السماء الثامنة - خالد الباتلي

Page 1



‫تراتيل‬

‫ال�ســــــمــاء‬ ‫الثامنة‬



‫تراتيل‬

‫ال�ســــــمــاء‬ ‫الثامنة‬ ‫خـ ــال ــد البـ ــاتل ــي‬

‫دار الفارابي‬


‫الكتاب‪ :‬تراتيل ال�سماء الثامنة‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬خالد الباتلي‬ ‫الغالف‪ :‬ت�صوير وت�صميم ‪ :‬حممد ا�سحق‬ ‫النا�شر‪ :‬دار الفارابي ـ بريوت ‪ -‬لبنان‬ ‫ت‪ - )01(301461 :‬فاك�س‪)01(307775 :‬‬ ‫�ص‪.‬ب‪ - 11/3181 :‬الرمز الربيدي‪1107 2130 :‬‬ ‫‪www.dar-alfarabi.com‬‬ ‫‪e-mail: info@dar-alfarabi.com‬‬ ‫الطبعة الأولى‪2015 :‬‬

‫© جميع احلقوق حمفوظة‬ ‫تباع الن�سخة الكرتوني ًا على موقع‪:‬‬ ‫‪www.arabicebook.com‬‬




‫يف البدء‬ ‫�إن كان لكل غر�س ثمر‬ ‫فالبد �أن يكون لكل حلم حقيقة تنمو وتكرب‪..‬‬ ‫احلموا وانبتو ب�أنف�سكم بذور �صدق‬ ‫لأحالمكم التي البد �أن ت�ستحقكم‬ ‫وت�أكدو �أن يف ظل الأمن وب�سقيا احلب تنمو �أ�شجار‬ ‫القلب‪..‬وتثمر خريات احلياة‪..‬‬ ‫هنا يف ال�سماء الـ ‪.. 8‬‬ ‫حرف �شجن وفكر‪..‬‬ ‫هنا عقل وال عقل‪..‬ترقب واحرتاق‪ ..‬هنا كل �شيء وال‬ ‫�شيء‪..‬‬ ‫�أردناها �سماء ثامنة لنكون يف حل من كل قيد �أو قانون‪..‬‬ ‫هنا رحلة يف �أجواء حلم ال حد له‪..‬‬ ‫فقط �أنا وهي و�أجمل املعاين‪..‬‬ ‫حتكي هي‪..‬و�أحكي �أنا‪..‬وي�صبح الكالم كالنا‬ ‫ال�سماء تكتظ بالغيم‪..‬والغيم يب�شر بالكثري‪..‬‬ ‫وهنا قطرات من نب�ض ي�سكنها الكثري منها ومني‪..‬‬

‫خالد ‪2013‬‬

‫‪1‬‬


‫امرأة شرقية‬

‫أنت‬ ‫� ِ‬

‫‪ ‬يا بداية احلكاية‬ ‫�أنت امر�أة‪ ‬الزالت تنهكها‬

‫ال�سنون‬ ‫الزالت تراودها اللحظات املن�سية‬ ‫ال زالت تهرب منها الدموع خج ًال‬ ‫ال زالت تراودها رغبة االنعتاق‬ ‫�إذا ماجن الليل‬ ‫تنتظر‪ ‬بريق النهار‬

‫امر�أة ال زالت تنتظر احللم ليكتمل‬ ‫تتلذذ الق�سوة على راحتيها‬ ‫تداهمها ذكرى اللحظات امل�شروخة‬ ‫امر�أة ال زالت حتلم‬ ‫�أن تغت�سل بزرقة البحر‬ ‫واحللم يتو�سع ‪ ..‬كمو�سيقى الغيب ‪..‬‬ ‫امر�أة حتلم بغيب جديد‬ ‫و�أبواب دون حرا�سة‬ ‫وحلم �أبي�ض يغ�شاها‬ ‫تهزه ‪ ..‬ويت�ساقط ندي ًا‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪2‬‬

‫امر�أة لل�صباح ‪..‬للوقت‬ ‫ك�آخر النجوم يف ال�سماء‬ ‫تنتظر ‪ ..‬وتنتظر ‪� ...‬أن حتدث املعجزة‬ ‫ليبوح ال�صمت بق�صة معراجها‬ ‫�إلى �سماء ثامنة ‪..‬‬


‫�أتت‬

‫الغروب‪..‬‬

‫بكربياء امللوك‪..‬‬ ‫و�شموخ العظماء‪..‬‬ ‫على كوكب دري‬ ‫‪ ‬يوقد من فتنتها‬ ‫‪ ‬ومن ومي�ض عينيها الآ�سرتني‪..‬‬ ‫‪ ‬حتبو على جناحي طري‪..‬‬ ‫وتهرول على وريد مل يعربه دم �إال‬ ‫ب�صحبتها‪..‬‬ ‫وحترم بالقلب بنية التمتع والهدي �أنا‪..‬‬

‫هي الفتنة‬ ‫عندما ت�ستيقظ على �سلطنة البالبل يف‬ ‫عر�ش احلب ‪..‬‬

‫هي قا�سم م�شرتك لكل فرحه‪..‬‬ ‫�سيدة ال�صباح عندما ي�شح ب�شوقه‪..‬‬ ‫وعرابة امل�ساء عندما يخنق بوح�شته‪..‬‬

‫‪ ‬هي ما ال حب حدث‬ ‫‪ ‬وال عني من �شوق بكت‬ ‫‪ ‬وال �أذن ا�ستفز ن�شوتها حرف ‪..‬‬

‫هي اللون الثامن‬ ‫‪ ‬ال�ساكن يف �أوعية القو�س ‪ ‬املنت�شي‬ ‫بروحها الطاهرة‪..‬‬

‫شموخ‪..‬‬

‫‪ ‬هي وحدها بكربياء و�شموخ ومهابة‬ ‫هي الغنج عندما يريد �أن يعرف‬ ‫ح�ضرت‪..‬‬ ‫بنف�سه‪..‬‬ ‫والنعومة حني تك�شف ال�ستار عن حقيقة فلتقم يا�ساعي احلب‬ ‫لتقيم احلب على جناحي الغيم‬ ‫الأنثى الناعمة‪..‬‬ ‫‪ ‬فهي هناك ترق�ص بت�أين‪..‬ومرح‬ ‫‪ ‬هي براءة الطفولة عندما ت�سود الأمور‬ ‫املت�شابهات‪..‬‬ ‫هي الغيم وجتلي ال�صباح وكربياء‬

‫‪3‬‬


‫يف‬

‫بع�ض احلكي رحمة‪..‬‬ ‫ويف بع�ض الأ�سئلة لذة‪..‬‬ ‫رمشها‬ ‫‪ ‬كنت يف رم�شها �أحتفل‪..‬‬ ‫جمع كبري كان يهتف‪..‬‬ ‫الفتات و�شعارات و�أمور �أخريات‪..‬‬ ‫‪ ‬الرغبة جاحمة وكبحها عا�شر‬ ‫امل�ستحيالت‪..‬‬ ‫مل يهد�أ لل�شيطان روع وال بال‪..‬‬ ‫قاتل من �أجل ق�ضيته‪..‬‬ ‫ولكن كان لل�شعارات والهتاف �أثر بالغ‪..‬‬ ‫‪� ‬أ�سدلت الرم�ش على �صخب احلفلة‬ ‫وخرجت يف اجلمع �أخطب‪:‬‬ ‫يا �أيها احل�شد ما�أنتم منتظرون؟‬ ‫�سريوا ب�شعاراتكم‪ ،‬ف�إين مقيم هاهنا‬ ‫ول�ست براحل‪..‬‬ ‫‪� ‬إين �أعي�ش ماال تعي�شون‪..‬‬ ‫�إنني �أ�شتاق وي�شتاق �إيلَّ‪..‬‬ ‫�إنني بي ظم�أ وهنا عني جاريه‪..‬‬ ‫�إنني بي جوع وهنا فواكه ت�شتهى‪..‬‬ ‫�إنني مغلوب وهي من تنت�صر‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪4‬‬

‫فما بالكم تقفون؟‬ ‫‪ ‬وفتحت �ستار احلفلة على رم�شها‬ ‫وتعريت و�صرخت لها‪:‬‬ ‫ارك�ضي ب�شوقك ذا ج�سدي �إيواء‬ ‫امل�شتاقني‪..‬‬ ‫عند �أول رغبة كان ال�شيطان يبت�سم‬ ‫واجلمع راحلون‪..‬‬ ‫ومل يعد هناك ج�سدان‪..‬‬


‫حبي‬

‫لك‬ ‫عطر فاخر‬ ‫ثوب حرير ‪ ،،‬و�شال �ساحر‬ ‫حبي ياقوت �أخ�ضر‬ ‫زمرد وجواهر‪ ‬و�أملا�س نادر‬ ‫‪ ‬حبي لك �شجرة مباركة‬ ‫حبي �أعجوبة كون ثامنة‬ ‫وتا�سعة وعا�شرة‬

‫‪ ‬حبي لعينيك حكاية �شهرزاد‬ ‫و‪ ‬البت�سامتك �سحر قدمي‬ ‫ِ‬ ‫أح�ضانك تعويذة‬ ‫ِ‬ ‫حبي ل‬ ‫قربك ‪ ‬متيمة‬ ‫ولرائحة ِ‬ ‫لك‪ ‬بعث ‪ ‬و �آية خلود عظيمة‬ ‫‪ ‬حبي ِ‬

‫لك‪:‬‬ ‫حبى ِ‬

‫حب يعرف كيف يبقى بك‬ ‫بهي ًا‬ ‫�شهي ًا‬ ‫�أنيق ًا‬ ‫وفي ًا‬ ‫متوهج ًا بالرغبة‬ ‫مع�سو ًال باللهفة‬ ‫‪ ‬حبي لك قطعة من الفردو�س‬ ‫و�شعلة من �شم�س متقدة‬ ‫ي�ضيء ويروي‬ ‫ي�شعل ويهب كرامات‬

‫‪5‬‬


‫يف‬

‫ثوانٍ �صامتة‪..‬‬ ‫و�أنت تعربين بجمال خلف‬ ‫صمت‬ ‫نافذة احلرمان‪..‬‬ ‫�أتبعك بثقل الزمن وانتقائية اجلراح‪..‬‬ ‫�أ�ستل من وح�شية الذاكرة بع�ض �أمنية‬ ‫و�أمل‪..‬‬ ‫‪� ‬أغرق يف �أخوات كان‬ ‫قبل �أن �أحت�ضر عند الأخت الكربى‬ ‫لهن ‪..‬‬ ‫ت�شرق �شم�س وت�أفل‪..‬‬ ‫يطل قمر‪..‬‬ ‫ويكتبك على مهبط النور‬ ‫امر�أة كان لل�سور والباب معها حكاية‪..‬‬ ‫‪ ‬غرقت يف �صباحاتك‬ ‫�أكرث من رق�صي على ناي اجلرح يف‬ ‫امل�ساءات‪..‬‬ ‫ا�ستح�ضرت احلرف يف ك�أ�س �أمام‬ ‫ح�شد من راق�صات‪..‬‬ ‫‪ ‬قر�أت يف بقايا الك�أ�س‪..‬‬ ‫ك�سر املهزوم ورجفة يد النحات‬ ‫على �أكرث مناطق النحت لذة‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪6‬‬

‫‪ ‬ر�أيتك يف �ضفاف ال�سني‬ ‫ي�ستلهم منك الباري�سيون‬ ‫وحي ًا لعطر يحكي عنه العامل‬ ‫ن�شوة التتكرر �إال كل �ألف عام‪..‬‬ ‫ثم ماذا؟‬ ‫حاجز‪..‬‬ ‫وقالع‪..‬‬ ‫و�أوتار تتدلى‬ ‫م�شكلة �أحرف ا�سمك على �أنغام‬ ‫امل�ستحيل‪..‬‬ ‫�أت�شبث بكل حرف لأجنو‪..‬‬ ‫وما �أزال معلق ًا يف تهجئة ا�سمك بلغة‬ ‫احلب‪..‬‬ ‫‪ ‬لعل الأخت الكربى ( كان)‬ ‫ترمي بي يف نهر الأمنية؛ ف�أكون عطر‬ ‫حفلتك القادمة‪..‬‬ ‫يا�أمنية العمر املتوارية خلف انتقائية‬ ‫اجلرح‪..‬‬


‫ع�صف‬

‫ال�شوق بالذهن‬ ‫و�أربكه‪..‬‬ ‫�أ�سدل �أمنيات اللقاء على �ساحة تعج‬ ‫ب�أغ�صان �أيك‪..‬‬ ‫‪ ‬متردت البالبل ومل تعد تغني ‪..‬‬ ‫بلغت �سبع ًا عجاف ًا و�أطال ًال بائ�سة‪..‬‬ ‫‪ ‬رائحة الغياب‬ ‫تنخر ج�سد ال�ساعة املكتظ بجدول‬ ‫مواعيد كلها تعب‪..‬‬ ‫كان ي�ستمع لتمرد فنان العرب‬ ‫وهو يرف�ض امل�سافة وال�سور والباب‬ ‫واحلار�س‪..‬‬ ‫و�سجل مبخيلته �سيناريو لتمرد �سيعلنه‬ ‫برف�ض �أ�سوار �شائكة متنعه عنها‪..‬‬ ‫وقف �أمام نورها‬ ‫وكانت اللحظة التقبل الق�سمة على‬ ‫خطوتني‪..‬‬ ‫مد يده وانحنى‪ ،‬وقد �أ�سكره ملم�س‬ ‫يدها‪..‬‬ ‫تلك اليد التي �أختل�س يوم ًا النظر �إليها‬

‫وغرق بخياله �أن لو حتت�ضن برقتها‬ ‫وجنتيه‪..‬‬ ‫‪ ‬قبل �أن ي�ستن�شق عبقها‪..‬‬ ‫ويرت�شف الفتنة ويدعها تطهر �شفتيه‪..‬‬

‫قبلة لم‬ ‫تكتمل‪:‬‬

‫باغته جنون املوقف و�صمود ال�سور يف‬ ‫وجه التمرد‬ ‫و�سقطت خيبته الكربى‪..‬‬ ‫ب�أنني هز �أركان �سور مل يكن له باب �أو‬ ‫حار�س‪..‬‬ ‫‪ ‬بقي الأثر يف يده‬ ‫وانك�سرت �شفة كانت تتوق �إلى �شهد‬ ‫ي�سكن يدها‪..‬‬ ‫�سبحان من جعلها �أنثى التكرب‪..‬‬ ‫و�سبحان من زرع الفتنة يف كفها‪..‬‬ ‫‪ ‬وت�صبحني على حلم جميل مل يكتمل‬ ‫‪ ‬يا�شفتاي‪..‬‬

‫‪7‬‬


‫قُبلة واحدة‬

‫ا�ستيقظي‬

‫يا حلوتي‬ ‫فلك على‬

‫�شفتي قهوة �سكرها �أنتِ‬ ‫ا�ستيقظي قبل �أن ي�صحو الغيم‬ ‫قبل �أن تهز ال�سماء �أرجوحتها‬ ‫قبل �أن تلحظنا الأمطار‪..‬‬ ‫قبل �أن تقب�ض علينا الأر�صفة املبتلة‬ ‫ا�ستيقظي وامنحيني قبلة واحدة‪..‬‬ ‫قُبلة �أفتح بها �أبواب ال�شم�س املقفلة‬ ‫قُبلة �أعزف عليها حلن ال�صباح املختب�أ‬ ‫قُبلة واحدة‬ ‫واحدة ‪ ..‬ياحبيبتي‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪8‬‬


‫�أج�سادنا‬

‫التي حتمل‬ ‫�أرواحنا‬ ‫لها احلق يف ممار�سة الفرح بطريقتها‬ ‫امنحوها فر�صة للرق�ص‪ ‬طرب ًا‬ ‫للرق�ص حب ًا ولهف ًة و ابتهاج ًا‬

‫الرقص‬ ‫المباح‪:‬‬

‫‪ ‬اتركوها متار�س حياتها بطريقتها‬ ‫ترتفع عن الأر�ض لتالم�س �شغفها‬ ‫تقفز فوق عرثات �أيامها‪..‬‬ ‫‪ ‬ا�سمحوا لها �أن تنف�ض غبار �أوجاعها‬ ‫وترتدي يف كل �صباح لون حياة جديد‬ ‫‪ ‬احلياة لأج�سادنا‪ ‬متنح �أرواحنا خلوداً‪ ‬‬ ‫يف عليني‪..‬‬ ‫باهلل عليكم‪ ‬ارك�ضوا للحب‬ ‫اح�ضنوا‪� ‬أحالمكم ‪ ،،‬اختاروا اللحن‬ ‫الذي ينا�سبكم‬ ‫وابد�ؤا الرق�ص‪ ...‬املباح‬

‫‪9‬‬


‫كل‬

‫ليلة �أقر�أ ا�سمك‬ ‫�أ�ستعيذ بطيفك‬ ‫ال‬ ‫يحدث لي ً‬ ‫واحتمي ب�صوتك امل�ستيقظ بذاكرتي‬ ‫‪ ‬كل ليلة �أنفث رائحتك يف كفي‬ ‫�أرقي بها ج�سدي‪ ،، ‬و�أعيذين وروحي من‬ ‫غيابك‬ ‫‪ ‬كل ليلة �أحلم بك‬ ‫تنقر نومي كع�صفور �شقي‬ ‫توقظ �شوقي‬ ‫تلم�س خدي‪ ..‬تقبل عيني‪ ..‬وتبقى طوي ًال‬ ‫عند �شفتي‪..‬‬ ‫‪ ‬كل ليلة �أنت بطلي العنيد‪..‬‬ ‫ب�أنفا�سك تزيح ردائي‪..‬‬ ‫تعبث بخا�صرة �صربي عنك‪..‬‬ ‫تبعدين وتدنيني منك‪..‬‬ ‫تهز اجل�سر املعلق بني رغبتك وخجلي وتبد�أ‬ ‫معركتك‪..‬‬ ‫تغر�س وتد احلب يف ج�سد الن�شوة‪..‬‬ ‫تهاجم مدن ًا وتفرق قبائل‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪10‬‬

‫جتمع ق�صائد و تعزف �أغنيات‪..‬‬ ‫ويف كل واد ين�سكب ب�سببك ورد وتغرق‬ ‫�آهات‬ ‫‪ ‬يف كل ليلة اتو�سل القمر �أن ي�شاغل‬ ‫ال�شم�س وي�أخذها بعيدا‬ ‫لتبقى �أنت والليل بقربي‬ ‫‪ ‬كل ليله ا�ست�سقي الظلمة لتهطل بك‬ ‫�أكرث و�أكرث‪..‬‬


‫يا‬

‫ياحلم ًا ي�سكن اخليال‬ ‫وينرث العطر يف �أمكنة الكربياء‪..‬‬ ‫تغار منك الأر�ض وم�شا�ؤوها‪..‬‬ ‫يف عني الأمري حتدثني غرية ‪..‬‬ ‫وبقلب العامة ت�أتني مهيبة‪..‬‬

‫صمت‬ ‫النار‬

‫يا م�صدر الفواكه املو�سمية‪..‬‬ ‫الكرز ب�شفتيك‪..‬‬ ‫والعنب بوجنتيك‪..‬‬ ‫والتوت والرمان والتفاح وما ال يعلمون‪..‬‬ ‫يا فاتنة قلب القمر و�شارخة كبد ال�سماء‪..‬‬ ‫يامن�سلة من عنق الزهرة �إلى ن�سيج احللم‬ ‫تروي عط�ش ًا يفتك بقلوب ك�صحاري قفار‪..‬‬ ‫يا كاتبة يف جيد امل�ساء رواية من حرف‬ ‫ملتهب ‪..‬‬ ‫ياامر�أة ال ت�شبه �سوى‬ ‫وحي الغيم‬ ‫و�صمت النار‬ ‫وبركة املطر‬ ‫وفجر العيد‬ ‫وكل جميل ‪..‬‬

‫‪11‬‬


‫بعد مكالمة‬

‫عندما‬

‫تنتهي مكاملتك‬ ‫ت�سمو روحي وت�شرق‬

‫مالحمي ‪..‬‬ ‫‪ ‬واحب هذا العامل كله‬ ‫وال �أعود �أرى �أي نوع من ال�شر �أو القبح‬ ‫فيه‪ ،‬بل �أرى �أن مالمح الكل جميلة‬ ‫وتركيبة الوان وجوههم متنا�سقة‪..‬‬ ‫‪ ‬و�أن ات�ساع املدينة ال يكفي‬ ‫لأر�سم كلمة (‪�..‬أحبك)‬ ‫و�أن عدد قطرات �أمطارها‬ ‫ال ي�صل �إلى كم ال�شوق الذي يثريه‬ ‫بعدُك ‪..‬‬ ‫وال الى حجم الفرح الذي ي�أتي به‬ ‫�صوتك ‪..‬‬ ‫‪ ‬يااهلل كم �أحبك ‪..‬‬ ‫ترى ماهي الكيمياءالعجيبة لهذا‬ ‫احلب‪!..‬‬ ‫عديني‬ ‫�أنك �ستحدثيني عنها يف يوم قريب‬ ‫ور�أ�سي على �صدرك ‪!.‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪12‬‬

‫عديني‬ ‫�أنك �ستجيبني عليَّ ‪:‬‬ ‫كم وكيف و�أين‪ ..‬وملاذا ومتى!‬ ‫عديني‪..‬‬ ‫�أنك �ستحكني‪..‬‬ ‫أنت!‬ ‫حكاية ال�سندريال � ِ‬ ‫وحكاية القي�صر �أنا !‬


‫وقفت‬

‫كثري ًا عند عتبة احلرف �إن�سان‪..‬‬ ‫ذي يوميات مملوءة بكل �شيء وبال‬ ‫الأول‪..‬‬ ‫أرهقنى‬ ‫�شيء‪!..‬‬ ‫غري قادر على جتاوز ال�شوق واللهفة!‬ ‫البحث عنك‬ ‫كيف انق�ضت الأهلة‪..‬وكربت الثواين و�أنا ومعك �أبدلتها برو�ض وريحان‪..‬‬ ‫غائب عنك وحا�ضرة �أنت معي‪..‬‬ ‫عنك بعيد يا نور اجلبني‪!..‬‬ ‫كل هذا وقلبي ال يعي‪..‬‬ ‫�أفت�ش عن يقيني فال �شيء يجدي بال‬ ‫�أنت‪..‬‬ ‫هل �أخربتك عن ب�ؤ�س �أيامي بدونك‪..‬؟!‬ ‫ثمة فراغ بني �سطوري‪..‬ال ميلأه �إال‬ ‫ليلي طويل‪..‬ذو �صمت طويل ‪..‬‬ ‫ح�ضورك وحدك‪..‬‬ ‫لكن الآن �أنت يل �أر�ض وف�ضاء وليل‬ ‫كنت وحدي والنا�س من حويل‪..‬‬ ‫�سامر عليل…‬ ‫ما �أ�صعبها من حلظات‪!..‬‬ ‫بدون معرفتك ‪..‬وجه يومي يكون �شاحب ًا ت�سكن بع�ضي وبع�ضي بك‪..‬‬ ‫�أحتاج لك لأ�صل �إلى عمق ذاكرتي‪..‬‬ ‫دوماً‪..‬‬ ‫كلي خط�أ ومعك �س�أ�سبح للطهر‪..‬‬ ‫وبك �أنا على يقني ‪�..‬أي نار �ستحرق‬ ‫�أريد �أن �أطري معك‪..‬لأن الأمر ي�ستحق‬ ‫م�ساءاتي‪..‬‬ ‫كما ذكرت…‬ ‫�أعتذر عن خطاياي‪..‬‬ ‫عن زمني الذي مل مينحني الوقت الكايف يا حب اخلام�سة فجراً‪..‬‬ ‫ياربيبة ال�ضوء‪..‬‬ ‫لأ�صنع قارب ًا نقت�سم فيه الدرب مع ًا‬ ‫لكن العزاء اجلميل‪..‬مازال لنا وقت‪ !..‬يا �شقيقة النهارات‪..‬يا �ألق امل�ساءات‪..‬‬ ‫�أرهقني البحث عنك…‪�.‬صدق ًا‬ ‫طيلة ال�شهور الواهمة كنت جمرد‬

‫‪13‬‬


‫�أيا‬

‫طهر الأر�ض وال�سماء‪..‬‬ ‫ونبع من ع�سل م�صفى‪..‬‬ ‫أمي‬ ‫وبريق نور يك�سر حدة الظالم‬ ‫‪..‬العظيمة‬ ‫يف �شوارع احلب البائ�سة‪..‬‬ ‫و�سيدة الغيم وانبالج الفجر‬ ‫وهم�س الورد ونقاء الثلج‪..‬‬ ‫ب�أو�صاف للو�صف‬ ‫و�آية اجلمال‬ ‫وانبعاث ًا للرحمة‬ ‫من عرف يتفجر �أنهار ًا من دفء‬ ‫ورقة‪..‬‬ ‫بالغة احلب العظمى‬ ‫وتراتيل احلياة‬ ‫و�إن�سانية الأنثى امللهمة‪..‬‬ ‫يا �أم اخلري‬ ‫وواد من حب مل ي�سكنه كره‪..‬‬ ‫كل �صباح و�أنت �أجمل‬ ‫بدعواتك‪..‬‬ ‫ب�صوتك‪..‬‬ ‫بقلقك‪..‬‬ ‫بالآه املتوجلة خلف حتيتك‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪14‬‬

‫كربت‪..‬‬ ‫وما �أزال يف عينيك‬ ‫ذلك الطفل املرمتي يف ح�ضنك‬ ‫متعلق ًا ب�صدرك لأحيا‪..‬‬ ‫كل �صباح و�أنت امللهمة‬ ‫و�أنا �أ�سري حمراب قلبك‬ ‫�أتو�ض�أ بطهرك‬ ‫و�أ�صلي‪..‬‬ ‫�شكر ًا �أيتها العظيمة‬ ‫�أن ت�شرفت بك �أماً‪..‬‬ ‫و�شكر ًا هلل �أين‬ ‫ما زلت �أتنف�سك‪..‬‬


‫وتغمرين‬ ‫ال يطفئني �سواك‪,,‬‬ ‫وك�أمنا �شفتاك جمدايف‬ ‫دون الغرق‬ ‫‪ ‬ويداك تغافل �أطرايف‬ ‫و�أغم�ض عيني‬ ‫علني ال �أدري‬ ‫�أي وقت تبقى يل‬ ‫قبل �أن تغادرين‬ ‫مر عام‪ ,,‬ومرت �أعوام‬ ‫وينابيع الرغبة �إليك‬ ‫تتفجر ‪..‬‬ ‫وتغمرين‪..‬‬ ‫و�أغرق فيك‪ ‬يف جلة مائك ‪..‬‬ ‫يف بوح حرفك‬ ‫يف عطر ج�سدك‬ ‫لأطفو ‪ ,,‬كورقة الورد‬ ‫كحلم بنف�سجي اللون‬ ‫يداعب �أزمانك ‪..‬‬

‫‪ ‬يالعذوبة هطولك ال�سحري‬ ‫على تفا�صيل ج�سدي‬ ‫عانقت ما فا�ض به كلك‬ ‫نرثتها يف ريا�ض القلب‬ ‫«فل وزنبق ًا ونرج�سا»‬ ‫اّ ً‬

‫وتغمرني‬

‫�أعدت ت�أملك مرار ًا‬ ‫وك�أين مل �أت�أملك �أبد ًا‬ ‫يف كل مرة �أعود من لهثي‬ ‫وراء رواء متعتك‪� ،‬أكرث ظم�أ‪..‬‬ ‫ثمة م�شاعر ال تكفيها املرة الألف‬ ‫هنيئ ًا لدنيا واقعي بك‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫هناك‬

‫من بعيد ‪ ..‬رجل �أن�شد‬ ‫قائ ًال ‪:‬‬ ‫لذة منام‪..‬‬ ‫«الظامئون �إلى الهوى ‪..‬‬ ‫�شرقوا بالأمنيات‬ ‫وليتما ظمئوا‪ »..‬‬ ‫�صاح عليه جميباً‪:‬‬ ‫�إال �أنا ظمئت الهوى وا�ست�شفيت عذبه‪..‬‬ ‫وناديت هل من مزيد‪..‬‬ ‫يا حاجب الظم�أ‬ ‫�سماء غيمتها‬ ‫حتت�ضن وجه امر�أة فاتنة‪..‬‬ ‫تلم�ست حاجتي يف �أفق لذتها املنت�شي‬ ‫ب�سكونها‪..‬‬ ‫حاجة وفق حاجة‬ ‫وفق قلبها حد عينيها‪..‬‬ ‫�أرتقي درجة و�أغفو درجات‬ ‫و�أهطل كمطر بعيد املنت�صف‪..‬‬ ‫مل يكن املنت�صف يوم ًا‬ ‫هو امل�سافة مابني وجهي وغيمتها‪..‬‬ ‫بل كان مابني رم�شيها‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪16‬‬

‫بها ي�ستل القلب لذة منام فينب�ض لوحة‬ ‫ت�شبه روحها النائمة �إلى جوار عيني‪..‬‬ ‫لها كل عرق يرجتف لذتها‪..‬‬ ‫ولها كلي ي�ستوطن كلها‪..‬‬


‫عند‬

‫�أق�صى �أمكنة التعب‪..‬‬ ‫وخلف جمرات العذاب‪..‬‬ ‫وبع�ضي يقبع بح�سرة و�سط الت�أوهات‬ ‫والأمل‪..‬‬ ‫‪� ‬أذعنت ال�سمع وطوعت الفكر‬ ‫لدر�س ي�سكن �صفحاته مبد�أ جديد‬ ‫تعلمته‪..‬‬ ‫منك ياامر�أة خُ لقتْ لتجرح‪..‬‬ ‫�إن الوفاء كذبة ‪..‬‬ ‫فما حل بج�سدي النحيل هو في�ض من‬ ‫غي�ض طعناتك‪..‬‬ ‫�أتعلمني يا�أنت‪..‬‬ ‫�أن �شوكة البلبل يف �أغنية احلب على‬ ‫�صدر املتعبني‬ ‫�أبقت رغباتي منزوعة بعد هذه‬ ‫املرحلة‪..‬‬ ‫�أوتعلمني �أي�ض ًا‬ ‫�أن دعواتي تتمحور يف �أن ال �أجنرف‬ ‫خلف رغباتي‪..‬‬ ‫فيزداد الك�سر هجر ًا من اجلبرية‪..‬‬

‫ع�شت م�ؤمن ًا بك ومبا�ضيك وحتى‬ ‫م�ستقبلك‪..‬‬ ‫ولكن الك�سر يف مك�سور ذنب ال متحوه‬ ‫توبة‪..‬‬ ‫والراحة �سور له �ألف باب‪..‬‬

‫كاسر‪...‬‬ ‫ومكسور‬

‫ماعدت �أعلم �أيهم يفتحه مفتاح �صد�أ‬ ‫يف جبني روحي‪..‬‬ ‫�أحالمي املرتملة يف زهو �شبابها‬ ‫ال تبحث عن معجزات‬ ‫بقدر ماتبحث عن هدوء يجعلها ت�أتي‬ ‫بنور وريحانتني‬ ‫وفج على مدن �ضاحكة عميق‪..‬‬ ‫�شكر ًا‬ ‫لكل التعب‬ ‫وعفو ًا‬ ‫عن كل جتاهل‬ ‫يبد�أ من حب�س الدمعة‬ ‫وينتهي عند لفظ الأحالم يف هذيان‬ ‫ال�سكارى‪..‬‬

‫‪17‬‬


‫نبض ‪..‬‬

‫بك‬

‫‪ . .‬احلب لي�س يوم ًا واحد ًا‬ ‫معك ‪ . .‬احلب نتنف�سه كل‬

‫حلظة‬ ‫صادق منك ‪ . .‬تذوقنا كل حب الدنيا‬ ‫فيك ‪ . .‬ن�شاهد �أجمل احلب‬ ‫�إليك ‪ . .‬يرحل كل احلب و ي�ستقر‬

‫يف يوم احلب‪..‬‬ ‫طهر قلب يتفجر مب�شاعر جيا�شة‪..‬‬ ‫ال يرتبط �أبد ًا بالنب�ض املنت�شي بلحظة‬ ‫كاذبة‪..‬‬ ‫لكنه ي�سمو بعلو‬ ‫فوق احلرف امل�ستقر برحمة احلرف‪..‬‬ ‫يوم احلب‪..‬‬ ‫عيد وح�شة الع�شق‬ ‫عندما ي�ستفز تلوين احلياة بلوحة بالية‬ ‫�أخفت مالحمها جتاعيد الغياب‪..‬‬ ‫يوم احلب‪..‬‬ ‫نب�ض وابت�سامة وفرح‪..‬‬ ‫الير�سمه عا�شق دون �أن يعرف جيد ًا‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪18‬‬

‫كيف ي�ستقبله القلب ال�ساكن يف الناحية‬ ‫الأخرى من احلب‪..‬‬ ‫يوم احلب‪..‬‬ ‫حديث ال ميكن �أن يتخلله غمو�ض وال‬ ‫ريبة‪..‬‬ ‫هو نب�ض �صادق ينبع من دفق الأوردة‬ ‫يف جبني احلجرات وعلى �أطرافها‬ ‫�ش�آبيب نور‬ ‫تر�سم اجلمال يف ف�ضاء اللحظة ويكون‬ ‫مااليكون‪..‬‬ ‫رب �إنه يومها فا�صرف عنها كيد‬ ‫الكائدين‪..‬‬


‫يف‬

‫ليلة �صقيع باردة‪..‬‬ ‫�سور يرد بع�ض هواء‬ ‫ونافذة يخرتقها زمهرير له نحيب‬ ‫مروع‪..‬‬ ‫‪ ‬الفكر م�سرح تفد �إليه ماليني‬ ‫الزائرين‪..‬‬ ‫الر�ؤية �ضبابية حد الوعكات ال�ست‪..‬‬ ‫اجلالد رفع ال�سوط‪ ،‬وال�سوط رفع‬ ‫ال�شوق‪..‬‬ ‫و�أنا مازلت يف �سجن النظرة الأولى‬ ‫وازداد �إميان ًا ب�أنها والثانية والثالثة‬ ‫والألف يل ولي�س لل�شيطان دخل فيها‪..‬‬

‫‪ ‬كتبت يوم ًا على �سور عينها ‪:‬‬ ‫ع�شقنا مف�ضوح‪..‬‬ ‫كل يوم‪..‬‬ ‫ولكنه �سرب من خطوط حمراء متوعكة‬ ‫يحافظ على ن�سقنا فيها‬ ‫تلك النظرة اليوميه‪..‬‬

‫هي نظرة تك�سب قلبي �صرب ًا يتحمل‬ ‫�سوط اجلالد‪..‬‬ ‫وتكد�س الزوار بالفكر يف غياهب الليل‬ ‫البئي�س‪..‬‬ ‫نظرة لن يعيقها �أحد‬ ‫مادام �أنها حتمل بيارق من نور و�أمل‬ ‫يرد الروح‪..‬‬

‫‪19‬‬


‫�أخذ‬

‫يت�أمل وجه الريا�ض ي�سرته‬ ‫قناع الأتربة والكدر‬ ‫خلف اللثام‪..‬‬ ‫يحاول �أن ي�صنع الإجابات‬ ‫لأ�سئلة مهملة يف �أرفف التخاذل‬ ‫العاطفي‪..‬‬ ‫‪ ‬ا�سرتق النظر عند �إ�شارة ال تت�ضح‬ ‫معاملها‪..‬‬ ‫من تداعيات ال�ضباب وال�سحاب‬ ‫الرتابي‪..‬‬ ‫لثام من خلفه �شم�س‪..‬‬ ‫من خلفه فـتنة‪ ..‬نور على نور‬ ‫عينان لهما �صمت النار‪..‬‬ ‫وحديث ال�صبح للواقفني ب�شرف احلياة‬ ‫جبني ي�شكل م�سرح ًا لرق�ص الباليه‬ ‫على �إيقاع النب�ض املرتد من هدوء‬ ‫الن�ضج‪.‬‬ ‫املتلحف بن�سيج قطن مت�شبث بعظم‬ ‫الرتقوة ب�شغف‪..‬‬ ‫‪ ‬يف عينيها حديث ال�صبح‪..‬‬ ‫وم�ساحات من البيا�ض وال �سواد‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪20‬‬

‫‪ ‬ناديت نافذتها قبل �أن تلفظها الإ�شارة‬ ‫�إلى م�سار لي�س وجهتي‪:‬‬ ‫بربك ازيحي لثامها‬ ‫لعل هذا ال�ضباب ينق�شع‬ ‫‪ ‬فتبت�سم الريا�ض‪ ....‬وحتلو كما ر�أيت‬ ‫يف عينيها‪..‬‬ ‫وماخلف نب�ضها‪..‬‬


‫نام‬

‫الطريق يوماً‪ ‬ف�أفلت عناوينه ‪ ‬وتعويذتي‬ ‫وبقيت �أنا يف منت�صف الر�شد ‪� ‬أنت ال�سحر‪ ‬والغواية‬ ‫ال�صالة‪ ‬و الغفران والطهارة‬ ‫�أنتظرك ‪ ..‬و�أ�س�أل الأحالم عنك‬

‫يل كالنبوءة ‪ ..‬كالب�شارة ‪..‬‬ ‫‪� ‬أتيت �إ ّ‬ ‫كالوحي ال�صادق‬ ‫�أتيت كال�صبح ‪ ..‬كال�سماء الغرقى‬ ‫با�شتهاءتها البي�ضاء‬ ‫منحتني قبلة الهداية ‪ ..‬ونفثت يف‬ ‫قدري حياة �أخرى‪..‬‬

‫انتصاري‪..‬‬

‫‪� ‬أنت حبيبي ‪..‬وبع�ضي ‪..‬وكلي‪ .. ‬وداليل‬ ‫�أنت جيو�ش الن�صر الأعظم‬ ‫�أنت‪ ‬الفخر لقلبي‬ ‫�أنت غروري وجنوين‬ ‫�أنت‪ .... ‬انت�صاري‬

