مجلة مقاربات - العدد الأول

‫ﻗﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻭﺍﻹﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻔﻨﻲ ‪ :‬ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻷﺛﺮ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ١‬ﻣﺤ‪‬ﺮﻡ ‪ ١٤٣٩‬ﻫـ ‪/‬ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ‪٢٠١٧‬‬

‫ﻣﺠـﻠﺔ ﻓﺼــﻠ‪‬ﻴﺔ‬ ‫ﻓﻠﺴـﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻀــﺎﺭﻱ‬ ‫ﻣــﻦ ﻣﻨــﻈﻮﺭ ﻗــﺮﺁﻧــﻲ‬

‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺃﺧﻄﺎء ﺍﻟﻔـﺘﻮﻯ ﻭﺍﻻﺟـﺘﻬﺎﺩ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬

‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻼء ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ‬

‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟـﺜﻮﺭﺓ‬

‫ﻣﺤﺮﻡ ‪١٤٣٩‬ﻫـ ‪/‬ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ‪٢٠١٧‬‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪١‬‬

‫ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ‪:‬‬ ‫ﺭﺋﻴـﺲﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﺴﻴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺁﻝ ﺑﻜﺮ‬

‫ﻣﺪﻳــﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﻑ‬

‫ﺍﻟﻤﺤــــــﺮﺭ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ‬

‫ﺍﻟﻤﺪﻗﻖ ﺍﻟﻠـﻐﻮﻱ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻴﻮﺳﻒ‬

‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ ﻟﻠﻤﺠﻠﺔ ‪jou@sy-sic.com :‬‬

‫ﺍﻟﻔﻬﺮﺱ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‬

‫ﺭﻗﻢ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬

‫ﺇﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ /‬ﺧﻄﻮﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‬

‫‪2‬‬

‫ﺹ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ‬ ‫ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺭ ‪‬‬

‫‪4‬‬

‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬

‫‪8‬‬

‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺃﺧﻄﺎء ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬

‫‪22‬‬

‫ﺍﻟﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺃﺛﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬

‫‪34‬‬

‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ‬

‫‪44‬‬

‫ﻚ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪ‬ ‫‪‬ﺣ‪‬ﺒ ‪‬‬

‫‪48‬‬

‫ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻗﺮﺁﻧﻲ‬

‫‪50‬‬

‫ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‬

‫‪64‬‬

‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻼء ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ‬

‫‪70‬‬

‫ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻓﻘﻬﻴﺔ‬

‫‪78‬‬

‫ﻏﻠ‪‬ﻮ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻭﺳﻄﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴ‪‬ﻨﺔ‬

‫‪86‬‬

‫ﺷﺎﻡ ﺍﻹﺑﺎء‬

‫‪93‬‬

‫ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺪﺍﺩ‬

‫‪94‬‬

‫ﻣﺤﺮﻡ ‪١٤٣٩‬ﻫـ ‪/‬ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ‪٢٠١٧‬‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪١‬‬

‫ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ‪:‬‬ ‫ﺭﺋﻴـﺲﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﺴﻴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺁﻝ ﺑﻜﺮ‬

‫ﻣﺪﻳــﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﻑ‬

‫ﺍﻟﻤﺤــــــﺮﺭ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ‬

‫ﺍﻟﻤﺪﻗﻖ ﺍﻟﻠـﻐﻮﻱ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻴﻮﺳﻒ‬

‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ ﻟﻠﻤﺠﻠﺔ ‪jou@sy-sic.com :‬‬

‫ﺍﻟﻔﻬﺮﺱ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‬

‫ﺭﻗﻢ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬

‫ﺇﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ /‬ﺧﻄﻮﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‬

‫‪2‬‬

‫ﺹ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ‬ ‫ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺭ ‪‬‬

‫‪4‬‬

‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬

‫‪8‬‬

‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺃﺧﻄﺎء ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬

‫‪22‬‬

‫ﺍﻟﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺃﺛﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬

‫‪34‬‬

‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ‬

‫‪44‬‬

‫ﻚ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪ‬ ‫‪‬ﺣ‪‬ﺒ ‪‬‬

‫‪48‬‬

‫ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻗﺮﺁﻧﻲ‬

‫‪50‬‬

‫ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‬

‫‪64‬‬

‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻼء ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ‬

‫‪70‬‬

‫ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻓﻘﻬﻴﺔ‬

‫‪78‬‬

‫ﻏﻠ‪‬ﻮ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻭﺳﻄﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴ‪‬ﻨﺔ‬

‫‪86‬‬

‫ﺷﺎﻡ ﺍﻹﺑﺎء‬

‫‪93‬‬

‫ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺪﺍﺩ‬

‫‪94‬‬

‫ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ‬

‫ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ :‬ﺩ‪ .‬ﺣﺴﻴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺁﻝ ﺑﻜﺮ‬ ‫ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴـــــــــﻮري وﻫﻮ ﻳﺨﻄﻮ ﻧﺤﻮ ﺟﻤﻊ‬ ‫اﻟﺸــــﻤﻞ واﻟﺘﺼـــــﺪي ﻟﻼﺳﺘﺒﺪاد أو ﻷﻫﻞ اﻟﻐﻠﻮ واﻟﺘﻄﺮف؛ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺴــﺎﺣﺔ اﻟﺴــﻮرﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻜﻮن ً‬ ‫ﻣﻨﱪا ﻟﻔﻜﺮ اﻻﻋﺘﺪال‬ ‫واﻟﻮﺳﻄﻴﺔ‪ ،‬وﻧﺸـــــﺮاﻟﻮﻋﻲ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺤﻀــــــﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺘﻮازن‬ ‫اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻤﺎدي ﰲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺴــﻴﺮ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺴـــﻠﻴﻢ ﻧﺤﻮ ﳖﻀـــﺔ‬ ‫ﺣﻀﺎ رﻳﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﱪاﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﺪت واﺟﻬﺔ مزﺧﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺗﺨﺘﺒﺊ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻗﻮى اﻻﺳــﺘﻌﻤﺎر اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻓﻘﺪت ﺷﻌﻮرﻫﺎ اﻹﻧﺴــــﺎﲏ ﰲ ﻣﺴــــﺘﻨﻘﻊ اﻟﺠﺸــــﻊ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﰲ ﺳﻌﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻤﺤﻤﻮم ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﻮارد اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻀـﻌﻴﻔﺔ وﻗﺘﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‪ ...‬إن اﻟﺸـــﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﺎة اﻹﻧﺴــــﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﻨﺼـﺮﻳﺔ واﻟﻤﺼـﺎﻟﺢ اﻟﺸـﺨﺼــﻴﺔ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻪ اﻟﻤﺴــﺘﻌﻤﺮون‬ ‫وأﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻳﻮﻣ ‪.‬‬

‫وﺳـــﻌﻴ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ وﺟﻤﻊ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻗﺎم اﻟﻤﺠﻠﺲ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴــﻮري ﺑﺈﺻﺪار ﻣﺠﻠﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﺗﻔﺎ ً‬ ‫ؤﻻ ﺑﻮﺣﺪة اﻟﻤﺸـــﺮوع‬ ‫اﻹﺳـــﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﻮار واﻟﺘﻘﺎرب واﻟﺘﻌﺎ ون ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ‬ ‫وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺒﺮ‬ ‫ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻫﺠﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‬ ‫اﻣﺘﺜﺎﻻ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳـــﺒﺤﺎﻧﻪ‪ُ َ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ ِ ﱢ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة ‪ -‬اﻵﻳﺔ ‪.[٢‬‬ ‫َ ﱠَْ‬

‫إن اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳــــﻼﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﺮق أو اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻹﻗﻄﺎع‬ ‫وﻻ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺸـﺒﻪ وﻻ ﺑﺸــﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ أو‬ ‫اﻟﺸــﻴﻮﻋﻴﺔ‪ ...‬اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺨﺼـــﺎﺋﺼـــﻪ‬ ‫اﻟﻔﺮﻳﺪة واﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺸــــﺮﻳﻌﺎت اﻟﺴــــﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻺﻧﺴـــــﺎن ﺣﻘﻮﻗﻪ‬ ‫وﻛﺮاﻣﺘﻪ‪ ...‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻏــــﻴـــﺮﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﱰﻗﻴﻊ‪ ،‬وﻏﻴـــﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻷن‬ ‫ﺗﺴــــــــــــــﺘﻌﻴﺮ ﻟﻪ ﻗﻄﻊ ﻏﻴﺎر ﻣﻦ أي ﻧﻈﺎم وﺿﻌﻲ‪ ،‬وﻣﻊ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎم‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺮم ً‬ ‫أﺑﺪا اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﺘﺠﺎ رب اﻟﺒﺸــــــــﺮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻔﺎدة‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻟﻴﺪة إ رادة ﻗﻮﻳﺔ وﻋﺰﻳﻤﺔ ﺻﺎدﻗﺔ؛ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﺻـــــﺪﻗﻬﺎ‬ ‫إن ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻠﺔ‬ ‫ُ‬ ‫وﻗﻮﲥﺎ ﻣﻦ رﺳـــــــــﺎﻟﺘﻬﺎ ورﻏﺒﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ دﻳﻨﻬﻢ وأﻣﺘﻬﻢ‪،‬‬ ‫وﻫﻲ ﻣﺠﻠﺔ ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻨﺼـﻒ وﻣﻔﻜﺮ ﺣﺮ وﻣﺜﻘﻒ واع‪ ،‬ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻤﺸــﺎ رﻛﺔ‬ ‫ﰲ رﻓﻊ وﻋﻲ اﻷﻣﺔ وﺗﻮﺣﻴﺪ ﺻﻔﻬﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪.‬‬ ‫ﻫﺪف ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻠﺔ ﻫﻮ ﺗﺄﺻــــــــــﻴﻞ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﱰاث‬ ‫واﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ واﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﺴـــﻠﻢ‬ ‫اﻟﻴﻮم وﺗﺨﻠﻴﺼﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮات اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة‪.‬‬ ‫إن اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺴـﻠﻢ ﻗﺪ أﺣﺴـﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼـﺤﻮة اﻟﺸــﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬ ‫وﻟﻜﻨﻪ إﻟﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺤﺴــــــﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ واﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﺷﺪ‬ ‫واﻟﺒﻨﺎء وﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ‪.‬‬ ‫إن اﻟﻀــــــــــﻤﻴﺮ اﻹﻧﺴـــــــــــﺎﲏ اﻟﻴﻮم ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﱰواح واﻟﺜﻘﺔ‬ ‫واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ﻛﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸـــــــــــــــﺮي إﻟﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ‬ ‫واﻟﻨﺸﺎط‪.‬‬ ‫إن ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﺘﻮازن واﻟﺴــــــﻼم‬ ‫واﻟﺘﻄﻮر ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺤﺮ ﻟﻸﻓﺮاد واﻟﻤﺆﺳﺴـــــــــﺎت ﻟﻴﺪﻟﻮا‬ ‫ﺑﺪﻟﻮﻫﻢ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻷﺳﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺴـﻌﻲ ﻧﺤﻮ ﺳﻌﺎدﲥﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺪرك‬ ‫ﺿـــﺨﺎﻣﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎم اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻻﺳــــﺘﻤﺮار ﰲ‬ ‫اﺳــــــﺘﺒﺪادﻫﻢ ﺑﻐﻠﻖ ﺑﺎب اﻟﺤﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺧﺎرج إ رادﲥﻢ‬ ‫وﻣﺸــــﺎرﻳﻌﻬﻢ اﻟﺸــــﺨﺼــــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮس اﻟﺠﻬﻞ واﻟﺘﺨﻠﻒ واﻟﺨﻮف‬ ‫واﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ أﻃﻴﺎف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎﲏ‪.‬‬ ‫إن اﻟﺸــﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﺸــﺎﻛﻞ اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﻣﺴــﺄﻟﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ رﻓﻊ اﻟﺸــﻌﺎ رات‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪2‬‬

‫دورا ً‬ ‫وﻛﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ إن ﻟﻮﺳــــــــــــﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ً‬ ‫ﻛﺒﻴﺮا ﰲ اﺟﺘﺬاب اﻟﻨﻔﻮس‬ ‫وﺻــــــﻴﺎﻏﺔ اﻷﻓﻜﺎر‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺄﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﻋﻼم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻌﻘﻮﻻ أن‬ ‫ﺣﺮﻓﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺤﻖ وﻳﻬﺪم أﺻﻮل اﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ...‬وﻟﻴﺲ‬ ‫َ ﱟ‬ ‫ﻧﺴـــــــــﻤﻊ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﻃﻨﻴﻨ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ‪ ،‬وﻟﻠﺤﻖ أﻧﻴﻨ ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﻤﻠﻚ‬ ‫إﻋﻼﻣ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻤﻌﺠﺰ اﻟﺒﻴﺎن‪ ،‬ورﺳــــﻮﻟﻨﺎ ﷺ ﻗﺪ أوﰐ ﺟﻮاﻣﻊ‬ ‫اﻟﻜﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻏﺪا اﻹﻋﻼم اﻟﻴﻮم ﺳــــﻼﺣ ﻓﺘﺎﻛ ﻳﻔﻮق اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺳــــﻠﺤﺔ اﻟﱪ‬ ‫واﻟﺒﺤﺮ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺑﺎل أﻣﺘﻨﺎ ﺗﺴــــــﺘﻬﻴﻦ ﺑﻪ وﺗﺰﻫﺪ ﰲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺤﻖ‬ ‫واﻟﺒﺎﻃﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﻘﻒ ﺣﺘﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ‪.‬‬ ‫إﻧﻨﺎ ﻧﻜﺘﺐ ﺧﻄﺎﺑﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﺑﺪﻣﺎﺋﻨﺎ ﻻ ﺑﺪﻣﻮﻋﻨﺎ‪ ،‬وﻧﺨﻮض أﺷـﺮس ﻣﻌﺎ رك‬ ‫اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺰة واﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻊ اﻻﺳــــــﺘﺒﺪاد وﻗﻮى اﻻﺳــــــﺘﻜﺒﺎر اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬ ‫اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﻷرﺿﻨﺎ‪ ،‬واﻟﻤﺘﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮات ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ‪.‬‬ ‫وإن اﻟﻘﻀــــﻴﺔ اﻟﺴــــﻮرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻀـــــﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻷﺟﻞ ﻧﻴﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ‪،‬‬ ‫واﺳﱰداد اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻀـــﺎﺋﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺣﺮب ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ودﻳﻨﻴﺔ‬ ‫ﺿﺪ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺼــــــــــــﻔﻮﻳﻴﻦ وأﺷﺒﺎﻫﻬﻢ وﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﻮى‬ ‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎ رﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻠﺠﺄ ﺷﻌﺒﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻼح إﻻ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﺮﺿﻪ‬ ‫وﺣﻘﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﰲ ﺳـــــــــﻮرﻳﺎ ﻟﻌﺐ ﻣﻊ ﺣﻠﻔﺎﺋﻪ ‪-‬‬ ‫أﻋﺪاء اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ‪ -‬ﻋﻠﻰ وﺗﺮ اﻹرﻫﺎب وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺼـﻨﻊ دﻣﻰ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬وﺟﺮوا‬ ‫ﺑﻼدﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﺮب ﻛﺎرﺛﻴﺔ ﻻ ﺗﺒﻘﻲ وﻻ ﺗﺬر‪.‬‬

‫إن اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺴـﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀـﻴﺔ اﻟﺴـﻮرﻳﺔ ﻣﺎ زال ﻋﺒﺜﻴ وﻣﻀـﻴﻌﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ‬ ‫ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ أزﻣﺔ دوﻟﻴﺔ ﻻ ﻳﻘﺮر ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻮرﻳﻮن ﺑﻞ‬ ‫ﻳﻜﺘﻔﻮن ﺑﺪﻓﻊ ﻓﻮاﺗﻴــﺮﻫﺎ ﻣﻦ دﻣﺎﺋﻬﻢ وﺑﻴﻮﲥﻢ ووﻃﻨﻬﻢ وﻣﺴـﺘﻘﺒﻠﻬﻢ‪ ...‬وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ‬ ‫ﺻﺎﺑﺮون ﻋﻠﻰ ﻣﺸـﻘﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﺗﺘﺴـﺎﻗﻂ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎﺗﻪ ﻛﻞ اﻟﻤﺸـﺎرﻳﻊ اﻟﻬﺪاﻣﺔ‪ ،‬وإﻧﻨﺎ‬ ‫ﻣﺎﺿﻮن ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺼــــــــــــﺮ ﺑﺈذن اﷲ‪ ،‬وﻣﻠﺘــﺰﻣﻮن ﺑﻤﺒﺎدئ اﻟﺜﻮرة ﰲ‬ ‫ﻧﻔﺮط ﰲ ذﻟﻚ ً‬ ‫أﺑﺪا‪.‬‬ ‫ﻣﺪارﺳﻨﺎ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ وﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻨﺎ ﻻ ّ‬ ‫وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﺟــﺮى ﻣﻦ ﺗﺨﺎذل اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﺑﻞ وﺗﺂﻣـــﺮه ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﻜﻮن داﻓﻌ ﻟﻨﺎ ﻟﻤـــﺰﻳﺪ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﻼﺣﻢ ورص اﻟﺼــــﻔﻮف‪ ...‬وﺳﺘﺒﻘﻰ ﺣﻤﺺ وﺣﻠﺐ وإدﻟﺐ ودارﻳﺎ واﻟﻐﻮﻃﺔ‬ ‫ودرﻋﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﺸــﻤﻮخ ﻣﻮﺋﻼً وﻟﻠﺮﺟﻮﻟﺔ ﻣﻨﺒﺘ وﻟﻠﻤﺠﺪ دا ًرا وﻟﻺﺳﻼم ﺣﺼــﻨ‬ ‫وﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ً‬ ‫ﻋﻤﺎدا وﻟﻠﺸﻬﺎﻣﺔ ﺗﺎﺟ ‪.‬‬ ‫إن ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ اﻹﺳـــــﻼﻣﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺣﺮوب ﻫﻮ ﺻـــــﺮاع ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ‬ ‫وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻴﺪة‪ ،‬واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺸــﻬﺪ أن أﻣﺘﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﺴـــﺘﺴـــﻠﻢ ﻳﻮﻣًﺎﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻦ ﺗﺴـــﺘﺴـــﻠﻢ ﰲ‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬ ‫وإن ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎس ً‬ ‫أﺟﺮا اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﺼــــﻴﺎح واﻟﻌﻮﻳﻞ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ‬ ‫ﻋﻤﻞ ﴿وﻻ ﲥﻨﻮا وﻻ ﺗﺤﺰﻧﻮا وأﻧﺘﻢ اﻷﻋﻠﻮن إن ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ﴾‪.‬‬ ‫إن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﻬﺰﻣﻴﻦ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻳﺸـﻴﻊ أﺧﺒﺎر اﻟﺴـﻘﻮط واﻟﻬﺰﻳﻤﺔ وﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ‬ ‫ﺟﻠﺪ اﻟﺬات وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺴﻨﻦ اﷲ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻟﻨﺎ‪ ...‬ﻓﻘﻀﻴﺔ أن ﻧﺒﺘﻠﻰ‬ ‫وﻧﺤﺰن وﻧﺸـﻜﻮا آﻻﻣﻨﺎ ﻓﻬﺬا ﻃﺒﻊ إﻧﺴـﺎﲏ ﻣﺸـﺮوع‪ ،‬وﻟﻜﻦ أن ﻳﺘﺤﻮل ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻧﻮاح‬ ‫وﻳﺄس وﺟﻠﺪ ﻟﻠﺬات وﻗﻨﻮط ﻓﻬﻮ اﻟﻤﺄﺳـــــﺎة! وﻣﻬﻤﺎ ﺧﻴﻢ اﻟﻠﻴﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻃﺎل ﻇﻼﻣﻪ‬ ‫ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ أن ﻳﺨﺮج ﻗﻨﺪﻳﻠﻪ ﻟﻴﻀﻲء اﻟﻄﺮﻳﻖ‪...‬‬ ‫وﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﺎﺋﻨﺎ وﻣﻔﻜﺮﻳﻨﺎ اﻟﻤﺨﻠﺼـــــــﻴﻦ ﰲ ﻫﺬه اﻵوﻧﺔ اﻟﻌﺼــــــــﻴﺒﺔ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا‬ ‫ﺑﺪراﺳﺎت ﺟﺎدة ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼــــﻌﺪ واﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ﻟﺪراﺳﺔ أﺳﺒﺎب اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ‬ ‫ﺑﻨﺎ‪ ،‬ووﺿـﻊ اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻬﺎ ﺿــﻤﻦ ﻣﺒﺎد رات ﺣﻜﻴﻤﺔ ﺗﺘﺠﺎ وز اﻟﺤﺰﺑﻴﺎت واﻟﻤﻨﺎﻃﻘﻴﺎت‬ ‫واﻟﻌﺼﺒﻴﺎت‪ ،‬ﻣﺴـﺘﺸـﻌﺮﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻈﻢ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻤﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻛﻮاﻫﻠﻬﻢ ﻛﺄﻓﺮاد ﻣﻦ ﻫﺬه‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪﻫﻢ ﻓﻀـــــﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ أﻓﺮادﻫﺎ إﻻ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻌﺒﺎد‬ ‫اﷲ‪.‬‬ ‫إن اﻟﺤﺮب اﻟﻨﻔﺴـــﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎ زاﻟﺖ أﺧﻄﺮ ﺳﻼح ﻳﺴــــﺘﺨﺪﻣﻪ أﻋﺪاؤﻧﺎ ﺧﻼل‬ ‫اﻟﺴـﻨﻮات اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﻓﺈن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﻮا‬ ‫ﺑﺸـﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﻂ اﻟﻬﻤﻢ وﻗﺘﻞ اﻟﻤﺸـﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺮﲥﻢ اﻟﺴـﻮداوﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة‬ ‫وﻳﺄﺳﻬﻢ ﻣﻦاﻹﺻــــــﻼح‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎل ﻳﻌﻘﻮب ﻟﺒﻨﻴﻪ ﴿ﻻ ﺗﻴﺄﺳــﻮا ﻣﻦ روح اﷲ﴾ وﻗﺎل ﺷـــﻌﻴﺐ ﻟﻤﻮﺳـــﻰ ﴿ﻻ‬ ‫ﺗﺨﻒ﴾ وﻗﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﴿ﻻ ﺗﺤﺰن﴾‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻛﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻻﻧﺤﺰن وﻻ‬ ‫ﻧﻴﺄس وﻻ ﻧﺨﺎف‪ّ ،‬‬ ‫وأﻻ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ اﻟﻤﺼـــــــــــــــــــﺎﺋﺐ إﻟﻰ ﺗﺮك ﻣﺎ ﻧﻴﻂ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ‬ ‫وواﺟﺒﺎت‪ ...‬ﻓﻔﻲ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺤﺮﺟﺔ ﻳﺄﰐ اﻟﻨﺼﺮ ﻛﺎﻣﻼً ﺣﺎﺳﻤ ‪ ،‬وﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺳﻨﺔ اﷲ‬ ‫ﰲ اﻟﺼــــــــﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻖ واﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ،‬وﺑﻴﻦ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ واﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ...‬ﻗﺎل رﺑﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‬ ‫وﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿إن ﺗﻨﺼﺮوا اﷲ ﻳﻨﺼﺮﻛﻢ وﻳﺜﺒﺖ أﻗﺪاﻣﻜﻢ﴾‪.‬‬

‫‪ 3‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ‬

‫ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ :‬ﺩ‪ .‬ﺣﺴﻴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺁﻝ ﺑﻜﺮ‬ ‫ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴـــــــــﻮري وﻫﻮ ﻳﺨﻄﻮ ﻧﺤﻮ ﺟﻤﻊ‬ ‫اﻟﺸــــﻤﻞ واﻟﺘﺼـــــﺪي ﻟﻼﺳﺘﺒﺪاد أو ﻷﻫﻞ اﻟﻐﻠﻮ واﻟﺘﻄﺮف؛ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺴــﺎﺣﺔ اﻟﺴــﻮرﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻜﻮن ً‬ ‫ﻣﻨﱪا ﻟﻔﻜﺮ اﻻﻋﺘﺪال‬ ‫واﻟﻮﺳﻄﻴﺔ‪ ،‬وﻧﺸـــــﺮاﻟﻮﻋﻲ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺤﻀــــــﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺘﻮازن‬ ‫اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻤﺎدي ﰲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺴــﻴﺮ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺴـــﻠﻴﻢ ﻧﺤﻮ ﳖﻀـــﺔ‬ ‫ﺣﻀﺎ رﻳﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﱪاﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﺪت واﺟﻬﺔ مزﺧﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺗﺨﺘﺒﺊ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻗﻮى اﻻﺳــﺘﻌﻤﺎر اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻓﻘﺪت ﺷﻌﻮرﻫﺎ اﻹﻧﺴــــﺎﲏ ﰲ ﻣﺴــــﺘﻨﻘﻊ اﻟﺠﺸــــﻊ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﰲ ﺳﻌﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻤﺤﻤﻮم ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﻮارد اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻀـﻌﻴﻔﺔ وﻗﺘﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‪ ...‬إن اﻟﺸـــﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﺎة اﻹﻧﺴــــﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﻨﺼـﺮﻳﺔ واﻟﻤﺼـﺎﻟﺢ اﻟﺸـﺨﺼــﻴﺔ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻪ اﻟﻤﺴــﺘﻌﻤﺮون‬ ‫وأﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻳﻮﻣ ‪.‬‬

‫وﺳـــﻌﻴ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ وﺟﻤﻊ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻗﺎم اﻟﻤﺠﻠﺲ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴــﻮري ﺑﺈﺻﺪار ﻣﺠﻠﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﺗﻔﺎ ً‬ ‫ؤﻻ ﺑﻮﺣﺪة اﻟﻤﺸـــﺮوع‬ ‫اﻹﺳـــﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﻮار واﻟﺘﻘﺎرب واﻟﺘﻌﺎ ون ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ‬ ‫وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺒﺮ‬ ‫ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻫﺠﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‬ ‫اﻣﺘﺜﺎﻻ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳـــﺒﺤﺎﻧﻪ‪ُ َ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ ِ ﱢ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة ‪ -‬اﻵﻳﺔ ‪.[٢‬‬ ‫َ ﱠَْ‬

‫إن اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳــــﻼﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﺮق أو اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻹﻗﻄﺎع‬ ‫وﻻ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺸـﺒﻪ وﻻ ﺑﺸــﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ أو‬ ‫اﻟﺸــﻴﻮﻋﻴﺔ‪ ...‬اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺨﺼـــﺎﺋﺼـــﻪ‬ ‫اﻟﻔﺮﻳﺪة واﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺸــــﺮﻳﻌﺎت اﻟﺴــــﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻺﻧﺴـــــﺎن ﺣﻘﻮﻗﻪ‬ ‫وﻛﺮاﻣﺘﻪ‪ ...‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻏــــﻴـــﺮﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﱰﻗﻴﻊ‪ ،‬وﻏﻴـــﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻷن‬ ‫ﺗﺴــــــــــــــﺘﻌﻴﺮ ﻟﻪ ﻗﻄﻊ ﻏﻴﺎر ﻣﻦ أي ﻧﻈﺎم وﺿﻌﻲ‪ ،‬وﻣﻊ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎم‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺮم ً‬ ‫أﺑﺪا اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﺘﺠﺎ رب اﻟﺒﺸــــــــﺮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻔﺎدة‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻟﻴﺪة إ رادة ﻗﻮﻳﺔ وﻋﺰﻳﻤﺔ ﺻﺎدﻗﺔ؛ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﺻـــــﺪﻗﻬﺎ‬ ‫إن ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻠﺔ‬ ‫ُ‬ ‫وﻗﻮﲥﺎ ﻣﻦ رﺳـــــــــﺎﻟﺘﻬﺎ ورﻏﺒﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ دﻳﻨﻬﻢ وأﻣﺘﻬﻢ‪،‬‬ ‫وﻫﻲ ﻣﺠﻠﺔ ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻨﺼـﻒ وﻣﻔﻜﺮ ﺣﺮ وﻣﺜﻘﻒ واع‪ ،‬ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻤﺸــﺎ رﻛﺔ‬ ‫ﰲ رﻓﻊ وﻋﻲ اﻷﻣﺔ وﺗﻮﺣﻴﺪ ﺻﻔﻬﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪.‬‬ ‫ﻫﺪف ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻠﺔ ﻫﻮ ﺗﺄﺻــــــــــﻴﻞ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﱰاث‬ ‫واﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ واﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﺴـــﻠﻢ‬ ‫اﻟﻴﻮم وﺗﺨﻠﻴﺼﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮات اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة‪.‬‬ ‫إن اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺴـﻠﻢ ﻗﺪ أﺣﺴـﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼـﺤﻮة اﻟﺸــﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬ ‫وﻟﻜﻨﻪ إﻟﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺤﺴــــــﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ واﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﺷﺪ‬ ‫واﻟﺒﻨﺎء وﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ‪.‬‬ ‫إن اﻟﻀــــــــــﻤﻴﺮ اﻹﻧﺴـــــــــــﺎﲏ اﻟﻴﻮم ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﱰواح واﻟﺜﻘﺔ‬ ‫واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ﻛﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸـــــــــــــــﺮي إﻟﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ‬ ‫واﻟﻨﺸﺎط‪.‬‬ ‫إن ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﺘﻮازن واﻟﺴــــــﻼم‬ ‫واﻟﺘﻄﻮر ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺤﺮ ﻟﻸﻓﺮاد واﻟﻤﺆﺳﺴـــــــــﺎت ﻟﻴﺪﻟﻮا‬ ‫ﺑﺪﻟﻮﻫﻢ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻷﺳﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺴـﻌﻲ ﻧﺤﻮ ﺳﻌﺎدﲥﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺪرك‬ ‫ﺿـــﺨﺎﻣﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎم اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻻﺳــــﺘﻤﺮار ﰲ‬ ‫اﺳــــــﺘﺒﺪادﻫﻢ ﺑﻐﻠﻖ ﺑﺎب اﻟﺤﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺧﺎرج إ رادﲥﻢ‬ ‫وﻣﺸــــﺎرﻳﻌﻬﻢ اﻟﺸــــﺨﺼــــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮس اﻟﺠﻬﻞ واﻟﺘﺨﻠﻒ واﻟﺨﻮف‬ ‫واﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ أﻃﻴﺎف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎﲏ‪.‬‬ ‫إن اﻟﺸــﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﺸــﺎﻛﻞ اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﻣﺴــﺄﻟﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ رﻓﻊ اﻟﺸــﻌﺎ رات‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪2‬‬

‫دورا ً‬ ‫وﻛﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ إن ﻟﻮﺳــــــــــــﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ً‬ ‫ﻛﺒﻴﺮا ﰲ اﺟﺘﺬاب اﻟﻨﻔﻮس‬ ‫وﺻــــــﻴﺎﻏﺔ اﻷﻓﻜﺎر‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺄﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﻋﻼم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻌﻘﻮﻻ أن‬ ‫ﺣﺮﻓﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺤﻖ وﻳﻬﺪم أﺻﻮل اﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ...‬وﻟﻴﺲ‬ ‫َ ﱟ‬ ‫ﻧﺴـــــــــﻤﻊ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﻃﻨﻴﻨ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ‪ ،‬وﻟﻠﺤﻖ أﻧﻴﻨ ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﻤﻠﻚ‬ ‫إﻋﻼﻣ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻤﻌﺠﺰ اﻟﺒﻴﺎن‪ ،‬ورﺳــــﻮﻟﻨﺎ ﷺ ﻗﺪ أوﰐ ﺟﻮاﻣﻊ‬ ‫اﻟﻜﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻏﺪا اﻹﻋﻼم اﻟﻴﻮم ﺳــــﻼﺣ ﻓﺘﺎﻛ ﻳﻔﻮق اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺳــــﻠﺤﺔ اﻟﱪ‬ ‫واﻟﺒﺤﺮ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺑﺎل أﻣﺘﻨﺎ ﺗﺴــــــﺘﻬﻴﻦ ﺑﻪ وﺗﺰﻫﺪ ﰲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺤﻖ‬ ‫واﻟﺒﺎﻃﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﻘﻒ ﺣﺘﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ‪.‬‬ ‫إﻧﻨﺎ ﻧﻜﺘﺐ ﺧﻄﺎﺑﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﺑﺪﻣﺎﺋﻨﺎ ﻻ ﺑﺪﻣﻮﻋﻨﺎ‪ ،‬وﻧﺨﻮض أﺷـﺮس ﻣﻌﺎ رك‬ ‫اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺰة واﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻊ اﻻﺳــــــﺘﺒﺪاد وﻗﻮى اﻻﺳــــــﺘﻜﺒﺎر اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬ ‫اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﻷرﺿﻨﺎ‪ ،‬واﻟﻤﺘﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮات ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ‪.‬‬ ‫وإن اﻟﻘﻀــــﻴﺔ اﻟﺴــــﻮرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻀـــــﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻷﺟﻞ ﻧﻴﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ‪،‬‬ ‫واﺳﱰداد اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻀـــﺎﺋﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺣﺮب ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ودﻳﻨﻴﺔ‬ ‫ﺿﺪ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺼــــــــــــﻔﻮﻳﻴﻦ وأﺷﺒﺎﻫﻬﻢ وﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﻮى‬ ‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎ رﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻠﺠﺄ ﺷﻌﺒﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻼح إﻻ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﺮﺿﻪ‬ ‫وﺣﻘﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﰲ ﺳـــــــــﻮرﻳﺎ ﻟﻌﺐ ﻣﻊ ﺣﻠﻔﺎﺋﻪ ‪-‬‬ ‫أﻋﺪاء اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ‪ -‬ﻋﻠﻰ وﺗﺮ اﻹرﻫﺎب وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺼـﻨﻊ دﻣﻰ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬وﺟﺮوا‬ ‫ﺑﻼدﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﺮب ﻛﺎرﺛﻴﺔ ﻻ ﺗﺒﻘﻲ وﻻ ﺗﺬر‪.‬‬

‫إن اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺴـﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀـﻴﺔ اﻟﺴـﻮرﻳﺔ ﻣﺎ زال ﻋﺒﺜﻴ وﻣﻀـﻴﻌﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ‬ ‫ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ أزﻣﺔ دوﻟﻴﺔ ﻻ ﻳﻘﺮر ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻮرﻳﻮن ﺑﻞ‬ ‫ﻳﻜﺘﻔﻮن ﺑﺪﻓﻊ ﻓﻮاﺗﻴــﺮﻫﺎ ﻣﻦ دﻣﺎﺋﻬﻢ وﺑﻴﻮﲥﻢ ووﻃﻨﻬﻢ وﻣﺴـﺘﻘﺒﻠﻬﻢ‪ ...‬وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ‬ ‫ﺻﺎﺑﺮون ﻋﻠﻰ ﻣﺸـﻘﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﺗﺘﺴـﺎﻗﻂ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎﺗﻪ ﻛﻞ اﻟﻤﺸـﺎرﻳﻊ اﻟﻬﺪاﻣﺔ‪ ،‬وإﻧﻨﺎ‬ ‫ﻣﺎﺿﻮن ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺼــــــــــــﺮ ﺑﺈذن اﷲ‪ ،‬وﻣﻠﺘــﺰﻣﻮن ﺑﻤﺒﺎدئ اﻟﺜﻮرة ﰲ‬ ‫ﻧﻔﺮط ﰲ ذﻟﻚ ً‬ ‫أﺑﺪا‪.‬‬ ‫ﻣﺪارﺳﻨﺎ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ وﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻨﺎ ﻻ ّ‬ ‫وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﺟــﺮى ﻣﻦ ﺗﺨﺎذل اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﺑﻞ وﺗﺂﻣـــﺮه ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﻜﻮن داﻓﻌ ﻟﻨﺎ ﻟﻤـــﺰﻳﺪ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﻼﺣﻢ ورص اﻟﺼــــﻔﻮف‪ ...‬وﺳﺘﺒﻘﻰ ﺣﻤﺺ وﺣﻠﺐ وإدﻟﺐ ودارﻳﺎ واﻟﻐﻮﻃﺔ‬ ‫ودرﻋﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﺸــﻤﻮخ ﻣﻮﺋﻼً وﻟﻠﺮﺟﻮﻟﺔ ﻣﻨﺒﺘ وﻟﻠﻤﺠﺪ دا ًرا وﻟﻺﺳﻼم ﺣﺼــﻨ‬ ‫وﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ً‬ ‫ﻋﻤﺎدا وﻟﻠﺸﻬﺎﻣﺔ ﺗﺎﺟ ‪.‬‬ ‫إن ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ اﻹﺳـــــﻼﻣﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺣﺮوب ﻫﻮ ﺻـــــﺮاع ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ‬ ‫وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻴﺪة‪ ،‬واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺸــﻬﺪ أن أﻣﺘﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﺴـــﺘﺴـــﻠﻢ ﻳﻮﻣًﺎﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻦ ﺗﺴـــﺘﺴـــﻠﻢ ﰲ‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬ ‫وإن ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎس ً‬ ‫أﺟﺮا اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﺼــــﻴﺎح واﻟﻌﻮﻳﻞ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ‬ ‫ﻋﻤﻞ ﴿وﻻ ﲥﻨﻮا وﻻ ﺗﺤﺰﻧﻮا وأﻧﺘﻢ اﻷﻋﻠﻮن إن ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ﴾‪.‬‬ ‫إن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﻬﺰﻣﻴﻦ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻳﺸـﻴﻊ أﺧﺒﺎر اﻟﺴـﻘﻮط واﻟﻬﺰﻳﻤﺔ وﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ‬ ‫ﺟﻠﺪ اﻟﺬات وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺴﻨﻦ اﷲ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻟﻨﺎ‪ ...‬ﻓﻘﻀﻴﺔ أن ﻧﺒﺘﻠﻰ‬ ‫وﻧﺤﺰن وﻧﺸـﻜﻮا آﻻﻣﻨﺎ ﻓﻬﺬا ﻃﺒﻊ إﻧﺴـﺎﲏ ﻣﺸـﺮوع‪ ،‬وﻟﻜﻦ أن ﻳﺘﺤﻮل ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻧﻮاح‬ ‫وﻳﺄس وﺟﻠﺪ ﻟﻠﺬات وﻗﻨﻮط ﻓﻬﻮ اﻟﻤﺄﺳـــــﺎة! وﻣﻬﻤﺎ ﺧﻴﻢ اﻟﻠﻴﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻃﺎل ﻇﻼﻣﻪ‬ ‫ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ أن ﻳﺨﺮج ﻗﻨﺪﻳﻠﻪ ﻟﻴﻀﻲء اﻟﻄﺮﻳﻖ‪...‬‬ ‫وﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﺎﺋﻨﺎ وﻣﻔﻜﺮﻳﻨﺎ اﻟﻤﺨﻠﺼـــــــﻴﻦ ﰲ ﻫﺬه اﻵوﻧﺔ اﻟﻌﺼــــــــﻴﺒﺔ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا‬ ‫ﺑﺪراﺳﺎت ﺟﺎدة ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼــــﻌﺪ واﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ﻟﺪراﺳﺔ أﺳﺒﺎب اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ‬ ‫ﺑﻨﺎ‪ ،‬ووﺿـﻊ اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻬﺎ ﺿــﻤﻦ ﻣﺒﺎد رات ﺣﻜﻴﻤﺔ ﺗﺘﺠﺎ وز اﻟﺤﺰﺑﻴﺎت واﻟﻤﻨﺎﻃﻘﻴﺎت‬ ‫واﻟﻌﺼﺒﻴﺎت‪ ،‬ﻣﺴـﺘﺸـﻌﺮﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻈﻢ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻤﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻛﻮاﻫﻠﻬﻢ ﻛﺄﻓﺮاد ﻣﻦ ﻫﺬه‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪﻫﻢ ﻓﻀـــــﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ أﻓﺮادﻫﺎ إﻻ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻌﺒﺎد‬ ‫اﷲ‪.‬‬ ‫إن اﻟﺤﺮب اﻟﻨﻔﺴـــﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎ زاﻟﺖ أﺧﻄﺮ ﺳﻼح ﻳﺴــــﺘﺨﺪﻣﻪ أﻋﺪاؤﻧﺎ ﺧﻼل‬ ‫اﻟﺴـﻨﻮات اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﻓﺈن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﻮا‬ ‫ﺑﺸـﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﻂ اﻟﻬﻤﻢ وﻗﺘﻞ اﻟﻤﺸـﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺮﲥﻢ اﻟﺴـﻮداوﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة‬ ‫وﻳﺄﺳﻬﻢ ﻣﻦاﻹﺻــــــﻼح‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎل ﻳﻌﻘﻮب ﻟﺒﻨﻴﻪ ﴿ﻻ ﺗﻴﺄﺳــﻮا ﻣﻦ روح اﷲ﴾ وﻗﺎل ﺷـــﻌﻴﺐ ﻟﻤﻮﺳـــﻰ ﴿ﻻ‬ ‫ﺗﺨﻒ﴾ وﻗﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﴿ﻻ ﺗﺤﺰن﴾‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻛﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻻﻧﺤﺰن وﻻ‬ ‫ﻧﻴﺄس وﻻ ﻧﺨﺎف‪ّ ،‬‬ ‫وأﻻ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ اﻟﻤﺼـــــــــــــــــــﺎﺋﺐ إﻟﻰ ﺗﺮك ﻣﺎ ﻧﻴﻂ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ‬ ‫وواﺟﺒﺎت‪ ...‬ﻓﻔﻲ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺤﺮﺟﺔ ﻳﺄﰐ اﻟﻨﺼﺮ ﻛﺎﻣﻼً ﺣﺎﺳﻤ ‪ ،‬وﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺳﻨﺔ اﷲ‬ ‫ﰲ اﻟﺼــــــــﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻖ واﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ،‬وﺑﻴﻦ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ واﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ...‬ﻗﺎل رﺑﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‬ ‫وﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿إن ﺗﻨﺼﺮوا اﷲ ﻳﻨﺼﺮﻛﻢ وﻳﺜﺒﺖ أﻗﺪاﻣﻜﻢ﴾‪.‬‬

‫‪ 3‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻈﻠﻢ اﻟﺒﻌﺚ ورﻓﺾ اﻟﻨﺎس ﻷﺳــﺎﻟﻴﺒﻪ اﻟﻔﺎﺷـــﻴﺔ‬ ‫ﺧﺮﺟﺖ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺸـــﻮارع ﺑﺄﻋﺪاد ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﺸــــﻬﺪ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ أﻗﺼــــﻰ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﻰ أﻗﺼـــــﺎﻫﺎ‪ ،‬ﰲ ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻼدﻧﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻴﻼً ْ‬

‫ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ :‬ﺃﺳﺎﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫وآﻟﻪ‬ ‫ﺳﻴﺪﻧﺎ‬ ‫وأﺗﻢ ﱠ‬ ‫ْ ُ‬ ‫اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﱢ‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وأزﻛﻰ ﱠ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﱡ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ﻓﻘﺪ َ َأﺗﻰ ردح ٌ ِ‬ ‫اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ واﻟﺘﻌﺎون ﺑﻞ واﻟﺘﻨﺴــــــــــــﻴﻖ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ‬ ‫اﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ وﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ َ‬ ‫ﻃﻮﻳﻞ َ‬ ‫َ ْ ٌ‬ ‫اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ أﻫﻞ ﱡ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺪارﺳﻬﻢ ُ ِ‬ ‫اﻟﺴﻨﺔ‬ ‫وﺗﺒﺎﻳﻦ اﺟﺘﻬﺎداﲥﻢ‪ ،‬وﺗﻘﺎرﲠﻢ أو ﺗﺒﺎﻋﺪﻫﻢ ﰲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘـــــــــﻲ ﱠﻳﺘﺨﺬوﳖﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺠﺎرﻳﺔ‪،‬‬ ‫اﺧﺘﻼف‬ ‫ﻓﻤﻔﻬﻮم ْ‬ ‫أﻫِﻞ ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﺬي ﻳﺸﻤﻞ ﱠ‬ ‫أن ﺗﻜﻮن ﺟﻤﻴﻌ ً‬ ‫ﺗﻔﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد إﻻ ْ‬ ‫واﺣﺪة‬ ‫ﻳﺪا‬ ‫ً‬ ‫ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻷﺣﺪاث اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ واﻟﻄﻮارئ اﻟﺘﻲ ِ ُ‬ ‫ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪراس ﻛﺎن ﻻ َ ْ َ‬ ‫ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﲠﺎ‬ ‫ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻈﺮ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ُ ْ ُ‬ ‫ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ُ ِ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫واﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‪ ،‬ﻟﻴﺘﺨﺬوا ً‬ ‫ﱡ‬ ‫ﺗﺼﻬﺮﻫﻢ اﻟﻤﺼـــــــــــــــﻠﺤﺔ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫اﻷﺣﺪاث اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻔﺎﺟﺂت اﻟﺨﻄﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻗﺪر‪ ،‬ﻫﺬا ﻣﺎ أدرﻛﻨﺎه‬ ‫ﺑﺄﻣﻦ اﻟﺒﻼد وﺳـﻼﻣﺔ اﻟﻌﺒﺎد ﻻ ﺳـﻤﺢ اﷲ وﻻ ﱠ‬ ‫ووﻋﻴﻨﺎه ْ‬ ‫ْ‬ ‫أن ُ َ‬ ‫ﺗﻄﻴﺢ ِ َ ْ‬ ‫ﻣﺸﺎرﺑﻬﻢ‪. .‬‬ ‫ﻣﺪارﺳﻬﻢ‪ ،‬وﺗﺒﺎﻋﺪت‬ ‫اﺧﺘﻠﻔﺖ‬ ‫ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺸﺎﻳﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ رﺣﻤﺔ اﷲ ورﺿﻮاﻧﻪ‪ ،‬ﻣﻬﻤﺎ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ﻣﺪﻳﻨﺔ وﺑﻠﺪة وﻗﺮﻳﺔ ﺑﻼ اﺳـﺘﺜﻨﺎء ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﺳــﺘﻌﺎدة ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ وﺣﻔﻆ‬ ‫ﻛﺮاﻣﺘﻬﺎ واﺳــــــﺘﻘﻼل وﻃﻨﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﻐﻤﺔ اﻟﻔﺎﺟﺮة‪ ...‬وﻻ ﻳﺨﻔﻰ‬ ‫ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫أﺣﺪ ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﻞ وﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ً‬ ‫وإﻧﺴــــﺎﻧﻴﺔ‬ ‫وﺳﺎﺋﻠﻬﺎ‬ ‫وﺳﻠﻤﻴﺔ‬ ‫أﺷﻬﺮا ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﺋﻬﺎ وﺻﻔﺎﺋﻬﺎ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫أﺳـــﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮاﲥﺎ واﺣﺘﺠﺎﺟﺎﲥﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﺎﲥﺎ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ‬ ‫اﻟﻜﱪى وﻛﻞ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﲥﺎ وﻧﺸـــــــــﺎﻃﺎﲥﺎ‪ . .‬واﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﺠﺮم ﻳﻘﺎﺑﻞ‬ ‫ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺑﺄﺑﺸــــــــﻊ وأﻓﻈﻊ أﻧﻮاع اﻟﻘﺘﻞ واﻟﻮﺣﺸـــــــــﻴﺔ وﺗﻮﺟﻴﻪ‬ ‫اﻟﺮﺻـــــﺎص إﻟﻰ ﺻـــــﺪور اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ وروؤﺳــــــﻬﻢ وﺗﻮﺟﻴﻪ‬ ‫واﻟﺪﺑﺎﺑﺎت واﻟﻤﺪاﻓﻊ إﻟــﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘــﺮى واﻟﺒﻠﺪات‬ ‫اﻟﻤﺪرﻋﺎت‬ ‫ﱠ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻬﺎ‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫واﻷﻟﺒﺎء ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻘﻼء ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﻦ أﺑـــــــــــﻨﺎء ﱠ‬

‫ﱠ‬ ‫واﻟﻤﻮﺛﻘﺔ واﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﻤﺪوﻧﺔ‬ ‫اﻟﺴـﻮرﻳﺔ‪ ،‬وارﺗﻜﺐ اﻟﻔﻈﺎﺋﻊ واﻟﺠﺮاﺋﻢ‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﺪاﻋﻤﻮن أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺴــــــﻮرﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺎؤوا‬ ‫ﻣﺪ ﱠ‬ ‫ﻫﺬا وﻗﺪ ﱠ‬

‫ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻮﻋـــﻲ‬ ‫ودﻋﺎﺗﻬﺎ ووﺟﻬﺎﺋﻬﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠــﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪة َ‬

‫أﺑﺪان ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﺸـــــﺎﻋﺮ‬ ‫ﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﺑﻴﻦ ﺟﻮاﻧﺤﻬﻢ‬ ‫ﺗﻘﺸـــــﻌﺮ ﻟﻬﺎ‬ ‫ﻛﻞ َ ْ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أراد ﺑﻌﻀــــــﻬﻢ‬ ‫ﻟﻠﺸـــــﻌﺐ اﻟﺴــــــﻮري‬ ‫أﻋﻈﻢ اﻹﺳﺎءة ْ‬ ‫َ‬

‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺸـﺮف اﻟﺮﻓﻴﻊ‪ ...‬وﻫﻨﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ‬

‫اﻹﺣﺴــﺎن‪ ،‬وﻣﻦ ﺣﻴﺚ أراد اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ اﻹﺳﺎءة ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬

‫ﻻ أرﻳﺪ أن أﻃﻴﻞ اﻟﺨﻮض ﻓﻴﻪ إذ ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻜﺎﻧﻪ‪.‬‬

‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴـﺎب دﻣﺎء وأﺷﻼء أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺒﻨﺎ وﻧﺴـﺎﺋﻪ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻤﺎ ِ َ‬ ‫اﻟﺒﻼد‬ ‫ﺣﻔﻆ‬ ‫َ‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﱠ‬ ‫واﻟﻨﱡْﻀِﺞ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﺼــــــــــﻠﺤﺔ ﱠ‬ ‫َ​َ‬ ‫اﻟﻜﺎرﺛﻴــﺔ ﻟﻜﺜﻴــــــــــﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث‬ ‫اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‬ ‫ووﻗﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺠﺴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ ﺑﻼدﻧﺎ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اﻋﺘﻼء ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ اﻟﻌﺮﺑﻲ‬ ‫وﺣﺪﺗﻪ ﻫﻲ‬ ‫وﺿﺮﺑﺖ‬ ‫ﻛﻠﻤﺘﻪ‪،‬‬ ‫ﻟﻜﻦ‬ ‫وﻓﺮﻗﺖ َ‬ ‫ﺣﻠﺖ ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻣﺬر‪ ،‬ﱠ َ ْ‬ ‫اﻟﻌﻈﻤﻰ اﻟﺘﻲ ﱠ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﺷﺬر َ َ َ‬ ‫ﻓﺠﻌﻠــﺘــﻪ َ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺼـــــــــــــــﻴﺒﺔ ُ ْ َ‬ ‫ﺳﺪة اﻟﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ آذار ﰲ ﻋﺎم ﺛﻼث وﺳﺘﻴﻦ وﺗﺴـــــﻌﻤﺎﺋﺔ وأﻟﻒ‪ ،‬ﺛﻢ اﻣﺘﻄﺎء اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﻴﻦ اﻟﺤﺎﻗﺪﻳﻦ ﻟﺼـــــﻬﻮة اﻟﺤﺰب اﻟﻤﺸــــــﺆوم‪،‬‬ ‫اﻻﺷﱰاﻛﻲ ﱠ َ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫ﺗﻤﻜﻨ َْﺖ ﺗﻠﻚ ﱡ‬ ‫ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﱠ‬ ‫اﻟﻄﻐﻤﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬ ‫ﻛﻞ أﻃﺮاﻓﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺼـﻒ ﻗﺮن ْ‬ ‫وﺗﺸﺒﺜﻬﻢ ﺑﺰﻣﺎم اﻷﻣﻮر ْ‬ ‫ﱢ ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫واﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ‬ ‫ﺟﻬﺪا ﰲ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﺮﻗﺔ واﻟﺒﻐﻀــــﺎء ﺑﻴﻦ ﻓﺌﺎت اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬ ‫ﻣﻦ ﺿﺮب وﺣﺪة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴــــﻮري ﰲ اﻟﺼــــﻤﻴﻢ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﻟﻮ‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ْ‬

‫ﻓﺎﻟﻤﻬﻢ ﱠ‬ ‫أن أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﲠﺬه اﻟﺜﻮرة اﺿﻄﺮوا‬

‫وأﻃﻔﺎﻟﻪ‪ ،‬وأﻗﺼــــــــــﺪ ﲠﺆﻻء اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺪول ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎء‬

‫رﻏﻤ ﻋﻨﻬﻢ ﻟﺤﻤﻞ اﻟﺴـــﻼح ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ أﻧﻔﺴــــﻬﻢ وأﻋﺮاﺿﻬﻢ‬

‫ً‬ ‫وﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت‬ ‫ﻳﺪﻋﻮن ‪-‬‬ ‫اﻟﺸـــــــﻌﺐ اﻟﺴــــــــﻮري ‪ -‬ﻛﻤﺎ ﱠ‬

‫وﺑﻴﻮﲥﻢ وأﺣﻴﺎﺋﻬﻢ‪ ،‬وإﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮر ﺗﺠﺮي ﺑﺴــــــــــﻼﻣﺔ‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻀﻴﻘﺔ واﻟﺴـﻮداء اﻟﺬﻳﻦ رﻏﺒﻮا‬ ‫واﻷﻓﺮاد ْ‬

‫ﺗﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ‪.‬‬ ‫وﺳﻼﺳﺔ ودون وﺟﻮد أﺧﻄﺎء ﻛﺒﻴﺮة أو ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻟﻜﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺸـــــﺒﺎب ﺣﻴﻦ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻻﺿﻄﺮار ﻟﻼﺳﺘﻜﺜﺎر‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺴـــــــﻼح واﻟﻌﺘﺎد واﻟﺬﺧﻴﺮة ﻟﻴﻘﻔﻮا ﰲ وﺟﻪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻄﺎﻏﻲ‬ ‫أﻳﺪﻳﻬﻢ اﻟــــﻰ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳــــﺮﻗﺒﻮا ﰲ ِ ٍ‬ ‫ﻣﺆﻣﻦ ﱠ ً‬ ‫إﻻ وﻻ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻣﺪوا َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫وﺟﻬﺖ وآﺧـــــــــــﺮون‬ ‫ذﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺘﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا‪ ،‬وﻗﺪ ﱠ ْ ُ‬ ‫ﱠ‬

‫ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ أرﺿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺸﻌﺐ اﻟﱪيء اﻟﻤﻨﻜﻮب‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﺒﻼد وﲥﺠﻴﺮ وﻗﺘﻞ اﻟﻌﺒﺎد‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﺪ ﻳﺪ‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻨﺎ ﻳﺒﺬﻟﻮن ﺟﻬﺪﻫﻢ ﻧﺎﺻﺤﻴﻦ ﺑﻌﺪم ﱢ‬ ‫ﱠ ً‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول‪ ،‬وأن ﻳﺘﻮﺟﻪ اﻟﺸـﺒﺎب‬ ‫اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ‪،‬‬

‫ﻳﺘﺼﻮر ﻣﻦ اﻷﺳـﺎﻟﻴﺐ واﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎل‬ ‫ﻳﺘﺼﻮر وﻣﺎ ﻻ ُ َ َ ﱠ‬ ‫واﻟﺘﺠﺎر وأﺗﺒﺎع اﻷدﻳﺎن وأﺑﻨﺎء اﻟﻄﻮاﺋﻒ واﻷﻋﺮاق واﻟﻘﻮﻣﻴﺎت‪ ،‬ﺑﺄﺧﺒﺚ ﻣﺎ ُ َ َ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﺮاﺋﺢ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت‪.‬‬ ‫اﻷﺑﺎﻟﺴﺔ واﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺎﻣﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻐﻤﺔ ﺑﻤﺤﺎوﻻت ﺟﺎدة وﻣﺘﻌﺪدة ﻹﺳﻘﺎط اﻟﺮﻣﻮز واﻟﻘﺪوات اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ْ‬

‫اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﱠأﻻ ﻳﻤﺪوا أﻳﺪﻳﻬﻢ وﻳﺒﺴﻄﻮا ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ إﻻ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻛﻢ ﻛﺒﻴﺮ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫أﻛﺜﺮ ْ‬ ‫وﻣﻊ اﻧﺪﻻع اﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ْ‬ ‫ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﻛﺎﻧﺖ ﻻﺗﺰال ﺑﻘﻴﺔ واﻓﺮة ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀـ وﻣﻮدﲥﻢ و إﻳﺜﺎرﻫﻢ‪ ،‬ﱞ‬ ‫ﻣﻦ َ‬

‫وﻛﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن وأﺻــــــــﺒﺢ رواد اﻟﺜﻮرة اﻟﻴﻮم ﻳﺘﺬﻛﺮون اﻟﻤﺜﻞ‬

‫ﻣﻦ ﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ و اﻻﻋﺘﺪاد ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴــــﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﻓﻄﺮ اﷲ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﺗﺠﻴﺶ ﰲ ﻗﻠﻮب اﻟﻨﺎس وﺗﺘﻘﺪ ﺗﺤﺖ رﻣﺎد ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ وﻓﻠﺴــــﻔﺔ‬

‫)رﺿﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﺑﺎﻹﻳﺎب(‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺜﻞ ﻳﻀـﺮب ﻟﻠﻤﺮء ﻳﺸــﻘﻰ‬

‫اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺼـﺎﻟﺢ اﻟﻤﺤﻨﱠﻚ ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺠﻴﺪ ﻃﺎرق ﺑﻦ‬

‫اﻟﺒﻌﺚ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺟﺎﻫﺪة ﻋﱪ ﺧﻤﺴـــﺔ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺘﻞ اﻟﺸـــﻌﻮر اﻹﻧﺴــــﺎﲏ اﻟﺤﺮ ﰲ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎس وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﻢ إﻟﻰ أرﻗﺎء ﻳﺮون اﻟﺒﺎﻃﻞ واﻟﻈﻠﻢ‬

‫ﰲ ﻃﻠﺐ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻓﻼ ﻳﺪرﻛﻬﺎ وﻳﺮى دوﳖﺎ اﻷﻫﻮال ﻓﻴﺮﺿـــــــــــــﻰ‬

‫زﻳﺎد ﭬ ﺟﻨﻮده ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ وﻟﻴﺲ ﻟﻜﻢ إﻻ ﻣﺎ ﺗﺴـﺘﺨﻠﺼــﻮﻧﻪ‬

‫واﻟﻔﺴﺎد واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺛﻢ ﻳﺸﻴﺤﻮن ﻋﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ‪...‬‬

‫ﺑﺎﻟﺨﻠﻮص ﺳﺎﻟﻤ ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ أﻳﺪي أﻋﺪاﺋﻜﻢ‪. .‬‬ ‫ْ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪4‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫آﺧﺮ ﻓﻴﻪ ﱡ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻛﻞ اﻟﺴــــــﻼﻣﺔ ْ‬ ‫ﺑﻜﻠﻴﺘﻬﻢ ٍإﻟﻰ اﻟﺘﺰود ْ‬ ‫ﻣﺼـــــﺪر َ‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ اﻟﺘﻲ أﺻﻴﺒﺖ ﲠﺎ اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـــــﻮرﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺼـــــﺢ ﺑﻪ‬

‫‪ 5‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻈﻠﻢ اﻟﺒﻌﺚ ورﻓﺾ اﻟﻨﺎس ﻷﺳــﺎﻟﻴﺒﻪ اﻟﻔﺎﺷـــﻴﺔ‬ ‫ﺧﺮﺟﺖ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺸـــﻮارع ﺑﺄﻋﺪاد ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﺸــــﻬﺪ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ أﻗﺼــــﻰ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﻰ أﻗﺼـــــﺎﻫﺎ‪ ،‬ﰲ ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻼدﻧﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻴﻼً ْ‬

‫ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ :‬ﺃﺳﺎﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫وآﻟﻪ‬ ‫ﺳﻴﺪﻧﺎ‬ ‫وأﺗﻢ ﱠ‬ ‫ْ ُ‬ ‫اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﱢ‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وأزﻛﻰ ﱠ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﱡ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ﻓﻘﺪ َ َأﺗﻰ ردح ٌ ِ‬ ‫اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ واﻟﺘﻌﺎون ﺑﻞ واﻟﺘﻨﺴــــــــــــﻴﻖ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ‬ ‫اﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ وﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ َ‬ ‫ﻃﻮﻳﻞ َ‬ ‫َ ْ ٌ‬ ‫اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ أﻫﻞ ﱡ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺪارﺳﻬﻢ ُ ِ‬ ‫اﻟﺴﻨﺔ‬ ‫وﺗﺒﺎﻳﻦ اﺟﺘﻬﺎداﲥﻢ‪ ،‬وﺗﻘﺎرﲠﻢ أو ﺗﺒﺎﻋﺪﻫﻢ ﰲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘـــــــــﻲ ﱠﻳﺘﺨﺬوﳖﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺠﺎرﻳﺔ‪،‬‬ ‫اﺧﺘﻼف‬ ‫ﻓﻤﻔﻬﻮم ْ‬ ‫أﻫِﻞ ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﺬي ﻳﺸﻤﻞ ﱠ‬ ‫أن ﺗﻜﻮن ﺟﻤﻴﻌ ً‬ ‫ﺗﻔﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد إﻻ ْ‬ ‫واﺣﺪة‬ ‫ﻳﺪا‬ ‫ً‬ ‫ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻷﺣﺪاث اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ واﻟﻄﻮارئ اﻟﺘﻲ ِ ُ‬ ‫ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪراس ﻛﺎن ﻻ َ ْ َ‬ ‫ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﲠﺎ‬ ‫ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻈﺮ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ُ ْ ُ‬ ‫ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ُ ِ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫واﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‪ ،‬ﻟﻴﺘﺨﺬوا ً‬ ‫ﱡ‬ ‫ﺗﺼﻬﺮﻫﻢ اﻟﻤﺼـــــــــــــــﻠﺤﺔ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫اﻷﺣﺪاث اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻔﺎﺟﺂت اﻟﺨﻄﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻗﺪر‪ ،‬ﻫﺬا ﻣﺎ أدرﻛﻨﺎه‬ ‫ﺑﺄﻣﻦ اﻟﺒﻼد وﺳـﻼﻣﺔ اﻟﻌﺒﺎد ﻻ ﺳـﻤﺢ اﷲ وﻻ ﱠ‬ ‫ووﻋﻴﻨﺎه ْ‬ ‫ْ‬ ‫أن ُ َ‬ ‫ﺗﻄﻴﺢ ِ َ ْ‬ ‫ﻣﺸﺎرﺑﻬﻢ‪. .‬‬ ‫ﻣﺪارﺳﻬﻢ‪ ،‬وﺗﺒﺎﻋﺪت‬ ‫اﺧﺘﻠﻔﺖ‬ ‫ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺸﺎﻳﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ رﺣﻤﺔ اﷲ ورﺿﻮاﻧﻪ‪ ،‬ﻣﻬﻤﺎ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ﻣﺪﻳﻨﺔ وﺑﻠﺪة وﻗﺮﻳﺔ ﺑﻼ اﺳـﺘﺜﻨﺎء ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﺳــﺘﻌﺎدة ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ وﺣﻔﻆ‬ ‫ﻛﺮاﻣﺘﻬﺎ واﺳــــــﺘﻘﻼل وﻃﻨﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﻐﻤﺔ اﻟﻔﺎﺟﺮة‪ ...‬وﻻ ﻳﺨﻔﻰ‬ ‫ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫أﺣﺪ ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﻞ وﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ً‬ ‫وإﻧﺴــــﺎﻧﻴﺔ‬ ‫وﺳﺎﺋﻠﻬﺎ‬ ‫وﺳﻠﻤﻴﺔ‬ ‫أﺷﻬﺮا ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﺋﻬﺎ وﺻﻔﺎﺋﻬﺎ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫أﺳـــﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮاﲥﺎ واﺣﺘﺠﺎﺟﺎﲥﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﺎﲥﺎ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ‬ ‫اﻟﻜﱪى وﻛﻞ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﲥﺎ وﻧﺸـــــــــﺎﻃﺎﲥﺎ‪ . .‬واﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﺠﺮم ﻳﻘﺎﺑﻞ‬ ‫ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺑﺄﺑﺸــــــــﻊ وأﻓﻈﻊ أﻧﻮاع اﻟﻘﺘﻞ واﻟﻮﺣﺸـــــــــﻴﺔ وﺗﻮﺟﻴﻪ‬ ‫اﻟﺮﺻـــــﺎص إﻟﻰ ﺻـــــﺪور اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ وروؤﺳــــــﻬﻢ وﺗﻮﺟﻴﻪ‬ ‫واﻟﺪﺑﺎﺑﺎت واﻟﻤﺪاﻓﻊ إﻟــﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘــﺮى واﻟﺒﻠﺪات‬ ‫اﻟﻤﺪرﻋﺎت‬ ‫ﱠ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻬﺎ‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫واﻷﻟﺒﺎء ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻘﻼء ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﻦ أﺑـــــــــــﻨﺎء ﱠ‬

‫ﱠ‬ ‫واﻟﻤﻮﺛﻘﺔ واﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﻤﺪوﻧﺔ‬ ‫اﻟﺴـﻮرﻳﺔ‪ ،‬وارﺗﻜﺐ اﻟﻔﻈﺎﺋﻊ واﻟﺠﺮاﺋﻢ‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﺪاﻋﻤﻮن أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺴــــــﻮرﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺎؤوا‬ ‫ﻣﺪ ﱠ‬ ‫ﻫﺬا وﻗﺪ ﱠ‬

‫ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻮﻋـــﻲ‬ ‫ودﻋﺎﺗﻬﺎ ووﺟﻬﺎﺋﻬﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠــﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪة َ‬

‫أﺑﺪان ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﺸـــــﺎﻋﺮ‬ ‫ﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﺑﻴﻦ ﺟﻮاﻧﺤﻬﻢ‬ ‫ﺗﻘﺸـــــﻌﺮ ﻟﻬﺎ‬ ‫ﻛﻞ َ ْ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أراد ﺑﻌﻀــــــﻬﻢ‬ ‫ﻟﻠﺸـــــﻌﺐ اﻟﺴــــــﻮري‬ ‫أﻋﻈﻢ اﻹﺳﺎءة ْ‬ ‫َ‬

‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺸـﺮف اﻟﺮﻓﻴﻊ‪ ...‬وﻫﻨﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ‬

‫اﻹﺣﺴــﺎن‪ ،‬وﻣﻦ ﺣﻴﺚ أراد اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ اﻹﺳﺎءة ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬

‫ﻻ أرﻳﺪ أن أﻃﻴﻞ اﻟﺨﻮض ﻓﻴﻪ إذ ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻜﺎﻧﻪ‪.‬‬

‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴـﺎب دﻣﺎء وأﺷﻼء أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺒﻨﺎ وﻧﺴـﺎﺋﻪ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻤﺎ ِ َ‬ ‫اﻟﺒﻼد‬ ‫ﺣﻔﻆ‬ ‫َ‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﱠ‬ ‫واﻟﻨﱡْﻀِﺞ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﺼــــــــــﻠﺤﺔ ﱠ‬ ‫َ​َ‬ ‫اﻟﻜﺎرﺛﻴــﺔ ﻟﻜﺜﻴــــــــــﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث‬ ‫اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‬ ‫ووﻗﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺠﺴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ ﺑﻼدﻧﺎ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اﻋﺘﻼء ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ اﻟﻌﺮﺑﻲ‬ ‫وﺣﺪﺗﻪ ﻫﻲ‬ ‫وﺿﺮﺑﺖ‬ ‫ﻛﻠﻤﺘﻪ‪،‬‬ ‫ﻟﻜﻦ‬ ‫وﻓﺮﻗﺖ َ‬ ‫ﺣﻠﺖ ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻣﺬر‪ ،‬ﱠ َ ْ‬ ‫اﻟﻌﻈﻤﻰ اﻟﺘﻲ ﱠ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﺷﺬر َ َ َ‬ ‫ﻓﺠﻌﻠــﺘــﻪ َ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺼـــــــــــــــﻴﺒﺔ ُ ْ َ‬ ‫ﺳﺪة اﻟﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ آذار ﰲ ﻋﺎم ﺛﻼث وﺳﺘﻴﻦ وﺗﺴـــــﻌﻤﺎﺋﺔ وأﻟﻒ‪ ،‬ﺛﻢ اﻣﺘﻄﺎء اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﻴﻦ اﻟﺤﺎﻗﺪﻳﻦ ﻟﺼـــــﻬﻮة اﻟﺤﺰب اﻟﻤﺸــــــﺆوم‪،‬‬ ‫اﻻﺷﱰاﻛﻲ ﱠ َ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫ﺗﻤﻜﻨ َْﺖ ﺗﻠﻚ ﱡ‬ ‫ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﱠ‬ ‫اﻟﻄﻐﻤﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬ ‫ﻛﻞ أﻃﺮاﻓﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺼـﻒ ﻗﺮن ْ‬ ‫وﺗﺸﺒﺜﻬﻢ ﺑﺰﻣﺎم اﻷﻣﻮر ْ‬ ‫ﱢ ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫واﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ‬ ‫ﺟﻬﺪا ﰲ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﺮﻗﺔ واﻟﺒﻐﻀــــﺎء ﺑﻴﻦ ﻓﺌﺎت اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬ ‫ﻣﻦ ﺿﺮب وﺣﺪة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴــــﻮري ﰲ اﻟﺼــــﻤﻴﻢ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﻟﻮ‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ْ‬

‫ﻓﺎﻟﻤﻬﻢ ﱠ‬ ‫أن أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﲠﺬه اﻟﺜﻮرة اﺿﻄﺮوا‬

‫وأﻃﻔﺎﻟﻪ‪ ،‬وأﻗﺼــــــــــﺪ ﲠﺆﻻء اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺪول ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎء‬

‫رﻏﻤ ﻋﻨﻬﻢ ﻟﺤﻤﻞ اﻟﺴـــﻼح ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ أﻧﻔﺴــــﻬﻢ وأﻋﺮاﺿﻬﻢ‬

‫ً‬ ‫وﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت‬ ‫ﻳﺪﻋﻮن ‪-‬‬ ‫اﻟﺸـــــــﻌﺐ اﻟﺴــــــــﻮري ‪ -‬ﻛﻤﺎ ﱠ‬

‫وﺑﻴﻮﲥﻢ وأﺣﻴﺎﺋﻬﻢ‪ ،‬وإﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮر ﺗﺠﺮي ﺑﺴــــــــــﻼﻣﺔ‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻀﻴﻘﺔ واﻟﺴـﻮداء اﻟﺬﻳﻦ رﻏﺒﻮا‬ ‫واﻷﻓﺮاد ْ‬

‫ﺗﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ‪.‬‬ ‫وﺳﻼﺳﺔ ودون وﺟﻮد أﺧﻄﺎء ﻛﺒﻴﺮة أو ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻟﻜﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺸـــــﺒﺎب ﺣﻴﻦ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻻﺿﻄﺮار ﻟﻼﺳﺘﻜﺜﺎر‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺴـــــــﻼح واﻟﻌﺘﺎد واﻟﺬﺧﻴﺮة ﻟﻴﻘﻔﻮا ﰲ وﺟﻪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻄﺎﻏﻲ‬ ‫أﻳﺪﻳﻬﻢ اﻟــــﻰ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳــــﺮﻗﺒﻮا ﰲ ِ ٍ‬ ‫ﻣﺆﻣﻦ ﱠ ً‬ ‫إﻻ وﻻ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻣﺪوا َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫وﺟﻬﺖ وآﺧـــــــــــﺮون‬ ‫ذﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺘﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا‪ ،‬وﻗﺪ ﱠ ْ ُ‬ ‫ﱠ‬

‫ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ أرﺿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺸﻌﺐ اﻟﱪيء اﻟﻤﻨﻜﻮب‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﺒﻼد وﲥﺠﻴﺮ وﻗﺘﻞ اﻟﻌﺒﺎد‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﺪ ﻳﺪ‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻨﺎ ﻳﺒﺬﻟﻮن ﺟﻬﺪﻫﻢ ﻧﺎﺻﺤﻴﻦ ﺑﻌﺪم ﱢ‬ ‫ﱠ ً‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول‪ ،‬وأن ﻳﺘﻮﺟﻪ اﻟﺸـﺒﺎب‬ ‫اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ‪،‬‬

‫ﻳﺘﺼﻮر ﻣﻦ اﻷﺳـﺎﻟﻴﺐ واﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎل‬ ‫ﻳﺘﺼﻮر وﻣﺎ ﻻ ُ َ َ ﱠ‬ ‫واﻟﺘﺠﺎر وأﺗﺒﺎع اﻷدﻳﺎن وأﺑﻨﺎء اﻟﻄﻮاﺋﻒ واﻷﻋﺮاق واﻟﻘﻮﻣﻴﺎت‪ ،‬ﺑﺄﺧﺒﺚ ﻣﺎ ُ َ َ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﺮاﺋﺢ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت‪.‬‬ ‫اﻷﺑﺎﻟﺴﺔ واﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺎﻣﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻐﻤﺔ ﺑﻤﺤﺎوﻻت ﺟﺎدة وﻣﺘﻌﺪدة ﻹﺳﻘﺎط اﻟﺮﻣﻮز واﻟﻘﺪوات اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ْ‬

‫اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﱠأﻻ ﻳﻤﺪوا أﻳﺪﻳﻬﻢ وﻳﺒﺴﻄﻮا ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ إﻻ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻛﻢ ﻛﺒﻴﺮ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫أﻛﺜﺮ ْ‬ ‫وﻣﻊ اﻧﺪﻻع اﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ْ‬ ‫ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﻛﺎﻧﺖ ﻻﺗﺰال ﺑﻘﻴﺔ واﻓﺮة ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀـ وﻣﻮدﲥﻢ و إﻳﺜﺎرﻫﻢ‪ ،‬ﱞ‬ ‫ﻣﻦ َ‬

‫وﻛﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن وأﺻــــــــﺒﺢ رواد اﻟﺜﻮرة اﻟﻴﻮم ﻳﺘﺬﻛﺮون اﻟﻤﺜﻞ‬

‫ﻣﻦ ﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ و اﻻﻋﺘﺪاد ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴــــﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﻓﻄﺮ اﷲ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﺗﺠﻴﺶ ﰲ ﻗﻠﻮب اﻟﻨﺎس وﺗﺘﻘﺪ ﺗﺤﺖ رﻣﺎد ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ وﻓﻠﺴــــﻔﺔ‬

‫)رﺿﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﺑﺎﻹﻳﺎب(‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺜﻞ ﻳﻀـﺮب ﻟﻠﻤﺮء ﻳﺸــﻘﻰ‬

‫اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺼـﺎﻟﺢ اﻟﻤﺤﻨﱠﻚ ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺠﻴﺪ ﻃﺎرق ﺑﻦ‬

‫اﻟﺒﻌﺚ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺟﺎﻫﺪة ﻋﱪ ﺧﻤﺴـــﺔ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺘﻞ اﻟﺸـــﻌﻮر اﻹﻧﺴــــﺎﲏ اﻟﺤﺮ ﰲ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎس وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﻢ إﻟﻰ أرﻗﺎء ﻳﺮون اﻟﺒﺎﻃﻞ واﻟﻈﻠﻢ‬

‫ﰲ ﻃﻠﺐ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻓﻼ ﻳﺪرﻛﻬﺎ وﻳﺮى دوﳖﺎ اﻷﻫﻮال ﻓﻴﺮﺿـــــــــــــﻰ‬

‫زﻳﺎد ﭬ ﺟﻨﻮده ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ وﻟﻴﺲ ﻟﻜﻢ إﻻ ﻣﺎ ﺗﺴـﺘﺨﻠﺼــﻮﻧﻪ‬

‫واﻟﻔﺴﺎد واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺛﻢ ﻳﺸﻴﺤﻮن ﻋﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ‪...‬‬

‫ﺑﺎﻟﺨﻠﻮص ﺳﺎﻟﻤ ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ أﻳﺪي أﻋﺪاﺋﻜﻢ‪. .‬‬ ‫ْ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪4‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫آﺧﺮ ﻓﻴﻪ ﱡ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻛﻞ اﻟﺴــــــﻼﻣﺔ ْ‬ ‫ﺑﻜﻠﻴﺘﻬﻢ ٍإﻟﻰ اﻟﺘﺰود ْ‬ ‫ﻣﺼـــــﺪر َ‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ اﻟﺘﻲ أﺻﻴﺒﺖ ﲠﺎ اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـــــﻮرﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺼـــــﺢ ﺑﻪ‬

‫‪ 5‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﺸﻚ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻳﺮاوده ﱠ‬ ‫ﺑﺄن ﰲ ﻳـــﺪي اﻟﻌــــﺪو اﻟﻈﺎﻟﻢ وﰲ‬ ‫ﻓﺈن ﻋﺎﻗﻼً ﻻ ُ َ ِ ُ‬

‫ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴــــﻮري ﻣﻦ اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻬﻴﺌﺎت‬ ‫وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﻬﺪف اﻷول اﻟﺬي اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ﱢ‬ ‫ُ‬

‫ﻣﺴــﺘﻮدﻋﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد‪ ،‬ﺑﻞ وﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﱢ‬ ‫وﺗﺼﻤﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎء أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟﻮاﺳﻊ‪.‬‬ ‫ﺑﺈﺻﺮار‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻴﻦ؛‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎء‬

‫ِ‬ ‫وﻟﻜﻦ اﻟﻄﻤﻊ ﰲ اﻟﺘﺤــــﺮﻳــــﺮ اﻟــــﺰاﺋﻒ ﻟﺒﻌﺾ‬ ‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴــــﺮ‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫ﻒ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ ﺗﻘﻀــــﻲ ْ‬ ‫ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴــــﻨﺔ‬ ‫وﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴـــﻌﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﰲ وﺣﺪة َﺻ ﱢ‬ ‫ﺑﺄن ﻳﺘﺠﻨﱠﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎء ورﺟﺎل اﻟﻨﺨﺒﺔ وﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ْ‬

‫ﺟﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫دﻓﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﻫﺬا‬ ‫اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ َ َ َ‬ ‫اﻟﺘﺼــــــﺮف اﻟﺬي ﱠ‬ ‫ﱡ‬

‫َ​َ‬ ‫واﻟﺠﺪل ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﺨﻼﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻸ أو ﰲ وﺳــــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻـــــﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻠﻘﺎءات اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ...‬إﻧﻤﺎ ﻣﺠﺎل ذﻟﻚ ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫اﻟﺨﻮض‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﻌﻢ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﱪﻛﺔ وﺗﺰداد اﻷﻟﻔﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ‬ ‫واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة آداب اﻟﻤﻨﺎﻇﺮة وأﺧﻼق اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ْ‬ ‫ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴــــــﻠﻒ ﭫ‪ ...‬وﰲ ذﻟﻚ ُ ﱡ‬

‫ٍ‬ ‫ﺑﻀﺮوب ﻣﻦ اﻟﺤﺼــﺎر اﻟﻮﺣﺸــﻲ واﻟﺘﺂﻣﺮ‬ ‫اﻟﺒﻼء ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺒﻨﺎ ُ‬

‫ٍ‬ ‫ﻳﻤﻬﺪ ﻟﻬﺎ ْ‬ ‫ﺟﺪﻳﺪ دون ﻣﻨﺎزع‪.‬‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻷﻣﻢ ﻣﻦ‬ ‫أن ﺗﻌﻮد اﻟﻰ ّ‬ ‫ﻣﻤﺎ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺠﻮع واﻟﻌﻄﺶ واﻟﻌﺮي واﻟﻤﻮت ﻷﺑﻨﺎء‬ ‫ﺳـــــﺒﺐ‬ ‫اﻷﻣﻤﻲ اﻟﺬي‬ ‫َ‬ ‫ﱠ َ‬

‫ﱠ‬ ‫وإن ﻣﻦ أﻫﺪاف ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻠﺔ اﻟﻤﻴﻤﻮﻧﺔ )ﻣﻘﺎرﺑﺎت( ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﲏ اﻟﺴــــــﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﺣﻴﺎة ﻫﺬه اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪة‪ ،‬وﻧﺘﻤﻨﱠﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬

‫ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺼﺎﻣﺪ اﻟﻨﺒﻴﻞ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ‪.‬‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻣﻤﺎ اﺑﺘﻠﻴﺖ ﺑﻪ اﻟﺜﻮرة ﻣﻦ‬ ‫ﻛﻞ ذﻟﻚ وأﻣﺜﺎﻟﻪ وأﺿﻌﺎف أﺿﻌﺎﻓﻪ ﱠ‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻻ ﱠﻳﺘﺴـﻊ اﻟﻤﺠﺎل ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل اﻟﻤﻮﺟﺰ‬ ‫داﺧﻠﻬﺎ وﺧﺎرﺟﻬﺎ‪ -‬ﱠ‬

‫ِ‬ ‫ﻳﺘﺼـــﺪون ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻴﻬﺎ وﰲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ْ‬ ‫ﻳﺪﻟﻮا ﺑﺪﻟﻮﻫﻢ ﰲ اﻹﺻﻼح ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼــــﻌﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ؛‬ ‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺟﻤﻴِﻊ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﺠﻴﻞ‬ ‫أن ُ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ​َأﻣﺎ وﻗﺪ آن ﻟــﻲ ْ‬ ‫أن أﻋﻮد إﻟــﻰ ﺟﺬر اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﺑﺪأت ﺑﻪ وﻫﻮ‬ ‫ﺑﺎرزا َ ْ َ‬ ‫ﻣﻈﻬﺮا ً‬ ‫ً‬ ‫وﻣﻌﻠﻤ واﺿـــــــﺤ ﰲ‬ ‫اﻟﺴﻨﱢﻲ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ‬ ‫اﻟﺼ ﱢ‬ ‫وﺣﺪة ﱠ‬ ‫ﻒ ﱡ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨـــــــﻨﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ وﷲ اﻟﺤﻤﺪ واﻟﻤــــــــﻨﺔ‪ ،‬ﱠ ِ‬ ‫ﻣﻦ ﱠأول‬ ‫ﻓﺈن ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأﺳـــــــﺒﺎﺑﻪ ﻣﻊ أﻣﺜﻠﺘﻪ‪ ...‬إذ ﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻗﺪ‬ ‫وأﻧﻮاﻋﻪ‬ ‫وﺟﻮﻫﻪ‬ ‫ﻟﺒﺴﻂ‬ ‫َْ‬

‫واﻟﻜﺘﺎب ْ‬ ‫ﻳﺠﺮدوا‬ ‫اﻷوﻟﻴﺎت اﻟﺘـــــﻲ ﻳﻨﺒﻐـــــﻲ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء واﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ُ ﱠ‬ ‫أن ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﻤﻤﻬﻢ ﻟﻬﺎ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻲ‬ ‫أﻟﺴـــــﻨﺘﻬﻢ وأﻗﻼﻣﻬﻢ وﻳﺸــــــﺤﺬوا َ َ‬

‫أﺻﺎب اﻟﺜﻮرة َ ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺗﻠﻬﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻀــــــــــــــﺮب وﺣﺪﲥﺎ‬ ‫ﺑﻤﻘﺘٍﻞ ْ‬

‫اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺒﺎرﻗﺔ اﻟﺘﻲ أﺿﺎءت ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﺳـﻌﺪ ﲠﺎ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎء ﺷـﻌﺒﻨﺎ ﰲ‬

‫وﺗﻤﺰﻳﻖ ﱢ‬ ‫ﺻﻔﻬﺎ واﺧﺘﻼف رﺟﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ‪.‬‬ ‫ﻓﻜﺎن أﻛﺜﺮ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺷﺮ َ َ ٍ‬ ‫ﺧﻠﻒ ﰲ ﺗﻔﺮﻳﻖ اﻟﻜﻠﻤﺔ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﺸﺮ َ ٍ‬ ‫ﻳﻤﺜﻠﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﺒﻌﺚ وﻣﻨ َ ِ ِ‬ ‫ﺳﻠﻒ ﱢ‬ ‫ْﺘﻌﻠﻴﻪ ﺧﻼل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وﺑﻌﺜﺮة اﻟﺼــــــﻔﻮف َ ﱢ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻧﺼﻒ ٍ‬ ‫ﻣﻀﻰ‪.‬‬ ‫ﻗﺮن َ َ‬ ‫ﻣﻦ ْ‬ ‫أﻛﺜﺮ ْ‬ ‫ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻄﺮاد اﻟﺬي اﺿﻄﺮرت ﻟﻠﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ﻛﺎن ﻟﺘﺴــــــــــﻠﻴﻂ‬

‫ﻟﻘﺪ ﺻـﺪﺣﺖ ﺣﻨﺎﺟﺮ اﻟﺜﻮار ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺜﻮرة ﺑﻨﺪاء‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ" وﻟﻮ أﻣﻌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ً‬ ‫ﺟﻴﺪا‬ ‫ﺟﻤﻴﻞ ﺧﺎﻟﺪ "ﻗﺎﺋﺪﻧﺎ ﻟﻸﺑﺪ ﺳــــﻴﺪﻧﺎ ﱠ‬ ‫ﻟﻌــــــﺮﻓﻨﺎ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻨﺎ اﻟﻴﻮم؛ إﻧﻪ اﻟﺤﺐ ﰲ اﷲ واﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠــــــﻰ‬

‫اﻟﻀـﻮء ﻋﻠﻰ واﻗﻊ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺰاﻫﺮ اﻟﻤﺸـﺮق ﻗﺒﻞ ﺣﻜﻢ اﻟﺒﻌﺚ وﻣﻦ‬ ‫اﻧﺘﻌﻠﻪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﱰة اﻟﻤﻀﻴﺌﺔ ﰲ اﺳﺘﻌﺎدة ﱡ‬ ‫اﻟﻠﺤﻤﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻃﺎﻟﻌﺔ‬

‫ﻓﻼﺑﺪ ْ‬ ‫أن َ ْﻧﻘﻮى ﰲ ﺑﻮاﻃﻨﻨﺎ وﻗﺮارة ﻧﻔﻮﺳــــــــــــــﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﺬ ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫ٍ‬ ‫اﺧﺘﻼف ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد أو‬ ‫اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﺘــﻲ ﺗﻔـــﺮق ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ ﻣﻦ‬

‫وﻧﺴـــــــــــــــــﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻮدة اﻷﻟﻔﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻻﺣﱰام واﻹﻳﺜﺎر ﺑﻴﻦ‬

‫ٍ‬ ‫ﺗﺒﺎﻋﺪ ﰲ اﻟﻤﺸـــــــــــــﺮب أو ﺗﺠﺎذب ﰲ اﻵراء واﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻤﺬاﻫﺐ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣـﻮﺟـﻮدا ﰲ اﻟـﻮاﻗـﻊ‪،‬‬ ‫واﻟﻤﺪارس‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ وﻟﻮ ﻛﺎن‬ ‫وﻟﻜﻦ ْ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﺳﺒﺒﻬﺎ ﱠ‬ ‫اﻟﺪاﻋﻤﻮن أو أﻛﺜﺮﻫﻢ‪ْ ،‬‬ ‫اﻟﺴـــــﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻨﻜﺴـــــﺔ اﻟﺘﻲ ﱠ‬

‫ﺿﻌﻒ اﻟﻌﻘﻞ وﻗﺼﺮ اﻟﻨﻈﺮ وﺿﻴﻖ اﻷﻓﻖ وﻗﻠﺔ اﻟﺘﻘﻮى ْ‬ ‫أن ﻳﻤﻨﻊ ذﻟﻚ‬

‫ﺻـــﻤﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﰲ ذﻟﻚ ﱢ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺷـــﺮﻳﻜ‬ ‫وراﺋﻬﻢ‬ ‫ْ ُ‬

‫ورص اﻟﺼﻔﻮف ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‬ ‫ﻣﻦ اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻘﻠﻮب ﻋﻠﻰ اﷲ ﱢ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺮﻣﻴﻦ‪.‬‬

‫اﻟﺠﺴﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺜﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻮاب‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪6‬‬

‫اﻟﻐﻴﺐ ﱠ ِ‬ ‫وﺳﺘﺮدون ِ َإﻟﻰ َ ِ ِ‬ ‫﴿وﻗﻞ ْ َ ُ‬ ‫ْﺘﻢ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُﻮن َ َ ُ َ ﱡ َ‬ ‫واﻟﻤﺆﻣِﻨ َ‬ ‫َُ ِ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ ]اﻟﺘﻮﺑﺔ ‪[١٠٥‬‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ َ ْ ُ ْ‬ ‫ﻋﺎﻟﻢ ْ َ ْ ِ َ َ َ‬ ‫ﻋﻤﻠﻜﻢ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ﺑﻤﺎ ُﻛﻨ ُ ْ‬ ‫َﺒﺌﻜﻢ ِ َ‬ ‫واﻟﺸﻬﺎدة َ ُﻓﻴﻨ ﱢ ُ ُ ْ‬ ‫اﷲ َ َ َ ُ ْ‬ ‫اﻋﻤﻠﻮا َ َ َ َ‬ ‫ﻓﺴﻴﺮى ُ‬

‫َ َْ‬ ‫اﻟﺤﺐ ﰲ اﷲ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ‬ ‫ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـــﻮرﻳﺔ وذﻟﻚ ﺑﺈﻋﺎدة ﺣﻴﺎة‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻨﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ أوﺛﻖ ﻋــــــــــــــــــــــــﺮى اﻹﻳﻤﺎن‪ ،‬وﺑﻪ وﻋﻠﻴﻪ ُ َ‬ ‫ﱡ‬ ‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة‪.‬‬

‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻤﻌﺖ ﰲ ﻋﻴﻮن رﺟﺎﻟﻬﺎ‬ ‫اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـﻮرﻳﺔ وﻣﺒﺘﺪﺋﻬﺎ‪ ،‬واﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻲ َ َ ْ‬

‫ِ‬ ‫أن ﻳﻜﻮن َ َ‬ ‫ﺧﻠﻔ ﺻﺎﻟﺤ وورﻳﺜ ّ ً‬ ‫اﻟﻜﺮﻳﻢ ْ‬ ‫رﺑﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﺛﻢ رﺳﻮﻟﻪ ﷺ‪.‬‬ ‫ﻣﻤﺎ ُ ْﻳﺮﺿﻲ ّ‬ ‫ﺑﺎرا ﻟﺠﻴﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام رﺿﻮان اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ ﱠ‬

‫‪ 7‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﺸﻚ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻳﺮاوده ﱠ‬ ‫ﺑﺄن ﰲ ﻳـــﺪي اﻟﻌــــﺪو اﻟﻈﺎﻟﻢ وﰲ‬ ‫ﻓﺈن ﻋﺎﻗﻼً ﻻ ُ َ ِ ُ‬

‫ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴــــﻮري ﻣﻦ اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻬﻴﺌﺎت‬ ‫وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﻬﺪف اﻷول اﻟﺬي اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ﱢ‬ ‫ُ‬

‫ﻣﺴــﺘﻮدﻋﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد‪ ،‬ﺑﻞ وﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﱢ‬ ‫وﺗﺼﻤﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎء أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟﻮاﺳﻊ‪.‬‬ ‫ﺑﺈﺻﺮار‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻴﻦ؛‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎء‬

‫ِ‬ ‫وﻟﻜﻦ اﻟﻄﻤﻊ ﰲ اﻟﺘﺤــــﺮﻳــــﺮ اﻟــــﺰاﺋﻒ ﻟﺒﻌﺾ‬ ‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴــــﺮ‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫ﻒ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ ﺗﻘﻀــــﻲ ْ‬ ‫ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴــــﻨﺔ‬ ‫وﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴـــﻌﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﰲ وﺣﺪة َﺻ ﱢ‬ ‫ﺑﺄن ﻳﺘﺠﻨﱠﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎء ورﺟﺎل اﻟﻨﺨﺒﺔ وﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ْ‬

‫ﺟﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫دﻓﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﻫﺬا‬ ‫اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ َ َ َ‬ ‫اﻟﺘﺼــــــﺮف اﻟﺬي ﱠ‬ ‫ﱡ‬

‫َ​َ‬ ‫واﻟﺠﺪل ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﺨﻼﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻸ أو ﰲ وﺳــــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻـــــﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻠﻘﺎءات اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ...‬إﻧﻤﺎ ﻣﺠﺎل ذﻟﻚ ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫اﻟﺨﻮض‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﻌﻢ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﱪﻛﺔ وﺗﺰداد اﻷﻟﻔﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ‬ ‫واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة آداب اﻟﻤﻨﺎﻇﺮة وأﺧﻼق اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ْ‬ ‫ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴــــــﻠﻒ ﭫ‪ ...‬وﰲ ذﻟﻚ ُ ﱡ‬

‫ٍ‬ ‫ﺑﻀﺮوب ﻣﻦ اﻟﺤﺼــﺎر اﻟﻮﺣﺸــﻲ واﻟﺘﺂﻣﺮ‬ ‫اﻟﺒﻼء ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺒﻨﺎ ُ‬

‫ٍ‬ ‫ﻳﻤﻬﺪ ﻟﻬﺎ ْ‬ ‫ﺟﺪﻳﺪ دون ﻣﻨﺎزع‪.‬‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻷﻣﻢ ﻣﻦ‬ ‫أن ﺗﻌﻮد اﻟﻰ ّ‬ ‫ﻣﻤﺎ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺠﻮع واﻟﻌﻄﺶ واﻟﻌﺮي واﻟﻤﻮت ﻷﺑﻨﺎء‬ ‫ﺳـــــﺒﺐ‬ ‫اﻷﻣﻤﻲ اﻟﺬي‬ ‫َ‬ ‫ﱠ َ‬

‫ﱠ‬ ‫وإن ﻣﻦ أﻫﺪاف ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻠﺔ اﻟﻤﻴﻤﻮﻧﺔ )ﻣﻘﺎرﺑﺎت( ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﲏ اﻟﺴــــــﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﺣﻴﺎة ﻫﺬه اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪة‪ ،‬وﻧﺘﻤﻨﱠﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬

‫ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺼﺎﻣﺪ اﻟﻨﺒﻴﻞ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ‪.‬‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻣﻤﺎ اﺑﺘﻠﻴﺖ ﺑﻪ اﻟﺜﻮرة ﻣﻦ‬ ‫ﻛﻞ ذﻟﻚ وأﻣﺜﺎﻟﻪ وأﺿﻌﺎف أﺿﻌﺎﻓﻪ ﱠ‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻻ ﱠﻳﺘﺴـﻊ اﻟﻤﺠﺎل ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل اﻟﻤﻮﺟﺰ‬ ‫داﺧﻠﻬﺎ وﺧﺎرﺟﻬﺎ‪ -‬ﱠ‬

‫ِ‬ ‫ﻳﺘﺼـــﺪون ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻴﻬﺎ وﰲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ْ‬ ‫ﻳﺪﻟﻮا ﺑﺪﻟﻮﻫﻢ ﰲ اﻹﺻﻼح ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼــــﻌﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ؛‬ ‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺟﻤﻴِﻊ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﺠﻴﻞ‬ ‫أن ُ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ​َأﻣﺎ وﻗﺪ آن ﻟــﻲ ْ‬ ‫أن أﻋﻮد إﻟــﻰ ﺟﺬر اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﺑﺪأت ﺑﻪ وﻫﻮ‬ ‫ﺑﺎرزا َ ْ َ‬ ‫ﻣﻈﻬﺮا ً‬ ‫ً‬ ‫وﻣﻌﻠﻤ واﺿـــــــﺤ ﰲ‬ ‫اﻟﺴﻨﱢﻲ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ‬ ‫اﻟﺼ ﱢ‬ ‫وﺣﺪة ﱠ‬ ‫ﻒ ﱡ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨـــــــﻨﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ وﷲ اﻟﺤﻤﺪ واﻟﻤــــــــﻨﺔ‪ ،‬ﱠ ِ‬ ‫ﻣﻦ ﱠأول‬ ‫ﻓﺈن ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأﺳـــــــﺒﺎﺑﻪ ﻣﻊ أﻣﺜﻠﺘﻪ‪ ...‬إذ ﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻗﺪ‬ ‫وأﻧﻮاﻋﻪ‬ ‫وﺟﻮﻫﻪ‬ ‫ﻟﺒﺴﻂ‬ ‫َْ‬

‫واﻟﻜﺘﺎب ْ‬ ‫ﻳﺠﺮدوا‬ ‫اﻷوﻟﻴﺎت اﻟﺘـــــﻲ ﻳﻨﺒﻐـــــﻲ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء واﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ُ ﱠ‬ ‫أن ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﻤﻤﻬﻢ ﻟﻬﺎ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻲ‬ ‫أﻟﺴـــــﻨﺘﻬﻢ وأﻗﻼﻣﻬﻢ وﻳﺸــــــﺤﺬوا َ َ‬

‫أﺻﺎب اﻟﺜﻮرة َ ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺗﻠﻬﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻀــــــــــــــﺮب وﺣﺪﲥﺎ‬ ‫ﺑﻤﻘﺘٍﻞ ْ‬

‫اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺒﺎرﻗﺔ اﻟﺘﻲ أﺿﺎءت ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﺳـﻌﺪ ﲠﺎ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎء ﺷـﻌﺒﻨﺎ ﰲ‬

‫وﺗﻤﺰﻳﻖ ﱢ‬ ‫ﺻﻔﻬﺎ واﺧﺘﻼف رﺟﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ‪.‬‬ ‫ﻓﻜﺎن أﻛﺜﺮ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺷﺮ َ َ ٍ‬ ‫ﺧﻠﻒ ﰲ ﺗﻔﺮﻳﻖ اﻟﻜﻠﻤﺔ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﺸﺮ َ ٍ‬ ‫ﻳﻤﺜﻠﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﺒﻌﺚ وﻣﻨ َ ِ ِ‬ ‫ﺳﻠﻒ ﱢ‬ ‫ْﺘﻌﻠﻴﻪ ﺧﻼل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وﺑﻌﺜﺮة اﻟﺼــــــﻔﻮف َ ﱢ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻧﺼﻒ ٍ‬ ‫ﻣﻀﻰ‪.‬‬ ‫ﻗﺮن َ َ‬ ‫ﻣﻦ ْ‬ ‫أﻛﺜﺮ ْ‬ ‫ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻄﺮاد اﻟﺬي اﺿﻄﺮرت ﻟﻠﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ﻛﺎن ﻟﺘﺴــــــــــﻠﻴﻂ‬

‫ﻟﻘﺪ ﺻـﺪﺣﺖ ﺣﻨﺎﺟﺮ اﻟﺜﻮار ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺜﻮرة ﺑﻨﺪاء‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ" وﻟﻮ أﻣﻌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ً‬ ‫ﺟﻴﺪا‬ ‫ﺟﻤﻴﻞ ﺧﺎﻟﺪ "ﻗﺎﺋﺪﻧﺎ ﻟﻸﺑﺪ ﺳــــﻴﺪﻧﺎ ﱠ‬ ‫ﻟﻌــــــﺮﻓﻨﺎ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻨﺎ اﻟﻴﻮم؛ إﻧﻪ اﻟﺤﺐ ﰲ اﷲ واﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠــــــﻰ‬

‫اﻟﻀـﻮء ﻋﻠﻰ واﻗﻊ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺰاﻫﺮ اﻟﻤﺸـﺮق ﻗﺒﻞ ﺣﻜﻢ اﻟﺒﻌﺚ وﻣﻦ‬ ‫اﻧﺘﻌﻠﻪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﱰة اﻟﻤﻀﻴﺌﺔ ﰲ اﺳﺘﻌﺎدة ﱡ‬ ‫اﻟﻠﺤﻤﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻃﺎﻟﻌﺔ‬

‫ﻓﻼﺑﺪ ْ‬ ‫أن َ ْﻧﻘﻮى ﰲ ﺑﻮاﻃﻨﻨﺎ وﻗﺮارة ﻧﻔﻮﺳــــــــــــــﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﺬ ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫ٍ‬ ‫اﺧﺘﻼف ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد أو‬ ‫اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﺘــﻲ ﺗﻔـــﺮق ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ ﻣﻦ‬

‫وﻧﺴـــــــــــــــــﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻮدة اﻷﻟﻔﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻻﺣﱰام واﻹﻳﺜﺎر ﺑﻴﻦ‬

‫ٍ‬ ‫ﺗﺒﺎﻋﺪ ﰲ اﻟﻤﺸـــــــــــــﺮب أو ﺗﺠﺎذب ﰲ اﻵراء واﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻤﺬاﻫﺐ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣـﻮﺟـﻮدا ﰲ اﻟـﻮاﻗـﻊ‪،‬‬ ‫واﻟﻤﺪارس‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ وﻟﻮ ﻛﺎن‬ ‫وﻟﻜﻦ ْ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﺳﺒﺒﻬﺎ ﱠ‬ ‫اﻟﺪاﻋﻤﻮن أو أﻛﺜﺮﻫﻢ‪ْ ،‬‬ ‫اﻟﺴـــــﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻨﻜﺴـــــﺔ اﻟﺘﻲ ﱠ‬

‫ﺿﻌﻒ اﻟﻌﻘﻞ وﻗﺼﺮ اﻟﻨﻈﺮ وﺿﻴﻖ اﻷﻓﻖ وﻗﻠﺔ اﻟﺘﻘﻮى ْ‬ ‫أن ﻳﻤﻨﻊ ذﻟﻚ‬

‫ﺻـــﻤﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﰲ ذﻟﻚ ﱢ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺷـــﺮﻳﻜ‬ ‫وراﺋﻬﻢ‬ ‫ْ ُ‬

‫ورص اﻟﺼﻔﻮف ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‬ ‫ﻣﻦ اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻘﻠﻮب ﻋﻠﻰ اﷲ ﱢ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺮﻣﻴﻦ‪.‬‬

‫اﻟﺠﺴﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺜﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻮاب‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪6‬‬

‫اﻟﻐﻴﺐ ﱠ ِ‬ ‫وﺳﺘﺮدون ِ َإﻟﻰ َ ِ ِ‬ ‫﴿وﻗﻞ ْ َ ُ‬ ‫ْﺘﻢ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُﻮن َ َ ُ َ ﱡ َ‬ ‫واﻟﻤﺆﻣِﻨ َ‬ ‫َُ ِ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ ]اﻟﺘﻮﺑﺔ ‪[١٠٥‬‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ َ ْ ُ ْ‬ ‫ﻋﺎﻟﻢ ْ َ ْ ِ َ َ َ‬ ‫ﻋﻤﻠﻜﻢ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ﺑﻤﺎ ُﻛﻨ ُ ْ‬ ‫َﺒﺌﻜﻢ ِ َ‬ ‫واﻟﺸﻬﺎدة َ ُﻓﻴﻨ ﱢ ُ ُ ْ‬ ‫اﷲ َ َ َ ُ ْ‬ ‫اﻋﻤﻠﻮا َ َ َ َ‬ ‫ﻓﺴﻴﺮى ُ‬

‫َ َْ‬ ‫اﻟﺤﺐ ﰲ اﷲ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ‬ ‫ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـــﻮرﻳﺔ وذﻟﻚ ﺑﺈﻋﺎدة ﺣﻴﺎة‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻨﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ أوﺛﻖ ﻋــــــــــــــــــــــــﺮى اﻹﻳﻤﺎن‪ ،‬وﺑﻪ وﻋﻠﻴﻪ ُ َ‬ ‫ﱡ‬ ‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة‪.‬‬

‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻤﻌﺖ ﰲ ﻋﻴﻮن رﺟﺎﻟﻬﺎ‬ ‫اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـﻮرﻳﺔ وﻣﺒﺘﺪﺋﻬﺎ‪ ،‬واﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻲ َ َ ْ‬

‫ِ‬ ‫أن ﻳﻜﻮن َ َ‬ ‫ﺧﻠﻔ ﺻﺎﻟﺤ وورﻳﺜ ّ ً‬ ‫اﻟﻜﺮﻳﻢ ْ‬ ‫رﺑﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﺛﻢ رﺳﻮﻟﻪ ﷺ‪.‬‬ ‫ﻣﻤﺎ ُ ْﻳﺮﺿﻲ ّ‬ ‫ﺑﺎرا ﻟﺠﻴﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام رﺿﻮان اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ ﱠ‬

‫‪ 7‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ا ﻄ م ﺃ ﻌ ﺖﻈﻐ ﺋ وﺸﺼ ا ﺑﻌﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻳﻤﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ‬ ‫ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ‬

‫ﺗﻤﻬﻴﺪ ‪:‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ّ ،‬أﻣﺎ ﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ أﺷﺮف اﻟﺨﻠﻖ ّ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ّ‬ ‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ّ‬ ‫ﻏﻴﺮ ٍ‬ ‫ﻓﺈن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔﭬ ﻗﺪ ﻋﺎﺻﺮ ﻟﻔﱰة ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻼﻗﻞ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‬ ‫اﻷﻣﻮي ﻛﻤﺎ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ﻗﻠﻴﻠﺔ‬ ‫ﻋﺎﺻـﺮ ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﱰة ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻐﻴﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ‬ ‫وﺷﻬﺪ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ﺗﻐﻴﺮ واﺟﻬﺔ‬ ‫اﻹﻣﺎم ﺧﻼل ﺗﻠﻚ ّ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﺪة ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ ّ ّ‬ ‫أدت إﻟﻰ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻧﻘﻼﺑﺎت واﻟﺜﻮرات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻨﺘﻌﺮف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﻘﻪ اﻟﺜﻮرة ﻋﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬ ‫اﻷﻣﺮاء واﻟﺪول واﻟﺨﻠﻔﺎء‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻮاﻗﻒ ﺗﺴـــــــــﺘﺤّﻖ أن ُﺗﺪرس ّ‬

‫ّ‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻲ‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻴﺔ وﻓﻖ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫ﺗﺪرس ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺮاءة‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫ﻒ‬ ‫إن ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗ َ‬ ‫ّ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻹﻣﺎم ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻬﻤﺔ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أن ً‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ ﭫ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءﺗﻪ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻜﺎﻣﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة ّ‬ ‫ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻷﺣﻮال ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪ ،‬وآراء ّ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ّ‬ ‫ً‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ّ‬ ‫ﻳﻘﺪر اﻟﻌﻮاﻗﺐ وﻣﺂﻻت اﻷﺣﺪاث‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻋﺎدﻳ ﺑﻞ ﻛﺎن‬ ‫ﺳﻴﺎﺳـﻴ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﺎرﺿ‬ ‫ﻣﺠﺘﻬﺪا‪ ،‬ﻓﻘﻴﻬ ﰲ ﻣﻌﺎرﺿـﺘﻪ‪ّ ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻟﻠﺪﻣﺎء‪ ،‬وﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻔﺎﺻﻴِﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀـــﺎﻳﺎ ِ‬ ‫ﺗﺤﺮﻳﻤﻪ‬ ‫ﺗﻌﻈﻴﻢ‬ ‫ﻳﺠﻬﻞ ﺣﻜﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻬﺎ وﻻ‬ ‫اﻟﺸــــﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ‬ ‫وأﺛﺮﻫﺎ ﰲ أﺣﻜﺎم اﻟﺴـــﻴﺎﺳﺔ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع اﻹﻣﺎم ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻬﺎ ٌ‬ ‫أﻫﻤﻬﺎ ّ‬ ‫ﺣﻜﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﺪاث‪ ،‬وﻋﺪم ّ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺪﻗﺔ ﰲ اﻟﻨﻘﻞ‬ ‫ﻳﺠﺪ‬ ‫واﻟﻤﺘﺼــــــﺪر ﻟﻠﺒﺤﺚ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻠﺔ اﻟﻤﺼــــــﺎدر اﻟﺘﻲ َ ْ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼــــــﻌﻮﺑﺎت ﻣﻦ ّ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣ ‪ّ ،‬‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪.‬‬ ‫ﻟﻸﺣﺪاث‬ ‫ّ‬ ‫وﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﻨﺒﻂ اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ّ‬

‫ورﺿﻲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫واﻻﻗﺘﺼـــــﺎدي‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻦ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺴــــﻘﻴﻢ أن ﻳﻔﺼــــﻠﻮا اﻟﺘﺸــــﺮﻳﻊ‬ ‫ّ‬ ‫وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ُﻳﺤﺎول ﻓﻴﻪ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺈن َ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫واﻷﺋﻤﺔ واﻟﺨﻠﻔﺎء‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫ﺻﻮرة‬ ‫اﻟﻌﻈﺎم ُﻳﻌﻄﻴﻨﺎ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫واﺿﺤﺔ ﻋﻦ ﻣﻘﺪار اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻣﺪى ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻢ ﰲ ّ‬ ‫ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺣﺎل أوﻟﺌﻚ ّ‬ ‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ؛ ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﺳﺎﺳﺔ ﻋﺼــﺮﻫﻢ‪ ،‬واﺳﺘﻨﺒﺎط ﺑﻌﺾ‬ ‫واﻷﻣﺮاء واﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬واﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻘﻀــﺎة‪ ،‬وﻫﺬا ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة واﻋﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻮاﻗﻒ ﻫﺆﻻء ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‪.‬‬ ‫ﻣﺮﺗﻜﺰات ﻓﻜﺮﻫﻢ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﻤﻮاﻗﻒ ٍ‬ ‫أﻛﺜﺮﻫﻢ ﺻــــﺪﺣ ﺑﺎﻟﺤّﻖ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ وﻗﻮﻓ ﰲ وﺟﻪ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻣﻦ‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ رأﻳﺖ أن أﻛﺘﺐ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﺗﺒﻴﻴﻨ‬ ‫إﻣﺎم ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ّ‬ ‫ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻣﺮوا ﺑﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﲥﻢ ﻋﻠﻰ أﺻــــﻮﻟﻬﻢ‬ ‫وﺗﻌﺮﻓ إﻟﻰ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ وﻗﻴﻤﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳـــــﻮﻫﺎ ﰲ ﻧﻔﻮس ﺗﻼﻣﻴﺬﻫﻢ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫أﺟﻞ ﺗﺨﺮﻳﺞ ﻓﺮوع ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ وﻣﺎ ّ‬ ‫ُﻧﻘﻠﺖ إﻟﻰ أﺗﺒﺎﻋﻬﻢ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ّ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮة ﰲ‬ ‫ﻒ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﻮاﻗ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﻬﻤﺎت اﻟﺴــــــﻴﺎﺳﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻤﺤﻜﻮم‪ّ ،‬‬ ‫أن ﻣﻦ أﺑﺮز ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﺬا اﻟﺒﺎب؛ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺣّﻖ ﻣﻦ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ﻗﺮاءة أﻗﻮاﻟﻪ وﺳﱪِ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم‪.‬‬ ‫ف اﻟﻬﻤﻢ إﻟﻰ‬ ‫ﺗﻮﻟﻰ‬ ‫اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وﺗﻨﺼﺮ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻠﺘﻘﺮب‬ ‫ﻣﺤﺎوﻟﺔ‬ ‫اﺳﺘﺘﺒﻌﻪ ﻣﻦ‬ ‫اﺳﺘﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﺎ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫ﺿﺪ‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺑﺮز ﻣﺎ اﻣﺘﺎز ﺑﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻴﺔ وﻗﻮﻓﻪ ﭬ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرات ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫إﻟﻴﻪ‪ً ،‬‬ ‫ﺣﺘـﻰ‬ ‫رﻓﻀﻪ‬ ‫وﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻟﻤﻜﺎﻧﺘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬ ‫ﻧﻈﺮا‬ ‫اﻟﻤﺘﻜﺮر إﻟﻰ اﻟﻤﻄﺎردة واﻟﺘﻬﺠﻴـﺮ أﺣﻴﺎﻧ واﻟﺤﺒﺲ واﻟﺠﻠﺪ أﺣﻴﺎﻧ أﺧـﺮى‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻌﻮام‪ّ ،‬‬ ‫ﻓﺄدى ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑﺸﻬﺎدة ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ‪ ،‬ﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﻬﻢ!‬ ‫أﻛﺮﻣﻪ اﷲ‬ ‫َُ‬ ‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ُﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺄﻫﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ زﻣﺎﻧﻪ‪ ،‬وﻃﺒﻴﻌﺔ‬ ‫ﻣﺮت ﺑﺎﻹﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺗﺴـــــﺘﺤّﻖ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻟﻨﻘﺮأﻫﺎ ﻗﺮاءة‬ ‫ّ‬ ‫وﻗﺪ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬ ‫آراﺋﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻐﻴﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب‪ً ،‬‬ ‫ﻣﺴــﺘﻮﻓﻴﺔ ﻟﻔﻘﻪ اﻹﻣﺎم اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ٌ‬ ‫دراﺳﺔ ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ؛‬ ‫اﻟﻤﺠﻠﺔ‬ ‫ﻧﻈﺮا إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ‬ ‫ﺑﺤﺚ‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫اﻟﺪراﺳﺔ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أوﻟﻴﺔ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﻣﻮﻗﻔﻪ‬ ‫اﻛﺘﻔﻴﺖ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻴﻦ اﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‬ ‫ﻓﻘﺪ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴـﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻺﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢﭬ ‪ ،‬ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻣﻦ ّ‬ ‫وﻣﺤﻨﺘﻪ ﰲ ذﻟﻚ؛ ﰲ ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺬﻛﺮ ﰲ ّ‬ ‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ إن ﺷﺎء اﷲ‪.‬‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ ﻗﻀﺎء اﻟﻘﻀﺎة‪،‬‬ ‫ُ​ُ‬ ‫وﻗﺪ اﺧﱰﻧﺎ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻤﻮﻗﻔﻴﻦ ﻟﻜﻮن أﺣﺪﻫﻤﺎ ّ‬ ‫ﺑﻐﺾ‬ ‫ﻟﻨﺘﻌﺮف إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ‬ ‫ﻳﻤﺜﻞ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻟﺴـــــــﻴﺎﺳﻲ ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ واﻵﺧﺮ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ّ‬ ‫ﺧﻄﻮرة ً‬ ‫أﺛﺮ ﰲ دﻋﻢ اﻟﺜﻮرات اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﰲ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ‬ ‫ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺘﻴﻦ‬ ‫واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫ﺷﻜﻞ اﻹﻣﺎم ﺑﻤﻜﺎﻧﺘﻪ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻮﺟﻮده ٌ‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪8‬‬

‫ّ‬ ‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬ ‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﰲ ّ ٍ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ وﻣﺒﺤﺜﻴﻦ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺮ ﲠﺎ اﻹﻣﺎم‪.‬‬ ‫ﺳﻴﺎﺳﻴ ‪ ،‬واﻟﻤﺮاﺣﻞ‬ ‫ﻳﻤﻴﺰ ﻋﺼﺮ اﻹﻣﺎم‬ ‫اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ‪ :‬وﻗﺪ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أﻫﻢ ﻣﺎ ُ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ّ‬ ‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ ّ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻓﻴﻪ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﻗﺪ ّ ُ‬ ‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﲏ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ ﻗﻀﺎء اﻟﻘﻀﺎة‪ ،‬وﻗﺪ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫وأﻫﻢ اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت‪.‬‬ ‫ﺗﻮﺻﻠﺖ ﻟﻬﺎ‬ ‫ﺛﻢ‬ ‫أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﰲ اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 9‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ا ﻄ م ﺃ ﻌ ﺖﻈﻐ ﺋ وﺸﺼ ا ﺑﻌﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻳﻤﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ‬ ‫ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ‬

‫ﺗﻤﻬﻴﺪ ‪:‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ّ ،‬أﻣﺎ ﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ أﺷﺮف اﻟﺨﻠﻖ ّ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ّ‬ ‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ّ‬ ‫ﻏﻴﺮ ٍ‬ ‫ﻓﺈن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔﭬ ﻗﺪ ﻋﺎﺻﺮ ﻟﻔﱰة ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻼﻗﻞ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‬ ‫اﻷﻣﻮي ﻛﻤﺎ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ﻗﻠﻴﻠﺔ‬ ‫ﻋﺎﺻـﺮ ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﱰة ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻐﻴﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ‬ ‫وﺷﻬﺪ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ﺗﻐﻴﺮ واﺟﻬﺔ‬ ‫اﻹﻣﺎم ﺧﻼل ﺗﻠﻚ ّ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﺪة ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ ّ ّ‬ ‫أدت إﻟﻰ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻧﻘﻼﺑﺎت واﻟﺜﻮرات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻨﺘﻌﺮف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﻘﻪ اﻟﺜﻮرة ﻋﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬ ‫اﻷﻣﺮاء واﻟﺪول واﻟﺨﻠﻔﺎء‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻮاﻗﻒ ﺗﺴـــــــــﺘﺤّﻖ أن ُﺗﺪرس ّ‬

‫ّ‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻲ‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻴﺔ وﻓﻖ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫ﺗﺪرس ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺮاءة‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫ﻒ‬ ‫إن ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗ َ‬ ‫ّ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻹﻣﺎم ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻬﻤﺔ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أن ً‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ ﭫ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءﺗﻪ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻜﺎﻣﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة ّ‬ ‫ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻷﺣﻮال ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪ ،‬وآراء ّ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ّ‬ ‫ً‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ّ‬ ‫ﻳﻘﺪر اﻟﻌﻮاﻗﺐ وﻣﺂﻻت اﻷﺣﺪاث‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻋﺎدﻳ ﺑﻞ ﻛﺎن‬ ‫ﺳﻴﺎﺳـﻴ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﺎرﺿ‬ ‫ﻣﺠﺘﻬﺪا‪ ،‬ﻓﻘﻴﻬ ﰲ ﻣﻌﺎرﺿـﺘﻪ‪ّ ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻟﻠﺪﻣﺎء‪ ،‬وﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻔﺎﺻﻴِﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀـــﺎﻳﺎ ِ‬ ‫ﺗﺤﺮﻳﻤﻪ‬ ‫ﺗﻌﻈﻴﻢ‬ ‫ﻳﺠﻬﻞ ﺣﻜﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻬﺎ وﻻ‬ ‫اﻟﺸــــﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ‬ ‫وأﺛﺮﻫﺎ ﰲ أﺣﻜﺎم اﻟﺴـــﻴﺎﺳﺔ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع اﻹﻣﺎم ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻬﺎ ٌ‬ ‫أﻫﻤﻬﺎ ّ‬ ‫ﺣﻜﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﺪاث‪ ،‬وﻋﺪم ّ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺪﻗﺔ ﰲ اﻟﻨﻘﻞ‬ ‫ﻳﺠﺪ‬ ‫واﻟﻤﺘﺼــــــﺪر ﻟﻠﺒﺤﺚ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻠﺔ اﻟﻤﺼــــــﺎدر اﻟﺘﻲ َ ْ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼــــــﻌﻮﺑﺎت ﻣﻦ ّ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣ ‪ّ ،‬‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪.‬‬ ‫ﻟﻸﺣﺪاث‬ ‫ّ‬ ‫وﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﻨﺒﻂ اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ّ‬

‫ورﺿﻲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫واﻻﻗﺘﺼـــــﺎدي‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻦ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺴــــﻘﻴﻢ أن ﻳﻔﺼــــﻠﻮا اﻟﺘﺸــــﺮﻳﻊ‬ ‫ّ‬ ‫وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ُﻳﺤﺎول ﻓﻴﻪ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺈن َ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫واﻷﺋﻤﺔ واﻟﺨﻠﻔﺎء‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫ﺻﻮرة‬ ‫اﻟﻌﻈﺎم ُﻳﻌﻄﻴﻨﺎ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫واﺿﺤﺔ ﻋﻦ ﻣﻘﺪار اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻣﺪى ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻢ ﰲ ّ‬ ‫ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺣﺎل أوﻟﺌﻚ ّ‬ ‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ؛ ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﺳﺎﺳﺔ ﻋﺼــﺮﻫﻢ‪ ،‬واﺳﺘﻨﺒﺎط ﺑﻌﺾ‬ ‫واﻷﻣﺮاء واﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬واﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻘﻀــﺎة‪ ،‬وﻫﺬا ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة واﻋﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻮاﻗﻒ ﻫﺆﻻء ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‪.‬‬ ‫ﻣﺮﺗﻜﺰات ﻓﻜﺮﻫﻢ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﻤﻮاﻗﻒ ٍ‬ ‫أﻛﺜﺮﻫﻢ ﺻــــﺪﺣ ﺑﺎﻟﺤّﻖ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ وﻗﻮﻓ ﰲ وﺟﻪ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻣﻦ‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ رأﻳﺖ أن أﻛﺘﺐ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﺗﺒﻴﻴﻨ‬ ‫إﻣﺎم ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ّ‬ ‫ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻣﺮوا ﺑﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﲥﻢ ﻋﻠﻰ أﺻــــﻮﻟﻬﻢ‬ ‫وﺗﻌﺮﻓ إﻟﻰ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ وﻗﻴﻤﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳـــــﻮﻫﺎ ﰲ ﻧﻔﻮس ﺗﻼﻣﻴﺬﻫﻢ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫أﺟﻞ ﺗﺨﺮﻳﺞ ﻓﺮوع ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ وﻣﺎ ّ‬ ‫ُﻧﻘﻠﺖ إﻟﻰ أﺗﺒﺎﻋﻬﻢ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ّ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮة ﰲ‬ ‫ﻒ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﻮاﻗ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﻬﻤﺎت اﻟﺴــــــﻴﺎﺳﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻤﺤﻜﻮم‪ّ ،‬‬ ‫أن ﻣﻦ أﺑﺮز ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﺬا اﻟﺒﺎب؛ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺣّﻖ ﻣﻦ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ﻗﺮاءة أﻗﻮاﻟﻪ وﺳﱪِ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم‪.‬‬ ‫ف اﻟﻬﻤﻢ إﻟﻰ‬ ‫ﺗﻮﻟﻰ‬ ‫اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وﺗﻨﺼﺮ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻠﺘﻘﺮب‬ ‫ﻣﺤﺎوﻟﺔ‬ ‫اﺳﺘﺘﺒﻌﻪ ﻣﻦ‬ ‫اﺳﺘﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﺎ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫ﺿﺪ‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺑﺮز ﻣﺎ اﻣﺘﺎز ﺑﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻴﺔ وﻗﻮﻓﻪ ﭬ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرات ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫إﻟﻴﻪ‪ً ،‬‬ ‫ﺣﺘـﻰ‬ ‫رﻓﻀﻪ‬ ‫وﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻟﻤﻜﺎﻧﺘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬ ‫ﻧﻈﺮا‬ ‫اﻟﻤﺘﻜﺮر إﻟﻰ اﻟﻤﻄﺎردة واﻟﺘﻬﺠﻴـﺮ أﺣﻴﺎﻧ واﻟﺤﺒﺲ واﻟﺠﻠﺪ أﺣﻴﺎﻧ أﺧـﺮى‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻌﻮام‪ّ ،‬‬ ‫ﻓﺄدى ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑﺸﻬﺎدة ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ‪ ،‬ﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﻬﻢ!‬ ‫أﻛﺮﻣﻪ اﷲ‬ ‫َُ‬ ‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ُﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺄﻫﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ زﻣﺎﻧﻪ‪ ،‬وﻃﺒﻴﻌﺔ‬ ‫ﻣﺮت ﺑﺎﻹﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺗﺴـــــﺘﺤّﻖ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻟﻨﻘﺮأﻫﺎ ﻗﺮاءة‬ ‫ّ‬ ‫وﻗﺪ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬ ‫آراﺋﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻐﻴﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب‪ً ،‬‬ ‫ﻣﺴــﺘﻮﻓﻴﺔ ﻟﻔﻘﻪ اﻹﻣﺎم اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ٌ‬ ‫دراﺳﺔ ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ؛‬ ‫اﻟﻤﺠﻠﺔ‬ ‫ﻧﻈﺮا إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ‬ ‫ﺑﺤﺚ‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫اﻟﺪراﺳﺔ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أوﻟﻴﺔ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﻣﻮﻗﻔﻪ‬ ‫اﻛﺘﻔﻴﺖ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻴﻦ اﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‬ ‫ﻓﻘﺪ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴـﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻺﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢﭬ ‪ ،‬ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻣﻦ ّ‬ ‫وﻣﺤﻨﺘﻪ ﰲ ذﻟﻚ؛ ﰲ ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺬﻛﺮ ﰲ ّ‬ ‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ إن ﺷﺎء اﷲ‪.‬‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ ﻗﻀﺎء اﻟﻘﻀﺎة‪،‬‬ ‫ُ​ُ‬ ‫وﻗﺪ اﺧﱰﻧﺎ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻤﻮﻗﻔﻴﻦ ﻟﻜﻮن أﺣﺪﻫﻤﺎ ّ‬ ‫ﺑﻐﺾ‬ ‫ﻟﻨﺘﻌﺮف إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ‬ ‫ﻳﻤﺜﻞ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻟﺴـــــــﻴﺎﺳﻲ ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ واﻵﺧﺮ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ّ‬ ‫ﺧﻄﻮرة ً‬ ‫أﺛﺮ ﰲ دﻋﻢ اﻟﺜﻮرات اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﰲ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ‬ ‫ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺘﻴﻦ‬ ‫واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫ﺷﻜﻞ اﻹﻣﺎم ﺑﻤﻜﺎﻧﺘﻪ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻮﺟﻮده ٌ‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪8‬‬

‫ّ‬ ‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬ ‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﰲ ّ ٍ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ وﻣﺒﺤﺜﻴﻦ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺮ ﲠﺎ اﻹﻣﺎم‪.‬‬ ‫ﺳﻴﺎﺳﻴ ‪ ،‬واﻟﻤﺮاﺣﻞ‬ ‫ﻳﻤﻴﺰ ﻋﺼﺮ اﻹﻣﺎم‬ ‫اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ‪ :‬وﻗﺪ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أﻫﻢ ﻣﺎ ُ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ّ‬ ‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ ّ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻓﻴﻪ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﻗﺪ ّ ُ‬ ‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﲏ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ ﻗﻀﺎء اﻟﻘﻀﺎة‪ ،‬وﻗﺪ ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫وأﻫﻢ اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت‪.‬‬ ‫ﺗﻮﺻﻠﺖ ﻟﻬﺎ‬ ‫ﺛﻢ‬ ‫أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﰲ اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 9‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﻫﻲ ﻓﱰة ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗﺸـﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫اﻷﻣﻮي‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻼﻣﺢ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﰲ ﳖﺎﻳﺎت اﻟﻌﻬﺪ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﺳﺎءات ﻟﻠﺪوﻟﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ‪ ‬ﺍﻷﻭ ‪ ‬‬ ‫ﻝ‬ ‫ﺛﻮﺭﺓ‪ ‬ﺍﻹﻣﺎﻡ‪) ‬ﺯﻳﺪ‪ ‬ﺑﻦ‪ ‬ﻋﻠﻲ(‪ ‬ﭬ‬

‫اﻟﺬﻫﺒﻲ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫أﻣﻴﺔ ﰲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن‪ ،‬وﺑﺪأت اﻻﻧﺸــﻘﺎﻗﺎت ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺣﻜﻤﻪ ﺑﺎﻟﻌﺪل وإﻧﺼـــﺎف اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫اﻟﺜﻮرات ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٣‬‬

‫‪:‬اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺺ‪ ،‬ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻧﻘﺺ اﻟﺠﻨﺪ ﻣﻦ أﻋﻄﻴﺎﲥﻢ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻤﻪ اﻟﻮﻟﻴﺪ(‪.‬‬ ‫اﻹﺳـــــــﻼم ‪) :‬ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ‬ ‫وﺗﻢ ﻟﻪ ذاك وﻗﺘﻞ اﺑﻦ ّ‬ ‫ﺗﻮﺛﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼﻓﺔ‪ّ ،‬‬

‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﭬ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫وﻗﺪ ّ ُ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺛﻮرة اﻹﻣﺎم‪ :‬زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬

‫وﻣﻤﺎ ُﻳﺮوى ﰲ ﻓﻈﺎﺋﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة )‪: (٤‬‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة ﻋﻤﻮﻣ ‪.‬‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫ﺧﻼﻓﺘﻪ ً‬ ‫وﺛﻼﺛﺔ‬ ‫ﺳﻨﺔ‬ ‫ﺳﺖ وﻋﺸـﺮﻳﻦ وﻣﺎﺋﺔ ‪:‬ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة ﻣﻘﺘﻞ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ‪ ،‬ﺑﺤﺼــﻦ اﻟﺒﺤﺮاء ﺑﻘﺮب ﺗﺪﻣﺮ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ﺳﻨﺔ ﱟ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻋﻤﻪ‬ ‫أﺷــﻬﺮ‪ ،‬وﻛﺎن ﻣﻦ أﺟﻤﻞ اﻟﻨﺎس وأﻗﻮاﻫﻢ وأﺟﻮدﻫﻢ ﻧﻈﻤ ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻓﺎﺳــﻘ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺘﻬﺘﻜ ‪ ،‬زﻋﻢ أﺧﻮه ﺳـــﻠﻴﻤﺎن ّأﻧﻪ َ ُ‬ ‫راوده ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﺎﻣﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﺑﻦ ّ‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬

‫)‪(٥‬‬

‫ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ ّ‬ ‫اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺺ( ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬

‫وﻟﻲ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ دﻋﺎ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﻘﺪر‬ ‫وﻣﻦ ﻣﺼـــﺎﺋﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة اﻧﺘﺸـــﺎر اﻟﺒﺪع ﰲ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﻴﻬﺎ‪) ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻢ ‪:‬ﺳﻤﻌﺖ‬ ‫اﻟﺸــــﺎﻓﻌﻲ ﻳﻘﻮل ّ‬ ‫‪:‬ﻟﻤﺎ َ‬ ‫ّ‬

‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﻓﻴﻪ ﰲ ﻓﺮوع‪:‬‬ ‫ّ‬

‫إﻣﺎم ﻻ ﻳﺨﺸﻰ إﻻ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻛﺎﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔﭬ وﻻ ﻳﺨﺎف ﰲ اﻟﺤّﻖ ﻟﻮﻣﺔ ٍ‬ ‫وﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ( )‪ .(٦‬ﻓﻜﻴﻒ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻦ ٍ‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ؟!‬ ‫ﻻﺋﻢ أن ﻳﺮﺿﻰ ﲠﺬا اﻟﻈﻠﻢ ّ‬

‫ﻋﺎﻣﺔ ﺣﻮل ﺗﺪوﻳﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﻬﺪ‪:‬‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫اﻷول‪ :‬ﻣﻼﺣﻈﺎت ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ّ‬ ‫أن ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ‬ ‫ﺑﺸـــﻜﻞ‬ ‫ﺗﻮﺛﻖ‬ ‫أن اﻷﺣﺪاث‬ ‫ﺳﻄﺮه‬ ‫ﻳﻠﺤﻆ‬ ‫ﻣﺤﺎﻳﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﺣﻮل ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺰﻣﺎن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺳﺮﻳٍﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺴـﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ُأﺳﺮٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﰲ ذﻛﺮ ﻣﻨﺎﻗﺐ اﻟﺜﻮرات اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻜﻢ‪،‬‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ّأدى إﻟﻰ دﻓﻊ‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻞ دﻓﻌﻬﻢ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺨﻮض ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرات‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻦ دﻋﻤﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺳﺒﺐ ﻟﺤﻔﻆ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻟﻮﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻗﻔﺎت اﻟﺘﻲ ّ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻜﺒﺎر أﻣﺜﺎل إﻣﺎﻣﻨﺎ اﻟﻨﻌﻤﺎن أﻣﺎم ﻫﺆﻻء ّ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻀــــــﺎﻋﺖ اﻟﻌﻘﻴﺪة‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ٌ‬ ‫ﻛﻠﻔﺘﻬﻢ َ‬ ‫إن وﻗﻮف أوﻟﺌﻚ ّ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴـﻠﻴﻤﺔ‪ِ َ َ ،‬‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫ﺗﺘﻐﻴﺮ أﺣﻜﺎم اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﻮاﻓﻖ‬ ‫اﻟﻨﺎس‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﻇﻠِﻢ ّ‬ ‫وﻫﻮﻳﺘﻬﺎ‪َ َ ،‬‬ ‫وﺟﻮدﻫﺎ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﺴـﻮﻟﺖ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﺸـﺎﻳﺦ اﻟﻀـﻌﻔﺎء أن ّ‬ ‫وﻟــــﺘﻤﺎدى أوﻟﺌﻚ ّ ُ‬ ‫وﻟﻔﻘﺪت ّ‬ ‫ﻗﻮﻟﺔ ّ‬ ‫وﻟﻜﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻔﻆ دﻳﻨﻪ ﺑﺄﻣﺜﺎل ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮن َ َ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺢ أوﻟﺌﻚ ّ‬ ‫اﻟﺤﻖ‪ ،‬وﻻ ﻳﺨﺸﻮن إﻻ اﷲ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ ﻋﺼﺮ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‪:‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻜﺘﺒﻪ اﻟﻤﻨﺘﺼـﺮون‪ ،‬وﻻ ﻳﻘﺪر أﻧﺼـﺎر ﻏﻴﺮﻫﻢ أن ﻳﻜﺘﺒﻮا ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫وﺟﻪ ﻻ ﻳﺮﺗﻀــﻴﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﻜﻢ‪.‬‬ ‫أﻣﻴﺔ ّ‬ ‫ﻛﻠﻬﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻣﻦ ورث ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﻮن إذ ُﻛﺘﺐ ﰲ ﻋﻬﺪﻫﻢ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ُﻛﺘﺐ ﺗﺎرﻳﺦ دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﺿـﺎه ّ ّ‬ ‫ﻟﻘﺪ ُﻛﺘﺒﺖ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ّ ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮن ﰲ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس‪ ،‬ﻓﻜﺎن أﻳﻀ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﻀﻴﻪ ّ ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻬﻢ‪ ،‬دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة وﻣﻼﺑﺴـــﺎﲥﺎ‪.‬‬ ‫ﻟﻠﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ واﻗٍﻊ‬ ‫وﻟﻴﺲ ﰲ ﻫﺬا ﻗﺪح‬ ‫ﻧﻐﺾ اﻟﻄﺮف ﻋﻨﻪ ﺣﻴﻦ ّ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻻ ُﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وﻻ رﻳﺐ ّ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬واﻋﺘﻤﺎد‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ اﻣﺘﺎز ﺑﺎﻟﺘﻮﺛﻴﻖ‬ ‫أن ﻣﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺠ‬ ‫ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ّ‬ ‫اﻟﺘﻤﻴﺰ‪ ،‬ﻓﺎﻧﻔﺮد ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﺑﻮﺣﺪة ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١‬‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪ ،‬وﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺘﻜﺘﻤﻞ اﻟﺼﻮرة ﻗﺪر اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ‪.‬‬ ‫ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ ﻟﻠﺮواﻳﺎت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﺧﺎص ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻟﺬا ّ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻤﻨﺎﻗﺐ‬ ‫ﺑﺒﺤﺚ‬ ‫أﻓﺮد‬ ‫أﺣﺪ ﰲ آراء أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ّأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ٌ‬ ‫ﻋﻠﻤﻲ ﱟ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺘﺎﺑ ﻣﺴﺘﻘﻼً ‪ ،‬وﻻ ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ووﻗﺖ ﻧﺸــﻮء اﻟﺘﻨﺎزع ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﺤﺘﺎج ﻣﻊ‬ ‫واﻟﱰاﺟﻢ ﻫﻮ اﻟﺴــﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬه اﻵراء‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ّإﺑﺎن ﺣﺪوث اﻟﻘﻼﻗﻞ ﰲ اﻟﺪول‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺪة ﺣﻴﺎة اﻹﻣﺎم رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫ﻫﺬا إﻟﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ‪ ،‬وﻗﺮاءة أﺣﺪاث اﻟﻔﱰة واﻟﺨﺮﻳﻄﺔ‬ ‫اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﰲ ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻘﺪ ﻋﺎش اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﺛﻨﻴﻦ وﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ اﻟﻌﺼــــﺮ اﻷﻣﻮي )‪ (٧‬وﺛﻤﺎﲏ ﻋﺸــــﺮة ﻋﺎﻣ ﰲ اﻟﻌﺼـــــﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ‪َ ،‬‬ ‫ﻗﻮﲥﺎ‬ ‫أدرك اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ﰲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺛﻢ أدرﻛﻬﺎ ﺣﻴﻦ اﻟﻤﺆاﻣﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻊ َ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻘﺎرﻋﻬﻢ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻒ ﻣﻮاﻗ َ‬ ‫اﻟﺤﺎﻟﻴﻦ وﻗ َ‬ ‫ﺣﺎزﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺎدﲥﺎ وأﻣﺮاﺋﻬﺎ وﺧﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴــــــــــﻴﻒ‪ ،‬وﻟﻢ ُ ِ ُ‬ ‫وﻋﻨﻔﻮاﳖﺎ‪ّ ،‬‬ ‫ﻧﺼﺮﺗﻬﻢ ‪ -‬وﻫﻢ اﻟﻈﺎﻟﻤﻮن ﰲ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺴﻨﺎن‪ ،‬ﺑﻞ اﻛﺘﻔﻰ ﻣﻦ ُ ِ‬ ‫ﺑﺸـﺮﻋﻴﺔ وﺟﻮدﻫﻢ‪،‬‬ ‫ﻳﻘﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ﻧﻈﺮه ‪ -‬ﺑﺎﻟﻨّﺼﺢ ﻟﻬﻢ‪ ،‬وأﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف وﳖﻴﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ‪ ،‬وذﻟﻚ ُﻳﻈﻬﺮ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﺪم ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻟﺤﻜﻢ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‬ ‫إﻗﺮاره‬ ‫ﺟﻠﻴ ﰲ‬ ‫ﻳﻘﺮ ﻟﻬﻢ‬ ‫ّ‬ ‫وﻳﻈﻬﺮ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ُ َ َ ،‬‬ ‫وﺗﻮﻟﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ُ ّ‬ ‫ﻋﺎش ﰲ زﻣﺎﳖﻢ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وﻟﻌﻞ أﺣﺪ أﺳـــﺒﺎب ﻋﺪم ﻣﺒﺎدرة اﻹﻣﺎم ﺑﺈﻇﻬﺎر ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﻣﻦ ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ّأﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺰال ﰲ ﺷـــﺒﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﰲ ﻧﻔﻮس أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬وﻻ ﰲ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺮة ِ‬ ‫ﺑﺮأﻳﻪ أﻣﺎم ّ‬ ‫ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ اﻟﻌﻮاﻗﺐ‪.‬‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﻧﻔﻮس ّ‬ ‫ﻣﺠﺎﻫﺮﺗﻪ ﺳﺒﺒ ﰲ اﻟﺨﺮاب َ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫اﻣﺘﺪت ﺑﻪ اﻟﺤﻴﺎة ﻧﺤﻮ‬ ‫ﺛﻢ ّ‬ ‫ﺣﻤﺎد اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ‪ ١٢٠‬ﻟﻠﻬﺠﺮة ‪ّ ،‬‬ ‫وﻗﺪ ﺟﻠﺲ ّأول ﻣﺎ ﺟﻠﺲ ﻟﻺﻓﺘﺎء وﻋﻤﺮه ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴـــــــــــﻴﻦ ﺳﻨﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺷﻴﺨﻪ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﺟﻠﻮﺳﻪ ﻟﻺﻓﺘﺎء ُ‬ ‫ﺛﻼﺛﻴﻦ ً‬ ‫اﺑﺘﺪاء‪.‬‬ ‫ﻳﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻜﻦ‬ ‫ﺳﻨﺔ إﻟﻰ أن ﺑﻠﻎ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣ ‪ ،‬وﻛﺎن ﻗﺒﻞ‬ ‫ّ‬ ‫ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ أو ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻟﻮﻓﺮﲥﻢ وﺻﻐﺮ ﺳﻨّﻪ ً‬ ‫ﺛﻢ ﺣﺼـــــــﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻣﺎ ِ ِ‬ ‫ﺣﺴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺑﻤﺪة ﻏﻴﺮ ﻳﺴـــــــﻴﺮة )اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ واﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ‬ ‫ﺣﻤﺎد ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء واﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺷﻴﺨﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٩‬‬

‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ﺷﺪﻳﺪ‬ ‫ﺿﻌﻒ‬ ‫ﻣﺸـــﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻗﻮة وﻓﱰة ﺿﻌﻒ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴـــﻨﻮات اﻟﻌﺸـــﺮة اﻷﺧﻴﺮة ﰲ ﳖﺎﻳﺎت ﻋﺼـــﺮﻫﻢ‬ ‫ُﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴــﻴﻢ ﻋﺼــﺮ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ إﻟﻰ ﻓﱰة ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وﻣﻨﺎزﻋﺎت ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺛﻮرات ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ وﻛﺜﺮة اﺧﺘﻼﻓﻬﻢ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ واﻟﺨﻮارج وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺴــــــــﺒﺐ ﺿﻌﻒ‬ ‫ﻇﻬﻮر‬ ‫ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻓﻴﻬﺎ ﺑﺪأ‬ ‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫وذﻛﺮه اﻟﺨﻠﻔﺎء( ‪.‬‬ ‫أﻣﺮه واﺣﺘﺎج إﻟﻴﻪ‬ ‫ﺣﺘﻰ‬ ‫وﺷﺮﻳﻚ وﺳﻔﻴﺎن ُﻳﺨﺎﻟﻔﻮﻧﻪ وﻳﻄﻠﺒﻮن َﺷﻴﻨ َُﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﺰل ﻛﺬﻟﻚ ّ‬ ‫اﻷﻣﺮاء‪ُ َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫اﺳﺘﺤﻜﻢ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟﻴﺎﻓﻌﻲ‪.١/٢٠٧،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫)‪ (٤‬اﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ‪ ،‬أﺑﻲ اﻟﻔﻼح‪) ،‬ت ‪ ١٠٨٩‬ﻫـ( )ط‪ ١٤٠٦ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٨٦-‬م(‪ ،‬دار اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪.٢/١٠٨،‬‬ ‫اﻟﻌﻜﺮي‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﺑﻦ اﻟﻌﻤﺎد َ ّ‬ ‫اﻟﺤﻲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٥‬ﺷﺬرات اﻟﺬﻫﺐ ﰲ أﺧﺒﺎر ﻣﻦ ذﻫﺐ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ّ‬

‫ِ‬ ‫ورد ﰲ ﻓﱰة ﺣﻜﻢ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ )‪ ١٢٦-١٢٥‬ﻫـ(‪،‬‬ ‫وﺳﻨﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ‬ ‫اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﰲ رواﻳﺔ أﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪،‬‬ ‫وﺑﻌﺾ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺣﻜﺎه‬ ‫ُ‬ ‫ﺑﻌﺾ ﻣﺎ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ‪.٨/٣١٢‬‬ ‫)‪ (٦‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم‬ ‫ّ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اﻟﻜﻮﺛﺮي ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻨﺎﻗﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،٧‬وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﺟﻤﻠﺔ‬ ‫رﺟﺤﻪ اﻹﻣﺎم‬ ‫)‪ (٧‬ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر ّأﻧﻪ وﻟﺪ ﺳﻨﺔ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻟﻠﻬﺠﺮة‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ ﻣﻨﺘﺸﺮ ّأﻧﻪ وﻟﺪ ﺳﻨﺔ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ! وﻫﻮ ﻣﺎ ّ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫اﻟﺴﻠﻤﻲ‪) ،‬ط‪ ١٤٠٨ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٨٨ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻮﻓﺎء‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ .‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻧﺤﻮ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗﺪرﻳﺴﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻴﺰات واﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﰲ ﻛﺘﺎب‪ :‬ﻣﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫)‪ (١‬اﻧﻈﺮ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻣﻞ ﱡ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﻌﻮد‪ ،‬واﻟﺪﻛﺘﻮرة وﻓﺎء ﻣﺤﻤﺪ رﻓﻌﺖ ﺟﻤﻌﺔ‪) ،‬ط‪ ١٤١٤ ،٣‬ﻫـ‬ ‫إﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ :‬ﻣﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻣﻨﻬﺞ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻟﻤﺎذا؟ وﻛﻴﻒ؟ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻬﺎدي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﺴﻴﺪ ﻗﻄﺐ‪ ،‬دار اﻟﺸﺮوق‪.‬‬ ‫اﻷول‪ .٢١-١٥ :‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻛﺘﺎب‪ :‬ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻜﺮة وﻣﻨﻬﺎج‪ّ ،‬‬ ‫ ‪ ١٩٩٤‬م(‪ ،‬اﻟﻔﺼﻞ ّ‬‫ِ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ زﻫﺮة‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪.١٨٠ ،‬‬ ‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‬ ‫ﻛﺘﺒﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت ﺣﻮل آراء أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫ّ‬ ‫)‪َ ُ (٢‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ زﻫﺮة‪ ،‬اﻧﻈﺮ‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ُ ُ‬ ‫وﻋﺼﺮه‪ ،‬آراؤه وﻓﻘﻬﻪ‪ ،‬ﻟﻺﻣﺎم ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻹﻣﺎم ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪10‬‬

‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬د‪ .‬ﺻﻼح أﺑﻮ اﻟﺤﺎج‪.١٢٣-١٢٢،‬‬ ‫ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻮﺟﻴﻬﺔ اﻟﻤﻌﺘﱪة‪ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٨‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ‪.٧/٣٤٩،‬‬

‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪) ،‬ت ‪ ٤٣٦‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٥ ٢‬ﻫـ ‪١٩٨٥-‬م(‪ ،‬ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ .٢١،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﺗﺎرﻳﺦ اﺑﻦ اﻟﻮردي‪ ،‬ﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ‬ ‫اﻟﺼـﻤﻴﺮي‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٩‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻟﻠﺤﺴـﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪.١/١٨٨،‬‬ ‫اﻟﻤﻌﺮي‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻓﺎرس‪ ،‬أﺑﻲ ﺣﻔﺺ‪ ،‬زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ‬ ‫اﻟﻜﻨﺪي‪) ،‬ط‪ ١٤١٧ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٩٦ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻮردي‪ّ ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻈﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ّ‬

‫‪ 11‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﻫﻲ ﻓﱰة ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗﺸـﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫اﻷﻣﻮي‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻼﻣﺢ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﰲ ﳖﺎﻳﺎت اﻟﻌﻬﺪ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﺳﺎءات ﻟﻠﺪوﻟﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ‪ ‬ﺍﻷﻭ ‪ ‬‬ ‫ﻝ‬ ‫ﺛﻮﺭﺓ‪ ‬ﺍﻹﻣﺎﻡ‪) ‬ﺯﻳﺪ‪ ‬ﺑﻦ‪ ‬ﻋﻠﻲ(‪ ‬ﭬ‬

‫اﻟﺬﻫﺒﻲ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫أﻣﻴﺔ ﰲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن‪ ،‬وﺑﺪأت اﻻﻧﺸــﻘﺎﻗﺎت ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺣﻜﻤﻪ ﺑﺎﻟﻌﺪل وإﻧﺼـــﺎف اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫اﻟﺜﻮرات ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٣‬‬

‫‪:‬اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺺ‪ ،‬ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻧﻘﺺ اﻟﺠﻨﺪ ﻣﻦ أﻋﻄﻴﺎﲥﻢ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻤﻪ اﻟﻮﻟﻴﺪ(‪.‬‬ ‫اﻹﺳـــــــﻼم ‪) :‬ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ‬ ‫وﺗﻢ ﻟﻪ ذاك وﻗﺘﻞ اﺑﻦ ّ‬ ‫ﺗﻮﺛﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼﻓﺔ‪ّ ،‬‬

‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﭬ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫وﻗﺪ ّ ُ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺛﻮرة اﻹﻣﺎم‪ :‬زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬

‫وﻣﻤﺎ ُﻳﺮوى ﰲ ﻓﻈﺎﺋﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة )‪: (٤‬‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة ﻋﻤﻮﻣ ‪.‬‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫ﺧﻼﻓﺘﻪ ً‬ ‫وﺛﻼﺛﺔ‬ ‫ﺳﻨﺔ‬ ‫ﺳﺖ وﻋﺸـﺮﻳﻦ وﻣﺎﺋﺔ ‪:‬ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة ﻣﻘﺘﻞ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ‪ ،‬ﺑﺤﺼــﻦ اﻟﺒﺤﺮاء ﺑﻘﺮب ﺗﺪﻣﺮ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ﺳﻨﺔ ﱟ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻋﻤﻪ‬ ‫أﺷــﻬﺮ‪ ،‬وﻛﺎن ﻣﻦ أﺟﻤﻞ اﻟﻨﺎس وأﻗﻮاﻫﻢ وأﺟﻮدﻫﻢ ﻧﻈﻤ ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻓﺎﺳــﻘ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺘﻬﺘﻜ ‪ ،‬زﻋﻢ أﺧﻮه ﺳـــﻠﻴﻤﺎن ّأﻧﻪ َ ُ‬ ‫راوده ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﺎﻣﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﺑﻦ ّ‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬

‫)‪(٥‬‬

‫ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ ّ‬ ‫اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺺ( ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬

‫وﻟﻲ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ دﻋﺎ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﻘﺪر‬ ‫وﻣﻦ ﻣﺼـــﺎﺋﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة اﻧﺘﺸـــﺎر اﻟﺒﺪع ﰲ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﻴﻬﺎ‪) ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻢ ‪:‬ﺳﻤﻌﺖ‬ ‫اﻟﺸــــﺎﻓﻌﻲ ﻳﻘﻮل ّ‬ ‫‪:‬ﻟﻤﺎ َ‬ ‫ّ‬

‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﻓﻴﻪ ﰲ ﻓﺮوع‪:‬‬ ‫ّ‬

‫إﻣﺎم ﻻ ﻳﺨﺸﻰ إﻻ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻛﺎﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔﭬ وﻻ ﻳﺨﺎف ﰲ اﻟﺤّﻖ ﻟﻮﻣﺔ ٍ‬ ‫وﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ( )‪ .(٦‬ﻓﻜﻴﻒ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻦ ٍ‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ؟!‬ ‫ﻻﺋﻢ أن ﻳﺮﺿﻰ ﲠﺬا اﻟﻈﻠﻢ ّ‬

‫ﻋﺎﻣﺔ ﺣﻮل ﺗﺪوﻳﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﻬﺪ‪:‬‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫اﻷول‪ :‬ﻣﻼﺣﻈﺎت ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ّ‬ ‫أن ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ‬ ‫ﺑﺸـــﻜﻞ‬ ‫ﺗﻮﺛﻖ‬ ‫أن اﻷﺣﺪاث‬ ‫ﺳﻄﺮه‬ ‫ﻳﻠﺤﻆ‬ ‫ﻣﺤﺎﻳﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﺣﻮل ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺰﻣﺎن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺳﺮﻳٍﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺴـﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ُأﺳﺮٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﰲ ذﻛﺮ ﻣﻨﺎﻗﺐ اﻟﺜﻮرات اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻜﻢ‪،‬‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ّأدى إﻟﻰ دﻓﻊ‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻞ دﻓﻌﻬﻢ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺨﻮض ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرات‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻦ دﻋﻤﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺳﺒﺐ ﻟﺤﻔﻆ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻟﻮﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻗﻔﺎت اﻟﺘﻲ ّ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻜﺒﺎر أﻣﺜﺎل إﻣﺎﻣﻨﺎ اﻟﻨﻌﻤﺎن أﻣﺎم ﻫﺆﻻء ّ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻀــــــﺎﻋﺖ اﻟﻌﻘﻴﺪة‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ٌ‬ ‫ﻛﻠﻔﺘﻬﻢ َ‬ ‫إن وﻗﻮف أوﻟﺌﻚ ّ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴـﻠﻴﻤﺔ‪ِ َ َ ،‬‬ ‫اﻷﻣﺔ‬ ‫ﺗﺘﻐﻴﺮ أﺣﻜﺎم اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﻮاﻓﻖ‬ ‫اﻟﻨﺎس‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﻇﻠِﻢ ّ‬ ‫وﻫﻮﻳﺘﻬﺎ‪َ َ ،‬‬ ‫وﺟﻮدﻫﺎ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﺴـﻮﻟﺖ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﺸـﺎﻳﺦ اﻟﻀـﻌﻔﺎء أن ّ‬ ‫وﻟــــﺘﻤﺎدى أوﻟﺌﻚ ّ ُ‬ ‫وﻟﻔﻘﺪت ّ‬ ‫ﻗﻮﻟﺔ ّ‬ ‫وﻟﻜﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻔﻆ دﻳﻨﻪ ﺑﺄﻣﺜﺎل ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮن َ َ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺢ أوﻟﺌﻚ ّ‬ ‫اﻟﺤﻖ‪ ،‬وﻻ ﻳﺨﺸﻮن إﻻ اﷲ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ ﻋﺼﺮ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‪:‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻜﺘﺒﻪ اﻟﻤﻨﺘﺼـﺮون‪ ،‬وﻻ ﻳﻘﺪر أﻧﺼـﺎر ﻏﻴﺮﻫﻢ أن ﻳﻜﺘﺒﻮا ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫وﺟﻪ ﻻ ﻳﺮﺗﻀــﻴﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﻜﻢ‪.‬‬ ‫أﻣﻴﺔ ّ‬ ‫ﻛﻠﻬﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻣﻦ ورث ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﻮن إذ ُﻛﺘﺐ ﰲ ﻋﻬﺪﻫﻢ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ُﻛﺘﺐ ﺗﺎرﻳﺦ دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﺿـﺎه ّ ّ‬ ‫ﻟﻘﺪ ُﻛﺘﺒﺖ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ّ ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮن ﰲ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس‪ ،‬ﻓﻜﺎن أﻳﻀ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﻀﻴﻪ ّ ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻬﻢ‪ ،‬دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة وﻣﻼﺑﺴـــﺎﲥﺎ‪.‬‬ ‫ﻟﻠﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ واﻗٍﻊ‬ ‫وﻟﻴﺲ ﰲ ﻫﺬا ﻗﺪح‬ ‫ﻧﻐﺾ اﻟﻄﺮف ﻋﻨﻪ ﺣﻴﻦ ّ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻻ ُﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وﻻ رﻳﺐ ّ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬واﻋﺘﻤﺎد‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ اﻣﺘﺎز ﺑﺎﻟﺘﻮﺛﻴﻖ‬ ‫أن ﻣﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺠ‬ ‫ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ّ‬ ‫اﻟﺘﻤﻴﺰ‪ ،‬ﻓﺎﻧﻔﺮد ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﺑﻮﺣﺪة ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١‬‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪ ،‬وﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺘﻜﺘﻤﻞ اﻟﺼﻮرة ﻗﺪر اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ‪.‬‬ ‫ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ ﻟﻠﺮواﻳﺎت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﺧﺎص ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻟﺬا ّ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻤﻨﺎﻗﺐ‬ ‫ﺑﺒﺤﺚ‬ ‫أﻓﺮد‬ ‫أﺣﺪ ﰲ آراء أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ّأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ٌ‬ ‫ﻋﻠﻤﻲ ﱟ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺘﺎﺑ ﻣﺴﺘﻘﻼً ‪ ،‬وﻻ ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ووﻗﺖ ﻧﺸــﻮء اﻟﺘﻨﺎزع ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﺤﺘﺎج ﻣﻊ‬ ‫واﻟﱰاﺟﻢ ﻫﻮ اﻟﺴــﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬه اﻵراء‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ّإﺑﺎن ﺣﺪوث اﻟﻘﻼﻗﻞ ﰲ اﻟﺪول‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺪة ﺣﻴﺎة اﻹﻣﺎم رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫ﻫﺬا إﻟﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ‪ ،‬وﻗﺮاءة أﺣﺪاث اﻟﻔﱰة واﻟﺨﺮﻳﻄﺔ‬ ‫اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﰲ ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻘﺪ ﻋﺎش اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﺛﻨﻴﻦ وﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ اﻟﻌﺼــــﺮ اﻷﻣﻮي )‪ (٧‬وﺛﻤﺎﲏ ﻋﺸــــﺮة ﻋﺎﻣ ﰲ اﻟﻌﺼـــــﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ‪َ ،‬‬ ‫ﻗﻮﲥﺎ‬ ‫أدرك اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ﰲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺛﻢ أدرﻛﻬﺎ ﺣﻴﻦ اﻟﻤﺆاﻣﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻊ َ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻘﺎرﻋﻬﻢ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻒ ﻣﻮاﻗ َ‬ ‫اﻟﺤﺎﻟﻴﻦ وﻗ َ‬ ‫ﺣﺎزﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺎدﲥﺎ وأﻣﺮاﺋﻬﺎ وﺧﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴــــــــــﻴﻒ‪ ،‬وﻟﻢ ُ ِ ُ‬ ‫وﻋﻨﻔﻮاﳖﺎ‪ّ ،‬‬ ‫ﻧﺼﺮﺗﻬﻢ ‪ -‬وﻫﻢ اﻟﻈﺎﻟﻤﻮن ﰲ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺴﻨﺎن‪ ،‬ﺑﻞ اﻛﺘﻔﻰ ﻣﻦ ُ ِ‬ ‫ﺑﺸـﺮﻋﻴﺔ وﺟﻮدﻫﻢ‪،‬‬ ‫ﻳﻘﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ﻧﻈﺮه ‪ -‬ﺑﺎﻟﻨّﺼﺢ ﻟﻬﻢ‪ ،‬وأﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف وﳖﻴﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ‪ ،‬وذﻟﻚ ُﻳﻈﻬﺮ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﺪم ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻟﺤﻜﻢ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‬ ‫إﻗﺮاره‬ ‫ﺟﻠﻴ ﰲ‬ ‫ﻳﻘﺮ ﻟﻬﻢ‬ ‫ّ‬ ‫وﻳﻈﻬﺮ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ُ َ َ ،‬‬ ‫وﺗﻮﻟﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ُ ّ‬ ‫ﻋﺎش ﰲ زﻣﺎﳖﻢ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وﻟﻌﻞ أﺣﺪ أﺳـــﺒﺎب ﻋﺪم ﻣﺒﺎدرة اﻹﻣﺎم ﺑﺈﻇﻬﺎر ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﻣﻦ ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ّأﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺰال ﰲ ﺷـــﺒﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﰲ ﻧﻔﻮس أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬وﻻ ﰲ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺮة ِ‬ ‫ﺑﺮأﻳﻪ أﻣﺎم ّ‬ ‫ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ اﻟﻌﻮاﻗﺐ‪.‬‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﻧﻔﻮس ّ‬ ‫ﻣﺠﺎﻫﺮﺗﻪ ﺳﺒﺒ ﰲ اﻟﺨﺮاب َ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫اﻣﺘﺪت ﺑﻪ اﻟﺤﻴﺎة ﻧﺤﻮ‬ ‫ﺛﻢ ّ‬ ‫ﺣﻤﺎد اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ‪ ١٢٠‬ﻟﻠﻬﺠﺮة ‪ّ ،‬‬ ‫وﻗﺪ ﺟﻠﺲ ّأول ﻣﺎ ﺟﻠﺲ ﻟﻺﻓﺘﺎء وﻋﻤﺮه ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴـــــــــــﻴﻦ ﺳﻨﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺷﻴﺨﻪ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﺟﻠﻮﺳﻪ ﻟﻺﻓﺘﺎء ُ‬ ‫ﺛﻼﺛﻴﻦ ً‬ ‫اﺑﺘﺪاء‪.‬‬ ‫ﻳﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻜﻦ‬ ‫ﺳﻨﺔ إﻟﻰ أن ﺑﻠﻎ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣ ‪ ،‬وﻛﺎن ﻗﺒﻞ‬ ‫ّ‬ ‫ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ أو ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻟﻮﻓﺮﲥﻢ وﺻﻐﺮ ﺳﻨّﻪ ً‬ ‫ﺛﻢ ﺣﺼـــــــﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻣﺎ ِ ِ‬ ‫ﺣﺴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺑﻤﺪة ﻏﻴﺮ ﻳﺴـــــــﻴﺮة )اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ واﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ‬ ‫ﺣﻤﺎد ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء واﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺷﻴﺨﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٩‬‬

‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ﺷﺪﻳﺪ‬ ‫ﺿﻌﻒ‬ ‫ﻣﺸـــﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻗﻮة وﻓﱰة ﺿﻌﻒ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴـــﻨﻮات اﻟﻌﺸـــﺮة اﻷﺧﻴﺮة ﰲ ﳖﺎﻳﺎت ﻋﺼـــﺮﻫﻢ‬ ‫ُﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴــﻴﻢ ﻋﺼــﺮ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ إﻟﻰ ﻓﱰة ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وﻣﻨﺎزﻋﺎت ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺛﻮرات ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ وﻛﺜﺮة اﺧﺘﻼﻓﻬﻢ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ واﻟﺨﻮارج وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺴــــــــﺒﺐ ﺿﻌﻒ‬ ‫ﻇﻬﻮر‬ ‫ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻓﻴﻬﺎ ﺑﺪأ‬ ‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫وذﻛﺮه اﻟﺨﻠﻔﺎء( ‪.‬‬ ‫أﻣﺮه واﺣﺘﺎج إﻟﻴﻪ‬ ‫ﺣﺘﻰ‬ ‫وﺷﺮﻳﻚ وﺳﻔﻴﺎن ُﻳﺨﺎﻟﻔﻮﻧﻪ وﻳﻄﻠﺒﻮن َﺷﻴﻨ َُﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﺰل ﻛﺬﻟﻚ ّ‬ ‫اﻷﻣﺮاء‪ُ َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫اﺳﺘﺤﻜﻢ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟﻴﺎﻓﻌﻲ‪.١/٢٠٧،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫)‪ (٤‬اﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ‪ ،‬أﺑﻲ اﻟﻔﻼح‪) ،‬ت ‪ ١٠٨٩‬ﻫـ( )ط‪ ١٤٠٦ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٨٦-‬م(‪ ،‬دار اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪.٢/١٠٨،‬‬ ‫اﻟﻌﻜﺮي‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﺑﻦ اﻟﻌﻤﺎد َ ّ‬ ‫اﻟﺤﻲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٥‬ﺷﺬرات اﻟﺬﻫﺐ ﰲ أﺧﺒﺎر ﻣﻦ ذﻫﺐ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ّ‬

‫ِ‬ ‫ورد ﰲ ﻓﱰة ﺣﻜﻢ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ )‪ ١٢٦-١٢٥‬ﻫـ(‪،‬‬ ‫وﺳﻨﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ‬ ‫اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﰲ رواﻳﺔ أﺣﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪،‬‬ ‫وﺑﻌﺾ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺣﻜﺎه‬ ‫ُ‬ ‫ﺑﻌﺾ ﻣﺎ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ‪.٨/٣١٢‬‬ ‫)‪ (٦‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم‬ ‫ّ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اﻟﻜﻮﺛﺮي ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻨﺎﻗﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،٧‬وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﺟﻤﻠﺔ‬ ‫رﺟﺤﻪ اﻹﻣﺎم‬ ‫)‪ (٧‬ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر ّأﻧﻪ وﻟﺪ ﺳﻨﺔ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻟﻠﻬﺠﺮة‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ ﻣﻨﺘﺸﺮ ّأﻧﻪ وﻟﺪ ﺳﻨﺔ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ! وﻫﻮ ﻣﺎ ّ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫اﻟﺴﻠﻤﻲ‪) ،‬ط‪ ١٤٠٨ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٨٨ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻮﻓﺎء‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ .‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻧﺤﻮ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗﺪرﻳﺴﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻴﺰات واﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﰲ ﻛﺘﺎب‪ :‬ﻣﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫)‪ (١‬اﻧﻈﺮ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻣﻞ ﱡ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﻌﻮد‪ ،‬واﻟﺪﻛﺘﻮرة وﻓﺎء ﻣﺤﻤﺪ رﻓﻌﺖ ﺟﻤﻌﺔ‪) ،‬ط‪ ١٤١٤ ،٣‬ﻫـ‬ ‫إﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ :‬ﻣﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻣﻨﻬﺞ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻟﻤﺎذا؟ وﻛﻴﻒ؟ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻬﺎدي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﺴﻴﺪ ﻗﻄﺐ‪ ،‬دار اﻟﺸﺮوق‪.‬‬ ‫اﻷول‪ .٢١-١٥ :‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻛﺘﺎب‪ :‬ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻜﺮة وﻣﻨﻬﺎج‪ّ ،‬‬ ‫ ‪ ١٩٩٤‬م(‪ ،‬اﻟﻔﺼﻞ ّ‬‫ِ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ زﻫﺮة‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪.١٨٠ ،‬‬ ‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‬ ‫ﻛﺘﺒﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت ﺣﻮل آراء أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫ّ‬ ‫)‪َ ُ (٢‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ زﻫﺮة‪ ،‬اﻧﻈﺮ‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ُ ُ‬ ‫وﻋﺼﺮه‪ ،‬آراؤه وﻓﻘﻬﻪ‪ ،‬ﻟﻺﻣﺎم ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻹﻣﺎم ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪10‬‬

‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬د‪ .‬ﺻﻼح أﺑﻮ اﻟﺤﺎج‪.١٢٣-١٢٢،‬‬ ‫ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻮﺟﻴﻬﺔ اﻟﻤﻌﺘﱪة‪ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٨‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ‪.٧/٣٤٩،‬‬

‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪) ،‬ت ‪ ٤٣٦‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٥ ٢‬ﻫـ ‪١٩٨٥-‬م(‪ ،‬ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ .٢١،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﺗﺎرﻳﺦ اﺑﻦ اﻟﻮردي‪ ،‬ﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ‬ ‫اﻟﺼـﻤﻴﺮي‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٩‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻟﻠﺤﺴـﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪.١/١٨٨،‬‬ ‫اﻟﻤﻌﺮي‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻓﺎرس‪ ،‬أﺑﻲ ﺣﻔﺺ‪ ،‬زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ‬ ‫اﻟﻜﻨﺪي‪) ،‬ط‪ ١٤١٧ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٩٦ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻮردي‪ّ ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻈﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ّ‬

‫‪ 11‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺛﻢ ﺣﺪث‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﻮن إﻟﻰ اﺳـﺘﻌﻤﺎل ﻟﺒﺎس آل اﻟﺒﻴﺖ‪،‬‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‬ ‫وﺣﻴﻦ ﺑﺪأت اﻟﻤﻮاﺟﻬﺎت ﺑﻴﻦ‬ ‫ّ‬ ‫وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺘﺮة‪ ،‬ﻓﺄﻗﺒﻞ اﻟﻨﺎس إﻟﻴﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ ﺑﺎدر ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺿﺪ ﻣﻦ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‬ ‫ّأول ﻗﺘﺎل ﺑﻴﻦ‬ ‫أﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺆازرﻫﻢ ّ‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ رﻣﻀـــــــــــــــﺎن ﻣﻦ ﻋﺎم ‪ ١٢٩‬ﻫـ‪ ،‬ﻓﺎﺣﺘﺎج اﻷﻣﺮاء ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪.‬‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻻ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻬﻢ‬ ‫ٌ‬ ‫واﺣﺪ ﰲ ﻣﻨﺰﻟﺘﻪ ﰲ ﻧﻔﻮس ّ‬ ‫ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻠﺠﺄوا إﻟﻰ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ اﺣﺘﺎج ﻟﻪ اﻷﻣﺮاء ﻟﻢ ُﻳﺪاﻫﻦ وﻟﻢ ﻳﻘﻞ ّ‬ ‫وذﻛﺮ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻳﻮﺳـــﻒ ّأﻧﻪ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻌﺚ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة إﻟﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﺄﺗﺎه وﻋﻨﺪه اﺑﻦ ﺷـــﱪﻣﺔ‬ ‫إﻻ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺤّﻖ‪َ ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ‪ ،‬ﻓﺴـﺄﻟﻬﻢ ﻋﻦ ِ‬ ‫اﻷﻧﺴـﺐ ﻟﻪ؟ وﻛﺎﻧﺖ ّ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻀــﺤﺎك‬ ‫ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج ﻣﻦ أﺻﺤﺎب‬ ‫ﻳﻜﺘﺐ؟ وﻣﺎ اﻟﺼـﻴﻐﺔ‬ ‫ﺻﻠﺢ‬ ‫ﻛﺘﺎب‬ ‫ﺑﻘﻴﺔ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺨﻮارج؛ ﻛﻴﻒ ُ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑﺸـــــــــﻲء أﺻﺒﻨﺎه ﰲ اﻟﻔﺘﻨﺔ وﻻ َ‬ ‫ﻗﺒﻠﻬﺎ‪ ،‬اﻷﻣﻮال واﻟﺪﻣﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ‪ :‬ﻻ‬ ‫اﻟﺨﺎرﺟﻲ‪) ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﺨﻮارج ﻧﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﺘﺐ ﻟﻨﺎ ُﺻﻠﺤ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻧﺆﺧﺬ‬ ‫ّ‬ ‫ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﺷﻲء‪.‬‬ ‫ﻳﺠﻮز ﻟﻬﻢ اﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ‪ّ ،‬‬ ‫ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺆﺧﺬون ﲠﺬه اﻷﻣﻮال واﻟﺪﻣﺎء‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ‪ :‬اﻟﺼﻠﺢ ﻟﻬﻢ ٌ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫أن ّ‬ ‫أﻓﺤﺸﺖ‪ ،‬ﻓﻘﻞ أﻧﺖ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬اﻟﻘﻮل ﰲ ﻫﺬا ّ‬ ‫ﻣﺎل‬ ‫ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬ﻓﻘﺎل ﻟـﻲ اﺑﻦ ﻫﺒﻴـﺮة‪ :‬ﻣﺎ ﺗﻘﻮل أﻧﺖ؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬أﺧﻄﺂ ﺟﻤﻴﻌ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻫﺒﻴــﺮة‪:‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺷﻲء أﺻﺎﺑﻮه ﻣﻦ ٍ‬ ‫وأﻣﺎ ّ‬ ‫ودم أﺻﺎﺑﻮا ﻗﺒﻞ إﻇﻬﺎر اﻟﻔﺘﻨﺔ ّ‬ ‫ﻣﺎل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺟﺎﺋﺰ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ودم ﰲ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﺎﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ٌ‬ ‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﻢ اﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ‪ّ ،‬‬ ‫وﻗﻠﺖ اﻟﺼﻮاب‪ ،‬ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻘﻮل(‬ ‫أﺻﺒﺖ‬ ‫ﻳﺆﺧﺬون ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫)‪(١٠‬‬

‫‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ﻓﺼ‬ ‫وﰲ ﻣﻮﻗﻒ آﺧﺮ ﻳﺸـﻬﺪ ﻟﺼـﻼﺑﺔ ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﰲ اﻟﺤّﻖ أﻣﺎم‬ ‫وﻳﺒﻴﻦ أﺻﻞ ﻧﻈﺮﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ ودواﻓﻌﻬﺎ‪) :‬دﻋﺎه اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة ﻳﻮﻣ وأراه ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ّ ،‬‬ ‫اﻟﺘﺨﺘﻢ ﺑﻪ ﻟﻤﻜﺎن اﺳــﻢ ﻏﻴﺮي ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻻ ُﻳﻤﻜﻦ ّ‬ ‫دور رأس اﻟﺒﺎء ﻳﻜﻮن‪) :‬ﻋﻄﺎء ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻨﻘﻮﺷـ ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻠﻴﻪ‪) :‬ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ( وﻗﺎل‪ :‬أﻛﺮه‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﻜﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ّ :‬‬ ‫ف إﻟﻴﻨﺎ ْ َ‬ ‫وأﻓﺪﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻣﺎ أﺻﻨﻊ ﻋﻨﺪك؟ إن ّﻗﺮﺑﺘﻨﻲ ﻓﺘﻨﺘﻨﻲ‪ ،‬وإن أﻗﺼــــــــــــــــﻴﺘﻨﻲ‬ ‫ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺔ اﺳﺘﺨﺮاﺟﻪ‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬ﻟﻮ‬ ‫أﻛﺜﺮت اﻻﺧﺘﻼ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻨﺪ اﷲ(‪ّ ،‬‬ ‫أﺣﺰﻧﺘﻨﻲ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪك ﻣﺎ أرﺟﻮه وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﻣﺎ أﺧﺎﻓﻚ ﻋﻠﻴﻪ(‬

‫)‪(١١‬‬

‫‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ووﻟﻰ ّ‬ ‫وﻣﻦ ذﻟﻚ أﻳﻀــ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻪ ﺣﻴﻦ وﻗﻌﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﺨﺮاﺳﺎن ﻓﺪﻋﺎ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻛﺎﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ واﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ واﺑﻦ أﺑﻲ ﻫﻨﺪ‪ّ ،‬‬ ‫واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﻳﻀـــــﺮﺑﻪ ﰲ ّ‬ ‫اﻟﺨﺎﺗﻢ ﰲ ﻳﺪه‪ ،‬ﻻ ُ ِ ُ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﻳﻨﻔﺬ ﻛﺘﺎﺑ إﻻ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻳﺪه‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ؛ ﻓﺤﻠﻒ اﻷﻣﻴﺮ ّأﻧﻪ إن ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ‬ ‫وﻋﺮض ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ أن ﻳﻜﻮن‬ ‫ﺷﻴﺌ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َُ‬ ‫ﻧﻔﺴﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﻨﻪ ُ ّ ً‬ ‫ﺳﺒﻌﺔ أﺳﻮاط‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ّ :‬إﻧﺎ إﺧﻮاﻧﻚ ﻧﻨﺎﺷـﺪك ﻋﻠﻰ أﻻ ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﺪا‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻹﻣﺎم‪ :‬ﻟﻮ أراد ﻣﻨﻲ‬ ‫ﺟﻤﻌﺔ‬ ‫وﻛﻠﻨﺎ َ ُ‬ ‫ﻧﻜﺮه َ ُ‬ ‫ﺗﻬﻠﻚ َ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻋﺪ أﺑﻮاب ﻣﺴـﺠﺪ‬ ‫أﻋﺪ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ وﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨّﻲ أن‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ‬ ‫ﻳﻜﺘﺐ ﰲ دم رﺟٍﻞ‬ ‫دﻋﻮه؛ ّ‬ ‫واﺳﻂ ﻟﻢ ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫وأﺧﺘﻢ ﻟﻪ؟ واﷲ ﻻ أدﺧﻞ ﰲ ذﻟﻚ‪ .‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ‪ُ َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻤﻮت‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫اﻟﻀــﺎرب إﻟﻰ اﻷﻣﻴﺮ وﻗﺎل‪ّ :‬إﻧﻪ‬ ‫ﺛﻢ ﺟﺎء‬ ‫ﺿﺮﺑﻪ ّأﻳﺎﻣ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻃﻲ ﺟﻤﻌﺘﻴﻦ‬ ‫ﻓﺤﺒﺴﻪ‬ ‫ﻣﺼﻴﺐ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وﺿﺮﺑﻪ أرﺑﻌﺔ ﻋﺸـﺮ ﺳﻮﻃ ‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺎﺳﺘﻤﻬﻠﻪ‪،‬‬ ‫ﺛﻢ اﺟﺘﻤﻊ ﻣﻊ اﻷﻣﻴﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻻ ﻧﺎﺻٍﺢ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺴــــﺘﻤﻬﻠﻨﻲ؛‬ ‫ﻗﻞ ﻟﻪ‬ ‫ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻳﻤﻴﻨﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻮ أﻣﺮﲏ أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫أﻋﺪ ﻟﻪ أﺑﻮاب اﻟﻤﺴــــﺠﺪ ﻟﻢ أﻓﻌﻞ‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓﻬﺮب إﻟﻰ ّ‬ ‫ﻟﻠﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﻗﺎم ﲠﺎ؛ ﻓﻘﺪم اﻟﻜﻮﻓﺔ ﰲ زﻣﻦ ﻣﻨﺼـــــــــــــﻮر‪،‬‬ ‫ﻓﺨﻼه‬ ‫أﺷﺎور إﺧﻮاﲏ‪،‬‬ ‫وﻗﺎل‪:‬‬ ‫ﻣﻜﺔ‪ ،‬ﰲ ﺳﻨﺔ ﻣﺎﺋﺔ وﺛﻼﺛﻴﻦ‪ ،‬إﻟﻰ أن ﺻﺎرت اﻟﺨﻼﻓﺔ ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وأﻣﺮ ﻟﻪ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻋﺸﺮة آﻻف درﻫﻢ‪ ،‬وﺟﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺒﻠﻬﻤﺎ‬ ‫ﻓﻌﻈﻤﻪ َ‬

‫)‪(١٣‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﺴـــﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬إﻣﺎم أﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ‪ ،‬اﻟﺬي ﻛﺎن ﻻ ﻳﻬﺎب َ‬ ‫وﻳﻌﺪ‬ ‫اﻟﻤﺆﻳﺪة ﻟﻠﺤّﻖ ﺧﻄﻰ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ‬ ‫ﺗﺮﺳﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‬ ‫ﻗﻮل اﻟﺤّﻖ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻘﺪ ّ‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ ِ‬ ‫اﻏﺪ ﻋﺎﻟﻤ ‪ ،‬أو ّ‬ ‫ﺗﻐﺪ ّ ً‬ ‫إﻣﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ذﻟﻚ ‪،‬‬ ‫ﻣﺘﻌﻠﻤ ‪ ،‬وﻻ ُ‬ ‫ﻣﻮﺟﺒ ﻟﻠﺠﻬﺮ ﺑﺎﻟﺤّﻖ ﰲ وﺟﻪ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل رﺿـــــــــــــــــــــــــــﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺼﺎن ِ ِ‬ ‫ﻋﻠﻢ ِ ِ‬ ‫ﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﻤﺎم ِ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻣﺎﻟﺖ‪ّ ،‬‬ ‫اﻟﻌﺎﻟـــــﻢ أﻻ ﻳﻤﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﺮﻳﺢ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وﻣﻮﺟﺐ ﻟﻌﺪم‬ ‫ﻋﻠﻤﻪ‪،‬‬ ‫ﻓﺈن ﻫﺬا‬ ‫ﻓﺎﻹﻣﻌﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﺤّﻖ وﺻ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١٤‬‬

‫اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻴﻪ‪.‬‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ ّ‬ ‫ﺛﻮرة‬ ‫اﻟﻤﻘﺮر‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴـﻴﻦ ﭬ ﺑﺪأت ﺳﻨﺔ ‪١٢١‬ﻫـ‪ ،‬و ﻛﺎن ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻫﺸــﺎم ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻫﻮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ُ‬ ‫أن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اﻹﻣﺎم اﻟﺤﺴــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻋـﻠﻲ‪،‬‬ ‫اﻟﺸــــﻬﺪاء‬ ‫ﻟﺴـــﻴﺪ‬ ‫واﻟﺨﺮوج اﻟﺜﺎﲏ ﻛﺎن‬ ‫ﻋﺒﺪ اﷲِ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ‪،‬‬ ‫اﻟﺜﻮرة‬ ‫زﻳﺪ ﻫﻲ‬ ‫أول ﻣـﻦ ﺣﺎ رﲠـﻢ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫)‪(١٥‬‬

‫ُ‬ ‫ﻋﻠﻲ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﺨﺮوج اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ ﻟﺰﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻣﻤﺎ ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲠﺎ‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬ﰲ اﻟﺴﺮد‬ ‫ّ‬ ‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻓﺮﻋﻴﻦ‪ :‬اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻷﺣﺪاث اﻟﺜﻮرة وﺷﻲء ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔــﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﰲ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫أﻣﻴﺔ‪:‬‬ ‫وﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ﻫﺒﻴﺮة ِإن ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻟﻴﻀـﺮﺑﻨﻪ ﺑﺎﻟﺴــﻴﺎط ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻫﺒﻴﺮة أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻀـﺎء اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻓﺄﺑﻰ واﻣﺘﻨﻊ ﻓﺤﻠﻒ اﺑﻦ ُ َ ْ َ‬ ‫ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻪ ﻣﻊ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة ﺣﻴﺚ )أراد اﺑﻦ ُ َ ْ َ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻷﺣﺪاث ﺛﻮرة اﻹﻣﺎم زﻳﺪ وﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫اﻷول‪ :‬ﰲ اﻟﺴﺮد‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ّ‬

‫ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻗﺪره أن ﻳﻌﺎرض ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ُ َ‬ ‫ﻳﻤﻮت‪َ َ َ ،‬‬ ‫ﻫﻲ ٌ‬ ‫ﻓﺪﻋﺎه‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺷﻔﺎﻫ ‪ :‬وﺣﻠﻒ ﻟﻪ ِإن ﻟﻢ َ ِ‬ ‫ﻣﻮﺗﺔ‬ ‫ﻳﻞ‬ ‫ﻟﻴﻀــــــــــــﺮﺑﻦ ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ ﱠ‬ ‫ﻳﻤﻴﻨﻲ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ُ‬ ‫ﻟﻪ ُأﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن‪ ،‬ﻏﻴﺮ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺮﺗﺒﺔ‬ ‫أﺣﺪاث‬ ‫اﻟﱰاﺟﻢ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة‪ ،‬وﻫﻲ‬ ‫ﻛﺘﺐ‬ ‫ﺗﺬﻛﺮه ُ‬ ‫أﻫﻢ ﻣﺎ ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ﻳﺤﺴﻦ أن ﻧﺬﻛﺮ ‪ -‬ﺑﺎﺧﺘﺼـــــــــــــــﺎر ‪ّ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وﻧﺨﺺ ّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑﺸـﻲء ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻨﻌﻤﺎن‬ ‫ﻗﺼﺔ إﻣﺎﻣِﻨَﺎ‬ ‫اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪،‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬وﺳﻨﻘﺘﺼـﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت‬ ‫ﺑﺸـﻜﻞ ﻳﻔﻲ ﺑﻐﺮض اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻲ‪ .‬وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻨﺼـﻮص‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ واﻟﻨﻈﺮ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﻲ‪ ،‬ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴِﻞ‬ ‫اﻟﺴـﺮدي‪ ،‬واﻟﺸـﺮِح واﻟﺘﻔﺼـﻴِﻞ‬ ‫اﻻﺧﺘﺼﺎر ﰲ اﻷﺳﺎﻧﻴﺪ‪ ،‬ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻓﺈﻧﻪ ّ‬ ‫أذل ﻣﻦ َ‬ ‫ﻓﻀﺮب ﻋﺸـﺮﻳﻦ ﺳﻮﻃ ﻋﻠﻰ َرأﺳﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ َ‬ ‫ﻓﺈﻧﻲ أﻗﻮل‪:‬‬ ‫ﲥﺪدﲏ ّ‬ ‫ﻣﻘﺎﻣﻲ َﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ‪ ،‬وﻻ ّ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬اذﻛﺮ ﻣﻘﺎﻣﻚ َﺑﻴﻦ َﻳﺪي اﷲ ّ‬ ‫ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ُ ِ َ‬ ‫واﺣﺪة‪َ َ ،‬‬

‫اﻟﻮاردة‪:‬‬

‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺤﻜﻲ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫رأﺳﻪ ﻓﻘﻴﻞ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ َ‬ ‫ﻫﺒﻴﺮة ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫اﻵﺧﺮة‪َ ،‬واﷲِ َﻻ‬ ‫ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫ﺿـﺮﺑﻪ ﻟﻲ ﻓﻲ ﱡ ْ َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ ﻻﺑﻦ ُ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻊ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ ْ َ‬ ‫ﻓﻌﻠﺖ َوﻟﻮ ﻗﺘﻠﻨﻲ‪َ ُ ،‬‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ أﺳـﻬﻞ ّ‬

‫ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﷲ‪ ،‬واﷲ ﺳﺎﺋﻠﻚ ﻋﻨّﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻻ َ ُ‬ ‫ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻚ ﺟﻮاﺑ ﱠإﻻ ﺑﺎﻟﺤّﻖ؛ ﻓﺄوﻣﺄ إﻟﻰ اﻟﺠﻼد أن ِ ْ‬ ‫أﻣﺴﻚ‪ ،‬وﺑﺎت أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ِﻓﻲ اﻟﺴــــــــــﺠﻦ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وﻫﻮ َ ُ‬ ‫ﺗﺨﺎف اﷲ‪،‬‬ ‫ﺻـــﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ‬ ‫ﻳﻘﻮل ﻟﻲ‪ :‬أﻣﺎ َ‬ ‫وﺳـــﻠﻢ ِﻓﻲ ّ‬ ‫ﻀﺮب‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة‪ ِ :‬ﱢإﻧﻲ ﻗﺪ ُ‬ ‫اﻟﻨﻮم َ ُ َ‬ ‫ﻓﺄﺻـــﺒﺢ وﻗﺪ اﻧﺘﻔﺦ وﺟﻬﻪ ورأﺳـــﻪ ﻣﻦ اﻟ ﱠ ْ‬ ‫رأﻳﺖ ّ‬ ‫ﺗﻀﺮب رﺟﻼً ﻣﻦ ِ‬ ‫ّ‬ ‫واﺳﺘﺤﻠﻪ(‬ ‫وﺗﻬﺪده‪ ،‬ﻓﺄرﺳﻞ إﻟﻴﻪ ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﻪ‪،‬‬ ‫أﻣﺘﻲ ﺑﻼ ُﺟﺮٍم ُ ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪(١٢‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.١٦٠ ،‬‬ ‫اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ‪) ،‬ت ‪ ٤٦٣‬ﻫـ( ط دار اﻟﻜﺘﺐ‬ ‫اﻟﻨﻤﺮي‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪّ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬ﻣﺎﻟﻚ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔﭫ‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪ (١٠‬اﻻﻧﺘﻘﺎء ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﷲ اﻟﻘﺮﺷﻲ‪ ،‬أﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻨﻔﻲ )ت ‪٧٧٥‬ﻫـ( ﻃﺮ‪ :‬ﻣﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺘﺐ ﺧﺎﻧﻪ – ﻛﺮاﺗﺸﻲ‪.٤٨٦ ،٤٨٥ ،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (١١‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪12‬‬

‫)‪(١٧‬‬

‫أدﻋﻮه إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺎد ﻣﻌﻪ( ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻲ إﻟﻰ زﺑﻴﺪ‬ ‫اﻹﻣﺎﻣﻲ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬أرﺳﻠﻨﻲ زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪(١٨‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ‪.٩/٣٠٧ ،‬‬ ‫ﻟﻠﺼﻤﻴﺮي‪ .٦٨ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم‬ ‫)‪ (١٢‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫ﻋﻦ ﻋﺒﺪة ﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺠﺮﻣﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬ﻛﺘﺐ زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ إﻟﻰ ﻫﻼل ﺑﻦ ﺣﺒﺎب‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻤﺪاﺋﻦ‪ ،‬ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ وﺑﺎﻳﻊ ﻟﻪ( ‪.‬‬

‫زﻳﺪي( ‪.‬‬ ‫ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﻮاﻧﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬ﻓﺎرﻗﻨﻲ ﺳﻔﻴﺎن ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ﻟﻠﺼﻤﻴﺮي‪.٧٤ ،‬‬ ‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪ .٥٠٦ - ٥٠٥ / ٢ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (١٣‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻄﺤﺎوي‪) ،‬ت ‪ ٣٢١‬ﻫـ(‪ ،‬ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺎؤوط‪) ،‬ط‪ ١٤١٥ ١‬ﻫـ ‪ ١٩٩٤-‬م(‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺼﺮي‪،‬‬ ‫اﻟﺤﺠﺮي‬ ‫اﻷزدي‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (١٤‬ﺷﺮح ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎر‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ‪) ،‬ت‪ ٤٦٣‬ﻫـ(‪،‬‬ ‫اﻟﻨﻤﺮي‬ ‫ﻋﺎﺻﻢ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﱪ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟ‬ ‫ﻋﺒﺪ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﻋﺒﺪ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫ﻋﻤﺮ‪،‬‬ ‫ﻷﺑﻲ‬ ‫وﻓﻀﻠﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،١٥/٤٠٧ ،‬وﻫﻮ ﰲ ﺟﺎﻣﻊ ﺑﻴﺎن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)ط‪ ١٤١٤ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٩٤ -‬م(‪ /‬دار اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي‪.١/١٤٢ ،‬‬ ‫اﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺪر أﺑﺎد‪ ١٣٢١ ،‬ﻫـ(‪.١/٥٥ ،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪) ،‬ط‪ ،١‬داﺋﺔ اﻟﻤﻌﺎرف‬ ‫اﻟﻜﺮدري‪،‬‬ ‫اﻟﺒﺰاز‬ ‫)‪ُ (١٥‬ﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﻣﻨﺎﻗﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺸﻴﺦ اﻹﻣﺎم ﺣﺎﻓﻆ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﻬﺎب‪ ،‬اﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺻﻘﺮ‪ ،‬ط‪ ،١‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪١٤١ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻬﻴﺜﻢ اﻟﻤﺮواﲏّ‬ ‫)‪ (١٦‬ﻣﻘﺎﺗﻞ‬ ‫اﻟﻘﺮﺷﻲ‪ ،‬أﺑﻮ اﻟﻔﺮج اﻷﺻﺒﻬﺎﲏّ‪) ،‬ت ‪ ٣٥٦‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ‪ّ ،‬‬ ‫)‪ (١٧‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪ (١٨) .‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫‪ 13‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺛﻢ ﺣﺪث‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﻮن إﻟﻰ اﺳـﺘﻌﻤﺎل ﻟﺒﺎس آل اﻟﺒﻴﺖ‪،‬‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‬ ‫وﺣﻴﻦ ﺑﺪأت اﻟﻤﻮاﺟﻬﺎت ﺑﻴﻦ‬ ‫ّ‬ ‫وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺘﺮة‪ ،‬ﻓﺄﻗﺒﻞ اﻟﻨﺎس إﻟﻴﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ ﺑﺎدر ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺿﺪ ﻣﻦ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ‬ ‫ّأول ﻗﺘﺎل ﺑﻴﻦ‬ ‫أﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺆازرﻫﻢ ّ‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ رﻣﻀـــــــــــــــﺎن ﻣﻦ ﻋﺎم ‪ ١٢٩‬ﻫـ‪ ،‬ﻓﺎﺣﺘﺎج اﻷﻣﺮاء ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪.‬‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻻ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻬﻢ‬ ‫ٌ‬ ‫واﺣﺪ ﰲ ﻣﻨﺰﻟﺘﻪ ﰲ ﻧﻔﻮس ّ‬ ‫ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻠﺠﺄوا إﻟﻰ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ اﺣﺘﺎج ﻟﻪ اﻷﻣﺮاء ﻟﻢ ُﻳﺪاﻫﻦ وﻟﻢ ﻳﻘﻞ ّ‬ ‫وذﻛﺮ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻳﻮﺳـــﻒ ّأﻧﻪ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻌﺚ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة إﻟﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﺄﺗﺎه وﻋﻨﺪه اﺑﻦ ﺷـــﱪﻣﺔ‬ ‫إﻻ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺤّﻖ‪َ ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ‪ ،‬ﻓﺴـﺄﻟﻬﻢ ﻋﻦ ِ‬ ‫اﻷﻧﺴـﺐ ﻟﻪ؟ وﻛﺎﻧﺖ ّ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻀــﺤﺎك‬ ‫ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج ﻣﻦ أﺻﺤﺎب‬ ‫ﻳﻜﺘﺐ؟ وﻣﺎ اﻟﺼـﻴﻐﺔ‬ ‫ﺻﻠﺢ‬ ‫ﻛﺘﺎب‬ ‫ﺑﻘﻴﺔ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺨﻮارج؛ ﻛﻴﻒ ُ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑﺸـــــــــﻲء أﺻﺒﻨﺎه ﰲ اﻟﻔﺘﻨﺔ وﻻ َ‬ ‫ﻗﺒﻠﻬﺎ‪ ،‬اﻷﻣﻮال واﻟﺪﻣﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ‪ :‬ﻻ‬ ‫اﻟﺨﺎرﺟﻲ‪) ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﺨﻮارج ﻧﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﺘﺐ ﻟﻨﺎ ُﺻﻠﺤ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻧﺆﺧﺬ‬ ‫ّ‬ ‫ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﺷﻲء‪.‬‬ ‫ﻳﺠﻮز ﻟﻬﻢ اﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ‪ّ ،‬‬ ‫ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺆﺧﺬون ﲠﺬه اﻷﻣﻮال واﻟﺪﻣﺎء‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ‪ :‬اﻟﺼﻠﺢ ﻟﻬﻢ ٌ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫أن ّ‬ ‫أﻓﺤﺸﺖ‪ ،‬ﻓﻘﻞ أﻧﺖ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬اﻟﻘﻮل ﰲ ﻫﺬا ّ‬ ‫ﻣﺎل‬ ‫ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬ﻓﻘﺎل ﻟـﻲ اﺑﻦ ﻫﺒﻴـﺮة‪ :‬ﻣﺎ ﺗﻘﻮل أﻧﺖ؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬أﺧﻄﺂ ﺟﻤﻴﻌ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻫﺒﻴــﺮة‪:‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺷﻲء أﺻﺎﺑﻮه ﻣﻦ ٍ‬ ‫وأﻣﺎ ّ‬ ‫ودم أﺻﺎﺑﻮا ﻗﺒﻞ إﻇﻬﺎر اﻟﻔﺘﻨﺔ ّ‬ ‫ﻣﺎل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺟﺎﺋﺰ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ودم ﰲ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﺎﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ٌ‬ ‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﻢ اﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ‪ّ ،‬‬ ‫وﻗﻠﺖ اﻟﺼﻮاب‪ ،‬ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻘﻮل(‬ ‫أﺻﺒﺖ‬ ‫ﻳﺆﺧﺬون ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫)‪(١٠‬‬

‫‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ﻓﺼ‬ ‫وﰲ ﻣﻮﻗﻒ آﺧﺮ ﻳﺸـﻬﺪ ﻟﺼـﻼﺑﺔ ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﰲ اﻟﺤّﻖ أﻣﺎم‬ ‫وﻳﺒﻴﻦ أﺻﻞ ﻧﻈﺮﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ ودواﻓﻌﻬﺎ‪) :‬دﻋﺎه اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة ﻳﻮﻣ وأراه ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ّ ،‬‬ ‫اﻟﺘﺨﺘﻢ ﺑﻪ ﻟﻤﻜﺎن اﺳــﻢ ﻏﻴﺮي ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻻ ُﻳﻤﻜﻦ ّ‬ ‫دور رأس اﻟﺒﺎء ﻳﻜﻮن‪) :‬ﻋﻄﺎء ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻨﻘﻮﺷـ ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻠﻴﻪ‪) :‬ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ( وﻗﺎل‪ :‬أﻛﺮه‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﻜﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ّ :‬‬ ‫ف إﻟﻴﻨﺎ ْ َ‬ ‫وأﻓﺪﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻣﺎ أﺻﻨﻊ ﻋﻨﺪك؟ إن ّﻗﺮﺑﺘﻨﻲ ﻓﺘﻨﺘﻨﻲ‪ ،‬وإن أﻗﺼــــــــــــــــﻴﺘﻨﻲ‬ ‫ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺔ اﺳﺘﺨﺮاﺟﻪ‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬ﻟﻮ‬ ‫أﻛﺜﺮت اﻻﺧﺘﻼ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻨﺪ اﷲ(‪ّ ،‬‬ ‫أﺣﺰﻧﺘﻨﻲ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪك ﻣﺎ أرﺟﻮه وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﻣﺎ أﺧﺎﻓﻚ ﻋﻠﻴﻪ(‬

‫)‪(١١‬‬

‫‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ووﻟﻰ ّ‬ ‫وﻣﻦ ذﻟﻚ أﻳﻀــ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻪ ﺣﻴﻦ وﻗﻌﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﺨﺮاﺳﺎن ﻓﺪﻋﺎ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻛﺎﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ واﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ واﺑﻦ أﺑﻲ ﻫﻨﺪ‪ّ ،‬‬ ‫واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﻳﻀـــــﺮﺑﻪ ﰲ ّ‬ ‫اﻟﺨﺎﺗﻢ ﰲ ﻳﺪه‪ ،‬ﻻ ُ ِ ُ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ﻳﻨﻔﺬ ﻛﺘﺎﺑ إﻻ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻳﺪه‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ؛ ﻓﺤﻠﻒ اﻷﻣﻴﺮ ّأﻧﻪ إن ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ‬ ‫وﻋﺮض ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ أن ﻳﻜﻮن‬ ‫ﺷﻴﺌ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َُ‬ ‫ﻧﻔﺴﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﻨﻪ ُ ّ ً‬ ‫ﺳﺒﻌﺔ أﺳﻮاط‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ّ :‬إﻧﺎ إﺧﻮاﻧﻚ ﻧﻨﺎﺷـﺪك ﻋﻠﻰ أﻻ ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﺪا‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻹﻣﺎم‪ :‬ﻟﻮ أراد ﻣﻨﻲ‬ ‫ﺟﻤﻌﺔ‬ ‫وﻛﻠﻨﺎ َ ُ‬ ‫ﻧﻜﺮه َ ُ‬ ‫ﺗﻬﻠﻚ َ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻋﺪ أﺑﻮاب ﻣﺴـﺠﺪ‬ ‫أﻋﺪ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ وﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨّﻲ أن‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ‬ ‫ﻳﻜﺘﺐ ﰲ دم رﺟٍﻞ‬ ‫دﻋﻮه؛ ّ‬ ‫واﺳﻂ ﻟﻢ ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫وأﺧﺘﻢ ﻟﻪ؟ واﷲ ﻻ أدﺧﻞ ﰲ ذﻟﻚ‪ .‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ‪ُ َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻤﻮت‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫اﻟﻀــﺎرب إﻟﻰ اﻷﻣﻴﺮ وﻗﺎل‪ّ :‬إﻧﻪ‬ ‫ﺛﻢ ﺟﺎء‬ ‫ﺿﺮﺑﻪ ّأﻳﺎﻣ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻃﻲ ﺟﻤﻌﺘﻴﻦ‬ ‫ﻓﺤﺒﺴﻪ‬ ‫ﻣﺼﻴﺐ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وﺿﺮﺑﻪ أرﺑﻌﺔ ﻋﺸـﺮ ﺳﻮﻃ ‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺎﺳﺘﻤﻬﻠﻪ‪،‬‬ ‫ﺛﻢ اﺟﺘﻤﻊ ﻣﻊ اﻷﻣﻴﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻻ ﻧﺎﺻٍﺢ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺴــــﺘﻤﻬﻠﻨﻲ؛‬ ‫ﻗﻞ ﻟﻪ‬ ‫ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻳﻤﻴﻨﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻮ أﻣﺮﲏ أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫أﻋﺪ ﻟﻪ أﺑﻮاب اﻟﻤﺴــــﺠﺪ ﻟﻢ أﻓﻌﻞ‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓﻬﺮب إﻟﻰ ّ‬ ‫ﻟﻠﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﻗﺎم ﲠﺎ؛ ﻓﻘﺪم اﻟﻜﻮﻓﺔ ﰲ زﻣﻦ ﻣﻨﺼـــــــــــــﻮر‪،‬‬ ‫ﻓﺨﻼه‬ ‫أﺷﺎور إﺧﻮاﲏ‪،‬‬ ‫وﻗﺎل‪:‬‬ ‫ﻣﻜﺔ‪ ،‬ﰲ ﺳﻨﺔ ﻣﺎﺋﺔ وﺛﻼﺛﻴﻦ‪ ،‬إﻟﻰ أن ﺻﺎرت اﻟﺨﻼﻓﺔ ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وأﻣﺮ ﻟﻪ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻋﺸﺮة آﻻف درﻫﻢ‪ ،‬وﺟﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺒﻠﻬﻤﺎ‬ ‫ﻓﻌﻈﻤﻪ َ‬

‫)‪(١٣‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﺴـــﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬إﻣﺎم أﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ‪ ،‬اﻟﺬي ﻛﺎن ﻻ ﻳﻬﺎب َ‬ ‫وﻳﻌﺪ‬ ‫اﻟﻤﺆﻳﺪة ﻟﻠﺤّﻖ ﺧﻄﻰ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ‬ ‫ﺗﺮﺳﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‬ ‫ﻗﻮل اﻟﺤّﻖ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻘﺪ ّ‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ ِ‬ ‫اﻏﺪ ﻋﺎﻟﻤ ‪ ،‬أو ّ‬ ‫ﺗﻐﺪ ّ ً‬ ‫إﻣﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ذﻟﻚ ‪،‬‬ ‫ﻣﺘﻌﻠﻤ ‪ ،‬وﻻ ُ‬ ‫ﻣﻮﺟﺒ ﻟﻠﺠﻬﺮ ﺑﺎﻟﺤّﻖ ﰲ وﺟﻪ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل رﺿـــــــــــــــــــــــــــﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺼﺎن ِ ِ‬ ‫ﻋﻠﻢ ِ ِ‬ ‫ﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﻤﺎم ِ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻣﺎﻟﺖ‪ّ ،‬‬ ‫اﻟﻌﺎﻟـــــﻢ أﻻ ﻳﻤﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﺮﻳﺢ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وﻣﻮﺟﺐ ﻟﻌﺪم‬ ‫ﻋﻠﻤﻪ‪،‬‬ ‫ﻓﺈن ﻫﺬا‬ ‫ﻓﺎﻹﻣﻌﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﺤّﻖ وﺻ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١٤‬‬

‫اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻴﻪ‪.‬‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ ّ‬ ‫ﺛﻮرة‬ ‫اﻟﻤﻘﺮر‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴـﻴﻦ ﭬ ﺑﺪأت ﺳﻨﺔ ‪١٢١‬ﻫـ‪ ،‬و ﻛﺎن ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻫﺸــﺎم ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻫﻮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ُ‬ ‫أن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اﻹﻣﺎم اﻟﺤﺴــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻋـﻠﻲ‪،‬‬ ‫اﻟﺸــــﻬﺪاء‬ ‫ﻟﺴـــﻴﺪ‬ ‫واﻟﺨﺮوج اﻟﺜﺎﲏ ﻛﺎن‬ ‫ﻋﺒﺪ اﷲِ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ‪،‬‬ ‫اﻟﺜﻮرة‬ ‫زﻳﺪ ﻫﻲ‬ ‫أول ﻣـﻦ ﺣﺎ رﲠـﻢ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫)‪(١٥‬‬

‫ُ‬ ‫ﻋﻠﻲ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﺨﺮوج اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ ﻟﺰﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻣﻤﺎ ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲠﺎ‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬ﰲ اﻟﺴﺮد‬ ‫ّ‬ ‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻓﺮﻋﻴﻦ‪ :‬اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻷﺣﺪاث اﻟﺜﻮرة وﺷﻲء ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔــﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﰲ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫أﻣﻴﺔ‪:‬‬ ‫وﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ﻫﺒﻴﺮة ِإن ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻟﻴﻀـﺮﺑﻨﻪ ﺑﺎﻟﺴــﻴﺎط ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻫﺒﻴﺮة أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻀـﺎء اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻓﺄﺑﻰ واﻣﺘﻨﻊ ﻓﺤﻠﻒ اﺑﻦ ُ َ ْ َ‬ ‫ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻪ ﻣﻊ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة ﺣﻴﺚ )أراد اﺑﻦ ُ َ ْ َ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻷﺣﺪاث ﺛﻮرة اﻹﻣﺎم زﻳﺪ وﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫اﻷول‪ :‬ﰲ اﻟﺴﺮد‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ّ‬

‫ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻗﺪره أن ﻳﻌﺎرض ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ُ َ‬ ‫ﻳﻤﻮت‪َ َ َ ،‬‬ ‫ﻫﻲ ٌ‬ ‫ﻓﺪﻋﺎه‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺷﻔﺎﻫ ‪ :‬وﺣﻠﻒ ﻟﻪ ِإن ﻟﻢ َ ِ‬ ‫ﻣﻮﺗﺔ‬ ‫ﻳﻞ‬ ‫ﻟﻴﻀــــــــــــﺮﺑﻦ ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ ﱠ‬ ‫ﻳﻤﻴﻨﻲ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ُ‬ ‫ﻟﻪ ُأﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن‪ ،‬ﻏﻴﺮ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺮﺗﺒﺔ‬ ‫أﺣﺪاث‬ ‫اﻟﱰاﺟﻢ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة‪ ،‬وﻫﻲ‬ ‫ﻛﺘﺐ‬ ‫ﺗﺬﻛﺮه ُ‬ ‫أﻫﻢ ﻣﺎ ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ﻳﺤﺴﻦ أن ﻧﺬﻛﺮ ‪ -‬ﺑﺎﺧﺘﺼـــــــــــــــﺎر ‪ّ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وﻧﺨﺺ ّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑﺸـﻲء ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻨﻌﻤﺎن‬ ‫ﻗﺼﺔ إﻣﺎﻣِﻨَﺎ‬ ‫اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪،‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬وﺳﻨﻘﺘﺼـﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت‬ ‫ﺑﺸـﻜﻞ ﻳﻔﻲ ﺑﻐﺮض اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻲ‪ .‬وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻨﺼـﻮص‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ واﻟﻨﻈﺮ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﻲ‪ ،‬ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴِﻞ‬ ‫اﻟﺴـﺮدي‪ ،‬واﻟﺸـﺮِح واﻟﺘﻔﺼـﻴِﻞ‬ ‫اﻻﺧﺘﺼﺎر ﰲ اﻷﺳﺎﻧﻴﺪ‪ ،‬ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻓﺈﻧﻪ ّ‬ ‫أذل ﻣﻦ َ‬ ‫ﻓﻀﺮب ﻋﺸـﺮﻳﻦ ﺳﻮﻃ ﻋﻠﻰ َرأﺳﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ َ‬ ‫ﻓﺈﻧﻲ أﻗﻮل‪:‬‬ ‫ﲥﺪدﲏ ّ‬ ‫ﻣﻘﺎﻣﻲ َﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ‪ ،‬وﻻ ّ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬اذﻛﺮ ﻣﻘﺎﻣﻚ َﺑﻴﻦ َﻳﺪي اﷲ ّ‬ ‫ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ُ ِ َ‬ ‫واﺣﺪة‪َ َ ،‬‬

‫اﻟﻮاردة‪:‬‬

‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺤﻜﻲ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫رأﺳﻪ ﻓﻘﻴﻞ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ َ‬ ‫ﻫﺒﻴﺮة ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫اﻵﺧﺮة‪َ ،‬واﷲِ َﻻ‬ ‫ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫ﺿـﺮﺑﻪ ﻟﻲ ﻓﻲ ﱡ ْ َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ ﻻﺑﻦ ُ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻊ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ ْ َ‬ ‫ﻓﻌﻠﺖ َوﻟﻮ ﻗﺘﻠﻨﻲ‪َ ُ ،‬‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ أﺳـﻬﻞ ّ‬

‫ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﷲ‪ ،‬واﷲ ﺳﺎﺋﻠﻚ ﻋﻨّﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻻ َ ُ‬ ‫ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻚ ﺟﻮاﺑ ﱠإﻻ ﺑﺎﻟﺤّﻖ؛ ﻓﺄوﻣﺄ إﻟﻰ اﻟﺠﻼد أن ِ ْ‬ ‫أﻣﺴﻚ‪ ،‬وﺑﺎت أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ِﻓﻲ اﻟﺴــــــــــﺠﻦ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وﻫﻮ َ ُ‬ ‫ﺗﺨﺎف اﷲ‪،‬‬ ‫ﺻـــﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ‬ ‫ﻳﻘﻮل ﻟﻲ‪ :‬أﻣﺎ َ‬ ‫وﺳـــﻠﻢ ِﻓﻲ ّ‬ ‫ﻀﺮب‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة‪ ِ :‬ﱢإﻧﻲ ﻗﺪ ُ‬ ‫اﻟﻨﻮم َ ُ َ‬ ‫ﻓﺄﺻـــﺒﺢ وﻗﺪ اﻧﺘﻔﺦ وﺟﻬﻪ ورأﺳـــﻪ ﻣﻦ اﻟ ﱠ ْ‬ ‫رأﻳﺖ ّ‬ ‫ﺗﻀﺮب رﺟﻼً ﻣﻦ ِ‬ ‫ّ‬ ‫واﺳﺘﺤﻠﻪ(‬ ‫وﺗﻬﺪده‪ ،‬ﻓﺄرﺳﻞ إﻟﻴﻪ ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﻪ‪،‬‬ ‫أﻣﺘﻲ ﺑﻼ ُﺟﺮٍم ُ ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪(١٢‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.١٦٠ ،‬‬ ‫اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ‪) ،‬ت ‪ ٤٦٣‬ﻫـ( ط دار اﻟﻜﺘﺐ‬ ‫اﻟﻨﻤﺮي‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪّ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬ﻣﺎﻟﻚ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔﭫ‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪ (١٠‬اﻻﻧﺘﻘﺎء ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﷲ اﻟﻘﺮﺷﻲ‪ ،‬أﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻨﻔﻲ )ت ‪٧٧٥‬ﻫـ( ﻃﺮ‪ :‬ﻣﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺘﺐ ﺧﺎﻧﻪ – ﻛﺮاﺗﺸﻲ‪.٤٨٦ ،٤٨٥ ،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (١١‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪12‬‬

‫)‪(١٧‬‬

‫أدﻋﻮه إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺎد ﻣﻌﻪ( ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻲ إﻟﻰ زﺑﻴﺪ‬ ‫اﻹﻣﺎﻣﻲ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬أرﺳﻠﻨﻲ زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪(١٨‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ‪.٩/٣٠٧ ،‬‬ ‫ﻟﻠﺼﻤﻴﺮي‪ .٦٨ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم‬ ‫)‪ (١٢‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫ﻋﻦ ﻋﺒﺪة ﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺠﺮﻣﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬ﻛﺘﺐ زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ إﻟﻰ ﻫﻼل ﺑﻦ ﺣﺒﺎب‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻤﺪاﺋﻦ‪ ،‬ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ وﺑﺎﻳﻊ ﻟﻪ( ‪.‬‬

‫زﻳﺪي( ‪.‬‬ ‫ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﻮاﻧﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬ﻓﺎرﻗﻨﻲ ﺳﻔﻴﺎن ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ﻟﻠﺼﻤﻴﺮي‪.٧٤ ،‬‬ ‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪ .٥٠٦ - ٥٠٥ / ٢ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (١٣‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻄﺤﺎوي‪) ،‬ت ‪ ٣٢١‬ﻫـ(‪ ،‬ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺎؤوط‪) ،‬ط‪ ١٤١٥ ١‬ﻫـ ‪ ١٩٩٤-‬م(‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺼﺮي‪،‬‬ ‫اﻟﺤﺠﺮي‬ ‫اﻷزدي‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (١٤‬ﺷﺮح ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎر‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ‪) ،‬ت‪ ٤٦٣‬ﻫـ(‪،‬‬ ‫اﻟﻨﻤﺮي‬ ‫ﻋﺎﺻﻢ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﱪ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟ‬ ‫ﻋﺒﺪ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﻋﺒﺪ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫ﻋﻤﺮ‪،‬‬ ‫ﻷﺑﻲ‬ ‫وﻓﻀﻠﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،١٥/٤٠٧ ،‬وﻫﻮ ﰲ ﺟﺎﻣﻊ ﺑﻴﺎن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)ط‪ ١٤١٤ ،١‬ﻫـ ‪ ١٩٩٤ -‬م(‪ /‬دار اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي‪.١/١٤٢ ،‬‬ ‫اﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺪر أﺑﺎد‪ ١٣٢١ ،‬ﻫـ(‪.١/٥٥ ،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪) ،‬ط‪ ،١‬داﺋﺔ اﻟﻤﻌﺎرف‬ ‫اﻟﻜﺮدري‪،‬‬ ‫اﻟﺒﺰاز‬ ‫)‪ُ (١٥‬ﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﻣﻨﺎﻗﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺸﻴﺦ اﻹﻣﺎم ﺣﺎﻓﻆ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﻬﺎب‪ ،‬اﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺻﻘﺮ‪ ،‬ط‪ ،١‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪١٤١ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻬﻴﺜﻢ اﻟﻤﺮواﲏّ‬ ‫)‪ (١٦‬ﻣﻘﺎﺗﻞ‬ ‫اﻟﻘﺮﺷﻲ‪ ،‬أﺑﻮ اﻟﻔﺮج اﻷﺻﺒﻬﺎﲏّ‪) ،‬ت ‪ ٣٥٦‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ‪ّ ،‬‬ ‫)‪ (١٧‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪ (١٨) .‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫‪ 13‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ رواﻳﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ‪:‬‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻓﻤﻤﺎ ورد ﰲ ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﺎ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻲ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ واﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻔﻀـــﻞ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻳﺄﰐ ً‬ ‫زﻳﺪا ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸـــﺄن ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻨﺎس؟‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻠﺖ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫وﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ زﻳﺎد‪،‬‬ ‫ﺑﻦ ﻛﻬﻴﻞ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺔ ُ‬ ‫ﻫﺎﺷـــﻢ اﻟﺮﻣﺎ ﲏّ‪ ،‬واﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ دﻳﻨﺎر‪ ،‬وﻏﻴﺮﻫﻢ‪ .‬ﻓﻘﺎل ﻟﻲ‪ :‬ﻗﻞ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وﻗﻮة ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻟﺰﻳﺪ ﻟﻚ ﻋﻨﺪي‬ ‫اﻟﱪﻳﺪ‪ ،‬وأﺑﻮ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﺳــﻌﺪ‪،‬‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﻣﻌﻮﻧﺔ ّ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وﻫﺎﺷـــﻢ ُ‬ ‫وﻫﺎرون ُ‬ ‫ٍ ّ‬ ‫ُ‬ ‫) ‪(١٩‬‬ ‫ذﻟﻚ ﻣﻌﻲ إﻟﻰ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﻬﺎد ّ َ‬ ‫ﺛﻢ َ‬ ‫ﺑﻌﺚ َ‬ ‫زﻳﺪ( ‪.‬‬ ‫ﻋﺪوك؛‬ ‫زﻳﺪ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬه ٌ‬ ‫ﻓﺎﺳﺘﻌﻦ ﲠﺎ َ‬ ‫ْ‬ ‫أﻧﺖ وأﺻﺤﺎﺑﻚ ﰲ اﻟﻜﺮا ِع واﻟﺴﻼ ِح‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻋﻠﻤﺖ ّ‬ ‫أن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﺨﺬﻟﻮﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺧﺬﻟﻮا‬ ‫اﻟﺒﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻮ‬ ‫زﻳﺪ إﻟﻴﻪ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ‬ ‫روي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ‬ ‫ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺳـــﻠﻴﻤﺎن‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬أرﺳـــﻞ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﻤﺎ ُ ِ َ‬

‫ٌ‬ ‫أﻫﻤﻬﺎ‪:‬‬ ‫ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺮواﻳﺎﲥﺎ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ّ .١‬‬ ‫ﻳﻨﺎزع‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا‬ ‫ﻣﻨﺎزﻋﺘﻪ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم ﭬ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ٌ‬ ‫إﺷﺎرة إﻟﻰ ّأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺠﻪ أن ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﺟﻠﻲ إﻻ ﺑﻌﺪ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ﱟ‬ ‫ﻟﻸﻣﻮﻳﻴﻦ ﺑﺸـــــــﻜٍﻞ ﱟ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﺨﻴﺎر ﻣﺘﺎﺣ ﺑﻴﻦ اﺛﻨﻴﻦ‪ ،‬ﺣﺎﻛﻢ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﺪﻟﻪ ّ‬ ‫اﻟﻤﻮﻓﻖ ﻣﻦ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺎدل وﻳﻨﺄى‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻌﺎﻗﻞ‬ ‫ﻇﻠﻤﻪ‪،‬‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫أﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ‬ ‫وﺣﺎﻛﻢ ُﻳﺮﺟﻰ ُ ُ‬ ‫ﻳﻨﻜﺮ ُ ُ‬ ‫اﻷﻣﺮ َ ُ‬ ‫ﻇﺎﻟﻢ ﻻ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺻﺮة اﻟﻈﺎﻟﻢ أو اﻟﻮﻗﻮف ﰲ ّ‬ ‫ﺻﻔﻪ‪.‬‬

‫ﺑﻌﺸـــــﺮة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫درﻫﻢ‪ ،‬وﻗﺎل ﻟﻠﺮﺳﻮل‪ :‬اﺑﺴــــــﻂ ﻋﺬري ﻋﻨﺪه‪ .‬وﰲ رواﻳﺔ‪:‬‬ ‫آﻻف‬ ‫إﻣﺎم ﺣ ﱞﻖ‪ ،‬وﻟﻜ ﻨّﻲ أﻋﻴ ﻨ ُ​ُﻪ ﺑﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺚ إﻟﻴﻪ‬ ‫أﺑﺎه‬ ‫ﻣﻌﻪ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﺠﺎﻫﺪت َ ُ‬ ‫ﻷﻧﻪ ٌ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ‬ ‫ﻣﻬﻤﺔ ﻻﻋﺘﻤﺎد‬ ‫ﻋﻠﻲ أرﺳﻞ إﻟﻰ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ ﻣﺴــــــــــــــــﺎﻧﺪﺗﻪ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا‬ ‫ٌ‬ ‫إﺷﺎرة ّ‬ ‫‪ .٢‬أن اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ﱟ‬

‫ٍ‬ ‫ﺑﻤﺮض ﻳﻌﱰﻳﻪ(‪ .‬وﻻ ﻣﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻳﺘﻴﻦ‬ ‫اﻋﺘﺬر إﻟﻴﻪ‬ ‫َ​َ‬

‫) ‪(٢٠‬‬

‫‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ﻣﺮض ﻳﻌﱰﻳﻪ‪ ،‬واﻋﺘﺬر ّ‬ ‫وذﻟﻚ ﺑﺄن ُﻳﻘﺎل ّ‬ ‫ﻓﻌﻼ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫إن اﻹﻣﺎم اﻋﺘﺬر ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﺑﺴـﺒﺐ‬ ‫ﺑﺄن أﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻳﺨﺬﻟﻮﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺧﺬﻟﻮا أﺑﺎه‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺼـﻞ ً‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻠﻴﻼ‪ ،‬واﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺄن ُﻳﻘﺎل ّ‬ ‫ً‬ ‫ﺣﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن اﻹﻣﺎم‬ ‫إن اﻟﻌﺬرﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪان‬ ‫ﺗﺨﻠﻮا ﻋﻦ ﻧﺼــــــــــــﺮﺗﻪ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻪ إﻻ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﺋﺘﻲ رﺟﻞ أو أﻛﺜﺮ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺮﻳﻀ ‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ِ ِ‬ ‫ذاﺗﻪ ﻳﺨﺎف أن ﻳﺨﺬﻟﻪ أﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ّ‬ ‫ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺧﺬﻻﳖﻢ ﻟﻪ ﭬ‬ ‫ﻟﻌﻠﻪ ّ ٌ‬

‫)‪(٢١‬‬

‫‪.‬‬

‫أن اﻹﻣﺎم ذﻛﺮ ﺳـﺒﺒ آﺧﺮ ﻟﻌﺪم اﻟﺨﺮوج‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺧﺮوِج اﻹﻣﺎم ٍ‬ ‫زﻳﺪ وﺳـﺒﺐ ّ‬ ‫وﻳﺬﻛﺮ ّ‬ ‫أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺮوج اﻹﻣﺎم‬ ‫ﻣﺒﻴﻨ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ﺗﺨﻠﻔﻪ ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ّ‬ ‫ﻋﺮﺿﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫وداﺋﻊ اﻟﻨﺎس‪،‬‬ ‫ﺗﺨﻠﻔﺖ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﺒﺴــﻨﻲ ﻋﻨﻪ‬ ‫ﺧﺮوج‬ ‫ﺧﺮوﺟﻪ‬ ‫زﻳﺪ‪ :‬ﺿﺎﻫﻰ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻢ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ‪َ :‬‬ ‫ﻳﻮم ﺑﺪر‪ّ ،‬‬ ‫وﺳﻠﻢ َ‬ ‫ﻣﺠﻬﻼ‪ ،‬وﻛﺎن ّ‬ ‫ﺧﺮوﺟﻪ ﺑﻜﻰ‬ ‫ﻛﻠﻤﺎ ذﻛﺮ‬ ‫ﻓﺨﻔﺖ أن أﻣﻮت ُ ّ ً‬ ‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺒﻞ‪ُ ِ ،‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫وﻟﻌﻞ اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ُﻳﺪرك ّ‬ ‫أﻫﻤﻬﺎ‬ ‫ﺗﻤﺮ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ّ‬ ‫أن اﻟﺜﻮرة ّ‬

‫)‪(٢٣‬‬

‫أﺻﻼ‪.‬‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﻮا أﻫﻼً ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﻟﻴﺲ أﻫﻼً ﻟﻠﺤﻜﻢ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫‪ّ .٣‬‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ‬ ‫ﻳﺘﺎﺑﻊ أﺧﺒﺎر اﻟﺤﻴﺎة‬ ‫ّ‬ ‫أن أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻛﺎن ُ ِ ُ‬ ‫ﻋﺼــﺮه‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻏﺎﻓﻼً ّ‬ ‫ّ‬ ‫رﻋﺎﻳﺘﻪ ﻟﺤّﻖ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ّ‬ ‫ﻛﻞ زﻣﺎن‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻠﻤﻪ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬أو ﻟﺤّﻖ‬ ‫اﻷﻣﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ‬ ‫ﺑﺤﺠﺔ اﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ﺑﻌﻠﻮم اﻟﺸــﺮع‪،‬‬ ‫أﻻ‬ ‫ﻳﻨﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﻓﺮﻋﺎﻳﺘﻪ ﻟﺤﻘﻮق ّ‬ ‫ﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ِ ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ دﻋﺎ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ إﻟﻰ ِ ِ‬ ‫أﻫﻞ ّ‬ ‫ﻳﺒﺎﻳﻌﻪ ُ‬ ‫ﻟﻌﻠﻤﻪ ّ‬ ‫‪ّ .٤‬‬ ‫أن ﻣﻦ ِ‬ ‫اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫ﺑﻴﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮواﻳﺔ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم َ‬ ‫ﺗﻤﺎم اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤـﻰ أن َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺸــﺮوﻃﻬﺎ ﻫﻢ‬ ‫وأﻛﺜﺮﻫﻢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺒﻴﻌﺔ‬ ‫وأﺣﻜﺎم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻓﺄوﻟﻰ اﻟﻨﺎس‬ ‫وﻳﺴـﺘﺄﻣﻨﻮﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ وﺣﻲ اﻟﺴـﻤﺎء‬ ‫اﻟﻨﺎس‪،‬‬ ‫أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻋﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺜﻖ ﲠﻢ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬ ‫أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﺮﻓﺾ اﻟﺒﻴﻌﺔ ً‬ ‫‪ّ .٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻻ ﺑﻴﻌﺔ ﻟﻪ‬ ‫ﻓﺎﻗﺪا‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻵﺧﺮ‬ ‫ﻳﻌﺪ‬ ‫وﺟﻮد‬ ‫أﺑﺪا ﻣﻊ‬ ‫اﻹﻣﺎم ﻟﻢ‬ ‫أن‬ ‫ﻟﻠﺸــــــﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺲ أﻫﻼً ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ّ ،‬‬ ‫ﻛﺄﻧﻪ ﻛﺎن َ ُ ّ‬ ‫ﻟﻜﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﺎﻛﻢ آﺧﺮ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬

‫)‪(٢٢‬‬

‫‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻨﻈﻢ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻴﺎع اﻟﺤﻘﻮق وﻓﺴﺎد‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺎرم ﻏﻴﺮ‬ ‫‪ .١‬ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻐﻀﺐ‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬وﻣﺒﺘﻌﺪة ﺷﻴﺌ ﻣﺎ ﻋﻦ أﻫﺪاف اﻟﺜﻮرة اﻷوﻟﻰ‪.‬‬ ‫اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻼت وﻇﻬﻮر وﻻءات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﻻء‬ ‫‪ .٢‬ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺨﺮاط اﻟﻘﻮى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .٣‬ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻨﺎﻓﺴـﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺛﺎر ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺈﻧﺸـﺎء ِ ٍ‬ ‫ﺑﺄﺣﻘﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﺒﻘﺎء‪،‬‬ ‫ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮرة‪ ،‬ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﺪﻳﻞ ﻧﺎﺿﺞ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ أن ُﻳﻘﻨﻊ اﻟﻨﺎس‬ ‫ﺑﻨﻴﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺛﺎر ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫وﺑﺬﻟﻚ‬ ‫ُ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻟﻢ ﺗﻤﺮ ﲠﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد ﺗﺠﻤﻴٍﻊ ٍ‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺎرم‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﻼﺑﺴﺎت ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ‬ ‫ﻟﻘﻮة ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻐﻀﺐ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ؛ ﻓﻘﺪ رأى اﻹﻣﺎم أن ﻳﻨﺄى ِ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺴـــــﺎدﻫﺎ‬ ‫ﻳﻌﺘﻘﺪ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺧﻮض ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ آل اﻟﺒﻴﺖ وﺑﻌﺾ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﺴـــــﺒﺐ ﺧﻼﻓﺎت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺮ ﻣﻌﻨﺎ‪.‬‬ ‫ﺳﻠﻔ ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪.١/٤٩٦ ،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (١٩‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪ (٢٠) .‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺑﻲ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻜﺮ‪ ،‬اﺑﻦ ّ‬ ‫اﻹرﺑﻠﻲ‪) ،‬ت ‪ ٦٨١‬ﻫـ(‪ ،‬دار ﺻﺎدر ﺑﻴﺮوت‪.٤٠٧-٥/٤٠٦ ،‬‬ ‫اﻟﱪﻣﻜﻲ‪،‬‬ ‫ﺧﻠﻜﺎن‪،‬‬ ‫وﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن وأﻧﺒﺎء أﺑﻨﺎء اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫)‪ (٢١‬اﻧﻈﺮ‪ّ :‬‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس‪ ،‬ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫)اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻹﻣﺎم( ﻟﻢ ُﻳﻨﺎزع ﻫﺬا اﻷﻣﺮ )أﻫﻠﻪ(!‬ ‫وﻛﺄن اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ‬ ‫وﻻ ﻋﻬﺪ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء ﻟﻢ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮا إﻳﺬاء أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻊ اﺷﺘﻬﺎر ِ ِ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‪ّ ،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ّ .٦‬‬ ‫وﻟﻌﻞ‬ ‫اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫دﻋﻤﻪ ﻟﻠﺜﻮرات‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺴــﺒﺐ ﺗﻀــﻌﻀـــﻊ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أﻣﻮر اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد‪.‬‬ ‫ﺟﺪﻳﺪا‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ رآه ﻣﻦ ﺗﺨﻠﺨﻞ أﻣﻮر اﻟﺤﻜﻢ ّأﻳﺪ ﺣﺎﻛﻤ‬ ‫أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔﭬ ﺑﻨﻰ َ ُ‬ ‫ﻳﻀﺒﻂ َ‬ ‫ﻣﻮﻗﻔﻪ ﰲ دﻋﻢ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ‪ّ ،‬‬ ‫أن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﺸـــــﱰك ﻓﻌﻼً ﺑـ)ﺣﻤﻞ اﻟﺴــــــﻴﻒ(‪ ،‬واﻟﻘﺘﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٧‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أﻛﱪُ ﻣﻦ أن‬ ‫ﻓﻤﻜﺎﻧﺘﻪ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺧﺮج ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﺻﻠﺐ اﻹﻣﺎم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ َ ْ ِ‬ ‫زﻳﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﻳﻠﻮﺛﻬﺎ ﺑﺘﻌﺮﻳﺾ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻬﻤِﺞ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻠﺨﺎرﺟﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻨﻜﻴﻞ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ّ‬ ‫ﻳﺮدون اﻟﺨﺎرﺟﻴﻦ‪ ،‬أو ﻟﻸﻣﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻋﻠﻲ ّ ٍ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ دم اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﻻ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫ﻷﻳﺎم ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وﻻء اﻹﻣﺎم ﻵل ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .٨‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن‬ ‫ﻇﻬﺮ ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊ آل اﻟﺒﻴﺖ وﻣﻊ‬ ‫ﺻــﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ‬ ‫ﱠ‬ ‫أﺷـــﺪ ً‬ ‫وﺳـــﻠﻢ َ َ‬ ‫أن َ‬ ‫وﻻء ﻵل ﱟ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ ّ‬ ‫اﻟﺴـــﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤﺔ ڤ‪ّ ،‬‬ ‫وﻟﻤﺎ‬ ‫ردة ﻓﻌﻞ‬ ‫وﻟﻌﻞ ﻣﻮاﻗﻔﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻔﺴﺮ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬وﻣﺎ ﻻﻗﺎه ﰲ ﺧﻼﻓﺔ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﻛﺎن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻤﻮاﻗﻔﻪ ﺗﻠﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ُ ّ‬ ‫ﺻـﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺟﺪﻫﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ّ‬ ‫واﺣﺪ‬ ‫وﺳـﻠﻢ وإﻟﻰ آل اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﻓﻮﻗﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ إذا ﺧﺮج‬ ‫ٌ‬ ‫ﺧﺮج ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫اﻟﺴـــــــــﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤﺔ ڤ‪ ،‬ﻓﻬﻮ أﻗﺮب إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ّ‬ ‫وﺳﻠﻢ‪ ، .‬ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ وﻟﺪ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻦ ّ‬ ‫أﺧﺺ آل ّ‬ ‫)‪(٢٤‬‬

‫أﻣﻴﺮا ﻳﻘﻮل‪) :‬رﺣﻢ اﷲ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻌﺪ أن ﺻﺎر ً‬ ‫ﻋﻠﻲ(‬ ‫ﺗﺤﻘﻘﺖ ّ‬ ‫ﻣﻮدﺗﻪ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻧﺼﺮﺗﻪ زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫أن وﺻﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﺨﺮوج ٍ‬ ‫وﺳﻠﻢ ﻳﻮم ٍ‬ ‫أﻣﺮ ّ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫)ﻳﻀــﺎﻫﻲ ﺧﺮوج رﺳﻮل اﷲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .٩‬‬ ‫ﻳﺪل‬ ‫زﻳﺪ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ّ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ ُ‬ ‫ﺑﺪر( ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﺗﻪ ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ‬ ‫ﻟﺤﻜﺎم ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫أﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ّإﻧﻪ )إﻣﺎم ﺣّﻖ( ّ‬ ‫رأﻳﻪ ّ‬ ‫ً‬ ‫أن اﻟﺨﺎرج‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠــﻰ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ﻻ ﻳــﺮى إﻣﺎﻣﺔ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﰲ زﻣﺎن زﻳﺪ‬ ‫إﻣﺎﻣﺔ ﺣّﻖ‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ُ ُ‬ ‫‪ُ ُ .١٠‬‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪ ،١/٤٩٦ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (٢٢‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣّﻖ‪ ،‬وﻛﻼﻫﻤﺎ إﻣﺎم ﺑﺤّﻖ! ّ‬ ‫ﻷن ﻫﺬا ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻻ ﻳﻘﻮل ﺑﻪ اﻟﻌﻘﻼء‪.‬‬

