34
الليبرالية في تاريخ الفكر العربى
إن ضرورة النظام ل يكفى فيها مجرد توهم الحكومة أن رجالها فى خطر ،فتبالغ فى تشديد الخناق على حرية الفراد حتى تحظر عليهم اليوم ما كان مباحا ً لهم بالمس .وتعاقبهم على ما لم يكونوا يعاقبون عليه من غير ضرورة ظاهرة. يبين مما نقول وأننا نفضل مذهب )الحريين( أو )الفرديين( على مذهب )الجماعيين( الذين يضحون الفرد ومصلحته للمجموع من غير قيد ول شرط ،ويعتبرون الفرد ليس له وجود ول راحة وسعادة ،بوصف كونه جزءا ً من المجموع .يقولون ذلك وينكرون المحسوس والواقع أن لكل المذهبين منافع ومضار ،ولكن مذهب الفرديين أنفع بلدنا فى الظروف الحاضرة من كل ما عداه .ولكننا مع ذلك ل نرى تطبيق هذا المذهب على إطلقه .فإنه ل يزال فى حال المة ما يدعو إلى أن تهتم الحكومة بالمداخلة فى بعض المور غير الداخلية فى واجباتها الثلثة المتقدمة مداخلة حث وإرشاد ل مداخلة حكم وإكراه .فإن المداخلة من هذا النوع قد تبررها أيضا ً ضرورة علج المة من الخمول الماضى العميق. نقدم هذه المقدمات الطويلة ل لمجرد النتصار لنظرية علمية على أخرى ،بل لننا نشعر فى البلد بتيار قوى من جانب الحكومة ومن جانب بعض الفراد مآله السير على مذهب )الجماعيين( فإنهم يطلبون من الحكومة التقنين والمداخلة الفعلية فى أمور ل تبررها الضرورة ،والحكومة تطاوع فى ذلك فتتدخل فيما تقل كلفته عليها وتكثر به سلطتها إجابة لطلب المة .ولكنها مع ذلك ل تجيب طلب المة فيما طلبت من الدستور .ومن المضحك فى هذا المقام أن نذكر السبب الذى أبدته الحكومة لتبرر به بعث قانون المطبوعات .السبب أن الجمعية العمومية ،كانت طلبته فى قديم الزمان .كأنها تقول :يعز على الحكومة أل ّ تخف من