‫جعلت يل يف كل نا�صية دليل‬ ‫�أنقذتني من‪ ‬ليال حمقى كادت �أن‬ ‫تقتلني عمد ًا‬ ‫حملتني حتى مل�ست الفردو�س‬ ‫ربطت النور بالنور‪ ‬‬ ‫‪ ‬وجعلت يل بينهما الفرح ‪� ‬أرجوحة‬ ‫‪� ‬أنت‪ ‬الرحمات‪ ‬الطيبات‪ ‬‬ ‫‪ ‬وكل مكا�سبي‪..‬‬ ‫�أنت ح�صني وحرزي‬

‫‪21‬‬


‫وت�أتي‬

‫متجردة من وهم‬ ‫التهي�ؤات احلمقاء‬ ‫فتنة‬ ‫لبا�سها من �سند�س فتنة وخيوط �إغواء‬ ‫ت�ستقيم يف وقفتها‬ ‫وت�سمح لبع�ضها �أن يطل من ذات‬ ‫اليمني‪..‬‬ ‫حتقق للناظرين �أغنية فنان العرب ‪:‬‬ ‫(جمدك لقدام و�أجمادك وراك)‬ ‫‪ ‬من يخ�شع يف جمدها‬ ‫يهوي �أربعني خريف ًا يف الن�شوة‬ ‫ومن ين�صت للأجماد‬ ‫يهوي مئة وثمانني خريف ًا يف جهنم‬ ‫احلرمان‬ ‫‪� ‬سبحان ما�شكله ج�سدها‬ ‫من لوحة �إدمان‬ ‫‪ ‬للج�سد املرمتي يف النظرات البائ�سة‬ ‫املحرومة‪..‬‬ ‫‪ ‬ك�أنها املطر‬ ‫‪ ‬رب �إين ا�ست�سقيتها‬ ‫�صالة بال ركوع وال �سجود وت�سليمة واحده‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪22‬‬

‫يف منت�صف غيمتيها املكتظتني مبزن‬ ‫فارهة املطر‪..‬‬


‫تت�أمله‬

‫حتدث �ضباب ًا على وجنته الفاتنة‪..‬‬ ‫يف زحام املاره‪..‬‬ ‫وجه طفويل بوقار م�سن‪ ..‬بطرف خميط �أحمر‬ ‫جمعته بني �إبهامها وال�سبابة‬ ‫على جانب �شعره الأمين‬ ‫و كتبت‪ :‬ياحلوك‬ ‫�إفرازات حلياة مليئة بكل التجاعيد‬ ‫حترك الربواز و�سال الذهب‬ ‫يج�سدها بيا�ض يزيده فتنة‪..‬‬ ‫تابعته وهي تنك�سر على موج يعلو بنب�ضها وهي غارقة يف احلرف الأخري‬ ‫تريده �أن يبل ريق الأر�ض العط�شى‪..‬‬ ‫وال يهبط‪..‬‬ ‫وتعود لتم�سح مبخيط احلزن املرتوي‬ ‫ب�آية ال�سحر‪..‬‬ ‫تريد �أن ترمتي يف ظله‬ ‫وحتكي حكاية ال�سنني‬ ‫يف ثلث اجل�سد الأخري املتعب‪..‬‬ ‫عندما تتمرد على الر�صيف ال�ساخن‪..‬‬ ‫بربك من �أنت!!‬ ‫تقف بتجلي الكبار الواثقني‬ ‫�أنا ‪..‬‬ ‫ومت�سك ب�أول احلرف‬ ‫�أنا عابر من مهد احلب‬ ‫وتعلو مع مقام الروح‬ ‫�إلى مهد اجلرح‬ ‫املن�سلة من روح قيتار‬ ‫�إلى مهد التمرد ‪..‬‬ ‫بيد عازف جمنون‪..‬‬ ‫عابر بال �سبيل‬ ‫عابر يجيد ال�صمت‬ ‫بربك من �أنت!!‬ ‫على وزن الك�سر‬ ‫وتتوالى تبعات فرحها‬ ‫بقافية م�شروخة وب�ضع خيبات ‪..‬‬ ‫وهي تلمح وجهه‬ ‫يف برواز احلب املعتق مباء من �صلب‬ ‫الذهب‪..‬‬ ‫تداعبه ب�أناملها و�أنفا�سها‬

‫عابر‪..‬‬

‫‪23‬‬


‫ترديني‬ ‫وعود ناعمة‬

‫حكايات الغياب‪ ‬‬ ‫قتيلة‬ ‫جتمعني‪ ‬النهايات ‪ ‬وتنرثين‬ ‫كحبات الأنني‪ .. ‬مك�سوة بدمع‬ ‫حمروق‬ ‫كخرز الوجع ‪ ..‬يفلق ر�أ�سه حلم‪ ‬يتيم‬ ‫ويخرتقه حبل غا�ضب من العقدة‬ ‫املنتظرة يف �آخر الطريق‬ ‫�صدقني ‪..‬‬ ‫ذلك التلويح‬ ‫وكل �إ�شارات الفراق‬ ‫ال تعنيني‪..‬‬ ‫وحده‪� ‬أنت‪ ‬و‪ ‬النب�ض املت�سارع‪ ‬الذي‬ ‫يقطع كلماتك‬ ‫والدمعة املرتبكة على جفنك‬ ‫و هذا اللحن املخنوق يف يدك‬ ‫ووعدك املن�سي ‪ ..‬وظلك احلائر ‪..‬‬ ‫ودفاترك املمزقة ‪..‬‬ ‫وكل �أ�شيائك امللتفة حول �ساق قدرك‬ ‫وحدك �أنت … اهتمامي ورغبتي‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪24‬‬

‫وغوايتي‬ ‫�أ�سرار التكوين يف �شم�سك و مغيبك‬ ‫وغيمات �أمطارك‬ ‫جتعلني �أنثى طاغية‬ ‫طفلة‪ ‬لعوب‬ ‫حترق قيد العقل‪ ‬وتوزع رماده على‬ ‫�أركان اجلنون‬ ‫ولأين امر�أتك‬ ‫وا�شتها�ؤك‬ ‫ولأنك �سيدي‬ ‫�أورثتني‪ ‬وعدك ‪ ‬وخامت عنادك‬ ‫ولأنك رب �أمنياتي‬ ‫�أق�سم لك‬ ‫�س�أ�سرق قلبك من جديد‬ ‫و�أرت�شف ده�شتك حلظة بلحظة‬ ‫�أ�ستويل عليك كلك‪ .. ‬و�أخفيك عنك‬ ‫�أعبث بكل �شيء فيك ‪ ..‬و�أغالب‬ ‫�شوقك‬


‫�أبعث جنود الفتنة �إليك جماعات‬ ‫جماعات‬ ‫�أ�ساقط‪ ‬ورود اللهفة‪ ‬وهي �سكارى‪ ‬على‬ ‫خدك‬ ‫�أراق�ص‪� ‬شفتيك‬ ‫�أكتبك و�أعزفك ‪ ‬وعلى �صدري �أغنيك‪..‬‬

‫‪25‬‬


‫انق�ض‬

‫م�ضجع احلرف‬ ‫فزعاً‪..‬‬ ‫رمية حب‬ ‫�أ�صابته رمية حب �ساخنة‪..‬‬ ‫ساخنة‬ ‫ان�شرخت هيمنته على �صنع احلرف‬ ‫ف�سالت من مقلته دماء حب يفوح منها‬ ‫رائحة تعب‪..‬‬ ‫تاهت ب�أودية ال�ضياع ابت�سامته‪..‬‬ ‫بكى‪ ..‬ت�أمل‪..‬‬ ‫تراق�ص �أمام عينيه خنجر يلمع وجهها‬ ‫يف بريقه‪..‬‬ ‫تخبط يف كل �أرجاء التعب وهو ي�شهق‬ ‫احلب واليزفره‪..‬‬ ‫نادى كل �ضجيج الكون‬ ‫وا�ستوح�ش الأمكنة‬ ‫وخذلته بطعنات مل تكن غادرة من‬ ‫خلفه‪..‬‬ ‫بل �أ�شد وط�أة حيث كانت بني عينيه‪..‬‬ ‫تعب من احلب ف�أتعب احلرف قلبه‪..‬‬ ‫تعب ي�شتاق‪ ..‬تعب جراح‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪26‬‬

‫ليته يلفظ حياته يف ركن ق�صي‪..‬‬ ‫فلم يعد وتره يحتمل املزيد من ال�ضرب‬ ‫بق�سوة ال�شك‪..‬‬ ‫ف�آملته العربة‬ ‫وهي ت�ستوطنه رغم �أنه حاول نفيها‬ ‫خارج حدوده‪..‬‬


‫�أنا‬

‫و�أنت كنا ‪ ‬نرك�ض يف متاهة القدر اجلنون‪ ‬ال‪ ‬ينجي‪..‬‬ ‫يا‪ ‬حبيبي ‪ ...‬و�سيد روحي‬ ‫نرقب حلماً‪ ‬ونناجي ‪� ‬أم ًال‬ ‫يا جنيني ولون احلياة يف دمي‬ ‫نلتقي على ر�صيف متعب‬ ‫اذهب ‪ ..‬بعيداً‪ ..‬اذهب ‪ ..‬هناك‬ ‫نتبادل الذكريات‪ ‬ن�شرب نخب اللقاء‬ ‫بكل �أ�سمائك التي �أحب غادر‪..‬‬ ‫ونرق�ص يف �صمت‬ ‫وافتح ذراعيك حلب جديد‬ ‫وقبل املغادرة‪ ‬نبت�سم و‪ ‬نتقا�سم‬ ‫حب مينح‪ ‬وجودك هيبة امللوك‬ ‫�أغنية‪ ‬حزينة‬ ‫حب يرويك حتى متتلئ بالغرور‬ ‫حتى بات الع�شق حكايتنا القدمية‬ ‫حب �آخر‪ ..‬يليق بابت�سامتك ‪ ‬وبردك‬ ‫فقيدنا ومرياثنا املجيد‬ ‫و�سالمك وخلدك‪..‬‬ ‫نواريه بالورد والعتاب والدموع‬ ‫حب يذيقك الفرح �ألواناً‪..‬‬ ‫ترى هل �أخربتك‪ ‬حينها‬ ‫�أن باقات‪� ‬أمطارك‪ ..‬وهدايا‪ ‬الغيم من وي�سقيك خمر القرب �أزماناً‪..‬‬ ‫حب �آخر‪� ..‬صنعه قلبي يف غيابك‬ ‫قبالتك‬ ‫يل‬ ‫بربك غادر �إ ّ‬ ‫بللت احلريق ومل تطفئ الأ�شواق‪! ‬‬ ‫و�أن ال�صرب ذابت مالحمه يف ك�ؤوو�س وتعال يف �أح�ضاين من جديد‬ ‫فالزال لدي حب‪ ‬مل تعرفه بعد‬ ‫االنتظار ‪!..‬‬ ‫حب‪ ‬ي�ستعذبك‪ ..‬ي�سرت�ضيك‬ ‫وعندما طالت بك امل�سافات‬ ‫يثري زوابع الورد‬ ‫فتق ثوبه وكفر باملواعيد‪!..‬‬ ‫وينرث احلرير وال�سكر‬ ‫�أتدري !‬ ‫حبي اجلديد‪ ..‬حبي الآخر‬ ‫حق ًا كان ‪ ‬القليل منك‪ ‬يف ذاك العمر‬ ‫حبي �أنا وجنتي �أنا‬ ‫ال‪ ‬يكفي‪..‬‬ ‫لك �أنت و�أنت‪ ‬وحدك‬ ‫وبع�ض احلب معك‪ ‬من‪ ‬ذاك‬

‫حب آخر‬

‫‪27‬‬


‫لأجل‬

‫�أ�سقف انهارت على بقايا ‪ ‬لأجل احلاملني ال�سامعني العا�شقني‬ ‫ورق‪..‬‬ ‫امل�ضطربني‪..‬‬ ‫ألجل ماذا‪..‬؟‬ ‫ولأجل ورق كان يهم�س يف ب�ؤرة نور‬ ‫لأجل جدار ر�سم على ج�سده خريطة‬ ‫حملت معها ومي�ض ًا من فرح ي�شبه حلم ًا املوت‪..‬‬ ‫من بنف�سج‪..‬‬ ‫وف�صلت اخلريطة بكل ق�سوة عبارة‬ ‫‪ ‬ولأجل احلرف ومابعد احلرف‪..‬‬ ‫كانت ت�ستوطنه منذ زمن‪:‬‬ ‫ولأجل التعب على نوا�صي احلب يف‬ ‫«لأجل ماذا كل ذلك الغ�ضب …؟»‬ ‫طرقات العا�شقني‪..‬‬ ‫ولأجل التهالك على انحناء العافية‬ ‫بظهر احلرمان‪..‬‬ ‫‪ ‬ولأجل كل الب�ؤ�س يف ت�ضاري�س وجه‬ ‫املر�ضى‪..‬‬ ‫ولأجل الرمي عبث ًا يف وجه الريح‬ ‫وارتداد الرمي على الرامي‪..‬‬ ‫‪ ‬لأجل ال�سكون وظل العيون‪..‬‬ ‫لأجل امل�ساء وقيتار من غ�ضب‪..‬‬ ‫لأجل كل امتداد حلزن كان يف وجه‬ ‫�أداره الزمن‪..‬‬ ‫ومل يلتفت لدم نك�أ الآه على �شفة من‬ ‫جرح ‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪28‬‬


‫ت�ستهويني‬

‫من كربى‬ ‫روايات‬

‫احلب‪..‬‬ ‫تتعرى كحلم ال يعرف ال�شبهات‪..‬‬ ‫ت�سقيني ك�أ�س ًا من غواية وزجنبيل‬ ‫وع�شق‪..‬‬

‫ن�ضاختني‬ ‫وك�أ�س يكون مزاجها زجنبيالً‪..‬‬

‫مزاجها‬ ‫زنجبيال‬

‫‪ ‬هي خلطة املوت كما حدثتني ذات‬ ‫�صباح بارد‪..‬‬ ‫ويومها كنت �أنتظر ال�شتاء‬ ‫ف�ص ًال يبعث جتلياتها بفو�ضى‬ ‫�أحالمها‪..‬‬ ‫وكنت �أعتكف يف حمراب �صدرها‬ ‫بيدي ك�أ�س من �شتائها‬ ‫وبيدي الأخرى فر�ض ينتظر متام‬ ‫ال�شوق‬ ‫لتكتمل �أركانه‪..‬‬ ‫‪� ‬أيا حمرابها‬ ‫اجلنة حتتاج عم ًال‬ ‫فلتكن بوابة �إلى جنة من عينني‬

‫‪29‬‬


‫اليوم‬

‫ال�سماء �أغلقت �أبوابها‬ ‫رعد‪ ..‬وريح‬ ‫ونف�ضت الأر�ض �أثوابها‬ ‫الغ�صن بلغ الر�شد ‪ .. ‬ونبت على جيده‬ ‫ال�شوك‬ ‫الع�ش �أكلته الغربة‬ ‫وال�سور تعلق يف عنق ‪ ‬الظالم‬

‫يقول لها يف كل وداع‬ ‫ال�صبح لك وال�شم�س يف انتظارك‬ ‫لأجله‪ ....‬خ�ضبت‪ ‬لوحها املحفوظ‬ ‫ا�ستعارت من جارتها ف�ستان ًا �أبي�ض‬ ‫لأجله ولأجل ال�سكر من يديه‬ ‫لونت �شفاهها بالتوت‬ ‫وتعطرت باليا�سمني‬ ‫وعلى ‪ ‬نا�صية ال�شتاء زجمر ال�صقيع‬ ‫و�أتى مبوكب جليد ال يهاب‬ ‫فارتدى ال�صيف عباءة الرحيل‬

‫كانت حمامة بلون الرماد‬ ‫تلقط حلمها‪ ‬حبة حبة‬ ‫ت�شرب �سرابه ر�شفة ر�شفة‬ ‫وتنوح على نوافذ الراحلني‬ ‫ويف قلب �شرفة يتيمة‪ ‬كانت ت�ضع خدها‬ ‫وتعد النجمات‬ ‫اغلق العا�شق نافذته‬ ‫تر�سم يف وجه الغيمة ق�صر ًا ‪ ..‬ثم‬ ‫طارت حمائمه‬ ‫بهدوء ت�سكنه وتنام‬ ‫وغاب اجلميع يف ال�ضباب‬ ‫بقيت هي‬ ‫ذات غفوه �سقطت يف كف عا�شق‬ ‫معلقة ب�أطراف غفوة قريبة‬ ‫ي�سقي حمائمه املاء وال�سكر‬ ‫تنقر الأمل بخجل‬ ‫يغني لها �أغنية الدالل‬ ‫يرعبها ال�شتاء فتختبئ‬ ‫مي�شط جناحاتها بالندى‬ ‫ويلدغها ال�شوق فتطل بعينها‬ ‫ينرثها كجدائل عرائ�س البحر‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪30‬‬


‫ترقب املاء و�صاحب ال�سكر‬ ‫تراق�ص ذكرى �صيفية دافئة‬ ‫تظم�أ وجتوع لأيام خوالٍ‬

‫تند�س يف كومة ق�ش �أ�صفر‬ ‫حليقة اجل�سد م�شروخة الأنفا�س‬ ‫مل يبحث عنها �أحد‬

‫وكلما ا�شتد بها الوله‬ ‫حزمت خا�صرتها بال�صمت‬ ‫ونزعت من �صربها ري�شة‬ ‫ثم ر�صفتهاعلى عتبة الرجاء‬ ‫حين ًا ي�أخذها الرعد‬ ‫وحين ًا ت�سرقها الريح‬ ‫وبعد �أن اكتمل القدر‬

‫مرت على البال يوم ًا‬ ‫فقال �أ�صحابها‪:‬‬ ‫كانت حمامة طيبة‬ ‫ف�ؤادها مكتمل والعقل �أن�صاف �أن�صافه‬ ‫منك�سر‬

‫هلل الربيع يف وجه ال�شجر‬ ‫دغدغ الثلج و�أذاب الوعد‬ ‫وخرج العا�شق ملالقاة �أ�سراب‬ ‫اجلميالت‬ ‫يحمل ورد ًا وعناقيد عنب‬ ‫يلوح ب�أخ�ضر الرتحاب‬ ‫ي�شرق بابت�سامات وحكايات‬

‫كانت حمامة بليدة‬ ‫ال تعرف عد الأيام وال ح�ساب الف�صول‬ ‫جرفتها الأوهام بعيد ًا‬ ‫حيث ال�سكر وال ماء‬

‫وظلت هي احلمامة املفقودة‬ ‫ال�ضائعة العارية‬

‫‪31‬‬


‫فوق عشقي‬

‫تهادت‬

‫فوق ر�أ�سي غيمة‬ ‫غرتها متوجت بلون‬

‫البنف�سج ‪..‬‬ ‫ب�سطت كفي رجاء مطرها الرنج�سي ‪..‬‬ ‫مرت ال�سنون الثماين ‪..‬‬ ‫عجاف يفر�شه عجاف ‪..‬‬ ‫الليلة طعنت �صمتها بكلمتني ‪..‬‬ ‫«�أترجتي املطر و�أنت ال حتيي الليل»‬ ‫�ضممت كفي ‪ ..‬وع�شقت الليل فوق‬ ‫ع�شقي ‪..‬‬ ‫ليتها تدري ‪!..‬‬ ‫يا عقارب ال�ساعة ‪..‬‬ ‫ا�ستمهلي و�أركعي ‪..‬‬ ‫وابتدئي من حتت �سوادها ‪ ..‬وارق�صي‬ ‫لها وبها ‪..‬‬ ‫واجعليني الثانية ‪..‬‬ ‫وهي الدقيقة ‪..‬‬ ‫وخيالنا ال�ساعة‪..‬‬ ‫وا�ستوقفيني على دقيقتها عند التا�سعة‬ ‫‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪32‬‬

‫�س�أتخيل و�ألتحف عباءتها لأجد الدفء‬ ‫يف قدها امليا�س ‪..‬‬ ‫�ألهبتني و�أرق�صتني على جمر ال يعرف‬ ‫الرماد ‪..‬‬ ‫عذر ًا يا عقارب ال�ساعة ‪..‬‬ ‫وجوه العابرين ‪..‬‬ ‫كل وجه يحمل �ألف حكاية‬ ‫و�أرى وجهك يف كل الوجوه‬ ‫و�أجد حكايتي معك تفوق �أ�سطورة‬ ‫�شهرزاد‬ ‫وجهك فقط ميل�ؤين ‪..‬‬ ‫عيناك فقط حتيطاين‪..‬‬ ‫فال �أخاف بعدهما‪..‬‬


‫‪ ‬يف‬

‫هفوة خيال‪..‬‬ ‫انتابني خوف قيد خا�صرته‬ ‫برد قار�س‪..‬‬ ‫فا�ستوطن مابني رئتي‬ ‫و�أجربين على االنقياد للهفوة‬ ‫مكب ًال بحرف ا�ستع�صى على القلم �أن‬ ‫يرميه‪..‬‬ ‫‪ ‬جاورت �شرفتها ا�ستنطق اجلماد‬ ‫�أن يحكي يل حكاية عنها‬ ‫بد�أ يقول وي�سرت�سل يف قوله‬ ‫والب�صر �شاخ�ص يف قلب ال�سماء‬ ‫ير�سمها حمامة بي�ضاء ال�شية فيها‪..‬‬ ‫‪ ‬يف منت�صفها‬ ‫كان لون رمادي يتمخطر يف بديع �صنعه‬ ‫غيم كبل وجه ال�شم�س‬ ‫فلثم عبث احلرارة‬ ‫ب�أر�صفة النازحني من وح�شة الأمكنة‪..‬‬ ‫‪ ‬كانت تطري‬ ‫وتبدو مالحمها كراق�صة باليه م�ؤمنة‬ ‫خا�شعة‪..‬‬

‫تال�شت بعيد ًا‬ ‫بعد �أن �شاطرتها �أنا وغيمة رق�صتها‬ ‫ون�شوتها ‪..‬‬ ‫‪ ‬عاودت الإن�صات حلكاية عنها‬ ‫وجتلت يف هدب العني‬ ‫خ�شية من حلظة التقاء احلرفني‬ ‫ببع�ضهما‪..‬‬ ‫‪ ‬فحرف يتجرد من كل �شيء‪..‬‬ ‫وحرف يتلب�سه كل �شيء‪..‬‬ ‫ويبقى مابني احلرفني‬ ‫�س�ؤال ال �إلى ه�ؤالء وال �إلى ه�ؤالء‪..‬‬

‫ويبقى‬ ‫سؤال‬

‫كيف �سيتغ�شانا الوله والتيه عند اللقاء؟‬ ‫هنا تخلى الهدب عن‬ ‫خ�شية تعلقت به‬ ‫وبانت �شم�س النهار وفزع الر�صيف‬ ‫وزجمر‪..‬‬ ‫و�أطلت حمامة ك�سرية جناح‬ ‫عند نا�صية ال�شرفة بعينها دمعة ال‬ ‫تبوح‪..‬‬ ‫‪ ‬ف�أدركت �أن �صباحي يتيم‬ ‫و�أنت ال ت�ستقبليه برق�صة وحمامه‪..‬‬

‫‪33‬‬


‫البرواز‬

‫ينطلق‬

‫يف �شوط الذاكرة‬ ‫العا�شر كل من حوله‬

‫ي�سمع نحيب قلبه‬ ‫وقد تاه يف زحمة الكالم‬ ‫ينادي حائط املبكى عندما �أ�سكنه ذات‬ ‫فرح‬ ‫برواز ًا من نور‬ ‫يخاطب البعيد يف تهالك‬ ‫برواز لون الدم �أحد �أ�ضلعه‬ ‫ويناجي ارتكازه ب�آهات من عنف‬ ‫وخزها جترت عواطف نائمة‬ ‫يف �إحدى حجرات قلبه‬ ‫م�سكني فالليل مل يعد بيت الأ�سرار‬ ‫ومالذ العا�شقني‬ ‫ها هو يف�ضحه على مر�أى من برواز‬ ‫لعني‪..‬‬ ‫يحب�س �أنفا�س قلبه منذ زمن‬ ‫ويجلد بقايا عطر �سكنه‬ ‫م�سكني لأنه مل يداهم وكر الذكريات‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪34‬‬

‫وهي تت�أبط ال�شر وترمي ب�شرر‬ ‫م�سكني لأنه حني كان يرك�ض يف ال�شوط‬ ‫ال�سابع‬ ‫تعرث يف قلبها‬ ‫و�سقط فقيده الربواز‬ ‫وا�ستوطنت احلمى مالحمه‬ ‫ونك�أ جرح ما يزال يهطل‬ ‫من خلف الربواز دم ًا قاني ًا‬ ‫م�سكني لأن الن�سيان مل يكن يف قامو�سه‬ ‫الربيء‪..‬‬ ‫وعندما لفظته كان �أ�شبه بخنجر �أوغله‬ ‫كاره يف ج�سده وجعله يلقي حتية ذات‬ ‫اليمني وذات ال�شمال‪..‬‬ ‫والربواز با�سط �إطاراته بقلبه‬ ‫وميلأ رئتيه ب�أنفا�س فحيح ثعبان متمرد‬ ‫م�سكني كان يظن �أن ال�سجن �أرحم‬ ‫وهو الذي عرف كيف يتمخ�ض ال�سجني‬ ‫خما�ض الب�ؤ�ساء‬


‫ويف �إطار امل�شهد‬ ‫رق�صة على جرح دمه‬ ‫�شكل م�سرح تزلج تلوكه الأقدام بده�شة‬ ‫ويف ال�سجن‬ ‫كانت له حكاية من بكاء مرير‬ ‫كتب على جداره ذات �شجاعة‬ ‫يا �أيتها ال�ساكنة برواز الأمل‬ ‫هنا لفظ قلب �أنفا�سه‬ ‫على قارعة ج�سد‬ ‫تفوح منه رائحة الغدر‬ ‫وانك�سرت عني‪ ..‬وان�شرخ عهد‬ ‫وانفجر ال�صمت على عتمة امل�شهد‬ ‫وابتل الليل مباء من نور‬ ‫وانك�شفت الغمة على خيانة‬ ‫اجل�سد‪ ..‬لل�صورة‬ ‫وتبعرثت بني اجل�سد وال�صورة‬ ‫‪� ...‬أ�شال�ؤك‬

‫‪35‬‬


‫الكتابة‪..‬‬ ‫الفعل األجمل‬

‫الكتابة‬

‫هي ممار�سة نرتجم اجليب ال�صغرية‪ ..‬وكانت م�شوقة‬ ‫لأتو�سع فيها واقر�أ كل كتب ال�سل�سلة‪..‬‬ ‫بها ما ن�شعر به وما نريد احلديث عنه‪..‬‬ ‫يف تلك ال�سنة قر�أت بائعة اخلبز وحينها‬ ‫البع�ض قد ال يعرف كيف يتحدث ولكنه‬ ‫بد�أت مرحلة جديدة عندي فكرا‬ ‫يعرف جيدا كيف يكتب‪ ..‬وهذا هو‬ ‫وت�أمال‪..‬‬ ‫املهم‪.‬‬ ‫وتبعتها بالب�ؤ�ساء الزداد �شغفا بالأدب‬ ‫الغربي و�أبحر فيه‪..‬‬ ‫يف املرحلة االبتدائية كانت مكتبة‬ ‫يف املرحلة اجلامعية كانت البداية مع‬ ‫املدر�سة هي �أول امل�شوار مع الكتابة من‬ ‫الكتابة ال�صحفية من خالل التحقيق‬ ‫خالل القراءة وبالذات �سل�سلة املكتبة‬ ‫واملقالة واحلوار‪ ,‬كنت �أحاول �أن �أجعل‬ ‫اخل�ضراء‪ ,‬التي منحتني ب�ساطة اللغة‬ ‫قلمي قادر على اللغة ال�صحافية �صياغة‬ ‫وروعة اخليال وجمال املعنى‪..‬‬ ‫و�أ�سلوبا‪.‬‬ ‫لن ي�ستطيع �أحد الكتابة مامل يقر�أ‬ ‫كثريا‪ ,‬وي�ستمع �أكرث ويناق�ش هذا وذاك‪,‬‬ ‫بعد �صحيفة اجلامعة اجتهت ملجلة‬ ‫من تلك املمار�سات تن�ش�أ اللغة ويبد�أ‬ ‫اليمامة وهناك بد�أت رحلة �أخرى مع‬ ‫القلم يقدم نف�سه‪..‬‬ ‫الكتابة �أكرث مهارة واحرتافية بوجود‬ ‫حتى و�صلت لل�صف الثاين ثانوي‪ ,‬كنت‬ ‫�أ�سماء ذات �صيت وبيان وا�ضح‪ ..‬ومن‬ ‫اقر�أ كل ما يقدم يل‪ ,‬مل �أكن قادرا على‬ ‫خاللهم ا�ستطعت �أن �أكون لنف�سي خطا‬ ‫اختيار الكتب ومعرفة ماللي يفيدين‬ ‫خا�صا بي �ضمنته كل جتاربي ال�سابقة‪..‬‬ ‫�أكرث‪..‬‬ ‫بعد الثانوية بد�أت اقر�أ كتب الروايات‬ ‫واخليال العلمي من خالل الألغاز وكتب‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪36‬‬

‫الكتابة ال�صحفية لون خمتلف يف‬ ‫الكتابة ال يطرقه �أي �أحد وكل مطبوعة‬ ‫تلزمك ب�ستايل معني يف الكتابة‪..‬‬


‫�شقية ملهمة ومذهلة معا‪..‬‬ ‫بعد عام ‪ 2000‬بد�أت مرحلة منتديات‬ ‫من يريد الكتابة ي�ستطيع ذلك وب�سهولة‪,‬‬ ‫االنرتنت عندي وفيها تعلمت الكتابة‬ ‫لكن هل �سيتقنها تلك هي الرحلة‬ ‫ال�سهلة التي ال �ضابط فيها �سوى ما‬ ‫الأ�صعب التي ال يكملها كل �أحد‪..‬‬ ‫تقرره �أنت‪..‬‬ ‫ومن خالل هذه املنتديات بد�أت الكتابة لتنجح ككاتب‪ ..‬عرب عن نف�سك وال‬ ‫تلتزم ب�إطار حمدد‪,‬‬ ‫اخلا�صة التي من النف�س للنف�س بوحا‬ ‫اطرق باب كل فن كتابي‪ ,‬ال تقل �إين لن‬ ‫ونب�ضا و�سردا‪ ..‬ومن خالل املعرفات‬ ‫�أجيده وال تقل �إنه ي�صعب علي‪..‬‬ ‫الرمزية كان املجال �أكرث حرية‬ ‫قدرتك على الكتابة املتنوعة �ست�صنع‬ ‫وانطالقا والقيود االجتماعية �أخف‪..‬‬ ‫�شخ�صيتك املميزة‪..‬‬ ‫ال حتزن على كل نقد ي�أتي �إليك‪ ,‬وال‬ ‫كانت التجربة جد ثرية وعادت علي‬ ‫تنظر �إليه كعامل �إحباط لك‪ ,‬بل اجعله‬ ‫ب�أبجدية ا�ستطيع من خاللها التعبري‬ ‫والنظم مبا ي�سكنني و�أود احلديث عنه‪ ..‬مدر�سة تتعلم منها الكثري‪..‬‬ ‫الفي�س بوك مل �أجد نف�سي فيه كثريا‪ ..‬نوع قراءاتك وت�أمل يف كتابات الغري‬ ‫وا�ستفد من جتاربهم وعلم نف�سك كيف‬ ‫لكن التويرت جاء ليمنحنا دورة يف‬ ‫حتاكيهم وت�سبقهم‪..‬‬ ‫الكتابة جديدة تت�ضمن كيف نكتب يف‬ ‫حدود ال ‪ 140‬حرف وهنا كان التحدي‪,‬‬ ‫الكتابة الغربية لون مهم البد من ت�أمله‬ ‫وعندما ا�ستطعنا التكيف معه �صعب‬ ‫واال�ستفادة منه خا�صة يف االختزال‬ ‫علينا الكتابة يف قوالب �أخرى بال �أن‬ ‫والكتابة الق�ص�صية‪ ..‬ويف عدم‬ ‫نت�أثر بها‪..‬‬ ‫اال�سهاب و االن�شاء الغري مربر‪..‬‬ ‫الكتابة يا �سادة هي الفعل والفاعل ومن الفكرة التي ال ت�ستطيع �أن تقدمها‬ ‫خاللها تكون اجلملة اال�سمية جملة فعل خمت�صره‪� ..‬ست�ضيع منك وهي تكرب‪!..‬‬

‫‪37‬‬


‫رأيت في‬ ‫ُ‬ ‫إن‬

‫غفوت‬

‫على �صورتهما‪..‬‬ ‫كانا جمنونني‬

‫كعادتهما‪..‬‬ ‫المنام أني‬ ‫�آخر ما نطقت به‪..‬‬ ‫ي�سخر �شياطني الأر�ض‬ ‫أقبلهما كفي ٌل ب�أن ِّ‬ ‫لالعتكاف حول و�سادتي‪..‬‬

‫�أ�سلمت كل �شيء ملنامي‪.ٍ .‬‬ ‫�أ�ضم �أحرفها بني ذراعي الوله‪..‬‬ ‫و�أ�شم عطرها يف ما تبقى من �أغنية‬ ‫حاملة‪.ٍ .‬‬ ‫كان الوتر يهدهد قلبي على �أن�ساقِ‬ ‫الع�شق ‪..‬‬ ‫ي�أخذين مر ًة �إلى عينها ويرمي بي‬ ‫ّات يف �صدرها ‪..‬‬ ‫مر ٍ‬ ‫�أ�شفقت على حوا�سي ال�سبع‪..‬‬ ‫خم�س كما هم لدى الب�شر‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫واثنتان هي �أوجدتهما من عدم‪..‬‬ ‫حتى �إن هلك الليل يف �سواده‪..‬‬ ‫طرَقت باب املنام‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪38‬‬

‫تتزيّنُ بكل ما ميكن لأنثى �أن تفت َِك به‬ ‫قلب رجل‪..‬‬ ‫وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءت‪..‬‬ ‫و�أ�سندت ركبتيها �إلى ركبتي‪..‬‬ ‫وو�ضعت كفّيها على فخذي‪..‬‬ ‫و�أغم�ضت عينيها‪..‬‬ ‫وكانت امل�سافة حتت�ضر من فرط‬ ‫اللقاء‪..‬‬ ‫�أح�س بريح اجلنة و�أرتع�ش من زمهرير‬ ‫ال�شوق‪..‬‬ ‫تقبل بن�صف رغبة وتخت�صر كل احلب‬ ‫يف ن�شوة‪..‬‬ ‫اقرتبنا ونحن ال ن�شعر من فرط‬ ‫الإعداد لع�شاءٍ فاخر‪..‬‬ ‫يبا�س ممزو ٌج بتنهيد ٍة وتنهيد ٌة مغلف ٌة‬ ‫ٌ‬ ‫ب�شِ بقٍ فاره‪..‬‬ ‫واللحظة �أم العجائب‪..‬‬ ‫يلتم ال�شمل وينخرط ال�شوقُ يف‬ ‫قبل �أن َّ‬ ‫لحُ م ِتهِ‪..‬‬


‫ارتخت يداها على فخذي‪..‬‬ ‫وا�شتدت يداي حول جيدها‪..‬‬ ‫ال �شيء يحكم �سيطرته على اللحظة‬ ‫�سوى اعرتاف بالغرق‪..‬‬ ‫كنت �أ�سم ُع عن التقا ِء خطوط الرمان‪..‬‬ ‫ولكن مل �أ�سمع يوم ًا بخط يلتهب يف‬ ‫�أعاله‪..‬‬ ‫م�ش ِّك ًال نار ًا لها طعم احلياة‪..‬‬ ‫امتال�ؤهما كان عذاب ًا لهما وهما‬ ‫يحاوالن التنفّ�س بن�شوة‪..‬‬ ‫واليد ترتاخى حولهما كطوق يا�سمني‪..‬‬ ‫ترتاخى �أكرث‪..‬‬ ‫و�أكرث‪..‬‬ ‫وتتمادى‪..‬‬ ‫واللحظة �سيدة امل�شهد ترتنح من‬ ‫ال�ضحك‪..‬‬ ‫ابتل يف منامهما‪..‬‬ ‫على غرق اثنني اّ‬ ‫و�أفاقا على حلمٍ وورق ٍة و�أغني ٍة ماتزال‬ ‫حتت�ضر‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫وعندما‬

‫ح ّل م�سا�ؤها‬ ‫البهي‪..‬‬ ‫حمى عازف‬ ‫انتف�ضت حمام ٌة وابت�سم نوّار‪..‬‬ ‫ت�ساقطت ال�شهب من �سماءٍ عاليةٍ‪..‬‬ ‫ورق�ص ال�شجر على �إيقاع لِثامها‪..‬‬ ‫وملأ ال�ضجيج الأر�ض‬ ‫عازف يرتقي �سلّم ًا �إلى القلب‪..‬‬ ‫وكان ٌ‬ ‫يُبكي الوتر وترجتف يداه‪..‬‬ ‫كان ب�صره �شاخ�ص ًا جتاه عينيها‪..‬‬ ‫�أما عيناها فكانت تتبع �أ�صابعه وهي‬ ‫ُخ�ضع العود لرغبتها‪..‬‬ ‫ت ِ‬ ‫يف زاوية انفراج ال�ضجيج عن �شُ ِّح‬ ‫ال�صمت‪..‬‬ ‫وبن�صف جل�س ٍة ال هي �إلى الأر�ض‬ ‫�أقرب‪..‬‬ ‫وال �إلى ال�سماء �أقرب‬ ‫‪ ‬يقف �شارد ًا مع ح�سنها‪..‬‬ ‫يتكئ مبرفقٍ من نورها اكت�سى‪..‬‬ ‫على و�ساد ٍة من حريرٍ تنف�ض ك�سل‬ ‫ال�سواد‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪40‬‬