‫ﻧﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ‪ّ ،‬‬ ‫وﻟﻌﻞ وﻋﻲ اﻹﻣﺎم ﲠﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ وﻋﺪم ﺑﻠﻮغ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻋﺪم وﺟﻮد‬ ‫اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‬ ‫)‪ (٢٣‬اﻧﻈﺮ‪:‬‬ ‫اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺜﻮرات‪ ،‬ﻟﺜﻴﺪا ﺳﻜﻮﻛﺒﻮل‪ ،‬وﻟﻤﺎذا ﺗﺜﻮر اﻷﻣﻢ‪ ،‬ﻟﺘﻴﺪ ﻏﻮر‪ ،‬ﺣﻴﺚ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳﺼﺮح ﻫﻮ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت‪.‬‬ ‫أﺗﺒﺎع أﻛﻔﺎء‪ ،‬ﻫﻮ اﻟﺬي دﻓﻌﻪ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ّ‬ ‫ﻋﻤﻠﻴ ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ُ ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪14‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (٢٤‬ﻣﻘﺎﺗﻞ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ‪.١٤٠ ،‬‬

‫‪ 15‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ رواﻳﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ‪:‬‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻓﻤﻤﺎ ورد ﰲ ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﺎ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻲ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ واﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻔﻀـــﻞ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻳﺄﰐ ً‬ ‫زﻳﺪا ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸـــﺄن ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻨﺎس؟‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻠﺖ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫وﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ زﻳﺎد‪،‬‬ ‫ﺑﻦ ﻛﻬﻴﻞ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺔ ُ‬ ‫ﻫﺎﺷـــﻢ اﻟﺮﻣﺎ ﲏّ‪ ،‬واﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ دﻳﻨﺎر‪ ،‬وﻏﻴﺮﻫﻢ‪ .‬ﻓﻘﺎل ﻟﻲ‪ :‬ﻗﻞ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وﻗﻮة ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻟﺰﻳﺪ ﻟﻚ ﻋﻨﺪي‬ ‫اﻟﱪﻳﺪ‪ ،‬وأﺑﻮ‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﺳــﻌﺪ‪،‬‬ ‫ﺑﻦ‬ ‫ﻣﻌﻮﻧﺔ ّ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وﻫﺎﺷـــﻢ ُ‬ ‫وﻫﺎرون ُ‬ ‫ٍ ّ‬ ‫ُ‬ ‫) ‪(١٩‬‬ ‫ذﻟﻚ ﻣﻌﻲ إﻟﻰ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﻬﺎد ّ َ‬ ‫ﺛﻢ َ‬ ‫ﺑﻌﺚ َ‬ ‫زﻳﺪ( ‪.‬‬ ‫ﻋﺪوك؛‬ ‫زﻳﺪ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬه ٌ‬ ‫ﻓﺎﺳﺘﻌﻦ ﲠﺎ َ‬ ‫ْ‬ ‫أﻧﺖ وأﺻﺤﺎﺑﻚ ﰲ اﻟﻜﺮا ِع واﻟﺴﻼ ِح‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻋﻠﻤﺖ ّ‬ ‫أن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﺨﺬﻟﻮﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺧﺬﻟﻮا‬ ‫اﻟﺒﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻮ‬ ‫زﻳﺪ إﻟﻴﻪ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ‬ ‫روي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ‬ ‫ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺳـــﻠﻴﻤﺎن‪ ،‬ﻗﺎل‪) :‬أرﺳـــﻞ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﻤﺎ ُ ِ َ‬

‫ٌ‬ ‫أﻫﻤﻬﺎ‪:‬‬ ‫ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺮواﻳﺎﲥﺎ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ّ .١‬‬ ‫ﻳﻨﺎزع‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا‬ ‫ﻣﻨﺎزﻋﺘﻪ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم ﭬ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ٌ‬ ‫إﺷﺎرة إﻟﻰ ّأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺠﻪ أن ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﺟﻠﻲ إﻻ ﺑﻌﺪ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ﱟ‬ ‫ﻟﻸﻣﻮﻳﻴﻦ ﺑﺸـــــــﻜٍﻞ ﱟ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﺨﻴﺎر ﻣﺘﺎﺣ ﺑﻴﻦ اﺛﻨﻴﻦ‪ ،‬ﺣﺎﻛﻢ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﺪﻟﻪ ّ‬ ‫اﻟﻤﻮﻓﻖ ﻣﻦ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺎدل وﻳﻨﺄى‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻌﺎﻗﻞ‬ ‫ﻇﻠﻤﻪ‪،‬‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫أﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ‬ ‫وﺣﺎﻛﻢ ُﻳﺮﺟﻰ ُ ُ‬ ‫ﻳﻨﻜﺮ ُ ُ‬ ‫اﻷﻣﺮ َ ُ‬ ‫ﻇﺎﻟﻢ ﻻ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺻﺮة اﻟﻈﺎﻟﻢ أو اﻟﻮﻗﻮف ﰲ ّ‬ ‫ﺻﻔﻪ‪.‬‬

‫ﺑﻌﺸـــــﺮة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫درﻫﻢ‪ ،‬وﻗﺎل ﻟﻠﺮﺳﻮل‪ :‬اﺑﺴــــــﻂ ﻋﺬري ﻋﻨﺪه‪ .‬وﰲ رواﻳﺔ‪:‬‬ ‫آﻻف‬ ‫إﻣﺎم ﺣ ﱞﻖ‪ ،‬وﻟﻜ ﻨّﻲ أﻋﻴ ﻨ ُ​ُﻪ ﺑﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺚ إﻟﻴﻪ‬ ‫أﺑﺎه‬ ‫ﻣﻌﻪ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﺠﺎﻫﺪت َ ُ‬ ‫ﻷﻧﻪ ٌ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ‬ ‫ﻣﻬﻤﺔ ﻻﻋﺘﻤﺎد‬ ‫ﻋﻠﻲ أرﺳﻞ إﻟﻰ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ ﻣﺴــــــــــــــــﺎﻧﺪﺗﻪ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا‬ ‫ٌ‬ ‫إﺷﺎرة ّ‬ ‫‪ .٢‬أن اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ﱟ‬

‫ٍ‬ ‫ﺑﻤﺮض ﻳﻌﱰﻳﻪ(‪ .‬وﻻ ﻣﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻳﺘﻴﻦ‬ ‫اﻋﺘﺬر إﻟﻴﻪ‬ ‫َ​َ‬

‫) ‪(٢٠‬‬

‫‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ﻣﺮض ﻳﻌﱰﻳﻪ‪ ،‬واﻋﺘﺬر ّ‬ ‫وذﻟﻚ ﺑﺄن ُﻳﻘﺎل ّ‬ ‫ﻓﻌﻼ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫إن اﻹﻣﺎم اﻋﺘﺬر ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﺑﺴـﺒﺐ‬ ‫ﺑﺄن أﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻳﺨﺬﻟﻮﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺧﺬﻟﻮا أﺑﺎه‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺼـﻞ ً‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻠﻴﻼ‪ ،‬واﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺄن ُﻳﻘﺎل ّ‬ ‫ً‬ ‫ﺣﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن اﻹﻣﺎم‬ ‫إن اﻟﻌﺬرﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪان‬ ‫ﺗﺨﻠﻮا ﻋﻦ ﻧﺼــــــــــــﺮﺗﻪ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻪ إﻻ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﺋﺘﻲ رﺟﻞ أو أﻛﺜﺮ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺮﻳﻀ ‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ِ ِ‬ ‫ذاﺗﻪ ﻳﺨﺎف أن ﻳﺨﺬﻟﻪ أﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ّ‬ ‫ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺧﺬﻻﳖﻢ ﻟﻪ ﭬ‬ ‫ﻟﻌﻠﻪ ّ ٌ‬

‫)‪(٢١‬‬

‫‪.‬‬

‫أن اﻹﻣﺎم ذﻛﺮ ﺳـﺒﺒ آﺧﺮ ﻟﻌﺪم اﻟﺨﺮوج‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺧﺮوِج اﻹﻣﺎم ٍ‬ ‫زﻳﺪ وﺳـﺒﺐ ّ‬ ‫وﻳﺬﻛﺮ ّ‬ ‫أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺮوج اﻹﻣﺎم‬ ‫ﻣﺒﻴﻨ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ﺗﺨﻠﻔﻪ ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ّ‬ ‫ﻋﺮﺿﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫وداﺋﻊ اﻟﻨﺎس‪،‬‬ ‫ﺗﺨﻠﻔﺖ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﺒﺴــﻨﻲ ﻋﻨﻪ‬ ‫ﺧﺮوج‬ ‫ﺧﺮوﺟﻪ‬ ‫زﻳﺪ‪ :‬ﺿﺎﻫﻰ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻢ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ‪َ :‬‬ ‫ﻳﻮم ﺑﺪر‪ّ ،‬‬ ‫وﺳﻠﻢ َ‬ ‫ﻣﺠﻬﻼ‪ ،‬وﻛﺎن ّ‬ ‫ﺧﺮوﺟﻪ ﺑﻜﻰ‬ ‫ﻛﻠﻤﺎ ذﻛﺮ‬ ‫ﻓﺨﻔﺖ أن أﻣﻮت ُ ّ ً‬ ‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺒﻞ‪ُ ِ ،‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫وﻟﻌﻞ اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ُﻳﺪرك ّ‬ ‫أﻫﻤﻬﺎ‬ ‫ﺗﻤﺮ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ّ‬ ‫أن اﻟﺜﻮرة ّ‬

‫)‪(٢٣‬‬

‫أﺻﻼ‪.‬‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﻮا أﻫﻼً ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﻟﻴﺲ أﻫﻼً ﻟﻠﺤﻜﻢ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫‪ّ .٣‬‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ‬ ‫ﻳﺘﺎﺑﻊ أﺧﺒﺎر اﻟﺤﻴﺎة‬ ‫ّ‬ ‫أن أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻛﺎن ُ ِ ُ‬ ‫ﻋﺼــﺮه‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻏﺎﻓﻼً ّ‬ ‫ّ‬ ‫رﻋﺎﻳﺘﻪ ﻟﺤّﻖ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ّ‬ ‫ﻛﻞ زﻣﺎن‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻠﻤﻪ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬أو ﻟﺤّﻖ‬ ‫اﻷﻣﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ‬ ‫ﺑﺤﺠﺔ اﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ﺑﻌﻠﻮم اﻟﺸــﺮع‪،‬‬ ‫أﻻ‬ ‫ﻳﻨﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ﻓﺮﻋﺎﻳﺘﻪ ﻟﺤﻘﻮق ّ‬ ‫ﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ِ ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ دﻋﺎ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ إﻟﻰ ِ ِ‬ ‫أﻫﻞ ّ‬ ‫ﻳﺒﺎﻳﻌﻪ ُ‬ ‫ﻟﻌﻠﻤﻪ ّ‬ ‫‪ّ .٤‬‬ ‫أن ﻣﻦ ِ‬ ‫اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫ﺑﻴﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮواﻳﺔ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم َ‬ ‫ﺗﻤﺎم اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤـﻰ أن َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺸــﺮوﻃﻬﺎ ﻫﻢ‬ ‫وأﻛﺜﺮﻫﻢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺒﻴﻌﺔ‬ ‫وأﺣﻜﺎم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻓﺄوﻟﻰ اﻟﻨﺎس‬ ‫وﻳﺴـﺘﺄﻣﻨﻮﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ وﺣﻲ اﻟﺴـﻤﺎء‬ ‫اﻟﻨﺎس‪،‬‬ ‫أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻋﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺜﻖ ﲠﻢ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬ ‫أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﺮﻓﺾ اﻟﺒﻴﻌﺔ ً‬ ‫‪ّ .٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻻ ﺑﻴﻌﺔ ﻟﻪ‬ ‫ﻓﺎﻗﺪا‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻵﺧﺮ‬ ‫ﻳﻌﺪ‬ ‫وﺟﻮد‬ ‫أﺑﺪا ﻣﻊ‬ ‫اﻹﻣﺎم ﻟﻢ‬ ‫أن‬ ‫ﻟﻠﺸــــــﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺲ أﻫﻼً ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ّ ،‬‬ ‫ﻛﺄﻧﻪ ﻛﺎن َ ُ ّ‬ ‫ﻟﻜﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﺎﻛﻢ آﺧﺮ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬

‫)‪(٢٢‬‬

‫‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻨﻈﻢ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻴﺎع اﻟﺤﻘﻮق وﻓﺴﺎد‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺎرم ﻏﻴﺮ‬ ‫‪ .١‬ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻐﻀﺐ‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬وﻣﺒﺘﻌﺪة ﺷﻴﺌ ﻣﺎ ﻋﻦ أﻫﺪاف اﻟﺜﻮرة اﻷوﻟﻰ‪.‬‬ ‫اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻼت وﻇﻬﻮر وﻻءات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﻻء‬ ‫‪ .٢‬ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺨﺮاط اﻟﻘﻮى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .٣‬ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻨﺎﻓﺴـﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺛﺎر ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺈﻧﺸـﺎء ِ ٍ‬ ‫ﺑﺄﺣﻘﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﺒﻘﺎء‪،‬‬ ‫ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮرة‪ ،‬ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﺪﻳﻞ ﻧﺎﺿﺞ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ أن ُﻳﻘﻨﻊ اﻟﻨﺎس‬ ‫ﺑﻨﻴﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺛﺎر ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫وﺑﺬﻟﻚ‬ ‫ُ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻟﻢ ﺗﻤﺮ ﲠﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد ﺗﺠﻤﻴٍﻊ ٍ‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺎرم‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﻼﺑﺴﺎت ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ‬ ‫ﻟﻘﻮة ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻐﻀﺐ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ؛ ﻓﻘﺪ رأى اﻹﻣﺎم أن ﻳﻨﺄى ِ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺴـــــﺎدﻫﺎ‬ ‫ﻳﻌﺘﻘﺪ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺧﻮض ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ آل اﻟﺒﻴﺖ وﺑﻌﺾ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﺴـــــﺒﺐ ﺧﻼﻓﺎت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺮ ﻣﻌﻨﺎ‪.‬‬ ‫ﺳﻠﻔ ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪.١/٤٩٦ ،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (١٩‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪ (٢٠) .‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺑﻲ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻜﺮ‪ ،‬اﺑﻦ ّ‬ ‫اﻹرﺑﻠﻲ‪) ،‬ت ‪ ٦٨١‬ﻫـ(‪ ،‬دار ﺻﺎدر ﺑﻴﺮوت‪.٤٠٧-٥/٤٠٦ ،‬‬ ‫اﻟﱪﻣﻜﻲ‪،‬‬ ‫ﺧﻠﻜﺎن‪،‬‬ ‫وﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن وأﻧﺒﺎء أﺑﻨﺎء اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫)‪ (٢١‬اﻧﻈﺮ‪ّ :‬‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس‪ ،‬ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫)اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻹﻣﺎم( ﻟﻢ ُﻳﻨﺎزع ﻫﺬا اﻷﻣﺮ )أﻫﻠﻪ(!‬ ‫وﻛﺄن اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ‬ ‫وﻻ ﻋﻬﺪ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء ﻟﻢ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮا إﻳﺬاء أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻊ اﺷﺘﻬﺎر ِ ِ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‪ّ ،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ّ .٦‬‬ ‫وﻟﻌﻞ‬ ‫اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫دﻋﻤﻪ ﻟﻠﺜﻮرات‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺴــﺒﺐ ﺗﻀــﻌﻀـــﻊ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أﻣﻮر اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد‪.‬‬ ‫ﺟﺪﻳﺪا‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ رآه ﻣﻦ ﺗﺨﻠﺨﻞ أﻣﻮر اﻟﺤﻜﻢ ّأﻳﺪ ﺣﺎﻛﻤ‬ ‫أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔﭬ ﺑﻨﻰ َ ُ‬ ‫ﻳﻀﺒﻂ َ‬ ‫ﻣﻮﻗﻔﻪ ﰲ دﻋﻢ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ‪ّ ،‬‬ ‫أن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﺸـــــﱰك ﻓﻌﻼً ﺑـ)ﺣﻤﻞ اﻟﺴــــــﻴﻒ(‪ ،‬واﻟﻘﺘﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٧‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أﻛﱪُ ﻣﻦ أن‬ ‫ﻓﻤﻜﺎﻧﺘﻪ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺧﺮج ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﺻﻠﺐ اﻹﻣﺎم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ َ ْ ِ‬ ‫زﻳﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﻳﻠﻮﺛﻬﺎ ﺑﺘﻌﺮﻳﺾ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻬﻤِﺞ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻠﺨﺎرﺟﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻨﻜﻴﻞ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ّ‬ ‫ﻳﺮدون اﻟﺨﺎرﺟﻴﻦ‪ ،‬أو ﻟﻸﻣﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻋﻠﻲ ّ ٍ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ دم اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﻻ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫ﻷﻳﺎم ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وﻻء اﻹﻣﺎم ﻵل ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .٨‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن‬ ‫ﻇﻬﺮ ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊ آل اﻟﺒﻴﺖ وﻣﻊ‬ ‫ﺻــﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ‬ ‫ﱠ‬ ‫أﺷـــﺪ ً‬ ‫وﺳـــﻠﻢ َ َ‬ ‫أن َ‬ ‫وﻻء ﻵل ﱟ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ ّ‬ ‫اﻟﺴـــﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤﺔ ڤ‪ّ ،‬‬ ‫وﻟﻤﺎ‬ ‫ردة ﻓﻌﻞ‬ ‫وﻟﻌﻞ ﻣﻮاﻗﻔﻪ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻔﺴﺮ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬وﻣﺎ ﻻﻗﺎه ﰲ ﺧﻼﻓﺔ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﻛﺎن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻤﻮاﻗﻔﻪ ﺗﻠﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ُ ّ‬ ‫ﺻـﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺟﺪﻫﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ّ‬ ‫واﺣﺪ‬ ‫وﺳـﻠﻢ وإﻟﻰ آل اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﻓﻮﻗﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ إذا ﺧﺮج‬ ‫ٌ‬ ‫ﺧﺮج ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫اﻟﺴـــــــــﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤﺔ ڤ‪ ،‬ﻓﻬﻮ أﻗﺮب إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ّ‬ ‫وﺳﻠﻢ‪ ، .‬ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ وﻟﺪ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻦ ّ‬ ‫أﺧﺺ آل ّ‬ ‫)‪(٢٤‬‬

‫أﻣﻴﺮا ﻳﻘﻮل‪) :‬رﺣﻢ اﷲ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻌﺪ أن ﺻﺎر ً‬ ‫ﻋﻠﻲ(‬ ‫ﺗﺤﻘﻘﺖ ّ‬ ‫ﻣﻮدﺗﻪ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻧﺼﺮﺗﻪ زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫أن وﺻﻒ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﺨﺮوج ٍ‬ ‫وﺳﻠﻢ ﻳﻮم ٍ‬ ‫أﻣﺮ ّ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫)ﻳﻀــﺎﻫﻲ ﺧﺮوج رﺳﻮل اﷲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .٩‬‬ ‫ﻳﺪل‬ ‫زﻳﺪ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ّ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ ُ‬ ‫ﺑﺪر( ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﺗﻪ ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ‬ ‫ﻟﺤﻜﺎم ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫أﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ّإﻧﻪ )إﻣﺎم ﺣّﻖ( ّ‬ ‫رأﻳﻪ ّ‬ ‫ً‬ ‫أن اﻟﺨﺎرج‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠــﻰ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ﻻ ﻳــﺮى إﻣﺎﻣﺔ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﰲ زﻣﺎن زﻳﺪ‬ ‫إﻣﺎﻣﺔ ﺣّﻖ‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ُ ُ‬ ‫‪ُ ُ .١٠‬‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪ ،١/٤٩٦ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (٢٢‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣّﻖ‪ ،‬وﻛﻼﻫﻤﺎ إﻣﺎم ﺑﺤّﻖ! ّ‬ ‫ﻷن ﻫﺬا ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻻ ﻳﻘﻮل ﺑﻪ اﻟﻌﻘﻼء‪.‬‬

‫ﻧﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ‪ّ ،‬‬ ‫وﻟﻌﻞ وﻋﻲ اﻹﻣﺎم ﲠﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ وﻋﺪم ﺑﻠﻮغ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻋﺪم وﺟﻮد‬ ‫اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‬ ‫)‪ (٢٣‬اﻧﻈﺮ‪:‬‬ ‫اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺜﻮرات‪ ،‬ﻟﺜﻴﺪا ﺳﻜﻮﻛﺒﻮل‪ ،‬وﻟﻤﺎذا ﺗﺜﻮر اﻷﻣﻢ‪ ،‬ﻟﺘﻴﺪ ﻏﻮر‪ ،‬ﺣﻴﺚ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳﺼﺮح ﻫﻮ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت‪.‬‬ ‫أﺗﺒﺎع أﻛﻔﺎء‪ ،‬ﻫﻮ اﻟﺬي دﻓﻌﻪ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ّ‬ ‫ﻋﻤﻠﻴ ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ُ ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪14‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (٢٤‬ﻣﻘﺎﺗﻞ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ‪.١٤٠ ،‬‬

‫‪ 15‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ‪ ‬ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺷﻲء‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻠﺼــــــﻔﺎر‪ :‬ﻣﺎ ﺗﻘﻮل؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﺳﺘﺤﻠﻔﻪ ﻟﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ‬ ‫ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬اﺗﻖ اﷲ واﻧﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺼـــــﻔﺎر‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻴﺲ ّ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬ﻗﻞ واﷲ اﻟﺬي ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﻫﻮ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ ﻳﻘﻮل‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رآه أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻘﺪاﻣ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤﻴﻦ؛ ﻗﻄﻊ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وأﺧﺮج ﻣﻦ ٍ‬ ‫ﻛﻤﻪ درﻫﻤﻴﻦ ﺛﻘﻴﻠﺘﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺎل‬ ‫ﺻﺮة ﰲ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٣١‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻠﺼﻔﺎر ﺧﺬ ﻫﺬا ﻋﻮض ﻣﺎ َ َ‬ ‫ﺛﻢ ﻣﺎت‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻣﻴﻦ اﺷﺘﻜﻰ أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ؛ ﻓﻤﺮض ّ‬ ‫ﺳﺘﺔ أﻳﺎم‪ّ ،‬‬ ‫ﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ‪ّ ،‬‬

‫ﻣﻮﻗﻔﻪ‪ ‬ﻣﻦ‪ ‬ﺗﻮﻟﻲ‪ ‬ﻗﻀﺎء‪ ‬ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ‬

‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﰲ ﻫﺬا ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺳﻨﺘﺤﺪث ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﻄﻠﺐ ‪ -‬إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ -‬ﰲ ﻓﺮوع‪:‬‬ ‫ّ‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﻨﺔ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬ﰲ اﻟﺮؤﻳﺔ‬ ‫اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﰲ ﻃﻠﺐ اﻹﻣﺎم ّ‬ ‫ﻟﺘﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪.‬‬

‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﻄﻠﺐ ﰲ ﻓﺮﻋﻴﻦ‪:‬‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪:‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﺮؤﻳﺔ‬ ‫ّ‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ﻳﺴـــــــــﺘﻘﺮ ﻷﺣﺪﻫﻢ اﻷﻣﺮ إﻻ ﰲ ﻣﺤﻴﻂ دار اﻟﺨﻼﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ‬ ‫أﻣﻴﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼﺑﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﱰة اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ّ‬ ‫وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰوات‬ ‫دار‬ ‫وﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻦ دﻳﺎر اﻹﺳـــــﻼم ﺗﻌﻴﺶ وﻓﻖ رؤﻳﺔ أﻣﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﻓﺘﻮﺣﺎت واﺳــــــﻌﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ّأﻳﺎم اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ّ ،‬‬ ‫ﺛﻢ ﻳﻌﻮد اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﺛﺮﻫﺎ إﻟﻰ ﺛﻐﻮرﻫﻢ‪ ،‬أو ﻳﺤﺪث ﻗﺘﺎل ﻣﺤﺪود ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻘﺾ اﻟﻌﻬﺪ‬ ‫ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻬﺎ ّ‬ ‫ﺗﻘﺪم ﻗﻠﻴﻞ ّ‬

‫)‪(٢٥‬‬

‫‪.‬‬

‫ﺗﺪرﻳﺠﻴ ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم‬ ‫ﻛﺒﻴﺮ ﰲ إﺿﻌﺎﻓﻬﺎ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ اﻟﻘﻼﻗﻞ واﻟﺤﺮﻛﺎت ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸــﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﳖﺎﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ّ‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻻﺑﺘﺪاء ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫أﺛﺮ ٌ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ٌ‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫ﺿﺪ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ‪.‬‬ ‫‪ ١٢١‬ﻟﻠﻬﺠﺮة ﺣﻴﻦ ﺑﺪأ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺣﺮﻛﺘﻪ ّ‬ ‫ﻳﻄﻠﺐ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪:‬‬ ‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫اﻹﻣﺎم ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء وﺣﺎﺟﺘﻬﻢ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وإن ّاﺗﺴـﻤﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ‬ ‫اﺳﺘﺤﻘﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻐﻨﺎﺋﻪ ﻋﻦ‬ ‫ﻻ رﻳﺐ ّأﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼـﺮ ﺷﻬﺮة وﻣﻜﺎﻧﺔ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫ً‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة‬ ‫ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﻮء ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬وﻳﻨﺘﺼﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻪ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎم وﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﺑﺎﻟﺤﺴﺪ‪ّ ،‬‬ ‫وﻗﺼﺺ ﻃﻠﺒﻪ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻣﺸﻬﻮرة‪ ،‬وﻗﺪ وردت ﰲ ٍ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻣﺎ ُ ِ َ‬ ‫ﻧﻘﻞ ﰲ ذﻟﻚ‪:‬‬ ‫ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎدر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺎ روي )ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴــﻦ ﻋﻦ ﺑﺸــﺮ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻗﺎل ‪:‬ﻛﺎن أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أﺷﺨﺺ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وأراده ﻋﻠﻰ أن ّ‬ ‫ﻳﻮﻟﻴﻪ اﻟﻘﻀـــﺎء‪،‬‬ ‫أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﺤﻠﻒ؟ ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ‪:‬أﻣﻴـﺮ‬ ‫ﻓﺄﺑﻰ‪ ،‬ﻓﺤﻠﻒ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻴﻔﻌﻠﻦ‪ ،‬ﻓﺤﻠﻒ أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ‪:‬أﻻ ﺗﺮى َ‬ ‫)‪(٢٨‬‬ ‫ّ َ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ( ‪.‬‬ ‫اﻟﺨﻴﺰران‬ ‫ودﻓﻦ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﺮ‬ ‫ُ‬ ‫ﻳﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻦ‪ ،‬ﻓﻤﺎت ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ُ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ُ‬ ‫أﻗﺪر ﻣﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎرة أﻳﻤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ أن َ َ‬ ‫)‪(٢٩‬‬ ‫ﻳﺪﻋﻮن أﻧﻪ ّ‬ ‫وذﻛﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ّ‬ ‫ﻳﺼﺢ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻨﻘﻞ( ‪.‬‬ ‫أن )اﻟﻌﻮام ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻰ أﻳﺎﻣ ‪ ،‬وﻟﻢ ّ‬ ‫ﻳﻜﻠﻢ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ أﻣﺮ اﻟﻘﻀــﺎء‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ]أي‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ[‪ّ :‬اﺗﻖ اﷲ وﻻ ُ ِ‬ ‫اﻟﻤﻨﺼــﻮر ُ ّ‬ ‫ف اﷲ‪ ،‬واﷲ‬ ‫)رأﻳﺖ‬ ‫وﻗﺎل اﻟﺮﺑﻴﻊ‪:‬‬ ‫ﺗﺮﻋﻲ ﰲ أﻣﺎﻧﺘﻚ إﻻ ﻣﻦ ﻳﺨﺎ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻐﺮﻗﻨﻲ ﰲ اﻟﻔﺮات أو ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﲥﺪدﲏ ﻋﻠﻰ أن ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﻤﺄﻣﻮن اﻟﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ُ‬ ‫اﻟﻐﺮق‪.‬‬ ‫ﻻﺧﱰت‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫اﺗﺠﻪ‬ ‫أﻛﻮن‬ ‫ﻣﺎ أﻧﺎ‬ ‫ُ‬ ‫ﻋﻠﻴﻚ ﺛﻢ ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ّ‬ ‫ﻣﺄﻣﻮن اﻟﻐﻀـﺐ؟ وﻟﻮ ّ َ َ‬ ‫أزﻳﻞ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ﺣﻜﻤﺖ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴــﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ‬ ‫ﻛﺬﺑﺖ! أﻧﺖ ﺗﺼــﻠﺢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺪ‬ ‫أﺻﻠﺢ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻤﻨﺼــﻮر‪:‬‬ ‫ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ ﻣﻦ ُﻳﻜﺮﻣﻬﻢ ﻟﻚ‪ ،‬وﻻ‬ ‫وﻟﻚ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫)‪(٣٠‬‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﻛﺎذﺑ ؟(‬ ‫ﻳﺤﻞ ﻟﻚ أن َ‬ ‫ﻟﻤﺎ ﺑﻨﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻐﺪاد َ َ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﺨﻄﻴﺐ أﻳﻀــ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت‪ّ :‬‬ ‫اﻟﺸــﺮﻗﻲ وﺑﻨﻰ ﻣﺴــﺠﺪ اﻟﺮﺻﺎﻓﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻬﺪي ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ‬ ‫وﻧﺰﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻧﺰل‬ ‫ّ‬ ‫إن اﻟﻤﻨﺼــﻮر ّ‬ ‫ّ‬ ‫أرﺳﻞ إﻟﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﺠﻲء ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎء اﻟﺮﺻﺎﻓﺔ؛ ﻓﺄﺑﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻪ‪ :‬إن ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﺿﺮﺑﺘﻚ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎط‪ .‬ﻗﺎل‪َ :‬أو ُ‬ ‫ﺗﻔﻌﻞ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻓﻘﻌﺪ ﰲ اﻟﻘﻀﺎء‬ ‫ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻓﻠﻢ ِ ِ‬ ‫ﺻﻔﺎر وﻣﻌﻪ آﺧﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ّ‬ ‫ﻳﺄﺗﻪ أﺣﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ أﺗﺎه رﺟﻞ ّ‬ ‫ﺛﻤﻦ ﺗﻮر ﺻﻔﺮ‪.‬‬ ‫اﻟﺼﻔﺎر‪ :‬ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا درﻫﻤﺎن وأرﺑﻌﺔ دواﻧﻖ‪ُ ،‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪.‬‬

‫ّ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.٤/٢٥٠ ،‬‬ ‫اﻷﻣﻮي‪ ،‬ﻟﻤﺤﻤﻮد ﺷﺎﻛﺮ‪) ،‬ط‪ ١٤٢١ ،٧‬ﻫـ ‪٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﺐ‬ ‫)اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺮاﺑﻊ( اﻟﻌﻬﺪ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬‬ ‫)‪ (٢٥‬اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪.‬‬ ‫ورﻓﻀﻪ ﻟﻪ‪ ،‬ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء‪،‬‬ ‫ﻃﻠﺐ أﺑﻲ‬ ‫ُ‬ ‫اﻷول‪ُ :‬‬ ‫اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﺎدﺛﺔ‪.‬‬ ‫اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﻟﻴﻠﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﰲ ﻛﺘﺐ ﻓﻘﻬﺎء‬ ‫ّ‬ ‫اﻷول‪ُ :‬‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ﻃﻠﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ َ َ‬ ‫اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ واﻗﻌﺔ ﻃﻠﺒﻪ ﻟﻠﻘﻀـــــﺎء ّأﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻳﺠﻮز ﻟﻤﺜﻞ اﻹﻣﺎم أن ﻳﺮﻓﺾ ّ‬ ‫ﻳﺒﺪو ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀــــــﺎء‬ ‫أن أﺣﺪ ﻣﱪّرات ﻓﻘﻬﺎء‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻟﱰك ّ‬ ‫ﻟﻜﻞ ٍ‬ ‫ﻳﺮﻓﺾ ّ‬ ‫ﻓﻤﻌﻨﻰ ﻫﺬا ّأﻧﻪ ﻳﺠﻮز ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﻴﻦ أﺣﻴﺎﻧ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻓﻴﻜﻮن ﻓﺮﺿ ﰲ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬وﻫﻢ ﻣﺠﻤﻌﻮن ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻓﻬﺬا ﻻ‬ ‫أﺣﺪ أن َ‬ ‫أن اﻟﻘﻀـﺎء ّ‬ ‫ﻓﻘﻬﻴ !‬ ‫ﻳﻘﺮروﻧﻪ ّ‬ ‫ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻊ ﻣﺎ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫روي ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ّ‬ ‫وروي‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ُ َ‬ ‫»إﻳﺎك واﻹﻣﺎرة«‪َ ُ ،‬‬ ‫ذرﭬ‪ّ :‬‬ ‫وﺳﻠﻢ ّأﻧﻪ ﻗﺎل ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫)وأﻣﺎ ﺟﻮاز اﻟﱰك؛ َ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻜﺎﺳﺎﲏّ ﰲ ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫وروي ّ‬ ‫ﻋﻨﻪ ﷺ ّأﻧﻪ ﻗﺎل‪» :‬ﻻ ّ ّ‬ ‫أن أﺑﺎ َ َ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻀــــــــــﺎء‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ ّ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ُ ِ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ ِ َ‬ ‫ﺗﺘﺄﻣﺮن ﻋﻠﻰ اﺛﻨﻴﻦ«‪َ ُ ،‬‬ ‫ﺿﺮب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ‪ ،‬وﻛﺬا ﻟﻢ ْ ُ‬ ‫ﻳﻘﺒﻠﻪ ٌ‬ ‫اﻷﻣﺔ(‬ ‫ﺻﺎﻟﺤﻲ ّ‬

‫)‪(٣٢‬‬

‫‪.‬‬

‫وﻗﺎل ﰲ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ‪) :‬وﻳﻜﺮه اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ﻟﻤﻦ ﻳﺨﺎف اﻟﻌﺠﺰ ‪..‬إﻟﺦ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﺎف اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ أداء ﻓﺮض اﻟﻘﻀـﺎء وﻻ ﻳﺄﻣﻦ ﻋﻠﻰ ِ ِ‬ ‫ﻒ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺠﻮر‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺤﻴ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻌﺾ‬ ‫وﺳﻴﻠﺔ إﻟﻰ ﻣﺒﺎﺷﺮة‬ ‫اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻃ ‪ :‬أي‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫ﻛﺮه ﻟﻪ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻛﻴﻼ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء أو ُ‬ ‫وﻛﺮه ُ‬ ‫اﻟﻘﺒﻴﺢ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺤﻴﻒ ﰲ اﻟﻘﻀـــﺎء‪َ ِ َ . ... ،‬‬ ‫ﻓﻴﻪ‪َ ِ ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺨﺘﺎرا‪ ،‬ﺳﻮاء ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫وﻓﺴﺮ اﻟﻜﺮاﻫﺔ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺑﻌﺪم اﻟﺠﻮاز(‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ أو ﺧﺎﻓﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ّ ،‬‬ ‫وﺛﻘﻮا َ‬ ‫ِ‬ ‫إﻻ ُﻣﻜﺮﻫ ؛ أﻻ ﺗﺮى ّ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﺼـــﺪر اﻟﺸـــﻬﻴﺪ ﰲ أدب اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ :‬وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ّ‬ ‫أن أﺑﺎ َ َ‬ ‫دﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﻀــــﺎء‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺿﺮب ﰲ ّ‬ ‫اﻟﻤﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﺎل أﺳﺘﺸـﻴﺮ أﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺸـﺎر أﺑﺎ ﻳﻮﺳﻒ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻓﻘﺎل‬ ‫ﻣﺮات ﻓﺄﺑﻰ‪ّ ،‬‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﰲ ّ‬ ‫ﻣﺮة ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻮﻃ ‪ّ ،‬‬ ‫ﻛﻞ ّ‬ ‫ﺛﻼث ّ‬ ‫ﺳﺒﺎﺣﺔ؛ ُ ِ‬ ‫أﻣﺮت أن أﻋﺒﺮ اﻟﺒﺤﺮ ِ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻧﻈﺮ ُ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أﻗﺪر ﻋﻠﻴﻪ؟‬ ‫اﻟﻤﻐﻀﺐ‪ ،‬وﻗﺎل‪:‬‬ ‫ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ أﺑﻮ‬ ‫ﺗﻘﻠﺪت‬ ‫أرأﻳﺖ ﻟﻮ ُ ِ ُ‬ ‫أﺑﻮ ﻳﻮﺳــــــﻒ‪ :‬ﻟﻮ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أﻛﻨﺖ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ﻟﻨﻔﻌﺖ اﻟﻨﺎس‪َ ،‬‬ ‫) ‪(٣٤‬‬ ‫) ‪(٣٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺛﻢ ّ‬ ‫ﻣﺮة‬ ‫وﺣﺒﺲ‪،‬‬ ‫وﻛﺄﻧﻲ ﺑﻚ ﻗﺎﺿﻴ‬ ‫ذﻛﺮ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ رﺣﻤﻪ اﷲ إﻟﻰ اﻟﻘﻀـﺎء ﻓﺄﺑﻰ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻴﺪ ُ ِ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ ّ‬ ‫)أﻧﻪ ﺿﺮب ﻓﻲ ﻛﻞ ّ‬ ‫ﺗﻘﻠﺪ( ‪ .‬وﻗﺪ ُ َ‬ ‫ﻓﺎﺿﻄﺮ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫دﻋﻲ ّ‬ ‫‪ ،‬وﻛﺬا ُ َ‬ ‫) ‪(٣٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﻮﻃ ( ‪.‬‬ ‫ﻼﺛﻴﻦ َ ْ‬ ‫َﺛ َ َ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ ّ‬ ‫أن ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻧﻔﺮد ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻــــــــﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ُﺗﺬﻛﺮ ﰲ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻤﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ اﻧﻔﺮد ﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺧﺎﺗﻤﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻـــــــﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ إﻻ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺐ اﻟﱰاﺟﻢ ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻊ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻫﺬا‬ ‫اﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻰ َ‬ ‫أﺣﺪ ﺛﻤﺎر ﻛﻮﻧﻪ ّ ً‬ ‫ﻣﺘﺄﺧﺮا‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬ت‪ :‬ﺑﺸﺎر ﻋﻮاد ﻣﻌﺮوف‪،‬‬ ‫اﻟﺒﻐﺪادي‪) ،‬ت‪ ٤٦٣‬ﻫـ( )ط‪ ١٤٢٢ ١‬ﻫـ ‪ ٢٠٠٢ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻐﺮب‬ ‫ﻣﻬﺪي اﻟﺨﻄﻴﺐ‪،‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٣١‬ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻐﺪاد‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫وﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن‪ ،‬ﻻﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﱪﻣﻜﻲ‪.٥/٤٠٧ ،‬‬ ‫ﺧﻠﻜﺎن‪،‬‬ ‫ﻟﻠﺼﻤﻴﺮي‪ ،١/٧٢ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن‪،‬‬ ‫‪ ، .٤٥٢- ١٥/٤٥١‬واﻧﻈﺮ‪ :‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪،‬‬ ‫ﻟﻠﻴﺎﻓﻌﻲ‪ .٧٢ ،‬واﻧﻈﺮ أﻳﻀ ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪.٤٩٧ - ١/٤٩٦ ،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (٢٦‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪ (٣٢‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺸﺮاﺋﻊ‪ ،‬ﻟﻌﻼء اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻜﺎﺳﺎﲏّ‪) ،‬ت ‪ ٥٨٧‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٦ ،٢‬ﻫـ ‪١٩٨٦-‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.٧/٤ ،‬‬

‫وﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﺧﻠﻜﺎن‪.٤٠٧ – ٥/٤٠٦ ،‬‬ ‫)‪ّ (٢٧‬‬

‫اﻟﻌﻴﻨﻲ‪) ،‬ت ‪ ٨٥٥‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪،١‬‬ ‫اﻟﻐﻴﺘﺎﺑﻲ‬ ‫)‪ (٣٣‬وﰲ رواﻳﺔ‪) :‬أراك أن ُﺗﺒﺘﻠﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀــﺎء(‪ ،‬ﻓﻌّﺪه اﻹﻣﺎم اﺑﺘﻼء! اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﺒﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴـــﻴﻦ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪ ،‬ﺑﺪر اﻟﺪﻳﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺼﻔﺪي‪) ،‬ت ‪ ٧٦٤‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٠‬ﻫـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.٢٧/٩٠،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﻓﻴﺎت‪ ،‬ﻟﺼﻼح اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ أﻳﺒﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٢٨‬اﻻﻧﺘﻘﺎء ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪّ‪ ،١٧١،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻮاﰲ ّ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻴﺎﻓﻌﻲ‪) ،‬ت ‪ ٧٦٨‬ﻫـ( )ط‪،١‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن‬ ‫)‪ (٢٩‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﻮادث اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫ﻟﻠﺼـــﻤﻴﺮي ‪ .٦٧‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ُ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺳﻌﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.٢٤٣ /١ ،‬‬ ‫‪ ١٤١٧‬ﻫـ ‪ ١٩٩٧-‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ ّ‬

‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.١٢-٩/١١ ،‬‬ ‫‪ ١٤٢٠‬ﻫـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ّ‬

‫اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ووﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﺧﻠﻜﺎن‪.٤٠٧- ٥/٤٠٦ ،‬‬ ‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪ ،١/٥٠٤ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (٣٠‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ﻟﻠﻴﺎﻓﻌﻲ‪ّ ،١/٢٤٣ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺤﻠﺒﻲ‪) ،‬ت‪ ٨٨٢‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٩٣ ،٢‬ﻫـ ‪١٩٧٣-‬م(‪.٢١٨ ،‬‬ ‫اﻟﺜﻘﻔﻲ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬أﺑﻲ اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ اﻟﺸﺤﻨﺔ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪ (٣٥‬ﻟﺴﺎن اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪16‬‬

‫اﻟﺮوﻣﻲ اﻟﺒﺎﺑﺮﰐّ )ت ‪ ٧٨٦‬ﻫـ(‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ .٢٦٢-٧/٢٦١ ،‬واﻧﻈﺮ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد‪ ،‬أﻛﻤﻞ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺟﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ‬ ‫)‪ (٣٤‬اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺷﺮح اﻟﻬﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 17‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ‪ ‬ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺷﻲء‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻠﺼــــــﻔﺎر‪ :‬ﻣﺎ ﺗﻘﻮل؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﺳﺘﺤﻠﻔﻪ ﻟﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ‬ ‫ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬اﺗﻖ اﷲ واﻧﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺼـــــﻔﺎر‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻴﺲ ّ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬ﻗﻞ واﷲ اﻟﺬي ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﻫﻮ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ ﻳﻘﻮل‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رآه أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻘﺪاﻣ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤﻴﻦ؛ ﻗﻄﻊ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وأﺧﺮج ﻣﻦ ٍ‬ ‫ﻛﻤﻪ درﻫﻤﻴﻦ ﺛﻘﻴﻠﺘﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺎل‬ ‫ﺻﺮة ﰲ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(٣١‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻠﺼﻔﺎر ﺧﺬ ﻫﺬا ﻋﻮض ﻣﺎ َ َ‬ ‫ﺛﻢ ﻣﺎت‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻣﻴﻦ اﺷﺘﻜﻰ أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ؛ ﻓﻤﺮض ّ‬ ‫ﺳﺘﺔ أﻳﺎم‪ّ ،‬‬ ‫ﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ‪ّ ،‬‬

‫ﻣﻮﻗﻔﻪ‪ ‬ﻣﻦ‪ ‬ﺗﻮﻟﻲ‪ ‬ﻗﻀﺎء‪ ‬ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ‬

‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﰲ ﻫﺬا ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺣﺪاث ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺳﻨﺘﺤﺪث ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﻄﻠﺐ ‪ -‬إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ -‬ﰲ ﻓﺮوع‪:‬‬ ‫ّ‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﻨﺔ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪.‬‬ ‫اﻷول‪ :‬ﰲ اﻟﺮؤﻳﺔ‬ ‫اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﰲ ﻃﻠﺐ اﻹﻣﺎم ّ‬ ‫ﻟﺘﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪.‬‬

‫وﺳﻨﺘﺤﺪث ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﻄﻠﺐ ﰲ ﻓﺮﻋﻴﻦ‪:‬‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻔﱰة‪:‬‬ ‫اﻷول‪ :‬اﻟﺮؤﻳﺔ‬ ‫ّ‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ﻳﺴـــــــــﺘﻘﺮ ﻷﺣﺪﻫﻢ اﻷﻣﺮ إﻻ ﰲ ﻣﺤﻴﻂ دار اﻟﺨﻼﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ‬ ‫أﻣﻴﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼﺑﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﱰة اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ّ‬ ‫وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰوات‬ ‫دار‬ ‫وﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻦ دﻳﺎر اﻹﺳـــــﻼم ﺗﻌﻴﺶ وﻓﻖ رؤﻳﺔ أﻣﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﻓﺘﻮﺣﺎت واﺳــــــﻌﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ّأﻳﺎم اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ّ ،‬‬ ‫ﺛﻢ ﻳﻌﻮد اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﺛﺮﻫﺎ إﻟﻰ ﺛﻐﻮرﻫﻢ‪ ،‬أو ﻳﺤﺪث ﻗﺘﺎل ﻣﺤﺪود ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻘﺾ اﻟﻌﻬﺪ‬ ‫ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻬﺎ ّ‬ ‫ﺗﻘﺪم ﻗﻠﻴﻞ ّ‬

‫)‪(٢٥‬‬

‫‪.‬‬

‫ﺗﺪرﻳﺠﻴ ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم‬ ‫ﻛﺒﻴﺮ ﰲ إﺿﻌﺎﻓﻬﺎ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ اﻟﻘﻼﻗﻞ واﻟﺤﺮﻛﺎت ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸــﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﳖﺎﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ّ‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻻﺑﺘﺪاء ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫أﺛﺮ ٌ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ٌ‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫ﺿﺪ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ‪.‬‬ ‫‪ ١٢١‬ﻟﻠﻬﺠﺮة ﺣﻴﻦ ﺑﺪأ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺣﺮﻛﺘﻪ ّ‬ ‫ﻳﻄﻠﺐ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪:‬‬ ‫* اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫اﻹﻣﺎم ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء وﺣﺎﺟﺘﻬﻢ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وإن ّاﺗﺴـﻤﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ‬ ‫اﺳﺘﺤﻘﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻐﻨﺎﺋﻪ ﻋﻦ‬ ‫ﻻ رﻳﺐ ّأﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼـﺮ ﺷﻬﺮة وﻣﻜﺎﻧﺔ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫ً‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة‬ ‫ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﻮء ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬وﻳﻨﺘﺼﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻪ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎم وﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﺑﺎﻟﺤﺴﺪ‪ّ ،‬‬ ‫وﻗﺼﺺ ﻃﻠﺒﻪ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻣﺸﻬﻮرة‪ ،‬وﻗﺪ وردت ﰲ ٍ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻣﺎ ُ ِ َ‬ ‫ﻧﻘﻞ ﰲ ذﻟﻚ‪:‬‬ ‫ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎدر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺎ روي )ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴــﻦ ﻋﻦ ﺑﺸــﺮ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻗﺎل ‪:‬ﻛﺎن أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أﺷﺨﺺ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وأراده ﻋﻠﻰ أن ّ‬ ‫ﻳﻮﻟﻴﻪ اﻟﻘﻀـــﺎء‪،‬‬ ‫أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﺤﻠﻒ؟ ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ‪:‬أﻣﻴـﺮ‬ ‫ﻓﺄﺑﻰ‪ ،‬ﻓﺤﻠﻒ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻴﻔﻌﻠﻦ‪ ،‬ﻓﺤﻠﻒ أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ‪:‬أﻻ ﺗﺮى َ‬ ‫)‪(٢٨‬‬ ‫ّ َ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ( ‪.‬‬ ‫اﻟﺨﻴﺰران‬ ‫ودﻓﻦ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﺮ‬ ‫ُ‬ ‫ﻳﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻦ‪ ،‬ﻓﻤﺎت ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ُ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ُ‬ ‫أﻗﺪر ﻣﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎرة أﻳﻤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ أن َ َ‬ ‫)‪(٢٩‬‬ ‫ﻳﺪﻋﻮن أﻧﻪ ّ‬ ‫وذﻛﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ّ‬ ‫ﻳﺼﺢ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻨﻘﻞ( ‪.‬‬ ‫أن )اﻟﻌﻮام ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻰ أﻳﺎﻣ ‪ ،‬وﻟﻢ ّ‬ ‫ﻳﻜﻠﻢ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ أﻣﺮ اﻟﻘﻀــﺎء‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ]أي‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ[‪ّ :‬اﺗﻖ اﷲ وﻻ ُ ِ‬ ‫اﻟﻤﻨﺼــﻮر ُ ّ‬ ‫ف اﷲ‪ ،‬واﷲ‬ ‫)رأﻳﺖ‬ ‫وﻗﺎل اﻟﺮﺑﻴﻊ‪:‬‬ ‫ﺗﺮﻋﻲ ﰲ أﻣﺎﻧﺘﻚ إﻻ ﻣﻦ ﻳﺨﺎ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻐﺮﻗﻨﻲ ﰲ اﻟﻔﺮات أو ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﲥﺪدﲏ ﻋﻠﻰ أن ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﻤﺄﻣﻮن اﻟﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ُ‬ ‫اﻟﻐﺮق‪.‬‬ ‫ﻻﺧﱰت‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫اﺗﺠﻪ‬ ‫أﻛﻮن‬ ‫ﻣﺎ أﻧﺎ‬ ‫ُ‬ ‫ﻋﻠﻴﻚ ﺛﻢ ّ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ّ‬ ‫ﻣﺄﻣﻮن اﻟﻐﻀـﺐ؟ وﻟﻮ ّ َ َ‬ ‫أزﻳﻞ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ﺣﻜﻤﺖ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴــﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ‬ ‫ﻛﺬﺑﺖ! أﻧﺖ ﺗﺼــﻠﺢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺪ‬ ‫أﺻﻠﺢ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻤﻨﺼــﻮر‪:‬‬ ‫ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ ﻣﻦ ُﻳﻜﺮﻣﻬﻢ ﻟﻚ‪ ،‬وﻻ‬ ‫وﻟﻚ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫)‪(٣٠‬‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﻛﺎذﺑ ؟(‬ ‫ﻳﺤﻞ ﻟﻚ أن َ‬ ‫ﻟﻤﺎ ﺑﻨﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻐﺪاد َ َ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﺨﻄﻴﺐ أﻳﻀــ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت‪ّ :‬‬ ‫اﻟﺸــﺮﻗﻲ وﺑﻨﻰ ﻣﺴــﺠﺪ اﻟﺮﺻﺎﻓﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻬﺪي ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ‬ ‫وﻧﺰﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻧﺰل‬ ‫ّ‬ ‫إن اﻟﻤﻨﺼــﻮر ّ‬ ‫ّ‬ ‫أرﺳﻞ إﻟﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﺠﻲء ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎء اﻟﺮﺻﺎﻓﺔ؛ ﻓﺄﺑﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻪ‪ :‬إن ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﺿﺮﺑﺘﻚ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎط‪ .‬ﻗﺎل‪َ :‬أو ُ‬ ‫ﺗﻔﻌﻞ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻓﻘﻌﺪ ﰲ اﻟﻘﻀﺎء‬ ‫ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻓﻠﻢ ِ ِ‬ ‫ﺻﻔﺎر وﻣﻌﻪ آﺧﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ّ‬ ‫ﻳﺄﺗﻪ أﺣﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ أﺗﺎه رﺟﻞ ّ‬ ‫ﺛﻤﻦ ﺗﻮر ﺻﻔﺮ‪.‬‬ ‫اﻟﺼﻔﺎر‪ :‬ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا درﻫﻤﺎن وأرﺑﻌﺔ دواﻧﻖ‪ُ ،‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪.‬‬

‫ّ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.٤/٢٥٠ ،‬‬ ‫اﻷﻣﻮي‪ ،‬ﻟﻤﺤﻤﻮد ﺷﺎﻛﺮ‪) ،‬ط‪ ١٤٢١ ،٧‬ﻫـ ‪٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﺐ‬ ‫)اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺮاﺑﻊ( اﻟﻌﻬﺪ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬‬ ‫)‪ (٢٥‬اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪.‬‬ ‫ورﻓﻀﻪ ﻟﻪ‪ ،‬ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء‪،‬‬ ‫ﻃﻠﺐ أﺑﻲ‬ ‫ُ‬ ‫اﻷول‪ُ :‬‬ ‫اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﺎدﺛﺔ‪.‬‬ ‫اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﻟﻴﻠﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﰲ ﻛﺘﺐ ﻓﻘﻬﺎء‬ ‫ّ‬ ‫اﻷول‪ُ :‬‬ ‫* اﻟﻔﺮع ّ‬ ‫ﻃﻠﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ َ َ‬ ‫اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ واﻗﻌﺔ ﻃﻠﺒﻪ ﻟﻠﻘﻀـــــﺎء ّأﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻳﺠﻮز ﻟﻤﺜﻞ اﻹﻣﺎم أن ﻳﺮﻓﺾ ّ‬ ‫ﻳﺒﺪو ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀــــــﺎء‬ ‫أن أﺣﺪ ﻣﱪّرات ﻓﻘﻬﺎء‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻟﱰك ّ‬ ‫ﻟﻜﻞ ٍ‬ ‫ﻳﺮﻓﺾ ّ‬ ‫ﻓﻤﻌﻨﻰ ﻫﺬا ّأﻧﻪ ﻳﺠﻮز ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﻴﻦ أﺣﻴﺎﻧ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻓﻴﻜﻮن ﻓﺮﺿ ﰲ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬وﻫﻢ ﻣﺠﻤﻌﻮن ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻓﻬﺬا ﻻ‬ ‫أﺣﺪ أن َ‬ ‫أن اﻟﻘﻀـﺎء ّ‬ ‫ﻓﻘﻬﻴ !‬ ‫ﻳﻘﺮروﻧﻪ ّ‬ ‫ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻊ ﻣﺎ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ّ‬ ‫روي ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ّ‬ ‫وروي‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ُ َ‬ ‫»إﻳﺎك واﻹﻣﺎرة«‪َ ُ ،‬‬ ‫ذرﭬ‪ّ :‬‬ ‫وﺳﻠﻢ ّأﻧﻪ ﻗﺎل ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫)وأﻣﺎ ﺟﻮاز اﻟﱰك؛ َ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻜﺎﺳﺎﲏّ ﰲ ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫وروي ّ‬ ‫ﻋﻨﻪ ﷺ ّأﻧﻪ ﻗﺎل‪» :‬ﻻ ّ ّ‬ ‫أن أﺑﺎ َ َ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻀــــــــــﺎء‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ ّ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ُ ِ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ ِ َ‬ ‫ﺗﺘﺄﻣﺮن ﻋﻠﻰ اﺛﻨﻴﻦ«‪َ ُ ،‬‬ ‫ﺿﺮب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ‪ ،‬وﻛﺬا ﻟﻢ ْ ُ‬ ‫ﻳﻘﺒﻠﻪ ٌ‬ ‫اﻷﻣﺔ(‬ ‫ﺻﺎﻟﺤﻲ ّ‬

‫)‪(٣٢‬‬

‫‪.‬‬

‫وﻗﺎل ﰲ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ‪) :‬وﻳﻜﺮه اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ﻟﻤﻦ ﻳﺨﺎف اﻟﻌﺠﺰ ‪..‬إﻟﺦ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﺎف اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ أداء ﻓﺮض اﻟﻘﻀـﺎء وﻻ ﻳﺄﻣﻦ ﻋﻠﻰ ِ ِ‬ ‫ﻒ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺠﻮر‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺤﻴ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻌﺾ‬ ‫وﺳﻴﻠﺔ إﻟﻰ ﻣﺒﺎﺷﺮة‬ ‫اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻃ ‪ :‬أي‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫ﻛﺮه ﻟﻪ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻛﻴﻼ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء أو ُ‬ ‫وﻛﺮه ُ‬ ‫اﻟﻘﺒﻴﺢ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺤﻴﻒ ﰲ اﻟﻘﻀـــﺎء‪َ ِ َ . ... ،‬‬ ‫ﻓﻴﻪ‪َ ِ ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺨﺘﺎرا‪ ،‬ﺳﻮاء ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫وﻓﺴﺮ اﻟﻜﺮاﻫﺔ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺑﻌﺪم اﻟﺠﻮاز(‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ أو ﺧﺎﻓﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ّ ،‬‬ ‫وﺛﻘﻮا َ‬ ‫ِ‬ ‫إﻻ ُﻣﻜﺮﻫ ؛ أﻻ ﺗﺮى ّ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﺼـــﺪر اﻟﺸـــﻬﻴﺪ ﰲ أدب اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ :‬وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ّ‬ ‫أن أﺑﺎ َ َ‬ ‫دﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﻀــــﺎء‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺿﺮب ﰲ ّ‬ ‫اﻟﻤﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﺎل أﺳﺘﺸـﻴﺮ أﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺸـﺎر أﺑﺎ ﻳﻮﺳﻒ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻓﻘﺎل‬ ‫ﻣﺮات ﻓﺄﺑﻰ‪ّ ،‬‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﰲ ّ‬ ‫ﻣﺮة ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻮﻃ ‪ّ ،‬‬ ‫ﻛﻞ ّ‬ ‫ﺛﻼث ّ‬ ‫ﺳﺒﺎﺣﺔ؛ ُ ِ‬ ‫أﻣﺮت أن أﻋﺒﺮ اﻟﺒﺤﺮ ِ‬ ‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻧﻈﺮ ُ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أﻗﺪر ﻋﻠﻴﻪ؟‬ ‫اﻟﻤﻐﻀﺐ‪ ،‬وﻗﺎل‪:‬‬ ‫ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ أﺑﻮ‬ ‫ﺗﻘﻠﺪت‬ ‫أرأﻳﺖ ﻟﻮ ُ ِ ُ‬ ‫أﺑﻮ ﻳﻮﺳــــــﻒ‪ :‬ﻟﻮ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أﻛﻨﺖ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ﻟﻨﻔﻌﺖ اﻟﻨﺎس‪َ ،‬‬ ‫) ‪(٣٤‬‬ ‫) ‪(٣٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺛﻢ ّ‬ ‫ﻣﺮة‬ ‫وﺣﺒﺲ‪،‬‬ ‫وﻛﺄﻧﻲ ﺑﻚ ﻗﺎﺿﻴ‬ ‫ذﻛﺮ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ رﺣﻤﻪ اﷲ إﻟﻰ اﻟﻘﻀـﺎء ﻓﺄﺑﻰ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻴﺪ ُ ِ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ ّ‬ ‫)أﻧﻪ ﺿﺮب ﻓﻲ ﻛﻞ ّ‬ ‫ﺗﻘﻠﺪ( ‪ .‬وﻗﺪ ُ َ‬ ‫ﻓﺎﺿﻄﺮ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫دﻋﻲ ّ‬ ‫‪ ،‬وﻛﺬا ُ َ‬ ‫) ‪(٣٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﻮﻃ ( ‪.‬‬ ‫ﻼﺛﻴﻦ َ ْ‬ ‫َﺛ َ َ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ ّ‬ ‫أن ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻧﻔﺮد ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻــــــــﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ُﺗﺬﻛﺮ ﰲ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻤﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ اﻧﻔﺮد ﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺧﺎﺗﻤﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻـــــــﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ إﻻ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺐ اﻟﱰاﺟﻢ ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻊ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻫﺬا‬ ‫اﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻰ َ‬ ‫أﺣﺪ ﺛﻤﺎر ﻛﻮﻧﻪ ّ ً‬ ‫ﻣﺘﺄﺧﺮا‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬ت‪ :‬ﺑﺸﺎر ﻋﻮاد ﻣﻌﺮوف‪،‬‬ ‫اﻟﺒﻐﺪادي‪) ،‬ت‪ ٤٦٣‬ﻫـ( )ط‪ ١٤٢٢ ١‬ﻫـ ‪ ٢٠٠٢ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻐﺮب‬ ‫ﻣﻬﺪي اﻟﺨﻄﻴﺐ‪،‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٣١‬ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻐﺪاد‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫وﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن‪ ،‬ﻻﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﱪﻣﻜﻲ‪.٥/٤٠٧ ،‬‬ ‫ﺧﻠﻜﺎن‪،‬‬ ‫ﻟﻠﺼﻤﻴﺮي‪ ،١/٧٢ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن‪،‬‬ ‫‪ ، .٤٥٢- ١٥/٤٥١‬واﻧﻈﺮ‪ :‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪،‬‬ ‫ﻟﻠﻴﺎﻓﻌﻲ‪ .٧٢ ،‬واﻧﻈﺮ أﻳﻀ ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪.٤٩٧ - ١/٤٩٦ ،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (٢٦‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪ (٣٢‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺸﺮاﺋﻊ‪ ،‬ﻟﻌﻼء اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻜﺎﺳﺎﲏّ‪) ،‬ت ‪ ٥٨٧‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٦ ،٢‬ﻫـ ‪١٩٨٦-‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.٧/٤ ،‬‬

‫وﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﺧﻠﻜﺎن‪.٤٠٧ – ٥/٤٠٦ ،‬‬ ‫)‪ّ (٢٧‬‬

‫اﻟﻌﻴﻨﻲ‪) ،‬ت ‪ ٨٥٥‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪،١‬‬ ‫اﻟﻐﻴﺘﺎﺑﻲ‬ ‫)‪ (٣٣‬وﰲ رواﻳﺔ‪) :‬أراك أن ُﺗﺒﺘﻠﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀــﺎء(‪ ،‬ﻓﻌّﺪه اﻹﻣﺎم اﺑﺘﻼء! اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﺒﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴـــﻴﻦ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪ ،‬ﺑﺪر اﻟﺪﻳﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺼﻔﺪي‪) ،‬ت ‪ ٧٦٤‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٠‬ﻫـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.٢٧/٩٠،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﻓﻴﺎت‪ ،‬ﻟﺼﻼح اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ أﻳﺒﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٢٨‬اﻻﻧﺘﻘﺎء ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪّ‪ ،١٧١،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻮاﰲ ّ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻴﺎﻓﻌﻲ‪) ،‬ت ‪ ٧٦٨‬ﻫـ( )ط‪،١‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن‬ ‫)‪ (٢٩‬أﺧﺒﺎر أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﻮادث اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ّ‬ ‫ﻟﻠﺼـــﻤﻴﺮي ‪ .٦٧‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ُ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺳﻌﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.٢٤٣ /١ ،‬‬ ‫‪ ١٤١٧‬ﻫـ ‪ ١٩٩٧-‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ ّ‬

‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.١٢-٩/١١ ،‬‬ ‫‪ ١٤٢٠‬ﻫـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ّ‬

‫اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ووﻓﻴﺎت اﻷﻋﻴﺎن‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﺧﻠﻜﺎن‪.٤٠٧- ٥/٤٠٦ ،‬‬ ‫ﻟﻠﻘﺮﺷﻲ‪ ،١/٥٠٤ ،‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻣﺮآة اﻟﺠﻨﺎن وﻋﱪة اﻟﻴﻘﻈﺎن‪،‬‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت‬ ‫)‪ (٣٠‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬ ‫ﻟﻠﻴﺎﻓﻌﻲ‪ّ ،١/٢٤٣ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اﻟﺤﻠﺒﻲ‪) ،‬ت‪ ٨٨٢‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٩٣ ،٢‬ﻫـ ‪١٩٧٣-‬م(‪.٢١٨ ،‬‬ ‫اﻟﺜﻘﻔﻲ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬أﺑﻲ اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ اﻟﺸﺤﻨﺔ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪ (٣٥‬ﻟﺴﺎن اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪16‬‬

‫اﻟﺮوﻣﻲ اﻟﺒﺎﺑﺮﰐّ )ت ‪ ٧٨٦‬ﻫـ(‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ .٢٦٢-٧/٢٦١ ،‬واﻧﻈﺮ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد‪ ،‬أﻛﻤﻞ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺟﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ‬ ‫)‪ (٣٤‬اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺷﺮح اﻟﻬﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 17‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫)‪(٣٦‬‬ ‫ِ‬ ‫)وﺗﻮﻓﻲ ﺑﺒﻐﺪاد‪ ،‬ﻗﻴﻞ‪ :‬ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ِ َ ِ‬ ‫ﻟﺘﻜﻮن ُ َ ُ ِ‬ ‫اﻟﻘﻀﺎة ِ َ ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫اﻹﺳ َ ِ‬ ‫ﻗﻀﺎء‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء‪ :‬أي‬ ‫ﻟﻴﻠﻲ‬ ‫‪:‬‬ ‫ﻗﺎل رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬ ‫واﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻪ ﻫﻮ اﻟﻤﻨﺼـﻮر‪،‬‬ ‫ﻼم ﻣﻦ ﺗﺤﺖ أﻣﺮه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻗﻀﺎة ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺳﺎل اﻟﺪم ﻋﻠﻰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺤﺒﺴﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺨﺮج ّ‬ ‫ﻋﻘﺒﻴﻪ‪ ،‬وﻧﻮدي ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺿﺮب ﺿﺮﺑ‬ ‫ﻣﻮﺟﻌ ‪ّ ،‬‬ ‫ﺛﻢ ُ ِ َ‬ ‫ﻛﻞ ﻳﻮم ﻓﻴﻀــــﺮب ﻋﺸــــﺮة أﺳﻮاط‪ ،‬وﻳﻨﺎدى ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻷﺳﻮاق‪ّ ،‬‬ ‫ﻓﺎﻣﺘﻊ َ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﰲ ِ ِ‬ ‫َِ‬ ‫وأﻛﺪ اﻟﺪﻋﺎء! ّ‬ ‫ً‬ ‫وﻣﺸﺮﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺒﻜﻰ ّ‬ ‫ﻓﺘﻮﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ّأﻳﺎم‪.‬‬ ‫ﻣﺄﻛﻠﻪ‬ ‫ﺿﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻀﻴﻴﻘ‬ ‫ﺷﺪﻳﺪا ّ‬ ‫ﺛﻢ ُ ّ‬ ‫وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﻬﺮا‪ ،‬وﻗﻴﻞ‪ّ :‬‬ ‫ﻓﺼﺐ ﻓﻴﻪ ً‬ ‫ٌ‬ ‫ﻟﻤﺎ‬ ‫ﺑﺤﻀـــﺮة اﻟﻤﻨﺼـــﻮر!!‬ ‫إن ذﻟﻚ ﻛﺎن‬ ‫وروى‬ ‫ّ‬ ‫ﺳﻢ ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬ﻻ أﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴـــﻲ‪ّ ُ ً ،‬‬ ‫دﻓﻊ إﻟﻴﻪ َ َ ٌ‬ ‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ّأﻧﻪ ُ َ‬ ‫وﺻﺢ ّأﻧﻪ ّ‬ ‫َ‬ ‫ﻗﺪح ﻓﻴﻪ ّ‬ ‫ﺳﺠﺪ ‪ ،‬ﻓﻤﺎت وﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ‪.‬‬ ‫أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻤﻮت َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭫ اﻟﺨﺎرج‬ ‫ﻗﻴﻞ‪:‬‬ ‫أن َ‬ ‫ﺑﻌﺾ أﻋﺪاﺋﻪ ّ‬ ‫ُ‬ ‫دس إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺼﻮر ّأﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي أﺛﺎر إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴـﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪(٣٧‬‬ ‫ﻳﻘﺒﻠﻪ؛ ﻟﻴﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺒﺼﺮة‪ ،‬ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﻊ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﺘﻠﻪ‪( ...‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﻋﻠﻤﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫)‪(٣٨‬‬

‫ﻓﻤﺎ ورد ﰲ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺴـــﻘﻴ ﰲ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺴـــﻴﻦ وﻣﺌﺔ( أي ﻣﺎت ﻣﻦ ﺷﺮﺑﺔ‬ ‫ﺷﻬﻴﺪا‬ ‫اﻟﺬﻫﺒﻲ ّأﻧﻪ )ﺗﻮﰲ‬ ‫اﻟﺴـــﻢ ﻟﻢ ُﻳﺬﻛﺮ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﻗﺪ ذﻛﺮ‬ ‫أﻣﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﺮى ّأﻧﻬﻢ ّ‬ ‫‪ّ .٨‬‬ ‫ﺣﻜﺎم‬ ‫ﻫﺪﻳﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻊ ّ‬ ‫اﻟﺜﻮار‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﺒﻞ ّ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ﻳﺨﺸــﻰ ﻣﻦ أن ُﻳﺴـــﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ُﻳﺮﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﻗﺪ رﻓﺾ أن ﻳﻘﺒﻞ ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻣﺎل ﻣﻦ ٍ‬ ‫وﻛﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ أﺧﺬ ٍ‬ ‫ﻏﻴﺮ ٍ‬ ‫أﺣﺪ ﻟﺌﻼّ ُ ّ‬ ‫ﻣﺸﺮوﻋﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﻮﻇﻔﻪ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ‬ ‫ﻋﺪل؟ ّ‬ ‫ﺗﺼـﺮﻓﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﻤﻠﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫ﻷن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ﻳﺮى ّأﻧﻬﻤﺎ ﻣﺠﺘﻬﺪان‪ ،‬وﻟﻴﺲ‬ ‫‪ .٩‬ﻣﻦ ﻣﺸـﺎورة اﻹﻣﺎم ﻷﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫وﻣﺤﻤﺪ ﻧﺮى ّأﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﺿﻰ ﻋﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ رﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ‪ ،‬وﻻ إﻟﺰام ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ .١٠‬وﰲ ﺣﺎل ﺛﺒﻮت ّ‬ ‫ﻷﻳﺎم ّ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮم ﻟﻠﻀـﺮورة‪ ،‬دﻓﻌ ﻟﻠﻘﺘﻞ‬ ‫اﻟﻤﻀـﻄﺮ اﻟﺬي ُﻳﺒﺎح ﻟﻪ‬ ‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن دﻓﻌ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﰲ ﺣﻜﻢ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻟﻘﻀﺎء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﺠﺔ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ّ‬ ‫ﻟﻠﻤﺸﺮوﻋﻴﺔ‪.‬‬ ‫وﺟﻪ آﺧﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬وﻻ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬إذ اﻟﻀﺮورة ٌ‬ ‫ﻋﺪ ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ ّ‬ ‫أن ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﺸـﺮوﻋﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﺒﻞ ّ‬ ‫ﻣﺸـﺮوﻋﻴﺔ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻳﺮى ّ‬ ‫ﺗﻘﻠﺪ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﺮﺗﺒﻄ ﺑﺄﺻﻞ‬ ‫وﻳﻤﻜﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ُ .١١‬‬ ‫ﺻﺤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﺤﻜﻢ ّ‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬ ‫ﻓﺈن ﻋﺪم ﻗﺒﻮﻟﻪ اﻟﻘﻀﺎء ﻳﻜﻮن ﻣﺸﺮوﻋ ‪ .‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ّ‬ ‫ﺗﻌﻴﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻳﺮى ﻋﺪم ّ‬ ‫ﺧﺎﺻﺔ إن ّ‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ؛ ّ‬

‫)‪(٣٩‬‬

‫ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻪ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺑﻨﻔﺴﻪ ‪.‬‬ ‫ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ‪ ،‬وﻳﻘﺎل‪ّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﺘﻠﻪ‪ِ.‬‬ ‫ﻳﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﭬ ﻟﻦ َ‬ ‫ﻳﻌﻠﻢ ﺳﻠﻔ ّ‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﺒﺎرة اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ّ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ‬ ‫وأﻧﻪ ُ ُ‬ ‫ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻘﻀﺎء‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﺮض اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ أن ّ‬ ‫أن اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻛﺎن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ إذاﻋﺔ أو‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺨﻔﻰ‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻬﺬا ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأﻣﺎ ارﺗﺒﺎط ذﻟﻚ ﺑﺪﻋﻢ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴـﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺪأت ﺛﻮرة إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ دوﻟﺘﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫دس إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺼـــــﻮر‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﺧﻠﻔﺎء ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ﱟ‬ ‫وأﻧﻪ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ آل ﱟ‬ ‫)‪(٤٠‬‬ ‫ﻗﻤﺔ ﻋﻨﻔﻮان اﻹﻣﺎم أﺑـــــﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ّ‬ ‫واﻟﻔﻘﻬﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ أن‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻲ وﺗﺄﺛﻴــــــﺮه‬ ‫وﺗﻤﻜﻨﻪ‬ ‫اﷲ وأﺧﻴﻪ ﰲ ﻋﺎم ‪ ١٤٥‬ﻫـ ‪ ،‬وذﻟﻚ ﰲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮض اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﺮﺟٍﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ‪ ،‬ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ‪:‬‬ ‫أﻫﻢ اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ّ :‬‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻔﻴﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫أﻫﻢ اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻦ ّ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮى ّ‬ ‫‪ّ .١‬‬ ‫ﺳﻴﺠﻨّﺐ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻈﻠﻢ ﻣﺎ دام اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻫﻢ ﻫﻢ‪.‬‬ ‫أن ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﻘﻀﺎء ُ‬ ‫‪ّ .٢‬‬ ‫أﻫﻼ‪ ،‬ﻣﺎ دام ﻳﺮى اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﻋﺪم ﻗﺒﻮﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﺮد وإن ﻛﺎن ً‬ ‫أن ﻣﻦ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻠﻪ أن ّ‬ ‫ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻀﺎء َ ُ‬ ‫ﻣﺸــﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻄﻠﻘ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ُ‬ ‫أن اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٣‬‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫ﻳﺴــﻮغ ﻟﻬﻢ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻈﻠﻤﺔ ُﻳﻌﻄﻴﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻘﻀــﺎء؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺸـﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد‪ ،‬ﺑﻞ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ُ ّ ُ‬ ‫اﻹﻓﺴﺎد ﰲ اﻷرض ﻣﻘﻨّﻨ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﰲ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻋﺼﺮ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﻠﺤﻆ ﻣﺤﺎوﻻت ّ‬ ‫‪ّ .٤‬‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻈﻠﻤﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻟﺠﻤﻊ ﻣﻦ ﻳﺮﺗﻀـﻲ ﻟﻨﻔﺴـﻪ‬ ‫أن اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﺼﻴﻦ ﻧﻔﺴﻪ واﺳﺘﻤﺪاد‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻬﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻳﻘﺒﻞ ﰲ دﻳﻨﻪ ّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ّ .٥‬أﻧﻪ ﻻ ﺗﺠﺐ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ إذا رأى ّ‬ ‫ﻣﻔﺴـــــﺪة ﻃﺎﻋﺔ ذﻟﻚ اﻟﺤﺎﻛﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺼـــــﻠﺤﺘﻬﺎ؛ ﻓﺎﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أﻋﻠﻰ ً‬ ‫رﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ وإن ﻛﺎن‬ ‫أن‬ ‫َ​َ‬ ‫وﺟﻬﻠﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻓﺴﻘﺔ ّ‬ ‫ﻋﺎﻟﻤ ‪ ،‬وﻻ ُﻳﻤﻜﻦ أن ُﻳﻘﺎس ُ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﺣﻜﺎم اﻟﺪوﻟﺘﻴﻦ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻫﻢ ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ّ ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻳﻜﻨّﻲ ّ‬ ‫ﻷن ﺣﻔﻆ ﻧﻔﺴﻪ وﺻﻴﺎﻧﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ﻻ ﻳﻜﻮن ً‬ ‫ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ؛ ّ‬ ‫أﺑﺪا‬ ‫ﻟﻴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ إذا رأى‬ ‫‪ .٦‬إذا ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻮري ُ‬ ‫ﻋﺮض اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻫﻞ ﻟﻪ ﻓﻠﻪ أن ّ‬ ‫ﺑﺮﻛﻮب اﻟﻘﻀﺎء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أن اﻟﻌﺪل ﻻ ﻳﻘﻮم إﻻ ﺑﺎﻟﻔﺼـﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺴـﻠﻄﺎت‪ ،‬وﻳﺒﺪو ّ‬ ‫‪ّ .٧‬‬ ‫ﺗﻬﺪدﲏ أن‬ ‫أن ﻫﺬا ﻛﺎن‬ ‫ﺛﻢ ُ ّ‬ ‫ﻣﻮﺟﻮدا‪ُ ،‬‬ ‫وﻳﺴــﺘﻔﺎد ﻫﺬا ﻣﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻷﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪) :‬وﻟﻮ ّاﺗﺠﻪ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻚ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮﻗﻊ ّأﻧﻪ ﻟﻮ ُ ّ‬ ‫ُﺗﻐﺮﻗﻨﻲ ﰲ اﻟﻔﺮات‪ ( ...‬ﻓﻬﺬا ّ‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ّ‬ ‫وﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻓﻘﺪ ُﻳﺮﻓﻊ إﻟﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا دﻻﻟﺔ ّ ٌ‬ ‫ﺑﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﺼـﺎل اﻟﺴـﻠﻄﺎت ﻋﻦ‬ ‫)‪(٤١‬‬

‫ّ‬ ‫ﺗﻘﺪم اﻋﺘﺒﺎر ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻊ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻊ‬ ‫اﻟﻴﻬﻮدي ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪرع دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﰲ ﺗﺮاﻓﻊ ّ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪) ،‬ت ‪ ١٢٥٢‬ﻫـ( )ط‪ ١٤١٢ ،٢‬ﻫـ ‪ ١٩٩٢-‬م(‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.١/١٦٦ ،‬‬ ‫اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﻣﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫)‪ّ (٣٦‬‬ ‫اﻟﺪر اﻟﻤﺨﺘﺎر‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪ّ ،‬‬ ‫رد اﻟﻤﺤﺘﺎر ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٣٧‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ‪.‬‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.٦/٤٠٣ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻗﺎﻳﻤﺎز اﻟﺬﻫﺒﻲ‪) ،‬ت ‪ ٧٤٨‬ﻫـ( )ط‪ ١٤٠٥ ،٣‬ﻫـ ‪ ١٩٨٥ -‬م(‪ّ ،‬‬ ‫)‪ (٣٨‬ﺳﻴﺮ أﻋﻼم اﻟﻨﺒﻼء‪ ،‬ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ّ ،‬‬ ‫)‪ (٣٩‬اﻻﻧﺘﻘﺎء‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪّ‪.١٧٠ ،‬‬ ‫اﻟﻄﱪي‪ ،‬ﻟﻌﺮﻳﺐ ﺑﻦ‬ ‫اﻟﻄﱪي‪) ،‬ت‪ ٣١٠‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٨٧ ،٢‬ﻫـ(‪ ،‬دار اﻟﱰاث‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ .‬وﲠﺎﻣﺸﻪ‪ :‬ﺻﻠﺔ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫اﻵﻣﻠﻲ‪ ،‬أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪،‬‬ ‫ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ‪،‬‬ ‫)‪ (٤٠‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﺳﻞ واﻟﻤﻠﻮك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ )ت‪ ٣٦٩‬ﻫـ(‪.٧/٥١٧ ،‬‬ ‫ﺳﻌﺪ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬اﻟﺸـﻬﻴﺮ ﺑﺎﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‬ ‫اﻟﻘﻴﺴﻲ‪،‬‬ ‫ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ ،‬أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺸﺘﺒﻪ ﰲ ﺿﺒﻂ أﺳﻤﺎء اﻟﺮواة وأﻧﺴﺎﲠﻢ وأﻟﻘﺎﲠﻢ وﻛﻨﺎﻫﻢ‪،‬‬ ‫)‪ُ (٤١‬ﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﺗﻮﺿﻴﺢ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻌﺮﻗﺴﻮﺳﻲ‪) ،‬ط‪١٩٩٣ ١‬م( ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.٨/٢٦ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻧﻌﻴﻢ‬ ‫ت ‪٨٤٢‬ﻫـ‪ ،‬ت‪ّ :‬‬ ‫ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪18‬‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ‬ ‫ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪ ،‬وأﺑﺮز اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت‪:‬‬ ‫أﻫﻢ ﻣﺎ ّ‬ ‫وﺳﻨﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ّ‬ ‫أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .١‬‬ ‫ﻳﻘﻮم‬ ‫ﻣﻨﺎزﻋﺘﻪ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ﻋﻠﻲ رﺿـﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺠﻪ أن ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫اﺑﺘﺪاء‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ ُ‬ ‫ﻳﻨﺎزع اﻷﻣﺮ أﻫﻠﻪ ً‬ ‫ﻟﻸﻣﻮﻳﻴﻦ إﻻ ﺑﻌﺪ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ﱟ‬ ‫ﺣﻘﻪ أن ّ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ّ‬ ‫ﺗﺄﻳﻴﺪ اﻟﻤﻈﻠﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺎﻟﻢ‪.‬‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻰ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻠﻚ‬ ‫إﻻ َ‬ ‫َﻣﻦ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ّ .٢‬أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ أن ﻳﺘﺎﺑﻊ أﺧﺒﺎر اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ِ ِ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﻋﺼﺮه ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أﻫﻞ ﱢ‬ ‫اﻹﻣﺎم ُ‬ ‫‪ّ .٣‬‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻌﺮﻓﺔ‬ ‫س ﻓﻬﻢ أوﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺒﻴﻌﺔ وأﻛﺜﺮﻫﻢ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻋﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺜﻖ ﲠﻢ اﻟﻨﺎ ‪,‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫أﻫﻞ‬ ‫ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫واﻟﻌﻘﺪ‬ ‫اﻟﺤﻞ‬ ‫ﻳﺒﺎﻳﻊ‬ ‫أن‬ ‫اﻟﻌﻈﻤﻰ‬ ‫أن ﻣﻦ ﺗﻤﺎم اﻹﻣﺎﻣﺔ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﺸﺮوﻃﻬﺎ‪.‬‬ ‫أن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﭬ ﻟﻢ ﻳﺸﱰك ﻓﻌﻼً ﺑـ)ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻴﻒ(‪ ،‬واﻟﻘﺘﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٤‬‬ ‫ﻳﻠﻮﺛﻬﺎ ﺑﺘﻌﺮﻳﺾ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻜﺎﻧﺘﻪ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺧﺮج ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻦ‬ ‫ﻷﻳﺎم‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻬﻤِﺞ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮﺿـــــﻮن ﻟﻠﺨﺎرﺟﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻨﻜﻴﻞ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ّ‬ ‫ﻳﺮدون اﻟﺨﺎرﺟﻴﻦ‪ ،‬أو ﻟﻸﻣﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ ﺻـــــﻠﺐ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ دم اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﻻ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻜﻴِﻞ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أن اﻹﻣﺎمﭬ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮى ّ‬ ‫‪ّ .٥‬‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ‬ ‫ﺳﻴﺠﻨّﺐ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻈﻠﻢ ﻣﺎ دام اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻫﻢ ﻫﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء ُ‬ ‫أن ﱢ‬ ‫َ‬ ‫‪ّ .٦‬‬ ‫أﻫﻼ‪ ،‬ﻣﺎ دام ﻳﺮى اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﻋﺪم ﻗﺒﻮﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﺮد وإن ﻛﺎن ً‬ ‫أن ﻣﻦ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻠﻪ أن ّ‬ ‫ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻀﺎء َ ُ‬ ‫ﻣﺸــﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻄﻠﻘ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ُ‬ ‫أن اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٧‬‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫ﻳﺴــﻮغ ﻟﻬﻢ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻈﻠﻤﺔ ُﻳﻌﻄﻴﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻘﻀــﺎء؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺸـﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد‪ ،‬ﺑﻞ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ُ ّ ُ‬ ‫اﻹﻓﺴﺎد ﰲ اﻷرض ﻣﻘﻨّﻨ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ّ .٨‬أﻧﻪ ﻻ ﺗﺠﺐ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ إذا رأى ّ‬ ‫ﻣﻔﺴﺪة ﻃﺎﻋﺔ ذﻟﻚ اﻟﺤﺎﻛﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺼـﻠﺤﺘﻬﺎ؛ ﻓﺎﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أﻋﻠﻰ ً‬ ‫رﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ وإن ﻛﺎن‬ ‫أن‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻋﺎﻟﻤ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﺤﻤﺪ ﰲ أﻣﺮ ّ‬ ‫ﺗﺼـﺮﻓﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﻤﻠﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ‬ ‫‪ .٩‬ﻣﺸﺎورة اﻹﻣﺎم ﻷﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫ﻷن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ﻳﺮى ّأﻧﻬﻤﺎ‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء ّ‬ ‫ﺗﻮﺿﺢ ّأﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﺿﻰ ﻋﻦ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺠﺘﻬﺪان‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ رﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ‪ ،‬وﻻ إﻟﺰام ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫أﻫﻢ اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت‪:‬‬ ‫* ّ‬ ‫وﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﻨﻘﻴﺔ اﻷﺣﺪاث ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ‬ ‫اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وإﻋﺎدة ﻗﺮاءة ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ وﻓﻖ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻨﻀــــﺒﻄﺔ‪ ،‬ﺗﺴــــﻤﺢ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﺮواﻳﺎت‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻮرة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‪ ،‬واﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺮأي اﻟﺬي ﺗﺮﻛﻮه‪ ،‬ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﻬﻢ اﻟﻤﻘﺮوء‪ ،‬وﰲ ﻛﻼ‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﻬﻢ‬ ‫وﺳـــﻴﺮﺗﻬﻢ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﻲ‪،‬‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن ﻋﻠﻤﻬﻢ اﻟﻤﻮروث َ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺘﻮﺻــﻴﺔ ﺑﺎﻻﺳــﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﺮاث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﻨﺼﻒ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ آراﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ‬ ‫اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ ّأدت إﻟﻰ ﻃﻤﺲ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﻟﻢ ِ‬ ‫ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫ﻣﺬﻫﺒﻪ ﭬ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ‬ ‫أن ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻌﺪاوات‬ ‫ﻧﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻓﻜﺮ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻠﺤﻜﺎم ﺑﺎﻟﻨﺼـــــﺢ‪ ،‬وأﻇﻬﺮوا‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻟﻴﻦ ﻵل اﻟﺒﻴﺖ ﭫ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻧﺪوا اﻟﺜﻮرات‪ ،‬ووﻗﻔﻮا‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻀــــﺎﻳﺎ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﰲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻌﺮوف‪.‬‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬ ‫وآﺧﺮ دﻋﻮاﻧﺎ أن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪.‬‬ ‫وﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ّ‬

‫‪ 19‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫)‪(٣٦‬‬ ‫ِ‬ ‫)وﺗﻮﻓﻲ ﺑﺒﻐﺪاد‪ ،‬ﻗﻴﻞ‪ :‬ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ِ َ ِ‬ ‫ﻟﺘﻜﻮن ُ َ ُ ِ‬ ‫اﻟﻘﻀﺎة ِ َ ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫اﻹﺳ َ ِ‬ ‫ﻗﻀﺎء‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء‪ :‬أي‬ ‫ﻟﻴﻠﻲ‬ ‫‪:‬‬ ‫ﻗﺎل رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬ ‫واﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻪ ﻫﻮ اﻟﻤﻨﺼـﻮر‪،‬‬ ‫ﻼم ﻣﻦ ﺗﺤﺖ أﻣﺮه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻗﻀﺎة ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺳﺎل اﻟﺪم ﻋﻠﻰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺤﺒﺴﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺨﺮج ّ‬ ‫ﻋﻘﺒﻴﻪ‪ ،‬وﻧﻮدي ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺿﺮب ﺿﺮﺑ‬ ‫ﻣﻮﺟﻌ ‪ّ ،‬‬ ‫ﺛﻢ ُ ِ َ‬ ‫ﻛﻞ ﻳﻮم ﻓﻴﻀــــﺮب ﻋﺸــــﺮة أﺳﻮاط‪ ،‬وﻳﻨﺎدى ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻷﺳﻮاق‪ّ ،‬‬ ‫ﻓﺎﻣﺘﻊ َ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﰲ ِ ِ‬ ‫َِ‬ ‫وأﻛﺪ اﻟﺪﻋﺎء! ّ‬ ‫ً‬ ‫وﻣﺸﺮﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺒﻜﻰ ّ‬ ‫ﻓﺘﻮﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ّأﻳﺎم‪.‬‬ ‫ﻣﺄﻛﻠﻪ‬ ‫ﺿﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻀﻴﻴﻘ‬ ‫ﺷﺪﻳﺪا ّ‬ ‫ﺛﻢ ُ ّ‬ ‫وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﻬﺮا‪ ،‬وﻗﻴﻞ‪ّ :‬‬ ‫ﻓﺼﺐ ﻓﻴﻪ ً‬ ‫ٌ‬ ‫ﻟﻤﺎ‬ ‫ﺑﺤﻀـــﺮة اﻟﻤﻨﺼـــﻮر!!‬ ‫إن ذﻟﻚ ﻛﺎن‬ ‫وروى‬ ‫ّ‬ ‫ﺳﻢ ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬ﻻ أﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴـــﻲ‪ّ ُ ً ،‬‬ ‫دﻓﻊ إﻟﻴﻪ َ َ ٌ‬ ‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ّأﻧﻪ ُ َ‬ ‫وﺻﺢ ّأﻧﻪ ّ‬ ‫َ‬ ‫ﻗﺪح ﻓﻴﻪ ّ‬ ‫ﺳﺠﺪ ‪ ،‬ﻓﻤﺎت وﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ‪.‬‬ ‫أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻤﻮت َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭫ اﻟﺨﺎرج‬ ‫ﻗﻴﻞ‪:‬‬ ‫أن َ‬ ‫ﺑﻌﺾ أﻋﺪاﺋﻪ ّ‬ ‫ُ‬ ‫دس إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺼﻮر ّأﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي أﺛﺎر إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴـﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫)‪(٣٧‬‬ ‫ﻳﻘﺒﻠﻪ؛ ﻟﻴﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺒﺼﺮة‪ ،‬ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﻊ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﺘﻠﻪ‪( ...‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﻋﻠﻤﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫)‪(٣٨‬‬

‫ﻓﻤﺎ ورد ﰲ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ ِ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺴـــﻘﻴ ﰲ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺴـــﻴﻦ وﻣﺌﺔ( أي ﻣﺎت ﻣﻦ ﺷﺮﺑﺔ‬ ‫ﺷﻬﻴﺪا‬ ‫اﻟﺬﻫﺒﻲ ّأﻧﻪ )ﺗﻮﰲ‬ ‫اﻟﺴـــﻢ ﻟﻢ ُﻳﺬﻛﺮ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﻗﺪ ذﻛﺮ‬ ‫أﻣﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﺮى ّأﻧﻬﻢ ّ‬ ‫‪ّ .٨‬‬ ‫ﺣﻜﺎم‬ ‫ﻫﺪﻳﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻊ ّ‬ ‫اﻟﺜﻮار‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﺒﻞ ّ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ﻳﺨﺸــﻰ ﻣﻦ أن ُﻳﺴـــﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ُﻳﺮﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﻗﺪ رﻓﺾ أن ﻳﻘﺒﻞ ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻣﺎل ﻣﻦ ٍ‬ ‫وﻛﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ أﺧﺬ ٍ‬ ‫ﻏﻴﺮ ٍ‬ ‫أﺣﺪ ﻟﺌﻼّ ُ ّ‬ ‫ﻣﺸﺮوﻋﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﻮﻇﻔﻪ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ‬ ‫ﻋﺪل؟ ّ‬ ‫ﺗﺼـﺮﻓﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﻤﻠﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫ﻷن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ﻳﺮى ّأﻧﻬﻤﺎ ﻣﺠﺘﻬﺪان‪ ،‬وﻟﻴﺲ‬ ‫‪ .٩‬ﻣﻦ ﻣﺸـﺎورة اﻹﻣﺎم ﻷﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫وﻣﺤﻤﺪ ﻧﺮى ّأﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﺿﻰ ﻋﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ رﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ‪ ،‬وﻻ إﻟﺰام ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ .١٠‬وﰲ ﺣﺎل ﺛﺒﻮت ّ‬ ‫ﻷﻳﺎم ّ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮم ﻟﻠﻀـﺮورة‪ ،‬دﻓﻌ ﻟﻠﻘﺘﻞ‬ ‫اﻟﻤﻀـﻄﺮ اﻟﺬي ُﻳﺒﺎح ﻟﻪ‬ ‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن دﻓﻌ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﰲ ﺣﻜﻢ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻟﻘﻀﺎء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﺠﺔ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ّ‬ ‫ﻟﻠﻤﺸﺮوﻋﻴﺔ‪.‬‬ ‫وﺟﻪ آﺧﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬وﻻ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬إذ اﻟﻀﺮورة ٌ‬ ‫ﻋﺪ ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ ّ‬ ‫أن ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﺸـﺮوﻋﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﺒﻞ ّ‬ ‫ﻣﺸـﺮوﻋﻴﺔ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻳﺮى ّ‬ ‫ﺗﻘﻠﺪ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﺮﺗﺒﻄ ﺑﺄﺻﻞ‬ ‫وﻳﻤﻜﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ُ .١١‬‬ ‫ﺻﺤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﺤﻜﻢ ّ‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬ ‫ﻓﺈن ﻋﺪم ﻗﺒﻮﻟﻪ اﻟﻘﻀﺎء ﻳﻜﻮن ﻣﺸﺮوﻋ ‪ .‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ّ‬ ‫ﺗﻌﻴﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻳﺮى ﻋﺪم ّ‬ ‫ﺧﺎﺻﺔ إن ّ‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ؛ ّ‬

‫)‪(٣٩‬‬

‫ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻪ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺑﻨﻔﺴﻪ ‪.‬‬ ‫ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ‪ ،‬وﻳﻘﺎل‪ّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﺘﻠﻪ‪ِ.‬‬ ‫ﻳﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﭬ ﻟﻦ َ‬ ‫ﻳﻌﻠﻢ ﺳﻠﻔ ّ‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﺒﺎرة اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ّ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ‬ ‫وأﻧﻪ ُ ُ‬ ‫ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻘﻀﺎء‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﺮض اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ أن ّ‬ ‫أن اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻛﺎن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ إذاﻋﺔ أو‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺨﻔﻰ‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻬﺬا ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأﻣﺎ ارﺗﺒﺎط ذﻟﻚ ﺑﺪﻋﻢ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴـﻴﻦ ﺑﻦ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺪأت ﺛﻮرة إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ دوﻟﺘﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫دس إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺼـــــﻮر‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﺧﻠﻔﺎء ﺑﻨﻲ ّ‬ ‫ﱟ‬ ‫وأﻧﻪ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ آل ﱟ‬ ‫)‪(٤٠‬‬ ‫ﻗﻤﺔ ﻋﻨﻔﻮان اﻹﻣﺎم أﺑـــــﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ّ‬ ‫واﻟﻔﻘﻬﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ أن‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻲ وﺗﺄﺛﻴــــــﺮه‬ ‫وﺗﻤﻜﻨﻪ‬ ‫اﷲ وأﺧﻴﻪ ﰲ ﻋﺎم ‪ ١٤٥‬ﻫـ ‪ ،‬وذﻟﻚ ﰲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮض اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﺮﺟٍﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ‪ ،‬ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ‪:‬‬ ‫أﻫﻢ اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﲏ‪ّ :‬‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻔﻴﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫أﻫﻢ اﻷﺣﻜﺎم‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻦ ّ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮى ّ‬ ‫‪ّ .١‬‬ ‫ﺳﻴﺠﻨّﺐ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻈﻠﻢ ﻣﺎ دام اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻫﻢ ﻫﻢ‪.‬‬ ‫أن ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﻘﻀﺎء ُ‬ ‫‪ّ .٢‬‬ ‫أﻫﻼ‪ ،‬ﻣﺎ دام ﻳﺮى اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﻋﺪم ﻗﺒﻮﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﺮد وإن ﻛﺎن ً‬ ‫أن ﻣﻦ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻠﻪ أن ّ‬ ‫ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻀﺎء َ ُ‬ ‫ﻣﺸــﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻄﻠﻘ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ُ‬ ‫أن اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٣‬‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫ﻳﺴــﻮغ ﻟﻬﻢ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻈﻠﻤﺔ ُﻳﻌﻄﻴﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻘﻀــﺎء؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺸـﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد‪ ،‬ﺑﻞ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ُ ّ ُ‬ ‫اﻹﻓﺴﺎد ﰲ اﻷرض ﻣﻘﻨّﻨ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﰲ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻋﺼﺮ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﻠﺤﻆ ﻣﺤﺎوﻻت ّ‬ ‫‪ّ .٤‬‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻈﻠﻤﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻟﺠﻤﻊ ﻣﻦ ﻳﺮﺗﻀـﻲ ﻟﻨﻔﺴـﻪ‬ ‫أن اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﺼﻴﻦ ﻧﻔﺴﻪ واﺳﺘﻤﺪاد‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻬﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻳﻘﺒﻞ ﰲ دﻳﻨﻪ ّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ّ .٥‬أﻧﻪ ﻻ ﺗﺠﺐ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ إذا رأى ّ‬ ‫ﻣﻔﺴـــــﺪة ﻃﺎﻋﺔ ذﻟﻚ اﻟﺤﺎﻛﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺼـــــﻠﺤﺘﻬﺎ؛ ﻓﺎﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أﻋﻠﻰ ً‬ ‫رﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ وإن ﻛﺎن‬ ‫أن‬ ‫َ​َ‬ ‫وﺟﻬﻠﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻓﺴﻘﺔ ّ‬ ‫ﻋﺎﻟﻤ ‪ ،‬وﻻ ُﻳﻤﻜﻦ أن ُﻳﻘﺎس ُ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﺣﻜﺎم اﻟﺪوﻟﺘﻴﻦ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم‬ ‫واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻫﻢ ّ‬ ‫اﻷﻣﻮﻳﺔ ّ ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻳﻜﻨّﻲ ّ‬ ‫ﻷن ﺣﻔﻆ ﻧﻔﺴﻪ وﺻﻴﺎﻧﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ﻻ ﻳﻜﻮن ً‬ ‫ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ؛ ّ‬ ‫أﺑﺪا‬ ‫ﻟﻴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ إذا رأى‬ ‫‪ .٦‬إذا ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻮري ُ‬ ‫ﻋﺮض اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻫﻞ ﻟﻪ ﻓﻠﻪ أن ّ‬ ‫ﺑﺮﻛﻮب اﻟﻘﻀﺎء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أن اﻟﻌﺪل ﻻ ﻳﻘﻮم إﻻ ﺑﺎﻟﻔﺼـﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺴـﻠﻄﺎت‪ ،‬وﻳﺒﺪو ّ‬ ‫‪ّ .٧‬‬ ‫ﺗﻬﺪدﲏ أن‬ ‫أن ﻫﺬا ﻛﺎن‬ ‫ﺛﻢ ُ ّ‬ ‫ﻣﻮﺟﻮدا‪ُ ،‬‬ ‫وﻳﺴــﺘﻔﺎد ﻫﺬا ﻣﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻷﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪) :‬وﻟﻮ ّاﺗﺠﻪ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻚ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮﻗﻊ ّأﻧﻪ ﻟﻮ ُ ّ‬ ‫ُﺗﻐﺮﻗﻨﻲ ﰲ اﻟﻔﺮات‪ ( ...‬ﻓﻬﺬا ّ‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ّ‬ ‫وﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻓﻘﺪ ُﻳﺮﻓﻊ إﻟﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا دﻻﻟﺔ ّ ٌ‬ ‫ﺑﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﺼـﺎل اﻟﺴـﻠﻄﺎت ﻋﻦ‬ ‫)‪(٤١‬‬

‫ّ‬ ‫ﺗﻘﺪم اﻋﺘﺒﺎر ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻊ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻊ‬ ‫اﻟﻴﻬﻮدي ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪرع دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﰲ ﺗﺮاﻓﻊ ّ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟﺤﻨﻔﻲ‪) ،‬ت ‪ ١٢٥٢‬ﻫـ( )ط‪ ١٤١٢ ،٢‬ﻫـ ‪ ١٩٩٢-‬م(‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.١/١٦٦ ،‬‬ ‫اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ أﻣﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫)‪ّ (٣٦‬‬ ‫اﻟﺪر اﻟﻤﺨﺘﺎر‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪ّ ،‬‬ ‫رد اﻟﻤﺤﺘﺎر ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٣٧‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ‪.‬‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.٦/٤٠٣ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻗﺎﻳﻤﺎز اﻟﺬﻫﺒﻲ‪) ،‬ت ‪ ٧٤٨‬ﻫـ( )ط‪ ١٤٠٥ ،٣‬ﻫـ ‪ ١٩٨٥ -‬م(‪ّ ،‬‬ ‫)‪ (٣٨‬ﺳﻴﺮ أﻋﻼم اﻟﻨﺒﻼء‪ ،‬ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ّ ،‬‬ ‫)‪ (٣٩‬اﻻﻧﺘﻘﺎء‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪّ‪.١٧٠ ،‬‬ ‫اﻟﻄﱪي‪ ،‬ﻟﻌﺮﻳﺐ ﺑﻦ‬ ‫اﻟﻄﱪي‪) ،‬ت‪ ٣١٠‬ﻫـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٨٧ ،٢‬ﻫـ(‪ ،‬دار اﻟﱰاث‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ .‬وﲠﺎﻣﺸﻪ‪ :‬ﺻﻠﺔ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫اﻵﻣﻠﻲ‪ ،‬أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪،‬‬ ‫ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ‪،‬‬ ‫)‪ (٤٠‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﺳﻞ واﻟﻤﻠﻮك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ )ت‪ ٣٦٩‬ﻫـ(‪.٧/٥١٧ ،‬‬ ‫ﺳﻌﺪ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬اﻟﺸـﻬﻴﺮ ﺑﺎﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‬ ‫اﻟﻘﻴﺴﻲ‪،‬‬ ‫ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ ،‬أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺸﺘﺒﻪ ﰲ ﺿﺒﻂ أﺳﻤﺎء اﻟﺮواة وأﻧﺴﺎﲠﻢ وأﻟﻘﺎﲠﻢ وﻛﻨﺎﻫﻢ‪،‬‬ ‫)‪ُ (٤١‬ﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﺗﻮﺿﻴﺢ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻌﺮﻗﺴﻮﺳﻲ‪) ،‬ط‪١٩٩٣ ١‬م( ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.٨/٢٦ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻧﻌﻴﻢ‬ ‫ت ‪٨٤٢‬ﻫـ‪ ،‬ت‪ّ :‬‬ ‫ّ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪18‬‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ‬ ‫ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪ ،‬وأﺑﺮز اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت‪:‬‬ ‫أﻫﻢ ﻣﺎ ّ‬ ‫وﺳﻨﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ّ‬ ‫أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .١‬‬ ‫ﻳﻘﻮم‬ ‫ﻣﻨﺎزﻋﺘﻪ‬ ‫أن اﻹﻣﺎم رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ﻋﻠﻲ رﺿـﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺠﻪ أن ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫اﺑﺘﺪاء‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ ُ‬ ‫ﻳﻨﺎزع اﻷﻣﺮ أﻫﻠﻪ ً‬ ‫ﻟﻸﻣﻮﻳﻴﻦ إﻻ ﺑﻌﺪ ﺛﻮرة زﻳﺪ ﺑﻦ ﱟ‬ ‫ﺣﻘﻪ أن ّ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ّ‬ ‫ﺗﺄﻳﻴﺪ اﻟﻤﻈﻠﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺎﻟﻢ‪.‬‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻰ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻠﻚ‬ ‫إﻻ َ‬ ‫َﻣﻦ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ّ .٢‬أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ أن ﻳﺘﺎﺑﻊ أﺧﺒﺎر اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ِ ِ‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﻋﺼﺮه ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أﻫﻞ ﱢ‬ ‫اﻹﻣﺎم ُ‬ ‫‪ّ .٣‬‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻌﺮﻓﺔ‬ ‫س ﻓﻬﻢ أوﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺒﻴﻌﺔ وأﻛﺜﺮﻫﻢ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻋﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺜﻖ ﲠﻢ اﻟﻨﺎ ‪,‬‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫أﻫﻞ‬ ‫ﻣﻨﻬﻢ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫واﻟﻌﻘﺪ‬ ‫اﻟﺤﻞ‬ ‫ﻳﺒﺎﻳﻊ‬ ‫أن‬ ‫اﻟﻌﻈﻤﻰ‬ ‫أن ﻣﻦ ﺗﻤﺎم اﻹﻣﺎﻣﺔ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﺸﺮوﻃﻬﺎ‪.‬‬ ‫أن اﻹﻣﺎم أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﭬ ﻟﻢ ﻳﺸﱰك ﻓﻌﻼً ﺑـ)ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻴﻒ(‪ ،‬واﻟﻘﺘﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٤‬‬ ‫ﻳﻠﻮﺛﻬﺎ ﺑﺘﻌﺮﻳﺾ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻜﺎﻧﺘﻪ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺧﺮج ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻦ‬ ‫ﻷﻳﺎم‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻬﻤِﺞ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ﻋﻠﻲ ّ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮﺿـــــﻮن ﻟﻠﺨﺎرﺟﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻨﻜﻴﻞ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ّ‬ ‫ﻳﺮدون اﻟﺨﺎرﺟﻴﻦ‪ ،‬أو ﻟﻸﻣﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ ﺻـــــﻠﺐ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ دم اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﻻ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻜﻴِﻞ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أن اﻹﻣﺎمﭬ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮى ّ‬ ‫‪ّ .٥‬‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ‬ ‫ﺳﻴﺠﻨّﺐ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻈﻠﻢ ﻣﺎ دام اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻫﻢ ﻫﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء ُ‬ ‫أن ﱢ‬ ‫َ‬ ‫‪ّ .٦‬‬ ‫أﻫﻼ‪ ،‬ﻣﺎ دام ﻳﺮى اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﻋﺪم ﻗﺒﻮﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﺮد وإن ﻛﺎن ً‬ ‫أن ﻣﻦ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻠﻪ أن ّ‬ ‫ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻀﺎء َ ُ‬ ‫ﻣﺸــﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻄﻠﻘ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ُ‬ ‫أن اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ّ‬ ‫‪ّ .٧‬‬ ‫ﻳﺼــﻴﺮ‬ ‫ﻳﺴــﻮغ ﻟﻬﻢ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻈﻠﻤﺔ ُﻳﻌﻄﻴﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻘﻀــﺎء؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺸـﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد‪ ،‬ﺑﻞ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ُ ّ ُ‬ ‫اﻹﻓﺴﺎد ﰲ اﻷرض ﻣﻘﻨّﻨ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ّ .٨‬أﻧﻪ ﻻ ﺗﺠﺐ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ إذا رأى ّ‬ ‫ﻣﻔﺴﺪة ﻃﺎﻋﺔ ذﻟﻚ اﻟﺤﺎﻛﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺼـﻠﺤﺘﻬﺎ؛ ﻓﺎﻹﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أﻋﻠﻰ ً‬ ‫رﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ وإن ﻛﺎن‬ ‫أن‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻋﺎﻟﻤ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﺤﻤﺪ ﰲ أﻣﺮ ّ‬ ‫ﺗﺼـﺮﻓﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﻤﻠﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ‬ ‫‪ .٩‬ﻣﺸﺎورة اﻹﻣﺎم ﻷﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫ﻷن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن ﻳﺮى ّأﻧﻬﻤﺎ‬ ‫اﻟﻘﻀﺎء ّ‬ ‫ﺗﻮﺿﺢ ّأﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﺿﻰ ﻋﻦ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺠﺘﻬﺪان‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ رﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ‪ ،‬وﻻ إﻟﺰام ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫أﻫﻢ اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت‪:‬‬ ‫* ّ‬ ‫وﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﻨﻘﻴﺔ اﻷﺣﺪاث ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ‬ ‫اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وإﻋﺎدة ﻗﺮاءة ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ وﻓﻖ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻨﻀــــﺒﻄﺔ‪ ،‬ﺗﺴــــﻤﺢ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﺮواﻳﺎت‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻮرة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‪ ،‬واﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺮأي اﻟﺬي ﺗﺮﻛﻮه‪ ،‬ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﻬﻢ اﻟﻤﻘﺮوء‪ ،‬وﰲ ﻛﻼ‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﻬﻢ‬ ‫وﺳـــﻴﺮﺗﻬﻢ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﻲ‪،‬‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن ﻋﻠﻤﻬﻢ اﻟﻤﻮروث َ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺘﻮﺻــﻴﺔ ﺑﺎﻻﺳــﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﺮاث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﻨﺼﻒ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ آراﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ‬ ‫اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ ّأدت إﻟﻰ ﻃﻤﺲ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﻟﻢ ِ‬ ‫ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ّ‬ ‫ﻣﺬﻫﺒﻪ ﭬ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ‬ ‫أن ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻌﺪاوات‬ ‫ﻧﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻓﻜﺮ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﻠﺤﻜﺎم ﺑﺎﻟﻨﺼـــــﺢ‪ ،‬وأﻇﻬﺮوا‬ ‫اﻟﺴــــﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻟﻴﻦ ﻵل اﻟﺒﻴﺖ ﭫ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻧﺪوا اﻟﺜﻮرات‪ ،‬ووﻗﻔﻮا‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻀــــﺎﻳﺎ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﰲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻌﺮوف‪.‬‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬ ‫وآﺧﺮ دﻋﻮاﻧﺎ أن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪.‬‬ ‫وﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ّ‬

‫‪ 19‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ‬ ‫ ﺍﻟﻘﺮآﻥ ﺍﻟﻜﺮ ﻢ‪.‬‬‫ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ُ ُ‬‫وﻋﺼﺮﻩ‪ ،‬آرﺍﺅﻩ وﻓﻘ ﻪ‪ ،‬ﻟﻺﻣﺎم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺯ ﺮﺓ‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮ ﻲ‪.‬‬ ‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‬ ‫ ﺃﺧﺒﺎر ﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﺃ ﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻟ ﺴ ﻥ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ّ‬‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٣٦‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٥ ٢‬ـ ‪ ،(١٩٨٥-‬ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻤ ّي‪ ،‬ﺍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪ ٦٨٣) ،‬ـ(‪) ،‬ط ‪ ١٣٥٦‬ـ ‪ ١٩٣٧ -‬م(‪،‬‬ ‫ﺍﳌﻮﺻﻠﺲ‪ ،‬ﺍﻟﺒﻠﺪ ‪ ،‬ﻣﺠﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍ‬ ‫ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎر ﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﺍ ﺘﺎر‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﻣﻮﺩوﺩ‬‫ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﺎ ﻲ ﺍ ﻠ ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٣٩٦‬ـ(‪) ،‬ط‪٢٠٠٢ ،١٥‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳ ﻥ‪.‬‬ ‫ ﺍﻷﻋﻼم‪ ،‬ﺧ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﻓﺎرﺱ‪ ،‬ﺍﻟﺰرﻛ ّ ‪،‬‬‫ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﻔﻘ ﺎء‪ ،‬ﻣﺎﻟﻚ وﺍﻟﺸﺎﻓ ّ وﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﭫ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ّ‬ ‫ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎء ﻓﻀﺎﺋﻞ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟ ّ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺍﻟﻨﻤﺮ ّي‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻘﺮﻃ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٦٣‬ـ( ط ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ُ‬ ‫ﺍﻟﺮﺍﺋﻖ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺷﺮﺡ ﻛ ِ ﺍﻟﺪﻗﺎﺋﻖ‪ ،‬ﻟﺰ ﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍ ﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ ﻧﺠﻴﻢ ﺍﳌﺼﺮ ّي )ﺕ ‪ ٩٧٠‬ـ(‪ ،‬ط‪ ،٢‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺒﺤﺮ‬ ‫‬‫ ﺑﺪﺍ ﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎ ﻊ ﺗﺮﺗ ﺐ ﺍﻟﺸﺮﺍ ﻊ‪ ،‬ﻟﻌﻼء ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟ ﺎﺳﺎ ّﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٥٨٧‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٦ ،٢‬ـ ‪١٩٨٦-‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪ ،‬ﺑﺪر ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻴ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٨٥٥‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٠ ،١‬ـ ‪-‬‬ ‫ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴ ﻥ ﺍﻟﻐﻴﺘﺎ ّﻲ ﺍ‬

‫ ﺍﻟﺒﻨﺎﻳﺔ ﻋ ﺍﻟ ﺪﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫‪ ٢٠٠٠‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ ﺗﺎ ﺦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮرﺩي‪ ،‬ﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﻈﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﻦ ﺃ ﻲ ﻓﺎرﺱ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺣﻔﺺ‪ ،‬ﺯ ﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮر ّ‬ ‫ﺩي‪ّ ،‬‬ ‫ﺍﻟﻜﻨﺪي‪) ،‬ط‪ ١٤١٧ ،١‬ـ ‪١٩٩٦ -‬‬ ‫ﺍﳌﻌﺮ ّي‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪.‬‬

‫ ﺗﺎر ﺦ ﺍﻹﺳﻼم وو ّ‬‫ﻓﻴﺎﺕ ﺍﳌﺸﺎ وﺍﻷﻋﻼم‪ ،‬ﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ّ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻗﺎﻳﻤﺎﺯ ﺍﻟﺬ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٧٤٨‬ـ(‪ ،‬ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﻤﺮ ﻋﺒﺪ‬ ‫ﺍﻟﺴﻼم ﺍﻟﺘﺪﻣﺮ ّي‪) ،‬ط‪ ١٤١٣ ،٢‬ـ ‪ ١٩٩٣ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮ ﻲ‪ّ.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪) ،‬ﺍ ﻠﺪ ﺍﻟﺮﺍ ﻊ( ﺍﻟﻌ ﺪ ﺍﻷﻣﻮ ّي‪ ،‬ﻤﻮﺩ ﺷﺎﻛﺮ‪) ،‬ط‪ ١٤٢١ ،٧‬ـ ‪٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬ﺍﳌﻜﺘﺐ‬ ‫ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ‬‫ ﺗﺎر ﺦ ﺍﻟﺮﺳﻞ وﺍﳌﻠﻮك‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮ ﺮ ﺑﻦ ﻳﺰ ﺪ ﺑﻦ ﻛﺜ ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺍﻵﻣ ّ ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻄ ّي‪) ،‬ﺕ‪ ٣١٠‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٨٧ ،٢‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟ ﺍث‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬‫و ﺎﻣﺸﻪ‪ :‬ﺻﻠﺔ ﺗﺎر ﺦ ﺍﻟﻄ ّي‪ ،‬ﻟﻌﺮ ﺐ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﻃ ّ )ﺕ‪ ٣٦٩‬ـ(‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ ﺗﺎر ﺦ ﻐﺪﺍﺩ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣ ّ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩي‪) ،‬ﺕ‪ ٤٦٣‬ـ( )ط‪ ١٤٢٢ ١‬ـ ‪ ٢٠٠٢ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻐﺮﺏ‬ ‫ﺪي ﺍ ﻄﻴﺐ‪،‬‬ ‫ﺑ وﺕ‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﺸﺎر ﻋﻮﺍﺩ ﻣﻌﺮوف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‬ ‫ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﳌﺸ ِ ِﺒﻪ ﺿﺒﻂ ﺃﺳﻤﺎء ﺍﻟﺮوﺍﺓ وﺃ ﺴﺎ ﻢ وﺃﻟﻘﺎ ﻢ وﻛﻨﺎ ﻢ‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺠﺎ ﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻘ ّ ‪،‬‬‫ﺍﻟﺸﺎﻓ ّ ‪ ،‬ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺍﻟﺸ ﺑﺎﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺕ ‪ ٨٤٢‬ـ‪ ،‬ﺕ‪ّ :‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻌﻴﻢ ﺍﻟﻌﺮﻗﺴﻮ ّ ‪) ،‬ط‪١٩٩٣ ،١‬م( ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺬي‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٢٧٩‬ـ(‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﺸﺎر ﻋﻮﺍﺩ ﻣﻌﺮوف‪) ،‬ط‬ ‫ﻣﺬي‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ﺑﻦ َﺳﻮ َرﺓ ﺑﻦ ﺍﻟ ّ ﺎك‪ ،‬ﺍﻟ‬ ‫ ﺍ ﺎﻣﻊ ﺍﻟﻜﺒ ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ ﺳ ﻥ ﺍﻟ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫‪ ١٩٩٨‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻐﺮﺏ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وﺳﻠﻢ وﺳ ﻨﻪ ّ‬ ‫وﺃﻳﺎﻣﻪ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ‪ :‬ﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎر ّي‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ‪،‬‬ ‫ ﺍ ﺎﻣﻊ ﺍﳌﺴﻨﺪ ﺍﻟ ﻴﺢ ﺍ ﺘﺼﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﻮر رﺳﻮل ﷲ ﺻ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ‬‫ّ‬ ‫ﻌﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٢٥٦‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٢ ،١‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر ﻃﻮق ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ‪.‬‬ ‫ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﻟﺒﺨﺎر ّي‪ ،‬ﺍ‬ ‫ ﺟﺎﻣﻊ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ وﻓﻀﻠﻪ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟ ّ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺍﻟﻨﻤﺮ ّي ﺍﻟﻘﺮﻃ ّ ‪) ،‬ﺕ‪ ٤٦٣‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤١٤ ،١‬ـ ‪ ١٩٩٤ -‬م(‪/‬‬ ‫ﺩﺍر ﺍﺑﻦ ﺍ ﻮﺯي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩر ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ ﷲ ﺍﻟﻘﺮ ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍ ﻨﻔﻲ )ﺕ ‪ ٧٧٥‬ـ( ﻃﺮ‪ :‬ﻣ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺘﺐ‬ ‫ﺍﳌﻀﻴﺔ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍ‬ ‫ ﺍ ﻮﺍ ﺮ‬‫ﺧﺎﻧﻪ – ﻛﺮﺍ ‪.‬‬ ‫ ّ‬‫ﺍﻟﺪر ﺍ ﺘﺎر ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻮ ﺮ ﺍﻷﺑﺼﺎر وﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺒﺤﺎر‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٠٨٨‬ـ(‪ ،‬ﺕ‪:‬‬ ‫ﺼﻜﻔﻲ‪ ،‬ﺍ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺍ ﺼ ّ ﺍﳌﻌﺮوف ﻌﻼء ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﺧﻠﻴﻞ ﺇﺑﺮﺍ ﻴﻢ‪) ،‬ط‪ ١٤٢٣ ،١‬ـ‪٢٠٠٢ ،‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪20‬‬

‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺪر ﺍ ﺘﺎر‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٢٥٢‬ـ( )ط‪ ١٤١٢ ،٢‬ـ ‪ ١٩٩٢-‬م(‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‪ ،‬ﺍ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣ ﻥ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰ ﺰ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫ ر ّﺩ ﺍ ﺘﺎر ﻋ‬‫ﺩﺍر ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ ﺳﻠﻢ ﺍﻟﻮﺻﻮل ﺇ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﺤﻮل‪ ،‬ﳌﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴ ّ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎ ّﻲ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑـ ـ ) ﺎﺗﺐ ﺟﻠ ( و )ﺣﺎ ﺧﻠﻴﻔﺔ(‪) ،‬ﺕ ‪ ١٠٦٧‬ـ(‪) ،‬ط‪،١‬‬‫‪ ٢٠١٠‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺇرﺳﻴﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺇﺳﻄﻨﺒﻮل‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩر ﺍﻷرﻧﺎﺅوط‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﺴ ﻥ ﺍﻟﻜ ﻯ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺍ ﺴ ﻥ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﻣﻮ ‪ ،‬ﺍ ُ َ‬‫ﺴﺮ ْوﺟﺮ ّي‪ ،‬ﺍ ﺮﺍﺳﺎ ّﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺒ ّ‬ ‫ﻘﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٥٨‬ـ( )ط‪ ١٤٢٤ ،٣‬ـ ‪ ٢٠٠٣-‬م(‪ .‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﺴ ﻥ ﺍﻟﻮﺍرﺩﺓ ﺍﻟﻔ ﻥ وﻏﻮﺍﺋﻠ ﺎ وﺍﻟﺴﺎﻋﺔ وﺃﺷﺮﺍﻃ ﺎ‪ ،‬ﻟﻌﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺪﺍ ﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٤٤‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤١٦ ،١‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر‬‫ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮ ﺎض‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻗﺎﻳﻤﺎﺯ ﺍﻟﺬ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٧٤٨‬ـ( )ط‪ ١٤٠٥ ،٣‬ـ ‪ ١٩٨٥ -‬م(‪ّ ،‬‬ ‫ ﺳ ﺃﻋﻼم ﺍﻟﻨﺒﻼء‪ ،‬ﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ّ ،‬‬‫ﻣﺆﺳﺴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﺩ َ‬ ‫ ﺷﺬرﺍﺕ ﺍﻟﺬ ﺐ ﺃﺧﺒﺎر ﻣﻦ ﺫ ﺐ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟ ّ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬‫ﺍﻟﻌﻜﺮ ّي‪ ،‬ﺍ ﻨﺒ ّ ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻔﻼﺡ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٠٨٩‬ـ( )ط‪ ١٤٠٦ ،١‬ـ ‪١٩٨٦-‬‬ ‫م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﺑﻦ ﻛﺜ ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ‪.‬‬ ‫ ﺷﺮﺡ ﻣﺸ ﻞ ﺍﻵﺛﺎر‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻷﺯ ّ‬ ‫ﺩي ﺍ ﺮ ّي ﺍﳌﺼﺮ ّي‪ ،‬ﺍﻟﻄﺤﺎو ّي‪) ،‬ﺕ ‪ ٣٢١‬ـ(‪ ،‬ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺷﻌﻴﺐ‬ ‫ﺍﻷرﻧﺎﺅوط‪) ،‬ط‪ ١٤١٥ ١‬ـ ‪ ١٩٩٤-‬م(‪ّ ،‬‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺷﺮﺡ ﺍﻟ ﺪﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ‪ ،‬ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺟﻤﺎل ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮو ّ‬ ‫ﻣﻲ ﺍﻟﺒﺎﺑﺮ ّﻲ )ﺕ‬ ‫‪ ٧٨٦‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻔﻜﺮ‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ ﻓﻜﺮﺓ وﻣ ﺎﺝ‪ّ ،‬‬‫ﻟﺴﻴﺪ ﻗﻄﺐ‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﺸﺮوق‪.‬‬ ‫ ﻟﺴﺎﻥ ﺍ‬‫‪١٩٧٣‬م(‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﺎم ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺣ ﺎم‪،‬ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟ‬

‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﻔﻲ ﺍ ﻠ ّ ‪) ،‬ﺕ‪ ٨٨٢‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٩٣ ،٢‬ـ ‪-‬‬ ‫ﻨﺔ‬

‫َ‬ ‫ ﺍ ﻴﻂ ﺍﻟ ﺎ ّﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎ ّﻲ ﻓﻘﻪ ﺍﻹﻣﺎم ﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ر ﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺍﳌﻌﺎ ﺑﺮ ﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰ ﺰ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻣﺎ َﺯﺓ‪،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﺪي‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮ ﻢ ﺳﺎﻣﻲ ﺍ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ‪ ٦١٦‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٤ ،١‬ـ ‪٢٠٠٤ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ﺍﻟﺒﺨﺎر ّي‪ ،‬ﺍ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺩ‪ .‬ﺻﻼﺡ ﺃﺑﻮ ﺍ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺎﺝ‪ ،‬ﺔ ﻲ ﺩي ﺇف‪ ،‬ﺩوﻥ ﺗﺎر ﺦ ﻃﺒﻊ‪ ،‬ﺃو ﻣ ﺎﻥ‪.‬‬ ‫ ﺍﳌﺪﺧﻞ ﺇ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ُ ﻌﺘ َ ُ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﺩث ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻷ ﻲ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﺃﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻴﺎﻓ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪٧٦٨‬‬ ‫ ﻣﺮآﺓ ﺍ ﻨﺎﻥ وﻋ ﺓ ﺍﻟﻴﻘﻈﺎﻥ‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ـ( )ط‪ ١٤١٧ ،١‬ـ ‪ ١٩٩٧-‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻄ ﺍ ّﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٣٦٠‬ـ(‪ ،‬ط‪ ،٢‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪ ،‬ﺕ‪:‬‬ ‫ّ‪،‬‬

‫ ﺍﳌ ﻢ ﺍﻟﻜﺒ ‪ ،‬ﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻦ ﻣﻄ ‪ ،‬ﺍﻟ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ‪.‬‬ ‫ﺣﻤﺪي‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻴﺜﻢ ﺍﳌﺮوﺍ ّﻲ ﺍﻟﻘﺮ ّ ‪ ،‬ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺍﻷﺻ ﺎ ّﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٣٥٦‬ـ(‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ّ :‬‬ ‫ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴ ﻥ‪ ،‬ﻋ ّ ﺑﻦ ﺍ ﺴ ﻥ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺻﻘﺮ‪،‬‬ ‫ ﻣﻘﺎﺗﻞ‬‫ط‪ ،١‬ﺩﺍر ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟ ﻨﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺪر‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ط‪ ،١‬ﺩﺍﺋﺔ ﺍﳌﻌﺎرف‬ ‫ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎم ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺷ ﺎﺏ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟ ّ ﺍﺯ ﺍﻟﻜﺮﺩر ّي‪ ،‬ﺍ‬‫ﺃﺑﺎﺩ‪ ١٣٢١ ،‬ـ(‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗﺪر ﺴﻪ‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻣﻞ ﱡ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺴﻠ ّ ‪) ،‬ط‪ ١٤٠٨ ،١‬ـ ‪ ١٩٨٨ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻮﻓﺎء‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪.‬‬ ‫ ﻣﻨ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ‬‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﳌﺎﺫﺍ؟ وﻛﻴﻒ؟‪ ،‬ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ ﺍﻟ ﺎﺩي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ ،‬وﺍﻟﺪﻛﺘﻮرﺓ وﻓﺎء ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺘﺎر ﺦ‪ :‬ﻣﻨ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ‬ ‫ ﻧﺤﻮ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻣﻨ‬‫رﻓﻌﺖ ﺟﻤﻌﺔ‪) ،‬ط‪ ١٤١٤ ،٣‬ـ ‪ ١٩٩٤ -‬م(‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺪي‪) ،‬ﺕ ‪ ٧٦٤‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٠ ،١‬ـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺇﺣﻴﺎء ﺍﻟ ﺍث‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﻓﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺃﻳﺒﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ‪،‬‬ ‫ ﺍﻟﻮﺍ‬‫ّ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺧﻠ ﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻟ ﻣ ّﻲ‪ ،‬ﺍﻹر ‪) ،‬ﺕ ‪ ٦٨١‬ـ(‪،‬‬ ‫ وﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ وﺃﻧﺒﺎء ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ‪ ،‬ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍ ﻴﻢ ﺑﻦ ﺃ ﻲ ٍ‬‫ﺩﺍر ﺻﺎﺩر ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫وﺍ ﻤﺪ ﺍﻟﺬي ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ّ‬ ‫ﺗﺘﻢ ﺍﻟﺼﺎ ﺎﺕ‬

‫‪ 21‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ‬ ‫ ﺍﻟﻘﺮآﻥ ﺍﻟﻜﺮ ﻢ‪.‬‬‫ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ُ ُ‬‫وﻋﺼﺮﻩ‪ ،‬آرﺍﺅﻩ وﻓﻘ ﻪ‪ ،‬ﻟﻺﻣﺎم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺯ ﺮﺓ‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮ ﻲ‪.‬‬ ‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‬ ‫ ﺃﺧﺒﺎر ﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﺃ ﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻟ ﺴ ﻥ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ّ‬‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٣٦‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٥ ٢‬ـ ‪ ،(١٩٨٥-‬ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻤ ّي‪ ،‬ﺍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪ ٦٨٣) ،‬ـ(‪) ،‬ط ‪ ١٣٥٦‬ـ ‪ ١٩٣٧ -‬م(‪،‬‬ ‫ﺍﳌﻮﺻﻠﺲ‪ ،‬ﺍﻟﺒﻠﺪ ‪ ،‬ﻣﺠﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍ‬ ‫ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎر ﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﺍ ﺘﺎر‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﻣﻮﺩوﺩ‬‫ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﺎ ﻲ ﺍ ﻠ ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٣٩٦‬ـ(‪) ،‬ط‪٢٠٠٢ ،١٥‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳ ﻥ‪.‬‬ ‫ ﺍﻷﻋﻼم‪ ،‬ﺧ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﻓﺎرﺱ‪ ،‬ﺍﻟﺰرﻛ ّ ‪،‬‬‫ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﻔﻘ ﺎء‪ ،‬ﻣﺎﻟﻚ وﺍﻟﺸﺎﻓ ّ وﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﭫ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ّ‬ ‫ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎء ﻓﻀﺎﺋﻞ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟ ّ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺍﻟﻨﻤﺮ ّي‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻘﺮﻃ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٦٣‬ـ( ط ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ُ‬ ‫ﺍﻟﺮﺍﺋﻖ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺷﺮﺡ ﻛ ِ ﺍﻟﺪﻗﺎﺋﻖ‪ ،‬ﻟﺰ ﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍ ﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ ﻧﺠﻴﻢ ﺍﳌﺼﺮ ّي )ﺕ ‪ ٩٧٠‬ـ(‪ ،‬ط‪ ،٢‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺒﺤﺮ‬ ‫‬‫ ﺑﺪﺍ ﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎ ﻊ ﺗﺮﺗ ﺐ ﺍﻟﺸﺮﺍ ﻊ‪ ،‬ﻟﻌﻼء ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟ ﺎﺳﺎ ّﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٥٨٧‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٠٦ ،٢‬ـ ‪١٩٨٦-‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪ ،‬ﺑﺪر ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻴ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٨٥٥‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٠ ،١‬ـ ‪-‬‬ ‫ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴ ﻥ ﺍﻟﻐﻴﺘﺎ ّﻲ ﺍ‬

‫ ﺍﻟﺒﻨﺎﻳﺔ ﻋ ﺍﻟ ﺪﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫‪ ٢٠٠٠‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ ﺗﺎ ﺦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮرﺩي‪ ،‬ﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﻈﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﻦ ﺃ ﻲ ﻓﺎرﺱ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺣﻔﺺ‪ ،‬ﺯ ﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮر ّ‬ ‫ﺩي‪ّ ،‬‬ ‫ﺍﻟﻜﻨﺪي‪) ،‬ط‪ ١٤١٧ ،١‬ـ ‪١٩٩٦ -‬‬ ‫ﺍﳌﻌﺮ ّي‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪.‬‬

‫ ﺗﺎر ﺦ ﺍﻹﺳﻼم وو ّ‬‫ﻓﻴﺎﺕ ﺍﳌﺸﺎ وﺍﻷﻋﻼم‪ ،‬ﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ّ ،‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻗﺎﻳﻤﺎﺯ ﺍﻟﺬ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٧٤٨‬ـ(‪ ،‬ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﻤﺮ ﻋﺒﺪ‬ ‫ﺍﻟﺴﻼم ﺍﻟﺘﺪﻣﺮ ّي‪) ،‬ط‪ ١٤١٣ ،٢‬ـ ‪ ١٩٩٣ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮ ﻲ‪ّ.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪) ،‬ﺍ ﻠﺪ ﺍﻟﺮﺍ ﻊ( ﺍﻟﻌ ﺪ ﺍﻷﻣﻮ ّي‪ ،‬ﻤﻮﺩ ﺷﺎﻛﺮ‪) ،‬ط‪ ١٤٢١ ،٧‬ـ ‪٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬ﺍﳌﻜﺘﺐ‬ ‫ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ‬‫ ﺗﺎر ﺦ ﺍﻟﺮﺳﻞ وﺍﳌﻠﻮك‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮ ﺮ ﺑﻦ ﻳﺰ ﺪ ﺑﻦ ﻛﺜ ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺍﻵﻣ ّ ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻄ ّي‪) ،‬ﺕ‪ ٣١٠‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٨٧ ،٢‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟ ﺍث‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬‫و ﺎﻣﺸﻪ‪ :‬ﺻﻠﺔ ﺗﺎر ﺦ ﺍﻟﻄ ّي‪ ،‬ﻟﻌﺮ ﺐ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﻃ ّ )ﺕ‪ ٣٦٩‬ـ(‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ ﺗﺎر ﺦ ﻐﺪﺍﺩ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣ ّ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩي‪) ،‬ﺕ‪ ٤٦٣‬ـ( )ط‪ ١٤٢٢ ١‬ـ ‪ ٢٠٠٢ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻐﺮﺏ‬ ‫ﺪي ﺍ ﻄﻴﺐ‪،‬‬ ‫ﺑ وﺕ‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﺸﺎر ﻋﻮﺍﺩ ﻣﻌﺮوف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‬ ‫ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﳌﺸ ِ ِﺒﻪ ﺿﺒﻂ ﺃﺳﻤﺎء ﺍﻟﺮوﺍﺓ وﺃ ﺴﺎ ﻢ وﺃﻟﻘﺎ ﻢ وﻛﻨﺎ ﻢ‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺠﺎ ﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻘ ّ ‪،‬‬‫ﺍﻟﺸﺎﻓ ّ ‪ ،‬ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺍﻟﺸ ﺑﺎﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺕ ‪ ٨٤٢‬ـ‪ ،‬ﺕ‪ّ :‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻌﻴﻢ ﺍﻟﻌﺮﻗﺴﻮ ّ ‪) ،‬ط‪١٩٩٣ ،١‬م( ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺬي‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٢٧٩‬ـ(‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﺸﺎر ﻋﻮﺍﺩ ﻣﻌﺮوف‪) ،‬ط‬ ‫ﻣﺬي‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ﺑﻦ َﺳﻮ َرﺓ ﺑﻦ ﺍﻟ ّ ﺎك‪ ،‬ﺍﻟ‬ ‫ ﺍ ﺎﻣﻊ ﺍﻟﻜﺒ ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ ﺳ ﻥ ﺍﻟ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫‪ ١٩٩٨‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻐﺮﺏ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وﺳﻠﻢ وﺳ ﻨﻪ ّ‬ ‫وﺃﻳﺎﻣﻪ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ‪ :‬ﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎر ّي‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ‪،‬‬ ‫ ﺍ ﺎﻣﻊ ﺍﳌﺴﻨﺪ ﺍﻟ ﻴﺢ ﺍ ﺘﺼﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﻮر رﺳﻮل ﷲ ﺻ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ‬‫ّ‬ ‫ﻌﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٢٥٦‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٢ ،١‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر ﻃﻮق ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ‪.‬‬ ‫ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﻟﺒﺨﺎر ّي‪ ،‬ﺍ‬ ‫ ﺟﺎﻣﻊ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ وﻓﻀﻠﻪ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟ ّ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺍﻟﻨﻤﺮ ّي ﺍﻟﻘﺮﻃ ّ ‪) ،‬ﺕ‪ ٤٦٣‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤١٤ ،١‬ـ ‪ ١٩٩٤ -‬م(‪/‬‬ ‫ﺩﺍر ﺍﺑﻦ ﺍ ﻮﺯي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩر ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ ﷲ ﺍﻟﻘﺮ ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺤ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍ ﻨﻔﻲ )ﺕ ‪ ٧٧٥‬ـ( ﻃﺮ‪ :‬ﻣ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺘﺐ‬ ‫ﺍﳌﻀﻴﺔ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍ‬ ‫ ﺍ ﻮﺍ ﺮ‬‫ﺧﺎﻧﻪ – ﻛﺮﺍ ‪.‬‬ ‫ ّ‬‫ﺍﻟﺪر ﺍ ﺘﺎر ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻮ ﺮ ﺍﻷﺑﺼﺎر وﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺒﺤﺎر‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٠٨٨‬ـ(‪ ،‬ﺕ‪:‬‬ ‫ﺼﻜﻔﻲ‪ ،‬ﺍ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺍ ﺼ ّ ﺍﳌﻌﺮوف ﻌﻼء ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﺧﻠﻴﻞ ﺇﺑﺮﺍ ﻴﻢ‪) ،‬ط‪ ١٤٢٣ ،١‬ـ‪٢٠٠٢ ،‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪20‬‬

‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺪر ﺍ ﺘﺎر‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٢٥٢‬ـ( )ط‪ ١٤١٢ ،٢‬ـ ‪ ١٩٩٢-‬م(‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ‪ ،‬ﺍ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣ ﻥ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰ ﺰ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫ ر ّﺩ ﺍ ﺘﺎر ﻋ‬‫ﺩﺍر ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ ﺳﻠﻢ ﺍﻟﻮﺻﻮل ﺇ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﺤﻮل‪ ،‬ﳌﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴ ّ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎ ّﻲ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺮوف ﺑـ ـ ) ﺎﺗﺐ ﺟﻠ ( و )ﺣﺎ ﺧﻠﻴﻔﺔ(‪) ،‬ﺕ ‪ ١٠٦٧‬ـ(‪) ،‬ط‪،١‬‬‫‪ ٢٠١٠‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺇرﺳﻴﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺇﺳﻄﻨﺒﻮل‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩر ﺍﻷرﻧﺎﺅوط‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﺴ ﻥ ﺍﻟﻜ ﻯ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺍ ﺴ ﻥ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﻣﻮ ‪ ،‬ﺍ ُ َ‬‫ﺴﺮ ْوﺟﺮ ّي‪ ،‬ﺍ ﺮﺍﺳﺎ ّﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺒ ّ‬ ‫ﻘﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٥٨‬ـ( )ط‪ ١٤٢٤ ،٣‬ـ ‪ ٢٠٠٣-‬م(‪ .‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﺴ ﻥ ﺍﻟﻮﺍرﺩﺓ ﺍﻟﻔ ﻥ وﻏﻮﺍﺋﻠ ﺎ وﺍﻟﺴﺎﻋﺔ وﺃﺷﺮﺍﻃ ﺎ‪ ،‬ﻟﻌﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺪﺍ ﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٤٤٤‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤١٦ ،١‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر‬‫ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮ ﺎض‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻗﺎﻳﻤﺎﺯ ﺍﻟﺬ ‪) ،‬ﺕ ‪ ٧٤٨‬ـ( )ط‪ ١٤٠٥ ،٣‬ـ ‪ ١٩٨٥ -‬م(‪ّ ،‬‬ ‫ ﺳ ﺃﻋﻼم ﺍﻟﻨﺒﻼء‪ ،‬ﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ّ ،‬‬‫ﻣﺆﺳﺴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﺩ َ‬ ‫ ﺷﺬرﺍﺕ ﺍﻟﺬ ﺐ ﺃﺧﺒﺎر ﻣﻦ ﺫ ﺐ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟ ّ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬‫ﺍﻟﻌﻜﺮ ّي‪ ،‬ﺍ ﻨﺒ ّ ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻔﻼﺡ‪) ،‬ﺕ ‪ ١٠٨٩‬ـ( )ط‪ ١٤٠٦ ،١‬ـ ‪١٩٨٦-‬‬ ‫م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﺑﻦ ﻛﺜ ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ‪.‬‬ ‫ ﺷﺮﺡ ﻣﺸ ﻞ ﺍﻵﺛﺎر‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻷﺯ ّ‬ ‫ﺩي ﺍ ﺮ ّي ﺍﳌﺼﺮ ّي‪ ،‬ﺍﻟﻄﺤﺎو ّي‪) ،‬ﺕ ‪ ٣٢١‬ـ(‪ ،‬ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺷﻌﻴﺐ‬ ‫ﺍﻷرﻧﺎﺅوط‪) ،‬ط‪ ١٤١٥ ١‬ـ ‪ ١٩٩٤-‬م(‪ّ ،‬‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺷﺮﺡ ﺍﻟ ﺪﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ‪ ،‬ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺟﻤﺎل ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮو ّ‬ ‫ﻣﻲ ﺍﻟﺒﺎﺑﺮ ّﻲ )ﺕ‬ ‫‪ ٧٨٦‬ـ(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻔﻜﺮ‪.‬‬ ‫ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ ﻓﻜﺮﺓ وﻣ ﺎﺝ‪ّ ،‬‬‫ﻟﺴﻴﺪ ﻗﻄﺐ‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﺸﺮوق‪.‬‬ ‫ ﻟﺴﺎﻥ ﺍ‬‫‪١٩٧٣‬م(‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﺎم ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺣ ﺎم‪،‬ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟ‬

‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﻔﻲ ﺍ ﻠ ّ ‪) ،‬ﺕ‪ ٨٨٢‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٣٩٣ ،٢‬ـ ‪-‬‬ ‫ﻨﺔ‬

‫َ‬ ‫ ﺍ ﻴﻂ ﺍﻟ ﺎ ّﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎ ّﻲ ﻓﻘﻪ ﺍﻹﻣﺎم ﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ر ﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺍﳌﻌﺎ ﺑﺮ ﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰ ﺰ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻣﺎ َﺯﺓ‪،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻨﺪي‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪ ،‬ﺕ‪ :‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮ ﻢ ﺳﺎﻣﻲ ﺍ‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ﺕ‪ ٦١٦‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٤ ،١‬ـ ‪٢٠٠٤ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ‬ ‫ﺍﻟﺒﺨﺎر ّي‪ ،‬ﺍ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺩ‪ .‬ﺻﻼﺡ ﺃﺑﻮ ﺍ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺎﺝ‪ ،‬ﺔ ﻲ ﺩي ﺇف‪ ،‬ﺩوﻥ ﺗﺎر ﺦ ﻃﺒﻊ‪ ،‬ﺃو ﻣ ﺎﻥ‪.‬‬ ‫ ﺍﳌﺪﺧﻞ ﺇ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ُ ﻌﺘ َ ُ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﺩث ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻷ ﻲ ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﺃﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋ ّ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻴﺎﻓ ّ ‪) ،‬ﺕ ‪٧٦٨‬‬ ‫ ﻣﺮآﺓ ﺍ ﻨﺎﻥ وﻋ ﺓ ﺍﻟﻴﻘﻈﺎﻥ‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ـ( )ط‪ ١٤١٧ ،١‬ـ ‪ ١٩٩٧-‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ‪ ،‬ﺃ ﻲ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻄ ﺍ ّﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٣٦٠‬ـ(‪ ،‬ط‪ ،٢‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪ ،‬ﺕ‪:‬‬ ‫ّ‪،‬‬

‫ ﺍﳌ ﻢ ﺍﻟﻜﺒ ‪ ،‬ﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻦ ﻣﻄ ‪ ،‬ﺍﻟ‬‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ‪.‬‬ ‫ﺣﻤﺪي‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻴﺜﻢ ﺍﳌﺮوﺍ ّﻲ ﺍﻟﻘﺮ ّ ‪ ،‬ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺍﻷﺻ ﺎ ّﻲ‪) ،‬ﺕ ‪ ٣٥٦‬ـ(‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ّ :‬‬ ‫ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴ ﻥ‪ ،‬ﻋ ّ ﺑﻦ ﺍ ﺴ ﻥ ﺑﻦ ّ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺻﻘﺮ‪،‬‬ ‫ ﻣﻘﺎﺗﻞ‬‫ط‪ ،١‬ﺩﺍر ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟ ﻨﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺪر‬ ‫ﻨﻔﻲ‪) ،‬ط‪ ،١‬ﺩﺍﺋﺔ ﺍﳌﻌﺎرف‬ ‫ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺃ ﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎم ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺷ ﺎﺏ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟ ّ ﺍﺯ ﺍﻟﻜﺮﺩر ّي‪ ،‬ﺍ‬‫ﺃﺑﺎﺩ‪ ١٣٢١ ،‬ـ(‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗﺪر ﺴﻪ‪ّ ،‬ﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻣﻞ ﱡ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺴﻠ ّ ‪) ،‬ط‪ ١٤٠٨ ،١‬ـ ‪ ١٩٨٨ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺍﻟﻮﻓﺎء‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪.‬‬ ‫ ﻣﻨ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ‬‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﳌﺎﺫﺍ؟ وﻛﻴﻒ؟‪ ،‬ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ ﺍﻟ ﺎﺩي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ ،‬وﺍﻟﺪﻛﺘﻮرﺓ وﻓﺎء ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺘﺎر ﺦ‪ :‬ﻣﻨ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎر ﺦ‬ ‫ ﻧﺤﻮ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻣﻨ‬‫رﻓﻌﺖ ﺟﻤﻌﺔ‪) ،‬ط‪ ١٤١٤ ،٣‬ـ ‪ ١٩٩٤ -‬م(‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺪي‪) ،‬ﺕ ‪ ٧٦٤‬ـ(‪) ،‬ط‪ ١٤٢٠ ،١‬ـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م(‪ ،‬ﺩﺍر ﺇﺣﻴﺎء ﺍﻟ ﺍث‪ ،‬ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﻓﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺃﻳﺒﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ‪،‬‬ ‫ ﺍﻟﻮﺍ‬‫ّ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺧﻠ ﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻟ ﻣ ّﻲ‪ ،‬ﺍﻹر ‪) ،‬ﺕ ‪ ٦٨١‬ـ(‪،‬‬ ‫ وﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ وﺃﻧﺒﺎء ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻷ ﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ‪ ،‬ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍ ﻴﻢ ﺑﻦ ﺃ ﻲ ٍ‬‫ﺩﺍر ﺻﺎﺩر ﺑ وﺕ‪.‬‬ ‫وﺍ ﻤﺪ ﺍﻟﺬي ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ّ‬ ‫ﺗﺘﻢ ﺍﻟﺼﺎ ﺎﺕ‬

‫‪ 21‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻧﻌﻢ إن ﻣﻘﺘﻀــــﻰ ﺣﻔﻆ اﻟﺸـــــﺮﻳﻌﺔ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ أن‬ ‫َ​َْ‬

‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺃﺧﻄﺎء ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‬ ‫ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬

‫ﺳﺪ ﺑﺎب‬ ‫ﻳﻜﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﻛﻞ ﻋﺼــــــــــﺮ ﻓﺮض ﻛﻔﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺲ وراء ﱢ‬ ‫واﻟﺘﻮاﻛﻞ وﺗﻌﻄﻴﻞ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ؛ ﻓﻠﻦ ﺗﺨﻠﻮ اﻷرض‬ ‫اﻟﺪﻋﺔ ﱠ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﺳﻮى ﱠ َ‬ ‫ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻢ ﷲ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ ﰲ ﻛﻞ وﻗﺖ وﻋﻬﺪ‪ ،‬وإﻧﻪ َﻟﻴﻠـــــــﺰم ﻋﻦ ﺧﻠﻮﻫﺎ ﻣﻦ‬

‫ﺩ‪ .‬ﻋﺒﺪ ﺍ ﻮﺍﺩ ﻣﺤﻤﺪ ﺍ ﺮﺩﺍﻥ‬ ‫ﻣﺪ‪‬ﺭﺱ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻮﺗﺠﻮ ﺇﻣﺎﻡ )ﻛﻬﺮﻣﺎﻥ ﻣﺮﻋﺶ(‬

‫ﻣﺠﺘﻬﺪ اﺟﺘﻤﺎع اﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺘﺸـﺎﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻜﻢ‪،‬‬ ‫ﺑﺮد‬ ‫ﺗﻤﺘﺎز ﻋﻬﻮد اﻻزدﻫﺎر اﻟﻔﻘﻬﻲ واﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﻨﻀﺒﻂ ﺑﺸﺮوﻃﻪ‪ ،‬ﱢ‬

‫)‪(٤‬‬

‫ً‬ ‫ودﻳﺎﻧﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻲ ﻣﻦ‬ ‫ﻗﻀــــــــــﺎء‬ ‫أﻋﻤﺎل اﻟﻘﻠﻮب وأﻓﻌﺎل اﻟﺠﻮارح ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ً‬ ‫أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ َ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠُﻖ ﺑﻪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸــــــــﺮﻋﻲ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ َ‬ ‫وﺗﺜﺒﺖ أﺣﻜﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺸــــــــﻬﻮد واﻷدﻟﺔ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱡ‬

‫ُ‬ ‫وﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼـــــــــﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أو ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺺ وﻓﻘﻪ‬ ‫ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل‬ ‫ُ‬

‫اﻟﺒﺎﻃﻦ‪.‬‬ ‫اﻟﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ﻋﻘﺎﺋﺪي ﻻ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﻠﻤ إﻻ‬ ‫واﻟﻘﺮاﺋﻦ‪ ،‬وﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻤﻲ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻮاﻗﻊ أو ﺗﺨــــــــــﺮﻳﺞ اﻟﻤﻨﺎط وﺗﻨﻘﻴﺤﻪ ﻓﺘﺤﻘﻴﻘﻪ؛ وﻣﻦ أﻣﻌﻦ وﺟﺪ أن‬ ‫ﺿـــﻴﺎع اﻟﻤﻔﺘﺎح أو إﺧﻔﺎءه أو َ ْﺛﻠﻤﻪ ﻫﻲ َ َ ِ‬ ‫اﻷﺛﺎﻓﻲ اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫واﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ إن ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﺆﺳﺴــــــــﺔ‬ ‫وﺟﺪ‬ ‫ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻹﻓﺘﺎء‬ ‫وﻟﻤﺎ ْ‬ ‫ّ‬

‫اﻃﺮد‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪود ﰲ اﻟﻤﺘﺸـﺎﲠﺎت اﻟﺘﻲ ُ ﱠﻳﺘﻘﻰ اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ؛ ﻷن اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ‬

‫ُ‬ ‫اﻟﻌﺎم وﺳﻼِح‬ ‫اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ‪ ،‬وﺻﺎر أﻛﺜﺮه ﻣﺤﻜﻮﻣ ﺑﺴــــﻄﻮة اﻹﻋﻼم واﻟﺮأي ّ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻔﺾ إﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﻣﻌﺎرﺿــــــﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻷﺻـــــــﻮل اﻟﻤﻘﺮرة واﻟﻘﻮاﻋﺪ‬

‫ِ‬ ‫ﺑﺎﻃﻠﺔ ﺗﺮﻛﺖ ً‬ ‫ٌ‬ ‫آﺛﺎرا‬ ‫وأﺧﺮى‬ ‫أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﻮاﺣﺪ‪ ،‬ﻇﻬﺮت ﻓﺘﺎوى ﱠ ٌ‬ ‫ﺷـﺎذة ُ ْ َ‬

‫اﻟﻤﻄﺮدة‪ ،‬وأم اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻌﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ اﻷﺻـــﻮل اﻻﻋﺘﻘﺎدﻳﺔ أو اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ؛ إذ‬

‫اﻟﻤﺴــــــــــــــﻴﺲ‪،‬‬ ‫اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻔﺮدي‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺰﻳﻒ‪ ،‬أو اﻻﺟﺘﻬﺎد َ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺨﺘﺰل ﰲ ِﻋﻤﺎﻳﺔ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أدﻋﻴﺎء ِ‬ ‫واﻟﻤﻠﻚ‪ ،‬اﻟﻤﻐﺘﺼــــــﺒﻴﻦ ﻟﻤﻘﺎم أوﻟﻲ‬ ‫اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ‬

‫أﻋﻢ‬ ‫ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺠﻬﻠﻬﺎ أﺣﺪ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ‬ ‫أﺿــــﺮ ﺑﺎﻟﻔﺮد واﻷﺳــــﺮة‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ َ َ ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻟﻮﺣﻆ أﺛﺮه ِﻓﻲ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻷﻣﺔ اﻹﺳــــﻼﻣﻴﺔ ﺑﻞ ِﻓﻲ ِ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ؛ وﻫﺬا ﻧﺘﺎج ﱠ‬ ‫ﻣﺘﻮﻗﻊ‬ ‫ُ َ ُ​ُ‬ ‫ﱠ‬

‫ُ‬ ‫اﻟﺴـــــﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﰲ أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب ذﻟﻚ وﻻ‬ ‫ﻟﻢ ﻳﺨﺺ‬ ‫ُ‬

‫اﻷﻣﺮ‪...‬‬

‫ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﰲ أﺻﻞ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل اﻻﻋﺘﻘﺎدﻳﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻻ َ ْ ُ ُ‬

‫وﻟﺪى ﻧﺼـﺐ ﻣﻴﺰان اﻻﺟﺘﻬﺎد ﺑﻀـﻮاﺑﻄﻪ ووﺿﻊ أدﻋﻴﺎﺋﻪ اﻟﻴﻮم ﰲ‬ ‫ﻛﻔﺔ ُ ّ‬ ‫ﻛﻔﺘﻴﻪ ﺗﻄﻴﺶ ِ ﱠ‬ ‫إﺣﺪى ِ ﱠ‬ ‫اﻟﺘﻔﺮد‬ ‫ﻣﺘﻮرﻋ ﻋﻦ ﱡ‬ ‫ﺟﻠﻬﻢ‪ ،‬وﻳﺒﻘــــﻰ ﺟﻠﻴﻠﻬﻢ ﱢ‬ ‫ﻣﺠﺰأٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﻤﺎﻋﻲ ﱠ‬ ‫ﺑﻪ؛ ﺑﻞ ﻳﺴـﻌﻰ ﻫﻮ وأﻫﻞ اﻟﻨﱠﺼـﻔﺔ ﻣﻦ أﻣﺜﺎﻟﻪ ﻧﺤﻮ اﺟﺘﻬﺎد َ َ ﱟ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺴـــــﻴﺲ‪ ،‬اﻟﺬي‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎدي‬ ‫اﻟﻤﺠﻤﻊ‬ ‫ﱠ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺨﺼﺼﻲ‪ ،‬ﻻ ُﺗﺼـــــﻴﺒﻪ ﻟﻮﺛﺔ ْ َ ْ َ‬ ‫ﱡ ﱟ‬

‫ﻻﻧﻘﻼب ﻣﻮازﻳﻦ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﺼﺮ ازدﻫﺎره‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫اﺳـــﺘﺒﺪال‬ ‫واﻟﺴﻮداوﻳﺔ‪:‬‬ ‫واﻟﻤﻼﺣﻆ ﰲ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺮﺳــﻤﻴﺔ واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﱠ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وﺷـــــﻮاذ ال آراء ﺑﻤﺎ ُﻧﻘﻞ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﺑﺎﻷﺻـــــﻮل‬ ‫ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺎت واﻟﻔﺮوِع‬ ‫اﻟﺠﺰﺋﻴﺎت‬ ‫ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫واﻟﻤﺘﺸـــــﺎﺑﻪ ﱠ‬ ‫اﻟﻈﻨﱢﻲ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫وإﺣﻼل ﱠ‬ ‫إﺟﻤﺎع‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻞ اﻟﻤﺤﻜﻢ؛ وﻣﺎ‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻲ‬ ‫ﻣﺤﻞ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وﺗﻮﻫﻢ ﺑﻠﻮِغ درﺟﺔ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ إِ ﱠﻻ‬ ‫اﻟﺠﻬﻞ ﺑﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﱡ‬ ‫أزاغ َ ُ‬ ‫ﺑﺎﺳﺘﻌﺠﺎل ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬وأﺻﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺴـــــــــﻢ ﻣﺬﻛﻮر ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬ ‫أﻧﺰل َ َ َ ِ‬ ‫﴿ُ ِ‬ ‫ﻫﻦ ُ ﱡأم ْ ِ َ ِ‬ ‫اﻟﻜﺘـــﺎب‬ ‫آﻳــﺎت ُ ْ َ َ ٌ‬ ‫اﻟﻜﺘــﺎب ﻣِﻨ ُْﻪ َ ٌ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤــﺎت ُ ﱠ‬ ‫ﻋﻠﻴﻚ ْ َ َ‬ ‫ﻫﻮ ﱠاﻟﺬي َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎت﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪،[٧ :‬‬ ‫وأﺧﺮ ُ َ َ ِ َ ٌ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻣِﻨْﻪ‪ِ َ ِ َ ُ َ ،‬‬ ‫وﰲ اﻟﺼــــﺤﻴﺢ‪َ ِ » :‬إذا َ ُ ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ ﱠ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ﱠ َ‬ ‫رأﻳﺘﻢ ﱠ َ‬ ‫ﻳﺘﺒﻌﻮن َﻣﺎ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫)‪(١‬‬

‫ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﻓﺎﺣﺬروﻫﻢ « ‪ ،‬واﻟﺘﺸـــﺎﺑﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن ﻻ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﻤﺎ ﱠ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ُ ُ ْ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫ﺳﻤﻰ ُ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﻤﻮﻫﻤﺔ ﻟﻠﺘﺸـــــﺒﻴﻪ‪ . .‬إذ إن اﺟﺘﻬﺎدﻫﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ‬ ‫ﻋﻠﻢ ﻟﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻣﻘﺘﻀــــــــﻰ اﻵﻳﺔ؛ إذ ﻻ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺤﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ إذا ﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ أﺻﻞ ﻣﻄﺮد ﰲ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﻘﺮر واﺿﺢ ﰲ‬ ‫ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎء ‪ -‬ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﺿﻊ ﻓﻴﻬﺎ ‪ -‬ﻣﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻇﺎﻫﺮه ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻣﺎ‬

‫)‪(٢‬‬

‫ﰲ ﻫﺪم اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺸــــــــــــــــﺮﻋﻴﺔ ‪ .‬ﻫﺬا‪ ،‬وﻟﺪى ﺗﻘﻮﻳﻢ وﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﻔﺘﺎوى‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻــﺮة ودﻋﺎوى اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﺿـــﻮء ﻋﻠﻢ اﻷﺻـــﻮل ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻮﻗﻮف‬ ‫ﻋﻠﻰ أﻣﺮﻳﻦ‪:‬‬ ‫وﻣﺪى َ َ ﱢ‬ ‫ﺗﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻲ أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﲠﺎ‪.‬‬ ‫أ ﺷﺮوط اﻻﺟﺘﻬﺎد َ‬ ‫ب ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻛﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل واﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻮى‬

‫اﻟﻤﺪﺟﻦ اﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ‬ ‫اﻟﺮﺳـــــﻤﻲ أو‬ ‫ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺮﺿـــــﺎ اﻟﻤﻠﻮك‪ ،‬أو‬ ‫ﱠ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺸﺮﻳﻊ ﱢ‬ ‫وﻣﺴـﺎﻳﺮة أﻫﻮاء اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫ﻛﻞ دﺧﻴٍﻞ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺒﺪﻳﻞ‪ ،‬واﻟﺬي ﻳﺴﺘﻬﺪ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫وﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ وﺗﻘﻮﻳﻤﻬﺎ ﰲ ﺿﻮء ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻴﺎت‪.‬‬

‫ﻛﻠﻪ أو ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺟﻠﻪ‪.‬‬

‫)أ(‬

‫وﻣﻦ ﺧﻼل أﺑﻌﺎد ﻫﺬه اﻟﺼــــــــــﻮرة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮى واﻻﺟﺘﻬﺎد‬

‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺮﺳﻤﻲ أو‬ ‫اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﺪى أﻫﻠﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ‬ ‫إن ﻣﻦ ﻓﻀــــــــــﻮل اﻟﻨﱠﻈﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد َ ْ‬ ‫وﻓﻘ ﻟﺸــــــــــــﺮوﻃﻪ اﻟﺘﻲ ﺿﺒﻄﻬﺎ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻲ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺿﺒﻄ ﺑﺎﻟﻐ َ‬ ‫ﻓﺴﺪ ﺑﺎب اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫ﺑﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻮﻣ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻻ ﻣﻦ ﺣــﻴﺚ إﻣﻜﺎن اﻟﻮﻗﻮع ﻻﻋــﺘﻘﺎده أن ﻻ َ‬ ‫ﺑﻌﺪ‬ ‫ﻃﺎﻗﺔ‬ ‫ﻷﺣﺪ ﻣﻤﻦ ﺟﺎؤوا ُ‬

‫ﻒ أﻫﻢ اﻟﻀــﻮاﺑﻂ اﻟﻨﺎﻗﺪة‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻨﺎﻇﺮ ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻛﺸـ ُ‬ ‫واﻗﱰاح اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﰲ ﺿــﻮء‬ ‫ﻷﺑﺮز أﺷـﻜﺎل ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ وآﺛﺎره‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﺴـــــــــــــــﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺄﻣﻮل ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد واﻟﻔﺘﻮى وﺣﻴﺜﻴﺎﲥﻤﺎ اﻟﻤﻨﻈﻮرة‬ ‫ﻋﻠﻤﻲ اﻷﺻــــﻮل واﻟﻘﻮاﻋﺪ‬ ‫واﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ‪ ،‬وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻛﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ َ‬

‫)‪(٣‬‬

‫إﺣﺎﻃﺔ ﱡ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻤﻜﻦ‬ ‫اﻟﺸـــﺮع‬ ‫ﺑﺸــﺮوﻃﻪ اﻟﺸـــﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ واﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻤﺪارك‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻘﻬ َ‬ ‫وﺑﺎﻟﻮاﻗﻌﺔ ِ ْ‬ ‫ً‬ ‫دﻋﺎﺋﻤﻪ‬ ‫اﻟﺴــــﺪ‬ ‫ْﺰﻳﻼ‪ ،‬وﻟﻬﺬا‬ ‫وﻣﻮازﻧﺔ‬ ‫إﺛﺒﺎﺗ واﺳﺘﻨﺒﺎﻃ‬ ‫ﱢ‬ ‫وﺗﻨ ِ ْ ً‬ ‫ُ​ُ‬ ‫اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ وآﺧﺮون وﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﱟﻖ‪.‬‬ ‫وإن ﻓﻨﱠﺪه‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‬ ‫ودرء‬ ‫)‪ُ ْ َ (١‬‬ ‫ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟِﺢ َ ْ ُ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺼــﺎﻟﺢ إﻣﺎ ﺗﺪرأ ﻣﻔﺎﺳﺪ أو ﺗﺠﻠﺐ ﻣﺼــﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻓﺈذا‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا﴾ ]اﻟﺒﻘﺮة‪[١٠٤ :‬؛ ﻓﺘﺄﻣﻞ‬ ‫أﻳﻬﺎ ﱠ ْ َ‬ ‫ﺳــــــــﻤﻌﺖ اﷲ ﻳﻘﻮل‪َ ﴿ :‬ﻳﺎ َ ﱡ َ‬ ‫وﺻـﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﻧﺪاﺋﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺠﺪ إﻻ ﺧﻴﺮا ﻳﺤﺜﻚ ﻋﻠﻴﻪ أو ﺷـﺮا ﻳﺰﺟﺮك ﻋﻨﻪ‪،‬‬

‫واﻹﺟﻤﺎع ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠـــﻰ أن ذﻟﻚ ﻣﻤﺘﻨﻊ‪ ،‬وﻋﻠـــﻰ ذﻟﻚ ﺗﻈﺎﻫــــﺮت‬ ‫ٍ‬ ‫ﻷﺣﺪ أن ِ‬ ‫ﻟﻜﻦ ﻟﻜﻞ ٍ‬ ‫ﺑﺎب‬ ‫اﻟﻨﺼــــــــﻮص‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ‬ ‫ﻓﺘﺤﻪ ٌ‬ ‫ﻓﺮض ْ‬ ‫ﻳﻐﻠﻖ ﺑﺎﺑ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وﺷـــﺮوﻃﻪ‪:‬‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫أﺳــﻨﺎن أﺑﺮزﻫﺎ وأﻫﻤﻬﺎ ﰲ‬ ‫ﻣﻔﺘﺎح‪ ،‬وﻟﻜﻞ ﻣﻔﺘﺎٍح‬

‫اﻟﻜﻠﻴﺎت‪ ،‬واﻟﻔﺮوع إﻟﻰ اﻷﺻﻮل‪ ،‬وﺑﺎﻟﻔﺼـــــﻞ ﺑﻴﻦ‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت‪،‬‬ ‫واﻟﻈﻨﱢﻴﺎت إﻟﻰ‬ ‫واﻟﺠﺰﺋﻴﺎت إﻟﻰ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ّ‬

‫)ب(‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻮى ﰲ ﺿــــــــﻮء ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻴﺎت‬

‫)‪(٥‬‬

‫ﻣﻘﺪم ﻋﻠــﻰ اﻟﺠﻠﺐ ﻋﻤﻮﻣ ‪،‬‬ ‫أو ﺟﻤﻌﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺚ واﻟـﺰﺟــﺮ واﻟﺪرء ﱠ‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﱠ‬ ‫وﰲ اﻟﺸـــــــــــﺮاﺋﻊ ّ‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﻔﻆ اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺨﻤﺲ ﺑﻤﺮاﺗﺒﻬﺎ‬ ‫اﻟﻀـﺮورﻳﺔ واﻟﺤﺎﺟﻴﺔ واﻟﺘﺤﺴــﻴﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻌﺪم أي ﻣﻦ‬ ‫ﺟﻬﺔ ﺟﻠﺐ ﻣﺼــﺎﻟﺤﻬﺎ ودرء ﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻫﺬا ّ‬ ‫ﻣﺤﻞ اﺗﻔﺎق‪ ،‬وﻫﻮ رﻛﻦ‬ ‫ﻓﺜﻢ‬ ‫أﺻﻴﻞ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻹﻓﺘﺎء؛ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺣﻴﺜﻤﺎ ُ ِ َ‬ ‫وﺟﺪت اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ َ ﱠ‬ ‫ﺷﺮع اﷲ‪ ،‬ﻟﻜﻦ إذا وﺻﻞ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺼــــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ وﻗﻊ‬ ‫اﻟﺨﻼف‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ُ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻨﻔﻌﺔ‬ ‫وﻋﺪ ﻫﺬا اﻟﺸــــﻲء‬ ‫ﻃﺮق ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﺼـــﻠﺤﺔ ﱡ‬ ‫اﻟﻌﻘﻞ أم ُ‬ ‫ﻣﻔﺴﺪة‪ُ :‬‬ ‫واﻟﻌﺎدة؟‬ ‫ف‬ ‫اﻟﻄﺒﺎع‬ ‫اﻟﻨﻘﻞ أم‬ ‫وذاك‬ ‫واﻟﻐﺮاﺋﺰ أم اﻟﻌﺮ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﻮﺿﻌﻲ‪ ،‬وﻣﺬﻫﺐ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎوي‬ ‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎﺻﺪي‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻣﺎل اﻟﻔﻴﻠﺴـﻮف أو‬ ‫اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﻠﻤﻨﻔﻌﺔ أو اﻟﻤﺼـــــــﻠﺤﺔ إﻟﻰ ﻣﻘﺘﻀـــــــﻰ اﻟﻄﺒﺎع‬ ‫ً‬ ‫وﻋﺪﻫﺎ ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ ُﺗﺒﻨَﻰ‬ ‫واﻟﻐﺮاﺋﺰ واﻷﻫﻮاء ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠـــــﻰ‬ ‫وﻗﺪم‬ ‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠـــــﻰ ّ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﱠ َ‬ ‫أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﺸــــﺮﻳﻊ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﺴـــــﻤﺎوي؛‬ ‫اﻷﺧﺮوﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎن َ‬ ‫ﻗﺪر اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻌﻘﻞ واﻷﺧﺮوﻳﺔ‬ ‫وﻛﻠﻤﺎ ﱠ َ‬ ‫اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن أﻗﺮب إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬ ‫وﻗﺪم اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ُ ْ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺿــﻮء اﻟﻨﻘﻞ‪ ،‬ﱠ َ‬ ‫ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـﺮع واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻴﺎﲥﺎ اﻟﺨﻤﺲ ﺑﻤﺮاﺗﺒﻬﺎ اﻟﺜﻼث؛ ْ‬ ‫إذ‬ ‫إ ﱠن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺼـــــﺎﻟﺢ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ ﻣﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻌﻈﻢ‬ ‫اﻟﺸﺮاﺋﻊ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﺼـﺎﻟﺢ اﻵﺧﺮة وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ ﻓﻼ ﺗﻌﺮف إﻻ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ‪ ،‬وﻣﻦ‬ ‫أراد أن ﻳﻌﺮف اﻟﻤﺘﻨﺎﺳﺒﺎت واﻟﻤﺼــــــــــــــــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ راﺟﺤﻬﻤﺎ‬ ‫وﻣﺮﺟﻮﺣﻬﻤﺎ ﻓﻠﻴﻌﺮض ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻪ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ أن اﻟﺸــــﺮع ﻟﻢ ﻳﺮد ﺑﻪ‪،‬‬ ‫ﺛﻢ ﻳﺒﻨـــﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻜﺎد ﺣﻜﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺨــــﺮج ﻋﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﻣﺎ‬

‫ﻛﺎﻵﰐ‪:‬‬ ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫)‪ (٤‬ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺟﻼل ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ‪ :‬ﺍﻟﺮﺩ ﻋ ﻣﻦ ﺃﺧﻠﺪ ﺇ ﺍﻷرض وﺟ ﻞ ﺃﻥ ﺍﻻﺟ ﺎﺩ‬

‫ﻋﺼﺮ ﻓﺮض‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻳ ﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪ ،‬وﻓﻴﻪ ﱠﺃﻥ ﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻮ ﻗﻄﺮ ﺑﺤﺪوﺩ ﻣﺴﺎﻓﺔ‬ ‫ﻞ‬ ‫ٍ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻘﺮآن‪.(٢٠٥٣ /٤) ، . . .‬‬ ‫ﺑﺎب اﻟﻨ ْﱠﻬﻲ َﻋﻦ َ‬ ‫)‪ (١‬ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎج‪ :‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ٤٧ ،‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻠﻢ‪ُ َ -١ ،‬‬ ‫اﺗﺒﺎِع ُﻣَﺘَﺸﺎﺑﻪ ْ‬ ‫)‪ (٢‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻠﺨﻤﻲ اﻟﻐﺮﻧﺎﻃﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬أﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪة ﻣﺸﻬﻮر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل ﺳﻠﻤﺎن‪ ،‬اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬دار اﺑﻦ ﻋﻔﺎن‪ ،‬ط‪١٤١٧ ١‬ﻫـ‪١٩٩٧ /‬م‪.(١٤٢ /٥) ،‬‬

‫)‪ (٥‬ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰ ﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼم‪ :‬ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺣ ﺎم ﻣﺼﺎ ﺍﻷﻧﺎم‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻃﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺅوف ﺳﻌﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟ ﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯ ﺮ ﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪.(١١ /١) ،‬‬

‫)‪ (٣‬اﻟﻐﺰاﻟﻲ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﻮﺳﻲ‪ :‬اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻋﺒﺪ اﻟﺸﺎﰲ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ط‪١٤١٣ ،١ :‬ﻫـ ‪١٩٩٣ -‬م‪) ،‬ص‪.(٣٤٢ :‬‬

‫)‪ (٦‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(١/١١‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪22‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫ﺗﻌﺒﺪ اﷲ ﺑﻪ ﻋﺒﺎده‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻘﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ أو ﻣﻔﺴﺪﺗﻪ ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻣﻦ ﻣﺠ ﺪ ﺴﺘﻘﻞ ﺑﻪ ﺃ ﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎء‪ ،‬ﺹ‪.٦_٢‬‬

‫‪ 23‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻧﻌﻢ إن ﻣﻘﺘﻀــــﻰ ﺣﻔﻆ اﻟﺸـــــﺮﻳﻌﺔ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ أن‬ ‫َ​َْ‬

‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺃﺧﻄﺎء ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‬ ‫ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬

‫ﺳﺪ ﺑﺎب‬ ‫ﻳﻜﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﻛﻞ ﻋﺼــــــــــﺮ ﻓﺮض ﻛﻔﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺲ وراء ﱢ‬ ‫واﻟﺘﻮاﻛﻞ وﺗﻌﻄﻴﻞ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ؛ ﻓﻠﻦ ﺗﺨﻠﻮ اﻷرض‬ ‫اﻟﺪﻋﺔ ﱠ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﺳﻮى ﱠ َ‬ ‫ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻢ ﷲ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ ﰲ ﻛﻞ وﻗﺖ وﻋﻬﺪ‪ ،‬وإﻧﻪ َﻟﻴﻠـــــــﺰم ﻋﻦ ﺧﻠﻮﻫﺎ ﻣﻦ‬

‫ﺩ‪ .‬ﻋﺒﺪ ﺍ ﻮﺍﺩ ﻣﺤﻤﺪ ﺍ ﺮﺩﺍﻥ‬ ‫ﻣﺪ‪‬ﺭﺱ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻮﺗﺠﻮ ﺇﻣﺎﻡ )ﻛﻬﺮﻣﺎﻥ ﻣﺮﻋﺶ(‬

‫ﻣﺠﺘﻬﺪ اﺟﺘﻤﺎع اﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺘﺸـﺎﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻜﻢ‪،‬‬ ‫ﺑﺮد‬ ‫ﺗﻤﺘﺎز ﻋﻬﻮد اﻻزدﻫﺎر اﻟﻔﻘﻬﻲ واﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﻨﻀﺒﻂ ﺑﺸﺮوﻃﻪ‪ ،‬ﱢ‬

‫)‪(٤‬‬

‫ً‬ ‫ودﻳﺎﻧﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻲ ﻣﻦ‬ ‫ﻗﻀــــــــــﺎء‬ ‫أﻋﻤﺎل اﻟﻘﻠﻮب وأﻓﻌﺎل اﻟﺠﻮارح ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ً‬ ‫أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ َ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠُﻖ ﺑﻪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸــــــــﺮﻋﻲ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ َ‬ ‫وﺗﺜﺒﺖ أﺣﻜﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺸــــــــﻬﻮد واﻷدﻟﺔ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱡ‬

‫ُ‬ ‫وﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼـــــــــﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أو ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺺ وﻓﻘﻪ‬ ‫ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل‬ ‫ُ‬

‫اﻟﺒﺎﻃﻦ‪.‬‬ ‫اﻟﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ﻋﻘﺎﺋﺪي ﻻ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﻠﻤ إﻻ‬ ‫واﻟﻘﺮاﺋﻦ‪ ،‬وﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻤﻲ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻮاﻗﻊ أو ﺗﺨــــــــــﺮﻳﺞ اﻟﻤﻨﺎط وﺗﻨﻘﻴﺤﻪ ﻓﺘﺤﻘﻴﻘﻪ؛ وﻣﻦ أﻣﻌﻦ وﺟﺪ أن‬ ‫ﺿـــﻴﺎع اﻟﻤﻔﺘﺎح أو إﺧﻔﺎءه أو َ ْﺛﻠﻤﻪ ﻫﻲ َ َ ِ‬ ‫اﻷﺛﺎﻓﻲ اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫واﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ إن ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﺆﺳﺴــــــــﺔ‬ ‫وﺟﺪ‬ ‫ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻹﻓﺘﺎء‬ ‫وﻟﻤﺎ ْ‬ ‫ّ‬

‫اﻃﺮد‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪود ﰲ اﻟﻤﺘﺸـﺎﲠﺎت اﻟﺘﻲ ُ ﱠﻳﺘﻘﻰ اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ؛ ﻷن اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ‬

‫ُ‬ ‫اﻟﻌﺎم وﺳﻼِح‬ ‫اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ‪ ،‬وﺻﺎر أﻛﺜﺮه ﻣﺤﻜﻮﻣ ﺑﺴــــﻄﻮة اﻹﻋﻼم واﻟﺮأي ّ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻔﺾ إﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﻣﻌﺎرﺿــــــﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻷﺻـــــــﻮل اﻟﻤﻘﺮرة واﻟﻘﻮاﻋﺪ‬

‫ِ‬ ‫ﺑﺎﻃﻠﺔ ﺗﺮﻛﺖ ً‬ ‫ٌ‬ ‫آﺛﺎرا‬ ‫وأﺧﺮى‬ ‫أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﻮاﺣﺪ‪ ،‬ﻇﻬﺮت ﻓﺘﺎوى ﱠ ٌ‬ ‫ﺷـﺎذة ُ ْ َ‬

‫اﻟﻤﻄﺮدة‪ ،‬وأم اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻌﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ اﻷﺻـــﻮل اﻻﻋﺘﻘﺎدﻳﺔ أو اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ؛ إذ‬

‫اﻟﻤﺴــــــــــــــﻴﺲ‪،‬‬ ‫اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻔﺮدي‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺰﻳﻒ‪ ،‬أو اﻻﺟﺘﻬﺎد َ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺨﺘﺰل ﰲ ِﻋﻤﺎﻳﺔ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أدﻋﻴﺎء ِ‬ ‫واﻟﻤﻠﻚ‪ ،‬اﻟﻤﻐﺘﺼــــــﺒﻴﻦ ﻟﻤﻘﺎم أوﻟﻲ‬ ‫اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ‬

‫أﻋﻢ‬ ‫ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺠﻬﻠﻬﺎ أﺣﺪ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ‬ ‫أﺿــــﺮ ﺑﺎﻟﻔﺮد واﻷﺳــــﺮة‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ َ َ ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻟﻮﺣﻆ أﺛﺮه ِﻓﻲ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻷﻣﺔ اﻹﺳــــﻼﻣﻴﺔ ﺑﻞ ِﻓﻲ ِ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ؛ وﻫﺬا ﻧﺘﺎج ﱠ‬ ‫ﻣﺘﻮﻗﻊ‬ ‫ُ َ ُ​ُ‬ ‫ﱠ‬

‫ُ‬ ‫اﻟﺴـــــﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﰲ أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب ذﻟﻚ وﻻ‬ ‫ﻟﻢ ﻳﺨﺺ‬ ‫ُ‬

‫اﻷﻣﺮ‪...‬‬

‫ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﰲ أﺻﻞ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل اﻻﻋﺘﻘﺎدﻳﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻻ َ ْ ُ ُ‬

‫وﻟﺪى ﻧﺼـﺐ ﻣﻴﺰان اﻻﺟﺘﻬﺎد ﺑﻀـﻮاﺑﻄﻪ ووﺿﻊ أدﻋﻴﺎﺋﻪ اﻟﻴﻮم ﰲ‬ ‫ﻛﻔﺔ ُ ّ‬ ‫ﻛﻔﺘﻴﻪ ﺗﻄﻴﺶ ِ ﱠ‬ ‫إﺣﺪى ِ ﱠ‬ ‫اﻟﺘﻔﺮد‬ ‫ﻣﺘﻮرﻋ ﻋﻦ ﱡ‬ ‫ﺟﻠﻬﻢ‪ ،‬وﻳﺒﻘــــﻰ ﺟﻠﻴﻠﻬﻢ ﱢ‬ ‫ﻣﺠﺰأٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﻤﺎﻋﻲ ﱠ‬ ‫ﺑﻪ؛ ﺑﻞ ﻳﺴـﻌﻰ ﻫﻮ وأﻫﻞ اﻟﻨﱠﺼـﻔﺔ ﻣﻦ أﻣﺜﺎﻟﻪ ﻧﺤﻮ اﺟﺘﻬﺎد َ َ ﱟ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺴـــــﻴﺲ‪ ،‬اﻟﺬي‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎدي‬ ‫اﻟﻤﺠﻤﻊ‬ ‫ﱠ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺨﺼﺼﻲ‪ ،‬ﻻ ُﺗﺼـــــﻴﺒﻪ ﻟﻮﺛﺔ ْ َ ْ َ‬ ‫ﱡ ﱟ‬

‫ﻻﻧﻘﻼب ﻣﻮازﻳﻦ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﺼﺮ ازدﻫﺎره‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫اﺳـــﺘﺒﺪال‬ ‫واﻟﺴﻮداوﻳﺔ‪:‬‬ ‫واﻟﻤﻼﺣﻆ ﰲ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺮﺳــﻤﻴﺔ واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﱠ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وﺷـــــﻮاذ ال آراء ﺑﻤﺎ ُﻧﻘﻞ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﺑﺎﻷﺻـــــﻮل‬ ‫ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺎت واﻟﻔﺮوِع‬ ‫اﻟﺠﺰﺋﻴﺎت‬ ‫ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫واﻟﻤﺘﺸـــــﺎﺑﻪ ﱠ‬ ‫اﻟﻈﻨﱢﻲ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫وإﺣﻼل ﱠ‬ ‫إﺟﻤﺎع‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻞ اﻟﻤﺤﻜﻢ؛ وﻣﺎ‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻲ‬ ‫ﻣﺤﻞ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وﺗﻮﻫﻢ ﺑﻠﻮِغ درﺟﺔ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ إِ ﱠﻻ‬ ‫اﻟﺠﻬﻞ ﺑﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﱡ‬ ‫أزاغ َ ُ‬ ‫ﺑﺎﺳﺘﻌﺠﺎل ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬وأﺻﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺴـــــــــﻢ ﻣﺬﻛﻮر ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬ ‫أﻧﺰل َ َ َ ِ‬ ‫﴿ُ ِ‬ ‫ﻫﻦ ُ ﱡأم ْ ِ َ ِ‬ ‫اﻟﻜﺘـــﺎب‬ ‫آﻳــﺎت ُ ْ َ َ ٌ‬ ‫اﻟﻜﺘــﺎب ﻣِﻨ ُْﻪ َ ٌ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤــﺎت ُ ﱠ‬ ‫ﻋﻠﻴﻚ ْ َ َ‬ ‫ﻫﻮ ﱠاﻟﺬي َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎت﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪،[٧ :‬‬ ‫وأﺧﺮ ُ َ َ ِ َ ٌ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻣِﻨْﻪ‪ِ َ ِ َ ُ َ ،‬‬ ‫وﰲ اﻟﺼــــﺤﻴﺢ‪َ ِ » :‬إذا َ ُ ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ ﱠ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ﱠ َ‬ ‫رأﻳﺘﻢ ﱠ َ‬ ‫ﻳﺘﺒﻌﻮن َﻣﺎ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫)‪(١‬‬

‫ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﻓﺎﺣﺬروﻫﻢ « ‪ ،‬واﻟﺘﺸـــﺎﺑﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن ﻻ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﻤﺎ ﱠ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ُ ُ ْ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫ﺳﻤﻰ ُ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﻤﻮﻫﻤﺔ ﻟﻠﺘﺸـــــﺒﻴﻪ‪ . .‬إذ إن اﺟﺘﻬﺎدﻫﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ‬ ‫ﻋﻠﻢ ﻟﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻣﻘﺘﻀــــــــﻰ اﻵﻳﺔ؛ إذ ﻻ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺤﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ إذا ﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ أﺻﻞ ﻣﻄﺮد ﰲ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﻘﺮر واﺿﺢ ﰲ‬ ‫ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎء ‪ -‬ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﺿﻊ ﻓﻴﻬﺎ ‪ -‬ﻣﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻇﺎﻫﺮه ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻣﺎ‬

‫)‪(٢‬‬

‫ﰲ ﻫﺪم اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺸــــــــــــــــﺮﻋﻴﺔ ‪ .‬ﻫﺬا‪ ،‬وﻟﺪى ﺗﻘﻮﻳﻢ وﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﻔﺘﺎوى‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻــﺮة ودﻋﺎوى اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﺿـــﻮء ﻋﻠﻢ اﻷﺻـــﻮل ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻮﻗﻮف‬ ‫ﻋﻠﻰ أﻣﺮﻳﻦ‪:‬‬ ‫وﻣﺪى َ َ ﱢ‬ ‫ﺗﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻲ أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﲠﺎ‪.‬‬ ‫أ ﺷﺮوط اﻻﺟﺘﻬﺎد َ‬ ‫ب ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻛﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل واﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻮى‬

‫اﻟﻤﺪﺟﻦ اﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ‬ ‫اﻟﺮﺳـــــﻤﻲ أو‬ ‫ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺮﺿـــــﺎ اﻟﻤﻠﻮك‪ ،‬أو‬ ‫ﱠ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺸﺮﻳﻊ ﱢ‬ ‫وﻣﺴـﺎﻳﺮة أﻫﻮاء اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫ﻛﻞ دﺧﻴٍﻞ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺒﺪﻳﻞ‪ ،‬واﻟﺬي ﻳﺴﺘﻬﺪ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫وﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ وﺗﻘﻮﻳﻤﻬﺎ ﰲ ﺿﻮء ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻴﺎت‪.‬‬

‫ﻛﻠﻪ أو ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺟﻠﻪ‪.‬‬

‫)أ(‬

‫وﻣﻦ ﺧﻼل أﺑﻌﺎد ﻫﺬه اﻟﺼــــــــــﻮرة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮى واﻻﺟﺘﻬﺎد‬

‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺮﺳﻤﻲ أو‬ ‫اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﺪى أﻫﻠﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ‬ ‫إن ﻣﻦ ﻓﻀــــــــــﻮل اﻟﻨﱠﻈﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد َ ْ‬ ‫وﻓﻘ ﻟﺸــــــــــــﺮوﻃﻪ اﻟﺘﻲ ﺿﺒﻄﻬﺎ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻲ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺿﺒﻄ ﺑﺎﻟﻐ َ‬ ‫ﻓﺴﺪ ﺑﺎب اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫ﺑﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻮﻣ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻻ ﻣﻦ ﺣــﻴﺚ إﻣﻜﺎن اﻟﻮﻗﻮع ﻻﻋــﺘﻘﺎده أن ﻻ َ‬ ‫ﺑﻌﺪ‬ ‫ﻃﺎﻗﺔ‬ ‫ﻷﺣﺪ ﻣﻤﻦ ﺟﺎؤوا ُ‬

‫ﻒ أﻫﻢ اﻟﻀــﻮاﺑﻂ اﻟﻨﺎﻗﺪة‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻨﺎﻇﺮ ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻛﺸـ ُ‬ ‫واﻗﱰاح اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﰲ ﺿــﻮء‬ ‫ﻷﺑﺮز أﺷـﻜﺎل ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ وآﺛﺎره‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﺴـــــــــــــــﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺄﻣﻮل ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد واﻟﻔﺘﻮى وﺣﻴﺜﻴﺎﲥﻤﺎ اﻟﻤﻨﻈﻮرة‬ ‫ﻋﻠﻤﻲ اﻷﺻــــﻮل واﻟﻘﻮاﻋﺪ‬ ‫واﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ‪ ،‬وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻛﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ َ‬

‫)‪(٣‬‬

‫إﺣﺎﻃﺔ ﱡ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻤﻜﻦ‬ ‫اﻟﺸـــﺮع‬ ‫ﺑﺸــﺮوﻃﻪ اﻟﺸـــﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ واﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻤﺪارك‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻘﻬ َ‬ ‫وﺑﺎﻟﻮاﻗﻌﺔ ِ ْ‬ ‫ً‬ ‫دﻋﺎﺋﻤﻪ‬ ‫اﻟﺴــــﺪ‬ ‫ْﺰﻳﻼ‪ ،‬وﻟﻬﺬا‬ ‫وﻣﻮازﻧﺔ‬ ‫إﺛﺒﺎﺗ واﺳﺘﻨﺒﺎﻃ‬ ‫ﱢ‬ ‫وﺗﻨ ِ ْ ً‬ ‫ُ​ُ‬ ‫اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ وآﺧﺮون وﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﱟﻖ‪.‬‬ ‫وإن ﻓﻨﱠﺪه‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‬ ‫ودرء‬ ‫)‪ُ ْ َ (١‬‬ ‫ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟِﺢ َ ْ ُ‬ ‫اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺼــﺎﻟﺢ إﻣﺎ ﺗﺪرأ ﻣﻔﺎﺳﺪ أو ﺗﺠﻠﺐ ﻣﺼــﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻓﺈذا‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا﴾ ]اﻟﺒﻘﺮة‪[١٠٤ :‬؛ ﻓﺘﺄﻣﻞ‬ ‫أﻳﻬﺎ ﱠ ْ َ‬ ‫ﺳــــــــﻤﻌﺖ اﷲ ﻳﻘﻮل‪َ ﴿ :‬ﻳﺎ َ ﱡ َ‬ ‫وﺻـﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﻧﺪاﺋﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺠﺪ إﻻ ﺧﻴﺮا ﻳﺤﺜﻚ ﻋﻠﻴﻪ أو ﺷـﺮا ﻳﺰﺟﺮك ﻋﻨﻪ‪،‬‬

‫واﻹﺟﻤﺎع ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠـــﻰ أن ذﻟﻚ ﻣﻤﺘﻨﻊ‪ ،‬وﻋﻠـــﻰ ذﻟﻚ ﺗﻈﺎﻫــــﺮت‬ ‫ٍ‬ ‫ﻷﺣﺪ أن ِ‬ ‫ﻟﻜﻦ ﻟﻜﻞ ٍ‬ ‫ﺑﺎب‬ ‫اﻟﻨﺼــــــــﻮص‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ‬ ‫ﻓﺘﺤﻪ ٌ‬ ‫ﻓﺮض ْ‬ ‫ﻳﻐﻠﻖ ﺑﺎﺑ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وﺷـــﺮوﻃﻪ‪:‬‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫أﺳــﻨﺎن أﺑﺮزﻫﺎ وأﻫﻤﻬﺎ ﰲ‬ ‫ﻣﻔﺘﺎح‪ ،‬وﻟﻜﻞ ﻣﻔﺘﺎٍح‬

‫اﻟﻜﻠﻴﺎت‪ ،‬واﻟﻔﺮوع إﻟﻰ اﻷﺻﻮل‪ ،‬وﺑﺎﻟﻔﺼـــــﻞ ﺑﻴﻦ‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت‪،‬‬ ‫واﻟﻈﻨﱢﻴﺎت إﻟﻰ‬ ‫واﻟﺠﺰﺋﻴﺎت إﻟﻰ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ّ‬

‫)ب(‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻮى ﰲ ﺿــــــــﻮء ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻴﺎت‬

‫)‪(٥‬‬

‫ﻣﻘﺪم ﻋﻠــﻰ اﻟﺠﻠﺐ ﻋﻤﻮﻣ ‪،‬‬ ‫أو ﺟﻤﻌﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺚ واﻟـﺰﺟــﺮ واﻟﺪرء ﱠ‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﱠ‬ ‫وﰲ اﻟﺸـــــــــــﺮاﺋﻊ ّ‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﻔﻆ اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺨﻤﺲ ﺑﻤﺮاﺗﺒﻬﺎ‬ ‫اﻟﻀـﺮورﻳﺔ واﻟﺤﺎﺟﻴﺔ واﻟﺘﺤﺴــﻴﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻌﺪم أي ﻣﻦ‬ ‫ﺟﻬﺔ ﺟﻠﺐ ﻣﺼــﺎﻟﺤﻬﺎ ودرء ﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻫﺬا ّ‬ ‫ﻣﺤﻞ اﺗﻔﺎق‪ ،‬وﻫﻮ رﻛﻦ‬ ‫ﻓﺜﻢ‬ ‫أﺻﻴﻞ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻹﻓﺘﺎء؛ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺣﻴﺜﻤﺎ ُ ِ َ‬ ‫وﺟﺪت اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ َ ﱠ‬ ‫ﺷﺮع اﷲ‪ ،‬ﻟﻜﻦ إذا وﺻﻞ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺼــــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ وﻗﻊ‬ ‫اﻟﺨﻼف‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ُ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻨﻔﻌﺔ‬ ‫وﻋﺪ ﻫﺬا اﻟﺸــــﻲء‬ ‫ﻃﺮق ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﺼـــﻠﺤﺔ ﱡ‬ ‫اﻟﻌﻘﻞ أم ُ‬ ‫ﻣﻔﺴﺪة‪ُ :‬‬ ‫واﻟﻌﺎدة؟‬ ‫ف‬ ‫اﻟﻄﺒﺎع‬ ‫اﻟﻨﻘﻞ أم‬ ‫وذاك‬ ‫واﻟﻐﺮاﺋﺰ أم اﻟﻌﺮ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﻮﺿﻌﻲ‪ ،‬وﻣﺬﻫﺐ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎوي‬ ‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎﺻﺪي‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻣﺎل اﻟﻔﻴﻠﺴـﻮف أو‬ ‫اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﻠﻤﻨﻔﻌﺔ أو اﻟﻤﺼـــــــﻠﺤﺔ إﻟﻰ ﻣﻘﺘﻀـــــــﻰ اﻟﻄﺒﺎع‬ ‫ً‬ ‫وﻋﺪﻫﺎ ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ ُﺗﺒﻨَﻰ‬ ‫واﻟﻐﺮاﺋﺰ واﻷﻫﻮاء ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠـــــﻰ‬ ‫وﻗﺪم‬ ‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠـــــﻰ ّ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﱠ َ‬ ‫أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﺸــــﺮﻳﻊ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﺴـــــﻤﺎوي؛‬ ‫اﻷﺧﺮوﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎن َ‬ ‫ﻗﺪر اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻌﻘﻞ واﻷﺧﺮوﻳﺔ‬ ‫وﻛﻠﻤﺎ ﱠ َ‬ ‫اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن أﻗﺮب إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬ ‫وﻗﺪم اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ُ ْ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺿــﻮء اﻟﻨﻘﻞ‪ ،‬ﱠ َ‬ ‫ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـﺮع واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻴﺎﲥﺎ اﻟﺨﻤﺲ ﺑﻤﺮاﺗﺒﻬﺎ اﻟﺜﻼث؛ ْ‬ ‫إذ‬ ‫إ ﱠن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺼـــــﺎﻟﺢ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ ﻣﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻌﻈﻢ‬ ‫اﻟﺸﺮاﺋﻊ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﺼـﺎﻟﺢ اﻵﺧﺮة وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ ﻓﻼ ﺗﻌﺮف إﻻ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ‪ ،‬وﻣﻦ‬ ‫أراد أن ﻳﻌﺮف اﻟﻤﺘﻨﺎﺳﺒﺎت واﻟﻤﺼــــــــــــــــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ راﺟﺤﻬﻤﺎ‬ ‫وﻣﺮﺟﻮﺣﻬﻤﺎ ﻓﻠﻴﻌﺮض ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻪ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ أن اﻟﺸــــﺮع ﻟﻢ ﻳﺮد ﺑﻪ‪،‬‬ ‫ﺛﻢ ﻳﺒﻨـــﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻜﺎد ﺣﻜﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺨــــﺮج ﻋﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﻣﺎ‬

‫ﻛﺎﻵﰐ‪:‬‬ ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫)‪ (٤‬ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺟﻼل ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ‪ :‬ﺍﻟﺮﺩ ﻋ ﻣﻦ ﺃﺧﻠﺪ ﺇ ﺍﻷرض وﺟ ﻞ ﺃﻥ ﺍﻻﺟ ﺎﺩ‬

‫ﻋﺼﺮ ﻓﺮض‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻳ ﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪ ،‬وﻓﻴﻪ ﱠﺃﻥ ﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻮ ﻗﻄﺮ ﺑﺤﺪوﺩ ﻣﺴﺎﻓﺔ‬ ‫ﻞ‬ ‫ٍ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻘﺮآن‪.(٢٠٥٣ /٤) ، . . .‬‬ ‫ﺑﺎب اﻟﻨ ْﱠﻬﻲ َﻋﻦ َ‬ ‫)‪ (١‬ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎج‪ :‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ٤٧ ،‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻠﻢ‪ُ َ -١ ،‬‬ ‫اﺗﺒﺎِع ُﻣَﺘَﺸﺎﺑﻪ ْ‬ ‫)‪ (٢‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻠﺨﻤﻲ اﻟﻐﺮﻧﺎﻃﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬أﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪة ﻣﺸﻬﻮر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل ﺳﻠﻤﺎن‪ ،‬اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬دار اﺑﻦ ﻋﻔﺎن‪ ،‬ط‪١٤١٧ ١‬ﻫـ‪١٩٩٧ /‬م‪.(١٤٢ /٥) ،‬‬

‫)‪ (٥‬ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰ ﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼم‪ :‬ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺣ ﺎم ﻣﺼﺎ ﺍﻷﻧﺎم‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻃﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺅوف ﺳﻌﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟ ﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯ ﺮ ﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎ ﺮﺓ‪.(١١ /١) ،‬‬

‫)‪ (٣‬اﻟﻐﺰاﻟﻲ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﻮﺳﻲ‪ :‬اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻋﺒﺪ اﻟﺸﺎﰲ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ط‪١٤١٣ ،١ :‬ﻫـ ‪١٩٩٣ -‬م‪) ،‬ص‪.(٣٤٢ :‬‬

‫)‪ (٦‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(١/١١‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪22‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫ﺗﻌﺒﺪ اﷲ ﺑﻪ ﻋﺒﺎده‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻘﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ أو ﻣﻔﺴﺪﺗﻪ ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻣﻦ ﻣﺠ ﺪ ﺴﺘﻘﻞ ﺑﻪ ﺃ ﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎء‪ ،‬ﺹ‪.٦_٢‬‬

‫‪ 23‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻳﺮد اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺸـــﺮع واﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وﻫﺬا أﺻﻞ ﰲ‬ ‫ﻧﻘﻴﻀـــﺎن؛ ّ‬

‫ِ‬ ‫ً‬ ‫رﻋﺎﻳﺔ ﻟﻸﻫﻮاء وإﻣﻌﺎﻧ ﰲ اﻟﻜﺬب‬ ‫اﻟﻌﺮﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﺘﻌﺔ اﻟﻴﻮم أو اﻟــــــــﺰواج ُ ْ ﱠ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ َ‬ ‫ﻧﺴــــــﺎء‬ ‫اﻟﻤﺴـــــﺘﺄﻣﻨﺎت أو‬ ‫اﺳﱰﻗﺎق‬ ‫وآﺧﺮ َﻳﺸـــــﺮع‬ ‫ﻋﻠﻰ اﷲ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ٍ‬ ‫ﻇﺮوف‬ ‫وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻤﻘﺎﺻـــﺪﻳﺔ أن ﻳﺰﻋﻤﻮا أﳖﻢ إﻧﻤﺎ ﻳﺠﺘﻬﺪون ﰲ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ اﻟﻨﺺ‬ ‫وأﺣﻮال ﺟﺪﻳﺪة ﻻﺑﺴـــﺖ وﻗﺎﺋﻊ ﻣﻨﺼـــﻮﺻ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪،‬‬ ‫ُ‬

‫ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ واﻟﻤﻔﺴــــﺪة ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎرﺿﻬﻤﺎ‪ ،‬ذﻟﻚ أن "ﻣﺼـــــﺎﻟﺢ‬

‫اﻷﻗﻠﻴﺎت وﻳﺰﻋﻢ ّأﻧﻬﻦ إﻣﺎء ﺷﺮﻋ ﻣﻄﺮوﺣﺎت ﻟﻠﺒﻴﻊ واﻟﺸـــــــــــــــﺮاء‬

‫ﻟﺘﻨﺰﻳﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﰲ ﺿــــــــﻮء اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﺎرﻳﺔ واﻟﻤﺂﻻت أو ﻟﺘﻠﻤﺲ‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺑﺖ واﻟﻈﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات‬

‫اﻟﺪارﻳﻦ وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﻤﺎ ﰲ رﺗﺐ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﺧﻔﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺷـﻲء ﻃﻠﺐ ﻣﻦ‬

‫اﻟﻌﻤﺎء إﻟﻰ ﱠ‬ ‫واﻟﺘﺴــــــــﺮي‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻣﺪﻋﻲ ﻫﺬا اﻟﻀــــــــﺮب ﻣﻦ‬ ‫أن ﱠ‬ ‫إن ﱠ‬ ‫ﻣﺮد ﻫﺬا َ َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﻀــﺮورة‬ ‫اﻟﻘﺎﻋﺪة واﻷﺻِﻞ‪،‬‬ ‫ﻣﻘﺎم‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد؛ ُﻳﻘﻴﻢ‬ ‫َ‬ ‫اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء واﻟﻔﺮع ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻟﻌﺎرض؛ ﻣﻘﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎم ﱠ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻌﺎرﺿـــــــﺔ‬ ‫اﻷﺣﻮال‬ ‫اﻟﻤﻄﺮد‪ ،‬ﺑﻞ وﻳﻘﻴﻢ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ َ‬

‫ِ‬ ‫ﻧﺺ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻛﺬا‬ ‫ﻣﻘﺼـــﺪ اﻟﺸـــﺎرع ﻣﻦ ﺗﺸــــﺮﻳﻌﻪ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ّ‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻟﺬا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﻣﻈﺎن اﻻﺟﺘﻬﺎد وﻻ اﻟﺘﻌﺎرض؛‬

‫ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺴـــــــــــــــﻠﻤﺔ؛ ذﻟﻚ ﱠأﻧﺎ "ﻧﻌﻠﻢ ﻗﻄﻌ وﻳﻘﻴﻨ أن‬ ‫اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ‬ ‫ﻣﻮاﺿﻊ‬ ‫أﺻﻼ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻨﺺ‪ ،‬وﻻ ُ ﱠﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺷــــــﺎرة‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻲ وﻻ ﰲ ﻣﻮرد ّ‬ ‫ﻓﻼ اﺟﺘﻬﺎد ﻣﻊ ﱢ‬ ‫ﱢ‬

‫اﻟﺤﻮادث واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﰲ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت واﻟﺘﺼـــﺮﻓﺎت‪ :‬ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺤﺼـــﺮ‬

‫ﻣﺤﺎﻻ )‪(١١‬ﻻ ﻳﺪل ٍ‬ ‫إﻟــــــﻰ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ﺑﺤﺎل ﻋﻠــــــﻰ ﻣﻨِﻊ‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫أن ﻛﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻣﻊ ّ‬

‫واﻟﻌﺪ؛ وﻧﻌﻠﻢ ﻗﻄﻌ أﻳﻀــــ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮد ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎدﺛﺔ ﻧﺺ‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﺼــــﻮر‬

‫اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌــﻲ ﻟﺘﻨـــﺰﻳﻠﻪ‬ ‫اﻟﻨﺺ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﺎﻃﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ّ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ّ‬

‫ذﻟﻚ أﻳﻀ ؛ واﻟﻨﺼـﻮص إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ‪ ،‬واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ؛ وﻣﺎ ﻻ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻟﻴﺲ ﱠ‬ ‫ﻣﺤﻞ ﻧﺰاع‪.‬‬

‫َ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻃﺮﻓﺎن‬ ‫وﻳﺘﻨﺎزع‬ ‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻠﺘﺒﺲ اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ ﺑﺎﻟﻤﻔﺴـــــﺪة‬ ‫ُ‬

‫أدﻟﺔ اﻟﺸـــــــﺮع وﻫﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴـــــــﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع واﻟﻘﻴﺎس اﻟﻤﻌﺘﱪ‬ ‫واﻻﺳﺘﺪﻻل اﻟﺼـــــﺤﻴﺢ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﺼـــــﺎﻟﺢ اﻟﺪﻧﻴﺎ وأﺳﺒﺎﲠﺎ وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ‬ ‫ﻓﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻀــــﺮورات واﻟﺘﺠﺎرب واﻟﻌﺎدات واﻟﻈﻨﻮن اﻟﻤﻌﺘﱪات‪،‬‬ ‫ﻓﺈن ﺧﻔﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ أدﻟﺘﻪ" ‪.‬‬ ‫)‪(٧‬‬

‫اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﻘﺎم‬ ‫ﻣﺤﻞ اﻟﺼـــــــــﻔﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺨﺎص ﻣﻦ وﻗﺎﺋﻊ اﻷﻋﻴﺎن َ‬ ‫واﻟﻤﺆﻗﺖ اﻟﺬي ُﺷﺮع وﻧﺴــــــﺦ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻘﺎم اﻟﻤﺤﻜﻢ اﻷﺑﺪي‬ ‫اﻟﻌﺎم‪،‬‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﱢ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ‪ ،‬وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ درﺟﺎت ﻛﻞ رﺗﺒﺔ ﰲ ﻧﻔﺴـﻬﺎ ﻛﺎن‬ ‫اﻟﻄﺐ ﻛﺎﻟﺸﺮع‪ ،‬وﺿﻊ ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺼـﺎﻟﺢ اﻟﺴـﻼﻣﺔ‬ ‫اﻟﱰﺟﻴﺢ ِ َﻟﺰاﻣ ؛ "ﻓﺈن‬ ‫ّ‬

‫وﻳﻘﺪم َ‬ ‫ﺣﻀــﺎرﻳ اﻟﻤﺤﻜﻮم‬ ‫اﻷﺳﻴﺮ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻬﺰوم‬ ‫اﻟﻌﻘﻞ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﺴـﺘﻤﺮ‪ ،‬ﱢ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴـــــــــــــــــﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺷﻮاﺋﺐ اﻟﻨﻔﺲ‬ ‫اﻟﺤﺮ‬ ‫ﺑﺎﻟﻬﻮى ﻋﻠﻰ ﱢ‬ ‫اﻟﻨﺺ واﻟﻌﻘِﻞ ُ ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪرك‬ ‫واﻟﻬﺰاﺋﻢ؛ ُﻓﻴﻀــــــﻞ ﺑﻔﺘﻮاه ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺻﻐﺎر ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ َ ْ‬

‫واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﻔﺎﺳــﺪ اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ واﻷﺳــﻘﺎم‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﺎ أﻣﻜﻦ درؤه‬

‫اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻷﺻـﻞ واﻟﻔﺮع أو ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة واﻻﺳــﺘﺜﻨﺎء أو ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺆﻗﺖ‬

‫ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻟﺠﻠﺐ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﺟﻠـﺒﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن ﺗﻌﺬر درء اﻟﺠﻤـﻴﻊ أو‬ ‫ﺟﻠﺐ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﺈن ﺗﺴـــــــــــﺎوت اﻟﺮﺗﺐ ﺗﺨﻴﺮ‪ ،‬وإن ﺗﻔﺎوﺗﺖ اﺳﺘﻌﻤﻞ‬

‫اﻟﻌﺎم‪.‬‬ ‫واﻟﻤﺤﻜﻢ أو ﺑﻴﻦ واﻗﻌﺔ اﻟﻌﻴﻦ واﻟﺤﻜﻢ ّ‬ ‫ﻳﻠﺒﺴــــﻮن؛ ﻓﺘﺴــــﺘﻮي ﻋﻨﺪﻫﻢ‬ ‫وﻻ ﺗﻔﺴـــﻴﺮ ﻟﻤﻮﻗﻒ ﻫﺆﻻء إﻻ أﳖﻢ ﱢ‬

‫ﻣﻘﺪﻣ‬ ‫وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ اﻟﻤﺼــــــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻛﺎن درء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ُ ﱠ‬

‫ﻟﻠﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻇﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻨﺎﻓﺎﲥﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺸــــــــﺮع‪ ، ...‬وأﻓﺮﻃﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧﺮى‬ ‫)‪(١٠‬‬

‫ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺴﻮﻏﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﰲ ﺣﻜﻢ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ" ‪.‬‬

‫ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻻ ﻳﻀــــــﺒﻄﻪ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ‪ ،‬ﻋﻠﻢ ﻗﻄﻌ أن اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻟﻘﻴﺎس واﺟﺐ‬

‫ُ‬ ‫ﺗﺤﺼـــــــــــﻴﻞ‬ ‫وﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ اﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﻣﻘﻄﻮع ﺑﻪ ﻟﺘﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﻪ ﻷﻧﻪ‬

‫اﻻﻋﺘﺒﺎر؛ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﺑﺼـــﺪد ﻛﻞ ﺣﺎدﺛﺔ اﺟﺘﻬﺎد"‪ ،‬ﻟﻜﻦ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‬ ‫ﻟﻴﻌﻠﻢ‬

‫ّ‬ ‫ﻇﻨﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ أو اﻟﺜﺒﻮت‬ ‫ﺣﺎﺻــــٍﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻗﻄﻊ ﰲ ﻣﺠﺘﻬﺪ ﻓﻴﻪ ﻷن ﻛﻮﻧﻪ ﱠ‬

‫ﻣﺮﺳﻼ‪ :‬ﺧﺎرﺟ ﻋﻦ ﺿﺒﻂ اﻟﺸـــﺮع؛ ﻓﺈن‬ ‫أﻧﻪ "ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﻳﻜﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﺴــــــﺘﻨﺪ وﺿﻊ آﺧﺮ‪،‬‬ ‫اﻟﻘﻴﺎس اﻟﻤﺮﺳﻞ ﺷﺮع آﺧﺮ‪ ،‬وإﺛﺒﺎت ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺘﻐﻴـﺮات‬ ‫ﻳﻤﻨﻊ اﻟﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻫﺬاﻣﻘﺘﻀــــﻰ ﻛﻮن اﻟﻈﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات؛‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻄﻊ‪َ ،‬‬ ‫ﻻ ﱠ‬ ‫وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴـﺮ‬ ‫ﻓﻴﺒﻘـﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﻈﻨ ُﱢﻲ ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ﻗﻄﻌﻴ ‪.‬‬ ‫اﻟﻈﻨﻲ ّ‬ ‫ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ وﺑﻴﺎن اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ إﺟﻤﺎع ﻳﺠﻌﻞ ﱠ‬

‫واﻟﺸـــــــﺎرع ﻫﻮ اﻟﻮاﺿﻊ ﻟﻸﺣﻜﺎم؛ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أن ﻻ ﻳﻌﺪل ﰲ‬ ‫)‪(٩‬‬

‫اﺟﺘﻬﺎده ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷرﻛﺎن" ‪.‬‬

‫اﻟﱰﺟﻴﺢ ﻋﻨﺪ ﻋﺮﻓﺎﻧﻪ واﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻬﻞ ﺑﻪ‪ ،‬واﻟﺬي وﺿﻊ اﻟﺸــــﺮع‬

‫اﻟﻤﺼـﺎﻟﺢ اﻟﻤﻌﺘﱪة ﺷﺮﻋ أو اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻀـﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻻ‬

‫ﻫﻮ اﻟﺬي وﺿﻊ اﻟﻄﺐ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺼــﺎﻟﺢ‬

‫إﻟﻰ اﻻﻋﺘﺒﺎر أو اﻹرﺳﺎل ﺑﺸــــــــــــــــﺮوﻃﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪون‪ ،‬وﻻ إﻟﻰ ﺣﺪود‬

‫ﻫﺬا وﻣﻦ اﻟﻤﺘﺼــــــــﺪرﻳﻦ ﻟﻠﻔﺘﺎوى اﻟﺴــــــــﻮداء أو اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ‬ ‫ﺑﻔﻬﻢ ﻋﻘﻴﻢ ِ ﱠ ْ ِ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ‪ ،‬وﻳﺴــﺘﻤﺴــﻚ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﻳﺴــﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪ‬ ‫اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ‬

‫اﻟﻌﺒﺎد ودرء ﻣﻔﺎﺳـﺪﻫﻢ‪ ،‬وﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻞ اﻹﻗﺪام ﻟﻠﻤﺘﻮﻗﻒ ﰲ اﻟﺮﺟﺤﺎن‬

‫ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﻨﺼــــــــــﻮص ﻳﻨﺘﻬﻮن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨّﺺ ُ ُ‬

‫ً‬ ‫وﻇﻬﻮرا‬ ‫ﻗﻮة وﺿﻌﻔ‬ ‫اﻟﻨﺼـﻮص وﻣﺂﻻﲥﺎ وﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺗﺐ دﻻﻻﲥﺎ ً‬

‫ﻗﻄﻌﻲ‬ ‫ﺗﻌﺎرض ﺑـــﻴﻦ‬ ‫وﻛﻤﺎ ﱠأﻧﻪ ﻻ ﺗﻌﺎرض ﺑــﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌـــﻴﺎت ﻛﺬﻟﻚ ﻻ‬ ‫َ‬ ‫ﱟ‬ ‫َ‬ ‫وﻇﻨ ﱟﱢﻲ‪ ،‬وﻻ ُﻳﻘﺎم اﻟﻈﻨــﻲ ﻣﻘﺎم اﻟﻘﻄﻌــﻲ ﰲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠـــﻰ اﻷﺣﻜﺎم وﻻ ﰲ‬ ‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ وﺗﻨﺰﻳﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ؛ وﻫﺬا ْ ِ‬ ‫ﻒ َ َ​َ‬ ‫ﻳﻌﺘﺪ ﺑﺼــــــــﻔﺔ‬ ‫ﻳﻜﺸ ُ‬ ‫ﻣﻦ ﻟﻢ ّ‬ ‫ﺧﻄﺄ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻘﻄﻊ ﰲ اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت َ ْ َ َ‬ ‫وأﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺄﻓﺘﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﲥﻮى أﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬أو‬

‫ﰲ اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻪ اﻟﺮاﺟﺢ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ‬

‫ﻳﺮوﳖﺎ ﻣﺼـﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻻ ﰲ ذاﺗﻪ؛ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴـﺄﻟﺔ اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﺗﻌﺒﺪﻳﺔ‪ ،‬وﻻ‬

‫وﺧﻔﺎء وﺳﻴﺎﻗ وﺳﺒﺎﻗ ‪ ،‬وﻳﻤﺜﻞ ﺟﺤﺪه ﻷﺻﻮل ﻫﺬه اﻟﻤﺼـــــﺎﻟﺢ وﺟﻬ‬ ‫ً‬

‫ﻣﻦ أﻗﺎم اﻟﻈـﻨـﻴﺎت ﻣﻘﺎم اﻟﻘﻄﻌـﻴﺎت وﺟﻌﻞ ﺧـﱪ اﻵﺣﺎد ﻛﺎﻟـﻨﺺ اﻟﻘﺎﻃﻊ‪،‬‬

‫اﻹﻗﺪام ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﰲ اﻟـﺮﺟﺤﺎن إﻟـﻰ أن ﻳﻈﻬـﺮ ﻟﻪ اﻟـﺮاﺟﺢ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﺤﻴﺪ‬

‫ﰲ ﻣﺂﻻﺗﻪ؛ إن ﻛﺎﻧﺖ إﺣﺪى ﻗﻀــﺎﻳﺎ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت‪ ،‬ﻓﻬﻮﻻء اﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﻮن‬ ‫ِ‬ ‫وروده َ‬ ‫أﺑﻘﻮا وﻻ ﺑﻤﺂﻻﺗﻪ اﺳﺘﻤﺴـــــﻜﻮا‪ ،‬ﻓﺄﺑﻄﻠﻮا‬ ‫ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ وﺳﺒﺐ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﺣﻜﻤﻪ ِ‬ ‫ﻳﻌﻨﻮا‬ ‫وﺧﺼـــﻮص‬ ‫وﺣﻜﻤﻪ وأﻫﺪروا ﻋﻤﻮﻣﻪ‬ ‫وروده ﻣﻌ ‪ ،‬وﻟﻢ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼـــﺎﻟﺢ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﰲ اﻟﺸـــﺮع‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫ﻣﻨﻔﻌﺔ ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺮﺿﻲ ﻫﻮى اﻟﻤﺴـــﺘﻔﺘﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎن‬ ‫ﻗﺼــﺮوا ﻧﻈﺮﻫﻢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ‬

‫وﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‬ ‫آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـﺦ أو اﻟﺘﺸـﻮﻳﻪ ﻟﻠﻨﺼـﻮص اﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﺪﻫﻢ َ‬ ‫ً‬ ‫ﺟﻬﺎدا ﺑﺈﻃﻼق‬ ‫ﻳﻌﺪون ﻣﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ‬ ‫اﻟﻘﺘﻞ‬ ‫ﻟﺠﻤٍﻊ ﻻ ُ َ ﱡ‬ ‫َﱡ‬ ‫اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ َ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻲ‬ ‫رﺿﻊ‪ ،‬وﻛﺬا ﺗﻌﻨﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺪول ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻨﻴﻦ‬ ‫وإن ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ أﻃﻔﺎل ُ ﱠ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺸﻬﺮ ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫ﻟﻐﺔ ٍ‬ ‫ﻟﻠﺘﺤﻜﻴﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ؛ إﻟﻰ ِ‬ ‫ﺳﻴﻒ ُ ْ َ ٍ‬ ‫ﻟﻮاء‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﻮى ﻳﺮون ﻓﻴﻪ ﺷــــــــــــــﺮﻋ ‪ ،‬وﻳﺘﻮﺟﻮﻧﻪ ﺗﺎج اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺗﺤﺖ ذراﺋﻊ‬ ‫ﻣﻦ ً‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺬﻫﺐ واﻟﻌﻤِﻞ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﻘﻄﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﻈﻨﻴﺎت ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻻزم‬ ‫ﻓﺎﺳـــﺘﺒﺎح‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﺑﻮﻗﺎﺋﻊ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ‬ ‫واﻟﻤﻌﺘﻘﺪ وﻛﺘﺄوﻳﻠﻪ‬ ‫ﻟﻨﺼــــــــﻮص ﱠ‬

‫إﻓﺘﺎؤﻫﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺸﻌﺐ ﻻ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻦ‬

‫وﻣﺴــﻮﻏﺎت ﻳﻬﺪرون ﲠﺎ اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ اﻟﺨﻤﺲ‬

‫ﻗﻄﻌﻴ‬ ‫ﻇـﻨﻴ أو ّ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻨﺪ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﻨﺺ أو ﻣﻊ وﺟﻮده ﻟﻜـﻨﻪ ﻛﺎن ّ‬ ‫ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻳﺴــﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻋﻠﺔ أو ٍ‬ ‫ﻋﺮف ﻗﺪ ﻳﺘﻐﻴﺮان‪ ،‬ﻓﻴﻨﻈﺮ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺛﺒﺎﲥﻤﺎ أو‬

‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎد ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺎرض ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫ّ‬

‫ﺑﻀﺮورﻳﺎﲥﺎ وﺣﺎﺟﻴﺎﲥﺎ وﺗﺤﺴﻴﻨﻴﺎﲥﺎ‪.‬‬

‫ﺗﺒﺪﻟﻬﻤﺎ‪ ،‬أو ﻛﺎن اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻟﻤﻌـﺮﻓﺔ‬

‫ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ إﻻ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﺎﻟﺼــــــــــــــــﺎﻟﺢ واﻷﺻﻠﺢ‪ ،‬واﻟﻔﺎﺳﺪ‬ ‫واﻷﻓﺴـــــــــﺪ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻄﺒﺎع ﻣﺠﺒﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻨﻪ إﻻ‬ ‫ﺟﺎﻫﻞ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻘﺎوة أو أﺣﻤﻖ زادت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻐﺒﺎوة")‪.(٨‬‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ واﻟﻤﻮازﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻫﺬه أﺻﻮل ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺷــﻘﺎء‬ ‫اﻟﻈﻦ أﻧﻪ ﻋﻼﻣﺔ‬ ‫واﻟﺨﺮوج ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺆﺷــﺮ ﻏﺒﺎء‪ ،‬وأﻏﻠﺐ ﱢ‬ ‫واﻟﻌﻤﻰ ﻓﺤﺴـــــــﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن وﻣﺎ ﻳﺰال‬ ‫واﻟﺘﻌﺎﻣﻲ ﻻ اﻟﺠﻬﻞ‬ ‫اﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﻌﻤﻮﻣﺎت‬ ‫اﻟﻤﺤﺮف‬ ‫ف أو‬ ‫واﻟﻔﻬﻢ‬ ‫اﻟﺰﻳﻎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺻــــــﻮل‬ ‫اﻟﻤﻨﺤﺮ ُ‬ ‫ﱠْ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺤﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ إﻟﺒﺎس‬ ‫رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻟﻠﻤﺼـﻠﺤﺔ ودرﺋﻬﺎ ﻟﻠﻤﻔﺴـﺪة ﻫﻤﺎ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺸــﻬﻮات‬ ‫اﻷﻫﻮاء‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة اﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺘﺸــﻮﻳﻪ‬ ‫ﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﺴــِﺦ أو‬ ‫ﻟﺒﺎس اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ‪ ،‬وﻫﺬا‬ ‫ٌ‬ ‫واﻟﻌﺼـﺒﻴﺎت َ‬ ‫وﺣﻜﻤﻪ ِ َ ِ ِ‬ ‫ﻟﻠﻨﺺ ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓــــــﺮق ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﻠﺒﻴﺲ ﺑﻴﻦ إﺑﻠﻴﺲ ُﻳﺒﻴﺢ‬ ‫ﻓﺄي‬ ‫وﺣﻜﻤﻪ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺴــﺘﻬﻠﻜ‬ ‫ﻣﻜﺎﻧﺔ أو‬ ‫اﻟﻨﺎس وﺗﺰاﺣﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸـﻲء اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻜﺎﻧ ﻛﺎن أو‬

‫ِ‬ ‫وﺑﻨﺎء اﻷﺣﻜﺎم َ ْ‬ ‫وﻓﻘ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻟﺒﺲ ﰲ اﻟﻔـﺮق ﺑﻴﻦ ﻣﻨﻊ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌــﻲ وﺑﻴﻦ‬

‫"ﻓﺮط‬ ‫واﻟﻔﺮﻳﻘﺎن اﻟﻤﺬﻛﻮران ﻗﺪﻳﻤﺎن ﻣﺘﺠﺪدان‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﻬﻮد ﺳــــــﻠﻔﺖ ﱠ‬

‫ﻣﻘﺘﻀﻰ‬ ‫ﻣﺪى اﻧﻄﺒﺎﻗﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻻ ﺷـــــــﺄن ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ﺑﺘﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﺮاد ﻷن َ‬

‫ﻃﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻄﻠﻮا اﻟﺤﺪود‪ ،‬وﺿـــﻴﻌﻮا اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬وﺟﺮؤوا أﻫﻞ اﻟﻔﺠﻮر ﻋﻠﻰ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺑﺪاﻫﺔ ﻻ‬ ‫واﺣﺪا ُﻳﺪرك‬ ‫ﻗﻄﻌﻴ أﻧﻪ ﻣﺘﻌﻴﻦ ﰲ ﻧﻔﺴـﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ إﻻ ﻣﻌﻨﻰ‬ ‫ﻛﻮﻧﻪ ّ‬ ‫أن ﻛﻮن اﻟﻨﺺ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪﻻﻟﺔ ﱠ‬ ‫ﻧﻈﺮا‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺨﻔـﻰ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫أن ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﻔﺘـﻲ‬ ‫ﱠ‬ ‫أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻗﻄﻌ واﻟﻮﻗﻮف ﻋـﻨﺪ ﺣﺪوده وأﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ‬ ‫أن ِ‬ ‫ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺺ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ُﻳﻔﺘﻲ ﺑﺨﻼﻓﻪ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫أو ﻣﻨﺘﻔﻌ ﺑﻪ؛ ﺗﺘـــــــﺰاﺣﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻳﺪي‪ ،‬وﻻ ﻳﻔــــــــﻲ ﺑﺤﺎﺟﺎت ﻃﺎﻟﺒﻴﻪ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺎرة‬ ‫ﺟﻤــﻴﻌﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻼ ﻣــﻨﺎص‬ ‫اﻟﻘﻴﻢ ً‬ ‫ﻋــﻨﺪﺋﺬ ﻣﻦ اﻟــﺘـــﻨﺎزع ً‬ ‫ﺗﺎرة‪ ،‬وإﻋﺪام َ‬ ‫أﺧﺮى ﺑﺈﺑﺎﺣﺔ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴـــﺘﺴــــﻴﻐﻪ ﻓﻄﺮة ﺳﻠﻴﻤﺔ وﻻ ﻋﻘﻞ ﻃﻠﻴٌﻖ ِﻣﻦ إﺳﺎر‬

‫ﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﺳـــﺪوا ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳـــﻬﻢ ﻃﺮﻗﺎ ﺻـــﺤﻴﺤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮق ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻖ‬

‫اﻟﻨﺰوات اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﻪ‪ ،‬وﻋﻄﻠﻮﻫﺎ؛ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﻢ وﻋﻠﻢ ﻏﻴـــــﺮﻫﻢ ﻗﻄﻌﺎ أﳖﺎ ﺣﻖ ﻣﻄﺎﺑﻖ‬

‫اﻟﻔﺴـﺎد‪ ،‬وﺟﻌﻠﻮا اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻗﺎﺻﺮة ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﻤﺼــﺎﻟﺢ اﻟﻌﺒﺎد‪ ،‬ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ إﻟﻰ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٩‬أﺑﻮ اﻟﻔﺘﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﲏ‪ :‬اﻟﻤﻠﻞ واﻟﻨﺤﻞ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪.(٤ /٢) ،‬‬

‫)‪ (٧‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪ (٨) .(١٠_٨ /١‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(٦ /١‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪24‬‬

‫)‪ (١٠‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ :‬اﻟﻄﺮق اﻟﺤﻜﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﻴﺎن‪) ،‬ص‪ (١١) .(١٣ :‬ﺍﻟﻐﺰﺍ ‪ :‬ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ )ﺹ‪.(٣٤٥‬‬

‫‪ 25‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻳﺮد اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺸـــﺮع واﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وﻫﺬا أﺻﻞ ﰲ‬ ‫ﻧﻘﻴﻀـــﺎن؛ ّ‬

‫ِ‬ ‫ً‬ ‫رﻋﺎﻳﺔ ﻟﻸﻫﻮاء وإﻣﻌﺎﻧ ﰲ اﻟﻜﺬب‬ ‫اﻟﻌﺮﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﺘﻌﺔ اﻟﻴﻮم أو اﻟــــــــﺰواج ُ ْ ﱠ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ َ‬ ‫ﻧﺴــــــﺎء‬ ‫اﻟﻤﺴـــــﺘﺄﻣﻨﺎت أو‬ ‫اﺳﱰﻗﺎق‬ ‫وآﺧﺮ َﻳﺸـــــﺮع‬ ‫ﻋﻠﻰ اﷲ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ٍ‬ ‫ﻇﺮوف‬ ‫وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻤﻘﺎﺻـــﺪﻳﺔ أن ﻳﺰﻋﻤﻮا أﳖﻢ إﻧﻤﺎ ﻳﺠﺘﻬﺪون ﰲ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ اﻟﻨﺺ‬ ‫وأﺣﻮال ﺟﺪﻳﺪة ﻻﺑﺴـــﺖ وﻗﺎﺋﻊ ﻣﻨﺼـــﻮﺻ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪،‬‬ ‫ُ‬

‫ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ واﻟﻤﻔﺴــــﺪة ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎرﺿﻬﻤﺎ‪ ،‬ذﻟﻚ أن "ﻣﺼـــــﺎﻟﺢ‬

‫اﻷﻗﻠﻴﺎت وﻳﺰﻋﻢ ّأﻧﻬﻦ إﻣﺎء ﺷﺮﻋ ﻣﻄﺮوﺣﺎت ﻟﻠﺒﻴﻊ واﻟﺸـــــــــــــــﺮاء‬

‫ﻟﺘﻨﺰﻳﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﰲ ﺿــــــــﻮء اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﺎرﻳﺔ واﻟﻤﺂﻻت أو ﻟﺘﻠﻤﺲ‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺑﺖ واﻟﻈﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات‬

‫اﻟﺪارﻳﻦ وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﻤﺎ ﰲ رﺗﺐ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﺧﻔﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺷـﻲء ﻃﻠﺐ ﻣﻦ‬

‫اﻟﻌﻤﺎء إﻟﻰ ﱠ‬ ‫واﻟﺘﺴــــــــﺮي‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻣﺪﻋﻲ ﻫﺬا اﻟﻀــــــــﺮب ﻣﻦ‬ ‫أن ﱠ‬ ‫إن ﱠ‬ ‫ﻣﺮد ﻫﺬا َ َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﻀــﺮورة‬ ‫اﻟﻘﺎﻋﺪة واﻷﺻِﻞ‪،‬‬ ‫ﻣﻘﺎم‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد؛ ُﻳﻘﻴﻢ‬ ‫َ‬ ‫اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء واﻟﻔﺮع ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻟﻌﺎرض؛ ﻣﻘﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎم ﱠ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻌﺎرﺿـــــــﺔ‬ ‫اﻷﺣﻮال‬ ‫اﻟﻤﻄﺮد‪ ،‬ﺑﻞ وﻳﻘﻴﻢ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ َ‬

‫ِ‬ ‫ﻧﺺ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻛﺬا‬ ‫ﻣﻘﺼـــﺪ اﻟﺸـــﺎرع ﻣﻦ ﺗﺸــــﺮﻳﻌﻪ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ّ‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻟﺬا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﻣﻈﺎن اﻻﺟﺘﻬﺎد وﻻ اﻟﺘﻌﺎرض؛‬

‫ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺴـــــــــــــــﻠﻤﺔ؛ ذﻟﻚ ﱠأﻧﺎ "ﻧﻌﻠﻢ ﻗﻄﻌ وﻳﻘﻴﻨ أن‬ ‫اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ‬ ‫ﻣﻮاﺿﻊ‬ ‫أﺻﻼ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻨﺺ‪ ،‬وﻻ ُ ﱠﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺷــــــﺎرة‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻲ وﻻ ﰲ ﻣﻮرد ّ‬ ‫ﻓﻼ اﺟﺘﻬﺎد ﻣﻊ ﱢ‬ ‫ﱢ‬

‫اﻟﺤﻮادث واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﰲ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت واﻟﺘﺼـــﺮﻓﺎت‪ :‬ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺤﺼـــﺮ‬

‫ﻣﺤﺎﻻ )‪(١١‬ﻻ ﻳﺪل ٍ‬ ‫إﻟــــــﻰ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ﺑﺤﺎل ﻋﻠــــــﻰ ﻣﻨِﻊ‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫أن ﻛﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻣﻊ ّ‬

‫واﻟﻌﺪ؛ وﻧﻌﻠﻢ ﻗﻄﻌ أﻳﻀــــ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮد ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎدﺛﺔ ﻧﺺ‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﺼــــﻮر‬

‫اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌــﻲ ﻟﺘﻨـــﺰﻳﻠﻪ‬ ‫اﻟﻨﺺ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﺎﻃﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ّ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ّ‬

‫ذﻟﻚ أﻳﻀ ؛ واﻟﻨﺼـﻮص إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ‪ ،‬واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ؛ وﻣﺎ ﻻ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻟﻴﺲ ﱠ‬ ‫ﻣﺤﻞ ﻧﺰاع‪.‬‬

‫َ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻃﺮﻓﺎن‬ ‫وﻳﺘﻨﺎزع‬ ‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻠﺘﺒﺲ اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ ﺑﺎﻟﻤﻔﺴـــــﺪة‬ ‫ُ‬

‫أدﻟﺔ اﻟﺸـــــــﺮع وﻫﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴـــــــﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع واﻟﻘﻴﺎس اﻟﻤﻌﺘﱪ‬ ‫واﻻﺳﺘﺪﻻل اﻟﺼـــــﺤﻴﺢ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﺼـــــﺎﻟﺢ اﻟﺪﻧﻴﺎ وأﺳﺒﺎﲠﺎ وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ‬ ‫ﻓﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻀــــﺮورات واﻟﺘﺠﺎرب واﻟﻌﺎدات واﻟﻈﻨﻮن اﻟﻤﻌﺘﱪات‪،‬‬ ‫ﻓﺈن ﺧﻔﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ أدﻟﺘﻪ" ‪.‬‬ ‫)‪(٧‬‬

‫اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﻘﺎم‬ ‫ﻣﺤﻞ اﻟﺼـــــــــﻔﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺨﺎص ﻣﻦ وﻗﺎﺋﻊ اﻷﻋﻴﺎن َ‬ ‫واﻟﻤﺆﻗﺖ اﻟﺬي ُﺷﺮع وﻧﺴــــــﺦ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻘﺎم اﻟﻤﺤﻜﻢ اﻷﺑﺪي‬ ‫اﻟﻌﺎم‪،‬‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﱢ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ‪ ،‬وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ درﺟﺎت ﻛﻞ رﺗﺒﺔ ﰲ ﻧﻔﺴـﻬﺎ ﻛﺎن‬ ‫اﻟﻄﺐ ﻛﺎﻟﺸﺮع‪ ،‬وﺿﻊ ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺼـﺎﻟﺢ اﻟﺴـﻼﻣﺔ‬ ‫اﻟﱰﺟﻴﺢ ِ َﻟﺰاﻣ ؛ "ﻓﺈن‬ ‫ّ‬

