لجنة التحكيم
سارة خليفة املهريي ،مواطنة مجتهدة محرتفة يف التواصل اإلجتامعي وخبرية يف التسويق اإللكرتوين، وإدارة املشاريع ،وإدارة األنشطة ،وإدارة الجودة، والبحوث والتطوير واإلسرتاتيجية .سارة تعمل حالياً مع بنك اإلمارات ديب الوطني يف قسم التسويق للمجموعة يف وظيفة مساعد مدير التسويق اإللكرتوين .هي قائدة يف التغيري ومتحدثة إيجابية .لقد طبقت العديد من املشاريع التطويرية بنجاح ولديها خربة تتجاوز ال 14سنوات يف مجال تقنية املعلومات ،البحوث والتطوير وإدارة املشاريع .سارة أيضاً والدة فخورة ل 3أطفال .عملت سارة مع املهرجان من سنة 2011لتهتم بالربنامج العريب واملسابقات والتزال تتطوع معهم إىل اآلن.
لجنة التحكيم
سحر نجا محفوظ ،زوجة ،وأم ،وكاتبة قصص أطفال .من مواليد مدينة بريوت يف لبنان ،ومن خريجي الجامعة األمريكية فيها .تعيش يف دولة اإلمارات العربية املتحدة منذ زمن ،وقد تأث ّرت كثريا ً باختالف الحضارات وتع ّدد الثقافات فيها .أحبّت الكتابة منذ كانت عىل مقاعد الدراسة ،وتعلّقت باللّغة العربية ملا فيها من قدرة وليونة يف الرسد والوصف والتعبري .كتبت لليافعني ولألطفال مجموعة واسعة من القصص .شاركت يف الكثري من املعارض واملهرجانات األدبية ،وعضو يف لجان تحكيم العديد من مسابقات الكتابات اإلبداعية .كام أقامت ورش عمل متعددة للمدارس والكلياتّ .أسست مجموعة «ه ّن» للكاتبات واملبدعات يف اإلمارات منذ سنة 2013من مؤلفاتها :أحمر حلو ،ملفوفة جديت ،حبات املطر..غزل البنات، حرويف ترقص ،الزرافة ميليا ،حكاية عصفور ،يا ليتني أقول ال ،السرتة العجيبة، أمي شنطة سفر ،صانعة الحكايات میثاء الخیاط ،أم لخمسة أبطال ،من أكرث الكتّاب والرسامین موھبة يف أدب الطفل اإلمارايت والذي یقدم قیم عاملیة يف الوقت ذاته ،ابتكرت شخصیة رمزیة مرحة عنھا وھي ترتدي النقاب ،تعرض مزاجھا وحاالتھا عىل شبكات التواصل االجتامعي .سفیرة دامئة ملھرجان طیران اإلمارات لآلداب ،میثاء عضو يف املجلس اإلمارايت لكتب الیافعین. يف أقل من 10أعوام ،نرشت میثاء 17كتاباً موجھا للطفل ،خمسة منھا باللغة اإلنجلیزیة .حاز كتابھا “طریقتي الخاصة” عىل جائزة أفضل كتاب يف ملتقى الطفل يف الریاض ٢٠١١وھو أول كتاب أطفال إمارايت یجد طریقه إىل خارج الدولة .والذي تم ترشیحه أیضا لجائزة مارش ألفضل كتب مرتجمة يف بریطانیا سنة . ٢٠١٣وفاز كتاب “أطفئ األنوار” باملركز األول لجائزة امللتقى العريب لنارشي كتب األطفال سنة . ٢٠١٦ومؤخرا أصدرت روایتھا األوىل للیافعین “نواف الجالف” عن دار كلامت .تتسم ورشھا وجلساتھا القرائیة بخفة الظل واإلبداع وھي أیضا مدربة يف الكتابة اإلبداعیة .كام تطور برامج تلفزیونیة لألطفال ،من ضمنھا مسلسل كرتوين إمارايت “حمدون” ،وأیضاً النسخة العربیة التي أطلقت حدیثا من برنامج افتح یا سمسم.
25 – 18سنة
عينيه ،أغمضهما لوهلة ،سمع همسا الباحثون عن الحقائق وحدهم يغيرون العالم ،عندما فتح عينيه ،كان الزال جالسا على المقعد الخشبي وحده و حافلة قريبة واقفة في موعدها، أدار رأسه باحثا عن الشيخ ،مشى إلى الدكان الوحيد القريب من المحطة هل رأيت شيخا البارحة جالسا هناك كنت وحدك طوال الوقت يا سيدي و قد غفوت علىالمقعد ماذا ؟ أواثق من هذا ؟ لقد غادرت بعد منتصف الليل فال أدري بعد هذا صرخ سائق الحافلة ،هل أنت قادم ..حمل حقيبته و صعد الحافلة دون أن يفكر كثيرا ،أتراه كان يتخيل ،لقد رآه و سمعه ،هل هو مجنون اآلن ،ال ليس مجنونا لقد سمع همسه و صوته ،تذكر الجملة األخيرة، الباحثون عن الحقيقة وحدهم يغيرون العالم ..ابتسم عندما وصل إلى الغرفة ،فتح الباب كانت مظلمة كالعادة، جرى نحو الستائر فتحها على مصراعيها ،دخل الضوء إلى الغرفة ،بدت و كأنها تتنفس ،أغمض عينيه و أدخل الهواء إلى رئتيه بكل سهولة ،عندها فقط شعر بأنه حي مجددا، تذكر كلمة الشيخ ،الباحثون عن الحقائق وحدهم الذين يغيرون العالم . رأي احملكم «تنوعت القصة بني مهارات السرد والوصف واحلوار والشرح،وقدمت الشخصيات بطريقة جيدة .مبروك للكاتب».
88
25 – 18سنة
بل لما الكذب ،في الخامسة و الستين (،ضحكا معا بهدوء ) أنا يا بني ،كنت باحثا مثلك ،باحثا عن الحقيقة العظمى ،حقيقة نفسي ،و عندما وجدتها بحثت عن حقيقة الكون ،و عندما وجدتها بحثت عن معنى الحياة ثم معنى الموت ،البحث ال ينتهي ،الفضول هو ما يجعل اإلنسان تواقا للمعرفة و هو ما يمكننا من نستيقظ كل يوم متشوقين لنعرف ما يحمله لنا بقية اليوم لم يعد لكل ذلك معنى عندي ،لقد فقدت كل شيء كل شيء ( ضحك الشيخ ) و ماذا فقدت فقدت حلمي ابني غيره لقد فقدت حلمي يا عم لقد سمعتك ،ابن غيره ،ابن آالف من األحالم و سر خلفها ،عليك أن ال تتوقف إلى أن تموت ال أريد أن اعود إلى المدينة ،كدت أختنق هناك بل عد ،واجه البؤس و الخوف ،واجههما بكل حواسك، إن أدرت ظهرك فإنها ستالحقك إلى آخر حياتك ،ال تهرب كالجرذان أريد أن أنسى أن أعيش كالجميع دون أن أقلق بشأن الحقائق الضائعة ،بشأن عجزي عن التغيير و من أخبرك بأنهم يعيشون ،هؤالء ال يعرفون أي شيء عن حياتهم إذا فحياتي البائسة هي الحياة الحياة ليست وردية دائما ،و ليست بائسة تماما ،انظر جيدا ،انظر بكل حواسك و سترى حقيقتك أريد أن أغير العالم غير نفسك أوال كيف عد ،و ابدأ من جديد شعر بالنعاس يطغى عليه ،لم يكن قادرا على أن يفتح 87
25 – 18سنة
( يا للحماقة جلس يفكر الفيزياء مادة العلم أيها المتحذلق) نظر نحو الخارج ،راقب األشجار التي بدت كأنها تجري نحو الخلف ،الم نفسه ،لم يكن عليه أن يقول هذا الكالم لغريب ،سيظن اآلن بأنه مجنون . توقفت الحافلة ،اتجه السائق إلى ذاك الشاب الوحيد النائم في المقعد قبل األخير ،بني ،هذه آخر محطة ،حمل حقيبته الزيتية و نزل ،كانت الليل قد أستل ستائره السوداء ووقف في المحطة وحيدا إنه الريف ،لم يشعر بالراحة كما كان يتوقع شعر بالبرد ،يبدو أن رحلته نحو المجهول تنتهي هنا، جلس على المقعد ،نظر إلى األفق ،لو كان يستطيع أن يطير أن يراقب العالم من األعلى ،هل تراه سيكون مختلفا عن ما هو اآلن ،أسيكون أجمل ربما ،أم أقبح ،هل سيتوقف شهور بالعجز و الملل،هل ستتاح له الفرصة ليغير العالم ربما، ضحك لسذاجة الفكرة من الجيد أنك تضحك ،ظننتك تائها التفت و قد شعر بخوف بسيط من هذه المداخلة المفاجئة مرحبا يا عم ( ابتسم ) من أنت ؟ ال أدري أنت صادق ،ظننتك ستخبرني باسمك كما يفعل الجميع، يبدو أنك مختلف عنهم ال لست مختلفا جميعهم ال يعرفون من هم ..و أنا كذلك أنت تبحث و ال أجد جوابا ستجده ال ،لن أفعل ،طالما أني عالق هنا ألن تسألني من أنا ..؟ ( ابتسم ) من أنت يا عم .. رجل في الستين .. ( ابتسم الشاب ) 86
25 – 18سنة
نهض مجددا كانت خيوط النور األولى تداعب أمواج البحر فبدأت زرقته تظهر مجددا . كان يسير على قدميه في أرجاء المدينة ،أمام موقف الحافالت أخرج كل ما معه من نقود و عدها وضع نصف المبلغ سعرا للتذكرة ،و صعد الحافلة ،بدأ يتنفس بسهوله أكثر مع كل متر تقطعه الحافلة مبتعدة عن المدينة ،لم يرفع بصره عن النافذة ،شاهد المدينة تغرق خلفه ،ستصبح من الماضي، سيجعلها من الماضي لن يعود .استند إلى الخلف و فتح النافذة ثم أغمض عينيه ،بدأ الهواء يلفح وجهه ،و بدأ رحلة نحو المجهول ،طرقه أحدهم طرقا خفيفا على كتفه أيقظه من رحلة أحالمه التي امتدت قرابة الساعة لقد ظننتك نائما ،أنا أحمد نظر إليه مشدوها ،من هذا الغريب الذي أفسد عليه وحدته اآلن ،مرت عدة ثوان قبل أن ينتبه إلى يد الغريب الممدودة أنا آسف لقد كنت شاردا أهال ( ،صافحه دون أن يعرف عن اسمه ) إلى اين أنت ذاهب ؟ ال أدري (قالها همسا ) عفوا ،ال تدري ،لهذا القطار ثالث محطات معروفة، ( بدأ يعددها ) لم يهتم كثيرا بهذا الغريب الذي كان يتحدث وحده أنا ذاهب بعيدا عن المدينة ،أريد أن أقضي بعض األيام خارجا بدون سقف أنت مجنون أنا لست مجنونا ،أنا تائه ،معلق كحبة مطر خفيفة بين السماء و األرض هل تدرس الفلسفة .. ال أدرس الفيزياء ( قالها ببرود ) ( أطلق الغريب قهقهة عالية ) ذات الشيء 85
25 – 18سنة
و رماها في الحقيبة دون أن يدقق فيها كثيرا ،غادر الغرفة المظلمة دون أن ينظر خلفه حتى أنه لم يقفل الباب ،كان هاربا ،هاربا من شيء ال يدري ما هو ،لم يستطع البقاء هناك أكثر ،سار وحده في الطرقات الفارغة ،صوت وقع خطواته على قارعة الرصيف كان الصوت الوحيد المسموع ،و ضوء الشارع األصفر كان يزيد الذكريات في رأسه اشتعاال ،كان تائها ،تائها بحق ،سار ما شاء هللا أن يسير إلى أن وجد نفسه على الشاطئ ،البحر مخيف ،كان يكره البحر ،يكره كل شيء فيه ما عدا الزرقة ،الزرقة لم تكن واضحة في الليل بأي حال، كان البحر كالغرفة التي هرب منها ،داكنا ،مظلما ،جلس على الرمال ،بدت له لوهلة أكثر لينا من الفراش الذي كان ينام عليه ،استلقى ،السماء ،كانت السماء هي الشيء الوحيد الذي يحبه ،لم يرى الظلمة في السماء مع أن النجوم كانت بالكاد تضيء ،كانت هي وحدها ملجأه ،أخرج الصور من حقيبته، كانت صور تخرجه من الثانوية العامة لم يكن سعيدا يومها في أي منها ،كان الكل كذلك عدا هو ،كان يائسا ،كان يعلم بأنه لن يكون أبدا ما يريد ألسباب عدة أولها المال ،كان حاقدا على العالم الذي لم يلتفت إليه ،في أغلب الصور كان هو الفتى الواقف في الزاوية بعيدا ،كان وحيدا في أغلب أيامه، كما اآلن ،الوحدة لم تكن ما يؤرقه ،كانت دائما تلهمه ،لكن الشعور الذي فتته من الداخل ،كان العجز ،العجز كان عدوه األول ،لقد عجز أمام معرفة نفسه و أمام تغيير أي شيء في حياته ،الغرفة المظلمة شبه الفارغة ،وضعه المادي المزر و مستقبله ،مستقبله كان واضحا منذ البداية ،كان يندم على شيء واحد فقط ،الحلم ،ال يحلم الفقراء ،لم يكن يجب أن يحلم، األستاذ الذي قال له بأن الحلم ال سقف له ،كان كاذبا ،و اآلخر الذي مأل رأسه بأن المستحيل غير موجود كاذب أيضا ،وحده الطالب الذي سخر منه مرة و أخبره بأنه سيبقى فاشال إلى األبد كان صادقا ،هو لم يرى حقيقة العالم فقط و لكنه عاشها، أراد أن يغادر ،لم يدر إلى أين أراد فقط أن يسير ،عندما 84
رحلة نحو المجهول
املركز الثالث :أسامء وليد لولو جامعة الشارقة
ظالم حالك ذاك الذي أحاط به ،كان هو مستلق على فراشه القاسي وحده ،كاد يختنق ،شعر بالهواء يخرج من فمه دون أن يكون قادرا على سحبه نحو الداخل مجددا ،بدأت جدران الغرفة تقترب باتجاه بعضها بعضا ،أحس بها تالمس جسده و تكسر أخشاب سريره المهترئة ،رفع الغطاء من فوقه ،و جرى خارجا فتح الباب و أدخل كل هواء الرواق إلى رئتيه، لم يفهم ما حدث قبل قليل ،كل شيء بدا اآلن ضبابيا ،نظر إلى داخل الغرفة مجددا ،بدت مظلمة كالعادة ،و لكن الجدران الزلت في أماكنها ،يبدو أنه بدأ يفقد عقله حقا ،دخل إليها مجددا و استلقى على السرير ،الساعة قربه تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل ،بدأ الهواء يضمحل في رئتيه مجددا ،لم يعد يحتمل ،كل شيء في الغرفة بدا أسوادا قاتما ،أخذ حقيبة ظهره الزيتية ،وضع فيها جواله و ما وجده في الدرج من نقود ،وضع قميصين له ،وحملها بيده و جرى خارجا ،ارتطم بالطاولة فوقع كتاب صغير ،سقطت منه بعد الصور ،حملها
25 – 18سنة
..و بالتحقيق مع المتهمة أقرت بأنها اختطفته ألنه ذكرها بابنها الذي فقدته قبل عام مع زوجها في حادث سيارة، و لم تقصد أن تحرم والدته منه ألنها ذاقت ذات الشعور ،إال أن غريزة األمومة و اشتياقها البنها دفعها لفعل ذلك . ..و عن تفاصيل الواقعة تبين بأن المتهمة اضطرت ألخذ حمدان للمشفى بعدما ارتفعت درجة حرارته و بسؤالها عن أوراقه الثبوتية و الصحية ،أجابت بأنها ال تملك أيا ً منها، و قد اشتبه بها و تم ابالغ الشرطة . اتصل والد حمدان فوراً بالسفارة ،و بعد اتخاذ االجراءات الالزمة تم تسليم حمدان إلى ذويه . لم يصدقا والداه بأن ابنهما عاد إلى أحضانهما . أما مهرة فقد وبخت أخيها قائلة :لماذا تركتني و ذهبت لوحدك ،في المرة القادمة خذني معك !! أجابها حمدان :ال ،ال أريد أن أذهب مر ًة أخرى ،كنت خائفا ً كثيراً ،و أريد الرجوع إليكم ،لقد اشتقت لكم . و طلب من والداه عدم تركه مر ًة أخرى ،و وعدوه بذلك، كما وعدوا أنفسهم باالنتباه ألبنائهم ،و دعوا هللا أن ال يريهم هذا اليوم مر ًة أخرى . رأي احملكم «كانت ميزات عذه القصة أنها فيها فن االنتقال بني الزمان واملكان مبهاة عالية مما أعطى القصة تطور درامي بني األحداث. في نفس الوقت كانت القصة مشوقة وشدت القارئ ملتابعة قراءة القصة».