‫وت�شم عطر املكان وحتيا‪..‬‬ ‫�أخربها �أن الأر�ض فرح ٌة ك�أنها ب ُِّ�شرت‬ ‫مبطر‪..‬‬ ‫للحب الفاره‪..‬‬ ‫والنا�س هنا �شهو ُد ِّ‬ ‫و�أنها املليكة وحدها‪..‬‬ ‫‪ ‬و�أخربها �أي�ضاً‪..‬‬ ‫للقلب مملكة �شيّدت من ذهب خال�ص‬ ‫‪ ‬جتري حتته الأنهار‪..‬‬ ‫وبه فاكهة ت�شبه عينيها‪..‬‬ ‫وخمر كطعم ريقها‪..‬‬ ‫وعطر يغار من �أنفا�سها‪..‬‬ ‫وتوت ك�شفتيها‪..‬‬ ‫و………‪.. .‬‬ ‫�أزاحت ن�صف ال ِلّثام‪..‬‬ ‫حتى �إذا ا�شتد الكربُ عليه‪..‬‬ ‫وت�سارع النب�ض‪..‬‬ ‫والتهبت الأكف‪..‬‬ ‫رمى بن�صف ك� ٍأ�س ووردة‪..‬‬ ‫و�أمال ر�أ�سه نحو اجلنةِ‪..‬‬


‫ليفيق من غيبوبته‪..‬‬ ‫بعد الإفاقة‪..‬‬ ‫كانت ال�شم�س تلف املكان‪..‬‬ ‫يحت�ضر‪..‬‬ ‫وكان الورد ِ‬ ‫�أما هو فكان ثمِ ًال ال يعرف �أي �سماءٍ‬ ‫تُظِ لّه‪..‬‬ ‫�أم�سكت بيده وهي تقول بتمتم ٍة ال تخلو‬ ‫من الغنج‪..‬‬ ‫م�س من ال�شيطان؟‬ ‫أبك ُّ‬ ‫� َ‬ ‫م�سه �أرحم‪..‬‬ ‫قال ُّ‬ ‫م�س من قلبك‪..‬‬ ‫بي ُّ‬ ‫فتعايل انفثي ثالث ًا ‪..‬‬ ‫�إحداهن يف قلبي‪..‬‬ ‫واثنتان على �شفتي‪..‬‬ ‫�ضحكت و�أعادت لِثامها‪..‬‬ ‫وخفت كل نو ٍر كان يعم املكان‪..‬‬ ‫عازف العود‪..‬‬ ‫وهد�أ رو ُع ِ‬ ‫رب �أ�سكنها م�سكن ًا مبملكته و�أنت خري‬ ‫ِّ‬ ‫املنزلني‬

‫‪41‬‬


‫يا‬

‫رائحتها امل�ستلقية بذاكرتي‪..‬‬ ‫يا ج�سدها امل�ستوطن بخياالتي‪..‬‬ ‫فقط ليله‬ ‫يا ك َلّها �أو بع�ضها‪..‬‬ ‫فقط ‪ ..‬ليلة لأرتوي‬ ‫دعيني �أفر�ش احلرير الأحمر‪..‬‬ ‫و�أوقد ال�شموع ب�أنفا�سي‪..‬‬ ‫دعيني �أنرث ال�شوق يف جنبات املكان‪..‬‬ ‫ليظل متوقد ًا بحمم من ال�شوق‬ ‫متلهفة‪..‬‬ ‫�ستكون هناك طاولة‪..‬‬ ‫وك�أ�سان‪..‬‬ ‫وكثري من حنني رجل‪..‬‬ ‫و�ضعت قمي�ص ًا مينح ج�سدك حرية‬ ‫التعبري‪..‬‬ ‫قمي�ص ال ميار�س الكبت والعبودية‪..‬‬ ‫ي�سمح لذراعيك بالتنف�س‪..‬‬ ‫ولتفّاحتيك بالبوح‪..‬‬ ‫لونه ي�شبه دم الغزال‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪42‬‬

‫يبد�أ من حيث ال يبد�أ‪..‬‬ ‫وينتهي حيث تكون البدايات‪..‬‬ ‫يحاول عبثًا �أن يالم�س حرف �ساقيك‬ ‫فال يقوى‪..‬‬ ‫يختنق يف اخل�صر‪..‬‬ ‫ويئن يف الردفني‪..‬‬ ‫ويتال�شى عند النحر‪..‬‬ ‫ين�سل على ج�سدك بعفوية كيفما‬ ‫تريدين‪..‬‬ ‫هو يجعل منك �سيدة املكان وملهمة‬ ‫�صاحب املكان‪..‬‬ ‫ليلة لأرتوي‪..‬‬ ‫جل ما �أريده‪..‬‬ ‫�أتعرفني �أمراً‪..‬‬ ‫كم �أع�شق تالقح احل�ضارات‪..‬‬ ‫ما دمت ح�ضارة جمالية غام�ضة‬ ‫امل�صدر‪..‬‬ ‫وذلك الغمو�ض هو ما يدفعني ل�سرب‬ ‫�أغوار كهفك احل�صني‪..‬‬ ‫والتعرف على نقو�ش وخمطوطات‪..‬‬


‫وتذوق الرمان عن اليمني وعن‬ ‫ال�شمال‪..‬‬ ‫ياه يا ليلتك احلمراء‪..‬‬ ‫فقط جتردي من خميط احلرف‬ ‫واركعي‪..‬‬ ‫فقط جتردي من �سبات ال�سواد‬ ‫وارق�صي‪..‬‬ ‫�أود رق�صة �ساخنة‪..‬‬ ‫تتداخل فيها الأج�ساد‪..‬‬ ‫حتى نكاد نكون واحداً‪..‬‬

‫فقط ليلة‪..‬‬ ‫و�ستزول الغمة وينك�شف �ساق احلرف‬ ‫على بيا�ض الورقة‪..‬‬ ‫ويبد�أ ميالد الفتح‪ ..‬و�أهذي‪:‬‬ ‫وت�سكن الأ�صوات للحب فال تهم�س �إال‬ ‫�أنيناً‪..‬‬

‫تخيلتك بالقمي�ص الأحمر وثمة‬ ‫ِ‬ ‫منذ‬ ‫جموع ترك�ض‪..‬‬ ‫تبحث عن �إخوة لها يف ترائب الغيب‪..‬‬ ‫هم كالأيتام يبحثون عن ملج�أ يقيهم‬ ‫�شر االحتبا�س احلراري‪..‬‬ ‫فقط ليلة‪..‬‬ ‫ولن �أزيد كال‪..‬‬ ‫فقط ليلة‪..‬‬ ‫و�س�آتي من كونك بنب�أ يقني‪..‬‬

‫‪43‬‬


‫تتابع‬

‫�سفرها‪..‬‬ ‫�أرهق احلرف كثرياً‪..‬‬ ‫عند الساحل‬ ‫ليتني كنت كرت �صعودٍ �أ�سكن حقيبتها‪..‬‬ ‫و�أنام �إلى جوارها‪..‬‬ ‫ذات رحل ٍة �أوحت يل بر�سال ٍة عابرة‪..‬‬ ‫�ساعات قليل ٍة �س�أكون �إلى جوا ِر البحر‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫«بعد‬ ‫اليم يف‬ ‫و�س�أرمي ورق ًة يف اليم يلقيها ُّ‬ ‫ال�ساحلِ ‪..‬‬ ‫علّك ت�أتي يوم ًا وجتدها‪»..‬‬ ‫ومنذ ذلك اليوم‪..‬‬ ‫أم�شط ال�ساحلَ بحثًا عن عطرها‪..‬‬ ‫و�أنا � ِّ‬ ‫عند ال�ساحل ‪..‬‬ ‫ر�سمت لوحة الغيم على عناق ال�شم�س‪..‬‬ ‫و�صنعت زورق ًا من �أحرف‪..‬‬ ‫ودعوتها‪:‬‬ ‫يا �أنتِ ا�صعدي معي وال تكوين مع القوم‬ ‫الهالكني‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪44‬‬

‫ا�شتد امل ُد واجلزرُ‪..‬‬ ‫وتناثرتِ الأحرف مين ًة وي�سرةً‪..‬‬ ‫وفقدتُ البو�صل َة �إلى ورقتها‪..‬‬ ‫ويبقى حرفان من ا�سمها‪..‬‬ ‫قيد البحث الآن‪..‬‬


‫تتعدد‬

‫لل�شم�س وامل�ستفزة للقمر‪..‬‬ ‫�أن�ساق الوله‪..‬‬ ‫وتتوه الأمنية يف دهاليز كانت تت�سيد‪ ‬النب�ض‪..‬‬ ‫فكانت قِبل ًة �أوليّ وجهي �شطرها‪..‬‬ ‫العتمة‪..‬‬ ‫هو احلب قِبلة الع�شّ اق �إن هم بحثوا‪..‬‬ ‫تنفجر �أغنية يف قلب �سامعها‪..‬‬ ‫وتنخر كلماتها ج�سد ًا متهالكًا‪..‬‬ ‫وجيف قلبي ي�شي بحكاية عذبة‪..‬‬ ‫حكاية مربكة‪..‬‬

‫مسني الحب‬

‫يرمل يف ثالث احلب‬ ‫ويهلك يف �سابعه‪..‬‬ ‫م�سكني �أنا ‪..‬‬ ‫حكيتُ يل يوم ًا �أين كنت حول احلمى‬ ‫فرتعت‪..‬‬ ‫ومن يومها و�أنا رات ٌع يف جلج احلب وال‬ ‫�أقوى ‪..‬‬ ‫�أحببت قبل �أن ي�ستيقظ طفل بداخلي‪..‬‬ ‫و�أحببت بعد �أن فزّع الطفل مناماتي‪..‬‬ ‫�أحبها من فجّ ة ال�ضوء‬ ‫�إلى �أن يتغ�شى الليل‪� ‬شغب النهار‪..‬‬ ‫ولأنها الأنثى املُلهِ مة‬

‫‪45‬‬


‫تدور‬

‫حول فلك اال�شتباه‪..‬‬ ‫تنظم بيتًا من غنجٍ ‪..‬‬ ‫أحتاجها‬ ‫وتك�سر �شطر ًا من حياء‪..‬‬ ‫ت�ستفز امل�ساء عندما تريد ‪..‬‬ ‫وتخر بال�سقف على وتد القلب‪..‬‬ ‫حتاول �أن تربك الر�صيف‪..‬‬ ‫لتهتز �أعمدة ال�ضوء‪..‬‬ ‫ت�سرتق نظر العابرين عنوة‪..‬‬ ‫ويبتل جدار و�سور‪..‬‬ ‫يارب امل�شّ ائني يف الظلم �إلى قلبها‪..‬‬ ‫كن بي �أرحم‪..‬‬ ‫اليوم قر�أت لها بيتًا‬ ‫به ك�سر على قارعة ج�سدها‪..‬‬ ‫وما �أزال �أرجتف‪..‬‬ ‫دثريني يا �أبياتها‪..‬‬ ‫مل �أعد قادر ًا على ا�ستيعاب امل�سافة‪..‬‬ ‫ومل يعد ذهني �صافياً‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪46‬‬

‫�أحتاج لك� ٍأ�س من وله عينيها‪..‬‬ ‫�أحتاجها اليوم �أكرث‪..‬‬ ‫يف كل حني �أرقب طيفها‪..‬‬ ‫�أفن�ش عنها يف الزوايا‪..‬‬ ‫وما �أزال �ألتم�س النور‬ ‫يف عتمة النهار الذي يفتقدها‪..‬‬ ‫ليتها تعلم �أن الكون منارتها‪..‬‬ ‫لبا�س من حريرٍ‬ ‫و�أن قلبي ٌ‬ ‫يتمنى ج�سدها‪..‬‬ ‫�إين �أقف عند حرف ا�سمها الأول‬ ‫وال �أجتاوزه‪..‬‬ ‫بني يدي �سمّوها‪..‬‬ ‫يغار الورد من عينيها‪..‬‬ ‫فال يقوى مواجهة الإبهار‪..‬‬ ‫ذات م�ساء حبّ ‪�..‬أدركت !‬ ‫مل تذبل الوردة‬ ‫قبل ثوان من معانقة يدها‪..‬‬


‫�سبحان ماهي عليه‪..‬‬ ‫تناديني من ت ّل ِة الع�شق‪..‬‬ ‫تريدين طوق جنا ٍة و�أكرث‪..‬‬ ‫وتخنقني امل�سافات‪..‬‬ ‫�أتقدم خطو ًة و�أتراجع‪..‬‬ ‫يارب امل�سافات البعيدة‬ ‫ارحمنا‪..‬‬ ‫و�أعن قلوب ًا باحت بالع�شق ومل ي�سمعها‬ ‫�أحد‪!..‬‬

‫‪47‬‬


‫تمام الشوق‬

‫ال�ساعة‬

‫ت�شري �إلى �آخر‬ ‫ال�صرب‬

‫هي متام ال�شوق‬ ‫هي كل اللهفة‬ ‫واملكان ي�شري �إلى طيفه‬

‫تتح�س�س و�سادتها‬ ‫«نام ذات ليلة هنا؟»‬ ‫قالتها وهي تلتهب ببقايا عطره املنثور‬ ‫على ج�سدها‬ ‫رغم مرور �أعوام‬ ‫�إال �أنه الزال يبعرثها بتلك الرائحة‬ ‫املجنونة‬ ‫كلما ا�شتاقت �إلى �صاحب العطر‬ ‫جمعت نف�سها واختب�أت حتت املاء‬ ‫املاء �سكناها‬ ‫املاء مالذها‬ ‫وحده يعرف كيف يوا�سيها‬ ‫وحده يح�ضنها‪ ، ‬ي�شرب دمعها‬ ‫ويذيب ارتعا�شاتها‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪48‬‬

‫فله �صوت حنون‬ ‫يحدثها‬ ‫ي�ستمع �إليها‬ ‫و يذكرها بكل التفا�صيل‬ ‫كيف كان امل�ساء ليلتها‬ ‫يتمتم ب�آيات ال�سكينة‬ ‫كيف كان الطريق �إلى بيتها‬ ‫ملون ًا بالرغبة واحللم‬ ‫كيف �أن احلكاية‬ ‫جمرد وعد‬ ‫امتته قلوب �صدقت نب�ضها ماوعدته‬ ‫ويف ليلة بنف�سج كان امليعاد‬ ‫يف م�سج‪ ‬هم�ست ‪ ‬له ( تعال )‬ ‫حمل لهفته بيده ونقر �أرقامها بحنان‬ ‫ثم قال‪:‬‬ ‫حلوتي �أنتِ‬ ‫هناك رجل تعبث بها كلماتك‬ ‫هناك قلب‬ ‫يريد ح�سنة من عينيك‬


‫و بع�ض ع�سل من �شفتيك!‬ ‫اجابته ‪:‬‬ ‫�أحبك ياعطري‬ ‫فقط «تعال»‬ ‫�أنهت املكاملة‬ ‫رمت بج�سدها على فرا�شها‬ ‫وهربت حتت و�سادة مليئة بالرجاء‬ ‫واحللم‬ ‫واالبتهال‬ ‫غفت وهي تهم�س‬ ‫يارب‬ ‫يارب‬ ‫اخلروج من املاء بالن�سبة لها‬ ‫كال�صحو متام ًا‬ ‫حني جتفف نف�سها‪ ‬تبدو وك�أنها تفرك‬ ‫عينيها‬ ‫فينتهي احللم‪ ‬وت�شرق كل حقيقة‬ ‫لب�ست رداءها الوردي‬ ‫ثم جل�ست �أمام مر�آتها‬

‫مترر نظراتها على مالحمها‬ ‫فرتى عينيه‬ ‫تبت�سم لها‬ ‫وت�سمع �صوته يف ذاكرتها‬ ‫�صوته ال�صباحي الهادئ‬ ‫(�آه منك ياجمنونة)‬ ‫ت�ضحكها دوم ًا هذه اجلملة‬ ‫كل لذة الكون جتتمع بني �شفتيه كلما‬ ‫قالها‬ ‫انتظارات وم�سافات‬ ‫�شمو�س تتوالى و�أقمار‬ ‫والليلة املوعودة يف حقيبة القدر‬ ‫حتى �أتى رنني هاتفها باخلرب‬ ‫ح�سن ًا افتحي الباب‬ ‫الآن افتحي يل وللوعد ولكل �أحالمنا ‪!..‬‬ ‫وهي يف ارجتافات وابت�سامات‪..‬‬ ‫وقفت خلف الباب املوارب‬ ‫ال�شارع �ساكت واحلارة نائمة‬ ‫حوا�سها وحدها يف �صخب‬ ‫�أنفا�سها جتادل �صدرها‬

‫‪49‬‬


‫نب�ضها و ارتعا�ش �أطرافها يف �سباق‬ ‫بداخلها‬ ‫مهرجان فرح‬ ‫طبول حرب‬ ‫وثرثرة خوف‬ ‫بداخلها‬ ‫�إميان ومترد‬ ‫�صلوات وغناء‬ ‫يف عقلها تدور �أفكار‬ ‫وترق�ص هواج�س‬ ‫على �شفتيها تعويذة‬ ‫ويف ريقها ت�سكن خمرة عتيقة‬ ‫تنتظره بجنون‬ ‫ينهي كل‪ ‬تلك الفو�ضى ‪ ‬برائحة �أنفا�سه‬ ‫التي ت�سبقه بثوان‬ ‫يجمع كل �ضجيجها‬ ‫ويقفل عليه ب�صندوق‬ ‫ويدفنه يف حفرةعميقة‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪50‬‬

‫مبجرد �أن ابت�سم وقال‪:‬‬ ‫م�ساء اخلري‬ ‫فتنبت حتت قدميها �أمنيات‬ ‫اوركيد يت�سلق ‪ ‬جدار بيتها‬ ‫كناري �صفراء تكبل �أبوابها‬ ‫ويباركهما قمر قريب‬ ‫يرقب الكون لأجلهما‬ ‫متد يدها لت�صافحه‪ ‬ي�أخذها كلها �إليه‬ ‫يح�ضنها‬ ‫ويغرقان‬


‫القلق‬

‫من موت‪ ‬ذكريات‬ ‫الأم�س‬ ‫التوج�س‪ ‬من �ضياع ‪ ‬اليوم‬ ‫الرعب من مفاج�آت الغد‬ ‫الرهبة من املواجهة ‪ ..‬من‪ ‬حجم‬ ‫اجلزاء ‪ ..‬ومن �سوء ‪ ‬العقاب‬ ‫الرهبة من وجود‪ ‬مر�ض �أ�سود باجلوار‪ ‬‬ ‫االرجتاف من‪ ‬غلبة الدنيا‪ ‬واختالف‬ ‫الب�شر‪ ‬وتبدل الأحوال‬ ‫االرجتاف‪ ‬من‪ ‬امل�ستحيل‪ ‬و من فكرة‬ ‫الغياب وال�سفر البعيد‬

‫كم �صورة ظهر اخلوف هنا ‪..‬؟‬ ‫وكم حيلة اتخذها ال�شيطان ليغرقنا يف‬ ‫خماوفنا؟‬ ‫اخلوف باب ال ميكن �إغالقه‪ .. ‬لكن‬ ‫ميكننا‪ ‬ردمه‪ ‬‬ ‫اخلوف طبيعة ب�شرية ‪� ،‬إذا ماكانت‪ ‬يف‬ ‫حدود �أمنلة‪ ‬الطفل الر�ضيع‬

‫وهناك‪ ‬رب رحيم‬ ‫من امل�ستحيل �أن يكون دائرة كبرية‬ ‫مركزها نحن‬ ‫وهناك رب رحيم‬

‫لماذا نخاف‪..‬؟‬

‫لن يكون‪ ‬اخلوف قدرنا وم�صري حياتنا‬ ‫وهناك رب رحيم‬ ‫‪ ‬لو تركنا التفكري والتدبري لأمر اهلل‬ ‫لو �سلمنا قلوبنا واقدارنا‪ ‬هلل‬ ‫لعرفنا يقيناً‪ ‬‬ ‫‪� ‬أن ال حياة ب�ؤ�س وال حزن وال تعب وال‬ ‫خوف‬ ‫وهناك رب رحيم‬

‫ال ميكن �أن يكون اخلوف كون ًا يحيط‬ ‫بنا‬

‫‪51‬‬


‫�ساقها‬

‫قدر باذخ التهلكة‪..‬‬ ‫و�ألقى بها يف �سجيل‪..‬‬ ‫المزهرية‬ ‫‪ ‬و�سجيل تلك كانت يوم ًا‬ ‫جنة عاليها من �سند�س وا�ستربق‪..‬‬ ‫‪ ‬بد�أت رحلتها مبجداف �صغري جداً‪..‬‬ ‫‪ ‬وانت�صفت مبوج يالطف �صغر‬ ‫جمدافها‪..‬‬ ‫‪ ‬وانتهت ب�سوط من يحموم‬ ‫يجوب خا�صرتها‬ ‫ي�شرخ ذاكرتها‬ ‫وينخر جدار قلبها‬ ‫م�سا�ؤها تعب‪..‬‬ ‫و�صباحها ريح حتملها للرحيل‬ ‫وتق�سو يف ت�أبني ذكراها‪..‬‬ ‫�صيفها �شم�س‬ ‫ت�أتي بلهيب تذوق به يبا�س ال�سنني‪..‬‬ ‫و�شتا�ؤهار�صيف‬ ‫�أنهكه املتهالكون من ع�شاق ال�صدف‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪52‬‬

‫«ال�صدف»‪ ..‬يالهذه الكلمه‪..‬‬ ‫تتذكر كيف بد�أ ارجتاف قلبها �صدفة‪..‬‬ ‫‪ ‬وتدرك كيف بد�أ نحيب قلبها �صدفة‪..‬‬ ‫‪ ‬وتعلم كيف كانت الرحلة‬ ‫‪ ‬وال�سفينة وموت ال�شراع �صدفة‪..‬‬ ‫وكيف ميكن �أن تتهاوى الدمعة �صدفة‪..‬‬ ‫‪ ‬ياه ياه ‪..‬‬ ‫‪ ‬ياقلبها املليء بطعنات ال�صدف‬ ‫‪ ‬و�آخرها‬ ‫�أن عطره جاء �صدفة ‪..‬‬ ‫وجتاهل ك�سر خاطرها واعتذر ‪..‬‬ ‫حتى �إذا ارتد �إليها طرفها‬ ‫مل جتد العطر واكتفت بت�أمل الرذاذ‬ ‫ي�سكن مزهرية من خزف‬ ‫يت�ساقط منها دم �أحمر‬ ‫‪ ‬تفوح منه رائحة ملعونة‬ ‫‪ ‬كرائحة ال�شراع الذي هلك �صدفة‬


‫ي�ستفزين‬

‫�صوت اجلمال‬ ‫عندما يتجلى‬

‫من لبا�سها‪..‬‬ ‫�أغرق فيه و�أثمل‪..‬‬ ‫�أبتل ببينته و�أعط�ش‪..‬‬ ‫يف ح�ضرته‬ ‫�أتال�شى بني الإقامة والت�شرد‪..‬‬

‫باهلل ياج�سدها املم�شوق رفقاً‪..‬‬ ‫باهلل ياتفا�صيلها رفقاً‪..‬‬ ‫باهلل ياكلها رفقاً‪..‬‬ ‫رب التذر على الأر�ض من القطن‬ ‫لبا�ساً‪..‬‬

‫ذات الرداء‬ ‫القطني‬

‫يف الأولى‬ ‫فار�س يحمي اجلمال‪..‬‬ ‫ويف الثانية‬ ‫هارب ين�شد النجاة‪..‬‬ ‫ومابينهما‬ ‫ن�صف من تلك وتلك‪..‬‬ ‫�أقدم بن�صف رع�شة‬ ‫و�أدبر ب�شهقة و�أكرث‪..‬‬ ‫ياذات القطن بالرداء‪..‬‬ ‫�أهلكني اجل�سد املت�شبث بن�سيج القطن‪..‬‬ ‫�أعياين‪� ..‬أرهقني‪..‬‬ ‫�أوغل يف جرح ب�صري‪..‬‬

‫‪53‬‬


‫أشباح‬

‫تت�سارع‬

‫الدقائق‬ ‫ومت�ضي عقارب‬

‫ال�شوق‪..‬‬ ‫تت�أرجح الأمنيات‬ ‫وت�ضطرب امل�سافات‪..‬‬ ‫تهز الأغ�صان‬ ‫غ�سق الوجع الأخري من ثلث اجل�سد‪..‬‬ ‫وتنبت وردة من عينيها‪..‬‬ ‫امل�شهد يعج بالتناق�ض‬ ‫ولكنه حقيقة‬ ‫ولدت من ثلث �آخر من اجل�سد‬ ‫كان م�ستم�سك ًا بالعروة الوثقى‬ ‫من القلب‬ ‫ويقاوم‪..‬‬ ‫كان ي�ؤمن ب�أن احلب‬ ‫هو حقل فيه مناطق �ألغام حمظوره‪..‬‬ ‫وكان ي�ؤمن �أي�ض ًا ب�أن‬ ‫ا�ستنطاق الأ�شباح ال�ساكنني يف فجواته‬ ‫�أمر لي�س مبقدوره‬ ‫�أن يرمي ب�آخر �أوراق الوجع‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪54‬‬

‫يف غياهبه‪..‬‬ ‫وينت�صر‪..‬‬ ‫لذا كان يجب �أن ينتظر غيمة‬ ‫ت�أتي �سريعة‬ ‫وتغ�سل حوبة الفكر املحدود‪..‬‬ ‫كان �أب�سط �أمر ي�سكن امل�شهد‬ ‫هو التناغم اخلارق‬ ‫يف عزف قرار الوجع باليد اليمنى‬ ‫و�ضبط اجلواب باليد الي�سرى ‪..‬‬ ‫اليوم رمبا يخاجله �شعور بالر�ضا‬ ‫على �أوجاعه ال�سابقة‬ ‫لأنها ع�سفت بذاكرته‬ ‫ومتخ�ضت جرح ًا‬ ‫تداعى له �سائر الزمن‬ ‫بال�سهر واحلمى ‪..‬‬


‫�أم‬

‫العرو�س �أنت‪..‬‬ ‫و�إن كنت م�ؤمن ب�أنك �أقرب �إلى‬ ‫�أن تكوين العرو�س‪..‬‬

‫�شكر ًا �أم العرو�س‬ ‫فلم ت�ستطع عيناي �أن تتجاوز �شبابك‬ ‫و�أنت كفر�س يف م�ضمار �سباق‪..‬‬

‫أم العروس‬

‫ففي مالحمك تختبيء �أنثى �شقية‬ ‫�صاخبة‪..‬‬ ‫ويف مالحمك ر�سالة لكل الن�ساء‬ ‫‪ ‬ب�أن بقية اجلمال الذي تفقدنه هاهنا‪..‬‬ ‫ياه ياعرو�س القلب‪..‬‬ ‫رغم �أنني املرايا وتعب اجل�سد‪..‬‬ ‫رغم تناهيد الزمن املكتظة‬ ‫‪ ‬يف بع�ض �صباحاتك‪..‬‬ ‫ورغم كل ال�سهد يف �أر�صفة الأمنيات‪..‬‬ ‫�إال �أنك ت�صنعني الفارق‬ ‫وتكتبني التاريخ احللم‪..‬‬ ‫هنيئ ًا للعر�س بك‬ ‫‪ ‬و�أدام اهلل نب�ض ال�سعادة يف جفنك ‪..‬‬

‫‪55‬‬


‫يا عمري ‪...‬‬

‫�أتى‬

‫مبلالً‪ ‬‬ ‫‪� ‬أغرقه ‪ ‬ال�شوق وماء‬

‫ال�سماء‪..‬‬ ‫صباح النور‬ ‫انت�شى ب�صورتها ‪ ..‬فهي �أمطاره ‪..‬‬ ‫وهذا املطر رائحتها‬ ‫ا�شتها�ؤه لعبق �أنفا�سها حول الطريق‬ ‫�إلى مطارات �سفر مزدحمة‪..‬‬ ‫ينتظر بلذة �ساعة املغادرة الى‬ ‫�أوطانها‪..‬‬ ‫لعلها تلقاه‪ ‬باكر ًا ‪ ....‬هي ‪ ...‬و‬ ‫�شفتاها‪ ..‬عيناها‪ ..‬ونحرها‪..‬‬ ‫وطعم ال�شهد يف ريقها‬ ‫�أح�ضانها و بلدان من نب�ضها‬ ‫و‪� ‬شم�سها الدافئة‬ ‫لتذيب جليده‬ ‫لتنبت‪� ‬أوركيده‬ ‫فهو القادم‪ ‬من بعيد‬ ‫ي�سبقة قلب يرجتف‬ ‫ورغبة‪ ‬تلتهب‬ ‫وج�سد �أرهقه احللم‪..‬و�أ�ضناه العط�ش‬ ‫وقبل �أن يقرع الطري نافذتها‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪56‬‬

‫تلم�س بابها‪..‬‬ ‫�سبق النور ‪� ‬إلى عينيها‬ ‫و‪ ‬على ج�سدها‪� ‬أ�شرق �صباحه الذي‬ ‫تنتظر‪..‬‬


‫�صباح‬

‫�صباح النور‬ ‫الأمنية اخلجلى‪..‬‬ ‫�صباح الطهر والنقاء‪ ..‬ورق�صة خمنوقة يف �شفة يتيم‪..‬‬ ‫�صباح العطر املن�سدل‬ ‫�صباح العيد‪..‬‬ ‫من �شرفة ج�سدك �إلى رئتي‪..‬‬ ‫�صباح جديد‪..‬‬ ‫اليوم تزاحمت النجوم قبل ال�ضياء‬ ‫بحث ًا عن جفنيك لتتدثر بهما‪..‬‬ ‫اليوم تراق�صت �أعمدة الإ�ضاءة‬ ‫واغت�سلت الأر�صفة‬ ‫وانت�شر العطر يف كل مكان‪..‬‬ ‫اليوم ر�أيتك قبل ال�صبح‬ ‫ت�ستقرين يف ال�سماء‬ ‫الب�سة من �سند�س وا�ستربق‪..‬‬

‫اليوم ر�أيتك مع �أولى �ساعات ال�صباح‬ ‫يحت�ضنك العيد والفرحة‬ ‫المتنحه �إح�سا�س ًا بجرم االلت�صاق‬ ‫بك‪..‬‬

‫صباح العيد‬

‫�صباح الغنج الأكرث متعة و�صخباً‪..‬‬ ‫�صباح العيد ياكل العيد‪..‬‬ ‫�صباح فجر العيد‬ ‫يابدء ال�ضياء‪..‬‬ ‫�صباح فجة النور‬ ‫وحمامة وع�صفور و�شيء مني‪..‬‬ ‫�صباح اخلري والربكة واحلمد وال�شكر‬ ‫و�أنت العيد‪..‬‬

‫‪ ‬اليوم �أ�شهدت اهلل ومالئكته‬ ‫�أنك جائزة العيد‬ ‫�أجازى بها بعد ال�صالة‪..‬‬

‫‪57‬‬


‫بينك ‪...‬‬

‫بينك‬

‫و بين ـ ــها‬ ‫�أجل ‪� ..‬أحبك و �أحبها‪..‬‬

‫كما ت�سمعني‬ ‫وبينها‬ ‫مل تخطئ �أذنك‬ ‫ما ت�سلل بها‬ ‫�أقولها لك‬ ‫و �أقولها لها‪..‬‬

‫لك مكانتك‬ ‫و لها مكانتها‪..‬‬ ‫�أ�ستيقظ يف عينيك‬ ‫و �أنام يف عينيها‬ ‫�أتنف�س هواءك‬ ‫و يدخل رئتي هوا�ؤها‬ ‫قد يبدو لك‬ ‫�أين من�شطر‬ ‫بينك و بينها‪..‬‬ ‫�أبد ًا �سيدتي‪..‬‬ ‫بداياتي تكتبينها ب�شفتيك‬ ‫و م�ساراتي التي تعرفينها‬ ‫تعرفها بحد�سها‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪58‬‬

‫�أنبت يف فراغاتك‬ ‫و ت�سقيني بدموعها‪..‬‬ ‫منف�صل بني القلب والقلب‬ ‫بني ح�ضنك و ح�ضنها‪..‬‬ ‫رغبتي فيك تقتلني‬ ‫و تقتل يف رغبتها‬ ‫�أتخيلك �آتية �إيل‬ ‫فت�أتي �إيل كلها‪..‬‬ ‫ظرفك ظرفها‬ ‫غنجك غنجها‬ ‫عبقك ي�أخذين لل�شمال‬ ‫و يف اجلنوب يرميني عبقها‬ ‫�أنت يف الن�صف احلنون‬ ‫و �أنا بكل حناين ن�صفها‬ ‫ل�ست حمتار ًا بينكما‬ ‫و ل�ست م�ضطر ًا‬ ‫�أن �أختار بينك و بينها‬ ‫�أنت هي ‪ ..‬و هي �أنت‬ ‫وجهك‪ ..‬وجهها‬


‫و �أناملك الندية‬ ‫�أناملها‪..‬‬

‫فمن له مثلك ‪ ....‬يعي�ش حياتني‬ ‫حياة لك‪ ..‬و حياة لها‬

‫�أنت حتملينني على قر�ض ال�شعر‬ ‫و هي ترتكني �أم�شط �شعرها‬ ‫و بني �شعرها و �شعرك‬ ‫تنبت �سنابلي‪..‬‬ ‫ت�سري زنابقي‬ ‫ت�سقيني �أمطارها‪..‬‬ ‫بينكما �أنا واقف‪ ..‬جال�س‪ ..‬نائم‬ ‫�أحت�سيك حتى النخاع‬ ‫و �أحت�سي من نخاعها �شرابها‪..‬‬ ‫لن يتبادر لذهنك �سيدتي‬ ‫�أين قد �أ�ستغني عنك‬ ‫لأجلها‪..‬‬ ‫�أنت نائمة بقلبي‬ ‫و هي لها قلب بذاتي‬ ‫مفاتيحه ملك لها‪..‬‬ ‫فال تتعجبي �سيدتي‪.‬‬ ‫�أين �أملك قلبني‬

‫‪59‬‬


‫من‬

‫حيث بد�أ ال�صبح تهج�أت نوره و�أنه ال ‪� ‬أ�شهى ‪ ‬من احت�ساء ك�أ�س‬ ‫رتل من ‪ ‬منرب الروح مبتهل خممورة ‪ ‬بالعطاء‬ ‫السرقة‬ ‫و نادى يف حنايا القلب مناد‪..‬‬ ‫و�أخرى حمالة بالأمل ‪..‬‬ ‫الحالل هل هناك ما يجب �أن ت�سرقه اليوم‪ ! ‬ويف اختال�س الن�شوة ‪ ،‬خري لو تعلم عميم‪..‬‬ ‫حتتال عليه برفق‪..‬ت�سلبه عقله‬ ‫�أال‪� ‬إن يف كل عني رجاء‪ ،‬ويف كل �أذن �صوت‬ ‫تخبئه بني احلنايا و ت�ستمتع به كما‬ ‫مالك‬ ‫يجب �أن تكون املتعة!!‬ ‫ويف كل ح�ضن وطن‪ ،‬ولكل �شوق �سماء من‬ ‫�أال �أعلم رحمك الرب‪..‬‬ ‫لهب‪..‬‬ ‫�أنه حني تفي�ض اخلزائن ‪،‬و ينام‬ ‫و�أعلم بارك اجلنون عملك‪..‬‬ ‫حرا�س اخلوف ‪،‬‬ ‫�أن هناك كنوز ًا ال حتتاج حتينّ للفر�ص‬ ‫ويكون يف اليد مفتاح لكل باب…‬ ‫حتى ن�سرقها‪،‬‬ ‫يطيب ارتكاب الع�شق وحتلو ذنوبه‬ ‫هي من حقنا‪ ،‬هي ‪ ‬قريبة بطبعها‪ ،‬ع�صية‬ ‫فلي�س �أجمل من �سرقة قلب �أحدهم ‪ .‬على التوفر بهيئتها ‪.‬‬ ‫وغواية �أقفاله ‪.‬‬ ‫تبدو حماطة ب�ألف جندي ‪،‬ومئات‬ ‫اختطافه من وحدته �سنة اخلريين يف الأ�سوار‪..‬‬ ‫الأر�ض‬ ‫وما �إن ننوي الدنو منها ‪ ،‬حتى‪ ‬تفتح‬ ‫و�أعلم زادك اهلل حنيناً‪..‬‬ ‫ذراعيها‬ ‫�أنه لي�س هناك �أكرث �ألق ًا من �سرقة‬ ‫وك�أنها يف ت�أهب دائم لنحملها معنا‪� ..‬أينما‬ ‫اللحظات !‬ ‫نريد‪.‬‬ ‫حلظة فرح ‪ ،‬حلظة انت�صار‪ .‬وحلظة هذا‪ ‬واحلمد للحب‬ ‫والدة ده�شة يف منت�صف عمر‬ ‫وال�سالم على العا�شقني‬ ‫احلكايات‪...‬‬ ‫و�أقم ‪ ‬احلياة‪ ..‬بارك اهلل يف حياتك‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪60‬‬


‫لو‬

‫�أخربتك ب�أنك ت�ستطيع الو�صول‬ ‫�إلى ‪ ‬كل �شيء تريده‬ ‫وبب�س ـ ـ ـ ـ ـ ــاطة‬ ‫هل �ست�صدقني؟‬ ‫لو �أق�سمت لك �أنك‪ ‬بعمل �صغري جد ًا‬ ‫ت�ستطيع �أن تنجح مهني ًا‬ ‫�أن تك�سب مادي ًا‬ ‫ت�ستطيع �أن تدخل بيوتاً‪ ,‬ومتتلك قلوب ًا‬ ‫ت�ستطيع بكل‪� ‬سهولة ‪� ‬أن‪ ‬تكون املف�ضل‬ ‫وتكون الأقرب والأجمل‪..‬‬ ‫هل �ستفرح مبا لديك وت�ستخدمه كما‬ ‫يجب؟‬ ‫هل تدري بل �أنك ت�ستطيع‪� ‬أن تكون‬ ‫من �أهل النعيم يف الدنيا‬ ‫ومن �أ�صحاب اجلنة يف الآخرة‬ ‫فقط … ابت�سم‬ ‫وابت�سم مع كل عمل تقوم به‬ ‫ابت�سم يف كل وجه تقابله‬ ‫ابت�سم لك �أنت حني تبد�أ احلياة‬ ‫ابت�سم لل�شم�س‪ ،‬للمطر‬ ‫للم�ساء والنجم والقمر‬

