كيف أري الله القمص يوحنا باقي

‫كنيسة مارمرقس‬ ‫القبطية‬ ‫األرثوذكسية‬ ‫بمصر الجديدة‬

‫سلسلة رؤية ﷲ‬ ‫الكتاب الثانى‬

‫كيـف أرى ﷲ ؟‬

‫القس يوحنا باقى‬

‫صاحب الغبطــة والقداســة‬

‫البابـــا شــــنوده الثــــالـث‬ ‫بابا اإلسكندرية وبطريرك الكـرازة المرقسية الـ ‪117‬‬

‫اﻟﻛﺗـﺎب ‪ :‬ﻛﻳف أرى اﷲ‬ ‫اﻟﻣؤﻟـف ‪ :‬اﻟﻘس ﻳوﺣﻧﺎ ﺑﺎﻗﻰ‬ ‫اﻟﻧﺎﺷـر ‪ :‬ﻛﻧﻳﺳﺔ ﻣﺎرﻣرﻗس ﻣﺻر اﻟﺟدﻳدة‪.‬‬ ‫اﻟطﺑﻌـﺔ ‪ :‬اﻷوﻟﻰ أﺑرﻳﻝ ‪2006‬‬

‫اﻟﻣطﺑﻌﺔ ‪ :‬أوﻓﺳت ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‬

‫اﻟﺟﻣﻊ اﻟﺗﺻوﻳرى‪ :‬اﻟﻧﺎﺳﺦ اﻟﺳرﻳﻊ‬ ‫رﻗم اﻹﻳداع ﺑدار اﻟﻛﺗب ‪2006/7233 :‬‬

‫اﻟﺗرﻗﻳم اﻟدوﻟﻰ ‪:‬‬

‫ﺑطﺎﻗﺔ ﻓﻬرﺳﺔ‬ ‫ﻓﻬرﺳﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﻧﺷر إﻋداد اﻟﻬﻳﺋﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟدار اﻟﻛﺗب واﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻘوﻣﻳﺔ‬ ‫إدارة اﻟﺷﺋون اﻟﻔﻧﻳﺔ‬

‫ﺑﺎﻗﻰ‪ ،‬ﻳوﺣﻧﺎ‬ ‫ﻛﻳف أرى اﷲ ‪ /‬ﻳوﺣﻧﺎ ﺑﺎﻗﻰ‬ ‫‪ - 0‬ط ‪ - 01‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪ :‬ﻛﻧﻳﺳﺔ ﻣﺎرﻣرﻗس‪56 01-04-2006 ،‬‬ ‫ص ؛ ‪ 16‬ﺳم‬ ‫أ‪ -‬اﻟﻌﻧوان‬ ‫‪ -1‬اﻟﺗﺄﻣﻼت )اﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ(‬ ‫‪274.2‬‬

‫مقدمة‬ ‫ﻣﺣــور اﻟﺣﻳــﺎة اﻷﺑدﻳــﺔ وﻣﻠﻛــوت اﻟــﺳﻣوات ﻫــو اﷲ اﻟــذى ﻳﺟﺗﻣــﻊ‬

‫ﺣوﻟـﻪ ﻛﻝ اﻟﻣؤﻣﻧﻳن ﺑﻪ ﻓﻳﺣﻳوا ﻓﻰ ﺳﻌﺎدة وﺗﻣﺗﻊ ﻻ ُ َ ﱠ‬ ‫ﻳﻌﺑر ﻋﻧﻪ‪ .‬وﻻ ﻳﻣﻛن‬ ‫أن أﺗﻣﺗــﻊ ﺑرؤﻳﺗــﻪ اﻟواﺿــﺣﺔ ﻓــﻰ اﻟــﺳﻣﺎء إن ﻟــم أﺧﺗﺑــر أوﻻً رؤﻳﺗــﻪ ﺟزﺋًﻳــﺎ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ٕ ،‬واذ أﺣﺑﻪ وﻳﺗﻌﻠق ﻗﻠﺑـﻰ ﺑـﻪ أﺷـﺗﺎق ﻟﻠوﺟـود اﻟـداﺋم ﻣﻌـﻪ ﻓـﻰ‬ ‫اﻟﺳﻣﺎء‪ ،‬وأﺳﺗطﻳﻊ أن أﻋﺑر ﻓوق ﻛﻝ ﻣﺑﺎﻫﺞ اﻟﻌﺎﻟم وﻣﺷﺎﻛﻠﻪ ﻷﺻـﻝ إﻟـﻰ‬ ‫ﺷﻬوة ﻗﻠﺑﻰ وﻫﻰ اﻟوﺟود اﻟداﺋم ﻣﻌﻪ ﻓﻰ اﻟﻣﻠﻛوت‪.‬‬

‫ﻫــﺎ ﻫــﻰ اﻵن ﻓرﺻــﺔ ﻣﻣﺗــﺎزة ﻷﺧــرج ﻣــن دواﻣــﺔ اﻧــﺷﻐﺎﻻﺗﻰ وأﻗــف‬ ‫ﺑﻬدوء ﻷﺑﺣث ﻋن اﷲ اﻟﻘﺎﺋم ﻣن اﻷﻣوات‪.‬‬ ‫إﻧﻰ أرﻳد أن أﻟﻣﺳﻪ ﻓﻰ ﺣﻳﺎﺗﻰ اﻟﻳوﻣﻳﺔ ﻟﻳﻘﻳﻣﻧﻰ ﻣن ﻛﻝ ﺿﻌف‬ ‫وﻳﺣرﻛﻧﻰ ﺑﻧﺟﺎح ﻓﻰ طرﻳق اﻟﻣﻠﻛوت‪ ،‬وﻟﻛن ﻛﻳف أﺳﺗطﻳﻊ أن أراﻩ ؟‬ ‫إن ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﱢ‬ ‫ﻳﻘدم ﻟك اﻟﻣﺳﻳﺢ اﻟﻘﺎﺋم ﻣن اﻷﻣوات‪ ،‬ﻟﻳس ﻓﻘط‬ ‫ﻟﺗؤﻣن ﺑﻪ ﺑﻝ ﻟﺗﺣﻳﺎ ﻓﻳﻪ وﺑﻪ ﺑﻝ ﺗﻠﺑﺳﻪ وﺗﺧﺗﻔﻰ ﻓﻳﻪ‪ ،‬وﻳﻛون ﻫو اﻟﻌﺎﻣﻝ‬ ‫ﻓﻰ داﺧﻠك ﻓﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻌﺷرﺗﻪ‪.‬‬

‫‪-5-‬‬

‫ـﺿﺎ اﻟــﺷروط اﻷﺳﺎﺳــﻳﺔ اﻟﺗــﻰ ﺗــﺳﺗطﻳﻊ ﺑﻬــﺎ أن ﺗ ـراﻩ‬ ‫وﻳﻘــدم ﻟــك أﻳـ ً‬ ‫ﻓﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺑﺻﻳص ﻣن اﻟﻣﻠﻛوت وأﻧت ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬ﻓﻳﻔـرح ﻗﻠﺑـك وﺗﺧﺗﺑـر‬ ‫ﻣﺎ اﺧﺗﺑرﻩ اﻟﻘدﻳﺳون اﻟذﻳن دﻋﻳوا ﻣﻼﺋﻛﺔ أرﺿﻳﻳن‪.‬‬ ‫إن ﻫـ ــذا اﻟﻛﺗـ ــﺎب ﻳﻛﻣـ ــﻝ اﻟﻔﻛ ـ ـرة اﻟﺗـ ــﻰ طرﺣﻧﺎﻫـ ــﺎ ﻋـ ــن رؤﻳـ ــﺔ اﷲ‬ ‫واﻟوﺳــﺎﺋﻝ اﻟﻣــﺳﺎﻋدة ﻟﻠوﺻــوﻝ إﻟــﻰ ذﻟــك ﻓــﻰ ﻛﺗﺎﺑﻧــﺎ اﻷوﻝ اﻟــﺻﺎدر ﻓــﻰ‬ ‫ﻳﻧــﺎﻳر ‪ ،2006‬وﻳﺗﻠــو ﻫــذا اﻟﻛﺗــﺎب ﻛﺗــﺎب ﺛﺎﻟــث ﺳﻳــﺻدر ﺑﻣــﺷﻳﺋﺔ اﷲ ﻓــﻰ‬ ‫ﻳﻧﺎﻳر ‪.2007‬‬ ‫ﻧــﺷﻛر ﻛــﻝ ﻣــن ﺷــﺎرك ﻓــﻰ ظﻬــور ﻫــذا اﻟﻛﺗــﺎب‪ ،‬اﷲ ﻳﺟﻌﻠــﻪ داﻓ ًﻌــﺎ‬

‫ﻟرؤﻳﺗــﻪ ﻓــﻰ ﻛــﻝ ﺟواﻧــب ﺣﻳﺎﺗﻧــﺎ ﺣﺗــﻰ ﻧﻌﱢﻳــد ﻋﻳــد اﻟﻘﻳﺎﻣــﺔ ﺑطرﻳﻘــﺔ روﺣﻳــﺔ‬ ‫وﻳﻌﻣﻝ ﻓﻳﻧﺎ ﻟﻧﻧﻣـوا ﻓـﻰ ﻛـﻝ ﻋﻣـﻝ ﺻـﺎﻟﺢ‪ .‬ﺑـﺷﻔﺎﻋﺎت أﻣﻧـﺎ اﻟطـﺎﻫرة ﻣـرﻳم‪،‬‬ ‫وﺻﻠوات اﻟﻘـدﻳس اﻟﻌظـﻳم ﻣـﺎرﻣرﻗس اﻟرﺳـوﻝ‪ ،‬وﺑـﺻﻠوات أﺑﻳﻧـﺎ اﻟﻣﺣﺑـوب‬ ‫ـﻧﻳﻧﺎ ﻋدﻳــدة‬ ‫ﻗداﺳــﺔ اﻟﺑﺎﺑــﺎ اﻟﻣﻌظــم اﻷﻧﺑــﺎ ﺷــﻧودة اﻟﺛﺎﻟــث أدام اﷲ ﺣﻳﺎﺗــﻪ ﺳـ ً‬ ‫وأزﻣﻧﺔ ﺳﺎﻟﻣﺔ ﻫﺎدﺋﺔ ﻣدﻳدة‪.‬‬ ‫ﻋﻳد اﻟﻘﻳﺎﻣﺔ‬ ‫‪ 23‬أﺑرﻳﻝ ‪2006‬‬

‫اﻟﻛﻧﻳﺳــﺔ‬

‫‪-6-‬‬

‫الباب األول‬ ‫رؤية المسيح القائم‬ ‫)‪ (1‬أثر القيامة فى حياتى ‪:‬‬ ‫ﻛﺛﻳرة ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ﻓﻰ أﻣوًار‬ ‫إن ﻣﻧظرك ﻳﺎ ﻣﺳﻳﺣﻰ اﻟﻘﺎﺋم ﻳﺣرك ﻣﺷﺎﻋرى‪ ،‬وﻳﺛﻳر ّ‬ ‫اﻟﻘوة ‪ :‬ﻓﺄﺷﻌر ﺑﺛﻘﺔ ﻓﻰ ﻧﻔﺳﻰ وأﺗﺷﺟﻊ ﻷﻧﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺧطﻳـﺔ‬ ‫ـﻰ‪ ،‬ﻷﻧــك ﺣطﻣــت اﻟﻣــوت ﻣــن أﺟﻠــﻰ‪،‬‬ ‫ﻣﻬﻣــﺎ ﻛﺎﻧــت ﻣــﺳﻳطرة ﻋﻠـ ّ‬ ‫ﻓﺄﺷــﻌر ﺑﻘــوﺗﻰ ﻓﻳــك اﻟﻘــﺎدرة ﻋﻠــﻰ ﻓــك ﻛــﻝ ﻗﻳــود اﻟﺧطﻳــﺔ ﻷﻧطﻠــق‬ ‫ﻣﻌك ﻣن ﻗﺑر ﺷﻬواﺗﻰ وأرﺗﻔﻊ إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎء ﻧﺣوك‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اﻟرﺟــﺎء ‪ :‬ﻟﻘــد ﺣــذﻓت ﻣــن ﻗــﺎﻣوس ﺣﻳــﺎﺗﻰ ﻛﻠﻣــﺔ اﻟﻣــﺳﺗﺣﻳﻝ ﺣﺗــﻰ‬ ‫أﻗــوﻝ ﻣــﻊ ﺑــوﻟس اﻟرﺳــوﻝ "أﺳــﺗطﻳﻊ ﻛــﻝ ﺷــﺊ ﻓــﻰ اﻟﻣــﺳﻳﺢ اﻟــذى‬ ‫ـﺿﺎ "إن ﻏﻳـــر اﻟﻣ ــﺳﺗطﺎع ﻋﻧـ ــد‬ ‫ﻳﻘـــوﻳﻧﻰ" )ﻓ ــﻰ‪ (13 :4‬وأﻗ ــوﻝ أﻳ ـ ً‬

‫اﻟﻧﺎس ﻣﺳﺗطﺎع ﻟدى اﷲ" )ﻟـو‪ ،(27 :18‬ﻓـﻼ أﺿـطرب أﻣـﺎم أى‬ ‫ـﺿﺎ ﺣﺗـﻰ ﻟـو ﺗﻛ ﱠـرر ﻓـﺷﻠﻰ‪،‬‬ ‫ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻬﻣﺎ طﺎﻟـت‪ ،‬ﺑـﻝ ﻻ أﻧـزﻋﺞ أﻳ ً‬ ‫ـﻰ ﻷﺑـدأ ﻣـن ﺟدﻳــد ﺑـﻝ ﻳﻣﺗﻠــﺊ‬ ‫ﻓﻛﻠﻣـﺎ ﻧظـرت إﻟﻳــك ﻳﺗﺟـدد اﻟرﺟـﺎء ﻓـ ّ‬ ‫‪-7-‬‬

‫ﻗﻠﺑــﻰ طﻣوﺣــﺎت ﺗــدﻓﻌﻧﻰ ﻓــﻰ ﻧﻣــو روﺣــﻰ‪ ،‬وأﻗــدر ﺑــك أن أﺗﻐﻠــب‬ ‫ﻋﻠ ــﻰ ﺿ ــﻌﻔﺎﺗﻰ واﻟﻌواﺋ ــق اﻟﺗ ــﻰ ﻳ ــﺿﻌﻬﺎ اﻟﺑ ــﺷر ﻓ ــﻰ طرﻳﻘ ــﻰ ‪..‬‬ ‫وﻫﻛذا أﺗﻘدم ﻣن ﻧﺟﺎح إﻟﻰ ﻧﺟﺎح ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗﻌﺛرت ﻓﺗرة طوﻳﻠﺔ‪.‬‬ ‫ح ‪ -‬اﻟﺣﻳوﻳــــﺔ ‪ :‬ﻛﻠﻣـ ــﺎ رأﻳﺗـ ــك أﻣـ ــﺎﻣﻰ أﺳـ ــﺗطﻳﻊ اﻟﺧـ ــروج ﻣـ ــن ﻛـ ــﺳﻠﻰ‬ ‫ـك ﻋﻠـﻰ ﺣﻳـﺎﺗﻰ ﻣﺛـﻝ اﻟﻣـوت‪ ،‬ﻷﻧـﻰ‬ ‫وﻣﻠَ َ‬ ‫وﺿﻳﻘﻰ اﻟذى ﺗﻌودﺗﻪ ﺑﻝ َ‬ ‫ـﺿﺎ‬ ‫أراك ﻗــد ﻗﻣــت ﻣــن ﺑــﻳن اﻷﻣــوات ﺑﻧــﺷﺎط وﻗــوة‪ ،‬وﺧرﺟــت أﻳـ ً‬ ‫ﻟﺗظﻬ ــر ﻟﺗﻼﻣﻳ ــذك وﻣﺣﺑﻳ ــك وﺗ ــﺷﺟﻌﻬم وﺗﺛﱢﺑ ــت إﻳﻣ ــﺎﻧﻬم‪ ،‬ﻓ ــﺄﺧرج‬ ‫ﻷﻗدم ﺣﺑك ﻟﻛﻝ أﺣد‪ ،‬وﻋﻧدﻣﺎ أﺻﻧﻊ ﺧﻳ ًار وأﺷـﻔق ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺗﻌﺑـﻳن‬

‫وأﺳ ــﺎﻋدﻫم ﺗ ــﺷﺟﻌﻧﻰ أﻛﺛ ــر وأﺳ ــﺗﻌﻳد ﺛﻘﺗ ــﻰ ﺑﻧﻔ ــﺳﻰ وﻳ ــزوﻝ ﻋﻧ ــﻰ‬ ‫ـﺷﺎطﺎ ﻟﻛـــﻝ اﻟﻛ ــﺳﺎﻟﻰ‬ ‫ﺿ ــﻳﻘﻰ‪ ،‬ﻓﺄﺑـــﺷر ﺑ ــك أﻳﻬـــﺎ اﻟﻘـ ــﺎﺋم ﻷﻫ ــب ﻧــ ً‬

‫واﻟﻣﺗﻌﺑﻳن ﻣﺛﻠﻰ‪ ،‬ﻓﺄﻗوم ﻓﻳك وأﻗﻳﻣﻬم ﻣﻌﻰ ﺑﻘوﺗك‪.‬‬

‫)‪ (2‬القيامة منظر دائم ‪:‬‬ ‫ـدﺛﺎ ﺗﺎرﻳﺧًﻳــﺎ ﻧﻌﱢﻳــد ﻟــﻪ ﻛــﻝ ﺳــﻧﺔ وﻟﻛﻧﻬــﺎ ﻣﻧظـ ًار‬ ‫إن اﻟﻘﻳﺎﻣــﺔ ﻟﻳــﺳت ﺣـ ً‬ ‫ـﻰ ﻛ ــﻝ ﻳ ــوم وﻛ ــﻝ وﻗ ــت‪ .‬ﻫ ــﻰ ﻗ ــوة ﻋﺎﻣﻠ ــﺔ ﻓ ــﻰ ﻛﻳ ــﺎﻧﻰ‬ ‫ﻣ ــﺎﺛﻼً أﻣ ــﺎم ﻋﻳﻧ ـ ّ‬ ‫‪-8-‬‬

‫اﻟــداﺧﻠﻰ ﻻ أﺳــﺗطﻳﻊ أن أﺣﻳــﺎ ﺑــدوﻧﻬﺎ‪ .‬أﻧــﺎ ﻣﺣﺗــﺎج أن أراك ﻳــﺎ ﻣــﺳﻳﺣﻰ‬ ‫اﻟﻘﺎﺋم ﻛﻝ ﺣﻳن ﺣﺗﻰ أﺣﻳﺎ ﺑك وﻓﻳـك وﻷﺟﻠـك‪ ،‬ﻓﺄﻧـت ﻫـو اﻟﺣﻳـﺎة اﻟﺣﻘﻳﻘﻳـﺔ‬ ‫وﻟﻳــﺳت ﻣﺟــرد ﺣﻳــﺎة اﻟطﻌــﺎم واﻟــﺷراب وﻣــﺳﺋوﻟﻳﺎت اﻟﺣﻳــﺎة اﻟﻣﺎدﻳــﺔ اﻟﺗــﻰ‬ ‫اﻧﻐﻣس ﻓﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﻪ‪ ...‬أﻧت ﻫو اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ اﻟﺗـﻰ ﻻ أﺳـﺗطﻳﻊ إﻻ‬ ‫أن أﺣﻳﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺑدون رؤﻳﺗك أﺻﻳر ﻣﻳﺗًـﺎ‪ٕ ،‬واذ أﺗﻣﺗـﻊ ﺑﺣـﻼوة اﻟﺣﻳـﺎة ﻓﻳـك ﻻ‬ ‫أﺧــﺎف ﻣــن اﻟﻣــوت ﻷﻧــﻪ ﻳــدﺧﻠﻧﻰ إﻟــﻰ ﺣﻳــﺎة أﻓــﺿﻝ وﻫــﻰ اﻟﻣﻠﻛــوت‪ ،‬ﻛﻣــﺎ‬ ‫ﻗــﺎﻝ ﺑــوﻟس اﻟرﺳــوﻝ "ﻟــﻰ اﻟﺣﻳــﺎة ﻫــﻰ اﻟﻣــﺳﻳﺢ واﻟﻣــوت ﻫــو رﺑــﺢ" )ﻓــﻰ‪:1‬‬ ‫‪.(21‬‬

‫)‪ (3‬القيامة فى الطقس ‪:‬‬ ‫اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﺣرﻳﺻﺔ أن ﺗﺿﻊ اﻟﻘﻳﺎﻣﺔ أﻣﺎم ﻋﻳﻧﻰ ﻛﻝ ﺣﻳن ﻓﻰ‬ ‫طﻘوﺳﻬﺎ اﻟﺟﻣﻳﻠﺔ ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫اﻟﺧﻣﺎﺳـــﻳن ‪ :‬ﺗﻌّﻳــد اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ ﻟﻌﻳــد اﻟﻘﻳﺎﻣــﺔ‪ ،‬دون ﺳــﺎﺋر اﻷﻋﻳــﺎد‪،‬‬

‫ﺧﻣ ــﺳﻳن ﻳو ًﻣ ــﺎ ﻷﻧ ــﻪ أﻋظﻣﻬ ــﺎ وﺑﻬ ــذا أﺗﻌ ــود اﻟﻧظ ــر إﻟ ــﻰ اﻟﻣ ــﺳﻳﺢ‬ ‫اﻟﻘﺎﺋم واﻟﻔرح ﺑﻪ ﻛﻝ ﻳوم ﻓﺄﺣﻳﺎ ﺑﻬذا اﻹﺣﺳﺎس طواﻝ اﻟﺳﻧﺔ‪.‬‬ ‫‪-9-‬‬

