Manbar altawhid issue 22

Page 1

‫الرأسمالية ومصيرها في آراء خبراء‬

‫بيريسيبكين‪ :‬جورجيا توتر القوقاز‬

‫د‪ .‬فايز شكر ‪:‬‬ ‫العدوان األميركي‬ ‫على سوريا‬ ‫العدد ‪ 22‬ــ تشرين الثاني ‪2008‬‬

‫حالة هستيريا‬ ‫أصابت بوش‬

‫االستراتيجية الدفاعية ‪ :‬سالح الجيش والمقاومة معاً‬ ‫المطران‬ ‫جورج صليبا ‪:‬‬ ‫اإلحتالل األميركي‬ ‫تس ّبب بتهجير‬ ‫المسيحيين من العراق‬ ‫األمان الطبي‬ ‫واالستشفائي‬

‫إسرائيل ‪:‬‬ ‫بداية النهاية‬

‫في خطر‪،‬‬ ‫على من تقع‬ ‫المسؤولية؟‬ ‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫مبادئ واهداف‬ ‫تيار التوحيد اللبناني‬ ‫في التعليم‬ ‫‪ _1‬تعزيز رقابة الدولة على التعليم اخلاص‪ ،‬وتوحيد الكتاب املدرسي‪.‬‬

‫‪_2‬‬

‫إصالح التعليم الرسمي واملهني وتعزيزه وتطويره مبا ي ّلبي ويالئم حاجات‬

‫البالد االمنائية واالعمارية‪.‬‬ ‫‪ _3‬إعادة النظر في املناهج وتطويرها‪ .‬مبا يعزز االنتماء واالنصهار الوطني‪ ،‬واالنفتاح‬ ‫الروحي والثقافي‪ ،‬وتوحيد الكتاب في مادتي التاريخ والتربية الوطنية‪.‬‬ ‫‪ _4‬تطوير اجلامعة اللبنانية وتوحيد فروعها ورفع مستوياتها‪.‬‬

‫‪_5‬‬

‫تلبية مطالب الهيئات التعليمية واالدارية وتثبيت حقوقها في مختلف‬

‫املستويات واملؤسسات‪.‬‬

‫‪_6‬‬

‫إحياء الهيئات التمثيلية الوطنية للحركة الطالبية في مختلف فروع‬

‫ومستويات املؤسسات التعليمية‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬


‫منبر التوحيد‬

‫في هذا العدد‬

‫نشرة شهرية داخلية تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‬ ‫العدد الثاني والعشرون ‪ /‬تشرين الثاني ‪2008‬‬ ‫السنة الثانية‬

‫املنبر اللبناني‬ ‫ص ‪22‬‬ ‫لقاء نصراهلل ‪ -‬احلريري مصاحلة متأخرة‬ ‫حلوار متقدم‬

‫أول الكالم‬

‫مغر‪ ،‬ونادرا ً ما يكون عادال ً ورياح‬ ‫عالم السلطة‬ ‫ٍ‬ ‫الشر غالبا ً ما حتتضن عالم السلطة‪ ،‬دائما ً يرى‬ ‫املتسلط انه أفضل اخمللوقات ويسعى الى تسخير‬ ‫االمة ملصاحله‪ ،‬واملتسلط بعيد كل البعد عن اجلماعة‪،‬‬ ‫منفرد في قراراته ال يألف الشورى النها تبطل فرديته‬ ‫وأنانيته‪ .‬إرهابي عقالً وجسداً‪ ،‬بعيدة أحكامه عن‬ ‫العقل واحلكمة اذ ذاك ال حقيقة لشرعيته‪.‬‬ ‫املتسلط فارغ املضمون‪ ،‬كاذب‪ ،‬ألنه يعرف أنه‬ ‫دون اجلوهر لذلك يفرض كذبه على اآلخرين‪ ،‬خالق‬ ‫أشباح وأوهام لنفسه انه قوي وجبار‪ ،‬وألن املدى بني‬ ‫التسلط ووضوح احلقيقة مسافة شاسعة‪ ،‬فهو‬ ‫بحاجة الى ممارسة الكذب باستمرار‪.‬‬ ‫املتسلط يستمرئ الشر ويعتقد مخادعا ً ان‬ ‫افكاره كافية وانه مؤسسة قائمة بذاتها‪ ،‬لذلك‬ ‫يستبعد اآلخرين عنه‪ ،‬موجود في تشويه سمعة‬ ‫اآلخرين لذلك يرى نفسه أجمل اخمللوقات‪ .‬وألن‬ ‫الكذب سحر وخداع يتحول الى غير حقيقته أو‬ ‫هكذا يرى ذاته في ما ليس هو فيه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والكذاب واملتس ّلط واخملادع واحد‪ ،‬نحن‬ ‫اإلقطاعي‬ ‫بحاجة الى موهبة لنم ّيز في مراحل التقلب أي‬ ‫الوجوه يتل ّبس‪ ،‬خاصة عند القول احلسن والتصرف‬ ‫ببساطة وكأنها قداسة أنزلت عليه كنعمة أو‬ ‫عل‪.‬‬ ‫إلهام من ٍ‬ ‫إذا واجهنا اخملادع في عمق الشدة يتبدى لنا‬ ‫مدعي الترفع‬ ‫اإلقطاعي اخملادع‪ ،‬وما أكثر اخملادعني ّ‬ ‫عن الصغائر وهم ما زالوا في قلب عاصفة الشهرة‬ ‫الكاذبة يحولون الثوابت مزقا ً ويفتتون اجلماعة إلى‬ ‫فرق ليسهل ضربها‪ ،‬يختارون معسول الكالم لزرع‬ ‫ليجملوا انفسهم‬ ‫الفنت والريبة وينشرون التشويه‬ ‫ّ‬ ‫في عيون اآلخرين‪.‬‬ ‫واإلقطاعي اخملادع يظن أن ما من أحد يعرف‬ ‫بواطنه أو أن أحدا ً ال يراه ويظن أنه بارع يخدع الناس‬ ‫بكالم حق يراد به باطل‪ ،‬أما واحلق يقال انه ممثل‬ ‫مسرحي بارع فهو ال يخدع نفسه ألنه يعرف متام‬ ‫املعرفة انه كذلك‪ ،‬لكنه ينأى بأتباعه عن احلقيقة‬ ‫ألنه أفرغ مضمون احلق واخلير عنده فتل َّبس دور‬ ‫املنقذ واملصلح‪ ،‬لكنه في قرارة ذاته يعرف انه األبرع‬ ‫في التمثيل والكوميديا‪.‬‬ ‫إن خشية العزلة عند اإلقطاعي املهرج أنه‬ ‫يحاول إقامة حلف مع نفسه ومع فرديته ألنه يظن‬ ‫نفسه الكون‪ ،‬يتملق ذاته‪ ،‬يداعب أشباحها فيصبح‬ ‫مسرورا ً ذاته بذاته‪ ،‬القتناعه بأنه ليس بحاجة إلى‬ ‫الغير‪ ،‬انه يعيش خشيته الكاملة ألن ذات ّيته تكبر‬ ‫وتكبر ليصبح شبح االنانية عنده أطول من خياله‬ ‫عند طلوع الشمس‪.‬‬

‫ص ‪30‬‬ ‫املنبر الفلسطيني‬ ‫العميد منير املقدح لـ”منبر التوحيد”‪:‬‬ ‫الوضع في مخيم عني احللوة حتت السيطرة‬ ‫ص ‪38‬‬ ‫املنبر االقتصادي‬ ‫اخلبير اإلقتصادي أبو سكة لـ “منبر التوحيد”‪:‬‬ ‫نهج اقتصاد السوق االجتماعي‬ ‫خيار سوريا االستراتيجي‬ ‫املنبر العربي‬ ‫ص ‪78‬‬ ‫الدكتور جورج احلجار لـ”منبر التوحيد”‪:‬‬ ‫العالم أمام طورعالقات دولية جديدة‬ ‫املنبر الدولي‬ ‫ص ‪84‬‬ ‫سيناريوهات الصراع اإليراني األميركي‬ ‫ص ‪92‬‬ ‫املنبر التربوي‬ ‫األستاذ محمد قاسم لـ”منبر التوحيد”‪:‬‬ ‫متمسكون بحقوقنا‬ ‫ص ‪98‬‬ ‫املنبر الفني‬ ‫أسمهان حتدث زلزاالً في األعمال الرمضانية‬ ‫املنبر البيئي‬ ‫ص ‪102‬‬ ‫النيران تلتهم أحراج لبنان‬ ‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬

‫“أسرة التحرير”‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العدوان األميركي على سوريا لم يكن مفاجئاً‪ ،‬بل كان‬ ‫منتظرا ً مع التصريحات التي صدرت عن مسؤولني أميركيني‪،‬‬ ‫وفي طليعتهم نائب الرئيس ديك تشيني الباقي من جماعة‬ ‫“احملافظني اجلدد” الذين تسببوا باحلروب التي ا ّدعوا أنها‬ ‫استباقية‪ ،‬في مواجهة اإلرهاب وفق زعمهم‪ ،‬ولكنها حروب‬ ‫تخدم املصالح الشخصية ألصحاب الشركات في نهب ثروات‬ ‫الدول‪ ،‬حيث حقق تشيني الذي يعمل في حقل النفط مع‬ ‫رئيسه جورج بوش‪ ،‬عشرات املليارات من الدوالرات من سرقة‬ ‫نفط العراق فقط‪ ،‬دون السرقات األخرى‪ ،‬وأهمها لآلثار فيه‪.‬‬ ‫فسوريا كانت هدفا ً دائما ً للعدوان‪ ،‬وقد سعت إسرائيل إلى‬ ‫أن تكون الضربة العسكرية لها بعد االحتالل األميركي للعراق‬ ‫مباشرة‪ ،‬وقد شجعت دول عديدة عربية وأجنبية على ذلك‪ ،‬لقطع‬ ‫التواصل بني دمشق وطهران ومنهما إلى بيروت عاصمة املقاومة‬ ‫التي منها انطلق في صيف العام ‪ 1982‬حترير لبنان من االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬ليتحقق في عام ‪ ،2000‬إلى الصمود الذي عززته‬ ‫املقاومة في تصديها للعدوان اإلسرائيلي في صيف ‪.2006‬‬ ‫فالضغوطات السياسية واالقتصادية‪ ،‬واألعمال اإلرهابية‬ ‫ضد سوريا لم تتوقف‪ ،‬وكان أبرزها اغتيال أحد مجاهدي “‬ ‫املقاومة اإلسالمية” وقادتها البارزين عماد مغنية‪ ،‬ومن ثم أحد‬ ‫الضباط البارزين في اجليش السوري العميد محمد سليمان‪،‬‬ ‫وأخيرا ً في التفجير اإلجرامي الذي استهدف أحد األحياء‬ ‫القريبة من العاصمة السورية‪ ،‬وقبل ذلك الغارة اإلسرائيلية‬ ‫التي استهدفت منشأة عسكرية في دير الزور (الكبر) زعمت‬ ‫إسرائيل ومعها أميركا أنها مركز لبرنامج نووي‪ ،‬تبني من‬ ‫التفتيش الذي أجرته وكالة الطاقة الذرية الدولية برئاسة‬ ‫محمد البرادعي أنه ال صحة لذلك‪ ،‬وهو السيناريو نفسه‬ ‫واخملطط ذاته‪ ،‬الذي سبق احلرب األميركية على العراق‪ ،‬حني‬ ‫ادعت اإلدارة األميركية امتالكه أسلحة دمار شامل‪ ،‬وعالقة‬ ‫له بتنظيم “القاعدة”‪ ،‬وأظهرت الوقائع كذب بوش‪ ،‬حيث ال‬ ‫أسلحة دمار شامل‪ ،‬وأن مقاتلي “القاعدة” دخلوا بالد الرافدين‬ ‫مع االحتالل األميركي‪ ،‬وزاد حضورهم بعدما فتحت لهم‬ ‫ومدتهم بالرجال والسالح واملال حملاربة‬ ‫دول خليجية حدودها ّ‬ ‫“الرافضة الشيعة” ومقاومة “النفوذ اإليراني ـ الفارسي”‪.‬‬ ‫ومع الهزمية التي تلقاها االحتالل األميركي للعراق‪ ،‬واندحار‬ ‫مشروع بوش “للشرق األوسط اجلديد وتعميم الدميوقراطية” في‬ ‫املنطقة‪ ،‬فإن إدارته حتاول التعويض عن هذه اخلسائر الفادحة‬ ‫بعد خمس سنوات على احتاللها العراق‪ ،‬ووصمة العار التي‬ ‫لطخت جبني وزير اخلارجية السابق كولن باول ألنه ّ‬ ‫كذب على‬ ‫شعبه وعلى األمم املتحدة والعالم‪ ،‬في األسباب التي دفعت بالده‬ ‫لغزو العراق‪ .‬فإن هذه اإلدارة الراحلة من البيت األبيض‪ ،‬تفتش‬ ‫عن نصر في آخر أيامها‪ ،‬لع ّلها تساعد مرشح احلزب اجلمهوري‬


‫للرئاسة جون ماكني في أن يحرز فوزا ً في االنتخابات على‬ ‫منافسه الدميوقراطي باراك أوباما‪ ،‬فكان العدوان األميركي على‬ ‫السكرية في مدينة البوكمال عند احلدود السورية ـ العراقية‪،‬‬ ‫الذي استهدف مدنيني‪ ،‬فرصة لرفع معنويات اجلمهوريني‪،‬‬ ‫وإعطاء جرعة ملرشحهم لعله يربح في هذه االنتخابات حتت‬ ‫عنوان مالحقة “اإلرهابيني” الذين يتسللون إلى العراق من سوريا‬ ‫التي لم تغير سلوكها برأي بوش ومساعديه‪ ،‬وما زالت على‬ ‫موقفها الداعم “لإلرهاب”‪ ،‬وأن االنفتاح عليها من جانب فرنسا‬ ‫ودول أوروبية ال يغير شيئا ً في نظرة واشنطن إلى هذه “الدولة‬ ‫الداعمة لإلرهاب” حسب زعمهم‪.‬‬ ‫فالعدوان م ّثل خرقا ً مليثاق األمم املتحدة واألعراف والقوانني‬ ‫الدولية‪ ،‬وسيادة دولة عضو في جامعة الدول العربية والرئيسة‬ ‫احلالية للقمة العربية‪ ،‬وهي من املؤسسني للمنظمة الدولية‪،‬‬ ‫ولها وزنها في العالم العربي‪ ،‬ودورها القوي والفاعل في املعادلة‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬وحضور مؤثر في اجملتمع الدولي‪ ،‬حيث ع ّبر هذا االعتداء‬ ‫عن عمل إرهابي موصوف تقوم به دولة أظهر تاريخ ممارساتها على‬ ‫مدى عقود‪ ،‬أنها دولة اإلرهاب بامتياز‪ ،‬بفضل سياسة املسؤولني‬ ‫فيها الذين تعاقبوا على احلكم‪ ،‬إذ أظهرت استطالعات الرأي أن‬ ‫هؤالء احلكام‪ ،‬وضعوا بالدهم في مواجهة الشعوب وحقوقها‪،‬‬ ‫بعدما اعتدوا على سيادتها‪ ،‬مما خلق في الرأي العام العاملي كرها ً‬ ‫لهذه الدولة‪ ،‬واحتقارا ً لقياداتها وقد تلطخت أياديهم بدماء‬ ‫األطفال والنساء والرجال‪ ،‬وهو ما دفع جورج بوش إلى رفع شعار‬ ‫“ملاذا يكرهوننا” وصنف الدول التي تقف بوجه سياسته بأنها من‬ ‫وقسم العالم إلى محورين‪ :‬الشر واخلير‪ ،‬ووضع نفسه‬ ‫“دول الشر”‪ّ ،‬‬ ‫في مصاف “أصحاب اخلير”‪ ،‬وهو “يحادث اهلل” يومياً‪ ،‬كما زعم‬ ‫وأوصى له بأن يحارب الشر واإلرهاب‪ ،‬وهذه عقد نفسية تتحكم‬ ‫برئيس دولة عظمى‪ ،‬أودى بها إلى أنها قد تصبح من دول العالم‬ ‫النامي‪ ،‬مع االنهيار املالي واالقتصادي الذي أصابها بفعل سياسته‬ ‫اخلرقاء‪ ،‬وأدائه األحمق‪ ،‬في إدارة شؤونها‪ ،‬وقيادتها العالم من‬ ‫موقع أن أميركا هي القطب األوحد الذي يتحكم بالكرة األرضية‪،‬‬ ‫بعد سقوط الشيوعية‪ ،‬ونهاية التاريخ عند النظام الرأسمالي‪،‬‬ ‫كما ادعى “فوكوياما”‪ ،‬وكما زعم أيضا ً صاموئيل هانتيغتون عن‬ ‫وجود “صراع حضارات”‪ ،‬وكل ذلك لالدعاء أن أميركا أمة ال تُقهر‪،‬‬ ‫بل أمة ت َ​َقهر‪.‬‬ ‫فتغيير السلوك الذي طلبته الواليات املتحدة من سوريا‪،‬‬ ‫جلهة وقف دعمها للمقاومة في لبنان وفلسطني والعراق‪،‬‬ ‫والوقوف إلى جانبها في مشروعها للمنطقة‪ ،‬والقبول‬ ‫بتسوية مع إسرائيل ال تعيد اجلوالن كامالً‪ ،‬بات هو املطلوب‬ ‫منها تغيير سلوكها‪ ،‬بعد الفشل الذريع الذي أثبتته أميركا‬ ‫من خالل نهج عدواني واستعالئي وامبراطوري على العالم‪،‬‬ ‫إذ أصبحت في موقع الدولة التي حتتضر‪ ،‬وتذكر مبا وصلت‬ ‫إليه امبراطوريات في التاريخ وسقطت‪ ،‬وقد استشرف املفكر‬

‫األميركي بول كينيدي نهاية االمبراطورية األميركية‪ ،‬وهي اآلن‬ ‫في البدايات‪ ،‬وأن كرة الثلج ستكبر مع املزيد من االنهيارات‬ ‫السياسية والعسكرية واملالية واالقتصادية التي ضربتها‪.‬‬ ‫فأميركا القوية عسكرياً‪ ،‬تبدلت صورتها مع هزائمها في‬ ‫أفغانستان والعراق‪ ،‬وانتصار املقاومة على إسرائيل في لبنان‬ ‫في صيف ‪ ،6002‬بعد العدوان الذي دبرته أميركا وكان بقرار من‬ ‫رئيسها‪ ،‬واعتراف من وزيرة اخلارجية كونداليزا رايس‪ ،‬بأنها من‬ ‫لبنان سترسم خارطة “الشرق األوسط اجلديد”‪ ،‬التي م ّزقتها‬ ‫املقاومة وأقامت شرق أوسط مقاوما ً وممانعا ً وصامداً‪.‬‬ ‫فانتهت أميركا سياسياً‪ ،‬و ُقضي على آخر مشاريعها التي‬ ‫بدأتها في اخلمسينيات من القرن املاضي‪.‬‬ ‫أما اقتصادياً‪ ،‬فإن السقوط الكبير ظهر أخيرا ً مع االنهيار املالي‬ ‫الذي هو بداية نهاية النظام الرأسمالي في العالم‪ ،‬وبدء التفتيش‬ ‫عن نظام آخر‪ ،‬بعد تفكك النظام الشيوعي‪ ،‬وبات من الضروري‬ ‫ابتكار نظام تسود فيه العدالة االجتماعية‪ ،‬ويلغى فيه احتكار‬ ‫الدول والشركات واألفراد‪ ،‬ملصلحة اجملتمع الذي يبقى هو الق ّيم‬ ‫على األرض ومواردها وخيراتها وعلى القدرات اإلنسانية والفكرية‬ ‫واإلبداعية واإلنتاجية لدى اإلنسان‪ ،‬لتعود الدولة مظهرا ً حقوقيا ً‬ ‫للمجتمع وحاضنة له وحامية حلقوق اإلنسان فيه‪ ،‬بحيث تتكفل‬ ‫هي بالرعاية االجتماعية‪ ،‬وتكون الضامن حلريات املواطنني مبختلف‬ ‫شؤونهم‪ ،‬دولة ال يطغى الشأن املادي عليها‪ ،‬فال هي شيوعية‬ ‫وال هي رأسمالية‪ ،‬بل دولة القيم والقيمة‪ ،‬دولة املبادئ اإلنسانية‬ ‫السامية‪ ،‬ودولة الرأسمال الوطني املنظم‪.‬‬ ‫لم يعط االعتداء األميركي على سوريا أي جرعة أوكسيجني‬ ‫لرئيس يحتضر في البيت األبيض‪ ،‬ولم يقدم الدم الذي سال‬ ‫من الشهداء الذين سقطوا في الغارة‪ ،‬احلياة لنظام رأسمالي‬ ‫أفلس‪ ،‬ولن يخدم العدوان الواليات املتحدة في أنها قائدة‬ ‫للعالم‪ ،‬بل أصبحت في أسفل الدول‪ ،‬وسوريا في طليعة الدول‬ ‫التي تتقدم باجتاه دور كان وسيبقى كقوة عربية وإقليمية‪.‬‬ ‫إن العدوان األميركي أكد حقيقة تاريخية ثابتة ومعطى‬ ‫استراتيجيا ً قائماً‪ ،‬أن السياسة األميركية وقادتها إلى زوال‪ ،‬وأن‬ ‫القيادة السورية بسياستها القائمة على املواقف القومية‬ ‫والقناعات الوطنية باقية ومستمرة‪.‬‬ ‫الرئيس بشار األسد باق في قصر املهاجرين‪ ،‬والرئيس بوش راحل‬ ‫من البيت األبيض‪.‬‬ ‫سوريا تقوى سياسيا ً واقتصادياً‪ ،‬وأميركا تضعف سياسيا ً‬ ‫واقتصادياً‪.‬‬ ‫سوريا قائدة منتصرة في العالم العربي‪ ،‬ومن التحق بأميركا من‬ ‫أنظمة الدول العربية يشعر بالهزمية‪.‬‬

‫“منبر التوحيد”‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫الحقبة األميركية للوصاية على لبنان انتهت‬

‫تسليح الجيش مرتبط بتغيير عقيدته المعادية إلسرائيل‬ ‫تزوده بسالح لالستخدام الداخلي فقط‬ ‫واشنطن ّ‬ ‫منذ أن متكنت أميركا عبر “ثورة األرز”‪ ،‬من أن‬ ‫متسك باألغلبية في مجلس النواب‪ ،‬ثم القرار‬ ‫في احلكومة األولى بعد االنتخابات النيابية‬ ‫السابقة‪ ،‬قررت السيطرة على اجليش واألجهزة‬ ‫األمنية الرسمية‪ ،‬وتغيير عقيدتها القتالية‬ ‫بوجه إسرائيل‪ ،‬وإلغاء معاهدة األخوة والتعاون‬ ‫والتنسيق مع سوريا‪ ،‬وبالتالي فك االرتباط بني‬ ‫اجليشني اللبناني والسوري‪ ،‬والحقا ً املسار واملصير‬ ‫الواحد للبلدين‪.‬‬ ‫كان التركيز األميركي على املؤسسة‬ ‫العسكرية‪ ،‬التي عليها أن تواجه امليليشيات‬ ‫أو ما يسمى بـ “السالح غير الشرعي” أو حصر‬ ‫السالح بيد الدولة وإلغاء “الدويالت”‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫يصب في اجتاه واحد وهو نزع سالح املقاومة أوالً‪،‬‬ ‫ثم تطهير اخمليمات الفلسطينية من السالح‬ ‫بد من وجود‬ ‫واملسلحني‪ ،‬وللقيام بهذه املهمة ال ّ‬ ‫جيش قوي معزز بالسالح والعتاد والعناصر‬ ‫البشرية التي يجب أن يعاد تأهيلها وتنشئتها‬ ‫على عقيدة محاربة “اإلرهاب”‪ ،‬أي املقاومة وفق‬ ‫التوصيف األميركي‪.‬‬ ‫فبعدما اطمأنت اإلدارة األميركية إلى قيام‬ ‫سلطة تابعة لها من قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬وإمساكها‬ ‫بالقرار السياسي‪ ،‬بات على هذه السلطة أن تعيد‬ ‫بناء اجليش على األسس التي تطلبها واشنطن‪،‬‬ ‫واجتثاث كل احلقبة السورية من املؤسسات‪،‬‬ ‫وحتديدا ً من اجليش واألجهزة األمنية‪ ،‬فنجحت‬ ‫حكومة “ثورة األرز” في قوى األمن الداخلي‪،‬‬ ‫وفشلت في املؤسسة العسكرية‪ ،‬بالرغم من‬ ‫التشكيالت التي طالت ضباطا ً كانوا فاعلني‬ ‫في مرحلة النظام األمني اللبناني ـ السوري‬ ‫املشترك‪ ،‬ألن قائد اجليش العماد ميشال سليمان‬ ‫وقف بوجه حرف اجليش عن عقيدته القتالية‬ ‫التي تربى عليها ما بعد اتفاق الطائف‪ ،‬كما لم‬ ‫يقبل أن يتراجع عن استمرار التعاون مع اجليش‬ ‫السوري‪ ،‬فأبقى على املكتب العسكري اخلاص‬ ‫بهذه العالقات والتنسيق برئاسة العميد مروان‬ ‫بيطار‪ ،‬وواصل سياسة التكامل مع املقاومة التي‬ ‫يؤمن بها وما زال بعد انتخابه رئيسا ً للجمهورية‪،‬‬ ‫وطرحها كعنوان الستراتيجية دفاعية في افتتاح‬ ‫مؤمتر احلوار الوطني في القصر اجلمهوري‪.‬‬ ‫لم تتمكن الواليات املتحدة من تغيير نهج‬ ‫اجليش وسلوكه‪ ،‬كما فشل حلفاؤها في لبنان‬ ‫في تبديل عقيدته‪ ،‬أو في وضعه مبواجهة املقاومة‬ ‫كما هو مطلوب منهم لتنفيذ القرار ‪،1559‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ديفيد هيل لدى زيارته رئيس اجلمهورية‪ :‬االمالءات االميركية سقطت‬

‫اجليش اللبناني‪ :‬عقيدته ثابتة وتسليحه ضد العدو االسرائيلي‬ ‫وقد شعروا بأن املؤسسة العسكرية تنقسم‬ ‫على نفسها وتتشتت‪ ،‬وحذرهم من ذلك العماد‬ ‫سليمان‪ ،‬ونبههم إلى أن يبعدوا السياسة‬ ‫عنها‪ ،‬ويبقوها خارج التجاذبات السياسية‪ ،‬وهو‬

‫‪4‬‬

‫سيضعها على مسافة واحدة من اجلميع‪ ،‬وأن‬ ‫ال تتورط في الصراعات الداخلية حفاظا ً على‬ ‫وحدتها‪ ،‬وجنح في ذلك‪ ،‬وهذا ما فتح باب رئاسة‬ ‫اجلمهورية أمامه كمرشح توافقي‪.‬‬


‫وملا لم تنجح اإلدارة األميركية وحلفاؤها في‬ ‫لبنان في أخذ اجليش إلى املوقع الذي يريدونه‬ ‫له‪ ،‬خفضوا من حجم تسليحه وبات املطلوب‬ ‫تزويده بأسلحة ملهام داخلية‪ ،‬وهو الدور الذي‬ ‫تريده له واشنطن وال ترغب بأكثر من ذلك‪،‬‬ ‫ألنه ليس مطلوبا ً منه القيام بدور دفاعي قي‬ ‫وجه العدو اإلسرائيلي‪ ،‬بل أن يكون حرس حدود‬ ‫للكيان الصهيوني‪ ،‬ما دام اتفاق الهدنة هو الذي‬ ‫سيطبق‪ ،‬وهذا ما يطالب به النائب وليد جنبالط‬ ‫وحلفاؤه‪ ،‬ولذلك فإن اجليش ليس بحاجة لسالح‬ ‫ثقيل ومتطور ودفاعي‪ ،‬وقد حدد اتفاق الهدنة‬ ‫حجم العتاد العسكري الذي يجب أن يكون بحوزة‬ ‫اجليش جنوب نهر الليطاني‪ ،‬عدد من الشاحنات‬ ‫وسيارات النقل الصغيرة وعدد محدود من املدافع‬ ‫وناقالت اجلند‪ ،‬ولكنها للمراقبة واحلراسة‪.‬‬ ‫لذلك فإن تسليح اجليش يجب أن يتوافق‬ ‫مع وظيفته‪ ،‬فإذا كانت لالستخدام الداخلي‪،‬‬ ‫فهناك مواصفات للسالح‪ ،‬أما ملواجهة العدو‬ ‫اإلسرائيلي فنوعية التسليح تختلف‪ ،‬وهذه‬ ‫العناوين ستكون مدار بحث ونقاش أثناء البحث‬ ‫في االستراتيجية الدفاعية على طاولة احلوار‪،‬‬ ‫حيث سيبرز اخلالف بني وجهتي نظر متباعدتني‬ ‫كثيراً‪ ،‬وقد جاء مساعد وزير اخلارجية األميركية‬ ‫لشؤون الشرق األوسط ديفيد هيل‪ ،‬ليرسم‬ ‫سقف هذه االستراتيجية عندما أعلن أن أميركا‬ ‫لن تزود اجليش بالسالح الثقيل‪ ،‬أي بصواريخ أرض‬ ‫جو‪ ،‬وال بقاذفات صواريخ دفاعية ضد الدبابات وال‬ ‫بطائرات حربية وال بزوارق‪ ،‬وال بأي سالح ميكن أن‬ ‫يستخدم بوجه إسرائيل‪ ،‬أو أن يقع في يد املقاومة‬ ‫لتستخدمه هي‪ ،‬وهذا ما حذر منه قادة العدو‬ ‫اإلسرائيلي املسؤولني األميركيني عند احلديث عن‬ ‫تسليح اجليش اللبناني‪ ،‬في الوقت الذي حصلت‬ ‫إسرائيل مؤخرا ً على “رادارات” يصل مداها إلى‬ ‫إيران‪ ،‬وعلى طائرات حربية متطورة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫صواريخ وغيرها‪ ،‬وما قيمته ‪ 3‬مليارات دوالر‪ ،‬وهذه‬ ‫املساعدة تقدم سنويا ً ومنذ عقود‪ ،‬فيما املساعدة‬ ‫األميركية للبنان لم تتجاوز الـ‪ 500‬مليون دوالر‬ ‫وصل منها أسلحة بقيمة ‪ 400‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫صرفت على شراء ‪ 110‬شاحنات وناقالت جند‬ ‫وذخائر‪ ،‬ومت التوقيع على اتفاقية تعاون بني اجليش‬ ‫األميركي واللبناني‪ ،‬بقيمة ‪ 63‬مليون دوالر لشراء‬ ‫زيوت وذخائر‪ ،‬وأ ُ ّلفت جلنة عسكرية مشتركة أثناء‬ ‫الزيارة التي قامت بها مساعدة وزير الدفاع ماري‬ ‫بث لونغ من أجل درس حاجة لبنان للطوافات‬ ‫الحقاً‪ ،‬حيث تردد أن اإلدارة األميركية وافقت على‬ ‫بيع لبنان ‪ 12‬طائرة مروحية من نوع “كوبرا” وهي‬ ‫موجودة في األردن‪.‬‬ ‫ولم يستجب الوفد العسكري األميركي‬ ‫لطلبات لبنان لتزويده بأسلحة دفاعية وحتديدا ً‬ ‫صواريخ مضادة للدبابات‪ ،‬وأخرى مضادة للطائرات‬ ‫وسالح للقتال الليلي عبر مناظير ليلية وطائرات‬ ‫مروحية وقتالية‪ ،‬وقد رد األميركيون على هذه‬ ‫الطلبات بأنها مستحيلة التنفيذ‪ ،‬ألن املطلوب‬ ‫جيش يواجه “اإلرهاب” ومن ضمن احلرب األميركية‬

‫انتشار القوات السورية على احلدود مع لبنان‪ :‬ال عودة جديدة‬ ‫على “اإلرهاب”‪ ،‬بعد ان خاض اجليش جتربة‬ ‫ناجحة في هذا اإلطار في مخيم نهر البارد‪ ،‬ضد‬ ‫تنظيم “فتح اإلسالم” املرتبط فكريا ً وتنظيميا ً‬ ‫بـ”القاعدة”‪ ،‬لكن واجهته صعوبات ميدانية‬ ‫ولوجستية ونقص في السالح والذخيرة‪ ،‬وفي‬ ‫الطائرات املروحية‪ ،‬مما أطال املعركة وسقط عدد‬ ‫كبير من الشهداء للجيش الذي اضطر إلى تدمير‬ ‫أجزاء كبرى من اخمليم‪.‬‬ ‫ويبدو أن النجاح الذي حققته اجليش في‬ ‫معركة مخيم نهر البارد‪ ،‬هو ما استدعى‬ ‫انتباه اإلدارة األميركية للمهمة التي تريدها له‪،‬‬ ‫وسيكون السالح حتت هذا السقف‪ ،‬ولم متانع من‬ ‫تزويده بالطائرات املروحية واملناظير الليلية‪.‬‬ ‫لكن القرار ليس أميركيا ً في تسليح اجليش‬ ‫الذي ميكنه أن يحصل عليه من دول أخرى وحتى‬ ‫من السوق السوداء‪ ،‬وإن االستراتيجية الدفاعية‬

‫‪5‬‬

‫هي التي ستقرر نوع السالح الذي سيقتنيه‪،‬‬ ‫وهذا ما سيتقرر خالل احلوار في القصر اجلمهوري‪،‬‬ ‫بعدما مت التوافق على أن إسرائيل هي العدو‪ ،‬وال‬ ‫بد من التكامل بني اجليش واملقاومة ملواجهته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لقد فشلت اإلدارة األميركية وحلفاؤها في‬ ‫لبنان‪ ،‬في حتويل اجليش إلى نقيض للمقاومة‪ ،‬ولم‬ ‫تنجح في فك تنسيقه مع اجليش السوري‪ ،‬ال بل‬ ‫تعزز بعد القمة اللبنانية ـ السورية‪ ،‬وإن احلقبة‬ ‫األميركية في لبنان انتهت‪ ،‬وسقط معها مشروع‬ ‫وصاية عليه‪ ،‬وإقامة مكتب تنسيق عسكري‬ ‫أميركي في وزارة الدفاع‪ ،‬ألنه ميس بسيادة لبنان‬ ‫واستقالله وقراره احلر‪ ،‬وألن مهمته ستتركز‬ ‫للتجسس على املقاومة ومعرفة أماكن قواعدها‬ ‫ونوع سالحها وعدد صواريخها ومقرات قياداتها‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫االستراتيجية الدفاعية ‪:‬‬ ‫سالح الجيش والمقاومة معاً‬ ‫مضت ايام عديدة على اتفاق الدوحة‪ ،‬ولرمبا ما وصف مبثلث‬ ‫االتفاق قد أجنز تأليف حكومة وحدة وطنية‪ ،‬انتخاب الرئيس ميشال‬ ‫سليمان رئيساً للجمهورية وإقرار قانون االنتخاب لعام ‪ .1960‬ليطل‬ ‫اللبنانيون على مجموعة استحقاقات ورمبا حتديات‪ ،‬لرمبا يتلهى‬ ‫بها السياسيون عن‬ ‫واجباتهم األساسية‪.‬‬ ‫األفرقاء‬ ‫تالقى‬ ‫اللبنانيني مرة أخرى‬ ‫على طاولة احلوار‪ ،‬فبعد‬ ‫طاولة تفككتت ابان‬ ‫حرب متوز ‪2006‬عقد‬ ‫احلوار مجدداً‪ .‬بني احلوار‬ ‫في ‪ 2006‬واحلوار في‬ ‫‪ 2008‬فروقات كبيرة‪،‬‬ ‫فمن انتصار لبنان في‬ ‫متوز ‪ 2006‬الى أحداث‬ ‫أيار ‪2008‬وانعقاد مؤمتر‬ ‫الدوحة وما فرضه من‬ ‫ً‬ ‫أمور على الساحة السياسية بدءا من انتخاب الرئيس ميشال‬ ‫سليمان كرئيس توافقي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية‪،‬‬ ‫وإقرار قانون االنتخاب‪ .‬من حوار كانت نقاط اخلالف كبيرة الى‬ ‫حوار حول نقطة اساسية ألبست طابع األولوية االستراتيجية‬ ‫الدفاعية‪.‬‬

‫العميد الركن املتقاعد‬ ‫د‪ .‬أمني حطيط‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لرمبا كانت هي الشغل الشاغل للبنانيني‪ ،‬ومن املصطلحات‬ ‫االكثر تداوالً ورمبا الستار الذي تخفى البعض وراءه إلطالق االتهامات‬ ‫وتنفيذ االجندات اخلارجية‪ .‬فمن رئيس واثق بقدرة اللبنانيني على‬ ‫وضع استراتيجية دفاعية حتمي لبنان وتستند الى قواته املسلحة‬ ‫وتستفيد من طاقات‬ ‫املقاومة وقدراتها‪ ،‬الى‬ ‫حكومة وحدة وطنية‬ ‫أوردت في بيانها الوزاري‬ ‫حق لبنان في الدفاع عن‬ ‫أرضه باملقاومة‪ ،‬ففريق‬ ‫يتهمه البعض بالتخفي‬ ‫وراء مصطلحها لوضع‬ ‫سالح حزب اهلل على‬ ‫طاولة احلوار‪ ،‬الى فريق‬ ‫متمسك بالدفاع عن‬ ‫لبنان احملاط واملعرض‬ ‫للتهديدات االسرائيلية‬ ‫ليالً نهاراً‪.‬‬ ‫بعيدا ً عن اجلدال حول االستراتيجية الدفاعية‪ ،‬وخارج بازار‬ ‫السياسة واحملاصصة الطائفية‪ ،‬تستعرص “منبر التوحيد” آراء‬ ‫اخلبراء العسكريني حول االستراتيجية الدفاعية االفضل للبنان‬ ‫والتهديدات االسرائيلية املتكررة للبنان والتي حمل آخرها تصعيداً‬ ‫خاصاً بتدمير املنشآت املدنية واملقار الرسمية‪.‬‬

‫يرى العميد أمني حطيط أن االستراتيجية‬ ‫الدفاعية تقطف من السياسة العامة للدولة التي‬ ‫تتضمن سياسات اقتصادية ومالية واجتماعية‬ ‫ودفاعية‪ .‬واالستراتيجية الدفاعية توضع بعد‬ ‫أن تعتمد السياسة الدفاعية والعسكرية التي‬ ‫تنبثق من السياسة العامة للدولة‪ ،‬فإذا قررت‬ ‫الدولة عبر سياستها الدفاعية‪ ،‬املواجهة‪ ،‬تضع‬ ‫استراتيجية مواجهة‪ ،‬وإذا قررت االستسالم‪،‬‬ ‫تضع استراتيجية استسالم‪ ،‬وإذا قررت االستقالل‬ ‫والسيادة تضع االستراتيجية الدفاعية التي‬ ‫حتقق للدولة كيانها املستقل وتؤمن أهدافها‬ ‫االستراتيجية الكبرى‪ .‬في الواقع اللبناني‪ ،‬لبنان‬ ‫التزم منطق أو مبدأ احملافظة على حقوقه أو‬ ‫االحتفاظ باستقالله وسيادته‪ ،‬لم يختر التبعية‬ ‫ألي فئة أو االلتحاق بأي جهة حتى تؤمن حمايته‪.‬‬ ‫أي ان لبنان اختار أن يكون مستقالً سيداً‪ ،‬مبعنى‬ ‫أنه لم يختر أن يكون ساحة مفتوحة‪ ،‬مستباحة‬

‫‪6‬‬

‫ملن يريد أن يأتي إليه فيغتصب حقوقه‪ ،‬على هذا‬ ‫األساس ألنه اختار أن يكون سيدا ً مستقالً‪ ،‬فهذا‬ ‫يرتب على لبنان أمورا ً متعددة‪ :‬حتديد األهداف‬ ‫االستراتيجية الكبرى للدولة‪ ،‬أي األمور والعناصر‬ ‫واألهداف التي إذا انتهكت مت ّثل انتهاكا ً للحقوق‬ ‫والسيادة‪.‬‬ ‫حتديد الطاقات التي ميتلكها والتي إذا‬ ‫استخدمها تؤمن األهداف االستراتيجية للدولة‬ ‫وحتميها‪ .‬بعد ذلك ينبغي حتديد اخملاطر التي‬ ‫تتهدد هذه األهداف وقدرات هذه اإلمكانات لدرء‬ ‫هذه اخملاطر‪ .‬بعد إجراء عملية التحديد هذه‪،‬‬ ‫توضع خطة أو حبكة تستخدم فيها اإلمكانات‬ ‫املتوافرة لتحقيق األهداف االستراتيجية القائمة‬ ‫وصوال ً إلى درء األخطار‪ ،‬فإذا فعل ذلك يكون وضع‬ ‫استراتيجية دفاعية‪.‬‬ ‫واخملاطر التي تتهدد لبنان تتمثل في إسرائيل‬ ‫التي مت ّثل مصدر اخلطر الرئيسي الذي يتهدد‬


‫لبنان‪ ،‬علما ً بأن لبنان تعايش مع هذا اخلطر منذ‬ ‫أن نشأت إسرائيل‪ ،‬وميكننا التمييز في تاريخ لبنان‬ ‫بني مرحلتني‪ :‬مرحلة الساحة املستباحة حيث‬ ‫كانت إسرائيل تفعل في لبنان ما تشاء‪ ،‬وكان‬ ‫لبنان عاجزا ً عن القيام بأي فعل مما كلفه أثمانا ً‬ ‫باهظة‪ ،‬ومرحلة الكيان احملمي واملدافع عنه الذي‬ ‫يواجه إسرائيل‪ ،‬متكن خاللها لبنان من استعادة‬ ‫حقوقه التي اغتصبتها إسرائيل في معظمها‬ ‫وأقام نوعا ً من التوازن الردعي بينه وبني إسرائيل‪،‬‬ ‫بشكل أدخل الطمأنينة في نفوس السكان الذين‬ ‫كانوا مبعظمهم عرضة للتهديدات واألخطار‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬هذه التهديدات اإلسرائيلية ما زالت‬ ‫قائمة اليوم‪ ،‬فإسرائيل تهدد السيادة اللبنانية‬ ‫يومياً‪ ،‬حتتل بعض األراضي اللبنانية‪ ،‬تنتهك احلق‬ ‫اللبناني في األرض واالستعمال اآلمن من خالل‬ ‫األلغام والقنابل العنقودية‪ ،‬تثير االضطرابات‬ ‫والفنت مباشرة أو غير مباشر‪ ،‬بشكل تزعزع‬ ‫االستقرار اللبناني وتتدخل في ثنايا الوحدة‬ ‫الوطنية اللبنانية‪ ،‬وخاصة أن بعض األطراف‬ ‫اللبنانية ذات التاريخ السابق في التعامل مع‬ ‫إسرائيل في مواقفها‪ ،‬لو خضنا في عمق مواقفها‬ ‫لرأينا حنينا ً للفترة اإلسرائيلية في لبنان‪ ،‬مبعنى أن‬ ‫هذه التدخالت اإلسرائيلية تتجه أساسا ً لتهديد‬ ‫وحدة البالد ووحدة الشعب من خالل التهديد‬ ‫بالتقسيم أو بالتجزئة‪ .‬هذه األمور ما زالت قائمة‪،‬‬ ‫إضافة إلى ذلك هناك ملف أساسي للبنان في‬ ‫مواجهة العدو اإلسرائيلي وهو ملف الالجئني‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬ففي لبنان حوالى ‪ 400‬ألف الجئ‬ ‫فلسطيني ترفض إسرائيل إعادتهم إلى بالدهم‬ ‫وإلى ديارهم‪ ،‬يواجه لبنان معضلة توطينهم في‬ ‫لبنان‪ .‬كل تلك األخطار لبنان عرضة لها‪ ،‬مما يحتم‬ ‫عليه حتضير القدرة والقوة ملواجهتها‪.‬‬ ‫في املرحلة األولى التي وصفتها بالساحة‬ ‫املفتوحة كان لبنان يتمسك بعنصرين لبناء‬ ‫استراتيجيته‪ ،‬عنصر املواثيق والسياسة الدولية‪،‬‬ ‫منها الهدنة وقرارات األمم املتحدة‪ ،‬والعنصر‬ ‫الثاني يتمثل مبقولة “أن قوة لبنان في ضعفه”‬ ‫وال حاجة للبنان إلى قوة ألننا لن نستطع أن نصل‬ ‫إلى قوة إسرائيل لنواجه القوة بالقوة‪ ،‬فلنتكل‬ ‫على األمم املتحدة وعلى اتفاقية الهدنة وال نبني‬ ‫جيشاً‪ .‬هذا النمط لم يحقق للبنان أمنا ً وسيادة‪،‬‬ ‫ال بل كما ذكرت أوقع لبنان في دائرة الساحة‬ ‫املستباحة‪ .‬في املرحلة الثانية اختار لبنان سلوك‬ ‫املواجهة‪ ،‬فأنشأ إلى جانب اجليش مقاومة وأجرى‬ ‫تكامالً بني املقاومة واجليش بشكل منسق‬ ‫ومتقن وذكي‪ .‬هذه املنظومة اجلديدة ذات الوجهني‬ ‫الرسمي باجليش والشعبي باملقاومة‪ ،‬أحدثت كالً‬ ‫عسكريا ً متكامالً واجه إسرائيل وحقق األهداف‬ ‫االستراتيجية للبنان وحماه‪ .‬وانطالقا ً من هذا‬ ‫أقول إن املنظومة املتكاملة هي الصيغة املثلى‬ ‫لالستراتيجية الدفاعية التي تناسب لبنان‪،‬‬ ‫والتي ما زالت حاجة للبنان في تكاملها‪ ،‬ما دامت‬ ‫إسرائيل قائمة وتهدد لبنان يوما ً بعد يوم‪.‬‬ ‫ويتابع العميد حطيط‪“ :‬وسلوك إسرائيل في‬

‫إذا خضنا في عمق مواقف‬ ‫بعض األطراف اللبنانية ذات‬ ‫التاريخ السابق في التعامل مع‬ ‫إسرائيل لرأينا حنيناً للفترة‬ ‫اإلسرائيلية في لبنان‬ ‫التكامل والتنسيق بني‬ ‫املقاومة واجليش حقق األهداف‬ ‫االستراتيجية للبنان وحماه‬ ‫املشروعان الغربي‪ ،‬والتحرري‬ ‫اإلقليمي االستقاللي‬ ‫سيتواجهان في حرب آتية إلى‬ ‫الشرق األوسط‬ ‫إطار توجيه التهديدات للبنان ال يخفى على أحد‪،‬‬ ‫منذ عام ‪ 1968‬بشكل مكثف ومنذ عام ‪1948‬‬ ‫بشكل متقطع‪ .‬البنية التحتية واألرض اللبنانية‬ ‫واملنشآت اللبنانية عرضة للتدمير‪ ،‬يكفي أن‬ ‫ّ‬ ‫أذكر في عام ‪ 1968‬بتدمير األسطول اجلوي املدني‬ ‫اللبناني بالكامل (‪ 13‬طائرة)‪ ،‬اجلنوب استمر‬ ‫أرضا ً محروقة ملدة ‪ 20‬أو ‪ 25‬سنة‪ ،‬إسرائيل كيان‬ ‫عدواني مغتصب يقوم على األذى وإحلاق الضرر‬ ‫باآلخرين‪ ،‬ألم تطلق منذ أشهر قليلة تهديدات‬ ‫بتدمير املنشآت والبنية التحتية اللبنانية؟ وهي‬ ‫هدفت من ورائها إلى تقليص الدعم املقدم‬ ‫للمقاومة من احلكومة اللبنانية التي نشأت بعد‬ ‫اتفاق الدوحة والتي متلك فيها املعارضة الثلث‬ ‫الضامن‪ ،‬كونها معاكسة للحكومة التي كانت‬ ‫ترتاح إليها إسرائيل والتي كانت تدعو إلى دعمها‬ ‫ومتدحها ليل نهار‪ .‬ظنت إسرائيل أنها بهذه‬ ‫التهديدات تضغط على هذه احلكومة بالذات‬ ‫لالبتعاد عن املقاومة واحتضانها‪ ،‬وعدم تكريس‬ ‫جهودها حلماية ظهر املقاومة في األمن الداخلي‪،‬‬ ‫احلكم‪ ،‬والغطاء السياسي الذي تعتقد إسرائيل‬ ‫أنه يحصن املقاومة بالرغم من أن املقاومة ليست‬ ‫بحاجة لغطاء أحد‪ ،‬إذ إنها منبثقة من الشعب‬ ‫كما السلطة‪ ،‬والسلطة واملقاومة انبثقتا من‬ ‫مصدر واحد‪.‬‬ ‫إن ما أثارته إسرائيل من بلبلة في لبنان‪،‬‬ ‫وخاصة مع النصائح اخلارجية للبنان بالتحرك‬ ‫لوقف العدوان املتوقع بصفة جدية‪ ،‬والتي أثبتت‬ ‫عدم صدقيتها بعد سقوطها جميعها‪ ،‬كانت‬ ‫تهدف منها إسرائيل في تعاملها مع املقاومة‬ ‫التي ينظمها حزب اهلل إلى تت ّبع األساليب‬ ‫الثالثة‪ ،‬اللغة ذات السقف العالي وهو التهديد‬ ‫بالفتك والتدمير وقطع الرأس واالغتياالت‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫هذه اللغة موجهة للجمهور اإلسرائيلي لرفع‬ ‫املعنويات‪ ،‬وخاصة أن إسرائيل تعرف أنها ال متلك‬ ‫أرضية صلبة لألعمال أو التحقق‪ ،‬واللغة الثانية‬ ‫هي لغة إبقاء التماس التدميري واملواجه حلزب‬ ‫اهلل من خالل العمليات األمنية واالغتياالت‬ ‫والتهديد والتهويل والعمل األكبر‪ ،‬واللغة الثالثة‬ ‫وهي تقتنع بها إسرائيل وهي ال تظهرها وال تعبر‬ ‫عنها للخارج‪ .‬كما أنها على قناعة بأن حزب اهلل‬ ‫كيان يستعصي على املعاجلة باليد اإلسرائيلية‬ ‫العسكرية أو غير العسكرية‪ ،‬وبالتالي ما‬ ‫كانت تقول به إسرائيل من نوايا جتاه حزب اهلل‬ ‫من قتل أو تدمير‪ ،‬سواء بالعمليات الواسعة أو‬ ‫بالعمليات احملدودة هو كالم‪ .‬إسرائيل في أعماقها‬ ‫يئست من إمكانية اجتثاث حزب اهلل وتدميره‪،‬‬ ‫إمنا ستستمرفي عملية املواجهة وعمليات‬ ‫االغتيال وتأليب الشارع اللبناني والعربي على‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬حتى تنثر الفنت ويكون حزب اهلل‬ ‫واملقاومة في مواجهة الشعب‪ .‬وما يؤكد على‬ ‫هذا أن إسرائيل‪ ،‬وفقا ً ملا هو منشور أو مسرب‪،‬‬ ‫وكعسكري واستراتيجي‪ ،‬لم تصل إلى املستوى‬ ‫الذي تستطيع أن تذهب عبره إلى حرب ناجحة‬ ‫تعوض هزمية ‪ ،2006‬فلجنة فينوغراد أعلنت أن‬ ‫االنتهاء من استخالص العبرمن حرب إسرائيل‬ ‫الفاشلة في لبنان يلزمه خمس سنوات‪.‬‬ ‫ولم يتوقع العميد حطيط حربا ً في املنطقة‪،‬‬ ‫إذ إن اجلهات التي ميكن أن تشن حربا ً في املنطقة‬ ‫هي إسرائيل وأميركا‪ .‬في واقع احلال إسرائيل لم‬ ‫تستطع أن تستخلص كل العبر الالزمة لسد‬ ‫الثغرات التي ظهرت خالل الـ‪ ،2006‬وقبل أن تعالج‬ ‫مواطن الضعف فيها‪ ،‬ال تستطيع أن تذهب إلى‬ ‫حرب‪ ،‬فإذا ً نخرج إسرائيل من هذا اإلطار‪ ،‬إذ لن‬ ‫تكون حرب على يد إسرائيل في املدى املنظور‬ ‫لعجزها عن الدخول في حرب تنتصر فيها‪.‬‬ ‫أما أميركا فلديها قرار حرب على إيران متخذ‬ ‫منذ خريف الـ‪ ،2007‬منذ سنة تقريباً‪ ،‬إال أن هذا‬ ‫القرار غير قابل للتنفيذ لسبب أساسي أثبته‬ ‫اخلبراء العسكريون واالسترتيجيون األميركيون‪،‬‬ ‫وهو أن كل ما متلك أميركا من قدرات استخبارية‬ ‫واستعالمية لم تستطع أن حتدد حجم ردة‬ ‫الفعل اإليرانية على حرب تشن ضدها‪ ،‬وبالتالي‬ ‫لم تستطع أن حتدد قدرة أميركا على استيعاب‬ ‫ردة الفعل التي متكنها من متابعة احلرب‪ ،‬لذلك‬ ‫أحجمت أميركا وما زالت حتجم عن التحرش‬ ‫بإيران‪ ،‬ألنها ال تعرف كيف سيكون الرد‪ ،‬إذا كان‬ ‫بإمكانها أن تستوعب مثل هذا الرد‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫صحيح أن ال حرب منتظرة في منطقة الشرق‬ ‫األوسط ضمن سنة أو سنتني‪ ،‬ولكن أقول بشأن‬ ‫آخر إن حربا ً آتية إلى الشرق األوسط وهي احلرب‬ ‫األخيرة التي سيتواجه فيها املشروعان‪ :‬الغربي‪،‬‬ ‫االستعمار االستيطاني‪ ،‬الذي تعتبر إسرائيل‬ ‫إحدى ثماره والوجود العسكري األميركي أحد‬ ‫إفرازاته‪ ،‬واملشروع التحرري اإلقليمي االستقاللي‬ ‫الذي يُعتبر نصر حزب اهلل في لبنان وثبات سوريا‬ ‫في مواجهته وثبات إيران في مواقعها واستمرارها‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الغالف‬ ‫في ملفاتها العسكرية وغير العسكرية واملدنية‬ ‫النووية على سبيل املثال هو أحد وجوهها‪ .‬هذان‬ ‫املشروعان سيتواجهان في حلظة ما‪ ،‬وهذه‬ ‫اللحظة ستكون احلرب احلاسمة‪ .‬هذه اللحظة‬ ‫قد تكون حربا ً مدمرة إذا أصر صاحب املشروع‬ ‫على التعنت بفرض واقعه بالقوة‪ ،‬وقد تكون حرب‬ ‫تغطية انسحاب‪ ،‬أي ان التدمير يحصل إما خالل‬ ‫املواجهة العسكرية وإما أثناء انسحاب املشروع‬ ‫الغربي‪ ،‬علما ً بأن مستقبل املشروع الغربي في‬ ‫املنطقة محسوم بالسقوط‪.‬‬

‫العميد الركن املتقاعد‬ ‫وليد سكرية‬

‫ورأى العميد وليد سكرية أن لبنان يقع في قلب‬ ‫صراع الشرق األوسط‪ ،‬أي إنه معني بالصراع‪ ،‬فهو‬ ‫مهدد من إسرائيل التي لها أطماع بأرض لبنان‬ ‫ومياهه‪ .‬كما أنه معني مبستقبل الشرق األوسط‬ ‫وكيفية استقرار األوضاع فيه‪ ،‬خاصة إن حصلت‬ ‫تسوية سلمية للصراع العربي اإلسرائيلي‪ ،‬إذ إنه‬ ‫مهدد بالتوطني إن متت التسوية بشروط أميركا‬ ‫وإسرائيل‪ ،‬ومهدد مبستقبله االقتصادي إن هيمنت‬ ‫إسرائيل على اقتصاد املنطقة‪ ،‬فيفقد دوره‪ ،‬وخاصة‬ ‫بقطاع اخلدمات‪ .‬إن حياد لبنان بالصراع كدفن‬ ‫الرأس بالرمال‪ ،‬وتقبل النتائج أيا ً تكن حتى لو على‬ ‫حساب لبنان‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬إن الركون ألميركا‬ ‫حلماية لبنان وتأمني مصاحله كمن يلجأ خلصمه‬ ‫كي يحميه‪ .‬فأميركا ملتزمة املشروع الصهيوني‪،‬‬ ‫وأعتقد أن لبنان ال يلتقي مع هذا املشروع‪.‬‬ ‫إن خيار لبنان الوحيد الذي ال مفر منه‪ ،‬هو‬ ‫االستعداد للمواجهة‪ ،‬ملواجهة العدوان اإلسرائيلي‬ ‫واألطماع الصهيونية‪ ،‬وملواجهة مشروع التسوية‬ ‫السلمية على حساب لبنان ومصاحله‪ .‬وعلى لبنان‬ ‫أن يحدد حلفاءه الطبيعيني‪ ،‬من لهم األهداف‬ ‫نفسها واألعداء أنفسهم‪ ،‬وهم قوى املمانعة في‬ ‫فلسطني وسوريا وإيران‪.‬‬ ‫لقد أثبتت إسرائيل تفوقها على اجليوش‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النظامية بكل حروبها‪ ،‬وذلك لتفوقها بالسالح‪،‬‬ ‫كما أثبتت املقاومة قدرتها على صد العدوان‬ ‫اإلسرائيلي وإحلاق الهزمية به‪ ،‬علما ً بأن املقاومة‬ ‫ليست قوى املقاومة العسكرية فقط‪ ،‬بل اجملتمع‬ ‫املقاوم احلاضن للمقاومة أوالً‪.‬‬ ‫إن االستراتيجية الدفاعية األمثل للبنان ولكل‬ ‫دول العالم الثالث ملواجهة دول متفوقة عليها‬ ‫تسلحا ً هو ببناء اجملتمع املقاوم املنظم ببناء‬ ‫اجتماعي واقتصادي وتعبئة وطنية عبر بناء جيش‬ ‫يستطيع تكبيد العدو خسائر فادحة إن هاجم‬ ‫لبنان‪ ،‬ما مي ّثل عامل ردع للعدو عن العدوان‪ ،‬بناء‬ ‫املقاومة الشعبية املنظمة التي تعمل إلى جانب‬ ‫اجليش‪ ،‬وإن دخل العدو البالد وحدها املقاومة‬ ‫تستطيع إخراجه بحرب عصابات لعجز اجليش عن‬ ‫طرد العدو بالقوة‪.‬‬ ‫وتابع سكرية قائالً‪“ :‬يسعى البعض في لبنان‬ ‫إلى العودة إلى سياسة قوة لبنان بضعفه‪ ،‬إذعانا ً‬ ‫ألميركا وتلبية لشروط إسرائيل‪ ،‬من أجل تأمني‬ ‫مصاحله الشخصية واآلنية كموسم اصطياف مثالً‬ ‫على حساب املصلحة الوطنية‪ .‬فلبنان ُحكم من‬ ‫التجار وأسياد قطاع اخلدمات‪ ،‬فسخّ روا السياسة‬ ‫خلدمة مصاحلهم على حساب املصلحة الوطنية‬ ‫وأمن الوطن‪ .‬إن وضع لبنان احلالي يستدعي احلفاظ‬ ‫على املقاومة حتى نهاية الصراع في الشرق‬ ‫األوسط‪ .‬كما يستدعي بناء جيش قادر على الدفاع‬ ‫عن الوطن‪ .‬قبل كل هذا مطلوب تصحيح املسار‬ ‫السياسي للحكومة ملعرفة العدو من الصديق‪،‬‬ ‫وخاصة أن إسرائيل في مواجهة املقاومة‪ ،‬أيا ً‬ ‫كانت‪ ،‬تلجأ إلى الضغط على اجلبهة الداخلية‬ ‫للدولة احلاضنة للمقاومة على أرضها‪ .‬للفصل‬ ‫بني احلكم واملقاومة‪ ،‬وبني الشعب واملقاومة‪،‬‬ ‫لتعرية املقاومة وإضعافها وإلزام الدولة احلاضنة‬ ‫للضغط على املقاومة وتقييد عملها‪ .‬هذا ما‬ ‫اعتمدته ملواجهة املقاومة الفلسطينية في األردن‬ ‫وفي لبنان‪ ،‬وملواجهة حزب اهلل حتى تفاهم نيسان‬ ‫إثر عناقيد الغضب عام ‪ ،1996‬حيث ق ّيد التفاهم‬ ‫حريتها في التأثير على اجملتمع املدني‪.‬‬ ‫فإسرائيل في حروبها مع اجليوش العربية‬ ‫النظامية‪ ،‬تعتمد استراتيجية احلرب الصاعقة‬ ‫واحلاسمة‪ ،‬فتركز جهدها لتدمير اجليوش‬ ‫وآلتها العسكرية وحسم احلرب بوقت قصير‪،‬‬ ‫وصوال ًَ إلى أهدافها السياسية‪ .‬أما في مواجهة‬ ‫مقاومة شعبية فتعتمد حرب العصابات ومبدأ‬ ‫واختف”‪ ،‬ال ميكن القضاءعلى بنيتها‬ ‫“اضرب‬ ‫ِ‬ ‫العسكرية بحرب سريعة‪ .‬كما يصعب في كثير‬ ‫من العمليات العسكرية الرد على مجموعات‬ ‫املقاومة بعد تنفيذها عمالً معينا ً واختفائها‪.‬‬ ‫ولذلك تعتمد التأثير على اجملتمع املدني احلاضن‬ ‫للمقاومة ملواجهتها‪ ،‬حيث إن هذا اجملتمع مي ّثل‬ ‫األرض اخلصبة لنموها وتغذيتها باملواد والرجال‪.‬‬ ‫كما تلجأ للتأثير على مصالح الدولة احلاضنة‬ ‫للمقاومة على أرضها‪ ،‬لدفعها لتقييد عمل‬ ‫املقاومة أو قتالها نيابة عن إسرائيل‪ .‬بذلك‬ ‫تفصل إسرائيل ما بني املقاومة واجملتمع املدني‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫حياد لبنان في الصراع‬ ‫كدفن الرأس في الرمال‬ ‫الركون ألميركا حلماية لبنان‬ ‫وتأمني مصاحله كمن يلجأ‬ ‫خلصمه كي يحميه‬ ‫وضع لبنان احلالي‬ ‫يستدعي احلفاظ‬ ‫على املقاومة حتى نهاية‬ ‫الصراع في الشرق األوسط‪،‬‬ ‫كما يستدعي بناء جيش‬ ‫قادر على الدفاع عن الوطن‬ ‫وتؤلبه ضدها‪ ،‬وتؤلب الدولة احلاضنة أيضاً‪ ،‬مما‬ ‫يسهل إسقاط املقاومة والقضاء عليها على‬ ‫أيدي الدولة احلاضنة‪ ،‬كما حصل للمقاومة‬ ‫الفلسطينية في األردن‪ ،‬أو يسهل العمل‬ ‫العسكري إلسرائيل الجتثاث املقاومة كما‬ ‫حصل أيضا ً للمقاومة الفلسطينية في اجتياح‬ ‫‪ 1982‬للبنان‪ .‬في مواجهة إسرائيل حلزب اهلل في‬ ‫لبنان‪ ،‬اعتمدت االستراتيجية نفسها‪ ،‬فلجأت في‬ ‫متوز ‪ 1993‬إلى اجتياح جوي ملدة تزيد عن أسبوع‪،‬‬ ‫قصفت فيها كامل قرى اجلنوب تقريبا ً احلاضنة‬ ‫حلزب اهلل‪ .‬فهجرت السكان‪ ،‬وأحلقت أضرارا ً‬ ‫بحوالى ‪ 10‬آالف منزل بني تدمير كامل وتدمير‬ ‫جزئي وفقا ً إلحصاءات اجليش اللبناني‪ .‬وهدفها‬ ‫فصل الشعب عن املقاومة وتذكير أبناء اجلنوب‬ ‫حملت اجلنوب‬ ‫بتجربة املقاومة الفلسطينية وما ّ‬ ‫من أعباء‪ .‬كما كانت ترد على القرى مقابل كل‬ ‫عملية حلزب اهلل‪.‬‬ ‫بعد عملية عناقيد الغضب عام ‪ ،1996‬ق ّيد‬ ‫تفاهم نيسان حرية إسرائيل في التعرض للمجتمع‬ ‫املدني ردا ً على عمل املقاومة‪ .‬ساعد في ذلك تنامي‬ ‫قدرة املقاومة على قصف املستعمرات اإلسرائيلية‬ ‫مما م ّثل عامل ردع متبادال ً إلى حد ما‪ ،‬وهذا ما ساعد‬ ‫في انتصار عام ‪ .2000‬وفي عدوان متوز ‪ 2006‬أمام‬ ‫فشل اجليش اإلسرائيلي في القضاء على املقاومة‬ ‫وارتفاع معدل خسائر لديه‪ ،‬جلأت إسرائيل إلى‬ ‫االنتقام من الدولة اللبنانية والشعب اللبناني‬ ‫عامة والشعب احلاضن للمقاومة‪ ،‬فارتكبت اجملازر‬ ‫بحق أبناء اجلنوب وبعلبك والضاحية في محاولة‬ ‫لكسر إرادة الصمود لديهم ودفعهم للتخلي عن‬ ‫املقاومة‪ ،‬كما اعتمدت إحلاق أكبر دمار مبمتلكاتهم‬ ‫من أبنية وغيرها‪ .‬أيضا ً اعتمدت التأثير الواسع‬ ‫على البنية التحتية للدولة على كامل األرض‬ ‫اللبنانية تقريبا ً لتأليب الشعب اللبناني ضد‬


‫املقاومة وإعطاء املبرر للحكومة للمطالبة‬ ‫بنزع سالح املقاومة مستندة إلى نقمة شعبية‬ ‫لدى بعض اللبنانيني‪ .‬هذه السياسة تهدد بها‬ ‫إسرائيل لبنان‪ ،‬خاصة إبان انعقاد حوار داخلي حول‬ ‫االستراتيجية الدفاعية وعالقة املقاومة بالدولة‬ ‫واحتمال قيام حزب اهلل بعمل يثأر به الغتيال‬ ‫الشهيد عماد مغنية إلجبار الدولة على ردع حزب‬ ‫اهلل وتوسيع االنقسام الداخلي‪ ،‬رمبا للوصول إلى‬ ‫حرب أهلية تساعد إسرائيل في إرباك املقاومة‪ .‬إن‬ ‫ردع إسرائيل عن سياسة تهديد املصالح والبنى‬ ‫التحتية أو ضرب اجملتمع املدني هو بامتالك القدرة‬ ‫على التأثير الفعال على مجتمعه وبنيته التحتية‬ ‫داخل الكيان الصهيوني‪ ،‬مما مي ّثل رادعا ً له عن‬ ‫اعتماد هذا األسلوب‪.‬‬ ‫كما أن التهديدات األخيرة للبنان وقعت في‬ ‫خانة ممارسة الضغط على احلكومة اللبنانية‪،‬‬ ‫وعلى اجملتمع املدني اللبناني‪ ،‬ليشكال ضغطا ً على‬ ‫املقاومة‪ ،‬لتقييد حرية عملها‪ ،‬خاصة أن التهديدات‬ ‫تأتي في زمن يطرح به سالح املقاومة على طاولة‬ ‫احلوار الداخلي في لبنان‪ ،‬وعالقته بالدولة وحريته‬ ‫في العمل خارج سلطة احلكومة‪ .‬وملنع ملقاومة‬ ‫من الرد على اغتيال الشهيد مغنية‪ ،‬كي ال تصفع‬ ‫إسرائيل وتسكت‪ ،‬أو تضطر للتورط بحرب غير‬ ‫مهيأة لها اآلن‪.‬‬ ‫ويرى العميد سكرية أن جلوء إسرائيل إلى حرب‬ ‫كبيرة تشنها على لبنان مستبعد ألسباب عديدة‪:‬‬ ‫انكشاف جبهة إسرائيل الداخلية لصواريخ‬ ‫املقاومة التي تقول إسرائيل إنها تضاعفت كما ً‬ ‫ونوعا ً وبالتالي تأثيراً‪ ،‬بينما تفتقر إسرائيل إلى درع‬ ‫صاروخية حتميها من هذه الصواريخ‪ .‬هي تسعى‬ ‫لتحقيق ذلك‪ ،‬فإسرائيل ال تخوض حربا ً تدمر فيها‬ ‫جبهتها الداخلية‪.‬‬ ‫انكفاء املشروع األميركي لتحقيق تسوية‬‫سلمية بشروط إسرائيل‪ ،‬انطالقا ً من القضاء على‬ ‫املقاومة في لبنان وإسقاط قوى املمانعة‪ ،‬فالدول‬ ‫تسعى للحرب لتحقيق أهداف سياسية‪ ،‬والسعي‬ ‫للحرب لتحقيق تسوية سلمية في األشهر األخيرة‬ ‫من والية الرئيس بوش غير مضمونة النتائج بل قد‬ ‫تؤدي إلى نتائج عكسية‪.‬‬ ‫ تضاعف قدرات حزب اهلل واستعداده ملواجهة‬‫اجليش اإلسرائيلي وتكبيده خسائر ال حتتملها‬ ‫إسرائيل‪ ،‬فتدمير فرق عسكرية إسرائيلية وخسارة‬ ‫مئات الدبابات وأكثر على أرض جنوب لبنان يعد‬ ‫هزمية إلسرائيل تزلزل كيانها حتى لو دخلت في‬ ‫عمق أرض اجلنوب‪.‬‬ ‫ احتمال توسع احلرب إلى حرب إقليمية تدخلها‬‫سوريا ورمبا تصل إلى أوسع من ذلك‪ ،‬تدمر فيها‬ ‫بنية إسرائيل ويؤسس لزوالها‪.‬‬ ‫ اإلرباك السياسي داخل إسرائيل والتفكك‬‫بعد سقوط أوملرت سياسياً‪ ،‬كما أن التهديدات‬ ‫اإلسرائيلية للبنان ال حتمل جميعها طابع اجلدية‪،‬‬ ‫فالتهديدادات األخيرة للعدو اإلسرائيلي بدخول‬ ‫حرب برية مع لبنان ال يخرج عن كونه مجرد ادعاءات‪،‬‬ ‫وخاصة أن إسرائيل غير قادرة على شن حرب تخرج‬

‫بها خاسرة‪ .‬واندرجت تلك التهديدات آنذاك في‬ ‫احلسابات السياسة الداخلية إلسرائيل لتظهير‬ ‫صورته كبطل منقذ إلسرائيل ورفع معنويات‬ ‫شعبه وجيشه‪ ،‬وحث احلكومة اللبنانية على نزع‬ ‫سالح املقاومة أو تقييد حرية عملها‪ .‬فإسرائيل‬ ‫تدرك أن املقاومة أكثر استعدادا ً وأكثر تسلحا ً‬ ‫وكفاءة مما كانت عليه في حرب متوز‪ .‬كما حسنت‬ ‫إسرائيل كفاءة قواتها بالتخطيط والتدريب‪ ،‬ورمبا‬ ‫إدخال أنظمة أسلحة جديدة‪ .‬وتدرك إسرائيل جيدا ً‬ ‫أنه من الطبيعي بعد حرب متوز أن تكون املقاومة‬ ‫قد درست نتائج احلرب واستخلصت العبر والدروس‬ ‫لتعالج نقاط الضعف لديها وتسد الثغرات وتزيد‬ ‫قدراتها‪ .‬فاحلرب البرية قد تقضي على اجليش‬ ‫اإلسرائيلي إن فشلت إسرائيل في حماية آلياتها‬ ‫من صواريخ املقاومة املضادة للدبابات‪ ،‬وهي تسعى‬ ‫إليجاد منظومة حماية تؤمن ذلك‪ .‬في حرب متوز‬ ‫خسرت إسرائيل ‪ 150‬دبابة بدخولها بشريط عدة‬ ‫كيلومترات‪ ،‬ولو إكملت إسرائيل دخولها إلى كامل‬ ‫منطقة جنوب الليطاني خلسرت حتى ألف دبابة‬ ‫قياسا ً بحجم القرى واملساحة اجلغرافية من جبال‬ ‫ووديان واجهتها فيها املقاومة كما واجهتها ببنت‬ ‫جبيل ووادي احلجير‪ ،‬مما يعني القضاء على ثلث‬ ‫سالح املدرعات اإلسرائيلي‪ ،‬وهذه هزمية إلسرائيل‬ ‫حتى لو احتلت جنوب الليطاني‪ ،‬فهي إشارة لعدم‬ ‫قدرتها على اجتياح لبنان أو مواجهة سوريا‪.‬‬

‫العميد الركن املتقاعد‬ ‫د‪ .‬هشام جابر‬

‫يرى العميد الركن املتقاعد هشام جابر أن‬ ‫االستراتيجية الدفاعية األفضل للبنان وعلى‬ ‫املدى الطويل‪ ،‬هي تسليح اجليش اللبناني‬ ‫تسليحا ً حديثاً‪ ،‬وخاصة في مجال الدفاع اجلوي‪.‬‬ ‫ثم التنسيق الكامل بني اجليش واملقاومة التي‬ ‫ميكن أن تشمل كل اللبنانيني للدفاع عن أرضهم‪،‬‬ ‫وقراهم‪ ،‬ومدنهم‪ .‬مع اعتبار أن السالح ال يوجه‬ ‫سوى للعدو اإلسرائيلي‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫أما االتكال على املقاومة اإلسالمية وحدها‬ ‫للدفاع عن أرض الوطن مع متابعة انتقادها‬ ‫والتعرض لها ألنها تقوم بهذا الواجب املقدس‪،‬‬ ‫فإن ذلك يخلق وضعا ً غير سليم وغير منطقي‬ ‫وغير طبيعي‪ ،‬ويسهّ ل على إسرائيل خلق الفتنة‬ ‫أو على األقل إذكاء نارها‪.‬‬ ‫االستراتيجية الدفاعية في أي بلد يجب أن‬ ‫تكون نواتها اجليش والقوات املسلحة‪ ،‬بعد اجليش‬ ‫والقوات املسلحة التي يجب أن تكون قادرة على‬ ‫مواجهة العدو احملتمل والعدو الواضح في الواقع‬ ‫اللبناني إسرائيل‪ ،‬يجب أن يكون هناك جيش قوي‬ ‫يستطيع أن يتصدى لالعتداءات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫واجليش بأسلحته الثالثة‪ ،‬البر والبحر واجلو‪ ،‬تضاف‬ ‫إليها في إطار النواة الرسمية قوات االحتياط التي‬ ‫خدمت في اجليش التي يجب أن تدرب باستمرار‪،‬‬ ‫تستدعى كل سنة وتكون جاهزة لاللتحاق‬ ‫بالقوات املسلحة عندما يدق النفير‪ ،‬تضاف إليها‬ ‫القوى شبه العسكرية ومنها أساسا ً املقاومة‬ ‫املسلحة التي تعتمد أسلوب احلرب البرية ضد‬ ‫العدو‪ ،‬وعندنا في لبنان مقاومة جربت وأبدت‬ ‫كفاءتها‪ .‬لذلك في ظل االستراتيجية الدفاعية‬ ‫يجب أن تكون املقاومة جزءا ً أساسيا ً من هذه‬ ‫كمؤمنة للقوات‬ ‫االستراتيجية الدفاعية‬ ‫ّ‬ ‫املسلحة‪ .‬إذا كانت بعض اجلهات اللبنانية تريد‬ ‫أن تشارك في الدفاع عن الوطن فلتتفضل‪ ،‬كما‬ ‫قامت املقاومة اإلسالمية واملقاومة الوطنية‬ ‫وتدخل ضمن هذه االستراتيجية الدفاعية‪.‬‬ ‫االستراتيجية الدفاعية تعنى بوضع كل‬ ‫طاقات الوطن من بشرية ومن مادية ومن عالقات‬ ‫دولية وسياسية بتصرف هذه االستراتيجية‪،‬‬ ‫لذلك هناك مجلس الدفاع األعلى املوجود حاليا ً‬ ‫الذي يرأسه رئيس اجلمهورية ويتضمن مجلس‬ ‫الدفاع األعلى ليس فقط وزير الدفاع والداخلية‬ ‫بل الوزراء املعنيني بشأن الدفاع عن الوطن إذا‬ ‫حصل االعتداء ومنها وزارة األشغال العامة‪ ،‬وزارة‬ ‫الصحة‪ ،‬وزارتا اخلارجية واملالية‪ .‬أي مجلس الدفاع‬ ‫األعلى يجب أن يرعى االستراتيجية الدفاعية‬ ‫وليس احلكومة فقط‪ .‬وهنا ميكن أن نضيف أن‬ ‫ضمن هذه االستراتيجية تدخل تربية النشء‬ ‫وإطالق ثقافة املقاومة في املدارس واجلامعاتـ وهنا‬ ‫وسائل اإلعالم برعاية وزارة اإلعالم يجب أن تلعب‬ ‫دورها‪ ،‬ووزارة التربية‪.‬‬ ‫االستراتيجية الدفاعية تعني كل املواطنني‪،‬‬ ‫ميكن إدارة هذه االستراتيجية بواسطة مجلس‬ ‫الدفاع األعلى برئاسة رئيس اجلمهورية‪ .‬أول شرط‬ ‫لالستراتيجية الدفاعية أن يكون هناك جيش قوي‬ ‫وهذا اجليش يقتضي تسليحه‪ ،‬وفي ظل عدم إنشاء‬ ‫جيش قوي يجب عدم الكالم عن دمج املقاومة أو‬ ‫نزع سالحها أو أي كالم من هذا القبيل‪.‬‬ ‫يجب البدء خطوة خطوة قبل احلوار حول املقاومة‬ ‫وسالحها‪ ،‬الذي يجب أن يوضع جانبا ً قبل إنشاء قوات‬ ‫مسلحة وجيش قوي وقادر ميكن أن تكون املقاومة‬ ‫مساعدة له‪ .‬وبعدم وجود اجليش تصبح البالد‬ ‫مكشوفة‪ ،‬الكالم عن نزع سالح املقاومة عبثي في‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الغالف‬ ‫االتكال على املقاومة‬ ‫اإلسالمية وحدها للدفاع‬ ‫عن أرض الوطن مع متابعة‬ ‫انتقادها والتعرض لها‪ ،‬يخلق‬ ‫وضعاً غير سليم ويسهل على‬ ‫إسرائيل خلق فتنة‬ ‫الكالم عن نزع سالح املقاومة‬ ‫عبثي في ظل عدم وجود أي قوة‬ ‫ميكن أن تكون جاهزة للدفاع‬ ‫عن الوطن‬ ‫املقاومة يجب أن تكون جزءاً‬ ‫أساسياً من االستراتيجية‬ ‫الدفاعية التي يجب أن يرعاها‬ ‫مجلس الدفاع األعلى‬ ‫ظل عدم وجود أي قوة ميكن أن تكون جاهزة للدفاع‬ ‫عن الوطن‪ .‬املوضوع متكامل ال ميكن فصله عن‬ ‫بعضه‪ ،‬واملقاومة جزء أساسي من االستراتيجية‬ ‫الدفاعية املقبلة‪.‬‬ ‫إسرائيل ص ّبت جام غضبها في حرب متوز ‪،2006‬‬ ‫على لبنان وشعبه وجيشه وبناه التحتية‪ ،‬ولم‬ ‫تنل من املقاومة وكانت تهدف إلى تأليب الشعب‬ ‫اللبناني على املقاومة‪ ،‬وهي ال تزال‪ ،‬وال سيما‬ ‫أنها أوجدت شرخا ً بعد احلرب بني قسم كبير من‬ ‫اللبنانيني واملقاومة‪ .‬هذا الشرخ التأم جزئيا ً بعد‬ ‫مؤمتر الدوحة وانتخاب الرئيس وتأليف احلكومة‪.‬‬ ‫وهدفها ال يزال إعادة توسيع هذا الشرخ‪ ،‬وقد أعلنت‬ ‫أن عد ّوها وأهدافها املقبلة هي لبنان بأسره‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن لبنان يتعرض باستمرار‬ ‫لتهديدات إسرائيلية متنوعة‪ ،‬فالكل ال يزال يذكر‬ ‫التهديدات األخيرة التي كان أحد أهدافها األساسية‬ ‫توجيه رسالة للحكومة اللبنانية التي مت ّثل املعارضة‪،‬‬ ‫وحتديدا ً حزب اهلل‪ ،‬جزءا ً أساسيا ً وفعاال ً منها‪ ،‬إضافة‬ ‫الى السبب اآلخر املتعلق مبعنويات اجليش اإلسرائيلي‬ ‫التي أصيبت في الصميم‪ ،‬ألول مرة في حرب متوز‬ ‫‪ .2006‬وباحلالة النفسية للشعب اإلسرائيلي الذي‬ ‫شعر ألول مرة بأنه يتعرض للخطر في عقر داره والذي‬ ‫بدأ يفقد الثقة بقادته السياسيني والعسكريني‬ ‫على السواء‪ .‬كما أن هذه التهديدات هي اجتاه نحو‬ ‫حرب محتملة لكن ليس على املدى القريب جداً‪،‬‬ ‫ومن دون شك إسرائيل ستنفذ تهديدها في احلرب‬ ‫احملتملة املقبلة مبا يتعلق بالبنى التحتية واملقار‬ ‫الرسمية واملنشآت املدنية إذا حصلت‪ .‬ووفقا ً جلابر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إذا قررت إسرائيل أي حرب على لبنان‪ ،‬فمن املرجح أن‬ ‫تلجأ الى القيام بعمليات ثأرية نوعية‪ ،‬ال تستدعي‬ ‫فتح حرب واسعة تعرضها لصورايخ حزب اهلل‪ .‬أما إذا‬ ‫جنحت في استدراج املقاومة إلى حرب مفتوحة فإنها‬ ‫تستعد لها بال ريب‪ ،‬إمنا ستتحمل إسرائيل نتائجها‬ ‫القاسية حيث تدعي أو تعترف بأن لدى املقاومة‬ ‫أكثر من ‪ 35‬ألف صاروخ ميكنها إحلاق األذية ببنيتها‬ ‫التحتية وبشعبها غير اجملهز باملالجئ الكافية وغير‬ ‫املستعد حلرب كهذه‪ .‬ويتابع جابر ليقول‪“ :‬مهما‬ ‫حشدت إسرائيل من قوى برية فلن تستطيع أن‬ ‫حترز نصراً‪ ،‬ألن القضية ليست قضية عديد أو عدد‬ ‫دبابات بل أسلوب قتال‪ ،‬وستهزم من جديد‪ .‬اللهم‬ ‫إال إذا استطاعت أن تشعل فتنة في لبنان وتكشف‬ ‫ظهر املقاومة الذي كان محميا ً في عدوان متوز ‪.2006‬‬ ‫مع التأكيد أن إسرائيل لم يتح لها التعود بعد أو‬ ‫التدريب حتى اآلن على حروب مماثلة‪ ،‬فحزب اهلل أو‬ ‫باألحرى املقاومة جنحت في صد إسرائيل بشكل‬ ‫غير مسبوق في التاريخ العسكري المتالكها مزايا‬ ‫متعددة أهمها‪ :‬التدريب العسكري‪ ،‬التسليح املمتاز‪،‬‬ ‫املعرفة الوثيقة باألرض‪ ،‬الشجاعة الى حد االستهانة‬ ‫باملوت‪ ،‬تعاطف احمليط الشعبي معها‪ .‬ثم إن تفوق‬ ‫إسرائيل بالطيران واملدفعية ال قيمة له في حرب‬ ‫الشوراع‪ .‬إذ إن أسلوب القتال املتقارب ‪combat close‬‬ ‫الذي اعتمدته املقاومة في متوز ‪ ،2006‬استطاع شل‬ ‫هذا التفوق لدخول املقاومني منطقة هامش احليطة‪،‬‬ ‫سواء للطيران أو للمدفعية”‪.‬‬ ‫ويؤكد العميد جابر أن احلرب املتوقعة في‬ ‫املنطقة ستكون األعنف في التاريخ املعاصر‪ ،‬ألن‬ ‫كال الطرفني ميلك قوة نار هائلة تطال األهداف‬ ‫األساسية واالستراتيجية لآلخر‪ .‬وإذا امتنع حزب‬ ‫اهلل في عدوان متوز أن يوجه صواريخه مليناء حيفا‪،‬‬ ‫مثالً‪ ،‬فإنه لن ميتنع عن إطالقها على أي هدف في‬ ‫إسرائيل‪ .‬هذا إذا بقيت احلرب مقتصرة على لبنان‬ ‫وإسرائيل‪ .‬أما إذا استدرجت لها إيران بطريقة أو‬ ‫بأخرى فستتورط بها أميركا‪ .‬وستكون كارثية على‬ ‫املنطقة وخاصة دول اخلليج‪.‬‬

‫رئيس املركز االستشاري‬ ‫للدراسات والتوثيق‬ ‫د‪ .‬علي فياض‬ ‫اما رئيس املركز االستشاري للدراسات‬ ‫والتوثيق د‪ .‬علي فياض فرفض احلديث عن موضوع‬ ‫االستراتيجية الدفاعية من باب التزامه بقرار‬ ‫املقاومة بعدم البحث في موضوع االستراتيجية‬ ‫الدفاعية اال على طاولة احلوار‪ .‬أما د‪ .‬فياض فرأى‬ ‫ان التهديدات االسرائيلية االخيرة كان هدفها‬ ‫الضغط على لبنان لكي يتحرك أعداء املقاومة‬ ‫“سد‬ ‫ضدها ويطالبوا بنزع سالحها حسب طريقة ّ‬ ‫الذرائع”‪ ،‬وهذا تدخل في الشأن الداخلي اللبناني‪،‬‬ ‫الن هدفه إثارة الفتنة بني مكونات الشعب‪.‬‬ ‫أما أنها توجه “إسرائيلي” نحو احلرب‪ ،‬فهو أمر‬

‫‪10‬‬

‫بحاجة إلى نقاش‪:‬‬ ‫فالعدو يعتريه اخلوف على وجود كيانه جراء ما‬ ‫جربه في حرب متوز‪ ،‬وما ترك عليه من حتول لدى‬ ‫الشعب العربي والشعوب اإلسالمية‪ ،‬مما يجعل‬ ‫مئات املاليني أعداء فعليني ميكن حتريكهم ضده‪،‬‬ ‫وهذا ال بد من أن يدفعه إلى التفكير بكيفية‬ ‫اخلالص من هذا اخلطر‪.‬‬ ‫ورأى فياض أن إسرائيل تبحث عن أي نصر ولو‬ ‫وهمياً‪ ،‬للتعويض عن خسارة هيبته في حرب متوز‪،‬‬ ‫كاالغتياالت مثالً اذ ان اسرائيل تدرك ان تدمير‬ ‫حزب اهلل مستحيل في املدى القريب ألسباب‬ ‫عديدة منها‪ :‬قوة املقاومة واستحالة هزميتها‪،‬‬ ‫االنهيار املعنوي لدى اجلنود الصهاينة بعد احلرب‪،‬‬ ‫عدم استعداد الشباب اليهودي للحروب املستمرة‬ ‫التي أصبحت في نظره عبثية‪.‬‬ ‫ويتابع‪“ :‬العدو االسرائيلي يدرك أن ضرب البنى‬ ‫التحتية وسائر أنواع األهداف املدنية‪ ،‬وهو جرمية‬ ‫حرب‪ ،‬سيسبب ر ّدا ً موجعا ً جلبهته الداخلية‪،‬‬ ‫يعد للمليون قبل إقدامه على‬ ‫لذلك هو سوف ّ‬ ‫هذه املغامرة”‪.‬‬ ‫ووفقا ً لفياض فإن كال اخليارين اللذين يتحدث‬ ‫عنهما اخلبراء حول احلرب املتوقعة على لبنان‬ ‫جلهة حرب الكبيرة او عمليات موضعية لن يحققا‬ ‫غايات اسرائيل‪ ،‬فاحلرب الكبيرة ال ميكن أن تقضي‬ ‫على املقاومة‪ ،‬وهذا تأكد منه “اإلسرائيليون”‬ ‫واالميركيون في حرب متوز وأكدوه للعالم‪ ،‬حني‬ ‫قالوا‪ :‬لو اجتمعت جيوش العالم على حزب اهلل‬ ‫لن تستطيع تدميره‪ .‬فإذا شن العدو ومن وراءه‬ ‫حربا ً شاملة فستقاتلهم املقاومة واجليش‪ ،‬ولن‬ ‫يستطيعوا االحتالل واالستقرار والهدوء‪ ،‬والبحث‬ ‫املتروي عن أفراد املقاومة ومنشآتها ومخابئ‬ ‫أسلحتها‪ ،‬وهي التي متتلك من الرجال املستعدين‬ ‫لالستشهاد والقوة التدميرية‪ ،‬ما ال يسمح ألي‬ ‫قوة في الكون من احتالل لبنان احتالال ً مستقراً‪.‬‬ ‫أما العمليات املوضعية‪ ،‬فلن تتمكن في ظل‬ ‫قوة التصدي والرد‪ ،‬وفي حالة السرية املطلقة‬ ‫التي تعتمدها املقاومة‪ ،‬من أن تطال أفرادها‬ ‫ومواقعها ومنشآتها بشكل مؤثر‪.‬‬ ‫ولقد اغتيالوا القائد عماد مغنية‪ ،‬فهل‬


‫املقاومة تبحث‬ ‫في االستراتيجية الدفاعية‬ ‫على طاولة احلوار‬ ‫أضعفوا املقاومة؟ إننا ال نظن ذلك‪.‬‬ ‫كما ان تهديد باراك بالقتال من بيت إلى بيت‬ ‫ومن قرية إلى قرية هو األسلوب الذي تتمناه‬ ‫املقاومة‪ ،‬وهو مقتل أي جيش‪ ،‬وقد جرب اجليش‬ ‫الصهيوني حظه في فلسطني‪ ،‬وهو يحتلها‪ ،‬وهي‬ ‫محاصرة من قبله حصارا ً محكماً‪ ،‬فهل استطاع‬ ‫بقتاله من بيت إلى بيت‪ ،‬أن يتخلص من املقاومة؟‬ ‫فما بالك بوضعه مع املقاومة اللبنانية اجملهزة‬

‫بأفضل التجهيز الضروري‪ ،‬والتي تعد عادة مسرح‬ ‫القتال بالشكل الذي يالئمها وال يالئم عدوها؟‬ ‫وحتى القوة العظمى فشلت في معارك كهذه‪،‬‬ ‫وما جتربة أميركا في فيتنام واالحتاد السوفياتي‬ ‫في أفغانستان إال الدليل الساطع على ذلك‪ .‬ثم‬ ‫إن وضع األميركيني وحلفائهم في العراق ينبئ مبا‬ ‫سيكون عليه الوضع في لبنان‪ ،‬علما ً بأن اخلسائر‬ ‫هنا ستكون هائلة قياسا ً عليها هناك‪.‬‬ ‫وعن التوقعات بحرب ستكون االعنف في‬ ‫املنطقة رد فياض‪“ :‬إن احلرب املتوقعة‪ ،‬عندما يقدر‬ ‫لها أن تنشب‪ ،‬ال شك ستكون األعنف‪ ،‬ألنها‪،‬‬ ‫بالنسبة إلى العدو‪ ،‬معركة حياة أو موت‪ ،‬وجود‬ ‫أو عدم‪ ،‬وهي بالنسبة إلى املقاومة الفرصة التي‬ ‫متكنها من االستبسال وممارسة كل الكفاءات‪.‬‬ ‫إال أننا‪ ،‬إذا درسنا وضع اجلندي الصهيوني‬ ‫ومعنوياته‪ ،‬جند انه لم يعد لديه احلافز الذي كان‬

‫يحدوه في العقود السابقة‪ ،‬إذ ال قضية له اليوم‪،‬‬ ‫كما كان لدى املهاجرين األوائل‪ ،‬وهذا أمر كشف‬ ‫عنه املناضل عزمي بشارة غير مرة‪ ...‬وعاجله‬ ‫السوسيولوجيون اجلدد في “إسرائيل” وعلى‬ ‫رأسهم يارون “إرزاحي”‪.‬‬ ‫ونحن نوافق على ذلك ونضيف انه ال يفتقد‬ ‫احلافز وحسب‪ ،‬بل يفتقد الصالبة وروح التضحية‪،‬‬ ‫وهو الذي يطمح إلى رغد العيش واحلياة على‬ ‫الطريقة األوروبية واالميركية‪ .‬ناهيك عن موقف‬ ‫العائالت الصهيونية من قتل أوالدها في احلروب‪.‬‬ ‫لهذا نعتقد أن احلرب احملتملة ستكون حاسمة‬ ‫جلهة هزمية العدو ويأسه من إمكانية النصر‪،‬‬ ‫ويأس “شعبه” من إمكانية االستمرار في هذه‬ ‫األرض‪ ،‬أما بالنسبة إلى املقاومة‪ ،‬فهي ستبقى‬ ‫كما أكدت ذلك كل جتارب الشعوب‪ ،‬وكذلك‬ ‫العقدين والنصف األخيرين في منطقتنا”‪.‬‬

‫استراتيجية دفاعية مقترحة من اللواء الركن المتقاعد الدكتور ياسين سويد‬ ‫يرى اللواء سويد أن العمود الفقري لوضع أية‬ ‫استراتيجية عسكرية‪ ،‬هجومية كانت أم دفاعية‪،‬‬ ‫هو اجليش‪ ،‬يعاونه اختصاصيون من مختلف مرافق‬ ‫الدولة وإداراتها‪ ،‬ومن الفئات الشعبية املقاومة‪ ،‬إن‬ ‫وجدت‪ ،‬سواء كانت االستراتيجية محدودة أو عامة‪،‬‬ ‫وفقا ً ألوضاع العدو الذي ترسم ملواجهته‪.‬‬ ‫وفي دراسة بعنوان “استراتيجية دفاعية مقترحة‬ ‫للبنان”‪ ،‬يشرح اللواء الركن املتقاعد د‪ .‬ياسني سويد‬ ‫العناصر التي يتطلبها وضع استراتيجية دفاعية‬ ‫للبنان كما يلي‪:‬‬

‫أوالَ‪ :‬معرفة العدو‬

‫(الذي هو إسرائيل)‪ ،‬وذلك يعني استخدام كل‬ ‫الوسائل املتاحة للتعرف إلى إمكاناته العسكرية‬ ‫وقدراته القتالية‪ ،‬مبا في ذلك‪ :‬عديد جيشه في‬ ‫حالتي السلم واحلرب‪ ،‬واألسلحة‪ ،‬ثم معرفة نياته‬ ‫ومخططاته اآلنية واملستقبلية‪ ،‬وعالقة هذه النيات‬ ‫بلبنان ومصيره‪ ،‬ثم التعمق في دراسة اجملتمع‬ ‫اإلسرائيلي واستعدادته النفسية للحرب والقتال‪.‬‬ ‫‪ -1‬القدرات العسكرية‪ :‬متتلك إسرائيل جيشا ً‬ ‫عد من أقوى جيوش منطقة الشرق األوسط عديدا ً‬ ‫يُ ّ‬ ‫وعدة وعتاداً‪ ،‬وهو مدعوم ومعزز من قوى خارجية‬ ‫كبيرة متده بكل ما يحتاج إليه للحفاظ على قوته‪.‬‬ ‫‪ -2‬النوايا واألطماع‪ :‬مخطئ من يظن أن إسرائيل‬ ‫ترغب‪ ،‬حقاً‪ ،‬بأن تعيش بني ظهرانينا بسالم وأمن‪ ،‬دون‬ ‫أن حتقق مشروعها األصلي “إسرائيل الكبرى”‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت هي‪ ،‬اليوم‪ ،‬في وضع “استراحة احملارب”‪ ،‬فذلك‬ ‫ألنها تعمل جاهدة للقضاء على أية مقاومة عربية‬ ‫حولها‪ ،‬وفي جوارها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اجملتمع اإلسرائيلي‪ :‬اجملتمع اإلسرائيلي مجتمع‬ ‫عسكري بامتياز‪ ،‬فاليهودي‪ ،‬ما إن يترك بلده األصلي‬ ‫ويصل إلى فلسطني احملتلة حتى تتلقفه الدولة‬ ‫العبرية وتعده لكي يكون مقاتال أوالً‪ ،‬وبعدها مواطناً‪،‬‬ ‫حتى بلغ عدد االحتياط اإلسرائيلي في العام ‪:2006‬‬

‫‪ 408‬آالف مواطن (من أصل ‪ 6,276,883‬ماليني نسمة‬ ‫هو عدد سكان إسرائيل)‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معرفة النفس‬

‫يتميز لبنان بأن ال أطماع لديه في أي شبر من‬ ‫أراضي الدول اجملاورة له‪ ،‬وأنه ينشد السالم واالطمئنان‬ ‫بعد حرب أهلية استمرت خمسة عشر عاماً‪ ،‬ودمرت‬ ‫معظم مرافق احلياة فيه‪ ،‬وكان يسعى جاهدا ً إلعادة‬ ‫بنائها مدماكا ً فوق مدماك‪ ،‬لوال أن داهمته األحداث‬ ‫املؤملة عام ‪ 2005‬وما تبعها من أحداث مؤملة كذلك‪.‬‬ ‫‪ - 1‬القدرات العسكرية‪ :‬كان اجليش اللبناني قبل‬ ‫احلرب األهلية التي اندلعت عام ‪ 1975‬واستمرت‬ ‫حتى اتفاق الطائف عام ‪ ،1989‬يختزن قوة معنوية‬ ‫عالية‪ ،‬وميتلك من السالح واالعتدة احلربية‪ ،‬ما أتاح‬ ‫له مقارعة اجليش اإلسرائيلي في معارك عديدة‪،‬‬ ‫لرد اعتداءاته املتكررة‪ ،‬وخصوصا في اعوام ‪1948‬‬ ‫(املالكية) ومعركة العرقوب االولى (في ايار ‪)1970‬‬ ‫ومعركة العرقوب الثانية (في شباط ‪ )1972‬ومعركة‬ ‫القطاع االوسط في اجلنوب (ايلول ‪ ،)1972‬إال ان احلرب‬ ‫االهلية في لبنان جعلت اجليش ينقسم على نفسه‬ ‫فيتقاتل إخوة السالح والدم بسالحهم نفسه‪ ،‬حتى‬

‫‪11‬‬

‫فني السالح‪ .‬واستعادت لبنان رونقه وصفاءه‪ ،‬بعد‬ ‫درس أليم يجب أال ينسى‪ ،‬إال أن اجليش لم يستعد‬ ‫قدراته بعد‪.‬‬ ‫‪ - 2‬النيات والطموحات‪ :‬لم يحمل لبنان في‬ ‫تاريخه‪ ،‬نيات عدوانية ضد جيرانه‪ ،‬باستثناء العدو‬ ‫الصهيوني الذي خاض لبنان ضده معارك عديدة‪،‬‬ ‫دفاعا عن احلق الفلسطيني املعتدى عليه اوال (عام‬ ‫‪ ،)1948‬ثم دفاعا عن حدوده أخيرا‪ ،‬ولم يكن لبنان‪ ،‬في‬ ‫تاريخه‪ ،‬طامعا بأي ارض سوى ارضه‪ ،‬بل هو طامح‬ ‫دوما ألن يحمي هذه االرض ويدافع عنها بالغالي‬ ‫وبالنفيس‪ .‬وبعكس اسرائيل‪ ،‬ال يستطيع لبنان‬ ‫أن يعتمد عسكريا ً على أية دولة عربية كانت أم‬ ‫أجنبية‪ ،‬لذا‪ ،‬فهو إن خاض احلرب ضد هذا العدو‪ ،‬فإمنا‬ ‫يخوضها وحده‪ ،‬دون أي سند‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اجملتمع اللبناني‪ :‬يبلغ عدد سكان لبنان‬ ‫حاليا ‪ 3٫826٫018‬ماليني نسمة (وفقا لنشرة امليزان‬ ‫العسكري للعام ‪ 2005‬ـ ‪ ،)2006‬موزعني طوائف‬ ‫ومذاهب‪ ،‬شركاء في “شركة طائفية مساهمة” لم‬ ‫ترق‪ ،‬بعد‪ ،‬الى مستوى الوطن‪ ،‬ولن تبلغه‪ ،‬ما دام في‬ ‫لبنان نظام طائفي ال يسعى الى االفضل‪ .‬ويصطف‬ ‫اللبنانيون في معسكرين متواجهني‪ :‬معسكر‬ ‫يقف الى جانب املقاومة‪ ،‬يدعمها ويصر على إبقاء‬ ‫سالحها حلماية كيان لبنان وأهله‪ ،‬وآخر يطالب بنزع‬ ‫سالحها باعتبار ان ال سالح يرتفع في لبنان غير سالح‬ ‫الشرعية‪ .‬يرى الفريق االول أن نزع سالح املقاومة هو‬ ‫تعرية للبنان من قوته احلقيقية التي حققت له‬ ‫وللعرب‪ ،‬أول انتصار على العدو الصهيوني‪ ،‬ويرى‬ ‫الفريق الثاني أن سالح املقاومة قد أدى قسطه‬ ‫للعلى‪ ،‬ولم يعد لبنان بحاجة اليه‪ ،‬خصوصا أنه‬ ‫انحرف أخيرا ً عن املسار الذي وجد ألجله‪ .‬وان اتفاق‬ ‫الهدنة مع العدو الصهيوني‪ ،‬مشفوعا بقوات دولية‪،‬‬ ‫وبضمانة من الدول الكبرى‪ ،‬كاف ملنع أي عدوان‬ ‫اسرائيلي‪ ،‬وأما ذريعة “مزارع شبعا وتالل كفرشوبا”‬ ‫فيمكن حلها بالطرق الدبلوماسية الدولية‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الغالف‬ ‫ثالثاً‪ :‬اجليش واملقاومة (مقارنة)‬

‫‪ :1‬في املرتكزات‪:‬‬

‫يرتكز اجليش‪ ،‬أي جيش‪ ،‬على ثالثة أقانيم‪:‬‬ ‫‪1‬ـ العقيدة القتالية وهي تنبثق من صلب‬ ‫االستراتيجية العسكرية التي تضعها الدولة‬ ‫وتعتمدها القيادة‪ ،‬هجوما ً أو دفاعا ً وترتبط ارتباطا ً‬ ‫وثيقا ً باالستراتيجية العامة للدولة‪.‬‬ ‫‪2‬ـ والقضية التي تدفع اجليش إلى احلرب هجوما ً‬ ‫أو دفاعاً‪ ،‬وهي إذ ترتبط باالستراتيجية العسكرية‬ ‫واالستراتيجية العامة للدولة‪ ،‬باعتبارها‪ ،‬أي القضية‪،‬‬ ‫الهدف األساسي للحرب تظل محصورة في حدود‬ ‫كونها “وطنية” حتى ولو جتاوزت احلرب حدود الوطن‬ ‫إلى غيره من الدول‪.‬‬ ‫‪3‬ـ والقيادة وهي على درجتني‪ :‬العسكرية التي‬ ‫تخضع وحدات اجليش لها‪ ،‬وتنفذ أوامرها “دون‬ ‫تذمر وال تردد” والوطنية التي تخضع لها القيادة‬ ‫العسكرية‪ ،‬صاحبة األمر املباشر على اجليش‪ ،‬وهي‬ ‫“الدولة” املتجسدة مبجلسي النواب والوزراء‪ ،‬والتي‬ ‫يعود إليها‪ ،‬وحدها (أي الدولة) قرار احلرب أو السلم‪.‬‬ ‫وترتكز املقاومة‪ ،‬أية مقاومة‪ ،‬كما اجليش على‬ ‫ثالثة أقانيم كذلك‪:‬‬ ‫‪1‬ـ العقيدة القتالية التي هي وطنية في أساسها‪،‬‬ ‫إال أنها تستلهم مبادئ املقاومات في التاريخ بحيث‬ ‫تشكل بحد ذاتها ثورة على النمط التقليدي للقتال‬ ‫لدى أي جيش نظامي‪ ،‬وهي غالبا ً ما تنتصر عليه‪.‬‬ ‫‪2‬ـ القضية التي هي في االساس وطنية كما لدى‬ ‫اجليوش النظامية اال انها اكتسبت لدى “املقاومة‬ ‫االسالمية” بعدا ً قوميا ً واضح املعالم في وقت‬ ‫تخلت معظم االنظمة العربية‪ ،‬وبالتالي جيوشها‪،‬‬ ‫عن قوميتها فأضحت القضية لدى هذه املقاومة أن‬ ‫إسرائيل “شر مطلق” وأن قتالها السترداد االراضي‬ ‫اللبنانية احملتلة (ورمبا فلسطني كلها)‪ ،‬وكذلك‬ ‫استرداد “القدس الشريفة” هو واجب أكثر من وطني‬ ‫وقومي بل هو ديني كذلك‪.‬‬ ‫‪3‬ـ القيادة‪ ،‬التي ال ترتبط اساسا ً بالدولة وال تنفذ‬ ‫أوامرها وتوجيهاتها كما اجليوش النظامية بل هي‬ ‫منبثقة من القاعدة الشعبية التي تشكل جمهور‬ ‫املقاومة من قادة ومقاتلني‪ ،‬على اختالف رتبهم‬ ‫ومواقعهم‪ ،‬ويتم االختيار بطرق دميوقراطية صرفة‬ ‫حتى اذا ما فشلت تلك القيادة مت استبدالها بالطرق‬ ‫الدميوقراطية كذلك وليس بالتعيني كما في اجليوش‬ ‫النظامية‪.‬‬ ‫‪ :2‬في االستراتيجية والتكتيك‪:‬‬ ‫وكما تختلف اجليوش النظامية عن املقاومة في‬ ‫مضمون االقانيم السالفة الذكر وجوهرها تختلف‬ ‫عنها كذلك في االستراتيجية والتكتيك‪.‬‬ ‫يختلف اجليش عن املقاومة في كل أطوار األداء‬ ‫العسكري في احلروب‪ :‬في االستراتيجيا حيث هي‬ ‫“فن استخدام القوى العسكرية لتحقيق االهداف‬ ‫السياسية” كما ع ّرفها كل من ليدل هارت واندريه‬ ‫بوفر وكالوز فيتز ورميون آرون (على وجه التقريب ودون‬ ‫الدخول في تقسيماتها املتشعبة عند تطبيقها)‬ ‫وفي التكتيك العمالني الذي هو “فن ترتيب اجليوش‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وإدارتها في املعركة” أو ما يسمى “باملناورة”‪ ،‬وال يلتقي‬ ‫اجليش مع املقاومة في أي منهما‪ :‬االستراتيجية‬ ‫والتكتيك‪.‬‬ ‫فعلى صعيد االستراتيجية‪:‬‬ ‫‪1‬ـ تهدف االستراتيجية العسكرية للجيش‬ ‫النظامي الى حتقيق االهداف االستراتيجية العامة‬ ‫احملددة من قبل الدولة‪ ،‬بحيث يشكل العمل‬ ‫العسكري‪ ،‬وفقا ً لذلك‪ ،‬تدرجا ً متصاعدا ً من‬ ‫املناورة (أو التكتيك) الى االستراتيجية العسكرية‪،‬‬ ‫فاالستراتيجية العليا أو الشاملة حيث يكون القرار‬ ‫السياسي للدولة‪ ،‬وهكذا فإن “التكتيك” املتبع‬ ‫من هذا اجليش يشكل تطبيقا ً “لالستراتيجية‬ ‫العسكرية” املعتمدة على املستوى ادنى‪ ،‬والتي‬ ‫تشكل بدورها تطبيقا ً لالستراتيجية “الشاملة‬ ‫أو العليا” التي هي تطبيق للقرار السياسي أو‬ ‫“للسياسة التي قررت احلرب”‪.‬‬ ‫‪2‬ـ تهدف استراتيجية املقاومة إلى منع العدو‬ ‫من حتقيق أهدافه مبختلف الوسائل املتاحة لديها‪،‬‬ ‫ثم على خذالنه ومنعه من االنتصار سواء مبنعه من‬ ‫التقدم من ارض الوطن أو من احتالل مواقع محددة‬ ‫فيها أو أنها متنعه من الثبات في تلك االرض ان هو‬ ‫متكن من التقدم او االحتالل‪ ،‬ومبا انها‪ ،‬أي املقاومة‪ ،‬ال‬ ‫متتلك االسلحة التي متتلكها اجليوش النظامية (من‬ ‫مدرعات ومدفعية وطائرات وما شابه) فإنها تعتمد‬ ‫االسلحة البسيطة والفعالة بشكل مينع العدو من‬ ‫االستفادة مبا لديه من اسلحة متفوقة لتحقيق تلك‬ ‫االهداف‪.‬‬ ‫وعلى صعيد التكتيك‪:‬‬ ‫‪1‬ـ يقاتل اجليش هجوما ً او دفاعا ً مبناورة وترتيب‬ ‫ظاهرين‪ ،‬فهو في الهجوم يتقدم على مسرح‬ ‫العمليات‪ ،‬ويناور بآلته العسكرية التي ال تخفى‬ ‫في معظم االحيان‪ ،‬على اخلصم الذي يستطيع‬ ‫اختيار مناورته للدفاع وفقا ًَ ملناورة خصمه املهاجم‪،‬‬ ‫ولو تقديراً‪ .‬وعندما ال تتساوى وسائل القتال (البرية‬ ‫والبحرية واجلوية) بني اخلصمني‪ :‬املهاجم واملدافع‪،‬‬ ‫يكون النصر عادة حليف االقوى في السالح واالبرع‬ ‫في املناورة‪ ،‬وتلك هي حال العدو االسرائيلي ولبنان‪.‬‬ ‫أما املقاومة فتعتمد تكتيكا ً مخالفا ً متاما ً لتكتيك‬ ‫اجليش النظامي‪ ،‬ويقوم على السرية والتخفي‬ ‫واملفاجأة ثم القتال وفقا ً للظروف‪ ،‬هجوما ً أو‬ ‫دفاعاً‪ ،‬وهي تقاتل ببسالة وشجاعة وإقدام حتى‬ ‫االستشهاد‪.‬‬ ‫‪2‬ـ ويقاتل اجليش ليحتل أهدافا ً محددة على االرض‬ ‫أو ليدافع عنها‪ ،‬لذا فهو يتخذ ترتيبات محددة في‬ ‫مواجهة اخلصم‪ ،‬وفقا ً لنوعية القتال واملناورة‪ ،‬أما‬ ‫املقاومة فتقاتل دفاعا ً عن شعب والتزاما ً بقضية‪،‬‬ ‫لذا فهي ال تواجه اخلصم‪ ،‬بل تفاجئه وال تبتعد عن‬ ‫الشعب بل تلتصق به ومتتزج فيه‪ .‬وكما أن للجيوش‬ ‫سننا ً في القتال ال تتقنها املقاومة‪ ،‬كذلك فإن‬ ‫للمقاومة سننا في القتال ال تتقنها اجليوش‪.‬‬ ‫‪3‬ـ تتقاتل اجليوش النظامية وجها ً لوجه‪ :‬دبابة‬ ‫في مواجهة دبابة ومدفع مقابل مدفع‪ ،‬وطائرة‬ ‫مقابل طائرة‪ ،‬أما في حروب العصابات التي تعتمدها‬ ‫املقاومة‪ ،‬فاجليوش النظامية تقاتل قوما ً يرونها وال‬

