صحيفة الأهالي العدد 252

Page 11

‫‪252‬‬

‫‪ 1433/8/13‬املوافق ‪2012/7/3‬‬

‫‪www.alahale.net‬‬

‫‪11‬‬

‫تقريــــر‬

‫إنها أش��به بمدينة أش��باح فحتى الحيوانات الضالة هجرتها‪ ،‬مبانيها مدمرة في‬ ‫الغالب‪ ،‬ش��وارعها خاملة وال تس��مع فيها إال صفير الرياح‪ ،‬وإن كان أهلها‬ ‫بدءوا بالعودة إليها أفرادا ولم يستطيعوا البقاء فيها فعادوا أدراجهم إلى‬ ‫عدن حتى يقضي اهلل أمرا كان مفعوال‪...‬‬

‫انطباعات عائد �إىل زجنبار‬ ‫وهما يتلمس���ان ج���دران املن���زل ويتمتمان‬ ‫بكلمات طفولية جتس���د حب أول منزل في‬ ‫حياة الفرد وتذكرت قول الشاعر العربي‪:‬‬ ‫كم منزل في األرض يألفه الفتى‬ ‫وحنينه أبدا ألول منزل‬

‫صحوت مبكرا‪ ،‬ومع تباشير الفجر‬ ‫األولى كنت قد حزمت أمتعتي‬ ‫وصلنا في ضحى ذلك اليوم إلى زجنبار‬ ‫وص���رت ج��اه��زا للسفر إلى وب���دت لنا غي���ر ما كن���ا نتوق���ع‪ ...‬حزينة‪،‬‬ ‫زنجبار‪ ..‬مدينتي الغالية التي كئيبة‪ ،‬موحشة‪ ..‬وبها من الدمار واخلراب‬ ‫سلبوها مني عنوة ألكثر من ما الله به عليم ورأيناها وكأنها مدينة باكية‬ ‫تندب حضها العاثر جراء وقوعها فريس���ة عودة النازحني واملوت املرتب�ص‬ ‫عام كامل‪.‬‬

‫نعم حب الوطن الإميان‬

‫وفي طريق العودة‬ ‫م���ن عدن إل���ى أبني‬ ‫املمتد عبر صحراء‬ ‫بح���ر الع���رب كانت‬ ‫األح�ل�ام الوردي���ة‬ ‫واآلم���ال املش���رقة‬ ‫تتقمص شخصيتي‬ ‫وتفقدن���ي توازن���ي‬ ‫منصور بلعيدي‬ ‫أحيان���ا فتخ���رج‬ ‫م���ن فم���ي كلم���ات‬ ‫متناقض���ة دون رضى من���ي‪ ..‬أحيانا أمتتم‬ ‫بكلمات (جوفية) حتمل معنى الغناء وأحيانا‬ ‫أخرى اجه���ر هاتفا بالتكبي���ر فيلتفت إلي‬ ‫أفراد أس���رتي طالبني اإلفصاح عما يجول‬ ‫في خاطري فأجبتهم بال تردد إنه الش���وق‬ ‫لرؤية زجنب���ار‪ ..‬ورؤية حارتي بش���وارعها‬ ‫وأزقتها ومسجدها الصغير ومنزلي الذي‬ ‫عشت فيه أهم سنني عمري‪ ..‬وعلى جناح‬ ‫الش���وق أس���ير في طريق العودة حتى بدت‬ ‫ل���ي مش���ارف أبني م���ن مدينة الك���ود ذات‬ ‫البس���اتني اخلض���راء واألش���جار الوارفة‬ ‫والبس���اتني الغناء‪ ،‬وذلك التشابك العجيب‬ ‫ألش���جار ضخمة على جانبي الطريق وهي‬ ‫تتعانق بفروعها في الس���ماء حتى ش���كلت‬ ‫(نفق���ا طبيعي���ا) ال مثي���ل ل���ه‪ ..‬إنه���ا أبني‬ ‫الطبيعة الس���احرة وقد ع���ادت لنا بعد أن‬ ‫فقدناها فاشتقنا كثيرا لرؤيتها‪ ..‬إنها أبني‬ ‫اخلض���راء مازال���ت تبتس���م لزوارها ولكن‬ ‫(على استحياء) هذه املرة نظرا ملا أصابها‬ ‫من دمار وخراب يبعث على الذهول‪.‬‬