‫وﻳﻘﺪم َ‬ ‫ﺣﻀــﺎرﻳ اﻟﻤﺤﻜﻮم‬ ‫اﻷﺳﻴﺮ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻬﺰوم‬ ‫اﻟﻌﻘﻞ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﺴـﺘﻤﺮ‪ ،‬ﱢ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴـــــــــــــــــﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺷﻮاﺋﺐ اﻟﻨﻔﺲ‬ ‫اﻟﺤﺮ‬ ‫ﺑﺎﻟﻬﻮى ﻋﻠﻰ ﱢ‬ ‫اﻟﻨﺺ واﻟﻌﻘِﻞ ُ ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪرك‬ ‫واﻟﻬﺰاﺋﻢ؛ ُﻓﻴﻀــــــﻞ ﺑﻔﺘﻮاه ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺻﻐﺎر ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ َ ْ‬

‫واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﻔﺎﺳــﺪ اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ واﻷﺳــﻘﺎم‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﺎ أﻣﻜﻦ درؤه‬

‫اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻷﺻـﻞ واﻟﻔﺮع أو ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة واﻻﺳــﺘﺜﻨﺎء أو ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺆﻗﺖ‬

‫ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻟﺠﻠﺐ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﺟﻠـﺒﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن ﺗﻌﺬر درء اﻟﺠﻤـﻴﻊ أو‬ ‫ﺟﻠﺐ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﺈن ﺗﺴـــــــــــﺎوت اﻟﺮﺗﺐ ﺗﺨﻴﺮ‪ ،‬وإن ﺗﻔﺎوﺗﺖ اﺳﺘﻌﻤﻞ‬

‫اﻟﻌﺎم‪.‬‬ ‫واﻟﻤﺤﻜﻢ أو ﺑﻴﻦ واﻗﻌﺔ اﻟﻌﻴﻦ واﻟﺤﻜﻢ ّ‬ ‫ﻳﻠﺒﺴــــﻮن؛ ﻓﺘﺴــــﺘﻮي ﻋﻨﺪﻫﻢ‬ ‫وﻻ ﺗﻔﺴـــﻴﺮ ﻟﻤﻮﻗﻒ ﻫﺆﻻء إﻻ أﳖﻢ ﱢ‬

‫ﻣﻘﺪﻣ‬ ‫وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ اﻟﻤﺼــــــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻛﺎن درء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ُ ﱠ‬

‫ﻟﻠﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻇﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻨﺎﻓﺎﲥﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺸــــــــﺮع‪ ، ...‬وأﻓﺮﻃﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧﺮى‬ ‫)‪(١٠‬‬

‫ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺴﻮﻏﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﰲ ﺣﻜﻢ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ" ‪.‬‬

‫ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻻ ﻳﻀــــــﺒﻄﻪ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ‪ ،‬ﻋﻠﻢ ﻗﻄﻌ أن اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻟﻘﻴﺎس واﺟﺐ‬

‫ُ‬ ‫ﺗﺤﺼـــــــــــﻴﻞ‬ ‫وﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ اﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﻣﻘﻄﻮع ﺑﻪ ﻟﺘﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﻪ ﻷﻧﻪ‬

‫اﻻﻋﺘﺒﺎر؛ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﺑﺼـــﺪد ﻛﻞ ﺣﺎدﺛﺔ اﺟﺘﻬﺎد"‪ ،‬ﻟﻜﻦ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‬ ‫ﻟﻴﻌﻠﻢ‬

‫ّ‬ ‫ﻇﻨﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ أو اﻟﺜﺒﻮت‬ ‫ﺣﺎﺻــــٍﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻗﻄﻊ ﰲ ﻣﺠﺘﻬﺪ ﻓﻴﻪ ﻷن ﻛﻮﻧﻪ ﱠ‬

‫ﻣﺮﺳﻼ‪ :‬ﺧﺎرﺟ ﻋﻦ ﺿﺒﻂ اﻟﺸـــﺮع؛ ﻓﺈن‬ ‫أﻧﻪ "ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﻳﻜﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣﺴــــــﺘﻨﺪ وﺿﻊ آﺧﺮ‪،‬‬ ‫اﻟﻘﻴﺎس اﻟﻤﺮﺳﻞ ﺷﺮع آﺧﺮ‪ ،‬وإﺛﺒﺎت ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺘﻐﻴـﺮات‬ ‫ﻳﻤﻨﻊ اﻟﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻫﺬاﻣﻘﺘﻀــــﻰ ﻛﻮن اﻟﻈﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات؛‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻄﻊ‪َ ،‬‬ ‫ﻻ ﱠ‬ ‫وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴـﺮ‬ ‫ﻓﻴﺒﻘـﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﻈﻨ ُﱢﻲ ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ﻗﻄﻌﻴ ‪.‬‬ ‫اﻟﻈﻨﻲ ّ‬ ‫ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ وﺑﻴﺎن اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ إﺟﻤﺎع ﻳﺠﻌﻞ ﱠ‬

‫واﻟﺸـــــــﺎرع ﻫﻮ اﻟﻮاﺿﻊ ﻟﻸﺣﻜﺎم؛ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أن ﻻ ﻳﻌﺪل ﰲ‬ ‫)‪(٩‬‬

‫اﺟﺘﻬﺎده ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷرﻛﺎن" ‪.‬‬

‫اﻟﱰﺟﻴﺢ ﻋﻨﺪ ﻋﺮﻓﺎﻧﻪ واﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻬﻞ ﺑﻪ‪ ،‬واﻟﺬي وﺿﻊ اﻟﺸــــﺮع‬

‫اﻟﻤﺼـﺎﻟﺢ اﻟﻤﻌﺘﱪة ﺷﺮﻋ أو اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻀـﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻻ‬

‫ﻫﻮ اﻟﺬي وﺿﻊ اﻟﻄﺐ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺼــﺎﻟﺢ‬

‫إﻟﻰ اﻻﻋﺘﺒﺎر أو اﻹرﺳﺎل ﺑﺸــــــــــــــــﺮوﻃﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪون‪ ،‬وﻻ إﻟﻰ ﺣﺪود‬

‫ﻫﺬا وﻣﻦ اﻟﻤﺘﺼــــــــﺪرﻳﻦ ﻟﻠﻔﺘﺎوى اﻟﺴــــــــﻮداء أو اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ‬ ‫ﺑﻔﻬﻢ ﻋﻘﻴﻢ ِ ﱠ ْ ِ‬ ‫ﺟﻤﻠﺔ‪ ،‬وﻳﺴــﺘﻤﺴــﻚ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﻳﺴــﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪ‬ ‫اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ‬

‫اﻟﻌﺒﺎد ودرء ﻣﻔﺎﺳـﺪﻫﻢ‪ ،‬وﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻞ اﻹﻗﺪام ﻟﻠﻤﺘﻮﻗﻒ ﰲ اﻟﺮﺟﺤﺎن‬

‫ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﻨﺼــــــــــﻮص ﻳﻨﺘﻬﻮن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨّﺺ ُ ُ‬

‫ً‬ ‫وﻇﻬﻮرا‬ ‫ﻗﻮة وﺿﻌﻔ‬ ‫اﻟﻨﺼـﻮص وﻣﺂﻻﲥﺎ وﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺗﺐ دﻻﻻﲥﺎ ً‬

‫ﻗﻄﻌﻲ‬ ‫ﺗﻌﺎرض ﺑـــﻴﻦ‬ ‫وﻛﻤﺎ ﱠأﻧﻪ ﻻ ﺗﻌﺎرض ﺑــﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌـــﻴﺎت ﻛﺬﻟﻚ ﻻ‬ ‫َ‬ ‫ﱟ‬ ‫َ‬ ‫وﻇﻨ ﱟﱢﻲ‪ ،‬وﻻ ُﻳﻘﺎم اﻟﻈﻨــﻲ ﻣﻘﺎم اﻟﻘﻄﻌــﻲ ﰲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠـــﻰ اﻷﺣﻜﺎم وﻻ ﰲ‬ ‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ وﺗﻨﺰﻳﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ؛ وﻫﺬا ْ ِ‬ ‫ﻒ َ َ​َ‬ ‫ﻳﻌﺘﺪ ﺑﺼــــــــﻔﺔ‬ ‫ﻳﻜﺸ ُ‬ ‫ﻣﻦ ﻟﻢ ّ‬ ‫ﺧﻄﺄ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻘﻄﻊ ﰲ اﻟﻘﻄﻌﻴﺎت َ ْ َ َ‬ ‫وأﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺄﻓﺘﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﲥﻮى أﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬أو‬

‫ﰲ اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻪ اﻟﺮاﺟﺢ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ‬

‫ﻳﺮوﳖﺎ ﻣﺼـﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻻ ﰲ ذاﺗﻪ؛ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴـﺄﻟﺔ اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﺗﻌﺒﺪﻳﺔ‪ ،‬وﻻ‬

‫وﺧﻔﺎء وﺳﻴﺎﻗ وﺳﺒﺎﻗ ‪ ،‬وﻳﻤﺜﻞ ﺟﺤﺪه ﻷﺻﻮل ﻫﺬه اﻟﻤﺼـــــﺎﻟﺢ وﺟﻬ‬ ‫ً‬

‫ﻣﻦ أﻗﺎم اﻟﻈـﻨـﻴﺎت ﻣﻘﺎم اﻟﻘﻄﻌـﻴﺎت وﺟﻌﻞ ﺧـﱪ اﻵﺣﺎد ﻛﺎﻟـﻨﺺ اﻟﻘﺎﻃﻊ‪،‬‬

‫اﻹﻗﺪام ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﰲ اﻟـﺮﺟﺤﺎن إﻟـﻰ أن ﻳﻈﻬـﺮ ﻟﻪ اﻟـﺮاﺟﺢ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﺤﻴﺪ‬

‫ﰲ ﻣﺂﻻﺗﻪ؛ إن ﻛﺎﻧﺖ إﺣﺪى ﻗﻀــﺎﻳﺎ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت‪ ،‬ﻓﻬﻮﻻء اﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﻮن‬ ‫ِ‬ ‫وروده َ‬ ‫أﺑﻘﻮا وﻻ ﺑﻤﺂﻻﺗﻪ اﺳﺘﻤﺴـــــﻜﻮا‪ ،‬ﻓﺄﺑﻄﻠﻮا‬ ‫ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ وﺳﺒﺐ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﺣﻜﻤﻪ ِ‬ ‫ﻳﻌﻨﻮا‬ ‫وﺧﺼـــﻮص‬ ‫وﺣﻜﻤﻪ وأﻫﺪروا ﻋﻤﻮﻣﻪ‬ ‫وروده ﻣﻌ ‪ ،‬وﻟﻢ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼـــﺎﻟﺢ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﰲ اﻟﺸـــﺮع‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫ﻣﻨﻔﻌﺔ ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺮﺿﻲ ﻫﻮى اﻟﻤﺴـــﺘﻔﺘﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎن‬ ‫ﻗﺼــﺮوا ﻧﻈﺮﻫﻢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ‬

‫وﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‬ ‫آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـﺦ أو اﻟﺘﺸـﻮﻳﻪ ﻟﻠﻨﺼـﻮص اﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﺪﻫﻢ َ‬ ‫ً‬ ‫ﺟﻬﺎدا ﺑﺈﻃﻼق‬ ‫ﻳﻌﺪون ﻣﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ‬ ‫اﻟﻘﺘﻞ‬ ‫ﻟﺠﻤٍﻊ ﻻ ُ َ ﱡ‬ ‫َﱡ‬ ‫اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ َ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻲ‬ ‫رﺿﻊ‪ ،‬وﻛﺬا ﺗﻌﻨﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺪول ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻨﻴﻦ‬ ‫وإن ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ أﻃﻔﺎل ُ ﱠ‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﺸﻬﺮ ﻋﻠﻰ ٍ‬ ‫ﻟﻐﺔ ٍ‬ ‫ﻟﻠﺘﺤﻜﻴﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ؛ إﻟﻰ ِ‬ ‫ﺳﻴﻒ ُ ْ َ ٍ‬ ‫ﻟﻮاء‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﻮى ﻳﺮون ﻓﻴﻪ ﺷــــــــــــــﺮﻋ ‪ ،‬وﻳﺘﻮﺟﻮﻧﻪ ﺗﺎج اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺗﺤﺖ ذراﺋﻊ‬ ‫ﻣﻦ ً‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻤﺬﻫﺐ واﻟﻌﻤِﻞ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﻘﻄﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﻈﻨﻴﺎت ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻻزم‬ ‫ﻓﺎﺳـــﺘﺒﺎح‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﺑﻮﻗﺎﺋﻊ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ‬ ‫واﻟﻤﻌﺘﻘﺪ وﻛﺘﺄوﻳﻠﻪ‬ ‫ﻟﻨﺼــــــــﻮص ﱠ‬

‫إﻓﺘﺎؤﻫﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺸﻌﺐ ﻻ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻦ‬

‫وﻣﺴــﻮﻏﺎت ﻳﻬﺪرون ﲠﺎ اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ اﻟﺨﻤﺲ‬

‫ﻗﻄﻌﻴ‬ ‫ﻇـﻨﻴ أو ّ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻨﺪ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﻨﺺ أو ﻣﻊ وﺟﻮده ﻟﻜـﻨﻪ ﻛﺎن ّ‬ ‫ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻳﺴــﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻋﻠﺔ أو ٍ‬ ‫ﻋﺮف ﻗﺪ ﻳﺘﻐﻴﺮان‪ ،‬ﻓﻴﻨﻈﺮ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺛﺒﺎﲥﻤﺎ أو‬

‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎد ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺎرض ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫ّ‬

‫ﺑﻀﺮورﻳﺎﲥﺎ وﺣﺎﺟﻴﺎﲥﺎ وﺗﺤﺴﻴﻨﻴﺎﲥﺎ‪.‬‬

‫ﺗﺒﺪﻟﻬﻤﺎ‪ ،‬أو ﻛﺎن اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻟﻤﻌـﺮﻓﺔ‬

‫ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ إﻻ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﺎﻟﺼــــــــــــــــﺎﻟﺢ واﻷﺻﻠﺢ‪ ،‬واﻟﻔﺎﺳﺪ‬ ‫واﻷﻓﺴـــــــــﺪ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻄﺒﺎع ﻣﺠﺒﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻨﻪ إﻻ‬ ‫ﺟﺎﻫﻞ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻘﺎوة أو أﺣﻤﻖ زادت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻐﺒﺎوة")‪.(٨‬‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ واﻟﻤﻮازﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻫﺬه أﺻﻮل ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺷــﻘﺎء‬ ‫اﻟﻈﻦ أﻧﻪ ﻋﻼﻣﺔ‬ ‫واﻟﺨﺮوج ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺆﺷــﺮ ﻏﺒﺎء‪ ،‬وأﻏﻠﺐ ﱢ‬ ‫واﻟﻌﻤﻰ ﻓﺤﺴـــــــﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن وﻣﺎ ﻳﺰال‬ ‫واﻟﺘﻌﺎﻣﻲ ﻻ اﻟﺠﻬﻞ‬ ‫اﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﻌﻤﻮﻣﺎت‬ ‫اﻟﻤﺤﺮف‬ ‫ف أو‬ ‫واﻟﻔﻬﻢ‬ ‫اﻟﺰﻳﻎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺻــــــﻮل‬ ‫اﻟﻤﻨﺤﺮ ُ‬ ‫ﱠْ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺤﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ إﻟﺒﺎس‬ ‫رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻟﻠﻤﺼـﻠﺤﺔ ودرﺋﻬﺎ ﻟﻠﻤﻔﺴـﺪة ﻫﻤﺎ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺸــﻬﻮات‬ ‫اﻷﻫﻮاء‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة اﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺘﺸــﻮﻳﻪ‬ ‫ﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﺴــِﺦ أو‬ ‫ﻟﺒﺎس اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ‪ ،‬وﻫﺬا‬ ‫ٌ‬ ‫واﻟﻌﺼـﺒﻴﺎت َ‬ ‫وﺣﻜﻤﻪ ِ َ ِ ِ‬ ‫ﻟﻠﻨﺺ ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓــــــﺮق ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﻠﺒﻴﺲ ﺑﻴﻦ إﺑﻠﻴﺲ ُﻳﺒﻴﺢ‬ ‫ﻓﺄي‬ ‫وﺣﻜﻤﻪ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺴــﺘﻬﻠﻜ‬ ‫ﻣﻜﺎﻧﺔ أو‬ ‫اﻟﻨﺎس وﺗﺰاﺣﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸـﻲء اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻜﺎﻧ ﻛﺎن أو‬

‫ِ‬ ‫وﺑﻨﺎء اﻷﺣﻜﺎم َ ْ‬ ‫وﻓﻘ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻟﺒﺲ ﰲ اﻟﻔـﺮق ﺑﻴﻦ ﻣﻨﻊ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌــﻲ وﺑﻴﻦ‬

‫"ﻓﺮط‬ ‫واﻟﻔﺮﻳﻘﺎن اﻟﻤﺬﻛﻮران ﻗﺪﻳﻤﺎن ﻣﺘﺠﺪدان‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﻬﻮد ﺳــــــﻠﻔﺖ ﱠ‬

‫ﻣﻘﺘﻀﻰ‬ ‫ﻣﺪى اﻧﻄﺒﺎﻗﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻻ ﺷـــــــﺄن ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ﺑﺘﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﺮاد ﻷن َ‬

‫ﻃﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻄﻠﻮا اﻟﺤﺪود‪ ،‬وﺿـــﻴﻌﻮا اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬وﺟﺮؤوا أﻫﻞ اﻟﻔﺠﻮر ﻋﻠﻰ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺑﺪاﻫﺔ ﻻ‬ ‫واﺣﺪا ُﻳﺪرك‬ ‫ﻗﻄﻌﻴ أﻧﻪ ﻣﺘﻌﻴﻦ ﰲ ﻧﻔﺴـﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ إﻻ ﻣﻌﻨﻰ‬ ‫ﻛﻮﻧﻪ ّ‬ ‫أن ﻛﻮن اﻟﻨﺺ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪﻻﻟﺔ ﱠ‬ ‫ﻧﻈﺮا‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺨﻔـﻰ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫أن ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﻔﺘـﻲ‬ ‫ﱠ‬ ‫أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻗﻄﻌ واﻟﻮﻗﻮف ﻋـﻨﺪ ﺣﺪوده وأﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ‬ ‫أن ِ‬ ‫ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺺ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ُﻳﻔﺘﻲ ﺑﺨﻼﻓﻪ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫أو ﻣﻨﺘﻔﻌ ﺑﻪ؛ ﺗﺘـــــــﺰاﺣﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻳﺪي‪ ،‬وﻻ ﻳﻔــــــــﻲ ﺑﺤﺎﺟﺎت ﻃﺎﻟﺒﻴﻪ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺎرة‬ ‫ﺟﻤــﻴﻌﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻼ ﻣــﻨﺎص‬ ‫اﻟﻘﻴﻢ ً‬ ‫ﻋــﻨﺪﺋﺬ ﻣﻦ اﻟــﺘـــﻨﺎزع ً‬ ‫ﺗﺎرة‪ ،‬وإﻋﺪام َ‬ ‫أﺧﺮى ﺑﺈﺑﺎﺣﺔ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴـــﺘﺴــــﻴﻐﻪ ﻓﻄﺮة ﺳﻠﻴﻤﺔ وﻻ ﻋﻘﻞ ﻃﻠﻴٌﻖ ِﻣﻦ إﺳﺎر‬

‫ﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﺳـــﺪوا ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳـــﻬﻢ ﻃﺮﻗﺎ ﺻـــﺤﻴﺤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮق ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻖ‬

‫اﻟﻨﺰوات اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﻪ‪ ،‬وﻋﻄﻠﻮﻫﺎ؛ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﻢ وﻋﻠﻢ ﻏﻴـــــﺮﻫﻢ ﻗﻄﻌﺎ أﳖﺎ ﺣﻖ ﻣﻄﺎﺑﻖ‬

‫اﻟﻔﺴـﺎد‪ ،‬وﺟﻌﻠﻮا اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﻗﺎﺻﺮة ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﻤﺼــﺎﻟﺢ اﻟﻌﺒﺎد‪ ،‬ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ إﻟﻰ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٩‬أﺑﻮ اﻟﻔﺘﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﲏ‪ :‬اﻟﻤﻠﻞ واﻟﻨﺤﻞ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪.(٤ /٢) ،‬‬

‫)‪ (٧‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪ (٨) .(١٠_٨ /١‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(٦ /١‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪24‬‬

‫)‪ (١٠‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ :‬اﻟﻄﺮق اﻟﺤﻜﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﻴﺎن‪) ،‬ص‪ (١١) .(١٣ :‬ﺍﻟﻐﺰﺍ ‪ :‬ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ )ﺹ‪.(٣٤٥‬‬

‫‪ 25‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻣﻦ أن َ‬ ‫ﻳﻜﺎﻓﺄ ﻻﻓﺘﺌﺎﺗﻪ؛ ﻓﺎﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘــــﻲ اﺟﺘﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫أوﻟــــﻰ ﺑﺄن َ‬

‫ﻣﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﻜﻞ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ﻻ َ‬ ‫ﱠأﻣﺎ َﻋﻦ ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺺ وﻓﻖ ﻣﺎ ﻗﻨﱠﻨَﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﱠ ُ‬ ‫ّأﻧﻪ ﻻ ﺷـﻲء ﻣﻦ ﻃﺮق اﻟﺪﻻﻟﺔ وﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ ﺳــﻮى اﻟﻤﺤﻜﻢ ٍ‬ ‫ﺑﻤﻔﻴﺪ ﻟﻠﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻣﺎ‬

‫ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ‬ ‫وأﻣﺎ‬ ‫اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻛﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ اﻟﻤﺘﻮاﺗـــــــﺮ اﻟﻤﻌﻨﻮي‪ ،‬ﱠ‬ ‫ّ‬

‫وأﻣﺎ ﺗﺠﺎوز أﺣﺪﻫﻢ اﻟﻴﻮم ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻲ ﺑﺎﻟﺘﺸــــــــﻬﻲ واﻟﻬﻮى ﻻ‬ ‫ﱠ‬

‫دام اﻟﻨﺺ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﻟﻮﺟﻮه وﺛﻤﺔ ﻃﺮق ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﺘﻔﺴـﻴﺮه وﺗﺄوﻳﻠﻪ واﻟﺬﻫﺎب‬

‫ً‬ ‫واﺣﺪا‪ ،‬وﺗﺘﻮﻗﻒ‬ ‫ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻘﻮل وﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ إﻻ ﻣﻌﻨــﻰ‬

‫ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﰲ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼــــﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻓﻬﻮ ﺿﺮب‬

‫ﺷﺘﻰ ّ‬ ‫اﻟﺘﻤﺤﻞ واﻟﺘﻜﻠﻒ ﰲ ﺗﻔﺴــﻴﺮ اﻟﻨﺺ وﺗﺄوﻳﻠﻪ‬ ‫ﺑﺎب‬ ‫ﺑﻤﻌﻨﺎه ﻣﺬاﻫﺐ ﱠ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻓﺈن َ‬

‫ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ‬ ‫ﱠ‬ ‫وأﻣﺎ ﻓﻘﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺗﺸﺨﻴﺼﻬﺎ ﻟﺘﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨّﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﻣﺎ ُ ﱠ‬

‫ﻗﻄﻌﻴﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻔﺎء ﻣﻮاﻧﻊ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻌﺸﺮة‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﻘﻄﻌﻴﺔ‬

‫وﻧﻮع ﻣﻦ اﺳﺘﺒﺪال اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﺮأي واﻟﻬﻮى‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺚ ﺑﺎﻟﺸــــــــــﺮﻳﻌﺔ‬ ‫ٌ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺠﺘﻬﺪا ﻓﻴﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺺ‬ ‫ودﻻﻟﺔ وﺧﺮوﺟﻪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ‬ ‫اﻟﻨﺺ ﺛﺒﻮﺗ‬

‫ﱠ‬ ‫ﺑﺎﻟﺸﺮع‪ ،‬وإﻻ ﻓﻤﺎ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ ﻣﺴــــــــــــــــﺄﻟﺔ إﺑﺎﺣﺔ ﺑﻴﻊ اﻟﺨﻤﺮ ﻟﺘﺮوﻳﺞ‬

‫ُﻟﻴﻄﺎوع ﻫﻮى ذوي اﻷﻫﻮاء ﻟﻦ ُ َ‬ ‫ﻳﻐﻠﻖ‪ ،‬وﻟﻦ ﻳﻮﺻﺪه ﺳﻮى أﻣﺮﻳﻦ‪:‬‬ ‫أوﻟﻬﻤﺎ‪ :‬ﱢ‬ ‫ﺗﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻲ أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺑﺼــــــــﻔﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد وﺷﺮوﻃﻪ‪،‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﺤﻞ اﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬وﲠﺬا ﺗﻔﺴـــــﺮ وﻗﺎﺋﻊ ﻋﺪة ﻟﻢ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬

‫اﻟﺴـــــــــــﻴﺎﺣﺔ‪ ،‬وﺗﺤﺮﻳﻢ اﻻﺗﺠﺎر ﺑﺎﻟﺮﻗﻴﻖ اﻷﺑﻴﺾ وﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﺗﺮوﻳﺠ‬

‫وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺘﻘﻮى واﻟﻮرع واﺳﺘﺸـــــــــﻌﺎر ﻫﻴﺒﺔ اﷲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻔﺘﻲ‬

‫ﻳﺴـــــﺘﻨﻜﺮ أن ﻳﻘﺎل إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﻗﻞ ﺷﺄﻧ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫وﻗﺪرا ﰲ اﻟﻔﺘﻮى ﻣﻦ ﻓﻘﻪ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎط ﻓﻼ ُ‬ ‫اﻟﻨﺺ ِ‬ ‫واﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺒﻂ‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﺸﺨﻴﺺ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻟﻸﻣﺮاض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وﺻﻔﺘﻪ‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤﺎ ﲥﻴﺄت أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺸـــــــــﺨﻴﺺ وآﻻﺗﻪ ووﺳﺎﺋﻠﻪ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻨﺺ َ ْ َ ُ ُ‬

‫ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻨﻪ ﺑﻔﺘﻮاه‪ ،‬وﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ُ ﱢ‬ ‫ﻳﺒﻠﻎ‪،‬‬ ‫واﻟﺼـــﺪق ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﺼـــﻠﺢ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺑﺎﻟﺮواﻳﺔ واﻟﻔﺘﻴﺎ إﻻ ﻟﻤﻦ اﺗﺼـــﻒ‬

‫ً‬ ‫ﺳــﱪا دﻗﻴﻘ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺻــﻔﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ أﻋﻤﻖ‬ ‫وﺳـﱪَ اﻟﻄﺒﻴﺐ أﺣﻮال اﻟﻤﺮﻳﺾ‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻮرﻳ ﻻ ﻣﺒﺎﻻة وﻻ ﺟﻬﺪ‬ ‫وأدق وأﺟﺪى وأﻧﻔﻊ‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺗﺸــﺨﻴﺼـــﻪ ُ ْ ِ ّ‬

‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﺼــــــــــﺪق؛ ﻓﻴﻜﻮن ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﱢ‬ ‫ﻳﺒﻠﻎ ﺻﺎدﻗﺎ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﻳﻜﻮن ﻣﻊ ذﻟﻚ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺮﺿﻲ اﻟﺴـــﻴﺮة‪ ،‬ﻋﺪﻻ ﰲ أﻗﻮاﻟﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻣﺘﺸـــﺎﺑﻪ اﻟﺴــــﺮ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ﺣﺴﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ّ ْ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﻴﻌﻠﻢ اﻟﻤﻔﺘــــﻲ ﻋﻤﻦ ﻳﻨﻮب ﰲ‬ ‫واﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﺧﻠﻪ وﻣﺨــﺮﺟﻪ وأﺣﻮاﻟﻪ‪،‬‬

‫ﻓﻴﻪ ُ ْ َ‬ ‫ﻳﺬﻛﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺻـــﻔﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺪاء ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺪواء‪ ،‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﺐ‬

‫أن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﱠ‬ ‫ورﻏﻢ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻘـﺮآن ﻗﻄﻌــﻲ اﻟﺜﺒﻮت إﻻ أﳖﻢ‬ ‫اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺻـــــــــــــــﻔﺔ وﻋﺪد ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻮاﺗﺮ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت ﻣﻦ‬

‫ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻓﺄﻓﺘﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻠﻔﺎء‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻌﺪ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮا‬ ‫ﻗﻮم أﻧﻪ ﺧﻼف ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻨﺺ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ْ ُ‬ ‫اﻟﺮاﺷـﺪون ﺑﻤﺎ ﻇﻨﱠﻪ ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻋﺪوﻻ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ﻧﻈــــــــــــــﺮا ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﺛﻢ‬ ‫ﺑﻪﭫ أن ﻳﻜﻮن‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻲ ﻻﻧﻌﺪام اﻟﻤﺤﻞ أو ﻟﻌﺪم اﺳﺘﺠﻤﺎﻋﻪ ﻟﻠﺸـــﺮوط واﻟﺼــــﻔﺎت‬

‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻤﺮ ﭬ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﱠ‬ ‫دل ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺺ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻄﻊ‪.‬‬

‫ﻟﻠﺴـــــﻴﺎﺣﺔ؟! ﻧﻌﻢ ﱠ‬ ‫ﻟﻌﻞ ﺧﺸــــــﻴﺔ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وأﻋﺮاﻓﻪ‬ ‫أرﻫﺒﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺼــــــــــﺮوا ﻓﺘﻮاﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﻮاه ﻓﻤﻨﻌﻮا اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻌﺒﺆوا‬ ‫ﺑﺘﻮﻗﻴﻌﻬﻢ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﺄﺑﺎﺣﻮا اﻷوﻟـــــــــــﻰ ﻻﻧﻌﺪام ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻠﺔ‬ ‫ﻋﻨﺪﻫﻢ‪.‬‬

‫واﺟﺐ ﺑﺈﺛﺒﺎت‬ ‫وﻳﺤﺠﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ إذ إن دﻓﻊ اﻟﻀﺮر اﻟﻌﺎم‬ ‫ٌ‬ ‫اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ُ‬ ‫اﻟﺨﺎص‪ :‬ﻛﺎﻟﺤﺠﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺠﺎﻫﻞ‪ ،‬واﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﻤﺎﺟﻦ وﻫﻮ‬ ‫اﻟﻀـــﺮر‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١٥‬‬

‫اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺤﻴﻞ ‪.‬‬

‫ﻣــــــﺮﻳﻀﻪ ﺑﺠﻬﻠﻪ أو إﻫﻤﺎﻟﻪ! واﻟﻤﻔﺘــــــﻲ اﻟﻤﺎﺟﻦ ﻛﺎﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺠﺎﻫﻞ‪،‬‬ ‫ﻗﺘﻞ‬ ‫َ ُ‬ ‫أﺷﺪ ﻓﺘﻜ وأﺳﺮع ﺳﺮﻳﺎﻧ وأﻣﻀــــﻰ‬ ‫ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺿﺎﻣﻦ؛ وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺮض ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻨﺺ ِ َإﻟﻰ ِ ْ ِ‬ ‫)‪ِ (٣‬ﻣﻦ ِ ْ ِ‬ ‫واﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ‬ ‫ﻓﻘﻪ‬ ‫ﻓﻘﻪ ﱠ‬ ‫ْ‬

‫ﻓﺘﻮاه‪ ،‬وﻟﻴﻮﻗﻦ أﻧﻪ ﻣﺴﺆول ً‬ ‫ﻏﺪا وﻣﻮﻗﻮف ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﷲ ‪ .‬وﻻ ﺧﻼف ﺑﻴﻦ‬

‫َ‬ ‫ﻻ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﻘﻮل ﱠ‬ ‫ً‬ ‫إﺟﻤﺎﻻ ﻻ‬ ‫اﻷرﻛﺎن اﻟﻤﻮﺿــــــــﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮى‬ ‫إن‬

‫اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﰲ اﻹﺟﻤﺎع أﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮز وﻻ ﻳﺴـــــﻮغ وﻻ ﻳﺤﻞ‬

‫ﻧﺤﻮ اﻟﻤﻨﻴﺔ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﺗﺸـــــــــــﺨﻴﺼﻪ‬ ‫اﺳﺘﺪﻋﻰ‬ ‫وﺗﻮﻟﺪت ﻋﻨﻪ أﻣﺮاض أﺧﺮى ﱠﻓﺘﺎﻛﺔ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﻃﺒﻴ ﻣﺘﻤﺮﺳ ذا ﺗﺨﺼــــﺼــــﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﱞ‬ ‫ً‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫وﻋﻼﺟﻪ‬ ‫ُ‬ ‫ﺟﻬﺪا أﻛﱪ وﻓﺮﻳﻘ ّ‬

‫ﺗﺨـــﺮج ﻋﻦ اﺛﻨﻴﻦ‪ :‬ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺺ وﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤﻔﺘــــﻲ وﻻ‬

‫ﻷﺣﺪ أن ﻳﻔﺘﻲ ﰲ دﻳﻦ اﷲ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺣﻖ‪ ،‬رﺿﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ‬

‫ﻳﺒﺬل ﺟﻬﺪه ﰲ ﺗﺨﺼـﺼـﻪ وﻳﺴـﺘﺸـﻴﺮ زﻣﻴﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﺗﺸـﺨﻴﺼـ‬

‫اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻮى واﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺤﱢﻖ إﻻ ﺑﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ‪:‬‬

‫رﺿﻴﻪ‪ ،‬وﺳﺨﻄﻪ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﻔﺘﻲ ﻣﺨﱪ ﻋﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺣﻜﻤﻪ؛‬

‫أﺳﺮع ﻳﺴــﱪ اﻷﻏﻮار وﻳﻜﺸـــﻒ اﻷﺳﺘﺎر ﻋﻦ ﻋﻠﻞ وأدواء ﻛﺎﻣﻨﺔ أﺗﺖ ﻋﻠﻰ‬

‫أﺣﺪﻫﻤﺎ‪ :‬ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻔﻘﻪ ﻓﻴﻪ واﺳــــــــﺘﻨﺒﺎط ﻋﻠﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ وﻗﻊ‬

‫ﺣﻜﻢ ﺑﻪ وأوﺟﺒﻪ‪ ،‬واﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــــــﻰ ﻳﻘﻮل‬ ‫ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺨﱪ ﻋﻨﻪ إﻻ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ َ َ‬ ‫ﻟـﻨــﺒــﻴﻪﷺ‪ِ َ ﴿ :‬‬ ‫ﺑﻤﺎ َ ْ َ َ‬ ‫اﷲ َ َ‬ ‫أﻫﻮاءﻫﻢ﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪:‬‬ ‫وﻻ َ ﱠ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﺗﺘﺒﻊ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫َﻬﻢ ِ َ‬ ‫اﺣﻜﻢ َ ْﺑﻴﻨ ُ ْ‬ ‫وأن ْ ُ ْ‬ ‫أﻧﺰل ُ‬

‫اﻟﻤﺮﻳﺾ ﻓﻤﺎ ﻛﺎدت ﺗﺒﻘﻲ أو ﺗﺬر‪ ،‬وﻗﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﺑﺘﻤﺎﻣﻪ ﰲ ﺗﺸـــــــــــﺨﻴﺺ‬ ‫اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ وﻛﺒﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻄﺐ ﻛﺎﻟﺸــــﺮع‪ ،‬وﺿﻊ ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺼــــﺎﻟﺢ‬

‫ﻓﻴﺆﻟﻔﻮن‪ ،‬وﻻ ﻧﺤﻦ ﺑﻀﻌﻔﺎء اﻟﺸﻮﻛﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﱢ‬ ‫إﺳﻼﻣﻬﻢ ُ ﱠ‬ ‫ﻟﻨﺆﻟﻒ ﺿﻌﻔﺎء‬

‫واﻟــﻨﻮع اﻟــﺜﺎﲏ‪ :‬ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﺟﺐ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﻫﻮ ﻓﻬﻢ ﺣﻜﻢ اﷲ اﻟﺬي‬

‫‪[٤٩‬؛ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻔﺘﻲ أن ﻳﻔﺘﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺸـــﺘﻬﻲ‪ ،‬أو ﻳﻔﺘﻲ ً‬ ‫زﻳﺪا ﺑﻤﺎ ﻻ‬

‫اﻟﺴـــــــﻼﻣﺔ واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﻔﺎﺳﺪ اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ واﻷﺳﻘﺎم‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﺎ أﻣﻜﻦ‬

‫اﻹﻳﻤﺎن ﻣﻦ ذوي اﻟﺸــﻮﻛﺔ واﻟﻘﻮة‪ ،‬ﻓﻠﻮ وﻋﺪﻫﻢ اﻟﻔﺎروق ﻟﻴﺴــﺘﻤﻴﻠﻬﻢ‬

‫ﺣﻜﻢ ﺑﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ أو ﻋﻠﻰ ﻟﺴــــــــــــــﺎن رﺳﻮﻟﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻄﺒﻖ‬

‫ﺑﺄن ﱠأﻟﻒ ﻗﻠﻮﲠﻢ ﻓﺼـــــﺎروا ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻟﻮﺟﺐ ﻟﻬﻢ ﺳﻬﻢ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻪ‪،‬‬

‫أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﻤﻦ ﺑﺬل ﺟﻬﺪه واﺳـــﺘﻔﺮغ وﺳــــﻌﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻟﻢ‬

‫ﻳﺆﻟﻒ ﱠأﻟﻒ‪ ،‬ﻓﺼــــﺎر ﻋﻨﺪه ﱠ‬ ‫ﻓﺎﻷﻣﺮ إﻟﻴﻪ إن رأى أن ﱢ‬ ‫ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﺴـــــﺘﺤﻘﻮن‬

‫ﻳﻌﺪم أﺟﺮﻳﻦ أو ً‬ ‫أﺟﺮا؛ ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﻮﺻــﻞ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻴﻪ‬

‫ﻟﻠﺴــــــﻬﻢ‪ ،‬وإن رأى ﰲ ﻧﻔﺴــــــﻪ ﻗﻮة ﻓﻠﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﺆﻟﻒ اﻧﻌﺪم اﻟﻤﺤﻞ ﻓﺎرﺗﻔﻊ‬

‫إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺻﻞ ﺷﺎﻫﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﺸــــــــــــــﻖ‬

‫اﻟﻨﺺ ﻋﻠـــــــــــﻰ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻌﺪم اﻟﻤﺤﻞ ﻟﻢ ﻳﻨﻄﺒﻖ ّ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺴـﻬﻢ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ٍ‬ ‫ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت‬ ‫ﻷﻧﻪ‬ ‫ﺛﺎﺑﺖ إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ّ‬ ‫ﺑﺎق ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﱡ‬ ‫واﻟﺪﻻﻟﺔ وﻟﻢ ْ‬ ‫ﻳﻨﺰل ﺑﻌﺪه ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺨﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﻫﻮ اﻟﻤﺤﻞ ﺑﺤﺴـﺐ‬

‫اﻟﻘﻤﻴﺺ ﻣﻦ دﺑﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺮاءﺗﻪ وﺻﺪﻗﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ اﻟﺸـــــــــــﺮﻳﻌﺔ‬

‫اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻬﺬا أﺷــــــــﺒﻪ ﺑﺎﺳـــــــــﺘﻨﺒﺎط ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ‬ ‫ﻳﺨﺼــﺼـــﻪ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﺼـــﺎدم ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻲ ﰲ ﺷﻲء؛‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ إﻟﻐﺎء ﺳـــﻬﻢ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻗﻠﻮﲠﻢ ﻣﺜﻼً ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﻔﺎروق ﺿــــﺮﺑ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﻌﻄﻴﻞ أو اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻲ ﺑﻞ إن اﻟﺼـﻔﺔ واﻟﻤﺤﻞ اﻧﻌﺪﻣﺎ ﻓﻠﻢ‬ ‫ﻳﻨﻄﺒﻖ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻫﻢ ﺑﻀــــﻌﻔﺎء اﻹﻳﻤﺎن ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا أول‬

‫ﺑﺎﻟﻘﺮاﺋﻦ واﻷﻣﺎرات واﻟﻌﻼﻣﺎت ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﻠﻤ ‪.‬‬

‫)‪(١٣‬‬

‫)‪(١٤‬‬

‫وﻗﻀـــﺎﻳﺎ اﻟﺼــــﺤﺎﺑﺔ وﺟﺪﻫﺎ ﻃﺎﻓﺤﺔ ﲠﺬا‪ ،‬وﻣﻦ ﺳﻠﻚ ﻏﻴﺮ ﻫﺬا أﺿﺎع‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ‬

‫)‪(١٢‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ؛ وﻫﻜﺬا اﻷﺳـــﻬﻢ اﻷﺧﺮى ﻓﺤﻴﺚ وﺟﺪ اﻟﻔﻘﺮ ُ ِ‬ ‫ف ﺳـــﻬﻢ‬ ‫ﺻﺮ َ‬

‫ﻓﻘﻪ‬ ‫وﻗﺪ ْ َ َ‬ ‫أوﻋﺐ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﺻـــــــــــﻮل ﰲ ﻣﺒﺎﺣﺚ دﻻﻻت اﻷﻟﻔﺎظ َ‬

‫اﻟﻔﻘﺮاء‪ ،‬وﺣﻴﺚ اﻧﻌﺪﻣﺖ ﺻﻔﺔ اﻟﻔﻘﺮ َ‬ ‫ارﺗﻔﻊ‪ ،‬واﻟﻔﺮق أن ﺻﻔﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ‬ ‫ﻛﺼـــــــــــﻔﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻟﻠﺠﺒﺎة ِ‬ ‫ﻳﺤﺪﺛﻬﺎ اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﺰﻛﺎة ﻣﻦ‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫وﺣﺴــﺐ‬ ‫وﺗﻔﺼــﻴﻼ‪،‬‬ ‫وﻣﺮاﺗﺒﻪ ﺑﺤﺜ‬ ‫وأوﺟﻬﻪ‬ ‫وﻃﺮﻗﻪ‬ ‫وﺿﻮاﺑﻄﻪ‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﻘﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ّ‬ ‫أن اﻷﺻــﻮﻟﻴﻴﻦ أوﺳــﻌﻮه ﺑﺤﺜ ﰲ اﺛﻨﻴﻦ‬

‫اﻟﻨﺎس وﻟﻢ ﻳﺴـــﺘﻌﻤﻠﻪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺴـــﺘﺤﻖ ﺳﻬﻢ اﻟﺰﻛﺎة‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ‬

‫ﻣﻦ ﱢأﻣﻬﺎت اﻷﺑﻮاب‪ :‬ﺑﺎب اﻻﺟﺘﻬﺎد وﺑﺎب اﻟﻘﻴﺎس‪.‬‬

‫ﻳﻔﺘﻲ ﺑﻪ َ ْ ً‬ ‫ﻋﻤﺮا ﻟﺼـــﺪاﻗﺔ ﺗﻜﻮن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻏﺮاض؟ ‪ .‬وﻻ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣـﺮاء ﱠ‬ ‫اﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ﻻ ﻓﺘﻮى‬ ‫ﻏﺪت رأﻳ‬ ‫ﲠﻮى أو‬ ‫أن اﻟﻔﺘﻮى إذا‬ ‫ﻏـﺮض َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺘﺎﺛﺖ ً‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻳﻮﺟﺐ ﺛﻮاﺑ أو ﻋﻘﺎﺑ ‪.‬‬ ‫وﺑﻼﻏ ﻋﻦ ّ‬ ‫َ‬ ‫واﻟﺤﺠﺮ ﻋﻠﻴﻪ إن ﻛﺎن‬ ‫واﻵﺧـﺮ‪ :‬ﺗﻌــﺰﻳــﺮ اﻟﻤﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻔﺘﻮى وﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ْ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺪﻳﻦ دوﻟ ٌﺔ ً‬ ‫زﺟﺮا ﻟﻪ وﻟﻐﻴﺮه ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﺤﺴـــــــﺐ ﺣﺴــــــــﺎﺑ ﻟﻴﻮم‬ ‫ﻟﻠﻌﺪل ﱢ‬ ‫اﻟﺤﺴﺎب ﻋﻦ اﻟﻌﺒﺚ ﺑﺪﻳﻦ اﷲ وﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎس ودﻣﺎﺋﻬﻢ وأﻣﻮاﻟﻬﻢ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ‬ ‫ﻧﺼ ﻗﺎﻃﻌ ‪ ،‬وﺑِﻨ ًَﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻋﻠــــــــﻰ‬ ‫ﻣﻦ ﻟﻪ أﺗﺒﺎع ﻳﺘﺨﺬون ﻣﻦ ﻓﺘﻮاه ّ‬ ‫ﺣﺮﻣﺎت اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺤﻞ‬ ‫ﻋﻮاﺗﻘﻬﻢ ﺳﻴﻔ ﻗﺎﻃﻌ ُﺗﺴـﺘﺒﺎح ﺑﻪ ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺷﺮﻳﻌﺔ ّ‬ ‫ﻳﻌﺰر ﻫﺬا‬ ‫ﰲ‬ ‫ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸــــﺎرع‪ ،‬ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﱠ‬ ‫ﻗﻂ إﻻ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻃٍﻊ ّ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫درؤه ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻟﺠﻠﺐ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﺟﻠﺒﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ‪.‬‬ ‫وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط أو ﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼـﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ إﺣﺪى ﺻﻮر‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﺜﻼث‪ ،‬ﻓﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ﻫﻮ ﺑﺬل اﻟﻮﺳﻊ ﰲ ﻃﻠﺐ اﻟﻐﺮض‪ ،‬وﻫﻮ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ أﺿـﺮب‪ :‬ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط وﺗﻨﻘﻴﺢ اﻟﻤﻨﺎط وﺗﺨﺮﻳﺞ اﻟﻤﻨﺎط‪ ،‬أﻣﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎط ﻓﻨﻮﻋﺎن‪ :‬أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻻ ﻧﻌــــــــــﺮف ﰲ ﺟﻮازه ﺧﻼﻓ ‪ ،‬وﻫﻮ أن ﺗﻜﻮن‬ ‫اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻜﻠﻴﺔ ﰲ اﻷﺻــــــــــــــﻞ ﻣﺠﻤﻌ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻳﺠﺘﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﰲ‬ ‫)‪(١٧‬‬

‫اﻟﻔﺮع ‪ ،‬وﺛﻤﺔ أﻣﻮر ُ ﱢ َ‬ ‫ﻧﺼ وإﺟﻤﺎﻋ ‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ‬ ‫ﻋﻠﻘﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ ّ‬ ‫ﺗﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﺼـــــﻠﺤﺔ ﰲ اﻷﺷﺨﺎص واﻷﺣﻮال إﻻ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ‬ ‫)‪(١٨‬‬

‫ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻟﻠﺤﻜﻢ ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١٣‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ )‪ (١٤) .(٨ /١‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت )‪.(٩١ /٥‬‬ ‫)‪ (١٥‬اﺑﻦ أﻣﻴﺮ اﻟﺤﺎج ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ اﻟﻤﻮﻗﺖ‪ :‬اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ واﻟﺘﺤﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻜﻤﺎل ﺑﻦ اﻟﻬﻤﺎم‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ط‪١٤٠٣ ،٢‬ﻫـ ‪١٩٨٣ -‬م )‪ ،(٢٠٢ /٢‬أﻣﻴﺮ ﺑﺎدﺷﺎه ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫أﻣﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺒﺨﺎري‪ :‬ﺗﻴﺴﻴﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻴﺮوت‪ (١٦) .(٣٠١ /٢) ،‬اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪ :‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم )‪.(٦ /١‬‬ ‫اﻟﻌﻜﱪي أﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺷﻬﺎب اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ‪ :‬رﺳﺎﻟﺔ ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬د‪ .‬ﻣﻮﻓﻖ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻜﻴﺔ ‪ -‬ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ‪ ،‬ط‪١٤١٣ ،١‬ﻫـ‪١٩٩٢-‬م‪) ،‬ص‪ .(٧٩ :‬اﺑﻦ‬ ‫)‪(١٧‬‬ ‫ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اﻟﺮﻳﺎن ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ط‪١٤٢٣ ،٢‬ﻫـ‪٢٠٠٢-‬م‪ .(١٤٥ /٢) ،‬اﻵﻣﺪي أﺑﻮ‬ ‫ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﻠﻲ‪ :‬روﺿﺔ اﻟﻨﺎﻇﺮ وﺟﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ّ‬

‫)‪ (١٢‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬إﻋﻼم اﻟﻤﻮﻗﻌﻴﻦ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻴﺮوت‪ ،‬ط‪.(٦٩ /١) ،١٩٩١ ،١٤١١ ،١‬‬

‫اﻟﺤﺴﻦ ﺳﻴﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ‪ :‬اﻹﺣﻜﺎم ﰲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻋﻔﻴﻔﻲ‪ ،‬اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬دﻣﺸﻖ‪ -‬ﻟﺒﻨﺎن‪.(٣٠٢ /٣) ،‬‬ ‫)‪ (١٨‬اﻟﻐﺰاﻟﻲ‪ :‬اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ )ص‪.(٢٩١ :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪26‬‬

‫‪ 27‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻣﻦ أن َ‬ ‫ﻳﻜﺎﻓﺄ ﻻﻓﺘﺌﺎﺗﻪ؛ ﻓﺎﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘــــﻲ اﺟﺘﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫أوﻟــــﻰ ﺑﺄن َ‬

‫ﻣﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﻜﻞ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ﻻ َ‬ ‫ﱠأﻣﺎ َﻋﻦ ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺺ وﻓﻖ ﻣﺎ ﻗﻨﱠﻨَﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﱠ ُ‬ ‫ّأﻧﻪ ﻻ ﺷـﻲء ﻣﻦ ﻃﺮق اﻟﺪﻻﻟﺔ وﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ ﺳــﻮى اﻟﻤﺤﻜﻢ ٍ‬ ‫ﺑﻤﻔﻴﺪ ﻟﻠﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻣﺎ‬

‫ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ‬ ‫وأﻣﺎ‬ ‫اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻛﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ اﻟﻤﺘﻮاﺗـــــــﺮ اﻟﻤﻌﻨﻮي‪ ،‬ﱠ‬ ‫ّ‬

‫وأﻣﺎ ﺗﺠﺎوز أﺣﺪﻫﻢ اﻟﻴﻮم ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻲ ﺑﺎﻟﺘﺸــــــــﻬﻲ واﻟﻬﻮى ﻻ‬ ‫ﱠ‬

‫دام اﻟﻨﺺ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﻟﻮﺟﻮه وﺛﻤﺔ ﻃﺮق ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﺘﻔﺴـﻴﺮه وﺗﺄوﻳﻠﻪ واﻟﺬﻫﺎب‬

‫ً‬ ‫واﺣﺪا‪ ،‬وﺗﺘﻮﻗﻒ‬ ‫ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻘﻮل وﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ إﻻ ﻣﻌﻨــﻰ‬

‫ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﰲ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼــــﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻓﻬﻮ ﺿﺮب‬

‫ﺷﺘﻰ ّ‬ ‫اﻟﺘﻤﺤﻞ واﻟﺘﻜﻠﻒ ﰲ ﺗﻔﺴــﻴﺮ اﻟﻨﺺ وﺗﺄوﻳﻠﻪ‬ ‫ﺑﺎب‬ ‫ﺑﻤﻌﻨﺎه ﻣﺬاﻫﺐ ﱠ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻓﺈن َ‬

‫ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ‬ ‫ﱠ‬ ‫وأﻣﺎ ﻓﻘﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺗﺸﺨﻴﺼﻬﺎ ﻟﺘﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨّﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﻣﺎ ُ ﱠ‬

‫ﻗﻄﻌﻴﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻔﺎء ﻣﻮاﻧﻊ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻌﺸﺮة‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﻘﻄﻌﻴﺔ‬

‫وﻧﻮع ﻣﻦ اﺳﺘﺒﺪال اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﺮأي واﻟﻬﻮى‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺚ ﺑﺎﻟﺸــــــــــﺮﻳﻌﺔ‬ ‫ٌ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺠﺘﻬﺪا ﻓﻴﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺺ‬ ‫ودﻻﻟﺔ وﺧﺮوﺟﻪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ‬ ‫اﻟﻨﺺ ﺛﺒﻮﺗ‬

‫ﱠ‬ ‫ﺑﺎﻟﺸﺮع‪ ،‬وإﻻ ﻓﻤﺎ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ ﻣﺴــــــــــــــــﺄﻟﺔ إﺑﺎﺣﺔ ﺑﻴﻊ اﻟﺨﻤﺮ ﻟﺘﺮوﻳﺞ‬

‫ُﻟﻴﻄﺎوع ﻫﻮى ذوي اﻷﻫﻮاء ﻟﻦ ُ َ‬ ‫ﻳﻐﻠﻖ‪ ،‬وﻟﻦ ﻳﻮﺻﺪه ﺳﻮى أﻣﺮﻳﻦ‪:‬‬ ‫أوﻟﻬﻤﺎ‪ :‬ﱢ‬ ‫ﺗﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻲ أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺑﺼــــــــﻔﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد وﺷﺮوﻃﻪ‪،‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﺤﻞ اﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬وﲠﺬا ﺗﻔﺴـــــﺮ وﻗﺎﺋﻊ ﻋﺪة ﻟﻢ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬

‫اﻟﺴـــــــــــﻴﺎﺣﺔ‪ ،‬وﺗﺤﺮﻳﻢ اﻻﺗﺠﺎر ﺑﺎﻟﺮﻗﻴﻖ اﻷﺑﻴﺾ وﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﺗﺮوﻳﺠ‬

‫وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺘﻘﻮى واﻟﻮرع واﺳﺘﺸـــــــــﻌﺎر ﻫﻴﺒﺔ اﷲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻔﺘﻲ‬

‫ﻳﺴـــــﺘﻨﻜﺮ أن ﻳﻘﺎل إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﻗﻞ ﺷﺄﻧ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫وﻗﺪرا ﰲ اﻟﻔﺘﻮى ﻣﻦ ﻓﻘﻪ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎط ﻓﻼ ُ‬ ‫اﻟﻨﺺ ِ‬ ‫واﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺒﻂ‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﺸﺨﻴﺺ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻟﻸﻣﺮاض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وﺻﻔﺘﻪ‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤﺎ ﲥﻴﺄت أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺸـــــــــﺨﻴﺺ وآﻻﺗﻪ ووﺳﺎﺋﻠﻪ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻨﺺ َ ْ َ ُ ُ‬

‫ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻨﻪ ﺑﻔﺘﻮاه‪ ،‬وﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ُ ﱢ‬ ‫ﻳﺒﻠﻎ‪،‬‬ ‫واﻟﺼـــﺪق ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﺼـــﻠﺢ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺑﺎﻟﺮواﻳﺔ واﻟﻔﺘﻴﺎ إﻻ ﻟﻤﻦ اﺗﺼـــﻒ‬

‫ً‬ ‫ﺳــﱪا دﻗﻴﻘ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺻــﻔﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ أﻋﻤﻖ‬ ‫وﺳـﱪَ اﻟﻄﺒﻴﺐ أﺣﻮال اﻟﻤﺮﻳﺾ‬ ‫ّ‬ ‫ﺻﻮرﻳ ﻻ ﻣﺒﺎﻻة وﻻ ﺟﻬﺪ‬ ‫وأدق وأﺟﺪى وأﻧﻔﻊ‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺗﺸــﺨﻴﺼـــﻪ ُ ْ ِ ّ‬

‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﺼــــــــــﺪق؛ ﻓﻴﻜﻮن ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﱢ‬ ‫ﻳﺒﻠﻎ ﺻﺎدﻗﺎ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﻳﻜﻮن ﻣﻊ ذﻟﻚ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺮﺿﻲ اﻟﺴـــﻴﺮة‪ ،‬ﻋﺪﻻ ﰲ أﻗﻮاﻟﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻣﺘﺸـــﺎﺑﻪ اﻟﺴــــﺮ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ﺣﺴﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ّ ْ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﻴﻌﻠﻢ اﻟﻤﻔﺘــــﻲ ﻋﻤﻦ ﻳﻨﻮب ﰲ‬ ‫واﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﺧﻠﻪ وﻣﺨــﺮﺟﻪ وأﺣﻮاﻟﻪ‪،‬‬

‫ﻓﻴﻪ ُ ْ َ‬ ‫ﻳﺬﻛﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺻـــﻔﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺪاء ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺪواء‪ ،‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﺐ‬

‫أن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﱠ‬ ‫ورﻏﻢ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻘـﺮآن ﻗﻄﻌــﻲ اﻟﺜﺒﻮت إﻻ أﳖﻢ‬ ‫اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺻـــــــــــــــﻔﺔ وﻋﺪد ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻮاﺗﺮ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت ﻣﻦ‬

‫ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻓﺄﻓﺘﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻠﻔﺎء‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻌﺪ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮا‬ ‫ﻗﻮم أﻧﻪ ﺧﻼف ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻨﺺ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ْ ُ‬ ‫اﻟﺮاﺷـﺪون ﺑﻤﺎ ﻇﻨﱠﻪ ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻋﺪوﻻ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ﻧﻈــــــــــــــﺮا ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﺛﻢ‬ ‫ﺑﻪﭫ أن ﻳﻜﻮن‬ ‫اﻟﻘﻄﻌﻲ ﻻﻧﻌﺪام اﻟﻤﺤﻞ أو ﻟﻌﺪم اﺳﺘﺠﻤﺎﻋﻪ ﻟﻠﺸـــﺮوط واﻟﺼــــﻔﺎت‬

‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻤﺮ ﭬ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﱠ‬ ‫دل ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺺ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻄﻊ‪.‬‬

‫ﻟﻠﺴـــــﻴﺎﺣﺔ؟! ﻧﻌﻢ ﱠ‬ ‫ﻟﻌﻞ ﺧﺸــــــﻴﺔ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وأﻋﺮاﻓﻪ‬ ‫أرﻫﺒﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺼــــــــــﺮوا ﻓﺘﻮاﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﻮاه ﻓﻤﻨﻌﻮا اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻌﺒﺆوا‬ ‫ﺑﺘﻮﻗﻴﻌﻬﻢ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﺄﺑﺎﺣﻮا اﻷوﻟـــــــــــﻰ ﻻﻧﻌﺪام ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻠﺔ‬ ‫ﻋﻨﺪﻫﻢ‪.‬‬

‫واﺟﺐ ﺑﺈﺛﺒﺎت‬ ‫وﻳﺤﺠﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ إذ إن دﻓﻊ اﻟﻀﺮر اﻟﻌﺎم‬ ‫ٌ‬ ‫اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ُ‬ ‫اﻟﺨﺎص‪ :‬ﻛﺎﻟﺤﺠﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺠﺎﻫﻞ‪ ،‬واﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﻤﺎﺟﻦ وﻫﻮ‬ ‫اﻟﻀـــﺮر‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١٥‬‬

‫اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺤﻴﻞ ‪.‬‬

‫ﻣــــــﺮﻳﻀﻪ ﺑﺠﻬﻠﻪ أو إﻫﻤﺎﻟﻪ! واﻟﻤﻔﺘــــــﻲ اﻟﻤﺎﺟﻦ ﻛﺎﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺠﺎﻫﻞ‪،‬‬ ‫ﻗﺘﻞ‬ ‫َ ُ‬ ‫أﺷﺪ ﻓﺘﻜ وأﺳﺮع ﺳﺮﻳﺎﻧ وأﻣﻀــــﻰ‬ ‫ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺿﺎﻣﻦ؛ وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺮض ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻨﺺ ِ َإﻟﻰ ِ ْ ِ‬ ‫)‪ِ (٣‬ﻣﻦ ِ ْ ِ‬ ‫واﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ‬ ‫ﻓﻘﻪ‬ ‫ﻓﻘﻪ ﱠ‬ ‫ْ‬

‫ﻓﺘﻮاه‪ ،‬وﻟﻴﻮﻗﻦ أﻧﻪ ﻣﺴﺆول ً‬ ‫ﻏﺪا وﻣﻮﻗﻮف ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﷲ ‪ .‬وﻻ ﺧﻼف ﺑﻴﻦ‬

‫َ‬ ‫ﻻ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﻘﻮل ﱠ‬ ‫ً‬ ‫إﺟﻤﺎﻻ ﻻ‬ ‫اﻷرﻛﺎن اﻟﻤﻮﺿــــــــﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮى‬ ‫إن‬

‫اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﰲ اﻹﺟﻤﺎع أﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮز وﻻ ﻳﺴـــــﻮغ وﻻ ﻳﺤﻞ‬

‫ﻧﺤﻮ اﻟﻤﻨﻴﺔ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﺗﺸـــــــــــﺨﻴﺼﻪ‬ ‫اﺳﺘﺪﻋﻰ‬ ‫وﺗﻮﻟﺪت ﻋﻨﻪ أﻣﺮاض أﺧﺮى ﱠﻓﺘﺎﻛﺔ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﻃﺒﻴ ﻣﺘﻤﺮﺳ ذا ﺗﺨﺼــــﺼــــﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﱞ‬ ‫ً‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫وﻋﻼﺟﻪ‬ ‫ُ‬ ‫ﺟﻬﺪا أﻛﱪ وﻓﺮﻳﻘ ّ‬

‫ﺗﺨـــﺮج ﻋﻦ اﺛﻨﻴﻦ‪ :‬ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺺ وﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤﻔﺘــــﻲ وﻻ‬

‫ﻷﺣﺪ أن ﻳﻔﺘﻲ ﰲ دﻳﻦ اﷲ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺣﻖ‪ ،‬رﺿﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ‬

‫ﻳﺒﺬل ﺟﻬﺪه ﰲ ﺗﺨﺼـﺼـﻪ وﻳﺴـﺘﺸـﻴﺮ زﻣﻴﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﺗﺸـﺨﻴﺼـ‬

‫اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻮى واﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺤﱢﻖ إﻻ ﺑﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ‪:‬‬

‫رﺿﻴﻪ‪ ،‬وﺳﺨﻄﻪ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﻔﺘﻲ ﻣﺨﱪ ﻋﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺣﻜﻤﻪ؛‬

‫أﺳﺮع ﻳﺴــﱪ اﻷﻏﻮار وﻳﻜﺸـــﻒ اﻷﺳﺘﺎر ﻋﻦ ﻋﻠﻞ وأدواء ﻛﺎﻣﻨﺔ أﺗﺖ ﻋﻠﻰ‬

‫أﺣﺪﻫﻤﺎ‪ :‬ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻔﻘﻪ ﻓﻴﻪ واﺳــــــــﺘﻨﺒﺎط ﻋﻠﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ وﻗﻊ‬

‫ﺣﻜﻢ ﺑﻪ وأوﺟﺒﻪ‪ ،‬واﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــــــﻰ ﻳﻘﻮل‬ ‫ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺨﱪ ﻋﻨﻪ إﻻ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ َ َ‬ ‫ﻟـﻨــﺒــﻴﻪﷺ‪ِ َ ﴿ :‬‬ ‫ﺑﻤﺎ َ ْ َ َ‬ ‫اﷲ َ َ‬ ‫أﻫﻮاءﻫﻢ﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪:‬‬ ‫وﻻ َ ﱠ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﺗﺘﺒﻊ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫َﻬﻢ ِ َ‬ ‫اﺣﻜﻢ َ ْﺑﻴﻨ ُ ْ‬ ‫وأن ْ ُ ْ‬ ‫أﻧﺰل ُ‬

‫اﻟﻤﺮﻳﺾ ﻓﻤﺎ ﻛﺎدت ﺗﺒﻘﻲ أو ﺗﺬر‪ ،‬وﻗﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﺑﺘﻤﺎﻣﻪ ﰲ ﺗﺸـــــــــــﺨﻴﺺ‬ ‫اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ وﻛﺒﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻄﺐ ﻛﺎﻟﺸــــﺮع‪ ،‬وﺿﻊ ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺼــــﺎﻟﺢ‬

‫ﻓﻴﺆﻟﻔﻮن‪ ،‬وﻻ ﻧﺤﻦ ﺑﻀﻌﻔﺎء اﻟﺸﻮﻛﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﱢ‬ ‫إﺳﻼﻣﻬﻢ ُ ﱠ‬ ‫ﻟﻨﺆﻟﻒ ﺿﻌﻔﺎء‬

‫واﻟــﻨﻮع اﻟــﺜﺎﲏ‪ :‬ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﺟﺐ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﻫﻮ ﻓﻬﻢ ﺣﻜﻢ اﷲ اﻟﺬي‬

‫‪[٤٩‬؛ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻔﺘﻲ أن ﻳﻔﺘﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺸـــﺘﻬﻲ‪ ،‬أو ﻳﻔﺘﻲ ً‬ ‫زﻳﺪا ﺑﻤﺎ ﻻ‬

‫اﻟﺴـــــــﻼﻣﺔ واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﻔﺎﺳﺪ اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ واﻷﺳﻘﺎم‪ ،‬وﻟﺪرء ﻣﺎ أﻣﻜﻦ‬

‫اﻹﻳﻤﺎن ﻣﻦ ذوي اﻟﺸــﻮﻛﺔ واﻟﻘﻮة‪ ،‬ﻓﻠﻮ وﻋﺪﻫﻢ اﻟﻔﺎروق ﻟﻴﺴــﺘﻤﻴﻠﻬﻢ‬

‫ﺣﻜﻢ ﺑﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ أو ﻋﻠﻰ ﻟﺴــــــــــــــﺎن رﺳﻮﻟﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻄﺒﻖ‬

‫ﺑﺄن ﱠأﻟﻒ ﻗﻠﻮﲠﻢ ﻓﺼـــــﺎروا ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻟﻮﺟﺐ ﻟﻬﻢ ﺳﻬﻢ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻪ‪،‬‬

‫أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﻤﻦ ﺑﺬل ﺟﻬﺪه واﺳـــﺘﻔﺮغ وﺳــــﻌﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻟﻢ‬

‫ﻳﺆﻟﻒ ﱠأﻟﻒ‪ ،‬ﻓﺼــــﺎر ﻋﻨﺪه ﱠ‬ ‫ﻓﺎﻷﻣﺮ إﻟﻴﻪ إن رأى أن ﱢ‬ ‫ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﺴـــــﺘﺤﻘﻮن‬

‫ﻳﻌﺪم أﺟﺮﻳﻦ أو ً‬ ‫أﺟﺮا؛ ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﻮﺻــﻞ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻴﻪ‬

‫ﻟﻠﺴــــــﻬﻢ‪ ،‬وإن رأى ﰲ ﻧﻔﺴــــــﻪ ﻗﻮة ﻓﻠﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﺆﻟﻒ اﻧﻌﺪم اﻟﻤﺤﻞ ﻓﺎرﺗﻔﻊ‬

‫إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺻﻞ ﺷﺎﻫﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﺸــــــــــــــﻖ‬

‫اﻟﻨﺺ ﻋﻠـــــــــــﻰ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻌﺪم اﻟﻤﺤﻞ ﻟﻢ ﻳﻨﻄﺒﻖ ّ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺴـﻬﻢ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ٍ‬ ‫ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت‬ ‫ﻷﻧﻪ‬ ‫ﺛﺎﺑﺖ إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ّ‬ ‫ﺑﺎق ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﱡ‬ ‫واﻟﺪﻻﻟﺔ وﻟﻢ ْ‬ ‫ﻳﻨﺰل ﺑﻌﺪه ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺨﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﻫﻮ اﻟﻤﺤﻞ ﺑﺤﺴـﺐ‬

‫اﻟﻘﻤﻴﺺ ﻣﻦ دﺑﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺮاءﺗﻪ وﺻﺪﻗﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ اﻟﺸـــــــــــﺮﻳﻌﺔ‬

‫اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻬﺬا أﺷــــــــﺒﻪ ﺑﺎﺳـــــــــﺘﻨﺒﺎط ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ‬ ‫ﻳﺨﺼــﺼـــﻪ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﺼـــﺎدم ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻲ ﰲ ﺷﻲء؛‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ إﻟﻐﺎء ﺳـــﻬﻢ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻗﻠﻮﲠﻢ ﻣﺜﻼً ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﻔﺎروق ﺿــــﺮﺑ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﻌﻄﻴﻞ أو اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻲ ﺑﻞ إن اﻟﺼـﻔﺔ واﻟﻤﺤﻞ اﻧﻌﺪﻣﺎ ﻓﻠﻢ‬ ‫ﻳﻨﻄﺒﻖ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻫﻢ ﺑﻀــــﻌﻔﺎء اﻹﻳﻤﺎن ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا أول‬

‫ﺑﺎﻟﻘﺮاﺋﻦ واﻷﻣﺎرات واﻟﻌﻼﻣﺎت ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﻠﻤ ‪.‬‬

‫)‪(١٣‬‬

‫)‪(١٤‬‬

‫وﻗﻀـــﺎﻳﺎ اﻟﺼــــﺤﺎﺑﺔ وﺟﺪﻫﺎ ﻃﺎﻓﺤﺔ ﲠﺬا‪ ،‬وﻣﻦ ﺳﻠﻚ ﻏﻴﺮ ﻫﺬا أﺿﺎع‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ‬

‫)‪(١٢‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ؛ وﻫﻜﺬا اﻷﺳـــﻬﻢ اﻷﺧﺮى ﻓﺤﻴﺚ وﺟﺪ اﻟﻔﻘﺮ ُ ِ‬ ‫ف ﺳـــﻬﻢ‬ ‫ﺻﺮ َ‬

‫ﻓﻘﻪ‬ ‫وﻗﺪ ْ َ َ‬ ‫أوﻋﺐ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﺻـــــــــــﻮل ﰲ ﻣﺒﺎﺣﺚ دﻻﻻت اﻷﻟﻔﺎظ َ‬

‫اﻟﻔﻘﺮاء‪ ،‬وﺣﻴﺚ اﻧﻌﺪﻣﺖ ﺻﻔﺔ اﻟﻔﻘﺮ َ‬ ‫ارﺗﻔﻊ‪ ،‬واﻟﻔﺮق أن ﺻﻔﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ‬ ‫ﻛﺼـــــــــــﻔﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻟﻠﺠﺒﺎة ِ‬ ‫ﻳﺤﺪﺛﻬﺎ اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﺰﻛﺎة ﻣﻦ‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫وﺣﺴــﺐ‬ ‫وﺗﻔﺼــﻴﻼ‪،‬‬ ‫وﻣﺮاﺗﺒﻪ ﺑﺤﺜ‬ ‫وأوﺟﻬﻪ‬ ‫وﻃﺮﻗﻪ‬ ‫وﺿﻮاﺑﻄﻪ‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﻘﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ّ‬ ‫أن اﻷﺻــﻮﻟﻴﻴﻦ أوﺳــﻌﻮه ﺑﺤﺜ ﰲ اﺛﻨﻴﻦ‬

‫اﻟﻨﺎس وﻟﻢ ﻳﺴـــﺘﻌﻤﻠﻪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺴـــﺘﺤﻖ ﺳﻬﻢ اﻟﺰﻛﺎة‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ‬

‫ﻣﻦ ﱢأﻣﻬﺎت اﻷﺑﻮاب‪ :‬ﺑﺎب اﻻﺟﺘﻬﺎد وﺑﺎب اﻟﻘﻴﺎس‪.‬‬

‫ﻳﻔﺘﻲ ﺑﻪ َ ْ ً‬ ‫ﻋﻤﺮا ﻟﺼـــﺪاﻗﺔ ﺗﻜﻮن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻏﺮاض؟ ‪ .‬وﻻ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻣـﺮاء ﱠ‬ ‫اﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ﻻ ﻓﺘﻮى‬ ‫ﻏﺪت رأﻳ‬ ‫ﲠﻮى أو‬ ‫أن اﻟﻔﺘﻮى إذا‬ ‫ﻏـﺮض َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺘﺎﺛﺖ ً‬ ‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻳﻮﺟﺐ ﺛﻮاﺑ أو ﻋﻘﺎﺑ ‪.‬‬ ‫وﺑﻼﻏ ﻋﻦ ّ‬ ‫َ‬ ‫واﻟﺤﺠﺮ ﻋﻠﻴﻪ إن ﻛﺎن‬ ‫واﻵﺧـﺮ‪ :‬ﺗﻌــﺰﻳــﺮ اﻟﻤﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻔﺘﻮى وﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ْ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺪﻳﻦ دوﻟ ٌﺔ ً‬ ‫زﺟﺮا ﻟﻪ وﻟﻐﻴﺮه ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﺤﺴـــــــﺐ ﺣﺴــــــــﺎﺑ ﻟﻴﻮم‬ ‫ﻟﻠﻌﺪل ﱢ‬ ‫اﻟﺤﺴﺎب ﻋﻦ اﻟﻌﺒﺚ ﺑﺪﻳﻦ اﷲ وﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎس ودﻣﺎﺋﻬﻢ وأﻣﻮاﻟﻬﻢ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ‬ ‫ﻧﺼ ﻗﺎﻃﻌ ‪ ،‬وﺑِﻨ ًَﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻋﻠــــــــﻰ‬ ‫ﻣﻦ ﻟﻪ أﺗﺒﺎع ﻳﺘﺨﺬون ﻣﻦ ﻓﺘﻮاه ّ‬ ‫ﺣﺮﻣﺎت اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺤﻞ‬ ‫ﻋﻮاﺗﻘﻬﻢ ﺳﻴﻔ ﻗﺎﻃﻌ ُﺗﺴـﺘﺒﺎح ﺑﻪ ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺷﺮﻳﻌﺔ ّ‬ ‫ﻳﻌﺰر ﻫﺬا‬ ‫ﰲ‬ ‫ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸــــﺎرع‪ ،‬ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﱠ‬ ‫ﻗﻂ إﻻ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻃٍﻊ ّ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫درؤه ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻟﺠﻠﺐ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﺟﻠﺒﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ‪.‬‬ ‫وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط أو ﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼـﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ إﺣﺪى ﺻﻮر‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﺜﻼث‪ ،‬ﻓﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ﻫﻮ ﺑﺬل اﻟﻮﺳﻊ ﰲ ﻃﻠﺐ اﻟﻐﺮض‪ ،‬وﻫﻮ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ أﺿـﺮب‪ :‬ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط وﺗﻨﻘﻴﺢ اﻟﻤﻨﺎط وﺗﺨﺮﻳﺞ اﻟﻤﻨﺎط‪ ،‬أﻣﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎط ﻓﻨﻮﻋﺎن‪ :‬أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻻ ﻧﻌــــــــــﺮف ﰲ ﺟﻮازه ﺧﻼﻓ ‪ ،‬وﻫﻮ أن ﺗﻜﻮن‬ ‫اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻜﻠﻴﺔ ﰲ اﻷﺻــــــــــــــﻞ ﻣﺠﻤﻌ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻳﺠﺘﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﰲ‬ ‫)‪(١٧‬‬

‫اﻟﻔﺮع ‪ ،‬وﺛﻤﺔ أﻣﻮر ُ ﱢ َ‬ ‫ﻧﺼ وإﺟﻤﺎﻋ ‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ‬ ‫ﻋﻠﻘﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼــــﻠﺤﺔ ّ‬ ‫ﺗﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﺼـــــﻠﺤﺔ ﰲ اﻷﺷﺨﺎص واﻷﺣﻮال إﻻ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ‬ ‫)‪(١٨‬‬

‫ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻟﻠﺤﻜﻢ ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١٣‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ )‪ (١٤) .(٨ /١‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت )‪.(٩١ /٥‬‬ ‫)‪ (١٥‬اﺑﻦ أﻣﻴﺮ اﻟﺤﺎج ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ اﻟﻤﻮﻗﺖ‪ :‬اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ واﻟﺘﺤﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻜﻤﺎل ﺑﻦ اﻟﻬﻤﺎم‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ط‪١٤٠٣ ،٢‬ﻫـ ‪١٩٨٣ -‬م )‪ ،(٢٠٢ /٢‬أﻣﻴﺮ ﺑﺎدﺷﺎه ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫أﻣﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺒﺨﺎري‪ :‬ﺗﻴﺴﻴﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻴﺮوت‪ (١٦) .(٣٠١ /٢) ،‬اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪ :‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم )‪.(٦ /١‬‬ ‫اﻟﻌﻜﱪي أﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺷﻬﺎب اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ‪ :‬رﺳﺎﻟﺔ ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬د‪ .‬ﻣﻮﻓﻖ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻜﻴﺔ ‪ -‬ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ‪ ،‬ط‪١٤١٣ ،١‬ﻫـ‪١٩٩٢-‬م‪) ،‬ص‪ .(٧٩ :‬اﺑﻦ‬ ‫)‪(١٧‬‬ ‫ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اﻟﺮﻳﺎن ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ط‪١٤٢٣ ،٢‬ﻫـ‪٢٠٠٢-‬م‪ .(١٤٥ /٢) ،‬اﻵﻣﺪي أﺑﻮ‬ ‫ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﻠﻲ‪ :‬روﺿﺔ اﻟﻨﺎﻇﺮ وﺟﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ّ‬

‫)‪ (١٢‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬إﻋﻼم اﻟﻤﻮﻗﻌﻴﻦ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻴﺮوت‪ ،‬ط‪.(٦٩ /١) ،١٩٩١ ،١٤١١ ،١‬‬

‫اﻟﺤﺴﻦ ﺳﻴﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ‪ :‬اﻹﺣﻜﺎم ﰲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻋﻔﻴﻔﻲ‪ ،‬اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬دﻣﺸﻖ‪ -‬ﻟﺒﻨﺎن‪.(٣٠٢ /٣) ،‬‬ ‫)‪ (١٨‬اﻟﻐﺰاﻟﻲ‪ :‬اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ )ص‪.(٢٩١ :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪26‬‬

‫‪ 27‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻌﻘﻴﺪة‬ ‫ﻳﺴﻤﻲ اﷲ ﻣﻮاﻻة اﻟﻤﺴـﻠﻢ ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﺳﻮى‬ ‫ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ُ ﱢ‬

‫ووﺳﻢ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ َ‬ ‫وآﺧﺮون ﻓﻘﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼﻮص‬ ‫َ َ‬

‫ﻣﺴــﺘﺄﻧﻔﺔ ﰲ ﻧﻔﺴـــﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﻧﻈﻴــﺮ‪ ،‬وإن ﺗﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻷﻣﺮ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺜﺎﲏ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﻨﻈـــــﺮ اﻟﺨﺎص‪ ،‬ﻓﺄﻋﻠــــــﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا وأدق‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ‬

‫ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﺑﺄﻧﻪ ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﻀــﺮب اﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬

‫ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻘﺪم ﻟﻨﺎ؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ إن ﻓﺮﺿﻨﺎ أﻧﻪ‬

‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻧﺎﺷﻰء ﻋﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻘﻮى‪ ...‬وﻗﺪ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ‪ ،‬وﻳﺸــــﻴﺮ‬

‫ﻇﻠﻤ‬

‫ً‬ ‫واﺣﺪا ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻧﻌﺪاﻣﻪ وارﺗﻔﺎﻋﻪ‬ ‫اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ إﻟــــﻰ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻗﻮﻻ‬

‫ﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈــــــﺮ ﰲ ﻛﻮﳖﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ ً‬ ‫أوﻻ‪ ،‬وﻫﻮ ﻧﻈـــــــﺮ‬

‫إﻟﻴﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ ﴿ :‬ﻳﺆﰐ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺸـــــــﺎء وﻣﻦ ﻳﺆت اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻘﺪ‬

‫ﱢ‬ ‫وﻳﻮﻟﺪون ﻋﻦ اﻟﺘﻜﻔﻴــــﺮ أﺣﻜﺎﻣ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء واﻷﻣﻮال وﻏﻴــــﺮﻫﻤﺎ‪،‬‬

‫ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬وﺣﺴـــﺒﻚ ﲠﺬه اﻟﺼـــﻔﺔ ً‬ ‫وإﻋﻼء ﻟﺸــــﺄن ﻓﻘﻪ‬ ‫رﻓﻌﺔ‬ ‫ً‬

‫اﺟﺘﻬﺎدي أﻳﻀ ‪.‬‬

‫ﺧﻴﺮا ً‬ ‫أوﰐ ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا﴾ ]اﻟﺒﻘـﺮة‪ ،[٢٦٩ :‬ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ‪" :‬ﻳﻘﻊ ﺑﻘﻠﺒـﻲ أن اﻟﺤﻜﻤﺔ‬

‫ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﺈﺣﻼل ﻣﺴـــــﺎﺋﻞ اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻣﺤﻞ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ‪،‬‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﺸــﺨﻴﺼــﻬﺎ‪" ،‬وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻫﻮ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬

‫وﻳﻜﻔﻴﻚ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﺸــــــــﺮﻳﻌﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻛﻞ ﺟﺰﺋﻴﺔ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ِ َ ِ‬ ‫ﺣﺪﺗﻬﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ أﺗﺖ ﺑﺄﻣﻮر ﻛﻠﻴﺔ وﻋﺒﺎرات ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺗﺘﻨﺎول أﻋﺪادا‬

‫اﻟﻔﻘﻪ ﰲ دﻳﻦ اﷲ‪ ،‬وأﻣﺮ ﻳﺪﺧﻠﻪ اﷲ اﻟﻘﻠﻮب ﻣﻦ رﺣﻤﺘﻪ وﻓﻀــــــﻠﻪ"‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫ﻛﺮه ﻣﺎﻟﻚ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻌﻠﻢ ‪ -‬ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺘﺎوى ‪-‬؛ ﻓﺴـــﺌﻞ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي‬

‫ً‬ ‫ﺟﺬرﻳ ﰲ اﻷﺣﻜﺎم‪،‬‬ ‫ﺗﻐﻴﻴﺮا‬ ‫وﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﰲ وﺻـــﻒ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‬ ‫ّ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ ﻟﻬﻢ اﻟﻤﺘﻤﺴـــــــﻜﻴﻦ‬ ‫ﺑﻠﻪ‬ ‫ﺗﺰداد اﻟﻬﻮة اﺗﺴــــــﺎﻋ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ْ َ‬

‫ﻛﻠﻲ‬ ‫ﻗﻴﺎم اﻟﺴــﺎﻋﺔ؛ وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺨﺎص ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﱞ‬ ‫ﰲ ﻛﻞ زﻣﺎن ﻋﺎم ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أو أﻛﺜــــﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻓـــــﺮض ارﺗﻔﺎﻋﻪ‬

‫ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ؛ ﻓﻠﻜﻞ ﻣﻌﻴﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻏﻴﺮه وﻟﻮ ﰲ‬

‫ﻧﺼـــــــﻨﻊ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺗﺤﻔﻈﻮن وﺗﻔﻬﻤﻮن ﺣﺘﻰ ﺗﺴــــــــﺘﻨﻴﺮ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻻ‬

‫ﺑﻨﺺ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪﻻﻟﺔ‪ ،‬وﻳﺘﺴــــﻊ‬ ‫ﺑﻔﺘﺎواﻫﻢ ّ‬ ‫أﺷﺪ ﻣﻦ ﺗﻤﺴـــﻜﻬﻢ ّ‬

‫ً‬ ‫ﻣﻌﺘﱪا ﰲ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺈﻃﻼق‪ ،‬وﻻ ﻫﻮ‬ ‫ﻧﻔﺲ اﻟﺘﻌﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﲠﺎ ﻻﻣﺘﻴﺎز‬

‫ﺗﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬

‫اﻟﺨﺮق ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﻗﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻜﺎد ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﺤﺎول رأب اﻟﺼـــــــﺪع وﺣﻘﻦ‬

‫‪.‬‬

‫ﻃﺮدي ﺑﺈﻃﻼق‪ ،‬ﺑﻞ ذﻟﻚ ﻣﻨﻘﺴـﻢ إﻟﻰ اﻟﻀـﺮﺑﻴﻦ‪ ،‬وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻗﺴـﻢ ﺛﺎﻟﺚ‬

‫وﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط اﻟﺨﺎص ﻧﻈﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ‬

‫"وﻟﻮ ﻓﺮض ارﺗﻔﺎع ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻟﻢ ﺗﺘﻨﺰل اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸــــــﺮﻋﻴﺔ‬

‫إﻟــــﻰ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻌــــﺮف ﻣﻨﻪ ﻣﺪاﺧﻞ‬

‫ﻋﻠـــﻰ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ إﻻ ﰲ اﻟﺬﻫﻦ؛ ﻷﳖﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎت وﻋﻤﻮﻣﺎت وﻣﺎ‬ ‫ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻣﻨـﺰﻻت ﻋﻠـﻰ أﻓﻌﺎل ﻣﻄﻠﻘﺎت ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬واﻷﻓﻌﺎل ﻻ‬

‫اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻄﻊ أﺻــــــﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻋﻨﺪ‬

‫ﻻرﺗﻔﻊ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ اﻟﺸﺮﻋﻲ أو ﺟﻤﻴﻌﻪ وذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ"‬

‫)‪(١٩‬‬

‫)‪(٢٣‬‬

‫ﻗﻮم ً‬ ‫ﺑﻨﺎء ﻋﻠـﻰ ﻗﺎﻋﺪﲥﻢ أن ﻻزم اﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﺬﻫﺐ‬ ‫َ ﱡ‬ ‫ﻛﻔﺮا ً‬ ‫ﻳﻌﺪﻫﺎ ٌ‬

‫اﻟﺪﻣﺎء ﻟﻠﺼـــﻠﺢ ﻣﺪﺧﻼ؛ وﻟﻨﻤﺜﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻤﺴـــﺄﻟﺔ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر ﰲ‬ ‫ﱢ‬

‫ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺠﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ؛ ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﺻﻮرة ﻣﻦ اﻟﺼـــــــــﻮر اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮ ﺳـﻬﻞ أو ﺻـﻌﺐ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻘﻖ ﺗﺤﺖ أي‬ ‫اﻟﻤﻌﻴﻨﺔ إﻻ‬

‫اﻟﺸـــــــــــﻴﻄﺎن‪ ،‬وﻣﺪاﺧﻞ اﻟﻬﻮى واﻟﺤﻈﻮظ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ ﻫﺬا‬

‫ِ‬ ‫اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ُ ْ ٌ‬ ‫ﻋﺰل ُ ِ َ‬ ‫ﻟﻮﺣﻆ أن ﺑﻌﺾ‬ ‫رﻏﻢ أن اﻟﻤﺘﻈﺎﻫـــــــــــــﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‬

‫دﻟﻴﻞ ﺗﺪﺧﻞ‪ ،‬ﻓﺈن أﺧﺬت ﺑﺸﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﺎﻷﻣﺮ أﺻﻌﺐ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻋﻠـﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﻘﻴﺪة ﺑﻘﻴﻮد اﻟﺘﺤـﺮز ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪاﺧﻞ‪،‬‬

‫ﱠ‬ ‫ﻣﺴـــــﻠﺤ ﻋﻠﻰ‬ ‫وﻋﺪﻫﺎ ﺧﺮوﺟ‬ ‫ﺣﺮم اﻟﻤﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴــــﻠﻤﻴﺔ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ َ ﱠ َ‬ ‫ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ُ ِ‬ ‫ﻳﺤﺮﻣﻪ ﺟﻤﻬﻮر ﻓﻘﻬﺎء أﻫﻞ اﻟﺴـــــﻨﺔ ﺑﻞ َ َ‬ ‫ﻗﺘﻞ ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ ّ‬ ‫ﻋﺪوا اﻟﻤﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴــــــﻠﻤﻴﺔ‬ ‫ﻗﻮم ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻨﺘﺤﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻧﱪى ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ٌ‬ ‫اﻧﺘﺤﺎرا ﻣﻦ ٍ‬ ‫ً‬ ‫وﺟﻪ َ‬ ‫آﺧﺮ ﻓﺄوﺟﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴـــــــــــﻼح‬ ‫وأﺳﻤﻮه ﺟﻬﺎد اﻟﺪﻓﻊ‪ ،‬وذﻫﺐ آﺧﺮون إﻟﻰ أن اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﳖﻲ ﻋﻦ‬

‫ﺗﻘﻊ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻄﻠﻘﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﻘﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺸﺨﺼـﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻜﻢ‬

‫ﻓﺎﻟﺤﺎﺻﻞ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴـــﺒﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻧﺎﻇﺮ وﺣﺎﻛﻢ وﻣﻔﺖ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫واﻗﻌﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻳﺸـﻤﻠﻪ ذﻟﻚ اﻟﻤﻄﻠﻖ أو‬

‫ﺑﺎﻟﻨﺴـــﺒﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﻠﻒ ﰲ ﻧﻔﺴــــﻪ؛ ﻓﺈن اﻟﻌﺎﻣﻲ إذا ﺳﻤﻊ ﰲ اﻟﻔﻘﻪ أن‬

‫وﻳﺨﺘﺺ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺤﺘﻢ ﺑﻮﺟﻪ آﺧﺮ وﻫﻮ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼــــــــــﻠﺢ ﺑﻜﻞ‬

‫ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺳــﻬﻼ وﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن‪ ،‬وﻛﻠﻪ اﺟﺘﻬﺎد؛ ﻓﻠﻮ‬

‫اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﰲ اﻟﺼـﻼة ﺳﻬﻮا ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﻨﺲ أﻓﻌﺎل اﻟﺼــﻼة أو ﻣﻦ‬

‫ﻣﻜﻠﻒ ﰲ ﻧﻔﺴــــــــﻪ‪ ،‬ﺑﺤﺴــــــــﺐ وﻗﺖ دون وﻗﺖ‪ ،‬وﺣﺎل دون ﺣﺎل‪،‬‬

‫ﻓــــــــــــﺮض اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﻊ إﻣﻜﺎن ارﺗﻔﺎع ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻬﺎد؛ ﻟﻜﺎن ﺗﻜﻠﻴﻔﺎ‬

‫ﺟﻨﺴﻬﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻳﺴـﻴﺮة ﻓﻤﻐﺘﻔﺮة‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻼ‪ ،‬ﻓﻮﻗﻌﺖ ﻟﻪ ﰲ‬

‫وﺷﺨﺺ‪ ،‬دون ﺷﺨﺺ؛ إذ اﻟﻨﻔﻮس ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻗﺒﻮل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎﺻﺔ‬

‫ﺻﻼﺗﻪ زﻳﺎدة؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫)‪(٢١‬‬

‫ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ اﻟﻤﻨﺤﺘﻢ وﻏﻴﺮه‪.‬‬

‫واﻗﻌﺔ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ‪:‬‬

‫ﻋﻠﻰ وزان واﺣﺪ‪ ، ...‬ﻓﺼـــﺎﺣﺐ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺨﺎص ﻫﻮ اﻟﺬي رزق‬

‫ﻣﻨﻜﺮ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﺸــﺮع إزاﻟﺘﻪ ﺑﺸـــﺮوط وﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺗﺘﻔﺎوت ﺑﺘﻔﺎوت‬

‫ﻳﺴــﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﺑﺘﻘﻠﻴﺪ‬ ‫َ‬ ‫وﺣﺴـﺐ ﻫﺬا اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻀـﺮب اﻟﺬي ﻻ ُ‬

‫دواء‬ ‫وﻟﻔﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻗﺴــــــــــﻤﺎن ﻟﻌﻞ ﰲ ﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ ً‬

‫ﻧﻮرا ﻳﻌـــــﺮف ﺑﻪ اﻟﻨﻔﻮس وﻣـــــﺮاﻣﻴﻬﺎ وﺗﻔﺎوت إدراﻛﻬﺎ‪ ،‬وﻗﻮة ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ‬

‫اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬وأن دﻓﺎع اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻦ أﻧﻔﺴـــﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺸـــﺮوع ﺗﻮﺟﺒﻪ‬

‫ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴـــﺎﺋﻞ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ُ ّﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ ّ‬

‫ﻟﻠﺪاء اﻟﻌﻀـﺎل اﻟﺬي ﻧﺸـﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﻓﻮﺿﻰ ﻓﺘﺎوى اﻹﻋﻼم واﻟﺴـﻠﻄﺎن‪،‬‬

‫ﻟﻠﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ ،‬وﺻـــﱪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ أﻋﺒﺎﺋﻬﺎ أو ﺿـــﻌﻔﻬﺎ‪ ،‬وﻳﻌﺮف اﻟﺘﻔﺎﲥﺎ‬

‫ﺿﺮورة ﻣﻘﺼـــﺪ ﺣﻔﻆ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻋﺘﺪاء اﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻫﺬه اﻟﻀـــﺮورة‬

‫ﻋﺪ أﺣﺪ ﺷﻄﺮي اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻧﻔﺴﻪ‪ّ ،‬‬ ‫وأﻧﻪ ﻫﻮ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ﻟﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﺣﺴﺒﻪ أﻧﻪ ُ ّ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﺴــــﺆال ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫وﺗﻔﺴـــﻴﺮا ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو‬

‫إﻟـﻰ اﻟﺤﻈﻮظ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ أو ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺎﲥﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠــﻰ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﻦ‬

‫ﺗﻘﺪر ﺑﻘﺪرﻫﺎ؛ ﺛﻢ ّإﻧﻪ ﻟﻤﺎ اﺳـــــﺘﻌﺎن ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﻤﺮاد ﺑﻘﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﺠﻮاز اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء‪.‬‬

‫واﺣﺪ‪ ،‬ﻳﻘﻮل اﻟﺸـﺎﻃﺒﻲ‪ :‬ﻓﻜﺄن ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻋﻠﻰ ﻗﺴــﻤﻴﻦ‪ :‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‬

‫أﺣﻜﺎم اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﲠﺎ‪ ،‬ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ أن ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻤﻘﺼﻮد اﻟﺸـﺮﻋﻲ‬

‫ﻋﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮاﻟﻴ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪،‬‬ ‫اﻵﺧﺮ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﱠ‬

‫ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ‪:‬‬

‫ﻋﺎم‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ذﻛـــﺮ‪ ،‬وﺗﺤﻘﻴﻖ ﺧﺎص ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم؛ وذﻟﻚ أن اﻷول‬

‫ﰲ ﺗﻠﻘــــــــﻲ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻳﺨﺺ ﻋﻤﻮم اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﲠﺬا‬

‫وﻋﺪ ﻣﻔﺘﻮن آﺧﺮون اﺳــــﺘﻌﺎﻧﺔ‬ ‫واﻟﻮﻻء ﻟﻬﻢ ﻛﻔﺮ ﻳﻮﺟﺐ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﻮاﻟﻴﻦ؛ ّ‬

‫أﺣﺪﻫﻤﺎ‪ :‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻄﻊ أﺻـﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬وذﻟﻚ‬

‫ﻧﻈـﺮ ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﻨﺎط ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻧﻈـﺮ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﰲ‬

‫اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﻤﺎ ﺛـﺒﺖ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﰲ اﻟـﺘﺤﻘـﻴﻖ اﻷول اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﻳﻘـﻴﺪ ﺑﻪ ﻣﺎ‬

‫ﺿﺮورة ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴـــــــــﻠﻤﻴﻦ‬ ‫ً‬

‫اﻷواﻣـــــﺮ واﻟﻨﻮاﻫــــــﻲ اﻟﻨﺪﺑﻴﺔ واﻷﻣﻮر اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ‪ ،‬ووﺟﺪ اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ‬

‫ﺛﺒﺖ إﻃﻼﻗﻪ ﰲ اﻷول‪ ،‬أو ﻳﻀــــــــــﻢ ﻗﻴﺪا أو ﻗﻴﻮدا ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻟﻪ ﰲ اﻷول‬

‫ﻟﻺرﻫﺎب‪ ،‬وأﻗﺎم ﻫﺬا اﻟﻤﻔﺘﻲ دوﻟﺔ اﻹﻟﺤﺎد اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻣﻘﺎم ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬

‫)‪(٢٠‬‬

‫ﺑﺎﻟﻤﺤﺎل‪ ،‬وﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﺷﺮﻋ ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﻋﻘﻼً ‪.‬‬

‫ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ‪ .‬واﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻗﺒﻞ ﻓﻨﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ﻓﺄﻣﺎ اﻷول ﻓﻬﻮ اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺤﻘـﻴﻖ اﻟﻤـﻨﺎط‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ‬

‫واﻟﻤﺨﺎﻃﺒﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪ ،‬أوﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺣﻜﺎم ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼــــــﻮص‪،‬‬

‫ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻴﻮد‬

‫)‪(٢٢‬‬

‫‪.‬‬

‫وﻋﺪ اﺳـﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻻﺳــﺘﻌﺎﻧﺔ‬ ‫اﻹﺳـﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻧﻌﻰ اﻷﺧﻴﺮة‪ ،‬ﱠ‬

‫ﺧﻼف ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺔ ﰲ ﻗﺒﻮﻟﻪ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎه أن ﻳﺜﺒﺖ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻤﺪرﻛﻪ اﻟﺸـﺮﻋﻲ‬

‫ﻛﻤﺎ ﻳﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺼــــﻮص اﻟﻮاﺟﺒﺎت واﻟﻤﺤﺮﻣﺎت ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﻔﺎت‬

‫وﻣﺎ ﻣﻦ ٍ‬ ‫أﺣﺪ ﻳﺠﻬﻞ أن اﻟﻔﻘﻪ‪ :‬ﺧﻄﺎب اﷲ اﻟﻤـﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻌــﺒﺎد‬

‫ﺑﻜﺎﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴـــــﻠﻢ؛ وذﻫﺐ آﺧﺮون إﻟﻰ أن اﺳﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر‬

‫ﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻣﺤﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻐﻨَﻰ ﻫﻬﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺪ؛‬

‫إﻟﻰ ﺷﻲء ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺒﻮل اﻟﻤﺸﺮوط ﺑﺎﻟﺘﻬﻴﺌﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻜﻠﻔﻮن ﻛﻠﻬﻢ‬

‫ﻋﺪ ﻣﻦ أﺳﻮأ أﺷﻜﺎل ﺗﺸــﺨﻴﺺ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‬ ‫ﻻ ﺑﻌﻘﺎﺋﺪﻫﻢ وﻗﻠﻮﺑﻬﻢ‪ ،‬ﻟﺬا ُ ﱠ‬

‫ﻣﻦ إﻋﺎﻧﺔ اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻟﻠﻈﺎﻟﻢ‪ ،‬واﺳـﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﺳــﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﻤﻈﻠﻮم‬

‫ﻷن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ إﻧﻤﺎ ﻳﺘﺼــــــــــــــﻮر ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﺎط اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﻘﻠﺪ ﻓﻴﻪ‪،‬‬

‫ﰲ أﺣﻜﺎم ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻠﻰ ﺳﻮاء ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺮ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻣﺤﻞ اﻟﻌﻤﻞ أو‬ ‫إﺣﻼل اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺤﻞ اﻟﺠﻮارح أو‬ ‫أﺛــــــــــﺮا‬

‫واﻟﻤﻨﺎط ﻫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻌﺪ؛ ﻷن ﻛﻞ ﺻـﻮرة ﻣﻦ ﺻـﻮره اﻟﻨﺎ زﻟﺔ ﻧﺎ ٌ‬ ‫زﻟﺔ‬

‫ً‬ ‫اﺳــــﺘﻨﺎدا إﻟﻰ ﺗﺄوﻳﻼت‬ ‫اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻣﺤﻞ اﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬وﺑﻨﺎء اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬

‫ﺑﺎﻟﻘﻮي اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟﻈﻠﻢ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺮ ﰲ ﺣﺼــﺎر ﻗﺮﻳﺶ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷﻌﺐ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻤﻄﻌﻢ ﺑﻦ ﻋﺪي ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻟﻠﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ ْ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ؛‬

‫ﻣﺜﻼ‪.‬‬ ‫رﻓﻊ اﻟﺤﺼﺎر وﺗﻤﺰﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ً‬

‫)‪ (١٩‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ﺑﻦ ﺣﺴ ﻥ ﺍﳌﺎﻟ ﻲ‪ :‬ﺬﻳﺐ ﺍﻟﻔﺮوق وﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺴ ﻴﺔ ﺍﻷﺳﺮﺍر ﺍﻟﻔﻘ ﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،(١٣٣ /٢) ،‬ﺍﻟﺸﺎﻃ ‪ :‬ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ )‪.(١١ /٥‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٢٠‬ﺍﻟﺸﺎﻃ ‪ :‬ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ )‪ (٢١) .(١١ /٥‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(١١ /٥‬‬

‫)‪ (٢٢‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ُ (٢٣) .‬ﻳﻨﻈﺮ‪] :‬اﻟﻤﺎﺋﺪة‪] ،[٥١ :‬اﻟﺘﻮﺑﺔ‪] ،[٢٣ :‬اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﺔ‪.[٩ :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪28‬‬

‫‪ 29‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻌﻘﻴﺪة‬ ‫ﻳﺴﻤﻲ اﷲ ﻣﻮاﻻة اﻟﻤﺴـﻠﻢ ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﺳﻮى‬ ‫ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ُ ﱢ‬

‫ووﺳﻢ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ َ‬ ‫وآﺧﺮون ﻓﻘﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺼﻮص‬ ‫َ َ‬

‫ﻣﺴــﺘﺄﻧﻔﺔ ﰲ ﻧﻔﺴـــﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﻧﻈﻴــﺮ‪ ،‬وإن ﺗﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻷﻣﺮ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺜﺎﲏ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﻨﻈـــــﺮ اﻟﺨﺎص‪ ،‬ﻓﺄﻋﻠــــــﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا وأدق‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ‬

‫ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﺑﺄﻧﻪ ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﻀــﺮب اﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬

‫ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻘﺪم ﻟﻨﺎ؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ إن ﻓﺮﺿﻨﺎ أﻧﻪ‬

‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻧﺎﺷﻰء ﻋﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻘﻮى‪ ...‬وﻗﺪ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ‪ ،‬وﻳﺸــــﻴﺮ‬

‫ﻇﻠﻤ‬

‫ً‬ ‫واﺣﺪا ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻧﻌﺪاﻣﻪ وارﺗﻔﺎﻋﻪ‬ ‫اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ إﻟــــﻰ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻗﻮﻻ‬

‫ﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈــــــﺮ ﰲ ﻛﻮﳖﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ ً‬ ‫أوﻻ‪ ،‬وﻫﻮ ﻧﻈـــــــﺮ‬

‫إﻟﻴﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ ﴿ :‬ﻳﺆﰐ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺸـــــــﺎء وﻣﻦ ﻳﺆت اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻘﺪ‬

‫ﱢ‬ ‫وﻳﻮﻟﺪون ﻋﻦ اﻟﺘﻜﻔﻴــــﺮ أﺣﻜﺎﻣ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء واﻷﻣﻮال وﻏﻴــــﺮﻫﻤﺎ‪،‬‬

‫ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬وﺣﺴـــﺒﻚ ﲠﺬه اﻟﺼـــﻔﺔ ً‬ ‫وإﻋﻼء ﻟﺸــــﺄن ﻓﻘﻪ‬ ‫رﻓﻌﺔ‬ ‫ً‬

‫اﺟﺘﻬﺎدي أﻳﻀ ‪.‬‬

‫ﺧﻴﺮا ً‬ ‫أوﰐ ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا﴾ ]اﻟﺒﻘـﺮة‪ ،[٢٦٩ :‬ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ‪" :‬ﻳﻘﻊ ﺑﻘﻠﺒـﻲ أن اﻟﺤﻜﻤﺔ‬

‫ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﺈﺣﻼل ﻣﺴـــــﺎﺋﻞ اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻣﺤﻞ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ‪،‬‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﺸــﺨﻴﺼــﻬﺎ‪" ،‬وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻫﻮ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬

‫وﻳﻜﻔﻴﻚ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﺸــــــــﺮﻳﻌﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻛﻞ ﺟﺰﺋﻴﺔ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ِ َ ِ‬ ‫ﺣﺪﺗﻬﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ أﺗﺖ ﺑﺄﻣﻮر ﻛﻠﻴﺔ وﻋﺒﺎرات ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺗﺘﻨﺎول أﻋﺪادا‬

‫اﻟﻔﻘﻪ ﰲ دﻳﻦ اﷲ‪ ،‬وأﻣﺮ ﻳﺪﺧﻠﻪ اﷲ اﻟﻘﻠﻮب ﻣﻦ رﺣﻤﺘﻪ وﻓﻀــــــﻠﻪ"‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫ﻛﺮه ﻣﺎﻟﻚ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻌﻠﻢ ‪ -‬ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺘﺎوى ‪-‬؛ ﻓﺴـــﺌﻞ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي‬

‫ً‬ ‫ﺟﺬرﻳ ﰲ اﻷﺣﻜﺎم‪،‬‬ ‫ﺗﻐﻴﻴﺮا‬ ‫وﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﰲ وﺻـــﻒ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‬ ‫ّ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ ﻟﻬﻢ اﻟﻤﺘﻤﺴـــــــﻜﻴﻦ‬ ‫ﺑﻠﻪ‬ ‫ﺗﺰداد اﻟﻬﻮة اﺗﺴــــــﺎﻋ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ْ َ‬

‫ﻛﻠﻲ‬ ‫ﻗﻴﺎم اﻟﺴــﺎﻋﺔ؛ وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺨﺎص ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﱞ‬ ‫ﰲ ﻛﻞ زﻣﺎن ﻋﺎم ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أو أﻛﺜــــﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻓـــــﺮض ارﺗﻔﺎﻋﻪ‬

‫ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ؛ ﻓﻠﻜﻞ ﻣﻌﻴﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻏﻴﺮه وﻟﻮ ﰲ‬

‫ﻧﺼـــــــﻨﻊ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺗﺤﻔﻈﻮن وﺗﻔﻬﻤﻮن ﺣﺘﻰ ﺗﺴــــــــﺘﻨﻴﺮ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻻ‬

‫ﺑﻨﺺ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪﻻﻟﺔ‪ ،‬وﻳﺘﺴــــﻊ‬ ‫ﺑﻔﺘﺎواﻫﻢ ّ‬ ‫أﺷﺪ ﻣﻦ ﺗﻤﺴـــﻜﻬﻢ ّ‬

‫ً‬ ‫ﻣﻌﺘﱪا ﰲ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺈﻃﻼق‪ ،‬وﻻ ﻫﻮ‬ ‫ﻧﻔﺲ اﻟﺘﻌﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﲠﺎ ﻻﻣﺘﻴﺎز‬

‫ﺗﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬

‫اﻟﺨﺮق ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﻗﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻜﺎد ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﺤﺎول رأب اﻟﺼـــــــﺪع وﺣﻘﻦ‬

‫‪.‬‬

‫ﻃﺮدي ﺑﺈﻃﻼق‪ ،‬ﺑﻞ ذﻟﻚ ﻣﻨﻘﺴـﻢ إﻟﻰ اﻟﻀـﺮﺑﻴﻦ‪ ،‬وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻗﺴـﻢ ﺛﺎﻟﺚ‬

‫وﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط اﻟﺨﺎص ﻧﻈﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ‬

‫"وﻟﻮ ﻓﺮض ارﺗﻔﺎع ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻟﻢ ﺗﺘﻨﺰل اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸــــــﺮﻋﻴﺔ‬

‫إﻟــــﻰ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻌــــﺮف ﻣﻨﻪ ﻣﺪاﺧﻞ‬

‫ﻋﻠـــﻰ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ إﻻ ﰲ اﻟﺬﻫﻦ؛ ﻷﳖﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎت وﻋﻤﻮﻣﺎت وﻣﺎ‬ ‫ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻣﻨـﺰﻻت ﻋﻠـﻰ أﻓﻌﺎل ﻣﻄﻠﻘﺎت ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬واﻷﻓﻌﺎل ﻻ‬

‫اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻄﻊ أﺻــــــﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻋﻨﺪ‬

‫ﻻرﺗﻔﻊ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ اﻟﺸﺮﻋﻲ أو ﺟﻤﻴﻌﻪ وذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ"‬

‫)‪(١٩‬‬

‫)‪(٢٣‬‬

‫ﻗﻮم ً‬ ‫ﺑﻨﺎء ﻋﻠـﻰ ﻗﺎﻋﺪﲥﻢ أن ﻻزم اﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﺬﻫﺐ‬ ‫َ ﱡ‬ ‫ﻛﻔﺮا ً‬ ‫ﻳﻌﺪﻫﺎ ٌ‬

‫اﻟﺪﻣﺎء ﻟﻠﺼـــﻠﺢ ﻣﺪﺧﻼ؛ وﻟﻨﻤﺜﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻤﺴـــﺄﻟﺔ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر ﰲ‬ ‫ﱢ‬

‫ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺠﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ؛ ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﺻﻮرة ﻣﻦ اﻟﺼـــــــــﻮر اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮ ﺳـﻬﻞ أو ﺻـﻌﺐ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻘﻖ ﺗﺤﺖ أي‬ ‫اﻟﻤﻌﻴﻨﺔ إﻻ‬

‫اﻟﺸـــــــــــﻴﻄﺎن‪ ،‬وﻣﺪاﺧﻞ اﻟﻬﻮى واﻟﺤﻈﻮظ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ ﻫﺬا‬

‫ِ‬ ‫اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ُ ْ ٌ‬ ‫ﻋﺰل ُ ِ َ‬ ‫ﻟﻮﺣﻆ أن ﺑﻌﺾ‬ ‫رﻏﻢ أن اﻟﻤﺘﻈﺎﻫـــــــــــــﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‬

‫دﻟﻴﻞ ﺗﺪﺧﻞ‪ ،‬ﻓﺈن أﺧﺬت ﺑﺸﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﺎﻷﻣﺮ أﺻﻌﺐ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻋﻠـﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﻘﻴﺪة ﺑﻘﻴﻮد اﻟﺘﺤـﺮز ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪاﺧﻞ‪،‬‬

‫ﱠ‬ ‫ﻣﺴـــــﻠﺤ ﻋﻠﻰ‬ ‫وﻋﺪﻫﺎ ﺧﺮوﺟ‬ ‫ﺣﺮم اﻟﻤﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴــــﻠﻤﻴﺔ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ َ ﱠ َ‬ ‫ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ُ ِ‬ ‫ﻳﺤﺮﻣﻪ ﺟﻤﻬﻮر ﻓﻘﻬﺎء أﻫﻞ اﻟﺴـــــﻨﺔ ﺑﻞ َ َ‬ ‫ﻗﺘﻞ ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ ّ‬ ‫ﻋﺪوا اﻟﻤﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴــــــﻠﻤﻴﺔ‬ ‫ﻗﻮم ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻨﺘﺤﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻧﱪى ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ٌ‬ ‫اﻧﺘﺤﺎرا ﻣﻦ ٍ‬ ‫ً‬ ‫وﺟﻪ َ‬ ‫آﺧﺮ ﻓﺄوﺟﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴـــــــــــﻼح‬ ‫وأﺳﻤﻮه ﺟﻬﺎد اﻟﺪﻓﻊ‪ ،‬وذﻫﺐ آﺧﺮون إﻟﻰ أن اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﳖﻲ ﻋﻦ‬

‫ﺗﻘﻊ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻄﻠﻘﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﻘﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺸﺨﺼـﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻜﻢ‬

‫ﻓﺎﻟﺤﺎﺻﻞ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴـــﺒﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻧﺎﻇﺮ وﺣﺎﻛﻢ وﻣﻔﺖ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫واﻗﻌﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻳﺸـﻤﻠﻪ ذﻟﻚ اﻟﻤﻄﻠﻖ أو‬

‫ﺑﺎﻟﻨﺴـــﺒﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﻠﻒ ﰲ ﻧﻔﺴــــﻪ؛ ﻓﺈن اﻟﻌﺎﻣﻲ إذا ﺳﻤﻊ ﰲ اﻟﻔﻘﻪ أن‬

‫وﻳﺨﺘﺺ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺤﺘﻢ ﺑﻮﺟﻪ آﺧﺮ وﻫﻮ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼــــــــــﻠﺢ ﺑﻜﻞ‬

‫ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺳــﻬﻼ وﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن‪ ،‬وﻛﻠﻪ اﺟﺘﻬﺎد؛ ﻓﻠﻮ‬

‫اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﰲ اﻟﺼـﻼة ﺳﻬﻮا ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﻨﺲ أﻓﻌﺎل اﻟﺼــﻼة أو ﻣﻦ‬

‫ﻣﻜﻠﻒ ﰲ ﻧﻔﺴــــــــﻪ‪ ،‬ﺑﺤﺴــــــــﺐ وﻗﺖ دون وﻗﺖ‪ ،‬وﺣﺎل دون ﺣﺎل‪،‬‬

‫ﻓــــــــــــﺮض اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﻊ إﻣﻜﺎن ارﺗﻔﺎع ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻬﺎد؛ ﻟﻜﺎن ﺗﻜﻠﻴﻔﺎ‬

‫ﺟﻨﺴﻬﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻳﺴـﻴﺮة ﻓﻤﻐﺘﻔﺮة‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻼ‪ ،‬ﻓﻮﻗﻌﺖ ﻟﻪ ﰲ‬

‫وﺷﺨﺺ‪ ،‬دون ﺷﺨﺺ؛ إذ اﻟﻨﻔﻮس ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻗﺒﻮل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎﺻﺔ‬

‫ﺻﻼﺗﻪ زﻳﺎدة؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫)‪(٢١‬‬

‫ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ اﻟﻤﻨﺤﺘﻢ وﻏﻴﺮه‪.‬‬

‫واﻗﻌﺔ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ‪:‬‬

‫ﻋﻠﻰ وزان واﺣﺪ‪ ، ...‬ﻓﺼـــﺎﺣﺐ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺨﺎص ﻫﻮ اﻟﺬي رزق‬

‫ﻣﻨﻜﺮ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﺸــﺮع إزاﻟﺘﻪ ﺑﺸـــﺮوط وﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺗﺘﻔﺎوت ﺑﺘﻔﺎوت‬

‫ﻳﺴــﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﺑﺘﻘﻠﻴﺪ‬ ‫َ‬ ‫وﺣﺴـﺐ ﻫﺬا اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻀـﺮب اﻟﺬي ﻻ ُ‬

‫دواء‬ ‫وﻟﻔﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻗﺴــــــــــﻤﺎن ﻟﻌﻞ ﰲ ﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ ً‬

‫ﻧﻮرا ﻳﻌـــــﺮف ﺑﻪ اﻟﻨﻔﻮس وﻣـــــﺮاﻣﻴﻬﺎ وﺗﻔﺎوت إدراﻛﻬﺎ‪ ،‬وﻗﻮة ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ‬

‫اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬وأن دﻓﺎع اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻦ أﻧﻔﺴـــﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺸـــﺮوع ﺗﻮﺟﺒﻪ‬

‫ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴـــﺎﺋﻞ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ُ ّﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ ّ‬

‫ﻟﻠﺪاء اﻟﻌﻀـﺎل اﻟﺬي ﻧﺸـﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﻓﻮﺿﻰ ﻓﺘﺎوى اﻹﻋﻼم واﻟﺴـﻠﻄﺎن‪،‬‬

‫ﻟﻠﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ ،‬وﺻـــﱪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ أﻋﺒﺎﺋﻬﺎ أو ﺿـــﻌﻔﻬﺎ‪ ،‬وﻳﻌﺮف اﻟﺘﻔﺎﲥﺎ‬

‫ﺿﺮورة ﻣﻘﺼـــﺪ ﺣﻔﻆ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻋﺘﺪاء اﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻫﺬه اﻟﻀـــﺮورة‬

‫ﻋﺪ أﺣﺪ ﺷﻄﺮي اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻧﻔﺴﻪ‪ّ ،‬‬ ‫وأﻧﻪ ﻫﻮ اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫ﻟﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﺣﺴﺒﻪ أﻧﻪ ُ ّ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﺴــــﺆال ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫وﺗﻔﺴـــﻴﺮا ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو‬

‫إﻟـﻰ اﻟﺤﻈﻮظ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ أو ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺎﲥﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠــﻰ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﻦ‬

‫ﺗﻘﺪر ﺑﻘﺪرﻫﺎ؛ ﺛﻢ ّإﻧﻪ ﻟﻤﺎ اﺳـــــﺘﻌﺎن ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﻤﺮاد ﺑﻘﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﺠﻮاز اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء‪.‬‬

‫واﺣﺪ‪ ،‬ﻳﻘﻮل اﻟﺸـﺎﻃﺒﻲ‪ :‬ﻓﻜﺄن ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﺎط ﻋﻠﻰ ﻗﺴــﻤﻴﻦ‪ :‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‬

‫أﺣﻜﺎم اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﲠﺎ‪ ،‬ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ أن ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻤﻘﺼﻮد اﻟﺸـﺮﻋﻲ‬

‫ﻋﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮاﻟﻴ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪،‬‬ ‫اﻵﺧﺮ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﱠ‬

‫ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ‪:‬‬

‫ﻋﺎم‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ذﻛـــﺮ‪ ،‬وﺗﺤﻘﻴﻖ ﺧﺎص ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم؛ وذﻟﻚ أن اﻷول‬

‫ﰲ ﺗﻠﻘــــــــﻲ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻳﺨﺺ ﻋﻤﻮم اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﲠﺬا‬

‫وﻋﺪ ﻣﻔﺘﻮن آﺧﺮون اﺳــــﺘﻌﺎﻧﺔ‬ ‫واﻟﻮﻻء ﻟﻬﻢ ﻛﻔﺮ ﻳﻮﺟﺐ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﻮاﻟﻴﻦ؛ ّ‬

‫أﺣﺪﻫﻤﺎ‪ :‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻄﻊ أﺻـﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬وذﻟﻚ‬

‫ﻧﻈـﺮ ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ اﻟﻤﻨﺎط ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻧﻈـﺮ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﰲ‬

‫اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﻤﺎ ﺛـﺒﺖ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﰲ اﻟـﺘﺤﻘـﻴﻖ اﻷول اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﻳﻘـﻴﺪ ﺑﻪ ﻣﺎ‬

‫ﺿﺮورة ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴـــــــــﻠﻤﻴﻦ‬ ‫ً‬

‫اﻷواﻣـــــﺮ واﻟﻨﻮاﻫــــــﻲ اﻟﻨﺪﺑﻴﺔ واﻷﻣﻮر اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ‪ ،‬ووﺟﺪ اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ‬

‫ﺛﺒﺖ إﻃﻼﻗﻪ ﰲ اﻷول‪ ،‬أو ﻳﻀــــــــــﻢ ﻗﻴﺪا أو ﻗﻴﻮدا ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻟﻪ ﰲ اﻷول‬

‫ﻟﻺرﻫﺎب‪ ،‬وأﻗﺎم ﻫﺬا اﻟﻤﻔﺘﻲ دوﻟﺔ اﻹﻟﺤﺎد اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻣﻘﺎم ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬

‫)‪(٢٠‬‬

‫ﺑﺎﻟﻤﺤﺎل‪ ،‬وﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﺷﺮﻋ ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﻋﻘﻼً ‪.‬‬

‫ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ‪ .‬واﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻗﺒﻞ ﻓﻨﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ﻓﺄﻣﺎ اﻷول ﻓﻬﻮ اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺤﻘـﻴﻖ اﻟﻤـﻨﺎط‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ‬

‫واﻟﻤﺨﺎﻃﺒﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪ ،‬أوﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺣﻜﺎم ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼــــــﻮص‪،‬‬

‫ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻴﻮد‬

‫)‪(٢٢‬‬

‫‪.‬‬

‫وﻋﺪ اﺳـﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻻﺳــﺘﻌﺎﻧﺔ‬ ‫اﻹﺳـﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻧﻌﻰ اﻷﺧﻴﺮة‪ ،‬ﱠ‬

‫ﺧﻼف ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺔ ﰲ ﻗﺒﻮﻟﻪ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎه أن ﻳﺜﺒﺖ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻤﺪرﻛﻪ اﻟﺸـﺮﻋﻲ‬

‫ﻛﻤﺎ ﻳﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺼــــﻮص اﻟﻮاﺟﺒﺎت واﻟﻤﺤﺮﻣﺎت ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﻔﺎت‬

‫وﻣﺎ ﻣﻦ ٍ‬ ‫أﺣﺪ ﻳﺠﻬﻞ أن اﻟﻔﻘﻪ‪ :‬ﺧﻄﺎب اﷲ اﻟﻤـﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻌــﺒﺎد‬

‫ﺑﻜﺎﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴـــــﻠﻢ؛ وذﻫﺐ آﺧﺮون إﻟﻰ أن اﺳﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر‬

‫ﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻣﺤﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻐﻨَﻰ ﻫﻬﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺪ؛‬

‫إﻟﻰ ﺷﻲء ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺒﻮل اﻟﻤﺸﺮوط ﺑﺎﻟﺘﻬﻴﺌﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻜﻠﻔﻮن ﻛﻠﻬﻢ‬

‫ﻋﺪ ﻣﻦ أﺳﻮأ أﺷﻜﺎل ﺗﺸــﺨﻴﺺ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‬ ‫ﻻ ﺑﻌﻘﺎﺋﺪﻫﻢ وﻗﻠﻮﺑﻬﻢ‪ ،‬ﻟﺬا ُ ﱠ‬

‫ﻣﻦ إﻋﺎﻧﺔ اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻟﻠﻈﺎﻟﻢ‪ ،‬واﺳـﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﺳــﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﻤﻈﻠﻮم‬

‫ﻷن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ إﻧﻤﺎ ﻳﺘﺼــــــــــــــﻮر ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﺎط اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﻘﻠﺪ ﻓﻴﻪ‪،‬‬

‫ﰲ أﺣﻜﺎم ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻠﻰ ﺳﻮاء ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺮ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻣﺤﻞ اﻟﻌﻤﻞ أو‬ ‫إﺣﻼل اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺤﻞ اﻟﺠﻮارح أو‬ ‫أﺛــــــــــﺮا‬

‫واﻟﻤﻨﺎط ﻫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻌﺪ؛ ﻷن ﻛﻞ ﺻـﻮرة ﻣﻦ ﺻـﻮره اﻟﻨﺎ زﻟﺔ ﻧﺎ ٌ‬ ‫زﻟﺔ‬

‫ً‬ ‫اﺳــــﺘﻨﺎدا إﻟﻰ ﺗﺄوﻳﻼت‬ ‫اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻣﺤﻞ اﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬وﺑﻨﺎء اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬

‫ﺑﺎﻟﻘﻮي اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟﻈﻠﻢ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺮ ﰲ ﺣﺼــﺎر ﻗﺮﻳﺶ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷﻌﺐ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻤﻄﻌﻢ ﺑﻦ ﻋﺪي ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻟﻠﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ ْ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ؛‬

‫ﻣﺜﻼ‪.‬‬ ‫رﻓﻊ اﻟﺤﺼﺎر وﺗﻤﺰﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ً‬

‫)‪ (١٩‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ﺑﻦ ﺣﺴ ﻥ ﺍﳌﺎﻟ ﻲ‪ :‬ﺬﻳﺐ ﺍﻟﻔﺮوق وﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺴ ﻴﺔ ﺍﻷﺳﺮﺍر ﺍﻟﻔﻘ ﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،(١٣٣ /٢) ،‬ﺍﻟﺸﺎﻃ ‪ :‬ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ )‪.(١١ /٥‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٢٠‬ﺍﻟﺸﺎﻃ ‪ :‬ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ )‪ (٢١) .(١١ /٥‬ﺍﳌﺼﺪر ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(١١ /٥‬‬

‫)‪ (٢٢‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ُ (٢٣) .‬ﻳﻨﻈﺮ‪] :‬اﻟﻤﺎﺋﺪة‪] ،[٥١ :‬اﻟﺘﻮﺑﺔ‪] ،[٢٣ :‬اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﺔ‪.[٩ :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪28‬‬

‫‪ 29‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻫﺬه اﺗﺠﺎﻫﺎت ﺛﻼﺛﺔ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﺼــــــــــــﻮﻳﺮﻫﺎ‬

‫اﻻﻧﻌﻘﺎد واﻻﺟـــــﺘﻬﺎد دون اﻧﻘﻄﺎع‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﺑﻦ اﻟﻘــــــﻴﻢ ﰲ ﻫﺬا‬

‫واﻟﺘﺠﺮد ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد‪:‬‬ ‫* اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء‬ ‫ﱡ‬

‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﺘﺨﺒﺎراﺗﻴﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ‬

‫وﺗﺸــﺨﻴﺼــﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺼـــﻮص اﻟﺘﻲ دارت ﺣﻮﻟﻬﺎ‬

‫اﻟﻤﻘﺎم‪ :‬ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺰﻟﺔ أﻗﺪام‪ ،‬وﻣﻀــــﻠﺔ أﻓﻬﺎم‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﻘﺎم ﺿﻨﻚ‪،‬‬

‫ﻣﺪﻟﻮل اﻻﺳﺘﻘﺼــــــــــــــــﺎء ﰲ ﺟﻤﻊ اﻷدﻟﺔ ﻫﻮ اﺳﺘﻔﺮاغ اﻟﻮﺳﻊ ﰲ‬

‫واﻟﻌﺼـﺒﻴﺔ واﻟﺘﻌﺼـﺐ واﻟﻀـﻐﻂ اﻟﻌﺎم وﻗﻬﺮ اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﻜﺮ‬

‫ﺗﺄوﻳﻼت ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺳﺎﺋﻎ أو ﻣﺤﺘﻤﻞ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ٌ‬ ‫ﺑﺎﻃﻞ ﻗﻄﻌ ﻻ ﻳﺒﻌﺪ‬

‫وﻣﻌﱰك ﺻــــــﻌﺐ‪ ،‬ﻓﺮط ﻓﻴﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻄﻠﻮا اﻟﺤﺪود‪ ،‬وﺿـــــــﻴﻌﻮا‬

‫اﻻﺳﺘﻘﺮاء واﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻨﺼــﻮص واﻹﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﺤﻞ اﻟﺒﺤﺚ وﻣﺎ‬

‫اﻟﻤﻔﺘﻲ أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺷــــــــــﺎرة ّأﻳ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺗﱰك ً‬ ‫أﺛﺮا ﺗﺘﻔﺎوت‬

‫أن ﻳﺼـــــــــﺪق ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮل ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‪ :‬ﻫﺬا اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﺿﺮب ﻣﻦ‬

‫اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬وﺟﺮؤوا أﻫﻞ اﻟﻔﺠﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴـــــــﺎد‪ ...‬واﻟﺬي أوﺟﺐ‬

‫ﻳﺆول إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ أدﻟﺔ ﻣﻌﺘﺒــﺮة ﻟﻤﻌــﺮﻓﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬وﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﰲ‬

‫ﻋﻼﻣـﺘﻪ ﰲ ﻃـﺒـﻴﻌﺔ ﻓﻬﻢ اﻟﻤﺠــﺘﻬﺪ ﻟﻠــﻨﺺ وﻟﻠﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻳــﱪﻫﻦ ّ‬ ‫أن‬

‫اﻟﻜﺬب ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ اﻟﻤﺸـــﻤﻮل ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ اﻟﻤﺸــــﻬﻮر‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜﺬب‬

‫ﻟﻬﻢ ذﻟﻚ‪ :‬ﻧﻮع ﺗﻘﺼــــﻴﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸـــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬وﺗﻘﺼـــــﻴﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻫﻮ ﺑﺬل اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻃﺎﻗﺘﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﺘﺘﺒﻊ واﺳﺘﻘﺮاء وﺣﺼـــﺮ أﺣﻮال‬

‫اﻟﺘﺠﺮد ﰲ ا ﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻦ ﻣﻨﺎزع ﻫﺬه اﻟﻤﺆﺛﺮات ﻳﺰﻳﺪ ﻧﺴــــــــــﺒﺔ ﺻﻮاﺑﻪ‬ ‫ﱡ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﺿـــﺮﺑﺎن‪ :‬ﺻــــﺮﻳﺢ ﻣﻌﻠﻮم‪ ،‬وﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻨﺺ ﺗﺄوﻳﻼً ﺑﺎﻃﻼً ﻗﻄﻌ‬

‫اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﺗﻨـﺰﻳﻞ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻠـﻰ اﻵﺧـﺮ‪ ...‬وأﻓــﺮﻃﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧــﺮى‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﰲ اﻟﺤﻜﻢ وﺿﺒﻂ ﻣﺘﻐﻴﺮاﲥﺎ ﰲ ﺿـﻮء آراء أﻫﻞ اﻟﺨﱪة‬

‫ﻣﻄﺮد‪ ،‬ﻧﻌﻢ ﱠ‬ ‫ﺻـﺤﻴﺢ ّ‬ ‫اﻟﺘﺠﺮد اﻟﻤﻄﻠﻖ وﻫﻢ ﻣﻄﻠﻖ‪،‬‬ ‫إن دﻋﻮى‬ ‫واﻟﻌﻜﺲ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﱡ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ وﻳﻨﺴــﺐ‬ ‫اﻟﺠﻠﻴﺔ‬ ‫دﻻﻟﺔ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻴﺔ أو اﻟﻈﺎﻫﺮة‬ ‫ﻳﻠﻐﻲ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬

‫ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺴــﻮﻏﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﰲ ﺣﻜﻢ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ‪،‬‬

‫اﻟﺘﺠﺮد ﻓﻬﻮ اﺳﺘﻬﺪاف اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ‬ ‫وأﻣﺎ ﻣﺪﻟﻮل‬ ‫ﱡ‬ ‫واﻟﺘﺨﺼـــــﺺ اﻟﻤﻬﻨﻲ‪ ،‬ﱠ‬

‫اﻟﻨﺺ‬ ‫اﻟﺘﺤﻴﺰ اﻟﺬي ﻻ ﺗﺴـــــــﺘﻘﻴﻢ ﻣﻌﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻔﻜﺮ‬ ‫ﻟﻜﻦ‬ ‫ﱡَ‬ ‫ﻧﺴـــــــﺒﻴ ﰲ ﱢ‬ ‫ّ‬

‫ُ‬ ‫ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ ﻛﻼﻣﻪ وﻟﻮ ﺑﺄﺿــــــﻌﻒ‬ ‫ﻳﻘﻠﻪ وﻻ‬ ‫إﻟﻰ رﺳــــــﻮل اﷲ ﻣﻌﻨًﻰ ﻟﻢ ْ ُ‬

‫وﻛﻠﺘﺎ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ أﺗﻴﺖ ﻣﻦ ﺗﻘﺼﻴﺮﻫﺎ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺚ اﷲ ﺑﻪ رﺳﻮﻟﻪ‪،‬‬

‫ﻹﺻــــــــــﺎﺑﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ واﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺎﻟﻴ ﻣﻦ دواﻋﻲ‬

‫ﻒ ﻣﻄﻠٌﻖ ﻟﻠﺤﱢﻖ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬وﻣﺪﻟﻮل‬ ‫ف وﺗﺤـــــــﺮﻳ ٌ‬ ‫واﻟﻮاﻗﻌﺔ اﻧﺤــــــﺮا ٌ‬

‫اﻟﻮﺟﻮه؛ ﻓﻬﺬا أﺳـــﻮأ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﰲ ﻣﻴﺰان ﻋﻠﻢ اﻷﺻـــﻮل‪،‬‬

‫وأﻧـــــــــــــــــــــــﺰل ﺑﻪ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪ ...‬؛ وﻫﻮ اﻟﻌﺪل اﻟﺬي ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻷرض‬

‫اﻟﻬﻮى واﻟﻤﻴﻮل وااﻟﻨﺰﻋﺎت واﻟﺘﺼـﻮرات واﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺴـﺒﻘﺔ وذﻟﻚ‬

‫اﻻﻧﺘﻘﺎء واﻟﺘﺤﻴﺰ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد "أن َ‬ ‫ﻳﺆﺧﺬ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﺄﺧﺬ اﻻﺳﺘﻈﻬﺎر ﻋﻠﻰ‬

‫وﻣﺮده إﻟﻰ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼــــــــــــﻮص ﻣﻌﺎﲏ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠﻬﺎ اﻟﻠﻔﻆ‬ ‫ﱡ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأﻣﺜﺎﻟﻪ ﺑﺘﻠﻚ‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫واﻟﺴــــــــــﻴﺎق وﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ وﻣﺂﻻت ﻫﺬا ﱢ‬

‫واﻟﺴـــﻤﻮات‪ ،‬ﻓﺈذا ﻇﻬﺮت أﻣﺎرات اﻟﻌﺪل وأﺳﻔﺮ وﺟﻬﻪ ﺑﺄي ﻃﺮﻳﻖ‬

‫ﺑﺘﻮرﻋﻪ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺼــــﻠﺢ دﻟﻴﻼ وﻋﻦ إﻏﻔﺎل ﻣﺎ ﻳﺼـــــﻠﺢ‬ ‫ﱡ‬

‫ﻛﺎن‪ ،‬ﻓﺜﻢ ﺷﺮع اﷲ ودﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻓﺄي ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺨﺮج ﲠﺎ اﻟﻌﺪل واﻟﻘﺴــــﻂ‬

‫ِ‬ ‫ﻏﺮض اﻟﻤﻔﺘﻲ ﰲ اﻟﻨﺎزﻟﺔ اﻟﻌﺎرﺿـــــﺔ‪ ،‬وأن ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺎدئ اﻟﺮأي‬ ‫ﺻــــﺤﺔ‬

‫ﻟﻼﺳــــﺘﺪﻻل‪ ،‬وﺑﱰﻛﻪ وﺻــــﻒ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺠﺮﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ‬

‫ﺗﺤﺮ ﻟﻘﺼـــــــﺪ اﻟﺸــــــــﺎ رع‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫ﻣﻮاﻓﻘﺔ ذﻟﻚ اﻟﻐﺮض ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﱟ‬

‫ٍ‬ ‫وﺻﻒ ٍ‬ ‫وﻣﻘﺘﻀﻰ اﻻﺳﺘﻘﺼـــــــﺎء واﻟﺘﺠﺮد "أن ﻳﺆﺧﺬ اﻟﺪﻟﻴﻞ‬ ‫ﻗﺎﺋﻢ ﲠﺎ‪َ َ ُ ،‬‬

‫اﻟﻤﻘﺼــــﻮد ﻣﻨﻪ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﻓﻖ ﻏﺮﺿﻪ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﻫﻮ ﺷﺄن‬

‫ِ‬ ‫اﻟﺘﻼﻋﺐ‬ ‫ﻳﻨﻬﻰ اﻟﺴــــــﻠﻄﺎن اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺛﻢ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻤﻦ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﺸـــــﻬﺎدة َ ْ‬

‫وﻳﻨﺰل ﻋﻠﻴﻪ؟‬ ‫ﻳﺘﺒﻊ اﻵﺧﺮ ُ ﱠ‬ ‫)‪ (٤‬اﻟﻨﺼﻮص واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أﻳﻬﻤﺎ َ ْ َ‬

‫ِ‬ ‫واﻗﺘﺒﺎس ﻣﺎ ﺗﻀـــــﻤﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻴﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎزﻟﺔ‬ ‫اﻻﻓﺘﻘﺎر‬ ‫ﻣﺄﺧﺬ‬ ‫ُ‬

‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ‪ ،‬وﻳﻈﻬــﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨــﻰ ﻣﻦ اﻵﻳﺔ‬ ‫اﻗﺘﺒﺎس اﻟــﺰاﺋﻐﻴﻦ‬ ‫َ‬

‫وﻋﺪ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮ اﻟﻨﺎﻫﻲ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ‬ ‫ﺑﻤﻘﺼــــــﺪ اﻟﻨﺺ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺮ ﻟﻼﻧﺘﺤﺎر َ َ ﱡ‬ ‫ﱢ‬

‫ﺑﻌﺪ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أو اﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻤ وﺳـــــــــــــﺒﺮﻫﺎ‬

‫اﻟﻤﻔﺮوﺿـــﺔ ﻟﺘﻘﻊ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﻋﻠﻰ وﻓﺎق ﻣﺎ أﻋﻄﻰ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ‪،‬‬

‫اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ‪﴿ :‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﰲ ﻗﻠﻮﲠﻢ زﻳﻎ ﻓﻴﺘﺒﻌﻮن ﻣﺎ ﺗﺸـــــــــﺎﺑﻪ ﻣﻨﻪ اﺑﺘﻐﺎء‬

‫اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻋﻦ ٍ‬ ‫ً‬ ‫وأدﻫــﻰ‬ ‫ﻣﻨﻜﺮ‬ ‫أﺑﻴﻦ َ‬ ‫ﻣﻨﺘﺤـﺮا‪ ،‬وإن ﺑﻄﻼن ﻫﺬه اﻟﺘﺄوﻳﻼت ُ‬

‫ﻷﻏﻮارﻫﺎ وأﺑﻌﺎدﻫﺎ وﻣﻼﺑﺴـﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﺼــﻮص اﻟﺘﻲ‬

‫أﻣﺎ ﻗﺒﻞ وﻗﻮﻋﻬﺎ ﻓﺒﺄن ﺗﻮﻗﻊ ﻋﻠـــــــــﻰ َ ْ‬ ‫ﻓﻠﻴﺘﻼﰱ‬ ‫وﻓﻘﻪ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺑﻌﺪ وﻗﻮﻋﻬﺎ ِ ُ‬

‫اﻟﻔﺘﻨﺔ واﺑﺘﻐﺎء ﺗﺄوﻳﻠﻪ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪[٧ :‬؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻘﺼـﻮدﻫﻢ اﻻﻗﺘﺒﺎس‬

‫ﻣﺸـــﺨﺼﺎت‬ ‫وأﻣﺮ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺠﺎج اﻟﻤﺮدود ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺴــﻨﺔ ﰲ ﺑﻴﺎن‬ ‫ﱢ َ‬ ‫ﱡ‬

‫أﺗﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺗﺼــــــــــﺮﻳﺤ أو ﺗﻠﻤﻴﺤ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ‬

‫اﻷﻣﺮ وﻳﺴﺘﺪرك اﻟﺨﻄﺄ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻦ أو ﻳﻘﻄﻊ‬

‫ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻣﺮادﻫﻢ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﲠﺎ ﲠﻮاﻫﻢ؛ إذ ﻫﻮ اﻟﺴــــﺎﺑﻖ اﻟﻤﻌﺘﱪ‪ ،‬وأﺧﺬ‬

‫اﻟﻔـﺌﺔ اﻟـﺒﺎﻏـﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮل‪ :‬إﻧﻤﺎ َ‬ ‫ﻗــﺘﻠﻪ ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻪ‪ ،‬ﻫﺬا واﻟﻄﺎﻣﺔ اﻟﻜــﱪى‬

‫اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ واﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺒﺤﺚ‬

‫ﺑﺄن ذﻟﻚ ﻗﺼﺪ اﻟﺸﺎرع‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﻫﻮ ﺷﺄن اﻗﺘﺒﺎس اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ‬

‫اﻷدﻟﺔ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺒﻊ ﻟﺘﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﺣﺠﺔ ﰲ زﻳﻐﻬﻢ‪﴿ ،‬واﻟﺮاﺳــــــــــــﺨﻮن ﰲ‬

‫ُ‬ ‫اﻟﻨﺺ اﻟﺼـــــــــــــــﺮﻳﺢ اﻟﻘﺎﻃﻊ‬ ‫اﻟﺘﻤﺤﻼت‪ ،‬ﻣﻦ ذﻟﻚ‬ ‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ دﻻﻟﺔ ﱢ‬ ‫ﱡ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ‬ ‫ﻓﻬﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻟﻴﺴﺖ‬

‫)‪(٢٤‬‬

‫‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﰲ إﻗﺤﺎم ﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺮ ﰲ‬

‫ٍ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨﺼـــــﻮص ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻬﺪ إﻟﻰ آﺧﺮ‪ ،‬ﱠ‬

‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ" ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠــــﻰ اﻷﺣﻜﺎم ﻳﻘﻊ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد‬

‫ﻗﻀــــــــﺎﻳﺎ اﻟﻌﻘﻴﺪة وﺗﻜﻔﻴﺮ إﺧﻮاﳖﻢ واﻟﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺳﻔﻚ دﻣﺎﺋﻬﻢ‬

‫وأدواﺗﻪ واﺳﺘﻨﻄﺎق ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﰲ ﺧﺒﺎﻳﺎ اﻟﻨﺼــــﻮص واﺳﺘﻜﻨﺎه ﻣﺎ دﻟﺖ‬

‫ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﻠﻂ اﻟﻌﻤﻠــــــﻲ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎﺋﺪي ﻣﻦ ٍ‬ ‫وﺑﻨﺎء ﻋﻠـــــــﻰ ّ‬ ‫ً‬ ‫أن ﻻزم‬ ‫وﺟﻪ‬ ‫ً‬

‫ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻴﻦ‪ ،‬أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻫﺬا‪ ،‬وﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ‪:‬‬

‫ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﻬﺪ ﰲ اﺳـﺘﺨﺮاج اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ ﺷـﻮاﻫﺪﻫﺎ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻮ َ‬

‫اﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﺬﻫﺐ ﰲ ﻣﺴــــﺄﻟﺘﻲ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ وﺗﻔﺴــــﻴﺮ اﻟﻮﻻء ﻣﻦ ٍ‬ ‫وﺟﻪ‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ ﻃـــﺮﻳﻘﺔ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈـــﺮ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻤﺆدي إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬

‫َ‬ ‫آﺧﺮ‪.‬‬

‫واﻟﺘﺤﻴﺰ‬ ‫واﻟﺘﺠﺮد أو اﻻﻧﺘﻘﺎء‬ ‫ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺼـﺎء‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱡ‬

‫وأﺑـﺮز ُﻣﺨـﺮﺟﺎت ﻫﺬا اﻟﺨﻼف ﱠأﻧﻪ ﺑــﺮﻫﻦ ﻋﻠــﻰ ﱠ‬ ‫أن ﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ َ ْ ُ‬ ‫ﻳﻌﻈﻢ َ ْ‬ ‫ﺧﻄﺒﻪ ﰲ ﻣﺴــــﺎﺋﻞ اﻟﺴــــﻴﺎﺳﺔ واﻹﻣﺎﻣﺔ أي اﻟﺤﻜﻢ‪،‬‬

‫ٍ‬ ‫ﻳﺮد ﺳـﺒﺐ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﺘﺎوى ﰲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮازل‬ ‫ﻓﻬﻮ ﻣﺰﻟﺔ‬ ‫أﻗﺪام إﻟﻴﻪ ُ َ ﱡ‬ ‫ً‬ ‫ﻏﻔﻴﺮا ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺟﻤ‬ ‫ﻳﻌﻢ اﻷﻣﺔ أو ّ‬ ‫ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﺎ ّ‬

‫ﻓﺄوﻟﻰ ﲠﺬه اﻟﻤﺴــــــــﺎﺋﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻊ ﻓﻘﻬـﻲ ﻟﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٤‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬اﻟﻄﺮق اﻟﺤﻜﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﻴﺎن‪) ،‬ص‪.(١٢ :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪30‬‬

‫)‪(٢٥‬‬

‫اﻟﻌﻠﻢ﴾ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻫﻮى ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻋﻠـــــــــــــــﻰ أﺣﻜﺎم اﻷدﻟﺔ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ‬ ‫﴿ﻳﻘﻮﻟﻮن آﻣﻨﺎ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ رﺑﻨﺎ﴾‪ ،‬وﻳﻘﻮﻟﻮن‪﴿ :‬رﺑﻨﺎ ﻻ ﺗـــــﺰغ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ‬ ‫ﺑﻌﺪ إذ ﻫﺪﻳﺘﻨﺎ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪ ،[٨ :‬ﻓﻴﺘﱪؤون إﻟﻰ اﷲ ﻣﻤﺎ ارﺗﻜﺒﻪ أوﻟﺌﻚ‬

‫واﻟﺘﺤﻴﺰ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد‪:‬‬ ‫* اﻻﻧﺘﻘﺎء‬ ‫ﱡ‬ ‫اﻟﻌﺎم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬ ‫ﻣﻦ أزﻣﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ اﻻﻧﺴــــــــﻴﺎق ﻟﻠﺮأي ّ‬ ‫اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎ ﺗﺰال ﻟﻺﻋﻼم واﻻﺳــــــــــــــــﺘﺨﺒﺎ رات اﻟﻴﺪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ‬ ‫أﺣﺪ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬وﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺼـــﺢ ﰲ اﻷذﻫﺎن‬ ‫ﺷﻲء إذا أﻧﻜﺮ ٌ‬ ‫ٌ‬

‫اﻟﺰاﺋﻐﻮن؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺻـــــــﺎ ر أﻫﻞ اﻟﻮﺟﻪ اﻷول ﱢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﻴﻦ ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬ ‫أﻫﻮاﺋﻬﻢ‪ ،‬وﻫﻮ أﺻﻞ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ؛ ﻷﳖﺎ إﻧﻤﺎ ﺟﺎءت ﻟﺘﺨﺮج اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻋﻦ‬ ‫ﻫﻮاه ﺣﺘــــــــﻰ ﻳﻜﻮن ً‬ ‫ﻋﺒﺪا ﷲ‪ ،‬وأﻫﻞ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﲏ ﻳﺤﻜﻤﻮن أﻫﻮاءﻫﻢ‬ ‫)‪(٢٦‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن اﻷدﻟﺔ ﰲ أﺧﺬﻫﻢ ﻟﻬﺎ ﺗﺒﻌﺎ" ‪.‬‬

‫اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﻬﻮى واﻟﻤﻴﻮل اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ واﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٥‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت )‪.(٢٩٠ /٣‬‬ ‫)‪ (٢٦‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(٢٩٠ /٣‬‬

‫‪ 31‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻫﺬه اﺗﺠﺎﻫﺎت ﺛﻼﺛﺔ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﺼــــــــــــﻮﻳﺮﻫﺎ‬

‫اﻻﻧﻌﻘﺎد واﻻﺟـــــﺘﻬﺎد دون اﻧﻘﻄﺎع‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﺑﻦ اﻟﻘــــــﻴﻢ ﰲ ﻫﺬا‬

‫واﻟﺘﺠﺮد ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد‪:‬‬ ‫* اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء‬ ‫ﱡ‬

‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﺘﺨﺒﺎراﺗﻴﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ‬

‫وﺗﺸــﺨﻴﺼــﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺼـــﻮص اﻟﺘﻲ دارت ﺣﻮﻟﻬﺎ‬

‫اﻟﻤﻘﺎم‪ :‬ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺰﻟﺔ أﻗﺪام‪ ،‬وﻣﻀــــﻠﺔ أﻓﻬﺎم‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﻘﺎم ﺿﻨﻚ‪،‬‬

‫ﻣﺪﻟﻮل اﻻﺳﺘﻘﺼــــــــــــــــﺎء ﰲ ﺟﻤﻊ اﻷدﻟﺔ ﻫﻮ اﺳﺘﻔﺮاغ اﻟﻮﺳﻊ ﰲ‬

‫واﻟﻌﺼـﺒﻴﺔ واﻟﺘﻌﺼـﺐ واﻟﻀـﻐﻂ اﻟﻌﺎم وﻗﻬﺮ اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﻜﺮ‬

‫ﺗﺄوﻳﻼت ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺳﺎﺋﻎ أو ﻣﺤﺘﻤﻞ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ٌ‬ ‫ﺑﺎﻃﻞ ﻗﻄﻌ ﻻ ﻳﺒﻌﺪ‬

‫وﻣﻌﱰك ﺻــــــﻌﺐ‪ ،‬ﻓﺮط ﻓﻴﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻄﻠﻮا اﻟﺤﺪود‪ ،‬وﺿـــــــﻴﻌﻮا‬

‫اﻻﺳﺘﻘﺮاء واﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻨﺼــﻮص واﻹﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﺤﻞ اﻟﺒﺤﺚ وﻣﺎ‬

‫اﻟﻤﻔﺘﻲ أو اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺷــــــــــﺎرة ّأﻳ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺗﱰك ً‬ ‫أﺛﺮا ﺗﺘﻔﺎوت‬

‫أن ﻳﺼـــــــــﺪق ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮل ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‪ :‬ﻫﺬا اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﺿﺮب ﻣﻦ‬

‫اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬وﺟﺮؤوا أﻫﻞ اﻟﻔﺠﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴـــــــﺎد‪ ...‬واﻟﺬي أوﺟﺐ‬

‫ﻳﺆول إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ أدﻟﺔ ﻣﻌﺘﺒــﺮة ﻟﻤﻌــﺮﻓﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬وﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﰲ‬

‫ﻋﻼﻣـﺘﻪ ﰲ ﻃـﺒـﻴﻌﺔ ﻓﻬﻢ اﻟﻤﺠــﺘﻬﺪ ﻟﻠــﻨﺺ وﻟﻠﻮاﻗﻌﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻳــﱪﻫﻦ ّ‬ ‫أن‬

‫اﻟﻜﺬب ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ اﻟﻤﺸـــﻤﻮل ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ اﻟﻤﺸــــﻬﻮر‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜﺬب‬

‫ﻟﻬﻢ ذﻟﻚ‪ :‬ﻧﻮع ﺗﻘﺼــــﻴﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸـــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬وﺗﻘﺼـــــﻴﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻫﻮ ﺑﺬل اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻃﺎﻗﺘﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﺘﺘﺒﻊ واﺳﺘﻘﺮاء وﺣﺼـــﺮ أﺣﻮال‬

‫اﻟﺘﺠﺮد ﰲ ا ﻻﺟﺘﻬﺎد ﻋﻦ ﻣﻨﺎزع ﻫﺬه اﻟﻤﺆﺛﺮات ﻳﺰﻳﺪ ﻧﺴــــــــــﺒﺔ ﺻﻮاﺑﻪ‬ ‫ﱡ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﺿـــﺮﺑﺎن‪ :‬ﺻــــﺮﻳﺢ ﻣﻌﻠﻮم‪ ،‬وﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻨﺺ ﺗﺄوﻳﻼً ﺑﺎﻃﻼً ﻗﻄﻌ‬

‫اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﺗﻨـﺰﻳﻞ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻠـﻰ اﻵﺧـﺮ‪ ...‬وأﻓــﺮﻃﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧــﺮى‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﰲ اﻟﺤﻜﻢ وﺿﺒﻂ ﻣﺘﻐﻴﺮاﲥﺎ ﰲ ﺿـﻮء آراء أﻫﻞ اﻟﺨﱪة‬

‫ﻣﻄﺮد‪ ،‬ﻧﻌﻢ ﱠ‬ ‫ﺻـﺤﻴﺢ ّ‬ ‫اﻟﺘﺠﺮد اﻟﻤﻄﻠﻖ وﻫﻢ ﻣﻄﻠﻖ‪،‬‬ ‫إن دﻋﻮى‬ ‫واﻟﻌﻜﺲ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﱡ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ وﻳﻨﺴــﺐ‬ ‫اﻟﺠﻠﻴﺔ‬ ‫دﻻﻟﺔ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻄﻌﻴﺔ أو اﻟﻈﺎﻫﺮة‬ ‫ﻳﻠﻐﻲ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬

‫ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺴــﻮﻏﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﰲ ﺣﻜﻢ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ‪،‬‬

‫اﻟﺘﺠﺮد ﻓﻬﻮ اﺳﺘﻬﺪاف اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ‬ ‫وأﻣﺎ ﻣﺪﻟﻮل‬ ‫ﱡ‬ ‫واﻟﺘﺨﺼـــــﺺ اﻟﻤﻬﻨﻲ‪ ،‬ﱠ‬

‫اﻟﻨﺺ‬ ‫اﻟﺘﺤﻴﺰ اﻟﺬي ﻻ ﺗﺴـــــــﺘﻘﻴﻢ ﻣﻌﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻔﻜﺮ‬ ‫ﻟﻜﻦ‬ ‫ﱡَ‬ ‫ﻧﺴـــــــﺒﻴ ﰲ ﱢ‬ ‫ّ‬

‫ُ‬ ‫ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ ﻛﻼﻣﻪ وﻟﻮ ﺑﺄﺿــــــﻌﻒ‬ ‫ﻳﻘﻠﻪ وﻻ‬ ‫إﻟﻰ رﺳــــــﻮل اﷲ ﻣﻌﻨًﻰ ﻟﻢ ْ ُ‬

‫وﻛﻠﺘﺎ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ أﺗﻴﺖ ﻣﻦ ﺗﻘﺼﻴﺮﻫﺎ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺚ اﷲ ﺑﻪ رﺳﻮﻟﻪ‪،‬‬

‫ﻹﺻــــــــــﺎﺑﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ واﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺎﻟﻴ ﻣﻦ دواﻋﻲ‬

‫ﻒ ﻣﻄﻠٌﻖ ﻟﻠﺤﱢﻖ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬وﻣﺪﻟﻮل‬ ‫ف وﺗﺤـــــــﺮﻳ ٌ‬ ‫واﻟﻮاﻗﻌﺔ اﻧﺤــــــﺮا ٌ‬

‫اﻟﻮﺟﻮه؛ ﻓﻬﺬا أﺳـــﻮأ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﰲ ﻣﻴﺰان ﻋﻠﻢ اﻷﺻـــﻮل‪،‬‬

‫وأﻧـــــــــــــــــــــــﺰل ﺑﻪ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪ ...‬؛ وﻫﻮ اﻟﻌﺪل اﻟﺬي ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻷرض‬

‫اﻟﻬﻮى واﻟﻤﻴﻮل وااﻟﻨﺰﻋﺎت واﻟﺘﺼـﻮرات واﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺴـﺒﻘﺔ وذﻟﻚ‬

‫اﻻﻧﺘﻘﺎء واﻟﺘﺤﻴﺰ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد "أن َ‬ ‫ﻳﺆﺧﺬ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﺄﺧﺬ اﻻﺳﺘﻈﻬﺎر ﻋﻠﻰ‬

‫وﻣﺮده إﻟﻰ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼــــــــــــﻮص ﻣﻌﺎﲏ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠﻬﺎ اﻟﻠﻔﻆ‬ ‫ﱡ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأﻣﺜﺎﻟﻪ ﺑﺘﻠﻚ‬ ‫اﻟﻨﺺ‬ ‫واﻟﺴــــــــــﻴﺎق وﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ وﻣﺂﻻت ﻫﺬا ﱢ‬

‫واﻟﺴـــﻤﻮات‪ ،‬ﻓﺈذا ﻇﻬﺮت أﻣﺎرات اﻟﻌﺪل وأﺳﻔﺮ وﺟﻬﻪ ﺑﺄي ﻃﺮﻳﻖ‬

‫ﺑﺘﻮرﻋﻪ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺼــــﻠﺢ دﻟﻴﻼ وﻋﻦ إﻏﻔﺎل ﻣﺎ ﻳﺼـــــﻠﺢ‬ ‫ﱡ‬

‫ﻛﺎن‪ ،‬ﻓﺜﻢ ﺷﺮع اﷲ ودﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻓﺄي ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺨﺮج ﲠﺎ اﻟﻌﺪل واﻟﻘﺴــــﻂ‬

‫ِ‬ ‫ﻏﺮض اﻟﻤﻔﺘﻲ ﰲ اﻟﻨﺎزﻟﺔ اﻟﻌﺎرﺿـــــﺔ‪ ،‬وأن ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺎدئ اﻟﺮأي‬ ‫ﺻــــﺤﺔ‬

‫ﻟﻼﺳــــﺘﺪﻻل‪ ،‬وﺑﱰﻛﻪ وﺻــــﻒ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺠﺮﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ‬

‫ﺗﺤﺮ ﻟﻘﺼـــــــﺪ اﻟﺸــــــــﺎ رع‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫ﻣﻮاﻓﻘﺔ ذﻟﻚ اﻟﻐﺮض ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﱟ‬

‫ٍ‬ ‫وﺻﻒ ٍ‬ ‫وﻣﻘﺘﻀﻰ اﻻﺳﺘﻘﺼـــــــﺎء واﻟﺘﺠﺮد "أن ﻳﺆﺧﺬ اﻟﺪﻟﻴﻞ‬ ‫ﻗﺎﺋﻢ ﲠﺎ‪َ َ ُ ،‬‬

‫اﻟﻤﻘﺼــــﻮد ﻣﻨﻪ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﻓﻖ ﻏﺮﺿﻪ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﻫﻮ ﺷﺄن‬

‫ِ‬ ‫اﻟﺘﻼﻋﺐ‬ ‫ﻳﻨﻬﻰ اﻟﺴــــــﻠﻄﺎن اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺛﻢ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻤﻦ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﺸـــــﻬﺎدة َ ْ‬

‫وﻳﻨﺰل ﻋﻠﻴﻪ؟‬ ‫ﻳﺘﺒﻊ اﻵﺧﺮ ُ ﱠ‬ ‫)‪ (٤‬اﻟﻨﺼﻮص واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ أﻳﻬﻤﺎ َ ْ َ‬

‫ِ‬ ‫واﻗﺘﺒﺎس ﻣﺎ ﺗﻀـــــﻤﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻴﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎزﻟﺔ‬ ‫اﻻﻓﺘﻘﺎر‬ ‫ﻣﺄﺧﺬ‬ ‫ُ‬

‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ‪ ،‬وﻳﻈﻬــﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨــﻰ ﻣﻦ اﻵﻳﺔ‬ ‫اﻗﺘﺒﺎس اﻟــﺰاﺋﻐﻴﻦ‬ ‫َ‬

‫وﻋﺪ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮ اﻟﻨﺎﻫﻲ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ‬ ‫ﺑﻤﻘﺼــــــﺪ اﻟﻨﺺ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺮ ﻟﻼﻧﺘﺤﺎر َ َ ﱡ‬ ‫ﱢ‬

‫ﺑﻌﺪ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أو اﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻤ وﺳـــــــــــــﺒﺮﻫﺎ‬

‫اﻟﻤﻔﺮوﺿـــﺔ ﻟﺘﻘﻊ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﻋﻠﻰ وﻓﺎق ﻣﺎ أﻋﻄﻰ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ‪،‬‬

‫اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ‪﴿ :‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﰲ ﻗﻠﻮﲠﻢ زﻳﻎ ﻓﻴﺘﺒﻌﻮن ﻣﺎ ﺗﺸـــــــــﺎﺑﻪ ﻣﻨﻪ اﺑﺘﻐﺎء‬

‫اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻋﻦ ٍ‬ ‫ً‬ ‫وأدﻫــﻰ‬ ‫ﻣﻨﻜﺮ‬ ‫أﺑﻴﻦ َ‬ ‫ﻣﻨﺘﺤـﺮا‪ ،‬وإن ﺑﻄﻼن ﻫﺬه اﻟﺘﺄوﻳﻼت ُ‬

‫ﻷﻏﻮارﻫﺎ وأﺑﻌﺎدﻫﺎ وﻣﻼﺑﺴـﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﺼــﻮص اﻟﺘﻲ‬

‫أﻣﺎ ﻗﺒﻞ وﻗﻮﻋﻬﺎ ﻓﺒﺄن ﺗﻮﻗﻊ ﻋﻠـــــــــﻰ َ ْ‬ ‫ﻓﻠﻴﺘﻼﰱ‬ ‫وﻓﻘﻪ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺑﻌﺪ وﻗﻮﻋﻬﺎ ِ ُ‬

‫اﻟﻔﺘﻨﺔ واﺑﺘﻐﺎء ﺗﺄوﻳﻠﻪ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪[٧ :‬؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻘﺼـﻮدﻫﻢ اﻻﻗﺘﺒﺎس‬

‫ﻣﺸـــﺨﺼﺎت‬ ‫وأﻣﺮ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺠﺎج اﻟﻤﺮدود ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺴــﻨﺔ ﰲ ﺑﻴﺎن‬ ‫ﱢ َ‬ ‫ﱡ‬

‫أﺗﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺗﺼــــــــــﺮﻳﺤ أو ﺗﻠﻤﻴﺤ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ‬

‫اﻷﻣﺮ وﻳﺴﺘﺪرك اﻟﺨﻄﺄ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻦ أو ﻳﻘﻄﻊ‬

‫ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻣﺮادﻫﻢ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﲠﺎ ﲠﻮاﻫﻢ؛ إذ ﻫﻮ اﻟﺴــــﺎﺑﻖ اﻟﻤﻌﺘﱪ‪ ،‬وأﺧﺬ‬

‫اﻟﻔـﺌﺔ اﻟـﺒﺎﻏـﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮل‪ :‬إﻧﻤﺎ َ‬ ‫ﻗــﺘﻠﻪ ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻪ‪ ،‬ﻫﺬا واﻟﻄﺎﻣﺔ اﻟﻜــﱪى‬

‫اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ واﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺒﺤﺚ‬

‫ﺑﺄن ذﻟﻚ ﻗﺼﺪ اﻟﺸﺎرع‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﻫﻮ ﺷﺄن اﻗﺘﺒﺎس اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ‬

‫اﻷدﻟﺔ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺒﻊ ﻟﺘﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﺣﺠﺔ ﰲ زﻳﻐﻬﻢ‪﴿ ،‬واﻟﺮاﺳــــــــــــﺨﻮن ﰲ‬

‫ُ‬ ‫اﻟﻨﺺ اﻟﺼـــــــــــــــﺮﻳﺢ اﻟﻘﺎﻃﻊ‬ ‫اﻟﺘﻤﺤﻼت‪ ،‬ﻣﻦ ذﻟﻚ‬ ‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ دﻻﻟﺔ ﱢ‬ ‫ﱡ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ‬ ‫ﻓﻬﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻟﻴﺴﺖ‬

‫)‪(٢٤‬‬

‫‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﰲ إﻗﺤﺎم ﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺮ ﰲ‬

‫ٍ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨﺼـــــﻮص ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻬﺪ إﻟﻰ آﺧﺮ‪ ،‬ﱠ‬

‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ" ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠــــﻰ اﻷﺣﻜﺎم ﻳﻘﻊ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد‬

‫ﻗﻀــــــــﺎﻳﺎ اﻟﻌﻘﻴﺪة وﺗﻜﻔﻴﺮ إﺧﻮاﳖﻢ واﻟﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺳﻔﻚ دﻣﺎﺋﻬﻢ‬

‫وأدواﺗﻪ واﺳﺘﻨﻄﺎق ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﰲ ﺧﺒﺎﻳﺎ اﻟﻨﺼــــﻮص واﺳﺘﻜﻨﺎه ﻣﺎ دﻟﺖ‬

‫ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﻠﻂ اﻟﻌﻤﻠــــــﻲ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎﺋﺪي ﻣﻦ ٍ‬ ‫وﺑﻨﺎء ﻋﻠـــــــﻰ ّ‬ ‫ً‬ ‫أن ﻻزم‬ ‫وﺟﻪ‬ ‫ً‬

‫ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻴﻦ‪ ،‬أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻫﺬا‪ ،‬وﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ‪:‬‬

‫ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﻬﺪ ﰲ اﺳـﺘﺨﺮاج اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ ﺷـﻮاﻫﺪﻫﺎ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻮ َ‬

‫اﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﺬﻫﺐ ﰲ ﻣﺴــــﺄﻟﺘﻲ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ وﺗﻔﺴــــﻴﺮ اﻟﻮﻻء ﻣﻦ ٍ‬ ‫وﺟﻪ‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ ﻃـــﺮﻳﻘﺔ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈـــﺮ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻤﺆدي إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬

‫َ‬ ‫آﺧﺮ‪.‬‬

‫واﻟﺘﺤﻴﺰ‬ ‫واﻟﺘﺠﺮد أو اﻻﻧﺘﻘﺎء‬ ‫ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺼـﺎء‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱡ‬

‫وأﺑـﺮز ُﻣﺨـﺮﺟﺎت ﻫﺬا اﻟﺨﻼف ﱠأﻧﻪ ﺑــﺮﻫﻦ ﻋﻠــﻰ ﱠ‬ ‫أن ﻓﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ َ ْ ُ‬ ‫ﻳﻌﻈﻢ َ ْ‬ ‫ﺧﻄﺒﻪ ﰲ ﻣﺴــــﺎﺋﻞ اﻟﺴــــﻴﺎﺳﺔ واﻹﻣﺎﻣﺔ أي اﻟﺤﻜﻢ‪،‬‬

‫ٍ‬ ‫ﻳﺮد ﺳـﺒﺐ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﺘﺎوى ﰲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮازل‬ ‫ﻓﻬﻮ ﻣﺰﻟﺔ‬ ‫أﻗﺪام إﻟﻴﻪ ُ َ ﱡ‬ ‫ً‬ ‫ﻏﻔﻴﺮا ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺟﻤ‬ ‫ﻳﻌﻢ اﻷﻣﺔ أو ّ‬ ‫ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﺎ ّ‬

‫ﻓﺄوﻟﻰ ﲠﺬه اﻟﻤﺴــــــــﺎﺋﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻊ ﻓﻘﻬـﻲ ﻟﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٤‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬اﻟﻄﺮق اﻟﺤﻜﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﻴﺎن‪) ،‬ص‪.(١٢ :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪30‬‬

‫)‪(٢٥‬‬

‫اﻟﻌﻠﻢ﴾ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻫﻮى ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻋﻠـــــــــــــــﻰ أﺣﻜﺎم اﻷدﻟﺔ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ‬ ‫﴿ﻳﻘﻮﻟﻮن آﻣﻨﺎ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ رﺑﻨﺎ﴾‪ ،‬وﻳﻘﻮﻟﻮن‪﴿ :‬رﺑﻨﺎ ﻻ ﺗـــــﺰغ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ‬ ‫ﺑﻌﺪ إذ ﻫﺪﻳﺘﻨﺎ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪ ،[٨ :‬ﻓﻴﺘﱪؤون إﻟﻰ اﷲ ﻣﻤﺎ ارﺗﻜﺒﻪ أوﻟﺌﻚ‬

‫واﻟﺘﺤﻴﺰ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد‪:‬‬ ‫* اﻻﻧﺘﻘﺎء‬ ‫ﱡ‬ ‫اﻟﻌﺎم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬ ‫ﻣﻦ أزﻣﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ اﻻﻧﺴــــــــﻴﺎق ﻟﻠﺮأي ّ‬ ‫اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎ ﺗﺰال ﻟﻺﻋﻼم واﻻﺳــــــــــــــــﺘﺨﺒﺎ رات اﻟﻴﺪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ‬ ‫أﺣﺪ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬وﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺼـــﺢ ﰲ اﻷذﻫﺎن‬ ‫ﺷﻲء إذا أﻧﻜﺮ ٌ‬ ‫ٌ‬

‫اﻟﺰاﺋﻐﻮن؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺻـــــــﺎ ر أﻫﻞ اﻟﻮﺟﻪ اﻷول ﱢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﻴﻦ ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬ ‫أﻫﻮاﺋﻬﻢ‪ ،‬وﻫﻮ أﺻﻞ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ؛ ﻷﳖﺎ إﻧﻤﺎ ﺟﺎءت ﻟﺘﺨﺮج اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻋﻦ‬ ‫ﻫﻮاه ﺣﺘــــــــﻰ ﻳﻜﻮن ً‬ ‫ﻋﺒﺪا ﷲ‪ ،‬وأﻫﻞ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﲏ ﻳﺤﻜﻤﻮن أﻫﻮاءﻫﻢ‬ ‫)‪(٢٦‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن اﻷدﻟﺔ ﰲ أﺧﺬﻫﻢ ﻟﻬﺎ ﺗﺒﻌﺎ" ‪.‬‬

‫اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﻬﻮى واﻟﻤﻴﻮل اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ واﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٥‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت )‪.(٢٩٠ /٣‬‬ ‫)‪ (٢٦‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(٢٩٠ /٣‬‬

‫‪ 31‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺒﺜﻲ إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟﻔﺮوع‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫اﻟﻀـــــــــــﺮب ﻣﻦ‬ ‫وﻳﻤﻴﻞ ﻫﺬا‬ ‫ُ‬ ‫ﱢ‬

‫ِ‬ ‫ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﺿﻌﻔ أو‬ ‫ﻳﻘﺮ وﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ وﻻ ﱢ ُ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴــﻼح ﻣﻤﻦ ُ ّ‬ ‫ﺧﺬﻻﻧ ؛ ﺟﻬﺎد أم إرﻫﺎب ِ‬ ‫وﺧـــــــﺮوج ﻋﻠـــــــﻰ اﻟﺤﺎﻛﻢ‪،‬‬ ‫وﺣــــــﺮاﺑﺔ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫اﻟﻜﻠﻴﺔ ﱠ‬ ‫ﻟﻌﻠﻬﺎ ُﺗﺒﺤﺚ ﻻﺣﻘ ‪ ،‬وﻟﺘﻠﻚ اﻟﻜﻠﻴﺎت ﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﰲ ﺿﺒﻂ ﺣﺮﻛﺔ‬ ‫ﻛﻠﻴﺎت أﺧﺮى ُﺗﺬْﻛﺮ ﰲ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫وﻟـــﻼﺟﺘﻬﺎد واﻟﻔﺘﻮى واﻟﻘﻀـــــﺎء ﱠ ٌ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻮﺿﻊ اﻷﺻﻮل واﻟﺠﺰﺋﻴﺎت ﻣﻘﺎم اﻟﻜﻠﻴﺎت واﺳﺘﺒﺪال اﻟﻤﺘﺸــــﺎﲠﺎت‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻤﺎت وﺟﻌﻞ اﻻﺳــــــﺘﺜﻨﺎء ﻫﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﻮرع ٍ‬ ‫ﻣﻔﺖ ﻛﻬﺬا‬

‫ﺗﺄﻟﻴﻪ ﻟﺮأي اﻷﻛﺜـﺮﻳﺔ؟‬ ‫واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺷــــــــــــﻮرى ﱠ‬ ‫ﻣﻌﺪﻟﺔ أم ٌ‬

‫وادﻋﺎء ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ‬ ‫ﻋﻦ إﻳﻬﺎم ﺗﻀـــﺎرب اﻟﻨﺼــــﻮص وﺗﻌﺎرﺿﻬﺎ ﱢ‬

‫ﻳﺤﺼـــﻰ ﻣﻦ وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﺤﻞ ﻧــــﺰاع ﺑﻴﻦ‬ ‫وﻫﻜﺬا إﻟـــﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﺎد َ‬

‫ٍ‬ ‫ﻫﺬا‪ ،‬وﻟﻮ ّ‬ ‫اﺳﺘﺒﺎﻧﺎت ﺗﺴـﺘﻄﻠﻊ ﲠﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺸـﺎذة اﻟﻤﻨﺘﺸـﺮة ﰲ ﻣﺠﺘﻤٍﻊ ﻣﺎ ﻟﺮﺑﻤﺎ اﻛﺘﺸـﻒ‬ ‫أن ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻃﺮﺣﺖ‬

‫ﺻﺢ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻤﻌﻘﻮل ﺳﻌﻴ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ ﻧﺴـــــــﺒﺔ ﻣﺎ ﻳﻬﻮى ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم إﻟﻰ‬

‫أن ﻧﺰاﻋﻬﻢ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ واﻟﻤﺘﺼــــﺪرﻳﻦ ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬وﻟﻮ ﱠ‬ ‫ﺗﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﱠﺼــــﻔﺔ‬

‫ﻣﺘﻔﻜﺮا ﱢ ً‬ ‫أﺛﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻨﻔﺴـﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺪﻧﻴﻮي واﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺛﻢ ﻻ ﻳﺴـﻌﻪ إﻻ أن ﻳﻜﺮر ﱢ ً‬ ‫ﻣﺘﺬﻛﺮا‬ ‫اﻟﻘﺎرئ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ َ‬

‫اﻟﺸــــــــﺮﻳﻌﺔ وﻟﻮ أﻧﻪ أﺗﻰ ﲠﻮاه ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ‪" ،‬ﻓﱰاه ً‬ ‫آﺧﺬا ﺑﺒﻌﺾ‬ ‫ﺟﺰﺋﻴﺎﲥﺎ ﰲ ﻫﺪم ﻛﻠﻴﺎﲥﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺼـﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﺑﺒﺎدئ رأﻳﻪ ﻣﻦ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻳﻜﻮن اﻟﺤﺎﻣﻞ‬ ‫رﺟﻮع‬ ‫إﺣﺎﻃﺔ ﺑﻤﻌﺎﻧﻴﻬﺎ وﻻ راﺟٍﻊ‬ ‫ﻏﻴـﺮ‬ ‫َ‬

‫ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻟﻈﻬﺮ اﻟﺤﱡﻖ وﻛﺜﺮ‬ ‫واﻟﻤﻮﺿــــﻮﻋﻴﺔ وﺳــــﻜﺖ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﺼـــﻮاب‪ ،‬ﱠ‬ ‫أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــﺎﺋﻞ‬ ‫وﻟﻌﻠﻪ ُﻳﺘﺎح ﰲ ﻣﻘﺎﻻت ﻻﺣﻘﺔ َ ْ ُ‬ ‫درس ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﺿﻮء ﻛﻠﻴﺎت‬ ‫اﻟﺼــــﻮاب ﻓﻴﻬﺎ ﰲ‬ ‫واﺳﺘﻈﻬﺎر‬ ‫وﻧﻘﺪا‬ ‫وﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺗﻘﻮﻳﻤ‬ ‫ُ‬

‫ﻛﺬﺑﻮا ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﺳﺎء َ َ ً‬ ‫واﺗﺒﺎع اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻬﺎدﻳﻦ‬ ‫ﻳﻈﻠﻤﻮن ﴾ )‪ ،(١٧٧‬ﺳﺎﺋﻼً اﻟﻤﻮﻟﻰ اﻟﻬﺪاﻳﺔ‬ ‫وأﻧﻔﺴﻬﻢ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻘﻮم ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ ﱠ ُ َ‬ ‫ﺑﺂﻳﺎﺗﻨَﺎ َ َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫ﻣﺜﻼ ْ َ ْ ُ‬ ‫اﺗﺒﻊ اﻟﻐﺎوﻳﻦ ﻓﻈﻠﻢ ﻧﻔﺴـــــــــــــﻪ ﴿ َ َ‬

‫ﻋﻠـــﻰ ذﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻷﻫﻮاء اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﻮس‪ ،‬اﻟﺤﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠـــﻰ ﺗــــﺮك‬

‫ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ‪.‬‬

‫ﻳﻬﺪ اﷲ َﻓﻬﻮ ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻦ ُ ْ ِ ْ‬ ‫ﻫﻢ ْ َ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﻀﻠﻞ َ ُ َ ِ َ‬ ‫اﻟﺨﺎﺳﺮون﴾)‪.(١٧٨‬‬ ‫اﻟﻤﻬﺘﺪي َ َ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ ﴿ َ ْ‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ُ ُ‬

‫اﻻﻫﺘﺪاء ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻮاﺿﺢ واﻃﺮاح اﻟﻨﺼـــﻔﺔ واﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻓﻴﻤﺎ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫ﻟﻢ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺎﻇﺮ" ‪.‬‬

‫اﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺘﻮى وزﻳﺎدة ﻷﻧﻪ ﻣﻠﺰم ﺑﺨﻼﻓﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻪ أرﻛﺎن‬

‫ٍ‬ ‫وﻻ ﻳﻌﺪم اﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻤﻌﺎﺻــﺮﻳﻦ ً‬ ‫ﺿـــﺮوب ﺷـــﺘﻰ‬ ‫أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻠﺪى اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺣﻜﻢ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻤﺼــﺎرف ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻀـــﻊ‬

‫اﻟﺤﻜﻢ إﻻ ﲠﺎ‪ :‬ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷدﻟﺔ واﻷﺳــــــــﺒﺎب واﻟﺒﻴﻨﺎت؛ ﻓﺎﻷدﻟﺔ ﺗﻌﺮﻓﻪ‬

‫ﻧﺼــــــﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ إﺑﺎﺣﺘﻬﺎ وﻳﺄﺧﺬ ﺑﻞ ُ ِ‬ ‫وﻳﻐﺮق ﰲ ﺗﺸـــــــﺨﻴﺺ ﻫﺬه‬ ‫ﻳﻐﺮق َ‬

‫اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸــــــــــــﺮﻋﻲ اﻟﻜﻠﻲ‪ ،‬واﻷﺳﺒﺎب ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﺤﻞ‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ واﻻﺳﺘﺪﻻل ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺒﻖ اﻟﺬي ﻳﺮاه ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪،‬‬ ‫وﻳﻐﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺑﻞ ﻳﺨﻔﻲ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻮاﻓﻖ ﻫﻮاه ﻣﻦ ٍ‬ ‫أدﻟﺔ أو ﺗﺸـــــــــــﺨﻴﺺ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻤﻌﻴﻦ أو اﻧﺘﻔﺎءه ﻋﻨﻪ‪ ،‬واﻟﺒﻴﻨﺎت ﺗﻌـــﺮﻓﻪ ﻃـــﺮﻳﻖ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻨﺎزع‪،‬‬

‫ﻳﺤﺒﺬه ﻣﻦ‬ ‫ﺗﺸـــﻮﻳﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﺼـــﻮﻳﺮﻫﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ إن ﻛﺎن ﻣﺎ ﻻ ﱢ‬ ‫اﻷدﻟﺔ واﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻣﻌﻠﻮﻣ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ‪ُ ،‬‬ ‫وﺗﻠﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻌﻜﺲ‬

‫وﻣﺘــــﻰ أﺧﻄﺄ ﰲ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺧﻄﺄ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﺟﻤﻴﻊ ﺧﻄﺄ‬ ‫ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ُ ِ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﻣﺪاره ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻴﻬﺎ أو ﰲ ﺑﻌﻀـــــــــــﻬﺎ")‪ (٢٨‬ﱡ‬ ‫ذﻛﺮ ﰲ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻹﻓﺘﺎء ﻣﻦ ﺿـــــــــﻮاﺑﻂ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻟﻠﻘﺎﺋﻢ ﲠﻤﺎ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺴـﻘﻮط ﰲ ُ ِ‬ ‫ﻣﺜﻠﻪ ﺑﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ اﻟﻘﻀــﺎء؛‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻫﻮة اﻟﻬﻮى أو اﻟﻘﺼـﻮر ﻳﺄﰐ ُ ُ‬ ‫اﻟﻘﺎﺿـﻲ "إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻘﻴﻪ اﻟﻨﻔﺲ ﰲ اﻷﻣﺎرات ودﻻﺋﻞ اﻟﺤﺎل‬ ‫ذﻟﻚ أن‬ ‫َ‬

‫ً‬ ‫واﺳﺘﺪﻻﻻ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻷﻣﺮ وﻳﻤﻀــــﻲ ﻛﺎﻷول ﰲ اﻹﻏﺮاق ﺗﺸــــﺨﻴﺼـــــ‬ ‫ِ‬ ‫وﻳﻀﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ذﻟﻚ دون أن ﻳﺒﺬل ﻣﻌﺸﺎر ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺪ‬ ‫اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ وﻳﻜﺪ ُ‬

‫ﺿــﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬ﻓﻬﻬﻨﺎ ﻓﻘﻬﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ‬ ‫ﻛﻔﻘﻬﻪ ﰲ ﻛﻠﻴﺎت اﻷﺣﻜﺎم ّ‬

‫ﰲ اﻗﱰاح اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﻤﺸـــﺮوع‪ ،‬وﻗﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﺴـــﺎﺋﻞ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ‬

‫ﻣــــﻨﻬﻤﺎ‪ :‬ﻓﻘﻪ ﰲ أﺣﻜﺎم اﻟﺤﻮادث اﻟﻜﻠـــــﻴﺔ‪ ،‬وﻓﻘﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وأﺣﻮال‬

‫واﻟﺴﻨﺪات واﻟﻨ َﱢﻘﺎب وﻫﺪاﻳﺎ اﻟﺸـﺮﻛﺎت واﻟﺘﺴـﻮﻳﻖ اﻟﺸـﺒﻜﻲ واﻟﻬﺮﻣﻲ‬

‫اﻟﻨﺎس‪ :‬ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﺼـــﺎدق واﻟﻜﺎذب واﻟﻤﺤﻖ واﻟﻤﺒﻄﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻄﺒﻖ‬

‫وأﺳﻮاق اﻟﻤﺎل واﻟﻤﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴـﻠﻤﻴﺔ وﺗﻔﺮﻳﻖ اﻟﺤﻜﺎم ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴــﻼح‬

‫ﺑﻴﻦ ﻫﺬا وﻫﺬا‪ ،‬ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬ﻓﻴﻌﻄـــــــــــﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﻜﻤﻪ ﻣﻦ‬

‫ودﻓﺎع اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻦ أﻧﻔﺴــﻬﻢ واﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﻛﻼ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‬

‫ﻳﺘﻔﻜﺮون ﴾اﻷﻋﺮاف‪ِ ،(١٧٦) :‬‬ ‫ﻓﻮاﺻــــﻞ اﻵﻳﺎت اﻟﺘﻲ أﺗﺖ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ واﻗﻌﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺑﻠﻌﺎم ﺑﻦ ﺑﺎﻋﻮراء ﴿ َ ْ ُ ِ‬ ‫ﻟﻌﻠﻬﻢ َ َ َ ﱠ ُ َ‬ ‫وﺟﻼً أن ﻳﻜﻮن ﻣﻤﻦ‬ ‫ﻓﺎﻗﺼﺺ ْ َ َ َ‬ ‫اﻟﻘﺼﺺ َ َ ﱠ ُ ْ‬

‫ﻋﻨﻲ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد واﻟﻔﺘﻮى‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺄت ﻋﻠـــــــــﻰ‬ ‫وﺑﻌﺪ‪ :‬ﻓﺎﻟﺒﺤﺚ إﻧﻤﺎ ُ َ‬ ‫ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ؛ ذﻟﻚ ّ‬ ‫أن "اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻴﺎء ﻻ ﻳﺼـــــــــــﺢ ﻟﻪ‬ ‫ﻻ ّ‬

‫وﻟﻲ ﻋﻨﻖ اﻟﻨﺺ اﻟــﺮاﺟﺢ ﻋﻨﺪه أو‬ ‫ﻟﻠﻮاﻗﻌﺔ وﻳﺘﻜﻠﻒ ﺗﺄوﻳﻞ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ ّ‬

‫اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺟﺘﻬﺎدي‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ أن ﻳﺨﺮج ﻋﻦ ﺣﺪود اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻨﺒﻄﺖ ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬

‫)‪(٢٩‬‬

‫اﻟﻮاﺟﺐ" ‪.‬‬

‫وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺤﺘﻞ ﻫﻞ ﻫﻲ إرﻫﺎب أم ﺟﻬﺎد‪ ،‬واﻧﺘﺰاع‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٧‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت )‪.(١٤٢ /٥‬‬ ‫)‪ (٢٨‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ :‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﻔﻮاﺋﺪ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪.(١٢ /٤) ،‬‬ ‫)‪ (٢٩‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(١١٧ /٣‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪32‬‬

‫‪ 33‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺒﺜﻲ إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟﻔﺮوع‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد‬ ‫اﻟﻀـــــــــــﺮب ﻣﻦ‬ ‫وﻳﻤﻴﻞ ﻫﺬا‬ ‫ُ‬ ‫ﱢ‬

‫ِ‬ ‫ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﺿﻌﻔ أو‬ ‫ﻳﻘﺮ وﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ وﻻ ﱢ ُ‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴــﻼح ﻣﻤﻦ ُ ّ‬ ‫ﺧﺬﻻﻧ ؛ ﺟﻬﺎد أم إرﻫﺎب ِ‬ ‫وﺧـــــــﺮوج ﻋﻠـــــــﻰ اﻟﺤﺎﻛﻢ‪،‬‬ ‫وﺣــــــﺮاﺑﺔ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫اﻟﻜﻠﻴﺔ ﱠ‬ ‫ﻟﻌﻠﻬﺎ ُﺗﺒﺤﺚ ﻻﺣﻘ ‪ ،‬وﻟﺘﻠﻚ اﻟﻜﻠﻴﺎت ﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﰲ ﺿﺒﻂ ﺣﺮﻛﺔ‬ ‫ﻛﻠﻴﺎت أﺧﺮى ُﺗﺬْﻛﺮ ﰲ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻔﻘﻪ‬ ‫وﻟـــﻼﺟﺘﻬﺎد واﻟﻔﺘﻮى واﻟﻘﻀـــــﺎء ﱠ ٌ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻮﺿﻊ اﻷﺻﻮل واﻟﺠﺰﺋﻴﺎت ﻣﻘﺎم اﻟﻜﻠﻴﺎت واﺳﺘﺒﺪال اﻟﻤﺘﺸــــﺎﲠﺎت‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻤﺎت وﺟﻌﻞ اﻻﺳــــــﺘﺜﻨﺎء ﻫﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﻮرع ٍ‬ ‫ﻣﻔﺖ ﻛﻬﺬا‬

‫ﺗﺄﻟﻴﻪ ﻟﺮأي اﻷﻛﺜـﺮﻳﺔ؟‬ ‫واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺷــــــــــــﻮرى ﱠ‬ ‫ﻣﻌﺪﻟﺔ أم ٌ‬

‫وادﻋﺎء ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ‬ ‫ﻋﻦ إﻳﻬﺎم ﺗﻀـــﺎرب اﻟﻨﺼــــﻮص وﺗﻌﺎرﺿﻬﺎ ﱢ‬

‫ﻳﺤﺼـــﻰ ﻣﻦ وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﺤﻞ ﻧــــﺰاع ﺑﻴﻦ‬ ‫وﻫﻜﺬا إﻟـــﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﺎد َ‬

‫ٍ‬ ‫ﻫﺬا‪ ،‬وﻟﻮ ّ‬ ‫اﺳﺘﺒﺎﻧﺎت ﺗﺴـﺘﻄﻠﻊ ﲠﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺸـﺎذة اﻟﻤﻨﺘﺸـﺮة ﰲ ﻣﺠﺘﻤٍﻊ ﻣﺎ ﻟﺮﺑﻤﺎ اﻛﺘﺸـﻒ‬ ‫أن ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻃﺮﺣﺖ‬

‫ﺻﺢ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻤﻌﻘﻮل ﺳﻌﻴ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ ﻧﺴـــــــﺒﺔ ﻣﺎ ﻳﻬﻮى ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم إﻟﻰ‬

‫أن ﻧﺰاﻋﻬﻢ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ واﻟﻤﺘﺼــــﺪرﻳﻦ ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد‪ ،‬وﻟﻮ ﱠ‬ ‫ﺗﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﱠﺼــــﻔﺔ‬

‫ﻣﺘﻔﻜﺮا ﱢ ً‬ ‫أﺛﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻨﻔﺴـﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺪﻧﻴﻮي واﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺛﻢ ﻻ ﻳﺴـﻌﻪ إﻻ أن ﻳﻜﺮر ﱢ ً‬ ‫ﻣﺘﺬﻛﺮا‬ ‫اﻟﻘﺎرئ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ َ‬

‫اﻟﺸــــــــﺮﻳﻌﺔ وﻟﻮ أﻧﻪ أﺗﻰ ﲠﻮاه ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ‪" ،‬ﻓﱰاه ً‬ ‫آﺧﺬا ﺑﺒﻌﺾ‬ ‫ﺟﺰﺋﻴﺎﲥﺎ ﰲ ﻫﺪم ﻛﻠﻴﺎﲥﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺼـﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﺑﺒﺎدئ رأﻳﻪ ﻣﻦ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻳﻜﻮن اﻟﺤﺎﻣﻞ‬ ‫رﺟﻮع‬ ‫إﺣﺎﻃﺔ ﺑﻤﻌﺎﻧﻴﻬﺎ وﻻ راﺟٍﻊ‬ ‫ﻏﻴـﺮ‬ ‫َ‬

‫ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻟﻈﻬﺮ اﻟﺤﱡﻖ وﻛﺜﺮ‬ ‫واﻟﻤﻮﺿــــﻮﻋﻴﺔ وﺳــــﻜﺖ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﺼـــﻮاب‪ ،‬ﱠ‬ ‫أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــﺎﺋﻞ‬ ‫وﻟﻌﻠﻪ ُﻳﺘﺎح ﰲ ﻣﻘﺎﻻت ﻻﺣﻘﺔ َ ْ ُ‬ ‫درس ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ﺿﻮء ﻛﻠﻴﺎت‬ ‫اﻟﺼــــﻮاب ﻓﻴﻬﺎ ﰲ‬ ‫واﺳﺘﻈﻬﺎر‬ ‫وﻧﻘﺪا‬ ‫وﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺗﻘﻮﻳﻤ‬ ‫ُ‬

‫ﻛﺬﺑﻮا ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﺳﺎء َ َ ً‬ ‫واﺗﺒﺎع اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻬﺎدﻳﻦ‬ ‫ﻳﻈﻠﻤﻮن ﴾ )‪ ،(١٧٧‬ﺳﺎﺋﻼً اﻟﻤﻮﻟﻰ اﻟﻬﺪاﻳﺔ‬ ‫وأﻧﻔﺴﻬﻢ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻘﻮم ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ ﱠ ُ َ‬ ‫ﺑﺂﻳﺎﺗﻨَﺎ َ َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫ﻣﺜﻼ ْ َ ْ ُ‬ ‫اﺗﺒﻊ اﻟﻐﺎوﻳﻦ ﻓﻈﻠﻢ ﻧﻔﺴـــــــــــــﻪ ﴿ َ َ‬

‫ﻋﻠـــﻰ ذﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻷﻫﻮاء اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﻮس‪ ،‬اﻟﺤﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠـــﻰ ﺗــــﺮك‬

‫ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ‪.‬‬

‫ﻳﻬﺪ اﷲ َﻓﻬﻮ ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻦ ُ ْ ِ ْ‬ ‫ﻫﻢ ْ َ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﻀﻠﻞ َ ُ َ ِ َ‬ ‫اﻟﺨﺎﺳﺮون﴾)‪.(١٧٨‬‬ ‫اﻟﻤﻬﺘﺪي َ َ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ ﴿ َ ْ‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ُ ُ‬

‫اﻻﻫﺘﺪاء ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻮاﺿﺢ واﻃﺮاح اﻟﻨﺼـــﻔﺔ واﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻓﻴﻤﺎ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫ﻟﻢ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺎﻇﺮ" ‪.‬‬

‫اﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺘﻮى وزﻳﺎدة ﻷﻧﻪ ﻣﻠﺰم ﺑﺨﻼﻓﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻪ أرﻛﺎن‬

‫ٍ‬ ‫وﻻ ﻳﻌﺪم اﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻤﻌﺎﺻــﺮﻳﻦ ً‬ ‫ﺿـــﺮوب ﺷـــﺘﻰ‬ ‫أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻠﺪى اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺣﻜﻢ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻤﺼــﺎرف ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻀـــﻊ‬

‫اﻟﺤﻜﻢ إﻻ ﲠﺎ‪ :‬ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷدﻟﺔ واﻷﺳــــــــﺒﺎب واﻟﺒﻴﻨﺎت؛ ﻓﺎﻷدﻟﺔ ﺗﻌﺮﻓﻪ‬

‫ﻧﺼــــــﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ إﺑﺎﺣﺘﻬﺎ وﻳﺄﺧﺬ ﺑﻞ ُ ِ‬ ‫وﻳﻐﺮق ﰲ ﺗﺸـــــــﺨﻴﺺ ﻫﺬه‬ ‫ﻳﻐﺮق َ‬

‫اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸــــــــــــﺮﻋﻲ اﻟﻜﻠﻲ‪ ،‬واﻷﺳﺒﺎب ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﺤﻞ‬

‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ واﻻﺳﺘﺪﻻل ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺒﻖ اﻟﺬي ﻳﺮاه ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪،‬‬ ‫وﻳﻐﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺑﻞ ﻳﺨﻔﻲ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻮاﻓﻖ ﻫﻮاه ﻣﻦ ٍ‬ ‫أدﻟﺔ أو ﺗﺸـــــــــــﺨﻴﺺ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫اﻟﻤﻌﻴﻦ أو اﻧﺘﻔﺎءه ﻋﻨﻪ‪ ،‬واﻟﺒﻴﻨﺎت ﺗﻌـــﺮﻓﻪ ﻃـــﺮﻳﻖ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻨﺎزع‪،‬‬

‫ﻳﺤﺒﺬه ﻣﻦ‬ ‫ﺗﺸـــﻮﻳﻪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺗﺼـــﻮﻳﺮﻫﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ إن ﻛﺎن ﻣﺎ ﻻ ﱢ‬ ‫اﻷدﻟﺔ واﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻣﻌﻠﻮﻣ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ‪ُ ،‬‬ ‫وﺗﻠﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻌﻜﺲ‬

‫وﻣﺘــــﻰ أﺧﻄﺄ ﰲ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺧﻄﺄ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﺟﻤﻴﻊ ﺧﻄﺄ‬ ‫ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ُ ِ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﻣﺪاره ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻴﻬﺎ أو ﰲ ﺑﻌﻀـــــــــــﻬﺎ")‪ (٢٨‬ﱡ‬ ‫ذﻛﺮ ﰲ‬ ‫اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻹﻓﺘﺎء ﻣﻦ ﺿـــــــــﻮاﺑﻂ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻟﻠﻘﺎﺋﻢ ﲠﻤﺎ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺴـﻘﻮط ﰲ ُ ِ‬ ‫ﻣﺜﻠﻪ ﺑﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ اﻟﻘﻀــﺎء؛‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻫﻮة اﻟﻬﻮى أو اﻟﻘﺼـﻮر ﻳﺄﰐ ُ ُ‬ ‫اﻟﻘﺎﺿـﻲ "إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻘﻴﻪ اﻟﻨﻔﺲ ﰲ اﻷﻣﺎرات ودﻻﺋﻞ اﻟﺤﺎل‬ ‫ذﻟﻚ أن‬ ‫َ‬

‫ً‬ ‫واﺳﺘﺪﻻﻻ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻷﻣﺮ وﻳﻤﻀــــﻲ ﻛﺎﻷول ﰲ اﻹﻏﺮاق ﺗﺸــــﺨﻴﺼـــــ‬ ‫ِ‬ ‫وﻳﻀﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ذﻟﻚ دون أن ﻳﺒﺬل ﻣﻌﺸﺎر ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺪ‬ ‫اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ وﻳﻜﺪ ُ‬

‫ﺿــﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬ﻓﻬﻬﻨﺎ ﻓﻘﻬﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ‬ ‫ﻛﻔﻘﻬﻪ ﰲ ﻛﻠﻴﺎت اﻷﺣﻜﺎم ّ‬

‫ﰲ اﻗﱰاح اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﻤﺸـــﺮوع‪ ،‬وﻗﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﺴـــﺎﺋﻞ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ‬

‫ﻣــــﻨﻬﻤﺎ‪ :‬ﻓﻘﻪ ﰲ أﺣﻜﺎم اﻟﺤﻮادث اﻟﻜﻠـــــﻴﺔ‪ ،‬وﻓﻘﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وأﺣﻮال‬

‫واﻟﺴﻨﺪات واﻟﻨ َﱢﻘﺎب وﻫﺪاﻳﺎ اﻟﺸـﺮﻛﺎت واﻟﺘﺴـﻮﻳﻖ اﻟﺸـﺒﻜﻲ واﻟﻬﺮﻣﻲ‬

‫اﻟﻨﺎس‪ :‬ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﺼـــﺎدق واﻟﻜﺎذب واﻟﻤﺤﻖ واﻟﻤﺒﻄﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻄﺒﻖ‬

‫وأﺳﻮاق اﻟﻤﺎل واﻟﻤﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴـﻠﻤﻴﺔ وﺗﻔﺮﻳﻖ اﻟﺤﻜﺎم ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴــﻼح‬

‫ﺑﻴﻦ ﻫﺬا وﻫﺬا‪ ،‬ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬ﻓﻴﻌﻄـــــــــــﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﻜﻤﻪ ﻣﻦ‬

‫ودﻓﺎع اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻦ أﻧﻔﺴــﻬﻢ واﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﻛﻼ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‬

‫ﻳﺘﻔﻜﺮون ﴾اﻷﻋﺮاف‪ِ ،(١٧٦) :‬‬ ‫ﻓﻮاﺻــــﻞ اﻵﻳﺎت اﻟﺘﻲ أﺗﺖ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ واﻗﻌﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺑﻠﻌﺎم ﺑﻦ ﺑﺎﻋﻮراء ﴿ َ ْ ُ ِ‬ ‫ﻟﻌﻠﻬﻢ َ َ َ ﱠ ُ َ‬ ‫وﺟﻼً أن ﻳﻜﻮن ﻣﻤﻦ‬ ‫ﻓﺎﻗﺼﺺ ْ َ َ َ‬ ‫اﻟﻘﺼﺺ َ َ ﱠ ُ ْ‬

‫ﻋﻨﻲ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد واﻟﻔﺘﻮى‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺄت ﻋﻠـــــــــﻰ‬ ‫وﺑﻌﺪ‪ :‬ﻓﺎﻟﺒﺤﺚ إﻧﻤﺎ ُ َ‬ ‫ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ؛ ذﻟﻚ ّ‬ ‫أن "اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻴﺎء ﻻ ﻳﺼـــــــــــﺢ ﻟﻪ‬ ‫ﻻ ّ‬

‫وﻟﻲ ﻋﻨﻖ اﻟﻨﺺ اﻟــﺮاﺟﺢ ﻋﻨﺪه أو‬ ‫ﻟﻠﻮاﻗﻌﺔ وﻳﺘﻜﻠﻒ ﺗﺄوﻳﻞ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ ّ‬

‫اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺟﺘﻬﺎدي‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ أن ﻳﺨﺮج ﻋﻦ ﺣﺪود اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻨﺒﻄﺖ ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬

‫)‪(٢٩‬‬

‫اﻟﻮاﺟﺐ" ‪.‬‬

‫وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺤﺘﻞ ﻫﻞ ﻫﻲ إرﻫﺎب أم ﺟﻬﺎد‪ ،‬واﻧﺘﺰاع‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٧‬اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت )‪.(١٤٢ /٥‬‬ ‫)‪ (٢٨‬اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ :‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﻔﻮاﺋﺪ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪.(١٢ /٤) ،‬‬ ‫)‪ (٢٩‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ )‪.(١١٧ /٣‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪32‬‬

‫‪ 33‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﺰاﺟﺮ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﺠﺞ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺘـﻲ ﺗﻨﻬﺎه ﻋﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻤﺎ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﺠﺮﺟﺎﲏ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﱠ‬ ‫)اﻟﻄﺒﻊ‪ :‬ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴـــــــﺎن‬ ‫ﺑﻐﻴﺮ إرادة‪ ،‬وﻗﻴﻞ‪ :‬اﻟﻄﺒﻊ ﺑﺎﻟﺴــــــﻜﻮن‪ ،‬اﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴـــــــﺎن‬

‫‪‬‬ ‫ﺇﻋﺪﺍﺩ‪ :‬ﺩ‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﺗﺮ ﻲ ﻛﺘﻮﻉ‬

‫)‪(٣‬‬

‫ﻋﻠﻴﻬﺎ( ‪ ،‬ﺟﺎء ﰲ اﻟﺼـــــــﺤﺎح‪) :‬اﻟﻄﺒﻊ‪ :‬اﻟﺴـــــــﺠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺒﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫)‪(٤‬‬

‫اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻷﺻﻞ ﻣﺼﺪر‪ ،‬واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﺜﻠﻪ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻄﺒﺎع( ‪.‬‬ ‫زاﺟﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻻ إرادي‪ ،‬ﻳﺤﻮل ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴـﺎن‬ ‫واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ‪ٌ :‬‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ وأﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة وأﺗﻢ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫إن اﻹﺳـﻼم دﻳﻦ اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬وأﻣﻮر اﻟﻔﻄﺮة راﺟﻌﺔ إﻟﻰ ِ ِ ﱠ‬ ‫ﺳــﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺒﻮﻟﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫وإن ﻧﻈﺮة ﻣﺘﻌﻤﻘﺔ وﺷــﻤﻮﻟﻴﺔ وﻣﺤﺎﻳﺪة‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﺔ ﻓﻬﻲ ﻛﺎﺋﻨﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﻮس‪،‬‬

‫وﺑﻴﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﺷـــــﻴﺎء ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻓﻄﺮﺗﻪ وﻃﺒﻌﻪ اﻷﺻــــــﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮازع‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻨﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻓﻄﺮة اﻹﻧﺴـــــﺎن وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ َ ْ‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﻲ‪ ،‬ﻳﺠﻌﻠﻪ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ‬ ‫ﻳﻨﻔــﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻣﻮر وﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺪاﻋـــﻲ اﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺑﺪاﻋـــﻲ‬

‫ﻟﻠﺘﺸــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻤﺮء ﻳﺠﺰم ﺑﺼــــــﻼﺣﻴﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﺸــــــﺮي واﻧﺴــــــﺠﺎﻣﻪ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴــــــﺎن واﻟﻜﻮن‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻹﺳﻼم‬

‫اﻟﺸــــﺮع‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺮﻣﻠﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬اﻟﻮازع‪ :‬أي اﻟﻤﻴﻞ‪ ،‬وﻗﻮﻟﻪ اﻟﻄﺒﻌﻲ‪:‬‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ُ ِ‬ ‫أي اﻟﻤﻨﺴـــــــﻮب إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻊ ﺑﺴـــــــﻜﻮن اﻟﺒﺎء‪ ،‬وﻫﻮ ِ ﱠ‬ ‫ﺧﻠﻖ‬

‫ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺪﻳﻦ اﻟﻔﻄﺮة‪.‬‬

‫اﻹﻧﺴـــــــﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﺰاج اﻹﻧﺴـــــــﺎن اﻟﻤﺮﻛﺐ ﻣﻦ‬ ‫)‪(٥‬‬

‫اﻷﺧﻼط( ‪ ،‬وﺟﺎء ﰲ ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ‪) :‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌـــــﻲ‪ :‬ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻞ‬

‫ﻏﺮاﺋﺰ‬ ‫ﻓﻄﺮ اﷲ اﻹﻧﺴــﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﻼ ُ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﺼـﻮر أن ﻳﺘﺼــﺎدم اﻹﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‪ ،‬أو اﻟﻐﺮاﺋﺰ اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺴــﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ َ َ‬ ‫وﻣﻴﻮل ورﻏﺒﺎت ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺌﺼــــــﺎﻟﻬﺎ ً‬ ‫أﺑﺪا وان ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﻘﻮﻳﻤﻬﺎ وﲥﺬﻳﺒﻬﺎ إذا ﻣﺎ اﻧﺤﺮﻓﺖ أو ﺗﻜﺪرت‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﺄي ﻧﻈﺎم ﻳﺼــــــﺎدم اﻟﻔﻄﺮة‬

‫اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء ﺑﻄﺒﻌﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﻮازع‪ :‬اﻟﺪاﻋﻲ واﻟﺒﺎﻋﺚ( ‪.‬‬

‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻳﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺄﰐ ﺑﺨﻴﺮ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﻴﺴﺮ ﻟﻪ ﻓﺮص اﻟﺒﻘﺎء‪ ،‬وﻗﺪ أﺷﺎر اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ إﻟﻰ ﻣﺮاﻋﺎة ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻄﺮة واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‬ ‫)‪(١‬‬ ‫وﺗﺤﺒﻮن ْ َ َ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ِ ُ َ ﴿ :‬ﱡ َ‬ ‫ﺟﻤ ﴾ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺎل ُ ﱠ‬ ‫ﺣﺒ َ ﱠ‬

‫ﻒ ﻋﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴـﺎن وﻳﻨﻔﺮ‬ ‫ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﻜ ﱡ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻄﺒﻌﻪ‪ ،‬وﻫﻮ وازع ﻋﺎم ﻣﺴــﺘﻘﺮ ﰲ ﱢ‬ ‫ﻧﻔﺲ ﺑﺸـــﺮﻳﺔ ﻗﻮﻳﻤﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ‬

‫واﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻔﺮوع واﻟﻤﺴـــــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﱪز ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﺿﺮورة اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ واﻷﺧﺬ ﺑﻪ‪ ...‬وﻣﺮاﻋﺎة اﻟﻔﻄﺮة‬

‫ﻣﺸﻮﻫﺔ‪ ،‬ﻳﺸـﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ؛ ﱠ‬ ‫ﻷن ﻣﺼـﺪره وﻣﻨﺒﻌﻪ‬ ‫ﻏﻴﺮ ﺷﺎذة وﻻ ﱠ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻳﺴـــﺘﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺬر‬ ‫اﻟﻄﺒﻊ ﻻ اﻟﺸــﺮع‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ‪) :‬اﻟﻄﺒﻊ‬

‫اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺴــﻴﺮ وراءﻫﺎ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﺳﺎرت وإﻟﻰ أﻳﺔ ﺟﻬﺔ اﺗﺠﻬﺖ؛ ﻷن ﻣﺮاﻋﺎﲥﺎ ﻻ ﺗﻘﺘﻀــﻲ وﻻ ﺗﺴــﺘﻠﺰم ﻫﺬه اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﺎء‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺮاﻋﺎة‬ ‫اﻟﺸﺮ ِ ﱠ‬ ‫ﺗﻌﻴﻦ ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻨﺼﺮﻓﺔ‬ ‫أن ﻧﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎن‬ ‫أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﲥﺬﻳﺐ ﻟﻬﺎ ورﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ إذا ﻣﺎ اﻧﺤﺮﻓﺖ أو ﺗﻜﺪرت‪ ،‬وإذ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﻮس اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﺠﺒﻠﺔ ﱠ‬ ‫داﻋﻴﺔ إﻟﻰ ﱢ‬ ‫ﱠِ‬ ‫ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻮﺳﻮﺳﺔ اﻟﺸـــﻴﺎﻃﻴﻦ ﻓﺘﻘﻊ ﰲ ﺷﺬوذ ﻋﻦ أﺻﻞ ﻓﻄﺮﲥﺎ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻔﺘﺎﺣ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﻮن اﻟﻨﺎس ﻳﻮﻟﺪون ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺑﺠﺒﻠﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺨﻴﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﱠﻬﺎ ﱠ‬ ‫)‪(٢‬‬

‫اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬وﻛﻮن اﻷﺻﻞ ﰲ اﻟﻨﺎس اﻟﺨﻴﺮ ‪.‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫)‪(٩‬‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪) :‬اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺒﺼــــﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻴﻪ ‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪(١٠‬‬ ‫أﻣﺮان‪ :‬دﻳﻨﻲ وﻫﻮ اﻟﻌﺪاﻟﺔ‪ْ َ ،‬‬ ‫وﺧﻠﻘﻲ وﻫﻮ اﻟﻤﺮوءة( ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻗﻠﺐ اﻟﻮازع‬ ‫وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﺴﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺪﻳﻨﻲ إﻟﻰ وازع ﱢ‬ ‫ﺟﺒﻠﻲ ﺑﺘﺤﺬﻳﺮ اﻟﻌﻘﺎب وﺑﺚ اﻟﺘﺸـــﻨﻴﻊ ﰲ اﻟﻌﺎدة‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻓﺈن‬ ‫ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﺻـــــﻮرة اﻟﺠﺒﻠﻴﺎت ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﻻ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ‬ ‫دﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺳﱰ اﻟﻌﻮرة وﻣﺤﺮﻣﻴﺔ اﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸـــــــــــــــــــﺮﻳﻌﺔ‬ ‫اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻟﻨﻔﻮذ ﺗﺸــــﺮﻳﻌﻬﺎ واﺣﱰاﻣﻪ ﰲ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎس أﻧﻮاع اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺬي ﻳﺰع اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺘﻬﺎون ﺑﺤﺪود اﻟﺸــــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻋﺘﻤﺪت ﰲ ذﻟﻚ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻛﺎﻓﻴ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺘﺸــــــــﺮﻳﻊ‬ ‫اﺑﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﻮازع‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ ذاﲥﺎ وﺑﺎﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﺳـــﺪ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻨﻔﻮس ﻣﻨﻬﺎ زاﺟﺮ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻻﻗﺘﻴﺎت واﻟﻠﺒﺎس وﺣﻔﻆ‬ ‫اﻟﻨﺴﻞ واﻟﺰوﺟﺎت‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺗﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ‬ ‫اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺸــﻰ ّأﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ َ‬ ‫اﻟﻐﻨﺎء اﻟﻤﺮﻏﻮب ﻓﺘﺼــﺒﻐﻬﺎ‬ ‫ﺑﺼـﺒﻐﺔ اﻷﻣﻮر اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ)‪ ،(١١‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺸــﺎﻃﺒﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬ﻟﻢ ِ‬ ‫ﻳﺄت‬ ‫ﻧﺺ ﺟﺎزم ﰲ ﻃﻠﺐ اﻷﻛﻞ واﻟﺸـــــــــــﺮب‪ ،‬واﻟﻠﺒﺎس اﻟﻮاﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺮ‬ ‫ﱞ‬ ‫واﻟﱪد‪ ،‬واﻟﻨﻜﺎح اﻟﺬي ﺑﻪ ﺑﻘﺎء اﻟﻨﺴــﻞ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺟﺎء ذﻛﺮ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﰲ‬ ‫)‪(١٢‬‬

‫ﻣﻌﺮض اﻹﺑﺎﺣﺔ أو اﻟﻨﺪب( ‪.‬‬

‫)‪(٧‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﻀﺮر( ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻔﺮوق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬

‫وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪ :‬اﻟﻨﻔﻮر ﻣﻦ أﻛﻞ ذوات اﻟﺴـﻤﻮم‬ ‫واﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺠﻨﱡﺐ اﻹﺿﺮار ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺪم إﺿﺮار‬ ‫اﻟﻮاﻟﺪ ﺑﻮﻟﺪه وﺗﻘﺼـــﻴﺮه ﰲ ﺣﻔﻆ ﻣﺼــــﺎﻟﺤﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻛﺮاﻫﻴﺔ‬

‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬

‫اﻹﻧﺴــﺎن ﻟﻠﻘﺪح واﻟﺬم‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﻷﺻﻞ أن ﻳﻤﺘﻨﻊ اﻹﻧﺴـــﺎن‬

‫اﺷﺘﻤﻠﺖ ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ وأرﺑﻌﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ‪:‬‬

‫ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻻ ﺑﻮازع ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـــﻼم‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬ﻛـﺮاﻫﺔ اﻟﺬم أﻣـﺮ ﻃﺒﻴﻌـﻲ ﻻ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ( ‪ ،‬واﻟﻮازع‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‬

‫اﻟﺠﺒﻠﻲ واﻟﻮازع ْ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ‪.‬‬ ‫ف اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻮازع‬ ‫ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻜﺎ ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ُ ﱠ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻔﺮوق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬

‫ﻣﻨﻌﻪ اﷲ ﻋــــﺰ وﺟﻞ وﺣﻈــــﺮه ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وإﳖﺎ ﻫــــﻲ واﻋﻆ اﷲ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ‬

‫ف‬ ‫أﻣﺎ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻬﻮ‪ :‬زاﺟﺮ ﺷــــــــﺮﻋﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺧﻔﻲ ﻛﺎ ﱞ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﰲ ﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬

‫ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺸــﺮع ﺑﺎﻟﻘﻮل أو اﻟﻔﻌﻞ أو اﻟﻘﺼـــﺪ‪ ،‬وأﺻﻞ ﻫﺬا‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إن اﻟﻔﻄﺮة اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﱰﻛﻴﺒﺔ ْ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷــــﺎء اﷲ‬ ‫ﱠ‬ ‫أن ﻳﺠﺒﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺒﺎﻟﻎ واﻟﻜﺒﻴﺮ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴـــــﺎر‬ ‫اﻹﻧﺴـــﺎن ﰲ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﺴــــﻠﻜﻪ واﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺎرﻫﺎ‪،‬‬ ‫وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴ ﰲ ﺗﺼــــــﺮﻓﺎﺗﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ ﻟﻮ ﺑﻘﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎء‬ ‫ﻓﻄﺮﺗﻪ وﻃﻬﺎرة أﺻﻠﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻳﺪ اﻟﻔﺴــــــــــﺎد اﻟﺘﻲ ﺗﻼﺣﻖ ﻫﺬه اﻟﻔﻄﺮة‬ ‫ﻟﺘﺤﺮﻓﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺴـــــﺎرﻫﺎ وﺗﻄﻤﺲ ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ وﺗﻐﻴﺮ أﻧﻤﺎط ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ اﻟﺘﻲ‬ ‫ُﺟﺒﻞ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻫﺬه اﻟﻴﺪ اﻟﻔﺎﺳﺪة اﻵﺛﻤﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﱠ ُ‬ ‫ﺗﺘﺤﻤﻞ وزر‬ ‫اﻟﺸﺬوذ اﻷول اﻟﺬي ﻳﻄﺮأ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴﺪة اﻹﻧﺴﺎن وﺳﻠﻮﻛﻪ‪.‬‬

‫)‪ (٣‬اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻟﻠﺠﺮﺟﺎﲏ ص ‪ (٤) .١٨٢‬اﻟﺼﺤﺎح ﺗﺎج اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺤﺎح اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﻮﻫﺮي ‪ -٣/١٢٥٢‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻻﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ‪.٨/٢٣٢‬‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ واﻟﻔﻬﺎرس‪.‬‬

‫)‪ (٥‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺮﻣﻠﻲ ‪ (٦) .٢٠/٣٥٨‬ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻟﻠﺒﺠﻴﺮﻣﻲ ‪.٥/٣٣٩‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٧‬إﺣﻴﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻠﻐﺰاﻟﻲ ‪.١/١١٣‬‬

‫)‪ (١‬ﺳﻮرة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬اﻵﻳﺔ )‪.(٢٠‬‬

‫اﻟﻄﺤﺎوي ‪ (١٠) .٥/٣٩٣‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ -‬ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺒﻴﺐ اﺑﻦ اﻟﺨﻮﺟﺔ ص ‪.٥٤٧‬‬ ‫)‪ (٩‬ﺷﺮح ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎر ﻷﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﱠ‬

‫)‪ (٢‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻻﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ‪.٨/٦٨‬‬

‫)‪ (١١‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ص ‪ (١٢) .٣٦٤‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ‪.٣/٣٨٧‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪34‬‬

‫ﻋﺰ ﱠ‬ ‫وﺟﻞ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪.١٠٩‬‬ ‫)‪ (٨‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﷲ ﱠ‬

‫‪ 35‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﺰاﺟﺮ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﺠﺞ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺘـﻲ ﺗﻨﻬﺎه ﻋﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻤﺎ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﺠﺮﺟﺎﲏ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﱠ‬ ‫)اﻟﻄﺒﻊ‪ :‬ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴـــــــﺎن‬ ‫ﺑﻐﻴﺮ إرادة‪ ،‬وﻗﻴﻞ‪ :‬اﻟﻄﺒﻊ ﺑﺎﻟﺴــــــﻜﻮن‪ ،‬اﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴـــــــﺎن‬

‫‪‬‬ ‫ﺇﻋﺪﺍﺩ‪ :‬ﺩ‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﺗﺮ ﻲ ﻛﺘﻮﻉ‬

‫)‪(٣‬‬

‫ﻋﻠﻴﻬﺎ( ‪ ،‬ﺟﺎء ﰲ اﻟﺼـــــــﺤﺎح‪) :‬اﻟﻄﺒﻊ‪ :‬اﻟﺴـــــــﺠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺒﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫)‪(٤‬‬

‫اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻷﺻﻞ ﻣﺼﺪر‪ ،‬واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﺜﻠﻪ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻄﺒﺎع( ‪.‬‬ ‫زاﺟﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻻ إرادي‪ ،‬ﻳﺤﻮل ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴـﺎن‬ ‫واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ‪ٌ :‬‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ وأﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة وأﺗﻢ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫إن اﻹﺳـﻼم دﻳﻦ اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬وأﻣﻮر اﻟﻔﻄﺮة راﺟﻌﺔ إﻟﻰ ِ ِ ﱠ‬ ‫ﺳــﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺒﻮﻟﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫وإن ﻧﻈﺮة ﻣﺘﻌﻤﻘﺔ وﺷــﻤﻮﻟﻴﺔ وﻣﺤﺎﻳﺪة‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﺔ ﻓﻬﻲ ﻛﺎﺋﻨﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﻮس‪،‬‬

‫وﺑﻴﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﺷـــــﻴﺎء ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻓﻄﺮﺗﻪ وﻃﺒﻌﻪ اﻷﺻــــــﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮازع‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻨﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻓﻄﺮة اﻹﻧﺴـــــﺎن وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ َ ْ‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﻲ‪ ،‬ﻳﺠﻌﻠﻪ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ‬ ‫ﻳﻨﻔــﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻣﻮر وﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺪاﻋـــﻲ اﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺑﺪاﻋـــﻲ‬

‫ﻟﻠﺘﺸــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻤﺮء ﻳﺠﺰم ﺑﺼــــــﻼﺣﻴﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﺸــــــﺮي واﻧﺴــــــﺠﺎﻣﻪ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴــــــﺎن واﻟﻜﻮن‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻹﺳﻼم‬

‫اﻟﺸــــﺮع‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺮﻣﻠﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬اﻟﻮازع‪ :‬أي اﻟﻤﻴﻞ‪ ،‬وﻗﻮﻟﻪ اﻟﻄﺒﻌﻲ‪:‬‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ُ ِ‬ ‫أي اﻟﻤﻨﺴـــــــﻮب إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻊ ﺑﺴـــــــﻜﻮن اﻟﺒﺎء‪ ،‬وﻫﻮ ِ ﱠ‬ ‫ﺧﻠﻖ‬

‫ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺪﻳﻦ اﻟﻔﻄﺮة‪.‬‬

‫اﻹﻧﺴـــــــﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﺰاج اﻹﻧﺴـــــــﺎن اﻟﻤﺮﻛﺐ ﻣﻦ‬ ‫)‪(٥‬‬

‫اﻷﺧﻼط( ‪ ،‬وﺟﺎء ﰲ ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ‪) :‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌـــــﻲ‪ :‬ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻞ‬

‫ﻏﺮاﺋﺰ‬ ‫ﻓﻄﺮ اﷲ اﻹﻧﺴــﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﻼ ُ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﺼـﻮر أن ﻳﺘﺼــﺎدم اﻹﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‪ ،‬أو اﻟﻐﺮاﺋﺰ اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺴــﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ َ َ‬ ‫وﻣﻴﻮل ورﻏﺒﺎت ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺌﺼــــــﺎﻟﻬﺎ ً‬ ‫أﺑﺪا وان ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﻘﻮﻳﻤﻬﺎ وﲥﺬﻳﺒﻬﺎ إذا ﻣﺎ اﻧﺤﺮﻓﺖ أو ﺗﻜﺪرت‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﺄي ﻧﻈﺎم ﻳﺼــــــﺎدم اﻟﻔﻄﺮة‬

‫اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء ﺑﻄﺒﻌﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﻮازع‪ :‬اﻟﺪاﻋﻲ واﻟﺒﺎﻋﺚ( ‪.‬‬

‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻳﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺄﰐ ﺑﺨﻴﺮ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﻴﺴﺮ ﻟﻪ ﻓﺮص اﻟﺒﻘﺎء‪ ،‬وﻗﺪ أﺷﺎر اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ إﻟﻰ ﻣﺮاﻋﺎة ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻄﺮة واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‬ ‫)‪(١‬‬ ‫وﺗﺤﺒﻮن ْ َ َ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ِ ُ َ ﴿ :‬ﱡ َ‬ ‫ﺟﻤ ﴾ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺎل ُ ﱠ‬ ‫ﺣﺒ َ ﱠ‬

‫ﻒ ﻋﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴـﺎن وﻳﻨﻔﺮ‬ ‫ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﻜ ﱡ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻄﺒﻌﻪ‪ ،‬وﻫﻮ وازع ﻋﺎم ﻣﺴــﺘﻘﺮ ﰲ ﱢ‬ ‫ﻧﻔﺲ ﺑﺸـــﺮﻳﺔ ﻗﻮﻳﻤﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ‬

‫واﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻔﺮوع واﻟﻤﺴـــــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﱪز ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﺿﺮورة اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ واﻷﺧﺬ ﺑﻪ‪ ...‬وﻣﺮاﻋﺎة اﻟﻔﻄﺮة‬

‫ﻣﺸﻮﻫﺔ‪ ،‬ﻳﺸـﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ؛ ﱠ‬ ‫ﻷن ﻣﺼـﺪره وﻣﻨﺒﻌﻪ‬ ‫ﻏﻴﺮ ﺷﺎذة وﻻ ﱠ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻳﺴـــﺘﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺬر‬ ‫اﻟﻄﺒﻊ ﻻ اﻟﺸــﺮع‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ‪) :‬اﻟﻄﺒﻊ‬

‫اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺴــﻴﺮ وراءﻫﺎ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﺳﺎرت وإﻟﻰ أﻳﺔ ﺟﻬﺔ اﺗﺠﻬﺖ؛ ﻷن ﻣﺮاﻋﺎﲥﺎ ﻻ ﺗﻘﺘﻀــﻲ وﻻ ﺗﺴــﺘﻠﺰم ﻫﺬه اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﺎء‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺮاﻋﺎة‬ ‫اﻟﺸﺮ ِ ﱠ‬ ‫ﺗﻌﻴﻦ ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻨﺼﺮﻓﺔ‬ ‫أن ﻧﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎن‬ ‫أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﲥﺬﻳﺐ ﻟﻬﺎ ورﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ إذا ﻣﺎ اﻧﺤﺮﻓﺖ أو ﺗﻜﺪرت‪ ،‬وإذ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﻮس اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﺠﺒﻠﺔ ﱠ‬ ‫داﻋﻴﺔ إﻟﻰ ﱢ‬ ‫ﱠِ‬ ‫ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻮﺳﻮﺳﺔ اﻟﺸـــﻴﺎﻃﻴﻦ ﻓﺘﻘﻊ ﰲ ﺷﺬوذ ﻋﻦ أﺻﻞ ﻓﻄﺮﲥﺎ‪ ،‬وﰲ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻔﺘﺎﺣ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﻮن اﻟﻨﺎس ﻳﻮﻟﺪون ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺑﺠﺒﻠﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺨﻴﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﱠﻬﺎ ﱠ‬ ‫)‪(٢‬‬

‫اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬وﻛﻮن اﻷﺻﻞ ﰲ اﻟﻨﺎس اﻟﺨﻴﺮ ‪.‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫)‪(٩‬‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪) :‬اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺒﺼــــﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻴﻪ ‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪(١٠‬‬ ‫أﻣﺮان‪ :‬دﻳﻨﻲ وﻫﻮ اﻟﻌﺪاﻟﺔ‪ْ َ ،‬‬ ‫وﺧﻠﻘﻲ وﻫﻮ اﻟﻤﺮوءة( ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻗﻠﺐ اﻟﻮازع‬ ‫وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﺴﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺪﻳﻨﻲ إﻟﻰ وازع ﱢ‬ ‫ﺟﺒﻠﻲ ﺑﺘﺤﺬﻳﺮ اﻟﻌﻘﺎب وﺑﺚ اﻟﺘﺸـــﻨﻴﻊ ﰲ اﻟﻌﺎدة‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻓﺈن‬ ‫ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﺻـــــﻮرة اﻟﺠﺒﻠﻴﺎت ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﻻ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ‬ ‫دﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺳﱰ اﻟﻌﻮرة وﻣﺤﺮﻣﻴﺔ اﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸـــــــــــــــــــﺮﻳﻌﺔ‬ ‫اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻟﻨﻔﻮذ ﺗﺸــــﺮﻳﻌﻬﺎ واﺣﱰاﻣﻪ ﰲ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎس أﻧﻮاع اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺬي ﻳﺰع اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺘﻬﺎون ﺑﺤﺪود اﻟﺸــــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻋﺘﻤﺪت ﰲ ذﻟﻚ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻛﺎﻓﻴ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺘﺸــــــــﺮﻳﻊ‬ ‫اﺑﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﻮازع‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ ذاﲥﺎ وﺑﺎﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﺳـــﺪ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻨﻔﻮس ﻣﻨﻬﺎ زاﺟﺮ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻻﻗﺘﻴﺎت واﻟﻠﺒﺎس وﺣﻔﻆ‬ ‫اﻟﻨﺴﻞ واﻟﺰوﺟﺎت‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺗﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ‬ ‫اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺸــﻰ ّأﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ َ‬ ‫اﻟﻐﻨﺎء اﻟﻤﺮﻏﻮب ﻓﺘﺼــﺒﻐﻬﺎ‬ ‫ﺑﺼـﺒﻐﺔ اﻷﻣﻮر اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ)‪ ،(١١‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺸــﺎﻃﺒﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬ﻟﻢ ِ‬ ‫ﻳﺄت‬ ‫ﻧﺺ ﺟﺎزم ﰲ ﻃﻠﺐ اﻷﻛﻞ واﻟﺸـــــــــــﺮب‪ ،‬واﻟﻠﺒﺎس اﻟﻮاﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺮ‬ ‫ﱞ‬ ‫واﻟﱪد‪ ،‬واﻟﻨﻜﺎح اﻟﺬي ﺑﻪ ﺑﻘﺎء اﻟﻨﺴــﻞ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺟﺎء ذﻛﺮ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﰲ‬ ‫)‪(١٢‬‬

‫ﻣﻌﺮض اﻹﺑﺎﺣﺔ أو اﻟﻨﺪب( ‪.‬‬

‫)‪(٧‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﻀﺮر( ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻔﺮوق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬

‫وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪ :‬اﻟﻨﻔﻮر ﻣﻦ أﻛﻞ ذوات اﻟﺴـﻤﻮم‬ ‫واﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺠﻨﱡﺐ اﻹﺿﺮار ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺪم إﺿﺮار‬ ‫اﻟﻮاﻟﺪ ﺑﻮﻟﺪه وﺗﻘﺼـــﻴﺮه ﰲ ﺣﻔﻆ ﻣﺼــــﺎﻟﺤﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻛﺮاﻫﻴﺔ‬

‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬

‫اﻹﻧﺴــﺎن ﻟﻠﻘﺪح واﻟﺬم‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﻷﺻﻞ أن ﻳﻤﺘﻨﻊ اﻹﻧﺴـــﺎن‬

‫اﺷﺘﻤﻠﺖ ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ وأرﺑﻌﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ‪:‬‬

‫ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻻ ﺑﻮازع ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـــﻼم‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬ﻛـﺮاﻫﺔ اﻟﺬم أﻣـﺮ ﻃﺒﻴﻌـﻲ ﻻ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ( ‪ ،‬واﻟﻮازع‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‬

‫اﻟﺠﺒﻠﻲ واﻟﻮازع ْ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ‪.‬‬ ‫ف اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻮازع‬ ‫ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻜﺎ ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ُ ﱠ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻔﺮوق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬

‫ﻣﻨﻌﻪ اﷲ ﻋــــﺰ وﺟﻞ وﺣﻈــــﺮه ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وإﳖﺎ ﻫــــﻲ واﻋﻆ اﷲ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ‬

‫ف‬ ‫أﻣﺎ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻬﻮ‪ :‬زاﺟﺮ ﺷــــــــﺮﻋﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺧﻔﻲ ﻛﺎ ﱞ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﰲ ﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬

‫ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺸــﺮع ﺑﺎﻟﻘﻮل أو اﻟﻔﻌﻞ أو اﻟﻘﺼـــﺪ‪ ،‬وأﺻﻞ ﻫﺬا‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إن اﻟﻔﻄﺮة اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﱰﻛﻴﺒﺔ ْ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷــــﺎء اﷲ‬ ‫ﱠ‬ ‫أن ﻳﺠﺒﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺒﺎﻟﻎ واﻟﻜﺒﻴﺮ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴـــــﺎر‬ ‫اﻹﻧﺴـــﺎن ﰲ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﺴــــﻠﻜﻪ واﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺎرﻫﺎ‪،‬‬ ‫وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴ ﰲ ﺗﺼــــــﺮﻓﺎﺗﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ ﻟﻮ ﺑﻘﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎء‬ ‫ﻓﻄﺮﺗﻪ وﻃﻬﺎرة أﺻﻠﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻳﺪ اﻟﻔﺴــــــــــﺎد اﻟﺘﻲ ﺗﻼﺣﻖ ﻫﺬه اﻟﻔﻄﺮة‬ ‫ﻟﺘﺤﺮﻓﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺴـــــﺎرﻫﺎ وﺗﻄﻤﺲ ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ وﺗﻐﻴﺮ أﻧﻤﺎط ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ اﻟﺘﻲ‬ ‫ُﺟﺒﻞ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻫﺬه اﻟﻴﺪ اﻟﻔﺎﺳﺪة اﻵﺛﻤﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﱠ ُ‬ ‫ﺗﺘﺤﻤﻞ وزر‬ ‫اﻟﺸﺬوذ اﻷول اﻟﺬي ﻳﻄﺮأ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴﺪة اﻹﻧﺴﺎن وﺳﻠﻮﻛﻪ‪.‬‬

‫)‪ (٣‬اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻟﻠﺠﺮﺟﺎﲏ ص ‪ (٤) .١٨٢‬اﻟﺼﺤﺎح ﺗﺎج اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺤﺎح اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﻮﻫﺮي ‪ -٣/١٢٥٢‬واﻧﻈﺮ‪ :‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻻﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ‪.٨/٢٣٢‬‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ واﻟﻔﻬﺎرس‪.‬‬

‫)‪ (٥‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺮﻣﻠﻲ ‪ (٦) .٢٠/٣٥٨‬ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻟﻠﺒﺠﻴﺮﻣﻲ ‪.٥/٣٣٩‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٧‬إﺣﻴﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻠﻐﺰاﻟﻲ ‪.١/١١٣‬‬

‫)‪ (١‬ﺳﻮرة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬اﻵﻳﺔ )‪.(٢٠‬‬

‫اﻟﻄﺤﺎوي ‪ (١٠) .٥/٣٩٣‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ -‬ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺒﻴﺐ اﺑﻦ اﻟﺨﻮﺟﺔ ص ‪.٥٤٧‬‬ ‫)‪ (٩‬ﺷﺮح ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎر ﻷﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﱠ‬

‫)‪ (٢‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻻﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ‪.٨/٦٨‬‬

‫)‪ (١١‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ص ‪ (١٢) .٣٦٤‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ‪.٣/٣٨٧‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪34‬‬

‫ﻋﺰ ﱠ‬ ‫وﺟﻞ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪.١٠٩‬‬ ‫)‪ (٨‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﷲ ﱠ‬

‫‪ 35‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ُ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺧﻠﻲ وﻃﺒﻌﻪ اﻷﺻﻠﻲ‬ ‫ﺟﺎء ﰲ ﻣﺮﻗﺎة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ‪) :‬إن اﻹﻧﺴــــــﺎن إذا َ‬

‫أن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﻨﻔــــﺮ ﻣﻨﻪ ‪ -‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﱠ‬ ‫ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌــــﻲ ‪ -‬ﺑﻤﻌﻨــــﻰ ﱠ‬ ‫ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ‬

‫اﺧﺘﺎر اﻷﺣﺴـــــــــــــــــــــــﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻷﺧﻼق واﻷﻓﻌﺎل وﺳﺎﺋﺮ‬

