حكم الله تعالى في الحكام المبدلين لشريعة الرحمن

Page 1

‫الكاتب ابو قتادة الفلسطيني‬

‫حكم ال تعالى في الحكام المبدلين لشريعة الرحمن‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسل م على النبي اليمين وعلى آله‬ ‫‪.‬وصحبه أجمعين‬ ‫‪...‬أيما بعد‬ ‫كا م بلدنا المبدلين لشريعة الرحمن؛‬ ‫ن يمعرفة حكم ا تعالى في ح اّ‬ ‫فإ اّ‬ ‫واجب على كل يمسلم‪ ،‬وهو ليس يمن نافلة القول‪ ،‬ذلك لما يترتب على‬ ‫ل جليلة‪ ،‬يمن أهمها؛ البراء يمنهم‪،‬‬ ‫هذا الحكم يمن قضايا خطيرة وأعما ٌ‬ ‫وعد م الدخول في طاعتهم‪ ،‬ووجوب الخروج عليهم ‪ -‬كما هو إجماع أهل‬ ‫ العلم المتقديمين‬‫ولذلك عَزعم الزاعمون؛ أن يمثل هذه اليمور تشغل المسلم عن الدعوة إلى‬ ‫‪.‬ا‪ ،‬أو أنها تصرفه عن طلب العلم‪ ،‬أو يترتب عليها بعض المفاسد‬ ‫م باطل ليس يمن الشريعة في شيء‪ ،‬إذ أن سلفنا قد قرروا؛ أن‬ ‫وهذا زع ٌ‬ ‫إفْكعَفار الملحدين ضرورية يمن ضروريات الدين‪ ،‬وخاصة إذا كان هؤلء‬ ‫‪.‬الملحدون هم في يمركز السلطة والقرار‬


‫الكاتب ابو قتادة الفلسطيني‬

‫كا م المبدلين لشريعة‬ ‫وليعلم المسلمون أن السكوت عن هؤلء الح اّ‬ ‫الرحمن؛ قد جاّر على أيمتنا الويلت والمصائب والبليا‪ ،‬إذ جعل الكثير يمن‬ ‫جزءا‬ ‫جندا لهؤلء الطواغيت دون أن يشعروا‪ ،‬وبالتالي صاروا زُ‬ ‫المسلمين زُ‬ ‫‪.‬يمن طائفة الردة والكفر‪ ،‬وخاصة في أحكا م القتال‬ ‫وبالسكوت عليهم كذلك؛ يمهد السبيل لمناهجهم الباطلة ولقوانينهم أن‬ ‫ل الما زُ‬ ‫ل‬ ‫تعمل عملها في أيمة يمحمد صلى ا عليه وسلم‪ ،‬فبقوانينهم استح اّ‬ ‫الحرا م‪ ،‬و زُأحلت الفروج الحرا م‪ ،‬وزُقضي بين الناس في ديمائهم بالباطل‬ ‫والظلم‪ ،‬يمع يما تراّتب على أحكايمهم يمن ضياع البلد وخرابها‪ ،‬وانتشار الفقر‬ ‫جون يمن دين‬ ‫س يخزُر زُ‬ ‫والظلم والمعاصي التي حاّريمها ا تعالى‪ ،‬وصار النا زُ‬ ‫ا تعالى دون خوف أو وجل‪ ،‬وصارت يمؤسسات الدولة الخاضعة لهؤلء‬ ‫الحكا م الكفرة تنشر الرذيلة وزُتشجع المعاصي وزُتزين الكفر وطرق‬ ‫‪.‬الكافرين‬ ‫صعَل عَ‬ ‫ة‬ ‫عوا ال َّ‬ ‫ضا زُ‬ ‫ف أعَ عَ‬ ‫خفْل ٌ‬ ‫م عَ‬ ‫ه فْ‬ ‫عْمِد ْمِ‬ ‫ن بعَ فْ‬ ‫ف ْمِيم فْ‬ ‫خعَل عَ‬ ‫حتى صدق فينا قول ا تعالى‪} :‬عَف عَ‬ ‫غاًّيا{ ]يمريم‪59 :‬‬ ‫ن عَ‬ ‫ف عَيفْلعَقفْو عَ‬ ‫سفْو عَ‬ ‫ت عَف عَ‬ ‫شعَهعَوا ْمِ‬ ‫عوا ال َّ‬ ‫‪].‬عَواَّتعَب زُ‬ ‫ت أ عَفْيْمِد ي‬ ‫سعَب فْ‬ ‫ما عَك عَ‬ ‫حْمِر ْمِب عَ‬ ‫سازُد ْمِفي افْلعَب ِّر عَوافْلعَب فْ‬ ‫ظعَهعَر افْلعَف عَ‬ ‫وكقوله سبحانه وتعالى‪ } :‬عَ‬ ‫س{ ]الرو م‪ ،[41 :‬وهذا هو نتيجة العراض عن شريعة رب الرض‬ ‫الَّنا ْمِ‬ ‫‪.‬والسماء‬ ‫ولذلك يمن أهم اليمور التي يجب أن يعلمها المسلم في زيماننا هذا؛ هو‬ ‫‪.‬حكم ا تعالى في هؤلء الحكا م‬ ‫إعلم أخي المسلم ‪ -‬حفظني ا وإياك يمن كل ش ٍر وسوء‬ ‫‪ -:‬وأجارنا ا وإياك يمن كل رد اّية ويمعصية‬ ‫ب السموات والرض‪ ،‬والتبديل المقصود يمنه؛ هو‬ ‫ن تبديل الشريعة كف ٌر بر اّ‬ ‫أ اّ‬