82
25 – 18سنة
أخفت أم حمدان دموعها بسرعة و ابتسمت قائلة :ال يا حبيبتي أنا ال أبكي انني متعبة قليالً ،اذهبي مع خالتك لتلعبي، سأنتظركم أنا هنا . احتضنت مهرة والدتها و قبلتها على وجنتيها ،و ما أن ذهبت لتلعب و اختفت عن أنظارها حتى انهمرت دموعها على وجنتيها مر ًة أخرى . و أثناء تواجد مهرة مع خالتها قالت لها :كنت أود لو أن أخي موجود ليلعب معي ،فهو يحب هذه األلعاب كثيراً . أجابتها خالتها :ال تحزني سيكون معنا في المرة القادمة بإذنه تعالى . ردت مهرة وهي مطأطأة الرأس :أتمنى ذلك . و بعد مرور ساعة رجعتا إلى أم حمدان لتناول العشاء، و بعدها توجهوا إلى المنزل . في كل ليلة كانت أم حمدان تسهر لتصلي و تدعو هللا بأن يرجع ابنها ،لقد أنهكها التعب و ذبلت مالمحها ،و اختفت ابتسامتها من وجهها بعد أن كانت ال تفارقها قبل أن تفقد ابنها. و مع بدء العام الدراسي الجديد ،قررت أم حمدان أن تكمل حياتها بشكل طبيعي لكي ال تؤثر على عائلتها و منزلها الذي أهملته . افتقدت مهرة أخاها كل صباح في طريقها للمدرسة ،و كذلك أصدقاءه الذين حزنوا لغيابه . و ذات مساء بينما والدة حمدان تعد العشاء ،و والده يشاهد األخبار تم بث خبر القبض على امرأة اختطفت طفالً يبلغ من العمر ستة أعوام ،و تم عرض صورة حمدان . نادى والد حمدان زوجته على الفور :تعالي يا أم حمدان انظري انه ابننا حمدان لقد وجدوه ..لقد وجدوه الحمدهلل . لم تصدق ما سمعته و ظنت بأنها في حلم ،تركت ما ً راكضة ،اتسعت حدقة عينيها حينما رأت بيداها و ذهبت صورة ابنها ،و انهمرت دموعها على وجنتيها ،أخذت نفسا ً عميقا ً ثم حمدت هللا تعالى و شكرته على رعايته البنها. 81
25 – 18سنة
بعد أن ظنوا بأنهم سيرجعون اليوم إلى منزلهم و ابنهم بين أحضانهم. لم تستوعب والدته هذا الخبر ،فسقطت مغشيا ً عليها و تم نقلها للمشفى ،و بعد مرور ساعات أفاقت و بدأت بالبكاء ما أن استرجعت ما حصل . طلب منهم الطبيب أن تبقى لديهم يومان في المالحظة ألن حالتها متدهورة ،و سيقوم بإعطائها مسكن لكي تهدأ و ترتاح. مرت األيام و ال زالت عائلة حمدان تنتظر ابنهم المفقود، و أملهم باهلل لم ينقطع ،واثقين و متوكلين عليه بأنه سيحفظ ابنهم و سيرجعه لهم بإذنه تعالى . و مهرة كذلك رغم صغر سنها إال أنها كانت تجلس مع والدتها على سجادة الصالة و تدعوا معها بأن يرجع هللا أخيها. منذ أن فُقد حمدان و المنزل فارقته السعادة ،و حياتهم أصبحت حزينة ،كئيبة . لذلك قررت شقيقة أم حمدان أن تخرجهم من هذه األجواء بالخروج معهم لتناول العشاء . رفضت أم حمدان هذه الفكرة إال أن شقيقتها أصرت عليها ،إن لم يكن ألجلها فألجل هذه الطفلة . وافقت حينها و ذهبت معهم ،و ما أن وصلوا إلى مركز التسوق حتى رأت مهرة المالهي و أرادت أن تذهب لتلعب . لم تستطع والدتها تمالك نفسها عن البكاء ،فما أن رأت المالهي حتى تذكرت ذلك اليوم الذي فقدت فيه ابنها . فاحتضنتها شقيقتها قائلة :لو كنت أعلم بأنك ستبكين لما أتيت بك إلى هنا . أجابتها :ال بأس أنا على ما يرام ،سأجلس في هذه الزاوية ،اذهبي أنتي مع مهرة لكي تلعب . ردت مهرة :ال ،ال أريد أن ألعب و أنتي تبكين ماما، فلنرجع إلى المنزل. 80
25 – 18سنة
تكراراً ،و كان يردد عليها :انتي امرأة مؤمنة و تثقين بأن كل ما يكتبه هللا سيحدث ،لذلك كوني أقوى من كل شيء، فابننا ال يحتاج سوى الدعاء ،و مكوثنا هنا ال جدوى منه ،لقد وضعنا أرقامنا لديهم و سيتصلون بنا في الحال عندما يجدونه بإذن هللا تعالى . و بعد مرور ثالثة أسابيع من التفكير و اقناع والد حمدان لزوجته ،وافقت أخيراً على ذلك و رجعوا إلى البالد . كانت والدة حمدان في كل يوم تدخل إلى غرفة حمدان لتشم ثيابه و تحتضن وسادته و دموعها منهمرة على وجنيتها. لم يكن على لسان مهرة حين رؤيتها لوالدتها في هذه الحال سوى سؤال واحد :ماما لماذا تبكين كل يوم ،لن نرى أخي حمدان مجدداً ؟ و تجيبها :ال ،ال تقولي ذلك سنراه و سيرجع بإذن هللا، أنا أبكي ألنني افتقدته أريد أن أراه ألحتضنه و أقبله . و ال زال والد حمدان على اتصال دائم مع السفارة ،إال أنه ليس هنالك أي خبر يذكر عن ابنهم . لقد هجر النوم جفون والدة حمدان و ذبلت عيناها من ً دقيقة واحدة فكانت البكاء ،و في المقابل لم تتركها شقيقتها تساندها و تذكرها باهلل تعالى و رحمته ،و طلبت منها أن تكون قوية أمام ابنتها . انتشرت قصة حمدان على األخبار و الجرائد و وسائل التواصل االجتماعي و أثارت تعاطف الناس . و لم يمر أسبوعان حتى اتصلت السفارة بوالد حمدان يبلغونه بالعثور على ابنهم المفقود . لم تصدق والدته بأن ابنها سيعود لحظنها ،و كانت تنتظره أحر من الجمر ،إال أنه في هذه اللحظات وردهم اتصال على ٍ بوجود خطأ و أن الطفل الذي وجدوه ليس ابنهم و قاموا باالتصال بهم بدالً من االتصال بذويه ،و اعتذروا منهم . اظلمت الدنيا بوجه عائلة حمدان بعد االتصال الذي أثلج صدورهم و أفرحهم إال أن فرحتهم لم تكتمل ،و خابت آمالهم 79
25 – 18سنة
الحيوانات و اطعامهم و التصوير معهم ،ومن ثم رجعوا للفندق ألنهم شعروا بالتعب ،و قرروا إكمال جولتهم في الغد . و في اليوم الثاني ذهبوا إلى مصنع الشوكوالتة ،حيث قام ك ٌل منهم بإعداد قالب الحلوى الخاص به . أما في اليوم الثالث فقد اتجهوا إلى متحف الشمع لمشاهدة التماثيل الشمعية للمشاهير ،و من ثم إلى السوق الليلي لشراء بعض الهدايا التذكارية لألقارب و األصدقاء . و في اليوم الرابع ذهبوا إلى مدينة المالهي إال أنها كانت مزدحمة ؛ لذلك اقترح والد حمدان أن يغيروا وجهتهم إلى مكان آخر ،لكن حمدان و مهرة بكا و أصرا على أن يدخلوها ٍ اليوم . و أثناء انشغال األم بالتصوير و األب بشراء التذاكر، اختفى حمدان عن أنظارهم . سألوا مهرة إن كان قد أخبرها إلى أين سيذهب ،إال أنها أجابت بالنفي . فكانت منشغلة بأكل حلوى غزل البنات و لم تنتبه له . قام األب بابالغ رجل األمن ،و سلمه صورة ابنه ،وبعد مرور ساعات طويلة من البحث لم يرو له فيها أثر ،أبلغوا السفارة لتقوم بدورها بالبحث و نشر صورته في الصحف الرسمية و األخبار . مر يومان و ال يوجد أي خبر عن حمدان ،و لم تكف والدته عن البكاء و القاء اللوم على نفسها ألنها لم تنتبه البنها، و والد حمدان ليس بيده شيء ليفعله سوى تهدئتها . انقضى أول أسبوع بطيئا ً ثقيالً على أسرة حمدان ،و ال زالت السفارة تبذل ما بوسعها اليجاد ابنهم المفقود . و بعد مرور شهر قرر والد حمدان العودة إلى البالد، بعد أن رأى حالة زوجته تزداد سوءاً يوما ً بعد يوم ،فأراد أن تكون بين أهلها لكي يقفوا معها و يخففوا عنها مصابها . رفضت والدة حمدان ذلك و طلبت منه الرجوع لوحده إن كان يريد ذلك ،إال أنه لم ييأس و حاول اقناعها مراراً و 78
الرحالت
املركز الثاين مكرر :مرية راشد املهريي جامعة سانت جوزيف
مع بداية موسم الصيف ،تبدأ أغلب العائالت بالتخطيط للسفر لقضاء إجازة الصيف في الخارج ،للترفية عن أنفسهم . و قصتي تدور أحداثها حول عائلة مكونة من أم و أب و أبنائهما التوأم حمدان و مهرة ،البالغان من العمر 6سنوات . بعد شهور من الدراسة انتهى العام الدراسي و أغلقت المدارس أبوابها ،و كانت نتائج حمدان و مهرة مرضية . و أتى شهر رمضان المبارك الذي انقضى مسرعا ً بين زيارات األهل و األحباب و أداء الشعائر الدينية و ختم القرآن و متابعة البرامج و المسلسالت ،و جاء بعده عيد الفطر السعيد الذي يزداد جماالً ببهجة األطفال و فرحتهم بمالبسهم الجديدة و العيدية التي يجمعونها من األهل و الجيران . و بعد العيد سافر والد حمدان مع زوجته و أبنائه ،في أول يوم ظلوا في الفندق ليأخذوا قسطا ً من الراحة بعد 7 ساعات قضوها في الطائرة ،و في اليوم الثاني بدأو بزيارة حديقة الحيوانات ،حيث استمتعا حمدان و مهرة كثيراً برؤية
25 – 18سنة
ال سيما سلطان الذي اقترح على رجل من القرية لديه عربة صغيرة ان يعود من طريق الجبل ليعبروا من طريق مختلف لعلهم يستطيعون نشر الخير اكثر وينتهون من رحلتهم بسرور ورضا وعافية متممين ما ذهبوا اليه .طريق مظلم وبارد هواء مغبر وضباب معتم عبروا ما فوق 20000كيلو توقفت عربة سلطان في جبل مرتفع كانت هناك إنارة صغيرة توجهه سلطان اليها وجلس ليأكل بعض الطعام الذي صنعه له اهل القرية التي خرج منها طلب سلطان من رجل العربة ان ينام قليال .عادل يمشي في طريقه متشوقا للقاء صديقه والعودة الى ديارهم لم يقف عادل في الطريق ابد بل اكمل طريقا حتى توقف في ذاك المكان الذي غاد به صديقه سلطان ولكن من الخلف وجلس في جبل مرتفع وودع صاحب السيارة متشكرا له .بعد ساعات استيقظ سلطان و أكمل طريقه حتى وصل الى المكان الذي ترك به صديقه عادل وجلس في اسفل الطريق ينتظر كل منهما األخر .شعر عادل بالضيق فقرر أن ينزل من الجبل فرأى شبه رجل في األسفل صرخ بنبرة شوق سلطان!! التفت سلطان ووقف واسرع عادل متجهها أليه واحتضنوا بعضهم البعض وربت كل منها في كتف اخيه عادل بصوت مليئة بالراحة ما أجملها من رحلة هكذا شاء والدك وهذا انت أتممت األمر بكل رضا ورغبة وصبر لعل هللا يهب لك من يبرك يوما ما .عادل بصوت مرتفع ويديه للسماء ( جعل هللا والدك ووالدي ووالد من يقرأ القصة من السبعين األلف اللذين يدخلون الجنة من غير حساب وال سابق عذاب) سلطان بابتسامته الجذابة اللهم آمين. بادرا بالمشي عودة لديارهم وبصوت واحد من أجمل الرحالت كانت ضحك كالهما في الوقت نفسه (رحلة الى الخير) رأي احملكم «قصة أحداثها ممتعة وتعلم الشباب عن طاعة وبر الوالدين. معانيها وصيغة القصة قوية وتعبيرها جيد». 76
25 – 18سنة
حالما استجابة العربة ووصلت اليهم كان هناك رجل في اول فقص عليهم سلطان القصة والرحلة العربة وعائلة من خلفه َ التي يرغب كل منهما فيها حاول رجل العربة مساعدتهم على قدر من المستطاع ولكن لم تكن العربة كافية لكليهما فقد كانت تكفي لرجل واحد فقط حزن سلطان كثيرا والتفت نظر اليه عادل وهمس له قائال فلتذهب انت وليكن هللا في عونك وانا سأكمل طريقي حتى يهب هللا لي من لدنه مساعدة رفض سلطان هذه الفكرة قائال لن اترك صديقي مهما كلفتنا المسافة. ذهب عادل وجدث مع رجل العربة طلب منه بعض الوقت ليتحدث مع سلطان .عادل بنبرة رجاء وحدة سلطان لتذهب انت فهذه باألخير وصية أبيك ومن بعدها رغبتنا وحبنا الى هذا الفعل .سلطان بنبرة حزن وضيق ,عدني بأنك ستأتي عدني بأن نعود معا من حيث أتينا؟ عادل بصوت منخفض وفرحة اعدك واحتض بعضهما البعض وتقاسما األذكار واللوحات ورحل سلطان مع العربة األولى القسم الخامس (األخير) التقى سلطان وعادل بعد عناء طويل وفرحة لم تكن بالحسبان وتمت الوصية بحمد هللا. بادر عادل بالسير حالما غادرت عربة سلطان وسار على ما كان يسير به هو وسلطان وضع األذكار في الطريق شعر عادل باإلرهاق وبدا يشعر بقدميه ثقيلة وجلس بدون ان يشعر في طريق السير حتى استوقفت سيارة امامه نهض مسرعا دون ان يترك لقدميه راحة وروى القصة سريعا ووجد االستجابة والعون من صاحب السيارة فسار حتى وصل الى القرية ونشر فيها بعض القصص االسالمية والخير وبعض االذكار كما يفعل سلطان في قرية فقيرة ناسها ولكنهم متعاونون كثيرا وتقبلوا سلطان قبوال حسن .كان االسلوب والتقنيات التي يستخدمها كل من سلطان وعادل اسلوب تقني ولبق بينما هم في اماكن متفرقه اال انهم ابدعوا في فعل الخير ونشره وعبر كل منهما لخمسة مناطق مختلفة .عادل بادر بالعودة عن طريق الجبال 75
25 – 18سنة
ثم قام كل منهما بقوة ونشاط وحماس لفعل الخير و قد وضع كالهما مسمى لهذه رحلة وهي (رحالت الى الخير). الساعة تشير الي الخامسة فجرا توقف سلطان على طرف من الطريق ألداة صالة الفجر من حيث انه كان من يقود السيارة في هذا الوقت وبعد ذلك أخذو بعض الالئحات وقاموا بتثبيتها في اماكن مختلفة على الطريق وبعد ذلك استمر سلطان في قيادة السيارة وعلى بعد 250كيلو نزل كل منهما وضعوا الئحات أخرى وبعد ذلك قم عادل بقيادة السيارة وعلى متن 100كيلو .فجأة توقفت السيارة حاوال كثيرا إلصالحها ولكن دوم جدوى جلس كل منهما بيأس كانت المسافة للعودة أقرب من المسافة التي يجب ان يقطعوها للوصول للقرى وبعد وقت قصير وقف سلطان بنبرة اصرار سنفعل ما نستطيع وما يجب ان نفعل ونكمل الطريق حتى يرسل هللا لنا من عنده المساعدة ولكن لن نعود مهما كان ثمن تلك الرحلة وقف عادل يخطو نحو السيارة جمع جميع االغراض واخذ بها ونظر للخلف مناديا سلطان هيا ابتسم سلطان وعيناه مليئة بالدموع خطا بخطوات سريعة نحو عادل احتضنه بشدة قائال ليبقيك هللا بجانبي دنيا واخرة . تقاسما االغراض معا وبادرا بالمشي وعلى انقطاع كل 100 متر يضعان الئحة من ذكر هللا وبقيا على مسارهما حتى جاء الليل استمدا طريقا الى الجانب ليرتاح كل منهما قليال وبعد ساعتين استيقظ عادل على صوت االذان شعر عادل بشعور جميل وقام ليتمم ودعا ربه كثيرا ان ييسر امورهم و همس بصوت خفيف ليوقظ سلطان للصالة حالما انتهى سلطان من الصالة والدعاء قام كل منهما واستعد ليكمال طريقهما وضع عادل الئحة ذكر في المكان الذي استراحا فيه .وأثناء سيرهما كانا يتبادالن األحاديث والضحك ويذكرون هللا معا ويضعون الئحة في طريقهما حتى بلغهم التعب فجلس كالهما على طرف الطريق وبدا لهم من مكان بعيد عربة صغيرة متجهة نحوهم ابتسم كالهما ووقفا رافعين االيدي ملوحين للعربة 74
25 – 18سنة
امنية في حياتي ,أنقلها اليك فعل وعسى ان تتم الصالحات ويرزقك هللا خيرا من بعد هذه الرحلة. القسم الرابع عادل يرفع االتصال مرحبا سلطان نعم انا على اتم االستعداد للرحلة نصف ساعة وسأكون أمام بابكم. جلس سلطان محتار بما قرأه من وصية أبيه فجمع جميع اخوته وامه وأعمامه وقص اليهم ما قرأه من وصية ابيه ,لقد وصاني ابي برحلة الى خير كان يسعى اليها ابي في عمره االخير ولكن هللا لم يشأ فنقل أبي هذا العمل آلي ولقد طلبت المساعدة من اخي وصديقي المقرب عادل ان يكون معي في هذه الرحلة التي تدعي للخير والسلوان فجاء الرد سريعا من اهله واقربائه بالرضا والفرح والحزن القليل من كلمة وصية التي تسرد اليهم بعض الذكريات من أبيهم .طلب سلطان من اخوته ان يقوموا بجمع اللوح وبعض االوراق التي جمعها وتركها والده لهذه الرحلة التي تدعي للخير بينما يقوم هو بترتيب حقيبة صغيرة لبعض احتياجاته الخاصة وبعد ساعة تماما وصل عادل ألمام منزلهم وقام سلطان بتوديع عائلته وأحبابه ليتقيهم على خير ان شاء هللا بعد تمام رحلتهم .عادل بصوت اصرار انا من سأقود بداية ليرتاح بالك أوال ويهدأ ذهنك .وبعد ثالث ساعات طلب سلطان من عادل ان يتوقف ليرتاح قليال وليتناولو شيئا ويلقون نظره لهذه الرحلة وكيف ستكون وما هو المخطط الذي ديور في بالهم .فخطر في بال عادل فكرة انه على مسافة 50كيلو من هذا المكان توجد استراحة ليتم تناول شيئا ما والتحدث براحة اكثر فوافق سلطان على هذه الفكرة التي تعد بداية لمشوارهم الكبير ورحلتهم .عندما بلغا االستراحة بادر سلطان بوضع المخطط امامهم وكانت فكرتهم الرئيسية و وصية ابيهم هي نشر الخير في ارجاء القرى ووضع بعض االذكار في الطرق البعيدة وشبه صحراوية ليتم ذكر هللا ويعم لسان كل من عبر وكل من رأى ولتكون صدقة جارية أيضا لوالده .تبادال الحديث طويال 73
25 – 18سنة
اكون خير أخ وأبن ورجل لعائلته ثم قبل جبينه وخرج بعيدا. وبعدها نقل الخبر لعائلته ولم يستطع تحمل األمر كونه الولد الوحيد ألبيه أخذ هاتف وأرسل رسالة لصديقه المقرب عادل ليخبره ما حصل ويرغب في وجوده بجانبه. القسم الثالث اتجه سلطان لينام في غرفة والده وبينما هو يحتضن وسادة ابيه امسك بورقة بيضاء مطوية أخذ بها ليقرئها فبدا له اسمه في بداية السطر سلطان!!. أيام وليالي صعبة قد مرت على عائلة سلطان ففقد أبيه كان قاسيا ومريرا حاول سلطان كثيرا ان يسيطر على الوضع وان يبقى قويا مستقيما ألجل العائلة وال سيما صديقة عادل الذي لم يتركه للحظة واحدة .وبعد انتهاء اليوم الثالث من العزاء وفي وقت متأخر كان سلطان يسمع صوت والدته تقرأ القرآن في الليل استيقظ وتوجه أليها قبل رأسها وجلس يستمع اليها قليال ثم سمع صوت أذان الفجر قام ليتوضأ ويصلي وبعدها قرأ له من القرآن حتى شعر بالنعاس ذهب لغرفة والده لينام فيها كان ذلك رغبة منه وشوقا قد يسميه البعض. وضع جسده على الفراش واسند رأسه على وسادة ابيه وجلس يشتم برائجته وبدت عيناه تهدر الدموع وقلبه ينقبض خشية ان يصدر له صوت يأتي بوالدته أليه حاول ان يتمالك نفسه وبدت له بعض التفاصيل الصغيرة التي عاشها مع والده والرحالت القصيرة وبداية تكوينه وكيف كان والده أب مثالي بالنسبة له وحنون أخذت به الذكريات طويال وهو يلتفت يمينا ويسارا متمسكا بوسادة ابيه حتى شعر انه يمسك شيء بيده استيقظ مسرعا ممسكا ورقة بيضاء استقام معدال جلسته اسند ظهره على السرير فتح الورقة وبدأ بقراءتها. ابني العزيز سلطان كنت انت الولد الوحيد الذي رزقني من هللا علي حياة سعيدة أياه أبي والحمدهلل من فضله لقد َ وجميلة معكم ورزقني بركم فمن بعد هللا انت اوصيك بأمك واخوتك خيرا وان تكون لهم خير األبن واألخ .لقد كانت لدي 72
25 – 18سنة
بالبكاء بشده فتقول والدتك لوالدتي اجمل االطفال من يملكون شعر خفيف حينها اتجهه اليك وانقل ما قالته والدتك ونبدأ باللعب في الرمل سويا .ضحك وليد بصوت مرتفع ووضع يده على كتف خالد وبادروا بالمشي .وبينما هم يتبادالن االحاديث توقف سلطان امام مقهى وسال هل تود ان نشرب القهوة عادل جل وال بأس فطلب سلطان القهوة واتجه كالهما بطاولة مطلة على الشاطئ أخرج عادل السيجارة صرخ سلطان بصوت مرتفع ال تفعل مرارا وتكرارا قلت لك ان ال تفعل انها تسبب العديد من األمراض ال تفعل وامسك بها ورمى بها بعيدا صرخ عادل قائال :وما شأنك انا من يفعل لست انت وبدا شجارهما وانتهى بمغادرة سلطان بعيدا. القسم الثاني الساعة الثالثة فجرا صوت رسالة رفع عادل رأسه وفتحه عينيه محاوال قراءة الرسالة (ان هلل وان اليه لراجعون) تلك العبارة الوحيدة التي استطاع قراءتها. عاد سلطان للمنزل وهو غاضب فكان غضبه خوفا على صديقة المقرب خشية ان يفقده اتجه الى فراشه ليرتاح قليال وبعد ساعتين صدر صوت بكاء وضجيج يمآل المنزل استيقظ سلطان مسرعا كانت الساعة تشير الى الواحدة فجرا خرج من غرفته متجه للصالة فرأى جميع أفراد اسرته يبكون بصوت توقف للحظة التفت من حوله فرأى اخته الصغرى ذات 13 سنة فسألها ما الذي يحدث قالت أبي سقط سهوا ويأخذونه للمستشفى صعق سلطان واخذ بنفسه للمستشفى انتظر ساعة خلف باب العناية هو وأعمامه الثالثة بعد ساعة تماما خرج الطبيب ورأسه منكوسا في االرض قائال قدر هللا وما شاء فعل ليكن هللا في عونكم .هدرت الدموع من عين سلطان كثيرا ولكن لم يصدر له صوت تمالك نفسه ودخل الى ابيه ليراه للمرة األخيرة همس كثيرا وهو يمسك يديه ليرحمك هللا يسكنك فسيح جناته ليكن هللا في عوننا يا أبي من بعدك أعدك أن اكون ذاك الذي تمنيته دائما وأن أهتم بأمي واخوتي وان 71
الرحالت
املركز الثاين :أحالم عادل