‫ب ‪ 29 -‬ﻣــن ﻛــﻝ ﺷــﻬر ‪ :‬ﺗـ ﱢ‬ ‫ـذﻛرﻧﻰ اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ ﺑﺎﻟﻣــﺳﻳﺢ اﻟﻘــﺎﺋم ﻓــﻰ ﻛــﻝ‬ ‫ﺷ ــﻬر ﻗﺑط ــﻰ ﺑ ــﺎﻟﻳوم اﻟﺗﺎﺳ ــﻊ واﻟﻌ ــﺷرﻳن ﻣﻧ ــﻪ ﻣ ــﻊ أﻋﻳ ــﺎد اﻟﺑ ــﺷﺎرة‬ ‫واﻟﻣــﻳﻼد ﺣﺗــﻰ إن ﻧــﺳﻳت اﻟﻘــﺎﺋم ﻣــن ﺑــﻳن اﻷﻣ ـوات أﻋــود ﻷﻓــرح‬ ‫و ﱢ‬ ‫أﻋﻳد ﻟﻪ‪.‬‬ ‫ح ‪ -‬ﻳــوم اﻷﺣــد ‪ :‬ﺗﺧــﺻص اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ ﻳو ًﻣــﺎ ﻛــﻝ أﺳــﺑوع ﻟﺗؤﻛــد ﻷوﻻدﻫــﺎ‬ ‫أن ﻳرﻓﻌـوا ﻋﻳــوﻧﻬم ﻧﺣــو اﻟﻣــﺳﻳﺢ اﻟﻘــﺎﺋم ﻓــﻰ ﻳــوم اﻷﺣــد اﻟــذى ﻗــﺎم‬ ‫ﻓﻳﻪ اﻟﻣﺳﻳﺢ‪ ،‬ﻓﻳﻛون ﺑرﻛﺔ ﻟﻛﻝ اﻷﺳﺑوع‪.‬‬ ‫ء ‪ -‬ﺻــﻼة ﺑــﺎﻛر ‪ :‬أﺧﻳـ ًار ﺗظﻬــر اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ ﻓﻛرﻫــﺎ اﻟﻛﺎﻣــﻝ ﻧﺣــو اﻟﻣــﺳﻳﺢ‬ ‫اﻟﻘﺎﺋم وﻫﻰ ﺗذﻛرﻩ ﻛﻝ ﻳوم ﺑﻝ ﻛﻝ ﺳﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺗﻌﻠم أوﻻدﻫـﺎ أن ﻳﺑـدأوا‬ ‫ﻳوﻣﻬم ﺑﺗذﻛر اﻟﻘﻳﺎﻣﺔ ﻓﻰ ﺻـﻼة ﺑـﺎﻛر ﻣـن اﻷﺟﺑﻳـﺔ ﻟﻳﻛـون ﻣﻧظـر‬ ‫اﻟﻣﺳﻳﺢ اﻟﻘﺎﺋم ﻫـو ﺑداﻳـﺔ ﻛـﻝ ﺷـﺊ وﻳـﺳﺗﻣر طـواﻝ ﺳـﺎﻋﺎت اﻟﻳـوم‪،‬‬ ‫ﻓﻳﻠـ ﱢـون ﺣﻳــﺎﺗﻬم ﺑﻠــون ﺟدﻳــد ﻳــﺳﻣو ﺑﻬــم إﻟــﻰ ﺣﻳــﺎة روﺣﻳــﺔ ﻋﻣﻳﻘــﺔ‬ ‫ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺣروب إﺑﻠﻳس وﺷرور اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺣﻳطﺔ ﺑﻬم‪.‬‬

‫‪-10-‬‬

‫)‪ (4‬تدريب القيامة ‪:‬‬ ‫إﻟﻳــك ﻫــذا اﻟﺗــدرﻳب اﻟــﺻﻐﻳر اﻟﻘــﺎدر أن ﻳﻐّﻳــر ﺣﻳﺎﺗــك وﻫــو ﺗــذﻛر‬ ‫اﻟﻣﺳﻳﺢ اﻟﻘـﺎﺋم ﻓـﻰ ﺑداﻳـﺔ ﻛـﻝ ﻳـوم ﻟﻣـدة ﺧﻣـس دﻗـﺎﺋق‪ ،‬ﻓ ﱢﻛـر ﻓﻳﻬـﺎ ﻓـﻰ ﻗـوة‬ ‫اﻟﻣﺳﻳﺢ اﻟﻘﺎﺋم وﻋظﻣﺗـﻪ وﺟﻣﺎﻟـﻪ‪ ،‬وﻣـن ﻧﺎﺣﻳـﺔ أﺧـرى ﻓـﻰ أﺛـر ذﻟـك ﻋﻠﻳـك‬ ‫ﻟﺗﺣﻳــﺎ ﺑطرﻳﻘــﺔ ﺟدﻳــدة وﺗﺗﻣﺗــﻊ ﺑﻌــﺷرﺗﻪ وﺗﺣدﺛــﻪ وﺗﺣــﺎورﻩ‪ ،‬ﻟــﻳس ﻓﻘــط ﻓــﻰ‬ ‫اﺣﺗﻳﺎﺟﺎﺗــك اﻟﻣﺎدﻳــﺔ واﻟﻧﻔــﺳﻳﺔ ﺑــﻝ ﺗﻧﺎﺟﻳــﻪ وﺗﺗﺄﻣــﻝ ﺟﻣﺎﻟــﻪ‪ ،‬ﻓﺗــزداد أﺷـواﻗك‬

‫إﻟﻳﻪ‪ ،‬وﻳﻔﻳض ﻋﻠﻳك ﺑﺑرﻛﺎت ﻻ ُ ﱠ‬ ‫ﻳﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ‪.‬‬

‫‪-11-‬‬

‫الباب الثانى‬ ‫شروط رؤية ﷲ‬ ‫‪ -1‬اﻟﻧﻘﺎوة‬ ‫‪ -2‬اﻟﺗﺟرد‬ ‫‪ -3‬اﻹﻳﻣﺎن‬ ‫‪ -4‬اﻹﺗﺿﺎع‬ ‫‪ -5‬ﻣﺣﺑﺔ اﻵﺧرﻳن‬

‫‪-12-‬‬

‫الفصل األول‬ ‫النقــاوة‬ ‫‪ -1‬ما ھى النقاوة ؟‬ ‫ﻳﻌﻠن اﻟﻣـﺳﻳﺢ ﺑوﺿـوح أن اﻟﻣﺗﻣﺗﻌـﻳن ﺑرؤﻳـﺔ اﷲ ﻫـم أﻧﻘﻳـﺎء اﻟﻘﻠـب‬ ‫"طــوﺑﻰ ﻷﻧﻘﻳــﺎء اﻟﻘﻠــب ﻷﻧﻬــم ﻳﻌــﺎﻳﻧون اﷲ" )ﻣــت‪ .(8 :5‬واﻟﻧﻘــﺎوة ﻫــﻰ‬ ‫اﻟﺧﻠــو ﻣــن ﻛــﻝ ﺧطﻳــﺔ واﻟﻣﻳــﻝ ﻟﻣﻌرﻓــﺔ اﷲ وﻣﺣﺑﺗــﻪ‪ ،‬ﻓــﺎﷲ ﺑــﺳﻳط وﻣﺗــﺎح‬ ‫ﻟﻛــﻝ أوﻻدﻩ أن ﻳــروﻩ‪ ،‬ﺑــﻝ ﻫــو ﻳــﺷﺗﺎق أن ﻳظﻬــر ﻧﻔــﺳﻪ ﻟﻬــم ﺑــدﻟﻳﻝ ﺗﺟــﺳدﻩ‬ ‫ٕواظﻬــﺎرﻩ أﻗﺎﻧﻳﻣــﻪ اﻟﺛﻼﺛــﺔ ﻓــﻰ ﻧﻬــر اﻷردن وﻗﻳﺎﻣﺗــﻪ ﻣــن اﻷﻣـوات وظﻬــورﻩ‬

‫ﻟﻣﺣﺑﻳﻪ‪.‬‬

‫‪ -2‬المسيح يطلب نقاوتك ‪:‬‬ ‫ﺗﻘــف اﻟﺧطﻳــﺔ ﺣــﺎﺟ ًاز ﺑــﻳن اﻹﻧــﺳﺎن واﷲ ﻓﺗﺣرﻣــﻪ ﻣــن رؤﻳــﺔ إﻟﻬــﻪ‪،‬‬ ‫ﻟــذا ﻛــﺎن ﻻﺑــد ﻟﻠﻣــﺳﻳﺢ أن ﻳرﻓﻌﻬــﺎ ﻣــن اﻟوﺳــط ﺣﺗــﻰ ﻳظﻬــر ﻧﻔــﺳﻪ ﻷوﻻدﻩ‬ ‫اﻟــﺿﻌﻔﺎء اﻟﻌــﺎﺟزﻳن ﻋــن ﻣﻘﺎوﻣــﺔ اﻟﺧطﻳــﺔ‪ ،‬وﻳﻘــوﻝ اﻟﻘــدﻳس اﻏرﻳﻐورﻳــوس‬ ‫ﻓﻰ ﻗداﺳﻪ )اﻟﺣﺎﺟز اﻟﻣﺗوﺳط ﻧﻘﺿﺗﻪ واﻟﻌداوة اﻟﻘدﻳﻣﺔ ﻫدﻣﺗﻬﺎ(‪.‬‬

‫‪ -3‬التوبة طريق النقاوة ‪:‬‬ ‫‪-13-‬‬

‫إن اﻟﺧطﻳــﺔ ﺗــﺷﻐﻠﻧﻰ ﺑﻠﱠــذﺗﻬﺎ وﺗــوﻫﻣﻧﻰ أن ﻫــذﻩ ﻫــﻰ اﻟــﺳﻌﺎدة‪ ،‬ﻓــﻼ‬

‫أﻋود أطﻠب اﷲ ﻣﺻدر اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ وﺗﺻﺑﺢ اﻟﺧطﻳﺔ ﱠﺑﻠذﺗﻬﺎ ﺣـﺎﺟ ًاز‬ ‫ﻣﺎﻧ ًﻌ ــﺎ ﺑﻳﻧ ــﻰ وﺑ ــﻳن اﷲ‪ ،‬وﻟﻛ ــن ﻟ ـ ﱠـذة اﻟﺧطﻳـ ـﺔ ﻣؤﻗﺗ ــﺔ وﺳ ــرﻋﺎن ﻣ ــﺎ ﺗﻧﺗﻬ ــﻰ‬ ‫ﻓﺄﺷﻌر ﺑﺎﻟﺿﻳق وأﺟرى ﻧﺣوﻫﺎ ﺛﺎﻧﻳﺔ ﻷﺗﻠذذ ﺑﻬﺎ وأرﻓﻊ ﻣن ﻧﻔـﺳﻰ اﻟـﺿﻳق‬

‫ـﻰ‪ ،‬ﻛﻣــن ﻳــﺳرع إﻟــﻰ اﻟﺧﻣــر ﻟﻳﻧــﺳﻰ ﻣﺗﺎﻋﺑــﻪ‪ ...‬وﻫﻛــذا أﺿـ ّـﻝ‬ ‫اﻟﻛــﺎﻣن ﻓـ ّ‬ ‫ﻧﻔــﺳﻰ ﺑﻧﻔــﺳﻰ‪ .‬وﺣﺗــﻰ ﻓــﻰ ﻋﻣــق اﻟﻠــذة ﻻ ﻳﻔــﺎرﻗﻧﻰ اﻹﺿــطراب اﻟــداﺧﻠﻰ‬ ‫ﻷن اﻟﺧطﻳـ ــﺔ ﻗـ ــد ﺣرﻣﺗﻧـ ــﻰ ﻣـ ــن اﻟـ ــﺳﻼم وﻫـ ــدوء اﻟﻘﻠـ ــب‪ .‬وﻋﻧـ ــدﻣﺎ أﻋﺗ ـ ـﺎد‬ ‫ـﻰ‪ ،‬ﻳﺣ ــﺎرﺑﻧﻰ اﻟﻳ ــﺄس ﻣ ــن إﻣﻛﺎﻧﻳ ــﺔ اﻟﺧ ــروج ﻣﻧﻬ ــﺎ‪،‬‬ ‫اﻟﺧطﻳ ــﺔ وﺗ ــﺳﻳطر ﻋﻠ ـ ّ‬ ‫وﺣﺗــﻰ ﻟــو ﺳــﻣﻌت ﻋــن اﷲ وآﻣﻧــت ﺑﻌظﻣــﺔ اﻟﺣﻳــﺎة ﻣﻌــﻪ أﺷــﻌر أن ﻫــذا‬ ‫اﻟﻛﻼم ﻟﻳس ﻟﻰ ﻷﻧﻰ ﻋﺎﺟز ﺗﺣت ﺳﻠطﺎن اﻟﺧطﻳﺔ‪.‬‬ ‫ﻟ ــذا طرﻳﻘ ــﻰ إﻟ ــﻰ رؤﻳﺗ ــك ﻳ ــﺎ اﷲ ﻫ ــو اﻟﺗوﺑ ــﺔ ﺣﺗ ــﻰ أﻏﺗ ــﺳﻝ ﻣ ــن‬ ‫ﺧطﺎﻳــﺎى وأﺗﻧﻘــﻰ ﻣﻧﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﺎﺳــﻧدﻧﻰ ﺣﺗــﻰ ﻻ أﺗﻬــﺎون ﻣــﻊ اﻟﺧطﻳــﺔ أو أﻳــﺄس‬ ‫ﻣــن ﺗﻛرارﻫــﺎ أو ﺻــﻌوﺑﺔ اﻟظــروف اﻟﻣﺣﻳطــﺔ ﺑــﻰ اﻟﺗــﻰ ﺗﺟــذﺑﻧﻰ إﻟﻳﻬــﺎ‪...‬‬ ‫أﻋﻧﻰ ﺣﺗﻰ أﺗﻌود اﻟﻧﻘﺎوة ﻓﺄﺿـﻳق ﻣـن اﻟﺧطﻳـﺔ وأﺗﻧـﺎﻓر ﻣﻌﻬـﺎ وأﺳـرع إﻟـﻰ‬ ‫ى اﻹﻋﺗـراف واﻟﺗﻧـﺎوﻝ أﺳـﺗﻌﻳد ﻧﻘـﺎوﺗﻰ وﺗﺗﺟ ﱠـدد ﻣـﺷﺎﻋرى‬ ‫اﻟﺗوﺑﺔ‪ ،‬وﻓـﻰ ﺳـر ّ‬ ‫‪-14-‬‬

‫ـﺗﻳﺎﻗﺎ ﻟرؤﻳﺗـك‬ ‫ﻧﺣوك‪ .‬وﺑﻌد أن أﺗﻧﻘﻰ ﻣن اﻟﺧطﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺑﻧﻰ ﻣﻳﻼً ﻧﺣـوك واﺷ ً‬ ‫ﻷﻧﻰ أرﻳدك وأﻧت ﺗﻔرح ﺑﻣن ﻳطﻠﺑوﻧك وﺗظﻬر ذاﺗك ﻟﻬم‪.‬‬

‫‪ -4‬بركات النقاوة ‪:‬‬ ‫إن ﻧﻘــﺎوة ﻗﻠﺑــﻰ ﺗﻔــﺗﺢ اﻟطرﻳــق أﻣﺎﻣــك ﻳــﺎ رﺑــﻰ ﻟﺗظﻬــر ﻓــﻰ ﺣﻳــﺎﺗﻰ‪،‬‬ ‫ﻓﺗﺣ ــدﺛﻧﻰ ﻣ ــن ﺧ ــﻼﻝ ﻛ ــﻝ اﻟﻣﺣﻳط ــﻳن ﺑ ــﻰ وﺑﺎﻷﺣ ــداث اﻟﺗ ــﻰ ﺗﻣ ــر ﺑ ــﻰ‪،‬‬ ‫ﻓﻳﺗﻌﻠــق ﻗﻠﺑــﻰ ﺑــك وﺗــزداد ﻛراﻫﻳﺗــﻰ ﻟﻠﺧطﻳــﺔ اﻟﺗــﻰ ﻳﻌرﺿــﻬﺎ إﺑﻠــﻳس أﻣــﺎﻣﻰ‬ ‫ﻓﻰ ﻛﻝ ﺣﻳن‪ ،‬وﻫﻛذا ﺗﺻﻳر اﻟﻧﻘﺎوة ﺣﻳﺎﺗﻰ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻰ ﻓرؤﻳﺗك ﻫﻰ ﱠﻟذﺗﻰ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻳـﺎ رﺑـﻰ أن‬ ‫إﻟﻰ ﺳﻼﻣﻰ وﻫدوء ﻗﻠﺑﻰ ﻓﻳﺳﻬﻝ ّ‬ ‫إن اﻟﻧﻘﺎوة ﺗﻌﻳد ّ‬ ‫أراك‪ ،‬إذ ﺗﺧﻔت أﺻوات اﻟﻌﺎﻟم وﺷﻬواﺗﻪ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬ ‫إرﺗــﺑط ﻫــذا اﻟــﺷﺎب ﺑﺎﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ وأﺣـ ﱠ‬ ‫ـب اﻟــﺻﻼة واﻟﺗﺄﻣــﻝ ﻓــﻰ اﻟﻛﺗــﺎب‬ ‫ـداوﻣﺎ ﻋﻠــﻰ‬ ‫اﻟﻣﻘــدس‪ ،‬ﻓﻌــﺎش ﺣﻳــﺎة ﻫﺎدﺋــﺔ ﺗﻣﺗــﻊ ﻓﻳﻬــﺎ ﺑرؤﻳــﺔ اﷲ‪ ،‬وﻛــﺎن ﻣـ ً‬ ‫ـﺿﺎ ﻳﺣـﺎوﻝ‬ ‫ﻗراءة اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻘدس ﻛﻝ ﻳوم واﻟﺗﺄﻣﻝ ﻓـﻰ آﻳﺎﺗـﻪ‪ ،‬ﺑـﻝ ﻛـﺎن أﻳ ً‬ ‫ﺗطﺑﻳﻘﻬﺎ ﻓﻰ ﺣﻳﺎﺗﻪ طواﻝ اﻟﻳوم‪ ،‬ﻓﺷﻌر ﺑﻣﻌﺎﻣﻼت اﷲ اﻟﻛﺛﻳرة ﻣﻌﻪ‪.‬‬

‫أﻳﺿﺎ اﻟﺧدﻣﺔ ﻓﻰ ﺑﻌض ﺧدﻣﺎت ﺻﻐﻳرة‪ ،‬ﻓﺄﺣﺑﻬﺎ واﺷـﺗﺎق أن‬ ‫ﺑدأ ً‬ ‫اﻋﺗرﻓــﻪ‬ ‫ا‬ ‫ﻳﻌـرف اﻟﻛــﻝ طرﻳــق اﷲ‪ .‬وﻓـﻰ أﺣــد ﺟﻠــﺳﺎت اﻹﻋﺗـراف أﻋﻠــم أب‬ ‫‪-15-‬‬

‫أﻧــﻪ ﺗﻌـ ﱠـرف ﻋﻠــﻰ ﻓﺗــﺎة ﻣــﺳﻳﺣﻳﺔ ﺑﻌﻳــدة ﻋــن اﷲ ﺟﻣﻌﺗــﻪ اﻟظــروف ﻣﻌﻬــﺎ‬ ‫وﺿﺎق ﻣن اﻧﺷﻐﺎﻟﻬﺎ ﻋن اﷲ واﺑﺗﻌﺎدﻫﺎ ﻋن اﻟﻛﻧﻳـﺳﺔ واﺷـﺗﺎق أن ﻳﺣ ّـدﺛﻬﺎ‬ ‫ﻋن اﷲ ﻟﻳﺟذﺑﻬﺎ إﻟﻳﻪ‪.‬‬

‫ﻣدح أب اﻋﺗراﻓﻪ ﻣﺣﺑﺗﻪ واﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺧﻼص اﻟﻧﻔوس‪ ،‬وﻟﻛﻧﻪ ﺣذرﻩ‬ ‫ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺧدﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻰ ﺗﺣﺗـﺎج إﻟـﻰ ﺧﺎدﻣـﺔ ﺗﻬـﺗم ﺑﻬـﺎ وﻟـﻳس اﻟﻣﻧﺎﺳـب أن‬ ‫ﻳﻬ ــﺗم ﺷ ــﺎب ﺑﺧدﻣ ــﺔ أى ﻓﺗ ــﺎة روﺣًﻳ ــﺎ وﻳﺗﻌﻬ ــدﻫﺎ ﺑﺎﻹرﺷ ــﺎد اﻟروﺣ ــﻰ ﻟ ــﺋﻼ‬ ‫ﻳﺟرﺑﻪ إﺑﻠﻳس وﻳﻌﺛرﻩ وﻛذﻟك ﻳﻌﺛرﻫﺎ‪.‬‬ ‫ﻟــم ﻳﻘﺗﻧــﻊ اﻟــﺷﺎب ﺑﻛــﻼم أب اﻋﺗ ارﻓــﻪ واﻷﻛﺛــر ﻣــن ﻫــذا أﻧــﻪ ﺑﻌــد‬ ‫اﻧــﺻراﻓﻪ ﻣــن ﻋﻧــدﻩ اﺗﻬﻣــﻪ ﻓــﻰ ﻗﻠﺑــﻪ أﻧــﻪ ﻻ ﻳــﺷﻌر ﺑﻬــذﻩ اﻟﻔﺗــﺎة اﻟﻣــﺳﻛﻳﻧﺔ‬ ‫وﻗﻠﺑﻪ ﻟﻳس ﺣﺎ ًار ﻓﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻧﻔوس اﻟﺑﻌﻳدة ﻋن اﷲ‪ ،‬وﻟذا ﻓﻘـد ﺷـﻌر‬ ‫أﻧﻪ ﻣن اﻟواﺟب ﻋﻠﻳﻪ أن ﻳﺑﺣث ﻋـن ﻫـذﻩ اﻟﻔﺗـﺎة وﻳﺣـدﺛﻬﺎ ﻋـن اﷲ وﻳﻬـﺗم‬ ‫ﺑﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻳﺟﻳﺎ‬ ‫ﺑــدأت ﺑﻌــض اﻹﺗــﺻﺎﻻت ﺑﻳﻧــﻪ وﺑــﻳن ﻫــذﻩ اﻟﻔﺗــﺎة إزدادت ﺗــدر ً‬ ‫وﻫــو ﻳﺣــﺎوﻝ ﻣــن ﺧﻼﻟﻬــﺎ أن ﻳﺣــدﺛﻬﺎ ﻋــن اﻟﻣــﺳﻳﺢ واﻟرﺟــوع إﻟﻳــﻪ‪ ،‬وﺑــدأ‬ ‫ﻣﻌﺎ ﻛﻝ ﻳوم‪.‬‬ ‫ﺑﻌض اﻟﻣﻳﻝ اﻟﻌﺎطﻔﻰ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻌودا ﻋﻠﻰ اﻟﺣدﻳث ً‬ ‫‪-16-‬‬

