ويعد العامل الثاني الذي كان يقف وراء موقف الدول الثالث األعضاء بمجلس التعاون الخليجي هو الجدال الذي دار مؤخرا حول يوسف القرضاوي ،وه��و الزعيم الروحي لجماعة اإلخ��وان املسلمني واملقيم بالدوحة وهو الجدال الناجم عن اتهاماته املتكررة وخطاباته التحريضية ض��د ب�ع��ض ال ��دول الخليجية ال سيما االم � ��ارات .وق��د أث ��ارت خطبه وتصريحاته غضب قائد ع��ام شرطة دب��ي ضاحي خلفان التميمي وهو ما دفعه إلى إصدار أمر اعتقال للشيخ اإلسالمي .فمن وجهة نظر قائد الشرطة ،يحض خطاب القرضاوي على العنف داخل دول مجلس التعاون الخليجي ومن ثم يجب وقفه.
في املنطقة .فعلى سبيل املثال كانت قطر تدعم حركة التجمع اليمني لإلصالح في اليمن وساعدت قوات املعارضة الجهادية املتشددة في سوريا وكانت تدعم الثورة الليبية وتبثها لحظة بلحظة على التلفزيون. وفي الوقت الراهن ،يعد أحد أسباب االستياء الرئيسة للسعودية هو دعم قطر ودفاعها عن جماعة اإلخوان املسلمني .فبعد سقوط حسني مبارك وانتخاب مرشح اإلخوان املسلمني محمد مرسي كرئيس ملصر، تعهدت إيران باملساعدة على حل األزمة املالية التي يواجهها االقتصاد املصري عبر تقديم نحو 7.5مليار دوالر خالل العام الذي حكم فيه مرسي؛ وهي الخطوة التي أقلقت بعض الدول حيث كان سقوط مبارك الحليف وتمكني أق��وى الحركات اإلسالمية باملنطقة،جرت ترجمته كخطر واضح على امن الشرق االوسط والخليج .كما أعرب العديد داخل مصر عن غضبهم من التقارب بني الدوحة وجماعة اإلخوان املسلمني (والذي نظر إليه باعتباره تدخال في الشؤون الداخلية املصرية ودعما لعوامل االضطرابات) وهو ما تجلى في إعادة الحكومة املصرية لودائع قطرية تبلغ قيمتها ملياري دوالر في سبتمبر .2013
وم��ن جهة أخ ��رى ،ل��م تكن فقط تصريحات ال�ق��رض��اوي ه��ي العامل الوحيد خلف غضب ال��دول الثالث بمجلس التعاون الخليجي ،حيث كان هناك عامل آخر يتعلق بأن قطر ،وكما تقول «واشنطن بوست» قد استخدمت «شبكة الجزيرة العربية كمنصة لخطاب املعارضة ضد الحكومة املصرية مما أث��ار غضب مصر وحلفائها ب��دول الخليج». وذه��ب البعض في واشنطن إل��ى حد وص��ف «ال�ج��زي��رة» بأنها لسان حال اإلخوان املسلمني. وفي إشارة إلى مدى توافق سياسة دول مجلس التعاون بشأن مصر، تعهدت السعودية والكويت واإلمارات بتزويد مصر بمبلغ يصل إلى 12 مليار دوالر من املنح والقروض منعدمة الفوائد مباشرة بعد اإلطاحة النزاع الخفي بمرسي. على أي��ة ح��ال ،ف��إن ال�خ�لاف اللفظي انتقل إل��ى خ�لاف م��ادي فعلي .ومنذ سقوط مرسي ،وجدت قطر طرقا أخرى لدعم جماعة اإلخوان فكما يشير برنارد هايكل ،األستاذ بجامعة برنستون« :كانت قطر املصرية ،ك��ان أب��رزه��ا استضافتها إل��ى ع��دد متنام م��ن اإلسالميني تقود مساعي خلع األنظمة العربية السلطوية من تونس إلى سوريا امل�ص��ري�ين وال�س�م��اح ل�ه��م ب��االس�ت�م��رار ف��ي ال��دف��اع ع��ن قضيتهم من وكانت فاعلة على العديد من الجبهات حيث كانت تقدم الدعم اإلعالمي األراضي القطرية وعبر وسائلها اإلعالمية .ويعود هذا التوجه لسنوات والدعائي وتوفر املساعدات املالية والعسكرية وتتدخل في النزاعات بني سابقة ،حيث كان القرضاوي نفسه يثير املشاكل لدول عربية وخليجية ملدة طويلة من األراضي القطرية وعبر قناة «الجزيرة» التي تمولها قطر. العديد من الجماعات املتمردة». ف�ق��د دع �م��ت ق�ط��ر ال�ف�ص��ائ��ل اإلس�لام �ي��ة ال�س�ن�ي��ة ال �ت��ي ت�س�ع��ى إلث��ارة ولم تكن السعودية فقط هي من فاض بها الكيل إثر تلك املمارسات ،بل االضطرابات في ال��دول السلطوية .كما سهلت األجندة اإليرانية في إن السلطات املصرية نفسها قد بدأت تتخذ إجراءات بنفسها ملواجهة املنطقة من خالل عالقتها القوية بإيران ودعمها لحزب الله وغيره من ما تنظر إليه كتدخل قطري عدائي حيث أغلقت مكاتب «الجزيرة» التنظيمات التابعة إلي��ران .وينظر إل��ى ذل��ك السلوك باعتباره سلوكا بالقاهرة واحتجزت عددا من صحافييها.
اجتماع لوزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي الـ 32الذي عقد في البحرين -صورة ارشيفية 28 -مارس (اذار) ( - 2013واس)
,,
منذ حل قطر جماعة اإلخوان املسلمني في عام 1999 انحسر خطر تهديد الجماعة لألمن الداخلي القطري
,,
يمثل تهديدا خطيرا لألمن الداخلي لبلدان مثل السعودية والبحرين
واإلمارات وهو ما يرجع في جانب كبير منه إلى االضطرابات الطائفية طريقة العمل
الداخلية داخل تلك البلدان. وكان من بني املمارسات القطرية األخرى التي أثارت غضب جيرانها وإن ولكن ملاذا تميل قطر «لالنحياز للفريق اآلخر» من خالل دعمها الواضح كانت تمثل تهديدا أقل خطرا على أمنها هو تأييدها للفصائل املتنازعة لجماعة اإلخوان وغيرها من اإلسالميني في املنطقة؟ يعد هذا السؤال ذا
المجلة /العدد 1594أبريل -نيسان 2014
17