معهد أبوظبي للتعليم والتدريب املهني القسم األول يخشى ان يفقد صديقه المقرب فقام بنصحه حتى ارتفع صوتهما واتجه كل منهما في طريق مختلف. عادل :أبيض البشرة عيناه عسلية اللون شعره طويل ناعم الملمس جسمه متناسق ,طيب يحب مساعدة االخرين يحب صديقه المقرب خالد. سلطان :حنطي البشرة طويل القامة اسود العينين شعره قصير جسمه كالمعضلين وسيم مصلي يحب الخير وفي ومخلص مع الجميع. بينما هم يتجوالن نحو الشاطئ تعلو صوت ضحكاتهم, وليد بصوت مرتفع :آه ما اجمل الجو والنسيم العليل اتذكر عندما كنا اطفاال كيف كنا نلعب ونمرح هنا واألهل يراقبوننا خوفا ان نجري ونسقط في البحر يا لها من أيام جميلة .خالد كم هي جميلة حقا اتذكر عندما كنت اصرخ بصوت لماذا يتطاير شعر وليد وانا ال يوجد لدي شعر طويل لماذا واهرع
25 – 18سنة
نهضت أمل بشكل مفاجئ ،افزع نورة عفوا …هل بإمكاننا رؤية ابنك نظرت السيدة نحو أمل بدهشة ،ثم قالت :مؤكد …. اتبعيني تبعت أمل السيدة الى ردهة جانبية ،وسارت خلفها ببطيء في ممر طويل ،المنزل كبير جداً ،فكرت وهي تشعر بدقات قلبها بأنها عائلة ثرية جدا لكن ما جدوى المال والثروة ،إذا حرمت أغلي ما لديك صحتك ورفيق درب انتظرا لبرهة أمام المصعد الزال بابه الذهبي الالمع موصد بإحكام ،ثواني قليلة من االنتظار المشوق ،تبعت السيدة الى المصعد ثم مسار آخر طويل ،روائح العود والعطر الفاخر ،تنعش األجواء ،باقات الزهور الضخمة مصفوفة بعناية تنم عن ذوق رفيع ابتسمت بال إرادة ،وهي تمعن النظر بإحداهن ،علقت السيدة … .عبد الرحمن يعشق الزهور ….. طرقت األم بابا ً مغلقاً ،ثم انتظرت الرد ،فتحت الباب ودعت أمل لتتقدم الى الداخل :تفضلي يا ابنتي …. خمسة عشر عاما ً مضت ،لم تغيره كثيرا سوى بعض خطوط الشيب في شعره ،وشحوب وجهه إال انه كما هو الزال يعشق الزهور … .ويحب أن يقرأ، وهو متشبثا ً بأمل. رأي احملكم «كشفت هذه القصة عن موهبة التعبير ،واملعاجلة والنهاية حيث كانت الشخصية متسلسلة بطريقة جعلت القارئ يتشوق لتكملت القصة ليعرف النهاية املفعمه باألمل.. أسلوب متفرد في التعبير عن تفاصيل احلياة ونفسير حالة الظغنسان الذي صارع ما بني صراعة النفسي وهدفه الرئيسي في احلياة». 69
25 – 18سنة
لم ال يا أمل …سأرافقك للمقابلة األولى ،ونتعرف على طبيعة وبيئة المنزل والعائلة ،ونرى الطفل في الوقت ذاته. وكل شيء يعود لكِ بعد ذلك صدقيني لن اتدخل في قرارك بعد وهلة تفكير اجابت أمل …حسنا فلنقم باألمر … االسبوع القادم ربما… خير البر عاجله… .فلنذهب في الغد ابتسمت أمل … .ليكن ذلك في ذلك المساء لم تستطع آمل النوم مطلقا باتت الحياة مرعبة ،والناس يخيفونها بصورة غريبة ،تريد البقاء حبيسة هذه الغرفة حتى آخر يوم في حياتها ال تريد التعرض للقسوة والمهانة ال تريد التعامل مع البشر ،ال تريد التعامل مع المزيد من المحتالين والخونة. نهضت في الصباح على مضض ،ارتدت مالبس أنيقة ومرتبة ،ولو ان جميع مالبسها لم تعد تناسبها فقد بدت نحيلة للغاية تتبعت نورة جهاز االرشاد في السيارة للوصول الى العنوان المحدد ،دخلت الى الفيال الكبيرة بخطى مترددة، وكأنها فتاة صغيرة تقبل الى مدرستها في العام األول. جلسا في ردهة االنتظار الى ان حضرت األم التي تلقت أمل بترحيب ومحبة وصافحتها بحرارة ،قدمت لهما المشروبات والفطائر واطلعتهما عن الحادث المأساوي الذي تعرض له ابنها “عبد الرحمن” وفقد على آثره زوجته وابنه الوحيد ارتجفت يدا أمل وكاد فنجان الشاي ان يسقط من بين يديها ،لوال انها تداركت األمر ووضعت الفنجان على الطاولة خانتها قواها وذاكرتها ولم تجد كلمات العزاء المناسبة، لمواساة السيدة أمامها ،قالت نورة متداركة األمر أحسن هللا عزاءكم يا خالة ،رحمهما هللا واسكنهما فسيح جناته ،اومأت السيدة برأسها قائلة: اللهم آمين ..آمين 68
25 – 18سنة
لم تجد أمل الرد المناسب ،ليس لديها ما تقوله ألحد قالت نورة :ال تحملي نفسك كل ذلك العبء الثقيل، ت حتى ال تحدثي،اصرخي،ثوري،اصنعي أي شيء…ان ِ تبكين ! أجابت أمل باستسالم شديد :ولم على ان افعل كل ذلك، لن تصحح األوضاع ولن تعود السنين إلى الوراء. أود اإلصغاء إليك…أود حقا ً مساعدتك ،أريد منك الخروج للجلوس معنا ،ان تبحثي عن حياة جديدة،عن أمل جديد ال أريد العودة الى هناك ،ال يمكنني العمل من جديد ومن قال بأن عليك العودة الى العين ،نحن نريدك بيننا، أبواب الرزق مشرعة ،بفضل هللا ،في العمل ستجدين المتعة والتسلية والفائدة صدقيني ال أريد ان أكون عبء ثقيل عليكم يا نوره ،ولكنني بالفعل أحتاج الى بعض الوقت للراحة كما تشائين مع مرور الوقت ،أدركت كم هي بحاجة للعمل إلنقاذ روحها وعقلها من التخبط والجنون ،تراودها األفكار المضللة في صحوتها و منامها و تشعر بالذنب الكبير في حق نفسها، وكم تشعر بالخزي والعار لكونها قابعة بال حراك ،ال تعود بالنفع على نفسها وال على اآلخرين .تشعر بأنها غارقة في الندم ،آلنها افسدت كل شيء …وكم تشعر بوخز وتأنيب الضمير…ليتها استمعت لنصيحة أمها ،ليتها احتاطت بشيء من ال ّتعقل والحذر. عادت نوره لفتح سيرة العمل من جديد ،حضرت الى غرفتها وهي تحمل قصاصة مطوية بعناية. خذي هذه يا أمل ،انه اعالن عن وظيفة شاغرة هنا في دبي ،اسرة تعرض أحد ابنائها لحادث مروري وهم بحاجة لممرضه تهتم به انا… .مرافقة خاصة …!67
25 – 18سنة
التفسيرات واألسئلة مشاعر الخيبة والخذالن تعلق في الحنجرة تصيب باالختناق ،كيف لها ان تطالب بحق لها بسنين عمرها، بأحالمها ،ومشاعرها و بأموالها التي كدحت سنين طويلة لكسبها طالبت بالطالق ،فوافق مباشرة ،خسرت مالها ،فقد قام سالم بشراء شقق باسمه في تركيا ومصر ولبنان ،واقسم أمام القاضي بأن المال كان عبارة عن قرض ،منحها إياه في السابق ،لتسديد نفقات عالج والدتها قبل وفاتها. اغمضت عينها بشدة ،وارخت ظهرها الى المقعد ،الحافلة تسير باالتجاه المعاكس عن مدينتها وأحالمها ،ماضية في رحلة العودة الى دبي ،وهي تجهل أي مصير ينتظرها ،لقد تخلت عن وظيفتها ،وعن مهنة زاولتها لسنوات طويلة ،تخلت عن تفاؤلها واقبالها على الحياة ،االن لم يعد بإمكانها معالجة المرضى وال تخفيف آالمهم ،لقد فقدت األمل”،وفاقد الشيء ،ال يعطيه” إنها تشعر بالعجز عن التفكير بأي شيء ،كيف ستتولى شؤون حياتها ،كيف ستتمكن من تخطي معاناتها ،والنهوض من جديد، لتثق في العالم من حولها تخوض فرص جديدة. استقرت في منزل أخيها ،فقد تم بيع منزل األسرة الكبير، وتم توزيع الحصص ،وكانت حصتها من ضمن المبالغ التي اودعتها في حساب سالم ،وها هي تشعر بأنها دخيلة على منزل أخيها وزوجته ،التي استضافتها بحفاوة وترحاب بالغ، اشعرتها طيبة نورة بالخزي كيف لها ان تحشر نفسها وسط شؤون و حياة اآلخرين فقط ألنها اخفقت في تدبير شؤونك ؟ انقضت أشهر عديدة ،وهي حبسيه غرفتها الجديدة ،ال تفارقها إال بعد إلحاح شديد ،رفضت تلقي أية رسائل من صديقاتها ،ومن مسؤولين في المستشفى يطالبونها بالعودة إلى العمل. تقربت اليها نورة زوجة أخيها بعد مضى األيام محاولة التحدث اليها كعادتها منذ قدمت للعيش معهم استحلفتها باهلل أال تردها خائبة ،رجتها ان تستمع اليها، وتفكر بتعقل وجدية أكبر 66
25 – 18سنة
أرض سكنية في مدينة العين ،وبناء منزل األحالم ،شرح لها سالم ظروفه منذ البداية لقد سبق له الزواج من ابنة عمه، وله منها ولد وبنت وقد خصص بيته األول لعائلته األولى. وشرح لها بأنه ملتزم بأطفاله برغم فشل زواجه وبأنه رجل ال يتنصل من مسؤولياته مطلقاً .ولو انه يسعى للعمل بجهد لبناء اسرة جديدة ،مبنية على الحب والثقة والتعاون .كبر سالم في نظرها وأصبح مثلها الذي تقتدي به . ألجله قبلت توقيع عقد العمل بشروط صارمة في مدينة بعيدة نوع ما عن مدينتها وعن أهلها ،ووافقت بإرادة تامة على نظام المناوبات الشاق ،وتحمل مشاق ومصاعب العمل ورضخت دون ضغوط القتراحه بتأجيل الزفاف حتى يقتربا من جمع مبلغ مناسب لشراء أرض يقيمان عليها بيت الزوجية. لقد ساعدها سالم مرة على إدخال أمها الى المستشفى الذي تعمل به لتكون قريبه منها ،وأصر على شراء بعض األدوية الغير متوفرة في صيدلية المستشفى ،لقد كان شهم ونبيل ،ورغم ذلك شعرت بخيبة الرجاء لمشاعر الرفض واالستياء التي حملتها امها نحو زوجها . عدى عن ذلك ،فكل شيء كان رائع ومثالي ومقنع، يقولون الحب األعمى ،فماذا لو اصبح من تحبه هو عيناك التي تبصر بهما! اضطرها العمل الى االبتعاد عن اسرتها وعن والدتها التي أحبتها كثيراً ،والتي ألحت بشدة قبل وفاتها ،على المسارعة في اتمام الزفاف ،وعلى ان يضم سالم اسمها الى اسمه في الحساب المشترك ،التي تودع به راتبها كل شهر. إال إنها كانت في غفوة مضللة ،وحماقة عابرة لم تصحو منها سوى بعد ان اكتشفت حقيقة زوجها المخادع ،حين تم استدعائها ذات يوم ،لحالة والدة مستعجلة لتدرك انها تحمل بين يديها مولوده السادس عمر!! لقد كانت صدمة قوية ،افقدتها رغبتها بكل شيء في هذه الحياة ،في المواجهة والمقاومة ،والمطالبة بالكثير من 65
25 – 18سنة
في كلية العلوم ،وكان خريجا ً في فصله الدراسي األخير ،ما شدها نحوه في الواقع وسامته وذكائه وعفويته ،وشغفه بقراءة الكتب وهوسه بالزهور مثلها ،شعرت به يراقبها من حين آلخر ،وبصورة ما شعرت بالراحة بتواجده ،قال لها مرة، حين اخفقت في اختبار إحدى المواد :رحلة الحياة ال تتوقف عند تجربة معينة ،وال نتيجة محددة ،هناك دائما شعاع أمل ينتظرك بعد مسار ما. ودون اتباع أية اساليب ملتوية ،طلب منها عنوان والدها وصارحها برغبته بالزواج ،وكانت صدمتها كبيرة ،إذ لم يتم األمر كما تنبأت له فوالدها قام برفضه فقط ألنه من عائلة ثرية جداً. كانت األشهر األولى التي خاضتها للتدريب في العيادة، كفيلة بتغيير مجريات كثيرة في حياتها ،تدربت على يد أطباء متخصصين في شتى العالجات ،اطلعت على حاالت مرضية غريبة و مثيرة لالهتمام ،خاضت تجارب عديدة ساعدتها على صقل وبناء شخصيتها ،كانت هناك بين الوالدة والموت، بين الضحك والصرخات ،بين أعين تبصر النور ،وأخرى تغمض في الظالم. هنا ايضا خاضت قصة حب للمرة الثانية ،وتم عقد قرانها إلى زميل يعمل في المستشفى ذاته ،كان سالم مرح، نشيط ومثابر ،شهد له الجميع بالمثالية وحسن الخلق. التقت به في المركز الصحي ،وهو من قام بتدريبها، بعد مرور سنة بحث لها عن عرض أفضل ،عن فرصة عمل ذهبية في المستشفى الكبير ،آثرها على نفسه ،لقد اغرقها بعنايته وكرمه وافضاله. تبدلت كل أمور حياتها في هذه المدينة ،ففي السنة األولى استطاعت اجتياز مرحلة التدريب وتم تعينها كممرضة أولى في السنة الثانية كانت مخطوبة لشاب خلوق وملتزم، وفي السنة التي تليها تم عقد قرانها ،وكان عليهما بعد ذلك البدء بالتعاون واالدخار لجمع مبلغا ضخما ً من المال لشراء 64
رحلة أمل
املركز األول :ريم زكريا محمد املرموم جامعة زايد
قررت العودة إلى دبي بشكل نهائي ،اختارت المقعد األخير في الحافلة ،لوحت بيدها نحو زميالتها في العمل ،فهذا كل ما استطاعت تقديمه ،ال وعود وال آمال أو مجرد ابتسامه، اسندت رأسها إلى زجاج النافذة ،عقلها المثقل بالكثير من األفكار التي تحاول طردها بعيداً ،تنهدت بعمق شديد وهي تحدق بعيداً دون رؤية شيء بالتحديد ،مدينة العين تبدو آسرة وهادئة كثيراً ،بعكس إمارة دبي مسقط رأسها ،شعرت بذلك الفارق الكبير طوال االثني عشر عاما ً التي قضتها في مدينة العين للعمل ،بد ًء بفترة التدريب في كلية التمريض ،إلى ان حصلت على وظيفة بإحدى المراكز ،ثم التحاقها بإحدى المستشفيات الحكومية براتب مغر جداً ،ثم ترقيتها للعمل رئيسة الممرضات في مستشفى العين الكبير، لقد تغيرت مخططاتها كليا ً منذ بداية مشوار حياتها العملية ،بعد فشل اتمام الخطوبة بزميل لها التقته في الجامعة، وأول من شعرت باالرتياح نحوه ،كانت في سنتها األولى
25 – 18سنة تقرير لجنة التحكيم
مشاركات فئة 18فام فوق تنوعت بني أحداث وتعابري قوية ومواهب متعددة بأساليب مختلفة من روايات إىل أسلوب املذكرة اليومية والعديد من األساليب املختلفة. أود أن أنبه املشاركني برضورة الكتابة بلغة سليمة خالية من األخطاء قدر املستطاع ،ومراجعة مشاركاتهم قبل تسليمها عىل األقل 3مرات خصوصتا األخطاء اإلمالئية والنحوية ألن ذلك قد يؤثر عىل نتيجة التحكيم وهي أيضا من رشوط الكتابة الرئيسية. ألف مربوك للفائزين. سارة املهريي ديسمرب 2016
25 – 18سنة
و استلقى على سريره .كان عقل أحمد ما بين عالم الحقيقة و عالم األحالم حين لمح من طرف عينه المفتوحة صورته مع الرجل الفقير خارج صندوق الذكريات. رفع نفسه و نظر إالى الصورة ،شريط من األفالم عرض في عقله ،أوال المتسول على الرصيف ،ثم الصورة في صندوق الذكريات ،ثم الطفل قيس عند اإلشارة ،ثم صورة العم مع الرجل العجوز المبتسم ,و حديث العم عن األولويات ...هم أهم أولوياته.. اآلن وبعد بضعة أعوام ,أحمد يملك أكبر جمعية خيرية تهتم بالفقراء من جميع النواحي .هذا هدف أحمد في الحياة, مساعدة الفقراء. رأي احملكم « البحث عن الهدف من أهم األشياء التي يجب على اإلنسان أن يسعى له .شخصية هذه القصة رحلت إلى عالم لتستكشف ما هدفها في احلياة عبر قصة مشوقة ذو أسلوب محفز للقراءة وتعبير سلس وممتع .أمتنى لو يكتب كاتب هذه القصة قصص أخرى معبرة لتعلم الشباب أن أهم األهداف الشخصية في املستقبل».
60
15إلى 17سنة
حين دخل العم مع العشاء و أنساه موضوع الرجل العجوز. جلس العم و أحمد على طاولة الطعام جائعين متلهفين للجلوس سويا بعد كل هذه السنين .بدؤوا باألكل و الحديث عن الزمن و ذكريات طفولة أحمد .حدث العم أحمد عن ما فاته في تلك المدة التي غاب فيها فيها من أمور و قصص حدثت في الحي .حدث أحمد العم عن حياته الجديدة و عمله و حيه الجديد. في سياق الحديث ،سأل العم أحمد عن سبب زيارته اليوم إلى الحي .اخبره أحمد بما حصل معه اليوم و اخبره عن رحلته للبحث عن هدفه في الحياة .قال له العم“ :الهدف في الحياة مختلف من شخص آلخر ،يعود ذلك ألفكار الشخص و الطريقة التي نشأ بها يا بني ،هناك بعض الناس يرون أن هدفهم في الحياة هو جني المال ،ألن المال هو أهم أولوياتهم. آخرون يرون أن هدفهم هو تحصيل العلم و االجتهاد ألن العلم هو أهم أولوياتهم .رتب أولوياتك و ستعرف هدفك في الحياة يا أحمد”. أكمل أحمد والعم سهرتهما ،لم يحس أحمد بمرور الوقت حتى ضقت ساعة العم القديمة في منتصف الليل .اعتذر على طول الزيارة و قام ليرجع إلى منزله ،كان يلبس حذاءه حين لمح صورة العم و الرجل العجوز ثانية ،حدق بها و الحظ العم اهتمامه الملحوظ بها .قال له “ :أال تتذكره؟” رد أحمد: “يبدو مألوفا ولكني ال أتذكره ”.قال له العم “ :هذا رجل أرجعت (أنت) له األمل حين أسقيته و أطعمته طول شهر رمضان قبل أن تغادر ،هذه االبتسامة المرسومة على وجهه صنعك أنت يا أحمد ”.ابتهج أحمد بسبب هذه الذكرى الجميلة، ودع العم بحرارة و خرج. لم يخطر على بال أحمد طول طريق العودة غير أنه بال هدف و أفكار سلبية عن مثل أنه لن يجد هدف لحياته أبدا. بعد الطريق الطويل وصل أحمدإالى بيته و ركن سيارته .كان يمشي بطيئا من التعب ،فتح باب البيت و دخل ،قصد غرفتة 59
15إلى 17سنة
يرجع له نفسه و يعطيه هدفا في هذه الحياة .ففي الطفولة، تكون النفس بريئة غير متصنعة تعكس حقيقة اإلنسان و تكشف كل غطاء عنه. انطلق بسيارته و عقله ال يهدأ من التفكير و إرجاع الذكريات من أول عمره .أوقف سيارته أمام إشارة ضوئية. كان هناك طفل صغير فقير يبيع العلكة للسائقين .ضق على شباك أحمد ،فتح له وأعطاه خمسة دنانير وقال له ”:أهال يا قيس ،كيف حالك؟” رد عليه الولد“ :أهال يا عم أحمد ،الحمد هلل ،حفظك هللا ”.ابتسم له أحمد و انطلق مرة أخرى. وصل أحمد إلى حيه القديم ،غمرته مشاعر مختلفة، أحس براحة و أمل ،بحزن و اشتياق ،بطمأنينة و حب“ .كلما آتي إلى هنا أحس بروح أبوي رحمهما هللا ،حقا أشتاق لهما، أين أنت يا أبي لتساعدني في هذه الرحلة الشاقة ،رحلة الحياة الغريبة المرهقة .أين انت يا أمي لتخبريني من أنا؟ فأنت من تعرفيننني أكثر مما أعرف نفسي“ ”.كلما آتي إلى هنا أتذكر كل إنسان كان لديه أثر على حياتي ،كل شخص كانت لديه يد في بناء شخصيتي ،كل شخص أنبت في عقلي بذرة كبرت لتصبح ميزة في شخصيتي ”،قال في نفسه ،و إذ به يلمح أحد هؤالء األشخاص من بعيد ،شعر بالحماسة و خرج من سيارته و ركض نحوه .أصاح الرجل“ :أحمد! ولدي الكريم! أهال بك ،لم أرك منذ زمن بعيد .لقد اشتقت لك!” سلم أحمد على الرجل و قبل يده ،دعاه العم إلى العشاء في بيته الصغير و قبل أحمد الدعوة بسرور .دخل أحمد إلى البيت و خلع حذائه ،ثم رفع رأسه و نظر حوله ،صور مألت حيطان بيت العم ،أخذ أحمد ينظر إليهم جميعا بتمعن و اهتمام في حين حضر العم العشاء .لفتت واحدة من الصور انتباهه الشديد، كانت صورة للعم مع رجل نحيل و ذو شعر أبيض خفيف، ثيابه ممزقة قليال و من يراه قد يظن أنه على حافة القبر ,و لكن ابتسامته العريضة طغت على أي وصف آخر .لقد بدى العجوز مألوفا ألحمد .كان يحاول أن يتذكر أين رآه من قبل 58
15إلى 17سنة
كتابة أرقام و تخزين معلومات على ذلك الجهاز؟!” شعر أحمد بتعب و إحباط فجأة واحتاج الراحة ،ذهب و طلب من مديره العودة إلى المنزل ،و بعد مذلة سمح له مديره بالخروج. خرج أحمد من المبنى الكئيب و هم بفتح باب سيارته و إذ به يرى رجال مسنا يجلس على الرصيف متسوال .كعادته، ذهب إلعطائه المال ولكن فاجأه الرجل بطلب غير متوقع و طلب منه الجلوس بجانبه .لبى أحمد طلبه ال إراديا و جلس على الرصيف بجانب الرجل .سئل أحمد“ :من أنت؟” صفن أحمد و تردد ،أعيد السؤال في عقله“ .من أنا؟ هل سئلت هذا السؤال من قبل؟” “أنا أحمد” قال أحمد .رد الرجل“ :لم أسألك عن اسمك .هناك اآلالف من الرجال بهذا االسم .من أنت منهم؟” صفن ثانية و قال بصوت مرتجف“ :ال أعرف” رد عليه الرجل“ :أنت تتصدق لي كل أسبوع ،سأرد لك الجميل بما لدي؛ نصيحة ،جد نفسك ،فإن ظلت تائهة ،إن لم تفتقر المال ستفتقر للسعادة ”.نزلت كلمات الرجل على أحمد كوقع الصاعقة أفاقته .شكر أحمد الرجل المسن و ذهب. ركب أحمد سيارته و جلس فيها يكلم نفسه قليال .تذكر ما قرأه ذات مرة عن البحث عن الذات و كيف أنها أصعب و أطول رحلة في حياة اإلنسان و يسير اإلنسان فيها في كل طريق لتحقيق ما يتمناه .قال في نفسه“ :ما الذي أتمناه؟” أدار محرك سيارته و انطلق بها .ظل يفكر و يكلم نفسه. إنه حقا ال يعرف ماذا يريد من هذه الحياة ،ال يعرف حتى ما يريد أن يعطي لهذه الحياة .ذهب أحمد إلى بيته ،دخل غرفته و أخرج صندوق ذكرياته“ ،لربما أجد شيئا هنا يشير لهدفي” قال في نفسه .لكنه لم يجد غير ألعاب قديمة من أيام الطفولة. وجد أيضا صورة له في عمر صغير مع رجل فقير ،كان يعطيه أحمد فطوره كل يوم و هو ذاهب إلى المدرسة“ .ال شيء مهم هنا ”،قال .ترك الصندوق و خرج .قرر الذهاب إلى المنطقة التي كان يعيش فيها و هو طفل لربما يجد شيئا 57
رحلة البحث عن هدف
املركز الثالث مكرر :زين حازم مدرسة املواكب -القرهود
«هناك هدف لوجودك ،أنت على األرض لسبب ،ابحث عن هذا السبب ،ابحث عن نفسك ،ابحث عن ذاتك ».صدى صوت متحدث االذاعة ظل يتردد في أذني أحمد حتى ركن سيارته و نزل إلى العمل .جلس أحمد على كرسي مكتبه و نظر حوله ،رأى أوراقا ال يوجد عليها غير أرقام ،حاسوبا يسيطر على عقل البشرية ،أقالما مرمية محبطة من روتين هذا العمل الممل. شعر أحمد بالدوار قليال فذهب إلى الحمام ليغسل وجهه. رفع رأسه ونظر إلى انعكاسه في المرآة ،رأى شارة العمل خاصته حول عنقه تسيطر على رزقه كحبل مشنقة يلتفُّ على مصير حياته .نظر إلى وجهه في المرآة و خاطب نفسه: “هدف في الحياة؟ هل هذا هدفي؟ هل هذا سبب وجودي؟!