‫الكاتب ابو قتادة الفلسطيني‬

‫ل‪ ،‬ذلك لناّ‬ ‫تسمية يما أحاّله ا تعالى حرايما‪ ،‬أو تسمية يما حريمه ا حل ذ ‪ً،‬‬ ‫الحلل هو يما أحاّله ا والحرا م هو يما حاّريمه ا تعالى‪ ،‬فكما أن الخلق‬ ‫ب‬ ‫ك الَّلزُه عَر ُّ‬ ‫ق عَوافْل عَفْيمزُر عَتعَباعَر عَ‬ ‫خفْل زُ‬ ‫خلزُقه فكذلك اليمر أيمزُره‪ ،‬قال تعالى‪} :‬أعَعَل عَلزُه افْل عَ‬ ‫ن{ ]العراف‪54 :‬‬ ‫مي عَ‬ ‫عاعَل ْمِ‬ ‫‪].‬افْل عَ‬ ‫فمن عَزعم أن اليمر في التحليل والتحريم هو لغير ا تعالى؛ فهو كاف ٌر‬ ‫ء بسواء‪ ،‬قال تعالى‬ ‫ككفر يمن زعم أن هناك خالقا غيزُر ا تعالى سوا ذ ‪ً،‬‬ ‫حزُد افْلعَقَّهازُر *‬ ‫ م الَّلزُه افْلعَوا ْمِ‬ ‫خفْي ٌر أعَ ْمِ‬ ‫ن عَ‬ ‫ب زُيمعَتعَف ِّرزُقو عَ‬ ‫ن أ عَأعَفْرعَبا ٌ‬ ‫ج ْمِ‬ ‫س فْ‬ ‫ي ال ِّ‬ ‫حعَب ْمِ‬ ‫صا ْمِ‬ ‫في ذلك‪} :‬عَيا عَ‬ ‫ل الَّلزُه ْمِبعَها يمْمِ فْ‬ ‫ن‬ ‫م عَيما أعَفْنعَز عَ‬ ‫م عَوآعَبازُؤزُك فْ‬ ‫ها أعَفْنزُت فْ‬ ‫مو عَ‬ ‫مفْيزُت زُ‬ ‫س َّ‬ ‫ء عَ‬ ‫ما ذ ‪ً،‬‬ ‫س عَ‬ ‫ن زُدوْمِنْمِه إ ْمَِّل أعَ فْ‬ ‫ن ْمِيم فْ‬ ‫عزُبزُدو عَ‬ ‫عَيما عَت فْ‬ ‫ن أ عَفْكعَثعَر‬ ‫ك َّ‬ ‫م عَوعَل ْمِ‬ ‫ن افْلعَق ِّي زُ‬ ‫ك ال ِّدي زُ‬ ‫ه عَذْمِل عَ‬ ‫عزُبزُدوا إ ْمَِّل إْمَِّيا زُ‬ ‫م إ ْمَِّل ْمِلَّلْمِه أ عَعَيمعَر أ عَ​َّل عَت فْ‬ ‫ك زُ‬ ‫ح فْ‬ ‫ن افْل زُ‬ ‫ن إْمِ ْمِ‬ ‫طا ٍ‬ ‫سفْل عَ‬ ‫زُ‬ ‫ن{ ]يوسف‪40 - 39 :‬‬ ‫مو عَ‬ ‫ععَل زُ‬ ‫س عَل عَي فْ‬ ‫‪].‬الَّنا ْمِ‬ ‫‪ -:‬فانظر ‪ -‬حفظني ا وإياك‬ ‫ة‪ ،‬وجعل الدين القيم هو هذا‬ ‫كيف قصر الحكم له وحده وسمى ذلك عباد ذ ‪ً،‬‬ ‫اليمر‪ ،‬فالدين هو العبادة‪ ،‬والعبادة هي الخضوع لحكم ا تعالى‪ ،‬ولذلك‬ ‫ب السموات والرض فقد عبد غير ا‬ ‫فمن خضع وأطاع غير حكم ر اّ‬ ‫ن آخر غيعَر دين يمحمد صلى ا عليه وسلم‪ ،‬فالدين‬ ‫تعالى‪ ،‬وهو في دي ٍ‬ ‫ك{‬ ‫مْمِل ْمِ‬ ‫ن افْل عَ‬ ‫ه ْمِفي ْمِدي ْمِ‬ ‫خا زُ‬ ‫خعَذ أعَ عَ‬ ‫ن ْمِلعَيفْأ زُ‬ ‫هو الحكم والتشريع‪ ،‬قال تعالى‪} :‬عَيما عَكا عَ‬ ‫‪]].‬يوسف‪76 :‬‬ ‫ن دين الملك هو حكمه وسلطانه‪ ،‬ولذلك فمن خضع لحكم ا‬ ‫علم أ اّ‬ ‫وقد زُ‬ ‫فقد دخل في دينه‪ ،‬ويمن رفض ذلك فقد خرج يمن دينه‪ ،‬هذا هو فهم كل‬ ‫‪.‬يمسلم صحيح الفهم عن ا تعالى في هذه اليات البينات‬ ‫ن ْمِبْمِه الَّلزُه{‬ ‫م عَيفْأعَذ فْ‬ ‫ن عَيما عَل فْ‬ ‫ن ال ِّدي ْمِ‬ ‫م ْمِيم عَ‬ ‫عوا عَلزُه فْ‬ ‫شعَر زُ‬ ‫ء عَ‬ ‫شعَرعَكا زُ‬ ‫م زُ‬ ‫ م عَلزُه فْ‬ ‫وقال تعالى‪ } :‬عَأ فْ‬ ‫‪]].‬الشورى‪21 :‬‬


