ة في مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر لكتابة القصة 2017

Page 1

‫لجنة التحكيم‬

‫سارة خليفة املهريي‪ ،‬مواطنة مجتهدة محرتفة يف‬ ‫التواصل اإلجتامعي وخبرية يف التسويق اإللكرتوين‪،‬‬ ‫وإدارة املشاريع‪ ،‬وإدارة األنشطة‪ ،‬وإدارة الجودة‪،‬‬ ‫والبحوث والتطوير واإلسرتاتيجية‪ .‬سارة تعمل حالياً مع‬ ‫بنك اإلمارات ديب الوطني يف قسم التسويق للمجموعة‬ ‫يف وظيفة مساعد مدير التسويق اإللكرتوين‪ .‬هي قائدة يف التغيري ومتحدثة‬ ‫إيجابية‪ .‬لقد طبقت العديد من املشاريع التطويرية بنجاح ولديها خربة‬ ‫تتجاوز ال ‪ 14‬سنوات يف مجال تقنية املعلومات‪ ،‬البحوث والتطوير وإدارة‬ ‫املشاريع‪ .‬سارة أيضاً والدة فخورة ل‪ 3‬أطفال‪ .‬عملت سارة مع املهرجان من‬ ‫سنة ‪ 2011‬لتهتم بالربنامج العريب واملسابقات والتزال تتطوع معهم إىل اآلن‪.‬‬


‫لجنة التحكيم‬

‫سحر نجا محفوظ‪ ،‬زوجة‪ ،‬وأم‪ ،‬وكاتبة قصص أطفال‪ .‬من‬ ‫مواليد مدينة بريوت يف لبنان‪ ،‬ومن خريجي الجامعة‬ ‫األمريكية فيها‪ .‬تعيش يف دولة اإلمارات العربية املتحدة‬ ‫منذ زمن‪ ،‬وقد تأث ّرت كثريا ً باختالف الحضارات وتع ّدد‬ ‫الثقافات فيها‪ .‬أحبّت الكتابة منذ كانت عىل مقاعد‬ ‫الدراسة‪ ،‬وتعلّقت باللّغة العربية ملا فيها من قدرة وليونة يف الرسد والوصف‬ ‫والتعبري‪ .‬كتبت لليافعني ولألطفال مجموعة واسعة من القصص‪ .‬شاركت‬ ‫يف الكثري من املعارض واملهرجانات األدبية‪ ،‬وعضو يف لجان تحكيم العديد‬ ‫من مسابقات الكتابات اإلبداعية‪ .‬كام أقامت ورش عمل متعددة للمدارس‬ ‫والكليات‪ّ .‬أسست مجموعة «ه ّن» للكاتبات واملبدعات يف اإلمارات منذ سنة‬ ‫‪ 2013‬من مؤلفاتها‪ :‬أحمر حلو‪ ،‬ملفوفة جديت‪ ،‬حبات املطر‪..‬غزل البنات‪،‬‬ ‫حرويف ترقص‪ ،‬الزرافة ميليا‪ ،‬حكاية عصفور‪ ،‬يا ليتني أقول ال‪ ،‬السرتة العجيبة‪،‬‬ ‫أمي شنطة سفر‪ ،‬صانعة الحكايات‬ ‫میثاء الخیاط‪ ،‬أم لخمسة أبطال‪ ،‬من أكرث الكتّاب‬ ‫والرسامین موھبة يف أدب الطفل اإلمارايت والذي یقدم‬ ‫قیم عاملیة يف الوقت ذاته‪ ،‬ابتكرت شخصیة رمزیة مرحة‬ ‫عنھا وھي ترتدي النقاب‪ ،‬تعرض مزاجھا وحاالتھا عىل‬ ‫شبكات التواصل االجتامعي‪ .‬سفیرة دامئة ملھرجان‬ ‫طیران اإلمارات لآلداب‪ ،‬میثاء عضو يف املجلس اإلمارايت لكتب الیافعین‪.‬‬ ‫يف أقل من ‪ 10‬أعوام‪ ،‬نرشت میثاء ‪ 17‬كتاباً موجھا للطفل‪ ،‬خمسة منھا‬ ‫باللغة اإلنجلیزیة‪ .‬حاز كتابھا “طریقتي الخاصة” عىل جائزة أفضل كتاب يف‬ ‫ملتقى الطفل يف الریاض ‪ ٢٠١١‬وھو أول كتاب أطفال إمارايت یجد طریقه إىل‬ ‫خارج الدولة‪ .‬والذي تم ترشیحه أیضا لجائزة مارش ألفضل كتب مرتجمة يف‬ ‫بریطانیا سنة ‪. ٢٠١٣‬وفاز كتاب “أطفئ األنوار” باملركز األول لجائزة امللتقى‬ ‫العريب لنارشي كتب األطفال سنة ‪ . ٢٠١٦‬ومؤخرا أصدرت روایتھا األوىل‬ ‫للیافعین “نواف الجالف” عن دار كلامت‪ .‬تتسم ورشھا وجلساتھا القرائیة‬ ‫بخفة الظل واإلبداع وھي أیضا مدربة يف الكتابة اإلبداعیة‪ .‬كام تطور برامج‬ ‫تلفزیونیة لألطفال‪ ،‬من ضمنھا مسلسل كرتوين إمارايت “حمدون”‪ ،‬وأیضاً‬ ‫النسخة العربیة التي أطلقت حدیثا من برنامج افتح یا سمسم‪.‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫عينيه‪ ،‬أغمضهما لوهلة‪ ،‬سمع همسا الباحثون عن الحقائق‬ ‫وحدهم يغيرون العالم‪ ،‬عندما فتح عينيه‪ ،‬كان الزال جالسا‬ ‫على المقعد الخشبي وحده و حافلة قريبة واقفة في موعدها‪،‬‬ ‫أدار رأسه باحثا عن الشيخ‪ ،‬مشى إلى الدكان الوحيد القريب‬ ‫من المحطة‬ ‫ هل رأيت شيخا البارحة جالسا هناك‬‫ كنت وحدك طوال الوقت يا سيدي و قد غفوت على‬‫المقعد‬ ‫ ماذا ؟ أواثق من هذا ؟‬‫ لقد غادرت بعد منتصف الليل فال أدري بعد هذا‬‫ صرخ سائق الحافلة‪ ،‬هل أنت قادم ‪..‬‬‫حمل حقيبته و صعد الحافلة دون أن يفكر كثيرا‪ ،‬أتراه‬ ‫كان يتخيل‪ ،‬لقد رآه و سمعه‪ ،‬هل هو مجنون اآلن‪ ،‬ال ليس‬ ‫مجنونا لقد سمع همسه و صوته‪ ،‬تذكر الجملة األخيرة‪،‬‬ ‫الباحثون عن الحقيقة وحدهم يغيرون العالم ‪ ..‬ابتسم‬ ‫عندما وصل إلى الغرفة‪ ،‬فتح الباب كانت مظلمة كالعادة‪،‬‬ ‫جرى نحو الستائر فتحها على مصراعيها‪ ،‬دخل الضوء إلى‬ ‫الغرفة‪ ،‬بدت و كأنها تتنفس‪ ،‬أغمض عينيه و أدخل الهواء‬ ‫إلى رئتيه بكل سهولة‪ ،‬عندها فقط شعر بأنه حي مجددا‪،‬‬ ‫تذكر كلمة الشيخ‪ ،‬الباحثون عن الحقائق وحدهم الذين يغيرون‬ ‫العالم ‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«تنوعت القصة بني مهارات السرد والوصف واحلوار والشرح‪،‬وقدمت‬ ‫الشخصيات بطريقة جيدة‪ .‬مبروك للكاتب»‪.‬‬

‫‪88‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫بل لما الكذب‪ ،‬في الخامسة و الستين‪ (،‬ضحكا معا‬ ‫بهدوء‪ ) ‬أنا يا بني‪ ،‬كنت باحثا مثلك‪ ،‬باحثا عن الحقيقة‬ ‫العظمى‪ ،‬حقيقة نفسي‪ ،‬و عندما وجدتها بحثت عن حقيقة‬ ‫الكون‪ ،‬و عندما وجدتها بحثت عن معنى الحياة ثم معنى‬ ‫الموت‪ ،‬البحث ال ينتهي‪ ،‬الفضول هو ما يجعل اإلنسان تواقا‬ ‫للمعرفة و هو ما يمكننا من نستيقظ كل يوم متشوقين لنعرف‬ ‫ما يحمله لنا بقية اليوم‬ ‫لم يعد لكل ذلك معنى عندي‪ ،‬لقد فقدت كل شيء‬ ‫كل شيء ( ضحك الشيخ ) و ماذا فقدت‬ ‫فقدت حلمي‬ ‫ابني غيره‬ ‫لقد فقدت حلمي يا عم‬ ‫لقد سمعتك‪ ،‬ابن غيره‪ ،‬ابن آالف من األحالم و سر‬ ‫خلفها‪ ،‬عليك أن ال تتوقف إلى أن تموت‬ ‫ال أريد أن اعود إلى المدينة‪ ،‬كدت أختنق هناك‬ ‫بل عد‪ ،‬واجه البؤس و الخوف‪ ،‬واجههما بكل حواسك‪،‬‬ ‫إن أدرت ظهرك فإنها ستالحقك إلى آخر حياتك‪ ،‬ال تهرب‬ ‫كالجرذان‬ ‫أريد أن أنسى أن أعيش كالجميع دون أن أقلق بشأن‬ ‫الحقائق الضائعة‪ ،‬بشأن عجزي عن التغيير‬ ‫و من أخبرك بأنهم يعيشون‪ ،‬هؤالء ال يعرفون أي شيء‬ ‫عن حياتهم‬ ‫إذا فحياتي البائسة هي الحياة‬ ‫الحياة ليست وردية دائما‪ ،‬و ليست بائسة تماما‪ ،‬انظر‬ ‫جيدا‪ ،‬انظر بكل حواسك و سترى حقيقتك‬ ‫أريد أن أغير العالم‬ ‫غير نفسك أوال‬ ‫كيف‬ ‫عد‪ ،‬و ابدأ من جديد‬ ‫شعر بالنعاس يطغى عليه‪ ،‬لم يكن قادرا على أن يفتح‬ ‫‪87‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫( يا للحماقة جلس يفكر الفيزياء مادة العلم أيها المتحذلق)‬ ‫نظر نحو الخارج‪ ،‬راقب األشجار التي بدت كأنها تجري‬ ‫نحو الخلف‪ ،‬الم نفسه‪ ،‬لم يكن عليه أن يقول هذا الكالم‬ ‫لغريب‪ ،‬سيظن اآلن بأنه مجنون ‪.‬‬ ‫توقفت الحافلة‪ ،‬اتجه السائق إلى ذاك الشاب الوحيد النائم‬ ‫في المقعد قبل األخير‪ ،‬بني‪ ،‬هذه آخر محطة‪ ،‬حمل حقيبته‬ ‫الزيتية و نزل‪ ،‬كانت الليل قد أستل ستائره السوداء ووقف‬ ‫في المحطة وحيدا إنه الريف‪ ،‬لم يشعر بالراحة كما كان‬ ‫يتوقع شعر بالبرد‪ ،‬يبدو أن رحلته نحو المجهول تنتهي هنا‪،‬‬ ‫جلس على المقعد‪ ،‬نظر إلى األفق‪ ،‬لو كان يستطيع أن يطير‬ ‫أن يراقب العالم من األعلى‪ ،‬هل تراه سيكون مختلفا عن ما‬ ‫هو اآلن‪ ،‬أسيكون أجمل ربما‪ ،‬أم أقبح‪ ،‬هل سيتوقف شهور‬ ‫بالعجز و الملل‪،‬هل ستتاح له الفرصة ليغير العالم ربما‪،‬‬ ‫ضحك لسذاجة الفكرة‬ ‫من الجيد أنك تضحك‪ ،‬ظننتك تائها‬ ‫التفت و قد شعر بخوف بسيط من هذه المداخلة المفاجئة‬ ‫مرحبا يا عم ( ابتسم )‬ ‫من أنت ؟‬ ‫ال أدري‬ ‫أنت صادق‪ ،‬ظننتك ستخبرني باسمك كما يفعل الجميع‪،‬‬ ‫يبدو أنك مختلف عنهم‬ ‫ال لست مختلفا جميعهم ال يعرفون من هم ‪ ..‬و أنا كذلك‬ ‫أنت تبحث‬ ‫و ال أجد جوابا‬ ‫ستجده‬ ‫ال‪ ،‬لن أفعل‪ ،‬طالما أني عالق هنا‬ ‫ألن تسألني من أنا ‪ ..‬؟ ( ابتسم )‬ ‫من أنت يا عم ‪..‬‬ ‫رجل في الستين ‪..‬‬ ‫( ابتسم الشاب )‬ ‫‪86‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫نهض مجددا كانت خيوط النور األولى تداعب أمواج البحر‬ ‫فبدأت زرقته تظهر مجددا ‪.‬‬ ‫كان يسير على قدميه في أرجاء المدينة‪ ،‬أمام موقف‬ ‫الحافالت أخرج كل ما معه من نقود و عدها وضع نصف‬ ‫المبلغ سعرا للتذكرة‪ ،‬و صعد الحافلة‪ ،‬بدأ يتنفس بسهوله أكثر‬ ‫مع كل متر تقطعه الحافلة مبتعدة عن المدينة‪ ،‬لم يرفع بصره‬ ‫عن النافذة‪ ،‬شاهد المدينة تغرق خلفه‪ ،‬ستصبح من الماضي‪،‬‬ ‫سيجعلها من الماضي لن يعود ‪ .‬استند إلى الخلف و فتح‬ ‫النافذة ثم أغمض عينيه‪ ،‬بدأ الهواء يلفح وجهه‪ ،‬و بدأ رحلة‬ ‫نحو المجهول‪ ،‬طرقه أحدهم طرقا خفيفا على كتفه أيقظه من‬ ‫رحلة أحالمه التي امتدت قرابة الساعة‬ ‫لقد ظننتك نائما‪ ،‬أنا أحمد‬ ‫نظر إليه مشدوها‪ ،‬من هذا الغريب الذي أفسد عليه‬ ‫وحدته اآلن‪ ،‬مرت عدة ثوان قبل أن ينتبه إلى يد الغريب‬ ‫الممدودة‬ ‫أنا آسف لقد كنت شاردا أهال‪ ( ،‬صافحه دون أن يعرف‬ ‫عن اسمه )‬ ‫إلى اين أنت ذاهب ؟‬ ‫ال أدري (قالها همسا )‬ ‫عفوا‪ ،‬ال تدري‪ ،‬لهذا القطار ثالث محطات معروفة‪،‬‬ ‫(‪ ‬بدأ يعددها )‬ ‫لم يهتم كثيرا بهذا الغريب الذي كان يتحدث وحده‬ ‫أنا ذاهب بعيدا عن المدينة‪ ،‬أريد أن أقضي بعض األيام‬ ‫خارجا بدون سقف‬ ‫أنت مجنون‬ ‫أنا لست مجنونا‪ ،‬أنا تائه‪ ،‬معلق كحبة مطر خفيفة بين‬ ‫السماء و األرض‬ ‫هل تدرس الفلسفة ‪..‬‬ ‫ال أدرس الفيزياء ( قالها ببرود )‬ ‫( أطلق الغريب قهقهة عالية ) ذات الشيء‬ ‫‪85‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫و رماها في الحقيبة دون أن يدقق فيها كثيرا‪ ،‬غادر الغرفة‬ ‫المظلمة دون أن ينظر خلفه حتى أنه لم يقفل الباب‪ ،‬كان‬ ‫هاربا‪ ،‬هاربا من شيء ال يدري ما هو‪ ،‬لم يستطع البقاء هناك‬ ‫أكثر‪ ،‬سار وحده في الطرقات الفارغة‪ ،‬صوت وقع خطواته‬ ‫على قارعة الرصيف كان الصوت الوحيد المسموع‪ ،‬و ضوء‬ ‫الشارع األصفر كان يزيد الذكريات في رأسه اشتعاال‪ ،‬كان‬ ‫تائها‪ ،‬تائها بحق‪ ،‬سار ما شاء هللا أن يسير إلى أن وجد نفسه‬ ‫على الشاطئ‪ ،‬البحر مخيف‪ ،‬كان يكره البحر‪ ،‬يكره كل شيء‬ ‫فيه ما عدا الزرقة‪ ،‬الزرقة لم تكن واضحة في الليل بأي حال‪،‬‬ ‫كان البحر كالغرفة التي هرب منها‪ ،‬داكنا‪ ،‬مظلما‪ ،‬جلس على‬ ‫الرمال‪ ،‬بدت له لوهلة أكثر لينا من الفراش الذي كان ينام‬ ‫عليه‪ ،‬استلقى‪ ،‬السماء‪ ،‬كانت السماء هي الشيء الوحيد الذي‬ ‫يحبه‪ ،‬لم يرى الظلمة في السماء مع أن النجوم كانت بالكاد‬ ‫تضيء‪ ،‬كانت هي وحدها ملجأه‪ ،‬أخرج الصور من حقيبته‪،‬‬ ‫كانت صور تخرجه من الثانوية العامة لم يكن سعيدا يومها‬ ‫في أي منها‪ ،‬كان الكل كذلك عدا هو‪ ،‬كان يائسا‪ ،‬كان يعلم‬ ‫بأنه لن يكون أبدا ما يريد ألسباب عدة أولها المال‪ ،‬كان حاقدا‬ ‫على العالم الذي لم يلتفت إليه‪ ،‬في أغلب الصور كان هو‬ ‫الفتى الواقف في الزاوية بعيدا‪ ،‬كان وحيدا في أغلب أيامه‪،‬‬ ‫كما اآلن‪ ،‬الوحدة لم تكن ما يؤرقه‪ ،‬كانت دائما تلهمه‪ ،‬لكن‬ ‫الشعور الذي فتته من الداخل‪ ،‬كان العجز‪ ،‬العجز كان عدوه‬ ‫األول‪ ،‬لقد عجز أمام معرفة نفسه و أمام تغيير أي شيء في‬ ‫حياته‪ ،‬الغرفة المظلمة شبه الفارغة‪ ،‬وضعه المادي المزر‬ ‫و مستقبله‪ ،‬مستقبله كان واضحا منذ البداية‪ ،‬كان يندم على‬ ‫شيء واحد فقط‪ ،‬الحلم‪ ،‬ال يحلم الفقراء‪ ،‬لم يكن يجب أن يحلم‪،‬‬ ‫األستاذ الذي قال له بأن الحلم ال سقف له‪ ،‬كان كاذبا‪ ،‬و اآلخر‬ ‫الذي مأل رأسه بأن المستحيل غير موجود كاذب أيضا‪ ،‬وحده‬ ‫الطالب الذي سخر منه مرة و أخبره بأنه سيبقى فاشال إلى‬ ‫األبد كان صادقا‪ ،‬هو لم يرى حقيقة العالم فقط و لكنه عاشها‪،‬‬ ‫أراد أن يغادر‪ ،‬لم يدر إلى أين أراد فقط أن يسير‪ ،‬عندما‬ ‫‪84‬‬


‫رحلة نحو المجهول‬

‫املركز الثالث‪ :‬أسامء وليد لولو‬ ‫جامعة الشارقة‬

‫ظالم حالك ذاك الذي أحاط به‪ ،‬كان هو مستلق على فراشه‬ ‫القاسي وحده‪ ،‬كاد يختنق‪ ،‬شعر بالهواء يخرج من فمه دون‬ ‫أن يكون قادرا على سحبه نحو الداخل مجددا‪ ،‬بدأت جدران‬ ‫الغرفة تقترب باتجاه بعضها بعضا‪ ،‬أحس بها تالمس جسده‬ ‫و تكسر أخشاب سريره المهترئة‪ ،‬رفع الغطاء من فوقه‪ ،‬و‬ ‫جرى خارجا فتح الباب و أدخل كل هواء الرواق إلى رئتيه‪،‬‬ ‫لم يفهم ما حدث قبل قليل‪ ،‬كل شيء بدا اآلن ضبابيا‪ ،‬نظر‬ ‫إلى داخل الغرفة مجددا‪ ،‬بدت مظلمة كالعادة‪ ،‬و لكن الجدران‬ ‫الزلت في أماكنها‪ ،‬يبدو أنه بدأ يفقد عقله حقا‪ ،‬دخل إليها‬ ‫مجددا و استلقى على السرير‪ ،‬الساعة قربه تشير إلى الثانية‬ ‫بعد منتصف الليل‪ ،‬بدأ الهواء يضمحل في رئتيه مجددا‪ ،‬لم‬ ‫يعد يحتمل‪ ،‬كل شيء في الغرفة بدا أسوادا قاتما‪ ،‬أخذ حقيبة‬ ‫ظهره الزيتية‪ ،‬وضع فيها جواله و ما وجده في الدرج من‬ ‫نقود‪ ،‬وضع قميصين له‪ ،‬وحملها بيده و جرى خارجا‪ ،‬ارتطم‬ ‫بالطاولة فوقع كتاب صغير‪ ،‬سقطت منه بعد الصور‪ ،‬حملها‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫‪ ..‬و بالتحقيق مع المتهمة أقرت بأنها اختطفته ألنه‬ ‫ذكرها بابنها الذي فقدته قبل عام مع زوجها في حادث سيارة‪،‬‬ ‫و لم تقصد أن تحرم والدته منه ألنها ذاقت ذات الشعور‪ ،‬إال‬ ‫أن غريزة األمومة و اشتياقها البنها دفعها لفعل ذلك ‪.‬‬ ‫‪ ..‬و عن تفاصيل الواقعة تبين بأن المتهمة اضطرت‬ ‫ألخذ حمدان للمشفى بعدما ارتفعت درجة حرارته و بسؤالها‬ ‫عن أوراقه الثبوتية و الصحية‪ ،‬أجابت بأنها ال تملك أيا ً منها‪،‬‬ ‫و قد اشتبه بها و تم ابالغ الشرطة ‪.‬‬ ‫اتصل والد حمدان فوراً بالسفارة‪ ،‬و بعد اتخاذ االجراءات‬ ‫الالزمة تم تسليم حمدان إلى ذويه ‪.‬‬ ‫لم يصدقا والداه بأن ابنهما عاد إلى أحضانهما ‪.‬‬ ‫أما مهرة فقد وبخت أخيها قائلة ‪ :‬لماذا تركتني و ذهبت‬ ‫لوحدك‪ ،‬في المرة القادمة خذني معك !!‬ ‫أجابها حمدان ‪ :‬ال‪ ،‬ال أريد أن أذهب مر ًة أخرى‪ ،‬كنت‬ ‫خائفا ً كثيراً‪ ،‬و أريد الرجوع إليكم‪ ،‬لقد اشتقت لكم ‪.‬‬ ‫و طلب من والداه عدم تركه مر ًة أخرى‪ ،‬و وعدوه بذلك‪،‬‬ ‫كما وعدوا أنفسهم باالنتباه ألبنائهم‪ ،‬و دعوا هللا أن ال يريهم‬ ‫هذا اليوم مر ًة أخرى ‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«كانت ميزات عذه القصة أنها فيها فن االنتقال بني الزمان‬ ‫واملكان مبهاة عالية مما أعطى القصة تطور درامي بني األحداث‪.‬‬ ‫في نفس الوقت كانت القصة مشوقة وشدت القارئ ملتابعة‬ ‫قراءة القصة»‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫أخفت أم حمدان دموعها بسرعة و ابتسمت قائلة ‪ :‬ال يا‬ ‫حبيبتي أنا ال أبكي انني متعبة قليالً‪ ،‬اذهبي مع خالتك لتلعبي‪،‬‬ ‫سأنتظركم أنا هنا ‪.‬‬ ‫احتضنت مهرة والدتها و قبلتها على وجنتيها‪ ،‬و ما أن‬ ‫ذهبت لتلعب و اختفت عن أنظارها حتى انهمرت دموعها‬ ‫على وجنتيها مر ًة أخرى ‪.‬‬ ‫و أثناء تواجد مهرة مع خالتها قالت لها ‪ :‬كنت أود لو‬ ‫أن أخي موجود ليلعب معي‪ ،‬فهو يحب هذه األلعاب كثيراً ‪.‬‬ ‫أجابتها خالتها ‪ :‬ال تحزني سيكون معنا في المرة القادمة‬ ‫بإذنه تعالى ‪.‬‬ ‫ردت مهرة وهي مطأطأة الرأس ‪ :‬أتمنى ذلك ‪.‬‬ ‫و بعد مرور ساعة رجعتا إلى أم حمدان لتناول العشاء‪،‬‬ ‫و بعدها توجهوا إلى المنزل ‪.‬‬ ‫في كل ليلة كانت أم حمدان تسهر لتصلي و تدعو هللا‬ ‫بأن يرجع ابنها‪ ،‬لقد أنهكها التعب و ذبلت مالمحها‪ ،‬و اختفت‬ ‫ابتسامتها من وجهها بعد أن كانت ال تفارقها قبل أن تفقد ابنها‪.‬‬ ‫و مع بدء العام الدراسي الجديد‪ ،‬قررت أم حمدان أن‬ ‫تكمل حياتها بشكل طبيعي لكي ال تؤثر على عائلتها و منزلها‬ ‫الذي أهملته ‪.‬‬ ‫افتقدت مهرة أخاها كل صباح في طريقها للمدرسة‪ ،‬و‬ ‫كذلك أصدقاءه الذين حزنوا لغيابه ‪.‬‬ ‫و ذات مساء بينما والدة حمدان تعد العشاء‪ ،‬و والده‬ ‫يشاهد األخبار تم بث خبر القبض على امرأة اختطفت طفالً‬ ‫يبلغ من العمر ستة أعوام‪ ،‬و تم عرض صورة حمدان ‪.‬‬ ‫نادى والد حمدان زوجته على الفور ‪ :‬تعالي يا أم حمدان‬ ‫انظري انه ابننا حمدان لقد وجدوه ‪ ..‬لقد وجدوه الحمدهلل ‪.‬‬ ‫لم تصدق ما سمعته و ظنت بأنها في حلم‪ ،‬تركت ما‬ ‫ً‬ ‫راكضة‪ ،‬اتسعت حدقة عينيها حينما رأت‬ ‫بيداها و ذهبت‬ ‫صورة ابنها‪ ،‬و انهمرت دموعها على وجنتيها‪ ،‬أخذت نفسا ً‬ ‫عميقا ً ثم حمدت هللا تعالى و شكرته على رعايته البنها‪.‬‬ ‫‪81‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫بعد أن ظنوا بأنهم سيرجعون اليوم إلى منزلهم و ابنهم بين‬ ‫أحضانهم‪.‬‬ ‫لم تستوعب والدته هذا الخبر‪ ،‬فسقطت مغشيا ً عليها و تم‬ ‫نقلها للمشفى‪ ،‬و بعد مرور ساعات أفاقت و بدأت بالبكاء ما‬ ‫أن استرجعت ما حصل ‪.‬‬ ‫طلب منهم الطبيب أن تبقى لديهم يومان في المالحظة‬ ‫ألن حالتها متدهورة‪ ،‬و سيقوم بإعطائها مسكن لكي تهدأ و‬ ‫ترتاح‪.‬‬ ‫مرت األيام و ال زالت عائلة حمدان تنتظر ابنهم المفقود‪،‬‬ ‫و أملهم باهلل لم ينقطع‪ ،‬واثقين و متوكلين عليه بأنه سيحفظ‬ ‫ابنهم و سيرجعه لهم بإذنه تعالى ‪.‬‬ ‫و مهرة كذلك رغم صغر سنها إال أنها كانت تجلس‬ ‫مع والدتها على سجادة الصالة و تدعوا معها بأن يرجع هللا‬ ‫أخيها‪.‬‬ ‫منذ أن فُقد حمدان و المنزل فارقته السعادة‪ ،‬و حياتهم‬ ‫أصبحت حزينة‪ ،‬كئيبة ‪.‬‬ ‫لذلك قررت شقيقة أم حمدان أن تخرجهم من هذه األجواء‬ ‫بالخروج معهم لتناول العشاء ‪.‬‬ ‫رفضت أم حمدان هذه الفكرة إال أن شقيقتها أصرت‬ ‫عليها‪ ،‬إن لم يكن ألجلها فألجل هذه الطفلة ‪.‬‬ ‫وافقت حينها و ذهبت معهم‪ ،‬و ما أن وصلوا إلى مركز‬ ‫التسوق حتى رأت مهرة المالهي و أرادت أن تذهب لتلعب ‪.‬‬ ‫لم تستطع والدتها تمالك نفسها عن البكاء‪ ،‬فما أن رأت‬ ‫المالهي حتى تذكرت ذلك اليوم الذي فقدت فيه ابنها ‪.‬‬ ‫فاحتضنتها شقيقتها قائلة ‪ :‬لو كنت أعلم بأنك ستبكين لما‬ ‫أتيت بك إلى هنا ‪.‬‬ ‫أجابتها ‪ :‬ال بأس أنا على ما يرام‪ ،‬سأجلس في هذه‬ ‫الزاوية‪ ،‬اذهبي أنتي مع مهرة لكي تلعب ‪.‬‬ ‫ردت مهرة ‪ :‬ال‪ ،‬ال أريد أن ألعب و أنتي تبكين ماما‪،‬‬ ‫فلنرجع إلى المنزل‪.‬‬ ‫‪80‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫تكراراً‪ ،‬و كان يردد عليها ‪ :‬انتي امرأة مؤمنة و تثقين بأن‬ ‫كل ما يكتبه هللا سيحدث‪ ،‬لذلك كوني أقوى من كل شيء‪،‬‬ ‫فابننا ال يحتاج سوى الدعاء‪ ،‬و مكوثنا هنا ال جدوى منه‪ ،‬لقد‬ ‫وضعنا أرقامنا لديهم و سيتصلون بنا في الحال عندما يجدونه‬ ‫بإذن هللا تعالى ‪.‬‬ ‫و بعد مرور ثالثة أسابيع من التفكير و اقناع والد حمدان‬ ‫لزوجته‪ ،‬وافقت أخيراً على ذلك و رجعوا إلى البالد ‪.‬‬ ‫كانت والدة حمدان في كل يوم تدخل إلى غرفة حمدان‬ ‫لتشم ثيابه و تحتضن وسادته و دموعها منهمرة على وجنيتها‪.‬‬ ‫لم يكن على لسان مهرة حين رؤيتها لوالدتها في هذه‬ ‫الحال سوى سؤال واحد ‪ :‬ماما لماذا تبكين كل يوم‪ ،‬لن نرى‬ ‫أخي حمدان مجدداً ؟‬ ‫و تجيبها ‪ :‬ال‪ ،‬ال تقولي ذلك سنراه و سيرجع بإذن هللا‪،‬‬ ‫أنا أبكي ألنني افتقدته أريد أن أراه ألحتضنه و أقبله ‪.‬‬ ‫و ال زال والد حمدان على اتصال دائم مع السفارة‪ ،‬إال‬ ‫أنه ليس هنالك أي خبر يذكر عن ابنهم ‪.‬‬ ‫لقد هجر النوم جفون والدة حمدان و ذبلت عيناها من‬ ‫ً‬ ‫دقيقة واحدة فكانت‬ ‫البكاء‪ ،‬و في المقابل لم تتركها شقيقتها‬ ‫تساندها و تذكرها باهلل تعالى و رحمته‪ ،‬و طلبت منها أن‬ ‫تكون قوية أمام ابنتها ‪.‬‬ ‫انتشرت قصة حمدان على األخبار و الجرائد و وسائل‬ ‫التواصل االجتماعي و أثارت تعاطف الناس ‪.‬‬ ‫و لم يمر أسبوعان حتى اتصلت السفارة بوالد حمدان‬ ‫يبلغونه بالعثور على ابنهم المفقود ‪.‬‬ ‫لم تصدق والدته بأن ابنها سيعود لحظنها‪ ،‬و كانت تنتظره‬ ‫أحر من الجمر‪ ،‬إال أنه في هذه اللحظات وردهم اتصال‬ ‫على ٍ‬ ‫بوجود خطأ و أن الطفل الذي وجدوه ليس ابنهم و قاموا‬ ‫باالتصال بهم بدالً من االتصال بذويه‪ ،‬و اعتذروا منهم ‪.‬‬ ‫اظلمت الدنيا بوجه عائلة حمدان بعد االتصال الذي أثلج‬ ‫صدورهم و أفرحهم إال أن فرحتهم لم تكتمل‪ ،‬و خابت آمالهم‬ ‫‪79‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫الحيوانات و اطعامهم و التصوير معهم‪ ،‬ومن ثم رجعوا للفندق‬ ‫ألنهم شعروا بالتعب‪ ،‬و قرروا إكمال جولتهم في الغد ‪.‬‬ ‫و في اليوم الثاني ذهبوا إلى مصنع الشوكوالتة‪ ،‬حيث‬ ‫قام ك ٌل منهم بإعداد قالب الحلوى الخاص به ‪.‬‬ ‫أما في اليوم الثالث فقد اتجهوا إلى متحف الشمع لمشاهدة‬ ‫التماثيل الشمعية للمشاهير‪ ،‬و من ثم إلى السوق الليلي لشراء‬ ‫بعض الهدايا التذكارية لألقارب و األصدقاء ‪.‬‬ ‫و في اليوم الرابع ذهبوا إلى مدينة المالهي إال أنها كانت‬ ‫مزدحمة ؛ لذلك اقترح والد حمدان أن يغيروا وجهتهم إلى‬ ‫مكان آخر‪ ،‬لكن حمدان و مهرة بكا و أصرا على أن يدخلوها‬ ‫ٍ‬ ‫اليوم ‪.‬‬ ‫و أثناء انشغال األم بالتصوير و األب بشراء التذاكر‪،‬‬ ‫اختفى حمدان عن أنظارهم ‪.‬‬ ‫سألوا مهرة إن كان قد أخبرها إلى أين سيذهب‪ ،‬إال أنها‬ ‫أجابت بالنفي ‪.‬‬ ‫فكانت منشغلة بأكل حلوى غزل البنات و لم تنتبه له ‪.‬‬ ‫قام األب بابالغ رجل األمن‪ ،‬و سلمه صورة ابنه‪ ،‬وبعد‬ ‫مرور ساعات طويلة من البحث لم يرو له فيها أثر‪ ،‬أبلغوا‬ ‫السفارة لتقوم بدورها بالبحث و نشر صورته في الصحف‬ ‫الرسمية و األخبار ‪.‬‬ ‫مر يومان و ال يوجد أي خبر عن حمدان‪ ،‬و لم تكف‬ ‫والدته عن البكاء و القاء اللوم على نفسها ألنها لم تنتبه البنها‪،‬‬ ‫و والد حمدان ليس بيده شيء ليفعله سوى تهدئتها ‪.‬‬ ‫انقضى أول أسبوع بطيئا ً ثقيالً على أسرة حمدان‪ ،‬و ال‬ ‫زالت السفارة تبذل ما بوسعها اليجاد ابنهم المفقود ‪.‬‬ ‫و بعد مرور شهر قرر والد حمدان العودة إلى البالد‪،‬‬ ‫بعد أن رأى حالة زوجته تزداد سوءاً يوما ً بعد يوم‪ ،‬فأراد أن‬ ‫تكون بين أهلها لكي يقفوا معها و يخففوا عنها مصابها ‪.‬‬ ‫رفضت والدة حمدان ذلك و طلبت منه الرجوع لوحده‬ ‫إن كان يريد ذلك‪ ،‬إال أنه لم ييأس و حاول اقناعها مراراً و‬ ‫‪78‬‬