15إلى 17سنة
منعوني ,بدأت بالصراخ “ :أبي ,أبي ,أبي “ وإذا به يلتفت نحوي ,بدأ أبي بالركض ,والدموع تمأل عينيه . سمح حراس األمن لي بالدخول ,شعرت بأن هموم الدنيا كلها انتهت ,خرجت أنا وأبي من الملعب ,فبدأنا بالمشي نحو المنزل ,فجأة أرى أبي يمشي في اتجاه خاطئ ذهبت ألدله نحو الطريق ,وفجأة أجده يركب في سيارة فخمة ,وانأ استغرب , ثم أتذكر انه كان متواجداً في مقاعد ضيوف الشرف ,ركبت معه وسألته عن ما حصل معه في السنة الماضية ,وكيف نجا ,ومن اين له هذه األموال ,بدأ بالضحك وقال “ :عندما سقطت من القارب ,بدأت بالدعاء ,استمررت لمدة ساعة وأنا كذلك , وفجأة أرى باألفق سفينة تنقيب نفط في البحر ,بدأت بالصراخ ,وإذا بأحد الركاب يرمي لي طوق نجاة ,اتضح الحقا ً انه مالك احد اكبر شركات النفط في أوروبا ,عربي الجنسية , فحكيت له قصتي ,فوظفني لديه فور ما وصلنا إلى ألمانيا , حاولنا البحث عنكم في البحر لكننا لم نستطيع العثور عليكم ,اجتهدت في العمل ,وأرسل صديقي رجاالً يبحثون عنكم , ولكنهم لم يفلحوا بالعثور عليكم وها أنا اعثر عليك “ . عند وصولنا للبيت ,قفز قلب أمي وأختي من الفرح ,إذ أن أبواب الجنة فتحت عليهم ,انتقلنا لبيت جديد ,وحصلت على عمل وأكملت جامعتي في نفس الوقت ,بدأت أختي بالدراسة في الثانوية ,واستقرت حياتنا أخيراً . بعد أربع سنين ,تخرجت من الجامعة وأسست مؤسسة خيرية لالجئين السوريين ,إذ عشت تجربتهم ,وعانيت معاناتهم ,سأنال الثواب فيهم ,واحمد ربي واشكره على رحلتي إلى ألمانيا . رأي احملكم «قصة معبرة وتبعث باألمل بعد أحداث صعبة ال تتخيل ما سيحدف لشخصيتها في املستقبل .معانيها قوية وصيغتها وأحداثها مشوقة .ألف مبروك». 55
15إلى 17سنة
في صباح اليوم التالي ,أشرقت الشمس وجلبت معها بصيص األمل ,اصطدنا بعض السمك ,وطبخته أمي بفرن صغير كنا قد أحضرناه معنا ,لم يكن السمك كثيرا لكن لذته أنستنا أين نحن .قضينا بعض الوقت ونحن نتسلى بالحديث معا ً ,وغنينا بعض األغاني الشعبية التقليدية ,التي رفهت عنا ولو قليالً . ذهبت الشمس وطل علينا القمر ,بدأت الريح العاتية بالهبوب , واألمواج تتضارب وتتعالى ,والمطر يشتد شيئا فشيئا ,حاولنا التمسك وذكر هللا ,ولكن أبي لم يستطع التمسك وهو يحمينا , فتهاوى من على القارب ,حاول مصارعة األمواج ولكنه لم يقدر ,وبقي يردد “ :ال تعودوا لي ,اذهبوا إلى ألمانيا “ .ترقرقت الدموع من عيني ,وأنا أرى أبي يغرق وأنا ما بيدي حيلة . بعد عدة ساعات ,سكن البحر وتوقفت األمطار ,وكأن البحر يعزينا على وفاة والدي ,لقد كان الفراق مؤلما ,فلم نكن نأكل شيئا ً ,مكثنا ثالث أيام دون كالم حتى بدأت اليابسة بالظهور ,فرحنا كثيراً لكننا كنا سنفرح أكثر لوال فراق أبي . حاولنا االستقرار في بالد الغربة ,ولكنه كان صعبا ً دون أب ,بحثت عن عمل ,ولكنه كان من الصعب علي العثور عليه دون مؤهالت ,بعدها تعرفت على أصدقاء وكونت معارف ,بدأت تعلم األلمانية ,وحصلت على عمل في بقاله يملكها صديق لي ,واستقرينا في دورتموند . مرت سنة على وصولنا أللمانيا ,فقال لي صديقي أن هنالك مباراة للاير مدريد وبروسيا دورتموند ,وانه قد حصل على تذكرتين ,دعاني إلى أن احضر معه للمباراة ,إذ انه يعرف بهوسي لكرة القدم ,فلم استطع الرفض . بعد شهر ,حان موعد المباراة ,انطلقت أنا وصديقي إلى ملعب المباراة ,بدأت الجماهير بالتوافد ,حيث كانت المباراة بين فريقين قويين ,انطلقت المباراة ,ولاير مدريد يسجل الهدف األول ,لم انتبه لإلعادة كثيرا ,ولكنني نظرت إلى قسم ضيوف الشرف ,وإذا بي أرى أبي ! ,نعم انه أبي ولم أكن مخطئا ً ,بدأت بالركض نحوه ,ركضت ولكن حراس األمن 54
ماوراء البحر
املركز الثالث مكرر :صفوان أدهم صفوان مدرسة السلف الصالح الخاصة – قسم البنني
بسبب قسوة الظروف ,والحروب الدائمة ,والرصاص المنهمر كالمطر الغزير ,الذي أدى إلى دمار منزلنا ,ليس منزلنا فقط بل حياتنا كلها ,اضطررنا للهرب من الجنة السورية التي تحولت إلى مقبرة ال ترحم كبيرا سواء كان أم صغير ,اضررنا ولو لم نكن كذلك لما كنا هربنا إلى ألمانيا في رحلة ,لكنها ليست كأي رحلة ,إنها رحلة محفوفة بالمخاطر تشق البحر المتوسط . لم يكن تأمين القارب سهالً ,فقد كان هنالك الكثير من الالجئين ,أخذنا قاربا ً صغيرا ً ,يكاد يسعنا نحن األربعة , وبعد أن اشترينا القارب ,انطلقنا ليالً نشق البحر المتوسط ,األمواج تتخبط في القارب ,والهدوء التام في عتمة الليل التي يتخللها ضوء القمر والنجوم الساطعة ,الصقيع يتجمع على أطراف القارب ,والبرد يزحف اتجاهنا ,هنا بدأت أتأمل قدرة هللا سبحانه وتعالى ,وعظيم قدراته في الكون , فجلست أسبح له سبحانه وتعالى ,حتى غلبني النوم .
15إلى 17سنة
الطائرة وحلّقت معها أحالم بك َل أحالمها التي حملتها معها في أمتعة فؤادها ،فهي ذاهبة إلى حيث تتحقق كل األمنيات وتستجاب ك َل الدعوات .جلست تح ّدق من نافذتها على السحب ،البحر ،الجبال ،االخضرار ومع كل واحدة أسرّ ت بأمنية من صندوق أحالمها ،وهكذا استمرت إلى أن نبهها صوت والدتها بوجوب الدعاء لبلوغ الميقات لتبدأ رحلتها مع اإلحرام الذي هو أول خطوات حلمها ،اختلطت مشاعرها وهي تحدث ذاتها :هل فعال اقتربنا ؟ ،هل أنا بالفعل قريبة من معانقة حلمي ؟ ،مشاعر شوق ال يوصف .حطت الطائرة ،وكان االقتراب للحرم يزيد مشاعرها اختالطا وجموحا ،وكأن النقائض في قلبها كلها مجتمعة ،حتى وصلت لألرض المقدسة ،حيث بيت الرحمن ،البقعة الطاهرة من األرض ،نظرتها األولى التي تعانقت مع الكعبة المشرفة كانت كعناق أبدي ال ترغب في االنتهاء منه .مشاعرها الجامحة أصابتها رهبة المكان ، عظمته ،وروحانيته ،لم تمتلك في تلك اللحظة سوى غزارة مشاعر منسكبة في دمعاتها التي نطقت عنها ،وكأن الدعوات التي حضرتها واألحالم التي عبأتها لتلقيها هنا وتبعثرها هنا كلها هربت ،ال سبيل لها في ذاكرتها ،كل ما في قلبها وعقلها هذه اللحظة ،شعور جميل جدا ال كالم يبلغ وصفه . أتمت أحالم مراسم العمرة والسعادة تعتري كل ذرة من جسدها ،هذه السعادة طغت على ارهاقها وتعبها وكأنها استبدلت كل مشاعرها بهذا الشعور .أودعت كل أحالمها عند ربّها ،نفثت كل ما قلبها لموالها ،أسرت بكل رغباتها وأحالمها لخالقها وهي على يقين تام بأنها ستحلّق إلى حيث ترغب ما دام هللا معها .
52
15إلى 17سنة
في مخيلتها وقلبها ممتلئ بدعوا ٍ رب اكتب لي زيار ًة ت( َ لبيتك ) . تثن توالت األيام َ ومرت عليها الكثير من األحداث التي لم ِ أحالم عن أمنياتها وتشبثها باألحالم ،كانت سعيدة قانعة بأن الرحمن كريم يهبنا ما نشاء وقتما يشاء ،ولكل عطاءاته حكمه من عنده سبحانه .حتى جاء ذاك اليوم المنشود ،الذي ز ّفت فيه والدتها لها خبر إتمام إجراءات زيارة بيت هللا الحرام . زف إليها حلمًا من أحالمها كان هذا الخبر لها كمن َ ً العظيمة ،كان كمن منحها أجنحة ومكنها من ارتقاء هذا الحلم الذي كان يناوش جنبات قلبها بين حين وآخر .سعادتها كان تسبق بها خطواتها أم هي من كانت تسبق سعادتها بالخطوات لم تكن تعلم ،فقط ما كانت تدركه حينها ،نعم إنه الحلم بفضل هللا واقعا سيصبح ،قريبا .حان الموعد المرتقب ، وأحالم تسابق نبضاتها خطواتها للمطار حيث موعد رحلتهم إلى األراضي المقدسة ،ولكنها الحياة ،حيث أرادت أن تمتحنها بعائق تلقيه في طريق حلمها ،الطريق مزدحم بسبب حادث مروري كبير والرحلة لم َ يتبق عليها سوى سويعات معدودة .أحزنها الموقف كثيرا ،حيث أنها مع كل تراقص لعقارب الساعات تنازليا نبضاتها تخفق ابتهاال للمولى أن ّ ويسخر لها طريقها إلدراك حلمها . يسهّل لها األمور كلها ُّ كانت اللحظات تمر عليها جد عصيبة ،والطريق شبه مشلول من الحركة ،والوقت بدأ ينفذ ،والكل معها ينتظر بصيصا من أمل ينعش أرواحهم ،حتى كان ما أجلى عن قلوبهم هذا الحمل الثقيل ،أدت الشرطة و الدفاع المدني معها جهودا جبارة في إفساح الطريق وإعادة االنسيابية والحياة لحركة السي .تكللت أسارير أحالم ،وابتهج قلبها الذي كان يتراقص فرحا ،يحلّق عاليا عاليا حيث الحلم .تم وصولهم للمطار واتمام اإلجراءات حتى وصولها لمقعدها على متن الطائرة .أحالم كان من نصيبها المقعد المجاور للنافذة ،حيث أنها ترغب في فضاءات تشاركها بهجتها ،حلّقت 51
رحلة حلم
املركز الثالث :فاطمة رشيد عباس محمد البلويش مدرسة الهمهام للتعليم الثانوي
األحالم ،أمنيات بين أنفاس الحياة تحتضنها مخيالتنا لتتوق القلوب شو ًقا لتحقيقها ورؤيتها واقعًا تعيشه .وهناك كانت أحالم ،فتاةٌ مليئة باألحالم ،رغم الواقع الذي يحيط بها إال أنها ال تكف عن ممارسة الحياة بأحالم تسعى لتحقيقها ، وتناجي ر َبها ليمنحها أجنحة تحلّق فيها واقعًا. حلمها األقرب لقلبها ،والذي كانت تجر إلى السماء دعوا ٍ ت متتالية وإصرار ال ينقطع ،زيارة بيت هللا الحرام، ً فهي لم تحلق في أجواء الحرم يومًا ،أقصى حدود الحرم الذي اجتازته ،شاشة التلفاز الذي يه َيج قلوب المشتاقين لهذا البيت شو ًقا ال يوصف .تترقب عينيها الواسعتين بكل سعادة صفوف ضيوف بيت هللا المتراصين بعد كل نداء للصالة ،ورهبة هذه الجموع التي تل َبي هذا النداء بكل انصياع بعد ( استووا ) في حلقات كعقد مرصوص ،مشهد تشهق من رهبته وقوته وعظمته القلوب .كانت تستشعر هذه اللحظات وهي مغمضة تح َلق بأحالمها وتتراص معهم
15إلى 17سنة
مبتسما :أظننا وجدنا الرمز يا أسماء! “العصر الذهبيّ ” ،هو عصر العلماء و االزدهار وعصر كل هذه االختراعات والعلوم التي أدهشتنا. «و مازالت األرض تدور ،و مازالت الحضارات تتغير على مرِّ الزمن ،و مازال الناس ينتقلون من بل ٍد إلى بلد، ً مكانة في الذاكرة و في القلب ال ولن ولكن تبقى لهذه الرحلة تنسى أبداً» .بهذه العبارة أنهى بها األخوان رحلتهما الممتعة والمفيدة . رأي احملكم «قصة لديها مفردات قوية ومشوقة تبرز علم الكاتب حيث أخذنا في رحلة العلماء .فكرتها مبدعة وتوالي األحداث. ممكن أن تستخدم في املدارس لتعليم األطفال عن العلماء بطريقة مشوقة ومبدعة”.
49
15إلى 17سنة
مهندس بارع ،صنعت ساعة الفيل العظيمة و التي لُقبت بساعة الحضارات .لم أنس بالطبع أيها الجزري ،فهذه الساعة هي من أعظم إنجازاتك التي مازالت تستخدم على مر األزمان. ـ وأنت أيضا ً أيّها الخوارزمي ،فبصمتك ما زالت تروى و تستخدم و علم الجبر الذي أوجدته ليس باألمر الذي يمكن عمل جدير بتغير موازين كثيرة في الحياة. تجاهلة ،هذا ٍ ـ صحيح ما تقوله ،فنحن علماء العصر الذهبي. وما إن غربت الشمس ح ّتى خرج األخوان إلكمال طريقهما نحو بالد الفرس ،فهي آخر رحلة لهذا اليوم الطويل الممتع .و بعد مدة من السير وطئت أقدامهما رمال فارس، ذلك البلد الشاهق المليئ بالعلماء و األطباء و المهندسين، والمتزين دائما بجمال العمارة وروعة التصاميم .ا ّتجه كل من راشد و أسماء حسب الوصف الذي أعطاهما اياه إبن رشد األندلسي. فور دخولهما ،أثار انتباههما لوحة عمالقة تغطي أحد الجدران األماميه .قال راشد :إنها صورة امرأة! ول َم تعلق صور النساء هاهنا؟ .فر ّد عليه صوت نسائيّ من الخلف :ألن ال ّنساء ُكنّ من علماء العصر الذهبيّ ،أنا مريم األسطرالبي، هل تعرفني؟ ـ األسطرالبي؟ في الحقيقة،إنها المرة األولى التي أسمع فيها بهذا اإلسم.. ـ أنا عالمة فلك ،و التي أوجدت األسطرالب المعقد. قالت أسماء :وماهو األسطرالب؟ ـ لكن راشد هو من أجاب هذه المره :هي البوصلة يا أسماء ،التي تستخدم لتحديد المواقع .وبينما هما يتحدثان مع العالمة مريم إذا برج ٌل آخريحضر ويعرف بنفسه مقاطعا ً لهم قائال :اهالً بكما إلى هنا ،أنا الطبيب في هذا المكان و أدعى أبوبكر الرّ ازي ،وأنا أيضا من علماء العصر الذهبيّ . أسماء :لحظة لحظة ،أقلت العصر الذهبيّ ؟ لقد سمعت عصر هو هذا العصر! قال راشد هذه الكلمة كثيرا اليوم ،أي ٍ 48
15إلى 17سنة
ـ أنا عالم الفيزياء والفلك ابن رشد ،كنت أيضا ً طبيبا ً قاض في آن واحد ،أحببت ان أجمع بين كل و فيلسوفا ً و ٍ تلك العلوم ،باإلضافة إلى أنني ألفت كتبا ً عدة منها كتاب “ بداية المجتهد و نهاية المقتصد” ،أظنها معلومات كافيه .واآلن سأرشدكم إلى الطريق الذي تسلكان إلكمال الرحلة في عصر آخر من العصور ،أتمنى لكما رحلة سعيدة. أكمال مسيرهما بإتجاه اليمين ،الطريق المؤدي إلى مخرج القصر ،عند خروجهما كانت الشمس منزوية في إتجاه الشرق مالئة بنورها إلى األرض ،ركبا قاربا ً يتجه بهم إلى بالد الفرس ،التي كانت آنذاك بلداً يحتضن العلم و العلماء بكثرة ،عبرا طريقهما مروراً بالبحر األبيض المتوسط وصوالً إلى بالد الرافدين ،حيث كانت الدولة العباسية هي الدولة الحاكمه آنذاك. عند وصولهما قرر راشد و أسماء المكوث في أرض الرافدين لحين غروب الشمس ليكمال مسيرهما بعدها ،و في هذه األثناء تذكر راشد الخريطة و أخرجها بسرعة من جيبه و أخذ يتأملها لعلة يجد مكانا ً يذهبان إليه فهم ال يعرفون شيئا ً هنا ،بعد تأملة للخريطة وجد راشد أن المئذنه الموجودة في مسجد المتوكل على هللا هي الحل األنسب لهما ،فأخذا يتبعان الطريق المرسوم على الخريطة إلى أن وجدا نفسيهما أمام المئذنة العمالقة .المكان هادئ والغيوم تحجب قوة أشعه الشمس و ال يوجد أحد سواهما - .أسماء :أظن أن أحداً ما في الداخل ،عليك أن تمشي خلف إحساسي لمرة واحدة على األقل يا أخي - .ضحك راشد و أجاب :حسنا ً حسناً ،هل ت إلى هنا؟ هيا لنقترب. كنا سنذهب إلى مكان آخر لو لم نأ ِ لمحا رجلين واقفين ،والنخوة و الشهامة ملء عينيهما ،يبدو أمر ما ،اقترب اإلثنان منهما بحذر لتصل أنهما يتناقشان في ٍ أصوات المناقشة إلى آذانهما. ّ ُ ـ وأنا أيضا عالم فلكٍ ورياضيات ،حققت الكثيرمن اإلنجازات في حياتي ليستفيد الغير من تجاربي .ال تنس أنني 47
15إلى 17سنة
إلى الطاولة و بيد كل منهما صندوق مغلق ،أشار العالم بيده كإشارة لبدء الحديث بينما أسماء تقول في نفسها “ من هؤالء يا ُترى؟ وما هذه الصناديق المبهرة؟! وما هو العصر الذهبي هذا..؟ سنرى .“ ...ثم بدأ العالم األول في الحديث: ـ أنا عالم مسلم من األندلس ،عرفت بأول من حاول الطيران على هذه األرض .باإلضافة إلى أنني عالم فلك و رياضيات. ً راشد :إذا هل أنت العالم األندلسي الذي ظل اسمه يتناقل حتى عصرنا هذا ،عباس بن فرناس؟ نعم هذا أنا . أسماء :وما بذلك الصندوق الذي بيدك أيّها عالم الجليل ؟ ابتسم عباس بن فرناس و فتح الصندوق و أخرج منه ً ساعة المعة ،تبدو ساعة تاريخية .إنها ساعة الميقاتة المائية، كنت أوّ ل من اخترعها لمعرفة اختالف األوقات. « كم أنت مبدع يا صديقي! « قالها رجل آخر يجلسبجانبة ،هو أيضا ً من علماء ذاك العصر. ـ أنا ابن الهيثم ،عالم عربي ..قضيت معظم فترات حياتي في دراسة الفلك و الفيزياء ،كما أنني مهندس و فيلسوف . أسماء :إذا أنت العالم الذي أثبت أن الضوء يأتي من األجسام إلى العيون. ً ـ نعم ،وهذا بالتحديد ما سترونة اآلن “ .أخرج كتابا من الصندوق الذي أمامه”. فقال راشد متحمساً :أليس هذا كتاب «المناظر» الذيألفته ؟ لقد قرأت عنه فيما مضى ،ياللروعة هذا مدهش! ـ لقد أصبت إنه بالفعل كتاب المناظر ،كنت أول من أسس هذا العلم .ولم أخبركما أيضا أنني طبيب عيون ..كم أهوى هذه المهنة. تحدث العالم الذي استقبلهم بادئ األمر :هؤالء من علماء عصري والجميع يفخر بهم وبإنجازاتهم ،لقد كانوا في رحلة شاقة مع الحياة ولكن اليوم تتحول هذه الرحلة إلى عِ َبر تتناقلها األجيال .راشد و أسماء معاً :لكنك لم تحدثنا عن نفسك! 46