‫ابت�سم للأقدار حتى و�إن كانت م�صابة‬ ‫بوعكة ويبدو عليها الهم والكدر‬

‫ابتسم‪..‬‬

‫ابت�سم ‪ ..‬للموت حني ي�أتي لي�ؤدي عمله‬ ‫وقابله بر�ضا ‪ ..‬واحت�سب ر�ضاك عند‬ ‫اهلل‬ ‫ابت�سم للف�شل حني يحاول االنت�صار‬ ‫عليك وتوعده بنجاح كبري‬ ‫ابت�سم يف وجه الطرقات ال�صعبة ‪،‬‬ ‫واقتحم قلبها بعزمك‬ ‫ابت�سم يف وجه �أحبتك‬ ‫و�أعدائك‬ ‫ومن يجانبون حياتك باحلياد‬ ‫وابت�سم حني يقول لك الر�سول الكرمي‬ ‫«تب�سمك يف وجه �أخيك �صدقة»‬ ‫وابت�سم �أكرث كلما �سمعت‬ ‫املثل ال�صيني‪ ‬يقول ‪:‬‬ ‫(�إن الذي ال يح�سن االبت�سامة ال ينبغي‬ ‫له �أن يفتح متجراً)‬ ‫وكل يوم و�أنتم ابت�سامة ال�سماء لنا‬

‫‪61‬‬


‫كان‬

‫بني الأر�ض وال�سماء ‪..‬‬ ‫يغفو وي�ستيقظ‪..‬‬ ‫قيثارة الجرح‪:‬‬ ‫وبني الغفوة و�أختها‬ ‫يت�أمل م�شهد اللقاء‪..‬‬ ‫له جرح كان قبل مغيب �شم�س‪..‬‬ ‫وخرجت ال�شم�س‬ ‫وتتابعت رحالتها واجلرح يتجدد‪..‬‬ ‫ا�ستيقظ على الواقع‪..‬‬ ‫ت�صدمه زوايا �أمكنة‬ ‫�شهدت يوم ًا �ضحكاته ‪..‬‬ ‫هي الآن خاوية على عجافها‪..‬‬ ‫ال �صوت وال رائحة وهج‪..‬‬ ‫فقط بع�ض �أ�شياء‬ ‫جتري اجلرح ململكة من تعب‬ ‫جتلد ال�سكان‬ ‫ب�سوط من جمر �أحمر‪..‬‬ ‫غياب عن كل �شيء‪..‬‬ ‫و�أحالم بكل �شيء‪..‬‬ ‫وقلب �أم�سى قيتارا‬ ‫والأع�صاب �أوتاره‪..‬‬ ‫وبد�أ يعزف‪..‬‬ ‫و‪..‬غفا‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪62‬‬


‫مهما‬

‫تبدو املوانئ مهجورة‬ ‫والطرقات �إليك خميفة‬ ‫يظل قلبي ‪ ..‬مفتون ًا بك‬ ‫وب�آخر الك�أ�س الذي يف يدك‬ ‫احلكاية بد�أت حينما التقيتني‬ ‫يف �شارع مزدحم باملارة‬ ‫حينها كنت ترتدي روح ًا م�شاغبة‬ ‫تنتعل بيا�ض ًا وت�سري ببهاء عظيم‬

‫وبعد �أن رحلت الأيام بنا ‪ ..‬وب�أحالمنا‬ ‫وتعرقلنا يف �أقدارنا‬

‫اخر الكأس‬

‫ن�سيت كل �شيء �إال �أنت‬ ‫‪� ‬أزور‪ ‬مدينة ‪ ‬ال�شوق البعيدة‬ ‫�أر�سم وجهك على حائطها القدمي‬ ‫وا�ست�سقي الذكرى‬ ‫و�أظــل �أحلم ب�آخر الك�أ�س‪ ‬وبك‪..‬‬

‫�أذكر جيد ًا �أنه كان‪ ‬يف ‪ ‬يدك ك�أ�س ًا‬ ‫مملوءة بالع�شق ‪..‬يقطر من‬ ‫جوانبها‪� ‬إح�سا�س ‪ ‬لذيذ‬ ‫كنت تقف بني الأنفا�س‬ ‫تلتقط حنجرة عط�شى‪ ‬‬ ‫‪ ‬وت�سكب بها حياة رطبة جميلة‬ ‫متتد لك �شفاه و�أيد وقلوب وتقف لك‬ ‫خطى‪..‬‬ ‫كنت متل�ؤها كلها ويفي�ض‪ ‬وت�ستبقي‬ ‫الكثري‬ ‫كان يل يومها ‪� ..‬أمنية واحدة‬ ‫�أقفلت عليها‪ ‬كفي ‪ ..‬وم�ضيت‬

‫‪63‬‬


‫كم‬

‫�ستكون احلياة مملة لوعرفنا‬ ‫م�سبق ًا ماذا �سيحدث!‬ ‫أول الخير‬ ‫كم �ستكون احلياة مزعجة لو �أفنينا‬ ‫العمر‬ ‫يف ترقب مانعرف �أنه �سيكون‪..‬‬ ‫لذا منحنا اهلل برحمته �أقدار ًا حفظها‬ ‫يف الغيب عنده‪..‬‬ ‫ومنحنا ‪ ‬قدرة عجيبة ال�ستجالب كل‬ ‫خري نريده‪..‬‬ ‫ترك لنا ف�سحة كبرية لتغيري �أقدارانا‬ ‫بكلمة ال تكلفنا‬ ‫�سوى �إميان كبري يـ ـ ـ ـ ــارب ‪...‬‬ ‫يـ ـ ـ ـ ــارب‬ ‫وحدها قادرة على كل �شيء‬ ‫فهل من‪� ‬أكف‪ ‬نرفعها الآن‪ ‬مللك‪ ‬ال‬ ‫يغلق بابه‪!..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪64‬‬


‫�أال‪ ‬‬

‫حتبون ‪..‬؟ �أن يغفر اهلل لكم ؟‬ ‫هل هذا �س�ؤال �أم معجزة!!‬ ‫ما ر�أيكم �أن تقر�أوا الآية ثالث ًا‬ ‫الأولى ‪ ..‬لتعلموا �أي �إله نعبد‬ ‫الثانية‪ ..‬لتزدادوا مباهاة برحمة ربكم‬ ‫وتزدادوا حب ًا لكونكم عباد ًا له‬ ‫الثالثة ‪ ..‬لتبحثوا عن �إجابة عظيمة‬ ‫تليق ب�س�ؤال العظيم‪.‬‬ ‫�أال حتبون‪..‬؟ �صاحب العفو واملغفرة‬ ‫ي�س�ألنا برفق‪..‬‬ ‫يتودد �إلينا لن�ستغفره ونتوب �إليه ‪..‬‬ ‫لي�س لأجل �شيء �آخر‪..‬‬ ‫‪� ‬سوى الغفران لنا ولذنوبنا ف�سبحان‬ ‫من قال‪:‬‬ ‫ما غ�ضبت على �أحد كغ�ضبى على عبد‬ ‫�أتى مع�صية فتعاظمت عليه يف جنب‬ ‫عفوي‬

‫عفو‬

‫‪65‬‬


‫أنت‪..‬‬ ‫� ِ‬

‫ال�شراع املبتل باملطر‬ ‫انت وأنا‬ ‫ِ‬ ‫و�أنا ‪ ..‬يختك الغارق يف البحر‪،،‬‬ ‫�أنتِ ‪ ..‬هالة ال�شم�س حني يغازلنا‬ ‫ال�صبح‬ ‫و�أنا‪ ..‬هجريها كلما ا�شتد بنا ‪ ‬البوح ‪،،‬‬ ‫�أنتِ ‪ ..‬و�أنا ‪..‬‬ ‫ق�صة �سماء‪ ..‬وريح ‪..‬‬ ‫‪ ‬رو�ض وزهر وعناقيد ع�شق‬ ‫�أنتِ حبيبتي �أنا‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪66‬‬


‫�إلى‬

‫من يحاولن تقم�ص �شخ�صية الطاعة‪..‬‬ ‫يرون ماال �أرى ‪..‬‬ ‫الأطفال‬ ‫وي�صنعن من خيباتهن و�سائد‬ ‫يف حب التملك لكل مايعجبهن…‬ ‫يتدثرن فيها بكذبة‬ ‫مع كثري من ال�شفقة‪!..‬‬ ‫�أحدثت �شرخ ًا يف ن�ضجهن‬ ‫يف م�ساحاتهن املكتظة بكل �شيء‪..‬‬ ‫حتى �أم�سني مراهقات بال هوية‪..‬‬ ‫ويف تفا�صيلهن امل�ضطربة من كل‬ ‫م�شكلتهن عدم الإميان بالقناعة‬ ‫�شيء‪..‬‬ ‫والبحث يف �أر�صفة الع�شق‬ ‫يف حكاياتهن ‪ ..‬نب�ضهن‪ ..‬مزاجيتهن‪ ..‬عن ذاك الغارق يف حياته‬ ‫ليكون فار�س ًا لأوهامهن‪ ..‬وم�شكلتهن‬ ‫‪ ‬يف كل �أنقا�ض الوهم‬ ‫الكربى‬ ‫الذي يعجبهن ال�سكنى حتته‬ ‫رغم �أنات الأمل التي يفر�ضها‬ ‫�أنهن كلما ارتفعت م�ساحة البناء عبث ًا‬ ‫احلطام‪..‬‬ ‫�أردوها �صريعة على الأر�ض‪..‬‬ ‫‪ ‬هن وقلوبهن م�شتتة‪..‬‬ ‫‪� ‬أيا ‪� ..‬أننت‪ . .‬احفظوا مناطقكم ذات‬ ‫هن ومزاجيتهن و�أوهامهن‬ ‫الدفء الذي الترغنب التنعم به‬ ‫ودعن التخبط ملن يليق به‪..‬‬ ‫�أعاين من وجعهن العاطفي‬ ‫�أننت �أجمل بواقعيتكن بقناعاتكن‪..‬‬ ‫وت�سكنني رغبة كربى بو�أد غبائهن‬ ‫�أما �أنا فب�أعلى ال�صوت �أ�صيح‪:‬‬ ‫ولب�س عباءة ال�شيطان الأكرب‬ ‫( رب �إين م�سني ال�ضر و�أنت �أرحم‬ ‫والرق�ص على جراحهن‪ ..‬مللت‬ ‫الراحمني )‬ ‫�ضجيجهن‬ ‫ومللت حروفهن ال�شاقة لع�صا‬

‫ما بال‬ ‫النسوة‬ ‫الالتي‬

‫‪67‬‬


‫ال تحلم‬

‫معاقرة‬

‫الأحالم‪ ‬تُذهب‬ ‫اليقينيات وتف�سد‬

‫الوقائع‬ ‫جتعل من الكون لعبة تنتهي برفة جفن‬ ‫لذا توقف عن الأحالم و�أبد�أ �شيئ ًا �آخر‬ ‫الآن‪.. ‬ابد�أ ب�صناعة حلمك‬ ‫وفر له املناخ والإمكانيات وهيئ له‬ ‫الفر�ص‬ ‫خذ من نف�سك الكثري ‪،‬من قدراتك ‪،‬‬ ‫ومن خفايا روحك‬ ‫وقليل من فكرة جمنونة ‪�..‬أنت وحدك‬ ‫متلك مفاتيحها‪..‬‬ ‫‪ ‬الفكرة االعتيادية من املمكن جد ًا �أن‬ ‫تكون حلم ًا ناجح ًا‬ ‫ب�شرط �أن تنجز ب�شكل غري اعتيادي‬ ‫يف وقت غري متوقع ‪ ..‬و�أن نفرح بها‬ ‫بطريقة خا�صة‬ ‫من اجلنون انتظار �أن ي�أتي احللم على‬ ‫جناح �صدفة‬ ‫ومن اجلنون �أكرث �أن ن�أمل انتظار حلم‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪68‬‬

‫ما لنا‬ ‫الأولى ‪� ..‬أن نبد�أ بتعلم الطريان‬ ‫للو�صول �إلى �أحالمنا‬ ‫‪ ‬ال تكون ‪ ‬كل �أحالمنا التي ن�صنعها‪ ‬‬ ‫ملك ًا لنا‬ ‫رمبا هي من حق �آخرين ي�أتون بعدنا‬ ‫ال حتزن حينها ‪ ..‬وتذكر �أنك كنت‬ ‫�سبب ًا يف حياة جديدة لهم‪..‬‬ ‫و�أنك منحتهم فر�صة كبرية للتفكري يف‬ ‫�صناعة �أحالم �أكرب ‪..‬‬


‫حني‬

‫ت�أفل ال�شم�س‬ ‫انهزم �أمام حمراب‬

‫عينيك‬ ‫رامي ًا ب�آخر �أوراق التوت على �شفا‬ ‫قلبك‪..‬‬ ‫حني ير�سم الظالم‬ ‫�أول خطوطه على حميط يومي‬ ‫ي�شعل رغباتي املتقدة‬ ‫واملتوك�أة على من�س�أة �أ�ضلعك‪..‬‬ ‫حني تتعلق قرطا�سة احلب‬ ‫من عبث رياح ال�شوق يف خا�صرتي‬ ‫�أبحث عن وجيف قلبك‬ ‫لأ�سكن يف ظله يوم الظل �إال ظله‪..‬‬ ‫حني �أت�أمل �أنفا�س الأر�صفة‬ ‫وخ�شوع �أنوارها‬

‫يا �أوفى اخللق و�آية النهار الكربى‪..‬‬ ‫يا �أعظم احلب و�آية الليل املثلى‪..‬‬ ‫يا «مذهلة» جتاوزت زخم احلديث عن‬ ‫احلب‬ ‫وجتاوزت حرفية الو�صف‬ ‫وجتاوزت رع�شاتي‬ ‫وابتهاالتي لتظل �أعلى �شجرة التوت‬ ‫والت�سقط كباقي الأوراق‪..‬‬

‫أوفى الخلق‬

‫رغم �أين قبل �أ�سطر قليلة‬ ‫�أوهمت نف�سي �أن‬ ‫�آخر ورقة ل�شجرة التوت قد رميتها‬ ‫على �شفا قلبك و�سقطت‪..‬‬ ‫�أمل ت�سمعي يوم ًا بالرمي �إلى العلو؟!‬

‫�أهيم يف تداعيات وجهك‬ ‫التي تك�سب امل�شهد �أنوثة طاغية‬ ‫ف�أنهار من �أ�ضعف نقاطي‬ ‫و�أخر من �أكربها �ش�أنا‪..‬‬

‫‪69‬‬


‫�ضمن‬

‫اهلل تعالى لنا اخلري‬ ‫يف كل �أمورنا‬ ‫تراويح‬ ‫منحنا الالفتات ‪ ..‬و�سخر لنا‪ ‬‬ ‫اخليارات‪.‬‬ ‫جعل لنا من رحمته ن�صيب ًا كبري ًا‬ ‫لكننا ن�صر على تعذيب �ضمائرنا‬ ‫وعلى �إف�ساد حياتنا وحياة من نحبهم‬ ‫ب�أيدينا‪..‬‬ ‫نحزن حني ال يكون �أحبتنا على منهجنا‪ ‬‬ ‫الذي ن�ؤمن به‪..‬‬ ‫ونكابد لأجل �أن يروا احلياة ب�أعيننا‬ ‫وحين ًا نتعاظم على كونهم ب�شر ًا مثلنا‪ ‬‬ ‫ون�ستنكر عليهم �أن يجربوا ويخطئوا‪،‬‬ ‫ون�أبى �أن يخو�ضوا ما خ�ضنا‬ ‫‪ ‬لي�س لأننا نكرههم‪ ،‬ولكن لأن حبنا‬ ‫لهم يغ�ض �أب�صارنا عن منهج رباين‬ ‫عظيم‬ ‫فحرية االختيار … من �أجمل ما‬ ‫يتعامل به اهلل تعالى مع عباده‬ ‫�أخرب �آدم وزوجه‪ ‬عن ال�شجرة …‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪70‬‬

‫وتركهما ومل مينعهما عن اخلط�أ‪..‬‬ ‫ثم منحهما خيارهما …‬ ‫الذي به هبطا �إلى الأر�ض‪..‬‬ ‫�إننا لن منلك القدرة على‪ ‬ر�سم حياة‬ ‫�أحبتنا كما نحب لهم‬ ‫لكننا ن�ستطيع‪ ‬ممار�سة حياة‬ ‫جيدة‪ ..‬معهم و�أمامهم‪..‬‬ ‫فالتعليم باملمار�سة �أكرث و�أجدى نفع ًا‬ ‫من التلقني‪ ‬والتنظري‪ ‬اململ‬ ‫كن �أجمل معهم ‪،‬وبهم وال تق�سو على‬ ‫نف�سك حني يخفقون وال تظنه ف�ش ًال لك‬ ‫امنحهم الأعذار‪ ..‬وقدم لهم البدائل‬ ‫بطريقة االختيار من املمكنات‬ ‫واملحبوبات من الأمور‪..‬‬ ‫وتذكر �أن‪ :‬اهلل يهدي من ي�شاء‬ ‫‪ ‬تذكر ذلك جيد ًا لي�ستقيم الأمر لك‬ ‫ولهم‪..‬‬


‫امل�س�ؤولية‬

‫تكليف‬ ‫وت�شريف مع ًا‬ ‫جميل �أن متنحك احلياة م�س�ؤولية‬ ‫احدهم‬ ‫لتمنحه كل احلب‬ ‫وكل الرعاية‬ ‫وجتعل منه �إن�سان ًا وال �أجمل‬ ‫‪ ‬ويف نف�س الوقت‬ ‫هي اختبار لك‬ ‫ولقدرتك على �صنع �إجناز‬ ‫‪� ‬أهم �شيء يف م�س�ؤوليتنا جتاه �أحد‬ ‫�أن ال منار�سها لوحدنا‬ ‫بل جنعله يت�شارك معنا‬ ‫بل وينفرد مب�س�ؤوليته لنف�سه �أحيان ًا‬ ‫‪ ‬لي�س من امل�ستح�سن �أن منار�س‬ ‫الو�صاية بحجة امل�س�ؤولية‬ ‫وجنعل منهم ن�سخ ًا مكررة منا‬ ‫الزوج م�س�ؤول عن زوجته‬ ‫لكنه البد لها من حياة خارج �شرنقته‬ ‫لي�س �شرط ًا �أن حتاط بكل �صغرية‬

‫وكبرية‪..‬‬ ‫‪ ‬هناك جهات عدة و�شرفات �أكرث‬ ‫البد للحياة �أن تتجدد من خاللها‬ ‫‪ ‬م�س�ؤولية الأب جتاه �أبنائه تتمثل يف‬ ‫منح اخليارات‬ ‫وتعدد الفر�ص‬ ‫والقرار الأخري ل�صاحب ال�ش�أن‪..‬‬

‫المسؤولية‬

‫�أ�سو�أ �شيء‬ ‫�أن نكره من هو م�س�ؤول عنا‬ ‫و�أن نرى يف م�س�ؤوليته‬ ‫قيد ًا و�سجن ًا م�ؤبد ًا‬ ‫اجعل من م�س�ؤوليتك‬ ‫فرحة للآخرين‬ ‫وموطن ًا يلج�ؤون �إليه بخيارهم هم‬ ‫‪ ‬امل�س�ؤولية و�سام البد من �صون كرامته‬ ‫فع ًال وقوالً‪..‬‬

‫‪71‬‬


‫لطاملا‬

‫كانت تعرف �أنها �أخذت منت�صف الليل ب�ساعة ‪..‬‬ ‫هناك بد�أ التداعي فقال ‪� :‬أنا (�أغلقت)‬ ‫من اجلمال كثرياً‪،‬‬ ‫لقاء مع‬ ‫و�أن اهلل �أودع فيها �أي�ضا من الأنوثة كثري ًا على روحي لأحبك‪..‬‬ ‫الجنة‬ ‫و من امللح كما يقولون بالعامية كثرياً‪.‬‬ ‫مل تكن تتوقع �أن ي�أتي يوم من تقف مع �أما هي فكانت تعتقد �أنها قوية فلم‬ ‫حتتج �إلى �إقفال‬ ‫جمالها على ر�أ�س �إبرة ب�سببه ‪..‬‬ ‫والنهاية من �أقفل ومن مل يقفل ان�صهر‬ ‫�أتراها تعجبه �أم ال ‪..‬‬ ‫يف الآخر‬ ‫حتى �أتاها هو هارب من الكل �إلى جنة فكان �أن احلب والع�شق‬ ‫والكتب واملجالت واملدونات قد امتلأت‬ ‫اهلل يف �أر�ضه ‪ ..‬يع�شق اجلمال ‪..‬‬ ‫بهما ‪.‬‬ ‫ويرى ما خلف النربات ‪..‬‬ ‫ويعرف كل خمب�أ فيها ‪ ، ..‬فرغم كل �أملها حيث هناك فخامة م�شاعر وترف ع�شق‬ ‫وقرب يلغي كل بعد للزمان واملكان‪..‬‬ ‫الذي حملتها به الدنيا‪..‬‬ ‫ورغم كل ان�شغاله بداخله وخارجه هنا �أيام و�أ�شهر واقرتاب من العامني‬ ‫و�أوقات بعد وو�صال ولكنه مل يعرف‬ ‫وهناك وهذه وذاك ‪..‬‬ ‫�إال �أنهما اقرتبا يف حلظة خوف‪ ..‬عجيب مالحمها‪!!..‬‬ ‫حتى كانت الغرفة «رنديفو» لهما‪..‬‬ ‫هذا اخلوف الذي يولد حياة ‪..‬‬ ‫مل ي�صدق �أنها فعال �ست�صل‬ ‫كان يعرف �أنها كما كل مرة تخاف من‬ ‫عادت �إلى البيت وعاد هو �إلى بيته‬ ‫كل الكون‬ ‫ولكن يف بيت كل منهما رقيب عتيد‬ ‫وتعتذر بالكلمة امل�شهورة «مبوت من‬ ‫مل يفلحا �أن يفلتا منه حتى ما قبل‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪72‬‬


‫اخلوف»‬ ‫وتعود �إدراج خطواتها فال ت�صل �إليه‪..‬‬ ‫�أما هذه املرة بكل ان�سيابية املياه من‬ ‫ك�أ�س �إلى �شفاه كان لقا�ؤهما‪..‬‬ ‫�صافحته ثم قبلت يده ‪ ..‬ك�أنها متنت‬ ‫لوجوده ‪ ..‬ك�أنه الوالد احلنون ‪..‬‬ ‫ك�أنه والء العجائز لأزواجهن ‪..‬‬ ‫ك�أنه كل �شيء ي�شي بكثري من كل ما هو‬ ‫عز و�إجالل‬ ‫قد تكنه امر�أة لرجل ‪..‬‬ ‫فلما ارتفع ر�أ�سها �إلى وجهه ‪..‬‬ ‫ر�أت ابت�سامة التعرف �إلى الآن معناها‬ ‫ولكنها‬ ‫ابت�سامة وكفى ‪..‬‬ ‫هي كانت يافعة يف �أول جتربة‬ ‫مراهقة‪..‬‬ ‫امل يقل لها �أن ال�سنون لطاملا �أرهقتها‬ ‫‪..‬‬ ‫وهاهي تعي�ش ما عا�شه �صويحبات‬

‫الأم�س البعيد ‪..‬‬ ‫احلب واللقاء الأول و خلجات قلب يكاد‬ ‫لفرط الرهبة يقف‬ ‫و كان العامل تعطلت كل ق�ضاياه‬ ‫ليرتقبها‪!!..‬‬ ‫اقرتب �أكرث من خطوة‬ ‫وبقي من قلبها قيد �شعرة لي�سقط كما‬ ‫تقول يف قدميها‪..‬‬ ‫التعلم من تو�سل للآخر �أهو تو�سل لريى‬ ‫مالحمها‬ ‫�أم هي التي تو�سلت ليبتعد ويرتكها‬ ‫ومالحمها‪..‬‬ ‫ويف الأخري �أدار ظهره لتزيل ما يداري‬ ‫فتنتها‪..‬‬ ‫ويف االلتفاتة الأولى منه ‪ ..‬وااااو ‪..‬‬ ‫�أما هي فقد �أح�ست �أن كلها تعرت‬ ‫ولي�س فقط وجهها خلجلها‪..‬‬ ‫ولبعرثته �أمام مالحمها‪ ..‬واااو الزال‬ ‫يرددها ‪..‬‬

‫‪73‬‬


‫كلمات مرت ودقائق تلتها‬ ‫وال تذكر من كل احلوار �إال �أنها �س�ألته‪:‬‬ ‫كيف طلعت حلوة ؟؟‬ ‫ف�أجابها ‪ :‬و�ش قريتي يف وجهي ؟؟‬ ‫فردت ‪ :‬مرة حلوة !!‬ ‫بقدر ما ذاب فيها وتال�شى ‪..‬‬ ‫بقدر ما كانت ت�سجل روحها احتفا ًال‬ ‫بقربه منها‪..‬‬ ‫واطمئنان ًا بكينونتها يف داخله ‪..‬‬ ‫حتى ختم امل�شهد بفتح الباب‬ ‫واخلروج‪..‬‬ ‫ذهبت و�أخذت معها كل �صور اجلمال‬ ‫يف العامل و�أحرقتها‬ ‫وجعلت خميلته متحف �صورها ونحت‬ ‫متاثيلها‪..‬‬ ‫ذهب و�ألغت كل �شم�س يف كونه ‪..‬‬ ‫وم�سحت كل قمر �أ�ضاء �أو ي�ضيء �أو قد‬ ‫ي�ضيء‬ ‫يوم ًا ما يف ف�ضاءاته ‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪74‬‬

‫�أما هي فقد نزلت من ر�أ�س الإبرة ذاك‬ ‫وانت�صر جمالها يف �أول مرة تت�ساءل‬ ‫عن قوته‬ ‫و �سعدت �إذ قر�أ �أنوثتها‪ ..‬كما حتب هي‬ ‫وكما ي�شتهي هو ‪..‬‬ ‫والأهم �أنها �أ�صبحت له جنة اهلل يف‬ ‫�أر�ضه‪.‬‬


‫يف‬

‫�آخر ال�سهر عندما بد�أ يحت�ضر‬ ‫ال�سحر ‪..‬‬ ‫�أتى من داخل العتمة وك�أنه ابن الليل‬ ‫يجر �أذيال بذلته الثمينة‪..‬‬ ‫وك�أنها �أ�صبحت �أغالل ال�سجون ‪..‬‬ ‫�أثقل من اجلبال ‪.‬‬ ‫�شبح يتحرك يف الظالم‬ ‫مل يتحدد منه �سوى �شعره الالمع يف‬ ‫�ضوء القمر‬ ‫و�أزرار بذلته وك�أنه خطط الر�سام‬ ‫بالقلم الأ�سود‪.‬‬ ‫جل�س بجوار النهر �أح�س ب�أن�سه رمبا‬ ‫لأنه كالنهر‬ ‫تيار يختبئ يف الظالم ي�سمع ال�صوت‬ ‫دون �أن يراه ‪..‬‬ ‫وهو ي�سمع �صوتها دون �أن يراها !!‬ ‫كان ثم ًال غاب ب�سكره عن العامل ب�أ�سره‬ ‫حتى ن�سي من هو لكنه مل ين�سها‪..‬‬ ‫�أحبها حتى الع�شق ‪ ....‬وع�شقها حتى‬ ‫املوت‬

‫ومات بروحها حتى فقدها‬ ‫وافتقدها لدرجة عجز فيها عن‬ ‫الن�سيان‬ ‫حتى بالك�أ�س وال�شراب !!‬

‫نهر وهي‬

‫كان يتجرع الك�أ�س تلو الآخر بنهم‬ ‫ك�أنه العط�ش ي�ستجدي فيه الن�سيان‪..‬‬ ‫والن�سيان ميلأه العناد !! ليذكره بها‬ ‫حتى وهو ثمل ‪..‬‬ ‫الزال يتناول الك�أ�س تلو الآخر‬ ‫حتى تولد ال�شم�س‬ ‫عندها يكون قد غفا على حافة النهر‬ ‫ال يوقظه �إزعاج ال�صيادين‬ ‫وال �سباحة الأطفال‬ ‫وك�أنه يهرب من �ضجيج النا�س‬ ‫حتى ال ي�س�أله عنها احد‬ ‫ويف الليل ي�ستيقظ لي�صاحب الك�أ�س‬ ‫ويجال�س النهر ‪ ...‬ويتمنى من الليل ‪...‬‬ ‫وال�سهر‪ ...‬والنهر‬ ‫�أن ين�سيه الك�أ�س وجهها‬

‫‪75‬‬


‫اخلطوة‬

‫التي ال تذهب بنا هناك حلظات فائتة‪ ،‬و�صور م�شو�شة ‪،‬‬ ‫وكلمات خمب�أة‬ ‫�إلى حيث نريد‬ ‫أركض‬ ‫الأف�ضل لنا �أن نتخطاها ‪� ..‬أو نحملها هناك خطوات للخلف ت�ستحق العناء‬ ‫للخلف‬ ‫… وت�ستحق ما �سنخ�سره من جهد‬ ‫معنا‬ ‫‪ ‬هناك خطوات ‪..‬‬ ‫وننتعل ‪ ‬خطوات �أخرى �أجمل‬ ‫متنحنا‪� ‬أجنحــة ‪ ‬للتحليق بعيد ًا نحو‬ ‫و�أكرثجر�أة حتملنا �إلى كل ما ن�ستحق‬ ‫عوامل نحلم بها‬ ‫ب�شرط‪� :‬أن ال ن�سمح للخلف �أن ي�سرقنا‬ ‫الرك�ض للأمام‪� ‬سنــة ‪ ‬الناجحني‬ ‫من جناحات امل�ستقبل‬ ‫والرك�ض للخلف‪ ‬عوز املثابرين‬ ‫هناك حواجز الميكن الوثب فوقها �إال وال نف�سد بعودتنا طريقنا نحو الأمام‪..‬‬ ‫فالهدف هو التقدم دوم ًا ولي�س الت�أخر‬ ‫باالبتعاد قلي ًال للخلف‪ ‬‬ ‫ومبا ‪� ‬أن الرك�ض للأمام‪ ‬دوم ًا ينق�ص‪ ‬‬ ‫ك�أن يكون خيار العودة ل�صالح‪� ‬أخذ‬ ‫�أنفا�سنا و�إعادة ترتيب وقراءة �أجنداتنا الكثري من الوزن‬ ‫فمن الغباء �أن نظن �أن الرك�ض للخلف‬ ‫امل�ستقبلية‪ ‬‬ ‫يزيده …‪!!.‬‬ ‫ومن الإجحاف �أن نظن �أن‪ ‬كل عودة‪ ‬‬ ‫ف�شل‬ ‫وكل تراجع خذالن‪ ‬‬ ‫هناك تراجع لأجل �إعادة احل�سابات‬ ‫و �آخر اللتقاط ‪ ‬ما �سقط منا‪ ‬على �سهو‬ ‫وعجالة‪ ‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪76‬‬


‫قرر‬

‫�أن يكتفي بالنظر �إليها حتى‬ ‫ال�صباح ثم حتى امل�ساء ‪.‬‬ ‫�سيحبها بهدوء و�سكينة‬ ‫�سريت�شفها ارت�شاف ًا ويتذوقها كل يوم‬ ‫بجرعة �إ�ضافية‬ ‫وي�سمح لها بتذوقه حتى ت�ست�سيغ طعم‬ ‫مقاربته لها‪.‬‬ ‫يعلم �أن التذوق �سيزيد عط�شه لها‬ ‫ويعلم �أي�ض ًا �أن هذا العط�ش لي�س مما‬ ‫يفتك ب�صاحبه‬ ‫و�إمنا يزيده نهماً‪.‬‬ ‫�ستمر الأيام وبقدر ما �سينهل منها‬

‫كانت �سخي ًة على ا�ستحياءٍ ‪ ،‬مقبلة‬ ‫مدبرة‪ ،‬ال تبادر لكنها‬ ‫ال تتوانى‪.‬‬ ‫وعندما ي�شتعل الفتيل ال متنحه فر�صة‬ ‫ليلتقط �أنفا�سه‬ ‫�إال حلظة االنفجار‪.‬‬

‫تفاصيل‬

‫ما �أجمل العبث ب�أدق التفا�صيل‪..‬‬ ‫ال �أحد مينع‪ ..‬وال �أحد يتمنع‪..‬‬ ‫وال �أنا‪ ..‬هو �أنا‬ ‫تذكر فقط �أن هذه هي حبيبته‪..‬‬ ‫هي ذاته وملهمته هي من دفعت به‬ ‫قدماً‪..‬‬ ‫وهي الآن معه وله وحده‪..‬‬

‫�سيظل‬ ‫عط�ش ًا مولع ًا بها‪.‬‬ ‫هي‪ ..‬لي�ست من النوع الذي مينح‬ ‫ارتوا ًء ‪.‬‬ ‫عذبة هي حد �إ�شعال رغبة تلو رغبة ‪.‬‬ ‫كل لقاء يغري ب�آخر‪..‬‬

‫‪77‬‬


‫ك�أمنا‬

‫والطريق م�سار ًا �أعور‬ ‫النهار يتعمد الك�شف عن وكل املارقني جمرد دخان‬ ‫الرحيـــــل مالمح ال�شم�س‬ ‫وك�أنه يفتق الثوب عن ج�سد حمرتق‬ ‫ك�أمنا الليل حني يجفو‬ ‫ك�أمنا البحث عن ابت�سامة يف تفا�صيلها وحظي وغيابها‬ ‫�شيء ي�ضاهي البحث عن معجزه‬ ‫وجه عاب�س‬ ‫ك�أمنا ال�صحراء بق�سوتها‬ ‫تنام على و�سادة جتاورين‬ ‫يتملقني تعبها كل م�ساء‬ ‫تزيد لظاها وحدتي وي�صطاد �صمتها‬ ‫كل احالمي‬ ‫‪ ‬ك�أمنا هي تركل قفا الن�سيان‬ ‫كلما ح�ضرت �أمنياتها العاجزة‬ ‫التي ال تغادر �سور اجلنون‬ ‫�إال حلافةالقهر‬ ‫ك�أمنا جيدها جمرة يف كف �شيطان‬ ‫يقلبها بني الغياب والأوهام‬ ‫ك�أمنا خطوتها تعويذة �ساحر‬ ‫جتعل احلياة لون ًا واحد ًا‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪78‬‬

‫يتناول �صباحاتي كقهوة مرة‬ ‫كخبزة ياب�سة‬ ‫متام ًا كم�أوى للم�شردين‬

‫ال ي�ألفني‪ ..‬ال يطيق وجودي‬ ‫وي�أبى علي الرحيل‬


‫كلي‬

‫يتحدث عنك حني‬ ‫�أ�شتاقك‪..‬‬ ‫�أحب فيك هذه الأ�صالة التي ال�أجدها‬ ‫لدى �أحد‪..‬‬ ‫ف�أحبك �أكرث وبال حتفظات‪..‬‬ ‫حتى فيما يغ�ضبني منك‪..‬‬

‫هل أستحقك‬

‫�أحبك‪..‬‬ ‫حني �أجدك حتتويني كلي حتى �أطراف‬ ‫�أ�صابعي‪..‬‬ ‫فتجدد جنوين الغايف �إليك‪..‬‬ ‫رمبا �أكون رج ًال ككل الرجال‪..‬‬ ‫ولكني معك �أ�صبح رج ًال خمتلف ًا‬ ‫المر�أة خمتلفة �أي�ضاً‪..‬‬ ‫وك�أمنا كتبت لنا ال�سماء �أن نكون‬ ‫هكذا‪..‬‬ ‫فاتن ــتي‬ ‫حني جتدين حويل بع�ض الن�ساء‪..‬‬ ‫�أود �أن تقويل لهن‪..‬‬ ‫�أنني امر�أته وحده‪..‬‬ ‫وهو خملوق لأجلي فقط‪..‬‬

‫‪79‬‬


‫ليلة حالمة‬

‫�أر�صفة‬

‫ال�شوارع باب‬ ‫يفتح اجلنون على‬

‫م�صراعيه‪..‬‬ ‫تثريها �أقدام امل�شائني يف النور ‪�..‬إلى‬ ‫�صدف‪..‬‬ ‫قد جتعل من الر�صيف متثا ًال ي�سكن‬ ‫زاوية من جنبات الذاكرة بهو�س‪..‬‬

‫يف �صيف يحتاج �أن يراعى ليحبه‬ ‫النا�س‪..‬‬ ‫الهاربون كرث والباقون �أكرث‬ ‫وبينهما جراح تهفو �إلى بيت ال�ضياع‬ ‫ملبية‪..‬‬

‫يف �إحدى ا�سرتاحات الر�صيف اململ‬ ‫�أخذت ماء بارد ًا يبلل وجهي امل�صفر‬ ‫من ( زخات الثلج) املت�ساقطة بخجل!‬ ‫كنت على ر�صيف ملتهب �أت�أمل الريا�ض مرت �أنثى مل �أر ج�سدها وال �أعرف‬ ‫تفا�صيله‪..‬‬ ‫عندما حتاول �أن تتنف�س احلب من‬ ‫فقد �أ�صابتني احلمى يف �ضفاف‬ ‫�أج�ساد الأوفياء لها �أو املغلوب على‬ ‫عينيها‪..‬‬ ‫�أمرهم‪..‬‬ ‫عينان ك�أمنا ر�سما ليكونا �آية الإعجاز‬ ‫مل يكن يعني يل ال�سواد املت�أزم‬ ‫الرباين يف الأر�ض‪..‬‬ ‫من الن�سمات الباردة جد ًا يف ر�صيف‬ ‫عينان ترميان ال�سهام دون رحمة‬ ‫الرحمة ال�ساخن‪..‬‬ ‫ومل تكن الأنثى �أي �أنثى هي مزاري‬ ‫ليلة كانت ملطخة باكتئاب مرهق‪..‬‬ ‫كنت �أحاول �أن �أ�ستن�شق ال�ضياع والقهر‬ ‫من جنبات الطريق‪ ‬لأعاقب الزمن‬ ‫على تخبطه‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪80‬‬