‫الرحالت‬

‫املركز الثاين مكرر‪ :‬مرية راشد املهريي‬ ‫جامعة سانت جوزيف‬

‫مع بداية موسم الصيف‪ ،‬تبدأ أغلب العائالت بالتخطيط للسفر‬ ‫لقضاء إجازة الصيف في الخارج‪ ،‬للترفية عن أنفسهم ‪.‬‬ ‫و قصتي تدور أحداثها حول عائلة مكونة من أم و أب و‬ ‫أبنائهما التوأم حمدان و مهرة‪ ،‬البالغان من العمر ‪ 6‬سنوات ‪.‬‬ ‫بعد شهور من الدراسة انتهى العام الدراسي و أغلقت‬ ‫المدارس أبوابها‪ ،‬و كانت نتائج حمدان و مهرة مرضية ‪.‬‬ ‫و أتى شهر رمضان المبارك الذي انقضى مسرعا ً بين‬ ‫زيارات األهل و األحباب و أداء الشعائر الدينية و ختم القرآن‬ ‫و متابعة البرامج و المسلسالت‪ ،‬و جاء بعده عيد الفطر السعيد‬ ‫الذي يزداد جماالً ببهجة األطفال و فرحتهم بمالبسهم الجديدة‬ ‫و العيدية التي يجمعونها من األهل و الجيران ‪.‬‬ ‫و بعد العيد سافر والد حمدان مع زوجته و أبنائه‪ ،‬في‬ ‫أول يوم ظلوا في الفندق ليأخذوا قسطا ً من الراحة بعد ‪7‬‬ ‫ساعات قضوها في الطائرة‪ ،‬و في اليوم الثاني بدأو بزيارة‬ ‫حديقة الحيوانات‪ ،‬حيث استمتعا حمدان و مهرة كثيراً برؤية‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫ال سيما سلطان الذي اقترح على رجل من القرية لديه عربة‬ ‫صغيرة ان يعود من طريق الجبل ليعبروا من طريق مختلف‬ ‫لعلهم يستطيعون نشر الخير اكثر وينتهون من رحلتهم بسرور‬ ‫ورضا وعافية متممين ما ذهبوا اليه‪ .‬طريق مظلم وبارد هواء‬ ‫مغبر وضباب معتم عبروا ما فوق ‪ 20000‬كيلو توقفت عربة‬ ‫سلطان في جبل مرتفع كانت هناك إنارة صغيرة توجهه سلطان‬ ‫اليها وجلس ليأكل بعض الطعام الذي صنعه له اهل القرية التي‬ ‫خرج منها طلب سلطان من رجل العربة ان ينام قليال‪ .‬عادل‬ ‫يمشي في طريقه متشوقا للقاء صديقه والعودة الى ديارهم لم‬ ‫يقف عادل في الطريق ابد بل اكمل طريقا حتى توقف في ذاك‬ ‫المكان الذي غاد به صديقه سلطان ولكن من الخلف وجلس في‬ ‫جبل مرتفع وودع صاحب السيارة متشكرا له ‪ .‬بعد ساعات‬ ‫استيقظ سلطان و أكمل طريقه حتى وصل الى المكان الذي‬ ‫ترك به صديقه عادل وجلس في اسفل الطريق ينتظر كل منهما‬ ‫األخر‪ .‬شعر عادل بالضيق فقرر أن ينزل من الجبل فرأى شبه‬ ‫رجل في األسفل صرخ بنبرة شوق سلطان!! التفت سلطان‬ ‫ووقف واسرع عادل متجهها أليه واحتضنوا بعضهم البعض‬ ‫وربت كل منها في كتف اخيه عادل بصوت مليئة بالراحة ما‬ ‫أجملها من رحلة هكذا شاء والدك وهذا انت أتممت األمر بكل‬ ‫رضا ورغبة وصبر لعل هللا يهب لك من يبرك يوما ما‪ .‬عادل‬ ‫بصوت مرتفع ويديه للسماء ( جعل هللا والدك ووالدي ووالد‬ ‫من يقرأ القصة من السبعين األلف اللذين يدخلون الجنة من غير‬ ‫حساب وال سابق عذاب) سلطان بابتسامته الجذابة اللهم آمين‪.‬‬ ‫بادرا بالمشي عودة لديارهم وبصوت واحد من أجمل الرحالت‬ ‫كانت ضحك كالهما في الوقت نفسه‬ ‫(رحلة الى الخير)‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة أحداثها ممتعة وتعلم الشباب عن طاعة وبر الوالدين‪.‬‬ ‫معانيها وصيغة القصة قوية وتعبيرها جيد»‪.‬‬ ‫‪76‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫حالما استجابة العربة ووصلت اليهم كان هناك رجل في اول‬ ‫فقص عليهم سلطان القصة والرحلة‬ ‫العربة وعائلة من خلفه‬ ‫َ‬ ‫التي يرغب كل منهما فيها حاول رجل العربة مساعدتهم‬ ‫على قدر من المستطاع ولكن لم تكن العربة كافية لكليهما فقد‬ ‫كانت تكفي لرجل واحد فقط حزن سلطان كثيرا والتفت نظر‬ ‫اليه عادل وهمس له قائال فلتذهب انت وليكن هللا في عونك‬ ‫وانا سأكمل طريقي حتى يهب هللا لي من لدنه مساعدة رفض‬ ‫سلطان هذه الفكرة قائال لن اترك صديقي مهما كلفتنا المسافة‪.‬‬ ‫ذهب عادل وجدث مع رجل العربة طلب منه بعض الوقت‬ ‫ليتحدث مع سلطان‪ .‬عادل بنبرة رجاء وحدة سلطان لتذهب‬ ‫انت فهذه باألخير وصية أبيك ومن بعدها رغبتنا وحبنا الى‬ ‫هذا الفعل‪ .‬سلطان بنبرة حزن وضيق‪ ,‬عدني بأنك ستأتي‬ ‫عدني بأن نعود معا من حيث أتينا؟ عادل بصوت منخفض‬ ‫وفرحة اعدك واحتض بعضهما البعض وتقاسما األذكار‬ ‫واللوحات ورحل سلطان مع العربة األولى‬ ‫القسم الخامس (األخير)‬ ‫التقى سلطان وعادل بعد عناء طويل وفرحة لم تكن‬ ‫بالحسبان وتمت الوصية بحمد هللا‪.‬‬ ‫بادر عادل بالسير حالما غادرت عربة سلطان وسار على‬ ‫ما كان يسير به هو وسلطان وضع األذكار في الطريق شعر‬ ‫عادل باإلرهاق وبدا يشعر بقدميه ثقيلة وجلس بدون ان يشعر‬ ‫في طريق السير حتى استوقفت سيارة امامه نهض مسرعا دون‬ ‫ان يترك لقدميه راحة وروى القصة سريعا ووجد االستجابة‬ ‫والعون من صاحب السيارة فسار حتى وصل الى القرية ونشر‬ ‫فيها بعض القصص االسالمية والخير وبعض االذكار كما يفعل‬ ‫سلطان في قرية فقيرة ناسها ولكنهم متعاونون كثيرا وتقبلوا‬ ‫سلطان قبوال حسن‪ .‬كان االسلوب والتقنيات التي يستخدمها‬ ‫كل من سلطان وعادل اسلوب تقني ولبق بينما هم في اماكن‬ ‫متفرقه اال انهم ابدعوا في فعل الخير ونشره وعبر كل منهما‬ ‫لخمسة مناطق مختلفة‪ .‬عادل بادر بالعودة عن طريق الجبال‬ ‫‪75‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫ثم قام كل منهما بقوة ونشاط وحماس لفعل الخير و قد وضع‬ ‫كالهما مسمى لهذه رحلة وهي (رحالت الى الخير)‪.‬‬ ‫الساعة تشير الي الخامسة فجرا توقف سلطان على‬ ‫طرف من الطريق ألداة صالة الفجر من حيث انه كان من‬ ‫يقود السيارة في هذا الوقت وبعد ذلك أخذو بعض الالئحات‬ ‫وقاموا بتثبيتها في اماكن مختلفة على الطريق وبعد ذلك‬ ‫استمر سلطان في قيادة السيارة وعلى بعد ‪ 250‬كيلو نزل‬ ‫كل منهما وضعوا الئحات أخرى وبعد ذلك قم عادل بقيادة‬ ‫السيارة وعلى متن ‪ 100‬كيلو‪ .‬فجأة توقفت السيارة حاوال‬ ‫كثيرا إلصالحها ولكن دوم جدوى جلس كل منهما بيأس‬ ‫كانت المسافة للعودة أقرب من المسافة التي يجب ان يقطعوها‬ ‫للوصول للقرى وبعد وقت قصير وقف سلطان بنبرة اصرار‬ ‫سنفعل ما نستطيع وما يجب ان نفعل ونكمل الطريق حتى‬ ‫يرسل هللا لنا من عنده المساعدة ولكن لن نعود مهما كان‬ ‫ثمن تلك الرحلة وقف عادل يخطو نحو السيارة جمع جميع‬ ‫االغراض واخذ بها ونظر للخلف مناديا سلطان هيا ابتسم‬ ‫سلطان وعيناه مليئة بالدموع خطا بخطوات سريعة نحو‬ ‫عادل احتضنه بشدة قائال ليبقيك هللا بجانبي دنيا واخرة ‪.‬‬ ‫تقاسما االغراض معا وبادرا بالمشي وعلى انقطاع كل ‪100‬‬ ‫متر يضعان الئحة من ذكر هللا وبقيا على مسارهما حتى جاء‬ ‫الليل استمدا طريقا الى الجانب ليرتاح كل منهما قليال وبعد‬ ‫ساعتين استيقظ عادل على صوت االذان شعر عادل بشعور‬ ‫جميل وقام ليتمم ودعا ربه كثيرا ان ييسر امورهم و همس‬ ‫بصوت خفيف ليوقظ سلطان للصالة حالما انتهى سلطان من‬ ‫الصالة والدعاء قام كل منهما واستعد ليكمال طريقهما وضع‬ ‫عادل الئحة ذكر في المكان الذي استراحا فيه‪ .‬وأثناء سيرهما‬ ‫كانا يتبادالن األحاديث والضحك ويذكرون هللا معا ويضعون‬ ‫الئحة في طريقهما حتى بلغهم التعب فجلس كالهما على‬ ‫طرف الطريق وبدا لهم من مكان بعيد عربة صغيرة متجهة‬ ‫نحوهم ابتسم كالهما ووقفا رافعين االيدي ملوحين للعربة‬ ‫‪74‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫امنية في حياتي‪ ,‬أنقلها اليك فعل وعسى ان تتم الصالحات‬ ‫ويرزقك هللا خيرا من بعد هذه الرحلة‪.‬‬ ‫القسم الرابع‬ ‫عادل يرفع االتصال مرحبا سلطان نعم انا على اتم‬ ‫االستعداد للرحلة نصف ساعة وسأكون أمام بابكم‪.‬‬ ‫جلس سلطان محتار بما قرأه من وصية أبيه فجمع جميع‬ ‫اخوته وامه وأعمامه وقص اليهم ما قرأه من وصية ابيه ‪,‬لقد‬ ‫وصاني ابي برحلة الى خير كان يسعى اليها ابي في عمره‬ ‫االخير ولكن هللا لم يشأ فنقل أبي هذا العمل آلي ولقد طلبت‬ ‫المساعدة من اخي وصديقي المقرب عادل ان يكون معي في‬ ‫هذه الرحلة التي تدعي للخير والسلوان فجاء الرد سريعا من‬ ‫اهله واقربائه بالرضا والفرح والحزن القليل من كلمة وصية‬ ‫التي تسرد اليهم بعض الذكريات من أبيهم‪ .‬طلب سلطان من‬ ‫اخوته ان يقوموا بجمع اللوح وبعض االوراق التي جمعها‬ ‫وتركها والده لهذه الرحلة التي تدعي للخير بينما يقوم هو‬ ‫بترتيب حقيبة صغيرة لبعض احتياجاته الخاصة وبعد ساعة‬ ‫تماما وصل عادل ألمام منزلهم وقام سلطان بتوديع عائلته‬ ‫وأحبابه ليتقيهم على خير ان شاء هللا بعد تمام رحلتهم‪ .‬عادل‬ ‫بصوت اصرار انا من سأقود بداية ليرتاح بالك أوال ويهدأ‬ ‫ذهنك‪ .‬وبعد ثالث ساعات طلب سلطان من عادل ان يتوقف‬ ‫ليرتاح قليال وليتناولو شيئا ويلقون نظره لهذه الرحلة وكيف‬ ‫ستكون وما هو المخطط الذي ديور في بالهم‪ .‬فخطر في‬ ‫بال عادل فكرة انه على مسافة ‪ 50‬كيلو من هذا المكان‬ ‫توجد استراحة ليتم تناول شيئا ما والتحدث براحة اكثر فوافق‬ ‫سلطان على هذه الفكرة التي تعد بداية لمشوارهم الكبير‬ ‫ورحلتهم‪ .‬عندما بلغا االستراحة بادر سلطان بوضع المخطط‬ ‫امامهم وكانت فكرتهم الرئيسية و وصية ابيهم هي نشر الخير‬ ‫في ارجاء القرى ووضع بعض االذكار في الطرق البعيدة‬ ‫وشبه صحراوية ليتم ذكر هللا ويعم لسان كل من عبر وكل من‬ ‫رأى ولتكون صدقة جارية أيضا لوالده‪ .‬تبادال الحديث طويال‬ ‫‪73‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫اكون خير أخ وأبن ورجل لعائلته ثم قبل جبينه وخرج بعيدا‪.‬‬ ‫وبعدها نقل الخبر لعائلته ولم يستطع تحمل األمر كونه الولد‬ ‫الوحيد ألبيه أخذ هاتف وأرسل رسالة لصديقه المقرب عادل‬ ‫ليخبره ما حصل ويرغب في وجوده بجانبه‪.‬‬ ‫القسم الثالث‬ ‫اتجه سلطان لينام في غرفة والده وبينما هو يحتضن‬ ‫وسادة ابيه امسك بورقة بيضاء مطوية أخذ بها ليقرئها فبدا له‬ ‫اسمه في بداية السطر سلطان‪!!.‬‬ ‫أيام وليالي صعبة قد مرت على عائلة سلطان ففقد أبيه‬ ‫كان قاسيا ومريرا حاول سلطان كثيرا ان يسيطر على الوضع‬ ‫وان يبقى قويا مستقيما ألجل العائلة وال سيما صديقة عادل‬ ‫الذي لم يتركه للحظة واحدة ‪ .‬وبعد انتهاء اليوم الثالث من‬ ‫العزاء وفي وقت متأخر كان سلطان يسمع صوت والدته تقرأ‬ ‫القرآن في الليل استيقظ وتوجه أليها قبل رأسها وجلس يستمع‬ ‫اليها قليال ثم سمع صوت أذان الفجر قام ليتوضأ ويصلي‬ ‫وبعدها قرأ له من القرآن حتى شعر بالنعاس ذهب لغرفة‬ ‫والده لينام فيها كان ذلك رغبة منه وشوقا قد يسميه البعض‪.‬‬ ‫وضع جسده على الفراش واسند رأسه على وسادة ابيه وجلس‬ ‫يشتم برائجته وبدت عيناه تهدر الدموع وقلبه ينقبض خشية‬ ‫ان يصدر له صوت يأتي بوالدته أليه حاول ان يتمالك نفسه‬ ‫وبدت له بعض التفاصيل الصغيرة التي عاشها مع والده‬ ‫والرحالت القصيرة وبداية تكوينه وكيف كان والده أب مثالي‬ ‫بالنسبة له وحنون أخذت به الذكريات طويال وهو يلتفت يمينا‬ ‫ويسارا متمسكا بوسادة ابيه حتى شعر انه يمسك شيء بيده‬ ‫استيقظ مسرعا ممسكا ورقة بيضاء استقام معدال جلسته اسند‬ ‫ظهره على السرير فتح الورقة وبدأ بقراءتها‪.‬‬ ‫ابني العزيز سلطان كنت انت الولد الوحيد الذي رزقني‬ ‫من هللا علي حياة سعيدة‬ ‫أياه أبي والحمدهلل من فضله لقد َ‬ ‫وجميلة معكم ورزقني بركم فمن بعد هللا انت اوصيك بأمك‬ ‫واخوتك خيرا وان تكون لهم خير األبن واألخ‪ .‬لقد كانت لدي‬ ‫‪72‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫بالبكاء بشده فتقول والدتك لوالدتي اجمل االطفال من يملكون‬ ‫شعر خفيف حينها اتجهه اليك وانقل ما قالته والدتك ونبدأ‬ ‫باللعب في الرمل سويا‪ .‬ضحك وليد بصوت مرتفع ووضع‬ ‫يده على كتف خالد وبادروا بالمشي‪ .‬وبينما هم يتبادالن‬ ‫االحاديث توقف سلطان امام مقهى وسال هل تود ان نشرب‬ ‫القهوة عادل جل وال بأس فطلب سلطان القهوة واتجه كالهما‬ ‫بطاولة مطلة على الشاطئ أخرج عادل السيجارة صرخ‬ ‫سلطان بصوت مرتفع ال تفعل مرارا وتكرارا قلت لك ان‬ ‫ال تفعل انها تسبب العديد من األمراض ال تفعل وامسك بها‬ ‫ورمى بها بعيدا صرخ عادل قائال ‪ :‬وما شأنك انا من يفعل‬ ‫لست انت وبدا شجارهما وانتهى بمغادرة سلطان بعيدا‪.‬‬ ‫القسم الثاني‬ ‫الساعة الثالثة فجرا صوت رسالة رفع عادل رأسه وفتحه‬ ‫عينيه محاوال قراءة الرسالة (ان هلل وان اليه لراجعون) تلك‬ ‫العبارة الوحيدة التي استطاع قراءتها‪.‬‬ ‫عاد سلطان للمنزل وهو غاضب فكان غضبه خوفا على‬ ‫صديقة المقرب خشية ان يفقده اتجه الى فراشه ليرتاح قليال‬ ‫وبعد ساعتين صدر صوت بكاء وضجيج يمآل المنزل استيقظ‬ ‫سلطان مسرعا كانت الساعة تشير الى الواحدة فجرا خرج من‬ ‫غرفته متجه للصالة فرأى جميع أفراد اسرته يبكون بصوت‬ ‫توقف للحظة التفت من حوله فرأى اخته الصغرى ذات ‪13‬‬ ‫سنة فسألها ما الذي يحدث قالت أبي سقط سهوا ويأخذونه‬ ‫للمستشفى صعق سلطان واخذ بنفسه للمستشفى انتظر ساعة‬ ‫خلف باب العناية هو وأعمامه الثالثة بعد ساعة تماما خرج‬ ‫الطبيب ورأسه منكوسا في االرض قائال قدر هللا وما شاء‬ ‫فعل ليكن هللا في عونكم‪ .‬هدرت الدموع من عين سلطان‬ ‫كثيرا ولكن لم يصدر له صوت تمالك نفسه ودخل الى ابيه‬ ‫ليراه للمرة األخيرة همس كثيرا وهو يمسك يديه ليرحمك هللا‬ ‫يسكنك فسيح جناته ليكن هللا في عوننا يا أبي من بعدك أعدك‬ ‫أن اكون ذاك الذي تمنيته دائما وأن أهتم بأمي واخوتي وان‬ ‫‪71‬‬