15إلى 17سنة
ـ الرمز؟ إذا اردتما الحصول عليه يجب عليكما التنقل عبري ،ربما ستجدونه ولكن ليس بسهولة ،واآلن ابدآ الرحلة من الطريق األيسر. قال جملته تلك ثم اختفى وتركهما في حيرة من أمرهما، ذهبا إلى الطريق المطلوب و اكتشفا الحقا ً أنه الطريق المؤدي إلى األندلس ،يسرعان تارة و يمشيان ببطئ تارة أخرى، يريدان الوصول بأسرع وقت ممكن. انظري إلى هناك أترين ما أراه؟ نعم ،أظننا قد وصلنا إلى العصر األندلسي . شكل المدينة يبدو جميالً و ملفتاً ،إنها مختلفة عنعصرنا تماماً ..دعينا ندخل إلى هذا القصر . وانطلقا يكمالن سيرهما نحو القصر ،إ ّنه قصر الحمراء الواقع في غرناطة ،عُرف هذا القصر بجمالية العمارة اإلسالميّة في تصاميمه ،وهذا بالتحديد ما أُعجب به راشد و أسماء. ً ّ ـ آه! المكان جميل ج ّدا يا راشد ،أظنني سأبقى هنا ولن أعود من هذه الرحلة ،التصاميم مبهرة حقاً! األقواس، الرسومات ،حتى البالط و السجاد .هيا بنا ...دعنا نكمل جولتنا . و بينما هما يسيران نحو أحد أبواب القصر الداخليّة ،إذا برجل يخرج ويقف أمامهما قائال :أظ ّنكما جئتما إلى الطريق ٍ الصحيح ،مرحبا ً بكما في قصر الحمراء األندلسي ،ربما تتسائالن من أكون...؟ حسناً ،أنا من أقدم علماء األندلس،عرفت بحبي لعلم الفلك ،الفيزياء ،والطبّ ..ستعرفان المزيد ع ّني إذا رافقتماني في رحلة داخل القصر .أجابت أسماء واالبتسامة تعلو مالمحها :نعم بالطبع نو ّد االطالع على المزيد .أكمال سيرهما نحو إحدى الطاوالت الدائرية التي تتوسط الساحة الداخلية المغطاة بالزخارف اإلسالمية و اآليات القرآنية في القصر ،نادى العالم فجأة “ يا علماء عصر الذهبي ،هلموا إلى هنا” ،فأتى رجالن بعد انتظار لم يدم طويال ،وجلسا 45
15إلى 17سنة
راشد ،ال أستطيع ان أراك ما الذي يحدث! .أشعل راشد الضوء مره أخرى من ساعته:تعالي إلى هنا..أنسيت أننا قد رمز ما؟ .قالت أسماء :نعم لقد تذ ّكرت ولكن جئنا للبحث عن ٍ ً لماذا يبدو المكان مظلما إلى هذا الحد؟! ً اِلتفت راشد يمنة و يسرة لعلّة يجد مخرجا من مكعب الظالم هذا ،لكن سرعان ما قطعت أسماء حبل أفكاره قائلة: هُناك شي ٌء يتحرّ ك يا أخي ،هناك شيء يتحرك ! ا ّتجه نحوها مسرعا ً وظ ّل يدف ُع ويدف ُع لعله يكون المنجى ،وبالفعل كانت هذه الحركة التي أحسّت بها أسماء هي حركة الباب ،ما إن رأيا النور حتى انطلقا مسرعين إلى الخارج. كان راشد و أسماء وحدهما يبحثان عن سرّ ذلك الرمز في أروقة المتحف العمالقة ،ما إن بدأت الشمس ُتشرق و يع ّم النور المكان ،وبينما هم يبحثان إذا بورق ٍة ملقاة على األرض تشبه الخريطة ،التقطتها أسماء وأخذا يتأمّالنها لفترة لزمن ليست بالقصيرة »،كم هي تالفة هذه الورقة ،أظ ّنها تعود ٍ ّ الخط! والحبر كذلك! انظري يا أسماء أال تشعرين آخر..زمن بما أشعر به؟» قال راشد ،وإذا بهما يهتفان بصو ٍ ت واحد : الرمز! .إذا بدأت اآلن الرحلة الحقيقية .أسماء :فلنسلك يمينا، سنواجة بوابة عمالقة كما هو مرسو ٌم هنا راشد :إنها أمام... فما لبث راشد يكمل جملتة ح ّتى بدا النور الساطع متد ّفقا بقوة من بين أركان الباب،همّا الدخول لكن أسماء ال تزال غير مصدقة لما يجري :تمهل يا أخي! إ ِّنني حقا َ أشعر بالخوف ال ّ شديد .راشد :تابعي معي ..ال تقلقي أنا متفائل جدا إننا لم نصل إلى هنا للبحث عن شيء دون جدوى .ظهر لهما رج ٌل يرتدي البياض ،طويل القامة و يرتدي عمامة على رأسة، شكلة غريب بالنسبة لهما ،بادره راشد بالسؤال :من أنت؟ ـ أنا الزمن ..أنا التاريخ ،أنا عصر العُلماء و العلم، وانتشار الحضارات .ومن أنتما؟ ً ـ رراشش د...إسمي راشد (قالها مرتبكا ) و هذه أختي أسماء ،جئنا في رحلة للبحث عن رمز ما ،أتراه متعلقا ً بالزمن؟ 44
رحلتي من الظلمات إلى النور
املركز الثاين مكرر :عائشة عبدالقادر املرزوقي ثانوية التكنولوجيا التطبيقية
بينما تتسلل خيوط الشمس كل صباح ،يستقيظ راشد و يوقظ أخته أسماء ليذهبا معا الستكشاف شي ٍء جديد كعادتهما ،كم يحبّان الغوص في عالم التاريخ و الحضارات األخرى ،إنه أم ٌر مس ٍّل بالنسبة لهما! ولكن طال االنتظار هذه المرة و لم تتسلل أشعة الشمس إلى عين أح ٍد منهم ،ظنّ راشد لوهل ٍة أن الصبح قد تأخر اليوم وجلس ينتظر و ينتظر لكن دون جدوى، رأى فجأة ضوءاً ال يكا ُد يرى ينبعث من يدية ،إنها ساعته».. هتف راشد و البهج ُة ال تخلو من لقد تذكرت أين نحن اآلن» َ مالمحه. هيا استيقظي يا أسماء لقد تأخر الوقت كثيرا ،علينا ان نكمل رحلتنا التي بدأناها باألمس إني متشوّ ٌق كثيراً لرؤية المزيد .أجابت أسماء وهي ال تكاد تفتح عينيها:أين أنت يا
15إلى 17سنة
الحاكم ،كانت الشمس قريبة من الغروب ،تخلص من أسئلة الحراس ،دخل على الحاكم بفرح وعيناه قد امتألت دموع، عال «وجدتها» .اقترب من الحاكم، «وجدتها» قالها بصوت ٍ وقال :دين ،حب ،احترام ،شجاعة ،وقف الحاكم ومن كان موجو ًدا ،سُعدوا وتهللت وجوههم جميعا ً بقدوم هذا اليوم، فقد يئسوا وحزنوا أكثر من الناس على فراق األهالي ،وباتت الساللة تنتظر اليوم المنشود ،اقترب الحاكم منه مستغرباً، قال :من أنت؟ ومن أين أتيت؟ وأين كنت قبل هذه السنوات؟ كاد يفتح أجاد فمه ،ولكن الحاكم أسرع قائالً :قبأ ان تجيب، قل ما تريد وستراه أمامك خالل ثوان .ق ّدر أجاد كرم الحاكم، ثم قال بابتسامة واسعة :ما أريده هو أن تجمع القرى ،وتسمى الحياة .لم يكد ينهي جملته حتى أرسل الحاكم حرسه إلى القرى ليعلنوا ال ّتوحد ،ذاع صيت أجاد بين الناس ،وبينما هو مع الناس منتظرً ا كلمة الحاكم ،سمع أحدهم يصرخ :اسم على مسمى ،فعالً قد أجادَ وأحسن ،أغمض عيناه براحة وفي نفسه :فعالً لم يرد الحاكم إال إصالحً ا ،فالجمع بين الدين والحب واالحترام والشجاعة سينمي الدولة بتقوى هللا ،والعزة والتسامح ،و الوقار واالتزان ،و الجسار ِة و الجراءة ،معا ً سيكونون يداً واحدة ،هذه األسس هي الحياة. رأي احملكم «قصة في عالم األلغاز مشوقة وخيالية لم أتوقف عن قرائتها ألنني أردت أن أعرف القصة الغامضة التي شتتت بلدة ثم وحدتها أبارك للفائز على حسن الكتابة ألنها بالفعل كانت مشوقة ولها معاني قوية».
42
15إلى 17سنة
خشية هللا ننشر السعادة و األمن و المحبة ،دخل القرية الثالثة، المنظر شبه جنة ،عالم أخضر يملؤه الحياة و النشاط ،أشجار تمأل الساحة ،األهالي بمالبس خضراء ،و حشائش ،ظل أجاد محدقا ً فالنعيم ،حتى قابل رجل و كرر السؤال ،أجابه الرجل بهيبة :شعارنا الوقار ،نعتبر أبسط األشياء التي نفعلها ثمينة، فالتوقير أول دالئل الحياة .شكر أجاد الرجل وأكمل طريقه، يشعر أنه اقترب من اإلجابة ،لم يستعجل ،تساءل في حيرة هل إذا علم الناس ما يحصل خارج قراهم ،ونهج منهاج كل قرية و األلوان ،لحلوا اللغز و تالحموا و أصبحوا قرية متحدة؟! تذكر قول أحد الحرس أن الحاكم الراحل كان من أطيب الخلق ،تعجب قائالً :لو أنه طيّب ،فل َم يفعل شي ًئا كهذا؟ أيريد إصالحا أو انتقامًا؟ مشى تاركا ً ألفكاره حرية السباحة في رأسه ،اقترب من القرية األخيرة ،صوت هتاف ،حماس، روح ،ما زاده ذلك إال إصرارً ا و حماسا ً فوق حماسه، بيوت مصبوغة باللون األسود ،يرتدي الناس مشتقات اللون األسود ،لم يكن الجو كئيبًا ،بل عكسه تمامًا ،مليء بالنشاط و الحيوية .جلس تحت شجرة قريبة بعد أن كرر السؤال على أحدهم و أجابه« :عيش يوم واحد كاألسد خير من عيش مئة سنة كالنعامة ،نحيي الباسل و الجريء ،نتصف بالجسور، نعادي الرعديد والجبان ،فنحن ال نقول ما نعتقد ،إنما نعتقد كل ما نقول» .وضع األوراق أمامه ،استلقى ،نظر إلى السماء ،استنشق هواء ،كتمها لثوان ،أخرجها ،فكر ،ثم جلس يلقي نظرة على األوراق ،يفكر باالستسالم ،يطرد الهاجس، يقرأ ورقة تلو األخرى ،يشعر برابط ،يفكر ،ثم يتساءل :هل يريد إصالحا أم انتقامًا؟ يكاد يجزم بعد التفكير ِب َش ِيم القرى أن الحاكم لم يرد إال إصالحً ا ،وأنه يحاول من خالل اللغز الوصول إلى عقول األهالي وإقناعهم بشيء يخص األربعة كلمات ،يأخذ الورقة األولى ويحدق بها ،تقوى ،إحسان، وقف غير مصدق ما طرأ على باله ،ينظر للورقة الثانية، تتسع عيناه ،يأخذ الورقة الثالثة ثم األخيرة ،هرول إلى قصر 41
15إلى 17سنة
عليه ،ولكن لم تسمح لنا القوانين وال الحرس بمعرفة أخبار القرى المجاورة ،فمن المستحيل حل هذا اللغز إن لم نتمكن من معرفة ما يحدث في الخارج ،كذلك الرسائل ،يتم قراءتها قبل أن تصل إلى أصحابها ،تقبلنا الوضع منتظرين اليوم الذي يجمع القرى ومعها األنساب و الحكايات .سكت أجاد يفكر، ثم قال :ماذا تتبعون أنتم؟ أجابه الرجل :نحن أناس نتحلى باألخالق الحسنة ،ولدنا على التقوى ،نسارع إلى اإلحسان، ننصح الفاجر والمتهتك ،سالحنا السالم ،ونخشى هللا .شكره أجاد كثيرً ا ،انتظر رحيل الرجل و أسرع يكتب ما قاله الرجل على ورقة شجر الدردار ،خرج من القرية األولى و هرول متجها ً إلى القرية الثانية ،كل ما يجول في باله ،األخالق الحسنة ،التقوى ،اإلحسان ،النصح ،السالم ،الخوف من هللا، تالشت أفكاره فور إدراكه وصول القرية الثانية ،كانت مختلفة، الناس بمالبس من تدرجات اللون األحمر ،ورد الجوري على أطراف الطريق ،يسمع قرقرة بطنه ،رأى شجرة التفاح على يمينه ،اقتطف تفاحتين ،أكل واحدة و خبأ الثانية في جيبه، صادف رجل يحمل ابنه و على يمينه زوجه ،سأله أجاد نفس السؤال بعد أن ألقى عليهم التحية ،رد الرجل بابتسامة :ولدنا على اإلخاء و المودة ،من شيمنا الوفاء و الصدق ،ننشر السعادة على وجوه الصغير و الكبير ،نبتعد عن المقت و البغضاء و الرياء ،أثنى عليه ،و تابع رحلته ،لم ينسى تدوين ما قاله الرجل على ورقة ،سمع صو ًتا في نفس ِه يقول له :ألم يحن وقت الراحة بعد؟ يمكنك أن ترتاح اليوم وتكمل رحلتك غ ًداَّ . هز أجاد رأسه مانعًا األفكار السلبية السيطرة عليه ،ظل يفكر باللغز باندفاع ،يطمع لمعرفة اإلجابة ،سمع ذاك الصوت مجد ًدا يقول :لن تحصل على مكافأة أو شيء يستحق العناء. كادت تغير هذه األفكار رأيه و لكنه بدأ بالمشي تار ًكا ما ً مركزا على هدفه و ما جمعه خالل زيارته القريتين، يشوشه، تابع سيره متأمالً الورقتين ،يشعر أن بهما ترابط ،و أن كالً منهما يدعم اآلخر ،بالتفاني و اإلخاء ُنحسن للغير ،وبالسالم و 40
15إلى 17سنة
لم يرفض الحطاب سؤاله و قال :منذ قديم األزل شخص ما كان يحكم القرية ،و قبل مفارقته الحياة قسم القرية إلى أربعة قرى ،و فرق بين األهالي و األصحاب و األحباب ،و وضع حرسا ً و كالبا ً تمنع األهالي من خروج القرية ،و خصّص يوما ً واحداً فقط في األسبوع يُسمح لمن له شأن في الغابة الخروج ،وكتب الحاكم في وصيت ُه أنه ال يمكن ألي شخص الخروج من قريته إال لعمل أو شأن في الغابة ،حتى يجدوا ح ّل اللغز الذي يتكون من أربعة كلمات ،و كان شرطه أن ال يتم جمع القرى إال بعد إيجاد حل اللغز من قبل شخص من القرية ليس بحاكم أو أحد من أهله ،ألن بعد رحيل الحاكم تدارك الحكم أبناء الحاكم و ذويه ،و هم على علم بحل اللغز، لكنهم ينتظرون إجابة اللغز من أهل القرى حتى هذا اليوم. تعجب أجاد من هذه الحكاية ،سرح بعي ًدا ،شعر بأنه أتى لهذا المكان ليخلص أهل القرية من العذاب و حرقة فراق األهالي و األحباب ،وقف بحماس و إصرار و شغف لمعرفة ماهية اللغز ،شكر أجاد الحطاب ،ثم و ّدعه و أكمل مسيره ،انتبه لقول الحطاب :قبل أن أنسى ،إذا دخلت القرية ال يمكنك الخروج منها ،سكت قليالً ،ثم أكمل :يمكنك أن تزعم أنك رسول من الحومة ،بعثت لتطمئن على حال األهالي ،في هذه الحالة ستتخلص من داومة األسئلة من قبل الحرس و الناس ،فقد تعود الناس على نزول الحكام أو ذويهم للسؤال عن أحوالهم ،أكمل مسيرة حتى لمح قبة مسجد من بعيد، اقترب أكثر ،صوت أذان و كأنه يأتي من مكان قريب ،رائحة سالم تمأل المكان ،ضحكات أطفال ،اللون األبيض يتراقص في كل زاوية ،ورد ياسمين .حمامات بيضاء ،غيوم ،رجال ونساء بعمامات وعباءات بيضاء ،يمشي وعيناه تكاد تلتهم تفاصيل المكان ،رأى رجل فسأله :هل تعلم لِ َم قسِّمت القرية إلى أربعة؟ أخذ الرجل نفسًا قبل أن يقول :حدث هذا منذ أكثر من قرن ،حيث قسّم أجدادنا و فرقوهم ،فقدنا األمل في إيجاد اللغز ،و قد قيل أن كل قرية تتبع أساس و منهج تمشي 39
رحلة أجاد
املركز الثاين :نوف حسني عيل الحامدي ثانوية التكنولوجيا التطبيقية
زقزقة عصافير ،نسمة ريح مصحوبة ببرد ،ألم في العنق و الظهر ،فتح عينيه مكافحً ا جدائل الشمس التي أوشكت اختراق عينيه ،حرك جسده ،تأوه فسكن ،رد مجاهداً ألمه حتى استقام ،وجد عصا فالتقطها ،برد و جوع يعتريانه، ترجل يبحث عن طعام و مأوى ،لمح شي ًئا يقترب منه ،تمعن ّ ْ بحطا ٍ غطت التجاعيد وجهه ،وأحنى الزمن ب في النظر فإذا ظهره ،معه حماره ،راحة و سكينه تطغى على أحاسيسه، شعر الحطاب بأن هذا الرجل تائه ،قدم إليه ماء و ما معه َ من تمر و جلسا على صخرة قريبة ،شكر أجاد الحطاب و قال :أبصرت النور فإذا بي في وسط الغابة ،ال أتذكر ما حدث لي و كيف و صلت إلى هنا مشيت أبحث عن طعام و مأوى ،أجابه الحطاب :ستصادف أربعة قرى في هذا االتجاه يا بني ،يمكنك أن تسأل أهلها ما شئت ،و لهذه القرى حكاية و لغز ،لم يحله أحد إلى يومك هذا .شيء من الفضول يلوح ألجاد ،صمت لبرهة ،ثم سأل :هل بإمكانك سرد الحكاية؟
15إلى 17سنة
َ معلم هي كنت تريد أفضل معلم فأفضل عبدي ما يشاء» إن ٍ تريك العجب العجاب وترى من خاللها كل الحياة فالحياة َ شيء. ً ُ الحياة مغامرات ،ففي الحياة ستغمر كثيرا وترى أشياء لذلك كن طائر ًة تطير عكس عديد ًة حولك أيا ً كان نوعها. َ التيار الهواء وجهز نفسك لمواجهة المطبات الهوائية في مطار فيك فاهبط في أقرب رحلتك الطويلة ،وإن حصل عط ٌل َ ٍ وأصلح عطلك ثم اقلع إلى وجهتك من جديد. رأي احملكم «قصة أبهرتني كتابتها حيث أن أحداثها ومشاعر الشخصية واقعية وقوية وقد مير بها أي إنسان في هذا الزمان وهي: «السعادة»« ،الصبر»« ،الرضى» و»التألم» .وهي أيضا تعلم الشباب كيفية مواجهة املصاعب التي ممكن أن مير عليها أي شخص .يجب احلفاظ على هذه املوهبة وحتفيزها مبمارسة الكتابة لتكون جنمة الكتاب في املستقبل من حيث األسلوب، املفردات والتعبير».