‫ﻳﺟﻳﺎ وﺗﺣوﻟ ـ ــت ﻣ ـ ــن‬ ‫ﺗط ـ ــور اﻷﻣ ـ ــر إﻟ ـ ــﻰ ﻣﻘ ـ ــﺎﺑﻼت إزدادت ﺗ ـ ــدر ً‬ ‫ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻓﻰ أﻣـﺎﻛن ﻋﺎﻣـﺔ إﻟـﻰ ﻣﻘـﺎﺑﻼت ﻓـﻰ اﻟﺑﻳـت‪ ،‬وﺻـﺎرﺣﺎ ﺑﻌـﺿﻬﻣﺎ‬ ‫ﺑﺎﻟﺣب‪ ،‬وﺑدأ اﻹﺛﻧﺎن ﱢ‬ ‫ﻳﻌﺑران ﻋن ﻣﺣﺑﺗﻬﻣﺎ ﺑـﺷﻛﻝ ﻣـﺎدى اﻧﺗﻬـﻰ ﺑﺎﻟـﺳﻘوط‬ ‫ﻓﻰ اﻟزﻧﺎ‪.‬‬ ‫اﺳﺗﻐرق ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﺗرة طوﻳﻠﺔ ﻻﺣظ ﻓﻳﻬﺎ أب اﻋﺗ ارﻓـﻪ ﺗﻐﻳﺑـﻪ‬ ‫ـﺿﺎ أﺻ ــدﻗﺎؤﻩ ﺗﻐﻳ ــر ﻓ ــﻰ ﺳ ــﻠوﻛﻪ وﺗﺑﺎﻋ ــدﻩ ﻋ ــن اﻟﻛﻧﻳ ــﺳﺔ‬ ‫ﻋﻧ ــﻪ وﻻﺣ ــظ أﻳ ـ ً‬ ‫واﻟﺧدﻣﺔ‪ ،‬وﺣﺎوﻟوا إرﺟﺎﻋﻪ إﻟﻳﻬﺎ ﻓﻔﺷﻠوا‪.‬‬ ‫أﺧﺑــروا أب اﻋﺗ ارﻓــﻪ ﺑﻣــﺷﺎﻋرﻫم وطﻠﺑ ـوا ﻣﻧــﻪ اﻹﺗــﺻﺎﻝ ﺑﺎﻟــﺷﺎب‪،‬‬ ‫ﻓﺎﺗــﺻﻝ ﺑــﻪ ﻋــدة ﻣ ـرات وﻟﻛﻧــﻪ ﻛــﺎن ﻳﺗﻬــرب ﻣﻧــﻪ أو ﻳﻌــدﻩ ﺑﺎﻟﺣــﺿور وﻻ‬ ‫ﻳﻔﻰ‪.‬‬ ‫ﺧﻣـ ــدت اﻟﻣـ ــﺷﺎﻋر اﻟروﺣﻳـ ــﺔ داﺧـ ــﻝ ﻫـ ــذا اﻟـ ــﺷﺎب واﻧﻔـ ــﺻﻝ ﻋـ ــن‬ ‫ﺻ ـﻠواﺗﻪ وﻗراءاﺗــﻪ‪ ،‬ﻓﻠــم ﻳﻌــد ﻳطﻠــب اﷲ واﺳــﺗﻣر ﻓــﻰ ﻋﻼﻗﺗــﻪ ﺑﻬــذﻩ اﻟﻔﺗــﺎة‬ ‫واﻟﺳﻘوط ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻰ اﻟﺧطﻳﺔ‪.‬‬ ‫ﺟﺎﻟﺳﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻓـﻰ اﻟﺑﻳـت‪ ،‬ﺟﺎءﻫـﺎ ﺗﻠﻳﻔـون‬ ‫ﻓﻰ أﺣد اﻷﻳﺎم ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻛﺎن‬ ‫ً‬ ‫ﻓـ ــدﺧﻠت ﻓـ ــﻰ ﺣﺟ ـ ـرة ﻣﺟـ ــﺎورة وﻛﺎﻧـ ــت ﺗـ ــﺗﻛﻠم ﺑـ ــﺻوت ﻣـ ــﻧﺧﻔض وﻟﻛـ ــن‬ ‫‪-17-‬‬

‫اﺳﺗطﺎع ﻫذا اﻟـﺷﺎب أن ﻳـﺳﻣﻊ ﻣـﺎ ﺗﻘوﻟـﻪ ﻓﻛـﺎن وﻗﻌـﻪ ﻋﻠﻳـﻪ ﻛﺎﻟـﺻﺎﻋﻘﺔ‪..‬‬ ‫ﻟﻘـ ــد ﺳـ ــﻣﻌﻬﺎ ﺗﺗﺣـ ــدث ﻣـ ــﻊ ﺷـ ــﺧص وﺗﺧﺑ ـ ـرﻩ أﻧﻬـ ــﺎ اﺳـ ــﺗطﺎﻋت أن ﺗـ ــﺳﻘط‬ ‫"اﻟزﺑون" ﻓﻰ اﻟﻣﺻﻳدة‪.‬‬ ‫أﻓﺎق ﻫذا اﻟﺷﺎب ﻛﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻰ ٍ‬ ‫ﻧوم ﻋﻣﻳق واﻧﺗﺑﻪ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﺧـدوع‬ ‫وﺳــﻘط ﻓــﻰ أﻳــدى ﺷــﺑﻛﺔ ﻟﻠــﺷر‪ ،‬وﻋﻧــدﻣﺎ ﻋــﺎد إﻟــﻰ ﺑﻳﺗــﻪ أﺧــذ ﻳﺑﻛــﻰ ﻓﺗ ـرة‬ ‫طوﻳﻠــﺔ ووﻗــف أﻣــﺎم اﷲ ﻣﺗــذﻛ ًار ﺣﻳﺎﺗــﻪ اﻷوﻟــﻰ وﻓــﻰ ﺧﺟــﻝ رﻓــﻊ ﺻــوﺗﻪ‬

‫وطﻠب ﻣن اﷲ أن ﻳﺳﻣﺢ وﻳﻘﺑﻠﻪ ﺛﺎﻧﻳﺔ ﺑﻌد ﻛﻝ ﻫذا اﻟدﻧس‪.‬‬

‫أﺳــرع إﻟــﻰ أب اﻋﺗ ارﻓــﻪ اﻟــذى أﻫﻣﻠــﻪ ﻣــدة طوﻳﻠــﺔ وأﻋﻠــن ﺑﺎﺗــﺿﺎع‬ ‫ﺷــدﻳد ﺧطﻳﺗ ــﻪ اﻷوﻟ ــﻰ وﻫ ــﻰ اﻟﻛﺑرﻳ ــﺎء اﻟﺗ ــﻰ ﺟﻌﻠﺗ ــﻪ ﻳﻧزﻟ ــق ﻓ ــﻰ اﻟﻧﺟﺎﺳ ــﺔ‬ ‫وﻳــرﻓض رؤﻳــﺔ اﷲ ﻓــﻰ ﺣﻳﺎﺗــﻪ‪ ،‬وﻟﻛــن اﷲ اﻟــرﺣﻳم ﻣـ ﱠـد ﻳــدﻩ إﻟﻳــﻪ وأﻧﻘــذﻩ ﻓــﻰ‬ ‫اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب‪.‬‬ ‫ﺷ ــﺟﻌﻪ أب اﻋﺗ ارﻓ ــﻪ وﺑ ــدأ ﻣ ــن ﺟدﻳ ــد ﺣﻳﺎﺗ ــﻪ ﻣ ــﻊ اﷲ وﻋ ــﺎد إﻟ ــﻰ‬ ‫اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ ﺛــم إﻟــﻰ اﻟﺧدﻣــﺔ وﺻــﺎرت ﺟﻠــﺳﺎﺗﻪ ﻟﻠﻘ ـراءة واﻟﺗﺄﻣــﻝ أﻛﺛــر ﻋﻣﻘًــﺎ‪،‬‬ ‫ﻓــﺎﺧﺗﺑر رؤﻳــﺔ اﷲ أﻛﺛــر ﻣــن ذى ﻗﺑــﻝ إذ ﺷــﻌر ﺑﻌظﻣــﺔ اﻟﻧﻌﻣــﺔ اﻟﺗــﻰ ﻳﺣﻳــﺎ‬

‫ﻓﻳﻬﺎ‪ ،‬وزاد اﺣﺗراﺳﻪ ﻣن اﻟﺧطﻳﺔ وﺧﺿوﻋﻪ ﻟﻠﻛﻧﻳﺳﺔ وﻷﺑﻳﻪ اﻟروﺣﻰ‪.‬‬ ‫‪-18-‬‬

‫الفصل الثانى‬ ‫التجــرد‬ ‫‪ -1‬خداع الماديات ‪:‬‬ ‫إن اﻧﺗﺑـ ــﻪ اﻹﻧـ ــﺳﺎن إﻟـ ــﻰ ﺣﻔـ ــظ وﺻـ ــﺎﻳﺎ اﷲ‪ ،‬ﺳﻳﻛﺗـ ــﺷف اﻟﺧطﻳـ ــﺔ‬ ‫ﺑ ــﺳﻬوﻟﺔ ﺣﺗ ــﻰ أﻧ ــﻪ إن ﺳ ــﻘط ﻓﻳﻬ ــﺎ ﻳﻣﻛﻧ ــﻪ اﻟرﺟ ــوع ﺑ ــﺳﻬوﻟﺔ ﻓﻳﻧﻘ ــﻰ ﻗﻠﺑ ــﻪ‪،‬‬ ‫وﺣﻳﻧﺋذ ﻟن ﻳﺣﺎرﺑﻪ اﻟﺷﻳطﺎن ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻝ ﺳـﻳﺣﺎوﻝ إﺑﻌـﺎدﻩ ﻋـن اﷲ ﺑطرﻳﻘـﺔ‬ ‫ﻏﻳر ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻳﺷﻐﻠﻪ ﺑﺎﻟﻣﺎدﻳﺎت وذﻟك ﻋن طرﻳق ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ﻣطﺎﻟـــــب اﻟﻌﻣـــــﻝ ‪ :‬وﺿ ـ ــرورة إﺗﻘﺎﻧ ـ ــﻪ واﺳـ ـ ـﺗﻛﻣﺎﻟﻪ ﺳـ ـ ـواء اﻟﻌﻣ ـ ــﻝ‬ ‫اﻟﺧﺎرﺟﻰ أو ﻣﺳﺋوﻟﻳﺎت اﻟﻣﻧزﻝ وﺗرﺑﻳﺔ اﻷﺑﻧﺎء‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إزدﻳـــﺎد أﻋﺑـــﺎء اﻟﺣﻳـــﺎة ‪ :‬ﻓﻳﺣﺗ ــﺎج اﻹﻧ ــﺳﺎن ﻟوﻗ ــت أﻛﺑ ــر ﻟﻳﻌﻣ ــﻝ‬ ‫أﻋﻣـ ــﺎﻻً أﻛﺛـ ــر ﺣﺗـ ــﻰ ﻳـ ــوﻓر طﻠﺑﺎﺗـ ــﻪ اﻟﻣﺎدﻳـ ــﺔ اﻟﺗـ ــﻰ ﻳـ ــﺷﻌر أﻧﻬـ ــﺎ‬

‫ﺿرورﻳﺔ وﻛﻝ ﻣن ﺣوﻟﻪ ﻳﺳﻌون ﻓﻳﻬﺎ‪.‬‬

‫ح ‪ -‬رﻓﻊ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻌﻳﺷﺔ ‪ :‬أى ﺗﺣﺳﻳن ﺣﺎﻟﺗﻪ ﻟﻳﺗﻣﺗﻊ أﻛﺛر ﺑﺎﻟﺣﻳﺎة‬ ‫ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻘﺗﻧﻳﺎت واﻟﺗﺳﻠﻳﺎت واﻟذﻫﺎب إﻟﻰ أﻣﺎﻛن ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫‪-19-‬‬

‫ء ‪ -‬اﻟﺗﺄﺛر ﺑطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺣﻳطﻳن ‪ :‬وﻣﺣﺎوﻟﺔ إرﺿﺎﺋﻬم وﻻ ﻳﻛﻔﻰ اﻟوﻗت‬ ‫ﻹﻳﻔﺎء ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳطﻠﺑون‪ ،‬وﻫﻛذا ﻳﺟد اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ ﻣﺷﻐوﻻً ﺑﻝ‬

‫وﻗﺗﺎ‬ ‫ﻳﺋن ﻣن اﻹرﻫﺎق اﻟﺟﺳدى واﻟﻧﻔﺳﻰ وﻻ ﻳﺟد ﻓﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ً‬ ‫ﻟﺣﻳﺎﺗﻪ اﻟروﺣﻳﺔ‪ .‬وﺑﻬذا ﻳﻛون اﻟﺷﻳطﺎن ﻗد أﺑﻌدﻩ ﺑﺳﻬوﻟﺔ ﻋن اﷲ‬ ‫دون أن ﻳﻌﻠﻧﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﻷﻧﻪ ﺳﻳرﻓض ذﻟك إذ أﻧﻪ ﻳﺣب اﷲ‬ ‫واﺧﺗﺑر رؤﻳﺗﻪ ﻓﻰ ﺣﻳﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫‪ -2‬سيطرة الماديات ‪:‬‬ ‫ﻋﻧــدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠــق اﻹﻧــﺳﺎن ﺑﺎﻟﻣﺎدﻳــﺎت ﻻ ﻳــﺷﻌر إﻻ ﺑﺎﻹﺣﺗﻳــﺎج إﻟﻳﻬــﺎ‬ ‫ﻓﺗﻛــون ﻫــﻰ ﺷــﻐﻠﻪ اﻟــﺷﺎﻏﻝ‪ ،‬ﻓﻳطﻠﺑﻬــﺎ داﺋ ًﻣــﺎ ﻣــن اﷲ ﻓــﻰ ﺻــﻠواﺗﻪ‪ .‬وﻫﻛــذا‬ ‫ﻳﺗﺣوﻝ اﷲ إﻟﻰ ﻣﺟرد ﱢ‬ ‫ﻣﺣﻘق ﻟطﻠﺑﺎﺗﻪ وﻻ ﻳﻔﻛـر ﻓـﻰ ﻣﺣﺑﺗـﻪ اﻟﺷﺧـﺻﻳﺔ ﷲ‬ ‫وﺗﻣﺗﻌﻪ ﺑﺎﻟوﺟود ﻣﻌﻪ‪.‬‬ ‫ٕواذا ﻟم ﻳﺳﺗﺟب اﷲ ﻟﺑﻌض طﻠﺑﺎﺗﻪ أو ﺗﺄﺧر ﻓﻰ اﻹﺳﺗﺟﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻟﻌﻠـﻪ‬ ‫ﻳﻧﺗﺑــﻪ إﻟــﻰ ﻣــﺎ ﻫــو أﻫــم أى ﻣﺣﺑــﺔ اﷲ ﻧﻔــﺳﻪ‪ ،‬ﻳﺗــﺿﺎﻳق وﻳﺗــذﻣر ﻋﻠــﻰ اﷲ‬ ‫ﺑــﻝ ﻳﺗﻬﻣــﻪ ﺑﺎﻟﻘــﺳوة وﻋــدم اﻹﺣــﺳﺎس ﺑــﻪ‪ ،‬وﻷن ﻗﻠﺑــﻪ أﺻــﺑﺢ ﻗﺎﺳـ ًـﻳﺎ ﻳﺣﻛــم‬ ‫ـﺿﺎ ﻏﻳــر ﻣﻧﺗﺑــﻪ إﻟــﻰ أن اﻟﻘــﺳوة ﻗــد‬ ‫ﻋﻠــﻰ ﻏﻳ ـرﻩ ﺑﺎﻟﻘــﺳوة ﺑــﻝ ﻋﻠــﻰ اﷲ أﻳـ ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻏطت ﻧﻔﺳﻪ ﻻﻧﻐﻣﺎﺳﻪ ﻓﻰ اﻟطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺎدﻳﺔ واﺑﺗﻌﺎدﻩ ﻋن رؤﻳﺔ اﷲ‪.‬‬ ‫‪-20-‬‬

‫‪ -3‬العــالج‬ ‫ﻫ ــو اﻹﻧﺗﺑ ــﺎﻩ ﻟﺧط ــورة ﺗ ــﺄﺛﻳر اﻟﻣﺎدﻳ ــﺎت واﻟﻌواط ــف اﻟﺑ ــﺷرﻳﺔ اﻟﺗ ــﻰ‬ ‫ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن اﷲ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﺣﻳﺎ ﺑـدون‬ ‫ﻳﻣﻛن أن ﺗﺑﻌد اﻹﻧﺳﺎن ً‬ ‫اﻟﻣﺎدﻳﺎت واﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻵﺧرﻳن ﻷﻧﻪ ﻣﺎزاﻝ ﻳﺣﻳﺎ ﻓﻰ اﻟﺟﺳد‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ‬ ‫إﻟﻰ أن ﻛﻠﻬﺎ أﻣور ﻣﺑﺎرﻛﺔ ﻗد ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻟﻪ اﷲ ﻟﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻛﻳف ﻳﻧﺟـو ﻣـن‬ ‫ﻫذا اﻟﻔﺦ ؟‬ ‫أ‪-‬‬

‫اﻟﺗﻧــــﺎزﻝ ﻋــــن ﺑﻌــــﺿﻬﺎ ‪ :‬ﻓ ــﻼ ﻳﺄﺧ ــذ اﻹﻧ ــﺳﺎن ﻛ ــﻝ ﻣ ــﺎ ﻳرﻳ ــدﻩ أو‬ ‫ﻳﺷﺗﻬﻳﻪ ﺑدﻋوى أﻧﻬﺎ أﻣور ﺻـﺎﻟﺣﺔ‪ ،‬ﻷﻧـﻪ إذا دﻟﱠـﻝ ﻧﻔـﺳﻪ وأﻋطﺎﻫـﺎ‬ ‫ﻛﻝ ﻣﺎ ﺗرﻳدﻩ ﺳﺗﺿﻌف ﺑﻌد ذﻟك‪.‬‬ ‫ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻌرض اﻟﺷﻳطﺎن ﻋﻠﻳك ﺑﺿﺎﻋﺗﻪ ﻓﻠـك اﻟﻘـدرة أن ﺗرﻓـﺿﻬﺎ‪،‬‬ ‫وﻟﻛـ ــن إن ارﺗﺑطـ ــت ﺑﻬـ ــﺎ ﻳـ ــﺻﻌب ﻋﻠﻳـ ــك ﺑﻌـ ــد ذﻟـ ــك أن ﺗﺗرﻛﻬـ ــﺎ‬

‫وﺗﺣﺗﺎج ﻟﺟﻬـﺎد‪ ،‬ﻓﻠﻣـﺎذا ﺗﻘﱢﻳـد ﻧﻔـﺳك ﺑـﺳﻼﺳﻝ ﺛـم ﺗﺣـﺎوﻝ أن ﺗﻔﻛﻬـﺎ‬ ‫؟!‬ ‫ﻻ ﺗﺣــﺎوﻝ أن ﺗﻌطــﻰ ﻧﻔــﺳك ﻛــﻝ ﻣــﺎ ﺗــﺷﺗﻬﻳﻪ‪ٕ ،‬وان ﻟــم ﺗــﺳﺗطﻊ أن‬ ‫ـﻳﺋﺎ واﺣـ ًـدا‪ .‬وﻫﻧــﺎ ﺗﻘــدم ﻟــك اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ‬ ‫ﺗﺗــرك اﻟﻛﺛﻳــر‪ ،‬ﻓــﺎﺗرك وﻟــو ﺷـ ً‬ ‫‪-21-‬‬

‫اﻟـ ـ ــﺻوم ﻛوﺳـ ـ ــﻳﻠﺔ ﻗوﻳـ ـ ــﺔ ﻟـ ـ ــﺿﺑط ﺷـ ـ ــﻬواﺗك واﻻﺣﺗﻔـ ـ ــﺎظ ﺑﺣرﻳﺗـ ـ ــك‬ ‫ﻛﺈﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻓﺗﺳﺗطﻳﻊ ﺣﻳﻧﺋذ أن ﺗرى اﷲ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻳﻘﺗــﺻر ﻫــذا اﻟﺗﻧــﺎزﻝ ﻋــن اﻟﻣﺎدﻳــﺎت ﻓــﻰ ﻓﺗـرة اﻟــﺻوم ﻓﻘــط ﺑــﻝ‬ ‫ﻳﻣﺗد إﻟﻰ اﻟﺳﻧﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗرﺿﻰ ﻧﻔﺳك ﺑﺈﻋطﺎﺋﻬﺎ ﻛﻝ ﻣﺎ ﺗرﻳد‪.‬‬ ‫ـﻰ‬ ‫ب ‪ -‬ﻛــﻝ ﺷــﺊ ﺑﻣﻘــدار ‪" :‬ﻛــﻝ اﻷﺷــﻳﺎء ﺗﺣـ ّـﻝ ﻟــﻰ ﻟﻛــن ﻻ ﻳﺗــﺳﻠط ﻋﻠـ ّ‬ ‫ﺷﺊ" )‪1‬ﻛو‪ (12 :6‬وﻟﻛﻰ ﻣﺎ ﻳﺣﺗﻔظ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺣرﻳﺗﻪ ﻳﻠزﻣﻪ ﻟﻳس‬ ‫ـﺿﺎ أن‬ ‫ﻓﻘ ــط أن ﻳﺗ ــرك ﺑﻌ ــض اﻟﻣﺎدﻳ ــﺎت وﻟ ــو إﻟ ــﻰ ﺣ ــﻳن ﺑ ــﻝ أﻳ ـ ً‬ ‫ﻳــﺳﺗﺧدم ﻛــﻝ ﺷــﺊ ﺑﻣﻘــدار‪ ،‬ﻓــﻼ ﻳﺗﻌﻠــق ﻗﻠﺑــﻪ ﺑــﺷﻬوة اﻟطﻌــﺎم ﻓﻳﺄﻛــﻝ‬ ‫ﺷﻳﺋﺎ ﺑﻌـد ذﻟـك ﻣـن ﻛﺛـرة اﻣﺗﻼﺋـﻪ‪،‬‬ ‫ﻟدرﺟﺔ أن ﻻ ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﺄﻛﻝ ً‬ ‫أو ﻳﻧــﺷﻐﻝ ﺑﻣظﻬ ـرﻩ ﻛﻣــﺎ ﻳﺣﻠــو ﻟــﻪ‪ .‬ﻓﻛــﻝ ﺷــﺊ ﺻــﺎﻟﺢ ﻣــن ﻳــد اﷲ‬ ‫وأﻣﺎﻣــﻪ إذا اﺳــﺗﺧدم ﺑﻣﻘــدار ﻷﺟــﻝ اﻟــﺿرورة وﻟــﻳس ﻣﺟــﺎراةً ﻟﻣــن‬ ‫ﺣوﻟ ـ ــﻪ أو ﺗﻌﻠﻘً ـ ــﺎ ﺑﻬ ـ ــذا اﻷﻣ ـ ــر‪ .‬وﻳ ـ ــزداد اﻹﻗ ـ ــﻼﻝ ﻣ ـ ــن اﺳ ـ ــﺗﺧدام‬