‫الرحالت‬

‫املركز الثاين‪ :‬أحالم عادل‬

‫معهد أبوظبي للتعليم والتدريب املهني‬ ‫القسم األول‬ ‫يخشى ان يفقد صديقه المقرب فقام بنصحه حتى ارتفع‬ ‫صوتهما واتجه كل منهما في طريق مختلف‪.‬‬ ‫عادل‪ :‬أبيض البشرة عيناه عسلية اللون شعره طويل‬ ‫ناعم الملمس جسمه متناسق ‪ ,‬طيب يحب مساعدة االخرين‬ ‫يحب صديقه المقرب خالد‪.‬‬ ‫سلطان‪ :‬حنطي البشرة طويل القامة اسود العينين شعره‬ ‫قصير جسمه كالمعضلين وسيم مصلي يحب الخير وفي‬ ‫ومخلص مع الجميع‪.‬‬ ‫بينما هم يتجوالن نحو الشاطئ تعلو صوت ضحكاتهم‪,‬‬ ‫وليد بصوت مرتفع ‪:‬آه ما اجمل الجو والنسيم العليل اتذكر‬ ‫عندما كنا اطفاال كيف كنا نلعب ونمرح هنا واألهل يراقبوننا‬ ‫خوفا ان نجري ونسقط في البحر يا لها من أيام جميلة‪ .‬خالد‬ ‫كم هي جميلة حقا اتذكر عندما كنت اصرخ بصوت لماذا‬ ‫يتطاير شعر وليد وانا ال يوجد لدي شعر طويل لماذا واهرع‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫نهضت أمل بشكل مفاجئ‪ ،‬افزع نورة‬ ‫عفوا …هل بإمكاننا رؤية ابنك‬ ‫نظرت السيدة نحو أمل بدهشة‪ ،‬ثم قالت‪ :‬مؤكد …‪.‬‬ ‫اتبعيني‬ ‫تبعت أمل السيدة الى ردهة جانبية‪ ،‬وسارت خلفها ببطيء‬ ‫في ممر طويل‪ ،‬المنزل كبير جداً‪ ،‬فكرت وهي تشعر بدقات‬ ‫قلبها بأنها عائلة ثرية جدا لكن ما جدوى المال والثروة‪ ،‬إذا‬ ‫حرمت أغلي ما لديك صحتك ورفيق درب‬ ‫انتظرا لبرهة أمام المصعد الزال بابه الذهبي الالمع‬ ‫موصد بإحكام‪ ،‬ثواني قليلة من االنتظار المشوق‪ ،‬تبعت‬ ‫السيدة الى المصعد ثم مسار آخر طويل‪ ،‬روائح العود والعطر‬ ‫الفاخر‪ ،‬تنعش األجواء‪ ،‬باقات الزهور الضخمة مصفوفة‬ ‫بعناية تنم عن ذوق رفيع‬ ‫ابتسمت بال إرادة‪ ،‬وهي تمعن النظر بإحداهن‪ ،‬علقت‬ ‫السيدة …‪ .‬عبد الرحمن يعشق الزهور …‪..‬‬ ‫طرقت األم بابا ً مغلقاً‪ ،‬ثم انتظرت الرد‪ ،‬فتحت الباب‬ ‫ودعت أمل لتتقدم الى الداخل‪ :‬تفضلي يا ابنتي …‪.‬‬ ‫خمسة عشر عاما ً مضت‪ ،‬لم تغيره كثيرا سوى بعض‬ ‫خطوط الشيب في شعره‪ ،‬وشحوب وجهه‬ ‫إال انه كما هو الزال يعشق الزهور …‪ .‬ويحب أن يقرأ‪،‬‬ ‫وهو متشبثا ً بأمل‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«كشفت هذه القصة عن موهبة التعبير‪ ،‬واملعاجلة والنهاية‬ ‫حيث كانت الشخصية متسلسلة بطريقة جعلت القارئ‬ ‫يتشوق لتكملت القصة ليعرف النهاية املفعمه باألمل‪..‬‬ ‫أسلوب متفرد في التعبير عن تفاصيل احلياة ونفسير حالة‬ ‫الظغنسان الذي صارع ما بني صراعة النفسي وهدفه الرئيسي‬ ‫في احلياة»‪.‬‬ ‫‪69‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫لم ال يا أمل …سأرافقك للمقابلة األولى‪ ،‬ونتعرف على‬ ‫طبيعة وبيئة المنزل والعائلة‪ ،‬ونرى الطفل في الوقت ذاته‪.‬‬ ‫وكل شيء يعود لكِ بعد ذلك صدقيني لن اتدخل في قرارك‬ ‫بعد وهلة تفكير اجابت أمل …حسنا فلنقم باألمر …‬ ‫االسبوع القادم ربما…‬ ‫خير البر عاجله…‪ .‬فلنذهب في الغد‬ ‫ابتسمت أمل …‪ .‬ليكن ذلك‬ ‫في ذلك المساء لم تستطع آمل النوم مطلقا باتت الحياة‬ ‫مرعبة‪ ،‬والناس يخيفونها بصورة غريبة‪ ،‬تريد البقاء حبيسة‬ ‫هذه الغرفة حتى آخر يوم في حياتها ال تريد التعرض للقسوة‬ ‫والمهانة ال تريد التعامل مع البشر‪ ،‬ال تريد التعامل مع المزيد‬ ‫من المحتالين والخونة‪.‬‬ ‫نهضت في الصباح على مضض‪ ،‬ارتدت مالبس أنيقة‬ ‫ومرتبة‪ ،‬ولو ان جميع مالبسها لم تعد تناسبها فقد بدت نحيلة‬ ‫للغاية‬ ‫تتبعت نورة جهاز االرشاد في السيارة للوصول الى‬ ‫العنوان المحدد‪ ،‬دخلت الى الفيال الكبيرة بخطى مترددة‪،‬‬ ‫وكأنها فتاة صغيرة تقبل الى مدرستها في العام األول‪.‬‬ ‫جلسا في ردهة االنتظار الى ان حضرت األم التي‬ ‫تلقت أمل بترحيب ومحبة وصافحتها بحرارة‪ ،‬قدمت لهما‬ ‫المشروبات والفطائر واطلعتهما عن الحادث المأساوي الذي‬ ‫تعرض له ابنها “عبد الرحمن” وفقد على آثره زوجته وابنه‬ ‫الوحيد‬ ‫ارتجفت يدا أمل وكاد فنجان الشاي ان يسقط من بين‬ ‫يديها‪ ،‬لوال انها تداركت األمر ووضعت الفنجان على الطاولة‬ ‫خانتها قواها وذاكرتها ولم تجد كلمات العزاء المناسبة‪،‬‬ ‫لمواساة السيدة أمامها‪ ،‬قالت نورة متداركة األمر‬ ‫أحسن هللا عزاءكم يا خالة‪ ،‬رحمهما هللا واسكنهما فسيح‬ ‫جناته‪ ،‬اومأت السيدة برأسها قائلة‪:‬‬ ‫اللهم آمين‪ ..‬آمين‬ ‫‪68‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫لم تجد أمل الرد المناسب‪ ،‬ليس لديها ما تقوله ألحد‬ ‫قالت نورة‪ :‬ال تحملي نفسك كل ذلك العبء الثقيل‪،‬‬ ‫ت حتى ال‬ ‫تحدثي‪،‬اصرخي‪،‬ثوري‪،‬اصنعي أي شيء…ان ِ‬ ‫تبكين !‬ ‫أجابت أمل باستسالم شديد‪ :‬ولم على ان افعل كل ذلك‪،‬‬ ‫لن تصحح األوضاع ولن تعود السنين إلى الوراء‪.‬‬ ‫أود اإلصغاء إليك…أود حقا ً مساعدتك‪ ،‬أريد منك‬ ‫الخروج للجلوس معنا‪ ،‬ان تبحثي عن حياة جديدة‪،‬عن أمل‬ ‫جديد‬ ‫ال أريد العودة الى هناك‪ ،‬ال يمكنني العمل من جديد‬ ‫ومن قال بأن عليك العودة الى العين‪ ،‬نحن نريدك بيننا‪،‬‬ ‫أبواب الرزق مشرعة‪ ،‬بفضل هللا‪ ،‬في العمل ستجدين المتعة‬ ‫والتسلية والفائدة صدقيني‬ ‫ال أريد ان أكون عبء ثقيل عليكم يا نوره‪ ،‬ولكنني‬ ‫بالفعل أحتاج الى بعض الوقت للراحة‬ ‫كما تشائين‬ ‫مع مرور الوقت‪ ،‬أدركت كم هي بحاجة للعمل إلنقاذ‬ ‫روحها وعقلها من التخبط والجنون‪ ،‬تراودها األفكار المضللة‬ ‫في صحوتها و منامها و تشعر بالذنب الكبير في حق نفسها‪،‬‬ ‫وكم تشعر بالخزي والعار لكونها قابعة بال حراك‪ ،‬ال تعود‬ ‫بالنفع على نفسها وال على اآلخرين‪ .‬تشعر بأنها غارقة في‬ ‫الندم‪ ،‬آلنها افسدت كل شيء …وكم تشعر بوخز وتأنيب‬ ‫الضمير…ليتها استمعت لنصيحة أمها‪ ،‬ليتها احتاطت بشيء‬ ‫من ال ّتعقل والحذر‪.‬‬ ‫عادت نوره لفتح سيرة العمل من جديد‪ ،‬حضرت الى‬ ‫غرفتها وهي تحمل قصاصة مطوية بعناية‪.‬‬ ‫خذي هذه يا أمل‪ ،‬انه اعالن عن وظيفة شاغرة هنا في‬ ‫دبي‪ ،‬اسرة تعرض أحد ابنائها لحادث مروري وهم بحاجة‬ ‫لممرضه تهتم به‬ ‫ انا…‪ .‬مرافقة خاصة …!‬‫‪67‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫التفسيرات واألسئلة مشاعر الخيبة والخذالن تعلق في الحنجرة‬ ‫تصيب باالختناق‪ ،‬كيف لها ان تطالب بحق لها بسنين عمرها‪،‬‬ ‫بأحالمها‪ ،‬ومشاعرها و بأموالها التي كدحت سنين طويلة‬ ‫لكسبها طالبت بالطالق‪ ،‬فوافق مباشرة‪ ،‬خسرت مالها‪ ،‬فقد‬ ‫قام سالم بشراء شقق باسمه في تركيا ومصر ولبنان‪ ،‬واقسم‬ ‫أمام القاضي بأن المال كان عبارة عن قرض‪ ،‬منحها إياه في‬ ‫السابق‪ ،‬لتسديد نفقات عالج والدتها قبل وفاتها‪.‬‬ ‫اغمضت عينها بشدة‪ ،‬وارخت ظهرها الى المقعد‪ ،‬الحافلة‬ ‫تسير باالتجاه المعاكس عن مدينتها وأحالمها‪ ،‬ماضية في رحلة‬ ‫العودة الى دبي‪ ،‬وهي تجهل أي مصير ينتظرها‪ ،‬لقد تخلت عن‬ ‫وظيفتها‪ ،‬وعن مهنة زاولتها لسنوات طويلة‪ ،‬تخلت عن تفاؤلها‬ ‫واقبالها على الحياة‪ ،‬االن لم يعد بإمكانها معالجة المرضى‬ ‫وال تخفيف آالمهم‪ ،‬لقد فقدت األمل‪”،‬وفاقد الشيء‪ ،‬ال يعطيه”‬ ‫إنها تشعر بالعجز عن التفكير بأي شيء‪ ،‬كيف ستتولى شؤون‬ ‫حياتها‪ ،‬كيف ستتمكن من تخطي معاناتها‪ ،‬والنهوض من جديد‪،‬‬ ‫لتثق في العالم من حولها تخوض فرص جديدة‪.‬‬ ‫استقرت في منزل أخيها‪ ،‬فقد تم بيع منزل األسرة الكبير‪،‬‬ ‫وتم توزيع الحصص‪ ،‬وكانت حصتها من ضمن المبالغ التي‬ ‫اودعتها في حساب سالم‪ ،‬وها هي تشعر بأنها دخيلة على‬ ‫منزل أخيها وزوجته‪ ،‬التي استضافتها بحفاوة وترحاب بالغ‪،‬‬ ‫اشعرتها طيبة نورة بالخزي كيف لها ان تحشر نفسها وسط‬ ‫شؤون و حياة اآلخرين فقط ألنها اخفقت في تدبير شؤونك ؟‬ ‫انقضت أشهر عديدة‪ ،‬وهي حبسيه غرفتها الجديدة‪ ،‬ال‬ ‫تفارقها إال بعد إلحاح شديد‪ ،‬رفضت تلقي أية رسائل من‬ ‫صديقاتها‪ ،‬ومن مسؤولين في المستشفى يطالبونها بالعودة‬ ‫إلى العمل‪.‬‬ ‫تقربت اليها نورة زوجة أخيها بعد مضى األيام محاولة‬ ‫التحدث اليها كعادتها منذ قدمت للعيش معهم‬ ‫استحلفتها باهلل أال تردها خائبة‪ ،‬رجتها ان تستمع اليها‪،‬‬ ‫وتفكر بتعقل وجدية أكبر‬ ‫‪66‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫أرض سكنية في مدينة العين‪ ،‬وبناء منزل األحالم‪ ،‬شرح لها‬ ‫سالم ظروفه منذ البداية لقد سبق له الزواج من ابنة عمه‪،‬‬ ‫وله منها ولد وبنت وقد خصص بيته األول لعائلته األولى‪.‬‬ ‫وشرح لها بأنه ملتزم بأطفاله برغم فشل زواجه وبأنه رجل ال‬ ‫يتنصل من مسؤولياته مطلقاً‪ .‬ولو انه يسعى للعمل بجهد لبناء‬ ‫اسرة جديدة‪ ،‬مبنية على الحب والثقة والتعاون‪ .‬كبر سالم في‬ ‫نظرها وأصبح مثلها الذي تقتدي به ‪.‬‬ ‫ألجله قبلت توقيع عقد العمل بشروط صارمة في مدينة‬ ‫بعيدة نوع ما عن مدينتها وعن أهلها‪ ،‬ووافقت بإرادة تامة‬ ‫على نظام المناوبات الشاق‪ ،‬وتحمل مشاق ومصاعب العمل‬ ‫ورضخت دون ضغوط القتراحه بتأجيل الزفاف حتى يقتربا‬ ‫من جمع مبلغ مناسب لشراء أرض يقيمان عليها بيت الزوجية‪.‬‬ ‫لقد ساعدها سالم مرة على إدخال أمها الى المستشفى‬ ‫الذي تعمل به لتكون قريبه منها‪ ،‬وأصر على شراء بعض‬ ‫األدوية الغير متوفرة في صيدلية المستشفى‪ ،‬لقد كان شهم‬ ‫ونبيل‪ ،‬ورغم ذلك شعرت بخيبة الرجاء لمشاعر الرفض‬ ‫واالستياء التي حملتها امها نحو زوجها ‪.‬‬ ‫عدى عن ذلك‪ ،‬فكل شيء كان رائع ومثالي ومقنع‪،‬‬ ‫يقولون الحب األعمى‪ ،‬فماذا لو اصبح من تحبه هو عيناك‬ ‫التي تبصر بهما!‬ ‫اضطرها العمل الى االبتعاد عن اسرتها وعن والدتها‬ ‫التي أحبتها كثيراً‪ ،‬والتي ألحت بشدة قبل وفاتها‪ ،‬على‬ ‫المسارعة في اتمام الزفاف‪ ،‬وعلى ان يضم سالم اسمها الى‬ ‫اسمه في الحساب المشترك‪ ،‬التي تودع به راتبها كل شهر‪.‬‬ ‫إال إنها كانت في غفوة مضللة‪ ،‬وحماقة عابرة‬ ‫لم تصحو منها سوى بعد ان اكتشفت حقيقة زوجها‬ ‫المخادع‪ ،‬حين تم استدعائها ذات يوم‪ ،‬لحالة والدة مستعجلة‬ ‫لتدرك انها تحمل بين يديها مولوده السادس عمر!!‬ ‫لقد كانت صدمة قوية‪ ،‬افقدتها رغبتها بكل شيء في‬ ‫هذه الحياة‪ ،‬في المواجهة والمقاومة‪ ،‬والمطالبة بالكثير من‬ ‫‪65‬‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫في كلية العلوم‪ ،‬وكان خريجا ً في فصله الدراسي األخير‪ ،‬ما‬ ‫شدها نحوه في الواقع وسامته وذكائه وعفويته‪ ،‬وشغفه بقراءة‬ ‫الكتب وهوسه بالزهور مثلها‪ ،‬شعرت به يراقبها من حين‬ ‫آلخر‪ ،‬وبصورة ما شعرت بالراحة بتواجده‪ ،‬قال لها مرة‪،‬‬ ‫حين اخفقت في اختبار إحدى المواد ‪ :‬رحلة الحياة ال تتوقف‬ ‫عند تجربة معينة‪ ،‬وال نتيجة محددة‪ ،‬هناك دائما شعاع أمل‬ ‫ينتظرك بعد مسار ما‪.‬‬ ‫ودون اتباع أية اساليب ملتوية‪ ،‬طلب منها عنوان والدها‬ ‫وصارحها برغبته بالزواج‪ ،‬وكانت صدمتها كبيرة‪ ،‬إذ لم يتم‬ ‫األمر كما تنبأت له فوالدها قام برفضه فقط ألنه من عائلة‬ ‫ثرية جداً‪.‬‬ ‫كانت األشهر األولى التي خاضتها للتدريب في العيادة‪،‬‬ ‫كفيلة بتغيير مجريات كثيرة في حياتها‪ ،‬تدربت على يد أطباء‬ ‫متخصصين في شتى العالجات‪ ،‬اطلعت على حاالت مرضية‬ ‫غريبة و مثيرة لالهتمام‪ ،‬خاضت تجارب عديدة ساعدتها‬ ‫على صقل وبناء شخصيتها‪ ،‬كانت هناك بين الوالدة والموت‪،‬‬ ‫بين الضحك والصرخات‪ ،‬بين أعين تبصر النور‪ ،‬وأخرى‬ ‫تغمض في الظالم‪.‬‬ ‫هنا ايضا خاضت قصة حب للمرة الثانية‪ ،‬وتم عقد‬ ‫قرانها إلى زميل يعمل في المستشفى ذاته‪ ،‬كان سالم مرح‪،‬‬ ‫نشيط ومثابر‪ ،‬شهد له الجميع بالمثالية وحسن الخلق‪.‬‬ ‫التقت به في المركز الصحي‪ ،‬وهو من قام بتدريبها‪،‬‬ ‫بعد مرور سنة بحث لها عن عرض أفضل‪ ،‬عن فرصة عمل‬ ‫ذهبية في المستشفى الكبير‪ ،‬آثرها على نفسه‪ ،‬لقد اغرقها‬ ‫بعنايته وكرمه وافضاله‪.‬‬ ‫تبدلت كل أمور حياتها في هذه المدينة‪ ،‬ففي السنة األولى‬ ‫استطاعت اجتياز مرحلة التدريب وتم تعينها كممرضة أولى‬ ‫في السنة الثانية كانت مخطوبة لشاب خلوق وملتزم‪،‬‬ ‫وفي السنة التي تليها تم عقد قرانها‪ ،‬وكان عليهما بعد ذلك‬ ‫البدء بالتعاون واالدخار لجمع مبلغا ضخما ً من المال لشراء‬ ‫‪64‬‬


‫رحلة أمل‬

‫املركز األول‪ :‬ريم زكريا محمد املرموم‬ ‫جامعة زايد‬

‫قررت العودة إلى دبي بشكل نهائي‪ ،‬اختارت المقعد األخير‬ ‫في الحافلة‪ ،‬لوحت بيدها نحو زميالتها في العمل‪ ،‬فهذا كل‬ ‫ما استطاعت تقديمه‪ ،‬ال وعود وال آمال أو مجرد ابتسامه‪،‬‬ ‫اسندت رأسها إلى زجاج النافذة‪ ،‬عقلها المثقل بالكثير من‬ ‫األفكار التي تحاول طردها بعيداً‪ ،‬تنهدت بعمق شديد وهي‬ ‫تحدق بعيداً دون رؤية شيء بالتحديد‪ ،‬مدينة العين تبدو آسرة‬ ‫وهادئة كثيراً‪ ،‬بعكس إمارة دبي مسقط رأسها‪ ،‬شعرت بذلك‬ ‫الفارق الكبير طوال االثني عشر عاما ً التي قضتها في مدينة‬ ‫العين للعمل‪ ،‬بد ًء بفترة التدريب في كلية التمريض‪ ،‬إلى ان‬ ‫حصلت على وظيفة بإحدى المراكز‪ ،‬ثم التحاقها بإحدى‬ ‫المستشفيات الحكومية براتب مغر جداً‪ ،‬ثم ترقيتها للعمل‬ ‫رئيسة الممرضات في مستشفى العين الكبير‪،‬‬ ‫لقد تغيرت مخططاتها كليا ً منذ بداية مشوار حياتها‬ ‫العملية‪ ،‬بعد فشل اتمام الخطوبة بزميل لها التقته في الجامعة‪،‬‬ ‫وأول من شعرت باالرتياح نحوه‪ ،‬كانت في سنتها األولى‬


‫‪ 25 – 18‬سنة‬ ‫تقرير لجنة التحكيم‬

‫مشاركات فئة ‪ 18‬فام فوق تنوعت بني أحداث وتعابري قوية ومواهب‬ ‫متعددة بأساليب مختلفة من روايات إىل أسلوب املذكرة اليومية‬ ‫والعديد من األساليب املختلفة‪.‬‬ ‫أود أن أنبه املشاركني برضورة الكتابة بلغة سليمة خالية من األخطاء‬ ‫قدر املستطاع‪ ،‬ومراجعة مشاركاتهم قبل تسليمها عىل األقل ‪ 3‬مرات‬ ‫خصوصتا األخطاء اإلمالئية والنحوية ألن ذلك قد يؤثر عىل نتيجة‬ ‫التحكيم وهي أيضا من رشوط الكتابة الرئيسية‪.‬‬ ‫ألف مربوك للفائزين‪.‬‬ ‫سارة املهريي‬ ‫ديسمرب ‪2016‬‬



‫‪ 25 – 18‬سنة‬

‫و استلقى على سريره‪ .‬كان عقل أحمد ما بين عالم الحقيقة و‬ ‫عالم األحالم حين لمح من طرف عينه المفتوحة صورته مع‬ ‫الرجل الفقير خارج صندوق الذكريات‪.‬‬ ‫رفع نفسه و نظر إالى الصورة‪ ،‬شريط من األفالم‬ ‫عرض في عقله‪ ،‬أوال المتسول على الرصيف‪ ،‬ثم الصورة‬ ‫في صندوق الذكريات‪ ،‬ثم الطفل قيس عند اإلشارة‪ ،‬ثم‬ ‫صورة العم مع الرجل العجوز المبتسم‪ ,‬و حديث العم عن‬ ‫األولويات‪ ...‬هم أهم أولوياته‪..‬‬ ‫اآلن وبعد بضعة أعوام‪ ,‬أحمد يملك أكبر جمعية خيرية‬ ‫تهتم بالفقراء من جميع النواحي‪ .‬هذا هدف أحمد في الحياة‪,‬‬ ‫مساعدة الفقراء‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫« البحث عن الهدف من أهم األشياء التي يجب على اإلنسان أن‬ ‫يسعى له‪ .‬شخصية هذه القصة رحلت إلى عالم لتستكشف‬ ‫ما هدفها في احلياة عبر قصة مشوقة ذو أسلوب محفز للقراءة‬ ‫وتعبير سلس وممتع‪ .‬أمتنى لو يكتب كاتب هذه القصة قصص‬ ‫أخرى معبرة لتعلم الشباب أن أهم األهداف الشخصية في‬ ‫املستقبل»‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫حين دخل العم مع العشاء و أنساه موضوع الرجل العجوز‪.‬‬ ‫جلس العم و أحمد على طاولة الطعام جائعين متلهفين‬ ‫للجلوس سويا بعد كل هذه السنين‪ .‬بدؤوا باألكل و الحديث‬ ‫عن الزمن و ذكريات طفولة أحمد‪ .‬حدث العم أحمد عن ما‬ ‫فاته في تلك المدة التي غاب فيها فيها من أمور و قصص‬ ‫حدثت في الحي‪ .‬حدث أحمد العم عن حياته الجديدة و عمله‬ ‫و حيه الجديد‪.‬‬ ‫في سياق الحديث‪ ،‬سأل العم أحمد عن سبب زيارته‬ ‫اليوم إلى الحي‪ .‬اخبره أحمد بما حصل معه اليوم و اخبره عن‬ ‫رحلته للبحث عن هدفه في الحياة‪ .‬قال له العم‪“ :‬الهدف في‬ ‫الحياة مختلف من شخص آلخر‪ ،‬يعود ذلك ألفكار الشخص‬ ‫و الطريقة التي نشأ بها يا بني‪ ،‬هناك بعض الناس يرون أن‬ ‫هدفهم في الحياة هو جني المال‪ ،‬ألن المال هو أهم أولوياتهم‪.‬‬ ‫آخرون يرون أن هدفهم هو تحصيل العلم و االجتهاد ألن‬ ‫العلم هو أهم أولوياتهم‪ .‬رتب أولوياتك و ستعرف هدفك في‬ ‫الحياة يا أحمد‪”.‬‬ ‫أكمل أحمد والعم سهرتهما‪ ،‬لم يحس أحمد بمرور الوقت‬ ‫حتى ضقت ساعة العم القديمة في منتصف الليل‪ .‬اعتذر على‬ ‫طول الزيارة و قام ليرجع إلى منزله‪ ،‬كان يلبس حذاءه حين‬ ‫لمح صورة العم و الرجل العجوز ثانية‪ ،‬حدق بها و الحظ‬ ‫العم اهتمامه الملحوظ بها‪ .‬قال له‪ “ :‬أال تتذكره؟” رد أحمد‪:‬‬ ‫“يبدو مألوفا ولكني ال أتذكره‪ ”.‬قال له العم ‪“ :‬هذا رجل‬ ‫أرجعت (أنت) له األمل حين أسقيته و أطعمته طول شهر‬ ‫رمضان قبل أن تغادر‪ ،‬هذه االبتسامة المرسومة على وجهه‬ ‫صنعك أنت يا أحمد‪ ”.‬ابتهج أحمد بسبب هذه الذكرى الجميلة‪،‬‬ ‫ودع العم بحرارة و خرج‪.‬‬ ‫لم يخطر على بال أحمد طول طريق العودة غير أنه‬ ‫بال هدف و أفكار سلبية عن مثل أنه لن يجد هدف لحياته أبدا‪.‬‬ ‫بعد الطريق الطويل وصل أحمدإالى بيته و ركن سيارته‪ .‬كان‬ ‫يمشي بطيئا من التعب‪ ،‬فتح باب البيت و دخل‪ ،‬قصد غرفتة‬ ‫‪59‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫يرجع له نفسه و يعطيه هدفا في هذه الحياة‪ .‬ففي الطفولة‪،‬‬ ‫تكون النفس بريئة غير متصنعة تعكس حقيقة اإلنسان و‬ ‫تكشف كل غطاء عنه‪.‬‬ ‫انطلق بسيارته و عقله ال يهدأ من التفكير و إرجاع‬ ‫الذكريات من أول عمره‪ .‬أوقف سيارته أمام إشارة ضوئية‪.‬‬ ‫كان هناك طفل صغير فقير يبيع العلكة للسائقين‪ .‬ضق على‬ ‫شباك أحمد‪ ،‬فتح له وأعطاه خمسة دنانير وقال له‪ ”:‬أهال يا‬ ‫قيس‪ ،‬كيف حالك؟” رد عليه الولد‪“ :‬أهال يا عم أحمد‪ ،‬الحمد‬ ‫هلل‪ ،‬حفظك هللا‪ ”.‬ابتسم له أحمد و انطلق مرة أخرى‪.‬‬ ‫وصل أحمد إلى حيه القديم‪ ،‬غمرته مشاعر مختلفة‪،‬‬ ‫أحس براحة و أمل‪ ،‬بحزن و اشتياق‪ ،‬بطمأنينة و حب‪“ .‬كلما‬ ‫آتي إلى هنا أحس بروح أبوي رحمهما هللا‪ ،‬حقا أشتاق لهما‪،‬‬ ‫أين أنت يا أبي لتساعدني في هذه الرحلة الشاقة‪ ،‬رحلة الحياة‬ ‫الغريبة المرهقة‪ .‬أين انت يا أمي لتخبريني من أنا؟ فأنت من‬ ‫تعرفيننني أكثر مما أعرف نفسي‪“ ”.‬كلما آتي إلى هنا أتذكر‬ ‫كل إنسان كان لديه أثر على حياتي‪ ،‬كل شخص كانت لديه‬ ‫يد في بناء شخصيتي‪ ،‬كل شخص أنبت في عقلي بذرة كبرت‬ ‫لتصبح ميزة في شخصيتي‪ ”،‬قال في نفسه‪ ،‬و إذ به يلمح‬ ‫أحد هؤالء األشخاص من بعيد‪ ،‬شعر بالحماسة و خرج من‬ ‫سيارته و ركض نحوه‪ .‬أصاح الرجل‪“ :‬أحمد! ولدي الكريم!‬ ‫أهال بك‪ ،‬لم أرك منذ زمن بعيد‪ .‬لقد اشتقت لك!” سلم أحمد‬ ‫على الرجل و قبل يده‪ ،‬دعاه العم إلى العشاء في بيته الصغير‬ ‫و قبل أحمد الدعوة بسرور‪ .‬دخل أحمد إلى البيت و خلع‬ ‫حذائه‪ ،‬ثم رفع رأسه و نظر حوله‪ ،‬صور مألت حيطان بيت‬ ‫العم‪ ،‬أخذ أحمد ينظر إليهم جميعا بتمعن و اهتمام في حين‬ ‫حضر العم العشاء‪ .‬لفتت واحدة من الصور انتباهه الشديد‪،‬‬ ‫كانت صورة للعم مع رجل نحيل و ذو شعر أبيض خفيف‪،‬‬ ‫ثيابه ممزقة قليال و من يراه قد يظن أنه على حافة القبر‪ ,‬و‬ ‫لكن ابتسامته العريضة طغت على أي وصف آخر‪ .‬لقد بدى‬ ‫العجوز مألوفا ألحمد‪ .‬كان يحاول أن يتذكر أين رآه من قبل‬ ‫‪58‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫كتابة أرقام و تخزين معلومات على ذلك الجهاز؟!” شعر‬ ‫أحمد بتعب و إحباط فجأة واحتاج الراحة‪ ،‬ذهب و طلب‬ ‫من مديره العودة إلى المنزل‪ ،‬و بعد مذلة سمح له مديره‬ ‫بالخروج‪.‬‬ ‫خرج أحمد من المبنى الكئيب و هم بفتح باب سيارته و‬ ‫إذ به يرى رجال مسنا يجلس على الرصيف متسوال‪ .‬كعادته‪،‬‬ ‫ذهب إلعطائه المال ولكن فاجأه الرجل بطلب غير متوقع و‬ ‫طلب منه الجلوس بجانبه‪ .‬لبى أحمد طلبه ال إراديا و جلس‬ ‫على الرصيف بجانب الرجل‪ .‬سئل أحمد‪“ :‬من أنت؟” صفن‬ ‫أحمد و تردد‪ ،‬أعيد السؤال في عقله‪“ .‬من أنا؟ هل سئلت هذا‬ ‫السؤال من قبل؟” “أنا أحمد” قال أحمد‪ .‬رد الرجل‪“ :‬لم أسألك‬ ‫عن اسمك‪ .‬هناك اآلالف من الرجال بهذا االسم‪ .‬من أنت‬ ‫منهم؟” صفن ثانية و قال بصوت مرتجف‪“ :‬ال أعرف” رد‬ ‫عليه الرجل‪“ :‬أنت تتصدق لي كل أسبوع‪ ،‬سأرد لك الجميل‬ ‫بما لدي؛ نصيحة‪ ،‬جد نفسك‪ ،‬فإن ظلت تائهة‪ ،‬إن لم تفتقر‬ ‫المال ستفتقر للسعادة‪ ”.‬نزلت كلمات الرجل على أحمد كوقع‬ ‫الصاعقة أفاقته‪ .‬شكر أحمد الرجل المسن و ذهب‪.‬‬ ‫ركب أحمد سيارته و جلس فيها يكلم نفسه قليال‪ .‬تذكر‬ ‫ما قرأه ذات مرة عن البحث عن الذات و كيف أنها أصعب‬ ‫و أطول رحلة في حياة اإلنسان و يسير اإلنسان فيها في كل‬ ‫طريق لتحقيق ما يتمناه‪ .‬قال في نفسه‪“ :‬ما الذي أتمناه؟”‬ ‫أدار محرك سيارته و انطلق بها‪ .‬ظل يفكر و يكلم نفسه‪.‬‬ ‫إنه حقا ال يعرف ماذا يريد من هذه الحياة‪ ،‬ال يعرف حتى ما‬ ‫يريد أن يعطي لهذه الحياة‪ .‬ذهب أحمد إلى بيته‪ ،‬دخل غرفته‬ ‫و أخرج صندوق ذكرياته‪“ ،‬لربما أجد شيئا هنا يشير لهدفي”‬ ‫قال في نفسه‪ .‬لكنه لم يجد غير ألعاب قديمة من أيام الطفولة‪.‬‬ ‫وجد أيضا صورة له في عمر صغير مع رجل فقير‪ ،‬كان‬ ‫يعطيه أحمد فطوره كل يوم و هو ذاهب إلى المدرسة‪“ .‬ال‬ ‫شيء مهم هنا‪ ”،‬قال‪ .‬ترك الصندوق و خرج‪ .‬قرر الذهاب‬ ‫إلى المنطقة التي كان يعيش فيها و هو طفل لربما يجد شيئا‬ ‫‪57‬‬