‫ك�أنها الريا�ض‬ ‫وهي ت�ستفزنا مع املغيب حني نهم‬ ‫باخلروج ‪..‬‬ ‫عينان �أدخالين عناية الر�صيف‬ ‫املركزة‬


‫حمرم ًا مبيقات الفتنة‬ ‫ومتمتم ًا بهذيان م�سن‬ ‫ا�ستفزته رائحة املوت يف �صباح �ساكن‬ ‫من كل �شيء‪� ..‬سوى من وخزات ج�سد‬ ‫متهالك‪..‬‬ ‫عينان �أوقدتا جمر ًا كان قد رمد‪..‬‬ ‫و�أيقظتا طف ًال يحاول ان يعود �إلى لهوه‬ ‫واليقدر‪..‬‬

‫كثرية هي الأعني‬ ‫وكثريات هن احل�سناوات‬ ‫�إال �أنها تفوق كل �شيء وتتجاوزه‪..‬‬ ‫�أظنها امر�أة �أتت ب�شق الأنف�س‬ ‫بليلة حتم ًا مل تكن‬ ‫ليلة حلم بالريا�ض‪..‬‬

‫عينان �أطلقتا �سرب الغرام‬ ‫ليعم الر�صيف بفتنة ويتحرر من‬ ‫قيوده‪..‬‬ ‫عينان يالهما ‪ ..‬وويل ملن وقع بهما‪..‬‬ ‫ن�صف ملحة‬ ‫وكثري من ماء بارد‬ ‫�أح�س�سته بعد �أن ابتل به عنقي‪..‬‬ ‫كان يريد �أن يوقظني من غفوة يف‬ ‫�سكرات عينيها‪..‬‬

‫‪81‬‬


‫يف‬

‫يف مكان تفوح منه رائحة عطرك‬ ‫زمن لي�س ك�أزمنتي املبتلة‬ ‫وت�سكن زواياه �أطيافك ال�سبعة‪..‬‬ ‫ب�أوجاع وتناهيد‪..‬‬ ‫�أنا اليوم �أراك املليكة‬ ‫ببياض يف مكان لي�س ك�أمكنتي املتدثرة‬ ‫وحدها لأقبلها والبعدها‪..‬‬ ‫بال�سواد‪..‬‬ ‫�أنا بك متيم غارق يف مي امل�سافات البعيدة‬ ‫يف بيا�ض كنت والقمر‪..‬‬ ‫‪ ‬عندما �أجه�ضتنا ال�سنني عنوة‬ ‫يقال ب�أن املرء ير�سم لوحة الفناء‬ ‫كلما اقتادته ال�سنني ب�سال�سل العذابات لرتمي بنا يف تيارات الاللقاء‪..‬‬ ‫ت�ضربه ب�سوط عليه �صبغة بي�ضاء تختار �أنا اليوم يف ح�ضرة عظمة احلب‬ ‫‪ ‬رجل بجرحٍ عظيم‬ ‫بعناية �أين ت�سكن‪..‬‬ ‫ويقال �أي�ضاً‪ ..‬ب�أن احلب‪ ‬يجعل القلب ينزف حمما بركانيه‬ ‫تزفر يف وجه زمن �صد بال رحمة عن‬ ‫يطوف �سبعة �أ�شواط حول نف�سه‬ ‫قلبينا‪..‬‬ ‫ويخطئ العد فيبد�أ من جديد حتى‬ ‫�أنا يف رحم الع�شق‬ ‫تتهالك �أوردته‪ ،‬ثم يرمل يف �شوط‬ ‫ذلك الرحم الذي ي�شبه مدينة عذابات‬ ‫ويقف اليتجاوز طيفها‪..‬‬ ‫ويقال‪ ‬كذلك‪ .....‬ب�أن العا�شق �إن هو مل و�صراعات‬ ‫‪ ‬من ا�ستوطنها �شقي بها‪..‬‬ ‫يحظ بقلب امر�أة‬ ‫َ‬ ‫�أنا الهالك بك املنتظر رحمة امليناء مب�شر ًا‬ ‫ر�آها يوم ًا يف املنام‬ ‫بر�سو �سفينتك‪..‬‬ ‫ك�شم�س تغازل ثلوج ًا يف �سفح اجلبل‬ ‫�سيتحول �إلى مزار يقف عليه العرابون �أنا ال�شقي بك املنت�شي بك ‪..‬‬ ‫�أنا من �أحبك ببيا�ض‬ ‫م�ؤبنون‪..‬‬ ‫حتى �ساد البيا�ض كل �شيء ‪..‬‬ ‫ولكني رغم تلك الأقاويل‬ ‫كل �شيء‪ ..‬كل �شيء‪..‬‬ ‫�ضيف‬ ‫ال �أجدين اليوم �سوى ٍ‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪82‬‬


‫يف‬

‫ثنايا زمن منحني‬ ‫بع�ض ًا من �أ�ضلعه لأعزف عليها‬ ‫حلن ال�شوق‪..‬‬ ‫ويف بع�ض �أطالل مكان‬ ‫‪ ‬كان يوم ًا مالذ ًا �آمن ًا يحت�ضن وجعي‪..‬‬ ‫وقفت �أت�سابق والذاكرة‬ ‫�أينا ير�سم مالمح الزمان واملكان‪..‬‬ ‫ولأين فا�شل حد ال�سخرية يف الر�سم‬ ‫قاي�ضت الذاكرة ب�أن ال �أجرح‬ ‫خمرجاتها‬ ‫‪ ‬يف مقابل العفو عن ف�شلي‪ ‬و�إبداله ب�أن‬ ‫�أكتب بدل �أن �أر�سم‪..‬‬ ‫جل�ست �إلى �أحد حواجز املكان‪ ‬‬ ‫معي ورقة �صغريه وقلم به بع�ض روح‪..‬‬ ‫كتبت‪� :‬إلى هذا املكان وذلك اجلرح‬ ‫مع كثري من الأمل‪..‬‬ ‫�إليه يوم �أن �شهد ميالد الأمل‪ ‬يف ثنايا‬ ‫الزمن الباكر جد ًا‬ ‫على رجل اليحتمل وخز الأمل ل�صغر‬ ‫�سنه‪..‬‬

‫�إليه وهو يوقد ال�شموع ابتهاج ًا‬ ‫بزياراتي‪..‬‬ ‫�إليه وهو يعيد قلبي �إلى‪ ‬دوامة‬ ‫التجاعيد املتكد�سة يف‬ ‫�أعناق الزمن املتهاوي بي �إلى قاع‬ ‫الأر�ض‪..‬‬

‫ذاكرة الجرح‬

‫�إليه وهو ي�ستلذ بوقفتي املك�سورة‪ ‬‬ ‫وعيني املبتلة‪..‬‬ ‫�إليه مع كثري من ح�شرجة ال�صوت‬ ‫املتهالك‬ ‫وهو ينادي الفرح من بعيد‪..‬‬ ‫�إليه‪ ‬و�أنا اعتدت احل�ضور‬ ‫مع طرق �أبواب احلزن وجرح‬ ‫الأحباب‪..‬‬ ‫�س�ألته ‪ :‬لمِ َ اجلرح يح�ضر من احلبيب؟‬ ‫�ضحك وقال لأنه يحبك‪!!..‬‬ ‫مللمت �أ�شيائي‪ ‬ون�صف دمعة هطلت‬ ‫وقلم فا�ضت روحه‬ ‫وذاكرة و�ضعت حد ًا ملعاناتها‪..‬‬

‫‪83‬‬


‫كلما‬

‫غادر ال�شتاء مدينتها‪.. ‬‬ ‫ك�سرت �أواين الورد ‪..‬‬ ‫بكاء الورد‬ ‫و�أخفت مزهرياتها العتيقة‬ ‫�أغلقت الأبواب يف وجه ال�صيف ‪..‬‬ ‫و�أ�صمت �أذنيها عن طائراتها املغادرة‬ ‫ال�صيف مو�سم التلويح‬ ‫ف�صل االنتظارات‪ ..‬و�ساعات الذبول‪ ‬‬ ‫الطويلة‪..‬‬ ‫ال�صيف �شمو�س ال يهمها قلب ملقى على‬ ‫الر�صيف‬ ‫وال تبايل ب�أ�شواق ‪ ‬متوت عط�ش ًا على‬ ‫املوانئ املهجورة‬ ‫ال�صيف رحلة بن�صف ابت�سامة‬ ‫بعني واحدة‪ .. ‬وب�شق من قلب يتلهف‬ ‫للعودة‬ ‫ال�صيف كون‪ ‬يتقا�سمه نهار يثور‬ ‫بال�ضجيج‪..‬‬ ‫وليل �ساكن يكاد يفقده ال�صمت ما تبقى‬ ‫من روحه‬ ‫ال�صيف يجعل الورود تبكي ‪ ..‬وهي حتب‬ ‫ورودها جد ًا‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪84‬‬


‫احلياة‬

‫م�شارب و�ألوان‬ ‫وم�سالك ودروب‬ ‫ولكي تكون حركتنا فيها �سهلة‬ ‫جميل �أن يكون هناك هادي دليل‬ ‫وذلك الهادي‬ ‫�إما فكرة نتتبع �أثرها‬ ‫ون�ؤمن بها �أو ًال‬ ‫ثم نعمل على تطبيقها بروحنا نحن‬ ‫وقدراتنا نحن‬

‫لن�سج �أجمل حياة‬ ‫ال حدود لها وال اجتاه‬ ‫ن�صنع فيه امل�سارات‬ ‫ون�سن فيها القوانني‬

‫مع الهادي‬

‫الرحلة مع الهادي‬ ‫ثالثة اجتاهات‬ ‫فانظر �أيها ينا�سبك‬ ‫والتحق به‬ ‫ولكن كن حذر ًا ما �إن تكون �أنت وال�شيء‬ ‫و�إما يكون ذلك الهادي �شخ�ص ًا ن�ستلهم �إال �أنت‬ ‫لأنه من الأ�سو�أ �أن ن�سلك طريق ًا‬ ‫منه القدوة‬ ‫وعندما ن�صل نكت�شف �أنه من و�صل هو‬ ‫فيكون مبثابة الوحي لنا‬ ‫ولي�س �أنا‬ ‫نت�صفح �سريته يف خطواتنا‬ ‫ونحر�ص على �أن ال نكون ن�سخ ًا مكررة و�أن �أنا تاهت يف ثنايا الطريق‬ ‫منه‬ ‫فما الفائدة عندما نكون ن�شبه بع�ض!‬ ‫ونقتفي �أثر بع�ض!‬ ‫حينها ال مذاق للحياة وال نكهة‬ ‫وقد يكون الهادي ال �شيء‬ ‫وحينها يكون املجال مفتوح ًا �أكرث‬

‫‪85‬‬


‫يت�سلل‬

‫�صوتك‬ ‫مثل احللم‬ ‫صوتك‬ ‫كاللحن امل�سكون بالده�شة‬ ‫الحلم‬ ‫�صوتك … يباغتني ‪..‬‬ ‫وبجنون ي�ضحك وهو يالحقني‬ ‫يغلق عليَّ �أبواب الرحيل‬ ‫يفتح �شبابيك احلنني و يجذبني من‬ ‫ردائي‬

‫وعندما �أبد�أ ال�صعود �إلى ال�سماء‬ ‫يعيدين �إلى �أر�ض باردة ‪� ..‬صوتك‬ ‫يرفعني عالي ًا ‪..‬‬ ‫يقطع �أنفا�سي ‪ ..‬يغازلني‪ ..‬وميلأين‬ ‫غرور ًا‬ ‫ثم ي�سقطني يف‪ ‬احلب‪ ‬قطعة قطعة‬ ‫يقول للع�شق هي ملكك فالتهمها‪..‬‬

‫�صوتك‪..‬‬ ‫يكاد يهوي بي من �شرفة ال�شوق العظيم يحتال عليَّ ‪..‬يرخي حباله‬ ‫ويقول برجاءٍ ‪ .....‬ارق�صي‬ ‫ثم ي�أخذين‪ ‬بقوة �إليه �صوتك‬ ‫يقر�ص خا�صرتي‬ ‫ي�سدل �شعري ‪ ..‬يفتق قمي�صي‬ ‫هيا ارق�صي‪ ....‬ي�شعل �شموع ًا وينفث‬ ‫ويتنف�س ب�صدري‪..‬يقول للأ�شياء‬ ‫مو�سيقى‬ ‫غادري‬ ‫فت�شهق‪ ‬اجلدران ‪..‬وتغم�ض امل�صابيح ويخادعني‪« ‬ب�أنتِ جميلتي»‬ ‫يقف جانب ًا ‪..‬ويعلن �شارة البدء‬ ‫عينيها‬ ‫ويبت�سم يل ‪ ..‬ال تتوقفي وارق�صي‪..‬‬ ‫ي�ضمني �إلى رغبته بكلتا يديه‬ ‫حتى �أكاد �أغيب كال�شم�س يف �أح�ضانه �صوتك‬ ‫كاالرتباكات التي‪ ‬ت�ؤخرين ‪..‬‬ ‫وت�صبح الدنيا لي ًال تهم�س به جنوم‬ ‫وكاخلطوات اخلجلى التي‪ ‬متيلني هنا‬ ‫كثرية‬ ‫وهناك‬ ‫كلها تقول اقرتبي �أكرث‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪86‬‬


‫�صوتك يجعلني يف حلظة ‪!..‬‬ ‫ا�ستبيح‪ ‬دم الن�شوة يف ج�سدك‬ ‫اقرر �أن �أكون �أنثى ثائرة‬ ‫�أنزع كل �شيء �إال روحي‬ ‫�أبلل تفا�صيلي بعطر فاتن‬ ‫�أقرع الأر�ض بقدمي‪ ‬مرتني‬ ‫مرة لرتاين‪ ..‬ومرة لتجن بي‬ ‫و�أفرد ذراعي‪ ..‬فيبد�أ مو�سم املعجزات‪..‬‬ ‫�صوتك حني يريد‪ ‬ي�أتي‪ ..‬وحني يرغب‪..‬‬ ‫يغادر‪..‬‬ ‫يدخل من �شقوق ال�صمت‬ ‫ويخرج من ثقب ال�ضجيج‬ ‫�صوتك‪ ‬امللون باحلب والقوة واال�شتهاء‬ ‫�صوتك اخلالد‪� ..‬صوتك‪ ‬احلياة‪� ..‬صوتك‬ ‫اجلنة‬ ‫بربك قل له �أن يرفق بي‪..‬‬ ‫وي�أتي كل يوم‬ ‫ولكن الجتعله‪ ‬يباغتني‪..‬‬

‫‪87‬‬


‫احلزن‬

‫يطرق نوافذ‬ ‫ال�صباحات‪..‬‬ ‫يا مدينة‬ ‫تلك ال�صباحات التي‬ ‫المالئكة‬ ‫كانت تعج بها وب�ضحكاتها وحكاية‬ ‫م�سائها‪..‬‬ ‫احلزن �أي�ض ًا يكتب رواية الفراق‬ ‫على �أر�صفة الريا�ض املك�سورة‪..‬‬ ‫ولأن احلزن كان عنوان ًا لها قبل ال�سفر‬ ‫فلم يربح �أمكنتها‬ ‫وظل يعطر م�ساحات الأمكنة‬ ‫وك�أنه هو الآخر ي�شتاقها‪..‬‬ ‫عندما تغيب يغيب كل �شيء‪..‬‬ ‫وعندما حت�ضر يح�ضر كل �شيء‪..‬‬ ‫معادلتها ال�صعبة يف احل�ضور والغياب‬ ‫�إعجاز وحدها متتلكه‪..‬‬ ‫ليتها تقر�أ الغياب يف مر�آتنا‬ ‫لتعلم كم �أخاف عليها ‪..‬‬ ‫ليتها تدلف �إلى �أ�سوار احلرمان‬ ‫لتكت�شف �أن بعدها ين�سج ف�ضاء ملوث ًا‬ ‫ببكترييا امل�سافات البعيدة‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪88‬‬

‫�أيا مدينة املالئكة‬ ‫ار�سمي لها قو�س قزح و�أ�سكنيه عينها‪..‬‬ ‫ليتك تفتحي لها �أبوابك الفرائحية‬ ‫لتغ�سل بها �أوجاع عام كامل‬ ‫وت�سلخ جلدها امللطخ بدماء مل ترحم‬ ‫طهرها‪..‬‬ ‫ليتك تكتبينها رواية حاملة‬ ‫يف �صباح من �صباحاتك النرية‬ ‫وحتتوينها‪..‬‬ ‫ليتك متطرين على قلبها �سي ًال‬ ‫من قطرات �شوق الأمكنة امللتاعة‪..‬‬ ‫ليتك تفعلي كل ماي�سعدها ويظهر‬ ‫ابت�سامتها‪..‬‬ ‫ليت ياليت يامدينة املالئكة‪..‬‬


‫احلياة‬

‫�سطور‪..‬‬ ‫يف �أحد �أ�سطرها‬ ‫‪ ‬ت�سكن هي بعيد ًا عن وهج ال�شم�س‪..‬‬

‫كنت �أبحث يوم ًا يف �أ�سطر رواية باذخة‬ ‫الو�صف‬ ‫‪ ‬لأنثى جترعت غياب حبيبها‬ ‫ومن ثم �ألقت به خلف ال�شم�س‪..‬‬ ‫كنت �أبحث لأين م�ؤمن‬ ‫�أن يل امر�أة �أوجدتها يف �سطر من‬ ‫عبث �أحريف‬ ‫‪ ‬ومل ت�ؤمن هي ب�أن هذا ال�سطر هو‬ ‫بيتها‪..‬‬ ‫كانت جملة ثم عبث بها �شوقي‬ ‫و�أ�صبحت كلمات‬ ‫ثم ق�سا عليها نب�ضي‬ ‫‪ ‬فكانت كلمة‪..‬‬ ‫‪ ‬اليوم يتخا�صم عليها حنني رجل‬ ‫مك�سور‬ ‫‪ ‬وكربياء عا�شق موجوع‬

‫حتى باتت يف ال�سطر نقطة‪..‬‬ ‫ومن تلك النقطة يفوح عبري لها وحدها‬ ‫هي ‪...‬‬ ‫يحاول �أن يبحث يف ف�ضاءاتها املتغيبة‬ ‫والشمس‬ ‫�إلى ماوراء �شم�س �صيفها احلارقة‬ ‫ليقول لها �إنني �أ�شيد بيت ًا‬ ‫خلف ال�شم�س �إن هي �أرادت ال�سكنى‪..‬‬ ‫نقطة ال�سطر احلاملة‬ ‫�ستظل نقطة حتى يعرث على عطر‬ ‫‪ ‬يفيقه من غيبوبة الع�شق التائه بك‬ ‫و�إليك‪..‬‬ ‫نقطة ال�سطر جمرد نقطة‬ ‫ولكن هو احلب عندما يجن يبد�أ من‬ ‫نقطة‪..‬‬ ‫‪ ‬برب نقاط الكون كلها‬ ‫وروايات الأ�سى كلها‬ ‫‪ ‬اهجري ال�شم�س ‪ ..‬وعودي‬ ‫ل�سطر يفقد وهجه يف غيابك‪..‬‬ ‫حبيبتي ‪ ..‬ال�سطر‪ ...‬و�أنا‪ ...‬والنقطة‬ ‫�أيتامك املكلومني‪..‬‬

‫‪89‬‬


‫امل�شهد‬

‫�ضرب من خيال‬ ‫جمنون‪..‬‬ ‫هي ‪ ...‬وحدها‬ ‫ووجهها يحدث �شرخ ًا يف علو‬ ‫البلورة ي�صل �إلى املئتي قدم عن �سطح‬ ‫الأر�ض‪..‬‬ ‫�أما �أنا فلم �أكن �أحتمل حديث عينيها‬ ‫الفاتنتني يف الأر�ض‬ ‫فكيف �أحتملهما قرب ال�سماء؟‬

‫�س�ألتها وهي تت�أمل بعنف‬ ‫وجه الريا�ض الغارق يف فتنة الغروب‪:‬‬ ‫�أيهما �أجمل �أنا �أم الريا�ض حلظة‬ ‫الغروب؟‬ ‫�سكتت‪!!..‬‬ ‫ثم �أماطت اخلمار عن وجهها‬ ‫وقالت بعد ارت�شاف �شيء من قهوتها‪:‬‬ ‫ال تقحم نف�سك يف املقارنات‬ ‫ف�أنت فوق اجلمال ‪..‬‬ ‫مل �أكن لأرى هذا اجلمال لو مل تكن �إلى‬ ‫جواري اليوم‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪90‬‬

‫ابت�سمت بن�شوة‬ ‫وبد�أت �أخاطب عقلها‬ ‫من وتر احللم بامل�شهد امل�ؤجج‬ ‫مل�شاعرها‪..‬‬ ‫وا�سرت�سلت‪..‬‬ ‫�أنا رجل ي�سكنه طفل مدلل‬ ‫يبحث عن �أ�سئلة‬ ‫ي�صنع من خاللها كعكة فرح‬ ‫ويلتهم منها ماي�شبع غرائزه الطفولية‬ ‫لريى كل �شيء‬ ‫يجيء كاحللم واليغادر‪..‬‬ ‫�أتدرين ‪..‬‬ ‫�أنا هنا اليوم لأقول‬ ‫�إنك الأنثى التي ت�ستحق‬ ‫�أن �أ�صنع من �أجلها احلدث‬ ‫و�أترك لها قراءة التفا�صيل �أثناء‬ ‫وبعد‪..‬‬ ‫�أتدرين �أي�ضاً‪..‬‬ ‫�أنا هنا اليوم �أ�سجل اعرتافاتي‬


‫بكثري من اخلطايا‬ ‫يف حماولة ال�ستدراج قلبك‬ ‫لأن ي�صفح وير�ضى‪..‬‬ ‫ال�شيء ميلأ الدنيا كابت�سامتك‪..‬‬ ‫وال �شيء يعيد توازين‬ ‫كلمحة فرح �أقر�أها بعينيك‪..‬‬ ‫وال �شيء ي�شبهك وي�صل �إلى حدودك‪..‬‬ ‫�أنت ا�ستثناء‬ ‫رغم كل �أوجه الإعراب املتناثرة بني‬ ‫يديك‪..‬‬ ‫و�أنت احلقيقة‬ ‫التي ت�سكن هذا العلو لتمنحه كل هذا‬ ‫اجلمال‪..‬‬ ‫ولأن ذلك كله ي�شبه الغروب‬ ‫وهو ير�سم مالمح البهجة لأفق منهك‬ ‫من �أخطائنا‬ ‫رغم الأمل ف�أنت ت�شبهني الغروب‬ ‫كثرياً‪..‬‬

‫ذكرانا‪..‬‬ ‫�شكر ًا حللم جاء حقيقه‬ ‫ورف�ض �أن يغادر رغم انق�ضاء زمنه‪..‬‬ ‫والآن قبل �أن نغادر املكان‬ ‫�س�أعيد ال�س�ؤال بوجه �آخر‪:‬‬ ‫�أيهما �أجمل �أنا �أم فجر العيد؟‬ ‫�ضحكت و�أجابت بكلمة واحده‪:‬‬ ‫«�أنا» وا�ستغرق الطفل بداخلي يف‬ ‫البكاء‪..‬‬

‫�شكر ًا لأنك هنا ولأنك هناك‪..‬‬ ‫�شكر ًا �أفق يجمعنا وبلورة حتت�ضن‬

‫‪91‬‬


‫يف‬

‫�أروقة ال�سهد و�أنني املرايا‪..‬‬ ‫يف غياهب احلنني وجلة‬ ‫الصوت‬ ‫الأ�شواق‪..‬‬ ‫الجريح‬ ‫يف بع�ض �أ�سطر وكل الزوايا‪..‬‬ ‫يف اليم وحول ال�شط وقرب ال�شم�س‬ ‫وو�سط القمر‪..‬‬ ‫يف املدن البالية والقرى املعدمة‪..‬‬ ‫يف قلوب الب�شر ويف حناجر ال�ضجر‪..‬‬ ‫يف الثلث الأخري من النزف‬ ‫ويف فجة التعب املرمتي يف �أح�ضان‬ ‫الأرامل‪..‬‬ ‫�أجر ال�صوت متهالك ًا متح�شرج ًا‬ ‫ت�سكنه العربة املت�أججة بكربياء راف�ضة‬ ‫الولوج يف مدن النور‪..‬‬ ‫ياوجهك الغائب بني زحام الغث‬ ‫وال�سمني‪..‬‬ ‫يانورك امل�ست�سلم لرحمة �شمعة ترق�ص‬ ‫بومي�ضها �إلى رحلة املوت‪..‬‬ ‫ياعينيك وقلبك وج�سدك‪..‬‬ ‫يا جرحي العابث بتفا�صيل اللقاء وبي‪..‬‬ ‫ياه ياذاك اللقاء‪� ..‬أتذكرين؟‬ ‫يومها كنت �أتو�سل ل�ساعتك �أن تغفو وال‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪92‬‬

‫ت�سابق الزمن‬ ‫لأنك �أعرتها اهتمام ًا يفوق جمال اللحظة‪..‬‬ ‫ويومها �أي�ض ًا كانت كفي ترتع�ش وهي تناجي‬ ‫�شريان احلب ‪..‬‬ ‫بربك من �أين �أبد�أ؟‬ ‫من ذلك اللقاء؟ �أم من وخزة احلب التي‬ ‫بهت بريقها؟‬ ‫من رق�صات احلب ال�ساخنة �أم من عذابات‬ ‫ال�شوق املتالحقة؟‬ ‫من �سورك املحفوف بكل موانع ال�شوق‬ ‫�أم من خ�صرك املرمتي يف �إجاباتك املبهمة؟‬ ‫من ر�سالة الرحيل �أم من احت�ضار املحاوالت‬ ‫القتحام نافذتك؟‬ ‫من احلظ الذي مل ي�سمح لنف�سه �أن‬ ‫مينحني ابت�سامة الر�ضا �أم من بع�ضي حني‬ ‫ق�سا على كلي؟‬ ‫ال �أعرف �شيئ ًا وكل ما �أعرفه‬ ‫�أين �أجر ال�صوت يف كل الدروب بحث ًا عن‬ ‫وطنك ‪..‬‬ ‫عن قلبك‪ ..‬عن عينيك‪..‬‬ ‫عن فنجان قهوة يجمعنا و�شريان حب مينح‬ ‫كفي رع�شة تليق‪..‬‬


‫يا‬

‫كل هذا ال�ضجيج بر�أ�سي‪..‬‬ ‫و�أ�ضعافه حويل‪..‬‬ ‫يامنتهى النظر وحدته‪..‬‬ ‫يا �شغبه اللذيذ واملمتع‪..‬‬ ‫ياخ�صرها وعينيها‪..‬‬ ‫وبع�ض ًا من نحرها‪..‬‬ ‫كنت حول احلمى ورتعت‪..‬‬ ‫كن ك�سقر‪..‬‬ ‫وكنت املحتفي بجحيم �سقر‪..‬‬ ‫�أوم�أت لها فلم تدرك‪..‬‬ ‫فعانقت فهمها و�أوحيت له �أن تخ�صني‬ ‫عيناها بنظرة‪..‬‬ ‫فقط نظرة‪..‬‬ ‫دورة �أخرى ويف «باري�س غالريي»‬ ‫ا�ستوعبت رجائي‪..‬‬ ‫زاحمها �شغبي على عطر تتو�سل له �أن‬ ‫يقنعها ب�شذاه‪..‬‬

‫لي�س بعد‪..‬‬ ‫انقاد كل �شيء َّيف يتبعها وي�صر على‬ ‫عناق ج�سدها‪..‬‬

‫فقط لمحه‬

‫قبل البوابة وقفت كما تقف عار�ضة‬ ‫�أزياء ت�شتهي الأقم�شة ج�سدها‪..‬‬ ‫يل فقد‬ ‫مل تكن عيناها وحدها تنظر �إ َّ‬ ‫كان خلف �ساعدها �صدرها ميعن‬ ‫النظر‪..‬‬ ‫وفخذ مت�أمل من حب�س انفرادي يطل‬ ‫من �شرفة العباءة‪..‬‬ ‫و�سهم مايزال حتى الرمق الأخري من‬ ‫احلرف يعبث بخا�صرتي‪..‬‬ ‫وتاهت يف الزحام مع موكب‬ ‫ال�سيارات‪..‬‬

‫بقربها هم�ست لها الآن‪..‬‬ ‫ودون �أن تعري احتمايل لها اهتمام ًا‬ ‫�أجابتني دون نظر‪..‬‬

‫‪93‬‬


‫�أتذكر‬

‫قارئة‬ ‫الفنجان‬

‫�أين ر�سمت حورية‬ ‫وا�ست�شفيت مالحمها‬ ‫من �أفق تتزاحم فيه الغيوم كا�سرة‬ ‫بذلك ح�ضور ال�شم�س‪..‬‬ ‫�أم�ضيت وقت ًا طوي ًال عند �شرفة وجهها‬ ‫�أت�أمل حماولة ال�شط الختطافها‪..‬‬ ‫داهمني اخلوف على خ�صلة �شعرها‬ ‫القريبة من عبث ال�شط‬ ‫ف�أقمت جدار ًا من الطني‪..‬‬ ‫ور�سمت بذات العود جي�ش ًا من الأفذاذ‬ ‫ليحر�سوها‪..‬‬ ‫على جانبي الأمين ا�ستلقيت متكئ ًا على‬ ‫راحة يدي اليمنى‬ ‫وا�ستغرقت يف متابعة حماوالت‬ ‫االخرتاق البائ�سة‪..‬‬ ‫يف زحف ال�ساد�سة لعناق وهج ال�سابعة‬ ‫وانتعا�شة الذاكرة امل�ستلقية رغم ًا عنها‬ ‫�إلى م�ستقر �أجدت ر�سمه باحرتافية‬ ‫متناهية �أ�سفل �شفتها ال�سفلى‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪94‬‬

‫ذلك املكان الذي هم�ست لها يوم ًا‬ ‫ب�أن اهلل ي�سكن يف الب�شر رموز ًا يجعلها‬ ‫�سبب ًا يف التميز‪..‬‬ ‫وهذا هو رمزك و�أ�شرت �إليه بقبلة‬ ‫�ساخنة‪..‬‬ ‫كل ما �أتذكره حول تلك اللحظة �أنها‬ ‫انقب�ضت وا�سرتخت‬ ‫يف ذات الوقت وكل ماتتذكره هي �أنها‬ ‫قبلتها الأولى‪..‬‬ ‫عندما بد�أت ال�سابعة تخرتق حواجز‬ ‫الزمن جاء �صوتها املتعب من خلف‬ ‫نافذة احللم ‪:‬‬ ‫«هاه ياقلبي قريت امل�سج»؟‬ ‫حفظته‪� ...‬سمعني‬ ‫�أدرت لها «قارئة الفنجان» من امل�سجل‬ ‫وو�ضعت الهاتف‬ ‫وا�ستلقيت �أت�أملها يف خيايل تداعب‬ ‫بزهو خ�صالت �شعرها‬ ‫ومترر �أناملها املوزونة على وجنتيها‬


‫حين ًا و�صدرها حين ًا �آخر‪..‬‬ ‫انتهت الأغنية وعدت لها و�إذ هي يف‬ ‫�سكرات احلب غارقة بلذة‪..‬‬ ‫بن�صف �ضحكة قالت ‪ :‬كلماتك‬ ‫هي �إح�سا�سي‬ ‫ولكن عد �إلى امل�سج واقر�أه جيد ًا‬ ‫هي �إح�سا�سي و�أنت كل حوا�سي بربك‬ ‫�أل�ست فنجان قهوتي وقارئته‪..‬‬ ‫لو تعلمني كيف �إذا جن الليل ر�أيتك‬ ‫تن�سلني من غ�صن �شجرة‬ ‫�أ�صلها ثابت وفرعها يف قلبي متطرين‬ ‫علي ب�سنابل من نور‬ ‫وترمتني على ج�سدي كقطرات مطر‬ ‫وتلتهميني وتثملني‪..‬‬

‫عندما يخرتقه �صوتك الهادئ املختبئ‬ ‫خلف ن�شوه‪..‬‬ ‫ليتك ت�ؤمنني �أن القلب خارج اخلدمة‬ ‫لأنك خارج �سوره العظيم‪..‬‬ ‫ليتك هنا بني رم�شني وو�سط عينني‬ ‫ويحت�ضنك قلب واحد‪..‬‬ ‫ليتك فقط ترين انك�ساري عندما ينتهي‬ ‫الليل و�أنت غائبه‪..‬‬ ‫غ�ضب غيمتني كان كفيال لأن يربك‬ ‫ا�ستلقائي و�أجدين مبتال باملطر‬ ‫وجي�ش احلرا�سة قد غرقوا يف اليم‬ ‫واحلورية اختطفت عنوه‪..‬‬ ‫�أما �أنا فراق�صت املطر وحليم و�سيدة‬ ‫تقر�أ الفنجان وتكذب‪..‬‬

‫ليتك تعلمني �أن كل الن�ساء بك وكلك‬ ‫بهن‪..‬‬ ‫ليتك تدركني �أين �أحببت الليل لأنه‬ ‫نافذتي الوحيدة �إليك‬

‫‪95‬‬


‫هي‬

‫خلف الباب‬

‫متوقف ن�صفها الأمين عن‬ ‫احلياة‬ ‫هو �سيدخل غرفة العمليات غد ًا‬ ‫الورم الذي يحتجز ر�أ�سه رهينة يهدد‬ ‫ويتوعد‬ ‫ومل يبق �أمام �سلطته �أي حيلة‬ ‫تطلب الكر�سي املتحرك لت�صل �إلى‬ ‫غرفته‬ ‫مل يكن �أحد بالقرب‬ ‫ال �أحد يرى اخلوف الذي يبعرث نب�ضها‬ ‫ال يهتم �أحد بارتعا�ش الظالم يف‬ ‫عينيها‬ ‫ال�شم�س رحلت والغد قريب‬ ‫وال �أحد بالقرب‬ ‫تثق بن�صفها الآخر ‪ ،‬وتعتمد عليه‬ ‫ت�سقط يدها بعيد ًا عنها‬ ‫مت�سك بتالبيب قلبها ‪..‬و مت�ضي‬ ‫بن�صف خطوة‬ ‫تن�سى �أن لها ج�سد ًا يزحف‬ ‫وتذكر �أن روح ًا تخ�صها‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪96‬‬

‫ت�سكن غرفة جماورة‪..‬‬ ‫الطبيبة ت�أتي كب�شارة ‪ ،‬ت�سندها‬ ‫تقدم لها يد ًا من حلم ‪ ،‬و جناحي �أمل‬ ‫تهم�س لها ‪..‬ماذا الآن؟!‬ ‫«فقط خذيني �إليه‬ ‫ال �أريد �أن �أنتظر حتى ي�سلبه الهذيان‬ ‫ال �أريد �أن �أبقى حتى ي�سرقه الغياب‬ ‫يل بعد الغد‬ ‫لن �أحتمل لو مل يتعرف �إ َّ‬ ‫فقد وعدته بليلة ع�شق وارتواء‬ ‫خذيني �إليه فالغد يطرق النافذة‬ ‫والقدر على الأبواب»‬ ‫جتل�س على كر�سيها‪ ..‬تزينها الطبيبة ‪،‬‬ ‫ت�سدل لها �شعرها‬ ‫حت�ضرها لتكون �أكرث ن�ساء احلب فتنة‬ ‫ت�ضع وردة حمراء يف يدها‬ ‫وت�س�ألها ‪ ..‬هل �أنتِ واثقة؟‬ ‫الطبيب هنا يف زاوية قريبة ينتظر‬ ‫ت�س�ألهما هل فعلتماها قبالً؟‬ ‫فرتد الطبيبة ‪:‬وهل فعلتماها �أنتما‬


‫قبالً؟‬ ‫تهز ر�أ�سها بالنفي‪ ..‬وتقول كان وعد ًا‬ ‫و الوعد ي�ستحق الوفاء‬ ‫تعاود وت�س�أل‪ ..‬كيف هو ال�شعور ؟‬ ‫يجيبها الطبيب �أنه �ساحر مع ج�سد‬ ‫يفهمك‪.‬‬ ‫يف غرفة بامل�ست�شفى يكون للمذاق الأول‬ ‫تاريخه‬ ‫الطبيبان حار�سان‪ ...‬وخلف الباب‬ ‫�آهات وويالت ‪ ....‬قلب يخفق ‪..‬‬ ‫و�أطراف ترجتف‬ ‫خلف الباب ‪ ...‬حفيف ريح ومتتمة‬ ‫�أغ�صان‬ ‫خلف الباب‪� ...‬شمعة توقد و�أخرى‬ ‫تنطفئ‬ ‫حتى تو�سد الليلُ ال�صمتَ ‪ ...‬ونام‬ ‫يف الغد يذهب هو لل�سماء‬ ‫وتذوب هي يف �أر�ض بال ماء‬