‫ﻳﺟﻳﺎ ﻛﻠﻣــﺎ أﻓــﺳﺢ اﻹﻧــﺳﺎن ﻣﻛﺎًﻧــﺎ ﻟﻧﻔــﺳﻪ ﺣﺗــﻰ ﻳــرى‬ ‫اﻟﻣﺎدﻳــﺎت ﺗــدر ً‬ ‫اﷲ‪ ،‬وﺑﻬــذا ﺗﻘــﻝ ﺳــﻳطرة اﻟﻣﺎدﻳــﺎت ﻋﻠــﻰ اﻹﻧــﺳﺎن ﻣــﻊ ﻧﻣــو ﻣﺣﺑﺗــﻪ‬ ‫ٕواﺣﺳﺎﺳﻪ ﺑﺎﷲ‪.‬‬

‫‪-22-‬‬

‫ج ‪ -‬اﻟﻣﺎدﻳﺎت ﻋطﻳﺔ ﻣن اﷲ ‪ :‬ﻳـرى اﻹﻧـﺳﺎن أن ﻛـﻝ ﺷـﺊ ﻣـﺎدى ﻫـو‬ ‫ﻧﻌﻣﺔ ﻣن اﷲ وﻫﺑﻬﺎ ﻟﻪ ﻟﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ وﻫذا ﻳﻐﻳر ﻣذاق ﻛﻝ ﺷﺊ ﺑـﻳن‬ ‫ﻳدﻳــﻪ ﻓﻳــزداد ﺟﻣــﺎﻝ اﻷﺷــﻳﺎء اﻟﻣﺎدﻳــﺔ ﻟــﻳس ﻓــﻰ ﺣــد ذاﺗﻬــﺎ وﻟﻛــن‬ ‫ﻷﻧﻬـﺎ ﻣـن اﷲ‪ ،‬ﻓﻳﻘــﻝ ﺗـﺄﺛرﻩ ﺑـﺷﻬوﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدﻳــﺔ وﻳـﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳــﺿﺑط‬ ‫ﻧﻔﺳﻪ ﻣن ﺟﻬﺗﻬـﺎ ﻓﺗﻧﻣـو ﺳـﻌﺎدﺗﻪ وﺗﻣﺗﻌـﻪ ﺑﻌـﺷرة اﷲ ﻛـﻝ ﻳـوم ﻷﻧـﻪ‬ ‫ﻳﻬﺑــﻪ ﻫــذﻩ اﻟﻣﺎدﻳــﺎت‪ ،‬ﻛﻣــﺎ ﻳﻘــوﻝ ﺑــوﻟس اﻟرﺳــوﻝ "اﷲ اﻟﺣــﻰ اﻟــذى‬ ‫ﻳﻣﻧﺣﻧﺎ ﻛﻝ ﺷﺊ ﺑﻐﻧﻰ ﻟﻠﺗﻣﺗﻊ" )‪1‬ﺗﻰ‪.(17 :6‬‬ ‫ﻣﺣﺑﺎ ﻟﻠﻛﻧﻳﺳﺔ‪ ،‬ﻓـﺎرﺗﺑط ﺑـﺻﻠواﺗﻬﺎ‬ ‫ﻋﺎش ﻫذا اﻟﺗﺎﺟر ﻣﻊ اﷲ وﻛﺎن ً‬ ‫وﺗﻣﺗــﻊ ﺑﺄﺳ ـرارﻫﺎ اﻟﻣﻘدﺳــﺔ‪ ،‬ﺑــﻝ أﻋطــﺎﻩ اﷲ ﻧﻌﻣــﺔ أن ﻳــﺷﺎرك ﻓــﻰ ﺑﻌــض‬ ‫اﻟﺧ ــدﻣﺎت وﻋ ــﺎش ﺣﻳ ــﺎة ﻫﺎدﺋ ــﺔ ﻣ ــﻊ زوﺟﺗ ــﻪ وأوﻻدﻩ‪ ،‬وﻛ ــﺎن إﻳـ ـرادﻩ ﻳﻛﻔﻳ ــﻪ‬ ‫داﺋﻣﺎ‪.‬‬ ‫وﻳﻔﻳض ﻓﺷﻌر ﺑﺑرﻛﺔ اﷲ ﻓﻰ ﺑﻳﺗﻪ وﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺷﻛر اﷲ ً‬

‫ﻋرض ﻋﻠﻳﻪ ﺑﻌض ﻣﻌﺎرﻓﻪ اﻹﺷـﺗراك ﻓـﻰ ﻣـﺷروع ﻛﺑﻳـر ﻟﻳﺣـﺻﻝ‬

‫ﻋﻠــﻰ إﻳ ـراد أﻛﺑــر وﻳرﻓــﻊ ﻣــﺳﺗوى ﻣﻌﻳــﺷﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺑــدأت ﻣﺣﺑــﺔ اﻟﻣــﺎﻝ ﺗــداﻋب‬ ‫ـﻧﻳﻧﺎ‬ ‫أﻓﻛﺎرﻩ وﻟﻛﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺣﺗﺎ ًار ﺑﻳن اﻹﻛﺗﻔﺎء ﺑﺣﻳﺎﺗﻪ اﻟﻬﺎدﺋﺔ اﻟﺗﻰ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﺳ ً‬ ‫طوﻳﻠﺔ‪ ،‬وﺑﻳن اﻷطﻣﺎع اﻟﺟدﻳدة وﻣﺎ ﺗﺣﻘﻘﻪ ﻣن ﻣﻛﺎﺳب ﻟﻪ وﻷﺳرﺗﻪ‪.‬‬

‫‪-23-‬‬

‫ﻋ ــرض اﻟﻣ ــﺷروع ﻋﻠ ــﻰ زوﺟﺗ ــﻪ اﻟﺗ ــﻰ ﻟ ــم ﺗ ــﺷﻌر ﺑ ارﺣ ــﺔ وطﻠﺑ ــت‬ ‫ﻓرﺻ ــﺔ ﻟﺗ ــﺻﻠﻰ وﺑﻌ ــد ﻫ ــذﻩ اﻟﻔﺗـ ـرة ﻗﺎﻟ ــت ﻟ ــﻪ "ﻟﻳﺗﻧ ــﺎ ﻻ ﻧ ــﺷﺗرك ﻓ ــﻰ ﻫ ــذا‬ ‫اﻟﻣـ ــﺷروع ﻷﻧﻧـ ــﺎ ﻻ ﻧﻌ ـ ــرف ﻫـ ــؤﻻء اﻟﻧـ ــﺎس وﺗﺟﺎرﺗ ـ ــك ﺗﻛﻔﻳﻧ ـ ــﺎ وﺗﻔ ـ ــﻳض"‪.‬‬ ‫وﺣﺎوﻟت أن ﺗﺗﻔﺎﻫم ﻣﻌﻪ ﻟﻳﻌﻳـﺷوا ﺑﺎﻟﻘﻧﺎﻋـﺔ ﻷﻧﻬـﺎ ﺷـﻌرت أن ﻣﺣﺑـﺔ اﻟﻣـﺎﻝ‬ ‫ﺗﻐ ـ ــرى زوﺟﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬وﻟﻛ ـ ــن ﻣ ـ ــﻊ ﺿ ـ ــﻐط ٕواﻏـ ـ ـراءات ﻣﻌﺎرﻓ ـ ــﻪ ﻟـ ـ ــﻪ‪ ،‬واﻧﺑﻬ ـ ــﺎرﻩ‬

‫ﺑﺎﻟﻣﻛﺎﺳــب اﻟﻣﺎدﻳــﺔ اﻟﺗــﻰ ﻳﻣﻛــن أن ﻳﺣﻘﻘﻬــﺎ ﺧــﺿﻊ ﻟﻬــم وواﻓــق ﻣﺗﺟــﺎﻫﻼً‬ ‫ﻧﺻﺎﺋﺢ زوﺟﺗﻪ‪.‬‬

‫ﻛﺎن ﻣﻌﺎرﻓﻪ أﻏﻧﻰ ﻣﻧﻪ ﻣﻣﺎ أﻋطﺎﻫم ﻗوة ﻓﻰ وﺿﻊ ﺷروطﻬم ﻓـﻰ‬ ‫اﻹﺗﻔــﺎق‪ ،‬وﻷﺟــﻝ ﺗﻌﻠﻘــﻪ ﺑﺗﺣﻘﻳــق اﻟﻣﻛﺎﺳــب اﻟﻣﺎدﻳــﺔ اﻷﻛﺑــر واﻓــق ﻣطﻣﺋًﻧــﺎ‬ ‫اﺛﻘﺎ ﻓﻳﻬم‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻣﺣﺑﺗﻬم و ً‬

‫ﺑدأ اﻟﻣﺷروع وأﻫﻣﻝ ﻫذا اﻟﺗﺎﺟر ﺗﺟﺎرﺗـﻪ اﻷوﻟـﻰ‪ ،‬وأﺛﻧـﺎء اﻟﻣـﺷروع‬

‫ﻗﺎﺑــﻝ ﺑﻌــض اﻟﻌﺛ ـرات ﻓــﻰ اﻟﺗﻧﻔﻳــذ واﺳــﺗﻐﻝ ﻣﻌﺎرﻓــﻪ ﻫــذا إذ ﺟﻌﻠــوﻩ ﻣــﺳﺋوﻻً‬ ‫ﻋــن أى ﺧــﺳﺎرة واﺿــطر إﻟــﻰ ﻛﺗﺎﺑــﺔ ﺷــﻳﻛﺎت ﻋﻠــﻰ ﻧﻔــﺳﻪ وأﻗﻧﻌــوﻩ أﻧﻬــﺎ‬ ‫ﻣﺟرد أوراق ﻟﺣﻔظ ﺣﻘوﻗﻬم‪.‬‬

‫ﻳﺟﻳﺎ‪ ،‬وأﺛﻧـ ــﺎء ذﻟـ ــك ﺿـ ــﻌﻔت ﺣﻳﺎﺗ ـ ــﻪ‬ ‫ﺳـ ــﺎءت ﺣﺎﻟﺗـ ــﻪ اﻟﻣﺎﻟﻳـ ــﺔ ﺗ ـ ــدر ً‬ ‫اﻟروﺣﻳــﺔ وﻋﻼﻗﺗــﻪ ﺑﺎﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ وﻟــم ﻳﻌــد ﻳــﺷﻌر ﺑﺑرﻛــﺔ اﷲ‪ ،‬ﺑــﻝ أن ﻣﻳﻠــﻪ إﻟــﻰ‬ ‫‪-24-‬‬

‫رؤﻳـ ــﺔ اﷲ ﻣ ـ ــن ﺧ ـ ــﻼﻝ ﺻ ـ ــﻠواﺗﻪ واﻟﻘداﺳـ ــﺎت ﺿ ـ ــﻌﻔت ﺟ ـ ـ ًـدا ﺑ ـ ــﻝ ﻛ ـ ــﺎدت‬ ‫ﺗﺗﻼﺷﻰ‪.‬‬ ‫ﻋﻧدﻣﺎ إزداد ﺳوء ﺣﺎﻟـﺔ اﻟﻣـﺷروع طﺎﻟﺑـﻪ ﺷـرﻛﺎؤﻩ ﺑﺗـﺳدﻳد ﻣـﺎ ﻋﻠﻳـﻪ‬ ‫ورأى ﺻ ــورة ﻣﺧﺗﻠﻔ ــﺔ ﺗﻣﺎ ًﻣ ــﺎ ﻋ ــن ﻣﺣﺑ ــﺗﻬم اﻷوﻟ ــﻰ‪ ،‬وازدادت اﻟﺗﻬدﻳ ــدات‬ ‫ﺑﺎﻟدﻓﻊ أو اﻟﺣﺑس‪ ،‬ﻓﺎﺿطر أن ﻳﺑﻳﻊ ﻛـﻝ ﻣـﺎ ﻋﻧـدﻩ ﻟﻳ ﱢ‬ ‫ـﺳدد ﻣـﺎ ﻋﻠﻳـﻪ ﺣﺗـﻰ‬ ‫أﺻــﺑﺢ ﻓﻘﻳ ـ ًار ﺟـ ًـدا وﻟــم ﻳــﺳﺗطﻊ أن ﻳــداﻓﻊ ﻋــن ﻧﻔــﺳﻪ رﻏــم اﻟظﻠــم اﻟــﺷدﻳد‬ ‫اﻟواﻗـﻊ ﻋﻠﻳــﻪ‪ ،‬ﻷﻧـﻪ ﻗــد وﻗﱠــﻊ ﻋﻠـﻰ ﺷــﻳﻛﺎت دون ﺗـدﻗﻳق وﺣــﺳﺎب ﻟﻠﻣــﺳﺗﻘﺑﻝ‬ ‫وﺑﺛﻘﺔ زاﺋدة ﻓﻰ ﺷرﻛﺎﺋﻪ‪.‬‬ ‫ﺑﻬــذﻩ اﻟــﺿﻳﻘﺔ اﻟــﺷدﻳدة ﺑــدأ ﻳرﺟــﻊ إﻟــﻰ اﷲ وﺗﻌﺎﻟــت اﻟــﺻﻠوات ﻣﻧــﻪ‬ ‫وﻣـ ــن أﺳ ـ ـرﺗﻪ طـ ــﺎﻟﺑﻳن ﻣﻌوﻧـ ــﺔ اﷲ‪ .‬وﻋـ ــﺎد إﻟـ ــﻰ اﻟﻛﻧﻳـ ــﺳﺔ ووﻗـ ــف ﻳـ ــﺻﻠﻰ‬ ‫ﻟ ــﺳﺎﻋﺎت طوﻳﻠ ــﺔ واﻟ ــدﻣوع ﺗﻧﻬﻣ ــر ﻣ ــن ﻋﻳﻧﻳ ــﻪ واﻧﺗﺑ ــﻪ إﻟ ــﻰ ﺧطﻳﺗ ــﻪ وﻫ ــﻰ‬ ‫ﻣﺣﺑﺔ اﻟﻣﺎﻝ‪ ،‬وﻧدم ﻋﻠـﻰ ﻋـدم اﻛﺗﻔﺎﺋـﻪ ﺑﻣـواردﻩ اﻟﻣﺎﻟﻳـﺔ اﻟـﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﺑـﻝ وﻧـدم‬ ‫ﺑــﺎﻷﻛﺛر ﻋﻠــﻰ ﺗرﻛــﻪ ﻟﻠﻣــﺳﻳﺢ واﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ ﺣﻳﻧﻣــﺎ ﻛــﺎن ﻳﺗﻣﺗــﻊ ﺑــﺳﻼم ﻋﺟﻳــب‬ ‫وﻳد اﷲ اﻟﺗﻰ ﺗﺳﻧدﻩ ﻓﻰ ﻛﻝ ﻳوم‪.‬‬ ‫ﻳﺟﻳﺎ ﻓــﻰ ﻗﻠﺑــﻪ‬ ‫رﻏــم اﺳــﺗﻣرار اﻟــﺿﻳﻘﺔ ﻟﻛــن ﺑــدأ اﻟــﺳﻼم ﻳــدﺧﻝ ﺗــدر ً‬ ‫ﻫو وأﺳرﺗﻪ‪ ،‬وﺑﻌد ﻓﺷﻝ ﻛﻝ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻔﺎﻫم ﻣـﻊ ﺷـرﻛﺎﺋﻪ اﻟـذﻳن ﻳﻌﻠﻣـون‬ ‫‪-25-‬‬

‫ﺟﻳـ ًـدا أﻧــﻪ ﻣظﻠــوم اﺿــطر ﻟﻠﻬــرب ﺧــﺎرج ﻣ ـﺻر ﻫــو وأﺳ ـرﺗﻪ ﻟﻳﺑــدأ ﺣﻳــﺎة‬ ‫ﺟدﻳــدة‪ ،‬ورﻏــم ﻣﻌﺎﻧــﺎﺗﻬم ﻣــن ﺿــﻌف اﻟﻣ ـوارد اﻟﻣﺎدﻳــﺔ ﻟﻛــﻧﻬم ﻋﺎﺷ ـوا ﻓــﻰ‬ ‫ﺳ ــﻼم ﻣ ــﻊ اﷲ وارﺗﺑطـ ـوا ﺑﺎﻟ ــﺻﻠوات ﻓ ــﻰ اﻟﺑﻳ ــت واﻟﻛﻧﻳ ــﺳﺔ‪ ،‬ﺷ ــﺎﻛرﻳن اﷲ‬ ‫وراﻓﺿﻳن اﻟطﻣوﺣﺎت اﻟﻣﺎدﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺗﻣﺗﻌﻳن ﺑﻣﺣﺑﺗﻪ ورﻋﺎﻳﺗﻪ اﻟﺗﻰ ﺗﺣوطﻬم‪.‬‬

‫‪-26-‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫اإليمــان‬ ‫)‪ (1‬دافع لرؤيتك ‪:‬‬ ‫ـﺿﺎ أﻧــك ﺗﺣﺑﻧــﻰ ﻟــذا ﻓﺄﻧــﺎ أﺣﺑــك‬ ‫أﻧــﺎ أؤﻣ ـن أﻧــك ﻣوﺟــود وأؤﻣــن أﻳـ ً‬ ‫وأﺷ ــﺗﺎق أن ﺗظﻬ ــر ﻧﻔ ــﺳك ﻟ ــﻰ‪ ،‬أﻧ ــت وﻫﺑﺗﻧ ــﻰ أن أﻛ ــون اﺑًﻧ ــﺎ ﻟ ــك وﻓ ــﻰ‬ ‫ﻟﺗﻌرﻓﻧﻰ ﺣﺑك‪ ،‬ﻟذا أﺗﻘـدم ﻧﺣـوك‬ ‫ﺣﻧﺎﻧك اﻷﺑوى ﺗرﻳد أن ﺗظﻬر ﻧﻔﺳك ﻟﻰ ﱢ‬

‫طﺎﻟﺑﺎ أن أراك ﻷن رؤﻳﺗك ﻫﻰ اﻟﺗﻣﺗﻊ اﻟﺣﻘﻳﻘﻰ ﺑﺎﻟﺣﻳـﺎة وﻫـﻰ‬ ‫ﺑداﻟﺔ اﻟﺑﻧوة ً‬ ‫ﻟــذة اﻟــدﻧﻳﺎ اﻟﺗــﻰ ﺗــﺻﻐر أﻣﺎﻣﻬــﺎ ﻛــﻝ اﻟﻠــذات اﻟﻣﺎدﻳــﺔ اﻟوﻗﺗﻳــﺔ ﺑــﻝ ﺗﺗﻼﺷــﻰ‬ ‫ﺗﻣﺎﻣﺎ‪.‬‬ ‫ً‬

‫أﻧــﺎ أؤﻣــن أﻧــك ﻣوﺟــود ﻓــﻰ ﻛــﻝ ﻣﻛــﺎن وﻓــﻰ ﻛﻧﻳــﺳﺗك وﺣــوﻟﻰ ﺑــﻝ‬

‫وﻓــﻰ داﺧﻠــﻰ‪ ،‬ﻓﻛﻳــف ﺗﺣرﻣﻧــﻰ ﻣــن رؤﻳﺗــك وأﻧــت ﺗﺣﺑﻧــﻰ ﻟدرﺟــﺔ ﺗﻧﺎزﻟــك‬ ‫ﻓﻰ ؟‬ ‫وﻗﺑوﻟك أن ﺗﺳﻛن ّ‬ ‫ـﻰ وﻳﻧ ــزع اﻟﻌواﺋ ــق اﻟﺗ ــﻰ‬ ‫إن إﻳﻣ ــﺎﻧﻰ ﻳﺟﻌﻠﻧ ــﻰ ﻣ ـ ً‬ ‫ـﺷﺗﺎﻗﺎ ﻟ ــﺳﻛﻧﺎك ﻓ ـ ّ‬ ‫ﻳﻣﻛن أن ﺗﻌطﻠﻧﻰ ﻋن رؤﻳﺎك‪ ،‬ﻓﺎظﻬر ﻟﻰ ﻧﻔﺳك ﺑﺄى ﺷﻛﻝ وﻟو ﺻـﻐﻳر‬ ‫ـﻳﺋﺎ واﺣـ ًـدا إﻧــﻰ أرﻳــدك‬ ‫ﻷﻓــرح ﺑــك‪ ...‬أﻧــﺎ ﺻــﻐﻳر وﻟﻛﻧــﻰ ﻻ أﻋــرف إﻻ ﺷـ ً‬ ‫‪-27-‬‬

‫ـﻰ وﺗظﻬ ــر ﻧﻔ ــﺳك ﻟ ــﻰ ﺑﺎﻟ ــﺷﻛﻝ اﻟ ــذى‬ ‫وأﻧ ــﺎ أﺛ ــق أﻧ ــك ﻗ ــﺎدر أن ﺗﺣﻧ ــو ﻋﻠ ـ ّ‬ ‫ﻳﻧﺎﺳﺑﻧﻰ ﻷﻓرح ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻰ اﻟﻘدﻳﺳﻳن واﻟﺳﻣﺎﺋﻳﻳن رﻏـم ﻗـﺎﻣﺗﻰ اﻟـﺻﻐﻳرة ﺟ ًـدا‬ ‫ـﻰ اﻟـداﺧﻠﻳﺗﻳن ﻓـﺄراك واﺿ ًـﺣﺎ وﺗﺣﻳـﺎ‬ ‫وأؤﻣن أن ﺣﺑك ﻳﺣﺗﺿﻧﻰ وﻳﻧﻳـر ﻋﻳﻧ ّ‬ ‫ﻓﻰ‪.‬‬ ‫ﻧﻔﺳﻰ ّ‬

‫)‪ (2‬العقل ‪:‬‬ ‫إن ﻋﻘﻠﻰ ﻳﺣﺎوﻝ ﺗﻌطﻳﻠـﻰ ﻋـن رؤﻳـﺎك وﻳـدﻋوﻧﻰ أن أﻓﻬـم ﻛـﻝ ﻣـﺎ‬ ‫ﻓﻰ اﻟﻌﺎﻟم‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻘﻝ ﻫو ﻧﻌﻣـﺔ ﻣـن اﷲ أﻋطﺎﻫـﺎ ﻟـﻰ ﻷﺳـﺗﺧدﻣﻪ ﻓـﻰ ﻣﻌرﻓـﺔ‬

‫ﻛــﻝ ﻣــﺎ ﺣــوﻟﻰ وأﻓﻬــم أﻧــك ﻳــﺎ إﻟﻬــﻰ ﻗــد ﺧﻠﻘــت ﻛــﻝ ﺷــﺊ ﱠ‬ ‫ودﺑرﺗــﻪ ﻷﺟﻠــﻰ‪،‬‬ ‫ﻓﺄﺣﺑك وأﺷﺗﺎق أﻛﺛر إﻟﻳك وﻓﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻳﺳﻳر ﻋﻘﻠﻰ ﻣﻊ إﻳﻣﺎﻧﻰ‪.‬‬