‫رحلة البحث عن‬ ‫هدف‬

‫املركز الثالث مكرر‪ :‬زين حازم‬ ‫مدرسة املواكب ‪ -‬القرهود‬

‫«هناك هدف لوجودك‪ ،‬أنت على األرض لسبب‪ ،‬ابحث‬ ‫عن هذا السبب‪ ،‬ابحث عن نفسك‪ ،‬ابحث عن ذاتك‪ ».‬صدى‬ ‫صوت متحدث االذاعة ظل يتردد في أذني أحمد حتى ركن‬ ‫سيارته و نزل إلى العمل‪ .‬جلس أحمد على كرسي مكتبه و‬ ‫نظر حوله‪ ،‬رأى أوراقا ال يوجد عليها غير أرقام‪ ،‬حاسوبا‬ ‫يسيطر على عقل البشرية‪ ،‬أقالما مرمية محبطة من روتين‬ ‫هذا العمل الممل‪.‬‬ ‫شعر أحمد بالدوار قليال فذهب إلى الحمام ليغسل وجهه‪.‬‬ ‫رفع رأسه ونظر إلى انعكاسه في المرآة‪ ،‬رأى شارة العمل‬ ‫خاصته حول عنقه تسيطر على رزقه كحبل مشنقة يلتفُّ‬ ‫على مصير حياته‪ .‬نظر إلى وجهه في المرآة و خاطب نفسه‪:‬‬ ‫“هدف في الحياة؟ هل هذا هدفي؟ هل هذا سبب وجودي؟!‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫منعوني ‪ ,‬بدأت بالصراخ ‪ “ :‬أبي ‪ ,‬أبي ‪ ,‬أبي “ وإذا به يلتفت‬ ‫نحوي ‪ ,‬بدأ أبي بالركض ‪ ,‬والدموع تمأل عينيه ‪.‬‬ ‫سمح حراس األمن لي بالدخول ‪ ,‬شعرت بأن هموم الدنيا‬ ‫كلها انتهت ‪ ,‬خرجت أنا وأبي من الملعب ‪ ,‬فبدأنا بالمشي نحو‬ ‫المنزل ‪ ,‬فجأة أرى أبي يمشي في اتجاه خاطئ ذهبت ألدله نحو‬ ‫الطريق ‪ ,‬وفجأة أجده يركب في سيارة فخمة ‪ ,‬وانأ استغرب ‪,‬‬ ‫ثم أتذكر انه كان متواجداً في مقاعد ضيوف الشرف ‪ ,‬ركبت‬ ‫معه وسألته عن ما حصل معه في السنة الماضية ‪ ,‬وكيف نجا‬ ‫‪ ,‬ومن اين له هذه األموال ‪ ,‬بدأ بالضحك وقال‪ “ :‬عندما سقطت‬ ‫من القارب ‪ ,‬بدأت بالدعاء ‪ ,‬استمررت لمدة ساعة وأنا كذلك ‪,‬‬ ‫وفجأة أرى باألفق سفينة تنقيب نفط في البحر ‪ ,‬بدأت بالصراخ‬ ‫‪ ,‬وإذا بأحد الركاب يرمي لي طوق نجاة ‪ ,‬اتضح الحقا ً انه‬ ‫مالك احد اكبر شركات النفط في أوروبا ‪ ,‬عربي الجنسية ‪,‬‬ ‫فحكيت له قصتي ‪ ,‬فوظفني لديه فور ما وصلنا إلى ألمانيا ‪,‬‬ ‫حاولنا البحث عنكم في البحر لكننا لم نستطيع العثور عليكم‬ ‫‪ ,‬اجتهدت في العمل ‪ ,‬وأرسل صديقي رجاالً يبحثون عنكم ‪,‬‬ ‫ولكنهم لم يفلحوا بالعثور عليكم وها أنا اعثر عليك “ ‪.‬‬ ‫عند وصولنا للبيت ‪ ,‬قفز قلب أمي وأختي من الفرح ‪ ,‬إذ أن‬ ‫أبواب الجنة فتحت عليهم ‪ ,‬انتقلنا لبيت جديد ‪ ,‬وحصلت على‬ ‫عمل وأكملت جامعتي في نفس الوقت ‪ ,‬بدأت أختي بالدراسة‬ ‫في الثانوية ‪ ,‬واستقرت حياتنا أخيراً ‪.‬‬ ‫بعد أربع سنين ‪ ,‬تخرجت من الجامعة وأسست مؤسسة‬ ‫خيرية لالجئين السوريين ‪ ,‬إذ عشت تجربتهم ‪ ,‬وعانيت‬ ‫معاناتهم ‪ ,‬سأنال الثواب فيهم ‪ ,‬واحمد ربي واشكره على‬ ‫رحلتي إلى ألمانيا ‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة معبرة وتبعث باألمل بعد أحداث صعبة ال تتخيل‬ ‫ما سيحدف لشخصيتها في املستقبل‪ .‬معانيها قوية‬ ‫وصيغتها وأحداثها مشوقة‪ .‬ألف مبروك»‪.‬‬ ‫‪55‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫في صباح اليوم التالي ‪ ,‬أشرقت الشمس وجلبت معها‬ ‫بصيص األمل ‪ ,‬اصطدنا بعض السمك ‪ ,‬وطبخته أمي بفرن‬ ‫صغير كنا قد أحضرناه معنا ‪ ,‬لم يكن السمك كثيرا لكن لذته أنستنا‬ ‫أين نحن ‪ .‬قضينا بعض الوقت ونحن نتسلى بالحديث معا ً ‪ ,‬وغنينا‬ ‫بعض األغاني الشعبية التقليدية ‪ ,‬التي رفهت عنا ولو قليالً ‪.‬‬ ‫ذهبت الشمس وطل علينا القمر ‪ ,‬بدأت الريح العاتية بالهبوب ‪,‬‬ ‫واألمواج تتضارب وتتعالى ‪ ,‬والمطر يشتد شيئا فشيئا ‪ ,‬حاولنا‬ ‫التمسك وذكر هللا ‪ ,‬ولكن أبي لم يستطع التمسك وهو يحمينا ‪,‬‬ ‫فتهاوى من على القارب ‪ ,‬حاول مصارعة األمواج ولكنه لم يقدر‬ ‫‪ ,‬وبقي يردد ‪ “ :‬ال تعودوا لي ‪ ,‬اذهبوا إلى ألمانيا “ ‪ .‬ترقرقت‬ ‫الدموع من عيني ‪ ,‬وأنا أرى أبي يغرق وأنا ما بيدي حيلة ‪.‬‬ ‫بعد عدة ساعات ‪ ,‬سكن البحر وتوقفت األمطار ‪ ,‬وكأن‬ ‫البحر يعزينا على وفاة والدي ‪ ,‬لقد كان الفراق مؤلما ‪ ,‬فلم‬ ‫نكن نأكل شيئا ً ‪ ,‬مكثنا ثالث أيام دون كالم حتى بدأت اليابسة‬ ‫بالظهور ‪ ,‬فرحنا كثيراً لكننا كنا سنفرح أكثر لوال فراق أبي ‪.‬‬ ‫حاولنا االستقرار في بالد الغربة ‪ ,‬ولكنه كان صعبا ً دون‬ ‫أب ‪ ,‬بحثت عن عمل ‪ ,‬ولكنه كان من الصعب علي العثور‬ ‫عليه دون مؤهالت ‪ ,‬بعدها تعرفت على أصدقاء وكونت‬ ‫معارف ‪ ,‬بدأت تعلم األلمانية ‪ ,‬وحصلت على عمل في بقاله‬ ‫يملكها صديق لي ‪ ,‬واستقرينا في دورتموند ‪.‬‬ ‫مرت سنة على وصولنا أللمانيا ‪ ,‬فقال لي صديقي أن‬ ‫هنالك مباراة للاير مدريد وبروسيا دورتموند ‪ ,‬وانه قد حصل‬ ‫على تذكرتين ‪ ,‬دعاني إلى أن احضر معه للمباراة ‪ ,‬إذ انه‬ ‫يعرف بهوسي لكرة القدم ‪ ,‬فلم استطع الرفض ‪.‬‬ ‫بعد شهر ‪ ,‬حان موعد المباراة ‪ ,‬انطلقت أنا وصديقي إلى‬ ‫ملعب المباراة ‪ ,‬بدأت الجماهير بالتوافد ‪ ,‬حيث كانت المباراة‬ ‫بين فريقين قويين ‪ ,‬انطلقت المباراة ‪ ,‬ولاير مدريد يسجل‬ ‫الهدف األول ‪ ,‬لم انتبه لإلعادة كثيرا ‪ ,‬ولكنني نظرت إلى قسم‬ ‫ضيوف الشرف ‪ ,‬وإذا بي أرى أبي ! ‪ ,‬نعم انه أبي ولم أكن‬ ‫مخطئا ً ‪ ,‬بدأت بالركض نحوه ‪ ,‬ركضت ولكن حراس األمن‬ ‫‪54‬‬


‫ماوراء البحر‬

‫املركز الثالث مكرر‪ :‬صفوان أدهم صفوان‬ ‫مدرسة السلف الصالح الخاصة – قسم البنني‬

‫بسبب قسوة الظروف ‪ ,‬والحروب الدائمة ‪ ,‬والرصاص‬ ‫المنهمر كالمطر الغزير ‪ ,‬الذي أدى إلى دمار منزلنا ‪ ,‬ليس‬ ‫منزلنا فقط بل حياتنا كلها ‪ ,‬اضطررنا للهرب من الجنة‬ ‫السورية التي تحولت إلى مقبرة ال ترحم كبيرا سواء كان أم‬ ‫صغير ‪ ,‬اضررنا ولو لم نكن كذلك لما كنا هربنا إلى‬ ‫ألمانيا في رحلة ‪ ,‬لكنها ليست كأي رحلة ‪ ,‬إنها رحلة محفوفة‬ ‫بالمخاطر تشق البحر المتوسط ‪.‬‬ ‫لم يكن تأمين القارب سهالً ‪ ,‬فقد كان هنالك الكثير من‬ ‫الالجئين ‪ ,‬أخذنا قاربا ً صغيرا ً‪ ,‬يكاد يسعنا نحن األربعة ‪,‬‬ ‫وبعد أن اشترينا القارب ‪ ,‬انطلقنا ليالً نشق البحر المتوسط‬ ‫‪ ,‬األمواج تتخبط في القارب ‪ ,‬والهدوء التام في عتمة الليل‬ ‫التي يتخللها ضوء القمر والنجوم الساطعة ‪ ,‬الصقيع يتجمع‬ ‫على أطراف القارب ‪ ,‬والبرد يزحف اتجاهنا ‪ ,‬هنا بدأت‬ ‫أتأمل قدرة هللا سبحانه وتعالى ‪ ,‬وعظيم قدراته في الكون ‪,‬‬ ‫فجلست أسبح له سبحانه وتعالى ‪ ,‬حتى غلبني النوم ‪.‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫الطائرة وحلّقت معها أحالم بك َل أحالمها التي حملتها معها‬ ‫في أمتعة فؤادها ‪ ،‬فهي ذاهبة إلى حيث تتحقق كل األمنيات‬ ‫وتستجاب ك َل الدعوات ‪ .‬جلست تح ّدق من نافذتها على السحب‬ ‫‪ ،‬البحر ‪ ،‬الجبال ‪ ،‬االخضرار ومع كل واحدة أسرّ ت بأمنية من‬ ‫صندوق أحالمها ‪ ،‬وهكذا استمرت إلى أن نبهها صوت والدتها‬ ‫بوجوب الدعاء لبلوغ الميقات لتبدأ رحلتها مع اإلحرام الذي‬ ‫هو أول خطوات حلمها ‪ ،‬اختلطت مشاعرها وهي تحدث ذاتها‬ ‫‪ :‬هل فعال اقتربنا ؟ ‪ ،‬هل أنا بالفعل قريبة من معانقة حلمي ؟‬ ‫‪ ،‬مشاعر شوق ال يوصف ‪ .‬حطت الطائرة ‪ ،‬وكان االقتراب‬ ‫للحرم يزيد مشاعرها اختالطا وجموحا ‪ ،‬وكأن النقائض في‬ ‫قلبها كلها مجتمعة ‪ ،‬حتى وصلت لألرض المقدسة ‪ ،‬حيث‬ ‫بيت الرحمن ‪ ،‬البقعة الطاهرة من األرض ‪ ،‬نظرتها األولى‬ ‫التي تعانقت مع الكعبة المشرفة كانت كعناق أبدي ال ترغب‬ ‫في االنتهاء منه ‪ .‬مشاعرها الجامحة أصابتها رهبة المكان ‪،‬‬ ‫عظمته ‪ ،‬وروحانيته ‪ ،‬لم تمتلك في تلك اللحظة سوى غزارة‬ ‫مشاعر منسكبة في دمعاتها التي نطقت عنها ‪ ،‬وكأن الدعوات‬ ‫التي حضرتها واألحالم التي عبأتها لتلقيها هنا وتبعثرها هنا‬ ‫كلها هربت ‪ ،‬ال سبيل لها في ذاكرتها ‪ ،‬كل ما في قلبها وعقلها‬ ‫هذه اللحظة ‪ ،‬شعور جميل جدا ال كالم يبلغ وصفه ‪.‬‬ ‫أتمت أحالم مراسم العمرة والسعادة تعتري كل ذرة‬ ‫من جسدها ‪ ،‬هذه السعادة طغت على ارهاقها وتعبها وكأنها‬ ‫استبدلت كل مشاعرها بهذا الشعور ‪ .‬أودعت كل أحالمها‬ ‫عند ربّها ‪ ،‬نفثت كل ما قلبها لموالها ‪ ،‬أسرت بكل رغباتها‬ ‫وأحالمها لخالقها وهي على يقين تام بأنها ستحلّق إلى حيث‬ ‫ترغب ما دام هللا معها ‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫في مخيلتها وقلبها ممتلئ بدعوا ٍ‬ ‫رب اكتب لي زيار ًة‬ ‫ت( َ‬ ‫لبيتك ) ‪.‬‬ ‫تثن‬ ‫توالت األيام َ‬ ‫ومرت عليها الكثير من األحداث التي لم ِ‬ ‫أحالم عن أمنياتها وتشبثها باألحالم ‪ ،‬كانت سعيدة قانعة بأن‬ ‫الرحمن كريم يهبنا ما نشاء وقتما يشاء ‪ ،‬ولكل عطاءاته حكمه‬ ‫من عنده سبحانه ‪ .‬حتى جاء ذاك اليوم المنشود‪ ،‬الذي ز ّفت‬ ‫فيه والدتها لها خبر إتمام إجراءات زيارة بيت هللا الحرام ‪.‬‬ ‫زف إليها حلمًا من أحالمها‬ ‫كان هذا الخبر لها كمن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫العظيمة ‪ ،‬كان كمن منحها أجنحة ومكنها من ارتقاء هذا الحلم‬ ‫الذي كان يناوش جنبات قلبها بين حين وآخر ‪ .‬سعادتها كان‬ ‫تسبق بها خطواتها أم هي من كانت تسبق سعادتها بالخطوات‬ ‫لم تكن تعلم ‪ ،‬فقط ما كانت تدركه حينها ‪ ،‬نعم إنه الحلم‬ ‫بفضل هللا واقعا سيصبح ‪ ،‬قريبا ‪ .‬حان الموعد المرتقب ‪،‬‬ ‫وأحالم تسابق نبضاتها خطواتها للمطار حيث موعد رحلتهم‬ ‫إلى األراضي المقدسة ‪ ،‬ولكنها الحياة ‪ ،‬حيث أرادت أن‬ ‫تمتحنها بعائق تلقيه في طريق حلمها ‪ ،‬الطريق مزدحم بسبب‬ ‫حادث مروري كبير والرحلة لم َ‬ ‫يتبق عليها سوى سويعات‬ ‫معدودة ‪ .‬أحزنها الموقف كثيرا‪ ،‬حيث أنها مع كل تراقص‬ ‫لعقارب الساعات تنازليا نبضاتها تخفق ابتهاال للمولى أن‬ ‫ّ‬ ‫ويسخر لها طريقها إلدراك حلمها ‪.‬‬ ‫يسهّل لها األمور كلها‬ ‫ُّ‬ ‫كانت اللحظات تمر عليها جد عصيبة ‪ ،‬والطريق شبه مشلول‬ ‫من الحركة ‪ ،‬والوقت بدأ ينفذ ‪ ،‬والكل معها ينتظر بصيصا‬ ‫من أمل ينعش أرواحهم ‪ ،‬حتى كان ما أجلى عن قلوبهم هذا‬ ‫الحمل الثقيل ‪ ،‬أدت الشرطة و الدفاع المدني معها جهودا‬ ‫جبارة في إفساح الطريق وإعادة االنسيابية والحياة لحركة‬ ‫السي ‪ .‬تكللت أسارير أحالم ‪ ،‬وابتهج قلبها الذي كان يتراقص‬ ‫فرحا ‪ ،‬يحلّق عاليا عاليا حيث الحلم ‪ .‬تم وصولهم للمطار‬ ‫واتمام اإلجراءات حتى وصولها لمقعدها على‬ ‫متن الطائرة ‪ .‬أحالم كان من نصيبها المقعد المجاور‬ ‫للنافذة ‪ ،‬حيث أنها ترغب في فضاءات تشاركها بهجتها ‪ ،‬حلّقت‬ ‫‪51‬‬


‫رحلة حلم‬

‫املركز الثالث‪ :‬فاطمة رشيد عباس محمد البلويش‬ ‫مدرسة الهمهام للتعليم الثانوي‬

‫األحالم ‪ ،‬أمنيات بين أنفاس الحياة تحتضنها مخيالتنا لتتوق‬ ‫القلوب شو ًقا لتحقيقها ورؤيتها واقعًا تعيشه ‪ .‬وهناك كانت‬ ‫أحالم ‪ ،‬فتاةٌ مليئة باألحالم ‪ ،‬رغم الواقع الذي يحيط بها‬ ‫إال أنها ال تكف عن ممارسة الحياة بأحالم تسعى لتحقيقها ‪،‬‬ ‫وتناجي ر َبها ليمنحها أجنحة تحلّق فيها واقعًا‪.‬‬ ‫حلمها األقرب لقلبها ‪ ،‬والذي كانت تجر إلى السماء‬ ‫دعوا ٍ‬ ‫ت متتالية وإصرار ال ينقطع ‪ ،‬زيارة بيت هللا الحرام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فهي لم تحلق في أجواء الحرم يومًا ‪ ،‬أقصى حدود الحرم‬ ‫الذي اجتازته ‪ ،‬شاشة التلفاز الذي يه َيج قلوب المشتاقين‬ ‫لهذا البيت شو ًقا ال يوصف ‪ .‬تترقب عينيها الواسعتين بكل‬ ‫سعادة صفوف ضيوف بيت هللا المتراصين بعد كل نداء‬ ‫للصالة ‪ ،‬ورهبة هذه الجموع التي تل َبي هذا النداء بكل‬ ‫انصياع بعد ( استووا ) في حلقات كعقد مرصوص ‪ ،‬مشهد‬ ‫تشهق من رهبته وقوته وعظمته القلوب ‪ .‬كانت تستشعر‬ ‫هذه اللحظات وهي مغمضة تح َلق بأحالمها وتتراص معهم‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫مبتسما‪ :‬أظننا وجدنا الرمز يا أسماء! “العصر الذهبيّ ”‪ ،‬هو‬ ‫عصر العلماء و االزدهار وعصر كل هذه االختراعات‬ ‫والعلوم التي أدهشتنا‪.‬‬ ‫«و مازالت األرض تدور‪ ،‬و مازالت الحضارات تتغير‬ ‫على مرِّ الزمن‪ ،‬و مازال الناس ينتقلون من بل ٍد إلى بلد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مكانة في الذاكرة و في القلب ال ولن‬ ‫ولكن تبقى لهذه الرحلة‬ ‫تنسى أبداً» ‪.‬بهذه العبارة أنهى بها األخوان رحلتهما الممتعة‬ ‫والمفيدة ‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة لديها مفردات قوية ومشوقة تبرز علم الكاتب حيث‬ ‫أخذنا في رحلة العلماء‪ .‬فكرتها مبدعة وتوالي األحداث‪.‬‬ ‫ممكن أن تستخدم في املدارس لتعليم األطفال عن العلماء‬ ‫بطريقة مشوقة ومبدعة”‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫مهندس بارع‪ ،‬صنعت ساعة الفيل العظيمة و التي لُقبت بساعة‬ ‫الحضارات‪ .‬لم أنس بالطبع أيها الجزري‪ ،‬فهذه الساعة هي‬ ‫من أعظم إنجازاتك التي مازالت تستخدم على مر األزمان‪.‬‬ ‫ـ وأنت أيضا ً أيّها الخوارزمي‪ ،‬فبصمتك ما زالت تروى‬ ‫و تستخدم و علم الجبر الذي أوجدته ليس باألمر الذي يمكن‬ ‫عمل جدير بتغير موازين كثيرة في الحياة‪.‬‬ ‫تجاهلة‪ ،‬هذا‬ ‫ٍ‬ ‫ـ صحيح ما تقوله‪ ،‬فنحن علماء العصر الذهبي‪.‬‬ ‫وما إن غربت الشمس ح ّتى خرج األخوان إلكمال‬ ‫طريقهما نحو بالد الفرس‪ ،‬فهي آخر رحلة لهذا اليوم الطويل‬ ‫الممتع‪ .‬و بعد مدة من السير وطئت أقدامهما رمال فارس‪،‬‬ ‫ذلك البلد الشاهق المليئ بالعلماء و األطباء و المهندسين‪،‬‬ ‫والمتزين دائما بجمال العمارة وروعة التصاميم ‪ .‬ا ّتجه كل‬ ‫من راشد و أسماء حسب الوصف الذي أعطاهما اياه إبن رشد‬ ‫األندلسي‪.‬‬ ‫فور دخولهما‪ ،‬أثار انتباههما لوحة عمالقة تغطي أحد‬ ‫الجدران األماميه‪ .‬قال راشد‪ :‬إنها صورة امرأة! ول َم تعلق‬ ‫صور النساء هاهنا؟‪ .‬فر ّد عليه صوت نسائيّ من الخلف‪ :‬ألن‬ ‫ال ّنساء ُكنّ من علماء العصر الذهبيّ ‪ ،‬أنا مريم األسطرالبي‪،‬‬ ‫هل تعرفني؟‬ ‫ـ األسطرالبي؟ في الحقيقة‪،‬إنها المرة األولى التي أسمع‬ ‫فيها بهذا اإلسم‪..‬‬ ‫ـ أنا عالمة فلك‪ ،‬و التي أوجدت األسطرالب المعقد‪.‬‬ ‫قالت أسماء ‪ :‬وماهو األسطرالب؟‬ ‫ـ لكن راشد هو من أجاب هذه المره‪ :‬هي البوصلة يا‬ ‫أسماء‪ ،‬التي تستخدم لتحديد المواقع‪ .‬وبينما هما يتحدثان مع‬ ‫العالمة مريم إذا برج ٌل آخريحضر ويعرف بنفسه مقاطعا ً لهم‬ ‫قائال ‪ :‬اهالً بكما إلى هنا‪ ،‬أنا الطبيب في هذا المكان و أدعى‬ ‫أبوبكر الرّ ازي‪ ،‬وأنا أيضا من علماء العصر الذهبيّ ‪.‬‬ ‫أسماء‪ :‬لحظة لحظة‪ ،‬أقلت العصر الذهبيّ ؟ لقد سمعت‬ ‫عصر هو هذا العصر! قال راشد‬ ‫هذه الكلمة كثيرا اليوم‪ ،‬أي‬ ‫ٍ‬ ‫‪48‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫ـ أنا عالم الفيزياء والفلك ابن رشد‪ ،‬كنت أيضا ً طبيبا ً‬ ‫قاض في آن واحد‪ ،‬أحببت ان أجمع بين كل‬ ‫و فيلسوفا ً و ٍ‬ ‫تلك العلوم‪ ،‬باإلضافة إلى أنني ألفت كتبا ً عدة منها كتاب “‬ ‫بداية المجتهد و نهاية المقتصد”‪ ،‬أظنها معلومات كافيه‪ .‬واآلن‬ ‫سأرشدكم إلى الطريق الذي تسلكان إلكمال الرحلة في عصر‬ ‫آخر من العصور‪ ،‬أتمنى لكما رحلة سعيدة‪.‬‬ ‫أكمال مسيرهما بإتجاه اليمين‪ ،‬الطريق المؤدي إلى‬ ‫مخرج القصر‪ ،‬عند خروجهما كانت الشمس منزوية في‬ ‫إتجاه الشرق مالئة بنورها إلى األرض‪ ،‬ركبا قاربا ً يتجه‬ ‫بهم إلى بالد الفرس‪ ،‬التي كانت آنذاك بلداً يحتضن العلم و‬ ‫العلماء بكثرة‪ ،‬عبرا طريقهما مروراً بالبحر األبيض المتوسط‬ ‫وصوالً إلى بالد الرافدين‪ ،‬حيث كانت الدولة العباسية هي‬ ‫الدولة الحاكمه آنذاك‪.‬‬ ‫عند وصولهما قرر راشد و أسماء المكوث في أرض‬ ‫الرافدين لحين غروب الشمس ليكمال مسيرهما بعدها‪ ،‬و في‬ ‫هذه األثناء تذكر راشد الخريطة و أخرجها بسرعة من جيبه‬ ‫و أخذ يتأملها لعلة يجد مكانا ً يذهبان إليه فهم ال يعرفون‬ ‫شيئا ً هنا‪ ،‬بعد تأملة للخريطة وجد راشد أن المئذنه الموجودة‬ ‫في مسجد المتوكل على هللا هي الحل األنسب لهما‪ ،‬فأخذا‬ ‫يتبعان الطريق المرسوم على الخريطة إلى أن وجدا نفسيهما‬ ‫أمام المئذنة العمالقة‪ .‬المكان هادئ والغيوم تحجب قوة أشعه‬ ‫الشمس و ال يوجد أحد سواهما‪ - .‬أسماء‪ :‬أظن أن أحداً ما‬ ‫في الداخل‪ ،‬عليك أن تمشي خلف إحساسي لمرة واحدة على‬ ‫األقل يا أخي‪ - .‬ضحك راشد و أجاب‪ :‬حسنا ً حسناً‪ ،‬هل‬ ‫ت إلى هنا؟ هيا لنقترب‪.‬‬ ‫كنا سنذهب إلى مكان آخر لو لم نأ ِ‬ ‫لمحا رجلين واقفين‪ ،‬والنخوة و الشهامة ملء عينيهما‪ ،‬يبدو‬ ‫أمر ما‪ ،‬اقترب اإلثنان منهما بحذر لتصل‬ ‫أنهما يتناقشان في ٍ‬ ‫أصوات المناقشة إلى آذانهما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـ وأنا أيضا عالم فلكٍ ورياضيات‪ ،‬حققت الكثيرمن‬ ‫اإلنجازات في حياتي ليستفيد الغير من تجاربي‪ .‬ال تنس أنني‬ ‫‪47‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫إلى الطاولة و بيد كل منهما صندوق مغلق‪ ،‬أشار العالم بيده‬ ‫كإشارة لبدء الحديث بينما أسماء تقول في نفسها “ من هؤالء‬ ‫يا ُترى؟ وما هذه الصناديق المبهرة؟! وما هو العصر الذهبي‬ ‫هذا‪..‬؟ سنرى‪ .“ ...‬ثم بدأ العالم األول في الحديث‪:‬‬ ‫ـ أنا عالم مسلم من األندلس‪ ،‬عرفت بأول من حاول‬ ‫الطيران على هذه األرض‪ .‬باإلضافة إلى أنني عالم فلك و‬ ‫رياضيات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫راشد ‪ :‬إذا هل أنت العالم األندلسي الذي ظل اسمه يتناقل‬ ‫حتى عصرنا هذا‪ ،‬عباس بن فرناس؟ نعم هذا أنا ‪.‬‬ ‫أسماء‪ :‬وما بذلك الصندوق الذي بيدك أيّها عالم الجليل ؟‬ ‫ابتسم عباس بن فرناس و فتح الصندوق و أخرج منه‬ ‫ً‬ ‫ساعة المعة‪ ،‬تبدو ساعة تاريخية‪ .‬إنها ساعة الميقاتة المائية‪،‬‬ ‫كنت أوّ ل من اخترعها لمعرفة اختالف األوقات‪.‬‬ ‫ « كم أنت مبدع يا صديقي! « قالها رجل آخر يجلس‬‫بجانبة‪ ،‬هو أيضا ً من علماء ذاك العصر‪.‬‬ ‫ـ أنا ابن الهيثم‪ ،‬عالم عربي ‪ ..‬قضيت معظم فترات حياتي‬ ‫في دراسة الفلك و الفيزياء‪ ،‬كما أنني مهندس و فيلسوف ‪.‬‬ ‫أسماء‪ :‬إذا أنت العالم الذي أثبت أن الضوء يأتي من‬ ‫األجسام إلى العيون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ـ نعم‪ ،‬وهذا بالتحديد ما سترونة اآلن‪ “ .‬أخرج كتابا من‬ ‫الصندوق الذي أمامه”‪.‬‬ ‫ فقال راشد متحمساً‪ :‬أليس هذا كتاب «المناظر» الذي‬‫ألفته ؟ لقد قرأت عنه فيما مضى‪ ،‬ياللروعة هذا مدهش!‬ ‫ـ لقد أصبت إنه بالفعل كتاب المناظر‪ ،‬كنت أول من‬ ‫أسس هذا العلم‪ .‬ولم أخبركما أيضا أنني طبيب عيون‪ ..‬كم‬ ‫أهوى هذه المهنة‪.‬‬ ‫تحدث العالم الذي استقبلهم بادئ األمر‪ :‬هؤالء من علماء‬ ‫عصري والجميع يفخر بهم وبإنجازاتهم‪ ،‬لقد كانوا في رحلة‬ ‫شاقة مع الحياة ولكن اليوم تتحول هذه الرحلة إلى عِ َبر تتناقلها‬ ‫األجيال‪ .‬راشد و أسماء معاً‪ :‬لكنك لم تحدثنا عن نفسك!‬ ‫‪46‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫ـ الرمز؟ إذا اردتما الحصول عليه يجب عليكما التنقل‬ ‫عبري‪ ،‬ربما ستجدونه ولكن ليس بسهولة‪ ،‬واآلن ابدآ الرحلة‬ ‫من الطريق األيسر‪.‬‬ ‫قال جملته تلك ثم اختفى وتركهما في حيرة من أمرهما‪،‬‬ ‫ذهبا إلى الطريق المطلوب و اكتشفا الحقا ً أنه الطريق المؤدي‬ ‫إلى األندلس‪ ،‬يسرعان تارة و يمشيان ببطئ تارة أخرى‪،‬‬ ‫يريدان الوصول بأسرع وقت ممكن‪.‬‬ ‫انظري إلى هناك أترين ما أراه؟‬‫ نعم‪ ،‬أظننا قد وصلنا إلى العصر األندلسي ‪.‬‬‫ شكل المدينة يبدو جميالً و ملفتاً‪ ،‬إنها مختلفة عن‬‫عصرنا تماماً‪ ..‬دعينا ندخل إلى هذا القصر ‪.‬‬ ‫وانطلقا يكمالن سيرهما نحو القصر‪ ،‬إ ّنه قصر الحمراء‬ ‫الواقع في غرناطة‪ ،‬عُرف هذا القصر بجمالية العمارة‬ ‫اإلسالميّة في تصاميمه‪ ،‬وهذا بالتحديد ما أُعجب به راشد‬ ‫و أسماء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ـ آه! المكان جميل ج ّدا يا راشد‪ ،‬أظنني سأبقى هنا‬ ‫ولن أعود من هذه الرحلة‪ ،‬التصاميم مبهرة حقاً! األقواس‪،‬‬ ‫الرسومات‪ ،‬حتى البالط و السجاد‪ .‬هيا بنا‪ ...‬دعنا نكمل‬ ‫جولتنا ‪.‬‬ ‫و بينما هما يسيران نحو أحد أبواب القصر الداخليّة‪ ،‬إذا‬ ‫برجل يخرج ويقف أمامهما قائال‪ :‬أظ ّنكما جئتما إلى الطريق‬ ‫ٍ‬ ‫الصحيح‪ ،‬مرحبا ً بكما في قصر الحمراء األندلسي‪ ،‬ربما‬ ‫تتسائالن من أكون‪...‬؟ حسناً‪ ،‬أنا من أقدم علماء األندلس‪،‬عرفت‬ ‫بحبي لعلم الفلك‪ ،‬الفيزياء‪ ،‬والطبّ ‪ ..‬ستعرفان المزيد ع ّني إذا‬ ‫رافقتماني في رحلة داخل القصر‪ .‬أجابت أسماء واالبتسامة‬ ‫تعلو مالمحها‪ :‬نعم بالطبع نو ّد االطالع على المزيد‪ .‬أكمال‬ ‫سيرهما نحو إحدى الطاوالت الدائرية التي تتوسط الساحة‬ ‫الداخلية المغطاة بالزخارف اإلسالمية و اآليات القرآنية في‬ ‫القصر‪ ،‬نادى العالم فجأة “ يا علماء عصر الذهبي‪ ،‬هلموا‬ ‫إلى هنا”‪ ،‬فأتى رجالن بعد انتظار لم يدم طويال‪ ،‬وجلسا‬ ‫‪45‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫راشد‪ ،‬ال أستطيع ان أراك ما الذي يحدث!‪ .‬أشعل راشد‬ ‫الضوء مره أخرى من ساعته‪:‬تعالي إلى هنا‪..‬أنسيت أننا قد‬ ‫رمز ما؟‪ .‬قالت أسماء‪ :‬نعم لقد تذ ّكرت ولكن‬ ‫جئنا للبحث عن ٍ‬ ‫ً‬ ‫لماذا يبدو المكان مظلما إلى هذا الحد؟!‬ ‫ً‬ ‫اِلتفت راشد يمنة و يسرة لعلّة يجد مخرجا من مكعب‬ ‫الظالم هذا‪ ،‬لكن سرعان ما قطعت أسماء حبل أفكاره قائلة‪:‬‬ ‫هُناك شي ٌء يتحرّ ك يا أخي‪ ،‬هناك شيء يتحرك ! ا ّتجه نحوها‬ ‫مسرعا ً وظ ّل يدف ُع ويدف ُع لعله يكون المنجى‪ ،‬وبالفعل كانت‬ ‫هذه الحركة التي أحسّت بها أسماء هي حركة الباب‪ ،‬ما إن‬ ‫رأيا النور حتى انطلقا مسرعين إلى الخارج‪.‬‬ ‫كان راشد و أسماء وحدهما يبحثان عن سرّ ذلك الرمز‬ ‫في أروقة المتحف العمالقة‪ ،‬ما إن بدأت الشمس ُتشرق و‬ ‫يع ّم النور المكان‪ ،‬وبينما هم يبحثان إذا بورق ٍة ملقاة على‬ ‫األرض تشبه الخريطة‪ ،‬التقطتها أسماء وأخذا يتأمّالنها لفترة‬ ‫لزمن‬ ‫ليست بالقصيرة‪ »،‬كم هي تالفة هذه الورقة‪ ،‬أظ ّنها تعود‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الخط! والحبر كذلك! انظري يا أسماء أال تشعرين‬ ‫آخر‪..‬زمن‬ ‫بما أشعر به؟» قال راشد‪ ،‬وإذا بهما يهتفان بصو ٍ‬ ‫ت واحد ‪:‬‬ ‫الرمز!‪ .‬إذا بدأت اآلن الرحلة الحقيقية‪ .‬أسماء‪ :‬فلنسلك يمينا‪،‬‬ ‫سنواجة بوابة عمالقة كما هو مرسو ٌم هنا راشد‪ :‬إنها أمام‪...‬‬ ‫فما لبث راشد يكمل جملتة ح ّتى بدا النور الساطع متد ّفقا بقوة‬ ‫من بين أركان الباب‪،‬همّا الدخول لكن أسماء ال تزال غير‬ ‫مصدقة لما يجري‪ :‬تمهل يا أخي! إ ِّنني حقا َ أشعر بالخوف‬ ‫ال ّ‬ ‫شديد‪ .‬راشد‪ :‬تابعي معي‪ ..‬ال تقلقي أنا متفائل جدا إننا لم‬ ‫نصل إلى هنا للبحث عن شيء دون جدوى‪ .‬ظهر لهما رج ٌل‬ ‫يرتدي البياض‪ ،‬طويل القامة و يرتدي عمامة على رأسة‪،‬‬ ‫شكلة غريب بالنسبة لهما‪ ،‬بادره راشد بالسؤال‪ :‬من أنت؟‬ ‫ـ أنا الزمن ‪ ..‬أنا التاريخ‪ ،‬أنا عصر العُلماء و العلم‪،‬‬ ‫وانتشار الحضارات‪ .‬ومن أنتما؟‬ ‫ً‬ ‫ـ رراشش د‪...‬إسمي راشد (قالها مرتبكا ) و هذه أختي‬ ‫أسماء‪ ،‬جئنا في رحلة للبحث عن رمز ما‪ ،‬أتراه متعلقا ً بالزمن؟‬ ‫‪44‬‬


