫لن تكون وسيطا ً نزيها ًَ أو محايدا ً وهي املعنية‬ ‫بأمن إسرائيل وحمايتها أوالً‪ ،‬والبحث عن كل ما‬ ‫من شأنه تعزيز هذا األمن اإلسرائيلي‪ ،‬وهو على‬ ‫حساب كل العرب إذا ما اقتضى األمر ذلك!!‬ ‫إن منطق األمور يتطلب اليوم عمالً فلسطينيا ً‬ ‫جادا ً ومسؤوال ً على كل املستويات‪ ،‬يُعيد تصويب‬ ‫املسار ويضع حدا ً حلالة التمزق والضياع التي ميزت‬ ‫الساحة الفلسطينية في السنتني األخيرتني‪...‬‬ ‫وأي حديث غير ذلك هو مضيعة للوقت‪ ..‬وتفتيت‬ ‫للجهد‪ ..‬لقد ج ّرب شعبنا املفاوضات وسياسة‬ ‫السقوف املنخفضة التي أوصلتنا إلى القبول‬ ‫بإمالءات العدو‪ ،‬فقط ليستمر مبفاوضاته‪ ،‬لكن‬ ‫عدوا ً مناورا ً كالعدو اإلسرائيلي يُدرك أن من يتنازل‬ ‫عن شبر من األرض ميكنه أن يتنازل عن أكثر من‬ ‫ذلك‪ ،‬لذلك كان الرفض املستمر لتقدمي أي تنازالت‬ ‫للجانب الفلسطيني املفاوض واملهووس بالدولة‬ ‫املوعودة‪ ،‬إلجباره على القبول بشروطه والتسليم‬ ‫بها‪ ،‬ورحم اهلل الشهيد الرئيس حافظ األسد‬ ‫الذي أسلم الروح ولم يُس ّلم بشبر واحد من‬ ‫األرض السورية‪ ،‬حتى لو كان الثمن معاهدة سالم‬ ‫مع اإلسرائيليني‪.‬‬

‫أبو إيهاب حسن‬ ‫أمني سر اجمللس الثوري حلركة‬ ‫فتح االنتفاضة‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫فلسطين‬ ‫خارطة طريقها االنتفاضة والمقاومة‬ ‫حقق الشعب الفلسطيني بفعل تراكم‬ ‫نضاالته وعلى مدى عقود طويلة‪ ،‬منجزات كثيرة‬ ‫على صعيد بلورة هويته السياسية‪ ،‬وأبرز هذه‬ ‫املنجزات هي االنتفاضة األولى والثانية‪ ،‬وكانت‬ ‫حتصيالً ملسيرة طويلة من العمل الكفاحي‪،‬‬ ‫وانتقال مركز ثقل العمل الفلسطيني إلى‬ ‫داخل فلسطني‪ ،‬ومن املستويات النضالية‬ ‫والتنظيمية واالجتماعية والنقابية العالية‬ ‫املستوى‪ ،‬التي كانت رد فعل واعيا ً وتغيرا ً‬ ‫نوعياً‪.‬‬ ‫ونتيجة للممارسات الصهيونية املباشرة‬ ‫التي حاولت طمس القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫فإن شعبنا كان يتحفز لالنتقال ملرحلة جديدة‬ ‫مميزة في القاموس النضالي للشعوب كافة‬ ‫من أجل حتررها‪ ،‬ودخلت “االنتفاضة” التاريخ‬ ‫من بابه الواسع‪ ،‬عبر مسيرة التضحيات‬ ‫الكبيرة‪.‬‬ ‫وما حدث في ‪ 1987/12/7‬كان الشرارة التي‬ ‫أشعلت حريقا ً كبيراً‪ ،‬عندما تعمد سائق سيارة‬ ‫عسكرية صهيونية االصطدام بسيارة تقل‬ ‫عماال ً فلسطينيني‪ ،‬فقتل أربعة منهم‪ ،‬واندلعت‬ ‫التظاهرات احتجاجا ً على ذلك احلادث في اليوم‬ ‫الذي يليه‪ ،‬واستمرت وامتدت وتنظمت‪ ،‬وصارت‬ ‫ما يعرف باالنتفاضة األولى التي استمرت من‬ ‫(‪.)1993 -1987‬‬ ‫قاوم الفلسطينيون االحتالل مبزيج من العمل‬ ‫العنفي والسلمي‪ ،‬فاستخدموا احلجر واملقالع‬ ‫والزجاجات الفارغة واحلارقة‪ ،‬وتظاهروا واعتصموا‬ ‫وأضربوا ورفضوا دفع الضرائب‪ ،‬كما أ ّدبوا املتعاونني‬ ‫مع العدو‪.‬‬ ‫وكانت االنتفاضة شاملة عمت أرجاء املناطق‬ ‫احملتلة عام ‪ 1967‬أساسا ً (الضفة الغربية وقطاع‬ ‫غزة والقدس)‪ ،‬وامتدت أعمال التضامن واملساندة‬ ‫الى املناطق احملتلة عام ‪ ،1948‬وفي بعض الفترات‪،‬‬ ‫بلغ عدد اجلنود الصهاينة املرابطني في املناطق‬ ‫احملتلة أكثر من أولئك الذين احتلوها في عام‬ ‫‪.1967‬‬ ‫وواجه الصهاينة الفلسطينيني بالرصاص‬ ‫املطاطي واحلي‪ ،‬وتبنوا سياسة كسر العظام‪،‬‬ ‫وهدموا البيوت واقتلعوا األشجار واعتقلوا اآلالف‬ ‫من املناضلني‪ ،‬كما قام الصهاينة مبجازر عدة‬ ‫استهدفت الفلسطينيني العزل‪ ،‬كمجزرة عيون‬ ‫قارة واملسجد األقصى واحلرم اإلبراهيمي في‬ ‫اخلليل وغيرها‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫محمود عباس‪ :‬ال بديل عن استمرار املفاوضات!‬

‫أسباب اندالع االنتفاضة األولى‬ ‫مقاومة االحتالل الصهيوني‪ ،‬وحيث يكون‬ ‫االحتالل تكون هناك املقاومة‪ ،‬وتدهور األوضاع‬ ‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وعدم مالءمة احللول‬ ‫السياسية املطروحة آنذاك لتطلعات الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ففي عام ‪ 1987‬كان االستيالء‬ ‫على األرض الفلسطينية مستمراً‪ ،‬وكان بناء‬ ‫املستوطنات مستمراً‪ ،‬واألراضي احملتلة قد أحلقت‬ ‫اقتصاديا ً بالكيان الصهيوني‪ ،‬وحتول عدد كبير من‬ ‫أبنائها الى عمال في االقتصاد الصهيوني‪.‬‬ ‫وكان الكيان يجني من االحتالل مليارات من‬ ‫الدوالرات في العام من السياحة والصادرات الى‬ ‫الضفة وغزة‪ ،‬إضافة الى أثمان املاء والكهرباء‬ ‫والضرائب الباهظة‪.‬‬ ‫كما أن مشاريع التسوية جتاهلت حقوق‬ ‫الشعب الفلسطيني الوطنية املشروعة‪،‬‬ ‫وجتاهلت منظمة التحرير التي مثل ميثاقها‬ ‫الطموح الفلسطيني‪ ،‬كما سعت بعض مشاريع‬ ‫التسوية إلى خلق بدائل للمنظمة لتمثل‬ ‫الشعب الفلسطيني دون أن تعبر هذه البدائل‬ ‫عن طموحه‪.‬‬ ‫هذا في الوقت الذي كان فيه االضطهاد‬

‫‪58‬‬

‫متعاظماً‪ ،‬فمصير املعارض االعتقال‪ ،‬ومصير‬ ‫األرض واملياه املصادرة‪ ،‬ومصير الوطن الضياع‪ .‬فما‬ ‫ان اندلعت االنتفاضة وتبني للقوى السياسية‬ ‫أن امتدادها وشدتها يفوقان كل ما سبقها من‬ ‫انتفاضات وهبات‪ ،‬حتى التقت القوى السياسية‬ ‫وشكلت قيادة وطنية موحدة لالنتفاضة‪ ،‬ووجهت‬ ‫هذه القيادة النشاطات النضالية وتنظيمها‪،‬‬ ‫وكانت مبثابة هيئة أركان الشعب املنتفض‬ ‫ضد االحتالل‪ .‬ورفعت شعارا ً مركزيا ً وهو “احلرية‬ ‫واالستقالل للشعب الفلسطيني”‪.‬‬ ‫اندلعت االنتفاضة لكنس االحتالل ولبناء‬ ‫الوطن‪ ،‬وكانت الرؤية واضحة‪ ،‬واإلرادة صلبة‪،‬‬ ‫لدى املناضلني كافة‪ ،‬واالنتفاضة لم تبدأ بقرار‬ ‫من أي من القوى السياسية‪ ،‬فهي فعل شعبي‬ ‫عارم فالقوى السياسية تعمل من أجل التغيير‬ ‫وتعد الناس للثورة‪ ،‬ولكن الثورة ال تندلع إال عندما‬ ‫تنضج الظروف‪ ،‬وإثر حدث يكون مبثابة الشرارة‪،‬‬ ‫وحينئ ٍذ تلتقطها القوى السياسية وتوجهها‬ ‫وتقودها وتكسبها بعدا ً سياسياً‪ .‬وهذا ما قامت‬ ‫به القيادة املوحدة‪.‬‬ ‫ومن دراسة الفعاليات النضالية وعدد‬ ‫الشهداء‪ ،‬وتوزع أماكن سكنهم‪ ...‬تبني أن‬ ‫لالنتفاضة قاعدة اجتماعية متثلت في سكان‬ ‫اخمليمات والقرى واألحياء الفقيرة في املدن‪ ،‬هذه‬


‫القاعدة الشعبية‪ ،‬هي التي قدمت معظم‬ ‫التضحيات‪ ،‬وقد شاركت في االنتفاضة مئات‬ ‫أخرى من الشعب‪ ،‬من أصحاب املصالح التجارية‬ ‫والصناعية وبدرجة نسبية‪ ،‬وشارك فلسطينيو‬ ‫‪ 1948‬بدعم االنتفاضة وإسنادها كما قامت‬ ‫حمالت دعم كبيرة في اخلارج‪.‬‬

‫املكاسب التي حققتها‬ ‫االنتفاضة‬ ‫ خسائر مادية ومعنوية تكبدها احملتل‪:‬‬‫منذ بدايتها حققت االنتفاضة مكاسب‬ ‫عدة‪ ،‬لعل أهمها لفت انتباه الرأي العام العاملي‬ ‫للقضية الفلسطينية‪ ،‬كما أثرت سلبا ً على‬ ‫سمعة الكيان الصهيوني وإن كان ذلك غير‬ ‫حاسم في رسم السياسات العاملية‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬أسهمت االنتفاضة في‬ ‫ضعضعة االقتصاد اإلسرائيلي وتكبيده خسائر‬ ‫تقدر مبئات املاليني من الدوالرات‪ ،‬بحكم امتناع‬ ‫الفلسطينيني عن العمل في املناطق احملتلة عام‬ ‫‪ ،1948‬وبحكم النفقات العسكرية التي تكبدتها‬ ‫قوات االحتالل‪ ،‬وتراجع احلركة السياحية‪.‬‬ ‫أسهمت االنتفاضة في إحداث تغييرات‬ ‫اجتماعية فوحدت الشعب‪ ،‬وساعدت في والدة‬ ‫قيم اجتماعية جديدة‪ ،‬كما أسهمت مشاركة‬ ‫الشباب بالنضال في إغناء جتاربهم‪ ،‬وأدى اعتقال‬ ‫العديد منهم إلى تطوير شخصياتهم القيادية‬ ‫كثيراً‪ ،‬ويشار كذلك إلى أثرها النفسي اإليجابي‬ ‫على الشعب الفلسطيني الذي شعر بأن له دورا ً‬ ‫يؤديه (على الرغم من اآلثار السلبية املتولدة عن‬ ‫القمع الصهيوني)‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أثبتت االنتفاضة أن الشعب‬ ‫الفلسطيني قادر على تولي زمام أمره بنفسه‪،‬‬ ‫األمر الذي أدى باألردن إلى إعالن فك االرتباط بني‬ ‫الضفتني الشرقية والغربية‪ ،‬تلى ذلك إعالن‬ ‫الدولة الفلسطينية في ‪ 1988/11/15‬أثناء‬ ‫انعقاد اجمللس الوطني في اجلزائر‪ ،‬وسارع العديد‬ ‫من الدول لالعتراف بهذه الدولة‪( ،‬لكن أهمية‬ ‫هذا اإلعالن كانت معنوية فاالستقالل كان على‬ ‫الورق‪ ،‬ال على األرض‪ ،‬وكان واضحا ً أن حتويله إلى‬ ‫واقع يتطلب الكثير من العمل والتضحيات‪،‬‬ ‫وبالتأكيد فإن كل تلك اإلجنازات الرائعة ال‬ ‫تستقر على أساس متني إذا لم يكن هناك إجناز‬ ‫سياسي فعلي ليحميها)‪.‬‬ ‫كان القصد من رفع شعار احلرية واالستقالل‬ ‫إعطاء مغزى ومعنى لألفعال النضالية‪ .‬وكان‬ ‫واضحا ً أنه شعار يتعذر تطبيقه من دون‬ ‫مساهمة الفلسطينيني والعرب بانتظام‬ ‫في دعم االنتفاضة وتطويرها وجتذيرها ومن‬ ‫دون نضال طويل األمد يستغل للحصول‬ ‫على مكاسب سياسية‪ ،‬وعوضا ً عن العمل‬ ‫اجلاد سخر البعض بالواقع اجلديد وبإعالن‬

‫االستقالل‪ ،‬فتغنوا بـ(جنراالت احلجارة) وبأن‬ ‫الدولة على مرمى حجر‪ ،‬ولم ينتبهوا إلى عظم‬ ‫املهمة املطروحة‪ ،‬ومقدار التضحيات الالزمة‬ ‫لتحقيقها‪ ،‬األمر الذي أسهم في تضليل قطاع‬ ‫من اجلماهير وجعلها تعتقد بسهولة العمل‪،‬‬ ‫ويعود السبب في هذا التضليل إلى طبيعة‬ ‫القيادة الطبقية‪ ،‬ومتثلها لفئات اجتماعية‬ ‫معينة تعطي األولوية ملصاحلها قبل مصالح‬ ‫الوطن‪ ،‬وال تدرك أن الصراع هو بني االستعمار‬ ‫وقوى التحرر‪ ،‬وتعتقد أن التسويات العادلة‬ ‫ممكنة في التفاوض بني احلقيقة وواقع احلال أن‬ ‫االحتالل يجب أن يطرد طرداً‪.‬‬

‫في املقاومة زاوية أساسية‪ ،‬من زوايا النظر إلى‬ ‫االنتفاضة الفلسطينية وقراءتها‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يعبر عنه واقع التفاعل بني مقاومتني تتصديان‬ ‫لعدو محتل واحد‪ ،‬كان لدحره على يد املقاومة‬ ‫الوطنية اإلسالمية في أرض لبنان األثر اجلذري‬ ‫احلاسم على اندالع االنتفاضة الفلسطينية‪،‬‬ ‫فاندالع انتفاضة احلجارة عام ‪ 1987‬كان في‬ ‫واحد من عوامله األساسية‪ ،‬بتأثير مباشر من‬ ‫اندالع حرب العصابات التي واجهت بها املقاومة‬ ‫اللبنانية اجليش الصهيوني الذي اجتاح لبنان‬ ‫عام ‪ ،1982‬وبعد سلسلة من املواجهات انكفأ‬ ‫اجليش الصهيوني تراجعا ً إلى املنطقة احلدودية‬

‫باراك‪ :‬إسرائيل ال ترتدع عن القيام بعمل عسكري ضد غزة‬

‫لذلك فقد تبني بعد السنة األولى من‬ ‫االنتفاضة أن االقتصاد الصهيوني بدأ يستوعب‬ ‫آثارها ويحتويها‪ ،‬فكان ال بد من رئة عربية‬ ‫لالنتفاضة تتنفس من خاللها‪ ،‬ومن قيادة واعية‬ ‫ومضحية تقود شعبها بقوة املثل‪ ،‬إلى البرنامج‬ ‫السياسي الواضح الذي ال يزرع األوهام فيحصد‬ ‫اخليبة‪.‬‬ ‫االنتفاضة كظاهرة ثورية استمرت لفترة من‬ ‫الزمن تسهم في تغيير الواقع‪ ،‬والنضال اليومي‬ ‫يفرز قيادات حتوز ثقة اجلماهير لكونها على متاس‬ ‫مباشر بقضاياها وهمومها‪ ،‬وتكون هذه القيادة‬ ‫اجلديدة أكثر وضوحا ً وجذرية وهذا ما حدث فعالً‬ ‫في األرض احملتلة‪.‬‬

‫العالقة اجلدلية بني املقاومة‬ ‫اللبنانية واملقاومة الفلسطينية‬ ‫من الطبيعي أن تشكل التجربة اللبنانية‬

‫‪59‬‬

‫ومن ثم إسقاط اتفاق ‪ 17‬أيار ‪ 1982‬املشؤوم‪،‬‬ ‫وبعد سنتني على دحر اجليش الصهيوني اندلعت‬ ‫انتفاضة ‪ 1987‬في األراضي الفلسطينية احملتلة‬ ‫منذ حزيران ‪ 1967‬وذلك تعبيرا ً عن إدراك الشعب‬ ‫الفلسطيني وفي ضوء املثال اللبناني‪ .‬فأعادت‬ ‫االنتفاضة التي استمرت سبع سنوات انبعاث‬ ‫القضية الفلسطينية وتوهجها‪ ،‬وكانت إسرائيل‬ ‫توهمت القضاء عليها قبل عشرين سنة إثر‬ ‫هزمية ‪.1967‬‬ ‫الشعب الفلسطيني واجه كل احملاوالت‬ ‫القتالعه‪ ،‬وتعرض لإلبادة‪ ،‬وما زال يستهدف‬ ‫بعملية قتل جماعي منظم بأبشع صورها‬ ‫وأشدها وحشية وبربرية‪ ،‬ورغم ذلك تستمر‬ ‫األوساط الدولية والدول الكبرى في التكاتف‪،‬‬ ‫ليس من أجل ردع القاتل بل من أجل تكتيف هذا‬ ‫الشعب الضحية‪ ،‬وجتريده من آخر حجر يقاتل به‬ ‫ومن مجرد احلق في البقاء أال وهو انتفاضة احلياة‬ ‫في شرايينه وشجره‪.‬‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫وانتفاضة األقصى‬ ‫أيلول ‪2000‬‬ ‫لم تكن انتفاضة األقصى (‪ )2000/9/28‬وليدة‬ ‫الصدفة‪ ،‬بل هي نتيجة حتمية لتراكمات‬ ‫نضالية كبيرة وهي تعبر عن اخملزون الكفاحي‬ ‫الذي تولد بعد تراكمات طويلة من املقاومة‬ ‫ومقارعة االحتالل الصهيوني‪ ،‬وهي امتداد طبيعي‬ ‫النتفاضات الشعب الفلسطيني املتواصلة على‬ ‫مدى أكثر من قرن من الزمن‪ ،‬شارك فيها اجملاهدون‬ ‫من أمتنا وأكدوا أن القضية الفلسطينية هي‬ ‫قضية األمة املركزية‪.‬‬ ‫وعلى مدى هذه السنوات تولى شعبنا العربي‬ ‫الفلسطيني بقواه عملية الفعل ملقاومة احملتل‬ ‫وجلعل وجوده على أرض فلسطني جحيما ً ال‬ ‫يطاق‪ ،‬وهناك محطة أساسية تؤكدها احلقيقة‬ ‫التاريخية وهي ترابط حلقات املقاومة في هذه‬ ‫األمة بعضها ببعض‪.‬‬ ‫فاالنتصار التاريخي للمقاومة اإلسالمية‬ ‫والوطنية ودحر االحتالل عن جنوب عام‬ ‫‪ 2000‬مهّ د مباشرة الندالع انتفاضة األقصى‬ ‫املباركة‪ ،‬التي كانت وال تزال ماثلة كمحطة‬ ‫نوعية متقدمة عبرت عن إبداعات املقاومني‬ ‫وإصرارهم على دحر االحتالل‪ ،‬وجتلى ذلك بدور‬ ‫اإلنسان العربي املؤمن بعدالة قضيته وتصديه‬ ‫ألعتى استعمار صهيوني مدعوم من آلة‬ ‫البطش األميركية واألطماع االستعمارية في‬ ‫بالدنا‪.‬‬ ‫هذه االنتفاضة الباسلة زعزعت أمن الكيان‬ ‫الصهيوني من أساسه‪ ،‬وتبخرت األوهام‬ ‫لديه بإمكانية إدامة احتالله ألرضنا بعدما‬ ‫فشلت جميع املؤامرات والفنت‪ ،‬ومحاوالت‬ ‫اإليقاع باملقاومة في أتون حرب أهلية داخلية‬ ‫(فلسطينية ـ فلسطينية) بعدما جند كل ما‬ ‫ميلك من إمكانيات مادية وتكنولوجية‪ ،‬ولكن‬ ‫عظمة التضحية وإرادة الثورة وعزميتها كانت‬ ‫هي األقوى من خالل الضربات املتتالية والعمليات‬ ‫االستشهادية والنوعية‪ ،‬رغم حالة احلصار التي‬ ‫فرضت على األراضي الفلسطينية من أجل كسر‬ ‫شوكة املقاومة‪ ،‬إال أن شعبنا الصامد الصابر‬ ‫كان وسيظل القدوة احلسنة ومصدر فخرنا به‪.‬‬ ‫وكذلك فاملقاومة اإلسالمية والوطنية في‬ ‫لبنان التي أجبرت الكيان الصهيوني على االندحار‬ ‫عن جنوب لبنان عام ‪ 2000‬ودون قيد أو شرط ودون‬ ‫مفاوضات‪ ،‬بعدما عجزت (قرارات األمم املتحدة)‬ ‫عن زحزحة احملتل ولو سنتمترا ً واحداً‪ ،‬وأن الطريق‬ ‫الصحيح للوصول إلى الهدف هي املقاومة التي‬ ‫علمت العالم بأسره أن احلق يؤخذ وال يعطى وأن‬ ‫احلقوق املشروعة واستعادة األرض واحلفاظ على‬ ‫الكرامة ال تأتي باملفاوضات والتباكي أمام أبواب‬ ‫البيت األبيض‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أهمية املقاومة واالنتفاضة‬ ‫إن تعاظم قدرات املقاومة كما ً ونوعا ً وتأثير‬ ‫عملياتها هي التي أسهمت في زعزعة الكيان‬ ‫الصهيوني من خالل إضعاف متاسكه الداخلي‬ ‫املصطنع‪ ،‬فهذا الكيان بدا هزيالً ومهزوما ً وأقر‬ ‫بهزميته في لبنان وعجزه عن مواجهة املقاومني‬ ‫في غزة والضفة الغربية‪.‬‬ ‫ألم يتحول االنسحاب من لبنان عام ‪2000‬‬ ‫إلى مطلب انتخابي وشعار يتسابق الصهاينة‬ ‫للتمسك به؟ وهذا يعني أن اجملتمع الصهيوني‬ ‫املزيف أقر بهزميته‪.‬‬ ‫واحلكومات الصهيونية وصلت الى درجة عالية‬ ‫من حالة االهتزاز السياسي‪ .‬وتعاقبت احلكومات‬ ‫الفاشلة لسبب واحد‪ ،‬فهي عجزت عن حتقيق ما‬ ‫وعدت به مستوطنيها من تأمني االستقرار واألمن‬ ‫في هذا الكيان املسخ‪.‬‬

‫اإلمعان في إنكار احلقوق العربية وعدم انسجامها‬ ‫مع احلق العربي نقطة أساسية تدعونا للبحث‬ ‫في أساليب جديدة السترداد احلقوق‪ ،‬وفي ظل‬ ‫العجز العربي الرسمي فإن املقاومة واالنتفاضة‬ ‫هما مبثابة تعبير واحد إلدامة الصراع مع الكيان‬ ‫الصهيوني‪.‬‬ ‫االنتفاضة إذا ً تعني اندالع املقاومة بكل‬ ‫أشكالها‪ ،‬ومالحقة الصهاينة أينما حلوا وجعل‬ ‫وجودهم مستحيالً على األرض الفلسطينية‬ ‫والعربية‪.‬‬ ‫واالنتفاضة تعني بداية العد العكسي لهذا‬ ‫الكيان االستعماري الذي أنشئ على األرض‬ ‫الفلسطينية وأن زعزعة استقراره ستؤدي حتما ً‬ ‫إلى زيادة الهجرة املعاكسة من الكيان وهي بداية‬ ‫االندحار‪.‬‬ ‫واالنتفاضة تعني سقوط الوهم الصهيوني‬ ‫بإمكانية التعايش في املنطقة مع الكيان‬

‫ليفني‬ ‫تدعو‬ ‫إلى تهجير‬ ‫فلسطينيي‬ ‫‪1948‬‬

‫حاول الصهاينة مع الرئيس الفلسطيني ياسر‬ ‫عرفات في كامب ديفيد أن يأخذوا باملفاوضات‬ ‫ما عجزوا عنه في احلرب‪ ،‬وحافظ هذا القائد‬ ‫على إرثه النضالي ولم يفرط مبستقبل األجيال‬ ‫وحقوقهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫العدو األول ألمتنا عموما‪ ،‬وللشعب‬ ‫الفلسطيني خصوصا ً هو الكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫فهذا الكيان هو التجسيد املادي للفكر‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وهو مشروع استعماري يهدف إلى‬ ‫تفتيت الوطن العربي وإخضاعه ونهب خيراته‪،‬‬ ‫واملمارسات العنصرية الصهيونية واضحة ضد‬ ‫العرب والفلسطينيني‪ ،‬من احتالل وتشريد وقتل‬ ‫واستيطان‪ ،‬وبالتالي فالكيان ينتمي إلى مجموعة‬ ‫الدول االستعمارية التي تدافع الواحدة منها عن‬ ‫األخرى‪ ،‬إذا ً هناك عدو ثان هو القوى االستعمارية‪.‬‬ ‫لذلك فإن وضوح الرؤية هو نقطة االنطالق‬ ‫األساسية‪ ،‬كما أن تشخيص معسكر األعداء‬ ‫هو أمر ضروري وخوض الصراع بحكمة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فالفكر هو مبثابة البوصلة‪ ،‬وهنا أهمية املواقف‬ ‫املدروسة‪ ،‬وكان لفشل كل محاوالت التسوية بل‬

‫‪60‬‬

‫الغاصب‪ ،‬وانكشاف الكيان الذي يحاول نقل‬ ‫صورة عن االستقرار واألمن في داخله من خالل‬ ‫ضربات املقاومة املتواصلة‪.‬‬ ‫في لبنان استطاعت املقاومة أن تسقط‬ ‫أسطورة اجليش الصهيوني الذي ال يقهر إلى غير‬ ‫رجعة‪ ،‬واستطاعت دحره عن لبنان وم ّرغت أنف‬ ‫الصهاينة في الوحل في حربهم العدوانية على‬ ‫لبنان ‪.2006‬‬ ‫وفي فلسطني حطمت عمليات املقاومة‬ ‫والعمليات االستشهادية اجملتمع الصهيوني‪،‬‬ ‫والتداعيات مستمرة حتى اآلن‪.‬‬ ‫وهي تتعزز وتزداد فاعلية وجذرية‪ ،‬ورغم‬ ‫حالة احلصار التي تعاني منها الضفة الغربية‬ ‫وقطاع غزة‪ ،‬إال أن الصمود األسطوري للمقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬هز اجملتمع الصهيوني سياسيا ً‬ ‫وعسكريا ً واجتماعيا ً واقتصادياً‪.‬‬ ‫وكل الدالئل تؤكد أن املقاومة الفلسطينية‬ ‫والعربية في منحى باجتاه الصعود الدائم‪ ،‬واجليش‬ ‫الصهيوني يعاني من حالة معنوية متردية‬ ‫للغاية بسبب هزائمه في لبنان وفي غزة والضفة‬


‫الغربية والقدس‪.‬‬ ‫وللتدقيق في احلالة الهستيرية التي وصل‬ ‫اليها الكيان الذي يعيش اخلوف اليومي‪ ،‬فلم تعد‬ ‫حتميه اجلدران العازلة وال الطائرات األميركية‬ ‫احلديثة‪ ،‬إمام إصرار املقاومة وصمودها‪.‬‬ ‫لقد أثبتت األحداث بامللموس أن “إسرائيل”‬ ‫ُهزمت أمام احلالة اللبنانية املقاومة‪ ،‬وقد أصبح‬ ‫هذا الكيان يصعق من عدم حتقيقه إجنازا ً بسرعة‬ ‫وبدون ضحايا‪ ،‬وأصبح الكيان يُحبط من مجرد‬ ‫استمرار املقاومة العربية وفشل العدوان في‬ ‫حتقيق مأربه بحرب سريعة‪ ،‬وكانت احلرب حدث‬ ‫التأسيس احلقيقي إلقناع الشتات اليهودي بأن‬ ‫هذا الكيان ليس إال مجرد مغامرة‪.‬‬ ‫هل كانت التهدئة في غزة خطوة تكتيكية؟‬ ‫وفي هذه اللحظة أمكن للحركة الوطنية‬ ‫الفلسطينية بكل تياراتها‪ ،‬أن تبدأ في خطاب‬ ‫الرأي العام العاملي للعمل على احترام حقوق‬ ‫اإلنسان وتخفيف معاناة الناس من أجل فضح‬ ‫طبيعة االحتالل‪ ،‬وكانت التهدئة في قطاع غزة‬ ‫مجرد خطوة تكتيكية‪ ،‬أرادتها املقاومة فرصة‬ ‫لفضح طبيعة االحتالل واسترداد بعض عناصر‬ ‫القوة أو تعزيزها‪ ،‬ومحاولة إلصالح البيت الداخلي‬ ‫الفلسطيني الذي هبت عليه رياح االنقسام‬ ‫والفتنة‪ ،‬وحسابات الربح واخلسارة انطالقا ً من‬ ‫فرضيات أثبتت الوقائع عدم صحتها‪ ،‬فاحلديث‬ ‫عن املفاوضات وإمكانية حتقيق بعض املكاسب‪،‬‬ ‫كانت مجرد أوهام وسراب خادع لم حتصد سوى‬ ‫املزيد من الفرقة داخل الصف الواحد‪.‬‬ ‫“وإسرائيل” الكيان رفضت التقيد بالتزامات‬ ‫التهدئة وشروطها وأبقت احلصار مفروضا ً على‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬ودخلت التهدئة مرحلة املوت السريري‪،‬‬ ‫عندما أعلنت وزيرة اخلارجية اإلسرائيلية موقفها‬ ‫الذي يدعو فلسطيني ‪ 1948‬الى رؤية الدولة‬ ‫الفلسطينية احلل لطموحات الفلسطينيني‬ ‫القومية‪ ،‬وفي هذا دعوة مباشرة لتهجير من‬ ‫بقي على أرض فلسطني‪ ،‬بينما يقول وزير الدفاع‬ ‫اإلسرائيلي‪( :‬إن الهدوء يقابله الهدوء‪ ،‬وإننا لن‬ ‫نرتدع عن تنفيذ عملية في غزة) ووصل األمر إلى‬ ‫التهديد باجتياح قطاع غزة‪ ،‬وهناك من يقول إن‬ ‫إسرائيل لديها كل أنواع اخلطط العسكرية من‬ ‫عمليات صغيرة إلى السيطرة على غزة‪ ،‬ودعوات‬ ‫الستهداف قيادة حماس‪.‬‬ ‫وهذه التطورات التي حصلت أدت النتهاء‬ ‫التهدئة في قطاع غزة‪ ،‬فالعدو الصهيوني بدأ‬ ‫يصعد عدوانه ضد قطاع‪ ،‬والتهدئة كانت حالة‬ ‫سلبية بامتياز‪ ،‬ومصادر حركة حماس تقول‪ :‬إن‬ ‫االتفاق كان يتعلق بفتح املعابر ووقف العدوان‬ ‫مقابل التهدئة وهذا لم يتحقق‪ ،‬كما لم تنتقل‬ ‫التهدئة إلى الضفة الغربية‪ ،‬وقدم الشعب‬ ‫الفلسطيني خالل التهدئة املذكورة (عشرين‬ ‫شهيدا ً و‪ 53‬مصابا ً و‪ 185‬انتهاكا ً للتهدئة‬ ‫و‪ 38‬معتقالً و‪ 15‬توغالًَ و‪ 51‬إغالقا ً للمعابر و‪42‬‬ ‫استهدافا ً لزوارق الصيادين و‪ 19‬استهدافا ً‬

‫للمزارعني و‪ 20‬قصفا ً صهيونياً) والعدوان‬ ‫مستمر‪...‬‬

‫مصير احلوار الفلسطيني؟‬ ‫ولم يكن مصير احلوار الفلسطيني بأفضل من‬ ‫مصير التهدئة في قطاع غزة‪ ،‬فالعدو الصهيوني‬ ‫الذي يُخير املفاوض الفلسطيني ما بني احلوار‬ ‫واستمرار املفاوضات‪ ،‬إمنا يصب الزيت على نار‬ ‫اخلالفات واالنقسام الفلسطيني ويغذي مثل‬ ‫هذه احلالة الضارة بالقضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫وال ميكن النظر ملسألة احلوار الفلسطيني كأمر‬ ‫بسيط‪ ،‬فاخلالفات احلادة في الصف الفلسطيني‪،‬‬ ‫تتعلق بالرؤى‪ ،‬واخلالف في جذوره وصل الى‬ ‫طريق مسدود‪ ،‬بني من يراهن على احلل بواسطة‬ ‫املفاوضات وليس لديه خيار آخر سواه‪ ،‬وبني من‬ ‫ينادي باملقاومة واالنتفاضة كطريق الستعادة‬ ‫احلقوق‪ ،‬في ظل ظروف صعبة وبالغة التعقيد‪،‬‬ ‫على املستوى الرسمي العربي بني من يراهن‬ ‫على الواليات املتحدة ويتحالف معها ويأمل في‬ ‫مساعدتها إليجاد حل للصراع‪ ،‬وانتزاع بعض‬ ‫التنازالت من قبل الكيان الصهيوني‪ ،‬ومثل هذا‬ ‫التوجه لم يحقق شيئا ً ويعترف أصحابه بهذه‬ ‫النتيجة‪ ،‬ورغم ذلك يستمر الرهان على اجلانب‬ ‫األميركي‪ ،‬فالوضع الرسمي العربي بات مزريا ً‬ ‫للغاية ومنقسما ً على ذاته‪ ،‬ولكن هناك من العرب‬ ‫من ما زال يتمسك باملقاومة واملمانعة سبيالً‬ ‫الستعادة احلقوق‪ ،‬ورغم ذلك فاحللقة العربية‬ ‫التي من املفترض أن تدعم الشعب الفلسطيني‬ ‫الستعادة حقوقه باتت ضعيفة للغاية‪.‬‬ ‫ومصادر اللجنة الرباعية الدولية أكدت ضرورة‬ ‫التمسك بالنهج الثنائي ملسيرة مؤمتر أنابوليس‬ ‫وأنه ال رجوع عن احملادثات التي تقودها الواليات‬ ‫املتحدة بني إسرائيل والسلطة الفلسطينية‬ ‫رغم فشلها حتى اآلن في حتقيق اتفاق السالم‬ ‫املوعود!‬

‫عرض رسمي عربي متواصل‬ ‫بامتياز!‬ ‫ويقول وزير اخلارجية السعودي سعود الفيصل!‬ ‫“إن مبادرة السالم العربية‪ ،‬ال تزال مطروحة على‬ ‫الطاولة‪ ،‬وتوفر بدورها عرضا ً جماعيا ً إلنهاء‬ ‫الصراع مع “إسرائيل” والدخول في اتفاق سالم‬ ‫يوفر األمن واالعتراف والعالقات الطبيعية جلميع‬ ‫دول املنطقة‪ ،‬وهي تعكس التزام اجلانب العربي‬ ‫بالسالم كخيار استراتيجي”‪.‬‬ ‫الكاتب “اإلسرائيلي” في صحيفة هآرتس‬ ‫بنحاس عنباري اعتبر أن القرار (‪ )1850‬الذي اتخذه‬ ‫مجلس األمن أخيرا ً واملتعلق مبوضوع املفاوضات‬ ‫بني “إسرائيل” والفلسطينيني والداعي ملواصلة‬

‫‪61‬‬

‫مسار أنابوليس فقير في مضمونه ولم يخرج‬ ‫عن املواقف العامة وإعالن النيات‪ ،‬ورغم ذلك‬ ‫مي ّثل إشارة غير مربحة للحكومة اإلسرائيلية‬ ‫والسلطة الفلسطينية‪ ،‬ألنه سيجبر الطرفني‬ ‫على القبول بصورة مصطنعة االستمرار في‬ ‫مسار ثبت فشله‪ ،‬ويبدو أن القرار اتخذ بفعل‬ ‫رغبة شخصية من وزيرة اخلارجية األميركية‬ ‫كوندوليزا رايس ألنها ال تريد أن تظهر مبظهر‬ ‫الفاشلة مع إدارتها‪.‬‬ ‫ويقول بنحاس عنباري‪ :‬السلطة الفلسطينية‬ ‫تتخوف من كل وثيقة مكتوبة تتطرق إلى‬ ‫تفاصيل املفاوضات كي ال يستغل خصومها‬ ‫في الكالم على تنازالت قدمتها‪ !...‬وال ترغب‬ ‫“إسرائيل” التي جتد نفسها في خضم املعركة‬ ‫االنتخابية في الكشف عن فشل املفاوضات‪،‬‬ ‫ولذلك كانت صيغة قرار مجلس األمن ضعيفة‪،‬‬ ‫وال حتتوي على شيء فعلي‪ ،‬ولكن هذا القرار مي ّثل‬ ‫إشارة إلى استمرار مسار أنابوليس الفاشل بعد‬ ‫االنتخابات في الواليات‪...‬‬ ‫وإذا أمعنّا النظر مليا ً ود ّققنا في احلالة‬ ‫الراهنة وإلى ما آلت إليه األوضاع في قطاع غزة‬ ‫احملاصر‪ ،‬فمن السهل علينا أن نقول إن االحتالل‬ ‫أصل البالء‪ ،‬ولكن فروع هذا البالء تنوعت‬ ‫وتكاثرت‪.‬‬ ‫وإذا بقي لدينا القليل من التفاؤل بالنظام‬ ‫الرسمي العربي مبعظمه‪ ،‬فإن قدرتنا على‬ ‫التفكير والتقييم املوضوعي ما زالت بخير‪،‬‬ ‫وضرورة البحث عن مكامن القوة في هذه األمة‪،‬‬ ‫فاملقاومة أثبتت أنها السالح األجنع في مقاومة‬ ‫االحتالل وفي استعادة احلقوق العربية‪ ،‬وقضية‬ ‫فلسطني هي قضية األمة العربية‪ ،‬ولن يفيدها‬ ‫كل الشعارات البراقة من احمليط إلى اخلليج‪،‬‬ ‫وعبارات التنديد واالستنكار واإلدانة ستبقى‬ ‫مجرد كلمات جوفاء‪ ،‬وما فائدة كل اإلمكانيات‬ ‫االقتصادية واحلضارية لهذه األمة إذا لم متتلك‬ ‫اإلرادة حلماية ذاتها‪ ،‬حاضرنا ومستقبل أجيالنا‪،‬‬ ‫واستعادة حقوقها املغتصبة‪ ،‬والسؤال‪ :‬ما الذي‬ ‫يجعل اجملتمع الدولي غير مهتم بالقضايا العربية‬ ‫والمباليا ً إلى هذا احلد؟ وهل أصبح حق األخ على‬ ‫أخيه أن يتركه عرضة للحصار والقتل والتجويع‬ ‫والهالك تنهال عليه أسلحة الدمار األميركية‬ ‫والصهيونية‪ ،‬واألدهى من ذلك أن هذه األسلحة‬ ‫تتعاظم قدراتها‪ ،‬ويساهم بعض (العرب) بطريقة‬ ‫أو بأخرى في تقدمي الدعم المبراطورية الشر‬ ‫ومنعها من االنهيار؟!‬ ‫املقاومة العربية كما في لبنان وفلسطني والعراق‬ ‫هي خيارنا وطريقنا الستعادة احلقوق وحفظ كرامة‬ ‫هذه األمة‪ ،‬أما الرهان على الواليات املتحدة فلن‬ ‫يؤدي إال إلى االنحدار في الهوة السحيقة ونقطة‬ ‫الالعودة ولعنة التاريخ واألجيال‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬محمود صالح‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫«منبر التوحيد» تحاور أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح ‪ -‬االنتفاضة»‬

‫«أبو موسى»‪ :‬حلفاؤنا قوى الممانعة والمقاومة‬ ‫فتح هي فتح املبادئ والثوابت‪ ،‬وهي املتمسكة‬ ‫باملنطلقات التي فجرت الثورة الفلسطينية املعاصرة‪،‬‬ ‫وفتح هي أحد أعمدة املقاومة في هذه األمة ومتثل نبض‬ ‫الشعب الفلسطيني التواق إلى التحرير والعودة‪،‬‬ ‫وفلسطني بوصلتنا وحتدد اجتاهاتنا وحتالفاتنا‪ ،‬ومن‬ ‫هنا تأتي صحة قراءتنا وسالمة رؤيتنا‪ ،‬ونحن ننحاز‬ ‫كلياً وبال تردد إلى مسلمات وثوابت شعبنا وأمتنا‬ ‫وإلى نبض جماهيرنا‪ ،‬أما الغزوة الصهيونية التي هي‬ ‫امتداد للمشروع الغربي املعادي في بالدنا منذ القرون‬ ‫الثالثة األخيرة فلن يكتب لها مصير سوى مصير ما‬ ‫سبقها من غزوات‪ ،‬واملواجهة خيارنا‪ ،‬وباملقاومة نحقق‬ ‫االنتصار‪ ،‬واملسألة في رأينا مسألة وجود‪ ،‬فلسطني أو‬ ‫فلسطني‪....‬‬ ‫ونحن اليوم نلتقي املناضل الكبير أبو موسى‪،‬‬ ‫أمني سر اللجنة املركزية حلركة فتح االنتفاضة‪ ،‬وهو‬ ‫من القادة الذين حملوا شرف األمانة وعاهدوا وصدقوا‪،‬‬ ‫ال يجامل وال يهادن في احلق‪ ،‬يقول كلمته بصراحته‬ ‫املعروفة‪،‬‬ ‫نحن اليوم نلتقي به لنقرأ معاً آفاق احلاضر‬ ‫املتجذر في التاريخ واملتطلع إلى الهدف برؤية لألوفياء‬ ‫للعهد‪...‬‬ ‫وهنا نص احلوار‪:‬‬

‫مؤمتر احلركة السادس ّ‬ ‫أكد على األصالة الثورية لبرنامجها‬

‫ـ عقدمت مؤمتركم العام احلركي السادس نهاية ‪ .2008‬ما هو جديد‬ ‫حركتكم الذي أضافه هذا املؤمتر الى تراكمات فتح ـ االنتفاضة النضالية‪،‬‬ ‫ال سيما وقد أثبت الزمن واالحداث وتطوراتها صحة توجهاتكم الكفاحية‬ ‫وفهمكم لطبيعة الصراع مع العدو واملشاريع الغربية املعادية لالمة في‬ ‫بالدنا؟‬ ‫لقد كان املؤمتر احلركي السادس لفتح فرصة طيبة ألن تؤكد فتح مجددا ً‬ ‫متسكها بالثوابت واملسلمات واملبادئ‪ ،‬أو ما عرف مبنطلقات فتح التي‬ ‫فجرت الثورة الفلسطينية املعاصرة إيذانا ً ببدء مسيرة التحرير‪ ،‬حترير كامل‬ ‫الوطن الفلسطيني التاريخي من نهره الى بحره‪ ،‬وقدمت احلركة كما هو‬ ‫معروف على مذبح هذا الهدف قوافل من الشهداء‪ ،‬مقاتلني وكوادر وقادة‬ ‫سيخلدهم تاريخها الكفاحي املديد‪ ،‬وعلى هذا األساس كان لها شرف قيادة‬ ‫هذه الثورة على مدار احلقبة التي متسكت فيها بهذه املنطلقات وضحت‬ ‫من أجلها‪ ،‬لقد كانت انتفاضة فتح في العام ‪ ،1983‬بكل بساطة‪ ،‬محاولة‬ ‫إلعادة فتح في حينها إلى سكة هذه املنطلقات الثورية‪ ،‬التي كما قلتم‬ ‫في سؤالكم إنه ثبت صحتها ومصداقيتها‪ ،‬وعليه كنا آنذاك نطمح الى‬ ‫تصحيح مسار ثورة برمتها ال مجرد االعتراض على انحرافات قيادة احلركة‬ ‫عن هذه السكة الفتحاوية األصيلة املشار اليها فحسب‪ ،‬ألن فتح كانت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪62‬‬

‫هي التي تقود الثورة وصالحها هو صالح هذه الثورة‪ ،‬مؤمتر احلركة العام‬ ‫السادس أعاد التأكيد على هذه األصالة الثورية في برنامجه السياسي‬ ‫الذي أقره‪ ،‬وعكست وقائعه هذه الروح الفتحاوية التي فجرت الثورة‪ ،‬وأعاد‬ ‫االعتبار للرصاصة األولى‪ ،‬ولنهج التحرير سبيالً للعودة‪ ،‬ورفض كل ما له‬ ‫عالقة بنهج املساومة والتفريط‪ ،‬وما تسمى “املسيرة السلمية” وأكد على‬ ‫حق املقاومة بكل جتلياتها سبيالً وخيارا ً وحيدا ً للشعب الفلسطيني واألمة‬ ‫العربية الستعادة كامل حقوقهما في فلسطني كاملة‪.‬‬ ‫إن هذه الروح الفتحاوية جتلت في أبهى صورها في انتخاب األطر احلركية‪،‬‬ ‫اللجنة املركزية‪ ،‬واجمللس الثوري‪ ،‬في األولى‪ ،‬وهي مكونة من سبعة أعضاء‪،‬‬ ‫كان ثالثة منهم جددا ً ينتخبون ألول مرة‪ ،‬هم اإلخوة أبو أياد‪ ،‬وأبو العيد‪،‬‬ ‫وعبد اللطيف مهنا‪ ،‬باإلضافة الى أربعة أعيد انتخابهم هم أبو موسى وأبو‬ ‫حازم وأبو عيسى وأبو فاخر‪ ،‬أما اجمللس الثوري املنتخب وهو ‪ 21‬عضوا ً فكان‬ ‫عشرون عضوا ً منهم جددا ً وواحد فقط أعيد انتخابه‪ ...‬إن هذا عنى لنا أمرا ً‬ ‫هاما ً وهو أن فتح جتدد نفسها وتستعد النطالقة جديدة‪ ...‬وهذا ما نريده‬ ‫وننتظره في ما يلي هذا املؤمتر إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫ـ املعروف أن فتح االنتفاضة لم تراهن على التسويات منذ‬ ‫انطالقتها وتصحيح املسار‪ ،‬وكانت قراءتها للواقع وفهمها للصراع‬


‫سليمة وثبت صحتها‪ ،‬ما هي األسس التي تبني عليها فتح‬ ‫حتالفاتها العربية؟‬ ‫نحن لدينا بوصلة حتدد اجتاهاتنا وحتالفاتنا وعلى هديها نحدد معسكري‬ ‫حلفائنا وأعدائنا‪ ،‬ولذلك ال نتوه‪ ،‬ومن هنا تأتي صحة قراءتنا وسالمة‬ ‫رؤيتنا بوصلتنا فلسطني‪ ،‬وخيارنا نهج التحرير‪ ،‬والعودة‪ ،‬مبعنى أن ال عودة‬ ‫بال حترير‪ ،‬وهذا يعني حترير كامل فلسطني ألننا نؤمن بأن الصراع في بالدنا‬ ‫هو تناحري ال يتوقف أو ينتهي أو يحسم إال بنفي أحد طرفيه‪ ،‬ونؤمن إميانا ً‬ ‫راسخا ً بأنه سيحسم ملصلحة شعبنا وأمتنا‪ ،‬وأن هذا الكيان الصهيوني‬ ‫املغتصب لوطننا هو إلى زوال‪ .‬وعليه‪ ،‬ننسج حتالفاتنا ونحدد معسكر‬ ‫أعدائنا‪ .‬حلفاؤنا‪ ،‬بكل بساطة‪ ،‬هم قوى املمانعة واملقاومة واملؤمنون بخيار‬ ‫املواجهة ال املساومة واملقايضة واالستسالم‪ .‬نحن وسائر القوى احلية في‬ ‫بالدنا العربية واإلسالمية واإلنسانية في خندق واحد‪ ،‬أما أعداؤنا فهم الى‬ ‫جانب الصهاينة وحماتهم في الغرب هم كل من ساوم وفرط واستسلم‬ ‫ملصلحة هذين العدوين في بالدنا‪ .‬نحن ننحاز كليا ً وبال تردد الى شعبنا وأمتنا‬ ‫والى نبض جماهيرنا في مشارقها ومغاربها وضد من ميس هذه الثوابت‪.‬‬ ‫من هنا تالحظون سر العالقة التحالفية الوطيدة التي جتسدها عالقاتنا‬ ‫شبه العضوية مع قوى املقاومة اللبنانية الشقيقة‪ ،‬وعلى رأسها حزب‬ ‫اهلل‪ ،‬وعالقاتنا التحالفية الراسخة مع قوى املمانعة العربية وعلى رأسها‬ ‫الشقيقة سوريا واملمانعة اإلسالمية وعلى رأسها اجلمهورية اإلسالمية في‬ ‫إيران‪ ،‬وكل من قال ال ألعداء شعبنا وأمتنا‪.‬‬ ‫ـ واجهت القضية الفلسطينية واملقاومة الفلسطينية الكثير‬ ‫من املؤامرات واملشاريع التي استهدفت شطبها واإلجهاز على حقوق‬ ‫الشعب الفلسطيني العادلة في استعادة وطنه‪ ،‬وكانت إرادة املواجهة‬ ‫واملقاومة سبيالً لدرئها وظلت في ازدياد‪ ،‬إلى ماذا تعزون هذه اإلرادة‬ ‫والصمود األسطوريني لدى شعبكم املناضل؟‬ ‫اوال ً الشعب الفلسطيني ليس نسيج وحده‪ ،‬بل هو جزء من هذه‬ ‫األمة العربية العريقة التي بدأ تاريخها مع التاريخ نفسه‪ ،‬هذه‬ ‫االمة التي واجهت عبر تاريخنا اجمليد أعداءها وانتصرت‬ ‫في نهاية املطاف وراكمت للبشرية‬ ‫حضارة عريقة‪ ،‬ومخزونا ً‬ ‫كفاحيا ً هائالً‪ ،‬وعليه فنحن‬ ‫لسنا هنودا ً حمرا ً لننقرض‪ ،‬بل‬ ‫نحن من واجهنا الغزوات وذهب‬ ‫الغزاة الرومان والصليبيون‬ ‫والفرنسيون‬ ‫والبريطانيون‬ ‫واإليطاليون الخ‪ .‬ونحن‬ ‫بقينا في بالدنا‪ .‬وهذه الغزوة‬ ‫الصهيونية التي هي امتداد‬ ‫للمشروع الغربي املعادي في‬ ‫بالدنا منذ القرون الثالثة األخيرة‬ ‫لن يكتب لها مصير سوى ما‬ ‫سبقها من غزوات‪ .‬هذا من ناحية‪،‬‬ ‫ومن ناحية أخرى هل لنا من خيار‬ ‫آخر للبقاء سوى املواجهة‪ ،‬نحن‬ ‫محكومون باملقاومة وال خيار لنا‬ ‫سوى االنتصار‪ ،‬فاملسألة في رأينا‬ ‫مسألة وجود أو موت‪ .‬فلسطني أو‬ ‫فلسطني‪...‬‬ ‫ـ حوار القاهرة ولد ميتاً‪ ،‬ملاذا يراهن‬ ‫البعض عليه‪ ،‬ال سيما أن رعاته غارقون‬ ‫في تنفيذ أجندة ال تخدم مصالح الشعب‬ ‫الفلسطيني وال األمة العربية بل أعداءها‪ ،‬وأقلها‬ ‫إقفال معبر رفح بحيث غدا حصار غزة عربياً‪ ،‬وما كان له‬ ‫ان يكون‪ ،‬أي احلصار‪ ،‬بدون إغالق مصر لهذا املعبر؟‬

‫نحن لم نراهن في يوم من األيام على حوارات كهذه‪ ،‬ألنها ليست‬ ‫جادة أصالً وألنها ال تقوم على أسس برنامجية مقاومة ومواجهة‪ ،‬وكنا‬ ‫نطلق دائما ً على شعارات احلوار واملصاحلة والوحدة الوطنية وترتيب‬ ‫البيت الفلسطيني‪ .‬وكل هذه املقوالت التي هي كلمة حق ال تنتهي‬ ‫إال الى باطل لعدم جدية رافعيها‪ ،‬الخ‪ ،‬شعارات التكاذب‪ :‬ملاذا؟‬ ‫ألن ال حوار حقيقيا ً ومفيدا ً إال على أساس الثوابت‬ ‫واملسلمات واملنطلقات واملبادئ التي‬ ‫انطلق النضال الفلسطيني‬ ‫على أساسها كما أشرنا‬ ‫في اإلجابة عن أسئلة‬ ‫سابقة على أساس برنامج‬ ‫حد أدنى وطني‪ ،‬على األقل‪،‬‬ ‫يرتكز على املقاومة والعودة‬ ‫عن السياقات التفريطية‬ ‫املساومة على حقوقنا‪ ،‬العودة‬ ‫عن املنطق االستسالمي‬ ‫االنهزامي‪ ،‬وحشد طاقات‬ ‫شعبنا للصمود واملواجهة هذا‬ ‫بداية‪ ،‬ثم كيف السبيل للجمع‬ ‫بني برنامج مساوم ومقاوم؟ هنا‬ ‫يأتي التكاذب احلواري الذي عنيته‪.‬‬ ‫ثم كيف يكون احلوار إذا ما أعطي‬ ‫للمدعوين إليه ورقة للتوقيع عيلها‬ ‫سلفا ً ثم البدء في احلوار؟ كيف لنا أن‬ ‫نتحاور مع سلطة أبو مازن التي تسهم‬ ‫في حصار غزة والتي ارتبطت مصاحلها‬ ‫مع مصالح العدو؟‬ ‫ـ في الذكرى الرابعة واألربعني النطالقة‬ ‫الثورة الفلسطينية‪ ،‬ما هي رسالتكم إلى‬ ‫شعبنا الفلسطيني ومقاومته؟‬ ‫إنها رسالة فتح التاريخية ثورة حتى النصر‪.‬‬

‫حوار‪ :‬أدهم محمود‬

‫‪63‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫‪ 2008‬بأزمتها المالية‬ ‫إلى التاريخ‬

‫أمبراطوريات‬ ‫تهاوت‪ ،‬ماليين‬ ‫تبخرت‬ ‫وأحالم تالشت‬

‫األزمة املالية عصفت في العالم‬

‫في عدد كانون الثاني ‪ 2008‬وحتت عنوان‪ :2007“ ،‬مؤشرات‬ ‫السقوط األميركي املدوي”‪ ،‬في ملف “‪ 2007‬عام التحديات” نشرت‬ ‫“منبر التوحيد” مقاالً تناولت فيه التطورات الدراماتيكية في‬ ‫عام ‪ ،2007‬بعدما شهد ربيعه أزمة رهن عقاري استمرت فصوالً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فاحتة الباب ألعوام أخرى‬ ‫محكمة الربط في املسرح العاملي‪،‬‬ ‫محملة بالعناوين واألسئلة عن االقتصاد العاملي في ظل تداعيات‬ ‫االنهيار االقتصادي األميركي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أطل على أثر ذلك‪ ،‬عام ‪ 2008‬برأسه منحنيا وبأكتاف مرهقة‬ ‫من ثقل القلق والهموم االقتصادية‪ ،‬فخبراء االقتصاد كانوا‬ ‫يرصدون التغيرات في االقتصاد األميركي يوماً بيوم وشهرا ً‬ ‫بشهر‪ .‬مرت األشهر سريعة تطورت خاللها األزمة وشهدت‬ ‫فصوالً متعددة الى أن وصلت الى ذروتها في شهر أيلول بإثنينه‬ ‫األسود‪ ،‬آخذا ً العالم الى ما قبل ‪ 88‬سنة وشبح األزمة املالية‬ ‫العاملية عام ‪.1929‬‬ ‫حجز العام ‪ 2008‬مكاناً له في التاريخ وصفحاته‪ ،‬بعدما وقف‬ ‫العالم كله أمام مشهد انهيار البورصات واملصارف واملؤسسات‬ ‫املالية‪ ،‬فالتاريخ سيؤرخ‪ ،‬ودموع مستثمري البورصة وصرخات‬ ‫الدول الكبرى الداعية للتحرك السريع إليقاف طوفان األزمة حول‬

