أحمد عبد المعطي حجازي
يحتاج المجاز إلى الموسيقى ألننا عندما نستخدم اللغة في مجال اإلبداع -أي خلق الجمال -ال نقصد بهذا أن م ً ال فعلية مفيدة، نقول ُ ج َ ولكننا نستخدمها لننشئ بها كائن ًا أو كيان ًا جمي ً ال
بونابرت ،وتراجع عن ذلك عندما أصبح نابليون إمرباطورا ً ،واالكتشاف لرؤى الفتى الريفي القادم من األقاليم ،حيث آلة املدينة الجبارة .هل اعتاد ذلك الصبي ضجيج املدينة وتنكر للجمهورية التي أقامتها الثورة فمسح بيتهوفن اسم بونابرت وكتب أنها "أُ ِ التي مل يبارحها منذ ذلك الوقت حتى كتب عن «أشجار هديَت إىل رجل عظيم يف األسمنت» و«كائنات مملكة الليل»؟ ما الرؤية والخط خياله مل يصادفه يف الواقع" .ويُنتَظَر يف هذا السياق أن يهتم الشعر بالسياسة أكرث ،ألن الشعر يستخدم أدا ًة هي النفيس املوحد الذي يجمع بني هذه األعامل؟ ■ "مدينة بال قلب" كان أول ديوان يل ،وكان يضم قصائد بطبيعتها اجتامعية وأداة لالتصال ،وبالتايل تستطيع أن تعرب اللغة عن أي شأن من شؤون اإلنسان ،أو أي هم من بعضها كُ ِتب عام 1954وعمري 19عاماً ،ونسيته حتى همومه ،والسياسة يف مقدمة هموم اإلنسان املتمدن .مثة أصدرته دار (اآلداب) يف بريوت عام ،1959أما ديواين "مملكة كائنات الليل" فكتبته بني عامي 1976و،1977 قَصيدة مبارشة ليست أكرث من خطبة سياسية ،وقصيدة ثم انتهيت من كتابة "أشجار األسمنت" عام ،1987 هي شعر حقيقي ،ألن الشعر قادر عىل الكشف عن وبالتايل فالفارق بني "مدينة بال قلب" و"أشجار األسمنت" هموم اإلنسان وتصوير أحالمه وعواطفه ،ويصنع ذلك 30عاماً ،وال بد يف هذه الفرتة الزمنية أن تكون أفكاري بلغة راقية بديعة جميلة ،كام تجد يف كل األعامل التي قد اختلفت ،ولكن يبقى أنهام ميثالن مرحلتني يف مرشوع تدور حول السياسة ،ولكنها ف ٌّن راقٍ مثل "ماكبث" مثالً، واحد وليسا مرحلتني يف مرشوعني ،أي مرحلتني يف عمر فهي مرسحية مكتوبة بشعر راقٍ جدا ً ،ويف نفس الوقت سيايس ،حتى "روميو وجولييت" مرسحية سياسية ،مبا أنها شاعر واحد ال شاعريْن .يظهر ذلك من إمكانية العثور عىل أصول اللغة الشعرية للدواوين املتأخرة يف الدواوين تدور حول حرمان خالف عائيل الثنني من العشاق من اللقاء إال يف املوت .نحن محتاجون إىل أن يخاطبنا الشعر الباكرة أم ال ،وهل هناك عالقة بينهام أم ال ،ومن يستطيع أن يضع يده عىل ذلك هو الناقد أو القارئ املتابع والقادر سياسياً ولكننا ال نريد له أن يصل يف سبيل مخاطبتنا إىل مستوى اللغة العادية ،فال بد للشعر أن يظل محافظاً عىل واملجرب واملتمكن .وبالتأكيد من تابعوا أعاميل منذ أول دواويني إىل ديواين األخري يجدون أن هناك خطاً يجمع كلمته باعتباره فناً وإبداعاً .وأنا أرى أن قصائد محمد بينها ،رمبا يكون لهم رأي إيجايب هنا أو رأي سلبي هناك، إبراهيم أبو سنة وفاروق شوشة وحلمي سامل وحسن لكن يف كل األحوال يرون أن هناك تطورا ً وأن هناك صلة طلب عن الثورة فيها الكثري مام سيبقى. ديوانك "مدينة بال قلب" كان مبثابة صدمة الوعي بني هذا العمل وذاك issue (7)- December - 2012
95