‫‪97‬‬


‫ا�ستفز‬

‫عشني فقط‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪98‬‬

‫حبها يف يومه امللكي‪ ..‬ونادت با�سمه كما الهيبة يف بالط �سلطان‪..‬‬ ‫فهب فزع ًا كما الغزال حتى �إذا ما ح�ضر لها يف �أر�ض مل تر نورهما‬ ‫بعد‪ ..‬وقفت ‪ ..‬تقدمت له‪..‬‬ ‫ال�شارد ‪..‬‬ ‫انحنت بف�ستانها الأ�سود قلي ًال فغدت �أطرافه‬ ‫لب�سها كل الده�شة ‪..‬‬ ‫مع الأر�ض يف قبلة ع�شق تبتلع الأفواه ‪..‬‬ ‫و�س�ألت نف�سها �أتراها ق�صرت يف حق‬ ‫ت�أملته لأول مرة بطريقة خمتلفة ‪ ..‬كانت‬ ‫غرور حبهما فلم ت�شبعه ؟؟‬ ‫توبخ نف�سها ‪..‬‬ ‫�أخذت من الدنيا كل اجلمال ‪..‬‬ ‫وجمعت طيب الندى من على جدر بيوت وت�ضرب �أنوثتها بكل الأ�سواط ‪..‬‬ ‫ت�سرتجع حبه فتدلل رمو�ش عينيها يف‬ ‫الطني القدمية فكان الأثري‪..‬‬ ‫�إغما�ضة تزيد الع�شق ال �شك ‪..‬‬ ‫و�أ�شعلت يف كل الأرجاء �شموع ًا ‪..‬‬ ‫�أخذت يديه كما �أنه عهد الزمان وقالت له ‪:‬‬ ‫و�ألب�ست الكون من «الدانتيل» حل ًال ‪..‬‬ ‫�ألغت احلر ونفت الربد وم�سحت الربيع و مل �أع�شق �أنوثتي �إال لرجولتك ‪..‬‬ ‫ومل �أبحث يف عينيَّ �إال لأنها ر�أتك ‪..‬‬ ‫حذفت اخلريف‬ ‫ومل �أكرتث لهما �إال لأنك ر�أيت فيهما عامل ًا‬ ‫ور�سمت ف�ص ًال خام�س ًا يليق باال�ستعداد‬ ‫�آخر‪..‬‬ ‫له‪..‬‬ ‫�أتراها نف�سي فقط ‪ ..‬بل هو الكون والع�شق‬ ‫ارتدت كل اجلمال ‪ ..‬وجتملت بكل‬ ‫والزمان ‪..‬‬ ‫الفخامة ‪..‬وتعطرت با�سمه ‪..‬‬ ‫ف�أ�صبحت فتنة تغفو على حافتها كل ن�ساء مل يكونا يف هذه الدنيا ومع ه�ؤالء الب�شر �إال‬ ‫لأنك كنت من الع�شق معلمه‪..‬‬ ‫الأر�ض‪..‬‬ ‫قر�أته للحرف فات�سق على �سطور �أ�سكرت‬ ‫عندما ر�أت �أنها غدت مع املكان‬ ‫بدون ك�أ�س و�أججت بدون �شرار ‪..‬‬ ‫الأ�سطورة‪..‬‬ ‫�شيئ ًا يليق با�ستقباله‪ ..‬فتحت م�صراعني‪ ..‬ور�سمته للطري فتلونت ب�أوراق الهدايا يف‬


‫�أعياد احلب ‪..‬‬ ‫بل ت�سامى لي�صبح على �أوراق التقاومي‪..‬‬ ‫يقلبها الع�شاق يف انتظار املواعيد �أو‬ ‫ا�سرتجاع الذكريات ‪..‬‬ ‫و�أنا بني �أويل معك و�آخري �أراين كلمة مل‬ ‫تقر�أ �إال بني �شفتيك ‪..‬‬ ‫وطل�سم عتيق مل يفك �شفرته �إال �أنت‪..‬‬ ‫�أرجوحة ال�صباح ذو الغيم‪ ..‬ولوحات ال�سهر‬ ‫يف م�ساء فاخر ‪..‬‬ ‫ووردة اكت�سبت ذهبية ال�ضوء من �شمعة‬ ‫�أ�شعلها حبك‪..‬‬ ‫لذا كن متبخرتاً‪� ..‬أ�سكن الزهو‪..‬‬ ‫فهناك روح ل�شوقها �صوتك‪ ..‬وقلب لنب�ضه‬ ‫حبك‪..‬‬ ‫وريحانة عمر لأجلك �شذاها ‪ ..‬يف �إ�شراقتك‬ ‫يكتب على �أوراق ال�شجر الفرح‪..‬‬ ‫حيث ت�سعد دودة القز وين�سج احلرير ‪..‬‬ ‫ويطيب �شدو البالبل كالغزل بني الأحباب‪..‬‬ ‫وتتالمع على �شوارع املدينة الأمطار‪..‬‬ ‫‪ ‬حيث طفل وطفلة يلهوان حتت املطر عند‬ ‫مفارق الطريق وحتت �سور الب�ستان‪..‬‬ ‫يجهالن �أنهما ير�سمان حب العمر �إذ ابتد�أ‬

‫منذ ال�صبا‪..‬‬ ‫و�أنا معك مل ابتدئ منذ ال�صبا ولكني �أحببتك حب‬ ‫ال�صبا وع�شقتك ع�شق ال�شباب ‪..‬‬ ‫‪ ‬ثم بعد ال�شباب ‪..‬‬ ‫�أن�ضجت قلمي وقلبي و�أنوثتي و�أ�صبحت �أر�شف احلب‬ ‫معك ك�أ�س ًا على مائدة احلرف ‪..‬‬ ‫�أتذوق احلياة معك ثمرة من �أروع جنى املوا�سم‪..‬‬ ‫واحب�س ن�شوة ج�سد ت�أبى �إال �أنت ‪..‬‬ ‫تثور ثم تتذكر الذنب فتنك�سر �أل�سنة لهبها‬ ‫ويبقى منها متقد اجلمر ي�صطلي به حرمان ج�سدي‬ ‫و�أتلذذ‪..‬‬ ‫و�أرنو ل�شعر �أبي�ض وكهولة ي�شيخ فيها العمر ويبقى حبك‬ ‫يف قلبي �شباب‪..‬‬ ‫�سكتت ثم رفعت �إليه ر�أ�سها تقر�ؤه وك�أن الكالم كله ال‬ ‫يكفيها لتحكي عنه ‪..‬‬ ‫تابعت بقوة ‪ :‬ا�سكت �أنانيتك‪ ..‬اركبني قارب ًا ‪� ..‬أنزلني‬ ‫من �أرجوحة ‪..‬‬ ‫�أجل�سني على تل ‪ ..‬ا�سحبني بهذا الغجري من العامل‪..‬‬ ‫�أوقف كل �شيء متى تريد ‪..‬‬ ‫فقط ا�سمعني ‪..‬‬ ‫ف�أنا لك �أكرث من نف�سك لك و�أكرث من نف�سي يل‪..‬‬ ‫‪ ‬فقط ع�شني ‪ ..‬ع�شني فقط‬

‫‪99‬‬


‫ثورة الحواس‬

‫ماذا‬

‫لو �صحوت يوم ًا‬ ‫ووجدت ثورة يف اع�ضائك‬

‫عليك‪!..‬‬ ‫فالعني ال تريدك �أن ترى‬ ‫و�أذناك ت�أبى عليك �أن ت�سمع‬ ‫و�أنفك يرف�ض �أن ت�ستن�شق �شيئ ًا‬ ‫ويدك ت�ستع�صي �أن تلم�س �أي كائن‬ ‫ورجالك ال تريدان خلطواتك احلركة‬ ‫وقلبك يغلق عليه حجراته فال نب�ض وال‬ ‫خفقان‬ ‫دائماً‪ ..‬تكون الثورة واالنقالبات من‬ ‫اخلارج‬ ‫وحينها ي�ستنفر الداخل كل قواته‬ ‫ومينح الوطن واجل�سد الأمن والأمان‬ ‫لكن عندما يثور الداخل‬ ‫حينها �سنفقد كل �شيءٍ‬ ‫لذا لنتفقد حوا�سنا جيد ًا‬ ‫ولنمنحها ما يليق بها‬ ‫وال نركن �أنها لن تثور يوم ًا‬ ‫البد من داللها وحفاوة بها‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪100‬‬

‫وفرح م�ستدام لأجلها‬ ‫البد �أن ت�شعر انها‬ ‫املف�ضلة لديك‬ ‫وانها فخرك وافتخارك‬ ‫ج�سدنا وتفا�صيلنا‬ ‫�أمانة البد �أن ن�صونها حب ًا وعرفان ًا‬ ‫ليبارك اهلل فيها طول العمر‬


‫متى‬

‫ما �ضاقت عليك الدنيا‬ ‫واختلطت جهاتها الأربع‬ ‫ابحث عن �ضحكة طفل‪..‬‬ ‫واجعله ي�سرقك من اجتاهاتك‬ ‫وم�ساراتك‬ ‫وحدهم الأطفال ت�سريهم الفطرة‬ ‫ومن ي�سلك فطرة الأطفال حتما �سي�صل‬ ‫اغم�ض عينيك لفرتة‬ ‫وا�سال نف�سك‬ ‫كم متنح يف يومك من وقت لأجل طفل‬ ‫لي�س �شرط ًا �أن يكون هذا الطفل ابن ًا لك‬ ‫�أو ابنة‬ ‫بل اجعله جمرد ًا من كل التزام‬ ‫فقط‪ ..‬طفل للطفولة والرباءة‬ ‫لو مينح العامل الفر�صة للأطفال‬ ‫النتهت جل م�شاكله و�أزماته‬ ‫جربها مرة‬ ‫عندما متر ب�أزمة‬ ‫ا�ستفتِ طفلك يف حلها‬ ‫وانظر مباذا ي�شري عليك‪..‬‬ ‫الطفل رحمة وهدية‬ ‫فال نحرم �أنف�سنا منها كثرياً‪..‬‬

‫استفت‬ ‫طفلك‬

‫‪101‬‬


‫آخر قراري‬

‫ي�أتي‬

‫مت�أخر ًا كالعادة‪..‬‬ ‫يحاول �أن ي�صنع فرقا‬ ‫يف حياة كانت هي ذات احلياة التي‬ ‫�أهملها‪..‬‬ ‫قبل �أيام �أخفق يف ترجمة ماي�سميه‬ ‫ع�شقاً‪..‬‬ ‫عندما اقتحم �صندوق الربيد الوارد يف‬ ‫�إمييلي‬ ‫لي�ضع فيه ر�سالة مل �أعرف �إلى‬ ‫هذا الوقت ما الفرق بني �أولها‬ ‫و�آخرها‪..‬‬ ‫قر�أتها مئة مرة لعلي �أجد فيها ما‬ ‫يجعلني �أ�ؤمن بعودته‪..‬‬ ‫و�أغفر له‪ ..‬ويف كل مرة �أدمع كراهية‬ ‫و�أبتل �أملاً‪..‬‬ ‫كنت �أحدث نف�سي برد �أقول فيه كل‬ ‫�شيء‪..‬‬ ‫فكتبت‪ :‬لن �أبد�أ بديباجة الع�شاق و�أنت‬ ‫مل تعد كذلك اليوم‪..‬‬ ‫لن �أتكرم ب�ألقاب ك�شف الزمن زيف‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪102‬‬

‫�شعاراتك وخطاك فلم تعد ت�ستحقها‪..‬‬ ‫�س�أبد�أ اليوم بكلمة الرحيل لتكون هذه‬ ‫الأحرف جماز ًا‬ ‫هي م�سمار نع�شك الأخري و�أنا �أ�شيعه‬ ‫�إلى مثواه الأخري‬ ‫بعيد ًا عن مدين البي�ضاء التي كدت‬ ‫متل�ؤها �سواداً‪..‬‬ ‫كنت لك بكل �شيء‪ ..‬وب�أي �شيء‪..‬‬ ‫ومل ترد �أن تكون كذلك‪..‬‬ ‫اليوم حتاول بهمجية �أن نعود‪..‬‬ ‫يا�سوادك املمتد من �سفح اجلبل �إلى‬ ‫عروق ال�شجر‪..‬‬ ‫العابث بحلم الطري و�أنفا�س الزهر‪..‬‬ ‫القاتل لطموح الأر�ض يف �أن تتقبل‬ ‫العي�ش‪..‬‬ ‫املكرث من الظلمة وال�شحيح بال�ضياء‪..‬‬ ‫وداع ًا حيث ال �أراك وال �أذكرك‪..‬‬ ‫وداع ًا حيث متوت اليوم هاهنا‪..‬‬ ‫وداع ًا ب�آخر قرار نطقت به حمكمة‬ ‫قلبي العادله �أو رمبا الرحيمة‪..‬‬


‫وداع ًا و�إن مل تفهمها‪ ..‬وداع ًا و�إن مل‬ ‫تتقبلها‪..‬‬ ‫�آخر قراري‬ ‫ي�شبه كثري ًا نع�شك الأ�سود املليء بعبثك‬ ‫طوال �سنني ‪..‬‬ ‫خذه ومن فيه بني جراحك املهداة يل‬ ‫قد تفيق من رائحة الدماء يف �أركانه‬ ‫وتدرك كم �أنت ظامل‪..‬‬ ‫و�إن �أدركت التفكر بالعودة فال جمال‬ ‫لنق�ض احلكم وال اال�ستئناف‪..‬‬

‫‪103‬‬


‫هل‬

‫فكرنا �أن نت�ساءل‬ ‫مما نريد �أن ن�أخذ �إجازة‪!..‬‬ ‫االجازة عندما‬ ‫من وجوه و�أماكن‬ ‫تأتي‬ ‫�أم ‪.....‬من التزام وم�س�ؤولية‪ ‬‬ ‫هل ن�أخذها لرنتاح‬ ‫�أم‪ ...‬ن�أخذها لنفت�ش عن ذواتنا‬ ‫الإجازة‬ ‫البد �أن تكون �إجازة من كل �شيء‬ ‫العقل اجل�سد االلتزام‬ ‫النا�س املكان الزمان‬ ‫ال �أحد يقر�أ الإجازة كما يجب‬ ‫لذا جند كثريين‬ ‫ي�ضيعونها يف نوم فقط‬ ‫وك�أن االجازة ما �أتت �إال لهذا‬ ‫من ي�شقى يف �إجازته‪ ..‬م�سكني‬ ‫من تزداد م�س�ؤولياته يف �إجازته‪..‬‬ ‫م�سكني‬ ‫من اليعود بعد الإجازة �شخ�ص ًا �آخر‪..‬‬ ‫م�سكني‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪104‬‬

‫هل فكر الأب �أن ي�سلم م�س�ؤولية البيت‬ ‫�إلى ابنه الأكرب‬ ‫وي�أخذ هو �إجازة من الأبويَّة لفرتة‪..‬؟‬ ‫هل فكرت الأم‪� ..‬أن تعود �صبية لتعبث‬ ‫وتن�سى �أنها �أم‪..‬؟‬ ‫نحن ال نقر�أ الإجازة جيد ًا‬ ‫وال نخطط لها‬ ‫لذا تروح وجتيء‬ ‫دون �أن متنحنا �إك�سريها القوي‪ ‬‬ ‫من هذا املنرب‬ ‫اجعلوا‪ ..‬الإجازة‬ ‫�إجازة من كل �شيء‪ ..‬كل �شيء‬ ‫�إال‪ ..‬اهلل‪! ‬‬


‫احلياة‬

‫لي�ست جمرد لونني‬ ‫‪� ‬أ�سود و �أبي�ض‬ ‫بل تتعداها لكل الألوان‬ ‫بل انك مبهارتك وتذوقك ت�صنع اللون‬ ‫الذي حتب‪..‬‬

‫ال�سعيد من يعرف كيف يختار اللون‬ ‫ومتى و�أين وقبل كل �شيء ملاذا‪..‬‬

‫الألوان‬ ‫متنح ر�ؤى جديدة للم�سارات‬ ‫واالجتاهات‬ ‫ال تنظر �إليها كجمادات‬ ‫اللون الأبي�ض لي�س نا�صع ًا للحياة دائم ًا ‪ ‬بل �إلى �أنها حيوات لناظريها وبالألوان‪ ‬‬ ‫�أ�صبح البيا�ض تهمة و�سلب ًا للحقوق عند ‪..‬الدنيا حلوة‬ ‫البع�ض‪..‬‬ ‫واللون الأ�سود‬ ‫‪ ‬يجعل منظارنا للحياة �أ�شد �أملا و�أقل تفا�ؤ ًال‬ ‫اللون الرمادي‬ ‫جماله يف �أنه مينحك فر�صة للتغيري‬ ‫‪ ‬للمنطقة الأف�ضل‬ ‫�أو يجعلك تتقهقر للمنطقة ال�سوداء‬

‫الحياة ‪..‬‬ ‫ألوان‬

‫الرمادي لي�س هرب ًا �أو تخاذ ًال بل‬ ‫هو م�ساحة لقرار جديد‬ ‫‪ ‬والتقاط الأنفا�س لرك�ض �آخر‬ ‫وت�أتي بقية الألوان‪ ‬يف مواكب خمتلفة‬

‫‪105‬‬


‫دمها‪...‬‬ ‫حكاية كُ برى‬

‫ماهي‬

‫ف�صيلته؟!‬ ‫و�أي درجات الأحمر هو‬

‫لونه؟!‬ ‫مل تكن تلك الأ�سئلة تعني �شيئ ًا بالن�سبة‬ ‫�إلى حمتوى اهتماماتي‬ ‫بقدر ما كان الغ�ضب يتملكني‬ ‫على �إجبار دمها كراهية مغادرة‬ ‫ج�سدها‪..‬‬ ‫ياج�سدها املر�سوم بري�شة باهظة‬ ‫الفن‪..‬‬ ‫ياج�سدها الذي يحوي تفا�صيل الع�شق‬ ‫من �ألف احلب �إلى ياء الفتنة‪..‬‬ ‫يادمها ال�سابح بي يف �أفياء وطنها‪..‬‬ ‫يابع�ض خاليا حمراء وبي�ضاء‬ ‫ورق�صات بينهما ت�أ�سرين و�أنا �أ�سري بني‬ ‫دفاع وهجوم‪..‬‬ ‫ياقطراتها التي �أجربت على النزوح‬ ‫والإجالء‬ ‫من ج�سدها �إلى غيبيات املحاليل‪..‬‬ ‫من يدل قلبي على قطرات تئن من‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪106‬‬

‫الفقد؟!‬ ‫�أود �أن �أحت�سيها قهوة تعانق «تويك�سا»‬ ‫ليجتمعا مع ًا يف �ضيافتي‪..‬‬ ‫�أ�شتاق حلمرته هكذا �أتخيله و�إن مل �أره‬ ‫�شوق اخلاليا لبع�ضها حني يلتئم‬ ‫اجلرح‪..‬‬ ‫�أ�شتاق لكلها ولإبرة جارت على‬ ‫عروقها‪..‬‬ ‫يادمها ‪ ‬ال�ساكن‬ ‫يف ذاكرتي من �أول ال�شريان‬ ‫‪ ‬لهاوية اجل�سد‪.‬‬


‫كنا‬

‫معاً‪ ...‬ننام على و�سادة‬ ‫الن�سيان‬ ‫ون�صحو على دنيا بال �أحالم‬ ‫كان يفوتنا الإ�شراق‬ ‫ومير علينا الغروب دون وداع‬

‫سواها‬

‫وفج�أة‪ ...‬دون �أدنى �إ�شارة‬ ‫فتح �أوردته‪ ...‬خرج كا�شف ًا �أمنيته‬ ‫ارجتافاته تلك �أعرفها‬ ‫ثم �ألقى يف �صدري اعرتافه الكبري‬ ‫و�أغرقني بـ ـ «�أحببتهُ»‬ ‫يا اهلل ‪ ..‬لي�س الآن‬ ‫لي�س بعد ماكان‬ ‫بربك ياقلب …�ألي�س من حيلة‪!..‬‬ ‫قب�ض على نب�ضه‬ ‫احت�سى ك�أ�سه … ودندن ‪ ‬ق�صيدته‬ ‫عرفت من رع�شة الفرح يف عينيه‬ ‫وابت�سامته اخلجولة تلك‬ ‫�أنه‪�« ... ‬سواها ‪ ..‬وما طاعني»‬

‫‪107‬‬


‫اتحداك‬

‫تُرى‬

‫كيف تقر�أ التحدي ‪..‬؟‬ ‫و ما ال�صدى‪ ‬ل ـ ‪« ‬احتداك»‬ ‫يف حياتك‪!.. ‬‬ ‫هل‪ ‬تعده ‪ ‬اثبات ًا لقدراتك‪!..‬‬ ‫�أم ت�أكيد ًا ل�ضعف غريك‪!..‬‬ ‫‪� ‬أم �أنك به تفتح �أبواب ًا مل تفتح قبل‪..‬‬ ‫ومتار�س التجربة املولعة بالده�شة‬ ‫وتُفاجئ الآخرين بك‪ ..‬و ب�أنف�سهم ‪!..‬‬

‫يهزموك‪ ..‬والآخرون التي كل هزائمك‬ ‫معهم انت�صارات‬ ‫وقل لنف�سك ‪ ..‬من �س�أحتدى اليوم ‪..‬؟!‬ ‫من‪� ‬سيكون املتناف�س �ضدي‪!.. ‬‬ ‫‪ ‬ومن ذاك الذي �س�أنت�صر عليه‪ !..‬ومن‬ ‫هو الذي �سيجعلني �أطري فرح ًا بغلبته‬ ‫عليَّ ‪!..‬‬

‫ما ر�أيك يف �أن حتاول اليوم ‪� ‬أن حت�صي‪ ‬هل �س�أحتدى الأم�س و�أرتقي ‪ ‬فوق‬ ‫ج�سده لأ�صل �إلى غدٍ �أنا �أريده‪!..‬‬ ‫التحديات بحياتك‬ ‫�أم هل �س�أحتدى ظنوين وهواج�سي ‪..‬‬ ‫الأجمل منها‬ ‫و�أخو�ض جتربة جديدة ولن يعنيني‬ ‫الأقوى‬ ‫الفوز‪..‬‬ ‫الأ�شقى‬ ‫بقدر ما تعنيني حالوة التجربة ‪ ..‬ولذة‬ ‫الأكرث فتنة‬ ‫املغامرة‪!..‬‬ ‫الأكرث غرور ًا‬ ‫الأ�شد خيبة ‪!!..‬‬ ‫عني �أنا‬ ‫رمبا ‪� ‬أفكر اليوم بتحدي عينيها ‪!..‬‬ ‫وما ر�أيك �أن‪ ‬تتحدث‬ ‫و�س�أهتم ب�أن �أغرقها �شوق ًا وحنين ًا‬ ‫عن كل‪ ‬خ�صومك‪� ، ‬أولئك الذين‬ ‫ثم �أبللها بالو�صل ‪ ..‬و�أطبق‪ ‬اجلفنني‬ ‫تغتاظ منهم‬ ‫والذين حتبهم … والذين ال ميكن �أن على قلبي و�أك�سر �سواد الغياب‪ ‬فوق‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪108‬‬


‫رم�شيها‬ ‫ورمبا ‪� ‬أذهب للتناف�س على ر�سم‬ ‫ابت�سامة يف طريقها‪� ..‬أو �أفوز‪ ‬بر�ضا‬ ‫من‪� ‬شفتيها‪!! ‬‬ ‫ال‪ ‬ال ‪� ..‬أظنه‬ ‫�سيكفيني �أن ‪� ‬أجعلها تردد وبطريقتي‬ ‫ال�شقية جملتها التي �أع�شقها‪..‬‬ ‫«�أحتداك تلقى �أحد ًا مثلي»‪!..‬‬

‫‪109‬‬


‫انت هل‬ ‫تعرف أنت‬

‫هل‬

‫�صحوت ال�صبح يوم ًا ونظرت‬ ‫يف املر�آة‬ ‫وقلت من �أنا‪..‬؟‬ ‫هل نظرت �إليها‪ ..‬وتعرفت عليك‬ ‫�أنت‪..‬؟‬ ‫هل ت�شعر �أنك �أنت‪..‬؟‬ ‫من �أكرث �شيء ي�صدقك �أنت‪!!..‬‬ ‫لن جتد �أف�ضل من قلبك وعقلك‬ ‫يخربانك من �أنت‬ ‫البد كل حني ن�س�أل �أنف�سنا هذه‬ ‫الأ�سئلة‪..‬؟‬ ‫من �أنا‪..‬؟ هل �أنا‪�..‬أنا‪..‬؟‬ ‫ملاذا �أنا ل�ست �أنا‪..‬؟‬ ‫كيف اكون �أنا �أنا‪..‬؟‬ ‫متى �س�أ�صبح �أنا‪..‬؟‬ ‫‪ ‬فهذه الأ�سئلة‬ ‫كفيلة بتجديد مناهجك وم�شارقك‬ ‫ومغاربك ما يجب �أن تعرفه‬ ‫�إن قلة‪ ‬يعرفون من هم‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪110‬‬

‫لذا لي�س عيب ًا ان نبحث عن �إجابة‪..‬؟‬ ‫‪ ‬دائم ًا‬ ‫احلياة تبد�أ ب�س�ؤال‪ ..‬وعندما جند‬ ‫�إجابة‬ ‫فحينها نحن يف حاجة ل�س�ؤال جديد‬ ‫وقبل اخلتام‬ ‫ت�أكد �أنك اذا عرفت من �أنت ب�سرعة‬ ‫حينها ‪ ..‬تكون �أنت ل�ست �أنت‬ ‫فال تتاخر وابحث عنك �أنت‪ !..‬الآن‪..‬‬


‫�ضمن‬

‫اهلل تعالى لنا اخلري‬ ‫يف كل �أمورنا‬ ‫منحنا الالفتات ‪ ..‬و�سخر لنا‬ ‫اخليارات‬ ‫جعل لنا من رحمته ن�صيب كبري‬ ‫لكننا ن�صر على تعذيب �ضمائرنا‬ ‫وعلى اف�ساد حياتنا وحياة من نحبهم‬ ‫ب�أيدينا‬ ‫نحزن حني ال يكون �أحبتنا على منهجنا‬ ‫الذي ن�ؤمن به‬ ‫ونكابد لأجل �أن يروا احلياة ب�أعيننا‬ ‫وحين ًا نتعاظم على كونهم ب�ش ٌر مثلنا‬ ‫ون�ستنكر عليهم‬ ‫ان يجربوا ويخطئوا ون�أبى �أن يخو�ضوا‬ ‫ما خ�ضنا‬ ‫لي�س لأننا نكرههم ولكن لأن حبنا لهم‬ ‫يغ�ض اب�صارنا عن منهج رباين عظيم‬ ‫فحرية االختيار … من �أجمل ما‬ ‫يتعامل به اهلل تعالى مع عباده‬ ‫�أخرب �آدم وزوجه عن ال�شجرة …‬

‫وتركهما ومل مينعهما عن اخلط�أ‪..‬‬ ‫ثم منحهما خيارهما …‬ ‫الذي به هبطا �إلى الأر�ض‪..‬‬ ‫�إننا لن منلك القدرة على ر�سم حياة‬ ‫�أحبتنا كما نحب لهم‬ ‫لكننا ن�ستطيع ممار�سة حياة جيدة‬ ‫معهم و�أمامهم‬ ‫فالتعليم باملمار�سة �أكرث واجدى نفع ًا‬ ‫من التلقني والتنظري اململ‬

‫تراويح‬

‫كن �أجمل معهم ‪،‬وبهم‬ ‫وال تق�سو على نف�سك حني يخفقون‬ ‫وال تظنه ف�ش ًال لك‬ ‫امنحهم االعذار‬ ‫وقدم لهم البدائل‬ ‫بطريقة االختيار من املمكنات‬ ‫واملحبوبات من الأمور‬ ‫وتذكر �أن‪:‬‬ ‫اهلل يهدي من ي�شاء‬ ‫تذكر ذلك جيد ًا لي�ستقيم الأمر لك‬ ‫ولهم ‪..‬‬

‫‪111‬‬


‫هذا‬

‫امل�ساء �أتى على غري‬ ‫العادة‪..‬‬ ‫ال تبكي‪..‬‬ ‫أرجوك كنت معها ومل تكن هي معي‪..‬‬ ‫كنت �أت�أمل مطرها ‪..‬‬ ‫وال �أرق�ص مع حباته‪..‬‬ ‫حاولت �أن �أتو�سل �إلى �سماء عينيها‬ ‫ليتوقف املطر‪..‬‬ ‫ف�أر�ض قلبي بد�أت تغرق‪..‬‬ ‫مل تبكني ومن املت�سبب؟!‬ ‫ال �إجابة‪..‬‬ ‫مل هذا احلزن وهل �أنا �أحد �أطرافه؟!‬ ‫�أي�ضا ال �إجابة‪..‬‬

‫ثم وا�صلت‪..‬‬ ‫يا طهرك ال�ساكن يف حمراب العجائز‬ ‫حني يقهرون انحناء �أج�سادهم ليعبدوا‬ ‫اهلل‪..‬‬ ‫يا نقاءك الذي يهزم وجوه الزيف على‬ ‫�أر�صفة العابثني‪..‬‬ ‫يا فرحك الكا�سر �أفئدة احلاقدين‪..‬‬ ‫يا ابت�سامتك املر�سومة بنور وجهك‬ ‫‪ ‬الذي �أوقد ظلمة العا�شقني‪..‬‬ ‫يا بكا ًء بد�أ من قلبك وانتهى بقلبي‬ ‫ومابينهما امتدادات جلروح‬ ‫تنام على بقية من متتمه وت�ستيقظ على‬ ‫�شهقة الفزع‪..‬‬ ‫ياحلمك التائه يف حميط فرا�شك‬ ‫‪ ‬واملختبئ حتت و�سادتك والعابث‬ ‫ببع�ض �آمالك‪..‬‬

‫تركتها تبكي ب�صمت‬ ‫و�أت�أمل وجهها اجلميل حتى وهو يتجرع‬ ‫الأحزان البائ�سة‪..‬‬ ‫«لن يغفر اهلل لرجل ا�ستفز عيني �أنثى‬ ‫ب�أمل»‬ ‫يا �أيتها الإن�سانة ال�شفافة الربيئة‬ ‫هد�أ روعها بعدما �أقحمت وجهها يف‬ ‫املظلومة‪..‬‬ ‫حميط �صدري‪..‬‬ ‫وبقرب �أذنها هم�ست لها بتلك العباره‪ ..‬يا �أنت بربك من �أبكاك؟‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪112‬‬


‫�أدارت وجهها وماتزال على حميط‬ ‫�صدري‬ ‫‪ ‬وبالكاد �أملح عينيها من فو�ضى‬ ‫خ�صالت �شعرها‬ ‫واملطر يحت�ضر ب�صمت يف عينيها‪..‬‬ ‫عربة حتب�سها �شفتاها النا�ضجتان‬ ‫بدت منفعلة من �إرادة اخلروج وكبت‬ ‫املالمح‪..‬‬ ‫كانت �أ�ضعف من �أن جتيب‬ ‫ف�أغم�ضت عينيها‬ ‫‪ ‬و�شهقت جرحها وزفرته على �صدري‬ ‫‪ ‬و‪ ..‬غفت‬

‫‪113‬‬


‫هو‪:‬‬

‫ي�ؤمن ب�أنها بد�أت تقتحم‬ ‫حياته ‪..‬‬ ‫ذات منام‬ ‫ب�أنها ا�ستحدثت تاريخ ًا يقر�أه بجنون‬ ‫ملتهب‪..‬‬ ‫ب�أن بع�ضها حني يح�ضر ي�أتي كله‬ ‫م�صحوب ًا بوله ‪..‬‬

‫الأقل عن �شبيهها‪..‬‬ ‫هي‪ :‬تناجي طيفه الذي ملحته ذات لقاء‬ ‫عابر‪..‬‬ ‫تت�أجج يف جوفها ناره التي �أوقدتها‬

‫هجرته �إلى مدن الالح�ضور‪..‬‬ ‫غريت له معامل حياته وتفا�صيل يومه ‪ ..‬ت�ستيقظ على طيفه وتنام على حرفه‪..‬‬ ‫يف �سجادتها يح�ضر ك�أجمل �شيطان‬ ‫و�صفه بها ال�شفاء هكذا كانت ‪..‬‬ ‫�أي�ض ًا هي م�ساحة جن جنون القيا�سات ي�أخذها من فري�ضتها‪..‬‬ ‫ت�ستغفر اهلل على ذنبها وتعود‬ ‫بغنجها‬ ‫لتمار�س الذنب بال وعي‪..‬‬ ‫فلم تعد معايري قيود مع�صمه ت�أبه‬ ‫بقوانني املجتمع‪..‬‬ ‫�أحدث فجوة كبرية بني قلبها وعقلها ‪..‬‬ ‫قلبها يبحث عنه يف �أفواج الدماء‬ ‫�إح�سا�سه هي من ت�صنعه‪..‬‬ ‫احلا�ضرة �إليه‪..‬‬ ‫نب�ضه هي من تر�سمه‬

‫قراءة من وحي وجهها يف ا�ضطراباته‪ ..‬عقلها يحاول و�أده من خاليا التفكري‬ ‫ولفظه خارج �أ�سوار اخليال‪..‬‬ ‫�سفر‪ ..‬غياب‪� ..‬شوق ‪ ..‬و�آهات‪..‬‬ ‫بع�ض �ألآمه ر�سمت يف حميط غيابها‬ ‫ك�صورة �أ�ضناه البحث عنها �أو على‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪114‬‬

‫م�شكلتها �أنها ت�ؤمن ب�أنه فر�ض قدا�سته‬ ‫يجعلها تالحقه يف رك�ض الثواين‬


‫ورحلة ال�شم�س املتكررة‪..‬‬ ‫هما‪ :‬يتفقان على ا�ست�ضافة اجلرح‬ ‫و�إكرامه وقدر لهما �أن التقيا ذات حلم‬ ‫كل منهما مي�سك يد الآخر والعني‬ ‫بالعني‬ ‫والنب�ضان يت�سابقان‬ ‫ولكنه قدر جمعهما يف حلم ذات منام‪..‬‬ ‫وما يزال…‬

‫‪115‬‬


‫درجة‬

‫احلرارة ت�شري �إلى ما بعد حماولة لفر�ض حظر جتوال يف حميط‬ ‫قلبها‬ ‫الأربعني لظى‪..‬‬ ‫المقعد‬ ‫ولكنها تف�شل‪..‬‬ ‫وعند �إ�شارة جترب على اال�ستحمام‬ ‫الخلفي‬ ‫ف�شلها يقودها لأن ت�سلم �أمرها‬ ‫بزخات اللهب‪..‬‬ ‫لق�صيدة وجدت فيها رحلة ا�ستجمام‬ ‫كانت هناك تت�أمل وجه ال�صيف حولها‪ ..‬لعامله ال�ساكن بغربة يف ذاتها‪..‬‬ ‫وجهها املمتلئ فتنة‬ ‫تعرتف غيابي ًا با�شتياقها و�أمنياتها‪..‬‬ ‫وهو م�سرتخٍ يف مقعدها اخللفي الوثري‬ ‫تن�سج من خيوط ال�شم�س حلم ًا فاره ًا‬ ‫يحكي ‪ ....‬حكاية ا�ضطهاد ال�شم�س‬ ‫كمقعدها الأنيق ‪ ...‬وت�ستجمع‬ ‫ملالمح �أنثى ترف�ض �أن تلمحها حرارة‬ ‫�أ�شواقها‪..‬‬ ‫�أجواء ال �أن مت�سها‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪116‬‬

‫�صوت خافت بالكاد ا�سمعه يردد ‪:‬‬ ‫«عمري ما متنيت �شي‪»..‬‬ ‫�سافرت �إلى عينيها‬ ‫�أحمل حقيبة ا�ستق�صاء بداخلها بع�ض‬ ‫رو�شتات لقراءة ما ميكن �أن تفكر فيه‬ ‫�أنثى‬ ‫وهي ت�ستمع لتلك الكلمات‪..‬‬

‫يف داخلها �أي�ضاً‪ ..‬يق�سو الوجد‬ ‫على اجلزء امل�سرتخي من جهازها‬ ‫الع�صبي‬ ‫ليثري حفيظة اجلزء املتوتر‪..‬‬ ‫ت�ضغط ب�إبهامها وال�سبابة على ن�صفها‬ ‫امل�ست�سلم ل�ضرب نوبات ال�صداع دون‬ ‫رحمة‪..‬‬

‫�أح�ست لوهلة �أن �سكونها وهي تائهة‬ ‫وحيدة يف �سيارتها‬

‫تنتهي الأغنية‪ ..‬فتنتبه لعدم �إن�صاتها‬ ‫للكلمات حيث كانت تائهة‬


‫بالبحث عن بع�ضه و�سط �ضو�ضاء‬ ‫ذاكرتها‪..‬‬ ‫تعيد الأغنية‬ ‫ومبجرد البدء تقتحم حالة البحث‬ ‫�إح�سا�سها‬ ‫فتت�ضامن حوا�سها وعملية البحث‬ ‫فرتحل تائهة‪..‬‬ ‫ت�صادفه ببع�ض ذكريات جمعتها‬ ‫فتبت�سم ‪ ..‬وحت�س باالنت�صار‪..‬‬ ‫يرحل �سريع ًا فتتوجع من الهزمية‪..‬‬ ‫تزداد ال�شم�س �سخونة وتزداد هي‬ ‫ا�شتياقاً‪..‬‬ ‫ولأنها عط�شى وكل العطا�شى ي�ستفزهم‬ ‫ال�سراب‬ ‫فقد ر�أته �سراب ًا‬ ‫ي�سكن اجلانب الفارغ مبقعدها اخللفي‬ ‫متد يدها ب�ضعة �سنتيمرتات‬ ‫وت�سحبها �شرباً‪..‬‬ ‫قلق‪ ...‬و�شوق‪ ...‬هذا يغلب ذاك‪..‬‬ ‫حتى ترمتي عليه فتجده �سراباً…‬