‫أزمة الرهن العقاري األميركي‬ ‫األسباب والتداعيات‬ ‫تعود جذور تفاقم األزمة املالية احلالية في‬ ‫الواليات املتحدة األميركية إلى ظهور ما يعرف‬ ‫باألموال الرخيصة‪ ،‬عندما قام اجمللس االحتياطي‬ ‫الفدرالي بقيادة رئيسه السابق أالن غرينسبان‬ ‫بخفض سعر الفائدة حتى وصل إلى ‪ %1‬في عام‬ ‫‪ ،2003‬بعد انفجار فقاعة األسهم التقنية‪ .‬استمر‬ ‫انخفاض سعر الفائدة إلى مستويات متدنية جدا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العالم‪ .‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل فتح الباب على مصراعيه أمام‬ ‫أسئلة كبيرة عن مصير األمبراطورية األميركية‪ ،‬ودول كبرى أخرى‬ ‫تلعب دورا ً بارزا ً على الساحة العاملية‪ ،‬وعن أنظمة اقتصادية مدينة‬ ‫بحسب البعض للكثيرين بإجنازات كبرى‪ ،‬وعن تريليونات تبخرت‬ ‫دول كبرى تالشت‪.‬‬ ‫في أسواق املال‪ ،‬وأحالم ببناء ٍ‬ ‫ً‬ ‫ميضي عام ‪ 2008‬واألزمة املالية ال تزال تتفاعل‪ ،‬ناشرة سلبياتها‬ ‫على كل دول العالم‪ ،‬الشمال واجلنوب‪ ،‬متطورة ونامية‪ ،‬دون أي‬ ‫شفقة أو رحمة‪ .‬وكانت األزمة املالية العاملية قد عصفت في‬ ‫أيلول ‪ 2008‬واعتبرت األسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير‬ ‫سنة ‪ ،1929‬أثرت على جميع األسواق املالية العاملية دون استثناء‪.‬‬ ‫ابتدأت االزمة اوالً في الواليات املتحدة االميركية‪ ،‬وكانت السوق‬ ‫االميركية العقارية احملرك األساسي لهذه األزمة التي امتدت آثارها‬ ‫الى باقي دول العالم لتشمل الدول األوروبية والدول اآلسيوية والدول‬ ‫اخلليجية والدول النامية‪ ،‬خالقة أمواجاً من اخلوف وعدم الثقة في‬ ‫األنظمة املالية والبنكية‪ .‬وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في‬ ‫الواليات املتتحدة خالل العام ‪ 2008‬الى ‪ 19‬بنكاً‪ ،‬كما توقع آنذاك‬ ‫املزيد من االنهيارات اجلديدة بني البنوك األميركية البالغ عددها‬ ‫‪ 8400‬بنك‪.‬‬

‫بدأ منذ العام ‪ 2001‬حتى نهاية العام ‪ 2004‬قبل‬ ‫الصعود تدريجيا ومن ثم االنخفاض مرة أخرى‬ ‫في العام‪ ،‬ودفع انخفاض أسعار الفائدة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى ارتفاع مستويات السيولة لدى البنوك إلى‬ ‫التوسع في عملية اإلقراض العقاري في الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وبدأت املؤسسات املالية األخرى بتقدمي‬ ‫قروض عقارية ملن ليس لديهم املالءة املالية‬ ‫الكافية عن طريق إغرائهم بدفعات أولى صغيرة‬ ‫جدا وبنسب فوائد مرتفعة على املدى الطويل‪.‬‬ ‫وساهمت عمليات التوريق‪ ،‬التي تعمل على تغليف‬ ‫القروض العقارية على شكل أوراق مالية وبيعها‬

‫‪64‬‬

‫ملؤسسات أخرى عن طريق سوق ثانوية‪ ،‬على نقل‬ ‫مخاطر االئتمان من املؤسسات املصدرة إلى هؤالء‬ ‫املشترين‪ .‬وأدت هذه العوامل جميعها إلى تضخم‬ ‫أسعار العقارات وسط ارتفاع الطلب‪ ،‬ومبا أن‬ ‫املساكن ترهن للبنك عند تقدمي القرض لشرائها‪،‬‬ ‫فقد بدت عملية اإلقراض كأنها عملية خالية من‬ ‫اخلطورة مما زاد من شهية البنوك على تقدمي االئتمان‬ ‫من الدرجة الثانية‪ ،‬وهي عملية إقراض من ليس‬ ‫لديهم املوارد الكافية لتسديد التزاماتهم جتاه‬ ‫البنوك أو ملن لديهم تاريخ سيئ في سداد قروضهم‪.‬‬ ‫وارتفع الطلب على العقارات مبا ال يتناسب مع‬


‫احد املنازل االميركية املرهونة‬

‫العرض والطلب احلقيقي في الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسب أعلى بكثير‬ ‫من الزيادة في أعداد السكان وهي الدافع احلقيقي‬ ‫للطلب‪ ،‬حيث زادت أسعار العقارات بنسبة‬ ‫‪ %254‬في أعلى نقطة وصلتها مقابل ارتفاع‬ ‫بلغ ‪ %25‬في عدد السكان عند النقطة نفسها‪.‬‬ ‫وكانت جميع هذه املمارسات مبنية على فرضية‬ ‫ارتفاع أسعار العقارات بشكل دائم‪ ،‬وهي فرضية‬ ‫خاطئة نظرا الستحالة استمرار ارتفاع أسعار‬ ‫األصول عامة‪ ،‬وأقبل املستثمرون على شراء‬ ‫هذه األوراق املالية مدفوعني بجاذبية العوائد‬ ‫التي تقدمها دون التفكير باالنخفاض احلاد الذي‬ ‫ستعانيه هذه األوراق إذا تخلف املقترضون عن دفع‬ ‫التزاماتهم‪ .‬وكما نالحظ في الرسم البياني‪ ،‬فإن‬ ‫حجم سوق سندات الرهن العقاري قد تضاعف منذ‬ ‫ينم سوق األوراق‬ ‫عام ‪ 2000‬حتى يومنا هذا‪ ،‬فيما لم ُ‬

‫احلكومية التي تعتبر أهم أدوات الدين األميركي إال‬ ‫بنسبة ‪ %51,4‬منذ العام ‪.2000‬‬ ‫وحصلت أولى بوادر هذه األزمة في بداية عام‬ ‫‪ ،2007‬عندما تخلف العديد من املقترضني عن دفع‬ ‫االلتزامات املترتبة عليهم‪ ،‬إما نتيجة لعدم توافر‬ ‫املالءة املالية الكافية لديهم من األصل‪ ،‬أو نتيجة‬ ‫لألعباء املالية املتزايدة التي أثرت على دخولهم مثل‬ ‫ارتفاع نسب التضخم نتيجة القفزات املتتالية‬ ‫التي شهدتها أسعار النفط املتتالية وتقلب سعر‬ ‫صرف الدوالر األميركي أمام العمالت الرئيسية‬ ‫األخرى‪ .‬وأدى تخلف املقترضني إلى قيام البنوك‬ ‫باحلجز على عقاراتهم وبيعها باملزاد العلني‪،‬‬ ‫وكان لكمية العقارات املعروضة أثر كبير في‬ ‫خفض قيمة العقارات في معظم أنحاء الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬األمر الذي أدى إلى خسارة هذه البنوك‬ ‫لعدم متكنها من بيع العقارات احملجوزة بأسعار‬

‫تغطي كلفة الرهن‪ .‬ونالحظ في الرسم البياني‬ ‫ارتفاع نسب التخلف عن تسديد القروض اعتبارا‬ ‫من الربع األول في عام ‪ .2007‬وأدى توالي اخلسارات‬ ‫الناجمة عن االستثمارات العقارية إلى إفالس عدد‬ ‫من أكبر البنوك في العالم‪ .‬حيث كان بنك “بير‬ ‫ستيرنز” األميركي أول الضحايا الناجمني عن هذه‬ ‫األزمة نتيجة استثماره املفرط في سندات الرهن‬ ‫العقاري‪ ،‬األمر الذي أدى إلى تفاقمها وفقدان الثقة‬ ‫في القطاع املالي من قبل املستثمرين واملودعني‬ ‫الذين تدافعوا لسحب مدخراتهم من البنوك‬ ‫املهددة باإلفالس‪ ،‬مما أدى إلى زيادة هشاشة القطاع‬ ‫املصرفي وانعدام الثقة بني البنوك‪.‬‬ ‫مع عجز البنوك حاولت هذه األخيرة اإلقراض‬ ‫من بنوك أخرى عبر السوق النقدي‪ ،‬ولكن البنوك‬ ‫أضحت ترفض اإلقراض لغيرها واتسعت رقعة‬ ‫البنوك التي تعاني‪ ،‬مما ساهم في بروز أزمة في‬ ‫النشاط املالي‪ .‬ولتفادي اتساع رقعته بدأت‬ ‫البنوك املركزية في تقدمي مليارات الدوالرات‬ ‫كقروض للبنوك لكن الوضع ازداد سوءاً‪.‬‬ ‫بدأت مضاربة كبيرة في البورصة‪ ،‬حيث أقدم‬ ‫الوسطاء املاليون في بيع سندات بأعداد كبيرة‬ ‫لضمان احلصول على السيولة‪ ،‬وهو ما ساهم في‬ ‫انخفاض قيمة السندات‪ ،‬وال تزال قيمة األسهم‬ ‫والسندات التي متثل قطاعات صناعية تسجل تراجعاً‪.‬‬ ‫أدت هذه العوامل إلى إفالس أو وضع صعب ألكثر من‬ ‫‪ 50‬بنكا وشركة تأمني أميركية وأوروبية وتسجيل‬ ‫تباطؤ في االقتصاد‪ ،‬مع تسريح آالف العمال في‬ ‫الواليات املتحدة وأوروبا وارتفاع نسب التضخم‪ ،‬أي‬ ‫ارتفاع قيمة السلع وتراجع عدد مناصب الشغل‬ ‫التي يتم إنشاؤها شهريا‪ ،‬مما أ ّثر في القدرة الشرائية‬ ‫لشريحة كبيرة وتراجع الطلب وبروز حلقة مفرغة‬ ‫بني تراجع الطلب وارتفاع البطالة والتضخم‪.‬‬

‫املراحل الكبرى في األزمة املالية‬ ‫في عام ‪8002‬‬ ‫نوجز املراحل الكبرى في األزمة املالية في عام‬ ‫‪:2008‬‬ ‫كانون الثاني ‪ :2008‬االحتياطي االحتادي‬ ‫األميركي (البنك املركزي) يخفض معدل فائدته‬ ‫الرئيسية ثالثة أرباع النقطة إلى ‪ ،%3.50‬وهو إجراء‬ ‫ذو حجم استثنائي‪ .‬ثم جرى اخلفض تدريجيا إلى ‪%2‬‬ ‫بني شهري كانون الثاني ونهاية نيسان‪.‬‬ ‫‪ 17‬شباط ‪ :2008‬احلكومة البريطانية تؤمم بنك‬ ‫“نورذرن روك”‪.‬‬ ‫آذار ‪ :2008‬تضافر جهود املصارف املركزية مجددا‬ ‫ملعاجلة سوق التسليفات‪.‬‬ ‫آذار ‪“ :2008‬جي بي مورغان تشيز” يعلن شراء‬ ‫بنك األعمال األميركي “بير ستيرنز” بسعر متدن‬ ‫ومع املساعدة املالية لالحتياطي االحتادي‪.‬‬ ‫‪ 7‬أيلول ‪ :2008‬وزارة اخلزانة األميركية تضع‬ ‫اجملموعتني العمالقتني في مجال تسليفات الرهن‬ ‫العقاري “فريدي ماك” و”فاني ماي” حتت الوصاية‬

‫بورصة وول ستريت‬

‫‪65‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫طيلة الفترة التي حتتاجان اليها إلعادة هيكلة‬ ‫ماليتهما‪ ،‬مع كفالة ديونهما حتى حدود ‪ 200‬مليار‬ ‫دوالر‪.‬‬ ‫‪ 15‬أيلول ‪ :2008‬اعتراف بنك األعمال “ليمان براذرز”‬ ‫بإفالسه بينما يعلن أحد أبرز املصارف األميركية‬ ‫وهو “بنك أوف أميركا” شراء بنك آخر لألعمال في‬ ‫بورصة وول ستريت هو بنك “ميريل لينش”‪.‬‬ ‫عشرة مصارف دولية تتفق على إنشاء صندوق‬ ‫للسيولة برأسمال ‪ 70‬مليار دوالر ملواجهة أكثر‬ ‫حاجاتها إحلاحاً‪ ،‬فيما توافق املصارف املركزية على‬ ‫فتح مجاالت التسليف‪ .‬إال أن ذلك لم مينع تراجع‬ ‫البورصات العاملية‪.‬‬ ‫‪ 16‬أيلول ‪ :2008‬االحتياطي االحتادي واحلكومة‬ ‫األميركية يؤممان بفعل األمر الواقع أكبر مجموعة‬ ‫تأمني في العالم “أي آي جي” املهددة باإلفالس عبر‬ ‫منحها مساعدة بقيمة ‪ 85‬مليار دوالر مقابل‬ ‫امتالك ‪ %9.79‬من رأسمالها‪.‬‬ ‫‪ 17‬أيلول ‪ :2008‬البورصات العاملية تواصل‬ ‫تدهورها والتسليف يضعف في النظام املالي‪.‬‬ ‫وتكثف املصارف املركزية العمليات الرامية إلى‬ ‫تقدمي السيولة للمؤسسات املالية‪.‬‬ ‫‪ 18‬أيلول ‪ :2008‬البنك البريطاني “لويد تي‬ ‫أس بي” يشتري منافسه “أتش بي أو أس” املهدد‬ ‫باإلفالس‪.‬‬ ‫السلطات األميركية تعلن أنها تعد خطة بقيمة‬ ‫‪ 700‬مليار دوالر لتخليص املصارف من أصولها غير‬ ‫القابلة للبيع‪.‬‬ ‫‪ 19‬أيلول ‪ :2008‬الرئيس األميركي جورج بوش‬ ‫يوجه نداء إلى “التحرك فوراً” بشأن خطة إنقاذ‬ ‫املصارف لتفادي تفاقم األزمة في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫‪ 23‬أيلول ‪ :2008‬األزمة املالية تطغى على‬ ‫املناقشات في اجلمعية العامة لألمم املتحدة في‬ ‫نيويورك‪.‬‬ ‫األسواق املالية تضاعف قلقها أمام املماطلة‬ ‫حيال اخلطة األميركية لإلنقاذ املالي‪.‬‬ ‫‪ 26‬أيلول ‪ :2008‬انهيار سعر سهم اجملموعة‬ ‫املصرفية والتأمني البلجيكية الهولندية “فورتيس”‬ ‫في البورصة بسبب شكوك بشأن قدرتها على‬ ‫الوفاء بالتزاماتها‪ .‬وفي الواليات املتحدة يشتري بنك‬ ‫“جي بي مورغان” منافسه “واشنطن ميوتشوال”‬ ‫مبساعدة السلطات الفدرالية‪.‬‬ ‫‪ 28‬أيلول ‪ :2008‬خطة اإلنقاذ األميركية موضع‬ ‫اتفاق في الكونغرس‪ .‬وفي أوروبا يجري تعومي‬ ‫“فورتيس” من قبل سلطات بلجيكا وهولندا‬ ‫ولوكسمبورغ‪ .‬وفي بريطانيا جرى تأميم بنك‬ ‫“برادفورد وبينغلي”‪.‬‬ ‫‪ 29‬أيلول ‪ :2008‬مجلس النواب األميركي يرفض‬ ‫خطة اإلنقاذ‪ .‬وبورصة وول ستريت تنهار بعد‬ ‫ساعات قليلة من تراجع البورصات األوروبية بشدة‪،‬‬ ‫فيما واصلت معدالت الفوائد بني املصارف ارتفاعها‬ ‫مانع ًة املصارف من إعادة متويل ذاتها‪.‬‬ ‫أعلن بنك “سيتي غروب” األميركي أنه يشتري‬ ‫منافسه بنك “واكوفيا” مبساعدة السلطات‬ ‫الفدرالية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪ 1‬شرين الثاني ‪ :2008‬مجلس الشيوخ األميركي‬ ‫يقر خطة اإلنقاذ املالي املعدلة‪.‬‬

‫أهم نقاط مشروع خطة إنقاذ‬ ‫القطاع املصرفي األميركي‬

‫* رفع سقف الضمانات للمودعني من مائة الف‬ ‫الى ‪ 250‬الف دوالر ملدة عام واحد‪.‬‬ ‫* إعفاءات ضريبية تبلغ قيمتها حوالى مئة مليار‬ ‫دوالر للطبقة الوسطى والشركات‪.‬‬ ‫ـ حتديد التعويضات لرؤساء الشركات عند‬ ‫رحيلهم‪:‬‬

‫مجلس الشيوخ يناقش خطة اإلنقاذ املالي‬

‫يسمح مشروع خطة إنقاذ القطاع املصرفي‬ ‫األميركي‪ ،‬الذي أدخلت عليه تعديالت طفيفة قبل‬ ‫أن يقره مجلس الشيوخ ‪ ،‬للدولة بشراء أصول‬ ‫هالكة بقيمة ‪ 700‬مليار دوالر مرتبطة بالرهون‬ ‫العقارية‪.‬‬ ‫وتهدف هذه اخلطة بحسب وكالة الصحافة‬ ‫الفرنسية الى تأمني حماية أفضل للمدخرات‬ ‫واالمالك العقارية التي تعود الى دافعي الضرائب‬ ‫وحماية امللكية وتشجيع النمو االقتصادي وزيادة‬ ‫عائدات االستثمارات الى أقصى حد ممكن‪.‬‬ ‫وينص القانون على مهلة لهذه اخلطة تنتهي في‬ ‫‪ 31‬ديسمبر (كانون األول) ‪ 2009‬مع احتمال متديدها‬ ‫بطلب من احلكومة لفترة أقصاها سنتان اعتبارا‬ ‫من تاريخ إقرار اخلطة‪.‬‬ ‫ـ الضمانات ملكلفي الضرائب‪:‬‬ ‫* تُط ّبق خطة اإلنقاذ على مراحل بإعطاء اخلزينة‬ ‫إمكانية شراء اصول هالكة بقيمة تصل الى‬ ‫‪ 250‬مليار دوالر في مرحلة أولى‪ ،‬مع احتمال رفع‬ ‫هذا املبلغ الى ‪ 350‬مليار دوالر بطلب من الرئيس‪.‬‬ ‫وميلك أعضاء الكونغرس حق الفيتو على عمليات‬ ‫الشراء التي تتعدى هذا املبلغ مع حتديد سقفه‬ ‫بـ‪ 700‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫* تساهم الدولة في رؤوس اموال وأرباح الشركات‬ ‫املستفيدة من هذه اخلطة‪ ،‬ما يسمح بحقيق أرباح‬ ‫اذا حتسنت ظروف االسواق‪.‬‬ ‫* يكلف وزير اخلزانة التنسيق مع السلطات‬ ‫واملصارف املركزية لدول اخرى لوضع خطط مماثلة‪.‬‬ ‫وأدرجت في النص الذي أقره مجلس الشيوخ أول‬ ‫من أمس مادتان جديدتان‪:‬‬

‫‪66‬‬

‫* منع دفع تعويضات باهظة لرؤساء أو مديري‬ ‫الشركات الذين يتم تسريحهم أو يستقيلون‬ ‫بعدما عملوا في شركات باعت أصوال الى وزارة‬ ‫اخلزانة ما دامت اخلزانة تساهم فيها‪.‬‬ ‫* منع دفع تعويضات تشجع على مجازفات ال‬ ‫فائدة منها‪ .‬وحددت املكافآت ملسؤولي الشركات‬ ‫الذين يفيدون من اخلفوضات الضريبية بـ ‪ 500‬الف‬ ‫دوالر‪.‬‬ ‫* وتنص اخلطة على استعادة العالوات التي‬ ‫ُق ّدمت على أرباح متوقعة لم تتحقق‪.‬‬ ‫ـ املراقبة والشفافية‪:‬‬ ‫* يشرف مجلس مراقبة على تطبيق اخلطة‪.‬‬ ‫ويضم هذا اجمللس رئيس االحتياطي الفدرالي ووزير‬ ‫اخلزانة ورئيس الهيئة املنظمة للبورصة‪.‬‬ ‫* ويحافظ مكتب احملاسبة العامة التابع‬ ‫للكونغرس على حضور في اخلزانة ملراقبة عمليات‬ ‫شراء االصول والتدقيق في احلسابات‪.‬‬ ‫* تعيني مفتش عام مستقل ملراقبة قرارات وزير‬ ‫اخلزانة‪.‬‬ ‫* يدرس القضاء القرارات التي يتخذها وزير‬ ‫اخلزانة‪.‬‬ ‫ـ إجراءات ضد عمليات وضع اليد على‬ ‫املمتلكات‪:‬‬ ‫* إجراءات حماية للمالكني املهددين مبصادرة‬ ‫مساكنهم بينما من املقرر تطبيق مليوني إجراء‬ ‫من هذا النوع في ‪.2009‬‬ ‫* السماح للدولة مبراجعة شروط منح القروض‬ ‫العقارية للمدينني الذين يواجهون صعوبات‪.‬‬ ‫* مساعدة املصارف احمللية الصغيرة التي‬


‫تضررت بأزمة الرهن العقاري‪.‬‬

‫قمة مجموعة العشرين‬ ‫طافت حمى األزمة املالية في الواليات املتحدة‬ ‫كل بلدان العالم‪ ،‬وشغلت زعماء الدول والقارات‬ ‫الذين تأهبوا منذ اللحظات االولى لألزمة‬ ‫ملواجهتها‪ ،‬داقني ناقوس اخلطر فانهالوا على دراسة‬ ‫االجراءات التي ميكن اتخاذها لتجنيب دولهم آثارها‪،‬‬ ‫فانعقدت قمة مجموعة العشرين السبت ‪-11-15‬‬ ‫‪ 2008‬في واشنطن‪ ،‬مبشاركة زعماء من ‪ 19‬دولة‬ ‫واالحتاد األوروبي حتت مظلة مجموعة العشرين‪،‬‬ ‫وتضم اجملموعة االقتصاديات الناهضة مثل‬ ‫السعودية والصني والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا‪،‬‬ ‫والقوى الصناعية األقدم من مجموعة السبع‪.‬‬ ‫وصف آنذاك اجتماع القمة بأنه فرصة لتحويل مزيد‬ ‫من سلطات صنع القرار إلى دول األسواق الناهضة‪،‬‬ ‫ولكن هذا األمر قد ينتظر إجراء مفاوضات؛ ألنه‬ ‫يتطلب تخلي بعض الدول الغنية عن سلطات‪ ،‬وهو‬ ‫أمر من غير املرجح أن يحصل بسهولة‪ .‬وبرزت دعوات‬ ‫ألن تلعب دول مثل الصني والسعودية التي لديها‬ ‫احتياطيات وفيرة من النقد األجنبي‪ ،‬دورا ً أكبر في‬ ‫وضع شبكة أمان لالقتصاديات الناهضة األخرى‪،‬‬ ‫من خالل مزيد من التمويل ا لكا مل‬ ‫ملؤسسات مثل صندوق‬ ‫النقد الدولي‪.‬‬ ‫قمة‬ ‫وتبنت‬ ‫الدول الصناعية‬ ‫والناشئة في‬ ‫عة‬ ‫مجمو‬ ‫العشرين خطة‬ ‫حترك تهدف الى‬ ‫حتسني تنظيم القطاع‬ ‫املالي في العالم وتعزيز شفافيته‪ .‬ومن أبرز‬ ‫نقاطها‪:‬‬ ‫تعزيز الشفافية واملسؤولية‪ :‬قبل ‪ 31‬آذار‪،‬‬ ‫إصالح معايير احملاسبة في ما يتعلق بتقدير‬ ‫قيمة األدوات املالية املركبة عندما يتعذر بيعها‬ ‫في األسواق‪ .‬حتسني الشفافية بشأن املوجودات‬ ‫خارج إطار التقارير املتعلقة باالداء واالدوات املالية‬ ‫املركبة‪ .‬تعزيز ادارة الهيئة الدولية التي تعد معايير‬ ‫احملاسبة‪.‬‬ ‫على املدى املتوسط‪ ،‬وضع معايير محاسبية‬ ‫عاملية واحدة عالية النوعية‪ ،‬والعمل على‬ ‫تطبيقها‪ ،‬والعمل على ان تكون الشركات املالية‬ ‫أكثر شفافية بشأن اخملاطر‪.‬‬ ‫نشر قواعد تنظيمية سليمة‬ ‫أنظمة الهيئات املنظمة‪ :‬قبل ‪ 31‬آذار على‬ ‫صندوق النقد الدولي ومنتدى االستقرار املالي‬ ‫“املوسع” وغيرها من الهيئات املنظمة‪ ،‬تقدمي‬ ‫توصيات للتخفيف من جنوح االسواق الى املبالغة‬ ‫في التقلبات من ارتفاع وانخفاض‪.‬‬ ‫على املدى املتوسط‪ ،‬على كل دولة القيام مبراجعة‬

‫لنظامها املالي وتشريعاتها التنظيمية (برنامج‬ ‫تنظيم القطاع املالي) ودراسة الفروق وحتسني ادارة‬ ‫حاالت اإلفالس‪.‬‬ ‫املراقبة االحتياطية‪ :‬قبل ‪ 31‬آذار على الهيئات‬ ‫التنظيمية التأكد من أن وكاالت التصنيف االئتماني‬ ‫تطبق املعايير التي تعتمدها‪ ،‬وان املؤسسات املالية‬ ‫متلك رأس املال املناسب‪ ،‬وخفض اخملاطر املرتبطة‬ ‫ببعض األدوات املالية املشتقة‪.‬‬ ‫على الهيئات التنظيمية دفع املستثمرين الى‬ ‫استخدام برامج الكترونية لألدوات املالية املشتقة‬ ‫التي يجري التفاوض حولها بالتراضي‪.‬‬ ‫إدارة اخملاطر‪ :‬على الهيئات التنظيمية ان تقدم‬ ‫قبل ‪ 31‬آذار توصيات حازمة للمصارف في هذا‬ ‫الشأن والعمل على تطبيقها‪ .‬يجب أن تدرس جلنة‬ ‫بازل مناذج جديدة ألزمات وهمية للشركات‪ ،‬وعلى‬ ‫الشركات املالية االمتناع عن تشجيع اجملازفة‬ ‫بتقدمي مكافآت عليها‪.‬‬ ‫على املدى املتوسط‪ ،‬على الهيئات التنظيمية‬ ‫التكيف بسرعة مع االبتكارات املالية ومتابعة‬ ‫التغييرات الكبيرة في أسعار األسهم‬ ‫على‬ ‫ذلك‬ ‫وانعكاسات‬ ‫االقتصاد‪.‬‬ ‫تشجيع‬

‫نزاهة‬ ‫األسواق‬ ‫املالية‪ :‬قبل ‪ 31‬آذار‪،‬‬ ‫حتسني التعاون بني مختلف السلطات‬ ‫القضائية وتبادل املعلومات ودراسة ما اذا كانت‬ ‫القواعد التي حتمي األسواق واملستثمرين فعالة‪.‬‬ ‫على املدى املتوسط‪ ،‬تطبيق إجراءات حلماية‬ ‫النظام املالي العاملي من نشاطات اجلنات‬ ‫الضريبية‪.‬‬ ‫تعزيز التعاون الدولي‪ :‬قبل ‪ 31‬آذار‪ ،‬إنشاء هيئات‬ ‫مراقبة لكل الشركات املالية الكبرى‪“ .‬يجب أن‬ ‫جتتمع املصارف العاملية الكبرى مع الهيئة اخلاصة‬ ‫مبراقبتها ملناقشة نشاطاتها بعمق وتقييم اخملاطر‬ ‫التي تواجهها هذه املؤسسات”‪.‬‬ ‫على املدى املتوسط‪ ،‬التقريب بني مختلف‬ ‫أساليب العمل والتأكد من أن اإلجراءات املوقتة في‬ ‫مواجهة االزمة ال تضر باملنافسة وجتري بانتظام‪.‬‬ ‫إصالح الهيئات املالية الدولية‪ :‬قبل ‪ 31‬آذار‬

‫‪67‬‬

‫توسيع منتدى االستقرار املالي وتعزيز التعاون مع‬ ‫صندوق النقد الدولي ومراجعة موارد وأدوات صندوق‬ ‫النقد الدولي والبنك الدولي ودراسة وسائل إعادة‬ ‫متويل الدول الناشئة والدول النامية‪.‬‬ ‫على املدى املتوسط‪ ،‬إبراز وزن االقتصادات في‬ ‫صندوق النقد والبنك الدوليني‪ .‬يجب أن يكون‬ ‫لصندوق النقد الدولي دور متزايد في تقييم القطاع‬ ‫املالي والنصح في السياسة املالية الشاملة وتقدمي‬ ‫مساعدة للدول الناشئة والنامية لتطبيق املعايير‬ ‫الدولية اجلديدة‪.‬‬

‫اقتصادات العالم‬ ‫واألزمة املالية العاملية‬ ‫تأثرت اقتصادات الكثير من الدول سلبيا من‬ ‫األزمة املالية العاملية‪ ،‬حيث دخل العديد منها دائرة‬ ‫الركود‪ ،‬ويتوقع اخلبراء أن تعاني كثيرا في العام‬ ‫املقبل‪ .‬وفي ما يلي عرض ألهم تأثيرات األزمة على‬ ‫بعض الدول في أميركا وأوربا وآسيا والعالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة‪ :‬تسببت األزمة املالية‬ ‫العاملية في تدهور االقتصاد األميركي منذ‬ ‫أيلول املاضي‪.‬‬ ‫وتوقع مسؤولو االحتياطي الفدرالي‬ ‫األميركي (البنك املركزي) انكماش‬ ‫اقتصاد بالدهم في فترة متتد من‬ ‫اآلن وحتى منتصف العام املقبل‪.‬‬ ‫وتراوحت التوقعات للعام ‪2009‬‬ ‫بني انكماش بواقع ‪ %0.2‬إلى منو‬ ‫بواقع ‪ %1.1‬بتراجع يتراوح بني‬ ‫‪ %2‬و‪ .%2.8‬وتوقعت منظمة‬ ‫التعاون االقتصادي والتنمية‬ ‫أن يشهد اقتصاد الواليات‬ ‫املتحدة انكماشا يصل‬ ‫إلى ‪ %2.8‬في الربع األخير‬ ‫من العام احلالي‪ ،‬وبنسبة ‪%0.9‬‬ ‫في ‪ .2009‬من جهتها أعلنت وزارة‬ ‫التجارة األميركية انكماش االقتصاد‬ ‫مبعدل سنوي بلغ ‪ %0.3‬في الربع الثالث من العام‬ ‫اجلاري مسجال أقوى انخفاض في سبع سنوات‪.‬‬ ‫كما كشف تقرير الناجت احمللي اإلجمالي انخفاض‬ ‫الدخل الشخصي املتوافر لإلنفاق مبعدل ‪ %8.7‬في‬ ‫الربع الثالث مسجال أشد هبوط منذ بدء إطالق‬ ‫البيانات الفصلية لهذا البند عام ‪ .1947‬وفي مؤشر‬ ‫آخر سجل الناجت الصناعي األميركي في سبتمبر‪/‬‬ ‫أيلول املاضي أكبر تراجع له منذ العام ‪ ،1974‬كما‬ ‫خفضت الشركات استثماراتها بنسبة ‪ %1‬في‬ ‫الربع الثالث من هذا العام‪.‬‬ ‫كندا‪ :‬صرح وزير املالية الكندي جيم فالهيرتي بأن‬ ‫األزمة املالية العاملية رمبا تكون قد دفعت االقتصاد‬ ‫الكندي إلى الركود في الربع األخير من هذا العام‬ ‫والربع األول من العام القادم‪.‬‬ ‫وأضاف أن حكومته ستعتمد حزمة حوافز فعالة‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫لتجنب العجز في امليزانية على املدى الطويل‪.‬‬ ‫بدوره قال محافظ بنك كندا مارك كارني‬ ‫األسبوع املاضي إن خطر الركود يتزايد‪ ،‬مضيفا أنه‬ ‫من احملتمل أن يخفض البنك املركزي أسعار الفائدة‬ ‫مرة أخرى للحفاظ على اقتصاد البالد املعتمد على‬ ‫الصادرات ومواجهة الركود العاملي وتراجع طلب‬ ‫املستهلكني في الواليات املتحدة الشريك التجاري‬ ‫الرئيس لكندا‪.‬‬ ‫وعلى الصعيد األوروبي توقعت منظمة التعاون‬ ‫االقتصادي والتنمية انكماش اقتصاد منطقة‬ ‫اليورو في ‪ 2009‬بنسبة ‪ ،%0.5‬وتسجيل نسب منو‬ ‫ضعيفة هذا العام‪.‬‬ ‫أملانيا‪ :‬االقتصاد األملاني‪ ،‬وهو أكبر اقتصاد أوروبي‪،‬‬ ‫سقط بدوره في مرحلة من الركود ألول مرة منذ‬ ‫خمس سنوات بسبب األزمة املالية‪ .‬وأظهرت األرقام‬ ‫الصادرة عن مكتب اإلحصاء االحتادي أن الناجت احمللي‬ ‫اإلجمالي انكمش مبقدار ‪ %0.5‬في الربع الثالث من‬ ‫العام احلالي‪ ،‬بعدما سجل انكماشا مبقدار ‪ %0.4‬في‬ ‫الربع الثاني‪.‬‬ ‫وقال وزير املالية األملاني بير شتاينبروك إن اقتصاد‬ ‫بالده في ركود ويواجه عاما صعبا في ‪ .2009‬وقد‬ ‫وجهت احلكومة أكثر من ‪ %1‬من إجمالي الناجت‬ ‫احمللي أوائل الشهر اجلاري لدعم االقتصاد والبنوك‪.‬‬ ‫من جهته أكد رئيس مكتب العمل االحتادي في‬ ‫أملانيا أن تقديرات معهد األبحاث التابع للمكتب‬ ‫تشير إلى تراجع معدل منو اقتصاد البالد في العام‬ ‫‪ 2009‬بنسبة قد تصل إلى ‪.%0.5‬‬ ‫كما أن ما يقدر بحوالى ‪ 215‬ألف وظيفة مهددة‬ ‫بالشطب في العام املقبل بسبب األزمة االقتصادية‬ ‫العاملية‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك أن فائض امليزانية في العام اجلاري‪،‬‬ ‫الذي يقدر بنحو خمسة مليارات يورو‪ ،‬سيتحول‬ ‫العام املقبل إلى عجز بنحو ‪ %0.5‬من إجمالي الناجت‬ ‫احمللي‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر تراجعت الثقة في االستثمار‪،‬‬ ‫حيث تراجع مؤشر مناخ األعمال األملاني مجددا‬ ‫في نوفمبر‪ /‬تشرين الثاني للشهر السادس على‬ ‫التوالي‪ ،‬حسب ما أعلن معهد “إيفو” لألبحاث‬ ‫االقتصادية‪.‬‬ ‫وأشار املعهد إلى أن عجلة االقتصاد تراجعت‬ ‫بشدة‪ ،‬وأن هذا التراجع سيشمل أيضا سوق العمل‪،‬‬ ‫مؤكدا ازدياد نظرة الشك لدى الشركات جتاه الوضع‬ ‫احلالي ألعمالها وتوقعاتها االقتصادية في األشهر‬ ‫الستة األولى من العام املقبل‪.‬‬ ‫بريطانيا‪ :‬ويقف االقتصاد البريطاني هو اآلخر‬ ‫على شفا أول ركود له منذ أكثر من ‪ 15‬عاما نتيجة‬ ‫األزمة املالية العاملية‪ .‬وقال املعهد الوطني لألبحاث‬ ‫االجتماعية واالقتصادية في لندن إن اقتصاد البالد‬ ‫سينكمش بنسبة ‪ %1.5‬العام املقبل‪ ،‬وإن البطالة‬ ‫قد ترتفع إلى ثالثة ماليني شخص في العام ‪.2010‬‬ ‫وقدر املعهد أن برنامج إنقاذ تبلغ تكاليفه ‪ 30‬مليار‬ ‫دوالر ميكن أن يحسن النمو بنسبة ‪ %1‬العام املقبل‪،‬‬ ‫متوقعا أن ينكمش االقتصاد البريطاني لستة أرباع‬ ‫من السنة على التوالي‪ ،‬وأال يبدأ في االنتعاش قبل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اقتصادات العالم وقعت حتت تأثير االزمة‬

‫أوائل ‪.2010‬‬ ‫إيطاليا‪ :‬وفي إيطاليا انكمش االقتصاد بنسبة‬ ‫‪ %0.5‬في الربع الثالث من ‪ ،2008‬وهو أعمق تراجع‬ ‫ربع سنوي منذ عشر سنوات‪ .‬ويتوقع احملللون أن‬ ‫يستمر الركود ملدة ثالثة أرباع أخرى على األقل‪ ،‬وأن‬ ‫يتراجع إجمالي الناجت احمللي بنسبة نحو ‪ %0.3‬في‬ ‫العام ‪ 2008‬وبشكل أكبر في العام ‪ .2009‬وحذر‬ ‫رئيس الوزراء اإليطالي سيلفيو برلسكوني من أن‬ ‫األزمة املالية العاملية تؤثر على االقتصاد احلقيقي‬ ‫في بالده‪ ،‬وأنها قد تصبح “عميقة جدا”‪.‬‬ ‫إسبانيا‪ :‬وأعلنت إسبانيا انكماش اقتصادها في‬ ‫الربع الثالث للمرة األولى منذ ‪ 15‬عاما‪ ،‬ما يجعل‬ ‫البالد على شفا السقوط في فترة ركود‪ .‬وقال‬ ‫مكتب اإلحصاء الوطني اإلسباني إن الناجت احمللي‬ ‫اإلجمالي انكمش بنسبة ‪ %0.2‬في الربع الثالث‬ ‫مقارنة بالربع السابق عليه في أول انكماش فصلي‬ ‫منذ العام ‪ .1993‬ومنا اقتصاد البالد بنسبة ‪%0.9‬‬ ‫فقط في الفترة بني يوليو‪ /‬متوز وسبتمبر‪ /‬أيلول‬ ‫املاضيني مقارنة بالفترة نفسها العام املاضي‪ .‬وعزا‬ ‫محللون التباطؤ احلاصل إلى انهيار قطاع العقارات‬ ‫واألزمة املالية العاملية‪.‬‬ ‫اليابان‪ :‬وبسبب األزمة املالية العاملية دخل‬ ‫االقتصاد الياباني دائرة أول ركود منذ سبعة أعوام‪،‬‬ ‫وأظهرت بيانات رسمية انكماش اقتصاد البالد في‬ ‫الربع الثاني للعام املالي احلالي بنسبة ‪ .%14‬أما‬ ‫منظمة التعاون االقتصادي والتنمية فقد توقعت‬ ‫انكماش اقتصاد اليابان بنسبة ‪ %0.1‬عام ‪.2009‬‬ ‫كما انخفضت صادرات اليابان بأسرع معدل في‬ ‫سبع سنوات الشهر املاضي مع انخفاض الطلب‬ ‫في آسيا‪ .‬ويتوقع محللون انخفاضها أيضا بنسبة‬ ‫‪ %6.8‬في ‪ .2009‬وأوضحت إحصاءات رسمية أن‬ ‫الصادرات انخفضت بنسبة ‪ %7.7‬مقارنة بالشهر‬ ‫نفسه من العام السابق‪ ،‬وهو أسرع معدل انخفاض‬ ‫منذ ‪ 2001‬بعد انهيار سوق شركات اإلنترنت‪ .‬وقد‬ ‫دفع انخفاض الطلب على املنتجات اليابانية في‬ ‫العالم امليزان التجاري الياباني إلى عجز مبقدار ‪63.9‬‬

‫‪68‬‬

‫مليار ين (‪ 665‬مليون دوالر) مقارنة مع فائض بلغ‬ ‫‪ 999.4‬مليار ين قبل عام‪.‬‬ ‫الصني وتايوان‪ :‬وفي الصني قال وزير املوارد‬ ‫البشرية والضمان االجتماعي ين وامينان إن‬ ‫االضطرابات االقتصادية العاملية أدت إلى خفض‬ ‫كبار املستوردين للمنتجات الصينية مشترياتهم‪،‬‬ ‫وهو ما أدى إلى إغالق العديد من املصانع‪ .‬وأضاف‬ ‫أن الوضع رمبا يزداد سوءا في الربع األول من العام‬ ‫القادم‪.‬‬ ‫وبعد سنوات من النمو االقتصادي في الصني‬ ‫بأكثر من ‪ ،%10‬توقع اخلبراء تراجع منو الناجت احمللي‬ ‫اإلجمالي إلى حوالى ‪ %9‬في العام احلالي ‪ %7.5‬في‬ ‫العام القادم‪.‬‬ ‫من جهته قال رئيس وزراء الصني وين جيباو إن‬ ‫العام ‪ 2008‬ميثل أصعب األعوام لالقتصاد الصيني‬ ‫بسبب ركود االقتصاد العاملي‪ .‬من جهة أخرى أكدت‬ ‫تقارير صحافية أن ثلثي شركات النسيج التايوانية‬ ‫تكبدت خسائر فادحة نتيجة تراجع الصادرات‬ ‫بسبب االنكماش واألزمة املالية العامليني‪ ،‬فيما‬ ‫أغلق زهاء ألف شركة لصناعة األحذية‪.‬‬ ‫وعلى مستوى العالم العربي أظهر مسح‬ ‫للشركات العاملة في الشرق األوسط أن دبي‬ ‫ومصر واألردن ستكون األشد تضررا في املنطقة‬ ‫من جراء تداعيات األزمة املالية‪ ،‬وأن اململكة العربية‬ ‫السعودية وسلطنة عمان والبحرين وقطر ستكون‬ ‫األقل تأثرا باألزمة‪.‬‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‪ :‬وستكون إمارة دبي‬ ‫بدولة اإلمارات العربية املتحدة ‪ -‬حسب املسح‬ ‫نفسه ‪ -‬األكثر تضررا من جراء تباطؤ النمو‬ ‫االقتصادي العاملي نظرا ألن صناعة السياحة‬ ‫في اإلمارة ستعاني بشدة نتيجة تقلص أعداد‬ ‫السياح‪.‬‬ ‫وتأثر القطاع العقاري الذي كان مزدهرا في اإلمارة‬ ‫بتداعيات األزمة حتت وطأة تراجع أسعار العقارات‬ ‫واالستغناء عن وظائف بالقطاع‪ .‬وبدأت شركات‬ ‫البناء جتمد خططها وتتوقع أوقاتا صعبة مستقبال‬


‫أبرز ما قيل‬ ‫في األزمة‬ ‫من يعتقد أن األزمة املالية كرة ثلج‬ ‫تكبر وتكبر ثم لن تلبث أن تصطدم‬ ‫وتذوب‪ ،‬يكن مخطئا ً بالتأكيد‪ .‬هي كرة‬ ‫نار تتدحرج وتتسع وفي طريقها تأكل‬ ‫األخضر واليابس‪ .‬وستكون مصيبة إن لم‬ ‫نتعامل معها على هذا األساس‪.‬‬ ‫إن األزمة املالية أكبر بكثير من مجرد‬ ‫زكام عابر ميكن إزالته ببعض احلقن‬ ‫العاجلة‪ ،‬بل هو فيروس عصي عن‬ ‫املعاجلات السريعة بدأت عدواه تنتقل من‬ ‫القطاع املالى لتصيب في مقتل سائر‬ ‫جسد االقتصاد احلقيقي‪.‬‬ ‫تبدو كارثة األزمة املالية في الواليات‬ ‫املتحدة الكارثة أعم‪ ،‬ففي الوقت الذي‬ ‫يجهد فيه رئيسان معا ‪-‬بوش وأوباما‬ ‫ إلنقاذ هذه املؤسسة املالية أو تلك‬‫تقدم التقارير صورة‬ ‫الشركة الصناعية‪ّ ،‬‬ ‫هازئة من عملهما تش ّبهه مبن يحاول أن‬ ‫مينع بأصابعه تسرب املاء من إناء كثير‬ ‫الثقوب‪.‬‬ ‫‪ 25‬تريليون دوالر خسرها العالم في‬ ‫غفلة منه بفعل األزمة املالية اخلانقة‪،‬‬ ‫الرقم قد يبدو للوهلة األولى صادما‬ ‫وخرافيا للبعض‪ ،‬لكن حني ننظر الى‬ ‫حجم “األسواق الوهمية” التي ابتدعتها‬ ‫الواليات املتحدة األميركية كمخرج‬ ‫لتمويل جتارتها اخلارجية‪ ،‬نفهم بعضا من‬ ‫هذه األزمة املطبقة على أنفاس العالم‪.‬‬ ‫أميركا بأفكارها الرعناء أدارت ظهرها‬ ‫للعالم وألقت قنابل موقوتة “سندات‬ ‫ونقود ورقية” كان لها األثــر األكبر فى‬ ‫تضخم االقتصاد االفتراضي وانهياره‪،‬‬ ‫حيث أصدرت أوراقا ً مالية وعمالت نقدية‬ ‫بقيمة ‪ 600‬تريليون دوالر خالل أقل من‬ ‫عقدين‪ ،‬فيما يبلغ الناجت الكوني السنوي‬ ‫نحو ‪ 58‬تريليون دوالر أي قيمة كل ما مت‬ ‫إنتاجه من سلع وخدمات على وجه الكرة‬ ‫األرضية في عام‪.‬‬

‫في إمارة دبي مع إقبال شركات التطوير العقاري‬ ‫على مراجعة مشروعاتها وتقليصها بسبب أزمة‬ ‫االئتمان العاملية‪.‬‬ ‫مصر‪ :‬وحذر الرئيس املصري حسني مبارك من‬ ‫أن األزمة املالية العاملية حتمل لبالده أوقاتا صعبة‪،‬‬ ‫وأوضح أن تراجع معدل النمو في الربع األول من‬ ‫العام املالي احلالي مؤشر على تأثر البالد بتداعيات‬ ‫األزمة‪.‬‬ ‫وتراجع معدل النمو في مصر إلى ‪ %5.8‬مقارنة‬ ‫مع ‪ %6.5‬في الربع األول من العام الذي سبقه‪.‬‬ ‫وحسب املتحدث باسم مجلس الوزراء مجدي‬ ‫راضي‪ ،‬تأثرت جميع القطاعات باألزمة العاملية‬ ‫عدا قطاعات االتصاالت والسياحة والنفط‬ ‫والغاز‪ .‬من ناحية أخرى أظهر مسح أجرته وكالة‬ ‫رويترز أن االقتصاد املصري رمبا يسجل أبطأ معدل‬ ‫منو سنوي له منذ نحو خمس سنوات في العام‬ ‫املالي احلالي‪ .‬كما توقع وزير التجارة والصناعة‬ ‫املصري رشيد محمد رشيد تباطؤ منو صادرات‬ ‫بالده في العامني احلالي واملقبل نظرا ملعاناة‬ ‫اقتصادات كبار الشركاء التجاريني من األزمة‬ ‫العاملية‪ .‬ويقول محللون إن من املمكن أن تؤدي‬ ‫األزمة االقتصادية العاملية إلى تكرار االضطرابات‬ ‫التي شهدتها مصر في وقت سابق هذا العام‪،‬‬ ‫بسبب االرتفاع الكبير في أسعار السلع‬ ‫الغذائية‪ ،‬إذا لم تستطع احلكومة حماية ماليني‬ ‫الفقراء من آثارها‪.‬‬

‫العالم يتساءل‪:‬‬ ‫أين تبخرت األموال؟‬ ‫يقف العالم مذهوال أمام تبخر تريليونات الدوالرات‬ ‫من أسواق املال األميركية والعاملية‪ ،‬متسائال عن‬ ‫وجهة هذه األموال الطائلة وغيرها من املدخرات‬ ‫التى تبخرت كلها وذهبت كما يبدو إلى “غير‬ ‫رجعة”‪ ،‬وسط ذهول املستثمرين أمام أخطر أزمة‬ ‫مالية عاملية منذ الثالثينات‪.‬‬ ‫ويُبرر اختفاء األموال بقصر نظر املستثمرين‬ ‫الذين يعتقدون أن أموالهم قيمة “حقيقية”‬ ‫تدخل فى باب الربح واخلسارة‪ ،‬متناسني ان قوانني‬ ‫السوق حتتكم فقط الى أنانية الفرد دون سواه‪.‬‬ ‫ويخشى اقتصاديون من محاولة العبي السياسة‬ ‫الرأسمالية استغفال العالم وإقناعه بأن األزمة‬ ‫املالية التي طالت شعوب العالم تدخل في باب‬ ‫القبول بقوانني اللعبة وهي في نهاية األمر مجرد‬ ‫خسارة “نظرية” أو “افتراضية” ال أكثر!‬ ‫وذهبت العديد من التقارير الى اعتبار ان‬ ‫الفوضى التى عمت أسواق املال العاملية سببها‬ ‫اخلطأ الذى وقع فيه الناس باعتقادهم أن “تلك‬ ‫األموال االفتراضية” تعادل قيمتها املادية في حال‬ ‫السيولة النقدية‪ ،‬وهي ليست كذلك أبدا ‪ -‬حسب‬ ‫دعاة الرأسمالية ‪ -‬إذ ان هناك الكثير من األشياء‬ ‫التي لها قيمة مادية ولكن ميكن فقدانها اذا ما‬ ‫استُثمرت‪ ،‬وبالتالي فقدان الثروة‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫مصير الرأسماية‬ ‫على طاولة البحث‬ ‫أبرز ما جعل من األزمة املالية حدثا ً تاريخيا ً‬ ‫يعتبرها الكثيرون حدا ً فاصالً بني عهدين في‬ ‫االقتصاد العاملي‪ ،‬فألول مرة منذ انهيار االحتاد‬ ‫السوفياتي وضع مصير الرأسمالية على طاولة‬ ‫البحث‪ .‬فمع بروز األزمة‪ ،‬تضاربت آراء اخلبراء حول‬ ‫ما خلفته األزمة املالية األميركية الزاحفة الى‬ ‫دول العالم أجمع من تداعيات‪ ،‬فمنهم من يرى‬ ‫فيها انهيارا ً للرأسمالية وأفوال ً لنجم الواليات‬ ‫املتحدة عن الساحة العاملية اقتصاديا ً وسياسياً‪،‬‬ ‫فسارع هؤالء الى نعي النظام الرأسمالي وإعالن‬ ‫نهاية عالم القطب االوحد والتهليل لعالم‬ ‫متعدد االقطاب‪ .‬وذهب البعض في اجتاه االستهزاء‬ ‫بالرئيس جورج بوش العتقاده بوجود أعداء خارجيني‬ ‫يحاولون القضاء على بالده في الوقت الذي حتمل‬ ‫فيه هي نفسها داءها القاتل‪“ ،‬النظام الرأسمالي”‪،‬‬ ‫بعدما توهمت وأعلنت انتصار هذا النظام على‬ ‫االشتراكية السوفياتية املتداعية‪ .‬فبرأيهم بعد‬ ‫سنوات طويلة من رفع شعار “دعوا السوق تعالج‬ ‫أزماتها بنفسها” أي من دون تدخل الدولة‪ ،‬سقط‬ ‫الفكر املسمى فكر “الرأسمالية اجلديدة”‪ ،‬أو فكر‬ ‫“الليبراليني اجلدد”‪ ،‬فإفالس “وول ستريت” لم يكن‬ ‫بضعة مصارف بل فكر “الرأسمالية اجلديدة” ذاته‪.‬‬ ‫فالرأسمالية اجلديدة بدت ‪ ،‬في رُبْع قرن من الزمان‪،‬‬ ‫حقيقة اقتصادية ـ اجتماعية واقعة وراسخة‪،‬‬ ‫فإذا مبهدها في “وول ستريت” يصبح‪ ،‬بني عشية‬ ‫وضحاها‪ ،‬حلدا ً لها‪ .‬إضافة الى هذا‪ ،‬أكد العديدون‬ ‫من رؤساء دول العالم احلاجة إلى نظام اقتصادي‬ ‫مالي جديد أكثر عدال يقوم على تعدد األقطاب‬ ‫وسيادة القانون واألخذ باملصالح املتبادلة‪ ،‬معتبرين‬ ‫أن “عهد الهيمنة االقتصادية األميركية” قد و ّلى‪.‬‬ ‫فيما يرى البعض اآلخر في هذه االزمة عملية جتدد‬ ‫للرأسمالية‪ ،‬واصفني ما يحصل بعملية إسعاف‬ ‫لالقتصاد بدماء جديدة جتدد نشاطه‪ ،‬باعتبار أن‬ ‫إعادة بناء املؤسسات التي انهارت بسبب األزمة‬ ‫هي الدماء اجلديدة التي ستجري في عروق االقتصاد‬ ‫األميركي لتحافظ له على هيمنته‪ .‬وتأكيدا ً على‬ ‫ذلك يستذكرون أزمة الكساد العظيم في عام‬ ‫‪ 1929‬التي خرجت منها أميركا قوية اقتصاديا‪،‬‬ ‫وكان خير دليل على ذلك اختيار الدوالر من قبل‬ ‫صندوق النقد الدولي عام ‪ 1944‬كعملة ارتكاز‪.‬‬ ‫وبالتالي يؤكدون أن أميركا كما خرجت باقتصاد‬ ‫قوي من أزمة ‪ 1929‬سيحدث الشيء نفسه‬ ‫بالنسبة لألزمة احلالية‪ .‬لذا لم يروا في أميركا إال‬ ‫امبراطورية أعادت إثبات عظمة قدراتها بعدما‬ ‫بقي الدوالر صامدا ً في ظل تراجع العمالت الكبرى‬ ‫وقدرتها على كبح اندفاعات االقتصادات الكبرى‪،‬‬ ‫وال سيما الصني‪ ،‬كما بث الرعب في االسواق املالية‬ ‫العاملية‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬وعد أبو ذياب‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫اقتصاد لبنان عام ‪2008‬‬ ‫رمادي اللون‬

‫عام ‪ 2008‬رمادي اللون بالنسبة لالقتصاد اللبناني‪ ،‬فمن دون‬ ‫شك قد عانى الكثير اشهر عديدة من السنة وال سيما االولى‬ ‫فيها اال اننا ال نستطيع ان ننسى جناته وحيدا ً في العالم من‬ ‫االزمة املالية العاملية وانتقاله نوعاً ما الى بر االمان مع عودة احلياة‬ ‫الدستورية الى لبنان عقب اتفاق الدوحة وانتخاب العماد ميشال‬ ‫سليمان رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة الوحدةالوطنية بعد‬ ‫ان عانى الكثير في ظل احلكومة الالشرعية ونتيجة لالنقسامات‬ ‫السايسة احلادة في البالد‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬فال ميكن ان نودع عام‬ ‫‪ 2008‬دون ان نستذكر احلركة العمالية التي حتركت بقوةهذا العام‬ ‫مما اثمر عن اقرار احلكومة لقرار تعديل االجور بعد ان بقي مجمداً‬ ‫طوال ‪ 12‬عاماً منذ عام ‪.1996‬‬ ‫نستذكر في هذا امللف ابرز ما مر به االقتصاد عام ‪ ،2008‬من‬ ‫وقوفه على حافة االنهيار في االشهر االولى من السنة بعد ان‬ ‫ارخت االزمة السياسية احلادة بتداعياتها القاسية على االقتصاد‬ ‫عبر هروب الكثير من االستثمارات‪ ،‬وشل احلركة االقتصادية في‬ ‫البلد نتيجة االهتزازات املتتالية لألوضاع األمنية‪ ،‬الى خروجه الى‬ ‫النور بعد اتفاق الدوحة عقب احداث دامية كبّدته بعض اخلسارات‪،‬‬ ‫الى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ووقوف‬ ‫العهد امام اولويات في امللف االقتصادي‪ ،‬ومن ثم تشكيل حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية ومواجهتها لتحديات اساسية‪،‬الى زوال الغمامة‬ ‫عن العالقات اللبنانية السورية التي اثرت سلباً على االقتصاد‬ ‫بحكم جغرافية لبنان‪ ،‬الى استبعاد امللف االقتصادي عن طاولة‬ ‫احلواربالرغم من اهميته وبالرغم من تشديد املسؤولني واخملتصني‬ ‫على اهمية هذه املشاركة‪ ،‬وصوال الى جناة لبنان من العاصفة‬

‫املالية التي ضربت العالم بكافة دوله ولو بتأثيرات متفاوتة‪.‬في‬ ‫تعداد كل هذه احملطات ال ميكن ان ننسى جنون األسعار في النصف‬ ‫األول من العام والذي كان له تاثيرا ً مباشرا ً على حياة اللبنانيني‪،‬‬ ‫اضافة الى اقرار احلكومة لقرار تعديل األجور بعد حتركات عمالية‬ ‫شهدت ما شهدته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ال ندري‪ ،‬انودعه بحسرة؟ طبعا ال‪ ،‬فمن دون شك الوداع‬ ‫هذه السنة مختلف نهائياً عن السنة املاضية‪ .‬طبعاً نعلم‬ ‫ما ينتظر االقتصاد اللبناني من تأثيرات سلبية لألزمة املالية‬ ‫العاملية بدأ يشعر بها‪ ،‬ونعلم ما قد تولده االنتخابات من توترات‬ ‫ال نعرف مداها ولكن من املمكن ان يكون لها تأثيرات سلبية‬ ‫ماعلى االقتصاد‪ .‬ولكن ال يجب ان ينسى اللبنانيون انهم اذا‬ ‫ودعوا العام املاضي فاحتني ابوابهم لدخول شبح الغالء بعد‬ ‫ان كانت اسعار النفط تواصل صعودها‪ ،‬فإنهم يفتحون هذه‬ ‫املرة ابوابهم لتسنى لهذاالشبح الرحيل مع العام املغادر‬ ‫وسط انخفاضفي اسعار النفط واملواداالستهالكية ككل‪.‬‬ ‫كما ال يجب ان ننسى ان الوداع في العام املنصرم كان يخيم‬ ‫عليه القلق‪ ،‬فاالقتصاد كان في عاصفة اخلالفات السياسية‬ ‫والتشنجات اإلعالمية‪ ،‬اما اآلن فإنه في يد حكومة‪ ،‬بغض‬ ‫النظر من تكون ولكن احد املؤسسات الدستورية‪ ،‬كما وألول‬ ‫مرة ونكاد جنزم انه مع اطاللة عام جديد نرى بوادر لبداية محاربة‬ ‫الفساد جدية جتلت في معركة وزير االتصاالت جبران باسيل في‬ ‫ملف اخلليوي‪ .‬لرمبا هي اشارات وهمية‪ ،‬ال نستطيع اال االنتظار‬ ‫والترحيب بعام ‪ 2009‬ووداع عام ‪ 2008‬مستذكرين ابرز ما جاء‬ ‫فيه على الصعيد االقتصادي‪.‬‬