‫‪12‬‬

‫تراهم‪ ،‬ويفاجئونها وال تنتظرهم أو تتحسب لهم‬ ‫وذلك هو سر انتصارهم‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬احللول املفترضة‬

‫تتعدد احللول املطروحة ملعاجلة هذا الوضع‪،‬‬ ‫ونحصرها في ما يأتي‪:‬‬ ‫احلل األول‪ :‬اجليش هو القوة الوحيدة للدفاع عن‬ ‫لبنان‪ :‬رغم أن ذلك أمر بديهي ومرغوب‪ ،‬إال أنه يتعذر‬ ‫حتقيقه في لبنان لألسباب التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ان اجليش‪ ،‬بوضعه احلالي‪ ،‬وبسبب ما مر به‬ ‫من ظروف خالل احلرب االهلية‪ ،‬فقد معظم أسلحته‬ ‫وعتاده احلربي‪ ،‬ولم يستطع تعويضها وتعزيزها بعد‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إن الوضع املالي للدولة وما هي عليه من عجز‬ ‫ومديونية‪ ،‬مينعها من إعادة جتهيز اجليش مبا يحتاج‬ ‫إليه لتأمني حماية كافية للوطن‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ان الدول العربية والصديقة التي ترتع في‬ ‫بحبوحة من القدرات املالية ال تبدي أي استعداد ملد‬ ‫اجليش اللبناني بحاجاته الدفاعية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬لكي يتمكن اجليش اللبناني من الصمود‬ ‫أمام أي اعتداء إسرائيلي واسع النطاق على حدوده‪،‬‬ ‫ومدمر للبنى التحتية في مدنه وبلداته‪ ،‬أو لثكناته‬ ‫العسكرية املوزعة في كل أنحاء لبنان‪ ،‬عليه أن‬ ‫يقيم توازنا دقيقا بني قدراته الفعلية (بالسالح‬ ‫واملعدات والرجال) وقدرات هذا العدو (املتفوق في‬ ‫العديد والعدة والسالح)‪ ،‬وذلك أمر صعب املنال‪ ،‬بل‬ ‫مستحيل‪ ،‬لألسباب التي سبق أن ذكرنا‪.‬‬ ‫‪ - 5‬إن وضعا مماثال لوضع لبنان معروف ومج ّرب‬ ‫تاريخيا‪ ،‬حيث تواجه دولة صغيرة وضعيفة دولة‬ ‫قوية ومتفوقة عسكريا‪ ،‬بحيث ال تستطيع الدولة‬ ‫الضعيفة أن تصمد في وجه الدولة القوية املعادية‪،‬‬ ‫مما يجعلها تلجأ الى املقاومة الشعبية التي تساهم‬ ‫في صد العدوان بالتنسيق مع جيشها‪ ،‬وإال فإن‬ ‫الدولة الضعيفة لن تكون في مأمن من نيات العدو‬ ‫وأطماعه‪ ،‬وستظل في حالة من الرعب واخلوف ال‬ ‫تسمح لها بأن تطمئن وتستقر ويعيش شعبها‬ ‫حياة طبيعية‪.‬‬ ‫‪ - 6‬ومما هو شائع ومعروف أن الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫احلليف الثابت للكيان الصهيوني‪ ،‬التي تغدق على‬ ‫هذا الكيان املال والسالح بال حساب‪ ،‬جتهد في أن‬ ‫متنع عن لبنان‪ ،‬كما عن باقي الدول العربية التي لم‬ ‫تقم صلحا مع إسرائيل‪ ،‬أي سالح ميكن أن يطالها‬ ‫بأي ضرر‪ ،‬ويبدو أن االلتزام األميركي بحماية الكيان‬ ‫الصهيوني التزام مبدئي التزمت به كل احلكومات‬ ‫األميركية‪ ،‬منذ قيام الدولة العبرية‪ ،‬وليس ببعيد‬ ‫ذلك اليوم الذي أعلن فيه الرئيس األميركي احلالي‬ ‫جورج بوش‪ ،‬أنه ملتزم بحماية اسرائيل من أي هجوم‬ ‫يشن عليها‪ ،‬وذلك في معرض حديثه عن تخصيب‬ ‫ايران لليورانيوم وسعيها المتالك سالح نووي‪ ،‬كما‬ ‫تتصور االدارة االميركية‪ .‬ثم ان الكثيرين ال يزالون‬ ‫يذكرون ان الواليات املتحدة سعت‪ ،‬منذ سنوات‪ ،‬ألن‬ ‫متنع سوريا من احلصول على صفقة من صواريخ‬ ‫“سكود” كانت قد عزمت على شرائها من كوريا‬ ‫الشمالية‪ ،‬بينما متنح‪ ،‬هي ومثيالتها من دول الغرب‪،‬‬ ‫اسرائيل كل أنواع السالح‪ ،‬بثمن أو بال ثمن‪.‬‬


‫احلل الثاني‪ :‬املقاومة الشعبية هي القوة الوحيدة‬ ‫للدفاع عن لبنان‪،‬‬ ‫وهذا احلل مرفوض رفضا مطلقا‪ ،‬إذ ال ميكن دولة‪ ،‬اية‬ ‫دولة‪ ،‬مهما كانت ضعيفة‪ ،‬أن تلغي جيشها وتعتمد‬ ‫للدفاع عن كيانها وشعبها‪ ،‬املقاومة الشعبية‬ ‫فحسب‪ ،‬ذلك ان االصل في الدفاع عن أي وطن هو‬ ‫اجليش‪ ،‬فهو السياج الواقي لهذا الوطن واملدافع عن‬ ‫حياضه واحلامي حلدوده‪ ،‬وتظل املقاومة الشعبية‬ ‫رديفا ً له‪ ،‬مهما كانت قوتها‪ ،‬ويبقى على الدولة‬ ‫أن تعزز جيشها وتقويه بالسالح والعتاد والرجال‪،‬‬ ‫ليكون في مستوى املهمة‪ ،‬بالتنسيق والتعاون مع‬ ‫املقاومة الشعبية‪ ،‬فعندما يتعرض الوطن العتداء‬ ‫صده بقواه الذاتية‪.‬‬ ‫يصعب على اجليش ّ‬

‫احلل الثالث‪ :‬دمج املقاومة‬ ‫باجليش‬

‫وهو‪ ،‬في نظرنا‪ ،‬أسوأ احللول‪ ،‬ذلك أن هذا الدمج‬ ‫يحيل املقاومة الى جيش‪ ،‬ويختلف تكتيك املقاومة‬ ‫في القتال عن تكتيك اجليش‪ ،‬ألن املقاومة تقاتل‬ ‫مستترة واجليش يقاتل عالنية‪ ،‬مما يجعل من السهل‬ ‫على جيش عدو متميز بقوته أن يد ّمر جيشا ً ضعيفاً‪،‬‬ ‫لذا فهو يستطيع أن يد ّمر جيشنا الذي يفتقر‬ ‫الى السالح اجلوي والسالح املضاد للطائرات‪ ،‬أهم‬ ‫االسلحة املضادة للسالح الفاعل لدى هذا العدو‪،‬‬ ‫وهو الطيران‪.‬‬

‫احلل الرابع‪ :‬نزع سالح املقاومة‬ ‫واعتماد الهدنة مع العدو‬ ‫االسرائيلي‬

‫وهو ما ال ميكن القبول به على اإلطالق‪ ،‬ذلك أن‬ ‫االطمئنان الى عدو طامع وغادر‪ ،‬كالعدو االسرائيلي‪،‬‬ ‫أمر فيه الكثير من السذاجة‪ ،‬وقد سبق أن برهنا أن‬ ‫إلسرائيل أطماعا ً في أرض لبنان‪ ،‬وان الظروف العربية‬ ‫والدولية ال متنع اسرائيل‪ ،‬رمبا‪ ،‬من تنفيذ ما ترغب‬ ‫بتنفيذه من هذه االطماع‪ ،‬وان الركون الى هدنة مع‬ ‫هذا العدو كمن يضع رأسه في فم التنني أو كمن‬ ‫يس ّلم عنقه للجالد‪ ،‬ولدينا من الشواهد على الغدر‬ ‫اإلسرائيلي في زمن الهدنة‪ ،‬ما نعجز عن جمعه في‬ ‫صفحات معدودة‪ ،‬وكان ذلك في زمن كان العرب‪،‬‬ ‫ولبنان منهم‪ ،‬يشدون أزرهم بحليف قوي هو االحتاد‬ ‫السوفياتي‪ ،‬فكيف سيكون وضع الهدنة‪ ،‬اليوم‪،‬‬ ‫ولبنان يفتقر الى جيش قوي يستطيع الرد على أي‬ ‫اعتداء‪ ،‬والعرب أضحوا غريبني‪ ،‬متاما ً عن قضيتهم‬ ‫االساسية‪ ،‬قضية فلسطني‪ ،‬فمنهم من اعترف‬ ‫بالكيان الصهيوني صراحة وأقام معه عالقات‬ ‫دبلوماسية‪ ،‬ومنهم من اعترف به مداورة‪ ،‬رغم أنه‬ ‫لم يقم معه مثل هذه العالقات‪ ،‬ومنهم من يسعى‪،‬‬ ‫اليوم‪ ،‬جاهدا ً لالعتراف به والتصالح معه‪ ،‬والكل‬ ‫سادرون الهون عنه‪ ،‬بل يحذرون القيام بأي ممارسات‬ ‫ميكن أن جترهم الى نزاع معه‪.‬‬ ‫إن نزع سالح املقاومة واعتماد الهدنة مع العدو‬ ‫الصهيوني‪ ،‬في هذا الزمن العربي الرديء املتميز‬

‫بالتخاذل وروح االنهزام‪ ،‬دون أن يعمد لبنان الى تعزيز‬ ‫جيشه وتقويته وجتهيزه بالرجال والسالح والعتاد‪،‬‬ ‫عد جرمية بحق الوطن ال تغتفر‪.‬‬ ‫يُ ّ‬

‫احلل اخلامس (وهو احلل املقترح)‬

‫جيش قوي‪ ،‬بالتنسيق مع مقاومة وطنية قوية‪،‬‬ ‫وسلطة وطنية قوية‪.‬‬ ‫هذا هو احلل الطبيعي الذي يرضي اللبنانيني‬ ‫جميعاً‪ ،‬وهو يقوم على ثالثة أسس‪:‬‬ ‫األساس األول‪ :‬الدولة القوية والقادرة واملتحررة من‬ ‫كل ضغط أجنبي‪ ،‬اقليمي أو دولي‪ ،‬والتي تضع نصب‬ ‫عينيها ان أمن لبنان وأهله فوق كل اعتبار‪.‬‬ ‫واألساس الثاني‪ :‬اجليش الذي يجب أن يعزز ويق ّوى‬ ‫ويسلَّح بأحدث أنواع األسلحة وأكثرها كفاية لرد أي‬ ‫عدوان مسلح‪.‬‬ ‫واالساس الثالث‪ :‬مقاومة وطنية قوية ومتماسكة‬ ‫وقادرة على استيعاب كل لبناني راغب‪ ،‬حقاً‪ ،‬بالقتال‬ ‫ضد العدو الصهيوني‪ ،‬ومستعد لبذل الدم والنفس‬ ‫فداء للوطن‪ ،‬الى أي حزب او أية فئة او طائفة انتمى‪.‬‬ ‫وذلك يتطلب ما يأتي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ان تبدأ الدولة بالسعي لالنتقال من حال‬ ‫“الشراكة الطائفية” الى حال “الوطن” وذلك‬ ‫يتطلب‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ضبط التربية الوطنية في مختلف املدارس‬ ‫الرسمية واخلاصة‪ ،‬بحيث تفرض على هذه املدارس‬ ‫منهاجا ً موحداً‪ ،‬يتعلم فيه اجلميع العلم نفسه‬ ‫وينهلون من ثقافة واحدة ال ثقافات متعددة‪،‬‬ ‫وهو ما قصرت عنه الدولة منذ االستقالل‪ ،‬رغم‬ ‫انها اق ّرت‪ ،‬في ما بعد‪ ،‬الدستور املنبثق عن وثيقة‬ ‫الطائف (‪ )1990 - 1989‬حيث نص الدستور (في‬ ‫مادته اخلامسة والتسعني) على إنشاء هيئة “إللغاء‬ ‫الطائفية السياسية”‪ ،‬كما نص (في مادته الثانية‬ ‫والعشرين) على إنشاء “مجلس نيابي ال طائفي”‪،‬‬ ‫وتظل هذه اخلطوة أولى اخلطوات لالنتقال بلبنان‬ ‫من مفهوم “الشركة الطائفية” الى مفهوم الوطن؛‬ ‫باعتبار ان لبنان وطن اجلميع‪ ،‬متساوين متكافئني‪،‬‬ ‫دون متييز بني طائفة واخرى‪ ،‬وال شك في أن التربية‬ ‫الوطنية املوحدة البرامج تساهم في الوصول الى‬ ‫هذه االهداف الوطنية الكبرى‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬تعميم ثقافة املقاومة لدى جميع املواطنني‪،‬‬ ‫بحيث يقتنع اجلميع بأن الشعب‪ ،‬بكل أحزابه‬ ‫وفئاته وطوائفه‪ ،‬هو الرديف احلقيقي للجيش في‬ ‫حال االعتداء على لبنان‪ ،‬وان االنخراط في صفوف‬ ‫املقاومة ألداء هذا الواجب الوطني جزء من املهمة‬ ‫الوطنية اجلامعة‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬تعميم االقتناع بأن اسرائيل عد ّو حقيقي‬ ‫للبنان‪ ،‬وان االعداد ملواجهتها يتطلب إجماعا ً وطنيا ً‬ ‫مبنيا ً على اقتناعات ثابتة ال تقبل الشك وال التردد‬ ‫وال التكاذب‪ ،‬والسعي لتعميم هذا االقتناع مبختلف‬ ‫الوسائل التربوية والتثقيفية واالعالمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ - 2‬أن تبدأ الدولة بإعداد جيش قوي‪ ،‬عديدا وعدة‬ ‫وسالحاً‪ ،‬وذلك يتطلب‪:‬‬ ‫أ‪ -‬استكمال عديد اجليش‪ ،‬سواء من طريق التجنيد‬

‫‪13‬‬

‫االجباري‪ ،‬أو من طريق التطويع االختياري‪ ،‬ورصد املوازنات‬ ‫اخلاصة لذلك‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تعزيز اجليش مبختلف أنواع األسلحة البرية واجلوية‬ ‫والبحرية ومن مختلف املصادر‪ ،‬والسعي إلنشاء مصادر ذاتية‬ ‫لذخائر أي سالح ميتلكه هذا اجليش‪ ،‬كي ال تتحكم الدولة‬ ‫املصدرة للسالح بذخيرته وفقا ً ألغراضها السياسية‪ ،‬بحيث‬ ‫ّ‬ ‫ال يعود للسالح أية قيمة إن فقدت ذخيرته‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ترسيخ ثقافة املواجهة لدى العسكريني كافة‪ ،‬جنودا ً‬ ‫ورتباء وضباطاً‪ ،‬تدريبا ً وتوجيهات‪ ،‬بحيث يرسخ في أذهان‬ ‫العسكريني جميعاً‪ ،‬على اختالف رتبهم‪ ،‬أن اجليش ليس‬ ‫وسيلة ارتزاق بقدر ما هو دعوة ورسالة وأداء واجب وطني‬ ‫مق َّدس‪.‬‬ ‫د‪ -‬ترسيخ ثقافة املقاومة لدى العسكريني كافة‪ ،‬مما يؤمن‬ ‫تعاونا ً كامالً بني جناحي الدفاع‪ :‬اجليش واملقاومة‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬يضع اجليش‪ ،‬وفقا ً لالستراتيجية العامة للدولة‪،‬‬ ‫استراتيجية دفاعية‪ ،‬بالتنسيق مع املقاومة وبإشراف من‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬أن تتحول املقاومة في الشكل واملضمون من مقاومة‬ ‫فئوية أو مذهبية أو دينية (املقاومة االسالمية) الى مقاومة‬ ‫وطنية‪ ،‬وذلك يتطلب‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اقتناع املقاومة احلالية (املقاومة االسالمية) بهذا‬ ‫التح ّول اجلذري في بنيتها احلاضرة‪ ،‬بحيث تصبح مؤهلة‬ ‫لقبول اآلخر في صفوفها‪ ،‬مهما كان املعتقد الديني أو‬ ‫احلزبي لهذا اآلخر‪ ،‬اذا كان لبنانيا ً صادق الوطنية‪ ،‬وصادق‬ ‫االميان باالنتماء الى املقاومة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ويفترض هذا التحول للمقاومة‪ ،‬في الشكل‬ ‫واملضمون‪ ،‬تغييرا ً في “التشكيل الهرمي للمقاومة”‪ ،‬بحيث‬ ‫تقوم “قيادة جماعية” هي مزيج من لبنانيني مختلفي‬ ‫املذاهب والطوائف والعقائد (احلزبية)‪ ،‬شرط أن يكون‬ ‫املنتمي صادقا ً في انتمائه‪ ،‬ورمبا مي ِّثل حت ّول املقاومة هذا أول‬ ‫مدماك تضعه املقاومة في صرح لبنان اجلديد‪ :‬لبنان الوطن‬ ‫ال الشركة الطائفية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬تضع املقاومة لنفسها استراتيجية عمل‪ ،‬وفقا ً للعدو‪:‬‬ ‫نياته‪ ،‬وأسلوب عمله‪ ،‬وسالحه‪ ،‬واألهداف التي يتوخاها من‬ ‫أي اعتداء يفكر في القيام به‪ ،‬على أن تكون متالئمة مع‬ ‫االستراتيجية العامة للدولة‪ ،‬ومع االستراتيجية الدفاعية‬ ‫التي يضعها اجليش‪ ،‬على أن يظل قرار احلرب والسلم بيد‬ ‫الدولة دون سواها‪.‬‬ ‫د‪ -‬تلتقي االستراتيجيات الثالث‪ :‬االستراتيجية العامة‬ ‫للدولة واالستراتيجية الدفاعية للجيش‪ ،‬واستراتيجية‬ ‫العمل املقاوم‪ ،‬تلتقي جميعا ً في استراتيجية دفاعية عليا‬ ‫تقوم على التالي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬التنسيق والتكامل بني اجليش واملقاومة في أمور‬ ‫الدفاع‪ ،‬وبإشراف من الدولة نفسها‪ ،‬بحيث تشكل منظومة‬ ‫دفاعية هي عبارة عن هرم من ثالثة أركان‪ :‬الدولة واجليش‬ ‫واملقاومة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مع الكثير من حرية العمل لكل من اجليش‬ ‫واملقاومة‪ ،‬وفي أمور الدفاع نفسها‪ ،‬على ان ال يخرج ذلك‬ ‫عن االستراتيجية العامة للدولة‪.‬‬

‫‪ - 3‬تكون القيادة جماعية (على غرار قيادة الثورة اجلزائرية)‬ ‫تشترك فيها االركان الثالثة‪ ،‬على ان يكون للدولة القرار‬ ‫النهائي‪.‬‬

‫اعداد‪ :‬وعد ابوذياب‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫مقابلة‬ ‫إستغرب وصف البعض للعالقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا باالنتصار‬

‫األمين القطري لحزب البعث العربي اإلشتراكي د‪ .‬فايز شكر لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬

‫العدوان األميركي على سوريا حالة هيستيريا أصابت بوش‬ ‫خرجت العالقات السورية اللبنانية من نفق االزمة بعدما بقيت فيه ما يقارب الثالث‬ ‫سنوات رهينة التوتر السياسي الذي ألقى بظالله على كل الصعد احلياتية بني البلدين‪،‬‬ ‫وال سيما على العالقات االقتصادية واالجتماعية‪ .‬تب ّدد الغمامة السوداء التي لبّدت هذه‬ ‫العالقات أتى إثر قيام الرئيس ميشال سليمان بزيارة إلى سوريا في آب املاضي حيث اعلن‬ ‫عن نية إقامة عالقات دبلوماسية بني البلدين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لتشكل منعطفاً في تاريخ العالقات السورية اللبنانية‪،‬‬ ‫أٌق َّرت العالقات الدبلوماسية‬ ‫إذ إن الدولتني اجلارتني‪ ،‬لم تقم عالقات دبلوماسية بينهما منذ استقاللهما عن االنتداب‬ ‫الفرنسي‪.‬‬ ‫خروج العالقات من النفق ال يعني أن اجلدل حول الدور السوري في الساحة الداخلية‬ ‫اللبنانية قد انتهى‪ ،‬فاالنقسام حول هذا الدور مستمر‪ ،‬وكالعادة كل شيء في السياسة‬ ‫اللبنانية يذهب إلى العدادات ليدخل في لعبة تسجيل النقاط للخروج بجردة حساب‪.‬‬ ‫بحسب ع ّداد “األربعتعشيني” حقق لبنان انتصاراً كبيراً عبر إقرار هذا التبادل‬ ‫الدبلوماسي خالل زيارة الوزير صلوخ الى سوريا إذ اعتبروه انتصاراً خلط “ثورة االرز” التي‬ ‫أطلقوا شعارها عقب اغتيال الرئيس رفيق احلريري في شباط ‪.2005‬‬ ‫الفرحة لم تكتمل‪ ،‬فعدادهم عاد ليسجل تراجعاً عقب انتشار القوات السورية على‬ ‫احلدود اللبنانية السورية اذ توهموا ان لدى سوريا حنيناً للعودة الى لبنان وتكرار سنوات‬ ‫يصفونها “بسنوات االحتالل” ‪.‬‬ ‫ان موقف ‪ 14‬آذار قد ال يبقى ثابتاً‪ ،‬فاملصاحلات جتري على قدم وساق‪ ،‬لتبقى عيوننا‬ ‫مسمرة على أقطاب الفريقني بانتظار األيام القادمة‪ّ ،‬‬ ‫لعل من هاجم سوريا وصوّب سهام‬ ‫بتأن وروية‪ ،‬ويعتذر هؤالء من‬ ‫كالمه عليها عبر اتهامات وافتراءات‪ ،‬يعيد قراءة األمور ٍ‬ ‫اللبنانيني أوالً قبل سوريا اذ عاشوا سنني مريرة أقلقت خاللها الهواجس األمنية والهموم‬ ‫ً‬ ‫فاحتة صدرها لهم وفق األمني‬ ‫االقتصادية حياتهم‪ ،‬ويعودون الى سوريا التي كانت وال تزال‬ ‫القطري حلزب البعث العربي االشتراكي الوزير السابق د‪ .‬فايز شكر الذي حتدث في حوار‬ ‫لـ”منبر التوحيد” عن العدوان االميركي على منطقة “البوكمال” وانتشار القوات السورية‬ ‫األمني القطري حلزب البعث العربي اإلشتراكي‬ ‫على احلدود اللبنانية‪ ،‬والعالقات السورية اللبنانية واحلوار اللبناني‪ ،‬هذا نصه‪:‬‬

‫ال حرب شاملة‬ ‫هل تعتقد أ ّن الغارة التي ش ّنتها اإلدارة‬ ‫األميركية على سوريا‪ ،‬بداية لعمل عسكري‬ ‫ّ‬ ‫متوقع في املنطقة؟‬ ‫ال أعتقد أ ّن اإلدارة األميركية تسير في اجتاه أي‬ ‫عمل عسكري ضد سوريا‪ ،‬وإن كانت مواقفها‬ ‫معروفة جتاه هذا البلد الذي أفشل مخططاتها‪،‬‬ ‫بل العكس فإ ّن أعماال ً جبانة كهذه تدل على‬ ‫حالة “هستيريا” أصابت الرئيس بوش الذي‬ ‫يتخ ّبط في قرارات عشوائية أ ّدت بالدولة‬ ‫العظمى إلى احلضيض‪ ،‬بسبب السياسة‬ ‫الهوجاء املتّبعة التي تدل أيضا ً على إفالس‬ ‫كما حصل في تداعيات األزمة االقتصادية‬ ‫واملالية التي سب ّبتها اإلدارة األميركية‪ .‬والعدوان‬ ‫اجلبان على منطقة “البوكمال” فضح سياسة‬ ‫عما‬ ‫الغطرسة هذه‪ ،‬على أمل “غض النظر” ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫س ّببته األزمة املالية خصوصا ً في دول اخلليج‬ ‫في عملية إلهاء فاشلة حشرت بوش أمام‬ ‫الرأي العام العاملي‪ ،‬حيث الكل يعرف هذا اجملرم‬ ‫صاحب السجل الدموي هو ونائبه “ديك تشيني”‬ ‫وأركان إدارتهما الصهيونية واملعروفني بعدائهم‬ ‫للعرب‪.‬‬ ‫لكن كثر الذين يتخوفون من الشهرين‬ ‫املقبلني اذ يتوقعون ان تشن خاللها الواليات‬ ‫املتحدة حرباً على ايران؟‬ ‫أنا ال أتو ّقع أي حرب شاملة على سوريا أو ايران‪،‬‬ ‫بسبب املتغيرات العاملية واملأزق الذي وقعت فيه‬ ‫إدارة بوش في أكثر من دولة ومنطقة‪ .‬وما يحصل‬ ‫في العراق من عمليات قتل وتدبير ومجازر‬ ‫أوقعت بوش في شر أعماله ومخططاته من‬ ‫“الشرق األوسط اجلديد”‪ ،‬إلى احلرب على اإلرهاب‬ ‫الذي يُصنع في مطابخ الكونغرس وكواليس‬ ‫كل‪ ،‬إن انتفاضة‬ ‫اخملابرات التابعة ألميركا‪ .‬على ٍ‬

‫‪14‬‬

‫الشعوب الت ّواقة إلى احلرية في وجه االحتالل‬ ‫كما هو حاصل في العراق وفلسطني ولبنان‬ ‫ضد أميركا واسرائيل خير دليل على الواقع الذي‬ ‫تتخ ّبط به هاتان الدولتان‪ ،‬وسوريا أو إيران لن‬ ‫تكونا لقمة سائغة أمام أي عدوان‪ ،‬ولو كانت‬ ‫الواليات املتحدة قادرة على ذلك ملا انتظرت هذا‬ ‫والتوسعات‬ ‫األمر حتى اآلن‪ ،‬فـ”شهية” املطامع‬ ‫ّ‬ ‫ال حدود لها في السياسة األميركية‪.‬‬ ‫ما الرسالة التي يحملها هذا العدوان؟‬ ‫حالة التخ ّبط التي وقعت فيها أميركا في‬ ‫كثير من امللفات والقضايا‪ ،‬من العراق إلى‬ ‫فلسطني إلى لبنان وأفغانستان وغيرها‪ ،‬والفشل‬ ‫الذريع ملشروع الشرق األوسط اجلديد أو الكبير‪،‬‬ ‫واملوقف الصلب لسوريا في مواجهتها للحصار‬ ‫والتضييق الذي فرضته اإلدارة األميركية عليها‬ ‫أرادت من وراء ذلك إيصال رسالة بشعة ارتكبتها‬ ‫قوات االحتالل عمدا ً في قرية السكرية‪ ،‬إحدى‬


‫ضواحي البوكمال احلدودية‪ ،‬وفي اعتقادها أ ّن‬ ‫هذه اجلرمية اإلرهابية سوف متر مرور الكرام‪،‬‬ ‫والهدف إطالة أمد االحتالل لتسويق االتفاقية‬ ‫األمنية مع العراق‪ ،‬بحجة أنها قوة حماية ودعم‬ ‫ترد “األطماع” عن العراق الشقيق‪ .‬وأيضا ً إليهام‬ ‫البعض بأن اليد “احلديدية” لبوش ال تزال قادرة‬ ‫على ضرب أية سيادة‪ ،‬وتفعل ما تشاء دون أن‬ ‫تلقى أي رد جدي أو مواجهة عسكرية كما‬ ‫تريدها واشنطن‪.‬‬

‫ضبط احلدود‬ ‫للحد من التهريب والفلتان‬ ‫ما سبب االنتشار السوري على احلدود‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وملاذا ص ّنفه البعض كتطبيق‬ ‫للقرار ‪1701‬؟‬ ‫االنتشار العسكري السوري موجود ضمن‬ ‫األراضي السورية‪ ،‬وهذا شأن داخلي ترتئيه‬ ‫تخصها‪ ،‬مثل وقف‬ ‫القيادة العسكرية ألمور‬ ‫ّ‬ ‫عمليات التهريب احلاصلة من اجلانب اللبناني‪،‬‬ ‫حيث الكل يعرف الفروقات الشاسعة في أسعار‬ ‫الكثير من املواد والسلع احلياتية واخلدماتية‪ .‬عدا‬ ‫صح القول من اجلانب‬ ‫أ ّن هناك حالة فلتان إذا ّ‬ ‫اللبناني لبعض اجملموعات املتطرفة التي تتخذ‬ ‫من الدين ستارا ً لها‪ ،‬بينما هدفها األساسي‬ ‫القيام بعمليات إرهابية خدمة لواشنطن وتل‬ ‫أبيب وبعض الدول التي حتب أن يُطلق عليها‬ ‫صفة “االعتدال” وغيرها‪.‬‬ ‫كل جميع هذه املؤامرات قد كشفت‪،‬‬ ‫على ٍ‬ ‫وضبط احلدود الذي قامت به السلطات السورية‬ ‫من جانبها ف ّوت الفرصة على الكثير من عمليات‬ ‫اإلرهاب والتخريب‪ ،‬خصوصا ً أ ّن هناك ثغرات في‬ ‫املراقبة من اجلانب اللبناني‪.‬‬ ‫واألجهزة األمنية في سوريا ألقت القبض‬ ‫على مجموعات تخريبية عديدة واشتبكت مع‬ ‫بعضها‪ ،‬وقد تناول اإلعالم هذا األمر‪ ،‬فليس لدى‬ ‫دمشق أي شيء تخفيه حول هذا املوضوع‪.‬‬ ‫اذا ً ملاذا مت تصنيفه في هذا االطار؟‬ ‫عند كل إجراء تتخذه سوريا حلماية مصاحلها‬ ‫كما حتمي مصالح لبنان‪ ،‬فإن أصواتا ً موتورة لها‬ ‫غايات وأهداف مشبوهة ومعروفة جتاهر علنا ً‬ ‫بالعمل للمشروع األميركي في لبنان واملنطقة‪،‬‬ ‫وتعمد إلى نشر األكاذيب خدمة ألسيادهم‪،‬‬ ‫تار ًة حتت ذريعة السيادة واالستقالل‪ ،‬وتار ًة أخرى‬ ‫حتت حجة القرارات الدولية‪ .‬فباألمس كانوا‬ ‫يطالبون بضبط احلدود السورية مع لبنان منعا ً‬ ‫للتهريب واحلد من الفلتان احلاصل للمجموعات‬ ‫اإلرهابية التي مت ّولها بعض األطراف في لبنان‬ ‫وهذا ليس سراً‪ ،‬وعند إجراء املقتضى‪ ،‬فإن ما‬ ‫سمي باالنتشار العسكري ص ّور وكأنه مقدمة‬ ‫ّ‬ ‫لعملية اجتياح ودخول آخر إلى لبنان‪ ،‬واجلميع‬ ‫يعرف مدى األذى والضرر الذي حلق بسوريا‬ ‫وآخرها عملية التفجير اجملرمة التي جرت على‬

‫العماد عون سيستقبل بالترحاب والتقدير في سوريا نتيجة‬ ‫ملواقفه املشرفة في سبيل لبنان وشعبه‬ ‫لقاء نصر اهلل – احلريري محطة سياسية ونوعية في اطار املساعي‬ ‫الهادفة الى توسيع مساحات احلوار‬ ‫حتصني البلد لن يتم اال من خالل احلوار‬ ‫ندعو إلى أوسع مشاركة ممكنة في احلوار‪ ،‬فوجود شخصيات‬ ‫وطنية مشهود لها بالكفاءة واجلرأة مثل الرئيس عمر كرامي‬ ‫ورئيس تيار املردة سليمان فرجنية يعطي زخماً له‬ ‫طريق مطار دمشق وذهب ضحيتها العديد من‬ ‫الضحايا واملدنيني األبرياء‪.‬‬

‫االحترام املتبادل‬ ‫هو السمة بني لبنان وسوريا‬ ‫إذا كانت قوى ‪ 14‬آذار رأت في إقامة العالقات‬ ‫الدبلوماسية بني لبنان وسوريا انتصارا ً للتيار‬ ‫االستقاللي ماذا ترى املعارضة في إقامة هذه‬ ‫العالقات؟‬ ‫إن سوريا أول من سعت الى إقامة العالقات‬ ‫الدبلوماسية بني البلدين الشقيقني‪ ،‬والرئيس‬ ‫د‪ .‬بشار األسد تناول هذا املوضوع في أكثر من‬ ‫شدد في مناسبات عديدة‬ ‫حديث وموقف‪ ،‬بل ّ‬ ‫على سيادة لبنان واستقالله‪ ،‬بالرغم من االحتالل‬

‫‪15‬‬

‫الصهيوني اجلاثم على أرضه‪ ،‬ومزارع شبعا وتالل‬ ‫كفرشوبا ال يزاالن حتت الهيمنة االسرائيلية‪،‬‬ ‫عدا أطماع العدو في املياه اللبنانية‪.‬‬ ‫إن سوريا لم تقف وال مرة ضد إرادة الشعب‬ ‫اللبناني‪ ،‬بل العكس هي بذلت التضحيات‬ ‫اجلسام في لبنان من أجل وقف نزيف احلرب‬ ‫األهلية ومشروع الفنت وإعادة اللحمة إلى اجليش‬ ‫اللبناني الوطني‪ ،‬واجلميع يعرف ما حتملته دمشق‬ ‫إزاء هذا الواجب القومي‪ ،‬واملستغرب أن يصف‬ ‫البعض العالقات الدبلوماسية بأنها انتصار‬ ‫بني بلدين أخوين وينسى األطماع الصهيونية‬ ‫ومآسي ما يرتكبه العدو في احتالله قسما ً من‬ ‫أراضي لبنان‪.‬‬ ‫بعد سنني من العالقات املميزة اتسمت‬ ‫بطابع التنسيق والتعاون‪ ،‬تلبدت سماء هذه‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫مقابلة‬ ‫العالقات بأزمة سياسية نشأت على أثر‬ ‫اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ .‬كيف ستكون‬ ‫العالقة في الفترة املقبلة بني البلدين‬ ‫الشقيقني؟‬ ‫طوال الفترة املاضية وصوال ً للحاضر‪ ،‬سعت‬ ‫سوريا دائما ً إلى إرساء أفضل العالقات بني‬ ‫البلدين الشقيقني‪ ،‬وتكلمنا في السؤال السابق‬ ‫عن التضحيات التي تكبدها اجليش العربي‬ ‫السوري في سبيل وقف نزيف احلرب االهلية‬ ‫التي رسمت من قبل أميركا وإسرائيل لتفتيت‬ ‫هذا البلد وشرذمته‪ ،‬مثل باقي اخملططات‬ ‫التآمرية على املنطقة واغتيال الرئيس رفيق‬ ‫احلريري أتى ضمن هذا السياق بعد فشل كل‬ ‫احملاوالت التي فرضتها واشنطن إلخضاع سوريا‬ ‫ملا يرسم ملنطقة “الشرق األوسط اجلديد‬ ‫والكبير”‪ ،‬والهدف من عملية االغتيال التي حتمل‬ ‫البصمات االميركية والصهيونية بامتياز لم يعد‬ ‫خافيا ً على أحد‪ ،‬وسياسة احلصار واالبتزاز التي‬ ‫تعرضت لها سوريا كانت ضمن مالمح اخملطط‬ ‫التآمري املعروف‪ ،‬وفي اعتقادهم أن احملكمة‬ ‫الدولية والتسريبات املوهومة التي تطلق بني‬ ‫فترة وأخرى على أمل تليني املوقف السوري‬ ‫الصلب جتاه هذه املؤامرة واألزمة السياسية‬ ‫املفتعلة لدى بعض االطراف والقوى اللبنانية‬ ‫املنضوية ضمن املشروع االميركي واملراهنة على‬ ‫تعط أي نتيجة‪ .‬فالرأي‬ ‫“اجلبروت االعظم” لم‬ ‫ِ‬ ‫العام أصبح يعرف من اغتال الرئيس احلريري‬ ‫واالهداف املرجوة من وراء مقتله وأولها انسحاب‬ ‫سوريا من لبنان‪ ،‬وهي أعلنت عن هذا االمر قبل‬ ‫وقوع عملية االغتيال بشهور عدة‪.‬‬ ‫اآلن بعد وضوح اخملطط املرسوم للمنطقة‬ ‫ومن ضمنها لبنان على اساس انه الساحة‬ ‫االضعف‪ ،‬نعتبر ان ما حصل من تشنجات‬ ‫في هذه العالقة غيمة صيف عابرة‪ ،‬فال غنى‬ ‫للبنان عن سوريا وكذلك االمر بالنسبة لسوريا‪،‬‬ ‫فالعالقة التاريخية واجلغرافية التي جتمع‬ ‫الشعبني لن تؤثر فيها ال الضغوطات اخلارجية‬ ‫وال محاوالت االبتزاز والهيمنة‪ ،‬وكل القضايا‬ ‫وضعت على سكة املعاجلة على مستوى‬ ‫الهيئات املعنية في كال البلدين‪.‬‬ ‫االحترام املتبادل هو السمة بني لبنان وسوريا‬ ‫بحيث ال يكون لبنان ممرا ً وطريقا ً للمؤامرات على‬ ‫سوريا كما حصل سابقاً‪ ،‬ومواقف وتصريحات‬ ‫الكثير من األطراف اللبنانية أساءت الى العالقة‬ ‫بني البلدين نتيجة للمراهنة على اخلارج‪،‬‬ ‫والتواطؤ مع أعداء لبنان‪ .‬ونحن لسنا في وارد‬ ‫نكء اجلراح بل عمدنا كمعارضة وطنية إلى طي‬ ‫صفحة املاضي واالرتقاء الى أفضل العالقات مع‬ ‫سوريا التي ال تريد سوى اخلير لهذا البلد‪ ،‬وأمتنى‬ ‫أن تصفو النفوس لدى بعض املشككني وأن‬ ‫تسمو العالقات دائما ً نحو االفضل‪.‬‬ ‫ماذا سيكون مصير معاهدة التعاون‬ ‫والتنسيق واجمللس األعلى السوري اللبناني‬ ‫بعد قرار إنشاء العالقات الدبلوماسية؟‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ال أعتقد أ ّن اإلدارة األميركية تسير‬ ‫في اجتاه أي عمل عسكري ضد سوريا‬ ‫سوريا أو إيران لن تكونا لقمة سائغة أمام أي عدوان‬ ‫الهدف من العدوان االميركي على سوريا إطالة أمد االحتالل‬ ‫لتسويق االتفاقية األمنية مع العراق‬ ‫اتفاقية أو معاهدة التعاون والتنسيق واجمللس‬ ‫األعلى السوري اللبناني أمر تقرره الدولتان‬ ‫عبر املؤسسات الدستورية في لبنان وسوريا‪،‬‬ ‫خصوصا ً بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان‬ ‫واملواقف الطيبة التي أطلقها والتي ستكون‬ ‫في مصلحة البلدين تفاهما ً وتعاونا ً ملا فيه خير‬ ‫الشعبني الشقيقني‪ .‬وبتقديري أن اجمللس االعلى‬ ‫اللبناني السوري هو هيئة تشبه اللجنة االردنية‬ ‫السورية وتشبه مجلس التعاون اخلليجي فال‬ ‫ضير أن يكون اجمللس االعلى مثل مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي أو اللجنة االردنية السورية‪.‬‬

‫ابواب سوريا‬ ‫مفتوحة للجميع‬ ‫تعيش سوريا حالة انفتاح على العالم‪.‬‬ ‫هل هذا االنفتاح سينعكس على عالقتها مع‬ ‫حلفاء قدامى‪ ،‬أعلنوا العداء لها في السنوات‬ ‫الثالث السابقة؟‬ ‫َ‬ ‫تعط هذه املواقف أي اهتمام ألنها‬ ‫لم‬

‫‪16‬‬

‫باطلة في األساس وال صحة لها‪ ،‬وكلها مبنية‬ ‫نتيجة إلمالءات اخلارج‪ .‬وسوريا اآلن وفي املاضي‬ ‫فتحت صدرها للجميع وهي ترحب بكل القوى‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ولم تقف وال مرة امام هذه الترهات‬ ‫والتجنيات وان كانت مواقف البعض حملت‬ ‫افتراءات وأكاذيب أصابت سوريا بالصميم‪ ،‬ال‬ ‫سيما بعدما نسي البعض كم حتملت وضحت‬ ‫سوريا في سبيل احلفاظ على وحدة ومصير‬ ‫لبنان‪ .‬الرئيس د‪ .‬بشار االسد وكبار املسؤولني‬ ‫أعلنوا أن أبواب سوريا مفتوحة للجميع‪ ،‬وهي‬ ‫ترحب بأي زائر عربي‪ ،‬وال ضغينة أو ن ّية عدائية‬ ‫تكنها ألي شخص‪ ،‬اللهم سوى من تعامل‬ ‫وارمتى في االحضان اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫ اعلن اجلنرال عون انه تلقى دعوة لزيارة‬‫دمشق متى ستكون هذه الزيارة؟‬ ‫هذا األمر يعود للعماد ميشال عون‪ ،‬ونحن‬ ‫ال نسمح النفسنا بأن نتدخل في شؤون احد‪.‬‬ ‫فالعماد عون عندما يريد زيارة دمشق فإنه يزور‬ ‫بلده الثاني‪ ،‬وسوف يستقبل بالترحاب والتقدير‬ ‫نتيجة ملواقفه املشرفة في سبيل لبنان‬ ‫وشعبه‪.‬‬


‫حتصني البلد عبر احلوار‬ ‫ ما رأيكم بلقاء نصر اهلل ـ احلريري؟‬‫ال شك في ان اللقاء الذي حصل بني السيد‬ ‫حسن نصر اهلل والنائب سعد احلريري شكل‬ ‫محطة سياسية ونوعية في اطار املساعي‬ ‫الهادفة الى توسيع مساحات احلوار‪ ،‬وصوال ً‬ ‫الى حتقيق املصاحلة بني جميع اللبنانيني‪.‬‬ ‫وهذه اخلطوة االيجابية تأتي بعد اتفاق الدوحة‬ ‫وانتخاب الرئيس ميشال سليمان وتشكيل‬ ‫احلكومة اجلديدة وإقرار القانون االنتخابي‪.‬‬ ‫ال شك في أن سقف التفاهم والتوافق هو‬ ‫الذي سيسود في نهاية االمر‪ ،‬عكس أمنيات‬ ‫الصائدين في املياه العكرة‪ ،‬فتحصني البلد لن‬ ‫يتم اال من خالل احلوار‪ ،‬حتى ال سمح اهلل في حال‬ ‫وقوع أي خالف سياسي‪ ،‬فإن الضرورة تقتضي‬ ‫تنظيم هذا اخلالف في الرؤية السياسية بعيدا ً‬ ‫عن األبعاد الطائفية أو املذهبية حتى نفوت‬ ‫الفرصة على أعداء لبنان‪ .‬وفي رأيي انه مبجرد‬ ‫انعقاد هذا اللقاء‪ ،‬وفي بداية الدقائق االولى‬ ‫سادت أجواء الصراحة والتفاهم‪ ،‬وهذا ما سوف‬ ‫ينعكس على مستوى الشارع اللبناني وحركة‬ ‫املصاحلات االخرى‪ ،‬وانطالقة اجلولة الثانية من‬ ‫مؤمتر احلوار الوطني‪ .‬كما قلت ال بد من إزالة‬ ‫اخلالفات بني اللبنانيني وطي صفحة املاضي‬ ‫البغيض واالليم الذي يتحمل مسؤوليته بعض‬ ‫املتشنجني واملعرقلني ألي تفاهمات داخلية‬ ‫حتصن الوطن وتبعد عنه أخطار اخلارج ومطامعه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سياستنا ومواقفنا واضحة ومعروفة ونحن في‬ ‫حزب البعث العربي االشتراكي في لبنان ندعو‬ ‫دائما ً الى الوحدة والوفاق والتفاهم بني جميع‬ ‫شرائح اجملتمع اللبناني‪ ،‬ونأمل أن يتخلى البعض‬ ‫عن مراهناته ويذهب الى املصاحلة بعيدا ً عن‬ ‫وضع العراقيل والعصي في الدواليب ألنه في‬ ‫نهاية االمر سيكون اخلاسر الوحيد‪ ،‬كما خسر‬ ‫في رهاناته السابقة عندما اعتمد على الدعم‬ ‫االسرائيلي إبان االجتياح واالحتالل‪.‬‬ ‫ما هو موقفكم من توسيع طاولة احلوار؟‬ ‫هذا املوضوع تط ّرق إليه رئيس اجلمهورية‬ ‫العماد ميشال سليمان ويعاجله بعيدا ً عن‬ ‫النظريات السياسية‪ ،‬وهو يدرس إمكانية‬ ‫توسيع طاولة احلوار عبر ضم بعض القوى‬ ‫اللبنانية التي تفيد عملية احلوار‪.‬‬ ‫بدورنا نحن ندعو إلى أوسع مشاركة‬ ‫ممكنة في احلوار‪ ،‬ووجود شخصيات وطنية‬ ‫مشهود لها بالكفاءة واجلرأة مثل الرئيس‬ ‫عمر كرامي ورئيس تيار املردة سليمان فرجنية‬ ‫يعطي زخما ً لهذا احلوار ويساعد على بلورة‬ ‫آلية سياسية تفيد الوطن وتلملم جراح‬ ‫سنني احلرب‪.‬‬ ‫هل لكم رؤية معينة حول االستراتيجية‬ ‫الدفاعية؟‬ ‫أمر االستراتيجية الدفاعية متروك لطاولة‬ ‫احلوار الوطني‪ ،‬وقد وضعت اخلطوط العريضة‬

‫عمدنا كمعارضة وطنية إلى طي صفحة املاضي واالرتقاء‬ ‫الى أفضل العالقات مع سوريا التي ال تريد سوى اخلير لهذا البلد‬ ‫ال ضير أن يكون اجمللس االعلى مثل مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫أو اللجنة االردنية السورية‬ ‫سوريا ترحب بأي زائر عربي‪ ،‬وال ضغينة أو نيّة عدائية‬ ‫تكنها ألي شخص‪ ،‬اللهم سوى من تعامل‬ ‫وارمتى في االحضان اإلسرائيلية‬ ‫لهذه االستراتيجية في مؤمتر احلوار الوطني‬ ‫األول‪ ،‬وكان التفاهم على انها شأن داخلي‬ ‫يبحث ضمن عملية التكامل بني اجليش اللبناني‬ ‫واملقاومة الوطنية لدرء األخطار عن لبنان من‬ ‫قبل العدو اإلسرائيلي وغيره‪.‬‬

‫اإلنتخابات‬ ‫استحقاق وطني‬ ‫ّ‬ ‫خص‬ ‫ماذا عن االنتخابات النيابية في ما‬ ‫احلزب‪ ،‬من حيث الدوائر واملرشحون؟‬ ‫إن االنتخابات النيابية استحقاق وطني مهم‬ ‫في حياة لبنان السياسية‪ ،‬خاصة بعد اخملاض‬ ‫الكبير الذي تعرض له لبنان جراء العدوان‬ ‫اإلسرائيلي في متوز‪ ،‬وكانت النتيجة هي الهزمية‬ ‫املدوية للكيان الغاصب وآللته العسكرية‬ ‫ظن العالم ومنهم قسم من العرب أن‬ ‫التي ّ‬

‫‪17‬‬

‫هذه الدولة ال تهزم‪ ،‬واعتمدوا سياسة وثقافة‬ ‫أن اسرائيل دولة عظمى بقوتها العسكرية‬ ‫وبالدعم املباشر من أميركا‪ .‬فبعد متوز خلقت‬ ‫وتعممت على مستوى كبير‬ ‫ثقافة املقاومة‬ ‫ّ‬ ‫وأضحت هي النبراس واإللهام لكل املواطنني‬ ‫املؤمنني بلبنان املقاوم الذي هزم اسرائيل‬ ‫وآليتها العسكرية وأميركا ومشاريعها‬ ‫الهدامة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لذا نحن كحزب في لبنان جزء من املشروع‬ ‫الوطني املقاوم وعليه سنخوض االنتخابات‬ ‫النيابية في كل من اجلنوب‪ ،‬دائرة حاصبيا ـ‬ ‫مرجعيون ـ البقاع الغربي ـ طرابلس وعكار‪.‬‬ ‫من ناحية املبدأ‪ ،‬قررت القيادة القطرية ترشيح‬ ‫األمني القطري في بعلبك الهرمل‪ ،‬وعضو‬ ‫القيادة النائب قاسم هاشم في دائرة مرجعيون‬ ‫ـ حاصبيا‪ ،‬وباقي الدوائر رهن بالتحالفات التي‬ ‫ستحصل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬وعد ابوذياب‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫أسس لخاليا في لبنان‪ ،‬ونقل معركته من العراق إليه‬ ‫تنظيم “القاعدة” ّ‬

‫القوات السورية تح ّركت على الحدود‬ ‫لحماية داخلها من مؤامرات ضدها‬ ‫بعدما خرجت القوات السورية من لبنان‬ ‫في ‪ 26‬نيسان ‪ ،2005‬وبقرار من الرئيس بشار‬ ‫األسد اتخذه في ‪ 5‬آذار من ذلك العام‪ ،‬وأقره‬ ‫اجمللس األعلى اللبناني ـ السوري الذي جمع كالً‬ ‫من رئيسي البلدين األسد وإميل حلود ورئيسي‬ ‫احلكومة محمد ناجي العطري وعمر كرامي‪،‬‬ ‫ورئيسي مجلس الشعب السوري محمود‬ ‫األبرش ومجلس النواب اللبناني نبيه بري‪ ،‬ذهب‬ ‫موفد األمم املتحدة لتطبيق القرار ‪ 1559‬تيري‬ ‫رود الرسن إلى دمشق ليبحث مع املسؤولني‬ ‫السوريني‪ ،‬بعد تطبيق الشق املتعلق بانسحاب‬ ‫القوات السورية في القرار‪ ،‬املساعدة في تنفيذ‬ ‫ما بقي من بنود‪ ،‬ال سيما املتصل منه بسالح‬ ‫امليلشيات‪ ،‬فردت القيادة السورية عليه بأن‬ ‫ذلك يتطلب إرسال ‪ 60‬ألف جندي سوري على‬ ‫األقل للقيام بهذه املهمة‪ ،‬فاستغرب الرسن‬ ‫اجلواب‪ ،‬وخرج من لقاءاته صامتا ً ونادما ً على‬ ‫تلك اللحظة التي عمل فيها على إصدار القرار‬ ‫‪ 1559‬عن مجلس األمن‪ ،‬الذي لن ينفذ في ما‬ ‫يتعلق بسالح “حزب اهلل”‪ ،‬وهو املقصود من كل‬ ‫القرار‪ ،‬ألن أسهل شيء فيه هو تطبيقه جلهة‬ ‫انسحاب اجليش السوري‪ ،‬وهذا ما قاله الرئيس‬ ‫األسد للموفدين الدوليني‪.‬‬ ‫وسوريا رفضت كل الضغوط عليها من أجل‬ ‫نزع سالح املقاومة في لبنان‪ ،‬أو وقف دعمها‬ ‫السياسي حلركة “حماس” واحتضانها لها‬ ‫وملنظمات فلسطينية مقاومة أخرى‪ ،‬أو الوقوف‬ ‫ضد املقاومة في العراق‪ ،‬وهي لم تستجب لكل‬ ‫الشروط واملطالب األميركية‪ ،‬ال سيما تلك‬ ‫التي حملها إليها وزير الدفاع كولن باول‪ ،‬بعد‬ ‫االحتالل األميركي للعراق في أيار ‪ ،2003‬للتصدي‬ ‫للمقاومة العراقية‪ ،‬وطرد “حماس” من سوريا‪،‬‬ ‫وإقفال احلدود أمام تدفق السالح “حلزب اهلل”‪،‬‬ ‫واستمر “الكباش األميركي ـ السوري” سنتني‪،‬‬ ‫ولم تغير سوريا سلوكها في دعم املقاومة‪،‬‬ ‫وجاءها مساعد وزير اخلارجية األميركية ريتشارد‬ ‫أرميتاج في كانون الثاني ‪ ،2005‬وقبل اغتيال‬ ‫الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬وحاول مقايضة القيادة‬ ‫السورية ببقاء قواتها في لبنان‪ ،‬مقابل تنفيذ‬ ‫الشروط األميركية بتحول سوريا إلى “دولة غير‬ ‫داعمة لإلرهاب” باملفهوم األميركي‪ ،‬وللمقاومة‬ ‫باملفهوم الوطني والقومي‪ ،‬إال أن سوريا لم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫امين الظواهري‪ :‬لبنان ارض جهاد “لتنظيم القاعدة”‬ ‫ترضخ لهذا االبتزاز‪ ،‬فكانت جرمية مقتل احلريري‪،‬‬ ‫وما تبعها من حتركات كانت معدة سلفا ً وحتت‬ ‫اسم “ثورة األرز”‪ ،‬التي رفعت فورا ً شعارات تتهم‬ ‫النظام األمني اللبناني ـ السوري املشترك‬ ‫بتدبير احلادثة‪ ،‬وتطالب بسحب القوات السورية‪،‬‬ ‫فتلقت سوريا الرسالة فوراً‪ ،‬وبعد أسبوعني صدر‬ ‫قرار الرئيس األسد باالنسحاب‪ ،‬وكان مفاجئا ً‬ ‫لإلدارة األميركية التي كانت حتاول أن تساوم على‬ ‫الوجود السوري في لبنان مقابل حفظ جنودها‬ ‫في العراق‪ ،‬لكنها جوبهت بالرفض‪ ،‬واستُخدم‬ ‫التحقيق الدولي باغتيال احلريري ضد القيادة‬ ‫السورية وجرى تسييسه‪ ،‬وصدرت قرارات عن‬ ‫مجلس األمن الدولي حتاصر سوريا سياسيا ً‬ ‫ودبلوماسيا ً ومالياً‪ ،‬لكنها صمدت في وجه كل‬ ‫الضغوطات‪ ،‬إلى أن حصل العدوان اإلسرائيلي‬ ‫في صيف ‪ 2006‬على لبنان‪ ،‬وصمدت فيه املقاومة‬ ‫وأفشلت مخطط العدو وهزمته وانتصرت عليه‪،‬‬ ‫وبدأ العد العكسي لسقوط املشروع األميركي‬ ‫“للشرق األوسط اجلديد” في املنطقة‪ ،‬الذي كان‬ ‫سيبنى ويقوم على دماء اللبنانيني‪.‬‬ ‫فالبند الثاني من القرار ‪ 1559‬املتعلق بسالح‬ ‫املقاومة الذي يصفها بامليلشيات لم تتمكن‬ ‫إسرائيل من تنفيذه باحلديد والنار‪ ،‬فانقلبت‬

‫‪18‬‬

‫موازين القوى لبنانياً‪ ،‬وباتت املعارضة في موقع‬ ‫الهجوم‪ ،‬ولم يعد أمامها سوى اإلمساك بالقرار‬ ‫من داخل احلكومة عبر الثلث الضامن‪ ،‬بعدما‬ ‫تبني لها تواطؤ قوى ‪ 14‬شباط مع اخملططني‬ ‫واملنفذين للعدوان من أميركيني وأوروبيني‬ ‫وإسرائيليني و”عرب اعتدال”‪.‬‬ ‫وهكذا بدأ العد العكسي في لبنان‪ ،‬وأثبتت‬ ‫املقاومة جدواها ولم يعد أحد يتنكر لها‪ ،‬لكن‬ ‫ُوضع في مواجهتها التحريض املذهبي‪ ،‬واستنفار‬ ‫احلالة املذهبية‪ ،‬وإيقاظ احلالة األصولية‪،‬‬ ‫واستُفيد من حترك املعارضة واعتصامها قرب‬ ‫مقر رئيس احلكومة (السرايا) في ساحة رياض‬ ‫الصلح‪ ،‬في أول كانون األول ‪ ،2006‬فجرى تصوير‬ ‫الوضع وكأنه احتالل شيعي لبيروت السنية‪،‬‬ ‫ألن “حزب اهلل” وحركة “أمل” كانا ميثالن ثقالً‬ ‫في املعارضة التي كانت تضم كل الطوائف‬ ‫واملذاهب واألحزاب مبختلف تالوينها السياسية‪،‬‬ ‫وحضر مفتي اجلمهورية الشيخ محمد رشيد‬ ‫قباني إلى السرايا للدفاع عن رئيس احلكومة‬ ‫السني‪ ،‬وعن املوقع السني في السلطة‪ ،‬واتصل‬ ‫العاهل السعودي امللك عبد اهلل بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫محذرا ً من سقوط احلكومة بيد “حزب اهلل”‬ ‫وبالتالي هيمنة إيران وسوريا على لبنان‪ ،‬أو فرض‬


‫سيطرة شيعية على العاصمة‪ ،‬ووضع كل ثقله‬ ‫لتأمني دعم بقاء السنيورة واستمراره‪ ،‬فرسمت‬ ‫خطوط حمراء أمام املعارضة عربيا ً وإقليميا ً‬ ‫ودوليا ً كي ال تقتحم السرايا‪ ،‬وبقي االعتصام‬ ‫سلميا ً عاما ً ونصف عام إلى أن حسمت أحداث‬ ‫‪ 7‬أيار املاضي الوضع عسكرياً‪ ،‬وخضعت األكثرية‬ ‫ملطالب املعارضة في اتفاق الدوحة‪.‬‬ ‫وفي ظل هذه األجواء املذهبية‪ ،‬حضرت‬ ‫األصولية‪ ،‬وظهر تنظيم “القاعدة” في لبنان‪ ،‬بعد‬ ‫عدوان متوز ملقاتلة “القوات الدولية”‪ ،‬وحتويل لبنان‬ ‫إلى “أرض جهاد” لطرد “القوات الصليبية” كما‬ ‫يسميها‪ ،‬ألنها تقف حائالً دون مقاتلة اليهود‬ ‫والوصول إلى فلسطني‪ ،‬وكان الفتا ً الرسالة‬ ‫التي أعلنها الرجل الثاني في “القاعدة” أمين‬ ‫الظواهري بهذا اخلصوص‪ ،‬حيث تزامنت إذاعتها‪،‬‬ ‫مع اإلعالن عن وجود حركة “فتح اإلسالم” التي‬ ‫يترأسها شاكر العبسي الذي كان في حركة‬ ‫“فتح ـ االنتفاضة”‪ ،‬في مخيمي برج البراجنة‬ ‫وشاتيال القريبني من الضاحية اجلنوبية حيث‬ ‫مقر قيادة املقاومة‪ .‬وهذه اجملموعة التي تسللت‬ ‫إلى لبنان‪ ،‬رفعت شعارات متعددة أبرزها‪ :‬قتال‬ ‫الشيعة (الرافضة) وهو ما كان يفعله أبو‬ ‫مصعب الزرقاوي في العراق‪ ،‬ويقال إن العبسي‬ ‫عمل معه وكان من مساعديه‪ ،‬إلى مواجهة‬ ‫القوات الصليبية‪ ،‬إلى مقاتلة إسرائيل والتوجه‬ ‫نحو فلسطني من جنوب لبنان‪.‬‬ ‫وكانت املرة األولى التي يظهر فيها تنظيم‬ ‫“القاعدة” بهذا الشكل العلني‪ ،‬بعدما اتخذ له‬ ‫أسماء فصائل متعددة مثل “عصبة األنصار”‬ ‫“وجند الشام” في مخيم عني احللوة‪ ،‬إلى‬ ‫“جماعة التكفير والهجرة” التي قاتلت اجليش‬ ‫في جرود الضنية مطلع عام ‪ ،2000‬إلى مجموعة‬ ‫“مجدل عنجر”‪ ،‬وكل هذه اجلماعات كانت‬ ‫ترسل مقاتلني إلى العراق‪ ،‬ومنهم من قاتل في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬حيث كشفت التحقيقات األمنية‬ ‫والقضائية اللبنانية‪ ،‬عن انتماء أعضائها إلى‬ ‫الفكر اإلسالمي املتطرف الذي يدعو إلى اجلهاد‬ ‫بوسائل عسكرية وعنفية‪.‬‬ ‫وحاولت قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬ال سيما “تيار‬ ‫املستقبل”‪ ،‬االستفادة من هذه اجلماعات‬ ‫األصولية املتطرفة لتهدد بها “حزب اهلل”‪ ،‬وأن‬ ‫لدى السنّة قوة قادرة أن حتافظ على وجودها‬ ‫وحتميها من خطر “التشيع” ومن إقامة ما‬ ‫يسمى بـ”الهالل الشيعي” كما أعلن امللك‬ ‫األردني عبد اهلل الثاني‪ ،‬أو كما أشار الرئيس‬ ‫املصري حسني مبارك إلى أن انتماء الشيعة‬ ‫ليس ألوطانهم‪ ،‬وكان يقصد أن والءهم هو إليران‪،‬‬ ‫صاحبة “املشروع االمبراطوري الفارسي” الذي‬ ‫مي ّثل خطرا ً على العرب‪ ،‬وكانت أميركا حت ّرض‬ ‫عليه بعض الدول العربية وحتديدا ً اخلليجية‬ ‫منها‪ ،‬وكانت تلقى لها الصدى في لبنان‪ ،‬من‬ ‫خالل ترديد جماعات ‪ 14‬شباط‪ ،‬مقولة “اخلطر‬ ‫اإليراني واملشروع الفارسي للمنطقة”‪ ،‬وبدأ‬

‫القوات الدولية‪ :‬استهدفها تنظيم القاعدة‬ ‫حتويل الصراع من عربي ـ إسرائيلي إلى عربي‬ ‫ـ إيراني (فارسي) وبتمويل خليجي‪ ،‬وحتديدا ً‬ ‫سعودي‪ ،‬ودعم أميركي‪.‬‬ ‫إال أن نتائج هذه التعبئة السياسية واملذهبية‬ ‫ارتدت على أصحابها‪ ،‬فتح ّول لبنان إلى أرض‬ ‫خصبة لنمو الفكر األصولي اإلسالمي‪ ،‬وإلى‬ ‫بروز تنظيمات سلفية تدين بالوالء “للقاعدة”‬ ‫التي قررت نقل املعركة من العراق ودول أخرى‬ ‫إلى لبنان خصوصا ً وبالد الشام عموماً‪ ،‬بعدما‬ ‫بدأ التضييق عليها في بالد الرافدين‪ ،‬وتشديد‬ ‫سوريا الرقابة على حدودها مع العراق‪ ،‬وبدأ نقل‬ ‫“اجملاهدين” إلى اخمليمات الفلسطينية وبعض‬ ‫املناطق السنية‪ ،‬وبغض نظر بعض األجهزة‬

‫األمنية اللبنانية الرسمية‪ ،‬إذ حتدثت التقارير‬ ‫عن دعم سعودي لوصول “اإلسالميني املتطرفني”‬ ‫ملواجهة “حزب اهلل”‪ ،‬حيث تبني أن هناك عددا ً‬ ‫ال بأس به منهم يحمل اجلنسية السعودية‪،‬‬ ‫إضافة إلى جنسيات عربية وأجنبية‪.‬‬ ‫وبالرغم من نفي حكومة السنيورة السابقة‬ ‫وقوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬وجود “القاعدة” في لبنان‬ ‫وحتويله إلى “أرض جهاد”‪ ،‬وربط االغتياالت‬ ‫والتفجيرات بسوريا وجهازها اخملابراتي بالتعاون‬ ‫مع أطراف سياسية وحزبية لبنانية‪ ،‬إال أن الدول‬ ‫األوروبية أدركت خطورة الوضع في لبنان بعدما‬ ‫استهدف تفجير “القوات اإلسبانية” العاملة في‬ ‫الطوارئ الدولية في سهل اخليام وأدى إلى مقتل‬

‫فريق ‪ 14‬شباط‬ ‫انكشف أمام المجتمع الدولي‬ ‫بتغطيته للتطرف‬ ‫في معركته الداخلية‬ ‫‪19‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫سبعة من جنودها‪ ،‬وإلقاء القبض على اجملرمني‪،‬‬ ‫وبينت التحقيقات عن ارتباطهم “بالقاعدة”‪ ،‬مما‬ ‫عزز لديهم احلذر والقلق على وجود قواتهم في‬ ‫اجلنوب بعدما استهدفتها أربعة انفجارات‪ ،‬كما‬ ‫زاد من خوفهم ما حصل في مخيم نهر البارد‬ ‫من معارك بني اجليش “وفتح اإلسالم”‪ ،‬استمرت‬ ‫ثالثة أشهر سقط فيها للجيش ‪ 170‬شهيدا ً‬ ‫بني ضابط وجندي‪ ،‬وما رافق ذلك من تداعيات‬ ‫متثلت باغتيال مدير العمليات في اجليش اللواء‬ ‫فرنسوا احلاج‪ ،‬ثم أحد ضباط فرع املعلومات في‬ ‫قوى األمن الداخلي البارزين النقيب وسام عيد‪،‬‬ ‫واستهداف باصني للجيش في طرابلس خالل‬ ‫شهر بعبوتني سقط فيهما أكثر من ‪ 20‬شهيدا ً‬ ‫وعشرات اجلرحى‪ .‬كل هذه التطورات واحلوادث‬ ‫األمنية‪ ،‬فتحت األعني األوروبية أمام ما يحصل‬ ‫في لبنان ومتركز القاعدة فيه‪ ،‬وأن فريق ‪ 14‬شباط‬ ‫كان ميد حلفاءه الغربيني مبعلومات خاطئة من‬ ‫أن سوريا هي وراء التخريب األمني‪ ،‬دون ذكر‬ ‫للتنظيمات األصولية التي اعتقلت األجهزة‬ ‫األمنية العشرات منها‪ ،‬واعترفوا أمام القضاء‬ ‫مبسؤوليتهم عن بعض االغتياالت والتفجيرات‪.‬‬ ‫لذلك توجهت األنظار إلى سوريا للوقوف‬ ‫منها على حقيقة ما يجري في لبنان كما في‬ ‫املنطقة كلها‪ ،‬وهذا ما أكد عليه تقرير جلنة‬ ‫بايكر هاميلتون‪ ،‬الذي طالب اإلدارة األميركية‬ ‫باحلوار مع سوريا وإيران‪ ،‬وكذلك فعل أيضا ً‬ ‫خمسة وزراء خارجية مارسوا مهامهم في‬ ‫إدارات أميركية دميوقراطية وجمهورية‪ ،‬توصلوا‬ ‫إلى استنتاج أن ال استقرار في املنطقة من‬ ‫دون املرور بسوريا‪ ،‬التي ساهمت في تقدمي كل‬ ‫التسهيالت حلل األزمة اللبنانية واستعادة‬ ‫املؤسسات الدستورية دورها وتعزيز دور اجليش‬ ‫اللبناني‪ ،‬وهو ما انتهى إليه اتفاق الدوحة الذي‬ ‫حظي بتأييد عربي وإقليمي ودولي‪.‬‬ ‫فسوريا أظهرت من خالل سلوكها أنها مع‬ ‫وحدة لبنان وسلمه األهلي‪ ،‬وأن من يتهمها‬ ‫بأنها تدعم “اإلرهاب” كان خاطئاً‪ ،‬ألنها هي من‬ ‫تعرض لهذا “اإلرهاب” الذي وصل إليها‪ ،‬وتصاعد‬ ‫بد من أن تتحرك للتصدي‬ ‫هذا العام‪ ،‬فكان ال ّ‬ ‫له‪ ،‬وهو ما كان مدار بحث بني الرئيسني اللبناني‬ ‫والسوري في أول قمة عقدت بينهما في ‪ 13‬آب‬ ‫املاضي بعد انتخاب العماد ميشال سليمان‬ ‫رئيسا ً للجمهورية‪ ،‬الذي تلقى دعما ً قويا ً‬ ‫من الرئيس األسد لتعزيز اجليش في الشمال‬ ‫ملواجهة خطر األصولية اإلسالمية التي ح ّولت‬ ‫هذه املنطقة إلى مواقع متقدمة لتنطلق منها‬ ‫عمليات إجرامية في لبنان وسوريا‪ ،‬التي تعرضت‬ ‫إلى تفجير في أحد أحياء عاصمتها‪ ،‬تبني أن‬ ‫وراءه “جماعة تكفيرية”‪ ،‬وهو ما عزز التعاون‬ ‫الدولي مع سوريا ملواجهة اإلرهاب‪ ،‬الذي كانت‬ ‫متهمة بأنها تدعمه‪ ،‬وأكدت الوقائع أنها أول‬ ‫من واجهته في الثمانينيات‪ ،‬عندما كان مدعوما ً‬ ‫من الغرب وبعض الدول العربية‪ ،‬وطرح الرئيس‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مخيم نهر البارد‪ :‬معاركه كشفت عن منو االصولية‬ ‫حافظ األسد في حينه‪ ،‬فكرة عقد مؤمتر دولي‬ ‫لتحديد اإلرهاب ومتييزه عن املقاومة التي كانت‬ ‫تدعمها سوريا في مواجهة االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫في لبنان وتقاتل اإلرهاب الذي جاءت حوادث ‪11‬‬ ‫أيلول في الواليات املتحدة لتؤكد صحة ما‬ ‫تطرحه سوريا التي تعاونت مع اجملتمع الدولي‬ ‫في مالحقة خاليا إرهابية نائمة وغير نائمة‪،‬‬ ‫وهو ما أكد على دورها في محاربة “اإلرهاب”‬ ‫ال دعمه كما تزعم واشنطن وبعض حلفائها‪،‬‬ ‫وبدأ األوروبيون يتطلعون بثقة إلى سوريا التي‬ ‫أظهرت املمارسات أن سلوكها كان صحيحاً‪ ،‬وأن‬ ‫على الدول األخرى أن تغير من سلوكها جتاهها‪،‬‬ ‫وأن من دعمتهم أميركا كفريق في لبنان‪ ،‬عزز‬ ‫وجود التنظيمات األصولية ورعايته لها‪ ،‬وهذا‬ ‫مي ّثل خطرا ً على وجود القوات الدولية‪ ،‬كما على‬ ‫احلضور الغربي في لبنان‪ ،‬حيث تأكد للعواصم‬ ‫األوروبية من خالل التقارير التي تلقتها من‬ ‫بعثاتها عن وجود كثيف خلاليا القاعدة يقدر‬ ‫بحوالى ‪ 4500‬عنصر‪ ،‬وقد يحول لبنان إلى عراق‬ ‫جديد أي يدخله في “العرقنة”‪.‬‬ ‫لذلك حتركت سوريا لتعزيز وجودها العسكري‬ ‫واألمني على احلدود من أجل منع التهريب وتسلل‬ ‫عناصر معادية‪ ،‬وقامت بهذه اخلطوة بالتنسيق‬ ‫مع اجليش اللبناني الذي أعلن عبر بيان له‪ ،‬عن‬ ‫تبلغه رسميا ً من سوريا عن الغاية من حتريك‬ ‫قواتها‪ ،‬إال أن فريق ‪ 14‬شباط أراد استغالل هذا‬ ‫املوضوع وإثارته دولياً‪ ،‬على أنه محاولة سورية‬ ‫للدخول من جديد إلى لبنان‪ ،‬وهذا ما نفاه أكثر‬ ‫من مسؤول سوري‪ ،‬ال سيما االتصال الذي جرى بني‬

‫‪20‬‬

‫الرئيسني األسد وسليمان وجرى خالله التأكيد‬ ‫على أنه ليس بوارد سوريا عودة قواتها إلى لبنان‬ ‫وأن ال مصلحة لها بذلك‪ ،‬وهي تريد حماية أمنها‬ ‫القومي‪ ،‬ألن هناك دوال ً قررت محاربتها من لبنان‬ ‫وزعزعة االستقرار فيها والضغط على احلكم‬ ‫داخلها‪ ،‬وأن املسؤولني السوريني يتحدثون بشكل‬ ‫صريح عن دور سعودي يقوم به رئيس مجلس‬ ‫األمن الوطني بندر بن سلطان‪ ،‬بالتعاون مع “تيار‬ ‫املستقبل” في لبنان‪ ،‬ومعارضني سوريني‪ ،‬لزعزعة‬ ‫األمن في سوريا‪.‬‬ ‫من هنا فإن سوريا لن تكرر خطأ صدام حسني‬ ‫عندما دخل إلى الكويت بالعودة إلى لبنان‪،‬‬ ‫ووضعها في مواجهة الطائفة السنية في‬ ‫الشمال‪ ،‬لينعكس ذلك عليها في الداخل‪ ،‬وإن‬ ‫القيادة السورية صاحبة حكمة‪ ،‬وتدرس األمور‬ ‫بعناية وتقرأ التطورات العربية واإلقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬وإن قرار دخولها إلى لبنان حملاربة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬لن يكون إال قرارا ً عربيا ً ودولياً‪ ،‬لعدم‬ ‫جرها إلى املستنقع اللبناني‪ ،‬وهي التي خرجت‬ ‫منه بقرار ذاتي اتخذه الرئيس األسد عندما شعر‬ ‫بأن هناك من يريد توريطه في لبنان‪ ،‬وهو لن‬ ‫يفعل ذلك أو ينج ّر إليه‪ ،‬وأن من شجع على قيام‬ ‫التنظيمات األصولية وحمايتها وشحنها فكريا ً‬ ‫ومالياً‪ ،‬عليه أن يقاومها‪ ،‬أما إذا ظن البعض أن‬ ‫القوات السورية تعود إلى لبنان‪ ،‬من أجل نزع‬ ‫سالح املقاومة فهو مخطئ كما يقول مسؤول‬ ‫سوري رفيع‪ ،‬ويشير إلى أنه لو أرادت سوريا أن‬ ‫تقوم بذلك لفعلت ولم تخرج من لبنان‪.‬‬

‫انطوان خيراهلل‬


‫الخالص‬ ‫بانتماء المواطنية ‪2/2‬‬

‫نتابع في سياق بحث جذور األزمة اللبنانية ونعيد القول إنه إذا‬ ‫تطلعنا بعمق إلى جذور األزمات املتتالية على لبنان منذ إنشائه كيانا ً‬ ‫بقوة االنتداب ومعادلة توافق الطوائف على أرضه‪ ،‬وما أكثرها اليوم‪ ،‬نرى‬ ‫أن اخلروج عن املفهوم املبدئي لبناء املواطنية االجتماعية‪ ،‬هو السبب‬ ‫األساس في ما نحن فيه‪ ،‬ونلمس اإلجابة الواضحة عن السؤال البديهي‪:‬‬ ‫ما الذي جلب على لبنان هذا الويل؟‬ ‫وإذا شئنا أن نعدل في حكم الطوائف اللبنانية‪ ،‬أي أن متارس مرجعيات‬ ‫الطوائف مفهومها اخلاص للمواطنية االجتماعية‪ ،‬املستمد من نظرتها‬ ‫اإلميانية للوطن واإلنسان والقابضة على مصير أتباعها‪ ،‬بحكم اإلرادة‬ ‫“املستمدة من اهلل”‪ ،‬حسب ادعاءاتها‪ ،‬لوجب علينا أن نقيم لكل طائفة‬ ‫دولة مستقلة بكل مؤسساتها التعليمية واالستشفائية واملالية‬ ‫وغيرها‪ ،‬أليس هذا ما هو حاصل وإن باخلفاء ضمن دويالت الطوائف‪ ،‬التي‬ ‫باتت تؤلف داخل الوطن الواحد فدرالية متالصقة‪ ،‬واحدة بجانب األخرى‪،‬‬ ‫وتدعي أنها تبني وطنا ً تنادي باستقالله وسيادته وحريته؟‬ ‫هنا مكمن اخللل في مفهوم املواطنية االجتماعية‪ ،‬وهو أن الوالء‬ ‫في فدراليات الطوائف‪ ،‬وخاصة في لبنان‪ ،‬هو للمرجعيات الدينية‬ ‫واملذهبية وليس للوطن‪ ،‬وما دام األمر بهذا التفسير املغلوط للمواطنية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فلن يقوم للبنان قائمة كدولة لها مفاهيمها االجتماعية‬ ‫واإلنسانية املنبثقة من الفرد الفاعل في بوتقة أشمل لتؤلف مجتمعا ً‬ ‫مبنيا ً على املعرفة‪ ،‬ألنها أساس القوة املنبعثة من االنصهار الوطني لكل‬ ‫الطوائف واملذهبيات‪.‬‬ ‫إن تعدد الطوائف في لبنان‪ ،‬إذا كان لهذا التعدد دور إرشادي رسولي‬ ‫إمياني‪ ،‬يكون إغنا ًء للمواطنية االجتماعية ألنه يصب في تهذيب النفس‬ ‫واحترام اآلخر وينادي باحلياة املشتركة‪ ،‬ويكون الوطن الواحد هو احلاضن‬ ‫القوي لكل تالوين الشعب وشرائحه وطوائفه ومذهبياته‪ ،‬وهو املتحدر‬ ‫من أصول إميانية تنادي بتوحيد التوجه الغيبي كل حسب معتقده‪ ،‬ال أن‬ ‫يستمر التجاذب والتناحر بني طوائفه‪ ،‬محاولة خلق وطن لكل طائفة‬ ‫حتت ستار العيش املشترك‪ ،‬حتى إذا ق ّلت موارد العيش‪ ،‬أضرمت النار في‬ ‫مفاصل هذا الكيان واحتدم الصراع على السلطة‪ ،‬فتكثر جراحه بكثرة‬ ‫عدد طوائفه وتزداد الفرقة بني أبنائه ومكوناته االجتماعية املتعددة‪ ،‬وتقام‬ ‫املؤمترات واللقاءات بقصد إنقاذ الوطن حسب تعبيرهم‪ ،‬وهم مسؤولون‬ ‫عن احلالة التي آلت إليها هذه الفسيفساء الطائفية التي من املمكن‬ ‫أن تتالصق لتؤلف مجموعة طوائف‪ ،‬وال ميكن أن تتحد مطلقا ً لتؤلف‬ ‫وطنا ً حقيقيا ً مبنيا ً على وحدة اجملتمع وعلى مفاهيم حقيقية بعيدة عن‬

‫التخفي وراء املرجعيات الطائفية التي ال ميكن أن تكون عنصرا ً مساهما ً‬ ‫حقيقيا ً في بناء األوطان‪.‬‬ ‫لبنان بحاجة إلى مؤمتر تقر فيه هويته العربية نهائياًَ‪ ،‬مهما كثرت‬ ‫طوائفه أو ق ّلت‪ ،‬مؤمتر يستعيد أصالته وحقيقة وجوده التاريخية‬ ‫واجلغرافية‪ ،‬مؤمتر يحدد مبا ال يقبل التأويل أو التعليل العد ّو من الصديق‪،‬‬ ‫هذا العد ّو املت ّوثب دوما ً لالعتداء على سمائه وأرضه ومياهه وقتل أبنائه‬ ‫دون محاسبة مما يسمى باجملتمع الدولي‪ ،‬عدو غرس كجسم غريب نافر ال‬ ‫تربطه مبحيطه أية صلة ثقافية أو اجتماعية أو إميانية‪ ،‬بخالف الصديق أو‬ ‫األصدقاء الذين قدموا ويقدمون املساعدة لشعبنا في كل ضائقة مير بها‬ ‫أو في أي محنة يتعرض لها‪ ،‬والشواهد واألمثلة كثيرة ملن يقر باملعروف‬ ‫وحقوق اجليرة احلسنة التي تصل حتى األخوة احلقيقية‪ ،‬ال ادعا ًء وال تبجحا ً‬ ‫وال زجراً‪ .‬مؤمتر يرفض التوطني للفلسطينيني ويطالب بحق عودتهم إلى‬ ‫ديارهم وأهلهم وقراهم‪ ،‬مؤمتر يطالب باالستفادة من الثروة العربية‬ ‫وفورة أسعار النفط النابع من أرضه وقد تسلط عليه حكام “معتدلون”‬ ‫هم لهم إال احملافظة على مكتسباتهم والسهر على ملذاتهم هم‬ ‫ال ّ‬ ‫وأتباعهم من املستفيدين من املال السياسي الذي يستخدم القتناء‬ ‫السالح لالقتتال الداخلي ال إلقامة املشاريع اإلنتاجية لتخفيف الضائقة‬ ‫املعيشية عن املواطنني كما هو مفترض أن يكون‪.‬‬ ‫إن مقولة فصل الدين عن الدولة‪ ،‬هي مقولة صحيحة‪ ،‬كما نرى‬ ‫مصداقيتها وإيجابياتها في دول تطبقها كفرنسا ومعظم الدول‬ ‫األوروبية والغربية وغيرها‪ .‬فصل الدين عن الدولة حتصني للدين ولكل‬ ‫معتقد إمياني‪ ،‬ووضع الدين في مقامه السامي الراقي‪ ،‬ال النزول به إلى‬ ‫وحول السياسة ومثالبها‪ ،‬ألن مهمة رجل الدين محددة بإضاءة طريق‬ ‫الصالح واإلرشاد واملتابعة وإغناء اجملتمع باملمارسات املناقبية إلعالء شأن‬ ‫الوطن وحتصني الدولة‪ ،‬ال التمترس وراء التحصينات الكالمية واللفظية‬ ‫لالنطالق منها إلى استعداء اآلخر وحتطيمه وحتقير مفاهيمه وتهدمي‬ ‫أسس املواطنية‪ ،‬التي تنادي بانصهار اجلميع في بوتقة وطنية واحدة‪،‬‬ ‫لتكون عمادا ً للوطن يُرفع سقفه عاليا ً بالعلم واملعرفة والثقافة‪ ،‬ال‬ ‫باجلهل الذي ليس له عالقة بالدين وال باإلميان‪ ،‬ال بل إن التحجر يعيق‬ ‫التقدم‪ ،‬وال شك بأن املياه املتدفقة املنسابة بصفاء تعطي احلياة‪ ،‬ال املياه‬ ‫اآلسنة الراكدة واحملاطة بأسوار الغيب والطالسم‪.‬‬

‫شبلي بدر‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫بعد عامين من القطيعة واحتقان سياسي وتوترات أمنية‬

‫لقاء نصرهللا ـ الحريري مصالحة متأخرة لحوار متقدم‬ ‫التحالف االنتخابي غير مطروح بل انتخابات هادئة‬

‫لقاء املصاحلة الذي حصل بني األمني العام‬ ‫لـ”حزب اهلل” السيد حسن نصراهلل ورئيس “تيار‬ ‫املستقبل” النائب سعد احلريري‪ ،‬كان مطلوبا ً من‬ ‫الطرفني‪ ،‬حلاجتهما اليه‪ ،‬إلزالة ما ترسخ عند‬ ‫جمهورهما من احتقان سياسي حت ّول الى تعبئة‬ ‫مذهبية‪ ،‬ال تخدم املقاومة التي ترفض أن تنزلق‬ ‫الى الفتنة املذهبية‪ ،‬كما ان “تيار املستقبل” يهدر‬ ‫كل تراث الرئيس رفيق احلريري الذي كان ضد من‬ ‫ميد يده على سالح املقاومة ويحاول أن ينتزعه‪،‬‬ ‫وامتنع عن إنشاء ميليشيا‪ ،‬حيث انحرف النائب‬ ‫احلريري عن نهج والده‪ ،‬ورضخ ملقوالت املتطرفني‬ ‫من تياره السياسي وحلفائه وتوجه نحو عسكرة‬ ‫“تيار املستقبل”‪ ،‬وغرق في احلالة املذهبية‪ ،‬وقد‬ ‫تنبه لذلك بعدما وجد منو التطرف السني‬ ‫االصولي الى جانبه وتقدم عليه داخل الطائفة‬ ‫السنية‪ ،‬مما أربك وضعه السياسي‪ ،‬وعالقاته‬ ‫الداخلية والعربية والدولية‪.‬‬ ‫فالضرورة الوطنية عند السيد حسن نصر‬ ‫اهلل والنائب احلريري‪ ،‬عجلت باملصاحلة بينهما‪،‬‬ ‫وقد طلبها رئيس “تيار املستقبل” بعد العدوان‬ ‫االسرائيلي على لبنان في صيف ‪ ،2006‬للتكفير‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عما ارتكبه من خطيئة كبرى بحق املقاومة‬ ‫عندما اعتبر عملية أسر اجلنديني االسرائيليني‬ ‫في ‪ 12‬متوز من ذاك العام مغامرة‪ ،‬وهو كان يردد‬ ‫ما قاله املسؤولون السعوديون والتزم بتوجههم‪،‬‬ ‫ظنا ً منه ومنهم‪ ،‬أن املقاومة وقعت في “الشرك‬ ‫االسرائيلي”‪ ،‬وأن احلرب عليها ستنهيها خالل أيام‬ ‫معدودة‪ ،‬لكن صمودها أفشل ما كان يضمره‪ ،‬وهو‬ ‫الذي كان يحذر من أن اسرائيل قد تقوم بعمل‬ ‫عسكري جاء مخيبا ً آلمال وأهداف الذين راهنوا‬ ‫عليه من أميركا الى الدول العربية املعتدلة‬ ‫وحلفائهم من قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬وكل هؤالء صدموا‬ ‫بتصدي املقاومة للعدوان وصمودها ‪ 33‬يوماً‪،‬‬ ‫لكنهم أكملوا في مشروعهم وهو نزع سالح‬ ‫املقاومة من خالل قرار يصدر عن مجلس االمن‬ ‫الدولي‪ ،‬أو عبر قرار عن مجلس الوزراء اللبناني‬ ‫يطلب من “حزب اهلل” تسليم سالحه‪ ،‬اال انه‬ ‫مت تفشيل القرارين‪ ،‬فذهب الفريق احلاكم الى‬ ‫“لقاء البريستول” وأصدر بيانا ً يؤكد فيه ضرورة أن‬ ‫تسلم املقاومة سالحها الى الدولة وأن يكون قرار‬ ‫احلرب والسلم لها‪ ،‬فتم تفجير أزمة سياسية‬ ‫ثم وزارية‪ ،‬وكان “تيار املستقبل” شريكا ً أساسيا ً‬

‫‪22‬‬

‫في الوقوف ضد سالح املقاومة فوتّر العالقات‬ ‫بينه وبني “حزب اهلل” خصوصا ً وأطراف املعارضة‬ ‫عموماً‪ ،‬ودخلت البالد في وضع سياسي وأمني‬ ‫غير مستقر‪ ،‬فوقعت اشتباكات وسقط قتلى‬ ‫وجرحى‪ ،‬وتعمق االنقسام الداخلي‪ ،‬وكان أقسى‬ ‫ما حصل عندما اتخذت احلكومة قرارها بتجريد‬ ‫املقاومة من سالح االشارة “االتصاالت”‪ ،‬مما اضطر‬ ‫السيد نصر اهلل الى إعالن الدفاع عن هذا السالح‪،‬‬ ‫وفرض حترك املعارضة على االرض ان تتراجع‬ ‫احلكومة عن قراريها‪ ،‬وتدخل قطر ملعاجلة االزمة‬ ‫حتت سقف املبادرة العربية‪ ،‬وصدر اتفاق الدوحة‪،‬‬ ‫ومت تطبيقه جلهة انتخاب رئيس جمهورية توافقي‪،‬‬ ‫وتشكيل حكومة وحدة وطنية للمعارضة فيها‬ ‫الثلث الضامن‪ ،‬وإقرار قانون انتخاب على أساس‬ ‫قانون ‪ ،1960‬وعدم اللجوء الى استخدام السالح‪،‬‬ ‫واستعادة احلوار برعاية رئيس اجلمهورية للبحث‬ ‫في االستراتيجية الدفاعية‪.‬‬ ‫ومع تطبيق مجمل بنود اتفاق الدوحة‪ ،‬فتحت‬ ‫طرق احلوار واملصاحلة بني االطراف املتنازعة‪،‬‬ ‫وكان رئيس احلزب التقدمي االشتراكي أول من‬ ‫استسلم لذلك‪ ،‬بعدما تبني له فشل مشروعه‪،‬‬


‫وأصابه اإلحباط من انه لم يتمكن من االلتزام‬ ‫بوعده بنزع سالح املقاومة ولو اجلزء املتعلق‬ ‫باالتصاالت‪ ،‬فأعلن هزميته واستسالمه وس ّلم‬ ‫مراكزه الى اجليش واملعارضة‪ ،‬وقرر التصالح مع‬ ‫“حزب اهلل” ولو بفك االشتباك االمني‪ ،‬بعدما‬ ‫ظهرت له قوة املعارضة التي ميكنها أن تسيطر‬ ‫على أجزاء كبيرة من لبنان وتتسلم السلطة‬ ‫فقرر احلد من خسائره مع حلفائه فلجأ الى‬ ‫املصاحلات وشجع احلريري عليها بعدما سبقه‬ ‫اليها من خالل اللقاءات التي حصلت بني حزبه‬ ‫“وحزب اهلل” في دارة الوزير طالل ارسالن في خلدة‬ ‫ومبسعى منه‪.‬‬ ‫ظل احلريري متريثا ً في االجتاه نحو املصاحلة‬ ‫وهو الذي طالب بلقاء السيد حسن نصر اهلل‪،‬‬ ‫ألن هناك من حرضه على ضرورة أن يسبق أي‬ ‫لقاء‪ ،‬اعتذار”حزب اهلل” من بيروت والسنّة‪ ،‬كما‬ ‫ضغطت االدارة االميركية عليه إلرجاء االجتماع‬ ‫مع نصر اهلل بانتظار تطورات ما في املنطقة‪ ،‬ولم‬ ‫يقبل املسؤولون السعوديون ذهابه الى اللقاء من‬ ‫موقع املهزوم وال بد من تسجيل انتصار ما على‬ ‫املعارضة‪ ،‬فكانت أحداث طرابلس بني باب التبانة‬ ‫وجبل محسن وفي البقاع بني تعلبايا وسعدنايل‪،‬‬ ‫مع أحداث متفرقة في بيروت وبعض مناطق‬ ‫البقاع وعكار‪ ،‬وقد فشلت كل هذه احملاوالت ألن‬ ‫التحريض املذهبي الذي اتبع من قبل أطراف في‬ ‫الساحة السنية ومنها “تيار املستقبل”‪ ،‬وادعاء‬ ‫أن السنّة تعرضوا لإلهانة واإلذالل‪ ،‬دفع الساحة‬ ‫السنية الى التطرف‪ ،‬وظهرت حركات سلفية‬ ‫واخرى تابعة لتنظيم “القاعدة”‪ ،‬مما خلق وضعا ً‬ ‫مربكا ً للحريري الذي تعرض لضغوط أوروبية‬

‫تستفسر منه عن سبب منو احلركات االصولية‬ ‫في كنف “تيار املستقبل”‪ ،‬الذي ظن أن التهديد‬ ‫بهذه احلركات يفرض على “حزب اهلل” التراجع‬ ‫واالعتذار والقبول مبصاحلة جتري في قريطم‪،‬‬ ‫لكن احلزب أدرك ما يخطط وقرر التفاوض مع‬ ‫حركات وقوى سلفية في الشمال ووقع معها‬ ‫وثيقة تفاهم‪ ،‬تنبه لها احلريري ومعه دار الفتوى‬ ‫ومسؤولون سعوديون‪ ،‬فقرروا مواجهتها وتوصلوا‬ ‫الى جتميدها بالضغط النفسي واملعنوي واملادي‬ ‫وتهديد املو ّقعني الذين علقوا العمل بالوثيقة‪،‬‬ ‫وأعلنوا أن املصاحلة متر “بتيار املستقبل” كمرجعية‬ ‫سياسية للسنة وبدار الفتوى كمرجعية دينية‪.‬‬ ‫وبعدما حقق “حزب اهلل” وحلفاؤه أهدافهم‬ ‫السياسية‪ ،‬توجه وفد من احلزب الى قريطم‬ ‫والتقى احلريري‪ ،‬كما قام نائب رئيس اجمللس‬ ‫االسالمي الشيعي االعلى الشيخ عبد االمير‬ ‫قبالن بزيارة مفتي طرابلس والشمال الشبخ‬ ‫مالك الشعار‪ ،‬والصالة معاً‪ ،‬وتأكيد الشيخ قبالن‬ ‫ان ما حصل في بيروت كان خطأ وهذا ما مهّ د‬ ‫حلصول لقاء السيد نصر اهلل واحلريري‪ ،‬الذي وصف‬ ‫باملمتاز وقد استعاد صورة اللقاءات التي كانت‬ ‫تعقد بني نصر اهلل والرئيس احلريري‪ ،‬الذي أكد في‬ ‫آخر لقاء جمعه مع االمني العام “حلزب اهلل” انه‬ ‫لن يفرط باملقاومة وال يقبل بنزع سالحها‪ ،‬ويترك‬ ‫لبنان اذا ما فرض عليه ذلك‪.‬‬ ‫وهذه الرواية ينقلها السيد نصر اهلل دائماً‪،‬‬ ‫وهو أعلنها بعد اغتيال احلريري إلبالغ من يعنيهم‬ ‫االمر‪ ،‬ال سيما من ورثه بالسياسة‪ ،‬أن ال يخرجوا‬ ‫عن هذه الثوابت التي هي ضمانة لالستقرار‬ ‫الداخلي وتثبيت السلم االهلي‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫وفي حوارات بني سيد املقاومة وسعد احلريري‪،‬‬ ‫سبقت القطيعة بينهما قبل عامني‪ ،‬كان اجلو‬ ‫إيجابيا ً وعقد اتفاق بني “تيار املستقبل” من جهة‬ ‫وحركة “أمل “ “وحزب اهلل” من جهة ثانية في‬ ‫الرياض يؤكد على هذه الثوابت‪ ،‬إال أن جنبالط‬ ‫وسمير جعجع تصديا له وفرضا على احلريري‬ ‫التراجع عن توقيعه عليه فتم إحراجه بأنه في‬ ‫قبضتهما وهو ما كشفه مسؤولون سعوديون‬ ‫وطالبوا بتحريره منها وان لهما مصلحة في‬ ‫حصول خالف سني شيعي ستكون له تأثيراته‬ ‫السلبية على كل املنطقة‪.‬‬ ‫ومع االجتاه الذي سلكه جنبالط نحو املصاحلة‪،‬‬ ‫فإن احلريري تقدم هو ايضا خطوات الى األمام‬ ‫وحصل اللقاء مع السيد نصر اهلل‪ ،‬الذي لم يجدد‬ ‫التحالف االنتخابي‪ ،‬ولم يقم تفاهما ً سياسياً‪،‬‬ ‫بل أكد بيان مشترك بينهما على مرجعية‬ ‫اتفاقي الطائف والدوحة‪ ،‬وعلى مرجعية الدولة‪،‬‬ ‫وعلى العمل احلكومي املشترك‪ ،‬وعلى ان تقوم‬ ‫االجهزة العسكرية واالمنية بدورها في حل أي‬ ‫إشكال أمني‪.‬‬ ‫ولقد أراحت هذه املصاحلة اجلو الداخلي‪،‬‬ ‫ونفست االحتقانات‪ ،‬وقد سبقتها إجراءات على‬ ‫االرض بإزالة الالفتات والصور‪ ،‬وإلغاء كل مظاهر‬ ‫االستفزاز‪ ،‬وإقامة حلقات حوار في األحياء‪ ،‬حيث‬ ‫تشجع هذه األجواء على حصول انتخابات نيابية‬ ‫هادئة‪ ،‬كما أنها جتنب لبنان عواصف تأتيه من‬ ‫اخلارج في ظل التحوالت السياسية السريعة‬ ‫إقليميا ً ودولياً‪ ،‬ومع االنهيارات املالية‪.‬‬

‫يوسف خيراهلل‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫اتفاق الطائف شكل قاعدة انطالق إلصالح النظام السياسي ولم يطبق‬

‫إثارة موضوع المشاركة وصالحيات نائب رئيس الحكومة‬ ‫فتح الباب إللغاء الطائفية‬ ‫بد منه‪ ،‬بعد‬ ‫احلديث عن طائف “جديد”‪ ،‬أمر ال ّ‬ ‫حوالى عشرين عاما ً على االتفاق الذي يحمل‬ ‫اسم املدينة السعودية‪ ،‬بني النواب اللبنانيني‪،‬‬ ‫والذي كان محطة لالنتقال من احلرب األهلية إلى‬ ‫السلم األهلي‪ ،‬ولتطبيق إصالحات على النظام‬ ‫السياسي‪ ،‬واالنتقال بالدستور من اجلمهورية‬ ‫األولى إلى اجلمهورية الثانية‪.‬‬ ‫فاتفاق الطائف هو نتاج تسوية بني األطراف‬ ‫اللبنانية التي تقاتلت في احلرب ـ الفتنة‪ ،‬ورعته‬ ‫دول عربية واقليمية ودولية‪ ،‬ومت إنتاجه مع حتوالت‬ ‫طرأت على العالم‪ ،‬بانهيار االحتاد السوفياتي‬ ‫وسقوط املنظومة االشتراكية التابعة له‪،‬‬ ‫وحصول تقارب سعودي ـ سوري على رفض‬ ‫الدخول العراقي الى الكويت‪ ،‬فأعطيت سوريا‬ ‫الضوء االخضر اميركيا ً من أجل تنفيذ بنود اتفاق‬ ‫الطائف الذي كلف اللبنانيني “حربي حترير وإلغاء”‬ ‫وإزالة مترد العماد ميشال عون عليه‪ ،‬وإنهاء وجوده‬ ‫كرئيس حكومة عسكرية في القصر اجلمهوري‪.‬‬ ‫هذا االتفاق لم تطبق بنود أساسية فيه‪ ،‬ومن‬ ‫أهمها إلغاء الطائفية‪ ،‬حيث وقفت الطبقة‬ ‫السياسية بوجه إنشاء “الهيئة الوطنية‬ ‫العليا إللغاء الطائفية” التي نص عليها اتفاق‬ ‫الطائف‪ ،‬ومر عهدان وأربع دورات انتخابية جمللس‬ ‫النواب‪ ،‬وتشكيل ‪ 11‬حكومة برئاسات مختلفة‪،‬‬ ‫ولم يتم التقدم نحو قيام هذه الهيئة‪ ،‬التي‬ ‫عليها إلغاء االسباب الرئيسية لألزمات في‬ ‫لبنان‪ ،‬هو هذا النظام السياسي الطائفي‪،‬‬ ‫الذي يكرس احملاصصات الطائفية فيه‪ ،‬ويضع‬ ‫الطوائف واملذاهب في مواجهة بعضها بعضا‬ ‫في الصالحيات جلهة املشاركة واملمارسة‪ ،‬وقد‬ ‫اندلعت كل االزمات واحلروب حتت هذا العنوان‬ ‫في كثير من االحيان‪ ،‬تضاف اليها عوامل اخرى‪،‬‬ ‫وتدخالت خارجية‪ ،‬لكن احلرب االهلية اشتعلت‬ ‫في منتصف السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬حتت‬ ‫شعار املشاركة في احلكم مع رئيس اجلمهورية‬ ‫الذي رفعه السنّة في لبنان وتداخلت معه ظروف‬ ‫نشوء املقاومة الفلسطينية في لبنان واتخاذها‬ ‫من أرضه نقطة انطالق لعملياتها‪ ،‬فاحتضنها‬ ‫اللبنانيون‪ ،‬واعتبرها أغلبية زعماء السنة‬ ‫“جيشهم” إلقامة التوازن مع املارونية السياسية‬ ‫التي كانت تنظر الى اجليش اللبناني‪ ،‬على انه‬ ‫حامي امتيازاتها في النظام السياسي‪ ،‬فوقع‬ ‫االنقسام حول دوره ومهامه وعقيدته‪.‬‬ ‫فاملشاركة تبقى هي احملور الذي تدور حوله‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أبو جمرا في منصب غير موجود دستورياً‬ ‫وباق بقوة العرف‬ ‫الطوائف واملذاهب في لبنان‪ ،‬وتترجمها بشعارات‬ ‫سياسية‪ ،‬مئل الغنب عند السنة واحلرمان‬ ‫عند الشيعة واإلحباط عند املوارنة وافتقار‬ ‫للصالحيات عند االرثوذكس وتهميش لدى الدروز‬ ‫الذين يعتبرون ان طائفتهم كانت في اساس‬ ‫لبنان وقيام كيانه‪ ،‬فيما الكاثوليك يشعرون انهم‬ ‫خارج املعادالت وباتوا يفتقدون الى قيادات‪.‬‬ ‫لذلك فإن نغمة املشاركة في السلطة‬ ‫يطلقها من وقت آلخر‪ ،‬زعماء الطوائف وأحزابها‪،‬‬ ‫وكان آخرها ما أعلنه نائب رئيس احلكومة عصام‬ ‫ابو جمرا الذي طالب بدور له في مجلس الوزراء‪،‬‬ ‫الذي من املفترض ان يكون له نظام داخلي يوزع‬ ‫املهام‪ ،‬ال سيما عند غياب رئيس احلكومة‪ ،‬حيث‬ ‫من املفترض ان ينوب مكانه نائبه‪ ،‬وهذا ما نص‬ ‫عليه النظام الداخلي جمللس النواب‪ ،‬وتقوم‬ ‫عليه اجلمعيات واألحزاب‪ ،‬وهو شأن مختلف عن‬ ‫الدستور الذي نص عرفا ً على توزيع السلطات دون‬ ‫ان يحدد طائفتها‪ ،‬بدليل ترشح شخصيات غير‬ ‫مارونية الى رئاسة اجلمهورية‪ ،‬ووصول شخصيات‬ ‫غير شيعية الى رئاسة مجلس النواب‪ ،‬وكذلك‬ ‫ليس هناك نص دستوري يحدد طائفية أو مذهب‬ ‫رئيس احلكومة‪ ،‬وال ذكر أيضا ً لتوزيع الوظائف في‬