‫وﻟﻛــن ﻋﻘﻠــﻰ ﻳﺗطــﺎوﻝ ﻓﻳرﻳــد أن ﻳــﺳﺗوﻋب ﻛــﻝ ﻣــﺎ ﻓــﻰ اﻟﻌــﺎﻟم ﺑــﻝ‬ ‫ـﺿﺎ ﻳــﺎ إﻟﻬــﻰ‪ ،‬ﻓﻳظﻬــر ﻋﺟ ـزﻩ‪ ،‬وﺑــدﻻً ﻣــن أن‬ ‫ﻳرﻳــد أن ﻳــﺳﺗوﻋﺑك أﻧــت أﻳـ ً‬ ‫ﻳﻌﺗرف ﺑﺿﻌﻔﻪ‪ ،‬ﻳﺗﺷﻛك ﻓﻳك أو ﻳرﻓﺿك‪ ،‬ﻓﻳﺗدﺧﻝ إﻳﻣﺎﻧﻰ ﻟﻳﺷﻛر ﻋﻘﻠـﻰ‬ ‫ﻋﻠــﻰ ﻛــﻝ اﻫﺗﻣﺎﻣــﻪ اﻟــﺳﺎﺑق وﻟﻛــن ﻳﻌﻠــن ﻟ ــﻪ أﻧــﻪ ﻣﺣــدود وﻻ ﻳــﺳﺗطﻳﻊ أن‬ ‫ﻳﺳﺗوﻋب اﷲ ﻏﻳر اﻟﻣﺣدود‪ ،‬ﻓﺈن اﺳـﺗوﻋب اﷲ ﻣﺛـﻝ ﺑـﺎﻗﻰ اﻟﻣﺧﻠوﻗـﺎت ﻻ‬ ‫ـدودا ﻣﺛــﻝ ﺑــﺎﻗﻰ ﺧﻼﺋﻘــﻪ‪ ،‬أى أن اﷲ ﻻﺑــد أن‬ ‫ﻳﻛــون ﻫــو اﷲ ﺑــﻝ ﺷـ ً‬ ‫ـﻳﺋﺎ ﻣﺣـ ً‬ ‫ﻳﻛــون ﻏﻳــر ﻣﺣــدود وﻳﻌﻠــو ﻓــوق إﻣﻛﺎﻧﻳــﺎت اﻟﻌﻘــﻝ‪ ،‬وﻫﻧــﺎ ﻳﺗــدﺧﻝ اﻹﻳﻣــﺎن‬ ‫‪-28-‬‬

‫ﻟﻳﻛﻣﻝ اﻟﻣـﺳﻳرة ﻟﻔﻬـم اﷲ ورؤﻳﺗـﻪ ﺑﻌـد أن ﺗوﻗـف اﻟﻌﻘـﻝ ﻋـن اﺳـﺗﻳﻌﺎب اﷲ‬ ‫داﺧﻠــﻪ‪ .‬أى أن اﻟﻌﻘــﻝ واﻹﻳﻣــﺎن ﻳــﺳﻳران ﻓــﻰ اﻟﻣرﺣﻠــﺔ اﻷوﻟــﻰ ﻣ ًﻌــﺎ وﻟﻛــن‬ ‫ﻓـ ــﻰ اﻟﻣرﺣﻠـ ــﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳـ ــﺔ‪ ،‬أى إدراك اﻷﻣـ ــور اﻟروﺣﻳـ ــﺔ اﻟﻌﺎﻟﻳـ ــﺔ ﻣﺛـ ــﻝ ﻋـ ــدم‬ ‫ﻣﺣدودﻳـ ــﺔ اﷲ أو أﺳ ـ ـرار اﻟﻛﻧﻳـ ــﺳﺔ أو ﻋﻣـ ــﻝ اﻟـ ــروح اﻟﻘـ ــدس ﻓـ ــﻰ داﺧـ ــﻝ‬ ‫اﻹﻧــﺳﺎن‪ ،‬ﻓﻬــذﻩ وأﻣﺛﺎﻟﻬــﺎ ﻳــدرﻛﻬﺎ اﻹﻳﻣــﺎن وﺣــدﻩ واﻟﻌﻘــﻝ ﻻ ﻳــﺳﺗوﻋب إﻻ‬ ‫اﻟﻘﻠﻳﻝ ﻋﻧﻬﺎ‪ .‬وﻓﻰ ﻫـذﻩ اﻟﻣرﺣﻠـﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳـﺔ ﺗـزداد أﺷـواﻗﻰ إﻟﻳـك ﻋﻧـدﻣﺎ أدرك‬ ‫ﺑﺈﻳﻣــﺎﻧﻰ ﺑﻌــض أﻋﻣﺎﻟــك اﻟروﺣﻳــﺔ ﻣﻌــﻰ‪ ،‬ﻓﺄطﻠــب أن ﺗظﻬــر ﻧﻔــﺳك أﻛﺛــر‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺑﻣراﺣﻣك ﻓﺄﺗﻣﺗﻊ ﺑرؤﻳﺎك‪.‬‬ ‫ﻟﻰ‪ٕ ،‬واذ ﺗرى أﺷواﻗﻰ ﻧﺣوك ﺗﻔﻳض ّ‬ ‫ٕوان ﺣــﺎوﻝ ﻋﻘﻠــﻰ ﺗــﺷﻛﻳﻛﻰ ﻓــﻰ أﻋﻣﺎﻟــك اﻟﺗــﻰ ﺗظﻬــرك ﻟــﻰ ﺑﺄﻧﻬــﺎ‬

‫ﻣﺟــرد ﺻــدﻓﺔ ﻓــﺈن إﻳﻣــﺎﻧﻰ ﻟــن ﻳرﺿــﻰ وﺳــﻳرﻓض ﻫــذﻩ اﻷﻓﻛــﺎر اﻟــﺳﺧﻳﻔﺔ‬ ‫ﻷﻧــﻰ أرﻳــدك وﻣﺗﻣــﺳك ﺑــك‪ ،‬وﻫﻛــذا أﺳــﺗﺧدم ﻋﻘﻠــﻰ وﻟﻛــن ﻻ ﻳﻛــون اﻟﻘــوة‬

‫ﻋﻠﻰ ﺑﻝ إﻳﻣﺎﻧﻰ ﻫو اﻟذى ﻳﻘود ﺣﻳﺎﺗﻰ وﻳـﺳﺗوﻋب ﻋﻘﻠـﻰ‬ ‫اﻟﻌﻠﻳﺎ اﻟﻣﺳﻳطرة ّ‬ ‫داﺧﻠﻪ ﻓﺄراك ﺑﺈﻳﻣﺎﻧﻰ وداﺧﻠﻪ ﻋﻘﻠﻰ‪.‬‬ ‫أى ﻳﺗواﻓــق إﻳﻣــﺎﻧﻰ ﻣــﻊ ﻋﻘﻠــﻰ وﻳــﺳﺗوﻋﺑﻪ ﻓــﻰ اﻟﻣرﺣﻠــﺔ اﻷوﻟــﻰ ﺛــم‬ ‫ﻳﺗﻌداﻩ ﻓﻰ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ وﻳﺳﻳر اﻹﻳﻣﺎن وﺣدﻩ واﻟﻌﻘـﻝ ﻳـﺷﺎﻫد ﻣـن ﺑﻌﻳـد‬ ‫وﻳﻔرح ﺑﻣﺎ أﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫‪-29-‬‬

‫)‪ (3‬اإليمان أفضل من العيان ‪:‬‬ ‫ـدى وﻟﻛﻧــﻰ ﻻ أﺳــﺗطﻳﻊ أن‬ ‫ـﻰ وأﻟﻣــﺳﻪ ﺑﻳـ ّ‬ ‫إﻧــﻰ أرى ﻛــﻝ ﺷــﺊ ﺑﻌﻳﻧـ ّ‬ ‫أﺣــﺻر ﺣﻳــﺎﺗﻰ ﻓــﻰ ﻫــذﻩ اﻟﻣﺎدﻳــﺎت‪ ،‬ﻓﺄﻧــﺎ ﻟــﺳت ﻣﺟــرد ﺟــﺳد ﺣﻳ ـواﻧﻰ ﺑــﻝ‬ ‫أرﻗﻰ ﻣن ﺟﻣﻳﻊ اﻟﺣﻳواﻧـﺎت ‪ ...‬إن ﻓـﻰ داﺧﻠـﻰ رو ًﺣـﺎ ﺗـؤﻣن ﺑـك وﺗطﻠﺑـك‬ ‫وﺗرﻳد أن ﺗراك ﺑﺄى طرﻳﻘﺔ ﻓﻼﺑد أن ﺗﺷﺑﻊ روﺣـﻰ اﻟظﻣﺂﻧـﺔ إﻟﻳـك‪ ،‬ﺑـﻝ إن‬ ‫ـﺿﺎ ﻫــو ﻫﻳﻛــﻝ ﻟروﺣــك اﻟﻘــدوس‪ ،‬ﻓﺑﻛــﻝ ﻛﻳــﺎﻧﻰ أرﻳــدك وأؤﻣــن‬ ‫ﺟــﺳدى أﻳـ ً‬ ‫ﺑك‪.‬‬ ‫وﻋﻧ ـ ـ ــدﻣﺎ أرى اﻟﻣﺎدﻳ ـ ـ ــﺎت ﺣ ـ ـ ــوﻟﻰ ﻻ أﻛﺗﻔ ـ ـ ــﻰ ﺑ ـ ـ ــﺎﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﻣﻧظرﻫ ـ ـ ــﺎ‬ ‫اﻟﻣﺣﺳوس وﻟﻛن أراك أﻧت اﻟﺧﺎﻟق ﻟﻛﻝ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدﻳﺎت وأﺷﻌر أﻧـك ﺗـدﺑر‬ ‫اﻟﻛــون ﻛﻠــﻪ ﻷﺟﻠــﻰ‪ ،‬ﻓﺄﻧــت اﻟﻣﺧﺗﻔــﻰ وراء ﻛــﻝ اﻟﻣﺧﻠوﻗــﺎت ﻷﻧــك ﺧﺎﻟﻘﻬــﺎ‬ ‫ﻛﻣــﺎ ﻳﻘــوﻝ ﻣﻌﻠﻣﻧــﺎ ﺑــوﻟس اﻟرﺳــوﻝ "ﻷن أﻣــورﻩ ﻏﻳــر اﻟﻣﻧظــورة ﺗــرى ﻣﻧــذ‬ ‫ﺧﻠــق اﻟﻌــﺎﻟم ﻣدرﻛــﺔ ﺑﺎﻟﻣــﺻﻧوﻋﺎت ﻗدرﺗــﻪ اﻟــﺳرﻣدﻳﺔ وﻻﻫوﺗــﻪ" )رو‪:1‬‬ ‫‪ ،(20‬ﻓﻳطﻣـ ــﺋن ﻗﻠﺑـ ــﻰ إذ أراك ﺗﺣـ ــوطﻧﻰ ﻣـ ــن ﻛـ ــﻝ ﺟﺎﻧـ ــب ﺑﻳـ ــدك اﻟﺗـ ــﻰ‬ ‫ﺻـﻧﻌت ﻛــﻝ ﻫــذﻩ اﻟﻣﺧﻠوﻗــﺎت ﻷﺟــﻝ ﻣﻧﻔﻌﺗــﻰ‪ ،‬وﻫﻛــذا ﻳــﺷﺗرك إﻳﻣــﺎﻧﻰ ﻣــﻊ‬ ‫ﻋﻳﻧﻰ ﻓﻰ رؤﻳﺔ ﻛﻝ ﺷﺊ ﺣوﻟﻰ ﻓﻳزداد ﺗﻣﺗﻌﻰ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟذى ﺧﻠﻘﺗﻧﻰ ﻓﻳﻪ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-30-‬‬

‫وﻋﻧدﻣﺎ أراك أﺷﻌر ﺑﺈﻧﺳﺎﻧﻳﺗﻰ ﺑـﻝ وﺑﺑﻧـوﺗﻰ وأﻋـﺎﻳن اﻟﻣﻠﻛـوت وأﻧـﺎ‬ ‫ﻣﺎزﻟت ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬ﻟذا ﻓﺈن اﻹﻳﻣﺎن أﻓﺿﻝ ﻣن اﻟﻌﻳﺎن‪.‬‬ ‫أﻧــﺎ أؤﻣــن ﺑــك ﻗﺑــﻝ أن ﺗــﺳﺗﺟﻳب ﻟطﻠﺑــﺎﺗﻰ وأﺷــﻌر ﺑوﺟــودك ﻣﻌــﻰ‬ ‫ﺣﺗــﻰ ﻟــو ﻟــم ﺗﻌطﻧــﻰ ﻣــﺎ طﻠﺑﺗــﻪ ﻣــن ﻣﺎدﻳــﺎت ‪ ...‬إن إﻳﻣــﺎﻧﻰ ﻫــو اﻟوﺳــﻳﻠﺔ‬ ‫ﺣﻧوﻧﺎ ﺗﻌﺗﻧﻰ ﺑـﻰ وﺗﻌطﻳﻧـﻰ‬ ‫اﻟﻘوﻳﺔ اﻟﺗﻰ ﺗﺗﻌدى ﺣدود اﻟﻣﺎدﻳﺎت ﻓﺄراك ًأﺑﺎ ً‬ ‫ﻣ ــﺎ ﻳﻧﺎﺳ ــﺑﻧﻰ وﺗﻣﻧ ــﻊ ﻋﻧ ــﻰ ﻣ ــﺎ ﻳ ــﺿرﻧﻰ‪ .‬أﻧ ــﺎ أؤﻣ ــن ﺑﺄﺑوﺗ ــك وأﻓ ــرح أﻧ ــك‬ ‫داﺋﻣﺎ‪.‬‬ ‫ﺑﺟوارى ً‬

‫وﻫﻛـ ــذا أﻧﺗﻘـ ــﻝ ﻣـ ــن ﻣﺟـ ــرد اﻟﺗﻌﺎﻣـ ــﻝ ﻣـ ــﻊ اﻟﻣﺧﻠوﻗـ ــﺎت ﻋﻠـ ــﻰ أﻧﻬـ ــﺎ‬

‫ﻣﺎدﻳﺎت إﻟﻰ رؤﻳﺗك ﻳـﺎ اﷲ ﻓﻳﻬـﺎ ﻓـﺄؤﻣن ﺑـك ﺣﺗـﻰ ﻟـو ﻟـم ﺗﻌطﻧـﻰ ﻣﺎدﻳـﺎت‬ ‫وأﺣﻳﺎ ﺑﺎﻹﻳﻣﺎن وﻟﻳس ﺑﺎﻟﻌﻳﺎن‪.‬‬

‫)‪ (4‬رغم الظروف ‪:‬‬ ‫ـﻰ اﻟظـروف ﻓـﺈن إﻳﻣـﺎﻧﻰ‬ ‫ﺣﻳﻧﻣﺎ ﺗﺣـﻳط ﺑـﻰ اﻟـﺿﻳﻘﺎت وﺗـﺿﻐط ﻋﻠ ّ‬ ‫ﺑك ﻟن ﻳﻬﺗـز ﻷﻧـﻰ أﺛـق أﻧـك أﻗـوى ﻣـن ﻛـﻝ اﻟظـروف‪ ،‬وﻣـﺎ ﻳﺑـدو ﺻـﻌب‬ ‫ﻋﻠــﻰ اﻟﻧــﺎس ﻫــو ﻓــﻰ ﻏﺎﻳــﺔ اﻟــﺳﻬوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧــﺳﺑﺔ ﻟــك "ﻷن ﻏﻳــر اﻟﻣــﺳﺗطﺎع‬ ‫‪-31-‬‬

‫ﻋﻧد اﻟﻧﺎس ﻣﺳﺗطﺎع ﻋﻧـد اﷲ" )ﻟـو‪ (27 :18‬وﻟـن أﺗـﺄﺛر ﺑﺄﻓﻛـﺎر اﻟﻧـﺎس‬ ‫وﻫﻣــوم اﻟﻌــﺎﻟم ﻷﻧﻬــم ﻻ ﻳﻌرﻓــون ﻗــوة إﻟﻬــﻰ اﻟﻘــﺎدر ﻋﻠــﻰ ﻛــﻝ ﺷــﺊ‪ ،‬ﻓﺄﻧــت‬ ‫اﻟ ــذى ﺣوﻟ ــت ﻧﻳـ ـران اﻵﺗ ــون إﻟ ــﻰ ﻧ ــدى ﺑ ــﺎرد ﻟﻠﺛﻼﺛ ــﺔ ﻓﺗﻳ ــﺔ‪ ،‬وأﻧ ــت اﻟ ــذى‬ ‫أرﺳــﻠت ﻣﻼﻛــك ﻓــﺳد أﻓ ـواﻩ اﻷﺳــود ﻓﻠــم ﺗــﺿر داﻧﻳــﺎﻝ‪ .‬أﻓــﻼ ﺗﻧﻘــذﻧﻰ ﻣــن‬ ‫ﻣﺷﺎﻛﻠﻰ اﻟﺗﻰ ﺗﺣﻳط ﺑﻰ ؟‬

‫)‪ (5‬رغم ضعفى ‪:‬‬ ‫ﻛذﻟك إﻳﻣﺎﻧﻰ ﺛﺎﺑت ﻣﻬﻣـﺎ ﻛﺛـرت ﺧطﺎﻳـﺎى وﺳـﻘطﺎﺗﻰ ﻷﻧـﻰ أﺗـوب‬ ‫وأرﺟــﻊ إﻟﻳــك ﻟﺗﻐــﺳﻠﻧﻰ ﻓــﺄﺑﻳض أﻛﺛــر ﻣــن اﻟــﺛﻠﺞ‪ ،‬وﻣﻬﻣــﺎ ﻛﺎﻧــت ﻧﻘﺎﺋــﺻﻰ‬ ‫وﺿــﻌﻔﺎﺗﻰ اﻟﻧﻔــﺳﻳﺔ ﻓﺄﻧــت ﻗــﺎدر ﻋﻠــﻰ أن ﺗﻛﻣﻠﻧــﻰ ﻓــﺄظﻬر ﻣﺗﻣﻳ ـ ًاز ﻋ ّﻣــن‬

‫ـﻰ وﺗﻌﻣـﻝ ﻛـﻝ‬ ‫ﺣوﻟﻰ‪ .‬إن إﻳﻣﺎﻧﻰ ﻳﻌطﻳﻧﻰ ﺛﻘـﺔ ﻗوﻳـﺔ ﺑﻧﻔـﺳﻰ ﻷﻧـك أﻧـت ﻓ ّ‬ ‫ﺷﺊ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻰ رﻏم ﻋﻠﻣﻰ ﺑﻌدم اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﻰ ﻟرؤﻳﺗك وﻟﻛن إﻳﻣﺎﻧﻰ ﻳﺣدﺛﻧﻰ‬ ‫ﻋ ــن ﺣﺑ ــك اﻟ ــذى ﻳﺟﻌﻠ ــك ﻻ ﺗﺗـ ـوارى ﻋﻧ ــﻰ وﻋ ــن ﺣﻧﺎﻧ ــك اﻟ ــذى ﻳ ــدﻓﻌك‬ ‫ﻟﻺﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺿﻌﻔﺎء اﻟـذﻳن أوﻟﻬـم أﻧـﺎ‪ ،‬ﻓﻳـزداد إﻟﺣـﺎﺣﻰ ﻋﻠـﻰ ﺣﺑـك ﻟﺗرﻳﻧـﻰ‬ ‫ذاﺗــك‪ ،‬أﻧــﺎ أﻗــﻝ أﺑﻧــﺎءك وﻣﺣﺗــﺎج إﻟﻳــك ﻓﻬــﻝ ﺗﺗرﻛﻧــﻰ ؟ أﻧــﺎ أﺛــق أﻧــك ﻻ‬ ‫وﺣﻳدا‪.‬‬ ‫ﻳﻣﻛن أن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋﻧﻰ أو ﺗﺣﺟب وﺟﻬك وﺗﺗرﻛﻧﻰ ً‬

‫‪-32-‬‬

‫ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﺳﻳدة اﻟﺗﻘﻳـﺔ ﺗﻌـﻳش ﻣـﻊ زوﺟﻬـﺎ ووﻟـدﻳﻬﺎ ﺣﻳـﺎة ﻫﺎدﺋـﺔ‪،‬‬ ‫اﻷوﻻد ﻧــﺎﺟﺣون ﻓــﻰ ﻣدارﺳــﻬم وﻣرﺗﺑطــون ﺑﺎﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ واﻷم ﻟﻬــﺎ ﻋﻼﻗﺗﻬــﺎ‬ ‫اﻟﻘوﻳــﺔ ﺑــﺎﷲ ﻣواظﺑــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺻــﻠواﺗﻬﺎ ﻓــﻰ اﻷﺟﺑﻳــﺔ وﻗراءﺗﻬــﺎ ﻓــﻰ اﻟﻛﺗــﺎب‬ ‫اﻟﻣﻘدس وﺗﺳﺎﺑﻳﺣﻬﺎ ﻛﻝ ﻳوم ﻓﻰ ﻛﺗﺎب اﻟﺗـﺳﺑﺣﺔ‪ .‬أﻣـﺎ زوﺟﻬـﺎ ﻓﻛـﺎن ﺑﻌﻳ ًـدا‬ ‫ﻋن اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﻣﺳﺗﻬﺗ ًرا‪ ،‬ﻳﺷرب اﻟﺳﺟﺎﺋر واﻟﺧﻣور ﺑﻛﺛرة‪.‬‬

‫أﻧﻬﻰ اﻟوﻟدان دراﺳﺗﻬﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧوﻳﺔ ﺳﻧﺔ ﺗﻠو اﻷﺧرى إذ ﻛﺎن أﺣدﻫﻣﺎ‬

‫ﻳﻛﺑر اﻟﺛﺎﻧﻰ ﺑﻌﺎم واﺣد واﻟﺗﺣﻘﺎ ﺑﺎﻟدراﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﻳﺔ‪.‬‬ ‫أﺣـ ﱠ‬ ‫ـب اﻷﻛﺑــر زﻣﻳﻠﺗــﻪ وﻋﱠﺑــر ﻟﻬــﺎ ﻋــن اﺷــﺗﻳﺎﻗﻪ ﻟﻺرﺗﺑــﺎط ﺑﻬــﺎ‪ ،‬أﻣــﺎ‬ ‫ﺟدا ﻷﻧـﻪ‬ ‫ﻫﻰ ﻓرﻓﺿت إذ ﺷﻌرت أﻧﻪ ﻟﻳس اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻬﺎ ﻓﺗﺄﺛر ً‬ ‫ﻋـ ــﺎطﻔﻰ واﺿـ ــطرب ﻟدرﺟـ ــﺔ اﺑﺗﻌـ ــﺎدﻩ ﻋـ ــن اﻟﻛﻧﻳـ ــﺳﺔ وﺻـ ــﻠواﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻـ ــﺔ‬ ‫ـﻳﻘﺎ ﻧﺣــوﻫن‬ ‫وأﺻــﺑﺢ ﻣﻬﺗ ـ ًاز ﻓــﻰ ﻋﻼﻗﺗــﻪ ﺑــﺎﻟﺟﻧس اﻵﺧــر ﻓﻬــو ﻳﺣﻣــﻝ ﺿـ ً‬ ‫ـدﻳدا ﻟﻬ ــن‪ ،‬ﻓﺎﺳــﺗﺑﺎح ﻟﻧﻔــﺳﻪ ﻋﻼﻗ ــﺎت‬ ‫ﺟﻣﻳ ًﻌــﺎ وﻓــﻰ ﻧﻔــس اﻟوﻗ ــت ﻣــﻳﻼً ﺷـ ً‬

