issue 1

Page 7

‫َات َب ْع�ضُ ُه ْم �أَ ْو ِل َياء َب ْع ٍ‬ ‫�ض| التوبة ‪�} 71‬إِ مَّنَا المْ ُ ْ�ؤ ِمنُو َن‬ ‫ب�صرية دون انزالق يف منعطفات تبعدنا �أو عرثات تقعدنا وهذا َوالمْ ُ�ؤْ ِمن ُ‬ ‫�ص ِل ُحوا َبينْ َ َ�أخَ َو ْي ُك ْم َوا َّتقُوا ال َّل َه َل َع َّل ُك ْم ُت ْر َح ُمو َن{‬ ‫يتحقق ب�إذن اهلل بزاد من التقوى والإميان م�صداق ًا لقول اهلل ِ�إخْ َو ٌة َف َ�أ ْ‬ ‫تعاىل‪} :‬ي�أيها الذين �آمنوا اتقوا الله و�آمنوا بر�سوله احلجرات ‪.10‬‬ ‫ي�ؤتكم كفلني من رحمته ويجعل لكم نورا مت�شون به ور�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ي�رشط متام الإميان بتحقيق هذا‬ ‫ويغفر لكم والله غفور رحيم{‪.‬‬ ‫احلب فيقول‪« :‬ال ي�ؤمن �أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنف�سه»‬

‫وقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يف احلديث القد�سي الذي‬ ‫يرويه عن ربه «من عادى يل وليا فقد �آذنته باحلرب وما تقرب �إيل‬ ‫عبدي ب�شيء �أحب �إيل مما افرت�ضت عليه وما يزال عبدي يتقرب �إيل‬ ‫بالنوافل حتى �أحبه‪ ،‬ف�إذا �أحبته كنت �سمعه الذي ي�سمع به وب�رصه‬ ‫الذي يب�رص به‪ ،‬ويده التي يبط�ش بها ورجله التي مي�شي بها و�إن‬ ‫�س�ألني �أعطيته ولئن ا�ستعاذين لأعيذنه» رواه البخاري‪.‬‬ ‫فهذا احلديث يظهر �أثر حمبة اهلل لأوليائه مبا ورد يف احلديث «ف�إذا‬ ‫�أحببته كنت �سمعه الذي ي�سمع به…» ونحن يجب علينا �أن ن�صل‬ ‫�إىل هذه الدرجة لن�سري يف نور اهلل‪ ،‬قال ابن رجب‪ :‬واملراد من هذا‬ ‫الكالم �أن من اجتهد بالتقرب �إىل اهلل بالفرائ�ض ثم بالنوافل قربه‬ ‫�إليه ورقاه من درجة الإميان �إىل درجة الإح�سان في�صري يعبد اهلل‬ ‫على احل�ضور واملراقبة ك�أنه يراه فيمتلئ قلبه مبعرفة اهلل تعاىل‬ ‫وحمبته وعظمته وخوفه ومهابته والأن�س به وال�شوق �إليه حتى‬ ‫ي�صري هذا الذي يف قلبه من املعرفة م�شاهدا له بعني الب�صرية‪.‬‬ ‫ومتى امتلأ القلب بعظمة اهلل تعاىل حما ذلك من القلب كل ما �سواه‬ ‫ومل يبق للعبد �شيء من نف�سه وهواه وال �إرادة �إال ملا يريده منه‬ ‫مواله فحينئذ ال ينطق العبد �إال بذكره وال يتحرك �إال ب�أمره ف�إن‬ ‫نطق‪ ،‬باهلل و�إن �سمع‪� ،‬سمع به و�إن نظر‪ ،‬نظر به و�إن بط�ش‪ ،‬بط�ش به‬ ‫فهذا هو املراد بقوله‪« :‬كنت �سمعه الذي ي�سمع به…»‪.‬‬ ‫وقد ذهب ال�شوكاين �إىل �أن املراد‪� :‬إمداد الرب �سبحانه لهذه الأع�ضاء‬ ‫بنوره الذي تلوح به طرائق الهداية وتنق�شع عنده �سحب الغواية وقد‬ ‫نطق القر�آن الكرمي ب�أن اهلل �سبحانه هو نور ال�سماوات والأر�ض‪،‬‬ ‫ويف ال�صحيح من دعاء النبي عليه ال�صالة وال�سالم‪« :‬اللهم اجعل يف‬ ‫قلبي نورا ويف ب�رصي نورا‪ ،‬ويف �سمعي نورا»‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الأخوة واحلب‪:‬‬

