قصة الغالف مذهبية زيدية . المواجهة المسلحة كانت المرحلة الثانية هي مرحلة المواجهة المسلحة، وهي مرحلة التنظيم المسلّح العلني للشباب المؤمن، أو ما بات يُعرف بجماعة الحوثي ،والتي بدأت منذ الشهر السادس من عام 2004م ،حيث تحوّل التنظيم – أو قسم منه -إلى تلك الميلشيات العسكرية ذات البُعد األيديولوجي ،التي خاضت خمس حروب مع الجيش اليمني ،على مدى يزيد قليال على أربعة أعوام نجمت عنه أزمة وطنية كبرى ،ال تزال تداعياتها واضحة فى الحرب السادسة اآلن .. وقد زار حسين بدر الدين الحوثي إيران ومكث مع أبيه عدة أشهر في قم ،كما قام بزيارة " حزب هللا " في لبنان ..وعرف عنه تأثره حتى النخاع بثورة الخميني في إيران ،حيث إنه خضع لدورات أمنية وسياسية وغيرها في لبنان عند حزب اللـه ،ولديه ارتباط قوي بالحرس الثوري اإليراني ورفع شعارات التأييد لـ"حزب اللـه" اللبناني ..قاد التمرد ضد الحكومة اليمنية ،وقتل في الحرب األولى عام ( )2004عن عمر يناهز 46سنة. القائد الثاني للحوثيين هو :عبد الملك الحوثي والذى تزعم التيار الحوثي بعد وفاة شقيقه حسين متجاو ًزا شخصيات بارزة أخرى في التيار ،من بينها عدد من أشقائه الذين يكبرونه سنًا ،وأصبح القائد الفعلى لحركة التمرد. قام فى عام ،2007بتأسيس موقع المنبر اإللكتروني لنقل وجهة نظر حركته للعالم.
تلك المقدمة كانت ضرورية لفهم الصراع الدائر، حاليا ،في شمال اليمن بين الدولة اليمنية والمتمردين الحوثيين ،والذي أصبح الشغل الشاغل لكثير من المراقبين في المنطقة خاصة أن عالقة المتمردين الحوثيين ببعض القوى اإلقليمية (تحديدا إيران) واحدة من أهم المسائل التي ظل االلتباس والغموض يلفانها طيلة السنوات الماضية ،على نحو جعل كثيرًا من المراقبين يحتارون في تفكيك هذه العالقة والظروف التي نمت فيها وتطورت ،وطبيعة المنافع المتبادلة بين طرفين غير متناظرين هيكليًا ووظيفيا أو متجاورين جغرافيًا ،حيث تفصل بينهما مساحات شاسعة من األراضي والقفار ،فضال عن مياه الخليج وسواحله. وقد أعطت حالة الالتناظر هذه وانقطاع خطوط التماس الجغرافي ،فضال عن التعايش واالنسجام النسبي بين المكونات المذهبية والطائفية للمجتمع اليمني انطباعًا بصعوبة نسج عالقة عضوية ذات أهمية ،وعلى درجة كبيرة من الوثوقية يمكن التعويل علىها ،بين جماعة الحوثيين -بنزعتها اإلحيائية وفق منطلقات الزيدية المتأخرة -والدولة اإليرانية ،السيما أن عالقة كهذه، إن ظهرت سافرة للعلن ،ربما تلقى معارضة شديدة من معظم زيدية اليمن ،الذين يبدون نفورا تقليديا من توجهات إيران (الجعفرية/اإلثني عشرية) ،والتي تحاول منذ ثورتها اإلسالمية في نهاية سبعينيات القرن الماضي ،ترويج نفسها بوصفها المظلة الشرعية و"الوحيدة" لشيعة العالم كافة ،على اختالف طوائفهم ومواقعهم. غير أن هذه االنطباع -في الحقيقة -ظل مقصورًا على العدد 1536
© Getty Images
ومن الشخصيات البارزة في هذه الحركة :يحيى الحوثي ( )49عا ًما شقيق حسين الحوثي ويعيش خارج اليمن ،ويقيم في العاصمة األلمانية برلين منذ أواخر 2004م بعد أن طلب حق اللجوء السياسي ،ويعد المسئول السياسي لجماعة الحوثيين .
© Getty Images
فهم السياق الذي نبتت فيه روابط الحوثيين وإيران ،وهو سياق متعدد األبعاد ومعقّد ولم يكن تبادليًا بالضرورة. وقد استمرت وتيرته بالتصاعد شيئًا فشيئًا وعلى فترات متباعدة نسبيا ،خصوصا خالل العقدين األخيرين. رعاية إيرانية غير رسمية ُرجع عالقة الحوثيين في على الرغم من أن البعض ي ِ اليمن بإيران إلى وقت مب ِّكر ،يصل مداه في بعض الروايات إلى مطلع ثمانينيات القرن الماضي عندما ى ما لدى لقيت شعارات إيران الثورية وقتذاك صد ً بعض زيدية اليمن ،لكن هذه العالقة في الواقع لم تتخذ طابعا وظيفيا -إن جاز القول -إال في السنوات األخيرة. وهذا ال يعني أن الروابط لم تكن موجودة ،لكنها ظلت تتفاعل في أطر محدودة ذات صبغة فكرية أساسا، وترعاها غالبا أنساق وقنوات إيرانية غير رسمية. وبفعل تأثّر حسين الحوثي بخطاب إيران الثوري وأيديولوجيتها السياسية -وليس الدينية بالضرورة - بدأت تبرز ظاهرة التحوّل وعملية االستقطاب المنظم في ظل رغبة داخلية متوقّدة وميل جارف نحو التمرد، وسرعان ما أذكتهما الحملة التي بدأتها الواليات المتحدة ضد اإلرهاب الدولي عقب اعتداءات الحادي
هل يدفع النظام اليمني ثمن توازناته مع القبائل ؟ عشر من أيلول/سبتمبر عام ،2001والتي نظر إليها الحوثي بريبة كبيرة ،معتبرًا إياها "حربًا ضد اإلسالم والمسلمين". وفي هذه األثناء ،بدأ الحوثي في ظل شعور متنام بالقوة وانتشار حركته واشتداد عودها ،في إعداد أعضاء الحركة من الشباب عسكريًا ،وفي استحداث قنوات تعلىمية وتربوية بعيدة عن إشراف الدولة ،وفي تأليب األعضاء على المؤسسات الرسمية باعتبارها غير مواز ،أطلق الحوثي وعناصر شرعية .وفي اتجاه ٍ حركته شعارهم المدوّي ("اللـه أكبر ،الموت ألمريكا، الموت إلسرائيل ،اللعنة على اليهود ،النصر لإلسالم"). وعلى الرغم من أن الشعار الذي بات مقرونًا بأعضاء الجماعة لم يكن مرفوضا في ذاته ،ولكن الطريقة التي كان يتم بها -وال يزال -ترديد الشعار في المساجد وبعد الصلوات ،وكتابتها على الجدران في الشوارع والميادين العامة ،بدت مستقاة من خبرة غير يمنية، وتحديدًا خبرة إيرانية ،وأخرى قريبة من أداء حزب هللا اللبناني .وهي طريقة تعبوية تهدف إلى استمرار الشحن المعنوي ألعضاء الحركة ،وجعلهم يشعرون بالتميّز والتفرّد عن أعضاء األحزاب والجماعات األخرى .كما تُعبّر أيضًا عن أساليب شمولية في التجنيد السياسي.
21