‫رحلتي من‬ ‫الظلمات إلى النور‬

‫املركز الثاين مكرر‪ :‬عائشة عبدالقادر املرزوقي‬ ‫ثانوية التكنولوجيا التطبيقية‬

‫بينما تتسلل خيوط الشمس كل صباح‪ ،‬يستقيظ راشد و يوقظ‬ ‫أخته أسماء ليذهبا معا الستكشاف شي ٍء جديد كعادتهما‪ ،‬كم‬ ‫يحبّان الغوص في عالم التاريخ و الحضارات األخرى‪ ،‬إنه‬ ‫أم ٌر مس ٍّل بالنسبة لهما! ولكن طال االنتظار هذه المرة و لم‬ ‫تتسلل أشعة الشمس إلى عين أح ٍد منهم‪ ،‬ظنّ راشد لوهل ٍة أن‬ ‫الصبح قد تأخر اليوم وجلس ينتظر و ينتظر لكن دون جدوى‪،‬‬ ‫رأى فجأة ضوءاً ال يكا ُد يرى ينبعث من يدية‪ ،‬إنها ساعته‪»..‬‬ ‫هتف راشد و البهج ُة ال تخلو من‬ ‫لقد تذكرت أين نحن اآلن»‬ ‫َ‬ ‫مالمحه‪.‬‬ ‫هيا استيقظي يا أسماء لقد تأخر الوقت كثيرا‪ ،‬علينا ان‬ ‫نكمل رحلتنا التي بدأناها باألمس إني متشوّ ٌق كثيراً لرؤية‬ ‫المزيد‪ .‬أجابت أسماء وهي ال تكاد تفتح عينيها‪:‬أين أنت يا‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫الحاكم‪ ،‬كانت الشمس قريبة من الغروب‪ ،‬تخلص من أسئلة‬ ‫الحراس‪ ،‬دخل على الحاكم بفرح وعيناه قد امتألت دموع‪،‬‬ ‫عال «وجدتها»‪ .‬اقترب من الحاكم‪،‬‬ ‫«وجدتها» قالها بصوت ٍ‬ ‫وقال‪ :‬دين‪ ،‬حب‪ ،‬احترام‪ ،‬شجاعة‪ ،‬وقف الحاكم ومن كان‬ ‫موجو ًدا‪ ،‬سُعدوا وتهللت وجوههم جميعا ً بقدوم هذا اليوم‪،‬‬ ‫فقد يئسوا وحزنوا أكثر من الناس على فراق األهالي‪ ،‬وباتت‬ ‫الساللة تنتظر اليوم المنشود‪ ،‬اقترب الحاكم منه مستغرباً‪،‬‬ ‫قال‪ :‬من أنت؟ ومن أين أتيت؟ وأين كنت قبل هذه السنوات؟‬ ‫كاد يفتح أجاد فمه‪ ،‬ولكن الحاكم أسرع قائالً‪ :‬قبأ ان تجيب‪،‬‬ ‫قل ما تريد وستراه أمامك خالل ثوان‪ .‬ق ّدر أجاد كرم الحاكم‪،‬‬ ‫ثم قال بابتسامة واسعة‪ :‬ما أريده هو أن تجمع القرى‪ ،‬وتسمى‬ ‫الحياة‪ .‬لم يكد ينهي جملته حتى أرسل الحاكم حرسه إلى‬ ‫القرى ليعلنوا ال ّتوحد‪ ،‬ذاع صيت أجاد بين الناس‪ ،‬وبينما‬ ‫هو مع الناس منتظرً ا كلمة الحاكم‪ ،‬سمع أحدهم يصرخ‪ :‬اسم‬ ‫على مسمى‪ ،‬فعالً قد أجادَ وأحسن‪ ،‬أغمض عيناه براحة وفي‬ ‫نفسه‪ :‬فعالً لم يرد الحاكم إال إصالحً ا‪ ،‬فالجمع بين الدين‬ ‫والحب واالحترام والشجاعة سينمي الدولة بتقوى هللا‪ ،‬والعزة‬ ‫والتسامح‪ ،‬و الوقار واالتزان‪ ،‬و الجسار ِة و الجراءة‪ ،‬معا ً‬ ‫سيكونون يداً واحدة‪ ،‬هذه األسس هي الحياة‪‬.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة في عالم األلغاز مشوقة وخيالية لم أتوقف عن‬ ‫قرائتها ألنني أردت أن أعرف القصة الغامضة التي شتتت‬ ‫بلدة ثم وحدتها أبارك للفائز على حسن الكتابة ألنها بالفعل‬ ‫كانت مشوقة ولها معاني قوية»‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫خشية هللا ننشر السعادة و األمن و المحبة‪ ،‬دخل القرية الثالثة‪،‬‬ ‫المنظر شبه جنة‪ ،‬عالم أخضر يملؤه الحياة و النشاط‪ ،‬أشجار‬ ‫تمأل الساحة‪ ،‬األهالي بمالبس خضراء‪ ،‬و حشائش‪ ،‬ظل أجاد‬ ‫محدقا ً فالنعيم‪ ،‬حتى قابل رجل و كرر السؤال‪ ،‬أجابه الرجل‬ ‫بهيبة‪ :‬شعارنا الوقار‪ ،‬نعتبر أبسط األشياء التي نفعلها ثمينة‪،‬‬ ‫فالتوقير أول دالئل الحياة‪ .‬شكر أجاد الرجل وأكمل طريقه‪،‬‬ ‫يشعر أنه اقترب من اإلجابة‪ ،‬لم يستعجل‪ ،‬تساءل في حيرة‬ ‫هل إذا علم الناس ما يحصل خارج قراهم‪ ،‬ونهج منهاج‬ ‫كل قرية و األلوان‪ ،‬لحلوا اللغز و تالحموا و أصبحوا قرية‬ ‫متحدة؟! تذكر قول أحد الحرس أن الحاكم الراحل كان من‬ ‫أطيب الخلق‪ ،‬تعجب قائالً‪ :‬لو أنه طيّب‪ ،‬فل َم يفعل شي ًئا كهذا؟‬ ‫أيريد إصالحا أو انتقامًا؟ مشى تاركا ً ألفكاره حرية السباحة‬ ‫في رأسه‪ ،‬اقترب من القرية األخيرة‪ ،‬صوت هتاف‪ ،‬حماس‪،‬‬ ‫روح‪ ،‬ما زاده ذلك إال إصرارً ا و حماسا ً فوق حماسه‪،‬‬ ‫بيوت مصبوغة باللون األسود‪ ،‬يرتدي الناس مشتقات اللون‬ ‫األسود‪ ،‬لم يكن الجو كئيبًا‪ ،‬بل عكسه تمامًا‪ ،‬مليء بالنشاط و‬ ‫الحيوية‪ .‬جلس تحت شجرة قريبة بعد أن كرر السؤال على‬ ‫أحدهم و أجابه‪« :‬عيش يوم واحد كاألسد خير من عيش مئة‬ ‫سنة كالنعامة‪ ،‬نحيي الباسل و الجريء‪ ،‬نتصف بالجسور‪،‬‬ ‫نعادي الرعديد والجبان‪ ،‬فنحن ال نقول ما نعتقد‪ ،‬إنما نعتقد‬ ‫كل ما نقول»‪ .‬وضع األوراق أمامه‪ ،‬استلقى‪ ،‬نظر إلى‬ ‫السماء‪ ،‬استنشق هواء‪ ،‬كتمها لثوان‪ ،‬أخرجها‪ ،‬فكر‪ ،‬ثم جلس‬ ‫يلقي نظرة على األوراق‪ ،‬يفكر باالستسالم‪ ،‬يطرد الهاجس‪،‬‬ ‫يقرأ ورقة تلو األخرى‪ ،‬يشعر برابط‪ ،‬يفكر‪ ،‬ثم يتساءل‪ :‬هل‬ ‫يريد إصالحا أم انتقامًا؟ يكاد يجزم بعد التفكير ِب َش ِيم القرى‬ ‫أن الحاكم لم يرد إال إصالحً ا‪ ،‬وأنه يحاول من خالل اللغز‬ ‫الوصول إلى عقول األهالي وإقناعهم بشيء يخص األربعة‬ ‫كلمات‪ ،‬يأخذ الورقة األولى ويحدق بها‪ ،‬تقوى‪ ،‬إحسان‪،‬‬ ‫وقف غير مصدق ما طرأ على باله‪ ،‬ينظر للورقة الثانية‪،‬‬ ‫تتسع عيناه‪ ،‬يأخذ الورقة الثالثة ثم األخيرة‪ ،‬هرول إلى قصر‬ ‫‪41‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫عليه‪ ،‬ولكن لم تسمح لنا القوانين وال الحرس بمعرفة أخبار‬ ‫القرى المجاورة‪ ،‬فمن المستحيل حل هذا اللغز إن لم نتمكن‬ ‫من معرفة ما يحدث في الخارج‪ ،‬كذلك الرسائل‪ ،‬يتم قراءتها‬ ‫قبل أن تصل إلى أصحابها‪ ،‬تقبلنا الوضع منتظرين اليوم الذي‬ ‫يجمع القرى ومعها األنساب و الحكايات‪ .‬سكت أجاد يفكر‪،‬‬ ‫ثم قال‪ :‬ماذا تتبعون أنتم؟ أجابه الرجل‪ :‬نحن أناس نتحلى‬ ‫باألخالق الحسنة‪ ،‬ولدنا على التقوى‪ ،‬نسارع إلى اإلحسان‪،‬‬ ‫ننصح الفاجر والمتهتك‪ ،‬سالحنا السالم‪ ،‬ونخشى هللا‪ .‬شكره‬ ‫أجاد كثيرً ا‪ ،‬انتظر رحيل الرجل و أسرع يكتب ما قاله الرجل‬ ‫على ورقة شجر الدردار‪ ،‬خرج من القرية األولى و هرول‬ ‫متجها ً إلى القرية الثانية‪ ،‬كل ما يجول في باله‪ ،‬األخالق‬ ‫الحسنة‪ ،‬التقوى‪ ،‬اإلحسان‪ ،‬النصح‪ ،‬السالم‪ ،‬الخوف من هللا‪،‬‬ ‫تالشت أفكاره فور إدراكه وصول القرية الثانية‪ ،‬كانت مختلفة‪،‬‬ ‫الناس بمالبس من تدرجات اللون األحمر‪ ،‬ورد الجوري على‬ ‫أطراف الطريق‪ ،‬يسمع قرقرة بطنه‪ ،‬رأى شجرة التفاح على‬ ‫يمينه‪ ،‬اقتطف تفاحتين‪ ،‬أكل واحدة و خبأ الثانية في جيبه‪،‬‬ ‫صادف رجل يحمل ابنه و على يمينه زوجه‪ ،‬سأله أجاد نفس‬ ‫السؤال بعد أن ألقى عليهم التحية‪ ،‬رد الرجل بابتسامة‪ :‬ولدنا‬ ‫على اإلخاء و المودة‪ ،‬من شيمنا الوفاء و الصدق‪ ،‬ننشر‬ ‫السعادة على وجوه الصغير و الكبير‪ ،‬نبتعد عن المقت و‬ ‫البغضاء و الرياء‪ ،‬أثنى عليه‪ ،‬و تابع رحلته‪ ،‬لم ينسى تدوين‬ ‫ما قاله الرجل على ورقة‪ ،‬سمع صو ًتا في نفس ِه يقول له‪ :‬ألم‬ ‫يحن وقت الراحة بعد؟ يمكنك أن ترتاح اليوم وتكمل رحلتك‬ ‫غ ًدا‪َّ .‬‬ ‫هز أجاد رأسه مانعًا األفكار السلبية السيطرة عليه‪ ،‬ظل‬ ‫يفكر باللغز باندفاع‪ ،‬يطمع لمعرفة اإلجابة‪ ،‬سمع ذاك الصوت‬ ‫مجد ًدا يقول‪ :‬لن تحصل على مكافأة أو شيء يستحق العناء‪.‬‬ ‫كادت تغير هذه األفكار رأيه و لكنه بدأ بالمشي تار ًكا ما‬ ‫ً‬ ‫مركزا على هدفه و ما جمعه خالل زيارته القريتين‪،‬‬ ‫يشوشه‪،‬‬ ‫تابع سيره متأمالً الورقتين‪ ،‬يشعر أن بهما ترابط‪ ،‬و أن كالً‬ ‫منهما يدعم اآلخر‪ ،‬بالتفاني و اإلخاء ُنحسن للغير‪ ،‬وبالسالم و‬ ‫‪40‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫لم يرفض الحطاب سؤاله و قال‪ :‬منذ قديم األزل شخص ما‬ ‫كان يحكم القرية‪ ،‬و قبل مفارقته الحياة قسم القرية إلى أربعة‬ ‫قرى‪ ،‬و فرق بين األهالي و األصحاب و األحباب‪ ،‬و وضع‬ ‫حرسا ً و كالبا ً تمنع األهالي من خروج القرية‪ ،‬و خصّص‬ ‫يوما ً واحداً فقط في األسبوع يُسمح لمن له شأن في الغابة‬ ‫الخروج‪ ،‬وكتب الحاكم في وصيت ُه أنه ال يمكن ألي شخص‬ ‫الخروج من قريته إال لعمل أو شأن في الغابة‪ ‬،‬حتى يجدوا‬ ‫ح ّل اللغز الذي يتكون من أربعة كلمات‪ ،‬و كان شرطه أن ال‬ ‫يتم جمع القرى إال بعد إيجاد حل اللغز من قبل شخص من‬ ‫القرية ليس بحاكم أو أحد من أهله‪ ،‬ألن بعد رحيل الحاكم‬ ‫تدارك الحكم أبناء الحاكم و ذويه‪ ،‬و هم على علم بحل اللغز‪،‬‬ ‫لكنهم ينتظرون إجابة اللغز من أهل القرى حتى هذا اليوم‪.‬‬ ‫تعجب أجاد من هذه الحكاية‪ ،‬سرح بعي ًدا‪ ،‬شعر بأنه أتى لهذا‬ ‫المكان ليخلص أهل القرية من العذاب و حرقة فراق األهالي‬ ‫و األحباب‪ ،‬وقف بحماس و إصرار و شغف لمعرفة ماهية‬ ‫اللغز‪ ،‬شكر أجاد الحطاب‪ ،‬ثم و ّدعه و أكمل مسيره‪ ،‬انتبه‬ ‫لقول الحطاب‪ :‬قبل أن أنسى‪ ،‬إذا دخلت القرية ال يمكنك‬ ‫الخروج منها‪ ،‬سكت قليالً‪ ،‬ثم أكمل‪ :‬يمكنك أن تزعم أنك‬ ‫رسول من الحومة‪ ،‬بعثت لتطمئن على حال األهالي‪ ،‬في‬ ‫هذه الحالة ستتخلص من داومة األسئلة من قبل الحرس و‬ ‫الناس‪ ،‬فقد تعود الناس على نزول الحكام أو ذويهم للسؤال‬ ‫عن أحوالهم‪ ،‬أكمل مسيرة حتى لمح قبة مسجد من بعيد‪،‬‬ ‫اقترب أكثر‪ ،‬صوت أذان و كأنه يأتي من مكان قريب‪ ،‬رائحة‬ ‫سالم تمأل المكان‪ ،‬ضحكات أطفال‪ ،‬اللون األبيض يتراقص‬ ‫في كل زاوية‪ ،‬ورد ياسمين‪ .‬حمامات بيضاء‪ ،‬غيوم‪ ،‬رجال‬ ‫ونساء بعمامات وعباءات بيضاء‪ ،‬يمشي وعيناه تكاد تلتهم‬ ‫تفاصيل المكان‪ ،‬رأى رجل فسأله‪ :‬هل تعلم لِ َم قسِّمت القرية‬ ‫إلى أربعة؟ أخذ الرجل نفسًا قبل أن يقول‪ :‬حدث هذا منذ‬ ‫أكثر من قرن‪ ،‬حيث قسّم أجدادنا و فرقوهم‪ ،‬فقدنا األمل في‬ ‫إيجاد اللغز‪ ،‬و قد قيل أن كل قرية تتبع أساس و منهج تمشي‬ ‫‪39‬‬