‫‪24‬‬

‫الفئة االولى على الطوائف واملذاهب‪ ،‬بل إشارة‬ ‫الى املناصفة فيها‪ ،‬وهو ما ب ّرر املطالبة في بعض‬ ‫االحيان‪ ،‬بحصول املداورة في وظائف الفئة االولى‬ ‫بني الطوائف‪ ،‬وقد حصل ان املديرية العامة‬ ‫لألمن العام انتقلت من املوارنة الى الشيعة في‬ ‫عهد الرئيس اميل حلود‪ ،‬فتسلمها اللواء جميل‬ ‫السيد‪.‬‬ ‫فاتفاق الطائف نص على إلغاء طائفية‬ ‫الوظيفة‪ ،‬مع احملافظة على املناصفة في الفئة‬ ‫االولى‪ ،‬دون أن يقيدها في الوظائف‪ ،‬بحيث تعتمد‬ ‫الكفاءة والنجاح في امتحانات الدخول الى‬ ‫الوظيفة التي يجريها مجلس اخلدمة املدنية او‬ ‫املؤسسة العسكرية واالدارات االمنية‪ ،‬مما يدل‬ ‫على ان احلالة الطائفية ليست موجودة في‬ ‫الدستور‪ ،‬بل العرف هو الذي كرسها‪ ،‬وأدخل لبنان‬ ‫عصر “الدميوقراطية التوافقية”‪ ،‬انطالقا ً مما ورد‬ ‫في مقدة الدستور عن صيغة العيش املشترك‪،‬‬ ‫وان ال شرعية ألي سلطة اذا لم متثل الطوائف‬ ‫فيها‪ ،‬وهذا ما كشفته االزمة السياسية‬ ‫والدستورية التي نشبت مع حترك املعارضة في‬ ‫اول كانون االول من العام ‪ ،2006‬عندما رفضت‬ ‫االستئثار بالسلطة من قبل فريق ‪ 14‬شباط‪،‬‬


‫الذي لم يراع التوازن عند تأليف احلكومة أو إخراج‬ ‫قوة مسيحية أساسية هي “التيار الوطني احلر”‬ ‫وحلفاؤه منها‪ ،‬كما حاول القفز فوق مشاركة‬ ‫الشيعة فيها عندما حصل خلل في الثلث‬ ‫الضامن بانقالب وزراء كانوا محسوبني على رئيس‬ ‫اجلمهورية السابق اميل حلود‪ ،‬وانضمام ثالثة‬ ‫منهم الى قوى ‪ 14‬شباط فأصبحت القرارات‬ ‫تصدر من دون دور للشريك الشيعي‪ ،‬فاستقال‬ ‫وزراء حركة “أمل” و”حزب اهلل” من احلكومة‪ ،‬التي‬ ‫باتت منقوصة وغير ميثاقية وفقدت شرعيتها‬ ‫الى ان جاء اتفاق الدوحة‪ ،‬بعد حوالى عامني من‬ ‫االزمة التي تسببت بإشعال معارك واشتباكات‬ ‫وبإراقة دماء‪ ،‬واحتقان سياسي حتول في بعض‬ ‫االحيان الى انفجار واقتتال مذهبي وطائفي‪،‬‬ ‫ورضخت املواالة ملطالب املعارضة التي حتركت‬ ‫على االرض عسكريا ً وفرضت شروطها‪ ،‬وتألفت‬ ‫حكومة الوحدة الوطنية وفق ما نص اتفاق‬ ‫الدوحة‪ ،‬وبات اللبنانيون أمام اتفاقني متناقضني‪،‬‬ ‫االول ينص على ان احملافظة هي االساس في قانون‬ ‫االنتخاب‪ ،‬فيما تراجع اتفاق الدوحة عنها الى‬ ‫القضاء‪ ،‬وهو ما ينسف اتفاق الطائف‪ ،‬واصالح‬ ‫النظام السياسي الذي كان قانون االنتخاب نقطة‬ ‫االنطالق فيه الن على صورته تتكون السلطة‪.‬‬ ‫وعندما يطرح اللواء أبو جمرا موضوع‬ ‫صالحيات نائب رئيس احلكومة‪ ،‬فهو ليس الوحيد‬ ‫الذي يثيره‪ ،‬ألنه سبق آلخرين ممن تولوا هذه‬ ‫املسؤولية أن عرضوا هذه املعضلة‪ ،‬حيث ال وجود‬ ‫ملنصب نائب رئيس احلكومة في الدستور‪ ،‬وهو‬ ‫ما دفع بالنائب السابق الدكتور حسن الرفاعي‬ ‫الى القول ان هذا املنصب غير دستوري‪ ،‬وذهب‬ ‫وزير العدل ابراهيم النجار‪ ،‬وهو ارثوذكسي الى‬ ‫وضعه بـ”منصب شرف”‪ ،‬مما فتح الباب للبحث‬ ‫في موضوع الهيكلية التي تقوم عليها احلكومة‪،‬‬ ‫طاملا ال وجود لنائب رئيس احلكومة في الدستور‪،‬‬ ‫وقد فسر البعض مطالبة أبو جمرا مبكتب له في‬ ‫السرايا احلكومية‪ ،‬وبأن ينوب عن رئيس احلكومة‬ ‫في غيابه‪ ،‬انه دعوة لتعديل الدستور‪ ،‬او الدخول‬ ‫على صالحيات رئيس احلكومة‪ ،‬الذي رفض البحث‬ ‫في االمرين‪ ،‬ألنهما وفق السنيورة ميسان بأسس‬

‫الصيغة اللبنانية وتركيبة احلكم وتطاول على‬ ‫موقع يخص الطائفة السنية‪ ،‬حيث جرى تكبير‬ ‫القضية وإعطاؤها أبعادا ً طائفية ومذهبية من‬ ‫خالل ردود فعل “تيار املستقبل” واملتحالفني معه‬ ‫من رجال دين سنة‪ ،‬فيما ربطها البعض من‬ ‫مسيحيي ‪ 14‬شباط باالنتخابات النيابية ومحاولة‬ ‫“التيار الوطني احلر” إثارة مواضيع طائفية‪ ،‬ورفعه‬ ‫شعارات تدعو الى استعادة “حقوق املسيحيني”‪،‬‬ ‫كما ان مخيلة البعض منهم ربطت بني طرح‬ ‫موضوع نائب رئيس احلكومة والتغطية على زيارة‬ ‫العماد عون الى اجلمهورية االسالمية االيرانية‪،‬‬ ‫واحلملة التي قام بها هذا الفريق ضدها‪ ،‬واعتبارها‬ ‫ضد “املزاج الشعبي املسيحي”‪.‬‬ ‫وتبني من خالل الوثائق واحملاضر‪ ،‬ان نائب رئيس‬ ‫احلكومة في حكومات سابقة‪ ،‬ومنذ االستقالل‪،‬‬ ‫مارس دوره‪ ،‬وترأس اجتماعات للحكومة ووقع عن‬ ‫رئيس احلكومة قبل اتفاق الطائف وبعده‪ ،‬وفي‬ ‫الدستور القدمي وبعد إدخال التعديالت عليه‪،‬‬ ‫مما يؤكد صوابية طرح أبو جمرا بضرورة بت هذا‬ ‫املوضوع الذي يثار مع كل تأليف حكومة‪ ،‬ال سيما‬ ‫التي ال يكون مع نائب رئيس احلكومة حقيبة‬ ‫ميارس صالحياته من خاللها‪ ،‬فيشعر وكأنه عاطل‬ ‫عن العمل ومجرد رقم إضافي في احلكومة التي‬ ‫هو نائب رئيسها والرقم الثاني فيها‪ ،‬وان الوزراء‬ ‫حاملي احلقائب أهم منه فيها‪.‬‬ ‫وعندما تولى عصام فارس نائب رئيس احلكومة‬ ‫سأل عن الصالحيات وموقعه في احلكومة‪ ،‬وكان‬ ‫االخراج بأن أعطي مهمة ترؤس اللجان الوزارية‬ ‫في حكومات احلريري التي كان عضوا ً فيها‪ ،‬ولكنه‬ ‫كان يداوم في مكتبه اخلاص ولديه جهاز بشري‬ ‫من املستشارين يعملون لديه وفي مؤسساته‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وال عالقة لهم بالدولة‪ ،‬واللواء أبو جمرا‬ ‫يحاول أن ميارس الدور الذي مارسه فارس جلهة‬ ‫تكليفه مبهام من مجلس الوزراء‪ ،‬وان يكون مكتبه‬ ‫بالقرب من رئيس احلكومة في السرايا ألنه هو‬ ‫نائبه ويجب أن يبقيا على اتصال وتواصل‪ ،‬وهو‬ ‫ال يفكر أبدا ً في خلق أزمة حكومية أو مقاطعة‬ ‫احلكومة بل رفع الصوت عاليا ً مطالبا ً بحقوق‪،‬‬ ‫وهو عندما خرج من اجتماع مجلس الوزراء األخير‬

‫‪25‬‬

‫ألن الرئيس السنيورة لم يستجب لطلبه اخلطي‬ ‫بعرض موضوع صالحيات نائب رئيس احلكومة‬ ‫على جدول أعمال اجمللس‪ ،‬وانتظر أكثر من شهر‬ ‫لكنه لم يلق جواباً‪ ،‬والرد عليه كان من رئيس‬ ‫احلكومة انه سيتم استئجار مكاتب لوزراء‬ ‫الدولة وهو من بينهم ولن يجاور مكتبه مكتب‬ ‫رئيس احلكومة في السرايا‪ ،‬ألنها مقره الرسمي‬ ‫ومكان إقامته‪ ،‬كما هي حال رئيس اجلمهورية‬ ‫ورئيس مجلس النواب‪ ،‬فرد عليه أبو جمرا بالرفض‬ ‫ألن نائب رئيس اجمللس النيابي له مكتب في‬ ‫اجمللس‪ ،‬وينوب عن رئيس اجمللس بترؤس اجللسات‬ ‫عندما يكلفه‪ ،‬ويترأس اجتماعات اللجان النيابية‬ ‫املشتركة‪.‬‬ ‫هكذا فإن صالحيات نائب رئيس احلكومة قد‬ ‫تفجر احلكومة‪ ،‬اذا لم يتم تدارك األزمة من خالل‬ ‫إيجاد حل بأن ميارس الدور واملهام التي كان يقوم‬ ‫بها عصام فارس‪ ،‬وقد جرى احلديث في ترئيسه‬ ‫جلانا وزارية منها مثالً جلنة للبحث ومناقشة‬ ‫االتفاقيات املعقودة بني لبنان وسوريا‪ ،‬وغيرها من‬ ‫املواضيع التي يلزمها متابعة‪.‬‬ ‫فإثارة هذا املوضوع يفتح الباب للبحث في‬ ‫اتفاق الطائف‪ ،‬واملمارسة الدستورية حتته‪ ،‬والبنود‬ ‫التي مت تطبيقها‪ ،‬وهل هو بحاجة ملراجعة وعملية‬ ‫تقومي‪ ،‬اذ تبني أن هناك غبنا الحقا بصالحيات‬ ‫رئيس اجلمهورية الذي يلزمه الدستور بالتوقيع‬ ‫على املراسيم خالل أسبوعني‪ ،‬ويعفي الوزراء من‬ ‫ذلك‪ ،‬إضافة الى حل مجلس النواب‪ ،‬ومسائل‬ ‫أخرى ظهرت في أثناء تأدية الرئيس مهامه‪ ،‬وان‬ ‫هناك خلالً بدأ يبرز‪ ،‬وان هذا االتفاق الذي مت تركيب‬ ‫بنود فيه حتكمت فيها ظروف السبعينيات‬ ‫والثمانينيات‪ ،‬من القرن املاضي‪ ،‬وقد بات من املفيد‬ ‫وبعد ‪ 20‬عاما ً على اتفاق الطائف أن يعاد النظر فيه‬ ‫أو صياغة اتفاق آخر‪ ،‬بعدما دخل لبنان في عصر‬ ‫اتفاق الدوحة والن ثمة مواد دستورية غامضة وال‬ ‫تفسير واضحا لها‪ ،‬ال بد من تعديلها‪ ،‬وطاملا ان‬ ‫املادة ‪ 49‬من الدستور يجري تعديلها دائما ً في ما‬ ‫يتعلق بانتخابات رئاسة اجلمهورية ومن يحق له‬ ‫الترشح‪ ،‬فإن تعديالت اخرى يجب ان حتصل‪.‬‬

‫زهير العياش‬ ‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫حملوا على زيارته إليران ألن أميركا تعتبرها «شراً مطلقاً»‬

‫عون ذهب إلى الدولة الصديقة‬ ‫التي تشارك العرب العداء إلسرائيل‬

‫جناد مرحبا ً بعون‬ ‫لم تثر زيارة قام بها مسؤول أو سياسي‬ ‫لبناني إلى اخلارج‪ ،‬كتلك التي قام بها‬ ‫رئيس «التيار الوطني احلر» العماد ميشال‬ ‫عون للجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪،‬‬ ‫وألسباب سياسية تتعلق بأن الدولة‬ ‫التي يلبي دعوتها‪ ،‬هي من «محور الشر»‬ ‫وفق التصنيف األميركي‪ ،‬والتي تزعج‬ ‫اإلدارة األميركية وحلفاءها في لبنان‬ ‫واملنطقة‪ ،‬ويعتبرون أن الزعيم األكثر متثيالً‬ ‫للمسيحيني في لبنان‪ ،‬انحرف بهم عن‬ ‫تراثهم ومزاجهم الشعبي وتاريخهم‬ ‫السياسي‪ ،‬ألنهم كانوا دائما ً يتطلعون نحو‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الغرب ويحاولون التمثل باحلضارة األوروبية‬ ‫خصوصاً‪ ،‬والغربية عموماً‪ ،‬وهم سياسيا ً‬ ‫أقرب إلى احملور الغربي منهم إلى احملور‬ ‫الشرقي وكانوا فيه أثناء الصراع الذي كان‬ ‫دائرا ً زمن احلرب الباردة بني الواليات املتحدة‬ ‫األميركية واالحتاد السوفياتي‪ ،‬وفي التنافس‬ ‫بني النظامني الرأسمالي والشيوعي‪ ،‬وما‬ ‫زالوا على خيارهم السياسي‪.‬‬ ‫فاملسيحيون في قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬الذين‬ ‫يسيرون في ركاب املشروع األميركي‬ ‫للمنطقة ومن ضمنها لبنان‪ ،‬ويريدون‬ ‫الدور املسيحي في الشرق تابعا ً للغرب‬

‫‪26‬‬

‫وسياساته‪ ،‬وهذه نظرة انعزالية عن القضايا‬ ‫العربية التي تنبه لها «السينودس» اخلاص‬ ‫بلبنان‪ ،‬ودعا مسيحييه ليؤكدوا انتماءهم‬ ‫إلى مشرقهم العربي وإلى الشرق األدنى‪،‬‬ ‫وليلعبوا دور الرسالة فيه‪ ،‬وهو ما لم تعمل‬ ‫به البطريركية املارونية في لبنان وانحرفت‬ ‫باجتاه الغرب‪ ،‬فلم يقبل البطريرك نصر اهلل‬ ‫صفير أن يكون في استقبال البابا يوحنا‬ ‫بولس الثاني أثناء زيارته لسوريا مطلع‬ ‫القرن الواحد والعشرين والتي اعتبرها مهد‬ ‫املسيحية‪ ،‬وبذلك أبلغ صفير رأس الكنيسة‬ ‫الكاثوليكية‪ ،‬أن مسيحيي لبنان يتطلعون‬


‫إلى الغرب‪ ،‬وهذه نظرية كانت السبب‬ ‫وراء االنقسام بني اللبنانيني حول هوية‬ ‫لبنان وانتمائه العربي‪ ،‬إذ ثمة من يرى من‬ ‫املسيحيني أن لبنان أنشئ لهم في العام‬ ‫‪ 1920‬على يد اجلنرال غورو باسم االستعمار‬ ‫الفرنسي‪ ،‬للحفاظ على كيانهم الديني‬ ‫في الشرق‪ ،‬وهي الفكرة نفسها التي جاء‬ ‫بها وزير خارجية بريطانيا ارثر بلفور بوعده‬ ‫بإقامة دولة يهودية في فلسطني‪.‬‬ ‫لذلك جاءت زيارة العماد عون إلى إيران‬ ‫انطالقا ً من هذا الفهم لدور املسيحيني‬ ‫في الشرق من خالل تعزيز الصداقة مع‬ ‫هذه الدولة التي وقفت منذ انتصار «الثورة‬ ‫اإلسالمية» فيها إلى جانب العرب في الدفاع‬ ‫عن فلسطني واستعادة حقوق الفلسطينيني‬ ‫باسترجاع أرضهم والعودة إليها‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫ركز عليه رئيس «التيار الوطني احلر» في‬ ‫اإلعالن عن أسباب زيارته إلى اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية التي هي ليست عدوة‬ ‫لبنان‪ ،‬بل عدوة عد ّوه اإلسرائيلي‪ ،‬وأصبحت‬ ‫إلى جانب قضايا العرب‪ ،‬وهي بهذا املعنى‬ ‫متثل العروبة فعليا ً عندما تتبنّى املواجهة‬ ‫من مي ّثل خطرا ً عليهم وعليها وهي إسرائيل‬ ‫التي لها مشروعها التوسعي االستيطاني‪،‬‬ ‫الذي لم يعد بعض العرب الذين تسميهم‬ ‫أميركا معتدلني‪ ،‬يطرحون حق العودة‬ ‫للفلسطينيني أو استعادة القدس‪ ،‬في وقت‬ ‫خصص اإلمام الراحل اخلميني يوما ً للقدس‬ ‫في آخر يوم جمعة من آخر أسبوع من شهر‬ ‫رمضان‪ ،‬ورفع شعارات العداء إلسرائيل‪،‬‬ ‫وقد تبنى الرئيس اإليراني محمود أحمدي‬ ‫جناد مقولة أنها دولة إلى زوال‪ ،‬ألنها كيان‬ ‫مصطنع‪.‬‬ ‫فمن هذه املنطلقات تبدو زيارة العماد‬ ‫عون إلى إيران في سياق فهمه وقراءته‬ ‫للموقع االستراتيجي الذي حتتله هذه الدولة‬ ‫اإلقليمية العظمى املؤثرة في املنطقة‪،‬‬ ‫وهي لها دور كبير يحمي لبنان من اخلطر‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وقد ظهر ذلك جليا ً في الدعم‬ ‫الذي تلقته املقاومة في أثناء مواجهتها مع‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي وحتريرها لألرض‪ ،‬أو في‬ ‫الصمود بوجه احلرب املفتوحة التي شنتها‬ ‫إسرائيل بقرار أميركي على لبنان في صيف‬ ‫‪ ،2006‬وخرجت املقاومة منها منتصرة‬ ‫وإسرائيل مهزومة وفشل املشروع األميركي‬ ‫في إقامة ما سماه صاحبه جورج بوش‬

‫املزاج املسيحي‬ ‫ليس مع الغرب‬ ‫بل مع دور‬ ‫مشرقي حدده‬ ‫السينودس‬ ‫«بالشرق األوسط اجلديد» الذي ّ‬ ‫بشرت وزيرة‬ ‫اخلارجية األميركية كونداليزا رايس بوالدته‬ ‫على حساب دماء اللبنانيني ودمار لبنان‪.‬‬ ‫وألن املشروع األميركي للمنطقة في‬ ‫مضمونه يهدف إلى تهجير املسيحيني‪،‬‬ ‫وهو ما ن ّبه إليه عون منذ فترة بعيدة‪،‬‬ ‫وأبدى قلقه ملا يحصل ملسيحيي العراق من‬ ‫تهجير‪ ،‬بعدما ُطرد املسيحيون من فلسطني‬ ‫ومحاولة ترحيل املسيحيني في لبنان عبر‬ ‫مشروع هنري كسينجر في السبعينات‪،‬‬ ‫وكل ذلك على مرأى ومسمع األميركيني‬ ‫وحلفائهم في الغرب‪،‬وقد ذهب رئيس «تكتل‬ ‫اإلصالح والتغيير» للقاء املسؤولني اإليرانيني‬ ‫للبحث معهم في احلفاظ على مسيحيي‬ ‫الشرق‪ ،‬بدءا ً من العراق الذي فيه إليران نفوذ‬ ‫قوي‪.‬‬ ‫فعون الذي خبر السياسة األميركية في‬ ‫املنطقة‪ ،‬ال سيما بعد عودته إلى لبنان‪،‬‬ ‫واكتشافه مشروعها التقسيمي‪ ،‬وكيف‬ ‫هي تعمل لضرب املسيحيني وإضعاف‬ ‫دورهم‪ ،‬سار عكس هذه السياسة وذهب‬ ‫إلى «حزب اهلل» وعقد تفاهما ً معه‪ ،‬كان‬ ‫صدمة للمسؤولني األميركيني الذين كانوا‬ ‫بتدخلهم في لبنان‪ ،‬يريدون رأس املقاومة‪،‬‬ ‫ولم يفعل عون ذلك وقد أدرك أن هذا الطلب‬ ‫يعني حربا ً أهلية‪ ،‬وقرر من خالل الوثيقة‬ ‫التي صاغها «التيار الوطني احلر» و»حزب‬ ‫اهلل»‪ ،‬احلفاظ على املقاومة واستخدامها‬ ‫احتياطا ً استراتيجيا ً للبنان في الدفاع عنه‬

‫‪27‬‬

‫مع اجليش اللبناني‪ ،‬وقد أزعج هذا التفاهم‬ ‫اإلدارة األميركية التي رأت أن عون شذ عن‬ ‫القرار ‪ ،1559‬الذي كان يريد منه خروج‬ ‫القوات السورية فقط‪ ،‬فبدأت احلملة عليه‬ ‫من الفريق الذي كان معه في ‪ 14‬آذار ورأوا‬ ‫أنه خان مبادئ «ثورة األرز»‪ ،‬وهو يعاكسهم‬ ‫ألنهم يستبدلون وصاية سورية بأخرى‬ ‫أميركية وسعودية‪ ،‬وأن نظرته للعالقة‬ ‫مع سوريا تختلف عن نظرتهم‪ ،‬فهو مع‬ ‫استعادتها إلى طبيعتها‪ ،‬وهم مع إسقاط‬ ‫النظام فيها تنفيذا ً ألحقاد دفينة عند وليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬وعلى اتهامات غير مبررة عند‬ ‫سعد احلريري حول جرمية اغتيال والده رفيق‬ ‫احلريري‪.‬‬ ‫لذلك جاءت زيارة رئيس «التيار الوطني‬ ‫احلر» في سياقها الطبيعي‪ ،‬وهي حق لكل‬ ‫سياسي أن يطلع من الدول على سياساتها‪،‬‬ ‫وهو لبى الدعوة كما سواه من املسؤولني‬ ‫اللبنانيني الذين تلقوا دعوات إلى إيران‪،‬‬ ‫ومنهم قوى وشخصيات سياسية وحزبية‬ ‫في ‪ 14‬شباط‪ ،‬كالبطريرك نصر اهلل صفير‬ ‫والرئيس أمني اجلميل‪ ،‬وسبق أن قام أطراف‬ ‫يعارضون الزيارة وينتقدونها كالنائب وليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬بزيارة اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫في سنوات ماضية مرات عديدة وتلقوا‬ ‫دعما ً منها‪ ،‬وقد اقامت مؤسسات تربوية‬ ‫واستشفائية في اجلبل حلساب «مؤسسة‬ ‫العرفان» التي يرأسها الشيخ علي زين‬ ‫الدين‪ ،‬إضافة إلى ما كان يتقاضاه احلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي شهريا ً من دعم مالي‪.‬‬ ‫والذين يحملون على عون لزيارته إيران‪،‬‬ ‫فقد فاتهم أن الرئيس كميل شمعون‬ ‫املسيحي املاروني أقام عالقات معها زمان‬ ‫حكم الشاه‪ ،‬ولكن كانت مبررة ألنه كان‬ ‫يجمعهم احللف األميركي آنذاك املعروف‬ ‫«بحلف بغداد» و»مشروع ايزنهاور»‪ ،‬وكانت‬ ‫تربطها صداقة مع إسرائيل‪ .‬أما العماد‬ ‫عون ممنوع عليه زيارة إيران التي تقف بصف‬ ‫العداء ألميركا وتعتبرها «شرا ً مطلقاً»‪،‬‬ ‫وهذا هو السبب الذي دفع مسيحيي ‪14‬‬ ‫شباط للقيام بحملتهم على زيارة عون‪ ،‬كما‬ ‫أن مسلمي ‪ 14‬شباط‪ ،‬كاحلريري وجنبالط‪،‬‬ ‫ينتقدون عون ألنه مس بالسعودية وحذر‬ ‫من «البترودوالر» الذي تدفعه لهم خلوض‬ ‫االنتخابات النيابية‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫لبنان «أرض جهاد» للقاعدة ضد القوات الدولية والجيش اللبناني ومن يكفرهم األصوليون‬

‫اكتشاف الشبكة اإلرهابية واعتقالها‬ ‫نمو «اإلسالم المتط ّرف»‬ ‫تأكيد على ّ‬

‫عندما أعلن الرئيس السوري بشار األسد أن‬ ‫منطقة شمال لبنان حتولت إلى مكان «لألصولية‬ ‫اإلسالمية»‪ ،‬قامت بوجهه حملة من قوى ‪14‬‬ ‫شباط‪ ،‬وضعت كالمه في إطار التحضير للدخول‬ ‫من جديد إلى لبنان‪ ،‬النه ترافق مع إجراءات‬ ‫عسكرية سورية عند احلدود السورية ـ اللبنانية‪،‬‬ ‫وذهب وفد من هذه القوى إلى فرنسا يشتكي‬ ‫سوريا‪ ،‬ويحذر من استغالل حوادث في الشمال‬ ‫للعودة بقواتها من جديد إلى لبنان‪ ،‬لكن اجلواب‬ ‫الفرنسي الذي صدم أعضاء الوفد الذي تألف من‬ ‫مروان حمادة‪ ،‬سمير فرجنية‪ ،‬فارس سعيد‪ ،‬دوري‬ ‫شمعون‪ ،‬وكلهم لهم عالقات وثيقة باألجهزة‬ ‫الفرنسية األمنية والدبلوماسية‪ ،‬بأن احلشود‬ ‫السورية لها عالقة بحماية احلدود من تسلل‬ ‫عناصر إسالمية متطرفة إلى داخل سوريا‪ ،‬التي‬ ‫وضعت أمام الدول األوروبية تقارير عن نشاط‬ ‫منظمات إسالمية بعضها مرتبط بتنظيم‬ ‫«القاعدة»‪ ،‬وان لدى األجهزة األمنية والقضائية‬ ‫في بعض الدول األوروبية‪ ،‬ال سيما التي لديها‬ ‫عناصر تعمل ضمن إطار قوات الطوارئ الدولية‪،‬‬ ‫معلومات عن وجود كثيف «للقاعدة» في لبنان‪،‬‬ ‫التي استهدفت هذه القوات‪ ،‬وقد كشف تقرير‬ ‫أمني اسباني عن أن الدورية االسبانية التي‬ ‫تعرضت لتفجير سيارة بالقرب منها في سهل‬ ‫مرجعيون وقتل سبعة من افرادها‪ ،‬كان اعتداء‬ ‫عليها من قبل عناصر أصولية إسالمية‪ ،‬وبعكس‬ ‫ما ر ّوجت أطراف لبنانية عن أن «حزب اهلل» وسوريا‬ ‫يقفان وراء التفجير لترحيل القوات الدولية‪ ،‬تبني‬ ‫عدم صحة هذه املزاعم‪ ،‬ولم تعد الدول األوروبية‬ ‫تصدق االتهامات امللفقة من قبل قوى ‪ 14‬شباط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فالقوا صدا ً في فرنسا حملاوالتهم التحريض على‬ ‫سوريا أنها تقف وراء «فتح اإلسالم»‪ ،‬وابلغ‬ ‫املسؤولون الفرنسيون الذين متكن الوفد من‬ ‫لقائهم وهم من الصف الثاني والثالث‪ ،‬أن هذا‬ ‫التنظيم ال عالقة لسوريا به‪ ،‬ال بل هي تتعرض‬ ‫من جماعات تكفيرية لعمليات إرهابية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫بد من التنسيق األمني والعسكري بني البلدين‪،‬‬ ‫ال ّ‬ ‫لوقف اخلطر األصولي‪.‬‬ ‫عاد وفد ‪ 14‬شباط منزعجا ً من املوقف‬ ‫الفرنسي الذي لم يعد كما اعتاد عليه أيام‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أسلحة صادرتها القوى األمنية من شبكة جوهر في طرابلس‬ ‫الرئيس السابق جاك شيراك‪ ،‬وبالفعل خسر‬ ‫هؤالء حليفا ً ربحته سوريا التي أثبتت أنها العب‬ ‫أساسي في املنطقة‪ ،‬وأنه ال ميكن شطبها‬ ‫من املعادلة العربية اإلقليمية‪ ،‬وقد وضعت‬ ‫السلطات الفرنسية معلومات أمام الوفد عن‬ ‫وجود إسالمي أصولي‪ ،‬وأنه يجب التعاطي معه‬ ‫بكثير من احلزم واحلسم‪ ،‬وأن فرنسا عاتبة على‬ ‫رئيس «تيار املستقبل» النائب سعد احلريري‪،‬‬ ‫لدعمه القوى األصولية والسلفية‪ ،‬التي أعلنت‬ ‫أنه مرجعيتها السياسية كما دار الفتوى‬ ‫مرجعيتها الدينية‪ ،‬وهي تقاتل دفاعا ً عن «أهل‬ ‫قصر احلريري في حمايتهم بوجه‬ ‫السنة»‪ ،‬والذي ّ‬ ‫«الغزو الشيعي»‪.‬‬ ‫وكشفت مصادر دبلوماسية غربية‪ ،‬أن الرئيس‬ ‫األسد أثناء القمة الرباعية التي جمعته في‬ ‫دمشق مع الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي‬ ‫وأمير قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني‪،‬‬ ‫ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان‪ ،‬صارح‬ ‫مضيفيه عن تنامي األصولية اإلسالمية في‬ ‫لبنان وخطرها عليه‪ ،‬وأن ما يجري في طرابلس‬

‫‪28‬‬

‫من اشتباكات له عالقة بذلك‪ ،‬وأن ال استقرار‬ ‫في لبنان بوجود هذه الظاهرة التي تغزو العالم‪،‬‬ ‫فكان التجاوب كامالً مع طرح الرئيس السوري‬ ‫الذي أكد أن بالده حتارب «التطرف اإلسالمي» منذ‬ ‫الثمانينيات وما زالت‪.‬‬ ‫وجاء اعتقال اجليش اللبناني وقوى األمن‬ ‫الداخلي للشبكة اإلرهابية املتورطة بتفجيرات‬ ‫استهدفت باصني للجيش في طرابلس في ‪ 13‬آب‬ ‫و‪ 29‬أيلول‪ ،‬ليكشف صحة ما قاله الرئيس األسد‪،‬‬ ‫وما ذكرته التقارير الدولية‪ ،‬وما أعلنه أخيرا ً قائد‬ ‫القوات الدولية العاملة في اجلنوب اجلنرال كالوديو‬ ‫غراتسيانو عن وجود منظمات أصولية‪ ،‬في أكثر‬ ‫من منطقة لبنانية ومخيم فلسطيني‪ ،‬حيث‬ ‫ينطلق عمل بعض هذه املنظمات من مخيم عني‬ ‫احللوة في أكثر األحيان‪ ،‬والذي ظهرت في الفترة‬ ‫األخيرة مخاوف من أن يحصل فيه ما حصل خمليم‬ ‫نهر البارد‪ ،‬إذ إن العناصر التي تقوم بأعمال إرهابية‬ ‫تتلقى األوامر منه‪ ،‬أو تخرج منه‪ ،‬وقد جرى تنسيق‬ ‫بني األجهزة األمنية اللبنانية وبعض املنظمات‬ ‫الفلسطينية واللجان الشعبية في اخمليم من‬


‫أجل عدم تكرار جتربة نهر البارد‪ ،‬حيث تقوم قوة‬ ‫أمنية مشتركة من القوى الفلسطينية مبالحقة‬ ‫العناصر األصولية املتطرفة‪ ،‬وقد اصطدمت‬ ‫حركة «فتح» بتنظيم «جند الشام» املتهم‬ ‫بأنه وراء االغتياالت والتفجيرات‪ ،‬الذي كان له‬ ‫عالقة مبا حصل في مخيم نهر البارد‪ ،‬من خالل‬ ‫شهاب القدور امللقب بـ»أبو هريرة» الذي قتله‬ ‫فرع املعلومات التابع لقوى األمن الداخلي في‬ ‫طرابلس‪ ،‬دون أن تعرف مالبسات خروجه من‬ ‫مخيم نهر البارد في عز املعركة‪ ،‬ومن ثم مقتله‬ ‫في أحد الشوارع على دراجة نارية‪ ،‬وهو الرجل‬ ‫الثاني في «فتح اإلسالم»‪.‬‬ ‫فاكتشاف الشبكة اإلرهابية وتوقيف بعض‬ ‫أعضائها‪ ،‬ليس هو األول‪ ،‬فقد سبق للقوى األمنية‬ ‫فجرت باصي عني‬ ‫أن اعتقلت العناصر التي ّ‬ ‫علق في املنت الشمالي في ‪ 13‬شباط من العام‬ ‫‪ ،2006‬وقبل ثالثة أشهر من معارك مخيم نهر‬ ‫البارد‪ ،‬وتبني ارتباط هؤالء بـ»فتح اإلسالم»‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي كان سعد احلريري وحلفاؤه يوجهون‬ ‫االتهامات التي كانوا يعتبرونها سياسية إلى‬ ‫سوريا وحلفائها‪ ،‬بأنها تقف وراء االغتياالت‬ ‫والتفجيرات‪ ،‬وجاءت األحداث املتالحقة لتثبت‬ ‫سقوط مثل هذه االتهامات‪ ،‬وأن القوى األصولية‬ ‫توغلت في لبنان‪ ،‬وقد ساعدتها على ذلك األجواء‬ ‫املذهبية التي خلقتها خطب وتصريحات بعض‬ ‫رجال الدين السنة املرتبطني «بتيار املستقبل»‬ ‫وبدار الفتوى وبالسعودية‪ ،‬وتصوير الصراع على‬ ‫أنه مذهبي‪ ،‬ضد الشيعة املرتبطني باملشروع‬ ‫اإليراني ـ الفارسي في املنطقة‪ ،‬للهيمنة وفرض‬ ‫«التش ّيع»‪ ،‬والنظر إلى دعم إيران للمقاومة‪،‬‬ ‫سواء في لبنان أو فلسطني‪ ،‬من منظار مذهبي‬ ‫ال سياسي‪ ،‬بالرغم من أن حركتي «حماس»‬ ‫«واجلهاد اإلسالمي» املدعومتان من ايران وسوريا‬ ‫ليس لهما ارتباط باملذهب الشيعي بل بالسني‪.‬‬ ‫إن استهداف اجليش من قبل القوى األصولية‪،‬‬ ‫يصب في خانة اضعافه ومنع فعاليته في‬ ‫التصدي لإلرهاب‪ ،‬من أجل التمكن من إقامة‬ ‫«إمارة إسالمية» تبدأ من الشمال‪ ،‬حيث األرض‬ ‫خصبة لنمو الفكر السلفي واألصولي‪ ،‬وقد برزت‬ ‫سيطرة تنظيمات أصولية على طرابلس‪ ،‬من‬ ‫خالل االشتباكات التي وقعت بني باب التبانة‬ ‫وجبل محسن‪ ،‬حيث تكشف التقارير عن وجود‬ ‫عشرات احلركات واملنظمات اإلسالمية األصولية‪،‬‬ ‫وأن بعضها ضم في صفوفه عناصر من جنسيات‬ ‫غير لبنانية عربية وأجنبية‪.‬‬ ‫وهذا الوجود األصولي اإلسالمي يقلق اللبنانيني‪،‬‬ ‫الذين بَدوا يتساءلون عن الدور الذي أداه «تيار‬ ‫املستقبل» في إفساح اجملال لنمو هذه اجلماعات‬ ‫التكفيرية‪ ،‬وهناك من بدأ من أهل السنة يطرحون‬ ‫أسئلة على سعد احلريري‪ ،‬حول مصلحته في‬

‫الدول األوروبية‬ ‫تؤيد حتذيرات‬ ‫األسد وقوى ‪14‬‬ ‫شباط مصدومة‬ ‫أن يقوي هذه اجملموعات التي أراد وضعها في‬ ‫مواجهة «حزب اهلل»‪ ،‬وهدد بها‪ ،‬فإذا بها تفلت‬ ‫من يديه‪ ،‬وتقوم بأعمال موجهة ضد الدولة‬ ‫وأجهزتها األمنية واملؤسسة العسكرية‪ ،‬ويكفي‬ ‫أن يقف رئيس جماعة سلفية وهو داعي اإلسالم‬ ‫الشهال‪ ،‬ليعلن والءه للحريري ويتلقى األموال من‬ ‫ّ‬ ‫ويكفر الشيعة‪ ،‬ليظهر مدى الرعاية‬ ‫السعودية‪،‬‬ ‫التي قدمها «تيار املستقبل» للسلفيني الذين‬ ‫توغلوا في الساحة اإلسالمية السنية‪.‬‬ ‫فتشجيع احلريري للقوى األصولية اإلسالمية‪،‬‬ ‫بدأ عندما استصدر عفوا ً عن مجموعتي جرود‬ ‫الضنية ومجدل عنجر‪ ،‬األولى متهمة بقتل‬ ‫عناصر من اجليش اللبناني‪ ،‬والثانية بتدبير‬ ‫تفجيرات ومنها محاولة تفجير السفارة‬ ‫اإليطالية في بيروت‪ ،‬وقد حصلت مقايضة‬ ‫بالعفو عن سمير جعجع باملتطرفني األصوليني‬ ‫في متوز من العام ‪.2005‬‬ ‫ويقف اليوم من يدعم حترك زوجات موقوفي‬ ‫«فتح اإلسالم» للعفو عن أزواجهم وأقاربهم‬ ‫واملنتمني إلى هذا التنظيم الذي قتل ‪170‬‬ ‫ضابطا ً وجنديا ً في مخيم نهر البارد وخ ّلف‬ ‫مئات من املعاقني من العسكريني‪ ،‬ويتبنى رجال‬ ‫دين وسياسيون‪ ،‬سواء من دار الفتوى أو «تيار‬ ‫املستقبل»‪ ،‬العفو عن هؤالء‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫تقوم شبكات من هذا التنظيم مبواصلة قتل‬ ‫العسكريني واملدنيني‪ ،‬وهذا يكشف مدى تورط‬ ‫بعض األطراف اللبنانية في تسهيل عمل هذه‬ ‫اجملموعات التي ال ميكن ربطها بأجهزة أمنية‬ ‫سورية أو أن تتلقى دعما ً سورياً‪ ،‬كما يزعم‬

‫‪29‬‬

‫سمير جعجع وغيره من قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬ألنهم‬ ‫باتوا محشورين أمام املؤسسة العسكرية‬ ‫التي أكدت قيادتها أن من يقف وراء التفجيرات‬ ‫تنظيمات أصولية‪ ،‬وال عالقة لسوريا بها‪ ،‬بل إن‬ ‫القيادتني العسكريتني في الدولتني تنسقان‬ ‫في ما بينهما‪ ،‬وقد عاد التنسيق والتعاون بقوة‬ ‫بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا ً‬ ‫للجمهورية‪ ،‬وانعقاد القمة اللبنانية ـ السورية‪،‬‬ ‫حيث شجع الرئيس السوري نظيره اللبناني على‬ ‫نشر مزيد من عناصر اجليش اللبناني في الشمال‬ ‫ملواجهة حالة التطرف اإلسالمي التي مت ّثل خطرا ً‬ ‫ليس على لبنان فقط بل على سوريا أيضاً‪ ،‬التي‬ ‫على استعداد حلماية احلدود من جانبها‪ ،‬وعلى‬ ‫لبنان القيام باملهمة نفسها‪ ،‬وقد أخذ البعض‬ ‫على الرئيس األسد عبارته أنه طلب من الرئيس‬ ‫سليمان نشر اجليش اللبناني في الشمال‪،‬‬ ‫وتوقفوا عند الشكل ال املضمون‪ ،‬وتبني لهم في‬ ‫ما بعد أن كل التحريض الذي مارسوه على أن‬ ‫سوريا ستعود بقواتها إلى لبنان‪ ،‬ال حجة له‪ ،‬بل‬ ‫محاوالت منهم الستدرار تأييد خارجي بقي في‬ ‫إطار عبارات دعم استقالل لبنان وسيادته‪ ،‬دون‬ ‫أن يلغي الدعوة للمسؤولني اللبنانيني للتنسيق‬ ‫في اجملال األمني مع سوريا‪.‬‬ ‫وهكذا يدخل لبنان في حالة مواجهة مع‬ ‫التطرف اإلسالمي التي لم تنته مع وقف‬ ‫األعمال العسكرية في مخيم نهر البارد‪ ،‬ألن‬ ‫اخلاليا النائمة األصولية متتد في كل لبنان‪ ،‬وأنها‬ ‫معركة أمنية أكثر منها عسكرية‪ ،‬بتعقب‬ ‫املنظمات األصولية‪ ،‬إال أن هذه املعركة قد تتجه‬ ‫إلى أن تتكرر كمعارك مخيم نهر البارد‪ ،‬وهذه‬ ‫املرة في مخيمي عني احللوة والبداوي‪ ،‬ألن اجليش‬ ‫لن يسكت على دماء شهدائه العسكريني وال‬ ‫املواطنني املدنيني‪ ،‬وأن فرار عناصر ومجموعات‬ ‫أصولية إلى داخل بعض اخمليمات سيفرض على‬ ‫اجليش الطلب إلى املنظمات الفلسطينية‬ ‫تسليم عناصرها أو أنه سيقوم هو باملهمة‪،‬‬ ‫وستكون مكلفة‪ ،‬إال أن الفرصة ما زالت متاحة‬ ‫أمام املسؤولني الفلسطينيني ليقوموا هم بهذه‬ ‫املهمة‪ ،‬لتوفير وقوع ضحايا وتدمير أي مخيم‬ ‫يلجأ إليه اجملرمون والهاربون من العدالة‪ ،‬وهذا‬ ‫املوضوع هو موضع تشاور واتصاالت بني لبنان‬ ‫وسوريا كما بني مسوؤلني لبنانيني وعرب ودوليني‬ ‫لتوفير اإلمكانات اللوجستية والتجهيزات‬ ‫واألسلحة والذخائر للجيش لينجح عسكرياً‪،‬‬ ‫في حربه ضد اإلرهاب‪.‬‬ ‫لبنان حتول إلى «أرض جهاد» للقاعدة‪ ،‬وهذه حقيقة‬ ‫قائمة‪ ،‬وأعلنها أمين الظواهري وبدأ هذا التنظيم‬ ‫عملياته ضد القوات الدولية‪ ،‬واجليش اللبناني أو من‬ ‫يكف ّرهم األصوليون‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫حوار‬ ‫العميد منير المقدح يتحدث لـ «منبر التوحيد»ع ّما يجري في مخيم عين الحلوه ويخطط له‪:‬‬

‫الوضع تحت السيطرة‬ ‫ونخشى من تدخالت إقليمية ودولية‬

‫منذ قيام الكيان الصهيوني في‬ ‫فلسطني عام ‪ ،1948‬حتول الشرق األوسط‬ ‫إلى وضع جديد‪ ،‬وأصبح محل اهتمام دولي‪،‬‬ ‫بسبب حالة عدم االستقرار التي رافقت‬ ‫نشوء الكيان الصهيوني وتشريد الشعب‬ ‫الفلسطيني خارج وطنه‪ ،‬وصوالً الندالع‬ ‫الثورة الفلسطينية املعاصرة‪ ،‬وبحكم‬ ‫الروابط االجتماعية والوطنية والقومية‪،‬‬ ‫وأبعاد التاريخ واجلغرافيا‪ ،‬وجب على كل‬ ‫الدول املعنية بالصراع‪ ،‬االلتزام بقسطها‬ ‫بطريقة أو بأخرى‪ ،‬حتى يتحقق مطلب حق‬ ‫العودة وإنهاء األسباب التي أدت إلى تشريد‬ ‫شعب بأكمله‪ ،‬وحتقيق احلقوق الوطنية‬ ‫املشروعة للشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫فكانت احلروب وسيلة استخدمها‬ ‫الصهاينة لتثبيت املكاسب التي حتققت‬ ‫بفضل الدعم األميركي والغربي عموماً‬ ‫للكيان الصهيوني‪ ،‬وكانت حرب ‪1967‬‬ ‫ذروة النكسة وأدت الى نزوح جديد‬ ‫للفلسطينيني‬ ‫وفي الوقت نفسه تصاعدت روح‬ ‫املقاومة في هذه األمة‪ ،‬رافضة الهزمية‪،‬‬ ‫وهي بداية ملشوار طويل من الكفاح واجلهاد‬ ‫الستعادة احلقوق الفلسطينية ودحر‬ ‫االحتالل الصهيوني من جميع األراضي‪.‬‬ ‫ولكن للحروب أيضاً أشكالها وفنونها‪،‬‬ ‫فكانت هناك اتفاقيات كامب ديفيد‬ ‫وأوسلو وغيرها‪ ،‬التي هدفت إلضعاف‬ ‫املوقف العربي وتفتيته‪ ،‬وتأجيل قضية‬ ‫الالجئني الفلسطينيني إلى مفاوضات احلل‬ ‫النهائي التي هي مبثابة كالم على الورق ال‬ ‫يساوي شيئاً‪ ،‬ويهدف إلى القضاء على‬ ‫روح املقاومة لدى الشعب الفلسطيني‬ ‫وطمس قضيته‪ ،‬وخلق مشاريع الفنت‬ ‫واملؤامرات الهادفة الى شطب حقوقة‪ ،‬فتم‬ ‫جتزئة القضايا‪ ،‬وتعدد املسارات‪ ،‬واللعب‬ ‫على التناقضات‪ ،‬ورغم ذلك لم تفلح كل‬ ‫االجتياحات الصهيونية لألراضي اللبنانية‬ ‫والعربية األخرى في إخراج املقاومة العربية‬ ‫من املعادلة‪ ،‬وصمدت املقاومة اللبنانية‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مسؤول الكفاح املسلح الفلسطيني في لبنان‬ ‫العميد منير املقدح‬

‫اإلسالمية والوطنية وانتصرت وكانت مثالً‬ ‫يقتدى به وتوجت النصر في حرب ‪2006‬‬ ‫والهزمية املذلة للصهاينة‪ ،‬وغدت مبثابة‬ ‫نقطة حتول أساسية في مجرى الصراع‪.‬‬ ‫واليوم يحاول الصهاينة إشاعة أجواء‬ ‫من الفتنة والبلبلة بهدف إضعاف روح‬ ‫املقاومة لدى الشعبني الفلسطيني‬ ‫واللبناني‪ ،‬بإثارة بعض التناقضات‬ ‫وتكبيرها‪ ،‬واالستفادة من مناخ سلبي‬ ‫يحكم بعض العقليات في ظروف صعبة‬ ‫وبالغة التعقيد تستهدف القضية واألمة‬ ‫باستخدام عذابات الفلسطينيني ومظاهر‬ ‫البؤس والفقر واحلرمان مدخالً‪ ،‬وفي ظل‬ ‫ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة السوء‬ ‫ساهم في الوصول إليها الالمباالة‪ ،‬والتنكر‬ ‫حلق األخ على أخيه واالكتفاء مبظاهر ذرف‬ ‫الدموع دون تقدمي الدواء الشافي لكل‬ ‫مظاهر اخللل القائمة واإلهمال الال مبرر‬ ‫للمخيمات وتركها عرضة للمرض والفقر‬ ‫واحلرمان‪ ،‬وأكثر من ذلك إلقاء التهم جزافاً‪،‬‬ ‫على ساكني اخمليمات‪ ،‬واحلديث عن جزر‬ ‫أمنية‪ ،‬بهدف القضاء على آخر أمل لدى‬ ‫هؤالء في حياة حرة كرمية‪ ،‬بدالً من تقدمي‬ ‫الدعم املادي واملعنوي الذي يقوي الدوافع‬ ‫واألمل لدى الفلسطينيني ويصلب عودهم‬ ‫في التمسك بحقوقهم الوطنية ومنها‬

‫‪30‬‬

‫حق العودة‪.‬‬ ‫وبدالً من كل هذا وذاك‪ ...‬يستمر إهمال‬ ‫أوضاع اخمليمات‪ ،‬ومنها مخيم عني احللوة‪،‬‬ ‫أكبر اخمليمات الفلسطينية‪ ،‬واحلديث‬ ‫عن الوضع األمني وتناسي بقية األوضاع‬ ‫سيساهم شئنا أم أبينا في تفاقم األوضاع‬ ‫وسيعطي مساحة أكبر للمتربصني‬ ‫بالقضية العربية ولتحقيق مآربهم‪.‬‬ ‫إن قضية اخمليمات الفلسطينية‪،‬‬ ‫هي قضية القضايا‪ ،‬وهي قضية حقوق‬ ‫وعلى رأسها حق العودة واحلقوق املدنية‬ ‫واإلنسانية‪ ،‬وأصل املشكلة وجذرها‬ ‫يعرفهما اجلميع‪ ،‬ولم تعد الكلمات تداوي‬ ‫جراح الفلسطينيني‪ ،‬فاملوقف بات املقياس‬ ‫والناظم‪ ،‬ومن خالل األفعال تتحدد القيم‬ ‫الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫الشعب الفلسطيني اليوم أكثر متسكاً‬ ‫بحقوقه من أي وقت مضى‪ ،‬وعلى اجلميع‬ ‫االنسجام مع هذا املوقف االجتماعي‬ ‫جلميع مكونات الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫وقضية اخمليمات ال ميكن حصرها‬ ‫باجلانب األمني والعسكري فقط‪ ،‬بل يجب‬ ‫طرحها على طاولة احلوار والتوصل إلى‬ ‫حلول خملتلف اإلشكاالت‪.‬‬ ‫ومطلوب اليوم معاجلة امللف‬ ‫الفلسطيني من جميع جوانبه‪ ،‬وتنظيم‬ ‫العالقات الفلسطينية ـ اللبنانية قانونياً‬ ‫وسياسياً واقتصادياً وأمنياً‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يستدعي استئناف احلوار وإقرار احلقوق‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬فهذا هو الطريق الوحيد الذي‬ ‫يعزز موقف الالجئني الفلسطينيني‬ ‫الرافضني جلميع مشاريع التوطني‬ ‫والتهجير‪.‬‬ ‫و”منبر التوحيد” تلقي الضوء على‬ ‫أوضاع مخيم عني احللوة وحاورت العميد‬ ‫منير املقدح (أبو حسن) مسؤول الكفاح‬ ‫املسلح الفلسطيني في مخيم عني احللوة‬ ‫لعلها تضع النقاط على احلروف لنحسن‬ ‫قراءة ما يجري في مخيم عني احللوة‪ .‬وهنا‬ ‫نص احلوار‪:‬‬


‫ـ ما هي أسباب التوتر املتكرر في مخيم عني‬ ‫احللوة‪ ،‬وتزايد اإلشكاالت الفردية التي تتطور‬ ‫لتهدد الوضع واالستقرار في اخمليم؟‬ ‫ـ بداية نحن جزء من هذا البلد الشقيق لبنان‪،‬‬ ‫إن تعافى لبنان تعافت اخمليمات‪ ،‬اخمليمات التي‬ ‫تعيش حالة من البؤس واحلرمان‪ ،‬فمخيم عني‬ ‫احللوة يعيش فيه “‪ ”80000‬الجئ فلسطيني على‬ ‫مساحة كيلومتر مربع واحد‪ ،‬ومساحة اخمليم هي‬ ‫ذاتها لم تزد مساحتها منذ النكبة في العام‬ ‫‪ 1948‬حينما أنشئ اخمليم‪ ،‬وحينها كان عدد‬ ‫سكانه “‪ ”15000‬الجئ‪.‬‬ ‫اإلشكاالت التي حتصل في اخمليم في معظمها‬ ‫فردية‪ ،‬وتتطورإلى اشتباك أو إطالق نار محدود‪،‬‬ ‫نسارع جميعا كقوى وفصائل وطنية وإسالمية‬ ‫وفاعليات إلى تطويقه‪.‬‬ ‫ورغم وجود بعض األفراد غير املنضبطني‪ ،‬ولكن‬ ‫الوضع حتت السيطرة ونعمل على إيجاد آليات‬ ‫عملية من أجل أمن أهلنا وسالمتهم في اخمليم‬ ‫واجلوار‪.‬‬ ‫وإننا نطالب باإلسراع في عودة احلوار اللبناني ـ‬ ‫الفلسطيني على أرضية احلقوق والواجبات وعلى‬ ‫أرضية رفض التهجير والتوطني‪ ،‬ورفع الظلم الواقع‬ ‫على الفلسطينيني في لبنان نتيجة حرمانهم من‬ ‫حقوقهم املدنية واالجتماعية واإلنسانية‪.‬‬ ‫عني احللوة عاصمة الالجئني الفلسطيني في‬ ‫الشتات ولذلك جند دائما العني مركزة عليها‪،‬‬ ‫ونخشى من بعض التدخالت اإلقليمية الدولية‬ ‫التي تريد أن يبقى امللف الفلسطيني في‬ ‫الواجهة ومن الزاوية األمنية‪ .‬ومن أجل إثارة الفنت‬ ‫الداخلية ومع اجلوار‪.‬‬

‫ضبط الوضع‬ ‫ـ ما هي اإلجراءات املتخذة بالتوافق مع كل‬ ‫القوى لوضع ح ّد لكل اإلشكاالت التي حتصل‬ ‫في اخمليم ولضبط األوضاع‪ ،‬وما هو دور حركة‬ ‫فتح وهي الفصيل األكبر؟‬ ‫ـ هناك إطار جامع مشكل في مخيم عني‬ ‫احللوة وهي “جلنة املتابعة الفلسطينية” تتكون من‬ ‫القوى والفصائل املوجودة في اخمليم‪ ،‬وهي “فصائل‬

‫شعبنا وأهلنا وتأمني أمنهم وأمن اجلوار‪.‬‬

‫االوضاع املعيشية‬

‫منظمة التحرير الفلسطينية” و”قوى التحالف‬ ‫الفلسطيني” و”القوى اإلسالمية” و”أنصار اهلل”‪،‬‬ ‫وهي تعمل على حل اإلشكاالت التي حتصل في‬ ‫اخمليم‪ ،‬واليوم ّ‬ ‫شكلنا قوة أمنية ومن جميع القوى‬ ‫والفصائل في اخمليم من أجل طمأنة أهلنا في اخمليم‬ ‫واجلوار ومن أجل ردع أي مسيء‪ ،‬ويأتي تشكيل هذه‬ ‫القوة بعد سلسلة اجتماعات عقدت بني جلنة‬ ‫املتابعة ورئيس جلنة الطوارئ الفلسطينية العليا‬ ‫التي يرأسها اللواء كمال مدحت‪ ،‬وكذلك بعد توافق‬ ‫بني كل األطر من منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫وقوى التحالف الفلسطيني والقوى اإلسالمية‬ ‫وأنصار اهلل‪ ،‬وهذه القوة تتألف من ‪ 17‬ضابطاً‪،‬‬ ‫ومن كل فصيل ضابط‪ ،‬والقوة مبدئيا ً تتكون من‬ ‫‪ 40‬عنصراً‪ ،‬باإلضافة إلى الـ”‪ ”17‬ضابطاً” والكفاح‬ ‫املسلح الفلسطيني سيكون الى جانب هذه القوة‬ ‫ويساندها في أي حلظة يطلب منه‪ ،‬ستنتشر على‬ ‫شكل نقاط في كل أرجاء اخمليم‪.‬‬ ‫حركة فتح هي كبرى الفصائل الفلسطينية‬ ‫وتلعب دورا كبيرا من أجل طمأنة شعبنا في‬ ‫اخمليم من أجل إجناح أي عمل جماعي يصب في‬ ‫مصلحة اخمليم واجلوار‪ ،‬وهناك توجيهات واضحة‬ ‫من األخ عباس زكي ممثل اللجنة التنفيذية‬ ‫ملنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان‪ ،‬عضو‬ ‫اللجنة املركزية حلركة فتح‪ ،‬بالعمل على إجناح‬ ‫أي اتفاق أو تشكيل أي قوة تصب في مصلحة‬

‫نطالب باإلسراع في عودة الحوار‬ ‫اللبناني ـ الفلسطيني على أرضية الحقوق والواجبات‬ ‫ورفض التهجير والتوطين‪ ،‬ورفع الظلم الواقع‬ ‫على الفلسطينيين في لبنان نتيجة حرمانهم‬ ‫من حقوقهم المدنية واالجتماعية واإلنسانية‬ ‫‪31‬‬

‫ـ رغم األوضاع املعيشية الصعبة في مخيم‬ ‫عني احللوة واالكتظاظ السكاني والبطالة‪،‬‬ ‫والوضع األمني املتقلب‪ ،‬هناك من يراهن على‬ ‫حكمة القيادة الفلسطينية في اخمليم وأنتم‬ ‫على رأسها‪ ،‬ما هي خططكم في التعبئة‬ ‫والتوجيه للخروج من احلالة الراهنة؟‬ ‫ـ إن األوضاع املعيشية الصعبة في مخيم‬ ‫عني احللوة ونسبة البطالة التي تصل الى ‪%70‬‬ ‫واحلرمان من احلقوق املدنية واالجتماعية وتلحرمان‬ ‫من التملك‪ ،‬أسباب جتعل من الفلسطيني يعيش‬ ‫حياة قاسية وصعبة‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬ورغم محاولة‬ ‫البعض تصوير اخمليم على انه جزيرة أمنية‪ ،‬إال أننا‬ ‫كقوى موجودة في اخمليم‪ ،‬فصائل منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية والقوى اإلسالمية وقوى التحالف‬ ‫وأنصار اهلل‪ ،‬متفقون على رفض كل من ال يحمل‬ ‫أجندة فلسطينية‪ ،‬وكل من يريد العبث بأمن اخمليم‬ ‫مرفوض بيننا‪ ،‬وال ميكن ألبناء اخمليم استقباله‪،‬‬ ‫ونحن في الكفاح املسلح الفلسطيني نحرص‬ ‫دائما على خدمة شعبنا وأهلنا وتأمني األمن لهم‪،‬‬ ‫وهذه املؤسسة الفلسطينية الشرعية حتظى‬ ‫بدعم جميع القوى في اخمليم‪.‬‬ ‫ـ يقال إن هناك أكثر من مرجعية في اخمليم‪،‬‬ ‫هل من توافق‪ ،‬ومن بارقة أمل لتوحيد املرجعيات‬ ‫حتت قيادة موحدة؟‬ ‫ـ نحن في مخيم عني احللوة ومنذ سنوات‬ ‫شكلنا جلنة املتابعة الفلسطينية وهي مؤلفة‬ ‫من كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني‬ ‫ومن كل القوى والفصائل في اخمليم‪ ،‬وهي تعمل‬ ‫بشكل جماعي منذ سنوات على مواجهة كل‬ ‫التطورات واألحداث واإلشكاالت التي حتدث في‬ ‫اخمليم‪ ،‬واستطاعت حل الكثير منها وتطويق ذيول‬ ‫الكثير من األحداث‪ ،‬ونحن اليوم قد شكلنا قيادة‬ ‫القوة األمنية وغرفة عمليات هذه القوة‪ ،‬وهي‬ ‫مؤلفة من كل األطر والفصائل والقوى املوجودة‬ ‫في اخمليم‪ ،‬هذا عمل جماعي نسعى إلى تطويره‪.‬‬ ‫ـ هل تعتقدون أن الوضع األمني مرتبط‬ ‫بأجندات خارجية صهيونية وأميركية ال تريد‬ ‫للشعبني الفلسطيني واللبناني االستقرار؟‬ ‫ومن يفتعل اإلشكاالت؟‬ ‫ـ نعم هناك قوى خارجية تستهدف القضية‬ ‫الفلسطينية وتستهدف لبنان‪ ،‬تستهدف قضية‬ ‫الالجئني وحق العودة‪ ،‬وتسعى دائما إلى خلق‬ ‫الفنت واحلوادث عبر أدوات لها‪.‬‬ ‫ولكني أرى ان املشروع األميركي اإلسرائيلي في‬ ‫املنطقة أخذ بالتراجع وسوف يفشل وتنتصر إرادة‬ ‫الشعوب وسينتصر شعبنا في حتقيق عودته إلى‬ ‫أرضه وأرض آبائه وأجداه في فلسطني‪ ،‬وسوف يقيم‬ ‫دولته املستقلة وعاصمتها القدس الشريفة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬أدهم محمود‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫العالقات الدبلوماسية اللبنانية ـ السورية ال تلغي المجلس األعلى اللبناني ‪ -‬السوري‬

‫الرئيس حافظ األسد اعترف بلبنان ورفض دعوات‬ ‫لضمه أو لوحدة كونفدرالية‬ ‫وأخيرا ً ارتاح أصحاب شعار”لبنان أوالً”‪ ،‬وحاملو‬ ‫الفكر االنعزالي‪ ،‬بإقامة عالقات دبلوماسية بني‬ ‫لبنان وسوريا‪ ،‬وكأنهم بذلك يحققون نصرا ً‬ ‫سياسياً‪ ،‬في وقت يتجه العالم إلى الوحدات‬ ‫الكبرى القومية أو القارية‪ ،‬وفتح احلدود‪ ،‬وتوسيع‬ ‫التجارة احلرة‪ ،‬وعوملة الكون‪ ،‬بحيث يتقدم الشأن‬ ‫االقتصادي على ما عداه‪.‬‬ ‫فالدول العربية التي جزأها االستعمار جلأت‬ ‫إلى إعادة التعاون في ما بينها‪ ،‬مثل مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي‪ ،‬وإحتادا ً كاملغرب العربي الكبير‪،‬‬ ‫أو تنسيقا ً اقتصاديا ً في وادي النيل بني مصر‬ ‫والسودان‪ .‬وحده املشرق العربي يتجه نحو مزيد‬ ‫من التفتيت والتقسيم واالنعزال‪ ،‬نتيجة للمؤامرة‬ ‫التي بدأت في معاهدة سايكس ‪ -‬بيكو عام‬ ‫‪ 1916‬بني فرنسا وبريطانيا املستعمرتني‪ ،‬متهيدا ًُ‬ ‫لوعد بلفور الذي وهب فلسطني دون وجه قانوني‬ ‫وطني وحقوقي دولي وإنساني لليهود‪ ،‬ومنذ‬ ‫ذلك التقسيم للمشرق العربي والوعد املشؤوم‪،‬‬ ‫تستمر أعمال التجزئة‪ ،‬وافتعال مشاكل احلدود‪،‬‬ ‫لتقوم “إسرائيل الكبرى”‪ ،‬أو خللق “الشرق األوسط‬ ‫اجلديد” الذي ّ‬ ‫بشر به الرئيس اإلسرائيلي احلالي‬ ‫شيمون بيريز‪ ،‬وتبناه كمشروع الرئيس األميركي‬ ‫جورج بوش وفريقه من “احملافظني اجلدد”‪.‬‬ ‫ففي زمن االستعمار الفرنسي‪ ،‬أو ما كان‬ ‫يسمى ملطفا ً االنتداب‪ ،‬كانت املصالح اللبنانية‬ ‫ـ السورية واحدة‪ ،‬في العملة (مصرف لبنان‬ ‫وسوريا)‪ ،‬واجلمارك واحدة‪ ،‬واجليش (الكلية احلربية‬ ‫في حمص)‪ ،‬ولم تكن هناك حدود بني البلدين‪،‬‬ ‫وكان الفكر القومي الوحدوي متقدما ً على كل‬ ‫دعوة النسالخ الدولتني حتت عنوان االستقالل‪،‬‬ ‫الذي أعطته فرنسا لكل منهما وبقيت مسألة‬ ‫ترسيم احلدود قائمة‪ ،‬حيث تتداخل األراضي‪،‬‬ ‫وتقوم بلدات وقرى في اجلانبني‪ .‬فالقرى اللبنانية‬ ‫داخل األرض السورية تفوق العشرين حتى اآلن‪،‬‬ ‫ولم ينظر إلى هذا املوضوع من زاوية العالقات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية التي جتمع بني الشعبني‪،‬‬ ‫وحتولهما الطبيعة واجلغرافية والتواصل العائلي‬ ‫واالجتماعي والتكامل االقتصادي شعبا ً واحداً‪.‬‬ ‫فمنذ استقالل لبنان وسوريا‪ ،‬وبعدما أجنز‬ ‫اللبنانيون تسويتهم التاريخية في صيغة عام‬ ‫‪ ،1943‬بأن ال يكون لبنان مقرا ً للغرب وللشرق‪،‬‬ ‫لم ينته الصراع حول هوية لبنان وال نهائية‬ ‫كيانه‪ ،‬وقد تسبب ذلك بأزمات وحروب أهلية‪،‬‬ ‫ولعبة محاور عربية وإقليمية ودولية‪ ،‬إلى أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫استمرار التنسيق والتعاون‬

‫حصلت التسوية في الطائف وصدر اتفاق عن‬ ‫النواب اللبنانيني الذين اجتمعوا في هذه املدينة‬ ‫السعودية‪ ،‬أقر بأن لبنان وطن نهائي ألبنائه‪ ،‬كما‬ ‫أكد على إقامة عالقات مميزة مع سوريا‪ ،‬ألنها هي‬ ‫الدولة العربية التي لها حدود برية مع لبنان بنحو‬ ‫‪ 250‬كلم‪.‬‬ ‫وقد اعترفت سوريا بنهائية الكيان‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أنه يتناقض مع عقيدة حزب البعث العربي‬ ‫االشتراكي الذي ال يعترف بحدود التجزئة التي‬ ‫أقامها االستعمار‪ ،‬ومثله أحزاب قومية عربية‬ ‫وسورية وقوى ناصرية وشخصيات عروبية‪ ،‬لكن‬ ‫الظروف السياسية الداخلية‪ ،‬واحلرب األهلية‬ ‫املفروضة على اللبنانيني‪ ،‬فرضت التعاطي مع‬ ‫الواقع السياسي‪ ،‬وأكد الرئيس السوري الراحل‬ ‫حافظ األسد على نهائية الكيان اللبناني‬ ‫واعترافه به‪ ،‬وكانت توجه إليه تهمة أنه يسعى‬ ‫إلى ضم لبنان إلى سوريا ألنه يريد حتقيق “سوريا‬ ‫الكبرى”‪ ،‬كما قال الرئيس األميركي األسبق‬ ‫رونالد ريغان في الثمانينيات‪ ،‬ومثله أعلن قادة‬ ‫العدو اإلسرائيلي وغيرهم من زعماء في العالم‪،‬‬ ‫وكان الرد السوري عليهم‪ ،‬أن سوريا ال تريد ذلك‬ ‫رغم إميانها العقائدي بأن لبنان جزء من أمة عربية‬ ‫كما غيره من الدول العربية‪ ،‬ورفض الرئيس األسد‬ ‫دعوات وجهت إليه إلقامة وحدة بني لبنان وسوريا‪،‬‬ ‫وحتديدا ً من قيادات مسيحية من أبرزها كميل‬

‫‪32‬‬

‫شمعون وبيار اجلميل‪ ،‬طالبوه في عام ‪1976‬‬ ‫بإقامة وحدة كونفدرالية بني البلدين وضم األردن‬ ‫إليها‪ ،‬لكن األسد امتنع عن تلبية ما يطلبونه‬ ‫وكان يؤكد احترامه لسيادة لبنان واستقالله‪.‬‬ ‫وكان دخول القوات السورية إليه‪ ،‬لوقف احلرب‬ ‫األهلية فيه‪ ،‬ومنع تقسيمه كي ال يتحول إلى‬ ‫“إسرائيل ثانية”‪ ،‬بعدما انكشف اخملطط بإقامة‬ ‫دويالت طائفية ومذهبية‪ ،‬وهذا ما حدث إلى حد‬ ‫كبير أثناء الغزو الصهيوني للبنان وبعده‪ ،‬وقد‬ ‫شجعت إسرائيل بشير اجلميل على إقامة دويلته‬ ‫من “جسر كفرشيما إلى املدفون”‪.‬‬ ‫فسوريا كانت تاريخيا ً تطالب بإقامة عالقات‬ ‫دبلوماسية مع لبنان منذ عام ‪ ،1943‬تاريخ‬ ‫استقالل لبنان‪ ،‬وبعد إنشاء اجلامعة العربية عام‬ ‫‪ ،1946‬وفي عهد الرئيس السوري جميل مردم بك‬ ‫حيث اعترف باستقالله‪ ،‬ومن ثم بعد فك االرتباط‬ ‫االقتصادي بني البلدين في عام ‪ ،1950‬وإقامة‬ ‫نقاط حدودية بينهما‪ .‬وكان الرفض يأتي من لبنان‬ ‫ومن مسؤولني فيه‪ ،‬العتبارات لها عالقة بأن ال‬ ‫حاجة لهذه العالقات ما دام هناك اعتراف بلبنان‬ ‫الكيان كدولة‪ ،‬وأن تنظيم العالقات متر مبكاتب‬ ‫اتصال مشتركة‪ ،‬وقد اعتمدت هذه الصيغة‬ ‫بينهما لرعاية مصالح اللبنانيني والسوريني‪،‬‬ ‫وتطورت إلى اجمللس األعلى اللبناني ـ السوري بعد‬ ‫اتفاق الطائف الذي أرسى العالقات على أسس‬


‫مؤسساتية بدال ً من العالقات الشخصية التي‬ ‫كانت طاغية ومؤثرة في كثير من األحيان‪ ،‬وهي‬ ‫التي تسببت بحصول ارتكابات وأخطاء أساءت‬ ‫إلى الدولتني‪ ،‬ودمرت عمالً بدأ يتجه نحو عقد‬ ‫اتفاقيات تعنى بشؤون التبادل التجاري وتنقل‬ ‫األفراد والسيارات واالهتمام بالتعاون العسكري‬ ‫واألمني بني اجليشني واألجهزة األمنية‪ ،‬وتكثيف‬ ‫النشاطات الثقافية والتربوية وتعميق التواصل‬ ‫بني الشعبني‪ ،‬ومت حتقيق إجنازات في هذا اجملال‪ ،‬إال‬ ‫أن الشق األمني تقدم على الشق االقتصادي في‬ ‫العالقات‪ ،‬فلم يكن ينظر إليها من منظار ما‬ ‫كان يتبادله البلدان من صادرات على مختلف‬ ‫الصعد‪ ،‬بل ما كان يجري في عنجر مركز‬ ‫اخملابرات السورية‪ ،‬هو الذي استحوذ على‬ ‫االهتمام سلبا ً أو إيجاباً‪.‬‬ ‫وقبل خروج القوات السورية وأجهزتها‬ ‫األمنية من لبنان‪ ،‬اتفق البلدان عبر اجمللس‬ ‫األعلى اللبناني ـ السوري‪ ،‬وفي اجتماع عقد‬ ‫في دمشق بتاريخ ‪ 5‬آذار ‪ ،2005‬على إقامة‬ ‫عالقات دبلوماسية وعلى انسحاب القوات‬ ‫السورية‪ ،‬وقد ن ُّفذ الشق املتعلق بإنهاء الوجود‬ ‫العسكري السوري في ‪ 26‬نيسان من العام‬ ‫نفسه‪ ،‬لكن الشق الدبلوماسي كان منتظرا ً‬ ‫أن تنفذه احلكومة التي تنبثق بعد االنتخابات‬ ‫النيابية‪ ،‬لكن اخلالفات السياسية التي عصفت‬ ‫بها أخّ رتها‪ ،‬وانتظرت دمشق تأليف حكومة‬ ‫وحدة وطنية بعد انتخاب رئيس للجمهورية‪ ،‬توقيع اقامة عالقات دبلوماسية‬ ‫لإلعالن عن التبادل الدبلوماسي‪ ،‬وقد وفت‬ ‫بوعدها في أول قمة عقدت بني الرئيسني السوري اللبنانية‪ ،‬كما في قضايا املنطقة‪ ،‬واستشعر‬ ‫بشار األسد واللبناني ميشال سليمان‪ ،‬حيث فريق األغلبية النيابية أنه بدأ يخسر حلفاءه‬ ‫أعلن عن إقامة عالقات دبلوماسية‪ ،‬و ُوضعت آلية الدوليني ولم يعد حللفائه العرب أي تأثير مع تقدم‬ ‫لذلك‪ ،‬وهذا األمر حصل نتيجة قرار سوري‪ ،‬وليس دور سوريا العربي واإلقليمي والدولي‪.‬‬ ‫فسوريا التي اعترفت بلبنان الكيان‪ ،‬ال يؤثر‬ ‫كما ذكر بالضغط الدولي واإلقليمي والعربي‪ ،‬وال‬ ‫تنفيذا ً لشعارات قوى ‪ 14‬شباط التي اعتبرت أنها عليها التبادل الدبلوماسي‪ ،‬ألن االعتراف بالدول‬ ‫حققت نصرا ً سياسيا ً بتحقيق أحد مطالبها‪ ،‬قانونا ً ال يعني بالضرورة إقامة عالقات دبلوماسية‪،‬‬ ‫ولكنها عادت وانقلبت عليه‪ ،‬عندما مت التوقيع وهي التي كانت تقطع مع أي توتر بني الدول‪ ،‬أو‬ ‫بني وزيري خارجية البلدين على إقامة السفارات اكتشاف مؤامرات في ما بينها‪ .‬وإن تطور العالقات‬ ‫وتبادل السفراء‪ ،‬وبدأت تتخوف‪ ،‬ال سيما وزراء الدبلوماسية بني لبنان وسوريا مرتبط مبدى‬ ‫احلزب التقدمي االشتراكي ونوابه وحلفاءه‪ ،‬من التزام قوى ‪ 14‬شباط بها وعدم تعكيرها‪ ،‬حيث‬ ‫أن تتحول السفارة السورية إلى مركز للمخابرات ال يبدو أنها مستعدة للتخلي عن فكرة تغيير‬ ‫أو إلى “مربع أمني”‪ ،‬وأقلقهم هذا األمر‪ ،‬وباتوا‬ ‫يلعنون الساعة التي فكروا فيها في إقامة‬ ‫العالقات الدبلوماسية‪ ،‬ألن في ظنهم أن عنجر‬ ‫و”البوريفاج” سيتكرران كمقرين للمخابرات‪ ،‬وقد‬ ‫ظهرت أمامهم صور وجود ضباط أمثال اللواء‬ ‫رستم غزالي أو العميد جامع جامع أو العميد‬ ‫محمد خلوف وغيرهم‪ ،‬وهؤالء الضباط كانوا في‬ ‫لبنان ألسباب أمنية تتعلق باحلرب األهلية‪ ،‬وقد‬ ‫ساعدوا على تثبيت األمن وحتقيق السلم األهلي‪،‬‬ ‫وإن من يخشى عودتهم عبر السفارة‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫مستبعد‪ ،‬فألنه قلق من أنه سينكشف من‬ ‫جديد من خالل العمل مع أجهزة االستخبارات‬ ‫السورية‪ ،‬كما كان دوره في السابق‪ ،‬وقد نقلوا‬ ‫عملهم إلى سفارات أخرى وحتديدا ً السفارة‬ ‫األميركية‪ ،‬حيث اشتهر السياسيون اللبنانيون‬ ‫وقادة أحزاب في العمل معها وكتابة التقارير‬ ‫لها ولسفارات أخرى‪ ،‬وهو الدور الذي مارسوه مع‬ ‫عنجر و”البوريفاج”‪.‬‬ ‫فقوى ‪ 14‬شباط لم حتقق فوزا ً في إقامة‬ ‫العالقات الدبلوماسية بني لبنان وسوريا‪ ،‬وهي‬ ‫لن تستفيد سياسيا ً من ذلك ال على املستوى‬ ‫الداخلي وال على الصعيد الدولي‪ ،‬وقد أرخت‬ ‫بنتائج إيجابية على سوريا‪ ،‬وعاد التواصل معها‬ ‫دوليا ً وعربياً‪ ،‬وأثبتت أنها مفتاح احلل في األزمة‬

‫قوى ‪ 14‬شباط‬

‫تنسفها بدعم المعارضة‬ ‫السورية واالدعاء‬

‫ان السفارة ستكون‬ ‫مقراً للمخابرات‬ ‫‪33‬‬

‫النظام في سوريا وإسقاطه‪ ،‬وهذا ما كشف‬ ‫عنه النائب وليد جنبالط‪ ،‬وما زال هو وفريقه‬ ‫وحلفاؤه يرفعون لواء العداء لسوريا‪ ،‬ويدعمون‬ ‫املعارضة في سوريا ضد قيادتها‪ ،‬حيث كشف‬ ‫الرئيس األسد أن هذه القوى تتعاون مع إرهابيني‬ ‫قاموا بعمليات اغتيال وتفجير داخل سوريا‪ ،‬وهذه‬ ‫مسألة خطيرة ستبقي العالقات متوترة بني‬ ‫الدولتني‪ ،‬إذا لم يحسم رئيس اجلمهورية العماد‬ ‫ميشال سليمان األمر‪ ،‬وين ّبه هؤالء إلى أنهم في‬ ‫سلوكهم هذا‪ ،‬يدفعون بلبنان إلى حرب أهلية‪،‬‬ ‫وإلى قطيعة مع سوريا وإقفال احلدود معها‪،‬‬ ‫فيختنق اللبنانيون اقتصادياً‪ ،‬وقد قرر الرئيس‬ ‫سليمان أن يقوم هو شخصيا ً برعاية العالقات‬ ‫اللبنانية ـ السورية‪ ،‬وهو أعطى توجيهاته‬ ‫إلى قيادة اجليش للتنسيق مع اجليش السوري‪،‬‬ ‫فذهب قائد اجليش العماد جان قهوجي وقبله‬ ‫مدير اخملابرات العميد ادمون فاضل إلى سوريا‪،‬‬ ‫ومت االتفاق على استمرار التعاون والتنسيق‬ ‫الذي أنتج اكتشاف شبكات إرهابية‪ ،‬تبني‬ ‫إلحداها التي يترأسها عبد الغني جوهر‬ ‫عالقة بالتفجير الذي أصاب أحد أحياء‬ ‫دمشق بالقرب من مقام السيدة زينب على‬ ‫طريق املطار‪ ،‬كما أن التعاون األمني توصل‬ ‫إلى رفض أن يكون لبنان مكاناً للتآمر على‬ ‫سوريا‪ ،‬بعدما ازداد عدد املعارضني السوريني‬ ‫الذين أحتضنهم “تيار املستقبل” واحلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي‪ ،‬وفتحت لهم املقرات‪،‬‬ ‫كمأمون احلمصي (هرب أخيراً)‪ ،‬ومراكز تدريب‬ ‫جلماعة رفعت األسد وابنه رئبال في الشمال أو‬ ‫لإلخوان املسلمني الذين زار مرشدهم صدر الدين‬ ‫البيانوني لبنان مرات عدة واستضافه جنبالط‬ ‫في اخملتارة‪ .‬وقد بدأ التعاون يثمر تضييق اخلناق‬ ‫على املعارضني السوريني واعتقال أحدهم‪ ،‬ألن‬ ‫نشاطهم التخريبي تسرب إلى سوريا التي‬ ‫عززت إجراءاتها على احلدود مع لبنان للحد‬ ‫منهم‪ ،‬ونسقت األمر مع اجليش اللبناني‪.‬‬ ‫وإن إقامة عالقات دبلوماسية لن يلغي اجمللس‬ ‫األعلى للبناني ـ السوري‪ ،‬حيث هناك اجتاه ألن‬ ‫يستمر في عمله جلهة متابعة االتفاقيات‬ ‫بني الدولتني وإعادة تقومي لها وإدخال تعديالت‬ ‫عليها إذا رأى الطرفان ضرورة‪ ،‬وتكون مهمته‬ ‫محصورة في الشأن االقتصادي‪ ،‬وال يناقض‬ ‫العمل الدبلوماسي للسفارتني‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫تتبعه دول عديدة تقيم عالقات دبلوماسية في‬ ‫ما بينها‪ ،‬ولديها مجالس تعاون‪ ،‬مثل مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي عربياً‪ ،‬واالحتاد األوروبي أوروبياً‪.‬‬ ‫وهكذا يخطو لبنان وسوريا خطوات نحو‬ ‫عالقات دبلوماسية‪ ،‬وستتعزز بترسيم احلدود‬ ‫التي لن تكون عائقاً أمام الشعبني في أن‬ ‫يطوّرا عالقتهما باجتاه متتني الدورة االقتصادية‬ ‫بينهما‪ ،‬مما يؤكد على وحدة احلياة اجلامعة التي‬ ‫لن يعيقها قيام سفارتني وتبادل سفراء‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الملف‬

‫الرأسمالية ومصيرها في آراء خبراء‬

‫تضاربت آراء اخلبراء حول ما ّ‬ ‫خلفته األزمة املالية األميركية‬ ‫الزاحفة إلى دول العالم أجمع من تداعيات‪ ،‬فمنهم من يرى فيها‬ ‫انهيار للرأسمالية وأفول لنجم الواليات املتحدة عن الساحة‬ ‫العاملية اقتصادياً وسياسياً‪ ،‬فسارع هؤالء إلى نعي النظام‬ ‫الرأسمالي وإعالن نهاية عالم القطب األوحد والتهليل لعالم‬ ‫متعدد األقطاب‪ .‬وذهب البعض في اجتاه االستهزاء بالرئيس جورج‬ ‫بوش العتقاده بوجود أعداء خارجيني يحاولون القضاء على بالده‬ ‫في الوقت الذي حتمل فيه هي نفسها داءها القاتل‪“ ،‬النظام‬ ‫الرأسمالي”‪ ،‬بعدما استوهمت وأعلنت انتصار هذا النظام على‬ ‫االشتراكية السوفياتية املتداعية‪ .‬فبرأيهم بعد سنوات طويلة من‬ ‫رفع شعار «دعوا السوق تعالج أزماتها بنفسها» أي من دون تدخل‬ ‫الدولة‪ ،‬سقط الفكر املسمى فكر «الرأسمالية اجلديدة»‪ ،‬أو فكر‬ ‫«الليبراليني اجلدد»‪ ،‬فإفالس «وول ستريت» لم يكن بضعة مصارف‬ ‫بل فكر «الرأسمالية اجلديدة» ذاته‪ .‬فالرأسمالية اجلديدة بدت‪ ،‬فى‬ ‫رُبْع قرن من الزمان‪ ،‬حقيقة اقتصادية ـ اجتماعية واقعة وراسخة‪،‬‬ ‫فإذا مبهدها فى «وول ستريت» يصبح‪ ،‬بني عشية وضحاها‪ ،‬حلدا ً‬ ‫لها‪ .‬إضافة إلى هذا‪ ،‬أكد العديد من رؤساء دول العالم على احلاجة‬ ‫إلى نظام اقتصادي مالي جديد أكثر عدالً يقوم على تعدد األقطاب‬ ‫وسيادة القانون واألخذ باملصالح املتبادلة‪ ،‬معتبرين أن «عهد‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪34‬‬

‫الهيمنة االقتصادية األميركية» قد ولّى‪ .‬فيما يرى البعض اآلخر‬ ‫في هذه األزمة عملية جتدد للرأسمالية واصفني ما يحصل بعملية‬ ‫إسعاف لالقتصاد بدماء جديدة جتدد نشاطه‪ ،‬باعتبار أن إعادة بناء‬ ‫املؤسسات التي انهارت بسبب األزمة هو الدماء اجلديدة التي‬ ‫ستجري في عروق االقتصاد األميركي لتحافظ له على هيمنته‪.‬‬ ‫وتأكيدا ً على ذلك يستذكرون أزمة الكساد العظيم في عام ‪1929‬‬ ‫التي خرجت منها أميركا قوية اقتصادياً‪ ،‬وكان خير دليل على ذلك‬ ‫اختيار الدوالر من قبل صندوق النقد الدولي عام ‪ 1944‬كعملة‬ ‫ارتكاز‪ .‬وبالتالي يؤكدون أن أميركا كما خرجت باقتصاد قوي من‬ ‫أزمة ‪ 1929‬سيحدث الشيء نفسه بالنسبة لألزمة احلالية‪ .‬لذا‬ ‫لم يروا في أميركا إال امبراطورية أعادت إثبات عظمة قدراتها‬ ‫بعدما بقي الدوالر صامدا ً في ظل تراجع العمالت الكبرى وقدرتها‬ ‫على كبح اندفاعات االقتصادات الكبرى‪ ،‬وال سيما الصني‪ ،‬كما‬ ‫بث الرعب في األسواق املالية العاملية‪.‬‬ ‫بني التأكيد على انطالق قطار االنهيار بال كوابح‪ ،‬متخطياً‬ ‫نقطة الالعودة‪ ،‬واجلزم ببقاء النظام الرأسمالي‪ ،‬ال بل عودته معافى‬ ‫وبقوة أكبر‪ ،‬تستعرض «منبر التوحيد» آراء خبراء إقتصاديني حول‬ ‫مصير الرأسمالية بعدما وضعتها األزمة املالية الزاحفة من‬ ‫أميركا إلى كل العالم على طاولة اجلدل‪:‬‬


‫وزير املالية األسبق‬ ‫د‪ .‬جورج قرم‬ ‫ال إشارة إلى نهاية‬ ‫النظام الرأسمالي‬

‫لم يرَ وزير املالية األسبق واخلبير االقتصادي‬ ‫أي إشارة حتملها هذه األزمة رغم خطورتها‬ ‫واشتدادها إلى نهاية النظام الرأسمالي بأي‬ ‫شكل من األشكال‪ ،‬وذلك ألسباب عديدة‪ ،‬منها‬ ‫بشكل رئيسي عدم وجود البديل الذي ثبت‬ ‫جناحه‪ .‬ويعلل د‪ .‬قرم ذلك بالتالي‪« :‬االشتراكية‬ ‫نظام اقتصادي تربطه أذهان الناس عامليا ً‬ ‫بأساليب حكم دكتاتورية‪ .‬أما القوى املناهضة‬ ‫للعوملة التي كانت تنتقد‪ ،‬وعلى حق‪ ،‬أساليب‬ ‫الرأسمالية فلم تقدم البديل املناسب‪ .‬ما‬ ‫قدمته بدائل جزئية في مواقع حساسة من‬ ‫االقتصاد العاملي كالبيئة واحلمايات االجتماعية‪.‬‬ ‫أعتقد أن هذه األزمة مدخل إلى إصالح النظام‬ ‫الرأسمالي نفسه الذي حتول إلى نظام قرصنة‬ ‫عاملية في العشرين سنة املاضية‪ .‬إال أن األمل‬ ‫في ذلك قليل‪ ،‬فحركة العوملة أنتجت نخبة‬ ‫عاملية تشمل عناصر من كل اجلنسيات واألعراف‬ ‫واألذواق مت تأطير عقلها وصياغة بنيتها في‬ ‫اجلامعات الكبيرة املشهورة عامليا ً والتي أنتجت‬ ‫املئات واآلالف من حاملي شهادات االقتصاد‬ ‫وإدارة األعمال الذين أدخلوا في شبكات الفساد‬ ‫العاملية وأساؤوا في إدارتها لدرجة انهيار بعض‬ ‫األنظمة املصرفية الرئيسية في الدول الغربية‪.‬‬ ‫كما يجب أال ننسى أن الرأسمالية اآلسيوية‬

‫الناشئة سواء في الصني‪ ،‬كوريا‪ ،‬تايوان‪،‬‬ ‫سنغافورة‪ ،‬والرأسمالية االكبر عمرا ً اليابانية هي‬ ‫مبنأى عن االنهيارات املصرفية‪ .‬لكل هذه األسباب‬ ‫ال أرى أننا على وشك انهيار النظام الرأسمالي‪،‬‬ ‫وأنا أعتقد أنه يجب أن يُعمل أكثر فأكثر ألنتاج‬ ‫البدائل والتفكير فيها‪ .‬النجاح في إحالل بدائل‬ ‫يترتب طبعا ً على مدى التفكير اجلماعي الرصني‬ ‫واملعمق جملموع قوى فاعلة سياسية واقتصادية‬ ‫واجتماعية‪ ،‬وهذا ليس بالسهل في الزمن احلالي‪.‬‬ ‫فالنقابات العمالية أضعفت الى أبعد احلدود‪،‬‬ ‫تركز الثروات ال يزال هائالً في أيدي القالئل من‬ ‫الناس الذين ميتلكون كل الوسائط وأساليب‬ ‫االتصال مع الناس العاديني ويلوثون العقول‪،‬‬ ‫ولذلك أعتقد أن املعركة اإلصالحية ستكون‬ ‫معركة طويلة األمد‪ .‬التطور احلاصل هو تطور‬ ‫هام يجب أن تستغله كل القوى اإلصالحية في‬ ‫العالم شرقا ً وغرباً‪.‬‬ ‫وشدد قرم ضرورة إعادة االعتبار لدور الدولة‬ ‫للضبط واملراقبة واإلشراف على األعمال‪ ،‬وخاصة‬ ‫االعمال املالية واملصرفية احمللية والعاملية حيث‬ ‫أكد «أن ما حصل في الثالثني سنة األخيرة هو‬ ‫أن املصارف املركزية انحرفت متاما ً عن مهمتها‬ ‫الرئيسية لتركز فقط على مراقبة التضخم‪،‬‬ ‫زيادة سعر الفائدة أو نقصانها‪ ،‬ونسيت متاما ً‬ ‫اإلشراف على التطورات في أسواق املال واالسواق‬ ‫املصرفية‪ ،‬كما رفضت الواليات املتحدة إدخال‬ ‫أي قيود أو أي نوع من املراقبة على ما يسمى‬ ‫املنتوجات املالية اجلديدة وأجهزة الرقابة‬ ‫املصرفية التي أبدت عجزها الكامل عن املراقبة‪،‬‬ ‫وهذه فضيحة كبيرة‪ .‬كما ان هناك إصالحات‬ ‫في الشأن االجتماعي‪ ،‬فتركز الثروات الهائل‬ ‫في أيادٍ قليلة مع الثروات املادية مع السلطة‬ ‫اإلعالمية والسياسية‪ ،‬كارثة لإلنسانية تلغي‬ ‫آلية الدميوقراطية ومكاسبها‪ ،‬وهذه هي األوجه‬ ‫التي يجب أن تبرزها القوى اإلصالحية‪ ،‬إذ إن تركز‬ ‫ومجاف للمبادئ التي بنيت‬ ‫ٍ‬ ‫السلطة هذا معادٍ‬ ‫عليها فكرة الدميوقراطية‪.‬‬ ‫وبرأي قرم‪ ،‬من يعتقد أن الهيمنة االقتصادية‬ ‫األميركية على العالم قد انتهت‪ ،‬متفائل جداً‪،‬‬ ‫«فالواليات املتحدة تتميز بديناميكية اقتصادية‬ ‫هامة‪ ،‬إضافة الى حيازتها امتياز إصدار العملة‬ ‫الدولية أي الدوالر االميركي‪ ،‬العملة الدولية‬ ‫الوحيدة‪ ،‬وهذا أكبر وسيلة في يدها للسيطرة‬ ‫االستعمارية واالمبريالية الطابع‪ .‬وطاملا لن‬ ‫يكون هناك إصالح شامل لنظام النقد الدولي‬ ‫يلغي امتياز الواليات املتحدة حلق إصدار العملة‬ ‫العاملية دون قيد أو شرط‪ ،‬فإن مصدر قوة كبيرا ً‬ ‫للواليات املتحدة سيبقى موجوداً‪ .‬وباعتقاد قرم‬ ‫أن «الدول التي راكمت احتياطات كبيرة من‬ ‫الدوالر مثل الصني وروسيا ودول اخلليج العربي‬ ‫ودول أخرى‪ ،‬هي أسيرة الواليات املتحدة الى حد‬ ‫ما‪ ،‬فالواليات املتحدة ال تستطيع تسديد ديونها‬ ‫لهم‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫د‪ .‬لويس حبيقة‪:‬‬ ‫النظام الرأسمالي‬ ‫ال يزال حياً ينبض بالقوة‬

‫رأى اخلبير االقتصادي الدكتور لويس حبيقة‬ ‫أن النظام الرأسمالي ال يزال حيا ً ينبض بالقوة‪،‬‬ ‫مصنفا ً األزمة بالعابرة كونها ناجتة من أزمة‬ ‫في إدارة النظام وفي سوء تطبيق القرارات‬ ‫وتعليمات أجهزة الرقابة‪ ،‬وليس من أزمة في‬ ‫النظام الذي وصفه باملمتاز‪ .‬فبحسب حبيقة‬ ‫النظم املصنوعة أصالً من أجل هذا النظام‬ ‫لم متارس‪ ،‬مما أدى إلى «فلتان» النظام من أيدي‬ ‫العاملني فيه‪.‬‬ ‫وال يرى د‪ .‬حبيقة بديالً عن هذا النظام‪ ،‬إذ شرح‬ ‫قائالً‪« :‬كمبدأ النظام الرأسمالي ال يزال أفضل‬ ‫نظام اقتصادي‪ ،‬وأتصور أن النظام سيخرج من‬ ‫هذه االزمة متعافيا ً وقويا ً أكثر‪ ،‬بالطبع األزمة‬ ‫تطلبت ضخ الكثير من املعنويات واألموال في‬ ‫السوق‪ ،‬نظرا ً ملشكلة الثقة التي حلت ولكنها‬ ‫ستستعاد رويدا ً رويداً‪ .‬حصل ما حصل بسبب‬ ‫إهمال أجهزة الرقابة للضوابط في الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬كما أن القوانني لم تطبق‪ .‬كان هناك‬ ‫جشع فظيع من املستثمرين للربح السريع‪،‬‬ ‫هذا ما ضرب األسواق وهم يدفعون ثمنها اآلن‪.‬‬ ‫املستثمرون في البورصة لألسف يدفعون ثمنها‪،‬‬ ‫ومنهم من هم ضحايا كصغار املستثمرين‬ ‫الذين دخلوا في السوق من دون إدراكهم إلى أين‬ ‫هم متوجهون‪ ،‬لذا تضرروا بشكل كبير نسبياً‪.‬‬ ‫وبالتالي ملعاجلة املشكلة يجب اتخاذ خطوات‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫الملف‬ ‫ضمن النظام االقتصادي احلر‪ ،‬تخفف من‬ ‫التقلبات واخملاطر فيه‪ ،‬كوضع تقييم وتطبيق‬ ‫الضوابط‪ ،‬ومحاسبة املسؤولني ووضع سقف‬ ‫للمعاشات والكفاءات التي يعمل عليها رؤساء‬ ‫الشركات‪ .‬هذا ما يعني اإلبقاء على النظام‬ ‫االقتصادي احلر املبني على احلرية االقتصادية‪،‬‬ ‫وتبقى معه كل من البورصة واملصارف‪ ،‬أما‬ ‫«تغيير النظام‪ ،‬أو استبداله» فكالم ليس له‬ ‫معنى‪.‬‬ ‫ولم يتوقع حبيقة انحسار الهيمنة‬ ‫االقتصادية األميركية على العالم‪ ،‬فوفقا ً له‬ ‫«االقتصاد األميركي حجمه ‪ 14‬ألف مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬وبالتالي ليس هناك اقتصاد قريب منه‪،‬‬ ‫كما أنه من حسن حظ االقتصاد األميركي أن‬ ‫االقتصاد األوروبي أرهق أيضاً‪ .‬ومصلحة العالم‬ ‫اليوم أن يتعافى االقتصاد األميركي ويعود‬ ‫إلى توازنه احلقيقي‪ ،‬كما قلت‪ ،‬اقتصادا ً ماليا ً‬ ‫واقتصادا ً حقيقيا ً قوياً‪ ،‬وتعود أميركا لولب‬ ‫االقتصاد العاملي‪ %30( ،‬من االقتصاد العاملي)‪،‬‬ ‫وبالتالي هذا اللولب ال بديل عنه ويجب أن يعود‬ ‫للتحرك طبيعيا ً ملصلحة االقتصاد العاملي‪،‬‬ ‫وإال سيكون هناك انهيار عاملي‪ ،‬ال يظنن أحد أن‬ ‫أميركا تنهار وحدها‪ .‬أميركا املستهلكة األولى‬ ‫ملعظم السلع املنتجة في العالم‪ ،‬وبالتالي‬ ‫بهبوطها تهلك كل قوى العالم وخاصة‬ ‫الدول النفطية‪ ،‬واالقتصاد العربي خاصة‪ ،‬إننا‬ ‫مربوطون بالدوالر بشكل فظيع‪ .‬األسواق اليوم‬ ‫ما زالت ترى أن أميركا ال بديل عنها‪ ،‬الدوالر ال‬ ‫يزال إلى حتسن أمام العمالت األخرى‪ ،‬ال سيما‬ ‫اليورو‪ ،‬مما يعني أن الدوالر سيبقى العملة‬ ‫الدولية األساسية‪ .‬ما البديل عن االقتصاد‬ ‫األميركي؟ هناك الصني إذا بقيت قادرة على‬ ‫احملافظة على من ّوها كما املاضي‪ ،‬حتتاج لـ‪20‬‬ ‫عاما ً ليصبح اقتصادها بحجم االقتصاد‬ ‫األميركي‪ .‬ويسأل حبيقة‪ :‬هل روسيا حتب‬ ‫أن تكون الصني القوة االقتصادية األولى في‬ ‫العالم‪ ،‬هل العالم كله مبا فيه العالم العربي‬ ‫يرتاح لوجود الصني كقوة اقتصادية بدال ً من‬ ‫أميركا؟ من يتشكى من القوة االقتصادية‬ ‫األميركية ال يقدم بديالً‪ ،‬ألن البديل غير جاهز‪،‬‬ ‫أنا ال أرى من يقول إن الصني إذا كانت قوة‬ ‫عاملية العالم فسيكون أفضل‪ .‬ويتابع حبيقة‪:‬‬ ‫«برأيي ال بديل عن أميركا كقوة اقتصادية‬ ‫دولية اليوم‪ ،‬قطاعها املالي سيتحجم بعض‬ ‫الشيء وقطاعها احلقيقي سيتحسن بعض‬ ‫الشيء وستبقى القوة العظمى االقتصادية‬ ‫من دون منازع ولو تابعت اقتصاد الصني من ّوه‪.‬‬ ‫ما ينتج القوة االقتصادية ليس فقط االقتصاد‬ ‫بل احلريات والعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬وكل هذه‬ ‫املواضيع ما زالت أميركا األولى فيها في‬ ‫العالم‪ .‬االقتصاد هو الذي يتحكم بالسياسة‬ ‫واجليش والقوى احلربية‪ ،‬ال تستطيع دولة ذات‬ ‫اقتصاد متعب أن تكون ذات قوة سياسية أو‬ ‫عسكرية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫د‪ .‬إيلي يشوعي‪:‬‬ ‫النظام الرأسمالي براء مما‬ ‫جرى‬

‫يرفض اخلبير االقتصادي د‪ .‬يشوعي إلقاء مسؤولية‬ ‫األزمة على عاتق النظام الرأسمالي‪ ،‬فبنظره هذا‬ ‫النظام بجوهره وطبيعته بعيد كل البعد عن‬ ‫اجلشع والطمع والتوحش في األسواق املالية التي‬ ‫أدت إلى األزمة‪ .‬وشرح د‪ .‬يشوعي قائالً‪ :‬ما حصل أن‬ ‫كل األدوات املالية في أميركا وضعت خارج األنظمة‬ ‫والقوانني وأعفيت بنوك االستثمار األميركية من‬ ‫تكوين احتياطات لديها من أجل تغطية أي خسائر‬ ‫محتملة على استثماراتها‪ ،‬فعدم مراقبة األسواق‬ ‫املالية وعدم وضع أنظمة رادعة لهذه األسواق وأيضا ً‬ ‫قوانني لكبح جماح الطمع واجلشع املاليني‪ ،‬أفسح‬ ‫مكانا ً للحرية املتوحشة واالعتماد عليها‪ ،‬وجاءت‬ ‫العمليات املالية ليشوبها الكثير من املضاربات‬ ‫وكانت تدور حول سلعة معينة وهي العقارات‪.‬‬ ‫فاالميركيون كانوا قد استأجروا أو أرادوا متلك‬ ‫منازل ّركب حولها العديد من العمليات املالية‬ ‫التي حوت الكثير من املضاربات‪ ،‬فالقرض الذي‬ ‫أخذه األميركي لشراء البيت مت تسنيده وحتول إلى‬ ‫سند‪ ،‬وهذا السند مت بيعه من البنوك االستثمارية‬ ‫ومستثمرين آخرين‪ .‬والسند إما احتُفظ به كما‬ ‫هو أو رُهن عندما كانت أسعار البيوت ترتفع‪ ،‬ومال‬ ‫أمن‬ ‫الراهن استعمل في شراء إضافيات‪ ،‬ومنهم من ّ‬ ‫السندات لدى شركات التأمني ألنه كان مضطرا ً ألن‬ ‫يدفع كامل قيمة السندات‪ ،‬وكانت شروط العقود‬ ‫على األميركيني قاسية جداً‪ ،‬فرضت عليهم فوائد‬ ‫عالية مبرحلة الحقة‪ ،‬وغيرها من الضغوط القوية‪،‬‬ ‫وفي ما بعد ارتفعت الفوائد من البنك الفدرالي‬ ‫األميركي‪ ،‬وهذا ما جعل هؤالء يتخلفون عن الدفع‪،‬‬ ‫وانهارت قيمة السندات وحصل ما حصل‪ .‬لذلك‬ ‫بناء سلسلة من العمليات املالية واملصرفية على‬

‫‪36‬‬

‫سلع معينة‪ ،‬إن كانت بيوتا ً أو قمحا أو حديدا أو‬ ‫أي سلعة عاملية أخرى من دون قاعدة أو ضوابط‬ ‫ونظام وقانون هو الذي أوصل العالم كله إلى هذه‬ ‫األزمة اخلطيرة والقوية جداً‪ .‬من الواضح أن النظام‬ ‫الرأسمالي أو اقتصاد السوق براء مما جرى‪ ،‬فاقتصاد‬ ‫السوق يتضمن دورا ً للدولة‪ ،‬دور رعاية ودورا تنظيميا‬ ‫ودور مراقبة‪ ،‬اقتصاد السوق ال يقوم على التوحش‬ ‫والفوضى كما جرى في الواليات املتحدة‪ .‬إذا ً اقتصاد‬ ‫السوق غير مسؤول عما جرى كجوهر وطبيعة‬ ‫نظام‪ ،‬إمنا الفوضى واجلشع والتفلت من أي ضابط‬ ‫أو قانون‪ ،‬كلها أدت إلى هذه األزمة الكبيرة‪.‬‬ ‫قيادة العالم اليوم ميكن أن تنتقل من الواليات‬ ‫املتحدة إلى دول أخرى‪ ،‬رمبا‪ .‬هذه االزمة املالية‬ ‫ستنسحب وانسحبت على االقتصاد احلقيقي في‬ ‫أميركا وأوروبا أيضاً‪ ،‬فهذه االزمة ع ّرضت شركات‬ ‫أميركية كبيرة لإلفالس مثل شركات السيارات‬ ‫مثالً بسبب ضعف مبيعاتها‪ ،‬كما ستعرض‬ ‫من ّو االقتصاد العاملي الى تراجع حاد‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫االقتصاد االميركي الذي من املتوقع أن يبلغ معدل‬ ‫منوه ‪ %0‬في عام ‪ ،2009‬واالقتصادات األوروبية ‪ .%2‬أي‬ ‫ان اقتصادات العالم أجمع ستعاني من تراجع‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد احلليم فضل اهلل‬ ‫ما يشهده العالم‬ ‫نهاية للحقبة النيوليبرالية‬

‫يؤكد نائب رئيس املركز االستشاري للدراسات‬ ‫والتوثيق عبد احلليم فضل اهلل أن االزمة ليست‬ ‫نهاية للنظام الرأسمالي باملعنى العام‪ ،‬وليست‬ ‫أزمة عابرة‪ ،‬اذ إنها أزمة حادة داخل النظام‬ ‫حتد متمثل‬ ‫الرأسمالي الذي يقف اليوم أمام ّ‬ ‫بكيفية مواجهة أقسى أزمة في تاريخه‪ .‬فبالرغم‬ ‫من ضخامة أزمة الكساد الكبير في عام ‪ ،1929‬إال‬


‫ان هذه االزمة تُعتبر أضخم نظرا ً لتطلبها الكثير‬ ‫من موارد العالم وستستهلك الكثير منها‪.‬‬ ‫ويتابع قضل اهلل موضحا ً «الرأسمالية ال‬ ‫تعني شيئا ً واحدا ً بل تعبر عن أشياء متعددة‪،‬‬ ‫فمعناها الكالسيكي شيء والكينزي شيء‬ ‫آخر‪ ،‬الرأسمالية االجتماعية ورأسمالية السوق‬ ‫تختلف عن الرأسمالية الليبرالية والنيوليبرالية‬ ‫وما بعد النيوليبرالية كما شهده االقتصاد‬ ‫االميركي في الفترة االخيرة‪ .‬ايضا ً هناك مناذج‬ ‫مختلفة داخل النظام الرأسمالي‪ ،‬والنموذج‬ ‫االميركي يختلف عن النماذج االخرى‪ .‬اليوم في‬ ‫نهاية احلقبة النيوليبرالية والنموذج االميركي‬ ‫الذي قام على تفضيل االستهالك على االستثمار‪،‬‬ ‫وصدر األزمة وراكم الكثير من األزمات‪ ،‬كلها‬ ‫ّ‬ ‫أسباب عميقة تقف وراء هذه االزمة‪ .‬فالنموذج‬ ‫االميركي قام على اجلمع بني ثالثة أمور ال ميكن‬ ‫اجلمع بينها داخل منوذج واحد‪ ،‬وهي االفراط في‬ ‫االستهالك‪ ،‬خفض الضرائب وإنفاق مبالغ فيه‬ ‫على التسلح واحلرب‪ .‬وهذا انتهى‪ ،‬كما انتهى‬ ‫النموذج املتطرف جلهة منع الدولة من التدخل‬ ‫في احلياة االقتصادية واملالية وترك لها فقط‬ ‫إمكانية التدخل من خالل أدوات السياسة‬ ‫النقدية والسلطة النقدية التي فشلت في‬ ‫استيعاب أزمات كبرى كاالزمة التي بدأ مير بها‬ ‫االقتصاد االميركي منذ عام ‪ 2000‬حتى اليوم مرورا ً‬ ‫مبتطلبات متويل العراق وحرب افغانستان وغيرها‬ ‫من عمليات اإلنفاق الكبرى التي ال ميكن للدولة‬ ‫القيام بها إال اذا استعملت أدواتها االقتصادية‬ ‫واملالية ال النقدية فقط‪ .‬ويضاف الى ذلك فشل‬ ‫منوذج احلرب أو رأسمالية احلرب‪ ،‬اذ كان هناك من‬ ‫يتحدث ان هذه احلروب ستزيد من سلطة أميركا‬ ‫وقوتها‪ ،‬وبالتالي تساهم في حتسني موقعها في‬ ‫العالم وفي زيادة قدرتها التنافسية إزاء اجملموعات‬ ‫االقتصادية االخرى‪ .‬ما تبني هو العكس‪ ،‬فاحلرب‬ ‫استنزفت االقتصاد االميركي وكانت من اسباب‬ ‫االزمة وأدت الى تغيير اجتاهه ونقله من احتماالت‬ ‫االزدهار والنمو الى احتماالت الركود والكساد ومن‬ ‫ثم االزمة‪ .‬وهناك ايضا ً داخل الليبرالية املالية في‬ ‫النموذج االميركي محاولة إطالق حرية االسواق‬ ‫وحتريرها حتى من رقابة السلطات النقدية‪ ،‬اليوم‬ ‫النيوليبرالية بصيغتها االكثر تطرفا ً حاولت حتى‬ ‫أن حترم السلطات النقدية من الرقابة والتدخل‬ ‫وحتى من وضع شروط لالمن امام العمليات داخل‬ ‫االسواق املالية واالسواق النقدية‪ .‬على سبيل املثال‬ ‫عام ‪ 2004‬جلنة الرقابة على البورصة في الواليات‬ ‫املتحدة االميركية حررت املؤسسات املالية من‬ ‫موجب االحتياطي الذي كان مفروضاً‪ ،‬إذ على كل‬ ‫استثمار بقيمة ‪ 12‬دوالرا ً كان يجب أن يكون هناك‬ ‫دوالر واحد مخصص كاحتياطي‪ ،‬أي حوالى ‪ %8‬من‬ ‫مجموعة االستثمارات في االسواق املالية‪ .‬أُلغي‬ ‫وح ّرر املتعاملون في االسواق املالية‬ ‫هذا املوجب ُ‬ ‫منه‪ .‬النيوليبرالية بنسختها االساسية تسمح‬ ‫للدولة بأن تتدخل عبر االدوات النقدية كالفائدة‬ ‫واالحتياط االلزامي والسيولة وغيرها‪ .‬مما أشار‬

