إراتوستينس د .نايل الشافعي يشهد شرق البحر المتوسط فترة تحول تاريخية مشابهة لتحول الخليج العربي في وسط القرن العشرين من الصيد إلى انتاج النفط .وتنقلب فيه موازين القوى. بدأت تلك التغيرات المتسارعة مع ظهور تقنيات تنقيب وحفر بحري حديثة في مطلع القرن الحادي والعشرين تمكن من الحفر تحت مياه عمقها يفوق 2,000 متر .ولنفس السبب تشهد البرازيل طفرة اقتصادية مماثلة .توضح هذه المقالة أن حقلي الغاز حقل الغاز االكتشاف االنتاج االحتياطي القيمة (بليون م ) (مليار )$ المتالصقين ،لڤياثان (الذي اكتشفته إسرائيل في )2000وأفروديت (الذي اكتشفته قبرص في تمار 40 240 2002/02 2009/0 )2000باحتياطيات قيمتها قرابة 200مليار دوالر ،يقعان في المياه االقتصادية الخالصة لڤياثان 80 420 2002/02 2000/2 المصرية ،على بعد 090كم شمال دمياط ،بينما يبعدان 232كم من حيفا و 080كم من 020 270 أفروديت 2003 2000/0 ليماسول .وهما في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس الغاطس المُثبت مصريته منذ عام 200قبل الميالد .وكانت إسرائيل قد بدأت مسلسل إعالن استخراج الغاز من أراضي عربية في ،2009حين أعلنت عن اكتشاف حقل تمار المقابل لمدينة صور اللبنانية .وتبين المقالة ضرورة أن تعاود مصر الحفر والتنقيب في المنطقة تأكيداً لحقوقها المشروعة .ولما كانت مصر قد رسمت حدودها البحرية مع قبرص في 2003بدون تحديد لنقطة البداية من الشرق مع إسرائيل ،ثم حفرت إسرائيل حقالً في 2000ثم بعدها رسّمت حدودها مع قبرص ولم تفعل ذلك مع مصر بعد .لذلك فإعادة ترسيم الحدود البحرية ضرورة ملحة .المتصفح لمواقع الصحف اليونانية والقبرصية واإلسرائيلية واألمريكية الصهيونية يجد أن الموضوع يبز كل ما عداه من حيث اهتمام ومشاركات القراء. 3
كان لمسلسل انقطاع الكابالت االتصاالت البحرية في البحر المتوسط ،التي بدأت في يناير - 2008ولم ينتهي بعد -الفضل في لفت انتباهي لقاع البحر المتوسط ولحدود المياه اإلقليمية المصرية وحدود المنطقة االقتصادية الخالصة لمصر .فوجهت فريق الباحثين في موسوعة المعرفة للموضوع منذ ذلك الحين .ثم توالت بعد ذلك أنباء التنقيب عن الغاز واكتشافاته في المنطقة ،فازداد االهتمام بقاع شرق المتوسط .ونشطت المناورات البحرية والدوريات متعددة الجنسيات ،تارة لمكافحة االرهاب وتارة لمنع انتشار تكنولوجيا الصواريخ الموجهة. ثم ظهرت البعثات العلمية لمسح قاع البحر ،وتلتها منصات الحفر البحري للتنقيب .ودخول شركات جديدة وانسحاب شركات قديمة من امتيازات لهن .وفي السنوات الثالث األخيرة بدأت تظهر مالمح ثروة هائلة من احتياطيات الغاز الطبيعي .فأعلنت إسرائيل وقبرص عن اكتشافات غاز طبيعي تعدت قيمتها حتى اآلن 240 مسافات حقول الغاز المكتشفة من مصر وقبرص وإسرائيل .الحظ أن الطرف الجنوبي لقبرص ،شبه جزيرة أكروتيري ،تابع لبريطانيا، مليار دوالر ،كما يوضح الجدول المرافق ،ويبدو أن تلك االكتشافات هي مجرد باكورة التنقيب في المنطقة وبالتالي ال يدخل في حساب المسافات أو في ترسيم حد المنتصف. البكر التي صارت توصف باحتوائها أحد أكبر احتياطيات الغاز في العالم .حاولت الحصول على صور أقمار صناعية من جوجل إيرث لمواقع التنقيب فوجدت أنها دونا ً عن باقي بقاع البحر المتوسط غير متوفرة وعادة ما تطلب الدول (وخصوصا ً إسرائيل) إخفاء صور مفصلة للعديد من مناطقها .إال أن المنطقة المذكورة تتداخل فيها الحدود المصرية والقبرصية واإلسرائيلية. دعو نا نفهم القصة من البداية .بقدر ما تسمح الكتابة الورقية بذلك .وننصح من يريد االستزادة بالتوجه لموسوعة المعرفة على اإلنترنت marefa.orgوفيها أكثر من مائتي مقال مفصل وافي عن المواضيع المذكورة في هذا البحث .وهذا ليس بإعالن ،فالموسوعة مشروع وقفي ال يموله سوى كاتب المقال .وهناك نسخة تفاعلية من هذا المقال في موسوعة المعرفة بعنوان :إراتوستينس (المقالة) ،وفيها مصادر لجميع المعلومات الواردة في المقال.
