رئيس التحرير
رئيس مجلس اإلدارة
عصام إسماعيل فهمى
اإلصدار الثانى ـــ العدد 655االثنني 22شعبان 1434هـ ــ 2013/7/1
قضى األمر ،واشتعلت الثورة ،وفاضت امليادين بغضب مصر الطافح، وأثبتت الثورة املصرية أنها كالعنقاء ،تقوم دائما من رماد ،وتهزأ باجلالدين وجحافل التتار ،وتقدم قوافل الشهداء ،وتؤكد عزمها على حتقيق النصر النهائى لثورة يقودها الشهداء. نعم ،ه��ذه ليست ث��ورة جبهة اإلن�ق��اذ ،وال أى حركة سياسية ،هذه ثورة مصر العفية املتمردة ،والتى يتسع ن �ط��اق غ�ض�ب�ه��ا ال�س�ي��اس��ى واالج �ت �م��اع��ى ف��ى اط� ��راد، وتسقط عنها األقنعة ،وال تنخدع بالزيف ،ه��ذه هى ال�ث��ورة ذات�ه��ا التى خلعت م�ب��ارك ف��ى موجة 25يناير ،2011وخلعت مجلس طنطاوى وعنان فى موجة 19 نوفمبر ،2011وتخلع رئيس الثورة املضادة اإلخوانية اآلن ،وعبر ثالث هبات إلى اآلن ،تالحقت سراعا على الطريق إل��ى ع�ن��وان الثالثني م��ن يونيو ،2013كانت الهبة األولى عقب اإلعالن «الدستورى» املنكود ،والذى أنهى شرعية انتخاب محمد مرسى ،وحلقتها الهبة الثانية فى الذكرى الثانية للموجة األولى ،وتراكمت سريعا عظات ودروس وخ�ب��رات مهدت للهبة الثالثة اجلارية اآلن ،والتى تبدو تتويجا عفيا ل��روح التمرد السارية فى املجتمع املصرى. فقد بدت «استمارة مت��رد» كأنها يد القدر ،وعكست تطور ًا غير مسبوق فى مسيرة الثورة املصرية املغدورة، كانت الثورة تعانى اتساع الفجوة بني وع��ى املبادرين وأزم ��ة املجتمع امل�ن�ه��ك ،ك��ان وع��ى امل�ب��ادري��ن موصوال بحماس عشرات األل��وف من شباب الطبقة الوسطى امل�س�ت��ورة ،أت��اح��ت لهم ال�ت�ط��ورات الهائلة ف��ى وسائل االت �ص��ال م �ق��درة ع�ل��ى امل�ق��ارن��ة ب�ين أح��وال�ن��ا وأح ��وال غ�ي��رن��ا م��ن األمم ال�ن��اه�ض��ة ،ث��م ال�ه�م�ه��م م��ا ك��ان من متهيد مقاوم عبر سنوات سبقت خلع م�ب��ارك ،كانت كفاية وأخواتها مركز اإللهام األول ،ثم كان إضراب 6 أبريل 2008ملهما باجتماع طالئع الغضب السياسى والغضب االجتماعى فيه ،كان االضراب الشهير أشبه بالبروفة النهائية للموجة األولى فى 25يناير ،2011 كان تقديرنا منذ عام 2005أن الثورة فى مصر حتتاج فقط إلى مبادرة املائة ألف ،وتهيأت الظروف الجتماع ال��رق��م السحرى ف��ى أول أي��ام امل��وج��ة األول ��ى ،وانتهت ق �ص��ة م� �ب ��ارك م ��ن أول ي� ��وم ،ف �ق��د ت��واف��رت الكتلة احل��رج��ة الكافية لرفع الغطاء عن آب��ار الغضب ال�ك��ام��ن ،وه�ك��ذا حتولت املائة أل��ف األول ��ى إل��ى م�ئ��ات اآلالف ،ث��م نزحت امل�ل�اي�ي�ن م��ن آب� ��ار ب�ل�ا ق� ��رار ف��ى ي ��وم ال �ف��رح املذهول بسرعة خلع مبارك ،ولم تكن تلك نهاية القصة