‫الكاتب ابو قتادة الفلسطيني‬

‫فقد سمى ا تعالى التشريع دينا‪ ،‬فشرع ا هو دينه‪ ،‬ويمن أخذ به فقد‬ ‫دان لله وخضع له‪ ،‬ويمن رفض شرع ا تعالى وأخذ بشرع غيره فقد‬ ‫ أشرك بالله ودخل في دين المشركين ‪ -‬نعوذ بالله تعالى يمن الخذلن‬‫م أنه يمؤيمن وهو يتحاكم إلى غير حكم‬ ‫ع عَ‬ ‫م يمن عَز عَ‬ ‫ع عَ‬ ‫وقد راّد ا تعالى عَز فْ‬ ‫م عَتعَر إ ْمِعَلى‬ ‫ا‪ ،‬وهو الحكم الذ ي سماه ا تعالى طاغوتا‪ ،‬قال تعالى‪} :‬أعَعَل فْ‬ ‫ن أ عَنفْ‬ ‫ك زُيْمِريزُدو عَ‬ ‫ن عَقفْبْمِل عَ‬ ‫ل ْمِيم فْ‬ ‫ك عَوعَيما أ زُفْنْمِز عَ‬ ‫ل إْمِعَلفْي عَ‬ ‫ما أ زُفْنْمِز عَ‬ ‫م آعَيمزُنوا ْمِب عَ‬ ‫ن أعَ​َّنزُه فْ‬ ‫مو عَ‬ ‫ع زُ‬ ‫ن عَيفْز زُ‬ ‫اَّلْمِذي عَ‬ ‫ضَّلهزُ فْ‬ ‫م‬ ‫ن زُي ْمِ‬ ‫ن أعَ فْ‬ ‫طا زُ‬ ‫شفْي عَ‬ ‫كزُفزُروا بْمِْمِه عَوزُيْمِريزُد ال َّ‬ ‫ن عَي فْ‬ ‫ت عَوعَقفْد أ زُْمِيمزُروا أعَ فْ‬ ‫غو ْمِ‬ ‫طا زُ‬ ‫موا إْمِعَلى ال َّ‬ ‫حاعَك زُ‬ ‫عَيعَت عَ‬ ‫ل عَرأ عَفْيتعَ‬ ‫سو ْمِ‬ ‫ل الَّلزُه عَوإْمِعَلى الَّر زُ‬ ‫عاعَلفْوا إ ْمِعَلى عَيما أعَفْنعَز عَ‬ ‫م عَت عَ‬ ‫ل عَلزُه فْ‬ ‫عيذ ‪ً،‬دا * عَوإْمِعَذا ْمِقي عَ‬ ‫ضعَلذ ‪ً،‬ل عَب ْمِ‬ ‫عَ‬ ‫صزُدوذ ‪ً،‬دا{ ]النساء‪61 - 60 :‬‬ ‫ك زُ‬ ‫عفْن عَ‬ ‫ن عَ‬ ‫ص ُّدو عَ‬ ‫ن عَي زُ‬ ‫معَناْمِفْمِقي عَ‬ ‫‪].‬افْل زُ‬ ‫فهذا حال يمن تحاكم إلى هذه القوانين الباطلة الكافرة‪ ،‬فما هو حال يمن‬ ‫ي في دخوله‬ ‫شرعها وأوجب القضاء بها بين الناس؟ فهو بل شك أكثزُر يمعن اّ‬ ‫ت بنص الية‬ ‫في هذه اليات وفي الحكم الذ ي قاّرعَرته‪ ،‬بل هو طاغو ٌ‬ ‫‪.