‫�إن من �أعظم التي تربط املجتمع امل�سلم والتي يجب �أن يحر�ص‬ ‫عليها كل م�سلم هي رابطة الأخوة واملحبة يف اهلل ليتم الت�آلف‬ ‫والتعاون والتفاهم ولتتم القوة للمجتمع امل�سلم وقد‬ ‫حث القر�آن الكرمي يف �آياته وحث الر�سول �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم على ذلك فال تتحقق رابطة‬ ‫الأخ��وة واملحبة ب�صورة �صادقة دائمة‬ ‫�إال بني امل�ؤمنني الأتقياء الأنقياء‬ ‫فقد قال تعاىل‪} :‬المْ ُ�ؤْ ِمنُو َن‬

‫رواه البخاري وم�سلم‪.‬‬ ‫فري�شد احلديث �إىل متا�سك املجتمع امل�سلم واملحبة وال��ود فيه‬ ‫ويهدف الإ�سالم �أن يعي�ش النا�س جميعا متوادين متحابني ي�سعى‬ ‫كل فرد منهم يف م�صلحة اجلميع و�سعادة املجتمع‪ ،‬حتى ت�سود‬ ‫العدالة وتنت�رش الطم�أنينة يف النفو�س ويقوم التعاون والت�ضامن‬ ‫فيما بينهم وال يتحقق ذلك كله �إال �إذا �أراد كل فرد يف املجتمع لغري‬ ‫ما يريده لنف�سه من ال�سعادة واخلري والرخاء ولذلك جنده �صلى اهلل‬ ‫عليه و�سلم يربط ذلك بالإميان ويجعله خ�صلة من خ�صاله‪.‬‬ ‫ويف هذا احلديث يبني لنا ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �أن الإميان‬ ‫ال تر�سخ جذوره يف النف�س وال يتمكن من القلب وال يكمل يف �صدر‬ ‫امل�سلم �إال �إذا �أ�صبح �إن�سان خري بعيدا عن الأنانية واحلقد والكراهية‬ ‫واحل�سد فال يحب للنا�س الأمثل ما يحب لنف�سه من ال�سالمة من‬ ‫ال�رش والأذى والتمتع برغد العي�ش والفوز بر�ضوان �سبحانه والقرب‬ ‫منه جل وعال‪ .‬ومما يحقق هذا الكمال يف نف�س امل�سلم‪:‬‬ ‫‪� - 1‬أن يحب لغريه من اخلري املباح وفعل الطاعات ما يحبه لنف�سه‬ ‫و�أن يبغ�ض لهم من ال�رش واملع�صية ما يبغ�ضه لنف�سه �أي�ضاً‪ .‬فقد‬ ‫�أخ��رج �أحمد من حديث معاذ ر�ضي اهلل عنه �أنه �س�أل ر�سول اهلل‬ ‫�صلى عليه و�سلم عن �أف�ضل الإميان فقال‪�« :‬أن حتب للنا�س ما حتب‬ ‫لنف�سك وتكره لهم ما تكره لنف�سك»‪.‬‬ ‫‪� - 2‬أن يجتهد يف �إ�صالح �أخيه امل�سلم �إذا ر�أى منه تق�صريا يف‬ ‫واجبه �أو نق�صا يف دينه‪.‬‬ ‫‪� - 3‬أن يبادر �إىل �إن�صاف �أخيه امل�سلم من نف�سه وي ��ؤدي �إليه‬ ‫حقوقه كما يحب هو �أن ينت�صف لنف�سه من غريه ويح�صل على‬ ‫حقه منه وروى م�سلم عن عبد اهلل بن عمرو بن العا�ص ر�ضي اهلل‬ ‫عنهما عن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم قال‪« :‬من �أحب �أن يزحزح عن‬ ‫النار ويدخل يف اجلنة فلتدركه منيته وهو م�ؤمن باهلل واليوم الآخر‬ ‫وي�أتي �إىل النا�س الذي يحب �أن ي�ؤتى �إليه»‪.‬‬

‫تتحقق بزاد من الإميان وتقوى اهلل‬ ‫ال�شعور مبعية اهلل‬ ‫نـــــــــور اهلل‬ ‫أخوة واملحبــــة‬ ‫ال ّ‬

‫‪7‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.