إراتوستينس ،ابن اإلسكندرية ،كان أول من أثبت كروية األرض وحسب محيطها .ووصف منطقة في البحر المتوسط شمال دمياط، حملت اسمه الحقاً.
أقدم ما وصلنا عن قاع البحر المتوسط هو وصف العالم السكندري إراتوستينس ( 094 -272ق.م ،).الذي كان ثالث أمناء مكتبة اإلسكندرية في عصرها الذهبي ،وقد وصف منطقة من البحر المتوسط تقع على بعد 090كم شمال دمياط ،تعيش فيها أسماك وقشريات مختلفة عن باقي البحر .وفي العصر الحديث تم اكتشاف أن ذلك بسبب وجود أحد أكبر الجبال الغاطسة في العالم في تلك المنطقة بارتفاع 20000متر فوق قاع البحر وقمته توجد على عمق 290متر تحت سطح البحر؛ وفيه أكثر من منفس حار مما خلق منطقة بيئية خاصة .وقد أطلق على الجبل اسم "إراتوستينس" تكريما ً للعالم السكندري. ومن الناحية الجيولوجية فشرق المتوسط هو منطقة ارتطام الصفيحة
منفس هواء ساخن ،على عمق 2,000متر تحت سطح الماء ،هو ما جعل إراتوستينس يميز المنطقة ويصف انتفاع مصر بها منذ عام 200 ق.م.
األفريقية ( من الصفائح المكونة للقشرة األرضية) بالصفيحة األناضولية عبر ما يسمى بالحوض المشرقي وقوس قبرص .وتتحرك الصفيحة األفريقية في اتجاه الشمال الشرقي بسرعة 2102سم في السنة على مر 000مليون سنة الماضية ،مما دفع بجبل إراتوستينس الضحل إلى أعماق لجية سحيقة تحت صفيحة قبرص .تلى ذلك تشكل نهر النيل وترسيب طميه في المنطقة المقابلة لساحل مصر ،حتى سميت "مروحة النيل" أو "قمع النيل". وقد بدأ إجراء المسوحات المختلفة لجبل إراتوستينس في 0922من قبل سفن أبحاث بريطانية بقيادة إمري ثم أمريكية بقيادة وودسايد ( )2003-0977وروسية بقيادة ليمونوف ()0994 وبلغارية دميتروڤ ( .)2003وال يسعنا إال مالحظة أن هناك أكثر 20ورقة بحثية إسرائيلية عن جيولوجيا المنطقة نشرت بين .0997-0980
الصفائح التكتونية المكونة للقشرة األرضية ،في شرق المتوسط .وتظهر الصفيحة األفريقية دافعة الصفيحة األناضولية عند جبل إراتوستينس.
وفي عام 0997تم تطوير منصات حفر شبه غاطسة قادرة على العمل على أعماق تصل إلى 00000متر ،وكانت شركتا شل وبريتش بتروليوم هما رائدتا هذه التكنولوجيا ،وكان ذلك مقابل البرازيل وفي خليج المكسيك .وهو ما حفز فريق مشترك من جامعة حيفا وجامعة كلومبيا للقيام بأخد أول جسات عميقة من جبل إراتوستينس بغرض إجراء مسح منهجي ألول مرة لتلك المنطقة – وقام نفس الفريق بمسح مماثل لمنطقة شمال البحر األحمر وهذا موضوع آخر.