‫س���هلة لدهاقنة مافي���ا السياس���ة الرعناء‬ ‫الت���ي ال يرعوي أصحابه���ا‪ ..‬وحني وقفت‬ ‫وسط الش���ارع الرئيس رأيته كئيبا موحشا‬ ‫مليئ���اً بآث���ار الدم���ار ومخلف���ات القصف‬ ‫وآث���ار العابثني باألرض واإلنس���ان واحلياة‬ ‫مازال���ت ماثلة توح���ي وكان التتار قد مروا‬ ‫م���ن هنا ذات ي���وم‪ ...‬حقا لق���د ذهلت من‬ ‫املنظ���ر املروع ملدني���ة أصبحت أطالال بعد‬ ‫أن كان���ت عامرة باحلب واحلياة‪ ..‬ووجدت‬ ‫نفس���ي أردد ال ش���عوريا‪ :‬الله يجازي الذي‬ ‫كان السبب!!‬

‫الأطفال كادوا �أن يقبلوا احلائط‬

‫ح�ي�ن دلفت إلى منزل���ي الكائن في قلب‬ ‫املدين���ة في ح���ارة النص���ر وج���دت أبوابه‬ ‫مفتح���ة عل���ى مصراعيها وجمي���ع نوافذه‬ ‫واألدوات بداخل���ة مكوم���ة عل���ى بعضه���ا‬ ‫مهش���مة متام���ا والرياح تدخ���ل إلى املنزل‬ ‫من اجلن���وب إلى الش���مال محدثة أصواتا‬ ‫حزينة وغاضبة وكأنها تش���كو حال املنزل‬ ‫وم���ا تعرض له م���ن تدمير بفع���ل القصف‬ ‫العش���وائي املدمر‪ ..‬والعجيب في األمر أن‬ ‫أطفال���ي رغم حزنهم العمي���ق على ما حل‬ ‫مبنزلن���ا إال أنهم احتضنوا ج���دران املنزل‬ ‫وكأنهم يقبلونها وكأنها ليس���ت جمادا وهم‬ ‫يقولون بص���وت طفولي برئي‪ :‬بيت العز يا‬ ‫بيتنا على بابك عنبتنا‪.‬‬ ‫موقف عاطفي مؤثر الش���ك ألن احلنني‬ ‫إل���ى املنزل طغى في أرواحهم البريئة حتى‬ ‫عل���ى حال���ة اخلراب الت���ي طالت���ه بأيادي‬ ‫العابثني بأمن الوطن وأهله‪ ،‬نظرت إليهما‬

‫«فوبيــا» الإخــوان‬ ‫باعتقادي أنه ال يزال من المبكر جداً كل هذا الخوف‬ ‫والقلق المفتعل وغير المبرر من وصول اإلخوان‬ ‫المسلمين إلى السلطة التي لم يتسلموها بعد‪ ،‬إال‬ ‫مجازاً ال حقيقة كما في الحالة المصرية‪ ،‬أنموذجاً‪.‬‬ ‫وقبل هذا وذاك‪« ،‬فوبيا اإلسالم» ‪-‬أي اخلوف‬ ‫من���ه‪ -‬هي ظاهرة غربية بحته‪ ،‬جاءتنا من خلفية‬ ‫الصراع احلضاري التاريخي بني الغرب الثقافي‬ ‫السياسي والعالم اإلسالمي‪ ،‬ذلك الصراع الذي‬ ‫بدأ منذ م���ا يعرف باحل���روب الصليبي���ة‪ ،‬والتي‬ ‫أثم���رت لن���ا في م���ا بعد ما ب���ات يع���رف بثقافة‬ ‫الكراهية والعداء لكل ما هو مس���لم واخلوف من‬ ‫نبيل البكريي‬ ‫اإلسالم ‪.Islamophopia‬‬ ‫ً‬ ‫وأما م���ا يتعلق بفوبيا اإلخوان فهي حديثة نس���بيا إذ تعود إلى بداية‬ ‫تأس���يس احلركة في عش���رينات القرن املاضي‪ ،‬وحتدي���داً إلى فترة ما‬ ‫يع���رف بالتاريخ العربي املعاصر‪ ،‬بنكس���ة فلس���طني ع���ام ‪1948‬م‪ ،‬تلك‬ ‫احلرب التي خاضت غماره���ا حركة اإلخوان ضد االجنليز والصهاينة‬ ‫في فلس���طني واس���تطاعت رغم بدائية تس���ليحها وتدري���ب رجالها أن‬ ‫حتقق انتصارات كبيرة حينها‪.‬‬ ‫ومن تلك املرحل���ة وكل دوائر صناعة القرار الغربي بحثية وإعالمية‬ ‫حتذر م���ن اإلخوان وتخوف منه���م‪ ،‬وتؤلب ضدهم كل م���ا ميكن تأليبه‬ ‫م���ن أنظمة ونخ���ب مثقفة خالقة صارعاً عقيما ب�ي�ن هذه النخب وتلك‬ ‫األنظمة واإلس�ل�اميني كما متثل األمر بتجربة مصر األليمة التي دخل‬ ‫فيها اإلخوان في صراع مرير مع نظام عبد الناصر وكذا إخوان العراق‬ ‫ونظام صدام حسني وإخوان سوريا ونظام حافظ األسد‪.‬‬ ‫وبالفعل اس���تطاع الغ���رب أن يخلق فجوة بني اإلخ���وان ومجتمعاتهم‬