‫الى وجود رغبة دفينة لدى القيادة الرأسمالية‬ ‫االميركية الى التحرر من كل انواع الرقابة‪ .‬كل‬ ‫هذه االمور أدت الى هذه االزمة‪ ،‬وبنظري ال ميكن‬ ‫اليوم جتاوز االزمة إال بعد إعادة النظر اجلذري‬ ‫بالركائز التي قامت وتقوم عليها الرأسمالية‪.‬‬ ‫ورأى فضل اهلل «انه ال بد للدولة من أن تستعيد‬ ‫دورها‪ ،‬ليس فقط على الصعيد النقدي واالسواق‬ ‫املالية‪ ،‬بل على صعيد االقتصاد احلقيقي‪ .‬ينبغي‬ ‫توجيه اهتمام أكبر لالقتصاد احلقيقي واالنتاج‬ ‫احلقيقي ألنه هو األساس في إنتاج القيم‪ ،‬فالقيم ال‬ ‫تُنتج في أسواق رأس املال بل يتم تداولها وتفعيلها‬ ‫داخل داخل هذه االسواق والبورصات‪ ،‬فدورالبورصة‬ ‫هو تسهيل نقل القيم والرساميل من مكان إلى آخر‬ ‫ومن جهة الى اخرى‪ .‬ايضا ً ينبغي ان يكون للدولة دور‬ ‫على صعيد تسيير االقتصاد احلقيقي‪ ،‬فدورها يجب‬ ‫أال يقتصر فقط على السياسات النقدية بل ينبغي‬ ‫أن يشمل السياسات النقدية وأيضا ً السياسات‬ ‫املالية كسياسة املوازنة احلكومية‪ ،‬والسياسات‬ ‫االقتصادية العامة ينبغي أن تقوم بدورها للرقابة‬ ‫على حركة الرساميل مبا يتناسب مع احتياجات‬ ‫التنمية وتلبية احتياجات السوق وزيادة القيم‬ ‫الفعلية املعبر عنها بسلع خدمات حقيقية ميكن‬ ‫للمستهلك الوصول اليها‪ .‬كما ال بد من زيادة‬ ‫توسيع قاعدة الشراكة واتخاذ القرار االقتصادي‬ ‫واملالي الدولي‪ ،‬هناك قوى اقتصادية كثيرة صاعدة‬ ‫وهي قوية مبا يكفي ألن تكون شريكة في هذا القرار‪،‬‬ ‫منها الدول اآلسيوية‪ ،‬ومنها بعض الدول العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬ومنها بعض الدول النفطية ودول أخرى‬ ‫صاعدة في سلم االقتصاد الدولي‪ ،‬لكنها ليست‬ ‫شريكة مبا يكفي‪ ،‬أي ليس لها مستوى شراكة‬ ‫يتناسب مع قوتها االقتصادية‪ ،‬أي ينبغي االنتقال‬ ‫من املركزية االقتصادية حيث السلطة االقتصادية‬ ‫تتمركز في أوروبا وأميركا والى حد ما في اليابان‪،‬‬ ‫إلى الالقطبية االقتصادية‪ .‬هناك عدد كبير من‬ ‫االقطاب االقتصاديني في العالم الذين ميكن ان‬ ‫يكونوا شركاء في اتخاذ القرار‪ .‬وال بد ايضا ً من إعادة‬ ‫النظر في القواعد واملبادئ التي تقوم عليها العوملة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬منها ما هو على مستوى حرية تدفق‬ ‫الرساميل حيث ال ميكن ان نؤمن استقرارا ً ماليا ً‬ ‫ونقديا ً في العالم اذا كانت الرساميل تتدفق بهذه‬ ‫احلرية‪ ،‬حرية تدفق الرساميل ح ّولها من رساميل‬ ‫إنتاجية الى رساميل مضاربة تنتقل بالصراعات من‬ ‫مكان الى آخر وتهدد اقتصادات دول ومناطق‪ ،‬واآلن‬ ‫تهدد اقتصاد العالم‪ ،‬وهذا ال يتم إال إذا أعدنا النظر‬ ‫بقواعد تدفق الرساميل عبر العالم‪ ،‬أي انه ال بد من‬ ‫تشديد الرقابة على حركة الرساميل‪ ،‬ليس من أجل‬ ‫تقييد حرية حركتها بل من أجل توجيهه أكثر فأكثر‬ ‫باجتاه االستخدامات اإلنتاجية‪ ،‬ورمبا علينا أكثر أن‬ ‫نعيد النظر بالتعومي الراهن ألسعار العمالت‪ .‬وأنا‬ ‫ال أدعو إلى العودة إلى قواعد برينت وودز التي كانت‬ ‫تفرض قواعد متشددة على حتويل العمالت‪ ،‬لكن أنا‬ ‫أرى أن هذا املوضوع يستحق التفكير‪.‬‬ ‫وعلى الدول التي متتلك احتياطات كبيرة‪ ،‬ومنها‬ ‫دول غير صناعية كالدول النفطية اخلليجية‬

‫‪37‬‬

‫ودول آسيا‪ ،‬إذ لديها ما يقارب ‪ 5‬آالف مليار دوالر‬ ‫لالحتياطات النقدية التي هي األكبر في العالم‪،‬‬ ‫املطلوب من هذه الدول أن تراعي اوال ً مصاحلها‬ ‫كدول ومصالح مناطقها قبل أن تتورط في حل‬ ‫أزمة االقتصاد الرأسمالي في أميركا والى حد ما‬ ‫في أوروبا‪ .‬املطلوب أن يصلح االقتصاد االميركي‬ ‫نفسه حتى ال يبقى كما هواآلن مصدر اعتالل‬ ‫لالقتصاد العاملي ككل‪.‬‬ ‫كما أنه مطلوب النظر في املؤسسات الدولية‬ ‫القائمة اليوم التي لم تعد تنفع بشيء‪ ،‬سواء‬ ‫البنك الدولي أو منظمة التجارة العاملية‪ ،‬اذ‬ ‫إن مبادئ عملهم تعود الى حقبة األمس‪ ،‬برأيي‬ ‫هذه املؤسسات ال حتتاج فقط الى إصالح جذري‬ ‫بل ينبغي استبدالها مبؤسسات أكثر دميوقراطية‬ ‫تراعي مصالح كل الدول وكل الشرائح االجتماعية‬ ‫ال مصالح دول أو شرائح اجتماعية معينة‪ ،‬ال‬ ‫سيما أن االزمة االجتماعية املترتبة على هذه‬ ‫االزمة ينبغي أن تلقى العناية املناسبة‪.‬‬ ‫وأكد فضل اهلل «ان العالم يشهد بداية نهاية‬ ‫الهيمنة االقتصادية على العالم‪ ،‬فأميركا كقوة‬ ‫اقتصادية تراجعت إمكانياتها بعد التدهور املالي‬ ‫واخلسائر الكبيرة التي أصابتها‪ .‬كما هناك تراجع‬ ‫جاذبية النموذج االقتصادي االميركي الذي يقوم‬ ‫على االستهالك واستغالل موارد العالم‪ ،‬إضافة‬ ‫الى التراجع السياسي والعسكري الذي تشهده‬ ‫الواليات املتحدة االميركية‪ .‬نحن ال نستطيع‬ ‫االنتظار حتى تتراجع أميركا بنفسها‪ ،‬يجب أن‬ ‫يكون هناك فريق أو أطراف أو دول تسعى الى‬ ‫تقليص هذه الهيمنة عبر إنتاج بدائلها اخلاصة‬ ‫كدول أو مناطق أو مجموعات اقتصادية‪ ،‬أي حتويل‬ ‫هذا االنحسار العابر الى انحسار دائم‪ .‬هناك أمران‬ ‫تستطيع الواليات املتحدة االستفادة منهما‬ ‫واستغاللهما لتصدير أزماتها وإجبار اآلخرين‬ ‫على دفع أثمان أزماتها‪ ،‬وهما استخدام القوة‬ ‫العسكرية وقوة الدوالر‪ ،‬فالقوة العسكرية كانت‬ ‫تفرض على الدول اتباع سياسات اقتصادية تتنافى‬ ‫مع مصالح تلك الدول وتراعي مصالح الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬اليوم أصبحت أميركا أقل قدرة على‬ ‫استعمال القوة والهيمنة العسكرية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫كسر الهيمنة االقتصادية‪ ،‬العسكرية‪ .‬الدوالر‬ ‫كان وال يزال يلعب دور العملة العاملية‪ ،‬إذ يشكل‬ ‫أكثر من ثلثي االحتياطي الدولي‪ ،‬وما دام هو‬ ‫عملة املعامالت اليومية أكثر من العمالت االخرى‬ ‫فباستطاعة أميركا تصدير أزماتها وإجبار اآلخرين‬ ‫على دفع ثمنها عبر التحكم بقيمة الدوالر‪ ،‬إذا ً‬ ‫حتى تنتهي الهيمنة االقتصادية االميركية هناك‬ ‫شروط وسياسات يجب أن تتبعها الدول وخاصة‬ ‫الدول النامية واالسواق الناشئة وحتى الدول‬ ‫النفطية عبر التخلي عن الدوالر كعملة وحيدة‬ ‫للمبادالت ومنها ان تؤسس مؤسساتها املالية‬ ‫البديلة للمؤسسات العاملية القائمة اليوم‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬وعد أبو ذياب‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫نهج اقتصاد السوق االجتماعي خيار سوريا االستراتيجي وال عودة عنه‬

‫الخبير االقتصادي د‪ .‬عيد أبو سكة لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫تأثير األزمة على سوريا بسيط ال يدعو إلى الذعر‬ ‫طافت حمى أزمة الرهن العقاري في الواليات املتحدة كل بلدان‬ ‫العالم‪ ،‬وشغلت زعماء الدول والقارات الذين تأهبوا منذ اللحظات‬ ‫األولى لألزمة ملواجهتها‪ ،‬داقني ناقوس اخلطر فانهالوا على دراسة‬ ‫اإلجراءات التي ميكن اتخاذها لتجنيب دولهم آثارها التي قد تكون‬ ‫كارثية في كثير من الدول‪.‬‬ ‫من املؤكد أنه لم ولن يكون هناك أي دولة في العالم خارج‬ ‫تأثير هذه األزمة‪ ،‬إذ إن العوملة فرضت انتقال عدواها إلى كل الدول‪،‬‬ ‫كبرى وصغرى‪ ،‬متطورة أو نامية‪ ،‬إال أن هذا التأثير يبقى متفاوتاً‬

‫بني الدول بحسب خصائص اقتصاديتها وانفتاحها على األسواق‬ ‫العاملية ‪...‬‬ ‫«منبر التوحيد» حاولت رصد تأثيرات األزمة على االقتصاد‬ ‫السوري‪ ،‬ال سيما بعد اخلطوات األمامية التي حققها خالل‬ ‫السنوات األخيرة في ظل اخلطة اإلصالحية التي وضعتها احلكومة‬ ‫في ظل مرحلته االنتقالية من اقتصاد قائم على التخطيط‪،‬‬ ‫إلى اقتصاد السوق االجتماعي‪ ،‬وذلك عبر حوار أجرته مع اخلبير‬ ‫االقتصادي د‪ .‬عيد أبو سكة هنا نصه‪:‬‬

‫تأثر سوريا باألزمة مؤكد‬ ‫ما تأثيرات األزمة املالية العاملية على‬ ‫االقتصاد السوري؟‬ ‫مهما حتدثنا عن احلصانة املوجودة فعالً في‬ ‫االقتصاد السوري‪ ،‬إال أن لألزمة املالية العاملية‬ ‫تأثيرا ً أكيدا ً عليه‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬من نتائج‬ ‫هذه األزمة انخفاض أسعار النفط‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يعني بالنسبة لنا انخفاض وتراجع مصدر مهم‬ ‫يتأتّى إليرادات اخلزينة من إنتاج ‪ 380‬ألف برميل‬ ‫نفط يومياً‪ .‬وال صحة ملا يقوله البعض بأننا لم‬ ‫نتأثر باملطلق‪ .‬لقد بدأ االقتصاد السوري منذ‬ ‫بضع سنوات بجملة من اإلصالحات غايتها‬ ‫االندماج باالقتصاد العاملي‪ ،‬ومن هنا‪ :‬نحن ال‬ ‫نعيش في جزيرة معزولة ومن هذا االندماج‬ ‫يأتي التأثر‪ .‬إضافة إلى ذلك فإن أموال السوريني‬ ‫املوجودين في اخلارج وأموال السوريني املقيمني‬ ‫في سوريا (وبعض مصارفنا التي حتتفظ بجزء‬ ‫من موجوداتها في اخلارج) ال نستطيع أن نقول‬ ‫إنها محمية متاما ً من آثار األزمة وارتداداتها بل‬ ‫اخلبير االقتصادي د‪ .‬عيد ابو سكة‬ ‫هي خاضعة لها‪ ،‬خصوصا ً إذا كانت مستثمرة‬ ‫في أسهم األسواق املالية‪.‬‬ ‫لكن أود أن أضيف في هذا السياق‪ :‬إن تأثير األزمة وعمليا ً قامت بتسوية مديونيتها اخلارجية!‪..‬‬ ‫علينا هو تأثير بسيط قد يدعو إلى بعض القلق لكن‬ ‫ال يدعو إلى الذعر الذي تشهده األسواق العاملية‬ ‫املرحلة القادمة أصعب‬ ‫في كل حلظة‪ ،‬وذلك ألسباب عديدة أّهمها‪ :‬ليس‬ ‫لدينا في سوريا بعد سوق لألوراق املالية‪ ،‬ستفتح‬ ‫هل ستعاني األسواق السورية ارتفاعاً في‬ ‫قريبا ً ولكنها ليست سوقا ً للبيع والشراء واملضاربة األسعار‪ ،‬إذ تتزامن األزمة احلالية مع ارتفاع حاد في‬ ‫وسواها‪ ،‬بل هي أشبه مبكتب لالستثمار رديف أسعار املواد الغذائية‪ ،‬مما ينذر مبزيد من املشاكل‬ ‫لهيئة االستثمار‪ ،‬وسيعمل ضمن شروط وضوابط‬ ‫محكمة‪ ..‬نقطة أخرى أود أن أقولها‪ :‬إن حجم عالقتنا الداخلية؟‬ ‫األسواق السورية تعاني ارتفاع األسعار قبل زلزال‬ ‫على صعيد التجارة اخلارجية مع الواليات املتحدة‬ ‫األميركية ضعيف جدا‪ّ ،‬‬ ‫(أقل من ‪ 500‬مليون دوالر وول ستريت وانفجار األزمة املالية العاملية‪ ..‬بل قبل‬ ‫سنويا)‪ ،‬كما ال تعتمد سوريا على القروض اخلارجية‪ ،‬اندالع أزمة الرهن العقاري في آب وأيلول من العام‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪38‬‬

‫الفائت ‪ ..2007‬وميكن القول إنها ازدادت بتفجر‬ ‫أزمة الغذاء العاملي مطلع العام احلالي ‪،2008‬‬ ‫إضافة إلى وجود أسباب سورية داخلية كحدوث‬ ‫اجلفاف وقلة األمطار ووجود بعض السياسات‬ ‫التي ال نتفق (نحن االقتصاديني خارج مطبخ‬ ‫القرارات االقتصادية) مع احلكومة عليها‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمتها رفع الدعم عن املشتقّ ات النفطية!‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫فمما ال‬ ‫لكن‪ ،‬وبغض النظر عن ذلك كله؛‬ ‫ّ‬ ‫شك فيه أ ّن املرحلة القادمة ستكون أصعب‬ ‫من املرحلة املاضية بكثير‪ ،‬علينا وعلى غيرنا‪،‬‬ ‫فاألزمة ستؤدي على مستوى الداخل في سوريا‬ ‫أو باألصح ستساهم‪ ،‬إضافة إلى األسباب التي‬ ‫ذكرتها للتو‪ ،‬في انخفاض القيمة الفعلية‬ ‫للدخل القومي وللقوة الشرائية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫إلى ارتفاع هائل في أسعار املواد األساسية‬ ‫وصعوبة توفير املستورد منها‪ ،‬ويترافق ذلك مع‬ ‫ما هو أخطر‪ ،‬وأعني به التراجع الكبير في أداء‬ ‫املاكينة اإلنتاجية‪ ،‬الزراعية منها والصناعية‪..‬‬ ‫لهذا ندعو منذ اآلن إلى تشكيل خاليا أزمة في‬ ‫ّ‬ ‫كل قطاع بهدف رسم سيناريوهات املواجهة‬ ‫القادمة مع ارتكاسات األزمة العاملية‪.‬‬ ‫وأضيف‪ :‬السياسات االقتصادية خالل‬ ‫السنوات املاضية لم تكن مقنعة وكافية‪،‬‬ ‫فكيف باخملفي األعظم في القادم من األيام‪ ،‬بعد‬ ‫حرائق وول ستريت املمتدة إلى كل أنحاء العالم‪ ..‬إن‬ ‫همنا الرئيسي منذ اآلن هو استمرار صمود سوريا‬ ‫ّ‬ ‫واحلفاظ على وحدتها الوطنية‪.‬‬ ‫ما أثر األزمة على امليزان التجاري السوري نظراً‬ ‫للتغير الذي قد يطرأ على سعر صرف الدوالر في‬ ‫السوق العاملية؟‬ ‫سيزداد عجز امليزان التجاري السوري بسبب‬ ‫هبوط أسعار النفط كما قلت‪ ،‬وكذلك هبوط‬ ‫أسعار القطن والفوسفات والغاز في وقت يتوقع أن‬ ‫تزداد فيه أسعار املواد املستوردة من البلدان املصدرة‬


‫لألزمة واملتأثرة تأثيرا ً مباشرا ً بها‪ ،‬وبالتالي سيزداد‬ ‫معدل التضخم وهذا ما ينعكس سلبا ً على احلياة‬ ‫لكن هذه الظاهرة ليست حكرا ً‬ ‫املعيشية للناس‪ّ ،‬‬ ‫على سوريا وحدها‪.‬‬

‫ربّ ضارة نافعة‬ ‫ما أثر األزمة على سعر صرف الليرة السورية؟‬ ‫ال أعتقد أ ّن لها تأثيرا ً مباشرا ً يذكر هنا‪ ،‬لسبب‬ ‫بسيط هو أ ّن الليرة السورية مرتبطة بس ّلة عمالت‪،‬‬ ‫ولدينا في املصرف املركزي من االحتياطات النقدية‬ ‫ما يكفي ملواجهة نقص السيولة إن حدثت!‪..‬‬ ‫هل ترخي األزمة بظاللها على اخلطط‬ ‫اإلصالحية واخلطة اخلمسية التي متارسها‬ ‫احلكومة السورية؟‪..‬‬ ‫اخلطة اخلمسية العاشرة القائمة حاليا ً‬ ‫(‪2006‬ـ‪ )2010‬خطة تنبئية استشرافية تأشيرية وال‬ ‫عالقة لها بالسوق وباالقتصاد احلقيقي الدائر على‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫هل تنعكس األزمة على حجم القروض التي‬ ‫متنحها املصارف السورية لزبائنها؟‬ ‫على املدى القريب واملتوسط ال أعتقد ذلك‪ ،‬أما‬ ‫على املدى البعيد فال ميكن التنبؤ به منذ اآلن‪ ..‬ويبقى‬ ‫في علم الغيب مبدئيا!‬ ‫هل توافق على املقولة القائلة «إن أميركا ج ّنبت‬ ‫كالً من إيران وسوريا ش ّر أزمتها املالية بالعقوبات‬ ‫واحلصار التي كانت تفرضه عليهما»؟!‬ ‫رب ضارة نافعة!‬ ‫إذاً‪ّ ،‬‬

‫العالم سيبني النظام اجلديد‬ ‫قال نائب رئيس مجلس الوزراء السوري عبدا‬ ‫هلل الدردري في حوار سابق‪« ..‬إن الدولة السورية‬ ‫حسمت أمرها واتبعت خط االقتصاد احلر بصيغة‬ ‫اقتصاد السوق االجتماعي»‪ ،‬هل سوريا ستعود‬ ‫عن خيارها هذا بعد املأزق الذي وقع فيه النظام‬ ‫االقتصادي الليبرالي؟‪..‬‬ ‫اقتصاد السوق االجتماعي لم يأت بناء على رغبة‬ ‫الدردري أو غيره‪ ..‬إنه قرار صادر عن أعلى سلطة‬ ‫حزبية (املؤمتر القطري العاشر حلزب البعث العربي‬ ‫االشتراكي املنعقد في حزيران ‪ )2005‬وأق ّرته أحزاب‬ ‫اجلبهة الوطنية التقدمية ومختلف املنظمات‬ ‫والهيئات الشعبية‪ ..‬أ ّما خط االقتصاد احلر فهو ما‬ ‫كان يطالب به الدردري وزمالؤه في الفريق االقتصادي‬ ‫أو باألصح ما كان يستعجل تطبيقه‪ ..‬وقد ص ّرح‬ ‫مدة قريبة قائالً‪« :‬إنني أطبق اقتصاد السوق‬ ‫منذ ّ‬ ‫أما كلمة اجتماعي فهي إضافة ال لزوم لها»‪،‬‬ ‫وه ّلل لوصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي‬ ‫األمينني على تطبيق «األرثوذكسية األميركية»‬ ‫اليمينية احملافظة في االقتصاد كما في السياسة‪.‬‬ ‫إن ارتدادات األزمة املالية العاملية تثبت عدم صحة‬

‫التوجه الليبرالي املستعجل الذي عمل الدردري‬ ‫وصحبه عليه!‪ ..‬أما نهج اقتصاد السوق االجتماعي‬ ‫فهو خيارنا االستراتيجي وال رجعة عنه حتى لو لم‬ ‫تقع أزمة النظام الرأسمالي احل ّر أصالً‪ ،‬فكيف بعد‬ ‫وقوعها وامتداد حرائقها؟!‪..‬‬ ‫هل انهار النظام الرأسمالي برأيك؟‬ ‫من السابق ألوانه اجلزم بأ ّن النظام الرأسمالي‬ ‫قد انهار‪ ،‬لكن من املؤكد أن أحد أعمدته الرئيسة‬ ‫[النظام املالي واملصرفي فيه] قد انهار متاماً‪ ،‬ما‬ ‫يعني أن عقيدة السوق احلرة غير املقيدة التي بشرَّت‬ ‫أميركا بها وضغطت على دول العالم من أجلها قد‬ ‫دم ّرت نفسها بنفسها!‬ ‫ما النظام االقتصادي اجلديد الذي سيحكم‬ ‫العالم؟‬

‫عجز امليزان التجاري‬ ‫السوري سيرتفع‬ ‫عقيدة السوق‬ ‫احلرة غير املقيدة‬ ‫التي بش َّرت أميركا‬ ‫بها دم ّرت نفسها‬ ‫بنفسها‬ ‫أما النظام االقتصادي اجلديد فلن يكون أميركيا ً‬ ‫محضاً‪ ،‬لسبب بسيط هو رفض األميركيني له‪ ،‬ليس‬ ‫كأمنوذج اقتصادي وحسب بل كأمنوذج كامل للحكم‬ ‫واإلدارة والعالقات الدولية‪.‬‬ ‫النظام االقتصادي اجلديد الذي سيحكم هو‬ ‫الذي سيساهم العالم بأسره في بنائه خاليا ً من‬ ‫االحتماالت املتالحقة لالنهيارات املالية والبطالة‬ ‫والركود والكساد والتضخم وخاليا من استطالة‬ ‫تدفقات االقتصاد املالي على حساب االقتصاد‬ ‫احلقيقي! ولو أخذ األميركيون بأفكار االقتصادي‬ ‫اإلنكليزي جون مينارد كينز حول إعادة النظر بدور‬ ‫الدولة في حتفيز النمو والتشغيل واالستخدام‬ ‫والتدخل في إدارة الطلب‪ ،‬وفي تبني سياسات‬ ‫اجتماعية مت ّول أساسا ً من الضرائب التصاعدية‪،‬‬ ‫كما فعل فرانكلني روزفلت عام ‪ 1932‬بإيجاده أمنوذج‬ ‫القتصاد سوق اجتماعي حقيقي‪ ..‬لو فعلوا ذلك؛ ملا‬ ‫وقع االنهيار الذي نشهده!‬

‫‪39‬‬

‫جميع االقتصادات العربية‬ ‫تأثرت باألزمة‬ ‫ما تأثير هذه األزمة على األسواق العربية وأي‬ ‫الدول ستكون األكثر تأثراً؟!‬ ‫أعتقد أنه من حيث املبدأ جميع االقتصاديات‬ ‫العربية قد تأثرت وجميع األسواق املالية العربية قد‬ ‫تأثرت‪ ،‬وال سيما األسواق اخلليجية‪ .‬ولكن درجة التأثر‬ ‫تختلف من بلد إلى آخر‪ ..‬أما عوامل التأثر فتبدأ من‬ ‫انخفاض أسعار النفط إلى نصفها تقريباً‪ ،‬وكذلك‬ ‫تراجع عامل الثقة املالية بني املصارف في ما بينها‪،‬‬ ‫وعدم وجود سوق مالي خليجي واحد وهشاشة أسواق‬ ‫املال اخلليجية عموما وضعف خبرتها‪ ..‬أما الدول‬ ‫األكثر تأثرا ً فهي الدول األكثر انكشافا ً على األسواق‬ ‫األميركية والعاملية من حيث درجة االنكشاف ودرجة‬ ‫املشاركة في األنشطة املالية واملصرفية‪ .‬ميكن أن‬ ‫نذكر هنا الصناديق السيادية االستثمارية ألربع دول‬ ‫خليجية هي السعودية واإلمارات وقطر والكويت‪،‬‬ ‫والتي تستحوذ على ‪ ٪50‬من إجمالي الصناديق‪..‬‬ ‫أما أكثر الدول العربية تأثرا ً سلبيا ً باألزمة فهي‬ ‫السعودية واإلمارات‪ ،‬وتعتبر الكويت ّ‬ ‫أقل الدول‬ ‫اخلليجية تأثراً‪ ،‬ألنه سبق لها ّ‬ ‫وفكت ارتباط عملتها‬ ‫بالدوالر‪ ..‬وربطتها بسلة عمالت إضافة إلى وجود‬ ‫مؤسسات كويتية داعمة ولديها استثمارات كبيرة‬ ‫مثل املؤسسة العامة لالستثمار واملؤسسة العامة‬ ‫للبترول ومؤسسة التأمينات االجتماعية الكويتية‪..‬‬ ‫ميكن القول إ ّن البورصة املصرية خسرت خسارة‬ ‫كبيرة أيضاً‪ ،‬فقد تراجعت أسهمها خالل األسبوع‬ ‫الثاني من شهر تشرين األول احلالي (األسبوع الرابع‬ ‫لألزمة) قرابة ‪.%40‬‬ ‫دار احلديث في اآلونة األخيرة عن االزدهار الذي‬ ‫ستشهده البلدان العربية النفطية بسبب ارتفاع‬ ‫سعر النفط‪ ،‬هل ستبقى هذه املقولة قائمة‬ ‫بعدما طالت األزمة أسواقها بتأثيرات سلبية؟‬ ‫هذا يتوقف على مدى استجابة هذه الدول‬ ‫وقدرتها على احتواء األزمة بإجراءات صارمة‬ ‫راديكالية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى‪ ..‬أْعتقد‬ ‫يجب التركيز خالل املرحلة القادمة على الدعم‬ ‫أكثر فأكثر للقطاعات غير النفطية املزدهرة أصالً‬ ‫مثل اإلنشاءات والنقل واخلدمات املالية‪ ..‬وعلى هذه‬ ‫الدول أن تعالج سريعا ً املشكالت النابعة من داخل‬ ‫اقتصادياتها وفي مقدمتها أسعار صرف عمالتها‬ ‫التي هي أقل من قيمتها احلقيقية والتخفيف‬ ‫من وطأة التضخم املستورد‪ ..‬ولكن األّهم من‬ ‫ذلك كله هو توجيه صناديق هذه الدول السيادية‬ ‫االستثمارية إلى أماكن االستثمار اآلمنة‪ ،‬واألولى أن‬ ‫تتوجه بها إلى الدول العربية التي تسعى جميعها‬ ‫جللب االستثمار‪ ..‬ففي سوريا على سبيل املثال‬ ‫نهتم كثيرا باالستثمارات العربية القادمة من‬ ‫ّ‬ ‫تشكل عمليا اجلزء األعظم‬ ‫الدول الشقيقة‪ ،‬وهي‬ ‫من الرساميل االستثمارية غير السورية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬وعد أبو ذياب‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫رياض سالمة أنقذ لبنان‬ ‫من تداعيات األزمة المالية العالمية‬

‫“الهالك‪ ،‬احلزن‪ ،‬والوجوم املالي‬ ‫في كل مكان‪ ،‬إال في لبنان”‪ ،‬حتت‬ ‫هذا العنوان نشرت صحيفة‬ ‫االندبندنت حتليالً لروبرت فيسك‬ ‫رأى فيه أن لبنان‪ ،‬البلد الصغير‬ ‫مبساحته واملثقل بهمومه وحروبه‬ ‫وخالفات سياسييه التي ال‬ ‫تنتهي‪ ،‬يخرج من وسط أعتى أزمة‬ ‫يشهدها العالم من حوله ليعلن‬ ‫أن قانون االنهيار املالي واالنكماش‬ ‫والركود االقتصادي قد ال ينطبق‬ ‫عليه هذه املرة‪.‬‬ ‫كثر لم يصدقوا إال أن األرقام‬ ‫والتحليالت أشارت إلى صحة ما‬ ‫مت تداوله حول بقاء لبنان مبنأى عن‬ ‫التأثيرات املباشرة لألزمة املالية‬ ‫العمالقة التي عصفت باالقتصاد‬ ‫العاملي‪ .‬فما هي أسباب مناعة‬ ‫القطاع املالي اللبناني؟ وماذا عن‬ ‫التأثيرات السلبية غير املباشرة‬ ‫التي ستصيب لبنان؟ وما هي‬ ‫الفوائد التي تكلم عنها العديد‬ ‫حاكم مصرف لبنان رياض سالمة‬ ‫من اخلبراء االقتصاديني؟‬

‫سالمة حمى لبنان‬ ‫الئحة مبدعني ومتفوقني من لبنان طويلة من أطباء‪ ،‬مخترعني‪ ،‬مبدعنب‬ ‫حملوا اسم لبنان وطافوا به في كل أصقاع العالم‪ ،‬إال أن حاكم مصرف‬ ‫لبنان الدكتور رياض سالمة عزز حضوره في هذه الالئحة الطويلة بعدما‬ ‫كان حجز مكانا ً له فيها عقب فوزه بجائزة أفضل حاكم مصرف مركزي‬ ‫في العالم‪ ،‬عام ‪ .2006‬بعدما حمى لبنان في ظل أزمة مالية عاملية حادة‪،‬‬ ‫تعاظمت وتنقلت في كل األسواق املالية العاملية ملحق ًة أضرارا ً جسيمة‬ ‫في عدد كبير منها‪.‬‬ ‫وكان حاكم املصرف املركزي الدكتور رياض سالمة قد شرح في كلمة‬ ‫ألقاها في االجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليني في واشنطن‬ ‫أن ما حال دون تأثر لبنان باألزمة املالية العاملية هو سلسلة من التدابير‏اتخذها‬ ‫مصرف لبنان خالل سنوات عديدة‪ ،‬كان هدفها حتصني رسملة املصارف‬ ‫وترشيد عملها وإبعاد‏القطاع ككل عن املمارسات التي كادت تطيح النظام‬ ‫املصرفي العاملي مرغمة احلكومات واملصارف ‏املركزية على ضخ أكثر من ‪3‬‬ ‫تريليونات دوالر بشكل أو بآخر لتعومي القطاع‏املصرفي‪ .‬فلبنان اعتبر‪ ،‬منذ أكثر‬ ‫من عشر سنوات‪ ،‬أن التعاميم االحترازية ‏ضرورية لتعزيز القطاع املصرفي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪40‬‬

‫وأن حرية السوق واحترام قواعده ال‬ ‫يتناقضان مع وضع أسس ‏تنظيمية‬ ‫وقائية‪ ،‬لذلك أصدر مصرف لبنان خالل‬ ‫السنوات اخلمس عشرة املنصرمة مئات‬ ‫التعاميم ‏التي حافظت على القطاع‬ ‫ماليا وخفضت اخملاطر لديه‪ .‬هذا األمر‬ ‫لم نشهده لدى الدول املتقدمة ‏حيث‬ ‫ان همها الوحيد تركز ‪ -‬عبر تطبيق‬ ‫مبادئ بازل ‪ 1‬و‪ - 2‬على حماية مصارفها‬ ‫من االزمات ‏املتوقعة في الدول النامية‪،‬‬ ‫إال أن النكبة أتت من الداخل‪.‬‬ ‫أما السبب الثاني فهو جتنب لبنان‬ ‫الـ‪ leverage‬الذي كان أحد أهم‬ ‫أسباب شبه االنهيار املالي العاملي‪ ،‬عبر‬ ‫تنظيم التعاطي مع املشتقات املالية‬ ‫‏وإخضاعها لترخيص من اجمللس املركزي‬ ‫ملصرف لبنان وعدم السماح بدخول الـ‬ ‫‪subprime‬‏ الى القطاع ‏املصرفي‪ .‬كما‬ ‫عبر احلظر على املصارف إصدار ضمانات‬ ‫على هذه املشتقات مقابل أموالها‬ ‫اخلاصة ‏وممارسة سياسة فوائد واقعية‬ ‫متنع البحث عن مردود مرتفع يحمل املزيد‬ ‫من اخملاطر ‏وضبط السيولة من خالل‬ ‫أدوات أصدرها البنك املركزي كشهادات‬ ‫اإليداع عبر فرض االحتياطي ‏اإللزامي‬ ‫على كل الودائع وبكل العمالت‪.‬‬ ‫وأوضح سالمة أن من أهم أسباب‬ ‫األزمة أيضا إفالس املصارف‪ ،‬ومنها الكبيرة‪ ،‬وهذا ما رُفض دائما في لبنان‪.‬‏‬ ‫فلبنان عبر املصرف املركزي حقق إصالحا مصرفيا بني عامي ‪ 1997‬و‪ 2004‬وكان‬ ‫من نتيجته خروج أكثر من ‪ 30‬مصرفا ‏من السوق دون أي خسارة للمودعني أو‬ ‫املصارف املراسلة‪ ،‬حيث استخدم مصرف لبنان الصالحيات املمنوحة له في‬ ‫‏قانون اندماج املصارف وأرسى هندسة مالية م ّولت كلفة هذا االصالح دون أن‬ ‫تتحمل الدولة أو املصرف املركزي أو مؤسسة ضمان الودائع اية خسائر ودون أن‬ ‫يتأتى عن هذه الهندسة أي‏تضخم‪ ،‬داعما ً الثقة في القطاع املصرفي اللبناني‪.‬‬

‫صالبة القطاع املالي‬ ‫إضافة إلى تدبير املصرف املركزي هناك أسباب عديدة شكلت عوامل‬ ‫أساسية في صالبة القطاع املالي‪:‬‬ ‫ـ نوعية التسليفات املصرفية اللبنانية وتوزع الودائع في القطاع املصرفي‬ ‫التي مت ّثل خط الدفاع االول‪ ،‬فيما مت ّثل السيولة اجلاهزة في القطاع السد‬ ‫املنيع في منع تسرب اآلثار السلبية الى القطاع املالي ككل‪ ،‬والقطاع‬ ‫املصرفي خاصة‪ .‬وال مينع هذا الواقع من اآلثار غير املباشرة التي شهدتها‬ ‫بعض أسعار االسهم في بورصة بيروت‪ ،‬إضافة الى اآلثار غير املباشرة التي‬ ‫ستؤدي الى جمود التسليفات لتمويل املشاريع الكبرى‪ ،‬نتيجة احلذر الذي‬


‫سببته األزمة العاملية وسرعة انتشارها‪.‬‬ ‫ـ فالقطاع املصرفي اليوم ينعم بودائع قدرها حوالى ‪ 75‬مليار دوالر‪ ،‬بزيادة‬ ‫تفوق ‪ 7،7‬مليارات دوالر خالل ‪ 8‬أشهر من العام احلالي‪ ،‬أي بنمو نسبته ‪،%11،5‬‬ ‫وهي نسبة متميزة عن السنوات املاضية‪ .‬مع االشارة الى ان أزمة الرهونات‬ ‫العقارية في الواليات املتحدة عمرها أكثر من ‪ 15‬شهراً‪ .‬هذا يعني أن منو‬ ‫الودائع استمر برغم وجود االزمة املتزايدة في اخلارج حالياً‪.‬‬ ‫ـ وال بد من االشارة في هذا اجملال الى ان تركيبة الودائع تعود في ‪%85،5‬‬ ‫منها الى اللبنانيني املقيمني‪ .‬مع االشارة ايضا ً الى ودائع غير املقيمني البالغة‬ ‫حوالى ‪ 16،5‬الف مليار ليرة‪ ،‬أي حوالى ‪ 11‬مليار دوالر‪ ،‬زادت حوالى ‪%18،6‬‬ ‫خالل العام احلالي‪ ،‬مقارنة بعام ‪ .2007‬وهذا من العناصر االيجابية‪ ،‬باعتبار ان‬ ‫التوظيفات ال تزال مغرية في سندات اخلزينة اللبنانية‪.‬‬ ‫ـ هذه امليزة تكملها ميزة اخرى هي سالمة التسليفات في القطاع‬ ‫املصرفي واملالي اللبناني‪ ،‬وتوزعها بشكل يحد من اآلثار السلبية لألزمة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬نتيجة عشرات التعاميم الصادرة عن املصرف املركزي على مدار‬ ‫السنوات العشر املاضية‪ .‬فودائع القطاع املصرفي اللبناني وموجوداته موزعة‬ ‫بني ثالثة مصادر أساسية أو شبه وحيدة‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬التسليفات للقطاع العام أي القروض املصرفية للدولة‪ .‬هذه القروض‬ ‫مت ّثل اليوم حوالى ‪ 24،3‬مليار دوالر‪ ،‬معظمها في سندات اخلزينة بالليرة‬ ‫والعمالت االجنبية‪ ،‬مع تغليب التوظيفات بالليرة اللبنانية نتيجة الطلب‬ ‫على الدوالر احلاصل منذ أشهر طويلة وتوافر السيولة بالليرة والدوالر‪ .‬ومت ّثل‬ ‫هذه التسليفات حوالى ‪ %32،3‬من إجمالي الودائع‪.‬‬ ‫إشارة هنا الى أن التسليفات للقطاع العام زادت خالل الثلثني االولني من‬ ‫السنة احلالية حوالى ‪ 2،7‬مليار دوالر‪ ،‬أي ما نسبته ‪ .%12،8‬وهذا يعني عودة‬ ‫منو التسليفات للدولة‪.‬‬ ‫‪ -2‬القسم الثاني من التسليفات موظف في متويل القطاعات االقتصادية‬ ‫اخملتلفة‪ .‬وهو ما يعرف بالتوظيف في احلركة االقتصادية‪ ،‬أو إقراض القطاع‬ ‫اخلاص‪ .‬تبلغ هذه التسليفات والقروض ما قيمته ‪ %24،7‬مليار دوالر‪ ،‬أي ما مي ّثل‬ ‫حوالى ‪ %32،9‬من إجمالي حجم الودائع البالغ حوالى ‪ 75‬مليار دوالر‪ .‬وهذه‬ ‫القروض موزعة على أكثر من ‪ 22‬قطاعاً‪ ،‬تقع حتت عناوين ستة قطاعات‬ ‫أساسية‪ ،‬من الزراعة الى الصناعة والتجارة واخلدمات والسياحة والبناء‬ ‫واملقاوالت والوساطة املالية والقروض السكنية والفردية‪ .‬وبلغت نسبة الزيادة‬ ‫في هذه التسليفات حوالى ‪ ،%21،2‬وهي نسبة جيدة مقارنة باالعوام املاضية‪.‬‬ ‫ـ واذا ما أضيفت أرقام تسليفات املصارف االستثمارية واملتخصصة‪ ،‬فإن‬ ‫حجم التسليفات للقطاع اخلاص يصل حسب إحصاءات شهر ايلول الى‬ ‫حوالى ‪ 26‬مليار دوالر تقريباً‪ ،‬أي ما يوازي ‪ 40،4‬ألف مليار ليرة لبنانية‪.‬‬ ‫‪ -3‬القسم الثالث الذي يعكس صالبة الوضع املالي والقطاعات التابعة‬ ‫يعود الى حجم الوفورات أو االحتياطي اجلاهز لدى القطاع املصرفي‪ ،‬وقدرها‬ ‫حوالى ‪ 23،7‬مليار دوالر‪ ،‬أي ما نسبته ‪ %31،6‬من إجمالي الودائع‪ ،‬هذا من دون‬ ‫احتساب االموال اخلاصة للقطاع املصرفي ورؤوس أموال املصارف التي تقدر‬ ‫اليوم بحوالى ‪ 6،625‬مليارات دوالر‪ .‬علما ً بأن الوفورات املصرفية زادت منذ‬ ‫بداية العام حوالى ‪ 4‬مليارات دوالر‪ ،‬مبا نسبته ‪ 19،35‬خالل ثمانية أو تسعة‬ ‫أشهر من العام احلالي‪.‬‬

‫رذاذ األزمة‬ ‫هذا ال يعني أن لبنان بقي مبنأى كليا ً عن االزمة‪ ،‬فلبنان جزء من النظام‬ ‫اللبناني وال بد من أن تطاله بعض التأثيرات غير املباشرة‪ .‬فبحسب مدير‬ ‫صندوق النقد الدولي في لبنان‪ ،‬ادوارد غاردنر‪ ،‬سيؤدي تأثر بلدان اخلليج العربي‬ ‫الى توليد موجات سلبية تعصف بلبنان من خالل تأثيرات تقلص عائدات‬ ‫املهاجرين اللبنانيني‪ .‬فمن املعلوم أن حتويالت اللبنانيني العاملني في اخلارج‬ ‫واملغتربني تزيد عن ‪ 5.5‬مليارات دوالر سنوياً‪ ،‬أي نحو ‪ 20‬في املئة من الناجت‬ ‫احمللي‪ .‬وهي مورد أساسي ال بديل منه حاليا ً لتصحيح ميزان املدفوعات مقابل‬ ‫العجز الكبير في امليزان التجاري‪ .‬وقد ينتج الركود االقتصادي املتوقع في‬

‫مبنى مصرف لبنان‬

‫املنطقة والعالم تراجعا ً في مداخيل هؤالء أو فقدانهم وظائفهم‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫أن الكثير منهم يعمل في قطاعات مالية ومصرفية واستثمارية خليجية‬ ‫ولدى مؤسسات اقتصادية ناشطة في عدد كبير من االسواق العربية‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل‪ ،‬يعكس انخفاض أسعار النفط‪ ،‬في حال استمراره‪،‬‬ ‫مسارين متناقضني لالقتصاد اللبناني‪ .‬فهو‪ ،‬من جهة‪ ،‬يحد من العجز الكبير‬ ‫في مؤسسة «كهرباء لبنان» البالغ نحو ‪ 1200‬مليون دوالر سنويا ً ويخفف‬ ‫أيضا ً من فاتورة استهالك املشتقات النفطية‪ .‬لكنه يحد‪ ،‬في املقابل‪ ،‬من‬ ‫الفورة االقتصادية والفوائض املالية في منطقة اخلليج التي تأخر لبنان عن‬ ‫مواكبتها في السنوات الثالث املاضية‪.‬‬ ‫وعلى خط مواز‪ ،‬مي ّثل استمرار االزمة الدولية وتفاقمها عقبة أمام انسياب‬ ‫بقية املساعدات والقروض التي خصصتها الدول واملؤسسات العربية‬ ‫واالجنبية للبنان في مؤمتر «باريس ـ‪ »3‬والبالغة نحو ‪ 7.4‬مليارات دوالر لم‬ ‫يصل أكثر من نصفها فعليا ً بسبب تأخر مجلس النواب (دائما ً بسبب‬ ‫األزمة السياسية الداخلية) في إقرار مشاريع القوانني اإلصالحية من ضمن‬ ‫االلتزامات التي قدمتها احلكومة اللبنانية في املؤمتر‪.‬‬

‫فرصة تاريخية للبنان‬ ‫وفي مقلب آخر‪ ،‬يشير اخلبراء الى فرصة تاريخية أمام لبنان لإلفادة من‬ ‫تداعيات االزمة املالية العاملية التي اكتوت بها الواليات املتحدة االميركية‬ ‫وأوروبا ودول اخلليج‪ ،‬ويتوقع اخلبراء االقتصاديون أن يستفيد لبنان من تدفقات‬ ‫مالية ستأتي من مستثمرين لبنانيني وعرب يفتشون عن مالذ آمن من‬ ‫األزمة املالية العاملية التي بقي لبنان مبنأى عنها بسبب حصانة القطاع‬ ‫املصرفي واإلجراءات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان رياض سالمة وأركان‬ ‫القطاع املصرفي‪ .‬كما يؤكد املعنيون «أن التدفقات املالية بدأت تصل إلى‬ ‫لبنان وحتديدا ً إلى القطاع املصرفي بعدما أيقن املستثمرون أن القطاع‬ ‫املصرفي اللبناني متني وأثبت قوته‪ ،‬خصوصا خالل السنوات الثالث الفائتة‬ ‫حيث تعرض لبنان ألشد التوترات االمنية والسياسية‪ ،‬ومنها اغتيال الرئيس‬ ‫الشهيد رفيق احلريري ومسلسل االغتياالت الذي طال عددا من الزعماء‬ ‫والصحافيني‪ ،‬والتأخير في انتخاب رئيس جديد للجمهورية‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫جتميد العمل احلكومي بعد انسحاب الوزراء الشيعة وغيرها‪.‬‬ ‫إن جناة لبنان من هذه االزمة يؤكد للجميع أن ما كان يبنى عليه االقتصاد‬ ‫اللبناني من رأسمالية ومحاولة لتغييب دور الدولة وإطالق احلرية في االسواق‬ ‫وبيع ممتلكات الدولة الى القطاع اخلاص ما كان ليأخذ لبنان إال إلى الهالك‪،‬‬ ‫وهذا ما يعزز ما كان يدور في الساحة الداخلية من مطالبة ملشاركة‬ ‫الهيئات االقتصادية في احلوار الوطني الذي عقده الرئيس ميشال سليمان‬ ‫نظرا ً لثبات دور الدولة الى جانب الهيئات االقتصادية‪.‬‬

‫اعداد ‪ :‬وعد ابو ذياب‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب في احتفال تكريمي له في جرمانا ‪:‬‬

‫المقاومة في لبنان‬ ‫امتداد لمقاومة جبل العرب‬

‫احلضور في املهرجان التكرميي للوزير وهاب في جرمانا‬

‫بدعوة من مجلس بلدية جرمانا في سوريا‪،‬‬ ‫أقيم احتفال تكرميي لرئيس تيار التوحيد‬ ‫اللبناني الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬بحضور أمني‬ ‫فرع حزب البعث العربي االشتراكي في ريف‬ ‫دمشق الدكتور دعاس عز الدين وحشد شعبي‪.‬‬ ‫وبعد كلمات ترحيبية ألقى الوزير وهاب كلمة‬ ‫جاء فيها‪:‬‬ ‫الرئيس الراحل حافظ األسد كسر قرار اخلضوع‬ ‫واالستسالم‬ ‫في السادس من تشرين األول من العام ‪،1973‬‬ ‫خرج رجل عظيم‪ ،‬بحجم أمة هو حافظ األسد‪،‬‬ ‫ليكسر الصمت واالستسالم العربي‪ ،‬وليكسر‬ ‫قرار اخلضوع للهزمية‪ ،‬واندفع باجتاه اجلوالن وطبريا‬ ‫الستعادة األرض املسلوبة‪ .‬وفي هذا احلفل ضباط‬ ‫وجنود‪ ،‬هم جنود مجهولون‪ ،‬كانوا في هذه احلرب‬ ‫أبطاالً‪ ،‬وكان جزء من أقاربكم أيضا ً شهداء في‬ ‫سبيل استعادة األرض‪.‬‬ ‫في السادس من تشرين‪ ،‬كانت أهمية القرار‬

‫مجلس بلدية جرمانا يقدم درعا ً وسيفا ً للوزير وهاب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪42‬‬


‫جانب من احلضور‬

‫وهاب يلقي كلمة في االحتفال‬

‫هذا‪ ،‬أن خرج حافظ األسد في هذه احلرب ليكسر‬ ‫في البداية منطق الهزمية في نفوسنا‪ ،‬ألننا قبل‬ ‫ذلك كنا قد استسلمنا طويالً للهزمية‪ ،‬وكنا‬ ‫نراها قدراً‪.‬‬ ‫في العام ‪ ،1973‬ظهر أن هناك إمكانية‬ ‫الستعادة األرض‪ ،‬و”ما أخذ بالقوة ال يسترد بغير‬ ‫القوة”‪.‬‬ ‫في السادس من تشرين األول ‪ ،1973‬اندفع‬ ‫أبطال اجليش العربي السوري باجتاه مرتفعات‬ ‫اجلوالن وبحيرة طبريا وكادوا يستعيدون كل‬ ‫األرض‪ .‬ولكن اخليانة يومها كانت جاهزة من‬ ‫الطرف اآلخر في احلرب‪ .‬وفي الوقت الذي‬ ‫كان هناك من يفكر باستعادة األرض‪ ،‬كان‬ ‫هناك في اجلهة املقابلة من يفكر بالتسوية‬ ‫واالستسالم وبتنفيذ قرار أميركي بوقف‬ ‫احلرب‪ .‬لذلك لم تكتمل الفرصة الستعادة‬ ‫كل األرض‪ ،‬فاستعيد جزء منها‪ .‬لكن حافظ‬ ‫األسد وكعادته‪ ،‬لم يستسلم؛ ونقل املعركة‬

‫وهاب يزور مشايخ جرمانا أبو حمود فارس كاتبة‬

‫الشيخ صالح ضو يشكر أبو حمود فارس كاتبة على ضيافته‬

‫‪43‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫العالقة بني سوريا ولبنان ستعود كما كانت‬ ‫مقاومة السيد حسن نصر اهلل في لبنان امتداد ملقاومة جبل العرب‬ ‫بعد انتصار متوز ‪ ،2006‬نصنع اليوم شرقنا األوسط اجلديد بدل ذلك‬ ‫الذي حمل به املشروع األميركي‬

‫إلى أماكن وساحات أخرى‪.‬‬ ‫وعندما حصل االجتياح اإلسرائيلي في لبنان‬ ‫عام ‪ ،1982‬كانت معركة عني زحلتا والسلطان‬ ‫يعقوب‪ ،‬وكان وقف التقدم اإلسرائيلي باجتاه‬ ‫طريق الشام‪.‬‬ ‫وبعدها بدأ بدعم املقاومة اللبنانية‪ ،‬فكانت‬ ‫سوريا الشريك األساسي في إطالق هذه املقاومة‬ ‫التي بدأت منذ العام ‪ ،1982‬مع بعض القوى‬ ‫الوطنية في لبنان‪ .‬ثم تطورت عندما دخل حزب‬ ‫اهلل في هذه املقاومة‪ .‬وكانت سوريا إلى جانب‬ ‫هذه املقاومة‪.‬‬ ‫أضاف‪ :‬نعم‪ ،‬ألن املقاومة امتداد‪ .‬فكما كانت‬ ‫مقاومة سلطان باشا األطرش في جبل العرب‪،‬‬ ‫اليوم مقاومة السيد حسن نصر اهلل في لبنان‪.‬‬ ‫وقد كانت سوريا الرافد األساسي للمقاومة‬ ‫في لبنان‪ ،‬فكان انتصار عام ‪ .2000‬لكن هذا‬ ‫االنتصار لم يكن كافيا ً ليه ّز الكيان الغاصب‪،‬‬ ‫فاستمرت سوريا في دعم املقاومة‪ ،‬فكان انتصار‬ ‫متوز ‪.2006‬‬

‫صواريخ سورية تدعم املقاومني‬ ‫في كل قرى اجلنوب‬ ‫في هذه احلرب‪ ،‬كان هناك رجال مؤمنون‬ ‫بوطنهم وبقضيتهم وبأمتهم؛ رجال مقاومون‪،‬‬ ‫يقودهم رجل مقاوم‪ ،‬رجل كسر قرار الهزمية‬ ‫وكسر هيبة هذا الكيان الغاصب هو السيد‬ ‫حسن نصر اهلل‪.‬‬ ‫لقد بدأ هؤالء املقاومون‪ ،‬ومنذ األيام األولى‬ ‫للحرب‪ ،‬يكيلون الضربات لهذا العدو‪ .‬كان هناك‬ ‫سواعد مقاومة‪ ،‬ولكن كان هناك أيضا ً صواريخ‬ ‫سورية حترق الدبابات اإلسرائيلية‪ ،‬في مرجعيون‬ ‫ووادي احلجير وكل قرى اجلنوب‪ ،‬وبأيدي مقاومني‬ ‫لبنانيني‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬بشار األسد سيد املمانعة وحسن‬ ‫نصر اهلل سيد املقاومة‪ .‬أما الباقون‪ ،‬فأنتم‬ ‫تشاهدونهم؛ شهود زور على كل ما يجري في‬ ‫هذا الوطن العربي‪ ،‬من العراق إلى لبنان‪ ،‬إلى‬ ‫فلسطني‪.‬‬

‫األب الياس سلوم يرحب بالوزير وهاب في دير العدس مار جرمانوس‬

‫وهاب يتوسط احلضور‬

‫احتمال حرب إسرائيلية جديدة‬ ‫حتتم هزمية أكبر‬ ‫أما في لبنان اليوم‪ ،‬فكلكم تسمعون عن‬ ‫تهديدات إسرائيلية‪ .‬ولكن أستطيع أن أقول‬ ‫لكم إن هذه التهديدات لم تعد تخيف لبنان‪،‬‬ ‫بعد متوز ‪ !!2006‬وتأكدوا أن هذه احلرب إذا وقعت‬ ‫مجددا ً في لبنان‪ ،‬فستكون الهزمية اإلسرائيلية‬ ‫التي حصلت في العام ‪ 2006‬نزهة صغيرة‬ ‫أمام ما قد يحصل في احلرب القادمة‪ ..‬حيث إن‬ ‫وضعنا بعد سنتني من حرب متوز أصبح أقوى‪،‬‬ ‫واملقاومة أصبحت أقوى‪ ،‬وأصبح هناك اآلالف من‬

‫وهاب أثناء زيارته منزل الدكتور إحسان عز الدين‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪44‬‬


‫‪ 6‬ت‪1973 1‬‬ ‫خرج حافظ األسد ليكسر‬ ‫الصمت واالستسالم العربي‬ ‫السيد حسن نصر اهلل‬ ‫كسر مبدأ الهزمية‬ ‫وهيبة الكيان الغاصب‬ ‫بشار األسد سيد املمانعة‪،‬‬ ‫والسيد حسن نصر اهلل‬ ‫سيد املقاومة‬

‫الشيخ عبد اللطيف كرباج‬

‫رئيس مجلس بلدية جرمانا برجس حيدر‬

‫جرمانا ما كانت‬ ‫إال مكاناً للكرامة والشرف‬ ‫والعنفوان‪ ،‬وستبقى‬ ‫املتطوعني واملقاومني في صفوف املقاومة‪ .‬فحرب‬ ‫متوز أعطتهم الزخم املطلوب وأشعرتهم بأن‬ ‫هناك إمكانية لالنتصار‪.‬‬

‫العالقات اللبنانية السورية‬ ‫ستكون‪ ،‬ممتازة ومميزة‬ ‫وتطرق وهاب إلى ملف العالقات اللبنانية‬ ‫السورية وقال‪:‬‬ ‫أستطيع أن أطمئنكم بأن العالقة بني لبنان‬ ‫وسوريا ستعود كما كانت‪ .‬واملسألة مسألة‬ ‫أسابيع أو أشهر‪ .‬والرئيسان بشار األسد وميشال‬ ‫سليمان يضعان اليوم أساسا ً لعالقة ممتازة ومميزة‬ ‫بني البلدين؛ عالقة قائمة على املصالح املشتركة‬ ‫للبلدين وليست قائمة على بعض مصالح‬ ‫األشخاص كما كانت في وقت سابق‪ .‬هذه العالقة‬ ‫ستكون ممتازة في املرحلة املقبلة‪ ،‬خصوصا ً أنه‬ ‫لم يعد بإمكان أي كان أن يتحكم بها‪ ،‬وحتى‬ ‫لو تسلموا السلطة في لبنان وكانت وراءهم‬ ‫كل دول العالم‪ .‬هذه العالقة نتحكم بها نحن؛‬ ‫نحن اللبنانيني والسوريني؛ نحن الذين نصفنا في‬ ‫سوريا ونصفنا اآلخر في لبنان‪ .‬وأقول ذلك من‬ ‫هنا‪ ،‬من هذه املدينة احلبيبة “جرمانا”‪ ،‬التي نصف‬ ‫عائالتها هنا‪ ،‬والنصف اآلخر في لبنان‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬نحن‪ ،‬خالل السنوات املاضية‪ ،‬عانينا‬ ‫من هجمة أميركية أتت إلى املنطقة؛ إلى العراق‬ ‫أوال ً ثم حاولت أن تفصل بني لبنان وسوريا‪.‬‬ ‫اآلن أستطيع ان أقول لكم إن هذا املشروع‬ ‫أصبح في مزبلة التاريخ!!‬

‫جانب من احلضور‬

‫انتصار متوز ‪ 2006‬وصمود سوريا‬ ‫نعم‪ ،‬بدل الشرق األوسط اجلديد‪ ،‬نحن اليوم‬ ‫وبعد انتصار متوز وصمود سوريا نصنع الشرق‬ ‫العربي اجلديد؛ شرقنا العربي‪ .‬والشرق األوسط‬ ‫اجلديد الذي حلموا به سيذهب قريبا ً مع جورج‬ ‫بوش إلى مزبلة التاريخ‪.‬‬

‫سقطت احلماية األميركية عن‬ ‫املشروع السعودي التخريبي‬ ‫وهذه احملاوالت القائمة منذ اتفاق الدوحة وحتى‬ ‫اليوم‪ ،‬التي يبذلها هذا النظام اإلرهابي السعودي‬ ‫في لبنان‪ ،‬لتخريبه‪ ،‬لن تنجح‪ .‬وهذا النظام‬ ‫اإلرهابي الذي ينهب ثروات شعبه واألمة‪ ،‬والذي‬ ‫يحاول تعميم اإلرهاب في كل العالم‪ ،‬سيصبح‬ ‫في املستقبل القريب من دون حماية؛ وآن للعالم‬ ‫وللبنان خاصة‪ ،‬الذي يعاني منذ ‪ 4‬سنوات من هذا‬

‫‪45‬‬

‫النظام الفاسد‪ ،‬أن يرتاح من شروره‪.‬‬ ‫أخيرا ً أقول ألهلي وأحبائي في جرمانا‪ :‬نحن‬ ‫معكم في هذه املناسبة وفي كل املناسبات؛‬ ‫فكرامتنا مشتركة‪ .‬وهذه املدينة ما كانت إال‬ ‫مكانا ً للكرامة والشرف والعنفوان‪ ،‬وستبقى‪.‬‬ ‫رحب الشيخ عبد اللطيف كرباج بالوزير‬ ‫بدوره ّ‬ ‫وهاب شاكرا ً له مواقفه الوطنية والقومية‬ ‫الصادقة‪.‬‬ ‫ثم زار وهاب ووفد املشايخ املرافق له‪ ،‬شيخ‬ ‫مشايخ مدينة جرمانا ابو حمد فارس كاتبة‬ ‫في منزله‪ .‬وقد شكر الشيخ صالح ضو الشيخ‬ ‫كاتبة على حفاوة استقباله‪.‬‬ ‫بعدها انتقل وهاب واملشايخ لزيارة دير القديس‬ ‫جرمانوس‪ ،‬حيث كان لالب يوسف سلوم كلمة‬ ‫شكر وترحيب بهذه الزيارة الكرمية‪.‬‬ ‫وختم وهاب زياراته بلقاء رئيس مجلس بلدية‬ ‫قدم باسم‬ ‫جرمانا االستاذ برجس حيدر‪ ،‬الذي ّ‬ ‫اجمللس البلدي في مدينة جرمانا درعا ً وسيفا ً‬ ‫تكرميا ً للوزير وهاب‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب في حفل قسم يمين لمئتي منتسب جديد‪:‬‬

‫بالتزامكم‪ ،‬تعملون على نزع قيود التبعية‬ ‫عن أعناق الناس ليعيشوا أحراراً ميامين‬

‫أقامت امانة الداخلية في تيار التوحيد اللبناني‬ ‫حفل قسم ميني ملئتي متنسب جديد من مناطق‬ ‫املنت األعلى وحاصبيا وراشيا‪ ،‬في دارة رئيس التيار‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوزير السابق وئام وهاب في اجلاهلية‪ ،‬وبحضوره‬ ‫والى جانبه عدد من املسؤولني واالداريني في التيار‬ ‫وحشد شعبي كبير‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫االعور‬ ‫بداية ألقى أمني الداخلية الرفيق هشام االعور‬ ‫كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫نلتقي معا ً اليوم على هذه الرقعة من أرض‬ ‫مقدسة يقيم فيها منوذج اجملتمع املغروس في‬ ‫أرضه‪ ،‬املنفتح على محيطه‪ ،‬ومن حولنا رايات‬ ‫تشاد كأنها شهادة في العناد على التنشئة‬ ‫التوحيدية املستقيمة الرأي‪.‬‬ ‫وتابع متوجها ً إلى التوحيديني‪ :‬ثابروا على‬ ‫التواضع والصدق واحترام اآلخر وخدمة الغير‪،‬‬ ‫استمروا في حتطيم احلقد واحلذر وإسقاط املتاريس‬ ‫الثقافية كمتاريس العقائد املزعومة وعقائد‬ ‫التفرقة‪ ،‬واذ بها كلها تذوب امام وهج شمسكم‬ ‫التوحيدية‪ .‬فأنتم الغد والثورة والثروة‪ ،‬أنتم‬ ‫الرسالة في صناعة لبنان اجلديد إنسانا ً ومواطناً‪.‬‬ ‫نريدكم أن تقولوا لإلقطاع من حولكم إن التفوق‬ ‫في مجتمعنا الصعب لن يكون لألكثر تبعية بل‬ ‫لألكثر جلدا ً على االستمرار في التحصيل املعرفي‬ ‫واملثابر أكثر على فهم معاني احلرية‪.‬‬


‫ليس هناك من مصالحة‬ ‫بين الحق والباطل‪،‬‬ ‫أو بين الصادق والكاذب‪،‬‬ ‫أو بين الثابت والمتلون‪،‬‬ ‫أو بين الضحية والجالد‬ ‫وهاب‬ ‫وبعد أداء قسم اليمني‪ ،‬توجه وهاب الى احلضور‬ ‫قائالً‪:‬‬ ‫يا رفاق الطريق‪ ..‬أنتم يا فرسان الغد اآلتي‪..‬‬ ‫يا من تتعشقون التغيير لينقشع لكم‬ ‫املستقبل حرا ً كرميا ً دون قيد وال شرط‪.‬‬ ‫في زمن أصبح فيه الوالء للطائفة مقياسا ً‬ ‫للوالء للوطن‪ .‬واعتبرت فيه القومية إخالصا ً‬ ‫للزعامة التقليدية‪ ،‬تقفون اليوم لترفضوا‬ ‫الواقع‪ ،‬مترفعني عن العادات والتقاليد‪ ،‬رافعني‬ ‫سواعدكم الفتية‪ ،‬صارخني بالقسم‪ ،‬مخلصني‬ ‫لفكر هذا التايار وعقيدته‪.‬‬ ‫لقد راهنتم على التغيير‪ ،‬فانقشعت‬ ‫أمامكم رؤى الغد في إشراقة وعي التيار وفكره‬ ‫وطموحه‪.‬‬ ‫أغواكم التخلص من براثن اجلهل والطائفية‬ ‫واإلقطاع ومحسوبيات دولة املزارع‪ ،‬فاتضحت‬ ‫لكم معالم الطريق وكانت لكم وقفة العز‬ ‫هذه‪.‬‬ ‫وألن اجملد ال يأتي عفوا ً بل هو دائما ً صنيعة‬ ‫األبطال‪ ،‬استحققتم عن جدارة شهادة االلتزام‪.‬‬ ‫فأصبح لديكم اليوم‪ ،‬أنتم الشباب في هذا‬ ‫الوطن املضرج بدم الشهادة واملعاناة رسالة‪ ،‬حتمل‬ ‫قضية لتحرير النفوس من ربقة املاضي األليم‪،‬‬ ‫لتضيء في نفوس أجيال الغد الواعد شعلة‬ ‫احملبة الصادقة واحلرية والكرامة واالستقرار‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬كونوا أمثلة حية للمواطنية‬ ‫املنزهة عن شرور الزعامات‪ .‬هذه الزعامات التي‬ ‫تستمرئ الفنت وتتقن احملاباة‪ ،‬والتي ما فتئت‬ ‫ترعى مصاحلها الشخصية على حساب الوطن‬ ‫واملواطنية‪ ،‬لتلحق مبجتمعنا املدني األلم‬ ‫والنكبات‪ .‬ذلك ألن النظام السياسي الذي خطه‬ ‫املستعمر ك ّرس امتيازاتها في نصه فأصبحت أداة‬ ‫طيعة بيد املصالح اخلارجية‪ ،‬تأمتر فتطيع‪ ..‬وبهذا‬

‫تبقي على عقلية اإلقطاع متمسكة باحلكم‪،‬‬ ‫ويبقى النظام الطائفي مبكوناته التاريخية‬ ‫املبنية على النظام العائلي املقاطعجي‪ ،‬عرضة‬ ‫لتدخالت القوى اخلارجية املستمرة في إدارة البالد‪،‬‬ ‫بحجة الدفاع عن هذا أو ذاك من االديان واملذاهب‪.‬‬ ‫فينتج منطا ً ثابتا ً من الزعامات‪ ،‬كثيرا ً ما تتعرض‬ ‫للخطأ في قراءة االحداث‪ ،‬فتقدم على مراهنات‬ ‫ضخمة تع ّرض سالمة الطائفة والبالد للخطر‪،‬‬ ‫بغية احلفاظ على مركزها السياسي وحرصا ً‬ ‫على امتيازات زعامتها التليدة وخشية من‬ ‫عواقب التغيير‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬كفاكم متسكا ً بأذيال من حتسبونهم‬ ‫مخلصني!! كفانا مترغا ً على أعتاب الزعامات‬ ‫التقليدية‪ ،‬التي ال هم لها سوى سوق الناس‬ ‫كاألغنام‪ .‬حتى اذا ما بلغوا ما ينشدون‪ ،‬يقفلون‬ ‫ابوابهم في وجوههم وينسون النعمة التي‬ ‫أسداها الناس لهم‪.‬‬ ‫لقد آن لنا أن نتفهم هذه الغايات اخلبيثة‪.‬‬ ‫انهم يجعلون الناس يتعادون ويتخاصمون‪ ،‬بينما‬ ‫هم يتنعمون في مراكزهم راضني قانعني‪.‬‬ ‫إنكم من خالل انتسابكم هذا‪ ،‬تعملون على‬ ‫نزع القيود التي ورثتها التبعية والوالء األعمى عن‬ ‫أعناق الناس ليعيشوا احرارا ً ميامني‪.‬‬ ‫من هذا املنطق يترسخ االلتزام في تيار التوحيد‪،‬‬ ‫فهو ينطلق من أسس وثوابت ترعى االهداف‬ ‫وجتذرها في حملة دائمة من الوعي الشعبي‪،‬‬ ‫الذي يتطلب تغييرا ً كامالً في مسلكية التعاطي‬ ‫مع الغير‪ ،‬مثل االلتزام بقواعد االخالق واملمارسة‬ ‫الكاملة للواجبات واحلقوق واحترام القانون‪ .‬ألن‬ ‫املواطنية احلقة يجب أن ال تبنى على أساس‬ ‫عاطفة االنتماء التقليدي‪ .‬امنا يجب أن متارس من‬ ‫منطق عقالني متبادل بني ابناء الشعب الواحد‬ ‫ليرعى وجود الدولة ويحافظ على مؤسساتها‪.‬‬ ‫فنحن في هذا التيار نفهم املواطنية على أنها‬ ‫شرف االنتماء للوطن‪ .‬وبالتالي ال ميكن لنا حتصيل‬

‫‪47‬‬

‫هذا الشرف دون ان نلتزم بقواعد السلوك واألخالق‬ ‫واحترام القانون‪ .‬لذلك‪ ،‬احرصوا على رفض‬ ‫العصبية وارفضوا احملسوبيات وعاملوا اآلخرين‬ ‫باحلسنى‪ ،‬فتدخلوا الى قلوبهم وتنفتح عقولهم‬ ‫لكم‪ ،‬ألن قضيتهم قضية عادلة ومحقة‪ ،‬وهي‬ ‫بالفعل احلل الناجع خلالص هذا الوطن من تبعات‬ ‫الهيمنة والتسلط‪.‬‬ ‫وفي مسألة املصاحلات التي تتم اليوم بني قوى‬ ‫لبنانية متعددة قال وهاب انه ال ميكن ان يحصل‬ ‫صلح بني احلق والباطل‪ ،‬او بني الصادق والكاذب‪ ،‬او‬ ‫بني الثابت واملتلون‪ ،‬او بني الضحية واجلالد‪ .‬لذلك‬ ‫أعتقد أن هذه املصاحلات ستبقى في اطارها‬ ‫الشكلي‪ .‬واية مصاحلة يجب ان تقر بأن هناك‬ ‫مشروعا ً مغامرا ً دمر البالد طيلة ‪ 4‬سنوات وقادها‬ ‫الى اخلراب‪ .‬وهذا املشروع قد سقط‪ .‬عندما يتم‬ ‫االعتراف بسقوطه‪ ،‬تصبح املصاحلة مشروعة‪.‬‬ ‫وتطرق وهاب ايضا ً الى موضوع التشكيالت في‬ ‫اجليش اللبناني فقال‪ :‬نصر على حماية مؤسسة‬ ‫اجليش اللبناني برموش عيوننا‪ ،‬فهي احلصن‬ ‫االخير للدفاع عن وحدة لبنان وسيادته‪ .‬ولقد‬ ‫تفاءلنا خيرا ً بوجود قائد اجليش اجلديد‪.‬‬ ‫وأشار وهاب الى التشكيالت التي تتم في قيادة‬ ‫اجليش منبها ً من ممارسات بعض الضباط‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول‪ :‬اعلموا أن فكر هذا التيار‬ ‫وأهدافه ستجعل منكم قوة هائلة بدأت بالتحرك‬ ‫بحمية وحزم‪ ،‬لتحطم مطارق نهضتها املباركة‬ ‫سالسل عبودية االقطاع وتق ّوض اركان التعصب‬ ‫الطائفي الذميم‪.‬‬ ‫يا رفاق الطريق‪..‬‬ ‫مباركة لكم خطوة االلتزام هذه‪ ،‬فلقد‬ ‫أصبحتم اليوم مؤمتنني على فكر هذا التيار‬ ‫وأهدافه‪ ،‬عاملني على نشر ثقافته‪ ،‬حريصني‬ ‫على حتقيق مبادئه‪ .‬وهذه مسؤولية جسيمة‬ ‫ال يضاهيها سوى فرحة االنتصار بتحقيقها‪.‬‬ ‫آت وقريب بإذن اهلل‪.‬‬ ‫والنصر ال ريب ٍ‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫رعى حفل تكريم طالب متفوقين في كفرملكي‬

‫وهاب‪ :‬على وزراء المعارضة العمل على اإلصالح والتصحيح‬ ‫كي يلمس الشعب اللبناني تغييراً في األداء الحكومي‬ ‫بدعوة من جمعية الوفاء اجلنوبي في‬ ‫كفرملكي‪ ،‬رعى رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب حفل تكرمي الطالب املتفوقني‪.‬‬ ‫وقد حتدث في املناسبة قائالً‪:‬‬ ‫حتية إلى جمعية الوفاء اجلنوبي‪ ،‬التي تخرج‬ ‫اليوم الطالب الناجحني في كفرملكي‪ .‬هذه‬ ‫اجلمعية الرائدة في هذه املنطقة‪ ،‬والتي آمنت‬ ‫بأن املقاومة ليست فقط سالح‪ ،‬بل هي موقف‬ ‫وثقافة وعلم‪ .‬فالعلم يستكمل عمل املقاومة‪.‬‬ ‫أوال ً ال بد من أن أهنئ اإلخوة الطالب وأمتنى‬ ‫لهم أن يعيشوا في ظل دولة تستطيع أن حتمي‬ ‫مواطنيها وطالبها‪ ،‬وتؤمن لهم فرص العمل‪.‬‬ ‫فالدولة احلالية التي ما زلنا نعيش في ظلها هي‬ ‫دولة محسوبيات عاجزة عن حماية أبنائها‪ ،‬وفرص‬ ‫العمل فيها معدومة‪ ،‬ولكنها تنتظر أمثالكم‬ ‫من الشبان والشابات إلصالحها‪.‬‬

‫‪ 7‬أيار يوقف املؤامرة على املقاومة‬ ‫أضاف‪ :‬نحن اليوم نعيش فترة انتقالية‪ ،‬بدأت‬ ‫منذ أشهر‪ ،‬ألسباب عدة‪ :‬لقد حذرت في السنة‬ ‫املاضية ومن هذه القاعة بالذات‪ ،‬بأن املعارضة‬ ‫قادرة على حسم الوضع إذا استمر فريق السلطة‬ ‫مبا يفعله في لبنان‪ .‬لكن هذا الفريق لم يتراجع‬ ‫إلى الوراء‪ ،‬إلى أن وصلنا إلى ‪ 7‬أيار‪ .‬طبعا ً املعارضة‬ ‫عندها استطاعت أخذ املبادرة وحسم الوضع‬ ‫خالل ساعات بسيطة‪ .‬ولم تكن النية أبدا ً‬ ‫السيطرة على لبنان بالقوة‪ ،‬بل كانت خطة‬ ‫املعارضة واضحة وهي وقف املؤامرة على املقاومة‪،‬‬ ‫وبالتالي وقف هذا الفريق عن التحكم بالوضع‬ ‫اللبناني‪ ،‬وأخذ لبنان إلى املكان الذي يريده‪.‬‬ ‫بعد ‪ 7‬أيار‪ ،‬أصيب املشروع اآلخر بانتكاسة‬ ‫كبيرة أدت إلى تراجع هذا الفريق ومشروعه‪ ،‬كما‬ ‫أدت إلى ما نشهده اليوم من انفراجات ومشاريع‬ ‫مصاحلة‪ .‬طبعا ً نحن نرحب بأية مصاحلة ميكن‬ ‫أن حتصل‪ ،‬ونشجع عليها‪ .‬ولكن من سيصالح‬ ‫من؟! وهل الفريق اآلخر تخلى عن مشروعه‪ ،‬وعن‬ ‫مغامراته وأوهامه بالسيطرة على لبنان وتكريس‬ ‫نظام اإلمارة واملشيخة؟!! هل هذا الفريق سيكون‬ ‫إلى جانب املقاومة إذا قررت إسرائيل شن هجوم‬ ‫جديد على لبنان‪ ،‬أو إذا قررت اإلدارة األميركية‬ ‫القيام مبؤامرة جديدة على املنطقة؟!!‬ ‫إذا كان هذا الفريق قد تخلى عن أوهامه‪،‬‬ ‫عندها نأمل أن هذه املصاحلات قد تصل إلى مكان‬ ‫إيجابي‪..‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب يس ّلم الشهادات للطالب املتفوقني‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬هذا املشروع أصيب بنكسة‬ ‫كبيرة‪ ،‬بدأت في حرب متوز‪ ،‬على أيدي املقاومني‬ ‫اللبنانيني وسيد املقاومة السيد حسن نصر اهلل‪.‬‬ ‫ثم استكملت هذه االنتكاسة في ‪ 7‬أيار‪ .‬لم يكن‬ ‫هناك حرب داخلية في ‪ 7‬أيار؛ املعارضة لم تشن‬ ‫حربا ً على فريق لبناني‪ .‬ولكن في هذا التاريخ‪،‬‬ ‫أثبتت املعارضة لكل العالم أن هذا الفريق‬ ‫املهيمن في لبنان لن يتمكن من السيطرة على‬ ‫لبنان‪ ،‬وبأن املعارضة قادرة على حسم الوضع في‬ ‫لبنان‪ .‬وهذا كل ما حصل‪.‬‬

‫املصاحلات تصطدم مبحاوالت‬ ‫عرقلة تقف وراءها السعودية‬ ‫أما بالنسبة للمصاحلات‪ ،‬فهي موجودة نعم‪،‬‬ ‫ولكن في املقابل هناك محاوالت معرقلة تشهدها‬ ‫الساحة اللبنانية اليوم‪ ،‬وهذه اجلهات املعرقلة‬ ‫أصبحت واضحة للجميع وهي السعودية‪ .‬هذه‬ ‫الدولة اإلرهابية التي حتاول فرض سيطرتها على‬ ‫لبنان عبر اإلرهاب واملال‪ ،‬وهي لم تتراجع بعد‬

‫‪48‬‬

‫عن مشروعها التخريبي في لبنان‪ .‬واآلن الهدف‬ ‫هو الساحة املسيحية والعماد ميشال عون‪.‬‬ ‫فهذه الدولة قد تذهب للعمل على ساحات‬ ‫معينة‪ .‬ويبدو أن املعركة في االنتخابات النيابية‬ ‫املقبلة ستكون على الساحة املسيحية‪ ،‬وهي‬ ‫على أقضية محددة أكان في املنت أو في الكورو‬ ‫أو في البترون أو في كسروان أو في بعبدا أو في‬ ‫بيروت ‪ ...‬املعركة محددة وقد تستهدف املناطق‬ ‫املسيحية والعماد ميشال عون‪ ،‬ألن هذه الدولة‬ ‫ومن وراءها تعتقد أنها إذا متكنت من السيطرة‬ ‫على هذه املناطق‪ ،‬تكون قد أمنت األكثرية‪ .‬ولكن‬ ‫نحن واثقون بأن املسيحيني الذين دافعوا عن‬ ‫لبنان وحريته وكرامته‪ ،‬حتما ً لن يقبلوا بكل هذه‬ ‫اإلغراءات التي تقوم بها السعودية‪ ،‬وال باملليارات‬ ‫التي تدفعها لشراء الذمم الضمائر‪.‬‬ ‫املعارضة ستخوض االنتخابات النيابية موحدة‪،‬‬ ‫ومبشروع سياسي موحد‪ ،‬ومتلك اجلرأة لتقول إنها‬ ‫مستعدة لإلمساك بالسلطة في املستقبل‪،‬‬ ‫وبعد االنتخابات‪ ،‬ومستعدة طبعا ً ملشاركة‬ ‫الفريق اآلخر في السلطة‪ .‬ولكن يجب أن يكون‬ ‫للمعارضة مشروع تغييير واضح لإلمساك‬


‫السيد‬ ‫حسن نصر اهلل‬ ‫يدعو إلى احلوار‬ ‫من موقع املنتصر‪،‬‬ ‫الكبير‪ ،‬القادر‬ ‫على اتخاذ املبادرة‬ ‫بالسلطة في لبنان‪.‬‬ ‫فترة انتقالية حذرة تفصلنا عن االنتخابات‬ ‫النيابية أضاف‪ :‬أشهر قليلة تفصلنا عن‬ ‫االنتخابات النيابية‪ ،‬وستتخللها عدة مخاطر‪:‬‬ ‫اخلطر األول هو احتمال أن تشن إسرائيل‬

‫وهاب يلقي كلمته‬ ‫حربا ً جديدة على لبنان‪ .‬نحن حتى اآلن نقول إن‬ ‫ال إمكانية لدى إسرائيل لتشن مثل هذه احلرب‪.‬‬ ‫وكل املعطيات تثبت أن إسرائيل في حالة ضياع‬ ‫وليست قادرة على تشكيل قيادة سياسية‬ ‫داخلية تتمكن من شن حرب‪ .‬لذلك نعتقد أن‬

‫احلرب على لبنان مستبعدة‪ .‬رغم أن املعارضة‬ ‫تتخذ كل اإلجراءات للتصدي ملثل هذه احلرب‬ ‫إن وقعت‪ ،‬وجلعلها حربا ً أخيرة بالنسبة للكيان‬ ‫الصهيوني وسيدفع ثمنا ً لم يدفعه في السابق‪.‬‬ ‫اخلطر الثاني هو احلرب على العراق‪ ،‬وهو احتمال‬

‫جانب من احلضور‬

‫‪49‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫وارد‪ .‬وهذه احلرب حاول جورج بوش خوضها‬ ‫في السابق قبل نهاية واليته‪ ،‬رغم الكثير من‬ ‫الدراسات والتحليالت التي كانت تفيد بأن هذه‬ ‫احلرب ستكون مكلفة وستشكل كارثة على كل‬ ‫املنطقة‪ .‬اإلسرائيليون اليوم يضغطون باجتاه هذه‬ ‫احلرب ويعتقدون أن امتالك إيران السالح النووي‬ ‫هو مبثابة انتحار للكيان الصهيوني الذي سيجرب‬ ‫حظه بالتحرك إذا متكن من ذلك‪ .‬ولكن هذه احلرب‬ ‫دونها عقبات ومحاذير ومخاطر كبيرة على كل‬ ‫املنطقة حتماً‪ .‬إال إذا كان هناك قرار كبير بتدمير‬ ‫كل املنطقة‪ ،‬حتى تصبح هذه احلرب منطقية!!‬ ‫أما بالنسبة الحتمال شن حرب على سوريا‪،‬‬ ‫فهذا االحتمال أصبح بعيداً؛ فسوريا اليوم‬ ‫أقوى مما كانت في السابق وقد كسرت العزلة‬ ‫ومحاوالت احلصار‪.‬‬ ‫وفلسطني أصبحت عصية على اإلسرائيلي‬ ‫الذي لم يتمكن من حسم أموره داخل فلسطني‪،‬‬ ‫ذلك ألن التيار املقاوم في فلسطني يقوى يوما ً‬ ‫بعد يوم‪.‬‬ ‫أمام هذا الواقع‪ ،‬ماذا سيحصل في لبنان؟‬

‫الفريق الشباطي‬ ‫واألوكسيجني السعودي‬

‫وجانب آخر من احلضور‬

‫اقول لكم إن فريق ‪ 14‬شباط في لبنان أصبح‬ ‫جثة سياسية تنتظر موعد الدفن‪ .‬نعم‪ ،‬عمليا ً‬ ‫هذا الفريق انتهى سياسياً‪ ،‬ولكنه ما زال يعيش‬ ‫على األوكسيجني السعودي اليوم‪ .‬فالسعودي‬ ‫يرى أنه بعدما خسر معركة نفوذه في العراق‬ ‫وفلسطني‪ ،‬ومعركة حتريضه على سوريا‪ ،‬ما زال‬ ‫لديه جزء من الساحة اللبنانية يحاول العمل‬ ‫عليه‪ .‬لكن أطمئنه بأنه كما خسر معاركه في‬ ‫الساحات األخرى‪ ،‬حتما ً سيخسر معركته على‬ ‫الساحة اللبنانية‪.‬‬

‫املرحلة اجلديدة تقتضي‬ ‫سياسة احلوار ال التصادم‬ ‫وتابع وهاب قائالً‪ :‬كل هذه املعطيات تؤكد‬ ‫أننا ذاهبون باجتاه مرحلة سياسية جديدة في‬ ‫لبنان‪ .‬ولكن املعارضة في هذه املرحلة لن تتصادم‬ ‫كما تصادمت في املرحلة السابقة‪ .‬لذلك‬ ‫عندما يدعو السيد حسن نصر اهلل إلى احلوار‬ ‫مع اآلخرين‪ ،‬فهو يدعو من موقع املنتصر‪ ،‬من‬ ‫موقع الكبير القادر على اتخاذ املبادرة‪ ،‬من موقع‬ ‫غير امللزَم بشأن قناعاته وملصلحة لبنان‪ .‬لذلك‬ ‫أسمع من هنا وهناك‪ ،‬بعض النواب املوظفني في‬ ‫أوجيه لبنان يتحدثون عن شروطهم للمصاحلة‬ ‫وغير ذلك!!‬ ‫إن السيد حسن نصر اهلل أواملعارضة إن‬ ‫أرادت املصاحلة‪ ،‬فألنها ترى أن القوي يتصرف‬ ‫بكبر‪ ،‬وليس كما تصرف الفريق اآلخر عندما‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫احلضور النسائي‬ ‫تسلم السلطة في العام ‪ 2005‬وعلى حساب‬ ‫دماء اآلخرين‪ .‬ونحن اذا تصرفنا بكبر فليس‬ ‫ألننا بحاجة للتصالح مع هذا أو ذاك! نحن‬ ‫نفكر مبصلحة لبنان اوالً‪ .‬لذلك قوى املعارضة‬ ‫وفي طليعتهم حزب اهلل وحركة أمل والسيد‬ ‫حسن نصر اهلل والعماد ميشال عون واآلخرون‬

‫‪50‬‬

‫يتصرفون مبا تقتضيه هذه املصلحة‪.‬‬

‫العرب يغرقون في أسواق البورصة‬ ‫واملضاربة األميركية‬ ‫وأضاف‪ :‬وإذا كانت السعودية تريد أن‬


‫املقاومة ليست فقط سالح‪ ،‬امنا موقف وثقافة وعلم‪.‬‬ ‫‪ 7‬ايار لم يكن محاولة من قبل املعارضة للسيطرة على لبنان بالقوة‪،‬‬ ‫امنا خطتها كانت بوقف املؤامرة على املقاومة‪،‬‬ ‫وبالتالي وقف محاولة التحكم بالوضع اللبناني‪.‬‬ ‫ان املعارضة تتصرف بكبر ليس ألنها بحاجة للتصالح‬ ‫مع هذا او ذاك بل ألنها قوية ومنتصرة وقادرة على اتخاذ املبادرة‪.‬‬ ‫تعيش املنطقة اليوم مرحلة انتقالية سببها تعثر املشروع اآلخر‬ ‫ودخول االدارة االمريكية في “ الكوما” السياسية‬ ‫واستعدادها لتشكيل ادارة جديدة‪.‬‬ ‫االدارة االمريكية اجلديدة ستفتح مرحلة جديدة‬ ‫في املنطقة وفي لبنان‪.‬‬ ‫يجب على وزراء املعارضة الوقوف في وجه السرقة املوصوفة‬ ‫التي يقوم بها فؤاد السنيورة عبر الهيئة العليا لالغاثة‪.‬‬ ‫اذا لم يستطع وزراء املعارضة التغيير والتصحيح داخل احلكومة‪،‬‬ ‫فسنكون امام مشكلة حقيقية‪.‬‬ ‫تساعد لبنان‪ ،‬قلنا مرارا ً إننا لسنا بحاجة إال‬ ‫ألموالها‪.‬‬ ‫لقد خسروا في األسابيع املاضية في لعبة‬ ‫البورصة مئات مليارات الدوالرات‪ ،‬وكل اإلحصاءات‬ ‫والتقديرات تقول إن العرب هم اخلاسر األكبر في‬ ‫هذه اللعبة‪.‬‬ ‫رفع األميركي أسعار النفط الى ‪ 150‬دوالراً‪،‬‬ ‫وبدأ الترويج بأن السعر سيصل الى ‪ 250‬دوالراً‪.‬‬ ‫عندها بدأ توظيف األموال في البورصة‪ .‬انتهت‬ ‫اللعبة خالل أيام ومن كان لديه املليارات‪ ،‬استفاق‬ ‫ليجد أنه ليس لديه شيء‪ .‬في النهاية خسر‬ ‫كل املقامرين العرب ليبقى الرابح الوحيد وهو‬ ‫الواليات املتحدة األميركية التي ميكنها اآلن أن‬ ‫تسدد كل الديون واخلسائر التي وقعت خالل حرب‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫يدفعون مئات مليارات الدوالرات في‬ ‫مصارف وأسواق املضاربة في الواليات‬ ‫املتحدة االميركية‪ ،‬وال يتجرأون على دفع‬ ‫شيء لفلسطني أو ألي حركة مقاومة في‬ ‫العالم!!‬

‫السنيورة والسرقة املوصوفة‬ ‫في الهيئة العليا لإلغاثة‬ ‫نحن لسنا بحاجة ال ألفكارهم وال آلرائهم‪،‬‬ ‫بل بحاجة ألموالهم‪ .‬ولكن أموالهم ايضا ً يجب‬ ‫ان ال تأتي عن طريق السنيورة الذي يصرفها‬ ‫بشكل «مزاجي»!! حتى اآلن ما زالت قرى اجلنوب‬ ‫والضاحية واماكن كثيرة اخرى تضررت جراء‬ ‫عدوان متوز‪ ،‬محرومة من التقدميات والتعويضات‪.‬‬ ‫والكل يعلم بأنه أتت الى لبنان بعد حرب متوز‬ ‫قدرت جراء‬ ‫اموال تفوق بكثير حجم اخلسائر التي ّ‬ ‫العدوان‪ .‬اين صرفت؟!!‬ ‫اليوم‪ ،‬يوزع فؤاد السنيورة ماليني الدوالرات‬ ‫عبر الهيئة العليا لالغاثة دون حسيب او رقيب‪،‬‬ ‫ويتحكم بهذه التقدميات حسب مزاجه دون اية‬ ‫مراقبة او مناقصة او شيء قانوني‪ .‬وهذا االمر هو‬ ‫من مسؤولية وزراء املعارضة اليوم‪ ،‬الذين يجب‬ ‫ان يقفوا في وجه ما يحصل حتى لو كلف االمر‬

‫‪51‬‬

‫مشكلة كبيرة داخل احلكومة‪ .‬فهذه االمور يجب‬ ‫اال متر بعد اليوم من دون محاسبة او مساءلة‪ .‬هذه‬ ‫السرقة املوصوفة التي متر امام اعيننا جميعاً‪،‬‬ ‫يجب ان يكون لوزراء املعارضة موقف منها‪.‬‬ ‫ويجب أال يسمح لفؤاد السنيورة بأن يستغل‬ ‫اجواء املصاحلات وحرص املعارضة عليها ليم ّرر‬ ‫مئات ماليني الدوالرات من خالل الهيئة العليا‬ ‫لالغاثة ودون أي رقيب أو حسيب‪ .‬فإذا لم يستطع‬ ‫وزراء املعارضة أن يغيروا شيئا ً في احلكومة‪ ،‬فهذا‬ ‫سيشكل صدمة لكل جمهور املعارضة واجلمهور‬ ‫اللبناني‪ .‬أي اذا لم يلمس الشعب تغييرا ً في األداء‬ ‫احلكومي بعد دخول وزرائنا فيها‪ ،‬فعندها سنكون‬ ‫أمام مشكلة حقيقية‪.‬‬

‫مسؤولية وزراء املعارضة‬ ‫في املعاجلة والتصحيح‬ ‫داخل احلكومة‬ ‫نحن كمعارضة حاربنا هذا الوضع املتردي‬ ‫طيلة ‪ 3‬سنوات كي نصل الى السلطة ونصحح‬ ‫داخلها‪ .‬وهذا ما يجب ان يحصل‪.‬‬ ‫وتابع وهاب مؤكدا ً‪ :‬ان املعارضة يجب ان تكون‬ ‫منسجمة مع املصاحلات‪ ،‬ولكن في الوقت نفسه‬ ‫يجب ان تكون منسجمة مع كل طروحاتها‬ ‫ومفاهيمها‪ ،‬ومتمسكة بكل الشعارات التي‬ ‫أطلقتها طيلة السنوات الثالث املاضية‪ ،‬ويجب‬ ‫أن يثبت وزراؤنا في الداخل أننا نقف عند هذه‬ ‫الشعارات والطروحات ونتمسك بها‪ ،‬ومستعدون‬ ‫للذهاب الى آخر املطاف ملعاجلة كل االمور داخل‬ ‫احلكومة‪.‬‬

‫اإلدارة األميركية اجلديدة‪...‬‬ ‫واملتغيرات في املنطقة‬ ‫وختم وهاب‪ :‬ان الوضع العام في املنطقة‬ ‫سيتغير‪ .‬نحن اآلن نعيش فترة انتقالية سببها‬ ‫تعثر املشروع اآلخر ودخول االدارة االميركية في‬ ‫«الكوما» السياسية‪ ،‬واستعداد أميركا لتشكيل‬ ‫ادارة سياسية جديدة‪.‬‬ ‫ولكن أقول لكم إنه كيفما كانت االدارة‬ ‫االميركية اجلديدة‪ ،‬فاملنطقة لن تشهد الظروف‬ ‫نفسها التي شهدتها في ظل ادارة بوش‪،‬‬ ‫فمشروع هذا االخير انتهى‪ ،‬وأعتقد ان االدارة‬ ‫اجلديدة (دميوقراطية كانت ام جمهورية) لن‬ ‫تستطيع ان تكمل في هذا املشروع‪ .‬وستأتي الى‬ ‫منطقة الشرق االوسط لتقول للقوى الفاعلة‬ ‫فيها وللقوى التي أثبتت حضورها فيها «هذه‬ ‫مصاحلك‪ ،‬وهذه مصاحلنا»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأعتقد أن هذا االمر سيفتح مرحلة جديدة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وحتما ً ستنعكس هذه املرحلة على‬ ‫الوضع في لبنان‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب بحث مع الرئيس سليمان‬ ‫موضوع التعيينات خارج المحاصصات‬ ‫زار رئيس “تيار التوحيد” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب رئيس اجلمهورية العماد ميشال‬ ‫سليمان‪ ،‬وبحث معه في آخر التطورات‬ ‫السياسية واألمنية على الساحة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وموضوع قانون اإلنتخاب‪ ،‬إضافة‬ ‫الى التعيينات املتوقعة السيما نواب‬ ‫حاكم مصرف لبنان‪ ،‬وضرورة اخلروج من‬ ‫ذهنية احملاصصات السياسية والفئوية‪،‬‬ ‫واعتماد الكفاءة‪ ،‬وفتح اجملال أمام عنصر‬ ‫الشباب‪.‬‬

‫السفير الصيني في ضيافة رئيس «تيار التوحيد اللبناني»‬

‫وهاب‪ :‬العالم بدأ يتنفس الصعداء يوماً بعد يوم‬ ‫مع اقتراب نهاية والية بوش‬ ‫أمضى السفير الصيني في لبنان «ليو زمينغ»‬ ‫وعقيلته والقائم باألعمال يوما ً في ضيافة‬ ‫رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب وعقيلته في دارته في اجلاهلية‪ ،‬وجرى‬ ‫عرض للتطورات السياسية في البالد‪ ،‬كما اطلع‬ ‫السفير الصيني على معالم بلدة اجلاهلية‬ ‫وآثارها‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪ :‬أجرينا مع سعادة‬ ‫السفير جولة أفق في القضايا الكثيرة املطروحة‬ ‫في لبنان واملنطقة‪ ،‬والعالم بدأ يتنفس الصعداء‬ ‫يوما ً بعد يوم مع اقتراب نهاية والية الرئيس‬ ‫األميركي جورج بوش‪ ،‬هذا اجملرم الذي لم يترك‬ ‫شيئا ً إال وفعله في منطقتنا من قتل وتدمير‬ ‫ونهب ثروات أمتنا‪ ،‬ومتنينا على سعادة السفير‬ ‫أن يكون هناك دور أكبر للصني من بعض الدول‪،‬‬ ‫خصوصا ً في لبنان واملنطقة‪ ،‬يحدث توازنا ً على‬ ‫ساحة لبنان والشرق األوسط في املرحلة املقبلة‪،‬‬ ‫بعدما عانت هذه املنطقة طويالً من العربدة‬ ‫األميركية ومن التفرد األميركي نتيجة السياسة‬ ‫اجملنونة التي قادها جورج بوش‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬بحثنا أيضا ً بالتطورات احلاصلة‬ ‫على صعيد أزمة الشرق األوسط واملوضوع‬ ‫الفلسطيني وما صدر عن اإلسرائيليني في‬ ‫موضوع املبادرة العربية حتى ال يركض العرب‬ ‫مجددا ً أو يهرولوا وراء اإلسرائيليني اآلن‪ ،‬اإلسرائيلي‬ ‫يعطي شيكا ً بدون رصيد‪ ،‬اإلسرائيلي اليوم بدون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قيادة سياسية‪ ،‬أوملرت وباراك وليفني يعطون اآلن‬ ‫شيكا ً بدون رصيد وليس هناك قيادة سياسية‬ ‫أي‬ ‫داخل الكيان الصهيوني قادرة على تسويق ّ‬ ‫كان‪ ،‬حتى ولو كان مبستوى املبادرة العربية التي‬ ‫هي ليست باألساس موضع إجماع عربي‪ ،‬وحتى‬ ‫في حدود هذه املبادرة اإلسرائيلي غير قادر على أن‬ ‫يفعل أي شيء‪.‬‬ ‫وتطرق وهاب إلى موضوع احلرائق في الشوف‬ ‫وقال‪ :‬التقيت عددا ً من األهالي وأبناء املنطقة‬ ‫وأخبرونا عن اخلسائر الكبيرة‪ ،‬كنت أمتنى على‬

‫‪52‬‬

‫رئيس احلكومة أن يبادر كما يبادر في بعض‬ ‫املناطق وألسباب انتخابية إلى إرسال الهيئة‬ ‫العليا لإلغاثة والبدء مبسح األضرار وإعطاء‬ ‫التعويضات للناس‪ ،‬وكنت أمتنى أن يبادر الرئيس‬ ‫السنيورة لهذا األمر ألن هناك أناسا ً لديهم‬ ‫خسائر مبليارات الليرات وعلى الهيئة العليا‬ ‫لإلغاثة أن تتحرك بسرعة إلعطاء التعويضات‬ ‫للناس حتى ال تبقى هذه الهيئة تتحرك فقط‬ ‫بأمر سياسي وبهدف سياسي وباجتاه أناس‬ ‫ينتمون إلى فريق واحد‪.‬‬


‫عون التقى رئيس «تيار التوحيد اللبناني»‬ ‫ّ‬ ‫وهاب‪ :‬نريد لبنان وض ّد عودة سوريا‬ ‫في إطار عالقات التنسيق والتعاون بني «تيار‬ ‫التوحيد اللبناني» و «التيار الوطني احلر»‪ ،‬التقى‬ ‫النائب العماد ميشال عون‪ ،‬في الرابية‪ ،‬الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬وعرضا للتطورات السياسية‬ ‫واألمنية واتّفقا على رؤية مشتركة خملتلف القضايا‪.‬‬ ‫وقد ص ّرح وهاب عقب اللقاء‪”:‬إن البحث تناول أداء‬ ‫بعض احلكومة في بعض األمور‪ ،‬منها ما يتعلق‬ ‫بهدر األموال‪ .‬فالرئيس السنيورة يتصرف وكأن شيئا ً‬ ‫لم يتغير‪ ،‬وكأنه ليس رئيس حكومة وحدة لبنانية‪،‬‬ ‫وهو يتصرف مبوضوع هدر األموال كما يتصرف في‬ ‫السابق في موضوع الهيئة العليا لإلغاثة‪ ...‬وباالتفاق‬ ‫مع بعض الدول التي ترسل بعض املساعدات إلى‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكن فعليا ً تذهب املساعدات إلى الهيئة‬ ‫العيا لإلغاثة في مشاريع سياسية وتستعمل‬ ‫في عمليات صرف سياسي‪ .‬نحن عندما كنا في‬ ‫جمد عمل هذه الهيئة‬ ‫حكومة الرئيس عمر كرامي ّ‬ ‫ألنه اعتبر أنها مكان للنهب والسرقة”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬بحثنا أيضا ً في مواضيع سياسية أخرى‪،‬‬ ‫ال سيما ما يتعلق باالنتخابات النيابية املقبلة‪،‬‬ ‫وهناك حملة سعودية مركزة على العماد عون‬ ‫وعلى “التيار الوطني احلر”‪ ،‬نحن ذاهبون إلى انتخابات‬ ‫واملعارضة متلك مشروعا ً إلنقاذ لبنان خالل تلك‬ ‫االنتخابات”‪.‬‬ ‫وقال “أنا أشجع كل خطوة يقوم بها الرئيس‬ ‫ميشال سليمان”‪.‬‬

‫عون مستقبالً وهاب‬ ‫وأكد ردا ً على سؤال‪“ :‬نحن نريد لبنان وضد عودة‬ ‫سوريا إليه ألنها إذا عادت فسوف ميشون معها هم‪،‬‬ ‫وبالتأكيد لن ميشي معها العماد ميشال عون”‪.‬‬ ‫وعن قانون االنتخابات الذي أقر قال‪“ :‬إننا مع‬ ‫موقف “تكتل التغيير واإلصالح”‪ ،‬ولكن أنا أصالً مع‬ ‫النسبية واليوم ال ّ‬ ‫حظ لها‪ ،‬ألن هناك الكثير من‬ ‫الديناصورات املالية والسياسية ترفض النسبية‬ ‫ألنها تلغي جزءا ً من وجودها‪ ،‬ولكن “تكتل التغيير‬ ‫واإلصالح” كان لديه الكثير من اإلصالحات‪ ،‬كان‬ ‫يجب أن يأخذ بها قانون االنتخاب”‪.‬‬

‫وردا ً على سؤال آخر قال‪“ :‬ال مشكلة مع‬ ‫الوزير طالل أرسالن بالرغم من غيمة الصيف‬ ‫التي مرت‪ .‬نحن إخوة ونحن راية املير طالل‪،‬‬ ‫واملير طالل في االنتخابات له احلق في خوضها‪،‬‬ ‫وليشكل كتلة نيابية‪ ،‬نحن سنكون إلى جانبه‬ ‫وسندعمه ونساعده‪ .‬وفي موضوع الوزير‬ ‫(السابق النائب وليد جنبالط) هناك كالم آخر‪،‬‬ ‫ال نستطيع أن نقف معه أو نشتمه في كل مرة‬ ‫يتكلم فيها‪ ،‬ليقم هو بإعادة نظر بطيئة في‬ ‫سياسته ثم نبحث في األمر”‪.‬‬

‫وزير الصحة د‪ .‬محمد جواد خليفة التقى رئيس تيار التوحيد اللبناني‬

‫وهاب تمنى على المصريين االهتمام بأمورهم أكثر‬ ‫استقبل وزير الصحة محمد جواد خليفة رئيس‬ ‫تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب‬ ‫الذي نقل اليه اهتمامه بالوضع الصحي للمواطن‬ ‫والتسهيالت التي ميكن تقدميها في املستشفيات‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪ :‬حاولت أن أنقل صوت املواطنني الى‬ ‫الوزير خليفة جلهة الفاتورة الصحية التي تقدر مبئات‬ ‫املاليني من الدوالرات‪ ،‬وقد ملست منه إدراكه حلقيقة‬ ‫املشكلة وسعيا ً جديا ً ملعاجلتها‪ ،‬وطمأننا الى انه خالل‬ ‫الفترة املقبلة ستصدر البطاقة الصحية‪ ،‬وهي مسألة‬ ‫مهمة وتسجل ملعالي الوزير ولتاريخ هذه الوزارة‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬نتمنى أن يسهل مجلس الوزراء مهمة الوزير‬ ‫في هذا املوضوع‪ ،‬ألن البطاقة الصحية توفر على الدولة‬ ‫الكثير وتوفر على املواطن الكثير ايضاً‪ ،‬وفي استطاعة‬ ‫املواطن دخول أي مستشفى في شكل محترم‪ ،‬لكن أن‬ ‫تدفع مئات املاليني ويتحكم فيها الكثير من أصحاب‬ ‫املستشفيات فهو أمر غير مقبول‪.‬‬ ‫وعلق وهاب على الزيارات التي جتري في لبنان‪،‬‬

‫وخصوصا ً الزيارة االخيرة للوفد املصري‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫كنت أمتنى على املصريني االهتمام بأمورهم أكثر‪.‬‬ ‫وليطمئن النظام املصري الى أن لدينا حصانة في‬ ‫املوضوع العروبي أكثر من نظام هذا الضابط الذي‬ ‫أتى الى لبنان‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫وردا ً على سؤال عن لقاء النائب سعد احلريري‬ ‫والسيد حسن نصر اهلل قال‪ :‬السيد نصراهلل يتصرف‬ ‫بأبوة مع كل الناس ومبا ميليه عليه واجبه الوطني‪،‬‬ ‫وأعتقد أن احلريري ال ميلك قراره وما زال رأيي فيه هو‬ ‫هو‪ ،‬فهو موظف لدى السعوديني‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫السيدة شيباني في رحاب الجاهلية على مأدبة غداء لين وهاب‬