‫ﻣﺗواﻟﻳــﺔ ﻣــﻊ ﻓﺗﻳــﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ وﺗﻣــﺎدى ﻓــﻰ ﻋﻼﻗﺗــﻪ ﺑﻬــن ﺣﺗــﻰ وﺻــﻝ إﻟــﻰ‬

‫اﻟزﻧﺎ‪ ،‬وﻛـﺎن ﻣـﺻ ًار ﻋﻠـﻰ ﺳـﻠوﻛﻪ ﻫـذا ﻓـﻰ ﻋﻧـﺎد ﻣـﻊ ﻧﻔـﺳﻪ وﻣـﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣـﻊ‬

‫ﻛﻠــﻪ وﺗﺄﻟﻣــت واﻟدﺗــﻪ ﺟـ ًـدا ﻣــن أﺟــﻝ اﻧﻘﻼﺑــﻪ اﻟــﺷدﻳد ﻫــذا وﻟﻛﻧﻬــﺎ ﻟــم ﺗﻳــﺄس‬ ‫وظﻠت ﺗﺻﻠﻰ ﻷﺟﻠﻪ وﺗطﻠب ﻣن اﷲ أن ﻳظﻬر ذاﺗﻪ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫‪-33-‬‬

‫أﻣ ــﺎ اﻻﺑ ــن اﻷﺻ ــﻐر ﻓﻘ ــد ﺗﻌ ــرف ﻋﻧ ــد دﺧوﻟ ــﻪ إﻟ ــﻰ اﻟﻛﻠﻳ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ‬ ‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺻدﻗﺎء اﻷﺷرار وﺗﻌﻠم ﻣﻧﻬم ﺷرب اﻟـﺳﺟﺎﺋر واﻟﻣﺧـدرات‬ ‫ﻳﺟﻳﺎ ﻓــﻰ ﻋﻼﻗــﺎت ﻣــﺳﺗﻬﺗرة ﻣــﻊ اﻟﺟــﻧس اﻵﺧــر‪ ،‬وﻛــﺎن‬ ‫ـﺿﺎ واﻧزﻟــق ﺗــدر ً‬ ‫أﻳـ ً‬ ‫ﻳﻘــص ﻋﻠــﻰ واﻟدﻳــﻪ ﻣﺛــﻝ أﺧﻳــﻪ ﻛــﻝ ﻣــﺎ ﻳﺣــدث ﻣﻌــﻪ‪ ،‬ﻓــﺷﺟﻌﻪ واﻟــدﻩ وﻟــم‬ ‫ﻳﻧﺗﻬـرﻩ ﻓــﻰ ﺷــﺊ ﻣﻘﺗﻧ ًﻌـﺎ أن ﻫــذﻩ ﻫــﻰ اﻟﺣﻳــﺎة وﺳـن اﻟــﺷﺑﺎب ﻳﻘﺗــﺿﻰ ﻫــذا‪.‬‬ ‫أﻣـ ــﺎ اﻷم ﻓ ـ ـزادت آﻻﻣﻬـ ــﺎ وﺗوﺟﻳﻬﺎﺗﻬـ ــﺎ ﻻﺑﻧﻳﻬـ ــﺎ وارﺗﻔﻌـ ــت ﺻـ ــﻠواﺗﻬﺎ ﺣـ ــﺎرة‬ ‫واﻧﺳﺎﺑت دﻣوﻋﻬﺎ أﻣﺎم اﷲ‪.‬‬ ‫ﻟــم ﻳﺗــﺄﺛر اﻻﺑﻧــﺎن ﺑﻛــﻼم أﻣﻬﻣــﺎ رﻏــم أﻧﻬﻣــﺎ ﻛﺎﻧــﺎ ﻳــﺳﺗﻳﻘظﺎن أﺣﻳﺎًﻧــﺎ‬

‫أﺛﻧـﺎء اﻟﻠﻳـﻝ ﻓﻳﺟـداﻧﻬﺎ ﺗـﺎرة ﺗـﺻﻠﻰ وﻓــﻰ ﻳـدﻳﻬﺎ اﻷﺟﺑﻳـﺔ وأﺣﻳﺎًﻧـﺎ ﺗـﺳﺟد ﻓــﻰ‬ ‫ﻣﻳطﺎﻧﻳﺎت ﻛﺛﻳرة وﺗﺎرة أﺧرى ﺗﻣﺳك ﺑﻛﺗﺎب اﻟﺗﺳﺑﺣﺔ راﻓﻌﺔ ﺻـﻠوات ﺣـﺎرة‬ ‫أﻣﺎم اﷲ‪.‬‬ ‫طﻠﺑــت اﻷم ﻣــن اﷲ أن ﻳظﻬــر ﻧﻔ ـﺳﻪ إﻟــﻰ أوﻻدﻫــﺎ وﻳﻌﻳــدﻫﻣﺎ إﻟﻳــﻪ‬ ‫وﻟﻣــﺎ ﺗواﻟــت ﺻــﻠواﺗﻬﺎ ﺷــﻌرت ﺑﺂﻳــﺔ ﺗﺗــردد ﻓــﻰ داﺧﻠﻬــﺎ ﻟــم ﺗﻛــن ﺗﻔﻛــر ﻓﻳﻬــﺎ‬ ‫ﻗﺑﻼ "أﻣﺎ أﻧﺎ وﺑﻳﺗﻰ ﻓﻧﻌﺑد اﻟرب" )ﻳش‪ ،(15 :24‬ﻓﺎطﻣﺄن ﻗﻠﺑﻬـﺎ وﺗ ازﻳـدت‬ ‫ﺻــﻠواﺗﻬﺎ ﻣؤﻣﻧــﺔ أن اﷲ اﻟــذى ﺣــدﺛﻬﺎ ﺑﻬــذﻩ اﻵﻳــﺔ ﺳــﻳﺣدث أوﻻدﻫــﺎ ﺑﻣــﺎ‬ ‫ﻳﻧﺎﺳﺑﻬم‪.‬‬ ‫‪-34-‬‬

‫ﻗــﺎﻝ ﻟﻬــﺎ اﺑﻧﻬــﺎ اﻷﻛﺑــر ﻓــﻰ أﺣــد اﻷﻳــﺎم أﻧــﻪ أﺣــب زﻣﻳﻠــﺔ ﻟــﻪ ﻓــﻰ‬ ‫اﻟﻛﻠﻳــﺔ وﻳﺗﻣﻧــﻰ أن ﻳﺗزوﺟﻬــﺎ ﻓﻘﺎﻟــت ﻟــﻪ ‪" :‬ﻻ ﻟــن ﺗﺗــزوج ﻫــذﻩ اﻟﻔﺗــﺎة ﻷﻧﻬــﺎ‬ ‫ـﺿﺎ ﺳــﺗرﺟﻊ ﻋــن اﺳــﺗﻬﺗﺎرك وﺳــﺗﺗزوج‬ ‫ﻣــﺳﺗﻬﺗرة ﻣــن ﺑﻧــﺎت اﻟﻌــﺎﻟم وأﻧــت أﻳـ ً‬ ‫ﺑﻔﺗــﺎة ﺗﻘﻳــﺔ ﺧﺎدﻣــﺔ ﻓــﻰ اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ"‪ .‬ﺧرﺟــت اﻟﻛﻠﻣــﺎت ﻣــن ﻓﻣﻬــﺎ ﺑﻛــﻝ ﺛﻘــﺔ‪،‬‬ ‫ورﻏــم ﺷــﻌور اﻻﺑــن ﺑــذﻟك ﻟﻛﻧــﻪ اﺗﻬﻣﻬــﺎ ﺑﺎﻟﻬــذﻳﺎن‪ ،‬ﻓﻠــم ﺗﻳــﺄس ﺑــﻝ زادت‬ ‫أﻳﺿﺎ ﺣﺗﻰ ﻳظﻬـر اﷲ ﻧﻔـﺳﻪ‬ ‫ﺻﻠواﺗﻬﺎ ﻷﺟﻠﻪ وﻷﺟﻝ اﺑﻧﻬﺎ اﻟﺛﺎﻧﻰ وزوﺟﻬﺎ ً‬ ‫ﻟﻬم‪.‬‬ ‫ﺗﻌــرف اﻻﺑــن اﻷﻛﺑــر ﻋﻠــﻰ زﻣﻳــﻝ ﻓــﻰ اﻟﻛﻠﻳــﺔ أﺛﻧــﺎء اﻟــﺳﻧﺔ اﻟﻧﻬﺎﺋﻳــﺔ‬ ‫ـدﻳﻧﺎ وﺗﻛوﻧـت‬ ‫ﺑﻬﺎ ﻟم ﺗﻛـن ﺗرﺑطﻬﻣـﺎ ﻋﻼﻗـﺔ ﻣـن ﻗﺑـﻝ وﻛـﺎن ﻫـذا اﻟزﻣﻳـﻝ ﻣﺗ ً‬ ‫ﻋﻼﻗــﺔ طﻳﺑــﺔ ﺑﻳﻧﻬﻣــﺎ ﺑــﺳرﻋﺔ ﺣﺗــﻰ اﺳــﺗطﺎع اﻟزﻣﻳــﻝ اﻟﻣﺗــدﻳن أن ﻳــدﻋوﻩ‬ ‫إرﺿﺎء ﻟﺻدﻳﻘﻪ‪ ،‬وﻟﻣﺎ ﺣﺿر‬ ‫ﻟﺣﺿور أﺣد اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﺎت اﻟروﺣﻳﺔ وواﻓق‬ ‫ً‬ ‫ﺗﻣﺎﻣﺎ وﺗﻛرر ﻫـذا اﻷﻣـر ﺧﻣـﺳﺔ‬ ‫اﻹﺟﺗﻣﺎع أرﺳﻝ اﷲ ﻋظﺔ ﻣﻧطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻳﻪ ً‬ ‫أﺳــﺎﺑﻳﻊ ﻣﺗﺗﺎﻟﻳــﺔ ﻣﻣــﺎ دﻓﻌــﻪ ﻟﺗــرك ﻋﻧــﺎدﻩ وﺑــدأ ﻳــﺷﻌر ﺑﺧطﺎﻳــﺎﻩ وﻓــﻰ ﺟﻠــﺳﺔ‬

‫اﻹﻋﺗراف ﱠ‬ ‫ﻋﻬودا ﷲ ﻟﻳﺑدأ ﻣن ﺟدﻳد‪.‬‬ ‫ﻗدم‬ ‫ً‬

‫‪-35-‬‬

‫ﺑــدأ ﻳــﺳﺗﻌﻳد ﺻــﻠواﺗﻪ وﻗراءاﺗــﻪ ﻓــﻰ اﻟﻛﺗــﺎب اﻟﻣﻘــدس واﻟﺗﻧــﺎوﻝ ﻣــن‬ ‫ﻳﺟﻳﺎ ﻋــن ﻋﻼﻗﺎﺗــﻪ اﻟــﺷرﻳرة ﺣﺗــﻰ ﻗطﻌﻬــﺎ‬ ‫اﻷﺳ ـرار اﻟﻣﻘدﺳــﺔ وﻳﺗﺧﻠــﻰ ﺗــدر ً‬ ‫ﺟﻣﻳﻌﺎ وﻓـﻰ ﻧﻔـس اﻟوﻗـت زاد إرﺗﺑﺎطـﻪ ﺑزﻣﻼﺋـﻪ اﻟﺟـدد ﻓـﻰ ﻫـذا اﻻﺟﺗﻣـﺎع‬ ‫ً‬ ‫اﻟروﺣﻰ وﺑﻌد ﺣواﻟﻰ ﺳﻧﺔ اﺷﺗرك ﻓﻰ ﺑﻌض اﻟﺧدﻣﺎت‪.‬‬

‫ﻋﻣﻝ ﺑﺈﺣدى اﻟﺷرﻛﺎت ﺑﻌد ﺗﺧرﺟـﻪ واﺳـﺗﻣر ﻓـﻰ ﻋﻼﻗﺗـﻪ ﺑـﺎﷲ ﺑـﻝ‬ ‫ﺻــﺎر ﺧﺎد ًﻣــﺎ ﺛﺎﺑﺗًــﺎ ﻓــﻰ اﻹﺟﺗﻣــﺎع اﻟروﺣــﻰ وﺗﻌــرف ﻋﻠــﻰ ﺧﺎدﻣــﺔ زﻣﻳﻠﺗــﻪ‬ ‫واﺳــﺗراح ﻟﻬــﺎ وﺗزوﺟﻬــﺎ‪ ،‬وﻛــم ﻛﺎﻧــت ﻓرﺣــﺔ أﻣــﻪ ﺑﻌــد أن ﺗﺣﻘــق ﻛــﻼم اﷲ‬ ‫اﻟذى أرﺳﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻣﻬﺎ ﺑﻛﻝ دﻗﺔ‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻻﺑن اﻟﺛﺎﻧﻰ ﻓﻘد ﺣـدث ﻣﻌـﻪ ﺷـﺊ ﻏرﻳـب‪ ،‬إذ ﺣﻠـم ﻓـﻰ إﺣـدى‬ ‫اﻟﻠﻳــﺎﻟﻰ ﺑﺛﻼﺛــﺔ أﺷــﺧﺎص ﻟــوﻧﻬم أﺳــود وﻣﻼﺑــﺳﻬم ﺳــوداء ﻳﻬﺟﻣ ـون ﻋﻠﻳــﻪ‬ ‫وﻳﺣـ ــﺎوﻟون إﺳـ ــﻘﺎطﻪ ﻓـ ــﻰ ﺣﻔ ـ ـرة ﻓﻘـ ــﺎوﻣﻬم ﺑـ ــﺷدة وﻟﻛـ ــﻧﻬم اﺳـ ــﺗطﺎﻋوا أن‬ ‫ﻳــﺳﻘطوﻩ ﻓﻳﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﺗــﺷﺑث ﺑﺣﺎﻓــﺔ اﻟﺣﻔـرة ﺣﺗــﻰ ﻛــﺎد أن ﻳــﺳﻘط وﺻــرخ طﺎﻟًﺑــﺎ‬

‫ـﺻﺎ ﻧوراﻧًﻳــﺎ ُﻳــﺳرع ﻧﺣــوﻩ وﻳﻧﻘــذﻩ ﻣــن أﻳــدﻳﻬم وﻳرﻓﻌــﻪ‬ ‫ﻣﻌوﻧــﺔ اﷲ ﻓوﺟــد ﺷﺧـ ً‬ ‫ﻣن اﻟﺣﻔرة ﺛم اﺧﺗﻔﻰ‪ ،‬ووﺟـد ﻣـن ﺑﻌﻳـد ﻛﻧﻳـﺳﺔ ﻓﺄﺳـرع إﻟﻳﻬـﺎ واﺳـﺗﻳﻘظ ﻣـن‬

‫‪-36-‬‬

‫ﺣﻠﻣــﻪ وﺗﻛــرر ﻫــذا اﻟﺣﻠــم ﻓــﻰ اﻟﻠﻳﻠﺗــﻳن اﻟﺗــﺎﻟﻳﺗﻳن ﻓــﺎﻧزﻋﺞ ﺟـ ًـدا وﻓﻛــر ﻣــﺎذا‬ ‫ﻳﻌﻧﻰ ﻫذا اﻟﺣﻠم‪.‬‬ ‫دﺧﻝ إﺣدى اﻟﻛﻧﺎﺋس اﻟﺗﻰ ﻻ ﻳﻌرﻓﻬﺎ وﺟﻠس ﻣﻊ أوﻝ ﻛـﺎﻫن ﻗﺎﺑﻠـﻪ‬ ‫ـص ﻋﻠﻳــﻪ ﻛــﻝ ﻗــﺻﺗﻪ وأﺣﻼﻣــﻪ ﻓﺄوﺿــﺢ ﻟــﻪ اﻟﻛــﺎﻫن أﻧــﻪ اﺑــن اﻟﻛﻧﻳــﺳﺔ‬ ‫وﻗـ ﱠ‬ ‫وﻟن ﻳﺳﺗرﻳﺢ إﻻ ﻓﻳﻬﺎ وأن ﻛﻝ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗـﻰ اﻧﺣـرف ﻓﻳﻬـﺎ ﻓـﻰ ﺧطﺎﻳـﺎ ﻛﺛﻳـرة‬ ‫ﻫﻰ أﻣر ﻋرﺿﻰ ﻓﻰ ﺣﻳﺎﺗﻪ‪ ،‬وﺑﻬذا ﺑدأ ﻧور اﻟرﺟﺎء ﻳظﻬر ﻟﻪ وﻗـدم ﺗوﺑـﺔ‬ ‫أﻣـــﺎم اﷲ وﺑـ ــدأ ﺣﻳﺎﺗـــﻪ ﻣـ ــن ﺟدﻳـ ــد ﻓ ــﻰ اﻟﻛﻧﻳـ ــﺳﺔ وﺗﺑﺎﻋـــد ﻋـ ــن أﺻـ ــدﻗﺎﺋﻪ‬ ‫اﻷﺷرار‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻟزوج ﻓﺎﺳﺗﻣرت ﺻﻠوات زوﺟﺗﻪ اﻟﺗﻘﻳﺔ ﻟﻳظﻬـر اﷲ ﻓـﻰ ﺣﻳﺎﺗـﻪ‬ ‫وﻣ ــن أﺟ ــﻝ إﻳﻣﺎﻧﻬ ــﺎ ﺳ ــﻣﺢ ﻟ ــﻪ اﷲ ﺑﻣ ــرض ﺗﻠﻳ ــف ﻓ ــﻰ اﻟﻛﺑ ــد وﻧﻘ ــﻝ إﻟ ــﻰ‬ ‫اﻟﻣﺳﺗــﺷﻔﻰ وﻷوﻝ ﻣـرة ﺑــدأ ﻳــﺷﻌر ﺑــﺿﻌﻔﻪ وﺣﺎﺟﺗــﻪ‪ ،‬وﻟﻣــﺎ ﻛﻠﻣﺗــﻪ ﻋــن اﷲ‬ ‫ـﺿﺎ اﻟﺗﻧ ـ ــﺎوﻝ ﻣ ـ ــن اﻷﺳـ ـ ـرار اﻟﻣﻘدﺳ ـ ــﺔ‬ ‫ﻟ ـ ــم ﻳ ـ ــرﻓض أن ﻳ ـ ــﺻﻠﻰ وﻗﺑ ـ ــﻝ أﻳ ـ ـ ً‬ ‫واﻹﻋﺗراف ﺑﻛﻝ ﺧطﺎﻳﺎﻩ‪.‬‬ ‫وﻫﻛــذا ﻣــن أﺟــﻝ إﻳﻣــﺎن ﻫــذﻩ اﻟــﺳﻳدة اﻟﺗﻘﻳــﺔ أﻧﻌــم اﷲ ﻋﻠﻳﻬــﺎ ﻫــﻰ‬ ‫وﻛﻝ أﺳرﺗﻬﺎ ﺑرؤﻳﺗﻪ واﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﻌﻣﻠﻪ ﻓﻳﻬم ﻟـﺗﻌﻠن ﻟﻠﺑـﺷرﻳﺔ ﻛﻠﻬـﺎ أن اﻟﻘدﻳـﺳﺔ‬ ‫‪-37-‬‬

‫ﻣوﻧﻳﻛــﺎ أم أﻏــﺳطﻳﻧوس ﻟــم ﺗﻣــت ﺑــﻝ ﻣﺎ ازﻟــت ﻣوﺟــودة ﻓــﻰ ﺷــﻛﻝ أﻣﻬــﺎت‬ ‫ﺗﻘﻳﺎت ﻛﺛﻳرات‪.‬‬

‫‪-38-‬‬

‫الفصل الرابع‬ ‫اإلتضـاع‬ ‫)‪ (1‬ﷲ أم الذات ‪:‬‬ ‫اﻟﻣﺗﺿﻊ إﻧﺳﺎن ﻣﺗﻔرغ ﷲ ﻓﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳراﻩ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣﺗﻛﺑر ﻓﻳﻧـﺷﻐﻝ‬

‫ﺑﻧﻔــﺳﻪ ﻷن ﻫــذا ﻫــو اﻟﻣﻧظــر اﻟوﺣﻳــد اﻟــذى ﻳرﻳــد أن ﻳ ـراﻩ وﺑﺎﻟﺗــﺎﻟﻰ ﻓﻬــو‬

‫ﻳﺟﻠــس ﻣﻛــﺎن اﷲ داﺧــﻝ ﻗﻠﺑــﻪ‪ .‬ﻓــﺄﻳن ﺳــﻳظﻬر اﷲ ؟ ‪ ...‬ﻟــﻳس ﻟــﻪ ﻟﻸﺳــف‬ ‫ﻣﻛﺎن‪.‬‬

‫وﻛــذﻟك ﻓــﺻﻐر اﻟــﻧﻔس ﺻــورة أﺧــرى ﻟﻠــذات‪ ،‬ﻓﺎﻧــﺷﻐﺎﻝ اﻹﻧــﺳﺎن‬

‫ـﺿﺎ ﻟﻬــذﻩ اﻟﻔﻛ ـرة وﻳﺣــﺎوﻝ‬ ‫ﺑذاﺗــﻪ وﺷــﻌورﻩ أﻧــﻪ أﻗــﻝ ﻣﻣــن ﺣوﻟــﻪ ﻳﺟﻌﻠــﻪ ارﻓـ ً‬ ‫ﻳﻌوﺿــﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﺑرﻳــﺎء ﺛــم ﻳﻧﻘﻠــب إﻟــﻰ ﺻــﻐر اﻟــﻧﻔس‪ ،‬وﻓــﻰ‬ ‫ﻋﻠــﻰ اﻟﻌﻛــس أن ﱢ‬ ‫ﻛﻝ ﻫذا ﻻ ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﻬﺗم ﺑرؤﻳﺔ اﷲ‪.‬‬