‫‪117‬‬


‫يف‬

‫�أول �صفحة‪:‬‬ ‫«الكتابة �إليك عمل حمفوف‬ ‫أول‬ ‫باحلب ‪ ...‬واخلوف‪ ..‬والأمل‬ ‫ال �أدري كم �سيكفلني الأمر‬ ‫لكني �س�أكتب‪ ..‬و�أكتبني‬ ‫وبقلمي الر�صا�ص الذي �أحب‬ ‫وبعد �أن تقر�أ ‪ ..‬ال ت�س�ألني �شيئ ًا‬ ‫فقط‪� ..‬أغلق �أبواب الدنيا من حولك‬ ‫واطفىء �أ�ضواء الزحام‬ ‫و�أبقى يل وحدي ‪..‬‬ ‫ثم انظر حلريف‬ ‫و �إلى م�ساحة املحو بني ال�سطور‬ ‫و�ستعرف حينها‬ ‫كم �أحبك‬ ‫وكم �أخاف عليك‬ ‫وكم �أت�أمل بدونك»‬ ‫يف �أول فرحة‪:‬‬ ‫«�أحبك اليوم‬ ‫بقدر ما �أحببتك العمر الذي م�ضى‬ ‫�أحبك‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪118‬‬

‫كهدية عيد �سقطت يف كف قلبي‬ ‫تتقافز بها الفرحة من نب�ضي‬ ‫�أتناول «�أحبك» كل حني‬ ‫فرتتع�ش الهمزة يف �أولها ‪..‬‬ ‫وت�سقط مغ�شي ًا عليها يف �آخرها‪..‬‬ ‫و�أظل بينهما يف هيام بحرف‬ ‫ينتظر قبلة منك ليكون‬ ‫�أول حروف ا�سمك‬ ‫�أحبك اليوم‬ ‫و�أعي�ش الق�صة كاملة‬ ‫و�أعي�ش اللهفة كاملة‬ ‫وال�شوق كام ًال‬ ‫�أحبك و�أن�سى كل يوم‬ ‫مل يكن اليوم‪..‬‬ ‫يف �أول لهفة‪:‬‬ ‫�أين �أنت الآن !‬ ‫ماذا تفعل ال�شم�س بوجنتيك!‬ ‫�أي ماء ت�شربه من جبينك !‬ ‫�أي �ضياء تقبل به عينيك !‬


‫�أي ظلم هذا !‬ ‫و�أي قهر متنحني �إياه النهارات‬ ‫حني ت�أكل الغرية كلي من �شم�س جريئة‬ ‫تقرتب منك… تلت�صق بك وتذيب‬ ‫�أنفا�سك‬ ‫تلفك كلك ‪ ..‬وتقب�ض على كفك‬ ‫وال �أحد يلومها‪..‬‬

‫نار‬ ‫بربك‪..‬تعال‬ ‫لأقت�ص منها ‪ ..‬ومن الأ�شواق‬ ‫ومن كل دقائق االنتظار‪»..‬‬

‫�أين �أنت الآن‪!..‬‬ ‫�أخربين �أنك �آت‬ ‫لتكون يف الظل معي‬ ‫وامنحني مرة واحدة غرور ًا ا�ستحقه‬ ‫�أريد �أن �أكيد هذا النهار‬ ‫و�أجعل �شم�سه تنتظرك ‪..‬‬ ‫خارج ًا تتقلب غرية و�شوق ًا‬ ‫�أعدك ‪�..‬أين �س�أجعلها ت�شتعل‬ ‫�س�أكون دفئُك ‪..‬‬ ‫�س�أكون نورك‪..‬‬ ‫�س�أكون �أنفا�سك‪..‬‬ ‫ولن �أحرمها النظر �إلينا من نافذتي‬ ‫لرتى كيف يكون امل�ستحيل �ضياء من‬

‫‪119‬‬


‫غادرتها‬

‫بعد ا�ستيفاء‬ ‫ال�شوق ‪..‬‬ ‫عالمات‬ ‫وبعد �أن ا�ستكنت يف الع�شق ‪..‬‬ ‫الحب‬ ‫و�أ�سكنت‪..‬‬ ‫غادرتها بعد �أن حفرت يف جدار‬ ‫ذاكرتي تفا�صيلها‪..‬‬ ‫ومنحتني نب�ضات ا�ستوطنت عروقي‬ ‫وعلت مب�ؤ�شر حرارتي كثري ًا ‪..‬‬ ‫تلك اللحظات القا�سية املجهدة‬ ‫الرقيقة‪..‬‬ ‫كانت �أجمل حلظة متطرفة‬ ‫يف حمطات احلياة الكثرية الرتابة‬ ‫والت�صنع ‪..‬‬ ‫بل �إين منذ خرجت و�أطرايف ترتعد‬ ‫من �سكرة دقائق ي�سكنها اجلنون‬ ‫ال�سخي‪..‬‬ ‫توقفت لربهة عند نا�صية يف �شارع‬ ‫ال�ضجيج‬ ‫لأحت�سي م�شروب ًا بارد ًا‬ ‫عله يحدث توازن ًا يف معايري حرارتي‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪120‬‬

‫الداخلية‪..‬‬ ‫مل �أ�ش�أ �أن �أتناول م�شروبي �أمام مر�أى‬ ‫اجلميع‬ ‫فبداخلي �شعور يجعلني �أح�س ب�أن كل‬ ‫النظرات‬ ‫تقول يل‪:‬‬ ‫«مني قدك !»‬ ‫لذا ف�ضلت العزلة واالحتفاظ بكل �شيء‬ ‫يل‪..‬‬ ‫ريثما ي�أتي امل�شروب ‪..‬‬ ‫�أخذتُ �أت�أمل يف مر�آتي بع�ض ًا من ليلتها‬ ‫ر�سمتها بدقة متناهية‬ ‫يف حميط الرقبة و�أقرب ماتكون �إلى‬ ‫الأذن‪..‬‬ ‫و�أخذت �أ�س�أل نف�سي …‬ ‫ترى ما الذي‬ ‫يجعلها ترتك تواقيع احلب فو�ضوية‬ ‫هكذا!!‬ ‫دون �سرتها‪!..‬‬


‫متعنت لونها املتمرد على خارطة‬ ‫الألوان‬ ‫ووجدتُ �أنه �شاهد �إثبات لواقعة خارج‬ ‫نطاق ال�صدفة‬ ‫م�ؤقتاً‪..‬‬ ‫متعنت �أكرث فا�شتقت لها �ضعف مترد‬ ‫اللون‬ ‫و�أ�ضعاف �أ�ضعاف �أماكن �إقامته‪..‬‬ ‫ك�أن �صفعة قوية اجتاحت كلي‬ ‫عندما قدم يل الرجل م�شروبي‬ ‫وهو يت�أمل م�ساحة التمرد يفَّ‪..‬‬ ‫�سريع ًا هربت‬ ‫وك�أن الدنيا التريد‬ ‫�أن يتعرف �أحد على حر�صك الكبري‬ ‫ب�أن ت�سكني ج�سدي لبع�ض الوقت‪..‬‬ ‫قبل �أن �أنام‪..‬‬ ‫ك�شفتك لكل �شيء كي ال تفقدك الظلمة‬ ‫وهج احلقيقة التي �أفرغت‪..‬‬ ‫حباً‪ ..‬ع�شقاً‪ ..‬وبع�ض عالمات‪..‬‬

‫‪121‬‬


‫�أما‬ ‫ال تغرك‬

‫قبل …!‬ ‫ففي م�ساء رقيق بكل تفا�صيله‬ ‫املتداعية ال�سريعة التتابع ‪..‬‬ ‫اقتحم هدوء الليل �صوته املتعرث من‬ ‫رداءة االت�صال حني �أ�سمع كلمة ‪،‬‬ ‫وتعم الفو�ضى باقي الكلمات‪..‬‬ ‫خرجت من م�أزق عبث التقنية الناجحة‬ ‫على حد كذبهم ب�أن اقرتحتُ عليه‬ ‫ذات املكان الذي كان يجمعنا ‪..‬ب�شكل‬ ‫يومي قبل �أن نغرق يف امل�س�ؤوليات ‪..‬‬ ‫التقيته وبعد ا�سرتجاع لبع�ض الذكريات‬ ‫الفو�ضوية واملغامرات‪..‬‬ ‫بادرته … ماتزال �أنت ‪�..‬أنت مل تتغري‪.‬‬ ‫�ضحك ‪ !..‬وخلف �ضحكته كانت هناك‬ ‫م�سرية حافلة ب�شتى تقلبات الأجواء‬ ‫كماهي الريا�ض الكرمية دوم ًا مبزاجيتها‬ ‫‪..‬‬ ‫مل �أكن �أعلم �أن مبادرتي �ستكون رحلة‬ ‫�سفر بجواز يحمل كثري ًا من ت�أ�شريات‬ ‫احلزن ‪!..‬‬ ‫فانطلق باحلديث م�سرت�س ًال دون �أن ي�أبه‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪122‬‬

‫باملعابر واحلدود ‪..‬‬ ‫�أما بعد…!‬ ‫�أنا ياخالد‪..‬‬ ‫كما‪ ‬الناي ي�أتيه رجل �أو امر�أة بهما‪ ‬‬ ‫من الوجع مامينحهما حق ال�شكوى من‬ ‫خالله‬ ‫ليعي�شا الأمل من خالل وقعه املربك‬ ‫للذاكرة امل�شروخة‪..‬‬ ‫�أنا و�إن كنت �أ�ضحك �إال �أن بداخلي‬ ‫م�سافة حزن ت�ستع�صي معها كل‬ ‫م�سليات الطريق‪..‬‬ ‫فتزداد امل�سافة وتكربالق�صة‪..‬‬ ‫وي�ضمحل الأمل ‪..‬‬ ‫�أعي�ش فو�ضى اجلراح املرتاكمة بني‬ ‫�إقبال على مدينة نقية الهواء‪..‬‬ ‫و�إدبار عن مدن اخلوف ‪..‬‬ ‫�أنا كتاب كتب يف �صفحته الأولى ‪:‬‬ ‫الإهداء ‪:‬‬ ‫�إلى �ضحكة ت�أتي متع�سرة ‪..‬‬


‫�إلى بع�ضك حني يلجم بع�ضك الآخر ‪..‬‬ ‫�إليك و�أنت ت�صارع من �أجل البقاء‪..‬‬ ‫�إليك كل هذا الوجع مع كثري من‬ ‫الالرحمة‪..‬‬ ‫ثم تبد�أ ف�صول الكتاب با�ستعرا�ض الوجع‬ ‫وو�أد الأفراح‪..‬‬ ‫�أتعلم يا خالد !‬ ‫�أن ال�ضحكة مل تعد مطمع ًا بقدر ماهي‬ ‫واجب �أبوح به كل يوم‬ ‫لئال تقل حظوظي يف احلياة فقط‪..‬‬ ‫�أوقفته هنا رغم ًا عنه وا�ستجمعتُ قواي‬ ‫وناجيت منطقته الأبعد ‪ ،‬الأ�صعب‬ ‫ومل يكتب يل النجاح فالداء �أكرب بكثري من‬ ‫الدواء ‪..‬‬ ‫عدنا �إلى الفو�ضوية التي كنا عليها حين ًا من‬ ‫الدهر وغادرته بعد �أن �أوجع ذاكرت ب�أمل‪!..‬‬ ‫و�أزاح بع�ض ًا من التكد�س املت�أجج نار ًا يف‬ ‫داخله‪..‬‬ ‫خامتة‪« :‬ال تغرك ال�ضحكة»‬

‫‪123‬‬


‫قبل نومك‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪124‬‬

‫قبل‬

‫نومك ‪..‬‬ ‫�أطوق عنقك واهتف لك‬ ‫كما كل ليلة‬ ‫وكما كل حلظة‬ ‫‪� ‬أحبك �أكرث من �أي وقت لأنك ت�أتني‬ ‫كب�شارة‪ ‬‬ ‫كف�أل ح�سن الطالع كميالد الق�صائد‬ ‫والأغنيات‬ ‫كحريف الذي �أهوى‬ ‫و�أهوي الى ح�ضنه الأدف�أ ع�ساي �أقرب من‬ ‫دفء �صدرك‬

‫ففيه من احلنو ما يخجل �أبجدية‬ ‫متبجحة‬ ‫وفيه من الهيبة ما يحمل فتاك الى‬ ‫اخل�شوع يف ظل هواك‬ ‫وفيه خلود املعاين و�أ�صل التمكن‬ ‫واخللق من �أول الأزمنة وحتى الفناء‬ ‫‪ ‬و�أين حني �أخلو ايل‪�..‬إليك‬ ‫�أراين �أحادثك‪� ..‬أكرر نب�ض حرفك‬ ‫�أ�صطفي جم ًال و�أبدل �أحرف ًا‬ ‫و�أ�ستطعم يف الروح هم�سك با�سمي‪..‬‬ ‫ف�أ�شتاق �أكرث‬

‫ولأنك ذاك املالذ القريب‪..‬الأقرب من‬ ‫ر�شفة هوائي لرئتي‬ ‫�أتنف�س فرحتك بفرحي‬ ‫و�أ�سعى لأنال اكتمايل بك ولو يف غيمة‬ ‫عابرة‬ ‫حلم ال يطول �ضحكة �أو بع�ض لهو‬

‫و�أعرف �أن الذي �أتى بي �إليك �أكرب من‬ ‫الأمنيات ‪� ..‬أقوى من الغيابات‬ ‫‪� ‬أجل و�أعلى من حم�ض �صدفة تن�سف‬ ‫�إمياين القدري‬ ‫ب�أن الوالدة الأولى جلدي �آدم‪� ‬إمنا‬ ‫كانت لآتيك كما �أنا‪..‬‬

‫و�أحبك لأن احلروف الذي تالها علينا‬ ‫الأولون مل تت�سع ملعنى اجلمال يف لفظ‬ ‫ا�سمك‪ ‬‬

‫و�إن البداية الأولى جلدتي حواء �إمنا‬ ‫�صارت لت�أتيني �أنت‪..‬كما �أنت‪..‬‬ ‫ع�صية و�أب�سط من �أحجياتي‪..‬كرمية‬


‫و�أبخل من �أن تغيب‬ ‫حمبة و�أجمل من �أن تبوح‪ ..‬لأن يف الآه‬ ‫منك حديث طويل‪..‬‬ ‫ولأن حروف الكالم حتمل �أكرث من‬ ‫معنى حني جتيء بها �أو ت�أتي بك‬ ‫فبني يديك ال �شيء يبقى على حاله‪..‬‬ ‫ي�ضج املكان ‪..‬يهيم الزمان‬ ‫تتغلغل الروح يف عر�ش المي وترق�ص‬ ‫دايل برفقة حرفك‬ ‫فاذا ح�ضر اخلاء ا�ستقام الرثاء لهدير‬ ‫الدم يف عروق احلب‪..‬‬ ‫ورحت يف الألف �أتيه لأين ال �أملك فيك‬ ‫�إال الهوى‪..‬‬ ‫�إال التماهي واحرتاق بولع املغيب‪..‬‬ ‫�إال انتظاري لطيفك يدق بلطف على‬ ‫باب قلبي‬ ‫ف�أ�صرخ‬ ‫‪� ‬أنت فيه ملاذا تنادين و�أنت النداء‬ ‫و�أنت التي يف القلب تبقى و�أنت امللبى ‪..‬‬ ‫و�أنت‪..‬حبيتبي‪..‬‬ ‫و�أنا هذا امل�ساء �أحبك �أكرث…و�أكرث‬

‫‪125‬‬


‫أنت حلوة‬ ‫ِ‬

‫�أنا‬

‫�أجمل من �أن يرمقني �أحدهم‬ ‫بنظرات عك�س ذلك‪..‬‬ ‫كل �شيء بي يحدثني �أين الأجمل‬ ‫والأحلى‪..‬‬ ‫ال‪ ..‬ال ‪..‬ال‬ ‫�أنا ل�ست �أجمل ‪� ..‬أنا جمرد �أنثى بدون‬ ‫مالمح جمال»‬ ‫كان حديثها املعتاد واملتكرر �إلى مر�آتها‬ ‫التي بدت منذ �أيام‬ ‫تئن من �شكواها املغايرة للحقيقة‪..‬‬ ‫اليوم ارمتت مر�آتها يف ح�ضني طلب ًا يف‬ ‫انت�شالها من جحيم فتنتها‬ ‫عندما تت�سمر وتهذي لتتعب قلب املر�آة‪..‬‬ ‫مللمتُ �شتاتي املرهق من يوم حافل بكل‬ ‫�شيء �إال من ابت�سامتها‪..‬‬ ‫جل�ستُ �إلى حيث ت�سكن �سهام عينيها‬ ‫‪ ..‬و�إ�شعاع جبينها‪..‬‬ ‫يف بع�ض ورقة كتبتُ ‪:‬‬ ‫وفتنتك‬ ‫ِ‬ ‫آتك ت�شتكي جورك عليها‬ ‫(مر� ِ‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪126‬‬

‫ولك حق الدفاع عن نف�سك‪)..‬‬ ‫مررتها ت�صحبها ابت�سامة معجب‬ ‫ي�ضيق �صدره فال يجد من ي�سمع‬ ‫احت�ضاره‬ ‫يف حميط �أ�ضلع حتكم عليه القب�ضة‪..‬‬ ‫قر�أت‪..‬و�أظنها مل تُكمل فامل�سافة بني‬ ‫عينيها والورقة كانت �أقل بكثري‬ ‫من م�سافة بني احلرف الأول ومر�آتها‪..‬‬ ‫بن�صف متعب بادرتني‪..‬‬ ‫�أنا �شينة …‪� .‬صـ ــح ‪..‬؟!‬ ‫�أتعبتُ املر�آة و�أنا �أجربها على النظر‬ ‫كل �صباح يف وجهي لذا هي ا�شتكت ‪!!..‬‬ ‫بن�صفها الآخر واملو�صد بحبل من م�سد‬ ‫�أدارت وجهها ‪..‬‬ ‫ا�شفقتُ كثري ًا على �صربها ‪..‬‬ ‫ومل �أبغ �إلى حمادثتها �سبي ًالً… ذلك‬ ‫مما علمني قلبي جتاههن‪..‬‬ ‫وانت‬ ‫فاكتفيت بهم�سة لها «يا�شينك ِ‬ ‫حلوة‪»..‬‬


‫بعد ا�ستيعاب حلظة اعرتافها العارية‬ ‫من احلقيقة �أخذت ا�ستدعي طيفها‬ ‫من ذاكرة مليئة بالغث وال�سمني لأجد‬ ‫فيها الأنثى التي جتربك على االعرتاف‬ ‫ب�أنها �أجمل فكتبتُ لها ‪:‬‬ ‫“يا ن�س ًال من اجلنة ‪,,‬يا �أنت ‪..‬‬ ‫ر�أيتك اليوم جنم ـ ــة‪..‬‬ ‫وزهرة جاثية على غ�صنها‪� ..‬أمام‬ ‫القمر‬ ‫ر�أيت فيك وهج ًا من �شم�س‪..‬‬ ‫و�سحر ًا من قمر‪..‬‬ ‫ر�أيت فيك مطراً‪..‬‬ ‫وقيثارة ت�سلطن ‪..‬‬ ‫ر�أيت فيك احلور‪..‬‬ ‫وتل ي�ستن�شق عبري الزهور‪..‬‬ ‫ر�أيت فيك اجلمال حني يكون مدعاة‬ ‫للح�سد‪..‬‬

‫والهذيان مع وجنتيك … والذهول‬ ‫حني ابت�سامتك‪..‬‬ ‫برب ذلك كله‪..‬‬ ‫�أنت �أحلى‪� ..‬أنت �أجمل‪..‬‬ ‫فاعقدي �صلح ًا ومر�آتك فهي تردد كل‬ ‫�صباح‬ ‫(�إنتِ حلوة … �إنتِ حلوة)‬

‫برب هذا ال�سحر يف عينيك‬ ‫والن�ضج يف �شفتيك ‪ ..‬وهذا الوهج يف‬ ‫جبينك‬ ‫واملوت يف �ضحكتك‬

‫‪127‬‬


‫لمسة يدك‬

‫يف‬

‫بك‪..‬‬ ‫متاهات ال�ضياع ِ‬ ‫و�إرهاق البحث عن وم�ضة‬

‫ر�ضا‪..‬‬ ‫�أجدين غارق ًا يف التخبط بني من‬ ‫ي�سعف قلبي ويقلب يومي‪..‬‬ ‫ويف متاهات احلنني لكلك‪..‬‬ ‫�أجدين حماط ًا بخيوط رفيعة جد ًا‬ ‫ال �أ�ستطيع القرب منها ‪..‬‬ ‫ويف دهاليز العبور �إلى نب�ضك ‪..‬‬ ‫�أجدين مكبل القدمني بقيود �أحرقت‬ ‫وماتزال تعبث ب�أقدامي‪..‬‬ ‫إليك‪..‬‬ ‫يا لوح�شة الوله � ِ‬ ‫�أي�ستطيع ظلك �أن يفر�ض القيود‬ ‫ويلفظنا بعيد ًا عن مدارتك‪..‬‬ ‫كم ي�ستفزين �إجحاف يومي حني يغادر‬ ‫�أزمنة قلبي دون بع�ضك‪..‬‬ ‫�أو ك ــلك‪..‬‬ ‫يا يدك التي تفر�ض �إيقاع ًا مل حتط به‬ ‫مدارك بتهوفن املو�سيقية‪..‬‬ ‫ياذات ال�شعور امل�ستوطن ب�أع�صاب‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪128‬‬

‫تتلهف كثري ًا ل�شيء من روحك‪..‬‬ ‫عطـ ــرك‪ ..‬وجهـ ــك‪� ..‬أنفا�س ــك‪..‬‬ ‫�أفي�ضي علينا كي ننعم ‪..‬‬ ‫جودي لأر�ض جرداء كي تنبت ع�شب ًا‬ ‫من واحتك‪..‬‬ ‫�أكتبيني ع�شق ًا خالد ًا يف كينونتك ‪..‬‬ ‫ف�أنا و�أيامي بدونك �أيتام ‪ ..‬جمرد‬ ‫�أيتام‪..‬‬ ‫يا يدك ال�ساكنة يف ذاكرتي ‪..‬‬ ‫�أيامي ت�ست�سقي‪ ..‬فهل من �إغاثة…؟!‬


‫بعد‬

‫غيبة‬ ‫ق�صرية املدى‬ ‫طويلة اال�شتياق‪..‬‬ ‫بعد رياح الترحم م�ساحة الغياب‪..‬‬ ‫بعد التئام الدقائق من جراح ال�سفر‪..‬‬ ‫عادت‪ ..‬حيث تدب احلياة يف �أرجاء‬ ‫الدقائق‪..‬‬ ‫وم�ساحات الوجود حولها‪..‬‬

‫وعادت‬

‫عادت‪ ..‬كي تر�سم وجه الفرح مبحيط‬ ‫ال�صباحات‬ ‫املكتئبة يف غيابها ‪..‬‬ ‫عادت لأعود‪ ..‬عادت ليبت�سم الليل‬ ‫ويرق�ص امل�ساء‪..‬‬ ‫عادت ليعاودنا الأمل يف �أن نعي�ش‬ ‫�صباح ًا مفعم ًا بالربكة‪..‬‬ ‫عادت‪ ..‬والعـ ـ ـ ــود �أجم ــل‪..‬‬ ‫و�أنا بها �أجم ـ ــل ‪..‬‬

‫‪129‬‬


‫يف‬

‫ي�ست�سلم لل�ضعف ويرمتي بكل خيباته‬ ‫املدينة التي التنام ‪..‬‬ ‫يف �شرفة الإطاللة النازحة من بحث ًا عنها‬ ‫وياله‬ ‫يف ورقة من بيا�ض ‪�..‬أو رمبا بع�ض بيا�ض‬ ‫كل �ضجيج‪..‬‬ ‫الباحثة عن وتر حامل ي�ضبط الإيقاع‪ ..‬وثلة من �أحرف لها‪..‬‬ ‫اليعجبه البقاء‬ ‫امل�ستلهمة من نافذة ال�ضوء الأحمر‬ ‫فهو �إن مكث ب�ضع ًا من الدقائق‬ ‫�إلى حمراب الغ�سق روحانيتها‪..‬‬ ‫ت�ضطرب دورته الدموية‬ ‫التائهة يف فو�ضى الت�أويالت ‪..‬‬ ‫لي�س ل�شيء فقط‬ ‫املرمتية يف �أوجاع الأر�صفة وروائح‬ ‫لأنها �صفائح دمه‪..‬‬ ‫الأمل‪..‬‬ ‫يف حانات احليارى‪�..‬أو رمبا ال�سكارى‪« ..‬يا رباه… يارب القدر»‬ ‫بهذه العبارة كان ين�سج بيت ًا من طينها‪..‬‬ ‫البالية كعطر تاه يف �أدخنة العوادم‪..‬‬ ‫على قارعة ر�صيف ج�سده‬ ‫من تلك ال�شرفة امل�ستهرتة ب�آماله‪..‬‬ ‫ويعلق ‪ ..‬عنده �شمعة من رائحتها ‪..‬‬ ‫وطموحاته ‪ ..‬يقف وحيد ًا‬ ‫�أم ًال يف �أن تبعث من الطني روحها‪..‬‬ ‫يت�أمل لون الأ�شواق ‪..‬‬ ‫يلملم بقايا الهذيان من �شرفته‪..‬‬ ‫وهي تت�ساقط �أمام وجهه ال�شاحب‬ ‫تلك ال�شرفة املمتدة‬ ‫القلق‪..‬‬ ‫من فجة ال�ضياء �إلى �سواد عينيها‪..‬‬ ‫«ي�ضيق �صدره» فال يطيل النظر‪..‬‬ ‫املطلعة على بع�ض نزف‬ ‫يعاود النظر في�ضيق ال�صدر‪..‬‬ ‫وقليل من دمع وكثري من عربات‬ ‫يرمتي هنا حين ًا‬ ‫م�ضطهده‪ ..‬ال�ضائعة احليلة ‪..‬‬ ‫ويجوع من ال�شوق هناك‪..‬‬ ‫كما هو �صدره‪..‬‬ ‫يت�أمل‪ ..‬ي�أمل‪ ..‬يحلم‪ ..‬يناجي‪..‬‬ ‫الباكية ال�شاكية‪..‬‬ ‫ي�صرخ‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪130‬‬


‫ن�سمات‬

‫كانت مالحمنا‬

‫تركل الغيمات‬ ‫ت�شاغب ال�شم�س‬ ‫بالبل مبللة بالفرح‬ ‫كانت �ضحكاتنا‬ ‫تعايل‪..‬و�أعدك بحب يجعل القمر‬ ‫ي�شهق ن�شو ًة‬ ‫عينيك‬ ‫ِ‬ ‫تعايل‪..‬و�أعدك ب�صبح ي�شبه‬ ‫قدميك‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫تعايل‪..‬فقلبي فرادي�س ملوط�أ‬ ‫بربك تعايل ‪..‬‬ ‫ِ‬

‫تعالي‬

‫‪131‬‬


‫رقصة الذبيح‬

‫�أفاقت‬

‫للمرة الثالثة من‬ ‫�إغماء متكرر‪..‬‬ ‫ويف كل مرة مل تكن ت�ستوعب‬ ‫احلدث‪..‬‬ ‫وال �أن تتخيله ملجرد التخيل‪..‬‬ ‫هد�أت لب�ضع دقائق لرتى «الكرت»‬ ‫وقد جارت عليه‬ ‫عوامل تعرية باهظة الوجع‪..‬‬

‫يف �إ�شارة �إلى �أن كل �شيء �سيكون على‬ ‫�أكمل حزن‪..‬‬

‫ولأنها امر�أة عا�شت �أولى نب�ضات‬ ‫احلب معه‬ ‫مل ت�ستطع �أن تكيل مبكيالني‬ ‫فكل نب�ضاتها الالحقة لن ترحمها‪..‬‬ ‫يف قاعة الزواج ومن على من�صة‬ ‫العرو�س �ألقت بكل �أحمال الوجع‬ ‫ا�ستقرت عيناها وقد بدت �أف�ضل حا ًال املمتد ل�سنوات وا�سرتخت على طيفه‬ ‫وبع�ض �أمنية‪..‬‬ ‫و�أخذت تت�أمل ا�سمه وا�سم �شريكته‬ ‫ق�صد ًا طلبت �أغنية‬ ‫وفج�أة ‪ ..‬ك�أنها ركبت ب�ساط الريح‬ ‫وخ�صالت �شعرها حتاول اللحاق بها «�سمي»‬ ‫وناجته من خاللها‬ ‫متجولة ب�سرعة الربق يف �أرجاء‬ ‫لأنه ومن خالل تلك الأغنية قد‬ ‫ما�ضيها معه‪..‬‬ ‫منحها �أفق ًا ت�سكنه وحدها‪..‬‬ ‫حتاول �أن تفر�ض من هدوءٍ على‬ ‫بد�أت الأغنية‬ ‫مدينتها الغا�ضبة دون جدوى‪..‬‬ ‫وبد�أ قلبها يدق م�سامري نع�شها مع كل‬ ‫ترتبك‪ ..‬تنفعل‪ ..‬تق�سم‪ ...‬تلعن‬ ‫حركة‪..‬‬ ‫ثم تزفر كل �شيء على حميط‬ ‫�صديقتها ابت�سام حتاول �أن‬ ‫ورقة… وتبكي‪.‬‬ ‫ب�صوت خمنوق ب�إطاللته تُ�سلي نف�سها ت�ستنطق �صمت عينيها اللتني‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪132‬‬


‫ي�سكنهما موج مالح ‪..‬‬ ‫باجتاه «الكو�شة» وحتديد ًا مب�ستوى‬ ‫النظر للكر�سي الفاره الذي �سيح�ضن‬ ‫حبيبها هطلت �أولى قطرات الأمل‪..‬‬

‫و�أحببتك بعد �أن متكنت من لغته‬ ‫و�أحببتك بعد اجلرح ‪ ...‬و�أحببتك‬ ‫اليوم �أكرث‬

‫عندما رق�صت لأجلك‪..‬‬ ‫باجتاه ممر العرو�سني هطلت القطرة لن �أطيل هنا لأن عرق احلياة‬ ‫ال يحتمل وخز الوجع مرات متتابعة‬ ‫الثانية‪..‬‬ ‫انتهت الأغنية وانتهى معها كل �شيء لذا‪..‬‬ ‫«�س�أرحل»‬ ‫وعادت لكر�سيها‪..‬‬ ‫يف هاتفها ‪ ..‬ومن خيار «ر�سالة‬ ‫تظلم القاعة وتبد�أ الزفة ويح�ضر‬ ‫جديدة»‬ ‫ومن خيار الإر�سال يف هاتفها‬ ‫كتبت‪« :..‬ياجرحي املمتد من �أول‬ ‫بعثت ب�أنفا�سها املتعبة ورحلت من‬ ‫نب�ضة �إلى �آخر رق�صة‪..‬‬ ‫القاعة‪..‬‬ ‫يا �سيد حريف ووجعي وفرحي‬ ‫و�أملي و�أخري ًا موتي‪..‬‬ ‫قبل �أن ي�ستقر �إلى جوار �شريكته‪..‬‬ ‫يا بع�ض الفرح وامتداد احلزن‪..‬‬ ‫يف �سيارتها تتابعت القطرات وهطل‬ ‫املطر‪..‬‬ ‫اليوم �أنا هنا لأرق�ص على فرحك‬ ‫وم�أمتي‪ ..‬ال تتعجب ح�ضوري‪..‬‬ ‫فهو حماولة للقفز على �أ�سوار‬ ‫احلرمان والرق�ص على �أنغام الوجع‪..‬‬ ‫�أحببتك قبل �أن �أتعلم احلب‬

‫‪133‬‬


‫يف‬

‫م�ساء التجلي‬ ‫حديث من القلب‬ ‫مساء‬ ‫الي�سمعه �سواي ‪ ..‬و�أنت‬ ‫التجلي‬ ‫�أنا ممتد على غ�صن توت‬ ‫و�أحت�ضن طفولتي ‪ ..‬و�أمرح‬ ‫يت�ساقط الورق حويل‪..‬‬ ‫وال �آبه به‪..‬‬ ‫التفا�صيل هي كل ما مينح حياتنا‬ ‫مذاق ًا �آخر‬ ‫فال تفرطوا يف نهارات ت�شرق لأجلكم‬ ‫وال ت�سمحوا ل�شيء �أن ي�سرق منكم‬ ‫م�ساءات من املفرت�ض �أنها لكم وحدكم‬ ‫احلياة ال حتتاج �إلى جهد كبري لتكون‬ ‫ما حتبونه‪..‬‬ ‫حتتاج �إلى‪ ‬ابت�سامات ‪ ،‬وذكريات‬ ‫�إلى تفا�صيل ‪ ،‬ومالمح ‪ ،‬و�أطراف‬ ‫�أنتم وحدكم من يخلقها‪ ،‬و ينفث الروح‬ ‫فيها‪..‬‬ ‫رب اجعلها �شجرة مباركة ذات غ�صن‬ ‫رفيف‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪134‬‬


‫مدر�سة‬

‫يف �أزمنة احلب مرافئ من تعب‬ ‫احلـ ــب‬ ‫أقحمتك يف جترين �إليها حكاية عابرة‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫منذ �أن �‬ ‫يف فيلم ‪ ..‬يف رواية‪..‬ويف خاطرة‬ ‫طرقات ج�سدي‬ ‫ياااه ياق�صيدة نزار‪..‬‬ ‫تت�شاركني ودمي احلياة‪..‬‬ ‫منذ تلك اللحظة املت�أطرة ب�ألوان‬ ‫�أراك يف البداية ف�أُجن‪..‬‬ ‫الطيف‪..‬‬ ‫بك يف املنت�صف ف�أغرق‪..‬‬ ‫�أ�شعر ِ‬ ‫منذ تلك االبت�سامة الباذخة ‪..‬‬ ‫�أحت�ضنك يف �آخرها‬ ‫والنظرة البالغة ال�شجن‪..‬‬ ‫منذ تلك احلياة املانحة ‪ ..‬واجلاحمة‪ ..‬و�أرمل يف �شوط من �أ�شواط البحث عن‬ ‫قلبك‪..‬‬ ‫ملدر�ستك‬ ‫ِ‬ ‫و�أنا تلميذ وهب روحه‬ ‫مل تعد املدينة مطمع ًا‬ ‫خارق ًا بذلك عنجهية القانون‪..‬‬ ‫تلميذ ال يبايل ب�أي در�س ال تطلني منه ومل تعد ال�شم�س هي ال�شم�س‪..‬‬ ‫حتى �أنا‪ ..‬مل �أعد �أنا‪..‬‬ ‫وب�أي كتاب ال ت�سكنني بيا�ضه‪..‬‬ ‫ياااه يا مدر�ستي‪..‬‬

‫أنا لم أعد أنا‬

‫يف كل دقائق احلياة‬ ‫ي�سوقني دمي �إلى �أروقتك ويقول‪:‬‬ ‫هنا انك�سرت‬ ‫وهنا �ضحكت‬ ‫وهناك رق�صت‬ ‫ويف ذاك البعيد هم�ست لك‪..‬‬ ‫ياااه يا كلي‪..‬‬

‫‪135‬‬


‫يقال‬

‫يا �أنت‪..‬‬ ‫�إن النوم ي�ستع�صي على‬ ‫لحظات لها‬ ‫�ضائق احليلة‪..‬‬ ‫و�أنا ال�ضيق كله‪ ..‬الوجع كله‪ ..‬الذبول‬ ‫كله‪..‬‬ ‫�أنا بقايا �إن�سان كانت له مرحلة عا�شها‬ ‫بكل عنفوانها‪..‬‬ ‫مترد‪ ..‬تعالى‪ ..‬ق�سا‪..‬‬ ‫�أنا بكل اخت�صار من انتهك جدار‬ ‫اال�شتياق‬ ‫�ضارب ًا بكل معاين الوجدان والوله‪..‬‬ ‫�أتدرين يا قلبي‪..‬‬ ‫اليوم ا�ستيقظتُ على بحة �صوتك‪..‬‬ ‫تخرتق �ضمريي ‪..‬‬ ‫لت�شعرين ب�أين افتقدك ‪..‬‬ ‫اليوم �أح�س�ستُ مع قطرات املاء �أن كلي‬ ‫تغري‬ ‫فعقدتُ العزم على ا�ستعطاف كل �شيء‬ ‫ليح�ضر �إلى عر�شك‪..‬‬ ‫احلب ‪ ..‬بقايا �أحالم ‪ ..‬وباقة ورد‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪136‬‬

‫�أحبك بجنون اجلنون‬ ‫بحب التملك للأطفال‬ ‫بحب امل�سن لأحفاده‪..‬‬ ‫�أحبك بجنون ال�شجر �إن هبت �أن�سام‬ ‫الهواء‪..‬‬ ‫�أحبك بحجم الر�ضا‪..‬‬ ‫وم�ساحة العتب‪..‬‬ ‫�أحبك بخجل الورد ‪ ..‬وروحانية الغيم‬ ‫وطُ هر العيد‪..‬‬ ‫�أحبك من قبل ومن بعد‪..‬‬ ‫�أحبك ما �أزهرت نبتة و�شدى بلبل‪..‬‬ ‫يا �أنت ‪ ..‬يا �أنت‬ ‫هل يف الأفق مالمح لقاء‬ ‫يطفئ هذا النزف امل�ستعر‪..‬؟‬


‫تغيب‬

‫يف حلظات الزمن‪..‬‬ ‫ت�صنع لنف�سها من‬ ‫خلوتها �سلوة‪..‬‬ ‫حتاول �أن تتنا�سى �آالف اخلناجر ‪..‬‬ ‫متتد لها يدي فتح�س بالأمان‪..‬‬ ‫تدعوها عيناي ‪..‬فريق�ص طفل‪ ‬‬ ‫بداخلها ‪..‬‬ ‫يجثو قلبي على وريده ‪..‬‬ ‫فتورق �أغ�صانها‪..‬‬

‫�أهم�س لها فتجيء ثملة باتزان‪..‬‬ ‫وماتزال تت�أمل‪..‬‬ ‫عاملها ت�ضاد وت�شابه ‪..‬جتاذب وتنافر‪..‬‬ ‫حياتها مزيج من ت�ضحية خالدة‬ ‫وب�ساطة مفرطة‪..‬‬ ‫كثري ًا ما تبحث يف �أروقة الزمن عن‬ ‫طوق جناة‪..‬‬ ‫وتعود لتكتب حكايتها ب�آهات موغلة يف‬ ‫الأمل‪..‬‬