‫ب���دا أبن���اء املدين���ة يع���ودون أف���رادا‬ ‫وجماعات إل���ى مدينتهم يتفقدون منازلهم‬ ‫ومتاجره���م بش���وق ولهفة لم متن���ح الكثير‬ ‫منه���م فرصة للتفكير ف���ي اخملاطر فكانوا‬ ‫فرائس س���هلة حلقول األلغام القاتلة التي‬ ‫زرع���ت ف���ي منازله���م أو بجواره���ا فكانت‬ ‫حصيلة األسبوع األول أكثر من ‪ 30‬شهيدا‬ ‫من املواطنني في زجنبار والكود فقط‪.‬‬ ‫لقد زرعت األلغام في احلارات واملنازل‬ ‫عل���ى ضواح���ي املدينت�ي�ن بص���ورة توحي‬ ‫بأن ما س���مي بأنصار الشريعة ليسوا كما‬ ‫يدع���ون وإال ملا نش���روا كل ه���ذا املوت في‬ ‫جنبات املدينة حتى بعد رحيلهم عنها فهم‬ ‫يعرفون س���لفا أن اجليش لديه من وسائل‬ ‫كش���ف األلغام ما يجنبه الوقوع فيها ولكن‬ ‫املواطنني ه���م الضحايا الس���هلة وهذا ما‬ ‫حدث متاماً‪ ..‬فأي نفس���يات يحملون وأي‬ ‫قل���وب ميلكون‪ ،‬وأي ش���ريعة ميثلون‪ ،‬والله‬ ‫املستعان على ما يفعلون‪.‬‬

‫هكذا بدت لنا املدينة‬

‫إنه���ا أش���به مبدين���ة أش���باح فحت���ى‬ ‫احليوان���ات الضال���ة هجرته���ا‪ ،‬مبانيه���ا‬ ‫مدم���رة ف���ي الغالب‪ ،‬ش���وارعها خاملة وال‬ ‫تسمع فيها إال صفير الرياح‪ ،‬وإن كان أهلها‬ ‫بدءوا بالعودة إليها أفرادا ولم يس���تطيعوا‬ ‫البقاء فيها فعادوا أدراجهم إلى عدن حتى‬ ‫يقضي الله أمرا كان مفعوال‪.‬‬ ‫س���ألنا من صادفناهم م���ن األهالي عن‬ ‫س���بب ع���دم بقائهم في دياره���م فأجابونا‬ ‫مبا يشبه اإلجماع على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬بيوتن���ا مدم���رة ال تصل���ح للس���كن‬ ‫ويصعب علينا ترميمها‪.‬‬ ‫‪ -2‬حقول األلغام حتصد األرواح البريئة‬ ‫وال أثر للفرق الهندسية إلزالتها‪.‬‬ ‫‪ -3‬عدم وجود الكهرباء‪.‬‬ ‫‪-4‬عدم وجود مياه الشرب‪.‬‬ ‫‪ -5‬ال توج���د قوى أمني���ة لتامني املدينة‬ ‫نهارا إم���ا ليال فتصير املدين���ة وكأنها في‬ ‫حال���ة حض���ر التج���وال وتس���مع أص���وات‬ ‫الرص���اص م���ن كل ح���ارة وال تع���رف م���ن‬ ‫يطلقها‪.‬‬ ‫‪ -6‬ال توج���د جلان حص���ر األضرار وال‬ ‫أحد يكترث حلال املدينة‪.‬‬ ‫‪ -7‬ال وجود للسلطة احمللية وال أثر ألي‬ ‫إجراءات تدفع املواطنني للبقاء‪.‬‬ ‫‪ -8‬جهد احملافظ متواضع بالقياس إلى‬ ‫حجم املأس���اة ومجالت تش���عبها واللجان‬