‫ﻓــﺎﻋطﻧﻰ ﻳــﺎ إﻟﻬــﻰ أن أﺣﺑــك ﺣﺗــﻰ أﺳــﺗﻐﻧﻰ ﻋــن اﻫﺗﻣــﺎﻣﻰ ﺑــذاﺗﻰ‬

‫وﺣﻳﻧﺋذ أﺳﺗطﻳﻊ أن أطﻠﺑك ﻓﺄﺟدك‪.‬‬

‫)‪ (2‬اإلحتياج ‪:‬‬ ‫ﻣﺗﺿﻌﺎ ﺳﺄﺷﻌر ﺑﺎﺣﺗﻳﺎﺟﻰ ﷲ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻰ أطﻠﺑﻪ‪ ،‬ﺑﻝ ﻋﻠـﻰ‬ ‫إن ﻛﻧت‬ ‫ً‬ ‫ـﺄﻟﺢ ﻋﻠﻳـ ــﻪ ﻟﻳظﻬـ ــر ﻓـ ــﻰ ﺣﻳـ ــﺎﺗﻰ ﻷﻧـ ــﻰ ﻻ‬ ‫ﻗـ ــدر إﺣـ ــﺳﺎﺳﻰ ﺑﺎﻹﺣﺗﻳـ ــﺎج ﺳـ ـ ّ‬ ‫‪-39-‬‬

‫ـﻰ اﻟﻣرﻓـ ــوﻋﺗﻳن ﻧﺣـ ــوﻩ‬ ‫أﺳـ ــﺗطﻳﻊ أن أﺣﻳـ ــﺎ ﺑدوﻧـ ــﻪ‪ ،‬وﻋﻧـ ــدﻣﺎ ﻳـ ــرى اﷲ ﻋﻳﻧـ ـ ﱠ‬ ‫ﺧدى ﻳﻘوﻝ ﻟـﻰ "ﺣـوﻟﻰ ﻋﻧـﻰ ﻋﻳﻧﻳﻧـك ﻓﺄﻧﻬﻣـﺎ ﻗـد‬ ‫ودﻣوﻋﻰ اﻟﻣﻧﺳﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫ّ‬ ‫ﻏﻠﺑﺗ ــﺎﻧﻰ" )ﻧ ــش‪ (5 :6‬ﻓَﻳ ــﺳرع ﻟﻳظﻬ ــر ﻧﻔ ــﺳﻪ ﻟ ــﻰ ﺑﺄﺷ ــﻛﺎﻝ ﻛﺛﻳـ ـرة ﻓ ــﺄﺗﻣﺗﻊ‬

‫ﺑرؤﻳﺗﻪ‪.‬‬

‫)‪ (3‬الضيقات ‪:‬‬ ‫اﻟﻣﺗ ـ ــﺿﻊ ﻳﻘﺑ ـ ــﻝ اﻟ ـ ــﺿﻳﻘﺔ ﺑ ـ ــﺳﻬوﻟﺔ أى ﻳﻘﺑ ـ ــﻝ اﻟﺣرﻣ ـ ــﺎن واﻟ ـ ــﻧﻘص‬ ‫واﻹﻫﺎﻧــﺔ ‪ ...‬وﻻ ﻳﻧــزﻋﺞ ﻣــن أى ﻣﻛــﺳب أو ﺧــﺳﺎرة‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗــﺎﻟﻰ إن ﻗﺑﻠــت‬ ‫اﻹﺗﺿﺎع أﻓﺗﺢ أﻣـﺎم اﷲ أﺑواًﺑـﺎ ﻛﺛﻳـرة ﻟﻳظﻬـر ﻧﻔـﺳﻪ ﻟـﻰ ﻛﻣـﺎ ظﻬـر ﻟﺑـوﻟس‬ ‫اﻟرﺳوﻝ ﻓﻰ أورﺷﻠﻳم وﺷﺟﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺳـﺗﻣرار ﻓـﻰ اﻟﻛـ ارزة )أع‪،(11 :23‬‬

‫وﻛﻣﺎ ظﻬر ﻟﻳﻌﻘوب وﺗﺻﺎرع ﻣﻌﻪ وﺑﺎرﻛﻪ )ﺗك‪.(32‬‬

‫)‪ (4‬المجد‬

‫‪:‬‬

‫ـﺿﻌﺎ ﻷﻧ ــﻰ ﺳﺄﻧ ــﺳب‬ ‫ـﻰ ﺑرؤﻳﺗ ــﻪ إن ﻛﻧ ــت ﻣﺗ ـ ً‬ ‫إن اﷲ ﻻ ﻳﺑﺧ ــﻝ ﻋﻠ ـ ّ‬ ‫اﻟﻣﺟد ﻟﻪ إذ أﻋرف ﻣدى ﺿﻌﻔﻰ وأﻧﻰ أﻗﻝ ﺟﻣﻳﻊ اﻟﻧﺎس‪ ،‬وﻟﻛن إن ﻛﺎن‬ ‫ـﻰ ﻛﺑرﻳـ ــﺎء ﻓـ ــﺳﺄﺗظﺎﻫر ﺑﻣـ ــﺎ ﺣـ ــﺻﻠت ﻋﻠﻳـ ــﻪ ﻣـ ــن ﻧﻌـ ــم وأﺗﺣـ ــدث ﻋﻧﻬـ ــﺎ‬ ‫ﻓـ ـ ّ‬

‫‪-40-‬‬

‫ﻓﺄﻓﻘــدﻫﺎ‪ ،‬وﻫــو ﻓــﻰ اﻟﻐﺎﻟــب ﻟــن ﻳظﻬــر ﻟــﻰ أﺻــﻼً ﻷﻧــﻰ ﺳﺄﺿــﻳﻊ ﻣــﺎ أﻧﺎﻟــﻪ‬ ‫ﻣن ﺑرﻛﺎت‪.‬‬

‫)‪ (5‬المتضع صورة‬

‫‪:‬‬

‫ﻻ ﻳﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﺗﺿﻊ ﻓﻘط ﺑرؤﻳﺔ اﷲ‪ ،‬ﺑﻝ ﻳﺻﻳر ﻫو ﻧﻔﺳﻪ ﺻـورة ﷲ‬ ‫ﻳظﻬر ﻓﻳﻪ ﻓﻳﻧﻳر ﻟﻶﺧرﻳن ﻛﻣـﺎ ﻗـﺎﻝ اﻟﻘـدﻳس ﺑـﺎﺧوﻣﻳوس أب اﻟـﺷرﻛﺔ "إن‬ ‫أﻓﺿﻝ اﻟﻣﻧﺎظر اﻟروﺣﻳﺔ ﻫو ﻣﻧظر إﻧﺳﺎن ﻣﺗﺿﻊ"‪ ،‬ﻓﻬـو ﺻـورة ﻟﻠﻣـﺳﻳﺢ‬ ‫آﺧذا ﺻورة ﻋﺑد ﺻﺎﺋ ًار ﻓﻰ ﺷﺑﻪ اﻟﻧـﺎس ٕواذ‬ ‫اﻟﻣﺗﺿﻊ اﻟذى "أﺧﻠﻰ ذاﺗﻪ ً‬ ‫وﺟـــد ﻓـــﻰ اﻟﻬﻳﺋـــﺔ ﻛﺈﻧـــﺳﺎن وﺿـــﻊ ﻧﻔـــﺳﻪ وأطـــﺎع ﺣﺗـــﻰ اﻟﻣـــوت ﻣـــوت‬ ‫اﻟﺻﻠﻳب" )ﻓـﻰ‪ ،(8 ،7 :2‬ﻓﻳﺗﻣﺗـﻊ اﻟﻣﺗـﺿﻊ ﺑـﺳﻛﻧﻰ اﻟﻣـﺳﻳﺢ ﻓﻳـﻪ وﻳﺗﺟﻠـﻰ‬ ‫ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻟﻛﻝ ﻣن ﺣوﻟﻪ دون أن ﻳﺷﻌر‪.‬‬

‫)‪ (6‬كيف أتضع ؟‬ ‫إن ﻛــﺎن طرﻳــق رؤﻳــﺔ اﷲ ﻫــو اﻹﺗــﺿﺎع‪ ،‬ﻓطرﻳــق اﻹﺗــﺿﺎع ﻫــو‬ ‫اﻟﺗوﺑــﺔ ورؤﻳــﺔ اﻹﻧــﺳﺎن ﺳــﻘطﺎﺗﻪ وﺿــﻌﻔﺎﺗﻪ اﻟﺗــﻰ أﻗﺎﻣــﻪ اﻟﻣــﺳﻳﺢ وﻳﻘﻳﻣــﻪ‬ ‫ﻣﻧﻬﺎ ‪" ..‬ﺧطﻳﺗﻰ أﻣﺎﻣﻰ ﻓﻰ ﻛﻝ ﺣﻳن" )ﻣـز‪ .(3 :51‬ﻓﺎﻟﻣﺗـﺿﻊ ﻫـو ﻣـن‬ ‫‪-41-‬‬

‫ﻳــرى ﻋﺟ ـزﻩ وﺿــﻌﻔﻪ وﻛﺛ ـرة ﺧطﺎﻳــﺎﻩ وﻳــدرك أن أﺻــﻠﻪ ﻣــن اﻟﺗ ـراب وﻟﻛــن‬ ‫ﻓﻰ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻘوة اﻟﻣـﺳﻳﺢ اﻟﻌﺎﻣﻠـﺔ ﻓﻳـﻪ ﻓﻳـﺻﺑﺢ ﻗـﺎد ًار ﻋﻠـﻰ ﻛـﻝ‬

‫ﺷﺊ‪.‬‬

‫ﻋﺎﺷــت ﻫــذﻩ اﻟــﺳﻳدة ﻣــﻊ زوﺟﻬــﺎ وأوﻻدﻫــﺎ ﺣﻳــﺎة ﻫﺎدﺋــﺔ وﻛﺎﻧــت ﻟﻬــﺎ‬ ‫ﻋﻼﻗﺗﻬ ــﺎ اﻟﻘوﻳ ــﺔ ﺑ ــﺎﷲ‪ .‬ﻟ ــم ﺗ ــﺳﺗﻛﻣﻝ ﺗﻌﻠﻳﻣﻬ ــﺎ وﻟﻛ ــن ﺗﻔوﻗ ــت ﻓ ــﻰ ﺣﻳﺎﺗﻬ ــﺎ‬ ‫اﻟروﺣﻳﺔ ﻓﺗﻣﻳزت ﺑﺎﻹﺗﺿﺎع ﻓﻰ ﻛﻝ ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻣن ﺣوﻟﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﺎت زوﺟﻬﺎ وﻛﺎن ﺑﻌـض أﺑﻧﺎﺋﻬـﺎ ﻗـد ﺗزوﺟـوا وﺑﻘﻳـت ﻣﻌﻬـﺎ اﺑﻧﺗـﺎن‬ ‫ﻟــم ﺗﺗزوﺟــﺎ وﻛﺎﻧــت ﻫــﻰ وﺣﻳــدة واﻟــدﻳﻬﺎ ٕواذ ﻛــﺎن واﻟــدﻫﺎ ﻗــد ﻣــﺎت ﻋﺎﺷــت‬ ‫واﻟدﺗﻬﺎ وﺣدﻫﺎ ﻓﻰ ﺑﻳت آﺧر‪.‬‬

‫ﻓﻛــرت أن ﺗﻧﺗﻘــﻝ ﻟﺗﻌــﻳش ﻣــﻊ واﻟــدﺗﻬﺎ وﺗﻬــﺗم ﺑرﻋﺎﻳﺗﻬــﺎ وﻟﻛــن ﻛــﺎن‬ ‫ﺑﻳــت اﻟواﻟــدة ﺻــﻐﻳ ًار وﻫــو ﻣﻠــك ﻟﻬــﺎ ﻓﺎﺣﺗــﺎج اﻷﻣــر إﻟ ـﻰ إﺳــﺗﻛﻣﺎﻝ ﺑﻧﺎﺋــﻪ‬

‫ﻟﻳﺗﺳﻊ ﻟﻠﺟﻣﻳﻊ‪.‬‬

‫ﺿ ــﺎ ﺧوﻓً ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ‬ ‫ﺑ ــدأت أﻋﻣ ــﺎﻝ اﻟﺑﻧ ــﺎء وﻟﻛ ــن وﻗ ــف اﻟﺟ ــﺎر ﻣﻌﺗر ً‬

‫اﻫﺗـ ـزاز ﻣﺑﻧــﺎﻩ وﻋﺑﺛًــﺎ ﺣــﺎوﻝ اﻟﻣﻬﻧدﺳ ــون إﻗﻧﺎﻋــﻪ‪ ،‬واﺳــﺗﺧدم ﻗوﺗــﻪ ﻛرﺟ ــﻝ‬ ‫‪-42-‬‬

‫وأوﻗف ﻛﻝ ﺷﺊ‪ .‬ﻟم ﺗﺟد ﻫذﻩ اﻟـﺳﻳدة اﻟﺗﻘﻳـﺔ أﻣﺎﻣﻬـﺎ طرﻳﻘًـﺎ إﻻ أن ﺗﻠﺗﺟـﺊ‬ ‫إﻟﻰ اﷲ ﺑﺎﺗﺿﺎع وﺗطﻠب ﻣﻌوﻧﺗﻪ‪ ،‬وﺑﻌد ارﺗﻔﺎع ﺻﻠواﺗﻬﺎ أﻣﺎم اﷲ ﺣﻠﻣـت‬ ‫ﺑــﺷﺎب وﺳــﻳم ﻧــوراﻧﻰ ظﻬــر ﻟﻬــﺎ وطﻣﺄﻧﻬــﺎ أﻧــﻪ ﺳــﻳﻘف ﻣﻌﻬــﺎ وﻳﺑﻧــﻰ ﻟﻬــﺎ‬ ‫اﻟﺑﻳت ﺑﻝ أﻋﻠن ﻣﺳﺋوﻟﻳﺗﻪ ﻛﻣﻘﺎوﻝ ﻋن ﻛﻝ اﻟﺗﻔﺎﺻـﻳﻝ وﻗـﺎﻝ ﻟﻬـﺎ أطﻠﺑﻳﻧـﻰ‬ ‫ﻓــﻰ أى وﻗــت ﺳﺄﺣــﺿر ﺣــﺎﻻً وأﻋﻣــﻝ ﻟــك ﻛــﻝ ﺷــﺊ وﻛﺗــب اﺳــﻣﻪ ﻋﻠــﻰ‬ ‫اﻟﺣﺎﺋط ﺛﻼﺛﺔ ﻣرات "ﻣﻳﻧﺎ"‪.‬‬ ‫ﻟﻣﺎ اﺳﺗﻳﻘظت ﻗـﺻت ﺣﻠﻣﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ أوﻻدﻫـﺎ ﻓﻘـﺎﻟوا ﻟﻬـﺎ أﻧـﻪ اﻟﻘـدﻳس‬ ‫اﻟﻌظــﻳم ﻣﺎرﻣﻳﻧــﺎ اﻟﻌﺟــﺎﻳﺑﻰ اﻟــذى ﻟــم ﺗﻛــن ﺗﻌرﻓــﻪ‪ ،‬ﻓﺎطﻣــﺄن ﻗﻠﺑﻬــﺎ وأﺧــذﻫﺎ‬ ‫أوﻻدﻫﺎ ﻟزﻳﺎرة دﻳرﻩ ﺑﻣرﻳوط‪.‬‬ ‫ﺑﻌــد رﺟوﻋﻬــﺎ ﻣــن زﻳــﺎرة اﻟــدﻳر ﺳــﻣﻌت أن اﻟﺟــﺎر اﻟــذى ﻳﻌﺗــرض‬ ‫ﻋﻠ ــﻰ اﻟﺑﻧ ــﺎء ﻗ ــد أﺻ ــﻳب ﺑﻣ ــرض ودﺧ ــﻝ اﻟﻣﺳﺗ ــﺷﻔﻰ ﻓﺗ ــﺷﺟﻌت وﺑ ــدأت‬ ‫اﻟﻣرﺣﻠــﺔ اﻷوﻟــﻰ ﻣــن أﻋﻣــﺎﻝ اﻟﺑﻧــﺎء‪ ،‬وﻋﻧــدﻣﺎ ﺧــرج اﻟﺟــﺎر وﺟ ـد اﻟﻣرﺣﻠــﺔ‬ ‫اﻷوﻟﻰ ﻗد ﺗﻣت‪.‬‬

‫‪-43-‬‬

‫ﺑﻌ ــد ﻓﺗـ ـرة ازداد اﻟﻣ ــرض ﺛﺎﻧﻳ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ اﻟﺟ ــﺎر ودﺧ ــﻝ اﻟﻣﺳﺗ ــﺷﻔﻰ‪،‬‬ ‫ﻓﺎﺳــﺗﻛﻣﻠت اﻟﻣرﺣﻠــﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳــﺔ ﻣــن اﻟﺑﻧــﺎء وﺗﻛــرر ﻫــذا اﻷﻣــر ﺑــدﺧوﻝ اﻟﺟــﺎر‬ ‫اﻟﻣﺳﺗـ ــﺷﻔﻰ ﺣﺗـ ــﻰ اﺳـ ــﺗﻛﻣﻠت اﻟﺑﻧـ ــﺎء وﻋﺎﺷـ ــت ﻫـ ــﻰ وأوﻻدﻫـ ــﺎ ﻣـ ــﻊ أﻣﻬـ ــﺎ‬ ‫ـﺿﺎ‬ ‫وﺷ ــﻛرت اﷲ اﻟ ــذى ظﻬ ــر ﻟﻬ ــﺎ ﻟ ــﻳس ﻓﻘ ــط ﺑظﻬ ــور ﻣﺎرﻣﻳﻧ ــﺎ وﻟﻛ ــن أﻳ ـ ً‬ ‫ﺗم ﻛﻝ ﺷﺊ‪.‬‬ ‫ﺑﺗﺷﺟﻳﻌﻬﺎ وﻣرض ﻫذا اﻟﺟﺎر ﺣﺗﻰ ﱠ‬

‫اﺳـ ــﺗﻣرت ﻫـ ــذﻩ اﻟـ ــﺳﻳدة اﻟﺗﻘﻳـ ــﺔ ﻓـ ــﻰ ﺣﻳﺎﺗﻬـ ــﺎ اﻟﻣﺗـ ــﺿﻌﺔ أﻣـ ــﺎم اﷲ‪،‬‬

‫ِ‬ ‫ـﺳر ذراﻋﻬــﺎ‬ ‫ﻓﺗﻣﺗﻌــت ﺑﺑرﻛــﺎت ﻛﺛﻳ ـرة ﻓــﻰ ﺣﻳﺎﺗﻬــﺎ‪ .‬وﻓــﻰ إﺣــدى اﻟﻣ ـرات ُﻛـ َ‬ ‫ﻓﺣزﻧــت وﻋﺎﺗﺑــت اﻟﻌــذراء أﻧﻬــﺎ ﺗرﻛﺗﻬــﺎ ﺗــﺳﻘط وﻳﻧﻛــﺳر ذراﻋﻬــﺎ وﻛﺎﻧــت ﻗــد‬ ‫ﺗﻘدﻣت ﻓﻰ اﻟـﺳن وأﺻـﺑﺢ ﻣـن اﻟـﺻﻌب أن ﻳﻠـﺗﺣم ﻋظﻣﻬـﺎ‪ ،‬ﻓظﻬـرت ﻟﻬـﺎ‬ ‫وﺣرﻛﺗـ ــﻪ وطﻣﺄﻧﺗﻬـ ــﺎ وﻓـ ــﻰ‬ ‫اﻟﻌـ ــذراء ﻓـ ــﻰ ﻫـ ــذﻩ اﻟﻠﻳﻠـ ــﺔ وأﻣـ ــﺳﻛت ﺑـ ــذراﻋﻬﺎ ﱠ‬ ‫ﺗﻣﺎﻣﺎ‪.‬‬ ‫ﺳﻠﻳﻣﺎ ً‬ ‫اﻟﺻﺑﺎح وﺟدت ذراﻋﻬﺎ ً‬ ‫أﻳﺿﺎ اﻟﺑﺎﺑﺎ ﻛﻳرﻟس اﻟﺳﺎدس وﻛﺎﻧت ﺗﺗـﺷﻔﻊ ﺑـﻪ ﻛﺛﻳـ ًار ﻷﻧﻬـﺎ‬ ‫أﺣﺑت ً‬

‫ﻛﺎﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﺿﻌﻔﻬﺎ وﺣﺎﺟﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺳﺎﻧدة اﷲ ﺑﻌد ﻣوت زوﺟﻬﺎ‪ ،‬وﻛﺎن‬ ‫ﻳظﻬر ﻟﻬﺎ ﻓﻰ أﺣﻼم ﻛﺛﻳرة وﻓﻰ ﻳـوم ﻋﻳـد اﻟﺑﺎﺑـﺎ ﻛﻳـرﻟس ﺷـﻌرت ﺑـﺄﻟم ﻓـﻰ‬

‫‪-44-‬‬

‫ـﺎدا ﻟﻣــدة دﻗﻳﻘــﺔ ٕواذ ﺻــرﺧت‬ ‫ﺟﺎﻧــب وﺟﻬﻬــﺎ ﺑﺟ ـوار ﻋﻳﻧﻬــﺎ وﻛــﺎن أﻟ ًﻣــﺎ ﺣـ ً‬ ‫ِ‬ ‫ـﺗم ﻋﻠـﻰ ﺟﺎﻧـب وﺟﻬﻬـﺎ‬ ‫أﻗﺑﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ أوﻻدﻫﺎ ﻟﻳﻼﺣظوا‬ ‫ً‬ ‫ﺻﻠﻳﺑﺎ ﺻﻐﻳ ًار ﻗـد ُﺧ َ‬ ‫وﻟــم ﺗﻌــرف ﻣــن ﻋﻣﻠــﻪ ﻟﻬــﺎ وﻟﻛــن ﻓــﻰ ﻫــذﻩ اﻟﻠﻳﻠــﺔ ظﻬــر ﻟﻬــﺎ اﻟﺑﺎﺑــﺎ ﻛﻳـرﻟس‬ ‫وأﻋﻠﻣﻬﺎ أﻧﻪ ﻋﻣﻝ ﻟﻬﺎ ﻫذا اﻟﺻﻠﻳب ﻛﺑرﻛﺔ‪.‬‬ ‫ﻋﺎﺷـ ــت ﻫـ ــذﻩ اﻟـ ــﺳﻳدة وﺗﻘـ ــدﻣت ﻓـ ــﻰ اﻟـ ــﺳن وﺿـ ــﻌف اﺳـ ــﺗﻳﻌﺎﺑﻬﺎ‬ ‫ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣ ــﺎت ﺣﺗ ــﻰ أﺻ ــﺑﺣت ﻻ ﺗﻌ ــرف أﺣﻳﺎًﻧ ــﺎ أﺑﻧﺎءﻫ ــﺎ وأﺣﻔﺎدﻫ ــﺎ وﻟﻛ ــن‬

