فرنسا والجزائر...استعمار دون اعتذار

Page 67

‫من غير املقبول تمجيد االستعمار‪ ،‬أراد البعض منذ أكثر‬ ‫من عشر سنوات بقليل أن يفعل ذلك في فرنسا على غرار‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫قانون ‪ 23‬فبراير (شباط) ‪ .»2005‬وأكد قائال‪« :‬لطاملا كنت‬ ‫كعمل همجي‪ ،‬لقد فعلت ذلك في فرنسا‪،‬‬ ‫أدين االستعمار‬ ‫ٍ‬ ‫هنا االستعمار جزء من التاريخ الفرنسي‪ .‬إنها جريمة‪ ،‬إنها‬ ‫جريمة ضد اإلنسانية»‪.‬‬ ‫وأض�����اف‪« :‬ه���ذا امل��اض��ي ال���ذي ي��ج��ب أن ن��واج��ه��ه م��ن خ�لال‬ ‫االعتذار ملن ارتكبنا هذه األفعال ّ‬ ‫ضدهم‪ .‬كانت هناك جرائم‬ ‫مروعة‪ ،‬تعذيب‪ ،‬همجية‪ ،‬لكن في نفس الوقت‪ ،‬ال أريد أن أقع‬ ‫ّ‬ ‫وتحدث اإلليزيه‪،‬‬ ‫في ثقافة الذنب التي ال نجني منها شيئا»‪.‬‬ ‫األرب��ع��اء املاضي‪ ،‬عن رف��ض االع��ت��ذار للجزائر عن الجرائم‬ ‫التي وقعت في الفترة االستعمارية بعد تسليم املؤرخ بنيامني‬ ‫ستورا تقريره للرئاسة الفرنسية‪.‬‬ ‫وأف����ادت ال��رئ��اس��ة الفرنسية أن��ه��ا تعتزم ال��ق��ي��ام ب��ـ «خ��ط��وات‬ ‫رمزية» ملعالجة ملف الفترة االستعمارية في الجزائر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وألول مرة بعد ستني ً‬ ‫عاما من الواقعة‪ ،‬زار رئيس جمهورية‬ ‫فرنسي يوم السبت املاضي‪ ،‬جسر بونت دي بيزون‪ ،‬وحديقة‬ ‫بيير الجرافير‪ ،‬مكان املجزرة‪ ،‬للمشاركة ّ‬ ‫ألول مرة في مراسم‬ ‫إحياء الذكرى الستني لها‪ ،‬بحضور العائالت املتضررة من‬

‫جزائريون يطالبون فرنسا بتقديم‬ ‫ّ‬ ‫اعتذار على غرار اعتذارات قدمتها بسخاء‬ ‫لضحاياها من األفارقة واليهود‬

‫ه���ذه امل���أس���اة‪ ،‬وم���ن ح��ارب��وا م��ن أج���ل االع���ت���راف بالحقيقة‪،‬‬ ‫وأحفاد جميع املعنيني بها‪ ،‬حيث وقف دقيقة صمت حدادًا‬ ‫ً‬ ‫على ضحايا القمع الدموي ووضع إكليال من الزهور على‬ ‫ضفاف نهر السني وألقى ببعض الزهور في املياه‪ ،‬بينما أطلق‬ ‫البعض الحمام في السماء‪ ،‬وقال قصر اإلليزيه مبررًا اختيار‬ ‫ه��ذا املوقع إلحياء ذك��رى القمع‪ ،‬لكونه «ت��م إط�لاق الذخيرة‬ ‫الحية فيه وتم انتشال جثث من نهر السني»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وفي سياق متصل‪ ،‬أكدت الرئاسة ملندوب «املجلة» في الوقت‬ ‫نفسه أن «هذا ال يعني إعادة كتابة التاريخ أو إعادة اختراعه»‪.‬‬ ‫لقد اعترف الرئيس ماكرون بالوقائع والجرائم التي ارتكبت‬ ‫تلك الليلة واصفًا املظاهرة بـ «جرائم ال مبرر لها بالنسبة إلى‬ ‫الجمهورية وبأنها ال تغتفر للجمهورية»‪.‬‬ ‫لم ّ‬ ‫يحبذ الرئيس ماكرون أن يكون االعتراف مباشرًا عبر‬ ‫خ��ط��اب ك��ي ال يخسر ع���ددًا كبيرًا م��ن ناخبيه قبل سبعة‬ ‫أشهر من االنتخابات الرئاسية‪ ،‬لكنه ّ‬ ‫عبر في بيان أعلنه‬ ‫قصر اإلليزيه حصلت «املجلة» على نسخة منه اعتمدت فيه‬ ‫الرئاسة الرواية الفرنسية‪ :‬بأنه في ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،1961‬نظم‬ ‫االتحاد الفرنسي لجبهة التحرير الوطني مظاهرة في باريس‬ ‫لالحتجاج على مرسوم ‪ 5‬أكتوبر الذي يمنع الجزائريني فقط‬ ‫ً‬ ‫مساء‪ .‬جاء ذلك على‬ ‫من مغادرة منازلهم بعد الساعة ‪8:30‬‬ ‫ّ‬ ‫وتوجه أكثر من‬ ‫الرغم من الحظر املفروض على التظاهرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التجمع املختلفة‪ .‬كان‬ ‫‪ 25‬ألف رجل وامرأة وطفل إلى نقاط‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودمويا‪ .‬وألقي القبض على قرابة ‪12‬‬ ‫وحشيا وعنيفا‬ ‫القمع‬ ‫ُ‬ ‫ألف جزائري ونقلوا إلى مراكز الفرز في ملعب كوبرتان‬ ‫وقصر الرياضة وأماكن أخ��رى‪ ،‬باإلضافة إلى العديد من‬ ‫الجرحى‪ ،‬قتل العشرات‪ ،‬وألقيت جثثهم في نهر السني‪ .‬لم‬ ‫يعثر العديد من العائالت على رفات أحبائهم الذين اختفوا‬ ‫في تلك الليلة‪.‬‬ ‫وتابع البيان‪ :‬لقد أثبت املؤرخون هذه الحقائق لفترة طويلة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد نسيت هذه املأساة لفترة طويلة أو تم نفيها أو إخفاؤها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وغ��رد الرئيس ماكرون قائال‪« :‬تنظر فرنسا إل��ى تاريخها‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪ 1875‬تشرين األول (أكتوبر) ‪2021/ 10 / 22‬‬

‫قائد شرطة باريس‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.