‫فراغ اثقل االقتصاد‬ ‫كانت األشهر االولى من عام ‪ 2008‬ثقيلة‬ ‫على االقتصاد اللبناني‪ ،‬فالفراغ الرئاسي‬ ‫واالنقسامات السياسية والتشجنات اإلعالمية‬ ‫بني األطراف كادت تطيح باالقتصاد وتذهب به‬ ‫الى الهاوية‪ .‬حقا ً كان الوضع خطيراً‪ ،‬ففي حني‬ ‫كانت جتهد الهيئات االقتصادية في سبيل انقاذ‬ ‫االقتصاد اللبناني من التداعيات السلبية ألسوأ‬ ‫ازمة سياسية يواجهها لبنان منذ انتهاء احلرب‬ ‫االهلية‪ ،‬موجهة حتذيرات من خطورة استمرار‬ ‫األزمة السياسية معتبر ًة ان تعثر احللول امرا ً غير‬ ‫مقبول من اللبنانيني والقوى املنتجة في البالد‪،‬‬ ‫كان املواطن اللبناني قد وصل الى عدم املباالة‬ ‫بالطبقة السياسية كلها التي شكلت آنذاك‬ ‫ثقالً عليه بدال ً من أن تشكل دفعا ً له‪ .‬فاملواطن‬ ‫الذي كان يتخوف من الفراغ الرئاسي قبل حدوثه‪،‬‬

‫فراغ كرسي الرئاسة أثقل االقتصاد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪70‬‬


‫رفع يداه مستسلما ً للسياسة وخالفاتها‪ ،‬ووصل‬ ‫الى طالق فعلي مع كل الطبقة السياسية‪ .‬فكال‬ ‫املعارضة واملواالة لم تعد جتذبه او تخيفه او حتى‬ ‫تؤثر فيه‪ .‬ال بل حتى اثيت للجميع ان قدرته على‬ ‫االستمرار والتحرك والتكيف اقوى بكثير من‬ ‫السياسة وجتاذباتها العميقة‪.‬‬ ‫غياب رئيس جمهورية وحكومة ال شرعية‬ ‫وغياب اجمللس النيابي فتح الباب على مصراعيه‬ ‫للطرفني لتبادل االتهامات ال سيما في ظل‬ ‫تشديد احلكومة الالشرعية على االصالحات التي‬ ‫يتطلبها باريس ‪ 3‬وحتميل املعارضة مسؤولية‬ ‫تأخير هذه االصالحات ال بل االدعاء حتى بضرر‬ ‫كبير يسببه اعتصامها في رياض الصلح‪.‬‬ ‫شكلت هذه املناكفات واخلالفات السياسية بني‬ ‫الفرقاء اللبنانيني عنصرا ً اساسيا ً في تصعيد‬ ‫حدة األزمة االقتصادية‪ ،‬فالفراغ الذي كان مؤقتا ً‬ ‫كاد ان يصبح دائما ً واالتهامات في تعطيل‬ ‫االقتصاد متبادلة‪ .‬الفريقان يؤكدان على الوضع‬ ‫الكارثي الذي وصل اليهلبنان امتاعيا ً واقتصاديا ً‬ ‫بسبب ازمته السياسية‪.‬‬ ‫امام هذا وقف املواطن الذي تقاذفته هموم‬ ‫تامني معيشته في ظل موجة الغالء التي تضرب‬ ‫االسواق العاملية ككل سائالً عن مصيره‪ .‬فهو كان‬ ‫يعرف حق املعرفة ان كلفة ما يضيعة السياسيون‬ ‫بأزمتهم ستكون جد قاسية عليه‪ .‬دعا اخلبير‬ ‫االقتصادي الدكتور ايلي يشوعي في حوار اجرته‬ ‫معه”منبر التوحيد” في ذاك الوقت اجلميع الى‬ ‫اخراج لبنان من هذا املأزق واقفال الساحة الداخلية‬ ‫نسبيا ً امام التدخالت اخلارجية اي فصل لبنان عن‬ ‫مشاكل املنطقة قدر اإلمكان‪ .‬لعل لبنان يستعيد‬ ‫انفاسه‪ ،‬ففي ظل استمرار األزمة‪ ،‬اإلفالسات‬ ‫ستكثر داخل االقتصاد والبؤس االقتصادي سوف‬ ‫سؤال عن تأثير األزمة‬ ‫يتزايد‪ .‬وفي إجابة على‬ ‫ٍ‬ ‫السياسية على االقتصاد اللبناني قال‪ “ :‬االقتصاد‬ ‫اللبناني يشكو من عجز كبير في امليزان التجاري‪،‬‬ ‫نحن نستورد حوالي ‪ 11‬مليون دوالر سنويا وال نصدر‬ ‫اال حوالي ‪ 2،5‬مليار دوالر‪ ،‬هذا العجز كان يتغطى‬ ‫بالعناصر اخلارجية لالقتصاد كاالستثمارات‬ ‫العربية‪ ،‬توطني ارباح الشركات اللبنانية في اخلارج‪،‬‬ ‫زيادة ودائع غير املقيمني‪ ،‬حتويل جزء من عائدات‬ ‫اللبنانيني املنتشرين في اخلارج وايضا ً بعض احلركة‬ ‫السياسية واالصطياف‪.‬االزمة السياسية طبعا ً‬ ‫تؤثر على العاناصر اخلارجية وتعطل دورها في‬ ‫تغطية العجز الداخلي واالقتصادي في لبنان‪،‬‬ ‫فترفع من نسبة العجز الذي من املمكمن ان‬ ‫تغطيه كالعادة من خالل اي وديعة تأتي من اي دولة‬ ‫عربية او اموال يرسلها باريس ‪“ .3‬‬

‫شهر ايار‪ ،‬تداعيات كبيرة على االقتصاد الوطني‪.‬‬ ‫اختلفت التقديرات الرقمية حلجم اخلسائر‬ ‫االقتصادية التي تكبدها لبنان خالل هذه األحداث‬ ‫اخلطيرة ‪ ،‬وتراوحت حسب آراء اخلبراء االقتصاديني‬ ‫ضمن هامش ‪ 200‬إلى ‪ 360‬مليون دوالر‪ .‬واتت‬ ‫قطاعات اخلدمات والسياحة والنقل في‬ ‫طليعة املتضررين‪ ،‬فحجم عمل وكاالت السفر‬ ‫والسياحة تراجع من ‪ 1.6‬مليون دوالر يوميا ً إلى‬ ‫‪ 50‬ألفا ً خالل األحداث‪ ،‬ما يعني خسائر تتجاوز ‪8‬‬ ‫ماليني دوالر على األقل‪ .‬كما أن مرفأ بيروت ف ّوت‬ ‫على خزينة الدولة إيرادات ضريبية تتعدى مليوني‬ ‫دوالر بسبب شلل العمل‪ .‬ناهيك عن خسائر‬ ‫املطار وجمود احلركة التجارية التي تنعكس على‬ ‫إيرادات املالية العامة‪ ،‬وتقلص الصادرات نتيجة‬ ‫إغالق معظم مرافق النقل واملعابر احلدودية‪.‬‬ ‫حدد آنذاك اخلبراء اخلسائر االقتصادية منطلقني‬ ‫من حساب متوسط الناجت احمللي اليومي الذي‬ ‫يتراوح بني ‪ 70‬و‪ 80‬مليون دوالر‪ .‬ويعتبر أن النشاط‬ ‫االقتصادي تراجع خالل ‪ 9‬أيام من املناوشات‬ ‫العسكرية مبا ال يقل عن ‪ 50‬في املئة واقعياً‪ ،‬ما‬ ‫يعني خسارة الناجت احمللي ما بني ‪ 35‬و‪ 40‬مليون‬ ‫دوالر يومياً‪ ،‬وبالتالي تكون اخلسائر اإلجمالية‬ ‫بحدود ‪ 315‬و‪ 360‬مليون دوالر‪.‬‬

‫اولويات العهد اجلديد‬ ‫مع انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيسا ً‬ ‫للجمهورية‪ ،‬فتح الباب على مصراعيه امام‬ ‫اولويات وحتديات كان من الضروري على العهد‬ ‫اجلديد تخطيها‪ .‬حدد اخلبير االقتصادي الدكتور‬ ‫لويس حبيقة اولويات العهد في حديث‬ ‫لـ»منبر التوحيد» آنذاك قائالً‪ « :‬اوال ً يجب على‬ ‫العهد اجلديد تامني مناخ من االستقرار االمني‬ ‫والسياسي‪ ،‬اذ ال نستطيع بناء اقتصاد سليم من‬ ‫دون تامني هذا املناخ‪ ،‬فاالقتصاد يرتبط باالوضاع‬ ‫السياسية واألمنية‪ .‬مثالً انا ال استطيع ان اتكلم‬ ‫عن االقتصاد اللبناني اليوم من دون التطرق الى‬ ‫ما يحصل في تعلبايا وطرابلس‪ ،‬فالعالم يراقبنا‬ ‫وما صدؤ اليوم في الصحف من اخبار عن الغاء‬ ‫حجوزات ليس سوى نتيجة للها‪ ،‬فالسائح لن‬ ‫يزور بلداص يتقاتل مواطنوه يومياً‪.‬‬

‫العهد اجلديد امام اولويات‬

‫ثانياً‪ ،‬اذا جنح العهد في تامني هذا املناخ يجب‬ ‫اتباع سياسة اقتصادية صحيحة واهمها تشجيع‬ ‫الشركات على االستثمار في لبنان‪ .‬وهذا امر ملح‬ ‫فاملستثمرينحاليا ً وعلى اختالف هوياتهم‪ ،‬لبنانيني‬ ‫او عربا ً او اجاني يهربون من لبنان كونه منطقة‬ ‫مرتفعة اخملاطر وهذا ال يؤمن عادة عائدا ً مرتفعا ً‬ ‫للمستثمرين‪ .‬يضاف الى ذلك بعض املشكالت‬ ‫املتعلقة بالشق االداري كالعقد في االجراءات‬ ‫والشروط وقوانني االستثمار املرعية اإلجراء‪.‬‬ ‫وتقع على العهد مسؤولية محاربة الفساد‬ ‫الذي يشكل احد اهم اسباب هروب املستثمرين‬ ‫اللبنانيني من لبنان‪« .‬فالفساد فلتان»‪ ،‬وليس‬ ‫هناك ال عقاب وال حساب‪ ،‬مهمة الدولة تأمني‬ ‫املناخ للقطاع اخلاص ليكون قادرا ً على االستثمار‬ ‫اي انها ال يجب ان تتخل الدولة في االقتصاد‬ ‫فمهمتها تأمني االستقرار لينطلق القطاع‬ ‫اخلاص بنفسه ويستثمر‪».‬‬

‫حكومة الوحدة الوطنية‬ ‫امام حتديات‬ ‫بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان ورحيل‬ ‫احلكومة الالشرعية آخذه معها كل األوزار التي‬

‫‪ 360‬مليون دوالر‬ ‫خسائر احداث ايار‬ ‫حمل النموذج املصغر للحرب األهلية الذي‬ ‫شهدته العاصمة وخصوصا ً جبل لبنان في‬

‫حكومة الوحدة الوطنية تواجه حتديات‬

‫‪71‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫رمتها على كاهل لبنان واللبنانيني‪ ،‬انطلق‬ ‫لبنان الى آفاق جديدة وسط ضبابية كبيرة في‬ ‫الرؤية حول الواقع االقتصادي للبالد‪ .‬ففي حني‬ ‫يؤكد بعض اخلبراء على انتهاء الدولة اقتصاديا ً‬ ‫ويتهمها بالعجز حتى عن مساعدة املواطنني‬ ‫لتصبح عبئا ً عليهم‪ ،‬كما يعلن فشل باريس ‪3‬‬ ‫وعدم تنفيذ الورقة االصالحية مر ّدين االسباب الى‬ ‫فشل السياسات االقتصادية والنهج االقتصادي‬ ‫القائم في البالد منذ سنوات طويلة‪ ،‬يرى آخرون‬ ‫ان احلكومة الالشرعية حققت اجنازات عبر حماية‬ ‫االقتصاد من العديد من التبعات السلبية لألزمة‬ ‫السياسية على االقتصاد محمل َة املعارضة‬ ‫مسؤولية األزمة السياسية آنذاك و»احتالل‬ ‫الوسط التجاري» و «تعطيل مجلس النواب»‪.‬‬ ‫في عجقة التسلم والتسليم‪ ،‬وحتضير البيان‬ ‫الوزاري الذي كان يتململ اللبنانيون من تأخيره‪،‬‬ ‫ال بل يتخوفون من تبعات طول االنتظار‪ ،‬حدد‬ ‫وزير املالية السابق جهاد ازعور التحديات التي‬ ‫تواجه حكومة الوحدة الوطنية آنذاك قائالً‪« :‬‬ ‫اضافة الى التحديات املعروفة من ارتفاع االسعار‬ ‫بسبب ارتفاع سعر النفط وارتفاع اسعار املواد‬ ‫الغذائية‪ ،‬تواجه احلكومة حتديا ً اساسيا ً يكمن‬ ‫في كيفية جمع شمل الطاقات في املرحلة‬ ‫اجلديدة وخالل الفترة القصيرة من عمرها‪ ،‬اي‬ ‫عشرة اشهر لتستطيع ان حتقق اهدافا ً وقناعات‬ ‫لطاملا آمنت بها‪ ،‬كرئيس حكومة وكفريق عمل‪.‬‬ ‫ما يتطلب من احلكومة قدرة على توظيف‬ ‫الوضع السياسي احلالي خلدمة االقتصادزفخالل‬ ‫الفترة املاضية أخّ رت االوضاع السياسية تطورات‬ ‫اقتصادية عدة كبلوغحجم استثمارات إقرا عدد‬ ‫من املشاريع في مجلس النواب‪ .‬فاحلكومة يجب‬ ‫ان تستفيد من وجود كاللتيارات السياسية في‬ ‫احلكومة‪ ،‬ألن هذا الوجود وهذه املشاركة ولو لم‬ ‫تصالل مرحلة التوافق‪،‬لكن اقلها تفرض منطق‬ ‫املشاركة في حتمالملسؤوليات وبالتالي توضع‬ ‫املسؤولية علىعاتق اجلميع كما تتشارك كل‬ ‫الكتل السياسية في اتخاذ القراراتوالتحدي‬ ‫االساسي هو كيف يستطيعون ان يوظفوا هذه‬ ‫األشياء في املرحلة اآلتية لتحقيق اكبر قدرممكن‬ ‫من االهداف املوضوعة التي يعد اولها تسريع‬ ‫وتيرةالعمل من خالل العمل التشريعي بالتحديد‬ ‫فهناك ‪ 25‬مشروع قانون اقتصادي موجودة في‬ ‫مجلس النواب وهناك مليار و ‪ 3‬مليون دوالر‬ ‫مشاريع امنائية‪ ،‬وقراراتعدة يجب ان تتخذ‪.‬‬

‫وزير املالية السابق‬ ‫جهاد ازعور‪:‬‬ ‫لست قلق على مصير باريس ‪ ،3‬فمساره ال يزال في‬ ‫طريقه‪ .‬انه عبارة عن خطة عمل مميزة حتوي برامحج من‬ ‫جهة يقابلها متويل خاص بها من جهة اخرى‪ ،‬ولكنه‬ ‫يحتاج الى تطوير وهذا امر طبيعي‪ .‬فأي مؤمتر يتحضر‬ ‫يجب ان يتمتع باملرونة ليتطور مع تغيرات الواقع‪ .‬فإذا‬ ‫كان البرنامج جامدا ً يفقد قيمته ألنه ال يكون في‬ ‫حضر في عام ‪ 2006‬لينجز‬ ‫وقته‪ ،‬وبالتالي اذا البرنامج ّ‬ ‫في عام ‪ ،2011‬يحتاج للتطور في عامي ‪ 2007‬و ‪2009‬‬ ‫وإال ميوت‪ .‬وهذه حال باريس ‪.3‬‬

‫وزير املالية السابق‬ ‫دميانوس قطار‪:‬‬ ‫لبنان ال يستطيع الغاء تداخل سياسته في اقتصاده‪،‬‬ ‫فالتداخل بني االقتصاد والسياسة شيء طبيعي‪،‬‬ ‫فالقيام بالعمل االقتصادي يحتاج الى سياسة‪ ،‬اذ انها‬ ‫آلية لتطوير التشريعات التي تسمح بتقدم االقتصاد‬ ‫وهي آلية من جانب آخر تسائل من ينفذ العمل‬ ‫االقتصادي اذا وصل الى طموحا الناس التي تتمثل‬ ‫بطموحات العمل واالدخار‪ ،‬ومبسوى العيش‪ .‬اذ يحتاج‬ ‫الى موازنة ومن ثم الى تشريعات ضرائبية واستثمارية‬ ‫وكل هذا يصب في خانة السياسة‪ .‬مشكلتنا في‬ ‫لبنان ان السياسيني يجيرون االقتصاد ملصاحلهم‪.‬‬

‫اخلبير االقتصادي‬ ‫د‪ .‬ايلي يشوعي ‪:‬‬ ‫املهم ان نتخلى عن األنا خاصتنا‪ ،‬ونفضل اجلماعة‬ ‫عليها‪ .‬نتحالف مع القريب على البعيد‪ ،‬وليس مع‬ ‫البعيد على القريب‪ ،‬نحن جغرافيا ً لدينا حدود مع‬ ‫سوريا ويوجد البحر والعدو االسرائيلي‪ ،‬هل نصادق‬ ‫البحر فقط؟ حتكمه جغرافيته التي ال يستطيع والتي‬ ‫ال يجب ان يتجاهلها اي فريق من الفرقاء‪.‬‬

‫اخلبير االقتصادي‬ ‫د‪ .‬لويس حبيقة‪:‬‬

‫بعد خسارات‪ ،‬عادت العالقات‬ ‫بني لبنان وسوريا الى طبيعتها‬

‫اجماال ً لبنان يستقبل في السنة ما يقدر بـ‪ 250‬و‬ ‫‪ 300‬مليون دوالر كإستثمارات من اخلارج‪ .‬في السنتني‬ ‫املاضيتني تراجع حجم هذه االستثمارات وبتقديري‬ ‫سيبقى منخفضا ً هذا العام‪ .‬ولكن ابتدا ًء من ‪2009‬‬ ‫يجب ان يعود حجم االستثمارت الى املستوى الذي‬ ‫كاف‬ ‫ذكرته‪ ،‬بالرغم من ان ‪ 300‬مليون دوالر رقم غير‬ ‫ٍ‬ ‫لدولة مثل لبنان يجب ان تستقطب سنويا ً بني الـ‪500‬‬ ‫مليون دوالر ومليار دوالر‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ان ابرز ما ميكن ان يحتفل به االقتصاد اللبناني‬ ‫هو عودة العالقات اللبنانية – السورية الى‬ ‫طبيعتها بعد القمة الرئاسية التي عقدت بني‬ ‫الرئيسني ميشال سليمان وبشار االسد في‬ ‫دمشق واعادتها فتح القنوات لعودة االمور الى‬ ‫وضعيتها الطبيعية على الصعيد السياسي‬

‫‪72‬‬


‫وعلى صعيد العالقات بني احلكومتني‪ .‬فاالزمة‬ ‫السياسية التي انعكست سلبا ً على العالقات‬ ‫اللبنانية السورية ك ّبدت االقتصاد اللبناني‬ ‫خسائر على عدة صعد عددها وزيراملالية السابق‬ ‫دمياونس قطار فيحوار سابق لى الشكل التالي‪»:‬‬ ‫على الصعيد االستثماري‪ ،‬خسر لبنان الكثيرمن‬ ‫االستثمارات التي هبت الى سوريا‪ ،‬فخالل تواجد‬ ‫اجليش السوري في لبنان كان هناك انطباع بوجود‬ ‫استقرار وبالتالي كانت االستثمارات تتوجه‬ ‫ال لبنان وعند حصول اخلالف بني لبنان وسوريا‬ ‫نشأت هذه الصراعات واالتهامات والتفجيرات‬ ‫اعطت صورة انه ال يوجد استقرار في لنان‬ ‫فذهبت االستثمارات الى مكان آخر‪ .‬علىالصعيد‬ ‫التجاري‪ ،‬وقع اشكال اقتصادي كبير‪ .‬عندما‬ ‫اقفلت احلدودورفعت كلفة الشحن فحصلت‬ ‫ازمة اذ قام العديدون بإلغاء الطلباتا لتي‬ ‫بحوزتها اذ كانوا ال يستطيعون تسليم املطلوب‬ ‫منهم‪ .‬على الصعيد السياحي‪ ،‬لم يستطع‬ ‫لبنان ان يقدم كما في السابق بطاقات تخول‬ ‫السائح الوصول لى لبنان ومن ثم االنتقال الى‬ ‫سوريا ومن بعدها الى االردن وبالعكس‪ .‬خسر‬ ‫لبنان هذه السلة السياحية مااثر عليه بشكل‬ ‫سلبي‪.‬اذا عادت العالقة بني لبنان وسويا طبيعية‬ ‫سيستفيد لبنان كثيرا ً ‪.‬ةوأشاالر آنذاك قطار ان‬ ‫للبنان مصالح متر عبر سوريا وبالتالي يجب ان‬ ‫نكون اذكياء في لعبة العبورعبر سوريا‪.‬وهذا ما‬ ‫يفرض على لبنان التمتع بوعي كليان االنفتاح‬ ‫االقتصادي منلبنان الى العالم العربي مير عبر‬ ‫احلدود البرية السورية‪».‬‬

‫عودة العالقات اللبنانية السورية الى طبيعتها‬

‫بالبلد‪ ،‬هؤالء هم قوة لبنان‪ .‬كما على اي وزيرمالية‬ ‫ان يصر على ان تكون اآللية االقتصادية اولويات‬ ‫السياسيني واجملتمعني املسؤولني في مؤمتر احلوار‪،‬‬ ‫الناس ال يهمها من يعني وزير او نائب مقبل‪ ،‬بل‬ ‫التدابير التي لها عالقة مباشرة مبعيشته‪.‬‬

‫هالك في كل مكان‪ ،‬اال في لبنان‬

‫امللف االقتصادي‬ ‫خارج طاولة احلوار‬ ‫رغم الوضع االقتصادي املتردي‪ ،‬انطلقت طاولة‬ ‫احلوارالذي دعا اليع الرئيس ميشال سليمان دون‬ ‫ان يشمل مشاركة االقتصاديني‪ ،‬بالرغم من‬ ‫تشديد اخلبراء االقتصاديني واملسؤولني املعنيني‬ ‫على اهمية هذا املوضوع‪ .‬فالوزير جهاد ازعور ر ّد‬ ‫على سؤال عن مكانة الشؤون االقتصادية في‬ ‫احلوار قائالً‪ « :‬ال ارى حوار منطقي عقالني في دولة‬ ‫دميقراطية حضارية اال ان كون املوضوع االقتصادي‬ ‫واالجتماعي في اعلى سلم االولويات‪ .‬وانا قمت‬ ‫بجولة على كل السياسيني من سعد احلريري‬ ‫الى نبية بري‪ ،‬الى سمير جعجع الى وليد جنبالط‬ ‫وآخرين‪ ،‬ومهدت الى ان يكون امللف االقتصادي‬ ‫وااجتماعيليسبالضرورة على طاولة احلوار هذا‪،‬‬ ‫ولكن املهم ان يكن هناك حوار جدي حول هذا‬ ‫املوضوع ان كان على طاولة احلوار او في مؤمتر‬ ‫حوارخاص‪».‬‬ ‫كما اشار الوزير دميانوس قطار الى تأييده‬ ‫قيام مؤمتر يشمل اجملتمع املدني وطاقات اقتصادة‬ ‫ومتثيل لطاقات رجال االعمال‪ .‬ملاذا نعتبر ان‬ ‫السياسيني في لبنان هم املعنيون الوحيدون‬

‫سالمة حمى لبنان‬

‫كثر لم يصدقوا ان لبنان جنا من األزمة املالية‬ ‫العمالقة التي عصفت باالقتصاد العاملي وبقي‬ ‫مبنأى عن تأثيراتها املباشرة‪ .‬فالهالك‪ ،‬احلزن‪،‬‬ ‫والوجوم املالي سيطر على دول العالم أجمع‬ ‫باستثناء لبنان‪ .‬وكان حاكم املصرف املركزي‬ ‫الدكتور رياض سالمة قد شرح في كلمة‬ ‫ألقاها في االجتماعات السنوية للبنك‬ ‫وصندوق النقد الدوليني في واشنطن أن ما‬ ‫حال دون تأثر لبنان باألزمة املالية العاملية هو‬ ‫سلسلة من التدابير ‏اتخذها مصرف لبنان‬ ‫خالل سنوات عديدة‪ ،‬كان هدفها حتصني‬ ‫رسملة املصارف وترشيد عملها وإبعاد ‏القطاع‬

‫‪73‬‬

‫ككل عن املمارسات التي كادت تطيح النظام‬ ‫املصرفي العاملي مرغمة احلكومات واملصارف‬ ‫‏املركزية على ضخ أكثر من ‪ 3‬تريليونات دوالر‬ ‫بشكل أو بآخر لتعومي القطاع ‏املصرفي‪ .‬فلبنان‬ ‫اعتبر‪ ،‬منذ أكثر من عشر سنوات‪ ،‬أن التعاميم‬ ‫االحترازية ‏ضرورية لتعزيز القطاع املصرفي‬ ‫وأن حرية السوق واحترام قواعده ال يتناقضان‬ ‫مع وضع أسس ‏تنظيمية وقائية‪ ،‬لذلك أصدر‬ ‫مصرف لبنان خالل السنوات اخلمس عشرة‬ ‫املنصرمة مئات التعاميم ‏التي حافظت على‬ ‫القطاع ماليا وخفضت اخملاطر لديه‪ .‬هذا األمر‬ ‫لم نشهده لدى الدول املتقدمة ‏حيث ان همها‬ ‫الوحيد تركز ‪ -‬عبر تطبيق مبادئ بازل ‪ 1‬و‪- 2‬‬ ‫على حماية مصارفها من االزمات ‏املتوقعة في‬ ‫الدول النامية‪ ،‬إال أن النكبة أتت من الداخل‪.‬‬ ‫أما السبب الثاني فهو جتنب لبنان الـ‪leverage‬‬ ‫الذي كان أحد أهم أسباب شبه االنهيار املالي‬ ‫العاملي‪ ،‬عبر تنظيم التعاطي مع املشتقات املالية‬ ‫‏وإخضاعها لترخيص من اجمللس املركزي ملصرف‬ ‫لبنان وعدم السماح بدخول الـ‪subprime‬‏ الى‬ ‫القطاع ‏املصرفي‪ .‬كما عبر احلظر على املصارف‬ ‫إصدار ضمانات على هذه املشتقات مقابل أموالها‬ ‫اخلاصة‏وممارسة سياسة فوائد واقعية متنع البحث‬ ‫عن مردود مرتفع يحمل املزيد من اخملاطر ‏وضبط‬ ‫السيولة من خالل أدوات أصدرها البنك املركزي‬ ‫كشهادات اإليداع عبر فرض االحتياطي ‏اإللزامي‬ ‫على كل الودائع وبكل العمالت‪.‬‬ ‫وأوضح سالمة أن من أهم أسباب األزمة أيضا‬ ‫إفالس املصارف‪ ،‬ومنها الكبيرة‪ ،‬وهذا ما رُفض‬ ‫دائما في لبنان‪.‬‏ فلبنان عبر املصرف املركزي حقق‬ ‫إصالحا مصرفيا بني عامي ‪ 1997‬و‪ 2004‬وكان من‬ ‫نتيجته خروج أكثر من ‪ 30‬مصرفا‏من السوق دون‬ ‫أي خسارة للمودعني أو املصارف املراسلة‪ ،‬حيث‬ ‫استخدم مصرف لبنان الصالحيات املمنوحة له‬ ‫في ‏قانون اندماج املصارف وأرسى هندسة مالية‬ ‫م ّولت كلفة هذا االصالح دون أن تتحمل الدولة‬ ‫أو املصرف املركزي أو مؤسسة ضمان الودائع‬ ‫اية خسائر ودون أن يتأتى عن هذه الهندسة‬ ‫أي ‏تضخم‪ ،‬داعما ً الثقة في القطاع املصرفي‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫اللبناني‬ ‫إضافة إلى تدبير املصرف املركزي هناك أسباب‬ ‫عديدة شكلت عوامل أساسية في صالبة‬ ‫القطاع املالي وهي نوعية التسليفات املصرفية‬ ‫اللبنانية وتوزع الودائع في القطاع املصرفي‬ ‫التي مت ّثل خط الدفاع االول‪ ،‬فيما مت ّثل السيولة‬ ‫اجلاهزة في القطاع السد املنيع في منع تسرب‬ ‫اآلثار السلبية الى القطاع املالي ككل‪ ،‬والقطاع‬ ‫املصرفي خاصة‪ .‬وال مينع هذا الواقع من اآلثار غير‬ ‫املباشرة التي شهدتها بعض أسعار االسهم في‬ ‫بورصة بيروت‪ ،‬إضافة الى اآلثار غير املباشرة التي‬ ‫ستؤدي الى جمود التسليفات لتمويل املشاريع‬ ‫الكبرى‪ ،‬نتيجة احلذر الذي سببته األزمة العاملية‬ ‫وسرعة انتشارها‪.‬‬ ‫هذه امليزة تكملها ميزة اخرى هي سالمة‬ ‫التسليفات في القطاع املصرفي واملالي اللبناني‪،‬‬ ‫وتوزعها بشكل يحد من اآلثار السلبية لألزمة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬نتيجة عشرات التعاميم الصادرة‬ ‫عن املصرف املركزي على مدار السنوات العشر‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫هذا ال يعني أن لبنان بقي مبنأى كليا ً عن االزمة‪،‬‬ ‫فلبنان جزء من النظام اللبناني وال بد من أن‬ ‫تطاله بعض التأثيرات غير املباشرة‪ .‬فبحسب‬ ‫مدير صندوق النقد الدولي في لبنان‪ ،‬ادوارد غاردنر‪،‬‬ ‫سيؤدي تأثر بلدان اخلليج العربي الى توليد موجات‬ ‫سلبية تعصف بلبنان من خالل تأثيرات تقلص‬ ‫عائدات املهاجرين اللبنانيني‬ ‫وفي مقلب آخر‪ ،‬اشار اخلبراء الى فرصة‬ ‫تاريخية أمام لبنان لإلفادة من تداعيات االزمة‬ ‫املالية العاملية التي اكتوت بها الواليات املتحدة‬ ‫االميركية وأوروبا ودول اخلليج‪ ،‬ويتوقع اخلبراء‬ ‫االقتصاديون أن يستفيد لبنان من تدفقات مالية‬ ‫ستأتي من مستثمرين لبنانيني وعرب يفتشون‬ ‫عن مالذ آمن من األزمة املالية العاملية التي بقي‬ ‫لبنان مبنأى عنها بسبب حصانة القطاع املصرفي‬ ‫واإلجراءات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان رياض‬ ‫سالمة وأركان القطاع املصرفي‪.‬‬

‫جتربة معيشية االقسى‬ ‫منذ عقود‬ ‫عاش اللبنانيون في هذا العام جتربة معيشية‬ ‫تكاد تكون االقسى منذ عقود‪ ،‬إذ حمل النصف‬ ‫االول من العام ‪ 2008‬ارتفاعات قياسية في اسعار‬ ‫املواد الغذائية‪ ،‬جتاوزت نسبة بعضها مئة في‬ ‫املئة فيما فاقت معظم الزيادات نسبة الـ‪،%50‬‬ ‫وخصوصا ً بالنسبة ملشتقات احلليب من البان‬ ‫واجبان املتأثرة سلبا ً باالرتفاع العاملي في اسعار‬ ‫مشتقات االلبان بسبب رفع اجملموعة االوروبية‬ ‫الدعم عن الصادرات الزراعية من اوروبا‪ ،‬وايضا ً‬ ‫الدعم عن مشتقات االلبان اذ ان لبنان يستورد‬ ‫معظم حاجاته من هذه االصناف من اوروبا‪.‬‬ ‫اضافة الى االرتفاع في اسعار احلبوب اخملتلفة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اخيراً‪،‬‬ ‫صحح احلد األدنى لألجور‬

‫بعد االرتفاع العاملي في اسعار احلبوب عموما ً‬ ‫والقمح خصوصاً‪ ،‬حيث وصل سعر طن القمح‬ ‫الى اكثر من ‪ 400‬دوالر‪ ،‬االمر الذي ادى الى ارتفاع‬ ‫سعر الطحني وكل مشتقات القمح واسعار‬ ‫استوجبت االرتفاعات في االسعار حتركا ً نقابيا ً‬ ‫احلبوب‪..‬‬ ‫وكانت اسعار املواد الغذائية قد سجلت عاماً‪ ،‬التي خرجت الى الشارع تنادي بحقوقها‪،‬‬ ‫ارتفاعا ً متتاليا ً في االسعار حيث ارتفع مستوى وبتعديل احلد االدنى لألجور الذي لم يتغير منذ‬ ‫اسعار املواد الغذائية بنسبة ‪ %10.3‬من بداية عام ‪ ،1996‬حني ث ّبت مجلس الوزراء حدا ً أدنى‬ ‫عام ‪ .2008‬اذ ان باملقارنة بني االسعاراملسجلة لألجور هو ‪ 300‬ألف ليرة‪ ،‬وصححه بنسبة ‪%20‬‬ ‫في بداية كانون الثاني ونهاية حزيران ‪ ،2008‬بعد تظاهرات واضرابات االحتاد العمالي العام ولم‬ ‫تلب مطالبه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يظهر املؤشر ارتفاعات كبيرة في اسعار املواد‬ ‫في ظل االرتفاع اجلنوني لألسعار‪ ،‬كان ال‬ ‫الغذائية كافة‪ .‬وتشير األرقام الى زيادة في‬ ‫سعر احلليب ومشتقاته بلغت ‪ %25‬لكيلو بد للقطاعات العمالية والنقابية من ان تعود‬ ‫اللبنة وتراوحت بني ‪ %54‬الى ‪ %77.8‬في املئة الى املطالبة برفع احلد االدنى‪ ،‬وتصحيح االجور‬ ‫لألجبان‪ ،‬علما ً ان سعر علبة احلليب‬ ‫اجملفف (نيدو مثالً) ارتفعت بنسبة‬ ‫تقارب الـ‪( .%23.1‬ملاذا ارتفع سعر‬ ‫احلليب)‪.‬‬ ‫اما بالنسبة للحبوب فقد جتاوزت‬ ‫نسبة الزيادة في املئة في املئة لبعض‬ ‫األصناف‪ ،‬حيث ارتفع سعر األرز املصري‬ ‫من ‪ 1250‬ليرة للكيلو الى ‪ 2500‬ليرة اي‬ ‫زيادة ‪ ،%100‬كما زاد سعر االرز االيطالي‬ ‫بنسبة ‪ %83.4‬ليبلغ ‪ 2750‬للكيلو‪.‬‬ ‫فيما بلغ سعر كيلو االرز االميركي‬ ‫‪ 2500‬ليرة‪ ،‬ارتفاع من ‪ 1000‬ليرة في‬ ‫بداية العام اي بزيادة تبلغ نسبتها‬ ‫‪( .%150‬ارتفاع اسعار االرز) كما ارتفعت‬ ‫اسعار الزيوت من مشتقات احلبوب الى‬ ‫‪ %48.3‬و‪.%59.3‬‬ ‫اللبنانيون حتت وطأة االزمة االقتصادية االقسى منذ عقود‬ ‫كما زادت اسعار السكر والنب‬ ‫والشاي‪ ،‬فيما بلغت نسبة زيادة الطحينة المتصاص االرتفاع احلاد في االسعار داخليا ً‬ ‫‪ ،%88.9‬ليستقر سعر الكيلو عند ‪ 8500‬وخارجيا ً والذي يقضم شهريا ً نسبة غير قليلة‬ ‫من القدرة الشرائية‪ ،‬وينقل االسر احملددة الدخل‬ ‫ليرة‪.‬‬ ‫ترتب على االرتفاع العاملي ألسعار احملروقات‪ ،‬من حد الفقر الى ما دون عتبة الفقر املدقع‪ .‬هذا‬ ‫حيث تضاعف سعر برميل النفط متجاوزا ً الـ دفع االحتاد العمالي العام الى اصراره على رفع احلد‬ ‫‪ 100‬دوالر‪ ،‬عجز مالي وزيادة في تكاليف الشحن االدنى لألجور الى ‪ 965‬الف ليرة ل‪ .‬بتصحيحه‬ ‫وارتفاع في اسعار مدخالت االنتاج (من الطاقة وفق تطور االجور باحلد االدنى اي على اساس‬ ‫واملازوت والغاز والبنزين وغيرها من املواد املماثلة)‪ .‬مؤشر االحصاء املركزي (‪ )%25‬منطلقا ً في طرحه‬ ‫وشكل ارتفاع اسعار النفط ومشتقاته عامالً هذا على ان متوسط االجور الفعلي في لبنان هو‬ ‫اضافيا ً يساهم في تعقيد هذه االزمة‪ ،‬ففيما اليوم في حدود املليون ليرة‪.‬‬ ‫كان املواطن يسعى الى اقتناء سيارة فخمة نوعا ً‬ ‫اثار آنذاك التجمهر النقابي حفيظة احلكومة‬ ‫ما‪ ،‬مستعملة او جديدة‪ ،‬بات يفتش عن السيارة وتعرض العمال في ‪ 7‬ايار في اضراب عام وطني‬ ‫الصغيرة واالقتصادية وسط زحمة من العروض والذي كان سيكون مبثابة اخلطوة اولى نحو تنفيذ‬ ‫التي تقدمها الوكاالت‪ ،‬ان جلهة التقسيط اضراب مماثل مفتوح في القطاعني العام واخلاص‬ ‫الطويل االمد‪ ،‬وان جلهة فترة السماح‪ ،‬وان جلهة حتى حتقيق املطالب كلها‪ ،‬فتعرضت املظاهرات‬ ‫الفوائد امليسرة‪ ،‬او استبدال السيارة القدمية العمالية الى اطالق نار مما اضطر رئيس االحتاد‬ ‫بسيارة جديدة‪ .‬ويعد ارتفاع اسعار البنزين عبئا ً العمالي العام الى اعالن تعليق االضراب‪.‬‬ ‫ثقيال على ميزانية االسرة اللبنانية التي يشكل‬ ‫اال ان حكومة الوحدة الوطنية وبعد تشكيلها‬ ‫ُ‬ ‫االنفاق على املواصالت فيها ما يقارب ‪ %20‬بني اصدرت قرارا ً بتصحيح احلد األدنى لألجور وأقر‬ ‫غاز وتنقالت وكهرباء‪ ...‬وفي ضوء االرتفاعات مشروع رفع احلد االدنى للرواتب واالجورفي جلسة‬ ‫ً‬ ‫املستمرة السعار الوقود عامليا‪ ،‬تتواصل اسعار تشريعية في الشهر األخير من العام‪.‬‬ ‫احملروقات لتتجاوز الزيادة التي سجلها ارتفاع‬ ‫االسعار الـ‪.%35‬‬ ‫اعداد‪ :‬وعد ابوذياب‬

‫‪74‬‬


‫منبر اقتصادي ‪ /‬مقابلة‬

‫أزمة لبنان االقتصادية إلى تفاقم‪ ،‬إذا استمر تفاعل األزمة المالية عالمياً‬

‫د‪ .‬نجيب عيسى لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الخوف من انعكاسات األزمة المالية على اقتصاد الخليج‬ ‫بالرغم من جناح لبنان بالبقاء بعيداً عن‬ ‫تداعيات األزمة املالية العاملية‪ ،‬لكنه يترقب‬ ‫عن كثب انعكاساتها احملتملة‪ ،‬إذ انها تتفاعل‬ ‫ً‬ ‫منعكسة سلباً على اقتصادات دول العالم دون‬ ‫أي رحمة التي من دون أي شك ستطال لبنان‪.‬‬ ‫فلبنان ليس فوق رأسه خيمة‪ ،‬ومن الطبيعي أن‬ ‫يعاني من سلبيات هذه األزمة التي بدأ يشعر‬ ‫بانعكاساتها عليه‪ ،‬مما يستوجب حتركات‬ ‫سريعة من املعنيني‪ .‬لإلضاءة على هذا املوضوع‬ ‫التقت “منبر التوحيد” اخلبير االقتصادي د‪ .‬جنيب‬ ‫عيسى الذي شرح انعكاسات األزمة املالية على‬ ‫لبنان في حوار هنا نصه‪:‬‬

‫انخفاض حجم التحويالت‬ ‫اخلارجية‬ ‫ـ حتى اآلن ما زالت األزمة املالية العاملية‬ ‫تتفاعل‪ ،‬ماذا سيكون تأثير هذا على لبنان؟‬ ‫نتائج األزمة على القطاع املالي ال تزال محصورة‬ ‫حتى اآلن كما يقول املسؤولون نتيجة العتبارات‬ ‫عديدة‪ ،‬لكن عموما ً ميكن القول إن القطاع‬ ‫املصرفي بقي نسبيا ً مبنأى عن األزمة املالية‪ ،‬إذ لم‬ ‫يكن متورطا ً على نطاق واسع في املضاربات املالية‬ ‫اخلارجية‪ ،‬ألن اجلزء األكبر من التوظيفات املالية في‬ ‫يصب في القطاع العام‪ ،‬فالقطاع املصرفي‬ ‫لبنان‬ ‫ّ‬ ‫كان يس ّلف الدولة عبر سندات اخلزينة التي كانت‬ ‫تؤمن معدالت فائدة مرتفعة‪ ،‬وبالتالي لم يكن‬ ‫بحاجة للبحث عن معدالت فائدة في اخلارج‪ ،‬كما‬ ‫أن القسم اآلخر كان يوظف في القطاع اخلاص‬ ‫وفي املعامالت التجارية‪ ،‬باإلضافة الى االحتياطي‬ ‫في البنك املركزي‪ ،‬فإذا ً لم يكن متوافرا ً في القطاع‬ ‫املصرفي جزء كبير من التوظيفات في اخلارج‪،‬‬ ‫ولذلك بقي نسبيا ً في منأى عن األزمة املالية‪.‬‬ ‫القطاع املصرفي لم يتأثر مباشرة باألزمة‪ ،‬لكن‬ ‫تفاعلها اقتصاديا ً أثر عليه سلباً‪.‬‬ ‫ـ يقال إن بورصة لبنان تلقت “رذاذ” األزمة؟‬ ‫نعم‪ ،‬لألزمة نتائج سلبية على بورصة في لبنان‬ ‫انعكست انخفاضا ً في أسعارها‪ ،‬ولكن ال يزال‬ ‫التأثير االقتصادي جملال البورصة في لبنان محدودا ً‬ ‫جداً‪.‬‬ ‫ـ ذكرت أن تفاعل األزمة اقتصادياً أثّر على‬ ‫لبنان سلباً‪ ،‬كيف ذلك؟‬ ‫في الواقع االقتصاد اللبناني كان مير بأزمة قبل‬

‫اخلبير االقتصادي د‪ .‬جنيب عيسى‬ ‫نشوء األزمة املالية العاملية‪ ،‬فمن املعروف أن االقتصاد‬ ‫اللبناني يعاني من مديونية عالية نتيجة العجز‬ ‫املتفاقم في امليزانية‪ ،‬ومن عجز خارجي وفقا ً حلسابه‬ ‫اجلاري ومن أزمة منو اقتصادي جتلت في معدالت منو‬ ‫منخفضة نسبياً‪ ،‬عدا بعض االستثناءات‪ ،‬حيث‬ ‫سنحت الظروف بأن ينشط القطاع السياحي‬ ‫ليحقق نوعا ً اقتصاديا ً مقبوالً‪ .‬لكن إذا أخذنا الفترة‬ ‫املمتدة منذ عام ‪ 1997‬وحتى اآلن نرى أنها كانت‬ ‫تعاني من ركود اقتصادي عام‪ ،‬فمعدالت النمو على‬ ‫امتداد هذه السنوات العشر كانت ال تتجاوز الـ‪%3‬‬ ‫معدال ً وسطاً‪ ،‬إذا ً االنخفاض في النمو االقتصادي‬ ‫والركود االقتصادي واحلجوزات املالية اخلارجية‬ ‫والداخلية كانت ترجمتها واضحة على الصعيد‬ ‫االجتماعي‪ ،‬معدالت البطالة مرتفعة وهجرة نحو‬ ‫تنام في الفروقات‬ ‫اخلارج من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ٍ‬ ‫بني مستوى الدخل وارتفاع معدالت الفقر‪.‬‬ ‫اذاً‪ ،‬فلبنان كان يعاني من أزمة اقتصادية‬ ‫اجتماعية‪ ،‬وجاءت هذه األزمة العاملية‪ .‬املشكلة‬ ‫اآلن أن األزمة املالية بدأت تنتقل من احليز املالي إلى‬ ‫حيز االقتصاد الفعلي في العالم‪ ،‬واليوم اخلوف كل‬ ‫اخلوف من انعكاسات األزمة املالية على االقتصاد‬ ‫العاملي عامة واالقتصاد العربي واخلليجي خاصة‪،‬‬ ‫ألنه من املعروف أن االقتصاد اللبناني منفتح على‬ ‫اقتصادات البلدان العربية عموما ً وبلدان اخلليج‬

‫‪75‬‬

‫خاصة‪ ،‬فاألزمة تطال اجلوانب املالية واالقتصادية‬ ‫في اخلليج‪.‬‬ ‫ـ ماذا ستكون نتيجة هذا؟‬ ‫أول التأثيرات املهمة سيكون على صعيد‬ ‫العمالة اللبنانية خصوصاً‪ ،‬فمن املعروف أن‬ ‫اخلليج في السنوات األخيرة شكل متنفسا ً‬ ‫كبيرا ً لليد العاملة اللبنانية‪ ،‬وخصوصا ً للشباب‬ ‫اجلامعي وأصحاب املؤهالت العالية‪ ،‬واستوعبت‬ ‫سوق العمالة في اخلليج قسما ً كبيرا ً من الشباب‬ ‫الذي كان يتخرج من اجلامعات‪.‬‬ ‫الركود االقتصادي في اخلليج سيترجم إقفاال ً في‬ ‫سوق العمل أمام الشباب اللبناني‪ ،‬واألجيال اجلديدة‬ ‫التي ستتخرج من اجلامعات ستجد صعوبة جمة‬ ‫في العمل في اخلليج‪ .‬ليس هذا فحسب‪ ،‬لكن إذا‬ ‫تفاعلت األزمة كثيرا ً في اخلليج وحتى في البلدان‬ ‫املتقدمة فإن الكثير من النشاطات االقتصادية‬ ‫ستتوقف عن العمل‪ ،‬وبالتالي حتى الشباب‬ ‫اللبناني العامل في اخلارج سيتأثر‪.‬‬ ‫ـ هذا سيحمل ضرراً كبيراً لالقتصاد؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬فجزء كبير جدا ً من الدخل الوطني‬ ‫اللبناني يتك ّون من املداخيل اآلتية اللبنانيني‬ ‫العاملني في اخلارج‪ ،‬ويقدر اآلن حجم التحويالت‬ ‫من اخلارج ما بني ‪ 5‬و‪ 6‬مليارات دوالر سنوياً‪ ،‬وهذا‬ ‫يشكل حوالى ربع الدخل القومي اللبناني‪ .‬هذا‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‪ /‬مقابلة‬ ‫اجلزء من الدخل سيتقلص مع تفاعل األزمة‪،‬‬ ‫وبالتالي سيتقلص اإلنفاق احمللي‪ ،‬فهذه املداخيل‬ ‫كانت توظف في مساعدة أسر هؤالء املغتربني‬ ‫وتنفق على االستهالك‪ ،‬وبالتالي معدل االستهالك‬ ‫واالستثمار سينخفض‪ .‬هذا من ناحية‪ ،‬من ناحية‬ ‫أخرى فتأثير األزمة املالية ميكن أن يتم على مستوى‬ ‫التحويالت املالية من غير املغتربني اللبنانيني إلى‬ ‫لبنان‪ ،‬مثالً من املساعدات والهبات اآلتية من‬ ‫اخلارج‪ ،‬وهنا نطل على مسألة باريس ‪ ،3‬فالوعود‬ ‫التي قطعت بأن حتويالت مالية كبيرة ستأتي‬ ‫الى لبنان‪ ،‬مع هذه األزمة هناك احتمال كبير بأن‬ ‫ينخفض حجم هذه األموال التي ستأتي إلى لبنان‬ ‫في إطار باريس ‪ ،3‬خصوصا ً أن هذه التحويالت‬ ‫كانت مربوطة بإجراءات ستقوم بها احلكومة‬ ‫اللبنانية ولم تقم بها‪ ،‬وستجد صعوبة في القيام‬ ‫بها مع تفاعل مع األزمة املالية‪.‬‬ ‫ـ تقصد بهذا اخلصخصة؟‬ ‫على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬اخلصخصة ستجري‬ ‫في ظروف األزمة‪ .‬فالعائدات من اخلصخصة ستقل‪،‬‬ ‫وبالتالي سيكون هناك تردد في القيام بعملية‬ ‫اخلصخصة‪ .‬والقيام باخلصخصة هو أحد الشروط‬ ‫الرئيسية التي فرضها باريس ‪ 3‬على احلكومة‬ ‫اللبنانية‪ .‬ولكن اآلن باتفاق اجلميع‪ ،‬ظروف األزمة‬ ‫احلالية ليست الظروف املالئمة للقيام بعمليات‬ ‫اخلصخصة ألن العائدات ستكون متدنية‪.‬‬

‫املزيد من الركود االقتصادي‬ ‫ـ تكلمت عن ارتفاع البطالة‪ ،‬وتأثر التحويالت‬ ‫واالستثمارات األجنبية‪ ،‬ماذا سيكون انعكاس‬ ‫هذا على االقتصاد احمللي اللبناني؟‬ ‫سيكون املزيد من الركود االقتصادي‪ ،‬فمن‬ ‫املعروف ان لبنان يعاني من أزمة مديونية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫عجز في امليزانية‪ ،‬فإذا ً ستكون القدرة قليلة على‬ ‫توفير عوائد ضريبية مرتفعة لسد العجز‪ ،‬واحلاجة‬ ‫الى اإلنفاق ستبقى كبيرة‪ ،‬وبالتالي ستتسع الهوة‬ ‫بني اإلنفاق واملداخيل وسيزيد العجز‪.‬‬ ‫من أين سيمول العجز؟ كما هو معروف من‬ ‫القطاع املصرفي‪ ،‬اذا ً فهنا املشكلة ايضا ً ميكن‬ ‫أن تنشأ في املستقبل القريب‪ ،‬وهي تردد القطاع‬ ‫املصرفي في متويل العجز في لبنان نتيجة االرتفاع‬ ‫املستمر في العجز‪.‬‬ ‫طبعا ً هناك بعض التأثيرات التي ميكن إدراجها‬ ‫في خانة التأثيرات االيجابية‪ ،‬مثل الهبوط في‬ ‫أسعار النفط‪ ،‬وإذا استمر‪ ،‬وهذا عموما ً إيجابي‬ ‫لالقتصاد اللبناني‪ ،‬ألن أسعاراحملروقات ستنخفض‪،‬‬ ‫وبالتالي التسليفات بالعجوزات في قطاع‬ ‫الكهرباء ستقل فهذه النتائج اإليجابية‪ ،‬ولكن‬ ‫على املدى الطويل إذا استمر االنخفاض في أسعار‬ ‫النفط فهذا قد يؤثر على مجمل االقتصاد‪ ،‬وهذا‬ ‫يعود ملا ذكرته سابقا ً من تأثير على أسواق اخلليج‬ ‫وعمالة اللبنانيني‪.‬‬ ‫ـ هل سيتابع االنخفاض في أسعار املواد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الغذائية؟‬ ‫هذا من جملة التأثيرات اإليجابية التي أتكلم‬ ‫عنها‪ ،‬كانخفاض فاتورة احملروقات نتيجة انخفاض‬ ‫أسعار النفط‪ ،‬وكذلك االنخفاض العاملي ألسعار‬ ‫املواد الغذائية‪ ،‬ولكن هذا االنخفاض سوف ال‬ ‫يتم بالنسبة نفسها التي سترتفع بها أكالف‬ ‫ّ‬ ‫كتفشي معدالت‬ ‫املعيشة في النواحي األخرى‪،‬‬ ‫البطالة مثالً‪ ،‬عندما ال يكون لدى الناس مداخيل‪،‬‬ ‫سواء انخفضت أو لم تنخفض‪ ،‬التأثيرات السلبية‬ ‫األخرى ستكون أكثر بكثير من التأثيرات اإليجابية‬ ‫التي ستتمثل ببعض االنخفاض في أسعار املواد‬ ‫الغذائية والفاتورة النفطية‪.‬‬ ‫ـ ماذا سيكون تأثير األزمة على القطاع‬ ‫السياحي إذا استمر تفاعل األزمة وقتاً أطول؟‬ ‫مع هذه الفرضية املرجحة‪ ،‬استمرار األزمة‬ ‫على الصعيد املالي واالقتصادي وخاصة في بلدان‬ ‫اخلليج سيؤثر على القطاع السياحي‪ ،‬ألن معظم‬ ‫السياح اللبنانيني يأتون من البلدان العربية‪،‬‬ ‫وانخفاض املداخيل في تلك البلدان سينعكس‬ ‫سلبا ً على القطاع السياحي‪ ،‬خاصة أن القطاع‬ ‫السياحي في جزء كبير منه يعتمد على عودة‬ ‫املهاجرين اللبنانيني الذين ينفقون في االصطياف‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن سوق العقارات؟‬ ‫القطاع العقاري في لبنان يعاني من بعض‬ ‫اجلمود‪ ،‬بسبب التأثير على اللبنانيني العاملني في‬ ‫اخلارج‪ ،‬فاللبنانيون املقيمون في اخلارج هم املنشط‬ ‫للسوق العقاري‪ ،‬فإذا ً عندما تتأثر مداخيلهم‬

‫الركود االقتصادي في اخلليج‬ ‫سيترجم إقفاالً في سوق العمل أمام‬ ‫الشباب اللبناني‬ ‫جزء من الدخل سيتقلص مع تفاعل‬ ‫األزمة‪ ،‬ومعدل االستهالك واالستثمار‬ ‫سينخفض‬ ‫يجب توجيه الودائع إلى استثمارات‬ ‫إنتاجية خالقة لفرص العمل‬ ‫من جملة التأثيرات اإليجابية لألزمة‬ ‫انخفاض فاتورة احملروقات وانخفاض‬ ‫أسعار املواد الغذائية‬

‫‪76‬‬

‫ينكمش قطاع العقارات‪ ،‬وهذا ما بدأت به‪ ،‬وهو‬ ‫انخفاض في الطلب على العقارات‪.‬‬

‫السبيل للتغلب على األزمة‬ ‫في لبنان‬ ‫ـ إلى أي مدى ميكن أن يتأثر االقتصاد بالتشنج‬ ‫الذي ميكن أن يبقى مرافقاً له إلى حني حصول‬ ‫االنتخابات؟‬ ‫هذا يعتمد على ما نقصده بالتشنج‪ ،‬إذا اقتصر‬ ‫على املشادات الكالمية فتأثيره ميكن أن يكون‬ ‫بسيطاً‪ ،‬أما إذا انقلب ال سمح اهلل إلى تشنجات‬ ‫أمنية فهذا قد يرتد سلبا ً على االقتصاد‪.‬‬ ‫ـ هل االقتصاد اللبناني قادر على حتمل هذه‬ ‫السلبيات؟‬ ‫إذا تفاعلت األزمة املالية االقتصادية عاملياً‪ ،‬وال‬ ‫سيما على صعيد بلدان اخلليج‪ ،‬وحتولت فعالً إلى‬ ‫أزمة اقتصادية في هذه البلدان‪ ،‬واستمرت أسعار‬ ‫النفط في االنخفاض‪ ،‬فلبنان مقبل على تفاقم‬ ‫أزمته االقتصادية بشكل كبير ما لم تعجل‬ ‫احلكومة واملسؤولون في احلكم بوضع هذا اخملطط‬ ‫االقتصادي االجتماعي املطلوب الذي يكون محوره‬ ‫استخدام ما ميلكه القطاع املصرفي من ودائع‬ ‫كبيرة كاالستثمار في القطاعات االقتصادية‬ ‫املنتجة من أجل خلق فرص عمل‪ ،‬إضافة إلى إعادة‬ ‫النظر‪ ،‬وهذا شرط أساسي للنهوض االقتصادي‪،‬‬ ‫بالنظام الضريبي عن طريق اعتماد الضريبة‬ ‫التصاعدية على فئات املداخيل العالية‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫على املداخيل املتأتية من النشاطات غير املنتجة‬ ‫واخلالقة لفرص العمل‪.‬‬ ‫ـ ما هي التدابير التي يجب أن تتخذها‬ ‫احلكومة لتقي لبنان من هذه السلبيات؟‬ ‫هذا هو السؤال الفعلي املطروح على جميع القوى‬ ‫السياسية في لبنان‪ ،‬مبا فيها القوى املشاركة في‬ ‫احلكومة‪ ،‬يقولون إن لبنان يستفيد من األزمة املالية‬ ‫العاملية بتحويالت زادت الودائع في اجلهاز املصرفي‪،‬‬ ‫إذا ً فلنستفد من هذا األمر ولنوجه هذه الودائع في‬ ‫استثمارات إنتاجية خالقة لفرص العمل ولرسم‬ ‫مخطط اقتصادي للنهوض بالقطاعات اإلنتاجية‪،‬‬ ‫كالزراعية والصناعية وحتى اخلدماتية والسياحية‪.‬‬ ‫ألن هذا هو السبيل الوحيد للتغلب على األزمة‬ ‫في لبنان‪ .‬السؤال املطروح‪ :‬إلى أي حد سيتمكن‬ ‫املسؤولون القائمون على االقتصاد اللبناني من‬ ‫إعادة توجيه هذه األموال املوجودة بتصرف اجلهاز‬ ‫املصرفي اللبناني نحو االستثمار في القطاعات‬ ‫املنتجة؟ حتى اآلن هناك فشل وفشل ذريع‪ ،‬فكما‬ ‫سبق وقلنا‪ ،‬معظم هذه األموال املوجودة لدى‬ ‫اجلهاز املصرفي استثمرت في قطاعات غير منتجة‬ ‫وغير خالقة لفرص العمل‪ .‬أوال ً في سندات اخلزينة‬ ‫وثانيا ً في متويل املضاربات العقارية وثالثا ً في متويل‬ ‫النشاطات اخلدمية التجارية التي ليس لها مفعول‬ ‫إيجابي جدا ً في تأمني العمالة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬وعد أبو ذياب‬