‫ظﻠت ﻛﻠﻣﺎت ﻗﻠﻳﻠﺔ ﺗرددﻫﺎ وﻫﻰ "اﻟﻌذراء ‪ ...‬ﻣﺎرﻣﻳﻧﺎ ‪ ...‬اﻟﺑﺎﺑﺎ ﻛﻳرﻟس"‪.‬‬

‫‪-45-‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫محبة اآلخرين‬ ‫)‪ (1‬محبتك يا ﷲ ‪:‬‬ ‫إن ﻣﺣﺑﺗ ــك ﻟ ــﻰ ﻳ ــﺎ اﷲ ﺗﻐﻣرﻧ ــﻰ ﻓ ــﻰ ﻛ ــﻝ ﺣ ــﻳن واﻫﺗﻣﺎﻣ ــك ﺑﻛ ــﻝ‬ ‫ﺗﻔﺎﺻــﻳﻝ ﺣﻳــﺎﺗﻰ ﻓﺣﺗــﻰ ﺷــﻌر أرﺳــﻰ ﺗﻬــﺗم ﺑــﻪ‪ ،‬وﺣﻳﻧﻣــﺎ أﺑﺗﻌــد ﻋﻧــك ﻓــﻰ‬ ‫ﺧطﺎﻳ ــﺎ ﻛﺛﻳـ ـرة ﻳظ ــﻝ ﺻ ــوﺗك ﻳﻧ ــﺎدﻳﻧﻰ ﻟﻠرﺟ ــوع ﻓ ــﺄذوب ﺧﺟ ــﻼً ﻣ ــن ﺣﺑ ــك‬

‫وأﻗﺑﻝ إﻟﻳك ﻓﻰ اﺷﺗﻳﺎق ﻷﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣﻳـﺎﺗﻰ ﻓﻳـك‪ .‬وﻛﻠﻣـﺎ ﻧظـرت إﻟـﻰ ﺻـﻠﻳﺑك‬ ‫أﺧزى ﻣـن أﻧـﺎﻧﻳﺗﻰ واﻧـﺷﻐﺎﻟﻰ ﻋﻧـك‪ ،‬ﻓـﺄﻋود إﻟـﻰ أﺣـﺿﺎن ﻛﻧﻳـﺳﺗك ﻷراك‬ ‫ﻟﻳس ﻓﻘط ﻓﻰ ﺟﺳدك ودﻣك ﺑﻝ ﻓﻰ ﻛﻝ ﺻﻼة وﻛﻝ ﻛﻠﻣﺔ‪.‬‬

‫)‪ (2‬حبك يدفعنى إلى محبتھم ‪:‬‬ ‫إذ أﺗﻌﻠق ﺑﻣﺣﺑﺗك وأﺷﻛرك ﻛﻝ ﺣـﻳن ﻋﻠـﻰ ﻋطﺎﻳـﺎك ورﻋﺎﻳﺗـك ﻟـﻰ‬ ‫وﺣﻔظــك ﻧﻔــﺳﻰ ﻓــﻰ ﻛــﻝ طرﻗــﻰ‪ ،‬وأﺷــﻌر أﻧــﻰ ﻣــدﻳون ﻟــك ﺑﺣﻳــﺎﺗﻰ اﻟﺗــﻰ‬ ‫اﺷـ ــﺗرﻳﺗﻬﺎ ﺑـ ــدﻣك اﻟﺛﻣـ ــﻳن‪ ،‬ﻓـ ــﺄود أن أﺗﺟـ ــﺎوب ﻣـ ــﻊ ﺣﺑـ ــك ﺑﺑـ ــذﻝ أى ﺷـ ــﺊ‬ ‫ﻷﺟﻠــك‪ٕ .‬واذ أراك ﻛــﺎﻣﻼً ﻻ ﺗﺣﺗــﺎج إﻟ ـﻰ ﺷــﺊ‪ ،‬ﻻ أﺳــﺗطﻳﻊ أن أﻗــدم ﻟــك‬ ‫ـﻳﺋﺎ إﻻ ﻣــن ﺧــﻼﻝ أوﻻدك اﻟﺑــﺷر اﻟﻣﺣﻳطــﻳن ﺑــﻰ‪ ،‬ﻓﺄﺣــب إﺧــوﺗﻰ ﻷﺟــﻝ‬ ‫ﺷً‬ ‫‪-46-‬‬

‫أﺑــﻰ وأﺑــﻳﻬم‪ ،‬اﷲ اﻟــذى ﻳﻔــﻳض ﻋﻠﻳﻧــﺎ ﻛﻠﻧــﺎ ﺑــﺎﻟﻣراﺣم‪ ،‬وأﺳــﻌﻰ ﻟﻺﺣــﺳﺎس‬ ‫ﺑﻬــم واﻹﻫﺗﻣــﺎم ﺑﺎﺣﺗﻳﺎﺟــﺎﺗﻬم‪ ،‬وأﺷــﻌر ﻓــﻰ ﻛــﻝ ﺧدﻣــﺔ أﻗــدﻣﻬﺎ ﻟﻠﻧــﺎس إﻧــﻰ‬ ‫أﻗدﻣﻬﺎ ﻟك أوﻻً‪.‬‬ ‫أﻧــﺎ أﺣﺑــك ﺟـ ًـدا ﻷﻧــك ﻗــدﻣت ﺣﻳﺎﺗـك ﻟــﻰ ﻋﻠــﻰ اﻟــﺻﻠﻳب وأرﻳــد أن‬ ‫ـﺿﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻳﺗ ــك ﺗﻘﺑﻠﻬ ــﺎ‪ .‬وﻛﻳــف أﻗ ــدﻣﻬﺎ ﻟ ــك إﻻ ﻣ ــن‬ ‫أﻗــدم ﻟ ــك ﺣﻳ ــﺎﺗﻰ أﻧــﺎ أﻳ ـ ً‬ ‫ﺧــﻼﻝ أوﻻدك اﻟــذﻳن ﻫــم ﺻــورﺗك وﻣﺛﺎﻟــك أى ﻛــﻝ إﻧــﺳﺎن ﻣﺣﺗــﺎج أﻗﺎﺑﻠــﻪ‬ ‫ﻓﻰ ﺣﻳﺎﺗﻰ ؟!‬

‫)‪ (3‬صورة المسيح ‪:‬‬ ‫ـﺿﺎ ﻓـﻰ ﻛـﻝ اﻟوﺟـوﻩ‬ ‫ـﻰ وﻟﻛﻧـﻰ أرﻳـد أن أراك أﻳ ً‬ ‫أﻧﺎ أﻓرح ﺑـﺳﻛﻧﺎك ﻓ ّ‬ ‫إذ ﻫ ـ ــم ﺟﻣﻳ ًﻌ ـ ــﺎ ﺻ ـ ــورﺗك‪ ،‬اﻟ ـ ــﺑﻌض أراك ﻓ ـ ــﻳﻬم ﻣ ـ ــن ﺧ ـ ــﻼﻝ ﻓ ـ ــﺿﺎﺋﻠﻬم‪،‬‬ ‫واﻟﺑﻌض اﻵﺧر أراك ﻓﻳﻬم ﻣـن ﺧـﻼﻝ اﺣﺗﻳـﺎﺟﻬم ﺳـواء اﻹﺣﺗﻳـﺎج اﻟﻣـﺎدى‬ ‫ﻣﺛــﻝ اﻟﻔﻘــر واﻟﻣــرض واﻟﻌﺟــز واﻟــﺿﻌف ﺑﻛــﻝ ﺻــورة‪ ،‬إذ ﻗﻠــت ﺑوﺿــوح‬ ‫"ﻷﻧـــــﻰ ﺟﻌـــــت ﻓـــــﺄطﻌﻣﺗﻣوﻧﻰ‪ .‬ﻋطـــــﺷت ﻓـــــﺳﻘﻳﺗﻣوﻧﻰ‪ .‬ﻛﻧـــــت‬ ‫ﻏرﻳﺑـــــﺎ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺣﺑوﺳـﺎ ﻓـﺄﺗﻳﺗم‬ ‫ﻣرﻳـﺿﺎ ﻓزرﺗﻣـوﻧﻰ‪.‬‬ ‫ﻋرﻳﺎﻧـﺎ ﻓﻛـﺳوﺗﻣوﻧﻰ‪.‬‬ ‫ﻓﺂوﻳﺗﻣوﻧﻰ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫إﻟـﻰ" ﺛـم أﺿــﻔت وﻗﻠـت "اﻟﺣــق أﻗـوﻝ ﻟﻛــم ﺑﻣـﺎ أﻧﻛــم ﻓﻌﻠـﺗم ﺑﺄﺣــد إﺧــوﺗﻰ‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﺻﺎﻏر ﻓﺑﻰ ﻓﻌﻠﺗم" )ﻣت‪.(40-35 :25‬‬ ‫‪-47-‬‬

‫وأﺣﻳﺎًﻧــﺎ أراك ﻣــن ﺧــﻼﻝ اﻟــﺿﻌف اﻟروﺣــﻰ ﻓــﻰ اﻟﺑﻌﻳــدﻳن وﻗــﺳﺎة‬ ‫اﻟﻘﻠــوب واﻟظــﺎﻟﻣﻳن وﻛــﻝ اﻷﺷ ـرار‪ ،‬ﻓﻬــم ﺟﻣﻳ ًﻌــﺎ ﺻــورﺗك وﻣﺣﺗــﺎﺟون أن‬

‫أظﻬر ﺣﺑك ﻟﻬم ﻟﻳﺄﺗوا إﻟﻳك وﻳﻔرﺣوا ﺑﺳﻛﻧﺎك ﻓﻳﻬم‪.‬‬

‫)‪ (4‬أنت المساند ‪:‬‬ ‫أرﻳ ــد أن أﺣ ــب اﻟﺟﻣﻳ ــﻊ وﻟﻛ ــن إﺑﻠ ــﻳس ﻳﺣ ــﺎوﻝ أن ﻳ ــﺷﻐﻠﻧﻰ ﻋ ــﻧﻬم‬ ‫ﺑﺎﻫﺗﻣﺎﻣــﺎﺗﻰ اﻟﻛﺛﻳ ـرة وﻣــﺷﺎﻏﻠﻰ‪ ،‬وﻳﺣــﺎوﻝ أﺣﻳﺎًﻧــﺎ أن ﻳــﺳﻘطﻧﻰ ﻓــﻰ إداﻧــﺔ‬ ‫اﻵﺧـ ـ ـرﻳن واﻟ ـ ــﺿﻳق ﻣ ـ ــﻧﻬم ﻟﻛﺛـ ـ ـرة إﺳ ـ ــﺎءاﺗﻬم‪ ،‬وأﺣﻳﺎًﻧ ـ ــﺎ أﺧ ـ ــرى ﻳط ـ ــﺎﻟﺑﻧﻰ‬

‫اﻟﻣﻘرﺑون ﺑﻌدم اﻹﻧﻔﺗﺎح ﺑﺎﻟﺣب ﻧﺣو اﻟﺟﻣﻳﻊ ﺑـدﻋوى ﻏرﻳﺑـﺔ ﻳﻘوﻟـون ﻓﻳﻬـﺎ‬ ‫)إن ﻣﺎ ﻳﺣﺗﺎﺟﻪ اﻟﺑﻳت ﻳﺣرم ﻋﻠﻰ‪.(....‬‬ ‫ﻟـذا أﺣﺗـﺎج إﻟــﻰ ﻣﻌوﻧﺗـك ﻳــﺎ رﺑـﻰ ﻟﺗﻣﻸﻧــﻰ ﺑﺣﺑـك ﻓــﺄﻋﺑر ﻓـوق ﻛــﻝ‬ ‫اﻟﻌﻘﺑ ــﺎت وأﻧﻔ ــﺗﺢ ﺑﺎﻟﻣﺣﺑ ــﺔ ﻧﺣ ــو ﻛ ــﻝ ﻣﺣﺗ ــﺎج وأﺳ ــﺎﻋد ﻛ ــﻝ إﻧ ــﺳﺎن ﻗرﻳ ــب‬ ‫وﺑﻌﻳد ﻓﺂراك ﻓﻰ ﻛﻝ اﻟﻧﺎس وأﻓرح ﺑﻠﻘﻳﺎك‪.‬‬ ‫دﺧﻝ ﻫذا اﻟطﺑﻳب اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﻓﻰ ﻟﻳﻠﺔ اﻟﻌﻳـد وﻋﻧـد دﺧوﻟـﻪ ﻻﺣـظ أن‬

‫ﻓراش اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﻳﻣﻧﻊ رﺟـﻼً ﻓﻘﻳـ ًار ﻳﻠـﺑس ﻣﻼﺑـس ﻣﻬﻠﻬﻠـﺔ ﻋﻧـد اﻟـدﺧوﻝ إﻟـﻰ‬ ‫اﻟﻛﻧﻳ ــﺳﺔ‪ ،‬إذ ﺧ ــﺷﻰ أن ﻳﻛ ــون ﻣﻧد ًﺳـــﺎ ﻟﻳـــﺳرق أى ﺷ ــﺊ وﻏﻳـــر ﻣﻧﺎﺳـــب‬

‫ﺗواﺟـدﻩ ﻓــﻰ ﻫــذا اﻟﻳــوم اﻟﻌظــﻳم‪ ،‬ﻓﺄﺷــﻔق اﻟطﺑﻳــب ﻋﻠــﻰ ﻫــذا اﻟﻔﻘﻳــر وطﻠــب‬ ‫‪-48-‬‬

‫ﻣــن اﻟﻔــراش أن ﻳﺗرﻛ ــﻪ ﻳــدﺧﻝ وﻳــﺻﻠﻰ‪ ،‬واﺣﺗ ار ًﻣ ــﺎ ﻟﻠطﺑﻳــب اﻟــذى ﻳﻌرﻓ ــﻪ‬ ‫ﺟﻳدا ﺳﻣﺢ ﻟﻠﻔﻘﻳر أن ﻳدﺧﻝ‪ ،‬ﻓﺟﻠس ﻓﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻔراش ً‬

‫راﻗب اﻟطﺑﻳب اﻟرﺟﻝ اﻟﻔﻘﻳر وﻫو ﻳﺟﻠـس ﺑﺧـﺷوع واﺗـﺿﺎع واﺿـﺢ‬

‫ﻣﺷﺎرﻛﺎ ﻓﻰ ﺻﻠوات اﻟﻘـداس ﺑﻛـﻝ ﺗرﻛﻳـز واﻫﺗﻣـﺎم وﻟـم‬ ‫ﻓﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﺗﺣــرك ﻣــن ﻣﻛﺎﻧــﻪ ط ـواﻝ اﻟــﺻﻼة‪ .‬وﻓــﻰ ﻧﻬﺎﻳــﺔ اﻟﻘــداس إﻧــﺻرف اﻟﻧــﺎس‬ ‫ﻓرﺣﻳن وأﻣﺎ اﻟطﺑﻳب ﻓﻘد أﺳﺗرﻋﻰ اﻧﺗﺑﺎﻫﻪ ﻫـذا اﻟﻔﻘﻳـر إذ ﺷـﻌر ﺑروﺣﺎﻧﻳﺗـﻪ‬

‫أﻳﺿﺎ أﻧﻪ ﻗـد ﺑﻘـﻰ ﻓـﻰ ﻣﻛﺎﻧـﻪ ﺣﺗـﻰ اﻧـﺻرف‬ ‫وأن ﻓﻳﻪ ً‬ ‫ﺷﻳﺋﺎ ﻣﺗﻣﻳ ًاز وﻻﺣظ ً‬ ‫ﻣﻌظم اﻟﻧﺎس‪ ،‬ﻓﺎﻗﺗرب ﻣﻧﻪ اﻟطﺑﻳب وﻗﺎﻝ ﻟﻪ‪:‬‬ ‫إﻟﻰ أﻳن أﻧت ذاﻫب اﻵن ؟‬ ‫ﻏرﻳب‪.‬‬

‫ﻓﺄﺟــﺎب اﻟﻔﻘﻳــر ﺑﺧﺟــﻝ ‪ :‬إن ﻟــﻳس ﻟــﻰ ﻣﻛــﺎن ﻷذﻫــب إﻟﻳــﻪ ﻷﻧــﻰ‬ ‫ﻗﺎﺋﻼ‬ ‫ﻓﻘﺎﻝ اﻟطﺑﻳب ‪ :‬وﻛﻳف ﺳﺗﻘﺿﻰ ﻟﻳﻠﺔ اﻟﻌﻳد ؟‪ ..‬ﺛم أردف‬ ‫ً‬

‫ﻫﻝ ﻳﻣﻛن أن ﺗﺄﻛﻝ ﻣﻌﻰ ﻟﻘﻣﺔ ﺻﻐﻳرة ﻓﻰ ﺑﻳﺗﻰ ؟‬

‫واﻓــق اﻟﻔﻘﻳــر واﻧــﺻرف ﻣــﻊ اﻟطﺑﻳــب إﻟــﻰ ﺑﻳﺗــﻪ‪ ،‬وﻟﻣــﺎ دﺧــﻝ أﺳــرع‬

‫اﻟطﺑﻳب ﱢ‬ ‫ﻟﻳﻌﻳد ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ وﻳﺧﺑرﻫﺎ ﺑوﺟود ﻫذا اﻟـﺿﻳف ﻣﻌـﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻣـﺎ أرﺗـﻪ‬ ‫ﺑﺛﻳﺎﺑـﻪ اﻟﻣﻬﻠﻬﻠــﺔ اﻟﻘــذرة إﻋﺗرﺿـت ﺑــﺷدة ﻋﻠــﻰ اﺳـﺗﻘﺑﺎﻟﻪ ﻓــﻰ ﺑﻳﺗﻬــﺎ وطﻠﺑــت‬ ‫‪-49-‬‬

‫ـﺎرﻗﺎ أو ﻋﻠــﻰ اﻷﻗــﻝ ﺳﻳﻔــﺳد اﻟﻣﻛــﺎن‬ ‫ﻣﻧــﻪ أن ﻳطــردﻩ ﺑــﺳرﻋﺔ ﻓﻘــد ﻳﻛــون ﺳـ ً‬ ‫ﺑﺛﻳﺎﺑــﻪ اﻟﻘــذرة‪ .‬ﺣــﺎوﻝ اﻟطﺑﻳــب إﻗﻧــﺎع زوﺟﺗــﻪ اﻟﺗــﻰ أﺻــرت ﻋﻠــﻰ اﻟــرﻓض‬ ‫وأﻣــﺎم اﻋﺗ ارﺿــﻬﺎ ﻗــﺎﻝ ﻟﻬــﺎ "إن ﺧــرج ﻫــذا اﻟرﺟــﻝ ﺳــﺄﺧرج ﻷﺗﻌــﺷﻰ ﻣﻌــﻪ"‬ ‫وأﺧذ ﺑﻌض اﻟطﻌـﺎم اﻟﻣﻌـد ﻟﻠﻳﻠـﺔ اﻟﻌﻳـد وﺧـرج ﻣـﻊ ﻫـذا اﻟﻔﻘﻳـر ﻟﻳـذﻫﺑﺎ إﻟـﻰ‬ ‫ﻋﻳﺎدﺗﻪ‪.‬‬ ‫إﻋﺗــذر اﻟطﺑﻳــب ﻟﻠرﺟــﻝ ﻋــن ﻋــدم اﺳــﺗﻘﺑﺎﻟﻪ ﻓــﻰ ﺑﻳﺗــﻪ وﻟﻛــن اﻟﻔﻘﻳــر‬

‫طﻳب ﺧﺎطر اﻟطﺑﻳب واﻋﺗذر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس أﻧﻪ ﱠ‬ ‫ﺳﺑب ﻣﺗﺎﻋب ﻟﻪ‪.‬‬

‫ﻓـ ــﻰ اﻟﻌﻳـ ــﺎدة ﺟﻠـ ــس اﻹﺛﻧـ ــﺎن وﺑﻌـ ــد أن وﺿـ ــﻊ اﻟطﺑﻳـ ــب اﻟطﻌـ ــﺎم‬

‫أﻣﺎﻣﻬﻣــﺎ‪ ،‬ﻣـ ﱠـد اﻟﻔﻘﻳــر ﻳــدﻩ وﺑــﺎرك اﻟطﻌــﺎم ﺑﻌﻼﻣــﺔ اﻟــﺻﻠﻳب وأﻣــﺳك ﺑﺟــزء‬ ‫ﻣــن اﻟطﻌــﺎم ﻓظﻬــر أﺛــر ﺟــرح ﻋﻣﻳــق ﻓــﻰ ﻳــدﻩ ﻋﻧــد ﻧﻬﺎﻳــﺔ ﻛﻔــﻪ ﺛــم اﺧﺗﻔــﻰ‬ ‫ﻣن أﻣﺎﻣﻪ‪.‬‬ ‫إﻋﺗرى اﻟطﺑﻳب ﺧوف وﻓرح ﻋظﻳم إذ ﻓﻬم أﻧﻪ اﺳﺗﺿﺎف اﻟﻣـﺳﻳﺢ‬ ‫ﻧﻔــﺳﻪ ورأى أﺛ ــر اﻟﻣ ــﺳﺎﻣﻳر ﻓــﻰ ﻳ ــدﻩ‪ ،‬ﻓ ــﺻﻠﻰ ﺻــﻼة ﻋﻣﻳﻘ ــﺔ وﺷ ــﻛر اﷲ‬ ‫اﻟذى أﻧﻌم ﻋﻠﻳﻪ ﺑرؤﻳﺗﻪ ﻓﻰ ﺷﻛﻝ ﻫذا اﻟﻔﻘﻳر‪.‬‬

‫‪-50-‬‬

‫الفھـرس‬ ‫اﻟﻣﻘدﻣــﺔ ‪..........................................‬‬

‫‪1‬‬

‫اﻟﺑﺎب اﻷوﻝ ‪ :‬رؤﻳﺔ اﻟﻣﺳﻳﺢ اﻟﻘﺎﺋم ‪....................‬‬

‫‪3‬‬

‫اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻰ ‪ :‬ﺷروط رؤﻳﺔ اﷲ ‪.......................‬‬

‫‪8‬‬

‫اﻟﻔﺻﻝ اﻷوﻝ ‪ :‬اﻟﻧﻘﺎوة ‪.........................‬‬

‫‪9‬‬

‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻰ ‪ :‬اﻟﺗﺟرد ‪........................‬‬

‫‪16‬‬

‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬اﻹﻳﻣﺎن ‪.......................‬‬

‫‪24‬‬

‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟراﺑﻊ ‪ :‬اﻹﺗﺿﺎع ‪......................‬‬

‫‪36‬‬

‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺧﺎﻣس‪ :‬ﻣﺣﺑﺔ اﻵﺧرﻳن ‪...............‬‬

‫‪43‬‬

‫‪-51-‬‬