7salt-of-this-dea

Page 1

‫امللف‬ ‫يافا مدينة تختصر وطن ًا‬

‫نديم جرجورة*‬

‫يافا "ملح هذا البحر"‪:‬‬ ‫قراءة يف فيلم آن ماري جاسر‬ ‫ش ّكل "ملح هذا البحر" (‪،)2008‬‬ ‫الفيلم الروائي الطويل األول للمخرجة‬ ‫الفلسطينية آن ماري جاسر‪ ،‬صورة‬ ‫حسية عن واقع إنساين مفتوح على‬ ‫ّ‬ ‫السياسة واالجتماع والعالقات‪ ،‬وعلى‬ ‫ال‬ ‫التاريخ واجلغرافيا أيض ًا‪ ،‬ومدخ ً‬ ‫بصري ًا إىل معاينة املدينة الفلسطينية‬ ‫يافا بصورة خاصة‪ ،‬ومعاينة رام الله‬ ‫والقدس أيض ًا‪ ،‬أي أن الفيلم‪ ،‬بحبكته‬ ‫الدرامية وفضائه اإلنساين‪ ،‬التقط صوراً‬ ‫متحركة عن هذه املدن الثالث‪ ،‬من‬ ‫حماد)‪ ،‬املولودة‬ ‫خالل عي َني ثريا (سهير ّ‬ ‫يف بروكلين‪ ،‬والقادمة إىل بلدها احملتل‬ ‫الستعادة ميراث قديم أودعه ج ّدها يف‬ ‫"البنك البريطاين" قبل نكبة ‪،1948‬‬ ‫احلسي‬ ‫وللبحث عن جذورها‪ ،‬والتع ّرف‬ ‫ّ‬ ‫املباشر إىل فلسطين‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن جاسر اعتبرت‬ ‫أن شخصية عماد (صالح بكري) "أقرب"‬ ‫إليها (حوار منشور يف اجمللة األسبوعية‬ ‫الفرنسية "تيليراما"‪ ،‬العدد ‪،3060‬‬ ‫* ناقد سينمائي وباحث يف شؤون السينما‪.‬‬

‫‪ 6‬أيلول ‪ /‬سبتمبر ‪ ،)2008‬فإن عي َني‬ ‫ثريا‪ ،‬منذ وصولها إىل مطار تل أبيب‬ ‫ال‪ ،‬ثم إىل مناطق احلكم الذاتي ثاني ًا‪،‬‬ ‫أو ً‬ ‫راحتا تغرفان‪ ،‬بنهم شديد‪ ،‬كل ما تقعان‬ ‫عليه من وجوه وأزقة ومنازل وساحات‬ ‫وأمكنة وفضاءات وحاالت ومواقف هي‬ ‫جزء من تاريخ البلد وراهنه‪ .‬وهذا ما‬ ‫حدث بانتقال ثريا وعماد وصديقهما‬ ‫مروان (رياض عديس) إىل القدس‬ ‫ويافا‪ ،‬إذ حاولوا جميع ًا أن ينهلوا‬ ‫من األمكنة ومعاملها‪ ،‬ومن الذكريات‬ ‫ومالحمها املتجسدة يف هذه األمكنة‪،‬‬ ‫ما طاب لهم من ُم َتع ذاتية‪ ،‬بعد أن‬ ‫ُحرموا منها بسبب االحتالل‪ُ ،‬مدركين‬ ‫أنها ُم َتع موقتة وموؤودة‪.‬‬ ‫منذ اللقطات األوىل‪ ،‬ظهرت يافا‬ ‫على الشاشة الكبيرة‪ ،‬عند مفصل‬ ‫أسس نكب ًة‪ ،‬بتهجير قسري‬ ‫تاريخي ّ‬ ‫لناسها الذاهبين إىل منافيهم ومآسيهم‪.‬‬ ‫باألبيض واألسود‪ ،‬تب ّدت يافا عن‬ ‫واقعها املثقل بقوة اجلغرافيا‪ ،‬واحلضور‬

‫‪111‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.