استنتاجات
لقد ارتكب اليسار المصري أخطاء فادحة في تحليله وتعامله مع جماعة اإلخوان المسلمين .فقد اتخذ موقفاً يعتبرها حركة رجعية ظالمية تعادي الحداثة والديمقراطية .ووفق هذا التحليل فهي حركة معادية للجماهير وتخدم بشكل مباشر وكامل مصالح أكثر قطاعات البرجوازية رجعية ويمينية .وكان االستنتاج العملي لهذا التحليل هو ضرورة محاربة هذه الحركة ومنع وصولها للسلطة حتى و إن كان ذلك بالتحالف مع السلطة البرجوازية في مواجهتها .وقد حاولنا في هذا الكراس الصغير أن نقدم قراءة بديلة تظهر الطبيعة المعقدة والمتناقضة والمتغيرة لإلخوان في سياق تطورها التاريخي وتفاعالتها السياسية واالجتماعية. فظهور اإلخوان في النصف األول من القرن العشرين كان نتاجاً لتناقضات التطور الرأسمالي التي خلقت طبقة وسطى حديثة مأزومة مرتبطة أخالقياً بجذورها الريفية وعملياً بعالم المدينة الرأسمالية بصراعاته وتناقضاته .وقد استطاع حسن البنا أن ينظم صفوف تلك الطبقة وأن يجعل جماعته منبراً للتعبير عن تطلعاتها الطوباوية. وألن الخطاب الذي بلوره البنا كان خطاباً دينياً مثالياً فقد كان يجذب للجماعة ليس فقط الطبقة الوسطى الحديثة والتي شكلت العمود الفقري للجماعة بل أيضاً قطاعات من األغنياء الذين جذبتهم الشعارات الدينية المحافظة وقطاعات من الفقراء الذين رأوا في شعارات الجماعة المبهمة حول العدالة االجتماعية ومحاربة الظلم والفساد خالصاً من معاناتهم. ولم يكن باستطاعة اإلخوان أن يصبح لهم ذلك النفوذ الجماهيري الهائل دون أخطاء اليسار التاريخية في األربعينات حيث أدت تبعيته لالتحاد السوفيتي إلى تبني استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطي ة ،التي أدت في نهاية المطاف إلى تذيل حزب الوفد والتخلي عن استقاللية وقيادية الطبقة العاملة. وخالل الفترة الناصرية استطاع النظام بمزيج من القمع واالستيعاب من سحب البساط من تحت أقدام اإلخوان ،فقد مكنته سياساته االقتصادية من دمج الطبقة الوسطى الحديثة 20