‫رحلة أجاد‬

‫املركز الثاين‪ :‬نوف حسني عيل الحامدي‬ ‫ثانوية التكنولوجيا التطبيقية‬

‫زقزقة عصافير‪ ،‬نسمة ريح مصحوبة ببرد‪ ،‬ألم في العنق‬ ‫و الظهر‪ ،‬فتح عينيه مكافحً ا جدائل الشمس التي أوشكت‬ ‫اختراق عينيه‪ ،‬حرك جسده‪ ،‬تأوه فسكن‪ ،‬رد مجاهداً ألمه‬ ‫حتى استقام‪ ،‬وجد عصا فالتقطها‪ ،‬برد و جوع يعتريانه‪،‬‬ ‫ترجل يبحث عن طعام و مأوى‪ ،‬لمح شي ًئا يقترب منه‪ ،‬تمعن‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫بحطا ٍ‬ ‫غطت التجاعيد وجهه‪ ،‬وأحنى الزمن‬ ‫ب‬ ‫في النظر فإذا‬ ‫ظهره‪ ،‬معه حماره‪ ،‬راحة و سكينه تطغى على أحاسيسه‪،‬‬ ‫شعر الحطاب بأن هذا الرجل تائه‪ ،‬قدم إليه ماء و ما معه‬ ‫َ‬ ‫من تمر و جلسا على صخرة قريبة‪ ،‬شكر أجاد الحطاب و‬ ‫قال‪ :‬أبصرت النور فإذا بي في وسط الغابة‪ ،‬ال أتذكر ما‬ ‫حدث لي و كيف و صلت إلى هنا مشيت أبحث عن طعام و‬ ‫مأوى‪ ،‬أجابه الحطاب‪ :‬ستصادف أربعة قرى في هذا االتجاه‬ ‫يا بني‪ ،‬يمكنك أن تسأل أهلها ما شئت‪ ،‬و لهذه القرى حكاية‬ ‫و لغز‪ ،‬لم يحله أحد إلى يومك هذا‪ .‬شيء من الفضول يلوح‬ ‫ألجاد‪ ،‬صمت لبرهة‪ ،‬ثم سأل‪ :‬هل بإمكانك سرد الحكاية؟‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫َ‬ ‫معلم هي‬ ‫كنت تريد أفضل معلم فأفضل‬ ‫عبدي ما يشاء» إن‬ ‫ٍ‬ ‫تريك العجب العجاب وترى من خاللها كل‬ ‫الحياة فالحياة‬ ‫َ‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الحياة مغامرات‪ ،‬ففي الحياة ستغمر كثيرا وترى أشياء‬ ‫لذلك كن طائر ًة تطير عكس‬ ‫عديد ًة حولك أيا ً كان نوعها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫التيار الهواء وجهز نفسك لمواجهة المطبات الهوائية في‬ ‫مطار‬ ‫فيك فاهبط في أقرب‬ ‫رحلتك الطويلة‪ ،‬وإن حصل عط ٌل َ‬ ‫ٍ‬ ‫وأصلح عطلك ثم اقلع إلى وجهتك من جديد‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة أبهرتني كتابتها حيث أن أحداثها ومشاعر الشخصية‬ ‫واقعية وقوية وقد مير بها أي إنسان في هذا الزمان وهي‪:‬‬ ‫«السعادة»‪« ،‬الصبر»‪« ،‬الرضى» و»التألم»‪ .‬وهي أيضا تعلم‬ ‫الشباب كيفية مواجهة املصاعب التي ممكن أن مير عليها أي‬ ‫شخص‪ .‬يجب احلفاظ على هذه املوهبة وحتفيزها مبمارسة‬ ‫الكتابة لتكون جنمة الكتاب في املستقبل من حيث األسلوب‪،‬‬ ‫املفردات والتعبير»‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫كنت أبكِ عندما ُ‬ ‫بكيت كما ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت صغيرة ذكراكم الجميلة‬ ‫صعب‬ ‫ُ لن تنسى ستظل دوما ً هنا‪ ،‬وسأدعو هللا أن يغفر لكم ويدخلكم‬ ‫ُ‬ ‫صليت ركعتين لعلي أرتاح قليالً وتكون‬ ‫فسيح جناته‪ »...‬ثم‬ ‫بلسما ً لروحي‪ ،‬رضيت بقضاء وقدر هللا‪.‬‬ ‫الرحلة األخيرة هي «التأقلم»‪ ،‬وجهتها بعيدةٌ جداً لكنها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والتحقت‬ ‫أنهيت الجامعة‬ ‫كنت قد‬ ‫علمتني الكثير في حياتي‪.‬‬ ‫كنت أحب المغامرة كثيراً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فبدأت بالعمل‬ ‫بالمغامرة رغم أنني‬ ‫هناك‪ .‬عندما بدأت أن أشتغل ألهاني الشغل عن الماضي وعن‬ ‫ُ‬ ‫ت وجدتني ال أنسى‬ ‫كل ما أحزنني لكنني كلما‬ ‫رجعت إلى البي ِ‬ ‫عطر أبي وال عطر أمي الذي احتفظ ب ِه أبي‪ ،‬حتى أن صور َة‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أبي لم تعلق في بيتي لكنها ساكنة في الذاكر ِة لدرج ِة أنني كلما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وجدت آثار أبي التي لن تنسى‬ ‫مكان ما في البيت‬ ‫ذهبت إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫فعلت! كل ما كان عليّ فعل ُه هو‬ ‫أبداً إنها كذلك لن تنسى مهما‬ ‫ُ‬ ‫وفعلت بعد ما مضى من الوقت سنتين‬ ‫التأقلم مع وضعي‪.‬‬ ‫بالتحاقي بشركة التجارة للمغامرات والسياحة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كانت المشاكل التي عاني ُتها في حياتي كثيرة لكنني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ووقفت أمامها بعزيم ٍة رغم أنني أنثى ضعيفة‪ .‬أحمد‬ ‫صمدت‬ ‫هللا دائما ً وأشكرهُ على أن ُه جعلني أغامر في مغامر ِة حيا ٍة كي‬ ‫أتعلم كيفي ِة إدار ِة حياتي التي لطالما كانت مرة المذاق لكن‬ ‫جحيم يحرق صدري إلى جن ٍة‬ ‫بعون هللا تحولت حياتي من‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كتبت مثالً جميال ليلة رحيل أبي «الرحيل ال‬ ‫خلقت في قلبي!‬ ‫ت ال تذبل‪»...‬‬ ‫يقتل‪ ،‬إنما وردةُ الذكريا ِ‬ ‫نتعلم في الحيا ِة أشيا ًء كثيرة مثل الصبر والتسامح‬ ‫والسعادة والرضى‪ .‬أحيانا ً يمتحننا هللا ال لكي يجعلنا نكره‬ ‫الحياة و نريد الموت‪ ،‬بل إن ُه يختبرنا ليعلمنا ما هي أخطاءنا‬ ‫وكيف يمكننا تعديلها‪ ،‬فهو عالم الغيب يعرف كل عي ٍ‬ ‫ب وكل‬ ‫خطأ فينا لكن ُه يري ُد أن يرينا ويعلمنا‪ .‬واعلم أن ُه كلما زاد‬ ‫ُب امتحانك في هذه الحياة‪ .‬ستبكي‪ ،‬نعم‬ ‫إيمانك كلما صع َ‬ ‫ً‬ ‫لكنك في النهاي ِة سترى مع العسر يسرا وتذكر‬ ‫ستبكي وستتألم‬ ‫َ‬ ‫أن هللا يستجيبُ ألفكارك ولظنك به فكما هو معروف «فليظن‬ ‫‪36‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫شهر لكنك لن تظلي مكسور َة الجناحين طوال السنين! سيأتي‬ ‫ٌ‬ ‫وكيف تصمدين والرياح‬ ‫كيف تصبرين‬ ‫حدث وسيعلمكِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫توقعكِ أرضاً!» وها قد حدث الحدث الذي قال لي أبي أنني‬ ‫كيف أصم ُد وأكونُ‬ ‫سأواجهه في حياتي‪ .‬هذه الوجهة علمتني‬ ‫َ‬ ‫جبالً صلباً‪.‬‬ ‫الوجهة الثالثة كانت تسمى بوجه ِة «الرضى» الوجهة‬ ‫التي أبكتني كثيراً وجعلتني أعاني كثيراً وجعلت الحزن يندل ُع‬ ‫من قلبي!‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫كنت ذاهبة إلى حفل تخرجي من الثانوية وكل كلمات‬ ‫ُ‬ ‫تلقيت‬ ‫السعاد ِة ال تصفُ سعادتي بهذا اليوم‪ ،‬في نصفِ الحفل‬ ‫كان مريضا ً وجهاز الغلوكوز‬ ‫اتصاالً من المستشفى فأبي َ‬ ‫موص ٌل إلى يد ِه وهو يسع ُل طوال الوقت قد تتساءلون «كيف‬ ‫أكون سعيد ًة رغم أنه مريض؟» اإلجاب ُة هي أنني‬ ‫لي أن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خرجت من الحفل‬ ‫كنت سأذهبُ إلي ِه بعدَ الحفل لكنني عندما‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اتصلت بهم‬ ‫رأيت اتصاال من المستشفى!‬ ‫صدمت عندما‬ ‫فقالوا لي‪ :‬تعالي إلى هنا من الضروري أن نراكِ ‪ .‬ذهبتُ‬ ‫ُ‬ ‫دخلت كانت المفاجئة‬ ‫بسيارتي بأقصى سرع ٍة إلى أبي وعندما‬ ‫بانتظاري‪ ،‬تلك المفاجئة التي قتلتني وقصمت ظهري وحطمت‬ ‫كل سعادة أحسست بها! قابلتني الطبيبة المسؤول ُة عن أبي‪،‬‬ ‫وشفتاها المرتجفتين تتلعثم في كالمها إن ُه توفي قبل مجيئي‬ ‫ُ‬ ‫دخلت إلى غرفت ِه وإذا بورق ٍة بين يديهِ‪ ،‬أخذت الورق َة‬ ‫بدقائق!‬ ‫كان أبي قد كتب شي ًء أبكاني رغم بساطت ِه‬ ‫وعندما فتحتها َ‬ ‫الوداع صعب لكن هللا اآلن سيرسل ملك‬ ‫«ابنتي أعرفُ أن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الموت ليقبض روحي‪ ،‬وداعا أحبكِ ‪ »...‬كنت أئنُ كطفل ٍة لم‬ ‫ٌ‬ ‫ضائعة بين شوارع الحيا ِة المظلمة والتي‬ ‫تدري أين الطريق‬ ‫للنور فيها إال نادراً‪.‬‬ ‫ال وجود‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكنت‬ ‫عدت إلى البيت الذي سكنا في ِه أنا وأمي وأبي‬ ‫ُ‬ ‫وحيد َة أهلي‪ ،‬وقبل نومي كتبت ما كان في قلبي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كلمات قلبي لن تصف ما أقوله لكم‬ ‫كتبت‪ :‬أبي وأمي‬ ‫ولكن هذا ما وجدت ُه مخبأ ً في أعماق قلبي‪ ،‬وداعكم وفراقكم‬ ‫‪35‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫قال لي‪ :‬قالت لكِ أنكِ ال يمكنك تكوين عالقا ٍ‬ ‫ت إذا؟ وها‬ ‫ت عالق ٍة قوي ٍة معي في‬ ‫بضع دقائق! بنيتي أريدكِ‬ ‫ت كون ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن هذه الحيا ِة قصيرة يجب أن تسعد في‬ ‫أن تبتسمي اآلن َ‬ ‫كل لحظ ٍة فيها وتنسين الماضي األليم‪ ،‬فإن الماضي قد مات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تستحق ذلك!‬ ‫ال تعطي األشياء أكبر من حجمها رغ َم أنهُا ال‬ ‫حسنا؟؟‬ ‫ُ‬ ‫قلت له والفر ُح يعزف على أوتار قلبي‪ :‬كما تأمرني‬ ‫عمي!‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أومأ برأسه قائال‪ :‬عفوا بنيتي ما اسمكِ ؟‬ ‫ُ‬ ‫قلت له‪ :‬تهاني‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أتعرفين ما معنى اسمكِ ؟‬ ‫قلت‪ :‬ال!‬ ‫ثم قال لي‪ :‬إن اسمك يعني الفتاة الجميلة وبرغم عصبيتك‬ ‫ب يا تهاني‬ ‫ت فتاةٌ طيبة القل ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتوجهت إلى بيتي و بذو ُر السعادة قد كبرت‬ ‫شكرت ُه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وصارت وردة جميلة تسكن في قلبي‪ .‬هذه المحطة الثانية‬ ‫وبداي ُة رحلتي «وجه ُة السعادة»‪.‬‬ ‫رحلتي األخرى كانت إلى «وجهة الصبر» وهي كانت‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫إحدى أصعب الوجهات التي واجهتها في حياتي‪ .‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫كنت أشتكي ضغوط الواجبات واالمتحانات‪،‬‬ ‫في الثانوية‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المتحان‬ ‫لم أكن مهملة إال بعدما اكتشفت أنني كلما درست‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جلست‬ ‫وبكيت وصرخت وندمت! لكنني‬ ‫يئست‬ ‫فشلت به‪،‬‬ ‫مع نفسي بعدما حدث كل هذا ثم مرَّ ت على بالي قصة «لكل‬ ‫ذلك نهضت! كانت هذه اللحظة تسمى‬ ‫جوا ٍد كبوة» وبعد َ‬ ‫«نهوض» لم أيأس قضيت ليال كثيرة أذاكر بينما الناسُ‬ ‫َ‬ ‫ألحرز‬ ‫ترق ُد على فراشها براح ٍة واطمئنان في منتصف الليل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأحرزت أعلى‬ ‫نجحت‬ ‫أعلى درج ٍة على صفي! وكما توقعت!‬ ‫ُ‬ ‫ت أبي التي لم أعرج‬ ‫درج ٍة بين زميالتي!‬ ‫بدأت أتذك ُر كلما ِ‬ ‫عليها «في الحياة ستواجهين البرد لكن يجب عليكِ الصمود‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ضعيفة لمد ِة ساع ٍة أو ربما يوم أو ربما‬ ‫ستكونين‬ ‫وفي الحيا ِة‬ ‫َ‬ ‫‪34‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫ُ‬ ‫كل وجه ٍة في‬ ‫تعلمت‬ ‫هنا‬ ‫َ‬ ‫كيف أكونُ سعيد ًة في حياتي‪ ،‬خلف ِ‬ ‫الرحلة قصة!‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت ألعبُ في‬ ‫كنت في الصف الثالث االبتدائي‬ ‫فعندما‬ ‫الفسح ِة وإذا بزميل ٍة في صفي تأتي نحوي وتقول لي بحقارة‬ ‫ت‬ ‫ت ال‬ ‫تعرفين شيئا ً و أن ِ‬ ‫ت غبية و أن ِ‬ ‫ت ال تمتلكين أم و أن ِ‬ ‫«أن ِ‬ ‫َ‬ ‫ال يمكنكِ تكوين عالقا ٍ‬ ‫ت مع أحد!» ثم رحلت وهي تضحك‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫ساخر ًة مني‪ .‬كان هذا اليوم اسم ُه «تذم ٌر بغباء»‪ .‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫هرم يجلسُ في‬ ‫كنت أبكي وإذا‬ ‫المنزل‬ ‫في طريقي إلى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بفقير ٍ‬ ‫الطريق وهو يراني أبكي ثم نداني بصوته األجش‪:‬‬ ‫وسط‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقدت أمي‪،‬‬ ‫فقلت له «عمي إنني‬ ‫«بنيتي ما بكِ تبكين؟»‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أملك أما ً‬ ‫يتيمة ال‬ ‫زميلة في صفي تعيرني بأنني‬ ‫واليوم أتتني‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫بعد اآلن! وأنني غبية ال أعرف شيئا وأنني ال يمكنني تكوين‬ ‫عالقات مع أحد!» خذلتني دموعي فبدأت الدمو ُع تسيل كسيل‬ ‫النهر على وجنتي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقال لي‪ :‬ربّت على كتفي و هي تقول أنه ليس لكِ أم‬ ‫صحيح؟! إذاً دعيني أسألكِ سؤاالً أأمكِ ال تزا ُل تتنفسُ في‬ ‫قلبكِ ؟‬ ‫قلت له‪ :‬نعم! إنها دوما ً تتنفسُ في قلبي!‬ ‫شقت ابتسامة عريضة شفتيه‪ :‬إذا كيف تقو ُل ليس لكِ أم‬ ‫وأمٌك ماتت في الدنيا وفي القلب تحيا؟‬ ‫ُ‬ ‫الخجل و حائرة طريق ِة إقناع ِه لي!‬ ‫سكت قليالً يلفني‬ ‫ِ‬ ‫ثم قال لي‪ :‬أوتقول لكِ غبية وكيف هي دراجاتكِ في‬ ‫الصفِ يا صبية؟‬ ‫أجبت ُه والفخر يقفز من عيوني‪ :‬درجاتي تفوق التسعينات‬ ‫وهي أفضل من درجاتها بكثير!‬ ‫كيف تقو ُل لكِ غبية؟!‬ ‫قال لي‪ :‬إذا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وضحكت‬ ‫طأطأت رأسي‬ ‫ثم قال لي وهو يبادلني شعور السعادةِ‪ :‬أراكِ تضحكين!‬ ‫ُ‬ ‫قلت له‪ :‬شكراً لك َ‬ ‫أنت سببُ هذه الضحك ِة التي رسمت‬ ‫للتو على وجهي‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫أجاباني ووجه ُه البشوش يضحك‪ :‬ال ال يا بنيتي! بالتأكيد‬ ‫ال أعدكِ !‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أغمضت َعي َني ما المطلوب مني اآلن؟‬ ‫قلت له‪ :‬هيا‬ ‫قال لي‪ :‬اآلن تخيلي ما تتمنينه في هذا الظالم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أغمضت عيناي فتخيلت أمي أمامي‪.‬‬ ‫ثم سألني وقال‪ :‬ماذا تمنيتِ؟‬ ‫فقلت‪ :‬أمي!‬ ‫ت حكيم ٍة من المستحيل أن أنساها أبداً‬ ‫ث َم قال لي كلما ٍ‬ ‫في حياتي! قال لي بعد إجابتي‪ :‬افتحي عينيكِ اآلن وانظري‬ ‫إلى السماء‪ ،‬ماذا ترين نجوم صحيح؟ ربما تركزين على‬ ‫بضع ِة نجوم وهذه النجوم في الواقع هي فُتات خبز لكن أترين‬ ‫الخبز الكبير ِة‬ ‫ذلك البدر الكبير؟! إنه القمر‪ ،‬والقم ُر كقطع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫التي يأكل منها الجائع فيشبع‪ ،‬هكذا نحن فقراء‪ ،‬دوما نحلم‬ ‫بالقليل لكن هللا يخبئ اللحظات الجميلة كي يفاجأنا بها بعد أن‬ ‫خبز وهللا‬ ‫انتظرناها طويالً وحلمنا بها كثيراً! وقد نتمنى فتات ٍ‬ ‫قد قسم لنا خبزاً يشبع جائعاً!‬ ‫كانت هذه فلسف ُة أبي القارئ الفنان اإلنسان العظيم الذي‬ ‫كيف أكونُ صبور ًة عند المصائب و ضد الصدمات‬ ‫علمني‬ ‫َ‬ ‫وقت المصائب‪ .‬كان أب يعرفني جيداً أكثر من نفسي‪.‬‬ ‫دعوني أتحدث قليالً عن نفسي‪ .‬أنا ٌ‬ ‫بنت بسيطة تحب اللهو‬ ‫وتحب اللعب‪ ،‬توفت أمي بعد والدتي و لم يبق لي غير أبي‬ ‫أمطار الحزن على فراقه أمي التي أحب ّت ُه‬ ‫الذي يصبُ قلب ُه‬ ‫َ‬ ‫جداً كما كان دوما ً يخبرني‪ .‬أنا أشب ُه أبي كثيراً فإن أبي يحب‬ ‫المغامرات وأنا كذلك وأبي يحب تناول الكاكاو في منتصف‬ ‫تمتلك شخصا ً‬ ‫يكون توأ َم روحك‪.‬‬ ‫الليل وأنا كذلك! ما أجمل أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫حاصلة على الدكتوراه في مجال التجارة‬ ‫حاليا ً أنا أشتغل وإنني‬ ‫ٌ‬ ‫لكنني أعمل كمغامرة‪ ،‬صحي ٌح أنني مشاكسة وعنيدةٌ قليال لكنني‬ ‫ضحوكة ومحبة للجميع‪ .‬فتلك هي أنا صاحبة النفس البريئة‪.‬‬ ‫منذ صغري بدأ مشواري الطويل‪ ،‬مشوار بعد رحلة من‬ ‫ُ‬ ‫بدأت رحلتي صوب مدرسة السعادة‪.‬‬ ‫أطول رحالت عمري‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫محطات مشرقة‬

‫املركز األول‪ :‬عبدالله عيل‬

‫مدرسة الشارقة األمريكية الدولية‬ ‫ت كثيراً‪ ،‬وأري ُد أن أصبح مغامرة‬ ‫أنا تهاني‪ ،‬أحب المغامرا ِ‬ ‫في المستقبل‪ ،‬أحببت المغامرات مذ كان أبي يأخذني مع ُه‬ ‫مكان جديد يذهبُ إليه ليستكشفه‪ .‬أتذك ُر أنني عندما‬ ‫إلى كل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جبل وهو يحملني‬ ‫ذهبت مع ُه إلى‬ ‫كنت في الصف األول‬ ‫ٍ‬ ‫على ظهره‪ ،‬و عندما كنا على قمة الجبل سألته وعيناي‬ ‫تتألأل‪ :‬بابا! أين ماما؟ فأجابني بصعوبة‪ :‬ماما فوق الغيوم‪،‬‬ ‫إنها تراكِ ! ُ‬ ‫مسك يدي‬ ‫قلت له‪ :‬إذا هيا فلنقول لها مرحباً!‬ ‫َ‬ ‫ورفع يدي وكان يقول بصو ٍ‬ ‫اليمنى بح ٍ‬ ‫ت هادئ «قولي‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫لماما مرحباً!» كنت أبتس ُم للسماء كأنما قبلتني نجمة فأشعلت‬ ‫اليوم أني‬ ‫شمع َة البراء ِة والحب في قلبي! أتذك ُر أيضا ً في هذا‬ ‫ِ‬ ‫األرض في منتصف الليل والمكان‬ ‫أنا و أبي تمددنا على‬ ‫ِ‬ ‫يعمه هدوء صعبٌ أن تجد مثل ُه في المدن‪ .‬أمسك يدي وقال‬ ‫لي‪ :‬أغمضي عينيكِ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أغمض عيني هل سيلتهمني‬ ‫فقلت‪ :‬حسنا ً بابا‪ ،‬لكن قبل أن‬ ‫َ‬ ‫وحشٌ أم ما شابه ذلك؟‬


‫‪ 17 – 15‬سنة‬ ‫تقرير لجنة التحكيم‬ ‫يل الرشف أن أكون يف لجنة التحكيم ملسابقة “جامعة أوكسفورد‬ ‫للطباعة والنرش” مرة أخرى ألنها تتيح يل الفرصة لقراءة قصص كتابنا‬ ‫الصغار اللذين ترجمو ما يف مخيالتهم من مواهب وابداع اىل قصص‬ ‫متيزهم وترثي يف نفيس الفضول يف معرفة ما ينونه يف قصصهم‪ ،‬هؤالء‬ ‫الصغار يعرفهم املجتمع كطالب ولكنهم يحملون يف جعبتهم ما ميزهم‬ ‫عن غريهم‪ ،‬فهم طالب اليوم بل كتاب اليوم يحلمون بأن يكونوا‬ ‫مؤلفني كبار لألجيال املقبلة‪.‬‬ ‫أود أن أشكر كل طالب‪/‬ة عىل ما اقدموا من مجهود يف كتابة هذه‬ ‫القصص املمتعة النهم من خالل قراءة القصص قمت بزيارة عامل‬ ‫رحالتهم املشوقة واملثرية‪ .‬مشاركتهم يف املسابقة ألنهم بالفعل‬ ‫مشاركتهم مل متتعني يف القراءة فقط باألخذوين إىل عامل رحالتهم‬ ‫املشوقة واملثرية‪.‬‬ ‫سوف أدعكم مع القصص الفائزة ولكن قبل ذلك أمتنى للمشاركني‬ ‫الذين مل يفوزوا هذه السنة عدم اإلستياء ألن مشاركتهم كانت أيضا‬ ‫ممتازة ولكن كانت هذه املشاركات الفائزة أفضل من ناحية الصيغة‪،‬‬ ‫املفردات املستعملة و‪ ...‬و‪ ...‬و‪...‬‬ ‫لنبحر إىل عامل الرحالت مع القصص الفائزة لفئة ‪.17 – 15‬‬ ‫سارة املهريي‬ ‫ديسمرب ‪2016‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫قد يكون اليعرف غيره وليس ألنه األفضل أو األرخص‪ ,‬لكل شعب‬ ‫عاداته وتقاليده فهؤالء يطيلون السهر ويتسامرون وآخرون يخلدون‬ ‫ّ‬ ‫والشاق‪.‬‬ ‫للنوم المبكر بعد العمل الدؤوب‬ ‫روى فادي لمديره خيبة أمله في ماشاهد عند الوصول‪ ,‬حاول‬ ‫المدير تفسير ذلك بعد تأكيد فادي على جمال الطبيعة هناك قائالً ‪:‬‬ ‫« ال أستغرب شعورك يا عزيزي‪ ,‬فالقراءة عال ٌم بح ّد ذاته‪,‬‬ ‫تعطينا خبرة األمكنة والشعوب دون معرفتنا بهم‪ ,‬فهي تسافر بنا‬ ‫لنجوب العالم ونحن على كراسيينا وتطلق لخيالنا العنان فنضيف‬ ‫من خيالنا للواقع ما نعيش به ونسعد بتفاصيله‪ ,‬لكن الحقيقة هي‬ ‫ثوابت بعيدة عن الخيال ومؤثرات األحالم‪ ,‬انت قلت أنك عدت‬ ‫ً‬ ‫تجربة فريد ًة في رحلتك تلك‪ ,‬وتعلمت‬ ‫خائب األمل لكنك خبرت‬ ‫منها الكثير‪ ,‬وأضافت لمعرفتك ماسيفيدك في حياتك العملية وفي‬ ‫رحالت قادمة‪ ,‬فاالستكشاف هو بحد ذاته متعة وسعادة‪ ,‬انت لم تر‬ ‫تعابير وجهك وسعادتك وأنت تصف لي الطريق والقطار وو‪....‬‬ ‫انظر إلى وجهك بالمرآة ‪ ...‬ليست السعادة في تحقيق‬ ‫الحلم‪ ,‬قد تكون في طريقة بلوغه‪”....‬‬ ‫نهض فادي ونظر الى خياله في المرآة‪ ..‬وتمعّن في‬ ‫تفاصيل وجهه‪ ,‬فلفت نظره اسم كتاب مستند على الرّف الذي‬ ‫خلفه وظهر بجوار وجهه بالمرآة ‪ “ :‬كيف تخطط لرحلتك القادمة‬ ‫“فاستدار بسرعة وتناول الكتاب وبدأ يستعد لرحلة جديدة‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫رأي احملكم‪“ :‬القصة عن رحلة إلستكشاف الذات‪ .‬قد يعتقد املرء بأنه‬ ‫يكتشف األماكن أو األشياء لكن ال يعلم بأنه يستكشف نفسه‬ ‫من خالل تلك الرحالت فيتقاجأ بأمور لم يكن يتوقعها عن نفسه‪.‬‬ ‫أعجبني الوصف الداخلي والوصف اخلارجي في هذه القصة”‬

‫‪29‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫شريطي بمحاذاة النهر‪ ,‬س ّكانها يرتادون المقاهي‪ ،‬ويلعبون النرد على‬ ‫اختالف فئاتهم العمريّة‪ ,‬أخيراً وصل فادي الميناء وركب القارب‬ ‫وانطلق باتجاه الطرف اآلخر وسط زرقة المياه والسماء ووصل‬ ‫بأسرع ممّا توقع‪ ,‬هذه هي المرّة األولى التي ينطلق فيها وحيداً‬ ‫ليكتشف الطريق إلى الحلم‪ .‬بلغ الطريق المعبّد الذي تط ّل عليه بعض‬ ‫الجبال‪ ,‬فالمدينة التي يقصدها خلف ذاك الجبل‪ ,‬هناك الطبيعة تتكلم‬ ‫وتمجّد عظمة الخالق‪ ,‬هكذا وصف الكتاب‪ ,‬ولطالما شاهد ذلك في‬ ‫الحلم‪ ,‬م ّر على معظم األمكنة التي قرأ عنها وتعرّض لسخرية بعض‬ ‫الشباب الذين علموا أنه يقصد الطرف اآلخر من الجبل اذ الشئ‬ ‫هناك يستحق السفر والعناء‪ ,‬ووصل أخيراّ وبدأ بالنظر واالستمتاع‪,‬‬ ‫ال بل بالتحديق‪ ,‬كل التفاصيل تشير إلى الجمال وسحر الخالق‪ ,‬ليست‬ ‫ٌ‬ ‫لوحة فني ٌّة رسمت بيد فنان ماهر‪,‬‬ ‫أماكن طبيعية وحسب‪ ,‬بل هي‬ ‫حاول فادي أن يطابق صورة الكتاب والحلم مع الواقع ففشل‪ ,‬حاول‬ ‫أن يجمع كل عناصر هذه اللوحة ليطابقها مع حلمه فلم يفلح‪ ,‬الش ّك‬ ‫أن ما رآه جميل‪ ،‬لكن ليس كما رسم في عقله على مدى السنين‪,‬‬ ‫فخاب ظ ّنه وفقد األمل برؤية حلمه‪ ,‬وقرر أن يبيت حتى صباح اليوم‬ ‫التالي ليعود مسرعا ً إلى المكتبة‪ ...‬قضى الليل في فندق مجاور‪ ,‬ونام‬ ‫ً‬ ‫مداعبة وجهه بنورها‪ ,‬استيقظ‬ ‫متعبا ً مرهقاً‪ ،‬وعندما تسللت الشمس‬ ‫حازما ً أمره بالعودة في نفس الطريق الذي سلكه‪.‬‬ ‫في اليوم التالي استأنف فادي عمله وعندما سأله مديرالمكتبة‬ ‫عن إجازته بدأ يصف رحلته منذ الخطوة األولى التي غادر بها‬ ‫وحتى عودته إلى منزله‪ ,‬ووصف لمديره القطار وركابه وتصرفاتهم‬ ‫وصفاتهم والمتسول وإرشاداته والمدينة بمقاهيها وروّ ادها والقارب‬ ‫وقبطانه وميالنه مع كل موجة‪ ,‬ثم الضفة األخرى‪ ,‬تكلم فادي‬ ‫باسهاب عن تجربته الفريدة ووصف الخبرة التي اكتسبها من رحلته‬ ‫تلك دون أن ينتبه لها أو يقيم لها وزناً‪ ,‬كان المدير يصغي باهتمام‬ ‫فجميع ماوصفه فادي مشوقا ً والناس الذين صادفهم مختلفون‪ ,‬في‬ ‫السفر عليك أن تسأل كثيراً إذا لم تكن متأكداً‪ ,‬عليك أن تختبر‬ ‫بنفسك‪ ,‬فمن يرشدك وينصحك بمطعم يقدم أشهى األطباق بنظره قد‬ ‫يكون على العكس تماما ً بنظرك‪ ,‬ومن يدفعك للمبيت في هذا الفندق‬ ‫‪28‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫يا إلهي‪ ...‬هل تتحقق األحالم أم هناك من يفسّرها فقط‬ ‫؟؟ كثيراً ما تساءل فادي !؟‬ ‫عندما مضت السنون‪ ,‬لم يحقق فادي حلمه األول بأن‬ ‫ّ‬ ‫موظفا ً في مكتبة البلدة المجاورة‪,‬‬ ‫يصبح أستاذاً‪ ,‬بل أصبح‬ ‫ّ‬ ‫المكتظة بالكتب واألوراق حتى أدمن‬ ‫يعيش بين الرّ فوف‬ ‫رائحتها الخاصة‪ ,‬يقرأ ويتنقل من كتاب آلخر‪ ,‬ويتابع آخر‬ ‫اإلصدارات‪ ,‬لكن رتابة العمل من جهة‪ ,‬وقلّة القرّ اء المرتادين‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬كانت تشعره بأن جدران المكتبة قريبة من‬ ‫بعضها لدرجة أنها تخشى الفراق‪ ,‬فأحسّ بالكآبة وبأنه اليمكن‬ ‫أن يمضي كل حياته هكذا‪ ,‬ال بد أن سعادته في مكان آخر‪....‬‬ ‫وفي يوم من األيام‪ ,‬بينما كان يقرأ كالمعتاد أخذ في يده‬ ‫كتابا ً يتحدث عن مجموعة المدن الجبليّة في القطر المجاور‬ ‫ووقعت عينه على صورة جعلته يتوقف عن القراءة ويح ّدق‬ ‫فيها‪ ,‬فقد أخذته إلى حلمه القديم‪ ,‬أخيراً عرف مصدر الحلم‪ ,‬ال‬ ‫شك أنّ حلمه هناك‪ ,‬سعادته هناك أو ج ّنته هناك‪..‬‬ ‫سرعان ما قدم طلب إجازة وأحصى كل الذي ا ّدخره من‬ ‫أول عمله حتى هذا الوقت‪ ,‬وحزم أمره ورسم مخططا ً لرحلته‪,‬‬ ‫سيختار أرخص وسائل النقل وسيكتفي بحقيبة صغيرة على‬ ‫ك أنه سيتعب‪ ،‬لكن في النهاية سيصل لحلمه‪.‬‬ ‫ظهره‪ ,‬ال ش ّ‬ ‫ركوب القطار هو متعة بح ّد ذاتها‪ ,‬فالصور المتالحقة عبر‬ ‫نافذته تنسي الوقت‪ ,‬واختالف الرّكاب وتنوعهم هو لوحة !! فهذا‬ ‫يقرأ كتابا ّ وذاك يستمع ألغنية وتلك تحضن طفلها وتهدهد له كي‬ ‫ٌ‬ ‫صبية صغا ٌر يتمشون وسط المقاعد في المم ّر المنصّف‪.‬‬ ‫ينام‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في المحطة األولى قرأ فادي اللوحات وتبع داللة األسهم بدقة‬ ‫كي يصل الى المخرج‪ ,‬عندما وصل الشارع الرئيسي‪ ,‬بادره متسو ٌل‬ ‫ً‬ ‫فرصة‬ ‫يستعطي النقود أو الطعام‪ ,‬أعطاه فادي شيئا ً من زاده و وجدها‬ ‫ليسأله عن مكان الميناء‪ ,‬اذ عليه أن يركب قاربا ً ليصل الطرف اآلخر‬ ‫من النهر‪ ،‬أرشده المتسوّ ل بنا ًء على معلوماته لك ّنها لم تكن كافية‪,‬‬ ‫تعلّم فادي أنّ عليه أن يسأل أكثر ويتأ ّكد قبل اتخاذ اي ّطريق كي‬ ‫ال يهدر الوقت‪ ,‬تبدو هذه المدينة كباقي المدن الساحليّة ممتدة بشكل‬ ‫‪27‬‬


