ثورة الكرامة في الذكرى األولى سوريتنا | السنة األولى | العدد ( / 13 | )25آذار 2012 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر 32
وخم�س عام على ثورة الكرامة واحلرية، ٌ ٌ و�أربعون عام ًا على االحتالل
محمود محمود
ف��ي الج��والن المحت��ل ،حكاي��اتٌ وقصصٌ كثيرة تعيشُ وتُعاش وتكبر، له��ا من العم��ر عامٌ كام��ل ،فهي وليدة هذه الثورة وربيبة مقاومة االحتالل. كغيره من المناطق الس��ورية_مع خصوصي��ة االحت�لال المضاف��ة إلي��ه_ يعيش الجوالن المحتل منذ اليوم األول الن��دالع الث��ورة تناقضات وانقس��امات سياسية واجتماعية لم تعد مخفي ٌة على أحد ،فقد طفا أكثرها حده على السطح وبات معروفًا للجميع. معارضون وموالون وأغلبي ٌة صامتة تعل��ق بي��ن الطرفي��ن ،ف��ي ذات الفرز واالنقس��ام الحاصل في دمش��ق وحلب وغيرها م��ن المناطق ،وذاته��ا األثمان المترتب��ة على كل موق��ف واصطفاف، لكن من دون أرواح تزهق. أبخ��س تل��ك المواق��ف أن تك��ون موالي��اً للنظ��ام ،ف�لا ضغ��ط اجتماعي يم��ارس علي��ك وال تهدي��دٌ م��ن أح��د يطال��ك ،ال باالعت��داء الجس��دي وال باالعتداء معنوي وال تالحقك الشائعات والتلفيق��ات وتش��ويه الس��معة .فحتى ل��و كان تاريخك تحت االحتالل مش��يناً ومخزيًا وفق المعايير الوطنية المتعارف عليها هنا ،فإن والءك اليوم يجعل منك نبراسًا يقود مس��يرات الطاعة ويشرّع ل��ك أن تتص��در الق��وم وتهت��ف به��م. وطبعًا س��لطات االحتالل اإلسرائيلي ال تعترضك وال بكلمة واحدة ،بل ترس��ل وس��ائل إعالمها ّ لتغط��ي حفالت والئك وش��عائر عبادتك "للقائ��د" وقد تصفق لك إن كنت غوغائيًا كفاية. ٌ حديث أما أن تكون معارضًا ،فذلك آخ��ر ،وعليك تحم��ل كل ما س��بق ،وأن تعلم أنك مهددٌ دائماً جس��دياً ومعنويًا وأن سمعتك باتت ً علكة سائغة في أفواه كل م��ن ال ضمير لهم ،وأيضا س��لطات االحت�لال قد ال تعترضك ،ألن هناك من يقوم بدورها المفترض ويمارس عليك التشبيح والقمع واالعتداء ،فلم العناء؟ للصامتي��ن أيضًا حي��زٌ ال بأس به عندنا ،فهم األغلبية كالعادة ،يمارسون "حريته��م" بع��دم االنحياز ب��كل هدوء وس�لام .فمنهم من ال يعنيه أساسًا كل ما يجري ،ومنهم من يبرر صمته بواقع االحتالل ويبرر تخاذله بمنطق أنه يتّبع سياس��ة تفويت الفرص على إسرائيل وه��و بذل��ك ال يعطيه��ا مب��رراً لتمرير سياساتها واستغالل الشرخ االجتماعي الحاص��ل .وي��ردد إيمانه ب��أن االحتالل أو ًال ،واالحتالل أخيراً ،وال صراع سواه.
م�ؤيدو الثورة يف اجلوالن املحتل
مع ان��دالع بوادر الثورة الس��ورية، وبعد م��ا ش��هدته الس��احة العربية في مصر وتونس وليبي��ا والبحرين واليمن من أحداث ،حس��مت فئة من السوريين في الجوالن أمرها ودعمت الثورة مع بدء إرهاصاتها األولى ،ولسان حالها يقول" : أن االحتالل واالستبداد واحد" وال تحرير
عمل لفاطمة عبد اهلل لوتة | أنا من الجوالن
ل�لأرض المحتلة إال بزوال الديكتاتورية وبناء دول��ة ديمقراطية حرة تمثل إرادة الشعب السوري الكريم. فكان الدعم على ق��در اإلمكانات، خجو ًال فردياً حيناً ،جماعياً حاشداً أحيانًا أخ��رى .ومن��ذ األش��هر األول��ى للثورة، أصدرت مجموعة من عشرات الناشطين والناش��طات في نيسان من عام الثورة، بيان��ًا متقدم��ًا مضمون��ه وعنوانه كان "أنت��م الص��وت ونح��ن ص��داه" ،مؤيداً للث��ورة ومدين��اً ل��كل أش��كال القم��ع والبط��ش ال��ذي مارس��ه النظ��ام على الشعب المنتفض ،وجاء فيه: " .....