‫منبر عربي‬

‫‪ 2008‬عام اتفاقية الوصاية واالحتكار‬

‫العراق دخل في عهد اإلستعمار األميركي‬ ‫والخالص منه بتصعيد المقاومة‬ ‫دخل العراق مرحلة جديدة‪ ،‬وهذا ما عبرت‬ ‫عنه االتفاقية األمنية (العراقية ـ األميركية)‬ ‫التي وقعتها حكومة نوري املالكي وصادق عليها‬ ‫البرملان العراقي في نهاية تشرين الثاني ‪.2008‬‬ ‫من الناحية النظرية والعملية يبدو االنسحاب‬ ‫التدريجي األميركي من العراق ومهلة الثالث‬ ‫سنوات لالنسحاب الكامل‪ ،‬أشبه ما يكون‬ ‫بخطوة تكتيكية إلحالل الوصاية األميركية‬ ‫الدائمة‪ ،‬فاالتفاقية تقضي إلى انسحاب القوات‬ ‫األميركية خارج القرى واملدن بحلول ‪ 30‬حزيران‬ ‫‪ ،2009‬واالنسحاب من العراق كله بنهاية ‪30‬‬ ‫أيلول عام ‪ ،2011‬حيث ستتولى قوات األمن‬ ‫العراقية املسؤولية كاملة‪.‬‬ ‫والشارع العراقي يعيش حالة من الغليان الذي‬ ‫يتزايد باستمرار‪ ،‬وهناك حالة من اجلدل تترافق مع‬ ‫تقييم شامل لسنوات االحتالل‪ ،‬فالبالد دخلت‬ ‫في مرحلة هدوء ما قبل العاصفة‪ ،‬فاالجتياح‬ ‫األميركي السافر الذي بني على أضاليل كاذبة‬ ‫جملة وتفصيالً‪ ،‬والكوارث التي ح ّلت بالعراق‪ ،‬فكل‬ ‫هذا لم مي ّثل رادعا ً خلروج قوات االحتالل األميركي‬ ‫سريعاً‪ ،‬بل م ّثل وازعا ً ومشجعا ً لشرعنة االحتالل‬ ‫والبقاء حتت ستار املصلحة العراقية امللحة‪.‬‬ ‫وسيحاول االحتالل األميركي انتزاع بعض‬ ‫االمتيازات اإلضافية‪ ،‬وصوال ً لوصاية كاملة مدى‬ ‫احلياة‪ ،‬وبعد عملية خلط جديدة لألوراق‪ ،‬ومحاولة‬ ‫إنتاج السيناريو السابق ذاته بإثارة اجملازر واحلروب‬ ‫األهلية‪ ،‬لعله بذلك يتمكن من البقاء واالستمرار‬ ‫في مواصلة نهب خيرات العراق‪ ،‬وخاصة نفطه‪،‬‬ ‫وخدمة للكيان الصهيوني الذي دفع الحتالل‬ ‫العراق والقضاء على أحد معاقل املقاومة في‬ ‫أمتنا‪.‬‬

‫اخملطط األميركي‬ ‫للوصاية على العراق‬ ‫والتهديدات األميركية التي سبقت توقيع‬ ‫احلكومة العراقية على االتفاقية األمنية‬ ‫(العراقية ‪ -‬األميركية) تؤكد بوضوح تام أن‬ ‫اخملطط األميركي للوصاية الدائمة على العراق ال‬ ‫يرتبط بشخص جورج بوش أو باراك أوباما بل هو‬ ‫سياسة رسمية أميركية ثابتة‪.‬‬ ‫وكان التهديد األميركي الذي أشار إلى أن‬

‫بشار االسد‪ :‬االتفاقية االمنية تهدف الى حتويل العراق الى قاعدة لضرب اجلوار بدال ً من ان يكون سندا ً له‬

‫عدم التوقيع يعني انكفاء القوات األميركية عن‬ ‫سمتهم أعداء العراق‪ ،‬في‬ ‫املساعدة في دحر من ّ‬ ‫إشارة إلى املقاومة العراقية‪ ،‬ووقف املساعدات‬ ‫األميركية للقوات العراقية‪ ،‬وشتى أنواع‬ ‫التهديدات األخرى‪ ،‬مبا فيها انسحاب بعثة األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬وتعريض العراق لفوضى غير مسبوقة‪.‬‬ ‫وكشف دبلوماسيون في بروكسل أن جون‬ ‫هدد‬ ‫نغروبونتي نائب وزيرة اخلارجية األميركية ّ‬ ‫صراحة رئيس احلكومة العراقية نوري املالكي‬ ‫بإطاحته ومواجهة مخاطر ال حتمد عقباها‪،‬‬ ‫إذا رفض التوقيع على االتفاقية‪ ،‬وقيل أيضا ً‬ ‫إن واشنطن لن تسمح بتأخير التوقيع على‬ ‫االتفاقية‪ ،‬كما لن تسمح ألي طرف يع ّرض املصالح‬ ‫األميركية للخطر‪ ،‬وأن كل جندي أميركي قتل في‬ ‫العراق كان يسعى لتحقيق مثل هذه االتفاقية‪.‬‬ ‫ومن بني التهديدات األميركية ما نقلته وسائل‬ ‫اإلعالم عن اجلهات الرسمية األميركية‪“ :‬لم يقتل‬ ‫جنودنا في العراق‪ ،‬ليأتي البعض ليمارس الشغب‬

‫‪77‬‬

‫اإلعالمي والسياسي ويسعى لعرقلة التوقيع‬ ‫على هذه االتفاقية‪ ،‬إننا لن نتراجع عن حصانة‬ ‫جنودنا بأي شكل من األشكال‪ ،‬من سيقف معنا‬ ‫فسنقف معه ومن سيعارض مصاحلنا فسيجد‬ ‫اجلواب املناسب منا‪ ،‬ملمحا ً إلى انقالب عسكري‬ ‫حلمل حكومة املالكي على توقيع االتفاقية‬ ‫بالشروط والتواريخ األميركية”‪.‬‬ ‫والسؤال‪ :‬هل هناك ما هو أبلغ من الرسائل‬ ‫األميركية الواضحة تلك‪ ،‬التي عكست موقفا ً‬ ‫واضحا ً من احملتل الذي يعترف صراحة بأنه جاء‬ ‫إلى العراق بهدف حتقيق املصالح األميركية؟‬ ‫والعبارة التي تتحدث عن أولئك الذين ارتبطوا‬ ‫باحملتل األميركي بدت واضحة (من يقف معنا‬ ‫فسنقف معه) إنها عالقة تبادلية بني االحتالل‬ ‫وأذنابه ممن ربطوا مصاحلهم الشخصية الضيقة‬ ‫مبصالح االحتالل األميركي‪.‬‬ ‫ويبدو اآلن بوضوح تام‪ ،‬أن االتفاقية األمنية‬ ‫ُصب للعراق إلنقاذ اجلنود‬ ‫ما هي إال فخ جديد ن ِ‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬ ‫األميركيني من هجمات املقاومة‪ ،‬وحفظ ماء وجه‬ ‫إدارة جورج بوش وهي تودع البيت األبيض‪ .‬أما‬ ‫إنهاء االحتالل فهذا هو االحتيال والكذب بعينه‪.‬‬ ‫فاالحتالل األميركي ي ُ َ‬ ‫شرعن والوصاية باتت‬ ‫عنوانه‪ ،‬من هنا فالشراسة والنهب سيستمران‬ ‫دون قيود‪ ،‬والشعب العراقي سيدفع الثمن على‬ ‫حساب األجيال القادمة وهذا ما تعنيه اتفاقية‬ ‫الوصاية‪.‬‬

‫أين سيادة العراق‬ ‫في ظل اتفاقية األمر الواقع؟‬ ‫الدور الذي تعطيه االتفاقية للجيش األميركي‬ ‫في بعض األماكن داخل املنطقة اخلضراء في‬ ‫بغداد التي حتتوي على مقرات احلكومة العراقية‪،‬‬ ‫واحلماية األميركية لألموال العراقية التي تأتي‬ ‫من تصدير النفط وتودع في صندوق التنمية‪،‬‬ ‫واالتفاقية منحت القوات األميركية حق عدم‬ ‫صعود أي طرف على منت طائرتها وسفنها أو‬ ‫تفتيشها إال بعد موافقة اجليش األميركي‪ .‬فأين‬ ‫السيادة العراقية في اتفاقية الوصاية هذه؟‬ ‫كذلك فإن االتفاقية لم تلتزم بدفع التعويضات‬ ‫عن األضرار الكارثية التي سببها وجود قواتها‬ ‫على أرض العراق منذ بداية الغزو األميركي والتي‬ ‫تستثن أي منطقة‪.‬‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫ويالحظ الكذب في االتفاقية حيث تضمنت‬ ‫أن القوات األميركية جاءت إلى العراق بنا ًء على‬ ‫طلب العراقيني وهو أمر ينافي احلقيقة‪ ،‬حيث‬ ‫دخلت القوات األميركية بدون أي غطاء شرعي‬ ‫بدعوى وجود أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬ ‫واالتفاقية لم تضمن حماية العراق من‬ ‫االعتداءات اخلارجية بعدما جردته من كل‬ ‫اإلمكانات العسكرية‪.‬‬ ‫والبند األسوأ هو احتفاظ اجليش األميركي‬ ‫بحق شن عمليات عسكرية ملالحقة ما يسمى‬ ‫اإلرهاب من دون الرجوع إلى احلكومة العراقية‪،‬‬ ‫األمر الذي يعني اعتقاالت ال حصر لها في صفوف‬ ‫األبرياء‪ ،‬ألنها ستحتفظ بحق تفسير مفهوم‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬

‫األهداف البعيدة وخطورتها‬ ‫كان الهدف األولي لالتفاق يتحدد في البحث عن‬ ‫صيغة قانونية قبل انتهاء عهد الرئيس األميركي‬ ‫جورج بوش‪ ،‬بحيث يضمن بقاء القوات األميركية‬ ‫بشكل شرعي في العراق وتوفير ما بني (‪12-4‬‬ ‫قاعدة عسكرية دائمة) بغرض إظهار إدارة بوش‬ ‫على أنها خرجت منتصرة من احلرب‪ ،‬مبا يسمح‬ ‫بسحب جزء من القوات هناك‪ ،‬لتخفيف الضغط‬ ‫الداخلي األميركي املعارض الستمرار الوجود‬ ‫األميركي بسبب حجم اخلسائر البشرية هناك‪،‬‬ ‫وخصوصا ً بعد زيادة نسب املصابني باألمراض‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املالكي‪ :‬الرضوخ ملشيئة االحتالل‬

‫العقلية والنفسية من اجلنود األميركيني في‬ ‫ثم إقامة قواعد عسكرية أميركية‬ ‫العراق‪ ،‬ومن ّ‬ ‫دائمة ومراكز لتجميع هذه القوات كبيرة جدا ً‬ ‫وبعيدة عن أماكن التجمعات السكانية واملدن‬ ‫الكبرى‪.‬‬ ‫واألمر اخلطير في االتفاقية هو بحجة اإلرهاب‬ ‫واألخطار اخلارجية‪ ،‬حيث يطرح األميركيون في‬ ‫االتفاق فكرة إشراف القوات األميركية على‬ ‫وزارتي الداخلية والدفاع واالستخبارات العامة‬ ‫ملدة عشر سنوات‪ ،‬ما يعني إلغاء السيادة‬ ‫العراقية متاما ً وحتويل هذه األجهزة حلماية قوات‬ ‫االحتالل والدفاع عن مصالح املتحالفني معها‪،‬‬ ‫ووضع العراق حتت الوصاية األميركية‪.‬‬ ‫وتسعى هذه املعاهدة إلى توقيع اتفاقيات‬ ‫نفطية بعيدة األمد مع العراق تعطي الشركات‬ ‫النفطية األميركية السيطرة على اآلبار العراقية‪،‬‬ ‫مبا يضمن إمداد العراق ألميركا بالنفط لسنوات‬ ‫طويلة بأسعار أرخص من األسواق العاملية‬ ‫ضمن ما سمي “قانون النفط اجلديد” الذي مينح‬ ‫الشركات األميركية حقوقا ً وامتيازات تسمى‬ ‫“املشاركة” التي تستمر نحو ‪ 33‬عاماً‪ ،‬من هنا فإن‬ ‫سياسة واشنطن اخلارجية بشأن إرسال قوات‬ ‫عسكرية إلى بلدان أخرى في العالم مرتبطة‬ ‫أساسا ً بحاجة أميركا للنفط التي تزيد حاجتها‬ ‫عن دول أخرى في الغرب‪.‬‬

‫السفارة األميركية‬ ‫في العراق دولة داخل الدولة‬ ‫وتسعى املعاهدة لإليحاء بوجود عالقة‬ ‫دبلوماسية بني طرفني سياديني وفتح سفارة‬

‫‪78‬‬

‫أميركية في العراق‪ ،‬بيد أن املعلومات التي نشرت‬ ‫عن هذه السفارة األميركية في العراق تشير إلى‬ ‫أبعاد أخرى تتعلق بنظرية الوصاية على العراق‪.‬‬ ‫وتظهر السفارة كدولة داخل الدولة العراقية‪،‬‬ ‫إذ انها أكبر السفارات في العالم على اإلطالق‪،‬‬ ‫فمساحتها ‪ 104‬هكتارات وفيها ‪ 21‬مبنى ضخما ً‬ ‫وتتوافر فيها آخر مقتنيات العصر ووسائل‬ ‫االتصال والراحة‪ ،‬وقد بلغت تكلفة السفارة‬ ‫حوالى مليار دوالر‪ ،‬ما يح ّولها إلى مركز إلدارة‬ ‫املهمات العسكرية والدبلوماسية في العراق‬ ‫وفي الشرق األوسط كله مستقبالً‪.‬‬ ‫وال يحق للحكومة العراقية وال لدوائر القضاء‬ ‫العراقي محاسبة القوات األميركية وأفرادها‪،‬‬ ‫كما يتم توسيع احلصانة حتى للشركات األمنية‬ ‫واملدنية والعسكرية‪.‬‬ ‫وصالحيات القوات األميركية ال حتددها‬ ‫احلكومة العراقية‪ ،‬وال يحق للحكومة العراقية‬ ‫حتديد احلركة لهذه القوات وال املساحة املشغولة‬ ‫للمعسكرات وال الطرق املستعملة‪.‬‬ ‫وللقوات األميركية احلرية في ضرب أي دولة‬ ‫تهدد األمن والسلم العاملي واإلقليمي العام‬ ‫والعراق وحكومته ودستوره أو تستفز اإلرهاب‬ ‫وامليليشيات‪ ،‬وال مينع االنطالق من األراضي‬ ‫العراقية واالستفادة من ب ّرها ومياهها وج ّوها‪.‬‬ ‫وفي العالقات الدولية واإلقليمية واملعاهدات‬ ‫يجب أن تكون للحكومة األميركية العلم‬ ‫واملشورة بذلك حفاظا ً على األمن والدستور‪.‬‬ ‫أما السقف الزمني لبقاء القوات فهو طويل‬ ‫األمد وغير محدد وقراره يخضع لظروف العراق‪،‬‬ ‫ويُعاد النظر بني احلكومة العراقية واألميركية‬ ‫في األمر‪ ،‬إال أن ذلك األمر مرهون بتحسن أداء‬ ‫املؤسسات األمنية العسكرية العراقية وحتسن‬


‫الوضع األمني وحتقق املصاحلة والقضاء على‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وأخطار الدول اجملاورة وسيطرة الدولة‪،‬‬ ‫ووجود إجماع سياسي على خروج القوات‬ ‫األميركية‪.‬‬

‫مخاطر االتفاقية على دول اجلوار‬ ‫اخملاوف كبيرة‪ ،‬وهذا ما تشعر به دول اجلوار‬ ‫واحتماالت الضرر كبيرة وخطيرة من جراء استمرار‬ ‫الوجود األميركي في العراق‪ ،‬وما يرافق هذا من‬ ‫مخاطر الصدام الداخلي‪ ،‬وااللتزام األميركي في‬ ‫االتفاقية ما هو إال سراب خادع‪ ،‬وما قيل عن‬ ‫عدم استخدام العراق كمنصة إطالق لهجمات‬ ‫ضد دول مجاورة تكذبه الوقائع على األرض‪،‬‬ ‫وبدليل عملية “البوكمال” التي نفذتها القوات‬ ‫األميركية على حدود سوريا و ُقتل فيها مدنيون‬ ‫أبرياء بحجة منع إرهابيني من تهديد أرض العراق‪،‬‬ ‫وحتليق الطائرات األميركية على حدود إيران في‬ ‫الوقت نفسه وللغرضذاته‪ ،‬وكال التحركني جاء‬ ‫مبنطق حماية أمن العراق‪ ،‬وهو أمر تنص عليه‬ ‫بوضوح االتفاقية في عشرات املواد‪ ،‬وميكن مبوجب‬ ‫هذه االتفاقية التحرك بعمل عسكري ضد دول‬ ‫اجلوار‪.‬‬ ‫ومثل هذا األمر ّ‬ ‫أكده الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد في خطابه أمام اجتماع البرملان العربي‬ ‫حني قال‪“ :‬إن العدوان األميركي على األراضي‬ ‫السورية يؤكد أن االتفاقية األمنية تهدف إلى‬ ‫حتويل العراق إلى قاعدة لضرب اجلوار بدال ً من أن‬ ‫يكون سندا ً له”‪.‬‬

‫تداعيات االتفاقية‬ ‫العديد من دول املنطقة تخشى من تداعيات‬ ‫االتفاقية األمنية (العراقية ‪ -‬األميركية) ملا متثله‬ ‫من شرعنة لالحتالل‪ ،‬وتقنني الوجود األميركي‬ ‫على حدودها ملدة ثالث سنوات قادمة‪ ،‬ما يعني‬ ‫استمرار التهديد والضغط عليها‪ ،‬حتى في‬ ‫حال بدء باراك أوباما حوارا ً مطوال ً مع إيران حول‬ ‫تخصيب اليورانيوم وتوفير مصادر الطاقة النووية‬ ‫على غرار كوريا الشمالية‪.‬‬ ‫واحلذر واليقظة سيبقيان سيد املوقف في‬ ‫املنطقة إلى أن يثبت الرئيس األميركي اجلديد‬ ‫باراك أوباما متسكه باحلوار مع دول املنطقة‬ ‫ويتخلى عن أساليب احملافظني اجلدد في املواجهة‬ ‫العسكرية إذا كانت املصالح هي التي حتكم‬ ‫العالقات بني الدول وكيفية إدارة هذه املصالح‪،‬‬ ‫وقبل البدء في البحث عن التسويات كما يقول‬ ‫املتفائلون‪ ،‬علينا قراءة الوقائع بدقة وتوصيفها‬ ‫ألن أصل البالء يتمثل في االحتالل األميركي‪ ،‬وإذا‬ ‫كان هناك من حتول في السياسة األميركية كما‬ ‫ع ّبر عنه أوباما‪ ،‬فإن بدء االنسحاب من العراق‬ ‫هو نقطة التحول وإنهاء حرب فاشلة ومخزية‬ ‫صنعتها إدارة جورج بوش‪ ،‬أما مفتاح االستقرار‬

‫مقتدى الصدر‪ :‬موعدنا مع املقاومة العراقية حتى دحر االحتالل‬

‫في املنطقة فمرتبط بالصراع العربي ـ اإلسرائيلي‬ ‫وال ميكن التعامل مع قضايا العراق وأفغانستان‬ ‫وإيران مبعزل عن تأثيرات القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫فهناك خط فاصل بني املصالح األميركية‬ ‫والسياسات اإلسرائيلية‪ ،‬وعلى حكام واشنطن‬ ‫قراءة املعادلة بوضوح قبل ضياع الفرصة املتمثلة‬ ‫في إدارة أميركية جديدة‪.‬‬

‫مصير االتفاقية‬ ‫كل التبريرات ومحاوالت جتميل االتفاقية‬ ‫لن تنطلي على أحد‪ .‬فاالتفاقية متثل رضوخا ً‬ ‫كامالً إلرادة االحتالل األميركي‪ ،‬ومواقف القوى‬ ‫السياسية الرافضة لالتفاقية والغضب الشعبي‬ ‫الذي ع ّبرت عنه التظاهرات احلاشدة في شوارع‬ ‫بغداد والداعية لوحدة الصف‪ ،‬والبيانات الرافضة‬

‫‪79‬‬

‫لهذه االتفاقية أشارت بوضوح الى أن الرد‬ ‫سيتمثل في استمرار املقاومة وتصعيدها حتى‬ ‫يذعن العدو ويخرج من أرضنا صاغرا ً مدحوراً‪.‬‬ ‫أما االتفاقية فستؤدي الى تعميق االنقسام‬ ‫احلاصل بني قوى رافضة لالحتالل بصراحة‬ ‫وداعمة للمقاومة العراقية‪ ،‬ويُع ّول عليها حترير‬ ‫األرض من احملتل‪ ،‬وقوى أخرى انخرطت في ما‬ ‫ُعرِف بالعملية “السلمية” وتتعامل مع االحتالل‬ ‫وتصدق وعوده‪ ،‬تدفعها مصاحلها الذاتية الضيقة‬ ‫ّ‬ ‫لالرمتاء في أحضان احملتل‪ ،‬ويوما ً بعد يوم ستظهر‬ ‫الوعود األميركية بااللتزام باالنسحاب من العراق‬ ‫كسراب خادع بعد أن يكون الشعب العراقي قد‬ ‫دفع أثمانا ً مضاعفة‪.‬‬ ‫طريق املقاومة هو أقصر الطرق لدحر االحتالل‪،‬‬ ‫وهذا ما ستثبته األحداث ولن يضل من عرف‬ ‫طريق اخلالص‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬

‫‪ 2008‬عربياً ‪:‬‬

‫أبرز المتغيرات وسيناريوهات‬ ‫مستقبل الصراع في المنطقة‬ ‫عصفت املتغيرات السياسية واإلقتصادية واألمنية في النظام “اآلحادي‬ ‫القطب” الذي تفردت مبوجبه امبراطوية الشر الواليات املتحدة‪ ،‬باتخاذ‬ ‫جميع القرارات الدولية وجتاوزت كل الضوابط واملعايير القانونية واألخالقية‬ ‫واإلنسانية في تعاطيها اجملنون واألرعن مع منظومة الدول التي تصنف‬ ‫بالدول التي (ال حولى لها وال قوة)‪.‬‬ ‫في ضوء هذه املتغيرات التي صاغت عناصر وموازين قوى في الوطن‬ ‫العربي خالل السنوات اخلمس عشرة املاضية‪ ،‬شكلت عناصر وموازين‬ ‫قوى وديناميكيات جديدة ميكن استشراف اإلجتاهات اإلستراتيجية لهذه‬ ‫املتغيرات التي تؤثر في حتوالت ومستقبل الصراع العربي‪-‬اإلسرائيلي خالل‬ ‫السنوات العشر القادمة‪ ،‬ومن أهم هذه اإلجتاهات‪:‬‬ ‫إخفاق اخملطط األميركي في العراق بتحقيق اإلستقرار‪ ،‬وتداعي التحالف‬ ‫فيه ملصلحة سحب القوات األجنبية‪.‬‬ ‫تغ ّير البنية العامة للنظام الدولي ملصالح قوى مؤثرة جديدة لها مصالح‬ ‫في املنطقة العربية قد ال تتوافق مع السياسة األميركية (روسيا‪..‬الصني)‬ ‫بل تتعارض معها‪.‬‬ ‫يؤدي العامل اإلسرائيلي دورا ً مهما ً في تردي عملية التسوية وتراجع‬ ‫احتماالت جناحها‪.‬‬ ‫تسارع وتيرة املطالبة باملشاركة الشعبية باإلصالح السياسي‪ ،‬وتداول‬ ‫السلطة‪ ،‬وتطبيق قوانني احلرية والدميقراطية في الوطن العربي مبا في ذلك‬ ‫توجهات الشفافية ومحاربة الفساد‪.‬‬ ‫تزايد فرص اندالع اإلنتفاضة الشعبية الواسعة خالل السنوات اخلمس‬ ‫القادمة ومن ثم تزايد فرص سقوط األنظمة املؤيدة إلسرائيل ملرحلة‬ ‫الحقة‪.‬‬ ‫تسارع التحول في الشارع العربي نحو السالم السياسي شعبيا ً وفي‬ ‫عدد من املناطق ذات الصلة بجغرافيا الصراع‪ ،‬وحتول دفة القرار العربي‬ ‫والفلسطيني لصالح القوى املناهضة للصهيونية‪.‬‬ ‫تزايد حركة اإلستقطاب السياسي في الساحة الفلسطينية لصالح‬ ‫حتول كبير في ميزان القوى الداخلي‪ ،‬سينتصر فيه برنامج املقاومة واملمانعة‬ ‫على حساب برامج اإلستسالم‪.‬‬

‫تشير هذه املتغيرات اإلستراتيجية بوضوح كبير إلى أننا أمام إنعطافة‬ ‫نوعية قد تشهدها السنوات اخلمس القادمة لصالح مشروع األمة العربية‬ ‫في حترير فلسطني وسقوط أنظمة (اإلعتدال العربي) وبداية مرحلة جديدة‬ ‫نحو بناء مشروع مقاوم يكتسب صفة الدميومة‪.‬‬ ‫إن دراسة الواقع واستشراف املستقبل‪ ،‬وتفهم طبيعة معادالت التغ ّير‬ ‫املتوقعة‪ ،‬تؤكد أن املنطقة والنظام الدولي وطبيعة الصراع ومخرجاته‬ ‫ستشهد حتوالت كبيرة‪ ،‬وان السنوات العشر القادمة سوف تشكل قاعدة‬ ‫للصورة اجلديدة للمنطقة ولعالقاتها مع النظام الدولي‪ ،‬عام ‪ 2015‬قد‬ ‫يحمل املفاجاة األكبر في إنهاء السرطان الصهيوني أو تالشيه او اندحاره‬ ‫على أقل تقدير‪.‬‬ ‫خاص ًة واننا قد رصدنا الفشل اإلسرائيلي في التنبؤ ملستقبل الدولة‬ ‫العربية‪ ،‬فعندما متّ رسم مستقبل اسرائيل عام ‪ ،2000‬لم تتمكن كل‬ ‫الدراسات والتنبؤات الصهيونية من توقع اإلنتفاضة الفلسطينية التي‬ ‫اندلعت عام ‪ ،1987‬وعندما مت رسم مستقبل اسرائيل عام ‪ 2020‬والذي‬ ‫نشر أوائل عام ‪ ،2000‬وهذا يؤكد أن القدرة التنبؤية اإلسرائيلية في توقعات‬ ‫املستقبل ليست بالقدر املوضوعي الذي يشيعونه في العالم‪ ،‬ولعل‬ ‫السقوط األخير في عدوان متوز ‪ 2006‬على لبنان خير دليل على هشاشة‬ ‫اخلطط والتنبؤات اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالداخل اإلسرائيلي‪ ،‬فإن عوامل التفجير اإلجتماعي‬ ‫واإلثني والسياسي في الكيان الصهيوني تتزايد في حالتي السلم واحلرب‪،‬‬ ‫وأن النجاحات التي حققتها اإلنتفاضة واملقاومة واحلرب ضد اسرائيل‬ ‫تسببت في تراجع الفكر الصهيوني عن التوسع والعدوان الشامل‪ ،‬ودفعته‬ ‫لإلنكفاء على بناء جدران ال متثل بعده اإليديولوجي‪ ،‬واإلنسحاب من قطاع‬ ‫غزة‪ ،‬وذلك حلماية كيانه ومجتمعه‪ ،‬في ظل تراجع قدرته على اإلحتفاظ‬ ‫باألراضي احملتلة رغم الدعم الدولي املطلق الذي يالقيه سياسيا ً وعسكريا ً‬ ‫وإقتصادياً‪ ،‬وهو ما يشير إلى أن هذا الكيان وهذا اجملتمع ليس دولة باملعنى‬ ‫السياسي املستقر‪ ،‬وال مجتمع بقاء وإمناء‪ ،‬بل إن مستقبله ومصيره مهدد‬ ‫على الدوام‪ ،‬حيث يشار بشكل خاص إلى عجز الديناميكية اإلسرائيلية‬ ‫عن هضم العامل الفلسطيني أو تصفيته‪ ،‬خصوصا ً في ظل عجز تنبؤاته‬ ‫عن ادراك احلركة التاريخية لهذا العامل‪ ،‬وهو ما سبب عمى اإلدراك والرؤية‬ ‫اإلستراتيجية الصهيونية أمام اي تطور وصمود ومواجهة فلسطينية‪،‬‬ ‫وفي حال كان اإلسناد العربي جادا ً فإن العامل الفلسطيني باملواجهة‬ ‫املباشرة وبالعمق العربي واإلسالمي الفاعل يستطيع وضع مستقبل‬ ‫الكيان اإلسرائيلي على احملك‪ ،‬وهي احلالة التي كشفتها جتربتي انتفاضتي‬ ‫‪ 1987‬و ‪ 2000‬و ‪ 2006‬م‪.‬‬

‫السناريوهات احملتملة‬ ‫للصراع العربي‪-‬اإلسرائيلي حتى ‪2015‬‬ ‫متثل السيناريوهات خالصة مهمة ألبرز التحوالت املمكنة الوقوع في ضوء‬ ‫التحليالت املستقبلية التي تشير إليها الدراسات اإلستراتيجية في املعاهد‬ ‫الدولية‪ ،‬وقد مت حصرها في أربعة سيناريوهات‪ ،‬لكل منها تفرعاته اجلزئية‬ ‫من خالل تقدير شروط التحقق وحتليلها‪ ،‬وبيان مخرجاتها السياسية‪،‬‬ ‫والفرص والتحديات التي يخلقها ألي سيناريو‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪80‬‬


‫وتشير العديد من الدراسات والطروحات إلى أن ثمة سيناريوهات رئيسية‬ ‫ميكن للتحوالت في العقد القادم (‪ )2015-2005‬أن تصب في أي منها‪ ،‬وان‬ ‫في إطار كل منها سيناريوهات جزئية تتعلق مبجال او جغرافيا او طرف ميكن‬ ‫أن تؤثر في إمكانات حتقق السيناريو من جهة‪ ،‬وانعكاساته اخملتلفة إلخراج‬ ‫الفرص والتحديات من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ومن أهم السيناريوهات الرئيسية‪:‬‬ ‫استمرار األوضاع القائمة واجتاهاتها العامة‪ ،‬وبتغيرات ذات معدالت‬ ‫متقاربة بني طرفي الصراع‪ ،‬وهو ما سيعمل على تفجير اإلنتفاضات‬ ‫واإلحتجاجات العربية األوسع‪.‬‬ ‫تدهور الوضع العربي الرسمي لصالح املشروع الصهيوني من جهة‬ ‫وسقوطه على املستوى الشعبي حيث تسود املشاريع األميركية‬ ‫والصهيونية وتبقى مشكلة الالجئني‪ ،‬ومسألة الصراع الثقافي‪ ،‬ومقاومة‬ ‫التطبيع مع اإلسرائيليني عوامل تفجير مهمة لهذه احلالة‪ ،‬لتقود نحو‬ ‫انتفاضات وحتوالت وتغيرات عربية وفلسطينية جديدة‪ ،‬ستؤدي إلى هزات‬ ‫عنيفة مع دول ما يسمى باإلعتدال العربي (مصر‪-‬السعودية‪-‬األردن)‬ ‫تقدم عملية التسوية السياسية‪ ،‬وذلك على صعيد التسويات الفرعية‬ ‫كما حصل خالل األعوام العشر املاضية دون التوصل إلى اتفاقات سالم دائم‬ ‫أو حتقيق احلقوق الوطنية للشعب الفلسطيني‪ ،‬وهو ما سيبقي اإلنتفاضة‬ ‫خيارا ً مفتوحا ً للقوى املناهضة للصهيونية من جهة‪ ،‬وللجماهير املتضررة‬ ‫من مثل هذه اإلتفاقات اجملتزأة وغير الواقعية خصوصا ً في ظل جنربة اتفاقات‬ ‫أوسلو ووادي عربة من جهة اخرى‪.‬‬ ‫تقدم املشروع العربي على حساب املشروع الصهيوني‪ ،‬وهو ما يتعلق‬ ‫باندالع انتفاضة فلسطينية اقوى واشد فتكا ً في اإلحتالل من السابقات‪،‬‬ ‫وتزايد فرص املواجهة مع املقاومة ورمبا بحروب استنزاف محدودة او واسعة‬ ‫قد تصل حد املواجهة اإلقليمية‪.‬‬

‫جتربة املفاوضات في حسم اخليارات‬ ‫ان الدراسة املوضوعية لتجربة التفاوض العربية مع اسرائيل أثبتت‬ ‫الفشل الكامل‪ ،‬ولم تتمكن عمليات التفاوض وال التسويات السياسية‪ ،‬وال‬ ‫اإلتفاقات والضمانات الدولية من تغيير اجتاهات السياسة اإلسرائيلية‪ ،‬كما‬ ‫لم تتمكن من اقناع الشارع اإلسرائيلي بالرغبة بالسالم‪ ،‬ال بل بالعكس‬ ‫كان الرد الدائم على كل توجه عربي للسالم بتزايد نفوذ اليمني الصهيوني‬ ‫املتطرف في السياسة اإلسرائيلية‪ ،‬ولذلك فإن الدراسة التي أجريت دعت‬ ‫الدول التي وقعت اتفاقات او قامت بعمليات تطبيع وحوارات مع الكيان‬ ‫الصهيوني إلى إعادة النظر مبوقفها الذي ال مالمح إلمكانية جناحه في‬ ‫خدمة قضية فلسطني يوما ً من األيام‪.‬‬

‫دور املقاومة في حسم اخليارات‬ ‫لم يكن فعل املقاومة الفلسطينية والعربية مجرد رد فعل في أي مرحلة‬ ‫من مراحل الصراع‪ ،‬وفيما يتعلق بالواقع القائم اليوم‪ ،‬فقد أصبحت املقاومة‬ ‫معلما ً مهما ً من معالم الصراع في اجلانب العربي نظرا ً ملا أجنزته من حترير‬ ‫جنوب لبنان ودحر اإلحتالل من غزة‪ ،‬واألثخان في قواته في الضفة وغزة‪،‬‬ ‫حيث أصبح دورها متعاظما ً واساسياً‪ ،‬وأصبحت تلعب دور التوازن في الرعب‬ ‫وفي الفعل الصهيوني‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬فان مسألة املقاومة الفلسطينية والعربية تعد عامالً مهما‬ ‫وحاسما ً في بلورة اجتاهات احلسم للصراع لصالح املشروع العربي واحلقوق‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وهي األداة الفاعلة في السيناريو الرابع املتوقع للصراع‬ ‫العربي‪-‬اإلسرائيلي عام ‪ 2015‬القاضي بتقدم املشروع العربي‪ ،‬وهو ما يفرض‬ ‫اعتمادها خيارا ً استراتيجيا ً مفتوحا ً وفاعالً‪ ،‬وهي التي متكنت من شل القدرة‬ ‫العسكرية اإلسرائيلية غير التقليدية والتقليدية البعيدة املدى‪ ،‬وهو برنامج‬ ‫قابل للتطور واإلمناء فلسطينيا ً كما اثبتت التجربة‪ ،‬ويتطلب توفير احلضن‬

‫رايس تتوسط عباس وآوملرت‬

‫الوطني والعربي له‪ ،‬ولنتائجه وتداعياته‪ ،‬وهو أداة منازلة فاعلة ومؤثرة عربيا ً‬ ‫مع املشروع الصهيوني تعتبر أقل كلفة من أي حرب خاضتها الدول العربية‬ ‫مع اسرائيل سابقاً‪ ،‬وان كانت النتائج اكثر تأثيرا ً في حتقيق احلقوق الوطنية‬ ‫للشعب الفلسطيني‪.‬‬

‫استشراف السيناريو املتوقع‬ ‫ان تقدم نفوذ التيارات السياسية املناهضة إلسرائيل واملشروع الصهيوني‬ ‫في املنطقة سوف يعمل على تغيير املعادالت القائمة ويخدم اجتاه حسم‬ ‫الصراع لصالح احلقوق العربية‪ ،‬ولذلك فان تقدم التيار اإلسالمي والعروبي‬ ‫الذي يعادي احلركة الصهيونية واسرائيل إمنا يصب في اخلانة اإليجابية‬ ‫لصالح املشروع العربي في مواجهة اسرائيل خالل السنوات العشر‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫من جهة أخرى تشير الكثير من الدراسات إلى ان الواقع العربي سوف‬ ‫يشهد حركة احتجاجات واضرابات تعبر عن رفض الفشل الذي منيت به‬ ‫برامج وسياسات احلكومات العربية املعنية بالصراع‪ ،‬والتي لم تتمكن من‬ ‫حتقيق أي من وعودها بإحقاق احلقوق العربية‪ ،‬ويتوقع تزايد التراجع األميركي‬ ‫الدولي بدءا ً بالعراق وليس انتهاءا ً مبنظمة التجارة الدولية‪ ،‬وهو ما سيعطي‬ ‫الفرصة لدول كبرى أخرى للتقدم في التأثير على سياسات النظام الدولي‬ ‫ورمبا كان بحث تطوير العالقات العربية الصينية مثالً أو األوروبية على اسس‬ ‫جديدة مدخالً لدور عربي مهم وفاعل في النظام الدولي القائم‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالظروف الدولية‪ ،‬فإن مصالح الدول الكبرى هي التي تقف‬ ‫خلف سياساتها‪ ،‬وتؤثر التغيرات السياسية في منطقتنا تاثيرا ً بليغا ً على‬ ‫مصالح هذه الدول‪ ،‬خصوصا ً في حال حدوث تطورات دراماتيكية في نوعية‬ ‫احلكم والسياسات املتبناة في ظل تقدم التيار اإلسالمي والعروبي شعبياً‪،‬‬ ‫ولذلك فإن النظام الدولي سوف يتجه إلى التعامل األكثر ايجابية مع‬ ‫حقوقنا في حال تشكيل حكومات من النوع املستقل واملعادي للصهيونية‬ ‫والذي سيؤثرعلى مفاصل هذه الدول‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فإن مجمل املتغيرات الفلسطينية والعربية والدولية تعمل‬ ‫على محاصرة اسرائيل وتدفع بانهاء احتاللها لألراضي احملتلة ورمبا حتجيم‬ ‫خطرها أو ازالته حسب املعطيات والظروف‪ ،‬فالسيناريو املتوقع يشير إلى‬ ‫تراجع املشروع الصهيوني وتقدم املشروع العربي بدرجة مرضية نحو حسم‬ ‫أكثر للصراع مستقبالً خالل السنوات العشر القادمة‪ .‬واألبرز في املتغيرات‬ ‫احلاسمة لهذا اخليار والسيناريو هو تزايد نفوذ القوى السياسية العربية‬ ‫املناهضة إلسرائيل في احلكم‪ ،‬وتزايد فرص اندالع اإلنتفاضة الفلسطينية‬ ‫الثالثة رمبا في غضون ‪ 6-3‬عبر حروب استنزاف محدودة تؤثر على معنوياته‬ ‫واستقراره ومتاسكه العربي على حساب املشروع الصهيوني‪.‬‬ ‫إن ما يجري في غزة ليس إال محاولة فاشلة للقضاء على حالة املمانعة‬ ‫واملقاومة بالتزامن مع تغطية رسمية عربية ترعاه مصر والسعودية‬ ‫واألخطر أنها تقدم معلومات استخباراتية دقيقة عن أهلنا في فلسطني‬ ‫عرابي التآمر واخليانة على القضية‬ ‫حيث ميثل بندر بن سلطان وعمر سليمان‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫سجل في صفحات الذل والعار أسماء هذه‬ ‫لكن التاريخ لن يرحم‪ ،‬وس ُي ّ‬ ‫احلفنة احلاكمة وللكالم بقية‪..‬‬

‫ماهر سري الدين‬

‫‪81‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬

‫‪ 2008‬رهانات خاطئة على «الواليات المتحدة»‬

‫قبالت ومجامالت لبعض «العرب»‬ ‫وصواريخ وطائرات «إلسرائيل»‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بوش وامللك عبد اهلل (قبالت ومجامالت)‬

‫‪...‬ومبارك‬

‫عندما نودع عاما ً مضى‪ ،‬ونستقبل عاما ً جديداً‪ ،‬فأول ما يتبادر الى األذهان‪،‬‬ ‫أن الواجب يقضي بأن يكون أمامنا كشف حساب عن العام بكامله‪ ،‬يرصد‬ ‫بصدق وأمانة كل األخطاء واإلجنازات‪.‬‬ ‫إن أمتنا العربية تعيش فترة عصيبة‪ ،‬وهي أحوج ما تكون الى مصارحة‬ ‫الذات والكشف عن األخطاء السياسية‪ ،‬ال احلديث فقط عن اإلجنازات‪ ،‬فمثل‬ ‫هذه تتولى إشهارها أجهزة اإلعالم العربية الرسمية‪ ،‬تشيد بها وترددها‬ ‫بحرية كاملة من غير قيود وال حدود‪...‬‬ ‫وان استعمال كلمة “اخلطأ” حني ننسبها الى العديد من املواقف‬ ‫الرسمية العربية وخاصة في بلدان ما يسمى (االعتدال) هو أقل ما ميكن‬ ‫أن يقال‪ ،‬ولكننا ال جند في اللغة العربية‪ ،‬وما أغناها لفظا ً أكثر أدبا ً وعفة‬ ‫ولطفا ً من كلمة اخلطأ في التعبير عن اخلطأ‪..‬‬ ‫وال أحسب أن في األمر حاجة الى التروي‪ ،‬فالشعب العربي يجلد في كل‬ ‫يوم آالف املرات‪ ،‬ولكن مع اشتداد املصائب والكوارث‪ ،‬فإن املصير ال يحتمل‬ ‫اجملاملة واملالحظة‪.‬‬ ‫فانتصارات املقاومة في لبنان واملمانعة العربية الباقية في هذه األمة هي‬ ‫مصدر عزتنا وفخرنا‪ ،‬وبشموخها وعظمتها ننقل لألجيال درسا ً عظيما ً‬ ‫ونحن أحوج ما نحتاج اليه هو تدارك األخطاء التي تتعاقب وكشف‬ ‫مصادرها وفضح أسبابها‪ ،‬وحتى ال تتآكل املنجزات التي حققتها املقاومة‬ ‫واملمانعة العربية‪ ،‬في غمرة املساومات السياسية واملفاوضات الواهمة‪،‬‬ ‫والتمسك بالشكل على حساب املضمون‪ ،‬وتفضيل املصالح الضيقة على‬ ‫حساب الصالح العام‪ ،‬واألدهى من ذلك يخرج من يتحدث عن املفاوضات‬ ‫ومحاسنها واالعتدال والشعارات البراقة وضرورة التحلي بالواقعية‪ ،‬هذا‬ ‫في الوقت الذي يدنس الكيان الصهيوني مقدساتنا ويحاصر شعبنا‬

‫الفلسطيني‪ ،‬ويهدد حاضرنا ومستقبلنا‪.‬‬ ‫من هنا ينشأ الواجب األسمى في مكاشفة أولي األمر من احلكام (العرب)‬ ‫بأخطائهم بصدق وشجاعة‪ ،‬فليس الدين النصيحة فحسب ولكنها الدين‬ ‫والدنيا‪ ،‬ومن هنا ضرورة االلتزام بالتضحية‪ ،‬وان على أولي األمر أن يق ّوموا‬ ‫املعوج من آرائهم ومواقفهم قبل فوات األوان‪ ،‬وأول هذه األخطاء‪ ،‬وأقدمها‬ ‫ّ‬ ‫على اإلطالق‪ :‬التعامل مع أميركا بطريقة غير متوازنة وال موزونة‪.‬‬ ‫فالنظام الرسمي العربي مبعظمه أعلن ثقته بالواليات املتحدة من غير‬ ‫حتفظ وال احتراز‪ ،‬وأكد تأكيد الواثق أن السياسة األميركية غيرت موقفها‬ ‫بصورة جذرية‪ ،‬والبعض جعل منها وسيطا ً وضامنا ً ملا يسمى بالتسوية‬ ‫وعملية السالم وفوضها لعقد املؤمترات‪ ،‬واقتراح املبادرات‪ ،‬ووصل األمر‬ ‫الى درجة ان حتالف البعض معها على حساب القضايا العربية‪ ،‬وباألخص‬ ‫القضية الفلسطينية‪ ،‬التي هي لب الصراع في املنطقة‪.‬‬ ‫وبات داعم احملتل محالً للثقة “العربية” الكاملة‪ ،‬وكأن التاريخ لم يع ّلم‬ ‫أولئك املتهافتني على األميركي‪ ،‬منذ جوالت كيسنجر الذي قيل عنه‬ ‫“صاحب املعجزات”‪ ،‬يومها بدأت احلكاية املأساوية‪ ،‬ويومها قيل إنه سيحقق‬ ‫لألمة العربية مطلبها املرحلي املتمثل في االنسحاب الكامل من األراضي‬ ‫العربية احملتلة‪ ،‬وحتقيق املطالب املشروعة للشعب الفلسطيني‪ ،‬ومثل هذا‬ ‫التضخيم ألميركا‪ ،‬أعاد األمة العربية عقودا ً الى الوراء‪ ،‬الى تلك احلقبة‬ ‫املتخلفة في أوائل العشرينيات حيث سادت القيادات العربية موجة من‬ ‫التضخيم لشخصية الكولونيل لورنس‪ ،‬حتى أصبح يلقب “ملك العرب غير‬ ‫املتوج”‪ ،‬ثم ما لبثت األيام أن كشفت أن الكولونيل لورنس ومعه دول احللفاء‬ ‫قد نكثوا عهودهم وفرضوا على البالد العربية االستعمار والصهيونية‬ ‫والتجزئة‪ ،‬وال تزال األمة العربية تئن حتت كابوس هذا البالء الثالثي الرهيب‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫بوش يستل السيف‬

‫وكما يحصل اليوم وما شهد عليه العام ‪ 2008‬عندما لبس جورج بوش‬ ‫الكوفية والعقال خالل جولته السيئة للمنطقة العربية‪ ،‬وبوش الذي استل‬ ‫السيف العربي ولسان حاله يقول‪ :‬سأقضي عليكم بسالحكم هذا‪ ،‬متاما ً‬ ‫كما يحصل للبترول العربي الذي يتحول الى صواريخ وطائرات تدك األبرياء‬ ‫من الفلسطينيني والعراقيني واللبنانيني وغيرهم‪.‬‬ ‫وبوش هذا الذي أخذ يصطنع صداقته للعرب وينتزع ثقتهم ويعدهم بأنه‬ ‫سيصنع املعجزات‪ ،‬وعلى حني أن املعجزة الكبرى التي يتطلع الى إجنازها هي‬ ‫أن يحمل احلكومات “العربية” على التطبيع مع الكيان الصهيوني وشعارات‬ ‫الصلح والتعايش وحوار احلضارات‪ ،‬وتلك حقا ً معجزة كبرى فشلت (إسرائيل)‬ ‫في الوصول اليها رغم مجازرها وحروبها ضد العرب‪...‬‬ ‫ولسنا في حاجة للعودة إلى تاريخ الواليات املتحدة ودورها الرهيب في‬ ‫إحلاق أكبر كارثة باألمة العربية‪ ،‬فيما بذلت من جهود ضخمة في نشوء‬ ‫(اسرائيل) ودعمها املتواصل‪...‬‬ ‫لقد أثبت عام ‪ 2008‬كما في األعوام السابقة‪ ،‬أن سياسة اميركا في الوصول‬ ‫الى السالم في منطقتنا العربية قد رست على حصيلة واحدة‪ ،‬مجامالت‬ ‫وقبالت لبعض “العرب” وطائرات وصواريخ إلسرائيل‪ ،‬وهذه حقائق صارخة‬ ‫تتحدث عن نفسها وما على عرب (االعتدال) إال أن يسمعوا ويعلموا بهديها‪.‬‬

‫سالح البترول انتزعته أميركا ودعمت اقتصادها به‬ ‫ومن األخطاء العربية الفادحة‪ ،‬الطريقة التي استخدم فيها سالح‬ ‫البترول العربي‪ ،‬فقد سار في دروب ملتوية‪ ،‬وانتهى به األمر دون أن يحقق‬ ‫أهدافه العربية‪ ،‬وانتزعته أميركا ودعمت به اقتصادها‪ ،‬وحقق لشركاتها‬ ‫أرباحا ً طائلة‪ ،‬وبعدما كانت مطالب العرب بوضع جدول زمني باالنسحاب‬ ‫اإلسرائيلي من األراضي العربية عشية حرب تشرين ‪ ،1973‬واملفارقة اليوم‬ ‫أن هناك تسابقا بني دول النفط العربية لدعم الواليات املتحدة في أزمتها‬ ‫املالية‪ ،‬وبدل أن يكون بترول العرب للعرب‪ ،‬أصبح بترول العرب لالميركيني‬ ‫والصهاينة‪ ،‬وفي الوقت الذي يحاصر الشعب الفلسطيني ويجوع ويقتل‬ ‫يوميا ً أمام سمع أصحاب املليارات من أمراء وملوك النفط وبصرهم‪...‬‬ ‫ومؤمترات في خدمة الصهاينة من جنيف إلى أوسلو وأنابوليس وما‬ ‫بعدها!؟‬

‫أسلحة أميركية دعما ً للكيان الصهيوني‬

‫وجميع هذه املؤمترات‪ ،‬ال تتفق إطالقا ً مع املبادئ األساسية للقضية‬ ‫العربية‪ ،‬وال مع املواقف الرسمية املعلنة بااللتزام بتحرير األرض العربية‬ ‫واستعادة احلقوق الفلسطينية وحترير القدس‪ ،‬وان قضية فلسطني هي‬ ‫قضية العرب جميعا ً وال يجوز ألي طرف عربي التنازل عن هذا االلتزام‪...‬‬ ‫وبدال ً من كل ذلك انهالت املبادرات العربية التي تدعو للصلح مع العدو‬ ‫الصهيوني وباتت هذه املبادرات باجلملة دون أي مقابل من العدو وحماته‬ ‫األميركيني‪...‬‬ ‫إن أفدح األخطاء‪ ،‬هو االستمرار في طريق اخلطأ بعدما وضحت كل‬ ‫منعطفاته ومزالقه‪ ،‬والقضية العربية اليوم تتهاوى الى قاع الكارثة‪ ،‬على‬ ‫أيدي حفنة من أولئك احلكام الذين نصبتهم واشنطن وأصبحوا دمية‬ ‫لديها‪ ،‬وباتت جداول أعمالهم مضيعة للوقت ليس إال‪ ،‬وما عليهم أو يكفي‬ ‫أن يكون جدول أعمالهم خطبة الرئيس األميركي بوش وتصريحاته‪ ،‬أو ما‬ ‫تشير اليه كوندوليزا رايس في توجيهاتها‪ ،‬فهي الدليل الواضح واملؤشر‬ ‫احملدد لعملهم وقراراتهم‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة هي السبب املباشر في الكارثة الكبرى املطروحة وحالة‬ ‫العجز لدى معظم النظام الرسمي العربي‪ ،‬بعدما وجهت الطعنات األولى‬ ‫الى القضية العربية‪.‬‬

‫أميركا ليست بالعدو الذي ال تقهر سياسته‬ ‫عرب النفط اليوم في أوج قوتهم االقتصادية في العالم‪ ،‬وأميركا واقعة‬ ‫في قاع متابعها االقتصادية وأزمتها املالية املتفاقمة تضخما ً وبطالة‬ ‫وفسادا ً وحروبا ً فاشلة وانهيارات متتالية‪ ،‬وأنتم يا عرب االعتدال متلكون‬ ‫الفرصة الذهبية لفرض إرادتكم اذا كان لديكم بقية منها‪ ،‬وبإمكانكم‬ ‫انتزاع أفضل احللول وأكرمها‪ ،‬والطريق واضحة أمامكم ولستم في حاجة‬ ‫الى من يدلكم عليها‪ ،‬هذا إذا بقي لديكم القدرة على التبصر والبصيرة‪...‬‬ ‫إن التردد في استخدام قدراتنا االقتصادية ال يبرره حرصنا على اقتصاد‬ ‫العالم ورفاهيته‪ ،‬فهذا يجب أال يفوق حرصنا على وطننا الذبيح‬ ‫الذي يراه العالم يحل به الدمار واحلصار الصهيوني دون أن يحرك‬ ‫ساكناً‪ ...‬مقتصرا ً على اإلدانات واإليضاحات وكفى‪ ،‬واألدهى من‬ ‫كل ذلك‪ ،‬ان بعض (العرب) يشارك في احلصار املفروض على‬ ‫الفلسطينيني بطريقة او بأخرى‪.‬‬ ‫األمة العربية‪ ،‬تطالب النظام الرسمي العربي‪ ،‬باتخاذ‬ ‫االجراءات الكفيلة بإصالح األخطاء القاتلة التي تنهش اجلسد‬ ‫العربي‪ ،‬وان وعي الذات هو البداية‪ ،‬والسؤال‪ :‬هل بقي لديكم‬ ‫من حكمة الرجوع عن اخلطأ‪ ،‬وشعوبكم تقول كفى ذال ً‬ ‫وخسراناً‪ ،‬فالتاريخ ال يرحم‪ ،‬وسيروي احلقائق بكل صدق‪ ،‬راهنتم‬ ‫على الواليات املتحدة‪ ،‬فانظروا الى أي خراب سيقودكم هذا‬ ‫الشيطان األكبر‪ ،‬وفي يوم ال ينفع فيه الندم‪.‬‬ ‫أما أنتم يا أبطال املقاومة في أمتنا‪ ،‬طوبى لكم‪ ،‬فأنتم شرف‬ ‫هذه األمة‪ ،‬وطريقكم هو طريق العزة والكرامة‪.‬‬

‫كسينجر باألمس‪ ،‬رايس اليوم (جوالت مكوكية والهدف واحد‪ :‬التطبيع‪ .‬ما أشبه األمس باليوم)‬

‫‪83‬‬

‫إعداد محمود صالح‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫ليس هناك أي أمل أو ظاهرة في المنطقة تعبر عن نهضة عربية أو إسالمية‬

‫أنيس النقاش لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫‪ 2009‬عام التراجعات الدولية ألوباما‬ ‫مع نهاية هذا العام اردنا في “منبر‬ ‫التوحيد” أن نلخص األحداث العربية‬ ‫والدولية وتداعياتها على الصعيد‬ ‫السياسي واالقتصادي‪ ،‬فكان اللقاء مع‬ ‫األستاذ أنيس النقاش‪ ،‬اخلبير في الشؤون‬ ‫السياسية الدولية‪ ،‬وأجرينا معه حوارا‬ ‫شامال وكامال حول كل املواضيع‪ ،‬مليئاً‬ ‫باملعلومات القيمة‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬

‫صمود سوريا‬ ‫ـ لنبدأ احلديث عن سوريا التي استطاعت‬ ‫فك العزلة التي حاولت أميركا وبعض حلفائها‬ ‫فرضها عليها‪.‬‬ ‫ما اتضح انه كان هناك تفاهم شبه دولي‬ ‫واقليمي حملاصرة سوريا من اجل سحب مواقفها‪،‬‬ ‫لكن سوريا صمدت في السنوات التي سبقت‬ ‫احتالل العراق‪ ،‬كما صمدت في وجه الهجمة التي‬ ‫شنت عليها بعد اغتيال رفيق احلريري واتهامها‬ ‫ظلما ً وزورا ً باملسؤولية عن عملية االغتيال‪.‬‬ ‫برز في العام املنصرم عام ‪ 2008‬تراجع ملف‬ ‫احملكمة الدولية باجتاه آخر‪ ،‬وظهور فشل اميركي‬ ‫ذريع في العراق‪ ،‬وتغيير كبير في السياسة‬ ‫الفرنسية اخلارجية ترجمت اقترابا ً اكبر من سوريا‪،‬‬ ‫فكانت النتيجة ان من أرادوا حصار سوريا وإحراجها‬ ‫واتهامها فشلوا‪.‬‬ ‫ـ ما هو السقف السوري اليوم؟‬ ‫من وجهة نظري‪ ،‬لتقييم القيادات في العالم‬ ‫تأخذ عدة اشياء بغض النظر عن مصاحلها‪ ،‬اوال ً‬ ‫معرفة مصاحلها وكيفية إدارتها‪ ،‬وكيفية تقييم‬ ‫االوضاع االستراتيجية‪ ،‬السقف السوري اليوم‬ ‫مريح جدا ً من حيث القدرة على احلركة‪ ،‬وعلى‬ ‫سوريا التركيز على خياراتها التي أثبتت انها‬ ‫سليمة‪ .‬فسوريا عرفت مصاحلها وعرفت كيف‬ ‫تق ّيم النظام االستراتيجي وقدراتها على املقاومة‬ ‫والصمود‪ ،‬فيما هناك قوى عظمى كالواليات‬ ‫املتحدة كانت تعرف أين مصاحلها‪ ،‬ولكن لم تعرف‬ ‫كيف تنفذها وفشلت في برامجها في املنطقة‪،‬‬ ‫وقوى اخرى التحقت بالواليات املتحدة ومشاريعها‪،‬‬ ‫ظنت ان هذه مصلحتها فكانت مخطئة في‬ ‫حتديدها‪ .‬وهذه القوى أخطأت في عدة أماكن‪ ،‬اوال ً‬ ‫لم تدرك أنها كقوى محلية يجب أن تكون دائما ً مع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قضاياها العربية واالقليمية‪ ،‬فالتحقت باملشروع‬ ‫الغربي وارتكبت أول خطأ ثم ق ّيمت تقييما خاطئا‬ ‫وهو ان القوى الغربية قادرة وتستطيع أن تفرض‬ ‫إرادتها وان سوريا ومحور املقاومة ال يستطيعان‬ ‫ان يفرضا ارادتهما‪ ،‬فأخطأت ايضا ً في التحليل‪،‬‬ ‫وبالتالي هم أخطاوا مرتني‪ .‬واليوم هم في ندم اذ‬ ‫أخذوا أحزابهم وطوائفهم الى مكان خاطئ بعدما‬ ‫قيموا مصاحلهم وموازين القوى بشكل خاطئ‬ ‫على املستوى احمللي‪ ،‬الدولي أو االقليمي‪.‬‬ ‫ـ بعدما فشلت قوى كبرى بتقييم مصاحلها‪،‬‬ ‫من يتزعم العالم اليوم؟ ايران؟‬ ‫على صعيد العالم‪ ،‬ال‪ .‬اليوم ال نستطيع ان‬ ‫ننسى ان روسيا تتزعم للتصدي لتمدد االطلسي‬ ‫ليس بالكالم السياسي بل باحلرب‪ ،‬وتوجت هذا‬ ‫باحلرب على جورجيا‪ .‬كما ان املعلومات تقول ان نادي‬ ‫شنغهاي اذا صح التعبير الذي يضم روسيا‪ ،‬الصني‬ ‫ودوال اخرى متضايقة جدا ً من وجود االطلسي في‬ ‫افغانستان وحتاربه‪ ،‬ليس فقط طالبان هي التي‬ ‫حتارب الواليات املتحدة في افغانستان‪ .‬اذا ً هناك‬ ‫قوى تتصدى عامليا ً واقليميا ً في منطقة اخلليج‬ ‫ومنطقتنا‪.‬‬