37
15إلى 17سنة
كنت أبكِ عندما ُ بكيت كما ُ ُ كنت صغيرة ذكراكم الجميلة صعب ُ لن تنسى ستظل دوما ً هنا ،وسأدعو هللا أن يغفر لكم ويدخلكم ُ صليت ركعتين لعلي أرتاح قليالً وتكون فسيح جناته »...ثم بلسما ً لروحي ،رضيت بقضاء وقدر هللا. الرحلة األخيرة هي «التأقلم» ،وجهتها بعيدةٌ جداً لكنها ُ ُ ُ والتحقت أنهيت الجامعة كنت قد علمتني الكثير في حياتي. كنت أحب المغامرة كثيراً ُ ُ فبدأت بالعمل بالمغامرة رغم أنني هناك .عندما بدأت أن أشتغل ألهاني الشغل عن الماضي وعن ُ ت وجدتني ال أنسى كل ما أحزنني لكنني كلما رجعت إلى البي ِ عطر أبي وال عطر أمي الذي احتفظ ب ِه أبي ،حتى أن صور َة َ ٌ أبي لم تعلق في بيتي لكنها ساكنة في الذاكر ِة لدرج ِة أنني كلما ُ ُ وجدت آثار أبي التي لن تنسى مكان ما في البيت ذهبت إلى ٍ ْ فعلت! كل ما كان عليّ فعل ُه هو أبداً إنها كذلك لن تنسى مهما ُ وفعلت بعد ما مضى من الوقت سنتين التأقلم مع وضعي. بالتحاقي بشركة التجارة للمغامرات والسياحة. ً كانت المشاكل التي عاني ُتها في حياتي كثيرة لكنني ُ ُ ووقفت أمامها بعزيم ٍة رغم أنني أنثى ضعيفة .أحمد صمدت هللا دائما ً وأشكرهُ على أن ُه جعلني أغامر في مغامر ِة حيا ٍة كي أتعلم كيفي ِة إدار ِة حياتي التي لطالما كانت مرة المذاق لكن جحيم يحرق صدري إلى جن ٍة بعون هللا تحولت حياتي من ٍ ً َ ُ كتبت مثالً جميال ليلة رحيل أبي «الرحيل ال خلقت في قلبي! ت ال تذبل»... يقتل ،إنما وردةُ الذكريا ِ نتعلم في الحيا ِة أشيا ًء كثيرة مثل الصبر والتسامح والسعادة والرضى .أحيانا ً يمتحننا هللا ال لكي يجعلنا نكره الحياة و نريد الموت ،بل إن ُه يختبرنا ليعلمنا ما هي أخطاءنا وكيف يمكننا تعديلها ،فهو عالم الغيب يعرف كل عي ٍ ب وكل خطأ فينا لكن ُه يري ُد أن يرينا ويعلمنا .واعلم أن ُه كلما زاد ُب امتحانك في هذه الحياة .ستبكي ،نعم إيمانك كلما صع َ ً لكنك في النهاي ِة سترى مع العسر يسرا وتذكر ستبكي وستتألم َ أن هللا يستجيبُ ألفكارك ولظنك به فكما هو معروف «فليظن 36
15إلى 17سنة
شهر لكنك لن تظلي مكسور َة الجناحين طوال السنين! سيأتي ٌ وكيف تصمدين والرياح كيف تصبرين حدث وسيعلمكِ َ َ توقعكِ أرضاً!» وها قد حدث الحدث الذي قال لي أبي أنني كيف أصم ُد وأكونُ سأواجهه في حياتي .هذه الوجهة علمتني َ جبالً صلباً. الوجهة الثالثة كانت تسمى بوجه ِة «الرضى» الوجهة التي أبكتني كثيراً وجعلتني أعاني كثيراً وجعلت الحزن يندل ُع من قلبي! ً ُ كنت ذاهبة إلى حفل تخرجي من الثانوية وكل كلمات ُ تلقيت السعاد ِة ال تصفُ سعادتي بهذا اليوم ،في نصفِ الحفل كان مريضا ً وجهاز الغلوكوز اتصاالً من المستشفى فأبي َ موص ٌل إلى يد ِه وهو يسع ُل طوال الوقت قد تتساءلون «كيف أكون سعيد ًة رغم أنه مريض؟» اإلجاب ُة هي أنني لي أن َ ُ ُ خرجت من الحفل كنت سأذهبُ إلي ِه بعدَ الحفل لكنني عندما ً ُ ُ ُ اتصلت بهم رأيت اتصاال من المستشفى! صدمت عندما فقالوا لي :تعالي إلى هنا من الضروري أن نراكِ .ذهبتُ ُ دخلت كانت المفاجئة بسيارتي بأقصى سرع ٍة إلى أبي وعندما بانتظاري ،تلك المفاجئة التي قتلتني وقصمت ظهري وحطمت كل سعادة أحسست بها! قابلتني الطبيبة المسؤول ُة عن أبي، وشفتاها المرتجفتين تتلعثم في كالمها إن ُه توفي قبل مجيئي ُ دخلت إلى غرفت ِه وإذا بورق ٍة بين يديهِ ،أخذت الورق َة بدقائق! كان أبي قد كتب شي ًء أبكاني رغم بساطت ِه وعندما فتحتها َ الوداع صعب لكن هللا اآلن سيرسل ملك «ابنتي أعرفُ أن َ ً ُ الموت ليقبض روحي ،وداعا أحبكِ »...كنت أئنُ كطفل ٍة لم ٌ ضائعة بين شوارع الحيا ِة المظلمة والتي تدري أين الطريق للنور فيها إال نادراً. ال وجود ِ ُ ُ وكنت عدت إلى البيت الذي سكنا في ِه أنا وأمي وأبي ُ وحيد َة أهلي ،وقبل نومي كتبت ما كان في قلبي. ُ كلمات قلبي لن تصف ما أقوله لكم كتبت :أبي وأمي ولكن هذا ما وجدت ُه مخبأ ً في أعماق قلبي ،وداعكم وفراقكم 35
15إلى 17سنة
قال لي :قالت لكِ أنكِ ال يمكنك تكوين عالقا ٍ ت إذا؟ وها ت عالق ٍة قوي ٍة معي في بضع دقائق! بنيتي أريدكِ ت كون ِ أن ِ ِ فإن هذه الحيا ِة قصيرة يجب أن تسعد في أن تبتسمي اآلن َ كل لحظ ٍة فيها وتنسين الماضي األليم ،فإن الماضي قد مات، ُ تستحق ذلك! ال تعطي األشياء أكبر من حجمها رغ َم أنهُا ال حسنا؟؟ ُ قلت له والفر ُح يعزف على أوتار قلبي :كما تأمرني عمي! ً ً أومأ برأسه قائال :عفوا بنيتي ما اسمكِ ؟ ُ قلت له :تهاني. قال :أتعرفين ما معنى اسمكِ ؟ قلت :ال! ثم قال لي :إن اسمك يعني الفتاة الجميلة وبرغم عصبيتك ب يا تهاني ت فتاةٌ طيبة القل ِ أن ِ ُ وتوجهت إلى بيتي و بذو ُر السعادة قد كبرت شكرت ُه ً ً وصارت وردة جميلة تسكن في قلبي .هذه المحطة الثانية وبداي ُة رحلتي «وجه ُة السعادة». رحلتي األخرى كانت إلى «وجهة الصبر» وهي كانت ُ كنت إحدى أصعب الوجهات التي واجهتها في حياتي .عندما ُ كنت أشتكي ضغوط الواجبات واالمتحانات، في الثانوية ً ُ ُ المتحان لم أكن مهملة إال بعدما اكتشفت أنني كلما درست ٍ ُ ُ ُ ُ جلست وبكيت وصرخت وندمت! لكنني يئست فشلت به، مع نفسي بعدما حدث كل هذا ثم مرَّ ت على بالي قصة «لكل ذلك نهضت! كانت هذه اللحظة تسمى جوا ٍد كبوة» وبعد َ «نهوض» لم أيأس قضيت ليال كثيرة أذاكر بينما الناسُ َ ألحرز ترق ُد على فراشها براح ٍة واطمئنان في منتصف الليل ُ ُ وأحرزت أعلى نجحت أعلى درج ٍة على صفي! وكما توقعت! ُ ت أبي التي لم أعرج درج ٍة بين زميالتي! بدأت أتذك ُر كلما ِ عليها «في الحياة ستواجهين البرد لكن يجب عليكِ الصمود، ً ضعيفة لمد ِة ساع ٍة أو ربما يوم أو ربما ستكونين وفي الحيا ِة َ 34
15إلى 17سنة
ُ كل وجه ٍة في تعلمت هنا َ كيف أكونُ سعيد ًة في حياتي ،خلف ِ الرحلة قصة! ُ ُ كنت ألعبُ في كنت في الصف الثالث االبتدائي فعندما الفسح ِة وإذا بزميل ٍة في صفي تأتي نحوي وتقول لي بحقارة ت ت ال تعرفين شيئا ً و أن ِ ت غبية و أن ِ ت ال تمتلكين أم و أن ِ «أن ِ َ ال يمكنكِ تكوين عالقا ٍ ت مع أحد!» ثم رحلت وهي تضحك ُ كنت ساخر ًة مني .كان هذا اليوم اسم ُه «تذم ٌر بغباء» .عندما ُ هرم يجلسُ في كنت أبكي وإذا المنزل في طريقي إلى ِ ٍ بفقير ٍ الطريق وهو يراني أبكي ثم نداني بصوته األجش: وسط ِ ُ ُ فقدت أمي، فقلت له «عمي إنني «بنيتي ما بكِ تبكين؟» ٌ ٌ أملك أما ً يتيمة ال زميلة في صفي تعيرني بأنني واليوم أتتني َ ٌ بعد اآلن! وأنني غبية ال أعرف شيئا وأنني ال يمكنني تكوين عالقات مع أحد!» خذلتني دموعي فبدأت الدمو ُع تسيل كسيل النهر على وجنتي. ِ وقال لي :ربّت على كتفي و هي تقول أنه ليس لكِ أم صحيح؟! إذاً دعيني أسألكِ سؤاالً أأمكِ ال تزا ُل تتنفسُ في قلبكِ ؟ قلت له :نعم! إنها دوما ً تتنفسُ في قلبي! شقت ابتسامة عريضة شفتيه :إذا كيف تقو ُل ليس لكِ أم وأمٌك ماتت في الدنيا وفي القلب تحيا؟ ُ الخجل و حائرة طريق ِة إقناع ِه لي! سكت قليالً يلفني ِ ثم قال لي :أوتقول لكِ غبية وكيف هي دراجاتكِ في الصفِ يا صبية؟ أجبت ُه والفخر يقفز من عيوني :درجاتي تفوق التسعينات وهي أفضل من درجاتها بكثير! كيف تقو ُل لكِ غبية؟! قال لي :إذا َ ُ ُ وضحكت طأطأت رأسي ثم قال لي وهو يبادلني شعور السعادةِ :أراكِ تضحكين! ُ قلت له :شكراً لك َ أنت سببُ هذه الضحك ِة التي رسمت للتو على وجهي. 33
15إلى 17سنة
أجاباني ووجه ُه البشوش يضحك :ال ال يا بنيتي! بالتأكيد ال أعدكِ ! ُ ُ أغمضت َعي َني ما المطلوب مني اآلن؟ قلت له :هيا قال لي :اآلن تخيلي ما تتمنينه في هذا الظالم. ُ أغمضت عيناي فتخيلت أمي أمامي. ثم سألني وقال :ماذا تمنيتِ؟ فقلت :أمي! ت حكيم ٍة من المستحيل أن أنساها أبداً ث َم قال لي كلما ٍ في حياتي! قال لي بعد إجابتي :افتحي عينيكِ اآلن وانظري إلى السماء ،ماذا ترين نجوم صحيح؟ ربما تركزين على بضع ِة نجوم وهذه النجوم في الواقع هي فُتات خبز لكن أترين الخبز الكبير ِة ذلك البدر الكبير؟! إنه القمر ،والقم ُر كقطع ِة ِ ً التي يأكل منها الجائع فيشبع ،هكذا نحن فقراء ،دوما نحلم بالقليل لكن هللا يخبئ اللحظات الجميلة كي يفاجأنا بها بعد أن خبز وهللا انتظرناها طويالً وحلمنا بها كثيراً! وقد نتمنى فتات ٍ قد قسم لنا خبزاً يشبع جائعاً! كانت هذه فلسف ُة أبي القارئ الفنان اإلنسان العظيم الذي كيف أكونُ صبور ًة عند المصائب و ضد الصدمات علمني َ وقت المصائب .كان أب يعرفني جيداً أكثر من نفسي. دعوني أتحدث قليالً عن نفسي .أنا ٌ بنت بسيطة تحب اللهو وتحب اللعب ،توفت أمي بعد والدتي و لم يبق لي غير أبي أمطار الحزن على فراقه أمي التي أحب ّت ُه الذي يصبُ قلب ُه َ جداً كما كان دوما ً يخبرني .أنا أشب ُه أبي كثيراً فإن أبي يحب المغامرات وأنا كذلك وأبي يحب تناول الكاكاو في منتصف تمتلك شخصا ً يكون توأ َم روحك. الليل وأنا كذلك! ما أجمل أن َ َ ٌ حاصلة على الدكتوراه في مجال التجارة حاليا ً أنا أشتغل وإنني ٌ لكنني أعمل كمغامرة ،صحي ٌح أنني مشاكسة وعنيدةٌ قليال لكنني ضحوكة ومحبة للجميع .فتلك هي أنا صاحبة النفس البريئة. منذ صغري بدأ مشواري الطويل ،مشوار بعد رحلة من ُ بدأت رحلتي صوب مدرسة السعادة. أطول رحالت عمري. 32
محطات مشرقة
املركز األول :عبدالله عيل
مدرسة الشارقة األمريكية الدولية ت كثيراً ،وأري ُد أن أصبح مغامرة أنا تهاني ،أحب المغامرا ِ في المستقبل ،أحببت المغامرات مذ كان أبي يأخذني مع ُه مكان جديد يذهبُ إليه ليستكشفه .أتذك ُر أنني عندما إلى كل ٍ ُ ُ جبل وهو يحملني ذهبت مع ُه إلى كنت في الصف األول ٍ على ظهره ،و عندما كنا على قمة الجبل سألته وعيناي تتألأل :بابا! أين ماما؟ فأجابني بصعوبة :ماما فوق الغيوم، إنها تراكِ ! ُ مسك يدي قلت له :إذا هيا فلنقول لها مرحباً! َ ورفع يدي وكان يقول بصو ٍ اليمنى بح ٍ ت هادئ «قولي ب َ ٌ ُ لماما مرحباً!» كنت أبتس ُم للسماء كأنما قبلتني نجمة فأشعلت اليوم أني شمع َة البراء ِة والحب في قلبي! أتذك ُر أيضا ً في هذا ِ األرض في منتصف الليل والمكان أنا و أبي تمددنا على ِ يعمه هدوء صعبٌ أن تجد مثل ُه في المدن .أمسك يدي وقال لي :أغمضي عينيكِ . ُ أغمض عيني هل سيلتهمني فقلت :حسنا ً بابا ،لكن قبل أن َ وحشٌ أم ما شابه ذلك؟
17 – 15سنة تقرير لجنة التحكيم يل الرشف أن أكون يف لجنة التحكيم ملسابقة “جامعة أوكسفورد للطباعة والنرش” مرة أخرى ألنها تتيح يل الفرصة لقراءة قصص كتابنا الصغار اللذين ترجمو ما يف مخيالتهم من مواهب وابداع اىل قصص متيزهم وترثي يف نفيس الفضول يف معرفة ما ينونه يف قصصهم ،هؤالء الصغار يعرفهم املجتمع كطالب ولكنهم يحملون يف جعبتهم ما ميزهم عن غريهم ،فهم طالب اليوم بل كتاب اليوم يحلمون بأن يكونوا مؤلفني كبار لألجيال املقبلة. أود أن أشكر كل طالب/ة عىل ما اقدموا من مجهود يف كتابة هذه القصص املمتعة النهم من خالل قراءة القصص قمت بزيارة عامل رحالتهم املشوقة واملثرية .مشاركتهم يف املسابقة ألنهم بالفعل مشاركتهم مل متتعني يف القراءة فقط باألخذوين إىل عامل رحالتهم املشوقة واملثرية. سوف أدعكم مع القصص الفائزة ولكن قبل ذلك أمتنى للمشاركني الذين مل يفوزوا هذه السنة عدم اإلستياء ألن مشاركتهم كانت أيضا ممتازة ولكن كانت هذه املشاركات الفائزة أفضل من ناحية الصيغة، املفردات املستعملة و ...و ...و... لنبحر إىل عامل الرحالت مع القصص الفائزة لفئة .17 – 15 سارة املهريي ديسمرب 2016
12إلى 14سنة
قد يكون اليعرف غيره وليس ألنه األفضل أو األرخص ,لكل شعب عاداته وتقاليده فهؤالء يطيلون السهر ويتسامرون وآخرون يخلدون ّ والشاق. للنوم المبكر بعد العمل الدؤوب روى فادي لمديره خيبة أمله في ماشاهد عند الوصول ,حاول المدير تفسير ذلك بعد تأكيد فادي على جمال الطبيعة هناك قائالً : « ال أستغرب شعورك يا عزيزي ,فالقراءة عال ٌم بح ّد ذاته, تعطينا خبرة األمكنة والشعوب دون معرفتنا بهم ,فهي تسافر بنا لنجوب العالم ونحن على كراسيينا وتطلق لخيالنا العنان فنضيف من خيالنا للواقع ما نعيش به ونسعد بتفاصيله ,لكن الحقيقة هي ثوابت بعيدة عن الخيال ومؤثرات األحالم ,انت قلت أنك عدت ً تجربة فريد ًة في رحلتك تلك ,وتعلمت خائب األمل لكنك خبرت منها الكثير ,وأضافت لمعرفتك ماسيفيدك في حياتك العملية وفي رحالت قادمة ,فاالستكشاف هو بحد ذاته متعة وسعادة ,انت لم تر تعابير وجهك وسعادتك وأنت تصف لي الطريق والقطار وو.... انظر إلى وجهك بالمرآة ...ليست السعادة في تحقيق الحلم ,قد تكون في طريقة بلوغه”.... نهض فادي ونظر الى خياله في المرآة ..وتمعّن في تفاصيل وجهه ,فلفت نظره اسم كتاب مستند على الرّف الذي خلفه وظهر بجوار وجهه بالمرآة “ :كيف تخطط لرحلتك القادمة “فاستدار بسرعة وتناول الكتاب وبدأ يستعد لرحلة جديدة. رأي احملكم رأي احملكم“ :القصة عن رحلة إلستكشاف الذات .قد يعتقد املرء بأنه يكتشف األماكن أو األشياء لكن ال يعلم بأنه يستكشف نفسه من خالل تلك الرحالت فيتقاجأ بأمور لم يكن يتوقعها عن نفسه. أعجبني الوصف الداخلي والوصف اخلارجي في هذه القصة”
29
12إلى 14سنة
شريطي بمحاذاة النهر ,س ّكانها يرتادون المقاهي ،ويلعبون النرد على اختالف فئاتهم العمريّة ,أخيراً وصل فادي الميناء وركب القارب وانطلق باتجاه الطرف اآلخر وسط زرقة المياه والسماء ووصل بأسرع ممّا توقع ,هذه هي المرّة األولى التي ينطلق فيها وحيداً ليكتشف الطريق إلى الحلم .بلغ الطريق المعبّد الذي تط ّل عليه بعض الجبال ,فالمدينة التي يقصدها خلف ذاك الجبل ,هناك الطبيعة تتكلم وتمجّد عظمة الخالق ,هكذا وصف الكتاب ,ولطالما شاهد ذلك في الحلم ,م ّر على معظم األمكنة التي قرأ عنها وتعرّض لسخرية بعض الشباب الذين علموا أنه يقصد الطرف اآلخر من الجبل اذ الشئ هناك يستحق السفر والعناء ,ووصل أخيراّ وبدأ بالنظر واالستمتاع, ال بل بالتحديق ,كل التفاصيل تشير إلى الجمال وسحر الخالق ,ليست ٌ لوحة فني ٌّة رسمت بيد فنان ماهر, أماكن طبيعية وحسب ,بل هي حاول فادي أن يطابق صورة الكتاب والحلم مع الواقع ففشل ,حاول أن يجمع كل عناصر هذه اللوحة ليطابقها مع حلمه فلم يفلح ,الش ّك أن ما رآه جميل ،لكن ليس كما رسم في عقله على مدى السنين, فخاب ظ ّنه وفقد األمل برؤية حلمه ,وقرر أن يبيت حتى صباح اليوم التالي ليعود مسرعا ً إلى المكتبة ...قضى الليل في فندق مجاور ,ونام ً مداعبة وجهه بنورها ,استيقظ متعبا ً مرهقاً ،وعندما تسللت الشمس حازما ً أمره بالعودة في نفس الطريق الذي سلكه. في اليوم التالي استأنف فادي عمله وعندما سأله مديرالمكتبة عن إجازته بدأ يصف رحلته منذ الخطوة األولى التي غادر بها وحتى عودته إلى منزله ,ووصف لمديره القطار وركابه وتصرفاتهم وصفاتهم والمتسول وإرشاداته والمدينة بمقاهيها وروّ ادها والقارب وقبطانه وميالنه مع كل موجة ,ثم الضفة األخرى ,تكلم فادي باسهاب عن تجربته الفريدة ووصف الخبرة التي اكتسبها من رحلته تلك دون أن ينتبه لها أو يقيم لها وزناً ,كان المدير يصغي باهتمام فجميع ماوصفه فادي مشوقا ً والناس الذين صادفهم مختلفون ,في السفر عليك أن تسأل كثيراً إذا لم تكن متأكداً ,عليك أن تختبر بنفسك ,فمن يرشدك وينصحك بمطعم يقدم أشهى األطباق بنظره قد يكون على العكس تماما ً بنظرك ,ومن يدفعك للمبيت في هذا الفندق 28
12إلى 14سنة
يا إلهي ...هل تتحقق األحالم أم هناك من يفسّرها فقط ؟؟ كثيراً ما تساءل فادي !؟ عندما مضت السنون ,لم يحقق فادي حلمه األول بأن ّ موظفا ً في مكتبة البلدة المجاورة, يصبح أستاذاً ,بل أصبح ّ المكتظة بالكتب واألوراق حتى أدمن يعيش بين الرّ فوف رائحتها الخاصة ,يقرأ ويتنقل من كتاب آلخر ,ويتابع آخر اإلصدارات ,لكن رتابة العمل من جهة ,وقلّة القرّ اء المرتادين من جهة أخرى ،كانت تشعره بأن جدران المكتبة قريبة من بعضها لدرجة أنها تخشى الفراق ,فأحسّ بالكآبة وبأنه اليمكن أن يمضي كل حياته هكذا ,ال بد أن سعادته في مكان آخر.... وفي يوم من األيام ,بينما كان يقرأ كالمعتاد أخذ في يده كتابا ً يتحدث عن مجموعة المدن الجبليّة في القطر المجاور ووقعت عينه على صورة جعلته يتوقف عن القراءة ويح ّدق فيها ,فقد أخذته إلى حلمه القديم ,أخيراً عرف مصدر الحلم ,ال شك أنّ حلمه هناك ,سعادته هناك أو ج ّنته هناك.. سرعان ما قدم طلب إجازة وأحصى كل الذي ا ّدخره من أول عمله حتى هذا الوقت ,وحزم أمره ورسم مخططا ً لرحلته, سيختار أرخص وسائل النقل وسيكتفي بحقيبة صغيرة على ك أنه سيتعب ،لكن في النهاية سيصل لحلمه. ظهره ,ال ش ّ ركوب القطار هو متعة بح ّد ذاتها ,فالصور المتالحقة عبر نافذته تنسي الوقت ,واختالف الرّكاب وتنوعهم هو لوحة !! فهذا يقرأ كتابا ّ وذاك يستمع ألغنية وتلك تحضن طفلها وتهدهد له كي ٌ صبية صغا ٌر يتمشون وسط المقاعد في المم ّر المنصّف. ينام, ّ ّ في المحطة األولى قرأ فادي اللوحات وتبع داللة األسهم بدقة كي يصل الى المخرج ,عندما وصل الشارع الرئيسي ,بادره متسو ٌل ً فرصة يستعطي النقود أو الطعام ,أعطاه فادي شيئا ً من زاده و وجدها ليسأله عن مكان الميناء ,اذ عليه أن يركب قاربا ً ليصل الطرف اآلخر من النهر ،أرشده المتسوّ ل بنا ًء على معلوماته لك ّنها لم تكن كافية, تعلّم فادي أنّ عليه أن يسأل أكثر ويتأ ّكد قبل اتخاذ اي ّطريق كي ال يهدر الوقت ,تبدو هذه المدينة كباقي المدن الساحليّة ممتدة بشكل 27
رحلة فادي
املركز الثالث :جورج فرنسيس مدرسة فيالدلفيا الخاصة
كان فادي ولداًّ يافعا يعيش في قرية نائية شمال البالد ,ذات طبيعة خلاّ بة ,سكا ّنها طيّبون ,يحبّون ويساندون بعضهم رغم التناقضات التي يمتاز بها ك ّل فرد عن اآلخر!... كان فادي يواظب على الذهاب إلى مدرسة القرية ويجتهد في دروسه قدر المستطاع ,يحلم أن يصبح معلما ً في قرية أخرى ويعيش قصة أستاذه الذي يحظى باحترام التالميذ ومحبة واهتمام سكان القرية ,لكن ثمّة حلم آخر كان يراوده أثناء نومه ويتكرر بإلحاح غير مفسّر ,ولطالما استيقظ فجأة على تفاصيل ذلك الحلم ,كان يرى دوما ما وصفه « بالج ّنة» :أشجا ٌر ٌ ٌ ٌ شاهقة جميلة لم يرها من قبل ,وجبا ٌل غريبة وأزها ٌر ونباتات ٌ شامخة خضرا ٌء تحيط بتلك األشجار ,وسواقي وأنهار تتوسّط المشهدّ , تمزق سكون الطبيعة بخرير مياهها ,وأحيانا ً يكتمل ً الحلم بزقزقة العصافير وأحيانا تغيب تلك المخلوقات الصغيرة ,وفادي يمشي ويسير ليكتشف الطبيعة و يطارد الفراشات وفي ك ّل مرّة يُضاف عنص ٌر جدي ٌد إلى الحلم أو ينقص...