‫ﻳﺘﻌﻠَﻖ ﺑﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﺛﻮاب‪ ،‬إذ ﻻ ﻛﻠﻔﺔ وﻻ ﻣﺸــﻘﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ّ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺜﺎب ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬إذ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪.‬‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮازع دﻳﻨﻲ ﱠ‬

‫وﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻛﺪﻫﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ﻫﺮﻳـﺮة‬ ‫ﻋﻠـــــﻰ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﭬ ﻋﻦ اﻟﻨﺒــــﻲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل‪» :‬ﻣﺎ ِﻣﻦ ُ ٍ‬ ‫ﻳﻮﻟﺪ َ َ‬ ‫ﻣﻮﻟﻮد ِ ﱠ‬ ‫اﻟﻔﻄﺮة‬ ‫إﻻ ُ َ ُ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ َ ِ َ ً‬ ‫ْﺘﺞ ْ َ ِ َ ُ‬ ‫ﺟﻤﻌﺎء‬ ‫ﻛﻤﺎ ُﺗﻨ َ ُ‬ ‫ﻓﺄﺑﻮاه ُ َ ﱢ َ‬ ‫َ​َ​َ​َ ُ‬ ‫ﻳﻬﻮداﻧﻪ َ ُ‬ ‫ﺑﻬـﻴﻤﺔ َ ْ َ َ‬ ‫وﻳﻤﺠﺴﺎﻧﻪ َ َ‬ ‫َﺼﺮاﻧﻪ َ ُ َ ﱢ َ‬ ‫وﻳﻨ ﱢ َ‬ ‫واﻗﺮءوا ِ ْ ِ‬ ‫ﺗﺤﺴﻮن ِ ِ‬ ‫َْ ِ‬ ‫ﺛﻢ َ ُ ُ‬ ‫ﺷﺌﺘﻢ‪:‬‬ ‫ﻳﻘﻮل َ ُأﺑﻮ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ْ‬ ‫ﻫﻞ ُ ﱡ َ َ‬ ‫ﺟﺪﻋﺎء«‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ َ‬ ‫إن ْ ُ ْ‬ ‫ﻫﺮﻳﺮة َ ْ َ ُ‬ ‫)‪(١٤/١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﺒﺪﻳﻞ ِ َ ْ ِ‬ ‫ﻻَِْ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ َ‬ ‫ﻟﺨﻠﻖ اﷲ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ َْ َ‬ ‫ﱠﺎس َ َ ْ َ‬ ‫ﻓﻄﺮ اﻟﻨ َ‬ ‫﴿ﻓﻄﺮة اﷲ ﱠاﻟﺘﻲ َ َ َ‬

‫‪ -٤‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻘﻮة واﻟﻀـﻌﻒ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻮازع‬

‫)‪(١٣‬‬

‫اﻷﺣﻮال( ‪.‬‬

‫)‪(١٧‬‬

‫اﻟﺪﻳﻨﻲ ‪.‬‬ ‫‪ -٥‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﱡ‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﺘـﻲ ﺗﻤﻴﻞ‬ ‫ﺗﺮﺗﺐ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟـﺰاﺟـﺮة‪:‬‬ ‫ﱠ‬

‫* اﻟﻤﺴــﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴــﺎن ﻟﻨﻔﺴـــﻪ‬

‫أﺣﺪ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻊ أﳖﻢ اﻷﻛﺜـــــــﺮون‪ ،‬وﻻ ُﻳﻌﻠﻢ إﻧﻪ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﻢ ٌ‬ ‫ﱠ‬

‫ﺑﺨﻼف ﻧﻈﺮه ﻟﻐﻴﺮه‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫إن ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴـﺎن ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻨﻔﻊ ودﻓﻊ اﻟﻀــﺮر ﻋﻦ ﻧﻔﺴــﻪ‪،‬‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﺬا اﻟﻄﺒﻊ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﺷـــــــــــــــــﱰاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ‬

‫)‪(٢٤‬‬

‫ﻟﻌﺪم اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ‪.‬‬

‫اﻟﺘﺼـــــﺮف ﻟﻤﺼـــــﻠﺤﺔ اﻟﻐﻴﺮ‬ ‫ﺗﺼـــــﺮﻓﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ‪ ،‬ﱠأﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻫﺬا‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻓﻴﺸﱰط ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ؛ ﻷن ﺗﺤﺼﻴﻞ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻟﻠﻐﻴﺮ ودﻓﻊ اﻟﻀﺮر ﻋﻨﻬﻢ‬

‫أﻣﺎ وﻻﻳﺔ اﻷب واﻟﺠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎل ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻣﻘﺎل ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ﺳــــــــــــﻠﻄﺎن‬

‫ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮازع ﺷﺮﻋﻲ ﻻ ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـــﻼم‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‪) :‬وإن ﻓﺴــــﻖ اﻷب واﻟﺠﺪ‬ ‫ﻓﻔـﻲ اﻧﻌـﺰاﻟﻬﻤﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻈـﺮ ﰲ اﻟﻤﺎل ﻣﻘﺎل؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻬﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻳﺤﺜﻬﻤﺎ ﻋﻠــﻰ‬

‫ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴــــﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ‬

‫اﻟﺠﺒﻠﺔ وﻫــــﻲ ﻓﻄــــﺮة اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ وﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﻬﻴﺌ ﻟﻘﺒﻮل اﻟﺤﻖ ﻃﺒﻌ‬

‫ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻛﺄﻛﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳــﺎت‪ ,‬ﻓﻬﺬه ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﻌﺰر‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺑﻞ ﱢ‬

‫ﻣﺼـﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴـﻪ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺸــﱰط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮه ﻟﻐﻴﺮه؛‬

‫ﺧﻠﺘﻪ ﺷــﻴﺎﻃﻴﻦ اﻹﻧﺲ واﻟﺠﻦ وﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎر ﻟﻢ ﻳﺨﱰ ﻏﻴﺮﻫﺎ‪،‬‬ ‫وﻃﻮﻋ ﻟﻮ ﱠ ْ‬

‫ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻘﻮﺑﺔ‪.‬‬

‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﻟﺘﻜﻮن ﻋﺪاﻟﺘﻪ وازﻋﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼــــﻴﺮ ﰲ ﺟﻠﺐ ﻣﺼــــﺎﻟﺢ‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـﻼمرﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬وﻻ ﻳﺸـﱰط ﰲ‬ ‫ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﺜﻼ‪ ،‬ﻳﻌﻨﻲ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﺗﻮﻟﺪ‬ ‫ﻓﻀــــــــﺮب ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺠﻤﻌﺎء واﻟﺠﺪﻋﺎء ً‬

‫ﻗﺎل اﻟﺴـــــــــــﻴﻮﻃﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ‬

‫ودﻓﻊ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻪ( ‪ ،‬وﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺴــــــــﻴﻮﻃﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬

‫ﱠَ‬ ‫ﺗﻌﺮض‬ ‫ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ اﻟﺨﻠﻖ‬ ‫وﺳـــﻮﻳﺔ اﻷﻃﺮاف ﺳـــﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺪع ﻟﻮﻻ ﱡ‬ ‫اﻟﻨﺎس إﻟﻴﻬﺎ ﻟﺒﻘﻴﺖ ﻛﻤﺎ وﻟﺪت ﺳﻠﻴﻤﺔ‪ .‬وﻗﻴﻞ ﻟﻠﺴـﻠﻴﻤﺔ‪ :‬ﺟﻤﻌﺎء؛ ﱠ‬ ‫ﻷن‬

‫اﻟﻮازع اﻟﺸـﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻟﻪ‪ :‬ﺷﺮب اﻟﺒﻮل ﺣﺮام‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ورﺗﺐ‬ ‫اﻟﺤﺪ ﻋﻠــــﻰ اﻟﺜﺎﲏ دون اﻷول؛ ﻟﻨﻔــــﺮة اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻮﻛﻠﺖ إﻟـــــﻰ‬

‫)ﻟﻮ ﻛﺎن ﱠ‬ ‫ﻣﻮدﻋ ﰲ ﻣﺎل اﻟﻐﻴــــــــــــــﺮ‪ ،‬وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻻﺣﺘﻴﺎط‬ ‫ﻣﻮﻛﻼً أو َ َ‬ ‫)‪(٢٠‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻮازع اﻟﺸﺮﻋﻲ( ‪.‬‬

‫ﺟﻤﻴﻊ أﻋﻀـــﺎﺋﻬﺎ واﻓﺮة ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲء ‪ ،‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ أﻣﺮ وﻓﻌﻞ‬

‫ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ‪ ،‬واﻟﻮاﻟﺪ واﻟﻮﻟﺪ ﻣﺸﱰﻛﺎن ﰲ اﻟﺤﻖ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‬

‫ﺗﺄﺑﺎه اﻟﻄﺒﺎع اﻟﺴـــﻠﻴﻤﺔ وﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻘﻮﻳﻤﺔ ﻻ ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺸــــﺮع‬

‫ً‬ ‫وﻛﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻊ؛‬ ‫اﻟﻌﺰﻳﺰ ﰲ اﻟﻮﺻﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﻣﻮاﺿﻊ دون اﻟﻮﻟﺪ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫اﻧﺘﺰع ﻃﻔﻞ ﻣﻦ أﺑﻮﻳﻪ أو أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻔﺴــﻘﻪ‪ ،‬ﻓﻬﺬا اﻟﺸــﺮط ﻏﻴﺮ ﻣﻄﻠﻮب؛‬

‫ﺧﺎص ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﻣﺴـﺄﻟﺔ اﻟﻨﻜﺎح واﻟﺤﻀـﺎﻧﺔ ﻓﻘﻂ‪،‬‬ ‫وﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ٌ‬

‫إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس وﺗﺸـﺘﻬﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺟﻌﻞ ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ‬ ‫وﺛﻘﻼ‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻟﺠﻨﺎﻳﺔ ِ ﱠ ً‬ ‫اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻷن وازﻋﻬﺎ ﺷــــــﺮﻋﻲ‪ ...‬وأﻣﺎ‬ ‫ﺧﻔﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ً‬ ‫ﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﱢ‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻮازع اﻟﻄﺒﻊ وﻧﻔـﺮﺗﻪ‬ ‫ﺣﺪا‬ ‫ً‬

‫وﺟﻪ اﻻﺳــــــــــــﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻳﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ‬

‫َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎق ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻳﺮﺑﻮﳖﻢ ﻻ‬ ‫ﺗﻘﻮم اﻟﺴــــــــﺎﻋﺔ أﻃﻔﺎل ﱠ‬ ‫رﺳﻮﻟﻪ ﷺ إﻟﻰ أن َ‬

‫)‪(١٩‬‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ وﻻﻳﺔ اﻟﻨﻜﺎح ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸب واﻟﺠﺪ‪:‬‬

‫إﻳﺜﺎر أﻧﻔﺴـــﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻔﻠﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻘﻮى اﻟﻮازع ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼـــﻴﺮ ﰲ ﺣﻖ‬ ‫)‪(٢٥‬‬

‫اﻷﻃﻔﺎل‪ ،‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ أب أﻛﻞ ﻣﺎل اﺑﻨﺘﻪ وﻧﺎﻓﺲ ﰲ إﻧﻜﺎﺣﻬﺎ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴــﺄﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﺤﻀــﺎﻧﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ‬ ‫اﻷم ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ‪:‬‬ ‫ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﺔ‬ ‫ﻓﺎﻷم اﻟﺠﺎﻫﻠﺔ ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﺤﻀــــــــــــــــﺎﻧﺔ ُ ﱠ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻬﺎ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻳﺤﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻄﻔﻞ وﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫وﺣﺚ اﻟﻄﺒﻊ أﻗﻮى ﻣﻦ ﱢ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﺣﺚ اﻟﺸــــــــﺮع ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ذﻫﺐ‬ ‫ﲠﺎ‬

‫وﻟﻜﻦ ﺑﺪاﻋـــﻲ اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﻔـــﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨــــﻲ واﻟﻮازع‬

‫ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺎﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺮورة( ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﺗﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوق‬

‫اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺷﺮط ﰲ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ؛ ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻌﺪاﻟﺔ وازﻋﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼـــﻴﺮ ﰲ‬

‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ إﻟﻰ ﱠ‬ ‫اﻟﺬﻣﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﺴــــﻠﻤﺔ ﰲ أﺣﻘﻴﺘﻬﺎ ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ اﻟﻤﺴــــﻠﻢ‬ ‫أن اﻷم ﱢ‬ ‫ﻟﻘﺒﻮل اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻷن اﻟﺤﻀـــﺎﻧﺔ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻘﻞ اﻟﻮﻟﺪ‪ ،‬وﻳﺼـــﻴﺮ ﻣﺴـــﺘﻄﻴﻌ َ ُ‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ؟ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﺠﻠــﻰ اﻟﻔــﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨــﻲ واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌــﻲ ﰲ‬

‫ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ‪ ،‬ﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴـﺎﺋﻞ واﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت ﻋﻦ اﻟﻮازع‬

‫ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‪ ،‬وﻻ ﻳﺸــﱰط ذﻟﻚ ﰲ وﻻﻳﺔ اﻟﻨﻜﺎح؛‬

‫ﺗﺒﺘﻨَﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺸـــﻔﻘﺔ ووازﻋﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻓﺎﻷم أﺷﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻜﻮن اﻟﺪﻓﻊ‬ ‫ُ َ‬

‫اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وأﺛﺮه ﰲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬

‫‪ -١‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻤﺼــــﺪر‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ ﻫﻮ واﺿﺢ ﻣﻦ اﻟﺘﺴـــــﻤﻴﺔ‪ :‬اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬واﻟﻤﻘﺼـــــــﻮد ﺑﻪ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﺼــــــﺪره‪ :‬ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻓﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﺼﺪره‪ :‬ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴﺎن‬ ‫واﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ُ َ‬ ‫أﻋﻢ ﻣﻦ‬ ‫‪ -٢‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻌﻤﻮم واﻟﺨﺼـــــــﻮص‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﱡ‬

‫)‪(١٨‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﺴــــــــــــــﺎﺋﻞ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬ ‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳــﺘﻘﺮاء ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوع اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ﰲ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأﺛــــــﺮا ﻋﻈﻴﻤ‬ ‫ﻛﺒﻴــــــﺮا‬ ‫ﺑﻄﻮن ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻳﺠﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻫﺘﻤﺎﻣ‬

‫)‪(٢١‬‬

‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ‪ ،‬ﻓﻮازع‬ ‫ﻷن اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻌﻲ ﻳﺰع ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼـــﻴﺮ ﰲ ﺣﻖ‬ ‫اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻌﺎر واﻟﺴـــــــﻌﻲ ﰲ اﻹﺿﺮار‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬ ‫)‪(٢٢‬‬

‫أﺗﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼف ﰲ ذﻟﻚ ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ّ‬ ‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻦ ﱠأﻣ أو أﺑ أو ﱠ ً‬ ‫ﺟﺪا‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻟﻘﺪ ذﻛﺮ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﰲ‬ ‫ﺑﺄن ﺷﺮط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻳﺴـــــــــــــﻘﻂ ﰲ ﺣﱢﻖ‬

‫إﻟﻴﻬﺎ أرﺣﻢ ﺑﻪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻋﻘﻞ اﻟﺪﻳﻦ ُﻧﺰع ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺻﻮﻧ ﻟﺪﻳﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺪﻳﻞ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫)واﻟﺬﻣﻴﺔ أﺣﱡﻖ ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ‬ ‫واﻟﺘﺤــــﺮﻳﻒ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﰲ ﻣﺠﻤﻊ اﻷﳖـــــﺮ‪:‬‬ ‫ﱢ‬ ‫)‪(٢٨‬‬ ‫ﻳﺨﻒ ﻋﻠﻴﻪ ْإﻟﻒ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ُ َ‬ ‫اﻟﻜﻔﺮ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴــــﺄﻟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴــــﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺰوج واﻟﻤﺤﺮم‬ ‫ﻟﻠﺴﻔﺮ ﻣﻊ اﻟﻤﺮأة‪:‬‬

‫ﻷﻧﻪ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸــــــــــــــــﺮﻳﺔ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ‬ ‫اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ؛ ﱠ‬

‫ﻟﻠﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺘﺸــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ُﺑﻨﻴﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬

‫اﻟﺤﻀــﺎﻧﺔ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺼــﻴﻞ ﻣﺼــﺎﻟﺢ اﻟﺤﻀـــﺎﻧﺔ ودﻓﻊ‬

‫ﺟﺎء ﰲ ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج‪) :‬وﻟﻢ ﻳﺸـــــﱰﻃﻮا ﰲ اﻟﺰوج واﻟﻤﺤﺮم‬

‫اﻟﺪﻳﻦ وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻳﺸــﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﱢ‬

‫اﻷﺣﻜﺎم واﻟﻔﺮوع اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳـﺎﺳـﻪ‪ ،‬ﻳﱪز ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺛﺮ اﻟﻮازع‬

‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ُﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺸــــــﻔﻘﺔ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﰲ اﻟﻘﻴﺎم‬

‫ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻻ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸـﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ أﻋﺮض ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴــﺎﺋﻞ‬

‫ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ اﻷﻃﻔﺎل ودﻓﻊ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻬﻢ ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺷﺮﻃ‬

‫وأﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﻛﻮﳖﻤﺎ ﺛﻘﺘﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﺴﻮة ﺛﻘﺎت‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﺰوج واﺿﺢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻬﻤﺎت ﱠ‬ ‫أن اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮم ﻓﺴـــــــــــــــﺒﺒﻪ ﻛﻤﺎ ﰲ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ َ‬

‫اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﺗﺪﻋﻤﻪ‪:‬‬

‫ﻣﻨﺬ َ‬ ‫وﻣﻌﻠﻮم ﱠأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺰل ُ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ﻟﻀـــــــﺎع أﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ﺑﻌﺚ ُ‬

‫ﻓﻜﻞ ٍ‬ ‫ﺗﺮﺗﺐ اﻟﺜﻮاب ﻋﻠﻰ اﻟﱰك‪ ،‬ﱡ‬ ‫‪ -٣‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﱡ‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ اﻹﻧﺴــــﺎن‬

‫)‪(٢٣‬‬

‫)‪(٢٩‬‬

‫اﻟﺸﺮﻋﻲ( ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (١٣‬ﻣﺮﻗﺎة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ‪ (١٤) .١٤/٣٨٤‬ﺳﻮرة اﻟﺮوم‪ ،‬اﻵﻳﺔ )‪.(٣٠‬‬

‫)‪ (١٩‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪ (٢٠) .٨٢‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪ (٢١) .٣٨٨‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ‪.٢/٧٥‬‬

‫)‪ (١٥‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎري ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ‪ ،‬ﺑﺎب إذا أﺳﻠﻢ اﻟﺼﺒﻲ ﻓﻤﺎت ﻫﻞ ﻳﺼﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ وﻫﻞ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﻲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪-١/٤٥٦ (١٢٩٣‬وأﺧﺮﺟﻪ‬

‫)‪ (٢٢‬اﻟﺬﺧﻴﺮة ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻘﺮاﰲ ‪ (٢٣) .٧/١٥٩‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪ (٢٤) .٨٢‬ﺳﺒﻞ اﻟﺴﻼم ﻟﻠﺼﻨﻌﺎﲏ ‪.٣/٢٢٩‬‬

‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﻘﺪر‪ ،‬ﺑﺎب ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻞ ﻣﻮﻟﻮد ﻳﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻄﺮة وﺣﻜﻢ ﻣﻮت أﻃﻔﺎل اﻟﻜﻔﺎر وأﻃﻔﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪.٨/٥٢ (٦٩٢٦‬‬ ‫)‪ (١٦‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻷﺛﺮ ﻻﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ ‪ (١٧) .١/٧٠٥‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ‪ -١/٤٦٧‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺮﻣﻠﻲ ‪.٣/٢٥٠‬‬ ‫)‪ (١٨‬إﺗﻤﺎم اﻟﺪراﻳﺔ ﻟﻘﺮاء اﻟﻨﻘﺎﻳﺔ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪.١٧٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪36‬‬

‫)‪ (٢٥‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪ (٢٦) .٨٢‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪ (٢٧) .٨١‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﲏ ‪.٤/٤٢‬‬ ‫)‪ (٢٨‬ﻣﺠﻤﻊ اﻷﳖﺮ ﺷﺮح ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻷﺑﺤﺮ ‪.١/١٦٦‬‬ ‫)‪ (٢٩‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ‪ -١/٤٦٧‬أﺳﻨﻰ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﰲ ﺷﺮح روض اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﺸﻴﺦ اﻹﺳﻼم زﻛﺮﻳﺎ اﻷﻧﺼﺎري ‪.١/٤٤٧‬‬

‫‪ 37‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ُ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺧﻠﻲ وﻃﺒﻌﻪ اﻷﺻﻠﻲ‬ ‫ﺟﺎء ﰲ ﻣﺮﻗﺎة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ‪) :‬إن اﻹﻧﺴــــــﺎن إذا َ‬

‫أن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﻨﻔــــﺮ ﻣﻨﻪ ‪ -‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﱠ‬ ‫ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌــــﻲ ‪ -‬ﺑﻤﻌﻨــــﻰ ﱠ‬ ‫ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ‬

‫اﺧﺘﺎر اﻷﺣﺴـــــــــــــــــــــــﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻷﺧﻼق واﻷﻓﻌﺎل وﺳﺎﺋﺮ‬

‫ﻳﺘﻌﻠَﻖ ﺑﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﺛﻮاب‪ ،‬إذ ﻻ ﻛﻠﻔﺔ وﻻ ﻣﺸــﻘﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ّ‬ ‫ﻛﻞ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺜﺎب ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬إذ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪.‬‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮازع دﻳﻨﻲ ﱠ‬

‫وﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻛﺪﻫﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ﻫﺮﻳـﺮة‬ ‫ﻋﻠـــــﻰ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﭬ ﻋﻦ اﻟﻨﺒــــﻲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل‪» :‬ﻣﺎ ِﻣﻦ ُ ٍ‬ ‫ﻳﻮﻟﺪ َ َ‬ ‫ﻣﻮﻟﻮد ِ ﱠ‬ ‫اﻟﻔﻄﺮة‬ ‫إﻻ ُ َ ُ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ َ ِ َ ً‬ ‫ْﺘﺞ ْ َ ِ َ ُ‬ ‫ﺟﻤﻌﺎء‬ ‫ﻛﻤﺎ ُﺗﻨ َ ُ‬ ‫ﻓﺄﺑﻮاه ُ َ ﱢ َ‬ ‫َ​َ​َ​َ ُ‬ ‫ﻳﻬﻮداﻧﻪ َ ُ‬ ‫ﺑﻬـﻴﻤﺔ َ ْ َ َ‬ ‫وﻳﻤﺠﺴﺎﻧﻪ َ َ‬ ‫َﺼﺮاﻧﻪ َ ُ َ ﱢ َ‬ ‫وﻳﻨ ﱢ َ‬ ‫واﻗﺮءوا ِ ْ ِ‬ ‫ﺗﺤﺴﻮن ِ ِ‬ ‫َْ ِ‬ ‫ﺛﻢ َ ُ ُ‬ ‫ﺷﺌﺘﻢ‪:‬‬ ‫ﻳﻘﻮل َ ُأﺑﻮ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ْ‬ ‫ﻫﻞ ُ ﱡ َ َ‬ ‫ﺟﺪﻋﺎء«‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ َ‬ ‫إن ْ ُ ْ‬ ‫ﻫﺮﻳﺮة َ ْ َ ُ‬ ‫)‪(١٤/١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﺒﺪﻳﻞ ِ َ ْ ِ‬ ‫ﻻَِْ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ َ‬ ‫ﻟﺨﻠﻖ اﷲ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ َْ َ‬ ‫ﱠﺎس َ َ ْ َ‬ ‫ﻓﻄﺮ اﻟﻨ َ‬ ‫﴿ﻓﻄﺮة اﷲ ﱠاﻟﺘﻲ َ َ َ‬

‫‪ -٤‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻘﻮة واﻟﻀـﻌﻒ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻮازع‬

‫)‪(١٣‬‬

‫اﻷﺣﻮال( ‪.‬‬

‫)‪(١٧‬‬

‫اﻟﺪﻳﻨﻲ ‪.‬‬ ‫‪ -٥‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﱡ‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﺘـﻲ ﺗﻤﻴﻞ‬ ‫ﺗﺮﺗﺐ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟـﺰاﺟـﺮة‪:‬‬ ‫ﱠ‬

‫* اﻟﻤﺴــﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴــﺎن ﻟﻨﻔﺴـــﻪ‬

‫أﺣﺪ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻊ أﳖﻢ اﻷﻛﺜـــــــﺮون‪ ،‬وﻻ ُﻳﻌﻠﻢ إﻧﻪ‬ ‫ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﻢ ٌ‬ ‫ﱠ‬

‫ﺑﺨﻼف ﻧﻈﺮه ﻟﻐﻴﺮه‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫إن ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴـﺎن ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻨﻔﻊ ودﻓﻊ اﻟﻀــﺮر ﻋﻦ ﻧﻔﺴــﻪ‪،‬‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﺬا اﻟﻄﺒﻊ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﺷـــــــــــــــــﱰاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ‬

‫)‪(٢٤‬‬

‫ﻟﻌﺪم اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ‪.‬‬

‫اﻟﺘﺼـــــﺮف ﻟﻤﺼـــــﻠﺤﺔ اﻟﻐﻴﺮ‬ ‫ﺗﺼـــــﺮﻓﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ‪ ،‬ﱠأﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻫﺬا‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻓﻴﺸﱰط ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ؛ ﻷن ﺗﺤﺼﻴﻞ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻟﻠﻐﻴﺮ ودﻓﻊ اﻟﻀﺮر ﻋﻨﻬﻢ‬

‫أﻣﺎ وﻻﻳﺔ اﻷب واﻟﺠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎل ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻣﻘﺎل ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ﺳــــــــــــﻠﻄﺎن‬

‫ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮازع ﺷﺮﻋﻲ ﻻ ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـــﻼم‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‪) :‬وإن ﻓﺴــــﻖ اﻷب واﻟﺠﺪ‬ ‫ﻓﻔـﻲ اﻧﻌـﺰاﻟﻬﻤﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻈـﺮ ﰲ اﻟﻤﺎل ﻣﻘﺎل؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻬﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻳﺤﺜﻬﻤﺎ ﻋﻠــﻰ‬

‫ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴــــﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ‬

‫اﻟﺠﺒﻠﺔ وﻫــــﻲ ﻓﻄــــﺮة اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ وﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﻬﻴﺌ ﻟﻘﺒﻮل اﻟﺤﻖ ﻃﺒﻌ‬

‫ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻛﺄﻛﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳــﺎت‪ ,‬ﻓﻬﺬه ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﻌﺰر‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺑﻞ ﱢ‬

‫ﻣﺼـﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴـﻪ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺸــﱰط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮه ﻟﻐﻴﺮه؛‬

‫ﺧﻠﺘﻪ ﺷــﻴﺎﻃﻴﻦ اﻹﻧﺲ واﻟﺠﻦ وﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎر ﻟﻢ ﻳﺨﱰ ﻏﻴﺮﻫﺎ‪،‬‬ ‫وﻃﻮﻋ ﻟﻮ ﱠ ْ‬

‫ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻘﻮﺑﺔ‪.‬‬

‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﻟﺘﻜﻮن ﻋﺪاﻟﺘﻪ وازﻋﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼــــﻴﺮ ﰲ ﺟﻠﺐ ﻣﺼــــﺎﻟﺢ‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـﻼمرﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬وﻻ ﻳﺸـﱰط ﰲ‬ ‫ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﺜﻼ‪ ،‬ﻳﻌﻨﻲ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﺗﻮﻟﺪ‬ ‫ﻓﻀــــــــﺮب ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺠﻤﻌﺎء واﻟﺠﺪﻋﺎء ً‬

‫ﻗﺎل اﻟﺴـــــــــــﻴﻮﻃﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ‬

‫ودﻓﻊ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻪ( ‪ ،‬وﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺴــــــــﻴﻮﻃﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬

‫ﱠَ‬ ‫ﺗﻌﺮض‬ ‫ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ اﻟﺨﻠﻖ‬ ‫وﺳـــﻮﻳﺔ اﻷﻃﺮاف ﺳـــﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺪع ﻟﻮﻻ ﱡ‬ ‫اﻟﻨﺎس إﻟﻴﻬﺎ ﻟﺒﻘﻴﺖ ﻛﻤﺎ وﻟﺪت ﺳﻠﻴﻤﺔ‪ .‬وﻗﻴﻞ ﻟﻠﺴـﻠﻴﻤﺔ‪ :‬ﺟﻤﻌﺎء؛ ﱠ‬ ‫ﻷن‬

‫اﻟﻮازع اﻟﺸـﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻟﻪ‪ :‬ﺷﺮب اﻟﺒﻮل ﺣﺮام‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ورﺗﺐ‬ ‫اﻟﺤﺪ ﻋﻠــــﻰ اﻟﺜﺎﲏ دون اﻷول؛ ﻟﻨﻔــــﺮة اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻮﻛﻠﺖ إﻟـــــﻰ‬

‫)ﻟﻮ ﻛﺎن ﱠ‬ ‫ﻣﻮدﻋ ﰲ ﻣﺎل اﻟﻐﻴــــــــــــــﺮ‪ ،‬وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻻﺣﺘﻴﺎط‬ ‫ﻣﻮﻛﻼً أو َ َ‬ ‫)‪(٢٠‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻮازع اﻟﺸﺮﻋﻲ( ‪.‬‬

‫ﺟﻤﻴﻊ أﻋﻀـــﺎﺋﻬﺎ واﻓﺮة ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲء ‪ ،‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ أﻣﺮ وﻓﻌﻞ‬

‫ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ‪ ،‬واﻟﻮاﻟﺪ واﻟﻮﻟﺪ ﻣﺸﱰﻛﺎن ﰲ اﻟﺤﻖ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‬

‫ﺗﺄﺑﺎه اﻟﻄﺒﺎع اﻟﺴـــﻠﻴﻤﺔ وﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻘﻮﻳﻤﺔ ﻻ ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺸــــﺮع‬

‫ً‬ ‫وﻛﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻊ؛‬ ‫اﻟﻌﺰﻳﺰ ﰲ اﻟﻮﺻﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﻣﻮاﺿﻊ دون اﻟﻮﻟﺪ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫اﻧﺘﺰع ﻃﻔﻞ ﻣﻦ أﺑﻮﻳﻪ أو أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻔﺴــﻘﻪ‪ ،‬ﻓﻬﺬا اﻟﺸــﺮط ﻏﻴﺮ ﻣﻄﻠﻮب؛‬

‫ﺧﺎص ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﻣﺴـﺄﻟﺔ اﻟﻨﻜﺎح واﻟﺤﻀـﺎﻧﺔ ﻓﻘﻂ‪،‬‬ ‫وﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ٌ‬

‫إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس وﺗﺸـﺘﻬﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺟﻌﻞ ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ‬ ‫وﺛﻘﻼ‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻟﺠﻨﺎﻳﺔ ِ ﱠ ً‬ ‫اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻷن وازﻋﻬﺎ ﺷــــــﺮﻋﻲ‪ ...‬وأﻣﺎ‬ ‫ﺧﻔﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ً‬ ‫ﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﱢ‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻮازع اﻟﻄﺒﻊ وﻧﻔـﺮﺗﻪ‬ ‫ﺣﺪا‬ ‫ً‬

‫وﺟﻪ اﻻﺳــــــــــــﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻳﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ‬

‫َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎق ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻳﺮﺑﻮﳖﻢ ﻻ‬ ‫ﺗﻘﻮم اﻟﺴــــــــﺎﻋﺔ أﻃﻔﺎل ﱠ‬ ‫رﺳﻮﻟﻪ ﷺ إﻟﻰ أن َ‬

‫)‪(١٩‬‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ وﻻﻳﺔ اﻟﻨﻜﺎح ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸب واﻟﺠﺪ‪:‬‬

‫إﻳﺜﺎر أﻧﻔﺴـــﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻔﻠﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻘﻮى اﻟﻮازع ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼـــﻴﺮ ﰲ ﺣﻖ‬ ‫)‪(٢٥‬‬

‫اﻷﻃﻔﺎل‪ ،‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ أب أﻛﻞ ﻣﺎل اﺑﻨﺘﻪ وﻧﺎﻓﺲ ﰲ إﻧﻜﺎﺣﻬﺎ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴــﺄﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﺤﻀــﺎﻧﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ‬ ‫اﻷم ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ‪:‬‬ ‫ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﺔ‬ ‫ﻓﺎﻷم اﻟﺠﺎﻫﻠﺔ ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﺤﻀــــــــــــــــﺎﻧﺔ ُ ﱠ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻬﺎ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻳﺤﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻄﻔﻞ وﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫وﺣﺚ اﻟﻄﺒﻊ أﻗﻮى ﻣﻦ ﱢ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﺣﺚ اﻟﺸــــــــﺮع ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ذﻫﺐ‬ ‫ﲠﺎ‬

‫وﻟﻜﻦ ﺑﺪاﻋـــﻲ اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﻔـــﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨــــﻲ واﻟﻮازع‬

‫ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺎﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺮورة( ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﺗﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوق‬

‫اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺷﺮط ﰲ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ؛ ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻌﺪاﻟﺔ وازﻋﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼـــﻴﺮ ﰲ‬

‫اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ إﻟﻰ ﱠ‬ ‫اﻟﺬﻣﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﺴــــﻠﻤﺔ ﰲ أﺣﻘﻴﺘﻬﺎ ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ اﻟﻤﺴــــﻠﻢ‬ ‫أن اﻷم ﱢ‬ ‫ﻟﻘﺒﻮل اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻷن اﻟﺤﻀـــﺎﻧﺔ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻘﻞ اﻟﻮﻟﺪ‪ ،‬وﻳﺼـــﻴﺮ ﻣﺴـــﺘﻄﻴﻌ َ ُ‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ؟ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﺠﻠــﻰ اﻟﻔــﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨــﻲ واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌــﻲ ﰲ‬

‫ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ‪ ،‬ﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴـﺎﺋﻞ واﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت ﻋﻦ اﻟﻮازع‬

‫ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‪ ،‬وﻻ ﻳﺸــﱰط ذﻟﻚ ﰲ وﻻﻳﺔ اﻟﻨﻜﺎح؛‬

‫ﺗﺒﺘﻨَﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺸـــﻔﻘﺔ ووازﻋﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻓﺎﻷم أﺷﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻜﻮن اﻟﺪﻓﻊ‬ ‫ُ َ‬

‫اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وأﺛﺮه ﰲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬

‫‪ -١‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻤﺼــــﺪر‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ ﻫﻮ واﺿﺢ ﻣﻦ اﻟﺘﺴـــــﻤﻴﺔ‪ :‬اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬واﻟﻤﻘﺼـــــــﻮد ﺑﻪ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﺼــــــﺪره‪ :‬ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻓﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﺼﺪره‪ :‬ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴﺎن‬ ‫واﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ُ َ‬ ‫أﻋﻢ ﻣﻦ‬ ‫‪ -٢‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻌﻤﻮم واﻟﺨﺼـــــــﻮص‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﱡ‬

‫)‪(١٨‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﺴــــــــــــــﺎﺋﻞ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬ ‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳــﺘﻘﺮاء ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوع اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ﰲ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأﺛــــــﺮا ﻋﻈﻴﻤ‬ ‫ﻛﺒﻴــــــﺮا‬ ‫ﺑﻄﻮن ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻳﺠﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻫﺘﻤﺎﻣ‬

‫)‪(٢١‬‬

‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ‪ ،‬ﻓﻮازع‬ ‫ﻷن اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻌﻲ ﻳﺰع ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺼـــﻴﺮ ﰲ ﺣﻖ‬ ‫اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻌﺎر واﻟﺴـــــــﻌﻲ ﰲ اﻹﺿﺮار‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬ ‫)‪(٢٢‬‬

‫أﺗﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼف ﰲ ذﻟﻚ ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ّ‬ ‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻦ ﱠأﻣ أو أﺑ أو ﱠ ً‬ ‫ﺟﺪا‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻟﻘﺪ ذﻛﺮ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﰲ‬ ‫ﺑﺄن ﺷﺮط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻳﺴـــــــــــــﻘﻂ ﰲ ﺣﱢﻖ‬

‫إﻟﻴﻬﺎ أرﺣﻢ ﺑﻪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻋﻘﻞ اﻟﺪﻳﻦ ُﻧﺰع ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺻﻮﻧ ﻟﺪﻳﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺪﻳﻞ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫)واﻟﺬﻣﻴﺔ أﺣﱡﻖ ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ‬ ‫واﻟﺘﺤــــﺮﻳﻒ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﰲ ﻣﺠﻤﻊ اﻷﳖـــــﺮ‪:‬‬ ‫ﱢ‬ ‫)‪(٢٨‬‬ ‫ﻳﺨﻒ ﻋﻠﻴﻪ ْإﻟﻒ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ُ َ‬ ‫اﻟﻜﻔﺮ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴــــﺄﻟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴــــﺔ‪ :‬ﻋﺪم اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺰوج واﻟﻤﺤﺮم‬ ‫ﻟﻠﺴﻔﺮ ﻣﻊ اﻟﻤﺮأة‪:‬‬

‫ﻷﻧﻪ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸــــــــــــــــﺮﻳﺔ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ‬ ‫اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ؛ ﱠ‬

‫ﻟﻠﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺘﺸــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ُﺑﻨﻴﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬

‫اﻟﺤﻀــﺎﻧﺔ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺼــﻴﻞ ﻣﺼــﺎﻟﺢ اﻟﺤﻀـــﺎﻧﺔ ودﻓﻊ‬

‫ﺟﺎء ﰲ ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج‪) :‬وﻟﻢ ﻳﺸـــــﱰﻃﻮا ﰲ اﻟﺰوج واﻟﻤﺤﺮم‬

‫اﻟﺪﻳﻦ وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻳﺸــﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﱢ‬

‫اﻷﺣﻜﺎم واﻟﻔﺮوع اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳـﺎﺳـﻪ‪ ،‬ﻳﱪز ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺛﺮ اﻟﻮازع‬

‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ُﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺸــــــﻔﻘﺔ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﰲ اﻟﻘﻴﺎم‬

‫ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻻ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸـﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ أﻋﺮض ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴــﺎﺋﻞ‬

‫ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ اﻷﻃﻔﺎل ودﻓﻊ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻬﻢ ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺷﺮﻃ‬

‫وأﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﻛﻮﳖﻤﺎ ﺛﻘﺘﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﺴﻮة ﺛﻘﺎت‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﺰوج واﺿﺢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻬﻤﺎت ﱠ‬ ‫أن اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮم ﻓﺴـــــــــــــــﺒﺒﻪ ﻛﻤﺎ ﰲ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ َ‬

‫اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﺗﺪﻋﻤﻪ‪:‬‬

‫ﻣﻨﺬ َ‬ ‫وﻣﻌﻠﻮم ﱠأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺰل ُ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ﻟﻀـــــــﺎع أﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ﺑﻌﺚ ُ‬

‫ﻓﻜﻞ ٍ‬ ‫ﺗﺮﺗﺐ اﻟﺜﻮاب ﻋﻠﻰ اﻟﱰك‪ ،‬ﱡ‬ ‫‪ -٣‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﱡ‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ اﻹﻧﺴــــﺎن‬

‫)‪(٢٣‬‬

‫)‪(٢٩‬‬

‫اﻟﺸﺮﻋﻲ( ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (١٣‬ﻣﺮﻗﺎة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ‪ (١٤) .١٤/٣٨٤‬ﺳﻮرة اﻟﺮوم‪ ،‬اﻵﻳﺔ )‪.(٣٠‬‬

‫)‪ (١٩‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪ (٢٠) .٨٢‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪ (٢١) .٣٨٨‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ‪.٢/٧٥‬‬

‫)‪ (١٥‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎري ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ‪ ،‬ﺑﺎب إذا أﺳﻠﻢ اﻟﺼﺒﻲ ﻓﻤﺎت ﻫﻞ ﻳﺼﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ وﻫﻞ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﻲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪-١/٤٥٦ (١٢٩٣‬وأﺧﺮﺟﻪ‬

‫)‪ (٢٢‬اﻟﺬﺧﻴﺮة ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻘﺮاﰲ ‪ (٢٣) .٧/١٥٩‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪ (٢٤) .٨٢‬ﺳﺒﻞ اﻟﺴﻼم ﻟﻠﺼﻨﻌﺎﲏ ‪.٣/٢٢٩‬‬

‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﻘﺪر‪ ،‬ﺑﺎب ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻞ ﻣﻮﻟﻮد ﻳﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻄﺮة وﺣﻜﻢ ﻣﻮت أﻃﻔﺎل اﻟﻜﻔﺎر وأﻃﻔﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪.٨/٥٢ (٦٩٢٦‬‬ ‫)‪ (١٦‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻷﺛﺮ ﻻﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ ‪ (١٧) .١/٧٠٥‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ‪ -١/٤٦٧‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺮﻣﻠﻲ ‪.٣/٢٥٠‬‬ ‫)‪ (١٨‬إﺗﻤﺎم اﻟﺪراﻳﺔ ﻟﻘﺮاء اﻟﻨﻘﺎﻳﺔ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪.١٧٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪36‬‬

‫)‪ (٢٥‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ص ‪ (٢٦) .٨٢‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪ (٢٧) .٨١‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﲏ ‪.٤/٤٢‬‬ ‫)‪ (٢٨‬ﻣﺠﻤﻊ اﻷﳖﺮ ﺷﺮح ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻷﺑﺤﺮ ‪.١/١٦٦‬‬ ‫)‪ (٢٩‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ‪ -١/٤٦٧‬أﺳﻨﻰ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﰲ ﺷﺮح روض اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﺸﻴﺦ اﻹﺳﻼم زﻛﺮﻳﺎ اﻷﻧﺼﺎري ‪.١/٤٤٧‬‬

‫‪ 37‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪ُ َ :‬ﻗﺒﻮل اﻹﻗﺮار ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮ واﻟﻔﺎﺟﺮ ﺑﺨﻼف اﻟﺸﻬﺎدة‪:‬‬ ‫ﻓﻘﺪ أﺟﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﱠ‬ ‫أن اﻹﻗﺮار ﻳﺼـــﺢ ﻣﻦ اﻟﱪ واﻟﻔﺎﺟﺮ‪ ،‬واﻟﻤﺴـــﻠﻢ‬ ‫واﻟﻜﺎﻓﺮ؛ ﱠ‬ ‫ﻷن اﻹﻗﺮار ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪ ،‬ﻓﻄﺒﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺰﻋﻪ ﻋﻦ‬ ‫ﻳﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴـــﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀــــﻲ ﻗﺘﻼً أو ﻗﻄﻌ أو ﺗﻐﺮﻳﻢ ﻣﺎل‪َ ِ ُ ،‬‬ ‫ﻓﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻟﱪ‬ ‫أن ﱠ‬

‫اﻟﺸــــﻴﺦ اﻹﻣﺎم ﲠﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة وﻗﺎل‪ :‬ﰲ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ اﻟﺸــــﻬﻮة ﻣﺎ ﻳﺒﻌﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫)‪(٣٧‬‬ ‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﻳﺠﺎﺑﻪ‪ ،‬واﻹﻧﺴﺎن ُﻳﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻣﺎﻧﻊ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ اﻟﺤﺎدﻳﺔ ﻋﺸـــﺮة‪ :‬ﻋﺪم ﻗﺒﻮل ﺣﻜﻢ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﻨﻔﺴـــﻪ وﺷﻬﺎدة‬ ‫ﻋﺪﻻ‪:‬‬ ‫اﻟﺸﺎﻫﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ وﻟﻮ ﻛﺎن ً‬

‫)‪(٣٠‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺸــــﻬﺎدة ﻓﻼ ُﺗﻘﺒﻞ إﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﺪل‪،‬‬ ‫واﻟﻔﺎﺟﺮ‪،‬‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ً‬ ‫)‪(٣١‬‬ ‫ﻷن وازﻋﻬﺎ ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺘﻘﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ‪.‬‬ ‫ﻳﺆﺛﺮ ﱠإﻻ ﰲ ﱠ‬ ‫* اﻟﻤﺴــﺄﻟﺔ اﻟﺴــﺎﺑﻌﺔ‪ :‬ﻗﺒﻮل إﻗﺮار اﻟﻌﺒﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀــﻲ اﻟﻘﺼـــﺎص دون ﻣﺎ‬ ‫ﻳﻮﺟﺐ اﻟﻤﺎل‪:‬‬ ‫)‪(٣٢‬‬

‫وذﻟﻚ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﺰﻋﻪ ﻋﻦ إﺿﺮار ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺨﻼف إﺿﺮار ﺳﻴﺪه ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ :‬ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻹﻗﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻬﺎدة‪:‬‬ ‫اﻟﻈﻦ اﻟﻤﺴـــــﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻹﻗﺮار أﻗﻮى‬ ‫)وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﱡ‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﻘﻴﻢ رﺣﻤﻪ اﷲ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﻗﺪم اﻹﻗﺮار ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ اﻛﺘﻔﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻈﻦ اﻟﻤﺴـﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻟﺸـﻬﻮد‪ ُ ،‬ﱢ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺎﻟﻤﺮة اﻟﻮاﺣﺪة ﰲ اﻹﻗﺮار ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ واﻟﺴــــــــﺮﻗﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﻮة‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻷن‬ ‫وازع اﻟﻤﻘﺮ ﻃﺒﻌﻲ‪ ،‬ووازع اﻟﺸـــــــــﻬﻮد ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ‬ ‫)‪(٣٣‬‬

‫اﻟﻮازع اﻟﺸﺮﻋﻲ( ‪.‬‬

‫ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴــﻼم رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬ﻫﺬه ﲥﻤﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﺮد‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ واﻟﺸـــﻬﺎدة؛ ﱠ‬ ‫اﻟﻈﻦ اﻟﻤﺴـــﺘﻔﺎد ﻣﻦ‬ ‫ﻷن ﻗﻮة اﻟﺪاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻌﻲ ﻗﺎدﺣﺔ ﰲ ﱢ‬ ‫ً‬ ‫ﻒ ﻻ ﻳﺼــــــﻠﺢ‬ ‫اﻟﻮازع اﻟﺸـــــﺮﻋﻲ ﻗﺪﺣ‬ ‫ﻇﻦ ﺿﻌﻴ ٌ‬ ‫ﻇﺎﻫﺮا ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﱠإﻻ ﱞ‬ ‫)‪(٣٨‬‬ ‫ﻟﻼﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻻ ﻻﺳﺘﻨﺎد اﻟﺤﻜﻢ إﻟﻴﻪ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴــــــــــﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸــــــــــﺮة‪ :‬ﻋﺪم إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﺎرب اﻟﺒﻮل‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺬرة‪:‬‬ ‫وآﻛﻞ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺬرة واﻟﻘﻲء ﱠ ً‬ ‫ﻓﺎﻟﺸـــــﺎرع ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﺣﺪا‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮب اﻟﺒﻮل واﻟﺪم وأﻛﻞ َ َ‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻨ ْ ِ‬ ‫َﻔﺮة ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒﺎع ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺨﻼف اﻟﺨﻤﺮ واﻟﺰﻧﺎ واﻟﺴـــــــــﺮﻗﺔ ﻟﻘﻴﺎم ﺑﻮاﻋﺜﻬﺎ؛‬ ‫َ‬ ‫)‪(٣٩‬‬ ‫ﻟﻌﻤﺖ ﻣﻔﺎﺳـــــﺪﻫﺎ ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻐﺎﻟﺐ اﺳـــــﺘﻌﻤﺎل اﻟﻮازع‬ ‫ﻓﻠﻮﻻ اﻟﺤﺪ ﱠ‬ ‫واﻟﻤﺤﺮﻣﺎت ﻟﻤﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻮق إﻟﻴﻪ اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻫﻲ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺷﻬﻮة وﻟﺬة‪ ،‬ﺑﺨﻼف اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸــــﺮة‪ :‬ﻋﺪم إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ْ َ َ ﱠ‬ ‫اﺳﺘﻌﻂ ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ أو‬ ‫اﻛﺘﺤﻞ ﺑﻬﺎ‪:‬‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‪ :‬ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪ اﻟﺰوﺟﺔ‪:‬‬ ‫ﻧﺺ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻋﻠــــــــﻰ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻮاﺣﺪة ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫ﻓﻘﺪ ﱠ‬ ‫ﺣﺮم ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺪم‬ ‫ﻳﺴــــﺘﺤﺐ ﻟﺘﺤﺼــــﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬ ‫وﻗﻴﺪوا ذﻟﻚ ﺑﻌﺪم اﻟﻀــــﺮر‪ ،‬وإﻻ َ ُ َ‬ ‫)‪(٣٤‬‬

‫ﻧﺺ اﻟﺸـﺎﻓﻌﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﱠأﻧﻪ ﻳﺴـﺘﺤﺐ اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﻤﺒﻴﺖ ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻷن اﻟﻤﺒﻴﺖ ﺣﻘﻪ ﻓﻠﻪ ﺗــــﺮﻛﻪ‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻟــــﺰوﺟﺔ وﻻ ﻳﺠﺐ؛ ﱠ‬ ‫وﻷن ﰲ داﻋﻴﺔ اﻟﻄﺒﻊ ﻣﺎ‬ ‫ُﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻹﻳﺠﺎب‪ ،‬إﻻ إذا ﻇﻬﺮت ﻗﺮﻳﻨﺔ ﱡ‬ ‫ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻗﺼــــﺪ اﻟﺰوج اﻹﺿﺮار‬ ‫)‪(٣٥‬‬

‫ﺑـــــﺰوﺟﺘﻪ ﺑﱰﻛﻪ اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘﺤﻮل إﻟـــــﻰ واﺟﺐ ‪ ،‬وﻗﺎل‬ ‫اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﰲ اﻟﻔـــــﺮوع‪) :‬ﻻ ﻳﻠــــــﺰم وطء وﻻ ﻣﺒﻴﺖ إن ﻟﻢ ﻳﱰﻛﻬﻤﺎ‬ ‫)‪(٣٦‬‬ ‫ِ ً‬ ‫ﺿﺮارا( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺎﺷﺮة‪ :‬ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺰواج ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷﺻﻞ‪:‬‬ ‫ﻗﺎل ﺗﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴـــــﺒﻜﻲ‪) :‬ﻟﻴﺲ اﻟﻨﻜﺎح ﻣﻦ ﻓﺮوض اﻟﻜﻔﺎﻳﺎت‪ ،‬ﺧﻼﻓ‬

‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺴﺮﺧﺴﻲ‪) :‬وإذا ْ َ َ ﱠ‬ ‫اﻛﺘﺤﻞ ﲠﺎ‪ ،‬أو اﻗﺘﻄـﺮﻫﺎ‬ ‫اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ أو‬ ‫اﺳﺘﻌﻂ‬ ‫ﻗﺎل ﱠ َ ﱡ‬ ‫ﺟﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬أو ﱠ ً‬ ‫ً‬ ‫ﺣﺪ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻷن‬ ‫ﰲ أذﻧﻪ أو داوى ﲠﺎ‬ ‫آﻣﺔ ﻓﻮﺻــــــﻞ إﻟﻰ دﻣﺎﻏﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﱠ‬ ‫وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺷﺮب اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬وﻫﻮ ﲠﺬه اﻷﻓﻌﺎل ﻻ ﻳﺼـــــــﻴﺮ ﺷﺎرﺑ ‪،‬‬ ‫وﻟﻴﺲ ﰲ ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ ﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل‪ ،‬ﻟﺘﻘﻊ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺷـــﺮع اﻟﺰاﺟﺮ‬ ‫)‪(٤٠‬‬ ‫ﻋﻨﻪ( ‪.‬‬ ‫واﻛﺘﻔﻲ ﲠﺬا اﻟﻘﺪر ﰲ ﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ؛‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻷن ﻣﻘﺼــــﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻮ اﻟﻤﺮور ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺮوع واﻟﻤﺴـــــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ُﺑﻨﻲ‬ ‫وﺗﻢ ﺗﺄﺻــﻴﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳــﺎس اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻊ أﻧﻨﻲ أﺗﻤﻨﱠﻰ ﱠ‬ ‫ﺗﻔﺮد‬ ‫أن ْ َ‬ ‫ﺣﻜﻤﻬﺎ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻣﺴـــــﺘﻘﻠﺔ ﻟﺒﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺠﻤﻊ‬ ‫دراﺳﺔ‬ ‫أﺻﻮﻟﻪ وﻓﺮوﻋﻪ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻟﺒﻌﺾ اﻷﺻﺤﺎب‪ ،‬وﻣﺴــــﺘﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺑﻘﺎء اﻟﻨﺴــــﻞ‪ ،‬وﻗﺪ رده‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٣٠‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪ (٣١) .٣٨٧‬اﻟﻔﺮوق ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻘﺮاﰲ ‪ (٣٢) .٤/٢٠٤‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪.٣٨٧‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‬ ‫ﱠ‬ ‫أﻣﺮ ﻟﻪ‬ ‫إن ﻣـــــﺮاﻋﺎة اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌــــــﻲ ﰲ اﻷﺣﻜﺎم اﻻﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ٌ‬ ‫اﻋﺘﺒﺎره ﰲ ﻧﻈـــﺮ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬وﺑﻨﺎء ﻋﻠـــﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻔﺖ آراؤﻫﻢ ﰲ‬

‫* ﻻ ﺧﻼف ﺑﻴﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻞ أن ﺗﺆﺗــــــﻰ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‬ ‫أﺻـﻼ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻳﻌﺘﱪ ﻓﺎﻋﻼً ﻟﻤﻨﻜﺮ‪ ،‬وﻗﺪ أﻣﺮ اﻟﺮﺳــﻮل‬ ‫ً‬ ‫ﷺ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻴﻪ اﻟﺘﻌﺰﻳﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـــــﺎﺋﻞ ﺗﺒﻌ ﻟﻤﺮاﻋﺎة اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ أﺛﻨﺎء‬

‫ﺷﻲء ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪.‬‬ ‫* ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﰲ وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﺑﻮطء اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‬ ‫ٌ‬

‫اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم وﺗﻘﺮﻳﺮﻫﺎ‪ ،‬و ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ أﻋﺮض ﻣﺴـــــــــــﺄﻟﺘﻴﻦ ﻣﻦ‬

‫* ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﺎﺳـــــﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮطء ﰲ ﻓﺮج اﻵدﻣﻲ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺣﺮﻣﺔ‬

‫اﻟﻤﺴــــــــــــــــﺎﺋﻞ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ‬

‫اﻟﺤﺪ‪،‬‬ ‫ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻴﺲ وﻃﺆﻫﺎ ﺑﻤﻘﺼـــﻮد ﺣﺘﻰ ُﻳﺤﺘﺎج ﰲ اﻟﺰﺟﺮ ﻋﻨﻪ إﻟﻰ ﱢ‬

‫اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‪.‬‬

‫ﱠ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺴــــــﻠﻴﻢ ﻳﺄﺑﺎه‪ ،‬واﻟﻨﻔﻮس ﺗﻌﺎﻓﻪ‪ ،‬وﻋﺎﻣﺘﻬﺎ ﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ‬ ‫)‪(٤٣‬‬ ‫زﺟﺮ ﻋﻨﻪ ٍ‬ ‫ﻳﺤﺘﺞ إﻟﻰ ٍ‬ ‫ﺑﺤﺪ‪ ،‬وﻳﻜﻔﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ‪.‬‬ ‫ُ َْ ْ‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﻋﻘﻮﺑﺔ واﻃﺊ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‪.‬‬ ‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﻋﻘﻮﺑﺔ آﰐ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﻮال‪:‬‬ ‫أﺣﺪﻫﺎ‪ :‬ﻟﻺﻣﺎﻣﻴﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ ﰲ ﻗﻮل ﻟﻬﻤﺎ‪ :‬وﻫﻮ ﱠ‬ ‫أن ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺣﺪ اﻟﺰﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻴﺮﺟﻢ إن ﻛﺎن ﻣﺤﺼــــﻨ وﻳﺠﻠﺪ إن ﻛﺎن ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺼــــﻦ؛‬

‫)إن وطء اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻻ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻴﻪ‬ ‫ﻗﺎل ﺻـــــــﺎﺣﺐ ﺗﺒﻴﻴﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‪ :‬ﱠ‬ ‫ً‬ ‫زاﺟﺮا ﻟﻮﺟﻮد اﻻﻧﺰﺟﺎر ﺑﺪون اﻟﺤﺪ‪ ،‬واﻟﺤﺎﻣﻞ‬ ‫اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ‬ ‫ﻒ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻻ ﻳﺠﺐ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﳖﺎﻳﺔ اﻟﺴــﻔﻪ وﻏﻠﺒﺔ اﻟﺸــﺒﻖ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻜ ﱢ‬ ‫ﺳﱰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻊ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺸـــــــﺘﻬﻰ ﻟﻮﺟﺐ ﺳﱰه ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﻘﺒﻞ‬

‫ﻛﺎﻟﻘﺒِﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺮأة‪.‬‬ ‫وذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻣﺤﺮم ﺷﺮﻋ ‪ُ ُ ،‬‬ ‫ﻷﻧﻪ إﻳﻼج ﰲ ﻓﺮج ﱠ‬

‫)‪(٤٤‬‬

‫اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬رواﻳﺔ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ وﻗﻮل آﺧﺮ ﻟﻠﺸــﺎﻓﻌﻲ‪ :‬وﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﻘﺘﻞ ﰲ‬ ‫ﻛﻞ ﺣﺎل‪ ،‬ﻣﺤﺼﻨ ﻛﺎن أو ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺼـﻦ رﺟﻤ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة‪ .‬وﰲ ﻗﻮل‬ ‫ً‬ ‫ﺻﱪا ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ‪.‬‬ ‫ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻳﻘﺘﻞ‬

‫ﻷﻧﻪ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺪ ﻣﻘﺪر ﻓﻴﻌـــــﺰر( ‪،‬‬ ‫ﻳﻌﺰر ﱠ‬ ‫واﻟﺪﺑــــﺮ‪ ،‬إﻻ ﱠأﻧﻪ ُ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ‬ ‫َ ﱡ‬ ‫ﻓﺎﻟﺤﺪ ُ ِ َ‬ ‫ﻳﻜﺜﺮ وﺟﻮده‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﺷﺮع ﻟﻼﻧــــــــﺰﺟﺎر‪ ،‬واﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ﻟﻤﺎ ُ ُ‬ ‫ﻳﻨﺪر ﻓﻼ ﻳﺸﺮع ﻓﻴﻪ؛ ﻷن اﻻﻧﺰﺟﺎر ﺣﺎﺻﻞ ﻃﺒﻌ‬

‫)‪(٤٥‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ‪ :‬ﺑﻌﺪ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ أﻗﻮال اﻟﻔﻘﻬﺎء واﺳــــــــــــﺘﻌﺮاض‬

‫اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﺸــــــﺎﻓﻌﻴﺔ ﰲ اﻷﻇﻬﺮ‬

‫أدﻟﺘﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــــــــﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻣﻴﻞ إﻟﻰ رأي اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻘﺎﺋﻞ‬

‫واﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠـــــــــــــﻰ اﻟﻤﺬﻫﺐ وﻫﻮ ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺤﺪ‬

‫ﺑﺎﻟﺘﻌـﺰﻳـﺮ دون اﻟﺤﺪ وﻗﻮﻓ ﻋﻨﺪ ﻣﻮرد اﻟﻨﺺ؛ ﻓﺎﻟﺤﺪود ﻻ ﺗﺜﺒﺖ إﻻ‬

‫ﺑﻮﻃﺌﻬﺎ‪ ،‬وﻟـﺰوم اﻟﺘﻌــﺰﻳــﺮ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪ :‬ﻟﻺﻣﺎم أن ﻳﻘﺘﻠﻪ إذا اﻋﺘﺎد‬

‫ﻧﺺ ﰲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ واﻃﺊ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‪ .‬وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴـﻪ‬ ‫ﺑﻨﺺ وﻻ ﱠ‬

‫ذﻟﻚ وﻫﻮ اﻟﻤﻔﺘـــﻰ ﺑﻪ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ :‬ﻳﺒﺎﻟﻎ ﰲ ﺗﻌــــﺰﻳــــﺮه ‪ ،‬ﻗﺎل‬

‫ﻓﺈﻧﻨﻲ أرى ﺿﺮورة اﻟﺘﺸــﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻌﺰﻳﺮﻳﺔ ﺧﺼـــﻮﺻ ﻟﻤﻦ‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺗﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴــــﺒﻜﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﺑﻮطء‬ ‫ﱠ‬

‫ﻳﺘﻜـــﺮر ﻣﻨﻪ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ؛ ﱠ‬ ‫ﻷن اﻟﺘﻜــــﺮار دﻟﻴﻞ اﻧﺤــــﺮاف ﰲ اﻟﻔﻄــــﺮة‬

‫"ﻷﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﻔﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﻨﻔﺮ‬ ‫اﻟﻤﻴﺘﺔ ‪ -‬وﻫﻮ‬ ‫اﻷﺻــــﺢ ‪ -‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﱠ‬ ‫ﱡ‬

‫وﺷﺬوذ ﰲ اﻟﻄﺒﻊ ﻓﻨﺎﺳﺒﻪ اﻟﺰﺟﺮ اﻟﺸـﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ اﻟﺮادﻋﺔ‪،‬‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺬي ُﺷﻮﻫﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻔﻄﺮة‪ِ ُ ،‬‬ ‫وﻃﻤﺴــــــــــــــﺖ‬ ‫ﱢ‬

‫)‪(٤١‬‬

‫)‪(٤٢‬‬

‫ﻋﻨﻪ اﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺰﺟﺮ ﻋﻨﻪ( ‪.‬‬ ‫واﺣﺘﺞ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﺑﻮﻃﺌﻬﺎ‪:‬‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ‪ ،‬وﻇﻬﺮ اﻟﺸﺬوذ ﰲ اﻟﻄﺒﺎع‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٤١‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﲏ‪-٧/٣٤‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮاﺳﻲ‪ -٥/٢٦٥‬اﻟﻤﺪوﻧﺔ‪-٤/٤٨٦‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي‪-٢/٤١٧‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ‪-٤/١٤٥‬اﻟﻤﺒﺪع ﺷﺮح اﻟﻤﻘﻨﻊ ﻻﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ‪-٩/٦١‬‬

‫)‪ (٣٣‬إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻠﻬﻔﺎن ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻻﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ‪ (٣٤) .٢/٦٤‬ﺷﺮح ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺧﻠﻴﻞ ﻟﻠﺨﺮﺷﻲ ‪.١١/٤٩٠‬‬

‫اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ‪-١٠/١٥٨‬ﺷﺮح اﻟﺰرﻛﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺨﺮﻗﻲ ‪ -٣/١٠٧‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ﻟﻠﻌﻈﻴﻢ آﺑﺎدي ‪ (٤٢) .١٢/١٠٣‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪.١/٣٩١‬‬

‫)‪ (٣٥‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺮﻣﻠﻲ ‪ -٦/٣٨٠‬اﻟﺴﺮاج اﻟﻮﻫﺎج ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﻠﻐﻤﺮاوي ص ‪-٣٩٨‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ‪.٣/٢٥١‬‬

‫)‪ (٤٣‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﲏ ‪ -٧/٣٤‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮاﺳﻲ ‪ -٥/٢٦٥‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي ‪ -٢/٤١٧‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ‪ -٤/١٤٥‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ‬

‫)‪ (٣٦‬اﻟﻔﺮوع ﻻﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ‪ (٣٧) .٨/٣٨٩‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪ (٣٨) .١/٣٩١‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ‪.٢/٢٩‬‬ ‫)‪ (٣٩‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪ (٤٠) .١/٣٩١‬اﻟﻤﺒﺴﻮط ﻟﻠﺴﺮﺧﺴﻲ ‪.٢٤/٦٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪38‬‬

‫‪ -١٠/١٥٨‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ﻟﻠﻌﻈﻴﻢ آﺑﺎدي ‪.١٢/١٠٣‬‬ ‫)‪ (٤٤‬ﺗﺒﻴﻴﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﻠﺰﻳﻠﻌﻲ ‪ (٤٥) .٣/١٨١‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮاﺳﻲ ‪.٥/٣٧٦‬‬

‫‪ 39‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪ُ َ :‬ﻗﺒﻮل اﻹﻗﺮار ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮ واﻟﻔﺎﺟﺮ ﺑﺨﻼف اﻟﺸﻬﺎدة‪:‬‬ ‫ﻓﻘﺪ أﺟﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﱠ‬ ‫أن اﻹﻗﺮار ﻳﺼـــﺢ ﻣﻦ اﻟﱪ واﻟﻔﺎﺟﺮ‪ ،‬واﻟﻤﺴـــﻠﻢ‬ ‫واﻟﻜﺎﻓﺮ؛ ﱠ‬ ‫ﻷن اﻹﻗﺮار ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪ ،‬ﻓﻄﺒﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺰﻋﻪ ﻋﻦ‬ ‫ﻳﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴـــﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀــــﻲ ﻗﺘﻼً أو ﻗﻄﻌ أو ﺗﻐﺮﻳﻢ ﻣﺎل‪َ ِ ُ ،‬‬ ‫ﻓﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻟﱪ‬ ‫أن ﱠ‬

‫اﻟﺸــــﻴﺦ اﻹﻣﺎم ﲠﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة وﻗﺎل‪ :‬ﰲ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ اﻟﺸــــﻬﻮة ﻣﺎ ﻳﺒﻌﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫)‪(٣٧‬‬ ‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﻳﺠﺎﺑﻪ‪ ،‬واﻹﻧﺴﺎن ُﻳﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻣﺎﻧﻊ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ اﻟﺤﺎدﻳﺔ ﻋﺸـــﺮة‪ :‬ﻋﺪم ﻗﺒﻮل ﺣﻜﻢ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﻨﻔﺴـــﻪ وﺷﻬﺎدة‬ ‫ﻋﺪﻻ‪:‬‬ ‫اﻟﺸﺎﻫﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ وﻟﻮ ﻛﺎن ً‬

‫)‪(٣٠‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺸــــﻬﺎدة ﻓﻼ ُﺗﻘﺒﻞ إﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﺪل‪،‬‬ ‫واﻟﻔﺎﺟﺮ‪،‬‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ً‬ ‫)‪(٣١‬‬ ‫ﻷن وازﻋﻬﺎ ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺘﻘﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ‪.‬‬ ‫ﻳﺆﺛﺮ ﱠإﻻ ﰲ ﱠ‬ ‫* اﻟﻤﺴــﺄﻟﺔ اﻟﺴــﺎﺑﻌﺔ‪ :‬ﻗﺒﻮل إﻗﺮار اﻟﻌﺒﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀــﻲ اﻟﻘﺼـــﺎص دون ﻣﺎ‬ ‫ﻳﻮﺟﺐ اﻟﻤﺎل‪:‬‬ ‫)‪(٣٢‬‬

‫وذﻟﻚ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ ﻳﺰﻋﻪ ﻋﻦ إﺿﺮار ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺨﻼف إﺿﺮار ﺳﻴﺪه ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ :‬ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻹﻗﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻬﺎدة‪:‬‬ ‫اﻟﻈﻦ اﻟﻤﺴـــــﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻹﻗﺮار أﻗﻮى‬ ‫)وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﱡ‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ّ‬ ‫اﻟﻘﻴﻢ رﺣﻤﻪ اﷲ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﻗﺪم اﻹﻗﺮار ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ اﻛﺘﻔﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻈﻦ اﻟﻤﺴـﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻟﺸـﻬﻮد‪ ُ ،‬ﱢ‬ ‫ﻣﻦ ﱢ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺎﻟﻤﺮة اﻟﻮاﺣﺪة ﰲ اﻹﻗﺮار ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ واﻟﺴــــــــﺮﻗﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﻮة‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻷن‬ ‫وازع اﻟﻤﻘﺮ ﻃﺒﻌﻲ‪ ،‬ووازع اﻟﺸـــــــــﻬﻮد ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬واﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ‬ ‫)‪(٣٣‬‬

‫اﻟﻮازع اﻟﺸﺮﻋﻲ( ‪.‬‬

‫ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴــﻼم رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬ﻫﺬه ﲥﻤﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﺮد‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ واﻟﺸـــﻬﺎدة؛ ﱠ‬ ‫اﻟﻈﻦ اﻟﻤﺴـــﺘﻔﺎد ﻣﻦ‬ ‫ﻷن ﻗﻮة اﻟﺪاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻌﻲ ﻗﺎدﺣﺔ ﰲ ﱢ‬ ‫ً‬ ‫ﻒ ﻻ ﻳﺼــــــﻠﺢ‬ ‫اﻟﻮازع اﻟﺸـــــﺮﻋﻲ ﻗﺪﺣ‬ ‫ﻇﻦ ﺿﻌﻴ ٌ‬ ‫ﻇﺎﻫﺮا ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﱠإﻻ ﱞ‬ ‫)‪(٣٨‬‬ ‫ﻟﻼﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻻ ﻻﺳﺘﻨﺎد اﻟﺤﻜﻢ إﻟﻴﻪ( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴــــــــــﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸــــــــــﺮة‪ :‬ﻋﺪم إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﺎرب اﻟﺒﻮل‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺬرة‪:‬‬ ‫وآﻛﻞ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺬرة واﻟﻘﻲء ﱠ ً‬ ‫ﻓﺎﻟﺸـــــﺎرع ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﺣﺪا‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮب اﻟﺒﻮل واﻟﺪم وأﻛﻞ َ َ‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻨ ْ ِ‬ ‫َﻔﺮة ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒﺎع ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺨﻼف اﻟﺨﻤﺮ واﻟﺰﻧﺎ واﻟﺴـــــــــﺮﻗﺔ ﻟﻘﻴﺎم ﺑﻮاﻋﺜﻬﺎ؛‬ ‫َ‬ ‫)‪(٣٩‬‬ ‫ﻟﻌﻤﺖ ﻣﻔﺎﺳـــــﺪﻫﺎ ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻐﺎﻟﺐ اﺳـــــﺘﻌﻤﺎل اﻟﻮازع‬ ‫ﻓﻠﻮﻻ اﻟﺤﺪ ﱠ‬ ‫واﻟﻤﺤﺮﻣﺎت ﻟﻤﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻮق إﻟﻴﻪ اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻫﻲ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺷﻬﻮة وﻟﺬة‪ ،‬ﺑﺨﻼف اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸــــﺮة‪ :‬ﻋﺪم إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ْ َ َ ﱠ‬ ‫اﺳﺘﻌﻂ ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ أو‬ ‫اﻛﺘﺤﻞ ﺑﻬﺎ‪:‬‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‪ :‬ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪ اﻟﺰوﺟﺔ‪:‬‬ ‫ﻧﺺ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻋﻠــــــــﻰ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻮاﺣﺪة ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫ﻓﻘﺪ ﱠ‬ ‫ﺣﺮم ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺪم‬ ‫ﻳﺴــــﺘﺤﺐ ﻟﺘﺤﺼــــﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬ﱠ‬ ‫وﻗﻴﺪوا ذﻟﻚ ﺑﻌﺪم اﻟﻀــــﺮر‪ ،‬وإﻻ َ ُ َ‬ ‫)‪(٣٤‬‬

‫ﻧﺺ اﻟﺸـﺎﻓﻌﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﱠأﻧﻪ ﻳﺴـﺘﺤﺐ اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﻤﺒﻴﺖ ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻷن اﻟﻤﺒﻴﺖ ﺣﻘﻪ ﻓﻠﻪ ﺗــــﺮﻛﻪ‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻟــــﺰوﺟﺔ وﻻ ﻳﺠﺐ؛ ﱠ‬ ‫وﻷن ﰲ داﻋﻴﺔ اﻟﻄﺒﻊ ﻣﺎ‬ ‫ُﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻹﻳﺠﺎب‪ ،‬إﻻ إذا ﻇﻬﺮت ﻗﺮﻳﻨﺔ ﱡ‬ ‫ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻗﺼــــﺪ اﻟﺰوج اﻹﺿﺮار‬ ‫)‪(٣٥‬‬

‫ﺑـــــﺰوﺟﺘﻪ ﺑﱰﻛﻪ اﻟﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘﺤﻮل إﻟـــــﻰ واﺟﺐ ‪ ،‬وﻗﺎل‬ ‫اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﰲ اﻟﻔـــــﺮوع‪) :‬ﻻ ﻳﻠــــــﺰم وطء وﻻ ﻣﺒﻴﺖ إن ﻟﻢ ﻳﱰﻛﻬﻤﺎ‬ ‫)‪(٣٦‬‬ ‫ِ ً‬ ‫ﺿﺮارا( ‪.‬‬ ‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺎﺷﺮة‪ :‬ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺰواج ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷﺻﻞ‪:‬‬ ‫ﻗﺎل ﺗﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴـــــﺒﻜﻲ‪) :‬ﻟﻴﺲ اﻟﻨﻜﺎح ﻣﻦ ﻓﺮوض اﻟﻜﻔﺎﻳﺎت‪ ،‬ﺧﻼﻓ‬

‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺴﺮﺧﺴﻲ‪) :‬وإذا ْ َ َ ﱠ‬ ‫اﻛﺘﺤﻞ ﲠﺎ‪ ،‬أو اﻗﺘﻄـﺮﻫﺎ‬ ‫اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ أو‬ ‫اﺳﺘﻌﻂ‬ ‫ﻗﺎل ﱠ َ ﱡ‬ ‫ﺟﺎﺋﻔﺔ‪ ،‬أو ﱠ ً‬ ‫ً‬ ‫ﺣﺪ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻷن‬ ‫ﰲ أذﻧﻪ أو داوى ﲠﺎ‬ ‫آﻣﺔ ﻓﻮﺻــــــﻞ إﻟﻰ دﻣﺎﻏﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﱠ‬ ‫وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺷﺮب اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬وﻫﻮ ﲠﺬه اﻷﻓﻌﺎل ﻻ ﻳﺼـــــــﻴﺮ ﺷﺎرﺑ ‪،‬‬ ‫وﻟﻴﺲ ﰲ ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ ﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل‪ ،‬ﻟﺘﻘﻊ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺷـــﺮع اﻟﺰاﺟﺮ‬ ‫)‪(٤٠‬‬ ‫ﻋﻨﻪ( ‪.‬‬ ‫واﻛﺘﻔﻲ ﲠﺬا اﻟﻘﺪر ﰲ ﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ؛‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻷن ﻣﻘﺼــــﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻮ اﻟﻤﺮور ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺮوع واﻟﻤﺴـــــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ُﺑﻨﻲ‬ ‫وﺗﻢ ﺗﺄﺻــﻴﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳــﺎس اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻊ أﻧﻨﻲ أﺗﻤﻨﱠﻰ ﱠ‬ ‫ﺗﻔﺮد‬ ‫أن ْ َ‬ ‫ﺣﻜﻤﻬﺎ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻣﺴـــــﺘﻘﻠﺔ ﻟﺒﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﺘﺸــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺠﻤﻊ‬ ‫دراﺳﺔ‬ ‫أﺻﻮﻟﻪ وﻓﺮوﻋﻪ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻟﺒﻌﺾ اﻷﺻﺤﺎب‪ ،‬وﻣﺴــــﺘﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺑﻘﺎء اﻟﻨﺴــــﻞ‪ ،‬وﻗﺪ رده‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٣٠‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪ (٣١) .٣٨٧‬اﻟﻔﺮوق ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻘﺮاﰲ ‪ (٣٢) .٤/٢٠٤‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪.٣٨٧‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‬ ‫ﱠ‬ ‫أﻣﺮ ﻟﻪ‬ ‫إن ﻣـــــﺮاﻋﺎة اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌــــــﻲ ﰲ اﻷﺣﻜﺎم اﻻﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ٌ‬ ‫اﻋﺘﺒﺎره ﰲ ﻧﻈـــﺮ اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬وﺑﻨﺎء ﻋﻠـــﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻔﺖ آراؤﻫﻢ ﰲ‬

‫* ﻻ ﺧﻼف ﺑﻴﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻞ أن ﺗﺆﺗــــــﻰ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‬ ‫أﺻـﻼ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻳﻌﺘﱪ ﻓﺎﻋﻼً ﻟﻤﻨﻜﺮ‪ ،‬وﻗﺪ أﻣﺮ اﻟﺮﺳــﻮل‬ ‫ً‬ ‫ﷺ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻴﻪ اﻟﺘﻌﺰﻳﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـــــﺎﺋﻞ ﺗﺒﻌ ﻟﻤﺮاﻋﺎة اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ أﺛﻨﺎء‬

‫ﺷﻲء ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪.‬‬ ‫* ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﰲ وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﺑﻮطء اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‬ ‫ٌ‬

‫اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم وﺗﻘﺮﻳﺮﻫﺎ‪ ،‬و ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ أﻋﺮض ﻣﺴـــــــــــﺄﻟﺘﻴﻦ ﻣﻦ‬

‫* ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﺎﺳـــــﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮطء ﰲ ﻓﺮج اﻵدﻣﻲ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺣﺮﻣﺔ‬

‫اﻟﻤﺴــــــــــــــــﺎﺋﻞ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ أﺛﺮ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ‬

‫اﻟﺤﺪ‪،‬‬ ‫ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻴﺲ وﻃﺆﻫﺎ ﺑﻤﻘﺼـــﻮد ﺣﺘﻰ ُﻳﺤﺘﺎج ﰲ اﻟﺰﺟﺮ ﻋﻨﻪ إﻟﻰ ﱢ‬

‫اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‪.‬‬

‫ﱠ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺴــــــﻠﻴﻢ ﻳﺄﺑﺎه‪ ،‬واﻟﻨﻔﻮس ﺗﻌﺎﻓﻪ‪ ،‬وﻋﺎﻣﺘﻬﺎ ﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ‬ ‫)‪(٤٣‬‬ ‫زﺟﺮ ﻋﻨﻪ ٍ‬ ‫ﻳﺤﺘﺞ إﻟﻰ ٍ‬ ‫ﺑﺤﺪ‪ ،‬وﻳﻜﻔﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ‪.‬‬ ‫ُ َْ ْ‬

‫* اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﻋﻘﻮﺑﺔ واﻃﺊ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‪.‬‬ ‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﻋﻘﻮﺑﺔ آﰐ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﻮال‪:‬‬ ‫أﺣﺪﻫﺎ‪ :‬ﻟﻺﻣﺎﻣﻴﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ ﰲ ﻗﻮل ﻟﻬﻤﺎ‪ :‬وﻫﻮ ﱠ‬ ‫أن ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺣﺪ اﻟﺰﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻴﺮﺟﻢ إن ﻛﺎن ﻣﺤﺼــــﻨ وﻳﺠﻠﺪ إن ﻛﺎن ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺼــــﻦ؛‬

‫)إن وطء اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻻ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻴﻪ‬ ‫ﻗﺎل ﺻـــــــﺎﺣﺐ ﺗﺒﻴﻴﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‪ :‬ﱠ‬ ‫ً‬ ‫زاﺟﺮا ﻟﻮﺟﻮد اﻻﻧﺰﺟﺎر ﺑﺪون اﻟﺤﺪ‪ ،‬واﻟﺤﺎﻣﻞ‬ ‫اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ‬ ‫ﻒ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻻ ﻳﺠﺐ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﳖﺎﻳﺔ اﻟﺴــﻔﻪ وﻏﻠﺒﺔ اﻟﺸــﺒﻖ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻜ ﱢ‬ ‫ﺳﱰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻊ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺸـــــــﺘﻬﻰ ﻟﻮﺟﺐ ﺳﱰه ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﻘﺒﻞ‬

‫ﻛﺎﻟﻘﺒِﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺮأة‪.‬‬ ‫وذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻣﺤﺮم ﺷﺮﻋ ‪ُ ُ ،‬‬ ‫ﻷﻧﻪ إﻳﻼج ﰲ ﻓﺮج ﱠ‬

‫)‪(٤٤‬‬

‫اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬رواﻳﺔ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ وﻗﻮل آﺧﺮ ﻟﻠﺸــﺎﻓﻌﻲ‪ :‬وﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﻘﺘﻞ ﰲ‬ ‫ﻛﻞ ﺣﺎل‪ ،‬ﻣﺤﺼﻨ ﻛﺎن أو ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺼـﻦ رﺟﻤ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة‪ .‬وﰲ ﻗﻮل‬ ‫ً‬ ‫ﺻﱪا ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ‪.‬‬ ‫ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻳﻘﺘﻞ‬

‫ﻷﻧﻪ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺪ ﻣﻘﺪر ﻓﻴﻌـــــﺰر( ‪،‬‬ ‫ﻳﻌﺰر ﱠ‬ ‫واﻟﺪﺑــــﺮ‪ ،‬إﻻ ﱠأﻧﻪ ُ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ‬ ‫َ ﱡ‬ ‫ﻓﺎﻟﺤﺪ ُ ِ َ‬ ‫ﻳﻜﺜﺮ وﺟﻮده‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﺷﺮع ﻟﻼﻧــــــــﺰﺟﺎر‪ ،‬واﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ﻟﻤﺎ ُ ُ‬ ‫ﻳﻨﺪر ﻓﻼ ﻳﺸﺮع ﻓﻴﻪ؛ ﻷن اﻻﻧﺰﺟﺎر ﺣﺎﺻﻞ ﻃﺒﻌ‬

‫)‪(٤٥‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ‪ :‬ﺑﻌﺪ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ أﻗﻮال اﻟﻔﻘﻬﺎء واﺳــــــــــــﺘﻌﺮاض‬

‫اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﺸــــــﺎﻓﻌﻴﺔ ﰲ اﻷﻇﻬﺮ‬

‫أدﻟﺘﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــــــــﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻣﻴﻞ إﻟﻰ رأي اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻘﺎﺋﻞ‬

‫واﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠـــــــــــــﻰ اﻟﻤﺬﻫﺐ وﻫﻮ ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺤﺪ‬

‫ﺑﺎﻟﺘﻌـﺰﻳـﺮ دون اﻟﺤﺪ وﻗﻮﻓ ﻋﻨﺪ ﻣﻮرد اﻟﻨﺺ؛ ﻓﺎﻟﺤﺪود ﻻ ﺗﺜﺒﺖ إﻻ‬

‫ﺑﻮﻃﺌﻬﺎ‪ ،‬وﻟـﺰوم اﻟﺘﻌــﺰﻳــﺮ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ‪ :‬ﻟﻺﻣﺎم أن ﻳﻘﺘﻠﻪ إذا اﻋﺘﺎد‬

‫ﻧﺺ ﰲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ واﻃﺊ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‪ .‬وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴـﻪ‬ ‫ﺑﻨﺺ وﻻ ﱠ‬

‫ذﻟﻚ وﻫﻮ اﻟﻤﻔﺘـــﻰ ﺑﻪ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ :‬ﻳﺒﺎﻟﻎ ﰲ ﺗﻌــــﺰﻳــــﺮه ‪ ،‬ﻗﺎل‬

‫ﻓﺈﻧﻨﻲ أرى ﺿﺮورة اﻟﺘﺸــﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻌﺰﻳﺮﻳﺔ ﺧﺼـــﻮﺻ ﻟﻤﻦ‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺗﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴــــﺒﻜﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﺑﻮطء‬ ‫ﱠ‬

‫ﻳﺘﻜـــﺮر ﻣﻨﻪ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ؛ ﱠ‬ ‫ﻷن اﻟﺘﻜــــﺮار دﻟﻴﻞ اﻧﺤــــﺮاف ﰲ اﻟﻔﻄــــﺮة‬

‫"ﻷﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﻔﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﻨﻔﺮ‬ ‫اﻟﻤﻴﺘﺔ ‪ -‬وﻫﻮ‬ ‫اﻷﺻــــﺢ ‪ -‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﱠ‬ ‫ﱡ‬

‫وﺷﺬوذ ﰲ اﻟﻄﺒﻊ ﻓﻨﺎﺳﺒﻪ اﻟﺰﺟﺮ اﻟﺸـﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ اﻟﺮادﻋﺔ‪،‬‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺬي ُﺷﻮﻫﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻔﻄﺮة‪ِ ُ ،‬‬ ‫وﻃﻤﺴــــــــــــــﺖ‬ ‫ﱢ‬

‫)‪(٤١‬‬

‫)‪(٤٢‬‬

‫ﻋﻨﻪ اﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺰﺟﺮ ﻋﻨﻪ( ‪.‬‬ ‫واﺣﺘﺞ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﺤﺪ ﺑﻮﻃﺌﻬﺎ‪:‬‬ ‫ﱠ‬

‫ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ‪ ،‬وﻇﻬﺮ اﻟﺸﺬوذ ﰲ اﻟﻄﺒﺎع‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٤١‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﲏ‪-٧/٣٤‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮاﺳﻲ‪ -٥/٢٦٥‬اﻟﻤﺪوﻧﺔ‪-٤/٤٨٦‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي‪-٢/٤١٧‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ‪-٤/١٤٥‬اﻟﻤﺒﺪع ﺷﺮح اﻟﻤﻘﻨﻊ ﻻﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ‪-٩/٦١‬‬

‫)‪ (٣٣‬إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻠﻬﻔﺎن ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻻﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ‪ (٣٤) .٢/٦٤‬ﺷﺮح ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺧﻠﻴﻞ ﻟﻠﺨﺮﺷﻲ ‪.١١/٤٩٠‬‬

‫اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ‪-١٠/١٥٨‬ﺷﺮح اﻟﺰرﻛﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺨﺮﻗﻲ ‪ -٣/١٠٧‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ﻟﻠﻌﻈﻴﻢ آﺑﺎدي ‪ (٤٢) .١٢/١٠٣‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪.١/٣٩١‬‬

‫)‪ (٣٥‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺮﻣﻠﻲ ‪ -٦/٣٨٠‬اﻟﺴﺮاج اﻟﻮﻫﺎج ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﻠﻐﻤﺮاوي ص ‪-٣٩٨‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻟﻠﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ‪.٣/٢٥١‬‬

‫)‪ (٤٣‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﲏ ‪ -٧/٣٤‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮاﺳﻲ ‪ -٥/٢٦٥‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي ‪ -٢/٤١٧‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج ‪ -٤/١٤٥‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ‬

‫)‪ (٣٦‬اﻟﻔﺮوع ﻻﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ‪ (٣٧) .٨/٣٨٩‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪ (٣٨) .١/٣٩١‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ‪.٢/٢٩‬‬ ‫)‪ (٣٩‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪ (٤٠) .١/٣٩١‬اﻟﻤﺒﺴﻮط ﻟﻠﺴﺮﺧﺴﻲ ‪.٢٤/٦٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪38‬‬

‫‪ -١٠/١٥٨‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ﻟﻠﻌﻈﻴﻢ آﺑﺎدي ‪.١٢/١٠٣‬‬ ‫)‪ (٤٤‬ﺗﺒﻴﻴﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﻠﺰﻳﻠﻌﻲ ‪ (٤٥) .٣/١٨١‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮاﺳﻲ ‪.٥/٣٧٦‬‬

‫‪ 39‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* اﻟﻤﺴــــــــــــﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﺟﻮاز ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ‬ ‫ﻋﺒﺪﻫﺎ‪.‬‬

‫وﻳﺠﺎب ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺪﻻﻟﻴﻦ اﻟﺴــﺎﺑﻘﻴﻦ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﺑﺄن إﺑﺎﺣﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺣﻞ‬ ‫اﻟﺨﻠﻮة واﻟﺴﻔﺮ؛ ﻷن اﻟﻨﻈﺮ أﺟﻴﺰ ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ ﻛﺎﻟﺸﺎﻫﺪ واﻟﺨﺎﻃﺐ وﻛﻐﻴﺮ‬

‫ﺗﺤﺮم ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺑﻴﺪ‪ ،‬وﻻ ّ‬ ‫ﻳﺤﻞ ﻟﻪ اﺳــــــﺘﻤﺘﺎﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺤﺮﻣ‬

‫أوﻟﻲ اﻹرﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻬﻢ اﻟﻨﻈﺮ وﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ اﻟﺴﻔﺮ و اﻟﻤﺤﺮﻣﻴﺔ ‪.‬‬

‫ﻛﺰوج أﺧﺘﻬﺎ؛ وﻷﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻣﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬إذ ﻟﻴﺴـــــــــــــــــﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻧﻔﺮة‬

‫)‪(٥٥‬‬

‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻴﻦ‪:‬‬ ‫اﻟﻘﻮل اﻷول‪ :‬وﻫﻮ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻻ ﻳﺼﺢ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺮﻣ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ‬ ‫ﺧﺼــﻴ ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ‬ ‫ﻳﺠﻮز أن ﺗﺴــﺎﻓﺮ ﻣﻌﻪ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﺤﻼً أو ﻣﺠﺒﻮﺑ أو‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪(٤٦‬‬ ‫ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ واﺑﻦ اﻟﻔـــــﺮات ﻣﻦ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ‪ ،‬ﺟﺎء ﰲ‬ ‫ﺧﺼــــﻴ ‪ ،‬وﻻ ﻣﻊ أﺑﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ‪) :‬وﻻ ﺗﺴـــﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﻋﺒﺪﻫﺎ وﻟﻮ‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪(٤٧‬‬ ‫اﻟﻤﺠﻮﺳﻲ وﻻ ﺑﺄﺧﻴﻬﺎ رﺿﺎﻋ ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ( ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﻮل اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬وﻫﻮ ﱠ‬ ‫ﻳﺼــــــﺢ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺮﻣ ﻟﻬﺎ‬ ‫أن ﻣﻤﻠﻮك اﻟﻤﺮأة‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻓﻠﻪ اﻟﺨﻠﻮة ﲠﺎ‪ ،‬واﻟﺴـــــﻔﺮ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬إن ﻛﺎن ً‬ ‫ﺛﻘﺔ وﻣﻤﺴـــــﻮﺣ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﺷﻬﻮة ﻟﻠﻨﺴـــــﺎء‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﺸــــــﺎﻓﻌﻴﺔ ﰲ أﺻﺢ اﻷﻗﻮال‬

‫)‪(٤٨‬‬

‫)‪(٤٩‬‬

‫رﺟﺤﻪ اﺑﻦ ﱠ‬ ‫اﻟﻘﻄﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ‪ ،‬واﺳﺘﺪل اﻟﺸــــــــﺎﻓﻌﻴﺔ ﺑﻤﺎ‬ ‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﱠ‬ ‫ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫)‪(٥٠‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ - ١‬ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــــــﻰ‪ِ َ :‬‬ ‫ﻟﺒﻌﻮﻟﺘﻬﻦ﴾ ﺛﻢ ﻗﺎل‬ ‫َﺘﻬﻦ ِ ﱠإﻻ ُ ُ َ ِ ﱠ‬ ‫ﻳﺒﺪﻳﻦ ِزﻳﻨ َ ُ ﱠ‬ ‫﴿وﻻ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫)‪(٥١‬‬ ‫أﻳﻤﺎﻧﻬﻦ﴾‪.‬‬ ‫﴿أو َﻣﺎ َ َ َ ْ‬ ‫ﻣﻠﻜﺖ َ ْ َ ُ ُ ﱠ‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ْ َ :‬‬

‫وﺟﻪ اﻻﺳـــﺘﺪﻻل ﺑﺎﻵﻳﺔ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﻟﻤﺎ ذﻛﺮ ﰲ ﻫﺬه‬ ‫إن اﷲ ﺳـــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﱠ‬ ‫اﻵﻳﺔ اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻣﻊ ذوي اﻷرﺣﺎم ﰲ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﻨﻈـــﺮ‪ ،‬ﱠ‬ ‫دل ذﻟﻚ ﻋﻠـــﻰ أﻧﻪ‬ ‫ﻳﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﰲ اﻟﺨﻠﻮة أﻳﻀ‬

‫‪ - ٣‬إن اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻳﺤﺮم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺰواج ﻣﻦ ﺳــــــــــﻴﺪﺗﻪ ﻓﻜﺎن ﻣﺤﺮﻣ‬ ‫)‪(٥٦‬‬

‫ﻛﺎﻷﻗﺎرب ‪.‬‬

‫ﻳﺆﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻳﺪل‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﺪﻟﻴﻞ اﻟﺴـــــــﻴﺪ ﻣﻊ أﻣﺘﻪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ُ ْ َ ُ‬ ‫)‪(٥٧‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺻﺤﺔ اﻟﻘﻴﺎس ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺎرب ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪ :‬وﻋﻠﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺛﻮب إذا ﻗﻨﱠﻌﺖ ﺑﻪ رأﺳــــــــﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ رﺟﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وإذا‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻏﻄﺖ ﺑﻪ رﺟﻠﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ رأﺳــــــﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأى اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻣﺎ ﺗﻠﻘﻰ ﻗﺎل‪:‬‬ ‫ِ )‪(٥٣‬‬ ‫ِ‬ ‫» ِ ﱠإﻧﻪ َﻟﻴﺲ َ ِ‬ ‫وﻏﻼﻣﻚ« ‪.‬‬ ‫إﻧﻤﺎ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻚ َ ْ ٌ‬ ‫ﻫﻮ َ ُأﺑﻮك َ ُ َ ُ‬ ‫ﺑﺄس‪ ِ ،‬ﱠ َ‬ ‫ُ ْ َ َ ْ‬

‫اﻟﻨﺴــــــﺎء‪ ،‬وﻫﺬا ﻓﻴﻪ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﻇﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﺪم ﻏﻴﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫‪ - ١‬ﺑﻤﺎ روي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﭬ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻـــﻠﻰ اﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳــــﻠﻢ‬ ‫)‪(٥٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺿﻴﻌﺔ« ‪.‬‬ ‫ﻋﺒﺪﻫﺎ َ ْ َ‬ ‫ﻣﻊ َ ْ َ‬ ‫ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪ُ َ َ » :‬‬

‫اﻷول‪ ،‬وﻟﻌﺪم ﻗﻮة اﺳﺘﺪﻻل اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ذﻫﺒﻮا إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻣﻴﻞ إﻟﻰ‬

‫ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ أن‬ ‫وﺟﻪ اﻻﺳـﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﱠ َ‬ ‫ﺳــﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ ﻋﺒﺪﻫﺎ ﺿــﻴﺎع ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺿــﻴﺎﻋﻬﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز‪،‬‬ ‫وﰲ ذﻟﻚ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺳﻔﺮ اﻟﻌﺒﺪ ﺑﺴﻴﺪﺗﻪ وﺧﻠﻮﺗﻪ ﲠﺎ‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻪ أن ﻳﺴــــﺘﻤﺘﻊ ﲠﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﺴــــﻴﺪ ﺑﺄﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺰوج‬ ‫ﻳﻌﺪ ﻣﺤﺮﻣ ‪ ،‬ﻓﻜﺬا اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻊ ﺳﻴﺪﺗﻪ‬ ‫اﻷﺧﺖ ﻻ ُ ﱡ‬

‫)‪(٥٩‬‬

‫)‪(٦٠‬‬

‫ﻳﺘﺰوج ﲠﺎ إذا ﻋﺘﻖ ‪.‬‬ ‫‪ - ٤‬أﻧﻪ ﻏﻴــــــﺮ ﻣﺄﻣﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮﻣﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ‬ ‫ﻧﻔﺮة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻒ ﻋﻦ‬ ‫ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌــــــﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠـــــــﻰ اﻟﻜ ﱢ‬ ‫ُّ‬

‫)‪(٥٤‬‬

‫إﺑﺎﺣﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﺒﺪ ﻟﺴﻴﺪﺗﻪ ﻣﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﻞ اﻟﺨﻠﻮة واﻟﻤﺴﺎﻓﺮة ﲠﺎ ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٤٦‬اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ‪ -١/٥٥٧‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪-٧/٤٥٧‬ﻛﱠﺸﺎف اﻟﻘﻨﺎع ‪ -٢/٣٩٥‬ﻣﻨﺢ اﻟﺠﻠﻴﻞ ‪ (٤٧) .٢/١٩٨‬اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ‪.١/٥٥٧‬‬ ‫)‪ (٤٨‬اﻟﻤﺠﻤﻮع ﺷﺮح اﻟﻤﻬﺬب ﻟﻠﻨﻮوي ‪ -١٦/١٣٤‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪ -٢٦٢‬ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﻟﺨﻄﻴﺐ ‪٤/١٠٦‬‬ ‫)‪ (٤٩‬ﻣﻨﺢ اﻟﺠﻠﻴﻞ ‪ (٥٠) .٢/١٩٨‬ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر‪ ،‬اﻵﻳﺔ }‪ (٥١) .{٣١‬ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر‪ ،‬اﻵﻳﺔ }‪ (٥٢) .{٣١‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺨﺎزن ‪ -٥/٧٠‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺴﺮاج اﻟﻤﻨﻴﺮ ‪.٢/٤٨٦‬‬ ‫)‪ (٥٣‬أﺧﺮﺟﻪ أﺑﻮ داود ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﺒﺎس‪ ،‬ﺑﺎب ﰲ اﻟﻌﺒﺪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺷﻌﺮ ﻣﻮﻻﺗﻪ‪ .‬رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪ -٤/١٠٧ (٤١٠٨‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻠﻘﻦ ﰲ اﻟﺒﺪر اﻟﻤﻨﻴﺮ ‪) :٧/٥١٠‬ﻫﺬا إﺳﻨﺎد ﺟﻴﺪ(‪.‬‬ ‫)‪ (٥٤‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ‪ -١١/١١١‬إﻋﺎﻧﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ ﻟﻠﺪﻣﻴﺎﻃﻲ ‪ (٥٥) .٣/٢٦١‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪.٧/٤٥٧‬‬ ‫)‪ (٥٦‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ (٥٧) .٧/٤٥٧‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪.٧/٤٥٧‬‬ ‫)‪ (٥٨‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺰار ﰲ ﻣﺴﻨﺪه ‪ ،٢/٢٥٥‬وأﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﱪاﲏ ﰲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻷوﺳﻂ ‪ ٦/٣٦٨‬ﺑﻠﻔﻆ‪) :‬ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ ﺧﺎدﻣﻬﺎ ﺿﻴﻌﺔ( ﻗﺎل اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﰲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ‪: ٤/٧٧‬‬ ‫)ﰲ إﺳﻨﺎده ﺿﻌﻒ(‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻬﻴﺜﻤﻲ ﰲ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ ‪) :٣/٤٨٩‬ﻓﻴﻪ ﺑﺰﻳﻊ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺿﻌﻔﻪ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ وﺑﻘﻴﺔ رﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥٩‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ -٧/٤٥٧‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي ‪ (٦٠) .١/٣٣٢٠‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ -٧/٤٥٧‬اﻟﻤﺒﺪع ﺷﺮح اﻟﻤﻘﻨﻊ ‪ -٧/٨‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي‬ ‫‪ -١/٣٣٢٠‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ‪.١٠/٣١٠‬‬ ‫)‪ (٦١‬اﻟﺸﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ -٣/١٩٣‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪.٧/٤٥٧‬‬

‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫‪ -٦‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ وازع ﻋﺎم ﻣﺴﺘﻘﺮ ﰲ ﱢ‬ ‫ﻧﻔﺲ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻗﻮﻳﻤﺔ‬ ‫ﻒ ﻋﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴـــــﺎن وﻳﻨﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻊ ﻻ‬ ‫ﻓﻬﻨﺎك أﻣﻮر وأﻓﻌﺎل ﻳﻜ ﱡ‬ ‫ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺸﺮع‪.‬‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫‪ -٧‬ﱡ‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ اﻹﻧﺴـﺎن ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌﻲ‪ ،‬ﻻ ﱠ‬ ‫ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻮاب‪ ،‬إذ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠَﻖ ﺑﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻻ ﻛﻠﻔﺔ وﻻ ﻣﺸــــﻘﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ّ‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺜﺎب ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬إذ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪.‬‬ ‫اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮازع دﻳﻨﻲ‪ ،‬ﱠ‬

‫ﻋﺪم ﺣﻞ ﺧﻠﻮة اﻟﻤﻤﻠﻮك ﺑﺴـــﻴﺪﺗﻪ وﻋﺪم ﺟﻮاز ﺳﻔﺮﻫﺎ ﻣﻌﻪ‪ ،‬وﻷﻫﻤﻴﺔ‬

‫‪ -٨‬ﻻ ﺗﺸـﱰط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴـﺎن ﻟﻤﺼـﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴـﻪ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ‬

‫اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﻋﻈﻴﻢ أﺛﺮه ﰲ اﻟﺘﺸــــــــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ وﺿﻊ‬

‫ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ ﻣﺼـﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴــﻪ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺨﻼف‬

‫اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻷﺻﻮﻟﻴﻮن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﱪز دوره واﻵﺛﺎر اﻟﻤﱰﺗﺒﺔ‬

‫ﻧﻈﺮه ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻏﻴﺮه‪.‬‬

‫وﻧﺺ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة‪" :‬داﻋﻴﺔ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻓﺮوﻋﻪ‪ ،‬ﱡ‬

‫‪-٩‬ﻻ ﺗﺸـــــــــــــــﱰط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻳﺤﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻄﺒﻊ ﺗﺠﺰئ ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻟﺸــﺮع وﺑﻌﻀـــﻬﻢ ﻳﻘﻮل‪" :‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬

‫ﺗﺤﺼـﻴﻞ ﻣﺼــﺎﻟﺢ اﻟﺤﻀــﺎﻧﺔ ودﻓﻊ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬وﻟﻮ‬

‫ﻣﻐﻦ ﻋﻦ اﻹﻳﺠﺎب اﻟﺸـﺮﻋﻲ"‪ ،‬وﺑﻌﻀـﻬﻢ ﻳﻘﻮل‪" :‬اﻹﻧﺴـﺎن ﻳﺤﺎل ﻋﻠﻰ‬

‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺷﺮﻃ ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ﻟﻀﺎع اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬

‫)‪(٦٤‬‬

‫ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻣﺎﻧﻊ" ‪ ،‬وﻫﻜﺬا ﻳﻈﻬﺮ وﺑﺸـــــــﻜﻞ واﺿﺢ أﺛﺮ اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ ﰲ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬وأﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أن ﻳــﺮاﻋــﻲ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴـــــــــــــﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺘﺒﻊ اﻟﻤﻨﻬﺞ‬ ‫أﺻﻞ اﻟﻔﻄﺮة‬ ‫واﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ُ َ‬ ‫اﻟﺸــــــﺮﻋﻲ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‪ ،‬ﻷﻧﻪ أﻗﻮى‬

‫‪ -١٠‬اﻟﺸـــــــــﺎرع ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮب اﻟﺒﻮل واﻟﺪم وأﻛﻞ اﻟﻌﺬرة‬ ‫واﻟﻘﻲء ﱠ ً‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻨﻔﺮة اﻟﻄﺒﺎع ﻋﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺣﺪا؛‬ ‫ً‬ ‫ﻷﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﻔﺮ‬ ‫ﻳﻌﺰر؛ ﱠ‬ ‫‪ -١١‬ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ واﻃﺊ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ وﻟﻜﻨﻪ ُ ﱠ‬ ‫ﻋﻨﻪ اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬واﻟﺤﺪود ﻻ ﺗﺜﺒﺖ إﻻ ﺑﻨﺺ‪.‬‬

‫وأرﺳﺦ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪.‬‬

‫)‪(٦١‬‬

‫اﻟﻤﺤﺎرم ‪.‬‬

‫وﺟﻪ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﱠ‬ ‫دل ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ دﻻﻟﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﻋﻠﻰ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪40‬‬

‫اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ‪ :‬ﻣﻤﺎ ﻣﻀـﻰ ﻳﺮى اﻟﺒﺎﺣﺚ ﱠ‬ ‫أن اﻟﺸــﺎﻓﻌﻴﺔ ﺣﺼــﺮوا اﻟﺴــﻔﺮ‬

‫ﺗﻘﺪم ﻣﻦ أدﻟﺔ ﻷﺻـﺤﺎب اﻟﻘﻮل‬ ‫ﺳـﻴﺪﺗﻪ‪ ،‬وﻣﻨﻊ اﻟﻐﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻬﺬا وﻟﻤﺎ ﱠ َ‬

‫ﻳﻌﺪ ﻣﺤــﺮﻣ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺤـــﺮم ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠـــﻰ اﻟﺘﺄﺑﻴﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻪ أن‬ ‫‪ - ٣‬أﻧﻪ ﻻ ُ ﱡ‬

‫‪ - ٢‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﭬ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻨﺒــــﻲ ﷺ أﺗــــﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻌﺒﺪ ﻗﺪ وﻫﺒﻪ ﻟﻬﺎ‪،‬‬

‫وﻧﺤﻮﻫﻤﺎ( ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻠﻮة ﰲ ﻛﻮن اﻟﻌﺒﺪ ﺛﻘﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻤﺴـــــــــﻮح اﻟﺬﻛﺮ وﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ رﻏﺒﺔ ﰲ‬

‫واﺳﺘﺪل اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺟﻮاز ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ ﻋﺒﺪﻫﺎ‬

‫‪ -٥‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ٍ‬ ‫ﻣﻐﻦ ﻋﻦ اﻹﻳﺠﺎب اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬

‫ﻣﺸـــﻮﻫﺔ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺸـــﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ‪،‬‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﺷﺎذة وﻻ‬ ‫ﱠ‬

‫)‪(٦٣‬‬

‫وﻳﺠﺎب ﻋﻦ ذﻟﻚ‪ :‬ﺑﺄن اﻟﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ ﻫﺬه ﻻ ﺗﻘﺘﻀــــــــــﻲ اﻟﻨﻔﺮة‬

‫‪ -٤‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺤﺮﻣﻴﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻠﻚ ﻻ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﻨﻔﺮة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺪﻟﻴﻞ اﻟﺴﻴﺪ ﻣﻊ أﻣﺘﻪ‪،‬‬ ‫وإﻧﻤﺎ ُأﺑﻴﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺸــــــــــﺎﻫﺪ واﻟﻤﺒﺘﺎع‬

‫)‪(٥٢‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪(٦٢‬‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳـــــــﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬ﻷﳖﺎ ﻻ‬ ‫ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪.‬‬

‫‪ -١٢‬ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻔﻄﺮة ﻟﺘﺸــــــــــﻮه ﻛﺒﻴﺮ ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ‬ ‫* اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬

‫ﻣﺮاﻋﺎة ﺿﻌﻒ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪ ...‬وﺑﻨﺎء‬

‫‪ -١‬اﻟﻮازع ﻧﻮﻋﺎن‪ ،‬وازع ﻣﺼﺪره اﻟﺸﺮع‪ ،‬ووازع ﻣﺼﺪره اﻟﻄﺒﻊ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ واﻟﻘﻀــــﺎة أن ﻳﺴـــــﻨﻮا ﻋﻘﻮﺑﺎت ﺗﻌﺰﻳﺮﻳﺔ‬

‫ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻓﻄﺮة اﻹﻧﺴــــــــــــﺎن وﻃﺒﻌﻪ‬ ‫‪ -٢‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ زاﺟﺮ ٌ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ ِ ﱢ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ َ ْ‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﻲ‪.‬‬

‫ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﺷﺎذ ﻋﻦ اﻟﻔﻄﺮة ﻟﻢ ﻳﺄت ﻋﻦ اﻟﺸﺮع ﻓﻴﻪ ﺣﺪ أو ﻋﻘﻮﺑﺔ‬

‫‪ -٣‬اﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ راﻋﺖ ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴـــﺎن واﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻴﻪ ﰲ‬

‫ﻣﻌﻴﻨﺔ‪.‬‬ ‫واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ أوﻻً وآﺧﺮ ًا‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٦٢‬اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ )‪ ٥٤١-٦٢٠‬ﻫـ=‪١٢٢٣-١١٤٦‬م( ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﻠﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﺛﻢ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬ﻓﻘﻴﻪ ﺣﻨﺒﻠﻲ‪ ،‬وﻟﺪ ﰲ ﺟﻤﺎﻋﻴﻞ)ﻣﻦ ﻗﺮى ﻧﺎﺑﻠﺲ‬ ‫ﺑﻔﻠﺴﻄﻴﻦ(وﺗﻌﻠﻢ ﰲ دﻣﺸﻖ‪ ،‬وﻓﻴﻬﺎ وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻪ‪ :‬اﻟﻤﻐﻨﻲ وروﺿﺔ اﻟﻨﺎﻇﺮ ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻤﻘﻨﻊواﻟﻜﺎﰲﰲ اﻟﻔﻘﻪ‪] .‬ﺳﻴﺮ أﻋﻼم اﻟﻨﺒﻼء ‪ -٢٢/١٦٥‬اﻷﻋﻼم ﻟﻠﺰرﻛﻠﻲ ‪.[٤/٦٧‬‬ ‫)‪ (٦٣‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ (٦٤) . ٧/٤٥٧‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪.١/٣٩١‬‬

‫‪ 41‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* اﻟﻤﺴــــــــــــﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﺟﻮاز ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ‬ ‫ﻋﺒﺪﻫﺎ‪.‬‬

‫وﻳﺠﺎب ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺪﻻﻟﻴﻦ اﻟﺴــﺎﺑﻘﻴﻦ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﺑﺄن إﺑﺎﺣﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺣﻞ‬ ‫اﻟﺨﻠﻮة واﻟﺴﻔﺮ؛ ﻷن اﻟﻨﻈﺮ أﺟﻴﺰ ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ ﻛﺎﻟﺸﺎﻫﺪ واﻟﺨﺎﻃﺐ وﻛﻐﻴﺮ‬

‫ﺗﺤﺮم ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺑﻴﺪ‪ ،‬وﻻ ّ‬ ‫ﻳﺤﻞ ﻟﻪ اﺳــــــﺘﻤﺘﺎﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺤﺮﻣ‬

‫أوﻟﻲ اﻹرﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻬﻢ اﻟﻨﻈﺮ وﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ اﻟﺴﻔﺮ و اﻟﻤﺤﺮﻣﻴﺔ ‪.‬‬

‫ﻛﺰوج أﺧﺘﻬﺎ؛ وﻷﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻣﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬إذ ﻟﻴﺴـــــــــــــــــﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻧﻔﺮة‬

‫)‪(٥٥‬‬

‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻴﻦ‪:‬‬ ‫اﻟﻘﻮل اﻷول‪ :‬وﻫﻮ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻻ ﻳﺼﺢ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺮﻣ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ‬ ‫ﺧﺼــﻴ ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ‬ ‫ﻳﺠﻮز أن ﺗﺴــﺎﻓﺮ ﻣﻌﻪ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﺤﻼً أو ﻣﺠﺒﻮﺑ أو‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪(٤٦‬‬ ‫ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ واﺑﻦ اﻟﻔـــــﺮات ﻣﻦ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ‪ ،‬ﺟﺎء ﰲ‬ ‫ﺧﺼــــﻴ ‪ ،‬وﻻ ﻣﻊ أﺑﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ‪) :‬وﻻ ﺗﺴـــﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﻋﺒﺪﻫﺎ وﻟﻮ‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪(٤٧‬‬ ‫اﻟﻤﺠﻮﺳﻲ وﻻ ﺑﺄﺧﻴﻬﺎ رﺿﺎﻋ ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ( ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﻮل اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬وﻫﻮ ﱠ‬ ‫ﻳﺼــــــﺢ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺮﻣ ﻟﻬﺎ‬ ‫أن ﻣﻤﻠﻮك اﻟﻤﺮأة‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻓﻠﻪ اﻟﺨﻠﻮة ﲠﺎ‪ ،‬واﻟﺴـــــﻔﺮ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬إن ﻛﺎن ً‬ ‫ﺛﻘﺔ وﻣﻤﺴـــــﻮﺣ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﺷﻬﻮة ﻟﻠﻨﺴـــــﺎء‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﺸــــــﺎﻓﻌﻴﺔ ﰲ أﺻﺢ اﻷﻗﻮال‬

‫)‪(٤٨‬‬

‫)‪(٤٩‬‬

‫رﺟﺤﻪ اﺑﻦ ﱠ‬ ‫اﻟﻘﻄﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ‪ ،‬واﺳﺘﺪل اﻟﺸــــــــﺎﻓﻌﻴﺔ ﺑﻤﺎ‬ ‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﱠ‬ ‫ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫)‪(٥٠‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ - ١‬ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــــــﻰ‪ِ َ :‬‬ ‫ﻟﺒﻌﻮﻟﺘﻬﻦ﴾ ﺛﻢ ﻗﺎل‬ ‫َﺘﻬﻦ ِ ﱠإﻻ ُ ُ َ ِ ﱠ‬ ‫ﻳﺒﺪﻳﻦ ِزﻳﻨ َ ُ ﱠ‬ ‫﴿وﻻ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫)‪(٥١‬‬ ‫أﻳﻤﺎﻧﻬﻦ﴾‪.‬‬ ‫﴿أو َﻣﺎ َ َ َ ْ‬ ‫ﻣﻠﻜﺖ َ ْ َ ُ ُ ﱠ‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ْ َ :‬‬

‫وﺟﻪ اﻻﺳـــﺘﺪﻻل ﺑﺎﻵﻳﺔ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﻟﻤﺎ ذﻛﺮ ﰲ ﻫﺬه‬ ‫إن اﷲ ﺳـــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﱠ‬ ‫اﻵﻳﺔ اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻣﻊ ذوي اﻷرﺣﺎم ﰲ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﻨﻈـــﺮ‪ ،‬ﱠ‬ ‫دل ذﻟﻚ ﻋﻠـــﻰ أﻧﻪ‬ ‫ﻳﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﰲ اﻟﺨﻠﻮة أﻳﻀ‬

‫‪ - ٣‬إن اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻳﺤﺮم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺰواج ﻣﻦ ﺳــــــــــﻴﺪﺗﻪ ﻓﻜﺎن ﻣﺤﺮﻣ‬ ‫)‪(٥٦‬‬

‫ﻛﺎﻷﻗﺎرب ‪.‬‬

‫ﻳﺆﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻳﺪل‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﺪﻟﻴﻞ اﻟﺴـــــــﻴﺪ ﻣﻊ أﻣﺘﻪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ُ ْ َ ُ‬ ‫)‪(٥٧‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺻﺤﺔ اﻟﻘﻴﺎس ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺎرب ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪ :‬وﻋﻠﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺛﻮب إذا ﻗﻨﱠﻌﺖ ﺑﻪ رأﺳــــــــﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ رﺟﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وإذا‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻏﻄﺖ ﺑﻪ رﺟﻠﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ رأﺳــــــﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأى اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻣﺎ ﺗﻠﻘﻰ ﻗﺎل‪:‬‬ ‫ِ )‪(٥٣‬‬ ‫ِ‬ ‫» ِ ﱠإﻧﻪ َﻟﻴﺲ َ ِ‬ ‫وﻏﻼﻣﻚ« ‪.‬‬ ‫إﻧﻤﺎ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻚ َ ْ ٌ‬ ‫ﻫﻮ َ ُأﺑﻮك َ ُ َ ُ‬ ‫ﺑﺄس‪ ِ ،‬ﱠ َ‬ ‫ُ ْ َ َ ْ‬

‫اﻟﻨﺴــــــﺎء‪ ،‬وﻫﺬا ﻓﻴﻪ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﻇﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﺪم ﻏﻴﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫‪ - ١‬ﺑﻤﺎ روي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﭬ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻـــﻠﻰ اﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳــــﻠﻢ‬ ‫)‪(٥٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺿﻴﻌﺔ« ‪.‬‬ ‫ﻋﺒﺪﻫﺎ َ ْ َ‬ ‫ﻣﻊ َ ْ َ‬ ‫ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪ُ َ َ » :‬‬

‫اﻷول‪ ،‬وﻟﻌﺪم ﻗﻮة اﺳﺘﺪﻻل اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ذﻫﺒﻮا إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻣﻴﻞ إﻟﻰ‬

‫ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ أن‬ ‫وﺟﻪ اﻻﺳـﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﱠ َ‬ ‫ﺳــﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ ﻋﺒﺪﻫﺎ ﺿــﻴﺎع ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺿــﻴﺎﻋﻬﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز‪،‬‬ ‫وﰲ ذﻟﻚ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺳﻔﺮ اﻟﻌﺒﺪ ﺑﺴﻴﺪﺗﻪ وﺧﻠﻮﺗﻪ ﲠﺎ‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻪ أن ﻳﺴــــﺘﻤﺘﻊ ﲠﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﺴــــﻴﺪ ﺑﺄﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺰوج‬ ‫ﻳﻌﺪ ﻣﺤﺮﻣ ‪ ،‬ﻓﻜﺬا اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻊ ﺳﻴﺪﺗﻪ‬ ‫اﻷﺧﺖ ﻻ ُ ﱡ‬

‫)‪(٥٩‬‬

‫)‪(٦٠‬‬

‫ﻳﺘﺰوج ﲠﺎ إذا ﻋﺘﻖ ‪.‬‬ ‫‪ - ٤‬أﻧﻪ ﻏﻴــــــﺮ ﻣﺄﻣﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮﻣﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ‬ ‫ﻧﻔﺮة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻒ ﻋﻦ‬ ‫ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌــــــﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠـــــــﻰ اﻟﻜ ﱢ‬ ‫ُّ‬

‫)‪(٥٤‬‬

‫إﺑﺎﺣﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﺒﺪ ﻟﺴﻴﺪﺗﻪ ﻣﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﻞ اﻟﺨﻠﻮة واﻟﻤﺴﺎﻓﺮة ﲠﺎ ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٤٦‬اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ‪ -١/٥٥٧‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪-٧/٤٥٧‬ﻛﱠﺸﺎف اﻟﻘﻨﺎع ‪ -٢/٣٩٥‬ﻣﻨﺢ اﻟﺠﻠﻴﻞ ‪ (٤٧) .٢/١٩٨‬اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ‪.١/٥٥٧‬‬ ‫)‪ (٤٨‬اﻟﻤﺠﻤﻮع ﺷﺮح اﻟﻤﻬﺬب ﻟﻠﻨﻮوي ‪ -١٦/١٣٤‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ص ‪ -٢٦٢‬ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﻟﺨﻄﻴﺐ ‪٤/١٠٦‬‬ ‫)‪ (٤٩‬ﻣﻨﺢ اﻟﺠﻠﻴﻞ ‪ (٥٠) .٢/١٩٨‬ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر‪ ،‬اﻵﻳﺔ }‪ (٥١) .{٣١‬ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر‪ ،‬اﻵﻳﺔ }‪ (٥٢) .{٣١‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺨﺎزن ‪ -٥/٧٠‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺴﺮاج اﻟﻤﻨﻴﺮ ‪.٢/٤٨٦‬‬ ‫)‪ (٥٣‬أﺧﺮﺟﻪ أﺑﻮ داود ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﺒﺎس‪ ،‬ﺑﺎب ﰲ اﻟﻌﺒﺪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺷﻌﺮ ﻣﻮﻻﺗﻪ‪ .‬رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪ -٤/١٠٧ (٤١٠٨‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻠﻘﻦ ﰲ اﻟﺒﺪر اﻟﻤﻨﻴﺮ ‪) :٧/٥١٠‬ﻫﺬا إﺳﻨﺎد ﺟﻴﺪ(‪.‬‬ ‫)‪ (٥٤‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ‪ -١١/١١١‬إﻋﺎﻧﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ ﻟﻠﺪﻣﻴﺎﻃﻲ ‪ (٥٥) .٣/٢٦١‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪.٧/٤٥٧‬‬ ‫)‪ (٥٦‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ (٥٧) .٧/٤٥٧‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪.٧/٤٥٧‬‬ ‫)‪ (٥٨‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺰار ﰲ ﻣﺴﻨﺪه ‪ ،٢/٢٥٥‬وأﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﱪاﲏ ﰲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻷوﺳﻂ ‪ ٦/٣٦٨‬ﺑﻠﻔﻆ‪) :‬ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ ﺧﺎدﻣﻬﺎ ﺿﻴﻌﺔ( ﻗﺎل اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﰲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ‪: ٤/٧٧‬‬ ‫)ﰲ إﺳﻨﺎده ﺿﻌﻒ(‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻬﻴﺜﻤﻲ ﰲ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ ‪) :٣/٤٨٩‬ﻓﻴﻪ ﺑﺰﻳﻊ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺿﻌﻔﻪ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ وﺑﻘﻴﺔ رﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥٩‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ -٧/٤٥٧‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي ‪ (٦٠) .١/٣٣٢٠‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ -٧/٤٥٧‬اﻟﻤﺒﺪع ﺷﺮح اﻟﻤﻘﻨﻊ ‪ -٧/٨‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي‬ ‫‪ -١/٣٣٢٠‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ‪.١٠/٣١٠‬‬ ‫)‪ (٦١‬اﻟﺸﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ -٣/١٩٣‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪.٧/٤٥٧‬‬

‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫‪ -٦‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ وازع ﻋﺎم ﻣﺴﺘﻘﺮ ﰲ ﱢ‬ ‫ﻧﻔﺲ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻗﻮﻳﻤﺔ‬ ‫ﻒ ﻋﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴـــــﺎن وﻳﻨﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻊ ﻻ‬ ‫ﻓﻬﻨﺎك أﻣﻮر وأﻓﻌﺎل ﻳﻜ ﱡ‬ ‫ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺸﺮع‪.‬‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫‪ -٧‬ﱡ‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ اﻹﻧﺴـﺎن ﺑﻮازع ﻃﺒﻴﻌﻲ‪ ،‬ﻻ ﱠ‬ ‫ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻮاب‪ ،‬إذ‬ ‫ﻛﻞ ٍ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠَﻖ ﺑﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﱡ‬ ‫ﻻ ﻛﻠﻔﺔ وﻻ ﻣﺸــــﻘﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ّ‬ ‫أﻣﺮ ﻳﱰﻛﻪ‬ ‫ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺜﺎب ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬إذ ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪.‬‬ ‫اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮازع دﻳﻨﻲ‪ ،‬ﱠ‬

‫ﻋﺪم ﺣﻞ ﺧﻠﻮة اﻟﻤﻤﻠﻮك ﺑﺴـــﻴﺪﺗﻪ وﻋﺪم ﺟﻮاز ﺳﻔﺮﻫﺎ ﻣﻌﻪ‪ ،‬وﻷﻫﻤﻴﺔ‬

‫‪ -٨‬ﻻ ﺗﺸـﱰط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴـﺎن ﻟﻤﺼـﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴـﻪ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻪ‬

‫اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﻋﻈﻴﻢ أﺛﺮه ﰲ اﻟﺘﺸــــــــــــﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ وﺿﻊ‬

‫ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ ﻣﺼـﺎﻟﺢ ﻧﻔﺴــﻪ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺨﻼف‬

‫اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻷﺻﻮﻟﻴﻮن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﱪز دوره واﻵﺛﺎر اﻟﻤﱰﺗﺒﺔ‬

‫ﻧﻈﺮه ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻏﻴﺮه‪.‬‬

‫وﻧﺺ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة‪" :‬داﻋﻴﺔ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻓﺮوﻋﻪ‪ ،‬ﱡ‬

‫‪-٩‬ﻻ ﺗﺸـــــــــــــــﱰط اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ؛ ﻷن ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻳﺤﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻄﺒﻊ ﺗﺠﺰئ ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻟﺸــﺮع وﺑﻌﻀـــﻬﻢ ﻳﻘﻮل‪" :‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬

‫ﺗﺤﺼـﻴﻞ ﻣﺼــﺎﻟﺢ اﻟﺤﻀــﺎﻧﺔ ودﻓﻊ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬وﻟﻮ‬

‫ﻣﻐﻦ ﻋﻦ اﻹﻳﺠﺎب اﻟﺸـﺮﻋﻲ"‪ ،‬وﺑﻌﻀـﻬﻢ ﻳﻘﻮل‪" :‬اﻹﻧﺴـﺎن ﻳﺤﺎل ﻋﻠﻰ‬

‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺷﺮﻃ ﰲ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ﻟﻀﺎع اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬

‫)‪(٦٤‬‬

‫ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻣﺎﻧﻊ" ‪ ،‬وﻫﻜﺬا ﻳﻈﻬﺮ وﺑﺸـــــــﻜﻞ واﺿﺢ أﺛﺮ اﻟﻮازع‬ ‫اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ ﰲ اﺧﺘﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬وأﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ أن ﻳــﺮاﻋــﻲ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴـــــــــــــﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺘﺒﻊ اﻟﻤﻨﻬﺞ‬ ‫أﺻﻞ اﻟﻔﻄﺮة‬ ‫واﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ ُ َ‬ ‫اﻟﺸــــــﺮﻋﻲ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‪ ،‬ﻷﻧﻪ أﻗﻮى‬

‫‪ -١٠‬اﻟﺸـــــــــﺎرع ﻟﻢ ﱢ‬ ‫ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮب اﻟﺒﻮل واﻟﺪم وأﻛﻞ اﻟﻌﺬرة‬ ‫واﻟﻘﻲء ﱠ ً‬ ‫اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻨﻔﺮة اﻟﻄﺒﺎع ﻋﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺣﺪا؛‬ ‫ً‬ ‫ﻷﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﻔﺮ‬ ‫ﻳﻌﺰر؛ ﱠ‬ ‫‪ -١١‬ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ واﻃﺊ اﻟﺒﻬﻴﻤﺔ وﻟﻜﻨﻪ ُ ﱠ‬ ‫ﻋﻨﻪ اﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬واﻟﺤﺪود ﻻ ﺗﺜﺒﺖ إﻻ ﺑﻨﺺ‪.‬‬

‫وأرﺳﺦ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪.‬‬

‫)‪(٦١‬‬

‫اﻟﻤﺤﺎرم ‪.‬‬

‫وﺟﻪ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﱠ‬ ‫دل ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ دﻻﻟﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﻋﻠﻰ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪40‬‬

‫اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ‪ :‬ﻣﻤﺎ ﻣﻀـﻰ ﻳﺮى اﻟﺒﺎﺣﺚ ﱠ‬ ‫أن اﻟﺸــﺎﻓﻌﻴﺔ ﺣﺼــﺮوا اﻟﺴــﻔﺮ‬

‫ﺗﻘﺪم ﻣﻦ أدﻟﺔ ﻷﺻـﺤﺎب اﻟﻘﻮل‬ ‫ﺳـﻴﺪﺗﻪ‪ ،‬وﻣﻨﻊ اﻟﻐﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻬﺬا وﻟﻤﺎ ﱠ َ‬

‫ﻳﻌﺪ ﻣﺤــﺮﻣ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺤـــﺮم ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠـــﻰ اﻟﺘﺄﺑﻴﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻪ أن‬ ‫‪ - ٣‬أﻧﻪ ﻻ ُ ﱡ‬

‫‪ - ٢‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﭬ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻨﺒــــﻲ ﷺ أﺗــــﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻌﺒﺪ ﻗﺪ وﻫﺒﻪ ﻟﻬﺎ‪،‬‬

‫وﻧﺤﻮﻫﻤﺎ( ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻠﻮة ﰲ ﻛﻮن اﻟﻌﺒﺪ ﺛﻘﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻤﺴـــــــــﻮح اﻟﺬﻛﺮ وﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ رﻏﺒﺔ ﰲ‬

‫واﺳﺘﺪل اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺟﻮاز ﺳﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻣﻊ ﻋﺒﺪﻫﺎ‬

‫‪ -٥‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ٍ‬ ‫ﻣﻐﻦ ﻋﻦ اﻹﻳﺠﺎب اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬

‫ﻣﺸـــﻮﻫﺔ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺸـــﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ‪،‬‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﺷﺎذة وﻻ‬ ‫ﱠ‬

‫)‪(٦٣‬‬

‫وﻳﺠﺎب ﻋﻦ ذﻟﻚ‪ :‬ﺑﺄن اﻟﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ ﻫﺬه ﻻ ﺗﻘﺘﻀــــــــــﻲ اﻟﻨﻔﺮة‬

‫‪ -٤‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺤﺮﻣﻴﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻠﻚ ﻻ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﻨﻔﺮة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺪﻟﻴﻞ اﻟﺴﻴﺪ ﻣﻊ أﻣﺘﻪ‪،‬‬ ‫وإﻧﻤﺎ ُأﺑﻴﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺸــــــــــﺎﻫﺪ واﻟﻤﺒﺘﺎع‬

‫)‪(٥٢‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪(٦٢‬‬

‫اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳـــــــﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬ﻷﳖﺎ ﻻ‬ ‫ﻗﺎل‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪.‬‬

‫‪ -١٢‬ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻔﻄﺮة ﻟﺘﺸــــــــــﻮه ﻛﺒﻴﺮ ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ‬ ‫* اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬

‫ﻣﺮاﻋﺎة ﺿﻌﻒ اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪ ...‬وﺑﻨﺎء‬

‫‪ -١‬اﻟﻮازع ﻧﻮﻋﺎن‪ ،‬وازع ﻣﺼﺪره اﻟﺸﺮع‪ ،‬ووازع ﻣﺼﺪره اﻟﻄﺒﻊ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ واﻟﻘﻀــــﺎة أن ﻳﺴـــــﻨﻮا ﻋﻘﻮﺑﺎت ﺗﻌﺰﻳﺮﻳﺔ‬

‫ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻓﻄﺮة اﻹﻧﺴــــــــــــﺎن وﻃﺒﻌﻪ‬ ‫‪ -٢‬اﻟﻮازع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ زاﺟﺮ ٌ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ ِ ﱢ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ َ ْ‬ ‫اﻟﺠﺒﻠﻲ‪.‬‬

‫ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﺷﺎذ ﻋﻦ اﻟﻔﻄﺮة ﻟﻢ ﻳﺄت ﻋﻦ اﻟﺸﺮع ﻓﻴﻪ ﺣﺪ أو ﻋﻘﻮﺑﺔ‬

‫‪ -٣‬اﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ راﻋﺖ ﻃﺒﻊ اﻹﻧﺴـــﺎن واﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻴﻪ ﰲ‬

‫ﻣﻌﻴﻨﺔ‪.‬‬ ‫واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ أوﻻً وآﺧﺮ ًا‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٦٢‬اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ )‪ ٥٤١-٦٢٠‬ﻫـ=‪١٢٢٣-١١٤٦‬م( ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﻠﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﺛﻢ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬ﻓﻘﻴﻪ ﺣﻨﺒﻠﻲ‪ ،‬وﻟﺪ ﰲ ﺟﻤﺎﻋﻴﻞ)ﻣﻦ ﻗﺮى ﻧﺎﺑﻠﺲ‬ ‫ﺑﻔﻠﺴﻄﻴﻦ(وﺗﻌﻠﻢ ﰲ دﻣﺸﻖ‪ ،‬وﻓﻴﻬﺎ وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻪ‪ :‬اﻟﻤﻐﻨﻲ وروﺿﺔ اﻟﻨﺎﻇﺮ ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻤﻘﻨﻊواﻟﻜﺎﰲﰲ اﻟﻔﻘﻪ‪] .‬ﺳﻴﺮ أﻋﻼم اﻟﻨﺒﻼء ‪ -٢٢/١٦٥‬اﻷﻋﻼم ﻟﻠﺰرﻛﻠﻲ ‪.[٤/٦٧‬‬ ‫)‪ (٦٣‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ‪ (٦٤) . ٧/٤٥٧‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ‪.١/٣٩١‬‬

‫‪ 41‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻓﻬﺮﺱ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ‬

‫‪-٢٥‬ﺳﻴﺮ أﻋﻼم اﻟﻨﺒﻼء ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺬﻫﺒﻲ‪-‬ت‪ :‬ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺆوط‪-‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤١٤ -١٠‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ‬

‫‪-٢٦‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻜﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﻬﻤﺎم‪ -‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫‪ -١‬إﺣﻴﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ﻟﺒﻨﺎن‪١٤١٥ -‬ﻫـ‪١٩٩٥ -‬م‪.‬‬

‫‪-٢٧‬ﺷﺮح اﻟﺰرﻛﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺨﺮﻗﻲ ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺰرﻛﺸﻲ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ‪-‬ت‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ ﺧﻠﻴﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪-‬‬

‫‪ -٢‬اﻷﻋﻼم ﻟﺨﻴﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺰرﻛﻠﻲ‪ -‬دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳﻴﻦ ﺑﻴﺮوت – ﻟﺒﻨﺎن‪ -‬ط‪٢٠٠٥ -١٦‬م‪.‬‬

‫دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٢٣‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٣‬إﺗﻤﺎم اﻟﺪراﻳﺔ ﻟﻘﺮاء اﻟﻨﻘﺎﻳﺔ ﻟﺠﻼل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪-‬ت‪ :‬اﻟﺸﻴﺦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻌﺠﻮز‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪١٤٠٥ -‬ﻫـ‬

‫‪-٢٨‬ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻟﺒﺨﺎري‪-‬ت‪ :‬د ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﻐﺎ‪-‬دار اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ -‬ط‪١٤٠٧ -٣‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٤‬أﺳﻨﻰ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﰲ ﺷﺮح روض اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﺰﻛﺮﻳﺎ اﻷﻧﺼﺎري‪-‬ت‪ :‬د ﻣﺤﻤﺪ ﺗﺎﻣﺮ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٢٢-١‬ﻫـ‬

‫‪-٢٩‬اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺬﻫﺐ اﻹﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻟﻨﻌﻤﺎن‪ -‬اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻈﺎم وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬دار‬

‫‪-٥‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺠﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪-‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺘﺼﻢ ﺑﺎﷲ اﻟﺒﻐﺪادي ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٢٢-٥‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺳﻨﺔ اﻟﻨﺸﺮ ‪١٤١١‬ﻫـ ‪١٩٩١ -‬م‪.‬‬

‫‪-٦‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺎﰲ اﻟﺴﺒﻜﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪ ١٤١١-١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٣٠‬ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﺷﺮح ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﲏ‪ -‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٣٧٩‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٧‬إﻋﺎﻧﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ وﻫﻮ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻞ أﻟﻔﺎظ ﻓﺘﺢ اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻟﺸﺮح ﻗﺮة اﻟﻌﻴﻦ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺪﻣﻴﺎﻃﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫‪-٨‬إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻠﻬﻔﺎن ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻻﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻔﻘﻲ‪-‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪ ١٣٩٥ -٢‬ﻫـ‬ ‫‪-٩‬اﻟﺒﺪر اﻟﻤﻨﻴﺮ ﰲ ﺗﺨﺮﻳﺞ اﻷﺣﺎدﻳﺚ واﻵﺛﺎر اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﰲ اﻟﺸﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻻﺑﻦ اﻟﻤﻠﻘﻦ ﺳﺮاج اﻟﺪﻳﻦ أﺑﻮ ﺣﻔﺺ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ‪-‬‬ ‫ت‪ :‬ﻣﺼﻄﻔﻰ أﺑﻮ اﻟﻐﻴﻂ‪-‬دار اﻟﻬﺠﺮة‪ -‬اﻟﺮﻳﺎض‪-‬ط‪١٤٢٥-١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -١٠‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺸﺮاﺋﻊ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻜﺎﺳﺎﲏ‪ -‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٩٨٢‬م‪.‬‬ ‫‪-١١‬ﺗﺎج اﻟﱰاﺟﻢ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻷﺑﻲ اﻟﻔﺪاء زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻗﻄﻠﻮﺑﻐﺎ‪ -‬دار اﻟﻘﻠﻢ‪ -‬دﻣﺸﻖ‪-‬ط‪١٤١٣-١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٣١‬اﻟﻔﺮوع ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ‪ -‬ت‪ :‬ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﱰﻛﻲ‪ -‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ -‬ط‪١٤٢٤-١‬ﻫــ‪.‬‬ ‫‪ -٣٢‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪-‬ت‪ :‬إﻳﺎد ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻄﺒﺎع‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪-‬دﻣﺸﻖ‪١٤١٦ -‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-٣٣‬اﻟﻔﺮوق أو أﻧﻮار اﻟﱪوق ﰲ أﻧﻮاء اﻟﻔﺮوق ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ إدرﻳﺲ اﻟﻘﺮاﰲ‪-‬ت‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻤﻨﺼﻮر‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪١٤١٨-‬ﻫـ‬ ‫‪-٣٤‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ اﻟﺘﻼﻣﻴﺪ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ‪ -‬دار اﻟﻤﻌﺎرف ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫‪ -٣٥‬ﱠ‬ ‫ﻛﺸﺎف اﻟﻘﻨﺎع ﻋﻦ ﻣﺘﻦ اﻹﻗﻨﺎع ﻟﻤﻨﺼﻮر ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺒﻬﻮﰐ‪-‬ت‪ :‬ﻫـﻼل ﻣﺼﻴﻠﺤﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٠٢‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -٣٦‬اﻟﻤﺒﺴﻮط ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻬﻞ اﻟﺴﺮﺧﺴﻲ‪-‬ت‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ ﻣﺤﻲ اﻟﺪﻳﻦ ‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤٢١-١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-٣٧‬اﻟﻤﺒﺪع ﺷﺮح اﻟﻤﻘﻨﻊ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ‪-‬دار ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ‪ -‬اﻟﺮﻳﺎض‪-‬ط‪١٤٢٣ -‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-١٢‬ﺗﺒﻴﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺷﺮح ﻛﻨﺰ اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻟﻔﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺰﻳﻠﻌﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪-‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪١٣١٣-‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-١٣‬ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻟﺴﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﺠﻴﺮﻣﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ – ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤١٧-١‬ﻫـ‬ ‫‪-١٤‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺷﻮر اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪-‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤٢٠ -١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-١٥‬ﺗﺬﻛﺮة اﻟﺤﻔﺎظ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺬﻫﺒﻲ‪-‬ت‪ :‬زﻛﺮﻳﺎ ﻋﻤﻴﺮات‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪-‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤١٩ -١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -١٦‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺴﺮاج اﻟﻤﻨﻴﺮ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ‪ ,‬ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ -‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫‪ -١٧‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺨﺎزن اﻟﻤﺴﻤﻰ )ﻟﺒﺎب اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﰲ ﻣﻌﺎﲏ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ( ﻟﻌﻼء اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺒﻐﺪادي اﻟﺸﻬﻴﺮ )ﺑﺎﻟﺨﺎزن(‬

‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻬﺬب ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ زﻛﺮﻳﺎ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺷﺮف اﻟﻨﻮوي‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪.‬‬ ‫‪ -٣٨‬اﻟﻤﺠﻤﻮع ﺷﺮح‬ ‫‪-٣٩‬ﻣﺠﻤﻊ اﻷﳖﺮ ﰲ ﺷﺮح ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻷﺑﺤﺮ ﻟﺸﻴﺨﻲ زاده‪-‬ت‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻤﻨﺼﻮر‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪-‬ﺑﻴﺮوت‪١٤١٩‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-٤٠‬ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ وﻣﻨﺒﻊ اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻧﻮر اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﻬﻴﺜﻤﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٤١٢ -‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -٤١‬اﻟﻤﺪوﻧﺔ اﻟﻜﱪى ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ اﻷﺻﺒﺤﻲ‪ -‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬زﻛﺮﻳﺎ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ـ‬ ‫‪-٤٢‬ﻣﺮﻗﺎة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ﺷﺮح ﻣﺸﻜﺎة اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﻟﻤﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ‪ -‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٩٩٠ -‬م‪.‬‬ ‫‪-٤٣‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻌﺎﲏ أﻟﻔﺎظ اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٣٩٩ -‬ﻫــ‪.‬‬

‫‪-٤٤‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ اﻟﺸﻴﺒﺎﲏ ﻟﻌﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٠٥-١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-١٨‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي ﻋﻠﻰ ﺷﺮح ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻌﻠﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪي اﻟﻌﺪوي‪-‬ت‪ :‬ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺸﻴﺦ دار اﻟﻔﻜﺮ‪-‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤١٢‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٤٥‬ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻐﻴﺐ ﻟﻔﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺮازي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤٢١ -١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -١٩‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻮﻓﺎء ‪ -‬ﻣﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺘﺐ ﺧﺎﻧﻪ‪ -‬ﻛﺮاﺗﺸﻲ‪.‬‬

‫‪-٤٦‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﻌﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪ -‬ت‪ :‬إﻳﺎد ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻄﺒﺎع‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬دﻣﺸﻖ‪١٤١٦ -‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢٠‬اﻟﺬﺧﻴﺮة ﻟﺸﻬﺎب اﻟﺪﻳﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إدرﻳﺲ اﻟﻘﺮاﰲ‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺠﻲ‪-‬دار اﻟﻐﺮب‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٩٩٤ -‬م‪.‬‬

‫‪-٤٧‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ -‬ت‪ :‬اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺒﻴﺐ اﺑﻦ اﻟﺨﻮﺟﺔ‪ -‬ط ‪١٤٢٥‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢١‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ﺷﺮح ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺷﻤﺲ اﻟﺤﻖ اﻟﻌﻈﻴﻢ آﺑﺎدي‪ -‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤١٥-٢‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٤٨‬ﻣﻨﺢ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﺷﺮح ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺳﻴﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﺶ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٠٩‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢٢‬اﻟﺴﺮاج اﻟﻮﻫﺎج ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﺰﻫﺮي اﻟﻐﻤﺮاوي‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٢٢ -‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٤٩‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻠﺨﻤﻲ اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪-‬ت‪ :‬ﻋﺒﺪ اﷲ دراز‪ -‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ – ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫‪-٢٣‬ﺳﺒﻞ اﻟﺴﻼم ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺼﻨﻌﺎﲏ ‪-‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﺎﺑﻲ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪-‬ط‪١٣٧٩ -٤‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٥٠‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺷﺮح اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺒﺎس اﺑﻦ ﺷﻬﺎب اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮﻣﻠﻲ‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪-‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٠٤‬ﻫـ‬

‫ﻋﻮاﻣﺔ‪-‬دار اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ )ﺟﺪة(‪ -‬ﻣﺆﺳﺴﺔ‬ ‫‪ -٢٤‬ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ اﻷﺷﻌﺚ اﻟﺴﺠﺴﺘﺎﲏ‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ّ‬

‫‪-٥١‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻷﺛﺮ ﻷﺑﻲ اﻟﺴﻌﺎدات ﺑﻦ اﻟﺠﺰري‪-‬ت‪ :‬ﻃﺎﻫﺮ اﻟﺰاوي‪ -‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٣٩٩‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﺮﻳﺎن )ﺑﻴﺮوت(‪ -‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻜﻴﺔ )ﻣﻜﺔ(‪ -‬ط‪١٤١٩ -١‬ﻫـ‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪42‬‬

‫‪ 43‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻓﻬﺮﺱ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ‬

‫‪-٢٥‬ﺳﻴﺮ أﻋﻼم اﻟﻨﺒﻼء ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺬﻫﺒﻲ‪-‬ت‪ :‬ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺆوط‪-‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤١٤ -١٠‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ‬

‫‪-٢٦‬ﺷﺮح ﻓﺘﺢ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﻜﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﻬﻤﺎم‪ -‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫‪ -١‬إﺣﻴﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ﻟﺒﻨﺎن‪١٤١٥ -‬ﻫـ‪١٩٩٥ -‬م‪.‬‬

‫‪-٢٧‬ﺷﺮح اﻟﺰرﻛﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺨﺮﻗﻲ ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺰرﻛﺸﻲ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ‪-‬ت‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ ﺧﻠﻴﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪-‬‬

‫‪ -٢‬اﻷﻋﻼم ﻟﺨﻴﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺰرﻛﻠﻲ‪ -‬دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳﻴﻦ ﺑﻴﺮوت – ﻟﺒﻨﺎن‪ -‬ط‪٢٠٠٥ -١٦‬م‪.‬‬

‫دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٢٣‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٣‬إﺗﻤﺎم اﻟﺪراﻳﺔ ﻟﻘﺮاء اﻟﻨﻘﺎﻳﺔ ﻟﺠﻼل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪-‬ت‪ :‬اﻟﺸﻴﺦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻌﺠﻮز‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪١٤٠٥ -‬ﻫـ‬

‫‪-٢٨‬ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻟﺒﺨﺎري‪-‬ت‪ :‬د ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﻐﺎ‪-‬دار اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ -‬ط‪١٤٠٧ -٣‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٤‬أﺳﻨﻰ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﰲ ﺷﺮح روض اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﺰﻛﺮﻳﺎ اﻷﻧﺼﺎري‪-‬ت‪ :‬د ﻣﺤﻤﺪ ﺗﺎﻣﺮ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٢٢-١‬ﻫـ‬

‫‪-٢٩‬اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺬﻫﺐ اﻹﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢ أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻟﻨﻌﻤﺎن‪ -‬اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻈﺎم وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬دار‬

‫‪-٥‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺠﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪-‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺘﺼﻢ ﺑﺎﷲ اﻟﺒﻐﺪادي ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٢٢-٥‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺳﻨﺔ اﻟﻨﺸﺮ ‪١٤١١‬ﻫـ ‪١٩٩١ -‬م‪.‬‬

‫‪-٦‬اﻷﺷﺒﺎه واﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻟﺘﺎج اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺎﰲ اﻟﺴﺒﻜﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪ ١٤١١-١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٣٠‬ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﺷﺮح ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﲏ‪ -‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٣٧٩‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٧‬إﻋﺎﻧﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ وﻫﻮ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻞ أﻟﻔﺎظ ﻓﺘﺢ اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻟﺸﺮح ﻗﺮة اﻟﻌﻴﻦ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺪﻣﻴﺎﻃﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫‪-٨‬إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻠﻬﻔﺎن ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻻﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻔﻘﻲ‪-‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪ ١٣٩٥ -٢‬ﻫـ‬ ‫‪-٩‬اﻟﺒﺪر اﻟﻤﻨﻴﺮ ﰲ ﺗﺨﺮﻳﺞ اﻷﺣﺎدﻳﺚ واﻵﺛﺎر اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﰲ اﻟﺸﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻻﺑﻦ اﻟﻤﻠﻘﻦ ﺳﺮاج اﻟﺪﻳﻦ أﺑﻮ ﺣﻔﺺ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ‪-‬‬ ‫ت‪ :‬ﻣﺼﻄﻔﻰ أﺑﻮ اﻟﻐﻴﻂ‪-‬دار اﻟﻬﺠﺮة‪ -‬اﻟﺮﻳﺎض‪-‬ط‪١٤٢٥-١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -١٠‬ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺸﺮاﺋﻊ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻜﺎﺳﺎﲏ‪ -‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٩٨٢‬م‪.‬‬ ‫‪-١١‬ﺗﺎج اﻟﱰاﺟﻢ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻷﺑﻲ اﻟﻔﺪاء زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻗﻄﻠﻮﺑﻐﺎ‪ -‬دار اﻟﻘﻠﻢ‪ -‬دﻣﺸﻖ‪-‬ط‪١٤١٣-١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٣١‬اﻟﻔﺮوع ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ‪ -‬ت‪ :‬ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﱰﻛﻲ‪ -‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ -‬ط‪١٤٢٤-١‬ﻫــ‪.‬‬ ‫‪ -٣٢‬اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪-‬ت‪ :‬إﻳﺎد ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻄﺒﺎع‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪-‬دﻣﺸﻖ‪١٤١٦ -‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-٣٣‬اﻟﻔﺮوق أو أﻧﻮار اﻟﱪوق ﰲ أﻧﻮاء اﻟﻔﺮوق ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ إدرﻳﺲ اﻟﻘﺮاﰲ‪-‬ت‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻤﻨﺼﻮر‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪١٤١٨-‬ﻫـ‬ ‫‪-٣٤‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم ﻟﻠﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ اﻟﺘﻼﻣﻴﺪ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ‪ -‬دار اﻟﻤﻌﺎرف ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫‪ -٣٥‬ﱠ‬ ‫ﻛﺸﺎف اﻟﻘﻨﺎع ﻋﻦ ﻣﺘﻦ اﻹﻗﻨﺎع ﻟﻤﻨﺼﻮر ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺒﻬﻮﰐ‪-‬ت‪ :‬ﻫـﻼل ﻣﺼﻴﻠﺤﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٠٢‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -٣٦‬اﻟﻤﺒﺴﻮط ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻬﻞ اﻟﺴﺮﺧﺴﻲ‪-‬ت‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ ﻣﺤﻲ اﻟﺪﻳﻦ ‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤٢١-١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-٣٧‬اﻟﻤﺒﺪع ﺷﺮح اﻟﻤﻘﻨﻊ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ‪-‬دار ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ‪ -‬اﻟﺮﻳﺎض‪-‬ط‪١٤٢٣ -‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-١٢‬ﺗﺒﻴﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺷﺮح ﻛﻨﺰ اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻟﻔﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺰﻳﻠﻌﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪-‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪١٣١٣-‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-١٣‬ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻟﺴﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﺠﻴﺮﻣﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ – ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤١٧-١‬ﻫـ‬ ‫‪-١٤‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺷﻮر اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪-‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤٢٠ -١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-١٥‬ﺗﺬﻛﺮة اﻟﺤﻔﺎظ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺬﻫﺒﻲ‪-‬ت‪ :‬زﻛﺮﻳﺎ ﻋﻤﻴﺮات‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪-‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤١٩ -١‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -١٦‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺴﺮاج اﻟﻤﻨﻴﺮ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ‪ ,‬ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ -‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫‪ -١٧‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺨﺎزن اﻟﻤﺴﻤﻰ )ﻟﺒﺎب اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﰲ ﻣﻌﺎﲏ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ( ﻟﻌﻼء اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺒﻐﺪادي اﻟﺸﻬﻴﺮ )ﺑﺎﻟﺨﺎزن(‬

‫ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻬﺬب ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ زﻛﺮﻳﺎ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺷﺮف اﻟﻨﻮوي‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪.‬‬ ‫‪ -٣٨‬اﻟﻤﺠﻤﻮع ﺷﺮح‬ ‫‪-٣٩‬ﻣﺠﻤﻊ اﻷﳖﺮ ﰲ ﺷﺮح ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻷﺑﺤﺮ ﻟﺸﻴﺨﻲ زاده‪-‬ت‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻤﻨﺼﻮر‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪-‬ﺑﻴﺮوت‪١٤١٩‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪-٤٠‬ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ وﻣﻨﺒﻊ اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻧﻮر اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﻬﻴﺜﻤﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٤١٢ -‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -٤١‬اﻟﻤﺪوﻧﺔ اﻟﻜﱪى ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ اﻷﺻﺒﺤﻲ‪ -‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬زﻛﺮﻳﺎ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ـ‬ ‫‪-٤٢‬ﻣﺮﻗﺎة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ﺷﺮح ﻣﺸﻜﺎة اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﻟﻤﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ‪ -‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٩٩٠ -‬م‪.‬‬ ‫‪-٤٣‬ﻣﻐﻨﻲ اﻟﻤﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻌﺎﲏ أﻟﻔﺎظ اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٣٩٩ -‬ﻫــ‪.‬‬

‫‪-٤٤‬اﻟﻤﻐﻨﻲ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ اﻟﺸﻴﺒﺎﲏ ﻟﻌﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٠٥-١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-١٨‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي ﻋﻠﻰ ﺷﺮح ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻌﻠﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪي اﻟﻌﺪوي‪-‬ت‪ :‬ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺸﻴﺦ دار اﻟﻔﻜﺮ‪-‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤١٢‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٤٥‬ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻐﻴﺐ ﻟﻔﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺮازي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪-‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ -‬ط‪١٤٢١ -١‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -١٩‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ اﻟﻤﻀﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻮﻓﺎء ‪ -‬ﻣﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺘﺐ ﺧﺎﻧﻪ‪ -‬ﻛﺮاﺗﺸﻲ‪.‬‬

‫‪-٤٦‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﻌﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم‪ -‬ت‪ :‬إﻳﺎد ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻄﺒﺎع‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬دﻣﺸﻖ‪١٤١٦ -‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢٠‬اﻟﺬﺧﻴﺮة ﻟﺸﻬﺎب اﻟﺪﻳﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إدرﻳﺲ اﻟﻘﺮاﰲ‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺠﻲ‪-‬دار اﻟﻐﺮب‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪١٩٩٤ -‬م‪.‬‬

‫‪-٤٧‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ -‬ت‪ :‬اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺒﻴﺐ اﺑﻦ اﻟﺨﻮﺟﺔ‪ -‬ط ‪١٤٢٥‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢١‬ﻋﻮن اﻟﻤﻌﺒﻮد ﺷﺮح ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺷﻤﺲ اﻟﺤﻖ اﻟﻌﻈﻴﻢ آﺑﺎدي‪ -‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤١٥-٢‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٤٨‬ﻣﻨﺢ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﺷﺮح ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺳﻴﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﺶ‪ -‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٠٩‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢٢‬اﻟﺴﺮاج اﻟﻮﻫﺎج ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﺰﻫﺮي اﻟﻐﻤﺮاوي‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪-‬ط‪١٤٢٢ -‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪-٤٩‬اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ﰲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻠﺨﻤﻲ اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪-‬ت‪ :‬ﻋﺒﺪ اﷲ دراز‪ -‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ – ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫‪-٢٣‬ﺳﺒﻞ اﻟﺴﻼم ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺼﻨﻌﺎﲏ ‪-‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﺎﺑﻲ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪-‬ط‪١٣٧٩ -٤‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٥٠‬ﳖﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺷﺮح اﻟﻤﻨﻬﺎج ﻟﺸﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺒﺎس اﺑﻦ ﺷﻬﺎب اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮﻣﻠﻲ‪-‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪-‬ﺑﻴﺮوت ‪١٤٠٤‬ﻫـ‬

‫ﻋﻮاﻣﺔ‪-‬دار اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ )ﺟﺪة(‪ -‬ﻣﺆﺳﺴﺔ‬ ‫‪ -٢٤‬ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ اﻷﺷﻌﺚ اﻟﺴﺠﺴﺘﺎﲏ‪ -‬ت‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ّ‬

‫‪-٥١‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻷﺛﺮ ﻷﺑﻲ اﻟﺴﻌﺎدات ﺑﻦ اﻟﺠﺰري‪-‬ت‪ :‬ﻃﺎﻫﺮ اﻟﺰاوي‪ -‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪١٣٩٩‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﺮﻳﺎن )ﺑﻴﺮوت(‪ -‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻜﻴﺔ )ﻣﻜﺔ(‪ -‬ط‪١٤١٩ -١‬ﻫـ‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪42‬‬

‫‪ 43‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫أ‪ -‬أدﻟﺔ اﻟﻤﺎﻧﻌﻴﻦ‪:‬‬ ‫اﺳﺘﺪل اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﻤﻨﻊ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﺼـــــﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬

‫اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺎس ﺷﺮﻳﻔﺔ "ﺑﺎﺣﺚ إﺳﻼﻣﻲ"‬

‫اﻷدﻟﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﻮاﻣﻮن َ َ‬ ‫﴿اﻟﺮﺟﺎل َ ﱠ ُ َ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﺑﻤﺎ َ ﱠ‬ ‫‪ .١‬ﻗﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ :‬ﱢ َ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ اﻟﻨ َﱢﺴﺎء ِ َ‬ ‫ﻓﻀﻞ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وﺑﻤﺎ َ ْ َ ُ ِ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ْ ٍ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ َ‬ ‫أﻣﻮاﻟﻬﻢ﴾ ] ﺳﻮرة اﻟﻨﺴــــــــــــــﺎء‬ ‫أﻧﻔﻘﻮا ْ‬ ‫َْ َ ُ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﺑﻌﺾ َ ِ َ‬

‫ﺷﺆوﻧﻪ‪ ،‬وﺣﻔﻆ اﻟﻨﺴـــــــــــــــــــﻞ‪ ،‬ﺑﺎﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﺎﻟﺤﻤﻞ واﻟﻮﻻدة وﺗﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﻗﻮاﻣ ﻋﻠﻰ اﻟﻤـﺮأة داﺧﻞ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إن ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺮﺟﻞ ّ‬

‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ وآﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ وﺑﻌﺪ‪.‬‬ ‫ﻳﺸـﺘﺪ اﻟﺠﺪل ﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﺣﻮل ﻣﺴـﺄﻟﺔ ﺣﺴــﺎﺳﺔ ً‬ ‫ﺟﺪا‪ - ،‬ﺧﺼــﻮﺻ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﻴﻦ اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ‬ ‫ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ اﻟﺘﺸـــــﺮﻳﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪول ‪ -‬وﻫﻲ ﻗﻀــــــﻴﺔ وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻫﻞ ﻳﺠﻮز ﻟﻠﻤﺮأة أن ﺗﺘﺒﻮأ وﺗﺘﻘﻠﺪ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ أو اﻟﻮزارﻳﺔ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؟ أو ﺣﺘﻰ أن ﺗﺘﻘﻠﺪ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟﻞ! وﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ؟‬ ‫ﺳﻨﺤﺎول ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ أﻫﻢ أﻗﻮال ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺴــــﻠﻒ واﻟﺨﻠﻒ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــﺄﻟﺔ‪ ،‬وﻧﺒﻴﻦ اﻟﺮاﺟﺢ و اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻌﺼــــﺮﻧﺎ‪ ،‬ﺑﻤﺎ ﻻ‬ ‫ﻳﺘﻊارض ﻣﻊ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع‪.‬‬

‫ﻗﻮاﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ أﻛﱪ‬ ‫اﻷﺳﺮة‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺼـــــﺢ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮأة ّ‬ ‫ﻣﻦ اﻷﺳﺮة ‪ -‬ﻣﻦ ﺑﺎب أوﻟﻰ ‪ -‬وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ رﺋﺎﺳـﺔ اﻟﺪوﻟﺔ أو‬ ‫اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ واﻟﻮزارات‪.‬‬ ‫‪ .٢‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻊ أﻳﻀــــ ﺑﻤﺎ ورد ﻣﻦ أﻧﻪ ﺣﻴﻦ ﺑﻠﻎ اﻟﻨﺒﻲ أن‬ ‫ﻣﻠﻜﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻨﺖ ﻛﺴــــــﺮى ﻗﺎل‪» :‬ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺢ ﻗﻮم ﱠ‬ ‫أﻫﻞ ﻓﺎرس ﻗﺪ ّ‬ ‫وﻟﻮا‬ ‫أﻣـــﺮﻫﻢ اﻣـــﺮأة « أي‪ :‬ﻟﻦ ﻳﻈﻔــــﺮوا ﺑﺎﻟﺨﻴــــﺮ‪ ،‬وﻟﻦ ﻳﺒﻠﻐﻮا ﻣﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻔﻊ‬

‫* ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮﻻﻳﺔ‪:‬‬

‫ﻷﻣﺘﻬﻢ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻻﻳﺔ َ َ َ ً‬ ‫اﻟﺸــــﻲء‪ ،‬وﻋﻠﻴﻪ ِ َ ً‬ ‫اﻟﻤﺼﺪر‪ ،‬وﺑﺎﻟﻜﺴـــــﺮ‬ ‫"ووﻟﻲ‬ ‫ووﻻﻳﺔ‪َ ،‬أو ﻫﻲ )أي َ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺔ( َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﻲ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻔﻴﺮوز)‪(١‬آﺑﺎدي‪َ َ :‬‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻐﺔ‪ :‬ﻫﻲ اﺳﻢ أو ﻣﺼــــﺪر ﻣﻦ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ﱠُ‬ ‫إﻳﺎه"‪.‬‬ ‫اﻷﻣﺮ‪ َ :‬ﱠ ْ ُ‬ ‫واﻟﺴﻠﻄﺎن‪ُ ْ َ ْ .‬‬ ‫اﻟﺨﻄﺔ‪ُ َ ِ ،‬‬ ‫وﻟﻴﺘﻪ ُ‬ ‫وأوﻟﻴﺘﻪ ْ َ‬ ‫واﻹﻣﺎرة‪ ،‬ﱡ‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ َأو َﺧﺎﺻﺔ ِ ُ ﱟ ِ‬ ‫أﺣﻜﺎم َ َ َ ﱠ‬ ‫أن َ ُ َ‬ ‫واﻟﻮﻻﻳﺔ ﻗﺴﻤﺎن‪ ِ :‬ﱠإﻣﺎ َ ْ‬ ‫ﺗﺘﻌﻠُﻖ ِ َﺑﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﺗﻜﻮن َ ﱠ ً ْ‬ ‫ْﻬﻤﺎ َ ْ َ ٌ‬ ‫وﻟﻜﻞ ﻣﻨ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺘﺼﺮف َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻐﻴﺮ ِ ْ َ ِ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ِ ُ ِ‬ ‫ﱠﻔﺲ َ ْ ِ‬ ‫ﺗﺘﻌﻠُﻖ ِ ُ ُ ِ‬ ‫ﺑﺄﻣﻮر ﱢ ِ‬ ‫ﺑﺪون َ ْ ِ ٍ‬ ‫ﺳﻠﻄﺔ َ َ‬ ‫ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻣِﻨ ُْﻪ‪ َ َ َ ،‬ﱠ‬ ‫وﺗﻬﻴﻤﻦ َ َ‬ ‫ﻋﻠــﻰ ِ ْ َ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﻫـﻲ ُ ْ َ ٌ‬ ‫واﻟﻮﻻﻳﺔ ْ َ ﱠ ُ‬ ‫ْ ِ َ​َ ُ‬ ‫ﻋﻠــﻰ‬ ‫واﻟﻤﺎل‪ُ ْ َ ُ َ ،‬‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ َ ﱡ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫إﻟﺰام ْ َ ْ ِ َ‬ ‫واﻟﺪﻧﻴﺎ َواﻟﻨ ْ ِ َ‬ ‫وإﻧﻔﺎذ ﱠ َ ﱡ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ودرء ْ َ ِ ِ‬ ‫ﺟﻠﺐ ْاﻟﻤﺼﺎﻟ ِ​ِﺢ ِ ْ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ُ ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺮاﻓﻖ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ َﻋﻨ َْﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻦ َ ْ‬ ‫أﺟﻞ َ ْ ِ َ َ‬ ‫وﺷﺆوﻧﻬﺎ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة ْ َ ﱠ َ‬ ‫َ​َ ِ َ​َ‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ َ َ ْ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫* رأي اﻟﺠﻤﻬﻮر‪:‬‬

‫ﻛﻤﺎ أن ﻟﻤﻦ ﻳﻤﻨﻊ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ ﺣﺠﺞ أﺧﺮى‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫‪ .٣‬أن ﺗﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﺼـﺐ ﺳﻴﻀـﻄﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺴـﻔﺮ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﻨﺰل؛ واﻟﻤﺮأة ﻣﺄﻣﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺮار ﰲ ﺑﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﳖﺎ ﺳﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴـــــــــــﻬﺎ‬ ‫ﻣﻀـــﻄﺮة إﻟﻰ ﻣﺨﺎﻟﻄﺔ اﻟﺮﺟﺎل وﻣﺠﺎﻟﺴــــﺘﻬﻢ وﻣﻔﺎوﺿﺘﻬﻢ ﻣﻔﺎوﺿﺔ‬ ‫اﻟﻨﻈﻴﺮ ﻟﻠﻨﻈﻴﺮ‪ ،‬وﻫﺬا ﺑﺎب ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺴــــــــــــﺎد واﻟﻮﻗﻮع ﰲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮع‪.‬‬

‫إذا اﺳﺘﻘﺮأﻧﺎ آراء اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻘﺪﻣﺎء ﰲ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﺼـﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ" أو ﻣﺎ ﻳﺴـﻤﻮﻧﻪ أﺣﻴﺎﻧ اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ" ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪﻫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ وﻳﺸــﱰﻃﻮن‬ ‫وذﻟﻚ ِ َ ِ ِ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺎت ْ ِ ِ‬ ‫ﺗﻮﻟــﻲ ْ ِ َ ِ‬ ‫اﻟﺬﻛﻮرة ِ ِ ِ‬ ‫اﺷﺘﺮاط ﱡ ُ ِ‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ ِ َإﻟــﻰ ْ ِ ِ‬ ‫أﻫﻞ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﻗﻮاﻣﻮن َ َ‬ ‫ﻟﻘﻮﻟﻪ َ َ َ‬ ‫ﻟﺼﺤﺔ َ َ ﱢ‬ ‫﴿اﻟﺮﺟﺎل َ ﱠ ُ َ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ‬ ‫ﺟﻤﻬﻮر َ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ :‬ﱢ َ‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺬﻛﻮرة‪ ،‬ﻓﻘﺪ َ َ َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ْ َ َ َ ،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذﻫﺐ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ْ ٍ‬ ‫اﻟﻘﺎﺋﻢ َ َ‬ ‫ﺣﻴﺚ َدل َ َ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ﱠ‬ ‫أﻣﻮاﻟﻬﻢ﴾ ]ﺳﻮرة اﻟﻨﺴـﺎء ‪ُ ْ َ [ .٣٤‬‬ ‫وﺑﻤﺎ َ ْ َ ُ‬ ‫ﺗﻘﻮم‬ ‫ﻓﻜﻴ َ‬ ‫ﺑﻤﺎ َ ﱠ‬ ‫أن ﱠ ُ‬ ‫أﻧﻔﻘﻮا ْ‬ ‫اﻟﻤﺮأة‪ْ َ َ ،‬‬ ‫اﻟﺮﺟﻞ ُ َ‬ ‫ﻒَُ ُ‬ ‫ﻫﻮ ْ َ ُ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﺑﻌﺾ َ ِ َ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫اﻟﻨ َﱢﺴﺎء ِ َ‬ ‫ﻓﻀﻞ ُ‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫ﻗﺮن اﻟﺮﺳﻮل َ َ ِ‬ ‫ﺷﺆون ِ ِ‬ ‫ﻋﻠــــــﻰ ُ ُ ِ‬ ‫وﻟﻤﺎ َ َ َ ِ ِ‬ ‫ِﻫﻲ َ َ‬ ‫ﻋﺪم ْ َ‬ ‫اﻟﻔﻼَِح‬ ‫اﻣﺮأة« ‪ْ َ َ .‬‬ ‫أﻣﺮﻫﻢ ْ َ َ ً‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﱠ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻗﻮم َ ﱠ ْ‬ ‫»ﻟﻦ ُ ْ ِ َ‬ ‫أﻧﻪ َﻗﺎل‪ْ َ :‬‬ ‫ﱠﺒﻲ ﷺ َ ﱠ ُ‬ ‫اﻷﻣﺔ؟ َ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺴﻼم َ َ َ‬ ‫اﻟﺼﻼة َ ﱠ َ ُ‬ ‫ﻓﻘﺪ َ َ َ ﱠ ُ‬ ‫وﻟﻮا َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ﻳﻔﻠﺢ َ ْ ٌ‬ ‫ورد َﻋﻦ اﻟﻨ ﱢ‬ ‫َ‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫ﺑﺘﻮﻟﻲ ْ َ ِ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫ﺷﺆوﻧﻬﺎ[ ‪.‬‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﺮأة ُ ُ َ​َ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫َْ‬

‫‪ .٤‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا أﻳﻀــــ ‪ :‬إن اﻧﻌﻘﺎد إﺟﻤﺎع اﻟﺴــــﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ‬

‫)‪(٧‬‬

‫اﻷوﻻد ‪.‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺼـــﻄﻔﻰ اﻟﺴــــﺒﺎﻋﻲ ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫ﻟﻠﻤﺮأة‪ ،‬ﻣﻊ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﻤﺎﻧﻊ اﻟﺸـﺮﻋﻲ ﰲ ﻣﺸــﺎرﻛﺘﻬﺎ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت‬ ‫وﺗﺮﺷـــﺤﻬﺎ ﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻣﻊ ﺗﺤﻔﻈﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﺳــــﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻨﻒ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻄﻮﻻ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ‬ ‫ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺮأة ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﺷﺮح ذﻟﻚ‬ ‫)‪(٨‬‬

‫اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧﻮن ‪.‬‬ ‫واﺳــــــــﺘﺪل اﻟﻤﺎﻧﻌﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﻓﻌﻞ أﺻــــــــﺤﺎﺑﻪ‬ ‫واﻟﺨﻠﻔﺎء ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﺣﻴﺚ إﳖﻢ ﻟﻢ ﻳﻮﻟﻮا اﻟﻤﺮأة أي َﻣﻨﺼﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ‬ ‫دون اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬أﻗﻮال اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ‪:‬‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ أﻗﻮال اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ أن اﻟﺬي ﻳﺸﺪ‬ ‫اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ ﻟﻴﺲ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ﻟﻤﻨﺼــــــﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻓﺎﻷﻣﺔ ﰲ ﻇﺮوﻓﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ‬ ‫ﺗﻌﻴﺶ ﰲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴــــــــــﻴﻦ دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺟﺰء ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ﻣﻨﻬﺎ‬ ‫ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول ﺑﻮﺻـــﻔﻬﻢ أﻗﻠﻴﺎت أو ﺟﺎﻟﻴﺎت‪ ،‬واﻷﻣﻞ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﺈن ﺑﻠﻮﻏﻪ‬ ‫ﰲ ﺗﻮﺣـﻴﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ﻟـﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺧﻠـﻴﻔﺔ وإن ﻛﺎن‬ ‫ﻗﺪ ﻳﺴـــــﺘﻐﺮق ﻗﺮﻧ أو ﻗﺮوﻧ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻫﺬا إذا ﻛﺎن ﰲ ﺣﻴﺰ اﻟﻤﻤﻜﻦ‬ ‫ْﺼﺐ‬ ‫ً‬ ‫أﺻــﻼ‪ ،‬وﻣﻦ َﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺨﻼف ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻــﺮﻳﻦ اﻟﻴﻮم ُﻣﻨ َ ﱞ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪...‬‬

‫اﻟﺨﻼﻓﺔ دﻟﻴﻞ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم أﻫﻠﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﺬﻟﻚ؛ ﺑﺴــــــــﺒﺐ ﻧﻘﺺ‬ ‫ﻋﻘﻠﻬﺎ وﺧﱪﲥﺎ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﺑﺴــﺒﺐ ﻣﺎ ُﺟﺒﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻀــﻌﻒ‬ ‫وﻏﻠﺒﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ وﻧﻘﺺ اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ‪.‬‬

‫وﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻔﺮﻗﻮن ﺑﻴﻦ ﺗﺒﻮء اﻟﻤﺮأة ﻟﻤﻨﺼﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ وﺑﻴﻦ‬ ‫ﺗﺒﻮﺋﻬﺎ ﻟﻤﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺷﺪة اﻟﻔﺮق واﻻﺧﺘﻼف‬

‫)‪(٥‬‬

‫وﻗﺪ ﺣﻜﻰ اﻹﺟﻤﺎع ﰲ ذﻟﻚ اﺑﻦ ﺣﺰم ﺣﻴﻦ ﻗﺎل‪ :‬وﺟﻤﻴﻊ ﻓﺮق أﻫﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﻢ أﺣﺪ ﻳﺠﻴﺰ إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻤـﺮأة ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻘـﺮﻃﺒـﻲ‪ :‬وأﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠـﻰ أن‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫اﻟﻤﺮأة ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﺗﻜﻮن إﻣﺎﻣ ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺟﻮزوا وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺠﻮز ﺷﻬﺎدﲥﺎ ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫وﰲ اﺷــﺘﻐﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ إﺧﻼل ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻻ ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺳــــــﻮاﻫﺎ وﻫﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬وﺗﺪﺑﻴﺮ‬

‫اﻵﻳﺔ ‪.[٣٤‬‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬

‫واﻟﺮأﻓﺔ ﻣﺎ أﺿﻌﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺰم واﻟﺼﺮاﻣﺔ اﻟﻼزﻣﻴﻦ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻋﻠﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ ﻋﺪم ﺻـــــــــــﻼح اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ‬

‫ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺧﻠﻘﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﺴـــــــﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﻋﻄﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺔ واﻟﻌﻄﻒ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١‬اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﻴﻂ ‪٤٨٦ /٣‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ج ‪ ٤٥‬ص ‪[١٣٩‬‬

‫)‪ (٣‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎري )اﻟﻔﺘﺢ ‪ ٥٣ ١٣‬ـ ط اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ( ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ أﺑﻲ ﺑﻜﺮة‬

‫)‪] (٤‬اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ج‪ ٤٥‬اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪[١٤٢‬‬

‫)‪] (٥‬ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻣﺮاﺗﺐ اﻹﺟﻤﺎع ص ‪ (٦) [ ١٢٦‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ‪١‬ص‪ /‬ج ‪٢٧٠‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪44‬‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎدﻳﺲ ج‪ ٢‬ص ‪ [٤٤‬ﻃﺒﻌﺔ دار وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬ ‫اﺑﻦ َ َ‬ ‫]آﺛﺎر ْ ُ‬ ‫)‪ُ َ (٧‬‬ ‫)‪] (٨‬اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪ [ ١٢٨ -١٢٣‬ﻃﺒﻌﺔ دار اﻟﻮراق‪.‬‬

‫‪ 45‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫أ‪ -‬أدﻟﺔ اﻟﻤﺎﻧﻌﻴﻦ‪:‬‬ ‫اﺳﺘﺪل اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﻤﻨﻊ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﺼـــــﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬

‫اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺎس ﺷﺮﻳﻔﺔ "ﺑﺎﺣﺚ إﺳﻼﻣﻲ"‬

‫اﻷدﻟﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﻮاﻣﻮن َ َ‬ ‫﴿اﻟﺮﺟﺎل َ ﱠ ُ َ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﺑﻤﺎ َ ﱠ‬ ‫‪ .١‬ﻗﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ :‬ﱢ َ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ اﻟﻨ َﱢﺴﺎء ِ َ‬ ‫ﻓﻀﻞ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وﺑﻤﺎ َ ْ َ ُ ِ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ْ ٍ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ َ‬ ‫أﻣﻮاﻟﻬﻢ﴾ ] ﺳﻮرة اﻟﻨﺴــــــــــــــﺎء‬ ‫أﻧﻔﻘﻮا ْ‬ ‫َْ َ ُ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﺑﻌﺾ َ ِ َ‬

‫ﺷﺆوﻧﻪ‪ ،‬وﺣﻔﻆ اﻟﻨﺴـــــــــــــــــــﻞ‪ ،‬ﺑﺎﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﺎﻟﺤﻤﻞ واﻟﻮﻻدة وﺗﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﻗﻮاﻣ ﻋﻠﻰ اﻟﻤـﺮأة داﺧﻞ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إن ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺮﺟﻞ ّ‬

‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ وآﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ وﺑﻌﺪ‪.‬‬ ‫ﻳﺸـﺘﺪ اﻟﺠﺪل ﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﺣﻮل ﻣﺴـﺄﻟﺔ ﺣﺴــﺎﺳﺔ ً‬ ‫ﺟﺪا‪ - ،‬ﺧﺼــﻮﺻ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﻴﻦ اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ‬ ‫ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ اﻟﺘﺸـــــﺮﻳﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪول ‪ -‬وﻫﻲ ﻗﻀــــــﻴﺔ وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻫﻞ ﻳﺠﻮز ﻟﻠﻤﺮأة أن ﺗﺘﺒﻮأ وﺗﺘﻘﻠﺪ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ أو اﻟﻮزارﻳﺔ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؟ أو ﺣﺘﻰ أن ﺗﺘﻘﻠﺪ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟﻞ! وﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ؟‬ ‫ﺳﻨﺤﺎول ﰲ ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ أﻫﻢ أﻗﻮال ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺴــــﻠﻒ واﻟﺨﻠﻒ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــﺄﻟﺔ‪ ،‬وﻧﺒﻴﻦ اﻟﺮاﺟﺢ و اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻌﺼــــﺮﻧﺎ‪ ،‬ﺑﻤﺎ ﻻ‬ ‫ﻳﺘﻊارض ﻣﻊ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع‪.‬‬

‫ﻗﻮاﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ أﻛﱪ‬ ‫اﻷﺳﺮة‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺼـــــﺢ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮأة ّ‬ ‫ﻣﻦ اﻷﺳﺮة ‪ -‬ﻣﻦ ﺑﺎب أوﻟﻰ ‪ -‬وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ رﺋﺎﺳـﺔ اﻟﺪوﻟﺔ أو‬ ‫اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ واﻟﻮزارات‪.‬‬ ‫‪ .٢‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻊ أﻳﻀــــ ﺑﻤﺎ ورد ﻣﻦ أﻧﻪ ﺣﻴﻦ ﺑﻠﻎ اﻟﻨﺒﻲ أن‬ ‫ﻣﻠﻜﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻨﺖ ﻛﺴــــــﺮى ﻗﺎل‪» :‬ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺢ ﻗﻮم ﱠ‬ ‫أﻫﻞ ﻓﺎرس ﻗﺪ ّ‬ ‫وﻟﻮا‬ ‫أﻣـــﺮﻫﻢ اﻣـــﺮأة « أي‪ :‬ﻟﻦ ﻳﻈﻔــــﺮوا ﺑﺎﻟﺨﻴــــﺮ‪ ،‬وﻟﻦ ﻳﺒﻠﻐﻮا ﻣﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻔﻊ‬

‫* ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻮﻻﻳﺔ‪:‬‬

‫ﻷﻣﺘﻬﻢ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻻﻳﺔ َ َ َ ً‬ ‫اﻟﺸــــﻲء‪ ،‬وﻋﻠﻴﻪ ِ َ ً‬ ‫اﻟﻤﺼﺪر‪ ،‬وﺑﺎﻟﻜﺴـــــﺮ‬ ‫"ووﻟﻲ‬ ‫ووﻻﻳﺔ‪َ ،‬أو ﻫﻲ )أي َ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺔ( َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﻲ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻔﻴﺮوز)‪(١‬آﺑﺎدي‪َ َ :‬‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻐﺔ‪ :‬ﻫﻲ اﺳﻢ أو ﻣﺼــــﺪر ﻣﻦ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ﱠُ‬ ‫إﻳﺎه"‪.‬‬ ‫اﻷﻣﺮ‪ َ :‬ﱠ ْ ُ‬ ‫واﻟﺴﻠﻄﺎن‪ُ ْ َ ْ .‬‬ ‫اﻟﺨﻄﺔ‪ُ َ ِ ،‬‬ ‫وﻟﻴﺘﻪ ُ‬ ‫وأوﻟﻴﺘﻪ ْ َ‬ ‫واﻹﻣﺎرة‪ ،‬ﱡ‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ َأو َﺧﺎﺻﺔ ِ ُ ﱟ ِ‬ ‫أﺣﻜﺎم َ َ َ ﱠ‬ ‫أن َ ُ َ‬ ‫واﻟﻮﻻﻳﺔ ﻗﺴﻤﺎن‪ ِ :‬ﱠإﻣﺎ َ ْ‬ ‫ﺗﺘﻌﻠُﻖ ِ َﺑﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﺗﻜﻮن َ ﱠ ً ْ‬ ‫ْﻬﻤﺎ َ ْ َ ٌ‬ ‫وﻟﻜﻞ ﻣﻨ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺘﺼﺮف َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻐﻴﺮ ِ ْ َ ِ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ِ ُ ِ‬ ‫ﱠﻔﺲ َ ْ ِ‬ ‫ﺗﺘﻌﻠُﻖ ِ ُ ُ ِ‬ ‫ﺑﺄﻣﻮر ﱢ ِ‬ ‫ﺑﺪون َ ْ ِ ٍ‬ ‫ﺳﻠﻄﺔ َ َ‬ ‫ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻣِﻨ ُْﻪ‪ َ َ َ ،‬ﱠ‬ ‫وﺗﻬﻴﻤﻦ َ َ‬ ‫ﻋﻠــﻰ ِ ْ َ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﻫـﻲ ُ ْ َ ٌ‬ ‫واﻟﻮﻻﻳﺔ ْ َ ﱠ ُ‬ ‫ْ ِ َ​َ ُ‬ ‫ﻋﻠــﻰ‬ ‫واﻟﻤﺎل‪ُ ْ َ ُ َ ،‬‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ َ ﱡ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫إﻟﺰام ْ َ ْ ِ َ‬ ‫واﻟﺪﻧﻴﺎ َواﻟﻨ ْ ِ َ‬ ‫وإﻧﻔﺎذ ﱠ َ ﱡ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ودرء ْ َ ِ ِ‬ ‫ﺟﻠﺐ ْاﻟﻤﺼﺎﻟ ِ​ِﺢ ِ ْ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ُ ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺮاﻓﻖ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ َﻋﻨ َْﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻦ َ ْ‬ ‫أﺟﻞ َ ْ ِ َ َ‬ ‫وﺷﺆوﻧﻬﺎ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة ْ َ ﱠ َ‬ ‫َ​َ ِ َ​َ‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ َ َ ْ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫* رأي اﻟﺠﻤﻬﻮر‪:‬‬

‫ﻛﻤﺎ أن ﻟﻤﻦ ﻳﻤﻨﻊ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ ﺣﺠﺞ أﺧﺮى‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫‪ .٣‬أن ﺗﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﺼـﺐ ﺳﻴﻀـﻄﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺴـﻔﺮ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﻨﺰل؛ واﻟﻤﺮأة ﻣﺄﻣﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺮار ﰲ ﺑﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﳖﺎ ﺳﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴـــــــــــﻬﺎ‬ ‫ﻣﻀـــﻄﺮة إﻟﻰ ﻣﺨﺎﻟﻄﺔ اﻟﺮﺟﺎل وﻣﺠﺎﻟﺴــــﺘﻬﻢ وﻣﻔﺎوﺿﺘﻬﻢ ﻣﻔﺎوﺿﺔ‬ ‫اﻟﻨﻈﻴﺮ ﻟﻠﻨﻈﻴﺮ‪ ،‬وﻫﺬا ﺑﺎب ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺴــــــــــــﺎد واﻟﻮﻗﻮع ﰲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮع‪.‬‬

‫إذا اﺳﺘﻘﺮأﻧﺎ آراء اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻘﺪﻣﺎء ﰲ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﺼـﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ" أو ﻣﺎ ﻳﺴـﻤﻮﻧﻪ أﺣﻴﺎﻧ اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ" ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪﻫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ وﻳﺸــﱰﻃﻮن‬ ‫وذﻟﻚ ِ َ ِ ِ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺎت ْ ِ ِ‬ ‫ﺗﻮﻟــﻲ ْ ِ َ ِ‬ ‫اﻟﺬﻛﻮرة ِ ِ ِ‬ ‫اﺷﺘﺮاط ﱡ ُ ِ‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ ِ َإﻟــﻰ ْ ِ ِ‬ ‫أﻫﻞ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﻗﻮاﻣﻮن َ َ‬ ‫ﻟﻘﻮﻟﻪ َ َ َ‬ ‫ﻟﺼﺤﺔ َ َ ﱢ‬ ‫﴿اﻟﺮﺟﺎل َ ﱠ ُ َ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ‬ ‫ﺟﻤﻬﻮر َ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ :‬ﱢ َ‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺬﻛﻮرة‪ ،‬ﻓﻘﺪ َ َ َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ْ َ َ َ ،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذﻫﺐ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ْ ٍ‬ ‫اﻟﻘﺎﺋﻢ َ َ‬ ‫ﺣﻴﺚ َدل َ َ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ﱠ‬ ‫أﻣﻮاﻟﻬﻢ﴾ ]ﺳﻮرة اﻟﻨﺴـﺎء ‪ُ ْ َ [ .٣٤‬‬ ‫وﺑﻤﺎ َ ْ َ ُ‬ ‫ﺗﻘﻮم‬ ‫ﻓﻜﻴ َ‬ ‫ﺑﻤﺎ َ ﱠ‬ ‫أن ﱠ ُ‬ ‫أﻧﻔﻘﻮا ْ‬ ‫اﻟﻤﺮأة‪ْ َ َ ،‬‬ ‫اﻟﺮﺟﻞ ُ َ‬ ‫ﻒَُ ُ‬ ‫ﻫﻮ ْ َ ُ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﺑﻌﺾ َ ِ َ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫اﻟﻨ َﱢﺴﺎء ِ َ‬ ‫ﻓﻀﻞ ُ‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫ﻗﺮن اﻟﺮﺳﻮل َ َ ِ‬ ‫ﺷﺆون ِ ِ‬ ‫ﻋﻠــــــﻰ ُ ُ ِ‬ ‫وﻟﻤﺎ َ َ َ ِ ِ‬ ‫ِﻫﻲ َ َ‬ ‫ﻋﺪم ْ َ‬ ‫اﻟﻔﻼَِح‬ ‫اﻣﺮأة« ‪ْ َ َ .‬‬ ‫أﻣﺮﻫﻢ ْ َ َ ً‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﱠ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻗﻮم َ ﱠ ْ‬ ‫»ﻟﻦ ُ ْ ِ َ‬ ‫أﻧﻪ َﻗﺎل‪ْ َ :‬‬ ‫ﱠﺒﻲ ﷺ َ ﱠ ُ‬ ‫اﻷﻣﺔ؟ َ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺴﻼم َ َ َ‬ ‫اﻟﺼﻼة َ ﱠ َ ُ‬ ‫ﻓﻘﺪ َ َ َ ﱠ ُ‬ ‫وﻟﻮا َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ﻳﻔﻠﺢ َ ْ ٌ‬ ‫ورد َﻋﻦ اﻟﻨ ﱢ‬ ‫َ‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫ﺑﺘﻮﻟﻲ ْ َ ِ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫ﺷﺆوﻧﻬﺎ[ ‪.‬‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﺮأة ُ ُ َ​َ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫َْ‬

‫‪ .٤‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا أﻳﻀــــ ‪ :‬إن اﻧﻌﻘﺎد إﺟﻤﺎع اﻟﺴــــﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ‬

‫)‪(٧‬‬

‫اﻷوﻻد ‪.‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺼـــﻄﻔﻰ اﻟﺴــــﺒﺎﻋﻲ ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫ﻟﻠﻤﺮأة‪ ،‬ﻣﻊ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﻤﺎﻧﻊ اﻟﺸـﺮﻋﻲ ﰲ ﻣﺸــﺎرﻛﺘﻬﺎ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت‬ ‫وﺗﺮﺷـــﺤﻬﺎ ﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻣﻊ ﺗﺤﻔﻈﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﺳــــﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻨﻒ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻄﻮﻻ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ‬ ‫ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺮأة ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﺷﺮح ذﻟﻚ‬ ‫)‪(٨‬‬

‫اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧﻮن ‪.‬‬ ‫واﺳــــــــﺘﺪل اﻟﻤﺎﻧﻌﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﻓﻌﻞ أﺻــــــــﺤﺎﺑﻪ‬ ‫واﻟﺨﻠﻔﺎء ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﺣﻴﺚ إﳖﻢ ﻟﻢ ﻳﻮﻟﻮا اﻟﻤﺮأة أي َﻣﻨﺼﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ‬ ‫دون اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬أﻗﻮال اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ‪:‬‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ أﻗﻮال اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ أن اﻟﺬي ﻳﺸﺪ‬ ‫اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ ﻟﻴﺲ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ﻟﻤﻨﺼــــــﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻓﺎﻷﻣﺔ ﰲ ﻇﺮوﻓﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ‬ ‫ﺗﻌﻴﺶ ﰲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴــــــــــﻴﻦ دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺟﺰء ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ﻣﻨﻬﺎ‬ ‫ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول ﺑﻮﺻـــﻔﻬﻢ أﻗﻠﻴﺎت أو ﺟﺎﻟﻴﺎت‪ ،‬واﻷﻣﻞ‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﺈن ﺑﻠﻮﻏﻪ‬ ‫ﰲ ﺗﻮﺣـﻴﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ﻟـﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺧﻠـﻴﻔﺔ وإن ﻛﺎن‬ ‫ﻗﺪ ﻳﺴـــــﺘﻐﺮق ﻗﺮﻧ أو ﻗﺮوﻧ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻫﺬا إذا ﻛﺎن ﰲ ﺣﻴﺰ اﻟﻤﻤﻜﻦ‬ ‫ْﺼﺐ‬ ‫ً‬ ‫أﺻــﻼ‪ ،‬وﻣﻦ َﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺨﻼف ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻــﺮﻳﻦ اﻟﻴﻮم ُﻣﻨ َ ﱞ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮأة رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪...‬‬

‫اﻟﺨﻼﻓﺔ دﻟﻴﻞ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم أﻫﻠﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﺬﻟﻚ؛ ﺑﺴــــــــﺒﺐ ﻧﻘﺺ‬ ‫ﻋﻘﻠﻬﺎ وﺧﱪﲥﺎ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﺑﺴــﺒﺐ ﻣﺎ ُﺟﺒﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻀــﻌﻒ‬ ‫وﻏﻠﺒﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ وﻧﻘﺺ اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ‪.‬‬

‫وﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻔﺮﻗﻮن ﺑﻴﻦ ﺗﺒﻮء اﻟﻤﺮأة ﻟﻤﻨﺼﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ وﺑﻴﻦ‬ ‫ﺗﺒﻮﺋﻬﺎ ﻟﻤﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺷﺪة اﻟﻔﺮق واﻻﺧﺘﻼف‬

‫)‪(٥‬‬

‫وﻗﺪ ﺣﻜﻰ اﻹﺟﻤﺎع ﰲ ذﻟﻚ اﺑﻦ ﺣﺰم ﺣﻴﻦ ﻗﺎل‪ :‬وﺟﻤﻴﻊ ﻓﺮق أﻫﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﻢ أﺣﺪ ﻳﺠﻴﺰ إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻤـﺮأة ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻘـﺮﻃﺒـﻲ‪ :‬وأﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠـﻰ أن‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫اﻟﻤﺮأة ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﺗﻜﻮن إﻣﺎﻣ ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺟﻮزوا وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺠﻮز ﺷﻬﺎدﲥﺎ ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫وﰲ اﺷــﺘﻐﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ إﺧﻼل ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻻ ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺳــــــﻮاﻫﺎ وﻫﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬وﺗﺪﺑﻴﺮ‬

‫اﻵﻳﺔ ‪.[٣٤‬‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬

‫واﻟﺮأﻓﺔ ﻣﺎ أﺿﻌﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺰم واﻟﺼﺮاﻣﺔ اﻟﻼزﻣﻴﻦ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻋﻠﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ ﻋﺪم ﺻـــــــــــﻼح اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ‬

‫ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺧﻠﻘﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﺴـــــــﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﻋﻄﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺔ واﻟﻌﻄﻒ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١‬اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﻴﻂ ‪٤٨٦ /٣‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ج ‪ ٤٥‬ص ‪[١٣٩‬‬

‫)‪ (٣‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎري )اﻟﻔﺘﺢ ‪ ٥٣ ١٣‬ـ ط اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ( ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ أﺑﻲ ﺑﻜﺮة‬

‫)‪] (٤‬اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ج‪ ٤٥‬اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪[١٤٢‬‬

‫)‪] (٥‬ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻣﺮاﺗﺐ اﻹﺟﻤﺎع ص ‪ (٦) [ ١٢٦‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ‪١‬ص‪ /‬ج ‪٢٧٠‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪44‬‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎدﻳﺲ ج‪ ٢‬ص ‪ [٤٤‬ﻃﺒﻌﺔ دار وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬ ‫اﺑﻦ َ َ‬ ‫]آﺛﺎر ْ ُ‬ ‫)‪ُ َ (٧‬‬ ‫)‪] (٨‬اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪ [ ١٢٨ -١٢٣‬ﻃﺒﻌﺔ دار اﻟﻮراق‪.‬‬

‫‪ 45‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﻣﻤﻦ ﻗﺎل ﺑﺠﻮاز وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﺸــــــــﻴﺦ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐـﺰاﻟـﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‪) :‬إن اﻟﻨﺒــﻲ ﷺ ﻗــﺮأ ﻋﻠــﻰ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻣﻜﺔ‬ ‫ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ‪ ،‬وﻗﺺ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺴــــﻮرة ﻗﺼـــــﺔ ﻣﻠﻜﺔ ﺳﺒﺄ‪ ،‬اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻗﺎدت ﻗﻮﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻼح واﻷﻣﺎن ﺑﺤﻜﻤﺘﻬﺎ وذﻛﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺴـــــﺘﺢﻳﻞأن‬ ‫ﻳﺮﺳﻞ ﺣﻜﻤ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﻣﺎ ﻧﺰل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ(!! ﺛﻢ ي ]ﰲ‬ ‫ﺻﻔﺤﺔ ‪) :[٥٠‬ﻫﻞ ﺧﺎب ﻗﻮم وﻟﻮ أﻣﺮﻫﻢ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺼــــــــــﻨﻒ‬ ‫اﻟﻨﻔﻴﺲ(‬

‫)‪(٩‬‬

‫ورﺑﻤﺎ ﻳﺮد اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻟﻐﺰاﻟﻲ أن ﻗﺼـــﺔ ﺑﻠﻘﻴﺲ ﺣﻜﺎﻳﺔ‬ ‫ﺣﺎل‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻳﺮد ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮل اﻟﺸــــــــﺎﻓﻌﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﰲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬

‫)‪(١٠‬‬

‫ﺗﺮك‬

‫اﻻﺳﺘﻔﺼﺎل ﰲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ ﻗﻴﺎم اﻻﺣﺘﻤﺎل ﻳﻨﺰل ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﻤﻮم ﰲ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎل‪ ،‬ﻳﺤﺴﻦ ﲠﺎ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬ ‫وﻳﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻳﻮﺳــــــﻒ اﻟﻘﺮﺿـــــــﺎوي‪ - :‬ﻋﻦ وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﰲ‬ ‫ﻣﻌﺮض رده ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﺳـــــــــﺘﺪل ﺑﺤﺪﻳﺚ‪» :‬ﻣﺎ أﻓﻠﺢ ﻗﻮم وﻟﻮا أﻣﺮﻫﻢ‬ ‫اﻣﺮأة« ‪ -‬وﻟﻨﺎ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل وﻗﻔﺎت‪:‬‬ ‫اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﻫﻞ ﻳﺆﺧﺬ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ أو ﻳﻮﻗﻒ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺳـــﺒﺐ‬ ‫وروده؟ ﻋﻠــﻰ ﻣﻌﻨــﻰ أﻧﻪ أراد أن ﻳﺨﱪ ﻋﻦ ﻋﺪم ﻓﻼح اﻟﻔــﺮس‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﻓــﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮراﺛـــﻲ أن ﺗﺤﻜﻤﻬﻢ ﺑﻨﺖ اﻹﻣﱪاﻃﻮر‪،‬‬ ‫وإن ﻛﺎن ﰲ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻛﻔﺄ ﻣﻨﻬﺎ وأﻓﻀﻞ أﻟﻒ ﻣﺮة؟‬ ‫وﺻــﺤﻴﺢ أن أﻏﻠﺐ اﻷﺻـــﻮﻟﻴﻴﻦ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إن اﻟﻌﱪة ﺑﻌﻤﻮم اﻟﻠﻔﻆ ﻻ‬ ‫ﺑﺨﺼـــﻮص اﻟﺴـــﺒﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻏﻴﺮ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ورد ﻋﻦ اﺑﻦ‬ ‫ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﺿـــــﺮورة رﻋﺎﻳﺔ أﺳــــــﺒﺎب اﻟﻨﺰول‪ ،‬وإﻻ‬ ‫ﺣﺪث اﻟﺘﺨﺒﻂ ﰲ اﻟﻔﻬﻢ‪ ،‬ووﻗﻊ ﺳﻮء اﻟﺘﻔﺴــــــــﻴﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻮرط ﰲ ذﻟﻚ‬ ‫اﻟﺤـﺮورﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج وأﻣﺜﺎﻟﻬﻢ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ أﺧﺬوا اﻵﻳﺎت اﻟﺘـﻲ ﻧــﺰﻟﺖ‬ ‫ﰲ اﻟﻤﺸـــﺮﻛﻴﻦ ﻓﻌﻤﻤﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻠﺸـــﺎﻃﺒﻲ ﺑﺤﺚ ﻣﻔﻴﺪ ﰲ‬ ‫ذﻟﻚ أﺛﻨﺎء ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ﰲ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت‪.‬‬ ‫ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ ذﻫﺒﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺧﺎﺻـــــــــﺔ‪ :‬أﻧﻪ ‪ -‬ﻟﻮ أﺧﺬ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻋﻤﻮﻣﻪ ‪ -‬ﻟﻌﺎرض ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺺ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻘﺮآن ﻗﺼــــــﺔ اﻣﺮأة‬ ‫ﻗﺎدت ﻗﻮﻣﻬﺎ أﻓﻀــــــــــﻞ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﺎدة‪ ،‬وﺣﻜﻤﺘﻬﻢ أﻋﺪل ﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﺗﺼﺮﻓﺖ ﺑﺤﻜﻤﺔ ورﺷﺪ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺼـﺮف‪ ،‬وﻧﺠﻮا‬ ‫ﺑﺤﺴــــــــــﻦ رأﻳﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮرط ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺧﺎﺳﺮة‪ ،‬ﻳﻬﻠﻚ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﺟﺎل‪،‬‬ ‫وﺗﺬﻫﺐ اﻷﻣﻮال‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﻨﻮن ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ ﺷﻴﺌ ‪.‬‬

‫ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺑﻠﻘﻴﺲ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮ اﷲ ﻗﺼــــــﺘﻬﺎ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ﻣﻊ ﻧﺒﻲ اﷲ‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺎن‪ ،‬واﻧﺘﻬﻰ ﲠﺎ اﻟﻤﻄﺎف إﻟﻰ أن ﻗﺎﻟﺖ‪﴿ :‬رب إﲏ ﻇﻠﻤﺖ ﻧﻔﺴــﻲ‬ ‫وأﺳﻠﻤﺖ ﻣﻊ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ﴾‪) .‬اﻟﻨﻤﻞ‪.(٤٤ :‬‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺻﺮف اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻮم‪ :‬اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻧﺸﻬﺪه‪ ،‬وﻫﻮ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻗﺪ ﻛﻦ ﻷوﻃﺎﳖﻦ ً‬ ‫أن ً‬ ‫ﺧﻴﺮا ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل‪.‬‬ ‫وإن ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺴــــــﺎء ﻟﻬﻮ أرﺟﺢ ﰲ ﻣﻴﺰان اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ واﻟﻤﻘﺪرة‬ ‫اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﻜﺎم اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺬﻛﻮر‬ ‫وﻻ أﻗﻮل اﻟﺮﺟﺎل!‪.‬‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬أن ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ ﻗﺪ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠـــــﻰ ﻣﻨﻊ اﻟﻤــــــﺮأة ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ‬ ‫اﻟﻜﱪى أو اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ورد ﰲ ﺷــــﺄﳖﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ودل‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳــــﺒﺐ وروده‪ ،‬ﻛﻤﺎ دل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻈﻪ ﱠ‬ ‫»وﻟﻮا أﻣﺮﻫﻢ«‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫»ﺗﻤﻠﻜﻬﻢ اﻣﺮأة « ﻓﻬﺬا إﻧﻤﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮأة إذا أﺻـــــﺒﺤﺖ ﻣﻠﻜﺔ أو‬ ‫رﺋﻴﺴـــــــﺔ دوﻟﺔ ذات إرادة ﻧﺎﻓﺬة ﰲ ﻗﻮﻣﻬﺎ!‪ ،‬ﻻ ﻳﺮد ﻟﻬﺎ ﺣﻜﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﱪم‬ ‫دوﳖﺎ أﻣــﺮ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ وﻟﻮﻫﺎ أﻣــﺮﻫﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬أي أن أﻣــﺮﻫﻢ‬ ‫اﻟﻌﺎم ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﺑﻴﺪﻫﺎ وﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ‪ ،‬ورﻫﻦ إﺷﺎرﲥﺎ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ﻋﻀـــــــﻮا ﰲ‬ ‫وﻣﻤﺎ اﺳﺘﻨﺪت إﻟﻴﻪ ﻓﺘﻮى ﻣﻨﻊ اﻟﻤﺮأة أن ﺗﻜﻮن ﻧﺎﺧﺒﺔ أو‬

‫ﻣﻔﺼﻞ ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻧﺺ‬ ‫واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ وﺟﻮد دﺳــــــــﺘﻮر وﻧﻈﺎم ﱠ‬

‫ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻴﺎﺑـﻲ ﻫﻮ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻏﻴـﺮه ﻋﻦ أﺑـﻲ ﺑﻜـﺮة أن‬

‫واﺿﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــﻼﺣﻴﺎت واﻟﻤﺴـــﺆوﻟﻴﺎت‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮ أي رﺋﻴﺲ‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺣﻴﻦ ﺑﻠﻐﻪ أن اﻟﻔﺮس وﻟﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﺑﻨﺖ ﻛﺴــﺮى ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ‪،‬‬

‫ﻣﺤﺪودا ً‬ ‫ً‬ ‫ﺟﺪا إذا ﻣﺎ ﻗﻴﺲ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺮ ﰲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪.‬‬ ‫دوﻟﺔ‬

‫رد ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﺳــﺘﺪﻻل ﺑﺄﻧﻪ‬ ‫ﻗﺎل‪» :‬ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺢ ﻗﻮم وﻟﻮا أﻣﺮﻫﻢ اﻣﺮأة«‪ ،‬وﻗﺪ ُ ﱠ‬

‫وﻣﻤﺎ ﻧﻮﻗﺶ ﺑﻪ اﻟﻤﺎﻧﻌﻮن ﻗﻀــﻴﺔ ﺗﻄﻮر اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴـــﺎﲏ ﻟﺪى اﻟﻤﺮأة‬

‫اﺳــﺘﺪﻻل ﰲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿــﻌﻪ‪ ،‬إذ إن ﺳـــﻴﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎب‬

‫ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺠﻴﺰون ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق‪ :‬إن اﻟﻤﺮأة ﰲ ﻋﺼـﺮﻧﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ‬

‫اﻹﺧﺒﺎر واﻟﺒﺸﺎرة ﺑﺰوال ﻣﻠﻚ ﻛﺴﺮى‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﺘﺄﺻﻴﻞ‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﱪات‪ ،‬وﰲ‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ واﻟﺤﻈﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﺸــﺮﻳﻦ اﻣﺮأة ﻫﻦ ﰲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎدة ﰲ ﺑﻼدﻫﻦ‪،‬‬

‫ﻛﻤﺎ رد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﺻﻴﻞ اﻟﻤﺴـــــﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻤﺼــــــﺎﻟﺢ‬ ‫اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ‪ ،‬إذ إن وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﻴﺴــــــﺖ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻴﺎت اﻟﺪﻳﻦ وﺛﻮاﺑﺘﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ‬

‫وﺑﻌﻀـــــﻬﻦ أﺛﺒﺘﻦ ﻧﺠﺎﺣﺎت ﻓﺎﺋﻘﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﺻﺒﻬﻦ‪ ،‬وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻳﺠﻌﻞ إﻃﻼق‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ‪..‬‬

‫ﻫﻲ ‪ -‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺄن ﻣﻌﻈﻢ ﺷﺆون اﻟﺴـــــــﻴﺎﺳﺔ واﻟﺤﻜﻢ ‪ -‬ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ‬

‫* اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻦ اﻷﻗﻮال‪.‬‬

‫اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ اﻟﺸــــﺮﻋﻴﺔ وﺗﺪﺑﻴﺮ ﺷﺆون اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ُﻳﺒﺤﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ‬

‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺠﻮﻟﺔ ﺑﻴﻦ أﻗﻮال أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻳﻤﻜﻨﻨــــــﻲ اﻟﺨﻼص إﻟــــــﻰ‬

‫ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‪ ،‬وإﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻔﻮﻳﺖ ﻣﺼـــﻠﺤﺔ ﺗﻮﻟﻴﺔ اﻣﺮأة ﺛﺒﺘﺖ ﻋﺪاﻟﺘﻬﺎ‬

‫اﻟﻘﻮل‪ :‬إن ﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪه ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم ﻫﻮ ﻗﻠﺔ أﻋﺪاد اﻟﻨﺴـﺎء اﻟﻠﻮاﰐ ﻳﺸـﻐﻠﻦ‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻹﻣﺎﻣﺔ واﻟﺨﻼﻓﺔ وﻣﺎ ﰲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ رﺋﺎﺳــــﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻬﻮ‬ ‫ﻣﻤﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫وﻧﺰاﻫﺘﻬﺎ وﻗﺪرﲥﺎ ﻋﻠﻰ إدارة ﺷﺆون اﻟﺒﻼد وﺣﻤﺎﻳﺔ أﻣﻨﻬﺎ ﺑﺴــــــﺒﺐ ﻛﻮﳖﺎ‬

‫ﻣﻨﺎﺻــﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺳــﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﺻــﺐ ﺳــﻴﺎﺳــﻴﺔ أم ﻛﺎﻧﺖ‬

‫أﻧﺜﻰ‪ ،‬واﻟﻮاﻗﻊ أن ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺴـــــﺎء ﻧﺠﺤﻦ ﰲ ﻛﺴـــــﺐ ﺛﻘﺔ ﻣﻨﺴــــــﻮﺑﻲ‬

‫إدارﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﺳﺴـــــــﺎت وﺷﺮﻛﺎت ﻛﱪى‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ ﺳﺒﺒﻪ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ‬

‫ﻓﻴﻤﻜﻦ ﲠﺬا أن ﺗﻜﻮن وزﻳﺮة‪ ،‬وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺿﻴﺔ‪ ،‬وﻳﻤﻜﻦ أن‬

‫اﻷﺣﺰاب اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ واﺳﺘﻄﻌﻦ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﰲ‬

‫ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿــــﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﱪة أﻣﻤﻴﺔ ﻣﱰاﻛﻤﺔ ﺗﺤﻂ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻘﺪرة اﻟﻤﺮأة‬

‫ذﻟﻚ‪ ...‬ﻛﻤﺎ أن ﻣﻨﻊ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻘﺪﻣﺎء اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻲ ﻣﻨﺼـــــــﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ إدارة اﻟﺸﺄن اﻟﻌﺎم واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻛﻞ‬

‫ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ ﻧﻌﺎﻳﺸـــﻪ ﰲ اﻷوﺿﺎع اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻨﺼـــﺐ رﺋﺎﺳﺔ‬

‫اﻟﻨﺴــﺎء دون أي ﺗﻤﻴﻴﺰ ودون اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن‬

‫اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﺸﺒﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻨﺼـﺐ واﻟﻲ اﻹﻗﻠﻴﻢ‬

‫ﻣﻦ اﻟﺮﺷﺪ‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن ﰲ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼـﻠﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﻨﺴـﺎء‬

‫ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻮارد ﰲ اﺑﻨﺔ‬ ‫ﰲ اﻟﺪول اﻹﺳــــــﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﺎﺿــــــﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻦ َ ﱠ‬

‫ﻓﺈن ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﺳﻮى أن ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﰲ اﻟﻨﺴﺎء ﻫﻲ اﻷﻛﱪ‪.‬‬

‫ﻋﺎﻣ‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻣﺤﺘﺴﺒﺔ اﺣﺘﺴﺎﺑ ّ‬

‫)‪(١١‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻤﺠﻮزﻳﻦ‪:‬‬ ‫* ج‪ -‬أدﻟﺔ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻨﺼـﻮص اﻟﻮاردة ﰲ ﻣﻨﻊ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻲ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻇﻨﻴﺔ‬ ‫اﻟﺪﻻﻟﺔ وﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻐﺾ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ اﻟﻨﺼــﻮص‬ ‫﴿واﻟﻤﺆﻣِﻨ َ‬ ‫ُﻮن‬ ‫اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﺴـــــــــــﻮي ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ ُ َ :‬‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْﻬﻮن َ ِ‬ ‫أوﻟﻴــﺎء َ ْ ٍ‬ ‫وﻳﻨ َ ْ َ‬ ‫ﺑﻌﺾ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫واﻟﻤﺆﻣِﻨ ُ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ﺑــﺎﻟﻤﻌﺮوف َ َ‬ ‫ﻳﺄﻣﺮون ِ ْ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ ُ‬ ‫َــﺎت َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﻨ َ ِ‬ ‫اﻟﺰﻛﺎة َ ُ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﺼﻼة َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ْﻜﺮ َ ُ ِ ُ َ‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ﴾‬ ‫وﻳﺆﺗﻮن ﱠ َ َ‬ ‫وﻳﻘــــﻴﻤﻮن ﱠ َ َ‬ ‫اﷲ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وﻳﻄــــﻴﻌﻮن َ‬ ‫)‪(١٢‬‬

‫ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ )‪ ،(٧١‬وﻗﻮﻟﻪ ﷺ‪» :‬إﻧﻤﺎ اﻟﻨﺴــــــــﺎء ﺷﻘﺎﺋﻖ اﻟﺮﺟﺎل«‬

‫ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻫﻮ اﻟﻤﺴـﺎواة ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴــﺎء إﻻ ﻣﺎ ﻧﺺ اﻟﺸــﺎرع ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺗﺨﺼـﻴﺺ أﺣﺪ اﻟﺠﻨﺴـﻴﻦ ﺑﻪ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺺ واﺿﺢ ﰲ ﺗﺨﺼــﻴﺺ‬ ‫رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل دون اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٩‬ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﺤﺪﻳﺚ‬ ‫)‪ (١٠‬أﻧﻈﺮ اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ )‪ (٦٢ /٢‬واﻟﻤﺤﻴﻂ )‪(١٤٨ /٣‬‬ ‫)‪] (١١‬ﻓﻘﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ص ‪-٢٤٢‬ﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﺗﺮﺷﻴﺢ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﺟﺎزة واﻟﻤﻨﻊ[‬ ‫)‪ (١٢‬ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪ -(٢٣٦‬ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ﻛﺘﺎب اﻟﻄﻬﺎرة‪ ،‬ﺑﺎب ﰲ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺠﺪ اﻟﺒﻠﻪ ﰲ ﻣﻨﺎﻣﻪ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪46‬‬

‫* اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ اﻟﻤﺎﻧﻌﻴﻦ ﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة‪:‬‬

‫دورا ً‬ ‫ﻛﻤﺎ أن ﻟﻠﻤﺴـــــﺘﺸــــــﺎرﻳﻦ ً‬ ‫ﻛﺒﻴﺮا ﰲ إدارة اﻟﺒﻠﺪان وﺗﻮﺟﻴﻪ ﺳﻴﺎﺳﺎﲥﺎ‪،‬‬

‫ﻛﺴــــــــــــــــﺮى‪ ،‬وﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻷﻗﺪﻣﻮن ﰲ ﻣﻨﻊ وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﺧﺎص ﺑﺎﻹﻣﺎﻣﺔ‬

‫وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈن اﻟﻘﻮل‪ :‬ﺑﺄن اﻷﺻﻞ ﻋﺪم ﺗﻮﻟﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﺼـــﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ‬

‫اﻟﻌﻈﻤــﻰ‪ ،‬ﻫﺬا ﻣﻊ أن اﻷﻗﺪﻣﻴﻦ‪ -‬أو ّ‬ ‫ﺟﻠﻬﻢ ‪ -‬ﻣﻨﻌﻮا ﺗﻮﻟــﻲ اﻟﻤــﺮأة وزارة‬

‫واﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻀــﻌﻒ ﻗﺪراﲥﺎ اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ وﺧﻠﻘﺘﻬﺎ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي أﻣﻴﻞ‬

‫اﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ووزارة اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪.‬‬

‫إﻟﻴﻪ‪ ...‬وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﺘﻮﻓـﺮ ﻣﻌﻄﻴﺎت وﻇـﺮوف ﺗﺒﻴﺢ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﺄن ﺗﻜﻮن اﻟﻤـﺮأة‬

‫ﻛﻤﺎ رد ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻳﻀـــﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﺻﻴﻞ اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﻻ ﻳﻨﻜﺮ‬

‫ﻫﻲ اﻷﻛﻔﺄ واﻷﻗﺪر واﻷﻓﻀـــﻞ ﰲ ﺧﻠﻘﻬﺎ ودﻳﺎﻧﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴـــﻴﻦ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺗﻐﻴﺮ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﻈﺮوف واﻷزﻣﺎن ﺣﻴﺚ إن ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر‬

‫ﻣﻨﺼــــــــــﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ وﺣﻴﻨﺌﺬ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ؛ ﻷن اﻷﻣﺮ‬

‫اﻹﺳــــــﻼﻣﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺷــــــﺨﺺ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ أو اﻟﻮزﻳﺮ‪ ،‬وﻗﺪ‬

‫ﻣﻨﻮط ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻘﻴﺪا ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸـــــــــــﺮﻋﻴﺔ اﻟﻮاردة ﰲ‬ ‫وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن ذﻟﻚ ﻳﻈﻞ‬

‫اﺧﺘﻠﻒ اﻷﻣﺮ اﻟﻴﻮم ﻛﻠﻴ ‪ ،‬ﻓـﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ أو رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻻ ﻳﻤﻠﻚ‬ ‫ﺳــﻴﺎﺳــﺔ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻼده ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺎم‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﻴﻮم ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻘﻮة‬ ‫إدارة‬ ‫َ‬

‫ﺧﺼــــــﻮﺻﻴﺔ اﻟﻤﺮأة وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ ﻷي ﻣﻨﺼـــــــﺐ‬

‫واﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺼﻼﺣﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ رﺋﺎﺳﺔ‬

‫ﻣﺸــﺮوط ﺑﻌﺪم إﻫﻤﺎﻟﻬﺎ ﺑﻴﺘﻬﺎ وأﻃﻔﺎﻟﻬﺎ واﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻹﻧﺴـــﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﻨﻮﻃﺔ ﲠﺎ‪،‬‬

‫اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸــــــﻮرى وﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب واﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ‪...‬‬

‫واﷲ أﻋﻠﻢ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫‪ 47‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﻣﻤﻦ ﻗﺎل ﺑﺠﻮاز وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﺸــــــــﻴﺦ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐـﺰاﻟـﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‪) :‬إن اﻟﻨﺒــﻲ ﷺ ﻗــﺮأ ﻋﻠــﻰ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻣﻜﺔ‬ ‫ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ‪ ،‬وﻗﺺ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺴــــﻮرة ﻗﺼـــــﺔ ﻣﻠﻜﺔ ﺳﺒﺄ‪ ،‬اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻗﺎدت ﻗﻮﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻼح واﻷﻣﺎن ﺑﺤﻜﻤﺘﻬﺎ وذﻛﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺴـــــﺘﺢﻳﻞأن‬ ‫ﻳﺮﺳﻞ ﺣﻜﻤ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﻣﺎ ﻧﺰل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ(!! ﺛﻢ ي ]ﰲ‬ ‫ﺻﻔﺤﺔ ‪) :[٥٠‬ﻫﻞ ﺧﺎب ﻗﻮم وﻟﻮ أﻣﺮﻫﻢ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺼــــــــــﻨﻒ‬ ‫اﻟﻨﻔﻴﺲ(‬

‫)‪(٩‬‬

‫ورﺑﻤﺎ ﻳﺮد اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻟﻐﺰاﻟﻲ أن ﻗﺼـــﺔ ﺑﻠﻘﻴﺲ ﺣﻜﺎﻳﺔ‬ ‫ﺣﺎل‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻳﺮد ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮل اﻟﺸــــــــﺎﻓﻌﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﰲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬

‫)‪(١٠‬‬

‫ﺗﺮك‬

‫اﻻﺳﺘﻔﺼﺎل ﰲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ ﻗﻴﺎم اﻻﺣﺘﻤﺎل ﻳﻨﺰل ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﻤﻮم ﰲ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎل‪ ،‬ﻳﺤﺴﻦ ﲠﺎ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬ ‫وﻳﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻳﻮﺳــــــﻒ اﻟﻘﺮﺿـــــــﺎوي‪ - :‬ﻋﻦ وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﰲ‬ ‫ﻣﻌﺮض رده ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﺳـــــــــﺘﺪل ﺑﺤﺪﻳﺚ‪» :‬ﻣﺎ أﻓﻠﺢ ﻗﻮم وﻟﻮا أﻣﺮﻫﻢ‬ ‫اﻣﺮأة« ‪ -‬وﻟﻨﺎ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل وﻗﻔﺎت‪:‬‬ ‫اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﻫﻞ ﻳﺆﺧﺬ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ أو ﻳﻮﻗﻒ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺳـــﺒﺐ‬ ‫وروده؟ ﻋﻠــﻰ ﻣﻌﻨــﻰ أﻧﻪ أراد أن ﻳﺨﱪ ﻋﻦ ﻋﺪم ﻓﻼح اﻟﻔــﺮس‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﻓــﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮراﺛـــﻲ أن ﺗﺤﻜﻤﻬﻢ ﺑﻨﺖ اﻹﻣﱪاﻃﻮر‪،‬‬ ‫وإن ﻛﺎن ﰲ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻛﻔﺄ ﻣﻨﻬﺎ وأﻓﻀﻞ أﻟﻒ ﻣﺮة؟‬ ‫وﺻــﺤﻴﺢ أن أﻏﻠﺐ اﻷﺻـــﻮﻟﻴﻴﻦ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إن اﻟﻌﱪة ﺑﻌﻤﻮم اﻟﻠﻔﻆ ﻻ‬ ‫ﺑﺨﺼـــﻮص اﻟﺴـــﺒﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻏﻴﺮ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ورد ﻋﻦ اﺑﻦ‬ ‫ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﺿـــــﺮورة رﻋﺎﻳﺔ أﺳــــــﺒﺎب اﻟﻨﺰول‪ ،‬وإﻻ‬ ‫ﺣﺪث اﻟﺘﺨﺒﻂ ﰲ اﻟﻔﻬﻢ‪ ،‬ووﻗﻊ ﺳﻮء اﻟﺘﻔﺴــــــــﻴﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻮرط ﰲ ذﻟﻚ‬ ‫اﻟﺤـﺮورﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج وأﻣﺜﺎﻟﻬﻢ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ أﺧﺬوا اﻵﻳﺎت اﻟﺘـﻲ ﻧــﺰﻟﺖ‬ ‫ﰲ اﻟﻤﺸـــﺮﻛﻴﻦ ﻓﻌﻤﻤﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻠﺸـــﺎﻃﺒﻲ ﺑﺤﺚ ﻣﻔﻴﺪ ﰲ‬ ‫ذﻟﻚ أﺛﻨﺎء ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ﰲ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت‪.‬‬ ‫ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ ذﻫﺒﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺧﺎﺻـــــــــﺔ‪ :‬أﻧﻪ ‪ -‬ﻟﻮ أﺧﺬ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻋﻤﻮﻣﻪ ‪ -‬ﻟﻌﺎرض ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺺ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻘﺮآن ﻗﺼــــــﺔ اﻣﺮأة‬ ‫ﻗﺎدت ﻗﻮﻣﻬﺎ أﻓﻀــــــــــﻞ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﺎدة‪ ،‬وﺣﻜﻤﺘﻬﻢ أﻋﺪل ﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﺗﺼﺮﻓﺖ ﺑﺤﻜﻤﺔ ورﺷﺪ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺼـﺮف‪ ،‬وﻧﺠﻮا‬ ‫ﺑﺤﺴــــــــــﻦ رأﻳﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮرط ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺧﺎﺳﺮة‪ ،‬ﻳﻬﻠﻚ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﺟﺎل‪،‬‬ ‫وﺗﺬﻫﺐ اﻷﻣﻮال‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﻨﻮن ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ ﺷﻴﺌ ‪.‬‬

‫ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺑﻠﻘﻴﺲ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮ اﷲ ﻗﺼــــــﺘﻬﺎ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ﻣﻊ ﻧﺒﻲ اﷲ‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺎن‪ ،‬واﻧﺘﻬﻰ ﲠﺎ اﻟﻤﻄﺎف إﻟﻰ أن ﻗﺎﻟﺖ‪﴿ :‬رب إﲏ ﻇﻠﻤﺖ ﻧﻔﺴــﻲ‬ ‫وأﺳﻠﻤﺖ ﻣﻊ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ﴾‪) .‬اﻟﻨﻤﻞ‪.(٤٤ :‬‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺻﺮف اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻮم‪ :‬اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻧﺸﻬﺪه‪ ،‬وﻫﻮ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻗﺪ ﻛﻦ ﻷوﻃﺎﳖﻦ ً‬ ‫أن ً‬ ‫ﺧﻴﺮا ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل‪.‬‬ ‫وإن ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺴــــــﺎء ﻟﻬﻮ أرﺟﺢ ﰲ ﻣﻴﺰان اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ واﻟﻤﻘﺪرة‬ ‫اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﻜﺎم اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺬﻛﻮر‬ ‫وﻻ أﻗﻮل اﻟﺮﺟﺎل!‪.‬‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬أن ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ ﻗﺪ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠـــــﻰ ﻣﻨﻊ اﻟﻤــــــﺮأة ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ‬ ‫اﻟﻜﱪى أو اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ورد ﰲ ﺷــــﺄﳖﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ودل‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳــــﺒﺐ وروده‪ ،‬ﻛﻤﺎ دل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻈﻪ ﱠ‬ ‫»وﻟﻮا أﻣﺮﻫﻢ«‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫»ﺗﻤﻠﻜﻬﻢ اﻣﺮأة « ﻓﻬﺬا إﻧﻤﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮأة إذا أﺻـــــﺒﺤﺖ ﻣﻠﻜﺔ أو‬ ‫رﺋﻴﺴـــــــﺔ دوﻟﺔ ذات إرادة ﻧﺎﻓﺬة ﰲ ﻗﻮﻣﻬﺎ!‪ ،‬ﻻ ﻳﺮد ﻟﻬﺎ ﺣﻜﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﱪم‬ ‫دوﳖﺎ أﻣــﺮ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ وﻟﻮﻫﺎ أﻣــﺮﻫﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬أي أن أﻣــﺮﻫﻢ‬ ‫اﻟﻌﺎم ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﺑﻴﺪﻫﺎ وﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ‪ ،‬ورﻫﻦ إﺷﺎرﲥﺎ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ﻋﻀـــــــﻮا ﰲ‬ ‫وﻣﻤﺎ اﺳﺘﻨﺪت إﻟﻴﻪ ﻓﺘﻮى ﻣﻨﻊ اﻟﻤﺮأة أن ﺗﻜﻮن ﻧﺎﺧﺒﺔ أو‬

‫ﻣﻔﺼﻞ ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻧﺺ‬ ‫واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ وﺟﻮد دﺳــــــــﺘﻮر وﻧﻈﺎم ﱠ‬

‫ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻴﺎﺑـﻲ ﻫﻮ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻏﻴـﺮه ﻋﻦ أﺑـﻲ ﺑﻜـﺮة أن‬

‫واﺿﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــﻼﺣﻴﺎت واﻟﻤﺴـــﺆوﻟﻴﺎت‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮ أي رﺋﻴﺲ‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺣﻴﻦ ﺑﻠﻐﻪ أن اﻟﻔﺮس وﻟﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﺑﻨﺖ ﻛﺴــﺮى ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ‪،‬‬

‫ﻣﺤﺪودا ً‬ ‫ً‬ ‫ﺟﺪا إذا ﻣﺎ ﻗﻴﺲ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺮ ﰲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪.‬‬ ‫دوﻟﺔ‬

‫رد ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﺳــﺘﺪﻻل ﺑﺄﻧﻪ‬ ‫ﻗﺎل‪» :‬ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺢ ﻗﻮم وﻟﻮا أﻣﺮﻫﻢ اﻣﺮأة«‪ ،‬وﻗﺪ ُ ﱠ‬

‫وﻣﻤﺎ ﻧﻮﻗﺶ ﺑﻪ اﻟﻤﺎﻧﻌﻮن ﻗﻀــﻴﺔ ﺗﻄﻮر اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴـــﺎﲏ ﻟﺪى اﻟﻤﺮأة‬

‫اﺳــﺘﺪﻻل ﰲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿــﻌﻪ‪ ،‬إذ إن ﺳـــﻴﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎب‬

‫ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺠﻴﺰون ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق‪ :‬إن اﻟﻤﺮأة ﰲ ﻋﺼـﺮﻧﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ‬

‫اﻹﺧﺒﺎر واﻟﺒﺸﺎرة ﺑﺰوال ﻣﻠﻚ ﻛﺴﺮى‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﺘﺄﺻﻴﻞ‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﱪات‪ ،‬وﰲ‬

‫اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ واﻟﺤﻈﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﺸــﺮﻳﻦ اﻣﺮأة ﻫﻦ ﰲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎدة ﰲ ﺑﻼدﻫﻦ‪،‬‬

‫ﻛﻤﺎ رد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﺻﻴﻞ اﻟﻤﺴـــــﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻤﺼــــــﺎﻟﺢ‬ ‫اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ‪ ،‬إذ إن وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻟﻴﺴــــــﺖ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻴﺎت اﻟﺪﻳﻦ وﺛﻮاﺑﺘﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ‬

‫وﺑﻌﻀـــــﻬﻦ أﺛﺒﺘﻦ ﻧﺠﺎﺣﺎت ﻓﺎﺋﻘﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﺻﺒﻬﻦ‪ ،‬وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻳﺠﻌﻞ إﻃﻼق‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ‪..‬‬

‫ﻫﻲ ‪ -‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺄن ﻣﻌﻈﻢ ﺷﺆون اﻟﺴـــــــﻴﺎﺳﺔ واﻟﺤﻜﻢ ‪ -‬ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ‬

‫* اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻦ اﻷﻗﻮال‪.‬‬

‫اﻟﻤﺼـــﺎﻟﺢ اﻟﺸــــﺮﻋﻴﺔ وﺗﺪﺑﻴﺮ ﺷﺆون اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ُﻳﺒﺤﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ‬

‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺠﻮﻟﺔ ﺑﻴﻦ أﻗﻮال أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻳﻤﻜﻨﻨــــــﻲ اﻟﺨﻼص إﻟــــــﻰ‬

‫ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‪ ،‬وإﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻔﻮﻳﺖ ﻣﺼـــﻠﺤﺔ ﺗﻮﻟﻴﺔ اﻣﺮأة ﺛﺒﺘﺖ ﻋﺪاﻟﺘﻬﺎ‬

‫اﻟﻘﻮل‪ :‬إن ﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪه ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم ﻫﻮ ﻗﻠﺔ أﻋﺪاد اﻟﻨﺴـﺎء اﻟﻠﻮاﰐ ﻳﺸـﻐﻠﻦ‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻹﻣﺎﻣﺔ واﻟﺨﻼﻓﺔ وﻣﺎ ﰲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ رﺋﺎﺳــــﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻬﻮ‬ ‫ﻣﻤﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫وﻧﺰاﻫﺘﻬﺎ وﻗﺪرﲥﺎ ﻋﻠﻰ إدارة ﺷﺆون اﻟﺒﻼد وﺣﻤﺎﻳﺔ أﻣﻨﻬﺎ ﺑﺴــــــﺒﺐ ﻛﻮﳖﺎ‬

‫ﻣﻨﺎﺻــﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺳــﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﺻــﺐ ﺳــﻴﺎﺳــﻴﺔ أم ﻛﺎﻧﺖ‬

‫أﻧﺜﻰ‪ ،‬واﻟﻮاﻗﻊ أن ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺴـــــﺎء ﻧﺠﺤﻦ ﰲ ﻛﺴـــــﺐ ﺛﻘﺔ ﻣﻨﺴــــــﻮﺑﻲ‬

‫إدارﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﺳﺴـــــــﺎت وﺷﺮﻛﺎت ﻛﱪى‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ ﺳﺒﺒﻪ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ‬

‫ﻓﻴﻤﻜﻦ ﲠﺬا أن ﺗﻜﻮن وزﻳﺮة‪ ،‬وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺿﻴﺔ‪ ،‬وﻳﻤﻜﻦ أن‬

‫اﻷﺣﺰاب اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ واﺳﺘﻄﻌﻦ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﰲ‬

‫ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿــــﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﱪة أﻣﻤﻴﺔ ﻣﱰاﻛﻤﺔ ﺗﺤﻂ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻘﺪرة اﻟﻤﺮأة‬

‫ذﻟﻚ‪ ...‬ﻛﻤﺎ أن ﻣﻨﻊ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻘﺪﻣﺎء اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻲ ﻣﻨﺼـــــــﺐ اﻟﺨﻼﻓﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ إدارة اﻟﺸﺄن اﻟﻌﺎم واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻛﻞ‬

‫ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ ﻧﻌﺎﻳﺸـــﻪ ﰲ اﻷوﺿﺎع اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻨﺼـــﺐ رﺋﺎﺳﺔ‬

‫اﻟﻨﺴــﺎء دون أي ﺗﻤﻴﻴﺰ ودون اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن‬

‫اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﺸﺒﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻨﺼـﺐ واﻟﻲ اﻹﻗﻠﻴﻢ‬

‫ﻣﻦ اﻟﺮﺷﺪ‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن ﰲ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼـﻠﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﻨﺴـﺎء‬

‫ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻮارد ﰲ اﺑﻨﺔ‬ ‫ﰲ اﻟﺪول اﻹﺳــــــﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﺎﺿــــــﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻦ َ ﱠ‬

‫ﻓﺈن ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﺳﻮى أن ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﰲ اﻟﻨﺴﺎء ﻫﻲ اﻷﻛﱪ‪.‬‬

‫ﻋﺎﻣ‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻣﺤﺘﺴﺒﺔ اﺣﺘﺴﺎﺑ ّ‬

‫)‪(١١‬‬

‫‪.‬‬

‫اﻟﻤﺠﻮزﻳﻦ‪:‬‬ ‫* ج‪ -‬أدﻟﺔ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻨﺼـﻮص اﻟﻮاردة ﰲ ﻣﻨﻊ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻲ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻇﻨﻴﺔ‬ ‫اﻟﺪﻻﻟﺔ وﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻐﺾ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ اﻟﻨﺼــﻮص‬ ‫﴿واﻟﻤﺆﻣِﻨ َ‬ ‫ُﻮن‬ ‫اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﺴـــــــــــﻮي ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ ُ َ :‬‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْﻬﻮن َ ِ‬ ‫أوﻟﻴــﺎء َ ْ ٍ‬ ‫وﻳﻨ َ ْ َ‬ ‫ﺑﻌﺾ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫واﻟﻤﺆﻣِﻨ ُ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ﺑــﺎﻟﻤﻌﺮوف َ َ‬ ‫ﻳﺄﻣﺮون ِ ْ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ ُ‬ ‫َــﺎت َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﻨ َ ِ‬ ‫اﻟﺰﻛﺎة َ ُ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﺼﻼة َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ْﻜﺮ َ ُ ِ ُ َ‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ﴾‬ ‫وﻳﺆﺗﻮن ﱠ َ َ‬ ‫وﻳﻘــــﻴﻤﻮن ﱠ َ َ‬ ‫اﷲ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وﻳﻄــــﻴﻌﻮن َ‬ ‫)‪(١٢‬‬

‫ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ )‪ ،(٧١‬وﻗﻮﻟﻪ ﷺ‪» :‬إﻧﻤﺎ اﻟﻨﺴــــــــﺎء ﺷﻘﺎﺋﻖ اﻟﺮﺟﺎل«‬