‫بداية حركة تصاعدية‬ ‫ـ وماذا عن ايران وسوريا في املنطقة؟‬ ‫ال شك بأن ايران مبركزية الصراع الفلسطيني‬ ‫والصهيوني قد وضعت برنامجا طموحا جدا ً‬ ‫يناسب حركة الشعوب في املنطقة‪ ،‬وهذا‬

‫‪84‬‬

‫جديد بعد الثورة االسالمية عام ‪ .1979‬أما سوريا‬ ‫فموقفها سابق للـ‪1979‬ودائم في هذه املنطقة‬ ‫واستمر‪ ،‬فالتقى الطرفان على متابعة هذا الطريق‪،‬‬ ‫فتشكل هذا احملور الذي يجب أال يخرج لبنان منه‬ ‫كونه محور صمود وممانعة للهجمة االميركية‪.‬‬ ‫واليوم لم يعد فقط ممانعة‪ ،‬اليوم بهزمية الواليات‬ ‫املتحدة وباحلذاء الذي ناله جورج بوش على رأسه‪،‬‬ ‫نستطيع أن نقول إن مرحلة جديدة قد بدأت‪ ،‬أنا‬ ‫أقول صدفة قد يكون جاء احلذاء مع مهرجان حماس‬ ‫في غزة‪ ،‬ولكن هذا التاريخ ‪ 14‬كانون األول ميكن ان‬ ‫يؤرخ بكل وضوح الى ما يسمى الهجوم املضاد على‬ ‫املشاريع االميركية وحلفائها في املنطقة‪.‬‬ ‫ـ على ماذا تبني في هذا الشأن؟‬ ‫إيران أخذت موقفا علنيا ضد حصار غزة وضد‬ ‫الدول العربية املشاركة في حصار غزة‪ .‬حزب اهلل‬ ‫واالحزاب والقوى اجلهادية القومية واالسالمية‪،‬‬ ‫أخذت موقفا علنيا بدأ حتركه في ‪ 19‬كاون األول في‬ ‫هذا االجتاه‪ ،‬حماس واملقاومة الفلسطينية أنهت‬ ‫الهدنة واستعداداتها في غزة قوية جدا ً والعدو‬ ‫يعرف هذا‪ .‬في العراق العدو يعرف أن ‪ 2009‬ليست‬ ‫أفضل سنة لديه رغم توقيع االتفاقية االمنية‪.‬‬ ‫وتوقعاتي أنها ستكون سنة دامية على االحتالل‪،‬‬ ‫وبالتالي هذا التاريخ الذي بدأ منه الرد على حصار‬ ‫غزة والرد على الوجود االميركي هو تاريخ بدأ‬ ‫هجوما معاكسا‪ ،‬وليس هجوم ممانعة‪ .‬عندما يقول‬ ‫السيد ان ‪ 19‬الشهر هو بداية حركة تصاعدية تبدأ‬ ‫وال تنتهي بـ‪ ،19‬اي انها بداية شيء‪ .‬الدعوة التي‬ ‫دعا اليها السيد حسن نصر اهلل ليست للتظاهر‬ ‫وجه دعوة للحركات‬ ‫أو العمل الشعبي واحلزبي‪ ،‬بل ّ‬ ‫اجلهادية أيضا ً لكي تلتقي وترد على هذا املوقف‪.‬‬ ‫وبالتالي هناك جبهة جديدة ستخرج وتواجه‬ ‫األحداث‪.‬‬

‫لون أوباما مصيبة‬ ‫ـ أين الرئيس االميركي اجلديد من كل هذه‬ ‫التطورات؟‬ ‫قبل وصول أوباما الى البيت االبيض هناك‬ ‫مسيرة له في احلملة االنتخابية الفتة للنظر‪ ،‬اذ‬ ‫بدأ حملته وهو يركز على العراق‪ ،‬وهذا كان البند‬ ‫ميض ‪ 4‬او ‪ 5‬اشهر‬ ‫االول في الرأي العام االميركي‪ .‬لم ِ‬ ‫على هذه احلملة‪ ،‬حتى ظهرت االزمة االقتصادية‬ ‫في أميركا وانفجرت فأصبحت هي البند االول‪.‬‬ ‫فاضطر أن يحدد موقفه من األزمة االقتصادية‪،‬‬


‫خاصة أن اجلمهوريني مسؤولون عنها‪ ،‬فأعطى أمال‬ ‫بإمكانية اصالح الوضع‪ ،‬لكن خطابه انتقل من‬ ‫اهمية املسألة اخلارجية كأهمية قصوى كالعراق‪،‬‬ ‫الى االزمة االقتصادية‪ ،‬مبعنى ان تغ ّير الترتيب في‬ ‫مشكل اميركا الكبرى‪ ،‬فاضطر أن يغ ّير خطابه‬ ‫في االنتخابات فوعد بأنه سيعمل على تأمني‬ ‫مليونني ونصف مليون فرصة عمل‪ ،‬ولكن ما ان‬ ‫جف حبر خطابه حتى بدأت تنهار مؤسسة صناعة‬ ‫السيارات‪ ،‬دافع ًة الى الشارع بـ‪ 5‬ماليني عاطل عن‬ ‫العمل‪ ،‬وبالتالي أصبح ايضا ً كالمه هبا ًء‪ .‬مشكلة‬ ‫أوباما اكبر مما خطط له وتوقعه‪ .‬وبالتالي املسألة‬ ‫لم تعد وفقا ً ملا يريده ‪ ،‬فهو كأحد الرياضيني‬ ‫املدعوين واملتحمسني الى خوض سباق جري ولكن‬ ‫قبل االنطالق يتفاجأ بأنه ال ميلك حذا ًء‪ .‬ماذا سيفعل‬ ‫أوباما اذا لم يكن هناك مال‪ ،‬االقتصاد ينهار واجليش‬ ‫منتشر ‪...‬‬ ‫ـ إذاً ماذا سيفعل أوباما؟‬ ‫في السنة االولى أوباما سيفشل في السياسة‬ ‫الدولية ألنه ال ميلك امكانات‪ ،‬وسيؤخذ عليه انه‬ ‫الرئيس االميركي الذي تراجع امام روسيا وتراجع في‬ ‫العراق هو أعلن انه سينسحب‪ ،‬وحتما ً سيتراجع‬ ‫في افغانستان بعدما وعد بإرسال قوات الى‬ ‫هناك‪ .‬اليوم يدخل اوباما الى البيت االبيض ليدعم‬ ‫افغانستان‪ ،‬لكن قائد قوات االطلسي هناك بدأ‬ ‫يفاوض الدول اجملاورة للبحث عن بدائل لوجستية‬ ‫في باكستان‪ ،‬أي ان خط االمداد اللوجستي‬ ‫للقوات في باكستان احترق‪ ،‬أحرقوا أكثر من ‪150‬‬ ‫مليون ناقلة تنقل يوميا ً طعاما ومعدات وأشياء‬ ‫لوجستية‪ ،‬اذا ً فالوضع مربك‪ ،‬اضافة الى الهجوم‬ ‫على الوجود الفرنسي في قلب باريس‪ ،‬فاملتفجرات‬ ‫التي عثر عليها‪ ،‬رسالة واضحة حتذرهم من انهم‬ ‫اذا لم ينسحبوا خالل شهرين من أفغانستان‪،‬‬ ‫فاملعركة ستنتقل الى فرنسا‪ ،‬هذا الفرنسي ال‬ ‫يستطيع ان يحملها‪ ،‬خاصة أنه ليس لديه اي‬ ‫وضع استراتيجي في افغانستان‪ ،‬فهو يذهب الى‬ ‫افغانستان ملنع االرهاب‪ ،‬فأصبح وجوده فيها ينقل‬ ‫االرهاب الى باريس وبالتالي سيكون االميركي وحده‬ ‫في افغانستان‪ ،‬فاحللفاء ينسحبون من حوله‪ ،‬مما‬ ‫يؤكد ان اوباما في ورطة في افغانستان‪ .‬عام ‪2009‬‬ ‫هو عام التراجعات الدولية ألوباما في كل احملافل‪،‬‬ ‫أما في االقتصاد فهو عام املفاجآت االقتصادية‪،‬‬ ‫اليوم في الواليات املتحدة ال يستطيع أحد ان يتوقع‬ ‫ما هي حدود االزمة االقتصادية ان كان في االرقام‬ ‫املالية او في عدد العاطلني عن العمل واالنهيارات‪.‬‬ ‫علينا االنتظار لنرى حجم االنهيارات‪ .‬وبالتالي أوباما‬ ‫سيدير أزمة خارجية وداخلية وهو أتعس وأسوأ‬ ‫رئيس جمهورية سيكون في البيت االبيض‪ ،‬ليس‬ ‫الن نواياه سيئة ولكن ألنه جاء إلى واقع مفلس‪.‬‬ ‫ـ لون أوباما وشخصه لن يساعداه على تخطي‬ ‫هذا؟‬ ‫ال بل هذه مصيبة اكبر‪ ،‬لو كان رئيسا ابيض‬ ‫وعاديا وتقليديا لكانوا سيقولون ان املسألة‬ ‫يتحمل‪ ،‬ولكن ألنه أسود ومن‬ ‫ستتجاوزه واملوضوع‬ ‫ّ‬ ‫أقلية فحتما ً البيض سيقولون “انتخبنا رجال أسود‬

‫فشل في ادارة البالد”‪،‬‬ ‫وهذه تؤدي الى انشقاقات عرقية‪ ،‬فالسود لن‬ ‫يقبلوا القول ان االزمة هي بسبب االسود الذي جاء‬ ‫الى البيت االبيض بل االزمة هي بسبب من سبقه‪،‬‬ ‫خاصة انه ال يتحمل أي مسؤولية في األزمة‪ ،‬فأوباما‬ ‫جاء الى دولة مفلسة وليس هو من أفلسها‪ ،‬وجاء‬ ‫الى جيش متورط في حروب وليس هو من أرسله‪،‬‬ ‫“حرام ان يتحمل كل هذا الشيء‪ ،‬لكن هذا هو‬ ‫الواقع”‪.‬‬ ‫ـ أي سينقلب االميركيون على أوباما اذا لم‬ ‫يستطع التحرك؟‬ ‫من دون شك سيحملونه شخصيا ً املسؤولية‪،‬‬ ‫جورج بوش سامحوه كثيرا ً على أخطائه ألنه ابن‬ ‫عائلة بوش وليس من السهل ضربه لكن أوباما‬ ‫هش بالرغم من نيله أصواتا كثيرة‪ ،‬فلديه نقاط‬ ‫ضعف سيأخذونها عليه‪.‬‬ ‫ـ أرى أنك ال تعلق الكثير على شخص أوباما‬ ‫وقدرته على التغيير؟!‬ ‫الواليات املتحدة في العالم انتكست وبالتالي إذا‬ ‫استطاع أوباما احلفاظ على وحدة الواليات املتحدة‬ ‫االميركية يكون قد قام بانتصار لتاريخ الشعب‬ ‫االميركي‪ ،‬فأنا أتوقع ان وحدة الواليات املتحدة‬ ‫مهددة اليوم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أنا شخصيا قبل االنتخابات وقبل جناح اوباما‬ ‫ُسئلت من هو أفضل اوباما أم ماكني؟ فأجبت ان‬ ‫من يأتي الى البيت االبيض لديه مشكلة أساسية‬ ‫تتعدى نواياه وبرامجه وهو اإلفالس االقتصادي في‬ ‫اميركا‪ ،‬ما سيجبره على التراجع وعدم التقدم‪.‬‬ ‫ـ ما هي الصورة التي ستقوم في العالم بعد‬ ‫هذه االنتكاسة؟‬ ‫العالم سيشهد تراجعا ً للدورالعسكري‪ ،‬أنا‬ ‫دائما ً آخذ مثل على هذا بريطانيا التي خرجت‬ ‫منتصرة عسكريا ً في احلرب العاملية االولى‪ ،‬لكن‬ ‫عندما اجتمعت احلكومة البريطانية وجدت اخلزانة‬ ‫فارغة‪ ،‬كانوا منتصرين ولكن أنفقوا كل اموالهم‬ ‫في امليدان‪ ،‬كان عندهم مليون و‪ 300‬الف جندي من‬ ‫أفغانستان الى طبرق‪ ،‬فسحبوا مليون جندي ليعودوا‬ ‫الى بريطانيا للمساعدة في احلركة االقتصادية‬

‫‪85‬‬

‫وخفض مصاريفهم وتركوا ‪ 300‬الف جندي لم‬ ‫يستطيعوا السيطرة على املنطقة‪ ،‬ولذلك سجل‬ ‫التاريخ تراجع بريطانيا في املستعمرات مع تراجع‬ ‫سيطرتها االقتصادية على العالم رغم انتصارها‬ ‫العسكري في احلرب العاملية‪ ،‬بعد ‪ 20‬او ‪ 30‬سنة‬ ‫نشأت حرب عاملية ثانية م ّولتها الواليات املتحدة‬ ‫وربحت‪ ،‬فكانت الوريث للمستعمرات البرطانية‬ ‫في العالم‪ ،‬وهذه صورة ستتكرر اليوم مع الواليات‬ ‫املتحدة االميركية‪ ،‬سيجتمع البنتاغون ليشدد‬ ‫على ضرورة خفض ميزانية الدفاع في ظل االزمة‬ ‫االقتصادية التي تبلغ ‪ 450‬مليار دوالر عبر خفض‬ ‫االنتشار العسكري في العالم ووضع برامج‬ ‫التسلح جانبا ً لبعض الوقت‪.‬‬

‫الصني وريث الواليات املتحدة‬ ‫ـ من سيكون وريث الواليات املتحدة؟‬ ‫مؤمنة اقتصاديا ً‬ ‫ليس هناك شك بأن الصني‬ ‫ّ‬ ‫بأرقام ومعلومات‪ ،‬وهي منذ عشر سنوات تبني‬ ‫اسطوال بحريا ضخما جداً‪ ،‬تشتكي الواليات‬ ‫املتحدة من انها ال متلك معلومات كاملة عن عدده‬ ‫وحجمه‪ ،‬واالسطول البحري عادة يبنى حلماية‬ ‫مصالح الدول عبر حماية خطوط االنتقال في‬ ‫البحر‪ ،‬والصني تدرك ذلك‪ .‬لذلك حتضر قوة بحرية‬ ‫قد تخرجها فجأة الى احمليطات حلماية مصاحلها في‬ ‫افريقيا واميركا الالتينية الى عمان واحمليط الهندي‬ ‫واحمليط الهادئ ويبدأ التراجع االميركي‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن روسيا وعودة الدب الروسي الى‬ ‫املنطقة؟‬ ‫اوال ً روسيا جمعت قوات كقوة قومية تريد ان‬ ‫حتافظ على وحدتها‪ ،‬استطاعت ان توقف متدد‬ ‫االطلسي الى حدودها‪ ،‬وتوقف هذا التمدد سيرتد‬ ‫سلبيا ً على االطلسي‪ ،‬هذه الدول الواقعة بني روسيا‬ ‫واالطلسي ال تستطيع ان تكون كلها كسويسرا‪،‬‬ ‫اي تقول “ليس لي عالقة‪ ،‬عليها ان تكون إما مع‬ ‫روسيا وإما مع االطلسي”‪ .‬لذلك تأخذ شهرا ً أو‬ ‫سنة او سنني لتجري انتخابات في هذه الدول تأتي‬ ‫بقوى سياسية اقرب الى روسيا‪ .‬والنقطة الثانية‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫هي نصب الصواريخ في بولندا‪ ،‬اذا لم تنصب‬ ‫الصواريخ‪ ،‬فسيخسر االطلسي اول دور له بعد‬ ‫سقوط حائط برلني وهو التوسع في اوروبا حملاصرة‬ ‫روسيا‪ ،‬هذه كمهمة اولى‪.‬‬ ‫وفي افغانستان‪ ،‬تخرجه من املهمة الثانية‪ ،‬اي‬ ‫شرطي العالم‪ .‬فأول مهمة اخذها على نفسه‬ ‫كشرطي العالم‪ ،‬كانت في افغانستان‪ .‬اذا ضرب‬ ‫في افغانستان يعني ذلك انه فشل في لعب هذا‬ ‫الدور‪.‬‬ ‫لذلك هناك كالم عن اعادة بناء القوة االوروبية‬ ‫الذاتية‪ ،‬ساركوزي يقول ان اورويا ال تستطيع ان‬ ‫تنتظر ليكون لها قوة خاصة بها‪ ،‬اي انه يفكر بأن‬ ‫يقيم قوة حتمي أمن أوروبا‪ ،‬بعد اقتناعه بأن اوروبا‬ ‫لن تستطيع ان تدخل في مشاريع الواليات املتحدة‬ ‫وهي نفسها لن تستطيع ان تكملها‪.‬‬ ‫ـ ماذا سيكون دورها حينئ ٍذ؟‬ ‫روسيا ال تستطيع ان تشكل قطبا مستقبليا‬ ‫كالصني‪ .‬اليوم الدميوغرافيا في روسيا سلبية‬ ‫ومساحة جغرافية كبرى حتتاج الى امن من نوع‬ ‫خاص‪ ،‬املساحات ليست معبأة‪ ،‬شبه قارة و‪100‬‬ ‫مليون على تراجع‪ ،‬اي ان روسيا تعاني من أزمة‪،‬‬ ‫في حني ان الصني قادرة مع مليار و‪ 300‬مليون‬ ‫على ازدياد مع قوة اقتصادية صاعدة حتى في ظل‬ ‫األزمة احلادة حالياً‪ ،‬فنمو الناجت القومي في الصني‬ ‫هو ‪ .%7‬وهذا بعرف االقتصاد عال جدا‪ ،‬وهم عندما‬ ‫وصلوا الى نسبة ‪ %12‬كانوا متضايقني ومتخوفني‬ ‫من التضخم‪ ،‬وبالتالي كانوا يقولون ان االقتصاد‬ ‫“حامي” يجب أن نخفف منه‪ ،‬واليوم هم في الـ‪%7‬‬ ‫مرتاحون‪ .‬ويبدو ان الضارة نفعت هنا‪ ،‬اذ سيضطرون‬ ‫للدخول الى الصني الداخلية التي ما زالت فقيرة‬ ‫وتعتمد على الزراعة‪ ،‬اي انهم سيستثمرون داخل‬ ‫الصني لتنميتها ويعوضون عن فقدان االسواق‬ ‫اخلارجية بسبب الركود االقتصادي العاملي‪ ،‬عبر‬ ‫استيعاب سوقهم الداخلية للمنتجات الصينية‬ ‫كما الهند‪.‬‬ ‫ـ الهند تعتبر من القوى الصاعدة في العالم‬ ‫ايضاً؟‬ ‫نعم‪ ،‬خاصة أن ‪ %90‬من اقتصادها داخلي‪،‬‬ ‫فالكثير من االنتاج الهندي يبقى في الهند نظرا ً‬ ‫للكثافة السكانية‪ ،‬لذلك ليسوا متأثرين كثيرا ً‬ ‫باالزمة‪ ،‬كما ان هذا يؤمن ‪ %3‬او ‪ %4‬باستمرار‪ ،‬لذلك‬ ‫ستكون ايضا ً قوة سياسية في العالم‪.‬‬ ‫لكن الهند بثقافتها وطبيعتها لديها مشاكلها‬ ‫الداخلية وتنوعها الداخلي وكأنها تدير كرة ارضية‬ ‫بتعدد االديان واملذاهب واملساحات‪ .‬كما ان عدد‬ ‫سكانها اليوم مليار و‪ 200‬مليون ولكن ليس لديها‬ ‫انتشار عاملي كما الصني‪ .‬ليس هناك ما يسمى‬ ‫شركات هندية عمالقة او استثمارات هندية في‬ ‫العالم‪ ،‬بينما الصني تقريبا ً اشترت نصف افريقيا‪،‬‬ ‫وفي اميركا الالتينية استثمرت ‪ 100‬مليار وتفاوض‬ ‫كندا على نفطها‪.‬‬ ‫ـ هناك ايضاً في اميركا الالتينية حكم مميز‪،‬‬ ‫كأوغو شافيز ‪...‬‬ ‫الالفت للنظر ليس فقط تشافيز‪ ،‬بل هناك اكثر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫من دولة أتى رئيس فيها من اصل هندي ليحكم‪،‬‬ ‫وبالتالي هناك عودة ملن كانوا يسمونهم املهمشني‪،‬‬ ‫وبالتالي هوية اميركا الالتينية تعود الى حقيقتها‬ ‫(سكانها االصليني) إضافة الى سكانها العاديني‪،‬‬ ‫وكان من حظهم ان أسعارالنفط قد ارتفعت‪ .‬اهم‬ ‫ما ميلك شافيز هو نظرته القارية‪ ،‬أنبوب غاز ونفط‪،‬‬ ‫إضافة الى تلفزيون قاري يستفيد منه اجلميع‪.‬‬ ‫برأيي اميركا الالتينية نفذت‪ ،‬فالواليات املتحدة‬ ‫مع ضعفها لم يعد ميكنها السيطرة عليها‪،‬‬ ‫زمن االنقالبات وتنصيب هذا او ذاك ولى‪ ،‬وبالتالي‬ ‫اليوم مهمتهم ان يبنوا‪ ،‬هناك قوى صاعدة قوية‬ ‫كالبرازيل‪ ،‬املكسيك‪ ،‬االرجنتني التي مرت بظروف‬ ‫اقتصادية صعبة‪ ،‬حتتاج الى سنتني او ثالث ليعود‬ ‫الوضع الى طبيعته‪ ،‬هناك مستقبل‪.‬‬ ‫ال شك بأن هناك عودة ملا يسمى االشتراكية‬ ‫والنظام األكثر اجتماعية ودور الدولة في االقتصاد‪،‬‬ ‫اليوم اصبح هناك ثوابت وهي ان النمو االقتصادي‬ ‫ليس مربوطا بني قوسني بالدميوقراطية‪ ،‬ألن‬ ‫الدميوقراطيات التي ضحكت علينا مثل فرنسا‪،‬‬ ‫اميركا وبريطانيا‪ ،‬هي دميوقراطيات داخلية‬ ‫ومستعمارات خارجية‪ ،‬فقوتهم جاءت من الهيمنة‬ ‫في العالم‪ ،‬كل عظمة بريطانيا ألنها بنت اسطوال‬ ‫واحتلت العالم وجاءت بثروات واصبحت اآلن املركز‬ ‫املالي‪.‬‬ ‫ـ أميركا عملت دائماً ضد العرب‪ ،‬ملصلحة من‬ ‫سيكون تقدم الصني في العالم؟‬ ‫ملصلحة الصينيني‪.‬‬ ‫ـ فقط‪ ،‬ألن تدعم العرب‪ ،‬هناك كثيرون يعلقون‬ ‫اآلمال؟‬ ‫ليس هناك من احد يقدم هدية من دون شيء‪،‬‬ ‫وليس هناك من احد يحن على العرب من دون ثمن‪،‬‬ ‫اليوم الصني صديقنا ألن هناك صراعا مع اميركا‬ ‫ولكن عندما تصبح هي القطب االول ستنظرالى‬ ‫النفط العربي كما كان االميركي ينظر اليه‪،‬‬ ‫وتطلبه‪ .‬واذا لم نكن موحدين واقتصادنا قويا ً‬ ‫سيستضعفوننا مرتني اكثر من االميركيني‪ ،‬اذا جاز‬ ‫التعبير‪.‬‬ ‫ـ هل هناك بصيص امل يشير الى توحد الدول‬ ‫العربية او الى شيء من هذا القبيل؟‬ ‫حتى اآلن ليس هناك أي أمل أو ظاهرة في‬ ‫املنطقة تعبر عن نهضة عربية أو إسالمية‬ ‫باستثناء ايران التي متلك مشروعا‪ ،‬لكنها تعاني‬ ‫من مشاكل قومية ومذهبية‪ ،‬فهي حتى اآلن ليس‬

‫‪86‬‬

‫لديها خطاب اسالمي عام فكيف ستقوم مبشروع‬ ‫إسالمي عام‪ ،‬وبالتالي ال تزال تتقدم بالصراع بقوة‬ ‫ولكن مشروعها السياسي ال يستطيع ان يستمر‪،‬‬ ‫فلديها أزمة ويجب أن ترتب أمورها‪.‬‬

‫حرب نفسية على اإليرانيني‬ ‫ـ كيف هو الوضع الداخلي في ايران‪ ،‬اقتصادياً‬ ‫وشعبياً‪ ،‬يتكلم البعض عن أزمة؟‬ ‫كأي شعب في العالم‪ ،‬الشعب االيراني متضايق‬ ‫من الغالء‪ ،‬لكن القدرة الشرائية متوافرة‪ ،‬فبالرغم‬ ‫من كل هذا االرتفاع الناس ال تزال تنفق‪ .‬هناك‬ ‫اسعار تضخمية كبيرة في ايران وهناك شراء قوي‪.‬‬ ‫فإيران ليس لديها مصاريف خارجية كثيرة‪ ،‬ولكن‬ ‫لديها مصاريف تنمية‪ ،‬والتنمية االقتصادية عندما‬ ‫تكون مدروسة تكلف اكثر من ان تقوم بشن حرب‬ ‫صغيرة‪ ،‬وهذا نوع من احلرب النفسية على الشعب‬ ‫االيراني‪ ،‬للقول له انه اذا كان هناك فقر أو غالء‬ ‫عندك فذلك بسبب دعم ايران لقضايا معينة‪.‬‬ ‫ـ ولكن يحكى عن مصروف خارجي جد ضخم‬ ‫نتيجة الدور التي تلعبه اقليمياً؟‬ ‫هذا كالم‪ ،‬مصروفها اخلارجي ضعيف‪ ،‬وهناك‬ ‫تضخيم له‪ .‬السياسة الدفاعية الكالسيكية‬ ‫ترتكز على طائرات حديثة وعلى بحرية حديثة‬ ‫تكلف مليارات الدوالرات للوصول اليها‪ ،‬في حني ان‬ ‫حرب العصابات هي ارخص حرب في العالم واعلى‬ ‫نتيجة في العالم‪ .‬االميركيون في العراق يدفعون‬ ‫‪ 7‬مليارات دوالر ليبقوا هناك أما ما تنفقه املقاومة‬ ‫فال يتعدى الـ‪ 7‬ماليني دوالر‪ .‬اثناء احلرب على لبنان‬ ‫رُميت اطنان من املتفجرات على لبنان مبا يفوق كل‬ ‫حروبهم مع العرب‪ ،‬لكنهم لم يصلوا الى نتيجة‪،‬‬ ‫بالرغم من ان كل الصواريخ التي رمتها املقاومة‬ ‫كانت بأسماء وأبعاد جديدة لكن تكنولوجيتها من‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫علما ً بأنني عندما أنتصر خارج ايران‪ ،‬أوفر حرب‬ ‫على االيرانيني عبر إرباك املشروع‪ ،‬فعندما ينهزم‬ ‫االميركيون في العراق بسبب قنابل في الشوارع ال‬ ‫تكلف شيئا أو ّفر حربا في املنطقة وأك ّبد االميركي‬ ‫مئات املليارات وهي تشكل بالنسبة لهم كارثة ال‬ ‫يستطيعون حلها‪.‬‬

‫حوار‪ :‬رونالد حمدان‬ ‫وعد ابو ذياب‬


‫منبر دولي‬

‫روسيا تعود‬ ‫إلى أميـركا‬ ‫الالتيـنية‬ ‫تشافيز عبر الهاتف يعلن التحالف الروسي ‪ -‬األميركي الالتيني‬

‫قال الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف إن‬ ‫روسيا قد عادت الى أميركا الالتينية‪ ،‬معلقا ً‬ ‫بهذه العبارة على نتائج جولته في املنطقة التي‬ ‫استغرقت ‪ 7‬أيام‪ ،‬وزار قائد الدولة الروسية خاللها‬ ‫كالً من البيرو والبرازيل وفنزويال وكوبا‪.‬‬ ‫وأشار ميدفيديف في معرض كلمته الى‬ ‫أن التعاون الروسي مع أقطار أميركا الالتينية‬ ‫يشمل مجاالت مختلفة‪ ،‬مبا فيها العمل‬ ‫اإلنساني واالقتصاد والطاقة والوقود‪ ،‬وأضاف أن‬ ‫هذا التعاون ليس موجها ً ضد دول أخرى كما انه‬ ‫ال يضر األمن الدولي إطالقاً‪.‬‬ ‫ثم استطرد ميدفيديف يقول إنه قد زار في‬ ‫أميركا الالتينية دوال ً لم يقم قادة روسيا وقادة‬ ‫االحتاد السوفياتي بزيارتها سابقاً‪ .‬وميكن احلديث‬ ‫عن بدء روسيا في تنمية التعاون السياسي‬ ‫واالقتصادي مع تلك البلدان االميركية الالتينية‬

‫بقدر كامل وعلى أساس املنفعة املتبادلة‪ ،‬وتنوي‬ ‫روسيا ان تعمل بحزم ونشاط في هذا االجتاه‪ ،‬كما‬ ‫انها ال تخشى اية منافسة من جانب دول اخرى‪.‬‬ ‫وأوضح الرئيس الروسي أن العالم احلديث‬ ‫يشهد ازدياد املنافسة على الصعيد الدولي‪،‬‬ ‫ويجب عدم جتاهل وجود دول لديها مصالح خاصة‬ ‫بها في املنطقة‪ ،‬كما انها تضع خططا ً تنموية‬ ‫اخرى بالنسبة لها‪ .‬في ظل هذه الظروف يتوجب‬ ‫على روسيا أن تثبت بنفسها أنها متقدمة‬ ‫على اآلخرين في كثير من مشروعات التنمية‬ ‫املقترحة‪ ،‬وتبدو أميركا الالتينية ذات جاذبية في‬ ‫نظر املستثمرين من حيث آفاق التعاون الدولي‪،‬‬ ‫وأظهرت نتائج جولة ميدفيديف أن روسيا‬ ‫متأهبة ومتحمسة للمشاركة في مثل هذا‬ ‫التعاون الدولي سعيا ً الى توسيع أبعاد وجودها‬ ‫ونفوذها في أميركا الالتينية‪ .‬ويشار الى أن روسيا‬

‫األسطول الروسي‬

‫‪87‬‬

‫ال تخشى منافسات من دول مثل الواليات املتحدة‬ ‫والصني‪ ،‬وفي الوقت نفسه ال تتردد موسكو‬ ‫بالدخول في تعاون مع بيكني ذاتها‪ ،‬ال سيما ان‬ ‫هناك مشاريع مشتركة بني اجلانبني الروسي‬ ‫والصيني‪.‬‬

‫سفن روسيا في مياه البحر‬ ‫الكاريبي‬ ‫دخلت مجموعة من السفن احلربية الروسية‬ ‫املياه االقليمية الفنزويلية منذ نهاية احلرب الباردة‪.‬‬ ‫وذكر موقع قناة العالم أن األسطول الروسي‬ ‫يتضمن الطراد “بطرس األكبر” الذي يعمل بالدفع‬ ‫النووي‪ ،‬واملدمرة “األميرال شيباننكو” وسفينتي‬ ‫مواكبة وخمس طائرات حربية‪.‬‬ ‫ووصلت السفن احلربية الروسية الى ميناء‬ ‫الغويرا بوالية فارغاس‪ ،‬على بعد ‪ 30‬كلم شمالي‬ ‫كراكاس‪ .‬ويتزامن قدوم األسطول الروسي مع‬ ‫أول زيارة للرئيس الروسي لفنزويال‪ ،‬وصرحت‬ ‫السلطات الفنزويلية بأن وصول السفن احلربية‬ ‫سيدعم روابط التعاون الثنائي‪.‬‬ ‫وأثنى الرئيس الروسي على العالقات املزدهرة‬ ‫بني بالده وفنزويال بعدما و ّقع مسؤولو البلدين‬ ‫على سبعة بروتوكوالت تشمل شتى أوجه‬ ‫التعاون يضمنها اتفاق لتطوير الطاقة النووية‬ ‫لألغراض السلمية‪.‬‬ ‫يذكر ان البلدين يتعاونان تعاونا ً وثيقا ً في‬ ‫مجاالت الطاقة‪ ،‬حيث تضطلع شركات الطاقة‬ ‫احلكومية فيها بعدة مشاريع مشتركة‪.‬‬ ‫وصعد ميدفيديف على ظهر املدمرة الروسية‬ ‫يرافقه تشافيز الذي أشاد بصداقة متنامية مع‬ ‫موسكو تتضمن تعاونا ً نوويا ً كعالمة على تراجع‬ ‫نفوذ الواليات املتحدة في املنطقة‪.‬‬ ‫واجتمع الرئيس الروسي مع مجموعة من‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر دولي‬ ‫حلفاء الرئيس اوغو تشافيز من بينهم دانييل‬ ‫اورتيغا رئيس نيكاراغوا وايفو موراليس رئيس‬ ‫بوليفيا ورافاييل كوريا رئيس االكوادور‪.‬‬ ‫وكان الرئيس الروسي قد زار البرازيل قبل‬ ‫وصوله الى فنزويال‪ ،‬حيث أجرى محادثات مع‬ ‫الرئيس لوال دا سيلفا تناولت تطوير العالقات‬ ‫التجارية والتعاون التقني بني البلدين‪ ،‬وقد عبرا‬ ‫في احملادثات عن اتفاقهما على أن تعقد دول‬ ‫(بريك) الصاعدة وهي (روسيا‪ ،‬الصني‪ ،‬البرازيل‪،‬‬ ‫الهند) قمة في روسيا العام املقبل‪.‬‬ ‫وقال الرئيس الروسي للصحافيني في البرازيل‪:‬‬ ‫“لقد أ ّثرت األزمة املالية سلبا ً على الوضع‬ ‫االقتصادي في العالم‪ ،‬التي لم يكن لنا دور في‬ ‫التسبب بها‪ ،‬لذا نحن مجبرون على الرد”‪ .‬ومضى‬ ‫الرئيس ميدفيديف يقول‪“ :‬اتفقت مع الرئيس‬ ‫لوال على تنسيق جهودنا مع البرازيل في سبيل‬ ‫محاربة األزمة وتأسيس هيكل نقدي عاملي‬ ‫جديد”‪.‬‬

‫ميدفيديف في اجلزيرة الصامدة‬ ‫واصل الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف‬ ‫جولته في أميركا الالتينية بزيارة الى كوبا‪ ،‬حليف‬ ‫االحتاد السوفياتي السابق خالل احلرب الباردة‪.‬‬ ‫وقد نظر املراقبون الى جولة ميدفيديف على‬ ‫أنها استعراض واضح للعضالت من قبل موسكو‬ ‫بوجه واشنطن في منطقة طاملا اعتبرتها‬ ‫الواليات املتحدة مبثابة “حديقتها اخللفية”‪،‬‬ ‫وأثارت زيارة الرئيس الروسي الى هافانا‪ ،‬على‬ ‫وجه اخلصوص‪ ،‬حفيظة البيت األبيض وقلقه‪،‬‬ ‫ال سيما أن العالقات بني موسكو وواشنطن متر‬ ‫ببعض التوتر على خلفية حرب جورجيا وخطط‬ ‫الواليات املتحدة لنشر درع صاروخية في دول أوروبا‬ ‫الشرقية‪.‬‬ ‫وتزامنت زيارة الرئيس الروسي مع إعالن الرئيس‬ ‫الكوبي راوول كاسترو انه مستعد للقاء الرئيس‬ ‫األميركي املنتخب باراك أوباما على “أرض محايدة”‪،‬‬ ‫وقد اقترح أن يعقد مثل هذا اللقاء في القاعدة‬ ‫البحرية األميركية في خليج غوانتانامو‪.‬‬ ‫وكان أوباما قد تعهد خالل حملته االنتخابية‬ ‫بأنه مستعد للقاء الرئيس الكوبي دون شروط‬ ‫مسبقة وانه بعد استالمه احلكم في ‪ 20‬كانون‬ ‫الثاني سيرفع احلظر على زيارة الكوبيني املقيمني‬ ‫في الواليات املتحدة لعائالتهم في كوبا‪.‬‬ ‫وتأتي زيارة الرئيس الروسي الى اجلزيرة الكوبية‬ ‫كجزء من جولة تهدف الى تطوير العالقات‬ ‫التجارية وتعزيز الوجود الروسي في منطقة‬ ‫تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة‬ ‫للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫والتقى الرئيس ميدفيديف نظيره الكوبي راوول‬ ‫كاسترو ثم توجها معا ً الى وسط هافانا لزيارة‬ ‫كنيسة نوتردام كازان األرثوذكسية الروسية التي‬ ‫دشنت في تشرين االول املاضي‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األسطول الروسي يشق عباب البحر الكاريبي‬

‫السفن احلربية الروسية قبالة شواطىء الكاريبي‬

‫وكان ميدفيديف قد حضر قمة منتدى التعاون‬ ‫االقتصادي آلسيا الهادي (أبيك) في ليما عاصمة‬ ‫البيرو‪ ،‬وقد صرح هناك بأن روسيا تسعى إلحياء‬ ‫عالقاتها املتميزة مع اميركا الالتينية بعدما عانت‬ ‫من اإلهمال في أعقاب انهيار االحتاد السوفياتي‪.‬‬ ‫وقال ميدفيديف “لقد حان الوقت الستعادة‬ ‫هذه العالقات‪ ،‬فتلك هي دول نريد أن نرتبط معها‬ ‫بعالقات خاصة ومتميزة”‪.‬‬ ‫وقد أعربت الواليات املتحدة عن حتفظها جتاه‬ ‫توثيق العالقات العسكرية بني روسيا وفنزويال‪،‬‬ ‫وانتقدت بيع موسكو أسلحة لكاراكاس‪ ،‬ويأتي‬

‫‪88‬‬

‫دخول روسيا الى أميركا الالتينية في وقت‬ ‫تعاني فيه املنطقة شكوكا ً مع تداعي االقتصاد‬ ‫األميركي ونهاية والية بوش وتولي الرئيس‬ ‫املنتخب باراك أوباما رئاسة الواليات املتحدة‬ ‫الذي يعد بإعادة النظر في السياسة اخلارجية‬ ‫االميركية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن واشنطن تقول انها ال‬ ‫تشعر بالقلق‪ ،‬اعترفت بأنها تراقب التحالف‬ ‫االستراتيجي بني روسيا وفنزويال وكوبا بتحفظ‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬


‫منبر تربوي‬

‫رئيس رابطة األساتذة المتفرغين الدكتور حميد الحكم لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫نفخر بالجامعة اللبنانية والمج ّمعات الجامعية‬ ‫ملحة‬ ‫حاجة ّ‬ ‫اجلامعة الرسمية في لبنان‪ ،‬أي اجلامعة اللبنانية‪ ،‬تعاني كغيرها‬ ‫من قطاعات الدولة أزمات تقنية وتربوية وسياسية‪ ،‬إن على صعيد‬ ‫األساتذة أو الطالب‪ .‬وال بد من التطرق في منبرنا التربوي إلى الفساد‬ ‫اإلداري والتقني الذي تعانيه جامعتنا الوطنية على جميع الصعد‪،‬‬ ‫بدءا ً من اإلدارة املركزية‪ ،‬إن جلهة تعيني عمداء جدد لرئاسة اجلامعة‪ ،‬أو‬ ‫انتخاب أعضاء مجلس اجلامعة‪ ،‬أو جلهة األزمات التي يعانيها األساتذة‬ ‫مع الزيادة على احلد األدنى للرواتب واألجور‪ ،‬إضافة إلى الغنب الالحق‬ ‫باألساتذة املتفرغني واملتقاعدين‪ .‬إذاً تبدأ األزمة من اإلدارة املركزية لتصل‬ ‫إلى الطالب ونظام الـ ‪ ،LMD‬الذي لم يصدر حتى اآلن القانون الذي يعطي‬ ‫الشهادة للطالب املتخرج‪ .‬إن هذا املرفق احليوي الذي يؤسس جليل جديد‬

‫واع ومثقف‪ ،‬يتخبط بهمومه املتراكمة وينتظر عالجاً جذرياً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫نؤمن بأن األوطان تولد من رحم املعاناة‪ ،‬ونؤمن أيضاً بأن احلقوق‬ ‫املستحقة ال بد من أن تصل إلى أصحابها‪ ،‬فآمال األساتذة بتحقيق‬ ‫مطالبهم ملرة واحدة على األقل‪ ،‬تتحول إلى آمال حتاكي الفجر اجلديد‬ ‫علها تصل إلى احلكومة التي صمّ ت آذانها عن االعتصامات والتحركات‪،‬‬ ‫فلم تقر زيادة أكبر على الزيادة للحد األدنى لألجور‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منصة لصرخة األساتذة املطالبني‬ ‫وكي تكون مجلة “منبر التوحيد”‬ ‫بحقوقهم‪ ،‬ناقشت أمور القطاع التربوي مع رئيس رابطة األساتذة‬ ‫املتفرغني في اجلامعة اللبنانية الدكتور حميد احلكم‪ ،‬وكان احلوار‬ ‫اآلتي‪:‬‬

‫ً‬ ‫بداية‪ ،‬كرئيس رابطة األساتذة املتفرغني في اجلامعة اللبنانية‪ ،‬ما‬ ‫ـ‬ ‫هي نظرتك للواقع التربوي عموماً‪ ،‬واجلامعة اللبنانية خصوصا؟ً‬ ‫بالنسبة للواقع التربوي في لبنان‪ ،‬وكما هو معلوم هناك قطاع عام‬ ‫وقطاع خاص‪ .‬القطاع العام يشكو من مشاكل كثيرة‪ ،‬مبعنى أنه ال ميكننا‬ ‫تصنيف الواقع التربوي في خانة واحدة‪ ،‬ألن واقع العاصمة غير املدن الكبيرة‬ ‫واحملافظات واألقضية‪ ،‬فهناك أماكن كثيرة تشكو من اإلهمال الكبير‪ ،‬وهذا‬ ‫ينعكس على الواقع التربوي‪ .‬فاإلمناء املتوازن غير موجود في لبنان حتى اليوم‬ ‫باملعنى التام للكلمة‪ ،‬وبالتالي هناك أماكن كثيرة كبيروت مثالً‪ ،‬تشعر بأن‬ ‫األبنية املدرسية مختلفة عن احملافظات‪ ،‬حتى أن هناك اختالفا بني احملافظات‬ ‫واألقضية‪ .‬وهذا كله ينعكس على احلالة التربوية‪ ،‬خاص ًة أن هناك مناهج‬ ‫وبرامج تربوية جديدة تُعتمد اليوم في لبنان‪ ،‬وتطبيقها يتطلب وجود‬ ‫مختبرات وجتهيزات‪ .‬هذه األمور تؤثر على الواقع التربوي‪ ،‬ونحن نلمسها‬ ‫ملس اليد‪ .‬في ما يتعلق باجلامعة اللبنانية‪ ،‬نحن من ّيز بني أبنية اجلامعة التي‬ ‫هي مبعظمها ُمستأجر‪ ،‬فاجملمع الوحيد املوجود اليوم هو اجملمع الذي بناه‬ ‫كنت‬ ‫الرئيس الشهيد رفيق احلريري في احلدث‪ ،‬وكان ذلك إجنازا ً هائالً‪ .‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫أخيرا ً في حفل تخرج في كلية الهندسة فقلت‪“ :‬نهنئ الطالب بهذا اجملمع‪،‬‬ ‫وكل الطالب لديهم احلق في أن يكون لديهم مجمعات مماثلة”‪ .‬فقد كان‬ ‫هناك “بداية مجمع” في الفنار‪ ،‬فكلية العلوم فيها ممتازة‪ ،‬لكن ما عدا ذلك‬ ‫كلها أبنية قدمية ومستأجرة‪ ،‬وبالتالي نحن نطالب بأن تكون األولوية لبناء‬ ‫اجملمعات اجلامعية‪ ،‬فباإلضافة إلى اإليجارات‪ ،‬نحن ندفع الصيانة‪ .‬وقد أخذ‬ ‫مجلس الوزراء من حيث املبدأ القرار في اجللسة الشهيرة في ‪ 5‬ايار‪ ،‬لكن‬ ‫القرار ما زال حبرا ً على ورق‪ .‬ونحن نطلب بأن يكون هناك برامج ملالحقة‬ ‫هذه القرارات بحيث يكون فيها رصد أموال وخطط‪ ،‬وحتى في حال تقدمي‬ ‫مساعدات في اخلارج أن يتم العمل على توزيعها بالشكل الالزم‪ .‬كل هذه‬ ‫ملحة جداً‪.‬‬ ‫األمور تدفعنا للقول إن اجملمعات اجلامعية قضية ّ‬ ‫ـ ماذا عن نظام الـ ‪LMD‬؟‬ ‫اجلامعة اليوم تعتمد نظام الـ ‪ ،LMD‬الذي يتطلب تطبيقه خالل فترة‬ ‫الليسانس‪ ،‬وفيه تشعيب كبير بني مواد النظري والتطبيقي‪ .‬كل ذلك‪،‬‬ ‫يتطلب مباني حديثة‪ ،‬خاص ًة إذا حتدثنا عن التطبيق الفعلي لهذا النظام‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬نحن ال نريد أن نسير في نظام الـ ‪ ،LMD‬ويبقى التطبيق نظرياً‪،‬‬ ‫ونكون في الواقع نط ّبق مناهج قدمية‪.‬‬ ‫ـ ما سبب الرفض لهذا النظام كأساتذة وأيضاً من الطالب؟‬ ‫نحن قلنا إنه يجب أن تتوافر شروط تطبيقه كنظام عاملي‪ ،‬فتطبيقه‬

‫حتى اآلن مجتزأ‪ .‬أوالً‪ ،‬لم تصدر حتى اآلن القوانني املتعلقة به‪ ،‬إذ ال قانون‬ ‫إلعطاء الشهادة‪ ،‬وكذلك كانت إجازة الليسانس تُعطى بأربع سنوات‪،‬‬ ‫وأصبحت اليوم تُعطى بثالث سنوات مع إقامة تعديل اتفاق جمللس اخلدمة‬ ‫املدنية‪ ،‬نظرا ً ألن لكل شهادة تصنيفا‪ .‬فاليوم‪ ،‬ال تُصنّف شهادة الليسانس‬ ‫على أساس أنها تعليمية بل جامعية‪ ،‬فمباراة اخلدمة املدنية هي إشكالية‬ ‫احلضور إما بسبب العمل أو بسبب السكن في مناطق بعيدة‪ ،‬ونحن نؤكد‬ ‫أهمية تكوين ثقافة للطالب في املادة‪ ،‬ما يؤكد أهمية احلضور‪.‬‬ ‫ـ هل أنتم راضون عن وضع اجلامعة؟‬ ‫في النهاية‪ ،‬نقول إننا نفخر باجلامعة اللبنانية‪ ،‬على الرغم من وجود‬ ‫الثغرات والتجاوزات ونرفض كل كالم ذم يٌقال بحقها‪ ،‬فاألساتذة بعظمهم‬ ‫ح َملة شهادات دكتوراه باستثناء بعض االختصاصات التي ال تتطلب هذا‬ ‫املستوى من الشهادة‪ ،‬كما أن هناك مباراة دخول للطالب‪ ،‬وأنا أعتبرها نزيهة‬ ‫‪ %100‬بلجانها التعليمية والتصحيح والنتائج‪ ،‬وال يحق ألي طرف سياسي‬ ‫الدخول في النتائج في أي كلية‪ ،‬هذه املباراة حتصل ألن إمكانية استيعاب‬

‫‪89‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر تربوي‬ ‫اجلامعة قليلة كمبان وعدد أساتذة‪ ،‬كما أن نسبة املتخرجني ستوضع‬ ‫في سوق العمل الذي يجب أن يستوعبها‪ .‬لذلك‪ ،‬نقول إن جامعة بحجم‬ ‫اجلامعة اللبنانية اليوم منتشرة على مساحة الوطن بأجمعه وفيها أكثر‬ ‫من ‪ 60‬أو ‪ 65‬الف طالب وهي مفتوحة لكل الطبقات االجتماعية‪ ،‬وهناك‬ ‫أكثر من ‪ 16‬كلية الختصاصات متعددة‪ ،‬وأنا من موقع مسؤول أقول إننا‬ ‫نفخر بشهاداتها‪ .‬كذلك‪ ،‬فإن السمعة السائدة بأن اجلامعة اللبنانية تقوم‬ ‫كل يوم باإلضراب فيها الكثير من املبالغة‪ ،‬فنحن كرابطة وخالل سنتني‬ ‫لم نقم بإضراب ليوم واحد‪ ،‬فمع كل املطالب اليوم كان اإلضراب ليوم واحد‬ ‫فقط‪ ،‬فاالعتصام الذي متّ في ‪ 18‬تشرين الثاني‪ ،‬كان بعد الظهر‪ ،‬أما الباقي‬ ‫فكله حتركات ومقابالت وحركة تقوم بها الهيئات‪.‬‬ ‫ـ في موضوع اإلضراب الذي قمتم به يوم ‪ 18‬من الشهر السابق‪ ،‬كهيئة‬ ‫تنسيق نقابية وكأعضاء في القطاع التربوي أمام اجمللس النيابي‪ ،‬ال‬ ‫حظنا جتاوباً مبدئياً من احلكومة‪ ،‬هل وافقتم على نسبة الزيادة اجلديدة‬ ‫التي أُقرّت؟‬ ‫إن هيئة التنسيق حتوي كل مقومات التعليم من االبتدائي إلى اجلامعي‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى التعليم اخلاص واإلداريني‪ .‬إن حتركنا سبق احلكومة احلالية‪،‬‬ ‫فقد بدأ منذ أكثر من عام أي منذ بدأت الضائقة املالية باالزدياد‪ ،‬خاص ًة‬ ‫مع األزمة العاملية‪ ،‬فكان ال بد من إعطاء بدل غالء معيشة‪ .‬نحن كنا دائما ً‬ ‫نقول إن هناك أسسا إلعطاء هذا البدل‪ ،‬فنحن ننظر إلى نسبة الغالء‬ ‫املوجود وانخفاض قيمة العملة ونطلب الزيادة على أساسها‪ .‬لقد تبني‬ ‫لنا بعد دراسة االقتصادي األستاذ كمال حمدان أن غالء املعيشة ما بني‬ ‫‪ 1996‬و‪ 2007‬كان بنسبة ‪ ،%58‬وأخذنا معيار عام ‪ 2008‬بحسب اإلحصاء‬ ‫املركزي الذي قال إن الغالء بحدود ‪ ،%8.5‬إال أن احلكومة لم تعط سوى ‪200‬‬ ‫ألف كزيادة على احلد األدنى‪ .‬نحن تفاجأنا بأن احلكومة بأكملها‪ ،‬مبواالتها‬ ‫ومعارضتها‪ ،‬تتكلم لغة واحدة هي لغة االقتصاد واملال بحجة الوضع‬ ‫االقتصادي املتردي‪.‬‬ ‫ـ ما هي تعليقاتكم على زيادة الـ ‪ 200‬ألف على احلد األدنى للرواتب‬ ‫واألجور؟‬ ‫إن الـ ‪ 200‬ألف هو مبلغ مقطوع وهو مرفوض ألنه ال يأخذ بعني االعتبار‬ ‫قضية التضخم‪ .‬فالعادة تقول إن النسب تُبنى على أساس الشطور مع‬ ‫سقف معني‪ ،‬ويتبعها تعديل سالسل‪ .‬نظرا ً إلى أن كل هذه األمور لم حتصل‪،‬‬ ‫فقد كنا ضد هذا القانون‪ ،‬كما طالبنا بوجود درجات لهذه السالسل‪ ،‬وهذه‬ ‫الدرجات يجب أن يلحقها تعديل‪ .‬فهذه الزيادة تساوي ‪ ،%66‬لكنها تنعكس‬ ‫على باقي السالسل‪ ،‬فاملوظف الذي كان يأخذ ضعف احلد األدنى‪ ،‬أصبح‬ ‫يأخذ أقل من الضعفني بعد هذه الزيادة‪ ،‬إذا ً فنسبة الفارق بني احلد األدنى‬ ‫وأساس رواتب األساتذة واملوظفني ضعفت كثيراً‪ .‬لذلك‪ ،‬حاولنا إجراء تعديل‪،‬‬ ‫فقمنا بزيارة كل الكتل النيابية التي اعترفت جميعها بقلة هذه الزيادة‪،‬‬ ‫وقد ع ّبرت وزيرة التربية والتعليم العالي بقولها إنها “زيادة سخيفة”‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن فروقات سلسلة الرتب والرواتب؟‬ ‫إن مطلب الفروقات هو مطلب مستحق منذ عشر سنوات‪ ،‬ويطال أكثر‬ ‫من ‪ 120‬ألف موظف‪ .‬اليوم‪ ،‬كهيئة تنسيق نقابية تبنينا كل هذه املطالب‪،‬‬ ‫ونحن كرابطة أساتذة وإداريني معنيون بفروقات السلسلة‪ ،‬وكذلك القوى‬ ‫األمنية والقضاء وغيرهما‪ .‬لقد طالبنا كهيئة تنسيق بهذه الفروقات نيابة‬ ‫عن كل املوظفني‪ .‬وأخيرا ً قدمنا ثالثة مقترحات‪ :‬إما اللجوء للشطور‪ ،‬إما‬ ‫حتسني نسبة الفارق بني احلد األدنى والرواتب‪ ،‬وإما تعديل الدرجة‪ .‬هناك‬ ‫قوانني لدى التعليم االبتدائي والثانوي حيث إن الدرجة ال تقل عن ‪%5‬‬ ‫من قيمة الراتب‪ ،‬والسلسة اجلديدة تؤخذ على هذا األساس‪ .‬تبني لنا أن‬ ‫قضية الفروقات لم تسر على ما يرام‪ ،‬وقد حصلت اجتماعات مط ّولة مع‬ ‫قدم النائب‬ ‫وزير املالية والحظنا إمكانية وجود بوادر حلل هذا املوضوع‪ ،‬كما ّ‬ ‫مقدس‬ ‫ابراهيم كنعان مشروع قانون بهذا اخلصوص‪ .‬إذاً‪ ،‬هذه الفروقات حق ّ‬ ‫ال بد من احلصول عليه‪ ،‬وكنا على خالف في كيفية دفعها بني املتقاعدين‬ ‫قدمنا جداول لوزارة املالية لتعديل الدرجة بحيث ال تقل‬ ‫والوظيفة‪ ،‬ونحن ّ‬ ‫عن ‪ %5‬من قيمة الراتب‪ .‬تبينّ أن أكالفها كبيرة فأعطى اجمللس النيابي ‪ %5‬من‬ ‫قيمة الدرجة ال من قيمة الراتب‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪90‬‬

‫الجامعة الوطنية في لبنان‬ ‫بحاجة لمجلس جامعة‬ ‫لتثبيت ديموقراطية العمل فيها‬ ‫متساو مع باقي الهيئات؟‬ ‫ـ هل وضعكم كجامعة لبنانية‬ ‫ٍ‬ ‫نحن كجامعة لبنانية وضعنا مختلف‪ ،‬فقيمة درجتنا كانت ‪ %7.3‬من‬ ‫قيمة الراتب كدرجة أولى أي بداية السلسلة‪ ،‬فالقيمة تبدأ في اجلامعة‬ ‫بنسبة ‪ %7.3‬وتنتهي بـ‪ %2.5‬بالدرجات العليا‪ .‬كذلك في التعليم االبتدائي‬ ‫والثانوي تبدأ بنسبة ‪ %6.5‬وتنتهي بـ‪ ،%3.7‬لذلك جاءت املطالبة بزيادة ‪%5‬‬ ‫من قيمة الراتب‪ .‬في الواقع‪َ ،‬من تع ّرض للظلم األكبر هم َمن في التعليم‬ ‫األساسي‪ ،‬خاص ًة َمن هم بالدرجات العشر األولى‪ .‬أما بالنسبة للباقي‪ ،‬فكان‬ ‫الغنب عليه أقل من األساسي‪ .‬إن اخلالف كان أن أكثر من النسبة على املبالغ‬ ‫النقدية تأتي على الدرجة‪ ،‬فأستاذ الثانوي في الدرجة اخلامسة عشرة مثالً‬ ‫يبدأ بـ‪ 860‬ألف ليرة‪ ،‬فإذا أردت إعطاءه ‪ %5‬من قيمة راتبه‪ ،‬فستكون درجته‬ ‫‪ 43‬ألف ليرة‪ ،‬وهو قد أعطي ‪ 42‬ألفا‪ .‬املشكلة هنا ليست بقيمة األلف‬ ‫ليرة على الدرجة بل إنني إذا بدأت وفقا ً لهذا املبدأ‪ ،‬فبنهاية السلسلة‪ ،‬من‬ ‫املمكن أن يلحق األستاذ ‪ 250‬الف ليرة كفارق الدرجة‪ ،‬إضاف ًة إلى املئتي ألف‬ ‫ليرة‪ ،‬إذا ً يأخذ ‪ 450‬ألف ليرة‪.‬‬ ‫ـ هل تُطبّق هذه الدرجة على أساتذة اجلامعة أيضاً؟‬ ‫من حق األستاذ اجلامعي أن يطلب درجة ‪ 150‬ألف ليرة‪ ،‬حيث يأخذ األستاذ‬ ‫في نهاية السلسلة حوالى ‪ 500‬ألف‪ .‬لكن الدولة اعتبرت الكلفة باهظة‬ ‫في حال حتقيق هذا املطلب‪ ،‬فأصدر اجمللس النيابي هذه السلسلة التي لم‬ ‫نرض بها كدرجة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ـ إذاً ما الذي حققتموه خالل حتركاتكم األخيرة؟‬ ‫ما حققناه هو أننا كسرنا مبدأ املئتي ألف‪ ،‬وفرق الدرجة أعطانا مبالغ‬ ‫وعدلنا‬ ‫تختلف بحسب وضع األستاذ في درجته‪ ،‬كما أصدرنا سالسل جديدة ّ‬ ‫الدرجات‪ .‬لكن ما لم يتحقق هو أن الزيادة بقيت دون نسبة التضخم‪ ،‬ودون‬ ‫النسبة املطلوبة‪ ،‬وحتى اآلن لم يُعط بدل النقل والتقدميات االجتماعية‬ ‫على احلد األدنى اجلديد‪ .‬فنحن في صندوق التعاضد كنا ندفع مليونا ً ومئتي‬ ‫الف ليرة‪ ،‬فأصبحنا بعد هذه الزيادة ندفع مليونني‪ ،‬فيما ما زلنا نأخذ‬ ‫التعويض العائلي وفق احلد األدنى القدمي‪ .‬إن ما حققناه على صعيد “فروقات‬ ‫السلسلة” هو إجناز بالنسبة لنا‪ ،‬والفضل في ذلك يعود لهيئة التنسيق‬ ‫النقابية وحتركاتها واعتصاماتها‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن التقدميات االجتماعية؟‬


‫نحن موعودون بأن مرسوم التقدميات االجتماعية سيصدر قريباً‪ ،‬بحسب‬ ‫ما قاله الكثير من النواب والوزراء‪ .‬لقد تر ّيثت هيئة التنسيق في االستمرار‬ ‫بالتحركات‪ ،‬وأخذت بعني االعتبار وضع التعليم اخلاص‪ ،‬وأصدرت قرارا‬ ‫بالتوصية باإلضراب في ‪ 22‬كانون الثاني من العام اجلديد إلعطاء مهلة‬ ‫للمفاوضات‪.‬‬ ‫ـ ما هي مطالبكم كجامعة لبنانية حالياً؟‬ ‫مطلبنا األساسي هو دخول األساتذة املتفرغني إلى املالك‪ ،‬واملفاوضات‬ ‫معدة في‬ ‫جارية مع رئيس اجلامعة منذ شهر آب‪ ،‬فاملراسيم يجب أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫منتصف تشرين الثاني‪ ،‬لكننا تأخرنا شهرا ً إضافياً‪ .‬هذا حق لألساتذة كونه‬ ‫يؤمن االستقرار الوظيفي‪ ،‬ويستفيد األستاذ من إجازة السنة السابعة‪ ،‬وإذا‬ ‫بلغ سن التقاعد قبل العشرين سنة فال يأخذ سوى تعويض ال تقاعد إذا‬ ‫كان متفرغاً‪ .‬وهذا ال يك ّلف الدولة أي أعباء‪ ،‬فنحن اليوم ندفع ضريبة دخل‬ ‫وتقاعد بقيمة ‪ ،%6‬أما املتفرغ فال يدفعها‪ .‬هذا باإلضافة إلى خصوصية‬ ‫األستاذ اجلامعي‪ ،‬حيث ان أستاذ اجلامعة يدخل متأخرا ً إلى الوظيفة‪.‬‬ ‫فاألستاذ ال يستفيد من شيء‪ ،‬مثالً املدراء العامون يحصلون على مالكاتهم‪،‬‬ ‫والسفراء أيضا ً يأتيهم التقاعد من مالك اخلارجية‪ .‬نحن نتحدث عن قانون‬ ‫‪ 717‬وهو قانون السالسل الذي أخذ ‪ %15‬من جميع الناس‪ ،‬لكن األستاذ‬ ‫اجلامعي يعاني مع التقاعد‪ .‬فهناك ظلم يلحق باألستاذ اجلامعي الذي‬ ‫ينتظر ‪ 40‬سنة خدمة كي يحصل على تعويض كامل‪ ،‬ألن العمل اجلامعي‬ ‫يتطلب شهادة دكتوراه واحلصول عليها يلزمه سنوات‪ .‬كذلك‪ ،‬ومنذ عام‬ ‫‪ 1994‬رفعنا شعار رفع سن اخلدمة لدى األستاذ اجلامعي إلى ‪ 68‬سنة‪ ،‬شأنه‬ ‫شأن القضاة‪ .‬وهذا كان موضوع جتاذب منذ ذلك احلني‪ ،‬وقد انتهى الشهيد‬ ‫احلريري عام ‪ 2003‬إلى موضوعني‪ :‬إرسال قانون اجملالس األكادميية إلى اجمللس‬ ‫النيابي‪ ،‬واالعتراف بخصوصية األستاذ اجلامعي‪ .‬وأكد استعداده كحكومة‬ ‫“لرفع سن التقاعد إلى ‪ 68‬سنة”‪ ،‬ولكن لم يُ ّ‬ ‫نفذ املشروع و ُع ّطل بسبب‬ ‫خالفات بني أهل اجلامعة‪.‬‬ ‫ـ هل وضعتم هذا املوضوع في جدول حتركاتكم اليوم؟‬ ‫نحن اليوم اعتبرنا أن خصوصية األستاذ اجلامعي من املطالب احملقة‪ ،‬وقد‬ ‫ناقشنا هذا األمر مع جميع املسؤولني والقوى السياسية‪ ،‬ألنه موضوع مهم‬ ‫جداً‪ .‬نحن اليوم بحاجة إلى عدد كبير من األساتذة‪ ،‬فأمد احلياة اجلديد بعد‬ ‫تقدم الوضع الصحي والطبي واالجتماعي‪ ،‬أصبح ‪ 68‬سنة ال ‪ .64‬فآخر قرار‬ ‫ّ‬ ‫صدر في فرنسا مثالً يقول برفع سن التقاعد إلى ‪ 70‬سنة‪ .‬كل ذلك يدفعنا‬ ‫للمطالبة بحقوقنا‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن وضع اجلامعة الللبنانية كاجلامعة الوطنية الوحيدة؟‬ ‫نحن لدينا مطلب مهم هو العمل على اجلامعة كمؤسسة‪ ،‬فمجلس‬ ‫ّ‬ ‫معطل بسبب غياب عمداء جدد إذ كل َمن ُع ّينوا أخيرا ً جاؤوا‬ ‫اجلامعة‬ ‫بالتكليف‪ ،‬فلماذا يأخذ موضوع تعيني العمداء في اجلامعة اللبنانية هذا‬ ‫التجاذب الكبير؟ علما ً بأن هناك آلية ومعايير للتعيني منصوصا ً عليها‬ ‫في القوانني‪ ،‬وهي حتترم النسيج الدميوغرافي االجتماعي في الوطن‪ ،‬كما‬ ‫أن قانون اجملالس األكادميية‪ ،‬بالرغم من إقراره‪ ،‬عاد و ُوضع على الرفوف‪ .‬نحن‬ ‫ناقشنا املوضوع مع الرئيس بري الذي أبدى استعداده لوضعه قيد الدرس‬ ‫وإنهائه‪ ،‬إذا ً يلزمنا مجلس جامعة لتثبيت دميوقراطية العمل في اجلامعة‪.‬‬ ‫كما نطالب بزيادة املنح اجلامعية لتخصيص الطالب في اخلارج‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى إعادة العمل بهذه املنح كالسابق أي على أساس الكفاءة‪.‬‬ ‫ـ هناك مشكلة أيضاً بالنسبة للمتعاقدين بالتدريس بالساعة‪،‬‬ ‫كيف ستعاجلون هذه األزمة؟‬ ‫املعنيون بالتفرغ اليوم أصبح عددهم قليل‪ ،‬ومنهم ُظلموا ألن امللف لم‬ ‫يبقَ أكادمييا ً بامتياز بل دخل في زواريب الطائفية واملذهبية والسياسية‪ .‬هذا‬ ‫ما أدى إلى ظلم حوالى ‪ 140‬أستاذا في اجلامعة اللبنانية‪ ،‬ونحن ناقشنا امللف‬ ‫مع وزيرة التربية والتعليم العالي ومع رئيس اجلامعة‪ .‬أما باقي املتقاعدين‪،‬‬ ‫فلديهم مشكلة “قيمة أجر الساعة” ونحن نطالب بتحسني هذا األجر‪ .‬هذا‬ ‫األمر ال يخضع لقانون الوزارة بل لقانون اجلامعة‪ ،‬ألن سعر الساعة يختلف‬ ‫ما بني الفئة األولى والثانية‪ .‬نحن نطلب عملية تعديلها‪ ،‬فآلية التعاقد‬ ‫بكاملها تخضع جمللس الوزراء‪ ،‬إذا ً نحن اليوم مظلومون‪.‬‬

‫ـ احلكومة بأكملها‪ ،‬مبواالتها ومعارضتها‪،‬‬ ‫تتكلم لغة واحدة هي لغة االقتصاد واملال‬ ‫بحجة الوضع االقتصادي املتردي‪.‬‬ ‫ـ الزيادة على احلد األدنى للرواتب واألجور‬ ‫هي “زيادة سخيفة” كما قالت وزيرة‬ ‫التربية والتعليم العالي‪.‬‬ ‫ـ طالبتم أيضاً باسترجاع نسبة الـ‪ %15‬املقتطعة من معاشات‬ ‫التقاعد والصرف من اخلدمة؟‬ ‫هذا املوضوع يطال كل املوظفني في لبنان‪ ،‬ونحن نطالب به ألننا ندفع‬ ‫رسم التقاعد بنسبة ‪ ،%6‬وهذه املبالغ متراكمة لألستاذ‪ ،‬وبالتالي يحق له‬ ‫أخذ حقه‪ .‬يبقى موضوع التقاعد اختياريا‪ ،‬فيمكن لألستاذ أن يتقاعد بعد‬ ‫عشرين سنة كي يحق له أخذ معاش تقاعدي‪ .‬لكن الظلم الذي يلحق بنا‬ ‫مزدوج‪ ،‬أوال ً نسبة الـ‪ ،%15‬وثانيا ً نحن نخضع لقانون مجلس اخلدمة املدنية‪.‬‬ ‫كما أن الدولة ميكنها أن تأخذ ضرائب من أماكن أخرى كاملصارف واألمالك‬ ‫البحرية وغيرها ال من املوظف‪.‬‬ ‫ـ ما اخلطوات املستقبلية التي ّ‬ ‫حتضرون لها؟‬ ‫دائما ً احلوار هو األساس‪ ،‬ونحن نلجأ للتحرك السلبي فقط كوسيلة‬ ‫ضغط‪ ،‬لكننا ال نريد أن يكون هو األساس‪ ،‬فهناك طالب ينتظروننا وال نريد‬ ‫أن يؤثر الوضع السلبي عليهم‪ .‬آخر أمر نفكر به هو اإلضراب‪ ،‬فهو ليس‬ ‫سيرة معتمدة‪ ،‬وسنستمر باحلوار والضغط للوصول إلى إمكانية التحسني‬ ‫وحتقيق املطالب‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪91‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫‪2008‬ثقافياً‬ ‫لبنان يتحدى األزمات السياسية بثقافته وفنونه‬ ‫هل سيكون العام القادم أفضل من هذا العام؟ هل ستبقى‬ ‫ً‬ ‫مرخية بظاللها املميتة على كل األصعدة والقطاعات؟‬ ‫السياسة‬ ‫إلى أي حد سيتأثر الوسط الفني والثقافي بالوضع السياسي‬ ‫ّ‬ ‫متوقعة؟‬ ‫واألزمات العالقة التي ليس فيها أي بصيص أمل حللول‬ ‫أسئلة كثيرة تراود كل مواطن لبناني وعربي عما يخفيه‬ ‫العام اجلديد من أزمات وحروب‪ ،‬أو من أفراح ومناسبات مهمة تعلو‬ ‫شأن البلد إلى أقصى احلدود‪ .‬يرحل العام ‪ 2008‬مثقالً بالهموم‬ ‫السياسية واحلروب الطائفية‪ ،‬لكن مع أخبار ثقافية مهمة كان‬ ‫لها وقعها على أرض الواقع‪.‬‬ ‫لقد كان عام ‪ 2008‬عام املهرجانات السينمائية وتوقيع الكتب‬ ‫اجلديدة‪ .‬فقد حفل الوطن العربي وحتى لبنان مبهرجانات كثيرة‬ ‫حاولت إبعاد شبح احلرب عن أذهان الناس‪ ،‬وإدخال روح الثقافة‬

‫الشاعر‬ ‫محمد علي شمس الدين‬

‫“حني تعيش الثقافة‬ ‫في عزلة متوت ميتة الذين‬ ‫في األبراج العاجية”‬ ‫ال أستطيع أن أفصل السياق الثقافي في لبنان‬ ‫عن السياق الثقافي العربي والعاملي من جهة‪،‬‬ ‫كما ال أستطيع فصله عن السياق السياسي‬ ‫واالجتماعي‪ .‬إن الثقافة روح شائعة ومح ّركة‪،‬‬ ‫وهي حني تعيش في عزلة متوت ميتة الذين‬ ‫يعيشون في األبراج العاجية‪.‬‬ ‫الثقافة في لبنان اسم جامع لنشاطات‬ ‫وإبداعات فكرية وأدبية وعلمية وفنية‪ .‬لهذه‬ ‫النواحي‪ ،‬أالحظ أن ما يطفو على السطح هو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والفن إلى حياتهم‪ ،‬فكان مهرجان دمشق السينمائي الدولي‬ ‫ً‬ ‫إضافة إلى معرض‬ ‫ومهرجان السينما اإليرانية الثاني في بيروت‪،‬‬ ‫الكتاب واملعارض الفنية املميزة‪ ،‬خير دليل على أن املواطنني‬ ‫العرب باإلجمال هم أبناء حياة ومحبو ثقافة ال تنهزم بالرغم من‬ ‫وجود عيون غاصبة حتاول النيل من أرضنا وشعبنا األبي وتاريخنا‬ ‫املقاوم‪.‬‬ ‫مع نهاية عام ‪ ،2008‬نستقبل العام اجلديد‪ ،‬الذي ستكون فيه‬ ‫عاصمتنا بيروت “عاصمة للكتاب”‪ ،‬بالتساؤل عما ستؤول إليه‬ ‫األحداث الثقافية والفنية‪ّ ،‬‬ ‫لعل السياسيني يبعدون سياستهم‬ ‫عن الثقافة األصيلة‪ .‬لذلك‪ ،‬استطلعنا آراء بعض الك ّتاب والفنانني‬ ‫واملسؤولني عن عام ‪ 2008‬وما يرونه مخبّأً في زواريب األعمال‬ ‫الثقافية والفنية للعام اجلديد‪ ،‬فكانت الردود على الشكل اآلتي‪:‬‬

‫الثقافة السياسية‪ ،‬فيما الثقافة العلمية‬ ‫والبحث العلمي في تأخّ ر‪ ،‬وهي عالقة سيئة‪ .‬ذلك‬ ‫أن الثقافة السياسية السائدة وإن كانت في أحد‬ ‫جانحيها ثقافة مقاومة وصمود وانتصار للقوى‬ ‫الشعبية احلقيقية‪ ،‬إال أنها حني تقلب على‬ ‫سائر الثقافات‪ ،‬فإنها ّ‬ ‫تعطل جزءا ً من احل ّيز الفني‬ ‫واألدبي والعلمي‪.‬‬ ‫لناحية الثقافة األدبية‪ ،‬فإ ّن الكتب الشعرية‬ ‫التي صدرت هذا العام معدودة على أصابع اليد‪.‬‬ ‫رمبا أبرز ما طفا على الثقافة هو غياب الشاعر‬ ‫الفلسطيني محمود درويش‪ ،‬فقد صبغ غيابه‬ ‫الشعر اللبناني والعربي على العموم باللون‬ ‫األسود‪ ،‬وحت ّولت الكلمات إلى سيل من املراثي‬ ‫حتى أنني تخيلته يرفع رأسه من قبره ويقول‪:‬‬ ‫“ارحمونا مرة ثانية من هذا احلب القاسي”‪ .‬لم‬ ‫تصدر رواية هذا العام تلفت االنتباه‪ ،‬هناك قصائد‬ ‫نُشرت في بعض الصحف واجملالت‪.‬‬ ‫النشاط املسرحي باستثناء مسرحية منصور‬ ‫الرحباني ومسرحية نضال األشقر التي كتبتها‬ ‫وقدمتها على‬ ‫باالشتراك مع عيسى مخلوف ّ‬ ‫مسرح املدينة‪ ،‬هو أكثر مت ّيزا ً من النشاط األدبي‪.‬‬ ‫على صعيد املعارض التشكيلية‪ ،‬كان هناك‬ ‫معرض للفنان حسن جوني بعد امتناع طويل‬ ‫عن العرض‪ ،‬وهو معرض ذو قيمة إبداعية‪ .‬كانت‬ ‫هناك معارض لبعض الرسامني الشباب‪ ،‬لكنها‬ ‫بقيت في إطار طراوة التجريب‪ .‬هذا هو املوسم‬ ‫الثقافي على العموم‪.‬‬ ‫رؤيتي للعام اجلديد أننا نتغ ّير‪ ،‬والعالم حولنا‬ ‫أيضا ً يتغ ّير‪ ،‬قد يكون في العام املقبل عودة‬ ‫لألصالة بعدما كسحتها أفكار العوملة في‬

‫‪92‬‬

‫اللوحة أو في القصيدة أو في السينما‪ ،‬وحتويل‬ ‫كل شيء إلى سلعة بل إلى قيمة محض‬ ‫استهالكية‪ .‬أعتقد أن األصالة ستعود سواء في‬ ‫الفن التشكيلي أو في القصيدة أو في املسرحية‪.‬‬ ‫أعتقد أيضا ً أن مزيدا ً من روح األصالة في الثقافة‬ ‫اللبنانية العربية ستستيقظ وستستمر ثقافة‬ ‫املمانعة واملقاومة قوي ًة وأساسية‪ ،‬بل هي احملور‬ ‫واألساس‪ .‬وأعتقد أن الشعر العربي الذي طاملا غرق‬ ‫في املراثي‪ ،‬رمبا انتبه وقد بدأ بالفعل ينتبه إلى أن‬ ‫نبضا ً جديدا ً في احلياة العربية واللبنانية قد بدأ‬ ‫مع انتصار املقاومة‪ .‬هذا ما أفعله شخصيا ً من‬ ‫خالل قصائد كتبتها ونشرت إحداها في جريدة‬ ‫“السفير” بعنوان “دموع احلالج”‪.‬‬

‫مسؤولة اللجان النسائية‬ ‫في تيار املردة “ميرنا زخريا”‬


‫“‪ ،2008‬سنة االستحقاقات‬ ‫واخليرات في آن واحد”‬ ‫سنة ‪ 2008‬كانت سنة االستحقاقات واخليرات‬ ‫وقت واحد‪ ،‬كانت سنة العهد اجلديد واحلكومة‬ ‫في ٍ‬ ‫اجلديدة‪ ،‬كانت سنة التفجيرات املتنقّ لة واحلوادث‬ ‫األليمة‪ .‬ولَو أردنا تسجيل بعض املالحظات فإننا‬ ‫َنقم على سنة ‪ 2008‬في مواقع ون َغف ُر لها في‬ ‫ن ُ‬ ‫نسجل لهذه السنة اإلجناز األكبر وهو‬ ‫إذ‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التوافق على رئيس توافقي في الدوحة وقبول‬ ‫األغلب ّية النياب ّية به بعدما اعتبرته في البداية‬ ‫َطرَفاً‪ ،‬حيث النائب وليد جنبالط يرفضه ثم‬ ‫عمار حوري‪ .‬اتفاق الدوحة‬ ‫يؤ ّيد ترشيحه النائب ّ‬ ‫املهمشة ما خسروه‬ ‫ة‬ ‫ع ّوض لألطراف املسيح ّي‬ ‫ّ‬ ‫في الطائف‪ ،‬وإن لم يكن التعويض كامالً إال أنه‬ ‫استعاد بعض املقاعد النياب ّية املسلوبة‪ ،‬ومشى‬ ‫اجلميع في قطر بِجنازة دفن قانون غازي كنعان‬ ‫ قانون الـ‪ ،2000‬فعادت الغالب ّية من هناك وهي‬‫خائبة‪ ،‬خائفة‪ ،‬مرعوبة‪ ،‬حيث اعتبرت الصحف‬ ‫احملسوبة عليها أن اتّفاق الدوحة أفقد الغالبية‬ ‫غالب ّيتها‪.‬‬ ‫في العام ‪ 2008‬تس ّلم رئيس اجلمهورية العماد‬ ‫س ّدة الرئاسة من فخامة الفراغ‪،‬‬ ‫ميشال سليمان ُ‬ ‫لكن األسوأ كان أن رئيس السرايا فؤاد السنيورة‬ ‫ّ‬ ‫تس ّلم الرئاسة الثالثة من فؤاد السنيورة نفسه‪.‬‬ ‫وبعد فراغ مقصود و ُمريح لألغلب ّية في قيادة‬ ‫اجليش‪ ،‬أصبح لهذا الوطن قائد للجيش هو‬ ‫العماد جان قهوجي‪ .‬وبعدما كانت نيابة رئاسة‬ ‫احلكومة للديكور علت صرخة اللواء عصام أبو‬ ‫جمرا وسأل عن املوقع املُه َّمش‪.‬‬ ‫استعادت املعارضة حضورها الوزاري ﺑ‪11‬‬ ‫حقيبة‪ :‬حزب اهلل اشترط ت َوزير األمير طالل أرسالن‬ ‫واحلزب القومي السوري االجتماعي‪ ،‬فحصل‬ ‫ذلك‪ .‬والت ّيار الوطني احل ّر وحزب اهلل وحركة أمل‬ ‫أص ّروا على رئيس ت ّيار املردة سليمان فرجن ّية أ ْن‬ ‫يدخل احلكومة لكنّه رفض بإصرار‪ ،‬معتبرا ً أنّه‬ ‫مم َّثل بحلفائه‪ .‬الوزراء اجلدد في املعارضة فضحوا‬ ‫املشاريع املشبوهة في وزارات االتصاالت‪ ،‬الشؤون‬ ‫االجتماع ّية‪ ،‬الزراعة‪ ...‬وأصبح املواطن يدرك‬ ‫أن هيئة اإلغاثة‪ ،‬هيئة الزفت‪ ،‬أصبحت الهيئة‬ ‫املُزَ ّفتَة بالرشى االنتخاب ّية‪.‬‬ ‫املصاحلة املسيح ّية التي نادى بها رئيس ت ّيار‬ ‫املردة سليمان فرجن ّية صافحا ً ُمسامحا ً وما ّدا ً‬ ‫اليد إلى اليد التي َغدرت بإهدن‪ ،‬أصبحت مطلب‬ ‫الرافض من أجل ابتزازها واستثمارها انتخاب ّياَ‪.‬‬ ‫الشب فرجن ّية‬ ‫والقيادي في ت ّيار املردة يوسف‬ ‫ّ‬ ‫يُقتل اغتياال ً على يد القوات اللبنان ّية في بصرما‬ ‫ الكورة ألنّه قال في وثائقي اجملزرة واملغفرة على‬‫شاشة الـ‪ ،OTV‬أنا من أطلق النار على سمير‬ ‫جعجع ‪َ ،‬فأطلق عليه النار لتَكبر الئحة الشهداء‬ ‫الذين غدرت بهم الق ّوات اللبنان ّية‪.‬‬ ‫شهداء سنة ‪ 2008‬بكاهم لبنان‪ .‬حزب اهلل ش ّيع‬ ‫الشهيد احلاج عماد مغن ّية‪ ،‬واحلزب الدميوقراطي‬

‫اللبناني ش ّيع الشيخ صالح العريضي‪ ،‬وأطول‬ ‫جنازة كانت لعميد الشهداء فرنسوا احلاج‪.‬‬ ‫في العام ‪ 2008‬أيضا ً حقَّقت املعارضة اللبنان ّية‬ ‫املزيد من االنتصارات في االنتخابات الطالب ّية‬ ‫والنقاب ّية‪ ،‬وفوز القيادي في ت ّيار املردة احملامي‬ ‫أنطوان عيروت بمِ ركز نقيب محامي الشمال‬ ‫اعتبره ت ّيار املستقبل الصفعة األَقوى‪.‬‬ ‫النائب سعد الدين احلريري زار الرئيس عمر‬ ‫كرامي في دارته في بقاع صفرين ‪ -‬الضن ّية‪،‬‬ ‫الرئيس كرامي استقبله والنائب احلريري َقصده‬ ‫وتناسى إشارة النصر التي رآها بيديه بعدما‬ ‫عفا عن قاتل “الرشيد” في اجمللس النيابي‪ .‬وعلى‬ ‫ينس أن يلتقي‬ ‫هامش زيارة احلريري الشمال‪ ،‬لم َ‬ ‫النائب العلوي السابق علي عيد‪ ،‬هو الذي اتّهم‬ ‫كل علوي شمالي بأنه ليس لبنانياً‪.‬‬ ‫ألم نقل لكم سنة ‪ 2008‬كانت سنة اخليبات‪،‬‬ ‫خيباتهم؛ وسنة عودة احلقّ بعد الباطل؛ فأهالً‬ ‫باحلقّ ‪ ،‬ليبقى وطني دائما ً على حقّ ‪.‬‬

‫الفنان جميل مالعب‬

‫“إ ّن ما نعرفه عن املستقبل‬ ‫ال ميكن أن نقيسه‬ ‫إال من خالل املاضي”‬ ‫الفن وسيلة عيش وتعبير خفية للظروف‬ ‫الصعبة‪ ،‬وقد تع ّودنا على الظروف الصعبة منذ‬ ‫بداية احلرب‪ ،‬فال مجال لالختباء‪ ،‬لذلك فأقرب‬ ‫شيء وأسهل طريق لقضاء الوقت وحتييد‬ ‫األزمات هو أن نكتب ونرسم صفحات بيضاء‪،‬‬ ‫نرسم خرائط الوطن ومعالم السالم‪ ،‬بطريقتنا‬ ‫وأسلوبنا‪ ،‬مبوادنا الصامتة‪ .‬ال أحس أن عام ‪2008‬‬ ‫كان مختلفا ً عن األعوام األخرى‪ ،‬دائما ً هناك أزمة‪،‬‬ ‫ودائما ً هناك انفجارات وصدامات وأشالء أيام‪.‬‬ ‫في هذه الظروف‪ ،‬ال حيلة لي سوى العودة الى‬ ‫حناجري الصغيرة أستعني بها لقضاء الوقت‬ ‫والقدر‪.‬‬ ‫الفن بالنسبة لي‪ ،‬ليس وليد ظروف صعبة أو‬ ‫هينة‪ ،‬وال هو وليد مناسبات‪ .‬انه االحتفال بذاته‪،‬‬ ‫بوالدة احلياة والتفاؤل بإشراق األيام ووحيها‪ ،‬وألوان‬ ‫الشفق والسماء‪ ،‬وألوان األرض واألشجار والفصول‬

‫‪93‬‬

‫التي أحس أنها تشمت من صغائر أعمالنا‬ ‫وخالفاتنا وحروبنا الصغيرة البائسة‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫في كل الظروف أنا أرسم‪ ،‬في كل املناسبات أنا‬ ‫أل ّون‪ ،‬وال أنتظر وحيا ً يأتي من أنبياء خذلتنا أفكار‬ ‫أوليائهم وتفسيراتهم للوجود‪ ،‬وضعت لنا قوالب‬ ‫مجمدة حتاول أن جتعل حلريتنا سيوفا ً‬ ‫من الفكر‬ ‫ّ‬ ‫لألفكار‪ ،‬تك ّبل خيالنا وإبداعاتنا وحريتنا‪.‬‬ ‫نحن في لبنان مدينون لطبيعة جميلة‬ ‫ولوطن جميل‪ ،‬ولثقافات غنية ولطقوس حياة‬ ‫متجد احلياة‪،‬‬ ‫طبيعية آتية من أساطير حتاول أن ّ‬ ‫حتاول أن تصنع من اإلنسان إلها ً صغيراً‪ ،‬قبل أن‬ ‫تأتي الديانات اإلسالمية واملسيحية لترهيبنا‬ ‫وتخويفنا من اآلتي‪ ،‬ومن النهايات ومن القيامة‪.‬‬ ‫أحن لإلنسان البدائي الذي يتعامل مع الشمس‬ ‫ّ‬ ‫واهلل مباشرةً‪ ،.‬متحررا ً من وسائل دينية سياسية‬ ‫حتاول أن تقف بينه وبني الوجود‪ .‬أحب اإلنسان‬ ‫عارياً‪ ،‬طفالً حقيقيا ً تستطلع على طريقه من‬ ‫منظار عينيه‪ ،‬وهو املسؤول عن فكره وعن مصيره‬ ‫وعن أحاسيسه أمام صعوبات احلياة‪ ،‬اإلنسان‬ ‫الذي يصنع قدره بيديه‪ ،‬والذي يحفر مستقبله‬ ‫بأنامله‪.‬‬ ‫بالنسبة لرؤيتي لعام ‪ ،2009‬إن ما نعرفه‬ ‫عن املستقبل‪ ،‬ال نستطيع أن نقيسه إال من‬ ‫خالل املاضي‪ ،‬فحياتنا هي سلسلة من األزمات‬ ‫والظروف الصعبة‪ ،‬واحلاالت االستثنائية‪ ،‬واألزمات‬ ‫االقتصادية والسياسية‪ ،‬وحروب الطوائف‪ ،‬فال‬ ‫وقت لي وال أمل لي بتغيير عاجل لهذه الظروف‬ ‫ّ‬ ‫تتحكم مبصيرنا ومستقبلنا والتي نحن‬ ‫التي‬ ‫رهينة لها‪ ،‬كل العالم يتكلم عن أزماتنا‪ ،‬ونحن‬ ‫ال نعرف كيف من ّر بطريقنا بني الرصاص واألخبار‬ ‫الطائشة‪ ،‬والشائعات‪ .‬نشكر اهلل على أنه خلق‬ ‫لنا بلدا ً جميالً إلرسال أوكسجينه غير مع ّلب كي‬ ‫ّ‬ ‫والتنفس أحياناً‪،‬‬ ‫نأخذ حريتنا في األكل والشرب‬ ‫والهرب من وقت آلخر إلى احلقول واملتنزهات‬ ‫التي أصبحت تضيق علينا شيئا ً فشيئا ً نتيجة‬ ‫اإلهمال واحلرائق الكثيرة والنفايات‪.‬‬ ‫أمتنى أن يختلف عام ‪ ،2009‬لعل االنتخابات‬ ‫تخفف من عبء الفجيعة وجتعل الناس يتبارون‬ ‫في تداول األسماء عوضا ً عن تداول اجلبهات‬ ‫واملواقف‪.‬‬

‫الكاتب جان داية‬ ‫“شرشوح القرقة في عاصمة‬ ‫الكتاب”‬ ‫مبا أن الكتاب رمز الثقافة وسج ّلها الذهبي‪..‬‬ ‫وحيث إن الداعي “غزال” ما فتئ يقرأ الكتب‬ ‫ويصدرها في عصر اإلنترنت والفضائيات‪ ..‬وباعتبار‬ ‫أن “بيت الضيق” ال “يسع ألف صديق”‪ ..‬فقد رأيت‬ ‫أن اجلواب يقتصر على الكتاب‪.‬‬ ‫كان العام ‪ 2008‬عام الكتاب و”احلق” يُقال‪.‬‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫لذلك تراوح عدد النسخ الصادرة لكل كتاب‬ ‫بني اخلمسمئة نسخة للكتاب املغمور‪ ،‬واأللف‬ ‫للكاتب املشهور‪ .‬ويعود سر األرقام “الكبيرة”‬ ‫املذكورة إلى اإلقبال اخلرافي على قراءة الكتب‪،‬‬ ‫خصوصا ً على مستوى اجليل “الطالع”‪ .‬وقد ال‬ ‫تتبخر‬ ‫أكون مبالغا ً إذا قلت إن أول مئة نسخة‬ ‫ّ‬ ‫خالل حفلة التوقيع‪ ،‬وهو رقم قياسي‪ .‬تليها‬ ‫مئة أخرى تُهدى للزمالء واألقرباء واألصدقاء‪ .‬أما‬ ‫النسخ الباقية فتُباع‪ ،‬إن شاء اهلل‪ ،‬خالل السنوات‬ ‫العشر التي تلي تاريخ الصدور‪ ،‬والتمديد وارد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملفكرين‬ ‫صحيح أن ظهور األدباء والشعراء‬ ‫شحيح عبر الشاشات الصغيرة‪ ،‬ال يوازي نقطة‬ ‫في بحر حضور محترفي السياسة لعدة ساعات‬ ‫في كل طلعة شمس وط ّلة قمر‪ .‬ولكن ذلك‬ ‫مدروس ومب ّرر‪ .‬فاالستضافة التلفزيونية عندنا‬ ‫ّ‬ ‫الكفار‪ .‬هناك‬ ‫تختلف عن نظيرتها في بالد‬ ‫يدفعون للضيف‪ .‬وهنا كدت أقول يقبضون منه‪.‬‬ ‫وأل ّن الكتّاب الكتّاب “طفرانون” عموما‪ ،‬ناهيك‬ ‫بارتفاع كلفة النقل العام منه واخلاص‪ ،‬فقد رأى‬ ‫املضيفون‪ ،‬االكتفاء باستضافة جنوم السياسة‬ ‫“املقرشني”‪ ،‬لسببني وجيهني‪ :‬الغيرة على ميزانية‬ ‫الكاتب املتواضعة‪ ..‬وتداخل الثقافة بالسياسة‬ ‫بحيث يعتبر الفصل بينهما أصعب من فصل‬ ‫الدبس عن الطحينة‪ ،‬خصوصا ً أن ّ‬ ‫كفة الفلسفة‬ ‫والشعر والتاريخ وعلم االجتماع أرجح مبا ال يقاس‬ ‫على كلفة اإلمناء املتوازن في قاموس معظم‬ ‫ضيوف الفضائيات واألرضيات ‪ -‬بال معنى ‪ -‬من‬ ‫ّ‬ ‫جتار السياسة‪.‬‬ ‫ولنقلب الصفحة على شرشوح القرقة‬ ‫الكتاب ‪ -‬في العام ‪ .2009‬ومن غير جميلة‬‫“االستعانة مبيشال حايك أو مايك فغالي”‪،‬‬ ‫ميكنني التنبؤ مبصير الكتب الذي أراه شبيها ً‬ ‫مبصير الديناصورات‪ ،‬وما يعزّز االستشراف‪ ،‬إعالن‬ ‫وزارة الثقافة أن بيروت في العام اجلديد ستتحول‬ ‫من عاصمة لبنان إلى عاصمة الكتاب‪ .‬وهكذا‬ ‫رأيتني أقول لكتابي اجلديد “لكم جبرانكم ولي‬ ‫جبراني” الصادر في ‪“ 2009/1/1‬أول دخوله شمعة‬ ‫طوله”‪.‬‬ ‫وكم سيكون املشهد الثقافي رائعا ً حني‬ ‫يشاهد املؤلفون‪ ،‬بعيون دامعة‪ ،‬جماهير القراء‬ ‫وهم ينتظرون دورهم لشراء الكتب اجلديدة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والقدمية أيضاً‪ .‬صحيح أن معظمها سيكون‬ ‫ّ‬ ‫املصفاية‪ .‬ولكن‬ ‫واجملدرة‬ ‫مختصا ً بعل َمي األبراج‬ ‫ّ‬ ‫األصح أن لكل دولة رجلها‪ .‬فالعصر الذي كانت‬ ‫فيه كتب الفلسفة وعلم االجتماع والتاريخ‬ ‫والشعر والرواية ور ّفات األجنحة‪ ،‬تصول وجتول‪،‬‬ ‫وال يتجرأ على أن يتغزّل أحد بكحل عينيها‬ ‫اجلميلتني‪ ،‬قد و ّلى‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬أختم بهذه النصيحة املساوية لقافلة‬ ‫من اجلمال‪ ،‬واملوجهة إلى كل غزال مص ّر على‬ ‫إصدار كتب ال تتمحور على الطبخ والنفخ‬ ‫وفيفي عبدو وزُحل والتنبؤ برحيل لبناني شهير‬ ‫له من العمر ‪ 99‬عاما ً ما عدا السهو والغلط‪،‬‬ ‫وهي كناية عن بيت شعر‪-‬بكسر الشني‪ -‬للشاعر‬ ‫املبدع والثائر األكثر إبداعا ً محمد يوسف حمود‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حطم يراعك وامتشق نبوتا‬ ‫أنسيت أنك أنت في بيروتا‬

‫الشاعرة نور سلمان‬

‫مخاض عاصف من غير‬ ‫“سنة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مؤشرات لوالدة مبشرة”‬ ‫مخاض عاصف من غير مؤشرات‬ ‫إنها سنة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مبشرة‪ ،‬سنة أوجاعها كثيرة‪ ،‬الضحايا‬ ‫لوالدة‬ ‫فيها أحياء وأموات كثر‪ ،‬يكاد كل مواطن لبناني‬ ‫من الطبقة الوسطى املتدنية حتى الفقيرة أن‬ ‫يكون ضحية بالده‪ .‬وإذا سألتموني كيف وملاذا؟‬ ‫يتدفق جوابي عليكم بكالم االحتجاج الصارخ‪،‬‬ ‫فالوطن اجلميل الرائع لبنان أصبح عاجزا ً عن‬ ‫أن يحتضن أبناءه ما عدا أهل السلطة والقرار‬ ‫واألغنياء وامليسورين والقابضني على أقداره الذين‬ ‫يدعون أنهم هم لبنان‬ ‫احتشدوا في الواجهات ّ‬ ‫مباضيه وحاضره ومستقبله ال سمح اهلل‪ ،‬ألننا‬ ‫أصبحنا نعيش على أمل مستقبل يحمل إلينا‬ ‫إصالحا ً وتطورا ً وتطويراً‪ ،‬وإمناء وتنمية تالمس‬ ‫كلها األعجوبة‪ .‬تُرى أيشهد لبنان نظاما ً علمانيا ً‬ ‫يكون الدين فيه في مرتبته السامية فال يدخل‬ ‫الدين البازار السياسي؟ وأود أن أن ّوه بكل إجالل‬

‫‪94‬‬

‫إلى رسائل سماحة املرجع العالمة السيد محمد‬ ‫حسني فضل اهلل الذي هو بحق قطب بارز من‬ ‫أقطاب الفكر الروحي والوطني في لبنان وفي‬ ‫العالم العربي كما في الشرق اإلسالمي‪.‬‬ ‫إن رسالة الدين يجب أن يكون بيد َمن أرادوا‬ ‫الدين حتررا ً من الفساد والزيف واالزدواجيات‪ ،‬واملنبر‬ ‫الديني يكاد يكون أرض اهلل احلرام طهارة ونزاهة‬ ‫ومع كل هذا تألقا ً فكريا ً للحاضر وللمستقبل‪.‬‬ ‫هل سيتحرر فقراؤنا من قلق ينهشهم نهشاً؟‬ ‫واملرأة عندنا هل سيرتاح كيانها املعطاء في الدور‬ ‫الذي تستحقه‪ ،‬أي دور املشاركة في إحياء الوطن‬ ‫وإنقاذه وتدبير أموره؟ إن املرأة في لبنان تستحق‬ ‫الكثير وال متلك إال القليل‪َ ،‬من املسؤول عن كل‬ ‫هذا؟ هي أوال ً وأهل القرار أوال ً وأوال ً أيضاً‪.‬‬ ‫في لبنان اليوم أكثر من وجه نسائي تفخر به‬ ‫املرأة اللبنانية ولبنان الوطن واإلنسان‪ ،‬السيدة‬ ‫بهية احلريري التي برزت إلى الساحة متشحة‬ ‫ببياض هادئ رصني ومتسلحة بجدية فيها‬ ‫الكثير من الزهد‪ .‬والسيدة الرائعة ليلى الصلح‬ ‫مثابرة واتزان وأناقة متكتّمة وحضور سخي لكل‬ ‫لبنان‪ ،‬ليلى الصلح حمادة منوذج املرأة التي تفيض‬ ‫محبة وعطاء جدياً‪ .‬وفي هذه املناسبة أح ّيي‬ ‫نساء لبنان املتألقات فكرا ً وعلما ً ونضاال ً ومن‬ ‫بينهن السيدة أمال ك ّبارة شعراني التي انتخبت‬ ‫ّ‬ ‫رئيسة اجمللس النسائي اللبناني‪ .‬وأعود إلى األزمة‪،‬‬ ‫إن شبح العجز املالي ما زال يخيم علينا بقلق آخر‬ ‫وال نعرف كيف هذا العجز وال كيف سيصبح‪ .‬أما‬ ‫في الثقافة التي تعنيني كثيراً‪ ،‬فال أجد لها دورا ً‬ ‫في لبنان ليكون هو عرشا ً بثقافة تصل بإشراقها‬ ‫إلى كل أطراف العالم‪ .‬الق ّيمون على الثقافة إما‬ ‫هم غرباء عنها أو هم عاجزون مك ّبلون أو غارقون‬ ‫في حداثة معوملة يتخ ّبطون فيها كاللقطاء‪،‬‬ ‫فاحلداثة لن تقوى يوما ً على اجلذور املتأصلة‬ ‫في الكيان‪ .‬وأما التجدد املتك ّلف فهو إما كنار‬ ‫القش أو كأمواج البحر تعلو وتهبط‪ .‬أمتنى على‬ ‫الصفحات الثقافية في كل وسائل اإلعالم املقروء‬ ‫واملسموع أن توصل رسالة األدب‪ ،‬واألدب في البالد‬ ‫املتخ ّلفة كبالدنا رسول‪.‬‬ ‫من أحداث السنة معرض الكتاب العربي‬ ‫الدولي‪ ،‬إنه املعرض األول في تاريخ لبنان الثقافي‪.‬‬ ‫أطرح السؤال بحسرة‪ :‬هل مسيرته في صعود أم‬ ‫أنه يساير األيام في االنحدار؟ كنت أمتنى عليه أن‬ ‫يطرح القضايا التي تهم الوطن وته ّز سواكنه‬ ‫على الصعيدين الثقافي والعلمي‪ ،‬وأن تكون‬ ‫منابره عامرة بالوجوه التي لها الفضل الكبير في‬ ‫تنمية األدب والعلم والبحث واإلبداع بصورة عامة‪،‬‬ ‫أترحم على مؤسسي النادي‬ ‫لن أطيل لكنني‬ ‫ّ‬ ‫الثقافي العربي‪ ،‬رواد الوطنية والفكر والثقافة‪.‬‬ ‫إنني ال أجتاهل أبدا ً معارض الكتاب األخرى في كل‬ ‫مناطق لبنان كانطلياس مثالً والضاحية اجلنوبية‪،‬‬ ‫لكنني أمتنى لها زيادة في النشاط‪ ،‬أمتنى أن تنال‬ ‫دعما ً وتشجيعا ً من حكومة لبنان‪.‬‬ ‫في السياسة كان انتخاب رئيس جمهورية‬ ‫جديد للبنان حدثا ً كبيرا ً شغل العالم‪ ،‬أهي لعنة‬


‫انشغال العالم بنا أم نعمة؟ رئيس جمهوريتنا‬ ‫اجلديد العماد ميشال سليمان يحمل عبئا كبيرا‪،‬‬ ‫إنه ر ّبان سفينة بحرها ال يستكني لكن الرئيس‬ ‫باتزانه وحكمته ونظافة رؤيته السياسية‬ ‫والعسكرية ال بد أن يجعل السفينة مركبا ً‬ ‫يسير ولو ببطء نحو اخلالص‪ .‬وأما زيارة العماد‬ ‫ميشال عون لسوريا الشجاعة والرائدة‪ ،‬فلم تكن‬ ‫انتقاصا ً الستقالل لبنان بل أ ّدت بصورة خاصة‬ ‫إلى جتذر املسيحية في الشرق وإشراقها على‬ ‫الغرب وكل العالم كما اإلسالم‪ ،‬وأضاء على دور‬ ‫القديس مارون في متتني دعائم املسيحية بالزهد‬ ‫واإلميان األصيل‪ ،‬كما ّ‬ ‫أكدت أن مرجع املارونية‬ ‫قديس عظيم ث ّبت دعائم املسيحية الشرقية‬ ‫التي كان للبنان حصته الكبرى فيها‪ .‬املارونية‬ ‫ليست مذهبا ً انعزاليا ً بل مذهب إميان ثابت‬ ‫عريق‪ .‬أما العالم العربي فجروح كبيرة تنزف من‬ ‫خاصرته وقلبه العراق جرح كبير وغزة جرح كبير‬ ‫آخر‪ .‬وأما منتظر الزيدي فإنه جنم كبير في تاريخ‬ ‫العرب احلديث‪ ،‬وهذا التاريخ الذي ينبغي أن ينطق‬ ‫شعوبه ال حكامه وحدهم‪ .‬منتظر الزيدي صرخة‬ ‫قالت احلقيقة واحلقيقة جارحة طبعاً‪ ،‬وماذا أقول‬ ‫عن حرية الرأي في عاملنا العربي؟ لم تقم قائمة‬ ‫هذا العالم إذا بقيت أصوات أحراره ومظلوميه‬ ‫مخنوقة مضطهدة ومغ ّيبة‪.‬‬ ‫أما على الصعيد الشخصي فكان صدور‬ ‫كتابي “الهجرة على الورق” نتيجة مخاض محبة‬ ‫محفوفة باحلسرة واخليبة والغربة‪ ،‬لكنه بأوراقه‬ ‫مصر على التمسك بأهداب احلب واحملبة التي هي‬ ‫ّ‬ ‫مفتاح كل باب‪ .‬وأخيراً‪ ،‬أنا امرأة حاملة أثق إلى‬ ‫حد كبير بأحالمي‪ ،‬أحلم بانتخابات نيابية يتّسع‬ ‫اجملمدة‪،‬‬ ‫صدرها بقدر إمكان نصوصها القانونية ّ‬ ‫ويتّسع للوجوه اجلديدة التي ستسعى من غير‬ ‫شك إلى بناء لبنان علماني يحقق الرسالتني‬ ‫برسالته الروحية ورسالته الوطنية اإلصالحية‪.‬‬ ‫حقهن في إدارة‬ ‫أحلم بنساء من بالدي ينلن‬ ‫ّ‬ ‫شؤون البالد‪ ،‬أحلم ببقاء االختالف باآلراء من غير‬ ‫ّ‬ ‫الوصول إلى االختالف النازف دما ً‬ ‫وامللطخ بالبارود‪،‬‬ ‫فاالختالف حق‪ .‬أحلم بسالح يؤمن للفقير‬ ‫حقوقه‪ ،‬وخصوصا ً الطفل‪ .‬وكل عام وأنتم بخير‬ ‫في دنيانا‪.‬‬

‫أمني سر املكتب السياسي‬ ‫في تيارالتوحيد اللبناني‬ ‫الشاعر حافظ أبي املنى‬ ‫قضيتنا الفكرية والعام اجلديد‬ ‫بإطاللة هذه السنة اجلديدة‪ ،‬ال بد لنا من وقفة‬ ‫مع الذات‪ .‬وقفة نستعرض فيها األخطاء كما‬ ‫نق ّيم فيها املواقف‪ .‬فالفكر الذي ينبثق منه تيار‬ ‫التوحيد اللبناني يتوجه نحو بناء لبنان مختلف‬ ‫عما هو عليه‪ ،‬فكر يتحرر من عقلية “ثقافة‬

‫القناصل” التي سادت وتسود لبنان منذ أكثر من‬ ‫مئة وخمسني سنة‪ .‬تلك الثقافة التي كرست‬ ‫األفكار الطائفية املسبقة والتي أدت إلى الرؤية‬ ‫الروتينية اجلامدة في الطوائف واألديان‪.‬‬ ‫وقد تبدو هذه املهمة شبه مستحيلة‪ ،‬ألن‬ ‫الذهنية اللبنانية ال تزال رهينة تصورات تاريخية‬ ‫وتيارات فكرية معقدة‪ ،‬احتوت مع مرور األيام‬ ‫على أحداث عنف كثيرة‪ ،‬كما هي في الوقت‬ ‫نفسه وليدة نظام وقانون يؤمن استمرار العقلية‬ ‫الطائفية من حيث النظر إلى مصير لبنان‬ ‫واملنطقة‪.‬‬ ‫واألسطورة التي نشأت عند اللبنانيني‬ ‫الرافضني إلمكانية التغيير هي في أن الطائفة‬ ‫في لبنان حتمي الفرد وتؤمن مقومات وجوده‪،‬‬ ‫والنظام الطائفي السياسي املعمول به حاليا ً‬ ‫هو مصدر أمان وراحة بال‪ .‬والصورة عند الكثير‬ ‫من هؤالء هي في أن زوال هذا النظام سيشكل‬ ‫كارثة ويفتح الباب أمام اجملهول وقد يسبب‬ ‫حكم أغلبية طائفية معينة على طوائف اخرى‬ ‫بأساليب غير دميوقراطية‪.‬‬ ‫الغريب في األمر أننا لم نرَ في تاريخ لبنان‬ ‫املعاصر منذ نشأة النظام الطائفي ما يثبت‬ ‫وجهة النظر هذه‪ ،‬بل نرى أن تسييس الطوائف‬ ‫وربطها بامور احلكم هي من العوامل الرئيسية‬ ‫التي جلبت الفنت واملذابح الطائفية‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫جتذر العوامل اخلارجية التي أسهمت في تطور‬ ‫الكيان اللبناني‪ ،‬بشكل يجعل من الصعب على‬ ‫اللبنانيني االنفصال عنها أو الوقاية من تأثيراتها‪.‬‬ ‫كل الطوائف دخلت في املعاناة وتعرضت‬ ‫لالنتقادات والتهجم وزاد تع ّلق زعمائها باخلارج‪ .‬بل‬ ‫أكثر‪ ،‬فقد أصبح اللبناني اليوم يشعر بأن العيش‬ ‫املشترك الذي كان أمرا ً طبيعيا ً بني املسلمني‬ ‫واملسيحيني أمسى اليوم معاناة مضنية‪ ،‬بعدما‬ ‫متّ تنظيم احلياة السياسية في البالد على أساس‬ ‫االنتماء الطائفي‪ .‬ويبدو أن في أذهان هؤالء الذين‬ ‫يقفون بوجه التغيير التباسا ً فكريا ً كبيرا ً حول‬ ‫حقوق الطائفة وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫فكما أن حق الطائفة ال ميكن أن يزدهر في‬ ‫غياب تأمني احلقوق الفردية ألبنائها‪ ،‬فإن احلق‬ ‫األهم للطائفة ينحصر بديهيا ً في حق األفراد‬ ‫في املمارسة الدينية واملذهبية احلرة‪ ،‬كما كانت‬ ‫احلال في العصور السابقة للعصر احلديث‪ .‬علما ً‬ ‫أن احلرية هذه هي التي سمحت بتكوين الطوائف‬

‫‪95‬‬

‫في جبال لبنان ومدنه وهي نفسها التي سمحت‬ ‫بالتعددية التي نراها اليوم في لبنان‪.‬‬ ‫فماذا ينفع الطوائف دخولها احللبة السياسية؟‬ ‫وماذا ينفعها اكتساب احلقوق في إدارة احلكم إذا‬ ‫ما نتج من ذلك تع ّرض أبنائها للخطر واستبدال‬ ‫العيش املشترك الطبيعي الهادئ مبعاناة التعايش‬ ‫واخلوف من اآلخر؟‬ ‫مما ال شك فيه أن منح الطوائف احلقوق‬ ‫في إدارة الدولة قد أدى باملمارسة إلى احلد من‬ ‫احلرية الشخصية‪ ،‬كما ساهم في عدم تطبيق‬ ‫مبدأ املسؤولية واحملاسبة حيث جند اليوم وبعد‬ ‫‪ 150‬سنة من احلكم الطائفي أن البعض من‬ ‫اللبنانيني ينسون أن الطائفية هي في اجلوهر‬ ‫إطار روحي للفرد‪ ،‬وهو بالتالي ليس إطارا ً حصريا ً‬ ‫يجب أن يحول دون إمكانية العمل في إطارات‬ ‫روابط اجتماعية الطائفية‪.‬‬ ‫أما إذا حت ّولت الطائفية إلى جسم سياسي‬ ‫كما هي اليوم في لبنان‪ ،‬فاحلقوق الفردية تصبح‬ ‫رهنا ً مبا ينجزه زعماء الطوائف وسلطاتها‬ ‫الرسمية من مكاسب ومغامن تأتي من إدارة الدولة‬ ‫ومرافقها العامة واخلاصة‪ .‬حيث تخسر الكفاءة‬ ‫واألهلية أهميتهما في الصراع على احلصول على‬ ‫الوجاهة والزعامة‪ .‬وتصبح املزايدة الطائفية‬ ‫املنمق عن التعايش قاعدة‬ ‫واستعمال الكالم‬ ‫ّ‬ ‫للتنافس على السلطة وتبوء املراكز‪ ،‬فتصبح‬ ‫حقوق األفراد محاصرة من زعماء الطوائف‪.‬‬ ‫بهذا‪ ،‬جند أن هناك تناقضا صارخا بني حق‬ ‫اإلنسان املواطن وتكريس احلق السياسي‬ ‫تتجسد حقوق املواطن‬ ‫للطائفة‪ ،‬حيث ال ميكن أن‬ ‫ّ‬ ‫إال عبر انتمائه القانوني لطائفة من الطوائف‬ ‫املك ّرس وجودها في القانون والنظام السياسي‬ ‫للدولة‪ .‬وذلك ما يجعل صعوبة كبيرة في حتديد‬ ‫املسؤولية واحملاسبة عند أخطاء القادة والزعماء‪.‬‬ ‫في مثل هذا االلتباس يصبح كل َمن ال يؤيد‬ ‫الزعيم الطائفي متنكرا ً لطائفته ويُنظر إليه‬ ‫على أنه غير أمني وغير مخلص وصاحب فتنة‪.‬‬ ‫إن أبناء الطائفية في رسالتها األساسية‪،‬‬ ‫أي في مساعدة اإلنسان في الشؤون الروحية‬ ‫يتم بإبعادها‬ ‫واألخالقية ونشر اإلميان يجب أن ّ‬ ‫عن لوثة السياسة ومشاكلها‪ .‬فنظام حقوق‬ ‫الطوائف املعمول به حاليا ً ال يؤدي باحلقيقة إلى‬ ‫احلفاظ على الطوائف وصون كرامة أبنائها كما‬ ‫يعتقد بعض املدافعني عن النظام السياسي‬ ‫احلالي‪ ،‬بل يؤدي إلى ضياع هذه احلقوق ملصلحة‬ ‫انتاج زعامات إقطاعية تستغل وجود الطوائف‬ ‫للبقاء في احلكم واحلفاظ على امتيازاتها‬ ‫ومصاحلها دون مراقبة أو محاسبة من أحد‪.‬‬ ‫فهل سنتمكن من إقناع اآلخرين بأن التغيير‬ ‫لن يعرض البالد إلى الدخول في اجملهول كما صور‬ ‫لهم خوفهم من الواقع؟‬ ‫هذا ما نود أن منارسه بقوة في العام اجلديد‬ ‫القائم‪ ،‬واهلل ولي التوفيق‪.‬‬

‫اعداد ‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫الشاعر نعيم تلحوق لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫مجموعتي «يرقص كفراً» أثارت نقمة المتشددين دينياً‬ ‫ال يزال الوسط الثقافي‪ ،‬بالرغم من‬ ‫ّ‬ ‫املتقلب‪ ،‬يحوي كبار‬ ‫الوضع السياسي‬ ‫الشعراء واألدباء واملفكرين والك ّتاب‪.‬‬ ‫فالثقافة بح ٌر ال نهاية له‪ ،‬ننهل منه املعرفة‬ ‫فيبقى معطا ًء كرمياً‪ .‬هي ثقافة الشعوب‪،‬‬ ‫وأفكار أدبائنا‪ ،‬وهو “نعيم تلحوق” الذي‬ ‫عندما تلتقي به للمرة األولى‪ ،‬تُعجب‬ ‫بطريقة تفكيره وتقييمه لألشياء‪ ،‬وال تكاد‬ ‫تلمس إحدى مجموعاته حتى تصبح لديك‬ ‫الرغبة باستكمال القراءة حتى الصفحة‬ ‫األخيرة‪ .‬تتعمّ ق في أفكاره لترى الشاعر‬ ‫املتناول جميع أمور احلياة‪ ،‬من اجلمال واحلب‪،‬‬ ‫إلى الوطن‪ ،‬ومن ثم إلى املقدسات والصالة‪،‬‬ ‫فهو الذي لطاملا تساءل‪:‬‬ ‫“قولكن‪ ،‬جبريل بعدو منتظر شي أمر‪،‬‬ ‫مبعجزي من خالقو‪ ،‬بتطلع أنا‪..‬‬ ‫دخلكن‪ ،‬ليش زرع آياتو عابور‬ ‫األدبي والشعري في الوسط الثقافي‪ ،‬فال يهاب مساعدة األجيال‬ ‫وسحب كرسة التنور من حتت النبي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلديدة على التقدم وإثبات نفسها‪ .‬كتاباته تعبير عن معرفته‪،‬‬ ‫وقللو بتكتب وعي بأرض احلكي‪،‬‬ ‫وكل كتاب يبينّ حالة من حاالته كما يقول‪ ،‬إذ نراه كتب في “أظنه‬ ‫وقبلها ترك مسامير مصلوبي عاخشب‪،‬‬ ‫وشقفة قماش مبقبرة‪ّ ،‬‬ ‫وحدي”‪:‬‬ ‫وقللو‪ :‬انتظر‪،‬‬ ‫ما بتطلع غير ما ّ‬ ‫‪ ...‬قالوا‪ :‬ملَن تشكو إذاً؟! قال‪ :‬أشكو لظني‪ ،‬لوحدي‪،‬‬ ‫قلك هال؟!‬ ‫لوحدة ظني‪ ،‬لظنه وحدي‪ ،‬ألنه مني‪ ،‬يعرف عني‪،‬‬ ‫هو ابن مدرسة “أنطون سعادة”‪ ،‬لديه نظرة مختلفة عن‬ ‫أنه أني‪ ،‬وحده وحدي‪ ..‬وأني عليه أقرأ علمي‪،‬‬ ‫كل الشعراء‪“ ،‬نظرة جديدة للحياة والكون” كما يقول‪ ،‬أفكار ال‬ ‫يخفيها في داخله‪ ،‬بل يظهرها للعالم بأكمله‪ٌ ،‬‬ ‫فيدرك أن مثله مثلي‪ ،‬وشكله شكلي‬ ‫واثق من موقعه‬ ‫وبعضه بعضي‪ ،‬وأنه بي‪ ،‬يحمل وحده‪،‬‬ ‫ليصبح وحدي‪..‬‬ ‫لم تستطع مجلة “منبر التوحيد” في منبرها الثقافي غض‬ ‫الشاعر هو إنسان يقارب اهلل في مجاراته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الطرف عن أفكاره املميزة ومجموعته اجلديدة “يرقص كفرا”‪،‬‬ ‫ألن هدف الشعر هو البلوغ اإلنساني‪،‬‬ ‫فالتقت الشاعر “نعيم تلحوق”‪ ،‬املسؤول الثقافي السابق في‬ ‫احلزب السوري القومي االجتماعي‪ ،‬ومسؤول إعداد مسابقة الشعر‬ ‫الشعر ليس كتابة حروفية فحسب‪،‬‬ ‫والقصة القصيرة للطالب في وزارة الثقافة‪ .‬فأفاض بثقافته‬ ‫بل هو حالة ابتكار املفردة كي تصنع ذاتها‬ ‫ومعرفته األدبية على صفحاتها‪ ،‬وكان هذا احلوار‪:‬‬

