Bayt alshier 6

Page 102

‫تحقيق‬

‫فالسوريالية مثالً ح ّولت الشاعر الذى يعيش عىل جبال‬ ‫الربانس ينتظر شيطانه إىل ساحر فقري مضحك‪ ..‬بل تحول‬ ‫الشعر إىل الكثري من السخرية باألقانيم وعىل رأسها أقنوم‬ ‫الشاعر نفسه‪ ،‬وأظن أن التجارب الحضارية الكربى مل تعد‬ ‫ىف حاجة إىل استعادة شعراء الوحي‪ ..‬فقد كانت التعرية‬ ‫املؤملة التى خلفتها الحروب الكربى آلالم اإلنسان موضع‬ ‫سؤال عميق ظل يضج باألمل والسخرية‪ ..‬ويبدو أننا نحتاج‬ ‫إىل يشء من هذا الوعي‪.‬‬ ‫وقد كان «أبو متام»‪ ،‬وهو أحد حكامء الشعر العريب‪،‬‬ ‫يعتقد دامئًا أن صورة الشاعر منحة «قدرية»‪ ،‬وهو اعتقاد‬ ‫يشاركه فيه الكثري من الكبار ىف الشعرية العربية‪ ،‬وال‬ ‫أعلم إذا كان هذا االعتقاد سببًا ىف تواضعه الجم الذى‬ ‫دفعه إىل القول عن أستاذه «البحرتي» عندما ُسئل عنه‪:‬‬ ‫«ج ِّيده أفضل من ج ِّيدي‪ ،‬ورديئى أفضل من رديئه»‪ .‬بهذا‬ ‫املعنى ميكننا أن نرشع ىف فهم الطقوس الشعرية يف تراثنا‬ ‫اإلنساىن ىف الشعر وغريه‪ ،‬حيث تتبدى القيمة «الجودة»‬ ‫ىف الكتابة بعيدة عن تصورات الحداثة والقدامة‪ .‬وتؤكد‬ ‫هذا املعنى فعالية النصوص القدمية وبقاؤها حية حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬ومن يتمثل كتاب «صوت أىب العالء» وأشواق طه‬ ‫حسني لالرتقاء بنرثه ىف قراءة النص إىل مصاف الشعرية‬ ‫يتأكد من ذلك‪ .‬وبقاء النص ىف التاريخ يعنى أن عنارص‬

‫الحادثة ترتبط وثيقًا بامتالك العنارص النسبية للتجويد‪،‬‬ ‫فجودة النص هى رس بقائه‪ ،‬لذلك فإن بورخيس كان‬ ‫يقول «إن كل نص جيد حديث بالرضورة‪ ،‬حتى لو كان‬ ‫مكتوبًا قبل آالف السنني»‪.‬‬ ‫من هذه الزاوية يجب أن ننظر إىل حداثتنا وما نزعمه‬ ‫حولها بكثري من التواضع‪ ..‬فهذا هو ما يدلنا عىل املواقع‬ ‫الصحيحة ألقدامنا‪ ،‬وأنا بشكل شخيص‪ ،‬ومن هذا املنظور‪،‬‬ ‫ال أتصور أن فهام للمشهد الشعري ميكنه أن يقوم مبعزل‬ ‫عن فهم املايض الذى نطمح للوقوف عىل أطالله‪ ،‬مايعني‬ ‫ترسيخ املزيد من سوء الفهم‪.‬‬ ‫رمبا لهذا السبب تتعاظم العزلة التى وصل إليها الشعر‬ ‫إعالميًا ومجتمعيًا‪ ،‬ورمبا كان ذلك ترجمة النغالق املسام‬ ‫التي تؤدي إىل سبل التجديد‪ ،‬لدرجة بات معها الكالم عن‬ ‫النص الجديد يعنى نو ًعا من الهزل ويدفع ملزيد من عدم‬ ‫اإلنصات‪.‬‬ ‫وبدت الصورة كام لو كان املجتمع الذى يكتب الشاعر‬ ‫من أجله هو من يقاوم ويرفض بل ويسخر من فكرة‬ ‫التجديد نفسها‪ ..‬وهو تعبري قاس عن هزمية املرشوع‬ ‫النهضوى وإجهاضه كلية‪ ،‬بغض النظر عن القيمة التى‬ ‫حاول النص الشعرى ترسيخها‪.‬‬

‫نعيم عبد مهلهل (العراق)‬

‫امللتقطة من لحظتها وأغلبها مصنوعة بالتأمل والتفكري‬ ‫والفائدة من التجربة والذكريات واللحظة الغرامية‪.‬‬ ‫يفجر اللحظة الشعرية ولقطتها هاجيس الذي ورثه من‬ ‫عيون أيب من الطفولة من الحياة بوقائع الجمر التي‬ ‫تصنع احالم الحب والخبز والسياسة‪ .‬فيتشكل وعي‬ ‫املوضوعية وتسقط نجوم التخيل العنوان والشطر االول‪.‬‬ ‫وبدون وعي تنثال بقية ما متلك لتسكن تفاصيل الروح‬ ‫ورعشة االصابع‪!...‬‬

‫قصائد الفيس وعولمته‬ ‫الشعر رؤيا يصنعها الخفي‬ ‫يف الذات الشاعرة‪ .‬انه‬ ‫صريورة اليشء املميز يف‬ ‫هاجس البرش منذ دمعة آدم‬ ‫عىل موت ولده يف شجاره‬ ‫مع أخيه إىل قصائد الفيس‬ ‫بوك وعوملته‪.‬‬ ‫هذا الهاجس ال تصنعه سوى لحظة تسكن الرمض أو‬ ‫نبض يسارع دقات القلب فيأيت الخلق بصورة القصيدة‬ ‫‪102‬‬

‫بيت الشعر‬

‫العدد (‪ - )6‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‪2012/‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.