‫ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻫﻮ اﻟﻤﺴـﺎواة ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴــﺎء إﻻ ﻣﺎ ﻧﺺ اﻟﺸــﺎرع ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺗﺨﺼـﻴﺺ أﺣﺪ اﻟﺠﻨﺴـﻴﻦ ﺑﻪ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺺ واﺿﺢ ﰲ ﺗﺨﺼــﻴﺺ‬ ‫رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل دون اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٩‬ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﺤﺪﻳﺚ‬ ‫)‪ (١٠‬أﻧﻈﺮ اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ )‪ (٦٢ /٢‬واﻟﻤﺤﻴﻂ )‪(١٤٨ /٣‬‬ ‫)‪] (١١‬ﻓﻘﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ص ‪-٢٤٢‬ﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﺗﺮﺷﻴﺢ اﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﺟﺎزة واﻟﻤﻨﻊ[‬ ‫)‪ (١٢‬ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود رﻗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ )‪ -(٢٣٦‬ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ﻛﺘﺎب اﻟﻄﻬﺎرة‪ ،‬ﺑﺎب ﰲ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺠﺪ اﻟﺒﻠﻪ ﰲ ﻣﻨﺎﻣﻪ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪46‬‬

‫* اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ اﻟﻤﺎﻧﻌﻴﻦ ﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة‪:‬‬

‫دورا ً‬ ‫ﻛﻤﺎ أن ﻟﻠﻤﺴـــــﺘﺸــــــﺎرﻳﻦ ً‬ ‫ﻛﺒﻴﺮا ﰲ إدارة اﻟﺒﻠﺪان وﺗﻮﺟﻴﻪ ﺳﻴﺎﺳﺎﲥﺎ‪،‬‬

‫ﻛﺴــــــــــــــــﺮى‪ ،‬وﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻷﻗﺪﻣﻮن ﰲ ﻣﻨﻊ وﻻﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﺧﺎص ﺑﺎﻹﻣﺎﻣﺔ‬

‫وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈن اﻟﻘﻮل‪ :‬ﺑﺄن اﻷﺻﻞ ﻋﺪم ﺗﻮﻟﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﺼـــﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ‬

‫اﻟﻌﻈﻤــﻰ‪ ،‬ﻫﺬا ﻣﻊ أن اﻷﻗﺪﻣﻴﻦ‪ -‬أو ّ‬ ‫ﺟﻠﻬﻢ ‪ -‬ﻣﻨﻌﻮا ﺗﻮﻟــﻲ اﻟﻤــﺮأة وزارة‬

‫واﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻀــﻌﻒ ﻗﺪراﲥﺎ اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ وﺧﻠﻘﺘﻬﺎ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي أﻣﻴﻞ‬

‫اﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ووزارة اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪.‬‬

‫إﻟﻴﻪ‪ ...‬وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﺘﻮﻓـﺮ ﻣﻌﻄﻴﺎت وﻇـﺮوف ﺗﺒﻴﺢ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﺄن ﺗﻜﻮن اﻟﻤـﺮأة‬

‫ﻛﻤﺎ رد ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻳﻀـــﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﺻﻴﻞ اﻟﻤﺴـــﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﻻ ﻳﻨﻜﺮ‬

‫ﻫﻲ اﻷﻛﻔﺄ واﻷﻗﺪر واﻷﻓﻀـــﻞ ﰲ ﺧﻠﻘﻬﺎ ودﻳﺎﻧﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴـــﻴﻦ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺗﻐﻴﺮ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﻈﺮوف واﻷزﻣﺎن ﺣﻴﺚ إن ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر‬

‫ﻣﻨﺼــــــــــﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ وﺣﻴﻨﺌﺬ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ؛ ﻷن اﻷﻣﺮ‬

‫اﻹﺳــــــﻼﻣﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺷــــــﺨﺺ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ أو اﻟﻮزﻳﺮ‪ ،‬وﻗﺪ‬

‫ﻣﻨﻮط ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻘﻴﺪا ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸـــــــــــﺮﻋﻴﺔ اﻟﻮاردة ﰲ‬ ‫وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن ذﻟﻚ ﻳﻈﻞ‬

‫اﺧﺘﻠﻒ اﻷﻣﺮ اﻟﻴﻮم ﻛﻠﻴ ‪ ،‬ﻓـﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ أو رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻻ ﻳﻤﻠﻚ‬ ‫ﺳــﻴﺎﺳــﺔ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻼده ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺎم‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﻴﻮم ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻘﻮة‬ ‫إدارة‬ ‫َ‬

‫ﺧﺼــــــﻮﺻﻴﺔ اﻟﻤﺮأة وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ ﻷي ﻣﻨﺼـــــــﺐ‬

‫واﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺼﻼﺣﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ رﺋﺎﺳﺔ‬

‫ﻣﺸــﺮوط ﺑﻌﺪم إﻫﻤﺎﻟﻬﺎ ﺑﻴﺘﻬﺎ وأﻃﻔﺎﻟﻬﺎ واﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻹﻧﺴـــﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﻨﻮﻃﺔ ﲠﺎ‪،‬‬

‫اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸــــــﻮرى وﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب واﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ‪...‬‬

‫واﷲ أﻋﻠﻢ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫‪ 47‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻚ ﺍﻟﹶﻘﺼﻴ‪‬ﺪ‬ ‫‪‬ﺣ‪‬ﺒ ‪‬‬ ‫ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ‪ :‬ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟ‪‬ﺤ‪‬ﺰﺍﹺﻧﻲ‬ ‫ف‬ ‫ﻃـﺮ ُ‬ ‫دﺟﻰ َ َ ْ ُ‬ ‫ﻧـﺴـﺠﺖ َﻛـَﻼﻣـ َ َ ُ‬ ‫ﻣـﺎﻟـﻪ َ َ‬ ‫ُ َ ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫َـﺎس َ ْﺗﻠ َﺘـﺤـ ُ‬ ‫اﻟـﻄـﺒـﺎﺋﻊ َ َ ْ‬ ‫ِﺑـﻪ ﱠ َ ُ‬ ‫واﻷﺟـ ﻨ ُ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ﺣﺒﻜ‬ ‫ﺣـﺘـﻰ َ َ‬ ‫زرﻛﺸﺘﻪ َ ّ‬ ‫ﻏـﺪا ُ ُ‬ ‫ﺑـﺎﻟـﺴـﺮ َ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ِ ﱢ ﱢ‬ ‫واﻟﻬﺎم َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫واﻟﻜﺘِ ُ‬ ‫اﻟـﻌـﺠـﺎب ا ْ َ‬ ‫ﻟﻬﺎ ُ َ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻧﺤﻨَﻰ َ َ ُ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ﻓﺒﺪا‬ ‫ﺻـﺎﻏـﻪ َ َ َ‬ ‫ﺣـﺮﻓـ َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ﻓـﺤـﺮﻓـ َ َ ُ‬ ‫أﻧـﺎي َ ْ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺤﻨَ ُ‬ ‫ْـﻬـﻪ َ‬ ‫ﺻـﺮاﻃ ُﻛـﻨ ُ ُ‬ ‫ﻟﺴﺎﻧــــﻲ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓـﻮق ﱡ َ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ﻛﻌﺼﺎ‬ ‫ﺗﺮاه ِﻓﻲ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺪى َ َ َ‬ ‫اﻟﻠﻐﺎت َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺴﺖ َ ْﻳﻠَﺘـﻘـ ُ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻨ َ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ َ‬ ‫ﱠﺎﺣﻴﺎت ّ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ْ َ ِ‬ ‫وﻟﻪ‬ ‫َﻣﺎ‬ ‫اﻟﺴﺮ َ ّ‬ ‫اﻧﺘﺎﺑﻨﻲ َ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫اﻷﻣﺮ؟ َﻣﺎ ﱢ ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﺸﺎ‪َ َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻛﻮى َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫وﻳـﻜـﺄﱢﻧـﻲ َﻋﺎﺷٌﻖ َدﻧ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ ِ‬ ‫ﺟﺴﺪي‬ ‫َ َ‬ ‫اﻟﺮﻳِﺢ‪َ ،‬وا َ َ‬ ‫ﺗﺠﺎذﺑـﺘـﻨـﻲ َ َأﻳﺎدي ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺠ َﺪ ُ‬ ‫ﺗـﻔـﻬـﺎ َ‬ ‫ﻏـﺒـﺮ ٌة َﻗـﺪ َ ﱠ َ‬ ‫ﻛﺄ ﱠﻧـﻨـﻲ ُ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫أﻟﺘﻤﺲ َﺷﻴﺌ ِ‬ ‫أﻣﺸﻲ َ َ‬ ‫ﻫﺪى‬ ‫ﻳﻀﻲء ُ َ ً‬ ‫وﻟﻢ َ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻛﻨﺖ ِﻓـﻲ َ ٍ ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫أﺳـ ُ‬ ‫ِإذ ُ ُ‬ ‫أﺳﻒ ﻣـﻦ َﻓﻮﻗﻪ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫اﻟـﺠـﺎﻫﻠﻴﺔ ﻗﺪ ﺣﻤﻠﻘﺖ َﻋﻦ َ َ ٍ‬ ‫ﻛﺜﺐ‬ ‫ﻓـﻲ َ ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺣـﻤـﻠـﻘـﺔ ِﻣـﻤــــــــــﺎ َأرى َ ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺗـﺠـ ُ‬ ‫َ​َ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫وأي َ ْ َ َ ﱠ‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫اﻟﺠﺰﻳﺮة ِﻓﻲ َ ْ َ ِ‬ ‫ﺳـﺎرﺣ ًﺔ‬ ‫َ َأرى َ ِ َ َ‬ ‫اﻷدﻧﺎس َ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳـﺮﻋــﺎن َﻣــــﺎ َ ِ‬ ‫ﺷـﻬﻮﺗـﻬـــﺎ ُ ْ َ َ‬ ‫ف‬ ‫ﺗـﺰ ُ‬ ‫وراء َ ْ َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ﻗﺮﻳﺶ َ َ‬ ‫ﻫـﺬي ُ َ ٌ‬ ‫اﻷﺻﻨ ِ‬ ‫َﺎم َ ِ َ ٌ‬ ‫ﻋـﺎﻛﻔﺔ‬ ‫ﻋـﻠﻰ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗـﻘـ َ ِ‬ ‫اﻟﺴﺮ َ َ َ ِ‬ ‫اﻟﻔﺤﺸﺎء َ ْ‬ ‫ف‬ ‫ﺘﺮ ُ‬ ‫واﻟﻌﻠﻦ َ ْ َ َ‬ ‫ﻓﻲ ﱢ‬ ‫ﺗـﺒـﺼـﺮة‬ ‫اﻷزﻻم َ ْ ِ َ ً‬ ‫اﻟـﺘـﻄـﻴﺮ َو َ ْ َ َ‬ ‫ﺗـﺮى ﱠ َ ﱡ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻫﻤﺎ اﻟ ﱠ َ‬ ‫َﻇـ ﻨﱠـ ْﺘـﻬﻤﺎ ُ ْ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺘﻠـ ُ‬ ‫رﺷ َ َ‬ ‫ﺪﻫـﺎ ْ‬ ‫ﻟﻜﻦ ُ َ‬ ‫ﻓﺴﺤﺘﻬﺎ‬ ‫َ ْ ُ َُ‬ ‫اﻟﺒﻄﻦ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ﻣـﻌـﺒـﻮدﻫـﺎ َﻫﻨ َُﻬﺎ َو َ ْ ُ‬ ‫َ ﱢ ْ ُ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺠﺎه َو اﻟـ ﱠ َﺘﺮ ُ‬ ‫ﻧﻬﺎ َو َ ُ‬ ‫دﻳ َﺪ ُ َ‬ ‫واﻟﺸـﺮك َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻇﻠﺖ ِ َإﻟﻰ َ ْ‬ ‫ﺣﻜﻤﺘﻪ‬ ‫َﱠ ْ‬ ‫أن َ َ‬ ‫ﻗﻀﻰ ُ ﱡ ُ‬ ‫اﻟـﻘﺪوس ْ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓـﺠـﺎء ْ ِ ُ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺸﺮ ُ‬ ‫اﻹﺳﻼم َو َ َ‬ ‫ﺟـﺒﺮﻳﻞ َو ْ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫وﻻدﺗـﻪ َ َ ْ‬ ‫ﻛـﻠـﻬـﻢ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ﺣـﺎﻧـﺖ ِ َ َ ُ ُ‬ ‫ﻓـﺎﻟــﺨـﻠُﻖ ُ ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دﻫـﺸـﺔ َ َ ُ‬ ‫ِﱠ َ‬ ‫ﻣـﻮﻟـﺪه ﻓــــــــــﻲ َ ْ َ‬ ‫وﻗـﻔﻮا‬ ‫إﺑـﺎن َ ْ‬

‫رﻏـﺒـﺔ َﻻ ِ ْ َ ً‬ ‫ﻓﺄﺳـﻠﻤــــــــــــﻮا َ ْ َ ً‬ ‫وﺷﺮوا‬ ‫ﺧـﻴـﻔـﺔ َ َ َ‬ ‫َ​َ ْ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷـﻔـﻬـﻢ َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺷﻈ ُ‬ ‫روﺣـﻬـﻢ َﻣــــــﺎ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺪاءه ُ َ ُ‬ ‫ﻓَ َُ‬ ‫اﻹﻧـﺠــــــــﻴـﻞ ِ‬ ‫ذﻛـﺮ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﺳــــــــﻴـﺮﺗﻪ‬ ‫َﺗـﺎﷲِ َ ْ‬ ‫َ​َُ‬ ‫ﻗـﺪ َ َ َ‬ ‫ﻛـﺬاك ِﻣـﻦ َ ِ ِ‬ ‫واﻟﺼﺤـــــﻒ‬ ‫ﻗـﺒـﻠﻪ ﱠ ْ َ ُ‬ ‫اﻟﺘﻮراة َ ﱡ ُ‬ ‫َ َ َ ْ ْ‬ ‫اﻟﺮؤى اﺗﻀﺤﺖ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ﻓﺸـﻴﺌ َو ﱡ َ‬ ‫ﺷـﻴﺌ َ َ َ‬ ‫دﻧﻮت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وراح ُ ْ ُ‬ ‫اﻟـﺤـﺐ َو َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺸﻐ ُ‬ ‫ﻳﺸﻌﻞ َﻧـﺎري ُ ﱡ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫َِ‬ ‫وإذ َ َ ِ‬ ‫أﺑﺼﺮت ِ َ َ‬ ‫ﻃـــﻴـﺒـﺔ َﻗـﺪ‬ ‫اﻟﺠﻮى َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌـﻴﻦ َ َ‬ ‫ﺑــــﺤــــﻠــــﻲ ِ‬ ‫َـﺖ ِ ُ ِ‬ ‫ﻇــــﻠــــﻪ َ ِ‬ ‫ف‬ ‫ﻳــــﺮ ُ‬ ‫ﺗـﺰﻳـﻨ ْ‬ ‫ﱡ ُ‬ ‫َ​َﱠ‬ ‫ﱟ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َِ‬ ‫ﻣـﻤـﺘـﻄـﻴـــــــ‬ ‫ﻟـﻠﻘﺼـﻮاء ُ ْ َ َ‬ ‫ﺑـﺄﺣـﻤـﺪ َ ْ َ‬ ‫وإذ َ َ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﻤﺪ َ ﱠ ْ ِ ِ‬ ‫واﻟﺘﻜﺒﻴﺮ َﻗﺪ َ َ ُ‬ ‫ﻫﺘﻔﻮا‬ ‫واﻟﺼـﺤـﺐ ِ َ‬ ‫َ ﱠ ْ ُ‬ ‫)‪(٧‬‬ ‫أﻳـﻦ؟ ِ َإﻟﻰ‬ ‫واﻟﺼﺤﺐ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﺒﻰ َ ﱠ ْ ُ‬ ‫أﻳﻬﺎ ُ ْ َ َ‬ ‫َﻳـﺎ َ ﱡ َ‬ ‫اﻟﻮﻏــــــــﻰ َ ِ‬ ‫أﺣ ٍﺪ َ ﱠ‬ ‫ﻋﻞ َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺗﻬ ُ‬ ‫َﺑﺪ ٍر ِ َإﻟـــــــﻰ ُ ُ‬ ‫َـﻴـﻦ ِ َإﻟـــﻰ َ ِ‬ ‫ِ َإﻟــﻰ ُﺣﻨ ٍ‬ ‫ذات ﱢ َ‬ ‫اﻟـﺮﻗـﺎِع ِ َإﻟـــﻰ‬ ‫ﻼص َ ِ‬ ‫ﻟـﻪ َ ُ ِ‬ ‫ﻣﺮﺗﺼﻒ‬ ‫َﻓـﺘــٍح َ ُ‬ ‫اﻟـﻘـﻠﺐ ﺑﺎﻹﺧ َ ِ ُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟـﻮﺣﻲ َ َ ْ َ ُ‬ ‫أﺟﻨﺪة‬ ‫واﻷﻣﻼك َ ْ ِ َ ٌ‬ ‫ﻓـﻲ َﺟﻴـﺸـﻪ َ ْ ُ‬ ‫رﻫـﻦ ِ َ ِ‬ ‫اﻹﺷـﺎرة َﻣﺎ َ ُ‬ ‫وﻣﺎ ْ َ َ ُ‬ ‫اﻧﺤﺮﻓــــﻮا‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ﻣﺎﻟــــﻮا َ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺑـﻄـﻮﻟﺘﻪِ‬ ‫ﻏـﺮﻗـﻰ ِﻓـﻲ ُ َ ِ‬ ‫ﻛﻞ َ ِ‬ ‫اﻟﻮﻗـﺎﺋـﻊِ َ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُﱡ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﻬَﺪ ُ‬ ‫ﻟـﻪ َ‬ ‫ﻳـﺮد َﻫـَﺪﻓـــــــــ َ ْ َ ْ‬ ‫ﻓـﺈن ُ ِ ْ‬ ‫ﻳـﺨـﻀﻊ َ ُ‬ ‫ﻣـﻮﺿـﻊ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أﻧـﺸـﻘﻪ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ﻧـﻌـﻠـﻴـﻪ َو َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫أﺑـﻮس َ‬ ‫ِﺣﺮﻗﺔً َذاب ِ‬ ‫ﱠـﺴـﻞ َو َ َ‬ ‫ﻓـــــــــﻴﻬﺎ اﻟـﻨ ْ ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺴـﻠ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫اﻟﻌﻴﻮن َ َ‬ ‫ﺿﻔﺎ‬ ‫ﻓـﺎﻟـﻤـﺎء ﻣـﻦ َراﺣـﻪ ﻣﺜﻞ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُﱡ‬ ‫ﺑﻌﺪﻣـﺎ ْ َ َ ُ‬ ‫اﻟﺘﻬﻔـــﻮا‬ ‫اﻟﺠﻨُــﻮد ْ َ َ‬ ‫ﻛﻞ ُ‬ ‫ارﺗﻮوا ﻣـﻦ َ َ‬ ‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ِﻣـﻦ َ َ ٍ‬ ‫ﺧﻴﺮ َﻣـﻦ َ َ َ‬ ‫ﺑﺸﺮ‬ ‫أرﺳﻞ ﱠ َ ُ‬ ‫َﻳـﺎ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دوﻧﻚ‪ُ َ َ ْ ،‬‬ ‫َوﻣـﻦ َﻣـ َ َ‬ ‫ﻼﺋـﻜـﺔ‪ُ ،‬ﻫﻢ ُ َ َ‬ ‫اﻋﺘﺮﻓــــــــﻮا‬ ‫َ ْ َﱡ‬ ‫ﻳﺴﺘﻞ ِﻣـﻨ َ‬ ‫ﻧﺴﻤﺘﻪ‬ ‫اﻟـﻬـﻮاء ﱠ ْ ُ‬ ‫اﻟﺮﻃﺐ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ْـﻚ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻘﻄﺮ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وﺟﻨَ َ ْ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳﺮﺗﺸـ ُ‬ ‫ﻣـﻦ َ ْ‬ ‫واﻟﻐــــــــﻴﻢ ْ‬ ‫ﺘﻴﻚ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﺮص ﱠ ِ‬ ‫وﻣﻦ َ ِ ِ َ‬ ‫ﻣﻄﻠﻌﻪ‬ ‫َ‬ ‫ﺟـﺒـﻴـﻨﻚ ُ ْ ُ‬ ‫اﻟﺸﻤﺲ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳـﻐـ َ ِ‬ ‫ﻛﻔـﻚ ْ َ‬ ‫اﻟﻤﻌﻄﺎء َ ْ‬ ‫واﻟﺠــــــــﻮد ﻣﻦ َ ﱢ َ‬ ‫ف‬ ‫ﺘـﺮ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١‬اﻟﺤﺒﻚ‪ :‬ﺟﻤﻊ ﺣﺒﻴﻜﺔ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ‬ ‫)‪ (٣‬ﺗﺠﻒ‪ :‬ﺗﻀﻄﺮب‬

‫)‪ (٢‬ﻛﻨﻬﻪ‪ :‬أي ﺟﻮﻫﺮه‪ ،‬واﻟﺤﻨﻒ‪ :‬اﻟﻤﻴﻞ وﻣﻨﻪ اﻟﺤﻨﻴﻔﻴﺔ أي ﻣﻠﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻤﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﻖ واﻻﻋﻨﺪال‬

‫)‪(٥‬‬

‫اﻟﻌــﺮش ِﻣـﻦ َ َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫أزل‬ ‫رب َ‬ ‫ﺳﻠﻢ َ ﱡ‬ ‫ﺻـﻠـــﻰ َو َ ﱠ َ‬ ‫)‪(٩‬‬

‫َـﺎء َ ْ َ َ‬ ‫ﺣـﺮﺑـﻬـﻢ‬ ‫ﻗـﻴـﻠـﺔ َﻗــــــــــﺪ َ ْ َ ْ َ‬ ‫أﻃـﻔـﺄت َ ْ َ ُ ُ‬ ‫َ ْأﺑﻨ ُ‬

‫ِ‬ ‫ﺪاء َو ﱡ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺴﻘ ُ‬ ‫ﻓـﺎزداَﻧـﺖ َ‬ ‫ﻋـﻠـﻴـﻚ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺒﻴ َ ُ‬ ‫ِﻣﻦ ِ‬ ‫ﺑﻌﺪ ُ ْ َ ِ ِ‬ ‫ﻓﺮﻗـﺘـﻬﻢ ِﻓـــــﻲ ِ ﱢ َ‬ ‫ﻇﻠﻚ اﺋـﺘـﻠﻔﻮا‬ ‫َْ‬

‫َ ﱢ‬ ‫ﺗﻜﺮﻣـ ًﺔ‬ ‫ﺳﻤﺎﻫﻢ َ ْ َ‬ ‫اﻷﻧﺼﺎ َر َ ْ ُ َ‬ ‫ﻓﺎﻟﺬﻛ ُﺮ َ ﱠ ُ ُ‬ ‫إذ ﻓـﻲ ﻣﻨﺎﺻﺮة اﻹﺳﻼم ﻣـﺎ ضَعُفُوا‬ ‫ٍ‬ ‫ﻧـﺼـﺮت ِ ﱡ ْ ِ‬ ‫ﻣﻌـﺠﺰة‬ ‫آﻳـﺎت َو ُ ْ ِ َ ً‬ ‫ُ ِ ْ َ‬ ‫ﺑـﺎﻟـﺮﻋـﺐ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻫﻮى‬ ‫اﻟﻐﺎﺑﺮﻳﻦ َ َ ً‬ ‫ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻓﻲ َ ِ ِ َ‬ ‫َﻛـﱠﻼ َ َأﻧـﺎ َ َ‬ ‫ﻟﻢ َ ْ ِ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫اﻟﻬﻮى َ َ َ ً‬ ‫أﺑﺪا‬ ‫ﻣﻌﻨَﻰ َ َ‬ ‫أدر َﻣـﺎ َ ْ‬ ‫ﻟـﻮﻻك َ ْ‬ ‫اﻟﻤﻬﺪاة ُذو َ َ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫ﻫـﻮ ﱠ ْ َ ُ‬ ‫زﻟﻒ‬ ‫اﻟــﺮﺣﻤﺔ ُ ْ َ ُ‬ ‫ﻫـﺬا ُ َ‬ ‫اﻟﻐﺮاء ِﻓـــــﻲ َ َ ِ‬ ‫ﺗــﺪور ِ ُ ِ‬ ‫ﺧﻠﺪي‬ ‫ﺳــﻴـﺮﺗﻪ َ ﱠ‬ ‫َ ُ ُ َْ‬ ‫ﺷﻌﺮاء َ ِ ُ َ‬ ‫ﻟـﻪ‬ ‫ﻣـﺎدﺣﻮن َ ُ‬ ‫ﻣـﻬـﻤـﺎ َ َأﺗـــــــﻰ ُ َ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ‬

‫ﻣﺴــــﻴﺮَة ﱠ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻜـﻔـﺮ َ َ ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳـﺮﺗﺠ ُ‬ ‫ْ‬ ‫اﻟﺸﻬﺮ ﻣﻨ َْﻚ ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻛﻢ ِﻓﻲ ِ ِ‬ ‫ِﱠ َ‬ ‫اﻟﻌﺸــــﻖ َ ْ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳﺨَﺘﻠِ ُ‬ ‫ﻓـﺎﻟﻐـﻴﺮ َ ْ‬ ‫إﻻك َ َ ُ‬ ‫إن اﻟﻬﻮى ِﻓــــــــﻲ ُ َ ِ‬ ‫ﻓـﺆادي َ ْ َ ٌ‬ ‫ﻒ‬ ‫روﺿﺔ ُأُﻧ ُ‬ ‫ِﱠ َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻮرى َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫زﻟـ ُ‬ ‫ﻣﺜﻠﻪ ِ ْ‬ ‫إي َ َ ﱢ‬ ‫َﻣﺎ ْ ُ ُ‬ ‫ورﺑــــﻲ ﻓـــــﻲ َ َ‬ ‫ﷲُ ْ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺗـﺤـ ُ‬ ‫ﺗـﻌـﻠـﻬـــــــﺎ ُ َ‬ ‫ﻟـﻢ َ ْ ُ َ‬ ‫ﺗـﺤـﻔـ ُ َ‬ ‫ﺘـﻬـــــــﺎ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓـﻮق َﻣـﺎ َ ُ‬ ‫ﻗﺎﻟـــــــﻮا َو َﻣﺎ َ َ ُ‬ ‫ﻓـﺈﻧـﻪ َ ْ َ‬ ‫وﺻﻔـــــــﻮا‬ ‫ِﱠ ُ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٩‬أﺑﻨﺎء ﻗﻴﻠﺔ‪ :‬ﻫﻢ اﻷوس واﻟﺨﺰرج وﻗﻴﻞ ﻫﻲ ﺟﺪﲥﻢ وﻳﻨﺴﺒﻮن إﻟﻴﻬﺎ‬

‫)‪ (٤‬ﺗﺰف‪ :‬ﺗﺴﺮع )‪ (٥‬اﻟﺸﻈﻒ‪ :‬اﻟﻀﻴﻖ )‪ (٦‬ﻳﺮف‪ :‬ﻳﺘﺴﻊ وﻳﻤﺘﺪ )‪ (٧‬ﲥﻒ‪ :‬ﺗﻌﺼﻒ‬

‫)‪ (٨‬اﻟﺘﻬﻔﻮا‪ :‬اﺣﱰﻗﻮا ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻌﻄﺶ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬

‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻚ ﺍﻟﹶﻘﺼﻴ‪‬ﺪ‬ ‫‪‬ﺣ‪‬ﺒ ‪‬‬ ‫ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ‪ :‬ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟ‪‬ﺤ‪‬ﺰﺍﹺﻧﻲ‬ ‫ف‬ ‫ﻃـﺮ ُ‬ ‫دﺟﻰ َ َ ْ ُ‬ ‫ﻧـﺴـﺠﺖ َﻛـَﻼﻣـ َ َ ُ‬ ‫ﻣـﺎﻟـﻪ َ َ‬ ‫ُ َ ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫َـﺎس َ ْﺗﻠ َﺘـﺤـ ُ‬ ‫اﻟـﻄـﺒـﺎﺋﻊ َ َ ْ‬ ‫ِﺑـﻪ ﱠ َ ُ‬ ‫واﻷﺟـ ﻨ ُ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ﺣﺒﻜ‬ ‫ﺣـﺘـﻰ َ َ‬ ‫زرﻛﺸﺘﻪ َ ّ‬ ‫ﻏـﺪا ُ ُ‬ ‫ﺑـﺎﻟـﺴـﺮ َ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ِ ﱢ ﱢ‬ ‫واﻟﻬﺎم َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫واﻟﻜﺘِ ُ‬ ‫اﻟـﻌـﺠـﺎب ا ْ َ‬ ‫ﻟﻬﺎ ُ َ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻧﺤﻨَﻰ َ َ ُ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ﻓﺒﺪا‬ ‫ﺻـﺎﻏـﻪ َ َ َ‬ ‫ﺣـﺮﻓـ َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ﻓـﺤـﺮﻓـ َ َ ُ‬ ‫أﻧـﺎي َ ْ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺤﻨَ ُ‬ ‫ْـﻬـﻪ َ‬ ‫ﺻـﺮاﻃ ُﻛـﻨ ُ ُ‬ ‫ﻟﺴﺎﻧــــﻲ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓـﻮق ﱡ َ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ﻛﻌﺼﺎ‬ ‫ﺗﺮاه ِﻓﻲ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺪى َ َ َ‬ ‫اﻟﻠﻐﺎت َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺴﺖ َ ْﻳﻠَﺘـﻘـ ُ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻨ َ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ َ‬ ‫ﱠﺎﺣﻴﺎت ّ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ْ َ ِ‬ ‫وﻟﻪ‬ ‫َﻣﺎ‬ ‫اﻟﺴﺮ َ ّ‬ ‫اﻧﺘﺎﺑﻨﻲ َ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫اﻷﻣﺮ؟ َﻣﺎ ﱢ ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﺸﺎ‪َ َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻛﻮى َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫وﻳـﻜـﺄﱢﻧـﻲ َﻋﺎﺷٌﻖ َدﻧ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ ِ‬ ‫ﺟﺴﺪي‬ ‫َ َ‬ ‫اﻟﺮﻳِﺢ‪َ ،‬وا َ َ‬ ‫ﺗﺠﺎذﺑـﺘـﻨـﻲ َ َأﻳﺎدي ﱢ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺠ َﺪ ُ‬ ‫ﺗـﻔـﻬـﺎ َ‬ ‫ﻏـﺒـﺮ ٌة َﻗـﺪ َ ﱠ َ‬ ‫ﻛﺄ ﱠﻧـﻨـﻲ ُ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫أﻟﺘﻤﺲ َﺷﻴﺌ ِ‬ ‫أﻣﺸﻲ َ َ‬ ‫ﻫﺪى‬ ‫ﻳﻀﻲء ُ َ ً‬ ‫وﻟﻢ َ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻛﻨﺖ ِﻓـﻲ َ ٍ ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫أﺳـ ُ‬ ‫ِإذ ُ ُ‬ ‫أﺳﻒ ﻣـﻦ َﻓﻮﻗﻪ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫اﻟـﺠـﺎﻫﻠﻴﺔ ﻗﺪ ﺣﻤﻠﻘﺖ َﻋﻦ َ َ ٍ‬ ‫ﻛﺜﺐ‬ ‫ﻓـﻲ َ ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺣـﻤـﻠـﻘـﺔ ِﻣـﻤــــــــــﺎ َأرى َ ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺗـﺠـ ُ‬ ‫َ​َ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫وأي َ ْ َ َ ﱠ‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫اﻟﺠﺰﻳﺮة ِﻓﻲ َ ْ َ ِ‬ ‫ﺳـﺎرﺣ ًﺔ‬ ‫َ َأرى َ ِ َ َ‬ ‫اﻷدﻧﺎس َ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳـﺮﻋــﺎن َﻣــــﺎ َ ِ‬ ‫ﺷـﻬﻮﺗـﻬـــﺎ ُ ْ َ َ‬ ‫ف‬ ‫ﺗـﺰ ُ‬ ‫وراء َ ْ َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ﻗﺮﻳﺶ َ َ‬ ‫ﻫـﺬي ُ َ ٌ‬ ‫اﻷﺻﻨ ِ‬ ‫َﺎم َ ِ َ ٌ‬ ‫ﻋـﺎﻛﻔﺔ‬ ‫ﻋـﻠﻰ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗـﻘـ َ ِ‬ ‫اﻟﺴﺮ َ َ َ ِ‬ ‫اﻟﻔﺤﺸﺎء َ ْ‬ ‫ف‬ ‫ﺘﺮ ُ‬ ‫واﻟﻌﻠﻦ َ ْ َ َ‬ ‫ﻓﻲ ﱢ‬ ‫ﺗـﺒـﺼـﺮة‬ ‫اﻷزﻻم َ ْ ِ َ ً‬ ‫اﻟـﺘـﻄـﻴﺮ َو َ ْ َ َ‬ ‫ﺗـﺮى ﱠ َ ﱡ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻫﻤﺎ اﻟ ﱠ َ‬ ‫َﻇـ ﻨﱠـ ْﺘـﻬﻤﺎ ُ ْ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺘﻠـ ُ‬ ‫رﺷ َ َ‬ ‫ﺪﻫـﺎ ْ‬ ‫ﻟﻜﻦ ُ َ‬ ‫ﻓﺴﺤﺘﻬﺎ‬ ‫َ ْ ُ َُ‬ ‫اﻟﺒﻄﻦ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ﻣـﻌـﺒـﻮدﻫـﺎ َﻫﻨ َُﻬﺎ َو َ ْ ُ‬ ‫َ ﱢ ْ ُ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺠﺎه َو اﻟـ ﱠ َﺘﺮ ُ‬ ‫ﻧﻬﺎ َو َ ُ‬ ‫دﻳ َﺪ ُ َ‬ ‫واﻟﺸـﺮك َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻇﻠﺖ ِ َإﻟﻰ َ ْ‬ ‫ﺣﻜﻤﺘﻪ‬ ‫َﱠ ْ‬ ‫أن َ َ‬ ‫ﻗﻀﻰ ُ ﱡ ُ‬ ‫اﻟـﻘﺪوس ْ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓـﺠـﺎء ْ ِ ُ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﺸﺮ ُ‬ ‫اﻹﺳﻼم َو َ َ‬ ‫ﺟـﺒﺮﻳﻞ َو ْ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫وﻻدﺗـﻪ َ َ ْ‬ ‫ﻛـﻠـﻬـﻢ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ﺣـﺎﻧـﺖ ِ َ َ ُ ُ‬ ‫ﻓـﺎﻟــﺨـﻠُﻖ ُ ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دﻫـﺸـﺔ َ َ ُ‬ ‫ِﱠ َ‬ ‫ﻣـﻮﻟـﺪه ﻓــــــــــﻲ َ ْ َ‬ ‫وﻗـﻔﻮا‬ ‫إﺑـﺎن َ ْ‬

‫رﻏـﺒـﺔ َﻻ ِ ْ َ ً‬ ‫ﻓﺄﺳـﻠﻤــــــــــــﻮا َ ْ َ ً‬ ‫وﺷﺮوا‬ ‫ﺧـﻴـﻔـﺔ َ َ َ‬ ‫َ​َ ْ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷـﻔـﻬـﻢ َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺷﻈ ُ‬ ‫روﺣـﻬـﻢ َﻣــــــﺎ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺪاءه ُ َ ُ‬ ‫ﻓَ َُ‬ ‫اﻹﻧـﺠــــــــﻴـﻞ ِ‬ ‫ذﻛـﺮ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﺳــــــــﻴـﺮﺗﻪ‬ ‫َﺗـﺎﷲِ َ ْ‬ ‫َ​َُ‬ ‫ﻗـﺪ َ َ َ‬ ‫ﻛـﺬاك ِﻣـﻦ َ ِ ِ‬ ‫واﻟﺼﺤـــــﻒ‬ ‫ﻗـﺒـﻠﻪ ﱠ ْ َ ُ‬ ‫اﻟﺘﻮراة َ ﱡ ُ‬ ‫َ َ َ ْ ْ‬ ‫اﻟﺮؤى اﺗﻀﺤﺖ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ﻓﺸـﻴﺌ َو ﱡ َ‬ ‫ﺷـﻴﺌ َ َ َ‬ ‫دﻧﻮت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وراح ُ ْ ُ‬ ‫اﻟـﺤـﺐ َو َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺸﻐ ُ‬ ‫ﻳﺸﻌﻞ َﻧـﺎري ُ ﱡ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫َِ‬ ‫وإذ َ َ ِ‬ ‫أﺑﺼﺮت ِ َ َ‬ ‫ﻃـــﻴـﺒـﺔ َﻗـﺪ‬ ‫اﻟﺠﻮى َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌـﻴﻦ َ َ‬ ‫ﺑــــﺤــــﻠــــﻲ ِ‬ ‫َـﺖ ِ ُ ِ‬ ‫ﻇــــﻠــــﻪ َ ِ‬ ‫ف‬ ‫ﻳــــﺮ ُ‬ ‫ﺗـﺰﻳـﻨ ْ‬ ‫ﱡ ُ‬ ‫َ​َﱠ‬ ‫ﱟ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َِ‬ ‫ﻣـﻤـﺘـﻄـﻴـــــــ‬ ‫ﻟـﻠﻘﺼـﻮاء ُ ْ َ َ‬ ‫ﺑـﺄﺣـﻤـﺪ َ ْ َ‬ ‫وإذ َ َ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﻤﺪ َ ﱠ ْ ِ ِ‬ ‫واﻟﺘﻜﺒﻴﺮ َﻗﺪ َ َ ُ‬ ‫ﻫﺘﻔﻮا‬ ‫واﻟﺼـﺤـﺐ ِ َ‬ ‫َ ﱠ ْ ُ‬ ‫)‪(٧‬‬ ‫أﻳـﻦ؟ ِ َإﻟﻰ‬ ‫واﻟﺼﺤﺐ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﺒﻰ َ ﱠ ْ ُ‬ ‫أﻳﻬﺎ ُ ْ َ َ‬ ‫َﻳـﺎ َ ﱡ َ‬ ‫اﻟﻮﻏــــــــﻰ َ ِ‬ ‫أﺣ ٍﺪ َ ﱠ‬ ‫ﻋﻞ َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺗﻬ ُ‬ ‫َﺑﺪ ٍر ِ َإﻟـــــــﻰ ُ ُ‬ ‫َـﻴـﻦ ِ َإﻟـــﻰ َ ِ‬ ‫ِ َإﻟــﻰ ُﺣﻨ ٍ‬ ‫ذات ﱢ َ‬ ‫اﻟـﺮﻗـﺎِع ِ َإﻟـــﻰ‬ ‫ﻼص َ ِ‬ ‫ﻟـﻪ َ ُ ِ‬ ‫ﻣﺮﺗﺼﻒ‬ ‫َﻓـﺘــٍح َ ُ‬ ‫اﻟـﻘـﻠﺐ ﺑﺎﻹﺧ َ ِ ُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟـﻮﺣﻲ َ َ ْ َ ُ‬ ‫أﺟﻨﺪة‬ ‫واﻷﻣﻼك َ ْ ِ َ ٌ‬ ‫ﻓـﻲ َﺟﻴـﺸـﻪ َ ْ ُ‬ ‫رﻫـﻦ ِ َ ِ‬ ‫اﻹﺷـﺎرة َﻣﺎ َ ُ‬ ‫وﻣﺎ ْ َ َ ُ‬ ‫اﻧﺤﺮﻓــــﻮا‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ﻣﺎﻟــــﻮا َ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺑـﻄـﻮﻟﺘﻪِ‬ ‫ﻏـﺮﻗـﻰ ِﻓـﻲ ُ َ ِ‬ ‫ﻛﻞ َ ِ‬ ‫اﻟﻮﻗـﺎﺋـﻊِ َ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُﱡ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬ ‫ف‬ ‫اﻟﻬَﺪ ُ‬ ‫ﻟـﻪ َ‬ ‫ﻳـﺮد َﻫـَﺪﻓـــــــــ َ ْ َ ْ‬ ‫ﻓـﺈن ُ ِ ْ‬ ‫ﻳـﺨـﻀﻊ َ ُ‬ ‫ﻣـﻮﺿـﻊ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أﻧـﺸـﻘﻪ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ﻧـﻌـﻠـﻴـﻪ َو َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫أﺑـﻮس َ‬ ‫ِﺣﺮﻗﺔً َذاب ِ‬ ‫ﱠـﺴـﻞ َو َ َ‬ ‫ﻓـــــــــﻴﻬﺎ اﻟـﻨ ْ ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺴـﻠ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫اﻟﻌﻴﻮن َ َ‬ ‫ﺿﻔﺎ‬ ‫ﻓـﺎﻟـﻤـﺎء ﻣـﻦ َراﺣـﻪ ﻣﺜﻞ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُﱡ‬ ‫ﺑﻌﺪﻣـﺎ ْ َ َ ُ‬ ‫اﻟﺘﻬﻔـــﻮا‬ ‫اﻟﺠﻨُــﻮد ْ َ َ‬ ‫ﻛﻞ ُ‬ ‫ارﺗﻮوا ﻣـﻦ َ َ‬ ‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ِﻣـﻦ َ َ ٍ‬ ‫ﺧﻴﺮ َﻣـﻦ َ َ َ‬ ‫ﺑﺸﺮ‬ ‫أرﺳﻞ ﱠ َ ُ‬ ‫َﻳـﺎ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دوﻧﻚ‪ُ َ َ ْ ،‬‬ ‫َوﻣـﻦ َﻣـ َ َ‬ ‫ﻼﺋـﻜـﺔ‪ُ ،‬ﻫﻢ ُ َ َ‬ ‫اﻋﺘﺮﻓــــــــﻮا‬ ‫َ ْ َﱡ‬ ‫ﻳﺴﺘﻞ ِﻣـﻨ َ‬ ‫ﻧﺴﻤﺘﻪ‬ ‫اﻟـﻬـﻮاء ﱠ ْ ُ‬ ‫اﻟﺮﻃﺐ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ْـﻚ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻘﻄﺮ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وﺟﻨَ َ ْ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳﺮﺗﺸـ ُ‬ ‫ﻣـﻦ َ ْ‬ ‫واﻟﻐــــــــﻴﻢ ْ‬ ‫ﺘﻴﻚ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﺮص ﱠ ِ‬ ‫وﻣﻦ َ ِ ِ َ‬ ‫ﻣﻄﻠﻌﻪ‬ ‫َ‬ ‫ﺟـﺒـﻴـﻨﻚ ُ ْ ُ‬ ‫اﻟﺸﻤﺲ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳـﻐـ َ ِ‬ ‫ﻛﻔـﻚ ْ َ‬ ‫اﻟﻤﻌﻄﺎء َ ْ‬ ‫واﻟﺠــــــــﻮد ﻣﻦ َ ﱢ َ‬ ‫ف‬ ‫ﺘـﺮ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١‬اﻟﺤﺒﻚ‪ :‬ﺟﻤﻊ ﺣﺒﻴﻜﺔ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ‬ ‫)‪ (٣‬ﺗﺠﻒ‪ :‬ﺗﻀﻄﺮب‬

‫)‪ (٢‬ﻛﻨﻬﻪ‪ :‬أي ﺟﻮﻫﺮه‪ ،‬واﻟﺤﻨﻒ‪ :‬اﻟﻤﻴﻞ وﻣﻨﻪ اﻟﺤﻨﻴﻔﻴﺔ أي ﻣﻠﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻤﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﻖ واﻻﻋﻨﺪال‬

‫)‪(٥‬‬

‫اﻟﻌــﺮش ِﻣـﻦ َ َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫أزل‬ ‫رب َ‬ ‫ﺳﻠﻢ َ ﱡ‬ ‫ﺻـﻠـــﻰ َو َ ﱠ َ‬ ‫)‪(٩‬‬

‫َـﺎء َ ْ َ َ‬ ‫ﺣـﺮﺑـﻬـﻢ‬ ‫ﻗـﻴـﻠـﺔ َﻗــــــــــﺪ َ ْ َ ْ َ‬ ‫أﻃـﻔـﺄت َ ْ َ ُ ُ‬ ‫َ ْأﺑﻨ ُ‬

‫ِ‬ ‫ﺪاء َو ﱡ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫اﻟﺴﻘ ُ‬ ‫ﻓـﺎزداَﻧـﺖ َ‬ ‫ﻋـﻠـﻴـﻚ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺒﻴ َ ُ‬ ‫ِﻣﻦ ِ‬ ‫ﺑﻌﺪ ُ ْ َ ِ ِ‬ ‫ﻓﺮﻗـﺘـﻬﻢ ِﻓـــــﻲ ِ ﱢ َ‬ ‫ﻇﻠﻚ اﺋـﺘـﻠﻔﻮا‬ ‫َْ‬

‫َ ﱢ‬ ‫ﺗﻜﺮﻣـ ًﺔ‬ ‫ﺳﻤﺎﻫﻢ َ ْ َ‬ ‫اﻷﻧﺼﺎ َر َ ْ ُ َ‬ ‫ﻓﺎﻟﺬﻛ ُﺮ َ ﱠ ُ ُ‬ ‫إذ ﻓـﻲ ﻣﻨﺎﺻﺮة اﻹﺳﻼم ﻣـﺎ ضَعُفُوا‬ ‫ٍ‬ ‫ﻧـﺼـﺮت ِ ﱡ ْ ِ‬ ‫ﻣﻌـﺠﺰة‬ ‫آﻳـﺎت َو ُ ْ ِ َ ً‬ ‫ُ ِ ْ َ‬ ‫ﺑـﺎﻟـﺮﻋـﺐ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻫﻮى‬ ‫اﻟﻐﺎﺑﺮﻳﻦ َ َ ً‬ ‫ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻓﻲ َ ِ ِ َ‬ ‫َﻛـﱠﻼ َ َأﻧـﺎ َ َ‬ ‫ﻟﻢ َ ْ ِ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫اﻟﻬﻮى َ َ َ ً‬ ‫أﺑﺪا‬ ‫ﻣﻌﻨَﻰ َ َ‬ ‫أدر َﻣـﺎ َ ْ‬ ‫ﻟـﻮﻻك َ ْ‬ ‫اﻟﻤﻬﺪاة ُذو َ َ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫ﻫـﻮ ﱠ ْ َ ُ‬ ‫زﻟﻒ‬ ‫اﻟــﺮﺣﻤﺔ ُ ْ َ ُ‬ ‫ﻫـﺬا ُ َ‬ ‫اﻟﻐﺮاء ِﻓـــــﻲ َ َ ِ‬ ‫ﺗــﺪور ِ ُ ِ‬ ‫ﺧﻠﺪي‬ ‫ﺳــﻴـﺮﺗﻪ َ ﱠ‬ ‫َ ُ ُ َْ‬ ‫ﺷﻌﺮاء َ ِ ُ َ‬ ‫ﻟـﻪ‬ ‫ﻣـﺎدﺣﻮن َ ُ‬ ‫ﻣـﻬـﻤـﺎ َ َأﺗـــــــﻰ ُ َ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ‬

‫ﻣﺴــــﻴﺮَة ﱠ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻜـﻔـﺮ َ َ ِ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳـﺮﺗﺠ ُ‬ ‫ْ‬ ‫اﻟﺸﻬﺮ ﻣﻨ َْﻚ ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻛﻢ ِﻓﻲ ِ ِ‬ ‫ِﱠ َ‬ ‫اﻟﻌﺸــــﻖ َ ْ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳﺨَﺘﻠِ ُ‬ ‫ﻓـﺎﻟﻐـﻴﺮ َ ْ‬ ‫إﻻك َ َ ُ‬ ‫إن اﻟﻬﻮى ِﻓــــــــﻲ ُ َ ِ‬ ‫ﻓـﺆادي َ ْ َ ٌ‬ ‫ﻒ‬ ‫روﺿﺔ ُأُﻧ ُ‬ ‫ِﱠ َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻮرى َ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫زﻟـ ُ‬ ‫ﻣﺜﻠﻪ ِ ْ‬ ‫إي َ َ ﱢ‬ ‫َﻣﺎ ْ ُ ُ‬ ‫ورﺑــــﻲ ﻓـــــﻲ َ َ‬ ‫ﷲُ ْ َ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﺗـﺤـ ُ‬ ‫ﺗـﻌـﻠـﻬـــــــﺎ ُ َ‬ ‫ﻟـﻢ َ ْ ُ َ‬ ‫ﺗـﺤـﻔـ ُ َ‬ ‫ﺘـﻬـــــــﺎ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓـﻮق َﻣـﺎ َ ُ‬ ‫ﻗﺎﻟـــــــﻮا َو َﻣﺎ َ َ ُ‬ ‫ﻓـﺈﻧـﻪ َ ْ َ‬ ‫وﺻﻔـــــــﻮا‬ ‫ِﱠ ُ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٩‬أﺑﻨﺎء ﻗﻴﻠﺔ‪ :‬ﻫﻢ اﻷوس واﻟﺨﺰرج وﻗﻴﻞ ﻫﻲ ﺟﺪﲥﻢ وﻳﻨﺴﺒﻮن إﻟﻴﻬﺎ‬

‫)‪ (٤‬ﺗﺰف‪ :‬ﺗﺴﺮع )‪ (٥‬اﻟﺸﻈﻒ‪ :‬اﻟﻀﻴﻖ )‪ (٦‬ﻳﺮف‪ :‬ﻳﺘﺴﻊ وﻳﻤﺘﺪ )‪ (٧‬ﲥﻒ‪ :‬ﺗﻌﺼﻒ‬

‫)‪ (٨‬اﻟﺘﻬﻔﻮا‪ :‬اﺣﱰﻗﻮا ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻌﻄﺶ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬

‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫*اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان وﻓﻴﻪ ﻣﻄﻠﺒﺎن‬

‫ﻓﻠﺴﻔﺔ‪ ‬ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪ ‬ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ‪ ‬ﻣﻦ‪ ‬ﻣﻨﻈﻮﺭ‪ ‬ﻗﺮﺁﻧﻲ‬ ‫د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد ﻛﺎﻟﻮ ‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أدﻳﺎﻣﺎن ‪ -‬ﺗﺮﻛﻴﺎ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫﴿ﻫﻮ ﱠ ِ‬ ‫اﻟﺬي َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫اﻷرض َ ُ ً‬ ‫ذﻟﻮﻻ‬ ‫ﻳﺤﺚ اﻹﺳـــــﻼم ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮان اﻷرض وﺗﻌﻤﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ وﺑﻤﺎ ﻳﻨﻔﻊ اﻟﻨﺎس‬ ‫ﻟﻜﻢ ْ َ ْ َ‬ ‫أﻓﺮادا وﺟﻤﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫ﺟﻌﻞ َ ُ ُ‬ ‫﴿أﻟﻢ َﻧﺠﻌِﻞ ْ َ َ ِ‬ ‫رزﻗﻪ ِ َ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َﺎﻛﺒﻬﺎ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫ﻣﻬﺎدا﴾ ]اﻟﻨﺒﺄ‪ ،[٦ :‬وﻳﻜﻮن ﺗﻌﻤﻴﺮ‬ ‫اﻷرض َ ً‬ ‫ﱡﺸﻮر﴾ ]اﻟﻤﻠﻚ‪ ،[١٥ :‬وﻗﺎل ﺳـــــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ْ ْ َ َ :‬‬ ‫وﻛﻠﻮا ﻣﻦ ﱢ ْ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﻣﺸﻮا ﻓﻲ َﻣﻨ ِ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫وإﻟﻴﻪ اﻟﻨ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫اﻷرض ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ وإﺣﻴﺎﺋﻬﺎ واﺳﺘﺨﺮاج ﺛﺮواﲥﺎ‪ ،‬وإﺣﻴﺎء اﻷرض اﻟﺒﻮار واﻟﻤﻮات ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﺒﻨﺎء ﻟﻠﺴــــــــﻜﻦ أو اﻟﻌﻤﻞ أو اﻻﺳﺘﺰراع‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮان ﻟﻐﺔ واﺻﻄﻼﺣ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ُ :‬‬ ‫َُْ ُ‬ ‫وﻳﺤﺴﻦ‬ ‫ﻳﻌﻤﺮ ﺑﻪ اﻟﺒﻠﺪ ُ ﱠ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻠﻐﺔ‪ :‬ﻧﻘﻴﺾ اﻟﺨــــــــﺮاب‪ ،‬وﻣﺎ ُ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺣﺎﻟﻪ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﻔﻼﺣﺔ واﻟﺼــــــﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة وﻛﺜﺮة َ‬ ‫ُ‬ ‫وﻧﺠﺢ‬ ‫اﻷﻫﺎﻟﻲ ُ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺮﻛﺔ َ َ ْ َ ٌ‬ ‫وﺣﻀﺎرة َ ُ ْ َ ٌ‬ ‫وﻋﻤﺮان‪ :‬أي َ َ َ ٌ‬ ‫وﺗﺸﻴـــﻴﺪ‬ ‫اﻷﻋﻤﺎل‬ ‫ﱡ‬ ‫واﻟــﺘﻤﺪن‪ٌ َ َ َ ،‬‬ ‫وأﻋﻤﺎل َ َ ْ ِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻤﺎرة ْ َ ْ ِ‬ ‫"وﻣﻦ ْ َ ِ‬ ‫اﻷرض‪ُ َ ُ ،‬‬ ‫َ​َ​َ ﱡ ٌ‬ ‫ﻳﻘﺎل‬ ‫اﻟﺒﺎب ِ َ َ ُ‬ ‫وﺗﻤﺪن‪ ،‬ﻗﺎل أﺣﻤــــــــﺪ ﺑﻦ ﻓﺎرس‪َ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻌﻤــــﻮرة‪.‬‬ ‫اﻷرض ِ َ َ ً‬ ‫ﻋﺎﻣﺮة َ ْ ُ َ ٌ‬ ‫وﻫﻲ َ ِ َ ٌ‬ ‫ﱠﺎس ْ َ ْ َ‬ ‫وﻫﻢ َ ْ ُ ُ َ َ‬ ‫ﻋﻤﺮ اﻟﻨ ُ‬ ‫ﻋﻤﺎرة‪ْ ُ َ ،‬‬ ‫َ ﱠَ‬ ‫ﻳﻌﻤﺮوﻧﻬﺎ‪َ َ ،‬‬ ‫ﻋﻠــــــــﻰ َ ِ‬ ‫ﻣﺤﻤﻮل َ َ‬ ‫ﻋﺎﻣﺮة‪ٌ ُ ْ َ ،‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫وﻗﻮﻟﻬﻢ‪ٌ َ ِ َ :‬‬ ‫اﻷرض‪ُ َ ُ ْ َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻋﻤﺮت ْ َ ْ ُ‬ ‫واﻟﻤﻌﻤﻮرة َ ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َُْ​ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اﷲ ‪َ َ َ -‬‬ ‫واﻟﻤﺼﺪر ْ ُ ْ َ ُ‬ ‫ﱠﺎس‬ ‫ُ َِ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ -‬اﻟﻨ َ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان‪َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫واﻻﺳﻢ َ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻋﻤﺮت‪ُ ْ َ .‬‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮ ُ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻟﻴﻌﻤﺮوﻫﺎ ‪.‬‬ ‫اﻷرض ِ ُ َ ﱢ ُ َ‬ ‫وﻋﻤﺮاﻧ ‪،‬‬ ‫ﻳﻌﻤﺮﻫﺎ ِ َ ً‬ ‫ﻋﻤﺎرة ُ ْ َ‬ ‫ﻋﻤﺮ اﻷرض ُ ُ‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻤﺮان ﻫﻮ ﻣﺼــــﺪر ﻣﻦ َ َ َ‬

‫إﻟﻰ ِ ٍ‬ ‫وﻟﻜﻢ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﺑﻌﻀﻜﻢ ِ َ ْ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫﴿ﻗﺎل ْ ِ ُ‬ ‫ﺣﻴﻦ﴾ ]اﻷﻋﺮاف‪ ,[٢٤ :‬واﻟﺘﻌﻤـﻴﺮ ﻳﺼـــــــــــﺤﺒﻪ اﻻﺳﺘﻴﻄﺎن اﻟﺒﺸــــــــــﺮي ﰱ‬ ‫ﻣﺴﺘﻘﺮ َ َ َ ٌ‬ ‫ﻟﺒﻌﺾ َ ُ ﱞ‬ ‫وﻣﺘﺎع ِ َ ٰ‬ ‫اﻷرض ُ ْ َ َ ﱞ‬ ‫ﻋﺪو َ َ ُ ْ‬ ‫اﻫﺒﻄﻮا َ ْ ُ ُ ْ‬

‫واﻷﻟﻒ واﻟﻨﻮن ﰲ اﻟﻌـــﺮﺑﻴﺔ ﺗﻔﻴﺪ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ‪ ،‬أي ﻋﻤﺎرة ﺟﻴﺪة وﻛﺒﻴـــﺮة‪،‬‬

‫ً‬ ‫ﻣﺮﺗﻜﺰا ﻋﻠﻰ ﻣﺒـﺪأ اﻟﺘـﻮازن واﻟﺘﻜﺎﻓـﻞ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ ﺑـﻴﻦ اﻟﻄﺒﻘـﺎت وﻳﺘﺒﻌﻪ ﺑﺎﻟﻀــــــﺮورة اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ اﻟﻌﻤﺮاﲏ دون ﺗﻔﺮﻗﺔ أو‬ ‫اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة‬

‫وﺣﻴﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻤﺎرة ﺟﻴﺪة ﻣﻤﺘﺎزة إﻣﺎ ﻟﺴــــــــﻌﺘﻬﺎ أو ﺿﺨﺎﻣﺘﻬﺎ أو ﻏﻴﺮ‬

‫﴿أﻫﻢ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫رﺣﻤﺖ َ ﱢ َ‬ ‫ﻧﺤﻦ‬ ‫ﻳﻘﺴﻤﻮن َ ْ َ َ‬ ‫رﺑﻚ َ ْ ُ‬ ‫ﻃﺒﻘﻴﺔ او ﺗﻤﻴﻴـﺰ ﰱ اﻟﺠﻨﺲ أو اﻟﻠﻮن ﻣﺎ داﻣﻮا ﻳﺘﻘﻮن اﷲ ﰱ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ وﰲ أداء وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ْ ُ َ :‬‬

‫ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﻋﻤﺮاﻧ ‪ ،‬وﻛﻞ اﻹﻧﺸــﺎءات اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻟﺤﺴــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم‬

‫ٍ‬ ‫ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ِﻓـــــــــــــــﻲ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻌﻀﺎ ُ ْ ِ‬ ‫ﻓﻮق َ ْ ٍ‬ ‫ﻣﻤﺎ َ ْ َ ُ َ‬ ‫درﺟﺎت ﱢ َ ﱠ ِ َ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫ورﺣﻤﺖ َ ﱢ َ‬ ‫ﻳﺠﻤﻌﻮن﴾‬ ‫ﺳﺨﺮﻳﺎ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ ً‬ ‫ﺑﻌﺾ َ َ َ‬ ‫ﻟﻴﺘﺨﺬ َ ْ ُ ُ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ َ َ َ ْ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة ﱡ ْ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫ﻗﺴﻤﻨَﺎ َ ْﺑﻴﻨ َُﻬﻢ ﱠ َ َ ُ ْ‬ ‫ورﻓﻌﻨَﺎ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ﺧﻴﺮ ﱢ ﱠ‬ ‫رﺑﻚ َ ْ ٌ‬ ‫]اﻟﺰﺧﺮف‪.[٣٢ :‬‬ ‫وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻔﺼـــﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺸــــﺮ واﻟﺤﺠﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻴـﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴـﺔ واﻟﺘﻌﻤـﻴﺮ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺒﻨﺎء ﻳﺘﻮﻻه اﻟﻤﺘﺨﺼــــﺼــــﻮن ﰱ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻮم اﻟﺒﻨﺎء ﻓﺈن ﺑﻨﺎء‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺘﻮﻻه ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﺤﺪد دور ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﰱ ﺑﻨﺎء اﻟﻌﻤـﺮان‪ ،‬ﻟـﻴﺲ ﻓﻘـﻂ ﻛﻤﻜـﺎن ﻟﻠﻌﺒـﺎدة واﻟﺼـﻼة‪ ،‬وﻟﻜـﻦ‬ ‫أﻳﻀــــــــ ﻛﻤﺮﻛﺰ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ واﻹداري ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﻠﻘـﺎءات واﻟﻔﻌﺎﻟﻴـﺎت واﻷﻧﺸــــــــﻄﺔ اﻟـﺘﻰ ﺗﻮﻃـﺪ أواﺻﺮ اﻟﺠﻮار‪،‬‬ ‫و ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴ وﺻﺤﻴ ‪.‬‬ ‫ﻗﺴـﻤﺖ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء اﻟﻘﺮآن(‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻟﻌﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ‪ ،‬أﺣﺒﺒﺖ أن أﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺒﻴﻨ )ﻣﻔﻬﻮم ُ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻘﻪ ُ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ‪ ،‬وﺧﺎﺗﻤﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻷﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬ ‫* اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان وﻓﻴﻪ ﻣﻄﻠﺒﺎن‪:‬‬

‫* اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﻓﻴﻪ أرﺑﻌﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ‪:‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬اﻟﻌﻤﺮان ﻟﻐﺔ واﺻﻄﻼﺣ ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻘﺮآن‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳﺘﺨﻼف وﺷﺮوﻃﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ واﺳﺘﺜﻤﺎره‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻔﺴﺎد وﻣﻈﺎﻫﺮه ﰲ اﻷرض‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪50‬‬

‫* اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ وﺗﺸﻤﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‬

‫ﲠﺎ اﻹﻧﺴـــــــــــﺎن ﻓﻴﻌﺒﺪ ﲠﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻳﻘﻮم ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔﻛﻞ ذﻟﻚ‬ ‫ﻋﻤﺮان‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ أﻧﺘﺠﻪ اﻟﺒﺸــــــﺮ ﻣﻦ إﻧﺸــــــﺎءات ﻣﺎدﻳﺔ وﻣﻌﻨﻮﻳﺔ‬

‫ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى‬ ‫اﻷﻓﻜﺎر أو ﻋﻠﻰ ﻣﺴـــﺘﻮى اﻹﻧﺸــــﺎءات اﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴــــﻤﻰ‬ ‫ﻋﻤﺮاﻧ ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ إذا ﻛﺎن ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﻔﻴﺪ اﻹﻧﺴــﺎن؛ ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ُﻳﻘﺼــﺪ ﺑﻪ‬ ‫ﻋﺮﺿ ﻟﻤﻘﺼــﺪ آﺧﺮ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﻋﻤﺮاﻧ ‪ ،‬ﻛﻔﻌﻞ اﻟﻜﺎﻓﺮ‬ ‫ذﻟﻚ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺟﺎء َ‬ ‫إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ إﻳﻤﺎن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﺮﻳﺪ اﻵﺧﺮة وﻳﺴــــﻌﻰ ﻟﻬﺎ ﺳﻌﻴﻬﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ‬ ‫﴿أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ َ ٍ‬ ‫اﺷﺘﺪت ِ ِﺑﻪ‬ ‫ﻛﺮﻣﺎد ْ َ ﱠ ْ‬ ‫ﻣﺆﻣﻨ ‪ ،‬ﻓﻼ ﻓﺎﺋﺪة ﺣﻴﻨﺌﺬ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ :‬‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ٍ‬ ‫ﻻ ِْ َ ِ‬ ‫اﻟﺮﻳﺢ ِﻓﻲ ٍ ِ ٍ‬ ‫ﻛﺴﺒﻮا َ َ‬ ‫ﺷﻲء﴾ )إﺑـﺮاﻫﻴﻢ‪:‬‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ﱢ ُ‬ ‫ﻳﻘﺪرون ﱠ‬ ‫ﻳﻮم َﻋﺎﺻﻒ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪ ،(١٨‬ﻓﺎرﺗﺒﺎط اﻟﻌﻤﺮان ﺑﺎﻟﻘﺮآن؛ ارﺗﺒﺎط اﻟﺴﺒﺐ ﺑﺎﻟﻤﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻷن اﻟﺬي‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻵدم‬ ‫ﻳﻨﺸـﺊ اﻟﻌﻤﺮان ﻫﻮ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬إذ ُ‬ ‫ڠ وﺑﻨﻴﻪ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﺨﻼﻓﺔ واﻟﺘﻲ ﺣﺪدت ﰲ ﻋﺒﺎدة اﷲ وﺣﺪه‪.‬‬ ‫وإﻧﻤﺎ ورد ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪ‬ ‫)اﻟﻌﻤﺮان( ﻟﻢ ﻳـﺮد ﰲ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜـﺮﻳﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫وﻟﻔﻆ ُ ْ َ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ ِﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪،(٦١ :‬‬ ‫اﻹﻋﻤﺎر ﱠ‬ ‫واﻟﺘﻌﻤﻴـــــﺮ ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻣﺜﻞ‪ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫﴿وﻋﻤﺮوﻫﺎ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻋﻤﺮوﻫﺎ﴾ )اﻟــــــــــــــــﺮوم‪(٩ :‬؛ أي‪ :‬اﻷرض‪،‬‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان‪،‬‬ ‫َ ِ َ​َ‬ ‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ْ َ‬ ‫اﻟﺤـــــﺮام﴾ )اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،(١٩ :‬وﻛﻠﻬﺎ ﺗﻔﻴﺪ ُ ْ َ‬ ‫﴿وﻋﻤﺎرة ْ َ ْ‬ ‫ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﻘﺼﺪ اﻟﻌﻴﺶ وﻋﺒﺎدة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬ ‫وﺗﻌﻤﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫اﻟﻤﻔﻜﺮ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﰲ‬ ‫اﻻﺻــــﻄﻼح اﻗﱰﺣﻪ‬ ‫واﻟﻌﻤﺮان ﰲ‬ ‫ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠــــــــــــــﻰ ﻧﻤﻂ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم‪ِ ،‬‬ ‫ﺟﺎﻋﻼً ﱠإﻳﺎه أﺣﺪ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻤﻴﺰ ﲠﺎ اﻹﻧﺴـﺎن ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت‪ُ َ ْ ُ ،‬‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻤﺮان ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﺨﻮاص اﻟﺘﻲ ﱠ‬ ‫ّ‬

‫ﻋﻤﺮان إﻻ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أﺳـــﺲ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﻤﺮان ﺿـــﺪ اﻟﺨﺮاب‪،‬‬ ‫"اﻟﻌﻤﺎرة‪ :‬ﻧﻘﻴﺾ‬ ‫وأول ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺮاﻏﺐ اﻷﺻــــــــﻔﻬﺎﲏ ﰲ اﻟﻤﻔﺮدات‪ُ َ َ ِ :‬‬ ‫﴿وﻋﻤﺎرة‬ ‫ﻋﻤﺎرة‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪َ َ ِ َ :‬‬ ‫ﻳﻌﻤﺮﻫﺎ ِ َ َ ً‬ ‫أرﺿﻪ‪َ ُ ُ ْ َ :‬‬ ‫ﻋﻤﺮ َ ُ‬ ‫اﻟﺨـﺮاب‪ :‬ﻳﻘﺎل‪َ َ َ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻌﻤﻮر‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ْ َ‬ ‫اﻟﺤـــــﺮام﴾ )اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،(١٩ :‬ﻳﻘﺎل‪ َ :‬ﱠ ْ ُ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ﻓﻌﻤﺮ ﻓﻬﻮ َ ْ ُ ٌ‬ ‫ﻋﻤﺮﺗﻪ َ َ َ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫﴿وﻋﻤﺮوﻫﺎ َ ْ َ ِ‬ ‫﴿واﻟﺒﻴﺖ‬ ‫ﻋﻤﺮوﻫﺎ﴾ )اﻟــــــــــــــﺮوم‪ْ َ َ ،(٩ :‬‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﻗﺎل‪ُ َ َ َ :‬‬ ‫َْ ُْ ِ‬ ‫ﻓﻮﺿـــﺖ‬ ‫وأﻋﻤﺮﺗﻪ‬ ‫َ‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﺗﻪ‪ :‬إذا ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﻤﻮر﴾ )اﻟﻄﻮر‪ُ ُ ْ َ ْ َ ،(٤ :‬‬ ‫اﻷرض ْ َ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫واﻟﻌﻤﺮ‬ ‫إﻟـــــــﻴﻪ ِ َ َ ُ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ ﻓــــــــﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪ُ ْ َ ْ (٦١ :‬‬ ‫اﻟﻌﻤﺎرة‪ ،‬ﻗﺎل‪ْ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫ﻟﻤﺪة ﻋﻤﺎرة اﻟﺒﺪن ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬ﻓﻬﻮ دون اﻟﺒﻘﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﻴﻞ‪:‬‬ ‫واﻟﻌﻤﺮ‪ :‬اﺳـــﻢ ّ‬ ‫ُْ​ُ​ُ‬ ‫ﻋﻤﺎرة ِ ِ‬ ‫ﺑﺪﻧﻪ ﺑـــــــــــﺮوﺣﻪ‪ ،‬وإذا ﻗﻴﻞ‪ :‬ﺑﻘﺎؤه ﻓﻠﻴﺲ‬ ‫ﻋﻤﺮه‪ ،‬ﻓﻤﻌﻨﺎه‪ُ َ َ ِ :‬‬ ‫ﻃﺎل ُ ُ ُ ُ‬ ‫ﻳﻘﺘﻀــــــﻲ ذﻟﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ﺿﺪ اﻟﻔﻨﺎء‪ ،‬وﻟﻔﻀــــــﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺮ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﺒﻘﺎء ّ‬ ‫ِ‬ ‫وﺻﻒ اﷲ ﺑﻪ‪ّ ،‬‬ ‫واﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‪ :‬إﻋﻄﺎء اﻟﻌﻤﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪،‬‬ ‫وﻗﻠﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬ﱠ ْ ُ‬

‫ﺣﻀـــــــــﺮﻳﺎ وﻫﻮ‬ ‫اﻟﺮﻣﺎل‪ ،‬وﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻨﺘﺠﻌﺔ ﰲ اﻟﻘﻔﺎر وأﻃﺮاف ّ‬

‫اﻟﺪﻋﺎء ‪.‬‬ ‫أو ﺑﺎﻟﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ّ‬

‫واﻟﺘﺤﺼﻦ‬ ‫ّاﻟﺬي ﺑﺎﻷﻣﺼــﺎر واﻟﻘﺮى واﻟﻤﺪن واﻟﻤﺪر ﻟﻼﻋﺘﺼـــﺎم ﲠﺎ ّ ّ‬

‫)‪(٢‬‬

‫اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻵن )ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع( ﻳﻌﻨﻲ ﻋﻤﺮان اﻷرض‬ ‫ﺑﺎﺟﺘﻤﺎع اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀـــﻬﻢ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ووﺟﻮد رواﺑﻂ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ وﻗﻮاﻧﻴﻦ‬ ‫واﻟﺘﻨﺎزل ﰲ ﻣﺼﺮ أو ﱠ ٍ‬ ‫"اﻟﻌﻤﺮان وﻫﻮ‪ :‬ﱠ ُ‬ ‫ﺣﻠﺔ‬ ‫اﻟﺘﺴﺎﻛﻦ ﱠ ُ‬ ‫ﺗﻨﻈﻢ ﺣﻴﺎﲥﻢ ﻓﻘﺎل‪ُ :‬‬ ‫ﻟﻸﻧﺲ ﺑﺎﻟﻌﺸﻴﺮ‪ِ ،‬‬ ‫واﻗﺘﻀـﺎء اﻟﺤﺎﺟﺎت ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ِ ِ‬ ‫ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون‬ ‫)‪ِ (٣‬‬ ‫﴿ﻫﻮ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎش ‪ ،‬وﻗﺪ اﺳــــــﺘﻠﻬﻤﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪،(٦ :‬‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ ﱢ َ‬ ‫اﻷرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫واﻟﻌﻤــﺮان ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻧﻮﻋﺎن‪" :‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻤـــﺮان ﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻀﻮاﺣــــــــــــــــﻲ وﰲ اﻟﺠﺒﺎل وﰲ اﻟﺤﻠﻞ‬ ‫ﺑﺪوﻳﺎ وﻫﻮ ّاﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﰲ ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪(٤‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﺠﺪراﳖﺎ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻓﺎرس‪ ،‬أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻣﻌﺠﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎرون‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪١٣٩٩ ،‬ﻫـ‪١٩٧٩ ،‬م‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٤١‬‬ ‫)‪ (٢‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ‪ .‬اﻟﻤﻔﺮدات ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﻔﻮان ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺪاودي‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ اﻟﺪار اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ‪ ،١٤١٢ ،‬ص‪.٥٨٦‬‬ ‫)‪ (٣‬اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٠٨‬ﻫـ(‪ ،‬دﻳﻮان اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﱪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب واﻟﱪﺑﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺸﺄن اﻷﻛﱪ‬ ‫ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ ﺷﺤﺎدة‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪١٤٠٨‬ﻫـ‪١٩٨٨ ،‬م‪ ،‬ص‪.٥٣‬‬ ‫)‪ (٤‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬

‫‪51‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫*اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان وﻓﻴﻪ ﻣﻄﻠﺒﺎن‬

‫ﻓﻠﺴﻔﺔ‪ ‬ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪ ‬ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ‪ ‬ﻣﻦ‪ ‬ﻣﻨﻈﻮﺭ‪ ‬ﻗﺮﺁﻧﻲ‬ ‫د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد ﻛﺎﻟﻮ ‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أدﻳﺎﻣﺎن ‪ -‬ﺗﺮﻛﻴﺎ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫﴿ﻫﻮ ﱠ ِ‬ ‫اﻟﺬي َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫اﻷرض َ ُ ً‬ ‫ذﻟﻮﻻ‬ ‫ﻳﺤﺚ اﻹﺳـــــﻼم ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮان اﻷرض وﺗﻌﻤﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ وﺑﻤﺎ ﻳﻨﻔﻊ اﻟﻨﺎس‬ ‫ﻟﻜﻢ ْ َ ْ َ‬ ‫أﻓﺮادا وﺟﻤﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫ﺟﻌﻞ َ ُ ُ‬ ‫﴿أﻟﻢ َﻧﺠﻌِﻞ ْ َ َ ِ‬ ‫رزﻗﻪ ِ َ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َﺎﻛﺒﻬﺎ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫ﻣﻬﺎدا﴾ ]اﻟﻨﺒﺄ‪ ،[٦ :‬وﻳﻜﻮن ﺗﻌﻤﻴﺮ‬ ‫اﻷرض َ ً‬ ‫ﱡﺸﻮر﴾ ]اﻟﻤﻠﻚ‪ ،[١٥ :‬وﻗﺎل ﺳـــــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ْ ْ َ َ :‬‬ ‫وﻛﻠﻮا ﻣﻦ ﱢ ْ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﻣﺸﻮا ﻓﻲ َﻣﻨ ِ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫وإﻟﻴﻪ اﻟﻨ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫اﻷرض ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ وإﺣﻴﺎﺋﻬﺎ واﺳﺘﺨﺮاج ﺛﺮواﲥﺎ‪ ،‬وإﺣﻴﺎء اﻷرض اﻟﺒﻮار واﻟﻤﻮات ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﺒﻨﺎء ﻟﻠﺴــــــــﻜﻦ أو اﻟﻌﻤﻞ أو اﻻﺳﺘﺰراع‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮان ﻟﻐﺔ واﺻﻄﻼﺣ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ُ :‬‬ ‫َُْ ُ‬ ‫وﻳﺤﺴﻦ‬ ‫ﻳﻌﻤﺮ ﺑﻪ اﻟﺒﻠﺪ ُ ﱠ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻠﻐﺔ‪ :‬ﻧﻘﻴﺾ اﻟﺨــــــــﺮاب‪ ،‬وﻣﺎ ُ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺣﺎﻟﻪ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﻔﻼﺣﺔ واﻟﺼــــــﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة وﻛﺜﺮة َ‬ ‫ُ‬ ‫وﻧﺠﺢ‬ ‫اﻷﻫﺎﻟﻲ ُ‬ ‫َ‬ ‫ﺣﺮﻛﺔ َ َ ْ َ ٌ‬ ‫وﺣﻀﺎرة َ ُ ْ َ ٌ‬ ‫وﻋﻤﺮان‪ :‬أي َ َ َ ٌ‬ ‫وﺗﺸﻴـــﻴﺪ‬ ‫اﻷﻋﻤﺎل‬ ‫ﱡ‬ ‫واﻟــﺘﻤﺪن‪ٌ َ َ َ ،‬‬ ‫وأﻋﻤﺎل َ َ ْ ِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻤﺎرة ْ َ ْ ِ‬ ‫"وﻣﻦ ْ َ ِ‬ ‫اﻷرض‪ُ َ ُ ،‬‬ ‫َ​َ​َ ﱡ ٌ‬ ‫ﻳﻘﺎل‬ ‫اﻟﺒﺎب ِ َ َ ُ‬ ‫وﺗﻤﺪن‪ ،‬ﻗﺎل أﺣﻤــــــــﺪ ﺑﻦ ﻓﺎرس‪َ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻌﻤــــﻮرة‪.‬‬ ‫اﻷرض ِ َ َ ً‬ ‫ﻋﺎﻣﺮة َ ْ ُ َ ٌ‬ ‫وﻫﻲ َ ِ َ ٌ‬ ‫ﱠﺎس ْ َ ْ َ‬ ‫وﻫﻢ َ ْ ُ ُ َ َ‬ ‫ﻋﻤﺮ اﻟﻨ ُ‬ ‫ﻋﻤﺎرة‪ْ ُ َ ،‬‬ ‫َ ﱠَ‬ ‫ﻳﻌﻤﺮوﻧﻬﺎ‪َ َ ،‬‬ ‫ﻋﻠــــــــﻰ َ ِ‬ ‫ﻣﺤﻤﻮل َ َ‬ ‫ﻋﺎﻣﺮة‪ٌ ُ ْ َ ،‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫وﻗﻮﻟﻬﻢ‪ٌ َ ِ َ :‬‬ ‫اﻷرض‪ُ َ ُ ْ َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻋﻤﺮت ْ َ ْ ُ‬ ‫واﻟﻤﻌﻤﻮرة َ ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َُْ​ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اﷲ ‪َ َ َ -‬‬ ‫واﻟﻤﺼﺪر ْ ُ ْ َ ُ‬ ‫ﱠﺎس‬ ‫ُ َِ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ -‬اﻟﻨ َ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان‪َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫واﻻﺳﻢ َ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻋﻤﺮت‪ُ ْ َ .‬‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮ ُ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻟﻴﻌﻤﺮوﻫﺎ ‪.‬‬ ‫اﻷرض ِ ُ َ ﱢ ُ َ‬ ‫وﻋﻤﺮاﻧ ‪،‬‬ ‫ﻳﻌﻤﺮﻫﺎ ِ َ ً‬ ‫ﻋﻤﺎرة ُ ْ َ‬ ‫ﻋﻤﺮ اﻷرض ُ ُ‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻤﺮان ﻫﻮ ﻣﺼــــﺪر ﻣﻦ َ َ َ‬

‫إﻟﻰ ِ ٍ‬ ‫وﻟﻜﻢ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﺑﻌﻀﻜﻢ ِ َ ْ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫﴿ﻗﺎل ْ ِ ُ‬ ‫ﺣﻴﻦ﴾ ]اﻷﻋﺮاف‪ ,[٢٤ :‬واﻟﺘﻌﻤـﻴﺮ ﻳﺼـــــــــــﺤﺒﻪ اﻻﺳﺘﻴﻄﺎن اﻟﺒﺸــــــــــﺮي ﰱ‬ ‫ﻣﺴﺘﻘﺮ َ َ َ ٌ‬ ‫ﻟﺒﻌﺾ َ ُ ﱞ‬ ‫وﻣﺘﺎع ِ َ ٰ‬ ‫اﻷرض ُ ْ َ َ ﱞ‬ ‫ﻋﺪو َ َ ُ ْ‬ ‫اﻫﺒﻄﻮا َ ْ ُ ُ ْ‬

‫واﻷﻟﻒ واﻟﻨﻮن ﰲ اﻟﻌـــﺮﺑﻴﺔ ﺗﻔﻴﺪ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ‪ ،‬أي ﻋﻤﺎرة ﺟﻴﺪة وﻛﺒﻴـــﺮة‪،‬‬

‫ً‬ ‫ﻣﺮﺗﻜﺰا ﻋﻠﻰ ﻣﺒـﺪأ اﻟﺘـﻮازن واﻟﺘﻜﺎﻓـﻞ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ ﺑـﻴﻦ اﻟﻄﺒﻘـﺎت وﻳﺘﺒﻌﻪ ﺑﺎﻟﻀــــــﺮورة اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ اﻟﻌﻤﺮاﲏ دون ﺗﻔﺮﻗﺔ أو‬ ‫اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة‬

‫وﺣﻴﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻤﺎرة ﺟﻴﺪة ﻣﻤﺘﺎزة إﻣﺎ ﻟﺴــــــــﻌﺘﻬﺎ أو ﺿﺨﺎﻣﺘﻬﺎ أو ﻏﻴﺮ‬

‫﴿أﻫﻢ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫رﺣﻤﺖ َ ﱢ َ‬ ‫ﻧﺤﻦ‬ ‫ﻳﻘﺴﻤﻮن َ ْ َ َ‬ ‫رﺑﻚ َ ْ ُ‬ ‫ﻃﺒﻘﻴﺔ او ﺗﻤﻴﻴـﺰ ﰱ اﻟﺠﻨﺲ أو اﻟﻠﻮن ﻣﺎ داﻣﻮا ﻳﺘﻘﻮن اﷲ ﰱ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ وﰲ أداء وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ْ ُ َ :‬‬

‫ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﻋﻤﺮاﻧ ‪ ،‬وﻛﻞ اﻹﻧﺸــﺎءات اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻟﺤﺴــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم‬

‫ٍ‬ ‫ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ِﻓـــــــــــــــﻲ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻌﻀﺎ ُ ْ ِ‬ ‫ﻓﻮق َ ْ ٍ‬ ‫ﻣﻤﺎ َ ْ َ ُ َ‬ ‫درﺟﺎت ﱢ َ ﱠ ِ َ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫ورﺣﻤﺖ َ ﱢ َ‬ ‫ﻳﺠﻤﻌﻮن﴾‬ ‫ﺳﺨﺮﻳﺎ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ ً‬ ‫ﺑﻌﺾ َ َ َ‬ ‫ﻟﻴﺘﺨﺬ َ ْ ُ ُ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ َ َ َ ْ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة ﱡ ْ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫ﻗﺴﻤﻨَﺎ َ ْﺑﻴﻨ َُﻬﻢ ﱠ َ َ ُ ْ‬ ‫ورﻓﻌﻨَﺎ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ﺧﻴﺮ ﱢ ﱠ‬ ‫رﺑﻚ َ ْ ٌ‬ ‫]اﻟﺰﺧﺮف‪.[٣٢ :‬‬ ‫وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻔﺼـــﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺸــــﺮ واﻟﺤﺠﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻴـﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴـﺔ واﻟﺘﻌﻤـﻴﺮ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺒﻨﺎء ﻳﺘﻮﻻه اﻟﻤﺘﺨﺼــــﺼــــﻮن ﰱ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻮم اﻟﺒﻨﺎء ﻓﺈن ﺑﻨﺎء‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺘﻮﻻه ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﺤﺪد دور ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﰱ ﺑﻨﺎء اﻟﻌﻤـﺮان‪ ،‬ﻟـﻴﺲ ﻓﻘـﻂ ﻛﻤﻜـﺎن ﻟﻠﻌﺒـﺎدة واﻟﺼـﻼة‪ ،‬وﻟﻜـﻦ‬ ‫أﻳﻀــــــــ ﻛﻤﺮﻛﺰ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ واﻹداري ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﻠﻘـﺎءات واﻟﻔﻌﺎﻟﻴـﺎت واﻷﻧﺸــــــــﻄﺔ اﻟـﺘﻰ ﺗﻮﻃـﺪ أواﺻﺮ اﻟﺠﻮار‪،‬‬ ‫و ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴ وﺻﺤﻴ ‪.‬‬ ‫ﻗﺴـﻤﺖ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء اﻟﻘﺮآن(‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻟﻌﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ‪ ،‬أﺣﺒﺒﺖ أن أﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺒﻴﻨ )ﻣﻔﻬﻮم ُ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻘﻪ ُ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ‪ ،‬وﺧﺎﺗﻤﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻷﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬ ‫* اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان وﻓﻴﻪ ﻣﻄﻠﺒﺎن‪:‬‬

‫* اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﻓﻴﻪ أرﺑﻌﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ‪:‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬اﻟﻌﻤﺮان ﻟﻐﺔ واﺻﻄﻼﺣ ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻘﺮآن‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳﺘﺨﻼف وﺷﺮوﻃﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ واﺳﺘﺜﻤﺎره‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻔﺴﺎد وﻣﻈﺎﻫﺮه ﰲ اﻷرض‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪50‬‬

‫* اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ وﺗﺸﻤﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‬

‫ﲠﺎ اﻹﻧﺴـــــــــــﺎن ﻓﻴﻌﺒﺪ ﲠﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻳﻘﻮم ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔﻛﻞ ذﻟﻚ‬ ‫ﻋﻤﺮان‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ أﻧﺘﺠﻪ اﻟﺒﺸــــــﺮ ﻣﻦ إﻧﺸــــــﺎءات ﻣﺎدﻳﺔ وﻣﻌﻨﻮﻳﺔ‬

‫ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى‬ ‫اﻷﻓﻜﺎر أو ﻋﻠﻰ ﻣﺴـــﺘﻮى اﻹﻧﺸــــﺎءات اﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴــــﻤﻰ‬ ‫ﻋﻤﺮاﻧ ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ إذا ﻛﺎن ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﻔﻴﺪ اﻹﻧﺴــﺎن؛ ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ُﻳﻘﺼــﺪ ﺑﻪ‬ ‫ﻋﺮﺿ ﻟﻤﻘﺼــﺪ آﺧﺮ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﻋﻤﺮاﻧ ‪ ،‬ﻛﻔﻌﻞ اﻟﻜﺎﻓﺮ‬ ‫ذﻟﻚ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺟﺎء َ‬ ‫إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ إﻳﻤﺎن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﺮﻳﺪ اﻵﺧﺮة وﻳﺴــــﻌﻰ ﻟﻬﺎ ﺳﻌﻴﻬﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ‬ ‫﴿أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ َ ٍ‬ ‫اﺷﺘﺪت ِ ِﺑﻪ‬ ‫ﻛﺮﻣﺎد ْ َ ﱠ ْ‬ ‫ﻣﺆﻣﻨ ‪ ،‬ﻓﻼ ﻓﺎﺋﺪة ﺣﻴﻨﺌﺬ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ :‬‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ٍ‬ ‫ﻻ ِْ َ ِ‬ ‫اﻟﺮﻳﺢ ِﻓﻲ ٍ ِ ٍ‬ ‫ﻛﺴﺒﻮا َ َ‬ ‫ﺷﻲء﴾ )إﺑـﺮاﻫﻴﻢ‪:‬‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ﱢ ُ‬ ‫ﻳﻘﺪرون ﱠ‬ ‫ﻳﻮم َﻋﺎﺻﻒ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪ ،(١٨‬ﻓﺎرﺗﺒﺎط اﻟﻌﻤﺮان ﺑﺎﻟﻘﺮآن؛ ارﺗﺒﺎط اﻟﺴﺒﺐ ﺑﺎﻟﻤﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻷن اﻟﺬي‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻵدم‬ ‫ﻳﻨﺸـﺊ اﻟﻌﻤﺮان ﻫﻮ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬إذ ُ‬ ‫ڠ وﺑﻨﻴﻪ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﺨﻼﻓﺔ واﻟﺘﻲ ﺣﺪدت ﰲ ﻋﺒﺎدة اﷲ وﺣﺪه‪.‬‬ ‫وإﻧﻤﺎ ورد ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪ‬ ‫)اﻟﻌﻤﺮان( ﻟﻢ ﻳـﺮد ﰲ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜـﺮﻳﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫وﻟﻔﻆ ُ ْ َ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ ِﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪،(٦١ :‬‬ ‫اﻹﻋﻤﺎر ﱠ‬ ‫واﻟﺘﻌﻤﻴـــــﺮ ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻣﺜﻞ‪ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫﴿وﻋﻤﺮوﻫﺎ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻋﻤﺮوﻫﺎ﴾ )اﻟــــــــــــــــﺮوم‪(٩ :‬؛ أي‪ :‬اﻷرض‪،‬‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان‪،‬‬ ‫َ ِ َ​َ‬ ‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ْ َ‬ ‫اﻟﺤـــــﺮام﴾ )اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،(١٩ :‬وﻛﻠﻬﺎ ﺗﻔﻴﺪ ُ ْ َ‬ ‫﴿وﻋﻤﺎرة ْ َ ْ‬ ‫ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﻘﺼﺪ اﻟﻌﻴﺶ وﻋﺒﺎدة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬ ‫وﺗﻌﻤﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫اﻟﻤﻔﻜﺮ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﰲ‬ ‫اﻻﺻــــﻄﻼح اﻗﱰﺣﻪ‬ ‫واﻟﻌﻤﺮان ﰲ‬ ‫ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠــــــــــــــﻰ ﻧﻤﻂ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم‪ِ ،‬‬ ‫ﺟﺎﻋﻼً ﱠإﻳﺎه أﺣﺪ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻤﻴﺰ ﲠﺎ اﻹﻧﺴـﺎن ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت‪ُ َ ْ ُ ،‬‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻤﺮان ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﺨﻮاص اﻟﺘﻲ ﱠ‬ ‫ّ‬

‫ﻋﻤﺮان إﻻ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أﺳـــﺲ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﻤﺮان ﺿـــﺪ اﻟﺨﺮاب‪،‬‬ ‫"اﻟﻌﻤﺎرة‪ :‬ﻧﻘﻴﺾ‬ ‫وأول ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺮاﻏﺐ اﻷﺻــــــــﻔﻬﺎﲏ ﰲ اﻟﻤﻔﺮدات‪ُ َ َ ِ :‬‬ ‫﴿وﻋﻤﺎرة‬ ‫ﻋﻤﺎرة‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪َ َ ِ َ :‬‬ ‫ﻳﻌﻤﺮﻫﺎ ِ َ َ ً‬ ‫أرﺿﻪ‪َ ُ ُ ْ َ :‬‬ ‫ﻋﻤﺮ َ ُ‬ ‫اﻟﺨـﺮاب‪ :‬ﻳﻘﺎل‪َ َ َ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻌﻤﻮر‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ْ َ‬ ‫اﻟﺤـــــﺮام﴾ )اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،(١٩ :‬ﻳﻘﺎل‪ َ :‬ﱠ ْ ُ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ﻓﻌﻤﺮ ﻓﻬﻮ َ ْ ُ ٌ‬ ‫ﻋﻤﺮﺗﻪ َ َ َ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫﴿وﻋﻤﺮوﻫﺎ َ ْ َ ِ‬ ‫﴿واﻟﺒﻴﺖ‬ ‫ﻋﻤﺮوﻫﺎ﴾ )اﻟــــــــــــــﺮوم‪ْ َ َ ،(٩ :‬‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﻗﺎل‪ُ َ َ َ :‬‬ ‫َْ ُْ ِ‬ ‫ﻓﻮﺿـــﺖ‬ ‫وأﻋﻤﺮﺗﻪ‬ ‫َ‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﺗﻪ‪ :‬إذا ّ‬ ‫اﻟﻤﻌﻤﻮر﴾ )اﻟﻄﻮر‪ُ ُ ْ َ ْ َ ،(٤ :‬‬ ‫اﻷرض ْ َ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫واﻟﻌﻤﺮ‬ ‫إﻟـــــــﻴﻪ ِ َ َ ُ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ ﻓــــــــﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪ُ ْ َ ْ (٦١ :‬‬ ‫اﻟﻌﻤﺎرة‪ ،‬ﻗﺎل‪ْ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫ﻟﻤﺪة ﻋﻤﺎرة اﻟﺒﺪن ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬ﻓﻬﻮ دون اﻟﺒﻘﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﻴﻞ‪:‬‬ ‫واﻟﻌﻤﺮ‪ :‬اﺳـــﻢ ّ‬ ‫ُْ​ُ​ُ‬ ‫ﻋﻤﺎرة ِ ِ‬ ‫ﺑﺪﻧﻪ ﺑـــــــــــﺮوﺣﻪ‪ ،‬وإذا ﻗﻴﻞ‪ :‬ﺑﻘﺎؤه ﻓﻠﻴﺲ‬ ‫ﻋﻤﺮه‪ ،‬ﻓﻤﻌﻨﺎه‪ُ َ َ ِ :‬‬ ‫ﻃﺎل ُ ُ ُ ُ‬ ‫ﻳﻘﺘﻀــــــﻲ ذﻟﻚ‪ّ ،‬‬ ‫ﺿﺪ اﻟﻔﻨﺎء‪ ،‬وﻟﻔﻀــــــﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺮ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﺒﻘﺎء ّ‬ ‫ِ‬ ‫وﺻﻒ اﷲ ﺑﻪ‪ّ ،‬‬ ‫واﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‪ :‬إﻋﻄﺎء اﻟﻌﻤﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪،‬‬ ‫وﻗﻠﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬ﱠ ْ ُ‬

‫ﺣﻀـــــــــﺮﻳﺎ وﻫﻮ‬ ‫اﻟﺮﻣﺎل‪ ،‬وﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﻨﺘﺠﻌﺔ ﰲ اﻟﻘﻔﺎر وأﻃﺮاف ّ‬

‫اﻟﺪﻋﺎء ‪.‬‬ ‫أو ﺑﺎﻟﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ّ‬

‫واﻟﺘﺤﺼﻦ‬ ‫ّاﻟﺬي ﺑﺎﻷﻣﺼــﺎر واﻟﻘﺮى واﻟﻤﺪن واﻟﻤﺪر ﻟﻼﻋﺘﺼـــﺎم ﲠﺎ ّ ّ‬

‫)‪(٢‬‬

‫اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻵن )ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع( ﻳﻌﻨﻲ ﻋﻤﺮان اﻷرض‬ ‫ﺑﺎﺟﺘﻤﺎع اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀـــﻬﻢ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ووﺟﻮد رواﺑﻂ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ وﻗﻮاﻧﻴﻦ‬ ‫واﻟﺘﻨﺎزل ﰲ ﻣﺼﺮ أو ﱠ ٍ‬ ‫"اﻟﻌﻤﺮان وﻫﻮ‪ :‬ﱠ ُ‬ ‫ﺣﻠﺔ‬ ‫اﻟﺘﺴﺎﻛﻦ ﱠ ُ‬ ‫ﺗﻨﻈﻢ ﺣﻴﺎﲥﻢ ﻓﻘﺎل‪ُ :‬‬ ‫ﻟﻸﻧﺲ ﺑﺎﻟﻌﺸﻴﺮ‪ِ ،‬‬ ‫واﻗﺘﻀـﺎء اﻟﺤﺎﺟﺎت ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ِ ِ‬ ‫ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون‬ ‫)‪ِ (٣‬‬ ‫﴿ﻫﻮ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎش ‪ ،‬وﻗﺪ اﺳــــــﺘﻠﻬﻤﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪،(٦ :‬‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ ﱢ َ‬ ‫اﻷرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫واﻟﻌﻤــﺮان ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻧﻮﻋﺎن‪" :‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻤـــﺮان ﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻀﻮاﺣــــــــــــــــﻲ وﰲ اﻟﺠﺒﺎل وﰲ اﻟﺤﻠﻞ‬ ‫ﺑﺪوﻳﺎ وﻫﻮ ّاﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﰲ ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪(٤‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﺠﺪراﳖﺎ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻓﺎرس‪ ،‬أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻣﻌﺠﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎرون‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪١٣٩٩ ،‬ﻫـ‪١٩٧٩ ،‬م‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٤١‬‬ ‫)‪ (٢‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ‪ .‬اﻟﻤﻔﺮدات ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﻔﻮان ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺪاودي‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ اﻟﺪار اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ‪ ،١٤١٢ ،‬ص‪.٥٨٦‬‬ ‫)‪ (٣‬اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٠٨‬ﻫـ(‪ ،‬دﻳﻮان اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﱪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب واﻟﱪﺑﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺸﺄن اﻷﻛﱪ‬ ‫ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ ﺷﺤﺎدة‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪١٤٠٨‬ﻫـ‪١٩٨٨ ،‬م‪ ،‬ص‪.٥٣‬‬ ‫)‪ (٤‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬

‫‪51‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻋﻨﻲ اﻹﺳـــﻼم ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﻮن ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻـــﺔ‪،‬‬ ‫ﻓﺎﷲ ﺳـــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻮن وﻫﻴﺄ ﻓﻴﻪ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺜﻠﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎة‬ ‫اﻟﺴــﻌﻴﺪة اﻟﻤﺴــﺘﻘﺮة‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﺨﻠﻒ ﻓﻴﻪ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻟﻴﻘﻮم ﺑﺈﻋﻤﺎره ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫﴿ﻫﻮ َ َ َ ُ‬ ‫اﻷرض‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ ﱢ َ‬ ‫اﻟﻮﺟﻪ اﻷﻛﻤﻞ؛ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــــــــــــــــــﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪.(٦١ :‬‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫َ ْ ََْ​َ ْ‬

‫اﻟﻤﺘﻮج ﻣﻦ ِﻗﺒِﻞ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ‬ ‫ﺗﺎم ﻻﺳـــــــــــــــــﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﻠﻚ ُ َ‬ ‫وﻗﺪر‬ ‫اﻷرض‪ ...‬ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟــــﻰ اﻷرض ﺑﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﱠ‬ ‫ﻓــﻴﻬﺎ أﻗﻮاﲥﺎ ﻣﻦ أول ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻬﺎ وﻫــﻴﺄ ﻟﻠـــﻨﺎس أرزاﻗﻬﻢ ﻓـــﻴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل‬ ‫وﺟﻌﻠﻨَﺎ َ ُ ِ‬ ‫ﱠﺎﻛﻢ ِﻓﻲ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض َ َ َ ْ‬ ‫﴿وﻟﻘﺪ َ ﱠ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ﺳـــــــــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ َ َ َ :‬‬ ‫ﻟﻜﻢ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﻜﻨ ُ ْ‬ ‫ﻣﻌﺎﻳﺶ َ ِ‬ ‫وﻟﻘﺪ َ َ ْ‬ ‫ﻗﻠــــــــــــﻴﻼً ﱠﻣﺎ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ​َ َِ‬ ‫ﺻﻮرﻧﺎﻛﻢ‪﴾...‬‬ ‫ﺗﺸﻜﺮون * َ َ َ ْ‬ ‫ﺛﻢ َ ﱠ ْ َ ُ ْ‬ ‫َﺎﻛﻢ ُ ﱠ‬ ‫ﺧﻠﻘﻨ ُ ْ‬

‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮض اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺼــﺔ ﺑﺪء اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ واﻟﻨﺸــﺄة اﻷوﻟﻰ‬ ‫أﺷﺎر ﰲ ﺳﻴﺎق ذﻟﻚ إﻟﻰ أن أﻛﱪ ﻣﻬﺪد ﻻﺳـﺘﻤﺮار اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬

‫ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ وﺟﻌﻞ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﻳﺶ‪ ،‬وﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻢ أن ﻳﻨﻈﻤﻮا أﻧﻔﺴـــﻬﻢ‬

‫ﻫﺬا اﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﻮﻟﻴﺪ؛ إﻧﻤﺎ ﻳﺄﰐ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء واﻹﻓﺴــــــــــــــــﺎد ﰲ‬ ‫رﺑﻚ ِ ْﻟﻠﻤ َ ِ َ ِ‬ ‫ﻼﺋﻜﺔ ِ ﱢإﻧﻲ َ ِ ٌ‬ ‫﴿وإذ َ َ‬ ‫اﻷرض؛ ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ ِ َ :‬‬ ‫ﺟﺎﻋﻞ‬ ‫ﻗﺎل َ ﱡ َ َ‬ ‫أﺗﺠﻌﻞ ِﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ْ ِ ُ ِ‬ ‫ِﻓـﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ َ ُ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫اﻷرض َ ِ َ ً‬ ‫اﻟﺪﻣﺎء﴾‬ ‫ﻳﻔﺴﺪ َ‬ ‫ﻗﺎﻟﻮا َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫وﻳﺴﻔﻚ ﱢ َ َ‬

‫وﻳﺒﺤﺜﻮا ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼـﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة واﻻﻗﺘﺼـﺎد واﻟﻌﻤﺮان‪ ،‬ﺣﺘﻰ‬

‫اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺒﻨﺪ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺪدات اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸــــــﻌﺮﻫﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‬

‫ﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ‪ :‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻨﺎس ﻟﺘﻌﻠﻤﻪ ﻟﺘﻨﻤﻮ ﺣﻴﺎﲥﻢ‬

‫واﻟﻌﺼﺒﻴﺎت وأﺻـﻨﺎف اﻟﺘﻐﻠﺒـﺎت ﻟﻠﺒـﺸﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻢ‪.‬‬ ‫‪-٢‬ودﻋﺎﻣﺔ اﻗﺘﺼـــﺎدﻳﺔ ﺗﺸـــﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺤﻠﻪ اﻟﺒﺸــــﺮ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ‬ ‫وﻣـﺴﺎﻋﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺐ واﻟﻤﻌﺎش واﻟﻌﻠﻮم واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ‪.‬‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ ّأﻧﻪ ﺧـــﱪ ﻋﻦ‬ ‫ﻓﻘﺪ ﱠﺑﻴﻦ ﻏﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺣﻘــﻴﻘﺔ ّ‬ ‫ً‬

‫واﻟﻔﻠﻚ واﺳـــﺘﺨﺮاج اﻟﻤﻌﺎدن واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﻤﻼﺣﺔ واﻟﻔﻼﺣﺔ وﻋﻠﻮم‬

‫إراﻗﺔ اﻟﺪﻣﺎء ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ أﻳﻤﺎ ﺗﺠﺮﻳﻢ‪ ،‬وﺣـﺮم اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎت‬ ‫اﻟﺨﺎﺻﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﻜﻴﻬﺎ‪ ،‬وﰲ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﺸـــﺮﻳﻊ اﻟﻘﺎﻧﻮﲏ وﺿﻌﺖ أﺷﺪ‬

‫ﻣﻌﺎﲏ اﻟﻘﻮة واﻻزدﻫﺎر ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ‬ ‫وﻣﺴـﺎﻋﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺴــﺐ واﻟﻤﻌﺎش واﻟﻌﻠﻮم ّ‬ ‫) ‪(٦‬‬

‫وﻟﻘﺪ اﻫﺘﺪى اﺑﻦ ﺧﻠﺪون )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٠٨‬ﻫ( إﻟﻰ اﺳــــــﺘﻨﺒﺎط ﻗﻮاﻋﺪ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان وأﺻﻮل اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﺼــــــــــــﻨﻒ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻟﻤﺸــــــــــﻬﻮر‪" :‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﱪ ودﻳﻮان اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﱪ ﰲ أﺧﺒﺎر‬ ‫اﻟﻌﺮب واﻟﻌﺠﻢ واﻟﱪﺑﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺴـــــﻠﻄﺎن اﻷﻛﱪ‪،‬‬

‫ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﻤﺮان ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ‪.‬‬ ‫وﻳﻮﺿــــﺢ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون أن ﻛﻞ ﻫﺬا ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻮاﻓﺮ اﻷﻣﻦ ﺣﻴﺚ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻓﻴﻘﻮل‪:‬‬ ‫ﺗﻌﻢ اﻟﻔﻮﺿﻰ وﻳﺴﻮد اﻻﺿﻄﺮاب وﻳﻔﺴﺪ ُ‬ ‫ﺑﺪوﻧﻪ ُ ﱡ‬ ‫"ﺛﻢ ّ‬ ‫وﺗﻢ ﻋﻤﺮان‬ ‫ﻗﺮرﻧﺎه ّ‬ ‫إن ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع إذا ﺣﺼـــﻞ ﻟﻠﺒﺸــــﺮ ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﺪ ﻣﻦ وازع ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻟﻤﺎ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ﲠﻢ ﻓﻼ ّ‬

‫ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺰد ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪ ﺑﻌﺪه ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ وﻻ‬

‫ّ‬ ‫اﻟﺴﻼح ّاﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ‬ ‫اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺪوان‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻈﻠﻢ وﻟﻴﺴــــــــﺖ ّ‬

‫ﻋﺮﻓﻮا ﺑﻔﻜﺮ ﺷــــﻴﺨﻬﻢ ﻟﻜﻨﻬﻢ‬ ‫ﺗﻼﻣﻴﺬه ﻛﺎﻟﻤﻘﺮﻳﺰي واﺑﻦ اﻷزرق؛ ﻓﻘﺪ ّ‬

‫داﻓﻌﺔ ﻟﻌﺪوان اﻟﺤــﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻌﺠﻢ ﻋــﻨﻬﻢ ﻛﺎﻓـــﻴﺔ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻌﺪوان‬

‫ﻟﻢ ﻳﻀﻴﻔﻮا ﺷﻴﺌ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻛﺘﺸﻔﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪.‬‬

‫ﻣﺘﻜﺎﻣﻼً ﻣﺘﻮازﻧ ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاﻋﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﰲ اﺳـــﺘﻌﺪاد‬

‫وﻫﻜﺬا ﻳـــــــــــﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺘﻐﻴــــــــــــﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫واﻻﻗﺘـﺼــﺎدﻳﺔ واﻟـﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﻬـﻤﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ واﻟﺮﺟﺎل‬

‫ﺷﻜﻞ ﺳﻠﺴﻠﺔ‪.‬‬

‫اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻻﻧﺴـــــﺎ ﲏّ ّاﻟﺬي ﻫﻮ ﻋﻤﺮان اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺎ ﻳﻌﺮض ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ‬

‫واﻟﺪول وﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺤﻠﻪ اﻟﺒﺸـــــــــــــﺮ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ ّ‬

‫ﻳﺒﺘﺰﻫﻢ وﻳﻜﺘﻔﻮا ﺑﺬﻟﻚ اﻛﺘﻔﺎء ذاﺗﻴ ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ‬ ‫ﻏﻴـــــــــﺮﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﱡ‬

‫ﻳﺼﻞ أﺣﺪ إﻟﻰ ﻏﻴﺮه ﺑﻌﺪوان وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﻠﻚ ‪.‬‬

‫واﻟﻤﺎل واﻟﻌﻤﺮان واﻟﻌﺪل واﻟﻤﺴـــﺎواة ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ داﺋﺮﻳﺔ ﻣﱰاﺑﻄﺔ ﰲ‬

‫اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ؛ ﻛﺎﻟﻄﺐ واﻟﻬﻨﺪﺳــــــﺔ واﻟﻔﻴﺰﻳﺎء واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿــــــﻴﺎت‬

‫وﺟﺮم‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ أﺷـــــــﺪ ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺎﺣﻘﺔ اﻟﻤﺪﻣﺮة؛ ﱠ‬

‫ﺣﺘــــﻰ ﻻ‬ ‫واﻟﺴﻠﻄﺎن واﻟﻴﺪ اﻟﻘﺎﻫــــﺮة ّ‬ ‫ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻐﻠﺒﺔ ّ‬ ‫) ‪(٧‬‬

‫وأﺻﻨﺎف ّ ّ‬ ‫اﻟﺘﻐﻠﺒﺎت ﻟﻠﺒﺸﺮ ﺑﻌﻀـﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ وﻣﺎ ﻳﻨﺸـﺄ ﻋﻦ ذﻟﻚ‬

‫)‪(٥‬‬

‫وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺘﻘﻨﻮا ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮا إﻟﻰ‬

‫وﻫﻜﺬا ﺟﺎء ْ‬ ‫ﺧﻠُﻖ اﻹﻧﺴــﺎن ﰲ ﳖﺎﻳﺔ ﺳﻠﺴــﻠﺔ ﺧﻠﻖ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺳـــــﻄﺢ اﻷرض‪ ِ ،‬ﱠ‬ ‫وﻋﻠﺔ ذﻟﻚ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻴﺄ ﰲ اﻷرض ﻧﻈﺎﻣ‬

‫‪-١‬دﻋﺎﻣـﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺸــــــــــﻤﻞ اﻟﺘﻮﺣﺶ واﻟﺘﺄﻧﺲ‬

‫‪٠‬وﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻳﻌﺘﱪ ﻓﺮض ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮه‪ ،‬وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﻠﻮم‬

‫ﺛـﻢ ﻓﻘﺪ ﺣﺬر‬ ‫اﻟﻜـــــــــــــﺮام أﺛﻨﺎء اﻟﺤﻮار ﻋﻦ اﻷرض وﺧﻠﻴﻔﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻦ َ ﱠ‬

‫ذﻟﻚ َﻟﻬﻢ ِ ْ ِ‬ ‫ﻼف َأو ﻳﻨ َْﻔﻮا ِﻣﻦ ْ َ ِ ِ‬ ‫ِﺧ َ ٍ‬ ‫وﻟﻬﻢ ِﻓــــــﻲ‬ ‫ﺧﺰي ﻓـــــﻲ ﱡ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ َ َ ُ ْ‬ ‫اﻷرض َ َ ُ ْ‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ﻋﻈﻴﻢ﴾ )اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.(٣٣ :‬‬ ‫اﻵﺧﺮة َ َ ٌ‬ ‫ﻋﺬاب َ ٌ‬ ‫َ‬

‫دﻋﺎﻣﺘﻴﻦ ﻣﺘﻼزﻣﺘـﻴﻦ‪:‬‬

‫واﻟﻌﺼـــﺒﻴﺎت‬ ‫واﻟﺘﺄﻧﺲ‬ ‫اﻟﺘﻮﺣﺶ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذﻟﻚ اﻟﻌﻤﺮان ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻣﺜﻞ ّ ّ‬

‫اﻟﺤﺎﺳﻮب واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴــــﻜﺮﻳﺔ‬

‫ﻋﻘﻮﺑﺔ وأﻗﺴـــــﺎﻫﺎ ﰲ اﻹﺳﻼم ﺿﺪ اﻟﻤﻔﺴـــــﺪﻳﻦ ﰲ اﻷرض ﻳﻘﻮل اﷲ‬ ‫ِ‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ُ َ ِ ُ َ‬ ‫وﻳﺴﻌﻮن ِﻓـــــــﻲ‬ ‫ﺟﺰاء ﱠ َ‬ ‫اﷲ َ َ ُ َ ُ‬ ‫﴿إﻧﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــــﻰ‪ ِ :‬ﱠ َ‬ ‫ﻳﺤﺎرﺑﻮن َ‬ ‫أﻳﺪﻳﻬﻢ َ ُ ِ‬ ‫ﻳﺼﻠﺒــــﻮا َأو ُ َ ﱠ ِ‬ ‫ْ َْ ِ‬ ‫أن ُ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻓﺴﺎدا َ ْ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫وأرﺟﻠﻬﻢ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻳﻘﺘﻠـــﻮا َ ْأو ُ َ ﱠ ُ‬ ‫اﻷرض َ َ ً‬ ‫ﺗﻘﻄﻊ َ ْ ِ ْ َ ْ ُ ُ ْ‬

‫ً‬ ‫واﺣﺪا‬ ‫اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻋﻦ ﻣﺪارﻛﻬﻢ وإﻟﻬﺎﻣﺎﲥﻢ ﻓـﻴﻜﻮن ذﻟﻚ اﻟﻮازع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)اﻷﻋـــﺮاف‪ (١١-١٠ :‬ﻗﻮﻟﻪ‪ْ َ َ :‬‬ ‫آﺑﺎﺋﻜﻢ‬ ‫َﺎﻛﻢ﴾ أي ﻓـــﻲ َ ْ‬ ‫﴿ﺧﻠﻘﻨ ُ ْ‬ ‫أﺻَﻼب َ ُ ْ‬ ‫﴿ﺛﻢ‬ ‫وﻳﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ آدم ڠ؛ وذﻛﺮ ﺑﻠﻔﻆ اﻟﺠﻤﻊ ﻷﻧﻪ أﺑﻮ اﻟﺒﺸـــــــــﺮ‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫أﻣﻬﺎﺗﻜﻢ‪ ،‬ﻳﻌﻨـﻲ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﻠﻘﻬﻢ َ‬ ‫ﺻﻮرﻧﺎﻛﻢ﴾ أي ِﻓـﻲ ُ ُ‬ ‫ﺧﻠَﻖ ﻟﻬﻢ‬ ‫ﺑﻄﻮن ُ ﱠ َ ُ ْ‬ ‫َ ﱠَْ ُ ْ‬

‫)اﻟﺒﻘﺮة‪(٣٠ :‬؛ ﻓﺎﻹﻓﺴـــــــــﺎد اﻟﺬي ﻫﻮ ﺿﺪ اﻹﻋﻤﺎر أﻛﱪ ﺧﻄﺮ ﻳﺘﻬﺪد‬

‫واﻟﻌﻤـــــﺮان ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻳﻘﻮم ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻣـــــﺮه ﻋﻠــــــﻰ‬

‫ﺑﻌﻀــــــــــﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ وﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻘﺼــــــــــﻮر ﺟﻤﻴﻊ‬

‫إن ﻋﻤﺎرة اﻷرض ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم‬ ‫ﺑﺎﻟﺜﺮوة ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻘﺎﺻﺪ ﱠ ِ ِ ِ ِ‬ ‫أﻛﺒﺮ َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﺑﻦ ﻋﺎﺷــــــﻮر ‪ْ :‬‬ ‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ِ ﱠ ْ َ َ ﱠ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ِ َ‬ ‫ْﻔﻌﺔ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﺟﻮه ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻓﺮاد ْ ُ ِ‬ ‫ﺑﻴﻦ َ ْ ِ‬ ‫اﻷﻣﺔ َ َ‬ ‫ﺑﻴﻦ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻠــــــــــــﻰ ُ ُ َ َ‬ ‫اﻟﻤ ﻨ َ َ َ ﱠ‬ ‫رﻋﻲ ْ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫اﻟﻌﺪل ﻣﻊ ﱠ ِ‬ ‫وذﻟﻚ ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورﻋﻲ ْ ِ َ ِ‬ ‫َ َ ْ ِ‬ ‫ﻛﺪ‬ ‫اﻟﺬي َ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﺑﻤﺮاﻋــــﺎة ْ َ ْ ِ َ َ‬ ‫اﻟﻮﺟﺪان ْ َ ﱢ‬ ‫اﻟﺨـــﺎص‪َ ُ َ َ َ ،‬‬ ‫ﻟﻠﺬي ﱠ َ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اﻟﻤــﺎل َ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ْ ِ‬ ‫ﺟﻬﺪه‪،‬‬ ‫ﺑﻄﺄ ِﺑﻪ ُ ْ ُ ُ‬ ‫اﻹﺣﺴـــﺎن ﱠ َ‬ ‫وﻣﺮاﻋـــﺎة ْ ْ َ‬ ‫وﻛﺴﺒﻪ‪َ ُ َ ،‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻟﺠﻤﻊ ْ َ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﱠ ْ ِ ِ ِ‬ ‫أﺷﺮف ْ َ ِ ِ‬ ‫اﻟﻤﻘﺼﺪ ِﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫وﻫﺬا ْ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫) ‪(٨‬‬

‫وﻗﺎل اﻟﺸـﻴﺦ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ‪ " :‬واﻟﻤﻘﺼـﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺸـﺮﻳﻌﺔ‬ ‫اﻹﺳـــــﻼﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﻋﻤﺎرة اﻷرض‪ ،‬وﺣﻔﻆ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻴﻬﺎ‪،‬‬ ‫واﺳﺘﻤﺮار ﺻﻼﺣﻬﺎ ﺑﺼﻼح اﻟﻤﺴﺘﺨﻠﻔﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﻤﺎ‬ ‫ﻛﻠﻔﻮا ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﺪل واﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ وﻣﻦ ﺻـﻼح ﰲ اﻟﻌﻘﻞ وﰲ اﻟﻌﻤﻞ‬ ‫وإﺻــــــﻼح ﰲ اﻷرض واﺳــــــﺘﻨﺒﺎط ﻟﺨﻴﺮاﲥﺎ وﺗﺪﺑﻴﺮ ﻟﻤﻨﺎﻓﻊ‬ ‫اﻟﺠﻤﻴﻊ‬

‫) ‪(٩‬‬

‫‪.‬‬

‫ﺑﺪ ﻣﻦ ﺷـﻲء آﺧﺮ ﻳﺪﻓﻊ ﻋﺪوان‬ ‫ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺠﻤﻴﻌﻬﻢ ﻓﻼ ّ‬ ‫ﻋﻨﻬﻢ ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٥‬وﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻔﺮوض اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ :‬إن اﻟﻘﻴﺎم ﲠﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻔﺮض اﻟﻌﻴﻦ ﻟﻌﻤﻮم ﻧﻔﻌﻬﺎ وإﺳﻘﺎط اﻹﺛﻢ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎم ﲠﺎ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﺔ‪،‬‬ ‫ﻗﺎل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺮاﻗﻲ‪ :‬وﻫﻮ ﻣﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ ذي اﻟﻌﻴﻦ ﰲ زﻋﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻊ اﻟﺠﻮﻳﻨﻲ‬

‫)‪ (٦‬ﻣﻘﺪﻣﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪ ،‬ص‪.٤٦‬‬ ‫)‪ (٧‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٥٦‬‬ ‫)‪ (٨‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٣٩٣‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺴﺪﻳﺪ وﺗﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺠﻴﺪ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ ‪١٩٨٤‬م‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٤٥‬‬ ‫)‪ (٩‬اﻟﻔﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋﻼل )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٣٩٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻣﻜﺎرﻣﻬﺎ‪ ،‬دار اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪١٩٩٣ ،‬م‪ ،‬ص‪.٤٦-٤٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪ 53‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻋﻨﻲ اﻹﺳـــﻼم ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﻮن ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻـــﺔ‪،‬‬ ‫ﻓﺎﷲ ﺳـــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻮن وﻫﻴﺄ ﻓﻴﻪ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺜﻠﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎة‬ ‫اﻟﺴــﻌﻴﺪة اﻟﻤﺴــﺘﻘﺮة‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﺨﻠﻒ ﻓﻴﻪ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻟﻴﻘﻮم ﺑﺈﻋﻤﺎره ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫﴿ﻫﻮ َ َ َ ُ‬ ‫اﻷرض‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ ﱢ َ‬ ‫اﻟﻮﺟﻪ اﻷﻛﻤﻞ؛ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــــــــــــــــــﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪.(٦١ :‬‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫َ ْ ََْ​َ ْ‬

‫اﻟﻤﺘﻮج ﻣﻦ ِﻗﺒِﻞ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ‬ ‫ﺗﺎم ﻻﺳـــــــــــــــــﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﻠﻚ ُ َ‬ ‫وﻗﺪر‬ ‫اﻷرض‪ ...‬ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟــــﻰ اﻷرض ﺑﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﱠ‬ ‫ﻓــﻴﻬﺎ أﻗﻮاﲥﺎ ﻣﻦ أول ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻬﺎ وﻫــﻴﺄ ﻟﻠـــﻨﺎس أرزاﻗﻬﻢ ﻓـــﻴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل‬ ‫وﺟﻌﻠﻨَﺎ َ ُ ِ‬ ‫ﱠﺎﻛﻢ ِﻓﻲ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض َ َ َ ْ‬ ‫﴿وﻟﻘﺪ َ ﱠ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ﺳـــــــــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ َ َ َ :‬‬ ‫ﻟﻜﻢ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﻜﻨ ُ ْ‬ ‫ﻣﻌﺎﻳﺶ َ ِ‬ ‫وﻟﻘﺪ َ َ ْ‬ ‫ﻗﻠــــــــــــﻴﻼً ﱠﻣﺎ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ​َ َِ‬ ‫ﺻﻮرﻧﺎﻛﻢ‪﴾...‬‬ ‫ﺗﺸﻜﺮون * َ َ َ ْ‬ ‫ﺛﻢ َ ﱠ ْ َ ُ ْ‬ ‫َﺎﻛﻢ ُ ﱠ‬ ‫ﺧﻠﻘﻨ ُ ْ‬

‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮض اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺼــﺔ ﺑﺪء اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ واﻟﻨﺸــﺄة اﻷوﻟﻰ‬ ‫أﺷﺎر ﰲ ﺳﻴﺎق ذﻟﻚ إﻟﻰ أن أﻛﱪ ﻣﻬﺪد ﻻﺳـﺘﻤﺮار اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬

‫ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ وﺟﻌﻞ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﻳﺶ‪ ،‬وﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻢ أن ﻳﻨﻈﻤﻮا أﻧﻔﺴـــﻬﻢ‬

‫ﻫﺬا اﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﻮﻟﻴﺪ؛ إﻧﻤﺎ ﻳﺄﰐ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء واﻹﻓﺴــــــــــــــــﺎد ﰲ‬ ‫رﺑﻚ ِ ْﻟﻠﻤ َ ِ َ ِ‬ ‫ﻼﺋﻜﺔ ِ ﱢإﻧﻲ َ ِ ٌ‬ ‫﴿وإذ َ َ‬ ‫اﻷرض؛ ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ ِ َ :‬‬ ‫ﺟﺎﻋﻞ‬ ‫ﻗﺎل َ ﱡ َ َ‬ ‫أﺗﺠﻌﻞ ِﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ْ ِ ُ ِ‬ ‫ِﻓـﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ َ ُ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫اﻷرض َ ِ َ ً‬ ‫اﻟﺪﻣﺎء﴾‬ ‫ﻳﻔﺴﺪ َ‬ ‫ﻗﺎﻟﻮا َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫وﻳﺴﻔﻚ ﱢ َ َ‬

‫وﻳﺒﺤﺜﻮا ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼـﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة واﻻﻗﺘﺼـﺎد واﻟﻌﻤﺮان‪ ،‬ﺣﺘﻰ‬

‫اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﺒﻨﺪ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺪدات اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸــــــﻌﺮﻫﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‬

‫ﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ‪ :‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻨﺎس ﻟﺘﻌﻠﻤﻪ ﻟﺘﻨﻤﻮ ﺣﻴﺎﲥﻢ‬

‫واﻟﻌﺼﺒﻴﺎت وأﺻـﻨﺎف اﻟﺘﻐﻠﺒـﺎت ﻟﻠﺒـﺸﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻢ‪.‬‬ ‫‪-٢‬ودﻋﺎﻣﺔ اﻗﺘﺼـــﺎدﻳﺔ ﺗﺸـــﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺤﻠﻪ اﻟﺒﺸــــﺮ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ‬ ‫وﻣـﺴﺎﻋﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺐ واﻟﻤﻌﺎش واﻟﻌﻠﻮم واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ‪.‬‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ ّأﻧﻪ ﺧـــﱪ ﻋﻦ‬ ‫ﻓﻘﺪ ﱠﺑﻴﻦ ﻏﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺣﻘــﻴﻘﺔ ّ‬ ‫ً‬

‫واﻟﻔﻠﻚ واﺳـــﺘﺨﺮاج اﻟﻤﻌﺎدن واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﻤﻼﺣﺔ واﻟﻔﻼﺣﺔ وﻋﻠﻮم‬

‫إراﻗﺔ اﻟﺪﻣﺎء ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ أﻳﻤﺎ ﺗﺠﺮﻳﻢ‪ ،‬وﺣـﺮم اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎت‬ ‫اﻟﺨﺎﺻﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﻜﻴﻬﺎ‪ ،‬وﰲ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﺸـــﺮﻳﻊ اﻟﻘﺎﻧﻮﲏ وﺿﻌﺖ أﺷﺪ‬

‫ﻣﻌﺎﲏ اﻟﻘﻮة واﻻزدﻫﺎر ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ‬ ‫وﻣﺴـﺎﻋﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺴــﺐ واﻟﻤﻌﺎش واﻟﻌﻠﻮم ّ‬ ‫) ‪(٦‬‬

‫وﻟﻘﺪ اﻫﺘﺪى اﺑﻦ ﺧﻠﺪون )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٠٨‬ﻫ( إﻟﻰ اﺳــــــﺘﻨﺒﺎط ﻗﻮاﻋﺪ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان وأﺻﻮل اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﺼــــــــــــﻨﻒ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻟﻤﺸــــــــــﻬﻮر‪" :‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﱪ ودﻳﻮان اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﱪ ﰲ أﺧﺒﺎر‬ ‫اﻟﻌﺮب واﻟﻌﺠﻢ واﻟﱪﺑﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺴـــــﻠﻄﺎن اﻷﻛﱪ‪،‬‬

‫ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﻤﺮان ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ‪.‬‬ ‫وﻳﻮﺿــــﺢ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون أن ﻛﻞ ﻫﺬا ﱠ‬ ‫ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻮاﻓﺮ اﻷﻣﻦ ﺣﻴﺚ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻓﻴﻘﻮل‪:‬‬ ‫ﺗﻌﻢ اﻟﻔﻮﺿﻰ وﻳﺴﻮد اﻻﺿﻄﺮاب وﻳﻔﺴﺪ ُ‬ ‫ﺑﺪوﻧﻪ ُ ﱡ‬ ‫"ﺛﻢ ّ‬ ‫وﺗﻢ ﻋﻤﺮان‬ ‫ﻗﺮرﻧﺎه ّ‬ ‫إن ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع إذا ﺣﺼـــﻞ ﻟﻠﺒﺸــــﺮ ﻛﻤﺎ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﺪ ﻣﻦ وازع ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻟﻤﺎ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ﲠﻢ ﻓﻼ ّ‬

‫ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺰد ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪ ﺑﻌﺪه ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ وﻻ‬

‫ّ‬ ‫اﻟﺴﻼح ّاﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ‬ ‫اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺪوان‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻈﻠﻢ وﻟﻴﺴــــــــﺖ ّ‬

‫ﻋﺮﻓﻮا ﺑﻔﻜﺮ ﺷــــﻴﺨﻬﻢ ﻟﻜﻨﻬﻢ‬ ‫ﺗﻼﻣﻴﺬه ﻛﺎﻟﻤﻘﺮﻳﺰي واﺑﻦ اﻷزرق؛ ﻓﻘﺪ ّ‬

‫داﻓﻌﺔ ﻟﻌﺪوان اﻟﺤــﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻌﺠﻢ ﻋــﻨﻬﻢ ﻛﺎﻓـــﻴﺔ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻌﺪوان‬

‫ﻟﻢ ﻳﻀﻴﻔﻮا ﺷﻴﺌ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻛﺘﺸﻔﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪.‬‬

‫ﻣﺘﻜﺎﻣﻼً ﻣﺘﻮازﻧ ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاﻋﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﰲ اﺳـــﺘﻌﺪاد‬

‫وﻫﻜﺬا ﻳـــــــــــﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺘﻐﻴــــــــــــﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫واﻻﻗﺘـﺼــﺎدﻳﺔ واﻟـﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﻬـﻤﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸـــﺮﻳﻌﺔ واﻟﺮﺟﺎل‬

‫ﺷﻜﻞ ﺳﻠﺴﻠﺔ‪.‬‬

‫اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻻﻧﺴـــــﺎ ﲏّ ّاﻟﺬي ﻫﻮ ﻋﻤﺮان اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺎ ﻳﻌﺮض ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ‬

‫واﻟﺪول وﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺤﻠﻪ اﻟﺒﺸـــــــــــــﺮ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ ّ‬

‫ﻳﺒﺘﺰﻫﻢ وﻳﻜﺘﻔﻮا ﺑﺬﻟﻚ اﻛﺘﻔﺎء ذاﺗﻴ ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ‬ ‫ﻏﻴـــــــــﺮﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﱡ‬

‫ﻳﺼﻞ أﺣﺪ إﻟﻰ ﻏﻴﺮه ﺑﻌﺪوان وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﻠﻚ ‪.‬‬

‫واﻟﻤﺎل واﻟﻌﻤﺮان واﻟﻌﺪل واﻟﻤﺴـــﺎواة ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ داﺋﺮﻳﺔ ﻣﱰاﺑﻄﺔ ﰲ‬

‫اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ؛ ﻛﺎﻟﻄﺐ واﻟﻬﻨﺪﺳــــــﺔ واﻟﻔﻴﺰﻳﺎء واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿــــــﻴﺎت‬

‫وﺟﺮم‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻰ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ أﺷـــــــﺪ ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺎﺣﻘﺔ اﻟﻤﺪﻣﺮة؛ ﱠ‬

‫ﺣﺘــــﻰ ﻻ‬ ‫واﻟﺴﻠﻄﺎن واﻟﻴﺪ اﻟﻘﺎﻫــــﺮة ّ‬ ‫ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻐﻠﺒﺔ ّ‬ ‫) ‪(٧‬‬

‫وأﺻﻨﺎف ّ ّ‬ ‫اﻟﺘﻐﻠﺒﺎت ﻟﻠﺒﺸﺮ ﺑﻌﻀـﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ وﻣﺎ ﻳﻨﺸـﺄ ﻋﻦ ذﻟﻚ‬

‫)‪(٥‬‬

‫وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺘﻘﻨﻮا ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮا إﻟﻰ‬

‫وﻫﻜﺬا ﺟﺎء ْ‬ ‫ﺧﻠُﻖ اﻹﻧﺴــﺎن ﰲ ﳖﺎﻳﺔ ﺳﻠﺴــﻠﺔ ﺧﻠﻖ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺳـــــﻄﺢ اﻷرض‪ ِ ،‬ﱠ‬ ‫وﻋﻠﺔ ذﻟﻚ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻴﺄ ﰲ اﻷرض ﻧﻈﺎﻣ‬

‫‪-١‬دﻋﺎﻣـﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺸــــــــــﻤﻞ اﻟﺘﻮﺣﺶ واﻟﺘﺄﻧﺲ‬

‫‪٠‬وﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻳﻌﺘﱪ ﻓﺮض ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮه‪ ،‬وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﻠﻮم‬

‫ﺛـﻢ ﻓﻘﺪ ﺣﺬر‬ ‫اﻟﻜـــــــــــــﺮام أﺛﻨﺎء اﻟﺤﻮار ﻋﻦ اﻷرض وﺧﻠﻴﻔﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻦ َ ﱠ‬

‫ذﻟﻚ َﻟﻬﻢ ِ ْ ِ‬ ‫ﻼف َأو ﻳﻨ َْﻔﻮا ِﻣﻦ ْ َ ِ ِ‬ ‫ِﺧ َ ٍ‬ ‫وﻟﻬﻢ ِﻓــــــﻲ‬ ‫ﺧﺰي ﻓـــــﻲ ﱡ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ َ َ ُ ْ‬ ‫اﻷرض َ َ ُ ْ‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ﻋﻈﻴﻢ﴾ )اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.(٣٣ :‬‬ ‫اﻵﺧﺮة َ َ ٌ‬ ‫ﻋﺬاب َ ٌ‬ ‫َ‬

‫دﻋﺎﻣﺘﻴﻦ ﻣﺘﻼزﻣﺘـﻴﻦ‪:‬‬

‫واﻟﻌﺼـــﺒﻴﺎت‬ ‫واﻟﺘﺄﻧﺲ‬ ‫اﻟﺘﻮﺣﺶ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذﻟﻚ اﻟﻌﻤﺮان ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻣﺜﻞ ّ ّ‬

‫اﻟﺤﺎﺳﻮب واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴــــﻜﺮﻳﺔ‬

‫ﻋﻘﻮﺑﺔ وأﻗﺴـــــﺎﻫﺎ ﰲ اﻹﺳﻼم ﺿﺪ اﻟﻤﻔﺴـــــﺪﻳﻦ ﰲ اﻷرض ﻳﻘﻮل اﷲ‬ ‫ِ‬ ‫ورﺳﻮﻟﻪ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ُ َ ِ ُ َ‬ ‫وﻳﺴﻌﻮن ِﻓـــــــﻲ‬ ‫ﺟﺰاء ﱠ َ‬ ‫اﷲ َ َ ُ َ ُ‬ ‫﴿إﻧﻤﺎ َ َ ُ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــــﻰ‪ ِ :‬ﱠ َ‬ ‫ﻳﺤﺎرﺑﻮن َ‬ ‫أﻳﺪﻳﻬﻢ َ ُ ِ‬ ‫ﻳﺼﻠﺒــــﻮا َأو ُ َ ﱠ ِ‬ ‫ْ َْ ِ‬ ‫أن ُ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻓﺴﺎدا َ ْ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫وأرﺟﻠﻬﻢ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻳﻘﺘﻠـــﻮا َ ْأو ُ َ ﱠ ُ‬ ‫اﻷرض َ َ ً‬ ‫ﺗﻘﻄﻊ َ ْ ِ ْ َ ْ ُ ُ ْ‬

‫ً‬ ‫واﺣﺪا‬ ‫اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻋﻦ ﻣﺪارﻛﻬﻢ وإﻟﻬﺎﻣﺎﲥﻢ ﻓـﻴﻜﻮن ذﻟﻚ اﻟﻮازع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)اﻷﻋـــﺮاف‪ (١١-١٠ :‬ﻗﻮﻟﻪ‪ْ َ َ :‬‬ ‫آﺑﺎﺋﻜﻢ‬ ‫َﺎﻛﻢ﴾ أي ﻓـــﻲ َ ْ‬ ‫﴿ﺧﻠﻘﻨ ُ ْ‬ ‫أﺻَﻼب َ ُ ْ‬ ‫﴿ﺛﻢ‬ ‫وﻳﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ آدم ڠ؛ وذﻛﺮ ﺑﻠﻔﻆ اﻟﺠﻤﻊ ﻷﻧﻪ أﺑﻮ اﻟﺒﺸـــــــــﺮ‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫أﻣﻬﺎﺗﻜﻢ‪ ،‬ﻳﻌﻨـﻲ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﻠﻘﻬﻢ َ‬ ‫ﺻﻮرﻧﺎﻛﻢ﴾ أي ِﻓـﻲ ُ ُ‬ ‫ﺧﻠَﻖ ﻟﻬﻢ‬ ‫ﺑﻄﻮن ُ ﱠ َ ُ ْ‬ ‫َ ﱠَْ ُ ْ‬

‫)اﻟﺒﻘﺮة‪(٣٠ :‬؛ ﻓﺎﻹﻓﺴـــــــــﺎد اﻟﺬي ﻫﻮ ﺿﺪ اﻹﻋﻤﺎر أﻛﱪ ﺧﻄﺮ ﻳﺘﻬﺪد‬

‫واﻟﻌﻤـــــﺮان ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻳﻘﻮم ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻣـــــﺮه ﻋﻠــــــﻰ‬

‫ﺑﻌﻀــــــــــﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ وﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻘﺼــــــــــﻮر ﺟﻤﻴﻊ‬

‫إن ﻋﻤﺎرة اﻷرض ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم‬ ‫ﺑﺎﻟﺜﺮوة ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻘﺎﺻﺪ ﱠ ِ ِ ِ ِ‬ ‫أﻛﺒﺮ َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﺑﻦ ﻋﺎﺷــــــﻮر ‪ْ :‬‬ ‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ِ ﱠ ْ َ َ ﱠ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ِ َ‬ ‫ْﻔﻌﺔ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﺟﻮه ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻓﺮاد ْ ُ ِ‬ ‫ﺑﻴﻦ َ ْ ِ‬ ‫اﻷﻣﺔ َ َ‬ ‫ﺑﻴﻦ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻠــــــــــــﻰ ُ ُ َ َ‬ ‫اﻟﻤ ﻨ َ َ َ ﱠ‬ ‫رﻋﻲ ْ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫اﻟﻌﺪل ﻣﻊ ﱠ ِ‬ ‫وذﻟﻚ ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورﻋﻲ ْ ِ َ ِ‬ ‫َ َ ْ ِ‬ ‫ﻛﺪ‬ ‫اﻟﺬي َ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﺑﻤﺮاﻋــــﺎة ْ َ ْ ِ َ َ‬ ‫اﻟﻮﺟﺪان ْ َ ﱢ‬ ‫اﻟﺨـــﺎص‪َ ُ َ َ َ ،‬‬ ‫ﻟﻠﺬي ﱠ َ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اﻟﻤــﺎل َ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ْ ِ‬ ‫ﺟﻬﺪه‪،‬‬ ‫ﺑﻄﺄ ِﺑﻪ ُ ْ ُ ُ‬ ‫اﻹﺣﺴـــﺎن ﱠ َ‬ ‫وﻣﺮاﻋـــﺎة ْ ْ َ‬ ‫وﻛﺴﺒﻪ‪َ ُ َ ،‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻟﺠﻤﻊ ْ َ‬ ‫اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﱠ ْ ِ ِ ِ‬ ‫أﺷﺮف ْ َ ِ ِ‬ ‫اﻟﻤﻘﺼﺪ ِﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫وﻫﺬا ْ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫) ‪(٨‬‬

‫وﻗﺎل اﻟﺸـﻴﺦ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ‪ " :‬واﻟﻤﻘﺼـﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺸـﺮﻳﻌﺔ‬ ‫اﻹﺳـــــﻼﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﻋﻤﺎرة اﻷرض‪ ،‬وﺣﻔﻆ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻴﻬﺎ‪،‬‬ ‫واﺳﺘﻤﺮار ﺻﻼﺣﻬﺎ ﺑﺼﻼح اﻟﻤﺴﺘﺨﻠﻔﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﻤﺎ‬ ‫ﻛﻠﻔﻮا ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﺪل واﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ وﻣﻦ ﺻـﻼح ﰲ اﻟﻌﻘﻞ وﰲ اﻟﻌﻤﻞ‬ ‫وإﺻــــــﻼح ﰲ اﻷرض واﺳــــــﺘﻨﺒﺎط ﻟﺨﻴﺮاﲥﺎ وﺗﺪﺑﻴﺮ ﻟﻤﻨﺎﻓﻊ‬ ‫اﻟﺠﻤﻴﻊ‬

‫) ‪(٩‬‬

‫‪.‬‬

‫ﺑﺪ ﻣﻦ ﺷـﻲء آﺧﺮ ﻳﺪﻓﻊ ﻋﺪوان‬ ‫ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺠﻤﻴﻌﻬﻢ ﻓﻼ ّ‬ ‫ﻋﻨﻬﻢ ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٥‬وﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻔﺮوض اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ :‬إن اﻟﻘﻴﺎم ﲠﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻔﺮض اﻟﻌﻴﻦ ﻟﻌﻤﻮم ﻧﻔﻌﻬﺎ وإﺳﻘﺎط اﻹﺛﻢ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎم ﲠﺎ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﺔ‪،‬‬ ‫ﻗﺎل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺮاﻗﻲ‪ :‬وﻫﻮ ﻣﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ ذي اﻟﻌﻴﻦ ﰲ زﻋﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻊ اﻟﺠﻮﻳﻨﻲ‬

‫)‪ (٦‬ﻣﻘﺪﻣﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪ ،‬ص‪.٤٦‬‬ ‫)‪ (٧‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٥٦‬‬ ‫)‪ (٨‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٣٩٣‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺴﺪﻳﺪ وﺗﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺠﻴﺪ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ ‪١٩٨٤‬م‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٤٥‬‬ ‫)‪ (٩‬اﻟﻔﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋﻼل )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٣٩٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻣﻜﺎرﻣﻬﺎ‪ ،‬دار اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪١٩٩٣ ،‬م‪ ،‬ص‪.٤٦-٤٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪ 53‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﻓﻴﻪ أرﺑﻌﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ‪:‬‬

‫ﺟﻌﻠﻜﻢ ﻣﻌﻤﺮﻳﻦ دﻳﺎرﻛﻢ ﺗﺴــــــــــــــــــﻜﻨﻮﳖﺎ ﻣﺪة ﻋﻤﺮﻛﻢ ﺛﻢ ﺗﱰﻛﻮﳖﺎ‬ ‫)‪(١٤‬‬

‫ﻟﻐﻴﺮﻛﻢ ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻘﺮآن‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﻤــﺮان وﻋﻤﺎرة اﻷرض‪،‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﺟﺎء ﰲ أﻛﺜـﺮ ﻣﻦ أﻳﺔ ﺗﻌـﺰﻳـﺰ اﻟﻘﻴﺎم ُ‬ ‫رﺑﻚ ِ ْﻟﻠﻤ َ ِ َ ِ‬ ‫ﺟﺎﻋﻞ ِﻓــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻼﺋﻜﺔ ِ ﱢإﻧــﻲ َ ِ ٌ‬ ‫﴿وإذ َ َ‬ ‫ﻛﻘﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ْ ِ َ :‬‬ ‫اﻷرض‬ ‫ﻗﺎل َ ﱡ َ َ‬ ‫َ ِ ًَ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ﴾ )اﻟﺒﻘﺮة‪ ،(٢٩ :‬وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺒﻴﻀــــﺎوي ﰲ ﺗﻔﺴـــــﻴﺮ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ‪:‬‬ ‫)‪(١٠‬‬

‫"واﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻳﺨﻠﻒ ﻏﻴــــــﺮه وﻳﻨﻮب ﻣﻨﺎﺑﻪ‪ ،‬واﻟﻬﺎء ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ‪،‬‬

‫واﻟﻤﺮاد ﺑﻪ آدم ڠ ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺧﻠﻴﻔﺔ اﷲ ﰲ أرﺿـــﻪ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ‬ ‫اﺳــﺘﺨﻠﻔﻪ اﷲ ﰲ ﻋﻤﺎرة اﻷرض وﺳــﻴﺎﺳــﺔ اﻟﻨﺎس وﺗﻜﻤﻴﻞ ﻧﻔﻮﺳــﻬﻢ‬

‫﴿ﻫﻮ َ ْ َ َ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ َ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ُ َ‬ ‫وﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ ﻧﺸـﻮء ﻣﻔﻬﻮم ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َْْ ِ‬ ‫ﻓـــﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪ ،(٦١ :‬ﻧـــﺘـــﺒـــﻴﻦ َ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎت‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫اﻻرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫أﺳﺎﺳﻴﺔ‪:‬‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان )أو اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر(‪.‬‬ ‫‪ .١‬ﻓﻌﻞ ُ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺆﻛﺪا ﻋﻠـــــــﻰ ﻣﻌﻨـــــــﻰ اﻟﻌﻤﺎرة ﰲ اﻵﻳﺔ‪:‬‬ ‫)ﻫﻮد‪ ،(٦١ :‬ﻗﺎل اﻟﻄﱪي‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ ﻳﻘﻮل‪" :‬وﺟﻌﻠﻜﻢ ُ ﱠ ً‬ ‫ﻋﻤﺎرا ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﻤﻌﻨــــــﻰ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫َ ْ ََْ​َ ْ‬ ‫)‪(١٣‬‬

‫ﻓﻴﻪ‪ :‬أﺳﻜﻨﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ أﻳﺎم ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ‪.‬‬

‫ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻌﻴﺶ اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ وﺿـــــﻊ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ‬

‫اﻷﻋﻢ أﻻ وﻫﻮ‬ ‫واﻟﺘﺴـــــــــــﺨﻴﺮ( ﻫﻤﺎ اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺎن اﻟﻤﻜﻮﻧﺎن ﻟﻠﻤﻔﻬﻮم‬ ‫ﱢ‬

‫واﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﺮان اﻟﺒﺸـــﺮي‪ ،‬وﻛﺄﲏ ﺑﻪ ڠ ﻳﻀـــﻊ‬ ‫اﻟﻤﺎدﻳﺔ‬ ‫اﻷﺳﺲ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱢﱠ‬ ‫ُ‬

‫اﻷﻋﻢ ﻣﻦ دون‬ ‫ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﻤﺎ‬ ‫)اﻟﻌﻤـــــــــﺮان( وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إدراﻛﻬﻤﺎ‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬

‫ﺣﻀــــــﺎرﻳﺔ‬ ‫ﻟﻌﻤﺮان ﱠأﻣﺔ ﻣﺴـــــﻠﻤﺔ ذات رﺳﺎﻟﺔ‬ ‫ﺗﺨﻄﻴﻄ‬ ‫ﻣﺴـــــﺘﻘﺒﻠﻴ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﱠ‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻔﻬﻮم )اﻟﻔﺴـــﺎد( وﻫﺬا ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻧﺤﺮاﻓ‬ ‫اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ‬

‫واﺳﺘﻌﻤﺮه‬ ‫اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻷرض‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﻠﻒ اﷲ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻷرض‬ ‫ْ‬ ‫)‪(١٥‬‬

‫‪ .٣‬ﻓﻀﺎء ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ )اﻷرض ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻮﻳﻪ وﻣﺎ ﻳﻌﻠﻮﻫﺎ( ‪.‬‬

‫)‪(١١‬‬

‫ُ ِ‬ ‫﴿ﻫﻮ َ ْ َ َ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ َ‬ ‫وﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــــﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫اﻻرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬

‫ف‬ ‫اﺳﺘﺤﻀــــــﺎر ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴــــــﺨﻴﺮ‪ ،‬وﻫﺬان اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺎن )اﻻﺳﺘﺨﻼ ُ‬

‫)‪(١٧‬‬

‫‪ .٢‬اﻟﻤﻘﺼﻮد ﲠﺬا اﻟﻔﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن )ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ(‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ ﺣﺚ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ أﺑﻠﻎ اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﻬﺪ واﺳـﺘﻔﺮاغ اﻟﻮاﺳــﻊ‬ ‫ﰲ إﻋﻤﺎر اﻷرض ﺣﺘﻰ ﰲ أﺣﻠﻚ اﻟﻈـﺮوف ‪ .‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﭬ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل‬ ‫اﻟﺴﺎﻋﺔ ِ ِ ِ‬ ‫رﺳــﻮل اﷲ ﷺ ‪ » :‬إن َ ِ‬ ‫ﻓﺴﻴﻠﺔ ‪ْ ِ َ ،‬‬ ‫أﺣﺪﻛﻢ َ ِ َ ٌ‬ ‫اﺳﺘﻄﺎع‬ ‫ﻓﺈن ْ َ َ َ‬ ‫ﻗﺎﻣﺖ ﱠ َ ُ َ‬ ‫وﺑﻴﺪ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻓﻠﻴﻔﻌ ْﻞ «‪.‬‬ ‫ﻳﻘﻮم َ ﱠ‬ ‫ﻳﻐﺮﺳﻬﺎ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ْ ِ َ َ‬ ‫أن َﻻ َ ُ ْ َ‬

‫ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ ،‬ﻣﻦ ْ ٍ‬ ‫وﻣﺤﺒﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ‬ ‫وﺗﻌﺎرف‬ ‫أﻣﻦ ﺑﺠﻮار اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺤـــﺮام‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺴــــــــــــــﺘﻘﺒﻼ‪ ،‬وأن ُ َ‬ ‫ﻳﺮزﻗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻖ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ْ‬

‫وﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم ﺑﺪوره ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻛﻞ دﻻﻻﺗﻪ وﻻ ﺗﻤﺘﺎز ﻃﺒﻴﻌـﺘﻪ ﻣﻦ دون‬

‫واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀـﺎري ﻣﻘﺼـﺪ ﻋﺎم ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﺳﺘﺨﻼف‬ ‫ﻣﺘﻤﻴﺰة ‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺆﻛﺪا ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﻤﺎرة‪:‬‬ ‫وﺗﻨﻔﻴﺬ أﻣﺮه ﻓﻴﻬﻢ ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺎﺷـــــــــــــﻮر‬ ‫ﻣﺮاد اﷲِ َ َ ِ‬ ‫ْﻔﻴﺬ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫"ﻓﺎﻟﺨﻠﻴﻔﺔ آدم َ َ ِ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ ِ‬ ‫ﺗﻌﻤﻴﺮ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـﻰ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َِ َُ َُ َ‬ ‫ﱠ ُ‬ ‫وﺧﻠﻔﻴﺘﻪ َ ُ ُ‬ ‫ﻗﻴﺎﻣﻪ ِ َﺑﺘﻨ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫وﺗﻠﻘﻴﻦ ُ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻹﻟﻬﺎم َأو ِ ْ ِ ِ‬ ‫ﻫﺬا ْ َ َ ِ‬ ‫ﻣﺮاد اﷲِ َ َ َ‬ ‫ﻣﻦ َ َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــــــــﻰ ْ‬ ‫ذرﻳﺘﻪ ُ َ َ‬ ‫ِ ِْْ َ ِ ْ َ ْ‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ َ َ ْ ِ ﱢ ﱠ‬ ‫ِ )‪(١٢‬‬ ‫َْ‬ ‫اﻷرﺿﻲ ‪.‬‬ ‫ْ ﱢ‬

‫ﻟﺬرﻳﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠــــــــــــﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﺒﺎدة اﷲ‬ ‫ﻳﻬﻴﺊ ﱠ‬ ‫ﺛﻢ دﻋﺎ ﱠ‬ ‫رﺑﻪ أن ﱢ َ‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﻤﺘﻌﺎﺿــــﺪة ﰲ آن ﻣﻦ دون ﻓﻬﻢ ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳـــــﺘﺨﻼف‪،‬‬

‫)‪(١٦‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮان اﻟﺒﺸـــــﺮي واﻟﺤﻀـــــﺎري ﰲ ُ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻫﻲ‪:‬‬ ‫ﻓﺄﺳﺲ ُ‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴـــﻤﺎوﻳﺔ‪ ،‬وﻧﻘﺮأ ذﻟﻚ ﰲ‬ ‫اﻹﻧﺴــﺎن‪ ،‬واﻟﻤﻜﺎن )اﻷرض(‪ ،‬ﱢ‬ ‫أﺳﻜﻨﺖ ِﻣﻦ‬ ‫﴿رﺑﻨَﺎ ِ ﱢإﻧــــﻲ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻟـﻤﺎ ﻗﺎل‪ َ :‬ﱠ‬ ‫دﻋﺎء ﻧﺒـــﻲ اﷲ إﺑـــﺮاﻫﻴﻢ ‪ -‬ڠ – ﱠ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذرﻳﺘـــــــــــﻲ ِ ٍ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﺑﻮاد َ ْ ِ‬ ‫ﻋﻨﺪ َ ْ ِ َ‬ ‫ﺑﻴﺘﻚ ُ َ ﱠ ِ‬ ‫ﻏﻴﺮ ِذي َ ْ ٍ‬ ‫اﻟﺼﻼة‬ ‫ﻟﻴﻘﻴﻤﻮا ﱠ َ‬ ‫زرع ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢﱠ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮم َ ﱠ‬ ‫رﺑﻨَﺎ ُ ُ‬

‫َ ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ ﻋﻤﺮﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ واﺳﺘﺒﻘﺎﻛﻢ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫وﻗﺎل اﻟﺒﻴﻀـــــﺎوي‪ْ َ َ ْ ْ َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ﱠـــﺎس َ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻨ ِ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ﻟﻌﻠﻬﻢ‬ ‫ﻓـــﺎﺟﻌﻞ َ ْ ِ َ ً‬ ‫وارزﻗﻬﻢ ﱢ َ‬ ‫إﻟﻴﻬﻢ َ ْ ُ ْ ُ‬ ‫أﻓﺌﺪة ﱢ َ‬ ‫اﻟﺜﻤﺮات َ َ ﱠ ُ ْ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ َ َ‬ ‫ﺗﻬﻮي ِ َ ْ ِ ْ‬

‫ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬أو أﻗﺪرﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎرﲥﺎ وأﻣﺮﻛﻢ ﲠﺎ‪ ،‬وﻗﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮي‬

‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ َ‬ ‫ﻳﺸﻜﺮون﴾ )إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ُ ،(٣٧ :‬‬ ‫َْ ُ​ُ َ‬ ‫أﻫﻠﻪ واﺑﻨَﻪ‬ ‫أﺳـــــﻜﻦ‬ ‫ﺣﻴﺚ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻋﻤﺮﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ دﻳﺎرﻛﻢ وﻳﺮﺛﻬﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﺑﻌﺪ اﻧﺼـــــﺮام أﻋﻤﺎرﻛﻢ‪ ،‬أو‬

‫إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻮادي ﺑﺠﻮار اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻮﺣﻲ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪،‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻟﻐﺎﻳﺔ ﻛﱪى ﻫــﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ ،‬ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﱠ‬ ‫اﻟﺸﺎﻣﻞ‬ ‫ْ‬ ‫اﻷرض‪ ،‬وﻫﻮ‬ ‫اﻟﻌﺪل‬ ‫وﻓﻖ ﻣﺎ أﻣﺮ وﺷــــــــــــﺮع‪ ،‬وإﻗﺎﻣﺔ ْ‬ ‫ْ‬ ‫واﻹﺻﻼح ﰲ ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫﴿ﻫﻮ َ َ َ ُ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ ﱢ َ‬ ‫ﻣﻘﺘﻀــــــــﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫اﻷرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮوه ُﺛﻢ ُﺗﻮﺑﻮا ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إﻟﻴﻪ ِ ﱠ‬ ‫ﻣﺠﻴﺐ﴾ )ﻫﻮد‪ ،(٦١ :‬وﻣﻌﻨﻰ‬ ‫ﻗﺮﻳﺐ ﱡ ِ ٌ‬ ‫رﺑﻲ َ ِ ٌ‬ ‫َ ْ َْ ُ ُ ﱠ ُ ْ‬ ‫إن َ ﱢ‬ ‫ﻋﻤﺎرﻫﺎ‪ ،‬أو ﻃﻠﺐ ﻣــــــﻨﻜﻢ أن‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ﴾ ﰲ اﻵﻳﺔ‪ :‬أي ﺟﻌﻠﻜﻢ ﱠ‬ ‫َ ْ ََْ​َ ُ ْ‬ ‫ﺗﻌﻤﺮوﻫﺎ‪ ،‬ﺑﺼـﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴــﺎن ﺑﻤﻦ‬ ‫﴿ﺛﻢ َ َ ْ‬ ‫َﺎﻛﻢ‬ ‫ﺟﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫ﻳﻘﻮم ﻣﻌﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ اﻻﺳــــــــــﺘﻌﻤﺎر‪ ،‬وﻫﻲ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ُ :‬ﱠ‬ ‫اﻷرض ِﻣﻦ ِ ِ ِ‬ ‫ﺧﻼﺋِ َ ِ‬ ‫ﻒََُْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ )ﻳﻮﻧﺲ‪:‬‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫َﻨﻈﺮ َ ْ‬ ‫ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻟﻨ ُ َ‬ ‫ﻒ ﻓــــــــــﻲ ْ َ ْ ِ َ ْ ْ‬ ‫"وﻗﺪ َ ﱠ َ‬ ‫ﻋﻠﻞ َ َ‬ ‫ﻫﺬا ِ ْ ِ ْ‬ ‫ف ِﻋﻨ َْﺪ‬ ‫اﻻﺳﺘﺨَﻼ َ‬ ‫‪ ،(١٤‬ﻗﺎل ﻣﺤﻤﺪ رﺷـــــﻴﺪ رﺿــــــﺎ‪ْ َ َ :‬‬ ‫اﻷول ِ ِﺑﻪ ُﻫﻨَﺎ ِ َ ِ ِ‬ ‫اﻹﺧﺒﺎر ْ َ ﱠ ِ‬ ‫ِْ ْ َ ِ‬ ‫ﻒَْ َُ‬ ‫َ‬ ‫أي ﻟ ِﻨ َ​َﺮى‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫ﺑﻘﻮﻟﻪ‪َ :‬‬ ‫ﺗﻌﻤﻠــــــــــــــﻮن﴾ َ ْ‬ ‫ْﻈﺮ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ﻧﻨ ُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وﻧﺸﺎﻫﺪ َأي َﻋﻤٍﻞ َ ُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻤﻘﺘﻀـــــﻰ‬ ‫ُﺠﺎزﻳﻜﻢ ِ ِﺑﻪ ِ ُ ْ َ َ‬ ‫ﻼﻓﺘﻜﻢ‪َ ،‬ﻓﻨ َ ِ َ ُ ْ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن ﻓــــﻲ ﺧ َ َ ُ ْ‬ ‫ََُ َ ﱠ َ َْ‬ ‫ﻟﻜﻢ ِ ِ َ ِ‬ ‫ﻓﺈن َ ِ ِ‬ ‫ﺳﻨﱠﺘِﻨَﺎ ِ‬ ‫ﻗﺒﻠﻜﻢ‪ ِ َ ،‬ﱠ‬ ‫ﻫﺬه ْ ِ َ َ َ‬ ‫اﻟﺤﱢﻖ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻹﻗﺎﻣﺔ ْ َ‬ ‫إﻧﻤﺎ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺟﻌﻠﻬﺎ َ ُ ْ‬ ‫اﻟﺨﻼﻓﺔ ِ ﱠ َ‬ ‫ﻓـــــﻴﻤﻦ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رﺟﺲ ﱢ ِ‬ ‫اﻷرض َ ْ ِ ِ َ ِ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫اﻟﺸﺮك َ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﻟﻤﺠﺮد‬ ‫وﺗﻄﻬﻴﺮﻫﺎ ْ‬ ‫واﻟﻌﺪل ﻓﻲ ْ َ ْ ِ َ‬ ‫َ َ‬ ‫واﻟﻔﺴﻖ‪َ ،‬ﻻ ُ َ ﱠ‬ ‫ﻣﻦ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ِ )‪(١٨‬‬ ‫اﻟﺘﻤﺘِﻊ ِ َ ﱠ ِ‬ ‫ﺑﻠﺬة ْ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﻠﻚ ‪.‬‬ ‫ﱠَﱡ‬

‫)‪(١٩‬‬

‫ﻋﻦ اﻷﺻﻞ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳﺘﺨﻼف وﺷﺮوﻃﻪ‬ ‫ذﻛﺮ اﻟﺮاﻏﺐ اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﺨﺘﺺ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻴﺎء‪:‬‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ‬ ‫‪ .١‬ﻋﻤﺎرة اﻷرض اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟـــــــــــﻰ‪ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪.(٦١ :‬‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺠﻦ‬ ‫﴿وﻣﺎ َ َ ْ ُ‬ ‫ﺧﻠﻘﺖ ْ ِ ﱠ‬ ‫‪ .٢‬وﻋﺒﺎدﺗﻪ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــــــــــــــﻰ‪َ َ :‬‬ ‫واﻹﻧﺲ ِ ﱠإﻻ ِ ُ ِ‬ ‫ﻟﻴﻌﺒﺪون﴾ )اﻟﺬارﻳﺎت‪.(٥٦ :‬‬ ‫َُْ‬ ‫َ ِْ َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿وﻳﺴﺘﺨﻠﻔﻜﻢ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض‬ ‫‪ .٣‬وﺧﻼﻓﺘﻪ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ ُ َ ْ َ ْ َ َ :‬‬ ‫ﻒَْ َُ َ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ )اﻷﻋﺮاف‪(١٢٩ :‬‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫ﻓﻴﻨﻈﺮ َ ْ‬ ‫َ​َ َُ‬

‫)‪(٢٠‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮاﲏ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﻮر‪:‬‬ ‫ﻓﻌﻤﺎرة اﻷرض وﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻔﻌﻞ ُ‬ ‫‪ .١‬ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺮﺑﻪ‪...‬‬ ‫‪ .٢‬وﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﻣﻌﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر إذ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‪.﴾...‬‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫ﻛﺎن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ‪ْ َ َ ْ ْ َ :‬‬ ‫‪ .٣‬وﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴـــــﺎن ﺑﺎﻷرض‪ ،‬إذ اﻷرض أﺻﻞ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‬ ‫ﻟﻠﺒﺸــــــﺮ‪ ،‬وﻻ ﻗﻮام ﻟﻠﻨﺎس إﻻ ﲠﺎ وﺑﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴـــــــﻞ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﻦ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻻﺳﻢ َ ِ‬ ‫)‪ (١٠‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ‪َ َ :‬‬ ‫ﻣﺠﺮى‬ ‫واﻟﺼﻮاب أن ﱠ‬ ‫ﻫﺬا َﻗﻮل َ َ‬ ‫ﺛﻢ أﺟﺮﻳﺖ ْ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻌﺪل َﻋﻦ ْ َ ْ‬ ‫إﻧﻤﺎ دﺧﻠﺖ َ‬ ‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨ َﱡﺤﺎة‪ َ ،‬ﱠ َ‬ ‫اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺻﻔﺔ ﻓﻲ اﻻﺻﻞ ﱠ‬ ‫ﻓﺈن ْ َ َ‬ ‫اﻟﻮﺻﻒ إﻟﻰ ْ‬ ‫اﻟﺘﺎء ِ ﱠ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺘﺎء َ ِ‬ ‫ﻓﺈذا أﺟﺮوﻫﺎ ﺻﻔﺔ َ ُ‬ ‫ﻛﻤﺎ َ ُ‬ ‫ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ َ َ‬ ‫ﻗﺎﻟﻮا‪َ :‬ﺷﺎة ﻧﻄﻴﺢ ﻛﻤﺎ َ ُ ُ َ‬ ‫اﻟﺘﺎء؛ َ‬ ‫ﻒ ﺧﻀﻴﺐ وإﻻ َﻓَﻼ ﻣﻌﻨﻰ ْ ُ َ َ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺗﻠﺤﻘﻬﺎ‬ ‫ﻳﻘﻮﻟﻮن‪َ :‬ﻛ ّ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ َ ﱠ‬ ‫ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﻄﻴﺤﺔ ِ ﱠ‬ ‫اﻷﺳﻤﺎء ﻓﺎﻟﺤﻘﺖ ﱠ‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ َ َ‬

‫ﺑﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﺎن‬ ‫وﻟﻜــــﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤــــﺮان اﻟﺤﻘﻴﻘـــــﻲ ﰲ اﻷرض؛ ﻻ ّ‬

‫أﻓﺴـــــــﺪﻫﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﻋﻴ ﻟﻬﺪم رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﻌﻤﺮان‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ‬

‫اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ َواﷲ ْ َ‬ ‫َﺗﺎء ْ ُ َ َ‬ ‫أﻋﻠﻢ ]اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٥١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻔﺘﺎح داراﻟﺴﻌﺎدة وﻣﻨﺸﻮر وﻻﻳﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻹرادة‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.[١٥٣‬‬

‫اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺘﻌﺎﺿـــــــــﺪة ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان وﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ وﻓﻖ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ‬

‫ﻣﺘﻌﻠﻘ ﺑﺎﻟﺰروع واﻟﺜﻤﺎر أو ﰲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺴــــﺘﻬﺪف اﻟﻴﻮم اﻷرض ﻣﻦ‬

‫)‪ (١١‬اﻟﺒﻴﻀﺎوي‪ ،‬ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪ ٦٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬أﻧﻮار اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ وأﺳﺮار اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺮﻋﺸﻠﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪١٤١٨‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٦٨‬‬

‫)‪ (١٢‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ‪ ،‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٩٩‬‬

‫ﻳﻔﻬﻢ ﰲ أﺑﻌﺎده‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻤـــﺮان "ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻘــــﺮآﲏ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ُ َ‬ ‫اﻟﻘـــﺮآن‪ُ ،‬‬

‫اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺗﻤﺲ ﺟﻮﻫﺮ وﺟﻮدﻫﺎ‬

‫)‪. (٢١‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (١٣‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٣١٠‬ﻫـ(‪ ،‬ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن ﰲ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢٠ ،‬ﻫـ ‪٢٠٠٠ -‬م‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪.٣٦٨‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (١٤‬اﻟﺒﻴﻀﺎوي‪ ،‬ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬أﻧﻮار اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ وأﺳﺮار اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٣٩‬‬

‫)‪ (١٧‬اﻟﺒﻮزي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻘﻮى واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀﺎري ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ ﻣﻮﻗﻊ اﻷﻟﻮﻛﺔ اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺿﺎﻓﺔ‪ ٣٠/٦/٢٠٠٩ :‬ﻣﻴﻼدي ‪ ٧/٧/١٤٣٠ -‬ﻫﺠﺮي‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬

‫)‪ (١٥‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ"‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﻺﺑﺪاع‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﺸﺮ‪ ،٢٠٠٩-٠٨-٢٢ :‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‬ ‫‪h p: www.almultaka. org/site. php?id=768&idC=1&idSC=1‬‬ ‫)‪ (١٦‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٤١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﺴﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺆوط وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢١ ،‬ﻫـ‪٢٠٠١ ،‬م ﺑﺮﻗﻢ‪ ،١٢٩٨١ :‬ج‪ ،٣‬ص‪،١٩١‬‬ ‫واﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ‪ ،‬اﻷدب اﻟﻤﻔﺮد‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺳﻤﻴﺮ ﺑﻦ أﻣﻴﻦ اﻟﺰﻫﻴﺮي‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﻟﺮﻳﺎض‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٨ ،‬م‪ ،‬ﺑﺎب اﺳﺘﺼﻨﺎع اﻟﻤﺎل‪،‬‬ ‫ﺑﺮﻗﻢ‪ ،٤٧٩ :‬ج‪ ،١‬ص‪.١٦٨‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪54‬‬

‫اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪h p: //www. alukah. net/publica ons_compe ons/0/6447/ :‬‬ ‫)‪ (١٨‬ﻋﻠﻲ رﺿﺎ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ رﺷﻴﺪ‪) ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎر(‪ ،‬ج‪ ،١١‬ص‪.٢٥٩‬‬

‫)‪ (١٩‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬ﺑﺤﺚ‪ :‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫)‪ (٢٠‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ‪ ،‬اﻟﺬرﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺎرم اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ص‪.٨٢‬‬ ‫)‪ (٢١‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬ﺑﺤﺚ‪ :‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﻓﻴﻪ أرﺑﻌﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ‪:‬‬

‫ﺟﻌﻠﻜﻢ ﻣﻌﻤﺮﻳﻦ دﻳﺎرﻛﻢ ﺗﺴــــــــــــــــــﻜﻨﻮﳖﺎ ﻣﺪة ﻋﻤﺮﻛﻢ ﺛﻢ ﺗﱰﻛﻮﳖﺎ‬ ‫)‪(١٤‬‬

‫ﻟﻐﻴﺮﻛﻢ ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻘﺮآن‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﻤــﺮان وﻋﻤﺎرة اﻷرض‪،‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﺟﺎء ﰲ أﻛﺜـﺮ ﻣﻦ أﻳﺔ ﺗﻌـﺰﻳـﺰ اﻟﻘﻴﺎم ُ‬ ‫رﺑﻚ ِ ْﻟﻠﻤ َ ِ َ ِ‬ ‫ﺟﺎﻋﻞ ِﻓــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻼﺋﻜﺔ ِ ﱢإﻧــﻲ َ ِ ٌ‬ ‫﴿وإذ َ َ‬ ‫ﻛﻘﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ْ ِ َ :‬‬ ‫اﻷرض‬ ‫ﻗﺎل َ ﱡ َ َ‬ ‫َ ِ ًَ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ﴾ )اﻟﺒﻘﺮة‪ ،(٢٩ :‬وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺒﻴﻀــــﺎوي ﰲ ﺗﻔﺴـــــﻴﺮ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ‪:‬‬ ‫)‪(١٠‬‬

‫"واﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻳﺨﻠﻒ ﻏﻴــــــﺮه وﻳﻨﻮب ﻣﻨﺎﺑﻪ‪ ،‬واﻟﻬﺎء ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ‪،‬‬

‫واﻟﻤﺮاد ﺑﻪ آدم ڠ ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺧﻠﻴﻔﺔ اﷲ ﰲ أرﺿـــﻪ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ‬ ‫اﺳــﺘﺨﻠﻔﻪ اﷲ ﰲ ﻋﻤﺎرة اﻷرض وﺳــﻴﺎﺳــﺔ اﻟﻨﺎس وﺗﻜﻤﻴﻞ ﻧﻔﻮﺳــﻬﻢ‬

‫﴿ﻫﻮ َ ْ َ َ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ َ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ُ َ‬ ‫وﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ ﻧﺸـﻮء ﻣﻔﻬﻮم ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َْْ ِ‬ ‫ﻓـــﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪ ،(٦١ :‬ﻧـــﺘـــﺒـــﻴﻦ َ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎت‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫اﻻرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫أﺳﺎﺳﻴﺔ‪:‬‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان )أو اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر(‪.‬‬ ‫‪ .١‬ﻓﻌﻞ ُ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺆﻛﺪا ﻋﻠـــــــﻰ ﻣﻌﻨـــــــﻰ اﻟﻌﻤﺎرة ﰲ اﻵﻳﺔ‪:‬‬ ‫)ﻫﻮد‪ ،(٦١ :‬ﻗﺎل اﻟﻄﱪي‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ ﻳﻘﻮل‪" :‬وﺟﻌﻠﻜﻢ ُ ﱠ ً‬ ‫ﻋﻤﺎرا ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﻤﻌﻨــــــﻰ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫َ ْ ََْ​َ ْ‬ ‫)‪(١٣‬‬

‫ﻓﻴﻪ‪ :‬أﺳﻜﻨﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ أﻳﺎم ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ‪.‬‬

‫ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻌﻴﺶ اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ وﺿـــــﻊ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ‬

‫اﻷﻋﻢ أﻻ وﻫﻮ‬ ‫واﻟﺘﺴـــــــــــﺨﻴﺮ( ﻫﻤﺎ اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺎن اﻟﻤﻜﻮﻧﺎن ﻟﻠﻤﻔﻬﻮم‬ ‫ﱢ‬

‫واﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﺮان اﻟﺒﺸـــﺮي‪ ،‬وﻛﺄﲏ ﺑﻪ ڠ ﻳﻀـــﻊ‬ ‫اﻟﻤﺎدﻳﺔ‬ ‫اﻷﺳﺲ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱢﱠ‬ ‫ُ‬

‫اﻷﻋﻢ ﻣﻦ دون‬ ‫ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﻤﺎ‬ ‫)اﻟﻌﻤـــــــــﺮان( وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إدراﻛﻬﻤﺎ‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬

‫ﺣﻀــــــﺎرﻳﺔ‬ ‫ﻟﻌﻤﺮان ﱠأﻣﺔ ﻣﺴـــــﻠﻤﺔ ذات رﺳﺎﻟﺔ‬ ‫ﺗﺨﻄﻴﻄ‬ ‫ﻣﺴـــــﺘﻘﺒﻠﻴ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ﱠ‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻔﻬﻮم )اﻟﻔﺴـــﺎد( وﻫﺬا ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻧﺤﺮاﻓ‬ ‫اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ‬

‫واﺳﺘﻌﻤﺮه‬ ‫اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻷرض‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﻠﻒ اﷲ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻷرض‬ ‫ْ‬ ‫)‪(١٥‬‬

‫‪ .٣‬ﻓﻀﺎء ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ )اﻷرض ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻮﻳﻪ وﻣﺎ ﻳﻌﻠﻮﻫﺎ( ‪.‬‬

‫)‪(١١‬‬

‫ُ ِ‬ ‫﴿ﻫﻮ َ ْ َ َ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ َ‬ ‫وﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــــــﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫اﻻرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬

‫ف‬ ‫اﺳﺘﺤﻀــــــﺎر ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴــــــﺨﻴﺮ‪ ،‬وﻫﺬان اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺎن )اﻻﺳﺘﺨﻼ ُ‬

‫)‪(١٧‬‬

‫‪ .٢‬اﻟﻤﻘﺼﻮد ﲠﺬا اﻟﻔﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن )ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ(‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ ﺣﺚ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ أﺑﻠﻎ اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﻬﺪ واﺳـﺘﻔﺮاغ اﻟﻮاﺳــﻊ‬ ‫ﰲ إﻋﻤﺎر اﻷرض ﺣﺘﻰ ﰲ أﺣﻠﻚ اﻟﻈـﺮوف ‪ .‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﭬ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل‬ ‫اﻟﺴﺎﻋﺔ ِ ِ ِ‬ ‫رﺳــﻮل اﷲ ﷺ ‪ » :‬إن َ ِ‬ ‫ﻓﺴﻴﻠﺔ ‪ْ ِ َ ،‬‬ ‫أﺣﺪﻛﻢ َ ِ َ ٌ‬ ‫اﺳﺘﻄﺎع‬ ‫ﻓﺈن ْ َ َ َ‬ ‫ﻗﺎﻣﺖ ﱠ َ ُ َ‬ ‫وﺑﻴﺪ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻓﻠﻴﻔﻌ ْﻞ «‪.‬‬ ‫ﻳﻘﻮم َ ﱠ‬ ‫ﻳﻐﺮﺳﻬﺎ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ْ ِ َ َ‬ ‫أن َﻻ َ ُ ْ َ‬

‫ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ ،‬ﻣﻦ ْ ٍ‬ ‫وﻣﺤﺒﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ‬ ‫وﺗﻌﺎرف‬ ‫أﻣﻦ ﺑﺠﻮار اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺤـــﺮام‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺴــــــــــــــﺘﻘﺒﻼ‪ ،‬وأن ُ َ‬ ‫ﻳﺮزﻗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻖ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ْ‬

‫وﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم ﺑﺪوره ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻛﻞ دﻻﻻﺗﻪ وﻻ ﺗﻤﺘﺎز ﻃﺒﻴﻌـﺘﻪ ﻣﻦ دون‬

‫واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀـﺎري ﻣﻘﺼـﺪ ﻋﺎم ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﺳﺘﺨﻼف‬ ‫ﻣﺘﻤﻴﺰة ‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺆﻛﺪا ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﻤﺎرة‪:‬‬ ‫وﺗﻨﻔﻴﺬ أﻣﺮه ﻓﻴﻬﻢ ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺎﺷـــــــــــــﻮر‬ ‫ﻣﺮاد اﷲِ َ َ ِ‬ ‫ْﻔﻴﺬ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫"ﻓﺎﻟﺨﻠﻴﻔﺔ آدم َ َ ِ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ ِ‬ ‫ﺗﻌﻤﻴﺮ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـﻰ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َِ َُ َُ َ‬ ‫ﱠ ُ‬ ‫وﺧﻠﻔﻴﺘﻪ َ ُ ُ‬ ‫ﻗﻴﺎﻣﻪ ِ َﺑﺘﻨ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫وﺗﻠﻘﻴﻦ ُ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻹﻟﻬﺎم َأو ِ ْ ِ ِ‬ ‫ﻫﺬا ْ َ َ ِ‬ ‫ﻣﺮاد اﷲِ َ َ َ‬ ‫ﻣﻦ َ َ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــــــــﻰ ْ‬ ‫ذرﻳﺘﻪ ُ َ َ‬ ‫ِ ِْْ َ ِ ْ َ ْ‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ َ َ ْ ِ ﱢ ﱠ‬ ‫ِ )‪(١٢‬‬ ‫َْ‬ ‫اﻷرﺿﻲ ‪.‬‬ ‫ْ ﱢ‬

‫ﻟﺬرﻳﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠــــــــــــﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﺒﺎدة اﷲ‬ ‫ﻳﻬﻴﺊ ﱠ‬ ‫ﺛﻢ دﻋﺎ ﱠ‬ ‫رﺑﻪ أن ﱢ َ‬ ‫ﱠ‬

‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﻤﺘﻌﺎﺿــــﺪة ﰲ آن ﻣﻦ دون ﻓﻬﻢ ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳـــــﺘﺨﻼف‪،‬‬

‫)‪(١٦‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮان اﻟﺒﺸـــــﺮي واﻟﺤﻀـــــﺎري ﰲ ُ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻫﻲ‪:‬‬ ‫ﻓﺄﺳﺲ ُ‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴـــﻤﺎوﻳﺔ‪ ،‬وﻧﻘﺮأ ذﻟﻚ ﰲ‬ ‫اﻹﻧﺴــﺎن‪ ،‬واﻟﻤﻜﺎن )اﻷرض(‪ ،‬ﱢ‬ ‫أﺳﻜﻨﺖ ِﻣﻦ‬ ‫﴿رﺑﻨَﺎ ِ ﱢإﻧــــﻲ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻟـﻤﺎ ﻗﺎل‪ َ :‬ﱠ‬ ‫دﻋﺎء ﻧﺒـــﻲ اﷲ إﺑـــﺮاﻫﻴﻢ ‪ -‬ڠ – ﱠ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذرﻳﺘـــــــــــﻲ ِ ٍ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﺑﻮاد َ ْ ِ‬ ‫ﻋﻨﺪ َ ْ ِ َ‬ ‫ﺑﻴﺘﻚ ُ َ ﱠ ِ‬ ‫ﻏﻴﺮ ِذي َ ْ ٍ‬ ‫اﻟﺼﻼة‬ ‫ﻟﻴﻘﻴﻤﻮا ﱠ َ‬ ‫زرع ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢﱠ‬ ‫اﻟﻤﺤﺮم َ ﱠ‬ ‫رﺑﻨَﺎ ُ ُ‬

‫َ ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ ﻋﻤﺮﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ واﺳﺘﺒﻘﺎﻛﻢ‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫وﻗﺎل اﻟﺒﻴﻀـــــﺎوي‪ْ َ َ ْ ْ َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ﱠـــﺎس َ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻨ ِ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ﻟﻌﻠﻬﻢ‬ ‫ﻓـــﺎﺟﻌﻞ َ ْ ِ َ ً‬ ‫وارزﻗﻬﻢ ﱢ َ‬ ‫إﻟﻴﻬﻢ َ ْ ُ ْ ُ‬ ‫أﻓﺌﺪة ﱢ َ‬ ‫اﻟﺜﻤﺮات َ َ ﱠ ُ ْ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ َ َ‬ ‫ﺗﻬﻮي ِ َ ْ ِ ْ‬

‫ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬أو أﻗﺪرﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎرﲥﺎ وأﻣﺮﻛﻢ ﲠﺎ‪ ،‬وﻗﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮي‬

‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ َ‬ ‫ﻳﺸﻜﺮون﴾ )إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ُ ،(٣٧ :‬‬ ‫َْ ُ​ُ َ‬ ‫أﻫﻠﻪ واﺑﻨَﻪ‬ ‫أﺳـــــﻜﻦ‬ ‫ﺣﻴﺚ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻋﻤﺮﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ دﻳﺎرﻛﻢ وﻳﺮﺛﻬﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﺑﻌﺪ اﻧﺼـــــﺮام أﻋﻤﺎرﻛﻢ‪ ،‬أو‬

‫إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻮادي ﺑﺠﻮار اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻮﺣﻲ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪،‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻟﻐﺎﻳﺔ ﻛﱪى ﻫــﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ ،‬ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﱠ‬ ‫اﻟﺸﺎﻣﻞ‬ ‫ْ‬ ‫اﻷرض‪ ،‬وﻫﻮ‬ ‫اﻟﻌﺪل‬ ‫وﻓﻖ ﻣﺎ أﻣﺮ وﺷــــــــــــﺮع‪ ،‬وإﻗﺎﻣﺔ ْ‬ ‫ْ‬ ‫واﻹﺻﻼح ﰲ ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ‬ ‫﴿ﻫﻮ َ َ َ ُ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫أﻧﺸﺄﻛﻢ ﱢ َ‬ ‫ﻣﻘﺘﻀــــــــﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ :‬‬ ‫اﻷرض َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮوه ُﺛﻢ ُﺗﻮﺑﻮا ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إﻟﻴﻪ ِ ﱠ‬ ‫ﻣﺠﻴﺐ﴾ )ﻫﻮد‪ ،(٦١ :‬وﻣﻌﻨﻰ‬ ‫ﻗﺮﻳﺐ ﱡ ِ ٌ‬ ‫رﺑﻲ َ ِ ٌ‬ ‫َ ْ َْ ُ ُ ﱠ ُ ْ‬ ‫إن َ ﱢ‬ ‫ﻋﻤﺎرﻫﺎ‪ ،‬أو ﻃﻠﺐ ﻣــــــﻨﻜﻢ أن‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ﴾ ﰲ اﻵﻳﺔ‪ :‬أي ﺟﻌﻠﻜﻢ ﱠ‬ ‫َ ْ ََْ​َ ُ ْ‬ ‫ﺗﻌﻤﺮوﻫﺎ‪ ،‬ﺑﺼـﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴــﺎن ﺑﻤﻦ‬ ‫﴿ﺛﻢ َ َ ْ‬ ‫َﺎﻛﻢ‬ ‫ﺟﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫ﻳﻘﻮم ﻣﻌﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ اﻻﺳــــــــــﺘﻌﻤﺎر‪ ،‬وﻫﻲ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ُ :‬ﱠ‬ ‫اﻷرض ِﻣﻦ ِ ِ ِ‬ ‫ﺧﻼﺋِ َ ِ‬ ‫ﻒََُْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ )ﻳﻮﻧﺲ‪:‬‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫َﻨﻈﺮ َ ْ‬ ‫ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻟﻨ ُ َ‬ ‫ﻒ ﻓــــــــــﻲ ْ َ ْ ِ َ ْ ْ‬ ‫"وﻗﺪ َ ﱠ َ‬ ‫ﻋﻠﻞ َ َ‬ ‫ﻫﺬا ِ ْ ِ ْ‬ ‫ف ِﻋﻨ َْﺪ‬ ‫اﻻﺳﺘﺨَﻼ َ‬ ‫‪ ،(١٤‬ﻗﺎل ﻣﺤﻤﺪ رﺷـــــﻴﺪ رﺿــــــﺎ‪ْ َ َ :‬‬ ‫اﻷول ِ ِﺑﻪ ُﻫﻨَﺎ ِ َ ِ ِ‬ ‫اﻹﺧﺒﺎر ْ َ ﱠ ِ‬ ‫ِْ ْ َ ِ‬ ‫ﻒَْ َُ‬ ‫َ‬ ‫أي ﻟ ِﻨ َ​َﺮى‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫ﺑﻘﻮﻟﻪ‪َ :‬‬ ‫ﺗﻌﻤﻠــــــــــــــﻮن﴾ َ ْ‬ ‫ْﻈﺮ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ﻧﻨ ُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وﻧﺸﺎﻫﺪ َأي َﻋﻤٍﻞ َ ُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻤﻘﺘﻀـــــﻰ‬ ‫ُﺠﺎزﻳﻜﻢ ِ ِﺑﻪ ِ ُ ْ َ َ‬ ‫ﻼﻓﺘﻜﻢ‪َ ،‬ﻓﻨ َ ِ َ ُ ْ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن ﻓــــﻲ ﺧ َ َ ُ ْ‬ ‫ََُ َ ﱠ َ َْ‬ ‫ﻟﻜﻢ ِ ِ َ ِ‬ ‫ﻓﺈن َ ِ ِ‬ ‫ﺳﻨﱠﺘِﻨَﺎ ِ‬ ‫ﻗﺒﻠﻜﻢ‪ ِ َ ،‬ﱠ‬ ‫ﻫﺬه ْ ِ َ َ َ‬ ‫اﻟﺤﱢﻖ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﻹﻗﺎﻣﺔ ْ َ‬ ‫إﻧﻤﺎ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ﺟﻌﻠﻬﺎ َ ُ ْ‬ ‫اﻟﺨﻼﻓﺔ ِ ﱠ َ‬ ‫ﻓـــــﻴﻤﻦ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رﺟﺲ ﱢ ِ‬ ‫اﻷرض َ ْ ِ ِ َ ِ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫اﻟﺸﺮك َ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﻟﻤﺠﺮد‬ ‫وﺗﻄﻬﻴﺮﻫﺎ ْ‬ ‫واﻟﻌﺪل ﻓﻲ ْ َ ْ ِ َ‬ ‫َ َ‬ ‫واﻟﻔﺴﻖ‪َ ،‬ﻻ ُ َ ﱠ‬ ‫ﻣﻦ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ِ )‪(١٨‬‬ ‫اﻟﺘﻤﺘِﻊ ِ َ ﱠ ِ‬ ‫ﺑﻠﺬة ْ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﻠﻚ ‪.‬‬ ‫ﱠَﱡ‬

‫)‪(١٩‬‬

‫ﻋﻦ اﻷﺻﻞ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﲏ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳﺘﺨﻼف وﺷﺮوﻃﻪ‬ ‫ذﻛﺮ اﻟﺮاﻏﺐ اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﺨﺘﺺ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻴﺎء‪:‬‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ‬ ‫‪ .١‬ﻋﻤﺎرة اﻷرض اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟـــــــــــﻰ‪ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪.(٦١ :‬‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺠﻦ‬ ‫﴿وﻣﺎ َ َ ْ ُ‬ ‫ﺧﻠﻘﺖ ْ ِ ﱠ‬ ‫‪ .٢‬وﻋﺒﺎدﺗﻪ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــــــــــــــﻰ‪َ َ :‬‬ ‫واﻹﻧﺲ ِ ﱠإﻻ ِ ُ ِ‬ ‫ﻟﻴﻌﺒﺪون﴾ )اﻟﺬارﻳﺎت‪.(٥٦ :‬‬ ‫َُْ‬ ‫َ ِْ َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿وﻳﺴﺘﺨﻠﻔﻜﻢ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض‬ ‫‪ .٣‬وﺧﻼﻓﺘﻪ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ ُ َ ْ َ ْ َ َ :‬‬ ‫ﻒَْ َُ َ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ )اﻷﻋﺮاف‪(١٢٩ :‬‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫ﻓﻴﻨﻈﺮ َ ْ‬ ‫َ​َ َُ‬

‫)‪(٢٠‬‬

‫اﻟﻌﻤﺮاﲏ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﻮر‪:‬‬ ‫ﻓﻌﻤﺎرة اﻷرض وﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻔﻌﻞ ُ‬ ‫‪ .١‬ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺮﺑﻪ‪...‬‬ ‫‪ .٢‬وﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﻣﻌﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر إذ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ‪.﴾...‬‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫ﻛﺎن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ‪ْ َ َ ْ ْ َ :‬‬ ‫‪ .٣‬وﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴـــــﺎن ﺑﺎﻷرض‪ ،‬إذ اﻷرض أﺻﻞ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‬ ‫ﻟﻠﺒﺸــــــﺮ‪ ،‬وﻻ ﻗﻮام ﻟﻠﻨﺎس إﻻ ﲠﺎ وﺑﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴـــــــﻞ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﻦ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻻﺳﻢ َ ِ‬ ‫)‪ (١٠‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ‪َ َ :‬‬ ‫ﻣﺠﺮى‬ ‫واﻟﺼﻮاب أن ﱠ‬ ‫ﻫﺬا َﻗﻮل َ َ‬ ‫ﺛﻢ أﺟﺮﻳﺖ ْ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻌﺪل َﻋﻦ ْ َ ْ‬ ‫إﻧﻤﺎ دﺧﻠﺖ َ‬ ‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨ َﱡﺤﺎة‪ َ ،‬ﱠ َ‬ ‫اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺻﻔﺔ ﻓﻲ اﻻﺻﻞ ﱠ‬ ‫ﻓﺈن ْ َ َ‬ ‫اﻟﻮﺻﻒ إﻟﻰ ْ‬ ‫اﻟﺘﺎء ِ ﱠ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺘﺎء َ ِ‬ ‫ﻓﺈذا أﺟﺮوﻫﺎ ﺻﻔﺔ َ ُ‬ ‫ﻛﻤﺎ َ ُ‬ ‫ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ َ َ‬ ‫ﻗﺎﻟﻮا‪َ :‬ﺷﺎة ﻧﻄﻴﺢ ﻛﻤﺎ َ ُ ُ َ‬ ‫اﻟﺘﺎء؛ َ‬ ‫ﻒ ﺧﻀﻴﺐ وإﻻ َﻓَﻼ ﻣﻌﻨﻰ ْ ُ َ َ َ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺗﻠﺤﻘﻬﺎ‬ ‫ﻳﻘﻮﻟﻮن‪َ :‬ﻛ ّ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ َ ﱠ‬ ‫ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﻄﻴﺤﺔ ِ ﱠ‬ ‫اﻷﺳﻤﺎء ﻓﺎﻟﺤﻘﺖ ﱠ‬ ‫ﻟﺬﻟﻚ َ َ‬

‫ﺑﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﺎن‬ ‫وﻟﻜــــﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤــــﺮان اﻟﺤﻘﻴﻘـــــﻲ ﰲ اﻷرض؛ ﻻ ّ‬

‫أﻓﺴـــــــﺪﻫﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﻋﻴ ﻟﻬﺪم رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﻌﻤﺮان‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ‬

‫اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ َواﷲ ْ َ‬ ‫َﺗﺎء ْ ُ َ َ‬ ‫أﻋﻠﻢ ]اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٥١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻔﺘﺎح داراﻟﺴﻌﺎدة وﻣﻨﺸﻮر وﻻﻳﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻹرادة‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.[١٥٣‬‬

‫اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺘﻌﺎﺿـــــــــﺪة ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﺮان وﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ وﻓﻖ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ‬

‫ﻣﺘﻌﻠﻘ ﺑﺎﻟﺰروع واﻟﺜﻤﺎر أو ﰲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺴــــﺘﻬﺪف اﻟﻴﻮم اﻷرض ﻣﻦ‬

‫)‪ (١١‬اﻟﺒﻴﻀﺎوي‪ ،‬ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪ ٦٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬أﻧﻮار اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ وأﺳﺮار اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺮﻋﺸﻠﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪١٤١٨‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٦٨‬‬

‫)‪ (١٢‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ‪ ،‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٩٩‬‬

‫ﻳﻔﻬﻢ ﰲ أﺑﻌﺎده‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻤـــﺮان "ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻘــــﺮآﲏ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ُ َ‬ ‫اﻟﻘـــﺮآن‪ُ ،‬‬

‫اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺗﻤﺲ ﺟﻮﻫﺮ وﺟﻮدﻫﺎ‬

‫)‪. (٢١‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (١٣‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٣١٠‬ﻫـ(‪ ،‬ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن ﰲ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢٠ ،‬ﻫـ ‪٢٠٠٠ -‬م‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪.٣٦٨‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (١٤‬اﻟﺒﻴﻀﺎوي‪ ،‬ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬أﻧﻮار اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ وأﺳﺮار اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٣٩‬‬

‫)‪ (١٧‬اﻟﺒﻮزي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻘﻮى واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀﺎري ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ ﻣﻮﻗﻊ اﻷﻟﻮﻛﺔ اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺿﺎﻓﺔ‪ ٣٠/٦/٢٠٠٩ :‬ﻣﻴﻼدي ‪ ٧/٧/١٤٣٠ -‬ﻫﺠﺮي‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬

‫)‪ (١٥‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ"‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﻺﺑﺪاع‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﺸﺮ‪ ،٢٠٠٩-٠٨-٢٢ :‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‬ ‫‪h p: www.almultaka. org/site. php?id=768&idC=1&idSC=1‬‬ ‫)‪ (١٦‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٤١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﺴﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺆوط وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢١ ،‬ﻫـ‪٢٠٠١ ،‬م ﺑﺮﻗﻢ‪ ،١٢٩٨١ :‬ج‪ ،٣‬ص‪،١٩١‬‬ ‫واﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ‪ ،‬اﻷدب اﻟﻤﻔﺮد‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺳﻤﻴﺮ ﺑﻦ أﻣﻴﻦ اﻟﺰﻫﻴﺮي‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﻟﺮﻳﺎض‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٨ ،‬م‪ ،‬ﺑﺎب اﺳﺘﺼﻨﺎع اﻟﻤﺎل‪،‬‬ ‫ﺑﺮﻗﻢ‪ ،٤٧٩ :‬ج‪ ،١‬ص‪.١٦٨‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪54‬‬

‫اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪h p: //www. alukah. net/publica ons_compe ons/0/6447/ :‬‬ ‫)‪ (١٨‬ﻋﻠﻲ رﺿﺎ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ رﺷﻴﺪ‪) ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎر(‪ ،‬ج‪ ،١١‬ص‪.٢٥٩‬‬

‫)‪ (١٩‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬ﺑﺤﺚ‪ :‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫)‪ (٢٠‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ‪ ،‬اﻟﺬرﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺎرم اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ص‪.٨٢‬‬ ‫)‪ (٢١‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬ﺑﺤﺚ‪ :‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺨ َ ِ‬ ‫ف َ ِ‬ ‫ﻼف‪ْ ِ ْ ِ :‬‬ ‫"واﻟﻤﺮاد ِ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫اﻻﺳﺘﺨَﻼ ُ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ُ َ ُ ْ َ :‬‬ ‫إﻗﺎﻣﺔ ْ َ ِ َ ِ‬ ‫اﷲِ ِﻓـــــﻲ ْ ِ‬ ‫ﻣﻠﻚ ْ َ ْ ِ‬ ‫ف َِ َ ُ‬ ‫اﻷرض‪َ ْ ِ ْ ِ َ .‬‬ ‫واﻟﺘﺎء‬ ‫واﻻﺳﺘﺨﻼ ُ‬ ‫اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ‪ َ ،‬ﱢ ُ‬ ‫ﻓﺎﻟﺴﻴﻦ َ ﱠ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً ِ‬ ‫َِ ْ ِ ِ ِ‬ ‫اﻟﻔﻌِﻞ ِ ْ َ‬ ‫وﻣﺆﺳﺴﻴﻦ‬ ‫ﻏﺎﻟﺒﻴﻦ َ ُ َ ﱢ َ‬ ‫أﺣﺮارا َ ِ َ‬ ‫ﻟﻪ‪ْ َ ،‬‬ ‫ﻣﺜﻞ ْ َ َ َ‬ ‫ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ْ ْ‬ ‫اﺳﺘﺠﺎب َ ُ‬ ‫ﺟﻌﻠﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫أي َ َ َ ُ ْ‬ ‫ِ )‪(٢٢‬‬ ‫ﻣﻠﻜ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ُْ‬ ‫اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ‪.‬‬ ‫اﻷرض ْ ُ َ ﱠ َ‬

‫ﱠ‬ ‫َْ‬ ‫وﻳﺴـــﺘﻔﺎد ﻣﻦ ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫وﻣﻜﻠﻒ‬ ‫ﻣﺴـــﺘﺨﻠﻒ ﰲ اﻷرض‬ ‫أن اﻹﻧﺴـــﺎن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻌﻤﺎرﲥﺎ ْ‬ ‫واﻟﺴﻼم‬ ‫ﺷــــﺮع اﷲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﱠ‬ ‫ﻫﺪي أﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ْ‬ ‫اﻟﺼﻼة ﱠ‬ ‫وﻓﻖ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ﺑﺘﺤﻤﻞ اﻷﻣﺎﻧﺔ‬ ‫اﻷرض ﺗﺸـﺮﻳﻒ وﺗﻜﻠﻴﻒ ﻟﻪ ﱡ‬ ‫واﺳﺘﺨﻼف اﻹﻧﺴـﺎن ﰲ ْ‬ ‫ِْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫اﻟﻌﻈﻤـــــﻰ ﱠاﻟﺘـــــﻲ ﻟﻢ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض؛ ﻟﺬا ﻛﺎن اﻷﺣﱡﻖ‬ ‫ﺗﺤﺘﻤﻠﻬﺎ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺼﺎﻟﺤﻮن ْ ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫اﻟﻤﺼﻠﺤﻮن‪ ،‬ﺗﺒﻌ ﻟﺴــﻨﱠﺔ اﷲ‬ ‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﻼف ﻫﻢ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﱠ‬ ‫اﻷﻣﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻓﻜﻠﻤﺎ أﻫﻠﻚ اﷲ ﱠأﻣﺔ ﻃﺎﻏﻴﺔ‪ ،‬ﺟﻌﻞ ﱠ َ‬ ‫ﻒﰲ‬ ‫أﻣﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺧﻼﺋ َ‬ ‫ﰲ َُ‬ ‫ﻒ ِﻓﻲ َ ْ ِ‬ ‫﴿ﺛﻢ َ َ ْ‬ ‫اﻷرض‬ ‫َﺎﻛﻢ َﺧﻼﺋِ َ‬ ‫ﺟﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫اﻷرض‪ ،‬ﻣﺼــﺪاﻗ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ُ :‬ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻒََُْ َ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ )ﻳﻮﻧﺲ‪ ،(١٤ :‬وﻣﻦ ﻣﻌﺎﲏ‬ ‫ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻟ ِﻨ‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫َـــــــــــــــﻨﻈﺮ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ْ‬ ‫)اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ( اﻟﺘﻨﺎوب ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻴﻦ ﺑﻨﻲ اﻟﺒﺸــﺮ ﺣﻴﺚ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀــﻬﻢ‬ ‫ﻳﺨﻠﻒ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫)‪(٢٣‬‬ ‫ﺑﻌﺪ َﻗﺮن َ ِ‬ ‫ﺑﻌﺪ ِﺟﻴﻞ ‪.‬‬ ‫وﺟﻴﻼً َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ﺑﻌﻀ َ ْﻗﺮﻧ َ ْ ْ‬

‫ﻧﺆﺳﺲ ﻟﺤﻀــﺎرة إﻧﺴـــﺎﻧﻴﺔ وارﻓﺔ اﻟﻈﻼل إﻻ ﺑﺈﻋﻤﺎر وﺗﺰﻛﻴﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ واﻹﻧﺴــــﺎﲏ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ِ َ َ :‬‬ ‫ﻳﺴﻴﺮوا ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض‬ ‫َ ْ‬ ‫﴿أوﻟﻢ َ ُ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ َ ﱠ ِ‬ ‫ﻛﺎن َ ِ ُ ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ِ ْ ِ‬ ‫وأﺛﺎروا‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫ْﻬﻢ ُ ﱠ ً‬ ‫ﻗﺒﻠﻬﻢ َ ُ‬ ‫ﻋﺎﻗﺒﺔ ﱠ َ‬ ‫ﻒ َ َ َ‬ ‫ْﻈﺮوا َ ْ‬ ‫ﻗﻮة َ َ َ ُ‬ ‫أﺷﺪ ﻣﻨ ُ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ ْ‬ ‫َ َﻓﻴﻨ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وﻋﻤﺮوﻫﺎ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻓﻤـﺎ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ َ‬ ‫اﻷرض َ َ َ ُ َ‬ ‫رﺳﻠﻬﻢ ِ ْ َ ﱢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺒﻴﻨَـﺎت َ َ‬ ‫وﺟﺎءﺗﻬﻢ ُ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ﻋﻤﺮوﻫﺎ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎن ِ ِ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﻈﻠﻤﻮن﴾ )اﻟﺮوم‪.(٩ :‬‬ ‫وﻟﻜﻦ َ ُ‬ ‫ﻟﻴﻈﻠﻤﻬﻢ َ َ ْ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ﻋﺒﺎدة اﷲ‬ ‫وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﻳﺔ اﺳﺘﺨﻼف اﻹﻧﺴــــــــــﺎن ﰲ اﻷرض ﻫﻲ‬ ‫َ‬ ‫واﻟﻌﻤﺮان ﻻ ﻳﻜﻮن ﱠ‬ ‫إﻻ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﻌﻤﻴﺮ اﻷرض وإﺻـــﻼﺣﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ُ‬ ‫ﻣﺤﺘﻮى اﻹﻳﻤﺎن واﻟﻌﻤﻞ‬ ‫اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ُ ْ‬ ‫وﻓﻖ اﻟﺸـﺮع اﻟﺤﻜﻴﻢ واﻟﻬﺪاﻳﺔ ﱠ‬ ‫ِ ْ‬ ‫واﻻﺳــــــﺘﺨﻼف ﰲ‬ ‫ﻟﻠﺘﻤﻜﻴﻦ‬ ‫اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻬﻤﺎ اﷲ‬ ‫ﺷــــــﺮﻃ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺼﺎﻟﺢ ﱠ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻨﻜﻢ َ َ ِ ُ‬ ‫وﻋﻤﻠﻮا‬ ‫اﻷرض؛ ﻣﺼﺪاﻗ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ َ :‬‬ ‫اﷲ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫﴿وﻋﺪ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻒ ﱠِ َ ِ ِ‬ ‫ﱠﻬﻢ ِﻓـﻲ َ ْ ِ‬ ‫ﻛﻤﺎ ْ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت َ َ ْ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻗﺒﻠﻬﻢ‬ ‫اﺳﺘﺨﻠ َ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ َ ْ ِ ْ‬ ‫اﻷرض َ َ‬ ‫ﻟﻴﺴﺘﺨﻠﻔﻨ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﻴﺒﺪﻟﻨﱠﻬﻢ ﻣﻦ ِ‬ ‫وﻟﻴﻤﻜﻨَﻦ َﻟﻬﻢ ِدﻳﻨَﻬﻢ ﱠ ِ‬ ‫ﺧﻮﻓﻬﻢ‬ ‫اﻟﺬي ْ َ َ‬ ‫ﻟﻬﻢ َ َ ُ َ ﱢ َ ُ ﱢ ْ َ ْ‬ ‫ﺑﻌﺪ َ ْ ِ ْ‬ ‫ارﺗﻀــــــﻰ َ ُ ْ‬ ‫َ​ََُ ﱢ ﱠ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ُ َِ‬ ‫ﻻُْ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﻌﺒﺪوﻧﻨــﻲ َ‬ ‫ذﻟﻚ َ ُ ْ َ ِ َ‬ ‫ﺑﻌﺪ َ ِ َ‬ ‫ﻫﻢ‬ ‫ﻛﻔﺮ َ ْ َ‬ ‫ﻳﺸﺮﻛﻮن ِﺑــﻲ َ ْ‬ ‫َ ْأﻣﻨ َ ْ ُ‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ُ ُ‬ ‫وﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﺷﻴﺌ َ َ‬ ‫َ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﻔﺎﺳﻘﻮن﴾ )اﻟﻨﻮر‪.(٥٥ :‬‬ ‫ﻟﻴﺴــــــﺘﺨﻠﻔﻨﱠﻬﻢ ﰲ اﻷرض أي‪ :‬ﻟﻴﺠﻌﻠﻨﱠﻬﻢ ﺧﻠﻔﺎء اﻷرض‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ‬

‫ﺷﺮوط اﻻﺳﺘﺨﻼف‪:‬‬

‫ﻟﻬﻢ اﻟﺴـــــــــﻴﻄﺮة ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻧﻔﻮذ اﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﻠﻒ داود وﺳﻠﻴﻤﺎن‬

‫اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﻌﻤﺎرة ﰲ اﻹﺳــــــــــــﻼم ﻳﺠﺪه ﻓﻘﻬ راﻗﻴ ﻳﺘﻨﺎول‬

‫ڽ ﻋﻠــــﻰ اﻷرض‪ ،‬واﻵﻳﺎت ﺗﺪل ﻋﻠــــﻰ أن ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﺑﻪ‪،‬‬

‫اﻹﻋﻤﺎر ﻣﻦ أﺑﻌﺎده ﻛﻠﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﺴــﺘﻮﻳﺎت؛ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﺑﺈﻋﻤﺎر أﻫﻢ‬

‫واﻟﻌﻠﻢ اﻟﺼــــــــــــــﺎﻟﺢ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﻘﻮة واﻻﺳﺘﺨﻼف ﰲ اﻷرض وﻧﻔﻮذ‬

‫ﻛﺎﺋﻦ ﰲ اﻟﻜﻮن وﻫﻮ اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬ﻓﺎﻫﺘﻢ ﺑﺈﻋﻤﺎر ﻧﻔﺴﻪ ً‬ ‫أوﻻ‪ ،‬وﺗﺰﻛﻴﺔ إﻳﻤﺎﻧﻪ‬

‫اﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻋﻤﺮان إذن ﻣﻦ دون إﻳﻤﺎن وﻋﺒﺎدة‪.‬‬

‫إن اﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀــــــــــﺎري إذا ﻗﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺤﱢﻖ وﻋﻠﻰ ﱠ ْ‬ ‫اﻟﺘﻘﻮى‬ ‫وﻳﺤﻴﺎ ﺑﻪ ُ‬ ‫اﻟﺸﺮك‬ ‫أﻫﻠﻪ ﺣﻴﺎة ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺼﻼح ﻳﺒﺎرﻛﻪ اﷲ‪َ ،‬‬ ‫ﻃﻴﺒﺔ‪ ،‬وإذا ﻗﺎم ﻋﻠــﻰ ﱢ ْ‬ ‫ِْ‬ ‫ِ‬ ‫أﻗﻮام‬ ‫ﻛﻌﻤﺮان‬ ‫واﻟﻈﻠﻢ واﻟﻄﻐﻴﺎن‬ ‫دﻣﺮه اﷲ ُ‬ ‫واﻻﺳـــــﺘﻜﺒﺎر ﰲ اﻷرض‪ ،‬ﱠ‬

‫اﻷﺧﺮى‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ اﻟﻤﺴــــﻴﺮة اﻹﻧﺴـــــﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻀـــــﻴﺎع ﻋﻠﻰ ﻛﻼ‬

‫ﺻــﻮره اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻨﺎ‬ ‫ﻫﻮد وﺻـﺎﻟﺢ وﻓﺮﻋﻮن وأﻣﺜﺎﻟﻬﻢ‪ ،‬وﻣﻦ أﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﱠ‬

‫اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻟﻤﺎدي‪.‬‬

‫ﰲ اﻟﻘﺮآن ﻗﺼـــــــــﺔ ﻗﻮم ﺳﺒﺄ‪ ،‬ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﺠﺎب أﻫﻠﻬﺎ ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪،‬‬ ‫وﻋﻤﺮان وازدﻫﺎر ﰲ‬ ‫وأﻗﻠﻌﻮا ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة اﻟﺸـﻤﺲ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺣﻀـﺎرة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎن ِ ِ‬ ‫آﻳﺔ ﺟﻨ َ ِ‬ ‫ﱠﺘﺎن َﻋﻦ‬ ‫اﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ْ َ َ :‬‬ ‫ﻣﺴﻜﻨﻬﻢ َ ٌ َ‬ ‫﴿ﻟﻘﺪ َ َ َ َ‬ ‫ﻟﺴﺒﺈٍ ﻓــــﻲ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻠﻮا ِﻣﻦ ْ ِ‬ ‫ﻳﻤـــــــــــﻴﻦ َ ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وﺷﻤﺎل ُ ُ‬ ‫ﺑﻠﺪة َ ﱢ َ ٌ‬ ‫ورب‬ ‫ﻟﻪ َ ْ َ ٌ‬ ‫ﻃﻴﺒﺔ َ َ ﱞ‬ ‫َ‬ ‫واﺷﻜﺮوا َ ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫رﺑﻜﻢ َ ْ ُ ُ‬ ‫رزق َ ﱢ ُ ْ‬ ‫ﻏﻔﻮر﴾ )ﺳـــــــﺒﺄ‪ ،(١٥ :‬وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻤﺎ أﻋﺮﺿــــــــﻮا وﻋﺎدوا إﻟﻰ ﻋﺒﺎدة‬ ‫َُ ٌ‬ ‫اﻟﺸــــــﻤﺲ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺸـــــــﻜﺮوا اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ‪ ،‬اﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﻨﻌﻤﺔ إﻟﻰ ﻧﻘﻤﺔ‪،‬‬ ‫ودﻣﺮ ﻋﻤﺮاﳖﻢ‪ ،‬وأرﺳﻞ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻴﻞ َ ِ‬ ‫اﻟﻌﺮم‪:‬‬ ‫وﺿﺎﻋﺖ ﺣﻀﺎرﲥﻢ‪ ُ ،‬ﱢ‬ ‫ﱠﺘﻴﻬﻢ َﺟﻨ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻌﺮم َ َ ﱠ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫﴿ﻓﺄﻋﺮﺿـــــــﻮا َ َ ْ َ ْ‬ ‫ﺳﻴﻞ ْ َ ِ ِ‬ ‫ﱠﺘﻴﻦ‬ ‫َ​َ َْ ُ‬ ‫وﺑﺪﻟﻨ ُ‬ ‫َﺎﻫﻢ ِ َ‬ ‫ﻓﺄرﺳﻠﻨَﺎ َ َ ْ ِ ْ‬ ‫ﺑﺠﻨ َ ْ ِ ْ‬ ‫وأﺛٍﻞ َ ٍ‬ ‫أﻛٍﻞ َ ٍ‬ ‫ﺳﺪر َ ِ‬ ‫وﺷﻲء ﱢﻣﻦ ِ ْ ٍ‬ ‫ﺧﻤﻂ َ َ ْ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ﻗﻠﻴٍﻞ‪َ ِ َ ،‬‬ ‫ذواﺗــــــــﻰ ُ ُ‬ ‫ﺑﻤﺎ‬ ‫ﺟﺰﻳﻨ ُ‬ ‫ذﻟﻚ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َﺎﻫﻢ ِ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫وﻫﻞ ُ َ ِ‬ ‫ﻛﻔﺮوا َ َ ْ‬ ‫ﻓﻤﺰﻗﻬﻢ اﷲ ﺷـﺬر‬ ‫اﻟﻜﻔﻮر﴾ )ﺳﺒﺄ‪ ،(١٧ ،١٦ :‬ﱠ‬ ‫ﻧﺠﺎزي ِ ﱠإﻻ ْ َ ُ َ‬ ‫َ​َُ‬ ‫ﻣﺬر‪ ،‬ﺣﺘﻰ أﺻـــــــــــﺒﺤﻮا ﺣﻜﺎﻳﺎت وأﺣﺎدﻳﺚ‪ِ َ ،‬‬ ‫اﻟﻌﺮب ِ ِ‬ ‫ﺑﻬﻢ‬ ‫وﺿﺮﺑﺖ َ َ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫)‪(٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ ِ‬ ‫ﻣﺘﻔﺮﻗﻴﻦ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ‬ ‫"ذﻫﺒﻮا َ ْأﻳﺪي َ َ‬ ‫اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ُ َ َ :‬‬ ‫ﺳﺒﺄ " َأي ُ َ َ ﱢ‬ ‫اﻟﻤﺜﻞ ﻓــــﻲ ُ ْ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ َ َ َ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ‪ُ َ َ :‬‬ ‫َﺎﻫﻢ‬ ‫ﺑﻴﻦ َ ْ َ ِ َ‬ ‫رﺑﻨَﺎ َ ِ ْ‬ ‫ﺑﺎﻋﺪ َ ْ َ‬ ‫﴿ﻓﻘﺎﻟﻮا َ ﱠ‬ ‫ﻓﺠﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫وﻇﻠﻤﻮا َ ُ َ ُ ْ‬ ‫أﺳﻔﺎرﻧﺎ َ َ َ ُ‬ ‫ذﻟﻚ َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻤﺰق ِ ﱠ ِ‬ ‫ﻛﻞ ﱠ ٍ‬ ‫ﻟﻜﻞ َ ﱠ ٍ‬ ‫ﻵﻳﺎت ﱢ ُ ﱢ‬ ‫أﺣﺎدﻳﺚ َ َ ﱠ ْ‬ ‫َ َ ِ َ‬ ‫ﺻﺒﺎر‬ ‫إن ﻓـــــــــــــــﻲ َٰ َ َ‬ ‫َﺎﻫﻢ ُ ﱠ ُ َ‬ ‫وﻣﺰﻗﻨ ُ ْ‬

‫َ ُ ٍ‬ ‫ﺷﻜﻮر﴾ )ﺳﺒﺄ‪.(١٩ :‬‬

‫ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء وﺗﻌﺰﻳﺰ روح اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴـﻤﻮ‬

‫ﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ واﻹﻳﻤﺎن واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼــــﺎﻟﺢ ﺣﺘﻰ‬ ‫وﻻ ﱠ‬

‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﷺ‬ ‫ﻳﻨﺒﻪ‬ ‫وﻣﺎ ﻓﺘﺊ‬ ‫اﻟﻤﻜﺬﺑﻴﻦ ﺑﺮﺳــــــــــــــﺎﻟﺔ ﱢ‬ ‫اﻟﻘﺮآن ﱢ‬ ‫ﻧﺒﻴﻨﺎ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫واﻻﻋﺘﺒﺎر ﺑﻌﺎﻗﺒﺔ ﺳـــــــــﻠﻔﻬﻢ ﰲ اﻟﻜﻔﺮ ْ‬ ‫وﺗﻜﺬﻳﺐ‬ ‫وﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻨﱠﻈﺮ‬ ‫ْ‬

‫إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ اﻹﻳﺜﺎر‪ ،‬وﻗﺪ أﺧﱪ اﻟﺒﺎري ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻹﻋﻤﺎر‬

‫وﻳﺘﻢ اﻻﺳﺘﺨﻼف واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ‪ ،‬أﻣﺎ اﻷﻣﻦ ﻓﻼ ﻳﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﺪ‬ ‫ﻳﺄﰐ اﻟﻨﺼــــﺮ ﱠ‬

‫اﻟﺮﺳﻞ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﻌﻬﻢ ﱠ ُ‬ ‫ﻗﻮﺗﻬﻢ وﻟﻢ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ‬ ‫ﻋﻤﺮاﻧﻬﻢ وﻻ ﻣﺎ ﺑﻨ َْﻮه ﻣﻦ‬ ‫ُ‬

‫ﻻ ﻳﻌﺪﻟﻪ ﺣﺘﻰ إﻋﻤﺎر أﻓﻀــــــﻞ ﺑﻴﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﻮت اﷲ ﰲ اﻷرض؛ ﻗﺎل اﷲ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ْ َ َ ِ‬ ‫﴿أﺟﻌﻠﺘﻢ ِ َ َ َ‬ ‫آﻣﻦ‬ ‫اﻟﺤﺎج َ ِ َ َ َ‬ ‫ﻛﻤﻦ َ َ‬ ‫اﻟﺤﺮام َ َ ْ‬ ‫ﺳﻘﺎﻳﺔ ْ َ ﱢ‬ ‫وﻋﻤﺎرة ْ َ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟــــﻰ‪ْ ُ ْ َ َ َ :‬‬ ‫ﻋﻨﺪ ﱠ ِ‬ ‫ﺳﺒﻴِﻞ ﱠ ِ‬ ‫ِ ﱠ ِ‬ ‫واﻟﻴﻮم ْ ِ ِ‬ ‫وﺟﺎﻫﺪ ِﻓـﻲ َ ِ‬ ‫اﻟﻠـﻪ َﻻ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﻠـﻪ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫واﻟﻠـﻪ‬ ‫ﻳﺴﺘﻮون ِ َ‬ ‫اﻵﺧﺮ َ َ َ َ‬ ‫اﻟﻠـﻪ َ ﱠ ُ‬

‫ﺧﻮف‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺸــــــــــــــــﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﻮى‪" :‬واﻟﺬي ﻧﻼﺣﻈﻪ أن ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ‬

‫ﻗﺼــــﻮر وﻣﺼــــﺎﻧﻊ‪ ،‬إذ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺻﺎر ً‬ ‫ً‬ ‫وأﻃﻼﻻ‪ ،‬ﱢ‬ ‫آﺛﺎرا‬ ‫ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻨﱠﺎﻇﺮﻳﻦ‬ ‫ﺗﺮﻛﻮا ِﻣﻦ ﺟﻨ ٍ‬ ‫﴿ﻛﻢ َ َ ُ‬ ‫ﱠﺎت‬ ‫َ‬ ‫واﻟﻤﻌﺘﱪﻳﻦ ﺑﻤﺼــــﻴﺮ ﺗﺎرﻛﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻧﻌﻤﺔ َ ُ ِ‬ ‫ﻛﺮﻳﻢ * َ ٍ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫ﻓﺎﻛﻬــﻴﻦ * َ َٰ ِ َ‬ ‫وزروٍع َ َ َ ٍ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ‬ ‫ﻓـﻴﻬﺎ َ ِ َ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ‬ ‫َ ُ‬ ‫وﻣﻘﺎم َ ِ ٍ َ ْ َ‬ ‫وﻋﻴﻮن * َ ُ ُ‬

‫اﻟﻘﻮم ﱠ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻈﺎﻟﻤــــﻴﻦ﴾ )اﻟــــﺘﻮﺑﺔ‪(١٩ :‬؛ ﻓﺎﻹﻋﻤﺎر اﻟﻤﻌـــــﻨﻮي‬ ‫َ‬ ‫َﻻ َ ْﻳﻬﺪي ْ َ ْ َ‬

‫اﻟﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ إذا ﺟﺎء اﻟﺨﻮف ﺗﺮﻛﻮا واﻧﻌﺰﻟﻮا‪ ،‬وأن ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻟﻴﺴــــــــﻮا‬ ‫ﻣﺘﺤﻘﻘﻴﻦ ﺑﺸـــﺮوط اﻻﺳﺘﺨﻼف‪ ،‬وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺮى أن اﻟﻨﺼــــﺮ ﻳﺒﻄﺊ ﻋﻠﻰ‬ ‫)‪(٢٤‬‬

‫ﺣﻤﻠﺔ دﻋﻮة اﷲ‪ ،‬واﻟﺮﺟﺎء ﻣﻦ أﻫﻞ اﻹﺳﻼم أن ﻳﺘﺤﻘﻘﻮا وﻳﺴﺘﻤﺮوا ‪.‬‬

‫ﻟﻠﻨﻔﻮس ﻫﻮ اﻷﺳـﺎس اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ إﻋﻤﺎر اﻷرض‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٢‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪.٦٢‬‬

‫)‪ (٢٣‬اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧٧٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻴﻀﻮن‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪،‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١٢٤‬‬ ‫)‪ (٢٤‬ﺣﻮى‪ ،‬ﺳﻌﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٤٠٩‬ﻫـ(‪ ،‬اﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬دار اﻟﺴﻼم‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ‪١٤٢٤‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪.٣٨١١‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪56‬‬

‫اﻷرض ْ‬ ‫اﻻﺳــــﺘﺨﻼف‪ :‬ﱠ‬ ‫ِ ْ‬ ‫وأﻧﻪ ﻣﻦ‬ ‫آﻳﺎت‬ ‫ﻣﺄﻣﻮر ﺑﻪ ﺷــــﺮﻋ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫أن ُﻋﻤﺮان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻘﺎﺻﺪ ﱠ‬ ‫اﻟﻜﺒﺮى؛ ﺑﻞ ﻫﻮ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻــــــــــﺪﻫﺎ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ُ ْ‬

‫َ​َْ َْ‬ ‫وﻣــﺎ‬ ‫ﻓﻤــﺎ َ َ ْ‬ ‫اﻟﺴﻤــﺎء َ ْ َ ْ ُ‬ ‫وأورﺛﻨ َ‬ ‫ﻗﻮﻣـﺎ َ ِ َ‬ ‫واﻷرض َ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﱠ َ ُ‬ ‫ﺑﻜﺖ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫آﺧﺮﻳﻦ * َ َ‬ ‫َـﺎﻫـﺎ َ ْ ً‬ ‫ﻣﻨﻈﺮﻳﻦ﴾ )اﻟﺪﺧﺎن‪ ،(٢٩-٢٥ :‬وﻫﻜﺬا ﻗـﺮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻨﺎء ﻋﻠـﻰ‬ ‫َ ُ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا ُ َ ِ َ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ واﺳﺘﺜﻤﺎره‬ ‫أﻣﺎ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴـــــﺨﻴﺮ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻔﺮاﻫﻴﺪي‪:‬‬ ‫ﺗﺴﺨﺮت ﻣﻦ ﺧﺎدم وداﺑﺔ ﺑﻼ أﺟــﺮ وﻻ ﺛﻤﻦ‪ .‬ﺗﻘﻮل‪:‬‬ ‫اﻟﺴﺨــﺮة ﻓﻤﺎ َ َ ﱠ ْ َ‬ ‫"أﻣﺎ ﱡ ْ ُ‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫وﺳﺨﺮﻳ " ‪.‬‬ ‫ﻫﻢ ﻟﻚ ُ ْ َ ً‬ ‫ﺳﺨﺮة ُ ْ ِ ّ‬ ‫ﻛﺮم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻹﻧﺴـــﺎن ﺑﺘﺴــــﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮن ﻟﻪ ﺑﻼ أﺟﺮ وﻻ‬ ‫ﻟﻘﺪ ﱠ‬ ‫ﺛﻤﻦ‪ ،‬وﺗﺴـــــــــﺨﻴﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻤﻨﻔﻌﺘﻪ وﺗﻤﻜﻴﻨﻪ ﻣﻦ دوره اﻟﺬي ﺧﻠﻘﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﺳﺨﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﱪ ﻣﻨﻪ ْ‬ ‫أﺟﻠﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ّ‬ ‫ﺧﻠﻘ ﻛﺎﻟﺴـــﻤﺎوات واﻷرﺿﻴﻦ‪،‬‬ ‫ﺗﺮوا َ ﱠ‬ ‫ﺳﺨﺮ‬ ‫﴿أﻟﻢ َ َ ْ‬ ‫اﷲ َ ﱠ َ‬ ‫وأﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﺟﺴـﻤ ﻛﺎﻷﻧﻌﺎم‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ َ َ :‬‬ ‫أن َ‬ ‫وأﺳﺒﻎ َ َ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﺎ ِﻓـــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻇﺎﻫﺮة‬ ‫ﻧﻌﻤﻪ َ ِ َ ً‬ ‫ﻟﻜﻢ َﻣﺎ ﻓـــﻲ ﱠ َ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ َ َ ُ‬ ‫اﻷرض َ َ ْ َ َ ْ ْ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎوات َ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻳﺠﺎدل ِﻓـــﻲ اﷲِ ِ َ ْ ِ‬ ‫وﻻ ِ َ ٍ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻨ ِ‬ ‫ﺑﻐﻴﺮ ِ ْ ٍ‬ ‫ﻣﻦ ُ َ ِ ُ‬ ‫ﻫﺪى َ َ‬ ‫ﻋﻠﻢ َ َ‬ ‫ﻛﺘﺎب‬ ‫وﻻ ُ ً‬ ‫ﱠﺎس َ ْ‬ ‫وﺑﺎﻃﻨ ًَﺔ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُِ ٍ‬ ‫ﻣﻨﻴﺮ﴾ )ﻟﻘﻤﺎن‪.(٢٠ :‬‬ ‫ﱠِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺘﺴــــﺨﻴﺮ ﱠإﻣﺎ ُ‬ ‫اﻟﻤﺴــــﺨﺮ‬ ‫ﺟﻌﻞ‬ ‫ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﺴــــﻌﻮد‪:‬‬ ‫"واﻟﻤﺮاد ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﻳﻜﻮن ُ ً‬ ‫َ‬ ‫أﻋﻢ ﻣﻦ ْ‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫ﻳﻨﻔﻊ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳﺘﺼﺮ ُ‬ ‫ف ﻓﻴﻪ ﻛﻴ َ‬ ‫ﺑﺤﻴﺚ ُ‬ ‫ﻣﻨﻘﺎدا ﻟﻪ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺴﺨﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ﱠَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اﻷﺷﻴﺎء‬ ‫اﻷرض ﻣﻦ‬ ‫ﻛﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﻳﺸـــــﺎء‬ ‫وﻳﺴـــــﺘﻌﻤﻠﻪ ﺣﺴـــــﺒﻤﺎ ُ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺤﻴﻮان‪ ،‬أو ﻻ ﻳﻜﻮن‬ ‫اﻟﺠﻤﺎد‬ ‫اﻟﻤﺴـﺘﻌﻤﻠﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﻟﻺﻧﺴـﺎن‬ ‫اﻟﻤﺴﺨﺮة‬ ‫ﻟﺤﺼــــﻮل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺮاده ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫دﺧﻞ ﰲ‬ ‫ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺒ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻧﻴﻄﺖ ﲠﺎ‬ ‫اﻟﺴﻤﻮات ﻣﻦ‬ ‫اﻷﺷـــــــﻴﺎء اﻟﺘﻲ ِ ْ‬ ‫اﺳـــــــﺘﻌﻤﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻛﺠﻤﻴِﻊ ﻣﺎ ﰲ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻌﺎدا‪ ،‬وﻣﺎ ُ‬ ‫ﻣﺬﻟﻼ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن‬ ‫ﻟﻸﻣﺮ‬ ‫ﻣﻨﻘﺎدا‬ ‫ﺟﻌﻠﻪ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎد ﻣﻌﺎﺷ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻷﺟﻠﻜﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻣﻌﻨﻰ ُ‬ ‫اﻟﺴــــــــــﻤﻮات واﻷرض ﻣﻦ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﻓﺈن‬ ‫)ﻟﻜﻢ(‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻳﺴـــﺘﻌﻤﻠﻪ‬ ‫اﻟﺨﻠﻖ‪ ،‬وﻣﺎ‬ ‫ﻣﺴـــﺘﺘﺒﻌﺔ ﻟﻤﻨﺎﻓِﻊ‬ ‫اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﺴـــﺨﺮ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬ ‫ﺑﺤﺴــﺐ ﱠ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ ً‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻬﻮ ﰲ‬ ‫ﻣﺴــﺨﺮا ﻟﻪ‬ ‫ﻳﺸــﺎء وإن ﻛﺎن‬ ‫اﻹﻧﺴـﺎن ﺣﺴــﺒﻤﺎ‬ ‫ُ‬ ‫)‪(٢٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺴﺨﺮ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱠ ٌ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ِ ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻞ ﱠ ٍ‬ ‫واﻟﻴﺪ‪ :‬ﱠ ِ‬ ‫ْﻬﻢ َ ِ‬ ‫اﷲ ِﻓﻲ َ‬ ‫ﻣﻤﺰق‪َ ،‬ﻓﺄﺧﺬ ﱡ‬ ‫ﻃﺮﻳﻘ َ َ‬ ‫اﻟﻄﺮﻳﻖ ]اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﺣﺪة‪ُ َ .‬‬ ‫ﺳﺒﺄ ﻟـ ﱠَﻤﺎ ﱠ‬ ‫ﺷﺒﻬﻮا َﺑﺄﻫِﻞ َ‬ ‫ﻣﺘﻔﺮﻗﻴﻦ‪ ُ ،‬ﱢ ُ‬ ‫ذﻫﺒﻮا َ ْأﻳﺪي َ َ‬ ‫"ﻗﻮﻟﻬﻢ َ َ ُ‬ ‫ﻛﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨ ُ ْ‬ ‫اﻷرض ﱠ ُ َ‬ ‫ﺳﺒﺄ‪َ ،‬أي‪ َ َ ُ :‬ﱢ‬ ‫)‪ْ ُ ُ ْ َ (٢٥‬‬ ‫ﻣﺰﻗﻬﻢ ُ‬ ‫ﻣﻜﺮم )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧١١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤١٤ ،‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.[٩٤‬‬ ‫)‪ (٢٦‬اﻟﻔﺮاﻫﻴﺪي‪ ،‬اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٧٠ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬د ﻣﻬﺪي اﻟﻤﺨﺰوﻣﻲ وﻏﻴﺮه‪ ،‬دار وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻬﻼل‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٩٦‬‬ ‫)‪ (٢٧‬اﻟﻌﻤﺎدي‪ ،‬أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٩٨٢‬ﻫـ(‪ ،‬إرﺷﺎد اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﻠﻴﻢ إﻟﻰ ﻣﺰاﻳﺎ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪.٧٤-٧٣‬‬

‫‪57‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺨ َ ِ‬ ‫ف َ ِ‬ ‫ﻼف‪ْ ِ ْ ِ :‬‬ ‫"واﻟﻤﺮاد ِ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫اﻻﺳﺘﺨَﻼ ُ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ُ َ ُ ْ َ :‬‬ ‫إﻗﺎﻣﺔ ْ َ ِ َ ِ‬ ‫اﷲِ ِﻓـــــﻲ ْ ِ‬ ‫ﻣﻠﻚ ْ َ ْ ِ‬ ‫ف َِ َ ُ‬ ‫اﻷرض‪َ ْ ِ ْ ِ َ .‬‬ ‫واﻟﺘﺎء‬ ‫واﻻﺳﺘﺨﻼ ُ‬ ‫اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ‪ َ ،‬ﱢ ُ‬ ‫ﻓﺎﻟﺴﻴﻦ َ ﱠ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً ِ‬ ‫َِ ْ ِ ِ ِ‬ ‫اﻟﻔﻌِﻞ ِ ْ َ‬ ‫وﻣﺆﺳﺴﻴﻦ‬ ‫ﻏﺎﻟﺒﻴﻦ َ ُ َ ﱢ َ‬ ‫أﺣﺮارا َ ِ َ‬ ‫ﻟﻪ‪ْ َ ،‬‬ ‫ﻣﺜﻞ ْ َ َ َ‬ ‫ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ْ ْ‬ ‫اﺳﺘﺠﺎب َ ُ‬ ‫ﺟﻌﻠﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫أي َ َ َ ُ ْ‬ ‫ِ )‪(٢٢‬‬ ‫ﻣﻠﻜ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ُْ‬ ‫اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ‪.‬‬ ‫اﻷرض ْ ُ َ ﱠ َ‬

‫ﱠ‬ ‫َْ‬ ‫وﻳﺴـــﺘﻔﺎد ﻣﻦ ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫وﻣﻜﻠﻒ‬ ‫ﻣﺴـــﺘﺨﻠﻒ ﰲ اﻷرض‬ ‫أن اﻹﻧﺴـــﺎن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﻌﻤﺎرﲥﺎ ْ‬ ‫واﻟﺴﻼم‬ ‫ﺷــــﺮع اﷲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﱠ‬ ‫ﻫﺪي أﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ْ‬ ‫اﻟﺼﻼة ﱠ‬ ‫وﻓﻖ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ﺑﺘﺤﻤﻞ اﻷﻣﺎﻧﺔ‬ ‫اﻷرض ﺗﺸـﺮﻳﻒ وﺗﻜﻠﻴﻒ ﻟﻪ ﱡ‬ ‫واﺳﺘﺨﻼف اﻹﻧﺴـﺎن ﰲ ْ‬ ‫ِْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫اﻟﻌﻈﻤـــــﻰ ﱠاﻟﺘـــــﻲ ﻟﻢ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض؛ ﻟﺬا ﻛﺎن اﻷﺣﱡﻖ‬ ‫ﺗﺤﺘﻤﻠﻬﺎ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺼﺎﻟﺤﻮن ْ ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫اﻟﻤﺼﻠﺤﻮن‪ ،‬ﺗﺒﻌ ﻟﺴــﻨﱠﺔ اﷲ‬ ‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﻼف ﻫﻢ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﱠ‬ ‫اﻷﻣﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻓﻜﻠﻤﺎ أﻫﻠﻚ اﷲ ﱠأﻣﺔ ﻃﺎﻏﻴﺔ‪ ،‬ﺟﻌﻞ ﱠ َ‬ ‫ﻒﰲ‬ ‫أﻣﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺧﻼﺋ َ‬ ‫ﰲ َُ‬ ‫ﻒ ِﻓﻲ َ ْ ِ‬ ‫﴿ﺛﻢ َ َ ْ‬ ‫اﻷرض‬ ‫َﺎﻛﻢ َﺧﻼﺋِ َ‬ ‫ﺟﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫اﻷرض‪ ،‬ﻣﺼــﺪاﻗ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ُ :‬ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻒََُْ َ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ )ﻳﻮﻧﺲ‪ ،(١٤ :‬وﻣﻦ ﻣﻌﺎﲏ‬ ‫ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻟ ِﻨ‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫َـــــــــــــــﻨﻈﺮ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ْ‬ ‫)اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ( اﻟﺘﻨﺎوب ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻴﻦ ﺑﻨﻲ اﻟﺒﺸــﺮ ﺣﻴﺚ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀــﻬﻢ‬ ‫ﻳﺨﻠﻒ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫)‪(٢٣‬‬ ‫ﺑﻌﺪ َﻗﺮن َ ِ‬ ‫ﺑﻌﺪ ِﺟﻴﻞ ‪.‬‬ ‫وﺟﻴﻼً َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ﺑﻌﻀ َ ْﻗﺮﻧ َ ْ ْ‬