‫لديك موسوعة كبيرة من الكتب‪ ،‬ما هي آخر انتاجاتك األدبية‬ ‫والشعرية؟‬ ‫آخر إنتاج صدر لي هو “يرقص كفراً”‪ ،‬اجملموعة الثانية التي كان عنوانها‬ ‫موضع اهتمام بعض الناس الذين يعتبرون أنفسهم معنيني بالثقافة‪ ،‬كيف‬ ‫جانب آخر‪ ،‬أثار العنوان نقمة بعض املتشددين من اجلانب‬ ‫يرقص كفراً؟ من‬ ‫ٍ‬ ‫الديني ومن بعض املؤسسات اإلعالمية التي تتبع للمؤسسات الدينية‪ .‬أنا‬ ‫أحاول منذ اجملموعة األولى أن ألعب لعبة التقومي‪ ،‬بداية الوجود في ظن “ابن‬ ‫عربي”‪“ ،‬هو” و “هي”‪ ،‬يبدأ هو أي “الهو” في املنطق الصوفي‪ ،‬ثم أخرجها‬ ‫أقمت فكرة “قيامة العدم” في اجملموعة‬ ‫من ضلعه‪ ،‬فكانت “الهي” أي هي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫األولى‪“ ،‬هي القصيدة األخيرة” اجملموعة الثانية‪“ ،‬لكن ليس اآلن” اجملموعة‬

‫أنا ابن نهضة وأؤمن بأن هذه النهضة‬ ‫يجب أن تصل إلى جميع الناس‪،‬‬ ‫ليس هناك شاعر عظيم مبعنى العظيم بنفسه‪،‬‬ ‫فالشاعر هو الذي يخلقه العالم من حوله‪ ،‬والذي يبقى‬ ‫في الذاكرة قدماً ال أن يكون في مرحلة واحدة‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪96‬‬


‫الثالثة‪“ ،‬وطن الرماد” اجملموعة الرابعة‪“ ،‬هو األخير” اجملموعة‬ ‫اخلامسة‪ .‬إذا ً‬ ‫بدأت هذه اجملموعات بعبارة “هي”‪ ،‬وأنهيتها‬ ‫ُ‬ ‫بعبارة “هو”‪ .‬ثم انتقلت إلى مجموعة أخرى على طريقة “ابن‬ ‫عربي”‪ ،‬أن أقلب اآلية‪ ،‬فتكون النتيجة أن أبدأ بـ”هو” وأنتهي‬ ‫بـ”هي”‪ ،‬إلعادة تقييم الكون كما كان‪ ،‬فكانت مجموعات‬ ‫“أظنه وحدي”‪“ ،‬يغني بوحاً”‪“ ،‬يرقص كفراً”‪“ ،‬لكن جسدها”‪،‬‬ ‫“شهوة القيامة”‪ .‬هكذا تشكل كل خمس مجموعات عنوانا ً‬ ‫واحداً‪.‬‬ ‫ملاذا هذه الطريقة في إصدار مجموعاتك؟‬ ‫هذه من ضمن خطة كي أقول للقارئ إنه يجب أن يتابع‪.‬‬ ‫وألني أحترم خصوصية القارئ‪ ،‬باعتبار أنني أحترم نفسي‬ ‫وجدت أنه من الضروري أن أخلق‬ ‫انطالقا ً من خصوصيته‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أصدرت مجموعة‬ ‫هذه العالقة املستمرة بيني وبينه‪ ،‬وكلما‬ ‫ُ‬ ‫أحتاج إلى تفسير جديد‪ ،‬وهذا حكما ً أكتشفه عند القارئ‬ ‫الذي ال يقرأ‪ ،‬أي الذي يحابيني جملرد أنني صديقه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وصلت إليه في‬ ‫كيف سيتمكن القارئ من معرفة ما‬ ‫كل مجموعة؟‬ ‫في كل مجموعة أضع “كلمة ال بد منها”‪ ،‬حيث أشرح‬ ‫فيها للقارئ كي ينتبه أين وصلت‪ .‬فكل عنوان يحوي حالة‬ ‫من حاالت نعيم تلحوق األدبية والشعرية‪ .‬هذا اللعب متعب‬ ‫ورمزي وله دالالت نتيجة قراءاتي الفكرية واألدبية‪ ،‬التي بدأت‬ ‫من سن الثالثة عشرة في الفلسفة‪ ،‬وبقيت حتى سن‬ ‫الثامنة عشرة‪ .‬كانت قراءاتي تتجه مبعان أخرى‪ ،‬فأصبح‬ ‫األدب بنظري “مادة هيولية” ألضع إسقاطي الفلسفي‬ ‫داخلها ألنه في البداية كانت الفلسفة‪ .‬والفن الثاني هو‬ ‫الشعر‪ ،‬اجلمال‪ ،‬والقدرة على استنباطه‪ .‬لهذا ش َعر البعض‬ ‫بأن كتاباتي هي مزيج بني الفلسفة والشعر‪ .‬اجملموعة اآلتية‬ ‫“لكن جسدها” وهو يحكي عن جسد‬ ‫بعد “يرقص كفراً”‪ ،‬هي‬ ‫ّ‬ ‫املرأة‪ ،‬كلها تداعيات لكن بطريقة رمزية وصوفية ليست‬ ‫مباحة ومستباحة كما يكتب اآلخرون عن اجلنس‪ ،‬فاملوضوع‬ ‫ليس حتديدا ً جنسياً‪ ،‬بل هناك جنس مبقاربات جميلة للحياة‬ ‫والفن والوجود‪ ،‬ألنني صاحب مدرسة تعتمد نظرة جديدة‬ ‫إلنسان جديد ميكن أن تنفتح أمامه آفاق اسمها “النظرة‬

‫اجلديدة إلى احلياة والكون واألرض”‪ .‬أقمت على نفسي “احلد”‬ ‫على طريقة “حد حمزة بن علي واحلاكم بأمر اهلل”‬ ‫مبعنى أنه يجب أن أقيم ذاتي في مشروع‪،‬‬ ‫كأن أجعل منه حركة ومعنى‪.‬‬ ‫ففي “أظنه وحدي” يتكلم‬ ‫نعيم تلحوق عن خالص‬ ‫معرفته‪ ،‬في “يغني‬ ‫بوحاً” خالص معرفته‬ ‫األخرى‪ ،‬وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫هذه املقاربات هي التي‬ ‫تدخلني في عالم ومفهوم‬ ‫األدب والشعر املرتبط بعنوان‬ ‫فلسفي‪ ،‬بحيث أنني دائما ً بحاجة‬ ‫إلى أن أسأل‪ :‬كيف‪ ،‬متى‪ ،‬أين‪ ،‬ملاذا؟‬ ‫هذا مشروعي الكبير‪“ ،‬محور احلياة‬ ‫نحو احلرية” كي ال أفقد معناي‪ ،‬ولهذا‬ ‫أترك القارئ يساجلني ويواكبني عبر‬ ‫هذه األشياء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خاصة‬ ‫إلى أي مدرسة شعرية تنتمي‪،‬‬ ‫أننا نالحظ أنك اخترت الشعراحلديث؟‬ ‫بدأت بكتابة التفعيلة‪ ،‬لكن‬ ‫في األساس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وجدت‬ ‫حني ُحصرَت التفعيلة في إطار معني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أ ّن ترجمة النص صعبة‪ ،‬ألن الشعر في النهاية‬ ‫إنساني‪ ،‬إذ ال ميكن أن يكون هناك شاعر اجلنوب‬ ‫وشاعر اجلبل‪ ...‬فالشاعر هو إنسان يقارب اهلل في‬ ‫مجاراته‪ ،‬يتكلم معه حينا ً كالوحي والنبي‪ ،‬فهذا‬ ‫العالم هو خارج العالم املوضوعي الذي‬ ‫ننتمي إليه‪ ،‬إذ قد ينتمي الشاعر‬ ‫إلى عالم تفكيكي آخر هو‬ ‫ما بعد احلياة التي نحياها‪.‬‬ ‫لهذا‪ ،‬كانت أفضل قصيدة‬ ‫لكي نقول لغ ًة واحدة‪،‬‬ ‫فقصيدة النثر تُترجم بسهولة‪،‬‬ ‫وميكن لآلخر أن يفهم ماذا أقول‬ ‫عبر هذه الترجمة‪ ،‬ألن هدف الشعر‬ ‫اعتمدت‬ ‫هو البلوغ اإلنساني‪ ،‬لهذا‬ ‫ُ‬ ‫القصيدة احلرة أو قصيدة النثر‪ ،‬مع‬ ‫بعض الضوابط التي أعتمدها في سياق‬ ‫الترجمة املوضوعي الذي ميكن أن يصل إلى‬ ‫أكبر عدد ممكن من الشريحة الكونية بكل‬ ‫لغات العالم‪.‬‬ ‫نالحظ أن الناس ابتعدت عن الشعر‪ ،‬إذ نرى‬ ‫الكتب الشعرية في األسواق‪ ،‬ولكن ال نلحظ‬ ‫االهتمام الالزم بها‪ ،‬ملاذا ّ‬ ‫خفت برأيك احلماسة‬ ‫للقراءة؟‬ ‫ألن اخلوف يكون دائما ً على عقدة مركزية هي االنغماس‬ ‫في املادة‪ ،‬فالشعر مادة لكنه في جوهره “هيولى” لالستمرار‬ ‫في احلياة‪ ،‬هو األمل واحلب والوجود بك ّليته‪ ،‬إذا ً حني نعطي‬ ‫شخصا ً مادة إلشباع غريزته‪ ،‬يفقد عنصر الهيولى األدبي‬ ‫والشعري املعني باجتاهه‪ .‬إذا ً حني فقدنا النظر والسمع‬ ‫والذاكرة‪ ،‬سار من الصعوبة إيجاد الشعر خارج هذه األشياء‪،‬‬ ‫ألن عناصر الشعر الرئيسية هي ثالثة‪ :‬اإليقاع والفكرة‬ ‫والصورة‪ .‬حني تنعدم هذه األشياء الثالثة من احلياة البشرية‬ ‫ال يبقى وجود للشعر‪ .‬ليس الشعر كتابة حروفية فحسب‪،‬‬

‫‪97‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر ثقافي‬ ‫بل هو حالة ابتكار املفردة كي تصنع ذاتها‬ ‫وتقيم مكانا ً آخر غير املكان الذي نحن‬ ‫فيه‪ .‬فال أحد يفهم القصيدة إال إذا استوى‬ ‫إيقاعه الداخلي مع إيقاعي‪ ،‬فتسقط عليه‬ ‫مبلغا ً قوياً‪ ،‬ألنني حاكيته من الداخل‪ ،‬لذلك‬ ‫فاللغة ليست الشعر بل هي أداة إليصاله‪،‬‬ ‫فليست كل كتابة شعراً‪ .‬الشعر احلقيقي‬ ‫مبلغه اإليقاع الذي يختلف متاما ً عن النبض‬ ‫أو املوسيقى‪ ،‬ألن هدف الشعر هو كشف‬ ‫اجلمال‪ .‬ومبا أنه يبحث عن اجلمال‪ ،‬فهو يقع‬ ‫خلف املوضوع‪ ،‬أي في الغامض واجملهول‬ ‫واحللم واالبتكار ليصل إلى جدل أكبر وأبهى‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فأنا ال أرى أن الشعر قد ّ‬ ‫خف بل هو‬ ‫موجود في هذا الكون‪ ،‬لكن الذي ّ‬ ‫خف هو‬ ‫َمن يريد قراءته‪ ،‬وسوء الفهم ملعنى الشعر‪.‬‬ ‫برأيك‪ ،‬هل انتهى زمن الشعراء مع موت‬ ‫محمود درويش ومحمد املاغوط وغيرهما؟‬ ‫كما ال ينتهي الشعر‪ ،‬كذلك ال ينتهي‬ ‫الشاعر العمالق‪ .‬فـ”بابلو كويللو” وقع‬ ‫في حادثة بسيطة جدا ً وأصبح اآلن أكبر‬ ‫قدر‬ ‫روائي عاملي‪ ،‬وهو لم يزل متواضعا ً ألنه ّ‬ ‫أن الصدفة هي التي جعلته كبيراً‪ .‬محمد‬ ‫املاغوط ويوسف اخلال وأنسي احلاج وشوقي أبو شقرا وأدونيس وغيرهم‪،‬‬ ‫كلهم جمعهم الشعر لكن كل واحد منهم ذهب إلى حظ آخر فأصبح‬ ‫رائداً‪ .‬وهناك كثر ممّن لم يأخذوا حقهم كـ”نبيل العظمي وخليل حاوي”‪،‬‬ ‫لذلك نقول محمود درويش وال نقول خليل حاوي‪ .‬هذه مشكلة كبيرة‪ ،‬حيث‬ ‫نرى أن درويش هو األعظم شعريا ً في الوقت الذي قد يكون األعظم فقط‬ ‫أمام الرأي العام‪.‬‬ ‫هل ترى أن محمود درويش أخذ حقه أكثر من غيره من الشعراء؟‬ ‫نعم أخذ كل حقه‪ ،‬فيما اكتفت إحدى الصحف بأن نشرت في ذكرى‬ ‫خليل حاوي صفحة كاملة‪ .‬كذلك هناك “كمال خير بك” الذي لو ُق ّدر له‬ ‫أن يعيش خمس سنوات لكان أهم شاعر في العالم‪ ،‬لكن موته سبقه‪،‬‬

‫فاستشهد عام ‪ .1980‬برأيي‪ ،‬ليس هناك‬ ‫شاعر عظيم مبعنى العظيم بنفسه‪،‬‬ ‫فالشاعر العظيم هو الذي يخلقه العالم‬ ‫من حوله‪ ،‬والذي يبقى في الذاكرة قدما ً ال أن‬ ‫يكون في مرحلة واحدة‪.‬‬ ‫إذاً برأيك‪ ،‬الرأي العام هو الذي يقرر مَن‬ ‫هو الشاعر العظيم حقاً؟‬ ‫نعم‪ ،‬فقد تكون الدعاية اإلعالنية فاشلة‪،‬‬ ‫إذ نقفر الشاعر مع الوقت‪ ،‬فإذا جاء جيل‬ ‫آخر ولم يذكره فهو ليس بشاعر عظيم‪،‬‬ ‫إذا ً استمراريته هي التي تقرر عظمته‪ .‬لهذا‬ ‫ال ميكننا البحث َمن هو العظيم؟ ومن هو‬ ‫الشاعر؟ وكأننا نسأل‪“ :‬وهل ميوت اهلل؟”‬ ‫فاهلل غير مرئي‪ ،‬وغير منظور‪ ،‬والشعر أيضا ً‬ ‫غير منظور‪ ،‬إ ّن اهلل جميل ويحب اجلمال‪ .‬وقد‬ ‫أثار كالمي في محاضرة ألقيتها في بعقلني‬ ‫جدال ً لدى مشايخ ورجال الدين حني قلت‪:‬‬ ‫“الشعر هو اهلل”‪ .‬فاهلل والشعر كالهما‬ ‫غير منظور‪ ،‬وخارج املألوف‪ ،‬الشعر يأتي من‬ ‫األعلى‪ ،‬وكذلك اهلل‪.‬‬ ‫ملاذا القيت هذا الهجوم من رجال الدين‬ ‫بعيداً عن القول املألوف‪“ :‬يحق للشاعر ما‬

‫ال يحق لغيره”؟‬ ‫انطالقا ً من اآلية القرآنية التي تقول‪“ :‬والشعراء يتبعهم الغاوون‪ ،‬ألم‬ ‫تر أنهم في كل وادٍ يهيمون‪ ،‬وأنهم يقولون ما ال يفعلون‪ ”...‬اعت ُِبر الشعر‬ ‫مجدفاً‪ ،‬لكنهم لم ينتبهوا حلديث الرسول الكرمي (ص) الذي يقول فيه‪“ :‬هلل‬ ‫ّ‬ ‫كنوز حتت العرش مفاتيحها ألسنة الشعراء”‪ .‬انطالقا ً من هذا اإلرث الديني‬ ‫مجدفاً‪ ،‬وهذه مشكلة كبيرة وقعت فيها كل املؤسسات‬ ‫اعتُبر الشاعر‬ ‫ّ‬ ‫الدينية‪ ،‬إذ لم يناقشوا مسألة‪“ :‬ما هو الشعر‪ ،‬حتى أ ّن ذاك األعرابي الذي‬ ‫حني نزلت الدعوة على النبي محمد (ص) قال له‪ ،‬اذهب ّ‬ ‫وبشر بأن ‪”:‬ال إله إال‬ ‫اهلل محمد رسول اهلل”‪ ،‬ذاك األعرابي الذي ذهب الصحابة إليه ليقولوا له‪“ :‬يا‬ ‫أنت” فلم يدر إليهم ظهره‪ ،‬فقال لهم‪“ :‬إني أعلم ما جئتم تقولون‪ ،‬أن ال إله‬ ‫إال اهلل وأن محمدا ً رسول اهلل”‪ ،‬فحني أدخلوه إلى خيمة النبي‬ ‫(ص)‪ ،‬قال األعرابي‪“ :‬وأنا يوحى إلي أيضاً”‪ .‬فالنبي قال إنه لم‬ ‫بعض ما جاء في مجموعة “يغني بوحاً” من آراء نعيم تلحوق‪:‬‬ ‫يعترف له بأنه يُوحى إليه كي ال تفقد الدعوة معناها‪ ،‬لكنه‬ ‫ما ألعن وطن ال يحفظ مثقفيه‪،‬‬ ‫حديث‬ ‫قال‪“ :‬الشعراء يقولون ما ال يفعلون‪ .”...‬لذلك قال في‬ ‫ٍ‬ ‫وال يحمل أرقهم‪،‬‬ ‫آخر له‪“ :‬هلل كنوز حتت العرش مفاتيحها ألسنة الشعراء”‪.‬‬ ‫وما أبشع مثقف يبيع وطنه عند أول مفرق‪...‬‬ ‫لذلك‪ ،‬تأخذ املؤسسات الدينية النص‪ ،‬فاآلية أقوى من احلديث‪.‬‬ ‫العشق”‪:‬‬ ‫“وصية‬ ‫في‬ ‫فكتب‬ ‫قلبني‪،‬‬ ‫وفي احلب أيضا ً لديه وصية عشق حلب جمع‬ ‫لهذا‪ ،‬يجب أن نُخضع األشياء للعقل الذي هو السلطة التي‬ ‫ألننا لم ن َر الفجر معاً‪ ،‬وألنه حلمنا مع كل نأي‪،‬‬ ‫ميكن أن نحدد بها قياس األشياء‪ ،‬فحني نخاطب العقل الكلي‪،‬‬ ‫مكان فينا‬ ‫نخاطبه بأعلى مرتبة فينا فنضع يدينا على أعلى‬ ‫وألن حبنا كان كبوة الدهر‪ ،‬وقد آن أن نستريح‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لنقول‪“ :‬اهلل أكبر”‪.‬‬ ‫أودعك سالمي وأحالمي‪ ،‬ووصية العشق‪،‬‬ ‫كرئيس حترير جمللة “فكر”‪ ،‬ما املواضيع التي تتناولها‬ ‫أن تسهري على قبري حتى الفجر‪ ،‬بذا نراه معاً‪،‬‬ ‫اجمللة ومَن يكتب فيها؟‬ ‫يشرق على وجهينا باألماني‪ ،‬نستذكر الصعاب الثواني‪،‬‬ ‫هذه اجمللة هي مجلة فكرية فصلية ملتزمة‪ ،‬لها تاريخ‬ ‫فإذا سبقتني‪ ،‬فعلت‪،‬‬ ‫طويل في الفكر واألدب‪ ،‬كونها تسعى ألن تكون مدرسة ّ‬ ‫قل‬ ‫ُ‬ ‫العمر‪...‬‬ ‫حافة‬ ‫على‬ ‫استلقني‬ ‫فعلت قبلك‪،‬‬ ‫وإن‬ ‫نظيرها في الشرق كله وهي مدرسة “أنطون سعادة”‪ .‬هذه‬ ‫واسهري معي بأترابك‪ ،‬فليس في ليلتي‪،‬‬ ‫اجمللة تُد َعم من حزب أنطون سعادة‪ ،‬لكنها حقيق ًة تفتح آفاق‬ ‫بدأت مشروعها‬ ‫مجاالت كثيرة‪.‬‬ ‫عال‪ ،‬وفي‬ ‫مستوى‬ ‫على‬ ‫اآلخر‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫واحدة‪،‬‬ ‫سوى مساء واحد للخمر‪ ،‬وحلظة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫مكان آخر أنه‬ ‫في‬ ‫وجدت‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫مرار‬ ‫وتوقفت‬ ‫‪1968‬‬ ‫عام‬ ‫منذ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫هب يراك معي‪ ،‬ألغالب عينيك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لش ٍ‬ ‫يجب حتسينها بعد صدور العدد املئة منها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قطعت زماني‪،‬‬ ‫بك‪،‬‬ ‫وأنسى أن ِ‬ ‫ما هو شعار مجلة “فكر”؟‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ألراقب مشهدا‪ ،‬يحتل مكاني‪..‬‬ ‫حملت أوال ً شعار‪“ :‬من أجل الوطن واملواطن”‪ ،‬ثم “من‬ ‫لقد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫دمي‪...‬‬ ‫عرفت أني‪ ،‬لن أُكثر من‬ ‫حينها‬ ‫أجل الوطن واإلنسان”‪ ،‬ثم جتددت في التسعينيات‪ ،‬فحملت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪98‬‬


‫رفعت شعارا ً عليها بعد‬ ‫شعار‪“ :‬من أجل جتديد احلياة الثقافية”‪ ،‬واآلن‬ ‫ُ‬ ‫عدد املئة‪“ :‬الثابت الوحيد هو التطور”‪ .‬جاء هذا الشعار انطالقا ً من أنه‬ ‫يتحجر‪ ،‬يتحول إلى دين‪ ،‬لهذا بدأ‬ ‫ال مقدسات في هذا الكون‪ ،‬فكل فكر‬ ‫ّ‬ ‫صاحب هذه املدرسة الفكرية وعيه بسؤال مركزي‪َ “ :‬من نحن؟”‪ ،‬ثم أردف‬ ‫سئل‪:‬‬ ‫سؤاله بسؤال آخر‪“ :‬ما الذي شاب على شعبي هذا الويل؟” ثم حني ُ‬ ‫“هل يصبح العالم أمة واحدة؟” قال لهم‪َ “ :‬من يدري؟”‪ .‬إذاً‪ ،‬هذه األجوبة‬ ‫الفلسفية التي أطلقها سعادة بدأها بأسئلة فلسفية تشير إلى أنه ال‬ ‫مقدس عنده‪ .‬وانتقلنا في اجمللة إلى أفكار اآلخرين‪ ،‬من احلركات الوجودية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى احلركات اإلسالمية واملاركسيني والرأسماليني والليبراليني‪...‬‬ ‫مبا أنك كنت املسؤول الثقافي في احلزب السوري القومي االجتماعي‪،‬‬ ‫هل ترى أن احلزب ابتعد عن الثقافة بعدما متيّز لسنوات؟‬ ‫هذه ليست مشكلة احلزب القومي فقط‪ ،‬بل مشكلة كل األحزاب‪،‬‬ ‫فالتداعيات املفصلية للحروب ومفهوم التجزئة‪ ،‬بدءا ً من سايكس بيكو‬ ‫إلى الشرق األوسط اجلديد‪ ،‬إلى الوضع االقتصادي‪ ،‬كله أ ّثر على حزب مثل‬ ‫احلزب القومي‪ ،‬لكنه يبقى األول الطليعي في موضوع القراءة والكتابة‬ ‫التمدد األصولي الذي نحا ببعض‬ ‫قياسا ً مع غيره من احلركات‪ .‬وهنا ال ننسى‬ ‫ّ‬ ‫موجهة دوغمائية تتعاطى منطقا ً سلفيا ً واحداً‪،‬‬ ‫الناس للذهاب إلى قراءات ّ‬ ‫لكن احلزب‬ ‫بحيث لم يُسمح لهم بالتعاطي واالتصال مع العالم اآلخر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القومي يبقى حزبا ثقافيا بامتياز‪ ،‬وهناك عدد كبير من رجاالت الفكر داخله‪،‬‬ ‫والدميوقراطية املوجودة فيه ليست موجودة في أي حزب آخر حيث يُنتخب‬ ‫رئيس جديد له كل أربع سنوات‪.‬‬ ‫لم يعد احلزب السوري القومي االجتماعي يق ّدم شعراء ومفكرين‬ ‫ّ‬ ‫التصحر الفكري؟‬ ‫جدداً‪ ،‬هل ترى أنه وقع في‬ ‫هذه مسألة منطلقة من مفهوم احلرب‪ ،‬ومن مفهوم التباعد القياسي‬ ‫املتصحرين‪ .‬لكن إذا نظرنا عموماً‪ ،‬فاحلزب أنتج زكي‬ ‫بني القوميني غير‬ ‫ّ‬ ‫ناصيف‪ ،‬توفيق الباشا‪ ،‬عاصي الرحباني‪ ،‬نصري شمس الدين‪ .‬كما أنتج في‬ ‫املوسيقى نضال األشقر‪ ،‬رضى كبريت‪ ،‬زياد أبو عبس‪ ،‬أنطوان كرباج‪ ،‬وميشال‬ ‫نبعة‪ ...‬وفي الشعر جند‪ :‬يوسف اخلال‪ ،‬ومحمد املاغوط‪ ،‬وأدونيس‪ ،‬وفؤاد رفقا‬ ‫وأنسي احلاج وشوقي أبو شقرا‪ ...‬إن اجلو في ذلك الوقت كان مؤاتيا ً لهؤالء‬ ‫كي يكونوا في الفكر األوسع‪ ،‬إذ لم يكن هناك فكر أوسع في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫بل كان هناك حزب كتائب مشرنق انعزالي‪ ،‬واحلزب القومي هو احلزب املنفتح‬ ‫املد الناصري فأصبح هناك القوميون‬ ‫فانخرط فيه اجلميع‪ ،‬ثم أتى بعدها ّ‬ ‫العرب والقوميون السوريون‪ .‬احلزب القومي اليوم يحاول ضخ شعراء جدد‬ ‫ومنهم الشاعر زاهر العريضي الذي أصدر أول كتاب له بعنوان “رحيل في‬ ‫جسد”‪.‬‬ ‫تتولى في وزارة الثقافة مسؤولية إعداد مسابقة الشعر والقصة‬ ‫القصيرة للطالب والشباب‪ ،‬أخبرنا عن هذه التجربة؟‬ ‫أجمل جتربة ميكن أن متر في حياتي هي هذا املشروع الذي أقترحه منذ‬ ‫عشر سنوات على كل وزراء الثقافة املتعاقبني‪ ،‬إلى حني وافق الوزير طارق‬ ‫متري عند تو ّليه الوزارة‪ .‬هذه املسابقة تُقام كل سنة‪ ،‬وأنا أصدر قصائد‬ ‫وقصص العشرة األوائل في كتاب وأوزّع عليهم شهادات في حفل كبير في‬ ‫األونيسكو‪ .‬ونالحظ أن عدد اإلناث أكبر ألن الشباب يذهبون إلى امليليشيا‪،‬‬ ‫خاص ًة في السنوات الثالث األخيرة‪.‬‬ ‫هل تعتبر هذه املسابقة تشجيعاً للطالب؟‬ ‫راع لهذه الفئات الشابة‪ ،‬وأنا أبقى على تواصل‬ ‫لقد أصبحت شبه ٍ‬ ‫معهم‪ ،‬وأساعدهم في طباعة مجموعاتهم ونشرها‪ ،‬فأنا ابن نهضة‬ ‫وأؤمن بأن هذه النهضة يجب أن تصل إلى جميع الناس‪ ،‬فهذا اجليل اجلديد‬ ‫يحتاج إلى دعمنا بالرغم من عتب بعض املنافقني في الوسط الثقافي ضد‬ ‫لكن ما يهمني‬ ‫تشجيعي لهم‪ .‬هذا ما وصل إليه احلقد في هذه املسألة‪ّ ،‬‬ ‫هو أنني استويت على كلمة بأ ّن “ال أحد خالد”‪ ،‬فحضارة الشعوب بناسها ال‬ ‫بعمرانها‪ .‬لذلك أطلب من الدولة اللبنانية أن متحو كل أسماء مستعمرينا‬ ‫من الشوارع (شارع غورو‪ ،‬شارع ويغان‪ ،‬شارع سبيرز‪ ،)..‬وتستبدلها بأسماء‬ ‫مفكرينا وعظمائنا وكتّابنا وشعرائنا‪.‬‬ ‫“بيروت عاصمة عاملية للكتاب” في عام ‪ ،2009‬كيف يجري التحضير‬

‫الشاعر نعيم تلحوق‬ ‫ولد في عيتات ‪1962‬‬ ‫حائز إجازة في العلوم السياسية واإلدارية_اجلامعة‬ ‫اللبنانية_الفرع األول عام ‪1988/1978‬‬ ‫عمل في الصحافة عشرين عاماً‪ ،‬وشغل مناصب متعددة‪،‬‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ سكرتير حترير جمللة «صباح اخلير»‬‫ مدير حترير جمللة «البناء»‬‫ رئيس حترير جمللة “النور العربي”‪»1988/1985‬‬‫ رأس “جمعية الشباب الوطني في لبنان”‪ ،‬وهي جمعية‬‫ثقافية علمية إجتماعية‬ ‫ يتولى اليوم منصب رئيس حترير مجلة “فكر” لألبحاث‬‫والدراسات‬ ‫ متعاقد مع وزارة الثقافة اللبنانية‪ ،‬ومك ّلف برئاسة‬‫الدائرة الثقافية منذ عام ‪ 1994‬وحتى اليوم‪ ،‬وقد م ّثل الوزارة‬ ‫في مناسبات ثقافية متعددة في كل املناطق اللبنانية‬ ‫له مجموعات شعرية عديدة‪ ،‬منها‪ :‬قيامة العدم(‪،)1985‬‬ ‫هي القصيدة األخيرة(‪ ،)1995‬لكن ليس اآلن(‪ ،)1997‬وطن‬ ‫الرماد(‪ ،)1999‬هو األخير(‪ ،)1999‬أظنه وحدي(‪ ،)2001‬يغني‬ ‫“لكن جسدها”‬ ‫ويحضر‬ ‫بوحاً(‪ ،)2005‬يرقص كفراً(‪،)2007‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للعام ‪.209‬‬ ‫كما صدرت له كتب نقدية في سوريا‪ ،‬وترجم الى اللغة‬ ‫األملانية والفرنسية‪ ،‬وله كتب أدبية فكرية تتعاطى النقد‬ ‫والشأن األدبي والثقافي‪.‬‬ ‫كتب مقاالت أدبية في مجلة “الشعلة” بعنوان‪“ :‬كلمات‬ ‫الزمن األسود”‪ ،‬وفي مجلة “البناء” “أضواء على الثقافة”‪،‬‬ ‫وفي “الديار” “رأي ونقد”‪ ،‬وفي مجالت وصحف عربية عديدة‪،‬‬ ‫منها‪“ :‬تشرين”‪“ ،‬عكاظ”‪“ ،‬الفجر”‪“ ،‬اخلليج”‪ ،‬وجميعها‬ ‫تتعاطى النقد الفكري واألدبي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شارك في أكثر من خمسني مهرجانا أدبيا وشعريا‪ ،‬وأقام‬ ‫أكثر من خمسني أمسية شعرية منفرداً‪.‬‬ ‫في وزارة الثقافة لهذا احلدث؟‬ ‫مشروع “بيروت عاصمة عاملية للكتاب” هو نقطة حت ّول كبيرة‪ ،‬أوال ً ألن‬ ‫بيروت هي فعالً عاصمة عاملية للكتاب منذ القدم‪ ،‬ألنها عاصمة احلرف‬ ‫والكتاب والقانون‪ .‬فهناك عبارة تقول‪“ :‬مصر تكتب‪ ،‬بيروت تطبع‪ ،‬العراق‬ ‫يقرأ”‪ .‬هذه الفكرة تقوم بها وزارة الثقافة عبر دعوة كل املؤسسات اإلعالمية‬ ‫والثقافية في البلد ألن تقدم أفكارها للوزارة‪ ،‬والوزارة تتبنّى املشروع وتساعد‬ ‫على تنفيذه‪ ،‬لكن ال تنتج الكتاب‪ .‬وكما يقول الرئيس سليم احلص‪“ :‬في‬ ‫لبنان الكثير من احلرية‪ ،‬لكن القليل من الدميوقراطية”‪ ،‬فنحن نحاول أن نرى‬ ‫في هذه احلرية الكثير من الدميوقراطية‪ ،‬وأل ّن لبنان “درة الشرق” اختيرت بيروت‬ ‫بجدية على هذا املشروع‪.‬‬ ‫عاصمة للكتاب لعام ‪ ،2009‬ووزارة الثقافة تعمل ّ‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪99‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫حتقيق‬

‫المخالفات وحوادث السير من المسؤول عن آثارها الضارة؟‬

‫العقيد جوزيف الدويهي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫جهود اإلدارات الرسمية مع المجتمع األهلي ليصبح مجتمعاً مرورياً‬ ‫إن أي عمل منظم يعني النجاح في الوصول‬ ‫الى الهدف بأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬والعمل املنظم‬ ‫ال يولد من الفراغ‪ ،‬فال بد من االستعداد‬ ‫للقيام بهذا العمل الذي يتطلب درجة عالية‬ ‫أو مقبولة من الوعي‪ ،‬بحيث ميكننا أن نوازن‬ ‫بني خيارين‪ ،‬أحدهما يقودنا الى السالمة‬ ‫وآخر يقودنا الى التهلكة والكارثة‪ ،‬األول يوفر‬ ‫الوقت واجلهد ويحقق الغاية املرجوة منه‪،‬‬ ‫والثاني يؤدي الى ضياع في الوقت وخسائر ال‬ ‫تنتهي‪...‬‬ ‫ومخالفة السير ليست مجرد مخالفة‪،‬‬ ‫فهي تذكر باألخطاء وتعلمنا أن بداية‬ ‫اإلحساس باملسؤولية هي االعتراف بارتكاب‬ ‫اخلطأ الذي هو هنا مخالفة للقواعد‬ ‫واألنظمة وقانون السير‪ ،‬واألمر ال يتوقف عند‬ ‫حدود اخملالفة بل يتعدى إلى احلوادث املتأتية‬ ‫جراء ارتكاب هذا احلجم من اخملالفات‪.‬‬ ‫وبعض الدول ترى في عدد حوادث السير‬ ‫أو عدد اخملالفات إشارة إلى درجة الوعي لدى‬ ‫املواطن‪ ،‬بينما العالقة هنا تناسب عكسي‪،‬‬ ‫فكلما زادت درجة الوعي ومعرفة الضوابط‬ ‫قل عدد احلوادث‪ .‬فاخملالفات وضعت حلماية‬ ‫الفرد واجملتمع والوطن بأكمله‪ ،‬فهذه الظاهرة‪،‬‬ ‫مخالفة السير‪ ،‬جديرة باالهتمام وإلقاء‬ ‫الضوء على ما تعنيه وأثارها االجتماعية‬ ‫واالقتصادية وبعدها احلضاري‪ ،‬والتعرف إلى‬ ‫أن القوانني يجب أن تصان فهي وضعت لدرء‬ ‫األخطار‪ ،‬ومراقبة الذات هي البداية والغاية‪،‬‬ ‫فالوقاية خير من ألف عالج وأساسية في هذا‬ ‫اجملال‪ ،‬ألنها تعني احلماية من األخطار املترتبة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫احلادث ليس صدفة بل هو فعل إنساني‬

‫على حصول هذه اخملالفة‪ ،‬واألسئلة كثيرة‪،‬‬ ‫ما هي الدوافع الرتكاب هذه اخملالفات‪ ،‬وإذا لم‬ ‫يكن هناك دوافع فاألمر صحي للغاية‪ ،‬فما‬ ‫علينا إال أن نتعرف على القواعد السليمة‬ ‫التي تنظم املرور‪ ،‬والبحث عن دور السائق‬ ‫الواعي في هذا اجملال‪ ،‬ودور األجهزة اخملتصة في‬ ‫توفير الوسائل الالزمة التي تنير الطريق وتنبه‬ ‫وحتذر من اخملاطر‪ ،‬فالتوعية واإلرشاد والقانون‪،‬‬ ‫خُ لقت خلدمة الفرد واجلماعة وصيانة األرواح‬ ‫واملمتلكات‪.‬‬ ‫ولدراسة أبعاد هذه الظاهرة “مخالفة‬ ‫السير وحوادث السير” التي حرصت مجلة‬ ‫“منبر التوحيد” من خالل موقعها اإلعالمي‪،‬‬ ‫على خدمة املواطن وتوعيته ملا قد يلحق‬ ‫بسالمته العامة من ضرر‪ ،‬كان ال بد لها من أن‬ ‫تقف في إحدى صفحاتها لتلقي الضوء على‬ ‫هذه الظاهرة واآلفة اخلطرة من خالل لقائها‬ ‫بالعقيد جوزيف الدويهي‪ ،‬رئيس شؤون طوارئ‬ ‫السير‪ ،‬في حوار هذا نصه‪:‬‬ ‫ـ ما الذي يدفع السائق الرتكاب مثل هذه‬ ‫اخملالفات‪ ،‬هل هو جهل بالقانون أم استهتار‬ ‫بالعقوبة املتوقعة‪ ،‬أم أنها أخطاء غير‬ ‫مقصودة؟‬ ‫مخالفات السير ليست موضوع أخطاء‬ ‫مقصودة أو غير مقصودة‪ ،‬بل هي مخالفة‬ ‫لألعراف أكثر مما هي تنظيم أو قانون‪ :‬مبعنى‬

‫‪100‬‬

‫أن العرف هو أن يحترم اإلنسان نفسه وحق‬ ‫اآلخر في استخدام الطريق أثناء القيادة‪ ،‬أما‬ ‫القانون فليس لديه هذا االلتزام جتاه اآلخر‪.‬‬ ‫من هنا ميكننا القول إن على السائق دورا‬ ‫كبيرا ينطلق من ذاته مرورا ً باحترام نفسه‬ ‫وصوال ً الى احترام الغير باالنتفاع من الطريق‬ ‫وتقاسمها مع غيره بطريقة حتفظ سالمته‬ ‫العامة وبالتالي سالمة اآلخر‪.‬‬ ‫فكثرة اخملالفات في لبنان أسبابها عديدة‬ ‫تعود‪ :‬أوال ً إلى انخفاض عقوبة السير مقارنة‬ ‫مبثيلها في دول العالم‪ ،‬ما يدفعنا الى تطوير‬ ‫قانون السير عبر جعل الغرامة املالية أضعاف‬ ‫ما كانت عليه سابقاً‪ ،‬إضافة الى فرض‬ ‫عقوبات معنوية تستوجب حجز املركبة‬ ‫واحتجازها‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بالناحية املادية خملالفة‬ ‫السير‪ ،‬فإن قيمة الغرامة أصبحت قليلة‬ ‫نسبة الى ضخامة اخملالفات‪ :‬فمخالفة ممنوع‬ ‫الوقوف مثال ً قيمتها ‪ 20‬ألف ليرة‪ ،‬في وقت‬ ‫يجب أن تكون أكثر من ‪ 100‬ألف ليرة‪ ،‬وغرامة‬ ‫السرعة اذا ما أردنا فرض غرامة على السائق‬ ‫أي غرامة على محضر زائد طابع يكلفه ‪50‬‬ ‫ألف ليرة والذي يجب أال يتعدى ‪ 500‬ألف ليرة‪،‬‬ ‫كذلك األمر بالنسبة خملالفة عكس السير‬ ‫التي يجب أن تكون مرتفعة لتردع السائق عن‬ ‫ارتكابها‪.‬‬


‫ـ هناك أناس كثر توقف اخملالفات عن‬ ‫طريق الوساطة السياسية‪ ،‬كيف تتعاملون‬ ‫مع القانون؟‬ ‫في هذا اإلطار نعمل دائما ً على مراقبة‬ ‫دائمة‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة للعنصر املوجود‬ ‫على الطريق‪ ،‬إذ عليه دائما ً أن يطبق القانون‬ ‫بحذافيره ولو على أخيه‪ ،‬ولكن هذا ال مينع‬ ‫أن يصادف أحيانا ونقع ضحية الوساطة‬ ‫لنغض النظر عن بعض اخملالفات‪ ،‬غير أننا‬ ‫نرفض هذا األسلوب وال نح ّبذه‪ ،‬وذلك انطالقا ً‬ ‫من مسؤوليتنا في معاجلة الشأن املروري‪ ،‬ما‬ ‫يدفعنا في الكثير من األحيان الى التشدد‬ ‫باألوامر‪ ،‬خاصة لدى معرفتنا باجنراف بعض‬ ‫العناصر وجتاوبها مع هذا األمر‪.‬‬ ‫ـ نوعية مخالفة السير إذا افترضنا أنها‬ ‫ظاهرة‪ ،‬فهي قابلة للتفسير بالتأكيد‪،‬‬ ‫وحسب اإلحصاءات املتوافرة ما هي أكثر‬ ‫اخملالفات تكراراً‪ ،‬وملاذا تشير مثل هذه‬ ‫الظاهرة؟‬ ‫إن أكثر اخملالفات تكرارا ً هي تلك املتعلقة‬ ‫مبخالفة ممنوع الوقوف‪ ،‬ومخالفات الشأن‬ ‫اإلداري‪ ،‬ولكل منها أسبابها‪ :‬ففي ما يتعلق‬ ‫مبخالفة ممنوع الوقوف فأسبابها عديدة‬ ‫وتعود الى رغبة املواطن في تقريب املسافة‬ ‫من املكان الذي يقصده‪ ،‬أو عدم رغبته في‬ ‫دفع إيجار املوقف‪ ،‬وغيرها من األسباب‪ ،‬وقد‬ ‫سجل في عام ‪ 2007‬حوالى ‪ 400‬ألف محضر‬ ‫سير في لبنان‪ ،‬وإذا حذفنا مخالفة ممنوع‬ ‫املرور نرى أن باقي اخملالفات يقصد من خاللها‬ ‫احلفاظ على السالمة العامة كونها تؤثر‬ ‫على حياة املواطن‪ ،‬كعدم اعتمار اخلوذة من‬ ‫قبل الدراجني‪ ،‬وعدم استخدام حزام األمان‪،‬‬ ‫والسرعة‪ ،‬واملرور عكس وجهة السير‪ ،‬إضافة‬ ‫الى استخدام الهاتف اخللوي حيث مت التشديد‬ ‫على مثل هذه األمور‪ ،‬و ُوضع قرار من قبل‬ ‫معالي وزير الداخلية ونحن كقوى أمن داخلي‬ ‫طبقنا القرار بحذافيره ونشدد عليه‪ ،‬ليس‬ ‫بهدف إقرار الضبط بغية تسجيله‪ ،‬بل بهدف‬

‫ال تشرب وتقد سيارتك‪“ ،‬انبسط ّ‬ ‫وخل الناس مبسوطة”‬

‫جعل املواطن يتقيد بالسالمة املرورية‪ ،‬التي‬ ‫تؤمن سالمته‪ ،‬وبالتالي سالمة غيره‪ ،‬فعدم‬ ‫وضع سائق الدراجة للخوذة يؤذي سالمته‬ ‫ال القانون‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للمواطن‬ ‫الذي ال يستخدم حزام األمان‪ ،‬أو ذلك الذي‬ ‫يقود عكس السير‪ ،‬أو يستخدم الهاتف أثناء‬ ‫القيادة وغيرها من األمور كمن يدخن ويأكل‬ ‫ويستعمل الهاتف في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫فهناك عدم وعي مروري سليم لدى املواطن‬ ‫اللبناني‪ ،‬فيما يظهر أكثر انضباطا ً وتقيدا ً‬ ‫بقانون السير في بلد االغتراب‪ ،‬وأعزو ذلك‬ ‫الى ضعف قيمة الغرامة املالية والعقوبة‬ ‫املتعلقة باخملالفة مهما كان نوعها‪.‬‬

‫‪101‬‬

‫من هنا سنعمل دائما ً وأبدا ً لتعديل قانون‬ ‫السير ورفع الغرامة املالية بهدف توعية‬ ‫السلوك املروري لدى املواطن‪.‬‬ ‫ـ هل تعمدون إلى إجراء دورات للسائقني‬ ‫من خالل املؤسسات واجلمعيات التي تتعلق‬ ‫بالسالمة العامة مثل جمعية “اليازا”‬ ‫وغيرها من اجلمعيات؟‬ ‫من حيث التوعية‪ ،‬نحن نعمل بجهد كبير‬ ‫كقوى أمن داخلي وكوزارة الداخلية‪ ،‬إما عبر‬ ‫اجلرائد واجملالت‪ ،‬أو عبر اإلعالم املرئي من خالل‬ ‫الـشعارات‪ ،‬واإلعالنات الالصقة املنتشرة‬ ‫على الطرق‪ ،‬حيث أجنزنا خمسة او ستة‬ ‫شعارات مع فنانني مثل جورج قرداحي‪ ،‬جورج‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫حتقيق‬ ‫خباز‪ ،‬ميسم نحاس‪ ،‬هيفاء وهبي‪ ،‬عاصي‬ ‫احلالني‪ ،‬لتوعية املواطن اللبناني وإرشاده‪،‬‬ ‫ليدرك أن املشكلة ال تتعلق بالطريق فقط ‪،‬‬ ‫بل تتعلق باإلنسان نفسه‪ ،‬ما يجعلها أكثر‬ ‫إنسانية‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫أكدته كل الدراسات في‬ ‫دول العالم بأن ‪ %85‬من احلوادث هي من فعل‬ ‫البشر‪ ،‬وليس بحجة عدم وجود إشارات سير‬ ‫على الطرق‪ ،‬التي تعود الى عدم إدراك املواطن‬ ‫وعدم وعيه‪ ،‬فإشارة السير ال حتدد السرعة‪،‬‬ ‫التي يعود حتديدها الى وعي املواطن‪ ،‬والسؤال‬ ‫الذي يُطرح هنا هو‪ :‬هل من املسموح أن يسير‬ ‫السائق على األوتوستراد بسرعة تفوق الـ‬ ‫‪ 100‬كلم؟ هنا‪ ،‬من الناحية الفنية السرعات‬ ‫لها تأثير كبير على تصرف السائق‪ .‬فإذا كنا‬ ‫نسير بسرعة ‪ 100‬كلم على األوتوستراد فإن‬ ‫الرؤية البصرية تصبح ‪ 45‬درجة‪ ،‬واذا كانت‬ ‫السرعة ‪ 130‬كلم فإن قطاع الرؤية يصبح‬ ‫‪ 30‬درجة‪ ،‬فنالحظ أن سرعة ‪ 130‬درجة على‬ ‫أوتوستراد ذي ثالثة مسالك سير ال ميكننا أن‬ ‫نرى إال املسرب الذي تسير فيه فعلياً‪ ،‬على‬ ‫اليمني نصف وعلى الشمال ايضا ً ال يعرف‬ ‫السائق ماذا يحصل؟ هنا يقع خطأ الفعل‬ ‫البشري‪ ،‬ما يتوجب علينا التوعية الصحيحة‬ ‫للمواطن‪ ،‬إضافة الى ضبط اإلنسان لتصرفاته‬ ‫على الطريق‪ ،‬السيارة تقتل وحادث السير‬ ‫يقتل‪ .‬من هنا ضبط رخص السير ال تتجاوز‬ ‫‪ %15‬من مجموع العوامل األخرى كالطريق‬ ‫واإلنارة وغيرها من العوامل‪ ..‬على سبيل‬ ‫املثال الطريق غير املضيء قد يسبب حادثا ً اذا‬ ‫ما كانت السرعة عالية‪ ،‬بينما ميكن تفادي‬ ‫احلادث الكبير بآخر بسيط اذا كانت القيادة‬ ‫متأنية وواعية‪.‬‬ ‫ـ هل تُقيّم بعض حوادث السير اخلطيرة‪،‬‬ ‫بأنها جرائم وهل العقوبات وحدها كافية‬ ‫للحد منها؟‬ ‫بحسب تقديري‪ ،‬احلادث ليس صدفة بل هو‬ ‫فعل إنساني‪ ،‬عمليا ً في لبنان ينسب احلادث‬ ‫الى مفهوم القضاء والقدر‪ ،‬وأصبحنا على‬

‫قناعة بذلك‪ ،‬فاحلادث هو فعل إنساني باخلطأ‬ ‫الذي يعود الى عدم الوعي واإلدراك للسلوك‬ ‫املروري‪ ،‬وهنا يجب أن يدفع ثمن عمله باهظاً‪،‬‬ ‫خاصة أن السرعة ليست صدفة بل هي من‬ ‫فعل اإلنسان‪.‬‬ ‫ـ ما هي النصائح التي ميكن تقدميها‬ ‫للسائق‪ ،‬وللمشرفني على أعمال الصيانة‬ ‫في الطرق؟‬ ‫بالنسبة للسائق‪ ،‬من الضروري أن يكون‬ ‫لديه اإلميان بأن لديه احلق في االستفادة من‬ ‫الطريق مثله مثل غيره‪ ،‬فاحترامه لنفسه‬ ‫في استخدام املركبة واستخدام الطريق‬ ‫يؤدي الى احترام حق الغير وحريته باستخدام‬ ‫املركبة والطريق‪ ،‬ما يق ّلل من حوادث السير‪،‬‬ ‫ويؤدي الى انتظام عام باملرور والسير‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬هناك عشوائية على الطرق‪ ،‬لنفترض‬ ‫مثال ً هناك أوتوستراد وخلفه جسر ال يتسع‬ ‫إال لسيارتني‪ ،‬وهناك على األوتوستراد خمس‬ ‫سيارات تنتظر املرور على اجلسر‪ ،‬هذا أمر ال‬ ‫يصح‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الى الق ّيمني على تنفيذ أعمال‬ ‫الطرق‪ ،‬بدون شك يجب التقيد بالوقت احملدد‬ ‫الذي وضعته وزارة األشغال حلماية العمال‪،‬‬ ‫ولضمان سالمة االعمال وسالمة املواطنني‪.‬‬ ‫ـ ما هو مؤشر اخملالفات‪ ،‬هل هو في تزايد‬ ‫أم تناقص خالل فترة محدودة وملاذا؟‬ ‫لألسف ميكن أن نذكر أن املؤشر لم يَزد‬ ‫كثيرا ً كما أنه لم ينقص‪.‬‬ ‫ـ ملاذا في األماكن التي فيها شرطي‬ ‫السير جند زحمة سير خانقة‪ ،‬هل يعود ذلك‬ ‫للشبان اجلدد وقلة خبرتهم في تنظيم‬ ‫السير؟‬ ‫بدون شك نحن اليوم نستخدم أكبر عدد‬ ‫ممكن من العسكر على الطرق‪ ،‬البعض منهم‬

‫يفتقد الى اخلبرة‪ ،‬لكن ال ميكن القول إن زحمة‬ ‫السير سببها شرطي السير‪.‬‬ ‫عسكري السير يعمل على الطريق في‬ ‫أماكن محددة‪ :‬على تقاطع الطرق وأمام‬ ‫احملال الكبيرة وينظم الطرق بإشارته‪ ،‬وذلك‬ ‫لتفادي مشاكل السير‪ ،‬فلنفرض مثال ً أن‬ ‫هناك مؤسسة كبيرة على األوتوستراد‪،‬‬ ‫نضطر عندها الى وضع عسكري مرور أمامها‬ ‫لتنظيم عملية دخول الزبائن وخروجهم‬ ‫من املؤسسة واليها لتجنب عرقلة السير‬ ‫والزحمة‪.‬‬ ‫ـ كيف يجري التواصل بينكم وبني‬ ‫اجلمعيات املتعلقة بالسالمة العامة؟‬ ‫نحن نشجع اجلمعيات الشبابية واألهلية‬ ‫التي تقوم بعملية التوعية املرورية‪ ،‬ألنه‬ ‫موضوع مهم والناس تطمئن الى املدنيني‬ ‫أكثر من الدولة أو السلطة املعنية بالشأن‬ ‫املروري‪ ،‬نحن نشجعها وندعمها لكي تعمل‬ ‫على نطاق أوسع وبشفافية‪.‬‬ ‫كما أننا على تواصل دائم معها‪ ،‬خاصة أننا‬ ‫نطبع إعالناتنا للسالمة العامة مستخدمني‬ ‫شعاراتها وشاراتها‪.‬‬ ‫ـ هل تقومون بدورات توعية للمواطن‬ ‫وكيف؟‬ ‫في هذا اإلطار نقوم دائما ً بدورات توعية‪،‬‬ ‫يقدمون‬ ‫خاصة في املدارس عبر عناصر‬ ‫ّ‬ ‫محاضرات للتوعية‪ ،‬هذا األمر ال يكفي‪ ،‬إذ ان‬ ‫احملاضرة تأخذ ساعة من الوقت على األكثر‪،‬‬ ‫وهنا أشدد على أن تتضافر كل جهود اإلدارات‬ ‫الرسمية واحلكومية مع اجملتمع األهلي‬ ‫ليصبح هناك مجتمع مروري صحيح‪ :‬من‬ ‫هنا فإن وزارة التربية لها تأثير كبير بإعداد‬ ‫املناهج وحتديثها من خالل وضع أنظمة‬ ‫املرور في مناهجها واتباعها‪ ،‬وكذلك األمر‬

‫تقري‬ ‫بحسبتقري‬ ‫‪2007‬بحسب‬ ‫عام‪2007 - 2008‬‬ ‫خاللعام‪2008‬‬ ‫الواقعةخالل‬ ‫السيرالواقعة‬ ‫لحوادثالسير‬ ‫العاملحوادث‬ ‫المجموعالعام‬ ‫المجموع‬ ‫المديرية العامة لقوى األمن الداخلي – هيئة األركان ‪-‬شعبة الخدمة والعمليات‬ ‫حوادث السيارات‬

‫حوادث الشاحنات‬

‫حوادث الدراجات‬

‫حادث‬

‫قتيل‬

‫جريح‬

‫حادث‬

‫قتيل‬

‫جريح‬

‫حادث‬

‫قتيل‬

‫جريح‬

‫‪3051‬‬

‫‪354‬‬

‫‪4634‬‬

‫‪269‬‬

‫‪65‬‬

‫‪394‬‬

‫‪1101‬‬

‫‪78‬‬

‫‪1238‬‬

‫المجموع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حادث‬

‫قتيل‬

‫جريح‬

‫‪4421‬‬

‫‪497‬‬

‫‪6266‬‬

‫‪102‬‬


‫بالنسبة للجامعات‪ ،‬حيث ترى أن الطالب‬ ‫يدرس في اجلامعة في قسم الهندسة‪ ،‬وفي‬ ‫الوقت نفسه يعطى مواد اختيارية ليس‬ ‫ضمنها مادة قانون السير‪ .‬من هنا أدعو‬ ‫الى إدخال قانون السير في مناهج التعليم‬ ‫في كل مراحله كما أن لوسائل اإلعالم دورا‬ ‫كبيرا وأساسيا في التوعية‪ ،‬وخاصة املرئي‬ ‫واملسموع منها‪ ،‬إضافة الى دور وزارة الداخلية‬ ‫التي تقوم بواجبها مبا فيها من قوى أمن‬ ‫داخلي على أكمل وجه‪.‬‬ ‫وزارة الصحة أيضا ً لها دور توعوي مهم‬ ‫جداً‪ ،‬خاصة أثناء عرضها على املواطن برامج‬ ‫خاصة باألمن املروري وتأثير احلوادث على‬ ‫املواطن‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة لوزارة األشغال‪،‬‬ ‫فكل أجهزة الدولة لها دور هام في التوعية‬ ‫املرورية‪ ،‬الظواهر الطبيعية مثل تراكم الثلوج‬ ‫وكيفية تفاديها حفاظا ً على سالمة املواطن‪.‬‬ ‫ـ الظواهر الطبيعية وكيفية تفاديها‬ ‫بالنسبة لسالمة املواطن مثل تراكم‬ ‫الثلوج‪ ،‬كيف تتم املساعدة‪ ،‬وهل هناك‬ ‫توعية لها قبل حصولها؟‬ ‫نحن كقوى أمن داخلي في هذا اجملال نضع يدنا‬ ‫بيد كل املعنيني على الطرق من فرق الصيانة‪،‬‬ ‫اإلنقاذ‪ ،‬فريق الصليب األحمر‪ ،‬الدفاع املدني‬ ‫وغيرها‪ ،‬حتى مجلس اإلمناء واإلعمار والبلديات من‬ ‫حيث تنظيف األقنية والعبارات والسواقي‪ ،‬يدنا‬ ‫ممدودة للجميع ونحاول استباق األمور سلفاً‪ ،‬فمنذ‬ ‫بضع سنوات لم حتصل حوادث تذكر نتيجة إقفال‬ ‫طرق من الثلج أو غيره‪ ،‬فنحن نتعاون مع األجهزة‬ ‫اخملتصة واجليش اللبناني إليصال كل ما يلزم الناس‬ ‫خالل هذه األوقات دون انقطاع أو تأخر‪.‬‬ ‫وفي اخلتام ومبناسبة األعياد توجه العقيد‬ ‫الدويهي الى املواطن اللبناني بالنصيحة التالية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وخل الناس‬ ‫ال تشرب وتقد سيارتك‪“ ،‬انبسط‬ ‫مبسوطة”‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪:‬‬ ‫ليديا أبو درغم ـ راوية أبو ذياب‬