‫رحلة فادي‬

‫املركز الثالث‪ :‬جورج فرنسيس‬ ‫مدرسة فيالدلفيا الخاصة‬

‫كان فادي ولداًّ يافعا يعيش في قرية نائية شمال البالد‪ ,‬ذات‬ ‫طبيعة خلاّ بة‪ ,‬سكا ّنها طيّبون‪ ,‬يحبّون ويساندون بعضهم رغم‬ ‫التناقضات التي يمتاز بها ك ّل فرد عن اآلخر‪!...‬‬ ‫كان فادي يواظب على الذهاب إلى مدرسة القرية ويجتهد‬ ‫في دروسه قدر المستطاع‪ ,‬يحلم أن يصبح معلما ً في قرية‬ ‫أخرى ويعيش قصة أستاذه الذي يحظى باحترام التالميذ ومحبة‬ ‫واهتمام سكان القرية‪ ,‬لكن ثمّة حلم آخر كان يراوده أثناء نومه‬ ‫ويتكرر بإلحاح غير مفسّر‪ ,‬ولطالما استيقظ فجأة على تفاصيل‬ ‫ذلك الحلم‪ ,‬كان يرى دوما ما وصفه « بالج ّنة» ‪ :‬أشجا ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫شاهقة‬ ‫جميلة لم يرها من قبل‪ ,‬وجبا ٌل‬ ‫غريبة‬ ‫وأزها ٌر ونباتات‬ ‫ٌ‬ ‫شامخة خضرا ٌء تحيط بتلك األشجار‪ ,‬وسواقي وأنهار تتوسّط‬ ‫المشهد‪ّ ,‬‬ ‫تمزق سكون الطبيعة بخرير مياهها‪ ,‬وأحيانا ً يكتمل‬ ‫ً‬ ‫الحلم بزقزقة العصافير وأحيانا تغيب تلك المخلوقات الصغيرة‬ ‫‪ ,‬وفادي يمشي ويسير ليكتشف الطبيعة و يطارد الفراشات وفي‬ ‫ك ّل مرّة يُضاف عنص ٌر جدي ٌد إلى الحلم أو ينقص‪...‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫تين عمرها ‪ ١٠٠‬سنة وعلى أغصانها كثير من ثمر التين‬ ‫ذو اللون البنفسجي‪ .‬فجأة تجمع كثير من الطيور على هذه‬ ‫نظر‬ ‫الشجرة القديمة وأكلوا من ثمرها الطيب‪ .‬سبحان هللا‬ ‫َ‬ ‫إليّ طير وغرد بسرور عظيم قائال «ماما‪ ،‬ماما!» تعانقت‬ ‫أجنِح ُتنا وتحقق األمل‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«أعجبتني القصة ألنها تسرد من منظور طائر بدوي يحكي‬ ‫ترحاله وهجرته من منطقة عربية إلى أخرى‪ .‬أحسست بأني‬ ‫ذلك الطائر املهاجر الذي يعرف جغرافية األماكن اخملتلفة»‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫أنا الطائر البدوي‪ .‬أستطي ُع إن أطي ُر فوق رمال الصحرا ِء‬ ‫الذهبية على رياحها المخملية حيث تأخذني إلى أي وطن‬ ‫وفي أعالي السماء الصافية الزرقاء وفوق األعمدة الشاهقة‬ ‫والمزيّنة بأعالم اإلمارات العربية ذات األلوان األربعة التي‬ ‫تغني للسالم واإلزدهار والقوة والتضحية‪.‬‬ ‫وصلنا جامع الشيخ زايد في أبو ظبي وأدينا الصالة‬ ‫وقمنا بدعاء السفر‪ .‬فجأة‪ ،‬هب ْ‬ ‫ّت رياح قوية من الشمال فرقتنا‬ ‫عن بعضنا ولم يبق أي شيء غير بعض ريش عائلتنا المتناثر‬ ‫ُ‬ ‫أصبت بالرعب ودموعي تسي ُل على خدي‪.‬‬ ‫كل مكان‪ .‬لقد‬ ‫في ِ‬ ‫لقد ضاع أبنائي الصغار‪ .‬عليّ أن أبحث عنهم حتى نعود إلى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أبحث عنهم‬ ‫رأيت العجائب وأنا‬ ‫أحضان بعضنا‪ .‬في طريقي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وصلت إلى لبنان بعد ليالي عديدة وأيام طويلة‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫إنتقلت من شجرة تين إلى شجرة زيتون ومن بيت إلى‬ ‫جامع ومن جبل الى تلة‪ ،‬وأنا أنادي صغاري وأحبائي وفي‬ ‫هذه اللحظة وجدت نفسي في أحد شوارع بيروت الممتلئة‬ ‫برائحة المناقيش الرائعة‪ .‬في زاوية الشارع وقفت على‬ ‫بركة ماء صغيرة ورأيت انعكاس نفسي حتى توارت الشمس‬ ‫وطلع القمر‪ .‬في هذه األثناء ن ُ‬ ‫ِمت بجانب البركة الصغيرة‬ ‫َوأنا الزلت حزينة‪ .‬وفي الصباح واصلت رحلتي جنوبا ً إلى‬ ‫حوال‪ .‬ما أحلى هذه القرية بجبالها العالية والخضراء‪ .‬طِ رت‬ ‫من جبل إلى جبل وشجرة إلى شجرة‪ .‬ولكن لم أجد أبنائي‬ ‫الصغار‪ .‬وأخذني نوم عميق‪.‬‬ ‫في الصباح الباكِر‪ ،‬واصلت رحلتي إلى بالد أم كلثوم‬ ‫التي تعرف بمصر‪ .‬هناك سمعت األذان الجميل الذي زادني‬ ‫قوة وايمان وأمل أن أجد أبنائي الصغار‪ .‬وبعد قليل رأيت‬ ‫مجموعة من الطيور على قمة األهرامات فسألتها عن أبنائي‬ ‫الصغار‪ .‬نظرت الطيور إلى بعضها بحزن وأشارت نحو‬ ‫ُ‬ ‫إتجهت شرقا ً وكلّي أمل حتى وصلت إلى بال ِد كنعان‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫التي تعرف بفلسطين‪ .‬هناك قفزت بين األشجار والورود‬ ‫والسهول الخضراء وفي األفق القريب كان هناك شجرة‬ ‫‪24‬‬


‫الطائر البدوي‬

‫املركز الثاين‪ :‬سناء دارين حمدان‬ ‫أكادميية ديب الدولية‬

‫بينما وأنا أطي ُر في سما ِء الصحرا ِء العربية في عجلة للقاء‬ ‫ُ‬ ‫وصلت‬ ‫أحبتي الصغار الذين اصابهم التعب والجوع والعطش‪،‬‬ ‫إلى عشّ صغير في واحة العين حيث تجري المياه العذبة‬ ‫ُ‬ ‫نظرت إلى أبنائي الصغار في‬ ‫وتنمو أشجار النخيل والغاف‪.‬‬ ‫العشّ الذهبي وقلت لهم‪« :‬علينا أن نحضّر إلى رحلة طويلة‬ ‫ستأخذنا عبر الصحراء إلى لبنان‪ .‬هذه رحلة مهمة في حياتِنا‪».‬‬ ‫ولكن كيف سنبدأ هذه الرحلة وأبنائي صغار ال يعرفون كيف‬ ‫ُ‬ ‫أخذت بعض الوقت لتمرين أبنائي على الطيران‪ .‬اليوم‬ ‫يطيروا؟‬ ‫سأعلّم صغاري على الطيران واإلعتماد على النفس‪ ،‬ولذلك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذهبت إلى شجر ِة غا ٍ‬ ‫حملت‬ ‫ف صغيرة وراء التالل الرملية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكررت ذلك‬ ‫حبيبي الصغير من جناحيه وأطلقته في الهواء‬ ‫حتى أصبح قادراً على الطيران قليالً‪ .‬اآلن هيا بنا إلى لبنان‪.‬‬ ‫وقد بدأت رحل ُتنا في سما ِء الصحرا ِء في ‪ ٢٧‬يونيو‪.‬‬ ‫أتعرفون أنني نوع فريد من الطيور؟ رغم أنني كالطير‬ ‫يعرفها إال صغاري‪.‬‬ ‫األزرق‪ ،‬فإن لدي مهارات عجيبة ال أحد ِ‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫البحر‪ ،‬و اآلخر بدأ يلفظ أنفاسه األخيرة‪ ،‬وعند المغيب‪ ،‬بدأت‬ ‫الشمس تودعنا ببعض النور‪ ،‬ليستقبلنا القمر بظالم حالك‪ ،‬و‬ ‫تأتي الرياح بما ال تشتهي السفن‪ ،‬بدأ المركب يتطاير بنا‪ ،‬يمينا ً‬ ‫و يساراً‪ ،‬تعالى صراخنا‪ ،‬في وحدة و ظلمة الليل‪ .‬و في وهلة‬ ‫سمعنا شاب يصرخ قائالً ‪ “ :‬هناك ماء يتصاعد ! “ التفتت له‬ ‫األعين بنظرات خوف و رهبة ! و بالفعل‪ ،‬كان هناك ثقب كبير‬ ‫في منتصف القارب‪ ،‬تعالت التكبيرات ! بدأت أسأل نفسي‪،‬‬ ‫أهذه هي النهاية؟ تركنا وطننا خشية الموت فنلقاه هنا لنكون‬ ‫وليمة ألسماك البحر ؟ تعالت صرخاتي‪ ،‬ألوم نفسي على كل‬ ‫ذن ٍ‬ ‫ب لم اقترفه‪ .‬و فجأ ًة و إذا برجل قذف نفسه في البحر‪ ،‬و بدأ‬ ‫واحد تلو األخر باإلنضمام معه‪ ،‬شعرت بخو ٍ‬ ‫ف رهيب يتسلل‬ ‫في أعماقي‪ ،‬فأمسكت اآلنسة عبير‪ ،‬وجدت يديها باردتين جداً‬ ‫و صعقت عندما رأيتها قد فارقت الحياة هي األخرى‪ .‬وعندئذ‬ ‫شعرت باليأس وخيبة األمل‪ ،‬و بدأت الناس تقذف أنفسها و‬ ‫اضطروا إلى رمي آنستي ليخففوا وزن القارب‪ ،‬لم يبق غير‬ ‫خمسة شبان فارتدينا قمصان النجاة‪ ،‬وأخذنا أدوات اإلنقاذ و‬ ‫بدأنا بالتجديف‪ ،‬حتى وصلنا إلى ميناء قبرص‪ .‬بحثنا عن هويتنا‬ ‫الشخصية فلم نجدها‪ ،‬فاكتفينا بإعطائهم ما تبقى من أمولنا ‪.‬‬ ‫بتصفيق حار من الجمهور‪،‬‬ ‫و فجأة انقطع حبل أفكاري‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫دمعة سقطت من عيني الإراديا‪ ،‬ألدعم كل الجىء‬ ‫وتوقظني‬ ‫في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬ها أنا اآلن بين أيديكم مشردة‪ ،‬الجئة‪ٌ،‬‬ ‫فهل تعلمون متى تكون الحياة ظالمة؟ عندما تحكم عليك أن‬ ‫تكون الجئاً‪.‬‬ ‫أتدرون اآلن ما هي السعادة الحقيقية ؟‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة فريدة عن معاناة الالجئني واملصاعب وكتبت القصة‬ ‫بطريقة تشويقية جتعلك تشعر وكأنك واحد منهم تريد النجاة‪.‬‬ ‫الوصف والتعبير أذهلني بالنسبة لهذه الفئة العمرية»‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫«سلسبيل‪ ،‬ماذا جاء بكِ إلى هنا ؟»‬ ‫صعقت عندما أمعنت في مالمحها !‪ ،‬أنها مديرة مدرستي‬ ‫و بدأت أسرد لها حكايتي‪ ،‬و لوهلة شعرت أن كل هذه أقدار‬ ‫مكتوبة‬ ‫و ليس بإمكاننا تغيير شيء منها و أثناء عبورنا‬ ‫الحواجز‪ ،‬عانينا الكثيرمع جشع الشرطة على الحدود‪ ،‬فعلينا‬ ‫رشوة األمن عند مرورنا من الحواجز كما علينا دفع الرسوم‬ ‫للحصول على تأشيرة ‪.‬‬ ‫بعدما انتهينا من إتمام األوراق على الحدود السورية‪،‬‬ ‫انطلقنا إلى الحدود اللبنانية‪ ،‬محاولين أن نعيد قليل من األمل‬ ‫إلى أرواحنا الخالية‪ .‬عندما وصلنا‪ ،‬صعقنا بخمسة حافالت قد‬ ‫جاءت قبل بضعة أيام ولم يُسمح لها بالعبور‪ ،‬بقينا منتظرين‬ ‫في الحافلة لبضعة ساعات‪ ،‬حتى غابت الشمس و خيم الظالم‬ ‫المكان‪ .‬و إذا بعمي قاسم يقول أن علينا االنتظار حتى فجر‬ ‫اليوم التالي‪ ،‬نام البعض‪ ،‬و لكن بقي عدد كبير منا متسيقظين‬ ‫على أصوات بكاء األطفال و أصوات بطوننا الفارغة‪ ،‬جلست‬ ‫أنا و اآلنسة عبير نسترجع ذكريات حمص الجميلة‪ ،‬بهوائها‬ ‫ً‬ ‫حكاية مختلفة‪ ،‬لكنها تحمل‬ ‫الرطب المنعش‪ ،‬كل منا كان له‬ ‫نفس األلم ‪...‬‬ ‫سمعنا صوت جندي‪ ،‬يتحدث مع عمي قاسم خارج الحافلة‪،‬‬ ‫و فجأة فتحت األبواب‪ ،‬و تم ترحيل كل من لم يملك ألفين ليرة‬ ‫ليشبع عقول هؤالء الجنود التي باتت مجردة من كل معاني‬ ‫اإلنسانية و عندما وصلنا إلى ميناء طرابلس و ركبنا داخل‬ ‫قارب مطاطي‪ ،‬بدأنا نتراكم فوق بعضنا البعض‪ .‬المركب كان‬ ‫صغيراً و ضيقاً‪ ،‬ما يقارب الخمسون فرداً ذاهبون لرحلة رهنا‬ ‫فيها حياتنا لمزاج البحر و أهوائه المتقلبة‪ ،‬كنا ثالث مركب‬ ‫يخرج من الميناء‪ .‬بدأ المحرك بالعمل‪ ،‬وعلت التكبيرات و‬ ‫األدعية‪ ،‬نرجو من هللا أن نصل سالمين بدون أي أضرار‪ ،‬بعد‬ ‫‪ 30‬كيلومتراً تقريبا ً بدأت الشمس تنثر أشعتها الذهبية الحارقة‬ ‫على رؤوسنا‪ ،‬بدأ حالنا يزداد سوءاً البعض أُصيب بدوار‬ ‫‪21‬‬


‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫ُ‬ ‫دفنت أبي في المقبرة التي ازداحمت فيها الموتى‪،‬‬ ‫بعد أن‬ ‫تجولت في حمص التي بدا الظلم فيها من كل ناحية‪ ،‬حاالت‬ ‫االعتقال التي تعرض لها معظم الرجال خالل األشهر الماضية‪،‬‬ ‫وحاالت القمع و الظلم التي تعرضت لها معظم الفتيات من قبل‬ ‫فكر عقيم يحاول طمس إنجازات المرأة‪ ،‬ورميها في هامش‬ ‫المجتمع كمجرم ٍة وجب عليها القتل‪ .‬وفجأ ًة لوّ ح لي رج ٌل من‬ ‫بعيد‪ ،‬ليقطع حبل أفكاري الحزين ‪ .‬العم قاسم‪ ،‬الذي اشتعل‬ ‫رأسه شيبا و بيدين جافتين بدا عليهما الشقاء قدم لي مظروفا ً‬ ‫و قال لي‪،‬‬ ‫« كان هللا بعونك يا ابنتي «‬ ‫فتحت المظروف بيدين مرتعشتين‪،‬‬ ‫« ابنتي الحبيبة سلسبيل ‪ :‬ال أعلم بالتحديد متى ستأخذين‬ ‫تلك الرسالة‪ ،‬لكنني أدري أن عمك قاسم سوف يقدمها لك‬ ‫عندما أفارق تلك الحياة‪ ،‬التي باتت بائسة ‪ .‬ال تبكِ ‪ ،‬فأنا آسف‪،‬‬ ‫ت مازلت شابة‪ ،‬آسف ألنني‬ ‫ألنني لم يكن بوسعي حمايتك و أن ِ‬ ‫تركتك يتيمة‪ .‬سلسبيل‪ ،‬ال أريدك أن تظلي في سوريا‪ ،‬اذهبي‬ ‫مع عمك قاسم إلى قبرص‪ ،‬احتفظت لك بخمسين ألف ليرة‬ ‫للرحلة‪ ،‬احبك ابنتي «‬ ‫أما اآلن لم تعد الرحلة اختياراً‪ ،‬بدأت بالسير مع عمي‬ ‫قاسم‪ ،‬في لحظا ٍ‬ ‫ت نصارع الزمن فيها‪ ،‬عندما كنا في طريقنا‬ ‫إلى دمشق‪ ،‬بدأت أبحث عن حمص الجميلة‪ ،‬بضكات أطفالها‬ ‫و الياسمين الذي يفوح بين حاراتها‪ ،‬أما اآلن لم يتبق غير‬ ‫ت و دماء شهداء‪ ،‬بعد وق ٍ‬ ‫حطام بيو ٍ‬ ‫ت قصير بات كسنين‬ ‫طويلة ‪ .‬وصلنا لدمشق‪ ،‬وقفنا أمام المتحف العثماني‪ ،‬حيث‬ ‫كانت نقطة تجمعنا‪ ،‬وقف عد ُد هائل من الحافالت التي ستحمل‬ ‫الالجئين إلى الحدود اللبنانية ‪ .‬صعدنا إلى الحافلة التي كانت‬ ‫خال فلم أجد‪ ،‬ففوجئت‬ ‫مكتظة بالناس‪ ،‬بدأت بالبحث عن مقعد ٍ‬ ‫بامرأة أربعينية تفسح لي مكانا ً ألجلس بجانبها‪ ،‬شكرتها و‬ ‫عندما هممت بالجلوس‪ ،‬و قبل أن أضع حقيبتي الصغيرة‬ ‫بجانبي‪ ،‬قالت لي ‪:‬‬ ‫‪20‬‬


‫رحلة إلى المجهول‬

‫املركز األول‪ :‬رؤى سعد عبادة هالل‬ ‫مدرسة اإلمارات الوطنية‬

‫مشيت بخطوا ٍ‬ ‫ت متعثرة بين حارات ضيقة‪ ،‬تملؤها تنهدات‬ ‫أمهات و بكاء أطفال‪ ،‬تنهمر من عيني دمعات حسر ٍة و ألم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫دمعات تصرخ»صمتكم يقتلنا»‬ ‫تقدمت نحو الفت ٍة كادت على االنهيار مكتوبٌ عليها بخطٍ‬ ‫واضح» شارع الياسمين» تذكرت عندئذ حمص الخضراء‪،‬‬ ‫غير‬ ‫ٍ‬ ‫بهوائها الذي يبعث السعادة في أرواح المارة من جديد‪ ،‬و بيتي‬ ‫الذي كان يغطيه الياسمين من شرفة المنزل ‪ .‬ركضت في‬ ‫خطوات متسارعة ألجد بيت طفولتي محطما ً في وسط الحارة‪،‬‬ ‫بعض الياسمين مات‪ ،‬و اآلخر تلطخ بدماء عائلتي ‪ .‬جنازة والدي‬ ‫في البيت المقابل‪ ،‬لم يكن حالهم مختلفا ً ‪ .‬كلهم بنفس المعاناة و‬ ‫األلم ‪ .‬شعرت بشيء غريب يتسلل في أعماقي‪ ،‬شعو ٌر بالرهبة‬ ‫من المستقبل المجهول‪ ،‬فعرفت أنني مجرد جس ٌد بال روح‪ ،‬جس ٌد‬ ‫ال يقوده عق ٌل وال مشاعر‪ .‬تسطرت تلك الذكريات في عقلي‬ ‫ٌ‬ ‫الذي بات ميتاً‪ ،‬ميتا ً بذكريا ٍ‬ ‫عالقة‬ ‫ت مؤلمة ال أدري لماذا هي‬ ‫في ذهني‪ ،‬وميتا ً‬ ‫بمستقبل هُمش عليه بكلمات الموت و الشقاء ‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫‪ 14 – 12‬سنة‬ ‫تقرير لجنة التحكيم‬ ‫“حني بدأت قراءة قصص املشاركني يف الفئة العمرية لليافعني من سن‬ ‫‪ ١٤- ١٢‬ألحكم بينهم‪ ،‬كنت يف حرية‪ .‬حرييت سببها املستوى األديب‬ ‫الراقي الذي شهدته من قبل املشاركني‪ .‬مل أتوقع بأن أنامل يافعة‬ ‫باستطاعتها أن تكتب قصص بهذا املستوى‪ ،‬كان القرار صعبا واملنافسة‬ ‫شديدة‪ ،‬وقراءة القصص كانت ممتعة جدا!”‬ ‫ميثاء الخياط‬ ‫ديسمرب ‪2016‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫ت برحلتك يا سارة ‪,‬‬ ‫األب ‪ :‬أتمنى أن تكوني سرر ِ‬ ‫حضنت والدها(بامتنان) ‪ :‬أنه حلم يا أبي!! خفت أن أفقدك يا‬ ‫والدي الغالي ‪ ,‬هذه الخالة أمينه إنها سيدة حنونة يا أبي وقد‬ ‫ساعدتني كثيراً ‪ ,‬لوالها ما كنت أراك مر ًة أخرى ‪( ,‬وفي‬ ‫همس ) أريدها أن تتواصل معنا‪.‬‬ ‫ابتمست أمينة لسارة وسمير ومدت ذراعيها لهما ‪:‬‬ ‫أحبائي ‪ ..‬الحمد هلل أننا جميعا ً بخير ‪ ..‬سمير ‪ ..‬ولدي خفت أن‬ ‫أموت دون أن أراك ‪ ..‬شكراً لكِ أنت يا جميلتي سارة لوالكِ‬ ‫ما حل اللغز‪..‬أنت حقا ً ذكية‪ ,‬حفظك هللا يا سارة ‪.‬‬ ‫فقالت صديقتهم (في تفكير )‪ :‬هل علمتم اآلن ما هو الحل‬ ‫؟ قالوا‪ :‬ماذا تقصدين ؟؟؟ قالت عدم التدخل والعبث بأمالك‬ ‫اآلخرين‪ ...‬تلك اللعنة حلّت بالكهف حتى يعاقب األشخاص‬ ‫الذين تهجموا على أغراضه وممتلكاته ‪ ..‬وكان عقابهم النفي‬ ‫‪ ..‬وحمداً هللا أننا بخير ‪..‬وعدنا ألرض الوطن‪..‬‬ ‫طلبت أمينة من سارة أن تكرار اللقاء ‪ ,‬فقال لها األب‬ ‫‪ :‬أشكرك يا أمينة ‪ ,‬لقد كنت نعم األم المخلصة ‪ ..‬ولنا لقاء‬ ‫قريبا ان شاء هللا ً‬ ‫عاد الجميع إلى ديارهم سالمين ‪ ,‬وفي لحظة خاطفة‬ ‫ظهرت مفاجأة لم تخطر بالبال بأن منزل سمير بخلف منزل‬ ‫سارة وعائلتها ؛ فسعد الجميع وتواعدوا على اللقاء ‪..‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫ومشوقة وأحداثها سريعة ومترابطة‪ .‬تصلح أن‬ ‫«قصة ممتعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تكون جزءا ً من فيلم سينمائي بكلّ تفاصيلها‪ .‬خيال كاتبها‬ ‫وكمية استخدامه للمعلومات والترابط بني كل ما‬ ‫واسع‬ ‫ّ‬ ‫مميزة‪،‬‬ ‫بوالدها‬ ‫الفتاة‬ ‫عالقة‬ ‫جدا‪.‬‬ ‫جيد‬ ‫القصة‬ ‫بأبطال‬ ‫يحيط‬ ‫ّ‬ ‫ووصف ما يربطهما من تشابه في الهوايات والتفكير ممتاز‪،‬‬ ‫حيث أننا نرى هذا الترابط بني األب وابنه أكثر‪ ،‬وهنا كسر‬ ‫الكاتب هذه النمطية ووضع البطلة في دور هام جدا ً النقاذ‬ ‫والدها من اللعنة التي أصابته»‪.‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫لم تنر!! توترت سارة كثيراً ونهضت للبحث عن كرات أخرى‬ ‫فقالت لها أمينة‪ :‬بحثت طوال هذه المدة ‪ ,‬فقط تلك الكرات ‪,‬‬ ‫سارة اتصلي على والدك ؛ ربما لديه شيء من الحل‪.‬‬ ‫اتصلت سارة ‪ :‬أبي وجدنا كرات بها حروف منحوته قراتها‬ ‫فأضاءت الكهف ‪ ,‬وبعض الحروف على جدران الكهف لم تضء‬ ‫‪,‬فقاطعها والدها ‪ :‬سارة لدينا كرتين وجدها سمير في قاع البحيرة ‪..‬‬ ‫سارة ‪ :‬أبي أذكر الحروف بصوت عال وانا سأستخدم‬ ‫مكبر الصوت ربما تمكنا من إضاءة كل الحروف ‪:‬‬ ‫‪CBTO ANO DENO, DELTO BAF‬‬

‫وجدت سارة والدها أمامها فجأة احتضنته بقوة وبكت من‬ ‫فرحتها ‪ ,‬وظهر “سمير” ألمه “أمينة” فبكت هي األخرى من‬ ‫شدة فرحتها لعودة صديقتها “ ريما “ وابنها “سمير “ مجدداً ‪..‬‬ ‫جمع والد سارة الكرات‪ ,‬وأخذوا يفكرون في طريق للعودة إلى‬ ‫الديار ‪ ,‬أعطته أمينة صندوقا فارغا ً كان ملقى على ضفة البحيرة‬ ‫بشبح على‬ ‫وجدته سابقاً‪ ,‬وضع الكرات بها وأغلق الصندوق ‪ ,‬وإذ‬ ‫ٍ‬ ‫هيئة عجوز قال لهم ‪ :‬أوالً ‪:‬ألقوا الصندوق في قاع البحيرة حيث‬ ‫جثماني مدفون في قاعها ‪..‬وأخيرا أشكركم على مساعدتكم لتجميع‬ ‫كراتي السحرية التي وضعت بها كل أفكار الشر‪ ,‬حتى أحمي‬ ‫العالم من السحر والسحرة الذي يهلك كل يأتي إلى هذا المكان‪.‬‬ ‫قال سمير‪ :‬وماذا عن األشخاص داخل المرآة؟ قال لهم‬ ‫دعهم ينالون عقابهم؛ فهم ال يستحقون إال هذا العقاب ‪ ,‬ليكونوا‬ ‫عبرة لآلخرين وال يزعجوا العالم بأالعيبهم‪ ,‬سأ ّدلكم على طريق‬ ‫العودة بسالم ؛ وال تعودوا لهذا المكان مرة أخرى ‪,‬ويكفي أن‬ ‫أكون قصة في حياتكم‪ ,‬يعتبر بها من يعتبر وال يأتي إلى هذا‬ ‫المكان ‪,‬كفاني عشت ‪ 500‬عام أبنيه و ُدم َِر من دمر بسببي ‪..‬‬ ‫استغربت سارة وأمينة ! وأسرعت سارة بالسؤال؟ ‪ :‬من‬ ‫هؤالء األشخاص يا سيدي؟ رد الشبح العجوز ‪ :‬سيحكي لكِ‬ ‫والدك بعد مغادرتكما ‪ ,‬إلى اللقاء‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫خرجوا جميعا من الكهف وغلقت األبواب بالصخور‬ ‫وأصبح الكهف ال مدخل له ‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫قالت لها السيدة‪ :‬ال تقلقي وتوقفي عن البكاء حتى أشرح لك‬ ‫فأنا احتاج لمساعدتك لنساعد أهلنا ‪ ,‬أسمي “أمينة” جئت لهنا أنا‬ ‫وصديقتي وابني ذو ال‪ 18‬عام ‪ ,‬لنستكشف الكهوف في مدينتنا‬ ‫سويا كرحلة استكشاف‪ ,‬منذ‪ 17‬يوما ونحن عالقين هنا في هذا‬ ‫الكهف ؛ علق ابني وصديقتي داخل المرآة المنيرة الملعونة التي‬ ‫تنير لنا هذا الكهف وأنا هنا بمفردي ال استطيع التواصل معهم ‪,‬‬ ‫قالت الفتاة وكيف تعيشين كل هذه المدة هنا ؟ قالت لها انظري لتلك‬ ‫البحيرة ماؤها عذب ‪,‬وبها بعض األسماك كل حين وآخر اصطاد‬ ‫سمكة واشويها على تلك النار التي اشعلتها وأموت كل يوم ألف مرة‬ ‫من القلق والخوف على ابني ‪ ,‬قاطعتها سارة ‪:‬هل يمكنني االتصال‬ ‫بوالدي عبر الهاتف؟ قالت أمينة ألديك هاتف مشحون ؟جيد جدا‬ ‫‪,‬هيا اتصلي فوراً؛ فربما تمكنا من االطمئنان عليهم وتمكنا من‬ ‫مساعدتهم‪ ,‬اتصلت سارة على هاتف أبيها ور ّد عليها ‪ :‬سارة ابنتي‬ ‫ت بخير ؟ سارة ‪ :‬أبي كيف أنت ؟ أين أنت االن هل ترانا؟‬ ‫؟؟؟هل أن ِ‬ ‫قال‪ :‬هل أحد معك؟ ‪ ,‬قالت‪ :‬نعم ‪ ,‬أنا هنا مع سيدة لطيفة‬ ‫اسمها” امينة” هي أم لشاب جذبته المرآه‪ ,‬فقاطعها ‪ :‬نعم هو‬ ‫معي وخالته هنا أيضا بخير‪ ,‬نحاول‬ ‫البحث عن سرّ لفك تلك اللعنة ‪ ,‬سارة‪ ,‬ابحثي في كل‬ ‫الكهف وأخبريني ماذا وجدتم؟ انتظر مكالمتكم‪...‬‬ ‫أخبرت أمينة سارة بما وجدت طوال مكوثها في الكهف‪،‬‬ ‫والحروف المحفورة على الجدران‪ ،‬قالت لها سارة هيا نبحث عن أي‬ ‫خيط يدلنا على الحل‪ ،‬سأقفز إلى البحيرة؛ ربما أجد بها ‪ ..‬فقاطعتها‬ ‫أمينة ‪ :‬انتظري فقد وجدت كرات بلّورية نظفتها فوجدت بها كلمات‬ ‫ال معنى لها‪ ،‬حاولت سارة ببراءة أن تقرأها (باستهجاء)‪:‬‬ ‫‪ANOTSRODGNATRJ, CERDY GKLO PUTQ ZUXI‬‬