‫ﻧﺆﺳﺲ ﻟﺤﻀــﺎرة إﻧﺴـــﺎﻧﻴﺔ وارﻓﺔ اﻟﻈﻼل إﻻ ﺑﺈﻋﻤﺎر وﺗﺰﻛﻴﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ‬ ‫اﻟﺨﻠﻘﻲ واﻹﻧﺴــــﺎﲏ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ِ َ َ :‬‬ ‫ﻳﺴﻴﺮوا ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض‬ ‫َ ْ‬ ‫﴿أوﻟﻢ َ ُ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ َ ﱠ ِ‬ ‫ﻛﺎن َ ِ ُ ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ِ ْ ِ‬ ‫وأﺛﺎروا‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫ْﻬﻢ ُ ﱠ ً‬ ‫ﻗﺒﻠﻬﻢ َ ُ‬ ‫ﻋﺎﻗﺒﺔ ﱠ َ‬ ‫ﻒ َ َ َ‬ ‫ْﻈﺮوا َ ْ‬ ‫ﻗﻮة َ َ َ ُ‬ ‫أﺷﺪ ﻣﻨ ُ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ِ ْ‬ ‫َ َﻓﻴﻨ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وﻋﻤﺮوﻫﺎ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻓﻤـﺎ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ﻣﻤﺎ َ َ ُ َ‬ ‫اﻷرض َ َ َ ُ َ‬ ‫رﺳﻠﻬﻢ ِ ْ َ ﱢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺒﻴﻨَـﺎت َ َ‬ ‫وﺟﺎءﺗﻬﻢ ُ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ﻋﻤﺮوﻫﺎ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎن ِ ِ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﻈﻠﻤﻮن﴾ )اﻟﺮوم‪.(٩ :‬‬ ‫وﻟﻜﻦ َ ُ‬ ‫ﻟﻴﻈﻠﻤﻬﻢ َ َ ْ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ﻋﺒﺎدة اﷲ‬ ‫وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﻳﺔ اﺳﺘﺨﻼف اﻹﻧﺴــــــــــﺎن ﰲ اﻷرض ﻫﻲ‬ ‫َ‬ ‫واﻟﻌﻤﺮان ﻻ ﻳﻜﻮن ﱠ‬ ‫إﻻ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﻌﻤﻴﺮ اﻷرض وإﺻـــﻼﺣﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ُ‬ ‫ﻣﺤﺘﻮى اﻹﻳﻤﺎن واﻟﻌﻤﻞ‬ ‫اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ُ ْ‬ ‫وﻓﻖ اﻟﺸـﺮع اﻟﺤﻜﻴﻢ واﻟﻬﺪاﻳﺔ ﱠ‬ ‫ِ ْ‬ ‫واﻻﺳــــــﺘﺨﻼف ﰲ‬ ‫ﻟﻠﺘﻤﻜﻴﻦ‬ ‫اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻬﻤﺎ اﷲ‬ ‫ﺷــــــﺮﻃ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺼﺎﻟﺢ ﱠ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻨﻜﻢ َ َ ِ ُ‬ ‫وﻋﻤﻠﻮا‬ ‫اﻷرض؛ ﻣﺼﺪاﻗ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ َ :‬‬ ‫اﷲ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫﴿وﻋﺪ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻒ ﱠِ َ ِ ِ‬ ‫ﱠﻬﻢ ِﻓـﻲ َ ْ ِ‬ ‫ﻛﻤﺎ ْ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت َ َ ْ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻗﺒﻠﻬﻢ‬ ‫اﺳﺘﺨﻠ َ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ َ ْ ِ ْ‬ ‫اﻷرض َ َ‬ ‫ﻟﻴﺴﺘﺨﻠﻔﻨ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﻴﺒﺪﻟﻨﱠﻬﻢ ﻣﻦ ِ‬ ‫وﻟﻴﻤﻜﻨَﻦ َﻟﻬﻢ ِدﻳﻨَﻬﻢ ﱠ ِ‬ ‫ﺧﻮﻓﻬﻢ‬ ‫اﻟﺬي ْ َ َ‬ ‫ﻟﻬﻢ َ َ ُ َ ﱢ َ ُ ﱢ ْ َ ْ‬ ‫ﺑﻌﺪ َ ْ ِ ْ‬ ‫ارﺗﻀــــــﻰ َ ُ ْ‬ ‫َ​ََُ ﱢ ﱠ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ُ َِ‬ ‫ﻻُْ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﻌﺒﺪوﻧﻨــﻲ َ‬ ‫ذﻟﻚ َ ُ ْ َ ِ َ‬ ‫ﺑﻌﺪ َ ِ َ‬ ‫ﻫﻢ‬ ‫ﻛﻔﺮ َ ْ َ‬ ‫ﻳﺸﺮﻛﻮن ِﺑــﻲ َ ْ‬ ‫َ ْأﻣﻨ َ ْ ُ‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ُ ُ‬ ‫وﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﺷﻴﺌ َ َ‬ ‫َ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﻔﺎﺳﻘﻮن﴾ )اﻟﻨﻮر‪.(٥٥ :‬‬ ‫ﻟﻴﺴــــــﺘﺨﻠﻔﻨﱠﻬﻢ ﰲ اﻷرض أي‪ :‬ﻟﻴﺠﻌﻠﻨﱠﻬﻢ ﺧﻠﻔﺎء اﻷرض‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ‬

‫ﺷﺮوط اﻻﺳﺘﺨﻼف‪:‬‬

‫ﻟﻬﻢ اﻟﺴـــــــــﻴﻄﺮة ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻧﻔﻮذ اﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﻠﻒ داود وﺳﻠﻴﻤﺎن‬

‫اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﻌﻤﺎرة ﰲ اﻹﺳــــــــــــﻼم ﻳﺠﺪه ﻓﻘﻬ راﻗﻴ ﻳﺘﻨﺎول‬

‫ڽ ﻋﻠــــﻰ اﻷرض‪ ،‬واﻵﻳﺎت ﺗﺪل ﻋﻠــــﻰ أن ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﺑﻪ‪،‬‬

‫اﻹﻋﻤﺎر ﻣﻦ أﺑﻌﺎده ﻛﻠﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﺴــﺘﻮﻳﺎت؛ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﺑﺈﻋﻤﺎر أﻫﻢ‬

‫واﻟﻌﻠﻢ اﻟﺼــــــــــــــﺎﻟﺢ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﻘﻮة واﻻﺳﺘﺨﻼف ﰲ اﻷرض وﻧﻔﻮذ‬

‫ﻛﺎﺋﻦ ﰲ اﻟﻜﻮن وﻫﻮ اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬ﻓﺎﻫﺘﻢ ﺑﺈﻋﻤﺎر ﻧﻔﺴﻪ ً‬ ‫أوﻻ‪ ،‬وﺗﺰﻛﻴﺔ إﻳﻤﺎﻧﻪ‬

‫اﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻋﻤﺮان إذن ﻣﻦ دون إﻳﻤﺎن وﻋﺒﺎدة‪.‬‬

‫إن اﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀــــــــــﺎري إذا ﻗﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺤﱢﻖ وﻋﻠﻰ ﱠ ْ‬ ‫اﻟﺘﻘﻮى‬ ‫وﻳﺤﻴﺎ ﺑﻪ ُ‬ ‫اﻟﺸﺮك‬ ‫أﻫﻠﻪ ﺣﻴﺎة ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺼﻼح ﻳﺒﺎرﻛﻪ اﷲ‪َ ،‬‬ ‫ﻃﻴﺒﺔ‪ ،‬وإذا ﻗﺎم ﻋﻠــﻰ ﱢ ْ‬ ‫ِْ‬ ‫ِ‬ ‫أﻗﻮام‬ ‫ﻛﻌﻤﺮان‬ ‫واﻟﻈﻠﻢ واﻟﻄﻐﻴﺎن‬ ‫دﻣﺮه اﷲ ُ‬ ‫واﻻﺳـــــﺘﻜﺒﺎر ﰲ اﻷرض‪ ،‬ﱠ‬

‫اﻷﺧﺮى‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ اﻟﻤﺴــــﻴﺮة اﻹﻧﺴـــــﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻀـــــﻴﺎع ﻋﻠﻰ ﻛﻼ‬

‫ﺻــﻮره اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻨﺎ‬ ‫ﻫﻮد وﺻـﺎﻟﺢ وﻓﺮﻋﻮن وأﻣﺜﺎﻟﻬﻢ‪ ،‬وﻣﻦ أﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﱠ‬

‫اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻟﻤﺎدي‪.‬‬

‫ﰲ اﻟﻘﺮآن ﻗﺼـــــــــﺔ ﻗﻮم ﺳﺒﺄ‪ ،‬ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﺠﺎب أﻫﻠﻬﺎ ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪،‬‬ ‫وﻋﻤﺮان وازدﻫﺎر ﰲ‬ ‫وأﻗﻠﻌﻮا ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة اﻟﺸـﻤﺲ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺣﻀـﺎرة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎن ِ ِ‬ ‫آﻳﺔ ﺟﻨ َ ِ‬ ‫ﱠﺘﺎن َﻋﻦ‬ ‫اﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــﻰ‪ْ َ َ :‬‬ ‫ﻣﺴﻜﻨﻬﻢ َ ٌ َ‬ ‫﴿ﻟﻘﺪ َ َ َ َ‬ ‫ﻟﺴﺒﺈٍ ﻓــــﻲ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻠﻮا ِﻣﻦ ْ ِ‬ ‫ﻳﻤـــــــــــﻴﻦ َ ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وﺷﻤﺎل ُ ُ‬ ‫ﺑﻠﺪة َ ﱢ َ ٌ‬ ‫ورب‬ ‫ﻟﻪ َ ْ َ ٌ‬ ‫ﻃﻴﺒﺔ َ َ ﱞ‬ ‫َ‬ ‫واﺷﻜﺮوا َ ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫رﺑﻜﻢ َ ْ ُ ُ‬ ‫رزق َ ﱢ ُ ْ‬ ‫ﻏﻔﻮر﴾ )ﺳـــــــﺒﺄ‪ ،(١٥ :‬وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻤﺎ أﻋﺮﺿــــــــﻮا وﻋﺎدوا إﻟﻰ ﻋﺒﺎدة‬ ‫َُ ٌ‬ ‫اﻟﺸــــــﻤﺲ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺸـــــــﻜﺮوا اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ‪ ،‬اﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﻨﻌﻤﺔ إﻟﻰ ﻧﻘﻤﺔ‪،‬‬ ‫ودﻣﺮ ﻋﻤﺮاﳖﻢ‪ ،‬وأرﺳﻞ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻴﻞ َ ِ‬ ‫اﻟﻌﺮم‪:‬‬ ‫وﺿﺎﻋﺖ ﺣﻀﺎرﲥﻢ‪ ُ ،‬ﱢ‬ ‫ﱠﺘﻴﻬﻢ َﺟﻨ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻌﺮم َ َ ﱠ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫﴿ﻓﺄﻋﺮﺿـــــــﻮا َ َ ْ َ ْ‬ ‫ﺳﻴﻞ ْ َ ِ ِ‬ ‫ﱠﺘﻴﻦ‬ ‫َ​َ َْ ُ‬ ‫وﺑﺪﻟﻨ ُ‬ ‫َﺎﻫﻢ ِ َ‬ ‫ﻓﺄرﺳﻠﻨَﺎ َ َ ْ ِ ْ‬ ‫ﺑﺠﻨ َ ْ ِ ْ‬ ‫وأﺛٍﻞ َ ٍ‬ ‫أﻛٍﻞ َ ٍ‬ ‫ﺳﺪر َ ِ‬ ‫وﺷﻲء ﱢﻣﻦ ِ ْ ٍ‬ ‫ﺧﻤﻂ َ َ ْ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ﻗﻠﻴٍﻞ‪َ ِ َ ،‬‬ ‫ذواﺗــــــــﻰ ُ ُ‬ ‫ﺑﻤﺎ‬ ‫ﺟﺰﻳﻨ ُ‬ ‫ذﻟﻚ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َﺎﻫﻢ ِ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫وﻫﻞ ُ َ ِ‬ ‫ﻛﻔﺮوا َ َ ْ‬ ‫ﻓﻤﺰﻗﻬﻢ اﷲ ﺷـﺬر‬ ‫اﻟﻜﻔﻮر﴾ )ﺳﺒﺄ‪ ،(١٧ ،١٦ :‬ﱠ‬ ‫ﻧﺠﺎزي ِ ﱠإﻻ ْ َ ُ َ‬ ‫َ​َُ‬ ‫ﻣﺬر‪ ،‬ﺣﺘﻰ أﺻـــــــــــﺒﺤﻮا ﺣﻜﺎﻳﺎت وأﺣﺎدﻳﺚ‪ِ َ ،‬‬ ‫اﻟﻌﺮب ِ ِ‬ ‫ﺑﻬﻢ‬ ‫وﺿﺮﺑﺖ َ َ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫)‪(٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ ِ‬ ‫ﻣﺘﻔﺮﻗﻴﻦ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ‬ ‫"ذﻫﺒﻮا َ ْأﻳﺪي َ َ‬ ‫اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ُ َ َ :‬‬ ‫ﺳﺒﺄ " َأي ُ َ َ ﱢ‬ ‫اﻟﻤﺜﻞ ﻓــــﻲ ُ ْ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ َ َ َ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ‪ُ َ َ :‬‬ ‫َﺎﻫﻢ‬ ‫ﺑﻴﻦ َ ْ َ ِ َ‬ ‫رﺑﻨَﺎ َ ِ ْ‬ ‫ﺑﺎﻋﺪ َ ْ َ‬ ‫﴿ﻓﻘﺎﻟﻮا َ ﱠ‬ ‫ﻓﺠﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫وﻇﻠﻤﻮا َ ُ َ ُ ْ‬ ‫أﺳﻔﺎرﻧﺎ َ َ َ ُ‬ ‫ذﻟﻚ َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻤﺰق ِ ﱠ ِ‬ ‫ﻛﻞ ﱠ ٍ‬ ‫ﻟﻜﻞ َ ﱠ ٍ‬ ‫ﻵﻳﺎت ﱢ ُ ﱢ‬ ‫أﺣﺎدﻳﺚ َ َ ﱠ ْ‬ ‫َ َ ِ َ‬ ‫ﺻﺒﺎر‬ ‫إن ﻓـــــــــــــــﻲ َٰ َ َ‬ ‫َﺎﻫﻢ ُ ﱠ ُ َ‬ ‫وﻣﺰﻗﻨ ُ ْ‬

‫َ ُ ٍ‬ ‫ﺷﻜﻮر﴾ )ﺳﺒﺄ‪.(١٩ :‬‬

‫ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء وﺗﻌﺰﻳﺰ روح اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴـﻤﻮ‬

‫ﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ واﻹﻳﻤﺎن واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼــــﺎﻟﺢ ﺣﺘﻰ‬ ‫وﻻ ﱠ‬

‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﷺ‬ ‫ﻳﻨﺒﻪ‬ ‫وﻣﺎ ﻓﺘﺊ‬ ‫اﻟﻤﻜﺬﺑﻴﻦ ﺑﺮﺳــــــــــــــﺎﻟﺔ ﱢ‬ ‫اﻟﻘﺮآن ﱢ‬ ‫ﻧﺒﻴﻨﺎ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫واﻻﻋﺘﺒﺎر ﺑﻌﺎﻗﺒﺔ ﺳـــــــــﻠﻔﻬﻢ ﰲ اﻟﻜﻔﺮ ْ‬ ‫وﺗﻜﺬﻳﺐ‬ ‫وﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻨﱠﻈﺮ‬ ‫ْ‬

‫إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ اﻹﻳﺜﺎر‪ ،‬وﻗﺪ أﺧﱪ اﻟﺒﺎري ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻹﻋﻤﺎر‬

‫وﻳﺘﻢ اﻻﺳﺘﺨﻼف واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ‪ ،‬أﻣﺎ اﻷﻣﻦ ﻓﻼ ﻳﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﺪ‬ ‫ﻳﺄﰐ اﻟﻨﺼــــﺮ ﱠ‬

‫اﻟﺮﺳﻞ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﻌﻬﻢ ﱠ ُ‬ ‫ﻗﻮﺗﻬﻢ وﻟﻢ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ‬ ‫ﻋﻤﺮاﻧﻬﻢ وﻻ ﻣﺎ ﺑﻨ َْﻮه ﻣﻦ‬ ‫ُ‬

‫ﻻ ﻳﻌﺪﻟﻪ ﺣﺘﻰ إﻋﻤﺎر أﻓﻀــــــﻞ ﺑﻴﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﻮت اﷲ ﰲ اﻷرض؛ ﻗﺎل اﷲ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ْ َ َ ِ‬ ‫﴿أﺟﻌﻠﺘﻢ ِ َ َ َ‬ ‫آﻣﻦ‬ ‫اﻟﺤﺎج َ ِ َ َ َ‬ ‫ﻛﻤﻦ َ َ‬ ‫اﻟﺤﺮام َ َ ْ‬ ‫ﺳﻘﺎﻳﺔ ْ َ ﱢ‬ ‫وﻋﻤﺎرة ْ َ ْ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟــــﻰ‪ْ ُ ْ َ َ َ :‬‬ ‫ﻋﻨﺪ ﱠ ِ‬ ‫ﺳﺒﻴِﻞ ﱠ ِ‬ ‫ِ ﱠ ِ‬ ‫واﻟﻴﻮم ْ ِ ِ‬ ‫وﺟﺎﻫﺪ ِﻓـﻲ َ ِ‬ ‫اﻟﻠـﻪ َﻻ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﻠـﻪ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫واﻟﻠـﻪ‬ ‫ﻳﺴﺘﻮون ِ َ‬ ‫اﻵﺧﺮ َ َ َ َ‬ ‫اﻟﻠـﻪ َ ﱠ ُ‬

‫ﺧﻮف‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺸــــــــــــــــﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﻮى‪" :‬واﻟﺬي ﻧﻼﺣﻈﻪ أن ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ‬

‫ﻗﺼــــﻮر وﻣﺼــــﺎﻧﻊ‪ ،‬إذ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺻﺎر ً‬ ‫ً‬ ‫وأﻃﻼﻻ‪ ،‬ﱢ‬ ‫آﺛﺎرا‬ ‫ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻨﱠﺎﻇﺮﻳﻦ‬ ‫ﺗﺮﻛﻮا ِﻣﻦ ﺟﻨ ٍ‬ ‫﴿ﻛﻢ َ َ ُ‬ ‫ﱠﺎت‬ ‫َ‬ ‫واﻟﻤﻌﺘﱪﻳﻦ ﺑﻤﺼــــﻴﺮ ﺗﺎرﻛﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻧﻌﻤﺔ َ ُ ِ‬ ‫ﻛﺮﻳﻢ * َ ٍ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫ﻓﺎﻛﻬــﻴﻦ * َ َٰ ِ َ‬ ‫وزروٍع َ َ َ ٍ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ‬ ‫ﻓـﻴﻬﺎ َ ِ َ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا َ‬ ‫َ ُ‬ ‫وﻣﻘﺎم َ ِ ٍ َ ْ َ‬ ‫وﻋﻴﻮن * َ ُ ُ‬

‫اﻟﻘﻮم ﱠ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻈﺎﻟﻤــــﻴﻦ﴾ )اﻟــــﺘﻮﺑﺔ‪(١٩ :‬؛ ﻓﺎﻹﻋﻤﺎر اﻟﻤﻌـــــﻨﻮي‬ ‫َ‬ ‫َﻻ َ ْﻳﻬﺪي ْ َ ْ َ‬

‫اﻟﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ إذا ﺟﺎء اﻟﺨﻮف ﺗﺮﻛﻮا واﻧﻌﺰﻟﻮا‪ ،‬وأن ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻟﻴﺴــــــــﻮا‬ ‫ﻣﺘﺤﻘﻘﻴﻦ ﺑﺸـــﺮوط اﻻﺳﺘﺨﻼف‪ ،‬وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺮى أن اﻟﻨﺼــــﺮ ﻳﺒﻄﺊ ﻋﻠﻰ‬ ‫)‪(٢٤‬‬

‫ﺣﻤﻠﺔ دﻋﻮة اﷲ‪ ،‬واﻟﺮﺟﺎء ﻣﻦ أﻫﻞ اﻹﺳﻼم أن ﻳﺘﺤﻘﻘﻮا وﻳﺴﺘﻤﺮوا ‪.‬‬

‫ﻟﻠﻨﻔﻮس ﻫﻮ اﻷﺳـﺎس اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ إﻋﻤﺎر اﻷرض‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٢‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪.٦٢‬‬

‫)‪ (٢٣‬اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧٧٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻴﻀﻮن‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪،‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١٢٤‬‬ ‫)‪ (٢٤‬ﺣﻮى‪ ،‬ﺳﻌﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٤٠٩‬ﻫـ(‪ ،‬اﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬دار اﻟﺴﻼم‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ‪١٤٢٤‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪.٣٨١١‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪56‬‬

‫اﻷرض ْ‬ ‫اﻻﺳــــﺘﺨﻼف‪ :‬ﱠ‬ ‫ِ ْ‬ ‫وأﻧﻪ ﻣﻦ‬ ‫آﻳﺎت‬ ‫ﻣﺄﻣﻮر ﺑﻪ ﺷــــﺮﻋ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫أن ُﻋﻤﺮان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻘﺎﺻﺪ ﱠ‬ ‫اﻟﻜﺒﺮى؛ ﺑﻞ ﻫﻮ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻــــــــــﺪﻫﺎ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ُ ْ‬

‫َ​َْ َْ‬ ‫وﻣــﺎ‬ ‫ﻓﻤــﺎ َ َ ْ‬ ‫اﻟﺴﻤــﺎء َ ْ َ ْ ُ‬ ‫وأورﺛﻨ َ‬ ‫ﻗﻮﻣـﺎ َ ِ َ‬ ‫واﻷرض َ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﱠ َ ُ‬ ‫ﺑﻜﺖ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫آﺧﺮﻳﻦ * َ َ‬ ‫َـﺎﻫـﺎ َ ْ ً‬ ‫ﻣﻨﻈﺮﻳﻦ﴾ )اﻟﺪﺧﺎن‪ ،(٢٩-٢٥ :‬وﻫﻜﺬا ﻗـﺮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻨﺎء ﻋﻠـﻰ‬ ‫َ ُ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا ُ َ ِ َ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ واﺳﺘﺜﻤﺎره‬ ‫أﻣﺎ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺴـــــﺨﻴﺮ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻔﺮاﻫﻴﺪي‪:‬‬ ‫ﺗﺴﺨﺮت ﻣﻦ ﺧﺎدم وداﺑﺔ ﺑﻼ أﺟــﺮ وﻻ ﺛﻤﻦ‪ .‬ﺗﻘﻮل‪:‬‬ ‫اﻟﺴﺨــﺮة ﻓﻤﺎ َ َ ﱠ ْ َ‬ ‫"أﻣﺎ ﱡ ْ ُ‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫وﺳﺨﺮﻳ " ‪.‬‬ ‫ﻫﻢ ﻟﻚ ُ ْ َ ً‬ ‫ﺳﺨﺮة ُ ْ ِ ّ‬ ‫ﻛﺮم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻹﻧﺴـــﺎن ﺑﺘﺴــــﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮن ﻟﻪ ﺑﻼ أﺟﺮ وﻻ‬ ‫ﻟﻘﺪ ﱠ‬ ‫ﺛﻤﻦ‪ ،‬وﺗﺴـــــــــﺨﻴﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻤﻨﻔﻌﺘﻪ وﺗﻤﻜﻴﻨﻪ ﻣﻦ دوره اﻟﺬي ﺧﻠﻘﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﺳﺨﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﱪ ﻣﻨﻪ ْ‬ ‫أﺟﻠﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ّ‬ ‫ﺧﻠﻘ ﻛﺎﻟﺴـــﻤﺎوات واﻷرﺿﻴﻦ‪،‬‬ ‫ﺗﺮوا َ ﱠ‬ ‫ﺳﺨﺮ‬ ‫﴿أﻟﻢ َ َ ْ‬ ‫اﷲ َ ﱠ َ‬ ‫وأﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﺟﺴـﻤ ﻛﺎﻷﻧﻌﺎم‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ َ َ :‬‬ ‫أن َ‬ ‫وأﺳﺒﻎ َ َ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﺎ ِﻓـــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻇﺎﻫﺮة‬ ‫ﻧﻌﻤﻪ َ ِ َ ً‬ ‫ﻟﻜﻢ َﻣﺎ ﻓـــﻲ ﱠ َ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ َ َ ُ‬ ‫اﻷرض َ َ ْ َ َ ْ ْ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎوات َ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻳﺠﺎدل ِﻓـــﻲ اﷲِ ِ َ ْ ِ‬ ‫وﻻ ِ َ ٍ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻨ ِ‬ ‫ﺑﻐﻴﺮ ِ ْ ٍ‬ ‫ﻣﻦ ُ َ ِ ُ‬ ‫ﻫﺪى َ َ‬ ‫ﻋﻠﻢ َ َ‬ ‫ﻛﺘﺎب‬ ‫وﻻ ُ ً‬ ‫ﱠﺎس َ ْ‬ ‫وﺑﺎﻃﻨ ًَﺔ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُِ ٍ‬ ‫ﻣﻨﻴﺮ﴾ )ﻟﻘﻤﺎن‪.(٢٠ :‬‬ ‫ﱠِ‬ ‫ﺑﺎﻟﺘﺴــــﺨﻴﺮ ﱠإﻣﺎ ُ‬ ‫اﻟﻤﺴــــﺨﺮ‬ ‫ﺟﻌﻞ‬ ‫ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﺴــــﻌﻮد‪:‬‬ ‫"واﻟﻤﺮاد ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﻳﻜﻮن ُ ً‬ ‫َ‬ ‫أﻋﻢ ﻣﻦ ْ‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫ﻳﻨﻔﻊ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻳﺘﺼﺮ ُ‬ ‫ف ﻓﻴﻪ ﻛﻴ َ‬ ‫ﺑﺤﻴﺚ ُ‬ ‫ﻣﻨﻘﺎدا ﻟﻪ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺴﺨﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ﱠَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اﻷﺷﻴﺎء‬ ‫اﻷرض ﻣﻦ‬ ‫ﻛﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﻳﺸـــــﺎء‬ ‫وﻳﺴـــــﺘﻌﻤﻠﻪ ﺣﺴـــــﺒﻤﺎ ُ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫واﻟﺤﻴﻮان‪ ،‬أو ﻻ ﻳﻜﻮن‬ ‫اﻟﺠﻤﺎد‬ ‫اﻟﻤﺴـﺘﻌﻤﻠﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﻟﻺﻧﺴـﺎن‬ ‫اﻟﻤﺴﺨﺮة‬ ‫ﻟﺤﺼــــﻮل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺮاده ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫دﺧﻞ ﰲ‬ ‫ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺒ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻧﻴﻄﺖ ﲠﺎ‬ ‫اﻟﺴﻤﻮات ﻣﻦ‬ ‫اﻷﺷـــــــﻴﺎء اﻟﺘﻲ ِ ْ‬ ‫اﺳـــــــﺘﻌﻤﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻛﺠﻤﻴِﻊ ﻣﺎ ﰲ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻌﺎدا‪ ،‬وﻣﺎ ُ‬ ‫ﻣﺬﻟﻼ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن‬ ‫ﻟﻸﻣﺮ‬ ‫ﻣﻨﻘﺎدا‬ ‫ﺟﻌﻠﻪ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎد ﻣﻌﺎﺷ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻷﺟﻠﻜﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﻣﻌﻨﻰ ُ‬ ‫اﻟﺴــــــــــﻤﻮات واﻷرض ﻣﻦ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﻓﺈن‬ ‫)ﻟﻜﻢ(‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻳﺴـــﺘﻌﻤﻠﻪ‬ ‫اﻟﺨﻠﻖ‪ ،‬وﻣﺎ‬ ‫ﻣﺴـــﺘﺘﺒﻌﺔ ﻟﻤﻨﺎﻓِﻊ‬ ‫اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﺴـــﺨﺮ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬ ‫ﺑﺤﺴــﺐ ﱠ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ ً‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻬﻮ ﰲ‬ ‫ﻣﺴــﺨﺮا ﻟﻪ‬ ‫ﻳﺸــﺎء وإن ﻛﺎن‬ ‫اﻹﻧﺴـﺎن ﺣﺴــﺒﻤﺎ‬ ‫ُ‬ ‫)‪(٢٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺴﺨﺮ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱠ ٌ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ِ ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻞ ﱠ ٍ‬ ‫واﻟﻴﺪ‪ :‬ﱠ ِ‬ ‫ْﻬﻢ َ ِ‬ ‫اﷲ ِﻓﻲ َ‬ ‫ﻣﻤﺰق‪َ ،‬ﻓﺄﺧﺬ ﱡ‬ ‫ﻃﺮﻳﻘ َ َ‬ ‫اﻟﻄﺮﻳﻖ ]اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﺣﺪة‪ُ َ .‬‬ ‫ﺳﺒﺄ ﻟـ ﱠَﻤﺎ ﱠ‬ ‫ﺷﺒﻬﻮا َﺑﺄﻫِﻞ َ‬ ‫ﻣﺘﻔﺮﻗﻴﻦ‪ ُ ،‬ﱢ ُ‬ ‫ذﻫﺒﻮا َ ْأﻳﺪي َ َ‬ ‫"ﻗﻮﻟﻬﻢ َ َ ُ‬ ‫ﻛﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨ ُ ْ‬ ‫اﻷرض ﱠ ُ َ‬ ‫ﺳﺒﺄ‪َ ،‬أي‪ َ َ ُ :‬ﱢ‬ ‫)‪ْ ُ ُ ْ َ (٢٥‬‬ ‫ﻣﺰﻗﻬﻢ ُ‬ ‫ﻣﻜﺮم )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧١١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤١٤ ،‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.[٩٤‬‬ ‫)‪ (٢٦‬اﻟﻔﺮاﻫﻴﺪي‪ ،‬اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٧٠ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬د ﻣﻬﺪي اﻟﻤﺨﺰوﻣﻲ وﻏﻴﺮه‪ ،‬دار وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻬﻼل‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٩٦‬‬ ‫)‪ (٢٧‬اﻟﻌﻤﺎدي‪ ،‬أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٩٨٢‬ﻫـ(‪ ،‬إرﺷﺎد اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﻠﻴﻢ إﻟﻰ ﻣﺰاﻳﺎ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪.٧٤-٧٣‬‬

‫‪57‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﺗﺴــﺨﻴﺮ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ واﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ‬

‫وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺴـــــــــﺨﻴﺮ واﻟﺘﻄﻮﻳﻊ اﻟﺬي ُ‬ ‫ﻛﺜﺮ ذﻛﺮه ﰲ آﻳﺎت‬ ‫إﻻ ِ ٌ‬ ‫ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ّ‬ ‫ﺷﺎﺣﺬ رﺋﻴﺲ ﻻﻛﺘﺸــــــــــــﺎف ﻧﻮاﻣﻴﺲ‬

‫آﺧﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮل‪" :‬اﻵﻳﺎت ﰲ ذﻛﺮ اﻟﻜﻮاﻛﺐ واﻟﻘﻤﺮ واﻟﺸـــــــــﻤﺲ إﻟﻰ‬ ‫﴿وﻫﻮ ﱠ ِ‬ ‫اﻟﺬي َ َ َ‬ ‫ﻟﻜﻢ‬ ‫آﻳﺎت ذﻛﺮ اﻟﺘﺴـــــــﺨﻴﺮ ﻟﻬﻦ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ َ :‬‬ ‫ﺟﻌﻞ َ ُ ُ‬ ‫ﻟﺘﻬﺘﺪوا ِﺑﻬﺎ ِﻓـــــــــﻲ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫واﻟﺒﺤﺮ‪) ﴾...‬اﻷﻧﻌﺎم‪(٩٧ :‬‬ ‫ﱡﺠﻮم َ ْ َ ُ َ‬ ‫ﻇﻠﻤﺎت ْ َ ﱢ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻨ ُ َ‬

‫اﻟﻜﻮن وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺧﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴـﺎن ﺑﺬﻟﻚ‪،‬‬

‫ﻳﻠﻤﺢ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻏﺮﺿ‬ ‫ﺣﺪود اﻻﻧﺘﻔﺎع اﻟﻤﺎدي ﻓﺤﺴـــــــﺐ‪ ،‬ﺑﻞ َ ْ َ ُ‬

‫ﻟﻜﻢ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻣﺴﺨﺮات‬ ‫ﱡﺠـــــﻮم ُ َ ﱠ َ ٌ‬ ‫واﻟﻘﻤﺮ َواﻟﻨ ُ‬ ‫ﱠﻬﺎر َ ﱠ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﺸﻤﺲ َ ْ َ َ َ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َواﻟﻨ َ َ‬ ‫﴿وﺳﺨﺮ َ ُ ُ‬ ‫َ َ ﱠَ‬ ‫ذﻟﻚ َ ٍ‬ ‫ﺑﺄﻣﺮه ِ ﱠ ِ ِ‬ ‫َِ ِ ِ‬ ‫ﻟﻘﻮم َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﻵﻳﺎت ﱢ َ ْ ٍ‬ ‫ﻟﻜﻢ‬ ‫إن ﻓﻲ َٰ َ َ‬ ‫﴿وﺳﺨﺮ َ ُ ُ‬ ‫ﻳﻌﻘﻠﻮن﴾ )اﻟﻨﺤﻞ‪ َ َ (١٢ :‬ﱠ َ‬ ‫ْ‬ ‫واﻟﻘﻤﺮ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫ﻟﻜﻢ ﱠ ْ َ‬ ‫ﱠﻬﺎر﴾ )اﺑـــــــــــــﺮاﻫﻴﻢ‪:‬‬ ‫ﱠ ْ َ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َواﻟﻨ َ َ‬ ‫وﺳﺨﺮ َ ُ ُ‬ ‫داﺋﺒﻴﻦ َ َ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺸﻤﺲ َ ْ َ َ َ‬ ‫‪ ...(٣٣‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﻴﺼـــــــــــــﺮف ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻮف اﻟﺨﻠﻖ ورﺟﺎءﻫﻢ ﻋﻦ‬ ‫اﻟﻤﺴــــﺨﺮ ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻘﺎﻫﺮ ﻓﻮق ﻋﺒﺎده اﻟﺬي‬ ‫اﻷﻓﻼك واﻟﻨﺠﻮم اﻟﻤﺴـــﺨﺮة إﻟﻰ‬ ‫اﺳﺘﻮى ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ‬

‫)‪(٢٨‬‬

‫واﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ُﻳﺨﺎﻃﺐ ﲠﺬا اﻷﻣــــــــــﺮ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻬﺎﻣﻪ‬

‫ﻓﺎﻟﺘﺴـــــــــﺨﻴﺮ ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻷﻋﻈﻢ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺛﻤﺮة ﻫﺬا‬ ‫ِ‬ ‫وﻷﻧﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﱢ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﻨﻌﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬ ‫ﺗﺬﻛﺮ‬ ‫اﻹﻋﻤﺎر اﻟﻮاﻋﻲ ﻟﻠﻜﻮن‪ّ ،‬‬

‫اﻹﺳــﻼم ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت واﻟﺤﺪود‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ اﻟﺠﻬﺎد ﰲ ﺳــﺒﻴﻞ اﷲ‪ ،‬إﻻ‬ ‫ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎرة اﻷرض واﺳــــــﺘﻘﺮارﻫﺎ‪ ،‬وﺑﱰ ﻳﺪ اﻟﻌﺎﺑﺜﻴﻦ ﻣﻦ‬

‫ﺗﺴـﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﻨﺎء‪ ،‬واﻟﺤﺼــﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺬاء‪ ،‬وﺑﻠﻮغ اﻟﺴــﻤﺎء‪ ،‬وﺗﻮﻓﻴﺮ‬

‫‪.(٢٠٥‬‬

‫وﻻ َﻓﺴﺎدا ْ ِ ُ ِ ِ‬ ‫ْ َْ ِ‬ ‫ﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ﴾ )اﻟﻘﺼـــــــــﺺ‪ ،(٨٣ :‬وﻗﻮﻟﻪ‬ ‫واﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ْ ُ ﱠ َ‬ ‫اﻷرض َ َ َ ً َ َ َ‬

‫ﻋﻠﺔ ِ ِ‬ ‫﴿ﻟﻴﻔﺴﺪ ِﻓﻴﻬﺎ﴾ َ َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻟﻪ َ َ‬ ‫ﺳﻌﻴﻪ‪ُ ِ َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻋﻠــــﻰ‬ ‫ﻫﺬا ﱠ ُ َ ْ‬ ‫ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻴﺎن‪َ َ ْ ُ :‬‬ ‫واﻟﺤﺎﻣﻞ َ ُ‬ ‫اﻟﺴﻌﻲ ِﻓــــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﱠ ْ ِ‬ ‫ﻣﻌﺎﻧﺪة اﷲِ ِﻓـــــﻲ‬ ‫وﻫﻮ ُ َ َ َ ُ‬ ‫واﻟﻔﺴﺎد ِ ﱡ‬ ‫اﻟﺼَﻼِح‪َ ُ َ ،‬‬ ‫ﺿﺪ ﱠ‬ ‫اﻷرض‪ُ َ َ ْ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ِ​ِ‬ ‫واﻟﻔﺴﺎد َ ُ ُ‬ ‫ﻣﻦ‪:‬‬ ‫ﺑﺄﻧﻮاٍع َ‬ ‫ﻳﻜﻮن ِ َ ْ َ‬ ‫ﻓـــﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪ُ َ َ ْ َ (٦٠ :‬‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ‪ْ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوﻟﻴﺎء َ ْ ٍ‬ ‫ﺗﻔﻌﻠﻮه َ ُ‬ ‫ﺗﻜﻦ ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ‬ ‫ﺑﻌﺾ ِ ﱠإﻻ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ‪ َ :‬ﱠ َ‬ ‫﴿واﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻛﻔﺮوا َ ْ ُ ُ ْ‬

‫اﻟﺮﺧﺎء‪ ،‬وﻗﻄﻊ اﻟﻤﻔﺎوز واﻟﺼـــﺤﺮاء‪ ،‬وﺗﻴﺴـــﻴﺮ اﻟﻤﺼــــﺎﻋﺐ وﺗﻘﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﺨﺎوف واﻷﻋﺒﺎء‪ ،‬وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺸـــــﻐﻞ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴـــــﺎن ﱢ‬ ‫وﻳﺮﻓﻬﻪ ﰲ‬ ‫)‪(٣٠‬‬

‫ﺣﻴﺎﺗﻪ ‪.‬‬

‫ذم اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠــــــﻰ اﻵﺧــــــﺮة ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ‬ ‫ﻣﻨﻪ ﺑﺤﺠﺔ ﱢ‬ ‫ارﺗﻜﺎس‪ ،‬وﻳﻀــــﻴﻊ ﺑﻪ اﻟﻤﺴـــــﻠﻢ دﻧﻴﺎه وآﺧﺮﺗﻪ ﻣﻌ ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ‬

‫وﻗﺪ ذﻛــﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻜـــﺮﻳﻢ إﻣﺎ‬ ‫ﺑﺼـﻴﻐﺔ اﻟﺘﺴـﺨﻴﺮ‪ ،‬وإﻣﺎ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺴـﺨﻴﺮ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬ ‫آﻳﺔ اﻟﻨ َ ِ‬ ‫ﱠﻬـﺎر َ َ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َ َ َ ْ‬ ‫﴿وﺟﻌﻠﻨَـﺎ ﱠ ْ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫وﺟﻌﻠﻨَــﺎ َ َ َ‬ ‫ﻓﻤﺤﻮﻧــﺎ َ َ َ‬ ‫آﻳﺔ ﱠ ْ ِ‬ ‫ﱠﻬــﺎر‬ ‫آﻳﺘﻴﻦ َ َ َ ْ َ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َواﻟﻨ َ َ‬

‫واﻻﺳﺘﺨﻼف وﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ ﰲ ﺧﻠﻘﻪ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻀـــــــــﻴﻴﻊ أﻣﺎﻧﺔ‬

‫ْ َ ْ ِ‬ ‫واﻟﻘﺘِﻞ‪َ ،‬واﻟﻨ ْ ِ‬ ‫ﱠﻬﺐ‪ َ ،‬ﱠ ْ ِ‬ ‫اﻹﻓﺴﺎد‬ ‫اﻟﺠﻮر‪ْ َ ْ َ ،‬‬ ‫واﻟﺴﺒﻲ‪ ،‬وﻳﻜﻮن‪ :‬ﺑﺎﻟﻜﻔــــــــﺮ‪َ َ ْ ِ ْ ...‬‬ ‫ﱠﺴﻞ‪ِ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﺧﺼﻬﻤـﺎ ِ ﱢ ْ ِ‬ ‫ﺗﺤﺘﻪ ِ ْ َ ُ‬ ‫ﺷـﺎﻣﻞ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ ٌِ‬ ‫ﺑـﺎﻟﺬﻛﺮ‬ ‫اﻟﺤﺮث َواﻟﻨ ْ ِ َ‬ ‫ﻳﺪﺧﻞ َ ْ َ ُ‬ ‫وﻟﻜﻨ ُﱠﻪ َ ﱠ ُ َ‬ ‫إﻫﻼك ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫إﻟﻴﻪ ِﻓﻲ ِ ِ‬ ‫ﻳﺤﺘﺎج ِ َ ِ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ﻓﻜﺎن إﻓﺴــــﺎدﻫﻤﺎ ﻏﺎﻳﺔ‬ ‫ﻋﻤﺎرة ﱡ ْ َ‬ ‫أﻋﻈﻢ َﻣﺎ ُ ْ َ ُ ْ‬ ‫ﻷﻧﻬﻤﺎ َ ْ َ ُ‬ ‫َﱠ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫)‪(٣٢‬‬

‫اﻹﻓﺴﺎد ‪.‬‬

‫اﻻﺳﺘﺨﻼف وﻋﻤﺎرة اﻷرض وﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻐﺎة واﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫وﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴﺎد( ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﺎرف‬

‫ِ‬ ‫ﻋﺪد ِ‬ ‫ﻓﻀًﻼ ِﻣﻦ ُ ِ‬ ‫ﻣﺒﺼﺮة ِ َ ْ َ ُ‬ ‫واﻟﺤﺴﺎب‬ ‫ُْ ِ َ ً‬ ‫ﻟﺘﺒﺘﻐﻮا َ ْ‬ ‫اﻟﺴﻨــــــــﻴﻦ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﺘﻌﻠﻤﻮا َ َ َ ﱢ‬ ‫رﺑﻜﻢ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ َﱢ ْ‬ ‫وﻛﻞ َ ٍ‬ ‫ﻓﺼﻠﻨَﺎه َ ْ ِ‬ ‫َ ُﱠ‬ ‫ﺗﻔﺼﻴًﻼ﴾ )اﻹﺳﺮاء‪.(١٢ :‬‬ ‫ﺷﻲء َ ﱠ ْ ُ‬ ‫ْ‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪" :‬اﻟﻔﺴــــــﺎد ﻧﻘﻴﺾ اﻟﺼــــــﻼح‪ ...‬وﺗﻔﺎﺳﺪ اﻟﻘﻮم‪:‬‬

‫اﻟﺸــﺮﻋﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻨﻘﻠﻪ ﺗﺎرة ﻋﻠﻰ أﻟﺴــﻨﺔ اﻟﻌﺼــﺎة واﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﰲ وﺻﻔﻬﻢ‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﻴــــﺮ‪" :‬ﻳﻤﺘﻦ ﺗﻌﺎﻟــــﻰ ﻋﻠــــﻰ ﺧﻠﻘﻪ ﺑﺂﻳﺎﺗﻪ اﻟﻌﻈﺎم‪ ،‬ﻓﻤﻨﻬﺎ‬

‫ﺗﺪاﺑﺮوا وﻗﻄﻌﻮا اﻷرﺣﺎم‪ ...‬واﺳﺘﻔﺴــﺪ اﻟﺴـــﻠﻄﺎن ﻗﺎﺋﺪه إذا أﺳﺎء إﻟﻴﻪ‬

‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر‪ ،‬ﻟﻴﺴــــﻜﻨﻮا ﰲ اﻟﻠﻴﻞ وﻳﻨﺘﺸــــﺮوا ﰲ اﻟﻨﻬﺎر‬

‫ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻌﺼـﻰ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬واﻟﻤﻔﺴــﺪة ﺧﻼف اﻟﻤﺼــﻠﺤﺔ‪ ،‬واﻻﺳﺘﻔﺴــﺎد‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن ﻟﺪﻋﻮة‬ ‫وﺻﻒ أﺗﺒﺎِع‬ ‫ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺼــــــــﺎﻟﺤﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﰲ َ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻔﺴﺎد وﻣﻈﺎﻫﺮه ﰲ اﻷرض‬

‫)‪(٣١‬‬

‫ﻣﻀــﻲ اﻵﺟﺎل اﻟﻤﻀـــﺮوﺑﺔ‬ ‫واﻟﺠﻤﻊ واﻟﺸــﻬﻮر واﻷﻋﻮام‪ ،‬وﻳﻌﺮﻓﻮا‬ ‫ُ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻟﻠﺪﻳﻮن واﻟﻌﺒﺎدات واﻟﻤﻌﺎﻣﻼت واﻹﺟﺎرات وﻏﻴـــــــﺮ ذﻟﻚ؛ وﻟﻬﺬا‬ ‫﴿ﻟﺘﺒﺘﻐﻮا َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺎل‪ُ َ ْ َ ِ :‬‬ ‫رﺑﻜﻢ﴾ أي‪ :‬ﰲ ﻣﻌﺎﻳﺸﻜﻢ وأﺳﻔﺎرﻛﻢ وﻧﺤﻮ‬ ‫ﻓﻀًﻼ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ﱢ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺤﺴﺎب﴾ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟـــﺰﻣﺎن ﻛﻠﻪ‬ ‫اﻟﺴﻨﻴﻦ َ ْ َ َ‬ ‫ﻋﺪد ﱢ َ‬ ‫﴿وﻟﺘﻌﻠﻤﻮا َ َ َ‬ ‫ذﻟﻚ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫واﺣﺪا وأﺳﻠﻮﺑ ﻣﺘﺴﺎوﻳ ﻟﻤﺎ ﻋﺮف ﺷﻲء ﻣﻦ ذﻟﻚ‬ ‫ﻧﺴﻘ‬

‫)‪(٢٩‬‬

‫‪.‬‬

‫ﺧﻼف اﻻﺳﺘﺼﻼح ‪.‬‬ ‫وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻧﺨﻠﺺ إﻟـﻰ أن وﺟﻮد ﺧﻠﻞ أو ﻧﻘﺺ ﰲ أداء‬ ‫ً‬ ‫ﻓﺴـــﺎدا‪ ،‬ﻓﻔﺴـــﺎد اﻵﻟﺔ ﺑﺨﺮاﲠﺎ‪ ،‬واﻟﺠﺴــــﻢ ﺑﻤﺮﺿﻪ‬ ‫اﻟﺸـــﻲء ﻳﺴـــﻤﻰ‬ ‫وﺿـــــــﻌﻔﻪ‪ ،‬واﻟﺜﻤﺮة ﺑﻔﻘﺪان ﻃﻌﻤﻬﺎ‪ ،‬واﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻨﻜﻮﺻـــــــﻬﺎ ﻋﻦ أداء‬ ‫ﻣﻬﻤﺎﲥﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻌﺪم اﻧﺴـــــﺠﺎم أﻋﻀـــــﺎء ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ‪ ،‬وﻓﻘﺪان اﻷﻣﻦ‬ ‫واﻟﻮﺣﺪة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺤﻔﻈﺎن ﺗﻤﺎﺳﻜﻪ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٨‬اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ‪ ،‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬ﻧﻈﻢ اﻟﺪرر ﰲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻵﻳﺎت واﻟﺴﻮر‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪.٥٣٣‬‬ ‫)‪ (٢٩‬اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪.٤٦‬‬

‫وﺗﺎرة ﻳﺴـــــﺘﻌﻤﻠﻬﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﰲ وﺻﻒ اﻟﻄﻐﺎة أو اﻟﺨﺎرﺟﻴﻦ‬

‫ﻳﺘﻔﺘﻖ ﻓﻜﺮه ﺑﺎﻟﻤﺨﱰﻋﺎت واﻟﻤﻜﺘﺸـــــﻔﺎت اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱠ‬

‫ﻳﻀــﻴﻊ وﻗﺘﻪ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت ﻻ ﺗﻔﻴﺪ؛‬ ‫اﻟﺼـﺎﻟﺤﺔ واﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻻ‬ ‫ﱢ‬

‫ﻣﺘﺠﺎﻫﻼ ﻷواﻣﺮ اﷲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺬ ﺑﺄﺳــــــــــــــــــــــﺒﺎب اﻟﻘﻮة‬

‫ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﺶ واﻟﺼـــﻨﺎﻋﺎت واﻷﻋﻤﺎل واﻷﺳﻔﺎر‪ ،‬وﻟﻴﻌﻠﻤﻮا ﻋﺪد اﻷﻳﺎم‬

‫)اﻟﻨﻤﻞ‪.(٣٤ :‬‬

‫ِ‬ ‫ﺳﻌــﻰ ِﻓــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫﴿وإذا َ َ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪َ ِ َ :‬‬ ‫ﻟﻴﻔﺴﺪ‬ ‫اﻷرض ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫ﺗﻮﻟــﻰ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﺮث َواﻟﻨ ْ َ‬ ‫وﻳﻬﻠﻚ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ ُ ْ ِ َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾ )اﻟﺒﻘـــــــــــــﺮة‪:‬‬ ‫ﻳﺤﺐ ْ َ َ َ‬ ‫واﷲ َﻻ ُ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ﱠﺴﻞ َ ُ‬

‫وﻫﻜﺬا ﺗﻘﻮم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴــﺎن وﺗﺴـــﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻓﻖ‬ ‫واﻻﻧﺴــﺠﺎم‪ ،‬وأي ﻓﻜﺮ أو ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺠﺪﻳﺪ ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫وﺗﺤﺬر‬ ‫ﲥﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺴــﺨﻴﺮ‬

‫‪،‬‬

‫ﻓﺎﻟﻔﺴــــــﺎد أﻣﺮ ﻣﺮﻓﻮض وﻣﺴـــــــﺘﻬﺠﻦ ﺑﻜﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎﻟﻪ‪ ،‬وﻣﺎ ﺷﺮع‬

‫أﻓﺴﺪوﻫﺎ َ َ َ ُ‬ ‫إذا َ َ ُ‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َِ‬ ‫أذﻟﺔ َ َ َٰ ِ َ‬ ‫أﻫﻠﻬﺎ َ ِ ﱠ ً‬ ‫دﺧﻠﻮا َ ْ َ ً‬ ‫ﻳﻔﻌﻠﻮن﴾‬ ‫وﺟﻌﻠﻮا َ ِ ﱠ َ‬ ‫ﻗﺮﻳﺔ َ ْ َ ُ َ‬ ‫أﻋﺰة َ ْ ِ َ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﰲ أذﻫﺎن ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻣﻦ ّ‬ ‫أن ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻔﺴــــﺎد ﺗﻌﻨﻲ ﻋﺪم اﻻﻟﺘﺰام‬

‫اﻟﻤ َ ُ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ ڠ وﺣﺮﻛﺘﻪ اﻹﺻـﻼﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ َ :‬‬ ‫ﻸ ِﻣﻦ‬ ‫﴿وﻗﺎل ْ َ‬ ‫ﻟﻴﻔﺴﺪوا ِﻓـــــــــــــــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض َ َ َ َ َ‬ ‫ﻗﻮم ِ ْ َ ْ َ‬ ‫َْ ِ‬ ‫وﻳﺬرك‬ ‫وﻗﻮﻣﻪ ِ ُ ْ ِ ُ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ َ َ ْ َ ُ‬ ‫أﺗﺬر ُ َ ٰ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َﺎءﻫﻢ َ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺎل َﺳﻨ َ ﱢ ُ‬ ‫وآﻟﻬﺘﻚ َ َ‬ ‫َ َِ َ َ‬ ‫ﻓﻮﻗﻬﻢ‬ ‫ﻧﺴﺎءﻫﻢ َ ِ ﱠ‬ ‫وإﻧﺎ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫وﻧﺴﺘﺤﻴـــــــــــــــــﻲ َ َ ُ ْ‬ ‫ُﻘﺘﻞ َ ْأﺑﻨ َ ُ ْ‬ ‫َ ُِ َ‬ ‫ﻗﺎﻫﺮون﴾ )اﻷﻋﺮاف‪ ،(١٢٧ :‬أو وﺻــــــﻒ ﻓﺮﻋﻮن ﻟﺪﻋﻮة ﻛﻠﻴﻢ اﷲ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َ ِ‬ ‫ﻣﻮﺳــــﻰ ڠ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪ِ َ َ :‬‬ ‫ذروﻧﻲ َ ْ ُ ْ‬ ‫رﺑﻪ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﻴﺪع َ ﱠ ُ‬ ‫أﻗﺘﻞ ُ َ ٰ‬ ‫﴿وﻗﺎل ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ف َأن ﱢ َ ِ‬ ‫ﻳﻈﻬﺮ ِﻓـﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ِ ﱢإﻧـﻲ َ َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾ )ﻏﺎﻓـﺮ‪:‬‬ ‫اﻷرض ْ َ َ َ‬ ‫أﺧﺎ ُ ُ َ‬ ‫َﻜﻢ َ ْأو َأن ُ ْ ِ َ‬ ‫ﻳﺒﺪل دﻳﻨ ُ ْ‬ ‫إن ْ ُ ُ َ‬ ‫﴿ﻗﺎﻟﺖ ِ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻠﻮك‬ ‫‪ ،(٢٦‬أو ﻗﻮل ﺑﻠﻘﻴﺲ ﰲ وﺻـــــﻒ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻠﻮك‪ْ َ َ :‬‬

‫ﻋﻦ اﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬أو ﰲ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﻔﺴـــﺎد‪ ،‬ﻛﻘﻮل اﷲ‬ ‫اﻵﺧﺮة َ ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪون ُ ُ‬ ‫ﻟﻠﺬﻳﻦ َﻻ ُ ِ ُ َ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ‪َ ْ ِ :‬‬ ‫ﻋﻠﻮا ِﻓــــــﻲ‬ ‫ﻧﺠﻌﻠﻬﺎ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺪار ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫﴿ﺗﻠﻚ ﱠ ُ‬

‫ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻛﺒﻴﺮ﴾ )اﻷﻧﻔﺎل‪.(٧٣ :‬‬ ‫اﻷرض َ َ َ ٌ‬ ‫وﻓﺴﺎد َ ِ ٌ‬ ‫وﻣﻤﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ أن ﻫﻨﺎك ﺷــــــــــــﺒﻪ ﺗﻼزم ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻴﻦ‬ ‫ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴﺎد( وﺑﻴﻦ ﻛﻠﻤﺔ )اﻷرض(‪ ،‬وإذا ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺑﺴــــﻴﻄﺔ‪ ،‬ﻓﺴـــــﻨﺠﺪ أن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺤﻜﻴﻢ اﺳﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ )اﻟﻔﺴـــــﺎد(‬ ‫وﺗﺼـــﺮﻳﻔﺎﲥﺎ ﺑﺤﺪود ﺧﻤﺴـــﻴﻦ ﻣﺮة‪ ،‬وﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت‬ ‫ﻛﺎن ﻳﺮد اﺳﻢ )اﻷرض( أو اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺎ ﻋﺪا إﺣﺪى ﻋﺸــــﺮة ﻣﺮة‬ ‫ﻟﻢ ﻳﺮد ﻓﻴﻬﺎ ذﻛﺮ اﻷرض; ﻷن اﻻﺳــــﺘﻌﻤﺎل ﻛﺎن ﰲ ﻣﻌﺮض وﺻــــﻒ‬ ‫﴿وﺟﺤﺪوا ِ َﺑﻬﺎ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َﺘﻬﺎ‬ ‫ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻔﺴــﺪﻳﻦ وﻋﺎﻗﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ َ َ َ :‬‬ ‫واﺳﺘﻴﻘﻨ ْ َ‬ ‫ﻋﺎﻗﺒﺔ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﻒ َ َ ِ‬ ‫ﻇﻠﻤﺎ َ ُ ُ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )اﻟــــــﻨﻤﻞ‪:‬‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﺎﻧﻈﺮ َ ْ‬ ‫ﻛﺎن َ َ ُ ُ‬ ‫وﻋﻠﻮا َ ُ ْ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ ُ ْ ً‬ ‫َ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اﻧﺼﺮﻧــــــﻲ َ َ‬ ‫‪ ،(١٤‬أو ﰲ ﻣﻌـــــﺮض اﻟﺪﻋﺎء‪َ َ :‬‬ ‫ﻋﻠــــــﻰ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻘﻮم‬ ‫﴿ﻗﺎل َ ﱢ‬ ‫رب ُ ْ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت‪ ،(٣٠ :‬أو ﰲ ﻣﻌـــــــﺮض ﺑﻴﺎن إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اﻹﻟﻬــــــــﻲ‪﴿ :‬وﻣِﻨْﻬﻢ ﻣﻦ ْ ِ ِ ِ‬ ‫ﻳﺆﻣﻦ ِ ِﺑﻪ َ َ ﱡ َ‬ ‫أﻋﻠﻢ‬ ‫ﻳﺆﻣﻦ ِﺑﻪ َوﻣﻨ ُْﻬﻢ ﱠﻣﻦ ﱠﻻ ُ ْ ُ‬ ‫َ ُ ﱠ ُ ُ‬ ‫ورﺑﻚ َ ْ َ ُ‬ ‫ِ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )ﻳﻮﻧﺲ‪.(٤٠ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﻓﻨﺨﻠﺺ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ إﻟﻰ أن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻔﺴـــــﺎد اﻟﺘﻲ ﻳﺸــــــﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻴﺴـــــــﺖ ﻇﺎﻫﺮة ﻓﺮدﻳﺔ أو ﺷﺨﺼــــــــﻴﺔ‪ ،‬أو ﻣﺤﺪودة‬ ‫ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﺿـــــﻴﻖ أو ﻣﻘﻴﺪة ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻌﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﻌﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫اﻹﻧﺴﺎﲏ ﺑﻐﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٣٠‬اﻟﻘﺤﻄﺎﲏ‪ ،‬ﻣﺴﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺑﺤﺚ‪ :‬ﺳﺆال اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮﲏ ﻟﻺﻧﺴﺎن‪ :‬رؤﻳﺔ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‪.‬‬ ‫)‪ (٣١‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٣٣٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪58‬‬

‫)‪ (٣٢‬أﺑﻮﺣﻴﺎن‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٤٥‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﺪﻗﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﻴﻞ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ ‪ ١٤٢٠‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٣٣٠-٣٢٩‬‬

‫‪59‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﺗﺴــﺨﻴﺮ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ واﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ‬

‫وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺴـــــــــﺨﻴﺮ واﻟﺘﻄﻮﻳﻊ اﻟﺬي ُ‬ ‫ﻛﺜﺮ ذﻛﺮه ﰲ آﻳﺎت‬ ‫إﻻ ِ ٌ‬ ‫ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ّ‬ ‫ﺷﺎﺣﺬ رﺋﻴﺲ ﻻﻛﺘﺸــــــــــــﺎف ﻧﻮاﻣﻴﺲ‬

‫آﺧﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮل‪" :‬اﻵﻳﺎت ﰲ ذﻛﺮ اﻟﻜﻮاﻛﺐ واﻟﻘﻤﺮ واﻟﺸـــــــــﻤﺲ إﻟﻰ‬ ‫﴿وﻫﻮ ﱠ ِ‬ ‫اﻟﺬي َ َ َ‬ ‫ﻟﻜﻢ‬ ‫آﻳﺎت ذﻛﺮ اﻟﺘﺴـــــــﺨﻴﺮ ﻟﻬﻦ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ُ َ :‬‬ ‫ﺟﻌﻞ َ ُ ُ‬ ‫ﻟﺘﻬﺘﺪوا ِﺑﻬﺎ ِﻓـــــــــﻲ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫واﻟﺒﺤﺮ‪) ﴾...‬اﻷﻧﻌﺎم‪(٩٧ :‬‬ ‫ﱡﺠﻮم َ ْ َ ُ َ‬ ‫ﻇﻠﻤﺎت ْ َ ﱢ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻨ ُ َ‬

‫اﻟﻜﻮن وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺧﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴـﺎن ﺑﺬﻟﻚ‪،‬‬

‫ﻳﻠﻤﺢ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻏﺮﺿ‬ ‫ﺣﺪود اﻻﻧﺘﻔﺎع اﻟﻤﺎدي ﻓﺤﺴـــــــﺐ‪ ،‬ﺑﻞ َ ْ َ ُ‬

‫ﻟﻜﻢ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻣﺴﺨﺮات‬ ‫ﱡﺠـــــﻮم ُ َ ﱠ َ ٌ‬ ‫واﻟﻘﻤﺮ َواﻟﻨ ُ‬ ‫ﱠﻬﺎر َ ﱠ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫واﻟﺸﻤﺲ َ ْ َ َ َ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َواﻟﻨ َ َ‬ ‫﴿وﺳﺨﺮ َ ُ ُ‬ ‫َ َ ﱠَ‬ ‫ذﻟﻚ َ ٍ‬ ‫ﺑﺄﻣﺮه ِ ﱠ ِ ِ‬ ‫َِ ِ ِ‬ ‫ﻟﻘﻮم َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﻵﻳﺎت ﱢ َ ْ ٍ‬ ‫ﻟﻜﻢ‬ ‫إن ﻓﻲ َٰ َ َ‬ ‫﴿وﺳﺨﺮ َ ُ ُ‬ ‫ﻳﻌﻘﻠﻮن﴾ )اﻟﻨﺤﻞ‪ َ َ (١٢ :‬ﱠ َ‬ ‫ْ‬ ‫واﻟﻘﻤﺮ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫ﻟﻜﻢ ﱠ ْ َ‬ ‫ﱠﻬﺎر﴾ )اﺑـــــــــــــﺮاﻫﻴﻢ‪:‬‬ ‫ﱠ ْ َ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َواﻟﻨ َ َ‬ ‫وﺳﺨﺮ َ ُ ُ‬ ‫داﺋﺒﻴﻦ َ َ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺸﻤﺲ َ ْ َ َ َ‬ ‫‪ ...(٣٣‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﻴﺼـــــــــــــﺮف ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻮف اﻟﺨﻠﻖ ورﺟﺎءﻫﻢ ﻋﻦ‬ ‫اﻟﻤﺴــــﺨﺮ ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻘﺎﻫﺮ ﻓﻮق ﻋﺒﺎده اﻟﺬي‬ ‫اﻷﻓﻼك واﻟﻨﺠﻮم اﻟﻤﺴـــﺨﺮة إﻟﻰ‬ ‫اﺳﺘﻮى ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ‬

‫)‪(٢٨‬‬

‫واﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ُﻳﺨﺎﻃﺐ ﲠﺬا اﻷﻣــــــــــﺮ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻬﺎﻣﻪ‬

‫ﻓﺎﻟﺘﺴـــــــــﺨﻴﺮ ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻷﻋﻈﻢ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺛﻤﺮة ﻫﺬا‬ ‫ِ‬ ‫وﻷﻧﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﱢ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﻨﻌﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬ ‫ﺗﺬﻛﺮ‬ ‫اﻹﻋﻤﺎر اﻟﻮاﻋﻲ ﻟﻠﻜﻮن‪ّ ،‬‬

‫اﻹﺳــﻼم ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت واﻟﺤﺪود‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ اﻟﺠﻬﺎد ﰲ ﺳــﺒﻴﻞ اﷲ‪ ،‬إﻻ‬ ‫ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎرة اﻷرض واﺳــــــﺘﻘﺮارﻫﺎ‪ ،‬وﺑﱰ ﻳﺪ اﻟﻌﺎﺑﺜﻴﻦ ﻣﻦ‬

‫ﺗﺴـﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﻨﺎء‪ ،‬واﻟﺤﺼــﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺬاء‪ ،‬وﺑﻠﻮغ اﻟﺴــﻤﺎء‪ ،‬وﺗﻮﻓﻴﺮ‬

‫‪.(٢٠٥‬‬

‫وﻻ َﻓﺴﺎدا ْ ِ ُ ِ ِ‬ ‫ْ َْ ِ‬ ‫ﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ﴾ )اﻟﻘﺼـــــــــﺺ‪ ،(٨٣ :‬وﻗﻮﻟﻪ‬ ‫واﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ْ ُ ﱠ َ‬ ‫اﻷرض َ َ َ ً َ َ َ‬

‫ﻋﻠﺔ ِ ِ‬ ‫﴿ﻟﻴﻔﺴﺪ ِﻓﻴﻬﺎ﴾ َ َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﻟﻪ َ َ‬ ‫ﺳﻌﻴﻪ‪ُ ِ َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻋﻠــــﻰ‬ ‫ﻫﺬا ﱠ ُ َ ْ‬ ‫ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻴﺎن‪َ َ ْ ُ :‬‬ ‫واﻟﺤﺎﻣﻞ َ ُ‬ ‫اﻟﺴﻌﻲ ِﻓــــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﱠ ْ ِ‬ ‫ﻣﻌﺎﻧﺪة اﷲِ ِﻓـــــﻲ‬ ‫وﻫﻮ ُ َ َ َ ُ‬ ‫واﻟﻔﺴﺎد ِ ﱡ‬ ‫اﻟﺼَﻼِح‪َ ُ َ ،‬‬ ‫ﺿﺪ ﱠ‬ ‫اﻷرض‪ُ َ َ ْ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ِ​ِ‬ ‫واﻟﻔﺴﺎد َ ُ ُ‬ ‫ﻣﻦ‪:‬‬ ‫ﺑﺄﻧﻮاٍع َ‬ ‫ﻳﻜﻮن ِ َ ْ َ‬ ‫ﻓـــﻴﻬﺎ﴾ )ﻫﻮد‪ُ َ َ ْ َ (٦٠ :‬‬ ‫﴿واﺳﺘﻌﻤﺮﻛﻢ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ‪ْ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوﻟﻴﺎء َ ْ ٍ‬ ‫ﺗﻔﻌﻠﻮه َ ُ‬ ‫ﺗﻜﻦ ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ‬ ‫ﺑﻌﺾ ِ ﱠإﻻ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ‪ َ :‬ﱠ َ‬ ‫﴿واﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ‬ ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻛﻔﺮوا َ ْ ُ ُ ْ‬

‫اﻟﺮﺧﺎء‪ ،‬وﻗﻄﻊ اﻟﻤﻔﺎوز واﻟﺼـــﺤﺮاء‪ ،‬وﺗﻴﺴـــﻴﺮ اﻟﻤﺼــــﺎﻋﺐ وﺗﻘﻠﻴﻞ‬ ‫اﻟﻤﺨﺎوف واﻷﻋﺒﺎء‪ ،‬وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺸـــــﻐﻞ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴـــــﺎن ﱢ‬ ‫وﻳﺮﻓﻬﻪ ﰲ‬ ‫)‪(٣٠‬‬

‫ﺣﻴﺎﺗﻪ ‪.‬‬

‫ذم اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠــــــﻰ اﻵﺧــــــﺮة ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ‬ ‫ﻣﻨﻪ ﺑﺤﺠﺔ ﱢ‬ ‫ارﺗﻜﺎس‪ ،‬وﻳﻀــــﻴﻊ ﺑﻪ اﻟﻤﺴـــــﻠﻢ دﻧﻴﺎه وآﺧﺮﺗﻪ ﻣﻌ ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ‬

‫وﻗﺪ ذﻛــﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟـــﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻜـــﺮﻳﻢ إﻣﺎ‬ ‫ﺑﺼـﻴﻐﺔ اﻟﺘﺴـﺨﻴﺮ‪ ،‬وإﻣﺎ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺴـﺨﻴﺮ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬ ‫آﻳﺔ اﻟﻨ َ ِ‬ ‫ﱠﻬـﺎر َ َ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َ َ َ ْ‬ ‫﴿وﺟﻌﻠﻨَـﺎ ﱠ ْ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫وﺟﻌﻠﻨَــﺎ َ َ َ‬ ‫ﻓﻤﺤﻮﻧــﺎ َ َ َ‬ ‫آﻳﺔ ﱠ ْ ِ‬ ‫ﱠﻬــﺎر‬ ‫آﻳﺘﻴﻦ َ َ َ ْ َ‬ ‫اﻟﻠﻴﻞ َواﻟﻨ َ َ‬

‫واﻻﺳﺘﺨﻼف وﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ ﰲ ﺧﻠﻘﻪ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻀـــــــــﻴﻴﻊ أﻣﺎﻧﺔ‬

‫ْ َ ْ ِ‬ ‫واﻟﻘﺘِﻞ‪َ ،‬واﻟﻨ ْ ِ‬ ‫ﱠﻬﺐ‪ َ ،‬ﱠ ْ ِ‬ ‫اﻹﻓﺴﺎد‬ ‫اﻟﺠﻮر‪ْ َ ْ َ ،‬‬ ‫واﻟﺴﺒﻲ‪ ،‬وﻳﻜﻮن‪ :‬ﺑﺎﻟﻜﻔــــــــﺮ‪َ َ ْ ِ ْ ...‬‬ ‫ﱠﺴﻞ‪ِ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﺧﺼﻬﻤـﺎ ِ ﱢ ْ ِ‬ ‫ﺗﺤﺘﻪ ِ ْ َ ُ‬ ‫ﺷـﺎﻣﻞ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ ٌِ‬ ‫ﺑـﺎﻟﺬﻛﺮ‬ ‫اﻟﺤﺮث َواﻟﻨ ْ ِ َ‬ ‫ﻳﺪﺧﻞ َ ْ َ ُ‬ ‫وﻟﻜﻨ ُﱠﻪ َ ﱠ ُ َ‬ ‫إﻫﻼك ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫إﻟﻴﻪ ِﻓﻲ ِ ِ‬ ‫ﻳﺤﺘﺎج ِ َ ِ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ﻓﻜﺎن إﻓﺴــــﺎدﻫﻤﺎ ﻏﺎﻳﺔ‬ ‫ﻋﻤﺎرة ﱡ ْ َ‬ ‫أﻋﻈﻢ َﻣﺎ ُ ْ َ ُ ْ‬ ‫ﻷﻧﻬﻤﺎ َ ْ َ ُ‬ ‫َﱠ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫)‪(٣٢‬‬

‫اﻹﻓﺴﺎد ‪.‬‬

‫اﻻﺳﺘﺨﻼف وﻋﻤﺎرة اﻷرض وﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻐﺎة واﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫وﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴﺎد( ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﺎرف‬

‫ِ‬ ‫ﻋﺪد ِ‬ ‫ﻓﻀًﻼ ِﻣﻦ ُ ِ‬ ‫ﻣﺒﺼﺮة ِ َ ْ َ ُ‬ ‫واﻟﺤﺴﺎب‬ ‫ُْ ِ َ ً‬ ‫ﻟﺘﺒﺘﻐﻮا َ ْ‬ ‫اﻟﺴﻨــــــــﻴﻦ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﺘﻌﻠﻤﻮا َ َ َ ﱢ‬ ‫رﺑﻜﻢ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ َﱢ ْ‬ ‫وﻛﻞ َ ٍ‬ ‫ﻓﺼﻠﻨَﺎه َ ْ ِ‬ ‫َ ُﱠ‬ ‫ﺗﻔﺼﻴًﻼ﴾ )اﻹﺳﺮاء‪.(١٢ :‬‬ ‫ﺷﻲء َ ﱠ ْ ُ‬ ‫ْ‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪" :‬اﻟﻔﺴــــــﺎد ﻧﻘﻴﺾ اﻟﺼــــــﻼح‪ ...‬وﺗﻔﺎﺳﺪ اﻟﻘﻮم‪:‬‬

‫اﻟﺸــﺮﻋﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻨﻘﻠﻪ ﺗﺎرة ﻋﻠﻰ أﻟﺴــﻨﺔ اﻟﻌﺼــﺎة واﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﰲ وﺻﻔﻬﻢ‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﻴــــﺮ‪" :‬ﻳﻤﺘﻦ ﺗﻌﺎﻟــــﻰ ﻋﻠــــﻰ ﺧﻠﻘﻪ ﺑﺂﻳﺎﺗﻪ اﻟﻌﻈﺎم‪ ،‬ﻓﻤﻨﻬﺎ‬

‫ﺗﺪاﺑﺮوا وﻗﻄﻌﻮا اﻷرﺣﺎم‪ ...‬واﺳﺘﻔﺴــﺪ اﻟﺴـــﻠﻄﺎن ﻗﺎﺋﺪه إذا أﺳﺎء إﻟﻴﻪ‬

‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر‪ ،‬ﻟﻴﺴــــﻜﻨﻮا ﰲ اﻟﻠﻴﻞ وﻳﻨﺘﺸــــﺮوا ﰲ اﻟﻨﻬﺎر‬

‫ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻌﺼـﻰ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬واﻟﻤﻔﺴــﺪة ﺧﻼف اﻟﻤﺼــﻠﺤﺔ‪ ،‬واﻻﺳﺘﻔﺴــﺎد‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن ﻟﺪﻋﻮة‬ ‫وﺻﻒ أﺗﺒﺎِع‬ ‫ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺼــــــــﺎﻟﺤﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﰲ َ‬

‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻔﺴﺎد وﻣﻈﺎﻫﺮه ﰲ اﻷرض‬

‫)‪(٣١‬‬

‫ﻣﻀــﻲ اﻵﺟﺎل اﻟﻤﻀـــﺮوﺑﺔ‬ ‫واﻟﺠﻤﻊ واﻟﺸــﻬﻮر واﻷﻋﻮام‪ ،‬وﻳﻌﺮﻓﻮا‬ ‫ُ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻟﻠﺪﻳﻮن واﻟﻌﺒﺎدات واﻟﻤﻌﺎﻣﻼت واﻹﺟﺎرات وﻏﻴـــــــﺮ ذﻟﻚ؛ وﻟﻬﺬا‬ ‫﴿ﻟﺘﺒﺘﻐﻮا َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺎل‪ُ َ ْ َ ِ :‬‬ ‫رﺑﻜﻢ﴾ أي‪ :‬ﰲ ﻣﻌﺎﻳﺸﻜﻢ وأﺳﻔﺎرﻛﻢ وﻧﺤﻮ‬ ‫ﻓﻀًﻼ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ ﱢ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺤﺴﺎب﴾ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟـــﺰﻣﺎن ﻛﻠﻪ‬ ‫اﻟﺴﻨﻴﻦ َ ْ َ َ‬ ‫ﻋﺪد ﱢ َ‬ ‫﴿وﻟﺘﻌﻠﻤﻮا َ َ َ‬ ‫ذﻟﻚ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫واﺣﺪا وأﺳﻠﻮﺑ ﻣﺘﺴﺎوﻳ ﻟﻤﺎ ﻋﺮف ﺷﻲء ﻣﻦ ذﻟﻚ‬ ‫ﻧﺴﻘ‬

‫)‪(٢٩‬‬

‫‪.‬‬

‫ﺧﻼف اﻻﺳﺘﺼﻼح ‪.‬‬ ‫وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻧﺨﻠﺺ إﻟـﻰ أن وﺟﻮد ﺧﻠﻞ أو ﻧﻘﺺ ﰲ أداء‬ ‫ً‬ ‫ﻓﺴـــﺎدا‪ ،‬ﻓﻔﺴـــﺎد اﻵﻟﺔ ﺑﺨﺮاﲠﺎ‪ ،‬واﻟﺠﺴــــﻢ ﺑﻤﺮﺿﻪ‬ ‫اﻟﺸـــﻲء ﻳﺴـــﻤﻰ‬ ‫وﺿـــــــﻌﻔﻪ‪ ،‬واﻟﺜﻤﺮة ﺑﻔﻘﺪان ﻃﻌﻤﻬﺎ‪ ،‬واﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻨﻜﻮﺻـــــــﻬﺎ ﻋﻦ أداء‬ ‫ﻣﻬﻤﺎﲥﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻌﺪم اﻧﺴـــــﺠﺎم أﻋﻀـــــﺎء ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ‪ ،‬وﻓﻘﺪان اﻷﻣﻦ‬ ‫واﻟﻮﺣﺪة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺤﻔﻈﺎن ﺗﻤﺎﺳﻜﻪ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٨‬اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ‪ ،‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬ﻧﻈﻢ اﻟﺪرر ﰲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻵﻳﺎت واﻟﺴﻮر‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪.٥٣٣‬‬ ‫)‪ (٢٩‬اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪.٤٦‬‬

‫وﺗﺎرة ﻳﺴـــــﺘﻌﻤﻠﻬﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﰲ وﺻﻒ اﻟﻄﻐﺎة أو اﻟﺨﺎرﺟﻴﻦ‬

‫ﻳﺘﻔﺘﻖ ﻓﻜﺮه ﺑﺎﻟﻤﺨﱰﻋﺎت واﻟﻤﻜﺘﺸـــــﻔﺎت اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱠ‬

‫ﻳﻀــﻴﻊ وﻗﺘﻪ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت ﻻ ﺗﻔﻴﺪ؛‬ ‫اﻟﺼـﺎﻟﺤﺔ واﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻻ‬ ‫ﱢ‬

‫ﻣﺘﺠﺎﻫﻼ ﻷواﻣﺮ اﷲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺬ ﺑﺄﺳــــــــــــــــــــــﺒﺎب اﻟﻘﻮة‬

‫ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﺶ واﻟﺼـــﻨﺎﻋﺎت واﻷﻋﻤﺎل واﻷﺳﻔﺎر‪ ،‬وﻟﻴﻌﻠﻤﻮا ﻋﺪد اﻷﻳﺎم‬

‫)اﻟﻨﻤﻞ‪.(٣٤ :‬‬

‫ِ‬ ‫ﺳﻌــﻰ ِﻓــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫﴿وإذا َ َ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪َ ِ َ :‬‬ ‫ﻟﻴﻔﺴﺪ‬ ‫اﻷرض ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫ﺗﻮﻟــﻰ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﺮث َواﻟﻨ ْ َ‬ ‫وﻳﻬﻠﻚ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ ُ ْ ِ َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾ )اﻟﺒﻘـــــــــــــﺮة‪:‬‬ ‫ﻳﺤﺐ ْ َ َ َ‬ ‫واﷲ َﻻ ُ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ﱠﺴﻞ َ ُ‬

‫وﻫﻜﺬا ﺗﻘﻮم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴــﺎن وﺗﺴـــﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻓﻖ‬ ‫واﻻﻧﺴــﺠﺎم‪ ،‬وأي ﻓﻜﺮ أو ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺠﺪﻳﺪ ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫وﺗﺤﺬر‬ ‫ﲥﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺴــﺨﻴﺮ‬

‫‪،‬‬

‫ﻓﺎﻟﻔﺴــــــﺎد أﻣﺮ ﻣﺮﻓﻮض وﻣﺴـــــــﺘﻬﺠﻦ ﺑﻜﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎﻟﻪ‪ ،‬وﻣﺎ ﺷﺮع‬

‫أﻓﺴﺪوﻫﺎ َ َ َ ُ‬ ‫إذا َ َ ُ‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َِ‬ ‫أذﻟﺔ َ َ َٰ ِ َ‬ ‫أﻫﻠﻬﺎ َ ِ ﱠ ً‬ ‫دﺧﻠﻮا َ ْ َ ً‬ ‫ﻳﻔﻌﻠﻮن﴾‬ ‫وﺟﻌﻠﻮا َ ِ ﱠ َ‬ ‫ﻗﺮﻳﺔ َ ْ َ ُ َ‬ ‫أﻋﺰة َ ْ ِ َ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﰲ أذﻫﺎن ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻣﻦ ّ‬ ‫أن ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻔﺴــــﺎد ﺗﻌﻨﻲ ﻋﺪم اﻻﻟﺘﺰام‬

‫اﻟﻤ َ ُ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ ڠ وﺣﺮﻛﺘﻪ اﻹﺻـﻼﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ َ :‬‬ ‫ﻸ ِﻣﻦ‬ ‫﴿وﻗﺎل ْ َ‬ ‫ﻟﻴﻔﺴﺪوا ِﻓـــــــــــــــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض َ َ َ َ َ‬ ‫ﻗﻮم ِ ْ َ ْ َ‬ ‫َْ ِ‬ ‫وﻳﺬرك‬ ‫وﻗﻮﻣﻪ ِ ُ ْ ِ ُ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ َ َ ْ َ ُ‬ ‫أﺗﺬر ُ َ ٰ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َﺎءﻫﻢ َ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺎل َﺳﻨ َ ﱢ ُ‬ ‫وآﻟﻬﺘﻚ َ َ‬ ‫َ َِ َ َ‬ ‫ﻓﻮﻗﻬﻢ‬ ‫ﻧﺴﺎءﻫﻢ َ ِ ﱠ‬ ‫وإﻧﺎ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫وﻧﺴﺘﺤﻴـــــــــــــــــﻲ َ َ ُ ْ‬ ‫ُﻘﺘﻞ َ ْأﺑﻨ َ ُ ْ‬ ‫َ ُِ َ‬ ‫ﻗﺎﻫﺮون﴾ )اﻷﻋﺮاف‪ ،(١٢٧ :‬أو وﺻــــــﻒ ﻓﺮﻋﻮن ﻟﺪﻋﻮة ﻛﻠﻴﻢ اﷲ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َ ِ‬ ‫ﻣﻮﺳــــﻰ ڠ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪ِ َ َ :‬‬ ‫ذروﻧﻲ َ ْ ُ ْ‬ ‫رﺑﻪ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫وﻟﻴﺪع َ ﱠ ُ‬ ‫أﻗﺘﻞ ُ َ ٰ‬ ‫﴿وﻗﺎل ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ف َأن ﱢ َ ِ‬ ‫ﻳﻈﻬﺮ ِﻓـﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ِ ﱢإﻧـﻲ َ َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾ )ﻏﺎﻓـﺮ‪:‬‬ ‫اﻷرض ْ َ َ َ‬ ‫أﺧﺎ ُ ُ َ‬ ‫َﻜﻢ َ ْأو َأن ُ ْ ِ َ‬ ‫ﻳﺒﺪل دﻳﻨ ُ ْ‬ ‫إن ْ ُ ُ َ‬ ‫﴿ﻗﺎﻟﺖ ِ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻠﻮك‬ ‫‪ ،(٢٦‬أو ﻗﻮل ﺑﻠﻘﻴﺲ ﰲ وﺻـــــﻒ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻠﻮك‪ْ َ َ :‬‬

‫ﻋﻦ اﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬أو ﰲ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﻔﺴـــﺎد‪ ،‬ﻛﻘﻮل اﷲ‬ ‫اﻵﺧﺮة َ ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪون ُ ُ‬ ‫ﻟﻠﺬﻳﻦ َﻻ ُ ِ ُ َ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ‪َ ْ ِ :‬‬ ‫ﻋﻠﻮا ِﻓــــــﻲ‬ ‫ﻧﺠﻌﻠﻬﺎ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺪار ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫﴿ﺗﻠﻚ ﱠ ُ‬

‫ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻛﺒﻴﺮ﴾ )اﻷﻧﻔﺎل‪.(٧٣ :‬‬ ‫اﻷرض َ َ َ ٌ‬ ‫وﻓﺴﺎد َ ِ ٌ‬ ‫وﻣﻤﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ أن ﻫﻨﺎك ﺷــــــــــــﺒﻪ ﺗﻼزم ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻴﻦ‬ ‫ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴﺎد( وﺑﻴﻦ ﻛﻠﻤﺔ )اﻷرض(‪ ،‬وإذا ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺑﺴــــﻴﻄﺔ‪ ،‬ﻓﺴـــــﻨﺠﺪ أن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺤﻜﻴﻢ اﺳﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ )اﻟﻔﺴـــــﺎد(‬ ‫وﺗﺼـــﺮﻳﻔﺎﲥﺎ ﺑﺤﺪود ﺧﻤﺴـــﻴﻦ ﻣﺮة‪ ،‬وﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت‬ ‫ﻛﺎن ﻳﺮد اﺳﻢ )اﻷرض( أو اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺎ ﻋﺪا إﺣﺪى ﻋﺸــــﺮة ﻣﺮة‬ ‫ﻟﻢ ﻳﺮد ﻓﻴﻬﺎ ذﻛﺮ اﻷرض; ﻷن اﻻﺳــــﺘﻌﻤﺎل ﻛﺎن ﰲ ﻣﻌﺮض وﺻــــﻒ‬ ‫﴿وﺟﺤﺪوا ِ َﺑﻬﺎ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َﺘﻬﺎ‬ ‫ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻔﺴــﺪﻳﻦ وﻋﺎﻗﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ َ َ َ :‬‬ ‫واﺳﺘﻴﻘﻨ ْ َ‬ ‫ﻋﺎﻗﺒﺔ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﻒ َ َ ِ‬ ‫ﻇﻠﻤﺎ َ ُ ُ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )اﻟــــــﻨﻤﻞ‪:‬‬ ‫ﻛﻴ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﺎﻧﻈﺮ َ ْ‬ ‫ﻛﺎن َ َ ُ ُ‬ ‫وﻋﻠﻮا َ ُ ْ‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ ُ ْ ً‬ ‫َ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اﻧﺼﺮﻧــــــﻲ َ َ‬ ‫‪ ،(١٤‬أو ﰲ ﻣﻌـــــﺮض اﻟﺪﻋﺎء‪َ َ :‬‬ ‫ﻋﻠــــــﻰ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻘﻮم‬ ‫﴿ﻗﺎل َ ﱢ‬ ‫رب ُ ْ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت‪ ،(٣٠ :‬أو ﰲ ﻣﻌـــــــﺮض ﺑﻴﺎن إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اﻹﻟﻬــــــــﻲ‪﴿ :‬وﻣِﻨْﻬﻢ ﻣﻦ ْ ِ ِ ِ‬ ‫ﻳﺆﻣﻦ ِ ِﺑﻪ َ َ ﱡ َ‬ ‫أﻋﻠﻢ‬ ‫ﻳﺆﻣﻦ ِﺑﻪ َوﻣﻨ ُْﻬﻢ ﱠﻣﻦ ﱠﻻ ُ ْ ُ‬ ‫َ ُ ﱠ ُ ُ‬ ‫ورﺑﻚ َ ْ َ ُ‬ ‫ِ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )ﻳﻮﻧﺲ‪.(٤٠ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﻓﻨﺨﻠﺺ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ إﻟﻰ أن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻔﺴـــــﺎد اﻟﺘﻲ ﻳﺸــــــﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻴﺴـــــــﺖ ﻇﺎﻫﺮة ﻓﺮدﻳﺔ أو ﺷﺨﺼــــــــﻴﺔ‪ ،‬أو ﻣﺤﺪودة‬ ‫ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﺿـــــﻴﻖ أو ﻣﻘﻴﺪة ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻌﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﻌﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫اﻹﻧﺴﺎﲏ ﺑﻐﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٣٠‬اﻟﻘﺤﻄﺎﲏ‪ ،‬ﻣﺴﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺑﺤﺚ‪ :‬ﺳﺆال اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮﲏ ﻟﻺﻧﺴﺎن‪ :‬رؤﻳﺔ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‪.‬‬ ‫)‪ (٣١‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٣٣٥‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪58‬‬

‫)‪ (٣٢‬أﺑﻮﺣﻴﺎن‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٤٥‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﺪﻗﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﻴﻞ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ ‪ ١٤٢٠‬ﻫـ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٣٣٠-٣٢٩‬‬

‫‪59‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻔﺴﺎد ﰲ اﻷرض‪:‬‬ ‫ﻟﻠﻔﺴﺎد اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﺣﺬر ﻣﻨﻪ أﺷﻜﺎل وﻣﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ﻛﺜﻴـــــﺮة ﰲ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬دﻋﻮات ﻗﻮم ﻟﻮط إﻟــــــﻰ اﻟﺠﻨﺲ‬ ‫اﻟﻤﺜﻠﻲ وﺧﺪاﺋﻊ ﻗﻮم ﺷــــــﻌﻴﺐ ﰲ ﺗﻄﻔﻴﻔﻬﻢ اﻟﻜﻴﻞ واﻟﻤﻴﺰان‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺮآن‬ ‫ﻳﻌﺘﱪ أن ﻋﻤﻞ ﻗﻮم ﻟﻮط ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻹﻓﺴــﺎد ﰲ اﻷرض‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ‬ ‫اﻟﺸﺎﺋﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻷﻣﺮاض اﻟﻔﺘﺎﻛﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن‬ ‫ﺳﺒﺒ ﰲ ﲥﺪﻳﺪ اﻟﻨﺴــﻞ واﺳﺘﻤﺮار اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﺸـــﺮي‪ ،‬وأﻣﺎ ﰲ ﻋﺼـــﺮﻧﺎ‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺈن ﻣﺸـــــــــــــﻜﻠﺔ اﻟﺰواج اﻟﻤﺜﻞ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ إﺣﺪى أﺧﻄﺮ‬ ‫ﻣﻬﺪدات اﻻﺳﺘﻤﺮار اﻹﻧﺴﺎﲏ ﰲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻀــــــــﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم‪ ،‬وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺈن‬ ‫ً‬ ‫ﺟﺎﻫﺪا أن ﻳﻘﻨﻦ ﻫﺬا اﻟﺸــﺬوذ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻇﺎﻫﺮة إﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ‬ ‫اﻟﻐﺮب ﻳﺤﺎول‬ ‫ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ...‬وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺼــــــﻨﻔﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻧﻤﺎذج اﻹﻓﺴـــــــﺎد‬ ‫اﻟﺒﺸﺮي ﰲ اﻷرض‪ ،‬ﻟﻤﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ دﻣﺎر ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﺗﻔﻜﻴﻚ‬ ‫ﻟﺒﻨﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﻣﻦ ﻧﻤﺎذج اﻹﻓﺴﺎد ﰲ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻐﺒﻦ‬ ‫واﻟﺘﺪﻟﻴﺲ واﻟﻐﺶ واﻟﺴـــــﺮﻗﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﻊ‪ ،‬وﻋﺪم اﻟﺼــــــﺪق ﰲ اﻟﻌﻘﻮد‪،‬‬ ‫وﻏﻴﺎب اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﻮاق‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺸــﻊ واﻟﻈﻠﻢ واﻻﻋﺘﺪاء‬ ‫وﻓﻘﺪان اﻷﻣﻦ وﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻴﻦ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ زﻋﺰﻋﺔ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﲥﺪﻳﺪ أﻣﻨﻪ واﺳﺘﻘﺮاره‪.‬‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺣﺎﺟﺎت رﺋﻴﺴﺔ وﺣﻘﻮﻗ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ‬

‫أﺳﻴﺮة ﻣﺎ ﻳﻀـــﻔﻴﻪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ وﻓﻠﺴـــﻔﺎت ﻓﺎﺳﺪة‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫َ‬ ‫ﺗﺘﺤﻮل ﻧﺰوات اﻟﺤﺎﻛﻢ إﻟﻰ ﻗﻮاﻧﻴﻦ وﺗﺸﺮﻳﻌﺎت‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ :‬‬ ‫﴿ﻗﺎل‬ ‫ﺳﺒﻴﻞ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ َ ْ ُ‬ ‫اﻟﺮﺷﺎد﴾ )ﻏﺎﻓـــﺮ‪:‬‬ ‫أرﻳﻜﻢ ِ ﱠإﻻ َﻣﺎ َ َ ٰ‬ ‫أﻫﺪﻳﻜﻢ ِ ﱠإﻻ َ ِ َ ﱠ‬ ‫وﻣﺎ َ ْ ُ ْ‬ ‫أرى َ َ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َﻣﺎ ُ ِ ُ ْ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َﻋَﻼ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض َ َ َ َ‬ ‫﴿إن ِ ْ َ ْ َ‬ ‫‪ ،(٢٩‬وﻗﺎل ﺳــــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫وﺟﻌﻞ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫أﻫﻠﻬﺎ ِﺷﻴﻌﺎ َ ْ ِ‬ ‫ﻒ َ َِ ً‬ ‫ﻧﺴﺎءﻫﻢ‬ ‫ﻳﺴﺘﻀﻌ ُ‬ ‫َﺎءﻫﻢ َ َ ْ ْ‬ ‫ْﻬﻢ ُ َ ﱢ ُ‬ ‫ﻃﺎﺋﻔﺔ ﱢﻣﻨ ُ ْ‬ ‫ََْ​َ ًَ َْ‬ ‫ﻳﺬﺑﺢ َ ْأﺑﻨ َ ُ ْ‬ ‫وﻳﺴﺘﺤﻴــﻲ َ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎن ِﻣﻦ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﺷﻴﻌ ﺟﻤﻊ ﺷﻴﻌﺔ‪ ،‬وﻫﻲ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )اﻟﻘﺼــــــﺺ‪َ ،(٤ :‬‬ ‫َ‬ ‫ِﱠ ُ‬ ‫إﻧﻪ َ َ َ ُ‬ ‫اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ اﻣﺘﻴﺎزاﲥﺎ اﻟﺨﺎﺻـــــــﺔ وﺷــــــــﻜﻞ ﺣﻴﺎﲥﺎ اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻋﻦ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺸﻬﻮدا‪.‬‬ ‫‪ .١‬أن اﻹﺳﻼم ﻋﻨﻰ ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﻮن ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأوﻻﻫﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣ‬ ‫ﻣﻘﺼـــــﺪﻫﺎ اﻷﻛﱪ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻳﺸـــــﻤﻞ اﻟﺼـــــﻼح واﻟﺨﻴﺮ ﰲ ﻛﻼ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺎدي ﻣﻨﻬﻤﺎ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻣﻘﺼــــﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﱪى‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .٢‬أن ُ‬ ‫واﻟﻤﻌﻨﻮي‪.‬‬

‫اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ووﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻘـﺮآن ﻓﺈن اﻟﻤﻔـﺮوض‬ ‫ﰲ ُ َﱠ‬ ‫اﻟـﻤﻤﻠﻚ ْ‬ ‫ﻳﺴـــــــــــــﻮي ﺑﻴﻦ رﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺄﺧﺬ ﻃﺒﻘﺔ أو ﺟﻤﺎﻋﺔ ﰲ‬ ‫ﱢ‬ ‫أن ُ‬

‫واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ‪.‬‬ ‫‪ .٤‬أﺳﺲ اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ‪ :‬اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬واﻷرض‪ ،‬ﱢ‬

‫ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﺣﻈﻮه ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﺧــــﺮى‪ ...‬وﻟﻜﻦ ﻓـــــﺮﻋﻮن ﻗﺪ ﺟﻌﻞ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻃﻮاﺋﻒ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﺘﺴـﻠﻴﻂ ﺑﻌﻀـﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﺑﻞ وزاد‬ ‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺄن ﱠ‬ ‫ﺳﺨﺮ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴـﺘﻀــﻌﻔﺔ ﻟﻠﻄﻮاﺋﻒ اﻷﻗﻮى ﻣﻨﻬﺎ‪،‬‬

‫ﱠ‬ ‫َْ‬ ‫وﻣﻜﻠﻒ ﺑﻌﻤﺎرﲥﺎ ْ‬ ‫ﺷﺮع اﷲ‪ ،‬وﻫﺬا اﻻﺳﺘﺨﻼف ﻟﻴﺲ ﺗﺸـــــﺮﻳﻔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺗﻜﻠﻴﻒ وﺗﺤﻤﻴﻞ ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﺴــــﺘﺨﻠﻒ ﰲ اﻷرض‬ ‫‪ .٥‬اﻹﻧﺴــــﺎن‬ ‫وﻓﻖ ْ‬ ‫ﺳﻴﺜﺎب إن أداﻫﺎ وﺳﻴﻌﺎﻗﺐ إن ﻓﺮط ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺷﺮﻃﺎ اﻻﺳﺘﺨﻼف واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﰲ اﻷرض ﻫﻤﺎ‪ :‬اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ ورﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﺎﻓﻊ‪.‬‬ ‫‪ْ .٦‬‬

‫وﻫﻜﺬا ﺗﺸـــــﻴﺮ اﻵﻳﺔ إﻟﻰ أن اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻤﺴـــــﺘﺒﺪة ﺗﺴـــــﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻤﺰﻳﻖ‬ ‫﴿وﺟﻌﻞ َ ْ َ ِ‬ ‫اﻟﻤﺠـﺘﻤﻊ َ َ َ َ‬ ‫ﺷﻴﻌﺎ﴾‪ ،‬ﻋـﱪ اﻟﻄﺎﺋﻔـﻴﺔ اﻟﻤﻘـﻴـﺘﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻠﻤﺢ‬ ‫أﻫﻠﻬﺎ َ ً‬ ‫َ‬

‫ﺳﺨﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻜﻮن ﱠ‬ ‫ﻛﺜﺮ ذﻛﺮه ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ِ ٌ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺑﻼ أﺟﺮ وﻻ ﺛﻤﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺴﺨﻴﺮ اﻟﺬي ُ‬ ‫‪ .٧‬اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﱠ‬ ‫ﺷﺎﺣﺬ رﺋﻴﺲ ﻻﻛﺘﺸﺎف ﻧﻮاﻣﻴﺲ اﻟﻜﻮن وﻣﻌﺮﻓﺔ‬

‫إﻟﻰ أن ﻣﻨﻬﺞ ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻈﺎﻟﻤﺔ واﻟﻤﻔﺴــــــــﺪة ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮب‬

‫ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ‪" :‬إن اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ‪.‬‬

‫ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺒﻌﻀـــــﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻲ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺴــــــﺘﺒﺪ ﻣﺤﺘﻔﻈ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻮق اﻟﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬

‫‪ .٨‬ﻫﻨﺎك ﺷﺒﻪ ﺗﻼزم ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﺼـﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴـﺎد( وﻛﻠﻤﺔ )اﻷرض( ﰲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻔﺴـﺎد اﻟﺘﻲ ﻳﺸـﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻘﺮآن ﻟﻴﺴــﺖ ﻇﺎﻫﺮة‬ ‫ﻓﺮدﻳﺔ‪ ،‬أو ﻣﺤﺪودة ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﺿﻴﻖ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﻌﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎﲏ ﺑﻐﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻟﻔﺖ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻷﻧﻈﺎر إﻟﻰ دور اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫أرم‬ ‫اﻟﻔﺎﺳﺪة ﰲ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻧﺸــــﺮ اﻟﻔﺴـــــﺎد أﺛﻨﺎء ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫وﻋﺎد وﺛﻤﻮد وﻓﺮﻋﻮن ﰲ ﺳـﻮرة اﻟﻔﺠﺮ ﺣﻴﺚ وﺻــﻔﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺒﻼد * َ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻃﻐﻮا ِﻓــﻲ ْ ِ َ ِ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾ )اﻟﻔﺠــﺮ‪ ،(١٢-١١ :‬وﻗﺎل‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ْ َ َ َ‬ ‫ﻓﺄﻛﺜﺮوا َ‬ ‫َ​َْ‬ ‫ُ‬

‫أي ﲥﺪﻳﺪ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﺟﺎت أو ﺧﻠﻞ ﰲ ﺗﻠﺒﻴﺘﻬﺎ أو ﻛﻔﺎﻳﺘﻬﺎ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜـﺮﻳﻢ ّ‬ ‫ً‬ ‫وﺗﻌﺪﻳ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻮق‪.‬‬ ‫إﻓﺴﺎدا ﰲ اﻷرض ّ‬

‫اﻟﻔﺴـــــــــﺎد اﻟﺬي ﻳﺪﻣﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻳﻔﻘﺪﻫﺎ أﻣﻨﻬﺎ وﺳﻌﺎدﲥﺎ‪ ...‬وﻻ‬

‫واﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻐﺬاء واﻟﻜﺴﺎء واﻟﺴﻜﻦ واﻷﻣﻦ واﻟﺪواء‪ ،‬ﺟﻌﻞ‬

‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء آﻳﺎت اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﻮﺻﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ إﻟﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬ ‫وﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻌﺠﻠﻰ ﺣﻮل ﻣﻔﻬﻮم ُ‬

‫‪ .٣‬ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤﺮان اﻟﻤﺎدي إذا ﻟﻢ ﺗﺴﺮ ﻣﻌﻪ ﺟﻨﺒ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﺣﻀﺎرة إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﺮﺗﻜﺰ إﻟﻰ أواﻣﺮ اﷲ وﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺴـﺎن ﻗﻮم ﻣﺴـﺘﻀــﻌﻔﻴﻦ‪ُ َ :‬‬ ‫﴿ﻗﺎﻟﻮا َﻳﺎ َذا‬ ‫ْ َْ َْ ِ‬ ‫ﻣﻔﺴﺪون ِﻓـــــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻓﻬﻞ َ ْ َ ُ‬ ‫اﻷرض َ َ ْ‬ ‫وﻣﺄﺟﻮج ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ِ ﱠ‬ ‫ﻧﺠﻌﻞ َ َ‬ ‫ﻟﻚ‬ ‫ﻳﺄﺟﻮج َ َ ْ ُ َ‬ ‫إن َ ْ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َأن َ ْ َ َ‬ ‫َﻬﻢ َﺳﺪا﴾ )اﻟﻜﻬـــــــﻒ‪ ،(٩٤ :‬ﻧﻌﻢ إﻧﻪ‬ ‫َ ْ ً‬ ‫ﺗﺠﻌﻞ َ ْﺑﻴﻨَﻨَﺎ َ َ ْ‬ ‫وﺑﻴﻨ ُ ْ‬ ‫ﺧﺮﺟﺎ َ َ ٰ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ أن ﻳﺴــــــــــﺘﻤﺮ ﻧﺤﻮ أﻫﺪاﻓﻪ ﺑﺪوﳖﺎ‪ ،‬ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ وﺗﺸﻤﻞ أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬

‫‪ .٩‬وأن ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴﺎد( ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻹﺻﻼح(‪ ،‬ﻓﻴﻔﻬﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻫﻨﺎك داﺋﻤ ﻋﻤﻠﻴﺎت وﻣﺤﺎوﻻت ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة وإﻓﺴـﺎد‬ ‫ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬وأن ﻣﻬﻤﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻫﻲ اﻹﺻﻼح ﻋﱪ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم اﻟﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻨﺎء اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻹﻋﻤﺎر اﻟﺤﻀﺎري‪.‬‬ ‫‪ .١٠‬أﺣﺪ أﺑﺮز أﺳﺒﺎب ﻓﺴﺎد اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪة‪ ،‬وﻧﻤﺎذﺟﻬﻢ ﰲ اﻹﻓﺴﺎد ﻛﺜﻴﺮة ﻗﺪﻳﻤ وﺣﺪﻳﺜ ‪ ،‬واﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻄﻐﺎة ُ ّ‬ ‫واﻟﺤﻜﺎم‬ ‫َ‬ ‫وﻋﻤﺮاﻧﻪ واﺳﺘﻘﺮاره‪.‬‬ ‫اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻌﺎدة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ُ‬ ‫وآﺧﺮ دﻋﻮاﻧﺎ أن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ أن ﺗﻌﻴﺶ ﲠﻨﺎء إﻻ إذا ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻟﻘﻀـــﺎء‬ ‫وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻄﺮح اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﻀـﻴﺔ ﻓﺮﻋﻮن وﻫﺎﻣﺎن ﻧﻤﻮذﺟ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺑﺆر اﻟﻔﺴـــــــــﺎد واﻟﻈﻠﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ أو ﺑﻨﺎء ﺳﺪ‬

‫ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪة اﻟﺘﻲ أﻓﺴـﺪت ﰲ اﻷرض‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ أﺟﻬﺰة‬

‫ﻳﺤﻮل ﺑـــﻴﻦ ﻇﻠﻤﻬﻢ وﺑـــﻴــــﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻫﻮ‬

‫وﻣﻘﺪراﲥﺎ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﺨﺺ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻻ اﻟﺸـــــــــــــﻌﺐ‬ ‫اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ﱠ‬

‫وﻋﻤﺮاﻧﻪ واﺳﺘﻘﺮاره وازدﻫﺎره‪.‬‬ ‫اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﺳﻌﺎدة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ُ‬

‫وﻗﻴﻤﻬﺎ‬ ‫واﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺼـــــﺒﺢ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﻀـــــﻄﻬﺪة ﺑﻜﻞ ﺟﻬﻮدﻫﺎ َ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪61‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻔﺴﺎد ﰲ اﻷرض‪:‬‬ ‫ﻟﻠﻔﺴﺎد اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﺣﺬر ﻣﻨﻪ أﺷﻜﺎل وﻣﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ﻛﺜﻴـــــﺮة ﰲ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬دﻋﻮات ﻗﻮم ﻟﻮط إﻟــــــﻰ اﻟﺠﻨﺲ‬ ‫اﻟﻤﺜﻠﻲ وﺧﺪاﺋﻊ ﻗﻮم ﺷــــــﻌﻴﺐ ﰲ ﺗﻄﻔﻴﻔﻬﻢ اﻟﻜﻴﻞ واﻟﻤﻴﺰان‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺮآن‬ ‫ﻳﻌﺘﱪ أن ﻋﻤﻞ ﻗﻮم ﻟﻮط ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻹﻓﺴــﺎد ﰲ اﻷرض‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ‬ ‫اﻟﺸﺎﺋﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻷﻣﺮاض اﻟﻔﺘﺎﻛﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن‬ ‫ﺳﺒﺒ ﰲ ﲥﺪﻳﺪ اﻟﻨﺴــﻞ واﺳﺘﻤﺮار اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﺸـــﺮي‪ ،‬وأﻣﺎ ﰲ ﻋﺼـــﺮﻧﺎ‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺈن ﻣﺸـــــــــــــﻜﻠﺔ اﻟﺰواج اﻟﻤﺜﻞ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ إﺣﺪى أﺧﻄﺮ‬ ‫ﻣﻬﺪدات اﻻﺳﺘﻤﺮار اﻹﻧﺴﺎﲏ ﰲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻀــــــــﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم‪ ،‬وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺈن‬ ‫ً‬ ‫ﺟﺎﻫﺪا أن ﻳﻘﻨﻦ ﻫﺬا اﻟﺸــﺬوذ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻇﺎﻫﺮة إﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ‬ ‫اﻟﻐﺮب ﻳﺤﺎول‬ ‫ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ...‬وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺼــــــﻨﻔﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻧﻤﺎذج اﻹﻓﺴـــــــﺎد‬ ‫اﻟﺒﺸﺮي ﰲ اﻷرض‪ ،‬ﻟﻤﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ دﻣﺎر ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﺗﻔﻜﻴﻚ‬ ‫ﻟﺒﻨﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﻣﻦ ﻧﻤﺎذج اﻹﻓﺴﺎد ﰲ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻐﺒﻦ‬ ‫واﻟﺘﺪﻟﻴﺲ واﻟﻐﺶ واﻟﺴـــــﺮﻗﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﻊ‪ ،‬وﻋﺪم اﻟﺼــــــﺪق ﰲ اﻟﻌﻘﻮد‪،‬‬ ‫وﻏﻴﺎب اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﻮاق‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺸــﻊ واﻟﻈﻠﻢ واﻻﻋﺘﺪاء‬ ‫وﻓﻘﺪان اﻷﻣﻦ وﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻴﻦ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ زﻋﺰﻋﺔ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﲥﺪﻳﺪ أﻣﻨﻪ واﺳﺘﻘﺮاره‪.‬‬ ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺣﺎﺟﺎت رﺋﻴﺴﺔ وﺣﻘﻮﻗ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ‬

‫أﺳﻴﺮة ﻣﺎ ﻳﻀـــﻔﻴﻪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ وﻓﻠﺴـــﻔﺎت ﻓﺎﺳﺪة‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫َ‬ ‫ﺗﺘﺤﻮل ﻧﺰوات اﻟﺤﺎﻛﻢ إﻟﻰ ﻗﻮاﻧﻴﻦ وﺗﺸﺮﻳﻌﺎت‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ :‬‬ ‫﴿ﻗﺎل‬ ‫ﺳﺒﻴﻞ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ َ ْ ُ‬ ‫اﻟﺮﺷﺎد﴾ )ﻏﺎﻓـــﺮ‪:‬‬ ‫أرﻳﻜﻢ ِ ﱠإﻻ َﻣﺎ َ َ ٰ‬ ‫أﻫﺪﻳﻜﻢ ِ ﱠإﻻ َ ِ َ ﱠ‬ ‫وﻣﺎ َ ْ ُ ْ‬ ‫أرى َ َ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َﻣﺎ ُ ِ ُ ْ‬ ‫ﻓﺮﻋﻮن َﻋَﻼ ِﻓﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫اﻷرض َ َ َ َ‬ ‫﴿إن ِ ْ َ ْ َ‬ ‫‪ ،(٢٩‬وﻗﺎل ﺳــــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫وﺟﻌﻞ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫أﻫﻠﻬﺎ ِﺷﻴﻌﺎ َ ْ ِ‬ ‫ﻒ َ َِ ً‬ ‫ﻧﺴﺎءﻫﻢ‬ ‫ﻳﺴﺘﻀﻌ ُ‬ ‫َﺎءﻫﻢ َ َ ْ ْ‬ ‫ْﻬﻢ ُ َ ﱢ ُ‬ ‫ﻃﺎﺋﻔﺔ ﱢﻣﻨ ُ ْ‬ ‫ََْ​َ ًَ َْ‬ ‫ﻳﺬﺑﺢ َ ْأﺑﻨ َ ُ ْ‬ ‫وﻳﺴﺘﺤﻴــﻲ َ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﺎن ِﻣﻦ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﺷﻴﻌ ﺟﻤﻊ ﺷﻴﻌﺔ‪ ،‬وﻫﻲ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ﴾ )اﻟﻘﺼــــــﺺ‪َ ،(٤ :‬‬ ‫َ‬ ‫ِﱠ ُ‬ ‫إﻧﻪ َ َ َ ُ‬ ‫اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ اﻣﺘﻴﺎزاﲥﺎ اﻟﺨﺎﺻـــــــﺔ وﺷــــــــﻜﻞ ﺣﻴﺎﲥﺎ اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻋﻦ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺸﻬﻮدا‪.‬‬ ‫‪ .١‬أن اﻹﺳﻼم ﻋﻨﻰ ﺑﻌﻤﺎرة اﻷرض ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﻮن ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأوﻻﻫﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣ‬ ‫ﻣﻘﺼـــــﺪﻫﺎ اﻷﻛﱪ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻳﺸـــــﻤﻞ اﻟﺼـــــﻼح واﻟﺨﻴﺮ ﰲ ﻛﻼ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺎدي ﻣﻨﻬﻤﺎ‬ ‫اﻟﻌﻤﺮان ﻣﻘﺼــــﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﱪى‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .٢‬أن ُ‬ ‫واﻟﻤﻌﻨﻮي‪.‬‬

‫اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ووﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻘـﺮآن ﻓﺈن اﻟﻤﻔـﺮوض‬ ‫ﰲ ُ َﱠ‬ ‫اﻟـﻤﻤﻠﻚ ْ‬ ‫ﻳﺴـــــــــــــﻮي ﺑﻴﻦ رﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺄﺧﺬ ﻃﺒﻘﺔ أو ﺟﻤﺎﻋﺔ ﰲ‬ ‫ﱢ‬ ‫أن ُ‬

‫واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ‪.‬‬ ‫‪ .٤‬أﺳﺲ اﻟﻌﻤﺮان ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ‪ :‬اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬واﻷرض‪ ،‬ﱢ‬

‫ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﺣﻈﻮه ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﺧــــﺮى‪ ...‬وﻟﻜﻦ ﻓـــــﺮﻋﻮن ﻗﺪ ﺟﻌﻞ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻃﻮاﺋﻒ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﺘﺴـﻠﻴﻂ ﺑﻌﻀـﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﺑﻞ وزاد‬ ‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺄن ﱠ‬ ‫ﺳﺨﺮ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴـﺘﻀــﻌﻔﺔ ﻟﻠﻄﻮاﺋﻒ اﻷﻗﻮى ﻣﻨﻬﺎ‪،‬‬

‫ﱠ‬ ‫َْ‬ ‫وﻣﻜﻠﻒ ﺑﻌﻤﺎرﲥﺎ ْ‬ ‫ﺷﺮع اﷲ‪ ،‬وﻫﺬا اﻻﺳﺘﺨﻼف ﻟﻴﺲ ﺗﺸـــــﺮﻳﻔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺗﻜﻠﻴﻒ وﺗﺤﻤﻴﻞ ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﺴــــﺘﺨﻠﻒ ﰲ اﻷرض‬ ‫‪ .٥‬اﻹﻧﺴــــﺎن‬ ‫وﻓﻖ ْ‬ ‫ﺳﻴﺜﺎب إن أداﻫﺎ وﺳﻴﻌﺎﻗﺐ إن ﻓﺮط ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺷﺮﻃﺎ اﻻﺳﺘﺨﻼف واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﰲ اﻷرض ﻫﻤﺎ‪ :‬اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ ورﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﺎﻓﻊ‪.‬‬ ‫‪ْ .٦‬‬

‫وﻫﻜﺬا ﺗﺸـــــﻴﺮ اﻵﻳﺔ إﻟﻰ أن اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻤﺴـــــﺘﺒﺪة ﺗﺴـــــﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻤﺰﻳﻖ‬ ‫﴿وﺟﻌﻞ َ ْ َ ِ‬ ‫اﻟﻤﺠـﺘﻤﻊ َ َ َ َ‬ ‫ﺷﻴﻌﺎ﴾‪ ،‬ﻋـﱪ اﻟﻄﺎﺋﻔـﻴﺔ اﻟﻤﻘـﻴـﺘﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻠﻤﺢ‬ ‫أﻫﻠﻬﺎ َ ً‬ ‫َ‬

‫ﺳﺨﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻜﻮن ﱠ‬ ‫ﻛﺜﺮ ذﻛﺮه ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ِ ٌ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺑﻼ أﺟﺮ وﻻ ﺛﻤﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺴﺨﻴﺮ اﻟﺬي ُ‬ ‫‪ .٧‬اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﱠ‬ ‫ﺷﺎﺣﺬ رﺋﻴﺲ ﻻﻛﺘﺸﺎف ﻧﻮاﻣﻴﺲ اﻟﻜﻮن وﻣﻌﺮﻓﺔ‬

‫إﻟﻰ أن ﻣﻨﻬﺞ ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻈﺎﻟﻤﺔ واﻟﻤﻔﺴــــــــﺪة ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮب‬

‫ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ‪" :‬إن اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ‪.‬‬

‫ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺒﻌﻀـــــﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻲ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺴــــــﺘﺒﺪ ﻣﺤﺘﻔﻈ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻮق اﻟﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬

‫‪ .٨‬ﻫﻨﺎك ﺷﺒﻪ ﺗﻼزم ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﺼـﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴـﺎد( وﻛﻠﻤﺔ )اﻷرض( ﰲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻔﺴـﺎد اﻟﺘﻲ ﻳﺸـﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻘﺮآن ﻟﻴﺴــﺖ ﻇﺎﻫﺮة‬ ‫ﻓﺮدﻳﺔ‪ ،‬أو ﻣﺤﺪودة ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﺿﻴﻖ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﻌﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎﲏ ﺑﻐﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻟﻔﺖ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻷﻧﻈﺎر إﻟﻰ دور اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴـــﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫أرم‬ ‫اﻟﻔﺎﺳﺪة ﰲ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻧﺸــــﺮ اﻟﻔﺴـــــﺎد أﺛﻨﺎء ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫وﻋﺎد وﺛﻤﻮد وﻓﺮﻋﻮن ﰲ ﺳـﻮرة اﻟﻔﺠﺮ ﺣﻴﺚ وﺻــﻔﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺒﻼد * َ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻃﻐﻮا ِﻓــﻲ ْ ِ َ ِ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾ )اﻟﻔﺠــﺮ‪ ،(١٢-١١ :‬وﻗﺎل‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ْ َ َ َ‬ ‫ﻓﺄﻛﺜﺮوا َ‬ ‫َ​َْ‬ ‫ُ‬

‫أي ﲥﺪﻳﺪ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﺟﺎت أو ﺧﻠﻞ ﰲ ﺗﻠﺒﻴﺘﻬﺎ أو ﻛﻔﺎﻳﺘﻬﺎ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜـﺮﻳﻢ ّ‬ ‫ً‬ ‫وﺗﻌﺪﻳ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻮق‪.‬‬ ‫إﻓﺴﺎدا ﰲ اﻷرض ّ‬

‫اﻟﻔﺴـــــــــﺎد اﻟﺬي ﻳﺪﻣﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻳﻔﻘﺪﻫﺎ أﻣﻨﻬﺎ وﺳﻌﺎدﲥﺎ‪ ...‬وﻻ‬

‫واﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻐﺬاء واﻟﻜﺴﺎء واﻟﺴﻜﻦ واﻷﻣﻦ واﻟﺪواء‪ ،‬ﺟﻌﻞ‬

‫اﻟﻌﻤﺮان ﰲ ﺿﻮء آﻳﺎت اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﻮﺻﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ إﻟﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬ ‫وﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻌﺠﻠﻰ ﺣﻮل ﻣﻔﻬﻮم ُ‬

‫‪ .٣‬ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤﺮان اﻟﻤﺎدي إذا ﻟﻢ ﺗﺴﺮ ﻣﻌﻪ ﺟﻨﺒ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﺣﻀﺎرة إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﺮﺗﻜﺰ إﻟﻰ أواﻣﺮ اﷲ وﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺴـﺎن ﻗﻮم ﻣﺴـﺘﻀــﻌﻔﻴﻦ‪ُ َ :‬‬ ‫﴿ﻗﺎﻟﻮا َﻳﺎ َذا‬ ‫ْ َْ َْ ِ‬ ‫ﻣﻔﺴﺪون ِﻓـــــﻲ ْ َ ْ ِ‬ ‫ﻓﻬﻞ َ ْ َ ُ‬ ‫اﻷرض َ َ ْ‬ ‫وﻣﺄﺟﻮج ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ِ ﱠ‬ ‫ﻧﺠﻌﻞ َ َ‬ ‫ﻟﻚ‬ ‫ﻳﺄﺟﻮج َ َ ْ ُ َ‬ ‫إن َ ْ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َأن َ ْ َ َ‬ ‫َﻬﻢ َﺳﺪا﴾ )اﻟﻜﻬـــــــﻒ‪ ،(٩٤ :‬ﻧﻌﻢ إﻧﻪ‬ ‫َ ْ ً‬ ‫ﺗﺠﻌﻞ َ ْﺑﻴﻨَﻨَﺎ َ َ ْ‬ ‫وﺑﻴﻨ ُ ْ‬ ‫ﺧﺮﺟﺎ َ َ ٰ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ أن ﻳﺴــــــــــﺘﻤﺮ ﻧﺤﻮ أﻫﺪاﻓﻪ ﺑﺪوﳖﺎ‪ ،‬ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ وﺗﺸﻤﻞ أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬

‫‪ .٩‬وأن ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻔﺴﺎد( ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻹﺻﻼح(‪ ،‬ﻓﻴﻔﻬﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻫﻨﺎك داﺋﻤ ﻋﻤﻠﻴﺎت وﻣﺤﺎوﻻت ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة وإﻓﺴـﺎد‬ ‫ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬وأن ﻣﻬﻤﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻫﻲ اﻹﺻﻼح ﻋﱪ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم اﻟﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻨﺎء اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻹﻋﻤﺎر اﻟﺤﻀﺎري‪.‬‬ ‫‪ .١٠‬أﺣﺪ أﺑﺮز أﺳﺒﺎب ﻓﺴﺎد اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪة‪ ،‬وﻧﻤﺎذﺟﻬﻢ ﰲ اﻹﻓﺴﺎد ﻛﺜﻴﺮة ﻗﺪﻳﻤ وﺣﺪﻳﺜ ‪ ،‬واﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻄﻐﺎة ُ ّ‬ ‫واﻟﺤﻜﺎم‬ ‫َ‬ ‫وﻋﻤﺮاﻧﻪ واﺳﺘﻘﺮاره‪.‬‬ ‫اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻌﺎدة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ُ‬ ‫وآﺧﺮ دﻋﻮاﻧﺎ أن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ أن ﺗﻌﻴﺶ ﲠﻨﺎء إﻻ إذا ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻟﻘﻀـــﺎء‬ ‫وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻄﺮح اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﻀـﻴﺔ ﻓﺮﻋﻮن وﻫﺎﻣﺎن ﻧﻤﻮذﺟ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺑﺆر اﻟﻔﺴـــــــــﺎد واﻟﻈﻠﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ أو ﺑﻨﺎء ﺳﺪ‬

‫ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪة اﻟﺘﻲ أﻓﺴـﺪت ﰲ اﻷرض‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ أﺟﻬﺰة‬

‫ﻳﺤﻮل ﺑـــﻴﻦ ﻇﻠﻤﻬﻢ وﺑـــﻴــــﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻫﻮ‬

‫وﻣﻘﺪراﲥﺎ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﺨﺺ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻻ اﻟﺸـــــــــــــﻌﺐ‬ ‫اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ﱠ‬

‫وﻋﻤﺮاﻧﻪ واﺳﺘﻘﺮاره وازدﻫﺎره‪.‬‬ ‫اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﺳﻌﺎدة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ُ‬

‫وﻗﻴﻤﻬﺎ‬ ‫واﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺼـــــﺒﺢ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﻀـــــﻄﻬﺪة ﺑﻜﻞ ﺟﻬﻮدﻫﺎ َ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪48‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪61‬‬ ‫‪ 49‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‪:‬‬

‫‪ -٢١‬اﺑﻦ ﻓﺎرس‪ ،‬أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻣﻌﺠﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎرون‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪١٣٩٩ ،‬ﻫـ‪١٩٧٩ ،‬م‪.‬‬

‫اﻟﻜﺘﺐ‪:‬‬

‫‪ -٢٢‬اﻟﻔﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋﻼل )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٣٩٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــــــــــــﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻣﻜﺎرﻣﻬﺎ‪ ،‬دار اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴـــــــــــــﺔ‪١٩٩٣ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -١‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬رﺣـﻠﺔ اﻟﺒـﺤﺚ ﻋﻦ اﻟــﺬات وأﺻــﻮل اﻟﻌﻤــﺎرة ﰱ اﻹﺳــﻼم‪) -‬اﻟﻨﺸــــــــــــــــــﺄة ‪ -‬اﻟﻌﻘﻴﺪة ‪ -‬اﻟﻤﻨﻬﺞ ‪ -‬اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ( )ﺳﻴﺮة ذاﺗﻴﺔ(‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٩-‬م‪.‬‬

‫‪ -٢٣‬اﻟﻔﺮاﻫﻴﺪي‪ ،‬اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٧٠ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬د ﻣﻬﺪي اﻟﻤﺨﺰوﻣﻲ‪ ،‬د إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ‪ ،‬دار وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻬﻼل‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ -٢‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴـــــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ‪ .‬اﻟﻤﻔﺮدات ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﻔﻮان ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺪاودي‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ اﻟﺪار اﻟﺸــــــــﺎﻣﻴﺔ‪.١٤١٢ ،‬‬ ‫‪ -٣‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴـــــــــــــــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٥٠٢‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺬرﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺎرم اﻟﺸـــــــــــــــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺑﻮ اﻟﻴﺰﻳﺪ أﺑﻮ زﻳﺪ اﻟﻌﺠﻤﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪،‬‬

‫‪ -٢٤‬اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٦٧١‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ اﻟﱪدوﲏ وﻏﻴﺮه‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪،‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪١٣٨٤ ،‬ﻫـ‪١٩٦٤ ،‬م‪.‬‬

‫دار اﻟﺴﻼم ‪٢٠٠٧ ، ١٤٢٨ -‬م‪.‬‬

‫‪ -٢٥‬ﻗﻄﺐ‪ ،‬ﺳﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٩٦٦‬م(‪ ،‬ﰲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن‪ ،‬دار اﻟﺸﺮوق‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﻼﺛﻮن‪١٤٢٣ ،‬ﻫـ‪٢٠٠٣ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٤‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٥٦‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻤﺴﻨﺪ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮ ﻣﻦ أﻣﻮر رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﺳﻨﻨﻪ وأﻳﺎﻣﻪ )ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري(‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ‬

‫‪ -٢٦‬اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٥١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻔﺘﺎح دار اﻟﺴـــــﻌﺎدة وﻣﻨﺸــــــﻮر وﻻﻳﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻹرادة‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫زﻫﻴﺮ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ‪ ،‬دار ﻃﻮق اﻟﻨﺠﺎة‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪١٤٢٢‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢٧‬اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧٧٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴــﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴــﻴﻦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸـــﻮرات‬

‫‪ -٥‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ‪ ،‬اﻷدب اﻟﻤﻔﺮد‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺳﻤﻴﺮ ﺑﻦ أﻣﻴﻦ اﻟﺰﻫﻴﺮي‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﻟﺮﻳﺎض‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٨ ،‬م‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻴﻀﻮن‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٦‬اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ‪ ،‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬ﻧﻈﻢ اﻟﺪرر ﰲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻵﻳﺎت واﻟﺴﻮر‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬ ‫‪ -٧‬اﻟﺒﻴﻀـــــــﺎوي‪ ،‬ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪ ٦٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬أﻧﻮار اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ وأﺳﺮار اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺮﻋﺸــــــــﻠﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪،‬‬

‫‪ -٢٨‬اﻟﻤﺮاﻏﻲ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺼــﻄﻔﻰ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٣٧١‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴــﻴﺮ اﻟﻤﺮاﻏﻲ‪ ،‬ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ وﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺼـــﻄﻔﻰ اﻟﺒﺎﺑﻰ اﻟﺤﻠﺒﻲ وأوﻻده ﺑﻤﺼـــﺮ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ‬ ‫اﻷوﻟﻰ‪١٣٦٥ ،‬ﻫـ‪١٩٤٦ ،‬م‪.‬‬

‫ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪١٤١٨‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -٨‬اﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٧٩ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﺳﻨﻦ اﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ وﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﺎﺑﻲ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺮ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ١٣٩٥ ،‬ﻫـ‪١٩٧٥ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٢٩‬ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎج أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻘﺸﻴﺮي اﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮري )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٦١ :‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﻤﺴـﻨﺪ اﻟﺼـﺤﻴﺢ اﻟﻤﺨﺘﺼـﺮ ﺑﻨﻘﻞ اﻟﻌﺪل ﻋﻦ اﻟﻌﺪل إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ‬ ‫‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ -٩‬اﻟﺠﺎﺑﺮي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٢٠١٠‬م(‪ ،‬ﻓﻜﺮ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون اﻟﻌﺼـــــــــــــــــــــﺒﻴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺧﻠﺪوﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺎت اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬

‫‪ -٣٠‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧١١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤١٤ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ‪١٩٩٤‬م‪.‬‬

‫‪ -٣١‬اﻟﻨﻌﻤﺎﲏ‪ ،‬ﻋﻤــــــﺮ ﺑﻦ ﻋﻠــــــﻲ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٧٥‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﻠﺒﺎب ﰲ ﻋﻠﻮم اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﺎدل أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻮﺟﻮد وﻏﻴـــــــﺮه‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪،‬‬

‫‪ -١٠‬اﻟﺠﺼﺎص‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٣٧٠‬ﻫـ(‪ ،‬أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎدق اﻟﻘﻤﺤﺎوي‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪١٤٠٥ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٨ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -١١‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٤١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﺴـــــــﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺆوط وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴــــــــﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢١ ،‬ﻫـ‪٢٠٠١ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٣٢‬اﻟﻨﻮوي‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺷﺮف )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪ ٦٧٦‬ﻫـ(‪ ،‬روﺿﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ وﻋﻤﺪة اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬زﻫﻴﺮ اﻟﺸــــــــــــــــﺎوﻳﺶ‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻴﺮوت‪،‬‬

‫‪ -١٢‬ﺣﻮى‪ ،‬ﺳﻌﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٤٠٩‬ﻫـ(‪ ،‬اﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬دار اﻟﺴﻼم‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ‪١٤٢٤‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤١٢ ،‬ﻫـ‪١٩٩١ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -١٣‬أﺑﻮﺣﻴﺎن‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٤٥‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﺪﻗﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﻴﻞ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ١٤٢٠ ،‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -١٤‬اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٠٨‬ﻫـ(‪ ،‬دﻳﻮان اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﱪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب واﻟﱪﺑﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺸــــــــــــﺄن اﻷﻛﱪ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ‬

‫‪ -٣٣‬وزﻳﺮي‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬اﻟﻌﻤﺮان واﻟﺒﻨﻴﺎن ﰲ ﻣﻨﻈﻮر اﻹﺳﻼم‪ ،‬دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ‪ ،‬وزارة اﻷوﻗﺎف واﻟﺸﺆون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪٢٠٠٨ ،‬م‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪:‬‬

‫ﺷﺤﺎدة‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪١٤٠٨ ،‬ﻫـ‪١٩٨٨ ،‬م‪.‬‬ ‫‪ -١٥‬اﻟﺮازي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﻔﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ)اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٦٠٦‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻐﻴﺐ )اﻟﺘﻔﺴــــــــــــــــﻴﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ(‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤٢٠ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -١‬اﻟﺒﻮزي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻘﻮى واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀﺎري ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ ﻣﻮﻗﻊ اﻷﻟﻮﻛﺔ اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺿﺎﻓﺔ‪٣٠/٦/٢٠٠٩ :‬‬ ‫ﻣﻴﻼدي ‪ ٧/٧/١٤٣٠ -‬ﻫﺠﺮي‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -١٦‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٣١٠‬ﻫـ(‪ ،‬ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن ﰲ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴــــــــﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢٠ ،‬ﻫـ ‪٢٠٠٠ -‬م‪.‬‬

‫‪ons/0/6447/‬‬

‫‪ -١٧‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٣٩٣‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺴــﺪﻳﺪ وﺗﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﺴـــﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺠﻴﺪ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺘﻮﻧﺴـــﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸـــﺮ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ ‪١٩٨٤‬م‪.‬‬

‫‪ -٢‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﻺﺑﺪاع‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﺸﺮ‪-٠٨-٢٢ :‬‬ ‫‪ ،٢٠٠٩‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -١٨‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـــﻼم‪ ،‬ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٦٦٠ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼـــﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم‪ ،‬ﺗﻌﻠﻴﻖ‪ :‬ﻃﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮؤوف ﺳﻌﺪ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻷزﻫﺮﻳﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻘﺎﻫﺮة‪١٤١٤ ،‬ﻫـ ‪١٩٩١‬م‪.‬‬

‫‪h p: //www. alukah. net/publica ons_compe‬‬

‫‪h p: //www. almultaka. org/site. php?id=768&idC=1&idSC=1‬‬

‫‪ -١٩‬ﻋﻠﻲ رﺿﺎ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ رﺷﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٣٥٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﺤﻜﻴﻢ )ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎر(‪ ،‬اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب‪١٩٩٠ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٣‬اﻟﻘﺤﻄﺎﲏ‪ ،‬ﻣﺴﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺳﺆال اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮﲏ ﻟﻺﻧﺴﺎن‪ :‬رؤﻳﺔ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺠﻠﺔ اﻹﺣﻴﺎء اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺼﺎدرة‬ ‫ﻋﻦ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬ﻧﺪوات‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -٢٠‬اﻟﻌﻤﺎدي‪ ،‬أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٩٨٢‬ﻫـ(‪ ،‬إرﺷﺎد اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﻠﻴﻢ إﻟﻰ ﻣﺰاﻳﺎ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪h p: //www. alihyaa. ma/Ar cle. aspx?C=5812‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪62‬‬

‫‪ 63‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‪:‬‬

‫‪ -٢١‬اﺑﻦ ﻓﺎرس‪ ،‬أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻣﻌﺠﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎرون‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪١٣٩٩ ،‬ﻫـ‪١٩٧٩ ،‬م‪.‬‬

‫اﻟﻜﺘﺐ‪:‬‬

‫‪ -٢٢‬اﻟﻔﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋﻼل )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٣٩٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸـــــــــــــﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻣﻜﺎرﻣﻬﺎ‪ ،‬دار اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴـــــــــــــﺔ‪١٩٩٣ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -١‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬رﺣـﻠﺔ اﻟﺒـﺤﺚ ﻋﻦ اﻟــﺬات وأﺻــﻮل اﻟﻌﻤــﺎرة ﰱ اﻹﺳــﻼم‪) -‬اﻟﻨﺸــــــــــــــــــﺄة ‪ -‬اﻟﻌﻘﻴﺪة ‪ -‬اﻟﻤﻨﻬﺞ ‪ -‬اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ( )ﺳﻴﺮة ذاﺗﻴﺔ(‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٩-‬م‪.‬‬

‫‪ -٢٣‬اﻟﻔﺮاﻫﻴﺪي‪ ،‬اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٧٠ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬د ﻣﻬﺪي اﻟﻤﺨﺰوﻣﻲ‪ ،‬د إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ‪ ،‬دار وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻬﻼل‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ -٢‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴـــــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ‪ .‬اﻟﻤﻔﺮدات ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﻔﻮان ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺪاودي‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ اﻟﺪار اﻟﺸــــــــﺎﻣﻴﺔ‪.١٤١٢ ،‬‬ ‫‪ -٣‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬اﻟﺤﺴـــــــــــــــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮاﻏﺐ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٥٠٢‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺬرﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺎرم اﻟﺸـــــــــــــــــﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺑﻮ اﻟﻴﺰﻳﺪ أﺑﻮ زﻳﺪ اﻟﻌﺠﻤﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪،‬‬

‫‪ -٢٤‬اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٦٧١‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ اﻟﱪدوﲏ وﻏﻴﺮه‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪،‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪١٣٨٤ ،‬ﻫـ‪١٩٦٤ ،‬م‪.‬‬

‫دار اﻟﺴﻼم ‪٢٠٠٧ ، ١٤٢٨ -‬م‪.‬‬

‫‪ -٢٥‬ﻗﻄﺐ‪ ،‬ﺳﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٩٦٦‬م(‪ ،‬ﰲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن‪ ،‬دار اﻟﺸﺮوق‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﻼﺛﻮن‪١٤٢٣ ،‬ﻫـ‪٢٠٠٣ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٤‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٥٦‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻤﺴﻨﺪ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮ ﻣﻦ أﻣﻮر رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﺳﻨﻨﻪ وأﻳﺎﻣﻪ )ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري(‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ‬

‫‪ -٢٦‬اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٥١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻔﺘﺎح دار اﻟﺴـــــﻌﺎدة وﻣﻨﺸــــــﻮر وﻻﻳﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻹرادة‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪.‬‬

‫زﻫﻴﺮ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ‪ ،‬دار ﻃﻮق اﻟﻨﺠﺎة‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪١٤٢٢‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٢٧‬اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ‪ ،‬إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧٧٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴــﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴــﻴﻦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸـــﻮرات‬

‫‪ -٥‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ‪ ،‬اﻷدب اﻟﻤﻔﺮد‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺳﻤﻴﺮ ﺑﻦ أﻣﻴﻦ اﻟﺰﻫﻴﺮي‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﻟﺮﻳﺎض‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٨ ،‬م‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻴﻀﻮن‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -٦‬اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ‪ ،‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬ﻧﻈﻢ اﻟﺪرر ﰲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻵﻳﺎت واﻟﺴﻮر‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬ ‫‪ -٧‬اﻟﺒﻴﻀـــــــﺎوي‪ ،‬ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪ ٦٨٥‬ﻫـ(‪ ،‬أﻧﻮار اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ وأﺳﺮار اﻟﺘﺄوﻳﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺮﻋﺸــــــــﻠﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪،‬‬

‫‪ -٢٨‬اﻟﻤﺮاﻏﻲ‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺼــﻄﻔﻰ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪١٣٧١‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴــﻴﺮ اﻟﻤﺮاﻏﻲ‪ ،‬ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ وﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺼـــﻄﻔﻰ اﻟﺒﺎﺑﻰ اﻟﺤﻠﺒﻲ وأوﻻده ﺑﻤﺼـــﺮ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ‬ ‫اﻷوﻟﻰ‪١٣٦٥ ،‬ﻫـ‪١٩٤٦ ،‬م‪.‬‬

‫ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪١٤١٨‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -٨‬اﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ)اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٧٩ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﺳﻨﻦ اﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ وﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﺎﺑﻲ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺮ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ١٣٩٥ ،‬ﻫـ‪١٩٧٥ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٢٩‬ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎج أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻘﺸﻴﺮي اﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮري )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٦١ :‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﻤﺴـﻨﺪ اﻟﺼـﺤﻴﺢ اﻟﻤﺨﺘﺼـﺮ ﺑﻨﻘﻞ اﻟﻌﺪل ﻋﻦ اﻟﻌﺪل إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ‬ ‫‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ -٩‬اﻟﺠﺎﺑﺮي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٢٠١٠‬م(‪ ،‬ﻓﻜﺮ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون اﻟﻌﺼـــــــــــــــــــــﺒﻴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺧﻠﺪوﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺎت اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬

‫‪ -٣٠‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٧١١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤١٤ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ‪١٩٩٤‬م‪.‬‬

‫‪ -٣١‬اﻟﻨﻌﻤﺎﲏ‪ ،‬ﻋﻤــــــﺮ ﺑﻦ ﻋﻠــــــﻲ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٧٥‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﻠﺒﺎب ﰲ ﻋﻠﻮم اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻋﺎدل أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻮﺟﻮد وﻏﻴـــــــﺮه‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪،‬‬

‫‪ -١٠‬اﻟﺠﺼﺎص‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٣٧٠‬ﻫـ(‪ ،‬أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎدق اﻟﻘﻤﺤﺎوي‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪١٤٠٥ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ١٤١٩ ،‬ﻫـ‪١٩٩٨ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -١١‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬أﺣﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٢٤١‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﺴـــــــﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺷﻌﻴﺐ اﻷرﻧﺆوط وﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴــــــــﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢١ ،‬ﻫـ‪٢٠٠١ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٣٢‬اﻟﻨﻮوي‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺷﺮف )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪ ٦٧٦‬ﻫـ(‪ ،‬روﺿﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ وﻋﻤﺪة اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬زﻫﻴﺮ اﻟﺸــــــــــــــــﺎوﻳﺶ‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻴﺮوت‪،‬‬

‫‪ -١٢‬ﺣﻮى‪ ،‬ﺳﻌﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٤٠٩‬ﻫـ(‪ ،‬اﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬دار اﻟﺴﻼم‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ‪١٤٢٤‬ﻫـ‪.‬‬

‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤١٢ ،‬ﻫـ‪١٩٩١ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -١٣‬أﺑﻮﺣﻴﺎن‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٧٤٥‬ﻫـ(‪ ،‬اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺻﺪﻗﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﻴﻞ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ١٤٢٠ ،‬ﻫـ‪.‬‬ ‫‪ -١٤‬اﺑﻦ ﺧﻠﺪون‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٨٠٨‬ﻫـ(‪ ،‬دﻳﻮان اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﱪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب واﻟﱪﺑﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺸــــــــــــﺄن اﻷﻛﱪ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬ﺧﻠﻴﻞ‬

‫‪ -٣٣‬وزﻳﺮي‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬اﻟﻌﻤﺮان واﻟﺒﻨﻴﺎن ﰲ ﻣﻨﻈﻮر اﻹﺳﻼم‪ ،‬دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ‪ ،‬وزارة اﻷوﻗﺎف واﻟﺸﺆون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤١٩ ،‬ﻫـ‪٢٠٠٨ ،‬م‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪:‬‬

‫ﺷﺤﺎدة‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪١٤٠٨ ،‬ﻫـ‪١٩٨٨ ،‬م‪.‬‬ ‫‪ -١٥‬اﻟﺮازي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﻔﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ)اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٦٠٦‬ﻫـ(‪ ،‬ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻐﻴﺐ )اﻟﺘﻔﺴــــــــــــــــﻴﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ(‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪١٤٢٠ ،‬ﻫـ‪.‬‬

‫‪ -١‬اﻟﺒﻮزي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻘﻮى واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺤﻀﺎري ﰲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ ﻣﻮﻗﻊ اﻷﻟﻮﻛﺔ اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺿﺎﻓﺔ‪٣٠/٦/٢٠٠٩ :‬‬ ‫ﻣﻴﻼدي ‪ ٧/٧/١٤٣٠ -‬ﻫﺠﺮي‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -١٦‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٣١٠‬ﻫـ(‪ ،‬ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن ﰲ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴﻖ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴــــــــﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪١٤٢٠ ،‬ﻫـ ‪٢٠٠٠ -‬م‪.‬‬

‫‪ons/0/6447/‬‬

‫‪ -١٧‬اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٣٩٣‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺴــﺪﻳﺪ وﺗﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﺴـــﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺠﻴﺪ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺘﻮﻧﺴـــﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸـــﺮ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ ‪١٩٨٤‬م‪.‬‬

‫‪ -٢‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻳﺤﻴﻰ‪ ،‬اﻟﻘﺮآن واﻟﻌﻤﺮان ﻗﺮاءة ﰲ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﻺﺑﺪاع‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﺸﺮ‪-٠٨-٢٢ :‬‬ ‫‪ ،٢٠٠٩‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -١٨‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴـــﻼم‪ ،‬ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪٦٦٠ :‬ﻫـ(‪ ،‬ﻗﻮاﻋﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ﻣﺼـــﺎﻟﺢ اﻷﻧﺎم‪ ،‬ﺗﻌﻠﻴﻖ‪ :‬ﻃﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮؤوف ﺳﻌﺪ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻷزﻫﺮﻳﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻘﺎﻫﺮة‪١٤١٤ ،‬ﻫـ ‪١٩٩١‬م‪.‬‬

‫‪h p: //www. alukah. net/publica ons_compe‬‬

‫‪h p: //www. almultaka. org/site. php?id=768&idC=1&idSC=1‬‬

‫‪ -١٩‬ﻋﻠﻲ رﺿﺎ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ رﺷﻴﺪ )اﻟﻤﺘﻮﰱ‪١٣٥٤‬ﻫـ(‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﺤﻜﻴﻢ )ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎر(‪ ،‬اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب‪١٩٩٠ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -٣‬اﻟﻘﺤﻄﺎﲏ‪ ،‬ﻣﺴﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺳﺆال اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ اﻟﻜﻮﲏ ﻟﻺﻧﺴﺎن‪ :‬رؤﻳﺔ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻨﺸﻮر ﰲ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺠﻠﺔ اﻹﺣﻴﺎء اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺼﺎدرة‬ ‫ﻋﻦ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬ﻧﺪوات‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -٢٠‬اﻟﻌﻤﺎدي‪ ،‬أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد )اﻟﻤﺘﻮﰱ ‪٩٨٢‬ﻫـ(‪ ،‬إرﺷﺎد اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﻠﻴﻢ إﻟﻰ ﻣﺰاﻳﺎ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬دار إﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪h p: //www. alihyaa. ma/Ar cle. aspx?C=5812‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪62‬‬

‫‪ 63‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﺻ ﺕ ﻄ ا ﻋﺔ ﺓ ا ﻈﺊﻌﻏﺋ‬ ‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ )ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ(‬

‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻌﺸﺮ ْ َ ْ َ ِ‬ ‫اﻷﻧﺼﺎر َ َ َ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس ﭬ َ َ َ‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻲ َ َ‬ ‫ﱠﺒﻲ ﷺ ْ َ َ َ َ‬ ‫ﺗﻜﻠﻤـــــــﻮا‬ ‫وﻣﻌﻪ ْ َ ﱠ ُ‬ ‫رﺳــــــﻮل اﷲ ﷺ‪َ :‬‬ ‫ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ َ َ َ ُ‬ ‫اﻷﻧﺼﺎر َ َ ﱠ ُ‬ ‫»ﻳﺎ َ ْ َ َ‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ُ‬ ‫اﻟﻌﻘﺒﺔ ‪ْ ُ َ َ َ ,‬‬ ‫ﺟﺎءت ْ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻟﻤﺎ َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪ َ :‬ﱠ‬ ‫وﻋﺪﻫﻢ اﻟﻨ ﱡ‬ ‫َﻋﻦ ﱠ ْ ﱢ‬ ‫ﻓﻘﺎل ﷺ‪ِ ُ ِ َ ْ َ :‬‬ ‫ﻷﺻﺤﺎﺑﻚ ‪َ َ َ ,‬‬ ‫ﻋﻴﻮﻧ « َ َ َ‬ ‫ﻟﺮﺑــــــﻲ َ ْ‬ ‫َﻔﺴﻚ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﻟﺮﺑﻚ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫زرارة ﭬ‪ْ ِ َ ْ :‬‬ ‫وأوﺟﺰوا َ ِ ﱠ‬ ‫واﺷﺘﺮط ِ َ ْ َ ِ َ‬ ‫واﺷﺘﺮط ﻟ ِﻨ ْ ِ َ‬ ‫اﺷﺘﺮط ِ َ ﱢ َ‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ُأﺑﻮ ُ َ َ َ‬ ‫أن‬ ‫ﺑﻦ ُ َ َ َ‬ ‫أﻣﺎﻣﺔ َ ْ َ ُ‬ ‫َ​َْ ُِ‬ ‫أﺳﻌﺪ ْ ُ‬ ‫ﻋﻠﻴﻨَﺎ ُ ُ‬ ‫ﻓﺈن َ َ ْ‬ ‫»أﺷﺘﺮط َ ﱢ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َﻌﻮﻧــﻲ ِﻣﻤﺎ َﺗﻤﻨ َ ِ‬ ‫أن َﺗﻤﻨ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وﻻ ُ ْ ِ ُ ِ‬ ‫أﻧﻔﺴﻜﻢ ‪ِ َ ْ َ ِ َ ,‬‬ ‫ﻟﻢ َ ْ ُ ِ‬ ‫ﺗﻌﺒﺪوه َ َ‬ ‫ﺧﻄﺐ ُ ْ َ ً‬ ‫ﻳﺨﻄﺐ‬ ‫ﺛﻢ َ َ َ‬ ‫وﻷﺻﺤﺎﺑـــﻲ ْ ُ َ َ‬ ‫ﱠ ْ ُ‬ ‫ﺷﻴﺌ ‪َ ,‬وﻟﻨ َْﻔﺴــﻲ َ ْ ْ ُ‬ ‫ﺗﺸﺮﻛﻮا ِﺑﻪ َ ْ‬ ‫َُْ​ُ ُ‬ ‫ﺧﻄﺒﺔ َ ْ‬ ‫أﻳﺪﻳﻜﻢ« ُ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺴﺎواة ﻓـــﻲ َذات َ ْ ُ ْ‬ ‫َﻌﻮن ﻣﻨ ُْﻪ َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫اﻟﺸﻴﺐ ُ ْ ً ِ‬ ‫اﺑﺴﻂ َ َ َ‬ ‫ﻓﺄﻧﺎ َ ﱠ ُ‬ ‫»اﻟﺠﻨ ُﱠﺔ«‪َ َ ،‬‬ ‫ﻓﻤﺎ َﻟﻨَﺎ َ َ‬ ‫ﻣﺜﻠﻬﺎ َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪ْ ُ ْ :‬‬ ‫اﻟﻤﺮد َ َ‬ ‫ﻣﻦ َ ِ ُ َ‬ ‫ﺑﺎﻳﻌﻚ ‪.‬‬ ‫ﻳﺪك َ َ َ‬ ‫أول َ ْ‬ ‫ﻗﺎل‪َ ْ :‬‬ ‫ﺧﻄﺒﺔ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وﻻ ﱢ ُ‬ ‫ُْْ ُ‬ ‫ﻗﺎل‪َ َ :‬‬

‫وﻫﻨﺎ وﻗﻔﺔ أﺧﺮى ﻣﻊ ﻣﻮﻋﻮد اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻷﻧﺼـــﺎره‪ ،‬إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪﻫﻢ ﺑﺸــــﻲء ﻣﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﺰﲥﺎ وإﻧﻤﺎ وﻋﺪﻫﻢ دار رﺿﻰ اﷲ »اﻟﺠﻨﺔ« وﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﱢﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺸـﻲء ﻣﻦ ﻓﺎﻧﻴﺎت اﻟﺤﻴﺎة ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮن ﰲ ﻧﻴﺘﻬﻢ ﺷﻲء ﻣﻦ ُﻣﺘﻊ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻠﺬاﲥﺎ‪ ،‬إﳖﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬ ‫ﻳﻤﻨ ْ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻦ أن ﻳﻮﻃﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﺟﻠﻪ‪ ...‬ﻧﻌﻢ؛ ﻟﻢ ُ َ‬

‫ﻳﻘﻮل ِ ِ ِ ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﻤﺎ ِﻓـــــﻲ ْ َ ِ‬ ‫ﺛﺎﻧﻲ ْاﺛﻨ ْ ِ‬ ‫ﻣﻌﻨَﺎ َ َ َ َ‬ ‫ﺗﺤﺰن ِ ﱠ‬ ‫ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ َﻻ َ ْ َ ْ‬ ‫اﻟﻐﺎر ِ ْ‬ ‫َﻴﻦ ِ ْ‬ ‫اﷲ ِ ْ‬ ‫ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟــــﻰ‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﺗﻨﺼﺮوه َ َ ْ‬ ‫اﷲ َ َ‬ ‫إذ َ ُ ُ َ‬ ‫ﻓﻘﺪ َ َ َ ُ‬ ‫﴿إﻻ َ ُ ُ ُ‬ ‫إذ َ ْ َ َ ُ‬ ‫إذ ُ َ‬ ‫أﺧﺮﺟﻪ ﱠ َ ُ‬ ‫ﻓﺄﻧﺰل ُ‬ ‫إن َ‬ ‫ﻧﺼﺮه ُ‬ ‫ﻛﻔﺮوا َ‬ ‫اﻟﻌﻠﻴﺎ واﷲ َ ِ ٌ ِ‬ ‫وﺟﻌﻞ َ ِ َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺳﻜﻴﻨ َ​َﺘﻪ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴﻔﻠﻰ َ ِ ُ ِ ِ‬ ‫ﺣﻜﻴﻢ﴾ اﻟﺘﻮﺑﺔ )‪.(٤٠‬‬ ‫ﻟﻢ َ َ ْ َ‬ ‫وأﻳﺪه ِ ُ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ َ َ ﱠ َ ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ﻛﻠﻤﺔ ﱠ َ‬ ‫ﻋﺰﻳﺰ َ ٌ‬ ‫ﻛﻔﺮوا ﱡ ْ َ ٰ َ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ‬ ‫ﺗﺮوﻫﺎ َ َ َ َ َ‬ ‫ﺑﺠﻨُﻮد ﱠ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﻫﻲ ْ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫وﻛﻠﻤﺔ اﷲ َ‬ ‫اﻟﻬﺠﺮة ﺑﺎﻟﻨﺴــﺒﺔ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺴــﻠﻴﻦ وأﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻟﻴﺴـــﺖ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﺪﻋﺔ أو اﻟﺮاﺣﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ أﺳﻠﻮب ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻧﺸـــﺮ اﻟﺪﻋﻮة‪ ،‬وﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ‬

‫اﻟﺴـﻤﺎوﻳﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺗﺮﺑﻲ أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ وﺑﺮﺳﻮﻟﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﻴﻚ ﺑﺎﻧﺘﺼـﺎر أو ﺑﻤﺎل أو ﺑﺠﺎه‪ ،‬ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻲ أﻣﻮر ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﺄﰐ أو ﻻ ﺗﺄﰐ‪ ،‬وﻣﻦ ﻳﺘﻔﻜﺮ‬ ‫ﻣﻜﻦ ﻟﻪ‪ ،‬وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﻀـﻰ ﻗﺒﻞ أن ُ َ ﱠ‬ ‫ﰲ ﻗﺼـﺺ أﻧﺒﻴﺎء اﷲ وﻣﺮﺳﻠﻴﻪ ﻳﺪرك ﻫﺬه اﻟﺴـﻨﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻞ ۏ ﻣﻦ ُ ﱢ‬ ‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻪ وﻟﻘﻮﻣﻪ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫إن ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺬب وﻗﺘﻞ‪ ،‬وﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻪ أﳖﻢ ﺑﻠﻐﻮا أﻣﺎﻧﺔ رﲠﻢ‪ ،‬وﻋﺎﺷــــﻮا وﻣﺎﺗﻮا ﻟﻢ ﺗﺤﺮﻓﻬﻢ اﺑﺘﻼءات اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻓﺘﻨﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﻢ‬ ‫اﷲ ﻟﻬﺎ‪ ...‬وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺻﺎدق ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﻃﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺳﻴﻀﺤﻲ وﻻ ﺛﻤﻦ إﻻ اﻟﺠﻨﺔ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻐﻲ اﻟﺒﺎﻏﻴﻦ وﻋﺪوان اﻟﻄﻐﺎة اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻬﺠﺮة ﺳﺒﻴﻞ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻳﺮﺗﺎدون ﻓﻴﻬﺎ اﻷرض اﻟﺨﺼـــــــــﺒﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪:‬‬

‫ﺗﺤﺘﻀﻦ اﻟﺪﻋﻮة‪ ،‬وﻳﺒﺤﺜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺒﺬور اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺖ ﰲ دوﺣﺔ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ‪.‬‬

‫أوﺣﻰ اﷲ إﻟﻰ ﻧﺒﻴﻪ وأﺧﱪه ﺑﻤﺎ ﺑﻴﺖ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻴﺘﻬﻢ ﻗﺘﻠﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﷺ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻜﺎﻓﺔ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﺤﺴــــــﻴﺔ إﻣﻌﺎﻧﺎ ﰲ ﺗﻀـــــــﻠﻴﻠﻬﻢ‬ ‫ﻓﺈﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ أﺑﻮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻳﺪﻋﻮ ﻗﻮﻣﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺨﺎﻟﺺ ﻓﻴﺘﺂﻣﺮون ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻳﻜﻴﺪون ﻟﻪ‪ ،‬وﻳﺘﻌﺼــــــــﺒﻮن ﺿﺪ دﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻴﱰك ﺑﻠﺪه اﻟﺬي ﺿﺎق ﺑﻪ‪،‬‬ ‫وﻣﻮﺳﻰ ﻳﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﻋﻮن‪ ،‬وﻳﻀﺎﻳﻘﻪ ﰲ دﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺄﻣﺮه اﷲ أن ﻳﱰك ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﻴﻪ ﺗﺒﻠﻴﻎ دﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬وأن ﻳﻬﺎﺟﺮ ﺑﻘﻮﻣﻪ إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻋﺒﺎدة‬ ‫رﺑﻪ وأداء رﺳﺎﻟﺘﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﻀــــــــﺖ ﺳﻨﺔ اﷲ ﰲ ﻋﺒﺎده اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﺼــــــــﺎدﻗﻴﻦ أن ﻳﺒﺘﻠﻮا ﺣﺘﻰ ﻳﱰﻛﻮا أﻫﻠﻴﻬﻢ وأرزاﻗﻬﻢ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ ووﻇﺎﺋﻔﻬﻢ وﻳﻬﺎﺟﺮوا‬ ‫ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ اﺗﺒﺎﻋ ﻟﻨﺒﻴﻬﻢ ﷺ‪.‬‬

‫وإﺧﻔﺎء أﻣﺮه‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻔﻄﻨﻮا ﻟﺨﺮوﺟﻪ ﻓﻴﺘﺒﻌﻮه‪ ،‬وﻳﻔﺴـــــــــــــــﺪوا ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻄﺘﻪ‪ ،‬ﻋﻨﺪﺋﺬ أﻣﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭬ أن ﻳﻨﺎم ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ ،‬وأن ﻳﺘﻐﻄﻰ ﺑﱪده‬ ‫اﻟﺤﻀﺮﻣﻲ اﻷﺧﻀﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻣﺘﺜﻞ ﻋﻠﻲ ﻷﻣﺮه‪ ،‬وﻧﺎم ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻀﺤﻴﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻔﺪي ﲠﺎ رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﺿﺮب ﻋﻠﻲ ﺑﺬﻟﻚ أروع أﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء‪.‬‬ ‫وﺧﺮج رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮم وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻜﺎﳖﻢ وﻣﺎ ﺟﺎؤوا ﻣﻦ أﺟﻠﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﺧﺮج وﻛﻠﻪ ﺛﻘﺔ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ‪ ،‬وﻓﺘﺢ ﺑﺎب ﺑﻴﺘﻪ ﻟﻴﺠﺪ ﻓﺘﻴﺎن ﻗﺮﻳﺶ‬ ‫ﻳﻐﻄﻮن ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ‪.‬‬

‫إن ذﻛﺮى اﻟﻬﺠﺮة ﺣﺪث ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻣﺮة وإن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪروس واﻟﻌﱪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻓﻬﻤﻨﺎه وﻋﻤﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﻟﺘﻐﻴﺮ ﻣﺴـﺎر ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻟﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺸــﻮاﺋﻴﺔ‬ ‫واﻟﻀﻴﺎع واﻟﻴﺄس اﻟﺬي ﻳﻀﺮب ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮﺗﺎﺑﺔ واﻟﻌﻤﻞ واﻷﻣﻞ‪...‬‬ ‫وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺮاﻓﻖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ وﻧﻘﻒ ﻣﻌﻬﺎ وﻗﻔﺎت ﻋﺪﻳﺪة؛ ﻋﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺪروس واﻟﻌﱪ ﻓﺘﻜﻮن ﺗﺮﻳﺎﻗﺎ ﻵﻻﻣﻨﺎ وﺷﻔﺎء ﻷﻣﺮاﺿﻨﺎ‪...‬‬

‫ﻧﻌﻢ؛ إﳖﺎ إﺣﺪى ﻣﻌﺠﺰات رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪ ،‬ﻟﻘﺪ أﺧﺬ اﷲ أﺑﺼﺎرﻫﻢ‪ ،‬وﺿﺮب ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﲠﻢ ﺣﺘﻰ ﺧﺮج ﻋﻠﻴﻬﻢ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻓﻠﻢ ﻳﺮوه‪.‬‬ ‫وﻫﻨﺎ وﻗﻔﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ أن ﻧﺼـــــــــﺮ اﷲ وﺗﺄﻳﻴﺪه ﻟﻌﺒﺎده اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺄﰐ ﺑﻌﺪ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب واﻻﺣﺘﻴﺎط ﻟﻸﻣﻮر‪ ،‬وﻻ ﻳﺄﰐ ﻟﻠﻤﺘﻮاﻛﻠﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ‬ ‫ﻳﺤﱰﻣﻮن ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﷲ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻲ اﻷﺧﺬ ﺑﻜﺎﻓﺔ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺤﺴﻴﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺼﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻛﻞ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ‪ ...‬وﻻ ﻳﻜﻔﻲ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻷﺧﺬ‬ ‫ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻊ ﺗﺮك اﻵﺧﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻷوﻟﻰ‪:‬‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪:‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺣﺲ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﺨﺬﻻن واﻟﺼـــــــــــﺪود ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أرض ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬وﻗﺪ وﺟﺪﻫﺎ ﰲ اﻷوس واﻟﺨﺰرج ﻣﻦ أﻫﻞ‬

‫ﺗﺘﻐﻴﺮ أﺣﺪاث اﻟﻘﺼـﺔ وﻳﺘﻜﺮر اﻟﺪرس ﻧﻔﺴـﻪ ﺗﻮﻛﻞْ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺑﺼـﺪق وخُذ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب ﻛﺎﻣﻠﺔ وﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﺳﻴﺠﱪ اﷲ ﻛﺴـﺮك وﻳﻨﺼــﺮك ﻋﻠﻰ ﻋﺪوك‪،‬‬

‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﻮا ﺳﺮا ﺑﻤﻜﺔ وﺗﻜﻠﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ واﻷﻧﺼـــﺎر ﺑﻤﺎ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻟﻴﻜﻮن ﻛﻞ ﻃﺮف ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺼــــﻴﺮة ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪...‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﻣﻊ درس ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺘﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ رﺳــﻮل اﷲ ﷺ وﻧﺤﻦ ﻧﺮﻗﺐ ﺧﻄﺎه ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺠﺮﺗﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ‪ ...‬ﺧﺮج اﻟﺮﺳــﻮل ﷺ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻜﺎن ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺳــﻠﻮك‬

‫وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺒﻴﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺪء ﰲ أي أﻣﺮ ﻣﻦ أﻣﻮرﻧﺎ اﻟﺸـﺨﺼـﻴﺔ‪ ،‬أو أﻣﻮر اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ أدﻋﻰ ﻟﻼﺗﻔﺎق وأﺑﻌﺪ ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻼف‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻜﻔﻲ اﻟﻌﻮاﻃﻒ وﻻ اﺗﺤﺎد‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺎﻫﺮا‬ ‫وأﺧﺬا ﺑﺄﺳــﺒﺎب اﻟﺤﺬر واﻟﻨﺠﺎة‪ ،‬ﻓﺎﺳــﺘﺄﺟﺮ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُأرﻳﻘﻂ وﻛﺎن‬ ‫ﻃﺮﻳﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻌﱰﺿـﻪ أﺣﺪ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ‪ ،‬اﺣﺘﻴﺎﻃ‬

‫اﻟﻬﺪف ﻟﻨﺘﺤﺪ‪ ،‬ﺑﻞ إن اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺒﻴﺎن وﺗﻘﺴــــــﻴﻢ اﻟﻤﻬﺎم إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ اﻹﺧﻼص واﺗﺤﺎد اﻟﻬﺪف ﻫﻮ اﻟﻜﻔﻴﻞ ﺑﻨﺠﺎح ﻣﺸــــــﺎرﻳﻌﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ‬

‫ﻳﻌﺮف اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻴﺪة‪ ،‬وﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺸﺮﻛ ‪ ،‬وﻣﻊ َ‬ ‫ذﻟﻚ اﺋﺘﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺴﺮ اﻟﺨﻄﻴﺮ‪ ،‬ووﰱ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻌﻬﺪه ﻓﻠﻢ ﻳﺨﻦ وﻟﻢ ﻳﻐﺪر‪.‬‬

‫واﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٤/١٥٠) - (١‬أﺧﺒﺎر ﻣﻜﺔ ﰲ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺪﻫﺮ وﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﻠﻔﺎﻛﻬﻲ‪ ،‬اﻟﻤﺤﻘﻖ‪ :‬د‪ .‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ دﻫﻴﺶ‪ ،‬اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬دار ﺧﻀﺮ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ‪ :‬اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪.١٤١٤ ،‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪64‬‬

‫‪ 65‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وﺻ ﺕ ﻄ ا ﻋﺔ ﺓ ا ﻈﺊﻌﻏﺋ‬ ‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ )ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ(‬

‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻌﺸﺮ ْ َ ْ َ ِ‬ ‫اﻷﻧﺼﺎر َ َ َ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎس ﭬ َ َ َ‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻲ َ َ‬ ‫ﱠﺒﻲ ﷺ ْ َ َ َ َ‬ ‫ﺗﻜﻠﻤـــــــﻮا‬ ‫وﻣﻌﻪ ْ َ ﱠ ُ‬ ‫رﺳــــــﻮل اﷲ ﷺ‪َ :‬‬ ‫ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ َ َ َ ُ‬ ‫اﻷﻧﺼﺎر َ َ ﱠ ُ‬ ‫»ﻳﺎ َ ْ َ َ‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ُ‬ ‫اﻟﻌﻘﺒﺔ ‪ْ ُ َ َ َ ,‬‬ ‫ﺟﺎءت ْ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻟﻤﺎ َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪ َ :‬ﱠ‬ ‫وﻋﺪﻫﻢ اﻟﻨ ﱡ‬ ‫َﻋﻦ ﱠ ْ ﱢ‬ ‫ﻓﻘﺎل ﷺ‪ِ ُ ِ َ ْ َ :‬‬ ‫ﻷﺻﺤﺎﺑﻚ ‪َ َ َ ,‬‬ ‫ﻋﻴﻮﻧ « َ َ َ‬ ‫ﻟﺮﺑــــــﻲ َ ْ‬ ‫َﻔﺴﻚ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﻟﺮﺑﻚ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫زرارة ﭬ‪ْ ِ َ ْ :‬‬ ‫وأوﺟﺰوا َ ِ ﱠ‬ ‫واﺷﺘﺮط ِ َ ْ َ ِ َ‬ ‫واﺷﺘﺮط ﻟ ِﻨ ْ ِ َ‬ ‫اﺷﺘﺮط ِ َ ﱢ َ‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ُأﺑﻮ ُ َ َ َ‬ ‫أن‬ ‫ﺑﻦ ُ َ َ َ‬ ‫أﻣﺎﻣﺔ َ ْ َ ُ‬ ‫َ​َْ ُِ‬ ‫أﺳﻌﺪ ْ ُ‬ ‫ﻋﻠﻴﻨَﺎ ُ ُ‬ ‫ﻓﺈن َ َ ْ‬ ‫»أﺷﺘﺮط َ ﱢ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َﻌﻮﻧــﻲ ِﻣﻤﺎ َﺗﻤﻨ َ ِ‬ ‫أن َﺗﻤﻨ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وﻻ ُ ْ ِ ُ ِ‬ ‫أﻧﻔﺴﻜﻢ ‪ِ َ ْ َ ِ َ ,‬‬ ‫ﻟﻢ َ ْ ُ ِ‬ ‫ﺗﻌﺒﺪوه َ َ‬ ‫ﺧﻄﺐ ُ ْ َ ً‬ ‫ﻳﺨﻄﺐ‬ ‫ﺛﻢ َ َ َ‬ ‫وﻷﺻﺤﺎﺑـــﻲ ْ ُ َ َ‬ ‫ﱠ ْ ُ‬ ‫ﺷﻴﺌ ‪َ ,‬وﻟﻨ َْﻔﺴــﻲ َ ْ ْ ُ‬ ‫ﺗﺸﺮﻛﻮا ِﺑﻪ َ ْ‬ ‫َُْ​ُ ُ‬ ‫ﺧﻄﺒﺔ َ ْ‬ ‫أﻳﺪﻳﻜﻢ« ُ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺴﺎواة ﻓـــﻲ َذات َ ْ ُ ْ‬ ‫َﻌﻮن ﻣﻨ ُْﻪ َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫اﻟﺸﻴﺐ ُ ْ ً ِ‬ ‫اﺑﺴﻂ َ َ َ‬ ‫ﻓﺄﻧﺎ َ ﱠ ُ‬ ‫»اﻟﺠﻨ ُﱠﺔ«‪َ َ ،‬‬ ‫ﻓﻤﺎ َﻟﻨَﺎ َ َ‬ ‫ﻣﺜﻠﻬﺎ َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪ْ ُ ْ :‬‬ ‫اﻟﻤﺮد َ َ‬ ‫ﻣﻦ َ ِ ُ َ‬ ‫ﺑﺎﻳﻌﻚ ‪.‬‬ ‫ﻳﺪك َ َ َ‬ ‫أول َ ْ‬ ‫ﻗﺎل‪َ ْ :‬‬ ‫ﺧﻄﺒﺔ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وﻻ ﱢ ُ‬ ‫ُْْ ُ‬ ‫ﻗﺎل‪َ َ :‬‬

‫وﻫﻨﺎ وﻗﻔﺔ أﺧﺮى ﻣﻊ ﻣﻮﻋﻮد اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻷﻧﺼـــﺎره‪ ،‬إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪﻫﻢ ﺑﺸــــﻲء ﻣﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﺰﲥﺎ وإﻧﻤﺎ وﻋﺪﻫﻢ دار رﺿﻰ اﷲ »اﻟﺠﻨﺔ« وﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﱢﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺸـﻲء ﻣﻦ ﻓﺎﻧﻴﺎت اﻟﺤﻴﺎة ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮن ﰲ ﻧﻴﺘﻬﻢ ﺷﻲء ﻣﻦ ُﻣﺘﻊ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻠﺬاﲥﺎ‪ ،‬إﳖﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬ ‫ﻳﻤﻨ ْ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻦ أن ﻳﻮﻃﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﺟﻠﻪ‪ ...‬ﻧﻌﻢ؛ ﻟﻢ ُ َ‬

‫ﻳﻘﻮل ِ ِ ِ ِ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻫﻤﺎ ِﻓـــــﻲ ْ َ ِ‬ ‫ﺛﺎﻧﻲ ْاﺛﻨ ْ ِ‬ ‫ﻣﻌﻨَﺎ َ َ َ َ‬ ‫ﺗﺤﺰن ِ ﱠ‬ ‫ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ َﻻ َ ْ َ ْ‬ ‫اﻟﻐﺎر ِ ْ‬ ‫َﻴﻦ ِ ْ‬ ‫اﷲ ِ ْ‬ ‫ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟــــﻰ‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﺗﻨﺼﺮوه َ َ ْ‬ ‫اﷲ َ َ‬ ‫إذ َ ُ ُ َ‬ ‫ﻓﻘﺪ َ َ َ ُ‬ ‫﴿إﻻ َ ُ ُ ُ‬ ‫إذ َ ْ َ َ ُ‬ ‫إذ ُ َ‬ ‫أﺧﺮﺟﻪ ﱠ َ ُ‬ ‫ﻓﺄﻧﺰل ُ‬ ‫إن َ‬ ‫ﻧﺼﺮه ُ‬ ‫ﻛﻔﺮوا َ‬ ‫اﻟﻌﻠﻴﺎ واﷲ َ ِ ٌ ِ‬ ‫وﺟﻌﻞ َ ِ َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺳﻜﻴﻨ َ​َﺘﻪ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴﻔﻠﻰ َ ِ ُ ِ ِ‬ ‫ﺣﻜﻴﻢ﴾ اﻟﺘﻮﺑﺔ )‪.(٤٠‬‬ ‫ﻟﻢ َ َ ْ َ‬ ‫وأﻳﺪه ِ ُ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ َ َ ﱠ َ ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ﻛﻠﻤﺔ ﱠ َ‬ ‫ﻋﺰﻳﺰ َ ٌ‬ ‫ﻛﻔﺮوا ﱡ ْ َ ٰ َ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ‬ ‫ﺗﺮوﻫﺎ َ َ َ َ َ‬ ‫ﺑﺠﻨُﻮد ﱠ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﻫﻲ ْ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫وﻛﻠﻤﺔ اﷲ َ‬ ‫اﻟﻬﺠﺮة ﺑﺎﻟﻨﺴــﺒﺔ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺴــﻠﻴﻦ وأﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻟﻴﺴـــﺖ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﺪﻋﺔ أو اﻟﺮاﺣﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ أﺳﻠﻮب ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻧﺸـــﺮ اﻟﺪﻋﻮة‪ ،‬وﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ‬

‫اﻟﺴـﻤﺎوﻳﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺗﺮﺑﻲ أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ وﺑﺮﺳﻮﻟﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﻴﻚ ﺑﺎﻧﺘﺼـﺎر أو ﺑﻤﺎل أو ﺑﺠﺎه‪ ،‬ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻲ أﻣﻮر ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﺄﰐ أو ﻻ ﺗﺄﰐ‪ ،‬وﻣﻦ ﻳﺘﻔﻜﺮ‬ ‫ﻣﻜﻦ ﻟﻪ‪ ،‬وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﻀـﻰ ﻗﺒﻞ أن ُ َ ﱠ‬ ‫ﰲ ﻗﺼـﺺ أﻧﺒﻴﺎء اﷲ وﻣﺮﺳﻠﻴﻪ ﻳﺪرك ﻫﺬه اﻟﺴـﻨﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻞ ۏ ﻣﻦ ُ ﱢ‬ ‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻪ وﻟﻘﻮﻣﻪ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫إن ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺬب وﻗﺘﻞ‪ ،‬وﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻪ أﳖﻢ ﺑﻠﻐﻮا أﻣﺎﻧﺔ رﲠﻢ‪ ،‬وﻋﺎﺷــــﻮا وﻣﺎﺗﻮا ﻟﻢ ﺗﺤﺮﻓﻬﻢ اﺑﺘﻼءات اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻓﺘﻨﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﻢ‬ ‫اﷲ ﻟﻬﺎ‪ ...‬وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺻﺎدق ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﻃﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺳﻴﻀﺤﻲ وﻻ ﺛﻤﻦ إﻻ اﻟﺠﻨﺔ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻐﻲ اﻟﺒﺎﻏﻴﻦ وﻋﺪوان اﻟﻄﻐﺎة اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻬﺠﺮة ﺳﺒﻴﻞ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻳﺮﺗﺎدون ﻓﻴﻬﺎ اﻷرض اﻟﺨﺼـــــــــﺒﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪:‬‬

‫ﺗﺤﺘﻀﻦ اﻟﺪﻋﻮة‪ ،‬وﻳﺒﺤﺜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺒﺬور اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺖ ﰲ دوﺣﺔ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ‪.‬‬

‫أوﺣﻰ اﷲ إﻟﻰ ﻧﺒﻴﻪ وأﺧﱪه ﺑﻤﺎ ﺑﻴﺖ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻴﺘﻬﻢ ﻗﺘﻠﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﷺ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻜﺎﻓﺔ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﺤﺴــــــﻴﺔ إﻣﻌﺎﻧﺎ ﰲ ﺗﻀـــــــﻠﻴﻠﻬﻢ‬ ‫ﻓﺈﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ أﺑﻮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻳﺪﻋﻮ ﻗﻮﻣﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺨﺎﻟﺺ ﻓﻴﺘﺂﻣﺮون ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻳﻜﻴﺪون ﻟﻪ‪ ،‬وﻳﺘﻌﺼــــــــﺒﻮن ﺿﺪ دﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻴﱰك ﺑﻠﺪه اﻟﺬي ﺿﺎق ﺑﻪ‪،‬‬ ‫وﻣﻮﺳﻰ ﻳﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﻋﻮن‪ ،‬وﻳﻀﺎﻳﻘﻪ ﰲ دﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺄﻣﺮه اﷲ أن ﻳﱰك ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﻴﻪ ﺗﺒﻠﻴﻎ دﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬وأن ﻳﻬﺎﺟﺮ ﺑﻘﻮﻣﻪ إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻋﺒﺎدة‬ ‫رﺑﻪ وأداء رﺳﺎﻟﺘﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﻀــــــــﺖ ﺳﻨﺔ اﷲ ﰲ ﻋﺒﺎده اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﺼــــــــﺎدﻗﻴﻦ أن ﻳﺒﺘﻠﻮا ﺣﺘﻰ ﻳﱰﻛﻮا أﻫﻠﻴﻬﻢ وأرزاﻗﻬﻢ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ ووﻇﺎﺋﻔﻬﻢ وﻳﻬﺎﺟﺮوا‬ ‫ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ اﺗﺒﺎﻋ ﻟﻨﺒﻴﻬﻢ ﷺ‪.‬‬

‫وإﺧﻔﺎء أﻣﺮه‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻔﻄﻨﻮا ﻟﺨﺮوﺟﻪ ﻓﻴﺘﺒﻌﻮه‪ ،‬وﻳﻔﺴـــــــــــــــﺪوا ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻄﺘﻪ‪ ،‬ﻋﻨﺪﺋﺬ أﻣﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭬ أن ﻳﻨﺎم ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ ،‬وأن ﻳﺘﻐﻄﻰ ﺑﱪده‬ ‫اﻟﺤﻀﺮﻣﻲ اﻷﺧﻀﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻣﺘﺜﻞ ﻋﻠﻲ ﻷﻣﺮه‪ ،‬وﻧﺎم ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻀﺤﻴﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻔﺪي ﲠﺎ رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﺿﺮب ﻋﻠﻲ ﺑﺬﻟﻚ أروع أﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء‪.‬‬ ‫وﺧﺮج رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮم وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻜﺎﳖﻢ وﻣﺎ ﺟﺎؤوا ﻣﻦ أﺟﻠﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﺧﺮج وﻛﻠﻪ ﺛﻘﺔ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ‪ ،‬وﻓﺘﺢ ﺑﺎب ﺑﻴﺘﻪ ﻟﻴﺠﺪ ﻓﺘﻴﺎن ﻗﺮﻳﺶ‬ ‫ﻳﻐﻄﻮن ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ‪.‬‬

‫إن ذﻛﺮى اﻟﻬﺠﺮة ﺣﺪث ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻣﺮة وإن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪروس واﻟﻌﱪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻓﻬﻤﻨﺎه وﻋﻤﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﻟﺘﻐﻴﺮ ﻣﺴـﺎر ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻟﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺸــﻮاﺋﻴﺔ‬ ‫واﻟﻀﻴﺎع واﻟﻴﺄس اﻟﺬي ﻳﻀﺮب ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮﺗﺎﺑﺔ واﻟﻌﻤﻞ واﻷﻣﻞ‪...‬‬ ‫وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺮاﻓﻖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ وﻧﻘﻒ ﻣﻌﻬﺎ وﻗﻔﺎت ﻋﺪﻳﺪة؛ ﻋﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺪروس واﻟﻌﱪ ﻓﺘﻜﻮن ﺗﺮﻳﺎﻗﺎ ﻵﻻﻣﻨﺎ وﺷﻔﺎء ﻷﻣﺮاﺿﻨﺎ‪...‬‬

‫ﻧﻌﻢ؛ إﳖﺎ إﺣﺪى ﻣﻌﺠﺰات رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪ ،‬ﻟﻘﺪ أﺧﺬ اﷲ أﺑﺼﺎرﻫﻢ‪ ،‬وﺿﺮب ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﲠﻢ ﺣﺘﻰ ﺧﺮج ﻋﻠﻴﻬﻢ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻓﻠﻢ ﻳﺮوه‪.‬‬ ‫وﻫﻨﺎ وﻗﻔﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ أن ﻧﺼـــــــــﺮ اﷲ وﺗﺄﻳﻴﺪه ﻟﻌﺒﺎده اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺄﰐ ﺑﻌﺪ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب واﻻﺣﺘﻴﺎط ﻟﻸﻣﻮر‪ ،‬وﻻ ﻳﺄﰐ ﻟﻠﻤﺘﻮاﻛﻠﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ‬ ‫ﻳﺤﱰﻣﻮن ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﷲ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻲ اﻷﺧﺬ ﺑﻜﺎﻓﺔ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺤﺴﻴﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺼﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻛﻞ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ‪ ...‬وﻻ ﻳﻜﻔﻲ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻷﺧﺬ‬ ‫ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻊ ﺗﺮك اﻵﺧﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻷوﻟﻰ‪:‬‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪:‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺣﺲ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﺨﺬﻻن واﻟﺼـــــــــــﺪود ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أرض ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬وﻗﺪ وﺟﺪﻫﺎ ﰲ اﻷوس واﻟﺨﺰرج ﻣﻦ أﻫﻞ‬

‫ﺗﺘﻐﻴﺮ أﺣﺪاث اﻟﻘﺼـﺔ وﻳﺘﻜﺮر اﻟﺪرس ﻧﻔﺴـﻪ ﺗﻮﻛﻞْ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺑﺼـﺪق وخُذ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب ﻛﺎﻣﻠﺔ وﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﺳﻴﺠﱪ اﷲ ﻛﺴـﺮك وﻳﻨﺼــﺮك ﻋﻠﻰ ﻋﺪوك‪،‬‬

‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﻮا ﺳﺮا ﺑﻤﻜﺔ وﺗﻜﻠﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ واﻷﻧﺼـــﺎر ﺑﻤﺎ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻟﻴﻜﻮن ﻛﻞ ﻃﺮف ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺼــــﻴﺮة ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪...‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﻣﻊ درس ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺘﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ رﺳــﻮل اﷲ ﷺ وﻧﺤﻦ ﻧﺮﻗﺐ ﺧﻄﺎه ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺠﺮﺗﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ‪ ...‬ﺧﺮج اﻟﺮﺳــﻮل ﷺ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻜﺎن ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺳــﻠﻮك‬

‫وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺒﻴﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺪء ﰲ أي أﻣﺮ ﻣﻦ أﻣﻮرﻧﺎ اﻟﺸـﺨﺼـﻴﺔ‪ ،‬أو أﻣﻮر اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ أدﻋﻰ ﻟﻼﺗﻔﺎق وأﺑﻌﺪ ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻼف‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻜﻔﻲ اﻟﻌﻮاﻃﻒ وﻻ اﺗﺤﺎد‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺎﻫﺮا‬ ‫وأﺧﺬا ﺑﺄﺳــﺒﺎب اﻟﺤﺬر واﻟﻨﺠﺎة‪ ،‬ﻓﺎﺳــﺘﺄﺟﺮ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُأرﻳﻘﻂ وﻛﺎن‬ ‫ﻃﺮﻳﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻌﱰﺿـﻪ أﺣﺪ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ‪ ،‬اﺣﺘﻴﺎﻃ‬

‫اﻟﻬﺪف ﻟﻨﺘﺤﺪ‪ ،‬ﺑﻞ إن اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺒﻴﺎن وﺗﻘﺴــــــﻴﻢ اﻟﻤﻬﺎم إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ اﻹﺧﻼص واﺗﺤﺎد اﻟﻬﺪف ﻫﻮ اﻟﻜﻔﻴﻞ ﺑﻨﺠﺎح ﻣﺸــــــﺎرﻳﻌﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ‬

‫ﻳﻌﺮف اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻴﺪة‪ ،‬وﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺸﺮﻛ ‪ ،‬وﻣﻊ َ‬ ‫ذﻟﻚ اﺋﺘﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺴﺮ اﻟﺨﻄﻴﺮ‪ ،‬ووﰱ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻌﻬﺪه ﻓﻠﻢ ﻳﺨﻦ وﻟﻢ ﻳﻐﺪر‪.‬‬

‫واﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٤/١٥٠) - (١‬أﺧﺒﺎر ﻣﻜﺔ ﰲ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺪﻫﺮ وﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﻠﻔﺎﻛﻬﻲ‪ ،‬اﻟﻤﺤﻘﻖ‪ :‬د‪ .‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ دﻫﻴﺶ‪ ،‬اﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬دار ﺧﻀﺮ ‪ -‬ﺑﻴﺮوت‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ‪ :‬اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪.١٤١٤ ،‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪64‬‬

‫‪ 65‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪:‬‬

‫وﻫﻨﺎ ﻧﺮى ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻌﺎن اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻤﺸــــــﺮك ﻣﺎﻫﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﺮق واﻟﺪروب واﺗﺠﺎﻫﺎﲥﺎ وﻫﺬا ﻣﻦ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب‪ ،‬إذ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ اﻹﻳﻤﺎن ﻟﺘﻌﺮف‬ ‫ﻛﻴﻒ ﺗﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺗﻚ وﺗﺒﻨﻲ دﻧﻴﺎك‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻊ اﻹﻳﻤﺎن ﻣﻦ ﻋﻠﻢ وإﺗﻘﺎن ﻷﻣﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻨﻘﻮم ﺑﻤﺎ ﻛﻠﻔﻨﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ إﻋﻤﺎر اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﺣﻜﺎم اﷲ‪.‬‬

‫وﺳﻠﻚ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﲠﻤﺎ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ إﻣﻌﺎﻧﺎ ﰲ ﺗﻀـــــﻠﻴﻞ اﻟﻤﺸـــــﺮﻛﻴﻦ‪ ،‬وﺿﻤﺎﻧﺎ ﻟﺴــــــﻼﻣﺔ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪ ،‬أﺧﺬ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﲠﻤﺎ ﻃﺮﻳﻖ‬ ‫وﻗﺪ رﺻﺪت ﻗﺮﻳﺶ ﻣﺎﺋﺔ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﰐ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ ﺣﻴ أو ﻣﻴﺘ ‪ ،‬وأﺑﺖ ﻧﻔﺲ اﺑﻦ أرﻳﻘﻂ أن ﻳﺮﺑﺢ ﻫﺬه اﻟﺠﺎﺋﺰة ﻋﻠﻰ ﺣﺴــــــــــــــﺎب رﺟﻞ اﺋﺘﻤﻨﻪ‬ ‫ورﺿﻲ ﺑﺄﺟﺮه اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻋﺮب اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻮﻓﺎء ﺧﻠﻘﺎ ﻣﻘﺪﺳﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ وﻛﺎن اﻟﻨﻜﺚ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮد واﻟﻐﺪر ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﺸـﺎن‬ ‫ﺑﻪ اﻟﺮﺟﺎل‪.‬‬

‫وﺟﺪ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻃﻠﺒﻬﻤﺎ رﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ رﺻﺪﲥﺎ ﻗﺮﻳﺶ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﰐ ﲠﻤﺎ أو ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ﺣﻴ أو ﻣﻴﺘ ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﺎﺣﻞ‪ ،‬وﺳﺎر أﻣﺎﻣﻬﻤﺎ‪ َ ،‬ﱠ‬ ‫ورﻏﻢ إﻣﻌﺎن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﰲ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ‪ ،‬ورﻏﻢ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻤﺒﺬول ﰲ اﻟﺘﺨﻔﻲ إﻻ أن ﺳﺮاﻗﺔ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ أدرك اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪:‬‬ ‫وﻫﻨﺎك ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﻣﻸت ﻗﻠﺐ ﺳـﺮاﻗﺔ ﺧﻮﻓﺎ وﻫﻠﻌﺎ وأﺧﺬت ﺑﻪ إﻟﻰ رﺣﺎب اﻹﻳﻤﺎن‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻏﺎﺻـﺖ ﻗﻮاﺋﻢ ﻓﺮﺳــﻪ ﰲ اﻟﺮﻣﺎل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة‪،‬‬ ‫ﻓﱰة ﻋﻦ أﻋﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﻳﻬﺪأ اﻟﻄﻠﺐ وﺗﻔﱰ اﻟﻬﻤﻢ ﰲ اﻗﺘﻔﺎء أﺛﺮه ﻓﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴــــــﻴﺮ وﻫﻮ آﻣﻦ‪ ،‬ﻓﺬﻫﺐ إﻟﻰ‬ ‫وﻛﺎن ﻻﺑﺪ أن ﻳﺨﺘﻔﻲ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ً‬

‫ﻓﻌﻠﻢ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻤﻨﻮع ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻓﺂﻣﻦ ﺑﻪ‪ ،‬وأﻣﺮه رﺳﻮل اﷲ ﷺ أن ﻳﺨﻔﻲ أﻣﺮه وﻻ ﻳﺨﱪ ً‬ ‫أﺣﺪا ﺑﻪ‪.‬‬

‫ﻏﺎر ﺛﻮر وﻫﻮ ﰲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺸــــﺮﻗﻴﺔ ‪ -‬ﻋﻜﺲ اﺗﺠﺎه اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻫﻲ ﰲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺸــــﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ‪ -‬ﺣﺘﻰ أﻗﺎم ﻓﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻨﺲ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ أن ﻳﺪﺑﺮ أﻣﺮ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸـــــــﺮاب واﻷﺧﺒﺎر ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻘﻀــــــــﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻐﺎر‪ ،‬ﻓﻮﻛﻞ أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ ڤ ﺑﺈﻋﺪاد اﻟﻄﻌﺎم‬ ‫واﻟﺸﺮاب ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﻴﻬﻤﺎ ﺑﻪ ﻟﻴﻼ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺮاﻫﺎ أﺣﺪ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻔﺖ اﻟﺮﺳﻮل إﻟﻰ ﺳﺮاﻗﺔ وﻗﺎل‪» :‬ﻛﻴﻒ ﺑﻚ إذا ﻟﺒﺴـﺖ ﺳﻮاري ﻛﺴـﺮى؟«‪ ،‬ﻧﻌﻢ ﻫﺬه ﻫﻲ ﺛﻤﺮة اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻳﻨﺴـﻰ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﺿﺮ وأﻟﻢ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻮﻋﻮد اﷲ ﻟﻪ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻋﻴﻨﻴﻪ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺆﻣﻦ‪ ،‬ﻳﻌﻤﻞ ﰲ أﺣﻠﻚ اﻟﻈﺮوف‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺒﺸــــﺎرة رﺳﻮل اﷲ‬

‫وﺟﻌﻞ ﻋﻠﻰ أﺧﺒﺎر اﻟﻘﻮم ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺴـﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﺪور ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻘﻮم ً‬ ‫ﳖﺎرا وﻳﻌﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺟﻦ اﻟﻠﻴﻞ أﺗﺎﻫﻤﺎ ﺑﺄﺧﺒﺎر اﻟﻨﺎس وأﻋﻠﻤﻬﻤﺎ ﺑﻤﺎ‬

‫ﷺ ﻷﻣﺘﻪ ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ واﻟﻨﺼﺮ واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﰲ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن إن ﻫﻢ أﻃﺎﻋﻮه وﻋﻤﻠﻮا ﰲ ﻛﻮﻧﻪ وﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ‪.‬‬

‫ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﺑﻪ وﻣﺎ ﻳﺪﺑﺮون‪ ،‬وﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻫﺬه اﻷﺧﺒﺎر ﻛﺎن ﻳﺨﻄﻂ ﻟﻠﺒﻘﺎء ﰲ اﻟﻐﺎر أو ﻟﻤﻐﺎدرﺗﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﷺ ﻳﺨﺸﻰ أن ﻳﺮى أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺸـﺮﻛﻴﻦ آﺛﺎر أﻗﺪام‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺒﻜﺮا ﻋﻠﻰ آﺛﺎرﻫﻤﺎ ﻓﻴﻤﺤﻮﻫﺎ‪ ،‬وﻳﺰﻳﻞ‬ ‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وأﺧﺘﻪ أﺳﻤﺎء ﻓﻴﺴﺘﺪل ﲠﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﳖﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻓﻬﻴﺮة ﻣﻮﻟﻰ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ أن ﻳﺴـﺮح ﺑﺎﻟﻐﻨﻢ‬

‫وﻳﻌﻮد ﺳﺮاﻗﺔ ﲠﺬه اﻟﺒﺸﺎرة اﻟﻄﻴﺒﺔ وﺑﻜﺘﺎب أﻣﺎن ﻛﺘﺒﻪ ﻟﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل‪ ،‬وﻳﻌﻮد ﻓﻮق ذﻟﻚ ﺑﺈﻳﻤﺎن ﻣﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻋﻨﺪه ً‬ ‫ﺧﻴﺮا ﻣﻦ أﻟﻒ ﻧﺎﻗﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺒ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻜﺎﳖﻤﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺢ اﻟﻐﻨﻢ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻟﻴﻼً ﻓﻴﺤﻠﺒﺎن ﻣﻨﻬﺎ وﻳﺸﺮﺑﺎن‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪:‬‬

‫وﻫﻨﺎ ﻳﱪز ﺑﺸـﻜﻞ واﺿﺢ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﺮدي واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻋﻤﻞ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻮاﺣﺪ وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أو ﺑﺎﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻼ‬ ‫ﺑﺪ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ وﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴـﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه ﻗﻀـﻴﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ ﻣﺸـﺮوﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﻤﻞ وﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴـﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﺸـﻞ‬

‫وﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺨﻴﻤﺔ أم ﻣﻌﺒﺪ وﻫﻲ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﺧﺰاﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ ﰲ ﺧﻴﻤﺘﻬﺎ ﺗﻄﻌﻢ وﺗﺴـﻘﻲ ﻣﻦ ﻳﻤﺮ ﲠﺎ ﻓﺴـﺄﻻﻫﺎ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻳﺸــﱰوﻧﻪ‪،‬‬

‫ردﻳﻔﻬﺎ وﻋﺎدت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺎﻟﺴﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻛﻠﻪ‪ ،‬وﻫﺬا رأﻳﻨﺎه واﺿﺤ ﰲ ﻋﻤﻞ آل أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﰲ ﻫﺠﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﺗﺤﻤﻠﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴـﺆوﻟﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‬

‫ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﻨﺪي ﻣﺎ أﻋﻮزﻛﻢ اﻟﻘﺮى! ‪ -‬أي ﻣﺎ أﺣﻮﺟﻨﺎﻛﻢ ﺑﻞ ﻛﻨﺎ ﻧﻀﻴﻔﻜﻢ ‪ -‬ورأى رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺷﺎة ﻓﻘﺎل‪» :‬ﻣﺎ ﻫﺬه اﻟﺸﺎة ﻳﺎ أم‬

‫ً‬ ‫وﻧﺴﺎء‪.‬‬ ‫رﺟﺎﻻ‬ ‫ً‬

‫ﻓﺪرت‪ ،‬وﻣﻸ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻣﻨﻬﺎ إﻧﺎء‬ ‫ﻣﻌﺒﺪ؟« ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻫﻲ ﺷﺎة ﺧﻠﻔﻬﺎ اﻟﺠﻬﺪ ﻋﻦ اﻟﻐﻨﻢ‪ .‬ﻓﺎﺳﺘﺄذن ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬وﺣﻠﺒﻬﺎ ﻓﺘﻔﺎﺟﺖ ‪ -‬أي ﺑﺎﻋﺪت ﻣﺎ ﺑﻴﻦ رﺟﻠﻴﻬﺎ ‪ -‬ﱠ‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪:‬‬

‫وﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت‪ ،‬ورﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﻫﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻘﺪ وﺻﻞ اﻟﻘﻮم إﻟﻰ اﻟﻐﺎر‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳـﻮل وﺻـﺎﺣﺒﻪ ﻟﻮم إذا ﻋﺮف‬

‫ﻳﻜﻔﻲ اﻟﺮﻫﻂ ﻓﺴﻘﺎﻫﺎ ﺛﻢ ﺳﻘﻰ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﺛﻢ ﺷﺮب آﺧﺮﻫﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﻠﺐ ﰲ اﻹﻧﺎء ﻣﺮة أﺧﺮى ﺣﺘﻰ ﻣﻸه وﺗﺮﻛﻪ ﻋﻨﺪﻫﺎ وﻏﺎدرﻫﺎ‪.‬‬ ‫وﻫﺬه ﻣﻌﺠﺰة أﺧﺮى ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺠﺮﺗﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ وﻫﺬا ﻫﻮ ﺣﺎل اﻷﻧﺒﻴﺎء أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﻮا ﺧﺮق اﷲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪل ﺑﻪ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﲥﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻘﻮم ﻣﻜﺎﳖﻤﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟ ﻛﻼ! ﻓﻘﺪ اﺗﺨﺬا ﻛﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت اﻟﻼزﻣﺔ وﺑﺬﻻ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻬﻤﺎ واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺪرا ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪:‬‬ ‫وﺻﻞ اﻟﻤﺸـــﺮﻛﻮن إﻟﻰ اﻟﻐﺎر‪ ،‬ورأى أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼـــﺪﻳﻖ ﭬ أﻗﺪاﻣﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪» :‬ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻟﻮ أن أﺣﺪﻫﻢ ﻧﻈﺮ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻴﻪ أﺑﺼـــﺮﻧﺎ«‪ ،‬واﻟﺮﺳﻮل‬ ‫ﻳﻬﺪئ ﻣﻦ روع أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻳﻘﻮل‪» :‬ﻳﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﺎ ﻇﻨﻚ ﺑﺎﺛﻨﻴﻦ اﷲ ﺛﺎﻟﺜﻬﻤﺎ؟ ﻻ ﺗﺤﺰن إن اﷲ ﻣﻌﻨﺎ«‪.‬‬

‫وﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻘﻲ اﻟﺮﻛﺐ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻮام ﭬ ﻗﺎدﻣ ﻣﻦ اﻟﺸﺎم ﰲ ﺗﺠﺎرة ﻟﻪ‪ ،‬وﻣﻌﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺴـﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وأﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﺛﻴﺎﺑ ﺑﻴﻀـﺎء ﻣﻤﺎ‬

‫ﻧﻌﻢ إﻧﻪ اﻟﺪرس اﻟﺬي ﻳﺘﻜﺮر ﻣﺮارا ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺠﺮة! إن اﷲ ﻻ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﺼﺎدﻗﻴﻦ إن ﻫﻢ أﺧﺬوا ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﻄﺎر ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻢ‪.‬‬

‫ﺟﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺸـﺎم‪ .‬وﺳﺎر اﻟﺮﻛﺐ اﻟﻤﺒﺎرك ﻣﻴﻤﻤ ﺷﻄﺮ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻢ اﻷﻧﺼــﺎر ﺑﻤﻘﺪﻣﻪ ﻓﺨﺮﺟﻮا ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ﻟﺒﺴــﻮا ﺳﻼﺣﻬﻢ وﺗﻠﻘﻮه ﺑﻈﻬﺮ اﻟﺤﺮة‬

‫ﻣﻀــﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ اﻷﻳﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻫﻮ ﰲ اﻟﻐﺎر‪ ،‬وﻫﺪأ اﻟﻄﻠﺐ وﻳﺌﺲ اﻟﻤﺸـــﺮﻛﻮن‪ ،‬واﻃﻤﺄن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻓﻮاﻓﺎﻫﻤﺎ ﺑﺮاﺣﻠﺘﻴﻬﻤﺎ‪ ،‬وﻏﺎدر رﺳﻮل اﷲ‬

‫اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺤﺮة اﻟﻮﺑﺮة اﻟﺤﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎل ﲠﻢ ﷺ ذات اﻟﻴﻤﻴﻦ ﻣﺘﺠﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﺒﺎء ﺣﺘﻰ ﻧﺰل ﰲ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﻮف وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻮم اﻹﺛﻨﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺜﺎﲏ ﻋﺸــﺮ‬

‫ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ ﻳﺜﺮب اﻟﻐﺮاء ﺗﻜﻠﺆﻫﻤﺎ رﻋﺎﻳﺔ اﷲ‪.‬‬ ‫ﷺ وﺻﺎﺣﺒﻪ اﻟﻐﺎر‬ ‫َ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪66‬‬

‫ﻣﻦ ﺷﻬﺮ رﺑﻴﻊ اﻷول‪.‬‬

‫‪ 67‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪:‬‬

‫وﻫﻨﺎ ﻧﺮى ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻌﺎن اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻤﺸــــــﺮك ﻣﺎﻫﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﺮق واﻟﺪروب واﺗﺠﺎﻫﺎﲥﺎ وﻫﺬا ﻣﻦ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب‪ ،‬إذ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ اﻹﻳﻤﺎن ﻟﺘﻌﺮف‬ ‫ﻛﻴﻒ ﺗﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺗﻚ وﺗﺒﻨﻲ دﻧﻴﺎك‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻊ اﻹﻳﻤﺎن ﻣﻦ ﻋﻠﻢ وإﺗﻘﺎن ﻷﻣﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻨﻘﻮم ﺑﻤﺎ ﻛﻠﻔﻨﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ إﻋﻤﺎر اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﺣﻜﺎم اﷲ‪.‬‬

‫وﺳﻠﻚ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﲠﻤﺎ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ إﻣﻌﺎﻧﺎ ﰲ ﺗﻀـــــﻠﻴﻞ اﻟﻤﺸـــــﺮﻛﻴﻦ‪ ،‬وﺿﻤﺎﻧﺎ ﻟﺴــــــﻼﻣﺔ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪ ،‬أﺧﺬ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﲠﻤﺎ ﻃﺮﻳﻖ‬ ‫وﻗﺪ رﺻﺪت ﻗﺮﻳﺶ ﻣﺎﺋﺔ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﰐ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ ﺣﻴ أو ﻣﻴﺘ ‪ ،‬وأﺑﺖ ﻧﻔﺲ اﺑﻦ أرﻳﻘﻂ أن ﻳﺮﺑﺢ ﻫﺬه اﻟﺠﺎﺋﺰة ﻋﻠﻰ ﺣﺴــــــــــــــﺎب رﺟﻞ اﺋﺘﻤﻨﻪ‬ ‫ورﺿﻲ ﺑﺄﺟﺮه اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻋﺮب اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻮﻓﺎء ﺧﻠﻘﺎ ﻣﻘﺪﺳﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ وﻛﺎن اﻟﻨﻜﺚ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮد واﻟﻐﺪر ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﺸـﺎن‬ ‫ﺑﻪ اﻟﺮﺟﺎل‪.‬‬

‫وﺟﺪ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻃﻠﺒﻬﻤﺎ رﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ رﺻﺪﲥﺎ ﻗﺮﻳﺶ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﰐ ﲠﻤﺎ أو ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ﺣﻴ أو ﻣﻴﺘ ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﺎﺣﻞ‪ ،‬وﺳﺎر أﻣﺎﻣﻬﻤﺎ‪ َ ،‬ﱠ‬ ‫ورﻏﻢ إﻣﻌﺎن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﰲ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ‪ ،‬ورﻏﻢ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻤﺒﺬول ﰲ اﻟﺘﺨﻔﻲ إﻻ أن ﺳﺮاﻗﺔ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ أدرك اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪:‬‬ ‫وﻫﻨﺎك ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﻣﻸت ﻗﻠﺐ ﺳـﺮاﻗﺔ ﺧﻮﻓﺎ وﻫﻠﻌﺎ وأﺧﺬت ﺑﻪ إﻟﻰ رﺣﺎب اﻹﻳﻤﺎن‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻏﺎﺻـﺖ ﻗﻮاﺋﻢ ﻓﺮﺳــﻪ ﰲ اﻟﺮﻣﺎل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة‪،‬‬ ‫ﻓﱰة ﻋﻦ أﻋﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﻳﻬﺪأ اﻟﻄﻠﺐ وﺗﻔﱰ اﻟﻬﻤﻢ ﰲ اﻗﺘﻔﺎء أﺛﺮه ﻓﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴــــــﻴﺮ وﻫﻮ آﻣﻦ‪ ،‬ﻓﺬﻫﺐ إﻟﻰ‬ ‫وﻛﺎن ﻻﺑﺪ أن ﻳﺨﺘﻔﻲ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ً‬

‫ﻓﻌﻠﻢ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻤﻨﻮع ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻓﺂﻣﻦ ﺑﻪ‪ ،‬وأﻣﺮه رﺳﻮل اﷲ ﷺ أن ﻳﺨﻔﻲ أﻣﺮه وﻻ ﻳﺨﱪ ً‬ ‫أﺣﺪا ﺑﻪ‪.‬‬

‫ﻏﺎر ﺛﻮر وﻫﻮ ﰲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺸــــﺮﻗﻴﺔ ‪ -‬ﻋﻜﺲ اﺗﺠﺎه اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻫﻲ ﰲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺸــــﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ‪ -‬ﺣﺘﻰ أﻗﺎم ﻓﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻨﺲ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ أن ﻳﺪﺑﺮ أﻣﺮ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸـــــــﺮاب واﻷﺧﺒﺎر ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻘﻀــــــــﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻐﺎر‪ ،‬ﻓﻮﻛﻞ أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ ڤ ﺑﺈﻋﺪاد اﻟﻄﻌﺎم‬ ‫واﻟﺸﺮاب ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﻴﻬﻤﺎ ﺑﻪ ﻟﻴﻼ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺮاﻫﺎ أﺣﺪ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻔﺖ اﻟﺮﺳﻮل إﻟﻰ ﺳﺮاﻗﺔ وﻗﺎل‪» :‬ﻛﻴﻒ ﺑﻚ إذا ﻟﺒﺴـﺖ ﺳﻮاري ﻛﺴـﺮى؟«‪ ،‬ﻧﻌﻢ ﻫﺬه ﻫﻲ ﺛﻤﺮة اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻳﻨﺴـﻰ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﺿﺮ وأﻟﻢ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻮﻋﻮد اﷲ ﻟﻪ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻋﻴﻨﻴﻪ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺆﻣﻦ‪ ،‬ﻳﻌﻤﻞ ﰲ أﺣﻠﻚ اﻟﻈﺮوف‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺒﺸــــﺎرة رﺳﻮل اﷲ‬

‫وﺟﻌﻞ ﻋﻠﻰ أﺧﺒﺎر اﻟﻘﻮم ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺴـﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﺪور ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻘﻮم ً‬ ‫ﳖﺎرا وﻳﻌﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺟﻦ اﻟﻠﻴﻞ أﺗﺎﻫﻤﺎ ﺑﺄﺧﺒﺎر اﻟﻨﺎس وأﻋﻠﻤﻬﻤﺎ ﺑﻤﺎ‬

‫ﷺ ﻷﻣﺘﻪ ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ واﻟﻨﺼﺮ واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﰲ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن إن ﻫﻢ أﻃﺎﻋﻮه وﻋﻤﻠﻮا ﰲ ﻛﻮﻧﻪ وﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ‪.‬‬

‫ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﺑﻪ وﻣﺎ ﻳﺪﺑﺮون‪ ،‬وﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻫﺬه اﻷﺧﺒﺎر ﻛﺎن ﻳﺨﻄﻂ ﻟﻠﺒﻘﺎء ﰲ اﻟﻐﺎر أو ﻟﻤﻐﺎدرﺗﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﷺ ﻳﺨﺸﻰ أن ﻳﺮى أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺸـﺮﻛﻴﻦ آﺛﺎر أﻗﺪام‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺒﻜﺮا ﻋﻠﻰ آﺛﺎرﻫﻤﺎ ﻓﻴﻤﺤﻮﻫﺎ‪ ،‬وﻳﺰﻳﻞ‬ ‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وأﺧﺘﻪ أﺳﻤﺎء ﻓﻴﺴﺘﺪل ﲠﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﳖﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻓﻬﻴﺮة ﻣﻮﻟﻰ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ أن ﻳﺴـﺮح ﺑﺎﻟﻐﻨﻢ‬

‫وﻳﻌﻮد ﺳﺮاﻗﺔ ﲠﺬه اﻟﺒﺸﺎرة اﻟﻄﻴﺒﺔ وﺑﻜﺘﺎب أﻣﺎن ﻛﺘﺒﻪ ﻟﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل‪ ،‬وﻳﻌﻮد ﻓﻮق ذﻟﻚ ﺑﺈﻳﻤﺎن ﻣﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻋﻨﺪه ً‬ ‫ﺧﻴﺮا ﻣﻦ أﻟﻒ ﻧﺎﻗﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺒ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻜﺎﳖﻤﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺢ اﻟﻐﻨﻢ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻟﻴﻼً ﻓﻴﺤﻠﺒﺎن ﻣﻨﻬﺎ وﻳﺸﺮﺑﺎن‪.‬‬

‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪:‬‬

‫وﻫﻨﺎ ﻳﱪز ﺑﺸـﻜﻞ واﺿﺢ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﺮدي واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻋﻤﻞ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻮاﺣﺪ وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أو ﺑﺎﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻼ‬ ‫ﺑﺪ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ وﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴـﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه ﻗﻀـﻴﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ ﻣﺸـﺮوﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﻤﻞ وﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴـﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﺸـﻞ‬

‫وﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺨﻴﻤﺔ أم ﻣﻌﺒﺪ وﻫﻲ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﺧﺰاﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ ﰲ ﺧﻴﻤﺘﻬﺎ ﺗﻄﻌﻢ وﺗﺴـﻘﻲ ﻣﻦ ﻳﻤﺮ ﲠﺎ ﻓﺴـﺄﻻﻫﺎ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻳﺸــﱰوﻧﻪ‪،‬‬

‫ردﻳﻔﻬﺎ وﻋﺎدت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺎﻟﺴﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻛﻠﻪ‪ ،‬وﻫﺬا رأﻳﻨﺎه واﺿﺤ ﰲ ﻋﻤﻞ آل أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﰲ ﻫﺠﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﺗﺤﻤﻠﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴـﺆوﻟﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‬

‫ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﻨﺪي ﻣﺎ أﻋﻮزﻛﻢ اﻟﻘﺮى! ‪ -‬أي ﻣﺎ أﺣﻮﺟﻨﺎﻛﻢ ﺑﻞ ﻛﻨﺎ ﻧﻀﻴﻔﻜﻢ ‪ -‬ورأى رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺷﺎة ﻓﻘﺎل‪» :‬ﻣﺎ ﻫﺬه اﻟﺸﺎة ﻳﺎ أم‬

‫ً‬ ‫وﻧﺴﺎء‪.‬‬ ‫رﺟﺎﻻ‬ ‫ً‬

‫ﻓﺪرت‪ ،‬وﻣﻸ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻣﻨﻬﺎ إﻧﺎء‬ ‫ﻣﻌﺒﺪ؟« ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻫﻲ ﺷﺎة ﺧﻠﻔﻬﺎ اﻟﺠﻬﺪ ﻋﻦ اﻟﻐﻨﻢ‪ .‬ﻓﺎﺳﺘﺄذن ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬وﺣﻠﺒﻬﺎ ﻓﺘﻔﺎﺟﺖ ‪ -‬أي ﺑﺎﻋﺪت ﻣﺎ ﺑﻴﻦ رﺟﻠﻴﻬﺎ ‪ -‬ﱠ‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪:‬‬

‫وﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت‪ ،‬ورﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﻫﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻘﺪ وﺻﻞ اﻟﻘﻮم إﻟﻰ اﻟﻐﺎر‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳـﻮل وﺻـﺎﺣﺒﻪ ﻟﻮم إذا ﻋﺮف‬

‫ﻳﻜﻔﻲ اﻟﺮﻫﻂ ﻓﺴﻘﺎﻫﺎ ﺛﻢ ﺳﻘﻰ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﺛﻢ ﺷﺮب آﺧﺮﻫﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﻠﺐ ﰲ اﻹﻧﺎء ﻣﺮة أﺧﺮى ﺣﺘﻰ ﻣﻸه وﺗﺮﻛﻪ ﻋﻨﺪﻫﺎ وﻏﺎدرﻫﺎ‪.‬‬ ‫وﻫﺬه ﻣﻌﺠﺰة أﺧﺮى ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺠﺮﺗﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ وﻫﺬا ﻫﻮ ﺣﺎل اﻷﻧﺒﻴﺎء أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﻮا ﺧﺮق اﷲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪل ﺑﻪ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﲥﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻘﻮم ﻣﻜﺎﳖﻤﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟ ﻛﻼ! ﻓﻘﺪ اﺗﺨﺬا ﻛﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت اﻟﻼزﻣﺔ وﺑﺬﻻ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻬﻤﺎ واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺪرا ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪:‬‬ ‫وﺻﻞ اﻟﻤﺸـــﺮﻛﻮن إﻟﻰ اﻟﻐﺎر‪ ،‬ورأى أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼـــﺪﻳﻖ ﭬ أﻗﺪاﻣﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪» :‬ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻟﻮ أن أﺣﺪﻫﻢ ﻧﻈﺮ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻴﻪ أﺑﺼـــﺮﻧﺎ«‪ ،‬واﻟﺮﺳﻮل‬ ‫ﻳﻬﺪئ ﻣﻦ روع أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻳﻘﻮل‪» :‬ﻳﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﺎ ﻇﻨﻚ ﺑﺎﺛﻨﻴﻦ اﷲ ﺛﺎﻟﺜﻬﻤﺎ؟ ﻻ ﺗﺤﺰن إن اﷲ ﻣﻌﻨﺎ«‪.‬‬

‫وﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻘﻲ اﻟﺮﻛﺐ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻮام ﭬ ﻗﺎدﻣ ﻣﻦ اﻟﺸﺎم ﰲ ﺗﺠﺎرة ﻟﻪ‪ ،‬وﻣﻌﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺴـﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وأﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﺛﻴﺎﺑ ﺑﻴﻀـﺎء ﻣﻤﺎ‬

‫ﻧﻌﻢ إﻧﻪ اﻟﺪرس اﻟﺬي ﻳﺘﻜﺮر ﻣﺮارا ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺠﺮة! إن اﷲ ﻻ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﺼﺎدﻗﻴﻦ إن ﻫﻢ أﺧﺬوا ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﻄﺎر ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻢ‪.‬‬

‫ﺟﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺸـﺎم‪ .‬وﺳﺎر اﻟﺮﻛﺐ اﻟﻤﺒﺎرك ﻣﻴﻤﻤ ﺷﻄﺮ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻢ اﻷﻧﺼــﺎر ﺑﻤﻘﺪﻣﻪ ﻓﺨﺮﺟﻮا ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ﻟﺒﺴــﻮا ﺳﻼﺣﻬﻢ وﺗﻠﻘﻮه ﺑﻈﻬﺮ اﻟﺤﺮة‬

‫ﻣﻀــﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ اﻷﻳﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻫﻮ ﰲ اﻟﻐﺎر‪ ،‬وﻫﺪأ اﻟﻄﻠﺐ وﻳﺌﺲ اﻟﻤﺸـــﺮﻛﻮن‪ ،‬واﻃﻤﺄن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻓﻮاﻓﺎﻫﻤﺎ ﺑﺮاﺣﻠﺘﻴﻬﻤﺎ‪ ،‬وﻏﺎدر رﺳﻮل اﷲ‬

‫اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺤﺮة اﻟﻮﺑﺮة اﻟﺤﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎل ﲠﻢ ﷺ ذات اﻟﻴﻤﻴﻦ ﻣﺘﺠﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﺒﺎء ﺣﺘﻰ ﻧﺰل ﰲ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﻮف وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻮم اﻹﺛﻨﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺜﺎﲏ ﻋﺸــﺮ‬

‫ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ ﻳﺜﺮب اﻟﻐﺮاء ﺗﻜﻠﺆﻫﻤﺎ رﻋﺎﻳﺔ اﷲ‪.‬‬ ‫ﷺ وﺻﺎﺣﺒﻪ اﻟﻐﺎر‬ ‫َ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪66‬‬

‫ﻣﻦ ﺷﻬﺮ رﺑﻴﻊ اﻷول‪.‬‬

‫‪ 67‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ﰲ ﺷﻮق ﻟﻠﻘﺎء رﺳﻮل اﷲ ﷺ ورؤﻳﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺨﺮﺟﻮا رﺟﺎﻻ وﻧﺴـــــــﺎء وأﻃﻔﺎﻻ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﺧﺎرج اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻗﻠﻮﲠﻢ ﻗﺪ‬ ‫ﺣﺮﻗﻬﺎ اﻟﺸــــﻮق وﻛﻮاﻫﺎ اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻄﻠﻌﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﻟﻤﺴــــﻠﻢ ﻣﺜﻼ ﺑﺄﺧﻼﻗﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ وأﺣﻮاﻟﻪ‪ ،‬إن ﻏﺎب اﻓﺘﻘﺪه‬ ‫اﻟﻨﺎس وإن ﺣﻀــﺮ وﺟﺪوا ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻮر وﺑﻘﺮﺑﻪ اﻟﺴــﻌﺎدة‪ ،‬وﻟﻌﻞ ﻓﻘﺪان أو ﻗﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﺼــﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎة واﻟﻤﺮﺷﺪﻳﻦ ﰲ اﻷﻣﺔ ﻫﻮ اﻟﺴــﺒﺐ ﰲ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ آﺛﺮ رﺳــﻮل اﷲ ﷺ اﻵﺧﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻐﺮﻳﺎﲥﺎ‪ ،‬وﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ دﻋﻮﺗﻪ وﻫﺎﺟﺮ ﰲ ﺳــﺒﻴﻞ اﷲ ﺗﺎرﻛ ﻣﻮﻃﻨﻪ وأﻣﻮاﻟﻪ وﻛﺬﻟﻚ أﺻـــﺤﺎﺑﻪ ﭫ‪،‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻌﻞ أﺗﺒﺎﻋﻪ اﻟﺼـﺎدﻗﻮن ﻣﻦ ﺑﻌﺪه إﻟﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴـﺎﻋﺔ ﻓﺎﻟﻬﺠﺮة ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ إﻟﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴـﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻫﻲ واﺟﺒﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ‪ ...‬وﻫﻲ اﺑﺘﻼء‬ ‫ﻳﻤﻴﺰ ْ َ ِ َ ِ‬ ‫أﻧﺘﻢ َ َ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻛﺎن ِ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ ﱢ ِ‬ ‫وﻣﺎ َ َ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ِ َ‬ ‫اﻟﺨﺒﻴﺚ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َﻣﺎ َ ُ ْ ْ‬ ‫ﻟﻴﺬر ْ ُ ْ َ‬ ‫اﻟﻄﻴﺐ َ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ َ ﱠ ٰ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ َ َ ٰ‬ ‫اﷲ َ َ َ‬ ‫ﻛﺎن ُ‬ ‫ﻣﻦ اﷲ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻃﺎﻋﻪ ﻣﻤﻦ ﻋﺼـــــــــــــــﺎه‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻣﺎ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺠﺘﺒﻲ ِﻣﻦ ِ ِ‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ورﺳﻠﻪ َ ِ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻟﻴﻄﻠﻌﻜﻢ َ َ‬ ‫وإن ُ ْﺗﺆﻣِﻨُﻮا َ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻋﻈﻴﻢ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪ ،‬آﻳﺔ ‪ .[١٧٩‬واﻟﻬﺠﺮة‬ ‫اﻟﻐﻴﺐ َ َٰ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫أﺟﺮ َ ٌ‬ ‫ﻓﻠﻜﻢ َ ْ ٌ‬ ‫وﺗﺘﻘﻮا َ َ ُ ْ‬ ‫ﻳﺸﺎء َﻓﺂﻣﻨُﻮا ِﺑﺎﷲ َ ُ ُ‬ ‫رﺳﻠﻪ َﻣﻦ َ َ ُ‬ ‫ﱡ ُ‬ ‫ُ ْ َ ُ ْ‬ ‫وﻟﻜﻦ َ‬ ‫إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﱰك اﻷوﻃﺎن ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﲠﺠﺮة اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻵﺛﺎم ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪» :‬واﻟﻤﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ ﻫﺠﺮ ﻣﺎ ﳖﻰ اﷲ ﻋﻨﻪ«‪.‬‬ ‫وﺧﺘﺎﻣ ‪:‬‬ ‫ﻛﺮﺳﻬﺎ ﻟﺒﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وﺗﺮﺑﻴﺔ ﺟﻨﻮدﻫﺎ اﻟﺒﻮاﺳﻞ اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺠﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺗﺨﻠﻴﺎ ﻋﻦ وﻃﻨﻪ وﻗﻮﻣﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ َ ﱠ‬ ‫ﻗﺎدﻫﻢ إﻟﻰ وﻃﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻔﺘﺢ اﷲ ﲠﻢ ﻣﻜﺔ وأدﺧﻞ اﻹﻳﻤﺎن ﰲ ﻗﻠﻮب أﻫﻠﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻣﻦ أﻟﺪ أﻋﺪاﺋﻪ‪.‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻛﺴـــــــــﻮرﻳﻴﻦ وﻓﻠﺴـــــــــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ وﻋﺮاﻗﻴﻴﻦ وﺻﻮﻣﺎل وأﻓﻐﺎن وﺑﻮرﻣﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻬﺠﺮة ﻣﺠﱪﻳﻦ أو‬ ‫ﻣﺨﺘﺎرﻳﻦ‪ ،‬وﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﺑﺪا ﺿﻴﺎع ﻗﻀــــــﺎﻳﺎﻧﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻹﻧﺴــــــﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ورص اﻟﺼــــــﻔﻮف‬ ‫واﻟﺘﺤﻀﺮ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻹﺳﻘﺎط اﻟﻄﻐﺎة واﻟﻤﺤﺘﻠﻴﻦ وأﻋﻮاﳖﻢ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻤﺴﺎواة ﰲ ﻛﺎﻓﺔ رﺑﻮع اﻹﺳﻼم وأﻗﺎﻟﻴﻤﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ‪.‬‬ ‫ﻓﻜﻤﺎ ﻫﺎﺟﺮ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻫﺎﺟﺮﻧﺎ وﻛﻤﺎ ﻋﺎد ﻓﺎﺗﺤﺎ ﻓﺴﻨﻌﻮد ﻣﻨﺘﺼﺮﻳﻦ ﺑﺈذن اﷲ وﻣﺎ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺑﻌﺰﻳﺰ‪...‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪68‬‬

‫‪ 69‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ﰲ ﺷﻮق ﻟﻠﻘﺎء رﺳﻮل اﷲ ﷺ ورؤﻳﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺨﺮﺟﻮا رﺟﺎﻻ وﻧﺴـــــــﺎء وأﻃﻔﺎﻻ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﺧﺎرج اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻗﻠﻮﲠﻢ ﻗﺪ‬ ‫ﺣﺮﻗﻬﺎ اﻟﺸــــﻮق وﻛﻮاﻫﺎ اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻄﻠﻌﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﻟﻤﺴــــﻠﻢ ﻣﺜﻼ ﺑﺄﺧﻼﻗﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ وأﺣﻮاﻟﻪ‪ ،‬إن ﻏﺎب اﻓﺘﻘﺪه‬ ‫اﻟﻨﺎس وإن ﺣﻀــﺮ وﺟﺪوا ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻮر وﺑﻘﺮﺑﻪ اﻟﺴــﻌﺎدة‪ ،‬وﻟﻌﻞ ﻓﻘﺪان أو ﻗﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﺼــﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎة واﻟﻤﺮﺷﺪﻳﻦ ﰲ اﻷﻣﺔ ﻫﻮ اﻟﺴــﺒﺐ ﰲ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ آﺛﺮ رﺳــﻮل اﷲ ﷺ اﻵﺧﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻐﺮﻳﺎﲥﺎ‪ ،‬وﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ دﻋﻮﺗﻪ وﻫﺎﺟﺮ ﰲ ﺳــﺒﻴﻞ اﷲ ﺗﺎرﻛ ﻣﻮﻃﻨﻪ وأﻣﻮاﻟﻪ وﻛﺬﻟﻚ أﺻـــﺤﺎﺑﻪ ﭫ‪،‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻌﻞ أﺗﺒﺎﻋﻪ اﻟﺼـﺎدﻗﻮن ﻣﻦ ﺑﻌﺪه إﻟﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴـﺎﻋﺔ ﻓﺎﻟﻬﺠﺮة ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ إﻟﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴـﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻫﻲ واﺟﺒﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ‪ ...‬وﻫﻲ اﺑﺘﻼء‬ ‫ﻳﻤﻴﺰ ْ َ ِ َ ِ‬ ‫أﻧﺘﻢ َ َ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ﻛﺎن ِ‬ ‫ﻣﻦ ﱠ ﱢ ِ‬ ‫وﻣﺎ َ َ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ِ َ‬ ‫اﻟﺨﺒﻴﺚ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ َﻣﺎ َ ُ ْ ْ‬ ‫ﻟﻴﺬر ْ ُ ْ َ‬ ‫اﻟﻄﻴﺐ َ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ َ ﱠ ٰ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ َ َ ٰ‬ ‫اﷲ َ َ َ‬ ‫ﻛﺎن ُ‬ ‫ﻣﻦ اﷲ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻃﺎﻋﻪ ﻣﻤﻦ ﻋﺼـــــــــــــــﺎه‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻣﺎ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺠﺘﺒﻲ ِﻣﻦ ِ ِ‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ورﺳﻠﻪ َ ِ‬ ‫اﷲ َ ْ َ ِ‬ ‫ﻟﻴﻄﻠﻌﻜﻢ َ َ‬ ‫وإن ُ ْﺗﺆﻣِﻨُﻮا َ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻋﻈﻴﻢ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان‪ ،‬آﻳﺔ ‪ .[١٧٩‬واﻟﻬﺠﺮة‬ ‫اﻟﻐﻴﺐ َ َٰ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫أﺟﺮ َ ٌ‬ ‫ﻓﻠﻜﻢ َ ْ ٌ‬ ‫وﺗﺘﻘﻮا َ َ ُ ْ‬ ‫ﻳﺸﺎء َﻓﺂﻣﻨُﻮا ِﺑﺎﷲ َ ُ ُ‬ ‫رﺳﻠﻪ َﻣﻦ َ َ ُ‬ ‫ﱡ ُ‬ ‫ُ ْ َ ُ ْ‬ ‫وﻟﻜﻦ َ‬ ‫إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﱰك اﻷوﻃﺎن ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﲠﺠﺮة اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻵﺛﺎم ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪» :‬واﻟﻤﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ ﻫﺠﺮ ﻣﺎ ﳖﻰ اﷲ ﻋﻨﻪ«‪.‬‬ ‫وﺧﺘﺎﻣ ‪:‬‬ ‫ﻛﺮﺳﻬﺎ ﻟﺒﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وﺗﺮﺑﻴﺔ ﺟﻨﻮدﻫﺎ اﻟﺒﻮاﺳﻞ اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺠﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺗﺨﻠﻴﺎ ﻋﻦ وﻃﻨﻪ وﻗﻮﻣﻪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ َ ﱠ‬ ‫ﻗﺎدﻫﻢ إﻟﻰ وﻃﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻔﺘﺢ اﷲ ﲠﻢ ﻣﻜﺔ وأدﺧﻞ اﻹﻳﻤﺎن ﰲ ﻗﻠﻮب أﻫﻠﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻣﻦ أﻟﺪ أﻋﺪاﺋﻪ‪.‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻛﺴـــــــــﻮرﻳﻴﻦ وﻓﻠﺴـــــــــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ وﻋﺮاﻗﻴﻴﻦ وﺻﻮﻣﺎل وأﻓﻐﺎن وﺑﻮرﻣﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻬﺠﺮة ﻣﺠﱪﻳﻦ أو‬ ‫ﻣﺨﺘﺎرﻳﻦ‪ ،‬وﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﺑﺪا ﺿﻴﺎع ﻗﻀــــــﺎﻳﺎﻧﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻹﻧﺴــــــﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ورص اﻟﺼــــــﻔﻮف‬ ‫واﻟﺘﺤﻀﺮ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻹﺳﻘﺎط اﻟﻄﻐﺎة واﻟﻤﺤﺘﻠﻴﻦ وأﻋﻮاﳖﻢ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻤﺴﺎواة ﰲ ﻛﺎﻓﺔ رﺑﻮع اﻹﺳﻼم وأﻗﺎﻟﻴﻤﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ‪.‬‬ ‫ﻓﻜﻤﺎ ﻫﺎﺟﺮ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻫﺎﺟﺮﻧﺎ وﻛﻤﺎ ﻋﺎد ﻓﺎﺗﺤﺎ ﻓﺴﻨﻌﻮد ﻣﻨﺘﺼﺮﻳﻦ ﺑﺈذن اﷲ وﻣﺎ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺑﻌﺰﻳﺰ‪...‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪68‬‬

‫‪ 69‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺟﻐﺮاﻓﻴ ؟وﻣﺘﻰ دﺧﻞ إﻟﻴﻬﻢ‬ ‫ﻓﻤﻦ ﻫﻲ ﺑﻮرﻣﺎ؟ وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺈﻗﻠﻴﻢ أرﻛﺎن؟ وﻫﻞ ﺳﻜﺎن ﻫﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻫﻢ أﻧﻔﺴــﻬﻢ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ؟ وأﻳﻦ ﻳﻘﻊ ﻫﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻹﺳﻼم ؟ وﻣﺎ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ؟ وﻣﺎ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﻬﻢ؟‬

‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻼء ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺨﻄﺎﻑ‬

‫واﻟﻤﻬﺘﻤﺔ ﲠﺬا اﻟﺸـﺄن‪ ،‬وﻣﺎ أﻛﺘﺒﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ‬ ‫إن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﰲ ﺑﻀﻊ ﺻﻔﺤﺎت اﺳﺘﻨﺎدا إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ُ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وﺗﺄﻛﻴﺪا ﻋﻠﻰ وﺣﺪة ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻐﺮﲠﺎ وﻣﻦ ﺷﻤﺎل إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺟﻨﻮﲠﺎ‪.‬‬ ‫ﺗﺬﻛﻴﺮا ﺑﻪ‪،‬‬ ‫ﻣﻨﻪ ﻣﻌﻠﻮم ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ وﻟﻜﻦ أﻛﺘﺒﻪ‬

‫* اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺠﻐﺮاﰲ ﻟﺒﻮرﻣﺎ‪:‬‬ ‫ﺗﻘﻊ ﺑﻮرﻣﺎ أو ﻣﺎ ﻳﻌﺮف اﻟﻴﻮم ﺑﺪوﻟﺔ )ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر( ﰲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸـــــﺮﻗﻲ ﻟﻘﺎرة آﺳﻴﺎ‪ ،‬وﻳﺤﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺸـــــﻤﺎل اﻟﺼــــــﻴﻦ واﻟﻬﻨﺪ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ﺧﻠﻴﺞ‬

‫ﻗﺪ ﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﺔ وﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﻦ إﺑﺎدة وﺣﺸـــــــﻴﺔ ﻫﺮوﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫اﻟﻤﺤﺰن واﻟﻈﻠﻢ اﻟﻤﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن اﻟﺴـﻨﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﺸــﺎم واﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ‪ ...‬وﻻﺳﻴﻤﺎ‬ ‫ﻣﻌﺎﻧﺎة أﻛﱪِ ﻛﺎرﺛﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮي اﻟﺤﺪﻳﺚ‪.‬‬ ‫ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬه اﻷﺳﻄﺮ اﻟﺬي ﺷﻬﺪ‬ ‫َ‬ ‫ﻳﻘﺘﻞ اﻟﺴﻮرﻳﻮن واﻟﻌﺮاﻗﻴﻮن ﻣﻦ ﺻﻔﻮﻳﻲ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻤﺤﺴـﻮﺑﻴﻦ‬ ‫وﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮب اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ وﺣﺸﻴﺔ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﺿﺪ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﰲ ﺣﻴﻦ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻻ ﺗﻘﻞ وﺣﺸﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﺠﺐ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﺳﺘﻌﻼء ذﺋﺎب اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺻﺮون أوﻟﺌﻚ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬أو ‪ -‬ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ‪ -‬ﻳﻘﻔﻮن ﻣﻮﻗﻒ‬ ‫ورﺑﻤﺎ ﻳﺼــــــــﻞ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺘﻔﺮج اﻟﻤﺴﺮور ﻣﻨﻬﻢ‪ ...‬ﰲ ﺣﻴﻦ ﻻ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ِﺧﺬﻻن ﺟﻤﻬﺮة اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺮب ﻟﻠﻘﻀـﻴﺔ اﻟﺴـﻮرﻳﺔ وﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ اﻟﻔﻠﺴـﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫)‪(١‬‬

‫)‪(٢‬‬

‫اﻟﺒﻨﻐﺎل وﺗﺎﻳﻠﻨﺪ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺸﺮق اﻟﺼﻴﻦ وﻻوس ) ‪ (LAOS‬وﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﺧﻠﻴﺞ اﻟﺒﻨﻐﺎل واﻟﻬﻨﺪ وﺑﻨﻐﻼدش‪.‬‬ ‫وﻳﱰﻛﺰ ﻣﺴــــﻠﻤﻮ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر ﰲ وﻻﻳﺔ أراﻛﺎن اﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻨﻐﻼدﻳﺶ وﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﻘﺴــــﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﻔﻌﺎت أرﻛﺎن‪ ،‬وﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ ﺷﻌﺐ‬ ‫روﻫﻴﻨﻐﺎ‪.‬‬ ‫وﻛﻠﻤﺔ »روﻫﻴﻨﻐﺎ« ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ »روﻫﺎﻧﻎ« ‪ -‬اﻻﺳﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻹﻗﻠﻴﻢ أرﻛﺎن ‪ -‬وﻗﺪ اﺷﺘﻬﺮ إﻃﻼق ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴـــــــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮا ﻛﻮﳖﻢ‬ ‫اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ واﻟﺴﻜﺎن اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻟﻬﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ‪.‬‬