الثورية ،فقط كانت البداية، فخلع مبارك لم يكن يعنى إسقاط النظام، وهذا ما قلناه فى سنوات سبقت يوم اخللع، فقد قلنا إن خلع م�ب��ارك يعنى «ف��ك عنَّة» البلد ،كان مبارك كما كنا نقول دائما أشبه ب �ط��ائ��ر رخ ي��رخ��ى س ��دول ��ه ،وي �ح �ج��ب ل��ون السماء ع��ن امل�ص��ري�ين ،ويغلق األف��ق ،وي��أس��ر اخليال، ويجعله حسيرا ،فقد ظل مبارك فى احلكم لثالثني سنة طويلة عريضة ،كان العالم فيها يفيض بحيوية اخللق اجلديد ،بينما ضاع فيها املصريون بني مشاعر
ال صوت يعلو فوق صوت األمة
ب��ؤس وي��أس ،ول��م تكن الكتلة الغالبة تصدق أن شيئا ما ميكن أن يحدث ،أو أن مبارك قد ي��زول ،وك��ان زوال مبارك زواال للعنة ،فقد أطلق خيال الكتلة الغالبة من املصريني ،لكن سجونا أخرى كانت بانتظارهم ،وقيودا على الوعى ظلت جاثمة قابضة على معصم العقل،
أسسها عدلى املولد
18صفحة ــ الثمن :جنيهان
عبداحلليم قنديل يكتب:
Kandel2002@hotmail.com
الشعب يسحق اإلخوان
ها هو الشعب يمأل صوته الساحات ،ويدوس أعداء ثورته باألحذية
www.soutalomma.com
عبداحلليم قنديل
لعل أظهرها ذلك التضخم املرضى فى نفوذ جماعات اليمني ال��دي�ن��ى ،وال�ت��ى من��ت بسرعة ف��ى ث�لاث�ين سنة من البؤس واليأس واالنحطاط التاريخى ،ك��ان ذلك ال�ط�ف��ح امل��رض��ى لليمني ال��دي�ن��ى ي�ع��وق ت��دف��ق ال��وع��ى اجل��دي��د ،خاصة ل��دى كتلة غالبة ف��ى املجتمع واقعة حتت خطوط الفقر والبطالة واملرض والعنوسة ،وهو ما يفسر صور التصويت الرجعى فى االستفتاء األول واالنتخابات البرملانية األولى ،فقد بدا اكتساح اليمني الدينى كأنه حكم األقدار ،ومال مجلس طنطاوى وعنان ـ وري��ث مبارك الوفى ـ إل��ى عقد الصفقات مع اليمني الدينى ،ومع جماعة اإلخوان بالذات ،لكن نكسة الثورة بصعود اليمني الدينى لم ت��دم طويال ،بل رمب��ا كانت
هذه الصدمة بالذات سبيال لتسريع معدالت منو وعى ثورى حقيقى ،كانت طالئع املبادرين حتارب وحدها فى امليدان ،وعلى نحو ما بدا فى موجة الثورة الثانية ،التى عجلت بنهاية احلكم املباشر ملجلس طنطاوى وعنان، وبدا أن الثورة فى انتطار مدد شعبى لم يتأخر طويال، فقد تغير م ��زاج املجتمع املنهك حت��ت تأثير صدمة اليمني ال��دي�ن��ى ،وب��دت اجل��ول��ة األول ��ى ف��ى انتخابات ال��رئ��اس��ة مبشرة بتغير س��ري��ع ف��ى ال��وع��ى ال �ع��ام ،فقد تراجع التصويت املباشر جلماعة اإلخوان إلى النصف تقريبا ،وإن انتهت حوادث اجلولة الثانية إلى فوز حرج ملرسى اإلخوانى ،وبدعم اضطرارى -على طريقة أكل امليتة وحلم اخلنزير -من القوى الثورية ،ومع وجود
اخ�ت�ي��ارات أخ��رى كاملقاطعة واب�ط��ال التصويت ،وب��دا ـ لوهلة ـ أن�ن��ا ب�ص��دد ورط��ة وأزم ��ة مستحكمة ،فحكم اإلخ��وان نقمة سياسية واجتماعية واقتصادية ،لكن األمر لم يخل ـ بأقدار اهلل ـ من نعمة ولطف بهذا البلد العظيم امل�س�ك�ين ،فقد ك��ان ض��روري��ا لكتلة املصريني الغالبة أن جترب حكم اإلخ��وان ،وب��دا فى املحنة خير كثير ،ففشل اإلخ ��وان ك��ان حتميا ،فهم ص��ورة مكررة هزلية من حكم جماعة م�ب��ارك ،وبكفاءة أق��ل وفجور أكثر ،وكانت املحنة التى عجلت بالتغير احلاسم فى موازين وعى املجتمع املنهك ،والتى ردت االعتبار من جديد مليادين الثورة ،وأظهرت بشاعة جماعات اليمني الدينى ،والتى جل��أت إل��ى عنف دم��وى تغطية للفشل املذهل ،وأدت املحنة ـ مع عنف وعجرفة اليمني الدينى ـ إلى توسيع مساحة معارضة املجتمع ،وتخلقت معادلة جديدة مختلفة عن موازين املوجة األولى ،كان الوعى الثورى للقلة ظاهرا فى حوادث 25يناير ،2011وكانت الكثرة املجتمعية فى حالة غياب ذاهل بأثر مما جرى فى عقود انحطاط سبقت ،وفى أقل من ثالثني شهرا، بدت الكتلة الغالبة من املجتمع فى حالة وعى ثورى حقيقى ،بينما ب��دت جماعات السياسة الثورية على السلطح ح��ائ��رة زائ�غ��ة اليقني ،فقد استفزت صدمة اإلخوان ثورية املجتمع الكامنة ،وهو ما يفسر االنتشار املذهل حلملة «مترد» فى زمن قياسى ،وبأوسع كثيرا من خياالت املبادرين للحملة ،وبدت صيحة «مترد» صيحة مجتمع بأكثر من كونها ن��داء طالئع ،وه��و ما يعطى املوجة الثالثة للثورة قوة غير مسبوقة ،إنها قوة املاليني هذه املرة ،وليست قوة املائة ألف ،إنها القوة التى تكتسح فى طريقها كل عفن ،وتسحق عصابات القهر ،وتتخذ من «الثالثني من يونيو» عنوانا ،فالثالثني من يونيو عنوان النهاية ،حتى لو تأخرت املواعيد قليال ،والوصول إلى محطة النهاية يتوقف على شيئني ال ثالث لهما، أولهما :حجم احلشد الشعبى املليونى ،والثانى :حجم العنف ال��ذى ت��دف��ع إل�ي��ه جماعات اإلخ ��وان وأخواتها فى اليمني الدينى ،وال شىء يدفع لالعتقاد يتخلف أى م��ن ال�ش��رط�ين ،فالثقة هائلة ف��ى غ �ب��اوة اإلخ ��وان وجماعات اليمني الدينى ،والثقة أكبر فى الشعب الذى يواصل معركته السلمية املنتصرة ب��إذن اهلل ،وينفض عن وعيه غبار االنخداع بحكم عصابة اإلخ��وان ،فإذا الشعب يوما أراد احلياة ،فالبد لليل أن ينجلى ،وال بد للقيد أن ينكسر. إنها النهاية حلكم مرسى وعصابته اإلخوانية ،وقد ص ��ارت أق ��رب م��ن ط��رف األص �ب��ع ،ف�ق��د خ��ان��وا البلد، وخانوا الشعب ،وخانوا الثورة ،وتصاحلوا مع القتلة ومصاصى الدماء وناهبى الثروات ،وقتلوا أنبل أبناء الشعب املصرى ،وها هو الشعب ميأل صوته الساحات، وي��دوس أع��داء ثورته باألحذية ،ويفرض ارادت��ه التى هى من إرادة اهلل.
www.facebook.com/soutalomma