12إلى 14سنة
تين عمرها ١٠٠سنة وعلى أغصانها كثير من ثمر التين ذو اللون البنفسجي .فجأة تجمع كثير من الطيور على هذه نظر الشجرة القديمة وأكلوا من ثمرها الطيب .سبحان هللا َ إليّ طير وغرد بسرور عظيم قائال «ماما ،ماما!» تعانقت أجنِح ُتنا وتحقق األمل. رأي احملكم «أعجبتني القصة ألنها تسرد من منظور طائر بدوي يحكي ترحاله وهجرته من منطقة عربية إلى أخرى .أحسست بأني ذلك الطائر املهاجر الذي يعرف جغرافية األماكن اخملتلفة».
25
12إلى 14سنة
أنا الطائر البدوي .أستطي ُع إن أطي ُر فوق رمال الصحرا ِء الذهبية على رياحها المخملية حيث تأخذني إلى أي وطن وفي أعالي السماء الصافية الزرقاء وفوق األعمدة الشاهقة والمزيّنة بأعالم اإلمارات العربية ذات األلوان األربعة التي تغني للسالم واإلزدهار والقوة والتضحية. وصلنا جامع الشيخ زايد في أبو ظبي وأدينا الصالة وقمنا بدعاء السفر .فجأة ،هب ْ ّت رياح قوية من الشمال فرقتنا عن بعضنا ولم يبق أي شيء غير بعض ريش عائلتنا المتناثر ُ أصبت بالرعب ودموعي تسي ُل على خدي. كل مكان .لقد في ِ لقد ضاع أبنائي الصغار .عليّ أن أبحث عنهم حتى نعود إلى ُ ُ أبحث عنهم رأيت العجائب وأنا أحضان بعضنا .في طريقي ِ ُ وصلت إلى لبنان بعد ليالي عديدة وأيام طويلة. ثم ُ إنتقلت من شجرة تين إلى شجرة زيتون ومن بيت إلى جامع ومن جبل الى تلة ،وأنا أنادي صغاري وأحبائي وفي هذه اللحظة وجدت نفسي في أحد شوارع بيروت الممتلئة برائحة المناقيش الرائعة .في زاوية الشارع وقفت على بركة ماء صغيرة ورأيت انعكاس نفسي حتى توارت الشمس وطلع القمر .في هذه األثناء ن ُ ِمت بجانب البركة الصغيرة َوأنا الزلت حزينة .وفي الصباح واصلت رحلتي جنوبا ً إلى حوال .ما أحلى هذه القرية بجبالها العالية والخضراء .طِ رت من جبل إلى جبل وشجرة إلى شجرة .ولكن لم أجد أبنائي الصغار .وأخذني نوم عميق. في الصباح الباكِر ،واصلت رحلتي إلى بالد أم كلثوم التي تعرف بمصر .هناك سمعت األذان الجميل الذي زادني قوة وايمان وأمل أن أجد أبنائي الصغار .وبعد قليل رأيت مجموعة من الطيور على قمة األهرامات فسألتها عن أبنائي الصغار .نظرت الطيور إلى بعضها بحزن وأشارت نحو ُ إتجهت شرقا ً وكلّي أمل حتى وصلت إلى بال ِد كنعان الشرق. التي تعرف بفلسطين .هناك قفزت بين األشجار والورود والسهول الخضراء وفي األفق القريب كان هناك شجرة 24
الطائر البدوي
املركز الثاين :سناء دارين حمدان أكادميية ديب الدولية
بينما وأنا أطي ُر في سما ِء الصحرا ِء العربية في عجلة للقاء ُ وصلت أحبتي الصغار الذين اصابهم التعب والجوع والعطش، إلى عشّ صغير في واحة العين حيث تجري المياه العذبة ُ نظرت إلى أبنائي الصغار في وتنمو أشجار النخيل والغاف. العشّ الذهبي وقلت لهم« :علينا أن نحضّر إلى رحلة طويلة ستأخذنا عبر الصحراء إلى لبنان .هذه رحلة مهمة في حياتِنا». ولكن كيف سنبدأ هذه الرحلة وأبنائي صغار ال يعرفون كيف ُ أخذت بعض الوقت لتمرين أبنائي على الطيران .اليوم يطيروا؟ سأعلّم صغاري على الطيران واإلعتماد على النفس ،ولذلك ُ ُ ذهبت إلى شجر ِة غا ٍ حملت ف صغيرة وراء التالل الرملية. ُ وكررت ذلك حبيبي الصغير من جناحيه وأطلقته في الهواء حتى أصبح قادراً على الطيران قليالً .اآلن هيا بنا إلى لبنان. وقد بدأت رحل ُتنا في سما ِء الصحرا ِء في ٢٧يونيو. أتعرفون أنني نوع فريد من الطيور؟ رغم أنني كالطير يعرفها إال صغاري. األزرق ،فإن لدي مهارات عجيبة ال أحد ِ
12إلى 14سنة
البحر ،و اآلخر بدأ يلفظ أنفاسه األخيرة ،وعند المغيب ،بدأت الشمس تودعنا ببعض النور ،ليستقبلنا القمر بظالم حالك ،و تأتي الرياح بما ال تشتهي السفن ،بدأ المركب يتطاير بنا ،يمينا ً و يساراً ،تعالى صراخنا ،في وحدة و ظلمة الليل .و في وهلة سمعنا شاب يصرخ قائالً “ :هناك ماء يتصاعد ! “ التفتت له األعين بنظرات خوف و رهبة ! و بالفعل ،كان هناك ثقب كبير في منتصف القارب ،تعالت التكبيرات ! بدأت أسأل نفسي، أهذه هي النهاية؟ تركنا وطننا خشية الموت فنلقاه هنا لنكون وليمة ألسماك البحر ؟ تعالت صرخاتي ،ألوم نفسي على كل ذن ٍ ب لم اقترفه .و فجأ ًة و إذا برجل قذف نفسه في البحر ،و بدأ واحد تلو األخر باإلنضمام معه ،شعرت بخو ٍ ف رهيب يتسلل في أعماقي ،فأمسكت اآلنسة عبير ،وجدت يديها باردتين جداً و صعقت عندما رأيتها قد فارقت الحياة هي األخرى .وعندئذ شعرت باليأس وخيبة األمل ،و بدأت الناس تقذف أنفسها و اضطروا إلى رمي آنستي ليخففوا وزن القارب ،لم يبق غير خمسة شبان فارتدينا قمصان النجاة ،وأخذنا أدوات اإلنقاذ و بدأنا بالتجديف ،حتى وصلنا إلى ميناء قبرص .بحثنا عن هويتنا الشخصية فلم نجدها ،فاكتفينا بإعطائهم ما تبقى من أمولنا . بتصفيق حار من الجمهور، و فجأة انقطع حبل أفكاري ٍ ٌ ً دمعة سقطت من عيني الإراديا ،ألدعم كل الجىء وتوقظني في مختلف أنحاء العالم ،ها أنا اآلن بين أيديكم مشردة ،الجئةٌ، فهل تعلمون متى تكون الحياة ظالمة؟ عندما تحكم عليك أن تكون الجئاً. أتدرون اآلن ما هي السعادة الحقيقية ؟ رأي احملكم «قصة فريدة عن معاناة الالجئني واملصاعب وكتبت القصة بطريقة تشويقية جتعلك تشعر وكأنك واحد منهم تريد النجاة. الوصف والتعبير أذهلني بالنسبة لهذه الفئة العمرية». 22
12إلى 14سنة
«سلسبيل ،ماذا جاء بكِ إلى هنا ؟» صعقت عندما أمعنت في مالمحها ! ،أنها مديرة مدرستي و بدأت أسرد لها حكايتي ،و لوهلة شعرت أن كل هذه أقدار مكتوبة و ليس بإمكاننا تغيير شيء منها و أثناء عبورنا الحواجز ،عانينا الكثيرمع جشع الشرطة على الحدود ،فعلينا رشوة األمن عند مرورنا من الحواجز كما علينا دفع الرسوم للحصول على تأشيرة . بعدما انتهينا من إتمام األوراق على الحدود السورية، انطلقنا إلى الحدود اللبنانية ،محاولين أن نعيد قليل من األمل إلى أرواحنا الخالية .عندما وصلنا ،صعقنا بخمسة حافالت قد جاءت قبل بضعة أيام ولم يُسمح لها بالعبور ،بقينا منتظرين في الحافلة لبضعة ساعات ،حتى غابت الشمس و خيم الظالم المكان .و إذا بعمي قاسم يقول أن علينا االنتظار حتى فجر اليوم التالي ،نام البعض ،و لكن بقي عدد كبير منا متسيقظين على أصوات بكاء األطفال و أصوات بطوننا الفارغة ،جلست أنا و اآلنسة عبير نسترجع ذكريات حمص الجميلة ،بهوائها ً حكاية مختلفة ،لكنها تحمل الرطب المنعش ،كل منا كان له نفس األلم ... سمعنا صوت جندي ،يتحدث مع عمي قاسم خارج الحافلة، و فجأة فتحت األبواب ،و تم ترحيل كل من لم يملك ألفين ليرة ليشبع عقول هؤالء الجنود التي باتت مجردة من كل معاني اإلنسانية و عندما وصلنا إلى ميناء طرابلس و ركبنا داخل قارب مطاطي ،بدأنا نتراكم فوق بعضنا البعض .المركب كان صغيراً و ضيقاً ،ما يقارب الخمسون فرداً ذاهبون لرحلة رهنا فيها حياتنا لمزاج البحر و أهوائه المتقلبة ،كنا ثالث مركب يخرج من الميناء .بدأ المحرك بالعمل ،وعلت التكبيرات و األدعية ،نرجو من هللا أن نصل سالمين بدون أي أضرار ،بعد 30كيلومتراً تقريبا ً بدأت الشمس تنثر أشعتها الذهبية الحارقة على رؤوسنا ،بدأ حالنا يزداد سوءاً البعض أُصيب بدوار 21
12إلى 14سنة
ُ دفنت أبي في المقبرة التي ازداحمت فيها الموتى، بعد أن تجولت في حمص التي بدا الظلم فيها من كل ناحية ،حاالت االعتقال التي تعرض لها معظم الرجال خالل األشهر الماضية، وحاالت القمع و الظلم التي تعرضت لها معظم الفتيات من قبل فكر عقيم يحاول طمس إنجازات المرأة ،ورميها في هامش المجتمع كمجرم ٍة وجب عليها القتل .وفجأ ًة لوّ ح لي رج ٌل من بعيد ،ليقطع حبل أفكاري الحزين .العم قاسم ،الذي اشتعل رأسه شيبا و بيدين جافتين بدا عليهما الشقاء قدم لي مظروفا ً و قال لي، « كان هللا بعونك يا ابنتي « فتحت المظروف بيدين مرتعشتين، « ابنتي الحبيبة سلسبيل :ال أعلم بالتحديد متى ستأخذين تلك الرسالة ،لكنني أدري أن عمك قاسم سوف يقدمها لك عندما أفارق تلك الحياة ،التي باتت بائسة .ال تبكِ ،فأنا آسف، ت مازلت شابة ،آسف ألنني ألنني لم يكن بوسعي حمايتك و أن ِ تركتك يتيمة .سلسبيل ،ال أريدك أن تظلي في سوريا ،اذهبي مع عمك قاسم إلى قبرص ،احتفظت لك بخمسين ألف ليرة للرحلة ،احبك ابنتي « أما اآلن لم تعد الرحلة اختياراً ،بدأت بالسير مع عمي قاسم ،في لحظا ٍ ت نصارع الزمن فيها ،عندما كنا في طريقنا إلى دمشق ،بدأت أبحث عن حمص الجميلة ،بضكات أطفالها و الياسمين الذي يفوح بين حاراتها ،أما اآلن لم يتبق غير ت و دماء شهداء ،بعد وق ٍ حطام بيو ٍ ت قصير بات كسنين طويلة .وصلنا لدمشق ،وقفنا أمام المتحف العثماني ،حيث كانت نقطة تجمعنا ،وقف عد ُد هائل من الحافالت التي ستحمل الالجئين إلى الحدود اللبنانية .صعدنا إلى الحافلة التي كانت خال فلم أجد ،ففوجئت مكتظة بالناس ،بدأت بالبحث عن مقعد ٍ بامرأة أربعينية تفسح لي مكانا ً ألجلس بجانبها ،شكرتها و عندما هممت بالجلوس ،و قبل أن أضع حقيبتي الصغيرة بجانبي ،قالت لي : 20
رحلة إلى المجهول
املركز األول :رؤى سعد عبادة هالل مدرسة اإلمارات الوطنية
مشيت بخطوا ٍ ت متعثرة بين حارات ضيقة ،تملؤها تنهدات أمهات و بكاء أطفال ،تنهمر من عيني دمعات حسر ٍة و ألم، ٌ دمعات تصرخ»صمتكم يقتلنا» تقدمت نحو الفت ٍة كادت على االنهيار مكتوبٌ عليها بخطٍ واضح» شارع الياسمين» تذكرت عندئذ حمص الخضراء، غير ٍ بهوائها الذي يبعث السعادة في أرواح المارة من جديد ،و بيتي الذي كان يغطيه الياسمين من شرفة المنزل .ركضت في خطوات متسارعة ألجد بيت طفولتي محطما ً في وسط الحارة، بعض الياسمين مات ،و اآلخر تلطخ بدماء عائلتي .جنازة والدي في البيت المقابل ،لم يكن حالهم مختلفا ً .كلهم بنفس المعاناة و األلم .شعرت بشيء غريب يتسلل في أعماقي ،شعو ٌر بالرهبة من المستقبل المجهول ،فعرفت أنني مجرد جس ٌد بال روح ،جس ٌد ال يقوده عق ٌل وال مشاعر .تسطرت تلك الذكريات في عقلي ٌ الذي بات ميتاً ،ميتا ً بذكريا ٍ عالقة ت مؤلمة ال أدري لماذا هي في ذهني ،وميتا ً بمستقبل هُمش عليه بكلمات الموت و الشقاء . ٍ
14 – 12سنة تقرير لجنة التحكيم “حني بدأت قراءة قصص املشاركني يف الفئة العمرية لليافعني من سن ١٤- ١٢ألحكم بينهم ،كنت يف حرية .حرييت سببها املستوى األديب الراقي الذي شهدته من قبل املشاركني .مل أتوقع بأن أنامل يافعة باستطاعتها أن تكتب قصص بهذا املستوى ،كان القرار صعبا واملنافسة شديدة ،وقراءة القصص كانت ممتعة جدا!” ميثاء الخياط ديسمرب 2016
11سنة وما دون
ت برحلتك يا سارة , األب :أتمنى أن تكوني سرر ِ حضنت والدها(بامتنان) :أنه حلم يا أبي!! خفت أن أفقدك يا والدي الغالي ,هذه الخالة أمينه إنها سيدة حنونة يا أبي وقد ساعدتني كثيراً ,لوالها ما كنت أراك مر ًة أخرى ( ,وفي همس ) أريدها أن تتواصل معنا. ابتمست أمينة لسارة وسمير ومدت ذراعيها لهما : أحبائي ..الحمد هلل أننا جميعا ً بخير ..سمير ..ولدي خفت أن أموت دون أن أراك ..شكراً لكِ أنت يا جميلتي سارة لوالكِ ما حل اللغز..أنت حقا ً ذكية ,حفظك هللا يا سارة . فقالت صديقتهم (في تفكير ) :هل علمتم اآلن ما هو الحل ؟ قالوا :ماذا تقصدين ؟؟؟ قالت عدم التدخل والعبث بأمالك اآلخرين ...تلك اللعنة حلّت بالكهف حتى يعاقب األشخاص الذين تهجموا على أغراضه وممتلكاته ..وكان عقابهم النفي ..وحمداً هللا أننا بخير ..وعدنا ألرض الوطن.. طلبت أمينة من سارة أن تكرار اللقاء ,فقال لها األب :أشكرك يا أمينة ,لقد كنت نعم األم المخلصة ..ولنا لقاء قريبا ان شاء هللا ً عاد الجميع إلى ديارهم سالمين ,وفي لحظة خاطفة ظهرت مفاجأة لم تخطر بالبال بأن منزل سمير بخلف منزل سارة وعائلتها ؛ فسعد الجميع وتواعدوا على اللقاء .. رأي احملكم ومشوقة وأحداثها سريعة ومترابطة .تصلح أن «قصة ممتعة ّ ّ تكون جزءا ً من فيلم سينمائي بكلّ تفاصيلها .خيال كاتبها وكمية استخدامه للمعلومات والترابط بني كل ما واسع ّ مميزة، بوالدها الفتاة عالقة جدا. جيد القصة بأبطال يحيط ّ ووصف ما يربطهما من تشابه في الهوايات والتفكير ممتاز، حيث أننا نرى هذا الترابط بني األب وابنه أكثر ،وهنا كسر الكاتب هذه النمطية ووضع البطلة في دور هام جدا ً النقاذ والدها من اللعنة التي أصابته». 17
11سنة وما دون
لم تنر!! توترت سارة كثيراً ونهضت للبحث عن كرات أخرى فقالت لها أمينة :بحثت طوال هذه المدة ,فقط تلك الكرات , سارة اتصلي على والدك ؛ ربما لديه شيء من الحل. اتصلت سارة :أبي وجدنا كرات بها حروف منحوته قراتها فأضاءت الكهف ,وبعض الحروف على جدران الكهف لم تضء ,فقاطعها والدها :سارة لدينا كرتين وجدها سمير في قاع البحيرة .. سارة :أبي أذكر الحروف بصوت عال وانا سأستخدم مكبر الصوت ربما تمكنا من إضاءة كل الحروف : CBTO ANO DENO, DELTO BAF
وجدت سارة والدها أمامها فجأة احتضنته بقوة وبكت من فرحتها ,وظهر “سمير” ألمه “أمينة” فبكت هي األخرى من شدة فرحتها لعودة صديقتها “ ريما “ وابنها “سمير “ مجدداً .. جمع والد سارة الكرات ,وأخذوا يفكرون في طريق للعودة إلى الديار ,أعطته أمينة صندوقا فارغا ً كان ملقى على ضفة البحيرة بشبح على وجدته سابقاً ,وضع الكرات بها وأغلق الصندوق ,وإذ ٍ هيئة عجوز قال لهم :أوالً :ألقوا الصندوق في قاع البحيرة حيث جثماني مدفون في قاعها ..وأخيرا أشكركم على مساعدتكم لتجميع كراتي السحرية التي وضعت بها كل أفكار الشر ,حتى أحمي العالم من السحر والسحرة الذي يهلك كل يأتي إلى هذا المكان. قال سمير :وماذا عن األشخاص داخل المرآة؟ قال لهم دعهم ينالون عقابهم؛ فهم ال يستحقون إال هذا العقاب ,ليكونوا عبرة لآلخرين وال يزعجوا العالم بأالعيبهم ,سأ ّدلكم على طريق العودة بسالم ؛ وال تعودوا لهذا المكان مرة أخرى ,ويكفي أن أكون قصة في حياتكم ,يعتبر بها من يعتبر وال يأتي إلى هذا المكان ,كفاني عشت 500عام أبنيه و ُدم َِر من دمر بسببي .. استغربت سارة وأمينة ! وأسرعت سارة بالسؤال؟ :من هؤالء األشخاص يا سيدي؟ رد الشبح العجوز :سيحكي لكِ والدك بعد مغادرتكما ,إلى اللقاء... ُ خرجوا جميعا من الكهف وغلقت األبواب بالصخور وأصبح الكهف ال مدخل له . 16
11سنة وما دون
قالت لها السيدة :ال تقلقي وتوقفي عن البكاء حتى أشرح لك فأنا احتاج لمساعدتك لنساعد أهلنا ,أسمي “أمينة” جئت لهنا أنا وصديقتي وابني ذو ال 18عام ,لنستكشف الكهوف في مدينتنا سويا كرحلة استكشاف ,منذ 17يوما ونحن عالقين هنا في هذا الكهف ؛ علق ابني وصديقتي داخل المرآة المنيرة الملعونة التي تنير لنا هذا الكهف وأنا هنا بمفردي ال استطيع التواصل معهم , قالت الفتاة وكيف تعيشين كل هذه المدة هنا ؟ قالت لها انظري لتلك البحيرة ماؤها عذب ,وبها بعض األسماك كل حين وآخر اصطاد سمكة واشويها على تلك النار التي اشعلتها وأموت كل يوم ألف مرة من القلق والخوف على ابني ,قاطعتها سارة :هل يمكنني االتصال بوالدي عبر الهاتف؟ قالت أمينة ألديك هاتف مشحون ؟جيد جدا ,هيا اتصلي فوراً؛ فربما تمكنا من االطمئنان عليهم وتمكنا من مساعدتهم ,اتصلت سارة على هاتف أبيها ور ّد عليها :سارة ابنتي ت بخير ؟ سارة :أبي كيف أنت ؟ أين أنت االن هل ترانا؟ ؟؟؟هل أن ِ قال :هل أحد معك؟ ,قالت :نعم ,أنا هنا مع سيدة لطيفة اسمها” امينة” هي أم لشاب جذبته المرآه ,فقاطعها :نعم هو معي وخالته هنا أيضا بخير ,نحاول البحث عن سرّ لفك تلك اللعنة ,سارة ,ابحثي في كل الكهف وأخبريني ماذا وجدتم؟ انتظر مكالمتكم... أخبرت أمينة سارة بما وجدت طوال مكوثها في الكهف، والحروف المحفورة على الجدران ،قالت لها سارة هيا نبحث عن أي خيط يدلنا على الحل ،سأقفز إلى البحيرة؛ ربما أجد بها ..فقاطعتها أمينة :انتظري فقد وجدت كرات بلّورية نظفتها فوجدت بها كلمات ال معنى لها ،حاولت سارة ببراءة أن تقرأها (باستهجاء): ANOTSRODGNATRJ, CERDY GKLO PUTQ ZUXI
واذا بالحروف التي تقرأها سارة تضيء على جدران الكهف ,حرف تلو اآلخر كرة تلو األخرى حتى انتهت سارة وأمينة من الحروف والكرات بأكملها.. أمينة :انتهت الكرات يا سارة! وهنالك بعض الحروف 15
11سنة وما دون
همّا بالصعود وبدأت الرحلة ,دخال أول الكهوف التي وجدوها مفتوحة. كلما دخلوا أكثر كلما ازداد الظالم أكثر وأكثر أمسكت سارة بوالدها وهي تتمتم :ما هذا العالم؟ إنه أقرب إلى عالم الظالم يا أبي ! سبحان الخالق المبدع العظيم انظر الى لمعة الجدران انها تبدوا كجدران من األلماس! ابتسم والدها وقال لها في همس :دعينا نستكشف هذا العالم الجديد المظلم يا عالِمتي الصغيرة ,واحذري خطواتك هنا ,وال تبتعدي عني ,وبفخر قال :ها قد بدأت أول مغامراتي مع ابنتي , عندما كنت في عمرك كنت امتلك ذلك الفضول وحب االستكشاف الذي بك ,كنت أذهب أنا وصديقي “أدهم” و”علي” في الغابات وفي الوديان واألنهار التي تحمل األساطير ,كل ما سنحت لنا الفرصة ,وهذا ما شجعني أن أتخصص في “الجيولوجيا”. وفجأة ! تعثرت سارة وحاول والدها اإلمساك بها إال أنهما انزلقا سويا ً في وا ٍد طويل . نهضا من جديد وساعد األب سارة على النهوض وأخذا بالبحث عن أمتعتهما بحث األب عن مصباحه ,وإذ بسارة تناديه :أبي انظر إلى هذا الضوء ,اعتقد بأن أحد ما هنا ,من البداية كنت أشعر بأن هذا الكهف به حياة ,وذهبت سارة ووالدها نحو الضوء ولكن في حيطة وحذر ,وإذا بهذا الضوء ما هو إلى مرآة كبيرة براقة تعكس صورتهم وتنير ما حولها ..حاول األب أن يلمس تلك المرآة ليجد ما هي؟ وإذا به قد اختفى وتحركت المرآة ,ثم عادت كما كانت .. صرخت سارة :أبي ,أبي أين أنت ؟ أين تركتني ؟ أبيييييييي , وبكت كثيراً حتى فقدت وعيها والهدوء من حولها يلف المكان. فاقتسارةعلىصوتامرأةتناديها:ابنتي,أأنتيبخير؟التقلقي.. نهضت سارة مسرعة ,فوجدت شابة في أواخر الثالثين شاحبة الوجه ذابلة العينين قالت سارة :من أنت ؟ وأين أخذتني ؟ وما هذا المكان ؟ وماذا تفعلين هنا بمفردك ؟ وأين أبي وبدأت بالبكاء . 14
سر الكهف
املركز الثالث :شهد عالء الدين مصطفى محمد أكادميية الفجرية العلمية اإلسالمية
عالم االستكشاف ..ذلك العالم الذي يسعى الكثير منا لتجربتة وخوض إحدى مغامراته ..المهم في هذا العالم هو الصحبة الطيبة والعقل المنير .. هنا ,ذهبت سارة مع والداها الستكشاف إحدى الكهوف المهجورة التي توجد في أطراف موطنهم بالسيارة ,وخالل الطريق قالت سارة لوالدها :أنا سعيدة جداً يا أبي لكونك تحقق لي أول أحالمي باالستكشاف. ت ابنتي الوحيدة رد أحمد ( والد سارة ) :حبيبتي سارة أن ِ ,رفيقتي منذ 15عاما ً ,عندما توفت والدتك وهي تلدك ,لم أر الحياة سوداء أمامي رغم حزني على فراق أمك ,ألني رأيتك نورها وضياؤها ,أنت هدية جميلة كوالدتك فشعرك وعيناك وشخصيتك الجذابة كلها والدتك -رحمها هللا , -شعرت سارة بالسعادة والفخر والطمأنينة وقالت (وهي تبتسم) :أنت أعظم اآلباء حقا ً ,وهنا وقفت السيارة ونزلت سارة مذهولة من ضخامة الجبل الذي وصلوا إليه.