‬الكريمة‬ ‫وعلى هذا فإن هؤلء الحكا م المبدلين لشريعة الرحمن كفا ٌر يمرتدون‪،‬‬ ‫وأن هذا التبديل هو كف ٌر بنصوص الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة‪،‬‬ ‫‪.‬سوى يمن شذ يمن المرجئة والجهمية والمبتدعة‬ ‫وقد أكثر أئمتنا رحمهم ا تعالى بيان ذلك في نصوص كثيرة يطول‬ ‫شرحها وبسطها‪ ،‬ويما على الباحث عن الحق إل اّ أن يدع التعصب للرجال‬ ‫جانبا‪ ،‬وأن يخلع عنه رداء الهوى والجهل‪ ،‬وينظر إلى هذه المسألة نظرة‬ ‫إنصاف وتجرد عن الشهوات والشبهات‪ ،‬وسيرى بفضل ا تعالى أن الحق‬ ‫‪.‬يمع سلفنا في هذه المسألة‬


‫الكاتب ابو قتادة الفلسطيني‬

‫ويمن هؤلء؛ اليما م أحمد بن تيمية وابن القيم وابن كثير‪ ،‬ثم يمن بعدهم‬ ‫يمحمد بن عبد الوهاب والشيخ أحمد شاكر ويمحمود شاكر والشيخ يمحمد‬ ‫‪.‬أيمين الشنقيطي وغيرهم الكثير يممن تكلم في هذا الباب بعلم ويمتابعة‬ ‫أيما الذين يحاولون ستر هذا العلم عن الناس إيما بإخفائه أو تزويره‬ ‫ن{ ]الزخرف‪19 :‬‬ ‫سعَأزُلو عَ‬ ‫م عَوزُي فْ‬ ‫شعَهاعَدزُتزُه فْ‬ ‫ب عَ‬ ‫كعَت زُ‬ ‫سزُت فْ‬ ‫‪ ].‬وتلبيسه؛ فـ } عَ‬ ‫‪:‬فيا أيها الخ المسلم‬ ‫إصغ بسمعك واسأل ا تعالى الهداية إلى يما اختلف فيه الناس‪ ،‬كما كان‬ ‫دعاء النبي صلى ا عليه وسلم‪ ،‬وخاصذ ‪ً،‬ة في هذا الزيمان الذ ي صار فيه‬ ‫‪.‬السل م غريبا‪ ،‬وصارت اليمانة يمغريما‪ ،‬وصار أهل الحق هم الغرباء‬ ‫ن أتباع يمحمد صلى ا عليه‬ ‫جعلني ا وإياك يمن أهل الحق والدين‪ ،‬دي زُ‬ ‫‪.‬وسلم النبي اليمين‬ ‫وصلى ا عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‬ ‫آيمين‪ ...‬آيمين‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.