‫نصار‪ :‬يجمعنا رابط الشهادة الممزوج‬ ‫ّ‬ ‫بدماء األحرار في وطننا‬

‫من اليمني احلاجة خديجة‪ ،‬احلاجة أم مهدي‪ ،‬السيدة شيباني‪ ،‬السيدة وهاب‪ ،‬السيدة رندا وهاب واحلاجة زينب‪.‬‬ ‫أقامت السيدة لني وئام وهاب‪ ،‬عقيلة رئيس تيار‬ ‫التوحيد اللبناني وئام وهاب‪ ،‬مأدبة غداء في دارتها‬ ‫في اجلاهلية على شرف زوجة السفير اإليراني في‬ ‫لبنان السيدة كاتايون شيباني‪ ،‬ترافقها زوجة‬ ‫القائم باألعمال اإليراني‪ ،‬وبحضور مسؤولة‬ ‫الهيئات النسائية في حزب اهلل احلاجة خديجة‬ ‫سلوم‪ ،‬ومديرة األنشطة النسائية في هيئة دعم‬ ‫املقاومة اإلسالمية احلاجة غزوة اخلنسا أبو زينب‪،‬‬ ‫ومسؤولة مديرية األنشطة النسائية في هيئة‬ ‫دعم املقاومة اإلسالمية احلاجة أم مهدي‪ ،‬وحشد‬ ‫نسائي كبير من تيار التوحيد‪.‬‬ ‫بداية ألقت عضو املكتب السياسي وأمينة‬ ‫الشؤون القانونية في تيار التوحيد السيدة كارين‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫نصار كلمة ترحيب قالت فيها‪:‬‬ ‫“نلتقي اليوم في جبل الكرامة‪ ..‬في البلدة‬ ‫املقاومة “اجلاهلية”‪ ،‬لنستقبل السيدة كاتايون‬ ‫شيباني والوفد املرافق لها‪ ،‬التي مت ّثل امتدادا ً‬ ‫طبيعيا ً ملسيرة اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في‬ ‫اخلير والعطاء واملمانعة‪.‬‬ ‫كما نرحب باألخوات من حزب اهلل‪ ،‬احلاجة‬ ‫خديجة سلوم‪ ،‬احلاجة غزوة اخلنسا أبو زينب‪،‬‬ ‫واحلاجة أم مهدي‪.‬‬ ‫سوف نختصر كلمات الترحيب‪ ،‬ألن ضيفاتنا‬ ‫هن أخوات وصاحبات البيت‪ ،‬لهن فيه ما لنا‪.‬‬ ‫فاخلط الذي تعاهدنا عليه هو خط الصمود‬ ‫واملقاومة واحلق‪ ،‬والرابط الذي يجمعنا هو رابط‬

‫‪54‬‬

‫الشهادة املمزوج بدماء األحرار في وطننا‪.‬‬ ‫مت ّثل اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية عنوانا ً بارزا ً‬ ‫من عناوين املقاومة في وجه املشروع األميركي‬ ‫الصهيوني‪ ،‬حيث شكل انتصار الثورة اإلسالمية‬ ‫اإليرانية املباركة التي قادها اإلمام اخلميني نقطة‬ ‫حت ّول تاريخية في حياة األمة العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫جلهة حتديد هوية الصراع ضد الكيان الصهيوني‬ ‫الغاصب‪ ،‬وتبنّي ايران للقضايا العربية العادلة‬ ‫والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في العودة‬ ‫واقامة دولته املستقلة على كامل ترابه الوطني‪.‬‬ ‫يرى تيار التوحيد ان العالقة باجلمهورية‬ ‫االسالمية االيرانية هي عالقة استراتيجية‪،‬‬ ‫حتكمها عوامل الصمود والتحدي في وجه‬


‫السيدة وهاب تتلقى هدية رمزية من السيدة شيباني‬

‫السيدة شيباني تلقي كلمة‬

‫السيدة وهاب تتوسط السيدة شيباني وعقيلة القائم باألعمال االيراني‬

‫امينة الشؤون القانونية اثناء إلقاء كلمتها‬

‫الغطرسة واالستكبار االميركي ‪ -‬االسرائيلي‪،‬‬ ‫ويؤكد التيار حق اجلمهورية االسالمية االيرانية‬ ‫في حيازة القدرة النووية في برامجها السلمية‪،‬‬ ‫ويص ّر على حق الشعب االيراني الصديق في‬ ‫الدفاع عن نفسه بكل الوسائل املشروعة‪.‬‬ ‫كما يضع الرفيق وئام وهاب بندقية تيار‬ ‫التوحيد الى جانب بندقية الشعب االيراني‬ ‫ويحضنا‬ ‫البطل وبندقية حزب اهلل املقاوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫على ممارسة ثقافة الشهادة في سبيل قضايانا‬ ‫املشتركة‪ .‬كما يتوجه تيار التوحيد بقيادة الرفيق‬ ‫وئام وهاب بأسمى آيات احلب والتقدير والعرفان‬ ‫باجلميل ملواقف ايران الشجاعة في دعم املقاومة‬ ‫اللبنانية واعادة اعمار لبنان‪ ،‬واجلهود الكبيرة التي‬

‫ّ‬ ‫يحضنا على ممارسة ثقافة الشهادة‬ ‫الرفيق وئام وهاب‬ ‫في سبيل قضايانا املشتركة‪.‬‬ ‫عالقة تيار التوحيد باجلمهورية االسالمية االيرانية‬ ‫هي عالقة استراتيجية‪ ،‬حتكمها عوامل الصمود والتحدي في وجه‬ ‫الغطرسة واالستكبار االميركي – االسرائيلي‪.‬‬ ‫املرأة االيرانية املسلمة التي تناضل في سبيل بناء اجيال املقاومة‬ ‫وتعمل جنباً الى جنب مع الرجل لتساهم‬ ‫في مسيرة النهوض باجملتمع والدولة”‬

‫‪55‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫صورة تذكارية أثناء استقبال الوفد‬ ‫تبذلها القيادة االيرانية لتحصني لبنان وحماية‬ ‫سلمه االهلي‪ .‬وفي اخلتام‪ ،‬أتوجه بالتحية الى‬ ‫املرأة االيرانية املسلمة التي تناضل في سبيل بناء‬ ‫اجيال املقاومة وتعمل جنبا ً الى جنب مع الرجل‬

‫لتساهم في مسيرة النهوض باجملتمع والدولة”‪.‬‬ ‫كما كانت كلمة للسيدة شيباني‪“ :‬أختي‬ ‫العزيزة رحبت بي في آخر كالمها باللغة‬ ‫الفارسية‪ ،‬وأنا اآلن أرد باللغة العربية‪ .‬أريد ان‬

‫جانب من احلضور‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪56‬‬

‫أشكر السيدة لني وهاب على هذه الدعوة‪ .‬وان‬ ‫شاء اهلل ملزيد من التضامن‪ .‬وأنا سعيدة بلقائكن‬ ‫اليوم‪ ،‬وأمتنى لتيار التوحيد املزيد من التوفيق مبا‬ ‫يرضي اهلل ومصلحة اجلميع”‪.‬‬


‫في لقاء مع الهيئات القيادية في أمانة شؤون المرأة في «تيار التوحيد اللبناني»‬

‫وهاب‪ :‬التنسيق بين سوريا ولبنان يحميهما‬

‫السالح األميركي والوفود األميركية الى لبنان‬ ‫لن يؤديا الى اية نتيجة‪ .‬ما يفيد ويحمي لبنان هو‬ ‫القرار اجلريء الذي اتخذه العماد ميشال سليمان‬ ‫والذي ينفذه اليوم اجليش اللبناني وهو التنسيق‬ ‫بني لبنان وسوريا ملا جتمعهما من مصالح‬ ‫ومخاطر وتهديدات مشتركة‪.‬‬ ‫هذا ما ورد في كالم رئيس “تيار التوحيد‬ ‫اللبناني” وئام وهاب جاء خالل لقائه الهيئات‬ ‫القيادية في امانة شؤون املرأة في تيار التوحيد‬ ‫اللبناني‪ ،‬حيث وجه بداية حتية الى وزير الداخلية‬ ‫االستاذ زياد بارود على اجلهود التي بذلها في االيام‬ ‫االخيرة‪ ،‬على اثر تع ّرض ماليني االمتار من االحراج‬ ‫في اقليم اخلروب والدبية واجلاهلية ودميت حلريق‬ ‫كبير ومفتعل‪.‬‬ ‫واضاف وهاب‪ :‬ان الوزير بارود يعطي منوذجا ً‬ ‫جيدا ً من التعاطي اجلدي واملتابعة على االرض‪،‬‬ ‫لطاملا كنا نفتقدها عند وزراء آخرين كثر‪ .‬وفي‬ ‫هذا االطار اود ايضا ً ان أشكر كل من اتصل بنا‬ ‫وتبرع مبجموعة من االشجار‪ .‬وسيقوم شبابنا‬ ‫في تيار التوحيد‪ ،‬ابتداء من االسبوع القادم‬ ‫بحملة اعادة تشجير للمنطقة التي تعرضت‬ ‫لهذا احلريق الضخم‪ .‬كما أشكر احد االصدقاء‬ ‫املغتربني الذين ساهموا ايضا ً بـ‪ 10‬آالف شجرة‬ ‫مثمرة وحرجية‪ .‬ومن جهتنا نقوم باالتصال‬ ‫بجهات عديدة في لبنان واخلارج للحصول على‬ ‫املزيد من االشجار‪.‬‬ ‫وفي موضوع الضجة املفتعلة من البعض حول‬ ‫إنشاء سفارة لسوريا في لبنان‪ ،‬قال وهاب‪:‬‬ ‫أعتقد أن هذه الضجة املفتعلة لها عالقة‬ ‫بالشبكات االرهابية التي تقوم القوى االمنية‬ ‫بإلقاء القبض عليها‪ .‬وهنا ال بد من توجيه‬ ‫حتية الى اجليش اللبناني وقائده والى قوى االمن‬ ‫الداخلي على اجلهود التي قاموا بها إللقاء القبض‬ ‫على هذه الشبكات‪ .‬ولكن يبدو ان الهدف من‬ ‫هذه احلملة ّ‬ ‫املركزة اليوم‪ ،‬أكان على زيارة العماد‬ ‫ميشال عون الى طهران او على فتح سفارة‬ ‫لسوريا في لبنان‪ ،‬هو اخذ االنظار الى مكان آخر‪،‬‬ ‫خاصة أن هذه الشبكات االرهابية لم تولد من‬ ‫العدم بل كانت تنمو في ظل جو سياسي‪ ،‬خاصة‬ ‫في بعض الساحات من قبل تيار املستقبل‪ .‬هذا‬ ‫اجلو السياسي هو الذي أتاح لهذه التيارات لتنمو‬ ‫وتكبر وتتمكن من التخريب في لبنان كما خربت‬ ‫في السنوات املاضية‪.‬‬ ‫وعن زيارة العماد ميشال عون الى ايران سأل‬ ‫وهاب‪ :‬ملاذا كان مسموحا ً في السابق للرئيس‬ ‫رفيق احلريري الذهاب الى طهران للبحث في‬ ‫مشاريع‪ ،‬خاصة وعامة‪ ،‬وللبعض اآلخر ايضا ً الذي‬ ‫كان يجلب الدعم واملال من ايران‪ ،‬واآلن اصبحت‬

‫رئيس تيار التوحيد مترئسا ً االجتماع‬

‫وهاب يحيط به قادة التيار‬

‫زيارة الصداقة ممنوعة؟!! هذا اجلو الذي يبثه فريق‬ ‫‪ 14‬شباط والذي مت ّوله جهات عربية معينة‪،‬‬ ‫سيزيد الوضع تشنجا ً وسيشل منطق احلوار‪ ،‬ولن‬ ‫يوصل الى انتخابات نيابية هادئة في لبنان‪.‬‬ ‫وعن السالح الذي تزعم اميركا تقدميه الى‬ ‫اجليش اللبناني رأى وهاب أن اجليش اللبناني ليس‬ ‫بحاجة الى هذا السالح التافه والشكلي والذي‬ ‫لن يساعد حتما ً في تقوية اجليش‪ .‬لبنان بحاجة‬ ‫ألن توقف أميركا االعتداءات االسرائيلية عليه‪،‬‬ ‫واملدمر‬ ‫وألن توقف مد اسرائيل بالسالح املتطور‬ ‫ّ‬

‫‪57‬‬

‫الذي استعملت الكثير منه في عدوانها االخير‬ ‫على لبنان في متوز ‪ .2006‬فهذا السالح االميركي‬ ‫وهذه الوفود االميركية التي تأتي مؤخرا ً الى‬ ‫لبنان لن توصل الى اية نتيجة‪ .‬وما يفيد لبنان‬ ‫هو هذا القرار اجلريء الذي اتخذه العماد ميشال‬ ‫سليمان والذي تنفذه اليوم قيادة اجليش وبعض‬ ‫املؤسسات‪ ،‬وهو التنسيق بني لبنان وسوريا‪ ،‬ألن‬ ‫املصالح واخملاطر والتهديدات مشتركة‪ .‬ما يعني‬ ‫أن هذا التنسيق هو الوحيد الذي يحمي لبنان‬ ‫ويحمي سوريا‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫ترصع صدر الجاهلية بقالئد فجر اليوم القروي‬ ‫« طيور التوحيد»‬ ‫ّ‬

‫وتحيي سمفونية القيم بعفوية وتم ّيز‬

‫ترصع بقالئد الضياء‪ ...‬وعيون‬ ‫جبني الفجر قد ّ‬ ‫الفينيق قد أمطرت اللؤلؤ املترع باألصالة فوق‬ ‫بلدة اجلاهلية احلبيبة‪ ،‬فتفجرت ينابيع تعمدت‬ ‫بالنقاء‪ .‬هنا بني ضلوع هذه األرض‪ ،‬تترسخ‬ ‫جذور السنديان كلما ارتفعت أغصانه شموخاً‪،‬‬ ‫ويتربع اإلنسان على عرش الشموخ والعزة كلما‬ ‫ترسخت جذور القيم في حضن روحه العاشقة‬ ‫لوهج العالم األمثل‪ .‬فالقيم العريقة عندنا ّ‬ ‫جث‬ ‫عاتقٌ مخبأٌ في القلب القروي النقي‪ ،‬ولؤل ٌؤ أصيل‬ ‫ثابت يحتضنه محار الروح الطيبة الراقية‪.‬‬ ‫ما أجمل دروب النهر وهي مرصعة بوشاح‬ ‫من طيور التوحيد التائقة للسفر نحو سماوات‬ ‫النبوغ‪ ...‬وما أجمل البساطة املتميزة التي كللت‬ ‫عطلة األسبوع بالطابع القروي البعيد عن‬ ‫التكلف والتعقيد‪.‬‬ ‫حفلة وداع الصيف كانت ابتسامة ثغر الورد‬ ‫في حديقة الروح‪ ،‬وتغريدة طير على غصن‬ ‫ندي‪ ،‬فاليومان القرويان كانا على بساطتهما‬ ‫نسمتني شرقيتني حملتا عطر البخور وشذى‬ ‫الشوق ألجدادنا وأسالفنا بعنفوانهم وصمودهم‬ ‫وعشقهم ألرضهم‪.‬‬ ‫النهر املتأللئ رقة‪ ،‬املكتسب دوراً‪ ،‬قد حت ّول‬ ‫دربه خل ّية للذكرى‪ ،‬منسوجة بطراوة على أيادي‬ ‫التوحيديني‪ ،‬فها هو املعرض املقرون بسحر الزمن‬ ‫القروي يخترق غمرات التمدن فيتهادى كخصلة‬ ‫بنفسج في “مسكبة” الطموح التوحيدي‪ .‬وها‬ ‫هي رائحة اخلبز “الصاج” تتوزع توزُّع العطر على‬ ‫الزهر فتخبرنا حكايات الريف العتيق بتقاليده‬ ‫املفعمة باحملبة والكرم وحسن الضيافة‪.‬‬ ‫ويا طيب املذاق الشهي الذي رافق املأكوالت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪58‬‬


‫البيتية على أنواعها‪ ،‬ولعل أشهى ما فيها أنها‬ ‫من القرويني الذين قاوموا جتاعيد الزمن الصعب‬ ‫بالتصبر والصمود‪.‬‬ ‫وألن اإلنسان بتكوينه الطبيعي يحب التأنق‬ ‫ويتعلق بجدائل اجلمال واملتأ ّلق‪ ،‬فال بد لنا من‬ ‫باقة احللي واإلكسسوارات الشرقية بنعومة‬ ‫تصاميمها‪.‬‬ ‫أما اجللسة القروية التي توسطت املعرض‬ ‫فكانت بتواضع السنابل املرصعة بالتاج األصيل‪،‬‬ ‫وللفولكلور اللبناني وهجه املتميز في سهراتنا‬ ‫“املطعمة” بزمرد الدبكة اللبنانية وبريقها‬ ‫الشعبي النابض بالعنفوان‪ ،‬ألن في تشابك األيادي‬ ‫البيضاء مقدمة حلكاية التكامل والوحدة‪.‬‬ ‫ولعل الهدف من هذه الصبغة القروية هو‬ ‫محاولة إحياء مقطوعات من سمفونية القيم التي‬ ‫ضاعت حالوتها وسط صخب املوسيقى الغربية‪.‬‬ ‫أما اللحن اخلتامي فكان ترتيلة من زمن التمني‬ ‫وعزفا ً على أوتار القلوب‪ ،‬وفي سماء اجلاهلية‬ ‫املوشحة بالضياء قد توهجت فرحا ً مع إطاللة‬ ‫العريس النابض باحلياة ووجه العروس الضاحك‬ ‫املفعم بالبراءة‪.‬‬ ‫ورغم اللمسات التائقة للتميز والتحضيرات‬ ‫التي قام بها الرفاق “هبة‪ ،‬حنان‪ ،‬ومدحت أبو‬ ‫ذياب” مع باقة من رفاق التيار ورفيقاته‪ ،‬فقد‬ ‫جاء العرس القروي بعفويته القدمية أقرب إلى‬ ‫القلوب الطيبة وأكثر تأثيرا ً في النفوس‪ ،‬ألن‬ ‫القرويني بطبعهم يعشقون اختراق صمت احلزن‬ ‫بضحكاتهم وزغاريدهم املشبعة بالصلوات‬ ‫الصادقة‪.‬‬ ‫كذا بدأت حفلة العرس مع نبض املوسيقى‬ ‫ورنني السيوف ورقصة اجملد القروي وزغاريد األحبة‪.‬‬ ‫وألن الشجاعة تقترن باألصالة القروية الرائدة‪ ،‬فال‬ ‫بد للعريس من حمل “اجلرن” إثباتا ً لقوته‪ ،‬وال بد‬ ‫من الضيافة املتميزة وتكرمي الضيوف‪ ،‬فضالً عن‬ ‫التقاليد العربية التي يتميز بها القرويون‪ ،‬كأمنا‬ ‫هي نشيد روحي وخطوط من الشعاع الصوتي‬ ‫الذي يخترق أعماق األفئدة‪.‬‬ ‫السهرة القروية تكللت بالنجاح‪ ،‬والطيور التي‬ ‫فرشت أجنحتها على أهداب النهر قد رفعت عن‬

‫‪59‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫وجه األرض وشاحها القروي‪ ،‬تاركة في حضن الثرى روح الزمن املطعم بالبراءة‬ ‫والنقاء‪ ،‬معلقة على أغصان الزيتون قالدة توحيدية مرصعة مبرجان العصر القدمي‬ ‫املتوهج خيرا ً وسحراً‪.‬‬

‫حتقيق ‪ :‬حنان ابو ذياب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪60‬‬


‫العيد الوطني اإلسباني‬

‫مبناسبة عيد استقالل إسبانيا مثلت مسؤولة العالقات اخلارجية فريال‬ ‫أبو ذياب تيار التوحيد اللبناني في حفل عشاء أقامته السفارة اإلسبانية‬ ‫نهار االثنني في ‪ ،8002/01/31‬في قصر شهاب باحلدث‪.‬‬ ‫وتقدم احلضور السفير اإلسباني ميغيل بنزو بيرييا‪ ،‬إلى جانب حشد‬ ‫كبير من النواب والوزراء السابقني واحلاليني وبعض الشخصيات والفعاليات‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫وزيارة لسفارة بلجيكا‬ ‫كما قامت أبو‬ ‫ذياب بأول زيارة‬ ‫لسفارة بلجيكا‪،‬‬ ‫حيث التقت سعادة‬ ‫جوهان‬ ‫السفير‬ ‫فيركامن‪.‬‬ ‫وفي إطار هذه‬ ‫الزيارة التعارفية‪،‬‬ ‫أطلعت أبو ذياب‬ ‫سعادة السفير على‬ ‫موقف الوزير وهاب‬ ‫املصاحلات‬ ‫على‬ ‫اجلارية بني األطراف‬ ‫السياسية اللبنانية‪ ،‬وانفتاحه على جميع جهات املصاحلة‪ ،‬ومتنياته الوصول‬ ‫إلى الوفاق بني اجلميع‪.‬‬ ‫من جهته‪ّ ،‬‬ ‫أكد سعادة السفير استعداد دولته للمساهمة في إجناح‬ ‫هذه املصاحلات‪ ،‬والعمل على اإلمناء الشامل في لبنان‪ ،‬شاكرا ً الوزير‬ ‫وهاب على مواقفه الوطنية ومبادرته إلقامة العالقات اخلارجية مع‬ ‫السفارات‪.‬‬

‫جوالة الثقافة الشعبية‬ ‫ّ‬ ‫وفي احتفال إلبراز معالم الفلكلور الفنزويلي الذي أقامته سفارة فنزويال‬ ‫في لبنان بحضور عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية‪ ،‬م ّثلت أبو‬ ‫ذياب رئيس التيار الوزير وئام وهاب‪.‬‬ ‫افتتح احلفل بكلمة سعادة السفيرة سعاد كرم التي ع ّبرت عن اهتمامها‬ ‫تضمن احلفل عرضا ً‬ ‫بإبراز هذا النوع من الفنون التي تق ّرب بني احلضارات‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫موسيقيا ً راقصاً‪.‬‬

‫سفارة كوبا‬

‫وقامت مسؤولة العالقات اخلارجية فريال أبو ذياب في تيارالتوحيد بزيارة‬ ‫سفارة كوبا في احلازمية‪ ،‬حيث التقت سعادة السفير دارييو دي اورى‬ ‫والقنصل ماريا ايزابل دي اورى‪.‬‬ ‫خالل اللقاء نقلت أبو ذياب حتيات رئيس التيار الوزير وئام وهاب وأسفه‬ ‫الشديد للكارثة في كوبا (اوراكان “‪ ،)”IKE‬وما خ ّلفته من خسائر فادحة‪ ،‬كما‬ ‫قدمت لكوبا من البلدان‬ ‫شرح السفير طبيعة املساعدات اخلارجية التي ّ‬ ‫األخرى‪ ،‬وباألخص من فنزويال جلهة إعادة اإلعمار البيوت املهدمة‪.‬‬ ‫وتبادل الطرفان وجهات النظر‪ ،‬مستنكرين األحداث األمنية التي حصلت‬ ‫على الساحة العربية‪ ،‬وحتدثا عن موضوع االنتخابات املقبلة مشددين على‬ ‫ضرورة التوافق اللبناني ـ اللبناني في مسألة احلكومة وعلى مستوى جميع‬ ‫األطراف والطوائف‪ .‬وأخيرا ً عبر دي اورى عن امتنانه للوزير وهاب الهتمامه‬ ‫بالتواصل املستمر على الصعيد الدبلوماسي خدمة للمصالح الوطنية‬ ‫املشتركة‪.‬‬

‫سفارة دولة اإلمارات العربية المتحدة‬

‫وفي زيارة وداعية للسفير اإلماراتي السيد محمد سلطان السويدي‪،‬‬ ‫التقت أبو ذياب سعادة السفير حيث دار النقاش حول الشؤون السياسية‬ ‫احمللية واملصاحلات التي جتري بني القوى اللبنانية‪ ،‬فأكدا دعمهما لهذه‬ ‫املصاحلات متمنيني أن تكون بادرة خير ملا فيه مصلحة الوطن‪.‬‬ ‫ومن جهتها شكرت أبو ذياب جهود دولة اإلمارات في دعم الشعب اللبناني‬ ‫على مختلف األصعدة‪ ،‬وأكد الطرفان على استمرار التنسيق والتعاون مبا‬ ‫يخدم القضايا الوطنية والقومية املشتركة‪ ،‬كما ع ّبر سعادة السفير عن‬ ‫وحمل أبو ذياب‬ ‫محبته وصدق عالقته برئيس تيار التوحيد الوزير وئام وهاب ّ‬ ‫حتياته وتقديره له‪ ،‬مؤكدا ً على التواصل الدائم‪.‬‬

‫‪ ..‬وزيارة سفارة رومانيا‬

‫واستكماال ً للزيارات بني تيار التوحيد اللبناني والسفارات في لبنان‪ ،‬قامت‬ ‫مسؤولة العالقات اخلارجية السيدة فريال أبو ذياب بزيارة سفارة رومانيا‬ ‫حيث التقت سعادة السفير دانيال ن تناسى‪ ،‬وجرى التباحث في املصاحلات‬ ‫السياسية القائمة بني األطراف اللبنانية كافة‪ ،‬واملبادرة لتبادل العالقات‬ ‫الدبلوماسية بني سوريا ولبنان‪ ،‬من جهته عبر سعادة السفير عن امتنانه‬ ‫ملوقف سوريا املنفتح على املصاحلات واملفاوضات اجلارية لتعميم السالم‬ ‫والتوافق بني اللبنانيني‪ ،‬كما جرى تبادل اآلراء حول زيارة رئيس جمهورية‬ ‫رومانيا إلى سوريا‪ ،‬ومتنت أبو ذياب أن يكون لرئيس رومانيا زيارة قريبة إلى‬ ‫لبنان‪ ،‬ناقلة حتيات رئيس التيار الوزير وئام وهاب‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫مفوض الشباب في الجاهلية جهاد أبو ذياب لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫الشباب هم الجيل الواعد الهادف‬ ‫للتغيير والتحسين واللجوء إلى األفضل‬ ‫يسعى اجملتمع العربي إلى إيالء الشباب دوراً ال يستهان به‪ ،‬بجعله‬ ‫ركيزة من أهم الركائز التي تنشأ عليها األمم واجملتمعات احلديثة بهدف‬ ‫تطوير مجتمعاتها وسلخها من كنف اإلقطاع والتسلط والتفرد‬ ‫ّ‬ ‫وينفره من واقعه‪.‬‬ ‫باحلكم الذي يحبط العزائم ويشتت الشباب‬ ‫هذا الشباب الذي ّ‬ ‫يعلق عليه الكثير من اآلمال‪ ،‬سواء على مستوى‬ ‫األهل واألسرة أو على مستوى الوطن‪ ،‬نظراً ملا ميلكه من إمكانات‬ ‫وطاقة منتجة على كل األصعدة احلياتية‪ ،‬الستمرارية مشوار األلف‬ ‫ميل الذي بدأه أسالفه وآباؤه وأجداده لينجزوا ما أخفقوا في إجنازه‪.‬‬ ‫ألجل ذلك ترى األهل يحيطون أبناءهم بالرعاية واحملبة محاولني‬ ‫توفير ظروف النجاح وأسبابه كافة مهما ّ‬ ‫كلفهم األمر من مصاعب‬ ‫وعقبات‪ ،‬فرضتها عليهم املبالغة في الرعاية واالهتمام املفرط‬ ‫بالوصاية وفرض اآلراء التي نشأوا عليها بغية تطبيق خبراتهم‬ ‫احلياتية على أبنائهم دون االنتباه إلى تغيير الزمان والظروف التي‬ ‫مكنتهم من إنتاج تلك املعارف واخلبرات‪ ،‬والتي قد ال تتناسب مع‬ ‫ظروف األبناء وزمانهم بفعل عوامل التغيير االقتصادية واالجتماعية‬ ‫واحلضارية املتسارعة‪ .‬ولعل هذا اإلفراط في احلب واخلوف على األبناء‬ ‫واحلرص على جتنيبهم معاناة ذويهم‪ ،‬ال يكون حاجزاً يحول بينهم‬ ‫وبني االنخراط في التجارب ومعايشة احلياة عن كثب‪ ،‬مبا ّ‬ ‫ميكن‬ ‫شخصياتهم من النمو والتكامل الطبيعيني‪ ،‬ما يفضي إلى نتائج‬ ‫معاكسة للمطلوب‪ .‬وهذا ما يعتقده العديد من علماء االجتماع‬ ‫والتربية‪ ،‬إذ يؤكدون أن إتاحة الفرصة للشباب إلثبات وجودهم وإبراز‬ ‫جتاربهم وتكوين خبراتهم ال يتطلب سوى متكن هؤالء من حتصيل‬ ‫املعارف والعلوم الضرورية والتعلم من أخطائهم واختياراتهم املعبرة‬ ‫عن وعيهم‪ ،‬أما النصائح واتباع أساليب الوعظ واحلماية‪ ،‬فإنها على‬ ‫األغلب ال توصل إلى الغايات املرجوة‪.‬‬ ‫فما يطلبه الشباب من اجملتمع ال يتخطى التقاليد التي عرفها‬ ‫ونشأ عليها‪ ،‬بل على العكس إن ما يطلبه ويلح في طلبه هو االعتراف‬ ‫بخصوصيته وتفهم واقعه بتغيير الزمان واملكان وحريته في التعبير‬ ‫عن أفكاره ومعتقداته دون خوف أو مواربة‪ ،‬ومنحه فرصة املشاركة‬ ‫في تقرير مصيره ومساره في كل األمور احلياتية‪ :‬التعليمية منها‬ ‫واملهنية واالجتماعية‪ .‬فهل من سبيل للوصول إلى املطالب احملقة‬ ‫لدى الطرفني؟‬ ‫وإللقاء الضوء على أهم ما يسعى إليه تيار التوحيد من خالل‬ ‫مفوضية الشباب إلبراز دور الشباب في اجملتمع‪ ،‬وأن يكونوا سند‬ ‫األمة وثروتها‪ ،‬وهم العنصر األساسي لبناء مجتمع‪ ،‬كان لـ»منبر‬ ‫التوحيد» لقاء مع مفوض الشباب في اجلاهلية الرفيق جهاد أبو‬ ‫ذياب‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪62‬‬

‫يتحدث ملنبر التوحيد‬ ‫جهاد أبو ذياب‬ ‫ّ‬ ‫ـ مفوضية الشباب هي من املفوضيات األساسية الهامة ألنها تعد‬ ‫األجيال‪ ،‬فكيف أنشئت هذه املفوضية‪ ،‬وما هو عمرها الزمني؟‬ ‫إن مفوضية الشباب هي من املفوضيات األساسية الهامة ألنها تعد‬ ‫األجيال وحتثهم على العمل في سبيل الوطن وبناء مجتمع متقدم له‬ ‫القدرة الكافية على التغيير‪.‬‬ ‫بعد أن تكونت مفوضية مركزية في اجلاهلية‪ ،‬انبثق عنها مفوضية‬ ‫س ِّميت مبفوضية الشباب التي ال يتعدى عمرها الزمني ثالثة أشهر‪.‬‬ ‫ـ ما هو دور مفوضية الشباب في إعداد جيل متسلح بالعلم واملعرفة‬ ‫واإلرادة واملقدرة على حتمل املسؤولية امللقاة على عاتقه؟‬ ‫إن دور مفوضية الشباب هو الدور الفاعل في إعداد جيل متسلح بالعلم‬ ‫واملعرفة واإلرادة واملقدرة على حتمل املسؤولية امللقاة على عاتقه‪ ،‬ألن عنصر‬ ‫الشباب هو العنصر األكثر حيوية في اجملتمع واالرتكاز عليه في بناء وطن‬ ‫واعد ومؤمن باإلرادة‪ ،‬وملتزم بالقضايا الوطنية والقومية في معركة إثبات‬ ‫الوجود‪.‬‬ ‫ـ ما هي الهيكلية التنظيمية ملفوضية الشباب‪ ،‬وكيف يتم التواصل‬ ‫بني هذه املفوضية واملفوضية املركزية؟‬ ‫إن الهيكلية للمفوضية تتألف من الرفاق‪ :‬املفوض‪ ،‬أمني السر‪ ،‬منسق‬ ‫التربية والشباب‪ ،‬أمني الصندوق‪ ،‬منسق اإلعالم ومنسق التعبئة‪ .‬وتعقد‬ ‫املفوضية اجتماعا ً دوريا ً للبحث في أمور املفوضية وآخر أعمالها‪ ،‬ويتم‬ ‫التواصل دائما ً مع املفوضية املركزية برفع كتاب ألي مشروع أو عمل تريد‬ ‫مفوضية الشباب إعداده‪ ،‬وال يبدأ بهذا العمل إال بعد موافقة املفوضية‬


‫املركزية واإلشراف على ما نقوم به‪.‬‬ ‫ـ من هم الذين ينتمون إلى هذه املفوضية‪ ،‬وكيف يتم ذلك‪ ،‬وهل هناك‬ ‫من شروط معينة؟‬ ‫العناصر الذين ينتمون إلى هذه املفوضية هم أصحاب الكفاءة املعروفون‪،‬‬ ‫ويكون لهم القدرة على إعداد أفكار وأعمال ونشاطات‪ ،‬ويؤمنون بحب العمل‬ ‫واالنفتاح على اجملتمع والتعاطي مع كل األفرقاء مهما كانت انتماءاتهم‪،‬‬ ‫وكونهم يلتزمون فكرا ً علميا ً ومنفتحا ً يقبل اآلخر ويتحاور معه‪.‬‬ ‫ـ ما هي أبرز النشاطات التي متت حتى اآلن‪ ،‬وما هي خططكم‬ ‫املستقبلية لتحسني مستوى األداء في هذه املفوضية‪ ،‬وهل من صعوبات‬ ‫تواجهكم؟‬ ‫لقد بدأت املفوضية عملها منذ تشكيلها‪ ،‬فأبرز ما أجنزته كان اإلشراف‬ ‫على املهرجان الذي أقيم في الذكرى السنوية الثانية لتأسيس التيار في‬ ‫اجلاهلية‪ ،‬فكان لها الدور األساسي في التنظيم ومواكبة العمل‪ .‬كما كان‬ ‫لها دور في مواكبة طالب “الشهادات الرسمية” أثناء الدورة التي أقامتها‬ ‫مفوضية السيدات‪ ،‬كما كان لها الدور األساسي في التنظيم والتجهيز‬ ‫للمهرجان الذي أقيم لعميد األسرى احملرر سمير القنطار في اجلاهلية‪،‬‬ ‫وأيضا ً أنشأنا مخيما ً كشفيا ً ملدة خمسة أيام‪ ،‬كما شاركت في املسيرة‬ ‫التي أقيمت في اجلاهلية في السادس من أيلول مبناسبة ذكرى شهداء‬ ‫اجلاهلية‪.‬‬ ‫وبعد النجاح الكبير الذي أثبته اخمليم الكشفي األول لشبيبة التوحيد‪،‬‬ ‫ومبناسبة نهاية فصل الصيف‪ ،‬اختتمنا نشاطنا بإقامة يوم قروي‪ ،‬وجرى‬ ‫التحضير له خالل يومني حتت إشراف شبيبة كشافة التوحيد‪ ،‬وتخلل هذا‬ ‫العمل عرض لبعض املنتوجات القروية‪ ،‬منها “الزراعية واليدوية” وإقامة‬ ‫عرس قروي‪.‬‬ ‫فكان العمل ناجحاً‪ ،‬جمع الكثير من الرفاق والرفيقات واألهالي الذين‬ ‫شاركوا الكشافة فرحتهم‪ ،‬وقد أقاموا حلقات الدبكة اللبنانية والرقص‪،‬‬ ‫عاكسني حياة الوحدة بني كل الناس‪ .‬كان الهدوء والنظام والتعاون وروح‬

‫ـ أشرفنا على املهرجان الذي أقيم‬ ‫في الذكرى السنوية الثانية‬ ‫لتأسيس التيار في اجلاهلية‬ ‫ـ واكبنا طالب الشهادات الرسمية أثناء الدورة‬ ‫التي أقامتها مفوضية السيدات في اجلاهلية‪.‬‬ ‫ـ شاركنا في تنظيم وجتهيز لالحتفال‬ ‫الذي جرى لعميد األسرى احملرر سمير القنطار‬ ‫في اجلاهلية‪.‬‬ ‫ـ كما شاركنا في املسيرة‬ ‫التي أقيمت في اجلاهلية‬ ‫في السادس من أيلول مبناسبة ذكرى الشهداء‪.‬‬

‫األخوة ترافق هذين اليومني بني اجلميع‪.‬‬ ‫كل عمل تقوم به اجلماعة يواجه بعض املشاكل‪ ،‬لكن التكاتف والتضامن‬ ‫واالحتاد بيننا هو احلل الوحيد لكل مشكلة‪ ،‬مع العلم بأن جميع العوائق هي‬ ‫سطحية وقد استطعنا جتاوزها بالعمل والتصميم‪.‬‬ ‫ـ النشاط الذي مت في اخمليم الكشفي ّ‬ ‫مثل مفصالً واعداً‪ ،‬وبداية‬ ‫موفقة في اإلعداد جليل قادر على تقدمي العطاءات‪ ،‬نرجو تقدمي شرح على‬ ‫أبرز الفعاليات التي متت في هذا اخمليم؟‬ ‫بالنسبة للمخيم الكشفي‪ ،‬فإن هدفه إنشاء فرقة كشفية تقوم‬ ‫بواجباتها الكاملة لتحسني مجتمعها وبلدتها واالبتعاد عن كل أنواع‬ ‫اخلالفات السياسية والعائلية وحتقيق حالة االنصهار الوطني‪.‬‬ ‫فاألبرز في هذا اخمليم أننا استطعنا أن ننشئ فرقة كشفية من األشبال‪،‬‬ ‫ود ّربنا األشبال على الواجبات اليومية املتمثلة في برنامج رياضي وفني‬ ‫وثقافي‪ ،‬كما ُوزّعت جوائز ق ّيمة على الناجحني في الشهادات الرسمية‬ ‫وهدايا على األطفال املشاركني في اخمليم‪.‬‬ ‫وفي ختام اخمليم أقيم حفل ُعرضت فيه كل اإلجنازات والنشاطات بحضور‬ ‫رئيس تيار التوحيد الرفيق وئام وهاب الذي شكر بدوره مفوضية الشباب على‬ ‫عملها الناجح واستعداده لتقدمي أي مساعدة من أجل أي عمل يساهم في‬ ‫واع ومثقف‪.‬‬ ‫إجناح املفوضية وخلق شباب ٍ‬ ‫ـ هل من كلمة أخيرة توجهونها إلى الشباب الواعد وحامل رسالة‬ ‫واع متمسك بحب الوطن وروح‬ ‫التغيير نحو األفضل لبناء مجتمع ٍ‬ ‫املقاومة فيه؟‬ ‫أوجه أوال ً كلمة شكر إلى رئيس التيار الرفيق وئام وهاب الذي هو دائما ً إلى‬ ‫جانبنا ويقدم لنا كل العون في إجناح أعمالنا‪ ،‬ونشكر حضوره ختام اخمليم‪،‬‬ ‫ألنه مبشاركته شعرنا بالقوة والثقة واالعتزاز بالنفس‪.‬‬ ‫وأوجه كلمة للشباب‪ ،‬وأقول لهم‪ :‬ليس هناك من صعوبة يواجهها‬ ‫الشباب ألنه اجليل الواعد الهادف للتغيير والتحسني واللجوء إلى األفضل‪،‬‬ ‫وأطلب من جميع الشباب أن يكون لديهم حب التعاون واألمل الدائم لبناء‬ ‫واع متمسك بحب الوطن ونهج املقاومة والثبات على الوحدة حتى‬ ‫مجتمع ٍ‬ ‫حتقيق النصر‪.‬‬ ‫وفي اخلتام‪ ،‬وبصفتي مفوض الشباب في اجلاهلية‪ ،‬وبالتعاون مع املفوضية‬ ‫وكل الرفاق والرفيقات‪ ،‬أعدكم بأننا على موعد معكم في أعمال جديدة‬ ‫جتسد روح األلفة والوحدة بني اجلميع‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬

‫‪63‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫تعليقاً على حديث رئيس الحكومة فؤاد السنيورة “للفاينانشل تايمز”‬

‫وهاب ‪ :‬السنيورة لن يغفر للمقاومة‬ ‫في لبنان تدميرها لكل أحالمه ورهاناته‬ ‫رد وهاب على حديث الرئيس السنيورة‬ ‫«للفاينانشل تاميز» بتاريخ‪2008/10/21 :‬‬ ‫لم نفاجأ بحديث رئيس احلكومة فؤاد السنيورة‬ ‫للفاينانشل تاميز‪ ،‬ألن الغصة متأل قلب هذا الرجل‬ ‫بعدما فشل نظيره اإلسرائيلي في حرب متوز‪ ،‬وقد‬ ‫أدى هذا الفشل إلى تطيير املشروع األميركي‬ ‫في الشرق األوسط الذي كان فؤاد السنيورة أحد‬ ‫أركانه‪ ،‬لذا فنحن مقتنعون بأن السنيورة لن‬ ‫يغفر للمقاومة في لبنان تدميرها لكل أحالمه‬

‫ورهاناته على جناح األميركيني واإلسرائيليني في‬ ‫ضرب املقاومة وتطويع كل قوى املمانعة في‬ ‫املنطقة‪ ،‬ولكن لقد تناسى فؤاد السنيورة وهو‬ ‫ينفي انتصار لبنان أن هذه احلرب حققت نتيجتني‪،‬‬ ‫األولى حترير األسرى وفي طليعتهم سمير‬ ‫القنطار الذي ما كان ليخرج من معتقله لوال‬ ‫عملية أسر اجلنديني‪ ،‬ألن محاوالت كثيرة جرت‬ ‫في السابق إلطالق سراحه ولم تنجح‪ ،‬النتيجة‬ ‫الثانية أن إسرائيل خسرت قدرة الردع التي بنيت‬

‫ردأ على تصريح ديفيد ولش‬

‫وهاب‪ :‬ادارة بوش‬ ‫ليست بوضع فرض الشروط‬ ‫رد وهاب على تصريح مساعد وزيرة اخلارجية االميركية ديفيد ولش‬ ‫بتاريخ‪2008/10/22 :‬‬ ‫طالعنا مساعد وزيرة اخلارجية األميركية ديفيد ولش بتصريح مضحك‬ ‫له اليوم يتحدث عن الشروط األميركية املوضوعة على سوريا ليذكر باأليام‬ ‫األولى الحتالل العراق عندما أتى وزير اخلارجية األميركية كولن باول يومها‬ ‫ليضع شروطه على الطاولة السورية‪ ،‬وما يثير الضحك في تصريح ولش هو‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إن إدارة بوش التي استفادت من عدوانها على العراق قد شارفت على‬ ‫نهايتها خالل األسابيع املقبلة‪ ،‬وهي ليست في الوضع التي يسمح لها بوضع‬ ‫شروطها‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن سوريا التي رفضت الشروط األميركية يومها عندما أتى كولن‬ ‫باول وأكدت استمرار دعمها حلركات املقاومة لتحرير األراضي احملتلة في لبنان‬ ‫وفلسطني لن تتجاوب اليوم مع هذه الشروط‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬يتحدث املسؤولون األميركيون بلغة املتكبر القادر على كل شيء‪،‬‬ ‫وقد أثبتت حرب العراق وحرب متوز املاضية واملقاومة في فلسطني أن القرار‬ ‫األميركي ليس قدراً‪ ،‬وبالتالي فإن أميركا التي لم تستطع أن تخيف شعوب‬ ‫املشرق العربي في ذروة عدوانها على العراق لم تعد اآلن تستطيع أن متارس هذا‬ ‫التخويف‪ ،‬فنحن لسنا تالمذة ولم يعد ديفيد ولش وإدارته معلمني ليخضعونا‬ ‫المتحاناتهم‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪64‬‬

‫عليها كل احلسابات من العام ‪ 67‬حتى اليوم‪ .‬إننا‬ ‫نستطيع القول إن أمرا ً واحدا ً فشلت في حتقيقه‬ ‫حرب متوز حتى اآلن وهو أن يذهب فؤاد السنيورة‬ ‫إلى احملاكمة نتيجة دوره القذر خالل هذه احلرب‪،‬‬ ‫وهو ما ستكشفه األيام في وقت قريب‪.‬‬ ‫أما عن العالقة مع سوريا فالسنيورة يتحدث‬ ‫بلغة املاضي وينسى أنه رئيس حكومة ملزم‬ ‫بالبيان الوزاري ومبا يجمع االئتالف احلكومي‬ ‫وبكالم رئيس اجلمهورية وبتوجهاته‪.‬‬

‫وهاب يدين الغارة التي استهدفت‬ ‫مدنيين في سوريا‬ ‫أدلى رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب بالتصريح‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫ندين بشدة االعتداء اإلرهابي الذي قامت به إدارة الشر أميركا على‬ ‫سوريا‪ ،‬واستباحت سيادتها بخرقها ميثاق األمم املتحدة والقوانني واألعراف‬ ‫الدولية‪ ،‬وأظهرت إدارتها املتهاوية والراحلة مخلفة أزمات إنسانية‬ ‫واقتصادية واجتماعية وراءها‪ ،‬أن االمبراطورية األميركية الى مزيد من‬ ‫الهزائم واخلسائر‪ ،‬بسبب سياسة مسؤوليها الفاقدة لألخالق‪.‬‬ ‫إن الغارة التي استهدفت مدنيني في سوريا إمنا متثل النهج اإلجرامي‬ ‫للرئيس جورج بوش الذي يحاول أن ينقذ حزبه اجلمهوري في االنتخابات‬ ‫الرئاسية‪ ،‬فلم يجد أمامه سوى األطفال والنساء تقذفهم طائراته‬ ‫بالصواريخ ليحصد أصوات ّا في صناديق االقتراع‪.‬‬ ‫إننا نعلن وقوفنا إلى جانب سوريا ونحيي رئيسها الدكتور بشار‬ ‫األسد الذي أثبت أنه رقم صعب في املعادالت االقليمية والدولية‪ ،‬فبوش‬ ‫راحل وهو ثابت‪ ،‬وأميركا تتحول وسوريا متشبثة بحقوقها الوطنية‬ ‫والقومية‪.‬‬ ‫شارك وفد من تيار التوحيد اللبناني برئاسة نائب الرئيس‬ ‫سليمان الصايغ‪ ،‬مفوض عام اجلرد محمد الصايغ ومفوضي‬ ‫مفوضيات اجلرد بتقدمي التعازي باملرحوم أبو فاروق هاني سعيد‬ ‫عبد اخلالق في مجدلبعنا نهار الثالثاء الواقع فيه ‪،2008/10/28‬‬ ‫وقدم التعازي باسم رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب‪.‬‬


‫السيدة الحاج من الجاهلية‪:‬‬ ‫«فضيحة العصر في جريمة العصر»‬

‫بدعوة من أمانة اإلعالم في تيار التوحيد‪ ،‬ألقت السيدة سمر احلاج‪ ،‬زوجة املعتقل‬ ‫السياسي اللواء علي احلاج‪ ،‬محاضرة حتت عنوان “فضيحة العصر في جرمية العصر”‪.‬‬ ‫حيث تناولت قضية اعتقال زوجها اللواء احلاج ورفاقه الضباط املعتقلني‪ ،‬واإلشكاليات‬ ‫القضائية التي حتيط بهذه “الفضيحة”‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أن هذا االعتقال هو سياسي فقط‪ ،‬وأن جلنة التحقيق الدولية لم تستند‬ ‫في توقيف الضباط األربعة‪ ،‬ال إلى قرينة وال إلى اتهام وال إلى أي مس ّوغ قانوني‪ ،‬امنا هو‬ ‫اعتقال تعسفي‪ .‬وحتدثت بإسهاب عن خفايا القضاء الدولي اجملحف‪ ،‬وتواطؤ القضاء‬ ‫اللبناني معه‪ ،‬والتدخل الفاضح للسياسة في مسألة التحقيق والقضاء‪.‬‬ ‫كما أشادت السيدة احلاج مبواقف رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬الذي‬ ‫أطلقت عليه لقب “االنتحاري األول”‪ ،‬كونه من األوائل الذين أطلقوا صرخة حق في وجه‬ ‫الظلم والغنب والتآمر‪.‬‬ ‫ختاماً‪ ،‬وردا ً على سؤال عن إمكانية إطالق سراح الضباط األربعة في األسابيع القليلة‬ ‫املقبلة‪ ،‬أملت السيدة احلاج ذلك‪ ،‬مع صدور التقرير االخير للمحقق الدولي بلمار‪.‬‬

‫منبر المجتمع‬

‫زفاف حميد ـ سحر‬

‫زفاف معين ـ مايا‬

‫كما تتوجه‬ ‫مفوضية الشباب‬ ‫في اجلاهلية‬ ‫بتهنئة الرفيق‬ ‫حميد عمار‬ ‫أبو ذياب‬ ‫مبناسبة عقد‬ ‫قرانه على‬ ‫الرفيقة سحر‬ ‫محمد‬ ‫أبو ذياب‪ .‬ألف‬ ‫مبروك‪.‬‬ ‫تتوجه مفوضية حاصبيا في تيار التوحيد بتهنئة الرفيق انور شعبان‬ ‫وعقيلته باملولودة اجلديدة وقد اسمياها أريج‪.‬‬ ‫ألف مبروك‪ ،‬فاألطفال زينة احلياة الدنيا‪.‬‬ ‫هذا وتتوجه مفوضية الشباب في اجلاهلية بتهنئة الرفقاء خليل‬ ‫وزينة أبوذياب باملولود اجلديد وقد اسمياه نعمان‪.‬‬ ‫ألف مبروك‪ ،‬فاألطفال زينة احلياة الدنيا‪.‬‬

‫يتوجه تيار التوحيد اللبناني بتهنئة الرفيقة مايا يوسف أبوذياب والشاب‬ ‫معني حسيب أبو ذياب بحفل زفافهما‪ ،‬ألف مبروك‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫في اتصال هاتفي مع حركة الحرية للحضارة العربية في «بيت ّ‬ ‫جن»‬

‫نصار‪ :‬لم يكتب في تاريخ‬ ‫الشيخ حسام ّ‬ ‫الموحدين الدروز تخليهم عن شبر من أرضهم‬ ‫نظمت حركة احلرية للحضارة العربية في‬ ‫جن في فلسطني احملتلة احتفاال‬ ‫بلدة بيت ّ‬ ‫تضامنيا ً مع االسرى العرب في السجون‬ ‫االسرائيلية وكافة االسرى حيث دعت الكلمات‬ ‫الى االفراج الفوري عن االسرى املعتقلني‬ ‫واشادت بتضحياتهم وصمودهم في وجه‬ ‫احملتل االسرائيلي ‪.‬‬ ‫وحركة احلرية للحضارة العربية هي حركة‬ ‫فكرية قومية في اراضي العام ‪ 1948‬تنادي‬ ‫وتعمل من اجل ردع كل املؤامرات على االمة‬ ‫العربية وفيما يتعلق بعرب الداخل فهي تعمل‬ ‫على تصعيد االحتجاج ضد التجنيد االجباري‬ ‫املفروض على ابناء الطائفة الدرزية واآلخذ‬ ‫بالتوسع لطوائف عربية اخرى واهم ما تنادي‬ ‫به احلركة هو اعادة جميع االراضي العربية‬ ‫احملتلة مبا فيها القدس الشريف وحترير كافة‬ ‫االسرى ‪.‬‬ ‫خالل االحتفال حتدث من لبنان عبر الهاتف‬ ‫كل من امني س ّر هيئة العمل التوحيدي‬ ‫نصار املك ّلف مبتابعة ملف‬ ‫الشيخ حسام ّ‬ ‫الهيئة العربية لدعم رافضي اخلدمة في‬ ‫اجليش الصهيوني ‪ ,‬واالستاذ بسام القنطار‬ ‫شقيق عميد احملررين سمير القنطار ‪.‬‬

‫الشيخ ّ‬ ‫نصار‬ ‫اكد في كلمته على دور وتاريخ املوحدين‬ ‫شبر‬ ‫الذي لم يكتب فيه يوما ً بأنهم تخلوا عن‬ ‫ٍ‬ ‫من أرضهم مهما كانت التحديات وعظمة‬ ‫املؤامرات وجاء في كلمته ‪:‬‬ ‫فعم باألمل للقاء األحبة ‪ ,‬ومن‬ ‫بقلب ُم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫القسري بني أبناء الشعب الواحد‬ ‫آالم الفراق‬ ‫ّ‬ ‫‪ ,‬ومن لبنان املقاومة والعز ِة والكرامة نتوجه‬ ‫الى أهلنا واخواننا أبناء املوحدين املسلمني‬ ‫الدروز في فلسطني احملتلة واجلوالن العزيز‬ ‫على قلوبنا بأطيب التحيات وبأصدق مشاعر‬ ‫املود ِة والوفاء للصامدين الصابرين على ظلم‬ ‫االحتالل وسلب احلقوق ملن آثروا البقاء في‬ ‫أرض فلسطني وواجهوا بثباتهم وبصدورهم‬ ‫كل أدوات القتل والتهجير غير آبهني جلبروت‬ ‫األعداء احملتلني ‪ ,‬دفاعا ً عن األرض والعرض‬ ‫وعن املقدسات الشريفة وقدموا الغالي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫نصار‬ ‫الشيخ حسام ّ‬ ‫والنفيس من أجل البقاء والوجود بكرامة‬ ‫وإباء ‪ ,‬نعم هذا هو تاريخ املوحدين الدروز مذ‬ ‫وجدوا على هذه األرض ‪ ,‬فالكل يشهد على‬ ‫دورهم وتاريخهم الذي لم يكتب فيه يوما ً بأن‬ ‫شبر من أرضهم‬ ‫املوحدين الدروز تخلوا عن‬ ‫ٍ‬ ‫مهما كانت التحديات وعظمة املؤامرات ‪,‬‬ ‫لهؤالء جميعا ً بإسم هيئة العمل التوحيدي‬ ‫‪ ,‬وباسم أبناء املوحدين املسلمني ‪ ,‬وباسم‬ ‫كل الوطنيني واملقاومني الشرفاء أينما وجدوا‬ ‫نعلن دعمنا ملواقفكم املطالبة بإستعادة‬ ‫األرض واحلقوق وفي مقدمتها استعادة‬ ‫اجلوالن العربي احملتل وحترير األسرى األبطال‬ ‫املقاومني ‪ ,‬ومن موقعنا في الهيئة العربية‬ ‫لدعم رافضي اخلدمة في اجليش الصهيوني‬ ‫التي هي قضية من األهمية مبكان أن تبقى‬ ‫على جدول أعمال كل إنسان عربي كونها‬ ‫تتفاعل بشكل او بآخر مع ما مي ّر به الشعب‬ ‫العربي الفلسطيني من هجمات عنصرية‬ ‫لضرب وحدته ومسيرته ‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫كما نؤكد على العالقة األخوة واملميزة مع‬ ‫األخوة الفلسطنيني في لبنان وحقهم بالعودة‬ ‫مرفوعي الرأس ‪ ,‬حتية لكم من‬ ‫الى ديارهم‬ ‫ّ‬ ‫لبنان املقاوم الذي حرر أرضه واستعاد أسراه‬ ‫وعلى رأسهم عميد احملررين البطل اجملاهد‬ ‫سمير القنطار ‪.‬‬ ‫حتية الى األخوة في حركة احلرية للحضارة‬ ‫العربية في نشاطها الدائم على تثبيت‬ ‫هوية فلسطني العربية ‪ .‬وما اجتماعكم في‬ ‫جن اليوم إالّ تثبيتا ً النتمائكم القومي‬ ‫بيت ّ‬ ‫العربي وألصالتكم العريقة ‪ ,‬فليبقَ دائما ً‬ ‫عزمكم عزم اجلبال وثباتكم ثبات األجداد‬ ‫الذين صنعوا التاريخ ‪ ,‬واصبروا فإن اهلل مع‬ ‫الصابرين‪.‬‬ ‫وفي اخلتام ننقل لكم حتيات كافة أبناء‬ ‫طائفة املوحدين املسلمني الدروز مقدرين لكم‬ ‫نضالكم في كافة امليادين ‪ ,‬وعلى أمل اللقاء‬ ‫القريب على أرض فلسطني املباركة إن شاء‬ ‫اهلل ‪.‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫نهاية المشروع الصهيوني‬ ‫زوال «إسرائيل» حتمية تاريخية وحضارية‬

‫“إسرائيل” إلى أين؟ وثيقة كتبها املؤلف‬ ‫الصهيوني ناحوم غولدمان (وهو واحد من أبرز‬ ‫القيادات التنفيذية للمنظمة الصهيونية‬ ‫العاملية) ومؤلف كتاب (املفارقة اليهودية) يقول‪:‬‬ ‫“على احلركة الصهيونية واإلسرائيليني وكل‬ ‫اليهود‪ ،‬أن يأخذوا احلذر من األحداث املأساوية التي‬ ‫رمبا ال مفر منها‪ ،‬التي حالت بأكثر من أسلوب دون‬ ‫حتقيق الهدف الصهيوني الكامل”‪.‬‬ ‫ويتايع‪“ :‬لقد أحدثت حرب ‪ 1973‬أزمة لم‬ ‫يسبق لها مثيل في حياة “إسرائيل” رغم األزمات‬ ‫واألخطار األخرى لألعوام السابقة‪ ،‬وما اكتشفته‬ ‫أثناء حرب تشرين ‪ 1973‬من أن العرب تعلموا‬ ‫بسرعة كيف يقاتلون وكيف يستخدمون‬ ‫األسلحة املتطورة‪ ،‬وبروز أزمة اقتصادية‬ ‫أكثر عمقا ً وأهمية من كل األزمات التي‬ ‫سبقتها‪ ،‬واألسوأ من كل شيء‪ ،‬تلك‬ ‫االجنرافات األخالقية والروحية في جبهتها‬ ‫الداخلية‪ ،‬وإن قضية وجود إسرائيل‪ ،‬بدأ‬ ‫يأخذ داللة جديدة ويطرح في عالقات‬ ‫مجهولة حلد اآلن”‪.‬‬ ‫فالتحذير واضح وموجه إلى اإلسرائيليني‬ ‫وموجه إلى الفعاليات التي‬ ‫قبل كل شيء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعدما أسهمت في خلق إسرائيل أصبحت‬ ‫تظهر شيئا ً فشيئا ً المباالة لوجودها‬ ‫ولبقائها‪ ،‬واألحداث املأساوية ال مفر منها اوملرت‪ :‬اقتنع بنهاية اسرائيل‬ ‫وهي حالت دون حتقيق الهدف الصهيوني‪.‬‬

‫حركة سياسية‪ ،‬بعدما ظلت حركة دينية روحية‪،‬‬ ‫وبانقالب الصهيونية إلى حركة سياسية تسعى‬ ‫إلقامة دولة يهودية‪ ،‬ولكي تقوم مثل هذه الدولة‪،‬‬ ‫كان ال بد ملعتنقي الصهيونية من يهود العالم‬ ‫من أن يهاجروا من بالدهم األصلية ليستوطنوا‬ ‫في فلسطني‪ ،‬ويقيموا فيها عالقة جديدة‬ ‫مع األرض التي لم تكن تربطهم بها في بداية‬ ‫االستيطان أي صلة مباشرة‪.‬‬ ‫وإذا كانت إقامة “الدولة” اليهودية الصرفة هي‬ ‫أحد أهم أهداف املشروع الصهيوني‪ ،‬فهذا الكيان‬ ‫سيقوم باالستيطان‪ ،‬ومثل هذا االستيطان ال بد‬

‫املشروع الصهيوني يتوقف‬ ‫على تهويد فلسطني‬ ‫وينطلق املشروع الصهيوني من مقولة‬ ‫في “الفكرة الصهيونية” جتزم بأن “املسألة‬ ‫اليهودية”‪ ،‬أي عدم قدرة اليهود على االنخراط‬ ‫الكامل في اجملتمعات البشرية من حولهم‬ ‫في مواطنهم األصلية‪ ،‬هي (مسألة قومية)‪،‬‬ ‫وبالتالي فإنها تتطلب “حالً قومياً” عبر بناء “دولة‬ ‫قومية يهودية” يتم بعملية هجرة جماعية إلى‬ ‫فلسطني واستيطانها‪ ،‬وهذه الفكرة تقوم على‬ ‫أساس يرتكز على وعي زائف‪ ،‬إذ إن اليهودية هي‬ ‫رابطة دينية وليست قومية‪ ،‬وهكذا ومن األرضية‬ ‫الفكرية اخلاطئة جرى طرح احلل الذي ال بد أن‬ ‫يكون خاطئا ً بطبيعة احلال‪.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن الصهيونية بتبنيها‬ ‫هذه الفكرة‪ ،‬ومن ثم العمل على جتسيدها‪،‬‬ ‫وهو ما يسمى “العمل الصهيوني”‪ ،‬انقلبت إلى‬

‫أن يكون إجالئيا ً أي إنه يبني صلته اجلديدة باألرض‬ ‫عبر قطع العالقة القائمة عليها مع سكانها‬ ‫األصليني‪ ،‬والعمل على تهويد فلسطني تهويدا ً‬ ‫كامالً‪ ،‬أرضا ً وشعبا ً وسوقاً‪ ،‬عبر التغييب الكامل‬ ‫ألهلها األصليني‪ ،‬وكان قادة احلركة الصهيونية‬ ‫قد وعوا أبعاد مشروعهم االستيطاني مبكراً‪،‬‬ ‫وأدركوا أال مجال لتحقيق أهدافهم بوجود‬ ‫الشعب الفلسطيني على أرضه‪ ،‬لذلك عمدوا‬ ‫منذ البداية إلى تغييب هذا الشعب‪ ،‬وإلى نشر‬ ‫وعي زائف يقوم على إنكار الوجود املادي للشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫ومن هنا كان الترويج للمقولة‪“ :‬أرض بال شعب‪،‬‬ ‫لشعب بال أرض” واإليحاء بأن هذه األرض خاوية‪،‬‬ ‫وتستصرخ املستوطنني إلعمارها‪ ،‬وحت ّول اإلعالم‬ ‫الصهيوني إلى تغييب الشعب الفلسطيني‬ ‫حضارياً‪ ،‬وهذا إغراق في املمارسة العنصرية إزاء‬ ‫ذلك الشعب‪.‬‬ ‫ولذلك بدأ إجماع يهودي حول (الفكرة‬ ‫الصهيونية) بحيث يضمن استمرار الهجرة‬

‫‪67‬‬

‫اليهودية إلى فلسطني لالستيطان فيها‪ ،‬وصوال ً‬ ‫إلى تغييب الشعب الفلسطيني وتصفية‬ ‫قضيته الوطنية‪.‬‬ ‫إن العمل الصهيوني لم ينجح في جتميع أكثر‬ ‫من عشرين في املئة (‪ )%20‬من يهود العالم في‬ ‫فلسطني احملتلة‪ ،‬وهؤالء ال يزالون بحاجة ماسة‬ ‫إلى دعم األكثرية الباقية في اخلارج ومساعدتها‪.‬‬ ‫واملؤسسات الصهيونية فشلت في لعب دورها‬ ‫كما كان متوقعا ً في إطار العمل الصهيوني‬ ‫العام‪ ،‬وهذا الفشل يهدد الشق اليهودي من‬ ‫املشروع الصهيوني‪ ،‬ويع ّرض أمنه االستراتيجي‬ ‫للخطر‪ ،‬ومي ّثل أزمة حقيقية للمشروع‬ ‫بأكمله‪ ،‬ولذلك حتاول قيادته تعويض‬ ‫هذا الفشل‪ ،‬عبر بناء الشرق األميركي‬ ‫العدواني وتطويره وتقويته‪ ،‬وفي غياب‬ ‫إمكانية التهديد الكامل لألرض احملتلة‪،‬‬ ‫يبقى اخليار األفضل أمام قادة الكيان‬ ‫العمل على نزع الطابع العربي عن تلك‬ ‫األرض‪ ،‬ومن هنا العمل على طمس‬ ‫الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني‬ ‫وصوال ً إلى تذويبه خارج أرضه وصوال ً‬ ‫لتصفية قضيته الوطنية‪.‬‬ ‫فاملشروع الصهيوني هو مشروع‬ ‫استعماري يهدف إلى تفتيت الوطن‬ ‫العربي وإخضاعه ونهب خيراته‪،‬‬ ‫واملمارسات العنصرية الصهيونية‬ ‫واضحة ضد العرب والفلسطينيني‬ ‫من االحتالل والتشريد والقتل واالستيطان‬ ‫ومصادرة األراضي‪ ،‬وإسرائيل ليست دولة يهودية‬ ‫فحسب‪ ،‬رغم أن الطابع الغالب عليها هو طابع‬ ‫يهودي‪ ،‬فهي دولة استعمارية‪ ،‬وحيث بدأت‬ ‫احلركة الصهيونية أداة بيد االستعمار يحركها‬ ‫وفق مصاحله‪ ،‬وأقيمت دولة “إسرائيل” للحفاظ‬ ‫على املصالح االستعمارية في املنطقة‪ ،‬حماية‬ ‫منابع النفط‪ ،‬وإحباط محاوالت الوحدة‪ ،‬وتكريس‬ ‫االنقسام في املنطقة‪.‬‬ ‫إسرائيل مت ّثل خطرا ً على األمة العربية بأسرها‪،‬‬ ‫وهذا املشروع ليس قدرا ً ال يرد‪ ،‬فهناك تناقضات‬ ‫عديدة في داخل اجملتمع الصهيوني‪ ،‬وهو كأي‬ ‫مجتمع استيطاني‪ ،‬ضعيف وقابل للهزمية‪ ،‬لكن‬ ‫الضعف العربي هو الذي يدفع بهذه التناقضات‬ ‫إلى موقع ثانوي‪.‬‬ ‫مؤسس احلركة الصهيونية تيودور هرتزل‬ ‫قال‪“ :‬إن هذه احلركة (الصهيونية) كانت مبثابة‬ ‫“الصقالة” إلقامة البيت‪ .‬ولكن يجب أن يحلها‬ ‫بعد إقامة الدولة”‪ ،‬وهذا يعني الكثير ففيه من‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫املعاني الواضحة حول األساليب التي استخدمت‬ ‫إلقامة الكيان على حساب أصحاب األرض أبناء‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫وديفيد بن غوريون رئيس أول حكومة في الكيان‬ ‫أعلن‪“ :‬عند هزمية إسرائيل في أي معركة لها مع‬ ‫العرب سيؤدي ذلك لبداية انهيار هذه الدولة”‪.‬‬

‫الطابع اليهودي للكيان‬ ‫هو مفتاح النهاية‬ ‫وعلى خالف ادعاء احلركة الصهيونية بأن‬ ‫إسرائيل دولة يهودية ودميوقراطية‪ ،‬فهم يعترفون‬ ‫صراحة ومنهم ابراهام بورغ (رئيس الكنيست‬ ‫السابق)‪ ،‬بأنه ال ميكن اجلمع بني اليهودية‬ ‫والدميوقراطية‪ ،‬وبأن هذه املعادلة املسماة دولة‬ ‫اليهود غير مجدية وال تعمل أبداً‪ ،‬وأن تطلق‬ ‫على إسرائيل بتسمية دولة اليهود‪ ،‬معناه حتديد‬ ‫نهايتها‪.‬‬ ‫أما قانون العودة “اإلسرائيلي” الذي يضمن لكل‬ ‫يهودي في أي بقعة من العالم احلق في الهجرة‬ ‫إلى إسرائيل وأن يصبح مواطنا ً فيها‪ ،‬فهناك من‬ ‫يرى فيه صورة هتلر ذاتها ويقول بورغ “ال أريد أن‬ ‫يحدد لي هتلر هويتي”‪.‬‬ ‫ويرى أن دولة ترتكز على الفساد وأسس من‬ ‫القهر والظلم لن تدوم‪ ،‬لذا أصبحت نهاية‬ ‫املشروع الصهيوني قريبة‪ ،‬وهناك احتمال‬ ‫حقيقي‪ ،‬أن اجليل هو اجليل الصهيوني األخير‪،‬‬ ‫ورمبا تبقى دولة يهودية في هذا املكان‪ ،‬ولكنها‬ ‫ستصبح دولة مختلفة وغريبة وقبيحة‪.‬‬ ‫في العام ‪ 1954‬قال موشيه ديان وزير الدفاع‬ ‫واخلارجية اإلسرائيلي في جنازة صديق له قتله‬ ‫الفدائيون الفلسطينيون‪“ :‬علينا أن نكون‬ ‫مستعدين ومسلحني‪ ،‬أن نكون أقوياء وقساة‪،‬‬ ‫حتى ال يسقط السيف من قبضتنا وتنتهي‬ ‫احلياة”‪.‬‬ ‫نعم فالضحايا الذين طردوا من ديارهم في أرض‬

‫خريطة اسرائيل الكبرى‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فلسطني قد حتولوا هم وأبناؤهم إلى فدائيني‬ ‫يقرعون األبواب ويطالبون باسترداد األرض التي‬ ‫سلبت منهم‪ .‬أما مشاعر اخلوف لدى الصهاينة‬ ‫فعبر عنها الشاعر الصهيوني حاييم جوري‪“ :‬إن‬ ‫كل إسرائيلي يولد وفي داخله السكني الذي‬ ‫سيذبحه”‪.‬‬ ‫وهاجس النهاية الذي يطارد اإلسرائيليني‬ ‫أسبابه كثيرة‪ ،‬وأهمها إدراك املستوطنني‬ ‫الصهاينة‪ ،‬أن ثمة قانونا ً يسري على كل اجليوب‬ ‫االستيطانية‪ ،‬وهو أن اجليوب التي أبادت السكان‬ ‫األصليني مثل (أميركا الشمالية وأستراليا)‪،‬‬ ‫كتب لها البقاء‪ ،‬أما تلك التي أخفقت في إبادة‬ ‫السكان األصليني مثل (ممالك الفرجنة التي يقال‬ ‫لها الصليبية‪ ،‬واجلزائر وجنوب أفريقيا) فكان‬ ‫مصيرها الزوال‪.‬‬ ‫ويدرك الصهاينة أن جيبهم االستيطاني‬ ‫ينتمي إلى هذا النمط الثاني‪ ،‬ويدركون أيضا ً أنهم‬ ‫يعيشون في األرض نفسها التي أقيمت عليها‬ ‫ممالك الفرجنة وحتيط بهم خرائب قالع الفرجنة‬ ‫التي تذكرهم بهذه التجربة االستيطانية التي‬ ‫أخفقت وزالت‪.‬‬ ‫ويوري أفنيري الكاتب الصحافي وعضو الكنيست‬ ‫السابق كان من املستوطنني الصهاينة الذين أدركوا‬ ‫منذ البداية استحالة حتقيق املشروع أو احللم‬ ‫الصهيوني‪ ،‬وقد صدر له كتاب بعنوان (إسرائيل بدون‬ ‫صهيونية عام ‪ )1968‬عقد فيه مقارنة مستفيضة‬ ‫ما بني ممالك الفرجنة والدولة الصهيونية‪“ ،‬فإسرائيل‬ ‫هي مثل ممالك الفرجنة محاصرة عسكريا ً ألنها‬ ‫جتاهلت الوجود الفلسطيني”‪.‬‬ ‫ثم عاد أفنيري إلى املوضوع من جديد في عام‬ ‫‪ 1983‬بعد الغزو الصهيوني للبنان في مقال‬ ‫بعنوان‪( :‬ماذا ستكون النهاية)؟ فأشار إلى أن‬ ‫ممالك الفرجنة احتلت رقعة من األرض أوسع من‬ ‫تلك التي احتلتها دولة الصهاينة‪ ،‬وأن الفرجنة‬ ‫كانوا قادرين على كل شيء إال العيش في سالم‪،‬‬ ‫وهذا شأن الصهاينة أيضاً‪.‬‬

‫اجملتمع الصهيوني‬ ‫ومفهوم القوة!؟‬ ‫واستالب اجملتمع اإلسرائيلي ملفهوم القوة يرجع‬ ‫ذلك إلى عدد من العناصر يراها العديد من الذين‬ ‫عرفوا هذا اجملتمع عن قرب‪ ،‬وحتدثوا عن إحساس‬ ‫كبير باملهانة القومية وبرفض العالم‪ ،‬وهزائم‬ ‫ال تفسير لها في احلروب‪ ،‬وكان من نتيجة ذلك‬ ‫مركزية اإلميان بالقوة في الهوية‪ ،‬وكمية املواطنني‬ ‫املسلحني في الكيان‪ ،‬ومكانة ضباط االحتياط في‬ ‫اجملتمع‪ ،‬وبالتالي فاالستالب للقوة كما يراه بورغ‬ ‫قد جعل إسرائيل (دولة جيتوصهيوني) متارس‬ ‫االغتياالت والقتل بحق الفلسطينيني وتندفع‬ ‫نحو احلروب بتسرع‪ ،‬فاجملتمع اإلسرائيلي بات‬ ‫مذعورا ً من جانب ومصاب ميرض الذهان (بارانويا)‬ ‫من جانب آخر‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫ديفيد بن غوريون‬

‫ابراهام بورغ‬ ‫ويقول أيضاً‪“ :‬إننا معاقون نفسياً‪ ،‬وإسرائيل‬ ‫تعاني صدمة نفسية دائمة‪ ،‬صدمة النازية‬ ‫أفقدتنا توازننا‪ ،‬إننا نعيش بشعور أن كل العالم‬ ‫ينفر منا‪ ..‬التشدد يسيطر على هويتنا‪ ...‬إننا‬ ‫مجتمع يعيش على سيفه‪.‬‬ ‫وأليس جدار الفصل الذي نقيمه في األراضي‬ ‫الفلسطينية خير دليل على انفصام الشخصية‬ ‫الذي نعانيه؟ إن جدار الفصل ناجم عن هذه‬ ‫(البارانويا)‪ ،‬إنه يعني أن ثمة هجينا ً وراء ذلك اخلط‬ ‫وهذا نوع من كره األجانب ومثير للشفقة”‪.‬‬ ‫وندد بورغ بعمليات التصفية التي يقوم‬ ‫بها اجليش اإلسرائيلي في حق الناشطني‬ ‫الفلسطينيني وهي جرائم قتل‪ ،‬وبسبب الذعر‬ ‫النفسي وسيطرة كل ما هو أمني على العقل‬ ‫اليهودي‪ ،‬وإسرائيل باتت مع الوقت دولة فاشية‬ ‫بها كل املناحي العنصرية القاتلة‪،‬‬ ‫وباتت إسرائيل‪ ،‬كما يرى‪ ،‬دولة مستقوية‬ ‫وقاسية وامبريالية وسطحية فاقدة ألصالة‬ ‫الروح ومنطوية على نفسها‪ ،‬والدعوات‬ ‫املتتالية إلى قتل الفلسطينيني وهدم منازلهم‬ ‫وترحيلهم والقتل وشرعنة سياسة الترحيل‬


‫كاف على انتشار الفاشية‪.‬‬ ‫(الترانسفير)‪ ،‬دليل ٍ‬

‫اخلوف من االنسحاب‬ ‫يرعب الصهاينة‬ ‫انتفاضة احلجارة (‪ )1987‬كانت البداية‪ ،‬وأعلنت‬ ‫العد العكسي لنهاية الكيان‪ ،‬وموضوع النهاية‬ ‫ال يحب أحد في الكيان مناقشته‪ ،‬ولكنه مع‬ ‫هذا يطل برأسه في األزمات‪ .‬فأثناء االنتفاضة‬ ‫بدأ اإلجماع الصهيوني بخصوص االستيطان‬ ‫يتساقط‪ ،‬حذر (إسرائيل هاريل) املتحدث باسم‬ ‫املستوطنني‪ ،‬من أنه إذا حدث أي شكل من‬ ‫أشكال االنسحاب والتنازل (االنسحاب من طرف‬ ‫واحد) فإن هذا لن يتوقف عند اخلط األخضر (حدود‬ ‫‪ ،)1948‬إذا ً سيكون هناك انسحاب روحي ميكن أن‬ ‫يهدد وجود الدولة املصطنعة تلك‪.‬‬ ‫ومع انتفاضة األقصى تزايدت مشاعر القلق‬ ‫املفزع لدى الصهاينة‪ ،‬وحتدثت صحفهم عن‬ ‫موضوع نهاية إسرائيل‪ .‬صحيفة يديعوت‬ ‫أحرونوت في ‪ 27‬كانون الثاني ‪ 2002‬نشرت مقاال ً‬ ‫بعنوان‪“ :‬يشترون شققا ً في اخلارج حتسبا ًَ لليوم‬ ‫األسود” ذاك اليوم الذي ال يحب اإلسرائيليون أن‬ ‫يفكروا فيه‪ ،‬إنه نهاية “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ومجلة نيوزويك ‪ 2‬نيسان ‪ 2002‬صدرت وقد حمل‬ ‫غالفها صورة جنمة إسرائيل وفي داخلها السؤال‬ ‫التالي “مستقبل إسرائيل‪ ،‬كيف سيتسنى لها‬ ‫البقاء؟” “وهل ستبقى الدولة اليهودية على قيد‬ ‫احلياة” وبأي ثمن؟ وبأي هوية؟‬ ‫ما يقوله الصهاينة وصحفهم في ظروف‬ ‫األزمات وما قاله بورغ وأمثاله يكتسب أهمية‬ ‫قصوى نظرا ً للحظة التاريخية التي يقال فيها‬ ‫هذا الكالم‪ ،‬فإسرائيل في مهب الريح نظرا ً لتضافر‬ ‫ثالثة مآزق استراتيجية أمامها‪ ،‬فمن ناحية فشل‬ ‫قوة الردع العسكرية في حتقيق أهداف حروب‬ ‫خاضتها أخيرا ً في قطاع غزة والضفة الغربية‬ ‫وفي لبنان‪ ،‬وغياب استراتيجية سياسية ميكنها‬ ‫أن تدير دفة الكيان املتهاوي‪ ،‬وبعدما انهارت‬ ‫استراتيجيات العمل والليكود وكدميا‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ضعف املظلة العسكرية األميركية التي حتمي‬ ‫وجود الكيان ذاته وبقاءه بعد الغرق األميركي‬ ‫في أوحال العراق وأفغانستان وسلسلة الهزائم‬ ‫واإلخفاقات األميركية في العديد من مناطق‬ ‫العالم وآخرها في جورجيا‪ ،‬وألن االستراجتية‬ ‫األميركية والصهيونية حتصد النتائج ذاتها‪،‬‬ ‫وفي فلسطني شعب يقاوم رغم احلصار واجلوع‬ ‫ورغم وحشية االحتالل الصهيوني وأساليبه‬ ‫الوحشية‪ ،‬وصمت رسمي عربي مريب‪ ،‬وتآمر دولي‬ ‫غير مسبوق‪ ،‬وانحياز ودعم أميركي بال حدود في‬ ‫محاولة لتثبيت دعائم الكيان التي اهتزت بفضل‬ ‫الصمود األسطوري ملقاومة الشعب الفلسطيني‬ ‫واالنتصار الذي أحرزه لبنان ومقاومته في صيف‬ ‫العام ‪ 2006‬وهزمية الكيان في حربه تلك‪.‬‬ ‫والصهاينة ذاتهم يقولون‪“ :‬ميكنك قتل ألف‬

‫من القادة واملهندسني يومياً‪ ،‬ولكنك لن تتمكن‬ ‫من حل أي شيء‪ ،‬ألن القادة يأتون من القاع‪ ،‬من‬ ‫آبار الكراهية والغضب‪ ،‬من البنية األساسية‬ ‫“للظلم والفساد األخالقي”‪ ،‬ولذلك فإن اجلهر‬ ‫بالرأي التزام أخالقي‪ ،‬لقد انتهى زمن األوهام وحان‬ ‫وقت اتخاذ القرارات‪ ،‬وهذا ما يجب أن يقوله أي‬ ‫رئيس للوزراء في “إسرائيل” فلم يعد هناك بني‬ ‫األردن والبحر املتوسط أغلبية واضحة‪ ،‬وهذا لم‬ ‫يعد سهالً احلفاظ على هذا الوضع بال مقابل‪ ،‬وال‬ ‫ميكن وجود دميوقراطية من دون حقوق متساوية‬ ‫جلميع من يعيشون هنا‪ ،‬عربا ً ويهوداً‪ ،‬وال ميكننا‬ ‫االحتفاظ باملناطق الفلسطينية واحلفاظ‬ ‫على األغلبية اليهودية في الدولة اليهودية إال‬ ‫باستخدام أساليب غير إنسانية وال أخالقية‪.‬‬ ‫وليس هناك طريق وسط‪ ،‬علينا أن نزيل جميع‬ ‫املستوطنات ثم تُرسم حدود معترف بها بني‬ ‫أراضي الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫هل تريدون الدميوقراطية؟ ال مشكلة في ذلك‪،‬‬ ‫إما أن تتخلوا عن فكرة أرض إسرائيل الكبرى حتى‬ ‫آخر مستوطنة أو تعطوا حق املواطنة الكاملة‬ ‫وحق التصويت للجميع‪ ،‬والذين ال يريدون دولة‬ ‫فلسطينية مجاورة لنا ستكون لديهم واحدة‬ ‫داخل حدودنا من خالل صناديق االقتراع‪ ،‬فاملرض الذي‬ ‫يهاجم اجلسد الصهيوني بدأ مبهاجمة الرأس‪.‬‬ ‫وهناك من يرى في صفوف الصهاينة الذين‬ ‫استوعبوا الفشل الذريع الذي ُمني به اجليش‬ ‫اإلسرائيلي في مواجهة املقاومة الفلسطينية‬ ‫يقولون‪ :‬رغم عمليات التصفية التي يقوم بها اجليش‬ ‫اإلسرائيلي في حق الناشطني الفلسطينيني‪ ،‬وهي‬ ‫جرائم قتل‪ ،‬وسبب الذعر النفسي لدى اإلسرائيليني‬ ‫وسيطرة كل ما هو أمني على العقل اليهودي‪،‬‬ ‫فإسرائيل باتت دولة فاشية مع الوقت‪ ،‬فيها كل‬ ‫املناحي العنصرية القاتلة‪.‬‬ ‫والفاشية هنا‪ ،‬إسرائيل دولة مستقوية‬ ‫ومنطوية على نفسها‪ ،‬والدعوات املتتالية إلى‬ ‫قتل الفلسطينيني وترحيلهم وهدم منازلهم‪،‬‬ ‫والقتل ش ّرعته سياسة الترحيل ومصادره‬ ‫األراضي الفلسطينية ومن خالل مشاركة‬ ‫أصحاب هذه السياسة في االئتالف احلكومي‪.‬‬

‫زوال إسرائيل حتمية تاريخية‬ ‫وحضارية‬ ‫إن إنشاء الكيان الصهيوني هو عكس حركة‬ ‫التاريخ واجلغرافيا‪ ،‬وهو نوع من زرع جسم غريب‬ ‫في جسد املنطقة‪.‬‬ ‫وهذه احلقيقة بدأ يدركها قادة الصهاينة‬ ‫أنفسهم‪ ،‬وأصبح النتاج الفكري اإلسرائيلي‬ ‫مليئا ً بالتنبؤات التشاؤمية إزاء مستقبل هذا‬ ‫الكيان‪ ،‬وأصبح املزيد من الساسة واملفكرين‬ ‫الصهاينة يعبرون بصراحة عن قناعتهم بأن هذا‬ ‫الكيان إلى زوال‪،‬‬

‫‪69‬‬

‫ورئيس حكومة الكيان إيهود أوملرت‪ ،‬أعلن في‬ ‫سابقة خطيرة من نوعها ما يشبه خطبة الوداع‪،‬‬ ‫بأن أرض إسرائيل الكبرى قد انتهت وقال‪“ :‬إننا‬ ‫نرفض رؤية احلقيقة‪ ،‬والزمن ال يعمل لصلحة‬ ‫إسرائيل‪ ،‬وهذا ليس ألننا لسنا على حق‪ ،‬بل ألن‬ ‫للزمن عواقبه اخلاصة بنا”‪ .‬وأضاف أوملرت‪ ،‬أنه‬ ‫لم يعتنق الرأي القائل‪ “ :‬احفر في أي مكان في‬ ‫“فلسطني التاريخية” وستجد التاريخ اليهودي”‪.‬‬ ‫وإنه أدرك “يتعني علينا أن نقتسم هذه األرض‬ ‫مع األشخاص الذين يقيمون هنا‪ ،‬إذا كنا ال نريد أن‬ ‫نكون دولة ثنائية القومية”‪.‬‬ ‫وأوملرت يعترف بأن أرض إسرائيل الكبرى مجرد‬ ‫وهم قد انتهى ويجب حتقيق السالم بأسرع‬ ‫وقت‪ ،‬وكل يوم مير دون اتفاق قد نندم عليه‪ ،‬وهذه‬ ‫اإلشارات سيكون لها تداعياتها على اجملتمع‬ ‫اإلسرائيلي الحقاً‪...‬‬ ‫وأبرز ما قاله أوملرت‪“ :‬إن اإلسرائيليني يرفضون‬ ‫رؤية احلقيقة “فإسرائيل” األمس ليست “إسرائيل”‬ ‫اليوم‪ ،‬وأيضا ً لن تكون إسرائيل الغد‪ ،‬ألن إسرائيل‬ ‫الغد الزمن ال يعمل ملصلحتها”‪.‬‬ ‫ثمة متغيرات قد بدأت تلوح في األفق‪ ،‬جلها‬ ‫ليس في مصلحة الكيان الصهيوني‪ ،‬فحزب اهلل‬ ‫اللبناني يستقوي على إسرائيل في صورة ظاهرة‬ ‫للعيان‪ ،‬وهذا ما يعترف به الصهاينو‪...‬‬ ‫واخملاطر حتيط بإسرائيل من كل جانب‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يؤكده أوملرت وهي إن دلت على شيء فهو أن عصر‬ ‫قادة إسرائيل “العظام” قد ولى إلى األبد‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يؤكده املراقبون للحقيقة األوضاع‪.‬‬ ‫وتوقعات ديفيد بن غوريون في مكانها عندما‬ ‫قال “إنه عند هزمية إسرائيل في أي معركة لها‬ ‫مع العرب سيؤدي ذلك إلى بداية النهاية لهذه‬ ‫الدولة”‪.‬‬ ‫وفي حرب متوز عام ‪ 2006‬التي شنتها إسرائيل‬ ‫على لبنان ومقاومته أدت إلى فشلها في حتقيق‬ ‫أهدافها‪ ،‬وحصل النصر العظيم للمقاومة‪،‬‬ ‫واملفاجأة الكبرى والعظيمة التي ترتبت على هذه‬ ‫احلرب وألول مرة في تاريخ “إسرائيل” العسكري‪،‬‬ ‫أنه ال يستطيع جنودها التقدم داخل أراضي‬ ‫اخلصم ووقوفهم عاجزين ومتكن حزب اهلل من‬ ‫نقل املعركة إلى عمق الكيان الصهيوني‪.‬‬ ‫وألول مرة تُعزل قيادات عسكرية صهيونية من‬ ‫مواقعها‪ ،‬حيث وصلت إلى رأس الهرم اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫بدأت برئيس األركان وطالت وزير الدفاع نفسه‪،‬‬ ‫وأ ُ ّلفت جلنة حتقيق في نتيجة حرب تعترف‬ ‫إسرائيل من خاللها بالهزمية‪.‬‬ ‫صحوة أوملرت املتأخرة هي نوع من اخلوف والقلق‬ ‫احلاد على إسرائيل الصغرى‪ ،‬بعدما اعترف بأن‬ ‫إسرائيل الكبرى قامت على خرافات وخياالت‪ ،‬وهو‬ ‫سيعترف الحقا ً بأن إسرائيل الصغرى قامت على‬ ‫اخلرافات واألوهام ذاتها‪ ،‬فالعد العكسي لنهاية‬ ‫الكيان بدأ‪ ،‬والتوقيت في يد املقاومة‪ ،‬هذه هي‬ ‫احلقيقة‪ ،‬وإن غدا ً لناظره قريب‪.‬‬

‫إعداد محمود صالح‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫من يعمل لنزع الشرعية‬ ‫عن السالح المقاوم في فلسطين؟‬

‫أوملرت‪ :‬كالم فارغ دون مضمون؟‬

‫عباس‪ :‬رؤية أوملرت ستواصلها ليفني في خططها!؟‬

‫نتنياهو‪ :‬ال رفاهية مع السالم!‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫عكا تواجه‬ ‫ولن ترحل‪!...‬‬ ‫بدأ العالم يعيد تنظيم نفسه‪ ،‬واألزمة‬ ‫االقتصادية األمريكية والعاملية أجبرت أميركا أوال ً‬ ‫ومن بعدها الدول الصناعية الكبرى‪ ،‬ومن بعدهم‬ ‫الدنيا كلها إلعادة التقييم‪ ،‬فالتجربة السابقة‬ ‫وصلت إلى طريق مسدود بعدما زلزلت الكون‬ ‫وتداعياته متواصلة‪،‬‬ ‫والقضية الفلسطينية التي هي مركز الشرق‬ ‫األوسط وما فيه من حلفاء وأعداء‪ ،‬تراوح مكانها‬ ‫وتكاد تكون خارج احلسابات العاملية‪ ،‬بعدما‬ ‫أصبح العالم العربي خارج احلسابات األميركية‪.‬‬ ‫الكثيرون ميكنهم االنتظار‪ ،‬فقد تع ّودوا على‬ ‫املكوث على الهامش منذ صادرت اإلدارات‬ ‫األميركية قرارهم وأصبحت العالقة أشبه ما‬ ‫تكون بعالقة التابع ال أكثر‪.‬‬ ‫الشيء الفارق في املعادلة هو القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فهي الوحيدة التي ال ميكنها‬ ‫االنتظار‪ ،‬وإال ضاعت في عالم النسيان في‬ ‫التطورات القادمة‪ ،‬فاملفاوضات الواهمة وصلت‬ ‫إلى طريق مسدود‪ ،‬وعمليات االستيطان‬ ‫الصهيوني في أوج من ّوها الزاحف على ما بقي‬ ‫من األراضي الفلسطينية‪ ،‬وتوقفت املقاومة مع‬ ‫وجود “التهدئة” في قطاع غزة‪ ،‬وهناك من يطالب‬ ‫ولو بحسن نية النتقال التهدئة إلى الضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬وإن نضال أجيال من الفلسطينيني من‬ ‫أجل دولة فلسطينية (مستقلة) على وشك‬ ‫الوصول إلى نهاية محتومة‪ ،‬حيث انتهى اهتمام‬ ‫العالم‪ ،‬وأصبحت “إسرائيل” تعيش في حالة من‬ ‫األمن والرفاهية لم حتصل منذ عقود‪.‬‬ ‫وهناك حالة من اخللط لم يسبق لها مثيل‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬وحتى التالعب بالكلمات‬ ‫ومحاولة تزيني بعض املواقف الهابطة من خالل‬ ‫حرصها املزيف على القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫فهي تدفع الفلسطينيني نحو التهدئة مع‬ ‫اإلسرائيليني‪ ،‬وتشجع بعض الفلسطينيني على‬ ‫التقاتل بدعوى الشرعية التي ميثلها النظام‬ ‫الرسمي العربي رغم التواطؤ الواضح في مواقف‬ ‫العديد من األطراف‪ ،‬وأكثر من ذلك هناك من‬ ‫يقول بأن القضية الفلسطينية ليست قضية‬

‫‪70‬‬

‫فلسطينية فقط‪ ،‬ويحق لبعض العرب التدخل‬ ‫عن طريق (اجلامعة العربية) لفرض رؤيتهم‪،‬‬ ‫ونسأل‪ :‬أين كانت العروبة عندما حوصر الشعب‬ ‫الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وما زال‬ ‫محاصراً؟‬ ‫فهناك من يحاول نزع الشرعية عن التيارات‬ ‫الفلسطينية التي حتمل السالح وتقاوم‪ ،‬واخللط‬ ‫بني منهج التحرير وبقاء االحتالل‪ ،‬والبعض ما زال‬ ‫يراهن على املفاوضات بعدما أثبتت عدم جدواها‪.‬‬

‫الواقع امليداني‬ ‫الزيارة التي قام بها أخيرا ً وزير اخلارجية‬ ‫الفرنسي برنارد كوشنير إلى إسرئيل وأراضي‬ ‫السلطة الفلسطينية‪ ،‬أكدت أن هذا ما زال‬ ‫يعتقد بإمكانية التوصل إلى اتفاق سالم بني‬ ‫الفلسطينيني واإلسرائيليني‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فأوضاع اجلانبني ال تدعو من الناحية‬ ‫العملية إلى االرتياح‪ ،‬ورئيسة حزب كدميا ما‬ ‫زالت تبذل جهودها للحصول على أغلبية جديدة‬ ‫تشجع لها بتشكيل طاقمها الوزاري‪.‬‬ ‫وبينما تتزايد حدة االنقسامات بني حماس في‬ ‫غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية‪،‬‬ ‫ووالية الرئيس محمود ستنتهي في مطلع عام‬ ‫‪2009‬‬ ‫وعلى الصعيد اخلارجي فالظروف الدولية‬ ‫ال تبدو هي أيضا ً مواتية‪ ،‬ورئيس احلكومة‬ ‫االسرائيلية باإلنابة قد بدأ يغير ثوابته بعدما‬ ‫أصبح يدير شؤون الدولة العبرية من خالل‬ ‫صفته اجلديدة كمكلف بتسيير األمور‪ ،‬وهذا‬ ‫األمر ال يكلفه أو يلزمه بشيء‪ ،‬فهو قد حترر‬ ‫من كل األعباء الرسمية التي كانت تفرض‬ ‫عليه أن يتماشى مع السياسات التي تتبناها‬ ‫أحزاب كادميا والعمل والليكود‪ ،‬والبيانات التي‬ ‫يطلقها أوملرت اآلن تأتي مختلفة متاما ً عن‬ ‫توجهات بعض األحزاب اإلسرائيلية اليمينية‬ ‫التي تناصر املستوطنني‪ ،‬وتصر على عدم‬


‫ّ‬ ‫التجذر باألرض‬ ‫املزارعون الفلسطينيون‪:‬‬

‫التخلي عن أراض احتلتها إسرائيل من قبل‪.‬‬

‫الشخصية وقضاياه‪.‬‬

‫تصريحات أوملرت شخصية‬ ‫وفارغة من أي مضمون‬

‫الشرق األوسط‬ ‫في محطة فاصلة‬

‫ويجمع احملللون والسياسيون واخلبراء‬ ‫العسكريون واالستراتيجيون على أن أوملرت لم‬ ‫يعد ميثل سوى تلك اآلراء الشخصية التي تنبع‬ ‫من توجهاته في هذه الفترة الزمنية الباقية له‬ ‫في احلكم على رأس هرم السلطة في إسرائيل‪،‬‬ ‫ريثما تتمكن ليفني من تأليف احلكومة القادمة‪.‬‬ ‫ومواقف أوملرت باتت تعكس احلالة التي مير بها‬ ‫وهو يرزح حتت وطأة التحقيقات في قضايا الفساد‬ ‫والرشوة اخلاصة به‪ ،‬ومن هنا ينشأ مقدار كبير من‬ ‫التناقض بني ما كان ينادي به سابقا ً قبل أن تنقلب‬ ‫األمور عليه‪ ،‬وبعدما انقلبت الطاولة عليه فبات‬ ‫يقول بغير ما هو عليه من قناعة‪ ،‬وبأنه ينسجم‬ ‫مع توجهات األحزاب الرئيسية الناشطة‪.‬‬ ‫وال شك في أن التغير احلاصل في مواقف أوملرت‬ ‫ليس جوهرياً‪ ،‬ويبدو ذلك واضحا ً من خالل حقيقة‬ ‫أن هذه املواقف من جانبه‪ ،‬ال تلقى قدرا ً كبيرا ً من‬ ‫التعليقات من جانب قادة األحزاب اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وإن مواقفه هذه تأتي في الوقت الضائع ولم تعد‬ ‫تكتسب أي صفة رسمية مهما روج لها البعض‬ ‫ونادوا بها‪ ،‬وخاصة أنها تتأثر بأوضاع أوملرت‬

‫املرحلة اليوم انتقالية بكل جتلياتها اخملتلفة‪،‬‬ ‫وبانتظار إدارة أميركية جديدة‪ ،‬وحكومة إسرائيلية‬ ‫جديدة‪ ،‬بغض النظر عن تركيبتها وتوجهاتها‪ ،‬ولن‬ ‫تنتهي هذه املرحلة قبل توقيع مسودة االتفاقية‬ ‫بني إدارة بوش واحلكومة العراقية‪ ،‬وقبل أن ينجلي‬ ‫املوقف على الساحة الفلسطينية بعد حوارات‬ ‫القاهرة واحتمال التوصل إلى اتفاق بني حركتي‬ ‫فتح وحماس‪ ،‬فالطرفان اجتمعا في القاهرة‬ ‫بهدف جسر الهوة الواسعة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حالة احلراك التي تطغى‬ ‫على أوضاع منطقة الشرق األوسط من الناحية‬ ‫النظرية الظاهرية‪ ،‬إال أن احلقيقة املؤكدة اآلن‬ ‫تقول بأن احلسم ال يزال بعيدا ً عن ملفات املنطقة‪،‬‬ ‫وخاصة أن الالعبني األساسيني املؤثرين والفاعلني‬ ‫في شؤون الشرق األوسط‪ ،‬ال يزالون بانتظار جملة‬ ‫من التغيرات من شأنها أن حتدد مواقفهم جتاه‬ ‫هذه امللفات والقضايا‪ ،‬التي تبقى بدورها بعيدة‬ ‫عن أي إمكانية للحل أو احلسم‪.‬‬ ‫يقول إيهود أوملرت لصحيفة يديعوت أحرونوت‬ ‫“إن اإلسرائيليني ال بد واهمون وحاملون فيما لو‬

‫‪71‬‬

‫أملوا إبرام صفقة سالم مع الفلسطينيني دون‬ ‫أن يدفعوا ثمن الصفقة‪ :‬االنسحاب من معظم‬ ‫أراضي الضفة والقدس الشرقية وهضبة‬ ‫اجلوالن”‪.‬‬ ‫وليست ثمة غرابة في أن تترك هذه التصريحات‬ ‫اللينة التي أطلقها أوملرت الكثير من التعقيدات‬ ‫والعراقيل أمام مساعي تسيبي ليفني لتأليف‬ ‫حكومة ائتالفية جديدة في إسرائيل‪ ،‬وهي في‬ ‫كل األحوال لالستهالك املؤقت وفارغة املضمون‪.‬‬ ‫من جانبه علق الرئيس الفلسطيني محمود‬ ‫عباس بالقول‪“ :‬إن هذه الرؤية بالنسبة ألوملرت سوف‬ ‫تواصلها تسيبي ليفني التي ستطرح خططها‬ ‫اخلاصة بالسالم على حكومتها اجلديدة”‪.‬‬ ‫إال أن ليفني لزمت الصمت ولم تعبر عن مواقفها‬ ‫أو اعتراضها على ما صرح به أوملرت‪ ،‬وهذا ما أثار‬ ‫قلق املراقبني وتساؤالتهم عما إذا ما كان النهج‬ ‫املتحفظ الذي تنتهجه ليفني سيبطئ جهودها‬ ‫الرامية إلى تأليف حكومة ائتالفية جديدة‪...‬‬ ‫وحتاول ليفني هي األخرى مواجهة التحديات‬ ‫السياسية واالستحقاقات القادمة‪ ،‬فدعت رئيس‬ ‫حزب الليكود بنيامني نتنياهو لالنضمام إلى‬ ‫ائتالفها قائلة‪“ :‬ال ميكن لرجل سياسي مسؤول‬ ‫وذي ضمير أن يدفع بإسرائيل نحو معركة انتخابية‬ ‫طويلة‪ ،‬في ظل األزمة االقتصادية العاملية احلالية‪،‬‬ ‫والتحديات السياسية والعسكرية التي تواجهها‬ ‫إسرائيل”‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫ولكن رد نتنياهو جاء سلبياً‪ ،‬وطالب الزعيم‬ ‫الروحي حلركة شاس عوفاديا يوسف أال ينضم‬ ‫إلى االئتالف وقال‪“ :‬إن حكومة برئاسة ليفني‬ ‫ستسعى إلى تقسيم مدينة القدس ومنح‬ ‫الشق الشرقي منها إلى الفلسطينيني”‪.‬‬ ‫وقال نتنياهو إنه يريد تقسيم الضفة الغربية إلى‬ ‫مناطق اقتصادية غير مترابطة‪ ،‬وإن التوصل التفاق‬ ‫سالم مع الفلسطينيني ال مي ّثل أولوية بالنسبة‬ ‫إليه‪ ،‬وسيركز بدال ً من ذلك على اتخاذ خطوات‬ ‫هدفها حتسني مستوى معيشة الفلسطينيني في‬ ‫الضفة‪ .‬وأشار إلى أنه ال يعتقد أن السالم سيؤدي‬ ‫إلى حتقيق الرفاهية إلى حد كبير‪ ،‬لكن الرفاهية‬ ‫هي التي تؤدي إلى حتقيق السالم‪.‬‬ ‫والسؤال‪ :‬ما هو السالم الذي يريده أمثال‬ ‫نتنياهو واملستوطنني؟!‬ ‫ماذا حدث لعكا عروس البحر!؟‬ ‫فكل الدالئل تشير إلى أن هناك مجازر رهيبة‬ ‫مبيتة للوسط العربي في عكا وبقية القرى‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬واملتطرفون اليهود يتح ّينون كل‬ ‫فرصة كما حصل في األحداث األخيرة في عكا‬ ‫ومحاولتهم جر الوسط العربي إلى العنف في‬ ‫ظل أوضاع إقليمية ودولية شبه غائبة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما سيسمح ألحقاد الصهاينة ومخططاتهم‬ ‫بتصفية العرب جسدياً‪ ،‬ومن ثم الدعوة للترحيل‬ ‫اجلماعي عن مدينة عكا حتديداً‪ ،‬ومن باقي املدن‬ ‫اخملتلطة‪ ،‬ولذلك كانت هناك محاوالت الغتيال‬ ‫بعض قادة القرى العربية‪ ،‬وكانت هيئة تدعى‬ ‫“ائتالف أهالي عكا” قد أصدرت كتابا ً أسود‪ ،‬ضمنته‬ ‫احلقائق املتعلقة بالهجمة األخيرة على العرب‬ ‫في عكا‪ ،‬وحتدثت عن النوايا املبيتة‪ ،‬وكانت هناك‬ ‫خلفية سبقت األحداث تدل بوضوح على مخطط‬ ‫لترحيل العرب‪ ،‬ضمن مخطط تهويد عكا اجلاري‪،‬‬ ‫وعن دالالت هذه اخلطة في السنوات األخيرة‪ ،‬حيث‬ ‫وجنّد‬ ‫افتُتحت مدرسة دينية في عكا عام ‪ُ ،1997‬‬ ‫املتدينون املتطرفون لها‪ ،‬إلى جانب استقدام‬ ‫مستوطنني من اخلليل والضفة الغربية لتقوية‬ ‫الوجود اليهودي في املدينة‪ ،‬وجرى استعراض‬ ‫العديد من حاالت حرق البيوت والسيارات العربية‪،‬‬ ‫ويبني الكتاب األسود أن االعتداءات العنصرية‬ ‫في عكا متتد إلى مشاريع ترحيل الفلسطينيني‬ ‫واستكماال ً جلرمية اغتصاب فلسطني ‪.1948‬‬

‫حرب قطف الزيتون‬ ‫واملزارعون الفلسطينيون في الضفة الغربية‬ ‫يواجهون حرب قطف الزيتون على يد املستوطنني‪،‬‬ ‫فهؤالء يحاولون منع أصحاب األرض من دخولها‬ ‫حتت حجج وذرائع بأن هذه األراضي قريبة من‬ ‫املستوطنات اليهودية أو تتبع لها‪.‬‬ ‫عد موسم قطف الزيتون مناسبة شديدة‬ ‫ويُ ّ‬ ‫اخلصوصية في فلسطني‪ ،‬تخرج فيها العائالت‬ ‫إلى حقولها في تقليد اجتماعي متوارث يشبه‬ ‫ويسخرون كل طاقاتهم له‬ ‫مهرجانا ً احتفالياً‪،،‬‬ ‫ّ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اعتداءات املتطرفني اليهود‬

‫حني يحل املوسم‪.‬‬ ‫ومي ّثل اجلدار العازل العائق االكبر أمام املزارعني‪،‬‬ ‫فهو يعزل أكثر من عشرة في املئة من أراضي‬ ‫الضفة‪ ،‬هي خيرة األراضي الزراعية‪ ،‬وتضع‬ ‫السلطات اإلسرائيلية قيودا ً شديدة على دخول‬ ‫املواطنني إلى هذه األراضي‪ ،‬وتقيد الدخول‬ ‫بتصاريح خاصة‪ ،‬وغالبا ً ما ترفض منح التراخيص‬ ‫ألسباب أمنية‪.‬‬ ‫واخلطر الثاني الذي يواجهه قاطفو الزيتون هذا‬ ‫العام هو اعتداءات املستوطنني التي تتراوح بني‬ ‫منع املزارع من الوصول إلى أرضه أو حرق مساحات‬ ‫من احلقول أو قطع عدد من األشجار‪.‬‬ ‫تقول صحيفة يديعوت أحرونوت‪ :‬إن أحد قادة‬ ‫املستوطنني باروخ مارزل الذي يتزعم تنظيما ً‬ ‫ينشط ضد الفلسطينيني في الضفة الغربية‪،‬‬ ‫وخصوصا ً في اخلليل حيث يستوطن‪ ،‬وصل إلى‬ ‫عكا ويحرض اليهود ضد العرب‪ ،‬وهو يعتزم‬ ‫مساعدة اليهود في عكا على إقامة “منظمة‬ ‫دفاع عن اليهود” على غرار املنظمة التي أقامها‬ ‫احلاخام العنصري مائير كاهانا في الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬داعيا ً املستوطنني الذين أبعدوا من‬ ‫الضفة الغربية أخيراً‪ ،‬بعد اعتداءاتهم املتكررة‬ ‫على الفلسطينيني في موسم قطف الزيتون‪،‬‬ ‫إلى االنتقال للسكن في عكا‪!...‬؟‬ ‫وثمة أنباء في املدن اخملتلطة تتردد عن نشاط‬ ‫تقوم به مجموعات ميينية متشددة ومستوطنون‬ ‫مت إخالؤهم من قطاع غزة في إطار خطة فك‬ ‫االرتباط قبل ثالثة أعوام‪ ،‬بهدف االستيطان في‬ ‫املدن اخملتلطة ملنع أي خلل في امليزان الدميوغرافي‬ ‫في هذه املدن‪.‬‬ ‫لقد جرى جلب املتطرفني وافتتاح مدرسة‬ ‫دينية لهم في عكا‪ ،‬وإصدار منشورات حتريضية‬ ‫عنصرية ضد العرب‪ ،‬تدعو إلى مقاطعتهم‬ ‫جتاريا ً بعدم التسوق من البلدة القدمية‪ .‬وإقدام‬