‫وﺗﺂﻣﺮ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻨﺎﺻﺮة ﻟﻠﻨﻈﺎم أو ﻟﻠﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ‪.‬‬ ‫وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻲ ّ‬ ‫ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮات ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن‬ ‫أن اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﺎق ﺑﺎﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ ﺻﺎر أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻟﻠﺤﺠﺮ ﻟﺴﺎن وﻟﻠﺸﺠﺮ ﺑﻴﺎن وﻟﻠﻄﻴﻮر ﻧﻄﻖ؛ ِ‬ ‫ﻟﺸﻬﺪت ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر وﻣﺮﺗﺰﻗﺘﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﻮﻳﺔ إﻳﺮان وﺣﺰب اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ وﺗﺄﻳﻴﺪ ﻣﻦ ذﺋﺎب اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ روﺳﻴﺎ‪.‬‬ ‫وﺻﺮاخ ﱠ‬ ‫اﻟﺜﻜﺎﻟﻰ وﻟﻮﻋﺔ اﻟﻤﻐﺘﺼـﺒﺎت ﻋﻠﻰ أﻳﺪي‬ ‫إن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻧﺴـﻴﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ واﻟﻤﻌﺘﻘﻼت وﻻ ﺗﻘﻠﻴﻼ ﻣﻦ دم اﻟﺸـﻬﺪاء ُ‬ ‫ﻣﻦ ﻳﺘﻈﺎﻫﺮون ﺑﺎﻹﺳﻼم وﻳﺴﺘﻨﺪون ﰲ ﺳﻘﻮﻃﻬﻢ اﻷﺧﻼﻗﻲ إﻟﻰ ﻓﺘﺎوى اﻹﺟﺮام‪.‬‬ ‫ﻧﺘﺄﻟﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻹﺧﻮﺗﻨﺎ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻌﻠﻬﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴــﻪ ﻳﺠﺪون اﻟﺼــﱪ واﻟﺴــﻠﻮان ﻋﻦ ﻣﺼـــﺎﺋﺒﻬﻢ وﻫﻢ ﻳﺘﺬﻛﺮون ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﺈﺧﻮاﳖﻢ ﰲ ﺑﻼد‬ ‫ﺑﻌﺪوﻫﻢ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأوا ﻣﺼـﻴﺒﺔ إﺧﻮاﳖﻢ ﰲ اﻟﺸـﺎم ﺑﺎﻟﻨﺼـﻴﺮﻳﺔ واﻟﺼـﻔﻮﻳﻴﻦ‬ ‫اﻟﺸﺎم‪ ...‬ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻷﺑﻨﺎء ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴﻮا ﻣﺼﻴﺒﺘﻬﻢ ّ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺎﻗﺖ وﺣﺸﻴﺘﻬﻢ ﻣﺮات وﻣﺮات أﻛﺜﺮ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﺎﺷﻴﺔ وإﺟﺮاﻣﺎ‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺴــﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﻫﻮ اﺳﺘﻤﺮار ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻗﻀــﻴﺔ ﱡ‬ ‫وﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻻ ﺗﻨﺴـــﻰ ﻋﻬﺪ اﻟﺘﺘﺎر واﻟﺤﺮوب‬ ‫اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﺎق ﺑﺎﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‪ُ ُ ،‬‬ ‫اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻻﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﳖﻴﺎر اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫وﻛﻨﱠﺎ ﻧﺤﺴـﺐ ‪ -‬ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ‪ -‬ﱠ‬ ‫ﺑﺴﻨّﺔ أﻫﻞ اﻟﻌﺮاق ﻫﻮ اﻷﺳﻮأ واﻷﻛﺜﺮ وﺣﺸـﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ان ﻳﻔﻌﻞ ﻧﻈﺎم ﺑﺸــﺎر وﻣﻦ ﻣﻌﻪ‬ ‫أن اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﺎق ِ ُ‬ ‫ذرﻳﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ‪.‬‬ ‫ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه ﺑﺴﻮرﻳﺔ ﻗﺪوة ﺑﺈﺟﺮام أﺑﻴﻪ ُ ﱢ‬ ‫وﻣﺴﻠﻤﻴﻪ ﺣﺪﻳﺜ ﻋﻦ وﺣﺪة آﻻم اﻷﻣﺔ وآﻣﺎﻟﻬﺎ‪ ،‬اﻟﺘﻲ رﺳﺨﺘﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮة‪،‬‬ ‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﺗﺪاﻋـﻰ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫»ﺗﺮى ْ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﺴﺪه ِ ﱠ َ ِ‬ ‫إذا ْ َ َ‬ ‫اﻟﺠﺴﺪ‪َ ِ ،‬‬ ‫وﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ‪ِ َ َ َ ،‬‬ ‫واﻟﺤﻤـﻰ« رواه‬ ‫اﺷﺘﻜﻰ ُ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻀﻮا َ َ َ ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ َ ُ ﱠ‬ ‫ﺳﺎﺋﺮ َ َ‬ ‫ﻟﻪ َ ُ‬ ‫ﻛﻤﺜﻞ َ َ‬ ‫وﺗﻮادﻫﻢ َ َ َ ُ ِ ْ‬ ‫ﺗﺮاﺣﻤﻬﻢ َ َ َ ﱢ ْ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ َ َ ُ ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪َ َ :‬‬ ‫اﻟﻤﺆﻣِﻨ َ‬ ‫إﺧﻮة﴾ ]اﻟﺤﺠﺮات‪[١٠ :‬‬ ‫اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ ّ‬ ‫ُﻮن ِ ْ َ ٌ‬ ‫﴿إﻧﻤﺎ ْ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﺼﺮح ﺑﻪ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ِ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺘﺂﺧﻲ ُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﻀﻴﺔ أي ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﲠﺎ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﺪش ﰲ ﻛﻤﺎل اﻹﻳﻤﺎن‪.‬‬ ‫ﻓﻨﺴﻴﺎن‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪70‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١‬اﻟﺨﻠﻴﺞ ُ‪:‬ﺗﺤﻴﻄﻪ اﻟﻴﺎﺑﺴﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺠﻬﺎت ﻣﺎ ﻋﺪا ٍ‬ ‫ﺟﺰء ّ ٍ‬ ‫ﻋﺎﻟﻤﻴ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺎﺋﻲ اﻷﻛﱪ‬ ‫ﺿﻴﻖ ﻣﻨﻪ ‪ ،‬ﺧﻠﻴﺞ اﻟﺒﻨﻐﺎل ﻫﻮ اﻟﺨﻠﻴﺞ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ‬ ‫)‪ (٢‬ﺗﻘﻊ ﰲ ﺟﻨﻮب ﺷﺮق آﺳﻴﺎ وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻪ ﻧﺤﻮ ‪ ٧‬ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻧﺴﻤﺔ وﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﻓﻴﻴﻨﺘﻴﺎن ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺰب اﻟﻮاﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ وأﺻﺒﺤﺖ رﺳﻤﻴﺎ دوﻟﺔ ﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ‪ .‬وﺗﺼﻞ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ، ٢٣٦٬٨٠٠‬ﺗﻨﺘﺸﺮ ﰲ دوﻟﺔ ﻻوس اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﺒﻮذﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ‪ ٣٠‬ﰲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺘﻘﺪات وﺛﻨﻴﺔ أﺧﺮى ‪،‬اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮة ﻫﻲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ 71‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺟﻐﺮاﻓﻴ ؟وﻣﺘﻰ دﺧﻞ إﻟﻴﻬﻢ‬ ‫ﻓﻤﻦ ﻫﻲ ﺑﻮرﻣﺎ؟ وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺈﻗﻠﻴﻢ أرﻛﺎن؟ وﻫﻞ ﺳﻜﺎن ﻫﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻫﻢ أﻧﻔﺴــﻬﻢ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ؟ وأﻳﻦ ﻳﻘﻊ ﻫﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻹﺳﻼم ؟ وﻣﺎ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ؟ وﻣﺎ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﻬﻢ؟‬

‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻼء ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺨﻄﺎﻑ‬

‫واﻟﻤﻬﺘﻤﺔ ﲠﺬا اﻟﺸـﺄن‪ ،‬وﻣﺎ أﻛﺘﺒﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ‬ ‫إن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﰲ ﺑﻀﻊ ﺻﻔﺤﺎت اﺳﺘﻨﺎدا إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ُ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وﺗﺄﻛﻴﺪا ﻋﻠﻰ وﺣﺪة ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻐﺮﲠﺎ وﻣﻦ ﺷﻤﺎل إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺟﻨﻮﲠﺎ‪.‬‬ ‫ﺗﺬﻛﻴﺮا ﺑﻪ‪،‬‬ ‫ﻣﻨﻪ ﻣﻌﻠﻮم ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ وﻟﻜﻦ أﻛﺘﺒﻪ‬

‫* اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺠﻐﺮاﰲ ﻟﺒﻮرﻣﺎ‪:‬‬ ‫ﺗﻘﻊ ﺑﻮرﻣﺎ أو ﻣﺎ ﻳﻌﺮف اﻟﻴﻮم ﺑﺪوﻟﺔ )ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر( ﰲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸـــــﺮﻗﻲ ﻟﻘﺎرة آﺳﻴﺎ‪ ،‬وﻳﺤﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺸـــــﻤﺎل اﻟﺼــــــﻴﻦ واﻟﻬﻨﺪ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ﺧﻠﻴﺞ‬

‫ﻗﺪ ﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﺔ وﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﻦ إﺑﺎدة وﺣﺸـــــــﻴﺔ ﻫﺮوﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫اﻟﻤﺤﺰن واﻟﻈﻠﻢ اﻟﻤﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن اﻟﺴـﻨﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﺸــﺎم واﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ‪ ...‬وﻻﺳﻴﻤﺎ‬ ‫ﻣﻌﺎﻧﺎة أﻛﱪِ ﻛﺎرﺛﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮي اﻟﺤﺪﻳﺚ‪.‬‬ ‫ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬه اﻷﺳﻄﺮ اﻟﺬي ﺷﻬﺪ‬ ‫َ‬ ‫ﻳﻘﺘﻞ اﻟﺴﻮرﻳﻮن واﻟﻌﺮاﻗﻴﻮن ﻣﻦ ﺻﻔﻮﻳﻲ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻤﺤﺴـﻮﺑﻴﻦ‬ ‫وﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮب اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ وﺣﺸﻴﺔ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﺿﺪ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﰲ ﺣﻴﻦ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻻ ﺗﻘﻞ وﺣﺸﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﺠﺐ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﺳﺘﻌﻼء ذﺋﺎب اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺻﺮون أوﻟﺌﻚ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬أو ‪ -‬ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ‪ -‬ﻳﻘﻔﻮن ﻣﻮﻗﻒ‬ ‫ورﺑﻤﺎ ﻳﺼــــــــﻞ َ َ‬ ‫اﻟﻤﺘﻔﺮج اﻟﻤﺴﺮور ﻣﻨﻬﻢ‪ ...‬ﰲ ﺣﻴﻦ ﻻ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ِﺧﺬﻻن ﺟﻤﻬﺮة اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺮب ﻟﻠﻘﻀـﻴﺔ اﻟﺴـﻮرﻳﺔ وﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ اﻟﻔﻠﺴـﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫)‪(١‬‬

‫)‪(٢‬‬

‫اﻟﺒﻨﻐﺎل وﺗﺎﻳﻠﻨﺪ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺸﺮق اﻟﺼﻴﻦ وﻻوس ) ‪ (LAOS‬وﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﺧﻠﻴﺞ اﻟﺒﻨﻐﺎل واﻟﻬﻨﺪ وﺑﻨﻐﻼدش‪.‬‬ ‫وﻳﱰﻛﺰ ﻣﺴــــﻠﻤﻮ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر ﰲ وﻻﻳﺔ أراﻛﺎن اﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻨﻐﻼدﻳﺶ وﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﻘﺴــــﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﻔﻌﺎت أرﻛﺎن‪ ،‬وﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ ﺷﻌﺐ‬ ‫روﻫﻴﻨﻐﺎ‪.‬‬ ‫وﻛﻠﻤﺔ »روﻫﻴﻨﻐﺎ« ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ »روﻫﺎﻧﻎ« ‪ -‬اﻻﺳﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻹﻗﻠﻴﻢ أرﻛﺎن ‪ -‬وﻗﺪ اﺷﺘﻬﺮ إﻃﻼق ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴـــــــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮا ﻛﻮﳖﻢ‬ ‫اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ واﻟﺴﻜﺎن اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻟﻬﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ‪.‬‬

‫وﺗﺂﻣﺮ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻨﺎﺻﺮة ﻟﻠﻨﻈﺎم أو ﻟﻠﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ‪.‬‬ ‫وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻲ ّ‬ ‫ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮات ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن‬ ‫أن اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﺎق ﺑﺎﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ ﺻﺎر أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻟﻠﺤﺠﺮ ﻟﺴﺎن وﻟﻠﺸﺠﺮ ﺑﻴﺎن وﻟﻠﻄﻴﻮر ﻧﻄﻖ؛ ِ‬ ‫ﻟﺸﻬﺪت ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر وﻣﺮﺗﺰﻗﺘﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﻮﻳﺔ إﻳﺮان وﺣﺰب اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ وﺗﺄﻳﻴﺪ ﻣﻦ ذﺋﺎب اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ روﺳﻴﺎ‪.‬‬ ‫وﺻﺮاخ ﱠ‬ ‫اﻟﺜﻜﺎﻟﻰ وﻟﻮﻋﺔ اﻟﻤﻐﺘﺼـﺒﺎت ﻋﻠﻰ أﻳﺪي‬ ‫إن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻧﺴـﻴﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ واﻟﻤﻌﺘﻘﻼت وﻻ ﺗﻘﻠﻴﻼ ﻣﻦ دم اﻟﺸـﻬﺪاء ُ‬ ‫ﻣﻦ ﻳﺘﻈﺎﻫﺮون ﺑﺎﻹﺳﻼم وﻳﺴﺘﻨﺪون ﰲ ﺳﻘﻮﻃﻬﻢ اﻷﺧﻼﻗﻲ إﻟﻰ ﻓﺘﺎوى اﻹﺟﺮام‪.‬‬ ‫ﻧﺘﺄﻟﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻹﺧﻮﺗﻨﺎ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻌﻠﻬﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴــﻪ ﻳﺠﺪون اﻟﺼــﱪ واﻟﺴــﻠﻮان ﻋﻦ ﻣﺼـــﺎﺋﺒﻬﻢ وﻫﻢ ﻳﺘﺬﻛﺮون ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﺈﺧﻮاﳖﻢ ﰲ ﺑﻼد‬ ‫ﺑﻌﺪوﻫﻢ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأوا ﻣﺼـﻴﺒﺔ إﺧﻮاﳖﻢ ﰲ اﻟﺸـﺎم ﺑﺎﻟﻨﺼـﻴﺮﻳﺔ واﻟﺼـﻔﻮﻳﻴﻦ‬ ‫اﻟﺸﺎم‪ ...‬ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻷﺑﻨﺎء ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴﻮا ﻣﺼﻴﺒﺘﻬﻢ ّ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺎﻗﺖ وﺣﺸﻴﺘﻬﻢ ﻣﺮات وﻣﺮات أﻛﺜﺮ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﺎﺷﻴﺔ وإﺟﺮاﻣﺎ‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺴــﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﻫﻮ اﺳﺘﻤﺮار ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻗﻀــﻴﺔ ﱡ‬ ‫وﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻻ ﺗﻨﺴـــﻰ ﻋﻬﺪ اﻟﺘﺘﺎر واﻟﺤﺮوب‬ ‫اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﺎق ﺑﺎﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‪ُ ُ ،‬‬ ‫اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻻﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﳖﻴﺎر اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫وﻛﻨﱠﺎ ﻧﺤﺴـﺐ ‪ -‬ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ‪ -‬ﱠ‬ ‫ﺑﺴﻨّﺔ أﻫﻞ اﻟﻌﺮاق ﻫﻮ اﻷﺳﻮأ واﻷﻛﺜﺮ وﺣﺸـﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ان ﻳﻔﻌﻞ ﻧﻈﺎم ﺑﺸــﺎر وﻣﻦ ﻣﻌﻪ‬ ‫أن اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﺎق ِ ُ‬ ‫ذرﻳﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ‪.‬‬ ‫ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه ﺑﺴﻮرﻳﺔ ﻗﺪوة ﺑﺈﺟﺮام أﺑﻴﻪ ُ ﱢ‬ ‫وﻣﺴﻠﻤﻴﻪ ﺣﺪﻳﺜ ﻋﻦ وﺣﺪة آﻻم اﻷﻣﺔ وآﻣﺎﻟﻬﺎ‪ ،‬اﻟﺘﻲ رﺳﺨﺘﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮة‪،‬‬ ‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﺗﺪاﻋـﻰ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫»ﺗﺮى ْ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﺴﺪه ِ ﱠ َ ِ‬ ‫إذا ْ َ َ‬ ‫اﻟﺠﺴﺪ‪َ ِ ،‬‬ ‫وﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ‪ِ َ َ َ ،‬‬ ‫واﻟﺤﻤـﻰ« رواه‬ ‫اﺷﺘﻜﻰ ُ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻀﻮا َ َ َ ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ َ ُ ﱠ‬ ‫ﺳﺎﺋﺮ َ َ‬ ‫ﻟﻪ َ ُ‬ ‫ﻛﻤﺜﻞ َ َ‬ ‫وﺗﻮادﻫﻢ َ َ َ ُ ِ ْ‬ ‫ﺗﺮاﺣﻤﻬﻢ َ َ َ ﱢ ْ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ َ َ ُ ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪َ َ :‬‬ ‫اﻟﻤﺆﻣِﻨ َ‬ ‫إﺧﻮة﴾ ]اﻟﺤﺠﺮات‪[١٠ :‬‬ ‫اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ ّ‬ ‫ُﻮن ِ ْ َ ٌ‬ ‫﴿إﻧﻤﺎ ْ ُ ْ‬ ‫اﻟﻤﺼﺮح ﺑﻪ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ِ ﱠ َ‬ ‫اﻟﺘﺂﺧﻲ ُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ﻗﻀﻴﺔ أي ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﲠﺎ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﺪش ﰲ ﻛﻤﺎل اﻹﻳﻤﺎن‪.‬‬ ‫ﻓﻨﺴﻴﺎن‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪70‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (١‬اﻟﺨﻠﻴﺞ ُ‪:‬ﺗﺤﻴﻄﻪ اﻟﻴﺎﺑﺴﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺠﻬﺎت ﻣﺎ ﻋﺪا ٍ‬ ‫ﺟﺰء ّ ٍ‬ ‫ﻋﺎﻟﻤﻴ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺎﺋﻲ اﻷﻛﱪ‬ ‫ﺿﻴﻖ ﻣﻨﻪ ‪ ،‬ﺧﻠﻴﺞ اﻟﺒﻨﻐﺎل ﻫﻮ اﻟﺨﻠﻴﺞ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ‬ ‫)‪ (٢‬ﺗﻘﻊ ﰲ ﺟﻨﻮب ﺷﺮق آﺳﻴﺎ وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻪ ﻧﺤﻮ ‪ ٧‬ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻧﺴﻤﺔ وﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﻓﻴﻴﻨﺘﻴﺎن ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺰب اﻟﻮاﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ وأﺻﺒﺤﺖ رﺳﻤﻴﺎ دوﻟﺔ ﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ‪ .‬وﺗﺼﻞ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ، ٢٣٦٬٨٠٠‬ﺗﻨﺘﺸﺮ ﰲ دوﻟﺔ ﻻوس اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﺒﻮذﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ‪ ٣٠‬ﰲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺘﻘﺪات وﺛﻨﻴﺔ أﺧﺮى ‪،‬اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮة ﻫﻲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ 71‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* وﺻﻮل اﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﺑﻮرﻣﺎ‪:‬‬

‫وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴــــــــــــﺎﺣﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )‪ (٦٨٠‬أﻟﻒ ﻛﻢ ﻣﺮﺑﻊ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮف ﺑﺠﺒﺎﻟﻬﺎ‬

‫ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻤﺼـــــﺎدر اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺑﻮرﻣﺎ ﱠ‬ ‫أن اﻹﺳﻼم ﻗﺪ وﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ‬

‫اﻟﺸﺎﻫﻘﺔ وﻏﺎﺑﺎﲥﺎ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ إن ‪ ٧٠‬ﻣﻦ أراﺿﻴﻬﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻏﺎﺑﺎت ﺧﻀﺮاء‬

‫ﻋﻬﺪ ُ َ ّ‬ ‫ﻣﺒﻜﺮ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳـﻼم‪ ،‬وذﻟﻚ زﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ ﻫﺎرون اﻟﺮﺷـﻴﺪ‬

‫ﺗﻌﺘﱪ اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻮارد اﻟﺒﻼد‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻴﺶ ﻧﺴـﺒﺔ ‪ %٧٠‬ﻣﻦ ﺳﻜﺎﳖﺎ‬

‫رﺣﻤﻪ اﷲ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺰراﻋﺔ‪ ،‬وﺗﻌﺪ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﺗﺼـــﺪﻳﺮ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ‬

‫واﻟﺠﻴﻮش اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺼـــــــــــــﻞ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺎﻛﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ دﺧﻠﻬﺎ‬ ‫اﻹﺳﻼم ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺠﺎر اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻛﺸــﺄن ٍ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺘﻲ‬

‫أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺮﺻـﺎص‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻷﺳﻤﺎك‪ ،‬وﺗﺤﺘﻮي أراﺿـﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎدن ﻋﺪﻳﺪة ّ‬

‫دﺧﻠﺖ ﰲ دﻳﻦ اﻹﺳﻼم ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺄﺛﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎة واﻟﺘﺠﺎر اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬

‫واﻟﺒﱰول واﻟﻔﺤﻢ واﻟــﺮﺧﺎم‪ ،‬وﻫــﻲ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺜــﺮوات اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻨﺘﺞ اﻟﺤﺒﻮب‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ اﻷرز‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺘﺞ أﻧﻮاﻋﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮاﻛﻪ واﻟﺨﻀــــــﺮاوات‪ ،‬واﻟﺘﺒﻎ‬ ‫)‪(٤‬‬

‫اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺑﺄﺧﻼﻗﻬﻢ اﻟﺤﻤﻴﺪة وﺻﺪﻗﻬﻢ ﰲ اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ أن ﻳﺆﺛﺮوا ﰲ اﻟﺴـــــــﻜﺎن‬

‫اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﰲ ﺳﻨﺔ ‪١٩٤٢‬م‪.‬‬

‫وﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ّ‬ ‫ﺗﺼــﺪوا ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي‬ ‫أن اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ ﱠ‬ ‫ﺳــــﻠﻤﺖ زﻣﺎم أﻣﻮر‬ ‫أن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻐﺎدرة أراﻛﺎن‬

‫ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬وأﻟﺤﻘﻮا ﺑﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻬـــــــﺰاﺋﻢ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺑــــــــﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‬

‫أراﻛﺎن إﻟﻰ اﻹرﻫﺎﺑﻲ اﻟﺒﻮذي أوﺷﻮﺧﺎﺋﻦ اﻟﺬي ارﺗﻜﺐ أﺑﺸـــــﻊ اﻟﺠﺮاﺋﻢ‬

‫ﺗﺨﺸـﺎﻫﻢ‪ ،‬ﻓﺒﺪأت ﺣﻤﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻧﻔﻮذ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻠﺖ‬

‫ﺿﺪ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ إدﺧﺎل اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وأﺷـــــــــﻌﻠﺖ اﻟﺤﺮوب ﺑﻴﻦ‬

‫اﺳﺘﺸــــﻬﺪ‬ ‫*وﺧﻼل ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺳﻨﺔ ‪ ١٩٤٢‬إﻟﻰ ‪ُ ١٩٤٥‬‬

‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ واﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ إﺿﻌﺎف ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﰲ اﻟﺒﻼد‬

‫ﰲ اﻟﻤﺠﺎزر ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺴـــــﻠﻢ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ‬

‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻌﺴﻔﻴﺔ ﺗﻤﺜﻠﺖ أﺳﺎﺳﺎ ﰲ‪:‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮدﻳﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪان وﻳﺪﺧﻠﻮﻫﻢ ﰲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﻧﺠﺪ ﰲ ﺗﻠﻚ‬

‫* ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‬

‫‪ -١‬ﻃﺮد اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ وإﺣﻼل اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻣﻜﺎﳖﻢ‪.‬‬

‫اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺪر ﻣﻦ اﻷﺻـــــــــــﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أو اﻟﱰﻛﻴﺔ‬

‫أ‪ .‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻮداﻳﺎي ﰲ أراﻛﺎن‪:‬‬

‫‪ -٢‬ﻣﺼﺎدرة أﻣﻼﻛﻬﻢ وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪.‬‬

‫ودﻋﻴﺖ إﻟﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺌﺎت واﻟﻌﺮﻗﻴﺎت إﻻ‬ ‫ﻟﻠﺘﺤﻀــــــــــــﻴﺮ ﻟﻼﺳﺘﻘﻼل‪ُ ،‬‬

‫‪ -٣‬اﻟﺰج ﺑﺎﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ وﺧﺎﺻﺔ ﻗﺎدﲥﻢ ﰲ اﻟﺴــﺠﻮن أو ﻧﻔﻴﻬﻢ ﺧﺎرج‬

‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ )اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ( ﻹﺑﻌﺎدﻫﻢ ﻋﻦ ﺳﻴﺮ اﻷﺣﺪاث وﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻤﺼﻴﺮ‪.‬‬

‫واﻟﻤﻐﻮﻟﻴﺔ‪...‬‬

‫ﻗﺎم ﺑﻮداﻳﺎي ﺑﻀـــــﻢ اﻹﻗﻠﻴﻢ إﻟﻰ ﺑﻮرﻣﺎ ﺧﻮﻓ ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻧﺘﺸــــــﺎر اﻹﺳﻼم ﰲ‬

‫وﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﰲ ﺑﻼد ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ‬

‫دﻣﺮ اﻟﺒﻮذﻳﻮن ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬وﻗﺪ أﻣﻌﻦ ﰲ اﺿﻄﻬﺎد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ّ‬

‫أن ﺗﺴـــــــــــــــﺘﻤﺮ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮون وﻧﺼــــــــــــــــﻒ وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم‬

‫ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺴـﺎﺟﺪ وﻣﺪارس‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺘﻠﻮا اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬

‫)‪١١٩٨‬ﻫـ‪١٧٨٤/‬م(‪.‬‬

‫واﻟﺪﻋﺎة‪ ،‬وأﻃﻠﻖ ﺑﻮداﻳﺎي َ‬ ‫اﻟﻌﻨﺎن ﻟﻠﺒﻮذﻳﻴﻦ ﰲ اﺿﻄﻬﺎد اﻟﻤﺴـــــــــــﻠﻤﻴﻦ وﳖﺐ‬

‫‪ -٤‬ﺗﺤﺮﻳﺾ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﺿﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﻣﺪ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻼح ﺣﺘﻰ‬

‫وﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ازدﻫﺎرًا ﺛﻘﺎﻓﻴ وﺣﻀﺎرﻳ ﻟﻢ ﺗﻌﻬﺪه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ‬

‫ﺧﻴﺮاﲥﻢ‪ ،‬ﻓﺴـــــﺎﻣﻮا أﻫﻠﻬﺎ ﺳﻮء اﻟﻌﺬاب وأﻧﺰﻟﻮا ﻓﻴﻬﻢ أﻗﺴـــــﻰ أﻧﻮاع اﻟﻈﻠﻢ‪...‬‬

‫أوﻗﻌﻮا ﺑﺎﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﺎم ‪١٩٤٢‬م ﺣﻴﺚ ﻓﺘﻜﻮا ﺑﺤﻮاﻟﻲ ﻣﺎﺋﺔ‬

‫ﻗﺒﻞ‪ ،‬ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻋﻤﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻀـﺮوﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﻀــﺔ وﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ إﻟﻪ‬ ‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻮك‬ ‫إﻻ اﷲ ‪ ،‬وﻟﻘﺪ ﺗﺪاول ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﺴـــــــــﻠﻤﺔ ُ‬

‫وﺳﻮي ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷرض ُ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﺣﻀــــﺎرة أو آﺛﺎر وأﺣﺮﻗﺖ‬ ‫ُ ﱢ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ وﻣﺰارﻋﻬﻢ ُ‬ ‫واﺳﺘﺨﺪﻣﻮا ﻛﻌﺒﻴﺪ وأرﻗﺎء‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ ُ ْ ُ‬ ‫وأﺳﺮ ﻓﻴﻬﺎ ٌ‬

‫أﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ ﰲ أرﻛﺎن‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ واﺳﺘﻤﺮ ﻫﺬا ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ ‪١٧٨٤‬م ﺣﻴﺚ ﺳﻘﻄﺖ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻴﺪ‬

‫ُ ﱢ‬ ‫ﺳﺨﺮوا ﻷﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ وﺣﺮث اﻷرض دون أي ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎدي‪.‬‬

‫اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺣﺘﻼل اﻟﺒﻮذي »ﺑﻮداﻳﺎي« ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ اﻻﺳــــــــــﺘﻌﻤﺎر‬ ‫)‪(٣‬‬

‫اﻟﱪﺗﻐﺎﻟﻲ ‪.‬‬

‫* اﻟﺴﻜﺎن واﻟﻤﺴﺎﺣﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‪:‬‬ ‫ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )‪ (٥٥‬ﺧﻤﺴـﺔ وﺧﻤﺴــﻴﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴــﻤﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ‪،‬‬ ‫وﻳﻘﻊ إﻗﻠﻴﻢ أرﻛﺎن اﻟﻤﺴـﻠﻢ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﺒﻮرﻣﺎ‪ ،‬وﺗﺸــﻴﺮ اﻹﺣﺼــﺎﺋﻴﺎت‬ ‫اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )ﺑﻮرﻣﺎ( إﻟﻰ ﱠ‬ ‫أن ﻋﺪد اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﺎرب اﻟﺴـﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ‬

‫ب‪ .‬ﺳﻴﺎﺳﺔ إﻧﻜﻠﱰا اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ‪:‬‬

‫أوﻃﺎﳖﻢ‪.‬‬

‫‪ - ٥‬إﻏﻼق اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ واﻟﻤﺪارس واﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ج‪ .‬اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺒﻮرﻣﺎ وﻣﺎ ﺟﺮى ﺑﻌﺪه ﻣﻦ أﺣﺪاث‪:‬‬

‫اﺣﺘﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻹﻗﻠﻴﻢ ﰲ ﺳــــﻨﺔ م ‪١٨٢٤‬م وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ إﺿـــــﻌﺎف ﻣﻜﺎﻧﺔ‬ ‫اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﰲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ وﺗﻘﻮﻳﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﰲ ﻛﻞ‬

‫ﻟﻤﺪة ‪ ٣‬ﺳــﻨﻮات ) ‪١٩٤٢‬م‪١٩٤٥/‬م (‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﻤﻞ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ‪ -‬ﻛﻌﺎدﲥﻢ‬

‫اﻟﻤﺠﺎﻻت‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻀـــــﻢ ﺑﻮرﻣﺎ إﻟﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‬

‫ﰲ اﻟﺨﺒﺚ ‪ -‬ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﰲ ﺻﻔﻬﻢ ﰲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ‬

‫ﺟﻌﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻣﻦ إﻗﻠﻴﻢ أراﻛﺎن ﻣﺴـــــــﺘﻌﻤﺮة ﻣﺴـــــــﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻬﻨﺪ‬ ‫اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ وﻋﺮﻓﺖ آﻧﺬاك ﺑﺎﺳﻢ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻧﺴﻤﺔ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٣‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺒﻴﺎن ‪ ،h p://albayan.co.uk/ar cle2.aspx?id=2177‬ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر‪h p://www.worldmapfinder.com/Ar/Asia/Myanmar،‬‬ ‫اﻟﻤﺼﺪر ‪ :‬اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻧﺖ ‪h p://www.aljazeera.net/news/interna onal/2007/10/1/%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%b1-‬‬ ‫‪%d9%85%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9‬‬ ‫)‪ (٤‬اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻧﺖ ‪h p://www.aljazeera.net/encyclopedia/ci esandregions/2015/5/24/%D8%B1%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D9%86‬‬

‫اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻘﺎﺑﻞ وﻋﺪﻫﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺼــــــــــــﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﺶ‬ ‫اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ‪ ،‬وﻟﻌﺐ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن دورا رﺋﻴﺴــﻴﺎ ﰲ إﻟﺤﺎق اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﻴﺎﺑﺎن ً‬ ‫ﻧﻈﺮا‬ ‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺘﻀـــــــــــﺎرﻳﺲ اﻟﺒﻼد‪ ،‬وإﺗﻘﺎﳖﻢ ﺣﺮب اﻷدﻏﺎل ﺣﻴﺚ ﻋﺠﺰ‬ ‫اﻟﺠﻴﺶ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻋﻦ ﺣﺴـــــﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻟﻮﻻ ﻣﻬﺎرة اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ‬ ‫واﺳﺘﺒﺴﺎﻟﻬﻢ ﰲ ﻗﺘﺎل اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ‪.‬‬ ‫*وﻟﻤﺎ اﻧﺴــــــــﺤﺐ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ ﻣﻦ ﺑﻮرﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ ارﺗﻜﺐ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أﻋﻤﺎﻻ‬ ‫اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻮن واﻟﺒﻮذﻳﻮن اﻟﺒﻮرﻣﻴﻮن اﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﻮن ﻣﻊ اﻟﺠـﻴﺶ اﻟـﻴﺎﺑﺎﲏ‬

‫ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺎودو‬

‫‪h p://mawdoo3.com/%D8%A3%D9%8A%D9%86_%D8%AA%D9%82%D8%B9_%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%85%D8%A‬‬ ‫‪7%D8%B1#.D8.AC.D9.85.D9.87.D9.88.D8.B1.D9.8A.D8.A9_.D9.85.D9.8A.D8.A7.D9.86.D9.85.D8.A7.D8.B1‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪72‬‬

‫*وﰲ ﻳﻮم ‪ ٤‬ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﺳـــــﻨﺔ ‪ ١٩٤٨‬ﻣﻨﺤﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻻﺳـــــﺘﻘﻼل‬ ‫أن ﺗﻤﻨﺢ ﺑﻮرﻣﺎ ُ ﱠ‬ ‫ﻟﺒﻮرﻣﺎ ﺷﺮﻳﻄﺔ ْ‬ ‫ﻛﻞ اﻟﻌﺮﻗﻴﺎت اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺸـــﺮ‬ ‫ﺳﻨﻮات إن رﻏﺒﻮا ﰲ ذﻟﻚ‪.‬‬ ‫و ﻟﻜﻦ ﻣﺎ إن ﺣﺼــــــﻞ اﻟﺒﻮرﻣﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻀــــــﻮا‬ ‫ﻋﻬﻮدﻫﻢ وﻋﻤﻠﻮا ﻋﻠﻰ إﺣﻜﺎم ﻗﺒﻀــﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ أراﻛﺎن اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﻤﺴـــﻠﻢ‪،‬‬ ‫ﻣﺘﺠﺎﻫﻠﻴﻦ ﺣﻘﻮق ﺳﻜﺎن أراﻛﺎن اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ‬ ‫واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ‪.‬‬

‫ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤـﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻏـﺰا اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ ﺑﻮرﻣﺎ واﺣﺘﻠﻬﺎ‬

‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻤﺮ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﺣﻮاﻟﻲ ‪ ١٠٠‬ﺳـﻨﺔ‪ ،‬وﰲ ﺳـﻨﺔ ‪١٩٣٧‬م‬

‫*وﰲ ﻋﺎم ‪١٩٤٧‬م ﻋﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤـــــــــــﺮ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ )ﺑﻨﻎ ﻟﻮﻧﻎ( اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ‬

‫ً‬ ‫وﺣﺸـــــــــﻴﺔ ﺿﺪ اﻟﻤﺴــــــــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺘﻠﻮا وأﺣﺮﻗﻮا ‪ ٣٠٧‬ﻣﻦ ﻗﺮى‬

‫اﻟﻌﺴــــﻜﺮ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﻘﻼب‬ ‫* وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴـــﻠﻢ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗﻢ ﺗﺸــﺮﻳﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ‬ ‫اﻟﺬي ﻗﺎده اﻟﺠﻨﺮال ﲏ وﻳﻦ ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٦٢‬م؛ ّ‬ ‫أﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ اﻟﻤﺠﺎورة‪.‬‬ ‫*وﰲ ﻋﺎم ‪ُ ١٩٨٢‬أﻟﻐﻴﺖ ﺟﻨﺴﻴﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺪﻋﻮى أﳖﻢ اﺳﺘﻮﻃﻨﻮا‬ ‫ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ‪١٨٢٤‬م )ﻋﺎم دﺧﻮل اﻻﺳـﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ إﻟﻰ ﺑﻮرﻣﺎ(‬ ‫وﻟﻴﺴﻮا ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ‪.‬‬ ‫* وﰲ ﻋﺎم ‪١٩٩١‬م ﺷﺮدت ﺑﻮرﻣﺎ ﺣﻮاﻟﻲ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺴـﻠﻢ إﻟﻰ‬ ‫ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬ ‫*ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ أﺻـــــﺪرت ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٨٨‬م ً‬ ‫ﻗﺮارا ﺑﺤﻈﺮ‬ ‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬أو إﺻﻼح وﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﺷﺮدوا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼــﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺴــﻠﻢ ﺟﺮاء ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺎزر‬

‫‪ 73‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* وﺻﻮل اﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﺑﻮرﻣﺎ‪:‬‬

‫وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴــــــــــــﺎﺣﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )‪ (٦٨٠‬أﻟﻒ ﻛﻢ ﻣﺮﺑﻊ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮف ﺑﺠﺒﺎﻟﻬﺎ‬

‫ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻤﺼـــــﺎدر اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺑﻮرﻣﺎ ﱠ‬ ‫أن اﻹﺳﻼم ﻗﺪ وﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ‬

‫اﻟﺸﺎﻫﻘﺔ وﻏﺎﺑﺎﲥﺎ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ إن ‪ ٧٠‬ﻣﻦ أراﺿﻴﻬﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻏﺎﺑﺎت ﺧﻀﺮاء‬

‫ﻋﻬﺪ ُ َ ّ‬ ‫ﻣﺒﻜﺮ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳـﻼم‪ ،‬وذﻟﻚ زﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ ﻫﺎرون اﻟﺮﺷـﻴﺪ‬

‫ﺗﻌﺘﱪ اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻮارد اﻟﺒﻼد‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻴﺶ ﻧﺴـﺒﺔ ‪ %٧٠‬ﻣﻦ ﺳﻜﺎﳖﺎ‬

‫رﺣﻤﻪ اﷲ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺰراﻋﺔ‪ ،‬وﺗﻌﺪ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﺗﺼـــﺪﻳﺮ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ‬

‫واﻟﺠﻴﻮش اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺼـــــــــــــﻞ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺎﻛﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ دﺧﻠﻬﺎ‬ ‫اﻹﺳﻼم ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺠﺎر اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻛﺸــﺄن ٍ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺘﻲ‬

‫أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺮﺻـﺎص‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻷﺳﻤﺎك‪ ،‬وﺗﺤﺘﻮي أراﺿـﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎدن ﻋﺪﻳﺪة ّ‬

‫دﺧﻠﺖ ﰲ دﻳﻦ اﻹﺳﻼم ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺄﺛﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎة واﻟﺘﺠﺎر اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬

‫واﻟﺒﱰول واﻟﻔﺤﻢ واﻟــﺮﺧﺎم‪ ،‬وﻫــﻲ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺜــﺮوات اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻨﺘﺞ اﻟﺤﺒﻮب‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ اﻷرز‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺘﺞ أﻧﻮاﻋﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮاﻛﻪ واﻟﺨﻀــــــﺮاوات‪ ،‬واﻟﺘﺒﻎ‬ ‫)‪(٤‬‬

‫اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺑﺄﺧﻼﻗﻬﻢ اﻟﺤﻤﻴﺪة وﺻﺪﻗﻬﻢ ﰲ اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ أن ﻳﺆﺛﺮوا ﰲ اﻟﺴـــــــﻜﺎن‬

‫اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﰲ ﺳﻨﺔ ‪١٩٤٢‬م‪.‬‬

‫وﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ّ‬ ‫ﺗﺼــﺪوا ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي‬ ‫أن اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ ﱠ‬ ‫ﺳــــﻠﻤﺖ زﻣﺎم أﻣﻮر‬ ‫أن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻐﺎدرة أراﻛﺎن‬

‫ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬وأﻟﺤﻘﻮا ﺑﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻬـــــــﺰاﺋﻢ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺑــــــــﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‬

‫أراﻛﺎن إﻟﻰ اﻹرﻫﺎﺑﻲ اﻟﺒﻮذي أوﺷﻮﺧﺎﺋﻦ اﻟﺬي ارﺗﻜﺐ أﺑﺸـــــﻊ اﻟﺠﺮاﺋﻢ‬

‫ﺗﺨﺸـﺎﻫﻢ‪ ،‬ﻓﺒﺪأت ﺣﻤﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻧﻔﻮذ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻠﺖ‬

‫ﺿﺪ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ إدﺧﺎل اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وأﺷـــــــــﻌﻠﺖ اﻟﺤﺮوب ﺑﻴﻦ‬

‫اﺳﺘﺸــــﻬﺪ‬ ‫*وﺧﻼل ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺳﻨﺔ ‪ ١٩٤٢‬إﻟﻰ ‪ُ ١٩٤٥‬‬

‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ واﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ إﺿﻌﺎف ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﰲ اﻟﺒﻼد‬

‫ﰲ اﻟﻤﺠﺎزر ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺴـــــﻠﻢ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ‬

‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻌﺴﻔﻴﺔ ﺗﻤﺜﻠﺖ أﺳﺎﺳﺎ ﰲ‪:‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮدﻳﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪان وﻳﺪﺧﻠﻮﻫﻢ ﰲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﻧﺠﺪ ﰲ ﺗﻠﻚ‬

‫* ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‬

‫‪ -١‬ﻃﺮد اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ وإﺣﻼل اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻣﻜﺎﳖﻢ‪.‬‬

‫اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺪر ﻣﻦ اﻷﺻـــــــــــﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أو اﻟﱰﻛﻴﺔ‬

‫أ‪ .‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻮداﻳﺎي ﰲ أراﻛﺎن‪:‬‬

‫‪ -٢‬ﻣﺼﺎدرة أﻣﻼﻛﻬﻢ وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪.‬‬

‫ودﻋﻴﺖ إﻟﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺌﺎت واﻟﻌﺮﻗﻴﺎت إﻻ‬ ‫ﻟﻠﺘﺤﻀــــــــــــﻴﺮ ﻟﻼﺳﺘﻘﻼل‪ُ ،‬‬

‫‪ -٣‬اﻟﺰج ﺑﺎﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ وﺧﺎﺻﺔ ﻗﺎدﲥﻢ ﰲ اﻟﺴــﺠﻮن أو ﻧﻔﻴﻬﻢ ﺧﺎرج‬

‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ )اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ( ﻹﺑﻌﺎدﻫﻢ ﻋﻦ ﺳﻴﺮ اﻷﺣﺪاث وﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻤﺼﻴﺮ‪.‬‬

‫واﻟﻤﻐﻮﻟﻴﺔ‪...‬‬

‫ﻗﺎم ﺑﻮداﻳﺎي ﺑﻀـــــﻢ اﻹﻗﻠﻴﻢ إﻟﻰ ﺑﻮرﻣﺎ ﺧﻮﻓ ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻧﺘﺸــــــﺎر اﻹﺳﻼم ﰲ‬

‫وﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﰲ ﺑﻼد ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ‬

‫دﻣﺮ اﻟﺒﻮذﻳﻮن ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬وﻗﺪ أﻣﻌﻦ ﰲ اﺿﻄﻬﺎد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ّ‬

‫أن ﺗﺴـــــــــــــــﺘﻤﺮ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮون وﻧﺼــــــــــــــــﻒ وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم‬

‫ً‬ ‫ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺴـﺎﺟﺪ وﻣﺪارس‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺘﻠﻮا اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬

‫)‪١١٩٨‬ﻫـ‪١٧٨٤/‬م(‪.‬‬

‫واﻟﺪﻋﺎة‪ ،‬وأﻃﻠﻖ ﺑﻮداﻳﺎي َ‬ ‫اﻟﻌﻨﺎن ﻟﻠﺒﻮذﻳﻴﻦ ﰲ اﺿﻄﻬﺎد اﻟﻤﺴـــــــــــﻠﻤﻴﻦ وﳖﺐ‬

‫‪ -٤‬ﺗﺤﺮﻳﺾ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﺿﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﻣﺪ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻼح ﺣﺘﻰ‬

‫وﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ازدﻫﺎرًا ﺛﻘﺎﻓﻴ وﺣﻀﺎرﻳ ﻟﻢ ﺗﻌﻬﺪه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ‬

‫ﺧﻴﺮاﲥﻢ‪ ،‬ﻓﺴـــــﺎﻣﻮا أﻫﻠﻬﺎ ﺳﻮء اﻟﻌﺬاب وأﻧﺰﻟﻮا ﻓﻴﻬﻢ أﻗﺴـــــﻰ أﻧﻮاع اﻟﻈﻠﻢ‪...‬‬

‫أوﻗﻌﻮا ﺑﺎﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﺎم ‪١٩٤٢‬م ﺣﻴﺚ ﻓﺘﻜﻮا ﺑﺤﻮاﻟﻲ ﻣﺎﺋﺔ‬

‫ﻗﺒﻞ‪ ،‬ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻋﻤﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻀـﺮوﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﻀــﺔ وﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ إﻟﻪ‬ ‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻮك‬ ‫إﻻ اﷲ ‪ ،‬وﻟﻘﺪ ﺗﺪاول ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﺴـــــــــﻠﻤﺔ ُ‬

‫وﺳﻮي ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷرض ُ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﺣﻀــــﺎرة أو آﺛﺎر وأﺣﺮﻗﺖ‬ ‫ُ ﱢ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ وﻣﺰارﻋﻬﻢ ُ‬ ‫واﺳﺘﺨﺪﻣﻮا ﻛﻌﺒﻴﺪ وأرﻗﺎء‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ ُ ْ ُ‬ ‫وأﺳﺮ ﻓﻴﻬﺎ ٌ‬

‫أﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ ﰲ أرﻛﺎن‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ واﺳﺘﻤﺮ ﻫﺬا ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ ‪١٧٨٤‬م ﺣﻴﺚ ﺳﻘﻄﺖ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻴﺪ‬

‫ُ ﱢ‬ ‫ﺳﺨﺮوا ﻷﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ وﺣﺮث اﻷرض دون أي ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎدي‪.‬‬

‫اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺣﺘﻼل اﻟﺒﻮذي »ﺑﻮداﻳﺎي« ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ اﻻﺳــــــــــﺘﻌﻤﺎر‬ ‫)‪(٣‬‬

‫اﻟﱪﺗﻐﺎﻟﻲ ‪.‬‬

‫* اﻟﺴﻜﺎن واﻟﻤﺴﺎﺣﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‪:‬‬ ‫ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )‪ (٥٥‬ﺧﻤﺴـﺔ وﺧﻤﺴــﻴﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴــﻤﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ‪،‬‬ ‫وﻳﻘﻊ إﻗﻠﻴﻢ أرﻛﺎن اﻟﻤﺴـﻠﻢ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﺒﻮرﻣﺎ‪ ،‬وﺗﺸــﻴﺮ اﻹﺣﺼــﺎﺋﻴﺎت‬ ‫اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )ﺑﻮرﻣﺎ( إﻟﻰ ﱠ‬ ‫أن ﻋﺪد اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﺎرب اﻟﺴـﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ‬

‫ب‪ .‬ﺳﻴﺎﺳﺔ إﻧﻜﻠﱰا اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ‪:‬‬

‫أوﻃﺎﳖﻢ‪.‬‬

‫‪ - ٥‬إﻏﻼق اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ واﻟﻤﺪارس واﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ج‪ .‬اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺒﻮرﻣﺎ وﻣﺎ ﺟﺮى ﺑﻌﺪه ﻣﻦ أﺣﺪاث‪:‬‬

‫اﺣﺘﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻹﻗﻠﻴﻢ ﰲ ﺳــــﻨﺔ م ‪١٨٢٤‬م وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ إﺿـــــﻌﺎف ﻣﻜﺎﻧﺔ‬ ‫اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﰲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ وﺗﻘﻮﻳﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﰲ ﻛﻞ‬

‫ﻟﻤﺪة ‪ ٣‬ﺳــﻨﻮات ) ‪١٩٤٢‬م‪١٩٤٥/‬م (‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﻤﻞ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ‪ -‬ﻛﻌﺎدﲥﻢ‬

‫اﻟﻤﺠﺎﻻت‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻀـــــﻢ ﺑﻮرﻣﺎ إﻟﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‬

‫ﰲ اﻟﺨﺒﺚ ‪ -‬ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﰲ ﺻﻔﻬﻢ ﰲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ‬

‫ﺟﻌﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻣﻦ إﻗﻠﻴﻢ أراﻛﺎن ﻣﺴـــــــﺘﻌﻤﺮة ﻣﺴـــــــﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻬﻨﺪ‬ ‫اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ وﻋﺮﻓﺖ آﻧﺬاك ﺑﺎﺳﻢ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻧﺴﻤﺔ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٣‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺒﻴﺎن ‪ ،h p://albayan.co.uk/ar cle2.aspx?id=2177‬ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر‪h p://www.worldmapfinder.com/Ar/Asia/Myanmar،‬‬ ‫اﻟﻤﺼﺪر ‪ :‬اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻧﺖ ‪h p://www.aljazeera.net/news/interna onal/2007/10/1/%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%b1-‬‬ ‫‪%d9%85%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9‬‬ ‫)‪ (٤‬اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻧﺖ ‪h p://www.aljazeera.net/encyclopedia/ci esandregions/2015/5/24/%D8%B1%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D9%86‬‬

‫اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻘﺎﺑﻞ وﻋﺪﻫﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺼــــــــــــﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﺶ‬ ‫اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ‪ ،‬وﻟﻌﺐ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن دورا رﺋﻴﺴــﻴﺎ ﰲ إﻟﺤﺎق اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﻴﺎﺑﺎن ً‬ ‫ﻧﻈﺮا‬ ‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺘﻀـــــــــــﺎرﻳﺲ اﻟﺒﻼد‪ ،‬وإﺗﻘﺎﳖﻢ ﺣﺮب اﻷدﻏﺎل ﺣﻴﺚ ﻋﺠﺰ‬ ‫اﻟﺠﻴﺶ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻋﻦ ﺣﺴـــــﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻟﻮﻻ ﻣﻬﺎرة اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ‬ ‫واﺳﺘﺒﺴﺎﻟﻬﻢ ﰲ ﻗﺘﺎل اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ‪.‬‬ ‫*وﻟﻤﺎ اﻧﺴــــــــﺤﺐ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ ﻣﻦ ﺑﻮرﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ ارﺗﻜﺐ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أﻋﻤﺎﻻ‬ ‫اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻮن واﻟﺒﻮذﻳﻮن اﻟﺒﻮرﻣﻴﻮن اﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﻮن ﻣﻊ اﻟﺠـﻴﺶ اﻟـﻴﺎﺑﺎﲏ‬

‫ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺎودو‬

‫‪h p://mawdoo3.com/%D8%A3%D9%8A%D9%86_%D8%AA%D9%82%D8%B9_%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%85%D8%A‬‬ ‫‪7%D8%B1#.D8.AC.D9.85.D9.87.D9.88.D8.B1.D9.8A.D8.A9_.D9.85.D9.8A.D8.A7.D9.86.D9.85.D8.A7.D8.B1‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪72‬‬

‫*وﰲ ﻳﻮم ‪ ٤‬ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﺳـــــﻨﺔ ‪ ١٩٤٨‬ﻣﻨﺤﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻻﺳـــــﺘﻘﻼل‬ ‫أن ﺗﻤﻨﺢ ﺑﻮرﻣﺎ ُ ﱠ‬ ‫ﻟﺒﻮرﻣﺎ ﺷﺮﻳﻄﺔ ْ‬ ‫ﻛﻞ اﻟﻌﺮﻗﻴﺎت اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺸـــﺮ‬ ‫ﺳﻨﻮات إن رﻏﺒﻮا ﰲ ذﻟﻚ‪.‬‬ ‫و ﻟﻜﻦ ﻣﺎ إن ﺣﺼــــــﻞ اﻟﺒﻮرﻣﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻀــــــﻮا‬ ‫ﻋﻬﻮدﻫﻢ وﻋﻤﻠﻮا ﻋﻠﻰ إﺣﻜﺎم ﻗﺒﻀــﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ أراﻛﺎن اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﻤﺴـــﻠﻢ‪،‬‬ ‫ﻣﺘﺠﺎﻫﻠﻴﻦ ﺣﻘﻮق ﺳﻜﺎن أراﻛﺎن اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ‬ ‫واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ‪.‬‬

‫ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤـﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻏـﺰا اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﺎﺑﺎﲏ ﺑﻮرﻣﺎ واﺣﺘﻠﻬﺎ‬

‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻤﺮ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﺣﻮاﻟﻲ ‪ ١٠٠‬ﺳـﻨﺔ‪ ،‬وﰲ ﺳـﻨﺔ ‪١٩٣٧‬م‬

‫*وﰲ ﻋﺎم ‪١٩٤٧‬م ﻋﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤـــــــــــﺮ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ )ﺑﻨﻎ ﻟﻮﻧﻎ( اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ‬

‫ً‬ ‫وﺣﺸـــــــــﻴﺔ ﺿﺪ اﻟﻤﺴــــــــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺘﻠﻮا وأﺣﺮﻗﻮا ‪ ٣٠٧‬ﻣﻦ ﻗﺮى‬

‫اﻟﻌﺴــــﻜﺮ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﻘﻼب‬ ‫* وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴـــﻠﻢ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗﻢ ﺗﺸــﺮﻳﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ‬ ‫اﻟﺬي ﻗﺎده اﻟﺠﻨﺮال ﲏ وﻳﻦ ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٦٢‬م؛ ّ‬ ‫أﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ اﻟﻤﺠﺎورة‪.‬‬ ‫*وﰲ ﻋﺎم ‪ُ ١٩٨٢‬أﻟﻐﻴﺖ ﺟﻨﺴﻴﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺪﻋﻮى أﳖﻢ اﺳﺘﻮﻃﻨﻮا‬ ‫ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ‪١٨٢٤‬م )ﻋﺎم دﺧﻮل اﻻﺳـﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ إﻟﻰ ﺑﻮرﻣﺎ(‬ ‫وﻟﻴﺴﻮا ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ‪.‬‬ ‫* وﰲ ﻋﺎم ‪١٩٩١‬م ﺷﺮدت ﺑﻮرﻣﺎ ﺣﻮاﻟﻲ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺴـﻠﻢ إﻟﻰ‬ ‫ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬ ‫*ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ أﺻـــــﺪرت ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٨٨‬م ً‬ ‫ﻗﺮارا ﺑﺤﻈﺮ‬ ‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬أو إﺻﻼح وﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﺷﺮدوا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼــﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺴــﻠﻢ ﺟﺮاء ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺎزر‬

‫‪ 73‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪:‬‬ ‫ﺳﻨﱠﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ ﻋﺎم ‪١٩٤٨‬م ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻜﻔﻼن اﻟﺠﻨﺴــــــــــﻴﺔ‬ ‫ﻟﻠﻤﺴـــــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎك‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات أﺷﺎﻋﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻦ ﻣﺂﺧﺬ‬ ‫وﺛﻐﺮات‪ ،‬وﻗﺪﻣﺖ ﰲ ‪ ٤‬ﻳﻮﻟﻴﻮ ‪١٩٨١‬م ﻣﺴـــــــﻮدة اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﺿﻴﻖ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺻﺪر ﻋﺎم ‪١٩٨٢‬م‪.‬‬

‫ﺗﺎﺳﻌ ‪ :‬وﺿﻊ اﻟﻌﻘﺒﺎت واﻟﻌﻮاﺋﻖ أﻣﺎم ﺗﻌﻠﻴﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ ﰲ اﻟﻤﺪارس‬ ‫واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫وﻟﻌﻞ أﻛﱪ وأﺑﺮز ﺟﻬﺪ رﺳﻤﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻘﻀــــﻴﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ دﻋﺎ اﻟﺴــــﻴﺪ رﺟﺐ‬ ‫ﻃﻴﺐ أردوﻏﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ وأﻛﺪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ ‪٢٠١٧ -٩-١٠/‬م‪ /‬ﻋﻠﻰ أن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ‪ ،‬وﺧﺼﻮﺻﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﻘﻮم‬

‫ً‬ ‫ﻋﺎﺷﺮا‪ :‬ﻋﺪم اﻟﺴــﻤﺎح ﻟﻠﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺸـــﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ‪.‬‬

‫ﺑﺒﺬل ﻛﻞ اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻹﳖﺎء ﻫﺬا اﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬واﻟﺘﻜﺎﺗﻒ واﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﻣﻌﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻳﻘﺎﻓﻪ‪ ،‬وﻗﺪ زار وﻓﺪ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﺗﺮﻛﻲ رﻓﻴﻊ اﻟﻤﺴــــــــــــــﺘﻮى أﻣﺎﻛﻦ ﻟﺠﻮء‬ ‫اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﰲ ﺑﻨﻐﻼدش ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أوﺿﺎع اﻟﻤﺸﺮدﻳﻦ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻟﻐﺬاﺋﻲ واﻟﻄﺒﻲ اﻟﻼزم ﻟﻬﻢ‪.‬‬

‫* ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺴﻠﻤﻲ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ‪:‬‬

‫وﻛﺎن ﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﻮﻓﺪ زوﺟﺔ اﻟﺴــــﻴﺪ رﺟﺐ ﻃﻴﺐ أردوﻏﺎن‪ ،‬و ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﱰﻛﻲ‪ ،‬رﺟﺐ أﻗﺪاغ اﻟﺬي ذﻛﺮ أن ﺑﻼده ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ‬

‫أن اﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺘﻲ َ ِ‬ ‫ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف ﱠ‬ ‫ﻟﺤﻘﺖ ﺑﺎﻟﻤﺴـــــــــــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ اﻟﻌﻘﻮد‬

‫اﻟﺒﻨﻐﺎﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺮوض‪ ،‬ﻹﻧﺸـﺎء ﻣﺮﻛﺰ إﻳﻮاء وﻣﺸـﺎﰲ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ‪ ،‬وﺣﻔﺮ آﺑﺎر ﻟﻤﻴﺎه اﻟﺸـﺮب ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﰲ ﺑﻨﻐﻼدش‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻀــﻢ‬

‫ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺣﻴﺚ ُﺻﻨﱢﻔﻮا ﻋﻠـﻰ أﳖﻢ أﺟﺎﻧﺐ دﺧﻠﻮا ﺑﻮرﻣﺎ ﻻﺟﺌﻴﻦ‬

‫اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة وﻻﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻟﻌﺼــﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﺪ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻠﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺸـﻴﺮا إﻟﻰ أن ﺑﻼده ﺗﺨﻄﻂ ﻟﺒﻨﺎء ﻣﺴـﺘﺸـﻔﻴﻴﻦ ﻣﻴﺪاﻧﻴﻴﻦ ﺣﻮل‬ ‫أﻗﺴـﺎﻣﺎ ﻣﺨﺼـﺼـﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﻛﺰ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻹﻳﻮاء‪،‬‬ ‫ً‬

‫أﺛﻨﺎء اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ‪.‬‬

‫واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أدى إﻟﻰ ﺗﺮاﺟﻊ دور اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ ُﻧﺼـــــﺮة إﺧﻮاﳖﻢ ﰲ أﻏﻠﺐ ﺑﻘﺎع‬

‫اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻘﺴﻢ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ إﻟﻰ ﺛﻼث ﻣﺮاﺗﺐ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن‬ ‫ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن‬ ‫ُ‬

‫وﻟﻠﻔﺌﺘﻴﻦ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺘﺴـﺎوﻳﺔ ﰲ اﻟﺸـﺆون اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وإدارة ﺷﺆون اﻟﺪوﻟﺔ‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬ﻓﺎﻟﺠﻨﺴـــــﻴﺔ إﻧﻤﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﻄﻠﺐ ﻳﻘﺪم ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺸــــــﺮوط‬ ‫ﺗﻌﺠﻴﺰﻳﺔ‪.‬‬

‫* ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻴﻬﺎ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻈﺎم ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪:‬‬ ‫أوﻻً ‪ :‬إﻟﻐﺎء ﺟﻨﺴــــــﻴﺔ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﰲ أراﻛﺎن ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن‬ ‫اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ واﻟﺠﻨﺴﻴﺔ واﻟﺬي وﺿﻊ ﰲ ﺳﻨﺔ ‪١٩٨٢‬م‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﺣﺮﻣﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺴﻔﺮ واﻟﺘﻨﻘﻞ داﺧﻞ اﻟﺒﻠﺪ وﺧﺎرﺟﻪ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬اﻋﺘﻘﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺗﻌﺬﻳﺒﻬﻢ ﰲ اﻟﻤﻌﺘﻘﻼت ﺑﺪون ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ‪.‬‬ ‫راﺑﻌ ‪ :‬إﺟﺒﺎر اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﺴـــــﺨﺮة دون أﺟﺮ ﻛﻌﺒﻴﺪ‬ ‫اﻟﻄﺮق وﺣﻔﺮ اﻟﺨﻨﺎدق ﰲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ...‬وذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ ﻋﺪم ﻣﻨﺎﺻﺮة اﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﰲ اﻟﺼـﻮﻣﺎل وﺑﻌﺾ‬ ‫ﺑﻼد أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻛﺬا ﰲ اﻟﺒﻮﺳﻨﺎ واﻟﻬﺮﺳﻚ وﻣﺴﻠﻤﻲ اﻟﺸﻴﺸﺎن وأﻓﻐﺎﻧﺴـﺘﺎن وﻟﻴﺴـﺖ‬

‫أن ِ‬ ‫ﻳﺆﺳﻒ ﻟﻪ ﱠ‬ ‫ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻫﻨﺎك‪ ،‬وﻛﺎن ﻫﻤﻪ اﻷﻛﱪ إﻳﺼﺎل اﻟﺼﻮت اﻟﺸـﻴﻌﻲ اﻟﺼـﻔﻮي‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻣﺎرﺳﻮا ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﰲ‬ ‫أن ﱠ‬ ‫اﻟﺘﺸﻴﻊ اﻟﺼﻔﻮي اﺳﺘﻄﺎع ْ َ‬ ‫ﻣﻤﺎ َ‬

‫ﻗﻀﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻨﺎ ﺑﺒﻌﻴﺪة ‪...‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ اﺣﺘﻼل اﻟﻌﺮاق ﻣﻦ ِ َﻗﺒﻞ أﻣﻴﺮﻛﺎ وﺗﺴــــــــــﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻠﻤﺤﺘﻞ اﻹﻳﺮاﲏ‪،‬‬

‫اﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﻢ ﻫﻨﺎك‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻬﻢ‪ ،‬وﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻣﺨﺎزن ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﻪ‪ ،‬وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ّ‬ ‫ﻓﺈن ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ ﺳﺒﻊ‬ ‫ﺣﺴـــﻴﻨﻴﺎت‪ ،‬وﻟﻬﻢ ﺟﻤﻌﻴﺘﺎن‪ :‬اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺨﻮﺟﺎ اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸـــﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻳﻤﺎرﺳﻮن ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﰲ اﻟﺸـــﻮارع ﰲ ﻣﺴـــﻴﺮات ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ دون أي‬

‫وأﺧﻴﺮا وﻗﻮف اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﺪﻋﻲ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴـﺎن ﰲ وﺟﻪ اﻟﺸــﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﻣﻌﺎرﺿﺔ أو ﻣﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ وﻻ اﻟﺮﻫﺒﺎن اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎرك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﺎﻧﻐﻮ و ﺑﺮوم ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺤﺮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ُﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬واﻟﺪﻋﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻤﺴـﺘﻤﻴﺖ ﻟﺒﻌﺾ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻌﺮب وﺗﺴـــﻠﻴﻄﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﲠﻢ ﻛﺪﻋﻤﻪ ﻻﻧﻘﻼب اﻟﺴـــﻴﺴـــﻲ ﻋﻠﻰ‬

‫وﻳﺬﻛﺮ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻤﺪ اﻟﺸـﻴﻌﻲ ﺑﺪأ ﻳﻐﺰو ﻣﺴــﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻋﻘﺪ اﻟﺮﻫﺒﺎن اﻟﺒﻮذﻳﻮن وﺷﻴﻮخ اﻟﺸــﻴﻌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻣﺘﻜﺮرة ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻮرﻣﺎ وإﻳﺮان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وذﻟﻚ ﲠﺪف اﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﺸﻴﻊ ﺑﻴﻦ أوﺳﺎط ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﺴﻨﻴﻴﻦ‪.‬‬

‫ﺷﺮﻋﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﻫﺎ ﻣﺮﺳﻲ‪ ،‬وﻣﻨﺎﺻﺮة ﺣﻔﱰ‪ ،‬واﻟﺴــــــﻌﻲ ﻟﺘﻠﻤﻴﻊ ﺑﻘﺎﻳﺎ‬

‫وﻗﺪ ﺣﺬر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺷﻄﻴﻦ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺪ اﻟﺸـــــــﻴﻌﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺒﻮا اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺴـــــــﺮﻋﺔ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬

‫اﻟﻨّﻈﺎم ﰲ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬وﻣﺎ ﺣﺼـــــــــﻞ ﻟﻠﺴـــــــــﻮرﻳﻴﻦ ﻛﺄﻛﱪ ﻣﺄﺳﺎة َ ِ‬ ‫ﺷﻬﺪﻫﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬

‫اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ ﻳﺎﻧﻐﻮن " وﻓﺘﺢ ﻣﺠﺎل اﻟﺤﺼـــــــﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺢ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وإرﺳﺎل اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺪﻋﺎة ﻹﻗﺎﻣﺔ دورات ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺷﺮﻋﻴﺔ‬

‫اﻟﻤﺴـﺘﻀـﻌﻔﻴﻦ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﻌﻴﺪة اﻟﻤﻨﺎل‪،‬‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ...‬ﻛﻞ ﻫﺬا ﺟﻌﻞ ُﻧﺼﺮة ُ‬

‫ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎك" )‪.(٧‬‬

‫ﻓﻔﺎﻗﺪ اﻟﺸﻲء ﻻ ُﻳﻌﻄﻴﻪ‪.‬‬ ‫وﻗﺪ اﻗﺼــﺮت ﻧﺼــﺮة إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﺒﻮرﻣﻴﻴﻦ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ﺧﺎﻣﺴ ‪ :‬ﲥﺠﻴﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺗﺸﺮﻳﺪﻫﻢ وﺗﻮﻃﻴﻦ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻣﺤﻠﻬﻢ‪.‬‬ ‫ﺳﺎدﺳ ‪ :‬ﻣﺼﺎدرة أوﻗﺎف اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وأراﺿﻴﻬﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ‪.‬‬

‫اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﺗﻌﻴﺸـــــﻪ اﻷﻣﺔ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ اﻟﻤﺴـــــﺘﻄﺎع‪ ،‬إذ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺮاﻛﺰ‬

‫ﺳﺎﺑﻌ ‪ :‬ﳖﺐ أﻣﻮال اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ وﻣﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻴﺮاد واﻟﺘﺼــــــﺪﻳﺮ أو‬

‫اﻹﻋﻼم اﻟﻜﺎﰲ ﻟﺸـﺮح اﻟﻘﻀــﻴﺔ وﺗﻐﻄﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﻮاﻧﺐ ﻓﻀــﻼ ﻋﻦ ﻗﺪرﲥﻢ‬ ‫ﻋﻠﻰ إرﺳﺎل ﺟﻴﻮش إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ﻛﻤﺎ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﺤﻤﺴـــــــــﻴﻦ‪ ،‬وﻻ‬

‫ﺛﺎﻣﻨ ‪ :‬أﺑﻮاب اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﺴـﺪودة أﻣﺎم ﻣﺴــﻠﻤﻲ أراﻛﺎن واﻟﻨﺴــﺒﺔ‬

‫ﻧﻨﺴﻰ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﺑﻴﺎن اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﺼـﺎدر ﺑﺘﺎرﻳﺦ ‪ ١٥‬ﻣﻦ‬

‫اﻟﻀــﺌﻴﻠﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻤﻦ ﺗﻘﻠﺪوا اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ ُأﺟﱪوا ﻋﻠﻰ‬

‫ذي اﻟﺤﺠﺔ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟـ ‪٦‬أﻳﻠﻮل ‪ ٢٠١٧‬واﻟﺬي دﻋﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﺸــــﻌﻮب واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت‬

‫اﻻﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻣﻦ وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺮﻛﺰ ‪.‬‬

‫* إﻳﺮان ودورﻫﺎ اﻟﺼﻔﻮي‪:‬‬

‫ﻋﻠـــﻰ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻤﻨﺪدة ﺑﺎﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬واﻟﺪﻋﺎء ﻟﻬﻢ‪ ،‬وﻋﻠــــﻰ اﻟﻌﻤﻮم وﺑﺪاﻓﻊ‬

‫ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ‪.‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫)‪(٥‬‬

‫إﻟﻰ ﻣﻨﺎﺻﺮة إﺧﻮاﳖﻢ ﻫﻨﺎك وﻋﺪم ﺧﺬﻻﳖﻢ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪https://www.facebook.com/syrian.islamic.council/photos/a.781137371906199.1073741830.78104692858(٥‬‬

‫)‪ (٦‬رﻧﺎ ﺑﺮﻳﺲ ‪h p://www.rna-press.com/ar/news/31823.html٬‬‬ ‫)‪ (٧‬ﺑﺘﺼﺮف ﻣﻦ وﻛﺎﻟﺔ أﻧﺒﺎء اﻟﺮوﻫﻨﻐﺎ ‪.h p://www.rna-press.com/ar/news/29707.html‬‬

‫‪1910/1682583055094955/?type=3&theater‬‬

‫وﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻹﻟﻜﱰوﲏ‪http://www.almotamar.net/15707.htm. :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪74‬‬

‫‪ 75‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪:‬‬ ‫ﺳﻨﱠﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ ﻋﺎم ‪١٩٤٨‬م ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻜﻔﻼن اﻟﺠﻨﺴــــــــــﻴﺔ‬ ‫ﻟﻠﻤﺴـــــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎك‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات أﺷﺎﻋﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻦ ﻣﺂﺧﺬ‬ ‫وﺛﻐﺮات‪ ،‬وﻗﺪﻣﺖ ﰲ ‪ ٤‬ﻳﻮﻟﻴﻮ ‪١٩٨١‬م ﻣﺴـــــــﻮدة اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﺿﻴﻖ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺻﺪر ﻋﺎم ‪١٩٨٢‬م‪.‬‬

‫ﺗﺎﺳﻌ ‪ :‬وﺿﻊ اﻟﻌﻘﺒﺎت واﻟﻌﻮاﺋﻖ أﻣﺎم ﺗﻌﻠﻴﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ ﰲ اﻟﻤﺪارس‬ ‫واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫وﻟﻌﻞ أﻛﱪ وأﺑﺮز ﺟﻬﺪ رﺳﻤﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻘﻀــــﻴﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ دﻋﺎ اﻟﺴــــﻴﺪ رﺟﺐ‬ ‫ﻃﻴﺐ أردوﻏﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ وأﻛﺪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ ‪٢٠١٧ -٩-١٠/‬م‪ /‬ﻋﻠﻰ أن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ‪ ،‬وﺧﺼﻮﺻﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﻘﻮم‬

‫ً‬ ‫ﻋﺎﺷﺮا‪ :‬ﻋﺪم اﻟﺴــﻤﺎح ﻟﻠﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺸـــﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ‪.‬‬

‫ﺑﺒﺬل ﻛﻞ اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻹﳖﺎء ﻫﺬا اﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬واﻟﺘﻜﺎﺗﻒ واﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﻣﻌﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻳﻘﺎﻓﻪ‪ ،‬وﻗﺪ زار وﻓﺪ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﺗﺮﻛﻲ رﻓﻴﻊ اﻟﻤﺴــــــــــــــﺘﻮى أﻣﺎﻛﻦ ﻟﺠﻮء‬ ‫اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﰲ ﺑﻨﻐﻼدش ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أوﺿﺎع اﻟﻤﺸﺮدﻳﻦ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻟﻐﺬاﺋﻲ واﻟﻄﺒﻲ اﻟﻼزم ﻟﻬﻢ‪.‬‬

‫* ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺴﻠﻤﻲ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ‪:‬‬

‫وﻛﺎن ﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﻮﻓﺪ زوﺟﺔ اﻟﺴــــﻴﺪ رﺟﺐ ﻃﻴﺐ أردوﻏﺎن‪ ،‬و ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﱰﻛﻲ‪ ،‬رﺟﺐ أﻗﺪاغ اﻟﺬي ذﻛﺮ أن ﺑﻼده ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ‬

‫أن اﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺘﻲ َ ِ‬ ‫ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف ﱠ‬ ‫ﻟﺤﻘﺖ ﺑﺎﻟﻤﺴـــــــــــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ اﻟﻌﻘﻮد‬

‫اﻟﺒﻨﻐﺎﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺮوض‪ ،‬ﻹﻧﺸـﺎء ﻣﺮﻛﺰ إﻳﻮاء وﻣﺸـﺎﰲ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ‪ ،‬وﺣﻔﺮ آﺑﺎر ﻟﻤﻴﺎه اﻟﺸـﺮب ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﰲ ﺑﻨﻐﻼدش‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻀــﻢ‬

‫ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺣﻴﺚ ُﺻﻨﱢﻔﻮا ﻋﻠـﻰ أﳖﻢ أﺟﺎﻧﺐ دﺧﻠﻮا ﺑﻮرﻣﺎ ﻻﺟﺌﻴﻦ‬

‫اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة وﻻﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻟﻌﺼــﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﺪ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻠﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺸـﻴﺮا إﻟﻰ أن ﺑﻼده ﺗﺨﻄﻂ ﻟﺒﻨﺎء ﻣﺴـﺘﺸـﻔﻴﻴﻦ ﻣﻴﺪاﻧﻴﻴﻦ ﺣﻮل‬ ‫أﻗﺴـﺎﻣﺎ ﻣﺨﺼـﺼـﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﻛﺰ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻹﻳﻮاء‪،‬‬ ‫ً‬

‫أﺛﻨﺎء اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ‪.‬‬

‫واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أدى إﻟﻰ ﺗﺮاﺟﻊ دور اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ ُﻧﺼـــــﺮة إﺧﻮاﳖﻢ ﰲ أﻏﻠﺐ ﺑﻘﺎع‬

‫اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻘﺴﻢ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ إﻟﻰ ﺛﻼث ﻣﺮاﺗﺐ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن‬ ‫ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن‬ ‫ُ‬

‫وﻟﻠﻔﺌﺘﻴﻦ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺘﺴـﺎوﻳﺔ ﰲ اﻟﺸـﺆون اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وإدارة ﺷﺆون اﻟﺪوﻟﺔ‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬ﻓﺎﻟﺠﻨﺴـــــﻴﺔ إﻧﻤﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﻄﻠﺐ ﻳﻘﺪم ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺸــــــﺮوط‬ ‫ﺗﻌﺠﻴﺰﻳﺔ‪.‬‬

‫* ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻴﻬﺎ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻈﺎم ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ‪:‬‬ ‫أوﻻً ‪ :‬إﻟﻐﺎء ﺟﻨﺴــــــﻴﺔ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﰲ أراﻛﺎن ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن‬ ‫اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ واﻟﺠﻨﺴﻴﺔ واﻟﺬي وﺿﻊ ﰲ ﺳﻨﺔ ‪١٩٨٢‬م‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﺣﺮﻣﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺴﻔﺮ واﻟﺘﻨﻘﻞ داﺧﻞ اﻟﺒﻠﺪ وﺧﺎرﺟﻪ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬اﻋﺘﻘﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺗﻌﺬﻳﺒﻬﻢ ﰲ اﻟﻤﻌﺘﻘﻼت ﺑﺪون ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ‪.‬‬ ‫راﺑﻌ ‪ :‬إﺟﺒﺎر اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﺴـــــﺨﺮة دون أﺟﺮ ﻛﻌﺒﻴﺪ‬ ‫اﻟﻄﺮق وﺣﻔﺮ اﻟﺨﻨﺎدق ﰲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ...‬وذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ ﻋﺪم ﻣﻨﺎﺻﺮة اﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﰲ اﻟﺼـﻮﻣﺎل وﺑﻌﺾ‬ ‫ﺑﻼد أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻛﺬا ﰲ اﻟﺒﻮﺳﻨﺎ واﻟﻬﺮﺳﻚ وﻣﺴﻠﻤﻲ اﻟﺸﻴﺸﺎن وأﻓﻐﺎﻧﺴـﺘﺎن وﻟﻴﺴـﺖ‬

‫أن ِ‬ ‫ﻳﺆﺳﻒ ﻟﻪ ﱠ‬ ‫ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻫﻨﺎك‪ ،‬وﻛﺎن ﻫﻤﻪ اﻷﻛﱪ إﻳﺼﺎل اﻟﺼﻮت اﻟﺸـﻴﻌﻲ اﻟﺼـﻔﻮي‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻣﺎرﺳﻮا ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﰲ‬ ‫أن ﱠ‬ ‫اﻟﺘﺸﻴﻊ اﻟﺼﻔﻮي اﺳﺘﻄﺎع ْ َ‬ ‫ﻣﻤﺎ َ‬

‫ﻗﻀﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻨﺎ ﺑﺒﻌﻴﺪة ‪...‬‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ اﺣﺘﻼل اﻟﻌﺮاق ﻣﻦ ِ َﻗﺒﻞ أﻣﻴﺮﻛﺎ وﺗﺴــــــــــﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻠﻤﺤﺘﻞ اﻹﻳﺮاﲏ‪،‬‬

‫اﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﻢ ﻫﻨﺎك‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻬﻢ‪ ،‬وﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻣﺨﺎزن ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﻪ‪ ،‬وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ّ‬ ‫ﻓﺈن ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ ﺳﺒﻊ‬ ‫ﺣﺴـــﻴﻨﻴﺎت‪ ،‬وﻟﻬﻢ ﺟﻤﻌﻴﺘﺎن‪ :‬اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺨﻮﺟﺎ اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸـــﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻳﻤﺎرﺳﻮن ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﰲ اﻟﺸـــﻮارع ﰲ ﻣﺴـــﻴﺮات ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ دون أي‬

‫وأﺧﻴﺮا وﻗﻮف اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﺪﻋﻲ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴـﺎن ﰲ وﺟﻪ اﻟﺸــﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﻣﻌﺎرﺿﺔ أو ﻣﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ وﻻ اﻟﺮﻫﺒﺎن اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎرك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﺎﻧﻐﻮ و ﺑﺮوم ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت‪.‬‬

‫اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺤﺮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ُﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬واﻟﺪﻋﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻤﺴـﺘﻤﻴﺖ ﻟﺒﻌﺾ‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻌﺮب وﺗﺴـــﻠﻴﻄﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﲠﻢ ﻛﺪﻋﻤﻪ ﻻﻧﻘﻼب اﻟﺴـــﻴﺴـــﻲ ﻋﻠﻰ‬

‫وﻳﺬﻛﺮ ﱠ‬ ‫أن اﻟﻤﺪ اﻟﺸـﻴﻌﻲ ﺑﺪأ ﻳﻐﺰو ﻣﺴــﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻋﻘﺪ اﻟﺮﻫﺒﺎن اﻟﺒﻮذﻳﻮن وﺷﻴﻮخ اﻟﺸــﻴﻌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻣﺘﻜﺮرة ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻮرﻣﺎ وإﻳﺮان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وذﻟﻚ ﲠﺪف اﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﺸﻴﻊ ﺑﻴﻦ أوﺳﺎط ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺑﻮرﻣﺎ اﻟﺴﻨﻴﻴﻦ‪.‬‬

‫ﺷﺮﻋﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﻫﺎ ﻣﺮﺳﻲ‪ ،‬وﻣﻨﺎﺻﺮة ﺣﻔﱰ‪ ،‬واﻟﺴــــــﻌﻲ ﻟﺘﻠﻤﻴﻊ ﺑﻘﺎﻳﺎ‬

‫وﻗﺪ ﺣﺬر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺷﻄﻴﻦ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺪ اﻟﺸـــــــﻴﻌﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺒﻮا اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺴـــــــﺮﻋﺔ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬

‫اﻟﻨّﻈﺎم ﰲ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬وﻣﺎ ﺣﺼـــــــــﻞ ﻟﻠﺴـــــــــﻮرﻳﻴﻦ ﻛﺄﻛﱪ ﻣﺄﺳﺎة َ ِ‬ ‫ﺷﻬﺪﻫﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬

‫اﻟﺒﻮرﻣﻴﺔ ﻳﺎﻧﻐﻮن " وﻓﺘﺢ ﻣﺠﺎل اﻟﺤﺼـــــــﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺢ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وإرﺳﺎل اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺪﻋﺎة ﻹﻗﺎﻣﺔ دورات ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺷﺮﻋﻴﺔ‬

‫اﻟﻤﺴـﺘﻀـﻌﻔﻴﻦ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﻌﻴﺪة اﻟﻤﻨﺎل‪،‬‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ...‬ﻛﻞ ﻫﺬا ﺟﻌﻞ ُﻧﺼﺮة ُ‬

‫ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎك" )‪.(٧‬‬

‫ﻓﻔﺎﻗﺪ اﻟﺸﻲء ﻻ ُﻳﻌﻄﻴﻪ‪.‬‬ ‫وﻗﺪ اﻗﺼــﺮت ﻧﺼــﺮة إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﺒﻮرﻣﻴﻴﻦ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ﺧﺎﻣﺴ ‪ :‬ﲥﺠﻴﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺗﺸﺮﻳﺪﻫﻢ وﺗﻮﻃﻴﻦ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻣﺤﻠﻬﻢ‪.‬‬ ‫ﺳﺎدﺳ ‪ :‬ﻣﺼﺎدرة أوﻗﺎف اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وأراﺿﻴﻬﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺒﻮذﻳﻴﻦ ‪.‬‬

‫اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﺗﻌﻴﺸـــــﻪ اﻷﻣﺔ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ اﻟﻤﺴـــــﺘﻄﺎع‪ ،‬إذ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺮاﻛﺰ‬

‫ﺳﺎﺑﻌ ‪ :‬ﳖﺐ أﻣﻮال اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ وﻣﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻴﺮاد واﻟﺘﺼــــــﺪﻳﺮ أو‬

‫اﻹﻋﻼم اﻟﻜﺎﰲ ﻟﺸـﺮح اﻟﻘﻀــﻴﺔ وﺗﻐﻄﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﻮاﻧﺐ ﻓﻀــﻼ ﻋﻦ ﻗﺪرﲥﻢ‬ ‫ﻋﻠﻰ إرﺳﺎل ﺟﻴﻮش إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ﻛﻤﺎ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﺤﻤﺴـــــــــﻴﻦ‪ ،‬وﻻ‬

‫ﺛﺎﻣﻨ ‪ :‬أﺑﻮاب اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﺴـﺪودة أﻣﺎم ﻣﺴــﻠﻤﻲ أراﻛﺎن واﻟﻨﺴــﺒﺔ‬

‫ﻧﻨﺴﻰ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﺑﻴﺎن اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﺼـﺎدر ﺑﺘﺎرﻳﺦ ‪ ١٥‬ﻣﻦ‬

‫اﻟﻀــﺌﻴﻠﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻤﻦ ﺗﻘﻠﺪوا اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﻳﻄﺎﲏ ُأﺟﱪوا ﻋﻠﻰ‬

‫ذي اﻟﺤﺠﺔ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟـ ‪٦‬أﻳﻠﻮل ‪ ٢٠١٧‬واﻟﺬي دﻋﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﺸــــﻌﻮب واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت‬

‫اﻻﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻣﻦ وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺮﻛﺰ ‪.‬‬

‫* إﻳﺮان ودورﻫﺎ اﻟﺼﻔﻮي‪:‬‬

‫ﻋﻠـــﻰ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻤﻨﺪدة ﺑﺎﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬واﻟﺪﻋﺎء ﻟﻬﻢ‪ ،‬وﻋﻠــــﻰ اﻟﻌﻤﻮم وﺑﺪاﻓﻊ‬

‫ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ‪.‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫)‪(٥‬‬

‫إﻟﻰ ﻣﻨﺎﺻﺮة إﺧﻮاﳖﻢ ﻫﻨﺎك وﻋﺪم ﺧﺬﻻﳖﻢ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪https://www.facebook.com/syrian.islamic.council/photos/a.781137371906199.1073741830.78104692858(٥‬‬

‫)‪ (٦‬رﻧﺎ ﺑﺮﻳﺲ ‪h p://www.rna-press.com/ar/news/31823.html٬‬‬ ‫)‪ (٧‬ﺑﺘﺼﺮف ﻣﻦ وﻛﺎﻟﺔ أﻧﺒﺎء اﻟﺮوﻫﻨﻐﺎ ‪.h p://www.rna-press.com/ar/news/29707.html‬‬

‫‪1910/1682583055094955/?type=3&theater‬‬

‫وﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻹﻟﻜﱰوﲏ‪http://www.almotamar.net/15707.htm. :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪74‬‬

‫‪ 75‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻣﺴﻠﻤﻮ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ واﺳﺘﻤﺮار ﺗﺂﻣﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ‬ ‫ﻣﻊ زﻋﻴﻤﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر‪:‬‬ ‫ﻻزاﻟﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺒﻮذﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻣﺴــﺘﻤﺮة ﻣﻊ ﺗﺄﻳﻴﺪ ُﻣﻄﻠﻖ ﻣﻦ ذﺋﺎب اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮن اﻟﺸــﺮف واﻷﺧﻼق‪ ،‬وﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﻨﺼـــﺔ‬ ‫ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ إﻟﺰام زﻋﻴﻤﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر أوﻧﻎ ﺳﺎن ﺳﻮ ﻛﻲ ﺑﺈﻳﻘﺎف اﻟﻤﺠﺎز وﻫﺬا ُﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻨﻈﺎم ﺑﺸﺎر وﻣﺮﺗﺰﻗﺘﻪ‪.‬‬ ‫ورد ﻓﻌﻞ ﻣﻨﺼـﺎت اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴـﺎن ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻜﻼم ‪ -‬ﰲ ﺣﺎل ﺣﺼــﻮﻟﻪ ‪ -‬وﻗﺪ رﻓﻀــﺖ زﻋﻴﻤﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر أوﻧﺞ‬ ‫ﺳـﺎن ﺳــﻮ ﻛﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﺿــﺪ أﻗﻠﻴﺔ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ‪ ،‬وﻗﺎﻟﺖ إن ﻗﺮار اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻻ ﻳﺘﻤﺎﺷــﻰ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻠﻰ اﻻرض‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻐﺮاﺋﺐ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺠﺮﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺷﺤﺔ ﻣﻦ ِ َﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﻟﻨﻴﻞ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼم‪.‬‬ ‫أن ﻫﺬه ُ‬ ‫ً‬ ‫ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﺒﺴـﻂ ﻧﻔﻮذﻫﺎ‪ ،‬وﺗﻐﻠﻐﻠﻬﺎ اﻟﻌﺴــﻜﺮي واﻟﺘﺠﺎري‪،‬‬ ‫ﻣﻊ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﻮﺟﻮد دﻋﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود ﻣﻦ ِ َﻗﺒﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺘﻲ رأت ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺪث‬ ‫ﺣﻴﺚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺑﻮرﻣﺎ ﻣﻤﺘﺪة ﻣﻨﺬ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت ﺣﺴﺐ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺣﻴﻦ زارت ﺑﻌﺜﺔ ﻋﺴـﻜﺮﻳﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﺑﻮرﻣﺎ‬ ‫ﰲ ﻋﺎم ‪ ،١٩٥٤‬وﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺰﻳﺎرة ﺑﻌﺎم ﺑﺎﻋﺖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻟﺒﻮرﻣﺎ ذﺧﺎﺋﺮ وﻣﻌﺪات ﻗﺘﺎﻟﻴﺔ وأﺳﻠﺤﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻋﺸـﺮات اﻟﺴــﻨﻮات‪. ،‬وﺗﻼﺣﻘﺖ ﺑﻌﺪ‬ ‫ﻣﻌﺪات اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺒﻮذي اﻟﺒﻮرﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺷﺤﻨﺎت اﻷﺳﻠﺤﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮ ُ ّ‬ ‫ذﻟﻚ ُ ُ‬ ‫وﻟﻌﻞ ﰲ اﻟﺼـﻮر اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻜﺸـﻒ ﻓﻈﺎﺋﻊ اﻹﺑﺎدة اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﰲ ﺣﻖ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ وﺣﺮق وﺗﻘﻄﻴﻊ ﻟﻸﻃﺮاف‪ ،‬وﻫﻲ أﺷﺒﻪ ﻣﺎ‬ ‫ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻬﺎ ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر ﰲ ﺳﺠﻮﻧﻪ وﻧﺠﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦﻋﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ إﻻ ﺑﻘﺪر واﻗﻌﻨﺎ اﻟﻤﺮﻳﺮ‪.‬‬ ‫وﻗﺒﻞ اﻟﺨﺘﺎم ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻻ ﻧﺴﺘﻬﻴﻦ ﺑﺄي ﺗﺤﺮك ‪ -‬ﻣﻬﻤﺎ ﺿﻌﻒ ‪ -‬ﻟﺪﻋﻢ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻟﻮ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻴﻮم إذا اﺗﻔﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت أدت إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﰲ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺳﻼﺣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻬﺎن ﺑﻪ‪.‬‬ ‫وإﻟﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﻤﺤﺒﻄﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺨﺮون ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻟﻨﺼـﺮة إﺧﻮاﻧﻨﺎ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ أﻗﻮل‪ :‬إن واﻗﻌﺔ إﻏﻼق اﻟﻤﺴـﺠﺪ اﻷﻗﺼـﻰ ﰲ اﻟﺸـﻬﻮر‬ ‫اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺒﻌﻴﺪة ﻋﻨّﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺟﻬﻮد اﻟﻔﻠﺴـﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﺪﻋﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻬﻢ ووﻗﻮف ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺧﻠﻔﻬﻢ‪ ،‬ﻛﻞ‬ ‫ذﻟﻚ أدى إﻟﻰ إرﻏﺎم اﻟﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ وإﺟﺒﺎره ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﻤﺴﺠﺪ أﻣﺎم اﻟﻤﺼﻠﻴﻦ‪...‬‬ ‫وﻋﻠﻰ دﻋﺎة اﻷﻣﺔ اﻟﻴﻮم أن ﻳﺤﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺸــﻌﻮر اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻟﻸﻣﺔ وزﻳﺎدﺗﻪ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاﺑﺖ اﻟﺪﻳﻦ وﻧﺼــﺮة اﻟﻤﺴــﺘﻀـــﻌﻔﻴﻦ‪ ،‬ﻟﻌﻞ‬ ‫اﻟﻜﻼم ﻳﺘﺤﻮل ﻳﻮﻣﺎ إﻟﻰ أﻓﻌﺎل‪ ،‬وﺗﺘﺤﻮل اﻵﻣﺎل إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ‪ ،‬وﻻ ﻳﻀﻴﺮﻧﺎ ﺿﻌﻔﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺼـﺮة اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻹﺧﻮاﻧﻨﺎ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻻ ﻳﺪرك ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﱰك ّ‬ ‫ﺟﻠﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ‬ ‫ﻋﻠﻰ ُ ٍ ِ‬ ‫وﻟﻢ ﱢ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ ِ َ ٍ‬ ‫ﻣﺎت َ َ‬ ‫ﻳﺴـــــﺘﻄﻊ أن ﻳﺠﺎﻫﺪ ﻓﻼ ّ‬ ‫ﻧﻔﺎق « رواه‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ َ َ‬ ‫ﻣﻦ َ َ‬ ‫وﻟﻢ َ ْ ُ‬ ‫ﺷﻌﺒﺔ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ﻳﻐﺰ َ َ ْ ُ َ‬ ‫أﻗﻞ ﻣﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻧﻔﺴــــــﻪ ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪ْ َ » :‬‬ ‫ﻳﺤﺪث ِﺑﻪ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻣﺎت َ َ ْ‬ ‫ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫وﰲ اﻟﺨﺘﺎم ﻧﺴـــﺎل اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻘﺪﻳﺮ ْ‬ ‫أن ﻳﻨﺼــــﺮ إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ وﰲ ﻛﻞ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻻﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺸــــﺎم ﺳﻮرﻳﺔ وأن ﻳﻔﺮج ﻋﻦ‬ ‫إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ واﻟﻤﺤﺎﺻﺮﻳﻦ‪ ،‬وأن ﻳﻮﺣﺪ ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ وﻳﺠﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ِ ،‬ﻧﻌﻢ ﻣﻦ ُﻳﺴﺄل رﺑﻨﺎ وﺧﻴﺮ ﻣﺠﻴﺐ ﻫﻮ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٨‬ﺑﺘﺼﺮف ﻣﻦ اﻟﺤﻮار‪h p://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=112692 :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪76‬‬

‫‪ 77‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻣﺴﻠﻤﻮ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ واﺳﺘﻤﺮار ﺗﺂﻣﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ‬ ‫ﻣﻊ زﻋﻴﻤﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر‪:‬‬ ‫ﻻزاﻟﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺒﻮذﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻣﺴــﺘﻤﺮة ﻣﻊ ﺗﺄﻳﻴﺪ ُﻣﻄﻠﻖ ﻣﻦ ذﺋﺎب اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮن اﻟﺸــﺮف واﻷﺧﻼق‪ ،‬وﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﻨﺼـــﺔ‬ ‫ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ إﻟﺰام زﻋﻴﻤﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر أوﻧﻎ ﺳﺎن ﺳﻮ ﻛﻲ ﺑﺈﻳﻘﺎف اﻟﻤﺠﺎز وﻫﺬا ُﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻨﻈﺎم ﺑﺸﺎر وﻣﺮﺗﺰﻗﺘﻪ‪.‬‬ ‫ورد ﻓﻌﻞ ﻣﻨﺼـﺎت اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴـﺎن ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻜﻼم ‪ -‬ﰲ ﺣﺎل ﺣﺼــﻮﻟﻪ ‪ -‬وﻗﺪ رﻓﻀــﺖ زﻋﻴﻤﺔ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر أوﻧﺞ‬ ‫ﺳـﺎن ﺳــﻮ ﻛﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﺿــﺪ أﻗﻠﻴﺔ اﻟﺮوﻫﻴﻨﻐﺎ‪ ،‬وﻗﺎﻟﺖ إن ﻗﺮار اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻻ ﻳﺘﻤﺎﺷــﻰ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻠﻰ اﻻرض‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻐﺮاﺋﺐ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺠﺮﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺷﺤﺔ ﻣﻦ ِ َﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﻟﻨﻴﻞ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼم‪.‬‬ ‫أن ﻫﺬه ُ‬ ‫ً‬ ‫ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﺒﺴـﻂ ﻧﻔﻮذﻫﺎ‪ ،‬وﺗﻐﻠﻐﻠﻬﺎ اﻟﻌﺴــﻜﺮي واﻟﺘﺠﺎري‪،‬‬ ‫ﻣﻊ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﻮﺟﻮد دﻋﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود ﻣﻦ ِ َﻗﺒﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺘﻲ رأت ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺪث‬ ‫ﺣﻴﺚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺑﻮرﻣﺎ ﻣﻤﺘﺪة ﻣﻨﺬ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت ﺣﺴﺐ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺣﻴﻦ زارت ﺑﻌﺜﺔ ﻋﺴـﻜﺮﻳﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﺑﻮرﻣﺎ‬ ‫ﰲ ﻋﺎم ‪ ،١٩٥٤‬وﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺰﻳﺎرة ﺑﻌﺎم ﺑﺎﻋﺖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻟﺒﻮرﻣﺎ ذﺧﺎﺋﺮ وﻣﻌﺪات ﻗﺘﺎﻟﻴﺔ وأﺳﻠﺤﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻋﺸـﺮات اﻟﺴــﻨﻮات‪. ،‬وﺗﻼﺣﻘﺖ ﺑﻌﺪ‬ ‫ﻣﻌﺪات اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺒﻮذي اﻟﺒﻮرﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺷﺤﻨﺎت اﻷﺳﻠﺤﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮ ُ ّ‬ ‫ذﻟﻚ ُ ُ‬ ‫وﻟﻌﻞ ﰲ اﻟﺼـﻮر اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻜﺸـﻒ ﻓﻈﺎﺋﻊ اﻹﺑﺎدة اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﰲ ﺣﻖ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ وﺣﺮق وﺗﻘﻄﻴﻊ ﻟﻸﻃﺮاف‪ ،‬وﻫﻲ أﺷﺒﻪ ﻣﺎ‬ ‫ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻬﺎ ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر ﰲ ﺳﺠﻮﻧﻪ وﻧﺠﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦﻋﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ إﻻ ﺑﻘﺪر واﻗﻌﻨﺎ اﻟﻤﺮﻳﺮ‪.‬‬ ‫وﻗﺒﻞ اﻟﺨﺘﺎم ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻻ ﻧﺴﺘﻬﻴﻦ ﺑﺄي ﺗﺤﺮك ‪ -‬ﻣﻬﻤﺎ ﺿﻌﻒ ‪ -‬ﻟﺪﻋﻢ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻟﻮ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻴﻮم إذا اﺗﻔﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت أدت إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﰲ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺳﻼﺣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻬﺎن ﺑﻪ‪.‬‬ ‫وإﻟﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﻤﺤﺒﻄﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺨﺮون ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻟﻨﺼـﺮة إﺧﻮاﻧﻨﺎ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ أﻗﻮل‪ :‬إن واﻗﻌﺔ إﻏﻼق اﻟﻤﺴـﺠﺪ اﻷﻗﺼـﻰ ﰲ اﻟﺸـﻬﻮر‬ ‫اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺒﻌﻴﺪة ﻋﻨّﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺟﻬﻮد اﻟﻔﻠﺴـﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﺪﻋﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻬﻢ ووﻗﻮف ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺧﻠﻔﻬﻢ‪ ،‬ﻛﻞ‬ ‫ذﻟﻚ أدى إﻟﻰ إرﻏﺎم اﻟﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ وإﺟﺒﺎره ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﻤﺴﺠﺪ أﻣﺎم اﻟﻤﺼﻠﻴﻦ‪...‬‬ ‫وﻋﻠﻰ دﻋﺎة اﻷﻣﺔ اﻟﻴﻮم أن ﻳﺤﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺸــﻌﻮر اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻟﻸﻣﺔ وزﻳﺎدﺗﻪ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاﺑﺖ اﻟﺪﻳﻦ وﻧﺼــﺮة اﻟﻤﺴــﺘﻀـــﻌﻔﻴﻦ‪ ،‬ﻟﻌﻞ‬ ‫اﻟﻜﻼم ﻳﺘﺤﻮل ﻳﻮﻣﺎ إﻟﻰ أﻓﻌﺎل‪ ،‬وﺗﺘﺤﻮل اﻵﻣﺎل إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ‪ ،‬وﻻ ﻳﻀﻴﺮﻧﺎ ﺿﻌﻔﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺼـﺮة اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻹﺧﻮاﻧﻨﺎ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻻ ﻳﺪرك ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﱰك ّ‬ ‫ﺟﻠﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ‬ ‫ﻋﻠﻰ ُ ٍ ِ‬ ‫وﻟﻢ ﱢ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ ِ َ ٍ‬ ‫ﻣﺎت َ َ‬ ‫ﻳﺴـــــﺘﻄﻊ أن ﻳﺠﺎﻫﺪ ﻓﻼ ّ‬ ‫ﻧﻔﺎق « رواه‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ َ َ‬ ‫ﻣﻦ َ َ‬ ‫وﻟﻢ َ ْ ُ‬ ‫ﺷﻌﺒﺔ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ﻳﻐﺰ َ َ ْ ُ َ‬ ‫أﻗﻞ ﻣﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻧﻔﺴــــــﻪ ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪ْ َ » :‬‬ ‫ﻳﺤﺪث ِﺑﻪ َ ْ َ ُ‬ ‫ﻣﺎت َ َ ْ‬ ‫ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫وﰲ اﻟﺨﺘﺎم ﻧﺴـــﺎل اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻘﺪﻳﺮ ْ‬ ‫أن ﻳﻨﺼــــﺮ إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ ﰲ ﺑﻮرﻣﺎ وﰲ ﻛﻞ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻻﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺸــــﺎم ﺳﻮرﻳﺔ وأن ﻳﻔﺮج ﻋﻦ‬ ‫إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ واﻟﻤﺤﺎﺻﺮﻳﻦ‪ ،‬وأن ﻳﻮﺣﺪ ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ وﻳﺠﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ِ ،‬ﻧﻌﻢ ﻣﻦ ُﻳﺴﺄل رﺑﻨﺎ وﺧﻴﺮ ﻣﺠﻴﺐ ﻫﻮ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٨‬ﺑﺘﺼﺮف ﻣﻦ اﻟﺤﻮار‪h p://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=112692 :‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪76‬‬

‫‪ 77‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻗﺎل اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ﰲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ »اﻟﺸــــﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ«‪) :‬وﻟﻮ ﺣﺼــــﻠﺖ‬ ‫ﱡ‬ ‫ٌ‬ ‫اﻷﺣﻆ ِﻣﻦ‬ ‫ﻣﻤﺎﻃﻠﺔ ِﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﻦ ﺣﺘــﻰ ﻋﺪﻣﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻠﻮس؛ ﻛﺎن ﻟـــﺮﲠﺎ‬

‫ﺇﻋﺪﺍﺩ‪ :‬ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‬

‫أﺧﺬ اﻟﻘﻴﻤﺔ أو ﻣﻤﺎ آل إﻟﻴﻪ اﻷﻣـــــــــــــﺮ ِﻣﻦ ﱢ ّ‬ ‫اﻟﺴﻜﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ـــ أي‪ :‬اﻟﻌﻤﻠﺔ‬

‫اﻧﻘﻄﺎع أﺧﺒﺎره‪ ،‬أو اﻟﺸﻚ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ ﻓـ "اﻟﻴﻘﻴﻦ ﻻ ﻳﺰول ﺑﺎﻟﺸـﻚ"‪ ،‬واﻟﻴﻘﻴﻦ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴﺠﻦ أو اﻟﻤﻌــﺮﻛﺔ‪ ،‬اﻟﻤﺒﻨـــﻲ ﻋﻠـــﻰ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻣﺜﻞ ﺧﱪ اﻟﺜﻘﺎت ﻣﻦ زﻣﻼء ّ‬

‫اﻟﺠﺪﻳﺪة ـــ اﻟﺰاﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻇﻬﺮ ﻟﻈﻠﻢ اﻟﻤﺪﻳﻦ ﺑﻤﻄﻠﻪ(‪.‬‬

‫واﻟﻤﺸﺎﻫﺪة‪ ،‬وﻻ ُﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﻈﻨﻮن أو اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻠﺔ‪.‬‬

‫وﻧﺮى اﻟﻤﺼــــﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺼــــﻠﺢ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﺨﺴــــﺎرة واﻟﻀــــﺮر ﻗﺪر‬

‫وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ‪ :‬ﻓﻠﻴﺲ ﻟـﺰوﺟﺔ اﻟﻤﻔﻘﻮد أن ﺗﺘـﺰوج‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻮرﺛﺘﻪ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻗﺴﻤﺔ ﻣﺎﻟﻪ‪ ،‬إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺜﺒﺖ ﻣﻮﺗﻪ ٍ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻳﺼﺪر ﲠﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪،‬‬ ‫ﺑﺒﻴﻨﺔ‬

‫ﺗﻐﻴﺮ ﰲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ‬ ‫ﺧﺎﻣﺴــ ‪ :‬إذا ﺣﺼـــﻞ ٌ‬

‫ْ‬ ‫ﻋﺪﲥﺎ ِﻣﻦ اﻟـــﻴﻮم اﻟﺬي ﺗﺄﻛﺪ وﻗﻮع‬ ‫ﻓﺈن ﺗﺄﻛﺪت وﻓﺎﺗﻪ اﺑـــﺘﺪأت زوﺟـــﺘﻪ ّ‬ ‫اﻟﻮﻓﺎة ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻻ ِﻣﻦ ﻳﻮم ﻋﻠﻤﻬﺎ ﲠﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺎﻟﻘﻀﺎء ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪.‬‬

‫ﺃﺛﺮ‪ ‬ﺗﻐﻴﺮ‪ ‬ﻗﻴﻤﺔ‪ ‬ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ‪ ‬ﺃﺩﺍء‪ ‬ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬

‫ﻋﺎدة‪ ،‬وﻫﻮ داﺧﻞ ﰲ ﻋﻤﻮم ﻛﻼم أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ رد اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬أﻣﺎ إن ﺑﻠﻎ اﻟﺘﻐﻴـــﺮ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺜﻠﺚ أو زاد ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻸﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ اﺗﺠﺎﻫﺎت‪:‬‬

‫اﻟﻤﺘــــــــــــﺮاﺧﻴﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻛﻌﻘﻮد اﻟﺘﻮرﻳﺪ واﻟﺘﻌﻬﺪات واﻟﻤﻘﺎوﻻت‪ :‬ﻓﻴﺤّﻖ‬ ‫ﻟﻠﻘﺎﺿــــــــــــــﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻌﺪﻳﻞ اﻟﺤﻘﻮق واﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﻌﻘﺪﻳﺔ‪ ،‬وﺗﻮزﻳﻊ‬

‫رد اﻟﻤﺜﻞ ﺳﻮاء ﻏﻠﺖ اﻟﻌﻤﻠﺔ أو رﺧﺼﺖ‪.‬‬ ‫‪ّ -١‬‬

‫اﻟﺨﺴــﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺪﻳﻦ أو ﻓﺴـــﺦ اﻟﻌﻘﺪ إن ﻛﺎن ذﻟﻚ أﺳﻬﻞ‬

‫‪ -٢‬رد اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ أو اﻟﻔﻀﺔ أو ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ اﻟﺮاﺋﺞ واﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬

‫وأﺻـــﻠﺢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﰲ ﻗﺮار ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬

‫ﺳﻌﺮ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﺑﺴــﺒﺐ اﻷﺣﺪاث اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ﰲ رد اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ‬

‫‪ -٣‬اﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﺼــــــــﻠﺢ اﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬ﺑﱰاﺿﻲ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ‬

‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ دورﺗﻪ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺳﻨﺔ ‪1402‬ﻫـ‪ ،‬واﷲ أﻋﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن‪ ،‬أو اﻟﻤﻬﺮ اﻟﻤﺆﺧﺮ‪ ،‬أو اﻟﻤﺎل اﻟﻤﺴـــﺮوق واﻟﻤﻐﺼــــﻮب إذا‬

‫ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺨﺴـﺎرة‪ ،‬أو ُﻳﺮﻓﻊ اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺼــﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﻣﺎ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻳﺘﺤﻤﻠﻪ ﱡ‬ ‫ﻛﻞ ﻃﺮف ِﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫اﺗﺠﺎه أدﻟﺘﻪ‪ ،‬واﻟﺬي ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻤﺠﻠﺲ‪ ،‬وﺗــــــــــــــــﺮﺗﺎح ﻟﻪ‬ ‫وﻟﻜﻞ‬

‫اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻳﺘﺴـﺎءل ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺴـﺄﻟﺔ ﺗﻐﻴﺮ‬

‫ﺗﺎب ﺻﺎﺣﺒﻪ؟‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ‪ ،‬واﻟﺼﻼة واﻟﺴـﻼم ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل‬ ‫اﷲ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ وﻣﻦ واﻻه‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻜﻴﻠﺔ أو‬ ‫ذﻫﺒﺎ أو ﻓﻀــﺔ أو ﺳﻠﻌﺔ‬ ‫اﻟﺬﻣﺔ ً‬ ‫ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﰲ ّ‬

‫اﻟﻘﻠﻮب‪ ،‬وﲥﺪأ ﺑﻪ اﻟﻨﻔﻮس‪ ،‬وﻳﺆدي ﻣﻘﺼـــــــــــــــﺪ اﻟﺒﻨﻴﺎن اﻟﻤﺮﺻﻮص‬ ‫واﻟﺠﺴــــــﺪ اﻟﻮاﺣﺪ‪ ،‬واﻟﱰاﺣﻢ واﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ اﻟﱪ واﻟﺘﻘﻮى‪ ،‬ﻫﻮ اﻟﻘﻮل‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﺼــــﻠﺢ‪ ،‬أو رﻓﻊ اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻘﻀــــﺎء؛ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ِﻣﻦ‬

‫رد ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻐﻴــــﺮت ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻮزوﻧﺔ‪ :‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﱡ‬ ‫ِ‬ ‫رد اﻟﻤﺜﻞ‬ ‫اﻷوراق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻛﺎن اﻟﺘﻐﻴـــــــــــﺮ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻓﻴﺠﺐ ﱡ‬

‫اﻟﻤﺘﻀـﺮر ﺑﺴـﺒﺒﻬﺎ؛‬ ‫اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺎرﺋﺔ وﻣﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ِﻣﻦ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ‬ ‫ّ‬

‫وأﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺘﻐﻴﺮ ﺑﻤﻘﺪار اﻟﺜﻠﺚ ﻓﺄﻛﺜﺮ ُﻓﻴﺼــــﺎر إﻟﻰ اﻟﺼــــﻠﺢ‬ ‫أﻳﻀـــ ‪ّ ،‬‬

‫ً‬ ‫إﻋﻤﺎﻻ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﱪى )اﻟﻀﺮر ﻳﺰال(‪.‬‬

‫اﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬وﺗﻔﺼﻴﻞ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫اﻟﺬﻣﺔ ِﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ أو اﻟﻔﻀـــﺔ‪ ،‬أو ﻛﺎن‬ ‫أوﻻ‪ :‬إذا ﻛﺎن ﱠ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻘﺪر ﺑﺎﻟﻜﻴﻞ )اﻟﺤﺠﻢ(‬ ‫ﻣﻦ اﻷﺷــــــــﻴﺎء اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﺎﺛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻟﺘﻲ ّ‬

‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ ﺗﻮﺻﻴﺎت »اﻟﻨﺪوة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼــــــــــﺎدﻳﺔ ﻟﺪراﺳﺔ‬ ‫ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ« اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺠﺪة ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ‬ ‫ﻣﺼﺮف ﻓﻴﺼﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﰲ ﻋﺎم )‪ 1420‬ﻫـ‪1999 ،‬م(‪.‬‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺃﺣﻜﺎﻡ‪ ‬ﺯﻭﺟﺔ‪ ‬ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ِﻣﻦ اﻟﻨﺴــــﺎء اﻋﺘﻘﻞ أزواﺟﻬﻦ وﻣﻀـــــﻰ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‬ ‫اﻟﺴــــﺆال‪ٌ :‬‬

‫وإن ﻟﻢ ﺗﻌﺮف ﻣﺼـــﻴﺮه ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﺎ أن ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻄﻼق؟ أم ﻳﺤّﻖ ﻟﻬﺎ أن‬ ‫ﺗﺘﺰوج ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻮل ﻏﻴﺒﺘﻪ؟‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬واﻟﺼـــــــﻼة واﻟﺴـــــــﻼم ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ )اﻟﻤﺜﻞ( دون ٍ‬ ‫ﻧﻈﺮ ﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﻘﻴﻤﺔ واﻟﺴـــﻌﺮ‬ ‫وﺟﻮب أداء اﻟﻘﺪر ّ‬ ‫ﺑﻴﻦ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ وﻳﻮم اﻟﺴــــــﺪاد؛ ّ‬ ‫ﻷن ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻻ ﺗﺰول‬

‫)واﻟﺜﻠﺚ ﻗﺪ رأﻳﻨﺎ اﻟﺸـــــــــــﺮع اﻋﺘﱪه ﰲ ﻣﻮاﺿﻊ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﺻﻴﺔ‪ ،‬وﻋﻄﺎﻳﺎ‬

‫ٍ‬ ‫ﺑﺤﻜﻢ ِﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وإذا ﻃﺎﻟﺖ ﻏﻴﺒﺔ‬ ‫ﻋﻘﺪ زواﺟﻪ أو ﻗﺴـــــــــــﻤﺔ ﻣﺎﻟﻪ إﻻ‬

‫ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺴﻌﺮ واﻟﻘﻴﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺮﻳﺾ‪ .‬ﻗﺎل اﻷﺛﺮم‪ ):‬ﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬إﳖﻢ ﻳﺴـــــــــﺘﻌﻤﻠﻮن اﻟﺜﻠﺚ ﰲ ﺳﺒﻊ‬

‫وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﺒﻌﻮث رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ُ ،‬‬

‫اﻟﻤﻔﻘﻮد ﻓﻠﺰوﺟﺘﻪ أن ﺗﺮﻓﻊ أﻣﺮﻫﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻟﻄﻠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻟﻠﻀــــــــﺮر‪ ،‬أو‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎة ﻋﻨﺪ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﻈﻦ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺗﻔﺼﻴﻞ ذﻟﻚ‪:‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ اﻟﺬﻣﺔ ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ‪ ،‬وﺣﺼــﻞ‬

‫راﺑﻌ ‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺎل اﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ اﻟﺬﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻐﺼﺐ أو اﻟﺴﺮﻗﺔ‪ ،‬أو‬

‫أوﻻ‪َ :‬ﻣﻦ ﻏﺎب ﻋﻦ أﻫﻠﻪ واﻧﻘﻄﻌﺖ أﺧــــــﺒﺎره‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻢ ُ‬ ‫ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ً‬

‫رد اﻟﻤﺜﻞ؛‬ ‫ﻓﻴﻪ ﺗﻐﻴﺮ رﺧﺼ أو ﻏﻼء‪ ،‬وﻛﺎن أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺜﻠﺚ‪ :‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻴﻪ ّ‬

‫اﻟﻤﻤﺎﻃﻠﺔ ﰲ إرﺟﺎع اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻀـــــﺮر اﻟﻨﺎﺗﺞ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻤﻌﺘﺪي ّ‬

‫أﺳـــــــﻴﺮا‪ ،‬أو ُﻓﻘﺪ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻓﻬﺬا‬ ‫ُﻳﺪرى أﺣﻲ ﻫﻮ أم ﻣﻴﺖ‪ ،‬ﻛﻤﻦ ﻛﺎن‬ ‫ً‬

‫ّ‬ ‫ﻷن ﻣﺎ دون اﻟﺜﻠﺚ ﻳﻐﺘﻔﺮ ﺷﺮﻋ ﻛﺎﻟﻐﺒﻦ اﻟﻴﺴـﻴﺮ‪ ،‬وﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻤﻼت‬

‫ﻋﻦ اﻋﺘﺪاﺋﻪ ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺧﺴﺎرة اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻟﻘﻴﻤﺘﻬﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺎﻟﻤﻔﻘﻮد‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪78‬‬

‫ﻓﻴﺤﺪد اﻟﻘﺎﺿــــــﻲ‬ ‫ﻓﺈن اﺧﺘﺎرت‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎة ﻟﻐﻠﺒﺔ اﻟﻈﻦ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺪة ﻟﻼﻧﺘﻈﺎر‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﺸـــــــﺮﻋﻲ ً‬ ‫وﻟﻠﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻫﺬه اﻟﻤﺪة ﻣﺬاﻫﺐ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ّ‬ ‫وﻣﺎ ﻳﺮﺟﺤﻪ اﻟﻤﺠﻠﺲ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ّ‬ ‫ﻗﻀــــــــﻴﺔ‬ ‫ﻛﻞ‬

‫ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺗﻪ وﺣﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺘﺼﺮف اﻟﻤﺮأة؟ وﻫﻞ ﺗﻌﺘﱪه ً‬ ‫ﻣﺘﻮﻓﻰ؟‬

‫ﺣﺪا ﻓﺎرﻗ ﺑﻴﻦ ﱠ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـــــــــــــــﺎﺋﻞ ً‬ ‫اﻟﻘﻠﺔ واﻟﻜﺜﺮة‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ‪:‬‬

‫ﻧﻮع ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮاه ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع(‪.‬‬ ‫ﻻ ﻳﻠﺰم ﻟﻤﻦ وﺟﺐ ﻟﻪ ٌ‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬إذا ﻃﺎﻟﺖ ُ‬ ‫ﻏﻴﺒﺔ اﻟﻤﻔﻘﻮد دون أن ﻳﻌﻮد إﻟــﻰ أﻫﻠﻪ ﻓﻠــﺰوﺟﺘﻪ أن‬ ‫اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻟﻠّﻀﺮر‪:‬‬ ‫ﺗﻄﻠﺐ ِﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬أو ّ‬

‫ﻷﺧﺮى‪.‬‬

‫ﻓﺈذا ُﻓﻘﺪ اﻟﺸــﺨﺺ ﻓﻠﻢ ُﺗﻌﺮف أﺧﺒﺎره ﻓﻼ ُﻳﺤﻜﻢ ﺑﻤﻮﺗﻪ أو اﻧﻔﺴـــﺎخ‬

‫ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ اﻟﻮﺻﻴﺔ‪» :‬اﻟﺜﻠﺚ واﻟﺜﻠﺚ ﻛﺜﻴﺮ« (‪.‬‬

‫ﻋﺪﲥﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ اﻧﻘﻀﺖ ﻷن اﺑﺘﺪاءﻫﺎ ﻣﻦ وﻗﺖ اﻟﻮﻓﺎة‪.‬‬

‫ﺳـــــــــﻨﻮات‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺰوﺟﺔ ﻣﻜﺎن زوﺟﻬﺎ وﻻ أﺣﻮاﻟﻪ‪ ،‬وﺗﺄﰐ أﺧﺒﺎر‬

‫ﻛﺎﻟــــــــﺰﻳﺖ واﻟﺤﺒﻮب‪ ،‬أو اﻟﻮزن ﻛﺎﻟﻤﻌﺎدن‪ :‬ﻓﺎﻟﺬي ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﰲ رﺳﺎﻟﺘﻪ »ﺗﻨﺒﻴﻪ اﻟﺮﻗﻮد ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻮد« ‪) :‬ﻓﺈﻧﻪ‬

‫وإن ﻟﻢ ﺗﺘﺄﻛﺪ ِﻣﻦ ﺧﱪ وﻓﺎﺗﻪ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ وﻋﺸــﺮة أﻳﺎم ﻓﺈن‬

‫ﻣﺪة ﻟﻼﻧﺘﻈﺎر ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻦ‬ ‫ﺑﺤﺴــﺐ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﲠﺎ‪،‬‬ ‫وﻳﺤﺪد ً‬ ‫ﱢ‬ ‫ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ؛ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﻷن ﺣﺎل اﻟﻤﻔﻘﻮد وﻇــــــــــــﺮوف اﻟﻔﻘﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ِﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ‬

‫وﺟﻌﻞ اﻟﺜﻠﺚ ﻓﺎﺻﻼً ﺑﻴﻦ اﻟﻴﺴـــﻴﺮ واﻟﻜﺜﻴﺮ؛ ﻷن اﻟﺸــــﺮع اﻋﺘﱪه ﰲ‬ ‫ُ‬

‫ﻋﺸـﺮة ﻣﺴـﺄﻟﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ﺣﺪ اﻟﻘﻠﺔ‪ ،‬ﺑﺪﻟﻴﻞ‬ ‫ﺣﺪ اﻟﻜﺜﺮة‪ ،‬وﻣﺎ دوﻧﻪ ﰲ ّ‬ ‫وﻷن اﻟﺜﻠﺚ ﰲ ّ‬

‫ﺣﻲ‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﻮز ﺗﺮك ﻫﺬا اﻷﺻــﻞ ﻟﻤﺠﺮد‬ ‫واﻷﺻـﻞ ﰲ اﻟﻤﻔﻘﻮد أﻧﻪ ٌ‬

‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺮره اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻹﺳـﻼﻣﻲ ﺑﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳـﻼﻣﻲ‬ ‫ﰲ دورﺗﻪ )‪ (٢١‬اﻟﻤﻨﻌﻘﺪة ﺑﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻟﻌﺎم )‪١٤٣٤‬ه(‪.‬‬ ‫ﻓﺘﻌﺘﺪ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻋﺪة اﻟﻮﻓﺎة أرﺑﻌﺔ أﺷـــــﻬﺮ‬ ‫اﻣﺮأﺗﻪ ِ ّ‬ ‫ﻓﺈن ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿـــــﻲ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وﻳﺤﻞ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻌﺪة أن‬ ‫وﻋﺸــــــــــــﺮا‪ ،‬ﺗﺒﺪأ ِﻣﻦ ﻳﻮم إﻋﻼن وﻓﺎﺗﻪ‪،‬‬ ‫اﻗﺘﺴﺎم ﻣﺎﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﺗﺘﺰوج‪ ،‬وﻟﻮرﺛﺘﻪ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﺣﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ :‬ﻓﻴﺤّﻖ ﻟﻪ أن ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻌﻮدة زوﺟﺘﻪ إﻟﻴﻪ‪،‬‬ ‫ﻓﺈن ﻇﻬـﺮ أﻧﻪ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫)ﺑﺜﻼث ِ َ ٍ‬ ‫ﺣﻴﺾ(‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫وﺗﻌﺘﺪ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﻪ‬ ‫اﻟﻨﻜﺎح اﻟﺜﺎﲏ‪،‬‬ ‫ﻓﻴﻔﺴـــــﺦ اﻟﻘﺎﺿﻲ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺮﺟﻊ ﻟﺰوﺟﻬﺎ اﻷول ٍ‬ ‫اﺳﱰداد‬ ‫ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﻋﻮدﲥﺎ ﻓﻠﻪ‬ ‫ﺑﻌﻘﺪ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأي اﻟﺨﻴﺎرﻳﻦ اﺧﺘﺎر‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ‬ ‫اﻟﻤﻬــﺮ اﻟﺬي دﻓﻌﻪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ اﻟﺜﺎﲏ‪ .‬ﱠ‬ ‫اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﺴـــﱰد اﻷﻣﻮال اﻟﻤﺘﺒﻘﻴﺔ ﺑﻴﺪ ورﺛﺘﻪ ﻓﻘﻂ دون ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻮه‬ ‫وﻳﺤّﻖ ﻟﻪ أن‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻷﻧﻪ ُأﻧﻔﻖ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻗﻀﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﺿﻤﺎن ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫‪ 79‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻗﺎل اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ﰲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ »اﻟﺸــــﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ«‪) :‬وﻟﻮ ﺣﺼــــﻠﺖ‬ ‫ﱡ‬ ‫ٌ‬ ‫اﻷﺣﻆ ِﻣﻦ‬ ‫ﻣﻤﺎﻃﻠﺔ ِﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﻦ ﺣﺘــﻰ ﻋﺪﻣﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻠﻮس؛ ﻛﺎن ﻟـــﺮﲠﺎ‬

‫ﺇﻋﺪﺍﺩ‪ :‬ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‬

‫أﺧﺬ اﻟﻘﻴﻤﺔ أو ﻣﻤﺎ آل إﻟﻴﻪ اﻷﻣـــــــــــــﺮ ِﻣﻦ ﱢ ّ‬ ‫اﻟﺴﻜﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ـــ أي‪ :‬اﻟﻌﻤﻠﺔ‬

‫اﻧﻘﻄﺎع أﺧﺒﺎره‪ ،‬أو اﻟﺸﻚ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ ﻓـ "اﻟﻴﻘﻴﻦ ﻻ ﻳﺰول ﺑﺎﻟﺸـﻚ"‪ ،‬واﻟﻴﻘﻴﻦ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺴﺠﻦ أو اﻟﻤﻌــﺮﻛﺔ‪ ،‬اﻟﻤﺒﻨـــﻲ ﻋﻠـــﻰ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻣﺜﻞ ﺧﱪ اﻟﺜﻘﺎت ﻣﻦ زﻣﻼء ّ‬

‫اﻟﺠﺪﻳﺪة ـــ اﻟﺰاﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻇﻬﺮ ﻟﻈﻠﻢ اﻟﻤﺪﻳﻦ ﺑﻤﻄﻠﻪ(‪.‬‬

‫واﻟﻤﺸﺎﻫﺪة‪ ،‬وﻻ ُﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﻈﻨﻮن أو اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻠﺔ‪.‬‬

‫وﻧﺮى اﻟﻤﺼــــﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺼــــﻠﺢ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﺨﺴــــﺎرة واﻟﻀــــﺮر ﻗﺪر‬

‫وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ‪ :‬ﻓﻠﻴﺲ ﻟـﺰوﺟﺔ اﻟﻤﻔﻘﻮد أن ﺗﺘـﺰوج‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻮرﺛﺘﻪ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻗﺴﻤﺔ ﻣﺎﻟﻪ‪ ،‬إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺜﺒﺖ ﻣﻮﺗﻪ ٍ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻳﺼﺪر ﲠﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪،‬‬ ‫ﺑﺒﻴﻨﺔ‬

‫ﺗﻐﻴﺮ ﰲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ‬ ‫ﺧﺎﻣﺴــ ‪ :‬إذا ﺣﺼـــﻞ ٌ‬

‫ْ‬ ‫ﻋﺪﲥﺎ ِﻣﻦ اﻟـــﻴﻮم اﻟﺬي ﺗﺄﻛﺪ وﻗﻮع‬ ‫ﻓﺈن ﺗﺄﻛﺪت وﻓﺎﺗﻪ اﺑـــﺘﺪأت زوﺟـــﺘﻪ ّ‬ ‫اﻟﻮﻓﺎة ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻻ ِﻣﻦ ﻳﻮم ﻋﻠﻤﻬﺎ ﲠﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺎﻟﻘﻀﺎء ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪.‬‬

‫ﺃﺛﺮ‪ ‬ﺗﻐﻴﺮ‪ ‬ﻗﻴﻤﺔ‪ ‬ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ‪ ‬ﺃﺩﺍء‪ ‬ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬

‫ﻋﺎدة‪ ،‬وﻫﻮ داﺧﻞ ﰲ ﻋﻤﻮم ﻛﻼم أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ رد اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬أﻣﺎ إن ﺑﻠﻎ اﻟﺘﻐﻴـــﺮ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺜﻠﺚ أو زاد ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻸﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ اﺗﺠﺎﻫﺎت‪:‬‬

‫اﻟﻤﺘــــــــــــﺮاﺧﻴﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻛﻌﻘﻮد اﻟﺘﻮرﻳﺪ واﻟﺘﻌﻬﺪات واﻟﻤﻘﺎوﻻت‪ :‬ﻓﻴﺤّﻖ‬ ‫ﻟﻠﻘﺎﺿــــــــــــــﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻌﺪﻳﻞ اﻟﺤﻘﻮق واﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﻌﻘﺪﻳﺔ‪ ،‬وﺗﻮزﻳﻊ‬

‫رد اﻟﻤﺜﻞ ﺳﻮاء ﻏﻠﺖ اﻟﻌﻤﻠﺔ أو رﺧﺼﺖ‪.‬‬ ‫‪ّ -١‬‬

‫اﻟﺨﺴــﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺪﻳﻦ أو ﻓﺴـــﺦ اﻟﻌﻘﺪ إن ﻛﺎن ذﻟﻚ أﺳﻬﻞ‬

‫‪ -٢‬رد اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ أو اﻟﻔﻀﺔ أو ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ اﻟﺮاﺋﺞ واﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬

‫وأﺻـــﻠﺢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﰲ ﻗﺮار ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬

‫ﺳﻌﺮ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﺑﺴــﺒﺐ اﻷﺣﺪاث اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ﰲ رد اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ‬

‫‪ -٣‬اﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﺼــــــــﻠﺢ اﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬ﺑﱰاﺿﻲ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ‬

‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ دورﺗﻪ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺳﻨﺔ ‪1402‬ﻫـ‪ ،‬واﷲ أﻋﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن‪ ،‬أو اﻟﻤﻬﺮ اﻟﻤﺆﺧﺮ‪ ،‬أو اﻟﻤﺎل اﻟﻤﺴـــﺮوق واﻟﻤﻐﺼــــﻮب إذا‬

‫ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺨﺴـﺎرة‪ ،‬أو ُﻳﺮﻓﻊ اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺼــﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﻣﺎ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﻳﺘﺤﻤﻠﻪ ﱡ‬ ‫ﻛﻞ ﻃﺮف ِﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫اﺗﺠﺎه أدﻟﺘﻪ‪ ،‬واﻟﺬي ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻤﺠﻠﺲ‪ ،‬وﺗــــــــــــــــﺮﺗﺎح ﻟﻪ‬ ‫وﻟﻜﻞ‬

‫اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻳﺘﺴـﺎءل ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺴـﺄﻟﺔ ﺗﻐﻴﺮ‬

‫ﺗﺎب ﺻﺎﺣﺒﻪ؟‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ‪ ،‬واﻟﺼﻼة واﻟﺴـﻼم ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل‬ ‫اﷲ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ وﻣﻦ واﻻه‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ﻣﻜﻴﻠﺔ أو‬ ‫ذﻫﺒﺎ أو ﻓﻀــﺔ أو ﺳﻠﻌﺔ‬ ‫اﻟﺬﻣﺔ ً‬ ‫ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﰲ ّ‬

‫اﻟﻘﻠﻮب‪ ،‬وﲥﺪأ ﺑﻪ اﻟﻨﻔﻮس‪ ،‬وﻳﺆدي ﻣﻘﺼـــــــــــــــﺪ اﻟﺒﻨﻴﺎن اﻟﻤﺮﺻﻮص‬ ‫واﻟﺠﺴــــــﺪ اﻟﻮاﺣﺪ‪ ،‬واﻟﱰاﺣﻢ واﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ اﻟﱪ واﻟﺘﻘﻮى‪ ،‬ﻫﻮ اﻟﻘﻮل‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﺼــــﻠﺢ‪ ،‬أو رﻓﻊ اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻘﻀــــﺎء؛ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ِﻣﻦ‬

‫رد ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻐﻴــــﺮت ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻮزوﻧﺔ‪ :‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﱡ‬ ‫ِ‬ ‫رد اﻟﻤﺜﻞ‬ ‫اﻷوراق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻛﺎن اﻟﺘﻐﻴـــــــــــﺮ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻓﻴﺠﺐ ﱡ‬

‫اﻟﻤﺘﻀـﺮر ﺑﺴـﺒﺒﻬﺎ؛‬ ‫اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺎرﺋﺔ وﻣﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ِﻣﻦ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ‬ ‫ّ‬

‫وأﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺘﻐﻴﺮ ﺑﻤﻘﺪار اﻟﺜﻠﺚ ﻓﺄﻛﺜﺮ ُﻓﻴﺼــــﺎر إﻟﻰ اﻟﺼــــﻠﺢ‬ ‫أﻳﻀـــ ‪ّ ،‬‬

‫ً‬ ‫إﻋﻤﺎﻻ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﱪى )اﻟﻀﺮر ﻳﺰال(‪.‬‬

‫اﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬وﺗﻔﺼﻴﻞ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫اﻟﺬﻣﺔ ِﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ أو اﻟﻔﻀـــﺔ‪ ،‬أو ﻛﺎن‬ ‫أوﻻ‪ :‬إذا ﻛﺎن ﱠ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻘﺪر ﺑﺎﻟﻜﻴﻞ )اﻟﺤﺠﻢ(‬ ‫ﻣﻦ اﻷﺷــــــــﻴﺎء اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﺎﺛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻟﺘﻲ ّ‬

‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ ﺗﻮﺻﻴﺎت »اﻟﻨﺪوة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼــــــــــﺎدﻳﺔ ﻟﺪراﺳﺔ‬ ‫ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ« اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺠﺪة ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ‬ ‫ﻣﺼﺮف ﻓﻴﺼﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﰲ ﻋﺎم )‪ 1420‬ﻫـ‪1999 ،‬م(‪.‬‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺃﺣﻜﺎﻡ‪ ‬ﺯﻭﺟﺔ‪ ‬ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ِﻣﻦ اﻟﻨﺴــــﺎء اﻋﺘﻘﻞ أزواﺟﻬﻦ وﻣﻀـــــﻰ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‬ ‫اﻟﺴــــﺆال‪ٌ :‬‬

‫وإن ﻟﻢ ﺗﻌﺮف ﻣﺼـــﻴﺮه ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﺎ أن ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻄﻼق؟ أم ﻳﺤّﻖ ﻟﻬﺎ أن‬ ‫ﺗﺘﺰوج ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻮل ﻏﻴﺒﺘﻪ؟‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬واﻟﺼـــــــﻼة واﻟﺴـــــــﻼم ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ )اﻟﻤﺜﻞ( دون ٍ‬ ‫ﻧﻈﺮ ﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﻘﻴﻤﺔ واﻟﺴـــﻌﺮ‬ ‫وﺟﻮب أداء اﻟﻘﺪر ّ‬ ‫ﺑﻴﻦ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ وﻳﻮم اﻟﺴــــــﺪاد؛ ّ‬ ‫ﻷن ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻻ ﺗﺰول‬

‫)واﻟﺜﻠﺚ ﻗﺪ رأﻳﻨﺎ اﻟﺸـــــــــــﺮع اﻋﺘﱪه ﰲ ﻣﻮاﺿﻊ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﺻﻴﺔ‪ ،‬وﻋﻄﺎﻳﺎ‬

‫ٍ‬ ‫ﺑﺤﻜﻢ ِﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وإذا ﻃﺎﻟﺖ ﻏﻴﺒﺔ‬ ‫ﻋﻘﺪ زواﺟﻪ أو ﻗﺴـــــــــــﻤﺔ ﻣﺎﻟﻪ إﻻ‬

‫ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺴﻌﺮ واﻟﻘﻴﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺮﻳﺾ‪ .‬ﻗﺎل اﻷﺛﺮم‪ ):‬ﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬إﳖﻢ ﻳﺴـــــــــﺘﻌﻤﻠﻮن اﻟﺜﻠﺚ ﰲ ﺳﺒﻊ‬

‫وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﺒﻌﻮث رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ُ ،‬‬

‫اﻟﻤﻔﻘﻮد ﻓﻠﺰوﺟﺘﻪ أن ﺗﺮﻓﻊ أﻣﺮﻫﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻟﻄﻠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻟﻠﻀــــــــﺮر‪ ،‬أو‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎة ﻋﻨﺪ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﻈﻦ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺗﻔﺼﻴﻞ ذﻟﻚ‪:‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ اﻟﺬﻣﺔ ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ‪ ،‬وﺣﺼــﻞ‬

‫راﺑﻌ ‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺎل اﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ اﻟﺬﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻐﺼﺐ أو اﻟﺴﺮﻗﺔ‪ ،‬أو‬

‫أوﻻ‪َ :‬ﻣﻦ ﻏﺎب ﻋﻦ أﻫﻠﻪ واﻧﻘﻄﻌﺖ أﺧــــــﺒﺎره‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻢ ُ‬ ‫ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ً‬

‫رد اﻟﻤﺜﻞ؛‬ ‫ﻓﻴﻪ ﺗﻐﻴﺮ رﺧﺼ أو ﻏﻼء‪ ،‬وﻛﺎن أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺜﻠﺚ‪ :‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻴﻪ ّ‬

‫اﻟﻤﻤﺎﻃﻠﺔ ﰲ إرﺟﺎع اﻟﺪﻳﻦ‪ :‬ﱠ‬ ‫ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻀـــــﺮر اﻟﻨﺎﺗﺞ‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻤﻌﺘﺪي ّ‬

‫أﺳـــــــﻴﺮا‪ ،‬أو ُﻓﻘﺪ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻓﻬﺬا‬ ‫ُﻳﺪرى أﺣﻲ ﻫﻮ أم ﻣﻴﺖ‪ ،‬ﻛﻤﻦ ﻛﺎن‬ ‫ً‬

‫ّ‬ ‫ﻷن ﻣﺎ دون اﻟﺜﻠﺚ ﻳﻐﺘﻔﺮ ﺷﺮﻋ ﻛﺎﻟﻐﺒﻦ اﻟﻴﺴـﻴﺮ‪ ،‬وﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻤﻼت‬

‫ﻋﻦ اﻋﺘﺪاﺋﻪ ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺧﺴﺎرة اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻟﻘﻴﻤﺘﻬﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺎﻟﻤﻔﻘﻮد‪.‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪78‬‬

‫ﻓﻴﺤﺪد اﻟﻘﺎﺿــــــﻲ‬ ‫ﻓﺈن اﺧﺘﺎرت‬ ‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎة ﻟﻐﻠﺒﺔ اﻟﻈﻦ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺪة ﻟﻼﻧﺘﻈﺎر‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪،‬‬ ‫اﻟﺸـــــــﺮﻋﻲ ً‬ ‫وﻟﻠﻔﻘﻬﺎء ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻫﺬه اﻟﻤﺪة ﻣﺬاﻫﺐ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ّ‬ ‫وﻣﺎ ﻳﺮﺟﺤﻪ اﻟﻤﺠﻠﺲ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ّ‬ ‫ﻗﻀــــــــﻴﺔ‬ ‫ﻛﻞ‬

‫ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺗﻪ وﺣﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺘﺼﺮف اﻟﻤﺮأة؟ وﻫﻞ ﺗﻌﺘﱪه ً‬ ‫ﻣﺘﻮﻓﻰ؟‬

‫ﺣﺪا ﻓﺎرﻗ ﺑﻴﻦ ﱠ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴـــــــــــــــﺎﺋﻞ ً‬ ‫اﻟﻘﻠﺔ واﻟﻜﺜﺮة‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ‪:‬‬

‫ﻧﻮع ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮاه ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع(‪.‬‬ ‫ﻻ ﻳﻠﺰم ﻟﻤﻦ وﺟﺐ ﻟﻪ ٌ‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬إذا ﻃﺎﻟﺖ ُ‬ ‫ﻏﻴﺒﺔ اﻟﻤﻔﻘﻮد دون أن ﻳﻌﻮد إﻟــﻰ أﻫﻠﻪ ﻓﻠــﺰوﺟﺘﻪ أن‬ ‫اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻟﻠّﻀﺮر‪:‬‬ ‫ﺗﻄﻠﺐ ِﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬أو ّ‬

‫ﻷﺧﺮى‪.‬‬

‫ﻓﺈذا ُﻓﻘﺪ اﻟﺸــﺨﺺ ﻓﻠﻢ ُﺗﻌﺮف أﺧﺒﺎره ﻓﻼ ُﻳﺤﻜﻢ ﺑﻤﻮﺗﻪ أو اﻧﻔﺴـــﺎخ‬

‫ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ اﻟﻮﺻﻴﺔ‪» :‬اﻟﺜﻠﺚ واﻟﺜﻠﺚ ﻛﺜﻴﺮ« (‪.‬‬

‫ﻋﺪﲥﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ اﻧﻘﻀﺖ ﻷن اﺑﺘﺪاءﻫﺎ ﻣﻦ وﻗﺖ اﻟﻮﻓﺎة‪.‬‬

‫ﺳـــــــــﻨﻮات‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺰوﺟﺔ ﻣﻜﺎن زوﺟﻬﺎ وﻻ أﺣﻮاﻟﻪ‪ ،‬وﺗﺄﰐ أﺧﺒﺎر‬

‫ﻛﺎﻟــــــــﺰﻳﺖ واﻟﺤﺒﻮب‪ ،‬أو اﻟﻮزن ﻛﺎﻟﻤﻌﺎدن‪ :‬ﻓﺎﻟﺬي ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﰲ رﺳﺎﻟﺘﻪ »ﺗﻨﺒﻴﻪ اﻟﺮﻗﻮد ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻮد« ‪) :‬ﻓﺈﻧﻪ‬

‫وإن ﻟﻢ ﺗﺘﺄﻛﺪ ِﻣﻦ ﺧﱪ وﻓﺎﺗﻪ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ وﻋﺸــﺮة أﻳﺎم ﻓﺈن‬

‫ﻣﺪة ﻟﻼﻧﺘﻈﺎر ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻦ‬ ‫ﺑﺤﺴــﺐ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﲠﺎ‪،‬‬ ‫وﻳﺤﺪد ً‬ ‫ﱢ‬ ‫ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ؛ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﻷن ﺣﺎل اﻟﻤﻔﻘﻮد وﻇــــــــــــﺮوف اﻟﻔﻘﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ِﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ‬

‫وﺟﻌﻞ اﻟﺜﻠﺚ ﻓﺎﺻﻼً ﺑﻴﻦ اﻟﻴﺴـــﻴﺮ واﻟﻜﺜﻴﺮ؛ ﻷن اﻟﺸــــﺮع اﻋﺘﱪه ﰲ‬ ‫ُ‬

‫ﻋﺸـﺮة ﻣﺴـﺄﻟﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ﺣﺪ اﻟﻘﻠﺔ‪ ،‬ﺑﺪﻟﻴﻞ‬ ‫ﺣﺪ اﻟﻜﺜﺮة‪ ،‬وﻣﺎ دوﻧﻪ ﰲ ّ‬ ‫وﻷن اﻟﺜﻠﺚ ﰲ ّ‬

‫ﺣﻲ‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﻮز ﺗﺮك ﻫﺬا اﻷﺻــﻞ ﻟﻤﺠﺮد‬ ‫واﻷﺻـﻞ ﰲ اﻟﻤﻔﻘﻮد أﻧﻪ ٌ‬

‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺮره اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻹﺳـﻼﻣﻲ ﺑﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳـﻼﻣﻲ‬ ‫ﰲ دورﺗﻪ )‪ (٢١‬اﻟﻤﻨﻌﻘﺪة ﺑﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻟﻌﺎم )‪١٤٣٤‬ه(‪.‬‬ ‫ﻓﺘﻌﺘﺪ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻋﺪة اﻟﻮﻓﺎة أرﺑﻌﺔ أﺷـــــﻬﺮ‬ ‫اﻣﺮأﺗﻪ ِ ّ‬ ‫ﻓﺈن ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿـــــﻲ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وﻳﺤﻞ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻌﺪة أن‬ ‫وﻋﺸــــــــــــﺮا‪ ،‬ﺗﺒﺪأ ِﻣﻦ ﻳﻮم إﻋﻼن وﻓﺎﺗﻪ‪،‬‬ ‫اﻗﺘﺴﺎم ﻣﺎﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﺗﺘﺰوج‪ ،‬وﻟﻮرﺛﺘﻪ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﺣﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ :‬ﻓﻴﺤّﻖ ﻟﻪ أن ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻌﻮدة زوﺟﺘﻪ إﻟﻴﻪ‪،‬‬ ‫ﻓﺈن ﻇﻬـﺮ أﻧﻪ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫)ﺑﺜﻼث ِ َ ٍ‬ ‫ﺣﻴﺾ(‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫وﺗﻌﺘﺪ اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﻪ‬ ‫اﻟﻨﻜﺎح اﻟﺜﺎﲏ‪،‬‬ ‫ﻓﻴﻔﺴـــــﺦ اﻟﻘﺎﺿﻲ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ﺗﺮﺟﻊ ﻟﺰوﺟﻬﺎ اﻷول ٍ‬ ‫اﺳﱰداد‬ ‫ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﻋﻮدﲥﺎ ﻓﻠﻪ‬ ‫ﺑﻌﻘﺪ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأي اﻟﺨﻴﺎرﻳﻦ اﺧﺘﺎر‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ‬ ‫اﻟﻤﻬــﺮ اﻟﺬي دﻓﻌﻪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ اﻟﺜﺎﲏ‪ .‬ﱠ‬ ‫اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫ﻳﺴـــﱰد اﻷﻣﻮال اﻟﻤﺘﺒﻘﻴﺔ ﺑﻴﺪ ورﺛﺘﻪ ﻓﻘﻂ دون ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻮه‬ ‫وﻳﺤّﻖ ﻟﻪ أن‬ ‫ّ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻷﻧﻪ ُأﻧﻔﻖ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻗﻀﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﺿﻤﺎن ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫‪ 79‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺿـــﺮر ِﻣﻦ ﻏﻴﺎب اﻟﺰوج‪ ،‬إﻣﺎ ﻟﻌﺪم ﺗﺮك‬ ‫اﻟﺰوﺟﺔ‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬إذا ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻘﺔ‪ ،‬أو ﻟﺨﺸــﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴــﻬﺎ ِﻣﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ‪ ‬ﺻﻼﺓ‪ ‬ﺍﻟﻌﻴﺪ‬ ‫ﻣﻊ‪ ‬ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫وﺟﻮه اﻟﻀﺮر‪ ،‬ﻓﻠﻬﺎ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻔﺴﺦ اﻟﻨﻜﺎح ﻟﺮﻓﻊ اﻟﻀﺮر‪.‬‬ ‫وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪) :‬ﻻ ﺿــــــﺮر وﻻ ِ‬ ‫ﺿﺮار(‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﻘﺮرة‪" :‬اﻟﻀـﺮر ﻳﺰال"‪ ،‬وإزاﻟﺔ ﻫﺬا اﻟﻀــﺮر ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﻮدة اﻟﺰوج أو‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻧﺮى ﻟﻠﻘﺎﺿـــﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ دﻋﻮى ﻃﻠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎم‬ ‫ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻘﺪ أو اﻟﻐﻴﺎب ﻟﻘﻠﺔ اﻟﻀــــﺮر ﻗﺒﻞ اﻧﻘﻀـــــﺎء ﻫﺬه اﻟﻤﺪة‬ ‫وإﻣﻜﺎن اﺣﺘﻤﺎﻟﻪ واﺣﺘﻴﺎﻃﺎ ﻟﺤﻖ اﻟﺰوج‪.‬‬ ‫وﰲ ﺣﺎل ﻓﺴــﺦ ﻧﻜﺎح اﻟﻤﺮأة ِﻣﻦ زوﺟﻬﺎ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻌﻠﻰ‬ ‫وأﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﻔﺴـــــــــــﺦ ﺑﻌﺪ اﻟﺪﺧﻮل‬ ‫اﻟﻤﻬﺮ ﻟﺬوﻳﻪ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻤﺮأة أن ﱠ‬ ‫ﻛﺎﻣﻼ‪ّ ،‬‬ ‫ﺗﺮد َ‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﻬﺮ ﻛﺎﻣﻼً ِﻣﻦ ّ‬ ‫ﺣﻘﻬﺎ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻳﺄﰐ ﻋﻴﺪ اﻷﺿﺤﻰ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ َ‬ ‫ﻛﺜﺮت اﻟﻔﺘﺎوى واﻷﻗﻮال ﰲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺒﺄي اﻷﻗﻮال ﻧﺄﺧﺬ؟ وﻫﻞ‬ ‫ﻧﺼﻠﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ إذا ﺻﻠﻴﻨﺎ اﻟﻌﻴﺪ؟ وﻫﻞ ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻪ إذا ﺻﻠﻴﻨﺎ اﻟﻌﻴﺪ‬ ‫ﺳﻘﻄﺖ ﻋﻨﺎ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ وﺻﻼة اﻟﻈﻬﺮ؟ أﻓﻴﺪوﻧﺎ ﺑﺎرك اﷲ ﻓﻴﻜﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ‪ ،‬واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻌﺪدت أﻗﻮال أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻣﺴـﺎﻟﺔ اﺟﺘﻤﺎع ﺻﻼة اﻟﻌﻴﺪ ﻣﻊ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ إﻟﻰ ﻋﺪة أﻗﻮال‪ ،‬وأﺷﻬﺮﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫ذﻫﺐ ﺟﻤﻬﻮر أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ واﻟﺸـﺎﻓﻌﻴﺔ‪ :‬إﻟﻰ‬

‫ﻏﻴﺎب زوﺟﻬﺎ واﻧﻘﻄﻌﺖ أﺧﺒﺎره وﺗﻀﺮرت‬ ‫وﺳﻌﻲ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻃﺎل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﻓﺴــــﺦ اﻟﻨﻜﺎح ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﺎﺿﻲ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺴـــــﻌﻲ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ‬

‫ّ‬ ‫أن إﺣﺪى اﻟﺼــــﻼﺗﻴﻦ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻤﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‬

‫ﻷﻧﻪ ﻻ أﺛـــــﺮ ﻟﻌﻮدة زوﺟﻬﺎ اﻷول ﻋﻠــــــﻰ ﻧﻜﺎﺣﻬﺎ اﻟﺜﺎﲏ ﰲ ﺣﺎل‬ ‫ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ؛ ّ‬

‫أن ﻳﺼﻠﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺴﺦ‪.‬‬ ‫راﺑﻌ ‪ :‬إذا ﻏﺎب اﻟﺰوج ﻏﻴﺒﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻌﺮف ﺧﺒـﺮه‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬ ‫ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻤﺴـﺎﻓﺮ إﻟﻰ ﺑﻼد ﺑﻌﻴﺪة‪ ،‬أو اﻟﻤﺤﺎﺻﺮ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ‬ ‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺰواﺟﻪ ٍ‬ ‫ﺑﺎق ﻣﺴــــﺘﻤﺮ‪ ،‬ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﺰوﺟﺘﻪ أن ﺗﺘﺰوج ﺑﺈﺟﻤﺎع أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﺑﻌﺪه ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺰوﺟﺖ ﻓﺎﻟﻌﻘﺪ ٌ‬ ‫ﺑﺎﻃﻞ‪ ،‬وﻳﺠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل ُ‬ ‫ﻓﺈن ﺗﻀــــﺮرت ِﻣﻦ ﻃﻮل ﻏﻴﺒﺘﻪ أو ﺳﻔﺮه‪ :‬ﻓﻠﻬﺎ أن ﺗﻄﻠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ِﻣﻦ‬ ‫اﻟﻘﺎﺿﻲ رﻓﻌ ﻟﻠﻀﺮر‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻧﻪ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاق زوﺟﻬﺎ‪ ،‬وﻋﺪم اﺳﺘﻌﺠﺎل اﻟﻔﺴﺦ‪،‬‬ ‫وﻧﻨﺼﺢ اﻟﻤﺮأة ّ‬ ‫واﺣﺘﺴـــــــــــــﺎب اﻷﺟﺮ ﰲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺰوج ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺤﻘﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻀﺮر‬ ‫اﻟﺮﺟﻮع‪ ،‬إﻻ ﰲ ﺣﺎل ّ‬ ‫ﺧﺎﻣﺴــ ‪ :‬إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة ﺗﻌﻴﺶ ﰲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺮرة‪ :‬ﻓﺘﺮﻓﻊ أﻣﺮﻫﺎ‬ ‫ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸــــــﺮﻋﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﺎﻛﻢ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺒﻌﺾ دول اﻟﻠﺠﻮء‪ :‬ﻓﺘﻮﱢﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺮﻓﻊ ﻗﻀــــــــــﻴﺔ ﻟﻬﺎ أﻣﺎم‬ ‫ﺳﻮاء ﻛﺎن ً‬ ‫ﻓﺮدا أو ﻣﻜﺘﺒ ﻣﺨﺘﺼـﺎ ﺑﺬﻟﻚ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﰲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺮرة‪ً ،‬‬ ‫وﺗﺤﺼﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻳﻖ أو اﻟﻤﻮت‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪80‬‬

‫وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ‪ :‬ﺗﺴـﻘﻂ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻤﻦ ﺟﺎء ﻟﺼـﻼة اﻟﻌﻴﺪ ِﻣﻦ ﺑﻌـﻴﺪ‬ ‫ً‬ ‫ﻇﻬﺮا‪.‬‬ ‫وﺷﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺟﻮع ﻷداء ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻳﺼﻠﻴﻬﺎ‬ ‫وذﻫﺐ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ :‬إﻟﻰ أن ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺗﺴــــﻘﻂ ﻋﻤﻦ ﻳﺼـــــﻠﻲ‬ ‫ﻇﻬﺮا‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﺼــــﻞ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺘﻠﺰﻣﻪ ﺻﻼة‬ ‫اﻟﻌﻴﺪ‪ ،‬ﺑﺸـــﺮط أن ﻳﺼـــﻠﻴﻬﺎ ً‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻳﻠﺰم اﻹﻣﺎم أن ﻳﻘﻴﻢ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻳﺼﻠﻲ ﺑﻤﻦ ﺣﻀﺮ‪.‬‬ ‫وﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﻷﻗﻮال اﺟﺘﻬﺎدات ﻟﻬﺎ ﱞ‬ ‫ﺣﻆ ِﻣﻦ اﻟﻨﻈــــــــــﺮ‪ ،‬وأدﻟﺘﻬﺎ‬ ‫ﻣﺒﺴﻮﻃﺔ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ‪.‬‬ ‫وﻳﺮى اﻟﻤﺠﻠﺲ‪ :‬أن ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻮن ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺘﻮى واﻟﻌﻤﻞ‬ ‫وﺗﻮﺣﻴﺪا‬ ‫اﻟﻤﺴـــــــــــــﺘﻘﺮ ﰲ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ؛ ﺟﻤﻌ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﺼﻒ‪.‬‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬ﻓﻼ أﳖﻰ ً‬ ‫أﺣﺪا ِﻣﻦ‬ ‫ﻗﺎل ﺳـــﻔﻴﺎن اﻟﺜﻮري‪) :‬ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫إﺧﻮاﲏ ْ‬ ‫واﻟﻤﺘﻔﻘﻪ‪.‬‬ ‫أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ( ذﻛﺮه اﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﺒﻐﺪادي ﰲ اﻟﻔﻘﻪ‬

‫وﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻌﻴﺪ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻋﺜﻤﺎن ﭬ‪ ،‬ﻓﺼــــﻠﻰ‬

‫ﺣﻜﻢ‪ ‬ﺑﻴﻊ‪ ‬ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‪ ‬ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ‬ ‫ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ‪ ‬ﻓﻲ‪ ‬ﺳﻮﺭﻳﺎ‬

‫اﻟﻌﻴﺪ ﺛﻢ ﺧﻄﺐ ﻓﻘﺎل‪) :‬إﻧﻪ ﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ ﻟﻜﻢ ﰲ ﻳﻮﻣﻜﻢ ﻫﺬا ﻋﻴﺪان‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﻓﻤﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ أن ﻳﻨﺘﻈــﺮ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻠﻴﻨﺘﻈـــﺮﻫﺎ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أذﻧﺖ ﻟﻜﻢ( رواه ﻣﺎﻟﻚ ﰲ اﻟﻤﻮﻃﺄ‪.‬‬ ‫أﺣﺐ أن ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ ﻓﻘﺪ ُ‬ ‫ﺑﺪ ِﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬ﻣﻊ اﻷﺧﺬ ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ‪ ،‬ﻻ ّ‬

‫اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻧﺸﻄﺖ ﰲ اﻟﺴـﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﺣﺮﻛﺔ ﺑﻴﻊ ﻟﻠﻌﻘﺎرات ﰲ‬

‫‪ -١‬اﺧﺘﻼف أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﺸــــــــــﺎر إﻟﻴﻪ ّإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺣ ّﻖ َﻣﻦ‬

‫دﻣﺸﻖ وﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﰲ ﺣﻠﺐ وﺣﻤﺺ وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻳﻘﻮم ﲠﺎ اﻟﻨﻈﺎم‬

‫ﱢ‬ ‫ﻳﺼـــــــــــــــــﻞ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺘﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‪ ،‬أﻣﺎ َﻣﻦ ﻟﻢ ُ‬

‫ً‬ ‫أﻣﻮاﻻ‬ ‫أو ﻣﻜﺎﺗﺐ وﻛﻼء ﻋﻨﻪ ﻟﻠﺸـﻴﻌﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻳﺪﻓﻌﻮن ﰲ ذﻟﻚ‬

‫دون ﺧﻼف‪.‬‬ ‫‪َ -٢‬ﻣﻦ ﺻـــــﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ وأﺧﺬ ﺑﻌﺪم وﺟﻮب ﺻـــــﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﻇﻬﺮا‪ ،‬واﻟﻘﻮل ﺑﺴﻘﻮط ﺻﻼة اﻟﻈﻬﺮ ﻗﻮل‬ ‫ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺼﻠﻴﻬﺎ‬ ‫ﻣﻨﻜﺮ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪ ﰲ »اﻻﺳﺘﺬﻛﺎر« ﻋﻦ ﺗﺮك ﺻـﻼة اﻟﻈﻬﺮ ﻟﻤﻦ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‪ٌ :‬‬ ‫ﻣﻨﻜﺮ‪ ،‬أﻧﻜﺮه ﻓﻘﻬﺎء اﻷﻣﺼــــــــﺎر‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻪ‬ ‫)ﻗﻮل َ ٌ‬ ‫أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ(‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -٣‬ﻧﺮى ّ‬ ‫أن اﻷﺣﻮط ﻟﻠﻤﺴــــــــــــــﻠﻢ أن ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺻﻼة‬ ‫ﻗﺮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺸــــــﺮوﻋﻴﺔ ﻣﺮاﻋﺎة‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ وإن ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‪ ،‬وﻗﺪ ّ‬

‫ً‬ ‫وأﺳـــــــــــــــــــﻌﺎرا ﻣﻐﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺣﻜﻢ ﺑﻴﻊ اﻟﺒﻴﻮت واﻟﻌﻘﺎرات‬ ‫ﻛﺜﻴﺮة‬ ‫واﻷراﺿﻲ ﻟﻬﻢ؟ وﻣﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺴـــــــﻤﺴــــــــﺮة واﻟﻮﺳﺎﻃﺔ‬ ‫ﻟﻬﺬه اﻟﺒﻴﻮع؟‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ واﻟﺼـﻼة واﻟﺴـﻼم ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ رﺳﻮل اﷲ‬ ‫وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ وﻣﻦ واﻻه‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫دور إﻳﺮان ﰲ ﻣﺴـــــــــﺎﻧﺪة اﻟﻨﻈﺎم‬ ‫ً‬ ‫أوﻻ‪ :‬ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺘﺎﺑﻊ ُ‬ ‫اﻟﺴـــــــــــﻮري ‪،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ذي ﻟﺐ أﻃﻤﺎع إﻳﺮان ﰲ اﻟﺘﻮﺳﻊ‬ ‫وﺗﺼﺪﻳﺮ ﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ اﻟﺼﻔﻮي اﻟﻔﺎرﺳﻲ‪ ،‬وأﺣﻼﻣﻬﺎ ﰲ إﻋﺎدة ﻣﺠﺪﻫﺎ‬ ‫اﻟﺴــــــــﻴﺎﺳﻲ وﺑﻨﺎء إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻦ وﺳﺎﺋﻠﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ‪ :‬إﺣﺪاث‬

‫اﺧﺘﻠ ﻒ‬ ‫اﺧﺘﻠﻒ ﰲ وﺟﻮﺑﻪ‪ ،‬وﺗـــــــﺮك ﻣﺎ ُ‬ ‫اﻟﺨﻼف اﻟﻘﻮي ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ ُ‬

‫اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺒﺸــــــــــﺮي )اﻟﺪﻳﻤﻐﺮاﰲ(‪ ،‬إﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‬

‫ﰲ ﺗﺤﺮﻳﻤﻪ‪.‬‬

‫ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻋﺪد أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ‪ ،‬أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ زﻳﺎدة اﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﻟﻠﺴـﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ‬

‫‪ -٤‬ﻧﺤﺚ إﺧﻮاﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠـﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ أﻫﻞ‬ ‫اﻟﺒﻼد اﻟﺘـــﻲ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ وﻋﺪم ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ِﻣﻦ اﻟﺨﻼف‬

‫اﻟﻤﺪن اﻟﻜﺒﺮى‪ ،‬ﻣﻊ ﺟﻠﺐ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ أﻓﻐﺎﻧﺴـﺘﺎن وﺑﺎﻛﺴـﺘﺎن وإﻳﺮان‬ ‫وﻏﻴﺮﻫﺎ وﺗﺠﻨﻴﺴﻬﻢ وإﻋﻄﺎﺋﻬﻢ اﻟﻤﺎل ﻟﺸﺮاء اﻟﻌﻘﺎرات واﻷراﺿﻲ‪،‬‬

‫اﻟﺴــــﺎﺋﻎ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﻧﻘﺎش أﻣﺜﺎل ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــﺎﺋﻞ اﻟﺨﻼﻓﻴﺔ ﰲ ِﺣﻠﻖ‬

‫وإﺣﻼﻟﻬﻢ ﰲ ﺑﻼد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺴــﻨﺔ‪ ،‬وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﻤﺴــﺎﻋﺪة اﻟﻨﻈﺎم‬

‫اﻟﻌﻠﻢ وﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻻﺧﺘﺼــﺎص؛ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺼــﻞ ﲠﺎ ﺗﺸــﻮﻳﺶ أو‬

‫اﻟﺴـﻮري ﻟﻬﻢ وﺗﺴــﻬﻴﻞ ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻬﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎر‪ ،‬ﻣﻊ‬

‫اﺧﺘﻼف‪ ،‬واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠﻢ‪..‬‬

‫ﺣﺮص إﻳﺮان ﻋﻠﻰ ﻓﺘﻨﺔ أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮﻫﻴﺐ واﻟﺘﺮﻏﻴﺐ‪،‬‬ ‫وﻧﺸــــﺮ اﻟﺘﺸــــﻴﻊ‪ ،‬وﺑﻨﺎء اﻟﺤﺴـــــﻴﻨﻴﺎت واﻷﺿﺮﺣﺔ واﻟﻤﺰارات ﰲ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻮﻟﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻫﻮﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳـﺒﻖ ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ﺑﻴﻊ اﻟﻌﻘﺎرات واﻷراﺿـﻲ ﰲ‬

‫ﻳﺘﺮﺧﺺ ﺑﺘﺮك ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ إن‬ ‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻤﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ أن ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻤﻦ ﻳﺸــــﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺤﻀــــﻮر ﻟﻠﺼـــــﻼة‪،‬‬ ‫ﻛﺎن ﻣﻦ أﻫﻞ اﻷﻋﺬار‪ ،‬أو ّ‬

‫آﺛﺎره اﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﺠﻮز ﻣﺴـﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴـﻤﺴـﺮة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﺸــﺮاء‬

‫ﻛﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ‪ ،‬واﻟﺤﺠﺎج‪ ،‬واﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﺑﻌﻴﺪة‪.‬‬

‫اﻷراﺿﻲ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺳﻮرﻳﺎ ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ ﺑﺎﻃﻞ ﻻ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ‬

‫‪ 81‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺿـــﺮر ِﻣﻦ ﻏﻴﺎب اﻟﺰوج‪ ،‬إﻣﺎ ﻟﻌﺪم ﺗﺮك‬ ‫اﻟﺰوﺟﺔ‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬إذا ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻘﺔ‪ ،‬أو ﻟﺨﺸــﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴــﻬﺎ ِﻣﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ‪ ‬ﺻﻼﺓ‪ ‬ﺍﻟﻌﻴﺪ‬ ‫ﻣﻊ‪ ‬ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫وﺟﻮه اﻟﻀﺮر‪ ،‬ﻓﻠﻬﺎ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻔﺴﺦ اﻟﻨﻜﺎح ﻟﺮﻓﻊ اﻟﻀﺮر‪.‬‬ ‫وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪) :‬ﻻ ﺿــــــﺮر وﻻ ِ‬ ‫ﺿﺮار(‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻤﻘﺮرة‪" :‬اﻟﻀـﺮر ﻳﺰال"‪ ،‬وإزاﻟﺔ ﻫﺬا اﻟﻀــﺮر ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﻮدة اﻟﺰوج أو‬ ‫ﱠ‬ ‫اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻧﺮى ﻟﻠﻘﺎﺿـــﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ دﻋﻮى ﻃﻠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎم‬ ‫ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻘﺪ أو اﻟﻐﻴﺎب ﻟﻘﻠﺔ اﻟﻀــــﺮر ﻗﺒﻞ اﻧﻘﻀـــــﺎء ﻫﺬه اﻟﻤﺪة‬ ‫وإﻣﻜﺎن اﺣﺘﻤﺎﻟﻪ واﺣﺘﻴﺎﻃﺎ ﻟﺤﻖ اﻟﺰوج‪.‬‬ ‫وﰲ ﺣﺎل ﻓﺴــﺦ ﻧﻜﺎح اﻟﻤﺮأة ِﻣﻦ زوﺟﻬﺎ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻌﻠﻰ‬ ‫وأﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﻔﺴـــــــــــﺦ ﺑﻌﺪ اﻟﺪﺧﻮل‬ ‫اﻟﻤﻬﺮ ﻟﺬوﻳﻪ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻤﺮأة أن ﱠ‬ ‫ﻛﺎﻣﻼ‪ّ ،‬‬ ‫ﺗﺮد َ‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﻬﺮ ﻛﺎﻣﻼً ِﻣﻦ ّ‬ ‫ﺣﻘﻬﺎ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻗﺪ‬ ‫اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻳﺄﰐ ﻋﻴﺪ اﻷﺿﺤﻰ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ َ‬ ‫ﻛﺜﺮت اﻟﻔﺘﺎوى واﻷﻗﻮال ﰲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺒﺄي اﻷﻗﻮال ﻧﺄﺧﺬ؟ وﻫﻞ‬ ‫ﻧﺼﻠﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ إذا ﺻﻠﻴﻨﺎ اﻟﻌﻴﺪ؟ وﻫﻞ ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻪ إذا ﺻﻠﻴﻨﺎ اﻟﻌﻴﺪ‬ ‫ﺳﻘﻄﺖ ﻋﻨﺎ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ وﺻﻼة اﻟﻈﻬﺮ؟ أﻓﻴﺪوﻧﺎ ﺑﺎرك اﷲ ﻓﻴﻜﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ‪ ،‬واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻌﺪدت أﻗﻮال أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻣﺴـﺎﻟﺔ اﺟﺘﻤﺎع ﺻﻼة اﻟﻌﻴﺪ ﻣﻊ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ إﻟﻰ ﻋﺪة أﻗﻮال‪ ،‬وأﺷﻬﺮﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫ذﻫﺐ ﺟﻤﻬﻮر أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ واﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ واﻟﺸـﺎﻓﻌﻴﺔ‪ :‬إﻟﻰ‬

‫ﻏﻴﺎب زوﺟﻬﺎ واﻧﻘﻄﻌﺖ أﺧﺒﺎره وﺗﻀﺮرت‬ ‫وﺳﻌﻲ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻃﺎل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﻓﺴــــﺦ اﻟﻨﻜﺎح ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﺎﺿﻲ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺴـــــﻌﻲ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ‬

‫ّ‬ ‫أن إﺣﺪى اﻟﺼــــﻼﺗﻴﻦ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻤﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‬

‫ﻷﻧﻪ ﻻ أﺛـــــﺮ ﻟﻌﻮدة زوﺟﻬﺎ اﻷول ﻋﻠــــــﻰ ﻧﻜﺎﺣﻬﺎ اﻟﺜﺎﲏ ﰲ ﺣﺎل‬ ‫ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ؛ ّ‬

‫أن ﻳﺼﻠﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺴﺦ‪.‬‬ ‫راﺑﻌ ‪ :‬إذا ﻏﺎب اﻟﺰوج ﻏﻴﺒﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻌﺮف ﺧﺒـﺮه‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬ ‫ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻤﺴـﺎﻓﺮ إﻟﻰ ﺑﻼد ﺑﻌﻴﺪة‪ ،‬أو اﻟﻤﺤﺎﺻﺮ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ‬ ‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺰواﺟﻪ ٍ‬ ‫ﺑﺎق ﻣﺴــــﺘﻤﺮ‪ ،‬ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﺰوﺟﺘﻪ أن ﺗﺘﺰوج ﺑﺈﺟﻤﺎع أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ‬ ‫ﺑﻌﺪه ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺰوﺟﺖ ﻓﺎﻟﻌﻘﺪ ٌ‬ ‫ﺑﺎﻃﻞ‪ ،‬وﻳﺠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل ُ‬ ‫ﻓﺈن ﺗﻀــــﺮرت ِﻣﻦ ﻃﻮل ﻏﻴﺒﺘﻪ أو ﺳﻔﺮه‪ :‬ﻓﻠﻬﺎ أن ﺗﻄﻠﺐ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ِﻣﻦ‬ ‫اﻟﻘﺎﺿﻲ رﻓﻌ ﻟﻠﻀﺮر‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻧﻪ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاق زوﺟﻬﺎ‪ ،‬وﻋﺪم اﺳﺘﻌﺠﺎل اﻟﻔﺴﺦ‪،‬‬ ‫وﻧﻨﺼﺢ اﻟﻤﺮأة ّ‬ ‫واﺣﺘﺴـــــــــــــﺎب اﻷﺟﺮ ﰲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺰوج ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺤﻘﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻀﺮر‬ ‫اﻟﺮﺟﻮع‪ ،‬إﻻ ﰲ ﺣﺎل ّ‬ ‫ﺧﺎﻣﺴــ ‪ :‬إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة ﺗﻌﻴﺶ ﰲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺮرة‪ :‬ﻓﺘﺮﻓﻊ أﻣﺮﻫﺎ‬ ‫ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸــــــﺮﻋﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﺎﻛﻢ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺒﻌﺾ دول اﻟﻠﺠﻮء‪ :‬ﻓﺘﻮﱢﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺮﻓﻊ ﻗﻀــــــــــﻴﺔ ﻟﻬﺎ أﻣﺎم‬ ‫ﺳﻮاء ﻛﺎن ً‬ ‫ﻓﺮدا أو ﻣﻜﺘﺒ ﻣﺨﺘﺼـﺎ ﺑﺬﻟﻚ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﰲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺮرة‪ً ،‬‬ ‫وﺗﺤﺼﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻳﻖ أو اﻟﻤﻮت‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪80‬‬

‫وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ‪ :‬ﺗﺴـﻘﻂ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻤﻦ ﺟﺎء ﻟﺼـﻼة اﻟﻌﻴﺪ ِﻣﻦ ﺑﻌـﻴﺪ‬ ‫ً‬ ‫ﻇﻬﺮا‪.‬‬ ‫وﺷﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺟﻮع ﻷداء ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻳﺼﻠﻴﻬﺎ‬ ‫وذﻫﺐ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ :‬إﻟﻰ أن ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺗﺴــــﻘﻂ ﻋﻤﻦ ﻳﺼـــــﻠﻲ‬ ‫ﻇﻬﺮا‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﺼــــﻞ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺘﻠﺰﻣﻪ ﺻﻼة‬ ‫اﻟﻌﻴﺪ‪ ،‬ﺑﺸـــﺮط أن ﻳﺼـــﻠﻴﻬﺎ ً‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻳﻠﺰم اﻹﻣﺎم أن ﻳﻘﻴﻢ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻳﺼﻠﻲ ﺑﻤﻦ ﺣﻀﺮ‪.‬‬ ‫وﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﻷﻗﻮال اﺟﺘﻬﺎدات ﻟﻬﺎ ﱞ‬ ‫ﺣﻆ ِﻣﻦ اﻟﻨﻈــــــــــﺮ‪ ،‬وأدﻟﺘﻬﺎ‬ ‫ﻣﺒﺴﻮﻃﺔ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ‪.‬‬ ‫وﻳﺮى اﻟﻤﺠﻠﺲ‪ :‬أن ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻮن ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺘﻮى واﻟﻌﻤﻞ‬ ‫وﺗﻮﺣﻴﺪا‬ ‫اﻟﻤﺴـــــــــــــﺘﻘﺮ ﰲ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ؛ ﺟﻤﻌ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﺼﻒ‪.‬‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﺎء‪ ،‬ﻓﻼ أﳖﻰ ً‬ ‫أﺣﺪا ِﻣﻦ‬ ‫ﻗﺎل ﺳـــﻔﻴﺎن اﻟﺜﻮري‪) :‬ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫إﺧﻮاﲏ ْ‬ ‫واﻟﻤﺘﻔﻘﻪ‪.‬‬ ‫أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ( ذﻛﺮه اﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﺒﻐﺪادي ﰲ اﻟﻔﻘﻪ‬

‫وﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻌﻴﺪ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻋﺜﻤﺎن ﭬ‪ ،‬ﻓﺼــــﻠﻰ‬

‫ﺣﻜﻢ‪ ‬ﺑﻴﻊ‪ ‬ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‪ ‬ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ‬ ‫ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ‪ ‬ﻓﻲ‪ ‬ﺳﻮﺭﻳﺎ‬

‫اﻟﻌﻴﺪ ﺛﻢ ﺧﻄﺐ ﻓﻘﺎل‪) :‬إﻧﻪ ﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ ﻟﻜﻢ ﰲ ﻳﻮﻣﻜﻢ ﻫﺬا ﻋﻴﺪان‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﻓﻤﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ أن ﻳﻨﺘﻈــﺮ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻠﻴﻨﺘﻈـــﺮﻫﺎ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أذﻧﺖ ﻟﻜﻢ( رواه ﻣﺎﻟﻚ ﰲ اﻟﻤﻮﻃﺄ‪.‬‬ ‫أﺣﺐ أن ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ ﻓﻘﺪ ُ‬ ‫ﺑﺪ ِﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬ﻣﻊ اﻷﺧﺬ ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ‪ ،‬ﻻ ّ‬

‫اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻧﺸﻄﺖ ﰲ اﻟﺴـﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﺣﺮﻛﺔ ﺑﻴﻊ ﻟﻠﻌﻘﺎرات ﰲ‬

‫‪ -١‬اﺧﺘﻼف أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﺸــــــــــﺎر إﻟﻴﻪ ّإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺣ ّﻖ َﻣﻦ‬

‫دﻣﺸﻖ وﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﰲ ﺣﻠﺐ وﺣﻤﺺ وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻳﻘﻮم ﲠﺎ اﻟﻨﻈﺎم‬

‫ﱢ‬ ‫ﻳﺼـــــــــــــــــﻞ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺘﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‪ ،‬أﻣﺎ َﻣﻦ ﻟﻢ ُ‬

‫ً‬ ‫أﻣﻮاﻻ‬ ‫أو ﻣﻜﺎﺗﺐ وﻛﻼء ﻋﻨﻪ ﻟﻠﺸـﻴﻌﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻳﺪﻓﻌﻮن ﰲ ذﻟﻚ‬

‫دون ﺧﻼف‪.‬‬ ‫‪َ -٢‬ﻣﻦ ﺻـــــﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ وأﺧﺬ ﺑﻌﺪم وﺟﻮب ﺻـــــﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﻇﻬﺮا‪ ،‬واﻟﻘﻮل ﺑﺴﻘﻮط ﺻﻼة اﻟﻈﻬﺮ ﻗﻮل‬ ‫ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺼﻠﻴﻬﺎ‬ ‫ﻣﻨﻜﺮ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﱪ ﰲ »اﻻﺳﺘﺬﻛﺎر« ﻋﻦ ﺗﺮك ﺻـﻼة اﻟﻈﻬﺮ ﻟﻤﻦ‬ ‫ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‪ٌ :‬‬ ‫ﻣﻨﻜﺮ‪ ،‬أﻧﻜﺮه ﻓﻘﻬﺎء اﻷﻣﺼــــــــﺎر‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻪ‬ ‫)ﻗﻮل َ ٌ‬ ‫أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ(‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -٣‬ﻧﺮى ّ‬ ‫أن اﻷﺣﻮط ﻟﻠﻤﺴــــــــــــــﻠﻢ أن ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺻﻼة‬ ‫ﻗﺮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺸــــــﺮوﻋﻴﺔ ﻣﺮاﻋﺎة‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ وإن ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ‪ ،‬وﻗﺪ ّ‬

‫ً‬ ‫وأﺳـــــــــــــــــــﻌﺎرا ﻣﻐﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺣﻜﻢ ﺑﻴﻊ اﻟﺒﻴﻮت واﻟﻌﻘﺎرات‬ ‫ﻛﺜﻴﺮة‬ ‫واﻷراﺿﻲ ﻟﻬﻢ؟ وﻣﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺴـــــــﻤﺴــــــــﺮة واﻟﻮﺳﺎﻃﺔ‬ ‫ﻟﻬﺬه اﻟﺒﻴﻮع؟‬ ‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ واﻟﺼـﻼة واﻟﺴـﻼم ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ رﺳﻮل اﷲ‬ ‫وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ وﻣﻦ واﻻه‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫دور إﻳﺮان ﰲ ﻣﺴـــــــــﺎﻧﺪة اﻟﻨﻈﺎم‬ ‫ً‬ ‫أوﻻ‪ :‬ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺘﺎﺑﻊ ُ‬ ‫اﻟﺴـــــــــــﻮري ‪،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ذي ﻟﺐ أﻃﻤﺎع إﻳﺮان ﰲ اﻟﺘﻮﺳﻊ‬ ‫وﺗﺼﺪﻳﺮ ﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ اﻟﺼﻔﻮي اﻟﻔﺎرﺳﻲ‪ ،‬وأﺣﻼﻣﻬﺎ ﰲ إﻋﺎدة ﻣﺠﺪﻫﺎ‬ ‫اﻟﺴــــــــﻴﺎﺳﻲ وﺑﻨﺎء إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻦ وﺳﺎﺋﻠﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ‪ :‬إﺣﺪاث‬

‫اﺧﺘﻠ ﻒ‬ ‫اﺧﺘﻠﻒ ﰲ وﺟﻮﺑﻪ‪ ،‬وﺗـــــــﺮك ﻣﺎ ُ‬ ‫اﻟﺨﻼف اﻟﻘﻮي ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ ُ‬

‫اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺒﺸــــــــــﺮي )اﻟﺪﻳﻤﻐﺮاﰲ(‪ ،‬إﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‬

‫ﰲ ﺗﺤﺮﻳﻤﻪ‪.‬‬

‫ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻋﺪد أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ‪ ،‬أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ زﻳﺎدة اﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﻟﻠﺴـﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ‬

‫‪ -٤‬ﻧﺤﺚ إﺧﻮاﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠـﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ أﻫﻞ‬ ‫اﻟﺒﻼد اﻟﺘـــﻲ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ وﻋﺪم ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ِﻣﻦ اﻟﺨﻼف‬

‫اﻟﻤﺪن اﻟﻜﺒﺮى‪ ،‬ﻣﻊ ﺟﻠﺐ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ أﻓﻐﺎﻧﺴـﺘﺎن وﺑﺎﻛﺴـﺘﺎن وإﻳﺮان‬ ‫وﻏﻴﺮﻫﺎ وﺗﺠﻨﻴﺴﻬﻢ وإﻋﻄﺎﺋﻬﻢ اﻟﻤﺎل ﻟﺸﺮاء اﻟﻌﻘﺎرات واﻷراﺿﻲ‪،‬‬

‫اﻟﺴــــﺎﺋﻎ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﻧﻘﺎش أﻣﺜﺎل ﻫﺬه اﻟﻤﺴــــﺎﺋﻞ اﻟﺨﻼﻓﻴﺔ ﰲ ِﺣﻠﻖ‬

‫وإﺣﻼﻟﻬﻢ ﰲ ﺑﻼد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ اﻟﺴــﻨﺔ‪ ،‬وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﻤﺴــﺎﻋﺪة اﻟﻨﻈﺎم‬

‫اﻟﻌﻠﻢ وﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻻﺧﺘﺼــﺎص؛ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺼــﻞ ﲠﺎ ﺗﺸــﻮﻳﺶ أو‬

‫اﻟﺴـﻮري ﻟﻬﻢ وﺗﺴــﻬﻴﻞ ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻬﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎر‪ ،‬ﻣﻊ‬

‫اﺧﺘﻼف‪ ،‬واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠﻢ‪..‬‬

‫ﺣﺮص إﻳﺮان ﻋﻠﻰ ﻓﺘﻨﺔ أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮﻫﻴﺐ واﻟﺘﺮﻏﻴﺐ‪،‬‬ ‫وﻧﺸــــﺮ اﻟﺘﺸــــﻴﻊ‪ ،‬وﺑﻨﺎء اﻟﺤﺴـــــﻴﻨﻴﺎت واﻷﺿﺮﺣﺔ واﻟﻤﺰارات ﰲ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻮﻟﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻫﻮﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳـﺒﻖ ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ﺑﻴﻊ اﻟﻌﻘﺎرات واﻷراﺿـﻲ ﰲ‬

‫ﻳﺘﺮﺧﺺ ﺑﺘﺮك ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ إن‬ ‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻤﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﻴﺪ أن ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻤﻦ ﻳﺸــــﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺤﻀــــﻮر ﻟﻠﺼـــــﻼة‪،‬‬ ‫ﻛﺎن ﻣﻦ أﻫﻞ اﻷﻋﺬار‪ ،‬أو ّ‬

‫آﺛﺎره اﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﺠﻮز ﻣﺴـﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴـﻤﺴـﺮة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﺸــﺮاء‬

‫ﻛﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ‪ ،‬واﻟﺤﺠﺎج‪ ،‬واﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﺑﻌﻴﺪة‪.‬‬

‫اﻷراﺿﻲ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺳﻮرﻳﺎ ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ ﺑﺎﻃﻞ ﻻ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ‬

‫‪ 81‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫‪ّ -١‬‬ ‫أن إﻳﺮان وﻣﻌﻬﺎ ﻋﻤﻮم اﻟﺸــــــﻴﻌﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸـــــــﱰون ﻫﺬه اﻟﻌﻘﺎرات‬

‫‪ّ -٤‬‬ ‫أن اﻟﻤﺸـــﺮوع اﻟﺸـــﻴﻌﻲ ﺟﺰء ِﻣﻦ ﻣﺨﻄﻄﺎت اﻷﻋﺪاء ﰲ ﺗﺪﻣﻴﺮ‬

‫ﻣﺴــــــــــﺎﻧﺪون ﻟﻠﻘﺘﻠﺔ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ‪ ،‬وﻫﻢ رأس اﻟﺤﺮﺑﺔ ﰲ اﻟﻘﺘﻞ‬

‫ﺑﻼد اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﺗﻘﺴـﻴﻤﻬﺎ‪ ،‬وﲥﺠﻴﺮ أﻫﻠﻬﺎ‪ ،‬وﰲ ﺗﻤﻜﻴﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺸـﻴﻌﺔ‬

‫واﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﺤﺎﺻـــــــــﻞ؛ ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻗﺘﺎﻟﻬﻢ وﻣﺪاﻓﻌﺘﻬﻢ‪ ،‬وإﺧﺮاﺟﻬﻢ ﻣﻦ‬

‫إﻋﺎﻧﺔ ﻟﻸﻋﺪاء‪ ،‬وﺗﺴــﻠﻴﻂ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ وﻣﻘﺪراﲥﻢ‪ ،‬وإﻋﺎﻧﺔ‬

‫اﻟﺪﻳﺎر‪ ،‬ﻻ ﺗﺜﺒﻴـﺘﻬﻢ ﻓـﻴﻬﺎ؛ ﻓﻬﻢ أﻋﺪاء ﻣﺤﺎرﺑﻮن ﻣﺤـﺘﻠﻮن‪ ،‬وﻣﻦ ﻛﺎن ﻋﺪوا‬

‫اﻷﻋﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﻘﻄﻌﻴﺔ ﰲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪.‬‬ ‫ْﻬﺎﻛﻢ اﷲ َ ِ ِ‬ ‫ﻗﺎﺗﻠﻮﻛﻢ ِﻓـــــــﻲ ﱢ ِ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ‬ ‫ﻋﻦ ﱠ َ‬ ‫ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـــــــﻰ‪ ِ :‬ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫﴿إﻧﻤﺎ َﻳﻨ َ ُ ُ ُ‬ ‫وأﺧﺮﺟﻮﻛﻢ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻇﺎﻫﺮوا َ َ‬ ‫إﺧﺮاﺟﻜﻢ َ ْ‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﺗﻮﻟﻮﻫﻢ َ َ ْ‬ ‫َ​َْ َ ُ ُ ْ ْ‬ ‫أن َ َ ﱠ ْ ُ ْ‬ ‫ﻋﻠـــــــﻰ ِ ْ َ ُ ْ‬ ‫دﻳﺎرﻛﻢ َ َ َ ُ‬ ‫ﻣﻦ َ ِ ُ ْ‬

‫وﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳـــﻴﻄﺮﲥﻢ وﻳﻠﺠﺆون إﻟﻰ اﻷراﺿـــﻲ اﻟﻤﺤﺮرة‪ ،‬وﻛﻴﻒ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ‬

‫ﻫﻢ ﱠ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻬﻢ َ ُ َ ِ َ‬ ‫اﻟﻈﺎﻟﻤﻮن﴾ ]اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﺔ‪[٩ :‬‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ُ ُ‬ ‫َ​َ​َ ﱠ ُ ْ‬

‫ﻣﻌﻬﻢ؟‬

‫ﻳﻘﻮﻳﻪ وﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬ ‫ﻣﺤﺎرﺑ ﻟﻠﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﻼ ﺗﺠﻮز ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﻤﺎ ّ‬ ‫أﻫﺪاﻓﻪ‪ ،‬وﻳﻌﺘﱪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠــــﻰ اﻹﺛﻢ واﻟﻌﺪوان اﻟﻤﻨﻬـــــﻲ ﻋﻨﻪ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫﴿وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى َ َ‬ ‫اﻹﺛﻢ‬ ‫وﻻ َ َ َ ُ‬ ‫ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ُ َ َ َ َ :‬‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ْ ِ ﱢ‬ ‫ْ ْ ِ‬ ‫واﻟﻌﺪوان ﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.[٢ :‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫روى أﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﰲ }اﻟﺨﺮاج{ ﻋﻦ اﻟﺤﺴـﻦ اﻟﺒﺼـﺮي أﻧﻪ ﻗﺎل‪) :‬ﻻ‬ ‫ﻋﺪو اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﺳﻼﺣ ﻳﻘﻮﻳﻬﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻳﺤﻞ ﻟﻤﺴـــﻠﻢ أن ﻳﺤﻤﻞ إﻟﻰ ّ‬ ‫اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻻ ُﻛﺮاﻋ ‪ ،‬وﻻ ﻣﺎ ُﻳﺴـــﺘﻌﺎن ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴـــﻼح ُ‬ ‫واﻟﻜﺮاع(‪.‬‬ ‫واﻟﻤﺮاد ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻜﺮاع اﻟﺪواب وﻣﺎ ﻳﺮﻛﺒﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺻﻼت‪.‬‬ ‫وﺟﺎء ﰲ اﻟﻤﻮﺳـﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪ ) :‬ﻗﺎل اﻟﺪﺳــﻮﻗﻲ‪ :‬وﻛﺬا ﻳﻤﻨﻊ أن ﻳﺒﺎع‬ ‫ﻟﻠﺤﺮﺑﻴﻴﻦ آﻟﺔ اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻣﻦ ﺳـﻼح أو ﻛﺮاع أو ﺳــﺮج‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﻮون ﺑﻪ‬ ‫ﰲ اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻣﻦ ﻧﺤﺎس أو ﺧﺒﺎء أو ﻣﺎﻋﻮن‪.‬‬ ‫وأﻣﺎ ﺑــﻴﻊ اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺣــﺒـــﻴﺐ‪ :‬ﻳﺠﻮز ﰲ‬ ‫اﻟﻬﺪﻧﺔ‪ ،‬وأﻣﺎ ﰲ ﻏﻴﺮ اﻟﻬﺪﻧﺔ ﻓﻼ ﻳﺠﻮز‪ ،‬واﻟﺬي ﰲ اﻟﻤﻌﻴﺎر ﻋﻦ اﻟﺸــﺎﻃﺒﻲ‪:‬‬ ‫أن اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﻤﻨﻊ ﻣﻄﻠﻘﺎ‪ ،..‬وذﻛﺮ ﰲ اﻟﻤﻌﻴﺎر أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬أن ﺑﻴﻊ‬

‫ً‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴـﻠﻢ ﺑﻴﻊ ﻫﺬه اﻷراﺿﻲ واﻟﻌﻘﺎرات ﻟﻠﺸــﻴﻌﺔ وإن‬ ‫ﺗﻘﺮر ﰲ اﻟﻘﻮاﻋﺪ‬ ‫ﻛﺎن‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺠﺒﺮا ﻋﻠــــــــــﻰ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ؛ ﻟﻤﺎ ّ‬ ‫ﻣﺤﺘﺎﺟﺎ ﻟﻠﻤﺎل‪ ،‬أو ُ ً‬ ‫أن }درء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻣﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ{‪ ،‬و} ُﻳﺤﺘﻤﻞ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ِﻣﻦ ّ‬

‫وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺳـﻴﺪ اﻟﻤﺮﺳـﻠﻴﻦ‪ ،‬وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻـﺤﺒﻪ َ‬ ‫واﻟﺼﻼة ّ‬ ‫ﺑﺈﺣﺴﺎن إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬

‫اﻟﻀـﺮر اﻟﺨﺎص ﻟﺪﻓﻊ اﻟّﻀﺮر اﻟﻌﺎم{‪ } ،‬وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ ﻣﻔﺴـﺪﺗﺎن ُدﻓﻌﺖ‬ ‫ﻓﻼ ﻳﺠﻮز إﻳﻮاء أﻓﺮاد ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻐﻼة ﻛﺘﻨﻈﻴﻢ )اﻟﺪوﻟﺔ( وﻧﺤﻮﻫﻢ‪،-‬‬

‫اﻟﻤﻔﺴﺪة اﻟﻌﻈﻤﻰ ﺑﺎرﺗﻜﺎب اﻷدﻧﻰ{؛ ﻓﺎﻟﻤﺼـﻠﺤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺼـﻴﻞ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮال‪ ،‬أو دﻓﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻀﺮر ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‬

‫وﺟﺪ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻘﻀـــــﺎﺋﻴﺔ‬ ‫وﻻ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻌﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ُﻳﺴـــــﻠﻢ ﻣﻦ ُ‬

‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ودﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬ودﻓﻊ اﻟﻀـﺮر ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻼ‬

‫واﻟﺸـــــــــــــــــﺮﻋﻴﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ وﻓﻖ اﻟﻬﺪي اﻟﻨﺒﻮي ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ‬

‫ّﺑﺪ ﻣﻦ دﻓﻊ اﻟﻀـﺮر اﻟﻌﺎم واﻟﻤﻔﺴــﺪة اﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ ﺗﻤﻜﻴﻦ اﻟﺸــﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻼد‬

‫اﻟﺨﻮارج‪ ،‬وﺗﻮﺿﻴﺢ ذﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ وإن وﻗﻌﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‪ ،‬أو ﻓﺎﺗﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫ﻣـﺘﻮﻗﻊ ﻃﺎﻟﻤﺎ ّ‬ ‫أوﻻ‪ :‬ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ﺣﺬر ﻣـﻨﻪ اﻟﻌﻘﻼء؛‬ ‫أﻣﺮ ّ ٌ‬ ‫إن اﳖﻴﺎر ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻐﻼة ٌ‬

‫راﺑﻌ ‪ :‬ﻳﺸـﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﻣﺴـﺎﻋﺪة ﻫﺆﻻء اﻟﺸـﻴﻌﺔ ﰲ ﺗﻤﻠﻚ ﻫﺬه‬

‫‪ –٢‬ﱠ‬ ‫أن ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ ﺗﻤﻜﻴﻨ ﻟﻬﺆﻻء ﻣﻦ ﻧﺸــــﺮ دﻳﻨﻬﻢ اﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ،‬وﻓﺘﻨﺔ‬ ‫أﻫﻞ اﻟﺴـــﻨﺔ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬وﺗﺸـــﻴﻴﻌﻬﻢ‪ ،‬وإﻋﺎﻧﺔ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺸـــﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪاﲥﻢ‬

‫اﻟﺴــــﻤﺎﺳﺮة‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺒﻴﻊ اﻟﻌﻘﺎرات ﻟﻠﻤﻜﺎﺗﺐ واﻟﺴــــﻤﺎﺳﺮة اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻔﻬﻢ‬

‫اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬واﻟﻄﻌﻦ ﰲ دﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺮآﳖﻢ وﺳـﻨﺘﻬﻢ‪ ،‬واﻻﺳـﺘﻌﻼن ﺑﺘﻜﻔﻴﺮﻫﻢ‪،‬‬

‫اﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﰲ أﻋﻴﺎﻧﻬﻢ أو ﻫﻴﺌﺎﺗﻬﻢ أو أﻫﺪاﻓﻬﻢ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻮﻋﺪ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ‪ ،‬وﺳﺐ اﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ واﻟﻄﻌﻦ ﺑﺄﻣﻬﺎت اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ رﺿﻲ اﷲ‬

‫ﺣﻜﻢ إﻳﻮاء اﻟﺪواﻋﺶ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺮون ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرك‬ ‫اﻟﺴـــــــــــــﺆال‪ :‬ﻣﺎ ُ‬

‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻻ ﻋﺪوان إﻻ ﻋﻠــﻰ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪،‬‬

‫اﻷراﺿﻲ‪ ،‬وﺗﻨﻔﻴﺬ إﺟﺮاءاﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺳﻤﺴـﺮة وإﻓﺮاغ‪ ،‬وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ‪،‬‬ ‫وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴـﻠﻢ اﻟﺘﺤﺮي واﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﺸــﺘﺮي واﻟﺘﺄﻛﺪ ِﻣﻦ ﺣﻴﻞ‬

‫اﻟﺸﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﻣﻤﻨﻮع‪ ،‬إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن ﺑﻪ ﻋﻠﻰ إﺿﺮار اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ(‪.‬‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ‪ ‬ﻣﻊ‪ ‬ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ‬ ‫ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ‪ ‬ﻣﻦ‪ ‬ﺃﺭﺽ‪ ‬ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ‬

‫اﻹﺳـــــــﻼم ﺑﺈﺣﺪاث ﺑﺪﻋﺔ‪ ،‬إذا ﺣﻤﺎه ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻪ‪ ،‬واﻷﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪه‬ ‫ﻟﺪﻓﻊ ﻋﺎدﻳﺘﻪ(‪.‬‬

‫اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴـــــﺖ ﻓﺌﺎت ﺑﺎﻏﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄوﻳﻠﻬﺎ‬ ‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬه ّ‬

‫َ‬ ‫اﻹﺣﺪاﺛﻴﻦ‪ :‬اﻹﺣﺪاث ﰲ اﻟﺠـــــــﺮاﺋﻢ ِﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ‬ ‫ﻓﻬﺆﻻء ﺟﻤﻌﻮا ﺑﻴﻦ‬

‫اﻟﺴﺎﺋﻎ‪ ،‬وﻻ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﺗﺘﺼـﻒ ﺑﺼـﻔﺎت اﻟﺨﻮارج وﺣﺴـﺐ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫واﻟﺴﻠﺐ واﻟﻨّﻬﺐ ﻟﻠﻤﺴــــــــــــﻠﻤﻴﻦ واﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺑﻴﻦ إﺣﺪاث اﻟﺒﺪﻋﺔ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫ﺗﺠﺎوزت ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻘ ﻣﺨﱰَﻗ ﻳﺴــــــــﺘﺨﺪﻣﻪ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﻛﻴﺎﻧ‬

‫اﻟﻤﻐﻠﻈﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺛﺒﻮت اﺧﱰاﻗﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء‪ ،‬واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ ﻟﻬﻢ‪..‬‬

‫أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم ﰲ ﺿﺮب أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــﻨﺔ‪ ،‬وﺗﺪﻣﻴﺮ ﺟﻬﺎدﻫﻢ‪ ،‬واﺣﺘﻼل‬ ‫ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ ﺑﺘﻬﻤﺔ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻹرﻫﺎب‪.‬‬

‫وﺧﺘﺎﻣﺎ‪ :‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺤﺚ اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻤﻴﺴـــــﻮرﻳﻦ وﺗﺠﺎر اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ‬ ‫ً‬

‫ﻗﺎل ﱢ‬ ‫اﻟﻄﻴﺒﻲ ﰲ }ﺷﺮح اﻟﻤﺸــــــﻜﺎة{‪) :‬وﻳﺪﺧﻞ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺠﺎﲏ ﻋﻠﻰ‬

‫أﻣﺎ ﻓﺮارﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎرك ﻣﻊ اﻷﻋﺪاء‪ :‬ﻓﻬﻮ ﻻ ﱢ‬ ‫ﻳﺆﺛﺮ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ إﺣﺪاﺛﻬﻢ؛‬ ‫ﻓﻬﻢ ﻣﻌﺘﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺘﺎل‪ ،‬وأﺛﻨﺎءه‪ ،‬وﺑﻌﺪه‪.‬‬

‫اﻟﻐﻴﻮرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺼـﻠﺤﺔ ﺑﻼدﻫﻢ أن ﻳﺒﺬﻟﻮا وﺳﻌﻬﻢ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ﰲ‬

‫ّأﻣﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أﻓــــــــــﺮاد ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻔﺎرﻳﻦ ِﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﺘﺎل‬

‫اﻟﺤﺮام‪ ،‬ﻛﺒﻴﻊ اﻟﺴـــــﻼح ﻷﻫﻞ اﻟﺤﺮب‪ ،‬أو ﻟﻘﻄﺎع اﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬أو ﰲ اﻟﻔﺘﻨﺔ‪،‬‬

‫ﻣﺪﻧﻬﻢ وﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ‪ ،‬وأن ﻳﻌﻴﻨﻮﻫﻢ ﺑﻤﺎﻟﻬﻢ وﺑﻤﺎ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﰲ‬ ‫أرﺿﻬﻢ‪ ،‬وإﻓﺸــﺎل ﻣﺨﻄﻂ أﻋﺪاﺋﻬﻢ؛ ﻓﻬﺬا ِﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﻮاﺟﺐ‪َ ،‬ﻗﺎل اﷲ‬

‫ﻓﻼﺑﺪ ﻓﻴﻪ ِﻣﻦ اﻟﻴﻘﻈﺔ واﻟﺤﺬر‪ ،‬واﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳـــــــﺐ ﻣﻊ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﻢ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ﺳﻤﻌﺖ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ ﻗﺎل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮة‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬ﻣﺎ ورد ﰲ اﻟﺼــﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ّ‬

‫اﻷﻣﺔ ﻟﻠﻐﻨﺎء‪ ،‬أو إﺟﺎرﲥﺎ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬أو إﺟﺎرة داره ﻟﺒﻴﻊ اﻟﺨﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬أو‬ ‫وﺑﻴﻊ َ‬

‫﴿وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.[٢ :‬‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ َ َ َ َ :‬‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ ِ ﱢ‬

‫وﻓﻜﺮﻫﻢ وﺧﻄﺮﻫﻢ‪ ،‬وﺳـﺎﺑﻖ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺜﻮار؛ ﱠ‬ ‫ﻓﺈن ﻣﻤﺎ اﺑﺘﺪﻋﻮه ﻣﻤﺎ ﻟﻢ‬

‫ﻓﺈن ﰲ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻳﻘﻮل‪) :‬ﻓﺄﻳﻨﻤﺎ ﻟﻘﻴﺘﻤﻮﻫﻢ ﻓﺎﻗﺘﻠﻮﻫﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫أﺟــــــﺮا ﻟﻤﻦ‬ ‫ﻗﺘﻠﻬﻢ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻳﻜﻦ ﰲ أﺳﻼﻓﻬﻢ‪ :‬اﻟﻐﺪر‪ ،‬واﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟﻜﺬب‪ ،‬وﻧﻘﺾ اﻟﻌﻬﻮد واﻟﻤﻮاﺛﻴﻖ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ(‪.‬‬ ‫ﻳﻮم‬ ‫َ​َﻗﺘﻠﻬﻢ ﻋﻨﺪ اﷲ َ‬

‫ﻋﻨﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﺘﺒﻬﻢ وﺧﻄﺒﻬﻢ وﻓﺘﺎواﻫﻢ ‪.‬‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ﰲ }اﻟﻤﻐﻨﻲ{‪) :‬وﻫﻜﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﱢ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ُﻳﻘﺼــــﺪ ﺑﻪ‬

‫ﺣﺮام‪ ،‬واﻟﻌﻘﺪ ﺑﺎﻃﻞ(‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ﻟﺘﺘﺨﺬ ﻛﻨﻴﺴﺔ‪ ،‬أو ﺑﻴﺖ ﻧﺎر‪ ،‬وأﺷﺒﺎه ذﻟﻚ‪ .‬ﻓﻬﺬا ٌ‬ ‫‪ -٣‬ﱠ‬ ‫أن ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ وإن ﺗﻮﻓﺮت ﰲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺸــــــــــــﺮوط واﻷرﻛﺎن‬ ‫اﻟﻤﻌﺘﱪة ﰲ اﻟﺒﻴﻊ اﻟﺼـــﺤﻴﺢ‪ ،‬إﻻ ﱠأﻧﻪ ﻳﺆدي ﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻈﻴﻤﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﺼـــﻴﺮ‬ ‫اﻟﻤﺒﺎح ﻣﺤﺮﻣ إذا أدى إﻟﻰ ﻣﻔﺴــــــﺪة؛ ّ‬ ‫ﻷن ﻟﻠﻮﺳﺎﺋﻞ أﺣﻜﺎم اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ‪،‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪82‬‬

‫ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﻮﺻﻲ اﻟﻤﺨﺘﺼـــــــﻴﻦ ﻣﻦ إﻋﻼﻣﻴﻴﻦ وﺣﻘﻮﻗﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ‪:‬‬ ‫ﻓﻀـــــــــــــﺢ ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت‪ ،‬وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﺠﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ‬

‫ُ‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳــــــــﺒﻖ ﻓﻼ ﺗﺠﻮز إﻋﺎﻧﺔ ﻫﺆﻻء وﻻ إﻳﻮاؤﻫﻢ وﻻ‬

‫اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ‪ ،‬وﻧﻮﺻﻲ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻘﻀـــــــﺎﺋﻴﺔ أن ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺒﻄﻼن ﺑﻴﻊ ﻛﻞ ﻋﻘﺎر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟـﻤﺤﺪﺛﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﻗﺎل‬ ‫ﻧﺼـــــــــﺮﲥﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﺮون ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرك؛ ﻷﳖﻢ ﻣﻦ ُ ْ‬

‫ﺛﺒﺖ أن ﻣﺸﱰﻳﻪ أﺻﻮﻟﻪ إﻳﺮاﻧﻴﺔ أو ﻣﺬﻫﺒﻪ ﺷﻴﻌﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ‪) :‬ﻟﻌﻦ اﷲ َﻣﻦ آوى ﻣﺤﺪﺛﺎ( رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻏﻴﺮه‪.‬‬

‫اﻷﻣﺮ اﻟﻨﺒﻮي ﺑﻘﺘﺎل اﻟﺨﻮارج واﺳﺘﺌﺼــــــﺎﻟﻬﻢ ﰲ أﺣﺎدﻳﺚ‬ ‫وﻗﺪ ﺛﺒﺖ ُ‬

‫ﺷـــــــﺮ ِﻣﻦ اﻟﺨﻮارج اﻷوﻟﻴﻦ‪ ،‬وإﻳﻮاؤﻫﻢ‬ ‫وﺧﻮارج ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت‬ ‫ﱞ‬ ‫ُ‬ ‫ﻒ ﻟﻠﻬﺪي اﻟﻨﺒﻮي ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ‪.‬‬ ‫وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻣﺨﺎﻟ ٌ‬

‫‪ 83‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫‪ّ -١‬‬ ‫أن إﻳﺮان وﻣﻌﻬﺎ ﻋﻤﻮم اﻟﺸــــــﻴﻌﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸـــــــﱰون ﻫﺬه اﻟﻌﻘﺎرات‬

‫‪ّ -٤‬‬ ‫أن اﻟﻤﺸـــﺮوع اﻟﺸـــﻴﻌﻲ ﺟﺰء ِﻣﻦ ﻣﺨﻄﻄﺎت اﻷﻋﺪاء ﰲ ﺗﺪﻣﻴﺮ‬

‫ﻣﺴــــــــــﺎﻧﺪون ﻟﻠﻘﺘﻠﺔ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ‪ ،‬وﻫﻢ رأس اﻟﺤﺮﺑﺔ ﰲ اﻟﻘﺘﻞ‬

‫ﺑﻼد اﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﺗﻘﺴـﻴﻤﻬﺎ‪ ،‬وﲥﺠﻴﺮ أﻫﻠﻬﺎ‪ ،‬وﰲ ﺗﻤﻜﻴﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺸـﻴﻌﺔ‬

‫واﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﺤﺎﺻـــــــــﻞ؛ ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻗﺘﺎﻟﻬﻢ وﻣﺪاﻓﻌﺘﻬﻢ‪ ،‬وإﺧﺮاﺟﻬﻢ ﻣﻦ‬

‫إﻋﺎﻧﺔ ﻟﻸﻋﺪاء‪ ،‬وﺗﺴــﻠﻴﻂ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ وﻣﻘﺪراﲥﻢ‪ ،‬وإﻋﺎﻧﺔ‬

‫اﻟﺪﻳﺎر‪ ،‬ﻻ ﺗﺜﺒﻴـﺘﻬﻢ ﻓـﻴﻬﺎ؛ ﻓﻬﻢ أﻋﺪاء ﻣﺤﺎرﺑﻮن ﻣﺤـﺘﻠﻮن‪ ،‬وﻣﻦ ﻛﺎن ﻋﺪوا‬

‫اﻷﻋﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت اﻟﻘﻄﻌﻴﺔ ﰲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪.‬‬ ‫ْﻬﺎﻛﻢ اﷲ َ ِ ِ‬ ‫ﻗﺎﺗﻠﻮﻛﻢ ِﻓـــــــﻲ ﱢ ِ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ‬ ‫ﻋﻦ ﱠ َ‬ ‫ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـــــــﻰ‪ ِ :‬ﱠ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫﴿إﻧﻤﺎ َﻳﻨ َ ُ ُ ُ‬ ‫وأﺧﺮﺟﻮﻛﻢ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻇﺎﻫﺮوا َ َ‬ ‫إﺧﺮاﺟﻜﻢ َ ْ‬ ‫وﻣﻦ‬ ‫ﺗﻮﻟﻮﻫﻢ َ َ ْ‬ ‫َ​َْ َ ُ ُ ْ ْ‬ ‫أن َ َ ﱠ ْ ُ ْ‬ ‫ﻋﻠـــــــﻰ ِ ْ َ ُ ْ‬ ‫دﻳﺎرﻛﻢ َ َ َ ُ‬ ‫ﻣﻦ َ ِ ُ ْ‬

‫وﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳـــﻴﻄﺮﲥﻢ وﻳﻠﺠﺆون إﻟﻰ اﻷراﺿـــﻲ اﻟﻤﺤﺮرة‪ ،‬وﻛﻴﻒ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ‬

‫ﻫﻢ ﱠ ِ ُ َ‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻬﻢ َ ُ َ ِ َ‬ ‫اﻟﻈﺎﻟﻤﻮن﴾ ]اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﺔ‪[٩ :‬‬ ‫ﻓﺄوﻟﺌﻚ ُ ُ‬ ‫َ​َ​َ ﱠ ُ ْ‬

‫ﻣﻌﻬﻢ؟‬

‫ﻳﻘﻮﻳﻪ وﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬ ‫ﻣﺤﺎرﺑ ﻟﻠﻤﺴــــــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﻼ ﺗﺠﻮز ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﻤﺎ ّ‬ ‫أﻫﺪاﻓﻪ‪ ،‬وﻳﻌﺘﱪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠــــﻰ اﻹﺛﻢ واﻟﻌﺪوان اﻟﻤﻨﻬـــــﻲ ﻋﻨﻪ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫﴿وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى َ َ‬ ‫اﻹﺛﻢ‬ ‫وﻻ َ َ َ ُ‬ ‫ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪ُ َ َ َ َ :‬‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻋﻠـــﻰ ْ ِ ﱢ‬ ‫ْ ْ ِ‬ ‫واﻟﻌﺪوان ﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.[٢ :‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫روى أﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﰲ }اﻟﺨﺮاج{ ﻋﻦ اﻟﺤﺴـﻦ اﻟﺒﺼـﺮي أﻧﻪ ﻗﺎل‪) :‬ﻻ‬ ‫ﻋﺪو اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﺳﻼﺣ ﻳﻘﻮﻳﻬﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻳﺤﻞ ﻟﻤﺴـــﻠﻢ أن ﻳﺤﻤﻞ إﻟﻰ ّ‬ ‫اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻻ ُﻛﺮاﻋ ‪ ،‬وﻻ ﻣﺎ ُﻳﺴـــﺘﻌﺎن ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴـــﻼح ُ‬ ‫واﻟﻜﺮاع(‪.‬‬ ‫واﻟﻤﺮاد ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻜﺮاع اﻟﺪواب وﻣﺎ ﻳﺮﻛﺒﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺻﻼت‪.‬‬ ‫وﺟﺎء ﰲ اﻟﻤﻮﺳـﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‪ ) :‬ﻗﺎل اﻟﺪﺳــﻮﻗﻲ‪ :‬وﻛﺬا ﻳﻤﻨﻊ أن ﻳﺒﺎع‬ ‫ﻟﻠﺤﺮﺑﻴﻴﻦ آﻟﺔ اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻣﻦ ﺳـﻼح أو ﻛﺮاع أو ﺳــﺮج‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﻮون ﺑﻪ‬ ‫ﰲ اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻣﻦ ﻧﺤﺎس أو ﺧﺒﺎء أو ﻣﺎﻋﻮن‪.‬‬ ‫وأﻣﺎ ﺑــﻴﻊ اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺣــﺒـــﻴﺐ‪ :‬ﻳﺠﻮز ﰲ‬ ‫اﻟﻬﺪﻧﺔ‪ ،‬وأﻣﺎ ﰲ ﻏﻴﺮ اﻟﻬﺪﻧﺔ ﻓﻼ ﻳﺠﻮز‪ ،‬واﻟﺬي ﰲ اﻟﻤﻌﻴﺎر ﻋﻦ اﻟﺸــﺎﻃﺒﻲ‪:‬‬ ‫أن اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﻤﻨﻊ ﻣﻄﻠﻘﺎ‪ ،..‬وذﻛﺮ ﰲ اﻟﻤﻌﻴﺎر أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ‪ :‬أن ﺑﻴﻊ‬

‫ً‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴـﻠﻢ ﺑﻴﻊ ﻫﺬه اﻷراﺿﻲ واﻟﻌﻘﺎرات ﻟﻠﺸــﻴﻌﺔ وإن‬ ‫ﺗﻘﺮر ﰲ اﻟﻘﻮاﻋﺪ‬ ‫ﻛﺎن‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺠﺒﺮا ﻋﻠــــــــــﻰ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ؛ ﻟﻤﺎ ّ‬ ‫ﻣﺤﺘﺎﺟﺎ ﻟﻠﻤﺎل‪ ،‬أو ُ ً‬ ‫أن }درء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻣﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ{‪ ،‬و} ُﻳﺤﺘﻤﻞ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ِﻣﻦ ّ‬

‫وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺳـﻴﺪ اﻟﻤﺮﺳـﻠﻴﻦ‪ ،‬وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻـﺤﺒﻪ َ‬ ‫واﻟﺼﻼة ّ‬ ‫ﺑﺈﺣﺴﺎن إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬

‫اﻟﻀـﺮر اﻟﺨﺎص ﻟﺪﻓﻊ اﻟّﻀﺮر اﻟﻌﺎم{‪ } ،‬وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ ﻣﻔﺴـﺪﺗﺎن ُدﻓﻌﺖ‬ ‫ﻓﻼ ﻳﺠﻮز إﻳﻮاء أﻓﺮاد ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻐﻼة ﻛﺘﻨﻈﻴﻢ )اﻟﺪوﻟﺔ( وﻧﺤﻮﻫﻢ‪،-‬‬

‫اﻟﻤﻔﺴﺪة اﻟﻌﻈﻤﻰ ﺑﺎرﺗﻜﺎب اﻷدﻧﻰ{؛ ﻓﺎﻟﻤﺼـﻠﺤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺼـﻴﻞ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮال‪ ،‬أو دﻓﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻀﺮر ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‬

‫وﺟﺪ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻘﻀـــــﺎﺋﻴﺔ‬ ‫وﻻ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻌﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ُﻳﺴـــــﻠﻢ ﻣﻦ ُ‬

‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ودﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬ودﻓﻊ اﻟﻀـﺮر ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻼ‬

‫واﻟﺸـــــــــــــــــﺮﻋﻴﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ وﻓﻖ اﻟﻬﺪي اﻟﻨﺒﻮي ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ‬

‫ّﺑﺪ ﻣﻦ دﻓﻊ اﻟﻀـﺮر اﻟﻌﺎم واﻟﻤﻔﺴــﺪة اﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ ﺗﻤﻜﻴﻦ اﻟﺸــﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻼد‬

‫اﻟﺨﻮارج‪ ،‬وﺗﻮﺿﻴﺢ ذﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ وإن وﻗﻌﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ‪ ،‬أو ﻓﺎﺗﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫ﻣـﺘﻮﻗﻊ ﻃﺎﻟﻤﺎ ّ‬ ‫أوﻻ‪ :‬ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ﺣﺬر ﻣـﻨﻪ اﻟﻌﻘﻼء؛‬ ‫أﻣﺮ ّ ٌ‬ ‫إن اﳖﻴﺎر ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻐﻼة ٌ‬

‫راﺑﻌ ‪ :‬ﻳﺸـﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﻣﺴـﺎﻋﺪة ﻫﺆﻻء اﻟﺸـﻴﻌﺔ ﰲ ﺗﻤﻠﻚ ﻫﺬه‬

‫‪ –٢‬ﱠ‬ ‫أن ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ ﺗﻤﻜﻴﻨ ﻟﻬﺆﻻء ﻣﻦ ﻧﺸــــﺮ دﻳﻨﻬﻢ اﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ،‬وﻓﺘﻨﺔ‬ ‫أﻫﻞ اﻟﺴـــﻨﺔ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬وﺗﺸـــﻴﻴﻌﻬﻢ‪ ،‬وإﻋﺎﻧﺔ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺸـــﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪاﲥﻢ‬

‫اﻟﺴــــﻤﺎﺳﺮة‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺒﻴﻊ اﻟﻌﻘﺎرات ﻟﻠﻤﻜﺎﺗﺐ واﻟﺴــــﻤﺎﺳﺮة اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻔﻬﻢ‬

‫اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬واﻟﻄﻌﻦ ﰲ دﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺮآﳖﻢ وﺳـﻨﺘﻬﻢ‪ ،‬واﻻﺳـﺘﻌﻼن ﺑﺘﻜﻔﻴﺮﻫﻢ‪،‬‬

‫اﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﰲ أﻋﻴﺎﻧﻬﻢ أو ﻫﻴﺌﺎﺗﻬﻢ أو أﻫﺪاﻓﻬﻢ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻮﻋﺪ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ‪ ،‬وﺳﺐ اﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ واﻟﻄﻌﻦ ﺑﺄﻣﻬﺎت اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ رﺿﻲ اﷲ‬

‫ﺣﻜﻢ إﻳﻮاء اﻟﺪواﻋﺶ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺮون ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرك‬ ‫اﻟﺴـــــــــــــﺆال‪ :‬ﻣﺎ ُ‬

‫اﻟﺠﻮاب‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻻ ﻋﺪوان إﻻ ﻋﻠــﻰ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ‪،‬‬

‫اﻷراﺿﻲ‪ ،‬وﺗﻨﻔﻴﺬ إﺟﺮاءاﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺳﻤﺴـﺮة وإﻓﺮاغ‪ ،‬وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ‪،‬‬ ‫وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴـﻠﻢ اﻟﺘﺤﺮي واﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﺸــﺘﺮي واﻟﺘﺄﻛﺪ ِﻣﻦ ﺣﻴﻞ‬

‫اﻟﺸﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﻣﻤﻨﻮع‪ ،‬إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن ﺑﻪ ﻋﻠﻰ إﺿﺮار اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ(‪.‬‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ‪ ‬ﻣﻊ‪ ‬ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ‬ ‫ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ‪ ‬ﻣﻦ‪ ‬ﺃﺭﺽ‪ ‬ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ‬

‫اﻹﺳـــــــﻼم ﺑﺈﺣﺪاث ﺑﺪﻋﺔ‪ ،‬إذا ﺣﻤﺎه ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻪ‪ ،‬واﻷﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪه‬ ‫ﻟﺪﻓﻊ ﻋﺎدﻳﺘﻪ(‪.‬‬

‫اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴـــــﺖ ﻓﺌﺎت ﺑﺎﻏﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄوﻳﻠﻬﺎ‬ ‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬه ّ‬

‫َ‬ ‫اﻹﺣﺪاﺛﻴﻦ‪ :‬اﻹﺣﺪاث ﰲ اﻟﺠـــــــﺮاﺋﻢ ِﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ‬ ‫ﻓﻬﺆﻻء ﺟﻤﻌﻮا ﺑﻴﻦ‬

‫اﻟﺴﺎﺋﻎ‪ ،‬وﻻ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﺗﺘﺼـﻒ ﺑﺼـﻔﺎت اﻟﺨﻮارج وﺣﺴـﺐ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫واﻟﺴﻠﺐ واﻟﻨّﻬﺐ ﻟﻠﻤﺴــــــــــــﻠﻤﻴﻦ واﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺑﻴﻦ إﺣﺪاث اﻟﺒﺪﻋﺔ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫ﺗﺠﺎوزت ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻘ ﻣﺨﱰَﻗ ﻳﺴــــــــﺘﺨﺪﻣﻪ‬ ‫ﻛﻠﻪ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﻛﻴﺎﻧ‬

‫اﻟﻤﻐﻠﻈﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺛﺒﻮت اﺧﱰاﻗﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء‪ ،‬واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ ﻟﻬﻢ‪..‬‬

‫أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم ﰲ ﺿﺮب أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــﻨﺔ‪ ،‬وﺗﺪﻣﻴﺮ ﺟﻬﺎدﻫﻢ‪ ،‬واﺣﺘﻼل‬ ‫ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ ﺑﺘﻬﻤﺔ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻹرﻫﺎب‪.‬‬

‫وﺧﺘﺎﻣﺎ‪ :‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺤﺚ اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻤﻴﺴـــــﻮرﻳﻦ وﺗﺠﺎر اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ‬ ‫ً‬

‫ﻗﺎل ﱢ‬ ‫اﻟﻄﻴﺒﻲ ﰲ }ﺷﺮح اﻟﻤﺸــــــﻜﺎة{‪) :‬وﻳﺪﺧﻞ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺠﺎﲏ ﻋﻠﻰ‬

‫أﻣﺎ ﻓﺮارﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎرك ﻣﻊ اﻷﻋﺪاء‪ :‬ﻓﻬﻮ ﻻ ﱢ‬ ‫ﻳﺆﺛﺮ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ إﺣﺪاﺛﻬﻢ؛‬ ‫ﻓﻬﻢ ﻣﻌﺘﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺘﺎل‪ ،‬وأﺛﻨﺎءه‪ ،‬وﺑﻌﺪه‪.‬‬

‫اﻟﻐﻴﻮرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺼـﻠﺤﺔ ﺑﻼدﻫﻢ أن ﻳﺒﺬﻟﻮا وﺳﻌﻬﻢ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ﰲ‬

‫ّأﻣﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أﻓــــــــــﺮاد ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻔﺎرﻳﻦ ِﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﺘﺎل‬

‫اﻟﺤﺮام‪ ،‬ﻛﺒﻴﻊ اﻟﺴـــــﻼح ﻷﻫﻞ اﻟﺤﺮب‪ ،‬أو ﻟﻘﻄﺎع اﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬أو ﰲ اﻟﻔﺘﻨﺔ‪،‬‬

‫ﻣﺪﻧﻬﻢ وﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ‪ ،‬وأن ﻳﻌﻴﻨﻮﻫﻢ ﺑﻤﺎﻟﻬﻢ وﺑﻤﺎ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﰲ‬ ‫أرﺿﻬﻢ‪ ،‬وإﻓﺸــﺎل ﻣﺨﻄﻂ أﻋﺪاﺋﻬﻢ؛ ﻓﻬﺬا ِﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﻮاﺟﺐ‪َ ،‬ﻗﺎل اﷲ‬

‫ﻓﻼﺑﺪ ﻓﻴﻪ ِﻣﻦ اﻟﻴﻘﻈﺔ واﻟﺤﺬر‪ ،‬واﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳـــــــﺐ ﻣﻊ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﻢ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ﺳﻤﻌﺖ‬ ‫ﻋﻠﻲ ﭬ ﻗﺎل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﺜﻴﺮة‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬ﻣﺎ ورد ﰲ اﻟﺼــﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ّ‬

‫اﻷﻣﺔ ﻟﻠﻐﻨﺎء‪ ،‬أو إﺟﺎرﲥﺎ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬أو إﺟﺎرة داره ﻟﺒﻴﻊ اﻟﺨﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬أو‬ ‫وﺑﻴﻊ َ‬

‫﴿وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.[٢ :‬‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ َ َ َ َ :‬‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ ْ ِ ﱢ‬

‫وﻓﻜﺮﻫﻢ وﺧﻄﺮﻫﻢ‪ ،‬وﺳـﺎﺑﻖ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺜﻮار؛ ﱠ‬ ‫ﻓﺈن ﻣﻤﺎ اﺑﺘﺪﻋﻮه ﻣﻤﺎ ﻟﻢ‬

‫ﻓﺈن ﰲ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻳﻘﻮل‪) :‬ﻓﺄﻳﻨﻤﺎ ﻟﻘﻴﺘﻤﻮﻫﻢ ﻓﺎﻗﺘﻠﻮﻫﻢ‪ ،‬ﱠ‬ ‫أﺟــــــﺮا ﻟﻤﻦ‬ ‫ﻗﺘﻠﻬﻢ‬ ‫ﱠ‬

‫ﻳﻜﻦ ﰲ أﺳﻼﻓﻬﻢ‪ :‬اﻟﻐﺪر‪ ،‬واﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟﻜﺬب‪ ،‬وﻧﻘﺾ اﻟﻌﻬﻮد واﻟﻤﻮاﺛﻴﻖ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ(‪.‬‬ ‫ﻳﻮم‬ ‫َ​َﻗﺘﻠﻬﻢ ﻋﻨﺪ اﷲ َ‬

‫ﻋﻨﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﺘﺒﻬﻢ وﺧﻄﺒﻬﻢ وﻓﺘﺎواﻫﻢ ‪.‬‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ﰲ }اﻟﻤﻐﻨﻲ{‪) :‬وﻫﻜﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﱢ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ُﻳﻘﺼــــﺪ ﺑﻪ‬

‫ﺣﺮام‪ ،‬واﻟﻌﻘﺪ ﺑﺎﻃﻞ(‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ﻟﺘﺘﺨﺬ ﻛﻨﻴﺴﺔ‪ ،‬أو ﺑﻴﺖ ﻧﺎر‪ ،‬وأﺷﺒﺎه ذﻟﻚ‪ .‬ﻓﻬﺬا ٌ‬ ‫‪ -٣‬ﱠ‬ ‫أن ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ وإن ﺗﻮﻓﺮت ﰲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺸــــــــــــﺮوط واﻷرﻛﺎن‬ ‫اﻟﻤﻌﺘﱪة ﰲ اﻟﺒﻴﻊ اﻟﺼـــﺤﻴﺢ‪ ،‬إﻻ ﱠأﻧﻪ ﻳﺆدي ﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻋﻈﻴﻤﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﺼـــﻴﺮ‬ ‫اﻟﻤﺒﺎح ﻣﺤﺮﻣ إذا أدى إﻟﻰ ﻣﻔﺴــــــﺪة؛ ّ‬ ‫ﻷن ﻟﻠﻮﺳﺎﺋﻞ أﺣﻜﺎم اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ‪،‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪82‬‬

‫ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﻮﺻﻲ اﻟﻤﺨﺘﺼـــــــﻴﻦ ﻣﻦ إﻋﻼﻣﻴﻴﻦ وﺣﻘﻮﻗﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ‪:‬‬ ‫ﻓﻀـــــــــــــﺢ ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت‪ ،‬وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﺠﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ‬

‫ُ‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳــــــــﺒﻖ ﻓﻼ ﺗﺠﻮز إﻋﺎﻧﺔ ﻫﺆﻻء وﻻ إﻳﻮاؤﻫﻢ وﻻ‬

‫اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ‪ ،‬وﻧﻮﺻﻲ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻘﻀـــــــﺎﺋﻴﺔ أن ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺒﻄﻼن ﺑﻴﻊ ﻛﻞ ﻋﻘﺎر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟـﻤﺤﺪﺛﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﻗﺎل‬ ‫ﻧﺼـــــــــﺮﲥﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﺮون ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرك؛ ﻷﳖﻢ ﻣﻦ ُ ْ‬

‫ﺛﺒﺖ أن ﻣﺸﱰﻳﻪ أﺻﻮﻟﻪ إﻳﺮاﻧﻴﺔ أو ﻣﺬﻫﺒﻪ ﺷﻴﻌﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ‪) :‬ﻟﻌﻦ اﷲ َﻣﻦ آوى ﻣﺤﺪﺛﺎ( رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻏﻴﺮه‪.‬‬

‫اﻷﻣﺮ اﻟﻨﺒﻮي ﺑﻘﺘﺎل اﻟﺨﻮارج واﺳﺘﺌﺼــــــﺎﻟﻬﻢ ﰲ أﺣﺎدﻳﺚ‬ ‫وﻗﺪ ﺛﺒﺖ ُ‬

‫ﺷـــــــﺮ ِﻣﻦ اﻟﺨﻮارج اﻷوﻟﻴﻦ‪ ،‬وإﻳﻮاؤﻫﻢ‬ ‫وﺧﻮارج ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت‬ ‫ﱞ‬ ‫ُ‬ ‫ﻒ ﻟﻠﻬﺪي اﻟﻨﺒﻮي ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ‪.‬‬ ‫وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻣﺨﺎﻟ ٌ‬

‫‪ 83‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻬﻴﺘﻤﻲ ﰲ }اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ{‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ‪ ‬ﺑﻴﻦ‪ ‬ﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ‬

‫‪):٢/٦٢٨‬اﻟﻤﺘﻐﻠﺐ ﻓﺎﺳﻖ ﻣﻌﺎﻗﺐ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﺒﺸﺮ وﻻ ﻳﺆﻣﺮ‬ ‫ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻞ إﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺰﺟﺮ واﻟﻤﻘﺖ‬ ‫واﻹﻋﻼم ﺑﻘﺒﻴﺢ أﻓﻌﺎﻟﻪ وﻓﺴﺎد أﺣﻮاﻟﻪ(‪.‬‬

‫ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬واﻟﺼـﻼة واﻟﺴــﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﻌﻮث رﺣﻤﺔ‬ ‫ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ‬

‫ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ﻷﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺼـــﺎﺋﻞ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺼــــﻴﻞ‬ ‫وﺗﺨﻀـــــــــﻌﻪ ﻟﺤﻜﻤﻬﺎ ﻣﺤﺘﺠﺔ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﻐﻠﺐ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﻷﻧﻪ ﻣﻨﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﻞ وزور‪.‬‬

‫وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫ﰲ ﻇﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﺪوان واﻹﺟﺮام ﻋﻠﻰ اﻟﺸـﻌﺐ اﻟﺴــﻮري واﻟﺬي ﻳﻘﻮم‬

‫وﻣﻦ اﻟﻌﺠﻴﺐ أن ﺗﺼﺪر ﻫﺬه اﻟﻔﺘﻮى ﰲ ﻇﻞ اﻟﺤﺼـﺎر ﰲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬

‫ﺑﻪ اﻟﺮوس اﻟﺼـﻠﻴﺒﻴﻮن واﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن اﻟﺼـﻔﻮﻳﻮن ﻣﻌﺎوﻧﻴﻦ ﻟﻨﻈﺎم ﺗﺠﺎوز ﻛﻞ‬

‫اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت!! ﻓﺄي ﺗﻐﻠﺐ واﻟﻔﺼـــــــﺎﺋﻞ ﻟﻴﺴـــــــﺖ ﺑﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻓﻚ‬

‫ﺣﺪ‪ ،‬وﰲ ﻇﻞ اﻟﺘﻔﺮق واﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺤﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺼـــﺎﺋﻞ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ ﰲ‬

‫ﺣﺼــﺎرﻫﺎ واﻻﻧﺘﺼــﺎر ﻋﻠﻰ أﻋﺪاﺋﻬﺎ‪ ،‬وأي ﺗﻐﻠﺐ ﻫﺬا واﻟﻌﺪو ﻳﺰﺣﻒ‬

‫ﺑﻼد اﻟﺸــﺎم‪ ،‬ﻳﺄﰐ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻲ ﺑﺸــﺮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼـــﺎﺋﻞ ﺑﺄن ُﻳﺨﻀـــﻊ‬ ‫اﻟﻘﻮي ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻀــﻌﻴﻒ ﻟﺤﻜﻤﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﺴـــﻠﻄﺎن اﻟﻤﺘﻐﻠﺐ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬وﻳﻤﻄﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺠﻮ ﺑﺸﺘﻰ أﺳﻠﺤﺔ اﻟﻔﺘﻚ واﻟﺪﻣﺎر‪.‬‬

‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬ ‫واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ اﺳــــــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻘﻮل د‪ .‬وﻫﺒﺔ اﻟﺰﺣﻴﻠﻲ‬ ‫رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬اﻟﻘﻬﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﺳـﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻣﻊ اﻷﺻــﻞ اﻟﻤﻮﺟﺐ ﻟﻜﻮن‬ ‫اﻟﺴــــﻠﻄﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر‪ ،‬وإﻗﺮارﻫﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺮاﻋﺎة ﻟﺤﺎل واﻗﻌﺔ ﻟﻠﻀـــــﺮورة‬ ‫وﻣﻨﻌ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء(‪ .‬اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأدﻟﺘﻪ ‪٨/٢٩١‬‬ ‫ﻓﺎﻟﻔﻘﻬﺎء ﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻄـــــــــــﺮﻳﻘﺔ ﺑﺤﺬر‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺪﻋﻮا إﻟﻴﻬﺎ وﻟﻢ‬ ‫ﻳﺴـﺘﺤﺴــﻨﻮﻫﺎ ﺑﻞ ﻧﻈﺮوا إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﳖﺎ ﻣﻔﺴــﺪة وﻻ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﺼــﻠﺤﺔ ﺑﺤﻖ‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ واﻟﻤﺘﺄﺧـــــﺮﻳﻦ دﻋﺎ إﻟــــــﻰ‬ ‫اﻟﺘﻐﻠﺐ واﻟﻘﻬﺮ ﻟﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ دﻣﺎء اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ ﺑﻞ ﻗﺒﻠﻮﻫﺎ ﻛﺄﻣﺮ‬ ‫واﻗﻊ درءا ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ وأﺧﺬا ﺑﺄﺧﻒ اﻟﻀﺮرﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻤﺎوردي وأﺑﻮ ﻳﻌﻠــــﻰ اﻟﻔــــﺮاء‪) :‬واﻹﻣﺎﻣﺔ َﺗﻨ ِ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫وﺟﻬﻴﻦ‪.‬‬ ‫ْﻌﻘﺪ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺜﺎﻧﻲ‪ِ ِ :‬‬ ‫أﻫﻞ اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ‪ .‬ﱠ ِ‬ ‫أﺣﺪﻫﻤﺎ‪ِ َ ِ ْ ِ :‬‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌﻬﺪ ْ ِ َ ِ‬ ‫ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺒﻞ(‪ .‬ﻓﻠﻢ‬ ‫اﻹﻣﺎم ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ُ​ُ َ‬ ‫ﻳﺬﻛﺮا اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻟﻺﻣﺎﻣﺔ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻳﺠﻮز ﻷي ﻓﺼﻴﻞ أن ﻳﻘﻠﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮوع ﰲ اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻜﱪى‬ ‫ﻟﻴﻨﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺘﺎل ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼــــﺎﺋﻞ اﻵن ﻟﻴﺘﻐﻠﺐ أﺣﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ‬ ‫وﻳﺤﻜﻢ ﺳﻮرﻳﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ ذﻟﻚ أﺑﺪا‪ ،‬وﺳﻴﺆدي ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺸـﺎﺋﻦ‬ ‫إﻟﻰ ﻣﻔﺎﺳﺪ ﻋﻈﻤﻰ وﺳﻴﺆدي اﻟﻰ اﻧﺸـﻐﺎل اﻟﻔﺼــﺎﺋﻞ ﺑﺒﻌﻀــﻬﺎ ﻋﻦ ﻫﺪف‬

‫وﻫﺬا اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻫﻮ ﺑﺪﻋﺔ ﻗﺎﻋﺪﻳﺔ داﻋﺸــــــــﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺎرﺳﺘﻪ داﻋﺶ ﺿﺪ‬ ‫اﻟﻔﺼـــــــــــﺎﺋﻞ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪة ﰲ اﻟﻌﺮاق ﺛﻢ ﻧﻘﻠﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺸـــــــــــﺎم‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺗﺼﺪوا ﻟﻬﺎ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻌﺖ اﻟﻨﺼﺮة ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻘﻀـﻢ‬ ‫اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﻓﺼﻴﻼ ﻓﺼﻴﻼ واﻟﻨﺎس ﻳﻨﻈﺮون!!!‪.‬‬ ‫وﻫﺬه اﻟﻔﺘﻮى ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻣﻦ وﺟﻮه ﻷﻧﻪ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﻜـﺮات ﻛﺜﻴـﺮة‬ ‫وﻣﺨﺎﻟﻔﺎت ﺷﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫‪ -١‬اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻟﺸـــــــــــــﻴﻄﺎﻧﻴﺔ }اﻟﻐﺎﻳﺔ ﺗﱪر‬ ‫اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ{ ﻓﺎﻟﻐﺎﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺴــﻴﻄﺮة وإﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻷرض زﻋﻤﻮا!!‬ ‫ﻓﺘﺴﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء وﺗﻨﻬﺐ اﻷﺳﻠﺤﺔ واﻷﻣﻮال ﻷن اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪه ﻫﻲ ﻧﺒﻴﻠﺔ‪.‬‬ ‫واﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺼـــﻮﻣﺔ‪،‬‬ ‫وﻇﻠﻢ‬ ‫ﺑﻐﻲ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -٢‬ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻠﺐ ٌ‬ ‫ﺣﺮم ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻋﺰ ّ‬ ‫ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟــــﻰ ‪:‬‬ ‫واﷲ ّ‬ ‫وﺟﻞ ﻗﺪ ﱠ َ‬ ‫واﻷﻣﻮال اﻟﻤﺤﱰﻣﺔ‪ُ ،‬‬ ‫واﻹﺣﺴﺎن ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻠﻪ َ ْﻳﺄﻣﺮ ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫وﻳﻨ َْﻬــــــﻰ َ ِ‬ ‫ِﱠ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﺪل َ ِ ْ َ َ‬ ‫اﻟﻘﺮﺑــــــﻰ َ َ‬ ‫وإﻳﺘﺎء ذي ْ ُ ْ َ‬ ‫﴿إن ّ َ ُ ُ‬ ‫واﻟﻤﻨﻜﺮ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﻟﻌﻠﻜﻢ َ َ ﱠ ُ َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ﺗﺬﻛﺮون ﴾‪ ،‬وﻗﺎل أﻳﻀــــ ‪:‬‬ ‫اﻟﻔﺤﺸﺎء َ ْ ُ َ ِ َ َ‬ ‫ﻳﻌﻈﻜﻢ َ َ ﱠ ُ ْ‬ ‫واﻟﺒﻐﻲ َ ُ ُ ْ‬ ‫اﻟﻠﻪ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﺒﻴِﻞ ّ ِ ِ‬ ‫﴿وﻗﺎﺗﻠﻮا ِﻓـﻲ َ ِ‬ ‫ﺗﻌﺘﺪوا ِ ﱠ‬ ‫وﻻ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ َ ُِ ْ‬ ‫ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ َ َ‬ ‫ﻳﺤﺐ‬ ‫ﻻُ ﱢ‬ ‫اﻟﻠﻪ ﱠ َ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ُ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ ﴾‪.‬‬ ‫ْ ُ َْ َ‬

‫اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ اﻟﺒﻐﻴﺾ‪ ،‬وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﻠﺸـﻌﺐ اﻟﺴــﻮري اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪل‬

‫وﰲ اﻟﺼــــﺤﻴﺢ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر ﭬ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮوي ﻋﻦ‬ ‫ﻋﻠـﻰ َ ْ ِ‬ ‫اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟـﻰ ّأﻧﻪ ﻗﺎل‪ ):‬ﻳﺎ ِ ِ‬ ‫اﻟﻈﻠﻢ َ َ‬ ‫ﻧﻔﺴـﻲ‬ ‫ﻋﺒﺎدي ِ ﱢإﻧـﻲ َ ﱠ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ﺣﺮﻣﺖ ﱡ ْ َ‬

‫واﻟﻜﺮاﻣﺔ‪.‬‬

‫ﺗﻈﺎﻟﻤﻮا …( اﻟﺤﺪﻳﺚ‪.‬‬ ‫َ َ َُْ​ُ‬ ‫ﻣﺤﺮﻣﺎ َﻓَﻼ َ َ َ ُ‬ ‫َﻜﻢ ُ َ ﱠ ً‬ ‫وﺟﻌﻠﺘﻪ َ ْﺑﻴﻨ ُ ْ‬

‫اﻟﺜﻮرة اﻟﻜﻠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻜﻞ اﻟﺴـــــــــــــﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﻘﺘﺎل ﻹﺳﻘﺎط اﻟﻨﻈﺎم‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪84‬‬

‫ِ‬ ‫ﻟﻸﻣﻮال‬ ‫ف‬ ‫ﻓﺴــﺎد ﰲ اﻷرض‬ ‫‪ -٣‬وﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل‬ ‫وإﻓﺴـــﺎد‪ ،‬وإﺗﻼ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﻌـﻰ ِﻓـﻲ َ ْ ِ‬ ‫﴿وإذا َ َ ﱠ‬ ‫واﻟﺨﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ِ َ :‬‬ ‫ﻟﻴﻔﺴﺪ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻷرض ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫ﺗﻮﻟـﻰ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻠﻪ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﺮث َواﻟﻨ ْ َ‬ ‫وﻳﻬﻠﻚ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ ُ ْ ِ َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾‪ ،‬وﻗﺎل أﻳﻀـــ ‪:‬‬ ‫ﻳﺤﺐ َ َ َ‬ ‫ﻻُ ﱡ‬ ‫َِ‬ ‫ﱠﺴﻞ َ ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻔﺴﺪوا ِﻓــــــﻲ َ ْ ِ‬ ‫﴿وﻻ ُ ْ ِ ُ ْ‬ ‫وﻃﻤﻌﺎ ِ ﱠ‬ ‫وادﻋﻮه َ ْ ً‬ ‫َ َ‬ ‫إن‬ ‫اﻷرض َ ْ َ‬ ‫ﺧﻮﻓﺎ َ َ َ ً‬ ‫إﺻﻼﺣﻬﺎ َ ْ ُ ُ‬ ‫ﺑﻌﺪ ِ ْ َ َ‬ ‫ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ْ ِ ِ‬ ‫رﺣﻤﺖ ّ ِ‬ ‫اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ ﴾‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻠﻪ َ ِ ٌ ﱢ َ ُ ْ‬ ‫‪ -٤‬وﰲ اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤــــﺮ ﭭ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫)ﻓﺈن‬ ‫ﱡ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اﷲ ﺣﺮم َ َ ُ ِ‬ ‫ﻳﻮﻣﻜﻢ َ َ‬ ‫ﻫﺬا‬ ‫ﻛﺤﺮﻣﺔ َ ْ ُ ْ‬ ‫وأﻋﺮاﺿﻜﻢ َ ُ ْ َ‬ ‫وأﻣﻮاﻟﻜﻢ َ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫دﻣــــﺎءﻛﻢ َ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َﱠ َ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷﻬﺮﻛﻢ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗــــــﺮوﻳﻊ‬ ‫اﻷﻓﻌﺎل ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ﺑﻠﺪﻛﻢ ﻫﺬا (‪ ،‬وﻫﺬه‬ ‫ٌ‬ ‫ﻫﺬا ﻓــــــﻲ َ َ ُ ْ‬ ‫ﻓـــــﻲ َ ْ ِ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪ ،‬وﻻ َ ِ ﱡ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪:‬‬ ‫ﻳﺤﻞ ذﻟﻚ ﰲ دﻳﻦ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫ٍ‬ ‫)ﻻ َ ِ ﱡ‬ ‫ﻟﻤﺴﻠﻢ ْ‬ ‫ﻳﺮوع ﻣﺴﻠﻤ ( رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬ ‫ﻳﺤﻞ‬ ‫أن ُ َ ّ َ‬ ‫‪ -٥‬وﻓﻴﻬﺎ ُ‬ ‫ﺣﻤﻞ اﻟﺴـــﻼِح ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﻮﻋﻴﺪ ﰲ‬ ‫ذﻟﻚ ﻓﻔﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ .‬ﭭ ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎل‬ ‫ﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻣِﻨﱠﺎ (‪.‬‬ ‫ﻼح َ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺴ َ َ‬ ‫ﺣﻤﻞ َ َ ْ‬ ‫‪ْ َ ):‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻨَﺎ ﱢ‬ ‫‪ -٦‬وﻓﻴﻬﺎ رﻣﻲ ﻟﻠﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﻼً َ‬ ‫ﺣﺎل ﺳﻜﻮﳖﻢ وﻧﻮﻣﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻦ أﺑﻲ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻣِﻨﱠﺎ(‬ ‫)ﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﻠﻴِﻞ َ َ ْ َ‬ ‫رﻣﺎﻧﺎ ِ ﱠ ْ‬ ‫ﻫﺮﻳﺮة ﭬ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ‪ْ َ :‬‬ ‫رواه أﺣﻤﺪ وﺻﺤﺤﻪ اﺑﻦ ﺣﺒﺎن‪.‬‬ ‫اﻟﻐﺪر‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴــﻠﻢ‬ ‫ﺣﺮم‬ ‫اﻟﻐﺪر؛‬ ‫َ‬ ‫واﻹﺳﻼم ﻗﺪ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -٧‬وﻓﻴﻬﺎ َ ْ ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫إذا َ ِ‬ ‫ﺑﺮﻳﺪة َﻋﻦ َ ِ ِ‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺎن ْ ِ‬ ‫أﺑــﻴﻪ َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪َ َ :‬‬ ‫ﻋﻦ ُ َ ْ َ َ‬ ‫أﻣـــﻴﺮا‬ ‫ﺑﻦ ُ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫أﻣﺮ َ ً‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ ِ َ ﱠ َ‬ ‫ﻛﺎن َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﺮﻳﺔ َأوﺻﺎه ِﻓــــــﻲ َ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻋﻠــــــﻰ َ ْ ٍ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻌﻪ ْ‬ ‫ﺑﺘﻘﻮى اﷲ َ َ ْ‬ ‫ﺧﺎﺻﺘﻪ ِ َ ْ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺟﻴﺶ َ ْأو َ ِ ﱠ ْ َ ُ‬ ‫وﻣﻦ َ َ ُ‬ ‫ﺳﺒﻴِﻞ ِ‬ ‫ﺑﺎﺳﻢ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﷲ‪ِ ،‬ﻓــــﻲ َ ِ‬ ‫اﻏﺰوا ِ ْ ِ‬ ‫ﺛﻢ َ َ‬ ‫اﷲ‪ُ ِ َ ،‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻗﺎل ‪ُ ْ ) :‬‬ ‫ﻗﺎﺗﻠﻮا َ ْ‬ ‫ُْ ْ ِ َ‬ ‫ﺧﻴﺮا ُ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ َ ْ ً‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻐﻠـــــﻮا َ ِ‬ ‫وﻻ َ ْ ُ ُ‬ ‫وﻻ َ ْ ُ ُ‬ ‫وﻻ َ ُ ﱡ‬ ‫ﺗﻤﺜﻠــــــﻮا َ َ‬ ‫ﺗﻐﺪروا َ َ‬ ‫اﻏﺰوا َ َ‬ ‫ﺗﻘﺘﻠــــــﻮا‬ ‫ﻛﻔﺮ ِﺑﺎﷲ‪ُ ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وﻻ َ ْ ُ‬ ‫َ​َ​َ‬ ‫َ ِ ً‬ ‫وﻟﻴﺪا…( اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬وﰲ اﻟﺼـﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ أﻧﺲ ﭬ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‬ ‫ﻏﺎدر ِﻟﻮاء ﻳﻮم ْ ِ ِ‬ ‫ﻗﺎل‪ ُ ِ ) :‬ﱢ ِ‬ ‫ف ِ ِﺑﻪ(‪.‬‬ ‫ﻳﻌﺮ ُ‬ ‫اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ُ ْ َ‬ ‫ﻟﻜﻞ َ ٍ َ ٌ َ ْ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﰲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ‬ ‫‪ -٨‬ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﺗﻔﺮﻳٌﻖ‬ ‫ﻗﺎل‪) :‬ﻣﻦ َﺧﺮج ِﻣﻦ ﱠ َ ِ‬ ‫ﻫﺮﻳﺮة َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻄﺎﻋﺔ َ َ َ َ‬ ‫وﻓﺎرق‬ ‫ﻋﻦ َ ِأﺑـــــﻲ ُ َ ْ َ َ‬ ‫أﻧﻪ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﱠﺒﻲ ﷺ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨ ﱢ‬ ‫راﻳﺔ ِ ٍ‬ ‫ﻗﺎﺗﻞ َ َ ٍ‬ ‫ﻣﺎت ِ‬ ‫ﻣـــــــــــﻴﺘﺔ َ ِ ِ ﱠ ً‬ ‫ًَ‬ ‫ْ َ َ َ​َ‬ ‫ﻋﻤﻴﺔ‬ ‫ﻓﻤﺎت‪َ َ ،‬‬ ‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ َ َ َ‬ ‫ﺗﺤﺖ َ َ ﱢ ﱠ‬ ‫وﻣﻦ َ َ َ ْ‬ ‫ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪ْ َ َ ،‬‬ ‫ﻳﺪﻋﻮ ِ َإﻟــــــــــــﻰ َ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﺼﺒﺔ َ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻘﺘﻞ‪ٌ َ ْ ِ َ ،‬‬ ‫ْﺼﺮ َ َ َ ً‬ ‫ﻓﻘﺘﻠﺔ‬ ‫ﻟﻌﺼﺒﺔ َ ْأو َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ﻳﻐﻀﺐ َ َ َ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫ﻋﺼﺒﺔ َ ْأو َﻳﻨ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺧﺮج َ َ‬ ‫وﻓﺎﺟﺮﻫﺎ َ َ‬ ‫وﻻ َ َ َ َ‬ ‫َ ِ ِﱠ ٌ‬ ‫ﻳﺘﺤﺎﺷــﻰ‬ ‫ﺑﺮﻫﺎ َ َ ِ َ َ‬ ‫ﻳﻀﺮب َ ﱠ َ‬ ‫ﻋﻠـﻰ ُ ﱠأﻣﺘـﻲ َ ْ ِ ُ‬ ‫وﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪ْ َ َ ،‬‬

‫ﻟﺬي َ ٍ‬ ‫وﻻ ِﻳﻔﻲ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﺴﺖ ﻣِﻨ ُْﻪ(‪.‬‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻣِﻨﱢﻲ َ َ ْ ُ‬ ‫ﻋﻬﺪه َ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻬﺪ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﻦ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﺆﻣﻨﻬﺎ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﺷﺮع ﻣﻦ َأﺟِﻞ رﻓﻊ‬ ‫ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‪،‬‬ ‫ﻧﺸـﺮ‬ ‫واﻟﻘﺘﺎل ُ ِ َ‬ ‫‪ -٩‬ﻓﻴﻬﺎ ٌ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ِ ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ َ َ ُ َ‬ ‫ﻻَ ُ َ‬ ‫ﺣﺘــﻰ َ‬ ‫ﻟﻠﻪ‬ ‫﴿وﻗﺎﺗﻠﻮﻫﻢ َ ﱠ‬ ‫وﻳﻜﻮن ﱢ ُ‬ ‫اﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪ْ ُ ُ َ َ :‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﱠ ِ ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫إﻻ َ َ‬ ‫اﻧﺘﻬﻮا َﻓﻼَ ُ ْ َ َ‬ ‫ﻓﺈن َ َ ْ‬ ‫ﻋﺪوان ِ ﱠ‬ ‫اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ﴾‪ ،‬وﻟﻤﺎ دﻋﺎ أﺣﺪﻫﻢ ﺳـــــﻌﺪ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص ﭬ ﻟﻠﻘﺘﺎل اﻟﺪاﺋﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﺄﺑﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ‬ ‫ِ‬ ‫أﻟﻢ َ ُ ْ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ َ َ ُ َ‬ ‫ﺣﺘــﻰ َﻻ َ ُ َ‬ ‫ﻛﻠﻪ‬ ‫﴿وﻗﺎﺗﻠﻮﻫﻢ َ ﱠ‬ ‫وﻳﻜﻮن ﱢ ُ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ُ ﱡ ُ‬ ‫رﺟﻞ‪ْ َ َ :‬‬ ‫اﷲ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ﻳﻘﻞ ُ‬ ‫ِﱠ ِ‬ ‫ﻗﺪ َ َ ْ‬ ‫ﻟﻠﻪ ﴾ َ َ َ‬ ‫ﺣﺘــــــــــﻰ َﻻ َ ُ َ‬ ‫وأﻧﺖ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫وأﺻﺤﺎﺑﻚ‬ ‫ﻗﺎﺗﻠﻨَﺎ َ ﱠ‬ ‫ﺳﻌﺪ‪ْ َ :‬‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ْ ٌ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ َ َ ْ َ‬ ‫أن ُ َ ِ ُ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ُ ُ‬ ‫ﺗﺮﻳﺪون َ ْ‬ ‫ُِ ُ َ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ ( رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﺗﻘﺎﺗﻠﻮا َ ﱠ‬ ‫وﻗﺪ ﺟﺎءت اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﰲ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﺴــــﻌﻲ ﰲ اﻟﺤﺮب‬ ‫اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺑﺮدة ﭬ ﻗﺎل‪ :‬دﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ‬ ‫)إﻧﻬﺎ َ َ ُ ُ‬ ‫ﺳﺘﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴـــــــﻠﻤﺔ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻗﺎل‪ ِ :‬ﱠ َ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ َ ْ ِ‬ ‫ﻓﺈذا َ َ‬ ‫ف‪َ ِ َ ،‬‬ ‫وﻓﺮﻗﺔ َ ْ‬ ‫ﻓﺄت ِ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻛﺎن َ َ ِ َ‬ ‫َ ُْ َ ٌ‬ ‫ﺣﺘـــــﻰ‬ ‫واﺧﺘَِﻼ ٌ‬ ‫ﺑﺴﻴﻔﻚ ُ ُ ً‬ ‫ﻓﺎﺿﺮﺑﻪ َ ﱠ‬ ‫أﺣﺪا َ ْ ِ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ْ ِ َ َ‬ ‫اﺟﻠﺲ ِﻓﻲ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻣﻨﻴﺔ َ ِ َ ٌ‬ ‫ﺧﺎﻃﺌﺔ َ ْأو َ ِ ﱠ ٌ‬ ‫ﻳﺪ َ ِ َ ٌ‬ ‫ﻓﻘﺪ‬ ‫ﺗﺄﺗﻴﻚ َ ٌ‬ ‫ﺑﻴﺘﻚ َ ﱠ‬ ‫ﻗﺎﺿﻴﺔ( َ َ ْ‬ ‫ﺛﻢ ْ ِ ْ‬ ‫َﻳﻨ َ َ‬ ‫ْﻘﻄﻊ‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫ﻗﺎل َ ُ ُ‬ ‫وﻓﻌﻠﺖ َﻣﺎ َ َ‬ ‫رﺳﻮل اﷲِ ﷺ‪ .‬أﺧﺮﺟﻪ أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ‪.‬‬ ‫وﻗﻌﺖ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ​َ​َ ْ‬ ‫وﻟﻠﺨـﺮوج ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻻﻗﺘﺘﺎل واﻟﺘﻨﺎزع ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟــﺮﺟﻮع ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء‬ ‫ﻓﻔــﻲ ﺣﺎل ﻏﻴﺎب اﻷﻣــﺮاء ﻓﺎﻟﻌﻠﻤﺎء ﻫﻢ اﻷﻣــﺮاء اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐـــﻲ ﻋﻠـــﻰ‬ ‫اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺮر ذﻟﻚ اﻟﻌﻠﻤﺎء وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺠﻮﻳﻨﻲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‬ ‫}اﻟﻐﻴﺎﺛﻲ{‪.‬‬ ‫وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺼـﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻗﺘﺘﺎل ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻻ َ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺟﻤﻴﻌﺎ َ َ‬ ‫ﺗﻔﺮﻗﻮا﴾‬ ‫ﺑﺤﺒِﻞ اﷲ َ ً‬ ‫﴿واﻋﺘﺼﻤﻮا ِ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﻟﺘﻌﺎون‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ‪ُ َ ْ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿وﻻ َ ُ ُ ِ‬ ‫]آل ﻋﻤﺮان‪ ،[١٠٣ :‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ :‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ * َ‬ ‫ﻣﻦ ْ ُ ْ ِ َ‬ ‫ﺗﻜﻮﻧﻮا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻞ ِ ْ ٍ‬ ‫ﺷﻴﻌﺎ ُ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻓﺮﺣــــﻮن﴾‬ ‫َﻬﻢ َ َ ُ‬ ‫ﻟﺪﻳﻬﻢ َ ِ ُ‬ ‫وﻛﺎﻧــــﻮا َ ً‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﺣﺰب ِ َ‬ ‫ﻓﺮﻗـــﻮا دﻳﻨ ُ ْ‬ ‫ﺑﻤﺎ َ َ ْ ِ ْ‬ ‫﴿وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى َ َ‬ ‫وﻻ‬ ‫]اﻟـﺮوم‪ ،[٣٢ ،٣١ :‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪ُ َ َ َ َ :‬‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻋﻠـﻰ ْ ِ ﱢ‬ ‫اﻹﺛﻢ ْ ْ ِ‬ ‫ﺷﺪﻳﺪ ْ ِ َ ِ‬ ‫ﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫اﷲ ِ ﱠ‬ ‫واﻟﻌﺪوان َ ﱠ ُ‬ ‫اﻟﻌﻘﺎب﴾‬ ‫َ​َ َُ‬ ‫اﷲ َ ِ ُ‬ ‫ﻋﻠـــــــــــﻰ ْ ِ ْ ِ َ ُ َ‬ ‫إن َ‬ ‫واﺗﻘﻮا َ‬ ‫]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.[٢ :‬‬ ‫ﻧﺴــــــــﺄل اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻘﺪﻳﺮ أن ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﱪ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى وأن ﻳﻨﺼﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺪوﻫﻢ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫‪ 85‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻬﻴﺘﻤﻲ ﰲ }اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ{‬

‫ﻓﺘﻮﻯ‪ ‬ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ‪ ‬ﺑﻴﻦ‪ ‬ﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ‬

‫‪):٢/٦٢٨‬اﻟﻤﺘﻐﻠﺐ ﻓﺎﺳﻖ ﻣﻌﺎﻗﺐ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﺒﺸﺮ وﻻ ﻳﺆﻣﺮ‬ ‫ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻞ إﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺰﺟﺮ واﻟﻤﻘﺖ‬ ‫واﻹﻋﻼم ﺑﻘﺒﻴﺢ أﻓﻌﺎﻟﻪ وﻓﺴﺎد أﺣﻮاﻟﻪ(‪.‬‬

‫ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‬ ‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬واﻟﺼـﻼة واﻟﺴــﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﻌﻮث رﺣﻤﺔ‬ ‫ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﻴﻦ وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ‬

‫ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ﻷﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺼـــﺎﺋﻞ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺼــــﻴﻞ‬ ‫وﺗﺨﻀـــــــــﻌﻪ ﻟﺤﻜﻤﻬﺎ ﻣﺤﺘﺠﺔ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﻐﻠﺐ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﺤﻜﺎم ﻷﻧﻪ ﻣﻨﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﻞ وزور‪.‬‬

‫وﺑﻌﺪ‪:‬‬ ‫ﰲ ﻇﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﺪوان واﻹﺟﺮام ﻋﻠﻰ اﻟﺸـﻌﺐ اﻟﺴــﻮري واﻟﺬي ﻳﻘﻮم‬

‫وﻣﻦ اﻟﻌﺠﻴﺐ أن ﺗﺼﺪر ﻫﺬه اﻟﻔﺘﻮى ﰲ ﻇﻞ اﻟﺤﺼـﺎر ﰲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬

‫ﺑﻪ اﻟﺮوس اﻟﺼـﻠﻴﺒﻴﻮن واﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن اﻟﺼـﻔﻮﻳﻮن ﻣﻌﺎوﻧﻴﻦ ﻟﻨﻈﺎم ﺗﺠﺎوز ﻛﻞ‬

‫اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت!! ﻓﺄي ﺗﻐﻠﺐ واﻟﻔﺼـــــــﺎﺋﻞ ﻟﻴﺴـــــــﺖ ﺑﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻓﻚ‬

‫ﺣﺪ‪ ،‬وﰲ ﻇﻞ اﻟﺘﻔﺮق واﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺤﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺼـــﺎﺋﻞ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ ﰲ‬

‫ﺣﺼــﺎرﻫﺎ واﻻﻧﺘﺼــﺎر ﻋﻠﻰ أﻋﺪاﺋﻬﺎ‪ ،‬وأي ﺗﻐﻠﺐ ﻫﺬا واﻟﻌﺪو ﻳﺰﺣﻒ‬

‫ﺑﻼد اﻟﺸــﺎم‪ ،‬ﻳﺄﰐ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻲ ﺑﺸــﺮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼـــﺎﺋﻞ ﺑﺄن ُﻳﺨﻀـــﻊ‬ ‫اﻟﻘﻮي ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻀــﻌﻴﻒ ﻟﺤﻜﻤﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﺴـــﻠﻄﺎن اﻟﻤﺘﻐﻠﺐ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬وﻳﻤﻄﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺠﻮ ﺑﺸﺘﻰ أﺳﻠﺤﺔ اﻟﻔﺘﻚ واﻟﺪﻣﺎر‪.‬‬

‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬ ‫واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ اﺳــــــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻘﻮل د‪ .‬وﻫﺒﺔ اﻟﺰﺣﻴﻠﻲ‬ ‫رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬اﻟﻘﻬﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﺳـﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻣﻊ اﻷﺻــﻞ اﻟﻤﻮﺟﺐ ﻟﻜﻮن‬ ‫اﻟﺴــــﻠﻄﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر‪ ،‬وإﻗﺮارﻫﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺮاﻋﺎة ﻟﺤﺎل واﻗﻌﺔ ﻟﻠﻀـــــﺮورة‬ ‫وﻣﻨﻌ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء(‪ .‬اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأدﻟﺘﻪ ‪٨/٢٩١‬‬ ‫ﻓﺎﻟﻔﻘﻬﺎء ﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻄـــــــــــﺮﻳﻘﺔ ﺑﺤﺬر‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺪﻋﻮا إﻟﻴﻬﺎ وﻟﻢ‬ ‫ﻳﺴـﺘﺤﺴــﻨﻮﻫﺎ ﺑﻞ ﻧﻈﺮوا إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﳖﺎ ﻣﻔﺴــﺪة وﻻ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﺼــﻠﺤﺔ ﺑﺤﻖ‬ ‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ واﻟﻤﺘﺄﺧـــــﺮﻳﻦ دﻋﺎ إﻟــــــﻰ‬ ‫اﻟﺘﻐﻠﺐ واﻟﻘﻬﺮ ﻟﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ دﻣﺎء اﻟﻤﺴــــــﻠﻤﻴﻦ ﺑﻞ ﻗﺒﻠﻮﻫﺎ ﻛﺄﻣﺮ‬ ‫واﻗﻊ درءا ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ وأﺧﺬا ﺑﺄﺧﻒ اﻟﻀﺮرﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻤﺎوردي وأﺑﻮ ﻳﻌﻠــــﻰ اﻟﻔــــﺮاء‪) :‬واﻹﻣﺎﻣﺔ َﺗﻨ ِ ُ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫وﺟﻬﻴﻦ‪.‬‬ ‫ْﻌﻘﺪ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺜﺎﻧﻲ‪ِ ِ :‬‬ ‫أﻫﻞ اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ‪ .‬ﱠ ِ‬ ‫أﺣﺪﻫﻤﺎ‪ِ َ ِ ْ ِ :‬‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ُ‬ ‫ﺑﻌﻬﺪ ْ ِ َ ِ‬ ‫ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺒﻞ(‪ .‬ﻓﻠﻢ‬ ‫اﻹﻣﺎم ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ُ​ُ َ‬ ‫ﻳﺬﻛﺮا اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻟﻺﻣﺎﻣﺔ‪.‬‬ ‫وﻻ ﻳﺠﻮز ﻷي ﻓﺼﻴﻞ أن ﻳﻘﻠﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮوع ﰲ اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻜﱪى‬ ‫ﻟﻴﻨﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺘﺎل ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼــــﺎﺋﻞ اﻵن ﻟﻴﺘﻐﻠﺐ أﺣﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ‬ ‫وﻳﺤﻜﻢ ﺳﻮرﻳﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ ذﻟﻚ أﺑﺪا‪ ،‬وﺳﻴﺆدي ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺸـﺎﺋﻦ‬ ‫إﻟﻰ ﻣﻔﺎﺳﺪ ﻋﻈﻤﻰ وﺳﻴﺆدي اﻟﻰ اﻧﺸـﻐﺎل اﻟﻔﺼــﺎﺋﻞ ﺑﺒﻌﻀــﻬﺎ ﻋﻦ ﻫﺪف‬

‫وﻫﺬا اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻫﻮ ﺑﺪﻋﺔ ﻗﺎﻋﺪﻳﺔ داﻋﺸــــــــﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺎرﺳﺘﻪ داﻋﺶ ﺿﺪ‬ ‫اﻟﻔﺼـــــــــــﺎﺋﻞ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪة ﰲ اﻟﻌﺮاق ﺛﻢ ﻧﻘﻠﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺸـــــــــــﺎم‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺗﺼﺪوا ﻟﻬﺎ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻌﺖ اﻟﻨﺼﺮة ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻘﻀـﻢ‬ ‫اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﻓﺼﻴﻼ ﻓﺼﻴﻼ واﻟﻨﺎس ﻳﻨﻈﺮون!!!‪.‬‬ ‫وﻫﺬه اﻟﻔﺘﻮى ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻣﻦ وﺟﻮه ﻷﻧﻪ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﻜـﺮات ﻛﺜﻴـﺮة‬ ‫وﻣﺨﺎﻟﻔﺎت ﺷﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫‪ -١‬اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻟﺸـــــــــــــﻴﻄﺎﻧﻴﺔ }اﻟﻐﺎﻳﺔ ﺗﱪر‬ ‫اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ{ ﻓﺎﻟﻐﺎﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺴــﻴﻄﺮة وإﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ اﷲ ﰲ اﻷرض زﻋﻤﻮا!!‬ ‫ﻓﺘﺴﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء وﺗﻨﻬﺐ اﻷﺳﻠﺤﺔ واﻷﻣﻮال ﻷن اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪه ﻫﻲ ﻧﺒﻴﻠﺔ‪.‬‬ ‫واﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺼـــﻮﻣﺔ‪،‬‬ ‫وﻇﻠﻢ‬ ‫ﺑﻐﻲ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -٢‬ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻠﺐ ٌ‬ ‫ﺣﺮم ذﻟﻚ ﱠ‬ ‫ﻋﺰ ّ‬ ‫ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟــــﻰ ‪:‬‬ ‫واﷲ ّ‬ ‫وﺟﻞ ﻗﺪ ﱠ َ‬ ‫واﻷﻣﻮال اﻟﻤﺤﱰﻣﺔ‪ُ ،‬‬ ‫واﻹﺣﺴﺎن ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻠﻪ َ ْﻳﺄﻣﺮ ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫وﻳﻨ َْﻬــــــﻰ َ ِ‬ ‫ِﱠ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﺪل َ ِ ْ َ َ‬ ‫اﻟﻘﺮﺑــــــﻰ َ َ‬ ‫وإﻳﺘﺎء ذي ْ ُ ْ َ‬ ‫﴿إن ّ َ ُ ُ‬ ‫واﻟﻤﻨﻜﺮ ْ ْ ِ ِ‬ ‫ﻟﻌﻠﻜﻢ َ َ ﱠ ُ َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ﺗﺬﻛﺮون ﴾‪ ،‬وﻗﺎل أﻳﻀــــ ‪:‬‬ ‫اﻟﻔﺤﺸﺎء َ ْ ُ َ ِ َ َ‬ ‫ﻳﻌﻈﻜﻢ َ َ ﱠ ُ ْ‬ ‫واﻟﺒﻐﻲ َ ُ ُ ْ‬ ‫اﻟﻠﻪ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﺒﻴِﻞ ّ ِ ِ‬ ‫﴿وﻗﺎﺗﻠﻮا ِﻓـﻲ َ ِ‬ ‫ﺗﻌﺘﺪوا ِ ﱠ‬ ‫وﻻ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ َ ُِ ْ‬ ‫ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ َ َ‬ ‫ﻳﺤﺐ‬ ‫ﻻُ ﱢ‬ ‫اﻟﻠﻪ ﱠ َ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ُ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ ﴾‪.‬‬ ‫ْ ُ َْ َ‬

‫اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ اﻟﺒﻐﻴﺾ‪ ،‬وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﻠﺸـﻌﺐ اﻟﺴــﻮري اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪل‬

‫وﰲ اﻟﺼــــﺤﻴﺢ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر ﭬ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮوي ﻋﻦ‬ ‫ﻋﻠـﻰ َ ْ ِ‬ ‫اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟـﻰ ّأﻧﻪ ﻗﺎل‪ ):‬ﻳﺎ ِ ِ‬ ‫اﻟﻈﻠﻢ َ َ‬ ‫ﻧﻔﺴـﻲ‬ ‫ﻋﺒﺎدي ِ ﱢإﻧـﻲ َ ﱠ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ﺣﺮﻣﺖ ﱡ ْ َ‬

‫واﻟﻜﺮاﻣﺔ‪.‬‬

‫ﺗﻈﺎﻟﻤﻮا …( اﻟﺤﺪﻳﺚ‪.‬‬ ‫َ َ َُْ​ُ‬ ‫ﻣﺤﺮﻣﺎ َﻓَﻼ َ َ َ ُ‬ ‫َﻜﻢ ُ َ ﱠ ً‬ ‫وﺟﻌﻠﺘﻪ َ ْﺑﻴﻨ ُ ْ‬

‫اﻟﺜﻮرة اﻟﻜﻠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻜﻞ اﻟﺴـــــــــــــﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﻘﺘﺎل ﻹﺳﻘﺎط اﻟﻨﻈﺎم‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪84‬‬

‫ِ‬ ‫ﻟﻸﻣﻮال‬ ‫ف‬ ‫ﻓﺴــﺎد ﰲ اﻷرض‬ ‫‪ -٣‬وﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل‬ ‫وإﻓﺴـــﺎد‪ ،‬وإﺗﻼ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﻌـﻰ ِﻓـﻲ َ ْ ِ‬ ‫﴿وإذا َ َ ﱠ‬ ‫واﻟﺨﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ِ َ :‬‬ ‫ﻟﻴﻔﺴﺪ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻷرض ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫ﺗﻮﻟـﻰ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واﻟﻠﻪ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﺮث َواﻟﻨ ْ َ‬ ‫وﻳﻬﻠﻚ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ ُ ْ ِ َ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد﴾‪ ،‬وﻗﺎل أﻳﻀـــ ‪:‬‬ ‫ﻳﺤﺐ َ َ َ‬ ‫ﻻُ ﱡ‬ ‫َِ‬ ‫ﱠﺴﻞ َ ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻔﺴﺪوا ِﻓــــــﻲ َ ْ ِ‬ ‫﴿وﻻ ُ ْ ِ ُ ْ‬ ‫وﻃﻤﻌﺎ ِ ﱠ‬ ‫وادﻋﻮه َ ْ ً‬ ‫َ َ‬ ‫إن‬ ‫اﻷرض َ ْ َ‬ ‫ﺧﻮﻓﺎ َ َ َ ً‬ ‫إﺻﻼﺣﻬﺎ َ ْ ُ ُ‬ ‫ﺑﻌﺪ ِ ْ َ َ‬ ‫ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ْ ِ ِ‬ ‫رﺣﻤﺖ ّ ِ‬ ‫اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ ﴾‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﻠﻪ َ ِ ٌ ﱢ َ ُ ْ‬ ‫‪ -٤‬وﰲ اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤــــﺮ ﭭ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫)ﻓﺈن‬ ‫ﱡ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اﷲ ﺣﺮم َ َ ُ ِ‬ ‫ﻳﻮﻣﻜﻢ َ َ‬ ‫ﻫﺬا‬ ‫ﻛﺤﺮﻣﺔ َ ْ ُ ْ‬ ‫وأﻋﺮاﺿﻜﻢ َ ُ ْ َ‬ ‫وأﻣﻮاﻟﻜﻢ َ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫دﻣــــﺎءﻛﻢ َ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َﱠ َ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﺷﻬﺮﻛﻢ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗــــــﺮوﻳﻊ‬ ‫اﻷﻓﻌﺎل ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ﺑﻠﺪﻛﻢ ﻫﺬا (‪ ،‬وﻫﺬه‬ ‫ٌ‬ ‫ﻫﺬا ﻓــــــﻲ َ َ ُ ْ‬ ‫ﻓـــــﻲ َ ْ ِ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ‪ ،‬وﻻ َ ِ ﱡ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪:‬‬ ‫ﻳﺤﻞ ذﻟﻚ ﰲ دﻳﻦ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫ٍ‬ ‫)ﻻ َ ِ ﱡ‬ ‫ﻟﻤﺴﻠﻢ ْ‬ ‫ﻳﺮوع ﻣﺴﻠﻤ ( رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬ ‫ﻳﺤﻞ‬ ‫أن ُ َ ّ َ‬ ‫‪ -٥‬وﻓﻴﻬﺎ ُ‬ ‫ﺣﻤﻞ اﻟﺴـــﻼِح ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﻮﻋﻴﺪ ﰲ‬ ‫ذﻟﻚ ﻓﻔﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ .‬ﭭ ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎل‬ ‫ﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻣِﻨﱠﺎ (‪.‬‬ ‫ﻼح َ َ ْ َ‬ ‫اﻟﺴ َ َ‬ ‫ﺣﻤﻞ َ َ ْ‬ ‫‪ْ َ ):‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻨَﺎ ﱢ‬ ‫‪ -٦‬وﻓﻴﻬﺎ رﻣﻲ ﻟﻠﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﻼً َ‬ ‫ﺣﺎل ﺳﻜﻮﳖﻢ وﻧﻮﻣﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻦ أﺑﻲ‬ ‫ٌ‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻣِﻨﱠﺎ(‬ ‫)ﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﺑﺎﻟﻠﻴِﻞ َ َ ْ َ‬ ‫رﻣﺎﻧﺎ ِ ﱠ ْ‬ ‫ﻫﺮﻳﺮة ﭬ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ‪ْ َ :‬‬ ‫رواه أﺣﻤﺪ وﺻﺤﺤﻪ اﺑﻦ ﺣﺒﺎن‪.‬‬ ‫اﻟﻐﺪر‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴــﻠﻢ‬ ‫ﺣﺮم‬ ‫اﻟﻐﺪر؛‬ ‫َ‬ ‫واﻹﺳﻼم ﻗﺪ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -٧‬وﻓﻴﻬﺎ َ ْ ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫إذا َ ِ‬ ‫ﺑﺮﻳﺪة َﻋﻦ َ ِ ِ‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺎن ْ ِ‬ ‫أﺑــﻴﻪ َ َ‬ ‫ﻗﺎل‪َ َ :‬‬ ‫ﻋﻦ ُ َ ْ َ َ‬ ‫أﻣـــﻴﺮا‬ ‫ﺑﻦ ُ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫أﻣﺮ َ ً‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ ِ َ ﱠ َ‬ ‫ﻛﺎن َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﺮﻳﺔ َأوﺻﺎه ِﻓــــــﻲ َ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻋﻠــــــﻰ َ ْ ٍ‬ ‫َ​َ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻌﻪ ْ‬ ‫ﺑﺘﻘﻮى اﷲ َ َ ْ‬ ‫ﺧﺎﺻﺘﻪ ِ َ ْ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﺟﻴﺶ َ ْأو َ ِ ﱠ ْ َ ُ‬ ‫وﻣﻦ َ َ ُ‬ ‫ﺳﺒﻴِﻞ ِ‬ ‫ﺑﺎﺳﻢ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﷲ‪ِ ،‬ﻓــــﻲ َ ِ‬ ‫اﻏﺰوا ِ ْ ِ‬ ‫ﺛﻢ َ َ‬ ‫اﷲ‪ُ ِ َ ،‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻗﺎل ‪ُ ْ ) :‬‬ ‫ﻗﺎﺗﻠﻮا َ ْ‬ ‫ُْ ْ ِ َ‬ ‫ﺧﻴﺮا ُ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ َ ْ ً‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻐﻠـــــﻮا َ ِ‬ ‫وﻻ َ ْ ُ ُ‬ ‫وﻻ َ ْ ُ ُ‬ ‫وﻻ َ ُ ﱡ‬ ‫ﺗﻤﺜﻠــــــﻮا َ َ‬ ‫ﺗﻐﺪروا َ َ‬ ‫اﻏﺰوا َ َ‬ ‫ﺗﻘﺘﻠــــــﻮا‬ ‫ﻛﻔﺮ ِﺑﺎﷲ‪ُ ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وﻻ َ ْ ُ‬ ‫َ​َ​َ‬ ‫َ ِ ً‬ ‫وﻟﻴﺪا…( اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬وﰲ اﻟﺼـﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ أﻧﺲ ﭬ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ‬ ‫ﻏﺎدر ِﻟﻮاء ﻳﻮم ْ ِ ِ‬ ‫ﻗﺎل‪ ُ ِ ) :‬ﱢ ِ‬ ‫ف ِ ِﺑﻪ(‪.‬‬ ‫ﻳﻌﺮ ُ‬ ‫اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ُ ْ َ‬ ‫ﻟﻜﻞ َ ٍ َ ٌ َ ْ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﰲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ‬ ‫‪ -٨‬ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﺗﻔﺮﻳٌﻖ‬ ‫ﻗﺎل‪) :‬ﻣﻦ َﺧﺮج ِﻣﻦ ﱠ َ ِ‬ ‫ﻫﺮﻳﺮة َ ْ ِ‬ ‫اﻟﻄﺎﻋﺔ َ َ َ َ‬ ‫وﻓﺎرق‬ ‫ﻋﻦ َ ِأﺑـــــﻲ ُ َ ْ َ َ‬ ‫أﻧﻪ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﱠﺒﻲ ﷺ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨ ﱢ‬ ‫راﻳﺔ ِ ٍ‬ ‫ﻗﺎﺗﻞ َ َ ٍ‬ ‫ﻣﺎت ِ‬ ‫ﻣـــــــــــﻴﺘﺔ َ ِ ِ ﱠ ً‬ ‫ًَ‬ ‫ْ َ َ َ​َ‬ ‫ﻋﻤﻴﺔ‬ ‫ﻓﻤﺎت‪َ َ ،‬‬ ‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ َ َ َ‬ ‫ﺗﺤﺖ َ َ ﱢ ﱠ‬ ‫وﻣﻦ َ َ َ ْ‬ ‫ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪ْ َ َ ،‬‬ ‫ﻳﺪﻋﻮ ِ َإﻟــــــــــــﻰ َ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﺼﺒﺔ َ ُ ِ َ‬ ‫ﻓﻘﺘﻞ‪ٌ َ ْ ِ َ ،‬‬ ‫ْﺼﺮ َ َ َ ً‬ ‫ﻓﻘﺘﻠﺔ‬ ‫ﻟﻌﺼﺒﺔ َ ْأو َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ﻳﻐﻀﺐ َ َ َ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫ﻋﺼﺒﺔ َ ْأو َﻳﻨ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺧﺮج َ َ‬ ‫وﻓﺎﺟﺮﻫﺎ َ َ‬ ‫وﻻ َ َ َ َ‬ ‫َ ِ ِﱠ ٌ‬ ‫ﻳﺘﺤﺎﺷــﻰ‬ ‫ﺑﺮﻫﺎ َ َ ِ َ َ‬ ‫ﻳﻀﺮب َ ﱠ َ‬ ‫ﻋﻠـﻰ ُ ﱠأﻣﺘـﻲ َ ْ ِ ُ‬ ‫وﻣﻦ َ َ َ‬ ‫ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪ْ َ َ ،‬‬

‫ﻟﺬي َ ٍ‬ ‫وﻻ ِﻳﻔﻲ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻟﺴﺖ ﻣِﻨ ُْﻪ(‪.‬‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻣِﻨﱢﻲ َ َ ْ ُ‬ ‫ﻋﻬﺪه َ َ ْ َ‬ ‫ﻋﻬﺪ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﻦ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻣﺆﻣﻨﻬﺎ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﺷﺮع ﻣﻦ َأﺟِﻞ رﻓﻊ‬ ‫ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ‪،‬‬ ‫ﻧﺸـﺮ‬ ‫واﻟﻘﺘﺎل ُ ِ َ‬ ‫‪ -٩‬ﻓﻴﻬﺎ ٌ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ِ ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ َ َ ُ َ‬ ‫ﻻَ ُ َ‬ ‫ﺣﺘــﻰ َ‬ ‫ﻟﻠﻪ‬ ‫﴿وﻗﺎﺗﻠﻮﻫﻢ َ ﱠ‬ ‫وﻳﻜﻮن ﱢ ُ‬ ‫اﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪ْ ُ ُ َ َ :‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﱠ ِ ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫إﻻ َ َ‬ ‫اﻧﺘﻬﻮا َﻓﻼَ ُ ْ َ َ‬ ‫ﻓﺈن َ َ ْ‬ ‫ﻋﺪوان ِ ﱠ‬ ‫اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ﴾‪ ،‬وﻟﻤﺎ دﻋﺎ أﺣﺪﻫﻢ ﺳـــــﻌﺪ‬ ‫َ‬ ‫ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص ﭬ ﻟﻠﻘﺘﺎل اﻟﺪاﺋﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ ﻓﺄﺑﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ‬ ‫ِ‬ ‫أﻟﻢ َ ُ ْ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ َ َ ُ َ‬ ‫ﺣﺘــﻰ َﻻ َ ُ َ‬ ‫ﻛﻠﻪ‬ ‫﴿وﻗﺎﺗﻠﻮﻫﻢ َ ﱠ‬ ‫وﻳﻜﻮن ﱢ ُ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ُ ﱡ ُ‬ ‫رﺟﻞ‪ْ َ َ :‬‬ ‫اﷲ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ﻳﻘﻞ ُ‬ ‫ِﱠ ِ‬ ‫ﻗﺪ َ َ ْ‬ ‫ﻟﻠﻪ ﴾ َ َ َ‬ ‫ﺣﺘــــــــــﻰ َﻻ َ ُ َ‬ ‫وأﻧﺖ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫وأﺻﺤﺎﺑﻚ‬ ‫ﻗﺎﺗﻠﻨَﺎ َ ﱠ‬ ‫ﺳﻌﺪ‪ْ َ :‬‬ ‫ﻓﻘﺎل َ ْ ٌ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ َ َ ْ َ‬ ‫أن ُ َ ِ ُ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ُ ُ‬ ‫ﺗﺮﻳﺪون َ ْ‬ ‫ُِ ُ َ‬ ‫ﺗﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ ( رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﺗﻘﺎﺗﻠﻮا َ ﱠ‬ ‫وﻗﺪ ﺟﺎءت اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﰲ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﺴــــﻌﻲ ﰲ اﻟﺤﺮب‬ ‫اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺑﺮدة ﭬ ﻗﺎل‪ :‬دﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ‬ ‫)إﻧﻬﺎ َ َ ُ ُ‬ ‫ﺳﺘﻜﻮن ِ ْﻓﺘﻨ ٌَﺔ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴـــــــﻠﻤﺔ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻗﺎل‪ ِ :‬ﱠ َ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ َ ْ ِ‬ ‫ﻓﺈذا َ َ‬ ‫ف‪َ ِ َ ،‬‬ ‫وﻓﺮﻗﺔ َ ْ‬ ‫ﻓﺄت ِ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻛﺎن َ َ ِ َ‬ ‫َ ُْ َ ٌ‬ ‫ﺣﺘـــــﻰ‬ ‫واﺧﺘَِﻼ ٌ‬ ‫ﺑﺴﻴﻔﻚ ُ ُ ً‬ ‫ﻓﺎﺿﺮﺑﻪ َ ﱠ‬ ‫أﺣﺪا َ ْ ِ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺣﺘﻰ َ ْ ِ َ َ‬ ‫اﺟﻠﺲ ِﻓﻲ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻣﻨﻴﺔ َ ِ َ ٌ‬ ‫ﺧﺎﻃﺌﺔ َ ْأو َ ِ ﱠ ٌ‬ ‫ﻳﺪ َ ِ َ ٌ‬ ‫ﻓﻘﺪ‬ ‫ﺗﺄﺗﻴﻚ َ ٌ‬ ‫ﺑﻴﺘﻚ َ ﱠ‬ ‫ﻗﺎﺿﻴﺔ( َ َ ْ‬ ‫ﺛﻢ ْ ِ ْ‬ ‫َﻳﻨ َ َ‬ ‫ْﻘﻄﻊ‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫ﻗﺎل َ ُ ُ‬ ‫وﻓﻌﻠﺖ َﻣﺎ َ َ‬ ‫رﺳﻮل اﷲِ ﷺ‪ .‬أﺧﺮﺟﻪ أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ‪.‬‬ ‫وﻗﻌﺖ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ​َ​َ ْ‬ ‫وﻟﻠﺨـﺮوج ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻻﻗﺘﺘﺎل واﻟﺘﻨﺎزع ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟــﺮﺟﻮع ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء‬ ‫ﻓﻔــﻲ ﺣﺎل ﻏﻴﺎب اﻷﻣــﺮاء ﻓﺎﻟﻌﻠﻤﺎء ﻫﻢ اﻷﻣــﺮاء اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐـــﻲ ﻋﻠـــﻰ‬ ‫اﻟﻤﺴـــــﻠﻤﻴﻦ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺮر ذﻟﻚ اﻟﻌﻠﻤﺎء وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺠﻮﻳﻨﻲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‬ ‫}اﻟﻐﻴﺎﺛﻲ{‪.‬‬ ‫وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺼـﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻗﺘﺘﺎل ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻻ َ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺟﻤﻴﻌﺎ َ َ‬ ‫ﺗﻔﺮﻗﻮا﴾‬ ‫ﺑﺤﺒِﻞ اﷲ َ ً‬ ‫﴿واﻋﺘﺼﻤﻮا ِ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﻟﺘﻌﺎون‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـــــﻰ‪ُ َ ْ َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿وﻻ َ ُ ُ ِ‬ ‫]آل ﻋﻤﺮان‪ ،[١٠٣ :‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ َ :‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ * َ‬ ‫ﻣﻦ ْ ُ ْ ِ َ‬ ‫ﺗﻜﻮﻧﻮا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻞ ِ ْ ٍ‬ ‫ﺷﻴﻌﺎ ُ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ ﱠ ُ‬ ‫ﻓﺮﺣــــﻮن﴾‬ ‫َﻬﻢ َ َ ُ‬ ‫ﻟﺪﻳﻬﻢ َ ِ ُ‬ ‫وﻛﺎﻧــــﻮا َ ً‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﺣﺰب ِ َ‬ ‫ﻓﺮﻗـــﻮا دﻳﻨ ُ ْ‬ ‫ﺑﻤﺎ َ َ ْ ِ ْ‬ ‫﴿وﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى َ َ‬ ‫وﻻ‬ ‫]اﻟـﺮوم‪ ،[٣٢ ،٣١ :‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟـﻰ‪ُ َ َ َ َ :‬‬ ‫اﻟﺒﺮ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ﻋﻠـﻰ ْ ِ ﱢ‬ ‫اﻹﺛﻢ ْ ْ ِ‬ ‫ﺷﺪﻳﺪ ْ ِ َ ِ‬ ‫ﺗﻌﺎوﻧﻮا َ َ‬ ‫اﷲ ِ ﱠ‬ ‫واﻟﻌﺪوان َ ﱠ ُ‬ ‫اﻟﻌﻘﺎب﴾‬ ‫َ​َ َُ‬ ‫اﷲ َ ِ ُ‬ ‫ﻋﻠـــــــــــﻰ ْ ِ ْ ِ َ ُ َ‬ ‫إن َ‬ ‫واﺗﻘﻮا َ‬ ‫]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.[٢ :‬‬ ‫ﻧﺴــــــــﺄل اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻘﺪﻳﺮ أن ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﱪ‬ ‫واﻟﺘﻘﻮى وأن ﻳﻨﺼﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺪوﻫﻢ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫‪ 85‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﹸﻏﹸﻠ‪‬ﻮ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻭﺳﻄﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ‬ ‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﻫﻨﺪاوي‬

‫* اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻐﻠﻮ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮة‪:‬‬

‫ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ :‬ﺣﻖ اﻹﺳـــﻼم واﻹﻳﻤﺎن‪ ،‬وﺣﻖ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻣﻦ رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ‪ .‬وﻟﻬﺬه‬

‫ﺛﻤﺔ أﺣﺎدﻳﺚ ﺷــــــــــــــﺮﻳﻔﺔ ّ‬ ‫ﺗﺤﺚ ﻋﺪول اﻷﻣﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺟﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻘﺮاﺑﺔ اﻟﺤﻖ أن ﻧﻨﺰﻟﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﺎ‪ ،‬وأن ﻻ ﻧﻐﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﻳﻘﻮﻟﻮن ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﺻــــــﺤﺎب اﻟﺮﺳـــــــﻮل ﷺ‪ ) :‬ﻟﻬﻢ اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ‬

‫)‪(٣‬‬ ‫اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻐﻠﻮ ِ‬ ‫واﻟﻨﺤﻞ اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫َ‬

‫‪ -١‬ﻗﺎل رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ‪) :‬ﻳﺮث ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺧﻠﻒ ﻋﺪوﻟﻪ‪،‬‬ ‫)‪(٤‬‬

‫إن ﻣﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻪ دﻳﻦ اﷲ اﻹﺳﻼم اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻻﻋﺘﺪال ﰲ ﻛﻞ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﻓﻼ ﺗﺮاه ُ ْ ِ‬ ‫ﻣﻔﺮﻃﺎ ﰲ اﻟﺸـﺪة إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺮ أﺻﺤﺎب اﻟﻄﺒﺎع اﻟﺴــﻠﻴﻤﺔ‪،‬‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬وﻻ ﺗﺮى ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ اﻟﺬي ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻤﺤﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺼﺎرى‪...‬‬

‫ﻳﻨﻔﻮن ﻋﻨﻪ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ‪ ،‬واﻧﺘﺤﺎل اﻟﻤﺒﻄﻠﻴﻦ‪ ،‬وﺗﺤﺮﻳﻒ اﻟﻐﺎﻟﻴﻦ( ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬ﻗﺎل رﺳـــــــــﻮل اﷲ ﷺ‪) :‬إﻳﺎﻛﻢ واﻟﻐﻠﻮ؛ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻛﺎن‬ ‫)‪(٥‬‬

‫ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺑﺎﻟﻐﻠﻮ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ( ‪ّ .‬‬ ‫وﻋﻠﻖ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻋﻠـــــــــــﻰ ﻫﺬا‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻟﻔﻄﺮة ﻫﻮ اﻟﺴـــــــﺎﺋﺪ ﰲ اﻟﻘﺮون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻷوﻟﻰ‪ ،‬رﻏﻢ ﺗﻌﺪد اﻟﺘﻴﺎرات وﺗﻨﻮع ﺗﻔﺴﻴﺮات اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻌﻜﺮ ﺻﻔﻮه‬ ‫إﻻ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﻨﺤﺖ ﰲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﻨﺼﻮص إﻟﻰ اﻟﺘﻄﺮف‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻘﻮﻳﻢ ووﺿﻮح ﺷﻄﻄﻬﺎ‪ ،‬ووﻗﻮف اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺤﻜﺎم‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﰲ وﺟﻬﻬﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮت وﺗﻤﻮت ﻛﻤﺎ وﻟﺪت‪.‬‬ ‫وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻤﺾ ﺑﻀـــــــــــﻌﺔ ﻗﺮون ﺣﺘﻰ وﺟﺪ أﻋﺪاء اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻬﻮد‬ ‫وﻓﺮس وﻏﻴﺮﻫﻢ ﰲ أﺑﻨﺎء ﻫﺬه اﻟﺘﻴﺎرات ﺳــــــﺘﺎرة ﻳﺨﻔﻮن ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻧﻮاﻳﺎﻫﻢ ﰲ‬ ‫اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم واﻟﻤﺴــــــــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ وزاد اﻷﻣﺮ ﺧﻄﺮا ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺟﺪت ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻴﺎرات ﺣﻜﻮﻣﺎت وﻗﻮى ﻋﺴــــﻜﺮﻳﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﺗﻄﺮﻓﻬﻢ‬ ‫وﺣﻘﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ‪...‬‬ ‫وﻣﻊ ﻫﺬا ورﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻀــــــــﻐﻮط واﻻﺿﻄﻬﺎدات اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ أﻫﻞ‬ ‫اﻟﺴــــــــﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ وأﻳﺎم ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻜﺎم اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ أو‬ ‫اﻟﺒﻮﻳﻬﻴﻴﻦ واﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ وأﺿﺮاﲠﻢ؛ ﻓﺈن أﻫﻞ اﻟﺴــــﻨﺔ ﺑﻘﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻮﻳﻢ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻮﻧﻮا‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا ُ ُ‬ ‫أﻳﻬﺎ ﱠ َ‬ ‫﴿ﻳﺎ َ ﱡ َ‬ ‫وﺳﻄﺎ ﻣﻌﺘﺪﻟﻴﻦ ﻛﻤﺎ أﻣﺮﻫﻢ اﷲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ‪َ :‬‬ ‫ﺷﻬﺪاء ِ ْ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ ِ‬ ‫ﺗﻌﺪﻟﻮا ْ ِ ُ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ﱠأﻻ َ ْ ِ ُ‬ ‫ﻗﻮم َ َ‬ ‫ﱠﻜﻢ َﺷﻨ ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ َ َ‬ ‫َﺂن َ ْ ٍ‬ ‫اﻋﺪﻟﻮا‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﻳﺠﺮﻣﻨ ُ ْ‬ ‫وﻻ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻗﻮاﻣﻴﻦ ﱠﻟﻠﻪ ُ َ َ َ ْ‬ ‫ُﻫﻮ َ ْ ِ‬ ‫ﺧﺒﻴﺮ ِ َﺑﻤﺎ َ ْ َ ُ َ‬ ‫اﷲ ِ ﱠ‬ ‫ﻟﻠﺘﻘﻮى َ ﱠ ُ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪[٨ :‬‬ ‫أﻗﺮب ﱠ ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫اﷲ َ ِ ٌ‬ ‫إن َ‬ ‫واﺗﻘﻮا َ‬ ‫وﺳﻨﻌﺮض ﰲ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﺬا ﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــــــﻨﺔ‬ ‫واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﺗﻄﺮف ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸـــــﻴﻌﺔ واﻟﺨﻮارج‪ ،‬وﺑﻴﺎن ﻣﺪى ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﻋﻦ‬ ‫ﻫﺪى اﻹﺳﻼم وﺿﻮاﺑﻂ اﻟﻔﻄﺮة‪ ...‬إذ ﻏﺪا اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮارج ﻋﻴﺸـــــﺎ ﰲ‬ ‫ﺳــﺒﻴﻞ ﻗﺘﻞ أﺑﻨﺎء اﻹﺳـــﻼم اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺬﻫﺒﻮن ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻛﺘﺐ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺸــــــــــــــﻴﻌﺔ ﰲ ﺟﺰء ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺪﺧﻴﻠﺔ‬

‫واﻟﺨﺮاﻓﺎت واﻟﺸـﺘﺎﺋﻢ واﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻟﻠﺼــﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام وأﺑﻨﺎء اﻷﻗﻄﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﰲ ﻓﻮﺿﻰ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ ﻛﻞ ﻋﻘﻼء اﻟﺸﻴﻌﺔ‪.‬‬ ‫أوﻻ‪ :‬وﺳﻄﻴﺔ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻓﺾ واﻟﺨﻮارج‪.‬‬ ‫ً‬

‫ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﺮ واﻹﺟﻼل واﻟﱰﺿـــــــــــــــــﻲ‪ ،‬وأن ﻧﻜﻮن ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬ ‫اﻏﻔﺮ َﻟﻨَﺎ ِ ِ ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﺑﻌﺪﻫﻢ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫وﻹﺧﻮاﻧﻨَﺎ ﱠ َ‬ ‫َ‬ ‫رﺑﻨَﺎ ْ ْ َ‬ ‫ﺟﺎءوا ْ‬ ‫َ ﱠ َ‬ ‫ﻳﻘــــﻮﻟـــــﻮن َ ﱠ‬ ‫﴿واﻟﺬﻳﻦ َ ُ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ْ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ ِ ْ ِ ِ‬ ‫ﺗﺠﻌﻞ ِﻓﻲ ُ ُ‬ ‫وﻻ َ ْ َ ْ‬ ‫ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن َ َ‬ ‫رﺑﻨَﺎ ِ ﱠ َ‬ ‫ف‬ ‫رءو ٌ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ﻗﻠﻮﺑِﻨَﺎ ﻏﻼ ﱠ َ‬ ‫ﻟﻠﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا َ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫إﻧﻚ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أﺣﺪا ﻣﻨﻬﻢ ً‬ ‫رﺣﻴﻢ﴾ ]اﻟﺤﺸــــﺮ‪ [١٠:‬وﻻ ﻧﻌﺎدي ً‬ ‫أﺑﺪا؛ ﻻ آل اﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬وﻻ‬ ‫َ ٌ‬ ‫)‪(١٢‬‬

‫ﻏﻴﺮﻫﻢ؛ ﻓﻜﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻌﻄﻴﻪ ﺣﻘﻪ؛ ﻓﺼـــﺎروا وﺳﻄ ﺑﻴﻦ ﺟﻔﺎة وﻏﻼة ‪.‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﻋﺎم ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﻐﻠﻮ؛ ﰲ اﻻﻋﺘﻘﺎد واﻷﻋﻤﺎل ‪.‬‬

‫ﻫﺬه ﻫﻲ ﻋﻘﻴﺪﺗﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺘﻮﺳﻂ وﻋﺪم اﻟﻤﻐﺎﻻة (‪.‬‬

‫ّ‬ ‫اﻟﻤــﺘــﻨﻄﻌﻮن‪ ،‬ﻫﻠﻚ اﻟﻤــﺘـــﻨﻄﻌﻮن‪ ،‬ﻫﻠﻚ‬ ‫‪ -٣‬وﻗﺎل ﷺ‪) :‬ﻫﻠﻚ‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬اﻟﻐﻠﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪:‬‬

‫)‪(٧‬‬

‫ﺗﺸـــﺪد ﻓﻴﻪ‬ ‫اﻟﻐﻠﻮ‪ :‬ﻣﻦ )ﻏﻼ(‪ ،‬أي‪ :‬ﺟﺎوز اﻟﺤﺪ‪ ،‬وﻏﻼ ﻓﻼن ﰲ اﻟﺪﻳﻦ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫وﺟﺎوز اﻟﺤﺪ وأﻓﺮط‪ ،‬ﻓﻬﻮ ٍ‬ ‫ﻣﻐﺎﻻة‪َ َ ،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻎ ‪.‬‬ ‫ﻏﺎل‪ ،‬وﻏﺎﻟﻰ‬ ‫ً‬ ‫وﻗﺪ ورد اﻟﺘﻨﺼـــــــﻴﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻐﻠﻮ ﺑﻠﻔﻈﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب َﻻ َ ْ ُ ِ ِ ِ‬ ‫﴿ﻳﺎأﻫﻞ ْ ِ َ ِ‬ ‫ﻣـﺮﺗﻴﻦ)‪ :(٢‬اﻷوﻟــﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪َ ْ َ َ :‬‬ ‫دﻳﻨﻜﻢ َ َ‬ ‫وﻻ‬ ‫ﺗﻐﻠﻮا ﻓــﻲ ُ ْ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﷲِ ِ ﱠإﻻ ْاﻟﺤﱠﻖ ِ ﱠإﻧﻤﺎ ْ ِ ِ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫ﺗﻘﻮﻟﻮا َ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫وﻛﻠﻤﺘﻪ‬ ‫ﻋﻴﺴـﻰ ْ ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ َ َ َ ُ ُ‬ ‫اﻟﻤﺴﻴﺢ َ‬ ‫ﻣﺮﻳﻢ َ ُ‬ ‫اﺑﻦ َ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وﻻ َ ُ ُ‬ ‫ورﺳﻠﻪ َ َ‬ ‫ﺗﻘﻮﻟﻮا َ َ َ ٌ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ﴾‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ﻣﺮﻳﻢ َ ُ ٌ‬ ‫أﻟﻘﺎﻫﺎ ِ َإﻟـــــــــــــــــﻰ َ ْ َ َ‬ ‫وروح ﻣﻨ ُْﻪ َﻓﺂﻣﻨُﻮا ِﺑﺎﷲ َ ُ ُ‬

‫اﻟﻤــﺘــﻨﻄﻌﻮن( ‪ .‬ﻗﺎل اﻟــﻨﻮوي رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬أي اﻟﻤــﺘﻌﻤﻘﻮن اﻟﻐﺎﻟﻮن‬ ‫)‪(٨‬‬

‫واﻟﺘﻄﺮف؛ وﻣﻦ ﺻﻮر ﻫﺬا اﻟﻐﻠﻮ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﻐﺎﻻة‬ ‫ّ‬

‫اﻟﻤﺠﺎوزون اﻟﺤﺪود ﰲ أﻗﻮاﻟﻬﻢ وأﻓﻌﺎﻟﻬﻢ( ‪.‬‬ ‫)‪(٩‬‬

‫أﺣﺪ إﻻ ﻏﻠﺒﻪ( ‪.‬‬ ‫ﻳﺸﺎد‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪ -٤‬ﻗﺎل ﷺ‪) :‬إن اﻟﺪﻳﻦ ُﻳﺴﺮ‪ ،‬وﻟﻦ ُ ﱠ‬ ‫)ﻳﺸـــــﺎد اﻟﺪﻳﻦ( ﻳﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴـــــﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺘﻪ‪ ،‬واﻟﻤﺸـــــﺎدة‬ ‫رده إﻟﻰ اﻟﻴﺴﺮ واﻻﻋﺘﺪال‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻐﺎﻟﺒﺔ‪) .‬إﻻ ﻏﻠﺒﻪ( ّ‬ ‫)‪(١٠‬‬

‫]اﻟﻨﺴﺎء‪[١٧١:‬‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب َﻻ َ ْ ُ ِ ِ ِ‬ ‫أﻫﻞ ْ ِ َ ِ‬ ‫﴿ﻗﻞ َﻳﺎ َ ْ َ‬ ‫واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮﻟﻪ ﺳـــــﺒﺤﺎﻧﻪ‪ْ ُ :‬‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫دﻳﻨﻜﻢ َ ْ َ‬ ‫ﺗﻐﻠﻮا ﻓﻲ ُ ْ‬ ‫وأﺿﻠﻮا َ ِ‬ ‫ﻗﺪ َ ﱡ ِ‬ ‫ﻛﺜــــــﻴﺮا َ َ ﱡ‬ ‫ﻗﺒﻞ َ َ َ ﱡ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ُ‬ ‫اﻟﺤﱢﻖ َ َ‬ ‫أﻫﻮاء َ ْ ٍ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫ﻗﻮم َ ْ‬ ‫وﺿﻠﻮا َ ْ‬ ‫ﺿﻠﻮا ْ‬ ‫وﻻ َ ﱠ ِ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ﺗﺘﺒﻌﻮا َ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﻮاء ﱠ ِ‬ ‫اﻟﺴﺒﻴِﻞ﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪[٧٧:‬‬ ‫َ َ‬

‫‪ -٦‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﷺ‪) :‬ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮن‪،‬‬

‫﴿وﻣﺎ َ َ َ‬ ‫اﻟﻴﺴﺮ َ َ‬ ‫ﺟﻌﻞ‬ ‫وﻻ ُ ِ ُ‬ ‫اﻟﻌﺴﺮ﴾ ]اﻟﺒﻘﺮة ‪ .[١٨٥ :‬وﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪َ َ :‬‬ ‫ﺑﻜﻢ ْ ُ ْ َ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ِ ُ ُ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ ِﻓﻲ ﱢ ِ ِ‬ ‫ﺣﺮٍج ﴾ ]اﻟﺤﺞ ‪.[٧٨ :‬‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ َ‬ ‫َ َْ ُ ْ‬

‫* رﻓﻊ أﺋﻤﺘﻬﻢ ﻓﻮق درﺟﺔ اﻟﺒﺸﺮ‪:‬‬ ‫ﻓﻘﺪ ﻧﺴــــﺒﻮا إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻛﺬﺑ أﻧﻪ ﻗﺎل ﻋﻦ ﻧﻔﺴـــــﻪ وﻋﻦ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪ :‬وﻛﻴﻒ ﻻ ﻧﻜﻮن أﻓﻀــــــــــــﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وﻗﺪ ﺳﺒﻘﻨﺎﻫﻢ ﰲ‬

‫‪ -٥‬وﻗﺎل ﷺ‪) :‬إن ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺘﻴﻦ ﻓﺄوﻏﻠﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﺮﻓﻖ( ‪.‬‬

‫ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ورد ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ واﻟﺘﻴﺴــــــــﻴﺮ‬ ‫ﺑﻜﻢ‬ ‫اﻟﺬي ﻳﻨﺎﰲ اﻟﻐﻠﻮ واﻟﺘﺸـــــــﺪد‪ ،‬وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ‪ُ ِ ُ :‬‬ ‫اﷲ ِ ُ ُ‬ ‫﴿ﻳﺮﻳﺪ ُ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺸـــــــــــــﻴﻌﺔ ﻓﻘﺪ ﻏﺎﻟﻮا ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬ﺑﻞ إن دﻳﻨﻬﻢ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ‬

‫)‪(١١‬‬

‫ﻓﺈن اﷲ ﻻ ّ‬ ‫ﻳﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻠﻮا( ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻣﻌﺮﻓﺔ رﺑﻨﺎ ﻋﺰ وﺟﻞ وﺗﺴـــﺒﻴﺤﻪ وﺗﻘﺪﻳﺴــــﻪ وﲥﻠﻴﻠﻪ؛ ﻷن‬ ‫أول ﻣﺎ ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ أرواﺣﻨﺎ ﻓﺄﻧﻄﻘﻨﺎ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪه وﺗﻤﺠﻴﺪه ﺛﻢ ﺧﻠﻖ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺷـــــﺎﻫﺪوا أرواﺣﻨﺎ ً‬ ‫واﺣﺪا اﺳــــــﺘﻌﻈﻤﻮا أﻣﺮﻧﺎ‬ ‫ﻧﻮرا‬ ‫ﻣﻨﺰه ﻋﻦ‬ ‫ﻓﺴـــــــــــــــﺒﺤﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ أﻧﺎ ﺧﻠﻖ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮن‪ ،‬وأﻧﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١٣‬‬

‫وﺳﻄﻴﺔ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ‪:‬‬

‫ﻓﺴـــﺒﺤﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺘﺴــــﺒﻴﺤﻨﺎ‬ ‫ﺻﻔﺎﺗﻨﺎ‪،‬‬ ‫ّ‬

‫وﻗﺪ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام وﺳﻄ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻓﺾ‬

‫وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف ﺗﺴـﺒﻴﺤ وﻻ ﺗﻘﺪﻳﺴــ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﺴــﺒﻴﺤﻨﺎ‬

‫ﻣﺜﻼ‪ :‬ﻧﺤﻦ ُﻧﻨ ِ ُْﺰل آل اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻨـﺰﻟﺘﻬﻢ‪ ،‬وﻧــﺮى أن ﻟﻬﻢ َ ﱠ‬ ‫ﺣﻘﻴﻦ‬ ‫واﻟﺨﻮارج؛ ﻗﺎﻟﻮا ً‬

‫وﺗﺴﺒﻴﺢ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٣‬ﺑﺮاءة أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﺘﺸﻴﻊ اﻟﻔﺎرﺳﻲ‪ ،‬ﻟﻐﺴﺎن اﻟﺪﻏﻤﺎن اﻟﺒﺼﺮي‪ :‬ص ‪.١٠‬‬

‫ﺷﻬﺪاء َ َ‬ ‫﴿وﻛﺬﻟﻚ َ َ ْ‬ ‫أﻣﺔ َ َ ً‬ ‫وﻗﻮﻟﻪ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ‪َ ِ َ َ َ :‬‬ ‫َﺎﻛﻢ ُ ﱠ ً‬ ‫ﻋﻠﻰ‬ ‫وﺳﻄﺎ ِ َ ُ ُ‬ ‫ﻟﺘﻜﻮﻧﻮا ُ َ َ َ‬ ‫ﺟﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫اﻟﻨ ِ‬ ‫وﻳﻜﻮن ﱠ ُ ُ‬ ‫ﱠﺎس َ َ ُ َ‬ ‫ﺷﻬﻴﺪا﴾ ]اﻟﺒﻘﺮة‪ .[١٤٣:‬وﺳـــــــﻄ ﻳﻌﻨﻲ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ َ ِ ً‬ ‫اﻟﺮﺳﻮل َ َ ْ ُ ْ‬

‫)‪ (٥‬ﻣﺴﻨﺪ أﺣﻤﺪ رﻗﻢ‪ .[٣٢٤٨]:‬وإﺳﻨﺎده ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ [٣٠٢٩]:‬ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﭭ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺧﻴﺎرا‪.‬‬ ‫ﻋﺪوﻻ‬

‫)‪ (٦‬اﻗﺘﻀﺎء اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺤﻴﻢ‪ (٧) .١/٣٢٨:‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ رﻗﻢ‪[٢٦٧٠]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﭬ‪.‬‬

‫)‪ (٤‬ﺳﻨﻦ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ رﻗﻢ‪ .[٢٠٩١١]:‬وﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺸﻜﺎة اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ‪.[٥١]- ٢٤٨ :‬‬

‫)‪ (٨‬ﺷﺮح اﻟﻨﻮوي ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻢ‪ (٢٠٥) .١٦/٢٢٠:‬ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري رﻗﻢ‪[٣٩]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ﭬ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٩‬ﻣﺴﻨﺪ أﺣﻤﺪ رﻗﻢ‪ [١٩٩]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ أﻧﺲ ﭬ وﺻﺤﻴﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ رﻗﻢ‪ (١٠) .[٢٢٤٦ ]:‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ رﻗﻢ‪[٢١٥-٧٨٢]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ڤ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ‪.٢/٦٦٠ :‬‬

‫)‪ (١١‬ﺷﺮح اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻮاﺳﻄﻴﺔ‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ‪ (١٢) .٢/٧٦:‬ﺣﻠﻴﺔ اﻷﺑﺮار‪ ،‬ﻟﻠﺒﺤﺮاﲏ‪ .٢/٣٩٨ :‬وﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﻤﻲ‪.١/١٨ :‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻐﻠﻮ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ واﻷﺳﺒﺎب‪ ،‬ﻷﺑﻲ زﻳﺪ اﻹدرﻳﺴﻲ‪ :‬ص ‪.٨‬‬

‫)‪ (١٣‬اﻷﻧﻮار اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ‪ ،‬ﻟﻠﻜﺮﺑﻼﺋﻲ‪ .٢/٥٢ :‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٢٦/٣٤٤:‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪86‬‬

‫‪ .‬وﺗﻘﻮل رواﻳﺔ أﺧﺮى‪:‬‬

‫‪ 87‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﹸﻏﹸﻠ‪‬ﻮ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻭﺳﻄﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ‬ ‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﻫﻨﺪاوي‬

‫* اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻐﻠﻮ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮة‪:‬‬

‫ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ :‬ﺣﻖ اﻹﺳـــﻼم واﻹﻳﻤﺎن‪ ،‬وﺣﻖ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻣﻦ رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ‪ .‬وﻟﻬﺬه‬

‫ﺛﻤﺔ أﺣﺎدﻳﺚ ﺷــــــــــــــﺮﻳﻔﺔ ّ‬ ‫ﺗﺤﺚ ﻋﺪول اﻷﻣﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺟﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻘﺮاﺑﺔ اﻟﺤﻖ أن ﻧﻨﺰﻟﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﺎ‪ ،‬وأن ﻻ ﻧﻐﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﻳﻘﻮﻟﻮن ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﺻــــــﺤﺎب اﻟﺮﺳـــــــﻮل ﷺ‪ ) :‬ﻟﻬﻢ اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ‬

‫)‪(٣‬‬ ‫اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻐﻠﻮ ِ‬ ‫واﻟﻨﺤﻞ اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫َ‬

‫‪ -١‬ﻗﺎل رﺳــــﻮل اﷲ ﷺ‪) :‬ﻳﺮث ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺧﻠﻒ ﻋﺪوﻟﻪ‪،‬‬ ‫)‪(٤‬‬

‫إن ﻣﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻪ دﻳﻦ اﷲ اﻹﺳﻼم اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻻﻋﺘﺪال ﰲ ﻛﻞ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﻓﻼ ﺗﺮاه ُ ْ ِ‬ ‫ﻣﻔﺮﻃﺎ ﰲ اﻟﺸـﺪة إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺮ أﺻﺤﺎب اﻟﻄﺒﺎع اﻟﺴــﻠﻴﻤﺔ‪،‬‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬وﻻ ﺗﺮى ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ اﻟﺬي ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻤﺤﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺼﺎرى‪...‬‬

‫ﻳﻨﻔﻮن ﻋﻨﻪ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ‪ ،‬واﻧﺘﺤﺎل اﻟﻤﺒﻄﻠﻴﻦ‪ ،‬وﺗﺤﺮﻳﻒ اﻟﻐﺎﻟﻴﻦ( ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬ﻗﺎل رﺳـــــــــﻮل اﷲ ﷺ‪) :‬إﻳﺎﻛﻢ واﻟﻐﻠﻮ؛ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻛﺎن‬ ‫)‪(٥‬‬

‫ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺑﺎﻟﻐﻠﻮ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ( ‪ّ .‬‬ ‫وﻋﻠﻖ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻋﻠـــــــــــﻰ ﻫﺬا‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻟﻔﻄﺮة ﻫﻮ اﻟﺴـــــــﺎﺋﺪ ﰲ اﻟﻘﺮون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻷوﻟﻰ‪ ،‬رﻏﻢ ﺗﻌﺪد اﻟﺘﻴﺎرات وﺗﻨﻮع ﺗﻔﺴﻴﺮات اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻌﻜﺮ ﺻﻔﻮه‬ ‫إﻻ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﻨﺤﺖ ﰲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﻨﺼﻮص إﻟﻰ اﻟﺘﻄﺮف‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻘﻮﻳﻢ ووﺿﻮح ﺷﻄﻄﻬﺎ‪ ،‬ووﻗﻮف اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺤﻜﺎم‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﰲ وﺟﻬﻬﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮت وﺗﻤﻮت ﻛﻤﺎ وﻟﺪت‪.‬‬ ‫وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻤﺾ ﺑﻀـــــــــــﻌﺔ ﻗﺮون ﺣﺘﻰ وﺟﺪ أﻋﺪاء اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻬﻮد‬ ‫وﻓﺮس وﻏﻴﺮﻫﻢ ﰲ أﺑﻨﺎء ﻫﺬه اﻟﺘﻴﺎرات ﺳــــــﺘﺎرة ﻳﺨﻔﻮن ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻧﻮاﻳﺎﻫﻢ ﰲ‬ ‫اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم واﻟﻤﺴــــــــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ وزاد اﻷﻣﺮ ﺧﻄﺮا ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺟﺪت ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻴﺎرات ﺣﻜﻮﻣﺎت وﻗﻮى ﻋﺴــــﻜﺮﻳﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﺗﻄﺮﻓﻬﻢ‬ ‫وﺣﻘﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ‪...‬‬ ‫وﻣﻊ ﻫﺬا ورﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻀــــــــﻐﻮط واﻻﺿﻄﻬﺎدات اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ أﻫﻞ‬ ‫اﻟﺴــــــــﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ وأﻳﺎم ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻜﺎم اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ أو‬ ‫اﻟﺒﻮﻳﻬﻴﻴﻦ واﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ وأﺿﺮاﲠﻢ؛ ﻓﺈن أﻫﻞ اﻟﺴــــﻨﺔ ﺑﻘﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻮﻳﻢ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻮﻧﻮا‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا ُ ُ‬ ‫أﻳﻬﺎ ﱠ َ‬ ‫﴿ﻳﺎ َ ﱡ َ‬ ‫وﺳﻄﺎ ﻣﻌﺘﺪﻟﻴﻦ ﻛﻤﺎ أﻣﺮﻫﻢ اﷲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ‪َ :‬‬ ‫ﺷﻬﺪاء ِ ْ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ ِ‬ ‫ﺗﻌﺪﻟﻮا ْ ِ ُ‬ ‫ﻋﻠﻰ َ ﱠأﻻ َ ْ ِ ُ‬ ‫ﻗﻮم َ َ‬ ‫ﱠﻜﻢ َﺷﻨ ُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ َ َ‬ ‫َﺂن َ ْ ٍ‬ ‫اﻋﺪﻟﻮا‬ ‫ﱠ َ‬ ‫ﻳﺠﺮﻣﻨ ُ ْ‬ ‫وﻻ َ ْ ِ َ‬ ‫ﻗﻮاﻣﻴﻦ ﱠﻟﻠﻪ ُ َ َ َ ْ‬ ‫ُﻫﻮ َ ْ ِ‬ ‫ﺧﺒﻴﺮ ِ َﺑﻤﺎ َ ْ َ ُ َ‬ ‫اﷲ ِ ﱠ‬ ‫ﻟﻠﺘﻘﻮى َ ﱠ ُ‬ ‫ﺗﻌﻤﻠﻮن﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪[٨ :‬‬ ‫أﻗﺮب ﱠ ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫اﷲ َ ِ ٌ‬ ‫إن َ‬ ‫واﺗﻘﻮا َ‬ ‫وﺳﻨﻌﺮض ﰲ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﺬا ﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــــــﻨﺔ‬ ‫واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﺗﻄﺮف ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸـــــﻴﻌﺔ واﻟﺨﻮارج‪ ،‬وﺑﻴﺎن ﻣﺪى ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﻋﻦ‬ ‫ﻫﺪى اﻹﺳﻼم وﺿﻮاﺑﻂ اﻟﻔﻄﺮة‪ ...‬إذ ﻏﺪا اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮارج ﻋﻴﺸـــــﺎ ﰲ‬ ‫ﺳــﺒﻴﻞ ﻗﺘﻞ أﺑﻨﺎء اﻹﺳـــﻼم اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺬﻫﺒﻮن ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻛﺘﺐ‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺸــــــــــــــﻴﻌﺔ ﰲ ﺟﺰء ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺪﺧﻴﻠﺔ‬

‫واﻟﺨﺮاﻓﺎت واﻟﺸـﺘﺎﺋﻢ واﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻟﻠﺼــﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام وأﺑﻨﺎء اﻷﻗﻄﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﰲ ﻓﻮﺿﻰ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ ﻛﻞ ﻋﻘﻼء اﻟﺸﻴﻌﺔ‪.‬‬ ‫أوﻻ‪ :‬وﺳﻄﻴﺔ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻓﺾ واﻟﺨﻮارج‪.‬‬ ‫ً‬

‫ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﺮ واﻹﺟﻼل واﻟﱰﺿـــــــــــــــــﻲ‪ ،‬وأن ﻧﻜﻮن ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬ ‫اﻏﻔﺮ َﻟﻨَﺎ ِ ِ ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﺑﻌﺪﻫﻢ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫وﻹﺧﻮاﻧﻨَﺎ ﱠ َ‬ ‫َ‬ ‫رﺑﻨَﺎ ْ ْ َ‬ ‫ﺟﺎءوا ْ‬ ‫َ ﱠ َ‬ ‫ﻳﻘــــﻮﻟـــــﻮن َ ﱠ‬ ‫﴿واﻟﺬﻳﻦ َ ُ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ْ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ ِ ْ ِ ِ‬ ‫ﺗﺠﻌﻞ ِﻓﻲ ُ ُ‬ ‫وﻻ َ ْ َ ْ‬ ‫ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن َ َ‬ ‫رﺑﻨَﺎ ِ ﱠ َ‬ ‫ف‬ ‫رءو ٌ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ﻗﻠﻮﺑِﻨَﺎ ﻏﻼ ﱠ َ‬ ‫ﻟﻠﺬﻳﻦ َآﻣﻨُﻮا َ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫إﻧﻚ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أﺣﺪا ﻣﻨﻬﻢ ً‬ ‫رﺣﻴﻢ﴾ ]اﻟﺤﺸــــﺮ‪ [١٠:‬وﻻ ﻧﻌﺎدي ً‬ ‫أﺑﺪا؛ ﻻ آل اﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬وﻻ‬ ‫َ ٌ‬ ‫)‪(١٢‬‬

‫ﻏﻴﺮﻫﻢ؛ ﻓﻜﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻌﻄﻴﻪ ﺣﻘﻪ؛ ﻓﺼـــﺎروا وﺳﻄ ﺑﻴﻦ ﺟﻔﺎة وﻏﻼة ‪.‬‬

‫)‪(٦‬‬

‫اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ :‬ﻋﺎم ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﻐﻠﻮ؛ ﰲ اﻻﻋﺘﻘﺎد واﻷﻋﻤﺎل ‪.‬‬

‫ﻫﺬه ﻫﻲ ﻋﻘﻴﺪﺗﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺘﻮﺳﻂ وﻋﺪم اﻟﻤﻐﺎﻻة (‪.‬‬

‫ّ‬ ‫اﻟﻤــﺘــﻨﻄﻌﻮن‪ ،‬ﻫﻠﻚ اﻟﻤــﺘـــﻨﻄﻌﻮن‪ ،‬ﻫﻠﻚ‬ ‫‪ -٣‬وﻗﺎل ﷺ‪) :‬ﻫﻠﻚ‬

‫ﺛﺎﻧﻴ ‪ :‬اﻟﻐﻠﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪:‬‬

‫)‪(٧‬‬

‫ﺗﺸـــﺪد ﻓﻴﻪ‬ ‫اﻟﻐﻠﻮ‪ :‬ﻣﻦ )ﻏﻼ(‪ ،‬أي‪ :‬ﺟﺎوز اﻟﺤﺪ‪ ،‬وﻏﻼ ﻓﻼن ﰲ اﻟﺪﻳﻦ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫وﺟﺎوز اﻟﺤﺪ وأﻓﺮط‪ ،‬ﻓﻬﻮ ٍ‬ ‫ﻣﻐﺎﻻة‪َ َ ،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻎ ‪.‬‬ ‫ﻏﺎل‪ ،‬وﻏﺎﻟﻰ‬ ‫ً‬ ‫وﻗﺪ ورد اﻟﺘﻨﺼـــــــﻴﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻐﻠﻮ ﺑﻠﻔﻈﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب َﻻ َ ْ ُ ِ ِ ِ‬ ‫﴿ﻳﺎأﻫﻞ ْ ِ َ ِ‬ ‫ﻣـﺮﺗﻴﻦ)‪ :(٢‬اﻷوﻟــﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟــﻰ‪َ ْ َ َ :‬‬ ‫دﻳﻨﻜﻢ َ َ‬ ‫وﻻ‬ ‫ﺗﻐﻠﻮا ﻓــﻲ ُ ْ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﷲِ ِ ﱠإﻻ ْاﻟﺤﱠﻖ ِ ﱠإﻧﻤﺎ ْ ِ ِ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫ﺗﻘﻮﻟﻮا َ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫وﻛﻠﻤﺘﻪ‬ ‫ﻋﻴﺴـﻰ ْ ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ َ َ َ ُ ُ‬ ‫اﻟﻤﺴﻴﺢ َ‬ ‫ﻣﺮﻳﻢ َ ُ‬ ‫اﺑﻦ َ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وﻻ َ ُ ُ‬ ‫ورﺳﻠﻪ َ َ‬ ‫ﺗﻘﻮﻟﻮا َ َ َ ٌ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ﴾‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ﻣﺮﻳﻢ َ ُ ٌ‬ ‫أﻟﻘﺎﻫﺎ ِ َإﻟـــــــــــــــــﻰ َ ْ َ َ‬ ‫وروح ﻣﻨ ُْﻪ َﻓﺂﻣﻨُﻮا ِﺑﺎﷲ َ ُ ُ‬

‫اﻟﻤــﺘــﻨﻄﻌﻮن( ‪ .‬ﻗﺎل اﻟــﻨﻮوي رﺣﻤﻪ اﷲ‪) :‬أي اﻟﻤــﺘﻌﻤﻘﻮن اﻟﻐﺎﻟﻮن‬ ‫)‪(٨‬‬

‫واﻟﺘﻄﺮف؛ وﻣﻦ ﺻﻮر ﻫﺬا اﻟﻐﻠﻮ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﻐﺎﻻة‬ ‫ّ‬

‫اﻟﻤﺠﺎوزون اﻟﺤﺪود ﰲ أﻗﻮاﻟﻬﻢ وأﻓﻌﺎﻟﻬﻢ( ‪.‬‬ ‫)‪(٩‬‬

‫أﺣﺪ إﻻ ﻏﻠﺒﻪ( ‪.‬‬ ‫ﻳﺸﺎد‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪ -٤‬ﻗﺎل ﷺ‪) :‬إن اﻟﺪﻳﻦ ُﻳﺴﺮ‪ ،‬وﻟﻦ ُ ﱠ‬ ‫)ﻳﺸـــــﺎد اﻟﺪﻳﻦ( ﻳﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴـــــﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺘﻪ‪ ،‬واﻟﻤﺸـــــﺎدة‬ ‫رده إﻟﻰ اﻟﻴﺴﺮ واﻻﻋﺘﺪال‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻐﺎﻟﺒﺔ‪) .‬إﻻ ﻏﻠﺒﻪ( ّ‬ ‫)‪(١٠‬‬

‫]اﻟﻨﺴﺎء‪[١٧١:‬‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب َﻻ َ ْ ُ ِ ِ ِ‬ ‫أﻫﻞ ْ ِ َ ِ‬ ‫﴿ﻗﻞ َﻳﺎ َ ْ َ‬ ‫واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮﻟﻪ ﺳـــــﺒﺤﺎﻧﻪ‪ْ ُ :‬‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫دﻳﻨﻜﻢ َ ْ َ‬ ‫ﺗﻐﻠﻮا ﻓﻲ ُ ْ‬ ‫وأﺿﻠﻮا َ ِ‬ ‫ﻗﺪ َ ﱡ ِ‬ ‫ﻛﺜــــــﻴﺮا َ َ ﱡ‬ ‫ﻗﺒﻞ َ َ َ ﱡ‬ ‫ﻣﻦ َ ْ ُ‬ ‫اﻟﺤﱢﻖ َ َ‬ ‫أﻫﻮاء َ ْ ٍ‬ ‫ﻋﻦ‬ ‫ﻗﻮم َ ْ‬ ‫وﺿﻠﻮا َ ْ‬ ‫ﺿﻠﻮا ْ‬ ‫وﻻ َ ﱠ ِ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ﺗﺘﺒﻌﻮا َ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﺳﻮاء ﱠ ِ‬ ‫اﻟﺴﺒﻴِﻞ﴾ ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪[٧٧:‬‬ ‫َ َ‬

‫‪ -٦‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﷺ‪) :‬ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮن‪،‬‬

‫﴿وﻣﺎ َ َ َ‬ ‫اﻟﻴﺴﺮ َ َ‬ ‫ﺟﻌﻞ‬ ‫وﻻ ُ ِ ُ‬ ‫اﻟﻌﺴﺮ﴾ ]اﻟﺒﻘﺮة ‪ .[١٨٥ :‬وﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪َ َ :‬‬ ‫ﺑﻜﻢ ْ ُ ْ َ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ِ ُ ُ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ ِﻓﻲ ﱢ ِ ِ‬ ‫ﺣﺮٍج ﴾ ]اﻟﺤﺞ ‪.[٧٨ :‬‬ ‫اﻟﺪﻳﻦ ْ‬ ‫ﻣﻦ َ َ‬ ‫َ َْ ُ ْ‬

‫* رﻓﻊ أﺋﻤﺘﻬﻢ ﻓﻮق درﺟﺔ اﻟﺒﺸﺮ‪:‬‬ ‫ﻓﻘﺪ ﻧﺴــــﺒﻮا إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻛﺬﺑ أﻧﻪ ﻗﺎل ﻋﻦ ﻧﻔﺴـــــﻪ وﻋﻦ‬ ‫اﻷﺋﻤﺔ‪ :‬وﻛﻴﻒ ﻻ ﻧﻜﻮن أﻓﻀــــــــــــﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وﻗﺪ ﺳﺒﻘﻨﺎﻫﻢ ﰲ‬

‫‪ -٥‬وﻗﺎل ﷺ‪) :‬إن ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺘﻴﻦ ﻓﺄوﻏﻠﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﺮﻓﻖ( ‪.‬‬

‫ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ورد ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ واﻟﺘﻴﺴــــــــﻴﺮ‬ ‫ﺑﻜﻢ‬ ‫اﻟﺬي ﻳﻨﺎﰲ اﻟﻐﻠﻮ واﻟﺘﺸـــــــﺪد‪ ،‬وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ‪ُ ِ ُ :‬‬ ‫اﷲ ِ ُ ُ‬ ‫﴿ﻳﺮﻳﺪ ُ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺸـــــــــــــﻴﻌﺔ ﻓﻘﺪ ﻏﺎﻟﻮا ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬ﺑﻞ إن دﻳﻨﻬﻢ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ‬

‫)‪(١١‬‬

‫ﻓﺈن اﷲ ﻻ ّ‬ ‫ﻳﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻠﻮا( ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻣﻌﺮﻓﺔ رﺑﻨﺎ ﻋﺰ وﺟﻞ وﺗﺴـــﺒﻴﺤﻪ وﺗﻘﺪﻳﺴــــﻪ وﲥﻠﻴﻠﻪ؛ ﻷن‬ ‫أول ﻣﺎ ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﻌﺎﻟــﻰ أرواﺣﻨﺎ ﻓﺄﻧﻄﻘﻨﺎ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪه وﺗﻤﺠﻴﺪه ﺛﻢ ﺧﻠﻖ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺷـــــﺎﻫﺪوا أرواﺣﻨﺎ ً‬ ‫واﺣﺪا اﺳــــــﺘﻌﻈﻤﻮا أﻣﺮﻧﺎ‬ ‫ﻧﻮرا‬ ‫ﻣﻨﺰه ﻋﻦ‬ ‫ﻓﺴـــــــــــــــﺒﺤﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ أﻧﺎ ﺧﻠﻖ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮن‪ ،‬وأﻧﻪ ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪(١٣‬‬

‫وﺳﻄﻴﺔ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ‪:‬‬

‫ﻓﺴـــﺒﺤﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺘﺴــــﺒﻴﺤﻨﺎ‬ ‫ﺻﻔﺎﺗﻨﺎ‪،‬‬ ‫ّ‬

‫وﻗﺪ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام وﺳﻄ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻓﺾ‬

‫وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف ﺗﺴـﺒﻴﺤ وﻻ ﺗﻘﺪﻳﺴــ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﺴــﺒﻴﺤﻨﺎ‬

‫ﻣﺜﻼ‪ :‬ﻧﺤﻦ ُﻧﻨ ِ ُْﺰل آل اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻨـﺰﻟﺘﻬﻢ‪ ،‬وﻧــﺮى أن ﻟﻬﻢ َ ﱠ‬ ‫ﺣﻘﻴﻦ‬ ‫واﻟﺨﻮارج؛ ﻗﺎﻟﻮا ً‬

‫وﺗﺴﺒﻴﺢ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٣‬ﺑﺮاءة أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﺘﺸﻴﻊ اﻟﻔﺎرﺳﻲ‪ ،‬ﻟﻐﺴﺎن اﻟﺪﻏﻤﺎن اﻟﺒﺼﺮي‪ :‬ص ‪.١٠‬‬

‫ﺷﻬﺪاء َ َ‬ ‫﴿وﻛﺬﻟﻚ َ َ ْ‬ ‫أﻣﺔ َ َ ً‬ ‫وﻗﻮﻟﻪ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ‪َ ِ َ َ َ :‬‬ ‫َﺎﻛﻢ ُ ﱠ ً‬ ‫ﻋﻠﻰ‬ ‫وﺳﻄﺎ ِ َ ُ ُ‬ ‫ﻟﺘﻜﻮﻧﻮا ُ َ َ َ‬ ‫ﺟﻌﻠﻨ ُ ْ‬ ‫اﻟﻨ ِ‬ ‫وﻳﻜﻮن ﱠ ُ ُ‬ ‫ﱠﺎس َ َ ُ َ‬ ‫ﺷﻬﻴﺪا﴾ ]اﻟﺒﻘﺮة‪ .[١٤٣:‬وﺳـــــــﻄ ﻳﻌﻨﻲ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻜﻢ َ ِ ً‬ ‫اﻟﺮﺳﻮل َ َ ْ ُ ْ‬

‫)‪ (٥‬ﻣﺴﻨﺪ أﺣﻤﺪ رﻗﻢ‪ .[٣٢٤٨]:‬وإﺳﻨﺎده ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ [٣٠٢٩]:‬ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﭭ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺧﻴﺎرا‪.‬‬ ‫ﻋﺪوﻻ‬

‫)‪ (٦‬اﻗﺘﻀﺎء اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺤﻴﻢ‪ (٧) .١/٣٢٨:‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ رﻗﻢ‪[٢٦٧٠]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﭬ‪.‬‬

‫)‪ (٤‬ﺳﻨﻦ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ رﻗﻢ‪ .[٢٠٩١١]:‬وﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺸﻜﺎة اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ‪.[٥١]- ٢٤٨ :‬‬

‫)‪ (٨‬ﺷﺮح اﻟﻨﻮوي ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻢ‪ (٢٠٥) .١٦/٢٢٠:‬ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري رﻗﻢ‪[٣٩]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ﭬ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٩‬ﻣﺴﻨﺪ أﺣﻤﺪ رﻗﻢ‪ [١٩٩]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ أﻧﺲ ﭬ وﺻﺤﻴﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ رﻗﻢ‪ (١٠) .[٢٢٤٦ ]:‬ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ رﻗﻢ‪[٢١٥-٧٨٢]:‬ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ڤ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ‪.٢/٦٦٠ :‬‬

‫)‪ (١١‬ﺷﺮح اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻮاﺳﻄﻴﺔ‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ‪ (١٢) .٢/٧٦:‬ﺣﻠﻴﺔ اﻷﺑﺮار‪ ،‬ﻟﻠﺒﺤﺮاﲏ‪ .٢/٣٩٨ :‬وﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﻤﻲ‪.١/١٨ :‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻐﻠﻮ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ واﻷﺳﺒﺎب‪ ،‬ﻷﺑﻲ زﻳﺪ اﻹدرﻳﺴﻲ‪ :‬ص ‪.٨‬‬

‫)‪ (١٣‬اﻷﻧﻮار اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ‪ ،‬ﻟﻠﻜﺮﺑﻼﺋﻲ‪ .٢/٥٢ :‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٢٦/٣٤٤:‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪86‬‬

‫‪ .‬وﺗﻘﻮل رواﻳﺔ أﺧﺮى‪:‬‬

‫‪ 87‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﺘﻤﺎر ﻗﺎل‪ ) :‬ﻛﻨﺎ ﻣﻊ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫وروى اﻟﻜﻠﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﺳﻴﻒ ﱠ ّ‬

‫وﻗﺎل ﺷﺎﻋﺮﻫﻢ ﻓﻴﻪ‪:‬‬

‫وﻛﺬﺑﻮا ﻋﻠﻰ رﺳـــــــــــــﻮل اﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل‪) :‬ﻳﺎ ﻋﻠﻲ أﻧﺖ أﻣﻴﺮ‬

‫* اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ أﻧﻬﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮن ﻣﻦ ﻃﻴﻨﺔ ﺧﺎﺻﺔ!!‬

‫ﻛﻨﺖ ﺑﻴﻦ ﻣﻮﺳــــــــــــﻰ‬ ‫ﺛﻼث ﻣﺮات ﻟﻮ ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وﻋﻨﻮان ﻗﺪرﺗــــــــــــِـﻪ اﻟﺴﺎﻣﻴَـــــ ْﺔ‬ ‫اﻹﻟـــــــــــﻪ ‪---‬‬ ‫ﻋﻴــــﻦ‬ ‫ﺣﺴﻦ أﻧﺖ‬ ‫أﺑﺎ‬ ‫ُ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺘﻔﺮدا‬ ‫ﻧﺴــﺒﻮا إﻟﻰ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﻘﻮل‪ :‬إن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن‬

‫ُ‬ ‫أﻋﻠﻢ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬وﻷﻧﺒﺄﲥﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﰲ أﻳﺪﻳﻬﻤﺎ؛‬ ‫واﻟﺨﻀﺮ‬ ‫ﻷﺧﱪﺗﻬﻤﺎ أﲏ ُ‬

‫ﺑﻌﻠـﻢ ُ ِ‬ ‫اﻟﻤﺤﻴــﻂ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﺧﺎﻓﻴــــــﺔ‬ ‫ﺗﻌﺰب ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻐﻴــﻮب ‪ ---‬ﻓﻬﻞ‬ ‫وأﻧﺖ‬ ‫ﻋﻨﺪك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻜﺎﺋﻨــــــــﺎت ‪ّ ِ ---‬‬ ‫إﻳﺠﺎدﻫــــــــــــﺎ اﻟﺒﺎﻗﻴـــــــــ ْﺔ‬ ‫وﻋﻠﺔ‬ ‫ﻣﺪﻳﺮ رﺣﻰ‬ ‫وأﻧﺖ ُ‬

‫اﻷﺷــﻴﺎء ﻻ ﻣﻦ ﺷـــﻲء ﻓﺄﺟﺮى اﻟﻤﺎء اﻟﻌﺬب ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ اﺑﺘﺪأ‬ ‫َ‬

‫اﻟﺒﻨــ ِّﻴﺔ‬ ‫ورب َ‬ ‫ورب اﻟﻜﻌﺒﺔ ﱢ‬ ‫ﱢ‬

‫)‪(١٤‬‬

‫ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن‪ ،‬وﻟﻢ َ‬ ‫ﻳﻌﻄﻴﺎ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن وﻣﺎ‬ ‫ﻷن ﻣﻮﺳﻰ واﻟﺨﻀـﺮ ُأﻋﻄﻴﺎ َ‬ ‫ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮم اﻟﺴــــــــــــــــــــﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ورﺛﻨﺎه ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲﷺ‬

‫)‪(٢٢‬‬

‫ﻏـــﺪا ‪ْ ---‬‬ ‫ﺷﺌﺖ ُﺗﻨﺠﻲ ً‬ ‫اﻷﻣﺮ ْ‬ ‫ﺗﺴﻔﻊ ﺑﺎﻟﻨﺎﺻﻴــــــــــ ْﺔ‬ ‫وإن َ‬ ‫إن َ‬ ‫ﺷﺌﺖ ُ‬ ‫ﻟﻚ ُ‬

‫* ﺗﻜﻔﻴﺮﻫﻢ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ‪:‬‬

‫)‪(١٥‬‬

‫وراﺛﺔ!( ‪.‬‬ ‫وذﻛﺮوا أن اﻟﺜﻤﺎﻟﻲ ﺳﺄل ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴــــــــــﻴﻦ ﭭ‪) :‬ﻗﻠﺖ ﻟﻪ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻤﺖ واﷲ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ‬ ‫ﻳﻀـــﺮ؟ ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫ُﺟﻌﻠﺖ ﻓﺪاك اﻷﺋﻤﺔ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وﻧﺰاد ﻣﺎ ﻟﻢ‬ ‫اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳـــــﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻲ‪ :‬أزﻳﺪك؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ُ :‬‬

‫أوردوا ﻋﻦ ِﺣﻤﺮان ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴـــــــﻼم ﻳﻘﻮل ﰲ‬ ‫)‪(٢٣‬‬

‫ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻨﺎﺻﺐ واﻟﻴﻬﻮدي‪) :‬ﻻ ﺗﺄﻛﻞ ذﺑﻴﺤﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴـــــــﻤﻌﻪ ﻳﺬﻛﺮ اﺳﻢ‬ ‫اﷲ()‪(٢٤‬وﻳﻘﻮل اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ‪ّ ِ :‬‬ ‫)ﻓﺘﺤﻞ ذﺑﻴﺤﺔ ِ َﻓﺮق اﻹﺳــﻼم ﻋﺪا اﻟﻨﺎﺻـــﺐ‪ ،‬وإن‬

‫َ‬ ‫ﺳﺒﻌﺔ أﻳﺎم ﻣﻊ ﻟﻴﺎﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻀــــــــــﺐ اﻟﻤﺎء ﻋﻨﻬﺎ‬ ‫ﻃﻴﺒﺔ ﻃﺎﻫﺮة‬ ‫أرض ّ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫ُﺗﺰد اﻷﻧﺒﻴﺎء!( ‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ رووا‪) :‬ﻋﻦ اﻟﺤﺴـــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻮان ﻋﻦ‬

‫ً‬ ‫ﻗﺒﻀــﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎوة ذﻟﻚ اﻟﻄﻴﻦ‪ ،‬وﻫﻲ ﻃﻴﻨﺘﻨﺎ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫ﻓﻘﺒﺾ‬ ‫ﻗﺒﺾ ﻗﺒﻀﺔ ﻣﻦ أﺳﻔﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻴﻨﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻃﻴﻨﺔ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﺻﻄﻔﺎﻧﺎ‬

‫أﻣﺘﻪ إﻻ اﻟﺸــﻴﻌﺔ‪ ،‬أﻻ وإن‬ ‫اﷲ ﻣﺎت رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﻫﻮ ﺳﺎﺧﻂ ﻋﻠﻰ ُ ّ‬

‫ﻟﻨﻔﺴـــﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻮ أن ﻃﻴﻨﺔ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﻃﻴﻨﺘﻨﺎ ﻟﻤﺎ زﻧﻰ أﺣﺪ‬

‫ً‬ ‫ﺳﻴﺪا‪،‬‬ ‫ف اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬أﻻ وإن ﻟﻜﻞ ﺷﻲء‬ ‫ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﺷﺮﻓ ‪ ،‬وﺷﺮ ُ‬

‫ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻻ ﺳﺮق وﻻ َ‬ ‫اﻛﺘﺴــﺐ ﺷﻴﺌ‬ ‫ﺷﺮب اﻟﻤﺴـﻜﺮ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻻط‪ ،‬وﻻ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺸـﻴﻌﺔ‪ ،‬أﻻ وإن ﻟﻜﻞ ﺷﻲء إﻣﺎﻣ وإﻣﺎم‬ ‫وﺳﻴﺪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ﻣﻤﺎ ذﻛــــﺮت‪ ...‬ﻟﻜﻦ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟــــﻰ ﺟﻤﻊ اﻟﻄﻴﻨﺘﻴﻦ؛ ﻃﻴﻨﺘﻜﻢ‬

‫وﻓﻀﻠﻬﻢ‬ ‫أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﭬ ﻗﺎل‪ :‬إن اﷲ ﺧﻠﻖ ُأوﻟﻲ اﻟﻌﺰم ﻣﻦ اﻟﺮﺳــــﻞ ّ‬ ‫وﻓﻀﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﻋﻠﻤﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ َ َ َ‬ ‫وﻋﻠﻢ رﺳـــﻮل اﷲ‬ ‫ﻋﻠﻤﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫وأورﺛﻨﺎ َ‬

‫ﻋﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺨﺪﻣﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴــــﻼم‪) :‬إن اﻟﺠﺎر ﻳﺸـــــﻔﻊ‬ ‫ﻟﺠﺎره‪ ،‬واﻟﺤﻤﻴﻢ ﻟﺤﻤﻴﻤﻪ‪ ،‬وﻟﻮ أن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ‪ ،‬واﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻤﺮﺳــﻠﻴﻦ‬ ‫)‪(٢٦‬‬

‫ﺷﻔﻌﻮا ﰲ ﻧﺎﺻﺐ أي ﺳﻨّﻲ ﻣﺎ ُ ﱢ‬ ‫َ‬ ‫ﺷﻔﻌﻮا!( ‪.‬‬

‫)‪(١٨‬‬

‫اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﺸﻴﻌﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻫﺎرون! ‪.‬‬

‫ﺷـﺮ ﻟﻔﻆ أو زﻧﻰ‪ ،‬أو ﺷــﻲء ﻣﻤﺎ ذﻛﺮت ﻣﻦ‬ ‫ﻓﻤﺎ َ‬ ‫رأﻳﺖ ﻣﻦ أﺧﻴﻚ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺷﺮب ﻣﺴـﻜﺮ أو ﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮﻳﺘﻪ وﻻ ﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧﻪ‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﻫﻮ‬

‫ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع‬ ‫زﻋﻤﻮا أن ﻋﻠﻴ ﭬ ﻗﺎل وﺣﺎﺷــــــــــــــــــﺎه‪) :‬أﻧﺎ ٌ‬ ‫)‪(١٩‬‬

‫رب اﻷرض اﻟﺬي‬ ‫اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ( ‪ .‬وﻧﺴـــــــــﺒﻮا إﻟﻴﻪ وﺣﺎﺷﺎه اﻟﻘﻮل‪ :‬أﻧﺎ ّ‬ ‫)‪(٢٠‬‬ ‫ﻟﺪﻳﺎن‬ ‫ﺗﺴﻜﻦ اﻷرض ﺑﻪ ‪ .‬وﻧﺴﺒﻮا إﻟﻴﻪ ﭬ أﻧﻪ ﻗﺎل وﺣﺎﺷﺎه ‪):‬وإﲏ َ ّ‬

‫ﻧﺒﻲ وﻻ ﻋﻠﻰ إﻣﺎم‪ ،‬وذﻟﻚ أﳖﻢ‬ ‫ﻣﻊ أﻫﻞ اﻟﺴــﻨّﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ إﻟﻪ وﻻ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻧﺒﻴﻪ وﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه أﺑﻮ ﺑﻜــــــــــﺮ‪،‬‬ ‫ﻳﻘﻮﻟﻮن‪ :‬إن رﲠﻢ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ‬ ‫اﻟﺮب اﻟﺬي‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻧﻘﻮل‪ :‬إن ّ‬ ‫وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻮل ﲠﺬا ّ‬ ‫اﻟﺮب وﻻ ﺑﺬﻟﻚ ّ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫وﻗﺴﻴﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ َ ٌ‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ﻧﺒﻴﻨﺎ( ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻧﺒﻴﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻟﻴﺲ ّ‬ ‫رﺑﻨﺎ وﻻ ذﻟﻚ ّ‬ ‫وﻗﺎل أﻳﻀـــــ ﰲ ﺣﻜﻢ أﻫﻞ اﻟﺴــــــﻨّﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪) :‬إﳖﻢ ﻛﻔﺎر أﻧﺠﺎس‬

‫ﻗﺴﻤﻲ وإﲏ اﻟﻔﺎروق اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬وإن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺮﺳـــــــــــﻞ واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‬ ‫ﺣﺪ َ ْ‬

‫ﺷﺮ )أي َأﺷﺮ( ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد واﻟﻨﺼﺎرى‪،‬‬ ‫ﺑﺈﺟﻤﺎع ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻹﻣﺎﻣﻴﺔ‪ ،‬وإﳖﻢ ّ‬

‫)‪(٢١‬‬

‫)‪(٢٨‬‬

‫واﻷرواح ﺧﻠﻘﻮا ﻟﺨﻠﻘﻨﺎ‪. (!!..‬‬

‫ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻹﻣﺎﻣﺔ( ‪.‬‬ ‫وإن ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻨﺎﺻﺒﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻏﻴﺮ ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟﺒﻨﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ‪) :‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻋﻰ ﺑﻨﻴﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ ؛ ﻷﻧﻪ ﺑﻨﺎﻫﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺜﺮ ﻗﺴﻤﻬﻢ ﺑﺮب ﻫﺬه اﻟﺒﻨﻴﺔ(‪ .‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ‪.١/١٥٨ :‬‬ ‫)‪ّ َ (١٤‬‬ ‫)‪ (١٥‬أﺻﻮل اﻟﻜﺎﰲ‪ .١/٢٦١ :‬ودﻻﺋﻞ اﻻﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ اﻟﻄﱪي )اﻟﺸﻴﻌﻲ(‪ :‬ص‪ (١٦) .٢٨٠‬ﺑﺼﺎﺋﺮ اﻟﺪرﺟﺎت‪ ،‬ﻟﻠﺼﻔﺎر‪ :‬ص‪ .٢٦٢‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٢٦/٥٥ :‬‬ ‫)‪ (١٧‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .٢٦/١٩٤ :‬وﻣﺴﺘﺪرﻛﺎت ﻋﻠﻢ رﺟﺎل اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻟﻠﺸﺎﻫﺮودي‪ :‬ص ‪ (١٨) .١٥٤‬زﺑﺪة اﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ‪ ،‬ﻟﻠﻤﻼ ﻓﺘﺢ اﷲ اﻟﻜﺎﺷﺎﲏ‪ :‬ص ‪.١٣٨‬واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ :‬ص‪.٩٥:‬‬ ‫)‪ (١٩‬اﻷﻧﻮار اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﰲ ﺷﺮح اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻟﺠﻮاد اﻟﻜﺮﺑﻼﺋﻲ‪ (٢٠) .٢/١٠ :‬ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺑﺼﺎﺋﺮ اﻟﺪرﺟﺎت‪ ،‬ﻟﻠﺤﺴﻦ اﻟﺤﻠﻲ‪ :‬ص‪.٤٠‬‬

‫) ‪(٣٤‬‬

‫‪.‬‬

‫* ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام‪:‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻏﺎﻟﻰ اﻟﺸــﻴﻌﺔ ﰲ ﻋﺪاﺋﻬﻢ ﻟﻠﺼــﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﻔﺮوﻫﻢ إﻻ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻨﻬﻢ وﻛﺎﻟﻮا ﻛﻞ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ واﻟﺮذاﺋﻞ ﺑﺤﻘﻬﻢ!‬

‫ﺑﻤﺴﺤﺔ اﻟﻨﺎﺻﺐ اﺟﱰح ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺌﺎت اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت‪ ،‬وﻣﺎ رأﻳﺖ ﻣﻦ‬

‫اﻓﱰاء وﻛﺬﺑ ‪ -‬إن أﺻــﺤﺎب رﺳـــﻮل‬ ‫ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮل رواﻳﺎﲥﻢ ‪-‬‬ ‫ً‬

‫اﻟﻨﺎﺻﺐ ﻣﻦ ﺣﺴـﻦ وﺟﻪ وﺣﺴــﻦ ﺧﻠﻖ‪ ،‬أو ﺻﻮم‪ ،‬أو ﺻﻼة أو ﺣﺞ‬

‫ارﺗﺪوا ﻋﻦ دﻳﻦ اﻹﺳــﻼم ﺑﻌﺪ وﻓﺎة رﺳـــﻮل اﷲﷺ َ‬ ‫وﻛﻔﺮوا‬ ‫اﷲﷺ ّ‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﺷﻴﺨﻬﻢ ﻧﻌﻤﺔ اﷲ اﻟﺠﺰاﺋﺮي‪) :‬إﻧﺎ ﻻ ﻧﺠﺘﻤﻊ ﻣﻌﻬﻢ أي‬

‫* ﺗﺄﻟﻴﻬﻬﻢ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭬ!‬

‫أرض ﺗﺴﻜﻨُﻬﺎ اﻟﺸﻴﻌﺔ!(‬ ‫اﻷرض ٌ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻋــﺮك اﻷدﻳﻢ‪ ،‬وﻣــﺰﺟﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎءﻳﻦ‬ ‫وﻋﺮﻛﻬﻤﺎ‬ ‫وﻃﻴﻨﺘﻬﻢ‬ ‫ﻓﺨﻠﻄﻬﻤﺎ َ َ‬

‫ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺄﻛﻠﻮن ذﺑﺎﺋﺢ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻻﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ أﳖﻢ ﻣﺸــﺮﻛﻮن! وذﻛﺮوا‬

‫)‪(١٧‬‬ ‫وﻋﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻢ َاﻟﺮﺳــﻮل ِ‬ ‫ﷺ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮا‪ّ ،‬‬ ‫وﻋﻠﻤﻬﻢ!( ‪ .‬وذﻛﺮوا‪ :‬أن‬

‫ﻗﻄﺮ(‬ ‫اﻷرض ﻣﻨﻜﻢ ﻣﺎ ﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء َ ْ ٌ‬

‫) ‪(٣٣‬‬

‫‪.‬‬

‫ورووا ﻋﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ أن أﺑﺎه ﻗﺎل‪) :‬أﺑﺸـﺮوا ّ‬ ‫وﺑﺸﺮوا‪ ،‬ﻓﻮ‬

‫)‪(٢٥‬‬

‫أﻇﻬﺮ اﻹﺳﻼم!!( ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫اﻟﺼـــــــــــﺎﻓﻮن‬ ‫اﻟﻤﺤﺠﻠﻴﻦ‪ ،‬وأﻧﺖ وﺷﻴﻌﺘﻚ‬ ‫اﻟﻐﺮ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ وﻗﺎﺋﺪ ّ‬ ‫ِ‬ ‫دﻳﻦ وﻟﻮﻻ َﻣﻦ ﰲ‬ ‫اﻟﻤﺴــــــــــــﺒﺤﻮن‪ ،‬وﻟﻮﻻ أﻧﺖ وﺷﻴﻌﺘﻚ ﻣﺎ ﻗﺎم ﷲ ٌ‬ ‫ّ‬

‫ﺑﻴﺖ‪ ،‬أو ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬أو ﻣﻌﺮوف ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮﻳﺘﻪ‪..‬‬

‫) ‪(٢٩‬‬

‫ً‬ ‫ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺼــــﺤﺎﺑﺔ ﭫ‪ .‬ﻓﺰﻋﻤﻮا أن أﺑﺎ‬ ‫ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ‪ ،‬وﻳﺴــــﺘﺜﻨﻮن‬

‫* زﻋﻤﻬﻢ أﻧﻬﻢ اﻟﻤﻔﱠﻀﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﻜﻞ ﺷﻲء!‬ ‫أﺣﺪ‬ ‫ روى اﻟﱪﻗﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴــﻼم أﻧﻪ ﻗﺎل‪) :‬ﻣﺎ ٌ‬‫ﻋﻠﻰ ِ ّ‬ ‫ﻣﻠﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ إﻻ ﻧﺤﻦ وﺷﻴﻌﺘﻨﺎ‪ ،‬وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺮاء(‬

‫) ‪(٣٠‬‬

‫‪.‬‬

‫ردة ﺑﻌﺪ اﻟﻨﺒـﻲﷺ إﻻ ﺛﻼﺛﺔ‪،‬‬ ‫ﺟﻌﻔﺮ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻗﺎل‪ :‬ﻛﺎن اﻟﻨﺎس أﻫﻞ ِ ّ‬ ‫ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻣﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﻤﻘﺪاد ﺑﻦ اﻷﺳـﻮد‪ ،‬وأﺑﻮ ذر اﻟﻐﻔﺎري‪،‬‬ ‫وﺳﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ !!‬

‫) ‪(٣٥‬‬

‫‪.‬‬

‫‪ -‬وأورد اﻟﻌﻴﺎﺷﻲ‪) :‬ﻋﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ‬

‫واﻓﱰوا ﻋﻠﻰ اﻟﺼــــــــــﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام واﲥﻤﻮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎق!! ﻗﺎل‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻣﻮﻟﻮد ُﻳﻮﻟﺪ ﱠ‬ ‫اﷲ ﱠأﻧﻪ‬ ‫إﻻ وإﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﻷﺑﺎﻟﺴﺔ ﺑﺤﻀﺮﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺈن َ َ‬ ‫ﻋﻠﻢ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺣﺠﺒﻪ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺸﻴﻄﺎن‪ْ ،‬‬ ‫أﺛﺒﺖ‬ ‫وإن َﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ َ‬ ‫ﻣﻦ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ َ َ َ ُ‬

‫ﺷﻴﺨﻬﻢ اﻟﻜﺎﺷﺎﲏ ﻃﺎﻋﻨ ﰲ اﻟﺼـــــــــــﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام‪ :‬أﻛﺜﺮﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا‬

‫دﺑﺮه ﻓﻜﺎن ﻣﺄﺑﻮﻧ‬ ‫اﻟﺸﻴﻄﺎن إﺻﺒﻌﻪ ّ‬ ‫اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﰲ ُ ُ‬ ‫أﺛﺒﺖ ﰲ ﻓﺮﺟﻬﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﺎﺟﺮة(‬ ‫َ َ‬

‫) ‪(٣٢‬‬

‫) ‪(٣١‬‬

‫اﻣﺮأة‬ ‫‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ً‬

‫ُﻳﺒﻄﻨﻮن اﻟﻨﻔﺎق‪ ،‬وﻳﺠﱰﺋﻮن ﻋﻠﻰ اﷲ‪ ،‬وﻳﻔﱰون ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ‬ ‫ﻋﺰة وﺷﻘﺎق!!‬ ‫ﰲ ّ‬

‫) ‪(٣٦‬‬

‫‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٩‬ﻋﻠﻞ اﻟﺸﺮاﺋﻊ‪ ،‬ﻟﻠﺼﺪوق‪ .٢/٤٢٥ :‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪) ٥/٢٣٠ :‬ﺑﺎب اﻟﻄﻴﻨﺔ واﻟﻤﻴﺜﺎق(‪ .‬وﺗﻔﺴﻴﺮ ﻧﻮر اﻟﺜﻘﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻟﻠﺤﻮﻳﺰي‪.٣/١٠ :‬‬

‫)‪ (٢١‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٢٦/١٥٣ :‬وﺟﺎﻣﻊ أﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻟﻠﱪوﺟﺮدي‪ (٢٢) .١٧/٢٤٥ :‬دﻳﻮان ﺷﻌﺮاء اﻟﺤﺴﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺠﺰء اﻷول اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﲏ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ :‬ص‪.٤٨‬‬ ‫)‪ (٢٣‬اﻟﻨﺎﺻﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺴﻨّﺔ ﺗﻌﻨﻲ‪ :‬اﻟﺬي ﻳﺒﻐﺾ ﻋﻠﻴ ﭬ وأﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ وﻳﻠﻌﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ :‬أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻮن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﺑﻘﻴﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‬ ‫)ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻟﻤﺤﻤﺪ ﻣﺎل اﷲ‪ :‬ص ‪ ١٧‬وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ(‪ .‬وﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت واﻟﺮﻣﻮز ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬ ‫)‪ (٢٤‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻴﺎﺷﻲ‪.١/٣٧٥ :‬واﻟﻮاﰲ ﻟﻠﻜﺎﺷﺎﲏ‪.١٩/٢٥٧ :‬‬

‫)‪ (٣٢‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻴﺎﺷﻲ‪ ،‬ﺳﻮرة اﻟﺮﻋﺪ‪ (٣٣) .٢/٢١٨ :‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ ‪ (٣٤) .٦٥/٤١:‬ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺼﺪوق‪ :‬ص ‪.٩‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٦٥/٦٥ :‬‬

‫)‪ (٢٥‬ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ‪ (٢٦) .١/١٣٦ :‬اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ﻟﻠﱪﻗﻲ‪ :‬ص‪.١٨٤‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪.٨/٤٢ :‬‬

‫)‪ (٢٧‬اﻷﻧﻮار اﻟﻨﻌﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .٢/٢٧٨ :‬ﻧﻘﻼً ﻋﻦ‪ :‬ﷲ ﺛﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ :‬ص ‪ (٢٨) .٨٥‬اﻷﻧﻮار اﻟﻨﻌﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .٢٠٧-٢/٢٠٦ :‬ﻧﻘﻼً ﻋﻦ‪ :‬ﷲ ﺛﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﻤﻮﺳﻮي‪ :‬ص ‪.٩٠‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪88‬‬

‫)‪ (٣٠‬اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ‪ :‬ص‪ .١٤٧‬واﻟﻜﺎﰲ ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪.١/٤٣٥ :‬‬

‫)‪ (٣١‬اﻟﻤﺄﺑﻮن‪ :‬أي اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﺗﺮك أن ُ َ‬ ‫دﺑﺮه‪) .‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪.(٤/٧٢ :‬‬ ‫ﻳﺆﺗﻰ ﰲ ُ ُ‬

‫)‪ (٣٥‬اﻟﻜﺎﰲ ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪.٨/٢٤٥ :‬واﻟﻮاﰲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﺎﺷﺎﲏ‪ (٣٦) .٢/١٩٨ :‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺼﺎﰲ‪ ،١/٩ :‬دﻳﺒﺎﺟﺔ اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬

‫‪ 89‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫اﻟﺘﻤﺎر ﻗﺎل‪ ) :‬ﻛﻨﺎ ﻣﻊ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫وروى اﻟﻜﻠﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﺳﻴﻒ ﱠ ّ‬

‫وﻗﺎل ﺷﺎﻋﺮﻫﻢ ﻓﻴﻪ‪:‬‬

‫وﻛﺬﺑﻮا ﻋﻠﻰ رﺳـــــــــــــﻮل اﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل‪) :‬ﻳﺎ ﻋﻠﻲ أﻧﺖ أﻣﻴﺮ‬

‫* اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ أﻧﻬﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮن ﻣﻦ ﻃﻴﻨﺔ ﺧﺎﺻﺔ!!‬

‫ﻛﻨﺖ ﺑﻴﻦ ﻣﻮﺳــــــــــــﻰ‬ ‫ﺛﻼث ﻣﺮات ﻟﻮ ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وﻋﻨﻮان ﻗﺪرﺗــــــــــــِـﻪ اﻟﺴﺎﻣﻴَـــــ ْﺔ‬ ‫اﻹﻟـــــــــــﻪ ‪---‬‬ ‫ﻋﻴــــﻦ‬ ‫ﺣﺴﻦ أﻧﺖ‬ ‫أﺑﺎ‬ ‫ُ‬

‫ً‬ ‫ﻣﺘﻔﺮدا‬ ‫ﻧﺴــﺒﻮا إﻟﻰ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﻘﻮل‪ :‬إن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن‬

‫ُ‬ ‫أﻋﻠﻢ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬وﻷﻧﺒﺄﲥﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﰲ أﻳﺪﻳﻬﻤﺎ؛‬ ‫واﻟﺨﻀﺮ‬ ‫ﻷﺧﱪﺗﻬﻤﺎ أﲏ ُ‬

‫ﺑﻌﻠـﻢ ُ ِ‬ ‫اﻟﻤﺤﻴــﻂ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﺧﺎﻓﻴــــــﺔ‬ ‫ﺗﻌﺰب ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻐﻴــﻮب ‪ ---‬ﻓﻬﻞ‬ ‫وأﻧﺖ‬ ‫ﻋﻨﺪك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻜﺎﺋﻨــــــــﺎت ‪ّ ِ ---‬‬ ‫إﻳﺠﺎدﻫــــــــــــﺎ اﻟﺒﺎﻗﻴـــــــــ ْﺔ‬ ‫وﻋﻠﺔ‬ ‫ﻣﺪﻳﺮ رﺣﻰ‬ ‫وأﻧﺖ ُ‬

‫اﻷﺷــﻴﺎء ﻻ ﻣﻦ ﺷـــﻲء ﻓﺄﺟﺮى اﻟﻤﺎء اﻟﻌﺬب ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺑﺎﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ اﺑﺘﺪأ‬ ‫َ‬

‫اﻟﺒﻨــ ِّﻴﺔ‬ ‫ورب َ‬ ‫ورب اﻟﻜﻌﺒﺔ ﱢ‬ ‫ﱢ‬

‫)‪(١٤‬‬

‫ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن‪ ،‬وﻟﻢ َ‬ ‫ﻳﻌﻄﻴﺎ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن وﻣﺎ‬ ‫ﻷن ﻣﻮﺳﻰ واﻟﺨﻀـﺮ ُأﻋﻄﻴﺎ َ‬ ‫ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮم اﻟﺴــــــــــــــــــــﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ورﺛﻨﺎه ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲﷺ‬

‫)‪(٢٢‬‬

‫ﻏـــﺪا ‪ْ ---‬‬ ‫ﺷﺌﺖ ُﺗﻨﺠﻲ ً‬ ‫اﻷﻣﺮ ْ‬ ‫ﺗﺴﻔﻊ ﺑﺎﻟﻨﺎﺻﻴــــــــــ ْﺔ‬ ‫وإن َ‬ ‫إن َ‬ ‫ﺷﺌﺖ ُ‬ ‫ﻟﻚ ُ‬

‫* ﺗﻜﻔﻴﺮﻫﻢ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ‪:‬‬

‫)‪(١٥‬‬

‫وراﺛﺔ!( ‪.‬‬ ‫وذﻛﺮوا أن اﻟﺜﻤﺎﻟﻲ ﺳﺄل ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴــــــــــﻴﻦ ﭭ‪) :‬ﻗﻠﺖ ﻟﻪ‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻤﺖ واﷲ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ‬ ‫ﻳﻀـــﺮ؟ ﻓﻘﺎل‪:‬‬ ‫ُﺟﻌﻠﺖ ﻓﺪاك اﻷﺋﻤﺔ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وﻧﺰاد ﻣﺎ ﻟﻢ‬ ‫اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳـــــﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻲ‪ :‬أزﻳﺪك؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ُ :‬‬

‫أوردوا ﻋﻦ ِﺣﻤﺮان ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴـــــــﻼم ﻳﻘﻮل ﰲ‬ ‫)‪(٢٣‬‬

‫ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻨﺎﺻﺐ واﻟﻴﻬﻮدي‪) :‬ﻻ ﺗﺄﻛﻞ ذﺑﻴﺤﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴـــــــﻤﻌﻪ ﻳﺬﻛﺮ اﺳﻢ‬ ‫اﷲ()‪(٢٤‬وﻳﻘﻮل اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ‪ّ ِ :‬‬ ‫)ﻓﺘﺤﻞ ذﺑﻴﺤﺔ ِ َﻓﺮق اﻹﺳــﻼم ﻋﺪا اﻟﻨﺎﺻـــﺐ‪ ،‬وإن‬

‫َ‬ ‫ﺳﺒﻌﺔ أﻳﺎم ﻣﻊ ﻟﻴﺎﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻀــــــــــﺐ اﻟﻤﺎء ﻋﻨﻬﺎ‬ ‫ﻃﻴﺒﺔ ﻃﺎﻫﺮة‬ ‫أرض ّ‬

‫)‪(١٦‬‬

‫ُﺗﺰد اﻷﻧﺒﻴﺎء!( ‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ رووا‪) :‬ﻋﻦ اﻟﺤﺴـــــﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻮان ﻋﻦ‬

‫ً‬ ‫ﻗﺒﻀــﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎوة ذﻟﻚ اﻟﻄﻴﻦ‪ ،‬وﻫﻲ ﻃﻴﻨﺘﻨﺎ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫ﻓﻘﺒﺾ‬ ‫ﻗﺒﺾ ﻗﺒﻀﺔ ﻣﻦ أﺳﻔﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻴﻨﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻃﻴﻨﺔ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﺻﻄﻔﺎﻧﺎ‬

‫أﻣﺘﻪ إﻻ اﻟﺸــﻴﻌﺔ‪ ،‬أﻻ وإن‬ ‫اﷲ ﻣﺎت رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﻫﻮ ﺳﺎﺧﻂ ﻋﻠﻰ ُ ّ‬

‫ﻟﻨﻔﺴـــﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻮ أن ﻃﻴﻨﺔ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﻃﻴﻨﺘﻨﺎ ﻟﻤﺎ زﻧﻰ أﺣﺪ‬

‫ً‬ ‫ﺳﻴﺪا‪،‬‬ ‫ف اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬أﻻ وإن ﻟﻜﻞ ﺷﻲء‬ ‫ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﺷﺮﻓ ‪ ،‬وﺷﺮ ُ‬

‫ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻻ ﺳﺮق وﻻ َ‬ ‫اﻛﺘﺴــﺐ ﺷﻴﺌ‬ ‫ﺷﺮب اﻟﻤﺴـﻜﺮ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻻط‪ ،‬وﻻ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺸـﻴﻌﺔ‪ ،‬أﻻ وإن ﻟﻜﻞ ﺷﻲء إﻣﺎﻣ وإﻣﺎم‬ ‫وﺳﻴﺪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ﻣﻤﺎ ذﻛــــﺮت‪ ...‬ﻟﻜﻦ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟــــﻰ ﺟﻤﻊ اﻟﻄﻴﻨﺘﻴﻦ؛ ﻃﻴﻨﺘﻜﻢ‬

‫وﻓﻀﻠﻬﻢ‬ ‫أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﭬ ﻗﺎل‪ :‬إن اﷲ ﺧﻠﻖ ُأوﻟﻲ اﻟﻌﺰم ﻣﻦ اﻟﺮﺳــــﻞ ّ‬ ‫وﻓﻀﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﻋﻠﻤﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ َ َ َ‬ ‫وﻋﻠﻢ رﺳـــﻮل اﷲ‬ ‫ﻋﻠﻤﻬﻢ‪ّ ،‬‬ ‫وأورﺛﻨﺎ َ‬

‫ﻋﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺨﺪﻣﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴــــﻼم‪) :‬إن اﻟﺠﺎر ﻳﺸـــــﻔﻊ‬ ‫ﻟﺠﺎره‪ ،‬واﻟﺤﻤﻴﻢ ﻟﺤﻤﻴﻤﻪ‪ ،‬وﻟﻮ أن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ‪ ،‬واﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻤﺮﺳــﻠﻴﻦ‬ ‫)‪(٢٦‬‬

‫ﺷﻔﻌﻮا ﰲ ﻧﺎﺻﺐ أي ﺳﻨّﻲ ﻣﺎ ُ ﱢ‬ ‫َ‬ ‫ﺷﻔﻌﻮا!( ‪.‬‬

‫)‪(١٨‬‬

‫اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﺸﻴﻌﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻫﺎرون! ‪.‬‬

‫ﺷـﺮ ﻟﻔﻆ أو زﻧﻰ‪ ،‬أو ﺷــﻲء ﻣﻤﺎ ذﻛﺮت ﻣﻦ‬ ‫ﻓﻤﺎ َ‬ ‫رأﻳﺖ ﻣﻦ أﺧﻴﻚ ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺷﺮب ﻣﺴـﻜﺮ أو ﻏﻴﺮه‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮﻳﺘﻪ وﻻ ﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧﻪ‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﻫﻮ‬

‫ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع‬ ‫زﻋﻤﻮا أن ﻋﻠﻴ ﭬ ﻗﺎل وﺣﺎﺷــــــــــــــــــﺎه‪) :‬أﻧﺎ ٌ‬ ‫)‪(١٩‬‬

‫رب اﻷرض اﻟﺬي‬ ‫اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ( ‪ .‬وﻧﺴـــــــــﺒﻮا إﻟﻴﻪ وﺣﺎﺷﺎه اﻟﻘﻮل‪ :‬أﻧﺎ ّ‬ ‫)‪(٢٠‬‬ ‫ﻟﺪﻳﺎن‬ ‫ﺗﺴﻜﻦ اﻷرض ﺑﻪ ‪ .‬وﻧﺴﺒﻮا إﻟﻴﻪ ﭬ أﻧﻪ ﻗﺎل وﺣﺎﺷﺎه ‪):‬وإﲏ َ ّ‬

‫ﻧﺒﻲ وﻻ ﻋﻠﻰ إﻣﺎم‪ ،‬وذﻟﻚ أﳖﻢ‬ ‫ﻣﻊ أﻫﻞ اﻟﺴــﻨّﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ إﻟﻪ وﻻ ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻧﺒﻴﻪ وﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه أﺑﻮ ﺑﻜــــــــــﺮ‪،‬‬ ‫ﻳﻘﻮﻟﻮن‪ :‬إن رﲠﻢ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن‬ ‫ٌ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﺧﻠﻴﻔﺔ‬ ‫اﻟﺮب اﻟﺬي‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻧﻘﻮل‪ :‬إن ّ‬ ‫وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻮل ﲠﺬا ّ‬ ‫اﻟﺮب وﻻ ﺑﺬﻟﻚ ّ‬ ‫)‪(٢٧‬‬

‫وﻗﺴﻴﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ َ ٌ‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ﻧﺒﻴﻨﺎ( ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﻧﺒﻴﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻟﻴﺲ ّ‬ ‫رﺑﻨﺎ وﻻ ذﻟﻚ ّ‬ ‫وﻗﺎل أﻳﻀـــــ ﰲ ﺣﻜﻢ أﻫﻞ اﻟﺴــــــﻨّﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪) :‬إﳖﻢ ﻛﻔﺎر أﻧﺠﺎس‬

‫ﻗﺴﻤﻲ وإﲏ اﻟﻔﺎروق اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬وإن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺮﺳـــــــــــﻞ واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‬ ‫ﺣﺪ َ ْ‬

‫ﺷﺮ )أي َأﺷﺮ( ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد واﻟﻨﺼﺎرى‪،‬‬ ‫ﺑﺈﺟﻤﺎع ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻹﻣﺎﻣﻴﺔ‪ ،‬وإﳖﻢ ّ‬

‫)‪(٢١‬‬

‫)‪(٢٨‬‬

‫واﻷرواح ﺧﻠﻘﻮا ﻟﺨﻠﻘﻨﺎ‪. (!!..‬‬

‫ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻹﻣﺎﻣﺔ( ‪.‬‬ ‫وإن ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻨﺎﺻﺒﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻏﻴﺮ ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟﺒﻨﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ‪) :‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻋﻰ ﺑﻨﻴﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ڠ ؛ ﻷﻧﻪ ﺑﻨﺎﻫﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺜﺮ ﻗﺴﻤﻬﻢ ﺑﺮب ﻫﺬه اﻟﺒﻨﻴﺔ(‪ .‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ‪.١/١٥٨ :‬‬ ‫)‪ّ َ (١٤‬‬ ‫)‪ (١٥‬أﺻﻮل اﻟﻜﺎﰲ‪ .١/٢٦١ :‬ودﻻﺋﻞ اﻻﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ اﻟﻄﱪي )اﻟﺸﻴﻌﻲ(‪ :‬ص‪ (١٦) .٢٨٠‬ﺑﺼﺎﺋﺮ اﻟﺪرﺟﺎت‪ ،‬ﻟﻠﺼﻔﺎر‪ :‬ص‪ .٢٦٢‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٢٦/٥٥ :‬‬ ‫)‪ (١٧‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .٢٦/١٩٤ :‬وﻣﺴﺘﺪرﻛﺎت ﻋﻠﻢ رﺟﺎل اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻟﻠﺸﺎﻫﺮودي‪ :‬ص ‪ (١٨) .١٥٤‬زﺑﺪة اﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ‪ ،‬ﻟﻠﻤﻼ ﻓﺘﺢ اﷲ اﻟﻜﺎﺷﺎﲏ‪ :‬ص ‪.١٣٨‬واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ :‬ص‪.٩٥:‬‬ ‫)‪ (١٩‬اﻷﻧﻮار اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﰲ ﺷﺮح اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻟﺠﻮاد اﻟﻜﺮﺑﻼﺋﻲ‪ (٢٠) .٢/١٠ :‬ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺑﺼﺎﺋﺮ اﻟﺪرﺟﺎت‪ ،‬ﻟﻠﺤﺴﻦ اﻟﺤﻠﻲ‪ :‬ص‪.٤٠‬‬

‫) ‪(٣٤‬‬

‫‪.‬‬

‫* ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام‪:‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﻏﺎﻟﻰ اﻟﺸــﻴﻌﺔ ﰲ ﻋﺪاﺋﻬﻢ ﻟﻠﺼــﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﻔﺮوﻫﻢ إﻻ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻨﻬﻢ وﻛﺎﻟﻮا ﻛﻞ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ واﻟﺮذاﺋﻞ ﺑﺤﻘﻬﻢ!‬

‫ﺑﻤﺴﺤﺔ اﻟﻨﺎﺻﺐ اﺟﱰح ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺌﺎت اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت‪ ،‬وﻣﺎ رأﻳﺖ ﻣﻦ‬

‫اﻓﱰاء وﻛﺬﺑ ‪ -‬إن أﺻــﺤﺎب رﺳـــﻮل‬ ‫ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮل رواﻳﺎﲥﻢ ‪-‬‬ ‫ً‬

‫اﻟﻨﺎﺻﺐ ﻣﻦ ﺣﺴـﻦ وﺟﻪ وﺣﺴــﻦ ﺧﻠﻖ‪ ،‬أو ﺻﻮم‪ ،‬أو ﺻﻼة أو ﺣﺞ‬

‫ارﺗﺪوا ﻋﻦ دﻳﻦ اﻹﺳــﻼم ﺑﻌﺪ وﻓﺎة رﺳـــﻮل اﷲﷺ َ‬ ‫وﻛﻔﺮوا‬ ‫اﷲﷺ ّ‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﺷﻴﺨﻬﻢ ﻧﻌﻤﺔ اﷲ اﻟﺠﺰاﺋﺮي‪) :‬إﻧﺎ ﻻ ﻧﺠﺘﻤﻊ ﻣﻌﻬﻢ أي‬

‫* ﺗﺄﻟﻴﻬﻬﻢ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭬ!‬

‫أرض ﺗﺴﻜﻨُﻬﺎ اﻟﺸﻴﻌﺔ!(‬ ‫اﻷرض ٌ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﻋــﺮك اﻷدﻳﻢ‪ ،‬وﻣــﺰﺟﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎءﻳﻦ‬ ‫وﻋﺮﻛﻬﻤﺎ‬ ‫وﻃﻴﻨﺘﻬﻢ‬ ‫ﻓﺨﻠﻄﻬﻤﺎ َ َ‬

‫ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺄﻛﻠﻮن ذﺑﺎﺋﺢ اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻻﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ أﳖﻢ ﻣﺸــﺮﻛﻮن! وذﻛﺮوا‬

‫)‪(١٧‬‬ ‫وﻋﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻢ َاﻟﺮﺳــﻮل ِ‬ ‫ﷺ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮا‪ّ ،‬‬ ‫وﻋﻠﻤﻬﻢ!( ‪ .‬وذﻛﺮوا‪ :‬أن‬

‫ﻗﻄﺮ(‬ ‫اﻷرض ﻣﻨﻜﻢ ﻣﺎ ﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء َ ْ ٌ‬

‫) ‪(٣٣‬‬

‫‪.‬‬

‫ورووا ﻋﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ أن أﺑﺎه ﻗﺎل‪) :‬أﺑﺸـﺮوا ّ‬ ‫وﺑﺸﺮوا‪ ،‬ﻓﻮ‬

‫)‪(٢٥‬‬

‫أﻇﻬﺮ اﻹﺳﻼم!!( ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫اﻟﺼـــــــــــﺎﻓﻮن‬ ‫اﻟﻤﺤﺠﻠﻴﻦ‪ ،‬وأﻧﺖ وﺷﻴﻌﺘﻚ‬ ‫اﻟﻐﺮ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ وﻗﺎﺋﺪ ّ‬ ‫ِ‬ ‫دﻳﻦ وﻟﻮﻻ َﻣﻦ ﰲ‬ ‫اﻟﻤﺴــــــــــــﺒﺤﻮن‪ ،‬وﻟﻮﻻ أﻧﺖ وﺷﻴﻌﺘﻚ ﻣﺎ ﻗﺎم ﷲ ٌ‬ ‫ّ‬

‫ﺑﻴﺖ‪ ،‬أو ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬أو ﻣﻌﺮوف ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮﻳﺘﻪ‪..‬‬

‫) ‪(٢٩‬‬

‫ً‬ ‫ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺼــــﺤﺎﺑﺔ ﭫ‪ .‬ﻓﺰﻋﻤﻮا أن أﺑﺎ‬ ‫ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ‪ ،‬وﻳﺴــــﺘﺜﻨﻮن‬

‫* زﻋﻤﻬﻢ أﻧﻬﻢ اﻟﻤﻔﱠﻀﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﻜﻞ ﺷﻲء!‬ ‫أﺣﺪ‬ ‫ روى اﻟﱪﻗﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴــﻼم أﻧﻪ ﻗﺎل‪) :‬ﻣﺎ ٌ‬‫ﻋﻠﻰ ِ ّ‬ ‫ﻣﻠﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ إﻻ ﻧﺤﻦ وﺷﻴﻌﺘﻨﺎ‪ ،‬وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺮاء(‬

‫) ‪(٣٠‬‬

‫‪.‬‬

‫ردة ﺑﻌﺪ اﻟﻨﺒـﻲﷺ إﻻ ﺛﻼﺛﺔ‪،‬‬ ‫ﺟﻌﻔﺮ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻗﺎل‪ :‬ﻛﺎن اﻟﻨﺎس أﻫﻞ ِ ّ‬ ‫ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻣﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﻤﻘﺪاد ﺑﻦ اﻷﺳـﻮد‪ ،‬وأﺑﻮ ذر اﻟﻐﻔﺎري‪،‬‬ ‫وﺳﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ !!‬

‫) ‪(٣٥‬‬

‫‪.‬‬

‫‪ -‬وأورد اﻟﻌﻴﺎﺷﻲ‪) :‬ﻋﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ‬

‫واﻓﱰوا ﻋﻠﻰ اﻟﺼــــــــــﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام واﲥﻤﻮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎق!! ﻗﺎل‬

‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ﻣﻮﻟﻮد ُﻳﻮﻟﺪ ﱠ‬ ‫اﷲ ﱠأﻧﻪ‬ ‫إﻻ وإﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﻷﺑﺎﻟﺴﺔ ﺑﺤﻀﺮﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺈن َ َ‬ ‫ﻋﻠﻢ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﺣﺠﺒﻪ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺸﻴﻄﺎن‪ْ ،‬‬ ‫أﺛﺒﺖ‬ ‫وإن َﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ َ‬ ‫ﻣﻦ ﺷﻴﻌﺘﻨﺎ َ َ َ ُ‬

‫ﺷﻴﺨﻬﻢ اﻟﻜﺎﺷﺎﲏ ﻃﺎﻋﻨ ﰲ اﻟﺼـــــــــــﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام‪ :‬أﻛﺜﺮﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا‬

‫دﺑﺮه ﻓﻜﺎن ﻣﺄﺑﻮﻧ‬ ‫اﻟﺸﻴﻄﺎن إﺻﺒﻌﻪ ّ‬ ‫اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﰲ ُ ُ‬ ‫أﺛﺒﺖ ﰲ ﻓﺮﺟﻬﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﺎﺟﺮة(‬ ‫َ َ‬

‫) ‪(٣٢‬‬

‫) ‪(٣١‬‬

‫اﻣﺮأة‬ ‫‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ً‬

‫ُﻳﺒﻄﻨﻮن اﻟﻨﻔﺎق‪ ،‬وﻳﺠﱰﺋﻮن ﻋﻠﻰ اﷲ‪ ،‬وﻳﻔﱰون ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ‬ ‫ﻋﺰة وﺷﻘﺎق!!‬ ‫ﰲ ّ‬

‫) ‪(٣٦‬‬

‫‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (٢٩‬ﻋﻠﻞ اﻟﺸﺮاﺋﻊ‪ ،‬ﻟﻠﺼﺪوق‪ .٢/٤٢٥ :‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪) ٥/٢٣٠ :‬ﺑﺎب اﻟﻄﻴﻨﺔ واﻟﻤﻴﺜﺎق(‪ .‬وﺗﻔﺴﻴﺮ ﻧﻮر اﻟﺜﻘﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻟﻠﺤﻮﻳﺰي‪.٣/١٠ :‬‬

‫)‪ (٢١‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٢٦/١٥٣ :‬وﺟﺎﻣﻊ أﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻟﻠﱪوﺟﺮدي‪ (٢٢) .١٧/٢٤٥ :‬دﻳﻮان ﺷﻌﺮاء اﻟﺤﺴﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺠﺰء اﻷول اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﲏ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ :‬ص‪.٤٨‬‬ ‫)‪ (٢٣‬اﻟﻨﺎﺻﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺴﻨّﺔ ﺗﻌﻨﻲ‪ :‬اﻟﺬي ﻳﺒﻐﺾ ﻋﻠﻴ ﭬ وأﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ وﻳﻠﻌﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ :‬أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ّ‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻮن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﺑﻘﻴﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‬ ‫)ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻟﻤﺤﻤﺪ ﻣﺎل اﷲ‪ :‬ص ‪ ١٧‬وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ(‪ .‬وﻳﻨﻈﺮ‪ :‬ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت واﻟﺮﻣﻮز ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬ ‫)‪ (٢٤‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻴﺎﺷﻲ‪.١/٣٧٥ :‬واﻟﻮاﰲ ﻟﻠﻜﺎﺷﺎﲏ‪.١٩/٢٥٧ :‬‬

‫)‪ (٣٢‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻴﺎﺷﻲ‪ ،‬ﺳﻮرة اﻟﺮﻋﺪ‪ (٣٣) .٢/٢١٨ :‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ ‪ (٣٤) .٦٥/٤١:‬ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺼﺪوق‪ :‬ص ‪.٩‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٦٥/٦٥ :‬‬

‫)‪ (٢٥‬ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ‪ (٢٦) .١/١٣٦ :‬اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ﻟﻠﱪﻗﻲ‪ :‬ص‪.١٨٤‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪.٨/٤٢ :‬‬

‫)‪ (٢٧‬اﻷﻧﻮار اﻟﻨﻌﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .٢/٢٧٨ :‬ﻧﻘﻼً ﻋﻦ‪ :‬ﷲ ﺛﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ :‬ص ‪ (٢٨) .٨٥‬اﻷﻧﻮار اﻟﻨﻌﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .٢٠٧-٢/٢٠٦ :‬ﻧﻘﻼً ﻋﻦ‪ :‬ﷲ ﺛﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﻤﻮﺳﻮي‪ :‬ص ‪.٩٠‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪88‬‬

‫)‪ (٣٠‬اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ‪ :‬ص‪ .١٤٧‬واﻟﻜﺎﰲ ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪.١/٤٣٥ :‬‬

‫)‪ (٣١‬اﻟﻤﺄﺑﻮن‪ :‬أي اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﺗﺮك أن ُ َ‬ ‫دﺑﺮه‪) .‬ﺣﺎﺷﻴﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪.(٤/٧٢ :‬‬ ‫ﻳﺆﺗﻰ ﰲ ُ ُ‬

‫)‪ (٣٥‬اﻟﻜﺎﰲ ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪.٨/٢٤٥ :‬واﻟﻮاﰲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﺎﺷﺎﲏ‪ (٣٦) .٢/١٩٨ :‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺼﺎﰲ‪ ،١/٩ :‬دﻳﺒﺎﺟﺔ اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬

‫‪ 89‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وأﻫﻠﻬﺎ‪:‬‬

‫ﺧﻤﻴﻨﻴﻬﻢ وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸـــﺔ‪ ،‬واﻟﺰﺑﻴﺮ‪،‬‬ ‫وإﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ‬ ‫ّ‬ ‫وﻃﻠﺤﺔ وﻣﻌﺎوﻳﺔ رﺿــــــــﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ :‬إﳖﻢ أﺧﺒﺚ ﻣﻦ اﻟﻜﻼب‬ ‫واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ!!‪.‬‬

‫)‪(٣٧‬‬

‫ﻳﺴﻤﻰ‬ ‫وﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة ﻫﻨﺎ إﻟﻰ أن ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ اﻟﻤﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻤﺎ ّ‬ ‫اﻟﺜﻮرة اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻗﺪ أﺻﺪر ﻓﺘﻮى ﺑﻌﺪم ﺟﻮاز ﺳﺐ اﻟﺼــــــــــﺤﺎﺑﺔ وأﻣﻬﺎت‬

‫ﺧﺘﺎﻣ ‪:‬‬

‫راﺑﻌ ‪ :‬ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺎﻣﻞ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻊ ﺗﻄﺮف ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺨﻮارج؟‬

‫وذﻣﻮﻫﺎ‬ ‫ﻧﻈﺮ اﻟﺸــــﻴﻌﺔ ﺑﺎزدراء إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬واﻧﺘﻘﺼــــﻮﻫﺎ ّ‬ ‫ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬إن أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻟﻴﻜﻔـــﺮون ﺑﺎﷲ َﺟﻬـــﺮة‪ ،‬وإن أﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أﺧﺒﺚ ﻣﻦ‬ ‫)‪(٤٢‬‬ ‫)‪(٤١‬‬ ‫أﻫﻞ ّ‬ ‫ﻣﻜﺔ‪ ،‬أﺧﺒﺚ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﺒﻌﻴﻦ ِﺿﻌﻔ ‪ .‬وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﺸـــــــــــﺎم‬

‫إن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺴـــﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ وﻣﺼـــﻨﻔﺎت اﻟﺮواة ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ‬ ‫واﻟﻤﻔﺴــﺮﻳﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻳﺮى أن ﻋﻠﻤﺎء أﻫﻞ اﻟﺴــﻨﺔ رووا ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮواة‬

‫إن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﺣﻘﺪ اﻟﺮواﻓﺾ اﻟﻴﻮم ﻫﻮ اﻋﺘﺪال أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــــــــﻨﺔ‬ ‫واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬واﻧﻀـﺒﺎﻃﻬﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ اﻟﻨﻘﻞ واﻟﺮواﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻬﺬا ﺗﺤﺎول اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬

‫اﻟﺸﺆم ‪ُ ..‬ﻟﻌﻨﻮا‬ ‫وأﻫﻠﻬﺎ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮا‪ :‬ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺸــــﺎم وﻟﻜﻦ ﻗﻮﻟﻮا‪ :‬ﻣﻦ أﻫﻞ ُ ْ‬

‫اﻟﻤﻮﺻﻮﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺸـــــــــﻴﻊ أو اﻟﻘﺪر أو اﻹرﺟﺎء أو ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج‪ ،‬وﻟﻢ‬

‫اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﺟﺎﻫﺪة ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ رﺟﺎل دﻳﻦ ﻣﺘﻄﺮﻓﻴﻦ؛ ﺗﺴـــﻠﻴﻂ اﻟﻀــــﻮء ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ! ﻟﻜﻨﺎ ﻧﻔﻬﻢ ذﻟﻚ ﰲ ﺳـــــــﻴﺎق اﻟﺘﻘﻴﺔ واﻟﻜﺬب‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﺣﻘ ﻣﺎ‬

‫ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن داود ﻓﺠﻌﻞ اﷲ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻘﺮدة واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ! ‪.‬‬

‫ﻳﻤﻨﻌﻬﻢ اﻟﻮﺻﻒ ﲠﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻮل رواﻳﺎﲥﻢ ﻃﺎﻟﻤﺎ أﳖﻢ اﺗﺼــــــــــﻔﻮا‬

‫ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻲ اﻻﻧﺘﺴـــــﺎب ﻷﻫﻞ اﻟﺴـــــﻨﺔ ﻟﺘﻘﻨﻊ‬

‫ﻳﻘﻮل ﻟﻤﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺷﻴﻌﻴ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﻳﺴــﺐ ً‬ ‫أﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﺼـــﺤﺎﺑﺔ‪..‬‬

‫ﺷﺮ‬ ‫وﻗﺎﻟﻮا ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎدق وﺣﺎﺷﺎه ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ :‬أﻫﻞ اﻟﺸﺎم ّ‬ ‫ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺮوم‪ ،‬وأﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺷﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ‪ ،‬وأﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻳﻜﻔﺮون ﺑﺎﷲ‬

‫ﺑﺎﻹﺳﻼم واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻀﺒﻂ‪ ،‬ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ أﻋﻴﻦ اﻟﺸـﻴﻌﻲ اﻟﺬي‬

‫أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﺑﺄن أﻫﻞ اﻟﺴــﻨﺔ أﻫﻞ ﻏﻠﻮ وﺗﻄﺮف‪ ،‬وأﳖﻢ ﻳﻜﻔﺮون اﻟﺸـــﻴﻌﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ‬

‫ﻗﺎل ﻋﻨﻪ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ ‪ :‬ﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﺘﻖ اﻟﺸـﻴﻌﺔ ‪ ،‬ﻣﺤﻠﻪ اﻟﺼـﺪق ‪ ،‬ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺤﺪﻳﺚ‬

‫وﻳﺴـــﺘﺒﻴﺤﻮن دﻣﺎءﻫﻢ‪ ،‬وﺗﻘﺼـــﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺗﺤﺸــــﻴﺪ اﻟﺸــــﻴﻌﺔ ﺿﻤﻦ‬

‫ﺣﺪﺛﻨَﺎ َﻋﺒﺪ ِ‬ ‫‪ ،‬ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﻪ‪ ،‬وﻗﺎل ﻋﻨﻪ ﺳـــــــــــﻔﻴﺎن‪ َ :‬ﱠ َ‬ ‫اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ أﻋﻴﻦ وﻛﺎن‬ ‫َ‬

‫ﻣﺨﻄﻄﻬﺎ اﻟﻔﺎرﺳﻲ اﻟﺨﺒﻴﺚ ﰲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‪.‬‬

‫وﻣﻤﺎ ﻳﻜﺬب ﻓﺘﻮاه ﻫﺬه ﻣﺎ ذﻛﺮه ﻫﻮ ﻧﻔﺴـــــــﻪ ﻣﻦ ﺗﻜﻔﻴﺮ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ‬

‫)‪(٤٣‬‬

‫)‪(٤٤‬‬

‫ﺳـــــﻮرﻳﺔ‪ ..‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‪ :‬إن إﻳﺮان ﺗﻘﺎﺗﻞ اﻟﻜﻔﺎر ﰲ ﺳـــــﻮرﻳﺔ‪ ،‬وإن ﺟﻨﻮدﻧﺎ‬

‫ﺷﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺮوم اﻟﻜﻔﺎر ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻء‬ ‫ﺟﻬﺮة ‪ ،‬ﻓﺄﻫﻞ اﻟﺸـﺎم اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن ﱞ‬

‫ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻹذن ﻟﻠﻘﺘﺎل ﰲ ﺟﺒﻬﺔ اﻹﺳﻼم ﺿﺪ اﻟﻜﻔﺮ ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ رد اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴﻮري ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺼـﺮﻳﺢ ﰲ ﺑﻴﺎن ﻟﻪ‬ ‫وﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﻌﻜﺴـﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺼـﺮﻳﺤﺎت ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺗﺠﺬر اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ‬ ‫‪٢٩/٢/٢٠١٦‬م ّ‬

‫ُ‬ ‫وﺣﻮش ﻧﺠﺪ‪،‬‬ ‫ووﺻـــــــــــﻒ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪:‬‬ ‫)‪(٤٥‬‬

‫ﻳﻌﺪون ﻣﻦ أﺳﻮأ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ!! ‪.‬‬ ‫وﺣﺪاة اﻟﺒﻌﺮان ﰲ اﻟﺮﻳﺎض ُ ّ‬ ‫ُ‬

‫واﻟﺤﻘﺪ اﻟﺪﻓﻴﻦ ﺿﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وأن اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻫﻮ دﻳﺪن ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻮم‪.‬‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ أﻫﻞ ﻣﺼـﺮ‪ ،‬ﻓﺮوى اﻟﻜﻠﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ‬

‫* ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻛﺮﺑﻼء ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﻘﺪﺳﺎت اﻹﺳﻼم‪:‬‬

‫أﺳﺒﺎط ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺮﺿﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺘﻪ وذﻛﺮ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ‬

‫ف ﺑﻘﺎع اﻷرض‬ ‫ﻗﺎل ﺣﺴـــــﻴﻦ آل ﻛﺎﺷﻒ اﻟﻐﻄﺎء ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼء‪) :‬أﺷﺮ ُ‬

‫ﷺ‪ :‬ﻻ ﺗﺄﻛﻠﻮا ﰲ ّ‬ ‫ﻳﺬﻫﺐ‬ ‫ﻓﺨﺎرﻫﺎ وﻻ ﺗﻐﺴـــــــــﻠﻮا رؤوﺳﻜﻢ ﺑﻄﻴﻨﻬﺎ؛ ﻓﺈﻧﻪ َ ْ َ‬

‫)‪(٣٨‬‬

‫اﻟﻌﺒﺪي‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ روى ﻟﻬﻢ اﻟﺒﺨﺎري وﻏﻴـــــــــﺮﻫﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﳖﻢ ﻟﻢ‬

‫اﻟﻐﻠﻮ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺤﺎور‪:‬‬

‫ﻳﺤﻤﻠﻮا ﰲ ﻋﻘﻴﺪﲥﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﺘﻄﺮﻓﻮ اﻟﺮواﻓﺾ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺷﺘﻴﻤﺔ ﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ‬

‫‪ -١‬ﻛﺬﲠﺎ ﻋﻠﻰ رﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﺑﺈﻗﻨﺎﻋﻬﻢ ﺑﺄن اﻟﺴــــــﻨﺔ ﻳﻜﻔﺮوﳖﻢ وﻳﺴـــــــﺘﺒﻴﺤﻮن‬

‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﺗﻜﻔﻴﺮ ﻷﻣﺘﻪ واﻋﺘﻘﺎد ﺑﺘﺤﺮﻳﻒ ﻛﺘﺎب اﷲ اﻟﻤﻄﻬﺮ‪.‬‬

‫دﻣﺎءﻫﻢ‪ ،‬ﻣﺤﺘﺠﺔ ﺑﺮواﻳﺎت وﻓﺘﺎوى ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ واﻟﻬﺠﺮة اﻟﺘـﻲ ﺗﻜﻔـﺮ‬

‫وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺒﻞ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ رواﻳﺔ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺬﻳﻦ اﺗﺼﻔﻮا ﺑﺎﻟﺼﺪق واﻷﻣﺎﻧﺔ‬

‫)‪(٤٦‬‬

‫اﻟﺪﻳﺎﺛﺔ! ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻐﻴﺮة‪ ،‬وﻳﻮرث ﱢ‬ ‫َْ‬

‫ﺑﺎﻟﻀﺮورة( ‪.‬‬

‫)‪(٤٩‬‬

‫راﻓﻀــﻴﺎ ‪ ،‬وﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮب اﻷﺳﺪي اﻟﺮواﺟﻨﻲ‪ ،‬وﻋﻮف ﺑﻦ أﺑﻰ ﺟﻤﻴﻠﺔ‬

‫وﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﻳـﺮاﻧﻴﺔ اﻟﻤﺘﻄــﺮﻓﺔ ﻋﻠــﻰ ﻋﺪة ﻣﺤﺎور ﻟــﺰﻳﺎدة‬

‫ﻋﻤﻮم أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺈﳖﻢ ردوا رواﻳﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــــــﻨﺔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺘﻘﻮى‬

‫‪ -٢‬ﺗﻜﻤﻴﻤﻬﺎ أﻓﻮاه اﻟﻌﻘﻼء ﻣﻦ اﻟﺸــــــﻴﻌﺔ ﻟﻤﻨﻊ أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻼﻋﺘﺪال وﻧﻘﺪ‬

‫ﻗﺎل‪ :‬وﻛﺬﻟﻚ أﺻــﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ ﻣﺒﺎرﻛﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺻــﺎرت َﻣﺪﻓﻨ ﻟﻺﻣﺎم‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫وﻛﻌﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺣﺪﻳﻦ!! وﻣﻄﺎﻓ ﻟﻠﻤﻠﻮك واﻟﺴــــﻼﻃﻴﻦ‬ ‫وﻣﺰارا ﻟﻠﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺨﻮارج؛ ﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﺮاﻓﻀـﺔ؛ ﺣﻴﺚ إﳖﻢ ﻛﻔﺮوا‬

‫واﻟﺼــﻼح اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺼـــﻔﻮا ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ واﻟﻀـــﺒﻂ‪ ...‬اﻟﺘﺰاﻣﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻘﻮاﻧﻴﻦ‬

‫اﻟﺨﺮاﻓﺎت واﻟﱰﻫﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻸت ﻛﺘﺒﻬﻢ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭬ‪ّ ،‬‬ ‫وﻛﻔﺮوا ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳــﻔﻴﺎن ﭬ‪ ،‬وﻛﻔﺮوا‬

‫اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ واﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﻨﻬﺞ أﻫﻞ اﻟﺴـــﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻌﻴﺪا‬

‫‪ -٣‬اﺣﺘﻮاؤﻫﺎ ودﻋﻤﻬﺎ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ واﻟﻬﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴـــﺐ ﻧﻔﺴــــﻬﺎ‬

‫ﱢ‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﻤﺼﻠﻴﻦ ‪.‬‬ ‫وﻣﺴﺠﺪا‬

‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ‪ ،‬واﺳﺘﺤﻠﻮا دﻣﺎء اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻛﻤﺎ‬

‫ﻋﻦ اﻟﻐﻠﻮ واﻷﻫﻮاء واﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﺘﻲ اﺗﺼﻔﺖ ﲠﺎ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺨﻮارج‪.‬‬

‫ﻷﻫﻞ اﻟﺴــــﻨﺔ ‪ -‬زورا وﲠﺘﺎﻧﺎ ‪ -‬ﻛﺎﻟﻘﺎﻋﺪة وأﺿﺮاﲠﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻬﻢ اﻟﺪﻋﻢ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻧﺮى اﻟﺸــــــــﻴﻌﺔ ﻳﻘﺒﻠﻮن رواﻳﺔ اﻟﻜﺬاب وﺷﺎرب‬

‫اﻟﻠﻮﺟﺴـــــــﺘﻲ واﻟﺴــــــــﻼح ﺿﻤﻦ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﻤﺮاﻗﺒﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬اﻟﻐﻠﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮارج‪:‬‬

‫وزﻋﻢ آﻳﺘﻬﻢ ﻣﻴﺮزا ﺣﺴـــﻴﻦ اﻟﺤﺎﺋﺮي أن ﻛﺮﺑﻼء ﻛﻌﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ‪،‬‬

‫)‪(٣٩‬‬

‫وﻧﺴـــــــــــﺒﻮا إﻟﻰ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ أﻧﻪ ﻗﺎل‪ :‬ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ أرض‬ ‫وﻗﺪﺳﻬﺎ وﺑﺎرك‬ ‫ﻛﺮﺑﻼء ﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﺄرﺑﻌﺔ وﻋﺸـــﺮﻳﻦ أﻟﻒ ﻋﺎم‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺎ زاﻟﺖ ﻗﺒﻞ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺒﺎرﻛﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﺰال ﻛﺬﻟﻚ‬ ‫ﻣﻘﺪﺳــــﺔ‬ ‫ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺨﻠَﻖ ّ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ اﷲ أﻓﻀﻞ أرض ﰲ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وأﻓﻀـﻞ ﻣﻨﺰل وﻣﺴـﻜﻦ ُﻳﺴـﻜﻦ‬ ‫)‪(٤٠‬‬

‫اﷲ ﻓﻴﻪ أوﻟﻴﺎءه ﰲ اﻟﺠﻨﺔ ‪.‬‬

‫وﺻﻔﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼـــــﻼة واﻟﺴـــــﻼم‪ :‬ﻳﻤﺮﻗﻮن ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﺮق‬ ‫ِ )‪(٤٧‬‬ ‫اﻟﺮﻣﻴﺔ ‪ ،‬وإﻳﻤﺎﳖﻢ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﻨﺎﺟﺮﻫﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﱠ ﱠ‬ ‫ﻓﺎﻟﺸـﻴﻌﺔ ﻏﻠﻮا ﰲ آل اﻟﺒﻴﺖ وأﺷﻴﺎﻋﻬﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻐﻮا ﰲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إن‬ ‫ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ادﻋﻰ أﻟﻮﻫﻴﺔ ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ادﻋـﻰ أﻧﻪ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮة ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ‬

‫اﻟﺨﻤﺮ وﺳﺎﻗﻂ اﻟﻌﺪاﻟﺔ وأﺿﺮاﲠﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ أﺻﺢ ﻛﺘﺒﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻠﻴﻨﻲ‬ ‫واﻟﻜﺸـــﻲ اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻮﻻﻳﺘﻬﻢ ﻷﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻛﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮن‪ ،‬وﻳﺮﻓﻀـــﻮن رواﻳﺎت‬

‫)‪(٤٨‬‬

‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪ ،‬واﻟﺨﻮارج ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﻤﺎﻣﺎ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺮاق ﻟﻘﺘﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺴﻨﺔ ﻗﺼﺪا ﻹﻳﻘﺎع اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ‬ ‫اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ﰲ ﻋﺎم ‪ /٢٠٠٦/‬ﻟﺘﻤﻜﻴﻦ اﻷﻣــﺮﻳﻜﻴﻴﻦ‪ ،‬واﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ‬

‫اﻟﻌﺪول وأﻫﻞ اﻟﺼــــﺪق ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺸـــــﻴﻌﺔ ﻟﻌﺪم إﻳﻤﺎﳖﻢ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺸﻴﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻌﺮب ﺿﻤﻦ ﻣﺸـﺮوﻋﻬﺎ اﻟﻔﺎرﺳﻲ‪ ،‬وﻣﻨﻊ أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮاﻓﻀـﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺪؤوا ﺑﺮد رواﻳﺎت اﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻔﻴﺮﻫﻢ؛ رﻏﻢ ﻣﺎ‬

‫)‪ (٣٧‬ﻛﺘﺎب اﻟﻄﻬﺎرة‪ (٣٨) .٣/٤٥٧ :‬اﻷرض واﻟﱰﺑﺔ اﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺔ‪ :‬ص‪ (٣٩) .٥٦-٥٥‬أﺣﻜﺎم اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ .١/٣٢ :‬وﺗﺎرﻳﺦ ﻛﺮﺑﻼء‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺠﻮاد آل ﻃﻌﻤﺔ‪ :‬ص‪.١١٦-١١٥‬‬

‫ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﺘﻘﺎرب ﻣﻊ اﻟﺴــﻨﺔ اﻟﻌﺮب‪ ،‬واﻟﻘﻀـــﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻒ ﰲ وﺟﻬﻬﺎ‬

‫)‪ (٤٠‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ .٩٨/١٠٧ :‬وﻣﺴﺘﺪرك اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‪ ،‬ﻟﻠﻄﱪﺳﻲ‪ (٤١) .١٠/٣٢٢ :‬اﻟﻜﺎﰲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪ .٢/٤١٠ :‬وﻣﺮآة اﻟﻌﻘﻮل‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ :‬ص‪.٢٢٠‬‬

‫ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺼـــــــــﺪق واﻷﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺛﻨﻮا ﺑﺮواﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺻﺤﺎﺑﺔ‬

‫ﻓﺴﻤﻴﺖ ﺑﺎﻟﺸﺎم ﻟﺬﻟﻚ‪) .‬ﻣﻌﺠﻢ ﻟﺒﻠﺪان‪ ،‬ﻟﻴﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي‪.(٣/٣١٢ :‬‬ ‫)‪ (٤٢‬ﺟﺎء ﰲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻗﻮال‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬أن ﻗﻮﻣ ﻣﻦ ﻛﻨﻌﺎن ﺑﻦ ﺣﺎم ﺧﺮﺟﻮا ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻓﺘﺸﺎءﻣﻮا إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬أي أﺧﺬوا ذات اﻟﺸﻤﺎل ُ ّ‬

‫رﺳﻮل اﷲ أو ﻧﺰﻫﻬﻢ ﻋﻤﺎ اﲥﻤﺘﻬﻢ ﺑﻪ اﻟﺮواﻓﺾ واﻟﺸﻴﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻌﺮب‬

‫)‪ (٤٣‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ .٥٧/٢٠٨ :‬وﻣﺴﺘﺪرك ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺒﺤﺎر‪ ،‬ﻟﻠﺸﺎﻫﺮودي‪ :‬ص‪ (٤٤) .٣٣٠‬اﻟﻜﺎﰲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪ .٢/٤١٠ :‬وﻣﺮآة اﻟﻌﻘﻮل‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ :‬ص‪.٢٢٠‬‬ ‫)‪ (٤٥‬ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺮار‪ :‬ص‪ (٤٦) .٢٠‬أﺻﻮل اﻟﻜﺎﰲ‪ .٦/٣٨٦ :‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٦٣/٥٢٩ :‬‬ ‫)‪ (٤٧‬اﻟﺒﺨﺎري رﻗﻢ‪ .[٦٩٣٠] :‬وﻣﺴﻠﻢ رﻗﻢ‪[١٠٦٦] :‬؛ ﻋﻦ ﻋﻠﻲﭬ‪ (٤٨) .‬ﺷﺮح اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻮاﺳﻄﻴﺔ‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ‪.٢/٧٦:‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪90‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٤٩‬ﲥﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎل ﻟﻠﻤﺰي )‪ (١٨/٢٨٤‬ﻃﺒﻌﺔ دار اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ‪.١٩٨٠‬‬

‫‪ 91‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫* ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وأﻫﻠﻬﺎ‪:‬‬

‫ﺧﻤﻴﻨﻴﻬﻢ وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸـــﺔ‪ ،‬واﻟﺰﺑﻴﺮ‪،‬‬ ‫وإﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ‬ ‫ّ‬ ‫وﻃﻠﺤﺔ وﻣﻌﺎوﻳﺔ رﺿــــــــﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪ :‬إﳖﻢ أﺧﺒﺚ ﻣﻦ اﻟﻜﻼب‬ ‫واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ!!‪.‬‬

‫)‪(٣٧‬‬

‫ﻳﺴﻤﻰ‬ ‫وﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة ﻫﻨﺎ إﻟﻰ أن ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ اﻟﻤﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻤﺎ ّ‬ ‫اﻟﺜﻮرة اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻗﺪ أﺻﺪر ﻓﺘﻮى ﺑﻌﺪم ﺟﻮاز ﺳﺐ اﻟﺼــــــــــﺤﺎﺑﺔ وأﻣﻬﺎت‬

‫ﺧﺘﺎﻣ ‪:‬‬

‫راﺑﻌ ‪ :‬ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺎﻣﻞ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻊ ﺗﻄﺮف ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺨﻮارج؟‬

‫وذﻣﻮﻫﺎ‬ ‫ﻧﻈﺮ اﻟﺸــــﻴﻌﺔ ﺑﺎزدراء إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬واﻧﺘﻘﺼــــﻮﻫﺎ ّ‬ ‫ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬إن أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻟﻴﻜﻔـــﺮون ﺑﺎﷲ َﺟﻬـــﺮة‪ ،‬وإن أﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أﺧﺒﺚ ﻣﻦ‬ ‫)‪(٤٢‬‬ ‫)‪(٤١‬‬ ‫أﻫﻞ ّ‬ ‫ﻣﻜﺔ‪ ،‬أﺧﺒﺚ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﺒﻌﻴﻦ ِﺿﻌﻔ ‪ .‬وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﺸـــــــــــﺎم‬

‫إن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺴـــﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ وﻣﺼـــﻨﻔﺎت اﻟﺮواة ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ‬ ‫واﻟﻤﻔﺴــﺮﻳﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻳﺮى أن ﻋﻠﻤﺎء أﻫﻞ اﻟﺴــﻨﺔ رووا ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮواة‬

‫إن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﺣﻘﺪ اﻟﺮواﻓﺾ اﻟﻴﻮم ﻫﻮ اﻋﺘﺪال أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــــــــﻨﺔ‬ ‫واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬واﻧﻀـﺒﺎﻃﻬﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ اﻟﻨﻘﻞ واﻟﺮواﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻬﺬا ﺗﺤﺎول اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬

‫اﻟﺸﺆم ‪ُ ..‬ﻟﻌﻨﻮا‬ ‫وأﻫﻠﻬﺎ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮا‪ :‬ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺸــــﺎم وﻟﻜﻦ ﻗﻮﻟﻮا‪ :‬ﻣﻦ أﻫﻞ ُ ْ‬

‫اﻟﻤﻮﺻﻮﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺸـــــــــﻴﻊ أو اﻟﻘﺪر أو اﻹرﺟﺎء أو ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج‪ ،‬وﻟﻢ‬

‫اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﺟﺎﻫﺪة ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ رﺟﺎل دﻳﻦ ﻣﺘﻄﺮﻓﻴﻦ؛ ﺗﺴـــﻠﻴﻂ اﻟﻀــــﻮء ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ! ﻟﻜﻨﺎ ﻧﻔﻬﻢ ذﻟﻚ ﰲ ﺳـــــــﻴﺎق اﻟﺘﻘﻴﺔ واﻟﻜﺬب‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﺣﻘ ﻣﺎ‬

‫ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن داود ﻓﺠﻌﻞ اﷲ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻘﺮدة واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ! ‪.‬‬

‫ﻳﻤﻨﻌﻬﻢ اﻟﻮﺻﻒ ﲠﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻮل رواﻳﺎﲥﻢ ﻃﺎﻟﻤﺎ أﳖﻢ اﺗﺼــــــــــﻔﻮا‬

‫ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻲ اﻻﻧﺘﺴـــــﺎب ﻷﻫﻞ اﻟﺴـــــﻨﺔ ﻟﺘﻘﻨﻊ‬

‫ﻳﻘﻮل ﻟﻤﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺷﻴﻌﻴ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﻳﺴــﺐ ً‬ ‫أﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﺼـــﺤﺎﺑﺔ‪..‬‬

‫ﺷﺮ‬ ‫وﻗﺎﻟﻮا ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎدق وﺣﺎﺷﺎه ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ :‬أﻫﻞ اﻟﺸﺎم ّ‬ ‫ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺮوم‪ ،‬وأﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺷﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ‪ ،‬وأﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻳﻜﻔﺮون ﺑﺎﷲ‬

‫ﺑﺎﻹﺳﻼم واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻀﺒﻂ‪ ،‬ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ أﻋﻴﻦ اﻟﺸـﻴﻌﻲ اﻟﺬي‬

‫أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﺑﺄن أﻫﻞ اﻟﺴــﻨﺔ أﻫﻞ ﻏﻠﻮ وﺗﻄﺮف‪ ،‬وأﳖﻢ ﻳﻜﻔﺮون اﻟﺸـــﻴﻌﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ‬

‫ﻗﺎل ﻋﻨﻪ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ ‪ :‬ﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﺘﻖ اﻟﺸـﻴﻌﺔ ‪ ،‬ﻣﺤﻠﻪ اﻟﺼـﺪق ‪ ،‬ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺤﺪﻳﺚ‬

‫وﻳﺴـــﺘﺒﻴﺤﻮن دﻣﺎءﻫﻢ‪ ،‬وﺗﻘﺼـــﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺗﺤﺸــــﻴﺪ اﻟﺸــــﻴﻌﺔ ﺿﻤﻦ‬

‫ﺣﺪﺛﻨَﺎ َﻋﺒﺪ ِ‬ ‫‪ ،‬ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﻪ‪ ،‬وﻗﺎل ﻋﻨﻪ ﺳـــــــــــﻔﻴﺎن‪ َ :‬ﱠ َ‬ ‫اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ أﻋﻴﻦ وﻛﺎن‬ ‫َ‬

‫ﻣﺨﻄﻄﻬﺎ اﻟﻔﺎرﺳﻲ اﻟﺨﺒﻴﺚ ﰲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‪.‬‬

‫وﻣﻤﺎ ﻳﻜﺬب ﻓﺘﻮاه ﻫﺬه ﻣﺎ ذﻛﺮه ﻫﻮ ﻧﻔﺴـــــــﻪ ﻣﻦ ﺗﻜﻔﻴﺮ اﻟﻤﺴـــــــﻠﻤﻴﻦ ﰲ‬

‫)‪(٤٣‬‬

‫)‪(٤٤‬‬

‫ﺳـــــﻮرﻳﺔ‪ ..‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎل‪ :‬إن إﻳﺮان ﺗﻘﺎﺗﻞ اﻟﻜﻔﺎر ﰲ ﺳـــــﻮرﻳﺔ‪ ،‬وإن ﺟﻨﻮدﻧﺎ‬

‫ﺷﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺮوم اﻟﻜﻔﺎر ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻء‬ ‫ﺟﻬﺮة ‪ ،‬ﻓﺄﻫﻞ اﻟﺸـﺎم اﻟﻤﺴـﻠﻤﻮن ﱞ‬

‫ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻹذن ﻟﻠﻘﺘﺎل ﰲ ﺟﺒﻬﺔ اﻹﺳﻼم ﺿﺪ اﻟﻜﻔﺮ ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ رد اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴﻮري ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺼـﺮﻳﺢ ﰲ ﺑﻴﺎن ﻟﻪ‬ ‫وﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﻌﻜﺴـﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺼـﺮﻳﺤﺎت ﻣﻦ ّ‬ ‫ﺗﺠﺬر اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ‬ ‫‪٢٩/٢/٢٠١٦‬م ّ‬

‫ُ‬ ‫وﺣﻮش ﻧﺠﺪ‪،‬‬ ‫ووﺻـــــــــــﻒ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪:‬‬ ‫)‪(٤٥‬‬

‫ﻳﻌﺪون ﻣﻦ أﺳﻮأ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ!! ‪.‬‬ ‫وﺣﺪاة اﻟﺒﻌﺮان ﰲ اﻟﺮﻳﺎض ُ ّ‬ ‫ُ‬

‫واﻟﺤﻘﺪ اﻟﺪﻓﻴﻦ ﺿﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وأن اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻫﻮ دﻳﺪن ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻮم‪.‬‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ أﻫﻞ ﻣﺼـﺮ‪ ،‬ﻓﺮوى اﻟﻜﻠﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ‬

‫* ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻛﺮﺑﻼء ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﻘﺪﺳﺎت اﻹﺳﻼم‪:‬‬

‫أﺳﺒﺎط ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺮﺿﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺘﻪ وذﻛﺮ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ‬

‫ف ﺑﻘﺎع اﻷرض‬ ‫ﻗﺎل ﺣﺴـــــﻴﻦ آل ﻛﺎﺷﻒ اﻟﻐﻄﺎء ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼء‪) :‬أﺷﺮ ُ‬

‫ﷺ‪ :‬ﻻ ﺗﺄﻛﻠﻮا ﰲ ّ‬ ‫ﻳﺬﻫﺐ‬ ‫ﻓﺨﺎرﻫﺎ وﻻ ﺗﻐﺴـــــــــﻠﻮا رؤوﺳﻜﻢ ﺑﻄﻴﻨﻬﺎ؛ ﻓﺈﻧﻪ َ ْ َ‬

‫)‪(٣٨‬‬

‫اﻟﻌﺒﺪي‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ روى ﻟﻬﻢ اﻟﺒﺨﺎري وﻏﻴـــــــــﺮﻫﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﳖﻢ ﻟﻢ‬

‫اﻟﻐﻠﻮ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺤﺎور‪:‬‬

‫ﻳﺤﻤﻠﻮا ﰲ ﻋﻘﻴﺪﲥﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﺘﻄﺮﻓﻮ اﻟﺮواﻓﺾ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺷﺘﻴﻤﺔ ﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ‬

‫‪ -١‬ﻛﺬﲠﺎ ﻋﻠﻰ رﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﺑﺈﻗﻨﺎﻋﻬﻢ ﺑﺄن اﻟﺴــــــﻨﺔ ﻳﻜﻔﺮوﳖﻢ وﻳﺴـــــــﺘﺒﻴﺤﻮن‬

‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﺗﻜﻔﻴﺮ ﻷﻣﺘﻪ واﻋﺘﻘﺎد ﺑﺘﺤﺮﻳﻒ ﻛﺘﺎب اﷲ اﻟﻤﻄﻬﺮ‪.‬‬

‫دﻣﺎءﻫﻢ‪ ،‬ﻣﺤﺘﺠﺔ ﺑﺮواﻳﺎت وﻓﺘﺎوى ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ واﻟﻬﺠﺮة اﻟﺘـﻲ ﺗﻜﻔـﺮ‬

‫وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺒﻞ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ رواﻳﺔ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺬﻳﻦ اﺗﺼﻔﻮا ﺑﺎﻟﺼﺪق واﻷﻣﺎﻧﺔ‬

‫)‪(٤٦‬‬

‫اﻟﺪﻳﺎﺛﺔ! ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻐﻴﺮة‪ ،‬وﻳﻮرث ﱢ‬ ‫َْ‬

‫ﺑﺎﻟﻀﺮورة( ‪.‬‬

‫)‪(٤٩‬‬

‫راﻓﻀــﻴﺎ ‪ ،‬وﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮب اﻷﺳﺪي اﻟﺮواﺟﻨﻲ‪ ،‬وﻋﻮف ﺑﻦ أﺑﻰ ﺟﻤﻴﻠﺔ‬

‫وﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﻳـﺮاﻧﻴﺔ اﻟﻤﺘﻄــﺮﻓﺔ ﻋﻠــﻰ ﻋﺪة ﻣﺤﺎور ﻟــﺰﻳﺎدة‬

‫ﻋﻤﻮم أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻴﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺈﳖﻢ ردوا رواﻳﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء أﻫﻞ اﻟﺴـــــــــــــــــﻨﺔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺘﻘﻮى‬

‫‪ -٢‬ﺗﻜﻤﻴﻤﻬﺎ أﻓﻮاه اﻟﻌﻘﻼء ﻣﻦ اﻟﺸــــــﻴﻌﺔ ﻟﻤﻨﻊ أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻼﻋﺘﺪال وﻧﻘﺪ‬

‫ﻗﺎل‪ :‬وﻛﺬﻟﻚ أﺻــﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ ﻣﺒﺎرﻛﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺻــﺎرت َﻣﺪﻓﻨ ﻟﻺﻣﺎم‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫وﻛﻌﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺣﺪﻳﻦ!! وﻣﻄﺎﻓ ﻟﻠﻤﻠﻮك واﻟﺴــــﻼﻃﻴﻦ‬ ‫وﻣﺰارا ﻟﻠﻤﺴـــﻠﻤﻴﻦ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺨﻮارج؛ ﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﺮاﻓﻀـﺔ؛ ﺣﻴﺚ إﳖﻢ ﻛﻔﺮوا‬

‫واﻟﺼــﻼح اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺼـــﻔﻮا ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ واﻟﻀـــﺒﻂ‪ ...‬اﻟﺘﺰاﻣﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻘﻮاﻧﻴﻦ‬

‫اﻟﺨﺮاﻓﺎت واﻟﱰﻫﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻸت ﻛﺘﺒﻬﻢ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﭬ‪ّ ،‬‬ ‫وﻛﻔﺮوا ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳــﻔﻴﺎن ﭬ‪ ،‬وﻛﻔﺮوا‬

‫اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ واﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﻨﻬﺞ أﻫﻞ اﻟﺴـــﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻌﻴﺪا‬

‫‪ -٣‬اﺣﺘﻮاؤﻫﺎ ودﻋﻤﻬﺎ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ واﻟﻬﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴـــﺐ ﻧﻔﺴــــﻬﺎ‬

‫ﱢ‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻠﻤﺼﻠﻴﻦ ‪.‬‬ ‫وﻣﺴﺠﺪا‬

‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ‪ ،‬واﺳﺘﺤﻠﻮا دﻣﺎء اﻟﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻛﻤﺎ‬

‫ﻋﻦ اﻟﻐﻠﻮ واﻷﻫﻮاء واﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﺘﻲ اﺗﺼﻔﺖ ﲠﺎ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺨﻮارج‪.‬‬

‫ﻷﻫﻞ اﻟﺴــــﻨﺔ ‪ -‬زورا وﲠﺘﺎﻧﺎ ‪ -‬ﻛﺎﻟﻘﺎﻋﺪة وأﺿﺮاﲠﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻬﻢ اﻟﺪﻋﻢ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻧﺮى اﻟﺸــــــــﻴﻌﺔ ﻳﻘﺒﻠﻮن رواﻳﺔ اﻟﻜﺬاب وﺷﺎرب‬

‫اﻟﻠﻮﺟﺴـــــــﺘﻲ واﻟﺴــــــــﻼح ﺿﻤﻦ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﻤﺮاﻗﺒﻴﻦ‪ ،‬ﺑﻞ‬

‫ﺛﺎﻟﺜ ‪ :‬اﻟﻐﻠﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮارج‪:‬‬

‫وزﻋﻢ آﻳﺘﻬﻢ ﻣﻴﺮزا ﺣﺴـــﻴﻦ اﻟﺤﺎﺋﺮي أن ﻛﺮﺑﻼء ﻛﻌﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴــــﻠﻤﻴﻦ‪،‬‬

‫)‪(٣٩‬‬

‫وﻧﺴـــــــــــﺒﻮا إﻟﻰ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ أﻧﻪ ﻗﺎل‪ :‬ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ أرض‬ ‫وﻗﺪﺳﻬﺎ وﺑﺎرك‬ ‫ﻛﺮﺑﻼء ﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﺄرﺑﻌﺔ وﻋﺸـــﺮﻳﻦ أﻟﻒ ﻋﺎم‪ّ ،‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺎ زاﻟﺖ ﻗﺒﻞ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻣﺒﺎرﻛﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﺰال ﻛﺬﻟﻚ‬ ‫ﻣﻘﺪﺳــــﺔ‬ ‫ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺨﻠَﻖ ّ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ اﷲ أﻓﻀﻞ أرض ﰲ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وأﻓﻀـﻞ ﻣﻨﺰل وﻣﺴـﻜﻦ ُﻳﺴـﻜﻦ‬ ‫)‪(٤٠‬‬

‫اﷲ ﻓﻴﻪ أوﻟﻴﺎءه ﰲ اﻟﺠﻨﺔ ‪.‬‬

‫وﺻﻔﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼـــــﻼة واﻟﺴـــــﻼم‪ :‬ﻳﻤﺮﻗﻮن ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﺮق‬ ‫ِ )‪(٤٧‬‬ ‫اﻟﺮﻣﻴﺔ ‪ ،‬وإﻳﻤﺎﳖﻢ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﻨﺎﺟﺮﻫﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﱠ ﱠ‬ ‫ﻓﺎﻟﺸـﻴﻌﺔ ﻏﻠﻮا ﰲ آل اﻟﺒﻴﺖ وأﺷﻴﺎﻋﻬﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻐﻮا ﰲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إن‬ ‫ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ادﻋﻰ أﻟﻮﻫﻴﺔ ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ادﻋـﻰ أﻧﻪ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮة ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ‬

‫اﻟﺨﻤﺮ وﺳﺎﻗﻂ اﻟﻌﺪاﻟﺔ وأﺿﺮاﲠﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ أﺻﺢ ﻛﺘﺒﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻠﻴﻨﻲ‬ ‫واﻟﻜﺸـــﻲ اﻛﺘﻔﺎء ﺑﻮﻻﻳﺘﻬﻢ ﻷﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻛﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮن‪ ،‬وﻳﺮﻓﻀـــﻮن رواﻳﺎت‬

‫)‪(٤٨‬‬

‫رﺳﻮل اﷲ ﷺ‪ ،‬واﻟﺨﻮارج ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﻤﺎﻣﺎ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺮاق ﻟﻘﺘﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺴﻨﺔ ﻗﺼﺪا ﻹﻳﻘﺎع اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ‬ ‫اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ﰲ ﻋﺎم ‪ /٢٠٠٦/‬ﻟﺘﻤﻜﻴﻦ اﻷﻣــﺮﻳﻜﻴﻴﻦ‪ ،‬واﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ‬

‫اﻟﻌﺪول وأﻫﻞ اﻟﺼــــﺪق ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺸـــــﻴﻌﺔ ﻟﻌﺪم إﻳﻤﺎﳖﻢ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺸﻴﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻌﺮب ﺿﻤﻦ ﻣﺸـﺮوﻋﻬﺎ اﻟﻔﺎرﺳﻲ‪ ،‬وﻣﻨﻊ أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮاﻓﻀـﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺪؤوا ﺑﺮد رواﻳﺎت اﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻔﻴﺮﻫﻢ؛ رﻏﻢ ﻣﺎ‬

‫)‪ (٣٧‬ﻛﺘﺎب اﻟﻄﻬﺎرة‪ (٣٨) .٣/٤٥٧ :‬اﻷرض واﻟﱰﺑﺔ اﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺔ‪ :‬ص‪ (٣٩) .٥٦-٥٥‬أﺣﻜﺎم اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ .١/٣٢ :‬وﺗﺎرﻳﺦ ﻛﺮﺑﻼء‪ ،‬ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺠﻮاد آل ﻃﻌﻤﺔ‪ :‬ص‪.١١٦-١١٥‬‬

‫ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﺘﻘﺎرب ﻣﻊ اﻟﺴــﻨﺔ اﻟﻌﺮب‪ ،‬واﻟﻘﻀـــﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻒ ﰲ وﺟﻬﻬﺎ‬

‫)‪ (٤٠‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ .٩٨/١٠٧ :‬وﻣﺴﺘﺪرك اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‪ ،‬ﻟﻠﻄﱪﺳﻲ‪ (٤١) .١٠/٣٢٢ :‬اﻟﻜﺎﰲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪ .٢/٤١٠ :‬وﻣﺮآة اﻟﻌﻘﻮل‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ :‬ص‪.٢٢٠‬‬

‫ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺼـــــــــﺪق واﻷﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺛﻨﻮا ﺑﺮواﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺻﺤﺎﺑﺔ‬

‫ﻓﺴﻤﻴﺖ ﺑﺎﻟﺸﺎم ﻟﺬﻟﻚ‪) .‬ﻣﻌﺠﻢ ﻟﺒﻠﺪان‪ ،‬ﻟﻴﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي‪.(٣/٣١٢ :‬‬ ‫)‪ (٤٢‬ﺟﺎء ﰲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻗﻮال‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬أن ﻗﻮﻣ ﻣﻦ ﻛﻨﻌﺎن ﺑﻦ ﺣﺎم ﺧﺮﺟﻮا ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻓﺘﺸﺎءﻣﻮا إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬أي أﺧﺬوا ذات اﻟﺸﻤﺎل ُ ّ‬

‫رﺳﻮل اﷲ أو ﻧﺰﻫﻬﻢ ﻋﻤﺎ اﲥﻤﺘﻬﻢ ﺑﻪ اﻟﺮواﻓﺾ واﻟﺸﻴﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻌﺮب‬

‫)‪ (٤٣‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ .٥٧/٢٠٨ :‬وﻣﺴﺘﺪرك ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺒﺤﺎر‪ ،‬ﻟﻠﺸﺎﻫﺮودي‪ :‬ص‪ (٤٤) .٣٣٠‬اﻟﻜﺎﰲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﻠﻴﻨﻲ‪ .٢/٤١٠ :‬وﻣﺮآة اﻟﻌﻘﻮل‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪ :‬ص‪.٢٢٠‬‬ ‫)‪ (٤٥‬ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺮار‪ :‬ص‪ (٤٦) .٢٠‬أﺻﻮل اﻟﻜﺎﰲ‪ .٦/٣٨٦ :‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ﻟﻠﻤﺠﻠﺴﻲ‪.٦٣/٥٢٩ :‬‬ ‫)‪ (٤٧‬اﻟﺒﺨﺎري رﻗﻢ‪ .[٦٩٣٠] :‬وﻣﺴﻠﻢ رﻗﻢ‪[١٠٦٦] :‬؛ ﻋﻦ ﻋﻠﻲﭬ‪ (٤٨) .‬ﺷﺮح اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻮاﺳﻄﻴﺔ‪ ،‬ﻻﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ‪.٢/٧٦:‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪90‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ (٤٩‬ﲥﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎل ﻟﻠﻤﺰي )‪ (١٨/٢٨٤‬ﻃﺒﻌﺔ دار اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ‪.١٩٨٠‬‬

‫‪ 91‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وإﺑﺎن اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـــــــــﻮرﻳﺔ ﻗﺎﻣﺖ إﻳﺮان ﻣﻊ ﺣﻠﻴﻔﻴﻬﺎ اﻷﺳﺪ واﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺑﺈﻃﻼق ﺳﺮاح ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻳﻴﻦ اﻟﻤﺘﻮاﺟﺪﻳﻦ ﰲ ﺳﺠﻮن اﻟﻌﺮاق و ﺳﻮرﻳﺎ ﰲ أﺑﻮ‬ ‫ﻏﺮﻳﺐ وﺻﻴﺪﻧﺎﻳﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﺗﺴـﻬﻴﻞ ﺗﺤﺮﻛﻬﻢ وﺗﺠﻤﻌﻬﻢ ﺛﻢ ﺗﺴـﻠﻴﻤﻬﻢ آﻻف اﻷﻃﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﺴــﻼح اﻟﺜﻘﻴﻞ ﰲ اﻟﻤﻮﺻﻞ وﺗﺪﻣﺮ واﻟﺮﻗﺔ‪ ،‬ﺑﻘﺼــﺪ اﺧﱰاق‬

‫‪‬‬

‫ﺛﻮرة أﻫﻞ اﻟﺸﺎم وﺣﺮف ﻣﺴﺎر ﻫﺎ‪ ...‬وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻧﺸـﺄت ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺸـﺎم ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺗﻜﻔﻴﺮﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺪاﻋﺶ واﻟﻨﺼـﺮة وﺟﻨﺪ اﻷﻗﺼـﻰ وﻏﻴﺮﻫﺎ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻘﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻮاﻓﻖ ﺻﻠﻴﺒﻲ إﻳﺮاﲏ وﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻮى اﻟﺸـــــﺮ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻣﺪن أﻫﻞ اﻟﺴـــــﻨﺔ وﲥﺠﻴﺮ أﻫﻠﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫إﺣﻼل اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ دﻳﺎرﻫﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻮت اﻟﺬي ﻗﺪ ﺑﺎت ﻳﺨﺸﺎﻫﺎ‬ ‫ﺗﺼﺎرع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ﻟﻬﺬا ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻼء اﻟﺸــﻴﻌﺔ اﻟﻴﻮم إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﻘﻴﺖ ﻟﻬﻢ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻼم؛ أن ﻳﻨﻬﻀــﻮا ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺸــﺎرﻳﻊ ﺣﻜﻮﻣﺎﲥﻢ اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ وأذﻧﺎﲠﺎ ﰲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‬ ‫ﻛﺤﺰب اﻟﺸـﻴﻄﺎن واﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻔﻮت اﻷوان‪ ،‬وﻟﻴﻌﻠﻤﻮا أن ﻣﺎ اﻏﺘﺼـﺒﻮه ﻣﻦ أراﺿﻲ أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ﰲ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﻳﺎ وﻟﺒﻨﺎن ﺳﻴﻌﻮد ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ وﻟﻮ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ‪ ،‬وأن اﻟﻐﺮﻳﺐ واﻟﻤﺤﺘﻞ ﺳﻴﺨﺴــــــــــــﺮ وﻳﺠﺮ أذﻳﺎل اﻟﺨﻴﺒﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل اﺣﺘﻼﻟﻪ وﻣﻬﻤﺎ زاد ﻇﻠﻤﻪ وﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﱪ وﻋﻈﺎت‪ ،‬دﺧﻠﻮا ﺑﻐﺪاد‬ ‫واﻟﺸـﺎم وﻣﺼــﺮ ﻛﺮات وﻛﺮات ﻓﺄﻳﻦ آﺛﺎرﻫﻢ اﻟﻴﻮم؟ ﻟﻘﺪ دﺧﻠﻮا وﺧﺮﺟﻮا ﺧﺎﺳﺮﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮا ﺷﻴﺌﺎ ﺗﺼــﺤﺒﻬﻢ اﻟﻠﻌﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﺑﻐﻴﻬﻢ وﻇﻠﻤﻬﻢ وﺣﻘﺪﻫﻢ‪،‬‬ ‫وﺑﻘﻲ اﻟﺤﻖ ﻣﺸﺮﻗﺎ أﺑﻠﺞ وﺳﻴﺒﻘﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺈذن اﷲ‪ ...‬وﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل ﻇﻼم اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻔﺠﺮ اﻟﺤﻖ أن ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺈذن اﷲ وﺑﺴﻮاﻋﺪ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ‪...‬‬ ‫واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫ﻟﻠﺤـــﻖ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪92‬‬

‫‪ 93‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫وإﺑﺎن اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـــــــــﻮرﻳﺔ ﻗﺎﻣﺖ إﻳﺮان ﻣﻊ ﺣﻠﻴﻔﻴﻬﺎ اﻷﺳﺪ واﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺑﺈﻃﻼق ﺳﺮاح ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻳﻴﻦ اﻟﻤﺘﻮاﺟﺪﻳﻦ ﰲ ﺳﺠﻮن اﻟﻌﺮاق و ﺳﻮرﻳﺎ ﰲ أﺑﻮ‬ ‫ﻏﺮﻳﺐ وﺻﻴﺪﻧﺎﻳﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﺗﺴـﻬﻴﻞ ﺗﺤﺮﻛﻬﻢ وﺗﺠﻤﻌﻬﻢ ﺛﻢ ﺗﺴـﻠﻴﻤﻬﻢ آﻻف اﻷﻃﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﺴــﻼح اﻟﺜﻘﻴﻞ ﰲ اﻟﻤﻮﺻﻞ وﺗﺪﻣﺮ واﻟﺮﻗﺔ‪ ،‬ﺑﻘﺼــﺪ اﺧﱰاق‬

‫‪‬‬

‫ﺛﻮرة أﻫﻞ اﻟﺸﺎم وﺣﺮف ﻣﺴﺎر ﻫﺎ‪ ...‬وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻧﺸـﺄت ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺸـﺎم ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺗﻜﻔﻴﺮﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺪاﻋﺶ واﻟﻨﺼـﺮة وﺟﻨﺪ اﻷﻗﺼـﻰ وﻏﻴﺮﻫﺎ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻘﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻮاﻓﻖ ﺻﻠﻴﺒﻲ إﻳﺮاﲏ وﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻮى اﻟﺸـــــﺮ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻣﺪن أﻫﻞ اﻟﺴـــــﻨﺔ وﲥﺠﻴﺮ أﻫﻠﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫إﺣﻼل اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ دﻳﺎرﻫﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻮت اﻟﺬي ﻗﺪ ﺑﺎت ﻳﺨﺸﺎﻫﺎ‬ ‫ﺗﺼﺎرع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ﻟﻬﺬا ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻼء اﻟﺸــﻴﻌﺔ اﻟﻴﻮم إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﻘﻴﺖ ﻟﻬﻢ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻼم؛ أن ﻳﻨﻬﻀــﻮا ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺸــﺎرﻳﻊ ﺣﻜﻮﻣﺎﲥﻢ اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ وأذﻧﺎﲠﺎ ﰲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‬ ‫ﻛﺤﺰب اﻟﺸـﻴﻄﺎن واﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻔﻮت اﻷوان‪ ،‬وﻟﻴﻌﻠﻤﻮا أن ﻣﺎ اﻏﺘﺼـﺒﻮه ﻣﻦ أراﺿﻲ أﻫﻞ اﻟﺴـﻨﺔ ﰲ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﻳﺎ وﻟﺒﻨﺎن ﺳﻴﻌﻮد ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ وﻟﻮ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ‪ ،‬وأن اﻟﻐﺮﻳﺐ واﻟﻤﺤﺘﻞ ﺳﻴﺨﺴــــــــــــﺮ وﻳﺠﺮ أذﻳﺎل اﻟﺨﻴﺒﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل اﺣﺘﻼﻟﻪ وﻣﻬﻤﺎ زاد ﻇﻠﻤﻪ وﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﱪ وﻋﻈﺎت‪ ،‬دﺧﻠﻮا ﺑﻐﺪاد‬ ‫واﻟﺸـﺎم وﻣﺼــﺮ ﻛﺮات وﻛﺮات ﻓﺄﻳﻦ آﺛﺎرﻫﻢ اﻟﻴﻮم؟ ﻟﻘﺪ دﺧﻠﻮا وﺧﺮﺟﻮا ﺧﺎﺳﺮﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮا ﺷﻴﺌﺎ ﺗﺼــﺤﺒﻬﻢ اﻟﻠﻌﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﺑﻐﻴﻬﻢ وﻇﻠﻤﻬﻢ وﺣﻘﺪﻫﻢ‪،‬‬ ‫وﺑﻘﻲ اﻟﺤﻖ ﻣﺸﺮﻗﺎ أﺑﻠﺞ وﺳﻴﺒﻘﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺈذن اﷲ‪ ...‬وﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل ﻇﻼم اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻔﺠﺮ اﻟﺤﻖ أن ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺈذن اﷲ وﺑﺴﻮاﻋﺪ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ‪...‬‬ ‫واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫ﻟﻠﺤـــﻖ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪92‬‬

‫‪ 93‬ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ‬

‫ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺪﺍﺩ‬

‫ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻋﺎﻡ ﺑﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻜﺎﺭ‬

‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻨﻮﺍﹰﻧﺎ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ‬ ‫اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـﻮرﻳﺔ اﻟﻤﺠﻴﺪة ﻫﻲ ﺛﻮرة ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ‪ ،‬وﻟﻴﺴــﺖ اﻧﻘﻼﺑ ‪ ،‬اﻻﻧﻘﻼب‬ ‫ﻳﻜﻮن ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴــــــــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ وإﺣﻼل أﺧﺮى ﻣﺤﻠﻬﺎ دون أي ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــــــــﻌﻴﺪ‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬أﻣﺎ ﺛﻮرﺗﻨﺎ ﻓﻬﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺳﺮﻳﻊ وﺷﺎﻣﻞ‪.‬‬ ‫وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﺛﻮرﺗﻨﺎ أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﻟﻤﺮﺟﻮة وﺗﻘﻄﻒ ﺛﻤﺎرﻫﺎ اﻟﻤﺄﻣﻮﻟﺔ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠـﻰ اﻟﺘﻐﻴﻴـﺮ‬

‫ﺍﺳﻢ ﺍ ﻠﺔ‪" :‬ﻣﻘﺎر ﺎﺕ" ﺃﺑﺤﺎثوﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﺮ ﻌﺔوﺍﻟﻔﻜﺮوﺍ ﻀﺎرﺓ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺘﺨﺼ ــﺺ‪ :‬ﻣﻌﺎ ﺔ ﺍﻟﻘﻀ ــﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸـ ــﺮﻋﻴﺔوﺍﻟﻔﻜﺮ ﺔوﺍ ﻀـ ــﺎر ﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪،‬وﺗﻮﺻﻴﻒ ﺍﳌﺸـ ــﺎ ﻞوﺍﻗ ﺍﺡ ﺍ ﻠﻮل‪،‬‬ ‫و ﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺮ ﺍﻷﺑﺤﺎثوﺍﻟﺪرﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔوﺍﻟﺘﻨﻤﻮ ﺔ ﺍﻟ ﺪف ﺇ ﺍﻟﺮ ﺑﺎﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮ ﻴﺔوﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺍ‬

‫ﺔ ﺍﳌﺼﺪرﺓ‪ :‬ﺍ ﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮري‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎم واﻟﺸﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺤﺎور أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ‪ -١ :‬ﻣﺤﻮر اﻟﻮﻋﻲ ‪ -٢‬وﻣﺤﻮر اﻟﺴـﻠﻮك ‪ -٣‬وﻣﺤﻮر‬

‫ﺍﻟﺪور ﺔ‪ :‬ﻓﺼﻠﻴﺔ‪.‬‬

‫أﻓﺼﻞ ﻛﻼً ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻮﺟﺰ ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ ...‬وﻟﻌﻠﻲ ﱢ‬

‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ :‬ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻀ ـ ـ ــﺮورﺓ ﺗﺮ ﻴﺔ ﺍ ﻴﻞ ﻋ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍ ﻴﺎﺓ ﻋ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎء ﺣﻀ ـ ـ ــﺎرﺓ ﺇ ﺴـ ـ ـ ــﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋ‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺎرفوﺍﻟﺘﻔﺎ ﻢوﺍﻟﺘﻌﺎوﻥ‪ ،‬ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﺍموﺍﻟﺘﻨﺎﺣﺮ‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺍ ﻤ ﻮر ﺍﳌﺴـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﺪف‪ :‬ﺎﻓﺔ ﺃﻃﻴﺎفوﻣ ﻮﻧﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ‪،‬وﺍﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌﺐ ﺍﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻮري ﺧﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻮﺻﺎ‪.‬‬

‫‪ .١‬ﻣﺤﻮر اﻟﻮﻋﻲ‪:‬‬ ‫أدرك اﻟﺜﺎﺋﺮون ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮم اﻷول أن ﺛﻮرﲥﻢ ﺛﻮرة إﺻﻼﺣﻴﺔ ﻛﱪى‪ ،‬وأن ﻣﺸــﻜﻠﺘﻬﻢ ﻟﻴﺴـــﺖ ﻣﻊ أﺷﺨﺎص ﰲ ﻧﻈﺎم اﻟﺒﻌﺚ اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﻓﺤﺴـــﺐ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ‬ ‫ﻣﺸــﻜﻠﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺘﺼــﻞ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم وﺣﺮاﺳﻪ وأﻳﻀـــ ﻣﻊ أوﻟﺌﻚ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ ﻟﻪ واﻟﻤﺴـــﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻨﻪ‪ ...‬وﻟﻬﺬا ﻓﺈن اﻟﺜﻮرة ﻟﻦ ﺗﻨﺠﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺳﻘﺎط ﺣﻜﻮﻣﺔ وإﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻨ ُ ِ‬ ‫واﻷﺳﺲ اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﱡﻈﻢ‬ ‫أدرك اﻟﺜﺎﺋﺮون أﻳﻀ أن اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ دﻋﺘﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺜﻮرة ﻟﻴﺴـﺖ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ أو ﻣﻨﺎﻃﻘﻴﺔ أو ﻋﻨﺼـﺮﻳﺔ أو اﻗﺘﺼـﺎدﻳﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ أﺳﺒﺎب ﺗﺘﺼـﻞ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ‬ ‫ﰲ اﻟﻤﻘﺎم اﻷول‪.‬‬ ‫وﻟﻘﺪ اﻟﺘﺰﻣﺖ اﻟﺜﻮرة ﲠﺬه اﻟﻤﻌﺎﲏ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ‪ ،‬إﻟﻰ أن دﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﻓﻬﺎ ﻋﻦ وﺟﻬﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻛﺎن ﻟﻠﻐﻼة وﺿــــﻴﻘﻲ اﻷﻓﻖ وﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ اﻟﺤﻆ اﻷﻛﱪ ﰲ ﻫﺬا‬

‫ﺍﻷ ﺪﺍف‬ ‫‪ .١‬ﺸﺮ ﺍﻟﻮ ﺍﻟﺪﻳ ﺑ ﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱوﻓﻖ ﻣﻨ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻣﻌﺘﺪل‪.‬‬

‫اﻟﺸﺄن‪ ...‬وواﺟﺒﻨﺎ ﺗﺠﺎه ذﻟﻚ إﺧﺮاج ﻛﻞ ﻓﻜﺮ دﺧﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ واﻟﻌﻮدة ﺑﺎﻟﺜﻮرة إﻟﻰ ﻫﺪﻓﻬﺎ اﻷول‪ ،‬أﻻ وﻫﻮ إﻳﻘﺎف اﻟﻈﻠﻢ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﳖﻀﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬

‫‪ .٢‬ﻣﻌﺎ ﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺸ ﻞ ﻋﺎموﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮري ﺸ ﻞ ﺧﺎﺹ‪.‬‬

‫‪ .٢‬ﻣﺤﻮر اﻟﺴﻠﻮك‪:‬‬

‫‪ .٣‬ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻨ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺎر ﺦ ﺍ ﻀﺎرﺓوﺍﻟﻌﻠﻮم ﺍﻹ ﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻛﺎن ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺜﻮرة ﰲ ﺳﻠﻮك اﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ ﻫﺎﺋﻼ‪ ،‬ﺣﻴﺚ أﺷﻌﻠﺖ ﻓﻴﻬﻢ روح اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﺮﻳﺪ‪ ،‬وﺳﻮف ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ذﻟﻚ ﺑﺤﺮوف ﻣﻦ ﻧﻮر‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﺿﺤﻰ اﻟﺴــﻮرﻳﻮن ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻣﺴــﱰﺧﺼــﻴﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﺬﻟﻮﻧﻪ‪ ،‬وﻋﻴﻮﳖﻢ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﺣﺮ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻹﻧﺴـــﺎن آﻣﻨ ﻣﻄﻤﺌﻨ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺪل وﺗﻜﺎﻓﺆ‬

‫‪ .٤‬ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺘﻴﺎر ﺍﻟﻔﻜﺮي ﺍﻟﻌﻠ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺮص‪ ..‬واﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻨﺎ اﻟﻴﻮم اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ اﻟﻌﻄﺎء واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﺜﻮرة ﻛﺎﻣﻞ أﻫﺪاﻓﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ .٥‬ﻣﻮﺍﺟ ﺔ ﺍﻟﺘﻄﺮفوﺍﻻﻧﺤﻼل ﺑ ﺎﻓﺔ ﺃﺷ ﺎﻟ ﻤﺎ‪.‬‬

‫‪ .٣‬ﻣﺤﻮر اﻟﻌﻼﻗﺎت‪:‬‬ ‫أوﺟﺪت اﻟﺜﻮرة ً‬ ‫ﻓﺮزا واﺿﺤ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــــﻌﻴﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺣﻴﺚ اﻧﻘﺴــــــﻢ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﻴﻦ‪ :‬ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة وداﻋﻢ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻓﺮﻳﻖ ﻳﻘﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻈﺎم وﻳﺆﻳﺪ‬ ‫ﺟﺮاﺋﻤﻪ‪ ،‬وﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻛﺘﻠﺔ ﺻﺎﻣﺘﺔ ﻛﺒﻴﺮة‪ ،‬ﻳﻤﻴﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺠﺮﻳﻢ اﻟﻨﻈﺎم دون أن ﻳﺒﺪي اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة‪ ...‬واﻟﻤﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ أن اﻻﻧﻘﺴــﺎم اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻫﻮ اﻧﻘﺴـــﺎم‬ ‫ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻤﺒﺎدئ وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس آﺧﺮ‪.‬‬ ‫وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴـــﻠﻴﻤﺔ ﰲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴـــﻮري ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺘﻴﻦ‪ ،‬اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ‬ ‫واﻟﱪﻫﺎن‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼﻌﺪ وﰲ ﻛﻞ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ﺑﺪل اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻜﻼم واﻟﺘﻨﻈﻴﺮ‪.‬‬ ‫إﻧﻨﺎ ﻣﻄﺎﻟﺒﻮن اﻟﻴﻮم ‪ -‬ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﺠﺎح ﺛﻮرﺗﻨﺎ ‪ -‬ﺑﺘﻌﻤﻴﻖ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺸـــــــﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــــــﻌﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻹﻳﻤﺎن اﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﺄن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﺠﺮم ﻳﻤﺜﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ وأﺧﻄﺎءﻧﺎ‪،‬‬ ‫واﻹﻳﻤﺎن اﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﺄن اﻟﺜﻮرة ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻫﻲ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻀــﻤﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺼــﻮر أﺧﻼﻗﻲ وﺳﻠﻮﻛﻲ‪ ،‬وﻗﺼــﻮر ﰲ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺪوﻟﻲ‪ ...‬وﺻﺪق اﷲ اﻟﺠﻠﻴﻞ إذ ﻳﻘﻮل‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫ﻳﻐﻴﺮ َﻣﺎ ِ َ ْ ٍ‬ ‫ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ﴾ ]اﻟﺮﻋﺪ‪ ،‬اﻵﻳﺔ ‪.[١١‬‬ ‫ﺑﻘﻮم َ ﱠ‬ ‫ﻳﻐﻴﺮوا َﻣﺎ ِ َ ْ ُ ِ ْ‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ َ ﱢ ُ‬ ‫اﷲ َﻻ ُ َ ﱢ ُ‬ ‫﴿إن َ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪94‬‬

‫‪ .٦‬ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪوﺍﻻﺟ ﺎﺩ ﺍﺳﺘ ﺒﺎط ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟ ﻌﺎ ﺷﺆوﻥ ﺍ ﻴﺎﺓ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ‪.‬‬

‫ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺪﺍﺩ‬

‫ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻋﺎﻡ ﺑﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻜﺎﺭ‬

‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻨﻮﺍﹰﻧﺎ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ‬ ‫اﻟﺜﻮرة اﻟﺴـﻮرﻳﺔ اﻟﻤﺠﻴﺪة ﻫﻲ ﺛﻮرة ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ‪ ،‬وﻟﻴﺴــﺖ اﻧﻘﻼﺑ ‪ ،‬اﻻﻧﻘﻼب‬ ‫ﻳﻜﻮن ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴــــــــﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ وإﺣﻼل أﺧﺮى ﻣﺤﻠﻬﺎ دون أي ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــــــــﻌﻴﺪ‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬أﻣﺎ ﺛﻮرﺗﻨﺎ ﻓﻬﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺳﺮﻳﻊ وﺷﺎﻣﻞ‪.‬‬ ‫وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﺛﻮرﺗﻨﺎ أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﻟﻤﺮﺟﻮة وﺗﻘﻄﻒ ﺛﻤﺎرﻫﺎ اﻟﻤﺄﻣﻮﻟﺔ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠـﻰ اﻟﺘﻐﻴﻴـﺮ‬

‫ﺍﺳﻢ ﺍ ﻠﺔ‪" :‬ﻣﻘﺎر ﺎﺕ" ﺃﺑﺤﺎثوﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﺮ ﻌﺔوﺍﻟﻔﻜﺮوﺍ ﻀﺎرﺓ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺘﺨﺼ ــﺺ‪ :‬ﻣﻌﺎ ﺔ ﺍﻟﻘﻀ ــﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸـ ــﺮﻋﻴﺔوﺍﻟﻔﻜﺮ ﺔوﺍ ﻀـ ــﺎر ﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪،‬وﺗﻮﺻﻴﻒ ﺍﳌﺸـ ــﺎ ﻞوﺍﻗ ﺍﺡ ﺍ ﻠﻮل‪،‬‬ ‫و ﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺮ ﺍﻷﺑﺤﺎثوﺍﻟﺪرﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔوﺍﻟﺘﻨﻤﻮ ﺔ ﺍﻟ ﺪف ﺇ ﺍﻟﺮ ﺑﺎﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮ ﻴﺔوﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺍ‬

‫ﺔ ﺍﳌﺼﺪرﺓ‪ :‬ﺍ ﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮري‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎم واﻟﺸﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺤﺎور أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ‪ -١ :‬ﻣﺤﻮر اﻟﻮﻋﻲ ‪ -٢‬وﻣﺤﻮر اﻟﺴـﻠﻮك ‪ -٣‬وﻣﺤﻮر‬

‫ﺍﻟﺪور ﺔ‪ :‬ﻓﺼﻠﻴﺔ‪.‬‬

‫أﻓﺼﻞ ﻛﻼً ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻮﺟﺰ ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ ...‬وﻟﻌﻠﻲ ﱢ‬

‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ :‬ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻀ ـ ـ ــﺮورﺓ ﺗﺮ ﻴﺔ ﺍ ﻴﻞ ﻋ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍ ﻴﺎﺓ ﻋ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎء ﺣﻀ ـ ـ ــﺎرﺓ ﺇ ﺴـ ـ ـ ــﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋ‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺎرفوﺍﻟﺘﻔﺎ ﻢوﺍﻟﺘﻌﺎوﻥ‪ ،‬ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﺍموﺍﻟﺘﻨﺎﺣﺮ‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺍ ﻤ ﻮر ﺍﳌﺴـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﺪف‪ :‬ﺎﻓﺔ ﺃﻃﻴﺎفوﻣ ﻮﻧﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ‪،‬وﺍﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌﺐ ﺍﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻮري ﺧﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻮﺻﺎ‪.‬‬

‫‪ .١‬ﻣﺤﻮر اﻟﻮﻋﻲ‪:‬‬ ‫أدرك اﻟﺜﺎﺋﺮون ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮم اﻷول أن ﺛﻮرﲥﻢ ﺛﻮرة إﺻﻼﺣﻴﺔ ﻛﱪى‪ ،‬وأن ﻣﺸــﻜﻠﺘﻬﻢ ﻟﻴﺴـــﺖ ﻣﻊ أﺷﺨﺎص ﰲ ﻧﻈﺎم اﻟﺒﻌﺚ اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﻓﺤﺴـــﺐ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ‬ ‫ﻣﺸــﻜﻠﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺘﺼــﻞ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم وﺣﺮاﺳﻪ وأﻳﻀـــ ﻣﻊ أوﻟﺌﻚ اﻟﺪاﻋﻤﻴﻦ ﻟﻪ واﻟﻤﺴـــﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻨﻪ‪ ...‬وﻟﻬﺬا ﻓﺈن اﻟﺜﻮرة ﻟﻦ ﺗﻨﺠﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺳﻘﺎط ﺣﻜﻮﻣﺔ وإﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻨ ُ ِ‬ ‫واﻷﺳﺲ اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﱡﻈﻢ‬ ‫أدرك اﻟﺜﺎﺋﺮون أﻳﻀ أن اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ دﻋﺘﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺜﻮرة ﻟﻴﺴـﺖ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ أو ﻣﻨﺎﻃﻘﻴﺔ أو ﻋﻨﺼـﺮﻳﺔ أو اﻗﺘﺼـﺎدﻳﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ أﺳﺒﺎب ﺗﺘﺼـﻞ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ‬ ‫ﰲ اﻟﻤﻘﺎم اﻷول‪.‬‬ ‫وﻟﻘﺪ اﻟﺘﺰﻣﺖ اﻟﺜﻮرة ﲠﺬه اﻟﻤﻌﺎﲏ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ‪ ،‬إﻟﻰ أن دﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﻓﻬﺎ ﻋﻦ وﺟﻬﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻛﺎن ﻟﻠﻐﻼة وﺿــــﻴﻘﻲ اﻷﻓﻖ وﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ اﻟﺤﻆ اﻷﻛﱪ ﰲ ﻫﺬا‬

‫ﺍﻷ ﺪﺍف‬ ‫‪ .١‬ﺸﺮ ﺍﻟﻮ ﺍﻟﺪﻳ ﺑ ﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱوﻓﻖ ﻣﻨ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻣﻌﺘﺪل‪.‬‬

‫اﻟﺸﺄن‪ ...‬وواﺟﺒﻨﺎ ﺗﺠﺎه ذﻟﻚ إﺧﺮاج ﻛﻞ ﻓﻜﺮ دﺧﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ واﻟﻌﻮدة ﺑﺎﻟﺜﻮرة إﻟﻰ ﻫﺪﻓﻬﺎ اﻷول‪ ،‬أﻻ وﻫﻮ إﻳﻘﺎف اﻟﻈﻠﻢ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﳖﻀﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬

‫‪ .٢‬ﻣﻌﺎ ﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺸ ﻞ ﻋﺎموﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮري ﺸ ﻞ ﺧﺎﺹ‪.‬‬

‫‪ .٢‬ﻣﺤﻮر اﻟﺴﻠﻮك‪:‬‬

‫‪ .٣‬ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻨ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺎر ﺦ ﺍ ﻀﺎرﺓوﺍﻟﻌﻠﻮم ﺍﻹ ﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻛﺎن ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺜﻮرة ﰲ ﺳﻠﻮك اﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ ﻫﺎﺋﻼ‪ ،‬ﺣﻴﺚ أﺷﻌﻠﺖ ﻓﻴﻬﻢ روح اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﺮﻳﺪ‪ ،‬وﺳﻮف ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ذﻟﻚ ﺑﺤﺮوف ﻣﻦ ﻧﻮر‪.‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ﺿﺤﻰ اﻟﺴــﻮرﻳﻮن ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻣﺴــﱰﺧﺼــﻴﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﺬﻟﻮﻧﻪ‪ ،‬وﻋﻴﻮﳖﻢ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﺣﺮ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻹﻧﺴـــﺎن آﻣﻨ ﻣﻄﻤﺌﻨ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺪل وﺗﻜﺎﻓﺆ‬

‫‪ .٤‬ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺘﻴﺎر ﺍﻟﻔﻜﺮي ﺍﻟﻌﻠ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺮص‪ ..‬واﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻨﺎ اﻟﻴﻮم اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ اﻟﻌﻄﺎء واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﺜﻮرة ﻛﺎﻣﻞ أﻫﺪاﻓﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ .٥‬ﻣﻮﺍﺟ ﺔ ﺍﻟﺘﻄﺮفوﺍﻻﻧﺤﻼل ﺑ ﺎﻓﺔ ﺃﺷ ﺎﻟ ﻤﺎ‪.‬‬

‫‪ .٣‬ﻣﺤﻮر اﻟﻌﻼﻗﺎت‪:‬‬ ‫أوﺟﺪت اﻟﺜﻮرة ً‬ ‫ﻓﺮزا واﺿﺤ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــــﻌﻴﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺣﻴﺚ اﻧﻘﺴــــــﻢ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﻴﻦ‪ :‬ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة وداﻋﻢ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻓﺮﻳﻖ ﻳﻘﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻈﺎم وﻳﺆﻳﺪ‬ ‫ﺟﺮاﺋﻤﻪ‪ ،‬وﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻛﺘﻠﺔ ﺻﺎﻣﺘﺔ ﻛﺒﻴﺮة‪ ،‬ﻳﻤﻴﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺠﺮﻳﻢ اﻟﻨﻈﺎم دون أن ﻳﺒﺪي اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة‪ ...‬واﻟﻤﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ أن اﻻﻧﻘﺴــﺎم اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻫﻮ اﻧﻘﺴـــﺎم‬ ‫ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻤﺒﺎدئ وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس آﺧﺮ‪.‬‬ ‫وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴـــﻠﻴﻤﺔ ﰲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴـــﻮري ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺘﻴﻦ‪ ،‬اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ‬ ‫واﻟﱪﻫﺎن‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼﻌﺪ وﰲ ﻛﻞ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ﺑﺪل اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻜﻼم واﻟﺘﻨﻈﻴﺮ‪.‬‬ ‫إﻧﻨﺎ ﻣﻄﺎﻟﺒﻮن اﻟﻴﻮم ‪ -‬ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﺠﺎح ﺛﻮرﺗﻨﺎ ‪ -‬ﺑﺘﻌﻤﻴﻖ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺸـــــــﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺼـــــــﻌﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻹﻳﻤﺎن اﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﺄن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﺠﺮم ﻳﻤﺜﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ وأﺧﻄﺎءﻧﺎ‪،‬‬ ‫واﻹﻳﻤﺎن اﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﺄن اﻟﺜﻮرة ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻫﻲ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻀــﻤﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺼــﻮر أﺧﻼﻗﻲ وﺳﻠﻮﻛﻲ‪ ،‬وﻗﺼــﻮر ﰲ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ‬ ‫ِ‬ ‫واﻟﺪوﻟﻲ‪ ...‬وﺻﺪق اﷲ اﻟﺠﻠﻴﻞ إذ ﻳﻘﻮل‪ ِ :‬ﱠ‬ ‫ﻳﻐﻴﺮ َﻣﺎ ِ َ ْ ٍ‬ ‫ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ﴾ ]اﻟﺮﻋﺪ‪ ،‬اﻵﻳﺔ ‪.[١١‬‬ ‫ﺑﻘﻮم َ ﱠ‬ ‫ﻳﻐﻴﺮوا َﻣﺎ ِ َ ْ ُ ِ ْ‬ ‫ﺣﺘﻰ ُ َ ﱢ ُ‬ ‫اﷲ َﻻ ُ َ ﱢ ُ‬ ‫﴿إن َ‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ‪94‬‬

‫‪ .٦‬ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪوﺍﻻﺟ ﺎﺩ ﺍﺳﺘ ﺒﺎط ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟ ﻌﺎ ﺷﺆوﻥ ﺍ ﻴﺎﺓ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻭﺍﻹﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻔﻨﻲ ‪ :‬ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻷﺛﺮ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ١‬ﻣﺤ‪‬ﺮﻡ ‪ ١٤٣٩‬ﻫـ ‪/‬ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ‪٢٠١٧‬‬

‫ﻣﺠـﻠﺔ ﻓﺼــﻠ‪‬ﻴﺔ‬ ‫ﻓﻠﺴـﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻀــﺎﺭﻱ‬ ‫ﻣــﻦ ﻣﻨــﻈﻮﺭ ﻗــﺮﺁﻧــﻲ‬

‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺃﺧﻄﺎء ﺍﻟﻔـﺘﻮﻯ ﻭﺍﻻﺟـﺘﻬﺎﺩ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ‬

‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻼء ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ‬

‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟـﺜﻮﺭﺓ‬