المعتذرون للقاعدة

Page 41

‫قصة الغالف‬

‫منذ أن خلع الجيش املصري الرئيس السابق وعضو جماعة اإلخوان‪ ،‬محمد مرسى‪ ،‬كانت البالد ترزح تحت‬ ‫وطأة العنف والصراع الطائفى واالضطرابات‪ .‬وكان الخطاب السائد والناجم عن ذلك املزيج الخطر – وإن كان‬ ‫هذا الخطاب نسجته بعناية أعلى نخبة بالجيش – هو خطاب الحرب على اإلرهاب‪ .‬وفي إطار هذا الخطاب‪،‬‬ ‫أصبحت جماعة اإلخوان املسلمني العدو األول للشعب‪ ،‬خاصة وأن النظام سلط الضوء على التصريحات التي‬ ‫أطلقها أعضاء بجماعة اإلخوان في أعقاب االنقالب تعهدوا فيها باالستشهاد دفاعا عن قضيتهم‪.‬‬

‫بعدما صنفت مصر اإلخوان تنظيما إرهابيا‪ :‬هل تفعل الواليات املتحدة الشيء نفسه؟‬

‫أمريكا واجلماعة‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫تالى هلفونت‬

‫‪,,‬‬

‫أكد أوباما أن‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫«سوف تستمر‬ ‫في مضيها قدما‬ ‫في الحفاظ على‬ ‫عالقات بناءة‬ ‫مع الحكومة‬ ‫االنتقالية في‬ ‫مصر فيما‬ ‫تدعم املصالح‬ ‫الرئيسة مثل‬ ‫اتفاقيات كامب‬ ‫ديفيد ومكافحة‬ ‫اإلرهاب»‬

‫‪,,‬‬

‫‪28‬‬

‫وتجد اآلن الواليات املتحدة نفسها في موقف ملتبس حيث يجب‬ ‫عليها السير بحذر وسط أرض تعج باأللغام األرضية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من هذا الخطر‪ ،‬تحاول أميركا مرة أخرى أن تستعيد وضعها في‬ ‫مصر؛ وذلك حيث إن العالقات الثنائية التي كانت من قبل تمثل حجر األساس‬ ‫في بنية التحالف األميركي في املنطقة كانت قد بدأت تشهد تراجعا سريعا‬ ‫بعدما أنتج ميدان التحرير ثورة ‪ 25‬يناير (كانون الثانى)‪ .‬فعلى الرغم من أن‬ ‫الدعم األميركي ملصر كان قد صمد أمام العديد من التغيرات في السنوات‬ ‫السابقة‪ ،‬فإنه لم يخرج منها دون أضرار‪ ،‬وذلك حيث ساهمت العديد من‬ ‫العوامل في تراجع العالقات األميركية‪ -‬املصرية؛ يتداعى اثنان منها على وجه‬ ‫الخصوص إلى األذهان حاليا‪ .‬أوال‪ ،‬طبيعة السياسة الخارجية األميركية تجاه‬ ‫مصر واملعتمدة على رد الفعل والتي كان العديد منا يرى أنها تأتي متأخرة‬ ‫باستمرار خطوتني عن تطور األحداث على األرض كما أنها لم تكن تتوافق‬ ‫دائما مع لب املصالح األميركية وهو ما ساعد على احتقان العالقات‪ .‬وثانيا‪،‬‬ ‫تعرض ذلك التحالف لالضطرابات إثر تغير األوضاع السريع في مصر‪،‬‬ ‫فبعدما كان مبارك في القمة هبط منها في غمضة عني‪ ،‬وبعدما كانت جماعة‬ ‫اإلخوان املسلمني تحظى بأغلبية أصوات الناخبني؛ حيث حصلت على ‪51.7‬‬ ‫في املائة من األصوات فى صندوق االقتراع‪ ،‬اتهمت في اليوم التالي بأنها‬ ‫تحاول بناء ديكتاتورية إسالمية جديدة‪ .‬وقد دفعت هذه التغيرات الرئيسة‬ ‫في القيادة الواليات املتحدة للتساؤل عما إذا كان التحالف مع مصر يمكن‬ ‫إنقاذه أم ال وما هي تكلفة إنقاذه‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬يجب علينا فحص السؤال بشأن ما إذا كانت الواليات‬ ‫املتحدة سوف تؤيد قرار الحكومة املصرية بتصنيف جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني كجماعة إرهابية‪ ،‬واألهم من ذلك‪ :‬هل تحذو حذوها‪.‬‬ ‫بغض النظر عن انعدام الثقة املتبادل بني الحلفاء‪ ،‬يجب أن نأخذ في اعتبارنا‬ ‫املشهد الحالي في املنطقة‪ ،‬وذلك حيث إن انتباه الواليات املتحدة كان مشتتا‬ ‫في العديد من القضايا؛ تحديدا إيران وسوريا واملشروع التاريخي لوزير‬ ‫الخارجية األميركي جون كيري – مفاوضات السالم اإلسرائيلية الفلسطينية‬ ‫ مما جعلها تبدو أكثر انشغاال من أن تولي اهتماما ملصر ناهيك عن أن‬‫تتخذ موقفا واضحا بشأن قرارها بتصنيف جماعة اإلخوان كجماعة‬ ‫إرهابية‪ .‬كما أن هناك دليال على أن تقديم الواليات املتحدة الدعم لهذا القرار‬ ‫في هذه اللحظة لن يكون في مصلحة الواليات املتحدة في هذه املرحلة وهو‬ ‫ما سأشرحه الحقا‪.‬‬ ‫على أية حال‪ ،‬لم يمض قرار الحكومة املصرية بتصنيف الجماعة كجماعة‬ ‫إرهابية تماما دون أن يلفت األنظار في واشنطن‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن التصريح‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1592‬فبراير‪ -‬شباط ‪2014‬‬