‫واذا بالحروف التي تقرأها سارة تضيء على جدران‬ ‫الكهف ‪ ,‬حرف تلو اآلخر كرة تلو األخرى حتى انتهت سارة‬ ‫وأمينة من الحروف والكرات بأكملها‪..‬‬ ‫أمينة ‪ :‬انتهت الكرات يا سارة! وهنالك بعض الحروف‬ ‫‪15‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫همّا بالصعود وبدأت الرحلة‪ ,‬دخال أول الكهوف التي‬ ‫وجدوها مفتوحة‪.‬‬ ‫كلما دخلوا أكثر كلما ازداد الظالم أكثر وأكثر أمسكت‬ ‫سارة بوالدها وهي تتمتم‪ :‬ما هذا العالم؟ إنه أقرب إلى عالم‬ ‫الظالم يا أبي ! سبحان الخالق المبدع العظيم انظر الى لمعة‬ ‫الجدران انها تبدوا كجدران من األلماس!‬ ‫ابتسم والدها وقال لها في همس ‪ :‬دعينا نستكشف هذا العالم‬ ‫الجديد المظلم يا عالِمتي الصغيرة ‪ ,‬واحذري خطواتك هنا ‪,‬وال‬ ‫تبتعدي عني ‪ ,‬وبفخر قال ‪:‬ها قد بدأت أول مغامراتي مع ابنتي ‪,‬‬ ‫عندما كنت في عمرك كنت امتلك ذلك الفضول وحب االستكشاف‬ ‫الذي بك ‪ ,‬كنت أذهب أنا وصديقي “أدهم” و”علي” في الغابات‬ ‫وفي الوديان واألنهار التي تحمل األساطير‪ ,‬كل ما سنحت لنا‬ ‫الفرصة ‪ ,‬وهذا ما شجعني أن أتخصص في “الجيولوجيا”‪.‬‬ ‫وفجأة ! تعثرت سارة وحاول والدها اإلمساك بها إال‬ ‫أنهما انزلقا سويا ً في وا ٍد طويل ‪.‬‬ ‫نهضا من جديد وساعد األب سارة على النهوض وأخذا‬ ‫بالبحث عن أمتعتهما بحث األب عن مصباحه ‪ ,‬وإذ بسارة تناديه‬ ‫‪ :‬أبي انظر إلى هذا الضوء ‪ ,‬اعتقد بأن أحد ما هنا ‪ ,‬من البداية‬ ‫كنت أشعر بأن هذا الكهف به حياة ‪ ,‬وذهبت سارة ووالدها نحو‬ ‫الضوء ولكن في حيطة وحذر ‪ ,‬وإذا بهذا الضوء ما هو إلى مرآة‬ ‫كبيرة براقة تعكس صورتهم وتنير ما حولها ‪ ..‬حاول‬ ‫األب أن يلمس تلك المرآة ليجد ما هي؟‬ ‫وإذا به قد اختفى وتحركت المرآة‪ ,‬ثم عادت كما كانت ‪..‬‬ ‫صرخت سارة ‪ :‬أبي ‪ ,‬أبي أين أنت ؟ أين تركتني ؟ أبيييييييي ‪,‬‬ ‫وبكت كثيراً حتى فقدت وعيها والهدوء من حولها يلف المكان‪.‬‬ ‫فاقتسارةعلىصوتامرأةتناديها‪:‬ابنتي‪,‬أأنتيبخير؟التقلقي‪..‬‬ ‫نهضت سارة مسرعة ‪ ,‬فوجدت شابة في أواخر الثالثين‬ ‫شاحبة الوجه ذابلة العينين قالت سارة‪ :‬من أنت ؟ وأين‬ ‫أخذتني ؟ وما هذا المكان ؟ وماذا تفعلين هنا بمفردك ؟ وأين‬ ‫أبي وبدأت بالبكاء ‪.‬‬ ‫‪14‬‬


‫سر الكهف‬

‫املركز الثالث‪ :‬شهد عالء الدين مصطفى محمد‬ ‫أكادميية الفجرية العلمية اإلسالمية‬

‫عالم االستكشاف ‪ ..‬ذلك العالم الذي يسعى الكثير منا لتجربتة‬ ‫وخوض إحدى مغامراته ‪..‬المهم في هذا العالم هو الصحبة‬ ‫الطيبة والعقل المنير ‪..‬‬ ‫هنا ‪ ,‬ذهبت سارة مع والداها الستكشاف إحدى الكهوف‬ ‫المهجورة التي توجد في أطراف موطنهم بالسيارة‪ ,‬وخالل‬ ‫الطريق قالت سارة لوالدها ‪ :‬أنا سعيدة جداً يا أبي لكونك‬ ‫تحقق لي أول أحالمي باالستكشاف‪.‬‬ ‫ت ابنتي الوحيدة‬ ‫رد أحمد ( والد سارة ) ‪ :‬حبيبتي سارة أن ِ‬ ‫‪ ,‬رفيقتي منذ ‪ 15‬عاما ً ‪ ,‬عندما توفت والدتك وهي تلدك ‪ ,‬لم أر‬ ‫الحياة سوداء أمامي رغم حزني على فراق أمك ‪,‬ألني رأيتك‬ ‫نورها وضياؤها‪ ,‬أنت هدية جميلة كوالدتك فشعرك وعيناك‬ ‫وشخصيتك الجذابة كلها والدتك‪ -‬رحمها هللا‪ , -‬شعرت سارة‬ ‫بالسعادة والفخر والطمأنينة وقالت (وهي تبتسم) ‪:‬أنت أعظم‬ ‫اآلباء حقا ً ‪ ,‬وهنا وقفت السيارة ونزلت سارة مذهولة من‬ ‫ضخامة الجبل الذي وصلوا إليه‪.‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫دون فائدة‪ ،‬بدأت بعض الطالبات بالصراخ في وجه الجنود‪،‬‬ ‫مطالبات بالعبور‪ ،‬وكانت أخريات يحاولن التقدم نحو الحاجز‬ ‫مجتمعات‪ ،‬فلم يكن من الجنود إال أن أشهروا بنادقهم‪ ،‬وأخذوا‬ ‫يدفعون الطالبات مهددين بإطالق النار‪ ،‬حتى أن أحدهم أطلق‬ ‫بعض الطلقات التحذيرية في الهواء‪ ،‬أثارت الهلع في نفوس‬ ‫الصغيرات‪ ،‬وأفزعت بعض الحمائم على الجدار القريب‬ ‫فحلقن مبتعدات في رحلة النجاة‪ ،‬حينها أصابت إحدى الطلقات‬ ‫حمامة بيضاء‪ ،‬فقطعت عليها رحلتها‪ ،‬وأردتها صريعة‪.‬‬ ‫بادرت إحدى المعلمات بمناداة الطالبات ليجتمعن حولها‬ ‫قائلة‪« :‬إن كانوا يستطيعون أن يقطعوا علينا رحلتنا إلى‬ ‫المدرسة‪ ،‬فال يمكنهم أن يقطعوا رحلتنا نحو الحرية‪ ،‬وسنأخذ‬ ‫دروسنا هنا ‪ ...‬نعم هنا على الحاجز العسكري»‪.‬‬ ‫جمعت المعلمة الطالبات‪ ،‬في حين التفت طالبات أخريات‬ ‫حول م ّدرسة أخرى‪ ،‬أخرجن جميعهن الكتب والكراسات‪،‬‬ ‫ونادت معلمة التالوة‪“ :‬ما هو درس اليوم؟”‪ ،‬ردت إحدى‬ ‫الطالبات‪“ :‬إنها سورة اإلسراء”‪ ،‬فأردفت المعلمة قائلة‪“ :‬إنها‬ ‫من أعظم السوّ ر‪ ،‬يكفي أن بها وعدا إلهيا مؤكدا بنصر هللا لنا‬ ‫على المفسدين في األرض”‪.‬‬ ‫على الطرف اآلخر كانت معلمة اللغة العربية تسأل‬ ‫طالباتها عن درسهن‪ ،‬فوقفت سارة مجيبة‪“ :‬إنها قصيدة‪ -‬أخي‬ ‫جاوز الظالمون المدى”‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«قصة مؤث ّرة وجميلة ومحبوكة بأسلوب سلس ولكن مليء‬ ‫ّ‬ ‫بالتعابير التي تهزّنا من الداخل‪ .‬نهايتها غير تقليديّة ومع ّبرة‪.‬‬ ‫بكمية العزم‬ ‫املبطنة التي توحي‬ ‫فيها الكثير من الرسائل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القضية الفلسطينية‬ ‫واألمل واإلصرار والتحدي‪ .‬ربمّ ا أ ّن موضوع‬ ‫ّ‬ ‫القصة أوضحت ما يجري مع األطفال‬ ‫مطروح كثيراً‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫ّ‬ ‫قصة أث ّرت‬ ‫على أرض فلسطني من حرمان للتعليم وغيرها‪ّ .‬‬ ‫عيني على واقع أليم يقابله أمل عظيم»‬ ‫بي شخصيا ً وفتحت‬ ‫ّ‬ ‫‪12‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫كان صوت صديقتها عبير يقطع عليها أفكارها الشاردة‪،‬‬ ‫وهي تحييها‪ ،‬ردت سارة تحية صديقتها‪ ،‬وسارتا معا تتحدثان‪،‬‬ ‫لقد كانت الطالبتان تتقاسمان اله ّم نفسه‪ ،‬فلم تكن حال عبير‬ ‫وأسرتها أحسن حاال من أسرة سارة‪ ،‬فعبير التي استشهد‬ ‫أخاها الكبير الشهر الماضي في مواجهة مع دورية عسكرية‪،‬‬ ‫تسكن اآلن وأسرتها في بيت بعض أقاربهم بعد أن قام جيش‬ ‫االحتالل بهدم منزلهم انتقاما وتأديبا ألسرة الشهيد‪.‬‬ ‫ما هي إال لحظات قليلة حتى عال صوت جنود االحتالل‬ ‫على المارة بالتنحي إلى جانب الطريق المؤدي إلى بعض‬ ‫أحياء مدينة الخليل‪ ،‬حيث كانت سيارة عسكرية قد سدت‬ ‫الطريق‪ ،‬وأغلقته بحاجز لمنع المرور‪ .‬وكان جنود االحتالل‬ ‫يشهرون أسلحتهم ويصرخون على المارة بوجوب الوقوف‪،‬‬ ‫ويدققون بطاقات الهوية‪ .‬ويأمرون الطالبات باالنتظار على‬ ‫جانب الطريق حتى يُسمح لهم بالمرور الحقا‪.‬‬ ‫انضمت سارة وصديقتها إلى مجموعة من الطالبات على‬ ‫جانب الطريق‪ ،‬وبدأن يتهامسن عن سبب إقامة الحاجز‪ ،‬قالت‬ ‫إحداهن‪« :‬هذا ليس جديدا علينا‪ ،‬إنهم يحمون المستوطنين في‬ ‫ساعات خروجهم إلى أعمالهم»‪ ،‬تساءلت عبير‪« :‬ولكن ماذا‬ ‫يريدون من طالبات صغيرات؟»‪ ،‬فأجابتها سارة‪« :‬األمر‬ ‫ال يعدو تنغيصا لحياتنا‪ ،‬وتضييقا علينا‪ ،‬إنهم يأملون أن نمل‬ ‫فتتكرر رحلة النزوح عن أرضنا ونتركها لهم‪ ،‬أو أن يثنوا‬ ‫بعضنا عن الذهاب للمدارس فيعم الجهل»‪ ،‬علّقت طالبة‬ ‫أخرى‪« :‬ولكنهم يتجردون من الرحمة واإلنسانية‪ ،‬هل سمعتم‬ ‫عن قصة المرأة التي اضطرت إلى وضع مولودها داخل‬ ‫سيارة اإلسعاف على الحاجر العسكري!»‪.‬‬ ‫كان وقت الحصة األولى قد اقترب‪ ،‬في حين تزايدت‬ ‫أعداد الطالبات أمام الحاجز العسكري وانضمت إليهن بعض‬ ‫المدرسات اللواتي منعن أيضا من المرور‪ ،‬وكانت الطالبات‬ ‫قد بدأن يتذمرن من الوضع‪.‬‬ ‫حاولت بعض المدرسات التحاور مع الجنود ولكن‬ ‫‪11‬‬


‫رحلة نحو الحرية‬

‫املركز الثاين‪ :‬عبدالرحمن نبيل رجا عبدالرحيم‬ ‫مدرسة النور الدولية الخاصة‬

‫لم تتوقع سارة أن يكون يومها هذا مختلفا عن بقية األيام‪،‬‬ ‫استيقظت سارة كعادتها كل صباح فخطفت نظرة سريعة من‬ ‫نافذة بيتهم الصغير لمعرفة حالة الطقس‪ ،‬فقد كان الجو غائما‬ ‫شديد البرودة منذ أيام‪ ،‬يبشر بغيث قريب‪.‬‬ ‫ارتدت سارة مريولها المدرسي القديم‪ ،‬وانتبهت على‬ ‫صوت أمها الذي تخنقه العبرة‪ ،‬وتسمع بين ثناياه أ ّنات التعب‬ ‫والمرض‪ ،‬كانت تدعوها لمساعدتها على إعداد وجبة الفطور‬ ‫إلخوتها‪ ،‬لم تكن تلك الوجبة سوى بقايا من أرغفة خبز وبعض‬ ‫الزيت والزيتون من هذه األرض المباركة‪ .‬تناول أألطفال‬ ‫بعض لقيمات وانطلقوا في رحلتهم اليومية إلى مدارسهم‪.‬‬ ‫عاد شرود الذهن ليخطف لحظات من تفكير هذه الطفلة‬ ‫حين تذكرت أباها الذي مضى على غيابه في سجون االحتالل‬ ‫قرابة العامين‪ ،‬واستذكرت معاناة أمها في الرحلة الشهرية‬ ‫لزيارة والدها في السجن الصحراوي الذي يقبع فيه‪ .‬مسحت‬ ‫سارة دمعة صغيرة كادت تسقط على وجنتيها وأكملت مسيرها‪.‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫الكتب مثل النافذة في المنزل تستطيع أن ترى من خاللها كل‬ ‫شيء‪،‬وأنها غذاء العقل‪،‬والروح‪،‬ولكن أنا ال أصدق ذلك‪،‬كيف‬ ‫تحزن الكتب؟ فقررت أن أتي إليك حتى تحولني من إنسان إلى‬ ‫كتاب حتى أتأكد من صحة كالم والدي‪،‬فوافق الساحر أن يحول‬ ‫الولد الصغير إلى كتاب‪،‬وهو مذهول من كالمه‪،‬وقال له‪:‬سوف‬ ‫احولك إلى كتاب موجود على أحد الرفوف لمدة ثالث ليال فقط‪.‬‬ ‫فوافق الولد وخالل عدة دقائق تحول الولد إلى كتاب‬ ‫موجود في مكتبة منزله الصغيرة‪.‬‬ ‫في اليوم األول كان الولد سعيدا‪،‬ألنه يشعر بالراحة وال‬ ‫أحد يحركه من مكانه‪،‬ومستغال وقته بالنوم‪،‬ومر اليوم الثاني‬ ‫وبدأ يشعر بأن هناك شيء يكتم أنفاسه‪،‬وهو ذلك الغبار الذي‬ ‫يغطيه‪،‬وبدأ يحدث نفسه ويقول متى يأتي اليوم الثالث وأعود‬ ‫إلى طبيعتي‪،‬فأنا ال أستطيع تحمل الوحدة‪،‬واإلهمال‪،‬وهو‬ ‫يرى أمه وأخوته يمرون أمامه دون أن يمسكوه‪،‬وجاء اليوم‬ ‫الثالث‪،‬وحقق الساحر وعده‪،‬بأن أعاد الولد إلى طبيعته‪،‬فسأله‬ ‫الساحر ما هو الدرس الذي استفدت منه في هذه التجربة قال‪:‬‬ ‫وهو يبكي بشدة إن والدي كان على حق‪.‬‬ ‫إن هذه الكتب تشعر بالحزن إذا لم يقرأها أو يهتم بها‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫فقررت أن أقرأ كل الكتب الموجودة في المكتبة حتى ال‬ ‫تشعر بالحزن واإلهمال‪.‬‬ ‫رأي احملكم‬ ‫«الفكرة جميلة جدا ً واحلبكة موفقة‪ .‬أمنية الطفل التي سعى‬ ‫من أجل حتقيقها وفعل املستحيل لذلك‪ ،‬فاجأتني بالفعل‪.‬‬ ‫اعتقدت أنه سوف يتمنى السفر الى بالد بعيدة أو احلصول على‬ ‫التحول الى كتاب!!‪ .‬فكم من طفل‬ ‫لعبة جديدة‪ ،‬ولكنه متنى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املنسي فوق الرف‪ ،‬وكم من‬ ‫يحتاج الى أن يعلم قيمة الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫كبير أيضا ً‪ .‬رحلته الى ّ‬ ‫رف الكتب مليئة باملعاني ومغامرته الى‬ ‫مميز»‪.‬‬ ‫جانب الكتب األخرى املغ ّبرة حتتاج الى خيال ّ‬ ‫‪9‬‬


‫‪ 11‬سنة وما‪ ‬دون‬

‫الصغير وعالمات الغضب بادية على وجهه ماذا بك‬ ‫أيها الولد الصغير؟لقد أيقظتني من نومي ماذا تريد؟ قال‬ ‫له‪:‬بصوت مختلط بين نبرات الخوف والجرأة أريد منك أن‬ ‫تحولني‪،‬فضحك الساحر ضحكة استهزاء ههه ههه ‪.‬‬ ‫وقال‪:‬تريدني أن أحولك ولكن قبل أن أفعل ذلك هل‬ ‫تعرف ما هو شرطي أيها الصغير؟قال‪:‬نعم أعرف‪ ،‬فرد‬ ‫الساحر قائال‪ :‬وهل تضن نفسك قادرا على ذلك وأنت بهذا‬ ‫الحجم الصغير؟وبكل إرادة وعزيمة قال‪:‬نعم أيها الساحر أنا‬ ‫قادر على ذلك فقال الساحر وإن لم تستطع أن تحقق الشرط‬ ‫سوف أحولك إلى صخرة صغيرة على ضفة هذا النهر‪،‬ومن‬ ‫غير تردد وافق الولد على هذا الشرط‪.‬‬ ‫وذهب الولد إلى تحقيق شرط الساحر‪،‬وهو يقول في‬ ‫نفسه اللهم أعني على ذلك‪،‬فانا خائف لكن ثقتي بك كبيرة‪.‬‬ ‫الساحر‪:‬أعجبته جرأة وإصرار الولد فأخذ يراقبه عن‬ ‫كثب‪،‬ثم عاد الساحر إلى كهفه ينتظر عودة الولد الصغير‬ ‫حامال السمكة السوداء‪،‬ألن هذه السمكة فقط هي التي تشبع‬ ‫جوع الساحر‪،‬ولم تمضي ساعات إال وقد عاد الولد الصغير‬ ‫إلى الساحر وهو فرح‪،‬ومسرور بتحقيق شرط الساحر‪.‬‬ ‫أعجب الساحر بما فعله الولد الصغير‪،‬وطلب منه أن يطلب‬ ‫ما يشاء فطلب الولد من الساحر أن يحوله إلى كتاب موضوع‬ ‫على أحد رفوف المكتبة الصغيرة التي في منزله‪،‬فاستغرب‬ ‫الساحر من طلب الولد وقال له‪:‬أول مرة يطلب مني مثل هذا‬ ‫الطلب‪،‬كانت طلبات األشخاص الذين يأتون إلي يريدون مني‬ ‫تحويلهم إلى طيور حتى يطيروا في السماء‪،‬ويروا كل شي من‬ ‫أعلى‪،‬وأن يتحولوا إلى أسود حتى يكونوا أقوياء مثلها‪،‬ولكن‬ ‫أنت تريد التحول إلى كتاب‪،‬فقال له‪ :‬نعم‪،‬ألنني أنا دائما في‬ ‫عراك مع أبي‪،‬فقال له الساحر‪:‬وكيف ذلك قال‪:‬إن لدينا مكتبة‬ ‫صغيرة في منزلنا‪،‬وتوجد فيها الكثير من الكتب‪،‬وأبي هو‬ ‫الوحيد الذي يقرأها ودائما يوبخني أنا وأخوتي ألننا ال نقرأ‬ ‫منها‪،‬ويقول‪:‬إن هذه الكتب تحزن عندما ال يقرأها أحد‪،‬وإن هذه‬ ‫‪8‬‬


‫الساحر والولد‬ ‫الصغير‬

‫املركز األول‪ :‬حامد سعيد محمد املحاوي‬ ‫مدرسة أيب بن كعب للتعليم األسايس‬

‫كان يا مكان في قديم الزمان‪،‬كان هناك ولد في الثانية عشرة‬ ‫من عمرة‪،‬وهو يسمع دائما عن ساحر يوجد في كهف صغير‬ ‫أمام النهر يستطيع أن يحول كل إنسان إلى أي شيء آخر‬ ‫يريده‪،‬لكن هذا الساحر لديه شرط واحد حتى يحولهم وهذا‬ ‫الشرط هو أن يصطاد سمكة كبيرة سوداء من النهر‪.‬‬ ‫وفي أحد األيام الجميلة الهادئة قرر الولد الذهاب إلى‬ ‫ضفة النهر حتى يحقق شرط الساحر‪،‬وبعد ذلك يطلب‬ ‫منه أن يحوله إلى شخصية آخرى‪،‬وبعد برهة من وصول‬ ‫الولد إلى ضفة النهر وأمام الكهف الصغير أخذ ينظر من‬ ‫فتحة الكهف‪،‬والخوف يمأل قلبه‪،‬لكن عزيمته وإصراره‬ ‫كانت أكبر من خوفه‪،‬فتغلب الولد على خوفه وأخذ ينادي‬ ‫الساحر‪،‬أيها الساحر‪،‬أيها الساحر‪،‬فخرج الساحر من كهفه‬


‫‪ 11‬سنة وما دون‬ ‫تقرير لجنة التحكيم‬ ‫ال ّ‬ ‫شك أننا نشهد تطو ًرا ملحوظاً يف نوعية األفكار والكتابة وأساليب‬ ‫ربا أ ّن موضوع «ال ّرحالت» قد فتح لهم أبواباً‬ ‫الطّرح هذا العام‪ .‬مّ‬ ‫عديدة‪ ،‬ولك ّن القصص املق ّدمة مميّزة جدا ً ويحتار أمامها املحكّم‪.‬‬ ‫لقد اضطررت اىل إعادة قراءة القصص مرات عديدة حتى أخرج برأي‬ ‫مناسب‪ ،‬أل ّن املنافسة بني القصص كان متقارباً جدا ً‪.‬‬ ‫أه ّنئ جميع من فاز باملراتب األوىل وجميع من شارك يف هذه املسابقة‪،‬‬ ‫فمجرد الوصول اىل القامئة القصرية للقصص هو انجاز مم ّيز وانتصار‬ ‫للقلم والفكر‪ .‬وأهنئ أنفسنا بجيل جديد يقرأ ويكتب ويواصل العطاء‪.‬‬ ‫سحر نجا محفوظ‬ ‫ديسمرب ‪2016‬‬


‫“نحن فخورون بأن نكون جزءًا من مهرجان طيران اإلمارات‬ ‫لآلداب وأن ندعم الك ّتاب الشباب لتأليف الروايات الخيالية‬ ‫في دولة اإلمارات العربية المتحدة»‬ ‫وأخيرًا‪ ،‬أتقدم بالشكر الجزيل والعرفان إلى هند سعيد‪،‬‬ ‫ورانيا عبدالرحمن و سهى العودة‪ ،‬ويارا مرداد‪ ،‬وزينب‬ ‫البلوشي اللواتي ساهمن في فرز قصص الفائزين‪ ،‬وأيضًا‬ ‫أتقدم بالشكر واالمتنان لكل معلم‪ ،‬وأم‪ ،‬وأب ومن‬ ‫ساهم في دفع الطلبة واألبناء لخلق بيئة تنافسية ذات‬ ‫قيمة أدبية راقية‪ ،‬وأشكر كذلك دار جامعة أكسفورد‬ ‫للطباعة والنشر على رعايتهم ودعمهم لهذه المسابقة‬ ‫كل عام‪.‬‬ ‫أدعوكم لالستمتاع برحالتكم الجديدة في خيال‬ ‫وإبداعات الطلبة‪.‬‬ ‫إيمان الحمادي‬ ‫مديرة المسابقات‬ ‫مسؤولة عالقات التعليم العربي‬


‫مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة‬ ‫والنرش الخاصة بكتابة القصة ‪2017‬‬ ‫منذ بداية انطالق مسابقة أكسفورد لكتابة القصة‬ ‫القصيرة ونحن نشهد اقبا ً‬ ‫ال كبيرًا من كافة طلبة‬ ‫المدارس والجامعات الذين حرصوا على إبراز مواهبهم‬ ‫الكتابية التي أسرت قلوبنا خالل األعوام السابقة‪.‬‬ ‫مع سياسة دولة اإلمارات العربية المتحدة لقانون القراءة‬ ‫والذي شمل كل الجوانب األدبية‪ ،‬حرصت إدارة مهرجان‬ ‫طيران اإلمارات لآلداب على استمرارية هذه المسابقة لما‬ ‫لها األثر الواضح في خلق جيل جديد ناشئ يمتلك القوة‬ ‫األدبية في مجال الكتابة والذي القى نجاحًا النظير له في‬ ‫جودة األعمال المقدمة من المشاركين‪.‬‬ ‫اختيار موضوع «الرحالت» لهذا العام أحدث تشعبًا كبيرًا‬ ‫في بداية اختيارات الطلبة‪ ،‬لتصلنا األعمال في قمة‬ ‫روعتها والتي القت استحسان لجنة تحكيم الجائزة الذين‬ ‫انبهروا بكمية الثقافة واألدب وحب الكتابة‪ ،‬والتي دفعت‬ ‫بالمحكمين إلى وضع مراتب متكرره‪.‬‬ ‫تناول الطلبة العديد من العناوين ذات الصلة بالرحالت‪،‬‬ ‫لتتجاوز بذلك االنتقال من مكان آلخر إلى رحالت علمية‬ ‫خيالية‪.‬‬ ‫تقول «جولي تيل» رئيس تطوير األعمال لدول آسيا‬ ‫الوسطى‪ ،‬الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬من دار جامعة‬ ‫أكسفورد للطباعة والنشر‪:‬‬


‫المحتويات‬ ‫‪ 11‬سنة وما دون‬ ‫الساحر والولد الصغير ‪ -‬حامد سعيد محمد علي محمد المحاوي ‬

‫‪07‬‬

‫رحلة نحو الحرية ‪ -‬عبدالرحمن نبيل رجا عبدالرحيم ‬ ‫سر الكهف ‪ -‬شهد عالء الدين مصطفى محمد ‬

‫‪10‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ 12‬إلى ‪ 14‬سنة‬

‫رحلة إلى المجهول ‪ -‬رؤى سعد عبادة هالل ‬ ‫الطائر البدوي ‪ -‬سناء دارين حمدان ‬ ‫رحلة فادي ‪ -‬جورج فرنسيس ‬

‫‪19‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة‬

‫محطات مشرقة ‪ -‬عبداهلل علي ‬

‫‪31‬‬

‫رحلة أجاد ‪ -‬نوف حسين علي الحمادي ‬

‫‪38‬‬

‫رحلتي من الظلمات إلى النور ‪ -‬عائشة عبدالقادر المرزوقي ‬ ‫رحلة حلم ‪ -‬فاطمة رشيد عباس محمد ‬ ‫ماوراء البحر ‪ -‬صفوان أدهم صفوان ‬ ‫رحلة البحث عن هدف ‪ -‬زين حازم ‬

‫‪43‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪ 18‬إلى ‪ 25‬سنة‬

‫رحلة أمل ‪ -‬ريم زكريا محمد المرموم ‬ ‫الرحالت ‪ -‬أحالم عادل ‬ ‫الرحالت ‪ -‬ميره راشد المهيري ‬ ‫رحلة نحو المجهول ‪ -‬أسماء وليد لولو ‬

‫‪63‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪83‬‬


‫طبع لصالح مهرجان طيران اإلمارات لآلداب ‪2017‬‬ ‫ص‪.‬ب‪ 24506 :‬دبي – اإلمارات العربية المتحدة‬

‫طبع بموافقة المجلس الوطني لإلعالم‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة رقم‪:‬‬ ‫‪199125‬‬ ‫طبع في جامالون منطقة حرة ‪ -‬ذ‪.‬م‪.‬م‬ ‫جميع الحقوق محفوظة واليجوز نشر أي جزء من أجزاء هذا‬ ‫الكتاب أو نسخه بشكل أو نظام آخر أو نقله بأي شكل كان‪ ،‬أو‬ ‫أية وسيلة أخرى‪( :‬إلكترونية‪ ،‬ميكانيكية‪ ،‬تصوير‪ ،‬تسجيل أو بأي‬ ‫صورة أخرى مهما كانت) دون إذن خطي مسبق من الناشر‪،‬‬ ‫وأي شخص يقوم بعمل له عالقة بهذا الكتاب دون إذن من‬ ‫الناشر‪ ،‬يعرّ ض نفسه للمسائلة القانونية والدعوى القضائية‪.‬‬


‫مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر الخاصة بكتابة القصة ‪2017‬‬

‫الرحالت‬

‫للقراء‪ :‬يرجى العلم أن القصص‬ ‫مالحظة‬ ‫ّ‬ ‫الفائزة لم يتم تعديلها أو اإلضافة عليها‪،‬‬ ‫وهي كما أرسلت من قبل الك ّتاب‬



‫المشاركات الفائزة في‬

‫مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة و النشر الخاصة بكتابة القصة ‪2017‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.