‫رغم كل ذلك التوا�صل الروحي‬ ‫�إال �أنهما ال جتمعهما �شمعة وطاولة‬ ‫ونغم‪..‬‬ ‫�سنوات عديدة هي عمر ا�شتياقها‪..‬ونك�أ‬ ‫جراحهما‪..‬‬ ‫تلك ال�سنوات التي كانت‬ ‫كفيلة مب�سح وجه الكون الفاتر ليكت�سي‬ ‫جلد اجلمال والزهو‬

‫إنها‪ ...‬عمل‬ ‫صالح‬

‫هي ذات ال�سنني التي عجزت �أن تر�سم‬ ‫لنا قلب ًا يح�ضن �شقاوتنا‪..‬‬ ‫رب‪� ‬إنها عمل �صالح‪ ..‬رب �إنها عمل‬ ‫�صالح‪..‬‬

‫يومياتها جرح‬ ‫ينه�ش ج�سد الفرح وال يجود بالكثري‬

‫‪137‬‬


‫يف‬

‫غرفة القيا�س‬ ‫كانت هناك‬ ‫أقل من‬ ‫تلوكها احلرية‬ ‫دقيقة‬ ‫يف قطعة ت�شتهي ج�سدها‪..‬‬ ‫�شيء ما �ساقني �إلى هناك ‪..‬‬ ‫توقعتها يف ذات الغرفة‬ ‫و�أخط�أ توقعي‪.‬‬ ‫ف�إذا بها تت�أمل يف املر�آة فتنتها‬ ‫وكيف ازدادت فتنة يف دقائق‪..‬‬ ‫وقعت العني على العني‬ ‫و�أ�صبتُ بزهامير وقتي‪..‬‬ ‫�أتذكر جيد ًا‬ ‫�أين �شخ�صت بالب�صر‬ ‫نحو عنفوانها‬ ‫املت�شبث بها واملليء جربوت ًا‬ ‫ابت�سمت‬ ‫وك�أنها تقول لي�س بعد ياهذا‬ ‫ف�أنت مل تقع يف املحظور‬ ‫�أقل من دقيقة‬ ‫كانت كفيلة ب�أن ترمي بي‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪138‬‬

‫يف عا�صفة من عطرها‬ ‫وابت�سامتها‬ ‫�أقل من دقيقة‬ ‫كانت عنوان ًا لرجل‬ ‫�ساقه القدر �إلى نبتة يا�سمني‬ ‫وحاول الو�صول ومنعته اللحظة‬ ‫�أقل من دقيقة‬ ‫كانت برق ًا‬ ‫جاد يف ظلمة لعا�شق‬ ‫مل ي�سعفه هو�سه باجلمال‬ ‫�أن يت�أمل‪..‬‬ ‫�أقل من دقيقة‬ ‫كانت بدقائق الزمن‬ ‫عندما ت�أخذك دون موعد‬ ‫�إلى �أنثى‬ ‫�صاخبة التفا�صيل مدينتها‪..‬‬ ‫�أقل من دقيقة‬ ‫ون�صف ارتباكه‬ ‫وربع ده�شه‬ ‫وجزء من �سبعني‬ ‫جزء ًا من اجلمال…‬


‫�إنه‬

‫حكاية‬ ‫جنون تعلقت به زهرة يخنقها العط�ش‬ ‫وماتزال �صامدة‬

‫يومي‬ ‫الذي دقت به �أجرا�س قلبي ‪..‬‬ ‫هذا ماتبادر �إلى ذهنها‬ ‫وهي تقلب �أوراق التقومي على مكتبها‪..‬‬ ‫اخلمي�س فل�سفة العني‬ ‫كانت البداية‬ ‫يوم �أن انت�شل �صوتها املبحوح من �أروقة حني ترف لكل جميل ي�سبغ عليها ع�شق ًا‬ ‫مدرار ًا‬ ‫اخليبات‬ ‫عند نا�صية امل�ست�شفى اجلامعي‬ ‫حيث قدم لها مامل ي�شفع لتو�سلها �أمام‬ ‫املوظف �أن يقدمه‬ ‫و�أرادت �أن تثمن له مبادرته ب�أن ت�شكره‬ ‫على طريقته‬ ‫متر الأيام تباع ًا حتى �أم�سى هذا املكان‬ ‫معلم ًا‬ ‫يجي�ش عواطفها كل ما�ساقها القدر‬ ‫�إليه‬

‫مرتاح‬

‫اخلمي�س حديث القلب‬ ‫عندما يفتح نافذة ال�صباح على وجنتيه‬ ‫اخلمي�س‬ ‫�سالم عليه يوم ولد ويوم كرب‬ ‫ويوم مير طيفاً‪..‬‬

‫اخلمي�س ي�أتي وهي تهرول �إلى قلبه‬ ‫بحث ًا عن نا�صية مكان‬ ‫يكتب لها ميالد ًا يفرح قلبها املنفطر‬ ‫اخلمي�س ولدت به من رحم ال�صدفة‬

‫‪139‬‬


‫هل‬

‫ن�ستطيع �أن نتحدث عنه دون‬ ‫�أن ن�ستعيذ منه‪!..‬‬ ‫مع الشيطان‬ ‫دون �أن نرجمه بوابل من الويالت‪!..‬‬ ‫�إن مل تفعلوا من قبل فاجعلوها املرة‬ ‫الأولى‬ ‫لأننا نحتاج �إلى ف�سحة من النوايا‬ ‫اخلالية من كل �ضغينة‬ ‫فحديث جمعتنا اليوم‪!..‬‬ ‫“جل�سة ُ�صلح مع ال�شيطان”‬ ‫ذلك املوبوء بالطرد والنفي ‪ ،‬الذي ال‬ ‫ميكن �أن نرى �سواد ًا يف احلياة‬ ‫�إال ور�سمنا داخلها ا�سمه و�صفاته‪..‬‬ ‫ذلك الظل الذي ن�شكل هيئته كل حني‬ ‫بطريقة مريعة‪..‬‬ ‫تارة جنعل له ر�أ�س ًا مفلوج ًا من‬ ‫منت�صفه‬ ‫�أحد جانبيه مليء بخُ بث اخلبايا‪..‬‬ ‫والآخر ت�سكنه خفافي�ش جمنونة‪..‬‬ ‫وتارة جنعل له قرنني غواية‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪140‬‬

‫و�أطراف ًا ملعونة تبحث يف الطرقات عن‬ ‫كب�ش تفتدي به نف�سها!!‬ ‫ال�شيطان ‪ ..‬ذلك الناري اخلارج من‬ ‫ح�سابات الأن�صاف عندنا‬ ‫ما ر�أيكم �أن ن�ستو�ضح ما بيننا وبينه‬ ‫من فتح وا�ستهالل ‪!..‬‬ ‫فال�شيطان هو من يجعلنا نتذوق طعم‬ ‫التجربة !!‬ ‫ونتلذذ باكت�شاف الطريق بعد التيه !!‬ ‫ون�ست�سيغ طعم الكبوة ‪ ..‬و نر�ضى مبا‬ ‫بعدها!!‬ ‫هو من مينحنا هويتنا الب�شرية ‪..‬من‬ ‫خالله نكون ب�شر ًا حقيقيني‬ ‫نخطئ ‪ ..‬ونخطئ‪ ..‬ونعاود اخلط�أ …‬ ‫ثم نرمتي يف �أح�ضان ال�صواب‪..‬‬ ‫ال�شيطان ال ي�ستحق منا كل هذه‬ ‫العداوة‪..‬‬ ‫وال يجب �أن نف�سح للغواية التي نربطها‬


‫بتحري�ضاته‬ ‫كل تلك امل�ساحة من الرتويع واخلوف!‬ ‫ال يجب �أن نتوج�س من الفتنة ‪،‬‬ ‫وجنانبها حتى نكاد نقتلها قبل �أن‬ ‫نعرفها!‬ ‫ال يجب �أن نقلق من اخلط�أ فهو‬ ‫من مينح التجربة كمالها ‪ ،‬ومينح‬ ‫اال�ستغفار لذته‬ ‫وهو ذاته من ي�ستجلب احللول ‪.‬ويفتح‬ ‫الأبواب للبدائل‪..‬‬ ‫ال�شيطان يا �أحبه ‪ ..‬يرطب حياتنا‪..‬‬ ‫يجعلها �أكرث �شغباً‪ ..‬و�أكرث تلوناً‪..‬‬ ‫ال�شيطان يجعل احلياة ‪..‬حياة‬ ‫فهل لكم �أن تهد�أوا‪ ..‬وتكفوا عن طرده‬ ‫من طرقاتكم‪..‬‬ ‫والتوج�س من كونه يقف خلف كل باب‬ ‫للمتعة والفرح‪..‬‬ ‫تعاي�شوا معه‪ ..‬واجعلوه �شيطان ًا حمرتف ًا‬ ‫كما يفعل هو بكم ‪ ..‬ف�أنتم ب�سببه ب�شر‬ ‫ت�ستحقون اجلنان الآن وما بعد الآن‪..‬‬

‫‪141‬‬


‫قطعتُ‬

‫م�سافة طويلة‬ ‫كي �أرى عينيك‪..‬‬ ‫في الطريق‪..‬‬ ‫كان وجهك �أمامي ‪..‬‬ ‫إليك‬ ‫على �أوراق الأ�شجار‬ ‫على �صفحات الن�سيم‬ ‫على �أجنحة الطيور‬ ‫على وجوه املاره‪..‬‬ ‫كانت يدك فوق �صدري‬ ‫تنتزع بردي ‪..‬‬ ‫ور�أ�سك على كتفي ‪..‬‬ ‫يا طفلتي‪.. ‬‬ ‫وحبيبتي و ملهمتي‪ ‬وو�سادتي‪..‬‬ ‫و�صوتي وغنائي ودمعي‪ ‬وفرحتي‪..‬‬ ‫وددت لو �أخلق لغة ثانية‬ ‫ينبت يل ل�سان خمتلف‬ ‫�أن �أعجن كل‪ ‬ما كتب ال�شعراء من‬ ‫ق�صائد هيام‬ ‫و�أ�صوغ لك كلمة واحدة‪ ، ‬واحدة تليق‪ ‬‬ ‫بك ‪..‬‬ ‫ِ‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪142‬‬


‫قالت‬

‫لــه ‪ ..‬وهي بني يديه‬ ‫«�إنها ال�ساعة املت�أخرة‬

‫من احللم»‬ ‫تع�ض على �شفتيها خج ًال‬ ‫يت�أرجح �صوتها ‪..‬‬ ‫فتنقطع �أنفا�س الكلمات‬ ‫ترى ابت�سامة معلقة يف طرف عينه‬ ‫والزالت حروفها‪ ‬تبلع ريقها ‪..‬‬ ‫ال �إنها ‪ ‬تفرك كفيها ‪..‬‬ ‫بل �أظنها ‪ ‬تد�س نف�سها بني ركبتيها‬ ‫تهم�س له ‪ :‬بربك ‪ ..‬ال تبت�سم الآن‬ ‫ح�سن ًا‬

‫�س�أقطع عليك �ضحكتك التي �أُجن بها‬ ‫و�أ�س�أل ‪ ..‬هل الريا�ض مثلجة اليوم‬ ‫ليت�ساقط عليَّ كل هذا االرجتاف‪!..‬‬ ‫يرد بل�ؤم‪ ‬مع�سول‬ ‫هي ارجتافات البدايات يا حلوتي‪..‬‬ ‫توقف �إلى �أين‪!..‬‬ ‫«�إنها ال�ساعة املت�أخرة من العمر»‬ ‫يالعبها ك�أجمل فاتنة يف ال�سماء‬

‫ميرر �أنفا�سه‪ ‬على عنقها‬ ‫يلثمها مرار ًا ويك�سر �شهقاتها‪ ‬تكرار ًا‬ ‫يعبث باخل�صر املائل‪..‬‬ ‫يحري تفا�صيلها‪..‬ي�صيبها بدوار‬ ‫ال تدري �أيها يتبعه ‪ ،‬و�أيها يت�أمله‬ ‫و�أي منها يظل يف انتظار غزوته!‬ ‫يقتحم باب خوفها‬ ‫ويقول‪:‬‬ ‫مت�سكي بي ف�إنها الدقائق الأولى من‬ ‫فرحتي‪..‬‬ ‫توقف حتى متى‪!..‬‬ ‫«�إنها ال�ساعة املت�أخرة من الليل»‬ ‫ال ميلك �صرب ًا مع ارتباكاتها‬ ‫يلتقطها من كل �شيء‪ ‬وي�صرخ‬ ‫«�إنها ال�ساعة الأولى من الفجر»‬ ‫تعايل معي وانتظري ال�صبح‬ ‫كوين بحجم نب�ضي ‪..‬‬ ‫كوين على قدر حبي ‪..‬‬ ‫كوين الفوز والنجاة و هدايا ال�صابرين‬ ‫كوين يل ‪ ..‬وحدي‬ ‫وغني ‪..‬‬ ‫«احتدى العامل كله ‪ ..‬و�أنا‪ ‬وياك»‬

‫فى ساعة‬ ‫متأخرة‬

‫‪143‬‬


‫�ساد‬

‫الهدوء مدينتها‬ ‫مل يعد هناك حراك‪..‬‬ ‫المسافات‬ ‫حاولت �أن تفتعل �ضجيج ًا‬ ‫البعيدة‬ ‫يبقي م�سامعها يف مدار اال�شتياق‬ ‫تقلب دفرت يومياتها‬ ‫بحث ًا عن �أحرف ت�صنع كعكة م�سائها‪..‬‬ ‫بني طيات دفرتها العتيق ورقة‬ ‫وقعت بكل �أوجاعها على متنها‪..‬‬ ‫�أخذت تت�أملها‬ ‫وت�سري ب�إ�صبعها على اجتاه الأحرف‬ ‫و�أغم�ضت عينيها‪..‬‬ ‫ك�أنها تراه يف زاوية الزمن يحمل‬ ‫حقائبه‬ ‫ملوح ًا بيده �إذان ًا بالوداع‪..‬‬ ‫يف �صفحة �أخرى‬ ‫�إمييل طبعته وق�صته‬ ‫ليالئم يومياتها وكان �أول نف�س له‬ ‫خارج مدارها‪..‬‬ ‫«عندما كنت يف املطار بكيت بحرقة‬ ‫�صامتة‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪144‬‬

‫�أتدرين كنت كمن ترك �إرث ك�سرى‬ ‫خلفه و�أدار ظهره دون �أن يقوى �إطالة‬ ‫النظر‪..‬‬ ‫برب امل�سافات البعيدة بيننا‬ ‫�أبقي خيط ًا رفيع ًا مينح قلبي خفقة جتر‬ ‫�أقدامي لعر�شك‪..‬‬ ‫�أحاول �أن �أعود لأجلك‪»..‬‬ ‫احت�ضرت عند حرف الكاف‬ ‫وما تزال ت�شهقه وال تزفره‪..‬‬


‫تن�سج‬

‫من خيال ال�صبح‬ ‫حكاية‪..‬‬ ‫وتعيد القراءة‪..‬‬ ‫حتاول ‪� ‬أن تطوع احلرف لعينيه‪..‬‬ ‫وحتاول �أن ت�سخر املعنى لروحه‪..‬‬ ‫حتاول وتف�شل وتف�شل ثم حتاول‪..‬‬ ‫ولكنها بعد �أن ت�ستن�شق‪ ‬وجه قهوتها ‪..‬‬

‫قهوة‪..‬‬ ‫وصباح‪..‬‬ ‫وجنون‬

‫تراه يف بقايا الفنجان‬ ‫يت�شبث مبحيطه رجاء �أن يبقى‪..‬‬ ‫فتكاد جتن من مترده يف احلكاية‬ ‫وعنفه داخل الفنجان‪..‬‬ ‫تغ�سل الفنجان في�صمد‪..‬‬ ‫ما �إن يح�س بيدها حتى ينهار‪..‬‬ ‫تبت�سم له وهو على �شا�شة هاتفها‬ ‫كالعادة قهوته مرة يريد �أن تتنف�س‬ ‫هي يف مدارها لي�ست�سيغ مذاقها‪..‬‬ ‫يا جلنونهما… معاً‪..‬‬

‫‪145‬‬


‫�إين‪..‬‬

‫�أملحها‬ ‫يف �أر�صفة ال�شوارع‬ ‫ألمحها‬ ‫و�أ�ضواء ال�سيارات‪..‬‬ ‫�إين �أملحها يف �أعينهم‬ ‫يف حديث املرايا‪..‬‬ ‫�إين �أملحها يف �أنفا�سي‪..‬‬ ‫يف �شغب الأوتار‪..‬‬ ‫�إين �أملحها يف بع�ض ال�سهر‪..‬‬ ‫يف �آهات الليل‬ ‫�إين �أملحها يف احلرف‪..‬‬ ‫يف �سطور التمرد‪..‬‬ ‫�إين �أملحها يف هدوء ال�شط‪..‬‬ ‫يف رق�صات املوج‪..‬‬ ‫�إين �أملحها حتت �أهدابي‪..‬‬ ‫حتاول �أن ت�ستيقظ من نعا�سها‪..‬‬ ‫�إين لها‪ ..‬وبها‪ ..‬ومنها‬ ‫�إين‪� ...‬إين‪� ...‬أُحبها‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪146‬‬


‫كل‬

‫املالمح تقول �إنك امتياز‬ ‫امتياز يف كل �شيء‪..‬‬ ‫صاحبة‬ ‫‪� ‬أيا �صاحبة االمتياز ‪..‬‬ ‫االمتياز‬ ‫�أنا‪ ‬هنا �أحلم بقيدك يحرق مع�صمي‬ ‫�أنا هنا �أنتظر وحي ًا يقودين �إلى �شرفتك‬ ‫�أتوق �إلى م�شاركة طريك حتية ال�صباح‬ ‫�أيا �صاحبة االمتياز‪..‬‬ ‫لي�س كل �شيء �سراب ًا ف�أنا فوق ال�سراب‬ ‫�أنتظر‬ ‫ل�ست �أعبثُ ‪ ،‬فاحلبُ ال يجتمع والعبث‬ ‫يف قلب م�ؤمن‬ ‫أحببتك‪..‬‬ ‫و�أنا م�ؤمن و� ٍ‬ ‫عينيك‬ ‫ٍ‬ ‫‪� ‬إق�شعي تلك الغمامة عن‬ ‫الغارقتني يف حلمي‬ ‫وان�سجي مدينة حب‬ ‫�أت�سكع يف طرقاتها ثمٍ ًال‬ ‫بحكاياتك‬ ‫أنت‪ ..‬الزلت ‪�..‬أنا‬ ‫‪� ‬أيا‪ٍ � .. ‬‬

‫‪147‬‬


‫حني‬

‫يفتح قلب الأنثى مطاراته‬ ‫و بحب يقول ‪« :‬تعال»‬ ‫انسى‬ ‫تكون الرحلة الأحلى معها و�إليها‬ ‫قالت‪ :‬ان�سى‬ ‫وقالت‪ :‬ابق بني ذراعي‬ ‫وان�شغل بحلم قدميك‬ ‫تابع حديث النمل لل�سكر‬ ‫ا�ضحك من خيبة الزهرة‬ ‫حتب نح ًال بال�شهد هو �أكرث فتنة‬ ‫العب مع �صورة الغيمة‬ ‫ارمي للنهر قبلة‬ ‫ودع يل مراقبة ال�شروق‬ ‫فهناك وع ٌد قادم من بعيد‪.‬‬ ‫قلتُ‬ ‫يف زحام املدينة‪..‬‬ ‫كانت كل الوجوه وجهها‪..‬‬ ‫يف دهاليز املدينة‪..‬‬ ‫رائحة عطر‪..‬‬ ‫و�أثر فتنة‪..‬‬ ‫وبع�ض منها هنا‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪148‬‬

‫وبقية منها هناك‪..‬‬ ‫حتى ف�ضاء املدينة‪..‬‬ ‫ت�سكنه تفا�صيل �أنثى‪..‬‬ ‫جتربك �أن تفتح ذراعيك‪..‬‬ ‫بع�ضا من‬ ‫طمعًا يف �أن حتت�ضن ً‬ ‫ف�ضائها‪..‬‬ ‫بني �أفواج من الب�شر‪..‬‬ ‫ابحث عن عينيها‪..‬‬ ‫وعن بقية عطر‪..‬‬ ‫تتزاحم ال�صور يف ذاكرتي‪..‬‬ ‫�أتوه بني احل�شد الكبري‪..‬‬ ‫و�أنادي ب�صوت بائ�س‪..‬‬ ‫�أيها العطر‪:‬‬ ‫من �أي الأج�ساد �أتيت؟!‬ ‫و على م�ساحات اجلليد كان ا�سمها‪..‬‬ ‫�إفرازات �شوق جتمعت ها هنا‪..‬‬ ‫طال انتظارها‪..‬‬ ‫والربد قار�س‪..‬‬ ‫وحده قلبي يحاول‪..‬‬ ‫�إ�شعال نا ٍر تذيب اجلليد‪..‬‬


‫وتعلن ميالدها اجلديد‪..‬‬ ‫تُرى من يذيب من ؟!‬ ‫يابحر ًا يحتوي الغمو�ض‪..‬‬ ‫ويجمع ال ِنّد وال�شبيه‪..‬‬ ‫يف �أعماقك تنك�أ جراح‪..‬‬ ‫وعلى �ضفافك يذوب الوجع‪..‬‬ ‫مدّك واجلزر‪..‬‬ ‫بني ِ‬ ‫ثمة تناهيد‪ ..‬لأفئدة مكلومة‪..‬‬ ‫وحدك ت�أخذ دون �أن متنح‪..‬‬ ‫يا لت�ضحياتك يا �أنت‪..‬‬ ‫الآن‬ ‫�أنا انتهيت‬ ‫و�شوقي ب�صدري بدت له همهمة‬ ‫جمر انتظاري �سَ مدت ناره‬ ‫و�أنا �صرت احلطب‪..‬‬ ‫حتى ثمر قلبي‬ ‫تدلى قبل �أن ي�أتي مو�سمه‬ ‫هزي طرف جذعه‪..‬‬ ‫ت�ساقط لك من عذوقه عتب!‬

‫‪149‬‬


‫�س�أعلمك‬

‫اليوم كيف‬ ‫تر�سميني‬

‫ألجلها ب�أطراف الأنامل‪..‬‬ ‫تلوين وجه احلياة بذهب ال�شم�س‬ ‫بف�ضة القمر اخلجول‪..‬‬ ‫بقلب �أنثى‪..‬‬ ‫تزعزع من مكان النب�ض‪..‬‬ ‫�صار �شفاف ًا ومائالً‪..‬‬ ‫ماذا �ستفعل‪..‬لو �أخذت يديك للعدو‬ ‫البعيد‪..‬‬ ‫نقطع الطرقات نحتال على وقت‬ ‫عنيد‪..‬‬ ‫نقف قلي ًال يف الزوايا‪..‬‬ ‫نختل�س اللم�سة ‪/‬البغتة‪/‬ال�شهقة‬ ‫ننهال‬ ‫ننادي بع�ضنا دهر ًا وال ن�س�أم‬ ‫نوا�صل العبث اخلطري‬ ‫لنطري من حول القمم‪..‬‬ ‫رعايا يف بالط الع�شق‪..‬‬ ‫نعلو‪..‬ن�ستهيم‪..‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪150‬‬

‫�أنا ال �أملّك �سيدتي‪..‬‬ ‫�أن �أفارق نب�ضك‬ ‫�أنت ت�سكنني مهجتي‪�..‬أو عيوين‪�..‬أو �أنا‬ ‫�صدقيني ال فرق كبري �أن كنت عندي‬ ‫�أو بعيد‪..‬‬ ‫�أنا �أ�شتهي الدرب الذي يف�ضي �إليك‬ ‫و�أتنف�س اللحظات التي ننتظرها بيننا‬ ‫�أعيد �صياغة الأحالم كي ت�أتي‪..‬‬ ‫كما نريد‪..‬‬ ‫ارتباكتك‪..‬‬ ‫تلك التي تعيد ترتيبي ‪.‬‬ ‫عندما ت�أتني كرثثر ٍة على كتف الليل ‪..‬‬ ‫فتتعمدين �أن ت�ضعي بني‬ ‫�شفاهي بذرة الن�شوة الكربى ‪..‬‬ ‫موا�صل ًة �سقياها حتى الطالئع الأولى‬ ‫كل حلظاته ‪!..‬‬ ‫لفجرٍ تت�سيّدين َّ‬ ‫هن‬ ‫ق ّل ٌة َّ‬ ‫كل فجرٍ �سيادة ‪..‬‬ ‫الالتي يفر�ضن على ِّ‬ ‫لكنّها ا�ستثنائيتك ‪..‬‬ ‫التي ال ت�ؤمنني بها ‪..‬‬


‫لك ‪!..‬‬ ‫كل فجرٍ جديدٍ ت�ؤكدينها ِ‬ ‫ومع ِّ‬ ‫قالت‪ :‬موعدنابعد النعا�س الأول‬ ‫عند �ساعة احللم الأكيد‬ ‫نلتقي يف اللوبي الرئي�سي للروح‬ ‫نحت�سي اخلمرمن ك�أ�س ع�شقنا‬ ‫�أت�أبط ذراع �شوقك‬ ‫نرق�ص حتى الفجر‬ ‫تلحفني معطفك املجنون‬ ‫حتملني ل�سرير �أمنياتنا‬ ‫ونغيب يف �سهاد اللذة‬ ‫قال‪ :‬ويف ذات ال�سهاد‬ ‫يبعث احللم من جديد‬ ‫يف �أروقة عينيها‬ ‫ينام احلب‬ ‫يف �أوردة قلبها يختبئ الطيف‬ ‫طيفه �أن�شودة فرح كافرة بكل حلن‬ ‫�سوى حلن منامها‬ ‫وهناك يف بقايا اللوبي وك�أ�ساهما‬ ‫ترانيم قدا�س �صبيحة عيدهم‬ ‫تنتظر‪..‬‬

‫‪151‬‬


‫�أنت‬

‫ال�شط ‪ ..‬وجلة البحر‬ ‫مر�ساها‪�..‬أمان‬ ‫أنت والكثير‬ ‫ِ‬ ‫والغرق فيها‪..‬حياة‬ ‫ِ‬ ‫‪:‬‬ ‫منك ‪ ‬ما الأجمل يف ح�ضرة الأنثى‪� ,‬أن ت�سند‬ ‫حرفك على جمال تفا�صيلها‪،‬‬ ‫�أم �أن حتملها بني يدي افتتانك وتفرح‬ ‫بها معها‪!..‬‬ ‫وما الأعذب يف غيابها �أن تكتب عنها‬ ‫�أم تكتب لها ‪!..‬‬ ‫�أم تكون هي الكتابة و�أنت احلرف‬ ‫التائه يف كونها ‪!..‬‬ ‫لعل الإجابة ال تكون الفتة ‪ ،‬وال مقنعة‬ ‫�إال حني يجمعها الإله يف نب�ض حرف ال‬ ‫يهد�أ ‪،‬‬ ‫لتكون احلكاية املغدقة بالده�شة كما‬ ‫�سردها يف كتابه املحفوظ‪..‬‬ ‫‪ ‬هل تكفيك الكلمات‪..‬‬ ‫كي تدور الأر�ض �أكرث ف�أكرث ‪..‬‬ ‫‪� ‬أنا بك �أنظم نرث ًا ي�صعد جب ًال ‪ ،‬و‬ ‫�شعر ًا يقطع وادي ًا ‪،‬‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪152‬‬

‫�أبحث عن كل ما ي�شبه تلك التفا�صيل‬ ‫التي �أناجيها وت�شي بك‪،‬‬ ‫�ألتقط لون ًا من هنا ‪ ،‬وعطر ًا من هناك‪،‬‬ ‫�أقطف �شجن ًا من تلة ال�شوق تارة‪..‬‬ ‫وتارة يكون الفرح هو الزرع واحل�صاد‬ ‫والثمر‪.‬‬ ‫على �شريعتك «�أنت عيد كل يوم» و «�أنت‬ ‫كون نختال فيه» تكون الأيام مزهرية‪..‬‬ ‫والأنثى فيك م�ساحة ت�ستحق الكلمات‬ ‫�أن ترك�ض بها �إميان ًا ورجا ًء‬ ‫وقد �أغرت كلي‪..‬‬ ‫فرملت بك �أ�شواط ًا مباركة ذهاب ًا و�إياب ًا‬ ‫منك و�إليك‪..‬‬ ‫‪ ‬فكتبت ب�صيغة الغياب ‪ ،‬وبياء‬ ‫اخلطاب‪ ،‬بداللة الت�أنيث الفاتنة‪.‬‬ ‫كتبت باملفردة املت�صاحلة مع‬ ‫امل�سافات‪ ،‬والأخرى املتكهنة ب�صالح‬ ‫�أمر امل�ستحيالت‪..‬‬ ‫كتبت ب ـ «ال» الغاوية ‪ ،‬وبــ«نعم» املع�سولة‬ ‫باملراوغة ‪.‬‬


‫ومن ل�سانك �سكبت �أجمل الأمنيات‬ ‫بك‪:‬‬ ‫«هاك دمعي ‪ ..‬تطهر به من يدري قد‬ ‫ترب�أ من �أوجاعك !»‬

‫للرب‪.‬‬ ‫وك�أن مابني ج�سدك وروحك بطاقات‬ ‫تنتظر �ساعي بريد ‪ ،‬وابت�سامة ‪،‬‬ ‫واحتفال‪..‬‬

‫بني �سطورك �أجد فراغات ‪ ،‬ونقاط ًا ‪� ..‬أنثى حلمي تطل من خلف الذهول‬ ‫و�أقوا�س ًا امتلأت ب�شواهد لأجمل ماقيل مبفردة ر�شيقة‪ ،‬ي�شاغلك حريف ووجدي‬ ‫يف احلب‪ ،‬وماتغنت به م�ساءات الع�شاق حلظات بكثري من الغزل الرهيف‪،‬‬ ‫وحلظات �أخرى ان�شغل مبا حولك‪..‬‬ ‫و�صباحاتهم ‪..‬‬ ‫ال ترتكيني ‪!..‬‬ ‫لأجلك‪..‬‬ ‫و�أطعمي روحي طهرك ‪!..‬‬ ‫�أ�ستخدم يف ذلك لغة حب تخ�صني‬ ‫‪ ‬ال ينفك �أنا �أن �أكون هارب ًا مبقطوعاتي ومن �صنعي لك‪ ،‬متنحني قراءتك يل‬ ‫مت�سع ًا من الرغبة يف معرفة هل �أنا‬ ‫�إليك‪� ،‬أحملها بعيد ًا عن الت�صنيف‪،‬‬ ‫معك �أقر�أ حكاية من ف�صول ق�صرية !‬ ‫و�أخرج بها عن نطاق التقليدية‪،‬‬ ‫و�أجعلك ال تدرين هل املتحدث «�أنا» �أم �أم �أقلب يف �ألبوم ع�شقك �صور ًا لع�شاق‬ ‫من الزمن الأ�صيل !‬ ‫«�أنت» �أم «الكثري منا»‪..‬‬ ‫حلوتي‪..‬‬ ‫ح�ضورك �صنع الفلك ب�أيدي العا�شقني‬ ‫وتركنا نركبه �آمنني ‪،‬‬ ‫يف مي الع�شق نبحث عن منارة تهدينا‬

‫‪ ‬الفكرة التي �أ�صافحها يف �إطاللتك ال‬ ‫تقل جما ًال ولباقة وجتديد ًا عن لغتك‪،‬‬ ‫فج�سدك يتحدث بل�سان طليق ال تلعثمه‬ ‫اخليبات والعتاب والأقدار احلمقى ‪،‬‬

‫‪153‬‬


‫يبدو احلرف وهو ي�صفك وك�أنه نبي له �صفة‬ ‫�إبراء احلب من �أ�سقامه‬ ‫التي �أ�صابه بها ع�شاق كثريون‪..‬‬ ‫يلب�س الب�شارة ‪ ،‬ومي�سح على ر�ؤو�س الكلمات‬ ‫فتكون ورود ًا وب�ساتني‪..‬‬ ‫يف �سطوري عنك الكلمة تنتهي بهائك‪ ،‬و املعنى‬ ‫يبد�أ بكل ن�ساء الأر�ض‪ ،‬ليكون الكتاب �شاهد ًا‬ ‫على وجود حب �شهي ‪،‬لذيذ يف عذبه وعذاباته‪..‬‬ ‫وعلى �إمكانية تغيري بو�صلة املحبني‬ ‫جتاه اال�ستمتاع بكل تفا�صيل ال�شوق واللقاء‬ ‫والعطاء واملغفرة ‪،‬‬ ‫وليكون لالبتهال مذاق �آخر ي�شبه ما�شدوت به‬ ‫ذات غفوة‪..‬‬ ‫‪ ‬يارب‬ ‫ال ت�أخذها مني…‪.‬‬ ‫وال تخنقها بي…‬ ‫وال حترمنا املوت حب ًا‬ ‫يارب �إين �أحبها…‪.‬‬ ‫فهي خالدة بروحي‪ ..‬و�أنا بها‪ ..‬خالد‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪154‬‬


‫املنرب‬

‫ماذا لو كنت ال تزال يف الطريق �إلى ت�سوية‬ ‫اليوم ال يت�سع للكثري من‬ ‫�أمورك ‪،‬وتهذيب عالقتك با�صدقائك!‬ ‫الرثثرة‪..‬‬ ‫روح عالقة‬ ‫�سوف يكون مليئ ًا بفكرة واحدة جمنونة‪ ...‬ماذا لو كنت يف انتظار حُ لم خملوق‬ ‫فكرة‪ ‬حتر�ض على �أ�سئلة من نوع خا�ص‪ .‬لأجلك‬ ‫رمبا يكون لقاء‪..‬رمبا يكون بداية‪ ،‬رمبا‬ ‫وت�ستجلب �إجابات ال نهاية لها‪.‬‬ ‫يكون �صحوة حظ بعد �إغفاءة طويلة‪..‬‬ ‫فكرة ‪..‬ت�س�أل وتقول‪:‬‬ ‫ماذا لو �أن هناك‪« ‬روح ال تود املغادرة مع �أو رمبا يكون احت�ضان �شخ�ص ما ملرة‬ ‫املوت‪ ،‬تعلق مبا حتبه يف الأر�ض وترف�ض واحدة يف العمر‪!..‬‬ ‫‪..‬ماذا لو كان كل ذلك ينتظرك و�أنت‬ ‫ال�صعود �إلى ال�سماء»!!‬ ‫ذاهب �إليه ‪ ،‬لكن املوت قطع عليك‬ ‫ترف�ض اجلنة‪..‬ترف�ض املالئكة‬ ‫وعليهم‪!!..‬‬ ‫وت�ستبقي الأحياء املن�شغلني عنها‪ ..‬و‬ ‫تُرى �أين �ستعلق روحك‪!..‬‬ ‫ت�ستجدي الظل‪ ..‬وتبحث عن خمرج!!‬ ‫ولنقل مث ًال …ماذا لو مل تخرب والدتك عند �أي باب �ستظل واقفة تت�أمل ما فوتته‬ ‫عليها من خري‪!..‬‬ ‫�أنك �آ�سف على تخييبها �أملها ‪ ،‬و�أجلته‬ ‫يف �أي الأمكنة �ستظل حتوم كالأ�شباح‬ ‫حلني �شجاعة!‬ ‫�أو �أن زوجتك كانت تنتظر من وقت طويل ‪،‬تلعن اخلوف ‪ ،‬وال�صمت ‪،‬وال�صرب‪، ..‬‬ ‫اعرتاف ًا منك بحبها‪!..‬ون�سيت االعرتاف تظل‪ ‬تراوغ‪ ‬ميين ًا و�شماالً‪ ‬ويديها فارغة‬ ‫من حتقيق �أي �شيء‪!..‬‬ ‫خمب�أ يف جيب ان�شغاالتك‪ ‬اليومية‪� !..‬أو‬ ‫والآن �أخربين‪..‬‬ ‫�أنك مل ت�ستكمل بعد حديثك مع �أبنائك‬ ‫ما الذي يجب �أال ينتظر ك بعد !! ‪ ..‬ويجب‬ ‫عن تقديرك لنعمة‬ ‫�أن يتم اليوم وحاالً‪!..‬‬ ‫وجودهم بحياتك‪ ،‬وعن مدى فرحك‬ ‫ال تفكر‪ ..‬اذهب �إليه وح�سب‪.‬‬ ‫بر�ؤيتهم يكربون ‪!..‬‬

‫‪155‬‬


‫أكثر‪ ...‬أكثر‬

‫هل‬

‫يجب ان نخاف اهلل �أكرث!!‬ ‫�أم ‪ ...‬نرجوه �أكرث!!‬

‫و�أقول ‪...‬‬ ‫يجب �أن نحب اهلل �أكرث‬ ‫ونح�سن الظن فيه �أكرث‬ ‫‪ ‬ن�شكره وال نكفره‬ ‫نفرح بعذاباته‬ ‫لأنها منه‬ ‫ونفرح بخرياته‬ ‫لأنها منه‬

‫نذكره‬ ‫فنن�سى كل �ضيق‬ ‫ون�ستغفره‬ ‫لن�شعر ب�ألوهيته ورحمته‬ ‫‪ ‬اهلل هو كل احلب‬ ‫ولن ن�ؤمن حتى نحبه �أكرث ‪ ‬من كل حب‬ ‫‪ ‬حتى ونحن نقرتف مع�صيته‬ ‫فلنحبه �أكرث‬

‫السماء الثامنة‬ ‫لـ خالد الباتلي‬

‫‪156‬‬

‫‪ ‬لنجدد عالقتنا باهلل‬ ‫نتحاور معه‬ ‫نبت�سم له نطلبه‬ ‫نرجوه‪ ...‬هو اهلل ال �إله �إال هو‬


‫للتواصل مع المؤلف ‪:‬‬ ‫‪kh.albatli@gmail.com‬‬ ‫‪k_batli‬‬

‫النهاية‬

‫إخراج وتصميم ‪:‬‬

‫‪157‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.