‫الرسمي الوحيد حول ذلك القرار جاء من املتحدثة باسم الخارجية األميركية‬ ‫التي قرأت بعناية تصريحا معدا مسبقا يتمحور حول تداعيات مثل تلك‬ ‫الخطوة على الحريات التي يكفلها القانون لألميركيني وليس للمصريني‪،‬‬ ‫فيقول التصريح‪:‬‬ ‫«نحن قلقون بشأن تصنيف الحكومة املصرية االنتقالية في ‪ 25‬ديسمبر‬ ‫املاضي لجماعة اإلخوان املسلمني كجماعة إرهابية‪ ،‬باإلضافة إلى استمرار‬ ‫حمالت اعتقال واحتجاز املتظاهرين السلميني ومنظمات املجتمع املدني‬ ‫والنشطاء السياسيني‪ .‬وما زلنا قلقني بعمق بشأن االعتقاالت واالحتجازات‬ ‫واالتهامات بدوافع سياسية في مصر‪ .‬وكما قلنا‪ ،‬تثير هذه األفعال‬ ‫التساؤالت حول تطبيق القانون بعدالة ودون انحياز‪ ،‬كما أنها لن تمضى‬ ‫قدما بالعملية االنتقالية»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الرئيس األميركي باراك أوباما لم يدل بأية تصريحات حول‬ ‫تلك القضية حتى اآلن‪ ،‬أعرب وزير الخارجية جون كيري عن مخاوفه في‬ ‫مكاملة هاتفية مع نظيره املصري‪ ،‬وزير الخارجية نبيل فهمي قبل ذلك بأربعة‬ ‫أيام‪ .‬وكان لهذه املكاملة هدفان‪ :‬التعبير عن عزاء كيرى الصادق للحكومة‬ ‫املصرية وأسر ضحايا الهجوم اإلرهابي الذي استهدف مديرية أمن الدقهلية‬ ‫في املنصورة وللتأكيد على حاجة مصر إلى إقامة عملية سالم شاملة تحترم‬ ‫حقوق اإلنسان األساسية وتضمنها لكافة املواطنني‪ ،‬باإلضافة إلى الحاجة‬ ‫لتحقيق االستقرار السياسي والتغير الديمقراطي‪.‬‬ ‫وباملثل‪ ،‬اتصل وزير الدفاع تشاك هيغل بوزير الدفاع املصري‪ ،‬عبد الفتاح‬ ‫السيسي قبل يوم من تصريح وزارة الخارجية مقدما تعازيه ومناقشا ما‬ ‫وصفه وزير الدفاع‪« :‬بالتوازن بني األمن والحرية»‪ .‬ولهذه املحادثة أهمية‬ ‫خاصة أخذا في االعتبار أن قدرا كبيرا من العالقات الثنائية بني البلدين‬ ‫كان يعتمد على هذين الرجلني وليس على الفرق الدبلوماسية التي أوكلتها‬ ‫الدولتان لهذه املهمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يقم أي من كيرى أو هيغل بذم أو امتداح ذلك‬ ‫التصنيف‪ .‬ويبدو أن عدم وجود رد فعل رسمي يعكس إلى حد ما رغبة في‬ ‫التقليل من شأن القضية‪.‬‬

‫الواليات املتحدة أختارت عدم االنحياز‬ ‫وفي الحقيقة‪ ،‬حدد أوباما هذا املسار بنفسه قبل عدة شهور أثناء الكلمة‬ ‫التي ألقاها أمام الجمعية العامة لألمم املتحدة عندما قال مباشرة إنه يعتزم‬ ‫عدم االنحياز ألحد األطراف‪ ،‬مؤكدا أن كال من الرئيس املعزول محمد مرسى‬ ‫والحكومة االنتقالية يحكمان بأسلوب قمعي وال يتضمن كافة األطياف‪،‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.