‫‪72‬‬

‫السلطات اإلسرائيلية على افتتاح كنيس يهودي‬ ‫بالقرب من املسجد األقصى‪ ،‬هو خطوة استفزازية‬ ‫تزيد من حدة التوتر وتهدف إلى التقدم تدريجيا ً‬ ‫نحو املسجد األقصى بهدف االستيالء عليه‪.‬‬ ‫عكا واحدة من املدن العربية العريقة‪ ،‬وكانت‬ ‫قبل النكبة ‪ 1948‬مدينة ذات أكثرية عربية (‪%75‬‬ ‫عرباً) ليصبح العرب اآلن أقل من ‪ 15‬ألفا ً من‬ ‫أصل ‪ 52‬ألفاً‪ ،‬وعانى سكانها من محاوالت تفريغ‬ ‫البلدة القدمية بهدف تهويدها‪ ،‬وعندما فشل‬ ‫مخطط توطني اليهود فيها‪ ،‬راحت السلطات‬ ‫الصهيونية حتولها إلى مدينة أثرية سياحية‬ ‫وتسعى ملنع العرب من توريث أبنائهم البيوت‬ ‫التي يسكنونها‪ ،‬فإذا سكنتها عائلة‪ ،‬تنتظر‬ ‫السلطة أن ميوت الوالدان ثم تصادر البيت‪ ،‬ومتنع‬ ‫األبناء من شرائه‪ ،‬وما يجري اليوم في عكا هو‬ ‫استمرار للنهج الصهيوني في السيطرة على‬ ‫األرض العربية وإفراغها من أصحابها‪.‬‬ ‫ما هي اخليارات املتاحة لتغيير احلال؟‬ ‫التحدي األكبر أمام الفلسطينيني هو إنهاء‬ ‫حالة االنقسام‪ ،‬وأهمية اإلسراع في عقد املصاحلة‬ ‫وضرورة التكامل بدال ً من النزاع‪ ،‬فاخليارات كثيرة‬ ‫بعدما فشلت املفاوضات مع الصهاينة‪ ،‬والرهان‬ ‫على األميركي ثبت فشله‪ .‬فالتوافق على برنامج‬ ‫كفاحي مشترك مي ّثل أولوية موضوعية‪ ،‬وإعادة‬ ‫االعتبار لنهج املقاومة‪ ،‬والتجارب أثبتت أن‬ ‫التهدئة مع كيان غاصب ومحتل لن جتدي نفعا ً‬ ‫ولن تفتح معبراً‪ ،‬بل هي مدخل ملزيد من االنقسام‬ ‫والتفتيت‪ ،‬والشعب الفلسطيني غني بتراثه‬ ‫النضالي‪ ،‬قدم التضحيات ويستحق الكثير‪.‬‬ ‫والقضية الفلسطينية هي الوحيدة التي ال‬ ‫ميكنها االنتظار‪ ،‬وإال ضاعت في عالم النسيان‪..‬‬ ‫رحم اهلل الشهداء‪...‬‬

‫نبيل مرعي‬


‫وجهة نظر‬

‫مؤتمر فتح االنتفاضة السادس‬ ‫انعطافة تاريخية‬ ‫في مسيرتها الكفاحية‬ ‫وأخيرا ً عقدت فتح االنتفاضة مؤمترها السادس‬ ‫بني اخلامس والعشرين والسادس والعشرين‬ ‫من تشرين االول ‪ ،2008‬بعد حتضيرات استمرت‬ ‫أكثر من عام ونصف شهدت فيه الساحة‬ ‫الفلسطينية أحداثا ً كبيرة ما زالت تداعياتها‬ ‫ماثلة للعيان‪...‬‬ ‫وإذا كان لنا من توصيف لهذا املؤمتر‪ ،‬فإن أول‬ ‫ما يستوقفنا فيه هو اإلصرار على استكمال‬ ‫العملية الدميوقراطية في مؤسسات احلركة‬ ‫وأطرها القيادية رغم كل املعوقات التي كانت‬ ‫تستدعي التأجيل املستمر لهذا املؤمتر إلبقاء‬ ‫احلركة في حالة تردد ومراوحة‪ ،‬فجاءت قراراته‬ ‫اخلتامية تتويجا ً لهذا العمل الدميوقراطي من‬ ‫خالل انتخاب الهيئات القيادية في احلركة‪ ،‬من‬ ‫اللجنة املركزية إلى اجمللس الثوري‪...‬‬ ‫أما البعد اآلخر لهذا االنعقاد فيتمثل في‬ ‫التذكير مبوقع احلركة على خارطة العمل‬ ‫الفلسطيني املقاوم واملناهض لكل أنواع التفريط‬ ‫واملساومة على حق الشعب الفلسطيني في‬ ‫العودة الى وطنه‪ ،‬فكان البيان اخلتامي مبثابة الرد‬ ‫احلازم على كل من حاول حرف احلركة عن مسارها‬ ‫الوطني الفلسطيني وإبعادها عن حتالفاتها‬ ‫العربية واإلسالمية املقاومة وج ّرها الى مواقع‬ ‫بعيدة عن أدبياتها وغريبة عن منطلقاتها‪..‬‬ ‫لكن االهمية االستثنائية لهذا احلدث تكمن في‬ ‫انعقاد املؤمتر وجناحه وبطبيعة وتنوع املشاركني‬ ‫فيه‪ ..‬فقد كان بحق تظاهرة وطنية رائعة جمعت‬ ‫كل شرائح احلركة وأطرها التنظيمية ومكاتبها‬ ‫احلركية الذين توافدوا من كل ساحات عملها‪..‬‬ ‫ورغم ما تخلل املؤمتر من نقاشات طويلة حول‬ ‫األوراق السياسية والتنظيمية‪ ،‬فقد أقر املؤمترون‬ ‫باإلجماع كل تلك االوراق بروح عالية من املسؤولية‬ ‫الوطنية‪ ،‬مثمنني دور قيادة احلركة في البحث عن‬ ‫أجنح الصيغ والبرامج التي حتفظ وحدة الشعب‬ ‫الفلسطيني وتسهم في رفع الظلم واملعاناة عن‬ ‫أهلنا في الوطن والشتات‪ ...‬وترفع من وتيرة العمل‬ ‫الفلسطيني املقاوم إلحلاق الهزمية باملشروع‬

‫الصهيوـ أميركي بعد اإلخفاقات املتالحقة التي‬ ‫ُمني بها في منطقتنا وفي كل أماكن وجوده‪...‬‬ ‫لقد كانت فتح االنتفاضة على الدوام عنوانا ً‬ ‫مقاوما ً سعت من خالل انتهاجها سياسة ترمي‬ ‫الى وحدة أداة الثورة الفلسطينية وطرحت‬ ‫العديد من املبادرات لرأب الصدع واخلروج مبوقف‬ ‫موحد ملواجهة كل التحديات التي تستهدف حق‬ ‫ّ‬ ‫الشعب الفلسطيني في نضاله ضد االحتالل‬ ‫وعودته الى وطنه‪...‬‬ ‫وهي اليوم من خالل وجودها في حتالف القوى‬ ‫الفلسطينية تؤكد صحة توجهها وحرصها‬ ‫على الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة‬ ‫مناهضة مشاريع التصفية والتوطني والتهجير‬ ‫وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫على أسس وطنية تكفل حق كل الفصائل‬ ‫في املشاركة والتعبير عن مواقفها بعيدا ًَ عن‬ ‫الهيمنة واستالب القرار‪...‬‬ ‫وفتح االنتفاضة‪ ،‬وهي تختم دورة انعقاد مؤمترها‬ ‫السادس تؤكد أنها لن توفر جهدا ً في السعي‬ ‫لتغليب لغة احلوار في الساحة الفلسطينية‬ ‫وحماية منجزات الشعب الفلسطيني على مدار‬ ‫أكثر من نصف قرن من النزف والصراع مع عدو‬ ‫مجرم ال يفهم غير لغة املقاومة سبيالً لردعه‬ ‫وحتطيم غطرسته‪ ..‬ولعل ما يجري في فلسطني‬ ‫من صمود أسطوري وفي لبنان من انتصار تاريخي‬ ‫وضع العدو في حالة قلق دائم على املصير‪،‬‬ ‫خصوصا ً بعدما أدرك أن زمن انتصاراته اخلارقة‬ ‫وحروبه املفاجئة قد ولى الى غير رجعة وأن عصر‬ ‫يقض مضاجع‬ ‫هزميته النهائية بات الهاجس الذي ّ‬ ‫قادته املهووسني بجنون العظمة والقوة وبعقيدة‬ ‫االرهاب والقتل والتدمير‪...‬‬ ‫وجتسيدا ً للعمق العربي واإلسالمي فقد أكد‬ ‫املؤمترون على دور سوريا املركزي في احتضان‬ ‫املقاومة وحمايتها وعلى الدور االيجابي الداعم‬ ‫للجمهورية اإلسالمية في إيران وأدانوا كل‬ ‫محاوالت إشعال نار الفتنة في لبنان‪ ،‬مؤكدين‬ ‫االلتزام بأمنه واستقراره‪ ،‬داعني احلكومة اللبنانية‬

‫‪73‬‬

‫الى بذل املزيد من اجلهود للتخفيف من معاناة‬ ‫شعبنا وحتسني ظروفه احلياتية واملعيشية‪.‬‬ ‫وبعد جناحها في هذا االستحقاق الوطني جتدد‬ ‫فتح االنتفاضة العزم على البقاء وفية ملبادئها‬ ‫ومنطلقاتها‪ ،‬أمينة على تضحيات شهدائها‪،‬‬ ‫متمسكة بثوابتها الوطنية‪ ،‬واثقة من أن الصراع‬ ‫مع العدو الصهيوني هو صراع وجود وأن أي‬ ‫محاولة لتحويله الى خالف على ترسيم حدود أو‬ ‫تبادل املساحات من االرض لن يُكتب لها النجاح‬ ‫وهي محكومة بالفشل حقاً‪..‬‬ ‫فتح االنتفاضة بعد املؤمتر هي كتاب مفتوح‬ ‫لكل من يريد أن يقرأ تاريخ الثورة الفلسطينية‬ ‫املعاصرة بتبصر واهتمام‪ ..‬وبديهي القول إن لكل‬ ‫مهتم بهذا التاريخ قراءاته اخلاصة لكن يبقى‬ ‫القول إن أي قراءة مهما ابتعد صاحبها في خلوائه‬ ‫وأحكامه املسبقة تظل في حدها األدنى منصفة‬ ‫لفتح‪ ،‬فهي التي لم تساوم قط على املصالح‬ ‫الوطنية للشعب الفلسطيني وآثرت له السالمة‬ ‫على الدوام يوم كانت اخملططات املشبوهة ترمي‬ ‫لتهجيره بعد تدمير وسحق مقومات العيش في‬ ‫مخيماته‪ ،‬وجنحت فتح االنتفاضة في صياغة‬ ‫أوثق العالقات مع قوى املقاومة في لبنان األمينة‬ ‫على مستقبل الشعب الفلسطيني وقدمت في‬ ‫سبيل ذلك املئات من أبنائها بني شهيد وجريح‪..‬‬ ‫هي فتح االنتفاضة إذاً‪ ،‬تقوى اليوم من جديد‬ ‫بعالقاتها املميزة مع القوى احلية واملقاومة‬ ‫في أمتنا وفي مقدمتها حزب اهلل ومقاومته‬ ‫االسالمية بقيادة السيد حسن نصر اهلل وبفهم‬ ‫أشمل لتحالفاتها الفلسطينية للحفاظ على‬ ‫أمن وسالمة شعبنا وصون وحدته الوطنية‬ ‫وحقه في العودة وإقامة الدولة الفلسطينية‬ ‫على كامل أرضه‪ ،‬وعاصمتها القدس الشريفة‪...‬‬

‫أمني سر إقليم لبنان ـ‬ ‫فتح االنتفاضة‬ ‫(أبو إيهاب حسن)‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر عربي‬

‫مسيحيو العراق بين معاناة الهجرة ومعاناة البقاء‬ ‫المطران جورج صليبا لـ «منبر التوحيد»‬

‫من يسمونهم حكاماً مسيحيين في أميركا‬ ‫والعالم الغربي ليسوا إالّ أداة في يد الصهيونية‬ ‫لقد كان العراق أرضا ً واحدة وتاريخا ً واحدا ً وهوية وتراثا ً واحدا‪ ،‬وكانوا‬ ‫شعبا ً واحدا ً اسمه الشعب العراقي وحكوم ًة واحد ًة و َعلَما ً واحداً‪.‬‬ ‫لكن تعاقب احلكومات التي توالت على حكم العراق‪ ،‬أو حكمته‬ ‫بشكل غير دميوقراطي‪ ،‬أ ّدى إلى متزيق وحدة أراضيه‪.‬‬ ‫نعم لقد عانى األكراد من االضطهاد ولكن ما عاناه املسيحييون كان‬ ‫أكثر بكثير مماعاناه األكراد‪ ،‬والفترة التي طالت معاناة األكراد كانت أقصر‬ ‫بكثير من تلك الفترة التي عانى بها املسيحيون‪ ،‬وكذلك بقية أطياف‬ ‫الشعب العراقي من شيعة وسنّة ويزيدية وصابئة وغيرهم‪ ،‬وهذا كله لم‬ ‫يكن بسبب االنتماءات أو الوالءات بقدر ما كان بسبب املصالح الفردية‬ ‫واملصالح الدولية التي كان لها التأثير األكبر في تصرف حكومات العراق‬ ‫جتاه شعبها‪ ،‬وما زال التأثير الدولي فعاال ً في الكثير من األحيان‪.‬‬ ‫أليس هذا هو غاية احملتل؟ أن يجعل العراق ضعيفا ً ممزقا ً خاليا ً من‬ ‫العلماء واملفكرين واملصانع واملعامل؟ أليس غاية احملتل أن يكون العراق‬ ‫مليئا ً بكل أمراض اجملتمعات املتخلفة؟ وإال كيف‬ ‫ميكنهم السيطرة عليه ونهب ثرواته واستغالل‬ ‫خيراته؟‬ ‫لقد شارك الكل في تقسيم العراق‬ ‫ومبختلف احلجج‪ ،‬فاألكراد بحجة االضطهاد‬ ‫ولهم وضعهم اخلاص فانفردوا في شمال‬ ‫العراق‪ ،‬والعرب انقسموا إلى قسمني مذهبيني‪:‬‬ ‫الشيعة ألنهم كانوا مضطهدين انفردوا‬ ‫بالقسم اجلنوبي من العراق‪ ،‬والسنّة حوصروا‬ ‫في املثلث املعروف بهم‪ ،‬كما بقيت هناك‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪74‬‬

‫صيحات تتعالى من املسيحيني ال تصل مبقياسها الذبذبي إلى ‪ %3‬أو‬ ‫أقل قليال ً حسب املقاييس النسبوية الدينية‪ ،‬وهم محتارون في أمرهم‬ ‫ومنقسمون على ذاتهم‪ ،‬حالهم حال املسلمني‪ ،‬فقد انقسموا قوميا ً‬ ‫ومذهبياً‪ .‬لكن ماذا يفعل املسيحيون أمام هذا احلشد الهائل الذي يبدو‬ ‫فيه الكل ممسكا ً بسكني كبيرة محاولني إرضاء اجلميع بالقسمة التي‬ ‫قسموا فيها العراق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فهل جاء اليوم الذي منسح فيه تاريخ العراق ونستحدث للعراق تاريخا ً‬ ‫ميجد أعمال احملتل‪ ،‬هل ميكن للعراقيني األباة أن ينسوا تاريخ بابل والزقورة‬ ‫واجلنائن املعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع‪ ،‬هل ميكن أن ينسوا حمورابي‬ ‫املش ّرع التاريخي الكلداني العظيم؟‬ ‫نعم مير العراق اليوم مبأساة قضم أبنائه على يد أبنائه كما أنّه مير‬ ‫مبرحلة قاسية جدا ً أال وهي تدنيس ترابه املقدس من قبل احملتل‪ ،‬ومبراحل‬ ‫مظلمة وظاملة ال تقل شراسة عما مر به في زمن املغول والتتر وهوالكو‬ ‫دمرت العراق‬ ‫وغيرهم من األقوام الغازية التي ّ‬ ‫ثقاف ًة وتراثا ً و ِعلماً‪.‬‬ ‫إنها اجللجلة فعال ً يعيشها مسيحيو العراق‬ ‫اليوم‪ ،‬لكأن قدر مسيحيي الشرق أن يعيشوا‬ ‫جلجلة ال نهاية لها‪ ،‬جرميتهم الوحيدة أنهم‬ ‫اختاروا املسيح نورا ً لدربهم في زمن بات فيه‬ ‫العنف واإلرهاب درب الظالميني اجلاحدين على‬ ‫كل ما أنعم به اهلل على شعبه‪.‬‬ ‫الضحية تبقى هي هي‪ ،‬وحدها الذئاب‬ ‫تتبدل‪.‬‬ ‫إنها لعنة اجلغرافيا أم لعنة التاريخ التي‬ ‫جعلت من الشرق‪ ،‬مهد الديانات واحلضارات‪،‬‬ ‫مسرحا ً لكل مظاهر التخلف وأنواع احلروب‬ ‫واالضطهاد‪ ،‬ومقرا ً لكل املنظمات واألصوليات‬ ‫والظالميني والتكفيريني‪ ،‬فيما غدا املسيحييون‪،‬‬ ‫أبناء األرض والسماء‪ ،‬الجئني بني حناياه بانتظار‬ ‫أن تلتهمهم الذئاب إرضا ًء ملعتوه يحلم بإمارة‬ ‫ما أو متخلف يسعى لوالية ما غير مدركني أنّه‬ ‫في النهاية لن تكون إالّ مشيئته‪.‬‬ ‫من هنا بدأ يتردد بني وقت وآخر التحذير من‬ ‫هجرة املسيحيني العرب‪ ،‬هجرة تتصاعد منذ‬ ‫عقود في البلدان التي ميثلون جزءا ً أساسيا ً من‬ ‫بناها الدميوغرافي مثل العراق ولبنان ومصر‬ ‫وفلسطني وبلدان أخرى‪.‬‬ ‫أما الوضع في العراق فأكثر سو ًءا‪ ،‬ففي ظل‬ ‫حكم صدام حسني بلغ تعداد املسيحيني ‪800‬‬ ‫ألف نسمة من مجمل السكان الذين يعدون ‪26‬‬


‫مليون نسمة‪ ،‬وتضاءل عددهم كثيرا في ظل االحتالل األميركي وتنامي‬ ‫عمليات القتل والترويع إلى حد أنّهم أصبحوا بضعة آالف‪.‬‬ ‫فموضوع هجرة املسيحيني من الشرق وتزايد نسبتها باطراد بات مثار‬ ‫جدل وتداول‪ ،‬ميزته أنه أصبح على طاولة بحث طائفية الطابع واملرجعية‪،‬‬ ‫س ّوق على املستوى الشعبي في البلدان العربية ذات التركيبة‬ ‫بعدما ُ‬ ‫الطائفية عرفا ً في بعضها ودستورا ً في بعضها اآلخر‪ ،‬إن الذهاب إلى‬ ‫حتليل الهجرة من الشرق استنادا ً إلى التقسيم القائم على األديان‪ ،‬هو‬ ‫شكل عنصري يسير ضد الناموس الطبيعي للحياة االجتماعية‪ ،‬املتأثرة‬ ‫باألوضاع السياسية واالقتصادية لهذا الشرق‪ ،‬باإلضافة إلى األمناط‬ ‫السلطوية التي تقمع الشعوب‪ ،‬والقمع ال دين له‪ ،‬واالستبداد ال يحمل‬ ‫راية طائفة معينة‪ ،‬إمنا هي السياسات املتبعة التي تتغطى بالشعارات‬ ‫الدينية سبيال ً للتقسيم والتمييز بني املواطنني‪.‬‬ ‫وليس ثمة راية دينية زرعت عنوة في الشرق لتأليف بل ٍد مخترع‪ ،‬إالّ‬ ‫راية اليهودية التي أسست دولة من خالل احتالل األرض‪ ،‬قائمة على‬ ‫فكر ديني عنصري‪ ،‬ومن مصلحتها تصوير وتعزيز صورة الشرق وفق إميان‬ ‫مواطنيه الديني مبررا ً لنشوئها وحروبها املستمرة‪.‬‬ ‫ونعود هنا إلى املسيحية كدين‪ ،‬لنرصد ما توصلت إليه الدعاية‬ ‫الصهيونية العاملة على وضع املسيحية باطال ً في صورتها التغريبية‪،‬‬ ‫فيما املسيحية هي وليدة الشرق كما اإلسالم منبعه الشرق‪.‬‬ ‫فالسياسة التي ارتدت لواء “الصليبية” القادمة من أوروبا سابقا ً ومع‬ ‫الذهنية التي يعمل بها الرئيس األميركي جورج بوش حالياً‪ ،‬و”األسلمة”‬ ‫املتطرفة واملتزمتة القادمة من اململكة العربية السعودية‪ ،‬هي أيضا ً‬ ‫مساهمة في تعزيز هذه الصور النمطية اخلاطئة بحق التاريخ الديني‬ ‫وفي حق روحية اإلسالم واملسيحية‪.‬‬ ‫فهذه هي السياسة التي تستخدم الدين لترغيب البعض وترهيب‬ ‫البعض اآلخر‪ ،‬والواقع هو صراع أمم وصراع مصالح‪.‬‬ ‫فهل بات العرب إلى هذه الدرجة مقتلعني من أوطانهم‪ ،‬مجرد أرقام‬ ‫تعلو قيمتها أو تتدنى‪ ،‬وفق إحصاءات تعطي نسبا ً عن وجودهم ككتل‬ ‫دينية؟‬ ‫الواقع االجتماعي والسياسي واالقتصادي‪ ،‬براء من كل ذلك‪ ،‬فالصراع‬ ‫هو صراع دول كبرى ومصالح أمم‪ ،‬باتت ترتدي اللباس الديني والطائفي‬ ‫واملذهبي‪ ،‬تكفر من ال يسير في ركبها‪ ،‬وتسهل الطريق إلى اجلنة‬ ‫الصهيونية ملن يراعي مصاحلها‪.‬‬ ‫لقد قدر عدد املسيحيني في العراق بنحو ‪ 800‬ألف الى مليون من‬ ‫أصل ‪ 26‬مليون نسمة في العراق‪ ،‬لكن أعدادا كثيرة هاجرت منهم منذ‬ ‫عام ‪ ،1991‬بعد العدوان األميركي عليه‪ ،‬حيث نزح في هذه الفترة من‬ ‫شمال العراق إلى سوريا عدد من العائالت املسيحية التي كانت تسكن‬ ‫هناك وأقاموا في مخيمات قبل أن ينتقلوا إلى املدن السورية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫إلى أميركا وكندا‪ ،‬بعدما حصلوا على اللجوء السياسي‪ ،‬وكان نصيب‬ ‫كندا وحدها منهم ‪ 250‬عائلة سافرت دفعة واحدة على منت طائرات‬ ‫مخصصة لهذا الغرض‪ ،‬وما زالوا يعيشون فيها‪ ،‬وازداد نزوح املسيحيني‬ ‫بعد العدوان األميركي األخير‪ ،‬واحتالل العراق‪ ،‬حيث نزح حوالى ‪ 300‬ألف‬ ‫من املسيحيني إلى سوريا واألردن‪ ،‬واخلارج بعدما تعرضوا إلى عمليات‬ ‫اعتداء على محالهم‪ ،‬خاصة احملال التي تبيع اخلمور واأللبسة ودمر منها‬ ‫حوالى ‪ 200‬محل على مرأى من قوات االحتالل‪ ،‬كما جرت عمليات اعتداء‬ ‫على الفتيات اللواتي ال يرتدين احلجاب‪ ،‬وعلى الكنائس في الفترة األخيرة‪،‬‬ ‫وتعرض عدد منها لعمليات القتل ونهب املنازل‪ ،‬والتفجيرات التي طالت‬ ‫ست كنائس في يوم واحد في العراق وأخيرا االعتداء على كنائسهم وهم‬ ‫يصلون‪ ،‬مما أوقع عددا كبيرا من القتلى واجلرحى‪ ،‬وهروب بعض العائالت‬ ‫املسيحية مبالبس النوم على وقع مكبرات صوت تطالبها مبغادرة منازلها‬ ‫خالل ساعات حتى أصبح عدد العائالت الهاربة أكثر من ‪ 1500‬عائلة خالل‬ ‫‪ 84‬ساعة مخلفني التساؤالت عن اجلهة املسؤولة عن األحداث التي أودت‬ ‫بحياة أكثر من ‪ 12‬مسيحيا ً وهدمت ما ال يقل عن ‪ 3‬منازل‪.‬‬ ‫إضافة إلى تعرض العشرات من رجال الدين املسيحيني للخطف‬

‫احتراق إحدى الكنائس في املوصل‬

‫والقتل من قبل مجهولني‪ ،‬وما زالت حادثة خطف القس بولس اسكندر‬ ‫وقتله في املوصل حيث عمد خاطفوه إلى قطع رأسه عن جسده‬ ‫ووضعه في وعاء أمام كنيسة في املدينة تقفز بقوة عند احلديث عن‬ ‫معاناة املسيحيني في العراق‪ ،‬ما عكس أزمة املسيحيني العرب احملاصرين‬ ‫بني مطرقة اجلماعات اإلرهابية واملتطرفني‪ ،‬وسندان حكومات متعصبة‬ ‫تتالعب بورقة التطرف الدينى ملصاحلها‪ ،‬فيما تكرس مفهوم التمييز بني‬ ‫املواطنني على أساس الدين والعرق واملذهب‪.‬‬ ‫وكل هذا يحدث فى ظل ثقافة عنصرية استعالئية ضد اآلخر غير‬ ‫املسلم‪ ،‬وتراث في معظمه مليء بالعنف والكراهية‪ ،‬وتاريخ يتمحور‬ ‫ويصب في خطه األساسى فى مجرى الصراع والقتل والذبح والدموية‪.‬‬ ‫لقد قدمت االعتداءات على الكنائس في العراق الدليل العملي على أن‬ ‫ما يحدث في العراق ال مقاومة وال يحزنون بل هو إرهاب قبيح يعتدي على‬ ‫أبرياء مساملني ونتاج بيئة تفترش التعصب والتطرف وبالتالي العنف‬ ‫املؤدي إلى كوارث تاريخي‪ ،‬واألهم من ذلك كله على فكرة إلغاء اآلخر‪.‬‬ ‫من هنا نحاول أن نلقي ضوءا ً على واقع الهجرة التي أخذت تقلق‬ ‫األوساط االجتماعية والسياسية والثقافية في البلدان العربية‪ ،‬احلريصة‬ ‫على استمرار هذا النموذج احلضاري من أجل مصلحة األمة‪.‬‬

‫املطران صليبا‬ ‫فما هو واقع املسيحيني العراقيني في لبنان بني معاناة الهجرة ومعاناة‬ ‫البقاء‪ ،‬وأسئلة كثيرة أخرى توقفت عندها صفحات “منبر التوحيد” في‬ ‫حوار مع رئيس مطرانية جبل لبنان السريان األرثودكس املطران جورج‬ ‫صليبا‪ ،‬هذا نصه‪:‬‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر عربي‬ ‫ما هو وضع مسيحيي العراق في لبنان وكيف تصفون أزمتهم في‬ ‫العراق؟‬ ‫الوضع في العراق وضع مأساوي منذ الغزو األميركي عام ‪ 2003‬الذي جاء‬ ‫بحجة تبديل النظام وزرع مبادئ حقوق اإلنسان واحلرية والدميوقراطية‪ ،‬ولكن‬ ‫لسوء احلظ فإنه لم يعمل إالّ على استبدال النظام الظالم بحسب تفكيرهم‬ ‫وهجر العائالت وابتزّها‪،‬‬ ‫بنظام أظلم وأكثر ظلمة وظلما ً فانتهك كرامة الناس‪ّ ،‬‬ ‫كما مات كثيرون من األبرياء دون أي سبب يُذكر‪ّ .‬‬ ‫وكل ذلك أل ّن حقدا ً صهيونيا ً‬ ‫جسدته أميركا وبريطانيا في قتل هؤالء األبرياء من املسلمني واملسيحيني دون‬ ‫ّ‬ ‫متييز‪ ،‬ومبا أ ّن املسيحيني أقلية باملقارنة مع املسلمني‪ ،‬فقد ظهر هذا الظلم‬ ‫بشكل أوضح عليهم‪ ،‬خاصة مع ظهور املتطرفني‪ ،‬امللقبني باألصوليني‪ ،‬بيد‬ ‫أنّهم ليسوا أصوليني بل مجرمون وباسم اإلسالم أساؤوا للمسيحيني‪ ،‬فهدموا‬ ‫وتعدوا‬ ‫الكنائس وخطفوا رجال الدين وقتلوا الكثيرين منهم وخطفوا الشباب‬ ‫ّ‬ ‫على كرامات العائالت وحرماتها وشرفها بطرق متنوعة‪ .‬فالوضع في العراق‬ ‫إذا ً وضع أكثر من مأساوي‪ ،‬وبعيد كل البعد عن اإلنسانية‪ ،‬وبعيد أيضا ً عن‬ ‫األديان السماوية وغير السماوية‪ ،‬وبعيد عن حقوق اإلنسان‪ ،‬ونحن املسيحيني‬ ‫مستهدفون أكثر‪ ،‬إن كان من خالل فرض “اخلُ ّوة” والضرائب على املسيحي حتى‬ ‫ينجو بحياته أو بخطف الشباب والصبايا واملسيحيني عام ًة ابتزازا ً وسرقة‬ ‫وبالتالي موتاً‪.‬‬ ‫أما في ما يتع ّلق بوضعهم في لبنان‪ ،‬وبعد ما أتينا على ذكره أعاله‪ ،‬فقد‬ ‫أرغم العراقي املسيحي على مغادرة بلده‪ ،‬ولم يغادر العراقيون ال طمعا ً بأعمال‬ ‫خارج العراق وال طمعا ً باملال وال من أجل الوصول الى أهداف ال يريدونها بل‬ ‫أرغموا فتركوا بلدهم وجاؤوا من بوابة سوريا ودخلوا لبنان‪ .‬وباعتبارهم غرباء لم‬ ‫يحصلواعلى اإلقامة‪ ،‬وال على أية تسهيالت حتى ميكن استمرارهم في لبنان‪،‬‬ ‫لذلك اعتبروا لبنان جسرا ً ومحطة تنقلهم في ما بعد الى أصقاع وعوالم‬ ‫أخرى‪ّ ،‬‬ ‫ومتكنوا في بعض احلاالت من أن يحصل بعضهم على اللجوء السياسي‬ ‫واإلنساني فسافروا الى أميركا وكندا وأستراليا والسويد وغيرها من البلدان‬ ‫األوروبية‪ ،‬ولكن هؤالء هم قلة قليلة من العراقيني النازحني الذين ال يزالون في‬ ‫سوريا والذين ال يزالون في لبنان‪ .‬هذا الواقع هو واقع مرير ولسوء احلظ الدولة‬ ‫اللبنانية ال تُعير لهؤالء الناس النازحني أي أهمية أو اعتبار يُذكر‪ ،‬ال من الناحية‬ ‫اإلنسانية وال من الناحية القانونية للحصول على األقل على إقامة شرعية‬ ‫تخ ّولهم العمل والبقاء في لبنان ولو ملدة مؤقتة‪.‬‬ ‫ـ ما هي اجلهات التي تضمن توافدهم إلى لبنان؟‬ ‫أتصور أن النزوح ال يتم بواسطة جهات خاصة بل بواسطة مزورين ومهربني‪،‬‬ ‫واملسيحيون بذلك يغامرون بحياتهم للخروج من العراق‪ ،‬والدليل أن كثيرين‬ ‫منهم تعرضوا لالبتزاز وانتهاك الكرامات وقبل أسبوع قصدني شخصا ً وشرح‬ ‫لي كيف ّ‬ ‫متكن من اللجوء الى لبنان عبر مهربني من العراق الى سوريا‪ ،‬كما‬ ‫أمنوا لهم الهروب الى لبنان وفي الطريق كان العراقي املغلوب على أمره‬ ‫وهو سرياني‪ ،‬قد س ّلم أمانة ‪ 15‬ألف دوالر كان يحملها من العراق‪ ،‬وهو كل‬ ‫ما جمعه أثناء وجوده هناك‪ ،‬ما ّ‬ ‫مكنه من مغادرة العراق‪ ،‬وعندما وصلوا الى‬ ‫مكان يقع على حدود لبنان وسوريا خ ّيروه بني زوجته واملال فما كان عليه إالّ‬ ‫أن تنازل عن املال ليحافظ على عرضه وشرفه‪ .‬هذا وضع قاس جدا ً وال ميت الى‬ ‫اإلنسانية بصلة وال يقارن حتى بـ”سفر برلك” عندما أتى العثمانيون وقتلوا‬ ‫املسيحيني والسريان واألرمن واليونانيني‪ ،‬لم يفعلوا أكثر من هؤالء اجملرمني في‬ ‫هذه السنوات اخلمس‪.‬‬ ‫ـ ما هي صلة التواصل معهم؟ وأين يتمركزون‪ :‬هل في مناطق مسيحية‬ ‫فقط‪ ،‬أم في مناطق مختلطة؟‬ ‫معظم املسيحيني في مناطق مسيحية وبعضهم اآلخر في مناطق‬ ‫مختلطة‪ ،‬وأظن أن الكثيرين من املسلمني العراقيني يقطنون في املناطق التي‬ ‫يكثر فيها الوجود اإلسالمي‪ ،‬ولكن نحن هنا كمسيحيني وكنيسة لم نتأخر‬ ‫يوما ً في تقدمي املساعدات واإلعانات الى العراقيني وحتديدا ً أعطينا املسيحيني‬ ‫ولكننا لم نبخل على املسلمني‪ ،‬والكثير من النازحني العراقيني يقصدون‬ ‫املطرانية طلبا ً للمساعدة ولم نتأخر للحظة واحدة في تقدميها إليهم بالرغم‬ ‫من أن “العني بصيرة واليد قصيرة”‪ ،‬وكما يقال “إذا أطعمتني أشبعتني الى يوم‪،‬‬ ‫وإذا علمتني صيد السمك أشبعتني الى األبد”‪ ،‬نحن ال نستطيع ال اإلشباع إلى‬ ‫يوم وال إلى األبد‪ ،‬ولكنّنا لم نتأخر يوما ً في تقدمي املساعدة لهم‪.‬‬ ‫نحن نحاول أن نخفف قدر املستطاع‪ ،‬خاصة في ما يتع ّلق بالصحة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪76‬‬

‫املطران جورج صليبا‬

‫واملستشفيات واملدارس واإلعانات العينية واملادية‪ ،‬بالرغم من أنّنا لم نتلق من‬ ‫أية جهة أية مساعدة إالّ ما تك ّرمت به بعض املؤسسات واألشخاص وكنائس‬ ‫أوروبا وأميركا عبر مجلس كنائس شرق األوسط‪ ،‬الذي أعطانا بعضا ً مما أتاه‪،‬‬ ‫ولكن كل ذلك ال يكفي ألسبوع واحد من اإلعانات لهؤالء الالجئني املسيحيني‪،‬‬ ‫فإذا ً لم نلحظ أي اهتمام ال من الدولة وال من األمم املتحدة واملفوضية العليا‬ ‫للالجئني‪ ،‬وال الكنائس ّ‬ ‫تقدم املزيد من املساعدات‪ .‬هذا هو الواقع‬ ‫متكنت من أن ّ‬ ‫املعيشي املرير للمسيحيني العراقيني في لبنان‪.‬‬ ‫ـ ما هي اخليارات التي تق ّدمونها لهم‪ :‬اإلقامة واالستيطان في لبنان‪ ،‬أم‬ ‫االستيطان في أماكن أخرى‪ ،‬أو العودة إلى أرض الوطن؟‬ ‫إنّنا نحاول ونسعى لتسوية وضعهم القانوني في لبنان‪ ،‬ولكن لسوء احلظ‬ ‫يتوجب عليهم في ذلك تقدمي‬ ‫بقي األمر دون جدوى‪ ،‬فإذا ّ‬ ‫قدمنا لهم وظيفة ما‪ّ ،‬‬ ‫تقدر مبليون و‪ 500‬ألف كطابع بريدي ورسوم لألمن العام‪ ،‬من‬ ‫ورقة إذن عمل التي ّ‬ ‫نقدم القليل والقليل جدا ً أل ّن كل هذه األعباء ال يستطيع‬ ‫هنا ال ميكننا إالّ أن ّ‬ ‫األفراد أن يتحملوها‪ ،‬ونحن كـطائفة سريان أرثودكس‪ ،‬أو ّد أن ّ‬ ‫أؤكد على هذا‬ ‫الكالم وأن جميع طالب العراق الذين انضموا وانتسبوا الى مدارسنا‪ ،‬خاصة‬ ‫الى مدرسة “الترقي السريانية” نقبلهم وقبلناهم وسنقبلهم مجانا ً من دون‬ ‫أي مقابل‪ ،‬مبا في ذلك النقل واملواصالت والقرطاسية‪ ،‬والتسجيل والتأمني‪ ،‬ألن‬ ‫هذا واجب علينا ومساهمة وفي الوقت نفسه نحن ملزمون إنسانيا ً ودينيا ً‬ ‫ووطنيا ً بأن نخدم أهلنا‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة لالجئني العراقيني املسلمني‪،‬‬ ‫عممته الكنيسة واملؤسسات التابعة لنا على أمل أن يستفيدوا‬ ‫وهذا توجيه ّ‬ ‫نقدمها لهم‪.‬‬ ‫من تلك اإلمدادات واملساعدات القليلة التي ّ‬ ‫ـ هل هم مهددون في لبنان أيضاً؟‬ ‫ال يتع ّرض العراقي ألي تهديد في لبنان ال من جهة الدين وال من جهة االنتماء‪،‬‬ ‫يهدد‬ ‫وذلك لتمتع لبنان باحلرية والدميوقراطية وال أظن أنّنا سمعنا بأي مخطط ّ‬ ‫العراقي في لبنان‪.‬‬ ‫ـ ملاذا تعطل السلطات اللبنانية حتسني أوضاعهم‪ ،‬بالرغم من األموال‬ ‫واملستحقات التي يدفعونها لها؟‬ ‫يقوم لبنان منذ القدم على سياسة بأن الغريب غير مرتاح باإلقامة فهو‬ ‫مهدد دائما ً من قوى األمن والدرك واجلهات الرسمية وغير الرسمية لتسهيل‬ ‫إقامتهم وتسوية أوضاعهم القانونية‪ ،‬ما يجعلهم قلقني دائما ً أثناء إقامتهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأؤكد أن العراقيني أتوا إلى لبنان ليس بهدف اإلقامة الدائمة بل باعتباره جسرا ً‬ ‫يعبرونه إلى أصقاع وعوالم أخرى‪ ،‬وجتربة ‪ 1975‬و‪ 1976‬هي خير دليل على ذلك‪،‬‬ ‫إذ إن آالف العائالت العراقية الالجئة الى لبنان لم تقم فيه‪.‬‬ ‫ـ هل يتمكنون من الندماج بشكل طبيعي في اجملتمع اللبناني؟ وما هو‬ ‫وضعهم الصحي واملعيشي واالجتماعي والتعليمي؟‬ ‫ال أتصور أنهم يندمجون بشكل طبيعي في اجملتمع اللبناني ألنهم غرباء‬


‫والغريب يتمتّع دائما ً بنقطة نقص وضعف‪ ،‬وهذا ينطبق على كل الالجئني الى‬ ‫لبنان من سوريني وأتراك وأردنيني ومصريني الذين ال ميلكون إقامات شرعية في‬ ‫لبنان‪ ،‬ما يجعل وضعهم قلقاً‪.‬‬ ‫أما في ما يتع ّلق بوضعهم املعيشي واالجتماعي‪ ،‬منهم كما يقولون‬ ‫يخص وضعهم التعليمي‬ ‫“يسكجون” ويحاولون جاهدين التأقلم‪ ،‬أما في ما‬ ‫ّ‬ ‫فهو متردٍّ جدا ً أل ّن املناهج العلمية في لبنان ال تقبل مبناهج التدريس في العراق‪،‬‬ ‫ما يؤ ّدي الى تراجع األطفال في صفوفهم وبالتالي عدم حصولهم على إقامة‬ ‫شرعية ال يتمكنون من التنخراط والتسجيل في املدارس‪.‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة للوضع السكني فهو وضع مزر يشوبه االبتزاز‪ ،‬فترين‬ ‫العراقي يقبع في غرفة ال تتمكن “القطط” من اإلقامة فيها‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬ ‫فإنه يدفع بدل إقامته من ‪ 200‬إلى ‪ 300‬دوالر في الشهر الواحد‪ ،‬وهذا استغالل‬ ‫مفرط والإنساني‪ ،‬املسيحيون واملسلمون في لبنان يستغلون هؤالء العراقيني‬ ‫الالجئني‪.‬‬ ‫ـ هل اللقاء الوطني املسيحي هو خطوة لتثبيت الوجود املسيحي في‬ ‫الشرق أم يقتصر فقط على لبنان؟ وبالتالي ماذا يضمن للمسيحيني؟‬ ‫تعدى مسيحيي لبنان‬ ‫اللقاء الوطني املسيحي وتبعا ً لإلرشاد الرسوليفقد ّ‬ ‫ليشمل مسيحيي الشرق إحيا ًء لتاريخهم ولرسالتهم منذ أن ُوجدوا‪ ،‬لكن مبا‬ ‫أ ّن لبنان هو الرئة واملنفس لألقليات ولكثيرين تركوا بالدهم منذ عقود بعيدة‬ ‫ووطئوا أرضه وأقاموا فيه‪.‬‬ ‫املسيحيون في الشرق يعيشون براحة نسبيا ً في العالم العربي‪ ،‬ففي العراق‬ ‫مثالً وقبل سقوط نظام صدام حسني وأيام العهد امللكي هناك كان املسيحيون‬ ‫يعيشون في بحبوحة وسخاء‪ ،‬وكان لهم مراكز مرموقة في اجليش واألمن العام‬ ‫ومواقف في السلطة وشغلوا مناصب وزارية ونيابية‪ ،‬وكذلك األمر في سوريا‬ ‫واألردن ومصر‪ ،‬حيث إ ّن األقباط يشكلون عددا ً كبيرا ً لم تكن أوضاعهم كأوضاع‬ ‫املسيحيني في سوريا ولبنان واألردن والعراق‪ ،‬فوضع املسيحيني في لبنان ج ّيد‬ ‫وال يزال اليوم الوضع املسيحي في البالد املذكورة جيدا ً ما عدا العراق الذي ال‬ ‫مجال ملقارنته مع بالد املاوماو وغابات أفريقيا وبالد األمازون‪ ،‬فالعراق أصعب بلد‬ ‫في العالم اليوم حيث املسلم يعاني كثيرا ً واملسيحي يعاني أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫ـ ما هو موقف القيادات املسيحية مما يحصل اليوم؟‬ ‫ككنيسة ورجال دين ندعو دائما ً الى وحدة الصف والعيش املشترك مع‬ ‫شركائنا وإخوتنا املسلمني ألنّنا نسيج متكامل في بلد واحد وذوو مواطنية‬ ‫واحدة‪ ،‬وكثيرون من السياسيني وككلمة حق هم مخلصون وينادون أيضا َ‬ ‫بالعيش املشترك‪ ،‬ونحن ال ننكر أن املسلمني أيضا ً عانوا ولكن نحن نعاني من‬ ‫مشكلة كبيرة اليوم وهي التناقص املستمر في أعداد مسيحيي الشرق الذين‬ ‫يشعرون دائما ً بالغنب والتهميش‪ ،‬ما يجعلهم يلجأون دائما ً الى الهجرة والرحيل‬ ‫باجتاه أصقاع وبلدان أخرى عبر جنسيات أوروبية وأميركية‪ ،‬حتى إذا ما وقعت‬ ‫الواقعة يكون لهم اجملال لقصد تلك البالد‪ .‬وفي هذا األمر عالمة تشاؤمية‪،‬‬ ‫لذلك نحاول أن جنعل املسيحيني يشعرون بأن هذا البلد هو موطنهم وليسوا‬ ‫ضيوفا ً وال دخالء حلوا عليه لفترة قصيرة‪ ،‬لذا علينا أن ندعهم يشعرون باألمان‬ ‫أثناء إقامتهم وهذا ما نعجز عنه‪.‬‬ ‫ـ ما هو مصدر اخلطر احملدق مبسيحيي العراق؟ وعلى أي أساس يُص ّنف‬ ‫اليوم املسيحيون؟‬ ‫إن مصدر اخلطر احملدق مبسيحيي العراق هو التناقص املستمر في أعدادهم‬ ‫بالرغم من أنّهم السكان األصليون في العراق كما في لبنان وسوريا وفي‬ ‫متت‬ ‫املنطقة العربية أجمع‪ ،‬ولكن هذه اجلماعات املتطرفة األصولية التي ال ّ‬ ‫الى الدين بصلة اتخذت اإلسالم شعارا ً الضطهاد املسيحيني وطبعا ً هذا غير‬ ‫موجود أل ّن هذه األشياء ال يقبلها ال الدين وال املنطق وال اإلسالم‪ ،‬ولتغطية‬ ‫جرائمهم الالإنسانية باإلسالم ونحن نعلم أ ّن ّ‬ ‫كل املسلمني خاصة الذين‬ ‫كاف ال يقبلون بهذا التصرف الشائن‪ ،‬ولكن هم مغلوبون على‬ ‫يتمتّعون بوعي ٍ‬ ‫أمرهم والدولة العراقية عاجزة عن تقدمي املساعدة وإيقاف هؤالء املتطرفني‪،‬‬ ‫ألنّهم أيضا ً يطالون الدولة ويغتالون املسؤولني‪ .‬وكون املسيحيني هم األقلية‬ ‫فقد استُهدفوا وكانوا يدفعون الثمن أكثر من املسلمني‪ ،‬وإن لم يكن بالكم‬ ‫فقد كان بالنوعية‪ ،‬لذلك فهجرة املسيحيني تترك فراغا ً كبيرا ً أكثر من هجرة‬ ‫املسلمني‪ :‬ففي العراق هناك ما يقارب املليون مسلم مقابل مليون مسيحي‬ ‫فأي عضو يسقط من املسيحيني يترك فراغا ً كبيرا ً مكانه‪.‬‬ ‫ـ من املعروف أن اجلماعات اإلسالمية املتطرفة في العراق هي من صنع‬

‫أعداد مسيحيي العرب‬ ‫تصل أعداد المسيحيين العرب اليوم إلى ما بين ‪ 10‬ماليين و‪ 15‬مليون مسيحي‬ ‫عربي ّ‬ ‫موزعين على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫الدولة‬ ‫السودان ومصر‬ ‫العراق‬ ‫األردن‬ ‫سوريا‬ ‫لبنان‬ ‫فلسطين‬ ‫اسرائيل‬

‫العدد‬ ‫‪ 7‬إلى ‪ 21‬مليون‬ ‫‪600.000 - 500.000‬‬ ‫‪165.000 -140.000‬‬ ‫‪900.000 -750.000‬‬ ‫‪ 1.3‬مليون‪ 1.5 -‬مليون‬ ‫‪50.000‬‬ ‫‪130.000‬‬

‫أما الذين هاجروا من المسيحيين العرب فتق ّدر أعدادهم اليوم بحوالي األربعة ماليين‪،‬‬ ‫أي ما يقارب الربع من مجمل أعداد المسيحيين العرب في الوطن العربي‪.‬‬

‫املشروع الصهيو ـ أميركي وأن الصهيونية هي التي وراء عملية التهجير‬ ‫ّ‬ ‫مخططاتها بعدما فشلت‬ ‫ملسيحيي العراق‪ ،‬ألنهم شكلوا عقبة أمام‬ ‫عملية تطويعهم‪ ،‬كما أنّها وراء محاولة إثارة الفنت واالنقسامات في العراق‬ ‫واإلساءة لسمعة العرب واملسلمني‪ ،‬فإذا كان القصد في اخملطط تهجير‬ ‫مسيحيي الشرق‪ ،‬ما هي نتيجة هذا اخملطط؟ أين سيكمن املسيحيون‬ ‫اليوم؟ وما هو خالصهم؟‬ ‫لقد خُ لق صراع جديد في املنطقة لم يكن معلنا ً من قبل‪ ،‬ولكن اليوم من‬ ‫خلقوا هذا الصراع السني ـ الشيعي قصدوا به متهيدا ً خملطط كبير تخطط له‬ ‫الصهيونية‪ ،‬ولسوء احلظ من يسمونه حكاما ً مسيحيني في أميركا والعالم‬ ‫الغربي هم أداة في يد الصهيونية وفي حتقيق وتنفيذ هذه املطامع واألهداف‬ ‫الوسخة واملشينة التي ستقع وحتتل املنطقة‪ ،‬من هنا سيبقى مسيحيو‬ ‫العراق مهددين بأرضهم وشرفهم ومالهم ما يضطرهم دائما ً الى الهروب‬ ‫يتم إالّ بانتهاء األوضاع األمنية املشينة‬ ‫والهجرة‪ .‬من هنا فإ ّن خالصهم لن ولم ّ‬ ‫التي تضرب املنطقة عامة والعراق خاصة‪ ،‬وإالّ ال مجال الستمرار املسيحيني‬ ‫في العراق‪.‬‬ ‫ـ أين يكمن دور الكنيسة في هذه القضية؟ وما هي اخلطوات التي تقوم‬ ‫بها للحد من هجرة واضطهاد مسيحيي العراق‪ ،‬وبالتالي مسيحيي‬ ‫الشرق؟ وما هو دور املصاحلات في تثبيت دور وتاريخ املسيحيني في الشرق؟‬ ‫الكنيسة في الشرق األوسط تقوم بكل ما أوتيت من جهود واتصاالت على‬ ‫كل الصعد أو عبر مؤسسات عاملية تتعاون مع الدول واحلكومات للمساعدة‪،‬‬ ‫ولكن الى أين سيصل صوتها وما هو تأثيره على احلكام في العالم الغربي من‬ ‫الصهيونية التي هدفها األول واألخير هو حتطيم املسيحيني والقضاء عليهم‬ ‫ثم حتطيم اإلسالم‪ .‬فالشر القادم من الصهيونية هو على املسيحيني في‬ ‫ومن ّ‬ ‫ثم سيشمل املسلمني‪ ،‬وفي النهاية سيكون اجلميع ضحية‬ ‫الدرجة األولى ومن ّ‬ ‫هذه اخملططات‪.‬‬ ‫بد من التفاهم املسيحي ‪ -‬املسيحي واملسيحي ‪-‬‬ ‫وإلفشال هذه اخملططات ال ّ‬ ‫اإلسالمي للتخفيف من عواقب هذه اخملططات التي تعترض مسيحيي الشرق‬ ‫بالدرجة األولى‪.‬‬ ‫ـ هل سيادتكم مع فصل الدين عن الدولة؟ وماذا بعد هذا الفصل؟‬ ‫نعم‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬فاملسيحية وإلهنا ومؤسس الديانة املسيحية يسوع املسيح‬ ‫(علص) يقول‪“ :‬أعطوا ما للقيصر لقيصر واعطوا ما هلل هلل” وعندما كانت‬ ‫الكنيسة حتكم كانت ظروف املسيحيني أسوأ مما هي عليه اليوم‪ ،‬وخاصة‬ ‫في العصور الوسطى وفي عصور حكم الباباوية واملعروفة بالعصور املظلمة‬ ‫عندما كانت املسيحية تحُ كم برجال الدين‪ ،‬ولكن بعد مجيء الثورة الفرنسية‬ ‫عام ‪ُ 1789‬حرِّرت املسيحية من هذا التقهقر والتراجع والتس ّيب واخلرافات‬ ‫واخلزعبالت التي مألت بها الكنيسة عقول الناس التي كانت تخضع للكنيسة‬ ‫برجاالتها وحكامها‪ ،‬لذلك نحن مع مبدأ فصل الدين عن الدولة ولكن طبعا ً‬ ‫على أن يكون هناك اعتبارات وكرامات متبادلة بني االثنني وهذا ما جنده بالفعل‬ ‫في لبنان‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬ليديا ابو درغم‬

‫‪77‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫حوار‬

‫العالم أمام طور عالقات دولية جديدة‬

‫د‪ .‬جورج حجار لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫األحادية القطبية إلى نهاية‬ ‫ترك زلزال وول ستريت تساؤالت كثيرة لدى املهتمني في‬ ‫السياسة العاملية‪ .‬فاالقتصاد القوي أحد مقومات الدول العظمى‬ ‫وركائزها األساسية‪ ،‬فمن دون اقتصاد قوي ال جيش قوي وبالتالي ال‬ ‫مكانة سياسة مرموقة‪.‬‬ ‫يقف احملللون اليوم يترقبون تهاوي امبراطورية العالم‪،‬‬ ‫فاعتقادهم أن انهيار االقتصاد سيقصم ظهر الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫التي ستعيد النظر في كل سياساتها جتاه العالم ككل‪ ،‬بعدما‬ ‫فشلت احلروب االستباقية في تأمني املصالح وتزويد االقتصاد‬ ‫مبوارد جديدة تشحنه بالقوة‪.‬‬

‫عالقات دولية جديدة‬ ‫ـ توقعت في مقابلة سابقة إلى “منبر‬ ‫التوحيد” انهيار االقتصاد األميركي‪ ،‬ماذا تتوقع‬ ‫بعد هذا االنهيار؟‬ ‫نحن في طور عالقات دولية جديدة‪ ،‬وهناك‬ ‫نظريات متعددة حول هذا املوضوع‪ .‬فالبعض يقول‬ ‫إن األحادية القطبية انتهت إلى غير رجعة‪ ،‬وإننا‬ ‫دخلنا عصر الالقطبية‪ ،‬والبعض اآلخر يرى أننا دخلنا‬ ‫عصر التعددية القطبية والبعض يتوقع االستمرار‬ ‫في املفهوم القائم أي األحادية القطبية‪ .‬وأنا من‬ ‫القالئل في العالم العربي الذين قالوا إن األحادية‬ ‫القطبية ستنتهي‪.‬‬ ‫ـ وماذا عن رأيك؟‬ ‫بنظري سيكون هناك القطبية‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن الدول التي يحكى عنها اآلن‬ ‫كالصني؟‬ ‫االقتصاد الصيني يعتمد على االستهالك‬ ‫األميركي‪ ،‬وبالتالي إذا حصل انهيار في أميركا تنهار‪،‬‬ ‫ففي يد الصني سندات احلكومة األميركية‪ .‬أميركا‬ ‫كدولة كبرى أو عظمى ستستمر لكن أميركا‬ ‫الالتينية ستظهر كنموذج جديد‪ .‬املتأخرون هم‬ ‫فقط العرب بالرغم من أنهم بدأوا ينوعون مصادر‬ ‫العالقات‪ .‬فإذا أخذنا السعودية منوذجاً‪ ،‬تتعامل‬ ‫مع الصني‪ ،‬الروس والشرق األقصى‪ ،‬أي انها تنوع‬ ‫عالقاتها لكن ضمن احللقة األميركية‪ .‬هناك رباط ال‬ ‫ينفصم بني أميركا والسعودية‪ .‬قناعتي الشخصية‬ ‫ما لم يسقط النظام السعودي ال مستقبل لألمة‬ ‫العربية‪ ،‬وحركة التحرر في الوطن العربي عليها أن‬ ‫حتارب السعودية وأنصارها‪ .‬املفروض أن نفهم أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يترقب العالم أجمع اليوم انهيار الواليات املتحدة‪ ،‬ويتساءل‬ ‫عما بعد هذا االنهيار؟ وماذا عن السياسة الدولية ودور أميركا‬ ‫فيها؟ من لبنان إلى سوريا العراق وإيران‪ ...‬وإسرائيل‪ .‬فاالالعب‬ ‫األساسي على املسرح العاملي سيتغيب اضطرارياً فماذا‬ ‫يبقى من هذه اللعبة‪ .‬وإذا كانت أميركا جورج بوش أنهكت‬ ‫العالم بواليتني من حكمه‪ ،‬فماذا عن أميركا في ظل رئيس‬ ‫جديد؟‬ ‫لإلجابة عن هذه التساؤالت التقت “منبر التوحيد” اخلبير‬ ‫في الشؤون األميركية الدكتور جورج حجار فكان هذا احلوار‪.‬‬

‫اململكة السعودية تقف ضد قيام األمة العربية‬ ‫والسوق العربية املشتركة‪ ،‬وبدون سوق عربية‬ ‫مشتركة وفي ظل العالقة السعودية األميركية‬ ‫اإلسرائيلية ال مستقبل لهذه االمة وبالتالي من‬ ‫الضروري إسقاط هذا الثالوث‪.‬‬

‫هل ستجرؤ أميركا؟‬ ‫ـ هل من حرب أميركية استباقية على إيران؟‬ ‫طرح علي هذا السؤال أكثر من مرة وأنا أثناء‬ ‫عملي على دراسة بهذا الشأن تبني لي أن إيران‬ ‫متتلك عشر قنابل نووية اشتراها رفسنجاني من‬ ‫كازاخستان عام ‪ ،2002‬مما يجعلني متؤكدا ً من أن‬ ‫الواليات املتحدة لن جترؤ على قتل ذبابة في أجواء‬ ‫إيران‪ .‬املشكلة املطروحة اليوم هي “التخصيب”‪،‬‬ ‫كون إيران بلدا إسالميا ينتج قنبلة نووية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ال توافق عليه اسرائيل وهي احملرض االول لالميركيني‬ ‫الذين كانوا مهتمني بتوسيع االمبراطورية‬ ‫االميركية‪ ،‬فهم عندما احتلوا بغداد كانوا يتوقعون‬ ‫السقوط االوتوماتيكي لدمشق وبالتالي لبنان‬ ‫يصبح ساحة مفتوحة لهم‬ ‫فيكونون قادرين عبر رفسنجاني املتوقعني‬ ‫انتصاره في الـ‪ 2005‬ان يأخذوا ايران سلما ً أو حرباً‪،‬‬ ‫هذا كان اخملطط‪.‬‬ ‫في ذاك الوقت دراستي بينت أن رفسنجاني‬ ‫سيهزم‪ ،‬فكان الرهان على الريجاني كونه الشخصية‬ ‫األساس وليس جناد‪ .‬فنجاد في ذاك الوقت كان رئيس‬ ‫بلدية طهران فلم يحسب له احلساب الكافي في‬ ‫االنتخابات‪.‬‬ ‫إيران اليوم ال تلعب اللعبة الشقيرية‪ ،‬الشقيري‬

‫‪78‬‬

‫الذي كان يهدد وال ميلك شيئاً‪ ،‬فإيران ذات أنياب نووية‪.‬‬ ‫السؤال اليوم هل الـ‪ 27‬أميركيا ً الذين ال يزالون في‬ ‫احلكم من أصل ‪ 67‬كانوا في احلكم مع الرئيس‬ ‫السابق جورج بوش‪ ،‬هل سيجرؤون على توريط أوباما‬ ‫في إيران‪ ،‬وما أهمية هذا التوريط؟ فهناك أخبار‬ ‫تقول إن ما بعد نوفمبر ‪ 5‬أي بعد االنتخابات بيوم‬ ‫واحد وحتى ‪ 20‬كانون الثاني ‪ 2009‬سيكون هناك‬ ‫توجه لضرب ايران‪.‬‬ ‫ـ ما موقف أوباما من هذا املوضوع؟‬ ‫أوباما يقول إنه على االستعداد لالنطالق من‬ ‫بايكرهاملتون أي التشاور واإلعداد والتفاهم مع‬ ‫ايران وسوريا‪ .‬وبالتالي من املتوقع أن يكون على‬ ‫الصعيد العربي والشرق األوسط أكثر انفتاحا ً على‬ ‫القضية السورية االيرانية‪.‬‬ ‫هناك خمس كتائب في أميركا‪ ،‬اقتصادية‬ ‫وتكنولوجية واجتماعية‪ ،‬إعالمية‪ ،‬ونفطية‪ ،‬هذه‬ ‫اخلمس كتائب هي صاحبة القرار ال أوباما وال غيره‪.‬‬ ‫وإذا خرج أوباما عن قرار اجملمع الصناعي العسكري‬ ‫االميركي‪ ،‬فسيكون رأسماله رصاصة كما كينيدي‪.‬‬ ‫ـ أي سنشهد تطورا ً ايجابيا ً في العالقات‬ ‫األميركية مع سوريا وايران؟‬ ‫هنالك احتمال ان يعود السفير االميركي الى‬ ‫دمشق‪ .‬اما على صعيد ايران فسيكون هناك تدرج‬ ‫في اعادة العالقة مع االميركيني‪ .‬اآلن ٌفتح مكتب‬ ‫دراسات عليا في طهران منذ فترة قليلة وسيفتح‬ ‫مركزين آخرين ليح ّولوا تدريجيا ً الى شيء آخر لرمبا‬ ‫سفارة‪ ،‬اجلميع يعلم ان االيرانيني في السابق صادروا‬ ‫السفارة االميركية وأعطوها للفلسطينيني‪.‬‬ ‫ـ ما تأثير تداعيات هذه االزمة على الوضع في‬ ‫العراق؟‬


‫أميركا لن تنسحب من العراق قبل نضوب‬ ‫النفط اال بقوة السالح‪ .‬هناك ‪ 14‬قاعدة عسكرية‬ ‫محيطة باملدن الكبرى الـ‪ 14‬كل قاعدة تتسع لـ‪60‬‬ ‫الف عسكري مع عوائلهم‪ .‬هناك خوف في اميركا‬ ‫بصدد االتفاقية اواملعاهدة االمنية‪ ،‬املسألة العراقية‬ ‫عادت الى خطورتها فاحلكم القائم على احملاصصة‬ ‫الطائفية واملذهبية في العراق يتقدم‪.‬‬ ‫االئتالف الشيعي في العراق يتساءل عن هذه‬ ‫االتفاقية مع اميركا‪ ،‬ويعلنون رفضهم لها‪،‬‬ ‫ألن االميركيني لم يعطوهم مشروع الفدرالية‬ ‫إلقامة فدرالية شيعية في اجلنوب‪ ،‬اميركا ليس‬ ‫في مصلحتها وال تستطيع ان تعطي فدرالية‬ ‫شيعية في اجلنوب على احلدود السعودية‪ ،‬فهناك‬ ‫مصالح الوهابية‪ ،‬االميركيني يبيعون شيعة الشرق‬ ‫تكرميا ً للوهابيني‪ ،‬كما باعوا مسيحيي الشرق في‬ ‫الستينيات ببرميل نفط‪.‬‬

‫الوضع في لبنان مستقر‬ ‫ـ ماذا عن الشرق األوسط اجلديد واملغامرات‬ ‫االميركية بشأنه في لبنان؟‬ ‫بالنسبة لالستراتيجيني االميركيني لبنان حسم‬ ‫أمره في ‪ 7‬أيار ‪ ،2008‬وسيظل مستقرا ً وقد مييل الى‬ ‫قدوم املعارضة إلى السلطة للحكم‪ .‬االميركيون‬ ‫قتلوا رفيق احلريري للمتاجرة بدمه وأخذ لبنان‬ ‫كقاعدة انطالق إلسقاط النظام السوري‪ .‬أحد‬ ‫أسباب مقتل رفيق احلريري انه استنفد وأنه رفض‬ ‫أن يعطي أو ال يستطيع إعطاء قواعد عسكرية‪،‬‬ ‫ليس فقط في الرياق بل بني انطلياس وطرابلس‪،‬‬ ‫فاالميركيون كانوا قد أعطوا ماال ً لشباب وشابات‬ ‫لبنانيني اشتروا أراضي إلقامة قاعدة عسكرية‬ ‫للجيش االميركي وكازينو‪ ،‬بحيث بحيث يغطي‬ ‫الكازينو على القاعدة العسكرية‪ .‬رفيق احلريري قال‬ ‫لهم “ال أستطيع”‪ ،‬أميركا كانت ترى جدوى وأهمية‬ ‫في هذا املشروع ليس حرصا ً على لبنان وسوريا‪،‬‬ ‫بل حرصا ً على خط النفط التبليسي في تركيا‪،‬‬ ‫املشكلة في لبنان أن الناس ال تربط احلدث إال في‬ ‫إطاره اللبناني‪.‬‬ ‫ـ هل ستتقبل أميركا قدوم املعارضة الى‬ ‫احلكم؟‬ ‫ال فرق بالنسبة لالميركيني بني سعد احلريري‪،‬‬ ‫أو جنيب ميقاتي أو عمر كرامي‪ ،‬فأميركا تراهم في‬ ‫نفس الطبقة القائمة‪ ،‬هناك اختالف في الوجود‬ ‫امنا هي نفس القاعدة العنصرية املذهبية‪ ...‬لم يعد‬ ‫يهمهم االمر‪ .‬آل احلريري والسعوديون لم يعودوا‬ ‫القوة املهيمنة احملددة‪ .‬أصبح هناك نوع من انبعاث‬ ‫البيوتات السنية في البلد مع انتعاش املعارضة‪.‬‬ ‫ـ ما تأثير هذه التداعيات على العدو‬ ‫االسرائيلي؟‬ ‫اذا ربح باراك أوباما فسنعود الى عصر السياسة‬ ‫الدميوقراطية في املنطقة‪ ،‬التي ترى أن اسرائيل‬ ‫كيان مقدس‪ ،‬أو رأس يعمل في العمليات منذ ‪20‬‬ ‫أو ‪ 30‬سنة‪.‬‬

‫أميركا املتهاوية والرئيس اجلديد‬ ‫ـ اذا كان اجلمهوريون أخذوا أميركا الى الهاوية‪،‬‬ ‫كيف ميكن أن تكون اميركا في ظل حكم‬ ‫الدميوقراطيني اذا فاز باراك اوباما؟‬ ‫الدميوقراطيون في اول سنة سيتابعون في‬ ‫السياسة العامة كأي ادارة وفي احلد االدنى يتبنون‬ ‫بايكر هاملتون‪ ،‬أي ان اوباما الرئيس يحتاج وبسرعة‬ ‫قصوى لتثبيت وجوده ووجود حزبه ألن هناك نقدا‬ ‫كبيرا للحزب‪ ،‬فالشعب االميركي يسألهم‪ ،‬عام‬ ‫‪ 2006‬ماذا فعلتم؟ لم تنسحبوا من العراق ولم‬ ‫تضعوا جدوال زمنيا‪..‬؟‬ ‫ـ على ماذا سيركز الرئيس االميركي اجلديد في‬ ‫ادارته للواليات املتحدة؟‬ ‫الرئيس اجلديد سيركز على متانة االقتصاد‬ ‫االميركي في محاولة الستعادة القوة االقتصادية‬ ‫االميركية وترميم دولة الرفاه االجتماعي‪ ،‬النها‬ ‫تعني شعبه وعرقه وفقراءه‪ ..‬ففي نهاية هذا العام‬

‫تعادل قوى‪ .‬موازين القوى مختلة ملصلحة أثرياء‬ ‫أميركا‪ ،‬ففي أميركا أثرياء كثر‪ ،‬أوباما سيحاول بناء‬ ‫االقتصاد االميركي‪ ،‬ولهذا رئيس البنك الفدرالي‬ ‫يقول ان الـ‪ 700‬مليار دوالر لن تفيد كثيراً‪ ،‬فاالقتصاد‬ ‫االميركي حجمه ‪ 14‬تريليون دوالر والدين القومي ‪11‬‬ ‫تريليون دوالر‪.‬‬ ‫ـ البعض يقول ان هذه االزمة مفتعلة الستعادة‬ ‫اموال جناها البعض وال سيما العرب من االرباح‬ ‫النفطية؟‬ ‫ستيغلتس توقع ما يحدث في كتاب اسمه‬ ‫“حرب الـ‪ 3‬تريليونات”‪ ،‬جانب منه يتحدث عن النفط‬ ‫وحتول النظام االقتصادي املفلس الى االقتصاد وما‬ ‫سيليه‪ .‬أميركا قامت بحرب في الـ‪ 2003‬وكان‬ ‫سعر برميل النفط بني ‪ 25‬و‪ 28‬دوالرا للبرميل‪ .‬هدف‬ ‫احلرب كان إسقاط النفط إلى ‪ 9‬أو ‪ 12‬دوالرا ألنه‬ ‫بدون النفط الرخيص ال يستقيم االقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫في متوز الفائت وصل سعر برميل النفط الى ‪150‬‬ ‫دوالرا‪ ،‬فيما اليوم ينخفض باستمرار والتخطيط‬ ‫السعودي االميركي ان يكون بني ‪ 40‬و‪ 50‬دوالرا‪ ،‬من‬

‫أميركا ال جترؤ على قتل ذبابة في‬ ‫أجواء إيران‪ ،‬فإيران ذات أنياب نووية‬ ‫أميركا لن تنسحب من العراق قبل‬ ‫نضوب النفط إال بقوة السالح‬ ‫بالنسبة لالستراتيجيني‬ ‫األميركيني لبنان حسم أمره‬ ‫في ‪ 7‬أيار ‪2008‬‬ ‫سيصبح عدد العاطلني عن العمل في العالم ‪220‬‬ ‫مليون شخص‪ ،‬ونسبة البطالة ستتجاوز ‪ %20‬في‬ ‫املستقبل‪ ،‬فيما أميركا لم تعلن خالل السنوات‬ ‫املاضية عن نسب تتجاوز الـ‪ 6‬او الـ‪ .%7‬مدير البنك‬ ‫الفدرالي صرح ان اميركا حتتاج الى ‪ 4‬او ‪ 5‬سنوات‬ ‫ّ‬ ‫السكة‬ ‫لتتمكن من استعادة انفاسها والعودة الى‬ ‫الصحيحة‪ .‬ظنت االدارة االميركية انها بفرض‬ ‫الضرائب على الشعب ورفع الضرائب والقيود عن‬ ‫رجال االعمال سيستثمرون هؤالء في املشاريع‬ ‫التنموية وبالتالي تكثر فرص العمل ولكن حصل‬ ‫العكس‪.‬‬ ‫يجب عليه اعادة ترميم االقتصاد العادة ترميم‬ ‫الطبقة الوسطى في اميركا التي مت الغاؤها‪،‬‬ ‫فاالقتصاد االميركي يقوم على رفع القيود‬ ‫‪ ، deregulation‬خصخصة ‪ ، privatization‬الدروانية‬ ‫االجتماعية ‪ ،Darwinism social‬اي خفض أو إلغاء‬ ‫الضمان االجتماعي‪ .‬الن أي نظام ليبرالي برجوازي ال‬ ‫يعتمد على الطبقة الوسطى ال يستطيع ان يبني‬

‫‪79‬‬

‫يظن أن أميركا قامت بهذه احلرب لتستعيد كل هذه‬ ‫املليارات التي جنتها من ارتفاع اسعار النفط‪ .‬كل‬ ‫سبائك الذهب من احلرب العاملية االولى ذهبت الى‬ ‫أميركا‪.‬‬ ‫في ‪ 15‬آب ‪ 1971‬كان سعر أونصة الذهب ‪36‬‬ ‫دوالرا ووصلت منذ شهرين او ثالثة الى الف دوالر‪،‬‬ ‫عادت اليوم الى الـ‪ .700‬هذا املعدن يحمي اميركا‪،‬‬ ‫فسبائك الذهب كلها هناك ومن ه ّرب الذهب من‬ ‫اوروبا لم يسترجعه‪ ،‬وبالتالي قناعتي ان االقتصاد‬ ‫االميركي في افضل احلاالت يبقى اقتصادا قاريا‪.‬‬ ‫الرهن العقاري جزء من عملية وظاهرة سياسية‬ ‫تاريخية اقتصادية‪ ،‬القيمة الدفترية للرهن العقاري‬ ‫كان ‪ 62‬مليار دوالر‪ ،‬في ‪ 8‬متوز كانت القيمة الفعلية‬ ‫‪ 8‬مليارات دوالر‪ ،‬بعد ذلك بأسبوعني خسروا ‪25‬‬ ‫تريليون دوالر في يوم واحد في االسواق‪ ،‬الرهن‬ ‫العقاري أثر على االقتصاد احمللي كثيرا‪.‬‬

‫حوار‪ :‬وعد أبو ذياب‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر عربي‬

‫الشعب العراقي يرفض توقيع أي تفاهم ولو بمجرد ورقة بيضاء‬

‫االتفاقية األمنية األميركية ـ العراقية‬ ‫صراع بين العبودية والحرية‬ ‫البيان الصادر في آب عام ‪ 2007‬الذي أيده الرئيس‬ ‫األميركي جورج بوش‪ ،‬أكد أن احلكومتني العراقية‬ ‫واألميركية ملتزمتان بتطوير عالقة تعاون وصداقة‬ ‫طويلة األمد بني بلدين كاملي السيادة واالستقالل‪،‬‬ ‫ولهما مصالح مشتركة‪ ،‬وهذه العبارات مزدوجة‬ ‫في املعاني‪ ،‬فاالتفاق األميركي ـ العراقي يفتقد إلى‬ ‫التوازن‪ ،‬فهناك قوة عسكرية أميركية حتتل العراق‬ ‫وتريد استمرار وجودها العسكري وفرض شروطها‬ ‫على هذا البلد‪.‬‬ ‫وحتاول اإلدارة األميركية مترير االتفاقية بخطى‬ ‫متسارعة قبل نهاية والية بوش‪ ،‬لتكون تعويضا ً‬ ‫سياسيا ً لإلخفاقات التي منيت بها السياسية‬ ‫اخلارجية األميركية‪.‬‬

‫االتفاق األمني مؤجل‬ ‫احلرية قيمة مجتمعية روحية‪ ،‬إذا تخلى عنها‬ ‫اإلنسان فقد ميزته اإلنسانية‪ ،‬وال ميكن للحرية أن تقبل‬ ‫التجزئة‪ ،‬فإما أن تكون حرية وإال فنقيضها العبودية‪،‬‬ ‫وما يجري في العراق ال ميكن وصفه إال بكونه صراعا ً‬ ‫ضاريا ً بني العبودية واحلرية‪ ،‬واملفارقة أن الكثير‪ ،‬وبسبب‬ ‫أنانيتهم ومصاحلهم الذاتية والفئوية الصغيرة‪،‬‬ ‫يقبلون التمرغ في العبودية باسم احلرية والتحرر‪ ،‬بل‬ ‫إنهم يستغلون احلرية للدفاع عن عبوديتهم‪.‬‬ ‫في العراق تدور معركة شرسة بني الغزاة‬ ‫االستعماريني احملتلني وركائزهم احمللية من جانب‪،‬‬ ‫واألحرار وطالب التحرر من جانب آخر‪ ،‬وأما املوضوع واحملور‬ ‫الرئيسي في هذا الصراع فهو االتفاقية األمنية طويلة‬ ‫األمد املزمع توقيعها بني اجلانبني‪ ،‬والغزاة يحاولون‬ ‫حتقيق ما فشلوا وعجزوا عن حتقيقه بالقوة العسكرية‪،‬‬ ‫بانتصار سياسي وأدوات محلية مشبوهة‪.‬‬ ‫كتلة االئتالف العراقي املوحد البرملانية (وهي أكبر‬ ‫الكتل) أعلنت رفضها لالتفاقية األمنية املطروحة‬ ‫على بساط البحث بني واشنطن وبغداد‪ ،‬وهذا الرفض‬ ‫يحمل صدمة لألميركيني وألولئك الذين يراهنون على‬ ‫إيجاد األرضية‪ ،‬إلبرام هذه االتفاقية‪.‬‬ ‫واحلقيقة أن رفض أغلبية النواب العراقيني لالتفاقية‪،‬‬ ‫هو موقف يعكس رؤية الشعب العراقي‪ ،‬وهذه الرؤية‬ ‫جتسدت في التظاهرات املناهضة لالتفاقية ولالحتالل‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫وصحيفة كريشتسن ساينس مونتر األميركية‬ ‫قالت‪ :‬إن رئيس الوزراء العراقي يريد حتقيق نصرين‪،‬‬ ‫أولهما على املستوى الوطني‪ ،‬والثاني على مستوى‬ ‫العالقة بواشنطن‪ ،‬وهو األمر الذي يواجه صعوبات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املالكي‪ :‬لن نو ّقع رغما ً عنّا‬

‫مقتدى الصدر‪ :‬رفض اإلتفاقية‬

‫جمة‪ ،‬وخصوصا ً أن الصدريني يرفضون التوقيع على أي‬ ‫تفاهم أو اتفاق وحتى لو كان مجرد ورقة بيضاء‪.‬‬ ‫أما وزير اخلارجية العراقي هوشيار زيباري فيرى‬ ‫ضرورة أن تكون للقوات األميركية خطة لالنسحاب‬ ‫من العراق‪ ،‬وهذه مسؤولية اإلدارة األميركية اجلديدة‪،‬‬ ‫ومن الصعب التوقيع على االتفاقية قبل االنتخابات‬ ‫الرئاسية األميركية‪ ،‬وال بد من اتخاذ قرار سياسي قبل‬ ‫نهاية هذا العام‪ ،‬ألن والية القوات املتعددة ستنتهي‬ ‫في ‪.2008/12/31‬‬ ‫أما نائب وزيرة اخلارجية األميركية جون نيغروبونتي‬ ‫الذي زار العراق أخيرا ً فيقول‪“ :‬إن العراق يريد سلطة‬ ‫محاكمة جنود أميركيني إذا ارتكبوا جرائم‪ ،‬وفي‬ ‫دول أخرى تتمركز فيها قوات أميركية عادة ما تضع‬ ‫اتفاقيات يطلق عليها “اتفاقيات وضع القوات” هؤالء‬ ‫اجلنود حتت وطأة القانون العسكري األميركي ال حتت‬ ‫وطأة قانون الدولة املضيفة‪ ،‬وأي مواعيد بخصوص‬ ‫االنسحاب في االتفاق ستكون شائكة سياسيا ً أيضا ً‬ ‫في الواليات املتحدة”‪.‬‬

‫قضية رئيسية تتمثل في الوجود العسكري األميركي‬ ‫في العراق‪ ،‬وكذلك األبعاد الزمنية لذلك الوجود‪.‬‬ ‫ولكن مجموعة من العوامل قادت أخيرا ً إلى تعميق‬ ‫االعتقاد بأن رغبة غالبية األمريكيني في سحب‬ ‫القوات العسكرية األميركية من العراق أصبحت‬ ‫أمرا ً قابالً للتجسيد على أرض الواقع‪ ،‬وأدت التطورات‬ ‫املتالحقة واملتداخلة إلى تغير كبير على مستوى‬ ‫احلسابات االستراتيجية املعقدة في العراق‪ ،‬وخيبة‬ ‫األمل األميركية دفعت باجتاه االنفتاح نحو أفق جديد‬ ‫من االحتماالت اإليجابية‪ ،‬حيث إن أمام الواليات املتحدة‬ ‫فرصة لتحقيق أهداف ال ترقى إلى أحالمها السابقة في‬ ‫العراق ولكنها حتافظ على حياة كثير من األميركيني‪.‬‬

‫املهمة األميركية املستحيلة‬ ‫أصبح العراق أحد أهم قضايا االستقطاب في‬ ‫السياسة األميركية‪ ،‬ويريد معظم الدميوقراطيني‪ ،‬مبن‬ ‫فيهم السيناتور باراك أوباما‪ ،‬خفضا ً حادا ً لعدد القوات‬ ‫األميركية في العراق‪ ،‬وأما معظم اجلمهوريني‪ ،‬مبن‬ ‫فيهم جون ماكني‪ ،‬فيريدون أن تبقى القوات األميركية‬ ‫في العراق إلى أن يصبح هذا البلد قادرا ً على احلفاظ‬ ‫على أمنه واستقراره‪ ،‬وأدت سنوات متتابعة من األخبار‬ ‫السيئة الواردة من جبهة احلرب في العراق إلى تعميق‬ ‫ملحوظ لهذه االختالفات الواضحة في موقف احلزبني من‬

‫‪80‬‬

‫اخملاوف مشروعة‬ ‫ما ال يعلمه الكثيرون هو أن احلكومة العراقية‬ ‫تخلط بني مسألة خروج العراق من البند السابع لألمم‬ ‫املتحدة (الذي يضع العراق في خانة الدول التي متثل‬ ‫خطرا ً على السلم أو األمن العاملي‪ ،‬وألنه يهدد هذا‬ ‫السلم وعليه يحتاج إلى والية منحها مجلس األمن‬ ‫إلى الواليات املتحدة) وبني قضية عقد اتفاقية جتعل‬ ‫العراق مستعمرة أميركية وقتا ً طويالً غير معلوم‪.‬‬ ‫أليس من مهازل القدر أن جتاري احلكومة العراقية‬ ‫الواليات املتحدة األميركية احملتلة للعراق لكي تقوم‬ ‫هي بإخراج العراق من البند السابع (أي من الوصاية‬ ‫األميركية) إلى استعمار أميركي مبوافقة عراقية؟‪...‬‬ ‫كل ما نعرف أن االتفاق مؤجل واملهمة األميركية‬ ‫مستحيلة في العراق‪.‬‬

‫أدهم محمود‬


‫منبر دولي‪ /‬مقابلة‬

‫سفير روسيا السابق في لبنان ل «منبر التوحيد»‬

‫التوتر الموجود في القوقاز‬ ‫سببه السياسة الخاطئة للقيادة الجورجية‬ ‫طيلة فترة احلرب‪ ،‬ومن حرص موقعها واهتمامها‬ ‫مبا يجري من أحداث في القوقاز‪ ،‬ألقت “منبر‬ ‫التوحيد” الضوء على مجريات األحداث هناك عبر‬ ‫مقاالت وحتليالت عدة طالت الوضع الدقيق في‬ ‫املنطقة وأهمية الدور الروسي‪ ،‬لوضع حد للهيمنة‬ ‫األميركية وأحكام سيطرتها على إقليمي أوسيتيا‬ ‫اجلنوبية وأبخازيا‪ ،‬وتلقني جورجيا درسا ً حول مدى‬ ‫محدودية تأثير الغرب في املنطقة‪.‬‬ ‫حاولنا منذ بداية احلرب إجراء مقابلة مع أحد‬ ‫املسؤولني في السفارة الروسية في لبنان‪ ،‬لكن‬ ‫املهمة كانت شبه مستحيلة بسبب الوضع‬ ‫الراهن هناك‪.‬‬ ‫ألن صبر “منبر التوحيد” هو من صبر املقاومة‪،‬‬ ‫وبعد عدة محاوالت استطعنا احلصول على موعد‬ ‫مع املستشار “فالدمير شيريبانوف” لكن الشرط‬ ‫كان (بدون العدة الصحافية)‪.‬‬ ‫كان لقاء معرفة واستطالع‪ ،‬الدخول إلى‬ ‫السفارة في مار إلياس يشبه أفالم “جيمس بوند”‪:‬‬ ‫بوابة سوداء كبيرة‪ ،‬رجال أمن‪ ،‬تفتيش دقيق وأخيرا ً‬ ‫مكتب املستشار‪.‬‬ ‫كان لقا ًء شاقا ً وش ّيقا ً في الوقت نفسه؛‬ ‫تك ّلمنا عن هدفنا الصحافي ورغبتنا في إجراء‬ ‫مقابلة صحافية مع السفير “سيرغي بوكني”‬ ‫لكن اجلواب كان بكل لطف ومحبة “كال”‪ .‬والسبب‬ ‫هو أ ّن السفير بوكني ال يعطي مقابالت صحافية‬ ‫ألسباب خاصة‪.‬‬ ‫وبالرغم من اليأس والصدمة بعدم الوصول إلى‬ ‫السفير‪ ،‬تابعنا املهمة وعلمنا من املستشار أ ّن‬ ‫البروفيسور “أوليغ بيريسيبكني”‪ ،‬وهو سفير سابق‬ ‫في عدة دول عربية‪ ،‬ومنها لبنان‪ ،‬سيقوم في األيام‬ ‫القليلة املقبلة بزيارة لبنان‪.‬‬ ‫وبسرعة فائقة وبدون أي تردد‪ ،‬طلبنا لقاء‬ ‫البروفيسور إلجراء املقابلة معه‪ ،‬عندها أجاب‬ ‫املستشار “بضجكة وغمزة عني”‪“ :‬انتظروا حنى‬ ‫مجيئه وسوف أتك ّلم معه إن شاء اهلل خير”‪.‬‬ ‫أيام قليلة مضت‪ ،‬فاتصل بنا املستشار محددا ً‬ ‫املوعد املنتظر مع البروفيسور بيريسيبكني في‬ ‫مقهى الـ “‪ ،“ gondole‬وإلى هناك ذهبنا مع العدة‬ ‫الصحافية حيث أجرينا أخيرا ً احلوار املنتظر مع‬ ‫رجل دبلوماسي من العيار الثقيل‪ ،‬له خبرة عميقة‬ ‫في العمل السياسي وخصوصا ً في املسائل الشرق‬ ‫األوسطية حيث عمل في اليمن الشمالية واليمن‬ ‫اجلنوبية والعراق حتى تعيينه سفيرا ً لروسيا في‬ ‫ثم في ليبيا وأخيرا ً في لبنان من عام‬ ‫اليمن ومن ّ‬ ‫‪ 1996‬حتى العام ‪ .2000‬واليوم هو بروفيسور‬

‫السفير أوليغ بيريسيبكني‬

‫أكادميي بلوماسي في وزارة اخلارجية الروسية‬ ‫ومدير مركز دراسات الشرق أوسطية في األكادميية‬ ‫الدبلوماسية الروسية ورئيس جمعية الصداقة‬ ‫الروسية اللبنانية‪.‬‬

‫روسيا لم تنتصر عسكرياً‬

‫كرست حرب جورجيا انتصار روسيا عسكرياً‪،‬‬ ‫لكن يبقى السؤال ماذا حققت روسيا على‬ ‫الصعيد السياسي؟‬

‫‪81‬‬

‫قي احلقيقة روسيا ال ترى أنها كانت في حرب مع‬ ‫جورجيا‪ ،‬فالفروقات كبيرة وظاهرة بني اإلمكانات‬ ‫الدفاعية الروسية واجلورجية‪ ،‬وبالتالي التحدث عن‬ ‫انتصار عسكري غير ممكن‪ ،‬فما حصل لم يكن حربا ً‬ ‫مئة في املئة‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق باملنجزات السياسية‪ ،‬فروسيا‬ ‫ستحققها بانتهاء هذه احلوادث في القوقاز حني‬ ‫يعم األمن واالستقرار والسالم في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فروسيا تدرك جيدا ً احلاجة الدائمة إلى األمن‬ ‫واالستقرار وتوفير إمكانية التطوير والتطور‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر دولي‪ /‬مقابلة‬ ‫للجمهوريات اجلديدة املوجودة فيها‪ ،‬كما تطوير‬ ‫العالقات الثنائية مع هذه اجلمهوريات‪ .‬وبالتالي‬ ‫حتقيق األمن واالستقرار في أبخازيا وأوسيتيا‬ ‫اجلنوبية سيكون أحد املنجزات السياسية املهمة‬ ‫لروسيا‪.‬‬ ‫إذا كان هذا موقف روسيا من اجلمهوريات‬ ‫اجملاورة فلماذا حصل هذا االصطدام الدامي‬ ‫بينها وبني جورجيا؟‬ ‫روسيا دخلت في هذه املعركة أوال ً للدفاع عن‬ ‫املواطنني الروس املوجودين في هذه املنطقة‪ ،‬وثانيا ً‬ ‫للدفاع عن اجلنود الذين كانوا في خدمة األمم املتحدة‬ ‫حلل القضايا على احلدود وغير ذلك أنا أؤكد جمللتكم‬ ‫الكرمية أن روسيا ال تريد احلرب مع جورجيا وحتترم‬ ‫الشعب اجلورجي‪ ،‬فهو شعب عريق‪ ،‬وعالقته مع‬ ‫روسيا قدمية جداً‪ ،‬لهذا السبب نحن نبذل جهدا ً‬ ‫لبناء عالقة جيدة مع جورجيا‪.‬‬

‫مؤامرة ضد روسيا‬ ‫كيف كانت العالقة بني روسيا وجورجيا‬ ‫سابقاً؟‬ ‫لروسيا عالقة تقليدية وقدمية مع جورجيا‪،‬‬ ‫وأنا شخصيا ً من أشد املعجبني بجورجيا‪ ،‬لكن‬ ‫مجموعة من األشخاص في القيادة اجلورجية دخلت‬ ‫في مؤامرة ضد روسيا وضد بعض اجلمهوريات‬ ‫أحمل القيادة اجلورجية املسؤولية‬ ‫األخرى‪ .‬لذلك أنا ّ‬ ‫عما حصل‪ .‬فبرأيي الشخصي إذا كان هناك أحد في‬ ‫الدولة اجلورجية ال يريد احلوار والتعاون للعيش في‬ ‫نفس املنطقة‪ ،‬فاملسؤول هو القيادة السياسية‪.‬‬ ‫من كان يقف وراء جورجيا؟‬ ‫باعتقادي األميركيون ‪ ،‬خاصة أن الرئيس اجلورجي‬ ‫ساكاشفيلي درس في أميركا وتزوج فيها‪.‬‬

‫اجلورجيون اليهود‬ ‫ملاذا أتى الدعم اإلسرائيلي جلورجيا سخياً؟‬ ‫عدا أن األميركيني واإلسرائيليني حلفاء‪ ،‬هناك‬ ‫العديد من اجلورجيني اليهود الذين ميلكون جنسيات‬ ‫مزدوجة‪ ،‬فيحملون اجلنسية اجلورجية واجلنسية‬

‫السفير يتحدث ملنبر التوحيد‬

‫اإلسرائيلية‪ .‬في إسرائيل هناك مجموعة كبيرة‬ ‫من املهاجرين اليهود الذين وصلوا إلى إسرائيل‬ ‫تدريجيا ً منذ زمن طويل حتى اآلن‪ ،‬وهم اليوم‬ ‫رؤساء بلدية وأعضاء مجالس بلدية‪ ،‬حتى انهم‬ ‫أثناء احلوادث قاموا بتظاهرة في اسرائيل في تل‬ ‫أبيب وفي بعض املدن االخرى ضد روسيا‪ .‬إضافة‬ ‫الى الدعم العسكري املتمثل باالسلحة وإرسال‬ ‫طائرات جتسس من دون طيار والتي أسقطتها‬ ‫قوات الدفاع الروسية‪ .‬كما ان الدعم املقدم تضمن‬ ‫إرسال بعض االشخاص املدربني الذين عملوا في‬ ‫اجليش االسرائيلي‪.‬‬

‫‪...‬لوال االستفزازات‬ ‫حصل بني روسيا ومجموعة الثماني‬ ‫الصناعية تصادم كالمي خالل احلرب‪ ،‬وحصل‬ ‫هناك بعض التصادم في العالقة؟‬ ‫في بداية االزمة‪ ،‬خسرت روسيا احلرب االعالمية‪،‬‬ ‫فالرئيس اجلورجي يتقن اللغتني االنكليزية‬ ‫والفرنسية واستطاع التواصل مع العالم أكثر‬ ‫من الروس‪ .‬فحصلت حرب كالمية بني روسيا ودول‬ ‫هذه اجملموعة بسبب عدم الهدوء وعدم إدراك دول‬ ‫اجملموعة أسباب هذه احلوادث‪ ،‬كما بذلنا جهدا ً كبيرا ً‬ ‫لتوضيح االسباب لرؤساء هذه الدول وخصوصا ً‬ ‫نيكوال ساركوزي‪ .‬في الوقت احلاضر هم عرفوا‬

‫الرئيس هوغو تشافيز يتمتع بشخصية مميزة‬ ‫وأشبهه بتشي غيفارا‬ ‫العودة إلى احلرب الباردة يسبب املشاكل ليس فقط لروسيا بل لدول كثيرة‬ ‫لروسيا عالقة تقليدية وقدمية مع جورجيا‬ ‫كان هناك بعض األشياء اجليدة في االحتاد السوفياتي‬ ‫ملاذا نرفضها كلها ؟‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪82‬‬

‫أن سبب التوتر املوجود في القوقاز ليس سياسة‬ ‫روسيا بل السياسة اخلاطئة للقيادة اجلورجية‪.‬‬ ‫كيف هو الوضع حالياً في جورجيا والقوقاز؟‬ ‫هناك نوع من االستقرار والسالم‪ ،‬اجلميع يعلم‬ ‫أننا كنا بعيدين حوالى ‪ 10‬أيام عن هذه املنطقة‬ ‫وعن جورجيا‪ ،‬ولكن من خالل وسائل اإلعالم نفهم‬ ‫دائما ً أن هناك نوعا ً من االستفزاز‪ ،‬مثالً يقولون‬ ‫هناك سيارة مفخخة انفجرت في هذه املنطقة‬ ‫وألغام وغيرها‪ .‬الواضح أن أولئك االشخاص غير‬ ‫راغبني في االستقرار وفي السالم‪.‬‬ ‫ما هو مستقبل الرئيس اجلورجي ساكاشفيلي‪،‬‬ ‫ال سيما بعدما رأى الرئيس ميدفيديف فيه “جثة‬ ‫سياسية”؟‬ ‫روسيا ال تتدخل في أمور داخلية ألي دولة مهما‬ ‫كانت‪ ،‬ولكن وسائل االعالم تظهر ان الشعب‬ ‫اجلورجي يحمله مسؤولية ما جرى‪ .‬هناك بعض‬ ‫االحزاب املعارضة التي تطلب إعادة االنتخاب‪ ،‬كما ان‬ ‫أوسيتيا اجلنوبية أرسلت الى احملكمة الدولية بعض‬ ‫الدعوات القدمية بالنسبة للعمليات العسكرية‬ ‫التي قاموا بها بأمر من الرئيس اجلورجي‪.‬‬

‫ال نريد احلرب‬ ‫هل نحن أمام حرب باردة جديدة؟‬ ‫ابداً‪ ،‬نحن ال نريد احلرب وانت تعلم ان روسيا دولة‬ ‫كبيرة ولديها مشاكل كبيرة‪ ،‬وحلل هذه املشاكل‬ ‫ال بد من ان يكون هناك نوع من االستقرار ونوع من‬ ‫السالم‪ ،‬وأي شيء يسبب عدم االستقرار في داخل‬ ‫البالد أو خارجها ال ترحب به روسيا‪.‬‬ ‫لذلك روسيا من جانبها تقدم كل ما تستطيع‬ ‫لكي ال تكون هناك حرب باردة جديدة‪ ،‬ونحن ال نريد‬ ‫ذلك ومستعدون للتعاون مع الكل‪.‬‬ ‫ماذا عن األميركيني والغرب؟‬ ‫أعتقد انهم ايضا ً ال يريدون هذه احلرب‪ ،‬فروسيا‬ ‫عنصر مهم جدا ً في العالقات الدولية في ميدان‬ ‫السياسة العاملية‪ ،‬والعودة الى حرب الباردة تسبب‬ ‫املشاكل‪ ،‬ليس فقط لنا بل لدول كثيرة ‪ ،‬بالهدوء‬ ‫واالستقرار حتل املشاكل‪.‬‬ ‫كيف ترى الواليات املتحدة في ظل حكم‬


‫الدميوقراطيني عبر الرئيس باراك أوباما؟‬ ‫روسيا تتعاون مع أي رئيس أميركي يختاره‬ ‫الشعب األميركي‪.‬‬ ‫لكن انتخاب باراك أوباما سيكون عالمة مميزة‬ ‫في تاريخ الواليات املتحدة؟‬ ‫نعم‪ ،‬هذا أمر مهم جدا ً وممتاز‪ ،‬فاجلمهوريون‬ ‫كجورج بوش وجماعته مسؤولون عن املشاكل‬ ‫الكبيرة التي حدثت في الشرق االوسط‪ ،‬حتى ان‬ ‫أشخاصا ً كثرا ً يتوجهون لهم باالنتقادات كونهم‬ ‫يرون أنهم املسؤولون عن األزمة املالية التي يعاني‬ ‫منها العالم‪.‬‬ ‫باعتقادي أن باراك أوباما شخصية جديدة على‬ ‫املسرح السياسي االميركي وعلى املسرح العاملي‬ ‫ستفرض تغييرا ً ما‪ .‬وآمل ان يكون هذا التغير عامالً‬ ‫يساهم في إحالل السالم عبر إيجاد التسويات‬ ‫لألزمات املوجودة وفي درجة أولى في الشرق‬ ‫االوسط‪ ،‬فالصراع االسرائيلي الفلسطيني عمره‬ ‫أكثر من ‪ 60‬عاما ً ويجب أن يحل‪.‬‬

‫صديق روسيا‬ ‫ما نوع العالقة التي تربط روسيا باجلمهورية‬ ‫الفنزويلية ورئيسها أوغو تشافيز؟‬ ‫الرئيس هوغو تشافيز يتمتع بشخصية مميزة‪،‬‬ ‫وهو صديق لروسيا وقد زارها عدة مرات والتقى‬ ‫مسؤولني روسا ً كباراً‪ .‬أنا أشبهه بتشي غيفارا‪ ،‬إذ‬ ‫انه غير متفق مع سياسة االميركيني في أميركا‬ ‫الالتينية‪ .‬هناك عدد كبير من الساسة غير راضني‬ ‫على سياسة االميركيني ولكنهم صامتون نتيجة‬ ‫خوف او اسباب سياسية‪ ،‬اال ان تشافيز يتحدث‬ ‫بصراحة وحماسة وشجاعة ألجل شعبه‪ .‬لطاملا‬ ‫كان جنوب اميركا الالتينية وشبه جزيرة اميركا‬ ‫الالتينية محمية اميركية‪.‬‬ ‫اليوم أميركا الالتينية تتميز بنظام إشتراكي‬ ‫واسع‪ ،‬هل ترى نظام إشتراكي جديد في‬ ‫العالم؟‬ ‫أنا مولود في االحتاد السوفياتي ومبادئ‬ ‫االشتراكية موجودة عندي منذ زمن‪ ،‬وأنا أعتقد أن‬ ‫االشتراكية كنظرية جيدة وتنفيذ مبادئها سهل‪،‬‬ ‫لذلك أرى أن إعطاء بعض األفضلية مجددا ً للنظام‬ ‫االشتراكي أمر جيد‪ .‬كان هناك بعض األشياء‬ ‫اجليدة في االحتاد السوفياتي‪ ،‬ملاذا نرفضها كلها؟‬ ‫من املهم والطبيعي أن يتحول العالم نوعا ً ما الى‬ ‫العدالة االجتماعية والى املبادئ الطيبة‪.‬‬

‫انقسام الفلسطينيني مؤسف‬ ‫تعاني الساحة الفلسطينية من بلبلة‬ ‫كبيرة نتيجة اعتداءات اإلسرائيليني على‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬واالنقسام في الداخل‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وإضافة إلى املفاوضات بني‬ ‫فلسطني وإسرائيل التي لم تو ِد إلى نتيجة‪،‬‬ ‫كيف ترى الواقع الفلسطيني؟‬

‫روسيا حريصة وتتحدث قبل كل بلدان العالم‬ ‫منذ زمن طويل عن دولة فلسطينية مستقلة‬ ‫وما زالت‪ .‬كما ان روسيا كانت أول من فتح سفارة‬ ‫فلسطينية في موسكو‪ ،‬ونحن نتعاون مع هذه‬ ‫السفارة‪ ،‬وأنا شخصيا ً أزور باستمرار السفارة‬ ‫وفي الوقت احلالي السفير الفلسطيني شخص‬ ‫شاب من اجليل اجلديد لديه خبرة دبلوماسية‬ ‫كبيرة‪ ،‬عمل في بروكسل وروما‪ .‬نحن نحاول أن‬ ‫نقوم بأي شيء إلحالل االستقرار والهدوء في هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬وروسيا تأسف كثيرا ً لالنقسام احلاصل‬ ‫بني احلركات الفلسطينية‪ ،‬ولهذا السبب نحن‬ ‫دائما ً عند االلتقاء مع الفلسطينيني نتحدث في‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬ونقول لهم “اذا لم يكن هناك وحدة‬ ‫في صفوفكم فكيف ستواجهون اإلسرائيليني”‪.‬‬ ‫ال بد من أن يكون هناك تنازل من اجلانبني حتى‬ ‫يكون هناك موقف واحد من القضايا االساسية‬ ‫كالقدس والدولة الواحدة‪ ،‬أما في القضايا الثانوية‬ ‫اخلارجية فاالنقسام ال مي ّثل مشكلة‪.‬‬

‫وانتخابات نيابية مقبلة‪ ،‬إضافة إلى التطورات‬ ‫احلاصلة على الساحة الداخلية‪ ،‬ال سيما في‬ ‫إطار العالقة مع الدول الشقيقة‪ ،‬كيف تقرأ‬ ‫الواقع اللبناني؟‬ ‫روسيا ترى دائما ً أن لبنان رمز الدميوقراطية ورمز‬ ‫الهدوء والتسامح بني الطوائف واالطراف السياسية‬ ‫اخملتلفة‪ .‬أنا شخصيا ً أشعر دائما ً باحلزن عندما أرى‬ ‫نزاعات داخلية تدور بني اللبنانيني‪ .‬ومع العودة إلى‬ ‫التشديد أن روسيا ال تتدخل في أمور لبنان الداخلية‬ ‫تارك ًة الكلمة االولى واألخيرة للشعب اللبناني‪،‬‬ ‫أقول إن روسيا تبذل جهدا ً كبيرا ً لتشجيع حوار‬ ‫التيارات السياسية‪ ،‬إذ ترى فيه مستقبالً للبنان‪ .‬أنا‬ ‫شخصيا ً عندما أتصل بكبار الشخصيات اللبنانية‬ ‫دائما ً أشدد على ضرورة عدم التمسك باملواقف‬ ‫السياسية واملصالح الشخصية واالبتعاد عن‬ ‫األنانيات ملصلحة الشعب والعرب واملنطقة ككل‪.‬‬ ‫ورسيا تأمل أن حتصل انتخابات ‪ 2009‬بطريقة جيدة‬ ‫يصل عبرها إلى البرملان نواب أذكياء ويتمتعون بحس‬

‫روسيا كانت وما زالت حريصة على وجود دولة فلسطينية مستقلة‬ ‫إسرائيل مسؤولة عن تدهوراألوضاع في فلسطني‬ ‫روسيا ترى دائماً أن لبنان رمز الدميوقراطية ورمز الهدوء والتسامح‬ ‫بني الطوائف واألطراف السياسية اخملتلفة‬ ‫أثناء أزمة القوقاز ذكرنا لالميركيني بعض القضايا‬ ‫التي ال يستطيعون حلها إال مبساعدة الروس‪ ،‬ومن‬ ‫بينها قضية هذه االزمة‪ ،‬اذ ان لدينا عالقة مع حماس‬ ‫وحزب اهلل ومع ايران وسوريا‪ ،‬ففخامة الرئيس بشار‬ ‫االسد زار في وقت سابق موسكو‪ ،‬فاالميركيون ليس‬ ‫لديهم عالقة بهذه اجلهات لذلك ال يستطيعون‬ ‫حل اخلالفات‪ .‬وأنا أرى شخصيا ً أننا نبذل كل اجلهود‬ ‫املمكنة في هذه القضية لتسوية االنقسام املوجود‬ ‫في الفصائل الفلسطينية اوالً‪ ،‬ومن ناحية ثانية‬ ‫إقناع اإلسرائيليني بتفهم الفلسطينيني‪ ،‬كيف‬ ‫مضى ‪ 60‬عاما ً ولم حتل القضية بعد‪ .‬فإسرائيل‬ ‫مسؤولة عن تدهوراالوضاع في فلسطني كونها‬ ‫كما ذكرت في بداية حديثنا اجلهة االقوى التي‬ ‫عليها احملاولة لتأمني حل يرضي اآلخر‪ .‬يتساءل‬ ‫االسرائيليون ملاذا وصلت حماس‪ ،‬وهي بحسبهم‬ ‫املنظمة االرهابية‪ ،‬الى احلكم؟ السبب يكمن في‬ ‫السياسة احلاقدة واخلاطئة إلسرائيل التي تضغط‬ ‫وتسدد ضربات‪ .‬االسرائيليون يجب أن يكونوا أكثر‬ ‫ّ‬ ‫مرونة وأكثر تفهماً‪.‬‬

‫ضرورة االبتعاد عن األنانية‬ ‫لبنان مقبل على انعقاد طاولة للحوار‬

‫‪83‬‬

‫املسؤولية أمام الشعب واالمة العربية‪.‬‬ ‫ماذا عن عمل جمعية الصداقة الروسية‬ ‫اللبنانية؟‬ ‫في ما يتعلق بجمعية الصداقة الروسية‬ ‫اللبنانية التي نشأت منذ ‪ 7‬سنوات‪ ،‬نحن نأمل‬ ‫تعريف الشعب الروسي على لبنان وتقاليده‪ ،‬فمن‬ ‫اخلطوات التي نقوم بها حفلة في عيد الوطن َيني‬ ‫بحضور سفراء وشخصيات من احلقل السياسي‬ ‫واالجتماعي‪ .‬وهناك عدد كبير من رجال األعمال‬ ‫يعملون بني روسيا ولبنان‪ ،‬وط ّالب لبنانيون يدرسون‬ ‫في روسيا‪ ،‬وشباب يرغبون بالعمل‪.‬‬ ‫نرحب وندعم كل هذه األمور‪،‬‬ ‫ونحن كجمعية ّ‬ ‫وكذلك األمر في احلقل الثقافي حيث أن اجلمعية‬ ‫ترجمت إلى اللغة الروسية كتبا ً عديدة جلبران خليل‬ ‫جبران ومنها األجنحة “املتكسرة” و”النبي” وأيضا ً‬ ‫كتبا ً مليخائيل نعيمة وأمني الريحاني‪.‬‬ ‫عالقتنا بلبنان روحية قبل كل شيء‪ ،‬وروسيون‬ ‫كثر جاؤوا وأقاموا وماتوا في أرض لبنان‪ ،‬لذلك نحن‬ ‫نؤمن بالتفاهم مع الشعب اللبناني أكثر من أي‬ ‫شعب عربي آخر‪ ،‬ولهذا السبب نحن ننظر بقلق‬ ‫كبير للقضايا الداخلية ونفرح إذا توصلوا إلى‬ ‫تفاهم وسالم‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬رونالد حمدان‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر دولي‬