إنن��ا نض��م صوتنا إلى صوت شعبنا في الداخل الس��وري ،متوجهين للنظام بأوضح العبارات ،أن يبادر اليوم قبل الغد إل��ى إعادة الحق إلى أصحابه، والمباشرة برفع قانون الطوارئ وإطالق الحرّيات العامة وس��راح جميع معتلقي ال��رأي ورفع القيود ع��ن اإلعالم ،وإلغاء المحاكم االستثنائية ونتائج االستطالع االس��تثنائي الجائر لعام ،1962تمهيدا النتقال سلمي وهادئ للسلطة ،يجنّب الوطن ما ال تُحمد عقباه. سياس��ات م��دّ األي��دي مِ��ن قبل الشعب وفصائل المعارضة الوطنية في الداخل الت��ي قابلها النظ��ام باالعتقال والبطش والترهيب وب��ث بذور الفرقة بين مكوّنات المجتمع الس��وري ،تقطع كل الش��ك بكل اليقي��ن أن النظام غير معن��ي إال بإبقاء إحكامه على الس��لطة وتس��لطه عل��ى رق��اب العب��اد .فحكم
الشعب عبر أجهزة األمن تارة وااللتفاف عل��ى مطالبه بمرس��وم هنا أو رش��وة هن��اك تارة أخ��رى ،لن يوقفا س��يرورة التغيير وحركة التاريخ. أن ردّ النظام على احتجاجات وبما ّ ش��عبنا الس��لمية ومطالبه المش��روعة جاء دمويا على نحو ما ش��هدناه ،محوّال ص��دور الس��وريين أهداف��ا لرص��اص اقتُطِ��ع ثمنه مِن جيوبه��م ومِن أمام أفواه أطفالهم بحجة محاربة إسرائيل؛ فإنن��ا نعلنه��ا عل��ى الم�لأ ،وليس��معها أن "كل مَ��ن يقتل القاص��ي والدان��يّ ، وأن كل نقطة دم سورية شعبه خائن"ّ ، تُراق ،سوف تكون حجّة على مهرقيها، ولعنة تطاردهم ولو بعد حين. إن قدرن��ا ه��و العي��ش بحري��ة ّ وكرام��ة ،ومنط��ق الحي��اة يؤك��د أن الش��عب أبقى مِن ّ حكامه .فوطن حرّ، ديموقراط��ي وعلماني ،يتس��اوى تحت س��قفه الجميع ،وليس فيه مكان لجَور وال ظل��م وال طائفية بغض��اء هو ديننا وديدننا ،وهو جوابنا األخير.
عا�شت �سوريا حرة كرمية جلميع �أبنائها
من هنا ،وبعد هذا البيان الذي القاه زباني��ة النظ��ام ف��ي الج��والن بالتخوين والتش��هير وبممارس��ة ش��تى وس��ائل الضغوط والترهيب االجتماعي والنفسي عل��ى كل م��ن وقّ��ع علي��ه ،ب��دأ الح��راك المؤي��د للث��ورة يتع��رض لتصعيد مضاد من قبل الموالين للنظام ،هدفه األساس كان القم��ع وك��م األفواه ومن��ع أي صوت
معارض لنظ��ام "الممانعة" من أن يرتفع في الج��والن المحتل .ووص��ل في أحيان كثيرة ح��د االعت��داء الجس��دي واالعتداء عل��ى الممتلكات ومهاجمة البيوت ،وليس أفظعها ما حدث مع المناضل وئام عماشة، ال��ذي كان ق��د أعلن إضراب��ا مفتوحًا عن الطع��ام من داخ��ل زنزانته ف��ي معتقل الجلبوع تأييدا لالنتفاضة السورية ،وتابع منذ الساعة األولى لتحريره دعمه للثورة وللش��ارع المنتف��ض .فالق��ى عماش��ة م��ا الق��اه م��ن حم�لات تخوي��ن وضغط واعتداءات على بيت عائلته وممتلكاتهم، ولم يش��فع له تاريخه النضالي ،وال أكثر من عش��ر س��نوات في س��جون االحتالل، عن��د الش��بيحه ولم يس��لم م��ن أنيابهم المسعورة التي كشّرت لتنهش أي صوت ال يتغنى بفاش��ية نظام األس��د .حاله في ذل��ك ح��ال الكثيري��ن ممن رفعوا ش��عار الحريّة خي��اراً ،ودفعوا_ويدفعون يوميًا_ ثمن ذلك. بص��رف النظ��ر ع��ن االنقس��ام السياس��ي-األخالقي الحاص��ل ،وبعيداً ع��ن تأيي��د أي منه��ا ،لك��ن حقيق��ة أن الجوالن محتل ،وحقيقة س��كون جبهته المري��ب ألكثر م��ن أربعة عق��ود وعدم س��ماع دوي رصاص��ة واح��دة ،اللهم إلاّ عندما زج النظام الخائن بشباب وشابات، في ذك��رى النكبة والنكس��ة م��ن خيرة الفلس��طينيين والس��وريين ،ودفعه��م إل��ى موتهم بيد قناص إس��رائيلي فهم تواط��ؤ النظ��ام مع��ه ،ووصلته رس��الة مخلوف عن أمنه وعن أن النظام الحالي ه��و وحده م��ن يحمي��ه ،فقت��ل وأصاب