11سنة وما دون
دون فائدة ،بدأت بعض الطالبات بالصراخ في وجه الجنود، مطالبات بالعبور ،وكانت أخريات يحاولن التقدم نحو الحاجز مجتمعات ،فلم يكن من الجنود إال أن أشهروا بنادقهم ،وأخذوا يدفعون الطالبات مهددين بإطالق النار ،حتى أن أحدهم أطلق بعض الطلقات التحذيرية في الهواء ،أثارت الهلع في نفوس الصغيرات ،وأفزعت بعض الحمائم على الجدار القريب فحلقن مبتعدات في رحلة النجاة ،حينها أصابت إحدى الطلقات حمامة بيضاء ،فقطعت عليها رحلتها ،وأردتها صريعة. بادرت إحدى المعلمات بمناداة الطالبات ليجتمعن حولها قائلة« :إن كانوا يستطيعون أن يقطعوا علينا رحلتنا إلى المدرسة ،فال يمكنهم أن يقطعوا رحلتنا نحو الحرية ،وسنأخذ دروسنا هنا ...نعم هنا على الحاجز العسكري». جمعت المعلمة الطالبات ،في حين التفت طالبات أخريات حول م ّدرسة أخرى ،أخرجن جميعهن الكتب والكراسات، ونادت معلمة التالوة“ :ما هو درس اليوم؟” ،ردت إحدى الطالبات“ :إنها سورة اإلسراء” ،فأردفت المعلمة قائلة“ :إنها من أعظم السوّ ر ،يكفي أن بها وعدا إلهيا مؤكدا بنصر هللا لنا على المفسدين في األرض”. على الطرف اآلخر كانت معلمة اللغة العربية تسأل طالباتها عن درسهن ،فوقفت سارة مجيبة“ :إنها قصيدة -أخي جاوز الظالمون المدى”. رأي احملكم «قصة مؤث ّرة وجميلة ومحبوكة بأسلوب سلس ولكن مليء ّ بالتعابير التي تهزّنا من الداخل .نهايتها غير تقليديّة ومع ّبرة. بكمية العزم املبطنة التي توحي فيها الكثير من الرسائل ّ ّ القضية الفلسطينية واألمل واإلصرار والتحدي .ربمّ ا أ ّن موضوع ّ القصة أوضحت ما يجري مع األطفال مطروح كثيراً ،ولكن هذه ّ قصة أث ّرت على أرض فلسطني من حرمان للتعليم وغيرهاّ . عيني على واقع أليم يقابله أمل عظيم» بي شخصيا ً وفتحت ّ 12
11سنة وما دون
كان صوت صديقتها عبير يقطع عليها أفكارها الشاردة، وهي تحييها ،ردت سارة تحية صديقتها ،وسارتا معا تتحدثان، لقد كانت الطالبتان تتقاسمان اله ّم نفسه ،فلم تكن حال عبير وأسرتها أحسن حاال من أسرة سارة ،فعبير التي استشهد أخاها الكبير الشهر الماضي في مواجهة مع دورية عسكرية، تسكن اآلن وأسرتها في بيت بعض أقاربهم بعد أن قام جيش االحتالل بهدم منزلهم انتقاما وتأديبا ألسرة الشهيد. ما هي إال لحظات قليلة حتى عال صوت جنود االحتالل على المارة بالتنحي إلى جانب الطريق المؤدي إلى بعض أحياء مدينة الخليل ،حيث كانت سيارة عسكرية قد سدت الطريق ،وأغلقته بحاجز لمنع المرور .وكان جنود االحتالل يشهرون أسلحتهم ويصرخون على المارة بوجوب الوقوف، ويدققون بطاقات الهوية .ويأمرون الطالبات باالنتظار على جانب الطريق حتى يُسمح لهم بالمرور الحقا. انضمت سارة وصديقتها إلى مجموعة من الطالبات على جانب الطريق ،وبدأن يتهامسن عن سبب إقامة الحاجز ،قالت إحداهن« :هذا ليس جديدا علينا ،إنهم يحمون المستوطنين في ساعات خروجهم إلى أعمالهم» ،تساءلت عبير« :ولكن ماذا يريدون من طالبات صغيرات؟» ،فأجابتها سارة« :األمر ال يعدو تنغيصا لحياتنا ،وتضييقا علينا ،إنهم يأملون أن نمل فتتكرر رحلة النزوح عن أرضنا ونتركها لهم ،أو أن يثنوا بعضنا عن الذهاب للمدارس فيعم الجهل» ،علّقت طالبة أخرى« :ولكنهم يتجردون من الرحمة واإلنسانية ،هل سمعتم عن قصة المرأة التي اضطرت إلى وضع مولودها داخل سيارة اإلسعاف على الحاجر العسكري!». كان وقت الحصة األولى قد اقترب ،في حين تزايدت أعداد الطالبات أمام الحاجز العسكري وانضمت إليهن بعض المدرسات اللواتي منعن أيضا من المرور ،وكانت الطالبات قد بدأن يتذمرن من الوضع. حاولت بعض المدرسات التحاور مع الجنود ولكن 11
رحلة نحو الحرية
املركز الثاين :عبدالرحمن نبيل رجا عبدالرحيم مدرسة النور الدولية الخاصة
لم تتوقع سارة أن يكون يومها هذا مختلفا عن بقية األيام، استيقظت سارة كعادتها كل صباح فخطفت نظرة سريعة من نافذة بيتهم الصغير لمعرفة حالة الطقس ،فقد كان الجو غائما شديد البرودة منذ أيام ،يبشر بغيث قريب. ارتدت سارة مريولها المدرسي القديم ،وانتبهت على صوت أمها الذي تخنقه العبرة ،وتسمع بين ثناياه أ ّنات التعب والمرض ،كانت تدعوها لمساعدتها على إعداد وجبة الفطور إلخوتها ،لم تكن تلك الوجبة سوى بقايا من أرغفة خبز وبعض الزيت والزيتون من هذه األرض المباركة .تناول أألطفال بعض لقيمات وانطلقوا في رحلتهم اليومية إلى مدارسهم. عاد شرود الذهن ليخطف لحظات من تفكير هذه الطفلة حين تذكرت أباها الذي مضى على غيابه في سجون االحتالل قرابة العامين ،واستذكرت معاناة أمها في الرحلة الشهرية لزيارة والدها في السجن الصحراوي الذي يقبع فيه .مسحت سارة دمعة صغيرة كادت تسقط على وجنتيها وأكملت مسيرها.
11سنة وما دون
الكتب مثل النافذة في المنزل تستطيع أن ترى من خاللها كل شيء،وأنها غذاء العقل،والروح،ولكن أنا ال أصدق ذلك،كيف تحزن الكتب؟ فقررت أن أتي إليك حتى تحولني من إنسان إلى كتاب حتى أتأكد من صحة كالم والدي،فوافق الساحر أن يحول الولد الصغير إلى كتاب،وهو مذهول من كالمه،وقال له:سوف احولك إلى كتاب موجود على أحد الرفوف لمدة ثالث ليال فقط. فوافق الولد وخالل عدة دقائق تحول الولد إلى كتاب موجود في مكتبة منزله الصغيرة. في اليوم األول كان الولد سعيدا،ألنه يشعر بالراحة وال أحد يحركه من مكانه،ومستغال وقته بالنوم،ومر اليوم الثاني وبدأ يشعر بأن هناك شيء يكتم أنفاسه،وهو ذلك الغبار الذي يغطيه،وبدأ يحدث نفسه ويقول متى يأتي اليوم الثالث وأعود إلى طبيعتي،فأنا ال أستطيع تحمل الوحدة،واإلهمال،وهو يرى أمه وأخوته يمرون أمامه دون أن يمسكوه،وجاء اليوم الثالث،وحقق الساحر وعده،بأن أعاد الولد إلى طبيعته،فسأله الساحر ما هو الدرس الذي استفدت منه في هذه التجربة قال: وهو يبكي بشدة إن والدي كان على حق. إن هذه الكتب تشعر بالحزن إذا لم يقرأها أو يهتم بها أحد. فقررت أن أقرأ كل الكتب الموجودة في المكتبة حتى ال تشعر بالحزن واإلهمال. رأي احملكم «الفكرة جميلة جدا ً واحلبكة موفقة .أمنية الطفل التي سعى من أجل حتقيقها وفعل املستحيل لذلك ،فاجأتني بالفعل. اعتقدت أنه سوف يتمنى السفر الى بالد بعيدة أو احلصول على التحول الى كتاب!! .فكم من طفل لعبة جديدة ،ولكنه متنى ّ ّ املنسي فوق الرف ،وكم من يحتاج الى أن يعلم قيمة الكتاب ّ كبير أيضا ً .رحلته الى ّ رف الكتب مليئة باملعاني ومغامرته الى مميز». جانب الكتب األخرى املغ ّبرة حتتاج الى خيال ّ 9
11سنة وما دون
الصغير وعالمات الغضب بادية على وجهه ماذا بك أيها الولد الصغير؟لقد أيقظتني من نومي ماذا تريد؟ قال له:بصوت مختلط بين نبرات الخوف والجرأة أريد منك أن تحولني،فضحك الساحر ضحكة استهزاء ههه ههه . وقال:تريدني أن أحولك ولكن قبل أن أفعل ذلك هل تعرف ما هو شرطي أيها الصغير؟قال:نعم أعرف ،فرد الساحر قائال :وهل تضن نفسك قادرا على ذلك وأنت بهذا الحجم الصغير؟وبكل إرادة وعزيمة قال:نعم أيها الساحر أنا قادر على ذلك فقال الساحر وإن لم تستطع أن تحقق الشرط سوف أحولك إلى صخرة صغيرة على ضفة هذا النهر،ومن غير تردد وافق الولد على هذا الشرط. وذهب الولد إلى تحقيق شرط الساحر،وهو يقول في نفسه اللهم أعني على ذلك،فانا خائف لكن ثقتي بك كبيرة. الساحر:أعجبته جرأة وإصرار الولد فأخذ يراقبه عن كثب،ثم عاد الساحر إلى كهفه ينتظر عودة الولد الصغير حامال السمكة السوداء،ألن هذه السمكة فقط هي التي تشبع جوع الساحر،ولم تمضي ساعات إال وقد عاد الولد الصغير إلى الساحر وهو فرح،ومسرور بتحقيق شرط الساحر. أعجب الساحر بما فعله الولد الصغير،وطلب منه أن يطلب ما يشاء فطلب الولد من الساحر أن يحوله إلى كتاب موضوع على أحد رفوف المكتبة الصغيرة التي في منزله،فاستغرب الساحر من طلب الولد وقال له:أول مرة يطلب مني مثل هذا الطلب،كانت طلبات األشخاص الذين يأتون إلي يريدون مني تحويلهم إلى طيور حتى يطيروا في السماء،ويروا كل شي من أعلى،وأن يتحولوا إلى أسود حتى يكونوا أقوياء مثلها،ولكن أنت تريد التحول إلى كتاب،فقال له :نعم،ألنني أنا دائما في عراك مع أبي،فقال له الساحر:وكيف ذلك قال:إن لدينا مكتبة صغيرة في منزلنا،وتوجد فيها الكثير من الكتب،وأبي هو الوحيد الذي يقرأها ودائما يوبخني أنا وأخوتي ألننا ال نقرأ منها،ويقول:إن هذه الكتب تحزن عندما ال يقرأها أحد،وإن هذه 8
الساحر والولد الصغير
املركز األول :حامد سعيد محمد املحاوي مدرسة أيب بن كعب للتعليم األسايس
كان يا مكان في قديم الزمان،كان هناك ولد في الثانية عشرة من عمرة،وهو يسمع دائما عن ساحر يوجد في كهف صغير أمام النهر يستطيع أن يحول كل إنسان إلى أي شيء آخر يريده،لكن هذا الساحر لديه شرط واحد حتى يحولهم وهذا الشرط هو أن يصطاد سمكة كبيرة سوداء من النهر. وفي أحد األيام الجميلة الهادئة قرر الولد الذهاب إلى ضفة النهر حتى يحقق شرط الساحر،وبعد ذلك يطلب منه أن يحوله إلى شخصية آخرى،وبعد برهة من وصول الولد إلى ضفة النهر وأمام الكهف الصغير أخذ ينظر من فتحة الكهف،والخوف يمأل قلبه،لكن عزيمته وإصراره كانت أكبر من خوفه،فتغلب الولد على خوفه وأخذ ينادي الساحر،أيها الساحر،أيها الساحر،فخرج الساحر من كهفه
11سنة وما دون تقرير لجنة التحكيم ال ّ شك أننا نشهد تطو ًرا ملحوظاً يف نوعية األفكار والكتابة وأساليب ربا أ ّن موضوع «ال ّرحالت» قد فتح لهم أبواباً الطّرح هذا العام .مّ عديدة ،ولك ّن القصص املق ّدمة مميّزة جدا ً ويحتار أمامها املحكّم. لقد اضطررت اىل إعادة قراءة القصص مرات عديدة حتى أخرج برأي مناسب ،أل ّن املنافسة بني القصص كان متقارباً جدا ً. أه ّنئ جميع من فاز باملراتب األوىل وجميع من شارك يف هذه املسابقة، فمجرد الوصول اىل القامئة القصرية للقصص هو انجاز مم ّيز وانتصار للقلم والفكر .وأهنئ أنفسنا بجيل جديد يقرأ ويكتب ويواصل العطاء. سحر نجا محفوظ ديسمرب 2016
“نحن فخورون بأن نكون جزءًا من مهرجان طيران اإلمارات لآلداب وأن ندعم الك ّتاب الشباب لتأليف الروايات الخيالية في دولة اإلمارات العربية المتحدة» وأخيرًا ،أتقدم بالشكر الجزيل والعرفان إلى هند سعيد، ورانيا عبدالرحمن و سهى العودة ،ويارا مرداد ،وزينب البلوشي اللواتي ساهمن في فرز قصص الفائزين ،وأيضًا أتقدم بالشكر واالمتنان لكل معلم ،وأم ،وأب ومن ساهم في دفع الطلبة واألبناء لخلق بيئة تنافسية ذات قيمة أدبية راقية ،وأشكر كذلك دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر على رعايتهم ودعمهم لهذه المسابقة كل عام. أدعوكم لالستمتاع برحالتكم الجديدة في خيال وإبداعات الطلبة. إيمان الحمادي مديرة المسابقات مسؤولة عالقات التعليم العربي
مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة والنرش الخاصة بكتابة القصة 2017 منذ بداية انطالق مسابقة أكسفورد لكتابة القصة القصيرة ونحن نشهد اقبا ً ال كبيرًا من كافة طلبة المدارس والجامعات الذين حرصوا على إبراز مواهبهم الكتابية التي أسرت قلوبنا خالل األعوام السابقة. مع سياسة دولة اإلمارات العربية المتحدة لقانون القراءة والذي شمل كل الجوانب األدبية ،حرصت إدارة مهرجان طيران اإلمارات لآلداب على استمرارية هذه المسابقة لما لها األثر الواضح في خلق جيل جديد ناشئ يمتلك القوة األدبية في مجال الكتابة والذي القى نجاحًا النظير له في جودة األعمال المقدمة من المشاركين. اختيار موضوع «الرحالت» لهذا العام أحدث تشعبًا كبيرًا في بداية اختيارات الطلبة ،لتصلنا األعمال في قمة روعتها والتي القت استحسان لجنة تحكيم الجائزة الذين انبهروا بكمية الثقافة واألدب وحب الكتابة ،والتي دفعت بالمحكمين إلى وضع مراتب متكرره. تناول الطلبة العديد من العناوين ذات الصلة بالرحالت، لتتجاوز بذلك االنتقال من مكان آلخر إلى رحالت علمية خيالية. تقول «جولي تيل» رئيس تطوير األعمال لدول آسيا الوسطى ،الشرق األوسط وشمال أفريقيا ،من دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر:
المحتويات 11سنة وما دون الساحر والولد الصغير -حامد سعيد محمد علي محمد المحاوي
07
رحلة نحو الحرية -عبدالرحمن نبيل رجا عبدالرحيم سر الكهف -شهد عالء الدين مصطفى محمد
10 13
12إلى 14سنة
رحلة إلى المجهول -رؤى سعد عبادة هالل الطائر البدوي -سناء دارين حمدان رحلة فادي -جورج فرنسيس
19 23 26
15إلى 17سنة
محطات مشرقة -عبداهلل علي
31
رحلة أجاد -نوف حسين علي الحمادي
38
رحلتي من الظلمات إلى النور -عائشة عبدالقادر المرزوقي رحلة حلم -فاطمة رشيد عباس محمد ماوراء البحر -صفوان أدهم صفوان رحلة البحث عن هدف -زين حازم
43 50 53 56
18إلى 25سنة
رحلة أمل -ريم زكريا محمد المرموم الرحالت -أحالم عادل الرحالت -ميره راشد المهيري رحلة نحو المجهول -أسماء وليد لولو
63 70 77 83
طبع لصالح مهرجان طيران اإلمارات لآلداب 2017 ص.ب 24506 :دبي – اإلمارات العربية المتحدة
طبع بموافقة المجلس الوطني لإلعالم اإلمارات العربية المتحدة رقم: 199125 طبع في جامالون منطقة حرة -ذ.م.م جميع الحقوق محفوظة واليجوز نشر أي جزء من أجزاء هذا الكتاب أو نسخه بشكل أو نظام آخر أو نقله بأي شكل كان ،أو أية وسيلة أخرى( :إلكترونية ،ميكانيكية ،تصوير ،تسجيل أو بأي صورة أخرى مهما كانت) دون إذن خطي مسبق من الناشر، وأي شخص يقوم بعمل له عالقة بهذا الكتاب دون إذن من الناشر ،يعرّ ض نفسه للمسائلة القانونية والدعوى القضائية.
مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر الخاصة بكتابة القصة 2017
الرحالت
للقراء :يرجى العلم أن القصص مالحظة ّ الفائزة لم يتم تعديلها أو اإلضافة عليها، وهي كما أرسلت من قبل الك ّتاب
المشاركات الفائزة في
مسابقة دار جامعة أكسفورد للطباعة و النشر الخاصة بكتابة القصة 2017