‫بفع���ل تس���خير كل إمكاني���ات أنظم���ة تل���ك اجملتمعات ض���د اإلخوان‬ ‫ومش���روعهم التربوي والسياسي والدعوي‪ ،‬وزاد األمر حدة حينما كان‬ ‫يترك اجملال قليال لإلس�ل�اميني أن يخوض���وا أي انتخابات كانت تؤدي‬ ‫نتائجه���ا دائما إلى تقدمه���م‪ ،‬وكلنا يتذكر قضية اجلزائ���ر ومن بعدها‬ ‫حماس وغيرها الكثير‪.‬‬ ‫أم���ا اليوم وقد حررت الش���عوب نخبها وأحزابه���ا وتياراتها جميعاً‪،‬‬ ‫وغدت قادرة هذه الش���عوب على أن متيز بني مصلحها دون أي وصاية‬ ‫من أحد‪ ،‬وأدرك الغرب أنه اخلاس���ر ال محالة نتيجة سياساته العدائية‬ ‫والكيدية ضد اإلسالميني بدأ هذا الغرب إعادة إنتاج سياساته القدمية‬ ‫ضده���م ولكن بطرق ووس���ائل جديدة ومختلفة هذه امل���رة‪ ،‬وأداتها هي‬ ‫نخب مثقفه وسياسية وإعالمية‪ ،‬كلها سارت في ركب احلملة اإلعالمية‬ ‫ضد اإلخوان‪.‬‬ ‫ورغم كل ذلك أقول إن كل هذه احلملة ضد اإلسالميني ليست بريئة‬ ‫بل تظهر مدى س���طحية القائمني عليها وغباءهم الكبير أيضا‪ ،‬لكونهم‬ ‫يفتق���رون ألبس���ط أبجديات املنطق البس���يط ومحاول���ة تكذيب الواقع‬ ‫وجتاوزه هذا عدا عن تناقضهم الش���ديد مع أنفسهم وظهورهم مبظهر‬ ‫سخيف وساذج للغاية وذلك من خالل التالي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬م���ن املنط���ق أن يعط���ى اإلخوان فرص���ة كاملة‪ ،‬حت���ى يتمكنوا‬ ‫م���ن تطبيق برامجهم السياس���ية من عدمها‪ ،‬ولن يتمكن���وا من ذلك إال‬ ‫بتمكينه���م من كل صالحي���ة إدارة هذه الدولة أو تل���ك‪ ،‬وبعد ذلك يأتي‬ ‫احلكم عليهم بالس���لب أو اإليجاب واحلكم هذه املرة هي الشعوب التي‬ ‫لن يخدعها أحد كان‪ ،‬وعن طريق صناديق االنتخابات فحسب‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬يجب أن يُتاح لإلخوان اجملال متاماً لتنفيذ برامجهم‪ ،‬متاش���ياً‬ ‫مع الشرعية الش���عبية والثورية التي صعدت بهم إلى احلكم‪ ،‬وذلك من‬ ‫خ�ل�ال أن يتس���لموا كل الصالحيات العس���كرية واألمنية والسياس���ية‪،‬‬ ‫أي صالحي���ة إدارة الدول���ة كامل���ة‪ ،‬ال أن يبقوا مجرد ديكور حتس���يني‬ ‫للحاكمني من خلف الكواليس كما يريد العسكر في مصر اليوم‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬ما يثير االس���تغراب كثيراً‪ ،‬أن ٍ‬ ‫قوى محس���وبة على الثورة‪ ،‬هي‬ ‫األخ���رى مش���اركة‪ ،‬في ه���ذا الردح غي���ر األخالقي وغي���ر الوطني في‬

‫الش���عبية في املدين���ة ش���كلت باجتهادات‬ ‫فردية وق���د تكون جزء من املش���كلة ال من‬ ‫احلل‪.‬‬ ‫‪ -9‬محم���د علي الش���دادي نائب رئيس‬ ‫مجل���س النواب وممث���ل عن زجنب���ار جهز‬ ‫قريت���ه ف���ي ضاحي���ة زجنبار وج���اء بفرقة‬ ‫هندس���ية فإزالة األلغام م���ن قريته (حصن‬ ‫ش���داد) وجلب ألهله املول���دات الكهربائية‬ ‫املؤقتة ووفر لهم بعض االحتياجات كاألدوية‬ ‫واألطباء واملياه وغيرها وترك املدينة التي‬ ‫على ظهور أهلها صعد إلى عضوية مجلس‬ ‫الن���واب تواجه مصيرها وعاملهم باجلحور‬ ‫والنكرات (جزاء سنمار)‪.‬‬ ‫ه���ذا ما أجم���ع علي���ه الكثير م���ن أبناء‬ ‫زجنب���ار حت���ى أن بعض النس���وة يخططن‬ ‫إلقامة مس���يرة احتجاجية ضد الش���دادي‬ ‫في األسبوع املقبل كما سمعنا‪<.‬‬