‫القدرات العسكرية اإليرانية‪..‬‬ ‫سيناريوهات الصراع اإليراني األميركي‬ ‫قذفت مياه اخلليج العربي بقايا نفايات‬ ‫السياسة (البوشية) إلى شواطئ اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬التي ترفض أن تتّسخ أراضيها‬ ‫الطاهرة واملقدسة بدنس اجليش األميركي‪.‬‬ ‫تسعى اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية إلى‬ ‫امتالك القدرات العسكرية ذات اإلمكانيات‬ ‫الردعية والهجومية في آن معاً‪ ،‬وترتكز هذه‬ ‫ّ‬ ‫تشل حركة املالحة‬ ‫القدرات على خطة عسكرية‬ ‫في اخلليج العربي‪ ،‬إضاف ًة إلى إغالق مضيق هرمز‬ ‫أمام صادرات النفط اخلليجية إلى العالم اخلارجي‪،‬‬ ‫مما يؤدي إلى أزمة عاملية جارفة‪.‬‬

‫حقائق القدرات اإليرانية‬

‫نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق األدنى‬ ‫دراسة للمحلل العسكري “فاريبورز هاغشيناس”‬ ‫تشمل قراءة كاملة للقدرات البحرية اإليرانية‬ ‫والعوامل املؤثرة على تطويرها وكيفية‬ ‫استخدامها في أي معركة مستقبلية‪.‬‬ ‫تشتمل قوات إيران البحرية على ستة عناصر‬ ‫هي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬السفن‪:‬‬ ‫متتلك القوات البحرية اإليرانية زوارق آلية‬ ‫تستطيع حمل مدفع ّ‬ ‫رشاش ثقيل‪ ،‬وقاذفات‬ ‫صواريخ مختلفة‪ ،‬وزوارق الهجوم السريع “قارب‬ ‫بوجمار السويدي السريع‪ ،‬ذو الفقار‪ ،‬ذو اجلنة»‪،‬‬ ‫زوارق الدورية من طراز «بهمان» القادرة على حمل‬ ‫الطوربيدات وقاذفات الصواريخ‪ .‬كما تستخدم‬ ‫في زرع األلغام السرية وسفن الهجوم «ذو الفقار‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وأزاراخش»‪ ،‬وهما قادران على حمل قاذفة صواريخ‬ ‫بحرية يصل مداها إلى ‪ 20‬كم‪ ،‬وتستخدم اثنني‬ ‫من صواريخ ‪ kosar‬املضادة للسفن‪ ،‬وسفنا ً‬ ‫هجومية صغيرة من طراز ‪ ،Tondar‬كما أدخلت‬ ‫قوات احلرس البحرية زوارق ‪ 16-IPS‬و ‪18-IPS‬‬ ‫املستوردة من كوريا الشمالية‪ُ ،‬‬ ‫وش ّغلت مجموعة‬ ‫من الغواصات “تايدوجن بي وتايدوجن سي”‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الغواصات والطوربيدات‪:‬‬ ‫متلك إيران مجموعة من الغواصات من طراز‬ ‫كيلو ‪ ،877‬وتتموضع في ميناء «بندر عباس» مع‬ ‫األسطول اإليراني‪ ،‬وغواصات من نوع «غدير» و‬ ‫«ناهاجن‪.»1-‬‬ ‫ترتبط قوات احلرس الثوري بشبكة اتصاالت‬

‫‪84‬‬

‫ومراقبة مجهّ زة بكاميرات الفيديو‪ ،‬ذات املدى‬ ‫الطويل وتعمل ليالً نهارا ً في مواقع عديدة على‬ ‫طول شواطئ إيران اجلنوبية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫دشنت إيران خط إنتاج لنوعني من الطوربيدات‬ ‫من طراز ‪ 533‬و‪ 324‬ملليمترا املوجهة‪ ،‬إضافة‬ ‫لطوربيدات (‪ 4-TT‬و‪ 65KE-53‬و ‪ )71-TEST‬ويصل‬ ‫مداها ألكثر من ‪ 20‬كم‪ ،‬إضافة إلى طوربيد‬ ‫“احلوت” املستند إلى الطوربيد الروسي ‪،Shkval‬‬ ‫وتصل سرعته إلى ‪ 223‬ميالً في الساعة (‪360‬‬ ‫كم)‪ ،‬ويستطيع هذا النوع تدمير الغواصات‬ ‫والسفن على مختلف أنواعها في مضيق هرمز‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬بنت إيران شبكة دفاع جوي محمولة‬ ‫تشتمل على‪:‬‬ ‫* قذائف سطح ـ جو ‪ 1 Misage‬و‪ ،2‬وهي‬ ‫نسخة مرخصة عن النظام الصيني كيو دبليو‬ ‫ـ‪ ،1‬وقذائف مضادة للمروحيات واأللغام ونظام‬ ‫‪ Pantzir‬تور إم ـ‪ ،1‬وقذائف سطح ـ جو «واي زد ـ‪3‬‬ ‫شهاب ثاقب (إف إم ـ‪.»)80‬‬ ‫* ترسانة القذائف املضادة للسفن‬ ‫املعدل «سيلك وورم اتش‬ ‫* الصاروخ الصيني‬ ‫ّ‬ ‫واي ـ‪2‬‬ ‫* الصاروخ االستراتيجي «رعد اس اس ان»‬ ‫القادر على القيام مبناورات أثناء رحلته النهائية‬ ‫في الطيران‪ ،‬وزنة رأسه احلربي «‪ 1000‬رطل»‬ ‫* صواريخ «كروز النور» املط ّورة واملضادة‬ ‫للسفن‬ ‫معدلة من‬ ‫*صواريخ «نصر ـ‪ ،»1‬وهي نسخ‬ ‫ّ‬ ‫الصاروخ الصيني املضاد للسفن «جي جي ‪/‬تي أل‬ ‫‪ 6‬بي‪ ،‬وهو مجهّ ز برادار‬ ‫* صواريخ ‪ kosar‬جي جي ‪ /‬تي أل‪ 10 /‬أي‬ ‫إ ّن هذه املنظومة العسكرية الصاروخية‬


‫التقليدية تعتبر اجلزء اليسير من التجهيزات‬ ‫العسكرية اإليرانية الكبيرة والكثيرة والقادرة‬ ‫على ضرب أهداف استراتيجية بدقة وقوة تصل‬ ‫إلى حد التدمير الكامل للسفن املعادية‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬األلغام البحرية‬ ‫يأتي في مقدمة التشكيلة الواسعة لأللغام‬ ‫اإليرانية‪ ،‬لغم صدف ـ‪ 1‬املربوط في القاع ويستند‬ ‫إلى التصميم الروسي إم ـ‪ ،8‬إضاف ًة ألنواع كثيرة‬ ‫من األلغام التي تلصق بالسفن واأللغام اجلارية‬ ‫التي يُ ّ‬ ‫تحكم بها عن بعد‪.‬‬ ‫يوفر احلرس الثوري دعما جويا للقوات البحرية‬ ‫التابعة إليه والتي تتكون من ‪ 12‬طائرة ‪25 - Su‬‬ ‫و‪ 15‬طائرة هجوم أرضي ‪ Tucano‬إي إم بي ‪،312-‬‬ ‫باإلضافة إلى املقاتلة فانتوم إف ‪ ، 4-‬و ‪-Su‬‬ ‫‪ Fencers 24‬املسلحة بصواريخ النور املضادة‬ ‫للسفن‪ ،‬وميكن لبحرية احلرس الثوري أن تشن‬ ‫غارات نهارية أو ليلية بواسطة إدخال وحدات‬ ‫العمليات اخلاصة “‪ ”Saaberin‬التابعة لقوات‬ ‫احلرس الثوري البرية مستخدمة مروحيات‬ ‫‪ 17I-Mi‬اجملهزة مبعدات الرؤية الليلية‪ ،‬وميكنها‬ ‫أيضا استخدام املروحية ‪ 17-Mi‬املزودة بصواريخ‬ ‫النور لشن هجمات بعيدة‪ ،‬ونشرت إيران أنواعا‬ ‫مختلفة من طائرات بدون طيار منتجة محليا‪،‬‬ ‫وفي ذلك مناذج ميكن أن حتمل صواريخ أَو قنابل أَو‬ ‫تقوم مبهام «انتحارية»‪.‬‬

‫بارجة ايرانية‬

‫سيناريوهات الصراع‬

‫هناك مجموعة من السيناريوهات بشأن‬ ‫طبيعة أية مواجهة تندلع بني إيران والواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬ ‫ـ في شط العرب وشمال اخلليج‪ :‬في حالة‬ ‫حدوث خسائر إنسانية أَو مادية في اجلانب اإليراني‪،‬‬ ‫فإن إيران سترد بهجمات صاروخية مضادة للسفن‬ ‫من القواعد األرضية في شرق مشهر‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى هجمات على مروحيات التحالف العاملة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وإذا تضمن رد التحالف استهداف‬ ‫صناعة نفط إيرانية‪ ،‬فسينتقم اإليرانيون غالبا‬ ‫من خالل محاولة إحلاق الضرر‪ ،‬أَو االستيالء سريعا‬ ‫على محطتي النفط العراقيتني املهمتني ذواتي‬ ‫األهمية االستراتيجية الكبيرة اللتني تداران‬ ‫بواسطة جيوش التحالف‪.‬‬ ‫ـ في وسط وجنوب اخلليج العربي‪ :‬سيؤدي‬ ‫فرض حصار بحري على إيران أَو توجيه ضربة ضد‬ ‫منشآتها النووية إلى رد فعل إيراني يستهدف‬ ‫املوانئ وتسهيالتها‪ ،‬وناقالت النفط ومحطاتها‪،‬‬ ‫وجتهيزات استراتيجية أخرى لدول إما تشارك في‬ ‫هذه األعمال أو تؤيدها‪ ،‬عالوة على ذلك ستقوم‬ ‫إيران بتلغيم قناة املالحة الضيقة بني جزيرة فارس‬ ‫واملياه الضحلة اجلنوبية ـ قناة الشحن املشتركة‬ ‫إلى الكويت ـ كما ستهاجم بالصواريخ القناة‬ ‫األعمق واألوسع شرق فارس‪ ،‬التي تعتبر أقل‬ ‫مالءمة لأللغام املربوطة‪ ،‬وستهدد طهران ليس‬ ‫فقط القوات العسكرية األميركية في البحرين‬ ‫وقطر وفي كل مكان في اإلقليم‪ ،‬لكن أيضا‬

‫محمد مصطفى النجار‬

‫تسهيالت النفط والغاز البحرينية والقطرية‪.‬‬ ‫ـ في مضيق هرمز‪ :‬من احملتمل أن حتاول إيران‬ ‫غلق مضيق هرمز فقط إذا منعت السفن اإليرانية‬ ‫بطريقة ما من القدرة على استعمال املمر املائي‪،‬‬ ‫لذا فإنه حتى في حالة الهجوم على منشآت‬ ‫نووية إيرانية يبدو من املستبعد جدا أن حتاول‬ ‫طهران إغالق املضيق أمام املرور طاملا أن شاحناتها‬ ‫النفطية تواصل عبور املمر املائي‪ ،‬وستفضل إيران‬ ‫محاولة فرض مستوى من السيطرة على املضيق‬ ‫بواسطة منع املرور احلر أمام ناقالت البلدان التي‬ ‫تدعم مثل هذه الهجمات‪ ،‬بالرغم من أن هذا‬ ‫ميكن أن يؤدي إلى تصعيد آخر‪.‬‬ ‫ـ في خليج عمان‪ :‬قد تسعى إيران إلى متديد‬ ‫العمليات إلى اجلزء اجلنوبي من خليج عمان وبحر‬ ‫العرب‪ ،‬وقد يكون املرسى الواقع على الساحل‬ ‫العماني‪ ،‬الذي يستخدم بواسطة ناقالت النفط‬ ‫قبل دخول اخلليج‪ ،‬مكانا مغريا للتلغيم‪ ،‬كما‬ ‫حدث خالل احلرب العراقية اإليرانية‪.‬‬

‫املارد اإليراني يبعث اخلوف في‬ ‫قلوب األميركيني‬

‫قال قائد القيادة األميركية الوسطى «جون أبي‬

‫‪85‬‬

‫زيد» إ ّن ايران متلك أقوى جيش في الشرق األوسط‪،‬‬ ‫ورفض مناقشة اخلطط العسكرية األميركية‬ ‫في حال مواجهة مع ايران‪.‬‬ ‫وصنّف أبي زيد القدرات العسكرية اإليرانية‬ ‫في أربع نقاط رئيسية‪:‬‬ ‫‪1‬ـ قدرة إيران البحرية املتطورة التي تشكل‬ ‫النقطة املركزية األولى في االستراتيجية اإليرانية‪.‬‬ ‫ـ القوة الصاروخية الكبيرة التي ميكنها إحلاق‬ ‫الضرر الكبير بكل املواقع املعادية إليران‪.‬‬ ‫‪3‬ـ سالح إرهابي قوي يتحرك ليس في الشرق‬ ‫األوسط فقط بل في العالم‪ .‬وهنا أشار أبي زيد‬ ‫بصورة غير مباشرة إلى التنظيمات املقاومة‬ ‫للمشروع األميركي ـ اإلسرائيلي في العالم‪.‬‬ ‫‪4‬ـ القوة البرية الكبيرة وحالة التدريب املستمر‬ ‫شن هجمات خاطفة‬ ‫للجيش اإليراني على‬ ‫ّ‬ ‫وسريعة‪.‬‬ ‫وكانت مجلة “تامي” األميركية ذكرت أ ّن قائد‬ ‫عمليات البحرية األميركية «مايكل مولن» أمر‬ ‫مبراجعة خطط البحرية األميركية في حال إغالق‬ ‫ايران ملضيق هرمز‪.‬‬ ‫حاولت إسرائيل والواليات املتحدة األميركية‬ ‫دفع امللف النووي اإليراني إلى قائمة األولويات بعد‬ ‫العدوان األميركي واحتالل أفغانستان والعراق‬ ‫بهدف التجهيز ملرحلة احتالل جديدة قد متر في‬ ‫العراق وعلى أنصار املقاومة في لبنان‪ ،‬وهزمية‬ ‫ّ‬ ‫شكلت حالة من اإلحباط لدى القادة‬ ‫إسرائيل‬ ‫األميركيني‪ ،‬ومن هنا نستطيع أن نقرأ حالة ضبط‬ ‫النفس مع امللف النووي اإليراني‪ ،‬وتغ ّير السلوك‬ ‫األميركي اجتاه سوريا بالرغم من الضربة اجلوية‬ ‫احلدودية‪ ،‬التي تأتي رسالة في سياق حالة الضبط‬ ‫والشحن النفسي‪ ،‬وتنفيسا ً حلالة االنكسار‬ ‫األميركي على املستوى العاملي أمام دولة ق ّرر‬ ‫شعبها املمانعة والصمود املتمترس وراء قائد شاب‬ ‫ميثل طموح األمة في النصر والتخلص من الذل‬ ‫واالستسالم‪ ،‬فركع جورج بوش أمام فرادة الشعب‬ ‫املقاوم املؤمن بقضاياه الوطنية والقومية‪.‬‬

‫ماهر سري الدين‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر صحة‬

‫األمان الطبي واالستشفائي‬ ‫في خطر‪ ،‬على من تقع المسؤولية؟‬ ‫كثيرة هي املشكالت التي تنتظر العهد اجلديد‬ ‫واحلكومة اجلديدة‪ ،‬إال أن الهم األساسي‪ ،‬بعد‬ ‫األمني‪ ،‬ميكن حصره بأولويات ذات أهمية كبرى‬ ‫في احلياة اليومية للمواطن اللبناني‪ ،‬وهي قضايا‬ ‫الغالء والكهرباء وتقدميات الضمان االجتماعي‬ ‫والصحة واالستشفاء بعد ارتفاع الفاتورة‬ ‫االستشفائية التي تراوحت بني ‪ 600‬و‪ 650‬مليون‬ ‫دوالر‪.‬‬ ‫ففي بلد يعتبر فيه الطب متطورا ً وميلك‬ ‫فائضا ً من األطباء‪ ،‬ويبلغ إنفاقه الصحي أكثر‬ ‫من ‪ %12‬من إجمالي الناجت احمللي‪ ،‬وفيه كثافة‬ ‫خدمات طبية غير مسبوقة‪ ،‬يجد املرء نفسه في‬ ‫بعض األحيان مهمالً وفريسة هاجس يومي من‬ ‫أن يصيبه أي مكروه صحي طارئ‪ ،‬كما أضحى‬ ‫البحث في أولوية حق املريض وحق املستشفى‬ ‫كمن يحاول فك لغز‪.‬‬ ‫فاألعراف في كل مكان‪ ،‬وخصوصا ً في الدول‬ ‫املتقدمة واملتطورة‪ ،‬تقضي بوجوب احترام حق‬ ‫املريض في احلصول على اخلدمة الطبية الالزمة‪،‬‬ ‫كما أن واجب املؤسسة االستشفائية والضامن‬ ‫املعني أن يتكفال معا ً بتأمني احلاجات املطلوبة‪،‬‬ ‫ولكننا بالرغم من اعتقادنا أننا في صلب التقدم‬ ‫والتطور‪ ،‬عاجزون عن تأمني التكامل بني تلك‬ ‫احلقوق والواجبات‪ ،‬مما يجعل توفير حاجات املريض‬ ‫أمرا ً غير مضمون‪ ،‬وذلك بسبب تشتيت اإلنفاق‬ ‫الصحي العام في لبنان بني سبعة صناديق‬ ‫ضامنة رسمية تشمل صندوق الضمان‪ ،‬ووزارة‬ ‫الصحة العامة‪ ،‬وتعاونية موظفي الدولة‪،‬‬ ‫واجليش اللبناني واألمن العام واألمن الداخلي‬ ‫وأمن الدولة‪ ،‬إضافة إلى شركات التأمني اخلاصة‬ ‫وصناديق التعاضد اخلاصة بالقضاة واألساتذة‬ ‫اجلامعيني وغيرها‪(.‬جدول ‪)9‬‬ ‫هذه التعددية التي تزيد من حجم الفاتورة‬ ‫الصحية التي يدفعها اللبنانيون من دون أي‬ ‫موجب لتمويل تلك الصناديق‪ ،‬التي تمُ ّول من‬ ‫موازنة الدولة اخملصصة لإلنفاق على الصحة‪،‬‬ ‫وأكثر هذه النسب لوزارة الصحة العامة‪ ،‬فيما‬ ‫تدفع للضمان بحسب القانون ‪ %25‬من الكلفة‬ ‫الصحية التي أُنفقت عبره‪ ،‬بحيث يدفع رب‬ ‫العمل والعامل نسبة تبلغ ‪ %23.5‬من راتبه‪.‬‬ ‫أما متويل صندوق تعاونية موظفي الدولة فهو‬ ‫بشكل شبه كامل من الدولة وبنسبة ‪ %3‬من‬ ‫رواتب املوظفني‪ ،‬والصناديق العسكرية مم ّولة‬ ‫بشكل كامل من موازنات الوزارات التي تتبع لها‪،‬‬ ‫ورمزيا ً من العسكريني مبا نسبته ‪ 1000‬ليرة من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫راتب العسكري‪.‬‬ ‫فهذه التعددية ال تزال تثير اهتمام كل‬ ‫املسؤولني عن هذا القطاع‪ ،‬بالرغم من أن الدعوة‬ ‫إلى توحيد الصناديق ال تزال تبوء بالفشل‬ ‫الصطدامها بواقعني‪ :‬األول احملاصصة السياسية‬ ‫والثاني بالتمويل وإدارة الصندوق اجلديد الذي‬ ‫يهدف الى توحيد تعددية الصناديق‪ ،‬ويضاف إليها‬ ‫اليوم واقع جديد أال وهو حتول الطب من مهنة‬ ‫إنسانية بحتة إلى مهنة جتارية تبغي الربح‪،‬‬ ‫واضعة جانبا ً كل ما ميكن أن يلحق باملواطن من‬ ‫خطر يهدد أمنه الصحي‪.‬‬

‫السياسة الصحية املعتمدة‬ ‫في لبنان‬ ‫باتت الصحة مت ّثل حتديا ً عاملياً‪ ،‬خصوصا ً بعد‬ ‫دخول ما يسمى حاليا ً بالصناعة الصحية‪،‬‬ ‫فحتى في الواليات املتحدة أصبحت كلفة‬ ‫الصحة مت ّثلل عبئا ً على االقتصاد الوطني‪ ،‬ففي‬ ‫االنتخابات األميركية األخيرة كانت كلفة الصحة‬ ‫البند األساسي في هذه املعركة‪ ،‬إذ بلغت نسبة‬ ‫اإلنفاق على الصحة من ‪ 16‬إلى ‪ %18‬من الناجت‬

‫‪86‬‬

‫القومي األميركي‪ ،‬كذلك في فرنسا فإن عجز‬ ‫الضمان الصحي بات الشغل الشاغل للحكومة‬ ‫الفرنسية‪ ،‬وحتى في بريطانيا‪ ،‬حيث هناك أعرق‬ ‫نظام صحي في العالم‪ ،‬جتري محاوالت إلعادة‬ ‫النظر فيه‪ ،‬والسعي إلخضاعه لبرامج اخلصخصة‬ ‫السائدة حاليا ً في العالم‪(.‬جدول رقم ‪)8‬‬

‫الرعاية الصحية واحلاجة‬ ‫االستشفائية على شفير الهاوية‬ ‫فموضوع الصحة عامة وكلفتها خاصة‪ ،‬باتا‬ ‫مصدر قلق لدى كل الدول‪ ،‬وخصوصا ً بالنسبة‬ ‫للبلدان النامية احملدودة املوارد‪.‬‬ ‫وفي لبنان وفي ظل العدد الكبير من‬ ‫املستشفيات اخلاصة ‪ ،‬واملشاريع التي تنجزها‬ ‫وزارة الصحة من مستشفيات ومراكز صحية‪،‬‬ ‫والدور املميز للهيئات األهلية في اجملال الصحي‪،‬‬ ‫إلى أين نتجه؟ ومن هي اجلهة املسؤولة‪ ،‬القطاع‬ ‫العام أم اخلاص أم األهلي أم الثالثة معاً؟ هل‬ ‫نتجه نحو خصخصة االستشفاء أم العكس من‬ ‫ذلك؟ أين هي اخلطة التي وضعتها اجلهة املشرفة‬ ‫لتأمني العنصر البشري‪ ،‬وخصوصا ً املمرضني‬


‫واملمرضات واملهنيني املساعدين في ظل النقص‬ ‫بعدد املمرضني في لبنان؟ وكيف ستتم إدارة هذا‬ ‫املشروع الكبير؟‬

‫متويل الرعاية الصحية‬ ‫ففي عام ‪ 1992‬كان املعدل التقريبي لكلفة‬ ‫الصحة في لبنان بحدود ‪ 300‬مليون دوالر أميركي‬ ‫حسب تقديرات خبيرة من منظمة الصحة‬ ‫العاملية‪ ،‬إال أنه في العام ‪ 1995‬تراوح اإلنفاق‬ ‫بني ‪ 800‬مليون ومليار دوالر أميركي‪ ،‬أي إنه ازداد‬ ‫خالل ثالث سنوات‪ ،‬بني ضعفني وثالثة أضعاف‪.‬‬ ‫إن هذه الكلفة العالية‪ ،‬ال يستطيع بلد كلبنان‬ ‫في طورالنمو‪ ،‬وخارج من حالة حرب طويلة أن‬ ‫يتحملها‪ ،‬إن هذا الوضع يثير حالة من القلق‬ ‫الكبير‪ ،‬والسؤال‪ :‬ملاذا وصلنا إلى هذه احلال؟‬ ‫مع تطوراجملتمع اللبناني أصبح احلق في‬ ‫االستشفاء والصحة مطلبا ً دميوقراطيا ً‬ ‫للمواطنني‪ ،‬وبات اآلن في لبنان ‪ 161‬مستشفى‬ ‫خاصا ً و‪ 21‬مستشفى حكوميا ً تضم حوالى‬ ‫‪ 14650‬سريراً‪ ،‬باإلضا فة إلى ‪ 2000‬قيد اإلنشاء‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ‪ 8‬مستشفيات حكومية قيد‬ ‫البناء‪ .‬فيصل اجملموع العام إلى حوالى ‪ 14‬ألف‬ ‫سريراً‪ .‬وهذه تعتبر نسبة عالية باملقياس العاملي‬ ‫باملقارنة مع عدد السكان‪ .‬واملعدل املتعارف عليه‬ ‫دوليا ً هو ‪ 3.2‬باأللف‪ .‬فلبنان يحتاج بعدد سكانه‬ ‫الثالثة ماليني إلى حوالى ‪ 9000‬سرير‪( .‬جدول رقم‬ ‫‪)12 -11‬‬ ‫إن هذا كله له كلفة مرتفعة جداً‪ ،‬من هي‬ ‫اجلهة التي تدفع هذه الكلفة؟‬ ‫كذلك هناك تخمة في إعداد األطباء حيث تسود‬ ‫بطالة مقنعة في صفوفهم وزيادة في التدخالت‬ ‫الطبية وإفراط في استعمال التكنولوجيا‬ ‫املعقدة وزيادة في اإلنفاق الصحي‪ ،‬وارتفاع في‬ ‫نسبة الهدر‪ ،‬وتر ّد للوضع اإلداري‪ ،‬وغلبة للطب‬ ‫العالجي‪ ،‬على حساب برا مج الرعا ية الصحية‬ ‫األولية‪ .‬كما أن اخلوف من املرض‪ ،‬وتآكل املدخرات‬ ‫جعال الناس في حالة من القلق املستمر‪ ،‬وذلك‬ ‫لوجود أكثر من مرجعية تهتم بالصحة‪ ،‬وعدة‬ ‫صناديق استشفائية‪ ،‬وتعرفات مختلفة للدخل‬ ‫الطبي نفسه‪ .‬ملاذا هذا الفرق في التعرفات؟‬ ‫وهل هناك صعوبة في توحيد تعرفة االستشفاء‬ ‫وجتميع أجهزة السداد الرسمية؟‬

‫كلفة الصحة والقطاع العام‬ ‫إن قضية كلفة الصحة باتت عملية معقدة‪،‬‬ ‫فبأي حق يسمح لنا بأن ال من ّول عالجا ً ملريض‪.‬‬ ‫وفي لبنان تط ّور مفهوم وزارة الصحة‪ ،‬إذ‬ ‫عندما أنشئت الوزارة عام ‪ 1944‬كانت مهمتها‬ ‫حماية اجملتمع من األوبئة‪ ،‬ولم يكن لها دور يتع ّلق‬ ‫باالهتمام بالصحة الفردية‪ .‬ولقد ترك هذا اجلانب‬ ‫الفردي املتع ّلق باملريض للجمعيات اخليرية في‬

‫حينه‪ ،‬وأنشئ العديد منها‪.‬‬ ‫وفي اخلمسينيات بدأت الوزارة في إنشاء قطاع‬ ‫استشفائي‪ ،‬فأسست بعض املستشفيات‬ ‫وكانت مهمتها معاجلة الفقراء‪ ،‬ولقد كان‬ ‫املريض في حينه بحاجة الى ورقة فقر حال‬ ‫يتم إحضارها من مختار احمللة حتى يتمكن من‬ ‫الدخول إلى املستشفى احلكومي‪ .‬ولقد ألغيت‬ ‫هذه الورقة عام ‪ .1972‬ومع مرور السنوات‬ ‫أصبح احلق في االستشفاء مطلبا ً دميوقراطيا ً‬ ‫لكل الناس‪ ،‬إلى أن بدأت األحداث األمنية في‬ ‫عام ‪ ،1975‬مما رتب أعباء إضافية على الدولة‪،‬‬ ‫إذ إن وزارة الصحة العامة كانت تبيح استقبال‬ ‫جميع احلاالت على نفقتها في ظل أحداث‬ ‫كبيرة‪ ،‬وبالتالي كانت الفاتورة ترتفع مع كل‬ ‫أزمة ملصلحة املستشفيات اخلاصة‪ .‬مما جعل‬ ‫في هذه احلقبة الطويلة نسبيا ً وزارة الصحة‬ ‫مصدر متويل هائالً للمستشفيات اخلاصة‪ ،‬وإن‬ ‫األس ّرة فيها كانت على‬ ‫حوالى نسبة ‪ %50‬من ِ‬ ‫نفقة الوزارة‪(.‬جدول رقم‪.)13-10‬‬ ‫كذلك هناك تخمة في إعداد األطباء‪ :‬في‬

‫‪87‬‬

‫لبنان مفارقة غريبة‪ ،‬إذ هناك طبيب لكل ‪320‬‬ ‫نسمة‪ .‬إن نسبة األطباء أكثر من أميركا (طبيب‬ ‫لكل ‪ 600‬نسمة)‪ ،‬بينما عدد املمرضات واملمرضني‬ ‫واملهنيني أقل من األطباء‪.‬‬ ‫زيادة التدخالت الطبية‪ :‬إن زيادة التدخالت‬ ‫لها انعكاس سلبي على النطاق الصحي‪ ،‬إذ‬ ‫تولد أعماال ً ال مبرر لها علمياً‪ ،‬وهناك شكاوى من‬ ‫بعض املمارسات على هذا الصعيد‪.‬‬ ‫ومما يبني هذه التخمة في عدد األطباء ويشرح‬ ‫سبب زيادة التدخالت الطبية دون مبرر علمي‬ ‫أن وزارة الصحة طلبت أخيرا ً إجراء مباريات في‬ ‫مجلس اخلدمة املدنية لتعيني ‪ 20‬طبيبا ً فتقدم‬ ‫‪ 991‬طبيباً‪.‬‬ ‫فاخلوف من املرض وتآكل املدخرات جعال الناس‬ ‫تلجأ إلى اعتماد التأمني الصحي اخلاص‪ ،‬ما أدى‬ ‫إلى ارتفاع نسبة التأمني التي وصلت بني عامي‬ ‫‪ 1992‬و‪ 1993‬من ‪ %13‬إلى ‪ %18‬في عام ‪،1998‬‬ ‫ومما يسهّ ل ذلك أيضا ً تشجيع بعض مؤسسات‬ ‫القطاع اخلاص وخصوصا ً املصارف إلجراء تأمينات‬ ‫صحية للعاملني فيها‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر صحة‬ ‫القطاع اخلاص‬ ‫لقد حقق القطاع االستشفائي اخلاص‬ ‫خطوات هامة طيلة احلقبة األخيرة‪ ،‬رغم الظروف‬ ‫الصعبة التي واجهها لبنان انطالقا ً من األحداث‬ ‫األمنية املدمرة خالل السنوات األخيرة‪ ،‬وصوال ً‬ ‫إلى الظروف االقتصادية املتردية التي يرزخ حتتها‬ ‫اليوم أسوة بسائر القطاعات اخلدماتية‪ ،‬محققا ً‬ ‫بذلك تعويضا ً الفتا ً عن الغياب القسري للقطاع‬ ‫العام‪ ،‬مستندا ً إلى شجاعة املبادرة الفردية التي‬ ‫ترجمت بالصمود واالستمرار في تقدمي اإلسعافات‬ ‫واخلدمات الصحية والطبية واالستشفائية‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫إلى مناقبية اجلهاز البشري العامل فيه الذي يبلغ‬ ‫حوالى ‪ 25000‬شخص‪ ،‬كما استطاع القطاع‬ ‫اخلاص وبامتياز مواكبة كل تطور طبي وعالجي‬ ‫نشأ في الدول املتقدمة‪ ،‬ما جعله مقصدا ً لعدد‬ ‫كبير من طالبي االستشفاء والطبابة من اخلارج‪،‬‬ ‫ما أدى إلى ارتفاع عدد مستشفيات القطاع‬ ‫اخلاص‪ ،‬بحيث هناك حالياً‪ ،‬وفق إحصاءات نقابة‬ ‫األطباء الصادرة في ورقة عمل حول موضوع “احلق‬ ‫في الصحة في لبنان” وبعد اجلولة األخيرة التي‬ ‫متت في تشرين الثاني ‪ 101 ،2006‬مستشفى‬ ‫خاص ذات إقامة قصيرة ومتوسطة معتمدة‪،‬‬ ‫تضم ‪ 8681‬سريراً‪ ،‬و‪ 18‬مستشفى ذات إقامة‬ ‫طويلة منتسبة إلى النقابة تضم ‪ 3358‬سريراً‪،‬‬ ‫وهي جميعها متعاقدة مع وزارة الصحة وموزعة‬ ‫على الشكل التالي‪:‬‬

‫آلتي ‪SCAN PET‬‬ ‫‪ 28‬آلة للتصوير بالرنني املغناطيسي‪.‬‬ ‫‪ 90‬آلة للتصوير الطبقي‪.‬‬

‫الفاتورتان الصحية‬ ‫و االستشفائية‬ ‫يجب التمييز بني الفاتورة الصحية التي تقدر‬

‫المستشفيات الخاصة المعتمدة (مسح ‪)2006‬‬ ‫المحافظة‬

‫عدد األسرّ ة‬

‫عدد المستشفيات‬ ‫إقامة قصيرة‬

‫إقامة طويلة‬

‫إقامة قصيرة‬

‫إقامة طويلة‬

‫بيروت‬ ‫جبل لبنان‬ ‫البقاع‬ ‫الشمال‬

‫‪11‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪14‬‬ ‫صفر‬ ‫‪2‬‬

‫‪1683‬‬ ‫‪3112‬‬ ‫‪1216‬‬ ‫‪1309‬‬

‫‪754‬‬ ‫‪2327‬‬ ‫صفر‬ ‫‪175‬‬

‫الجنوب‬

‫‪17‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1361‬‬

‫‪200‬‬

‫المجموع‬

‫‪101‬‬

‫‪19‬‬

‫‪8681‬‬

‫‪3456‬‬

‫وهي توفر مختلف اخلدمات املطلوبة حيث‬ ‫جند‪:‬‬ ‫‪ 31‬مركزا ً لتمييل الشرايني‪.‬‬ ‫‪ 22‬مركزا ً جلراحة القلب املفتوح‪.‬‬ ‫‪ 8‬مراكز للعالج باألشعة‪.‬‬ ‫‪ 31‬مركزا ً لتفتيت احلصى‪.‬‬ ‫‪ 3‬مراكز لزرع النخاع الشوكي‪.‬‬ ‫‪ 5‬مراكز لزراعة الكلي‪.‬‬ ‫‪ 45‬مركزا ً لغسل الكلى‪.‬‬ ‫مركز ملعاجلة اإلدمان‪.‬‬ ‫‪ 4‬مراكز ملعاجلة احملروقني‪.‬‬ ‫‪ 9‬مراكز لطفل األنبوب‪.‬‬ ‫‪ 10‬مراكز للعيون‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫قيمتها مبلياري دوالر أميركي ومت ّثل نسبة ‪%9‬‬ ‫من الناجت القومي‪ ،‬بحسب تقارير البنك الدولي‬ ‫ومنظمة الصحة العاملية والفاتورة االستشفائية‬ ‫التي هي جزء من الفاتورة الصحية وقيمتها تتراوح‬ ‫بني ‪ 600‬و‪ 650‬مليون دوالر أميركي‪ ،‬وهو مبلغ‬ ‫زهيد قياسا ً على املستوى العالي للخدمات التي‬ ‫تؤمنها املستشفيات ألكثر من ‪ 3.5‬ماليني مواطن‬ ‫هم على عاتق هذه الصناديق‪ ،‬أي مبعدل ‪ 115‬دوالرا ً‬ ‫أميركيا ً سنويا ً عن كل شخص‪ ،‬ومت ّثل ‪ %2.72‬من‬ ‫الناجت القومي‪ ،‬أي حوالى ‪ %30‬من مجمل الفاتورة‬ ‫الصحية‪ .‬وهذه الفاتورة موزعة على املؤسسات‬ ‫الضامنة الرسمية (وزارة الصحة العامة‪ ،‬الضمان‬ ‫االجتماعي‪ ،‬اجليش‪ ،‬قوى األمن الداخلي وتعاونية‬

‫‪88‬‬

‫املوظفني على الشكل الوارد أدناه في ضوء‬ ‫موازنتها السنوية املرصودة لالستشفاء‪ ،‬علما ً‬ ‫بأنها الوحيدة التي تخضع للمراقبة املسبقة‬ ‫والتدقيق‪ ،‬على عكس ما يحصل في كل املراكز‬ ‫الصحية خارج املستشفيات التي ال تخضع ألية‬ ‫مراقبة تذكر‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الرتفاع هذه الفاتورة فإن األمر‬ ‫توضحه األرقام العائدة لكل من الصندوق الوطني‬ ‫للضمان االجتماعي ووزارة الصحة العامة‪،‬‬ ‫كونهما يغطيان القسم األكبر من هذه الفاتورة‪،‬‬ ‫وذلك من خالل االعتمادات السنوية املرصودة‬ ‫لالستشفاء في موازنة وزارة الصحة العامة‬ ‫خالل السنوات بني ‪ 2000‬و‪ 2005‬التي تشمل أيضا ً‬ ‫املستشفيات احلكومية‪( .‬جدول رقم ‪)3‬‬ ‫وتعود زيادة هذه االعتمادات أساسا ً الى أسباب‬ ‫عديدة منها‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬االرتفاع الطبيعي في تكلفة الطبابة‪،‬‬ ‫خاصة األدوية واملستلزمات الطبية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬ازدياد عدد اللبنانيني الذين يلجأون إلى‬ ‫تغطية وزارة الصحة بدال ً من أن يشتروا بوالص‬ ‫تأمني أو أن يسددوا فاتورة املستشفى من جيبهم‬ ‫اخلاص‪ ،‬وذلك بسبب الضائقة املادية املتزايدة‪.‬‬ ‫(جدول رقم ‪)4‬‬ ‫ويضاف إلى هذه األسباب تلك العائدة إلى ازدياد‬ ‫الفاتورة االستشفائية التي يدفعها الضمان‬ ‫بنسبة أكبر من ازدياد عدد املضمونني ومنها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ زيادة شرائح جديدة من املضمونني تبني أن‬ ‫كلفتهم عالية جدا ً مقارنة مع غيرها من الشرائح‬ ‫(الضمان االختياري‪ ،‬السائقون العموميون‪.)...،‬‬ ‫‪2‬ـ دخول عدد من املرضى إلى املستشفيات‬ ‫إلجراء فحوصات كان ميكن إجراؤها كفحوصات‬ ‫خارجية‪ ،‬حيث إن املريض يدفع فقط ‪ %10‬من‬ ‫الفاتورة عند دخوله إلى املستشفى‪ ،‬بينما عليه‬ ‫أن يدفع ‪ %100‬تكلفة الفحوصات اخلارجية‪ ،‬ثم‬ ‫عليه أن ينتظر أشهرا ً طويلة حتى يعود فيحصل‬ ‫على ‪ %80‬من الضمان‪ .‬ونظرا ً للضائقة املالية‪ ،‬فإن‬


‫فاتورة االستشفاء في لبنان تتراوح بني ‪ 600‬و‪ 650‬مليون دوالر سنوياً‬ ‫ـ نسبة أتعاب األطباء تتراوح بني ‪ 450‬و‪ 480‬مليون دوالر سنوياً‬ ‫ـ موازنة وزارة الصحة لالستشفاء ‪ 200‬مليار ليرة سنوياً وهي تشمل‬

‫أنواع التمويل‪:‬‬

‫‪ %31.9‬من وزارة الصحة‬ ‫‪ %39.6‬من الضمان االجتماعي‬ ‫‪ %13.9‬من اجليش ‪ %14.6‬من شركات‬ ‫املستشفيات اخلاصة واحلكومية‬ ‫ـ حصة القطاع اخلاص من فاتورة االستشفاء تتراوح بني ‪ %85‬و‪ %90‬التأمني اخلاصة وصناديق التعاضد اخلاصة‬ ‫بالقضاة واألساتذة اجلامعيني وغيرها‬ ‫ـ حصة القطاع العام من فاتورة االستشفاء تتراوح بني ‪ %10‬و‪%15‬‬ ‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫االعتمادات المرصدة لالستشفاء في موازنة وزارة الصحة العامة خالل األعوام ‪2000‬و ‪2005‬‬ ‫اعتمادات االستشفاء بالليرة اللبنانية‬ ‫‪105.825.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪175.440.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪184.787.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪163.512.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪199.433.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪195.053.000.000‬ل‪.‬ل‬

‫السنة‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬

‫جدول رقم ‪4‬‬ ‫ازدياد قيمة الفاتورة االستشفائية بازدياد عدد المضمونين بين األعوام ‪2000‬و‪2004‬‬ ‫السنة‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬

‫عدد المضمونين‬ ‫‪ 345.659‬مضموناً‬ ‫‪ 357.742‬مضموناً‬ ‫‪376.951‬مضموناً‬ ‫‪ 416.567‬مضموناً‬ ‫‪ 464.705‬مضمونين‬

‫الفاتورة االستشفائية (ل‪.‬ل)‬ ‫‪116.818.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪178.971.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪190.844.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪217.690.000.000‬ل‪.‬ل‬ ‫‪223.881.000.000‬ل‪.‬ل‬

‫جدول رقم‪5‬‬ ‫قيمة الفاتورة االستشفائية من الفاتورة الصحية ونسبتها من الناتج القومي في لبنان وفرنسا‬ ‫الفاتورة الصحية‬ ‫السنوية في لبنان‬ ‫(‪)$‬‬

‫الفاتورة‬ ‫االستشفائية‬ ‫السنوية في‬ ‫لبنان(‪)$‬‬

‫الناتج المحلي في لبنان(‪)$‬‬

‫‪2.000.000.000‬‬

‫‪600.000000‬‬

‫‪22.100.000.000‬‬

‫نسبة الفاتورة‬ ‫الصحية من‬ ‫الناتج القومي‬ ‫في لبنان (‪)%‬‬

‫نسبة الفاتورة‬ ‫االستشفائية من‬ ‫الناتج القومي‬ ‫في لبنان (‪)%‬‬

‫‪%9‬‬

‫‪%2.72‬‬

‫الفاتورة االستشفائية السنوية في‬ ‫فرنسا(‪)$‬‬

‫الناتج القومي في‬ ‫فرنسا(‪)$‬‬

‫نسبة الفاتورة االستشفائية من‬ ‫الناتج القومي في فرنسا (‪)%‬‬

‫‪88.137.000.000‬‬

‫‪2.178.000.000.000‬‬

‫‪%4‬‬

‫الكلفة االستشفائية مقارنة بين لبنان وفرنسا‬

‫الفاتورة االستشفائية‬ ‫السنوية في لبنان‬ ‫بالدوالر األميركي‬

‫الفاتورة االستشفائية السنوية في فرنسا‬ ‫بالدوالر األميركي‬

‫معدل الفاتورة‬ ‫السنوية‬ ‫للشخص في‬ ‫لبنان (عدد‬ ‫السكان ‪4‬‬ ‫ماليين)‬ ‫بالدوالر‬ ‫األميركي‬

‫معدل الفاتورة‬ ‫السنوية‬ ‫للشخص في‬ ‫فرنسا (عدد‬ ‫السكان ‪60‬‬ ‫مليون) بالدوالر‬ ‫األميركي‬

‫‪600.000.000‬‬

‫‪88.137.000.000‬‬

‫‪150‬‬

‫‪1.469‬‬

‫‪89‬‬

‫عددا ً أكبر من الناس بات ال يستطيع أن يتحمل‬ ‫هذه النفقات اإلضافية‪ ،‬ومن ثم االنتظار مدة‬ ‫طويلة كي يستعيد قسما ً منها‪.‬‬ ‫‪3‬ـ زيادة معدل عمر اإلنسان عموما ً وبالتالي‬ ‫املضمونني‪ ،‬مما يجعلهم أكثر عرضة لألمراض‬ ‫وخاصة األمراض املكلفة معاجلتها‪.‬‬ ‫‪4‬ـ األدوية اجلديدة الباهظة الثمن مثل أدوية‬ ‫األمراض السرطانية وانتشار استعمالها أحيانا ً‬ ‫بشكل لم يثبت جدواه‪.‬‬ ‫‪5‬ـ املستلزمات الطبية اجلديدة والباهظة‬ ‫الثمن التي تستعمل في العمليات اجلراحية‪،‬‬ ‫مثل العمليات باملنظار والشرايني والعظم‬ ‫والعني‪.‬‬ ‫وبالرغم من كل هذه الفجوات في النظام‬ ‫الصحي اللبناني‪ ،‬فإن كلفة االستشفاء تبقى‬ ‫أدنى بكثير مما هي عليه مثالً في فرنسا التي‬ ‫لديها النظام الصحي األفضل في العالم‪ ،‬وهذا‬ ‫ما سنب ّينه من خالل اجلداول التالية‪( :‬جداول رقم‬ ‫‪ 5‬ـ ‪)6‬‬

‫التعرفة‬ ‫أما في ما يتعلق بالتعرفة التي تسددها‬ ‫املؤسسات الضامنة الرسمية إلقامة املريض‬ ‫العادية في السرير‪ ،‬فهي تبلغ في اليوم الواحد‬ ‫وفي املستشفى اجلامعي ‪ 35000‬ليرة لبنانية‬ ‫لتغطية كل ما تستلزمه هذه اإلقامة من‬ ‫خدمات فندقية ومتريضية وغيرها‪ ...‬وهي تعرفة‬ ‫موضوعة منذ عام ‪ 1993‬بالرغم من الزيادات التي‬ ‫طرأت مذاك التاريخ من رسوم وضرائب وغالء‬ ‫معيشة‪ ،‬علما ً بأن املستشفيات ال تستفيد من‬ ‫أية إعفاءات أو دعم‪ ،‬كما أنها تس ّلف خدماتها‬ ‫للمؤسسات الضامنة التي تتأخر في املقابل في‬ ‫تسديد مستحقاتها ملا يفوق أحيانا ً لدى البعض‬ ‫سنوات عدة‪ ،‬وأن قيمة املستحقات التي لم‬ ‫تسدد عن عام ‪ 2007‬وما قبل وبعد تناهز الـ‪900‬‬ ‫مليار ليرة‪.‬‬ ‫وهذا ما أثبتته الدراسة التي وضعتها وزارة‬ ‫الصحة باالشتراك مع البنك الدولي في عام‬ ‫‪ 2007‬حول كلفة التقدميات االستشفائية التي‬ ‫لم يأخذ بها أي من املؤسسات الضامنة باستثناء‬ ‫الوزارة التي طبقتها على املقطوع فقط‪( :‬جدول‬ ‫رقم ‪.)7‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر صحة‬ ‫جدول رقم ‪6‬‬ ‫توزيع الناتج القومي على عدد السكان مقارنة بين لبنان وفرنسا‬ ‫الناتج المحلي في لبنان‬

‫الناتج المحلي في فرنسا‬

‫المعدل الفردي في لبنان‬ ‫(‪ 4‬ماليين نسمة)‬

‫‪$22.100.000.000‬‬

‫‪$2.178.000.000.000‬‬

‫‪$5.525‬‬

‫المعدل الفردي في‬ ‫فرنسا (‪ 60‬مليون‬ ‫نسمة)‬ ‫‪$36.300‬‬

‫جدول رقم ‪7‬‬ ‫الفروقات بين هذه الدراسة والتعرفات المطبقة من بعض المؤسسات الضامنة‬ ‫الخدمة‬ ‫اإلقامة في الغرفة العادية‬ ‫العناية الفائقة ‪ICU‬‬ ‫‪CCU‬‬ ‫‪CSU‬‬ ‫غرفة العمليات‬ ‫غرفة التوليد‬ ‫سرير المولود حديثاً‬ ‫الحاضنة‬ ‫الـ ‪SCANER‬‬ ‫التصوير بالرنين المغناطيسي‬

‫تعرفة البنك الدولي ل‪.‬ل‬ ‫دراسة موضوعة عام‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪83.000‬‬ ‫‪385.000‬‬ ‫‪257.000‬‬ ‫‪435.000‬‬ ‫‪7.800‬‬ ‫‪142.000‬‬ ‫‪19.000‬‬ ‫‪145.000‬‬ ‫‪157.000‬‬ ‫‪367.000‬‬

‫التعرفة المطبقة من قبل‬ ‫الضمان حالياً ل‪.‬ل‬

‫الفرق‬

‫‪35.000‬‬ ‫‪294.000‬‬ ‫‪196.000‬‬ ‫‪294.000‬‬ ‫‪5.000‬‬ ‫‪84.245‬‬ ‫‪14.500‬‬ ‫‪65.250‬‬ ‫‪140.000‬‬ ‫‪250.000‬‬

‫ ‪%137‬‬‫ ‪%31‬‬‫ ‪%31‬‬‫ ‪%48‬‬‫ ‪%56‬‬‫ ‪%69‬‬‫ ‪%31‬‬‫ ‪%122‬‬‫ ‪%12‬‬‫‪%47 -‬‬

‫ملف شائك من دون شك‪ ،‬إالّ أن الشيء‬ ‫الثابت واألكيد فيه هو أن فاتورة االستشفاء‬ ‫ال تزال ترتفع باطراد من دون أن ترضي أيا ً من‬ ‫حلقاتها املترابطة‪ ،‬بد ًءا من األطباء مرورا ً‬ ‫باملستشفيات وأصحاب اخملتبرات والصيادلة‪،‬‬ ‫وصوال َ إلى الضمان االجتماعي‪ ،‬التي تشكو‬ ‫دائما ً من الغنب في تقدمي اخلدمات التي‬ ‫يتحمل عبأها في نهاية املطاف بسبب غمرة‬ ‫األحداث السياسية واملصيرية التي عصفت‬ ‫في البالد‪.‬‬ ‫قطاع متشعب يستحق التوقف عند مفاصله‬ ‫األساسية في ظل تقهقر رسمي قسري‬ ‫وطوعي غ ّيب السياسات الراعية مللف الصحة‬ ‫واالستشفاء‪ ،‬ومرونة مطاطة لدى القطاع اخلاص‬ ‫أتاحت استباحة احملرمات والقوانني في أحيان أخرى‪،‬‬ ‫وذلك في محاولة الستكشاف الواقع والسؤال‬ ‫على من يرعى ويوزّع الواجبات خدمة لرسالة‬ ‫لم نعد نعرف هويتها؟ ومن هي اجلهة الضحية‬ ‫التي تتحمل التبعات؟ وأين دور وزارة الصحة؟ كون‬ ‫الصحة حق أساسي من حقوق اإلنسان بال متييز‪،‬‬ ‫ولكن أين هذا احلق من املواطن اللبناني؟‬

‫حتقيق ‪ :‬ليديا ابو درغم‬

‫جدول رقم ‪8‬‬

‫جدول رقم ‪9‬‬

‫إنفاق القطاع الصحي كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي‬

‫أنظمة التأمين والنسبة المئوية لألسر المشمولة بالتغطية حسب الجهة الضمنة وفق‬

‫في بعض البلدان المتقدمة لعام ‪2000‬وبعض البلدان العربية لعام ‪2002‬‬

‫المسح الوطني لإلنفاق األسري على الصحة (‪)1999‬‬

‫إنفاق القطاع الصحي كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي‬ ‫في بعض البلدان المتقدمة لعام ‪2000‬‬ ‫السنة‬

‫المانيا‬

‫اسبانيا‬

‫فرنسا‬

‫السويد‬

‫ايطاليا‬

‫‪1980‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪2000‬‬

‫‪8.7‬‬ ‫‪8.5‬‬ ‫‪10.6‬‬

‫‪5.4‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪7.5‬‬

‫‪7.3‬‬ ‫‪8.6‬‬ ‫‪9.3‬‬

‫‪8.8‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪8.4‬‬

‫‬‫‪8.0‬‬ ‫‪8.2‬‬

‫الواليات‬ ‫المتحدة‬ ‫‪8.7‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪13.1‬‬

‫إنفاق القطاع الصحي كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي في بعض البلدان العربية لعام ‪2002‬‬

‫السنة‬

‫االردن‬

‫تونس‬

‫البحرين‬

‫الكويت‬

‫‪2002‬‬

‫‪9.3‬‬

‫‪5.8‬‬

‫‪4.4‬‬

‫‪3.8‬‬

‫االمارات‬ ‫العربية‬ ‫المتحدة‬ ‫‪3.1‬‬

‫قطر‬ ‫‪3.1‬‬

‫أنظمة التأمين‬ ‫الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬ ‫تعاونية موظفي الدولة‬ ‫القوى األمنية‬ ‫التأمين الخاص‬ ‫أنواع أخرى‬ ‫إجمالي المضمونين‬ ‫غير محدد‬ ‫إجمالي غير المضمونين‬ ‫اإلجمالي الكلّي‬

‫النسبة المئوية لألسر المشمولة بالتغطية‬ ‫‪%17.8‬‬ ‫‪%4.5‬‬ ‫‪%8.1‬‬ ‫‪%8.3‬‬ ‫‪%10.7‬‬ ‫‪%45.9‬‬ ‫‪%1.8‬‬ ‫‪%52.3‬‬ ‫‪%100‬‬

‫جدول رقم ‪ 10‬إنفاق وزارة الصحة على الرعاية العالجية‪ ،‬حسب نوع الخدمة‬

‫الفئة‬ ‫استشفاء‬

‫‪1996‬‬

‫‪1997‬‬

‫‪1998‬‬

‫‪%69‬‬

‫‪%70‬‬

‫‪%67‬‬

‫جراحة اليوم الواحد‬

‫‪%0‬‬

‫‪%0‬‬

‫‪%3‬‬

‫خدمات تمريضية‬

‫‪%10‬‬

‫‪%10‬‬

‫‪%11‬‬

‫عالج فيزيائي‬

‫‪%0‬‬

‫أطراف اصطناعية‬

‫‪%0‬‬

‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬

‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬

‫أشعة‪ ،‬مختبر‪ ،‬تصويرطبقي‪ ،‬تصوير بالرنين النغناطيسي‬

‫‪%2‬‬

‫‪%2‬‬

‫‪%1‬‬

‫جراحة القلب المفتوح‪ ،‬غسل الكلي‪ ،‬زرع الكلي‪ ،‬الحروق‪ ،‬العالج الكيميائي‬

‫‪%20‬‬

‫‪%18‬‬

‫‪%7‬‬

‫المجموع‬

‫‪%100‬‬

‫‪%100‬‬

‫‪%100‬‬

‫حصة وزارة الصحة من اإلنفاقات‬

‫‪%77‬‬

‫‪%78‬‬

‫‪%75‬‬

‫المصدر‪:‬حسابات الصحة الوطنية في لبنان ‪ ،1998‬ديسمبر ‪( 2000‬عُ ِّدل من قبل مؤسسة البحوث واالستشارات ‪)CRI‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪90‬‬


‫جدول رقم ‪11‬‬ ‫تو ّزع المستشفيات واألس ّرة في القطاعين العام والخاص حسب المحافظات‬ ‫خاص (سنة ‪)2002‬‬

‫المجموع‬

‫عام (سنة ‪)2001‬‬

‫المحافظة‬

‫عدد‬ ‫المستشفيات‬

‫عدد األسرّ ة‬

‫عدد‬ ‫المستشفيات‬

‫عدد األسرّ ة‬ ‫المستخدمة‬

‫عدد‬ ‫المستشفيات‬

‫عدد األسرّ ة‬

‫بيروت‬ ‫جبل لبنان‬

‫‪34‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪3672‬‬ ‫‪5044‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪310‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪3686‬‬ ‫‪5354‬‬

‫الشمال‬

‫‪23‬‬

‫‪1561‬‬

‫‪5‬‬

‫‪229‬‬

‫‪28‬‬

‫‪1790‬‬

‫الجنوب‬

‫‪24‬‬

‫‪1784‬‬

‫‪6‬‬

‫‪411‬‬

‫‪30‬‬

‫‪2195‬‬

‫البقاع‬

‫‪24‬‬

‫‪1454‬‬

‫‪4‬‬

‫‪171‬‬

‫‪28‬‬

‫‪1625‬‬

‫المجموع‬

‫‪161‬‬

‫‪13515‬‬

‫‪21‬‬

‫‪1135‬‬

‫‪182‬‬

‫‪14650‬‬

‫جدول رقم ‪12‬‬ ‫توزع المستشفيات العامة حسب عدد األس ّرة‬ ‫عدد األسرّ ة‬

‫‪2005‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2006‬‬

‫العدد‬

‫‪%‬‬

‫العدد‬

‫‪%‬‬

‫أقل من ‪ 70‬سريراً‬

‫‪13‬‬

‫‪%72‬‬

‫‪15‬‬

‫‪%56‬‬

‫من ‪ 71‬الى‪ 200‬سرير‬

‫‪4‬‬

‫‪%22‬‬

‫‪10‬‬

‫‪%37‬‬

‫أكثر من ‪ 200‬سرير‬

‫‪1‬‬

‫‪%6‬‬

‫‪2‬‬

‫‪%7‬‬

‫اإلجمالي‬

‫‪18‬‬

‫‪%100‬‬

‫‪27‬‬

‫‪%100‬‬

‫العدد‬ ‫‪16‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪%38‬‬ ‫‪%7‬‬ ‫‪%100‬‬

‫جدول رقم ‪13‬‬ ‫تطور موازنات وزارة الصحة‬ ‫العام‬

‫الموازنة العامة (مليون ل‪.‬ل)‬

‫موازنة وزارة الصحة (مليون ل‪.‬ل)‬

‫النسبة المئوية‬

‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬

‫‪8.590.000‬‬ ‫‪9.900.000‬‬ ‫‪9.375.000‬‬ ‫‪8.600.000‬‬

‫‪274.000‬‬ ‫‪315.274‬‬ ‫‪289.526‬‬ ‫‪289.130‬‬

‫‪%3.2‬‬ ‫‪%3.2‬‬ ‫‪%3.1‬‬ ‫‪%3.3‬‬

‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪344.613‬‬ ‫‪9.380.000‬‬ ‫‪360.250‬‬ ‫‪9.575.000‬‬ ‫المصدر‪ :‬الموازنات الحكومية (‪)2005 -2004 -2003 -2002 -2001 -2000‬‬

‫‪91‬‬

‫‪%3.7‬‬ ‫‪%3.8‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر تربية‬

‫التعليم في لبنان‪ :‬تس ّرب مدرسي ومطالب ّ‬ ‫محقة‬

‫محمد قاسم لـ «منبر التوحيد»‪ :‬متمسكون بحقوقنا‬ ‫وسنخوض معركة ضد الحكومة والمجلس النيابي لتحقيقها‬ ‫ترخي التشنجات السياسية في لبنان‬ ‫واقعها املرير على مختلف اجلوانب االجتماعية‬ ‫واالقتصادية لتطال امللف التربوي الذي مي ّثل‬ ‫الركيزة األساسية لبناء جيل جديد‪ ،‬واع‪،‬‬ ‫ومثقف‪ ،‬يعمل على تطوير اجملتمع من أجل‬ ‫إيجاد دولة عادلة‪ ،‬قادرة على املساواة بني أفرادها‬ ‫للوصول إلى أعلى مستويات الرقي واحلضارة‪.‬‬ ‫يعاني الواقع التربوي في لبنان‪ ،‬وكغيره من‬ ‫اجلوانب‪ ،‬من عوامل سلبية عديدة تتخطى‬ ‫اإليجابية منها‪ .‬وللوقوف أكثر عند هذا املوضوع‪،‬‬ ‫سنتناول اجلوانب واملستويات التربوية كلها‪،‬‬ ‫إلظهار املعوقات التي تواجه الكادر التعليمي‬ ‫في لبنان‪ .‬فهناك مراسيم وقوانني عديدة تتابع‬ ‫اجلوانب التربوية والوضع التعليمي كالدستور‬ ‫اللبناني واتفاق الطائف‪ ،‬قانون إنشاء وزارة‬ ‫التربية‪ ،‬التشريع اللبناني‪ ،‬االتفاقيات الدولية‬ ‫لكن ذلك ال ينفي‬ ‫ومواثيق األمم املتحدة وغيرها‪ّ .‬‬ ‫وجود صعوبات تواجه الطالب واألستاذ على‬ ‫ّ‬ ‫لتشكل عقبة أساسية بوجه التقدم‬ ‫حد سواء‬ ‫وإعالء الشأن التربوي والتعليمي‪.‬‬ ‫السؤال املطروح في هذا اإلطار يتمحور حول مدى‬ ‫تطبيق مبادئ التعليم وااللتزام بالعمل على نشرها‬ ‫وتطويرها‪ ،‬ومعاجلة التس ّرب املدرسي والتمييز بني‬ ‫اإلنسان الطبيعي وذوي احلاجات اخلاصة‪ .‬ويجري‬ ‫احلديث منذ زمن عن قانون إلزامية التعليم‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من أهمية تطبيق هذا قانون‪ ،‬الذي يلزم الطالب‬ ‫بالتعلم باحلد األدنى حتى املرحلة االبتدائية‪ ،‬إالّ أنه ال‬ ‫يط ّبق في لبنان إن جلهة املدارس الرسمية أو اخلاصة‪،‬‬ ‫وهذا ما تظهره نسب التس ّرب املدرسي التي ترتفع‬ ‫بشكل ملحوظ‪ ،‬مما يدفع بنا للتشديد على أهمية‬ ‫العمل على مساءلة ومحاسبة اجلهات احلكومية‬ ‫وحتى اجلمعيات األهلية واملنظمات غير احلكومية‪.‬‬ ‫ويظهر هذا التس ّرب جليا ً بعمالة األطفال املتزايدة‬ ‫يوما ً بعد يوم والتي جتعل هذا الشريان احليوي عرضة‬ ‫لإلقصاء والعنف واالستغالل‪ ،‬مما يفقد اجملتمع‬ ‫السلسلة األهم من قاعدة الهرم االجتماعي لبناء‬ ‫الدولة والوصول إلى تنمية تربوية حقيقية تنعكس‬ ‫بالتالي على الهرم اجملتمعي بأكمله‪.‬‬

‫مطالب طالبية كثيرة‪،‬‬ ‫ماذا عن حقوق األساتذة؟‬ ‫كما يعاني الطالب في لبنان‪ ،‬كذلك يواجه‬ ‫املعلمون مشاكل عديدة‪ ،‬خاصة جلهة تصحيح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األجور‪ .‬وهذا ما حتاول روابط املعلمني بكل فروعها‬ ‫املطالبة بها للوصول إلى أدنى حد من تنفيذ‬ ‫احلقوق‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” التقت عضو الهيئة اإلدارية‬ ‫لرابطة أساتذة التعليم الثانوي األستاذ محمد‬ ‫قاسم‪ ،‬وكان هذا احلوار‪:‬‬

‫محمد قاسم‬ ‫ـ ما رأيك بالواقع التربوي في لبنان‪ ،‬خاصة مع‬ ‫املشاكل التي يعانيها األساتذة والطالب على حد‬ ‫سواء؟‬ ‫يشهد لبنان أزمة حقيقية في الواقع التربوي‪،‬‬ ‫وخصوصا ً في التعليم الرسمي‪ .‬خاصة في بداية‬ ‫تطبيق املناهج التعليمية اجلديدة حيث إ ّن الدولة‬ ‫لم تعتمد خطة النهوض التربوي التي أق ّرت في‬ ‫العام ‪ ،1994‬والتي وضعت على أساسها مشروعا ً‬ ‫متكامالً للنهوض التربوي في لبنان يشمل بنودا ً‬ ‫تسعة في مقدمته‪ :‬اخلريطة املدرسية‪ ،‬التوزيع‬ ‫املدرسي‪ ،‬إعداد املعلمني‪ ،‬البناء املدرسي‪ ،‬التجهيزات‪،‬‬ ‫األنشطة‪ ،‬والعديد من العناوين‪ ،‬من بينها املناهج‬ ‫التعليمية ومشكلتها األساسية أنها جاءت‬ ‫متس ّرعة وغير مدروسة‪ ،‬ولم تسبقها دراسات‬ ‫واقعية وميدانية لدراسة سوق العمل‪ ،‬وحاجات‬ ‫اجملتمع اللبناني‪ ،‬مبن فيه الطالب اللبناني ومستواه‬ ‫التعليمي‪ ،‬إضافة لقدرة املؤسسات التعليمية‬ ‫الرسمية (املدارس االبتدائية واملتوسطة والثانوية‬

‫‪92‬‬

‫ومبا فيها دور احلضانة) على استيعاب هذه‬ ‫املناهج وتطبيقها وفق الواقع الداخلي‪،‬‬ ‫وقدرة الهيئة التعليمية واإلدارة التربوية‪،‬‬ ‫وقدرة املؤسسات التعليمية مجتمعة التي‬ ‫عجزت عن مواكبة مضامني هذه املناهج‬ ‫التي جاءت إسقاطا ً من األعلى دون أن يُصار‬ ‫إلى تنفيذ هذه الدراسات الواقعية اخلاصة‬ ‫بها‪ ،‬ما أدى إلى تفاقم مشكلة املدرسة‬ ‫الرسمية‪ ،‬خاصة بعد استبعاد ممثلي الهيئة‬ ‫التعليمية‪ ،‬وعدم مشاركة رابطات األساتذة‬ ‫في صنع القرار عند إقرار هذه املناهج‪.‬‬ ‫ـ ما الصعوبات التي يواجهها الواقع‬ ‫التعليمي في لبنان حالياً؟‬ ‫الواقع التعليمي في لبنان يواجه صعوبات‬ ‫كثيرة من حيث ضعف املناهج التي تتط ّلب‬ ‫جتهيزات تربوية وتعليمية من أبنية مجهّ زة‬ ‫ومختبرات ومكتبات وغيرها‪ ،‬وتنظيم‬ ‫الغرف على أساس مجموعات العمل كما‬ ‫حددتها هذه املناهج‪ ،‬التي من شروطها األساسية‬ ‫ّ‬ ‫استيعاب غرفة التدريس ‪ 25‬تلميذا ً باحلد األقصى‪،‬‬ ‫موزّعني على أساس مجموعة عمل‪ ،‬والتع ّلم‬ ‫الشمولي‪ ،‬وهذا ما وجدنا صعوبة به‪ ،‬وخاصة في‬ ‫ما يتع ّلق بتجديد بعض الكتب‪ ،‬التي حتتوي على‬ ‫عوائق شديدة ومشكلة كبيرة في عملية التطبيق‪،‬‬ ‫ما أ ّدى إلى تراجع املدرسة الرسمية فجاءت يتيمة‪:‬‬ ‫فال الغرف فسيحة‪ ،‬وال األبنية صحيحة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫أكدته إحصاءات وزارة التربية‪ ،‬عبر وجود ‪ %80‬من‬ ‫املدارس الرسمية غير اجملهّ زة‪ ،‬وهي مبعظمها أبنية‬ ‫مستأجرة وسكنية‪ ،‬هذا إضافة إلى النقص الفاضح‬ ‫في املالعب واملكتبات واخملتبرات‪ ،‬واملواد احلديثة مبعنى‬ ‫املعلوماتية والتكنولوجيا والفنون واملسرح‪ ،‬التي‬ ‫لم يتوافر لها ال اجلهاز التعليمي‪ ،‬وال أدوات الشرح‬ ‫واإليضاح‪ .‬وبالتالي فهذه املواد التي تواكب احلداثة‬ ‫عد لها اجلهاز‬ ‫والعصرنة‪ ،‬لم تُستخدم حتى اآلن‪ ،‬ولم يُ ّ‬ ‫التعليمي املؤهل‪ .‬املشكلة األخرى واألهم هي إعداد‬ ‫املعلمني لهذه املناهج‪ .‬فدورات اإلعداد التي أُجريت‬ ‫كانت دورات فولكلورية شكلية لثالثة أيام ولم تُتابع‪،‬‬ ‫وهناك آالف من أفراد الهيئة التعليمية لم يخضعوا‬ ‫ألي دورة تدريبية‪ .‬فتُركت املدرسة الرسمية واجلهاز‬ ‫التعليمي ليتد ّبرا أمرهما ووضعهما‪ .‬فإذا اعتبرنا أ ّن‬ ‫هناك جناحا ً لهذه املناهج‪ ،‬فهو جناح ناجت من قدرة‬ ‫األساتذة والتزام الهيئة التعليمية‪ .‬لكن حقا ً هناك‬ ‫أزمة حقيقية وجدية اآلن‪ ،‬هي املدرسة االبتدائية‬ ‫واملتوسطة‪ .‬فالتعليم الثانوي يواجه مشاكل لكنها‬ ‫معد وهو ُمجاز من كلية التربية‪.‬‬ ‫أقل‪ ،‬أل ّن األستاذ ّ‬


‫بني التعليم الرسمي واخلاص‬ ‫ـ ماذا عن املنافسة بني التعليم العام أو‬ ‫الرسمي والتعليم اخلاص؟‬ ‫إ ّن املنافسة في التعليم الثانوي هي منافسة‬ ‫شديدة مع القطاع اخلاص‪ ،‬وقد ّ‬ ‫متكن التعليم‬ ‫الثانوي بفضل أساتذته فقط من منافسة القطاع‬ ‫اخلاص واستقطاب أعداد كبيرة‪ ،‬نتيجة للنجاحات‬ ‫التي يحققها أفراد الهيئة التعليمية على مدار‬ ‫السنوات محققني قفزة نوعية‪ ،‬فتجاوز عدد الطالب‬ ‫الـ‪ %200‬وأكثر مقارنة مبا كان عليه في بداية‬ ‫السبعينيات‪.‬‬ ‫ــ ماذا عن امليزانية التي ُق ّدمت لتطبيق خطة‬ ‫النهوض التربوي؟‬ ‫إ ّن خطة النهوض التربوي التي انطلقت منها هذه‬ ‫املناهج‪ ،‬رُصد لها في ذلك احلني أي عام ‪ ،1994‬مليار‬ ‫و‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬على أساس إنشاء شبكة من‬ ‫املدارس حتت عنوان اخلريطة املدرسية والتجهيزات‬ ‫والعناوين األخرى‪ .‬لألسف‪ ،‬لم يُط ّبق منها سوى هذا‬ ‫العنوان “املناهج”‪ ،‬ولم يُصرف عليه إالّ بعض األموال‬ ‫التي ذهب جزء منها لألمور الفولكلورية مبعنى‬ ‫َ‬ ‫يحظ قطاع التعليم‬ ‫اإلعالنات والدعايات‪ .‬إذاً‪ ،‬لم‬ ‫بأكثر من واحد باملئة من األزمة املالية العامة في‬ ‫لبنان والتي قاربت الـ‪ 50‬مليار دوالر‪ ،‬أل ّن مجموع ما‬ ‫ُصرف حتى اآلن ال يوازي ‪ 50‬أو ‪ 60‬مليون دوالر‪ ،‬بينما‬ ‫كان املطلوب مليارا و‪ 300‬مليون‪ ،‬هذه القيمة كانت‬ ‫تساوي على األقل ‪ %2.5‬من قيمة الدين العام احلاصل‬ ‫حالياً‪ .‬تراكمت اخلمسون ملياراً‪ ،‬ولم يحصل التعليم‬ ‫على ‪ %1‬منها‪ ،‬فعن أية دولة‪ ،‬وعن أي تربية وتعليم‬ ‫رسمي نحن نتحدث؟ نحن متروكون كتعليم رسمي‬ ‫للقدر والهبات واحلسنات واملكرمات املشكورة‪،‬‬ ‫ولكن ذلك ال يحل أزمة التعليم في لبنان‪.‬‬ ‫ّ‬

‫مسؤولية احلكومة في هدر ميزاينة‬ ‫التعليم الرسمي‬ ‫ـ لم يُدفع املليار و‪ 300‬مليون دوالر؟‬ ‫ال لم ت ّ‬ ‫ُنفذ من خطة النهوض سوى املناهج‪،‬‬ ‫فاملليار و‪ 300‬مليون دوالر كانت خلطة النهوض‬ ‫التربوي في ذلك احلني وعلى مراحل‪ ،‬ولكننا لألسف‬ ‫صرفنا خمسني مليار دوالر على الهدر والفساد‬ ‫لكن التعليم‬ ‫والسرقات وبعض املشاريع اإلمنائية‪ّ .‬‬ ‫الرسمي لم يحصل سوى على ‪ %0.5‬حتى اليوم‪.‬‬ ‫ـ مَن املسؤول عن هذا الهدر في األموال؟ وما‬ ‫كان دور رابطة األساتذة في هذا املوضوع؟‬ ‫احلكومات املتعاقبة واحلكومة املركزية هي املسؤول‬ ‫الوحيد‪ ،‬فنحن منذ انطالق هذه املناهج شعرنا‬ ‫باخلطر احملدق‪ ،‬وعلمنا علينا أن نقوم بدور ما‪ .‬لذلك‬ ‫عقدنا مؤمترا ً تربويا ً عاما ً على مدار أسبوع‪ ،‬شارك‬ ‫فيه كل اخلبراء التربويني‪ ،‬مبا في ذلك املركز التربوي‬ ‫ووزارة التربية والتفتيش التربوي واجلامعة اللبنانية‬ ‫وروابط األساتذة وخبراء في التربية‪ ،‬حيث أظهرنا‬ ‫مشكلة املناهج التعليمية‪ ،‬وأصدرنا هذه التوصيات‬

‫في كتاب‪ ،‬ولكن لألسف‪ ،‬لم يُؤخذ بسطر واحد منها‬ ‫بالرغم من أننا ناقشنا املناهج مادة تلو األخرى‪ ،‬وب ّينا‬ ‫اإلشكاليات في كل مادة من املواد‪ .‬كما عقدنا مؤمترا ً‬ ‫آخر حول مشكلة خطة النهوض التربوي واخلريطة‬ ‫املدرسية‪ ،‬وواقع الهيئة التعليمية‪.‬‬ ‫ـ ما عدد املؤمترات التي عقدمتوها حتى اليوم‪،‬‬ ‫وهل جتد توصياتكم الرد الالزم؟‬ ‫لقد عقدنا ستة مؤمترات تربوية‪ .‬ففي كل عام‬ ‫دراسي كنا نعقد مؤمترا ً تربويا ً لنبينّ مشكلة من‬ ‫املشاكل بشكل مك ّثف لنشير إلى أن هناك أزمة‬ ‫حقيقية‪ ،‬ولكن لألسف فالتوصيات التي رفعناها‬ ‫لم تؤخذ بعني االعتبار‪ .‬ونحن نرى أ ّن ما نوقش وأُخذ‬ ‫من توصيات هو أرقى ما ميكن أن تصل إليه الرؤية‬ ‫التربوية في لبنان‪ ،‬ولكن لألسف فالسياسة غلبت‬ ‫التربية وما زالت‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن االجتماع الذي عقدمتوه مع وزيرة‬ ‫التربية والتعليم العالي‪ ،‬وهل طرحتم مطالبكم‬ ‫خالله؟‬ ‫كان االجتماع حول القضايا العامة‪ .‬فاملطلب‬ ‫األول للهيئة التعليمية ولرابطة أساتذة التعليم‬ ‫الثانوي هو تطوير التعليم الرسمي‪ .‬نعني بذلك‬ ‫أننا قبل أن نبحث في رواتبنا وحقوقنا اخلاصة‪ ،‬نحن‬ ‫نلتزم التعليم الرسمي في لبنان‪ ،‬ونعمل كأولوية‬ ‫عملنا على تطويره وحتصينه وتعزيزه وانتشاره حتت‬ ‫عنوان “دميوقراطية التعليم وإلزاميته ومجانيته”‪.‬‬

‫التعليم حق لكل إنسان‪،‬‬ ‫فأين قانون إلزاميته؟‬ ‫ـ ماذا عن هذا املوضوع بالذات‪ ،‬أي “الزامية‬ ‫التعليم”؟‬ ‫نحن ملتزمون بنظرية إلزامية التعليم‪ ،‬فالتعليم‬ ‫حق لكل اللبنانيني‪ ،‬واملدرسة الرسمية يجب أن تتوافر‬ ‫لكل الراغبني في الدخول إليها‪ ،‬شرط أن تتوافر فيها‬ ‫كل شروط النجاح والعمل التربوي احلقيقي‪.‬‬ ‫تبقى القضايا األخرى التي تتع ّلق مبطالب الهيئة‬ ‫التعليمية‪ :‬فنحن عندما نبدأ العام الدراسي‪،‬‬

‫‪93‬‬

‫نواجه مشاكل‪ ،‬وعندها نضع لها احللول من خالل‬ ‫عقد املؤمترات‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الوضع املعنوي‬ ‫في موضوع حق التنظيم النقابي‪ ،‬فهناك عناوين‬ ‫مختلفة للعمل النقابي وهو ليس محصورا ً‬ ‫بقضايا مادية أو مالية بحتة‪ .‬فنحن عندما نقول‬ ‫“تطوير التعليم الرسمي”‪ ،‬فإ ّن لذلك عناوينه‬ ‫وتف ّرعاته‪ ،‬ونخوض عليه معارك ومؤمترات ونقاشات‪.‬‬ ‫وعندما نتحدث عن الوضع الصحي‪ ،‬لدينا مشكلة‬ ‫مع تعاونيات املوظفني‪ .‬هناك أيضا ً مشكلة الوضع‬ ‫االقتصادي مع كل اجملتمع اللبناني‪ ،‬إذ هناك قضايا‬ ‫مشتركة مع اجملتمع بأكمله‪ ،‬وهي الواقع االقتصادي‬ ‫وقدمنا‬ ‫واالجتماعي‪ .‬ونحن ناقشنا باريس ‪ 1‬و‪ 2‬و‪ّ ،3‬‬ ‫ّ‬ ‫مذكرات للرد فيها على هذا املوضوع وانعكاساته‬ ‫على الهيئة التعليمية والتعليم العام‪ ،‬وناقشنا‬ ‫أيضا ً السياسات النقدية والضريبية وانعكاساتها‪،‬‬ ‫إضافة إلى األجور والرواتب واحلقوق املكتسبة التي‬ ‫بدأنا نخسرها تدريجياً‪ ،‬خاصة بعد الرؤية اخلاطئة‬ ‫التي رسمتها الدولة للوظيفة العامة والتي بدأنا‬ ‫نواجهها في املرحلة األخيرة‪.‬‬ ‫ـ ماذا بشأن التعاقد الوظيفي؟‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬كان عنواننا االستراتيجي خالل‬ ‫السنوات األربع املاضية‪“ ،‬إسقاط مشروع التعاقد‬ ‫الوظيفي”‪ ،‬ألنه أُسقط من صندوق النقد الدولي والبنك‬ ‫الدولي على السياسة اللبنانية وعلى احلكومات التي‬ ‫تبنّته‪ .‬وقد واجهنا موضوع التعاقد الوظيفي الذي كان‬ ‫يهدف في األساس إلى إلغاء الوظيفة العامة وإلغاء‬ ‫دور القطاع العام‪ ،‬مبا فيه املدرسة الرسمية‪ .‬والكل‬ ‫يعلم بتظاهرة الـ‪ 250‬ألفا ً حول التعاقد الوظيفي في‬ ‫‪ 6‬أيار ‪ ،2006‬والكل يعلم أيضا ً أننا ّ‬ ‫متكنا من جلم هذا‬ ‫املشروع الذي لم ينت ِه نهائياً‪ ،‬إذ ما زال هناك أحالم لدى‬ ‫بعض املسؤولني في مشروع التعاقد الوظيفي‪ ،‬وما‬ ‫توجهات البنك الدولي مت ّثل مصدر إلهام‬ ‫زالت أيضا ً ّ‬ ‫لبعض املسؤولني في احلكومات‪.‬‬

‫تصحيح األجور‪:‬‬ ‫زيادة غير عادلة‬ ‫ـ هناك اليوم أزمة جديدة تتمحور حول‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر تربية‬ ‫تصحيح األجور‪ ،‬ما رأيكم بالزيادة اجلديدة؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬إ ّن أزمتنا اجلديدة اليوم هي أزمة تصحيح‬ ‫األجور التي ُج ِّمدت منذ العام ‪ ،1996‬واملترافقة مع‬ ‫تراكم األزمات املعيشية واالقتصادية والصحية‬ ‫التي بدأت تأكل الرواتب واألجور‪ .‬وألول مرة في لبنان‪،‬‬ ‫تتعامل احلكومة مع هذا املوضوع فتدفع مبلغا ً‬ ‫مقطوعا ً من دون االستناد إلى أية معطيات تُذكر‪،‬‬ ‫كما أن هذا التصحيح متّ بقرار سياسي خدمة‬ ‫للواقع السياسي والتشرذم الطائفي واملذهبي‬ ‫واحملاصصات السياسية‪ ،‬دون األخذ بعني االعتبار‬ ‫انعكاس هذا املوضوع على أصحاب الدخل احملدود‬ ‫واملتوسط‪.‬‬ ‫ـ كيف حصلت احملاصصات السياسية؟‬ ‫نحن نرى أ ّن الفريقني حتاصصا في هذا املوضوع‬ ‫على حساب أصحاب الدخل احملدود وأصحاب‬ ‫األجر واألجراء واملوظفني واملعلمني‪ .‬نحن رفضنا‬ ‫هذه الزيادة كقيمة‪ ،‬وطالبنا بزيادتها‪ ،‬وبترافقها‬ ‫مع مواضيع أخرى‪ .‬إذ كيف ميكن لسلسلة الرتب‬ ‫والرواتب أن تجُ ّمد ويُدخل عليها مئتا ألف ليرة دون‬ ‫أن يكون هناك “تد ّرج”؟‪ ،‬فقيمة الدرجة تختلف‬ ‫عندما تُزاد على الرواتب‪ .‬هناك أيضا ً تعويضات أخرى‬ ‫كالتعويض العائلي املوجود في القانون الذي يساوي‬ ‫ثالثة أرباع احلد األدنى لألجور‪ .‬هذا التعويض يجب أن‬ ‫يتحول من ‪ 225‬ألف ليرة على أساس أ ّن احلد األدنى‬ ‫لألجور هو ‪ 300‬ألف‪ ،‬إلى ‪ 375‬ألف ليرة على أساس‬ ‫ثلثي احلد األدنى لألجور اجلديد‪.‬‬ ‫هناك أيضا ً قانون بدل النقل الذي يعطي ‪%2‬‬ ‫كحد أدنى لألجور عن كل يوم‪ ،‬والذي رُفع بنسبة‬ ‫‪ 2000‬ليرة بحيث يصبح بدل النقل ‪ 10000‬ليرة بدل‬ ‫‪ 8000‬ليرة‪ ،‬إضاف ًة إلى إبقاء الفارق بني احلد األدنى‬ ‫لألجور وراتب املعلم حيث جند مسافة ومفارقة أل ّن‬ ‫العامل يبدأ بعمر معني‪ ،‬واألستاذ بعمر آخر‪ ،‬من هنا‬ ‫إ ّن تق ّلص الفارق بدا كبيرا ً بني راتب املعلم وراتب‬ ‫احلد األدنى لألجور‪ .‬هذا الفارق كان يتجاوز الضعفني‬ ‫وأكثر في بعض األحيان‪ ،‬بينما كان يتجاوز ثالثة‬ ‫أضعاف في التعليم الثانوي‪ .‬ذلك يعني أنه بدل أن‬ ‫يكون احلد األدنى ألستاذ التعليم الثانوي مليونا ً و‪60‬‬ ‫ألفاً‪ ،‬يجب أن يكون اليوم ومع الزيادة اجلديدة مليونا ً‬ ‫و‪ 700‬ألف‪ .‬كل هذه األمور‪ ،‬تعني أن الدولة اآلن تأخذ‬ ‫منا الضرائب على أساس الزيادة اجلديدة‪ ،‬وال تعطينا‬ ‫احلقوق على أساسها‪ ،‬مبعنى أ ّن هناك مستلزمات‬ ‫لتعاونيات موظفي الدولة‪ ،‬وهناك االستشفاء وأمور‬ ‫أخرى كثيرة تأخذها الدولة من ضريبة الدخل وال‬ ‫تعطينا شيئا ً في املقابل‪.‬‬ ‫ـ كيف يؤثر هذا املوضوع على الوظيفة‬ ‫العامة؟‬ ‫هنا وجدنا أ ّن هناك إجحافا ً كبيراً‪ ،‬ونوعا ً من‬ ‫التحقير للوظيفة العامة في إقرار هذه الزيادة‪:‬‬ ‫فاحلكومة م ّيزت بني املتقاعد والعامل الفعلي‪ .‬وبدل‬ ‫قدم ‪ 40‬سنة من العطاء‬ ‫أن تك ّرم املتقاعد الذي ّ‬ ‫للوظيفة العامة‪ ،‬مبنحه اخلدمات االجتماعية‬ ‫الالزمة من طبابة وضمان اجتماعي‪ ،‬منحته ‪150‬‬ ‫ألفاً‪ ،‬بينما أعطت للعامل الفعلي ‪ 200‬ألف‪ .‬أليس‬ ‫هذا إذالال ً للمتقاعدين‪ ،‬الذين بنوا املؤسسة العامة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على كاهلهم؟ ألم تفقد احلكومة بذلك احلس‬ ‫اإلنساني لديها‪ ،‬كما فقدت احلس احلسابي والرقمي‬ ‫والوظيفي؟ لذلك قررنا املواجهة‪ ،‬ولن نقبل بأن تبقى‬ ‫األمور على حالها‪ ،‬ورمبا الظروف السياسية احلالية‬ ‫ال تسمح لنا بخوض معارك حاسمة‪ ،‬لكننا ربطنا‬ ‫النزاع مع هذه احلكومة‪ ،‬ونص ّرح علنا ً رفضنا لهذه‬ ‫الزيادة اجملحفة بحقنا‪ ،‬كما أنّنا نعلن عن خوضنا‬ ‫معركة ضد اجمللس النيابي أل ّن زيادة القطاع العام‬ ‫حتتاج إلى قانون‪ ،‬خاص ًة في موضوع التعويض‬ ‫العائلي وبدل النقل وغيرها من القضايا التي ميلك‬ ‫اجمللس النيابي سلط ًة فيها‪ .‬وسنلتقي مع الكتل‬ ‫النيابية ورؤساء اللجان حلل نقاط املفارقة في ما‬ ‫بيننا لع ّلنا نتوصل الى حل ما‪.‬‬ ‫إذا ً هناك سلة مشتركة من املطالب لهيئة‬ ‫التنسيق النقابية‪ ،‬إضافة إلى قضايا خاصة برابطة‬ ‫أساتذة التعليم الثانوي‪ ،‬ومشتركة مع القطاع‬ ‫التعليمي وهيئة التنسيق تتع ّلق برفض الزيادة‪،‬‬ ‫واإلصرار على رفع قيمتها مع احلفاظ على نسبة‬ ‫الدرجة‪.‬‬

‫حلول مطروحة‪...‬‬ ‫وصوالً إلى اإلضراب‬ ‫ـ قلت إن األمور ما زالت مفتوحة‪ .‬هل ستشهد‬ ‫األيام القليلة املقبلة إضرابات‪ .‬وهل سيكون‬ ‫هناك اجتماع مع معالي وزيرة التربية والتعليم‬ ‫العالي قبل االجتاه إلى اإلضراب؟‬ ‫هذا املوضوع نوقش مع وزيرة التربية‪ ،‬وهي اعتبرت‬ ‫أن هذه الزيادة هي زيادة “سخيفة”‪ .‬لكن كيف تُترجم‬ ‫كلمة “سخيفة”؟ هل تترجم باقتراح تعديل الزيادة‬ ‫قبل إقرارها أو على األقل التعويض في مكان ما‪ .‬حتى‬ ‫اآلن لم يقتصر الدور سوى على هذه الكلمة‪ ،‬ولم‬ ‫جند شيئا ً آخر‪ .‬هناك شق من املوضوع ُوضع بني يدي‬ ‫وزيرة التربية‪ ،‬لكن املوضوع في األساس هو من شأن‬ ‫سياسة احلكومة العامة‪ ،‬ومجلس النواب‪ .‬لذلك‬

‫‪94‬‬

‫ربطنا النزاع‪ ،‬وسنستخدم أبغض احلاالت عندما‬ ‫تكون الظروف مؤاتية‪ ،‬إذ إننا ال ّ‬ ‫ننفذ إضرابا ً من أجل‬ ‫اإلضراب‪ ،‬ولن ّ‬ ‫ننفذه في أوقات غير مالئمة‪ .‬عندما‬ ‫تنضج الظروف‪ ،‬ونرى الوقت مالئماً‪ ،‬سننفذ حتركات‬ ‫وإضرابات واعتصامات وتظاهرات ألننا لن نسكت‬ ‫عن هذا احلرمان‪ ،‬ولن نقبل بأن نكون الضحية‪ ،‬وأن‬ ‫ينخفض املستوى االقتصادي واالجتماعي واملهني‬ ‫لألستاذ واملوظف‪.‬‬

‫األستاذ والطالب‪ :‬ضحيتان‬ ‫مشتركتان‬ ‫ـ أال ترى أن الطالب يذهبون ضحية هذا التقصير‬ ‫وهذه املشاكل التي تعانونها؟‬ ‫أليس الطالب الضحية عندما يكون األستاذ‬ ‫مهجوسا ً بواقعه االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وأداؤه ال‬ ‫يتناسب مع إمكانياته‪ ،‬مبعنى أن األستاذ الذي يفكر‬ ‫بكيفية تأمني مورد املعيشة ألوالده ومدارسهم‬ ‫وأقساطهم؟ أال يعيق هذا الهاجس العملية التربوية‬ ‫فيكون التلميذ قد خسر من أداء األستاذ أكثر مما‬ ‫يخسر إذا أضرب يوم أو يومني‪ .‬لذلك فإذا كان هناك‬ ‫من ضحايا‪ ،‬فالضحية األولى هو من خسر الراتب‪ .‬ال‬ ‫يستطيع أحد أن يُزايد على الهيئة التعليمية في‬ ‫حرصها على الطالب‪ ،‬فلو كان املسؤولون حريصني‪،‬‬ ‫حلققوا ما طلبناه في البداية عبر تصحيح واقع‬ ‫التعليم الرسمي و تأمني املستلزمات‪ ،‬فنجاح‬ ‫نضحي‬ ‫الطالب هو ثمرة عمل األستاذ ونحن ال‬ ‫ّ‬ ‫بوقت الطالب إذا كنا نع ّوض أيام اإلضراب بأيام عمل‬ ‫إضافية من أجل إنهاء املناهج‪ .‬إن محاولة الضغط‬ ‫على أفراد الهيئة التعليمية بأننا أخذنا الطالب‬ ‫كرهائن غير مفيدة‪ ،‬فاحلكومة هي التي أخذت كل‬ ‫موظفي ومعلمي القطاع العام رهائن‪ .‬وهنا أرى أ ّن‬ ‫لالحتاد العمالي العام دورا ً مهما ً يجب أن يقوم به في‬ ‫مجال مواجهة حالة اجلوع والفقر‪.‬‬

‫اعداد وحوار سالي نوفل‬


‫منبر ثقافي‬

‫السجون”‬ ‫“شجون شعراء ّ‬

‫اصوات حتمل العناء وتنبض بحرارة البوح الشجي‪ ،‬فتتم ّرد على كل القيود‬ ‫واجلدران‪ ،‬وتأخذ طريقها الى اآلذان‪ ،‬تشعل في القلوب لهب العاطفة وحرارة‬ ‫الشوق والشعور ويقظة الضمير امام عذابات ترسم على وجه االنسانية مالمح‬ ‫مثيرة وتترك على بوابات الزمن حكايات مدهشة فيها التمرد واملعاناة وفيها‬ ‫الصبر وكتم الغيظ وفيها صور الصراع مع النفس والواقع ومع متناقضات شتّى‬ ‫في هذا الوجود‪.‬‬ ‫جتتاح هذه االصوات في كل زمان ما بعد السجون وال عجب فيها اصوات املشاعر‬ ‫احل ّية التي تشعل اوتار القلوب وتصب في كل قلب نشيد النّغم املع ّبر ّ‬ ‫الشجي‬ ‫النابض بالعاطفة العاصفة ففيه لون املصاب وفيه حديث التمني وبوح الشجا‬ ‫مع النفس التي تتسامى مشاعرها الى حد الشموخ واالعتزاز بالكرامة فتتمرد‬ ‫على الواقع املهني‪ ،‬وقد يكثر مثل هذا النبض الشاعري في االدب العربي وفي آداب‬ ‫العالم جمعاء‪ .‬وفي مدخل هذه األشجان نتبصر بامعان الم النفس وعذاباتها‬ ‫عند بعض الشعراء‪.‬‬ ‫فهذا الشاعر (علي اجلهم) يطلق صرخة مدو ّية متمردة جتتاز أعماق السجن‬ ‫َنقل عاصفة النفس وعزف احلرية فيها والتجلد والصبر بشجاعة متسائالً‬ ‫وت ُ‬ ‫ً‬ ‫مخل بالكرامة‬ ‫لسبب‬ ‫سجنه‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫طاملا‬ ‫سجن‬ ‫اذا‬ ‫عليه‬ ‫ماذا‬ ‫نفسه‬ ‫معزيا‬ ‫ٍ‬ ‫واالخالق واالدب فتشمخ نفسه على واقع السجن املرير بِأن َ َف ٍه وتنبض عواطفه‬ ‫بحرارة االباء واملعنوية العاملية مصورا ً احاسيسه قائالً‬ ‫حبسي واي مهنّد ال بُ ْغ َم ُد‬ ‫قالوا حبست فقلت ليس بصنائري‬ ‫السباع تر ّود؟‬ ‫كبرا ً واوباش‬ ‫اوما رأيت ال ّليث يألف غيلَ ُه ‬ ‫ّ‬ ‫ال تصطلي مالم تثرها االزند‬ ‫والنّار في احجارها مخبوءة‬ ‫يتجدد‬ ‫ا ّيامه وكأنه‬ ‫السرار فتنجلي‬ ‫ّ‬ ‫والبدر يدركه ّ‬ ‫يغرس في نفسه عزا ًء اكيدا ً لواقع احلال الذي هو فيه‪ ،‬فتهدأ عاصفة التم ّرد‬ ‫وتأخذ احلكمة مجراها وحتمل لنفسه الصبر والسلوان طاملا لم يحبس لدن ّية‬ ‫وتفيض نفسه ابا ًء فيقول‪.‬‬ ‫شنعاء نعم املنزل املتو ّرد‬ ‫واحلبس مالم تغشه لدن ّية‬ ‫ويُزارُ فيه وال يزور ويحمد‬ ‫يجدد للكرمي كرامة‬ ‫بيت ّ‬ ‫لكن شيئا ًَ ما يشعر السجني ببعض االحباط املعنوي يظهر بقوله ( لو لم‬ ‫يكن في احلبس اال انه ال يستذلك باحلجاب االعبد) وتلمع بارقة االمل يقرب الفرج‬ ‫فتكتحل عيناه باالمل ليقول‪:‬‬ ‫فنجا ومات طبيبة والع ّود‬ ‫كم من عليل قد تخطاه الر ّدى‬ ‫اما الشاعر (عبد اهلل الطالبي)‬ ‫يطلق نبرات حتمل معها دليل صدقها ملا يجيش في نفسه من االلم والعذاب‬ ‫كأنه يطلق ندا ًء موجها ً لالنسانية النه صوت االنسانية في امس معاناتها من‬ ‫والسجان وعزلته عن الدنيا وانقطاعه عن‬ ‫الظلم واجلور وعذاباته بني السجن‬ ‫ّ‬ ‫اهلها فيشبه حاله باملوتى اذ يقول‪:‬‬ ‫فلسنا من االحياء فيها وال املوتى‬ ‫خرجنا من الدنيا ونحن من اهلها‬ ‫عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا‬ ‫اذا وصل السجان يوما ً حلاجة‬ ‫اذا نحن اصبحنا احلديث عن الرؤيا‬ ‫ونفرح بالرؤيا فجل حديثنا‬ ‫فالدنيا هنا حلم لدى الشاعر السجني اذ يسلي نفسه بهذا احللم ويستطرد‬ ‫في تصوير هذه الرؤيا قائالً‬ ‫وان قبحت لم حتتبس واتت عجلى‬ ‫تأت عجلى وابطأت‬ ‫فإن حسنت لم ِ‬ ‫فال يدري شيئا ً عن الدنيا والسجان دائب احلركة ايضا ً يص ّور حركته بقوله‬ ‫( طوى دوننا االخبار سجن ممنع له حارس تهدا العيون وال يهدأ) ويشتد اسفه‬ ‫على نفسه التي اصبحت كامليت‪.‬‬ ‫عن الناس ال ن ْغ َ‬ ‫شى فنغشى‬ ‫قبرنا ولم نُد َفن ونحن مبعزل‬ ‫اذ يغشاه السجان وال يزور وال يرى وال يزار (وال نغشى)‬ ‫اما الشاعر عبد يغوت‬ ‫فله صور مختلفة مع السجن يصورها بشعره تبني وجود املعاناة حيث قاد ابناء‬ ‫عشيرته الى غزو بني متيم في يوم الكالب الثاني وكانت الغاية من اسره لكي‬ ‫يقتل مقابل قتل بطل من ابطال متيم وقد خاف بنو متيم ان يهجوهم فشدوا‬ ‫لسانه برباط من اجللد وملا ادرك انهم جا ّدون بقتله طلب ان يطلق لسانه ويقتلوه‬ ‫فيموت ميته كرمية وملا سئل ما هي امليتة الكرمية قال‪ :‬اسقوني اخلمر ودعوني انح‬ ‫على نفسي فسقي اخلمر وقطع اكحله وترك ينزف حتى مات‪.‬‬ ‫فماذا قال قبل ان فارق احلياة؟ وهو ينوح على نفسه؟‬ ‫وما لكما في اللوم نفع وال ليا‬ ‫اال ال تلوماني كفى اللوم ما بيا‬ ‫نداماي من جنران ان ال تالقيا‬ ‫فيا راكبا ً اما عرضت فيلغن‬

‫وال ينسى ان يذكر معتقليه وهو مسلم بائس مبكانته طالبا ً فك لسانه‬ ‫امعشر تيم اطلقوا عن لسانيا‬ ‫شدوا لساني بنسغ ٍة‬ ‫اقول وقد ّ‬ ‫فان تقتلوني تقتلوا بي س ّيدا ً‬ ‫وان تطلقوني حتربوني مباليا‬ ‫وكانت قد سألته ا ّم آسره من تكون؟ وقد رأت فيه هيبة ووقارا ً فأجابها‪ :‬انا س ّيد‬ ‫قبحك اهلل من س ّيد‬ ‫القوم‪ ،‬فضحكت وقالت ّ‬ ‫بآس ٍرِ ِه‬ ‫حني اسرك هذا األهوج مشيرة الى ابنها وهذا ما أثاره فما نسي ان يعرض ِ‬ ‫بعنفوان فيقول‪:‬‬ ‫كان لم تر قبلي اسيرا ًَ ميانيا‬ ‫وتضحك مني شيخة عبشمية‪1‬‬ ‫علي وعاديا ً‬ ‫وقد علمت عرسي ملكية انني‬ ‫انا الليث معدوا ً ّ‬ ‫وقد كنت ّ‬ ‫حتار اجلزور ُم ٌ‬ ‫حي ماضيا‬ ‫املطي‬ ‫حل‬ ‫وامضي حيث ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويندب نفسه مستسلما ً لنهايته قائالً‬ ‫خليلي ك ّري ن َ ِّفسي عن رجاليا‬ ‫كأني لم اركب جوادا ً ولم اقل‬ ‫نشيد الرعاء املعز ّي ِة املثاليا‬ ‫احقا ًَ عباد اهلل ان لست سامعا‬ ‫اما الشاعر امللك االسير املعتمد بع عباد ملك املغرب وكات قد فقد ملكه‬ ‫وسجنه ويحظى بزيارة بناته اليه جائعات عاريات مبناسبة العيد فيصور آالمه‬ ‫وصورتهم في اعماق قلبه اجلريح وما ثاره من ذكريات وما آلت اليه احلال فيخاطب‬ ‫نفسه‪:‬‬ ‫فجاءك العيد في اغمات مأسورا‬ ‫فيما مضى كنت باالعياد مسرورا‬ ‫يغزلن للناس ما ميلكن ِق ْمطيرا‬ ‫ترى بناتك في االطمار جائعة‬ ‫ابصارهن حسيرات مكاسيرا‬ ‫يزرن نحوك للتسليم خاشعة‬ ‫كأنها لم تطأ مسكا ً وكافورا‬ ‫يطأن في الطني واالقدام حافية‬ ‫وكان فطرك لألكباد تفطيرا‬ ‫فطرت في العيد ال عادت اساءته‬ ‫ويخاطب آسره وقيده الذي صار شرابه من دمه‬ ‫قيدي اما تعلمني مسلما ً‬ ‫ابيت ان تشفق او ترحما‬ ‫اكلته ال تهشم االعظما‬ ‫دمي شراب لك واللحم قد‬ ‫واكثر ما يثير النفس على حالته وهو يذكر ابنه وبناته الصغار في حالة‬ ‫استرحام لفك قيده ولكنه يتدارك االبتذال في هدر كرامته وابائه ولكن نغم حزين‬ ‫تطلقه لهاته اجلريحة فيقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َرحما‬ ‫لم‬ ‫ارحم طفيالً طائشا ً ل ّبه‬ ‫يخش ان يأتيك ْ‬ ‫ْ‬ ‫فست ِ‬ ‫الس ّم والعلقما‬ ‫ج ّر‬ ‫وارحم اخ ّيات له قتله‬ ‫ّ‬ ‫عتهن ّ‬ ‫خفن عليه للبكاء العما‬ ‫منهن من يفهم شيئا ً فقد‬ ‫يفتح االّ‬ ‫لرضاع فما‬ ‫والغير ال يفهم شيئا ً فما‬ ‫ِ‬ ‫أقض ذلك مضاجع شعراء طنجةفها لهم ان يتقلب جاد امللك الشاعر‬ ‫وقد َّ‬ ‫الى مثل هذا احلال فاتصلوا به متوسطني راغبني اليه ان يلتمس من آسره اخلالص‬ ‫فيأبى ذلك قائالً‬ ‫ذهبوا من االغراب ابعد مذهب‬ ‫شعراء طنجة ك ّلهم واملغرب‬ ‫بسؤالهم الحق فاعجب واعجب‬ ‫سألوا العسير من االسير وانه‬ ‫طي احلشا غاهم في املطلب‬ ‫لوال احلياء وعزّة خلم ّية‬ ‫ّ‬ ‫قد كان ان سئل الندى ي َ ْجزل وان نادى الصريخ ببابه اركب يركب‬ ‫فماذا يقول املناضلون األسرى يا ترى في سجون االحتالل االسرائيلي لسنوات‬ ‫طويلة وهم يالقون اشكال التعذيب وهدر احلقوق االنسانية ومنهم الشعراء‬ ‫والكتاب واملفكرون والسياسيون ورجال الدين وكوادر املقاومة وقد قدم شعراء‬ ‫االرض احملتلة صورا ً بليغه فيها انواع البالغة والتصوير والبيان وبواعث اللحن‬ ‫بحس الوطن واالباء وشروق االمل خصوصي بعد ان دحرت‬ ‫الشجي املمزوج‬ ‫ِّ‬ ‫املقاومة العربية في لبنان جيش العدو االسرائيلي وعال شأن املقاومة في الوطن‬ ‫العربي وفي العالم ورصد تاريخ االدب العربي ما قيل فيها من شعر يصور ويخلد‬ ‫البطوالت التي تفخر بها االجيال وتتلقاها بشوق مؤ ّرخة م َث َب َت ًة ليكون هذا الشعر‬ ‫رسوال ً لالجيال القادمة يدخل قلوبهم واحاسيسهم النه ضمير االمة في كل‬ ‫عصر وزمان ومكان‪.‬‬ ‫*عبشمية‪ :‬يعني من آل عبد شمس‬

‫اعداد ‪ :‬الشيخ راتب نصر اهلل ابو ذياب‬

‫رئيس اللجنة الثقافية في هيئة العمل التوحيدي‬ ‫* مرجع الشواهد وتسلسل قصصها الشعرية كما وردت في كتاب شعراء من‬ ‫املاضي‪ ,‬كامل العبد اهلل‪ ,‬منشورات دار مكتبة احلياة ‪ ,‬بيروت ‪2691 -‬‬

‫‪95‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬كتاب‬

‫مازن يوسف صباغ ّ‬ ‫يوثق سعد هللا الجابري‬ ‫السوري‪ ،‬العربي‪ ،‬النبيل‪ ،‬الزاهد‬ ‫يضم الكتاب في ثناياه الكثير من املعاني والدالالت الهامة‪،‬‬ ‫فالكتاب والباحث اإلعالمي مازن يوسف ص ّباغ‪ ،‬أجنز مهمته التي‬ ‫اختارها في التوثيق والتأريخ للحوار والتآخي وتعميق وجتذير‬ ‫الوحدة الوطنية‪ ،‬فكان في مقدمة من استحقوا كل االحترام‪،‬‬ ‫فهو باحث أصيل متمكن من طرفي ُع ّدته‪ :‬مادته ومنهجه‪،‬‬ ‫فاحلـديث عن تــاريخ سوريا العروبة يثير في النفس كل املشــاعر‬ ‫واألحاســيس‪،‬‬ ‫وكاتبنا يتحدث عن مرحلة من الصراع مع االستعمار‪ ،‬وفي الوقت‬ ‫نفسه بناء الذات‪ ،‬وفي ظروف موضوعية صعبة‪ ،‬فكان ناجحا ً في‬ ‫معاجلته للقضية الوطنية والقومية‪ ،‬من خالل شخصيات هامة‬ ‫على كل املستويات أجمعت في الرؤية وأدلت بدلوها لتجعل من‬ ‫الكتاب صورة رائعة تقرأ التاريخ في رجل‪ ،‬وتصل املاضي باحلاضر‪،‬‬ ‫وتنظر للعلى بثقة واقتدار‪ ،‬فاالرض التي أجنبت سعد اهلل اجلابري‪،‬‬ ‫السوري‪ ،‬العروبي‪ ،‬النبيل‪ ،‬الزاهد‪ ،‬ما زالت كما هي األرض املعطاء‪،‬‬ ‫والشعب الوفي لعروبته‪.‬‬ ‫والكتاب يتألف من (‪ )245‬صفحة من املقاالت واملواقف‬ ‫والشهادات والصور والوثائق‪ ،‬استطاع الكاتب والباحث واإلعالمي‬ ‫مازن يوسف الصباغ‪ ،‬أن يصنع منها لوحة جميلة‪ ،‬أبرزت شخصية‬ ‫الكاتب وعكست قوة االلتزام الوطني والقومي والوفاء جليل قدم‬ ‫فأحسن العطاء‪ ،‬لتنعم األجيال باحلرية‪ ،‬وتنظر للمستقبل بكل‬ ‫أمل‪.‬‬