‫جدول بضحايا حوادث السير حسب مكان وجودهم في المركبة خالل عام ‪2008 -2007‬‬ ‫جرحى‬ ‫عدد‬ ‫‪2886‬‬ ‫‪2102‬‬ ‫‪1278‬‬ ‫‪6266‬‬

‫مكان وجود المصاب‬ ‫سائق‬ ‫راكب‬ ‫مشاة‬ ‫المجموع العام‬

‫قتلى‬ ‫عدد‬ ‫‪186‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪497‬‬

‫تقسيم حوادث السير حسب األشهر لعام ‪2008 -2007‬‬ ‫الشهر‬

‫عدد الحوادث‬

‫عدد القتلى‬

‫عدد الجرحى‬

‫كانون الثاني‬ ‫شباط‬

‫‪306‬‬ ‫‪293‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪410‬‬ ‫‪420‬‬

‫آذار‬

‫‪401‬‬

‫‪31‬‬

‫‪568‬‬

‫نيسان‬ ‫أيار‬

‫‪397‬‬ ‫‪381‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪556‬‬ ‫‪527‬‬

‫حزيران‬

‫‪362‬‬

‫‪41‬‬

‫‪518‬‬

‫تموز‬ ‫آب‬

‫‪410‬‬ ‫‪425‬‬

‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪584‬‬ ‫‪583‬‬

‫أيلول‬ ‫تشرين األول‬ ‫تشرين الثاني‬

‫‪423‬‬ ‫‪402‬‬ ‫‪319‬‬

‫‪53‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪634‬‬ ‫‪541‬‬ ‫‪468‬‬

‫كانون األول‬

‫‪302‬‬

‫‪43‬‬

‫‪457‬‬

‫المجموع‬

‫‪4421‬‬

‫‪497‬‬

‫‪6266‬‬

‫جدول بأسباب حوادث السير خالل عام ‪2008 – 2007‬‬ ‫سبب الحادث‬

‫العدد‬

‫سبب الحادث‬

‫العدد‬

‫عدم االنتباه‬

‫‪911‬‬

‫وجود اشغال على سطح الطريق‬

‫‪30‬‬

‫السرعة وعدم االنتباه‬

‫‪608‬‬

‫فعل جرمي‬

‫‪22‬‬

‫عدم مراعاة قواعد السرعة‬

‫‪571‬‬

‫خطر ناتج عن شكل الطريق‬

‫‪20‬‬

‫عدم تقيد المشاة بقواعد اجتياز الطريق‬

‫‪436‬‬

‫حفرة وسط الطريق‬

‫‪19‬‬

‫عدم مراعاة قواعد تغيير االتجاه‬

‫‪393‬‬

‫عطل طارئ في االطارات‬

‫‪17‬‬

‫االنزالق‬

‫‪331‬‬

‫عدم مراعاة قواعد االنارة‬

‫‪14‬‬

‫عدم مراعاة قواعد التجاوز‬

‫‪290‬‬

‫عدم مراعاة قواعد الحمولة‬

‫‪9‬‬

‫عدم مراعاة قواعد االفضلية‬

‫‪187‬‬

‫اثناء فرار السائق‬

‫‪9‬‬

‫السير باالتجاه المعاكس‬

‫‪147‬‬

‫احتساء الكحول‬

‫‪8‬‬

‫عدم مراعاة قواعد الوقوف والتوقف‬

‫‪144‬‬

‫عارض صحي‬

‫‪5‬‬

‫عطل ميكانيكي طارئ‬

‫‪91‬‬

‫انبهار العيون‬

‫‪4‬‬

‫عدم تقيد السائق باالشارات التوجيهية‬

‫‪81‬‬

‫ساتر ترابي‬

‫‪2‬‬

‫االحوال الجوية‬

‫‪37‬‬

‫عدم معرفة الطريق‬

‫‪1‬‬

‫إرهاق أو نعاس السائق‬

‫‪33‬‬

‫حجب الرؤية‬

‫‪1‬‬

‫المجموع‪4421 :‬‬ ‫‪103‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫ذكرى‬

‫عام على استشهاد اللواء فرنسوا الحاج «رجل المهمات الصعبة والمصيرية»‬

‫لودي الحاج لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫التحقيقات بالجريمة متتابعة‪ ،‬نرجو أن يصلوا إلى نتيجة‬ ‫في حياته كفاح وعمل وبناء ومنوذج جليل‬ ‫نذر نفسه حلب الوطن فقدم أغلى ما ميلك‪،‬‬ ‫استشهد ليعيش الوطن‪ ،‬وضرب مثاال ً‬ ‫يقتدى‪ ،‬إنه اللواء الشهيد فرنسوا احلاج‪،‬‬ ‫ونحن اليوم في ذكرى استشهاده نقف‬ ‫بخشوع أمام عظمة التضحية‪ ،‬والشهداء‬ ‫ال ميوتون ألنهم خالدون‪.‬‬ ‫ثالثة رموز تشير إلى حياة فرنسوا‪ ،‬ولكنها‬ ‫ككل الرموز تبقى قاصرة عن اإلحاطة بها‬ ‫متاماً‪ .‬كان فرنسوا سيفا ً براقا ً وكتابا ً مقروءا ً‬ ‫وجسر عبور‪ ،‬سيفا ً نقش على قبضته “ال‬ ‫تخافوا ممن يقتل اجلسد”‪ .‬يوم امتدت يد‬ ‫الشر لتمزق باحلقد والغدر جسد فرنسوا‬ ‫الطاهر ومرافقه اخمللص‪ ،‬كانت تعتقد أن‬ ‫كاف لكسر السيف وخنق‬ ‫هذا الفعل اآلثم ٍ‬ ‫املستقبل املتألق وتعفير جبني الوطن‪،‬‬ ‫خالوا وقتها أنهم يسدلون الستارة على‬ ‫كل ما ميثل البطل من قيم وشيم وما متثله‬ ‫املؤسسة العسكرية بقائدها وضباطها‬ ‫وجندها من منعة وحصانة وضمان وأمل‬ ‫للبنانيني جميعا ً ولبنان كله‪ .‬متكن اجملرمون‬ ‫لي السيف ال كسره‪ ،‬سيف الشرف‬ ‫من ّ‬ ‫والتضحية والوفاء ال يُكسر بل يزداد وهجا ً‬ ‫وصالبة كل مرة يسقط شهيد للجيش أو‬ ‫يلف جسده الطاهر بعلم لبنان اخلفاق‪.‬‬ ‫وقال فرنسوا احلاج يوما ً “التضحية قدر‬ ‫العسكريني‪ ،‬ولبنان يستحقّ التضحية‬ ‫حتى الشهادة” فسقط شهيدا ً على مذبح‬ ‫التضحيات في هذا الوطن‪ .‬وأوصى أبناءه‬ ‫باحلفاظ على األرض والشعب‪ ،‬ليبقى لبنان‬ ‫وطنا ً آمنا ً أب ّيا ً‬ ‫موحدا ً في وجه األخطار‬ ‫ّ‬ ‫والتحديات‪.‬‬ ‫بشهادته انبلج فجر احلرية والكرامة‬ ‫واندحر ليل الظلم واحلقد والكراهية مع‬ ‫أولئك اجملرمني اجلبناء أصحاب الهوية الزائفة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والوجوه املستنكرة الذين سيلعنهم‬ ‫التاريخ ويبعثرهم كالغبار والكراهية في‬ ‫مجاهل الذل واملهانة والنسيان‪.‬‬ ‫بكاه رفاق السالح من القائد حتى اجلندي‪،‬‬ ‫الذين عرفوه رجالً‪ ،‬وطنياً‪ ،‬مقاوماً‪ ،‬جريئاً‪،‬‬ ‫يجسد شعار اجليش شرف‪ ،‬تضحية‪ ،‬وفاء‪.‬‬ ‫رفض التعامل مع العدو وواجه اإلرهاب‬ ‫والفتنة وأبى إال أن ميوت برصاصة وهو‬ ‫محلق كما ميوت األبطال‪ .‬فرنسوا احلاج‬ ‫تاريخ نفتخر فيه‪.‬‬ ‫لقد حاول اإلرهابيون من خالل استهدافك‪،‬‬ ‫النيل من قوة اجليش ودوره في احلفاظ على‬ ‫وحدة الوطن وسيادته واستقالله‪ ،‬لكن‬ ‫غاب عن بالهم‪ ،‬أن اجليش يستمد متاسكه‬ ‫ومناعته من دماء شهدائه وتضحيات‬ ‫عسكرييه‪ ،‬والرد احلازم على هؤالء القتلة‬ ‫اجملرمني‪ ،‬كان وسيبقى مزيدا ً من اإلميان بهذا‬ ‫الوطن ومتابعة السير عل خطى الشهداء‪،‬‬

‫‪104‬‬

‫والتمسك أكثر وأكثر بالقيم واملبادئ التي‬ ‫مضوا في سبيلها‪.‬‬ ‫إن يد الغدر واإلرهاب استهدفت اللواء‬ ‫الركن فرنسوا احلاج مدير العمليات في‬ ‫اجليش اللبناني‪ ،‬املؤسسة الوطنية‪،‬‬ ‫املقاومة والصامدة بوجه عدو لبنان اخلارجي‬ ‫إسرائيل وعدوه الداخلي الفتنة‪.‬‬ ‫استهدفوه نظرا ً إلى ما كان ميثله من‬ ‫موقع مميز في قيادة اجليش ودور طليعي في‬ ‫أداء املهمات الدقيقة والصعبة‪.‬‬ ‫اللواء الركن فرنسوا احلاج هو شهيد‬ ‫اجليش وكل لبنان‪ ،‬ومثلما كان طوال‬ ‫مسيرته العسكرية قدوة يحتذى بها في‬ ‫الشجاعة والفروسية واإلخالص‪ ،‬ستبقى‬ ‫مآثره البطولية بعد استشهاده ذخرا ً‬ ‫للمؤسسة ومنارة تهتدي بها األجيال‪.‬‬ ‫في الثاني عشر من كانون األول ‪2007‬‬ ‫غابت شمس بعبدا حزينة‪ .‬فقد غاب فرنسوا‬


‫احلاج ابن املؤسسة العسكرية وحامل مشعلها والراكض‬ ‫للبحث عن هموم أفرادها‪ ،‬وصار شهيدا ً في معركة االستقالل‪.‬‬ ‫وعلى غرار كل اجلرائم السابقة كان االغتيال محاول ًة الستهداف‬ ‫وحدة الوطن‪ ،‬لكن هذه امل ّرة عبر ضرب الرمز األبرز لها‪ ،‬املؤسسة‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وصف طابق مسيرة‬ ‫“رجل املهمات الصعبة واملصيرية”‪ ،‬هو‬ ‫العميد الركن العسكرية على مدى ‪ 35‬عاماً‪.‬‬ ‫املق ّربون منه يصفونه بالقائد امليداني من الطراز الرفيع‪،‬‬ ‫فهو لم يُهادن في تنفيذ املهمات الصعبة‪.‬‬

‫نبذة عن حياة اللواء‬ ‫الشهيد فرنسوا الحاج‬ ‫تاريخ ومكان الوالدة‪:‬‬ ‫‪ 1953/7/28‬ـ رميش ـ‬ ‫قضاء بنت جبيل‬ ‫ اللغات التي يتقنها‪:‬‬‫الفرنسية ـ اإلنكليزية ـ‬ ‫اإليطالية‬ ‫ الشهادات‪ :‬البكالوريا‬‫اللبنانية القسم الثاني ـ‬ ‫فرع الرياضيات‬ ‫ الوضع العائلي‪:‬‬‫متأهل وله ثالثة أوالد‪.‬‬ ‫* ترقياته‪:‬‬ ‫ـ تطوع في اجليش‬ ‫بصفة تلميذ ضابط في‬ ‫املدرسة احلربية ورقي إلى‬ ‫رتبة مالزم‪ ،‬حيث تدرج‬ ‫بالترقية حتى رتبة عميد‬ ‫ركن بتاريخ ‪2002/1/1‬‬ ‫ورتبة لواء ركن بعد‬ ‫االستشهاد‪.‬‬ ‫* من أهم الوظائف القيادية التي شغلها‪:‬‬ ‫ قائدا ً للكتيبة ‪43‬‬‫ قائدا ً للكتيبة ‪51‬‬‫ قائدا ً لفوج التدخل الثالث‬‫ قائدا ً لفوج املغاوير‬‫ مساعدا ً لقائد اللواء املشاة الثاني عشر‬‫ مديرا ً لالستعالم في أركان اجليش للعمليات‬‫ مديرا ً للعمليات في أركان اجليش للعمليات ولغاية تاريخ‬‫االستشهاد‪.‬‬ ‫* تابع عدة دورات في الداخل واخلارج‪ ،‬منها في فرنسا وأميركا‬ ‫وإيطاليا‪.‬‬ ‫* األوسمة والتنويهات والتهاني‪:‬‬ ‫ وسام احلرب أربع مرات‬‫ وسام اجلرحى مرة واحدة‬‫ وسام األرز الوطني من رتبة فارس‬‫ وسام االستحقاق اللبناني ‪ -‬درجة ثالثة‬‫ وسام الوحدة الوطنية‬‫ وسام فجر اجلنوب‬‫ وسام االستحقاق اللبناني ‪ -‬درجة ثانية‬‫ وسام التقدير العسكري من الدرجة الفضية‬‫ وسام األرز الوطني من رتبة ضابط‬‫ وسام االستحقاق اللبناني من الدرجة األولى‬‫ امليدالية التذكارية للمؤمترات عام ‪2002‬‬‫ وسام اإلخالص من الدرجة املمتازة‬‫ وسام الفخر العسكري من الدرجة الفضية‬‫ وسام احلرب بعد االستشهاد‬‫ وسام اجلرحى بعد االستشهاد‬‫ وسام األرز الوطني من رتبة كومندور‬‫‪ -‬تنويه العماد قائد اجليش ‪ 10‬مرات‪ ،‬وتهنئته ‪ 24‬مرة‪.‬‬

‫السيدة احلاج‬ ‫السيدة لودي احلاج عقيلة الشهيد البطل فرنسوا احلاج‪،‬‬ ‫حتدثت جمللة “منبر التوحيد” بكلمات معبرة حتمل معنى الوفاء‬ ‫العظيم للزوج احلبيب واألب احلنون واألخ احملب‪ ،‬والقائد احلازم‪،‬‬ ‫والنّزيه والشديد الثقة بالنفس‪ ،‬وتقول‪:‬‬ ‫مضى عام وكأنه دهر‪ ،‬شعورنا لم يتغير‪ ،‬احلرقة واألسى‬ ‫مالزمانا‪ ،‬مع الشعور بالفخر ألننا عشنا مع بطل حقيقي‪،‬‬ ‫بطل بكل ما للكملة من معنى‪ ،‬له حضور كبير في البيت‬ ‫رغم غيابه ونضاله‪ ،‬كان معنا دائما ً بالروح وسيبقى كذلك‪،‬‬ ‫ألن فرنسوا خلق حلمة بني عائلته الصغيرة وعائلته الكبيرة‬ ‫بني الوطن واملواطن‪ ،‬إنها أيام قاسية نتذكره كل حلظة وكل‬ ‫ساعة‪.‬‬ ‫وأضافت‪ :‬بعد استشهاده فرض علينا مسؤوليات كبيرة‬ ‫وواجهنا صعوبات عدة ‪ ،‬ألن ما كان ينجزه فرنسوا أصبح‬ ‫مسؤوليتنا‪ ،‬في مساعدة العائلة الكبيرة والصغيرة ألنه كان‬ ‫مرجعا ً فيها كما في مؤسسته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كانت األقوال واحلكم تالزمه دائما يكتبها على اللوح في‬ ‫البيت‪ ،‬كل صباح عندما يكون في البيت يسأل عن عبرها آخر‬ ‫اليوم‪ .‬وأهم هذه األقوال واحلكم كانت‪:‬‬ ‫الدارس غلب الفارس‪ ،‬تربية الصبيان مثل قرمشة الصوان‪،‬‬ ‫لبنان أمانة في أعناقنا وسننجح‪.‬‬ ‫وبالنسبة للتحقيق في جرمية استشهاده فإن املسؤولني‬ ‫عن هذا املوضوع يقولون إن التحقيقات متتابعة‪ ،‬نرجو أن‬ ‫يصلوا إلى نتيجة ألنهم يعلمون من هو عدو لبنان‪.‬‬ ‫وختمت قائلة‪ :‬أتوجه عبر مجلة “منبر التوحيد” إلى‬ ‫املسؤولني قائلة لهم أن يتحدوا‪ ،‬وإلى األصدقاء أن يكونوا قدوة‬ ‫ومثاالً‪ ،‬وإلى األجيال لتسير على خطاه‪.‬‬ ‫مهيبة العسراوي‬

‫‪105‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫منبر صحة‬

‫السيدا مرض العصر‬ ‫الخطر على األبواب‪ ،‬فاحموا أوالدكم‬ ‫السيدا من أخطر األمراض على اإلطالق‪،‬‬ ‫نظرا ً ملا يسببه من تدمير في جهاز املناعة لدى‬ ‫جسم االنسان‪ ،‬وبالتالي يؤدي الى املوت املؤكد‪،‬‬ ‫واملرض هو سيف ذو حدين‪ ،‬فهو يقضي على‬ ‫مرضاه ويدمر اجملتمع‪ ،‬وآثاره متتد وتؤثر من الناحية‬ ‫املعنوية والبدنية واإلنتاجية‪ ،‬وحتد من قدرات‬ ‫الفرد اإلنتاجية والفكرية‪ ،‬وبالتالي فخسارة‬ ‫اجملتمع تبدو هنا مضاعفة‪ .‬ومرض السيدا نشر‬ ‫خيوطه في اجملتمعات العربية والغربية ألنه أكثر‬ ‫خطورة من اإلدمان‪ ،‬مما يلحق أضرارا كبيرة بجسم‬ ‫االنسان الى حد املوت وتهدمي اجملتمعات‪ .‬لقد‬ ‫حصد هذا املرض اخلبيث الكثير من أرواح الناس‬ ‫في أنحاء املعمورة وجعلهم في قائمة االموات‪،‬‬ ‫ألن املصاب بهذا املرض ال مفر له من املوت ألنه‬ ‫ينهش جسد االنسان معنويا وبدنيا‪ .‬وعند ظهور‬ ‫االيدز حاول االطباء ان يجدوا له دواء ولكن بدون‬ ‫جدوى‪ .‬وبالرغم من ذلك لم يفشل هؤالء االطباء‬ ‫والعلماء في جتاربهم بل واصلوا محاولتهم‪ ،‬مما‬ ‫جعلهم يتوصلون الى ما يخفف من حدة املرض‬ ‫ويجعل املصاب في حالة أقل خطورة‪.‬‬ ‫السيدا‪ :‬هو اسم املرض الذي يدخل في جسم‬ ‫اإلنسان ويحطم جهاز املناعة ويعطله عن أداء‬ ‫وظيفته احليوية‪ ،‬وهو مرض فيروسي ينتسب‬ ‫الى فيروس يعرف باسم ‪ ،III HIV‬يعتبر املسبب‬ ‫الرئيسي لنقص املناعة عند املصاب ويشل اخلاليا‬ ‫املقاومة لألمراض‪ ،‬مما يجعل جسم االنسان‬ ‫عرضة ألمراض اخرى كالسرطان ويسمى السيدا‬ ‫بااليدز ‪:AIDS‬‬ ‫‪ :A‬مكتسب‪ :‬أي شيء نكتسبه ال يولد معنا‪.‬‬ ‫‪ :I‬مناعة‪ :‬أي مقاومة أو حماية ضد االمراض‪.‬‬ ‫‪ :D‬نقص‪ :‬أي عدم وجود القوة الوقائية‬ ‫للجسم‪.‬‬ ‫ظهر مرض السيدا في ‪ 1981‬في الواليات‬ ‫املتحدة األميركية‪ ،‬وأول من أصيب بهذا املرض‬ ‫هو‪« :‬مايكل فوتليت»‪ ،‬وحسب اخملتصني في‬ ‫الفيروسات ان االيدز ظهر قبل حزيران ‪ 1981‬ولكن‬ ‫خطورته لم تظهر بشكل كبير في اجملتمعات‪.‬‬ ‫ويقال ان مرض السيدا انتقل الى االنسان عن‬ ‫طريق احليوان وبالضبط من القردة حيث تقول‬ ‫بعض املصادر إن هناك ِقردة كانت تعيش في‬ ‫وسط أفريقيا‪ ،‬وذات مرة هاجمت سكان القرى‬ ‫وهي حاملة للفيروس‪ .‬مما جعل أهل هذه القرى‬ ‫يصابون بالفيروس‬ ‫ويحملونه معهم على منطقة الكارييب‬ ‫والواليات املتحدة األميركية وأوروبا‪ .‬ولقد اكتشف‬ ‫فيروس مرض السيدا سنة ‪ 1983‬من طرف ثالثة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫علماء في الطب وهم‪ :‬مونتاقير وباري وسينوزي‪.‬‬ ‫وهذا مبساعدة معهد باستور للبحوث‪ ،‬وقد متكن‬ ‫العالم روبرت كالو سنة ‪ 1983‬من اكتشاف اخلاليا‬ ‫املصابة بااليدز‪ ،‬ووجود سوائل جسم االنسان‬ ‫كالدم واحليوانات املنوية واللعاب‪ ،‬وان املرض ال‬ ‫ينتقل الى شخص آخر عن طريق مجالسته أو‬ ‫التحدث معه‪ ،‬بل ميتد عن طريق السوائل‪.‬‬ ‫كيف يتطور هذا املرض عند املصاب به‪:‬‬ ‫مرحلة املصل االيجابي ‪ :seropositif‬وتتمثل‬ ‫في االجسام املضادة للفيروس او أمراض أخرى‪،‬‬ ‫وفي هذه احلالة قد يكون االنسان مصابا ً باملرض‬ ‫ولكن ال يظهر عليه إال بالتحاليل الطبية‪.‬‬ ‫مرحلة ما قبل السيدا‪ :‬في هذه املرحلة يضعف‬ ‫اجلهاز املناعة عند املصاب ممّا يجعله عرضة‬ ‫ألمراض اخرى كارتفاع درجة احلرارة واإلسهال‬ ‫واالنطواء وضعف اجلسم‬

‫‪106‬‬

‫مرحلة اإلصابة مبرض السيدا‪ :‬في هذه املرحلة‬ ‫يتدهور جهاز املناعة تدهورا ً كليا ً وتتحطم اخلاليا‬ ‫البيضاء املكونة جلهاز املناعة ويستسلم جسم‬ ‫اإلنسان جلميع األمراض املؤدية للموت‪.‬‬ ‫ما هو مرض االيدز؟‬ ‫متالزمة نقص املناعة املكتسبة (االيدز)‬ ‫اعتالل خطير ينتج من عجز مقدرة أجهزة‬ ‫املناعة في اجلسم على الدفاع عن نفسه من‬ ‫كثير من االمراض‪ .‬فعندما يغزو فيروس نقص‬ ‫املناعة البشري ‪Ficiency( immunod Human‬‬ ‫‪ )HIV virus‬وهو الفيروس املسبب لاليدز اخلاليا‬ ‫املناعية الرئيسية واملسماة خاليات اللمفية –‪T‬‬ ‫‪ Lymphocytes‬ويتكاثر فإنه يسبب تدميرا ً جلهاز‬ ‫املناعة باجلسم‪ ،‬مما يؤدي الى حالة ساحقة من‬ ‫العدوى أو السرطان أو هما‬ ‫معاً‪ ،‬وهكذا يكون اجلسم لقمة سائغة‬


‫وفريسة سهلة للعلل واالمراض‪ ،‬مما يؤدي في‬ ‫نهاية املطاف الى املوت‪ .‬ورغم أن الباحثني كانوا‬ ‫يتبادلون حاالت هذا املرض منذ عام ‪ 1959‬إال ان‬ ‫أول اكتشاف لاليدز كان في أميركا عام ‪ 1981‬ثم‬ ‫تتابع تشخيص حاالت هذا املرض في جميع أنحاء‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫ما هو سبب متالزمة نقص املناعة املكتسبة‬ ‫(االيدز)؟‬ ‫يسبب مرض االيدز فيروسات في مجموعة‬ ‫الفيروسات التي تدعى الفيروسات اخللفية أو‬ ‫االرتدادية أو االرجتاعية‪ ،‬وقد مت أول اكتشاف لهذا‬ ‫الفيروس بوساطة الباحثني الفرنسيني‬ ‫عام ‪ 1983‬والباحثني األميركيني في عام ‪،1984‬‬ ‫وفي عام ‪ 1985‬أصبح الفيروس يدعى فيروس‬ ‫العوز املناعي البشري (‪.)Hiv‬‬ ‫ما هي أعراض مرض االيدز؟‬ ‫ارتفاع في درجة احلرارة مع العرق الليلي الغزير‬ ‫الذي يستمر عدة أسابيع دون سبب معروف‪.‬‬ ‫تضخم العقد اللمفية وخاصة املوجودة في‬ ‫العنق واالبط وثنية الفخذ دون سبب معروف‪.‬‬ ‫سعال جاف يستمر عدة اسابيع دون سبب‬ ‫معروف‪.‬‬ ‫إسهال ليس له سبب واضح يستمر عدة‬ ‫اسابيع‪.‬‬ ‫يصحب األعراض السابقة في بعض االحيان‬ ‫اعتالل عام في الصحة والشعور باإلنهاك وهبوط‬ ‫في الوزن‪.‬‬ ‫كيف ينتقل فيروس االيدز؟‬ ‫لقد استطاع الباحثون حتديد‬ ‫ثالث وسائل النتقال فيروس االيدز‬ ‫ووتشمل‪:‬‬ ‫عن طريق االتصال اجلنسي اذا كان‬ ‫احد الطرفني مصاباًَ‪.‬‬ ‫استخدام االبر أو أدوات ثقب اجللد‬ ‫امللوثة بالفيروس‪.‬‬ ‫من األم املصابة الى جنينها اثناء‬ ‫فترة احلمل أو الوالدة أو الرضاعة‬ ‫الطبيعية‪.‬‬ ‫نقل الدم أو منتجاته امللوثة‬ ‫بالفيروس (نادر جدا ً بعد سنة ‪.)1986‬‬ ‫العدوى عن طريق االتصاالت‬ ‫اجلنسية‪:‬‬ ‫وهي تشكل نسبة ما يقارب‬ ‫من ‪ %90‬من حاالت عدوى االيدز‪.‬‬ ‫وينتقل املرض عن طريق االتصال‬ ‫اجلنسي بني أفراد اجلنس‬ ‫الواحد او اجلنسني على‬ ‫حد سواء‪ ،‬أي عن طريق‬ ‫املهبل او الشرج‪.‬‬ ‫وهناك ممارسات‬ ‫جنسية تزيد من‬ ‫خطر العدوى مثل‬ ‫الزنا واللواط‪.‬‬ ‫العدوى عن طريق‬

‫احلقن‪:‬‬ ‫تشكل نسبة ‪ %5-2‬من احلاالت ويحدث هذا‬ ‫النمط من العدوى بنقل الدم امللوث أو منتجاته‬ ‫ومن استعمال االبر واحملاقن امللوثة وسائر االدوات‬ ‫التي تخترق اجللد أو األغشية اخملاطية مثل‪ :‬أدوات‬ ‫ثقب األذن وأدوات احلالقة وفرشاة األسنان التي‬ ‫يستخدمها املصابون‪ ،‬خاصة اذا كانت هناك‬ ‫جروح أو تقرحات على األغشية اخملاطية أو‬ ‫اجللد‪ ،‬كما سجلت بعض احلاالت نتيجة‬ ‫عدم تعقيم أدوات معاجلة االسنان‪.‬‬ ‫ومشكلة إدمان اخملدرات شديدة‬ ‫الصلة بانتشار االيدز عن طريق‬ ‫استعمال احملاقن واالبر امللوثة في‬ ‫حالة تعاطي العقاقير عن طريق‬ ‫احلقن الوريدية‪.‬‬ ‫وقد تصبح العدوى عن طريق‬ ‫الدم ومنتجاته مشكلة هامة‬ ‫في البلدان التي لم تنفذ بعد‬ ‫برنامجا وطنيا لتحري سالمة الدم‬ ‫وفحص املتبرعني بحثا ً عن العدوى‬ ‫بالفيروس‪.‬‬ ‫العدوى من األم للجنني‪:‬‬ ‫قد حتدث العدوى خالل احلمل‬ ‫او عند الوالدة او بعد الوالدة‬ ‫عن طريق حليب األم‪ ،‬ويترواح‬ ‫خطر انتقال الفيروس من‬ ‫األم احلاملة للفيروس الى‬ ‫وليدها بني ‪.%50-25‬‬ ‫كيف يتعامل اجملتمع‬ ‫مع مريض االيدز؟‬ ‫ان مريض االيدز‬ ‫هو إنسان يحتاج‬ ‫الى العطف‬ ‫والرعاية‪ ،‬وذلك‬ ‫ألن خطره على‬

‫‪107‬‬

‫اجملتمع واخملالطني له ميكن السيطرة عليه من‬ ‫خالل جتنب السلوكيات التي تساعد على انتقال‬ ‫العدوى‪ ،‬وخاصة االتصال اجلنسي‪ ،‬او استخدام‬ ‫أدوات مشتركة من املواد الثاقبة للجلد مثل االبر‬ ‫واحملاقن وأدوات احلالقة‪.‬‬ ‫وعلى هذا فيمكن ملريض االيدز‪ ،‬وفي ظل ذلك‬ ‫االنخراط في اجملتمع وممارسة عمله دون احلاجة الى‬ ‫عزله عن اجملتمع أو احلجر على حتركاته ما دام هو‬ ‫حريصا ً على عدم نقل العدوى الى غيره ومعرفة‬ ‫اجملتمع بطرق انتقال عدوى املرض والوقاية منها‪.‬‬ ‫طرق الوقاية من االيدز‬ ‫ليس هتاك أي لقاح أو عالج قاطع لهذا املرض‪،‬‬ ‫لذلك تبقى الوقاية منه بتجنب أسباب االصابة‬ ‫منه‪.‬‬ ‫هل هناك لقاح ضد االيدز؟‬ ‫لم يتمكن الباحثون والعلماء حتى اآلن من‬ ‫تطوير لقاح فعال ضد مرض االيدز‪ .‬إال أن هناك‬ ‫طرقا بسيطة وفعالة للوقاية من املرض تعتبر‬ ‫اكثر اهمية من أي لقاح ميكن اكتشافه‪ ،‬وتتمثل‬ ‫هذه الطرائق بالتمسك بالقيم االخالقية‬ ‫واالجتماعية والدينية التي حتظر السلوك‬ ‫اجلنسي احملفوف باخملاطر وحتصر املمارسة‬ ‫اجلنسية في اطار العالقة الزوجية الشرعية التي‬ ‫أباحتها الشرائع السماوية واألعراف االجتماعية‪،‬‬ ‫كما تتمثل باجتناب تعاطي اخملدرات حيث ينتقل‬ ‫الفيروس عن طريق احلقن امللوثة‪ .‬أما سالمة‬ ‫الدم الذي يتبرع به املواطنون فهي مسؤولية‬ ‫املؤسسات الصحية العامة واخلاصة‪.‬‬ ‫هل هناك عالج ضد االيدز؟‬ ‫هناك العديد من احملاوالت لصناعة األدوية ومت‬ ‫إنتاج عدد من العقاقير واملضادات وهي باهظة‬ ‫الكلفة وليست في متناول الدول النامية وذوي‬ ‫الدخل احملدود‪.‬‬

‫إعداد راوية ابو ذياب‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الشياطين‬ ‫الحمر‬

‫مانشستر‬ ‫يونايتد‪...‬‬ ‫نادي مانشستر يونايتد هو نادي كرة قدم إجنليزي و أعرق أندية العالم‬ ‫وأميزها‪ ،‬تأسس سنة ‪ ، 1878‬في مانشستر إجنلترا حتت اسم نيوتن هيث‬ ‫بواسطه عمال محطة سكك حديدية حتمل اإلسم ذاته‪ .‬يلعب في‬ ‫الدوري اإلجنليزي املمتاز‪ .‬حاز على عدة ألقاب‪ ،‬مالكه احلالي هو مالكوم‬ ‫جليزر‪.‬‬

‫إجنازات و ألقاب النادي‬

‫دوري أبطال أوروبا‬

‫الدوري اإلجنليزي‬ ‫أحرز الدوري اإلجنليزي سبعة عشر مرة بدأت بلقب الدوري اإلجنليزي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عام ‪ 1908‬ثم توالت األلقاب أعوام ‪1965 - 1957 - 1956 - 1952 - 1911‬‬ ‫ ‪- 2003 - 2001 - 2000 - 1999 - 1997 - 1996 - 1994 - 1993 - 1967‬‬‫‪ .2008 - 2007‬كأس اإلحتاد اإلجنليزي‬ ‫أحرز لقب كأس اإلحتاد اإلجنليزي إحدى عشر مرة بدأت عام ‪ 1909‬ثم‬ ‫أعوام ‪- 1996 - 1994 - 1990 - 1985 - 1983 - 1977 - 1973 - 1948‬‬ ‫‪2004 - 1999‬‬

‫‪108‬‬

‫أحرز نادي مانشستر يونايتد اإلجنليزي بطولة دوري أبطال أوروبا ثالثة‬ ‫مرات األولى كانت عام ‪ 1968‬باستاد وميبلي باجنلترا حيث تغلب في‬ ‫املباراهةالنهائية على نادي بنفيكا البرتغالي بنتيجة أربعة أهداف مقابل‬ ‫هدف وحيد للنادي البرتغالي‪.‬‬ ‫و كانت البطولة الثانية عام ‪ 1999‬باستاد كامب نو بأسبانيا حيث‬ ‫تغلب على فريق بايرن ميونيخ األملاني بنتيجة هدفني مقابل هدف‬ ‫واحد للفريق األملاني و جدير بالذكر أن الفريق األملاني كان متقدما‬ ‫بهدف العبه األملاني باسلر منذ الدقيقة السادسة للشوط األول‬ ‫حتى آخر دقيقتني قبل انتهاء املباراة حيث فاجأ الالعب اإلجنليزي تيدي‬ ‫شرينجهام اجلميع بهدف التعادل في الدقيقة ‪ 90‬ثم أحرز النرويجي‬ ‫أولي جونار سولسكيار هدف الفوز في الدقيقة ‪ 92‬لتنتهي املباراة‬ ‫بفوز مانشستر يونايتد في الوقت بدل الضائع‪ .‬وبطولة الثالثة عام‬ ‫‪ 2008‬في موسكو عاصمة روسية حيث تغلب علي نادي تش_لسي‬ ‫االجنليزى‪.‬‬ ‫وكان تعادل في الشوط االول شهد تسجيل الهدفني الوحيدين‬ ‫في دقائق املباراة االصلية ‪ ،‬فقد افتتح كريستيانو رونالدو التسجيل‬ ‫لصالح مانشستر في الدقيقة ‪ ، 26‬وفي الدقيقة ‪ 45‬تعادل فرانك‬ ‫المبارد النتيجة ‪ ،‬لينتهي الشوط االول بالنتيجة ‪. 1 -1‬‬ ‫الشوط الثاني حاول العبو الفريقني تسجيل هدف التفوق ‪ ،‬اال‬ ‫ان جميع احملاوالت باءت بالفشل ‪ ،‬وانتهى الوقت االصلي للمباراة‬


‫األول‬ ‫العبي‬ ‫الفريق األول‬ ‫العبي الفريق‬

‫بالتعادل ‪ . 1 – 1‬كما‬ ‫انتهى الوقت االصلي‬ ‫لشوطي التمديد دون‬ ‫تسجيل اهداف ‪ .‬ومت‬ ‫حسم النتيجة لصالح‬ ‫يونايتد‬ ‫مانشستر‬ ‫بالضربات الترجيحية ‪.‬‬ ‫الكؤوس‬ ‫كأس‬ ‫األوروبيه‬ ‫عام ‪ 1991‬كأس‬ ‫السوبر األوروبي‬ ‫كأس اإلنتركونتننتال‬ ‫عام ‪1999‬‬ ‫الدرع اخليرية ‪1908‬‬ ‫ ‪1956 - 1952 - 1911‬‬‫ ‪- 1993 - 1983 - 1957‬‬‫‪.2008 - 2007 - 2003 - 1997 - 1996 - 1994‬‬

‫الالعب‬ ‫إدوين فان درسار‬ ‫)القائد(غاري نيفيل‬ ‫باتريس إيفرا‬ ‫أوين هار غريفز‬ ‫ريو فرديناند‬ ‫ويس براون‬ ‫كريستيانو رونالدو‬ ‫أندرسون‬ ‫ديميتار برباتوف‬ ‫واين روني‬ ‫)القائد االحتياطي(راين غيجز‬ ‫بن فورستر‬ ‫بارك جي سونغ‬ ‫نيمانيا فيديتش‬ ‫مايكل كاريك‬ ‫ناني‬ ‫بول سكولز‬ ‫جون أوشي‬ ‫جوني إيفانز‬ ‫دارين فليتشير‬ ‫كارلوس تيفيز‬ ‫)سميزو(سيفان إتريس‬

‫الرجل الـعظيم السير مات بوسبي‬ ‫حينما تشاهد ملعب االوترافولد جتد في البوابة الرئيسية متثال فهو‬ ‫السير مات بوسبي فهو أستحق بكل جدراة أن يوضع في ذلك املكان‬ ‫عن غيره ‪ .‬انه رمز النادي األعظم والذي جعل ملانشستر اسم معروف‬ ‫عامليا وأوروبيا ‪..‬حتي الطريق الذي يقع يشرف عليه نادي مانشستر‬ ‫سمي بأسم هذا الرجل إنه السير مات بوسبي املدرب العظيم للمان‬ ‫يونايتد والذي من عهده أخذ اسم مانشستر ينقش بأحرف من ذهب‬ ‫منح لقب السير من البيزابيث قبل أن مينح أللكس فريغسون أو بوبي‬ ‫روبسون ألن مافعله لهذا النادي يستحق االشاده الفخر وليس اإلحترام‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫تولى تدريب النادي اثناء حدوث احلرب العاملية الثانية ‪.‬وكان الدوري‬ ‫متوقف حينها و اثناء هذه الفترة أخذ يعد فريق قادر على املنافسة بالدوري‬ ‫بعد أن كان من اندية الوسط وبعد رجوع الدوري واملسابقه عام ‪ 1947‬لم‬ ‫يخيب السير ظن املسؤولني به وكان من أبرز املنافسني بالدوري حيث حقق‬ ‫مركز الوصافه بالدوري أربع مرات خالل خمس مواسم وبعدهاإستطاع‬ ‫حتقق الدوري االجنليزي ألول مرة خالل توليه املهمة وكان ذلك في عام ‪1952‬‬ ‫وكانت البطوله الثالثه في تاريخ النادي وحقق بعدها الدوري عام مرتني‬

‫المركز‬ ‫حارس‬ ‫مدافع‬ ‫مدافع‬ ‫وسط‬ ‫مدافع‬ ‫مدافع‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬ ‫مهاجم‬ ‫مهاجم‬ ‫وسط‬ ‫حارس‬ ‫وسط‬ ‫مدافع‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬ ‫مدافع‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬ ‫مهاجم‬ ‫مهاجم‬

‫الرقم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪600‬‬

‫عام ‪1956‬و‪ 1957‬وأصبح النادي ذائع الصيت في برطانيا‬

‫الـيوم األسـود في تـاريخ النـادي‬ ‫بالفعل هو يوم اسود على السير مات بوزبي ورفاقه عندما حتطمت‬ ‫الطائرة بعد اقالعها بدقيقة واحدة فقط حتطمت ودمرت في مطار‬ ‫ميونخ الدولى وتوفي ‪ 8‬العبني من مانشستر الطاقم التدريبي املساعد‬ ‫كامال بإستثناء السير بوسبي ونقلوا الالعبني الى املستشفيات األملانية‬ ‫وجاء لزيارتهم الكثير من الناس ولم يصب السير مات بوزبي اصابة‬ ‫خطرة وأحتاج الى بضعة أيام حتى يتعافى‪ ..‬بينما أصيب بعض الالعبني‬ ‫أثنني منهم توقفوا عن مزاولة الكرة بعد ذالك‪.‬‬ ‫وفي ‪ 20‬يناير ‪ 1994‬توفي السير مات بوزبي في مدينة مانشستر عن‬ ‫عمر يناهز الـ‪ 84‬عاما‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫البرتغالي رونالدو‬ ‫جناح مانشستر يونايتد‬ ‫يفوز بجائزة‬ ‫الكرة الذهبية‬ ‫فاز البرتغالي كريستيانو رونالدو جناح نادي مانشستر يونايتد بجائزة‬ ‫الكرة الذهبية التي تقدمها مجلة فرانس فوتبول الفرنسية‪ ،‬بعدما قاد‬ ‫ناديه للحصول على لقبي دوري ابطال اوروبا والدوري االنكليزي املمتاز لكرة‬ ‫القدم هذا العام‪.‬‬ ‫واكدت مجلة فرانس فوتبول مبوقعها على االنترنت ان االرجنتيني‬ ‫ليونيل ميسي العب برشلونة االسباني جاء في املركز الثاني تاله االسباني‬ ‫فرناندو توريس مهاجم ليفربول االجنليزي في املركز الثالث خالل االستفتاء‬ ‫الذي شارك فيه ‪ 96‬صحفيا من جميع انحاء العالم والذي نظمته اجمللة‬ ‫الفرنسية‪ .‬واصبح رونالدو رابع العب من يونايتد يفوز باجلائزة‪ ،‬التي كانت‬ ‫معروفة من قبل باسم جائزة افضل العب في اوروبا‪ ،‬بعد دينيس لو في‬ ‫‪ 1964‬وبوبي تشارلتون عام ‪ 1966‬وجورج بست في ‪.1968‬‬ ‫وكان رونالدو جناح منتخب البرتغال احرز ‪ 42‬هدفا مع ناديه في املوسم‬ ‫املاضي كما اصبح هذا العام ثاني العب يفوز بجائزة افضل العب في اجنلترا‬ ‫ملوسمني متتاليني‪. .‬‬ ‫وأصبح رونالدو الذي حل ثانيا خلف البرازيلي كاكا في استفتاء العام‬ ‫املاضي ثاني العب برتغالي يفوز باجلائزة بعد لويس فيجو عام ‪ 2000‬واول‬ ‫من ينال هذا الشرف في الدوري االنكليزي املمتاز منذ املهاجم مايكل اوين‬ ‫في ‪.2001‬‬

‫مانشستر يونايتد‬ ‫يبحث بتأسيس أكاديمية في لبنان‬ ‫باسم «يونايتد بيروت»‬ ‫أق ّر مكتب الدراسات واألبحاث في نادي مانشستر يونايتد‬ ‫اإلنكليزي‪ ،‬تشكيل جلنة رباع ّية برئاسة ريتشارد خليل (رئيس‬ ‫مكتب الدراسات واألبحاث في النادي)‪ ،‬واألعضاء روبرت وستوود‬ ‫أعده‬ ‫وستانلي كول وروبي مارفني لدراسة التقرير األ ّولي الذي ّ‬ ‫اخلبير الكروي اإلنكليزي دينيس وايس (العب تشلسي سابقاً)‪ ،‬حول‬ ‫جدوى إنشاء أكادمي ّية كرو ّية ونادي كرة قدم يحمل اسم »بيروت‬ ‫يونايتد« وفقا ً القتراح ريتشارد خليل‪ .‬وقد لقي التــــقرير األ ّولي‬ ‫تأييدا ً كبيرا ً لالقتراح بإنشاء أكادمي ّية وناد كروي في لبنان نظرا ً‬ ‫للمواهب اخلــامة اجلـ ّيدة املوجودة في لبنان والتي حتتاج للرعـاية‬ ‫والصقل‪.‬‬ ‫ولقيت الفكرة تأييد مجلس إدارة نادي مانشستر يونايتد أثناء‬ ‫اجتماعها لدراستها الفكرة‪ ،‬وقد أبدت استعدادها لتمويل املشروع‬ ‫في مراحلها األولى مببلغ يصل إلى ‪ ١٠‬ماليني جنيه إسترليني‬ ‫إلطالق املشروع باإلضـــافة إلى ميزان ّية تتعدى الـ‪ ٧‬ماليني جنيه‬ ‫إسترليني لألعـــوام الـ‪ ١٠‬التي تلي انطالق املشـــروع على‬ ‫األرض‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بطولة العالم لألندية‪ ...‬مانشستر يونايتد‬ ‫أول فريق إنكليزي يحرز اللقب‬ ‫بات مانشستر يونايتد اول فريق انكليزي يحرز لقب بطولة العالم لألندية في‬ ‫كرة القدم بفوزه على ليغا دي كيتو اإلكوادوري ‪-1‬صفر في املباراة النهائية أمس في‬ ‫مدينة يوكوهاما اليابانية‪ ،‬وسجل واين روني هدف الفوز في الدقيقة (‪)74‬‬ ‫وتنتقل بطولة العالم لألندية الى العاصمة اإلماراتية ابو ظبي التي ستحتضن‬ ‫النسختني املقبلتني عامي ‪ 2009‬و‪ 2010‬قبل ان تعود الى اليابان‪ .‬فرض مانشستر‬ ‫يونايتد افضليته على مجريات الشوط االول‪ ،‬وحصل على فرص باجلملة عبر‬ ‫البرتغالي كريستيانو رونالدو واألرجنتيني كارلوس تيفيز وواين روني‪ ،‬اذ كان بإمكانه‬ ‫حسم النتيجة في احلصة االولى‪.‬‬ ‫ولعب احلارس االكوادوري خوسيه سيفالوس دورا ً مهما ً في احلفاظ على نظافة‬ ‫شباكه في الشوط االول بتصديه لعدد من الكرات اخلطرة‪ .‬واعتمد االكوادوريون‬ ‫على تنظيم دفاعهم واالنطالق بالهجمات املرتدة فكانت لهم بعض احملاوالت‪.‬‬ ‫وانتظر مانشستر يونايتد حتى الدقيقة (‪ )74‬ليهز الشباك حني مرر رونالدو كرة‬ ‫الى روني في اجلهة اليسرى‪ ،‬فلم يتردد في ارسالها قوية الى الزاوية اليسرى البعيدة‬ ‫عن احلارس سيفالوس الذي ارمتى اللتقاطها من دون جدوى‪.‬‬ ‫حاول الفريق االكوادوري ادراك التعادل في الدقائق املتبقية‪ ،‬وكانت له محاولة‬ ‫ثمينة عبر جنمه اخلطير اليخاندرو مانسو‪ ،‬الذي باغت فان درسار مرة جديدة بكرة‬ ‫قوية بيسراه‪ ،‬لكن االخير حولها ببراعة الى ركنية قبل نهاية الوقت االصلي بدقيقة‬ ‫واحدة‪.‬‬

‫إعداد رونالد حمدان‬

‫‪110‬‬


‫منبر قراء‬

‫رب صدفة‬ ‫ّ‬ ‫(الزعامة السوداء)‬

‫تحية الى منتظر الزيدي‬ ‫سالما ً أخي منتظر‪...‬‬

‫سالما ً و”ال بد أن يستجيب القدر”‬

‫سالما ً على رغم أنف العذاب‪...‬‬ ‫سالما ً لكل العراق ّ‬ ‫الطعني‬

‫على رغم انف األذى املنتظر‪،‬‬ ‫طر‬ ‫يواجه ّ‬ ‫بالدم وحشا ً ب َ ِ‬

‫سالما ً يا أخي منتظر‪،‬‬ ‫أيا رافع ال ّرأس عزًّا وكبرا ً اذا ما انحنت‪،‬‬

‫“والة األمور”‪ ،‬لعادٍ ختول‪ ،‬كذوب ِ‬ ‫أشرْ‬

‫سالما ً أخي منتظر‪،‬‬

‫مررت بأحد األحياء السكنية‪ ،‬رأيت مجموعة من الرجال والشباب‬ ‫عال وكل شخص يتكلم‬ ‫ملتف بعضها حول بعض‪ ،‬تتناقش بصوت ٍ‬

‫كأنه خطيب على أحد املنابر‪ .‬هالني املنظر فدفعني الى إيقاف السيارة‬ ‫والنزول منها ألرى ما يحدث‪ ،‬وخالل هذه اللحظات القليلة مرت‬ ‫الفكرة في رأسي‪ ،‬وتوقعت أنهم يتناقشون في وضعنا االجتماعي‬ ‫واالقتصادي والسياسي‪ ،‬ألن بني هؤالء ممن يعتبرون أنفسهم نخبة‬ ‫اجملتمع‪ .‬وحني وصلت وسمعت‪ ،‬متنيت لو أني أكملت طريقي ولم‬ ‫أسمع كالمهم الذي إن دل فال يدل إال على اجلهل والغباء والتبعية‪،‬‬ ‫فكل هذه احللقة تتكلم عن الواجب الوطني الذي يجب أن نشارك‬ ‫فيه أال وهو االنتخابات النيابية‪ ،‬وهذا أمر جيد‪ ،‬ولكن األغرب في هذا‬ ‫أنكم لو عرفتم سبب اندفاعهم لإلدالء بأصواتهم للزعيم لتمنيتم‬ ‫لو أنكم تعيشون في أدغال أفريقيا أفضل بألف مرة من العيش مع‬

‫يقدر ألدهى العواقب أدنى خطر‪،‬‬ ‫سالما ً ملن لم ّ‬ ‫الطغاة بثور تطيش‪ ،‬أشباه الرجال هنا‪.‬‬ ‫سالما ً ألنّك تعلم أن املنايا قدر‪ ،‬وأن ّ‬

‫فتبا ً لرجال تُشرى وتباع بأبخس األثمان‪.‬‬

‫تشوه بالقهر وجه البشر‪،‬‬

‫يا قوم‪ ،‬كمية من الزفت األسود التي تدوسها األقدام وعجالت‬ ‫مبال نكر‪...‬‬ ‫وأ ّن حذاءك أطهر ممّن تق ّود للمعتدين ٍ‬ ‫السيارات‪ ،‬أصبحت دافعا ً النتخاب البيك ومن معه‪.‬‬

‫وأطهر ممّن تر ّدى‪ ،‬تخ ّون يوما ً فيوماً‪ ،‬تد ّرج حتى تط ّبع طبع‬ ‫اخليانة‪...‬‬ ‫حجر بالعراق‪،‬‬ ‫سالما ً على‬ ‫ٍ‬

‫كمية من الزفت األسود أضحت لقمة العيش ألوالدنا‪.‬‬ ‫كمية من الزفت األسود غدت نهجا ً لألجيال الصاعدة‪.‬‬

‫باع البالد ألهل الغدر‬

‫كمية من الزفت األسود حققت لنا العيش الكرمي والرخاء‪.‬‬ ‫كمية من الزفت األسود أصبحت املبادئ والقيم‪.‬‬ ‫كمية من الزفت األسود جعلت املواطن حرا ً والشعب سعيداً‪.‬‬

‫يذيق الغزاة وأذنابهم‪،‬‬

‫طعم صقع احلجر‪...‬‬ ‫يع ّلمهم أ ّن ّ‬ ‫ذل الشعوب مدال‪ ،‬وأنّهم في سقر‪،‬‬ ‫حت ّرقهم كيفما انقلبوا‪،‬‬ ‫مييناً‪ ،‬شماالً‪ ،‬وشرقا ً وغرباً‪،‬‬

‫فهنيئا ً أيها الزفت العظيم‪ ،‬يا جامع شمل الرفاق اخمللصني‪ ،‬أدامك‬ ‫اهلل ذخرا ً لهذا الشعب املستكني‪.‬‬ ‫فإلى اللقاء بعد أربع سنوات‪ ،‬فخاللها سيقتلنا إليك احلنني‪.‬‬

‫كذا الباغي يهوي الى مندحر‬ ‫صاح راجمة‬ ‫حذاؤك يا‬ ‫ٍ‬ ‫ستلحقهم لعنة للعراق‬

‫و‪.‬ع‬

‫بوش انضرب ص ّباط من دربو هرب‬ ‫تسلم ايدين ( الزايدي) نال االدب‬

‫رنيم‪ ،‬ب َ ِخر‪،‬‬ ‫بوجه ُع َت ٍّل‪ٍ ،‬‬

‫واألحذية بترخص قيمتها الغالية‬ ‫ان فيها ضربنا بعض حكام العرب‬

‫وجتعلهم ِعبرَة املعتبر‪.‬‬

‫زهير شهيّب‬

‫إبراهيم ‪ -‬السويداء‬ ‫‪111‬‬

‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫الحرية‬ ‫شبلي بدر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لنعترف صراحة بأن حرية اإلنسان ـ اجملتمع هي حرية أساس في فهم‬ ‫التطور احلضاري‪ .‬واحلوار بعقالنية وانفتاح هو احلل األمثل للقبول باآلخر‪ ،‬أما‬ ‫احتراف احلوار فقد يكون عمالً لشيء ال ميكن رؤيته فيأتي جدال ً خارجا ً عن‬ ‫كل منطق‪ ،‬أو يكون امتحانا ً لآلخرين وفي آن رفضا ً أو عدم رغبة في معايشة‬ ‫القهر أو التفرد إذا وجدا في مجتمع تتحكم به العصبيات واالنعزال‪.‬‬ ‫وما هو معروف ومثبت حتى اآلن أن حرية اإلنسان الداخلية هي األساس‬ ‫في كل تطور حضاري‪ ،‬وأن القيمة غير احملدودة لإلخالص هي الكلمة الفصل‬ ‫ُسك َن‬ ‫التي تبقى إن مارسها اإلنسان بقناعة وثبات‪ ،‬أما التفلت فهو أن ت ِ‬ ‫قناعاتك وثوابتك وتاريخك في الصحراء والبداوة‪.‬‬ ‫فجدية احلوار أن يكون لقضية أو مسألة تعنى مبا يعانيه الكل دون مكابرة‪،‬‬ ‫وفائدته أن يكون بعيدا ً عن اجلدل في ما سبق واالستفادة من عبر املاضي‪ ،‬أما‬ ‫النزول الى األعماق فما هو إال لتالقي املتحاورين على أساس ما‪ ،‬يستطيعون‬ ‫من خالله أن يتبصروا في الفرقة واختالف الرأي احلاصل الذي أدى الى ما هو‬ ‫عليه هذا البلد املثخن باجلراح من بعض املاضي وبعض احلاضر‪.‬‬ ‫وإذا كان لدينا بعض األخطاء في سياق املعايشة عبر تاريخ كتب بغير‬ ‫أدواتنا وحتى ببعض من دمائنا في سياق عمل عام ظنا ً من الكثيرين أنهم‬ ‫يخدمون قضية حق‪ ،‬فحق التطور على اجلميع أال ينشروا مثالبهم على‬ ‫حبال أولى بها أن تكون لوصل ما انقطع من التاريخ ال لتثبيت االنسالخ‬ ‫واالدعاء أنه سيادة وحرية واستقالل‪.‬‬ ‫أما حديثو املفاهيم الوطنية واملطالبون بأمن اجملتمعات الطائفية‬ ‫واملذهبية‪ ،‬املتخرجون من مدارس اإلرساليات القدمية واجلديدة املبهورون مبا‬ ‫تعلموا أو مبا أملي عليهم بأنه قمة املعرفة في التاريخ والقوميات‪ ،‬فعندما‬ ‫واجهوا الواقع املعيشي وتعمقوا أكثر فأكثر وتواصلوا مع أكثر من حقبة‬ ‫مرت بها البالد تأكدوا‪ ،‬من دون إقرار‪ ،‬أنهم األقل رسوخا ً في اجلغرافيا‪ ،‬وما زال‬ ‫البعض منهم واقفا ً مبكابرة على “ثوابته” وكل ما حوله خراب‪.‬‬ ‫يبقى السؤال‪ :‬إذا تأملت في حديثي الوطنية و”ثوابتهم” واملنادين بالشرق‬ ‫األوسط اجلديد‪ ،‬أو في من اجتمعوا على حماية حوض البحر األبيض‬ ‫املتوسط‪ ،‬أو منظري العوملة وحوار األديان‪ ،‬يبقى السؤال‪ :‬أي وجود هذا؟ أو أي‬ ‫وطن يسعون لبنائه على مفهوم من هذه املفاهيم املستحدثة وهو ملقى‬ ‫على مفارق األمم تتقاذفه انعزاليات موروثة ال عالقة لها بنشوء هذا الوطن‬ ‫الكبير وتاريخه املليء بالبطوالت ووقفات العز؟‬ ‫وفي زمن الضياع اململوء باألساطير واخلرافات املغلفة بالعوملة‪ ،‬يجب‬ ‫أال تأخذنا بهجة عني زائفة‪ ،‬متناسني تراكمات السنني احلضارية التي متأل‬ ‫االنسان انتشاء من عبق التاريخ احلقيقي املستقطر من عطاء األوردة‪ ،‬أما اذا‬ ‫ساد هذا التاريخ املستحدث املزيف‪ ،‬إذ ذاك ال تبدو أمامك إال مالمح الوجود‬ ‫املهدد‪ ،‬وهذا قطعا ً لن يكون ما دامت هناك دماء جتري في العروق تتحفز‬ ‫دائما ً ألن تكون مشاريع شهادة للحق واخلير واجلمال‪.‬‬


‫كل عام وانتم بخير‬

‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪9‬‬

‫تقويم‬ ‫عام ‪2009‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪www .tayyar-tawhid.org‬‬ ‫العدد ‪-24‬كانون الثاني ‪2009‬‬


‫صدر الجزأين األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.