‫التخويف من اإلخوان بأثر رجي‪ ،‬خلصومة سياس���ية تاريخية غدت من‬ ‫املاض���ي‪ ،‬الذي يج���ب أن ال نلتفت إليه إال من قبي���ل العضة والعبرة‪ ،‬ال‬ ‫تكراره بكل أخطائه وإخفاقاته املريرة‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬ث���ورات الربيع العربي‪ ،‬غير ثورات الق���رن املاضي التي صعد‬ ‫على ظهرها العس���كر إلى كراس���ي احلك���م‪ ،‬وبقوا عليه���ا حتى ضاقت‬ ‫بهم الش���عوب من ظلمهم ونرجس���يتهم وفش���لهم الكبير في كل مناحي‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫هذه ثورات ش���عوب وليس���ت ثورات نخ���ب‪ ،‬وبالتالي الش���عوب هي‬ ‫اخملولة مبنح هذا الطرف أو ذلك شرعية حكمها‪ ،‬ومن لم يف بالتزاماته‬ ‫وبرامجه فسوف تلفظه الشعوب‪ ،‬كائن من كان‪ ،‬لم تعد الشعوب جاهلة‬ ‫وغير واعية مبا ينفعها أو يضرها‪ ،‬وال حتتاج ألي وصاية من أحد‪.‬‬ ‫خامس���اً‪ :‬أعتقد أنه من اإلنصاف واملنطق أن ال نس���تعجل شيئاً على‬ ‫اإلسالميني‪ ،‬وال نقول يجب أن مينحوا أربعة عقود أو ثالثة من الزمن‪،‬‬ ‫كم���ا منح القومي���ون واليس���اريون وغيرهم في مصر وس���وريا والعراق‬ ‫وليبيا وتونس واجلزائر وغيرها‪ ،‬على امتداد النصف الثاني من القرن‬ ‫املاض���ي‪ ،‬وإن كان���ت تلك احلكومات بغير ش���رعية ش���عبية دميقراطية‬ ‫كالت���ي ميثلها اإلس�ل�اميون اليوم‪ ،‬ولكن نقول امنحوه���م دورة انتخابية‬ ‫واح���دة ب���كل صالحيات الدولة الت���ي كانت ممنوحة لغيره���م‪ ،‬وبعدها‬ ‫قيموا جتربتهم واجنازاتهم‪ ،‬فإن قدموا شي ًء فهو ملصلحة هذه الشعوب‬ ‫وإن لم يقدموا شيء لهذه الشعوب فالقرار بيدها‪.‬‬ ‫سادس���اً‪ :‬م���ن املصادف���ات الغريب���ة والعجيبة‪ ،‬ه���و أن يتفق اجلميع‬ ‫في التخويف من اإلس�ل�اميني‪ ،‬إس���رائيل وإيران وأمريكا‪ ،‬والس���عودية‬ ‫واخللي���ج‪ ،‬والغرب األوربي‪ ،‬وكل نخب املش���هد العربي النرجس���ية التي‬ ‫أزعجتن���ا مبناداته���ا باحلري���ة والدميقراطي���ة‪ ،‬فحينم���ا حان���ت وأتت‬ ‫باإلس�ل�اميني صنادي���ق الدميقراطية‪ ،‬لم تعجبه���م النتيجة‪ ،‬فمثل هذا‬ ‫الش���يء يثي���ر الكثير من االس���تغراب لدي‪ ،‬مل���اذا كل ه���ذا اخلوف من‬ ‫اإلس�ل�اميني‪ ،‬وهم الذين صعدوا دميقراطيا بإرادة شعوبهم وليس على‬ ‫ظهور الدبابات‪ ،‬وبكل يسر وسهولة ميكن إزاحتهم من خالل الصناديق‬ ‫التي صعدوا من خاللها‪ ،‬وبالتالي ال داعي لكل هذا اخلوف‪<.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.