‫صفاته الوطنية‬ ‫هو سعد اهلل عبد القادر لطفي اجلابري‪ ،‬ولد في حلب عام ‪،4991‬‬ ‫وافاه االجل في حزيران عام ‪ ،7491‬كان احد اقطاب النهضة الوطنية‬ ‫والنضال القومي وأحد بناة العهد االستقاللي‪ ،‬متميز بشدة‬ ‫الشكيمة‪ ،‬وصالبة العود‪ ،‬فلم تنل املنافي ّ‬ ‫ظفة‪ ،‬والسجون‬ ‫الش ِ‬ ‫املظلمة من جبروته الوطني‪ ،‬وما النت له قناة‪ ،‬وما خففت عنه‬ ‫هامة‪ ،‬وبقي في عرين الشهباء‪ ،‬صامدا ً للشدائد واألحداث‪ ،‬حتى‬ ‫وصلت سفينة الوطن الى شاطئ العزة والكرامة‪ ،‬وسيرته‬ ‫صفحة من أروع صفحات االخالص للوطن‪ ،‬واجلهاد في سبيل عزته‬ ‫وسيادته‪،‬‬ ‫كانت وطنيته متزنة متقدمة‪ ،‬جريئة وادعة‪ ،‬تتجلى في كل اعماله‬ ‫وحاالته‪ ،‬فهو في صفوف الشعب‪ ،‬مثله في الزعامة والسجون‬ ‫واملنافي مثله في املناصب والرئاسات‪ ،‬فما أوهنته صدمة‪ ،‬وال بهرته‬ ‫نعمة‪ ،‬وعززه سالحان‪ :‬الكرم ونبل اخللق‪ ،‬في حياته مثالية يقتدى بها‬ ‫في إقامة مقاييس الهمم والنفوس‪.‬‬ ‫وهذا الرجل الذي عمل مع العاملني على حترير الشرق العربي من‬ ‫ضعفه‪ ،‬متهيدا ً لتحريره من خدعة االستعمار وعنفه‪ ...‬واحتل مكانة‬ ‫مرموقة بني إخوانه رفاق اجلهاد وقاده النضال الوطني حيث حتررت‬ ‫سوريا من االحتالل الفرنسي وحققت استقاللها التام‪ ،‬وكانت مزاياه‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪96‬‬

‫عديدة من أبرزها صراحة القول‪ ،‬ومضاء العزمية وصفاء الطوية‪ ،‬واجلرأة‬ ‫في اقتحام الباطل‪ ،‬وطهارة النفس‪ ،‬ومتيز بقوة انضباطية وتطلعه‬ ‫الى الهدف األسمى‪ ،‬وبنباهته وسالمة ذوقة‪ ،‬وانتصاره للكرامة‬ ‫والوفاء للوطن‪.‬‬

‫جرأته وإقدامه‬ ‫ضرب اجلابري مثاال ً رائعا ً باجلرأة والتحدي‪ ،‬أمام احملكمة العسكرية‬ ‫الفرنسية سنة ‪ 2291‬في إحدى جلسات احملكمة خاطب رئيس‬ ‫اجمللس العسكري الزعيم ابراهيم هنانو قائالً‪ :‬ان الشعب لم يطلب‬ ‫منك الثورة؟‬ ‫هنا وقف سعد اهلل اجلابري‪ ،‬بجرأة وشجاعة‪ ،‬ال مثيل لها وخاطب‬ ‫احملكمة قائالً‪:‬‬ ‫“اننا نحن الذين طلبنا من الزعيم الكبير مقاتلتكم‪ ،‬ونحن لن‬


‫نتخلى عن مقاتلتكم‪ ،‬حتى تخرجوا من بالدنا‪ ،‬وان اجملرم يا سيدي‬ ‫الرئيس هو من يعتدي على سالمة الناس وحرية الشعوب‪ ،‬ال ذلك‬ ‫الذي يدافع عن استقالل بالده‪ ،‬لقد أعلن هنانو احلرب عليكم باسم‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬والقتل والفتك والتدمير نتيجة طبيعية للحرب‬ ‫التي خضتم غمارها”‪.‬‬ ‫ما قاله اجلابري في حفل تأبني إبراهيم هنانو‬ ‫مضى هنانو في طريق النضال السياسي ومضى معه اجلابري‬ ‫في الطريق نفسها‪ ،‬جتمعها وحدة هدف أسمى هو حترير سوريا‬ ‫من االحتالل الفرنسي وحتقيق سيادتها واستقاللها الى أن ظفر‬ ‫الشعب السوري بهذه األمنية الغالية بعد أحد عشر عاما ً من وفاة‬ ‫هنانو‪ ،‬وكان اجلابري في مقدمة من بكوه ورثوه‪ ،‬ومما قاله في حفل‬ ‫تأبينه‪:‬‬ ‫“لعلكم تريدون أن أحدثكم عن املزايا واخلصائص التي قامت في‬ ‫نفس إبراهيم هنانو‪ ،‬فمكنته من القيام بالعمل الكبير الذي قام به‪،‬‬ ‫كانت من ابرز مزاياه الشجاعة املقترنة بالصبر‪ ،‬أما احلوادث فتمر به وال‬ ‫تهوله‪ ،‬وأما األخطار فتحدق به وال تقلقه‪ ،‬أما املسؤولية فيحتملها‬ ‫خفيفة عليه وان ثقل حملها”‪.‬‬

‫املناخ االجتماعي والسياسي‬ ‫لتلك املرحلة‬ ‫ان سوريا لم تبخل يوما ً بالتضحيات‪ ،‬وتقبل من جديد على‬ ‫التضحية راضية النفس‪ ،‬قريرة العني واثقة من انتصار قضيتها التي‬ ‫تعتبر قضية العرب جميعاً‪...‬‬ ‫ولد سعد اهلل اجلبابري في احضان القلق االجتماعي واالضطراب‬ ‫السياسي الذي كان وراء آالم معاناة شعبه األعزل املقهور‪ ،‬وكان‬ ‫ينزعج اشد االنزعاج للسياسة التي يطبقها السالطني في حق‬ ‫االفراد السوريني والعرب‪ ،‬وامتأل قلبه الكبير بالتصميم على محاربة‬ ‫الظلم بِأية وسيلة كانت‪.‬‬ ‫وسوريا التي هي ملتقى احلضارات ومهد الديانات في نهاية القرن‬ ‫العشرين اعتراها التغيير‪ ،‬وتط ّورت أوضاعها السياسية منذ تقلبها‬ ‫من استعمار الى آخر‪ ،‬وكادت تفقد هويتها لوال مبادرة الوطنيني من‬ ‫رجالها‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2191‬وعندما بلغ سعد اهلل اجلابري الثامنة عشرة من‬ ‫عمره اتصل بالشباب وأسسوا (اجلمعية الفتاة) وأقسموا اليمني‬ ‫للعمل على استقالل البالد العربية‪ ،‬وبقي التحرير هو األمل عنده بل‬ ‫احللم والهدف األسمى‪.‬‬ ‫ولم يحس باخلوف في أي موقف في حياته ألن اخلوف شعور باملوت‬ ‫املعنوي‪ ،‬لذا لم يجد اخلوف منفدا ً إلى أعماله أو طريقا ً إلى كالمه أو‬ ‫سبيال ً لتعامله‪ ،‬وتلك اجلرأة أودت بسعد إلى املنفى والسجن‪ ،‬فعاش‬ ‫في مركز احلوادث السياسية‪ ،‬وترفع عن مستوى احلياة اليومية الى‬ ‫مستوى من املعاناة اجلماهيرية‪.‬‬

‫الكثــيرين‪ ،‬ويقول غبطة بطريرك موسكو الذي كان أحد نزالء‬ ‫الفندق‪:‬‬ ‫“ان هذا القصف يشبه الى حد بعيد ما كان ينزله االملان مبدينة‬ ‫ستاليغراد”‪...‬‬

‫وحتمل املسؤوليات القيادية‬ ‫دخل اجلابري في حركة حقوق االنسان ثم في حزب الشعب عام‬ ‫‪ 2491‬وكان من مؤسسي الكتلة الوطنية عام ‪ 7291‬ومن اعضائها‬ ‫الدائمني‪ ،‬وانتخب رئيسا ً لها بعد وفاة هنانو‪ ،‬وانتخب نائبا ً عن حلب‪،‬‬ ‫تولى وزارتي الداخلية واخلارجية في وزارة جميل مردم بك االولى‪ ،‬ثم‬ ‫انتخب رئيسا ً جمللس النواب‪.‬‬ ‫وبعد ذلك تولى رئاسة مجلس الوزراء التي أدى عنادها الوطني‬ ‫الى قيام الفرنسيني بعدوانهم عام ‪ ،5491‬وفي عهد وزارته مت اجلالء‬ ‫عن البالد‪.‬‬ ‫أهم ما مييز الرجل‬ ‫اجلابري يتمتع مبكانة قل ان يتمتع بها انسان في هذه البالد‪،‬‬ ‫يوجه البحوث مبهارة وحنكة وحضور ذهن وهدوء اعصاب فيحسن‬ ‫توجيهها‪ ،‬وتثق البالد به‪ ،‬وقد عرفته شديد املراس في حياته الوطنية‪،‬‬ ‫مناضال ً صلب العود ال يهن وال يضعف وال يستجدي وال يستسلم‪،‬‬ ‫حازما ً ال يعرف اللني حني يجدي العزم‪ ،‬بعيد اإلدراك ملرامي البالد‬ ‫السياسية وغاياتها الوطنية وأمانيها القومية‪ ،‬وتثق الصحافة به‬ ‫وقد خبرت مزاياه وصراحته وبعده عن اخملادعة السياسية‪ ،‬فهو الرجل‬ ‫الذي ينقذ املوقف اذا أوالهم اخلطب‪ ،‬وهو حقا ًَ الشخص الذي حتتــاج‬ ‫وجده وحزمه متى اجتاحتها أزمة من‬ ‫البالد الــى مجهوده وتفكيره‬ ‫ّ‬ ‫األزمات‪،‬‬ ‫وعاش حياته الشخصية والسياسية‪ ،‬رجال ً شــريفا ً نزيها ً‬ ‫ومجــاهدا ً عزيزا ً أبياً‪ ،‬ووطنيا ً صادقا ً وفياً‪ ،‬ومسؤوال ً يقدر املسؤولية‬ ‫حق قدرها‪.‬‬ ‫ان في سيرة الرجل ما يجدر بالعاملني في حقل العمل العام‬ ‫وبالطامحني الحتالل مراكز الزعامة والقيادة ان يأخذوا عنها دروسا ً‬ ‫مفيدة‪ ،‬فاجلابري عاش لوطنه وشتان بني من يعيش ليعمل وبني من‬ ‫يعمل ليعيش‪.‬‬ ‫يقول فيه الشيخ أحمد رضا العاملي‪:‬‬ ‫سعد العروبة قم فقد حان القيام‬ ‫فاآلن وقت الكفاح امل ّر قد حانا‬ ‫اما‬

‫ترى‬

‫الشر‬

‫قد‬

‫أبدى‬

‫وماجت‬ ‫هذي‬

‫فلسطني‬

‫تدعوكم‬ ‫فال‬

‫نواجذه‬ ‫االرض‬

‫ابطاالً‬

‫وشجعانا‬

‫لنصرتها‬

‫تغضوا‬

‫على‬

‫االقدام‬

‫اجفانا‬

‫ولن ننال العلى واجملد عن كثب‬

‫استهدافه من الفرنسيني‬

‫ان لم نكن في دفاع الضيم اخوانا‬ ‫نحن بني يعر ٍُب اسد الكفاح اذا‬ ‫ما احلرب صرّت على االهوال اسنانا‬

‫كان اجلبابري من اشد الناس مقاومة لالستعمار الفرنسي‪ ،‬وكان‬ ‫الفرنسيون ينقمون عليه لعدائه الصريح القوي لهم‪ ،‬فلما وضعوا‬ ‫خطة العدوان‪ ،‬خصوا فندق “اوريان باالس” الذي كان يقيم فيه‬ ‫بقسط موفور من القصف الذي استمر طوال الليل‪ ،‬وأودى بحــياة‬

‫مراجعة نبيل مرعي‬

‫‪97‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر فني‬

‫بعد ‪ 64‬عاماً‪:‬‬

‫أميرة الدروز آمال األطرش “أسمهان”‬ ‫ً‬ ‫زلزاال في األعمال الرمضانية‬ ‫تحدث‬

‫الفنانة اسمهان‬

‫املمثلة سالف فواخرجي‬

‫آمال األطرش أو أسمهان‪ ،‬فنانة العصر الذهبي الذي كان للفن أثناءه رونق‬ ‫فريد يطال بأوتاره أسماع اجلماهير‪ ،‬ويل ّون الساحات الفنية بأجمل األصوات‬ ‫وأعذبها‪.‬‬ ‫هي أميرة من جبل الدروز‪ ،‬غ ّربتها احلروب من وطنها األم لترسيها في مصر‬ ‫التي احتضنتها وجعلت منها جنمة مضيئة في سماء الفن العربي األصيل‬ ‫بعد حت ّول مصر عام ‪ 1917‬إلى مدينة للفن والطرب والنغم الرنّان‪.‬‬ ‫تتصدر الصفحات‬ ‫أسمهان اليوم‪ ،‬وبعد مضي ‪ 64‬سنة على وفاتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالمية بعد املسلسل الذي روى سيرة حياتها‪ ،‬والذي أحدث خضة كبيرة‬ ‫نظرا ً للتع ّرض لشرف اإلمارة الدرزية وحرمتها‪ ،‬إضافة إلى املزاعم التي حتدثت‬ ‫عن عالقتها باخملابرات البريطانية املستعمرة جلبل الدروز‪ ،‬والتي كانت تواجه‬ ‫حرب إلغاء ضد أبناء اجلبل في سوريا‪.‬‬ ‫َمن روى سيرة أسمهان منذ القدم وحتى يومنا هذا‪ ،‬لم يعطها حقها‬ ‫الكامل‪ ،‬إذ ُوضعت في خانة الالأخالق‪ ،‬وهذا ما هو بعيد كل البعد عن أبناء‬ ‫اجلبل الدرزي في عهد سلطان باشا األطرش‪ ،‬إضافة إلى وضعها في خانة‬ ‫العمالء واجلواسيس‪ ،‬جلهة اتهامها بالتعامل مع اخملابرات األجنبية ضد أبناء‬ ‫وطنها‪ ،‬مع العلم أ ّن هذه األميرة خاضت احلروب من أجل حترير جبل الدروز من‬ ‫براثن االنتداب األجنبي‪.‬لكن بالرغم من كل اخلالفات حول املسلسل‪ ،‬ال ميكننا‬ ‫تناسي الدور املهم الذي لعبته النجمة السورية سالف فواخرجي‪ ،‬في جتسيد‬ ‫شخصية أسمهان‪ ،‬تلك الشخصية التاريخية‪ ،‬صاحبة الشهرة والعالقات‬ ‫االجتماعية املتشابكة مع العادات والتقاليد اجلبلية األصيلة‪.‬‬

‫من معنى‪ .‬لقد عاشت أميرة اجلبل ‪ 32‬سنة من الفن واإلبداع في الغناء بوجود‬ ‫الصوت األوبرالي اخللاّ ق‪ ،‬فماذا لو طال عمر أسمهان إلى أكثر من هذه السنوات؟‬ ‫لكانت تر ّبعت على عرش الفن العربي بدون أي منافس‪.‬‬

‫أسمهان‪ :‬شخصية فنية عريقة‬ ‫إ ّن الشخصية الفريدة ألسمهان‪ ،‬جعلتها امرأة استثنائية بكل ما للكلمة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪98‬‬

‫خالفات حول عرض املسلسل‬ ‫عمل األمير فيصل األطرش‪ ،‬ابن األمير فؤاد األطرش شقيق أسمهان على‬ ‫احلصول على موافقة من وزير اإلعالم السوري الدكتور محسن بالل مبنع عرض‬ ‫املسلسل أو تصديره إلى أي فضائية بدون أخذ املوافقة من الورثة الشرعيني‪،‬‬ ‫وتعديل ما يُطلب تعديله خاصة بوجود الكثير من الزيادات والشوائب التي‬ ‫تسيء لسمعة أسمهان خاصة‪ ،‬والدروز عام ًة‪ .‬هذه السمعة التي كان لها دور‬ ‫كبير في احلياة العربية منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى اليوم‪ ،‬مؤكدا ً على‬ ‫عدم جريه وراء املنفعة املادية من املسلسل‪.‬‬ ‫وكان منتج املسلسل فراس إبراهيم قد أص ّر على إكمال العمل في املسلسل‬ ‫متناسيا ً كل الصرخات التي صدرت عن أبناء أسرة أسمهان وأقربائها‪ ،‬وضاربا ً‬ ‫بعرض احلائط القرار الوزاري الصادر عن وزير اإلعالم السوري‪ ،‬إضافة إلى أ ّن كاتب‬ ‫املسلسل اخملرج السوري ممدوح األطرش كان قد أعلن براءته من املسلسل نظرا ً‬ ‫للتشويهات التي أضيفت إلى شخصية أسمهان‪.‬‬ ‫واتّهم فيصل األطرش الق ّيمني على املسلسل بأنه يحتوي على أحداث‬ ‫ّ‬ ‫ملفقة ال متت إلى احلقيقة بِصلة‪ ،‬خاصة مع التزييف واملبالغة دون أي سند‬ ‫أو مرجع تاريخي‪ .‬هذا إضافة إلى إظهار فريد األطرش كرجل ضعيف غير آبه‬ ‫لشرف شقيقته‪ ،‬وهذا ما ال ميكن أن يحدث لدى صاحب شرف ينتمي إلى‬ ‫طائفة املوحدين الدروز‪ ،‬خاصة في زمن قادة كبار كسلطان باشا األطرش‪.‬‬


‫نبذة عن حياة “أسمهان”‪:‬‬ ‫هي األميرة آمال فهد األطرش‪ ،‬مطربة درزية من جبل الدروز في سوريا‪.‬‬ ‫ولدت في ‪ 22‬تشرين الثاني ‪ ،1912‬وتوفيت في ‪ 14‬أيلول ‪.1944‬‬ ‫وتضمنت‬ ‫بدأت مسيرتها في سن الرابعة عشرة من عمرها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫موسوعتها الفنية إحدى وأربعني أغنية‪ ،‬وفيلمني سينمائيني‪ :‬األول‬ ‫مثلته مع شقيقها فريد حتت عنوان “انتصار الشباب”‪ ،‬والثاني بعنوان‬ ‫“غرام وانتقام”‪.‬‬ ‫أخذت من أهل سوريا صفة الكرم‪ ،‬حيث كانت تخصص يوم االثنني‬ ‫من كل أسبوع لتوزيع الطحني مجانا ً على الفقراء واملعوزين في منزلها‬ ‫الكائن في عمارة مجدالني في حارة سرسق في مصر‪.‬‬ ‫اسمها الفني “أسمهان”‪ ،‬وهو مأخوذ من الكلمة التركية املؤلفة من‬ ‫مقطعني‪“ :‬اسم” و”هان” احمل ّرفة من كلمة “خان” التي تعني “احلاكم أو‬ ‫السلطان واجلاه”‪.‬‬ ‫توفيت قبل أن تنتهي من تصوير املشاهد األخيرة من فيلمها الثاني‪.‬‬ ‫وقد حافظ مح ّبو “أسمهان” على ما بقي من مقتنياتها الشخصية‬ ‫لضمها إلى تراثها الغنائي في متحف في منزلها في مدينة السويداء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويجب تسليط الضوء على الكم الهائل من املغالطات والتلفيقات‬ ‫جلهة إظهار الفنانة أسمهان بأنها كانت تتناول اخلمور والسيجار وتتعاطى‬ ‫القمار‪ ،‬إلى جانب مغالطات أخرى نذكر منها أ ّن شخصية فريد الغصن‬ ‫لم تكن مؤثرة في حياة آل األطرش قبل قدومهم إلى مصر‪ ،‬كما جتاهل‬ ‫املسلسل في أحداثه شقيقني ألسمهان وفريد وفؤاد هما‪ :‬أنور الذي توفي‬ ‫وهو طفل صغير‪ ،‬ووداد التي توفيت وهي في العاشرة من عمرها‪ .‬وهنا يظهر‬ ‫مدى اجلهد الكبير الذي قام به املنتج فراس إبراهيم واخملرج شوقي املاجري‬ ‫بتلفيق األخبار الكاذبة سعيا ً وراء الشهرة واملكاسب املادية‪ ،‬وجلذب أكبر‬ ‫نسبة من املشاهدين‪.‬‬

‫أسمهان في األيام األخيرة‬ ‫كانت أسمهان تسعى في السنوات األخيرة من عمرها إلرضاء جمهورها‬ ‫لتتصدر عمالقة الفن كأم كلثوم وليلى مراد‬ ‫بتقدمي الفن األصيل لتنافس بل‬ ‫ّ‬ ‫وغيرهما‪ ،‬غير آبهة بالسعي للترفيه عن نفسها حيث عانت املآسي واحلزن‬ ‫الكبيرين‪ .‬وعلى الرغم من كل ذلك‪ ،‬فقد حاولت أن جتمع التأ ّلق من جانبيه‪،‬‬ ‫فكانت أميرة للطرب والسياسة على حد سواء‪.‬‬ ‫إ ّن الظروف التي توفيت فيها أسمهان كانت ظروفا ً غامضة‪ ،‬إذ إ ّن احلادث‬ ‫وقع بالقرب من مدينة املنصورة أمام قصر أحد البشوات‪ ...‬وسائق أسمهان لم‬ ‫ينتبه للحفر التي كانت أمام القصر‪ ،‬وملا حاول أن يتفاداها انحرفت به السيارة‪،‬‬ ‫لكنه متكن من القفز منها فيما سقطت السيارة في املياه وفيها أسمهان‬ ‫وصاحبتها ماري قالدة‪ .‬وقد جتمع الفالحون في مكان احلادث وأخرجوا ماري من‬ ‫املاء جثة‪ .‬أما أسمهان فكانت حية وإن كانت مصابة بنزيف وفي شبه غيبوبة‬ ‫ولألسف لم تأت سيارة اإلسعاف إال بعدما كانت قد فارقت احلياة‪.‬‬ ‫حتدثت‬ ‫يبقى موت أميرة جبل الدروز غامضا ً بالرغم من كل األخبار التي ّ‬ ‫عن موتها‪ ،‬وبالرغم من كل األكاذيب التي ّ‬ ‫لفقها منتج مسلسل «أسمهان»‬ ‫فراس إبراهيم الذي لم يُعر أي أهمية لكرامة بني معروف وشرفهم‪ ،‬وهو قد‬ ‫جلأ إلى الرفع من تقنيات املسلسل لتغطية كل الترهات التي أضافها إلى‬ ‫شخصية أسمهان‪ .‬فنسأل صاحب الضمير احلي عن مدى قبوله بالتس ّبب‬ ‫مبشاكل أخالقية تطال كرامات الناس وحرمة إمارة بأكملها لتد ّر عليه بعض‬ ‫األلوف من الدوالرات؟‬

‫اعداد ‪ :‬سالي نوفل‬

‫أغاني أسمهان‬ ‫تعاملت أسمهان في مسيرتها الفنية مع ملحنني كثر أمثال محمد‬ ‫القصبجي ومحمد عبد الوهاب وشقيقها فريد األطرش وغيرهم‪ .‬وقد‬ ‫ُعرف عنها أنها لم حتصر تعاملها مع ملحن واحد مهما كان شأنه‪ ،‬لذلك‬ ‫تعددت أسماء امللحنني أمثال رياض السنباطي‪ ،‬إضافة إلى مكتشفها‬ ‫ّ‬ ‫داوود حسني‪ .‬وكما تعددت أسماء امللحنني‪ ،‬تعددت كذلك أسماء‬ ‫الشعراء‪ ،‬نذكر منهم‪ :‬احمد رامي‪ ،‬يوسف بدروس‪ ،‬االخطل الصغير‪،‬‬ ‫مأمون الشناوي‪ ،‬وبديع خيري‪.‬‬ ‫هنا الئحة بأبرز أغاني أسمهان‪:‬‬ ‫يا نار فؤادي‪ ،‬إيدي فإيدك‪ ،‬الشروق والغروب‪ ،‬أوبريت اخلتام في فيلم‬ ‫(انتصار الشباب)‪ ،‬الليل‪ ،‬الشمس غابت أنوارها‪ ،‬الدنيا في إيدي‪ ،‬نشيد‬ ‫األسرة العلوية (في فيلم غرام وانتقام)‪ ،‬أعمل إيه على شان أنساك‪ ،‬أنا‬ ‫بنت الليل‪ ،‬قصيدة غير مج ٍد‪ ،‬هديتك قلبي‪ ،‬عذابي في هواك أرضاه‪ ،‬هل‬ ‫ت ّيم البان‪ ،‬إسقنيها بأبي أنت وأمي‪ ،‬أهوى‪ ،‬إميتى حتعرف‪ ،‬أنا اللي أستاهل‪،‬‬ ‫أين الليالي‪ ،‬أيها النائم‪ ،‬حديث عينني‪ ،‬دخلت مرة في جنينة‪ ،‬رجعت لك‪،‬‬ ‫عاهدني يا قلبي‪ ،‬عليك صالة اهلل‪ ،‬فرق ما بينا الزمان‪ ،‬في يوم ما شوفك‪،‬‬ ‫قيس وليلى‪ ،‬كان لي أمل‪ ،‬كلمة يا نور العني‪ ،‬كنت األماني‪ ،‬ليالي األنس‪،‬‬ ‫ليت للبراق عينا‪ ،‬محالها عيشة الفالح‪ ،‬نويت أداري آالمي‪ ،‬الورد‪ ،‬يا حبيبي‬ ‫اهلل‪ ،‬يا ديرتي‪ ،‬يا طيور (أو تغريد البالبل)‪ ،‬ياللي هواك‪ ،‬يا ليالي البشر‪.‬‬

‫آراء حول مسلسل اسمهان‬ ‫كان ملسلسل “اسمهان” وقعا ً سلبيا ً كبيرا ً لدى الكثير من معجبيها‬ ‫ومن النقاد والكتّاب‪ ،‬وباألخص لدى طائفة املوحدين الدروز‪ ،‬بالرغم من‬ ‫كل التقنيات العالية التي استعملت في اإلنتاج‪ .‬وهنا بعض ما قيل عن‬ ‫املسلسل‪:‬‬ ‫اعتبر كاتب املسلسل اخملرج السوري ممدوح األطرش أ ّن املسلسل‬ ‫لم يُظهر الوعي الفكري الذي كانت تتمتّع به اسمهان والدور الوطني‬ ‫والقومي الذي تر ّبت عليه‪ ،‬وبنت شخصيتها على أساسه خاص ًة وأ ّن‬ ‫زوجها األمير حسن األطرش كان على عالقة مع شخصيات وطنية بارزة‬ ‫في سوريا ولبنان‪ .‬وقال أنه كان هناك الكثير من املغالطات في املسلسل‬ ‫بالنسبة للقضايا الوطنية‪ ،‬فاملرأة الدرزية كأي امرأة عربية كانت ثائرة‬ ‫ومتم ّردة على ظروف القهر‪ ،‬وتشارك الث ّوار في جميع أمور احلياة‪.‬‬ ‫أما مساعد مخرج املسلسل رائد األطرش‪ ،‬فقال أنه كان هناك حذف‬ ‫حلوالي ‪ 400‬مشهدا ً من املسلسل نتيجة أمور انتاجية‪ ،‬وهذا ما أ ّثر كثيرا ً‬ ‫على الشخصية التي كان من املفروض أن تُظهر اسمهان على حقيقتها‬ ‫األساسية‪.‬‬ ‫وحول رأيه في املسلسل‪ ،‬قال العميد نايف العاقل في اتصال على قناة‬ ‫اجلديد‪“ :‬كنّا نتمنّى أن يهتم املسلسل بالناحية الفنية فقط وال يسيء‬ ‫لألخرين‪ .‬ففراس ابراهيم(أي املنتج) ال يعرف شيئا ً عن تقاليد اجلبل وعاداته‬ ‫ّ‬ ‫التنكر مسيء لشعب اجلبل وملشايخه وآلل األطرش‪ ،‬ونحن‬ ‫ونضاالته‪ .‬هذا‬ ‫وضحت ولها تاريخها‬ ‫قدمت‬ ‫ال نقبل ألحد أن يسيء لنا كجبل وكطائفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫النضالي الكبير في العالم العربي‪.‬‬ ‫وكتب الصحافي سحبان الس ّواح‪“ :‬ظهرت أسمهان شخصية سكيرة‬ ‫عربيدة وخائنة لبلدها رغم محاولة املصريني الذين أعادوا كتابة العمل‬ ‫بشكله الذي رأيناه عدم إظهار جانب كونها جاسوسة مزدوجة ومرروا‬ ‫ذلك بخبث واضح ‪ .‬وبدا التناقض واضحا بني ماكتب عن أن ما قامت به‬ ‫“عمالً وطنيا ً وبني كونها جاسوسة يدفع لها احللفاء مبالغ طائلة لتعيش‬ ‫حياتها املترفة‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫شخصية‬

‫محمد باشا عز الدين قائد وطني‬ ‫ومجاهد في الثورة السورية الكبرى‬

‫حارب في ميسلون‬ ‫وفي معارك جبل الدروز‬ ‫حس الوفاء له‪ ،‬وللتضحيات‪،‬‬ ‫عندما نتواصل مع تاريخنا‪ ،‬ينبض بنا ُّ‬ ‫والبطوالت‪ ،‬بصورها اخملتلفة واشكال املعاناة وط ْعم السعادة عند‬ ‫ننكب على قراءته ونتق ّرى صوره املشرقة‪،‬‬ ‫حتقيق كل انتصار كأنّنا ونحن‬ ‫ُّ‬ ‫واشخاصها فرسان ماضينا اجمليد في سلسلة النضال واجلهاد واملقاومة‬ ‫واالستشهاد ليكون لنا وطنا ً حرا ً مستقالً متجردا ً ينعم شعبه‬ ‫بالكرامة واحلر ّية والع ّز والرفاه‪ ،‬خصوصا ً وقد علمونا االميان احلقيقي‬ ‫لنكتسب الشجاعة والصبر والرضى والتسليم كما كانوا فهدأت‬ ‫العواصف من حولهم خجالً من صمودهم ونكست رايات االعداء‬ ‫وبيارقها امام غاراتهم تسليما ً لبريد سيوفهم‪ ،‬ففتحوا لنا معابر‬ ‫الوصول الى االستقالل احلقيقي ليقولوا لنا هذا وطنكم دماؤنا تنطبق‬ ‫في سطور تاريخه تقول لكم كونوا اهالً لالمانة كونوا يدا ً بيد على‬ ‫كل مستعمر وجائر ويتغطرس وعابت بوطنكم وكراماتكم وحريتكم‬ ‫وعقائدكم وثوابتكم‪ ،‬كونوا وحدة وطنية تتشابك فيها ايدي االديان‬ ‫السماوية على ارضكم لتطلعه صيحة واحدة (اهلل اكبر) والدين هلل‬ ‫والوطن للجميع وقوفا ً في وجه كل املشاريع االستعمارية االسرائيلية‬ ‫االمريكية بكافة اشكالها فلن تأخذ طريقها الى وطنكم طاملا انتم‬ ‫على وحدتكم وثوابتكم ومقاومتكم وتوحيدكم الذي يكشف لكم‬ ‫ظالم الطرقات الى املستقبل املشرق في كافة انحاء الوطن العربي‬ ‫ولعلنا نبحر في ذاكرة التاريخ لنتذكر تلك الصور املشرقة التي كانت‬ ‫امتدادا ً ملا قبلها لنكون امتدادا ً لها فلنبدأ باحللقة االولى (من تراثنا اجمليد‬ ‫ّ‬ ‫ملف استلمته منذ اشهر هد ّية ثمينة تاريخية وادبية‬ ‫وهي جزء من‬ ‫من رجل كنت استمتع بحديثه حني ازوره الى مضافة في جرمانا فهو‬ ‫ذاكرة غنية لهذا التاريخ املشرق واحد ابنائه اذ عاصره ونشأ فيه وعانى‬ ‫ما عانوه صابرا ً صامدا ً اقرأ املاضي في بريق عينيه املشرقتني باالخالص‬ ‫والذكاء والوطنية احلقيقية وهو االمتداد لرموزها احلقيقية الشيخ ابو‬ ‫كنج هايل عز الدين والد العقيد الطيار عصام هايل عز الدين‪.‬‬

‫راتب نصر اهلل‬

‫نبذة عن حياة اجملاهد الكبير‬ ‫محمد باشا عز الدين‬ ‫ولد اجملاهد في قرية الهثة (جبل الدروز) عام ‪ ،1889‬تلقى علومه العالية‬ ‫القانونية والعسكرية في االستانة بتركيا وتخرج من كليتها احلربية‪ ،‬وكان‬ ‫يتقن اللغتني التركية والفرنسية الى جانب اتقانه اللغة العربية‪ ،‬نال عدة‬ ‫اوسمة رفيعة‪.‬‬ ‫قاد العديد من احلركات الوطنية الثورية‪ ،‬وانضم في مطلع شبابه الى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪100‬‬

‫حزب االستقالل العربي الذي كان من اعضائه البارزين فخامة السيد شكري‬ ‫القوتلي واملرحوم االمير عادل ارسالن‪.‬‬ ‫بدأ حياته العملية مرافقا ً فخريا ً برتبة رئيس للسلطان محمد اخلامس‪.‬‬ ‫نقل بعدها الى دائرة اركان احلرب‪.‬‬ ‫ثم رقي الى رتبة مقدم وعهد اليه بقيادة كتيبة دوما االحتياطية عام‬ ‫‪.1911‬‬ ‫وملا رأى ما قام به االتراك من اعمال عدوانية ضد العرب ومظالم االتراك في‬ ‫كل انحاء سوريا وشنق بعض الوجهاء وهم‪ :‬ذوقان االطرش‪ ،‬يحيى عامر‪ ،‬مزيد‬ ‫عامر‪ ،‬محمد القلعاني‪ ،‬حمد املغوش‪ ،‬ابو هالل عز الدين عم اجملاهد محمد عز‬ ‫الدين وذلك في شهر اذار عام ‪ 1911‬في ساحة املرجة بدمشق‪ ،‬نشأ بينه وبني‬ ‫وزير الدفاع التركي خالف كبير استقال بعده من وظيفته العسكرية عام‬ ‫‪ 1912‬رافضا ً بشدة هذه املواقف العدائية‪.‬‬ ‫انتسب الى السلك االداري في اواخر عام ‪ ،1912‬عني مدير ناحية وتقلب في‬ ‫عدة اقضية ومثل سورية الكبرى في مجلس املبعوثان في استانبول عام ‪1915‬‬ ‫عني في عام ‪ 1917‬قاضي حتقيق عسكري وكان مثال القاضي الصالح واحلاكم‬ ‫العادل‪ ،‬ثم رفع الى القائمقامية عام ‪ 1918‬في العهد الفيصلي وتولى اقضية‬ ‫العمرانية‪ ،‬وراشيا‪ ،‬وحاصبيا‪ ،‬والزبداني‪ ،‬وازرع‪ .‬ثم عهد اليه مبتصرفية درعا في‬ ‫‪ 20‬تشرين الثاني عام ‪ 1920‬وحتى شباط ‪.1921‬‬ ‫كما اسند اليه في العهد الفيصلي اضافة الى وظائفه قيادة املنطقة‬ ‫احلربية في الزبداني واشترك في معركة ميسلون الشهيرة بقيادة وزير الدفاع‬ ‫السوري آنذاك البطل يوسف العظمة والذي استشهد في تلك املعركة‪.‬‬ ‫جاء في مذكرات اجملاهد املرحوم محمد باشا عز الدين في كلمة جبل‬ ‫العرب – سورية التي القاها في بغداد بتاريخ ‪ 1939/5/14‬في حفل تأبني جاللة‬ ‫املرحوم امللك غازي وكان حينها نائبا ً عن جبل الدروز‪:‬‬ ‫(‪ ...‬كنت قائمقاما ً في الزبداني قرب ميسلون وكان ان اشرف املغفور له‬ ‫فيصل االول لتفقد االحوال آنذاك قبل الواقعة املشؤومة‪...‬‬ ‫فتلطف جاللته وسألني بلهجته اخلاصة‪ :‬ما رأيك بالوضع يا محمد؟‬ ‫فأجبت‪ :‬يا موالي سندافع حتى منوت او يكتب لنا النصر)‬ ‫في عام ‪ 1923‬عني نائبا ً عاما ً ومديرا ً لعدلية جبل الدروز‪.‬‬


‫بدأ يقوم باتصاالت سرية مع رجاالت سورية اخمللصني حتى بدء قيام الثورة‬ ‫السورية الكبرى عام ‪ 1925‬حيث عهد اليه قائد الثورة املرحوم سلطان‬ ‫باشا االطرش بقيادة املنطقة الشمالية والوسطى والغوطة فقاد معاركها‬ ‫ومنها‪:‬‬ ‫معركة اللجاة‪ :‬التي جرح فيها بطلقة مدفع جرحا ً بليغا ً في كتفه‬ ‫معركة قرية الهثة‪ :‬في االرض املقابلة لضريحه احلالي‪ ،‬حيث استطاع‬ ‫برفقة مجاهدي هذه القرية وغيرهم ممن كان لهم شرف املشاركة بها من‬ ‫ايقاف العدو مدة ‪ /45/‬يوما ً لم يستطع خاللها من دخول القرية الى ان نفذت‬ ‫ذخيرة اجملاهدين بالكامل‪.‬‬ ‫معركة قرية مجادل – معركة قرية صميد – معارك تل اخلالدية شرقا ً –‬ ‫معارك بني املسمية في حوران وخلخلة في‬ ‫اجلبل – معارك ذكير‪.‬‬ ‫معركة املسيفرة‪ :‬عام ‪ 1925‬التي قادها‬ ‫وفقد فرسه اثناء املعركة‪.‬‬ ‫موقعة الزور الثانية‪ 17 :‬تشرين الثاني‬ ‫‪ 1925‬قرب قرية املليحة في غوطة دمشق‬ ‫حيث رابط مع اجملاهدين في طريق جرمانا‬ ‫وتت ّبعوا العدو بالنار والسيف حتى اوصلوه‬ ‫الى ابواب دمشق‪.‬‬ ‫قاد معركة حمورية في غوطة دمشق ‪17‬‬ ‫كانون االول عام ‪.1925‬‬ ‫معركة جوبر واملليحة عام ‪.1925‬‬ ‫معركة يلدا او قبر الست‪.‬‬ ‫معركة زاوية احلمرا قرب داريا‪.‬‬ ‫معركة مئذنة الشحم‪.‬‬ ‫معركة امليدان والبواب‪.‬‬ ‫معارك عربني‪ ،‬وحرستا‪ ،‬وجسر تورا‪ ،‬وشبعا‪،‬‬ ‫وجوبر مطلع عام ‪.1926‬‬ ‫معارك النصف الثاني من عام ‪1926‬‬ ‫واهمها‪ :‬معارك برزة‪ ،‬دوما‪ ،‬باال‪ ،‬عقربا‪ ،‬يلدا‪،‬‬ ‫داريا‪.‬‬ ‫نزح مع القائد العام للثورة السورية‬ ‫الكبرى سلطان باشا االطرش وعدد من‬ ‫اجملاهدين الى االزرق في االردن ومنها الى النّبك‬ ‫ووادي السرحان من اعمال اململكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬وقد حكم عليه غيابيا ً باالعدام‬ ‫وامضى هذه املدة في‪ :‬مصر‪ ،‬واحلجاز‪ ،‬والعراق‪.‬‬ ‫ولقي من املسؤولني آنذاك كل تكرمي وحفاوة‪.‬‬ ‫عاد الى احلجاز عام ‪ 1932‬بطلب من املغفور له جاللة امللك عبد العزيز‬ ‫آل سعود وراح يتصل بعدد من الزعماء السوريني ليطلعهم على احوال‬ ‫اجملاهدين وبقي مع اجملاهدين حتى عام ‪ 1937‬حيث صدر العفو عنهم من قبل‬ ‫الفرنسيني املستعمرين وعادوا الى الوطن‪.‬‬ ‫انتخب نائبا ً عن قضاء شهبا عام ‪ ،1939‬احيل على التقاعد عام ‪ 1944‬بناء‬ ‫على طلبه‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1945‬اسهم بدور كبير في الغاء االستقالليني املالي واالداري‬ ‫باجلبل الحلاقه بسورية االم‪.‬‬ ‫ترأس حركات حتررية وشعبية خلدها له التاريخ وظل يدافع عن الكرامة‬ ‫الوطنية ويعمل من اجلها حتى وفاته في اذار من عام ‪.1958‬‬ ‫وترك ولدين هما‪:‬‬ ‫العقيد الدكتور توفيق عز الدين‪ :‬هو ّعم الدكتور احسان عز الدين الطبيب‬ ‫االنساني الكبير على مساحة الوطن(جرمانا) تلقى علومه الطبية في‬ ‫اجلامعة االمريكية في بيروت‪ ،‬والقدس واكمل تخصصه في لندن‪.‬‬ ‫التحق بثورة رشيد علي الكيالني بالعراق متطوعا ً مجاهدا ً وطبيبا ً واصيب‬ ‫بجرح عميق جعله يعود الى وطنه االم سورية ليساهم في العمل على‬

‫استقالل سورية‪ ،‬وفي منزله بالسويداء عقد اجتماعا ً مع نخبة من الضباط‬ ‫واجملاهدين وقرروا مهاجمة قلعة السويداء واستطاعوا اسر عدد من ضباط‬ ‫وحامية القلعة ورفع اول علم سوري على هذه القلعة حتى ان اجلنرال ديغول‬ ‫قال‪“ :‬لقد سقطت فرنسا في جبل الدروز”‪.‬‬ ‫تسلم رئاسة الصحة العسكرية في سوريا‪...‬‬ ‫توفي في السويداء في ‪/6/23‬عام ‪.1981‬‬ ‫والسيدة جناح عز الدين‪ :‬متزوجة ولها خمسة اوالد‪ ،‬ثالثة ذكور وابنتان‪.‬‬ ‫والده‪:‬‬ ‫املرحوم خليل بن علي عز الدين‪ :‬كان رجالً فصيحا ً ومندوبا ً عن اجلبل في‬ ‫دمشق مع يحيى االطرش‪ ،‬وخليل عامر‪.‬‬ ‫اخوة اجملاهد‪ :‬هم املرحومون‪:‬‬ ‫عبد الكرمي خليل عز الدين‪ :‬مجاهد معروف‬ ‫قاوم االتسعمارين العثماني والفرنسي وجرح‬ ‫مرات عديدة توفي في ‪.1963/3/6‬‬ ‫عبد الغفار خلبل عز الدين‪ :‬شارك في‬ ‫معارك الثورة باجلبل وراشيا والغوطة وجرح‬ ‫في هذه املعركة وكانت له مواقف مشرفة‪.‬‬ ‫فواز خليل عز الدين‪ :‬وهو االخ االصغر بني‬ ‫اخوته كان شابا ً وطنيا ً سياسيا ً وعسكريا ً‬ ‫يتقن اللغات التركية واالملانية والفرنسية الى‬ ‫جانب اللغة العربية‪ ،‬لم يعمر طويالً (‪– 1900‬‬ ‫‪)1932‬‬ ‫مصادر املعلومات‪:‬‬ ‫الكتاب الذهبي جليوش الشرق ‪1928‬‬ ‫للجنرال هونتريجر (القائد االعلى جليوش‬ ‫الشرق) تعريب اديب البستاني‪.‬‬ ‫جبل الدروز وحوران‪ ،‬مصر ‪ ،1925‬حنا ابي‬ ‫راشد‪.‬‬ ‫مجموعة القوانني والقرارات االدارية في‬ ‫جزئيه الرابع واخلامس من ‪ 1922‬حتى ‪1936‬‬ ‫لتوفيق حنا وبهيج اخلطيب (وهو محفوظ‬ ‫لدينا) ومن مقتنيات اجملاهد الراحل‪.‬‬ ‫مذكرات ووثائق اجملاهد املرحوم محمد باشا‬ ‫عز الدين (وهي ايضا ً محفوظة لدينا)‬ ‫تاريخ الثورة السورية للدكتور محي الدين‬ ‫السفرجالني ‪.1938‬‬ ‫دور النهضة احلديثة مارون عبود‪.‬‬ ‫مذكرات اجملاهد املرحوم هالل عز الدين (وهو من كبار اجملاهدين في الثورة‬ ‫وشاعر مرموق)‬ ‫أعداد جريدة اجلبل التي غطت مراسم تشييع الفقيد عام ‪ 1958‬لصاحبها‬ ‫املرحوم االستاذ جنيب حرب‪.‬‬ ‫الثورة السورية الكبرى ‪ ،1971‬سالمة عبيد‪.‬‬ ‫من مكتبة احملامي االستاذ توفيق عبيد‪.‬‬ ‫مذكرات خطية للمرحوم علي سيف الدين القنطار‪.‬‬ ‫جريدة اجلبل – في السويداء – العدد ‪ /13/‬تاريخ ‪ 16‬ايار ‪ 1982‬اصدار املكتب‬ ‫التنفيذي جمللس محافظة السويداء‪.‬‬ ‫مدون في‬ ‫مجموعة من الوثائق لدى ابو كنج هايل عز الدين‪ ،‬منها ما هو ّ‬ ‫املفكرات اليومية لوالده اجملاهد املرحوم عبد الكرمي خليل عز الدين من عام‬ ‫‪ 1903‬حتى عام ‪ .1963‬لقاء مسجل (صوت وصورة) مع القائد العام للثورة‬ ‫السورية الكبرى سلطان باشا االطرش في ‪ 1980/6/18‬لصالح الوثائقي (جبل‬ ‫العرب) انتاج وزارة الثقافة السورية‪.‬‬

‫‪101‬‬

‫جمعها ووثّقها حسن يحيى عز الدين‬ ‫جرمانا‪ -‬سوريا‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر بيئة‬

‫النيران تلتهم أحراج لبنان ‪َ :‬من المسؤول؟‬ ‫‪ 1490‬هكتاراً من الثروة الحرجية احترق حتى اآلن عام ‪2008‬‬ ‫إنه إعصار النيران التي تقضي منذ فترة على‬ ‫الثروة احلرجية في لبنان والتي اندلعت في فترة‬ ‫وجيزة ملتهمة مساحات شاسعة من األشجار‬ ‫وهجرت‬ ‫وصوال ً إلى املنازل‪ ،‬فحاصرت السكان‬ ‫ّ‬ ‫بعضهم نظرا ً لقوتها وسرعة انتشارها‪.‬‬ ‫بعد كل احلرائق التي ش ّبت منذ فترة‪ ،‬أكملت‬ ‫النيران مسارها لتصل إلى مناطق إقليم اخلروب في‬ ‫الشوف‪ ،‬مما أدى إلى إعالن حالة طوارئ واالستنجاد‬

‫بالدول الصديقة إلرسال طوافات تتمكن من‬ ‫الوصول إلى األماكن الوعرة ملعاجلة الوضع‬ ‫ومحاصرة النيران‪ .‬هذه هي حال لبنان الذي يغرق‬ ‫يوما بعد يوم بالديون‪ ،‬ما زال حتى هذه اللحظة‬ ‫غير قادر على تأمني طوافات خاصة باجليش للقيام‬ ‫بواجبه في حاالت كهذه‪ ،‬فكانت قبرص الدولة التي‬ ‫تتك ّرم بإرسال طوافات متطورة لفك حصار النيران‬ ‫عن البيوت واألهالي‪ ،‬خاصة مع وجود الصعوبة في‬

‫ثروة لبنان احلرجية تأكلها النيران‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪102‬‬

‫الوصول إلى أكثرية املناطق بسبب النقص في‬ ‫سيارات الدفاع املدني وصعوبة وصولها إلى داخل‬ ‫الغابات مع غياب الطرق املؤهلة لذلك‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى الرياح القوية التي ساهمت بشكل كبير في‬ ‫انتشار ألسنة النار بسرعة والتهامها مساحات‬ ‫كبيرة من الغطاء النباتي‪.‬‬ ‫ومع قول اجلهات األمنية إ ّن الرياح واجلفاف هما‬ ‫السبب في هذه احلرائق‪ ،‬ال بد من التساؤل عما‬ ‫إذا كان للمواطنني أية يد في إشعال هذه األحراج‬ ‫الصنوبرية والسنديانية مبعظمها‪ ،‬خاص ًة إذا ما‬ ‫درسنا الوضع املادي في ظل ارتفاع أسعار احملروقات‬ ‫على أبواب الشتاء‪ ،‬وخاص ُة بعد إعالن وزير الداخلية‬ ‫بلدة عني احلور وجوارها “منطقة منكوبة”‪ ،‬وبعد‬ ‫تأكيد مصادر كثيرة على حتمية افتعال هذه‬ ‫احلرائق بعد بدء موسم بيع حطب التدفئة‪.‬‬ ‫وقد أكدت املصادر احلاجة إلى ‪ 500‬مليون دوالر‬ ‫إلعادة جتديد هذه الغابات واألحراج في فترة ال تقل‬ ‫عن عشر سنوات‪ ،‬وتأمني املعدات الالزمة جملابهة‬ ‫الصعوبات التي قد تواجه لبنان في أية حلظة‪ ،‬هذا‬ ‫إذا بقيت أية شجرة في األوقات القليلة القادمة‪،‬‬ ‫فهل سينتظر لبنان كل هذه املدة الستعادة الغطاء‬ ‫النباتي الذي كان مييزه عن الكثير من الدول؟ وهل‬ ‫سنبقى دائما نعمل على هذا املنوال باالستغاثة‬


‫وطلب املساعدة حلماية ثروتنا احلرجية وإعادة‬ ‫تشجير الغطاء النباتي؟ هنا ال بد من التساؤل ماذا‬ ‫ستصبح هذه النسبة بعد قضاء النار على أحراج‬ ‫لبنان‪ ،‬وأين سنصبح بعد خسارتنا لهذه الثروة التي‬ ‫كنا نتغنّى بها؟‬ ‫املؤسف في هذا املوضوع هو جهل املواطنني‬ ‫ملنافع هذا الغطاء النباتي الذي يؤثر بطريقة أو‬ ‫بأخرى على طبيعة لبنان ومناخه‪ ،‬والذي يحافظ‬ ‫على متاسك التربة ومنع اجنرافها وتنقية الهواء‪،‬‬ ‫إذا ما نظرنا لفائدته من الناحية البيئية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫سيؤثر سلبا ً على الصحة العامة بعد انخفاض‬ ‫عدد األشجار التي كانت تساهم في احلفاظ على‬ ‫التوازن املناخي املطلوب‪ ،‬إضافة إلى قضاء هذه‬ ‫احلرائق على أنواع نادرة من األشجار التي يصعب‬ ‫وجودها في أي مكان‪.‬‬ ‫من خالل النظرة للقضايا البيئية‪ ،‬فإ ّن تدهور‬ ‫التربة قدميا ً بسبب القضاء على األشجار‪ ،‬أ ّدى إلى‬ ‫اندثار حضارات بأكملها مثل حضارة “املايا” في‬ ‫أميركا الوسطى‪ ،‬وهذا ما دفع باإلنسان إلى العمل‬ ‫على صون الطبيعة‪ ،‬فقد حتدث علماء اإلغريق منذ‬ ‫نحو ‪ 2500‬سنة عن العالقة بني اإلنسان والبيئة‬ ‫احمليطة به وكيف أ ّن اإلنسان يستطيع التأثير‬ ‫لكن ال بد‬ ‫بطريقة إيجابية أو سلبية على البيئة‪ّ ،‬‬ ‫لهذا التأثير من أن يكون سلبيا ً في وطن كلبنان‬ ‫وفي ظل غياب احملاسبة الرسمية ملفتعلي اجلرائم‬ ‫بحق البيئة والثروة النباتية‪ ،‬وما اخلوف إال أن تستمر‬ ‫اجلهات الرسمية في تقاعسها جلهة معاجلة هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬ف ُيخلط احلابل بالنابل وتصبح بيئتنا في‬ ‫خبر كان‪.‬‬

‫اجلهات الرسمية‪:‬‬ ‫كالم‪ ،‬حبر على ورق‬ ‫أقرت احلكومة اللبنانية بعد احلرائق التي حصلت‬ ‫أخيراً‪ ،‬العمل على شراء طوافات مخصصة إلخماد‬ ‫احلرائق وباألخص في املناطق الوعرة‪ ،‬خاصة بعدما‬ ‫تبينّ التقصير في هذا املوضوع‪ ،‬مما جعلنا ننتظر هذه‬ ‫الدولة أو تلك‪ ،‬إلرسال الدعم الالزم ملعاجلة الوضع‬ ‫البيئي اآلخذ في االشتعال من دون حسيب أو رقيب‪.‬‬ ‫هذا مع أهمية التذكير بالعمل الشاق الذي يقوم‬ ‫به وزير الداخلية زياد بارود الذي زار املناطق التي‬ ‫اندلعت فيها احلرائق من أجل اإلسراع في معاجلة‬ ‫األمر وتخطي الصعوبات التي تواجه الدفاع املدني‬ ‫وحتى الصليب األحمر اللبناني الذي عمل كعادته‬ ‫جديا على معاجلة املواطنني ملا تسببته هذه النيران‬ ‫من حاالت إغماء وضيق في التنفس‪ .‬وهنا ال بد من‬ ‫اإلشارة إلى احلروق التي أصابت رجال الدفاع املدني‬ ‫خالل قيامهم بإطفاء النيران املشتعلة‪.‬‬

‫أضرار جسيمة‪،‬‬ ‫مَن يعوّض اخلسائر؟‬ ‫سؤال وجيه يطرحه املواطن الذي احترقت‬ ‫أرضه وخسر مواسمه الزراعية‪ ،‬وخاصة موسم‬ ‫الزيتون الذي يشكل نسبة كبيرة من املواسم‬ ‫الزراعية نظرا ً لغنى لبنان بهذا النوع من األشجار‬ ‫التي يعتمد عليها عدد كبير من األهالي‪ ،‬وخاصة‬

‫الحرائق التي طالت مناطق لبنان بدءً ا من شهر نيسان‬ ‫وحتى شهر تشرين األول والمساحة المحترقة‬

‫المساحة المحترقة‬ ‫(هكتار)‬

‫الشهر‬ ‫نيسان‬

‫‪41.57‬‬

‫أيار‬

‫‪15.2‬‬

‫حزيران‬

‫‪170.67‬‬

‫تموز‬

‫‪178.9‬‬

‫آب‬

‫‪267.92‬‬

‫أيلول‬

‫‪58.1‬‬

‫تشرين األول (الشوف‬ ‫والشمال وبعبدا)‬

‫‪734.1‬‬

‫هنا كشف ميداني من قبل فريق عمل‬ ‫جمعية الثروة احلرجية إضافة إلى الئحة‬ ‫حول مواقع احلرائق التي اندلعت في مناطق‬ ‫لبنانية خالل العام ‪2008‬‬ ‫معلومات‬ ‫عن مساحة احلرائق‬ ‫إجمالي املساحة التي احترقت من‬ ‫نيسان حتى ‪ 31‬تشرين األول‪734.5 :‬‬ ‫هكتارا ً‬ ‫إجمالي املساحة التي احترقت في ‪-13‬‬ ‫‪ 14‬تشرين األول‪ 730 :‬هكتارا ً‬ ‫إجمالي املساحة التي قضت عليها‬ ‫النيران في لبنان حتى اآلن‪1464.5 :‬‬ ‫هكتار ا ً‬ ‫أنواع األشجار التي احترقت‬ ‫صنوبر‬ ‫سنديان‬ ‫حور‬ ‫شربني‬ ‫زيتون‬ ‫أشجار مثمرة‬ ‫نباتات وأعشاب برية‬ ‫املناطق التي طالتها احلرائق‬ ‫الشوف ‪ :‬الدبية‪ ،‬عني احلور‪ ،‬اجلاهلية‪،‬‬ ‫الزعرورية‪ ،‬عانوت‬ ‫عاليه ‪ :‬ضهر الوحش‬ ‫بشري ‪ :‬بشري‬ ‫املنت اجلنوبي ‪ :‬راس املنت‬ ‫املنت الشمالي ‪ :‬العطشانة‪ ،‬القعقور‬

‫‪103‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر بيئة‬ ‫في مناطق اجلبل والشوف والبقاع الغربي‪ .‬هذا‬ ‫السؤال يبقى برسم احلكومة اللبنانية التي تعد‬ ‫لكن هذه الوعود‬ ‫دائما بالتعويض على املواطن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تبقى بدون تنفيذ‪ ،‬فيتخ ّبط املواطنون بني الوعود‬ ‫والتعويضات‪ ،‬ويبقى متأمالً لفتة أو يدا ً ممدودة من‬ ‫نائب أو وزير وصل إلى البرملان بفضل صوت الشعب‪،‬‬ ‫لكنه نسي ما يعانيه من مشاكل ومعوقات تؤثر‬ ‫عليه وعلى اجملتمع بأكمله‪ .‬هنا تكمن مسؤولية‬ ‫الدولة التي عليها واجب العمل على إعادة‬ ‫التشجير الستعادة الثروة النباتية التي ذهبت جراء‬ ‫عدم وعي املواطن لنتائج إحراقه للغابات من أجل‬ ‫تأمني احلطب لفصل الشتاء‪.‬‬

‫أمطار تشرين‬ ‫جتابه امتداد ألسنة النيران‬ ‫حلت أمطار لبنان هذه السنة لتكون املالك احلارس‬ ‫للبيئة اللبنانية لتعمل بدل النقص في الطوافات‬ ‫وتخمد احلرائق التي اندلعت في أقطار الشوف‬ ‫واجلبل وغيرها من املناطق‪ .‬هذه األمطار ساعدت‬ ‫الدفاع املدني الذي عمل ما بوسعه للوصول إلى‬ ‫أماكن اندالع احلرائق وإخمادها‪ ،‬فكانت الصدر الواقي‬ ‫ملعدات الدفاع املدني‪ ،‬فتمكنت من الوصول إلى‬ ‫أعالي اجلبال والتوغل داخل الغابات واألحراج وإطفاء‬ ‫اللهب الذي كان يتزايد بشكل مخيف ومريب‪.‬‬

‫ّ‬ ‫تصحر منتظر‬ ‫جراء تدهور الغطاء األخضر‬ ‫إن هذا الواقع سيؤدي حتما ً إلى التصحر الذي‬ ‫ع ّرف عنه مصدر بيئي رسمي لـ”منبر التوحيد”‬ ‫بسبب تناقص املساحات احلرجية بعد تع ّرضها‬ ‫للقطع اجلائر واالمتداد اإلسمنتي والرعي‪ ،‬وسوء‬ ‫إدارة وعدم اكتراث الهيئات األهلية‪ ،‬وغياب اخملطط‬ ‫التوجيهي الكامل والشامل خملتلف استعماالت‬ ‫األراضي‪ ،‬والقطع العشوائي لألشجار‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫وجود ‪ 720‬مقلعا في احملافظات‪ ،‬وضعف تخطيط‬ ‫النمو العمراني ومشاريع الطرق اجلديدة‪ ،‬مما يتيح‬ ‫استمرار التعديات على املساحات الطبيعية‪،‬‬ ‫وانتشار ما يتراوح بني ‪ 400‬و‪ 500‬ألف لغم‬ ‫وآالف القنابل العنقودية من مخلفات االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي في اجلنوب والبقاع الغربي‪ ،‬مما يعطل‬ ‫مساحات واسعة قابلة للزراعة والتحريج ويشكل‬ ‫عائقا ً دون إخماد احلرائق التي تندلع في نطاقها‪،‬‬ ‫وتفشي األمراض في بعض الغابات‪ .‬وبنظرة سريعة‬ ‫على املساحة اخلضراء املنكوبة في لبنان خالل‬ ‫السنوات الثالث املاضية يتبينّ لنا ما يلي‪440 :‬‬ ‫هكتارا ً في العام ‪ 3460 ،2005‬هكتارا ً عام ‪،2006‬‬ ‫‪ 4197‬هكتارا ً عام ‪ 1490 ،2007‬هكتارا ً حتى اآلن عام‬ ‫‪ .2008‬وبذلك نكون قد خسرنا ‪ % 3.26‬من إجمالي‬ ‫املساحة اخلضراء البالغة ‪ 237754‬هكتاراً‪ ،‬وتظهر‬ ‫هذه األرقام أ ّن املعدل السنوي ارتفع كثيرا ً عام‬

‫‪ 2006‬مقارنة بعام ‪ 2005‬علما ً بأ ّن ‪ 1338‬هكتارا ً‬ ‫احترقت بفعل احلرب اإلسرائيلية عام ‪ .2006‬أما عام‬ ‫‪ ،2008‬فكان شهر آب األسوأ إذ ُس ّجل فيه احتراق‬ ‫‪ 20‬دومنا في عيناب وحدها بتاريخ ‪ 8/6‬والالفت أ ّن‬ ‫هذه احلرائق مفتعلة ألهداف معروفة‪ ،‬منها احلصول‬ ‫تصحر‬ ‫على الفحم واحلطب ألغراض التدفئة‪ ،‬ومنها‬ ‫ّ‬ ‫األرض متهيدا ً للبناء عليها‪ ،‬وهنا يجب احملاسبة حتى‬ ‫ال تضيع املسؤولية فال يعقل أن تضيع املسؤولية‬ ‫الرسمية عن ادارة الغابات في لبنان‪ ،‬فإذا كانت وزارة‬ ‫الزراعة هي املسؤولة الرسمية عن ادارة الغابات‬ ‫تتحمل‬ ‫ووضع اخلطط ملكافحة احلرائق‪ ،‬فعليها أن‬ ‫ّ‬ ‫املسؤولية وأن تعرض خطة متكاملة وحتدد ضمن‬ ‫برنامج عملي اخلطوات الواجب اتخاذها‪ ،‬وما هي‬ ‫اجراءات الوقاية ملنع حدوث احلرائق والتخفيف من‬ ‫أثرها‪ ،‬ووضع برامج إلنتاج النصوب احلرجية وتوزيعها‬ ‫وغرسها والعناية بها‪ ،‬على أن تشارك في هذه اخلطة‬ ‫الوزارات واإلدارات والهيئات واجلمعيات األهلية وفي‬ ‫مقدمها اجليش وطالب املدارس واجلامعات‪ .‬وتطبيقا ً‬ ‫لذلك‪ ،‬وجب إنشاء أبراج املراقبة واخلزانات الترابية‬ ‫لتجميع املياه‪ ،‬وإقامة فواصل بني احملميات وزيادة‬ ‫أعداد مأموري األحراج والدفاع املدني‪ ،‬وشق الطرق‬ ‫الزراعية الترابية غير املع ّبدة حول األحراج تسهيالً‬ ‫لوصول فرق اإلطفاء والدفاع املدني عند الضرورة‪.‬‬ ‫وأضاف أ ّن حاجة لبنان إلى الغابات واألحراج ملا‬ ‫لها من دور وقائي واجتماعي واقتصادي‪ ،‬للوصول‬ ‫إلى التكامل في استعماالت األراضي يجب أال تقل‬

‫ـ حاجة لبنان إلى الغابات واألحراج لتأدية دورها الوقائي واالجتماعي‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬يجب أال تقل عن ‪ 200‬ألف هكتار‪.‬‬ ‫ـ احلكومة تعلن حالة الطوارئ وتستنجد بالدول الصديقة لتأمني‬ ‫الطوافات الالزمة إلطفاء احلرائق‪ ،‬ووزير الداخلية زياد بارود يعلن بلدة عني‬ ‫احلور وجوارها “منطقة منكوبة”‪.‬‬ ‫ـ ‪ % 3.26‬من إجمالي املساحة اخلضراء البالغة ‪ 237754‬هكتارا ً خسرها‬ ‫لبنان حتى اليوم‪.‬‬ ‫ـ مسؤولية وزارة البيئة وضع خطة متكاملة إلعادة التشجير واتّخاذ كل‬ ‫إجراءات الوقاية من احلرائق والتخفيف من أثرها‪.‬‬ ‫متى تشتري احلكومة طائرات لإلطفاء؟‬

‫عن ‪ 200‬ألف هكتار‪ ،‬أي ما يوازي ‪ %20‬على األقل من‬ ‫مساحة لبنان‪ .‬وإذا تُرك الوضع على ما هو عليه‪،‬‬ ‫فستتفاقم مشكلة ظاهرة التصحر لتصل إلى‬ ‫نقطة الالرجوع‪ ،‬ونواجه كارثة بيئية‪ .‬ولبنان معروف‬ ‫بوفرة أحراجه وكثافتها‪ ،‬إذ كانت تغطي في ما مضى‬ ‫‪ 270‬ألف هكتار‪ ،‬ولم يب َق منها حتى اآلن سوى حوالى‬ ‫‪ 50‬الف هكتار‪ ،‬مما يجعل مدى التشجير يهبط من ‪25‬‬ ‫إلى دون الـ ‪ ،%6‬بينما املعدل الطبيعي الالزم لتحقيق‬ ‫التوازن بني املياه – التربة ‪-‬املناخ هو في حدود ‪.%18‬‬ ‫هذه النسب مخيفة بالنسبة لوطن غني ومتميز‬ ‫بثروته النباتية‪ ،‬فهل ستبقى الدولة متقاعسة عن‬ ‫معاقبة املسؤولني عن التعديات على البيئة والثروة‬ ‫احلرجية؟ سؤال يبقى برسم وزارة البيئة وكل‬ ‫الهيئات واملنظمات املعنية‪.‬‬

‫اعداد ‪ :‬سالي نوفل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪104‬‬


‫تكنولوجيا‬

‫“‪ ..”CCXR‬هل ستكون منافسة «‪»Bugatti‬؟‬ ‫«‪ »Koenigsegg CCXR‬السوبر رياضية لعام‬ ‫‪ .2008‬إن هذه السيارة تعد من فئة السيارات‬ ‫الرياضية السريعة وهي منافسة قوية لسيارة‬ ‫الـ «‪ ،»Bugatti‬بحيث أنها متتاز بأعلى التقنيات‬ ‫ولها القدرة على السرعة بأقوى ما ميكن‪ .‬إن‬ ‫سعة احملرك تبلغ ‪ 4.8‬ليترات‪ ،‬وهي ذات ثماني‬ ‫أسطوانات وتولد قوة ‪ 1018‬حصاناً‪ .‬تعمل‬ ‫السيارة بنظام دفع خلفي‪ ،‬وحتتوي على ناقل‬ ‫سرعات عادي بستة غيارات‪ .‬تنطلق السيارة من‬ ‫سرعة صفر إلى ‪ 100‬كلم‪/‬ساعة خالل ‪ 2.9‬ثوان‬ ‫فقط‪ ،‬وإلى سرعة ‪ 200‬كلم‪/‬ساعة خالل ‪8.9‬‬ ‫ثوان‪ ،‬وإلى سرعة ‪ 300‬كلم‪/‬ساعة خالل ‪ 27‬ثانية‪.‬‬ ‫مبقدور السيارة أن تتوقف من سرعة ‪ 100‬كلم‪/‬‬ ‫ساعة الى سرعة صفر خالل ‪ 32‬متر ال أكثر‪ .‬إن‬ ‫ما مييزها هو بلوغها سرعة قصوى تصل الى ‪400‬‬ ‫كلم‪/‬ساعة‪.‬‬

‫هاتف محمول للعميان‬

‫طرحت األسواق البلجيكية أخيرا ً هاتفا ً‬ ‫محموال ً جديدا ً يساعد فاقدي وضعفاء‬ ‫البصر على تسهيل حياتهم اليومية‪ ،‬وذلك‬ ‫بالتعرف على األشياء التى حتيط بهم‪.‬‬ ‫وباقتناء هذا احملمول ميكن لهؤالء األشخاص حتديد‬ ‫نوع السلعة أو أي شيء يريدون التعرف عليه عن‬ ‫طريق تقريب احملمول املزود ببرنامج يص ّور ما هو مد ّون‬ ‫عليها عن طريق املسح الضوئي “سكانر” ثم ترجمته‬ ‫صوتيا ًبثالث لغات “الفرنسية والفلمنكية واألملانية”‪.‬‬ ‫ويسمح احملمول بقراءة كل النصوص املكتوبة‬ ‫يدويا ً أو اإلرشادات الطبية املوجودة بعلب األدوية‬ ‫املكتوبة بحروف صغيرة جدا ملساعدة فاقدي أو‬ ‫ضعفاء البصر على التعرف على أدق التفاصيل‬ ‫التي حتتويها هذه األدوية‪.‬‬

‫‪ ..»Novitec Rosso‬طائرة تسير على األرض‬ ‫«‪ »Novitec Rosso F430‬صممت هذه‬ ‫السيارة حملبي السرعة الفائقة والعالية‪،‬‬ ‫وهي سيارة أملانية من نوع فيراري متتاز‬ ‫بأدائها اخلارق‪ ،‬ومن احدى ميزاتها هي‬ ‫بلوغ سرعات عالية بأقل وقت ممكن‪.‬‬ ‫محرك السيارة يبلغ ‪ 4.3‬ليترات ذو ثماني‬ ‫أسطوانات ويولد قوة ‪ 707‬أحصنة‪ .‬تعمل‬ ‫السيارة بنظام دفع خلفي‪ ،‬وتستطيع‬ ‫بلوغ سرعة قصوى تصل الى ‪ 348‬كلم‪/‬‬ ‫ساعة‪ .‬حتتوي السيارة على ناقل سرعات‬ ‫عادي بستة غيارات‪ ،‬وتنطلق من سرعة‬ ‫صفر الى ‪ 100‬كلم‪/‬ساعة خالل ‪3.5‬‬ ‫ثوان‪ ،‬والى ‪ 160‬كلم‪/‬ساعة خالل ‪10.1‬‬ ‫ثوان‪ ،‬والى ‪ 400‬كلم‪/‬ساعة خالل ‪29.9‬‬ ‫ثانية‪ .‬أما سعر السيارة فيبلغ حوالى‬ ‫‪ 193,277‬يورو‪.‬‬

‫صاروخ <‪ >Corvette‬الجديد‬ ‫أصدرت شركة «‪ »GM‬سيارتها‬ ‫اجلديدة «‪ »Corvette ZR1‬لعام‬ ‫‪ .2009‬سعة احملرك يبلغ ‪ 6.2‬ليترات‬ ‫ذو ثماني اسطوانات وتولد قوة ‪638‬‬ ‫حصاناً‪ .‬تنطلق السيارة من سرعة‬ ‫صفر الى ‪ 100‬كلم‪/‬ساعة خالل‬ ‫‪ 3.4‬ثوان‪ ،‬والى سرعة ‪ 160‬كلم‪/‬‬ ‫ساعة خالل ‪ 7‬ثوان فقط‪ .‬حتتوي‬ ‫السيارة على ناقل سرعات عادي‬ ‫بستة غيارات‪ ،‬وتصل سرعتها‬ ‫القصوى الى ‪ 320‬كلم‪/‬ساعة‪.‬‬

‫‪105‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫األمومة والطفولة‬ ‫عماد المجتمع والركن األساسي في بنائه‬ ‫األم مدرسة إذا أعددتها‬ ‫أعددت شعبا َ طيب األعراق‬ ‫كانت املرأة وما زالت األساس في بناء األسرة‬ ‫واجملتمع عامة‪ ،‬واكتسبت هذا الدور من خالل‬ ‫طبيعتها وتكوينها‪ ،‬وبنظرة موضوعية تتضح‬ ‫أهمية الدور االجتماعي للمرأة وانخراطها‬ ‫في احلياة العامة‪ ،‬فهي األم واملربية والعاملة‬ ‫واحلريصة على بناء األسرة ومتاسكها‪ ،‬وحضارة‬ ‫األمم تقاس مبدى إنصاف املرأة وقائمة احلقوق‬ ‫املترتبة في قوانني البلدان‪ ،‬وفي اجملتمعات‬ ‫املتقدمة استطاعت املرأة أن تنافس الرجل في‬ ‫أعقد وأصعب األعمال التي تتطلب قدرات علمية‬ ‫عالية املستوى‪ ،‬وأثبتت حضورها الفاعل في كل‬ ‫ميادين احلياة العامة‪.‬‬ ‫وموضوعياً‪ ،‬األم هي األساس في بناء األسرة‬ ‫وهي مبثابة اخللية في اجلسم واجملتمع‪ ،‬وتاريخيا ً‬ ‫كانت املرأة الى جانب الرجل وحتملت الكثير من‬ ‫الظلم االجتماعي في عهود التخلف عندما كان‬ ‫هناك من ينظر اليها على انها مختصة بتربية‬ ‫االطفال والعمل في املنزل‪ ،‬ولكن مع تطور اجملتمع‬ ‫تغيرت احلال‪ ،‬فبدأت املرأة في دخول مختلف‬ ‫ميادين العمل وأبدعت في حتقيق النتائج التي‬ ‫أعادت باخلير واالنتاج‪ ،‬وهذا أمر طبيعي الن‬ ‫املرأة هي نصف اجملتمع وال ميكن أن يترك هذا‬ ‫اجلزء مهمالً في حقوقه وإال فقدت األمم هويتها‬ ‫وتبددت قوتها‪ ،‬ومن هنا كان احلرص في املواثيق‬ ‫الدولية على حقوق املرأة وعبر اتفاقيات عديدة‪،‬‬ ‫وهذه مساهمة كبيرة في صيانة احلقوق وحماية‬ ‫اجملتمع وتهيئة البيئة الصحية املناسبة خلير االمم‬ ‫وتقدمها‪.‬‬ ‫وأما عن العوامل الذاتية‪ ،‬فاألمومة هي األصل‪،‬‬ ‫ومن ناحية فطرية ميكن التأكيد على أهمية دور‬ ‫املرأة‪ ،‬ويصبح االمر فائق االهمية عندما ينظر الى‬ ‫دور املرأة من خالل املشروع الكبير الذي يحتاج الى‬ ‫التضحية واالستعداد للبذل‪ ،‬والرؤية الواضحة‪،‬‬ ‫واملكانة التي تختارها عندما تخطط لتصبح أما ً‬ ‫فاعلة في اجملتمع وتقف الى جانب الرجل وتواجه‬ ‫الظروف من أجل تغييرها باالجتاه االفضل‪ ،‬وهذه‬ ‫ليست مجرد رغبات‪ ،‬وامنا تقاس بالعمل املبذول‬ ‫ونوعيته ومقدار مساهمته في بناء االسرة‬ ‫الصاحلة املتماسكة الواعية واملزودة باملعرفة‪،‬‬ ‫وحتمل املسؤوليات‪ ،‬فاالمومة مسؤولية واملرأة‬ ‫الناجحة هي من يتحمل املسؤولية برغبة واقتدار‪،‬‬ ‫ومن هنا تبنى اجملتمعات واالمم وتتميز احلضارات‪.‬‬ ‫املرأة الفاعلة في اجملتمع هي القدوة احلسنة‬ ‫في أسرتها ومجتمعها‪ ،‬وهي التي تساهم في‬ ‫بناء الوطن من خالل دورها في تربية االجيال ومن‬ ‫خالل مركزها االجتماعي الذي حتظى به والنجاح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫في عملها‪.‬‬ ‫واألمومة هي األصل ولكن ضمن خطة‬ ‫واستراتيجية واعية تأخذ بعني االعتبارات عمل‬ ‫املرأة ضمن ظروفها وإمكانياتها املتاحة ومن ثم‬ ‫تنمية هذه القدرات‪ ،‬وألهمية األمر فقد أخذت‬ ‫القوانني اجتاها ً واقعيا ً يأخذ في االعتبار احلاجات‬ ‫االنسانية‪ ،‬وهي عوامل أساسية متكن من التوفيق‬ ‫بني جناح العمل واحلفاظ على األسرة‪.‬‬ ‫فاألمر يرتبط بالعوامل الذاتية‪ ،‬ألن مستوى‬ ‫األداء يتعلق بعاملي الرغبة واملقدرة‪ ،‬وهذا ما‬

‫‪106‬‬

‫مييز بني النظرة الواعية‪ ،‬وبني نظرة أخرى مغايرة‬ ‫تتهرب من املسؤوليات وتنظر لالمور نظرة قاصرة‬ ‫وترى املرأة في البيت فقط كمختصة بتربية‬ ‫االطفال‪.‬‬ ‫وفي مجتمعنا العربي دور املرأة مزدوج ما بني‬ ‫االمومة كغريزة فطرية وبني كونها مشروع‬ ‫نهضة واستعداد لتغيير واقع احلال‪ ،‬واالنتقال‬ ‫باجملتمع الى وضع جديد‪ ،‬وهذا ما يتطلب العمل‬ ‫املتواصل عبر االجيال لتأمني متطلبات النهوض‬ ‫واللحاق باالمم املتقدمة‪.‬‬


‫حقوق الطفل‬ ‫وهذه احلقوق ذات أهمية أساسية‪ ،‬ولذلك‬ ‫وقعت دول العالم من خالل هيئة االمم املتحدة ما‬ ‫يعرف بحقوق الطفل عام ‪ 1989‬لتحديد املعايير‬ ‫االساسية ملعاملة االطفال وتهيئة الظروف‬ ‫املناسبة لنموهم في بيئة صاحلة‪ ،‬وتعد هذه‬ ‫الوثيقة االتفاقية ملزمة‪ ،‬وهي أول وثيقة ملزمة‬ ‫في التاريخ تهتم بحقوق الطفل‪ ،‬وقد ضمت ‪54‬‬ ‫مادة قانونية تفصل كل منها نوعا ً مختلفا ً من‬ ‫احلقوق‪ ،‬وتصنف هذه احلقوق إلى أربعة أنواع‪،‬‬ ‫ومنها ما يتعلق بحقوق الطفل في البقاء وتشمل‬ ‫حق الطفل في احلياة واحتياجاته االساسية‪،‬‬ ‫وحق الطفل في النمو وتتضمن املتطلبات‬ ‫اخلاصة التي ال غنى عنها لكل طفل مثل احلق‬ ‫في التعليم والترقية والتثقيف واحلصول على‬ ‫املعلومات وحرية التفكير‪ ،‬وحقوق احلماية‬ ‫من كل صور االضطهاد واالهمال واالستغالل‬ ‫والتعذيب أو العمالة املبكرة‪ ،‬وحقوق املشاركة‬ ‫وهي من اهم احلقوق االنسانية لالطفال ويقصد‬ ‫بها ان يكون لهم دور في مجتمعهم من خالل‬ ‫السماح لهم بالتعبير عن آرائهم في املوضوعات‬ ‫التي تؤثر فيهم شخصياً‪.‬‬ ‫ونظرا ً ألهمية حقوق الطفل‪ ،‬فقد وقع لبنان عام‬ ‫‪ 1990‬على اتفاقية دولية تعنى بحقوق األطفال‬ ‫وتعرف باتفاقية حقوق الطفل‪ ،‬وهذه االتفاقية‬ ‫املعتمدة من االمم املتحدة في ‪ 20‬تشرين الثاني‬ ‫عام ‪ ،1989‬أتت نتيجة مناقشات دامت عشرات‬ ‫السنوات لتعكس تفاهما بني مختلف النظم‬ ‫القانونية وتقاليد احلضارات‪ ،‬وتنفرد االتفاقية‬ ‫باتساع االستجابة التي قوبلت بها‪ ،‬وخير دليل على‬ ‫ذلك العدد الذي لم يسبق له مثيل من الدول التي‬ ‫انضمت اليها من مختلف انحاء العالم (باستثناء‬ ‫الواليات املتحدة والصومال) وهذا ما يعكس جدية‬ ‫االرتباط السياسي للدول االعضاء من أجل ضمان‬ ‫حقوق االطفال في جو من احلوار املشترك‪ ،‬إضافة الى‬ ‫تبنيها كل اإلجراءات الالزمة من أجل إصالح القوانني‬ ‫وصياغة برامج عمل وطنية لتنفيذ بنود االتفاقية‪.‬‬ ‫وقدمت احلكومة اللبنانية تقريرها االول عام‬ ‫‪ 1994‬للجنة حقوق التابعة لالمم املتحدة‪ ،‬وبعدها‬ ‫قدمت عام ‪ 1999‬التقرير الدوري االول الذي ناقش‬ ‫التقدم احملرز حلقوق الطفل اللبناني‪...‬‬ ‫ومسؤولية املنظمات األهلية حتمل دالالت‬ ‫هامة من خالل التقارير االختبارية‪ ،‬وذلك وفقا ً‬ ‫للمبادئ واألسس لصياغة التقارير املعتمدة من‬ ‫االمم املتحدة‪.‬‬ ‫ولكن العامل األساسي يتمثل في قدرة‬ ‫اجلهود كلها على ترجمة تلك احلقوق الى واقع‬ ‫ملموس وبقدر عال من املسؤولية‪ ،‬واالمر يحتاج‬ ‫الى الكثير من العمل الدؤوب‪ ،‬فالطريق طويلة‪...‬‬ ‫واملهم البدايات اجلادة وااللتزام بهذه املهمة‬ ‫امللقاة على عاتق اجلميع‪ ،‬فهي اساس نهضتنا‬ ‫احلقيقية لبناء غد مشرق ألجيالنا‪.‬‬

‫إعداد راوية أبو ذياب‬

‫‪107‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر رياضي‬

‫بايرن ميونيخ‪...‬‬ ‫العمالق األلماني‬

‫نادي بايرن ميونخ هو أشهر نادي كرة قدم أملاني‪ ،‬تأسس في ‪ ،1900‬في‬ ‫ميونخ أملانيا‪ .‬يلعب في البونديسليغا (الدوري األملاني الدرجة األولى) حاز‬ ‫لقب دوري أبطال أوروبا أربع مرات‪ ،‬آخرها في ‪ ،2001‬وحاز كأس العالم‬ ‫لألندية مرتني (‪ ،)2001 ،1976‬وأشهر الالعبني الذين يلعبون في صفوفه‬ ‫هم‪ :‬أوليفر كان ولوسيو وتوني وريبيري‪.‬‬

‫التـأسيس والنشأة‬ ‫بدأ بايرن ميـونخ أحد أكبر وأعظم أندية أملانيا وأوروبا والعالم قصة‬ ‫إنشائه في عام ‪ 1896‬مع فرانس جون الذي أنشأ النادي مع مجموعة‬ ‫من الشركاء في أحد مطاعم مدينة ميونخ الساحرة‪ ،‬حيث اجتمعوا‬ ‫فيه في ليلة ‪1896/2/28‬م بعد انضمام مجموعة من الالعبني من فريق‬ ‫ام تي في عام ‪ 1879‬لتبدأ قصة هذا الكيان العظيم عن طريـق بداية‬ ‫هـاوية مبمارسة لعبة كرة القدم‪ ،‬وفي عام ‪1900‬م أي بعد ‪ 4‬سنوات‬ ‫من تأسيس النادي أقر االحتاد األملاني البايرن رسميا ً كنادٍ أملاني‪ ،‬وكان‬ ‫اســـم بايرن ميونخ مر بعدة أسماء إلى أن استقر على هذا االسم‬ ‫ومن هذه األسماء اسم «شوابنجر» الذي وضــع اسما ً للفريق نسبة‬ ‫إلى لبس قبعات القـــش احملبوك من قبل الالعبني‪ ،‬واستمر يلعب النادي‬ ‫البافاري بعد ذلك كفريق هواة ملدة ست سنوات تقريباً‪ ،‬بعدها عزم على‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪108‬‬


‫الرقم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬

‫الالعب‬ ‫ميشيل رينسنج‬ ‫ويلي سانيول‬ ‫لوشيو‬ ‫مارتن ديمايشالس‬ ‫فرانك ريبيري‬ ‫حميد التينتوب‬ ‫لوكا توني‬ ‫لوكاس بودولسكي‬ ‫زي روبيرتو‬ ‫أندرياس أوتل‬ ‫فان بوميل بارك‬

‫قائمة الفريق‬

‫المركز‬ ‫حارس‬ ‫مدافع‬ ‫مدافع‬ ‫مدافع‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬ ‫مهاجم‬ ‫مهاجم‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬ ‫وسط‬

‫الرقم‬ ‫‪18‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪39‬‬

‫المركز‬ ‫مهاجم‬ ‫وسط‬ ‫دفاع‬ ‫دفاع‬ ‫وسط‬ ‫مدافع‬ ‫مدافع‬ ‫مدافع‬ ‫حارس‬ ‫وسط‬

‫الالعب‬ ‫ميروسالف كلوزه‬ ‫خوسيه ارنستو سوزا‬ ‫فيليب الم‬ ‫ماسيمو اودو‬ ‫تيم بروفيسكي‬ ‫كريستيان ليل‬ ‫باستيان شفاينشتايجر‬ ‫برينو‬ ‫توماس كرافت‬ ‫توني كروس‬

‫بناء اســتاد خاص بالنادي األســطوري عام ‪1907‬‬ ‫وليؤسس ملعب خاص بالنادي‪ ،‬وبعد مدة تـم‬ ‫َّ‬ ‫حتديث النادي وتطـــويره أكثــر فأكثــر حتى‬ ‫أصبــح كيـــانا ً عــظيما ً من أغنــى األنديـــة‬ ‫األوروبيـــة وأرقاها‪ ،‬بعدهــا ُح ّول النادي إلى‬ ‫مؤسسة رياضية متكاملة تعنى بجميع اجملاالت‬ ‫الرياضية من مختلف اجلنسيات العاملية‪ ،‬وأ ُ ّسس‬ ‫مجـــلس إدارة‪ ،‬فابتدأ النادي برئاسة مؤسسه‬ ‫فرانس جون واستمر في رئاسة النادي حتى عام‬ ‫‪1903‬م‪ ،‬بعدها تولى أحد األعضاء املؤسسني املميزات الداخلية‪:‬‬ ‫للنادي ويليام هيسلينك من عام ‪ 1906 - 1903‬مجمع للتسوق‪.‬‬ ‫ثم تواله كورت موللر ملـــدة ثالثة مراكز للتسلية واللعب‪.‬‬ ‫م الذي ط ّور النادي‪ّ ،‬‬ ‫أندرو‬ ‫ترأس‬ ‫أعباءه‪،‬‬ ‫يتحمل‬ ‫لم‬ ‫سنة واحدة ولكنــه‬ ‫قاعات استقبال وراحة‪.‬‬ ‫‪1913‬‬ ‫‬‫‪1907‬‬ ‫عام‬ ‫منذ‬ ‫مولر‬ ‫كورت‬ ‫كنور النادي بعد‬ ‫مركز إعالمي ضخم‪.‬‬ ‫الرائع‬ ‫البافاري‬ ‫لعب‬ ‫النادي‬ ‫رئاسة‬ ‫م‪ ،‬وفي فترة‬ ‫مركز للمؤمترات‪.‬‬ ‫بطولــة‬ ‫وهي‬ ‫بطولة‬ ‫وأول‬ ‫له‬ ‫رسمية‬ ‫أول مباراة‬ ‫دوري أملانيا اجلنوبي‪ ،‬ليبدأ البايرن قصة اإلجنازات ‪ 28‬مركزا ً لبيع منتوجات الناديني‪.‬‬ ‫عن طريق الرئيس الرائع وصاحب الفكر العالي مطاعم داخلية للعوائل وللصحافيني ومطعم يطل على امللعب وحانة‪.‬‬ ‫أندرو كنور‪ ،‬بعــدها تولى رئاسة النادي عدد من‬ ‫الرؤساء‪ ،‬كان عددهم تقريبا ً ‪ 31‬رئيسا ً‬ ‫وآخرهـــم‬ ‫يوميا ً في ساحة التدريب اخملصصة للفريق بعيدا ً عن كل ما من شأنه أن‬ ‫كارل‬ ‫التنفيذي‬ ‫والرئيس‬ ‫النادي‬ ‫ابن‬ ‫بيكنباور‬ ‫اآلن هو الرئيس القـيصر فرانز‬ ‫يُعرقل صفو أجواء التدريب أو يُعيق برنامج التدريب الذي وضعه املدرب‬ ‫هونيس‪.‬‬ ‫أولي‬ ‫البافاري‬ ‫للنادي‬ ‫واملالي‬ ‫التنفيذي‬ ‫هانز رومينيغيه واملدير‬ ‫اجلديد‪ .‬حتى أن املدرب حظر على الالعبني استخدام أجهزة الهواتف النقالة‬ ‫خالل التدريب‪ .‬ولتوفير أفضل الظروف واألجواء لتطبيق التمارين املطلوبة‪،‬‬ ‫حرِص كلينسمان على حتويل مركز التدريب بأكمله‪ ،‬مبا فيه صالة تناول‬ ‫حقبة جديدة‬ ‫الطعام‪ ،‬إلى واحة تُوفر للجميع فرصة الشعور بالراحة بعيدا ً عما قد يثير‬ ‫في تاريخ الفريق البافاري‬ ‫القلق أو البلبلة بني الالعبني‪.‬‬ ‫واآلن ينبغي أن تنعكس اإلجراءات واإلصالحات اجلديدة إيجابيا ً على أداء‬ ‫مدرب املنتخب األملاني السابق وبايرن ميونخ اجلديد يورغن كلينسمان الفريق على أرض امللعب‪ .‬فالنجاح بالنسبة للبافاريني ال يقتصر على الفوز‬ ‫قلب أشياء كثيرة في ميونخ رأسا ً على عقب‪ .‬وبذلك بدأت حقبة جديدة بلقب الدوري األملاني لكرة القدم‪ ،‬ورمبا بفارق كبير من النقاط عن الفرق‬ ‫لدى بطل الدوري فريق بايرن ميونخ‪ .‬فبدال ً من إقامة معسكرات تدريبية املنافسة‪ ،‬بل يتمثل في حتقيق إجنازات كروية كبيرة على الصعيد العاملي‬ ‫قبل انطالق املوسم‪ ،‬يتعني على العبي الفريق البافاري التد ّرب ملدة ‪ 8‬ساعات أيضا‪ ،‬وبالتحديد في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم‪.‬‬

‫املوقع‪ :‬ميونيخ‪.‬‬ ‫تاريخ البدء بالبناء‪2002 :‬‬ ‫السعة الكلية‪66.000 :‬‬ ‫لألشخاص املعوقني‪ 200 :‬مقعد واملقاعد مزودة ملرافقة األشخاص‪.‬‬ ‫رجال األعمال‪ 2.200 :‬مقعد‪.‬‬ ‫األشخاص املهمون‪ 1.400 :‬مقعد‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر رياضي‬

‫األلقاب‬

‫الالعبون ُ‬ ‫اجلدد‪:‬‬

‫تيم بوروفسكي‪ ،‬قادم من ( فيردر برمين)‪،‬‬ ‫هانس يورغ بوت (بنفيكا لشبونة)‪ ،‬توماس‬ ‫كرافت (بايرن ميونخ للناشئني)‪.‬‬

‫الالعبون املغادرون‪:‬‬

‫أوليفر كان (نهاية مسيرته االحترافية)‪،‬‬ ‫بيرند دريهر (نهاية مسيرته االحترافية)‪،‬‬ ‫يان شالودرف (هانوفر ‪ /‬مقابل مليوني‬ ‫يورو)‪ ،‬يوليو دوس سانتوس (بارانيزه)‪.‬‬

‫أهم الالعبني‬

‫• فرانز بيكنباور‬ ‫• جيرد موللر‬ ‫• سيب ماير‬ ‫• أولي هونيس‬ ‫• كارل هاينز رومنيغه‬ ‫• لوثر ماتيوس‬ ‫• ستيفان اينفنبرغ‬ ‫• كالوز أوجننتلر‬ ‫• جوفاني ألبير‬ ‫• أوليفر كان‬

‫صفقات ‪2008/2007‬‬

‫•انتقال الالعب فرانك ريبري من نادي‬ ‫مارسيليا إلى بايرن ميونيخ‪.‬‬ ‫•انتقال الالعب ميروسالف كلوزه من‬ ‫نادي فيردر بيرمن إلى بايرن ميونيخ‪.‬‬ ‫•انتقال الالعب لوكا توني من نادي‬ ‫فيورنتينا إلى بايرن ميونيخ‪.‬‬ ‫•انتقال الالعب أوين هاريجرافيز من‬ ‫نادي بايرن ميونيخ إلى نادي مانشستر‬ ‫يونايتد‪.‬‬

‫اعداد ‪ :‬رونالد حمدان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الدوري االلماني‬

‫كأس‬ ‫ألمانيا‬ ‫‪DFB‬‬

‫بطولة‬ ‫كأس‬ ‫االتحاد‬

‫ابطال‬ ‫دوري‬ ‫االبطال‬

‫كأس الكؤوس‬ ‫االلمانية بين‬ ‫بطل الدوري‬ ‫والكأس‬

‫كأس االتحاد‬ ‫األوروبي‬ ‫‪uefa‬‬

‫كأس‬ ‫الكؤوس‬ ‫األوروبي‬

‫‪1932/1931‬‬

‫‪1957‬‬

‫‪1997‬‬

‫‪1974‬‬

‫‪1982‬‬ ‫(غير رسمي)‬

‫‪1996‬‬

‫‪1967‬‬

‫‪1969/1968‬‬

‫‪1966‬‬

‫‪1998‬‬

‫‪1975‬‬

‫‪1972/1971‬‬

‫‪1967‬‬

‫‪1999‬‬

‫‪1976‬‬

‫‪1973/1972‬‬

‫‪1969‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪1974/1973‬‬

‫‪1971‬‬

‫‪2004‬‬

‫‪1980/1979‬‬

‫‪1982‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪1981/1980‬‬

‫‪1984‬‬

‫‪1985/1984‬‬

‫‪1986‬‬

‫‪1986/1985‬‬

‫‪1998‬‬

‫‪1987/1986‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪1989/1988‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪1990/1989‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪1994/1993‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪1997/1996‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪1999/1998‬‬ ‫‪2000/1999‬‬ ‫‪2001/2000‬‬ ‫‪2003/2002‬‬ ‫‪2005/2004‬‬ ‫‪2006/2005‬‬ ‫‪2008/2007‬‬

‫‪1987‬‬ ‫‪1990‬‬


‫منبر قراء‬

‫انتفض يا شعبي!‬ ‫انتفض يا شعبي وقول الشخص مينو‬ ‫سنني كتار بقيوا على الكراسي‬ ‫الذنب مش ذنب حاكم ولو جتبر‬ ‫كل احلق عالشعب اجمل ّير‬ ‫تعا حاسب زعيمك يا مس ّير‬ ‫شعب ذليت عمرو ما تقهقر‬ ‫ج ّوعتو شعب لو بالصخر زمجر‬ ‫وحدو اللي حت ّرر‬ ‫والوئام ّ‬

‫آكل حقوقك وباقي بعرينو‬ ‫لها الشعب البري مسعبدينو‬ ‫عكرسة كفر فيها بيستعينوا‬ ‫ما مرة باحلكم عاقد جبينو‬ ‫وق ّلو ليش حقي ناكرينو‬ ‫صنعلك نصر من قبضة ميينو‬ ‫خلَّى الصخر أنعم من طحينو‬ ‫ودق البرملان بأربعينو‬

‫تعا يدك بيدو صناع عسكر‬ ‫وف ّيق شعب صرلوا سنني غافي‬ ‫تيقضي عالظلم والظاملينو‬

‫شفيق أبوذياب‬

‫روض اجلنى‪ ،‬يا عنب ُر‬ ‫لبنان يا َ‬ ‫َ‬ ‫فيك الربو ُع بلهف ٍة نرتادُها‬ ‫َ‬ ‫فيك السماء وشمسها ما انبت َْت‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫شوامخ‬ ‫فيك العقو ُل الى النجوم‬ ‫ّ‬ ‫انفكوا على‬ ‫ورجالك االبطال ما‬ ‫تاريخك اجملد العريق من االلى‬ ‫صانوا الكرامة بالدماء وما ر َ َج ْوا‬ ‫لكنّما ّ‬ ‫احلكا ُم ما طاب َ ْت لهم‬ ‫ضنّوا على الشعب الكرمي هناء ًة‬ ‫شدوا على اعناقهم حبل االسى‬ ‫ّ‬ ‫كس ْت‬ ‫شنّوا على اترابهم حربا ً َ‬ ‫ويالً الرباب السياسة إن طغوا‬ ‫نروي النفوس عدال ًة ومروء ًة‬ ‫وسالحنا العلم االصيل ووحد ٌة‬ ‫عهدا ً أيا لبنان عه َد محب ٍة‬

‫منك االصال ُة للنهى تتح َّدرُ‬ ‫نأبى اخلضو َع ملعت ٍد يتج ّب ُر‬ ‫اال الضياء بروحه نتد ّث ُر‬ ‫تبغي العلى‪ ،‬والى الصالح ّ‬ ‫تؤشر‬ ‫عادات اجدادٍ بها نتأ ّثر‬ ‫يتحسروا‬ ‫ضحوا بأرواح ولم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اال حياضا ً بالسيادة تُغم ُر‬ ‫غير االرائك بالوجاهة تقط ُر‬ ‫فاستنبطوا فحش الغالء واكثروا‬ ‫كي يخرسوا او ييأسوا او يهجرو‬ ‫جسم البالد طوائفا ً تتبعث ُر‬ ‫نتحض ُر‬ ‫الشباب لردعهم‬ ‫نحن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نسمو بها مرَّ الدهور ونفخ ُر‬ ‫نرمي بها كيد العدوَّ ونقه ُر‬ ‫انت املالذ وفيك روحي تك ُب ُر‬

‫محمد العياص‬

‫كما عرفتك‬ ‫ثالث سنوات مضت تابعت خاللها مواقفك‬ ‫ولم أكتب عنك في البداية كي ال تأتي كلمتي‬ ‫مديحا ً أو تزلفا ً أو ردة فعل ألمر ما‪ ،‬وبعد هذه‬ ‫املدة اكتملت الصورة في رأسي فوجدتك الرجل‬ ‫الرجل‪ ،‬تقول كلمتك قافزا ً فوق احلواجز غير آبه‬ ‫للزعامات‪ ،‬متحديا ً اإلقطاع وجبروته‪ ،‬وكأني بك‬ ‫تقول لهذا الشعب أنا منكم انهضوا كفاكم‬ ‫خضوعاً‪ ،‬كفاكم مذلة على أبوابهم فجميعنا‬ ‫سواسية أمام اهلل‪ ،‬فماذا تتركون ملستقبل‬ ‫أوالدكم‪ ،‬وافهموا أن إحناء الرأس أمام الضيف‬ ‫كبر وأمام الكبير خنوع‪.‬‬ ‫فال أدري إن كنت أكتب إليك أو عنك ففي كلتا‬ ‫احلالتني هذه كلمتي‪.‬‬ ‫فكلمتي ليست كغيرها من الكلمات فهي‬ ‫البدء وفي البدء بداية النهاية‪.‬‬ ‫فالكالم ال يرحم ولكل مقام مقال ولكل‬ ‫سبب مسبب‪ ،‬كما لكل حديث محدث ولكل‬ ‫دولة رجال‪ ،‬وأنت أيها الوئام الرجل الرجل في‬ ‫هذه الدولة‪.‬‬ ‫عندما فاحتتهم بحقيقتهم أغمضوا‬ ‫صموا آذانهم ألنهم يخافون من‬ ‫أعينهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الكلمة وأبعادها‪ ،‬فكيف اذا كانت هذه الكلمة‬ ‫تخرج من فم قائد انحنت رؤوس قادة أمامه‬ ‫احتراما ً وطاعة‪.‬‬ ‫فالرجال الرجال أبطال‪ ،‬صانعو الغد على‬ ‫مسرح االجيال من خالل نهج إصالحي متني‪،‬‬ ‫أخالقي رزين‪ ،‬علماني اجتماعي أمني على تطبيق‬ ‫وحتقيق أهداف اإلنسان والعدالة واإلصالح‬ ‫االجتماعي في بيئة ترزخ حتت تأثير العوملة‬ ‫املبنية على ركائز متينة‪.‬‬ ‫وهنا في بالدي ال يسمعونك وان سمعوك ال‬ ‫يفهمونك فاعذرهم‪ ،‬فهم ال يدرون ما يفعلون‪،‬‬ ‫فهؤالء حفنة من اجملانني يلعبون ويعبثون ويأمترون‪،‬‬ ‫وبالنصر يحلمون ويتوهمون وفي البداية سوف‬ ‫يسقطون وبئس املصير ينالون وعندها يأتي اجلواب‬ ‫على سؤالك الى متى اخلضوع؟‬ ‫فمسكني انت يا وطني امليمون‪ .‬أقسموا أن‬ ‫يغتالوك للمرة املليون‪ .‬أرادوك ألعوبة فقط وفي‬ ‫الوسط نقف ونقول لكنه شهيد سقط‪.‬‬

‫و‪.‬ع‪.‬‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫منبر حر‬

‫الى سارة الصايغ في رحيلها األول‬ ‫أجمل سطر في كتاب العمر‬ ‫نضيء الشمعة في ظلمة الليل كي تنير لنا دربنا‪ .‬لكن شمعتنا‬ ‫املتوهجة كانت تشع في وضح النهار‪ ،‬تنير حياة والد تعلق بها حد‬ ‫التوحد‪ ..‬ورفاق تعودوها حد اإلدمان‪..‬‬ ‫امتلكت قلوب كل من تعرف إليها‪ ،‬بدماثتها وبراءتها وأناقتها‬ ‫ولباقتها‪ ..‬فاختار القدر أن يسرقها في غفلة من الزمن‪.‬‬ ‫د ّقت ساعة احلق بغير وجه حق‪ ...‬لتعلن انكسار قلوب احمل ّبني واخمللصني‪،‬‬ ‫برحيل زهرة بيضاء نقية‪ ،‬طاهرة‪ ،‬كعمامة جدها املؤمن واحملتسب بقضاء‬ ‫اهلل وقدره‪ ،‬ومنديل جدتها املمتلئ عفة وإميانا‪..‬‬ ‫نعم‪ ..‬إنها أختنا وحبيبتنا ورفيقتنا‪ ...‬إنها سارة سليمان الصايغ‪ ،‬التي‬ ‫ّ‬ ‫وحط رحاله‬ ‫عاشت على أجنحة القدر تسعة عشر عاماً‪ ،‬إلى أن طار بها‬ ‫على طريق األلم‪ ،‬وهاجر معها بعيداً‪ ،‬حيث يعجز البصر عن رؤيتهما‬ ‫معاً‪ ،‬فانصهرا في لعبة قاسية‪ ،‬يسمونها “لعبة القدر احملتّم” الذي‬ ‫حتكم بأحالم سارة وح ّولها إلى سراب متناثر على أوتوستراد النهاية‪...‬‬ ‫مقدما ً نفسه شهادة ناصعة لزمن‬ ‫قبل عام‪ ،‬سقط جسد سارة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشرف والعنفوان‪ ..‬واعتبرنا أن جرحنا ما زال في طفولته‪ ..‬يتعلم‬ ‫كلمات الرثاء األولى‪.‬‬ ‫أما اآلن وبعد مرور عام‪ ،‬فأضحى جرحنا قبيلة من اجلراح‪ ،‬وحتول احلزن‬ ‫إلى وطن‪ ..‬له مساحة الكون‪..‬‬ ‫كنا نتوقع أن يصبح احلزن صديقاً‪ ..‬لكننا لم نتوقع أن يتحول إلى‬ ‫وطن نسكنه‪ ..‬ونتعلم لغته‪ ..‬ونحمل جنسيته‪ ..‬ونخضع لرغبته‬ ‫ونقبع في زنزانته ننتظر حكم اإلعدام‪..‬‬ ‫قبل الوداع‪ ،‬كان الفرح ممكناً‪ ....‬واحللم ممكناً‪...‬‬ ‫ملاذا رحلت يا سارة؟!‬ ‫نعرف أننا نخالف بهذا السؤال شرائع األديان‪..‬‬ ‫ولكن بني قوسني‪ ،‬ألنك متردت على الواقع‬ ‫ألنك خالفت قوانني االستسالم‬ ‫ألنك رسمت مالمح الوطن احلر بريشة فنان‪..‬‬ ‫ماذا نقول عنك بعد مرور عام‪ ..‬وأنت التي خطفت‬ ‫برحيلك عنا كل األحالم‪ ..‬ودفعتنا للشعور مبرارة‬ ‫االنهزام‪...‬‬ ‫لكننا قررنا برحيلك أن نتابع مسيرة بناء‬ ‫اإلنسان‪ ..‬واستمددنا من دمك القوة واإلميان‪..‬‬ ‫ورفعنا شعار نعم لسارة التي تعاهدنا‬ ‫معها على حب الوطن‪..‬‬ ‫نردد بصوت مرتفع يتخطى كل‬ ‫احلواجز التي صنعها السجان‪..‬‬ ‫“رحمك اهلل يا سارة‪ ،‬يا رفيقة‬ ‫التوحيديني‪ ،‬يا صادقة اللفظ‬ ‫والوعد في الزمن اجلديد‪.‬‬ ‫أسكنك اهلل فسيح‬ ‫جنانه”‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪112‬‬

‫وأستسمحك عذرا ً يا رفيقة العهد‪ ،‬وأوجه إليك قصيدة نزار قباني‬ ‫هدية لروحك الطاهرة‪ ،‬كونك تشبهني بيروت بكل شيء‪:‬‬ ‫يا أصدقاء الصبر‪ ،‬في بيروت‬ ‫قولوا لنا‪:‬‬ ‫أي أرض يزرعون الصبر‬ ‫في ّ‬ ‫قولوا لنا‪:‬‬ ‫هل ممكن أن تنهض الوردة من فراشها؟‬ ‫ويستفيق العطر‪.‬‬ ‫هل ممكن أن ترجع احلروف من غربتها‬ ‫وأن يفيض احلبر؟؟‬ ‫هل ممكن أن نستعيد عمرنا‬ ‫من بعدما هم شطبوا‬ ‫أجمل سطر في كتاب العمر‪..‬‬

‫امانة االعالم‬


‫تيار التوحيد اللبناني ‪ :‬منتسبون جدد وهيئة نسائية‬

‫العدد ‪-22‬تشرين الثاني ‪2008‬‬


‫جرمانا تكرم رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.